مختصرات التفاسير بين القبول والرفض.
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[20 Jun 2010, 06:34 م]ـ
مختصرات التفاسير بين القبول والرفض
الحمد لله وبعد ......................... ،
فإن المتابع للحركة العلمية في الآونة الأخيرة يجد أن طلبة العلم
والعلماء (في التفسير) وقفوا من المختصرات لكتب التفسير مواقف متعددة حسب مناهجهم ومشاربهم ولعلهم لا يخرجون عن هذه
الأقوال:
1ـ الرفض واعتبار أن هذه المختصرات مخلة بمقصود العلماء
المصنفين لهذه الكتب وأنها لا تراعي الأصول التي ارتضاها هؤلاء العلماء لأنفسهم بل وقد يصل أحيانا إلي حد التطاول!!
بدعوي التحقيق والمنهج العلمي وهلم جرا .........
2ـ القبول واعتبار أن هذه المختصرات يسرت علي الناس كثيرا
بل وعلي طلاب العلم أنفسهم وأن فيها مسايرة لبعض المناهج العلمية! التي ظهرت أخيرا (في تنقية كتب التفسير من الدخيل!!!!
والإسرائيليات والموضوعات ,وهلم جرا ....................... )
3 ـ وكالعادة! المنهج الوسط الذي لم يقبل قبولا كاملا ولم يرفض رفضا تاما ..
والسؤال الآن ما هي ملامح هذا المنهج؟ وما هي أقوم الطرق لاختصار التفاسير؟ وهل كل تفسير يقبل الاختصار؟
وهل يتساوي من اختصر تفسير الطبري كمن اختصر تفسير الرازي؟!
وإذا رأي الإخوة أن يشاركوا في هذا الموضوع أضع بين
أيديهم النقاط الآتية:
1ـ قال العلامة الكبير ابن خلدون ـ رحمه الله ـ في المقدمة:
مامعناه: "ذهب كثير من المتأخرين إلى اختصار الطرق والأنحاء في العلوم، يولعون بها، ويدونون منها برنامجاً مختصراً في كل علم يشتمل على حصر مسائله وأدلتها، باختصار في الألفاظ، وحشو القليل منها بالمعاني الكثيرة من ذلك الفن، وصار ذلك مخلاً بالبلاغة، وعسراً على الفهم "
2ـ تاريخ اختصار التفاسير قديم فقد اختصر الإمام ابن زمنين
(ت: 399هـ) تفسير الإمام يحيي بن سلام (ت: 200هـ).
3ـ إن هذا البحث جدير بالعناية من حيث التاريخ (تاريخ الاختصار في التفاسير)، والضوابط المنهجية لاختصار التفاسير، وتقويم بعض المختصرات.
4ـ هناك بحوث في نقد بعض المختصرات من جوانب علمية متعددة
(عقدية وفقهية وحديثية وغيرها ... ) فهل هناك بحوث في نقدها من ناحية التخصص.
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[21 Jun 2010, 11:37 ص]ـ
وجدت مشاركة للدكتور / محمد الفقيه، وهذا نصها:
ظاهرة المختصرات في التراث الإسلامي
بقلم د. محمد الفقيه ( http://www.alqlm.com/index.cfm?method=home.authors&authorsID=13)
"... مكان المختصرات الواضحة هو في بداية الطريق , ذلك حتى يؤسس نفسه تأسيسا صحيحاً , ثم ينصرف بعد ذلك للأمهات والمطولات فمن خلالها يتعلم الملكة ويتفق ذهنه للإبداع وكلما قرب من عهد السلف كانت أكثر بركة وتأثيراً , وإن كان عنده همة للحفظ فليصرفها للكتاب والسنة فهما أولى ... "
لا يعتبر الاختصار في حد ذاته ممدوحا دائماً أو مذموما دائما , وإنما يمدح إذا حقق مقصد المتكلم , أما إذ1 قصر عن مقصد المتكلم فلا يكون ممدوحاً , وهو أحد القدرات الكلامية التي لا يتقنها كل أحد، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه بقوله: " أوتيت جوامع الكلم وخواتمه واختصر لي الكلام اختصارا" [أخرجه أبو يعلى في مسنده، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (2864)].
فكان صلى الله عليه وسلم يأتي بالألفاظ القليلة الجامعة لمعان كثيرة , وترى الحديث في كلمات معدودة وإن طال في بضعة أسطر ونادراً ما يتجاوز الصفحة الواحدة ثم تجد المعاني الغزيرة والفوائد الكبيرة المستقاة من الحديث الواحد. وقد كان الفصحاء يتبارون في الكلام المختصر الذي يسير على ألسنة الناس ويسهل حفظه وتداوله.
وحينما بدأ التأليف في العلوم الإسلامية كان نفس الاختصار حاضراً في أذهانهم وطرائق تأليفهم , وهذا الموطأ ألفه الإمام مالك ثم ما زال يختصر فيه ويهذب حتى استقر على حجمه المعروف بين أيدينا وقد كانت المصنفات في الحديث من أوائل ما صنف قبل أن تنفر من العلوم , كان المحدث يطوف أقطار الأرض لتتبع رواة الحديث وكتابة ما لديهم حتى تجتمع عنده أحاديث كثيرة , فإذا حط عصا الترحال في بلده أو بلد آخر يختاره , أخذ الأوراق الكثيرة التي جمعها أثناء رحلته الطويلة ولخصها ثم أخرجها في كتاب ينتفع به الناس , وهو يعلم أنه لو كتب ما اجتمع عنده لطال ذلك جداً
(يُتْبَعُ)
(/)
وعسر على الطلاب تحصيله فضلاً عن دراسته , وتأمل في اسم صحيح البخاري " الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه " وكذا الترمذي " الجامع المختصر من السنن ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل ".
مع ما يذكر في تراجمهم من حفظ الواحد منهم لمآت الآلاف من الأحاديث إلا أنك ترى كتابه لا يتجاوز عشرة آلاف غالباً نتيجة للاختصار. ولم يأخذ الاختصار شكله الذي استقر عليه غالباً دفعة واحده بل تدرج شأنه شأن سائر فنون التصنيف في العلوم الإسلامية , ولذلك يصعب تأريخ ابتداءها تحديداً , بمن بدأت , وقد حدد ابتداءها الحجوي الثعالبي في القرن الرابع الهجري فقال: "إنه في القرن الرابع بدأت فكرة الاختصار والإكثار من جمع الفروع بدون أدلة , فبعد ما كانوا في القرن الثالث مصنفين مبتكرين كأسد بن الفرات و سحنون , وابنه , و البويطي , ومحمد بن الحسن , وأمثالهم , صار الحال في القرن الرابع إلى الشرح , ثم الاختصار والجمع , فانظر الفضل بن سلمه وابن أبي زمنين , وابن أبي زيد وال براذعي اختصروا " المدونة " في عصر متقارب , وهكذا نظراؤهم في عصرهم من المذاهب الأخرى كا لمزني حيث اختصر مذهب الشافعي , والاختصار لا يسلم صاحبه من آفة الإفساد والتحريف , فقد اعترض عبد الحق الاشبيلي مواضع من مختصر ابن أبي زيد القيرواني وال براذعي أفسدها الاختصار , وهكذا المزني اعترض عليه ابن سريج ... ولا يخفى أن الاشتغال بإصلاح ما فسد هو غير الاشتغال بالعلم نفسه , فالرزية كل الرزية في الاشتغال بالمختصرات" [الفكر السامي 2/ 146, 147].
ولعل هناك عدة عوامل ساهمت في ظهور المختصرات كفن من فنون التأليف وتطور الاهتمام بها حتى زاحمت المطولات في اهتمام العلماء وطلاب العلم حتى أصبحت مؤخراً العمدة في الدروس والطلب وحتى الفتوى. من هذه العوامل الحاجة التعليمية , فحينما يعاني العالم تدريس العلوم ويريد كتاباً يكون عليه مدار درسه خاصة لمن هم في مرحلة الطلب , يجد الصعوبة في التعامل مع المطولات , حيث يطول على المعلم والطالب تتبعه ويستوعب زمناً طويلاً في تدريسه , وكثير ما يكون المخاطب به شريحة العلماء , فلا يستطيع الطالب استيعاب معظمه , ويؤدي إلى تشتيته. فيستفيد إن استفاد معلومات ولا يستفيد علماً فيعمد العالم إلى وضع كتاب مدرسي يتوخى فيه الاختصار وتقريب المعلومة للتلميذ , بحيث إذا حفظه وفهمه كون لديه قاعدة تعليمية صلبة يستطيع أن يبني عليها ويتوسع من خلالها , وتكون معلوماته مركزة لا مشتته فيحصل للطالب التنقل في مدارج العلم حتى يصل للغاية المبتغاة.
ونرى هذا ماثلاً في كتب الموفق ابن قدامه المقدسي الحنبلي , حيث ألف أربعة كتب في المذهب الحنبلي راعى فيها التدرج من المختصر إلى المتوسط المذهبي إلى الموسوعة المقارنة ببقية المذاهب فألف العمدة ثم المقنع ثم الكافي ثم المغني , وكأن لكل كتاب من اسمه نصيب , يقول الموفق ابن قدامه في مقدمة العمدة http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/frown.gif فهذا كتاب في الفقه اختصرته حسب الإمكان, واقتصرت فيه على قول واحد ليكون عمدة لقارئه , فلا يلتبس الصواب عليه باختلاف الوجوه والروايات) [العمدة مع شرح العمدة، ص 21].
وأما (المقنع) فهو كتاب للمتوسطين أطلق في كثير من مسائله روايتين ليتدرب الطالب على ترجيح الروايات ,فيتربى فيه الميل إلى الدليل , ثم (الكافي) وهو أوسع من المقنع فقد ذكر فيه الأدلة ليتأهل الطالب للعمل بالدليل , ثم كتابه الموسوعي (المغني) فقد أورد فيه المذاهب وأدلتها لتأهيل المشتغل به لدرجة الاجتهاد.فلم يكن الهدف عند المصنفين قديماً أن يكون المختصر هو النهاية إنما جعلوه مرحلة تأسيسية في الطلب حتى ينطلق الطالب بعد ذلك في العالم من قاعدة متينة , فالأساس المتين يؤهل الطالب لأن يكون متيناً في العلم , وعكسه الأساس المخلخل. ومنها ضعف الهمم المتتابع , فبعد ما كان هد ف الأوائل الإمامة رضي من بعدهم بمرتبة تلامذة الإمام ثم ما زالت الهمم في تناقص مما أقلق العلماء الكبار وجعلهم يتعاملون مع هذا الضعف بمصنفات متناسبة حتى لا يؤدي طول المصنفات إلى انصراف الناس عن العلم بالكلية.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول ابن الحاجب في مقدمة مختصره الشهير في أصول الفقه (مختصر المنتهى): (فاني لما رأيت قصور الهمم عن الإكثار , وميلها إلى الإيجاز والاختصار صنفت مختصراً في أصول الفقه , ثم اختصرته على وجه بديع وسبيل منيع لا يصد اللبيب عن تعلمه صاد , ولا يرد الأديب عن تفهمه راد) [مختصر المنتهى مع شرحه رفع الحاجب 1/ 229].ويصف ابن الجوزي حال تدهور الهمم في زمانه بكثير من الأسف فيقول: (كانت همم القدماء من العلماء علية, تدل عليها تصانيفهم التي هي زبدة أعمارهم إلا أن أكثر تصانيفهم دثرت لأن همم الطلاب ضعفت , فصاروا يطلبون المختصرات , ولا ينشطون للمطولات , ثم اقتصروا على ما يدرسون به من بعضها , فدثرت الكتب ولم تنسخ. فسبيل طلب الكمال في طلب العلم الاطلاع على الكتب التي قد تخلفت من المصنفات , فليكثر من المطالعة , فإنه يرى من علوم القوم وعلو هممهم ما يشحذ خاطره ويحرك عزيمته للجد , وما يخلو كتاب من فائدة وأعوذ بالله من سير هؤلاء الذين نعاشرهم , لا نرى فيهم ذا همة عالية فيقتدي بها المبتدي , ولا صاحب ورع فيستفيد منه الزاهد , فالله الله عليكم بملاحظة سير السلف , ومطالعة تصانيفهم , وأخبارهم فالاستكثار من مطالعة كتبهم رؤية لهم) [صيد الخاطر ص 366].ورحم الله ابن الجوزي كيف لو رأى زماننا.
ومنها أن يكون بطلب من الخلفاء والأمراء , فقد يحتاج إلى النظر في علم وتشغله مهام الخلافة والسياسة عن التفرغ للعلم فيطلب إلى أحد العلماء أن يضع له ملخصاً في ذلك العلم يجمع له مهماته حتى يحقق أقل قدر منه , وقد يطلبه لنشر هذه الكتب وتقريرها بين الناس عن طريقه. ويذكر الحموي أن الخليفة العباسي القادر بالله تقدم إلى أربعة من أئمة المسلمين في أيامه في المذاهب الأربعة أن يصنف كل واحد منهم مختصراً على مذهبه , فصنف له الماوردي (الإقناع) , وصنف له أبو الحسين القدوري مختصره المعروف بـ (الكتاب) على مذهب أبي حنيفة , وصنف له أبو محمد عبد الوهاب البغدادي مختصراً في المذهب المالكي وقدم له رابع مختصراً في مذهب الإمام أحمد لم يحضره اسمه , فعرضت على الخليفة , فخرج خادم الخليفة إلى الماوردي وقال له: يقول لك أمير المؤمنين: حفظ الله عليك دينك كما حفظت علينا ديننا [معجم الأدباء 15/ 54].
فكأن الخليفة رأى من حفظ الدين أن يطلب من أبرز عالم في كل مذهب أن يؤلف مختصراً في مذهبه ليحفظ به أصول ذلك المذهب وفيه حفظ للدين , وسبحان الله كان المختصر الذي كتب له القبول والانتشار منها هو مختصر القدوري.
ومنها شهرة الكتاب المراد اختصاره ومكانته في ذلك العلم , وقد تتابع اختصارات ذلك المختصر الذي يحظى بدوره بذيوع وانتشار ربما يفوق أصله. فالجميع يعلم مكانة كتاب (الأم) ومؤلفه في الفقه عموماً وفي المذاهب الشافعي على وجه الخصوص. وقد عمد إليه المزني تلميذ الشافعي فاختصره في مختصره الشهير جداً عند الشافعية فأكبو عليه حفظاً ودرساً وشرحاً حتى قيل: كان يوضع في جهاز العروس وقام بشرحه كبار علماء المذهب كالماوردي وأبي الطيب الطبري والجو يني وابن الصباغ وغيرهم , وكان من أعظم شروحه (نهاية المطلب في دراية المذهب) لإمام الحرمين الجو يني , وبلغ من مكانته أن سمي المذهب , وكأنه هو المذهب والمذهب هو , فأختصره تلميذه الغزالي في البسيط واختصر البسيط في الوسيط واختصر الوسيط في الوجيز وجاء الإمام الرافعي فشرح الوجيز في كتابه العظيم فتح العزيز الذي يعتبر النهاية في المذهب الشافعي واختصر الوجيز في المحرر وجاء النووي واختصر المحرر في المنهاج , وقد حظي المنهاج بشهرة عظيمة فاقت أصله فأكب عليه علماء الشافعية درساً وحفظاً وشرحاً واختصاراً وأصبح هو وشروحه العمدة في الدرس والفتوى , وممن اختصره زكريا الأنصاري في المنهج , فقيل اختصر الكتاب واسمه.
ومنها قلة ذات اليد لدى كثير من طلاب العلم فيختصر لهم الكتاب ليكونون اقدر على شرائه بالإضافة لندرة الورق والاعتماد على النساخ , فا الكتاب الكبير يستهلك أوراقا ً كثيرة وأوقاتاً طويلة في نسخه ويكون ثمنه باهظا , بعكس الكتاب الصغير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومنها مسايرة طبيعة الحركة العلمية , فقد يؤلف العالم المختصر لهذا الغرض فالطوفي مثلاً حينما اختصر (روضة الناظر) للموفق ابن قدامة في كتابه (البلبل) كان مجاراة للحركة العلمية مع أنه لم يكن مقتنعاً بأمور كثيرة في (الروضة) منها طريقته في الترتيب , ولكن لأن الحركة العلمية مهتمة بهذه النوع من التأليف اختصر كتاب (الروضة) لشهرته بين كتب الأصول عند الحنابلة [انظر مقدمة الشيخ عبد العال عطوة لشرح مختصر الروضة للطوفي 1/ 13].
ومنها إظهار البراعة في التأليف , ومعروف أن اختصار الكلام أصعب من الإسهاب فيه فيتبارى المؤلفون في وضع المختصرات القليلة الألفاظ الكثيرة المعاني وكلما كان أقدر على الاختصار نال هو ومختصره المكانة العالية , وعندما اختصر ابن الحاجب مختصرا الإحكام للآمدي في كتابه (منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل) تعجب العلماء وطلاب العلم من براعته الفائقة في الاختصار مع الاحتفاظ بالمعنى , فلما بلغه تعجبهم قال سأزيدهم عجباً , فاختصره في مختصره الشهير جداً في أصول الفقه المسمى (مختصر المنتهى) قال ابن كثير: وأصبح كتاب الناس شرقاً وغرباً وقد من الله علي بحفظه.وكان لتوقف الاجتهاد بما يسميه البعض قفل باب الاجتهاد وانتشار المذاهب وطغيانها وميل المتأخرين إلى المحافظة على علوم المتقدمين والمنافسة في ذلك وإغفال الإبداع أثر في وضع التأليف المختصرة التي تحفظ علوم السابقين.
وقد اختلفت المواقف حول المختصرات ومدى صلاحيتها في المناهج التعليمية وأثرها على التفكير سلباً أو إيجاباً.
فابن خلدون عابها بشدة في مقدمته فقال: (ذهب كثير من المتأخرين إلى اختصار الطرق والإنحاء في العلوم يولعون بها ويدونون منها برنامجاً مختصراً في كل علم يشتمل على حصر مسائله وأدلتها باختصار في الألفاظ وحشو القليل منه بالمعاني الكثيرة في ذلك الفن , وصار ذلك مخلاً بالبلاغة وعسراً على الفهم , وربما عمدوا إلى الأمهات المطولة في الفنون للتفسير والبيان فاختصروها تقريباً للحفظ كما فعله ابن الحاجب في الفقه وأصول الفقه وابن مالك في العربية والخونجي في المنطق وأمثالهم وهو فساد في التعليم وفيه إخلال بالتحصيل , وذلك لأن فيه تخليطاً على المبتدئ بإلقاء الغايات من العلم عليه وهو لم يستعد لقبولها بعد وهو من سوء التعليم. كما أن فيه مع ذلك شغل كبير على المتعلم بتتبع ألفاظ المختصرات تجدها لأجل ذلك صعبة عويصة , فيقطع في فهمها خطاً صالحا من الوقت, ثم بعد ذلك فالملكة الحاصلة من التعليم في تلك المختصرات إذا تم على سداده ولم تعقبه آفة فهي فهي ملكة قاصرة عن الملكات التي تحصل من الموضوعات البسيطة المطولة بكثرة ما يقع فيها من التكرار والإحالة المفيدين لحصول الملكة التامة , وإذا اقتصر على التكرار قصرت الملكة لقلته كشأن هذه الموضوعات المختصرة , فقصدوا إلى تسهيل الحفظ على المتعلمين فأركبوهم صعباً يقطعهم عن تحصيل الملكات النافعة وتمكنها) [مقدمة ابن خلدون ص 443].ونجد ذم المختصرات كذلك في (المعيار المعرب 2/ 479) للونشريسي حيث يقول: (ولقد استباح الناس النقل من المختصرات الغريبة أربابها ونسبوا ظواهر ما فيها إلى أمهاتها. وقد نبه عبد الحق في تعقيب التهذيب على ما يمنع من ذلك لو كان من يسمع , وذيلت كتابه بمثل عدد مسائله أجمع , ثم تركوا الرواية فكثر التصحيف وانقطعت سلسلة الاتصال , فصارت الفتاوى تنفذ من كتب لا يدري ما زيد فيها مما نقص منها لعدم تصحيحها وقلة الكشف عنها ... ثم كان أهل هذه المائة عن حال من قبلهم من حفظ المختصرات وشق الشروح والأصول الكبار , فاقتصروا على حفظ ما قل لفظه ونزر خطه , وأفنوا أعمارهم في حل لغوزه وفهم رموزه ولم يصلوا إلى رد ما فيه إلى أصوله بالتصحيح , فضلاً عن معرفة الضعيف من ذلك والصحيح , بل هو حل مقفل , وفهم أمر مجمل , ومطالعة تقييدات زعموا أنها تستنهض النفوس , فبينا نحن نستكثر العدول عن كتب الأئمة إلى كتب الشيوخ , أبيحت لنا تقييدات الجهلة بل مسودات المسوخ).وإذا أتينا لعصرنا وجدنا عدداً من العلماء والباحثين ذم المختصرات كأحمد أمين [انظر: صخر ألإسلام 4/ 214]، والطاهر بن عاشور والشيخ علي الطنطاوي.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول الشيخ علي الطنطاوي في ذكرياته [2/ 43]: (وأثرت بعض المشايخ لما فقدت طريقتهم في الدعوة إليه وفي تلقين المتعلمين أحكام شريعته , وكانت في الحق أسوأ الطرق في التدريس في كتب ألفت على أسوأ الأساليب في التأليف , متن موجز إيجازاً مخلاً , كأن مؤلفه بخيل كلف بأن يرسله في برقية — إلى استراليا يغرم أجرتها من ماله , فهو يقتصد في الكلمات لتقل عليه النفقات وانظروا "جمع الجوامع" و "التحرير" في الأصول مثالاً على هذه المتون وقابلوا أسلوبه بأسلوب الغزالي في "المستصفى" كانت أكثر الكتب التي يعكفون عليها بعيدة عن البيان بعد الأرض عن السماء معقدة العبارة أعجمية السبك , وإن كانت عربية الكلمات , فيأتي من يوضح غامض المتن فيدخل جملة من عنده بين كل جملتين منه كما يرقعون اليوم الجلد المحروق من الآنسان بقطعة جلده السليم , فينتج الرتق أو يظهر الفتق وهذا هو الشرح. ويأتي من يضع لهذا الشرح حواشي وذيولاً يطوله فيها فيجمله أو يقبحه و يعطله , وهذه هي الحاشية).
ويقول الطاهر ابن عاشور: (فكان سائر الناس ينظر إلى تأليف المشرق نظر المشوق ويتهافتون لتحصيلها , ولكن نشأتهم من ذلك ولع بحب الاختصار وبكثرة فخرجوا من جادة العلم إلى مناقشات اللفظ والتعقيدات , ومن العجب أن صار المؤلف يصرف جهده إلى أن تكون عباراته مضبوطة جارية على الصواب , لكنها غير واضحة في مراده , فكأنه يقتنع بكونها مؤدية للمراد في ذاتها بقطع النظر عن عسر استفادة مطالعها ذلك منها.
ويضيف: نشأت عقدة اللسان واستتار المسائل تحت الألفاظ واشتغال المؤلفين عن النقد والعناية باختزال حرف أو نقص كلمة كما فعل خليل , وابن ألسبكي , والمحلي , والخونجي , حتى صار الكاتبون ينتقدون صاحب الاختصار في بعض التراكيب بأنه لو قال كذا لكان أخصر فضعفت الأفهام , وتهيأت لشرح تلك المغلفات , وإضاعة بقية الأوقات , والخصومة في معاني الكلمات , هل تدل على ما قصده المؤلف أولا , فمن قائل نعم , ومن معترض بلا ومن ناقد للاعتراض ومنتصر , وبعد طول الزمان صرفت الأذهان عن الفائدة ونسي المؤلفون خطتهم فأصبحت لا ترى التأليف إلا مناقشات وخصومات في الألفاظ والعبارات , وفي ذلك يضيع عمر الطالب ويخور فكره , ويصبح رجلاً قادراً على المكابرة واللجاج بغير حجاج , فماذا بقي للعلماء من مجدهم القديم , انحصرت دائرة التأليف في نقل ما قاله المتقدمون , ترى تأليفاً يظهر بعد آخر , ولا تجد شيئاً جديداً أو رأياً أو تمحيصاً) [أليس الصبح بقريب ص 165, 167].
ومن خلال النقولات السابقة نستطيع ارجاع نقدهم للمختصرات لعدة أسباب:• إخلال المختصرات بالبلاغة والتضحية باللفظة الفصيحة أو الجملة البلاغية لأجل الاختصار.
• فيها تخليط على المبتدي بتقديم نهايات العلم عليه قبل مقدماته , مع أن مرتبتها في نهاية الطلب لا في ابتدائه.
• أنها تنقل المتعلم من مسائل العلم الحقيقية التي لأجلها وجد إلى تتبع ألفاظ المختصرات , فتأخذ وقتاً طويلاً لفهمها أولاً وينشغل بإشكالاتها التي لا تنتهي ولا فائدة منها ثانياً.
• أن طريقة تعلم المختصرات تعتمد على التكرار حتى يرسخ المختصر في الذاكرة وهذا يؤدي لضعف الملكة وضمور الإبداع لديه.
• أنها تشغل عن الأمهات والكتب المطولات فيقتصر عليها في الدرس والفتوى وغير ذلك مما يحتاج إليه في ذلك العلم حتى تنسى المطولات والأمهات تماماً.
أما اتهام المختصرات ببعدها عن الفصاحة والبلاغة فهذا واضح في كثير منها فالمختصر همه اللفظ القليل الجامع لمعان كثيرة ولا يقتصر على هذا بل إذا احتمل الكلام منطوقاً ومفهوماً قدمه , وهذا مختصر خليل الشهير في الفقه المالكي يقال: فيه مائة ألف مسألة منطوقة ومثلها مفهومة , ولعل عذر مؤلف المختصر أن أساليب العلم وألفاظه تختلف عن أساليب العرب وعباراتهم الفصيحة , فلو أراد أن يركب كلاماًٍ علمياً بعبارات فصيحة وجمل بليغة لأدى ذلك أن يضحي بأحدهما إما بالعلم أو بالبلاغة وألفاظ العلم وأساليبه أبعد ما تكون عن البلاغة فهي تخاطب العقل بعكس الأساليب البلاغية التي تخاطب الروح والوجدان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولذلك عيب على البعض استعمال الألفاظ العلمية في الشعر حتى قيل فيها من باب التنقص منها "شعر فقهاء" يقول ابن خلدون: "أخبرني صاحبنا الفاضل أبو القاسم ابن رضوان كاتب العلاقة بالدولة المرينية , قال: ذاكرت يوماً صاحبنا أبا العباس ابن شعيب كاتب السلطان أبي الحسن وكان المقدم في البصر باللسان لعهده فأنشدت مطلع قصيدة ابن النحوي ولم أنسبها له , وهو هذالم أدر حين وقفت بالاطلال مالفرق بين جديدها والباليفقال لي على البديهة: هذا شعر فقيه , فقلت له: ومن أين ذلك؟ قال: من قوله: ما الفرق, إذ هي من عبارات الفقهاء وليست من أساليب كلام العرب.
فقلت له: لله أبوك إنه ابن النحوي , وأما الكتاب والشعراء فليسوا كذلك لتخيرهم في محفوظهم ومخالطتهم كلام العرب وأساليبهم في الترسل وانتقائهم الجيد من الكلام".
ويضيف: "ذاكرت يوماً صاحبنا أبا عبد الله بن الخطيب وزيرا لملوك بالأندلس من بني الأحمر وكان الصدر المقدم في الشعر والكتابة , فقلت له: أجد استصعاباً علي في نظم الشعر متى رمته مع بصري به وحفظي للجيد من الكلام من القرآن والحديث وفنون من كلام العرب وإن كان محفوظي قليلاً , وإنما أوتيت والله أعلم من قبل ما حصل في حفظي من الأشعار العلمية والقوانين التأليفية , فإني حفظت قصيدتي الشاطبي الكبرى والصغرى في القراءات , وتدارست كتابي ابن الحاجب في الفقه والأصول وجمل الخونجي في المنطق وبعض كتاب التسهيل وكثيراً من قوانين التعليم في المجالس فامتلأ محفوظي من ذلك وخدش في وجه الملكة التي استعددت لها بالمحفوظ الجيد من القرآن والحديث وكلام العرب , فعاق القريحة عن بلوغها , فنظر إلى ساعة معجباً ثم قال: لله أنت , وهل يقول هذا إلا مثلك" [المقدمة 480].على أن هذا ليس على إطلاقه والمسألة ترجع إلى الملكة والقدرة على إنشاء كلام تحقق فيه سمات البلاغة كما أن من الفقهاء من استطاع الفصل بين كتابته في الشعر وباقي الفنون الأدبية وكتابته في أبواب العلم, وإن ساعده الكتاب المبسوط على استعمال البلاغة لم يساعده الكتاب المختصر. [انظر في ذلك أدب الفقهاء لعبد الله كنون].
أما تخليطها على المبتدئ حيث تلقي عليه غايات العلوم وهو لم يستعد لها فهذا ليس على إطلاقه ولا أظن غاية العلم إلا في القدرة على الاستدلال والنظر وهذا ما تسعفنا به المطولات ولا نستطيع أن نعطي المختصرات حكماً واحداً فهذا إمام الحرمين الجويني ألف مختصراً صغيراً جداً في أصول الفقه " الورقات " اقتصر فيه على التعريفات والمهم جداً في أصول الفقه وراعي فيه وضع الطالب المبتدئ حتى أنه تخلى عن تحقيق المسألة أو تقييدها حتى يفهم الطالب ما المسألة وحتى إن شراحه كثيراً ما يأخذون عليه إطلاقه وعدم تقييده أو خلطه وهذا لا يفوت عالماً محققاً كالجويني ولكن كان قصده فتح الباب أمام المبتدي ليتعرف شيئاً فشيئاً على أصول الفقه.
ولعل قصد ابن خلدون أن بعض المختصرات تلقي ثمرة الفكرة بدون مقدماتها واستدلالاتها التي يحتاجها الطالب قبل أن يصل إليها وهذا حق من هذه الناحية أما كونها تقضي على الملكة فهذا حقيقة والواقع العلمي لكثير من حفاظ المختصرات يشهد بهذا حيث يقوم بحفظ عدد من المختصرات ما بين منظوم ومنثور يقضي ربيع عمره وزهرة شبابه وتفتح طاقات عقله فيها فماذا بقي لشحذ الملكة وتنمية الإبداع ,ومن العجائب أن يوصي الطالب عند حفظ المختصرات أن يغلق باب الفهم والتفكير ويحفظ المعلومة كما هي فيحرم نفسه من أقل درجات التفكير وهو فهم المعلومة فماذا ترجي منه بعد ذلك , ويوصي بالإقلال من الحفظ والتكرار حتى يستقر في ذهنه فإذا كانت بعض المنظومات تتجاوز ألف بيت , ويوصي مثلاً لا يزيد عن حفظ بيتين في اليوم , ويتعين عليه أن يحفظ عدداً من المختصرات فكم سنة يحتاج حتى ينهيها , ثم يحتاج بعد ذلك لتكرارها بكثرة بين فترة وأخرى حتى لا ينساها فتصبح مشروعه العلمي الأوحد طوال عمره , فينصرف عن تنمية الإبداع وتكوين الملكة لديه , بل قد تموت كلية بسبب تعويد العقل على الحفظ وتمرينه على تلقي المعلومة بدون حتى أقل درجات التفكير وهو محاولة فهمها , وحتى يريحوا الطالب من عناء التفكير ويصرفوا همه إلى الحفظ كلية وضعوا له في كل فن مختصراً يحفظه ويستغني عن التفكير فيه , فطالما امتلك مختصراً في ذلك الفن فقد
(يُتْبَعُ)
(/)
امتلكه من ناحيته ويكفي في رأيه أن يرد على أي استفسار ب" قال الناظم " ويردها من حفظه , وقد تربى عنده وهم أنه إذا ألقى محفوظه فهو يكفي حجة وبرهاناً وترى قيمة العالم تعلو أو تصغر لديهم بقدر محفوظاته , ولا يعترف بأحد مهما بلغ من العلم ما لم يكن لديه مستودعاً من المحفوظات يعرضه متى شاء كأحد محركات البحث السريعة , ولكن لو عرض عليه إشكال ليس في محفوظه لوجده عاجزا عن التعامل معه , فترى البعض مثلاً يحفظ ألفية ابن مالك الشهيرة في النحو ويحفظ أو يستظهر شروحها , وتراه في الدرس آية في عرض الأقوال والشواهد وغيرها ولكن لو عرضت له مسألة إعرابية لم تكن من محفوظه تراه يقف عاجزاً عنها لا يجد كيف يتعامل معها.
ومن المضحكات ما حصل في أحد البرامج الفضائية حيث كان الضيف أحد أساطين المختصرات , وكان المضيف يلقي له إشكالات يبثها الخصوم حول الإسلام , فكان يرد في كل ثقة على الإشكال: كيف وقد قال الناظم ويرد ما تجود به ذاكرته من محفوظات تتعلق بالموضوع، ويرى كأنه قد حل الإشكال بل وقضى عليه بما قال الناظم , والحافظ للكتاب من غير أن يفهمه لا يزيد أن يكون نسخة زائدة تسير على قدمين.وأما كون الاشتغال بالمختصرات يؤدي لانشغال الطالب بألفاظ المختصر أكثر من انشغاله بمسائل العلم ذاتها فهو صحيح إلى حد كبير جداً , وخاصة إذ أتبع المختصر بالاشتغال بالشروح والحواشي والتقريرات , وجلها منصب على ألفاظ المختصر , فتجد مثلاً في الشروح: لو قال كذا لكان أخصر , لو اختار التعريف الفلاني لكان أدق، لم يتحرز في تعريفه، أطلق في المسألة الفلانية , وهكذا , فيأتي المحشي فيعقب على الشارح كما عقب الشارح على المختصر , وكلها إشغال بالألفاظ أكثر من إشغالها بالمعاني , مما يتسبب في إرهاق الطالب وكد ذهنه بإشكالات قد لا تعود بفائدة ملموسة لذات العلم.
وعلاقة المختصرات بالحفظ غالبا لا بالفهم،والفهم يأتي تبعاً للحفظ , لذلك يوصي الطالب عند حفظه للمختصر أن يتعاطى ألفاظه بدون فهم حتى يستطيع ضبط المتن.
وبعد هذا هل المختصرات عديمة الفائدة بل وضارة بالعلم والتحصيل كما يقول البعض أم هي الأساس الذي يحرم العلم من تجاوزه.
الحقيقة الحكم على المختصرات كان مبنياً على استقراء ناقص للشخصيات العلمية , فحينما يعلي البعض من شأن المختصرات وحفظها ويردد دوماً " احفظ فكل حافظ إمام " وكأن الإمامة والتقدم في العلم لا تأتي إلا بكثرة المحفوظ وكأن الشافعي وأبو حنيفة ومالك وأحمد في الفقه وسيبويه والكسائي في النحو مثلاً لم يتقدموا إلا بمحفوظا تهم ولولاها ما كانوا أئمة , وفي هذا مغالطة كبيرة , فإمامتهم ناتجة عن إفهامهم لا عن محفوظا تهم وإلا فقد عاصرهم وجاء من بعدهم من يزيد عنهم حفظاً. وقد قال أحدهم: ما يحفظه الشافعي زكاة حفظي أي لا يتجاوز خمسة بالمائة مما يحفظ , ومع ذلك أين مكانه من الشافعي , وهذا أبو حنيفة لم يعرف بكثرة محفوظا ته.
ومع ذلك نال الإمامة في الفقه حتى قال ابن سريج الشافعي لرجل بلغه أنه يقع في أبي حنيفة: يا هذا أتقع في رجل سلم له جميع الأمة ثلاثة أرباع العلم وهو لا يسلم لهم الربع , قال: وكيف ذلك؟ قال: الفقه سؤال وجواب , وهو الذي وضع الأسئلة فسلم له نصف العلم , ثم أجاب عن الكل وخصومه لا يقولون إنه أخطأ في الكل , فإذا جعلت ما وافقوه مقابلاً بما خالفوه فيه سلم له ثلاثة أرباع العلم وبقي الربع بينه وبين سائر الناس [انظر: المبسوط 1/ 3].
وربما أوقعهم في هذا الوهم ما يسمعون عن سعة محفوظات بعض الأئمة والعلماء الكبار. فيظنون أنها سبب رئيس في إبداعهم , فقوة حافظة هؤلاء جزء من قوتهم العقلية وربما تكون العبارة أقوم لو قيل: كل إمام حافظ.وحينما ينتقص البعض الآخر من شأن المختصرات ما يراه من نماذج قدمت صوره سيئة عن المختصرات وحفاظها , حيث ترى الواحد لا يستطيع أن يتجاوز المختصرات التي حفظها حتى في نفس التخصص , وما فائدة التعلم إن لم يمنح صاحبه قدرة على التعامل مع المعلومة وحل الإشكالات الواردة.
ولكن إذا كنا ننتقد المختصرات وحفاظها ورأينا السلبيات العديدة لهذه الطريقة , يا ترى هل قدمنا البديل المناسب؟ ثم ما هي مخرجات هذا البديل هل أخرجت لنا فقهاء ومفكرين وباحثين على مستويات العلمية والبحثية؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
الواقع أن بعض الجامعات استبدلت المختصرات وشروحها بالمذكرات وقد يقوم بصناعة المذكرة من لا إلمام له بذلك العلم , ثم يطلب من الطالب أن يتعامل مع المذكرة كما كان يتعامل مع المختصر يحفظها لأجل الاختبار , ثم تتبخر من ذاكرته بعد ذلك , ولو خبرته بعد ذلك لما رأيت عليه من اثر العلم إلا القليل ان وجد , وكل الذين برعوا من خريجي الجامعات إنما برعوا بجهودهم الذاتية لا بواسطة المذكرات والمناهج التي درسوا عليها , وانظر إلى مناهج البحث وإلى الأبحاث التي تقدم في أغلب جامعاتنا , إن مناهج البحث لا تعلم كيف يتعامل الباحث مع المعلومات والأفكار , إنما تعلمه الطريقة الشكلية التي يتم بها البحث حيث يتم تقسيم البحث وتجزئته تجزئة منكرة لا تعرف بعدها لماذا كتب وما هدف الكاتب من بحثه وما الفكرة التي يريد توصيلها للقارئ , ولذلك نادراً ما تظفر برسالة جامعية تروي الغليل في موضوعها وأكثر ما تشترى إما لبريق عنوانها أو لكونها خزانة جمعت الأقوال والأدلة في ذلك الموضوع, فتريح الباحثين من عناء البحث عنها.
وتعال إلى أكثر كتب الفكر والثقافة التي بين أيدينا تجد الكتاب يملأ الصفحات الطوال وتستطيع أن تختزل أفكاره في أسطر قليلة وفوق هذا لا وضوح في المعنى ولا بلاغة في اللفظ إلا ما ندر منها. فلا ينبغي أن نقتات على رفضنا للمختصرات ومحاربة المناهج القديمة في التعليم فإذا جئنا للبديل وجدنا المختصرات والطرق القديمة تقدم ما هو أفضل منه , والأهم دائما هو المخرجات , الثمرة , وكم من أناس يغطون ضعف فكرتهم بغطاء نقد الأفكار الأخرى فتتيه الرؤيا عن نقاط ضعفهم تحت غبار النقد الكثيف الذي يثيرونه حتى يشعروا الآخرين بالضعف وعدم الثقة بالنفس , ويبقون هم في المقدمة دائما ماذا قدموا ما هي مخرجاتهم؟ هذا ينسي ويضيع في غمار النقد و الإحساس بالضآلة أمام هذا المنتقد , ولذلك ما لم نتعامل في حكمنا على أفكار الآخرين بمخرجاتهم سنبقى في دائرة النقد المزيف.وربما أحس البعض ممن احتقر المختصرات وحفظها بعد زمن أنه وإن كان قد درس في ذلك الاختصاص وقدم فيه عدداً من البحوث وربما كانت له فيه آراء مستقلة معترف بها من أرباب ذلك الاختصاص , إلا انه عند التدريس يعاني دائما ما لم يعد لكل درس عدته , ولا يستطيع إلغاء درس أو محاضرة ما لم تكن أوراقه وكتبه حاضرة أمامه , وربما ملأ الوقت بحشو كلام بعيد كل البعد عن ذلك العلم , وهي ظاهرة في الندوات والمحاضرات إلا ما قل منها , حيث يكثر المحاضر من الكلام من هنا وهناك ويخرج المستمع خالي الوفاض لم يستفد من هذا الكلام شيئاً.
وربما أصابته الهزيمة النفسية حينما يجد أحد الحفاظ الذين كان يسخر منهم يسرد كلامه في الدرس أو المحاضرة أو غيرها بكل ثقة ولو دعي للكلام ما احتاج إلى وقت لتحضيره , ولذلك عاد البعض على كبر لحفظ المتون بطريقة أصحابها , مع أن أعمارهم لا تسمح بذلك , وربما لن يستفيدوا إلا مزيد من ضياع الوقت , ولكن هذا نتيجة للمبالغة في نقد الفكرة , فالذي يبالغ في نقد شيء قد يتبناه لا حقاً , كذلك النقد بلا منهجية , النقد لمجرد النقد.
وأظن أن الخطأ يكمن في التعامل مع المختصرات من ناحيتين في التوسع في تأليفها مع أن الحاجة فيها للمبتدئين , والجهد المبذول في التأليف لو انصرف في غيرها لكان أولى. والمبالغة في أهميتها حتى أن لم يعرف بحفظ لا قيمة له ولا يكون معدوداً من العلماء.
مكان المختصرات الواضحة هو في بداية الطريق , ذلك حتى يؤسس نفسه تأسيسا صحيحاً , ثم ينصرف بعد ذلك للأمهات والمطولات فمن خلالها يتعلم الملكة ويتفق ذهنه للإبداع وكلما قرب من عهد السلف كانت أكثر بركة وتأثيراً , وإن كان عنده همة للحفظ فليصرفها للكتاب والسنة فهما أولى.
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[21 Jun 2010, 11:46 ص]ـ
وهي علي هذا الرابط:
http://www.mmf-4.com/vb/t434.html
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[21 Jun 2010, 07:22 م]ـ
اختصار كتب التفسير ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=5337)
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[25 Jun 2010, 05:47 م]ـ
اختصار كتب التفسير ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=5337)
نعم هذا ما قصدت.(/)
الذكر المستحب بعد تلاوة القرآن (سنة مهجورة)
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[21 Jun 2010, 02:14 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد: فإنَّ إحياء السنن النبوية من أعظم القربات إلى الله، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ http://www.ahlalathr.net/vb/images/smilies/frown.gif، قَالَ: ((مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا)) [رواه مسلم].
فإليكم أحبتي في الله، هذه السُّنة التي غفل عنها كثيرٌ من الناس:
يُسْتَحَبُّ بعد الانتهاء من تلاوة القرآن أن يُقال:
((سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ)).
الدليل: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا جَلَسَ رَسُولُ اللهِ http://www.ahlalathr.net/vb/images/smilies/frown.gif مَجْلِسًا قَطُّ، وَلاَ تَلاَ قُرْآناً، وَلاَ صَلَّى صَلاَةً إِلاَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِكَلِمَاتٍ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَاكَ مَا تَجْلِسُ مَجْلِساً، وَلاَ تَتْلُو قُرْآنًا، وَلاَ تُصَلِّي صَلاَةً إِلاَّ خَتَمْتَ بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ؟
قَالَ: ((نَعَمْ، مَنْ قَالَ خَيْراً خُتِمَ لَهُ طَابَعٌ عَلَى ذَلِكَ الْخَيْرِ، وَمَنْ قَالَ شَرّاً كُنَّ لَهُ كَفَّارَةً: سُبْحَانَكَ [اللَّهُمَّ] وَبِحَمْدِكَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ)) ([1]).
وقد بَوَّبَ الإمام النسائي على هذا الحديث بقوله: [ما تُختم به تلاوة القرآن].
ــــــــــ
([1]) إسناده صحيح: أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (9/ 123/10067)، والطبراني في "الدعاء" (رقم1912)، والسمعاني في "أدب الإملاء والاستملاء" (ص75)، وابن ناصر الدين في "خاتمة توضيح المشتبه" (9/ 282).
وقال الحافظ ابن حجر في "النكت" (2/ 733): [إسناده صحيح]، وقال الشيخ الألباني في "الصحيحة" (7/ 495): [هذا إسنادٌ صحيحٌ أيضاً على شرط مسلم]، وقال الشيخ مُقْبِل الوادعي في "الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين" (2/ 128): [هذا حديثٌ صحيحٌ].
ـ[عبدالرحمن الرحيلي]ــــــــ[21 Jun 2010, 06:42 ص]ـ
جزاك الله خيراً على هذه الفائدة وهذا الاستنباط الذي كنا في غفلة عنه، وأسأل الله أن يعظم لك الأجر والمثوبة، وأتمنى من كل مَنْ عَلِم فائدة نادرة مثل هذه الفائدة أن يزودنا بها وفقكم الله.
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[21 Jun 2010, 02:10 م]ـ
جزاك الله خيرا ورفع درجتك في عليين ووقاك شر الشيطان وبارك فيك وفي أهلك وذريتك
فائدة عظيمة كنت غافلا عنها والدال على الخير كفاعله
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[22 Jun 2010, 01:19 م]ـ
بارك الله فيك أخي أحمد وزادك من فضله، فائدة عزيزة أعزك الله بطاعته، وأخبرت جملة من الإخوة بهذه الفائدة فحفلوا واستبشروا بها بشرك الله يما يسرك، فدونك هذه الفوائد تعاهدنا بها بين الفينة والأخرى، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
ـ[يسعد صباحك]ــــــــ[23 Jun 2010, 08:59 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذه الفائدة وهذا الاستنباط الذي كنا في غفلة عنه، وأسأل الله أن يعظم لك الأجر والمثوبة، وأتمنى من كل مَنْ عَلِم فائدة نادرة مثل هذه الفائدة أن يزودنا بها وفقكم الله.
بارك الله بك أخي الكريم وجزاك الله خير الجزاء
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[23 Jun 2010, 10:10 م]ـ
هذا الحديث له علةٌ كما أشار إلى ذلك بعض أهل العلم، منهم ابن القيم رح1 في تهذيب السنن (2/ 448)، وصنيع النسائي في الكبرى يشير إلى أن فيه اختلافاً، ونص على هذا الاختلاف ابن أبي حاتم في العلل (2/ 349) وهو خليق بأن يكون معلولاً، فقد وقع فيه اختلاف كثير في إسناده ومتنه، وهو أحد الأوجه والطرق التي روي بها حديث كفارة المجلس الذي تكلم فيه الأئمة رحمهم الله، والله أعلم.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[23 Jun 2010, 10:16 م]ـ
ليتك شيخنا عمر تبين لنا وجهة نظر من ضعفه ومن صححه جزاكم الله خيراً
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[23 Jun 2010, 10:23 م]ـ
أخي محمد ..
(يُتْبَعُ)
(/)
كتبت هذا التعليق المختصر خلسةً من أوراقي التي غرقت فيها (تصحيحاً) هرباً من خطوط سيئة .. وإجابات مخجلة .. ومستويات هزيلة إلا من رحم الله من الطلاب وقليل ما هم، ولعلي أنشط فأبين وجه علة هذا الحديث إن شاء الله.
ومما لفت نظري ـ بادئ الرأي وليس عن تتبع وتقصٍّ ـ أنني لم أر أحداً من المصنفين في آداب قراءة القرآن ذكر هذا الأدب في ضمن ما يذكر من آداب التالي، ولعل هذا مما يستأنس به.
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[23 Jun 2010, 11:44 م]ـ
شيخي الحبيب (عمر المقبل).
أولاً: لقد تشرفت بمشاركتك في موضوعي هذا.
ثانيًا: جزاك الله خيرًا على هذه النصيحة.
ثالثًا: أنا نقلتُ كلام أهل العلم في الحكم على هذا الحديث، فلم أجد بينهم أحدًا ضَعَّف هذا الحديث، بل كما ترى فقد صححوا إسناده، فإن كان عندكم تعقيب عليهم فلتتفضلوا به لكي يستفيد الجميع.
رابعًا: هذا الحديث ورد من طريق خلاد بن سليمان - وهو ثقة -، عن خالد بن أبي عمران - وقد وثقه ابن سعد والعجلي، وقال أبو حاتم: لابأس به، وذكره ابن حبان في الثقات -، عن عروة، عن عائشة.
وقد رواه عن خلاد جماعة، وهم:
1 - سعيد بن أبي مريم، وهو ثقة ثبت، وقد ذكر الحديث باللفظ المذكور سابقًا.
2 - يحيى بن عبد الله بن بكير، وهو ثقة، فذكره باللفظ المذكور أيضًا.
3 - عبد الله بن عبد الحكم، وهو صدوق، فذكره باللفظ المذكور أيضًا.
4 - منصور بن سلمة، أبو سلمة الخزاعي، وهو ثقة ثبت حافظ، وقد اختلف عليه في لفظه:
فرواه الإمام أحمد، عن منصور، ولم يذكر فيه تلاوة القرآن.
ورواه محمد بن إسحاق الصاغاني - وهو ثقة ثبت -، عن منصور، وقد اختلف عليه:
فرواه الإمام النسائي، عن الصاغاني، ولم يذكر فيه تلاوة القرآن.
ولكن ورد الحديث في "شعب الإيمان" للبيهقي، وكتاب الشعب يرويه زاهر بن طاهر بإسناده إلى البيهقي، فاختلف فيه على زاهر، فرواية الشعب بدون ذكر تلاوة القرآن، ورواه السمعاني عن زاهر في "أدب الإملاء" بإسناده للبيهقي أيضًا، ولكن ذكر فيها تلاوة القرآن. ولن أنازع في رواية منصور هذه، فالمحفوظ فيها بدون ذكر تلاوة القرآن، ولكن حفظ الثقات ما لم يحفظه منصور، فرواه (سعيد بن أبي مريم، ويحيى بن عبد الله بن بكير، وعبد الله بن الحكم) فذكروه جميعًا وفيه ذكر تلاوة القرآن، فهي زيادة محفوظة، فالحديث صحيح بتمامه. والله أعلم.
خامسًا: ما تفضلتم بذكره عن الإمامين ابن القيم وأبي حاتم فهو لطريق آخر وهو (يحيى بن سعيد الأنصاري، عن زرارة، عن عائشة)، وأما الطريق المذكور فلَم يُعلّه أحد. والله اعلم.
سادسًا: أما عن عدم ذكر السابقين لهذا الحديث في آداب التلاوة، فأقول: إن كثيرًا ممن كتب في آداب التلاوة يذكر كثيرًا من الأحاديث الضعيفة، فيظهر أنه غاب عنهم هذا الحديث، بل قد وجدنا الإمام النووي في التبيان يحتج بالمقطوعات، وكما تعلمون أنَّ أسعد الناس بإحياء السنن أهل الحديث، ويكفينا أن سبقنا لهذا الفهم الإمام النسائي فقد بوَّب على الحديث بالتبويب المذكور سابقًا. والله أعلم.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[24 Jun 2010, 12:03 ص]ـ
أخي العزيز أحمد ..
الآن الوقت لا يسعفني للنظر في جميع طرقه، لكن الذي لفت نظري ههنا أنك ـ وفقك الله ـ اقتصرت على طريق واحد من الطرق إلى عائشة، وهو طريق عروة، فأين نقد بقية الطريق؟
ثم إن خالد بن أبي عمران غير مكثر عن عروة، فمثله لا يحتمل مثله التفرد عن إمام جليل كعروة رح1! فأين هشام ابنه؟ وأين أبو الأسود يتيم عروة؟
لقد تعلمتُ ـ فيما تعلمتُ من شيوخي في نقد المرويات ـ أن أمثال هذه الأحاديث التي يكثر تكرارها بشكل يومي، وهي مظنة العناية والحفاوة من الصحابة رض3 لعظيم فضلها وأثرها التربوي، ومع هذا لا يروى إلا بمثل هذا الإسناد الذي رأيت ما فيه من اختلاف فالقلب لا يطمئن أبداً إلى ثبوته حتى يأتي بأسانيد سالمة من العلل!
نعم، هو في باب الفضائل، ولكن كثرة الاختلاف فيه مشعرة بضعفه، ولعلي أبيّن ذلك بالتفصيل في مداخلةٍ لاحقة إن شاء الله.
شكر الله لك على هذا الإثراء.
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[24 Jun 2010, 12:39 ص]ـ
أخي العزيز أحمد ..
الآن الوقت لا يسعفني للنظر في جميع طرقه، لكن الذي لفت نظري ههنا أنك ـ وفقك الله ـ اقتصرت على طريق واحد من الطرق إلى عائشة، وهو طريق عروة، فأين نقد بقية الطريق؟
ثم إن خالد بن أبي عمران غير مكثر عن عروة، فمثله لا يحتمل مثله التفرد عن إمام جليل كعروة رح1! فأين هشام ابنه؟ وأين أبو الأسود يتيم عروة؟
لقد تعلمتُ ـ فيما تعلمتُ من شيوخي في نقد المرويات ـ أن أمثال هذه الأحاديث التي يكثر تكرارها بشكل يومي، وهي مظنة العناية والحفاوة من الصحابة رض3 لعظيم فضلها وأثرها التربوي، ومع هذا لا يروى إلا بمثل هذا الإسناد الذي رأيت ما فيه من اختلاف فالقلب لا يطمئن أبداً إلى ثبوته حتى يأتي بأسانيد سالمة من العلل!
نعم، هو في باب الفضائل، ولكن كثرة الاختلاف فيه مشعرة بضعفه، ولعلي أبيّن ذلك بالتفصيل في مداخلةٍ لاحقة إن شاء الله.
شكر الله لك على هذا الإثراء.
أولاً: الذي جعلني أقتصر على هذا الطريق سلامته من العلة.
ثانيًا: مسألة احتمال الغير المشهور للتفرد بالرواية عن إمام مشهور دون باقي أصحابه، فهذه المسألة طال حولها النقاش بين مؤيد ومعارض.
ثالثًا: المتصفح لكتب عمل اليوم والليلة يجد كثيرًا منها أفراد وغرائب (حسان وصحاح) وجرى عليها العمل، فمسألة توفر الهمم والدواعي لنقل الخبر تكون أكثر وضوحًا في مسائل الحلال والحرام وليس الفضائل. والله أعلم.
رابعًا: أنتم تعلمون انتشار العمل بقول: ((صدق الله العظيم)) بعد التلاوة، فأردت استبدالها بِهذا الخبر الصحيح.
خامسًا: مما يستأنس به قول الإمام أحمد لابنه: [يا بني تعرف طريقتي في الحديث، لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه].
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jun 2010, 04:58 ص]ـ
بارك الله في الأخ الكريم أحمد بن سالم المصري على هذه الفائدة العلميَّة.
وجزى الله أخي الدكتور عمر المقبل خيراً على هذا التنبيه لما يتعلق بثبوت هذه الزيادة فيما يَخص تلاوة القرآن، ونحن متابعون لما يُفيدُ به بعد فراغه من تصحيح إجابات الطلاب.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[24 Jun 2010, 10:22 ص]ـ
أشكر الشيخ عمر والأخ أحمد على هذا النقاش العلمي المفرح، أسأل الله أن يجعل نقاشات ملتقانا على هذا المستوى من الأدب والاحترام، حتى إذا دخل إلى ملتقانا أي إنسان، أيقن أننا أهل التفسير والقرآن.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[24 Jun 2010, 02:19 م]ـ
أولاً: الذي جعلني أقتصر على هذا الطريق سلامته من العلة.
ثانيًا: مسألة احتمال الغير المشهور للتفرد بالرواية عن إمام مشهور دون باقي أصحابه، فهذه المسألة طال حولها النقاش بين مؤيد ومعارض.
ثالثًا: المتصفح لكتب عمل اليوم والليلة يجد كثيرًا منها أفراد وغرائب (حسان وصحاح) وجرى عليها العمل، فمسألة توفر الهمم والدواعي لنقل الخبر تكون أكثر وضوحًا في مسائل الحلال والحرام وليس الفضائل. والله أعلم.
رابعًا: أنتم تعلمون انتشار العمل بقول: ((صدق الله العظيم)) بعد التلاوة، فأردت استبدالها بِهذا الخبر الصحيح.
خامسًا: مما يستأنس به قول الإمام أحمد لابنه: [يا بني تعرف طريقتي في الحديث، لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه].
أولاً: الذي جعلني أقتصر على هذا الطريق سلامته من العلة.
هذا ـ يا محب ـ خلل منهجي كبير، وهو الذي أوقع كثيراً من المتأخرين في مخالفة المتقدمين في مسألة التعليل، ومن أصول هذا العلم ما لخصه إمام العلل بلا منازع علي بن المديني رح1: "البابُ إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه"، وقال يحيى بن معين:"اكتب الحديث خمسين مرة، فإنّ له آفات كثيرة"، ومن هنا جاء الخلل في حكمك على الحديث ـ وفقك الله ـ.
ثانيًا: مسألة احتمال الغير المشهور للتفرد بالرواية عن إمام مشهور دون باقي أصحابه، فهذه المسألة طال حولها النقاش بين مؤيد ومعارض.
هذه ـ أيها الموفق ـ إنما طال النقاش فيها عند المتأخرين، أما المتقدمون فلم تكن محل إشكال عندهم أصلاً، وقد بين ذلك الإمام مسلمٌ رح1 في صدر مقدمته للصحيح فقال: "فَأَمَّا مَنْ تَرَاهُ يَعْمِدُ لِمِثْلِ الزُّهْرِىِّ فِى جَلاَلَتِهِ وَكَثْرَةِ أَصْحَابِهِ الْحُفَّاظِ الْمُتْقِنِينَ لِحَدِيثِهِ وَحَدِيثِ غَيْرِهِ، أَوْ لِمِثْلِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَحَدِيثُهُمَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مَبْسُوطٌ مُشْتَرَكٌ، قَدْ نَقَلَ أَصْحَابُهُمَا عَنْهُمَا حَدِيثَهُمَا عَلَى الاِتِّفَاقِ مِنْهُمْ فِى أَكْثَرِهِ فَيَرْوِى عَنْهُمَا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا الْعَدَدَ مِنَ الْحَدِيثِ مِمَّا لاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِمَا وَلَيْسَ مِمَّنْ قَدْ شَارَكَهُمْ فِى الصَّحِيحِ مِمَّا عِنْدَهُمْ فَغَيْرُ جَائِزٍ قَبُولُ حَدِيثِ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ النَّاسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ" انتهى.
ثالثًا: المتصفح لكتب عمل اليوم والليلة يجد كثيرًا منها أفراد وغرائب (حسان وصحاح) وجرى عليها العمل، فمسألة توفر الهمم والدواعي لنقل الخبر تكون أكثر وضوحًا في مسائل الحلال والحرام وليس الفضائل. والله أعلم.
هذا من الاستدلال في محل النزاع، فالعمل بالضعيف في الفضائل من المسائل المختلف فيها، والعبدُ الفقير مع القائلين بالمنع.
رابعًا: أنتم تعلمون انتشار العمل بقول: ((صدق الله العظيم)) بعد التلاوة، فأردت استبدالها بِهذا الخبر الصحيح.
أقول: ثبت ثم انقش.
خامسًا: مما يستأنس به قول الإمام أحمد لابنه: [يا بني تعرف طريقتي في الحديث، لست أخالف ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه].
هذا الجواب مبني ـ يا محب ـ على تحرير مراد هذا الإمام الكبير بالحديث الضعيف، وهذا معترك بين أصحابه رحمهم الله، والذي يظهر أن مراده بذلك ما يقابل الحديث الحسن عند المتأخرين، ذلك أن الحديث الحسن اعتراه ضعف يسير لم يسقطه عن حد الاحتجاج.
هذه تعليقات يسيرة من طرف الذهن، وهذا يقوي في نفسي العزم على تحرير طرق هذا الحديث إن شاء الله تعالى.
مكرراً شكري للإخوة جميعاً، وللأخ أحمد بن سالم على فتحه هذه النقاش المفيد.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[24 Jun 2010, 03:00 م]ـ
والنهاية؟
الأخ أحمد استند إلى تصحيح بن حجر والألباني والوادعي رحمهم الله تعالى.
والأخ عمر يقول الحديث له علة، ولا يرى صحته، ويقول للأخ أحمد اثبت ثم انقش.
فما هي النتيجة؟
لا شك أنها ستكون كالتالي:
طرف ثبتت عنده صحة الحديث وسيعمل بمقتضاه.
والآخر لا يرى ثبوت الحديث فهو لن يعمل بمقتضاه.
وكذلك مسألة العمل بالحديث الضعف في فضائل الأعمال ستبقى على النحو التالي:
فريق يرى العمل به.
وفريق لا يرى العمل به.
ولن يتغير هذا الأمر حتى قيام الساعة.
أخوكم أحيانا يطلع بطلعات كما يقولون فلتتسع صدوركم.
بودي لو أنا نعمل الفكر في أمور تساعد في تغيير واقع الأمة إلى الأفضل أو على الأقل تحد من هذا التراجع الخطير إلى الوراء.
شاكرا للأخوين الكريمين أحمد وعمر محاولة تحريك المياه الراكدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[24 Jun 2010, 03:41 م]ـ
تقصد - أبا سعد - أن هذه المسائل اجتهادية وستبقى كذلك وعلى كل طالب علم أن يتحرى ما يراه أقرب إلى الصواب مع عدم إلغاء القول الآخر لأن له حظاً من النظر ... إذا كان فهمي لكلامك صحيحاً فأنا أوافقك في هذا تمامًا ... نسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ... ومع ذلك فهذا النقاش العلمي إذا كان بهذا الأدب والأسلوب العلمي محمود مطلوب، وهو لا يتعارض مع الاهتمام بقضايا أخرى أشرت إليها يا أبا سعد
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[24 Jun 2010, 07:04 م]ـ
بودي لو أنا نعمل الفكر في أمور تساعد في تغيير واقع الأمة إلى الأفضل أو على الأقل تحد من هذا التراجع الخطير إلى الوراء.
كلام غامض، فحبذا لو وضحت مرادك.
ثم إنه ـ بناء على ما تقول ـ لا داعي لدراسة المسائل وبحث الأحاديث التي تكلم فيها الأوائل!
ولا حاجة ـ إذاً ـ لمثل هذا الملتقى أصلاً!
ما هكذا تورد الإبل أخي أبا سعد، فطالب العلم مطالب بالتحرير والتحقيق إن كان يقدر، ولا يجوز له أن يقلد إذا ملك آلة التحقيق والترجيح في المسألة التي يتناولها، وإلا فالتقليد أسهل شيء:
العلم معرفة الهدى بدليله === ما ذاك والتقليد يستويان
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[24 Jun 2010, 09:54 م]ـ
(كان إذا جلسَ مَجْلِساً، أو صلَّى صلاة تكلَّمَ بكلماتٍ، فسألَتهُ عائشة عن الكلماتِ؟ فقال:
إن تكلّمَ بخيرٍ كان طابعاً عليهِنَّ إلى يومِ القيامةِ، وإن تكلَّمَ بغيرِ ذلكَ كان كفارةً له:
سبحانكَ اللهمَّ وبحمدِكَ، لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفرُكَ و أتوبُ إليكَ).
أخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة " (309/ 400) ومن طريقه: الحافظ
في آخر كتابه "فتح الباري " (13/ 546): أخبرنا أبو بكر بن إسحاق: أخبرنا أبو سلمة الخُزَاعي منصور بن سَلَمة: أنا خلاد بن سليمان- قال أبو سلمة: وكان من
الخائفين- عن خالد بن أبي عمران عن عروة عن عائشة مرفوعاً.
قال الالباني رحمه الله: وقع الحديث عند الحافظ في "نكته " بلفظ:
"ما جلس - صلى الله عليه وسلم - مجلساً، ولا تلا قرآناً، ولا صلى إلا ختم ذلك بكلمات،
فقلت: يا رسول الله! ما أكثر ما تقول هذه الكلمات؟! فقال - صلى الله عليه وسلم -: نعم، من قال خيراً كُنَّ طابعاً له على ذلك الخير، ومن قال شرّاً كانت كفارة له ... " الحديث،
والباقي مثله.
كذا وقع فيه! وهو يخالف لفظ الترجمة مخالفة ظاهرة، كما يخالف لفظه في "الفتح " أيضاً، ولفظه في "سنن النسائي " أيضاً (1/ 197) بالإسناد نفسه، فالظاهر أنه رواية أخرى للنسائي.
ثم رأيته قد أورده في مكان متقدم برقم (308) تحت "باب ما يختم تلاوة القرآن " قال: أخبرنا محمد بن سهل بن عسكر قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا خلاد بن سليمان أبو سليمان به.
قلت: هذا إسناد صحيح أيضاً على شرط مسلم، وابن أبي مريم هذا: هو سعيد بن الحكم بن محمد المصري.
ثم ذكر الحافظ طريقاً أخرى بلفظ آخر، أخرجه (2/ 734) من رواية أبي أحمد العسال في "كتاب الأبواب " من طريق عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت .. وفيه قال - صلى الله عليه وسلم -:
"إني لأرجو أن لا يقولها عبد إذا قام من مجلسه؛ إلا غُفِرَ له ".
وقال الحافظ:
"وإسناده حسن "!
وهذا دليل على أن هذا الحديث يستأنس به ولا بأس في روايته. وجزى الله من كان سبباً في إخراجه الينا لنعمل بما فيه. والحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[24 Jun 2010, 10:14 م]ـ
كلام غامض، فحبذا لو وضحت مرادك.
ثم إنه ـ بناء على ما تقول ـ لا داعي لدراسة المسائل وبحث الأحاديث التي تكلم فيها الأوائل!
ولا حاجة ـ إذاً ـ لمثل هذا الملتقى أصلاً!
ما هكذا تورد الإبل أخي أبا سعد، فطالب العلم مطالب بالتحرير والتحقيق إن كان يقدر، ولا يجوز له أن يقلد إذا ملك آلة التحقيق والترجيح في المسألة التي يتناولها، وإلا فالتقليد أسهل شيء:
العلم معرفة الهدى بدليله === ما ذاك والتقليد يستويان
أبدا أخي الفاضل ليس هناك غموض
ولست أحجر على أحد أن يبحث ويحقق المسائل، بل هذا هو الواجب حتى يعمل على بصيرة.
كل ما أردت قوله أن بعض المسائل البسيطة تتشعب وتكبر وتستهلك من الوقت والجهد أكثر مما تستحق والنتيجة معروفة ولهذا أرى أن الاختصار في مثل هذه الأمور أولى.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[25 Jun 2010, 12:06 ص]ـ
كان إذا جلس مجلسا، أو صلى صلاة تكلم بكلمات، فسألته عائشة عن الكلمات؟ فقال: إن تكلم بخير كان طابعا عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بغير ذلك كان كفارة له: سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك
الراوي: عائشة، المحدث: الألباني ( http://www.tafsir.net/mhd/1420) - المصدر: السلسلة الصحيحة ( http://www.tafsir.net/book/561&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3164
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
2 - ما جلس رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - مجلسا، ولا تلى قرآن، ولا صلى صلاة، إلا ختم ذلك بكلمات، قالت: فقلت: يا رسول الله أراك ما تجلس مجلسا ولا تتلو قرآنا، ولا تصلى صلاة، إلا ختمت بهؤلاء الكلمات قال: نعم، من قال خيرا ختم له طابع على ذلك الخير، ومن قال شرا، كن له كفارة: سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك عن عائشة، أن رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان إذا جلس مجلسا، أو صلى تكلم بكلمات. فسألته عائشة عن الكلمات فقال: إن تكلم بخير كان طابعا عليهن إلى يوم القيامة، وإن تكلم بغير ذلك كان كفارة: سبحانك وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
الراوي: عائشة، المحدث: الوادعي ( http://www.tafsir.net/mhd/1422) - المصدر: الصحيح المسند ( http://www.tafsir.net/book/6274&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 1619
خلاصة حكم المحدث: صحيح
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[25 Jun 2010, 03:02 م]ـ
كلام غامض، فحبذا لو وضحت مرادك.
ثم إنه ـ بناء على ما تقول ـ لا داعي لدراسة المسائل وبحث الأحاديث التي تكلم فيها الأوائل!
ولا حاجة ـ إذاً ـ لمثل هذا الملتقى أصلاً!
ما هكذا تورد الإبل أخي أبا سعد، فطالب العلم مطالب بالتحرير والتحقيق إن كان يقدر، ولا يجوز له أن يقلد إذا ملك آلة التحقيق والترجيح في المسألة التي يتناولها، وإلا فالتقليد أسهل شيء:
العلم معرفة الهدى بدليله === ما ذاك والتقليد يستويان
أنا معك وأرى ما تراه
وما ذكره الأخ أبو سعد مع احترامي له غير صائب
وليست النتيجة كما يراها واحدة
فالعلم إذا نوقشت مسائله ظهرت كنوزه وثمراته
وكل وقت يفنى فيه فهو عبادة من أجل العبادات -رزقنا الله الإخلاص في القول والعمل-
وماذكره الشيخ عمر -حفظه الله- مهم جدا , وهو علم كما قال عنه الشيخ سعد الحميد -حفظه الله- وجد عقوقا من الأمة
ألا وهو علم العلل
ولعل من الدقة أن يُقال هناك فرق بين منهج المحدثين لا المتقدمين ومنهج الفقهاء والأصوليين لا المتأخرين في هذا الباب
وعلم العلل هو من أدق علوم الحديث , وهو في توهم الثقات
وهذا الذي يجعل بعض الأئمة يصححون طريقا لرؤيتهم السلامة فيه وهو معلول
ثم إن العيش مع هذا والله يا أخي أبو سعد من أجمل العيش وأهناه
ويكفيك أن تعلم هل هذا القول قاله رسولنا الحبيب عليه الصلاة والسلام فتعض عليه بنواجذيك
وتتعبد به الله في كل حرف قاله
أو أنه لم يثبت عنه فتستبدله بما ثبت وصح
وننتظر من الشيخ عمر -وفقه الله- دراسة هذا الحديث بجميع طرقه لنستفيد
وفقنا الله لما يحب ويرضى
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 Jun 2010, 03:30 م]ـ
الأخت أفنان
أنا لست ضد مناقشة المسائل العلمية والوصول إلى الحق بدليله
ولكن أردت أن أنبه إلى بعض الأمور التي تخرج بالنقاش إلى ما يسمى بالنقاش العقيم أو الدوران في الحلقات المفرغة
وحتى أكون أكثر وضوحا فإن الذي دفعني إلى التعليق هو عبارة الدكتور عمر ردا على الأخ أحمد " اثبت ثم انقش":
رابعًا: أنتم تعلمون انتشار العمل بقول: ((صدق الله العظيم)) بعد التلاوة، فأردت استبدالها بِهذا الخبر الصحيح.
أقول: ثبت ثم انقش.
فالأخ أحمد يرى أن الحديث صحيح وذكر من صححه من العلماء المعتبرين، وعمل بمقتضى ما توصل إليه من صحة الحديث.
فلو أن الدكتور عمر بين لنا أو أثبت لنا أن الحديث معلول بالدليل وقد زعم أنه كذلك وقال: "وهو خليق بأن يكون معلولا" لكان ذلك أولى وأنفع من الرد على أخينا أحمد بما يوسع الموضع ويخرج به عن الهدف الأصلي.
وبسبب هذا الأسلوب نرى أن كثيرا من المواضيع المطروحة قد ذهبت الغاية التي طرحت من أجلها أدراج الرياح وضاعت في مهب الردود الجانبية.
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[25 Jun 2010, 04:10 م]ـ
أخي المبارك د. عمر -وفقه الله- وعدنا خيرا بدراسة طرق هذا الحديث وبإذن الله سيفي بما وعد
والنقاش العقيم هو النقاش الذي لا فائدة فيه ولا نصل فيه إلى أي نتيجة
فأما أمثال هذه المسائل فهي والله ثرية بالفوائد والدرر
وسنقف بإذن الله على دقائق علمية نفسية
والمتحاوران قد يصل أحدهما إلى نتيجة هي نقيض ما راه
فكم من صاحب حديث تراجع عن تصحيح حديث أو العكس
وإن أمثال هذه الدراسات هي نصرة لسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام
فهنئيا لأصحاب الحديث
فأهل الحديث هم أهل النبي وإن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[25 Jun 2010, 10:34 م]ـ
رابعًا: هذا الحديث ورد من طريق خلاد بن سليمان - وهو ثقة -، عن خالد بن أبي عمران - وقد وثقه ابن سعد والعجلي، وقال أبو حاتم: لابأس به، وذكره ابن حبان في الثقات -، عن عروة، عن عائشة.
بل قال أبو حاتم - كما في "الجرح والتعديل" (3/ 345) -: [ثقة لا بأس به].
وقال ابن يونس: [فقيه أهل المغرب، ومفتي أهل مصر والمغرب].
وقال الذهبي في "السير" (5/ 378): [الإمام القدوة، قاضي إفريقية، ... ، وكان فقيه أهل المغرب، ثقة ثبتًا صالحًا ربانيًا، يقال: كان مُجاب الدعوة].
وهذا التوثيق مع هذه الإمامة في الفقه والمكانة العالية يجعل تفرده عن عروة مقبولاً. والله أعلم.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[26 Jun 2010, 11:35 ص]ـ
أخي أحمد، تلاحظ أنني لم أعلق حتى الآن رغم أن في مداخلات بعض الإخوة تكراراً لا حاجة له، وفي بعضها ملاحظات، كلّ ذلك رغبة في أن يصبروا حتى أنتهي من بحثي لكن يبدو لي أن نشر البحث ههنا غير مناسب!
الإشكال ـ أيها الأفاضل ـ أن علم العلل من العلوم الدقيقة، وقلّ من يفهمه من المشتغلين بالحديث فضلاً عن غيرهم ـ وهذا ما نص عليه الأئمة الأكابر ـ والحديث فيه ضربٌ من الكهانة عند غيرهم ـ كما يقول ابن مهدي ـ فالخوض في تفاصيله مع طريقة تناول بعض الإخوة لهذا البحث، تجعلني أحجم عن نشر البحث، وإلا فسأبحثه إن شاء الله وأستفيد منه.
وأرجو أن لا يأتي أحدٌ ويعلق ويقول: ما شاء الله! أنت إذن الذي تفهم وغيرك لا يفهم!
فما كان هذا مقصوداً أبداً، بل مرادي أن ههنا بعض التفاصيل الإجرائية المبنية على قواعد في هذا الفن، وهذه القواعد قد يكون لها استثناءات ـ كما هو الحال في أغلب القواعد ـ فيصعب تفصيل كل هذا عند كل اختيار، أو ترجيح، ولقد لاحظتُ أن بعض هذه القواعد غابت عن بعض المعلقين، وأنا لا ألومهم بهذا، فليس مطلوباً من الإنسان أن يكون ملماً بكل الفنون، فضلاً عن هذا الفن الدقيق، لكن الذي أتمناه ـ حقيقةً ـ أن لا يستعجل الإخوة باختصار هذه البحوث العلمية الدقيقة ببعض التعليقات التي لا تنبغي.
وأما كون الراوي ثقةً، فهذا لا يكفي في قبول تفرده ـ أخي سالم ـ فكم أعلّ الأئمة من أحاديث تفرد بها أناس أجلّ وأوثق من خالد!
فهناك قرائن أخرى لا بد من إعمالها والنظر فيها، ولا أحب أن أستطرد كثيراً، لكن تعجبتُ كثيراً من طريقة معالجتك لهذه العلقة القوية: التفرد، بما ذكرته عن خالد وأنه ثقة!
ولو تأملتَ في ترجمته لرأيت أنه قاضي إفريقية، فهو ليس من أهل المدينة ـ موطن عروة ـ وليس من المعروفين بملازمته، بل لم أر له عن عروة سوى هذا الحديث، وللبحث صلة، لكنها قد لا تأتي لما أبديته آنفاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[26 Jun 2010, 02:07 م]ـ
شيخنا الحبيب، نرجو أن يتسع صدرك لنا، فنحن نتعلم منكم، ونريد الاستفادة، وأنتم تعلمون أنَّ الكتابة على الانترنت تعطي الطالب الجرأة على الكلام، فنحتاج دائمًا لتوجيه أمثالكم، حتى نتأدب بأدب العلم.
أما عن مسألة التفرد، فأقول:
هناك فرق بين إعلال المتقدمين لحديث بتفرد لقرائن ظهرت له، وبين إعلال المتأخرين بذلك، وهناك فرق أيضًا بين قبول المتقدمين للحديث الذي تفرد به الثقة مع وجود نفس القرائن فيما يظهر للباحث، وبين قبول المتقدمين لذلك، وضبط القبول والرد أعلم أنه من الصعوبة بمكان.
وحديث خالد المذكور، قد تختلف فيه وجهات النظر، لأمرين:
الأول: أنَّ خالدًا إمام ثقة مشهور، ومع ذلك فليس من أصحاب عروة المشهورين به، فهل تقبل روايته وتفرده لإمامته وثقته - فقد يخص الراوي المشهور بعض أهل الفضل برواية إكرامًا له، وهذا مشاهد على مر العصور، وهذا في الغالب لا يكون في الأصول والحلال والحرام -؟ أم لا يقبل تفرده للأمور التي ذكرتموها؟ هذا محل نظر.
الثاني: أنَّ هذا الحديث لم يعله أحد - فيما علمت -، بل قد أعل بعضهم بعض أفراد طرقه، وقد تعلمت من شيخي عدم الجرأة على إعلال حديث لم يسبقني أحد إلى إعلاله، فإن طول التمرس يكشف للطالب طرقًا أخرى وأمور أخرى للحديث.
وأخيرًا: شيخي الحبيب، نرجو منكم المواصلة وعدم الضجر، فنحن في هذا الزمان في أشد الحاجة لصبر شيوخنا علينا.
ـ[المشارك7]ــــــــ[26 Jun 2010, 02:47 م]ـ
نأمل من الشيخ عمر بارك الله فيه الايصده ما راه من تعليقات بعض الاخوة عن نشر العلم.
والمسالة مطروقة والحاجة الى نشر العلم فيهاداعية لانها يترتب عليها اثبات سنة من عدمه ولاسيما وكثير من الاخوة مقتنع بكلام الاخ احمد.
والاخ احمد بارك الله فيه رغبة منه في نشر العلم الذي يعتقده نشر الموضوع في اكثر من منتدى.
فالحاجة داعية ولاشك لبيان الرأي الاخر.
واما مسالة تعليقات بعض الاخوة، او الخوف من حاجة البحث بعد ذلك الى ردود وتعليقات قد يصعب الاستمرار فيها لعدم فهم الطرف الاخر لوجهة النظر في البحث فهذه الامور ليست عائقا ابدا عن نشر العلم وبيان السنة لانه توجد اكثر من طريقة لنشر السنة مع تجنب هذه الامور:
منها: كتابته في ملف وورد ثم وضعه في مكتبة الملتقى واحالة الاخوة اليه في هذا الموضوع.
ومنها: نشره في موضوع مستقل ثم يتم غلق الموضوع من جهة المشرف.
ومنها .. ومنها ...
ولايخفى عليكم - ابا عبدالله - ان كثيرا من طلاب العلم يتابعون الموضوع من وراء الشاشة وكثير منهم ممن يفهم جيدا منهج المتقدمين.
اليس لهؤلاء حق في الاستفادة؟
وحتى الاخوة الذين قد لايرون وجهة نظركم اذا رأوا البحث كاملا قد يتغير رأيهم ..
وعلى كل حال لايخلو نشركم للبحث من فائدة باذن الله فكن كريما ابا عبدالله ..
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[27 Jun 2010, 11:18 ص]ـ
ننتظر إثراء الشيخ عمر لهذه الصفحة، وحتى ذلك الحين أحيل إلى ما أراه يفيد في هذا الباب؛ وهو تخريج الشيخ ياسر فتحي لكتاب (الذكر والدعاء) للقحطاني (2/ 648) فقد ذكر في التخريج أنّ خلاد بن سليمان خالف من هو أوثق منه وأكثر، وهم: (ابن لهيعة، والليث، وعبيدالله بن زحر) -ثلاثتهم- عن خالد بن أبي عمران عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا، ولم يذكروا: ولا تلا قرآنًا.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[27 Jun 2010, 01:00 م]ـ
شكر الله للإخوة جميعاً، وخصوصاً (المشارك7، أبو الوليد) وسأستعين الله وأبحث ثم أنشره، ومن الله أستمد العون والتسديد، والله الموفق والمعين.
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[27 Jun 2010, 02:08 م]ـ
ننتظر إثراء الشيخ عمر لهذه الصفحة، وحتى ذلك الحين أحيل إلى ما أراه يفيد في هذا الباب؛ وهو تخريج الشيخ ياسر فتحي لكتاب (الذكر والدعاء) للقحطاني (2/ 648) فقد ذكر في التخريج أنّ خلاد بن سليمان خالف من هو أوثق منه وأكثر، وهم: (ابن لهيعة (1)، والليث (2)، وعبيدالله بن زحر (3)) -ثلاثتهم- عن خالد بن أبي عمران عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا، ولم يذكروا: ولا تلا قرآنًا.
(1) الراوي عن ابن لهيعة هو يحيى بن بكير - وليس من قدماء أصحابه -.
(2) الراوي عن الليث بن سعد هو "عبد الله بن صالح"، وهو متكلم فيه، وقد خولف عبد الله، خالفه من هو أوثق منه فرواه "شعيب بن الليث بن سعد" - وهو ثقة نبيل كما قال الحافظ - عن الليث، عن ابن الهاد، عن يحيى بن سعيد، عن زرارة، عن عائشة. وقد خالف قتيبة بن سعيد شعيبًا أيضًا فراوه عن الليث عن يحيى، عن محمد بن عبد الرحمن، عن رجل من أهل الشام عن عائشة. وأشار أبو حاتم إلى ترجيح قول قتيبة، فقال: [يرويه الناس عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن رجل من أهل الشام، عن عائشة].
(3) عبيد الله بن زحر ضعفه جمهور العلماء، وقد اضطرب في إسناد الحديث أيضًا.
فعلمنا بذلك خطأ عبد الله على الليث، فلم يتبق إلا ابن زحر وقد مرَّ حاله واضطرابه، وابن لهيعة وهو ضعيف أيضًا.
وبعد هذا العرض، فلا نقول إلا: القول قول خلاد بن سليمان.
فهل يقال بعد هذا خالفه مَن هو أوثق منه؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[28 Jun 2010, 01:35 م]ـ
بارك الله فيكم، لستُ من أهل هذا الفن، وإذا حضر الماء بطل التيمم.
ـ[أبو العز النجدي]ــــــــ[09 Jul 2010, 10:35 ص]ـ
هذه مشاركة كتبتها في ملتقى أهل الحديث لعلًّ فيها فائدة
الحديث أخرجه أحمد 6/ 77 والنَّسائي في "الكبرى" (1176)، وفي عمل اليوم والليلة (400) (308) والطبراني في الدعاء (1791) والبيهقي في الشعب (649) وغيرهم من طرق عن خلاد بن سليمان، قال: سمعت خالد بن أبي عمران، يحدث عن عروة، عن عائشة، رضي الله عنها قالت: ما جلس رسول الله فذكره
وقد تفرّد به خلاد وهو وإن وثَّقه علي بن الجنيد وذكره ابن حبان في الثقات لكن مثله لا يحتمل التفرّد
والحديث جاء من طرق عدّة عن عائشة وغيرها فلم أرَ فيها هذا القول عقب قراءة القرآن
أو الصلاة الذي جاء به خلاَّد!
بل في بعض طرق حديث عائشة هذا الاقتصار على المجلس والصلاة دون القراءة
والمشهور أن هذا القول يقال عَقِب القيام من المجلس
والله أعلم وأحكم(/)
حمل بحث علمي ((التسامح في القرآن الكريم))
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[21 Jun 2010, 02:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
إخوتي الأحبة أضع بين أيديكم ولأول مرة على النت رابط بحثي الموسوم
التسامح في القرآن الكريم
رجاء دعوة صالحة لوالدي وللمسلمين ولي بظهر الغيب
والبحث في المرفقات
ـ[أبو المهند]ــــــــ[21 Jun 2010, 03:03 ص]ـ
تقبل الله والديك في الصالحين وجزاكم الله عن العلم وأهله خير الجزاء.
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[21 Jun 2010, 09:55 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب الأستاذ الدكتور عبد الفتاح خضر المُكَرَّم، أشكركم على هذا الدعاء الطيب وأسأل الله تعالى أن يتمم نعمه عليكم في الدنيا والآخرة ويتقبلكم في عباده الصالحين.
ـ[محمد كالو]ــــــــ[21 Jun 2010, 10:35 ص]ـ
غفر الله لوالديكم وجزاكم خيراً كثيراً
ـ[يسعد صباحك]ــــــــ[23 Jun 2010, 09:05 م]ـ
تقبل الله والديك في الصالحين وجزاكم الله عن العلم وأهله خير الجزاء.
اللهم آمين
اللهم آمين
اللهم آمين
ـ[باحثة علم]ــــــــ[24 Jun 2010, 05:05 ص]ـ
أحسن الله إليك
بارك الله فيك
ـ[عمر جاكيتي]ــــــــ[24 Jun 2010, 11:54 ص]ـ
تقبل الله منكم ما قدمتم ...
وجعله خالصاً لوجهه الكريم ...
ونفع به النفع العميم
ـ[أحمد قطشة]ــــــــ[24 Jun 2010, 06:04 م]ـ
جزاكم الله خيراً على هذا البحث، وجعله الله في ميزان حسناتكم، وغفر الله لنا ولكم ولوالدينا ولوالديكم ولسائر المسلمين، ومن قرأ ومن أمّن على الدعاء.
ملاحظة بسيطة أخي، وهي أن الآيات القرآنية في الملف لم تظهر بشكلها الصحيح، بل ظهرت متداخلة مع بقية النص، وليس فقط الآيات ولكن أي كلام تم تشكيله في الملف.
لا أدري ماسبب ذلك، لكن لعله البرنامج الذي تصنع به ملفات PDF والذي ترك عبارة في ذيل كل صفحة، لذلك وددت أن أرشدك وأرشد الأخوة لبرنامج مجاني لتحويل وصنع هذه الملفات، لا يترك أي علامة على الملف، وأنا أعمل به منذ سنوات، ولم يسبق أن سبب أي مشكلة لي بفضل الله، عدا عن كونه مجاني مما يرفع حرج إستخدامه.
يمكنك تحميل البرنامج من الموقع http://www.primopdf.com/index.aspx ويمكنكم إختيار النسخة المجانية.
عذراً على الإطالة والسلام عليكم
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[24 Jun 2010, 07:37 م]ـ
أشكر جميع الإخوة على دعائهم وأسأل الله تعالى أن ينفعهم وينفع بهم، وأشكرك أخي أحمد قطشة على البرنامج الذي لا يستغني عنه طالب علم.
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[26 Jun 2010, 11:04 م]ـ
أرجو ممن قرأ البحث أن لا يحرمني من بيان رأيه فيه.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[27 Jun 2010, 12:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور حسن عبد الجليل ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أشكر لفضيلتكم هذا المجهود القيم.
وفقنا الله جميعا لخدمة كتابه الكريم.
و تفضلوا أخي الكريم بقبول تحياتي و تقديري لشخصكم الكريم.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[27 Jun 2010, 05:56 ص]ـ
وفقك الله ونفع بك وبعلمك وغفر لوالديك وجمعك بهم في الجنة
كنت قد بدأت في بحيث متواضع حول هذا الموضوع وبعد أن رأيت بحثك المبارك سأنظر فيه، إن كان في بحثي ما يفيد أكملته، وإلا فقد كفيتني وجزاك الله خيرا
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[27 Jun 2010, 09:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب الأستاذ الدكتور أحمد بزوي الضاوي حفظكم الله تعالى، أشكركم على ما تفضلتم به، وأسأل الله تعالى أن يبارك فيكم وفي علمكم وفي جهودكم الحثيثة في خدمة العلم وأهله
وأنتم أخي الحبيب فاضل الشهري أشكركم خالص الشكر على الدعاء وأسأل الله تعالى أن ينعم عليك بفضله وكرمه، أما بحثي المتواضع فهو جهد المقل وقد قدّم إلى مؤتمر التسامح في الشريعة الإسلامية وقد حوى المؤتمر العديد من الأوراق العلمية الرصينة في هذا الموضوع، إلا أن بحثي الوحيد الذي تطرق إلى موضوع التسامح في القرآن الكريم.
وأسأل الله تعالى أن يبصّرك بكتابه الكريم ما تخرج به بحثك في أفضل حلّة وأوفق عبارة، فالأمر فيه سعة
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[03 Jul 2010, 04:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
ـ[عمرو الكرمي]ــــــــ[03 Jul 2010, 02:36 م]ـ
بورك فيك اخي دكتور حسن على هذا الجهد الطيب المبارك
واسال الله تعالى ان ينفع بك المسلمين وان يتقبلك ووالديك في الصالحين وان يجعلكم من ورثة جنة النعيم.
سؤال: هل هذا الموضوع تم تناوله في رسائل علمية: ماجستير او دكتوراة بحسب علمكم؟؟؟
بالمناسبة انا زميل لك في الدفعة الاولى في جامعة آل البيت ... وسأرسل اليك برسالة خاصة لتجديد التعارف بيننا ان شاء الله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[03 Jul 2010, 03:36 م]ـ
حياك الله أخي عمرو الكرمي وإنه لمن دواعي اعتزازي وسروري أن أتشرف بلقائكم، وبريدي الإلكتروني ورقم هاتفي المحمول يظهر في التوقيع للاتصال من خارج الأردن، أما من داخل الاردن فهو: 0777717312(/)
الأخ والابن: بين الفرار والفداء في الآخرة .. أيهما الأهم؟
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[21 Jun 2010, 02:44 ص]ـ
الأخ والابن: بين الفرار والفداء في الآخرة .. أيهما الأهم؟
لماذ اختلف الترتيب بين سورتي عبس والمعارج؟!!
قال الدكتور السامرائي
قال تعالى في سورة عبس ((يوم يفر المرء من أخيه 34} وأمه و أبيه {35} وصاحبته وبنيه {36}))
وقال في سورة المعارج ((يبصرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه {11} وصاحبته و أخيه {12} وفصيلته التي تؤيه {13} ومن في الأرض جميعاً ثم ينجيه {14})).
وهذا الترتيب في الأهل يتناسب مع سياق الآيات
ففي سورة عبس المشهد هو مشهد الفرار يخلو المرء بنفسه ويفرّ المرء أولاً من الأبعد إلى الأقرب إلى قلبه يفرّ أولاً من أخيه ثم من أمه وأبيه ثم من صاحبته وبنيه الذين هم أقرب الناس إلى قلبه.
أما في سورة المعارج فالمقام مقام عذاب وليس فرار فيرى المرء مشهد عذاب فوق ما تصوره ولا يقبل المساومة فيبدأ يفدي نفسه بالأقرب إلى قلبه ثم الأبعد لذا بدأ ببنيه أعز ما عنده ثم صاحبته وأخيه ثم فصيلته ثم من في الأرض جميعاً والملاحظ أنه في حالة الفداء هذه لم يذكر الأم والأب وهذا لأن الله تعالى أمر بإكرام الأب والأم ويمنع الإفتداء بالأم أو الأب من العذاب إكراماً لهما.
الدكتور: فاضل السامرائي
...
استشكلت من كلام فضيلة الدكتور السامرائي - بارك الله في عمره - في سورة عبس: أن يكون الفرار من الأبعد .. فهو يفر من الأخ لأنه الأبعد!!
ولا يكون الفرار إلا من القريب، ممن يلاحقك ويكاد يدركك، ويظن أنك ستنصره، وأنك تعينه على كربته فأنت تتهرب منه وتفر .. فالفرار من الأقرب لا العكس ..
ولا أقرب من الأخ في ذلك المعنى من النصرة ودفع الكرب، كأن النصرة مربوطة بالأخوة:
أخاك أخاك إن من لا أخا له .. كساع إلى الهيجا بغير سلاحِ.
ويؤيد هذا الذي ذهبت إليه أنه تعالى بعد الأخ ذكر أكثر الناس تطلعا إلى نصرة الفارّ، وهم:
الأم، وتأخرت عن الأخ لضعفها عن القيام بأمر نفسها وبارتباطها فطريا بأبنائها من لدن الحمل ويؤيده: حديث (أمك أمك أمك).
وبعدها الأب لحقه في البر (ثم أباك) وتأخر عن الأم لاستطاعته في الظن القيام بأمر نفسه لا كالمرأة.
بعدها ذكر صاحبته (تأخرت عن الوالدين لاستغنائها عنه بأبنائها إن كان لها، وذلك بحسب الظن أو بمعنى آخر لعلها تطارد أبناءها كأمّ).
وبعدها ذكر البنين آخر المطاردين وأعجز الناصرين .. فالفرار منهم أولى (واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً) ..
(قدم الأقدر على النصرة أو الأقرب إلى معناها)
واستشكلت من كلامه في سورة المعارج أن يكون الافتداء بمن هو الأقرب إلى قلبه ..
وهذا فيما نرى خلاف ما هو معروف من أن الافتداء لا علاقة له بالقرب.
فالإنسان يُقدِّم للافتداء من كربه من يعتقد أن له قدرة عليه وسلطاناً وأمراً مطاعاً فيأمره ليفتدي به، ولا قدرة له على أحد من المذكورين ولا سلطان إلا على ولده، فلعله يظن أن بنيه في تلك الحالة سيطيعونه فيفدونه من العذاب ..
ثم يتطلع إلى من بعدهم في تحقيق مراده هذا:
ذكر بعد بنيه صاحبته بحكم العصمة الزوجية وهي لا تبلغ من زوجها مبلغ الولد في مطلوبية البر لجواز طلبها الطلاق وتبرئها منه.
وذكر بعدها أخاه بحكم الرحم أو حق الصداقة، وهي رابطة أدبية لا يقدرها إلا القلائل.
وبعده ذكر فصيلته بحكم الآصرة.
وبعدها ذكر العالمين بحكم أنه بشر مثله برباط الإنسانية: وهذه نهاية يائسة محزنة.
وخلو الآية من ذكر الأب والأم لأنه لا سلطان له عليهما أبداً. (قُدم ما له قدرة عليه في الظن)
وما هذا إلا قطرة مما استفدته أو استفدناه من بحر الدكتور عفا الله عنه وغفر له وجزاه عن القرآن وأهله خيراً:
كالبحر يمطره السحاب، وما له .. فضل عليه، لأنه من مائه.
ـ[عبدالرحمن شاهين]ــــــــ[21 Jun 2010, 09:14 ص]ـ
أظن و الله أعلم أن تقديم الأخ ثم الأم والأب و اخيرا الصاحبة والبنين يكون إما حياءا أو هربا من تطلّب الحسنات - إن صح الخبر -
فأنت في الدنيا حياؤك من أخيك أشد من حيائك من والديك وحياؤك من والديك أشد من حيائك من زوجك وولدك، وكذلك إذا طلب منك اخوك شيئا في الدنيا تجد نفسك أكثر تحرجا من رد طلبه بالمقارنة بأمك وأبيك و أقل منه تحرجك من زوجك و أولادك
أما في المعارج يفتدي المجرم بأعز شيء على قلبه لينجو من العذاب وهم بالترتيب المذكور في الآية البنين ثم الزوجة ثم الإخوة وهكذا
والله اعلم
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[21 Jun 2010, 10:41 ص]ـ
حياك الله أخ شاهين
الأمر في الآخرة أكبر من الحياء كما في حديث أمنا الحيية عائشة رضي الله عنها: " الأمر أعظم من ذلك "
آية التوبة ترتب الناس بحسب المحبة: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم ... )
وهذا ترتيب مختلف عن ترتيب عبس والمعارج.(/)
الإجازة الصيفية والقرآن الكريم
ـ[عبدالرحمن الرحيلي]ــــــــ[21 Jun 2010, 11:03 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ....
فاللهم لك الحمد والشكر، إن الملاحظ والمتابع للبرامج الصيفية العلمية المقامة في المساجد والدور والمراكز والمعاهد لينشرح صدره ويطيب خاطره وخصوصاً تلك البرامج المتعلقة بالقرآن الكريم حفظاً أو دراسة أو تفسيراً أو غير ذلك، ومن الجهات التربوية التي تحتضن الشباب في الصيف (المراكز الصيفية) والتي يرتادها مئات الشباب بمختلف مراحلهم التعليمية، وهم في حاجة ماسة لربطهم بالقرآن الكريم، فالبرامج القرآنية حسب علمي تكون في المساجد أو في المراكز والمعاهد المتخصصة بهذا الشأن، أما المراكز الصيفية (الترفيهية) ففيها برامج كثيرة متنوعة ومفيدة، ولكنها في أغلبها ترفيهية، وإسهاماً من مشروع تعظيم القرآن الكريم بالمدينة المنورة في إنجاح برامج تلك المراكز وتميّز برامجها وربطها بكتاب الله تعالى نطرح بين أيديكم هذه البرامج.
وهي عبارة عن مجموعة من البرامج المقترحة (للمراكز الصيفية)، وهي شاملة لجميع المراحل الدراسية، والتي قام بإعدادها إخوانكم في مشروع تعظيم القرآن الكريم بالمدينة النبوية، وقد حرصنا على أن تكون هذه البرامج مناسبة بإذن الله تعالى لتطبيقها في جميع المراكز الصيفية وهي متعلقة بالقرآن الكريم.
ـ أولاً: الدوراتُ المختصرة:
1ـ دورة مختصرةٌ في علومِ القرآنِ:
ـ أهدافُ الدورة:
أ ـ تعريفُ النّاشئةِ بالقرآن الكريمِ وفضائلِه وأهمّيتِه وبعضِ مظاهرِ عظمتِه.
ب ـ تشجيعُ الناشئةِ على الاهتمامِ بالقرآن الكريمِ قراءةً وفهماً وعملاً.
ج ـ بيانُ بعضِ الوسائلِ العمليةِ لتعظيمِ القرآنِ الكريمِ والتأدّبِ بآدابِه والانتفاعِ به.
ـ الفئةُ المستهدفة:
المشاركونَ في المراكزِ الصيفيّةِ على اختلافِ مستوياتِهم.
ـ مدة البرنامجِ:
(3) ساعات في (3) أيام. ويمكن تطبيقها في يوم واحد على فترتين.
ـ أهمُّ المحاورِ:
أ ـ التعريفُ بالقرآنِ الكريمِ وبيانُ أسمائه، مع التنبيهِ على معاني هذه الأسماءِ وما تدلُّ عليه من بيانِ عظمةِ القرآنِ الكريم وأهمّيتِه.
ب ـ التعريفُ بكيفيّةِ نزولِ القرآنِ على النبيِّ r مع بيانِ السرِّ في ذلك وإظهارِ عظمةِ القرآنِ من خلالِه
ج ـ ذكرُ بعضِ فضائلِ القرآنِ الكريمِ وأثرِ التمسّكِ به في حياةِ الإنسانِ.
د ـ التعريفُ بأهمِّ المعلوماتِ المتعلّقةِ بالقرآنِ الكريم (عددُ سورِه ـ أولُ ما نزلَ وآخرُ ما نزلَ ـ الفرقُ بينَ المكي والمدني ـ كيفيّةُ جمعه ... ).
هـ ـ ذكرُ أمثلةٍ من السلفِ والخلفِ تُظهرُ مدى التمسّكِ بالقرآنِ ومظاهرِ ذلك وأثره في الحياةِ.
ـ النشاط المرافق:
يتمُّ إجراءُ مسابقةٍ أو اختبارٍ على مادةِ الدورةِ، وتكريمُ المتفوّقين فيها.
2ـ دورةٌ مختصرةٌ بعنوان (وقفاتٌ مع قصارِ السُّوَر):
ـ أهدافُ الدورةِ:
أـ حفظُ مجموعةٍ من قصارِ السُّورِ تتناسبُ مع جميعِ المستوياتِ.
ب ـ تعريفُ النّاشئةِ بمعاني هذه السورِ وأهمِّ مقاصدِها.
ج ـ توجيهُ الناشئةِ إلى بعضِ النّواحي العمليّةِ (الإيمانيّة والتربوية والأخلاقية .. ) من خلالِ هذه السّورِ.
د ـ محاولةُ ربطِ الناشئةِ بكتابِ الله تعالى من خلالِ إبرازِ عظمتِه وأهميتِه وما تضمّنَه من توجيهاتٍ في جميعِ نواحي الحياةِ.
ـ الفئةُ المستهدفة:
المشاركونَ في المراكزِ الصيفيةِ على اختلافِ مستوياتِهم.
ـ أهمُّ المحاورِ:
أ ـ اختيارُ مجموعةٍ من قصارِ السّورِ تتناسبُ مع الفئاتِ المستهدفة.
ب ـ تفسيرُ هذه السورِ تفسيراً مختصراً ميسّراً.
ج ـ التركيزُ على مقاصدِ كلِّ سورةٍ، ومحاولةُ جعلِ المشاركينَ يستنبطونَ هذه المقاصدَ من خلالِ معاني السورِ.
د ـ التنبيهُ على أهميةِ استحضارِ هذه المعاني والمقاصدِ عندِ قراءةِ أو سماعِ هذه السُّورِ.
هـ ـ التنبيهُ على النّواحي العملية التي يجبُ الالتزامُ بها والتي أرشدتْ إليها هذه السورُ.
و ـ التنبيهُ على أهمِّ اللطائفِ التي تُظهرُ عظمةَ القرآنِ وأهمّيتِه في حياةِ المسلمِ.
ـ مدةُ البرنامج:
(3) ساعات في (3) أيام. ويمكن تطبيقها في يوم واحد على فترتين.
ـ النشاطُ المرافق:
(يُتْبَعُ)
(/)
يتمُّ إجراءُ مسابقةٍ أو اختبارٍ على مادةِ الدورةِ، وتكريمُ المتفوّقين فيها.
ـ ثانياً: المحاضراتُ العامةُ:
1ـ الأدبُ مع القرآن:
ـ أهدافُ المحاضرة:
أ ـ تعريفُ الناشئةِ بفضلِ القرآنِ وأهمّيتِه وما يجبُ نحوَه من الأدبِ والتّعظيمِ.
ب ـ الحضُّ على التمسّكِ بآدابِ القرآنِ والاهتمام بها وما يحصّلُه المسلمُ من جراءِ ذلك، وخطورةُ التساهلِ في هذا البابِ، وما يترتّبُ عليه من عقوباتٍ وآثارٍ سيئةٍ.
ج ـ تعريفُ الناشئةِ بأهمِّ الآدابِ العمليّةِ التي تجبُ للقرآنِ الكريم.
ـ الفئة المستهدفة:
المشاركونَ في المراكزِ الصيفيةِ على اختلافِ مستوياتِهم.
ـ أهمُّ المحاور:
أ ـ تعريفٌ مختصرٌ بكتابِ الله وفضلِه وأهميتِه في حياةِ المسلمِ.
ب ـ التنبيهُ على نتائج وثمراتِ التمسُّكِ بآدابِ القرآنِ على الفردِ والمجتمعِ، وعكس ذلك.
ج ـ ذكرُ أهمِّ الآدابِ التي تجبُ لكتابِ الله تعالى.
د ـ التركيزُ على الآدابِ التي يمكنُ تطبيقُها والابتعادُ عما يصعبُ الالتزامُ به منها على الفئةِ المستهدفة.
هـ ـ التنبيهُ على أهمِّ الأخطاءِ والمنكراتِ التي تخالفُ الأدبَ مع القرآنِ والتي يقعُ فيها الناسُ عامّةً والناشئةُ خاصةً.
و ـ ذكرُ أمثلةٍ من الأمةِ قديماً وحديثاً تبيّنُ مدى التزامِهم بهذه الآدابِ، وخطورة تركها.
ـ مدةُ البرنامج:
(45) دقيقة.
ـ النشاطُ المرافق:
يتمُّ إلقاءُ أسئلةٍ حولَ المحاضرةِ في نهايتِها، ويكرَّمُ من يجاوبُ عليها ببعضِ الهدايا التشجيعيّةِ.
2ـ التعاملُ مع القرآنِ:
ـ أهدافُ المحاضرة:
أ ـ تعريفُ الناشئةِ بفضلِ القرآنِ وأهميتِه وكيفية التعاملِ معه.
ب ـ تعريفُ الناشئة بأساليبِ التعاملِ مع القرآنِ والتي تدلُّ على عظمتِه في القلوبِ.
ج ـ وضعُ خطواتٍ عمليةٍ للتعاملِ مع القرآنِ بطريقةٍ صحيحةٍ.
ـ الفئة المستهدفة:
المشاركونَ في المراكزِ الصيفيّةِ على اختلافِ مستوياتِهم.
ـ أهمُّ المحاورِ:
أ ـ تعريفٌ مختصرٌ بكتابِ الله وفضلِه وأهميتِه في حياةِ المسلمِ.
ب ـ التنبيهُ على أهمّيةِ معرفةِ أساليبِ التعاملِ مع القرآنِ والفرقُ بينِ أسلوبِ أهلِ الإيمانِ وغيرِهم.
ج ـ ذكرُ أهمِّ الأساليبِ العمليّةِ في التعاملِ مع القرآنِ وربطُ ذلكَ بالواقعِ وضربُ الأمثلةِ عليها.
د ـ إظهارُ الفروقاتِ العمليةِ بينَ من يعظّمُ القرآنَ ومن لا يُعظّمُه من خلالِ أسلوبِ التعاملِ مع القرآن.
ـ مدةُ البرنامج:
(45) دقيقة.
ـ النشاطُ المرافق:
يتمُّ إلقاءُ أسئلةٍ حولَ المحاضرةِ في نهايتِها ويكرَّمُ من يجاوبُ عليها بهدايا تشجيعيةٍ.
3ـ عظمةُ القرآن الكريمِ:
ـ أهدافُ المحاضرة:
أ ـ تعريفُ الناشئةِ بكتابِ الله وأهمّيتِه وبعضِ وجوهِ عظمتهِ وفضلِه.
ب ـ محاولةُ زرعِ ما يُعينُ على تعظيمِ القرآنِ في قلوبِ الناشئةِ من خلالِ إبرازِ أهمِّ وجوه عظمتِه.
ج ـ تعريفُ الناشئةِ بأهمِّ العلاماتِ العمليةِ التي تدلُّ على تعظيمِ القلوبِ للقرآن الكريم.
ـ الفئة المستهدفة:
المشاركون في المراكز الصيفية.
ـ أهمُّ المحاور:
أ ـ تعريفٌ مختصرٌ بكتابِ الله وفضلِه وأهميتِه في حياةِ المسلمِ.
ب ـ التنبيهُ على عظمةِ القرآنِ الكريمِ من خلالِ إبرازِ بعضِ وجوهِ هذه العظمةِ.
ج ـ توجيهُ الناشئةِ إلى بعضِ الأمورِ العمليةِ التي تؤدي إلى تعظيمِ القرآنِ الكريم.
د ـ إبرازُ أهمِّ ما يقعُ فيه الناشئةُ من الأمورِ التي تخالفُ تعظيمِ القرآنِ والتحذير من الوقوعِ فيها وخطورة ذلك على الفردِ والمجتمع.
ـ مدة البرنامج:
(45) دقيقة.
ـ النشاط المرفق:
يتمُّ إلقاءُ أسئلةٍ حولَ المحاضرة في نهايتِها ويكرَّمُ من يجاوبُ عليها بهدايا تشجيعية.
ـ ثالثاً: دروسٌ أسبوعيةٌ بعنوان (مع قصص القرآن):
1ـ قصةُ أصحابِ الكهفِ:
ـ أهدافُ الدرسِ:
أ ـ تعريفُ الناشئةِ بأهميةِ القصصِ في القرآن وبعضِ الفوائدِ التي تستفادُ منها.
ب ـ ربطُ الناشئةِ بالقرآنِ الكريمِ من خلالِه قصصه المشوّقة.
ج ـ التعريفُ بقصّةِ أصحابِ الكهفِ من خلالِ سردٍ مختصرٍ لها من خلالِ آياتِ القرآنِ، وما وردَ في سنةِ النبيّ r وأقوالِ السلفِ الصالحين.
د ـ التعريفُ بأهمِّ الفوائدِ العملية (الإيمانية والتربوية .. ) التي تُستفادُ من قصةِ أصحابِ الكهفِ.
(يُتْبَعُ)
(/)
هـ ـ تنبيهُ الناشئةِ إلى أهميةِ سورةِ الكهفِ وأثرِها في العصمةِ من الفتنِ وحضُّهم على حفظِها وتلاوتِها وتدبّرها
ـ الفئة المستهدفة:
المشاركون في المراكز الصيفية.
ـ أهمُّ المحاورِ:
أ ـ تعريفٌ مختصرٌ بالقصةِ في القرآنِ وأهميتِها وفوائدِها.
ب ـ سردٌ مختصرٌ لقصّةِ أصحابِ الكهفِ من خلالِ القرآن والسنةِ وأقوالِ السلفِ.
ج ـ التنبيهُ على أهمِّ الفوائدِ الإيمانيةِ والتربويةِ والعمليةِ التي تستفادُ من قصةِ أصحابِ الكهفِ.
د ـ حضُّ الناشئةِ على التمسّكِ بدينِهم وتحذيرُهم من الاستجابةِ لدواعي الفتنةِ، وبيانُ سبلِ النجاةِ منها من خلالِ قصةِ أصحابِ الكهفِ.
هـ ـ التنبيهُ على فضلِ سورةِ الكهفِ عامةً في النجاةِ من الفتنِ والحضُّ على حفظها وتلاوتِها وتدبّرِ آياتِها.
ـ مدة البرنامج:
(45) دقيقة.
ـ النشاط المرافق:
أ ـ يتمُّ إلقاءُ أسئلةٍِ حولَ المحاضرةِ في نهايتِها ويكرَّمُ من يجاوبُ عليها بهدايا تشجيعية.
ب ـ إجراءُ مسابقةٍ في حفظِ سورةِ الكهفِ إلى وقتِ نهايةِ المركزِ وتوزيعُ جوائزَ على ما يحفظُها.
2ـ قصةُ ذي القرنين:
ـ أهدافُ الدرسِ:
أ ـ تعريفُ الناشئةِ بأهميةِ القصصِ في القرآنِ وبعضِ الفوائدِ التي تستفادُ منها.
ب ـ ربطُ الناشئةِ بالقرآنِ الكريمِ من خلالِ قصصهِ المشوّقةِ.
ج ـ التعريفُ بقصّةِ ذي القرنين التي يجهلها كثيرٌ من الناسِ.
د ـ التعريفُ بأهمّ الفوائدِ العملية (الإيمانية والتربوية .. ) التي تستفادُ من قصةِ ذي القرنين.
هـ ـ تنبيهُ الناشئةِ إلى أهميةِ سورةِ الكهفِ وأثرها في العصمةِ من الفتنِ وحضُّهم على حفظِها وتلاوتِها وتدبّرها
ـ الفئة المستهدفة:
المشاركون في المراكز الصيفية.
ـ أهمُّ المحاور:
أ ـ تعريفٌ مختصرٌ بالقصةِ في القرآنِ وأهميتها وفوائدها.
ب ـ سردٌ مختصرٌ لقصّةِ ذي القرنينِ من خلالِ القرآنِ والسنةِ وأقوالِ السلفِ.
ج ـ التنبيهُ على أهمِّ الفوائدِ الإيمانيةِ والتربويةِ والعمليةِ التي تستفادُ من قصّةِ ذي القرنين.
د ـ التنبيهُ على أهمِّ ما تضمّنتْه القصةُ من المعاني التي تعصمُ من فهِمَها وتمسَّكَ بها من الفتنِ.
هـ ـ التنبيهُ على فضلِ سورةِ الكهفِ عامةً في النجاةِ من الفتنِ والحضُّ على حفظِها وتلاوتِها وتدبّرِ آياتها.
ـ مدةُ البرنامج:
(45) دقيقة.
ـ النشاط المرافق:
أ ـ يتمُّ إلقاء أسئلةٍ حول المحاضرةِ في نهايتها ويكرّمُ من يجاوبُ عليها بهدايا تشجيعية.
ب ـ إجراءُ مسابقةٍ في حفظِ سورةِ الكهفِ إلى نهايةِ المركزِ وتوزيعُ جوائز تشجيعية على من يحفظها.
3ـ قصة موسى عليه السلامُ مع الخضر:
ـ أهدافُ الدرسِ:
أ ـ تعريفُ الناشئةِ بأهميةِ القصصِ في القرآن الكريمِ وبعضِ الفوائد التي تستفاد منها.
ب ـ ربطُ الناشئةِ بالقرآنِ الكريمِ من خلالِ قصصِه المشوقة.
ج ـ التعريفُ بقصّةِ موسى عليه السلامُ مع الخضرِ من خلالِ سردٍ مختصرٍ لها.
د ـ التعريفُ بأهمِّ الفوائدِ التربوية والإيمانية .. التي تستفادُ من قصةِ موسى عليه السلام مع الخضر.
ـ الفئة المستهدفة:
المشاركون في المراكز الصيفية.
ـ أهمُّ المحاورِ:
أ ـ تعريفٌ مختصرٌ بالقصةِ في القرآنِ وأهميتِها وفوائدها.
ب ـ سردٌ مختصرٌ لقصةِ موسى عليه السلامُ مع الخضر.
ج ـ التنبيهُ على أهمِّ الفوائدِ الإيمانيةِ والتربويةِ والعمليةِ التي تستفادُ من هذه القصةِ.
د ـ حضُّ الناشئةِ على طلبِ العلمِ النافعِ والاجتهادِ في ذلك والتضحية في سبيلِ الوصولِ إليه من خلالِ هذه القصةِ.
هـ ـ التنبيهُ على أهمِّ آدابِ طالبِ العلمِ التي تؤدي إلى الانتفاعِ بالعلمِ من خلالِ هذه القصةِ
و ـ التنبيه على فضلِ سورةِ الكهفِ والحض على حفظها وتلاوتها وتدبرها.
ـ مدة البرنامج:
(45) دقيقة.
ـ النشاط المرافق:
أ ـ يتمّ إلقاءُ أسئلةٍ حول المحاضرة في نهايتِها ويكرّمُ من يجاوبُ عليها بهدايا تشجيعية.
ب ـ إجراءُ مسابقة في حفظِ سورةِ الكهفِ وتكريم من يحفظها.
4ـ قصة سبأ:
ـ أهدافُ الدرسِ:
أ ـ تعريفُ الناشئةِ بأهميةِ القصص في القرآنِ وبعض الفوائد التي تستفاد منها.
ب ـ ربط الناشئة بالقرآن الكريم من خلالِ قصصه المشوقة.
ج ـ التعريفُ بقصةِ سبأ من خلالِ سردٍ مختصرٍ لها.
(يُتْبَعُ)
(/)
د ـ التعريفُ بأهمِّ الفوائد الإيمانية والتربويةِ التي تستفادُ من قصةِ سبأ.
ـ الفئة المستهدفة:
المشاركون في المراكز الصيفية.
ـ أهمّ المحاور:
أ ـ تعريفٌ مختصرٌ بالقصةِ في القرآن وأهميتها وفوائدها.
ب ـ سردٌ مختصرٌ لقصةِ سبأ من خلالِ القرآنِ والسنةِ وأقوالِ السلفِ.
ج ـ التنبيهُ على أهمِّ الفوائدِ الإيمانيةِ والتربويةِ والعمليةِ التي تستفادُ من قصةِ سبأ.
د ـ حضُّ الناشئةِ على التمسّكِ بدينِهم وتحذيرُهم من الاستجابةِ لدواعي الفتنةِ وسبل النجاة منها من خلالِ قصة سبأ.
هـ ـ التنبيهُ على أهميةِ شكرِ النعمِ وخطورةِ كفرِها، وأثر ذلك على الفردِ والمجتمعِ من خلالِ هذه القصةِ.
ـ مدة البرنامج:
(45) دقيقة.
ـ النشاطُ المرافق:
أ ـ يتمّ إلقاءُ أسئلةٍ حول المحاضرة في نهايتِها ويكرّمُ من يجاوبُ عليها بهدايا تشجيعية.
ب ـ إجراءُ مسابقة في حفظِ سورةِ سبأ وتكريم من يحفظها.
ـ رابعاً: أنشطة عامة:
1ـ حفظُ شيءٍ من القرآن:
أ ـ حفظُ ما تمَّ شرحُه من السورِ.
ب ـ حفظُ سورةٍ يتمّ اختيارُها.
ج – حفظ بعض المقاطع أو السور التي لها فضل معيَّن.
وتتم المسابقة ويُكرَّم الفائزون.
2ـ جمعُ المصاحفِ المستعملة:
أ ـ تنبيهُ الناشئةِ على أهميةِ المحافظةِ على المصاحفِ واحترامِها، وأن ذلك من تعظيمِ الله تعالى، وخطورة التساهل في ذلك.
ب ـ الحضُّ على إتلافِ المصاحفِ الممزقة بطريقةٍ صحيحةٍ.
ج ـ حثّهم على الإتيانِ بما بينَ أيديهم من المصاحفِ الممزقة أو المستعملة وهم لا يحتاجونها.
وتقوم إدراة المركز الصيفي مشكورة مأجورة بوضعها في كراتين والذهاب بها إلى المستودع الخيري بطريق المطار أو الاتصال على أحد الأرقام التالية، لإرسال سيارة خاصة من المستودع الخيري لاستلامها 8428888 – 8421555 - 8428111، والمستودع بدوره سيرسلها إلى مركز استقبال المصاحف المستعملة بمدينة الخرج ليتم إصلاحها وإهداءها للمحتاجين في دول العالم.
3ـ استضافة قارئ:
أ ـ استضافة قارئ مشهورٍ محبوب لدى الناشئة. أو أن يكون متميزاً بحفظه.
ب ـ أن يذكرَ الضيفُ ما دفعَه إلى حفظِ القرآن والطريقةِ التي سلكها في سبيلِ ذلك، وبعض المواقفِ التي حدثت معه.
ج ـ فتح المجالِ للتحاورِ بينَه وبينَ الحضورِ وسؤاله عما يخطر ببالهم من الأمور.
وأسأل الله تعالى التوفيق والسداد لكل من نشر الخير والعلم بأي وسيلة وطريقة بين الناس، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(/)
إعلان عن دورة قرآنية
ـ[مزن]ــــــــ[21 Jun 2010, 07:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .. أما بعد
" قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون "
بشرى سارة
يسرحلقات تحفيظ القرآن الكريم في جامع الحمراء الشرقية أن تعلن عن انطلاق:
الدورة القرآنية الصيفية المكثفة (4)
* وقت الدورة:
من يوم السبت 21/ 7 حتى يوم الخميس 24/ 8
* فترات الدورة:
1 - بعد صلاة الفجر حتى الساعة الثامنة صباحا
2 - بعد صلاة العصر حتى أذان المغرب.
في سائر الأيام الأسبوع باستثناء يوم الجمعة.
* أساتذة الدورة
كل شيوخ الدورة مجازون ويمنحون الإجازات لمن يستحقها.
* فروع الدورة
كافة الفروع لكافة المستويات
هدية الدورة
* هناك برنامج رديف يعنى بحفظ متون التجويد.
حياكم الله
* للضيافة في الدورة متسع.
التسجيل:
* يبدأ التسجيل في يوم السبت 14/ 7 ويستمر حتى بداية الدورة
* عليكم بسنتي *
هناك دورة خاصة بحفظ عمدة الأحكام مع منح الإجازة لمن أتم حفظها
* وللأخوات حق علينا
سوف ينطلق في ذات الوقت البرنامج الصيفي القرآني النسائي في المدرسة النسائية لتحفيظ القرآن الكريم التابعة للجامع .. وسوف يكون التسجيل في مقر المدرسة ابتداء من يوم السبت 14/ 7
* سوف توزع شهادات للمشتركين في الدورة.
* للتواصل مع أنشطة الجامع جوال: 0563243377
* للتواصل مع المدرسة النسائية 2782540 (للنساء فقط) فترة العصر
وصف الجامع:
مع مخرج 10 في الدائري الشرقي اتجه شرقا لأول إشارة ثم شمالا في طريق خالد بن الوليد وسيكون الجامع على يدك اليمنى في شارع المصانع (الفرعي)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتبه الفقير لمولاه:
بلال بن إبراهيم الفارس
إمام وخطيب جامع الحمراء الشرقية
المصدر:الساحات الحرة ( http://http://al-hora.net/showthread.php?t=202811)(/)
(كيف تفسر آية؟) للشيخ د. محمد الخضيري
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[21 Jun 2010, 10:37 م]ـ
كيف تفسر آية؟
محاضرة نافعة قيمة للشيخ د. محمد الخضيري
أوضح فيها كيفية التسلسل في تفسير آية، وكان في نية الشيخ التطبيق العملي ولكنه لم يسعفه الوقت المحدد له للقيام بذلك،،
بارك الله في علمه، ونفع به المسلمين.
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=11138
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[22 Jun 2010, 08:25 ص]ـ
جزاك الله خيراً أختي الفاضلة سعاد على هذا الرابط وجزى الدكتور الخضيري خير الجزاء على ما يقدمه لنا وبارك له في علمه وزاده من فضله.(/)
لماذا ذكر (الكوافر) لا الكافرات؟
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[22 Jun 2010, 12:44 ص]ـ
لماذا ذكر الله تعالى كفر النساء فقال (لولا تمسكوا بعصم الكوافر) الممتحنة 10 بجمع التكسير.
ولم يقل: الكافرات، بجمع السلامة؟.
في حين يذكر: المؤمنات المسلمات التائبات إلخ بجمع السلامة ..
ـ[أبو المهند]ــــــــ[22 Jun 2010, 02:20 ص]ـ
لماذا ذكر الله تعالى كفر النساء فقال (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) الممتحنة 10 بجمع التكسير.
ولم يقل: الكافرات، بجمع السلامة؟.
في حين يذكر: المؤمنات المسلمات التائبات إلخ بجمع السلامة ..
لاطراد ذلك في العربية قال العلماء:" الكوافر جمع كافرة، كضوارب جمع ضاربة وجمع فاعلة على فواعل مطرد وهو وصف جماعة الإناث. والله الموفق.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[22 Jun 2010, 05:46 ص]ـ
بارك الله فيك يا أبا عمر
السؤال بالأساس كان عن السر البلاغي وراء ذلك؟.
لماذا عدل عن السلامة إلى التكسير؟.
لماذا: (عصم الكوافر) بالتكسير.
"صواحب يوسف" بالتكسير أيضاً.
في حين (قانتات) تجمع على قوانت وقانتات فعدل بالسلامة عن التكسير، وكلاهما مطرد؟.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[22 Jun 2010, 06:27 ص]ـ
قال ابن عطية: رأيت لأبي علي الفارسي إنه قال: سمعت الفقيه أبا الحسن الكرخي يقول في تفسير قوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} أنه في الرجال والنسوان، فقلت له: النحويون لا يرونه إلا في النساء لأن كوافر جمع كافرة، فقال: وماذا يمنع من هذا، أليس الناس يقولون: طائفة كافرة، وفرقة كافرة،.
قلت: وإضافة الى أن الكوافر تشمل المرأة والرجل فإن فائدة جمع التكسير هنا أيضاً تفيد اختلاف العقائد فقد كانت النساء كل تتخذ صنماً أو معبوداً خاصاً لها. فاختلاف العقائد يناسبه جمع التكسير أكثر من الجمع السالم. والله أعلم
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[22 Jun 2010, 08:13 ص]ـ
أجاب الدكتور جمال السيد في برنامج لمسات بيانية على هذا السؤال قائلاً:
القرآن إستخدم كفار وكوافر (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ (10) الممتحنة) كوافر على وزن فواعل هذه على سنن العربية مثل صاعقة وصواعق لكنها غير منتشرة. جمع فواعل هو من جموع الكثرة وكلمة كوافر لم تستخدم كثيرة، (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) لم يقل كافرات العدول عن الصيغة لم تقل الآية ولا تمسكوا بعضم الكافرات العدول عن الصيغة من الكافرات جمع المؤنث إلى الكوافر جمع التكسير هنا الإشارة إلى أن الإمساك بعصمة هذه المرأة الكافرة شيء غير مقبول وشيء غير معتاد فاتركوهن ونتيجة الأمر بتركهن تركت الآية أيضاً الجمع المتداول (كافرات) واستخدمت الجمع غير المتداول (الكوافر).
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[22 Jun 2010, 08:20 ص]ـ
ما نقله ابن عطية معترض بما تجده في التحرير والتنوير وروح المعاني، والمرعوف عند أهل العلم أن جمع التكسير للكثرة - إلا ما استُثني من الصيغ- وأن جمعي السلامة للقلة، فإذا لاحظنا أن الكوافر أكثر من المسلمات في واقع الأمر عرفنا - والله أعلم - سر التغاير، ولهذا المعنى نظائر قرآنية تجدونها في كتاب (معاني الأبنية) للدكتور فاضل السامرائي، وأنا بعيد عهد به فلعله يكون قد تطرق لهذه الآية تحديداً، و الله أعلم.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[22 Jun 2010, 08:23 ص]ـ
أمهلني بعض الوقت أخي الفاضل محمد لأبحث في كتاب معاني الأبنية للدكتور فاضل فالكتاب ليس بين يدي الآن. لكني أعدك بأن أنقل لكم ما فيه حول الموضوع إن وجدته.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Jun 2010, 10:14 ص]ـ
قال صاحب إعراب القرآن محي الدين درويش:
"بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) العصم جمع عصمة وهي هنا عقد النكاح وكل ما عصم به الشي ء فهو عصام وعصمة وقد مرّت خصائص العين والصاد فاء وعينا، والكوافر جمع كافرة كضوارب في ضاربة، وعبارة أبي حيان «و قال الكرخي: الكوافر يشمل الرجال والنساء فقال له أبو علي الفارسي النحويون لا يرون هذا إلا في النساء جمع كافرة فقال أليس يقال: طائفة كافرة وفرقة كافرة قال أبو علي: فبهت فقلت هذا تأييد» والكرخي هذا معتزلي فقيه وأبو علي معتزلي أيضا فأعجبه هذا التخريج وليس بشي ء لأنه لا يقال كافرة في وصف الرجال إلا تابعا لموصوفها أو يكون محذوفا مرادا أما بغير ذلك فلا يجمع فاعلة على فواعل إلا ويكون للمؤنث."
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Jun 2010, 10:40 ص]ـ
*ذكر التأنيث والتذكير في القرآن المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات والصابرين والصابرات والمنافقين والمنافقات وذكر الكافرين ولم يذكر الكافرات وإنما ورد الكافرين فقط؟ (د. فاضل السامرائي
وردت الكوافر في القرآن (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ (10) الممتحنة) الكوافر أشمل وأعم من الكافرات.
الكوافر أكثر من الكافرات لأنه جمع تكسير والكافرات أقل لأنه جمع قلة، الكافرات دخلت في الكوافر أما المؤمنين والمؤمنات فليس هناك جمع قلة وكثرة.
نحن مضطرون أن نقول المنافقين والمنافقات لكنا لسنا مضطرين لقول الكافرين والكافرات.
الكوافر جمع كافرة تحديداً وهو جمع تكسير جمع كثرة.
جمع منافق منافقون ومنافقة منافقات، جمع ساجد ساجدون سُجّد سجود، هذه ليس فيها اختيار وهذا ما ورد في اللغة العربية.
ميّت جمعها موتى وأموات وميّتون لكن مسلم جمعها مسلمون ليس عندنا اختيار.
يقول العرب إن لم يكن جمع آخر فالجمع السالم يدل على الكثرة والقلة، هذا نص.
http://www.5odary.net/vb/showthread.php?t=23702
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[22 Jun 2010, 10:31 م]ـ
جزى الله الإخوة على مشاركاتهم ..
وقد استفدت منها في تلخيص الآتي، بعد قراءة الدر المنثور والتحرير والتنوير:
= في السياق:
1 - هذا الجمع التكسيري (الكوافر) ورد في سورة الممتحنة ولم يرد في غيرها.
2 - سورة الممتحنة سميت بأمر يتعلق بامتحان النساء ليتبين حكمهن من الإيمان: (المؤمنات) والكفر (كوافر).
3 - السياق الذي وردت فيه الكلمة بهذا الجمع كله في أمر النساء الممتحنات بعد مقدمهم على المدينة مهاجرات.
4 - بدأ هذا السياق بقوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاحرات فامتحنوهن ... ) إلى آخر السورة .. وهو سياق تفصيل لإجمال ما ورد في صلح الحديبية.
5 - جاء ذكر المؤمنات في سياق الأمر (فامتحنوهن)، وجاء ذكر (الكوافر) في سياق النهي (لا تمسكوا .. ).
6 - الأمر بالامتحان يتحقق في المؤمنات ابتداء من القلة حتى لا يتبادر الاستثناء منها، أي: ولو كانت المهاجرات قليلات فامتحنوهن.
7 - النهي عن الإمساك بعصم الكوافر يشمل كل النساء اللاتي جئن مهاجرات لأسباب أخرى غير الإيمان أو كن في مكة، فلا تستثنوا منهن كافرة مهما كانت وأين كانت وكيف كانت .. ولذا طلق بعض الصحابة رض2من تحته من النسوة كعمر رض1، وآجلَ بعضٌ آخر إلى الحول ليطلق ..
= في اللفظ:
لفظ الكوافر يدل على أمور:
1/ أنهن نسوة، وهو ظاهر من السياق بلا عناء، وإن كانت الكوافرُ جزءاً من الكفار.
2/ أنهن كثيرات، لأن فواعل من صيغ الكثرة، وهذا يبين أن شأن الكفر في النساء أكثر، إما من ناحية النوع وإما من ناحية العدد، وعليه الحديث: (إني رأيتكن أكثر أهل النار .. ) و (إنكن لتكفرن العشير .. )، وهذه الكثرة تجعل المؤمنين يتأهبون ويبالغوا في الانتباه من أمر النساء (إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم) .. وهذا الامتحان تحقق في زمن النبيء صل1بالبيعة.
3/ أنها جاءت على صيغة جمع مكسر، ومما يفيده التكسير اختلافه عن صيغة واحِدهِ، فكأنه اختلف في جمعه لما اختلفت أنواع آحاده، بخلافها إذا كان على صيغة جمع السلامة.
4/ أن المعنى الذي تلبست به هذه الكلمة = ذو خطر، وهو الكفر أو الكفران، وهو المعنى الذي يجب أن يتحرر منه المجتمع المسلم أو بمعنى دقيق: الأسرة المسلمة.
5/ والكوافر هن اللائي قصرن عن العمل بالمذكورات في قوله تعالى (((يأيها النبيء إذا جاك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ... فبايعهن))) .. وأمسكن أيديهن عن المبايعة لسبب رفضنه من بنود البيعة. أما المؤمنات فهن اللاتي استكملن ذلك كله من جهة القبول به والمبايعة عليه.
وما التوفيق إلا بالله.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Jun 2010, 11:03 م]ـ
أحب أن أضيف شيئا ربما هو في نظرى السر في العدول عن "الكافرات" إلى " الكوافر"
ألا وهو التناسق اللفظي.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[22 Jun 2010, 11:05 م]ـ
أحب أن أضيف شيئا ربما هو في نظرى السر في العدول عن "الكافرات" إلى " الكوافر"
ألا وهو التناسق اللفظي.
وضح أكثر يا شيخنا الفاضل
ما وجه ذلك التناسق الذي لمحه نظرك الكريم؟
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[22 Jun 2010, 11:08 م]ـ
نعم التناسق اللفظي واختلاف مشارب العقائد عند الكوافر والله تعالى أعلم. رغم ان التناسق اللفظي يكون دوماً لصالح المعنى الذي لا يصلح لفظاً غيره له.(/)
عند بلوغ الأربعين تاب ... هل نمدحه على توبته أو نذمه على ماضيه
ـ[منيب عرابي]ــــــــ[22 Jun 2010, 10:17 ص]ـ
وَوَصَّينَا الإِنسانَ بِوالِدَيهِ إِحسانًا ? حَمَلَتهُ أُمُّهُ كُرهًا وَوَضَعَتهُ كُرهًا ? وَحَملُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثونَ شَهرًا ? حَتّى? إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَربَعينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوزِعني أَن أَشكُرَ نِعمَتَكَ الَّتي أَنعَمتَ عَلَيَّ وَعَلى? والِدَيَّ وَأَن أَعمَلَ صالِحًا تَرضاهُ وَأَصلِح لي في ذُرِّيَّتي ? إِنّي تُبتُ إِلَيكَ وَإِنّي مِنَ المُسلِمينَ ?15?
أُول?ئِكَ الَّذينَ نَتَقَبَّلُ عَنهُم أَحسَنَ ما عَمِلوا وَنَتَجاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِم في أَصحابِ الجَنَّةِ ? وَعدَ الصِّدقِ الَّذي كانوا يوعَدونَ ?16? - الأحقاف
بداية الآية تشير إلى أن الإنسان جحود (حيث أنه لم يشكر ربه ولم يقدر تعب والديه إلا عندما أصبح له ذرية) ثم تدارك نفسه في الأربعين فتاب ودعا ربه فتقبل الله منه وأدخله الجنة.
شعرت أول الآية أن الله عز وجل سيذم مثل هذا الإنسان (مثله كمثل الآيات التي تذكر أن الإنسان جحود بالرخاء وعند المصيبة يعرف ربه ويتوجه إليه أو مثله كمثل الآيات التي تذكر الإنسان الذي يشرك بالله وعندما تموج به السفينة وتضطرب يوحد الله ويدعوه تضرعاً) ... ولكن تبين أن الله مدحه!!
حيث أن الله تجاوز عن سيئاته لأنه دعا ربه وتاب ولو كان بالأربعين.
هل من تفسير جيد يلقي ظلال على هذه الآية من هذا المنظار؟
ولماذا الرقم 40 بالذات؟
عادةً في تلك الفترة (وحتى في زمننا) يصبح الإنسان أباً أو أماً في 25 - 30 إن لم يكن أقل، فلماذا صور الله أن مثل هذا الإنسان لم يتب إلا عندما أصبح عمره 40 سنة؟ هل هناك حادثة معينة نزلت فيها هذه الآية - مثلاً نزلت في شخص تاب على ال 40؟(/)
مجلس إدارة تبيان في أبها، و"قصة رسالة" تستضيف الأستاذ الدكتور فهد الرومي
ـ[تبيان]ــــــــ[22 Jun 2010, 03:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يقوم أعضاء مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه - تبيان - بزيارة لمدينة أبها يومي السبت والأحد 14 - 15/ 7 / 1431هـ، وسيقومون خلال هذه الزيارة بزيارة سمو أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز حفظه الله، كما سيقومون بزيارة لمعالي مدير جامعة الملك خالد.
وسيعقد أثناء هذه الزيارة اجتماع مع رؤساء اللجان الفرعية للجمعية، وسيعقد فرع الجمعية بأبها اللقاء الخامس ضمن سلسلة لقاءات "قصة رسالة". وسيكون ضيف هذا اللقاء فضيلة الأستاذ الدكتور فهد بن عبدالرحمن الرومي - أستاذ الدراسات القرآنية بجامعة الملك سعود، وعضو مجلس إدارة تبيان، حيث سيعرض قصة رسالته للماجستير "منهج المدرسة العقلية في التفسير"، وهي رسالة معروفة متداولة.
وسيكون هذا اللقاء في صالون رقم 1، في فندق قصر أبها مساء السبت القادم 14/ 7 / 1431هـ إن شاء الله تعالى.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[22 Jun 2010, 05:08 م]ـ
بالتوفيق والسداد إن شاء الله تعالى
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Jun 2010, 01:41 ص]ـ
زيارة موفقة إن شاء الله
ونؤمل أن يحصل بسبب هذه الزيارة خير كثير
ونرحب بجميع مشايخنا أعضاء مجلس إدارة تبيان، ونرجو لهم إقامة سعيدة في مدينة أبها.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Jun 2010, 01:40 م]ـ
تم تغيير مكان اللقاء حسب الإعلان السابق بعد التعديل
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
ـ[يسري خضر]ــــــــ[23 Jun 2010, 02:28 م]ـ
ندعو الله أن ينفع بهذا اللقاء كما نفع بتلك الرسالة(/)
هل فى القران مجاز؟
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[22 Jun 2010, 07:37 م]ـ
هناك من يثبت المجاز فى القران ارجوا من الجميع الرد على تلك الامثلة واثبات انها على الحقيقة وليس المجاز وسوف احصر ايات التى يستدل بها اهل المجاز فى القران للرد عليها اخوانى الكرام ارجوا تثبيت الموضوع لانه جد خطير
قالوا فى اية (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) (سورة التكوير:18)، فكأن نسيم الصباح وضوؤه المنتشر نفساً يبعث الحياة في الكون من جديد، فالنفس بالنسبة للصبح استعارة)
ما الجواب على انها ليس من المجاز ولكن على الحقيقة؟
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (سورة الإسراء:24)، وإن لم يكن للذل جناح) ما الرد عليهم؟
سؤال فى الاية الاتية فقد استشكلت على وهو قوله تعالى (كيف نفسر الخيط الأبيض والخيط الأسود من قوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)؟
مع ان الصحابى فهم الاية على حقيقتها وانه خيط حقيقى ولكن الرسول فسر الاية على انها مجاز وقال انك لعريض القفا فهذة اية يقول بها المجازيين على انهارد من الرسول ومن لم يؤتى فهم اللغه وان فهم الايه على الحقيقة قد رد عليه الرسول انه عريض القفا اى قليل الفهم لاساليب اللغة ونزلت الاية لتبين ان المقصود ليس خيط ابيض وخيط اسود حقيقى بل انه استعارة المقصود به سواد الليل وضوء النهار من الفجر
وما معنى المرض في قوله: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً)؟ هل المرض حقيقى ام المقصود به الشك والنفاق؟
وما المقصود بالمعية في قوله تعالى: (فأولئك مع المؤمنين)؟
وقالوا فى (قول الله تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنقك ولا تبسطها كل البسط)
ما معنى هذه الآية؟
هل من يبسط يده يكون آثما؟
وهل من يمد يده إلى عنقه آثم؟
وهو مجاز بيّن) ما الرد عليهم
قال تعالى (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه)
هل للقرآن يدان؟ وخلف؟ وشمال؟ وتحت؟ ......
وهو استعارة واضحة
يقول تعالى (يجعلون أصابعهم في آذانهم) والإصبع لا يقل طوله عن 3 سم في الطفل كما أن الأذن لا تتحمل إدخال شيء طويل كهذا
فهل وضعوا فعلا أصابعهم في آذانهم أم أطرافها فقط
(فبشّرهم بعذاب أليم)
والبشارة إنما يصح التعبير بها في مواطن الخير والكرامة، لا في مظاهر الشدة والعناء، وليس العذاب من مواطن الخير، حتى يبشر به العاصي، ولكنه تعالى أطلقه عليه تجوزا من باب إطلاق اسم الضدين على الآخر للنكاية والتشفي، أو السخرية والتهكم، وكلاهما يأتيان هنا لتأكيد وقوع العذاب دون شك.
الرد عليهم؟
(وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة) إذ المراد بذلك أجساد هؤلاء بقرينة العمل والنصب الذي تؤدي ضريبته الأجساد بتمامها، لا الوجوه وحدها، وإنما عبر عنها بالوجوه باعتبارها جزءا من الأجساد ودالا عليها؟
السببية والمجاورة: مثل استعمال اليد فى النعمة فى قولهم: (كثرت أياديه لدىّ)، (له علىّ يد)، وقوله «أَسْرَعكنّ لُحوقا بى أَطْوَلُكُنَّ يَدًا» وقولة تعالى (اولى الايدى والابصار)
المحلية: ومنها تسمية الشىء الحالّ باسم محله مثل قوله تعالى:] فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ [[العلق:،أى أهل ناديه.
الحالية: ومنها تسمية المحل باسم حالّه مثل قوله تعالى:] وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِى رَحْمَةِ اللَّهِ [[آل عمران: 107]
ما الرد عليهم؟
ـ[فجر جديد]ــــــــ[22 Jun 2010, 08:02 م]ـ
يقول الأخ البراك:
وهو مجاز بيّن ... وهي استعارة واضحة ... وأن النبي صل1 وصف ذلك الصحابي الذي فهم الخيط الأبيض والاسود على الحقيقة وصفه بأنه عريض القفا، وبعد ذلك يطلب من الاعضاء أن يردوا على هذه الأمور البيّنة الواضحة؟!!!
واضح يا أخي الكريم انك لا تطلب الحق، وأنك لست موضوعياً في بحثك، فمن يبحث في قضية ويريد الوصول فيها إلى الصواب، عليه أن يكون متجرداً من كل فكرة مسبقة، فأنت مقتنع أن هذه الآيات التي ذكرتها من باب المجاز، لكنك تريد حججاً تحاجج بها لخصمك لتسكته، حتى ولو خالفت ـ هذه الحجج ـ الحقيقة!!!!!!!!
لماذا تقيد تفكيرك بأمور أنت نفسك غير راضٍ عنها؟ من الذي يجبرك على أن تقول انه لا مجاز في القرآن وانت ترى بوضوح ان هناك مجازا في القرآن؟ أهو إلغاء للعقل أم ماذا؟
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[22 Jun 2010, 08:19 م]ـ
ما الغرابة اخى فى المشاركة كل ما فى الامر انى اتيت بالايات وما يقول به اهل المجاز للرد عليها من المتخصصين وانى اريد الوصول الى الحق ولا اريد الا الحق ولا اريد حجج والاسكات الخصم ولاشىء من هذاولست مقتنع بوجود المجاز فى القران بل انى اعرض الايات واقوال اهل المجاز وكأنى اتكلم بلسانهم كما يفعل الائمة كالرازى فى تفسيرة بعرض الشبة وكأنه يتكلم بلسانهم من باب مجاراة القوم مع انى لست مقتنع بفكرة وجود المجاز فى القران
لان القران حق وكلام الله حق وليس يجوز على الله شىء من الممكن فى اللغة وفى اشعار العرب من المجازات والكناية وغيرها لانه شعر والقران ليس بشعر كما قال الله والقران تحدى الله به العرب وهو فى اعلى الصدق والقول والفصاحة والحقيقة لان تعبيرات كلامة فى اعلى الصدق والحق والحقيقة فاللغة تابعة للقران وليس العكس فنصحح لغتنا من القران لان هناك فى الضرورة الشعرية التعبير بتلك المصطلحات اما القران فلا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[22 Jun 2010, 08:43 م]ـ
بما ان القرآن نزل باللغة العربية فإن اللغة العربية لا تخلو من المجاز. فالمجاز ليس فيه منقصة حتى ننفيها عن القرآن بل العكس فإن في المجاز من المعاني والعبر والبيان ما لا يستغنى عنه في الصور البلاغية. فهوّن عليك يا أخي ولا تتشدد في أمر واقع. فهل يعقل أن الصبح له رئة يتنفس بها وهل صحيح أن الله قد أنبتنا من الارض نباتاً؟ تماماً كما ينبت النبات أم أن الأمر لا يعدو تشبيهاً صورة بصورة؟ وهل فعلاً أن أحداً تبلغ به الوحشية أن يأكل لحم أخيه ميتاً؟؟؟
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[22 Jun 2010, 08:54 م]ـ
نعم اخى اميل الى انكار المجاز وان القران والفاظة على الحقيقة اما اللغة فمحتمل ومن العلماء من قال ذلك مثل الشنقيطى لان القران فوق اللغة العربية ونصحح لغتنا من القران وليس العكس وهناك فى اللغة العربية الاشعار والسجع وغيرها من ذلك وهناك الضرورة الشعرية للقافية والكناية والاستعارات والمجاز وغيرها اما القران فقد نفى عنة الشعر فى ايات كثيرة ولوازم تلك الشعر من مصطلحات والقران نزل بلسان عربى فى نفس الالفاظ والحروف ولكن طريقة الصياغة لتلك الكلمات هو المعجز وصحح كثير من الالفاظ فالقران معجز فى لفظة وحرفة وتراكيبة ونغمة ورسمة وغيرة فهو يختلف اختلافا كليا عن اللغة العربية فى طريقة الصياغة التركيبية للالفاظ
اما بخصوص ما ذكرت من ايات فلا اتقدم بين ايدى العلماء وقد طلبت ذلك بمناقشة الايات واسقاط قاعدة الحقيقة على الايات
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[22 Jun 2010, 09:01 م]ـ
الآن فهمت ماذا تقصد
إنك تعني أن كلام الله تعالى وقوله يؤخذ على حقيقته بشكل عام. إلا إذا كان هناك معنى يدل على تشبيه أو استعارة أو مجاز لغوي فإنه يعود الى الفهم اللغوي في مقامه. اليس كذلك؟؟؟ إذا كنت تقصد ذلك فنعم فالله تعالى مثلاً حينما يقول (إن كيدكن عظيم) فإن ذلك يؤخذ على حقيقته ولا مجال للمجاز فيه. وهذا رأي قوي في حجة وبارك الله بك
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Jun 2010, 09:09 م]ـ
أولاً: أرحب بأخينا الكريم أحمد البراك وأسأل الله له التوفيق والسداد.
ثانياً: أطلب منه التأني في الموضوع، والتفضل بالاطلاع على عدد كبير جداً من الموضوعات نوقش فيها موضوع المجاز في اللغة والقرآن في هذا الملتقى لعله يزداد علماً بجوانب هذا الموضوع ودقائقه. فمناقشة هذا الموضوع لا تكون إلا بالهدوء والسكينة والفهم.
أسأل الله للجميع التوفيق والسداد، وهذه بعض الموضوعات ولو بحثت أكثر لوجدت موضوعات أخرى:
* محاضرة (المجاز في اللغة والقرآن) للدكتور عبدالمحسن بن عبدالعزيز العسكر صوتاً ونصاً ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=13812)
* لماذا رفض ابن تيمية المجاز .... (حلقات) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3280)
وغيرها كثير قبولاً ورفضاً للمجاز فراجعها مشكوراً.
تنبيه بسيط لأخي أحمد البراك: أرجو مراعاة الهمزات وتجنب الأخطاء الإملائية في الكتابة حرصاً على وصول المعاني بشكل صحيح.
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[22 Jun 2010, 09:11 م]ـ
نعم هذا ما اقصدة ولكن ادوات التشبية فى اماكنها وليس فى اماكن يقول بها اهل المجاز انها من التشبية وليس فييها ادوات التشبية ولكن تلك المصطلحات ان كان ورد دليل عليها من القران والسنة فناخذ بها ام غير ذلك فلا،ونفهم الكلمة تبعا للتركيب والسياق التى جاء فيه من السابق واللاحق للتركيبات للجملة تبعا للنظام القرانى واصل اللسان العربى
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[22 Jun 2010, 09:15 م]ـ
حسناً إذاً بارك الله بك. وأرجو أن تطلع على رد فضيلة المشرف على موضوعك فلعلك تراجع الموضوع بطريقة علمية سليمة ممن سبقوك الى مناقشته. ودمت بود
ـ[أبو المهند]ــــــــ[23 Jun 2010, 01:41 ص]ـ
[ QUOTE= عبدالرحمن الشهري;106658] * محاضرة (المجاز في اللغة والقرآن) للدكتور عبدالمحسن بن عبدالعزيز العسكر صوتاً ونصاً ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=13812)* لماذا رفض ابن تيمية المجاز .... (حلقات) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3280) وغيرها كثير قبولاً ورفضاً للمجاز فراجعها مشكوراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
الخير كله في مطالعة الرابطين ـ كما أشار أبو عبد الله والقضية غير قابله للحسم ما دامت السماوات والأرض والله الموفق.
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[23 Jun 2010, 11:23 ص]ـ
نحن نعاني من تشوهات عميقة اسسها الذين يلغون في كتاب الله وقد طالت مفاهيمنا حتى باتت حقيقة الامثال التي ضربها الله للناس لعلهم يعقلون أعجمية ولاتمت الى من يزعمون انهم أهل القرءان بصلة فراحوا ياتون بالبدائل ثم يفسرون كلام الله بالبدائل وبغير اسماءه التي سمى بها الاشياء ثم يقولون لله لانفقه كثيرا مما تقول،
المسالة ابتدأت حين تم نبذ الاسماء والامثال وجيء بالمسميات الاخرى ومن ثم احتجنا للمجاز لينقذنا من التناقض والخلط،
انها عملية تحريف حقيقية للكلم من بعد مواضعه وليست اعتباط او بسبب نقص في الاسماء وسد خلل، انه عبث في نظام واسماء القرءان،
فاذا قال الله وسماها بالامثال فلماذا نرفض تسمية الله ونقول هي مجاز وهي حقيقة وهي تشبيه،
ان فرضية المجاز والحقيقة تنم عن اشكالية مرضية احتاج اليها من بدل دليل الاسماء ونبذها وطلب غيرها،
ان مسالة المجاز وهم مركب على وهم اخر، وهو عدم تسمية الاشياء بمسمياتها وتضييع المفهوم الحقيقي بسبب اللغو، فجيء بحيلة المجاز لتنقذ من الورطة، وكان الاولى بهم الاعتراف بتضييع المفهوم بدل اللجوء الى الترقيع،
ارى ان مجمل الاشكال هي عملية تحريف الكلم عن مواضعه، وعملية ابدال الاسماء والامثال بوصف اخر لايليق بالوصف ولايتفق مع وصف الله له،
فالحقيقة والمجاز كلاهما - وليس احدهما - عملية احتيال لسلب الاسماء عن حقيقتها، فنفي المجاز ليس اجدر من نفي الحقيقة عن الاسماء، وجميعها في التحريف سواء، فلا حقيقة ولامجاز وانما هي اسماء وامثال، ولاحروف ولا كلمات ولا جمل وانما هي اسماء وامثال ايضا، فالمسالة تنحصر في ترك وصف الله للحديث بالاسماء والامثال الى الوصف الاعجمي ب " الحقيقة والمجاز "، فهو وصف لم ينزل الله به سلطان وقول على الله بما لايعلمون، وهو انحراف عن سواء السبيل،
ان كل من؛ ا، ل، ك، م، ل، ن، س، هي اسماء وهي امثال في نفس الحين، وهي ليست حروف كما سماها الذين يحرفون الكلم عن مواضعه بغير سلطان من الله،
فلكل منها اسم خط، واسم صوت، فهي اسماء لها صفة الخط وهي اسماء لها مظهر الصوت،
وان كل من: في، على، عن، الم، كهيعص، هي ايضا اسماء وهي امثال،
وان كل من: احمد، المسيح، يحيى، هي اسماء،
وان كل من: محمد، عيسى، ادم، ابراهيم، هي اعلام احدها عَلَم،
فاحمد والمسيح والقدير هي اسماء لا اعلام، بينما محمد وعيسى وادم هي اسماء اعلام،
وان كل من: يأكل، يكتب، يقتل، .... الخ، هي اسماء ايضا وهي امثال، وهي ليست حقيقة وليست مجاز،
وان كل من: ماء، هواء، ريح، هي ايضا اسماء وهي امثال،
وان: " ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك " هي اسم وهي مثل، وهو ليس حقيقة وليس مجاز،
ان مسالة المجاز والحقيقة هي مجرد حيلة انطلت ودار حولها لغط ولغو كثير يطغى ولايزيد القاريء للقرءان غير ابتعادا عنه ولايقرب فهمه له، فهو من اللغو في القرءان وليس من الاستنباط والفهم في شي، وكان وجب الاقتصار على وصف الله وامثاله وتعريفه للمسميات باسمائها بدلا من هذا الجدل واللغو، والذي يحمل وزره هو من تولى كبره اول مرة ثم من تابعه ولم ينفي ذلك الاختلاق الذي لم يسمه الله ولم ينزل به سلطانا، والذين قالوا على الله ما لايعلمون،
ان عملية التسمية هي عملية وصفية تصف الشيء ولا تقدم جميع حقيقته بل هي تسمي الشيء باحد او ابرز جوانبه ولاتحيط الا بمقدار ضئيل بحقيقته وانما تنفع في الاشارة والاستدلال اليه،
فجميع التعبير سواء الالهي او البشري هي عملية توصيف بالامثال او هي ضرب الامثال وتستخدم الاسماء التي هي في حقيقتها نعت وتوصيف،
فاسم الله يدل ويشير الى الله وهو ليس الله، وكذلك فان اسم الماء يصف جانب بسيط من الماء ولايقدم حقيقة الماء كاملة،
(يُتْبَعُ)
(/)
وعندما تركوا هذه الحقائق التي نجدها في القرءان ببروز وغزارة وأفكوا الحقيقة والمجاز، غطوا على تلك الاسماء والامثال واستعاضوا عنها بالحقيقة والمجاز والتقعيد وامور اخرى لم ينزل الله بها من سلطان، ولن يستقيم الامر حتى نعود الى اصل الاسماء والامثال ونُقبِل بها على القرءان لاجل قراءته،
ان عملية الحسم في مسالة المجاز والحقيقة ممكنة وفقط بعملية التاصيل الجذري ونبذ الاخطاء اللغوية واثبات الحقائق اللسانيةونبذ كل من توصيف الحقيقة والمجاز جميعا والعودة الى الاصيل، واستجلاء عربية القرءان التي وصف الله بها كتابه والتي يعرض عنها بل ينبذها اشد الناس تعالما،
?
ـ[أبو المهند]ــــــــ[23 Jun 2010, 12:03 م]ـ
نحن نعاني من تشوهات عميقة اسسها الذين يلغون في كتاب الله وقد طالت مفاهيمنا حتى باتت حقيقة الامثال التي ضربها الله للناس لعلهم يعقلون أعجمية ولاتمت الى من يزعمون انهم أهل القرءان بصلة فراحوا ياتون بالبدائل ثم يفسرون كلام الله بالبدائل وبغير اسماءه التي سمى بها الاشياء ثم يقولون لله لانفقه كثيرا مما تقول،
المسالة ابتدأت حين تم نبذ الاسماء والامثال وجيء بالمسميات الاخرى ومن ثم احتجنا للمجاز لينقذنا من التناقض والخلط،
انها عملية تحريف حقيقية للكلم من بعد مواضعه وليست اعتباط او بسبب نقص في الاسماء وسد خلل، انه عبث في نظام واسماء القرءان،
فاذا قال الله وسماها بالامثال فلماذا نرفض تسمية الله ونقول هي مجاز وهي حقيقة وهي تشبيه،
ان فرضية المجاز والحقيقة تنم عن اشكالية مرضية احتاج اليها من بدل دليل الاسماء ونبذها وطلب غيرها،
ان مسالة المجاز وهم مركب على وهم اخر، وهو عدم تسمية الاشياء بمسمياتها وتضييع المفهوم الحقيقي بسبب اللغو، فجيء بحيلة المجاز لتنقذ من الورطة، وكان الاولى بهم الاعتراف بتضييع المفهوم بدل اللجوء الى الترقيع،
ارى ان مجمل الاشكال هي عملية تحريف الكلم عن مواضعه، وعملية ابدال الاسماء والامثال بوصف اخر لايليق بالوصف ولايتفق مع وصف الله له،
فالحقيقة والمجاز كلاهما - وليس احدهما - عملية احتيال لسلب الاسماء عن حقيقتها، فنفي المجاز ليس اجدر من نفي الحقيقة عن الاسماء، وجميعها في التحريف سواء، فلا حقيقة ولامجاز وانما هي اسماء وامثال، ولاحروف ولا كلمات ولا جمل وانما هي اسماء وامثال ايضا، فالمسالة تنحصر في ترك وصف الله للحديث بالاسماء والامثال الى الوصف الاعجمي ب " الحقيقة والمجاز "، فهو وصف لم ينزل الله به سلطان وقول على الله بما لايعلمون، وهو انحراف عن سواء السبيل،
ان كل من؛ ا، ل، ك، م، ل، ن، س، هي اسماء وهي امثال في نفس الحين، وهي ليست حروف كما سماها الذين يحرفون الكلم عن مواضعه بغير سلطان من الله،
فلكل منها اسم خط، واسم صوت، فهي اسماء لها صفة الخط وهي اسماء لها مظهر الصوت،
وان كل من: في، على، عن، الم، كهيعص، هي ايضا اسماء وهي امثال،
وان كل من: احمد، المسيح، يحيى، هي اسماء،
وان كل من: محمد، عيسى، ادم، ابراهيم، هي اعلام احدها عَلَم،
فاحمد والمسيح والقدير هي اسماء لا اعلام، بينما محمد وعيسى وادم هي اسماء اعلام،
وان كل من: يأكل، يكتب، يقتل، .... الخ، هي اسماء ايضا وهي امثال، وهي ليست حقيقة وليست مجاز،
وان كل من: ماء، هواء، ريح، هي ايضا اسماء وهي امثال،
وان: " ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك " هي اسم وهي مثل، وهو ليس حقيقة وليس مجاز،
ان مسالة المجاز والحقيقة هي مجرد حيلة انطلت ودار حولها لغط ولغو كثير يطغى ولايزيد القاريء للقرءان غير ابتعادا عنه ولايقرب فهمه له، فهو من اللغو في القرءان وليس من الاستنباط والفهم في شي، وكان وجب الاقتصار على وصف الله وامثاله وتعريفه للمسميات باسمائها بدلا من هذا الجدل واللغو، والذي يحمل وزره هو من تولى كبره اول مرة ثم من تابعه ولم ينفي ذلك الاختلاق الذي لم يسمه الله ولم ينزل به سلطانا، والذين قالوا على الله ما لايعلمون،
ان عملية التسمية هي عملية وصفية تصف الشيء ولا تقدم جميع حقيقته بل هي تسمي الشيء باحد او ابرز جوانبه ولاتحيط الا بمقدار ضئيل بحقيقته وانما تنفع في الاشارة والاستدلال اليه،
فجميع التعبير سواء الالهي او البشري هي عملية توصيف بالامثال او هي ضرب الامثال وتستخدم الاسماء التي هي في حقيقتها نعت وتوصيف،
فاسم الله يدل ويشير الى الله وهو ليس الله، وكذلك فان اسم الماء يصف جانب بسيط من الماء ولايقدم حقيقة الماء كاملة،
وعندما تركوا هذه الحقائق التي نجدها في القرءان ببروز وغزارة وأفكوا الحقيقة والمجاز، غطوا على تلك الاسماء والامثال واستعاضوا عنها بالحقيقة والمجاز والتقعيد وامور اخرى لم ينزل الله بها من سلطان، ولن يستقيم الامر حتى نعود الى اصل الاسماء والامثال ونُقبِل بها على القرءان لاجل قراءته،
ان عملية الحسم في مسالة المجاز والحقيقة ممكنة وفقط بعملية التاصيل الجذري ونبذ الاخطاء اللغوية واثبات الحقائق اللسانيةونبذ كل من توصيف الحقيقة والمجاز جميعا والعودة الى الاصيل، واستجلاء عربية القرءان التي وصف الله بها كتابه والتي يعرض عنها بل ينبذها اشد الناس تعالما،
ليتك أخي أمجد تقوم بمراجعة ما كتبت لدى أحد المتخصصين من المقربين منك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[23 Jun 2010, 12:46 م]ـ
من يرد المجاز كشيخ الإسلام يقولون إن هذه أساليب استخدمها العرب , وإنما ردوا المجاز على من يقول إن الله قد خاطبنا على غير ما نفهم , وهذا الباب فتح باب صرف الصفات عن معانيها الظاهرة ,ولكن من قال بالتأويل على سبيل صرف الصفات خوفا من التشبيه وقع بأمر أعظم منه وهو التشبيه نفسه , لأن المحسنات البديعية لا تكون الا بتشبيه وكناية , وصاحب الكلام الذي استخدم الاستعارة أو الكناية أو التشبيه حقيقة يستخدم معها شيئا من المدح والذم مع وجود امر مشترك وهو التشبيه.
وبذلك لا أجد فرقا بين من ينفي المجاز ويقول هي أساليب للعرب في كلامهم ومن يقول أن العرب استخدمت المجاز ,ولكن الإشكال في إستخدامها في غير محلها أو أن الله خاطبنا بها على قدر عقولنا وهي حقيقة ليست كذلك, وهذا ما يفعله من يؤول الصفات على غير ما فهمه السلف رحمهم الله ,ومثال ذلك أن ابن الاعرابي عندما قيل له عن استوى استولى أنكرها لعلمه أن الإستيلاء يثبت فيه ضعف متقدم على الإستيلاء.
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[23 Jun 2010, 03:18 م]ـ
وانظر هذا الموضوع:
- واسأل القرية. ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=83826)
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[23 Jun 2010, 06:57 م]ـ
اولا ...
يااستاذ عبد الرحمن الرابط الاول للدكتور
محاضرة (المجاز في اللغة والقرآن) للدكتور عبدالمحسن بن عبدالعزيز العسكر صوتاً ونصاً ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=13812)
لقد قراته ورايت ان الدكتور كغيرة يثبت المجاز فى القران ويستشهد باقوال النحاة على ان المجاز موجود فااهل المجاز يسمونه مجاز واهل الحقيقة يسمونه اسلوب من اساليب اللغة العربية ولامشاحة فى الاصطلاح كما قال ابن قدامة ولكن الدكتور يقول ان هناك فى القران مجاز ماعدا ايات الصفات واتى بقواعد من كتب شيخ الاسلام تثبت ان ايات الصفات والفاظها على الحقيقة وليس مجاز
ولكن لى تعقيب على ذلك:
اما القول ان هناك ايات وهى ايات الصفات ليس فيها مجاز ما الدليل على ذلك قال (اهل الحقيقة ومنهم الدكتور) لانه ليس هناك قرينة ولا علاقة اما الايات الاخرى فليس فيها ذلك وهى على المجاز قلت هذا عليه اشكالات فهذا هو التفريق بين ايات الله فالكل كلام الله عزوجل فهل انتم عندما تقولون ان ليس هناك فى ايات الصفات مجاز حتى تخرجون من مأزق التحريف والتاويل فى الصفات ومع ذلك تقولون بان هناك ايات فيها مجاز وتوافقون اهل المجاز فى ايات فهذا تحكم بغير دليل لان من الممكن ان يقول اهل المجاز ما المانع ان يكون فى ايات الصفات مجاز فما انكرتم علينا فيه وقعتم فيه انتم فى ايات اخرى وهو ما نقول به وكما تتفقون معنا ان هناك ايات فيها مجاز لانه هناك القرينة العقلية والعلاقة بين اللفظين مثلا تتفقون معنا فى اية (جدارا يريد ان ينقض) ان الارادة من خصائص الاحياء فهنا مجاز سواء قلتم لفظ مجاز او اسلوب عربى هو المقصود به يميل الى السقوط ولا ارادة للجدار قلنا لكم (اهل المجاز) كذلك فى ايات الصفات هناك القرينة العقلية والعلاقة بين اللفظين فى ايات الصفات مثلا اية (يد الله فوق ايديهم) قرينة عقلية وهى ان الله يمتنع علية صفات الحوادث وهى اليد والا لكنا من المشبة والعلاقة بين اللفظين فى اللغة العربية وشواهدها وهى القدرة او القوة فتصير الاية كذلك (قدرة الله فوق قدرتهم) فلماذا تنكرون علينا المجاز فى ايات الصفات وانتم تقولون بها فى ايات تتفقون معنا فيها لوجود القرينة العقلية والعلاقة فلماذا التفريق يااهل الحقيقة وتقولون ان هناك مجاز فى القران ما عدا ايات الصفات فعلينا ان لانؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض وكما انكر اهل الحقيقة على اهل المجاز تحريفهم لمعنى نصوص الصفات واستدلوا باية (ليدبروا اياته) فان القران لم يفرق بين الايات المتشابة والايات المحكمة فى التدبركذلك قلت (لاهل الحقيقة لافرق بين ايات الصفات والايات الاخرى التى تقرون فيها بالمجاز وتتفقون مع اهل المجاز سواء سميتموها مجاز او اى اسم اخر
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا حجج ممكن يقولها اهل المجاز واشكالاتهم اردت فقط توضيحها فتبين ان القول بوجود مجاز فى القران ماعدا ايات الصفات تكلف بغير دليل وان القران كله على الحقيقة والفاظة فى مواضعها لان اهل الحقيقة انكروا على اهل المجاز تحريفهم الفاظ الصفات عن مواضعها مثل اليهود (يحرفون الكلم عن مواضعة) وقالوا ان ايات الصفات على الحقيقة كذلك الايات الاخرى الله وضع اللفظ فى موضعة ولا داعى لتحريف اللفظ عن موضعة سواء الصفات ام الايات الاخرى
اما الرابط الاخر
* لماذا رفض ابن تيمية المجاز .... (حلقات) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3280) فقد احسن الاخ ابو عبد المعز فى ردة على اهل المجاز وانه ليس موجود فى القران
اما الاخ امجد الراوى فلى تعقيب على كلامة نعم لم يرد لفظ المجاز فى القران او السنة او الصحابة فهم خير القرون ولكن لفظ التشبية وادواته وقع قى القران فى مواضعه بادواته ولا داعى لادعاءالتشبية فى موضع لم يرد فيه ادوات التشبيه واما لفظ الحقيقة فقد ورد فى القران ومشتقاتها فهو لفظ خلاصته فى كتب اللغة هو الشىء الثابت الذى لايتغير فى موضعه مطابق للواقع وكذلك لفظ الاستعارة لم يرد لفظة لا فى القران ولافى السنة ولا اقوال الصحابة حتى ولو ان تلك الاصطلحات انشأت فيما بعد ولكن علينا الالتزام بالالفاظ فى تفسير القران ولانتعدى القران والسنة الصحيحة لانها توقيفية سواء فى الايات المدعو فيها المجاز او فى الصفات
وما احسن كلام الاستاذ مجدى ابو عيشة
اما الاستاذ حسين فقد احالنى على رابط وقد قراته وقد احسن الاخ ابو فهر السلفى فى تحليله للايات وانا متابع له
ولكن ان لايهمنى مناقشة المصلح من عدمة ووجودة فى القران بقدر ما يهمنى تطبيق قاعدة الحقيقة واسقاطها على الايات من الاخوة الكرام لان الامام ابن تيمية قد ناقش مصطلح المجاز ووجودة من عدمة وافاض و اسهب فى الموضوع وناقش امثلة مشهورة ولكنه لم يناقش كل الامثلة المدعو فيها بالمجاز وهذا يعد استقراء ناقص غير تام لان الاستقراء التام هو تتبع الشىء من جميع جوانبه وجزيئاته حتى لايبقى منفذ لاهل المجاز ولامطعن لهم فى الايات وما يدور فى ذهنهم
وقد قلت ان القران ليس فيه مجاز لان القران عربى بلسانى عربى فصيح واما اللغة العربية ففيها الشعر ولوازمة من الكناية والسجع والاستعارة وغير ذلك والقران الله نفى عنة الشعر ولوازمة من باب اولى ويبقى على اهل العلم مناقشة الايات التى يدعيها اهل المجاز التى لم يناقشها ابن تيمية اوغيرة كابن القيم وابن عثيمين والشنقيطى وابن باز
وانى ادعوا الاخ ابو فهر السلفى والاخ مجدى والاخ امجد وغيرهم من يقولون بان القران ليس فيه مجاز لابداء ارائهم فى هذة الايات لان مناقشة الايات هى لب المسالة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Jun 2010, 08:07 م]ـ
ما أَرانا نقولُ إلا مُعاراً= أو مُعاداً مِن لِفظنا مكرورا
ـ[يسعد صباحك]ــــــــ[23 Jun 2010, 08:51 م]ـ
الآن فهمت ماذا تقصد
إنك تعني أن كلام الله تعالى وقوله يؤخذ على حقيقته بشكل عام. إلا إذا كان هناك معنى يدل على تشبيه أو استعارة أو مجاز لغوي فإنه يعود الى الفهم اللغوي في مقامه. اليس كذلك؟؟؟ إذا كنت تقصد ذلك فنعم فالله تعالى مثلاً حينما يقول (إن كيدكن عظيم) فإن ذلك يؤخذ على حقيقته ولا مجال للمجاز فيه. وهذا رأي قوي في حجة وبارك الله بك
أحسنت أخي الكريم
هذا هو المعنى تماماً ,,
وجميعنا يعلم أن المجاز موجود في كاتب الله العظيم
وجوانب عدّة كذلك من أنواع البديع
فلو نظرنا في قوله تعالى (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي) الآية.
لوجدنا أن الآية بها العديد من أنواع البديع
وهذا لايخفى على أمثالكم
أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لكل خير
وأن يرزقنا جميعاً العلم النافع والعمل الصالح
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[24 Jun 2010, 10:04 ص]ـ
اما الاخ امجد الراوى فلى تعقيب على كلامة نعم لم يرد لفظ المجاز فى القران او السنة او الصحابة فهم خير القرون ولكن لفظ التشبية وادواته وقع قى القران فى مواضعه بادواته ولا داعى لادعاءالتشبية فى موضع لم يرد فيه ادوات التشبيه واما لفظ الحقيقة فقد ورد فى القران ومشتقاتها فهو لفظ
والاخ امجد وغيرهم من يقولون بان القران ليس فيه مجاز
ولماذا تسميه التشبيه ولا تسميه ضرب المثل؟؟؟ فمتى نسمي الاشياء بمسمياتها الحقيقة وكما سماها الله بكتابه، ان جميع مافي القرءان ضرب للمثل، من اقل اسم وهو على سبيل المثال؛ ب، س، في، عن، طه، الم، الى اكبر تركيبة او صيغة وهو مثلا؛ " ذلك الكتاب لاريب فيه "، فجميع ذلك امثال، وارجو ان ننظر في مسالة ضرب المثال بشكل اعمق واوسع،
كما انك التفت الى نفيي للمجاز ولم تلتفتت لتفيي للحقيقة ايضا، فليس ثمة حقيقة ولامجاز ولاتشبيه وانما ضرب للمثل.
والقضية منهجية، وليست مسالة تسميات،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[24 Jun 2010, 10:06 ص]ـ
ما أَرانا نقولُ إلا مُعاراً= أو مُعاداً مِن لِفظنا مكرورا
لقد طرحت رايا ليس مكرورا، انه اعادة النظر في المسالة جذريا، واكثر من ذلك؛ ماقبل الجذرياً، اي جذر المسائل التي جرَّت الى مثل هذه المسائل، فلم يكن حديثي مكرورا، ولم اقرأ لاحد مثل هذا الراي فيما سبق لي،
فارى ان المنهجية الخاطئة هي التي ولدت مثل هذه المسألة، المنهجية الخاطئة التي اختلقت الفكرة واعرضت عن تسمية الاشياء بمسمياتها، ان مسالة الحقيقة والمجاز مثلها كثير من المسائل مثل مسالة خلق القرءان لاتعدو كونها خديعة انطلت ولاغير،
وارى ان ليس ثمة حقيقة ولا مجاز، وانما هي اسماء وامثال،
ومن هذا الطريق لن يبقى لتسمية الحقيقة والمجاز اي وجود، ارجو الالتفات للفكرة، والتي مضمونها العودة الى الاسماء التي سمى الله بها الاشياء، فهو لم يسمي الحقيقة ولا المجاز، وانما سمى الأسماء وسمى الامثال،
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[24 Jun 2010, 10:12 ص]ـ
ليتك أخي أمجد تقوم بمراجعة ما كتبت لدى أحد المتخصصين من المقربين منك
انتم المختصين المقربين مني وليس لي سواكم من الجأ اليه، ارجو منك الاهتمام بالمسالة ومناقشتها وارجو منك طرح البديل وتصويب ماأكتب وساكون سعيدا بالنقد اكثر منه بالقبول،
وسأقرأ لك بذهن وعيون مفتوحة، والذي ارجوه هو التحقيق الشديد في كل مايطرح من فكر بشري او حديث حول القرءان من القديم او الحديث، وعلى اساس ان لا احد سوى كتاب الله معصوم من الزلل والخطأ، وعلى اساس ان كل مايكتب حول القرءان هو فكر وفهم بشري قابل للاخذ والرد والتعديل، ومسالتي الاولى التي ارجو ان نحقق فيها هي كل من الاسماء التي سماها اهلها واصطلح عليها ب " الحقيقة والمجاز في اللغة "، وحبذا لو ارفقت بها " مصطلح اللغة " الذي لم ينزل الله به منسلطان وليس لها وجود في القرءان ايضا، فلم لم يتضمنها اللسان العربي المبين اذا،؟
هنالك الاكثر من الاسماء ومفاهيمها بحاجة الى التاصيل وردها الى الاصل بعدما اختلطت المفاهيم مما انعكس سلبا على قراءتنا لكتاب الله، فصرنا نتحدث ونفهم بلسان ونقبل على القرءان الذي لسانه لايتفق مع لساننا الاقليلا، فبالتحقيق يحق الحق ويبطل الباطل،
فهيا بنا الى التحقيق، وويل للمطففين.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[24 Jun 2010, 11:00 ص]ـ
هل ستنكر مصطلحات (الإخفاء الشفوي -الإظهار الحلقي - الروم) أم ستثبتها رغم أن القرآن والسنة لم يثبتاها؟
هل عندك (عام مخصوص- وعام أريد به الخصوص) أم أنها حيلة انطلت على السابقين قروناً وسنتنبه نحن لها الآن؟
ما الذي عندك من (اللسان العرب المبين) حتى تعرض رأيك بهذه القوة و بهذا العنف وبهذه الثقة؟
أسئلة أتمنى أن تعطينا جواباً لها حتى نستطيع مساعدتك فقد طلبت المساعدة
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[24 Jun 2010, 11:59 ص]ـ
الحقيقة والمجاز موضوع قديم فهل له من جديد؟؟
الحقيقة والمجاز مسألة مظلومة في علم مظلوم!! على أنها من خصائص لغة العرب!
أما أن العلم الذي يدرسها قد ظلم، وهو علم البلاغة، فظاهر كل الظهور .. حتى قيل بحق إنه: "علم لم ينضج ولم يحترق" .. بل إنه تجمد عند ذلك الحد من قلة النضج.
فنحن في هذا العلم لكأننا نأكل أكلا غير نضيج .. ونحاول أن نقنع البشر بأنه سائغ للشاربين وصبغ للآكلين!! ..
ووجه الظلم في هذه المسألة أن المسألة ظلمت في اتجاهين:
الاتجاه الأول: (التقديس) اتجاه من نظر إليها على أن الكلام كله لا حقيقة له قابل للتأويل والتزييف والتحريف ... إلخ.
والاتجاه الثاني: (الإلغاء) اتجاه من نظر إليها على أن الكلام كله لا مجاز فيه غير قابل لثنائية الفهم وإنعام النظر وتدبر التأويل وحمل على أحسن الوجوه ... إلخ.
وبين الإلغاء والتقديس ضاعت خاصية المسألة في لغة العرب وحل محلها الشقاق البعيد والكبير في كيفية الدخول إلى المسألة .. وتنوسيت ثمرة المسألة إلا قليلاً.
وهذا الشقاق البعيد لا يفيد في تصور المسألة التي نحن متلبسون بها في فهم آيات الكتاب (وهو حمال أوجه) وآثار السنة وشواهد اللسان العربي.
ولو كانت الأجواء أهدأ لأثبتنا أن هناك ثنائية في التعبير، مدارها على المتبادر القريب (الحقيقة/ المجاز) والمتبادر البعيد (المجاز/ الحقيقة)، ولا مشاحة في الاصطلاح.
ولو كانت الأجواء أهدأ لأمكن نقاش الفائدة البلاغية لهاتين الآلتين / الطريقتين اللتين كان الكلام العربي وهو يستعملهما في التعبير يبدع - بشرياً - ويعجز - إلهياً - ويأخذ بالألباب ولا يرسلها إلا وقد وضحت لها الفكرة إلى درجة البهجة والخشوع (إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ... ). وإن من البيان لسحراً.
ولو كانت الأجواء أهدأ لأمكن أن نتجاوز دائرة اللفظ المفرد إلى دائرة أوسع وهي التركيب بكماله ..
لأمكن استئناف البحث من بعد عبد القاهر والزمخشري بما يخدم الفهم المطلوب ..
" لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة "
كانت هناك ثنائية في الفهم: منهم من صلى في الطريق إلى بني قريظة، ومنهم من لم يصلّ إلا في محلة بني قريظة.
ولم ينكر النبيء على أحد من الفريقين لأنه أخذ بوجه سائغ.
كيف تحول الأمر من السعة إلى ما نرى من ضيق؟؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[24 Jun 2010, 01:14 م]ـ
هل ستنكر مصطلحات (الإخفاء الشفوي -الإظهار الحلقي - الروم) أم ستثبتها رغم أن القرآن والسنة لم يثبتاها؟
هل عندك (عام مخصوص- وعام أريد به الخصوص) أم أنها حيلة انطلت على السابقين قروناً وسنتنبه نحن لها الآن؟
ما الذي عندك من (اللسان العرب المبين) حتى تعرض رأيك بهذه القوة و بهذا العنف وبهذه الثقة؟
أسئلة أتمنى أن تعطينا جواباً لها حتى نستطيع مساعدتك فقد طلبت المساعدة
حياك الله اخي محمد نصيف، وشكر الله لك مد يد العون،
كان ينبغي ان نبدأ من الاسسس والمسائل البسيطة، وكان ينبغي ان تقر لي كثير من الامور التي لاينبغي الاختلاف فيها والتي وردت في مداخلاتي، وهي مسائل اساسية، ولاينبغي ان نخالف تلك الاسس، خذ مثلا التسمية، لماذا يسمون الاشياء بغير اسمائها التي سماها الله؟؟؟؟ فالتسمية التي لابد ان يكون لها جذر وتوابع فكرية والخلل فيها يؤدي الى خلل اكبر وهكذا حتى ينمو الخلل الى ان يكون انحراف وتحريف، فالتسمية ليست علامة ترميز وانما هي تحمل موضوع وفكرة، واذا فلابد ان هنالك مشاحة ومؤاخذة في الاصطلاح وفي نبذ الاسماء التي سماها الله،
ولنبدأ وناخذ جانب اكثر تفريعا، وارجو ان تجبني عليه؛ لماذا يسمون؛ " اللغة " في حين ان الله اسماها اللسان؟
ولماذا يسمونه؛ " التشبيه "، و" المجاز "، و" الحقيقة "، ولم ياخذوا بالاسم الحق؛ " الامثال "، الا تعد ذلك تحريفا للكلم عن مواضعه؟
ان كل من؛ " العربي "، و " العربي المبين "، و " بلسان عربي مبين " هي توصيفات لكتاب الله حصرا ومن غير شريك له في هذه التوصيفات، واما غيره فهو " لسان " و " لسان الرسول " الذي يسر الله به القرءان، و" لسان قومه "، و " لسان الاخرين " وهكذا،
واما ثقتي بما اطرح وبقوة فهذا ما استقرت اليه نفسي بعد بحث ونظر، ومع ذلك انا اطرحه للبحث والتحقيق، وكما ان ماوجدناه فيما سبق لنا ينبغي ان يكون خاضعا للبحث والتحقيق،
واما المسلمات السابقة وما تواطأ عليه الاولون فارى انه لا انت ولاغيرك يمكن ان يحكم لها بانها معيارا للحق، الا ان اردت ان تخالفني الراي!!!
واما اسالتك الباقية فلها جميعا اجوبة سارجيء النظر فيها ولها تداخلات كثيرة ومتشعبة، فينبغي ان يكون البحث والتحقيق تدريجيا ولنبقى قريبين من الموضوع،
والسلام عليكم.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 Jun 2010, 01:59 م]ـ
للفائدة ..
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=12537
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[24 Jun 2010, 04:40 م]ـ
"الأمثال" جزء من وسائل التشبيه القرآنية .. أو قل: هي جزء من طرائق نقل الصورة الأوضح إلى المخاطب.
والأمثال من قبيل التشبيه التمثيلي الذي يشبه صورة مركبة خفية بصورة مركبة واضحة.
وليس كل تصوير تعبيري يكون بالأمثال.
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[24 Jun 2010, 05:04 م]ـ
الاخ امجد الراوى كيف بقولك ان القران كله أ مثال القران كله حقيقة ولا استعارة فيه ولامجاز ولاخيال
اما لفظ الحقيقة والمثال وتلك المصطلحات فقد ورد لفظ الحقيقة فى القران بجميع مشتقاته وكذلك لفظ المثل فاذا اراد الله التشبيه والتمثيل فانه يقول صريحا (مثل) (كمثل) كاف التشبيه) فى مواضعها وكذلك لفظ الحقيقة ورد فى القران اما تلك المصطلحات الاستعارة والكناية والمجاز لم يرد وانا لا اعنى لفظ الحقيقة انه مقابل للمجاز، كلا لا اريد ذلك بل ان القران كله حقائق
ولكن علينا النظر فى السياق للكلمة وهى الجمله وليس مفرد اللفظ بل ما تحف بتلك الجملة من قرائن فى السياق فى التركيبة القرانية فى النظام القرانى والنظر الى اصل اللسان العربى من منظور قرانى اليس السياق هو الذى يحدد المعنى اذ القران يفسر بعضه بعضا والسياق احد هذا البعض فعلينا استنطاق الايات بدلا من الاستنطاق عنها
واضرب مثلا يبين ضعف المجاز فى اية (ناصية كاذبة خاطئة) (العلق:16) نجد ان اهل المجاز قالوا ان الاصل فى الكذب هو اللسان على الحقيقة لان الكذب والخطأ من خصائص الاحياء والنسبة الى الناصية مجاز من اطلاق البعض والمقصود به الكل فصار الامر مجاز فى مجاز ونسوا هؤلاء ان الناصية مكانها فى حى وهو الانسان ولكنهم لم يعقلوا نسبة الكذب والخطأ للانسان فقالوا كاذب فى اقوله خاطىء فى افعاله فجعلوا المجاز حتى منصب على الانسان نفسه وحتى على الجماد وعلى النبات والحيوان ولكن لهم اجرهم جزاهم الله خيرا
ولقد اثبت الان العلم واصبح حقيقة علمية ثابتة واصبح الامر حقيقة فى حقيقة وان منطقة الكذب والخطأ فى النواصى فى القشرة الامامية للمخ
فانى ادعوا الاخوة وعلى راسهم الاخ ابو فهر السلفى مناقشة الايات وانى لا اتقدم بين يدى الاخوة حتى يدلوا بدلوهم جزاكم الله خيرا وارجوا الدخول فى الموضوع وعد م التشعب اكثر من ذلك لاثبات وجود المجاز من عدمه فى القران ومناقشة المصطلح ولكن التطبيق على الايات هو لب المسالة والاجابة على كل اية وما يشكل على اهل المجاز لبيان حقيقة الايات اما مناقشة المصطلح من عدم وجودة سيؤدى الى شد وجذب فى الموضوع ويتشعب منا وندور فى حلقة مفرغة لانهاية لها
ارجوا مناقشة الايات بموضوعية وعدم التشعب اكثر من ذلك وجزاكم الله خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فجر جديد]ــــــــ[24 Jun 2010, 05:57 م]ـ
فهمت من مشاركاتك أخي الكريم أنك تتهم من استخدم ألفاظاً لم ينزل بها القرآن الكريم بأنه (يلغو) في كتاب الله،
وأن هذا يعتبر تحريفاً لكلام الله، ومن ضمن هذه الألفاظ كلمة (اللغة)، وان الاصل ان يقال (لسان).
فماذا نقول لشيخ المفسرين الطبري الذي كانت إحدى مقدمات تفسيره بعنوان: "القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب"؟
هل نقول له بأنك تلغو في القرآن وتحرف الكلم عن مواضعه؟
ما رأيك يا أخي بما جاء في تفسير الطبري؟
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[24 Jun 2010, 06:59 م]ـ
"الأمثال" جزء من وسائل التشبيه القرآنية .. أو قل: هي جزء من طرائق نقل الصورة الأوضح إلى المخاطب.
والأمثال من قبيل التشبيه التمثيلي الذي يشبه صورة مركبة خفية بصورة مركبة واضحة.
وليس كل تصوير تعبيري يكون بالأمثال.
هل لا ترى فرق بين المِثْل والشبيه؟
لاحظ الفرق بين المِثْل والشَبَه:
{وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} البقرة23
{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} النساء157
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[24 Jun 2010, 07:06 م]ـ
المثل أكثر مطابقة للواقع من الشبه
وهذه خصوصية في المثل .. ولذا كان المثل جزءاً ..
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[24 Jun 2010, 07:06 م]ـ
فهمت من مشاركاتك أخي الكريم أنك تتهم من استخدم ألفاظاً لم ينزل بها القرآن الكريم بأنه (يلغو) في كتاب الله،
وأن هذا يعتبر تحريفاً لكلام الله، ومن ضمن هذه الألفاظ كلمة (اللغة)، وان الاصل ان يقال (لسان).
فماذا نقول لشيخ المفسرين الطبري الذي كانت إحدى مقدمات تفسيره بعنوان: "القول في اللغة التي نزل بها القرآن من لغات العرب"؟
هل نقول له بأنك تلغو في القرآن وتحرف الكلم عن مواضعه؟
ما رأيك يا أخي بما جاء في تفسير الطبري؟
خطأ هائل وقاتل - في حال التساهل وغض الطرف - على اقل تقدير،
راجع هذا الحوار:
القسيس ولغة القرءان
http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=99216
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[24 Jun 2010, 07:30 م]ـ
الاخ امجد الراوى كيف بقولك ان القران كله أ مثال القران كله حقيقة ولا استعارة فيه ولامجاز ولاخيال
?
يا اخي فك الترابط بين الشبه والمثل،
شَبَه الحق ليس حق، وشبه الشيء ليس الشيء، كقوله تعالى:
{وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً} النساء157
بينما مثل الشيء يكاد يقترب ان يكون هو كقوله تعالى؛
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ} البقرة228
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[24 Jun 2010, 09:16 م]ـ
يااخى امجد ليس هناك اختلاف بيننا فنحن متفقون على ان هناك فرق بين الشبه والمثل فى النظام القرانى فلا ترادف فى القران
قال ابو هلال العسكرى فى كتابه الماتع فى الفروق اللغوية (
الفرق بين الشبه والمثل: أن الشبه يستعمل فيما يشاهد فيقال السواد شبه السواد ولا يقال القدرة كما يقال مثلها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليس في الكلام شئ يصلح في المماثلة إلا الكاف والمثل، فأما الشبه والنظير فهما من جنس المثل ولهذا قال الله تعالى " ليس كمثله شئ " فأدخل الكاف على المثل وهما الاسمان اللذان جعلا للمماثلة فنفى بهما الشبه عن نفسه فأكد النفي بذلك) فهناك فرق بينهما لا انكر ذلك
فهناك الفاظ التشبية والفاظ المثل وهناك ادوات التشبية وهذا كله لاينكرة احد كذلك لفظ الحقيقة ومشتقاته موجودة فى القران
ارجوا عدم التفرع اكثر والدخول فى الموضوع ومناقشة الامثلة ...... ؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[24 Jun 2010, 10:00 م]ـ
مادام أن الكلام "ببلاش "كما يقولن والأمر مكرور فلا مانع من المشاركة ربما خرجنا بفائدة جديدة:
قالوا فى اية (وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) (سورة التكوير:18)، فكأن نسيم الصباح وضوؤه المنتشر نفساً يبعث الحياة في الكون من جديد، فالنفس بالنسبة للصبح استعارة)
الجواب:
الصبح يتنفس على الحقيقة كما قال ربنا وتعالى، لكن هل تنفس الصبح كتنفس الآدمي؟
تنفس الآدمي خروج النفس من صدره، وتنفس الصبح ظهوره وانتشاره.
*
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (سورة الإسراء:24)، وإن لم يكن للذل جناح ما الرد عليهم؟
الجواب:
الذل ليس له جناح، ولكن الجناح يوصف بالذل، فهو من باب إضافة الشيء إلى صفته.
والإنسان له جناح كما قال ربنا تبارك وتعالى لموسى: (وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى) سورة طه (22) والجناح هو الجنب.
والجنب يعبر الإنسان من خلاله عن مشاعره، فإذا لان وتواضع قيل فلان لين الجنب، وإذا ترفع واستكبر: نأى بجنبه، وكل هذا في القرآن، قال تعالى:
"وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ" الحجر من الآية (88)
وقال:
"وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ" سورة الإسراء من الآية (83)
فالمقصود من الآية:
اخفض لهم جانبك متذللا لهما رحمة بهما.
*
"حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ"
العرب تسمي النهار الخيط الأبيض
وتسمي الليل الخيط الأسود
وما كان الله ليخاطب الناس بما لا يعرفون، ولكن لا يلزم أن يعرف جميع الناس هذا الاستخدام، وكان عدي بن حاتم واحد من أولئك الذين لا يعرفون هذا الاستخدام، والدليل أنه لم يروى عن غيره من الصحابة أنهم استشكلوا الأمر.
قال أبو د} اد الإيادي:
فَلَمّا أَضاءَت لَنا سُدفَةٌ وَلاحَ مِنَ الصُبحِ خَيطٌ أَنارا.
*
"فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ"
المرض نوعان: مرض حسي ومرض معنوي.
والعرب تعرف ذلك يقول سعية بن غريض:
أرميهمُ بالأذى حتى تخالُهُم مرضى سُلالٍ وما بالقوم من مرضِ
فمرض القلب على الحقيقة فالقلوب تمرض وكذلك النفوس، ومرضها يكون بتخبطها وعدم استقرارها واستقامتها.
*
"فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ"
وكذلك المعية نوعان: معية حسية ومعية معنوية حكمية، والحسية معروفة: تقول فلان يمشي مع فلان.
والمعنوية: تقول فلان مع فلان في فكره وتوجهه وهذه معية حقيقة أيضا.
فقوله تعالى:
"إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا" المائدة (146)
مع المؤمنين: أي لهم نفس الحكم في الدنيا ونفس المصير في الآخرة.
*
"وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ"
سياق الآيات يدل على المعنى المراد، فالحق تبارك وتعالى يتحدث عن الإنفاق، فالذي يمسك ولا يُنفق ولا يعطي كل ذي حق حقه فيده مغلولة غلا معنويا حقيقيا، والذي ينفق المال كيفما اتفق فهو باسط يده بسطا معنويا حقيقيا، وكلا الصورتين مذمومة كما أن جعل اليد مغلولة حسيا إلى العنق أمر مكروه مذموم لغير حاجة وكذلك بسطها على خلاف فطرة الله في استعمال اليد أمر مكروه.
*
"لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ"
"بين اليدين" تعبير عن جهة الأمام، وهو تعبير عن الجهة، والجهة معتبرة في الأمور المعنوية كما هي في الأمور الحسية، تقول نظرت في الأمر من كل الجهات.
*
"يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ"
وهذه حقيقة ولا أحد يفهم من جعل الأصبع في الأذن إلا طرفها.
هذا الجواب عن بعض ما أورده أخونا البراك من أمثلة ولعلي أقف على البقية فيما بعد.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[24 Jun 2010, 10:26 م]ـ
أبا سعد والكلام للجميع
إذا تجاوزنا (الحقيقة والمجاز) كمشكلة عقدية تتعلق بمسألة الصفات الحسنى لدى بعض، وليست لغوية في رأيي الكليل، وانتقلنا إلى النص بكماله لوجدنا الآيات ذات الشأن تصور لنا حقائق الوجود أبدع تصوير، هو عين الحقيقة المرادة بمعناها القرآني الجميل:
(اشتعل الرأس شيباً): فيها منظر الشيب الذي انتشر في كل أرجاء الرأس انتشار النار في الهشيم، مع بشاعة منظر النار في الهشيم وجمالها في شيب الرأس.
(وفجرنا الأرض عيوناً فالتقى الماء على أمر قد قدر): منظر الماء المتدفق من تحت ومن فوق متزامنا مع الركوب في السفينة وغرق القوم وارتفاع الموج .... كأنك تشاهد الأمر العقابي والنجاة لنوح ومن معه ..
(والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس) منظر الليل المقبل كأنه يخنق أنفاس النهار، ويعقبه النهار الذي ينفس ذلك الاختناق!. تخيل هذه الصورة الجميلة ساحر للألباب معجز للمنافسين المعاجزين ..
وهكذا ..
هذه هي الثمرة التي ينتفع بها قارئ هذه النصوص .. أما الخوض في نفي قاعدة اصطلاحية مهما بلغ ذكاء النافي وبهلوانيته الجدلية .. فلا ينفي وجود الظاهرة في واقع اللغة ..
محاول نفي هذه الظاهرة كناطح صخرة!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[24 Jun 2010, 11:43 م]ـ
جزاك الله خيرا اخى الغامدى وارجوا منك شرح الايات الاخرى ولكن ارجوا بالتفصيل
وسؤال للاخ عصام هل شرحك للايات على الحقيقة ام لا؟
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[24 Jun 2010, 11:46 م]ـ
شرحي للآيات على الحقيقة بمعناها القرآني الواسع (الشامل للحقيقة ومقابلها الاصطلاحي).
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[25 Jun 2010, 12:33 ص]ـ
شرحي للآيات على الحقيقة بمعناها القرآني الواسع (الشامل للحقيقة ومقابلها الاصطلاحي).
هل شرحك للايات على الحقيقة ومقابلها الاصطلاحى وهو المجاز معا على الحقيقة والمجاز هل مافهمته صحيح
مع ان شرحك للايات يبدوا وكانة كالتشبيه والمجاز التى يقول به اهل المجاز وليس الحقيقة بل بتصوير الايات وكأنه ضرب مثلا وتشبيه الصورة وتقدير محذوفات وهو لفظ الشيب وهو تشبية الاشتعال بالشيب وهو قول اهل المجاز
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[25 Jun 2010, 12:55 ص]ـ
دعك من النفي والإثبات الذي لن يفيد في رأيي
" اشتعل الرأس شيباً " انظر إلى التركيب بكماله = صورة رأس النبيء زكرياء عليه السلام وقد شاب رأسه على صورة تشرحها الآية الكريمة:
اشتعال + رأس + شيب = صورة بديعة = تقدير حقيقة عمر زكرياء.
لم أقدر محذوفات، وهو جائز لغة وشرعاً في موطنه، ولم أضرب أمثالاً، ولا عيب فيه أبداً.
لم أفعل شيئاً مما ذكرته يا أخي في هذه الآية ..
بل لم ألتفت إلى محل نزاعك (حقيقة / مجاز) الذي أراه من العقم بمكان يصرفني عن تأمل كتاب الله تعالى ..
بل قلت:
(الحقيقة بمعناها الواسع)
أي الحقيقة التي تخدمها كل أدوات اللغة العربية وخصائصها التعبيرية والتخييلية والتصويرية؛ لتوصيل / تبليغ / تبيين الصورة إلى الذهن المخاطَب واضحة جلية ساحرة آسرة ..
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[25 Jun 2010, 01:51 ص]ـ
مسائل في المجاز (14) نقض استشهادهم بقول الله: ((واشتعل الرأس شيباً)) ... ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=12025)
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[25 Jun 2010, 01:49 م]ـ
ليس في هذا الرابط ما ينقض شيئاً مما ذكرته أنا على الأقل ..
فلم أوردته؟
وأرجو أن تدلنا على ما زعمت بالنقل هناك .. دونما إحالات إلى عشرات الصفحات ..
مشكور
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[25 Jun 2010, 02:50 م]ـ
بارك الله فيكم؛ فقط أردت الإرشارة للموضوع للفائدة، ولصلته بنقاشكم، ولست طرفا فيه.
ولم أقصد فضيلتكم دون غيركم بهذي الإشارة. نفع الله بكم.
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[26 Jun 2010, 03:09 ص]ـ
اخى عصام اولا لايصح تطبيق الحقيقة والمجاز فى اية واحدة معا لان تعريفات الحقيقة والمجاز متعارضان والايات لاتقوم على الخيال بل الحقيقة
ولاداعى للدخول فى تعريفات الاستعارة لانها متعارضة مثل المجاز ولان الاستعارة صنف من المجاز وكما جئت بمثل من قبل وبينت فيه ان الاية على الحقيقة وانها حقيقة علمية وهى اية (ناصية كاذبة خاطئة) فكذلك فى المثال التى ذكرة الاخ حسين (:? وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ? (مريم: 4) فسوف ابين حقيقة الاية وانها ليس فيها مجاز بل على الحقيقة
واللفظ المجاز عندهم هو (اشتعل) قالوا هي أن كلمة اشتعل استعيرت لشيءٍ لم يعرف بها , وهو الشيب , من شيء قد عرف بها و وهو النار , والشيب لا يشتعل بزعمهم و يقولون: إن لفظ اشتعل وضع في أصل اللغة للنار , فهو حقيقة في النار , مجاز في غيرها , وهو يدل على أن النار من غير قرينةٍ , ولا يدل على غيرها إلا بقرينة بزعمهم وقالوا (حيث كان الأصل أن يقال: (واشتعل شيبُ الرأس)؛ وإنما قلب للمبالغة، فقيل: (واشتعل الرأس شيبًا)، فأسند الاشتعال للرأس في اللفظ، وهو في الحقيقة مسند للشيب في المعنى) وهنا اخطاء حيث قالوا الاصل وجعلوا كلام الله فرع والاصل كلام البشر وليس هناك قلب ولامبالغة لان المبالغة للتهويل بل كل لفظ فى مكانه ولكن اسند الشيب للراس ولم يسند للشعر لحكمة وهى ان الراس فيها مادة الميلانيين المسؤلة عن الشيب وليس فى الشعر بل فى جلد الرأس فالاصل الراس والفرع الشعر وهم جعلوا العكس وافاد اللفظ وهو الاشتعال وكلمة الراس على الاستغراق والشمول، وأن الشيب قد شاع في الرأس كله، وأخذه من نواحيه، وعم جملته، حتى لم يبق من السواد شيء
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا المعنى لا يمكن أن يفهم لو قيل: (اشتعل شيبُ الرأس)؛ بل لا يوجب اللفظ- حينئذ- أكثر من ظهور الشيب في جانب أو أكثر من جوانب الرأس. ويبين لك ذلك أنك تقول: (اشتعل البيت نارًا)، فيكون المعنى: أن النار قد وقعت في البيت وقوع الشمول، وأنها قد استولت عليه، وأخذت في جميع أطرافه ووسطه. وتقول: (اشتعلت النار في البيت)، فلا يفيد ذلك المعنى الذي أفاده الأول؛ بل لا يقتضي هذا أكثر من وقوع النار في البيت وإصابتها جانبًا منه أو أكثر واسند الاشتعال الى الرأس ايضا لان
إن (الرأس) هو مكان الشعر ومنبته، فأسند إليه الاشتعال، ولم يسند إلى الشعر؛ لأنّ الرأس لا يعمُّه الشيب إلا بعد أن يعمّ اللّحية والشاربين غالبًا، فعموم الشيب في الرأس أمارة التوغل في كبر السن؛ ولذلك يقال للشيب إذا كثر جدًّا: (قد اشتعل رأس فلان)، و (شاب رأس فلان)
. فخُصَّ (الرأس) في ذلك كله بالشيب دون (الشعر)؛ لأن الرأس هو آخر ما يشيب من شعر المرء، وهو أمارة التوغل في كبر السن كما تقدم. وهذا المعنى لا يفهم من قولنا: (اشتعل شعر فلان)، أو (شاب شعر فلان)؛ لأن شيب الشعر قد يكون عن كبر في السن، وقد لا يكون. ثم إن قولنا: (شاب شعر فلان) ليس نصًّا في شعر الرأس؛ لأنه يشمل شعر الرأس، وشعر اللِّحية، بخلاف قولنا: (شاب رأسه)، ويدلك على ذلك قول الله عز وجل:? وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ? (البقرة: 196)، وقوله تعالى:? وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ ? (المائدة: 6)، فنهى سبحانه في الأول عن حلق الرؤوس مقيَّدًا ببلوغ الهدي محله، وأمر في الثاني بالمسح بالرؤوس. فلو قيل: (ولا تحلقوا شعوركم)، و (امسحوا بشعوركم)، لأفاد الأول النهي عن حلق شعر الرأس مع شعر اللحية والشاربين، وأفاد الثاني الأمر بمسح شعر الرأس، مع شعر اللحية والشاربين
وقالو ايضا اهل المجاز: وإنَّما هو اشتعل الشيبُ في الرأس وهذا القول ناتج عن لبسهم في فهم معنى " اشتعل", و نحن نسأل القارىء: هل تشعل السراج بالنار أم تشعل النار بالسراج؟ العبارة الأولى هي الصحيحة، لأنَّ النار لا تشتعل فهي نفسها شعلةٌ فهل يصحّ أنَّ تقول: (أشعلُ الشعلة)؟! إنَّمَا هم قد ظنّوا أنَّ النار تشتعل! وصحّ عندهم القول (اشتعلت النار في دار فلان)، وإنَّما هو: (اشتعلت دار فلان بالنار). وعليه فإنَّ الرأس هو الذي يشتعلُ شيباً لا العكس، والأمر كما ذكره الله تعالى لأَنَّه شبّه الشيبَ بالنار ولم يكن التشبيه للرأس. كلُّ هذا ونحن معهم على أنَّه تشبيهٌ! بينما هو في الحقيقة لا تشبيهٌ لأنَّ الاشتعال كما جاء في المقاييس: "الشين والعين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على انتشارٍ وتفرُّق في الشيء الواحد من جوانبه" اهـ ولا يخص في إطلاقه النار وحدها بل هو عام يشمل أي انتشار سريع في شيء ما. ولذلك كانت الضرورة تقتضي ذكر المفعول دوماً فنقول: (اشتعلت دار فلانٍ ناراً أو بالنار) لأنَّها ممكن أنَّ تشتعل بأيِّ شيءٍ آخرٍ له القدرة على الانتشار والسريان في كلّ الأجزاء بحيث تتغير الصورة المنظورة كما لو (اشتعلت بالفتنة) أو غير ذلك وهذا رد عليهم لماذا اسند الاشتعال الى الراس وليس الى الشعر على عكس مايقول اهل المجاز ولكن ذلك اصبح حقيقة علمية واقعية فمن المعروف في علوم الطب ان تغير لون الشعر نحو البياض مع التقدم في العمر انما يعود لتناقص مادة الصبغة في الجلد والمعروفة بالميلانين ولكن ما كان غير معروف عند المختصين هو لماذا تنقص مادة الميلانين مع الشيخوخة. قبل اسابيع قليلة نقلت وسائل الإعلام العامة والمختصة خبر توصل عدة فرق من العلماء في المانيا وبريطانيا متخصصة بمجالات مختلفة مثل الفيزياء الحيوية والمحاكاة الالكترونية لسبب نقص مادة الميلانين. وقد استخدمت احدث الطرق والاجهزة المتوفرة لفهم السلسلة الكيميائية المعقدة وراء التغير المذكور وشيب الشعر. مختصر الاستنتاج العلمي هو ان المادة الكيميائية ماء الأوكسجين او هيدروجين بيروكسيد تزداد مع التقدم بالعمر في جسم الإنسان فلا يستطيع الجسم تفتيت هذه الكمية الكبيرة الى المكونات الأساسية. نتيجة لذلك يقوم الهيدروجين بيروكسيد بأكسدة جزء من مادة تيروسيناز فلا تقوم هذه الأخيرة بانتاج صبغة الشعر الميلانين. فالأكسدة المذكورة هي السبب المباشر لشيب الشعر وكما هو معروف فأن الأكسدة والاحتراق او الشعل هما تسميتان لنفس العملية. فسبحان الله الذي اعلمنا بهذه الحقيقة العلمية قبل الف واربعمائة سنة وما اقوى الحجج التي اسند الله بها رسالة عبده محمد عليه وعلى رسل الله قبله السلام. فالقرآن الكريم عودنا بان يذكر اصعب الحقائق العلمية بكلمات قليلة معجزة وما ادق القرأن في ذكر هذه الحقائق فانظروا كيف ان القرآن يذكر ان الرأس احترق شيباً ولم يقل بان الشعر احترق شيباً. فظاهراً يرى الإنسان بان الشعر يتغير لونه وواقع الحال فان الاحتراق او الأكسدة تتم داخل الجسم وهذا ما احتاج عشرات العلماء المزودين باحدث الاجهزة لوقت طويل من البحث العلمي لمعرفته فتبن ان لفظ الاشتعالى فى مكانه ولماذا اسند الاشتعال الى الراس وليس الى الشعر
ارجوا من الاخوة التعليق بحيادية تامة دون تعصب والمشاركة من الاخوة حول الموضوع وتفاعلهم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[26 Jun 2010, 05:51 ص]ـ
اخى عصام اولا لايصح تطبيق الحقيقة والمجاز فى اية واحدة معا لان تعريفات الحقيقة والمجاز متعارضان والايات لاتقوم على الخيال بل الحقيقة
ولاداعى للدخول فى تعريفات الاستعارة لانها متعارضة مثل المجاز ولان الاستعارة صنف من المجاز وكما جئت بمثل من قبل وبينت فيه ان الاية على الحقيقة وانها حقيقة علمية وهى اية (ناصية كاذبة خاطئة) فكذلك فى المثال التى ذكرة الاخ حسين (:? وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ? (مريم: 4) فسوف ابين حقيقة الاية وانها ليس فيها مجاز بل على الحقيقة
واللفظ المجاز عندهم هو (اشتعل) قالوا هي أن كلمة اشتعل استعيرت لشيءٍ لم يعرف بها , وهو الشيب , من شيء قد عرف بها و وهو النار , والشيب لا يشتعل بزعمهم و يقولون: إن لفظ اشتعل وضع في أصل اللغة للنار , فهو حقيقة في النار , مجاز في غيرها , وهو يدل على أن النار من غير قرينةٍ , ولا يدل على غيرها إلا بقرينة بزعمهم وقالوا (حيث كان الأصل أن يقال: (واشتعل شيبُ الرأس)؛ وإنما قلب للمبالغة، فقيل: (واشتعل الرأس شيبًا)، فأسند الاشتعال للرأس في اللفظ، وهو في الحقيقة مسند للشيب في المعنى) وهنا اخطاء حيث قالوا الاصل وجعلوا كلام الله فرع والاصل كلام البشر وليس هناك قلب ولامبالغة لان المبالغة للتهويل بل كل لفظ فى مكانه ولكن اسند الشيب للراس ولم يسند للشعر لحكمة وهى ان الراس فيها مادة الميلانيين المسؤلة عن الشيب وليس فى الشعر بل فى جلد الرأس فالاصل الراس والفرع الشعر وهم جعلوا العكس وافاد اللفظ وهو الاشتعال وكلمة الراس على الاستغراق والشمول، وأن الشيب قد شاع في الرأس كله، وأخذه من نواحيه، وعم جملته، حتى لم يبق من السواد شيء
وهذا المعنى لا يمكن أن يفهم لو قيل: (اشتعل شيبُ الرأس)؛ بل لا يوجب اللفظ- حينئذ- أكثر من ظهور الشيب في جانب أو أكثر من جوانب الرأس. ويبين لك ذلك أنك تقول: (اشتعل البيت نارًا)، فيكون المعنى: أن النار قد وقعت في البيت وقوع الشمول، وأنها قد استولت عليه، وأخذت في جميع أطرافه ووسطه. وتقول: (اشتعلت النار في البيت)، فلا يفيد ذلك المعنى الذي أفاده الأول؛ بل لا يقتضي هذا أكثر من وقوع النار في البيت وإصابتها جانبًا منه أو أكثر واسند الاشتعال الى الرأس ايضا لان
إن (الرأس) هو مكان الشعر ومنبته، فأسند إليه الاشتعال، ولم يسند إلى الشعر؛ لأنّ الرأس لا يعمُّه الشيب إلا بعد أن يعمّ اللّحية والشاربين غالبًا، فعموم الشيب في الرأس أمارة التوغل في كبر السن؛ ولذلك يقال للشيب إذا كثر جدًّا: (قد اشتعل رأس فلان)، و (شاب رأس فلان)
. فخُصَّ (الرأس) في ذلك كله بالشيب دون (الشعر)؛ لأن الرأس هو آخر ما يشيب من شعر المرء، وهو أمارة التوغل في كبر السن كما تقدم. وهذا المعنى لا يفهم من قولنا: (اشتعل شعر فلان)، أو (شاب شعر فلان)؛ لأن شيب الشعر قد يكون عن كبر في السن، وقد لا يكون. ثم إن قولنا: (شاب شعر فلان) ليس نصًّا في شعر الرأس؛ لأنه يشمل شعر الرأس، وشعر اللِّحية، بخلاف قولنا: (شاب رأسه)، ويدلك على ذلك قول الله عز وجل:? وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ? (البقرة: 196)، وقوله تعالى:? وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ ? (المائدة: 6)، فنهى سبحانه في الأول عن حلق الرؤوس مقيَّدًا ببلوغ الهدي محله، وأمر في الثاني بالمسح بالرؤوس. فلو قيل: (ولا تحلقوا شعوركم)، و (امسحوا بشعوركم)، لأفاد الأول النهي عن حلق شعر الرأس مع شعر اللحية والشاربين، وأفاد الثاني الأمر بمسح شعر الرأس، مع شعر اللحية والشاربين
وقالو ايضا اهل المجاز: وإنَّما هو اشتعل الشيبُ في الرأس وهذا القول ناتج عن لبسهم في فهم معنى " اشتعل", و نحن نسأل القارىء: هل تشعل السراج بالنار أم تشعل النار بالسراج؟ العبارة الأولى هي الصحيحة، لأنَّ النار لا تشتعل فهي نفسها شعلةٌ فهل يصحّ أنَّ تقول: (أشعلُ الشعلة)؟! إنَّمَا هم قد ظنّوا أنَّ النار تشتعل! وصحّ عندهم القول (اشتعلت النار في دار فلان)، وإنَّما هو: (اشتعلت دار فلان بالنار). وعليه فإنَّ الرأس هو الذي يشتعلُ شيباً لا العكس، والأمر كما ذكره الله تعالى لأَنَّه شبّه الشيبَ بالنار ولم يكن التشبيه للرأس. كلُّ هذا ونحن معهم على
(يُتْبَعُ)
(/)
أنَّه تشبيهٌ! بينما هو في الحقيقة لا تشبيهٌ لأنَّ الاشتعال كما جاء في المقاييس: "الشين والعين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على انتشارٍ وتفرُّق في الشيء الواحد من جوانبه" اهـ ولا يخص في إطلاقه النار وحدها بل هو عام يشمل أي انتشار سريع في شيء ما. ولذلك كانت الضرورة تقتضي ذكر المفعول دوماً فنقول: (اشتعلت دار فلانٍ ناراً أو بالنار) لأنَّها ممكن أنَّ تشتعل بأيِّ شيءٍ آخرٍ له القدرة على الانتشار والسريان في كلّ الأجزاء بحيث تتغير الصورة المنظورة كما لو (اشتعلت بالفتنة) أو غير ذلك وهذا رد عليهم لماذا اسند الاشتعال الى الراس وليس الى الشعر على عكس مايقول اهل المجاز ولكن ذلك اصبح حقيقة علمية واقعية فمن المعروف في علوم الطب ان تغير لون الشعر نحو البياض مع التقدم في العمر انما يعود لتناقص مادة الصبغة في الجلد والمعروفة بالميلانين ولكن ما كان غير معروف عند المختصين هو لماذا تنقص مادة الميلانين مع الشيخوخة. قبل اسابيع قليلة نقلت وسائل الإعلام العامة والمختصة خبر توصل عدة فرق من العلماء في المانيا وبريطانيا متخصصة بمجالات مختلفة مثل الفيزياء الحيوية والمحاكاة الالكترونية لسبب نقص مادة الميلانين. وقد استخدمت احدث الطرق والاجهزة المتوفرة لفهم السلسلة الكيميائية المعقدة وراء التغير المذكور وشيب الشعر. مختصر الاستنتاج العلمي هو ان المادة الكيميائية ماء الأوكسجين او هيدروجين بيروكسيد تزداد مع التقدم بالعمر في جسم الإنسان فلا يستطيع الجسم تفتيت هذه الكمية الكبيرة الى المكونات الأساسية. نتيجة لذلك يقوم الهيدروجين بيروكسيد بأكسدة جزء من مادة تيروسيناز فلا تقوم هذه الأخيرة بانتاج صبغة الشعر الميلانين. فالأكسدة المذكورة هي السبب المباشر لشيب الشعر وكما هو معروف فأن الأكسدة والاحتراق او الشعل هما تسميتان لنفس العملية. فسبحان الله الذي اعلمنا بهذه الحقيقة العلمية قبل الف واربعمائة سنة وما اقوى الحجج التي اسند الله بها رسالة عبده محمد عليه وعلى رسل الله قبله السلام. فالقرآن الكريم عودنا بان يذكر اصعب الحقائق العلمية بكلمات قليلة معجزة وما ادق القرأن في ذكر هذه الحقائق فانظروا كيف ان القرآن يذكر ان الرأس احترق شيباً ولم يقل بان الشعر احترق شيباً. فظاهراً يرى الإنسان بان الشعر يتغير لونه وواقع الحال فان الاحتراق او الأكسدة تتم داخل الجسم وهذا ما احتاج عشرات العلماء المزودين باحدث الاجهزة لوقت طويل من البحث العلمي لمعرفته فتبن ان لفظ الاشتعالى فى مكانه ولماذا اسند الاشتعال الى الراس وليس الى الشعر
ارجوا من الاخوة التعليق بحيادية تامة دون تعصب والمشاركة من الاخوة حول الموضوع وتفاعلهم
هذا الذي طولت في شرحه مشكورا سماه علماء البلاغة
المجاز
نصيحة
اقرأ
كتاب
الدكتور محمد أبو موسى
التصوير البياني
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[26 Jun 2010, 11:31 ص]ـ
أخ البراك
التصوير البياني روعة من روائع البلاغة
لا تحرم نفسك من مطالعته
فقد يزيل عنك كثيرا من الشبه المتعلقة بالموضوع الذي عرفت منه شيئاً وأنكرت أشياء
وأراك يا أخي ركبت الصعب والذلول لتنكر من العربية ما لم ينكر العرب والعجم
إلا الظاهرية
كيف كانت الأكسدة حرقاً وشعلاً؟ ..
وأنت قلت - محقاً - في صدر كلامك: الشعل لا يقتضي أن يكون بالنار دائماً.
أفعلت هذه التحويرة من عندك؟
ما أعرفه أن الحرق شيء والأكسدة شيء آخر .. ما الأكسدة إلا انتقال الكترونات من .. إلى ..
كيف جعلتها حرقاً؟
وكيف جعلت الانتشار ناراً تحرق في كل موطن؟
المعروف أن الشيب قرين الشيخوخة سواء الشيخوخة للجسم كله أم لخلاياه
وبقية أحواله من قبيل المرضي النفسي أو العضوي
وكيف تفسر الآية بما لم يثبت بعد من النظريات التي وافقت رأيك؟
ولم يوافق عليها أهل الاختصاص ولا ترقى لأن تكون قانوناً ثابتاً معترفاً به؟
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[26 Jun 2010, 01:31 م]ـ
ليس هناك تشبيه اخى فى الاية اما الكتاب الذى ذكرته فانا اعرف قدر العالم ابو موسى والكتاب ان كان لك معرفه فى رفعة لنا لنحملة فجزاك الله خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
وليس هناك تشبه ولاشىء ولم اتكلف فى الرد حتى اركب الصعاب اخى ليس لدفع عنى تهم بل بالدليل ولم انكرالمجاز فى اللغة بل فى القران الكريم وقد يكون المجاز فى اللغة قليل ولكن فى القران معدوم لان القران فوق اللغة والظاهرية فرقة تؤخذ بظاهر النص بدليل ولكنها ليست فرقة معصومة فى اشياء اخرى
وانا لم احور فى الكلام فالاشتعال للنار ولغيرها فهو لفظ عام من حيث اللسان العربى خارج النص تأمل اخى ..
والاكسدة تلك فى الفلزات من حديد وغيرة وفى الكيمياء الكهربائية ولكن انا اتكلم عنها داخل جسم الانسان لانها تفاعلات حرق داخل جسم الانسان مثل تفاعلات حرق الدهون وما يعقبها من تخسيس للوزن وانا لم اجعلها حرقا بل العلماء متخصصون فى هذا المجال تكلموا فى هذا ويعرفون اكثر منى ومنك وانا اتكلم من حيث ان الاشتعال من حيث اللسان العربى من منظور قرانى ان الاشتعال هو الانتشار ونقول ا اشتعلت النار فى الهشيم مثلا نقصد انتشار النار فى الهشيم وتسرى فى اى جزء من جزيئات الهشيم بحيث لايبقى جزء الا احرقته ولا انكر ان الشيب قرين الشيخوخة اخى فهى فى الجسم كلة ومن علاماتها اشتعال الراس شيبا وغيرها لانها خلايا ومن ضمنها الشيب لاتتجدد بل تحترق مثل الجسم وزكريا عليه السلام جمع بين الشيب ووهن العظام وهو ضعف فى الجسم وعدم تجدد الجسم وخلاياة فى هذا السن وعملية احتراق للدهون وتجددها مرة اخرى ومن ضمنها الشيب لانها علامتة وهذا البحث لعلماء متخصصون واصبح حقيقة علمية ثابتة وانا قد بينت لماذا الله عبر بقوله واشتعل الراس شيبا) + قول الله وبين قول البشر المعتاد وقول البلاغيين واهل المجاز واشتعل شيب الراس او واشتعل شعر الراس شيبا بتقدير محذوف ايهما افضل تعبير الله ام تعبير البلاغيين واهل المجاز وذكرت الحكم لماذا هذا التعبير وليس هناك محذوف وبينت ايضا لماذا اسناد الاشتعال الى الراس وليس الى الشعر وحكمة ذلك
فاقرا البحث مرة اخرى بتامل وابحث تجد كثير من الاشكالات تزول وارجوا من الاخوة مشاركتنا فى الحوار وليس الاخ عصام فقط لاثراء الموضوع ودمتم بخير
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[28 Jun 2010, 11:32 ص]ـ
سوف ابدا على بركة الله فى شرح الايات ومن لدية ايات استشكلت عليه ويرى انها على المجاز فليضعها هنا وانا اناقش الايات ليس على مصطلح التعريف ولكن عن الحقيقة الظاهرة فى القران
فأنا أفهم الكلمة تبعا للأصل اللساني الذي جاءت منه, أما هم فيجعلون أحد معانيها أصلا ثم يقولون أن ما عداه مجاز وافهم التركيبة القرانية فى سياقها والسابق واللاحق للاية فى النظم القرانى
فليس للأمر أي علاقة بالنسيم وإنما بالصبح نفسه فالآية الكريمة هنا على الحقيقة وليست على المجاز كما قال به أهله
فالذي (تنفس) هو (الصبح) وليس (نسيم الصباح) كما قالوا
وهذا هو ظاهر الآية الذي لا يحتمل أي تأويل آخر
فما دليلهم على قولهم أن المقصود هنا هو (نسيم الصباح) وليس (الصبح) نفسه؟! فالله قال الصبح وهو يقولون نسيم الصبح
فهم هنا تركوا ظاهر الآية وصرفوا المعنى من غير دليل ولا برهان
فالأصل أن الآية على ظاهرها مالم يقم برهان خلاف ذلك
والصبح يتنفس ولا استعارة في ذلك ألبتة
فالعرب تقول عن النهار إذا طلع وأضاء (تنفس) وهو لفظ على الحقيقة
قال الفراء في قوله تعالى: والصبح إِذا تَنَفَّسَ، قال: إِذا ارتفع النهار حتى يصير نهاراً بيّناً فهو تَنَفُّسُ الصبح
وقال مجاهد: إِذا تَنَفَّس إِذا طلع
وقال الأَخفش: إِذا أَضاء
فكذلك يعطينا هذا التعبير الحيوي معنى أن النهار وإشراق الضوء يمنحنا الهواء النقي للتنفس، فبالليل يخرج ثاني اكسيد الكربون من الأشجار والخضروات ثم بالصبح تنتج النباتات كلها الأكسجين الصالح الذي يجعل الناس تستطيع التنفس، فالكون بالصبح إبتدأ بتنفس
وكما نعلم أن عملية التنفس هي من أهم العمليات الحيوية التي تقوم بها الكائنات الحية حيث يقوم الإنسان من خلال هذه العملية بإدخال الهواء الغني بالأوكسجين إلى الرئتين (الشهيق) حيث تقوم الرئتين بامتصاص الأوكسجين وطرح ثاني أكسيد الكربون وهذه العملية هامة جداً لجسم الإنسان ولا يستطيع إي إنسان أن يستغني عنها أكثر من دقائق معدودة وتوقفها يعني الموت المحقق حيث يستفيد الجسم من الأوكسجين في حرق الغذاء وإنتاج الطاقة التي تبعث الحياة في خلايا الجسم وأنسجته ففي الصباح عند بدأ ظهور الشمس (الصبح) تبدأ عملية غاية في الأهمية والتعقيد هي عملية التركيب الضوئي حيث تقوم النباتات بأخذ غاز ثاني أكسيد الكربون (الغاز المؤذي الذي لا يستطيع الإنسان استهلاكه) من الهواء وتطرح غاز الأوكسجين بدلاً عنه. فكلمة تنفس دلالة واضحة على عملية التمثيل الضوئي حيث قال ان الصبح يتنفس وهو بدأ طلوع الشمس في الأفق بإنسان أخذ نفساً وهو إشارة واضحة إلى تلازم إنتاج الأوكسجين مع طلوع الشمس وأن بدأ هذه عملية التنفس الحيوي أو التركيب الضوئي تبدأ مع بدأ طلوع الشمس
وإن الإشارة إلى هذه الظاهرة (التمثيل الضوئي) وتشبيهها بالتنفس دلالة على أهميتها فهي كأهمية التنفس بالنسبة إلى الإنسان فلا يمكن للأرض الاستغناء عنها فبدونها سوف تتحول الأرض إلى خراب لا حياة فيها كالقمر.
كما أن استعمال (إذا) (تدل على تلازم بدأ عملية التركيب الضوئي مع بدأ طلوع الشمس كما أن ترتيب كلمات الآية حيث ذكر الله طلوع ضوء الشمس أولاً ثم بدأ عملية التنفس بشكل مرتب وهذا ما يتطابق مع عملية التركيب الضوئي وإنتاج الضوء فبدون هذا الترتيب لا يمكن أن تتم عملية التنفس الحيوي للنبات أو التركيب الضوئي ثم إنتاج الأوكسجين
فأين المجاز والاستعارة في كل هذا؟؟ فالنفس بهذا المعنى كائن مادي حي والصبح كائن مادي حي والتعاون بين هذين الكائنين ضروري لاخراج الكون أو الأرض من ظلامه وظلماته .. وبأية كيفية؟ عن طريق اجتذاب حركات فيزيائية حول مركز الحركة الأصلية وهو هنا الصبح بواسطة التنفس وهو مجال مغناطيسي تبلغ قوته أقصاها بين الفجر وشروق الشمس والذي عن طريقه يتم بعث النفس (وليس الروح فانتبهوا) في الكائنات
التي لم تمت في منامها أو التي لم يقضي عليها الموت في سباتها ومن ضمن هذه الكائنات الناس
وللحديث بقية ودمتم بخير
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[28 Jun 2010, 12:58 م]ـ
أرجوك أخي أن تترك هذه البقية من سبيلها، وأن لا تكملها على هذا النهج الذي تسلكه الآن، فهو لفافة من المغالطات في آيات كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ..
قد تجاوزت المجاز إلى المجازفة .. وهذا التجاوز أشد من المجاز.
ولو أردت، ولم يكن لك من ذلك بد، أن تنفي عن الآية المجاز فليس بهذا النهج، بل بتوخي سنن العرب في كلامها .. وبذوق شفيف لطيف يليق ببلاغة القرآن الكريم.
لم أر فرقاً بين من قال، ولست منهم، إن المقصود: نسيم الصبح، ومن قال، وهو أنت يا أخ أحمد، إنه: الأكسجين المنبعث من النبات!!
أليس الأكسجين من النسيم؟؟. وهما لم يذكرا في الآية ..
أنت أدخلت في جوف الصباح رئة ضخمة تتنفس، ولم تزد على أن مضيت تشرح عمل هذه الحويصلات النباتية والشعب الهوائية وتحول ثاني أكسيد الكربون ... إلى أكسيجين ...
وقدرت ما بدا لك أنه محذوف ..
وإلا .. فلماذا التجأت إلى النبات!!، وهو لم يرد له ذكر في الآية: (والصبح إذا تنفس) ..
ماذا يفعل سكان الصحاري والبراري التي لا نبت فيها وعشب ولا أزهار - هل يبقون بلا نفس .. لأن حضرة النبات لم يتنفس بأرضهم مع طلعة كل شمس، كما تزعم!!؟؟
هذه ورطة ورطت بها نفسك، من حيث أردت السلامة!!
ولو قلت النفس من تنفيس الكرب ونحوه لكان أقرب!!
وثمّة أخطاء إملائية ونحوية وصرفية .. غير ما ترى من سوء الذوق البلاغي.
مع احترامي
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[28 Jun 2010, 01:52 م]ـ
ان هذا النهج التى اتيت به يااخى ليس من كيسى بل هو من كيس العلماء فلقد تكلم العلماء اصحاب الاختصاص ممن جمعوا بين العلوم الشرعية والعلمية تحت هذة الاية ما ذكر وهم اعلم منى ومنك وانا قد اتيت بقول الفراء والاخفش ومجاهد وقولهم فى الاية على الاجمال وهذة حدودمعارفهم رحمهم الله جميعا وفى قولهم اختصار واقتصاد فى الا لفاظ حتى جاء عصر العلم واصبح هناك ايات يقول بها اهل المجاز وانها ليست على الحقيقة واكتشف انها على الحقيقة منها تسبيح الكائنات لله فى الكون فلقد اكتشف ترددات صوتية يصدرها الكون وقال العلماء انها تسبيح الكائنات اى انها على الحقيقة تسبح قولا وليس حالا فالله والواقع يقول ويشهد بذلك ويأتى اهل المجاز ليقولوا لا ليس تسبيح قول بل حالا وعارضوا الايات،الله يقول تسبح الكائنات وتقول ... وهم يقولون لا ليس قولا بل حالا عجبا من هذا!!! وتناسوا الايات المصرحة بذلك والاحاديث الصريحة الصحيحة واصبح من المعقول ذلك واقعا مسموعا وهذا لايتعارض مع اية (ولكن لاتفقهون تسبيحهم) فالمعنى ليس نفى التسبيح وسماع الصوت بل نفى عدم فهمنا لهذا التسبيح وتفسيرة
ان تلازم الصبح مع النفس امر وجودى معلوم وليس تلك التشبيهات وهو عدم دخول المعلومة فى حيز العقل وتشبيهك الكون برئة تتنفس واخراج النفس لان تلك عمليات معقدة لانعلمها فمع ظهور الصبح تتنفس الكائنات وهو بعث النفس فى الكون كلة ومصدرة الصبح انا لم اقدر محذوف وهو الاكسجين او النبات بل ان من ضمن الكائنات هو النبات لان هذة الكائنات فى الليل عملها ومع طلوع الصبح المصدر هو الصبح لحظة طلوع الشمس وطلوع الصبح يبعث التفس فى الكائنات ومن ضمنها النبات وهو بعث الهواء فى الكون وليس الى سكان الصحارى فقط فليس النبات هو مصرد التنفس فقط بل انه من مجموعة متكاملة فى الكون مصدرها الصبح وطلوعة فى طبقات الجو يصدر التفس للكائنات ويبعث النفس الى الكائنات التى لم تمت فى منامها
ولم يقضى عليها الموت وليس الروح فتأمل ... !
فالكون كلة يتفس باصدار الهواء للكون والكائنات الحية ومن ضمنها النبات والحيوان والانسان وغيرهم فى طبقات الجو حتى وان كان السكان فى الصحارى وهو ذات طابع هوائى نقى تشم هواء نقى فى تلك المناطق التى تسميها صحارى واليست الصحارى على كلامك به اشجار وصبار وغيرها من الاشجار ام هى صحراء جرداء وعلى فرض فالهواء ينتقل الى اى مكان مصدرة لحظة طلوع الصبح
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Jun 2010, 04:25 م]ـ
كتبت تعليقاً مطولاً على هذه المشاركة قبل عدة أيام ولكنه فُقِدَ مني لسبب تقني ولم أجد نشاطاً لإعادة كتابته.
لديَّ سؤال لأخي أَحْمد بن علي البراك وفقه الله هو: قرأتُ في توقيعك أنك حاصل على ليسانس دراسات اسلامية وعربية / تخصص تفسير، وهذا يعطينا تعريفاً لا بأس به لشخصكم الكريم، وليتكم تتكرمون بتعريفنا بنفسك في موضوع عَرِّفنا بنفسك ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=19447) فإنَّ الحديث في مثل هذا الموضوع يَحتاجُ إلى تَحصيلٍ علميٍ متين، ونريد أن نعرفك حتى نعلم كيف نُحاورك.
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[04 Jul 2010, 12:19 م]ـ
جزاكم الله خيرا استاذى عبد الرحمن وبناءا على رغبتك فقد كتبت سيرتى باختصارا للتعريف على شخصى وليعرفنى الاخوة
واسأل الله ان يجعل هذا المنتدى زخرا للاسلام والمسلمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[04 Jul 2010, 12:47 م]ـ
اما الاية التالية حسب الترتيب فى الاسئلة وهى:
{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (سورة الإسراء:24)، وإن لم يكن للذل جناح) ما الرد عليهم؟
قلنا أن سبب إشكالية المفسرين أو اللغويين هو قولهم بالحقيقة الجسد! وأن المعنويات إذا استُعمل معها أي وصف يُستعمل مع المجسمات يكون مجاز وهذا غير صحيح
وهنا مثال لما نقول, فالذل ليس شيئا ماديا وإنما هو شعور وإحساس يستشعره الإنسان, وهو احساس داخى داخل الانسان يخرج اثرة فى الواقع والإنسان يستعمل مع المعنويات نفس الأوصاف التي يستعملها مع المجسمات! وبدونها لن يستطيع الإنسان أن يصفها بشيء
ثانيا: هنا في هذه الآية استعمل الله عزوجل الجناح مع الذل وبما أن الذل ليس ماديا فكذلك جناح الذل لن يكون ماديا! ولكي نفهم الآية على حقيقتها ننظر في المعنى الأصلي للجنح! فإذا نظرنا إليه وجدنا أنه يدل على ميل وخروج عن أصل, (وليس الميل والعدوان كما قال ابن فارس!) وهو ما نراه أبرز ما يكون في ذلك العضو الموجود عند الطائر
فبعض المفسرين جعلوا الاية من المجسمات امثال الشيخ الشنقيطى وابن تيمية
قالو ان المراد ليس المراد ان للذل جناح بل المراد انها من اضافة الصفةالى الموصوف فيكون المعنى واخفض لهما جناحك الذليل لهما التى صفتة الرحمة ووصف الجناح بالذل مع انه صفة الانسان لان البطش يظهر برفع الجناح والتواضع واللين يظهر بخفضة فخفضة كناية عن لين الجانب وهى اليد وبطشها فالجناح هو اليد والعضد وهو اضافة صفة الانسان لبعض اجزائة وهذا من اساليب اللغة العربية كما فى قولة (ناصية كاذبة خاطئة) فالشيخ الشنقيطى وابن تيمية يرى ان الذل له جناح كجناح الطائر من حيث يرى ان الجناح المضاف للذل حقيقة كجناح الطائر وجعلة جسم وهو يقصد به الحقيقة
ونسوا هؤلاء العلماء ان الذل شىء معنوى صورة معقولة وليس حسى وقال الشيخ انها امثال (واضمم جناحك)
(واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) فليست دلالة الجناح على الجنب واليد كدلالة الجنب على الجنب واليد فالجناح فى قولة (ولاطائر يطير بجناحية) غير الجناح فى قولة (واخفض جناحك) والدليل ان القران يستعمل اليد فى مواضع والجناح فى مواضع والمواضع التى بها اليد مطلوب فيها الدقة فى الاحكام الشرعية
ففى بيان حد السرقة ذكر اليد ولم يقل جناحيهما وكذلك الوضوء ذكر اليد والتيمم
وكذلك بيان حال المفسدين فى الارض وعقابهم
فدل ذلك على ان الجناح غير اليد وانما تشبة اليد بالجناح لاثارة العواطف كما مر
وقال الشيخ ان الخفض والجناح والذل مستعمل استعمال حقيقى لان مريد البطش يرفع جناحية (يدة) ومظهر الذل والتواضع يخفض جناحية فاللامر بخفض الجناح كناية عن لين الجانب) وقولة كناية عن لين الجانب هذا مجاز الاانة عبر بلفظ اخر غير المجاز
قلت ان الذهاب الى ما قال الية الشيخ وحقيقة ما قالة فية حجر على معنى الاية فقد يكون الولد خافض الجناحين (اليدين) وهو من اشد الناس عنفا والحقهم اذى بالوالدين بلسانة وان هناك ايات فيها النهى عن ذمهم باللسان ولايكون على الفهم الضيق بارا بوالدية ولو اذا خفض الجناح وكذلك رفع الجناح _على راىء الشيخ ان الجناح هو اليد_ لايلزم منه العنف والشدة فقد يكون دليل الاستسلام وفقدان الحول والقوة
وما راى الشيخ فى ولد اقطع اليدين او مشلول اهذا مستجيل علية ان يبر بوالدية حيث لايدان له او لاجناحان لهما يخفضهما وما الراى الشيخ اذا فعل لم يرفع جناحية او يدة ولكن لم يبرهما بلسانة
ولكن الحقيقة فى الاية
ليس المقصود الجناح هو اليد فقد رددنا على هذا وان هناك فرق بين الجناح واليد فى اللغة فلو كان المقصود ذلك لقال اخفض لهما جناحك من الرحمة
ولكن المعنى الظاهر الحقيقى للاية وتواضع لوالديك ولاتعلو عليهم لان الجناح يعبر عن العلولان الطائر يعلو بجناحية ويتواضع ويخفض بهما
فالذل كأن لة جناح والمقصود وتواضع لوالديك ولاتعلو عليهم لاعن ذل لك لهم ولكن عن رحمة بهم فى كبرهم
وهذا المفهوم هو روح النص القرانى وليس هناك مجاز فى الاية لان ليس الاصل هو الموهوم فى العقل وهو التجسيم وهو الجناح الحقيقى للطائر والفرع هو المجاز بل هذا تحكم لا دليل عليه بل ان الاصل هو لفظ الجناح للمعنويات والحسيات بحسب السياق التى يحدد المعنى
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[04 Jul 2010, 02:13 م]ـ
السلام عليكم
نعم ليس فى الآية مجاز
ولكن قولك
فالذل كأن له جناح والمقصود وتواضع لوالديك ولاتعلو عليهما لاعن ذل لك لهما ولكن عن رحمة بهما فى كبرهما
فيه مجاز
وأرى الرد على القول بالمجاز فى الآية يكون كالتالى
كل الخصائص فى الانسان لها عتبة اثارة
فشخص تثيره كلمة وآخر تثيره لطمة .. الخ
فما يثير خصيصة الذل فى الانسان؟! لابد أنه أمر عظيم
فالشحص قد لايذل لرئيسه مهما تحداه ...
فعتبة حدوث الذل هنا عالية جدا
ولكن نفس الشخص قد يذل إذا رأى شخصا يمسك بيد ابنته مثلا
فهنا عتبة الذل منخفضة جدا ولكنه خفضها خجلا
الشرع يأمرنا أن نذل للوالدين رحمة ً
وكلمة جناح هنا هى عتبة الاثارة Threshold أى النقطة التى يحدث عندها الاستجابة لمنبه ما؛ وهى النقطة التى يميل - يجنح - عندها الشخص لتغيير خصيصة سلوكية فيه
"واخفض جناحك للمؤمنين " يمكن تحليلها بنفس المنطق
والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[12 Jul 2010, 05:31 م]ـ
الاخ مصطفى سعيد جزاك الله خيرا
ليس فى قولى مجاز بل الاية على حقيقتها وهو المقصود بها ان اضاف الجناح للذل لان الجناح من خاصيتة التواضع فهنا يقصد الله عز وجل تواضع لابويك كتواضع الطير وليس ذلك ذلا بل رحمة بهما وهذا ليس مجاز بل حقيقة من الولد لابوية يتواضع لهما حسا ومعنى بالعمل والقول
ـ[أحمد علي البراك]ــــــــ[12 Jul 2010, 05:58 م]ـ
وما معنى المرض في قوله: (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً)؟ هل المرض حقيقى امالمقصود به الشك والنفاق؟
اولا:
مجموعة الذين في قلوبهم مرض مجموعة منفردة عن مجموعة المنافقين اذن فالذي في قلبه مرض وهو معرف قرآنيا بكونه طماعا وطامعا في أمر خطير جدا هو نفسه زعيم مجموعة الذين في قلوبهم مرض المنافقون ليسوا هم اللذين في قلوبهم مرض بل المنافقون المعبر عنهم انهم الشياطين من الانس الذين يجتمعون بالذين فى قلوبهم مرض
يقول الحق جل وعلا
{لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا} (60) سورة الأحزاب
ويقول أيضا الحق جل وعلا
{وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} (12) سورة الأحزاب
لقوله الله جل وعلا وتعالى:
{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} (31) سورة المدثر
يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا.))
ولو كان الأمر كذلك فلماذا لم تقل الآية مثلا: فلا تخضعن بالقول فيطمع المنافق؟؟ وانما عوض ذلك حددت بدقة طبيعة مرض قلبه وهو هنا الطمع في شيء.
اذن هم مجموعات ودرجات قد قسمها القران وهناك فرق بينهم فى المواصفات فى الدنيا والعذاب فى الاخرة
مواصفات مجموعة المنافقين ومجموعة المنافقون ومواصفات الذين في قلوبهم مرض وقائدهم الذي في قلبه مرض
ان المنافقين يخادعون الله ... ))
((ان المنافقين في الدرك الأسفل من النار ... ))
((نسوا الله فنسيهم ان المنافقين هم الفاسقون ... ))
((والله يشهد ان المنافقين لكاذبون ... ))
((ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون .. ))
اذن: المنافقين -بالياء-: يخادعون الله .. في الدرك الأسفل من النار .. فاسقون .. كاذبون .. لا يفقهون ..
أما المنافقون - بالواو -:
((اذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم .. ))
((المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم ... ))
((واذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا .. ))
((لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها الا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا.))
الذي في قلبه مرض:
((يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا.))
اذن المنافق ليس من الذين في قلوبهم مرض .. وانما هو وبشرط أساسي أن يدوم نفاقه: مخادع /فاسق/كاذب/لا يفقه/في الدرك السفل من النار.
أما المنافق الذي لا يدوم نفاقه فهو يتساوى مع الذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة في المصير كونهم جميعا ملعونين .. أينما ثقفوا يأخذون ويقتلون تقتيلا.
فهل يتساوى الملعون مع الفاسق والكاذب وغيرالمتفقه
اما بخصوص الاية وانها على الحقيقة وليس المجاز كما يقول اهل المجاز
(يُتْبَعُ)
(/)
وكما قلت مرار وتكرارا أنا أفهم الكلمة تبعا للأصل اللساني الذي جاءت منه, أما هم فيجعلون أحد معانيها أصلا ثم يقولون أن ما عداه مجاز!
ويجعلون للاسف كما ان الحقيقة للمحسوسات وهو الاصل ويجعلون المعانى الفرعية وهى المعنويات وهو الجبن والخوف والحقد والحسد مجاز
من الذى اعطى لهم الحق فى اعطاء الاصل وهو الوضع الاول للحسيات والوضع الثانى للمعنويات الاقرينة فقط وهو العقل لانهم لايقبلون ان يكون من اضافة الله لتلك الاشياء الحس وهو حق وكلامة حق
اما بخصوص المرض ما هى القرينة التى صرفتها من الحقيقة الى المجاز وما هى العلاقة بين الحقيقة والمجاز لايوجد قرينة ولا علاقة
أصل كلمة المرض في اللسان يدل على الضعف والخفوت وعدم الانتظام, وبالضد تتبين الاشياء (لاحظ
أنها عكس: ضرم) ومن ثم فإذا كان في قلوبهم ضعف إيمان ويقين وعدم ثبات على حال وإنما تنقل من حال لآخر ففي قلوبهم مرض!
قالل ابن فارس (المرض أصلٌ صحيح يدلُّ على ما يخرج به الإنسان عن حدِّ الصّحَّة)
فهو فى قلوبهم مرض وهو الغل والخوف والحقد و ان تلك المعانى للمرض على حقيقتها لانها انفعالات فى القلب فكما قلت الخوف هو ارتفاع نسبة الادرينالين فى الدم فهو انفعال فى القلب وكذلك الحقد والحسد مثلة مثل الغضب وهو غليان الدم فى القلب وكذلك الغل والحقد كلها انفعالات حقيقية تظهر على المنافقين لان الاصل فى صحة القلب هو تزكية القلب عن تلك الانفعالات التى تنافى الايمان وخروج القلب عن ذلك مرض للقلب وهو حقيقى لذلك فزادهم الله رعبا والقى فى قلوبهم الرعب والخوف حتى يصل القلب الى الخروج عند حد الاعتدال وقد ذكر الله ان الله القى فى قلوبهم الرعب والخوف فى ايات كثيرة وتلك هى الزيادة واصل المرض الاول من عندهم اما المرض الثانى فزادة الله من عندة ويتناسب مع الاضافة مثل قوله نار الله الموقدة النار تتناسب مع الاضافة وهو الله نار عظيمة كذلك المرض الثانى التى زادة الله لهم مرض لايعلم عظمتة الا الله لان النكرة اذا اعيدت كانت الثانية غير الاولى فالمرض الاول غير المرض الثانى بل الثانى اعظم وهى الزيادة من عند الله والمرض بالرفع ليس هو المرض بالنصب ..
المرض بالرفع مرض حاد ووموضوع في المكان ومحدود جغرافيا أما المرض بالنصب فهو مفتوح على الزمان ولا حدود له جغرافية وعذابه أبدي لا ينقطع وان تقطعت القلوب الطامعة نفسها من سوء العذاب وشدته.
فالعلاقة الوطيدة بين الأمراض العضوية والأمراض النفسية أصبحت جد معروفة في وقتنا الحاضرلدرجة أن أصبح معروفا حتى لغير المتخصصين الدور الأساسي والرئيسي للمرض النفسي في حدوث المرض العضوي وأن هذا الأخير ما هو الا نتيجة مباشرة للمرض النفسي .. على السبيل هناك مثالا واضحا وهو مرض السرطان وهو مرض فتاك ويقتل الآلآف من الناس بوتيرة مهولة .. لماذا لم يجدوا له دواء كيميائيا لحد الآن بالرغم من التقدم العلمي الكبير الذي وصل اليه الباحثون في هذا المجال؟
ويبقى فهم الايات على الحقيقة لان الاصل النظر فى السياق والسابق والاحق للاية وان مرد ذلك الى استعمال النظام القرانى فى اصل اللسان العربى لا الى المجازات العقلية(/)
قريباً: تنظيم جديد للإشراف على ملتقى أهل التفسير
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Jun 2010, 10:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سوف يتم قريباً الإعلان عن النظام الجديد للإشراف على ملتقى أهل التفسير، وأسماء هيئة الإشراف كاملة، وذلك رغبةً في الانتقال بِملتقى أهل التفسير ومرتاديه إلى أفقٍ علمي أوسع، وتحقيق طموحات عالية كنتم أنتم من شارك في رَسْمِها والدعوة إليها.
ونحنُ نؤمِّلُ آمالاً كبيرةً على الفريق الجديد للإشراف أن ينجح في تحقيق تلك الطموحات، ويُحوِّلُ تلك المشروعات والمقترحات التي تَجمَّعت خلال السنوات الثمان الماضية إلى واقعٍ نستفيدُ منه جَميعاً على هذه الشبكة العالمية التي قرَّبتِ البعيدَ، وجَمعتنا مِن كُلِّ مكانٍ لنتدارسَ القرآنَ وعلومه فيما بيننا.
فانتظرونا وادعوا لنا بالتوفيق والسداد، فنحن أحوج ما نكون إلى دعواتكم الطيبة. شاكراً لكل الزملاء الفضلاء الذين قبلوا مهمة المشاركة في هذه المهمة العلمية الشريفة جزاهم الله خيراً.
الثلاثاء 10/ 7/1431هـ
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[22 Jun 2010, 10:09 م]ـ
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[22 Jun 2010, 10:46 م]ـ
خطوة مباركة ولقد فكرت في اقتراحها ولكن تراجعت خطوات
وتقبل تحيتي وتمنياتي لك بالتوفيق الأخ عبد الرحمان الشهري
وأذكرك بحديث شاركنا فيه السالم الجكني أمام فندق إبيس في الجديدة بالمغرب
ومكافأة لك وللمشاركين والداعين المنظمين للملتقى سأهديكم ـ قريبا ـ لولا الانشغال بتحرير طرق النشر والسلاسل الذهبية ـ قصيدة هذا مطلعها:
غاية الحب بسمة وتلاق = وعفاف يملي حديث المآقي
يا شجونا لها جراحات قلب = كتم الحب فارتوى من نفاق
فلتكفّي فالقلب أضحى فراغا = .......................
......
طالب العلم
الحسن بن ماديك
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[22 Jun 2010, 11:16 م]ـ
اللهم اجعل هذا الملتقى ملتقى صدق وبركة ومحبة ولقاء على طاعة الله ورسوله.
ـ[إشراقة جيلي محمد]ــــــــ[23 Jun 2010, 12:50 ص]ـ
وفقكم الله وسدد خطاكم ....
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jun 2010, 05:09 م]ـ
إخواني عصام والحسن وتيسير
أختي إشراقة
جزاكم الله خيراً جميعاً وتقبل منكم، وأسأل الله أن يبارك في هذه الجهود وأن ينفع بها.
ـ[نعيمان]ــــــــ[24 Jun 2010, 10:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فانتظرونا وادعوا لنا بالتوفيق والسداد، فنحن أحوج ما نكون إلى دعواتكم الطيبة. شاكراً لكل الزملاء الفضلاء الذين قبلوا مهمة المشاركة في هذه المهمة العلمية الشريفة جزاهم الله خيراً.
الثلاثاء 10/ 7/1431هـ
نسأل الله العظيم ربّ العرش العظيم أن يوفّقكم ويسدّدكم ويرضيكم ويرضى عنكم سبحانه.
وأن يجعل من هذا الملتقى منارة في الدّنيا كلّها، ويتقبّله ربّنا سبحانه قبولاً حسناً.
اللهمّ آمين.
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[24 Jun 2010, 11:30 م]ـ
بارك الله بكم ...
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[24 Jun 2010, 11:39 م]ـ
بارك الله بكم مشرفنا الفاضل د. عبد الرحمن وبكل القائمين على هذا الملتقى القرآني المبارك وكل أعضائه وزواره وأبشِروا إن شاء الله تعالى بالخير العميم فعندما تصدق النوايا يبارك المولى عز وجل كل الخطوات ويفتح الأبواب مشرّعة للعلم وأهله.
تقبل الله منكم ما قدمتموه خلال السنوات الماضية وبلّغكم ما تأملونه للسنوات المقبلة بإذن الله ونحن دائماً معكم نسير على نهج القرآن وأهله عسى الله أن يحشرنا معهم يوم القيامة.
ـ[عبيدة احمد السامرائي]ــــــــ[25 Jun 2010, 11:51 ص]ـ
جزاكم الله خير الجراء وسدد على طريق الدعوة خطاكم ونحن نعاضدكم في أي عمل من شأنه رفع مستوى هذا الملتقى المبارك
ـ[باحثة علم]ــــــــ[25 Jun 2010, 12:14 م]ـ
ماشاء الله تبارك الرجمن
جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل الدكتور عبد الرحمن الشهري
وجعل كل ماتفعلون في ميزان حسناتكم يوم القيامة
الله أسأل أن يوفقكم دائما لما يحبه ويرضاه بارك الله فيكم وزادكم علما وعملا إنه ولي ذلك والقادر عليه
ـ[إبراهيم خالد البراهيم]ــــــــ[25 Jun 2010, 02:22 م]ـ
بارك الله فيكم وفيما تقومون به.
تتوالى نجاحاتكم وإبداعاتكم سددكم الرَّحمن.(/)
تحفيظ القرءان الكريم بمدينة بركان
ـ[يوسف الوزاني]ــــــــ[23 Jun 2010, 02:02 ص]ـ
مدينة بركان احدي المدن المغربية التي تعتني بحفظ القرءان الكريم شكلا ومنهجا ومضمونا، وقد شهدت المدينة اقبلا كبيرا علي حفظ كتاب الله تعالي رسما وشكلا ووصفا وبالتالي استطاعت المدينة أن تحظي بعدد كبير من حملة القرءان الكريم الدين أصبحوا يتنافسون علي المدرسة العتيقة لطلب العلوم الشرعية المتعلقة بالقرءان الكريم ومصادر الشريعة عقدية وفقهية وسلوكية ولكن التساؤل المطروح ما هي الوسائل التي يحفظ بها هاؤلاء القرءان الكريم؟ ما هي الطريق التي تمكن من حفظ القرءان الكريم حفظا متقنا لا يمكن أن يغيب ولا تنسي عبر العصور والأجيال؟ الجواب بكل بساطة وسهولة هي كالآتي:
هناك وسائل عديدها يستعملها فقهاء الجوامع لتحفيظ القرءان الكريم حفظا حقيقيا تتجلي من خلاله معرفة الشكل والسرم والضبط والرواية ولا يأتي دالك الا بالطريقة التي يسلكها الفقيه في تحفيظ القرءان الكريم ويمكننى حصر هده الطرق المعلومة فيما يلي:
الطريقة الأولي: القراءة في الألواح قراءة لها مدلولها في تحفيظ القرءان الكريم ولا زالت العديد من الاشكاليات حول هده الطريقة تطرح بناء علي أن هده الطريقة قديمة ونحن اليوم في عصر التطور العلمي والتكنلوجي فنقول ليست هناك طريقة لحفظ القرءان الكريم أفظل من اللوح والشيخ ومن خلالهما يحفظ القرءان الكريم حفظا راسخا وكاملا.
هده الطريقة يتخللها التركيز علي السماع من الشيخ عند الكتابة للكلمات القرءانية عرضا متقنا لحروف القرءان تتلي من الشيخ علي الحافظ للقرءان الكريم كما يتخلل هده الطريقة الكتابة بالقلم المصنوع من القصب صنعا بديعيا رائعا كما تكون دواة يوجد بها ما يعبر عنه المغاربة بالصماخ أي سمق حتى تظهر الكلمات القرءانية علي اللوح ظهورا جميلا بشكل جمالي.
الطريقة الثانية: طريقة العرض علي الشيخ ويكون دالك بعد الكتابة للقرءان الكريم حتى لا يقع خلل في حفظ القرءان الكريم وحتى لا يظهر اللحن في الترتيل لكتاب الله تعالي وهدا العرض له فوائد عديدة منها:
أ اخراج الحروف علي حقيقتها بالصيغة المغربية الجميلة حتي يعطي لكل حرف حقه كما هو معلوم عند علماء الترتيل وقواعد التجويد
ب المحافظة علي الرواية المغربية في التحفيظ للقرءان الكريم رواية ورش عن نافع بالوقف الهبطي
ج طريقة التعليم لحفظ القرءان الكريم ويكون دالك بالعرض علي الشيخ حتى يصحح الشيخ للحافظ أخطائه في التلاوة
الطريقة الثالثة: التصحيح هي عبارة عن تصحيح الشيخ للحافظ اللوح المكتوب والهدف من دالك معرفة الرسم القرءاني فهناك العديد من الأبيات التي يرددها فقهاء التحفيظ لها منافع عديدة لا يدرها الا حافظ للقرءان الكريم وقد كان فقهاء التحفيظ يكتوبها للحافظ عند وجود خطأ ما في النص القرءاني مثل كلمة أن لا ادا دغمت وكلمة نعمت بفتح التاء وعدم ربطها فهناك رموز عديدة تقال حول هدا المجال
الطريقة الرابعة: المراجعة الأسبوعية هي مراجعة من الشيخ للحافظ لمعرفة مدى ترسيخ القرءان الكريم حفظا تاما لدي الحافظ وكان يتم دالك فى يوم الخميس لأن مساءه يكون عطلة للتلاميد والطلبة مساء الخميس ويوم الجمعة وكانت طريقة المراجعة تتم بطريقتين
الطريقة الأولي سماع الشيخ من الحافظ ما حفظه طيلة الأسبوع من كلام الله تعالي ويكون فى دالك اختبار من الشيخ حول الرسم والشكل والكتابة
الطريقة الثانية التلاوة الجماعية من التلاميد والحفاظ والشيخ يسمع ما يقرأون ويرددون وفيها من المنافع العديدة ما لا يحصي
الطريقة الخامسة تعليم الأطفال والطلبة كيف يتعاملون مع الشيخ توقيرا واحتراما لاسيما حين يختم القرءان الكريم كيف كانت تكلل ختمات القرءان الكريم عند الأسر المغربية بالفرحة والبهجة وتكريم الشيخ المحفظ
هدا ما استطعت أن أقدمه حول تحفيظ القرءان الكريم بالمدينة المباركة وسوف تكون هناك موضوعات مهمة لها ارتباط قوي بالموضوع والعلة في دالك النظر فيما قدمه الأولون من الشيوخ ومن ألأسر نحو القرءان الكريم تعليما وتحفيظا وحفظا ورواية
أخوكم يوسف الوزاني يسألكم الدعاء(/)
لمن يُحب أمَّ القرآن: تحريك الجَنان لتدبر وتوقير أمِّ القرآن
ـ[عصام العويد]ــــــــ[23 Jun 2010, 02:47 ص]ـ
ما من مسلم إلا وهو يحب هذه السورة العظيمة، ويعرف شرفها وفضلها
لكن قد رانَ رانٌ على قلوبنا فضعف تعظيمها وتوقيرها
في نفوس عدد من طلاب العلم، فكيف بعامة الناس؟
وهذا داء يُبتغى دواؤه، ومرض عضال لا بد من تطبيبه
فدونكم أحبتي وقفات وتأملات مختصرات، مزجت بين التفسير والتدبر
أضعها بين أيديكم للنظر والمراجعة
فأنا أرغب أن تكون بين أيدي الناس
قُبيل شهر القرآن بإذن الله،،
أخرج البيهقي في شعب الإيمان
عَنِ الْحَسَنِ البصري رحمه الله، قَالَ:
" أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِائَةً وَأَرْبَعَةَ كُتُبٍ مِنَ السَّمَاءِ
أَوْدَعَ عُلُومَهَا أَرْبَعَةً مِنْهَا: التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ وَالْقُرآنَ،
ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ في َالْقُرآنِ،
ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْقُرْآنِ في الْمُفَصَّل،
ثُمَّ أَوْدَعَ عُلُومَ الْمُفَصَّلِ في فَاتِحَة الْكِتَابِ،
فَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَهَا كَانَ كَمَنْ عَلِمَ تَفْسِيرَ
جَمِيعِ كُتُبِ اللهِ الْمُنَزَّلَةِ "
سورة الفاتحة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
+الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (1) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (3) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (4) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (5) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (6) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7) _ ()
فضلها: جاء الثناء عليها مستفيضاً في القرآن وصحيح السنة، ومن ذلك:
• هي أفضل القرآن: فعن أَبي سَعِيد بن الْمُعَلَّى ت: قَالَ لي رسولُ اللهِ خ «أَلاَ أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ في القُرْآن ثم قَالَ: الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي وَالقُرْآنُ العَظِيمُ! رواه البخاري.
وهو يشير خ إلى قوله تعالى + وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ_[الحجر: 87]
• لم ينزل في القرآن ولا في التَّوراةِ ولا في الإنجيلِ مثلُها، فقد أخرج التِّرمذيُّ وصححه: أنَّ النبيَّ خ قال لأُبيِّ بنِ كعبٍ ت: «أتحبّ أن أعلِّمك سورةًً لم يُنزل في التَّوراة ِ، ولا في الإنجيلِ، ولا في الزَّبور ِ، ولا في الفرقانِ مثلُها؟» قلت: نعم. فقال خ: «كيف تقرأ في الصَّلاة؟» فقرأتُ أمَّ القرآن، فقال: «والذي نفسي بيدِه ما أُنزل في التَّوراةِ، ولا في الإنجيلِ، ولا في الزبور ِ، ولا في الفرقانِ مثلُها».
وعن ابنِ عَبَّاسٍ ب: «بَيْنَمَا جِبْريلُ عليه السلام قَاعِدٌ عِنْدَ النبي خ سَمِعَ نَقيضاً () مِنْ فَوقِهِ، فَرَفَعَ رَأسَهُ، فَقَالَ: هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ اليَوْمَ وَلَمْ يُفْتَحْ قَطٌّ إِلاَّ اليَوْمَ، فنَزلَ منهُ مَلكٌ، فقالَ: هذا مَلكٌ نَزلَ إلى الأرضِ لم ينْزلْ قطّ إلاّ اليومَ فَسَلَّمَ وقال: أبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤتَهُمَا نَبيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الكِتَابِ، وَخَواتِيمُ سُورَةِ البَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهَا إِلاَّ أُعْطِيتَه!. رواه مسلم
• أنها لبُّ الصلاة التي هي عمود الإسلام: فعن عبادة بن الصامت ت أن رسولَ الله خ قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» أخرجه الستة.
والأحاديث في فضلها متواترة،،
موضع نزولها: في أم القرى مكة المكرمة على الصحيح، نُقل ذلك عن عليٍّ وابن عبَّاسٍ وأبي هريرة ن، ويدل عليه أنَّ «سورة الحِجْر» مكِّيَّةٌ بالاتفاق، وقد أُنزل فيها: + وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ _ (87) , وقد بينّ النبيُّ خ أن المراد بها الفاتحة، فعُلم أنَّ نزولهَا متقدمٌ على نزول «الحِجْر».
أسماؤها: كثيرة منها: فاتحة الكتاب، والسبع المثاني، وأم القرآن، أو أم الكتاب، والشافية، والكافية، والوافية، وأساس القرآن، وغيرها كثير.
(يُتْبَعُ)
(/)
عدد آياتها: وهي سبعُ آياتٍ كما دلَّ عليه قولُه تعالى +سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي_ وفسرها النبي خ بالفاتحة كما سبق، ونقل غيرُ واحدٍ الاتفاق على أنَّها سبعٌ منهم ابنُ جرير الطبري، وفيه خلاف شاذ.
معاني كلماتها:
الْحَمْدُ: الثناء بالجميل مع الحب والإجلال للممدوح، وبدون ذلك يُسمى مدحاً لا حمداً.
اللَّه: علم على الذات العلية المقدسة، أي المألوه وهو المعبود الذي تألههُ القلوب فتعبده سبحانه، ولم يتسمّ بهذا الاسم غيره جل وعلا.
رَبِّ: الرب هو الذي يربي غيره بنعمه وعنايته.
الْعالَمِينَ: جمع عالَم، وهو كل موجود سوى اللّه تعالى.
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ: صفتان للّه مشتقتان من الرحمة، والرحمن: صيغة مبالغة أي: عظيم الرحمة، وهو اسم عام في جميع أنواع الرحمة لكل المخلوقين بلا استثناء، وأما الرحيم فهي أخص كما قال تعالى + وكان بالمؤمنين رحيماً _.
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ: أي مالك يوم الحساب والجزاء، وخص لفظ (الدين) من دون الأسماء الأخرى ليوم القيامة لأن المقصود التنويه بما يكون في ذلك من المجازاة والمحاسبة التامة الشاملة.
إِيَّاكَ نَعْبُدُ: أي نخصك بالعبادة ولا نعبد غيرك، والعبادة هي: الطاعة والتذلل.
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ: أي نخصك بطلب المعونة، فأنت مصدر العون والفضل والإحسان.
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ: عرِّفنا ودلنا يا رب إلى الطريق المعتدل، الذي هو أقرب الطرق الموصلة إليك وإلى جنتك.
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ: طريق من أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ: لا تجعلنا من المغضوب عليهم: وهم الذين عرفوا الحق فلم يعملوا به. ولا من الضالين: الذين لم يعرفوا الحق فعبدوا الله بجهل.
«آمين»: أي استجب دعاءنا يا ربنا، وهي ليست من القرآن.
وقد أخرج الأئمة الستة عن أبي هريرة ت أن رسول اللّه خ قال: «إذا أمّن الإمام فأمنوا، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه».
يتبع بإذن الله،،
ـ[طالبة المغفرة]ــــــــ[23 Jun 2010, 05:13 ص]ـ
بارك الله فيكم شيخنا الفاضل.
فكم نحن بحاجة لتدبر هذه السورة العظيمة، وأن نقف مع كل آية منهابقلوب واعية.
قال ابن كثير رحمه الله في قوله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم):لولا احتياج العبد ليلا ونهارا إلى سؤال الهداية لما أرشده الله إلى ذلك؛ فإن العبد مفتقر في كل ساعة وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية ورسوخه فيها وازدياده منها واستمراره عليها. (1/ 139)
نسأل الله تعالى أن يهدينا ويعفو عنا.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[23 Jun 2010, 07:57 ص]ـ
ما رأيك بلفظ (الله) ولفظ (آمين) هل هما عربيان أم أعجميان؟؟؟ وبارك الله بك
ـ[عصام العويد]ــــــــ[23 Jun 2010, 01:00 م]ـ
- إشارات إلى بعض ما تحويه سورة الفاتحة من العلوم:
1 - مقصود السورة: السورة هي أم القرآن كما وصفها النبي خ بذلك فهي جامعة لكل علومه، ولذا كانت الفاتحة مبنية على معاني الكمال والشمول لحق الخالق ومصلحة المخلوق، فتأمل ــ سلمك الله ــ هذه المعاني في أم القرآن:
أ) نصفها الأول: مبنياً على إثبات استحقاق الله تعالى واختصاصه بالكمال المطلق، فإن قوله تعالى: +الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ _ يتضمن الأصل الأول، وهو معرفة الرب تعالى ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله.
ب) ونصفها الثاني: مبنياً على ما يحقق للعبد كماله البشري، ويُوفي له بقضاء حاجاته، ونيل سعاداته في الدنيا والآخرة، وهذا ظاهر بما حققته من المعاني والوجوه التي تضمنها قوله + اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ... _، فهو بيان أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم، وأنه لا سبيل له إلي الاستقامة إلا بهداية ربه له ().
ويتضمن بيان طرفي الانحراف عن الصراط المستقيم، وأن الانحراف إلى أحد الطرفين انحراف إلي الضلال الذي هو فساد العلم والاعتقاد، والانحراف إلى الطرف الآخر انحراف إلي الغضب الذي سببه فساد القصد والعمل ().
(يُتْبَعُ)
(/)
ت) وبينهما: بيان الطريق الموصلة إليه، وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه واستعانته على عبادته (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فهو لا سبيل له إلى عبادته إلا بمعونته.
ولذا كان مقصودها أعظم المقاصد، وهو تحقيق كمال العبودية لله (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56].
- فأولها: بيان لأسباب الاستحقاق +الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (1) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (3) _.
- وأوسطها: اعتراف وإقرار (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (4)).
- وآخرها: وصفٌ للطريق وطلبٌ لتحقيقه (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (5) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (6) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)).
2 - تحوي مقامات الإيمان الثلاثة: المحبة والرجاء والخوف، والتي لا يستقيم إيمان المسلم إلا بها، فالمحبة في قوله (الحمد لله)، والرجاء في قوله (الرحمن الرحيم)، والخوف في (مالك يوم الدين).
3 - وتشتمل على أصول العقيدة والأحكام والأخبار اللازمة لكل مسلم:
• أما أصول العقيدة فهي:
أ) الإقرار بالربوبية لله وحده؛ فلا خالق ولا رازق ولا محيي ولا مميت إلا هو سبحانه.
ب) الإقرار له بالألوهية؛ فلا معبود بحق إلا هو وحده سبحانه.
ت) إثبات النبوة والبعث.
يقول الحافظ ابن رجب: في تفسيره لسورة الفاتحة (): وسورةُ الفاتحةِ تضمَّنت التَّعريف بالرَّبِّ سبحانه بثلاثة أسماءٍ ترجِعُ سائرُ الأسماءِ إليها، وهي: (اللهُ) وَ (الرَّبُّ) و (الرَّحمنُ)، وبُنيَتِ السُّورةُ على الإِلهيَّة والرُّبوبيَّة والرَّحمة؛ فـ + إِيَّاكَ نَعْبُدُ _ مَبْنيٌّ على الإِلهيَّة، و (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) مَبْنيٌّ على الرُّبوبيَّة، وطلبُ الهداية إلى صراطِه المستقيمِ مَبْنيٌّ على الرَّحمةِ.
وتضمَّنت السُّورةُ: توحيدَ الإِلهيَّةِ والرُّبوبيَّةِ بقولهِ: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، ولما كانَ كلُّ أحدٍ مُحتاجًا إلى طلبِ الهِدايةِ إلى الصراطِ المستقيمِ وسُلوكِه عِلْمًا ومعرفةً، ثم عَملاً وتلبُسًا، احتاجَ العبدُ إلى سُؤالِ ذلك وطَلبِه ممن هو بيدِه، وكان هذا الدُّعاءُ أعظمَ ما يَفتقِرُ إليهِ العبدُ ويَضطرُّ إليه في كلِّ طرفةِ عَيْنٍ، فإنَّ النَّاسَ ثلاثةُ أقسامٍ:
قسمٌ عَرَفُوا الحقَّ وحادُوا عنه وهم: المغضوبُ عليهم.
وقسمٌ جَهِلُوهُ وهم: الضَّالون.
وقسمٌ عَرَفُوهُ وعَمِلُوا به وهم: المنعَم عليهم.
ولما كان العَبدُ لا يملك لنفسِه نفعًا ولا ضرًّا احتاجَ إلى سؤالِ الهِدايةِ إلى صراطِ المنعَمِ عليهم، والتخلُّص من طريق أهل الغَضَبِ والضَّلالِ ممن يَمْلِكُ ذلك ويقدرُ عليه.
وتضمَّنت السُّورةُ أيضًا: إثباتَ النُّبُوَةِ والمعاد ِ، أمَّا المعادُ: فمن ذِكْرِ يومِ الدِّين، وهو يومُ الجزَاءِ بالأعمال، وأمَّا النبُّوَّةُ: فمِن ذِكْرِ تقسيم الخلق إلى ثلاثةِ أقسامٍ، وإنَّما انقسمُوا هذه القِسْمَة بحسبِ النَُّبوَّاتِ ومَعرفتِهم بها ومُتابعتهم لها. ا هـ
• وأما أصول الأحكام:
فهي مضمنة في قوله تعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) فالعبودية التامة لله لا تكون إلا بطاعة أوامره واجتناب نواهيه، والضدّ بالضِّد أيضاً.
• وأما أصول الأخبار:
فهي مضمنة في قوله تعالى (صراط الذين أنعمت ... )، فأخبار القرآن كلها لا تخرج عن واحد من ثلاث: إما عالم عامل، أو عالم معاند، أو عابد جاهل.
يتبع بإذن الله،،
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[23 Jun 2010, 01:12 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا عصام
بودي لو أن المشرف غير علامات الصليب التي في الموضوع
ـ[عصام العويد]ــــــــ[23 Jun 2010, 01:51 م]ـ
الشيخ الفاضل / تيسير
لفظ الجلالة (الله): لا أعرف من قال بأنه أعجمي، وإنما الخلاف المشهور في كونه جامدا أو مشتقاً؟
وأما لفظ (آمين) بالمد: فزنته أعجمي كقابيل وهابيل وهذا اختيار الأخفش ومن وافقه،
والقول بعربيته له وجه قوي وهو الأصل حتى وإن كان ليس له نظير في أبنية العربية،
والترجيح في مثل هذا عسر، والفائدة منه ليست بتلك، والعلم عند الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Jun 2010, 10:20 ص]ـ
فتح الله عليكم يا أبا عبدالرحمن وتقبل منكم.
قرأتُ ما تفضلتم به ولا مزيد، وأقترح عليك إضافة ما ذكره العلامة محمد عبدالله دراز في كلامه على الفاتحة، فقد ذكر فيها كلاماً لم أجده لأحد من المفسرين، في كون الفاتحة هي السورة الوحيدة التي توجه الخطاب فيها من العبد للرب، بخلاف بقية السور، فالقرآن كله جاء بناء على الطلب الذي فيها (اهدنا). ليتك تراجع كلامه وتلخص أهم ما فيه في هذه الورقات فسيكون له شأن في النفع بها إن شاء الله.
وفقك الله وزادك علماً وتوفيقاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عصام العويد]ــــــــ[26 Jun 2010, 04:12 م]ـ
4 - وفيها حقيقة الصلاة، وهي حضور القلب واستشعاره لخطاب الرب:
يوضح ذلك الحديث القدسي في صحيح مسلم من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أن النَّبِي صل1 قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ.
فإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي،
وَإِذَا قَالَ: (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَي عَبْدِي،
وَإِذَا قَالَ: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي،
فَإِذَا قَالَ: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ،
فَإِذَا قَالَ: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ.
فاستشعر هذا الحوار من الله معك أيها القائم بين يدي ربك.
وهنا فائدة لطيفة:
وهي الترقي في الخطاب من البرهان إلى العيان، والانتقال من الغيبة إلى الشهود، وكأن المعلومَ صار عياناً، والمعقولَ مشاهداً، والغيبةَ حضوراً.
• كيف جاء الترقي في سورة الفاتحة؟
لو تأملت في أولها سترى أن الخطاب فيه للغائب (الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين)، فلما زدت في ثنائك كأنه أُذن لك فوصلت إلى حضرته سبحانه فأنت تراه وتخاطبه، ولهذا التفت من الغيبة إلى الخطاب فقلت: (إياك نعبد وإياك نستعين) ولم تقل: إياه.
فلما أذن سبحانه لك وأقررت له بتمام العبودية له وحده وكمال الاستعانة به سبحانه؛ طمعت بالمزيد فسألت (اهدنا الصراط ... ).
فتأمل هذا المعنى واستحضره في الصلاة، تجد في قلبك عجباً من تمام الهيبة والرغبة معاً.
يقول ابن كثير:: وتحول الكلام من الغيبة إلى المواجهة بكاف الخطاب هو المناسب؛ لأنه لما أثنى على الله فكأنه اقترب وحضر بين يدي الله تعالى؛ فلهذا قال: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ().
ويقول ابن عاشور:: وما هنا التفات بديع، فإن الحامد لما حمد الله تعالى ووصفه بعظيم الصفات بلغت به الفكرة منتهاها فتخيل نفسه في حضرة الربوبية، فخاطب ربه بالإقبال ().(/)
أبعاد (حتى يغيروا ما بأنفسهم)
ـ[أحمد قطشة]ــــــــ[23 Jun 2010, 07:25 ص]ـ
تحدثنا في مقال سابق (الإسلام المهنة، والنفع، ومآذن سويسرا) عن أن الإسلام هو عمل ومهنة وليس دين فقط، والمطلوب ممن يعمل به أن يتحمل مسؤوليته التي سيسأله الله عنها، وإستقينا هذا الفهم من قوله عليه الصلاة والسلام: (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، فلكل واحد منا مسؤوليته التي يجب أن يهتم بها، وقلنا حينها أن هذه المسؤولية تنبع مما إستخلفه الله في كل فرد منا، من قدرات وميزات، يعتقد أنه متفوقٌَ بها على الآخرين، وقلنا إن هذا هو مجال الإستخلاف لكل فرد، وهو مجال المسؤولية المناطة به.
لكن ماهي المحصلة النهائية لهذا الإستخلاف، أعني إستخلاف الأفراد وبالتالي إستخلاف الأمة، أليست هي إقامة الدين وتحقيق النهضة الإنسانية وتقديم النموذج الحقيقي الذي إختاره رب العالمين ليكون النموذج الخاتم، وبالتالي تكون نهضة الأمة، هي إحدى إنعكاسات هذا الإستخلاف، وهذا الإستخلاف هو إحدى إنعكاسات النهضة، فالنهضة والإستخلاف، مترافقان، وأزعم أن النجاح في أحدهما يستلزم النجاح في الآخر.
ما أريد قوله هو أن الإستخلاف هو عملية تراكمية، لن تحدث فجأة، تماماً كالنهضة، فهما لن يحدثا بين يوم وليلة، ولا يجب أن نتوقع أو أن نطلب من رب العالمين أن يقول سبحانه: كن…فيكونا، هكذا بدون مقدمات، وبدون جهد منا، فهما لا ينشأن بمعجزة أو واقعة طارئة، فزمن المعجزات إنتهى منذ بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
وبالتالي أيها الأحبة، فلا يخفى عليكم حال الأمة اليوم، وتعرفون أن مع كثرة المتأسفين على حالها، قد نجد حلولاً تتجاوز هذا العدد، تتراوح بين المعقول واللامعقول، بين إعادة إختراع العجلة، وبين تقديم حلول إبداعية حقيقة، بين تجريب المجرب (أياً كان)، وبين الحرص على إستنباط حل مناسب وواقعي لحال الأمة اليوم، وليس حلاً كان مناسباً في مرحلة ما، أو نافعاً لأمة ما.
والملفت للنظر أن الجميع، أو الأغلب الأعم، تراه متفقاً على مركزية قوله تعالى (حتى يغيروا ما بأنفسهم) كقاعدة أساسية وجوهرية نحو التغيير والإصلاح المنشود.
لكن، هل أدركنا فعلاَ الأبعاد الحقيقية لهذه الآية، وهل هناك حلول عملية جماعية يقتضيها هذا التغيير "بالنفس"، أم أن التغيير يبقى محصوراً في إطار المواعظ العامة والأخلاق، وزيادة الصلاة والصوم وسائر العبادات الأخرى.
بطبيعة الحال، لا ندعي في هذه المحاولة أننا سنحيط بكل جوانب هذه الآية، فهذا إدعاء، فضلاً عن عدم جوازه شرعاً، لا نملك أن نطلقه على أنفسنا، ليس تواضعاً لكن إعترافاً بمدى قصور إدراكنا ومعرفتنا عن إحاطتها بكلمات الله، وحسبنا في هذه الوقفة أن نتعرض لفكرة أو إثنتين تتعلقان بهذه الآية، والفكرة المباشرة أن التغيير يبدأ بالنفس.
قبل أن نشرع في ذلك، أحب أن أوضح أنه في القرآن الكريم، نجد محورين لبناء النفس الإنسانية، أو لبناء الإنسان:
المحور الأول: بناء ذاتي أو رأسي أو فردي، دعامته الأساسية إقامة الشعائر وأدائها، والحفاظ على الأخلاق، والدليل على ذلك كل تلك الآيات المبثوثة في القرآن عن العبادات.
لكن هذا لم يكن كافياً لبناء الإنسان، فالإنسان المسلم تحديداً يتحرك في إطار الجماعة، ومسؤوليته تتجاوز دائماً بناءه الذاتي، لتصل لبناء الجماعة، وهذا هو المحور الثاني لبناء الإنسان في القرآن، أو المحور الأفقي، أما دليله، فهو أنك لا تجد في القرآن الكريم آية واحدة تقول يا أيها المسلم أو المؤمن.
قد يتبادر للذهن هنا، أن المطلوب أن تتحول إقامة الشعائر أو إصلاح الأخلاق لتصبح على مستوى الجماعة بدلاً من حصرها على مستوى الفرد، ولا شك أن هذا مطلوب وواجب، لكنه ليس كل المطلوب وليس كل الواجب.
هنا يأتي قوله تعالى (حتى يغيرواما بأنفسهم) ...
منذ فترة وأنا أفكر في هذه الآية وأسأل نفسي: لماذا لم يقل عز وجل حتى يغيروا ما في أنفسهم، بل قال ما بأنفسهم؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
يفيد حرف الباء في اللغة العربية المجاورة والإلصاق، كقولنا ممرت بأحمد، أو أمسكت بيد أحمد، كما تفيد الظرفية الزمانية كقولنا تقطع الطائرة المسافة بساعة واحدة، وتفيد الظرفية المكانية كقولنا نزلت بدمشق، في حين تفيد “في” الظرفية الزمانية والمكانية، كقولنا: صمت في رمضان في دمشق، من هنا نجد أن الباء تشمل معاني في، فالتغيير في داخل النفس، لكنها تحمل معنى آخر عن التغيير لما هو ملاصق للنفس، أو بجوراها.
هذا الجوار للنفس، قد يكون نفساً أخرى، قد يكون مجتمعاً كاملاً، وقد يكون ظرفاً تمر به تلك النفس، بكلمات آخرى إن هذه الآية تتضمن معنى أن تغيير الأوضاع الإجتماعية يتم بصورة مباشرة، وبالتعرض لهذه الأوضاع ومعالجتها، وليس عبر التغيير داخل النفس كما قد يُفهم من هذه الآية على سياق واسع.
لنتأمل مرة أخرى قوله تعالى (((ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ))) [الأنفال: 53] وقوله تعالى (((لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ))) [الرعد: 11] ولنركز في الآيتين على قوله تعالى (((إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)))، متجاوزين بعض الجزئيات عن النعمة وزوالها.
هناك محوران يجب توضيحهما لنفهم الآية…
المحور الأول أن في الآية تغييران، أحدهما حدوثه معلق والآخر حدوثه مطلق، المعلق هو تغيير الله سبحانه وتعالى، علّق حدوثه على حدوث التغيير الثاني المطلق، وهو تغيير الأفراد لما بأنفسهم.
إذن حقيقة هناك تغيير واحد، هو التغيير البادئ من الأشخاص، والمتعلق بهم وبقرراهم، فإن أرادوا التغيير، فالله سبحانه وتعالى لن يوقف إرادتهم، لإنه وكما هو واضح أنه أعطى إذنه سبحانه بالتغيير، بل وعلّق التغيير بإرادتهم، بمعنى أنه لن يغير شيئاً من عنده، حتى يبدؤوا هم بالتغيير، سواءّ للخير أو للشر، حينها سيتبدل حالهم وفق ما أحدثوه من تغيير، من هنا أيضاً نقول أن التغيير يحدث بإذن رباني، والإرادة الربانية المرتبطة بأذهاننا بكلمة “كن”، لا ينبغي أن يفهم منها أن تبقى الأوضاع على ما هي عليه حتى لحظة زمنية واحدة، تنقلب بعدها رأساً على عقب بصورة فجائية. "لصاحب الظلال رحمه الله كلام رائع في هذا المعنى عند تناوله لهذه الآية"
أما المحور الثاني، فهو أن التغيير ليس محصوراً فقط على تغيير مافي داخل النفس، بل يتعداه لإصلاح مافي داخل المجتمع من أوضاع مختلة، سواءّ دينية كعدم الصلاة والصوم، أو أخلاقية كالكذب والغش، أو اجتماعية كالظلم والقهر والتعدي على حقوق الناس، بل وحتى أوضاع إقتصادية وسياسية، وكلها من مجالات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فتغيير هذه الأوضاع يتم بمباشرتها ومعالجتها، وليس فقط بالإنكفاء والارتداد لإصلاح داخل النفس وزيادة عبادتها، حينها تكتمل صورة التغيير المنشود.
إضافة لذلك تجدر ملاحظة أن التغيير هو عمل جماعي، وليس عمل فردي، يتم في جماعة (بقوم) (على قوم) (حتى يغيروا) (أنفسهم)، فالتغيير المنشود (الذي سيأذن به سبحانه) والتغيير الفعلي (الذي تقوم به الجماعة) هو تغيير جماعي ينعكس على كل المحيط والمجتمع.
أعرف أن هذا الكلام قد لا يعجب البعض، لكن هذا لا يعني أنه خاطئ بطبيعة الحال، كما أنه لا يتضمن ولا يقترح صورةً لشكل هذا التغيير، سواء ثورة أو حرب أو حوار، لكن ما أود تاكيده على ضرورة إدراك أن هذا التغيير لا يقتصر على تغيير مافي داخل النفس من إصلاح وغيره، بل متعلق بالأوضاع المعاشة، ولهذا شواهد كثيرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
من هذه الشواهد، معركة أحد، فجميعنا نعرف أن الرماة عندما غيروا وضعهم وتركوا مواقعهم، حدث الإلتفاف على جيش المسلمين ووقعت الهزيمة، وكان سبحانه وتعالى قادراً على إيقافها، لكن سنته إقتضت أنه لا يغير حتى يغير البشر من أفعالهم، فكان المسلمون متجهين إلى النصر، فغيروا في حالهم ومواقعهم، فحدث بنتيجة هذا التغيير الهزيمة، فالله عز وجل كان قادراً على منع جيش قريش من الإلتفاف، لكنه لم يشأ أن يحدث ذلك، ولم يأمر بعكس ذلك.
من هنا كان قولنا في بداية المقال، أن النهضة والإستخلاف لا تحدث بمعجزة ولا يمكن أن نجلس بلا عمل وننتظر أن يقول رب العالمين "كن"، لأن سنته اقتضت أن يعمل الإنسان ويغير ليحقق مراد الله منه.
من هذه الشواهد أيضاً قوله عليه الصلاة والسلام حينما سُئل أنهلك وفينا الصالحون يارسول الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (نعم إذا كثر الخبث)، ومنها ماورد في الأثر من قوله عليه الصلاة والسلام: (أوحى الله إلى ملك من الملائكة أن أقلب مدينة كذا وكذا عل أهلها، قال إن فيها عبدك فلانا لم يعصك طرفة عين، قال اقلبها عليه وعليهم، فإن وجهه لم يتمعر في ساعة قط)
نعم ايها الأحبة، فهذا العبد لم يمارس الفهم الصحيح للدين، حينما إنكفأ على ذاته ونفسه، ولم يبادر لإصلاح ما حوله وهو مصداق لقوله عليه السلام في الحديث المرفوع: (المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم).
إن هذا تماماً عكس الصورة النمطية عن هذه الآية في أذهاننا، أن عليك أن تصلح نفسك فقط، وكل شيء سيكون جيداً بالتالي، إن هذا التصرف، أزعم أنه سيكوّن مايعرف بالتدين السطحي في المجتمع، وهو أن ترى المساجد مملوؤة بالمصلين، لكن ترى مع ذلك انعدام الصدق والأمانة، وقلة احترام الوقت واحترام الآخرين، وترى الظلم ممارس من الكبير على الصغير، ومن القوي على الضعيف، ولا أحد ينادي لاسترداد الحق، في حين أن المفروض أن تكون صلاتك هي حافزك لقول الحق ودفع الظلم.
إن هذا يذكرني بمقولة للأستاذ جودت سعيد أن التوحيد مشكلة إجتماعية وسياسية، وليست فقط مسألة عقدية، بمعنى أننا يجب أن نمارس التوحيد في حياتنا العادية، وليس فقط أثناء صلاتنا وكافة اشكال عباداتنا، ويتجاوز ذلك إخلاص نيتنا لله عزوجل، ليصبح إدراكنا أن الرازق والمدبر هو الله سبحانه وتعالى، وحده وليس أحد آخر كرب العمل هو حافزنا لقول الحق، دون الخوف من إنقطاع الرزق، و أن يصبح إدراكنا أنه سبحانه هو العادل هو حافزنا لممارسة العدل والقول به في كل أنماط تفاعلاتنا، أقول أن نمارس وأن نفعل، لا أن ندرك فقط، فالإدراك متحقق بتوحيدنا له سبحانه وتعالى، لكن علينا أن نمارس هذا الإدراك.
لكن قد يأتي من يقول أن هذا الكلام غير دقيق، من ناحية ضرورة التدخل لتغيير وضع سلبي أو سيء، وبسهولة يمكنه أن يستشهد بقوله عليه الصلاة والسلام (إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتنة، المضطجع فيها خير من الجالس، والجالس فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي إليها، ألا فإذا نزلت أو وقعت، فمن كانت له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه، ومن لم يكن له شيء من ذلك فليعمد إلى سيفه، فيدق على حده بحجر، ثم لينج إن استطاع النجاء، اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت) الحديث صححه الألباني في الصحيح الجامع.
لكن لا أرى أن هذا الإستشهاد صحيح، فالنبي عليه الصلاة والسلام يتحدث هنا عن فتنة، وقتل وقتال، لكن ما نتحدث عنه هو الإصلاح والبناء والتغيير المستمر، والمرتبط بكل أوقات حياتنا، وليس النشاط المرتبط بإحداث الفتنة أو أحداثها، الإصلاح وليس القتال، الإصلاح بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالتالي فهذا منحى مختلف وبعيد عن مانقوله في هذا المقال.
أرجو أن تلاحظوا أيها الأحبة، أنني لست ضد المناداة بإصلاح النفس أولاً، وأعلم تماماً أن هذا هو مجال كبير للعمل، ومجال حيوي وهام للإصلاح، لكن أقول حتى يكتمل، يجب أن ينعكس بشكل مباشر في المجتمع، ولا يحسبنّ أحدٌ أن هذا الإنعكاس سيحدث فرقاً كبيراً في وقت قصير، فالتغيير عمل تراكمي، يحدث بتراكمات صغيرة، ليصل لشكله النهائي المنشود.
نهاية، لابد من التأكيد مرة أخرى، على ضرورة إعادة التفكير في آيات الله، بالطريقة التي نتمكن منها من إستنباط سننه سبحانه وتعالى في هذا الكون، مما يعود بالنفع علينا، وإقامة النموذج الإسلامي الذي يقدم النموذج الخاتم للبشرية، بمايليق بالموحدين لرب العزة وبمايليق بجهده عليه الصلاة والسلام في تبليغ الدين، وجهد من تبعه بإحسان إلى يوم الدين.(/)
{إِنّا سَمِعنا كِتابًا أُنزِلَ مِن بَعدِ موسى?} ... وأين الإنجيل؟
ـ[منيب عرابي]ــــــــ[23 Jun 2010, 09:56 ص]ـ
وَإِذ صَرَفنا إِلَيكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ يَستَمِعونَ القُرآنَ فَلَمّا حَضَروهُ قالوا أَنصِتوا ? فَلَمّا قُضِيَ وَلَّوا إِلى? قَومِهِم مُنذِرينَ ?29?
قالوا يا قَومَنا إِنّا سَمِعنا كِتابًا أُنزِلَ مِن بَعدِ موسى? مُصَدِّقًا لِما بَينَ يَدَيهِ يَهدي إِلَى الحَقِّ وَإِلى? طَريقٍ مُستَقيمٍ ?30? - الأحقاف
لماذا تكلموا عن التوراة ولم يذكروا الإنجيل وقد نزل بعد التوراة وقبل القرآن؟
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[23 Jun 2010, 07:06 م]ـ
قال ابن عطية في تفسيره لهذه الآية: وخصصوا {موسى} عليه السلام لأحد أمرين: إما لأن هذه الطائفة كانت تدين بدين اليهود، وإما لأنهم كانوا يعرفون أن موسى قد ذكر محمداً وبشر به، فأشاروا إلى موسى من حيث كان هذا الأمر مذكوراً في توراته. قال ابن عباس في كتاب الثعلبي: لم يكونوا علموا أمر عيسى عليه السلام، فلذلك قالوا {من بعد موسى}. وقولهم: {مصدقاً لما بين يديه} يؤيد هذا ونقل قريبا منه أبو حيان والقرطبي والرازي.
ووجه ابن عاشور تخصيص موسى عليه السلام بقوله: ووصف الكتاب بأنه {أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} دون: أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم لأن التوراة آخر كتاب من كتب الشرائع نزل قبل القرآن، وأما ما جاء بعده فكتب مكملة للتوراة ومبينة لها مثل زبور داود وإنجيل عيسى، فكأنه لم ينزل شيء جديد بعد التوراة فلما نزل القرآن جاء بهدي مستقل غير مقصود منه بيان التوراة ولكنه مصدق للتوراة وهاد إلى أزيد مما هدت إليه التوراة.
ـ[منيب عرابي]ــــــــ[24 Jun 2010, 11:45 ص]ـ
جزاك الله خيراً.
إذا كانت تلك الطائفة تدين باليهودية عندئذ التفسير واضح ... كما أكد ابن عباس.
أما أن كتاب موسى بشر بمحمد عليهما السلام ... فالإنجيل بشر بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً.
وأما وجه ابن عاشور أن التوراة آخر كتب الشرائع ... فإن الإنجيل له مكانة عالية جداً بين الكتب السماوية أيضاً ... فلا أظن - وهذا ظن فقط - أنه سبب وجيه لئلا تذكر الجن الإنجيل .... إلا إذا كانت لا تعرفه ... وهنا نعود إلى الرأي الأول.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jun 2010, 04:15 م]ـ
هذه الآية يستدل بها بعض المفسرين على أن الجنَّ الذين قالوا هذا كانوا يَجهلونَ رسالة عيسى عليه الصلاة والسلام، وأَنَّهم كانوا لا يعرفون إلا موسى ورسالته، وهذا دليلٌ على نقص معرفة أولئك الجن، وهذا كافٍ في توجيه هذه الآية الكريمة.
ويؤيدون هذا الفهم بقول الله تعالى عن قصة الجن مع سليمان لما توفي ولم يعلموا وفاته إلا بسقوطه بعد أن أكلت دآبَّةُ الأرض منسأَتَهُ: (فلما خرَّ تبيَّنت الجنُّ أَنْ لو كانوا يعلمون الغيبَ ما لبثوا في العذاب المهين [سبأ 14]. وقد تحدث المفسرون عن معرفة علم الغيب الذي يعرف الجنُّ بعضه عندما كانوا يسترقون السمع قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم والمقصود باستراق السمع ويمكن مراجعة ذلك عند كلام المفسرين على آيات سورة الجن.
ـ[عالية بهمتي]ــــــــ[19 Dec 2010, 03:58 م]ـ
وجه آخر ذكره بعض المفسرين بأنه خص التوراة بالذكر لأنه متفق عليها عند أهل الكتابين ...
فاليهود لا يعترفون برسالة عيسى عليه السلام بخلاف النصارى فهم يقرون برسالة موسى عليه السلام
لذا فإن ورقة بن نوفل حين ذكر له حال الرسول صلى الله عليه وسلم مع الوحي قال: هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى, مع أن ورقة نصراني ولكن ذكر الكتاب المتفق عليه بينهم ... والله أعلم
ـ[منيب عرابي]ــــــــ[19 Dec 2010, 05:32 م]ـ
وجه آخر ذكره بعض المفسرين بأنه خص التوراة بالذكر لأنه متفق عليها عند أهل الكتابين ...
فاليهود لا يعترفون برسالة عيسى عليه السلام بخلاف النصارى فهم يقرون برسالة موسى عليه السلام
لذا فإن ورقة بن نوفل حين ذكر له حال الرسول صلى الله عليه وسلم مع الوحي قال: هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى, مع أن ورقة نصراني ولكن ذكر الكتاب المتفق عليه بينهم ... والله أعلم
تعني أنه كان هناك جن يهود وجن نصارى في الجالسين .... فذكر ذلك الجني التوراة لأن الفريقين يؤمنون به ..... مممم .... احتمال ولو أنه بعيد بنظري.
(يُتْبَعُ)
(/)
شكراً على معرفة احتمال آخر ذكره المفسرون بكل حال.
الاحتمال الأقرب بوجهة نظري هو ما ذكره الشيخ عبد الرحمن الشهري والله أعلم.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[19 Dec 2010, 07:00 م]ـ
سئل هذا السؤال في برنامج لمسات بيانية فأجاب الدكتور حسام النعيمي في حلقة والدكتور فاضل السامرائي في حلقة أخرى بهذه الإجابة:
السؤال: لماذا لم يذكر الإنجيل بعد موسى في قوله تعالى (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) الأحقاف)؟
د. حسام النعيمي:
الآية الكريمة في سورة الأحقاف. والمخاطبة للرسول صلى الله عليه وسلم (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) الأحقاف) أولاً النفر من 3 إلى 10، الجماعة الإثنان جماعة أول الجمع إثنان في اللغة أول الجمع إثنان لأنه معنى الجمع أن تضم شيئاً إلى شيء وأول الجمع إثنين لأنك تجمع هذا إلى هذا وأنت تصلي جماعة ومعك شخص واحد. الفِرقة أكبر. المهم النفر، إن الذين إستمعوا كانوا عدداً قليلاً من الجنّ ومن جِنّ جزيرة العرب لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن في مكة فهؤلاء إستمعوا. الدين الذي كان سائداً قبل الإسلام في جزيرة العرب هو اليهودية وليس النصرانية. اليهود كانوا قبائل في جزيرة العرب. علماؤنا يتكلمون في هذه القضية كلاماً بما قد لا يكون مقنعاً وما أختاره أنا وأراه مقنعاً أن هؤلاء الجنّ كانوا قد عرفوا عبادات اليهود أو آمنوا بموسى عليه السلام. اليهودية الآن أي يهودي لو سألته ما قولك بعيسى عليه السلام؟ لا يقول هو نبي وأُنزل عليه كتاب، هو لا يؤمن بعيسى عليه السلام ولا بكتابه كما أنه لا يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا بكتابه. اليهودي هذه عقيدته ولذلك بقي يهودياً وإلا كان يصبح نصرانياً أو مسلماً. اليهود من بعد موسى عليه السلام لا يؤمنون به. هؤلاء الجنّ لا يبعد أنهم كانوا من اليهود والدليل على إنتشار اليهودية أنه حتى ورقة بن نوفل لما ذهب إليه الرسول صلى الله عليه وسلم وقصّ عليه ما وقع له في الغار قال له: إن الناموس الذي أُنزِل على موسى. الذي في السيرة أن ورقة بن نوفل كان مؤمناً بدين يهود لأنه كان منتشراً في الجزيرة. لاحظ في المدينة كم قبيلة يهودية كانت: بنو قينقاع، بنوالنضير، بنو قريظة، سكان خيبر. أما النصارى فجاءوا من نجران ليحاوروا الرسول صلى الله عليه وسلم. ما كان هناك نصارى في الجزيرة. عيسى عليه السلام ليس نبيّاً عندهم. عند اليهودي عيسى عليه السلام إنسان يستحق القتل. هو بُعث إليهم، إلى بني إسرائيل وحوّلوا بعثته إلى عالمية وصاروا يدعون الناس للدخول في دينهم وهو بُعث إلى بني إسرائيل والإسلام هو الدين العالمي ما قال بعثت إلى العرب (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). ظاهر النص في الآية أن الجنّ يؤمنون لأنه دعاهم إلى الإيمان ولذلك بعض العلماء يقول الجنّ لا يكون منهم رسول وبعضهم يقول (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) وإنما قالوا هؤلاء منذرون وليسوا رسلاً لأن الرسل من البشر لأنه قال: (وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) فإذن هم يتبعون أنبياء البشر. عيسى وموسى عليهما السلام لم يُبعثا للناس كافة، رسالة موسى عليه السلام أن أرسل معنا بني إسرائيل، هذه رسالته فقط. الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الدين لأنه الدين الخاتم ختم الله تعالى به الأديان كان للثقلين بكل ما وُجد منهم هذا الدين عاماً عالمياً. هذه الآيات تشير إلى أن الجنّ كانوا من أتباع موسى عليه السلام ولم يكونوا يعرفون عيسى عليه السلام أو يعرفونه ولم يعترفوا به لأنهم كانوا باقين على ديانتهم. نحن لا نرفض أن يدخل يهودي الإسلام ولا نقول له أدخل في النصرانية
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً ثم تعال إلى الإسلام. إذا أراد اليهودي أن يدخل في الإسلام يدخل. هؤلاء الجن كانوا من الجن الذين يعرفون دين موسى عليه السلام والذي يعرف دين موسى فقط إذا كان يهودياً لا يعترف بعيسى لأنهم حاولوا قتله. لو إعترفوا به نبيّاً ما صلبوا هذا المشبّه وقتلوه على أنه عيسى عليه السلام وقتلوا من وراءه (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (91) البقرة) لذا قالوا (من بعد موسى) كانوا يهوداً ودخل الإسلام في قلوبهم فإذن من موسى إلى محمد صلى الله عليه وسلم ينتقلون. بعد أن دخلوا في الإسلام وعندما يقرأون القرآن عند ذلك يجب أن يؤمنوا بأن عيسى عليه السلام كان نبيّاً لأنه حتى يكتمل إيمان المسلم ينبغي أن يؤمن بما ورد في كتاب الله عز وجل وفي كتاب الله إثبات نبوة عيسى عليه السلام.
(وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا) حضروه بمعنى حضروا القراءة. كان صلى الله عليه وسلم يتلو القرآن فقالوا أنصتوا فلما إنتهت القراءة ولّوا إلى قومهم منذرين. لما ننظر في مسؤولية المؤمن، من يؤمن بهذا الدين سمعوا آيات فانطلقوا بها ونحن نسأل أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما أدخل أول خمسة في الإسلام (أول من أقام الصلاة ثمانية جباه تسجد لله خمسة منها جاء بها أبو بكر وجبهة أبو بكر وجبهة علي وجبهة زيد بن حارثة) ماذا كان عند أبي بكر من معلومات إسلامية؟ آيتين أو ثلاث لكن إنطلق بها كذلك الجن ولهذا بعض الناس لما تقول له إنصح جارك يقول لك ليس عندي علم. هذا العلم الذي عندك أن الصلاة واجبة وأنالصوم واجب وأن الربا حرام هذا يكفي وأكثر مما كان عند أبي بكر. (فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) أي لما دخل الإيمان في قلوبهم إنطلقوا إلى قومهم يدعونهم إلى الإسلام.
************************************************
د. فاضل السامرائي:
هذا كلام الجن ويقال هؤلاء من اليهود الذين لا يعترفون بالإنجيل أصلاً. هنالك من آمن به وإن لم يُرسل إليهم. هناك جن يهود ونصارى أتباع عيسى وموسى قالوا هؤلاء من اليهود، لم يعترفوا بعيسى شأن البشر. (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا (130) الأنعام) هم كلهم مكلفين (الثقلان). قالوا هؤلاء من اليهود فلم يعترفوا بعيسى. ثم هنالك أمر آخر النصارى يعترفون بالتوراة ويعتبرون أنهم مكلفون بما جاء فيه لأن عيسى عليه السلام قال ما جئت لأنقض الناموس والنصارى يعتقدون بصحة ما جاء في التوراة ويعتبرون نفسهم مكلفين بما هو فيه. إذن هؤلاء الجن من اليهود الذين لا يعترفون بعيسى.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[19 Dec 2010, 07:19 م]ـ
الظاهر أن الحكم بأن هؤلاء الجن كانوا يهودا يحتاج إلى دليل يمكن الاستناد إليه؛ وهو معدوم هنا حتى الآن.
والقول بأنهم كانوا يجهلون مجيء عيسى عليه الصلاة والسلام أيضا يحتاج إلى صحة الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما فإن صح فبها ونعمت وإلا فهو أمر بعيد جدا.
وأقرب الأقوال في نظري إلى الحق ما ذهب إليه ابن كثير رحمه الله تعالى وتبعه فيه من بعده من المفسرين كابن عاشور وغيره وهو أن الإنجيل كالمكمل للتوراة وأنه لا يحوي تشريعا كثيرا؛ وغالب ما فيه مواعظ وترقيقات ولذلك أغفلوا ذكره لأنه لا يساوي المذكورين "التوراة والقرآن" من حيث كثرة التشريعات وتشعبها ونحو ذلك.
والله تعالى أعلم.
ـ[مصطفي صلاح الدين]ــــــــ[19 Dec 2010, 07:20 م]ـ
سمعت قولا في هذا الصدد لأحد علماء الأزهر قال فيه: لأن رساله عيسي عليه السلام كانت متممه لرساله موسي عليه السلام، ولم ينسب قوله لأحد المفسرين، وقال بأن الجن تكلم مميزا بين الرسالتين، فهل أجد إحاله من أحد من إخواني لهذا القول أم أنه خالف في ذلك، أفيدوني جزاكم الله خيرا؟
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[19 Dec 2010, 08:01 م]ـ
يظهر ـ والله أعلم ـ أن الآية تحدثت عن موسى عليه السلام وليس عن التوراة أو الإنجيل لأسباب منها:
- أن موسى عليه الصلاة والسلام هو أعظم أنبياء بني إسرائيل، وشريعته هي الأصل عند من جاء بعده، لذا فإن علةَ الحديث عن موسى عليه الصلاة والسلام لا عن غيره تكون لتلك المكانة له عليه الصلاة والسلام.
- أن يكون هؤلاء الجن وأقوامهم أتباعاً لشريعته عليه الصلاة والسلام كما ذكر ذلك بعض المفسرين، وهو قويٌّ جداً.
- أن الجن قد قالوا: (مصدقاً لما بين يديه) ولم يخصصوا التوراة دون غيرها، فكلامهم يعمُّ جميع ما نزل من الكتب قبل القرآن الكريم؛ لذلك يبعد ـ والله أعلم ـ أن يجهل الجنُّ شريعةَ عيسى عليه الصلاة والسلام، وقد كانت ظاهرة جداً في ذلك الوقت.
والله أعلم،،،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مصطفي صلاح الدين]ــــــــ[19 Dec 2010, 08:45 م]ـ
يظهر ـ والله أعلم ـ أن الآية تحدثت عن موسى عليه السلام وليس عن التوراة أو الإنجيل لأسباب منها:
- أن موسى عليه الصلاة والسلام هو أعظم أنبياء بني إسرائيل، وشريعته هي الأصل عند من جاء بعده، لذا فإن علةَ الحديث عن موسى عليه الصلاة والسلام لا عن غيره تكون لتلك المكانة له عليه الصلاة والسلام.
- أن يكون هؤلاء الجن وأقوامهم أتباعاً لشريعته عليه الصلاة والسلام كما ذكر ذلك بعض المفسرين، وهو قويٌّ جداً.
- أن الجن قد قالوا: (مصدقاً لما بين يديه) ولم يخصصوا التوراة دون غيرها، فكلامهم يعمُّ جميع ما نزل من الكتب قبل القرآن الكريم؛ لذلك يبعد ـ والله أعلم ـ أن يجهل الجنُّ شريعةَ عيسى عليه الصلاة والسلام، وقد كانت ظاهرة جداً في ذلك الوقت.
والله أعلم،،،
جزاكم الله خيرا فضيله الشيخ الدكتور، نسأل الله أن يزيد النفع بكم.
ـ[محمد جابري]ــــــــ[20 Dec 2010, 11:39 م]ـ
الأحبة الأكاريم؛
لا حرم الله فضل اجتهاد مجتهد لكل من سبق؛ ولكنني أرى الأمر من زاوية قرآنية أن تقول الجن قولتها أمر فيه نظر أما أن يؤكده الله جل جلاله مرتين في كتابه فمسألة لا تبقي شكا ولا تذر ريبة:
يقول جل وعلا:
{أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ [هود: 17]
{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} [الأحقاف: 12].
وما علينا إلا بحث العلة على ضوء ما جاء به كلام الله.
ـ[منيب عرابي]ــــــــ[23 Dec 2010, 07:02 م]ـ
الظاهر أن الحكم بأن هؤلاء الجن كانوا يهودا يحتاج إلى دليل يمكن الاستناد إليه؛ وهو معدوم هنا حتى الآن.
والقول بأنهم كانوا يجهلون مجيء عيسى عليه الصلاة والسلام أيضا يحتاج إلى صحة الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما فإن صح فبها ونعمت وإلا فهو أمر بعيد جدا.
وأقرب الأقوال في نظري إلى الحق ما ذهب إليه ابن كثير رحمه الله تعالى وتبعه فيه من بعده من المفسرين كابن عاشور وغيره وهو أن الإنجيل كالمكمل للتوراة وأنه لا يحوي تشريعا كثيرا؛ وغالب ما فيه مواعظ وترقيقات ولذلك أغفلوا ذكره لأنه لا يساوي المذكورين "التوراة والقرآن" من حيث كثرة التشريعات وتشعبها ونحو ذلك.
والله تعالى أعلم.
توجيه قوي .... حسناً ... ما هي الآيات التي استمع إليها الجن؟
فلننظر هل كانت مليئة بالتشريعات حتى تكون أقرب إلى التوراة منها إلى الإنجيل؟
ـ[منيب عرابي]ــــــــ[23 Dec 2010, 07:07 م]ـ
حتى لا يتوه القارئ، التفسيران اللذان على الطاولة حتى الآن هما باختصار:
- ذلك النفر من الجن كانوا يهوداً فلم يعترفوا بـ أو لم يعرفوا عن الإنجيل.
- التوارة (مع التشريعات التي فيها والتفصيلات) أكثر قرباً إلى القرآن من (الإنجيل أو الزبور) فذكرها الجن.
إن كان هناك تفسير آخر غاب عني فليتفضل صاحبه بالإيضاح.
ـ[غازي الغازي]ــــــــ[23 Dec 2010, 08:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
التفسيران اللذان على الطاولة غير منطقيان وهما من الظن الذي لن يصح الا بدليل واين الدليل؟
الكلام المنطقي هو ماذكرة الاخ الجابري وهو منطلق الاجابه.
قال تعالى: (وَإِذ صَرَفنا إِلَيكَ نَفَرًا مِنَ الجِنِّ يَستَمِعونَ القُرآنَ فَلَمّا حَضَروهُ قالوا أَنصِتوا ? فَلَمّا قُضِيَ وَلَّوا إِلى? قَومِهِم مُنذِرينَ ?29?
قالوا يا قَومَنا إِنّا سَمِعنا كِتابًا أُنزِلَ مِن بَعدِ موسى? مُصَدِّقًا لِما بَينَ يَدَيهِ يَهدي إِلَى الحَقِّ وَإِلى? طَريقٍ مُستَقيمٍ ?30? - الأحقاف
التوجية القوي الى ماذا استمع الجن كما قال الاخ منيب ولكن ليس للتشريعات علاقة.
فالاجابة تكون من خلال سورة الحاقة بداياتها الى الاية 28. وسورة الجن. فالجن استمعوا الى ايات.
لو افترضنا انهم سمعوا قولة تعالى: ({وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ} [الأحقاف: 12].
وافترضنا انهم مشركين ليسوا يهود واعتبرنا الدليل قولة تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)
وسمعوا من قبله كتاب موسى فماذا سيقولون كتابا من بعد موسى.
الكلام السابق من خلال قرائة لسورة الحاقة من بداياتها الىالايه 28 وكانها هي التي استمعوا لها. وسورة الجن
قد يطلب دليل الان لادليل (ابتسامه) سوى الفهم من خلال التدبر.
لو كانوا يهود فالرسول صلى الله عليه وسلم مذكور عندهم من هنا سيكون قولهم مختلف.
قال تعالى: (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7)
باختصار كما استمعوا واهتدوا قالوا. هذا ليس تفسير انما فهم يطرح للتصويب
والله اعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مني لملوم]ــــــــ[23 Dec 2010, 09:36 م]ـ
تفسير ابن كثير:
ثم إنه تعالى فسر إنذار الجن لقومهم فقال مخبرا عنهم " قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى " ولم يذكروا عيسى لأن عيسى عليه السلام أنزل عليه الإنجيل فيه مواعظ وترقيقات وقليل من التحليل والتحريم وهو في الحقيقة كالمتمم لشريعة التوراة فالعمدة هو التوراة فلهذا قالوا أنزل من بعد موسى وهكذا قال ورقة بن نوفل حين أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بقصة نزول جبريل عليه عليه الصلاة والسلام أول مرة فقال بخ بخ هذا الناموس الذي كان يأتي موسى يا ليتني أكون فيها جذعا " مصدقا لما بين يديه " أي من الكتب المنزلة على الأنبياء قبله.
فتاوي ابن تيمية:
مسألة: الجزء السادس عشر [ص: 43] سُورَةُ الْأَحْقَافِ سَأَلَ رَجُلٌ آخَرُ عَنْ قَوْله تَعَالَى (((وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إمَامًا وَرَحْمَةً ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)))) فَقَالَ: مَا سَمِعْنَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ أَنَّ مَا قَبْلَ كِتَابِنَا إلَّا الْإِنْجِيلَ فَقَالَ الْآخَرُ: عِيسَى إنَّمَا كَانَ تَبَعًا لِمُوسَى وَالْإِنْجِيلُ إنَّمَا فِيهِ تَوَسُّعٌ فِي الْأَحْكَامِ تَيْسِيرٌ مِمَّا فِي التَّوْرَاةِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَقَالَ: كَانَ لِعِيسَى شَرْعٌ غَيْرُ شَرْعِ مُوسَى وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ: (((لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu) قَالَ: فَمَا الْحُكْمُ فِي قَوْلِهِ: (((وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إسْرَائِيلَ إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)؟ فَقَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ حُجَّةً.
الحاشية رقم: 1فأجاب شيخ الإسلام رحمه الله قد أخبر الله في القرآن أن عيسى قال لهم: (((ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)))) فعلم أنه أحل البعض دون الجميع وأخبر عن المسيح أنه علمه التوراة والإنجيل بقوله: (((ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)))) ومن المعلوم أنه لولا أنه متبع لبعض ما في التوراة لم يكن تعلمها [ص: 44] له منة ألا ترى أنا نحن لم نؤمر بحفظ التوراة والإنجيل وإن كان كثير من شرائع الكتابين يوافق شريعة القرآن فهذا وغيره يبين ما ذكره علماء المسلمين من أن الإنجيل ليس فيه إلا أحكام قليلة وأكثر الأحكام يتبع فيها ما في التوراة ; وبهذا يحصل التغاير بين الشرعتين.
ولهذا كان النصارى متفقين على حفظ التوراة وتلاوتها كما يحفظون الإنجيل ; ولهذا لما سمع النجاشي القرآن قال: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة وكذلك ورقة بن نوفل قال للنبي صلى الله عليه وسلم - لما ذكر له النبي صلى الله عليه وسلم ما يأتيه قال هذا هو الناموس الذي كان يأتي موسى.
وكذلك قالت الجن: (((إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu) وقال تعالى: (((فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)))) قالوا ساحران تظاهرا أي موسى ومحمد وفي القراءة الأخرى: (((سحران تظاهرا ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)))) أي التوراة والقرآن.
وكذلك قال: (((وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu) إلى قوله: (((وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu) فهذا وما أشبهه مما فيه اقتران التوراة بالقرآن وتخصيصها بالذكر يبين ما ذكروه من أن التوراة هي الأصل والإنجيل تبع لها في كثير من الأحكام وإن كان مغايرا لبعضها.
فلهذا يذكر الإنجيل مع التوراة والقرآن في مثل قوله: (((نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)))) ((( من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu) وقال: (((وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu) فيذكر الثلاثة تارة ويذكر القرآن مع التوراة وحدها تارة لسر: [وهو] أن الإنجيل من وجه أصل ومن وجه تبع ; بخلاف القرآن مع التوراة فإنه أصل من كل وجه بل هو مهيمن على ما بين يديه من الكتاب وإن كان موافقا للتوراة في أصول الدين وكتبه من الشرائع والله أعلم.
وهذا الرأي أن التوراة هي الأصل والإنجيل تبع لها في كثير من الأحكام وإن كان مغايرا لبعضها هو ما أميل إليه
ومن المعلوم أن كتابهم يتكون من العهد القديم والعهد الجديد وهما لا ينفصلان بالنسبة لهم بخلاف اليهود غير المؤمنين بعيسي أو الانجيل فيعتمدون عليه فقط
والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مني لملوم]ــــــــ[23 Dec 2010, 09:41 م]ـ
سمعت قولا في هذا الصدد لأحد علماء الأزهر قال فيه: لأن رساله عيسي عليه السلام كانت متممه لرساله موسي عليه السلام، ولم ينسب قوله لأحد المفسرين، وقال بأن الجن تكلم مميزا بين الرسالتين، فهل أجد إحاله من أحد من إخواني لهذا القول أم أنه خالف في ذلك، أفيدوني جزاكم الله خيرا؟
تفسير ابن كثير:
ثم إنه تعالى فسر إنذار الجن لقومهم فقال مخبرا عنهم " قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى " ولم يذكروا عيسى لأن عيسى عليه السلام أنزل عليه الإنجيل فيه مواعظ وترقيقات وقليل من التحليل والتحريم وهو في الحقيقة كالمتمم لشريعة التوراة فالعمدة هو التوراة فلهذا قالوا أنزل من بعد موسى وهكذا قال ورقة بن نوفل حين أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بقصة نزول جبريل عليه عليه الصلاة والسلام أول مرة فقال بخ بخ هذا الناموس الذي كان يأتي موسى يا ليتني أكون فيها جذعا " مصدقا لما بين يديه " أي من الكتب المنزلة على الأنبياء قبله.
فتاوي ابن تيمية:
مسألة: الجزء السادس عشر [ص: 43] سُورَةُ الْأَحْقَافِ سَأَلَ رَجُلٌ آخَرُ عَنْ قَوْله تَعَالَى (((وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إمَامًا وَرَحْمَةً ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)))) فَقَالَ: مَا سَمِعْنَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ أَنَّ مَا قَبْلَ كِتَابِنَا إلَّا الْإِنْجِيلَ فَقَالَ الْآخَرُ: عِيسَى إنَّمَا كَانَ تَبَعًا لِمُوسَى وَالْإِنْجِيلُ إنَّمَا فِيهِ تَوَسُّعٌ فِي الْأَحْكَامِ تَيْسِيرٌ مِمَّا فِي التَّوْرَاةِ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَقَالَ: كَانَ لِعِيسَى شَرْعٌ غَيْرُ شَرْعِ مُوسَى وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ: (((لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu) قَالَ: فَمَا الْحُكْمُ فِي قَوْلِهِ: (((وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إسْرَائِيلَ إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)؟ فَقَالَ: لَيْسَتْ هَذِهِ حُجَّةً.
الحاشية رقم: 1فأجاب شيخ الإسلام رحمه الله قد أخبر الله في القرآن أن عيسى قال لهم: (((ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)))) فعلم أنه أحل البعض دون الجميع وأخبر عن المسيح أنه علمه التوراة والإنجيل بقوله: (((ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)))) ومن المعلوم أنه لولا أنه متبع لبعض ما في التوراة لم يكن تعلمها [ص: 44] له منة ألا ترى أنا نحن لم نؤمر بحفظ التوراة والإنجيل وإن كان كثير من شرائع الكتابين يوافق شريعة القرآن فهذا وغيره يبين ما ذكره علماء المسلمين من أن الإنجيل ليس فيه إلا أحكام قليلة وأكثر الأحكام يتبع فيها ما في التوراة ; وبهذا يحصل التغاير بين الشرعتين.
ولهذا كان النصارى متفقين على حفظ التوراة وتلاوتها كما يحفظون الإنجيل ; ولهذا لما سمع النجاشي القرآن قال: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة وكذلك ورقة بن نوفل قال للنبي صلى الله عليه وسلم - لما ذكر له النبي صلى الله عليه وسلم ما يأتيه قال هذا هو الناموس الذي كان يأتي موسى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك قالت الجن: (((إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu) وقال تعالى: (((فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)))) قالوا ساحران تظاهرا أي موسى ومحمد وفي القراءة الأخرى: (((سحران تظاهرا ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)))) أي التوراة والقرآن.
وكذلك قال: (((وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu) إلى قوله: (((وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu) فهذا وما أشبهه مما فيه اقتران التوراة بالقرآن وتخصيصها بالذكر يبين ما ذكروه من أن التوراة هي الأصل والإنجيل تبع لها في كثير من الأحكام وإن كان مغايرا لبعضها.
فلهذا يذكر الإنجيل مع التوراة والقرآن في مثل قوله: (((نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu)))) ((( من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu) وقال: (((وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن))) ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1628&idto=1629&bk_no=22&ID=1031#docu) فيذكر الثلاثة تارة ويذكر القرآن مع التوراة وحدها تارة لسر: [وهو] أن الإنجيل من وجه أصل ومن وجه تبع ; بخلاف القرآن مع التوراة فإنه أصل من كل وجه بل هو مهيمن على ما بين يديه من الكتاب وإن كان موافقا للتوراة في أصول الدين وكتبه من الشرائع والله أعلم.
وهذا الرأي أن التوراة هي الأصل والإنجيل تبع لها في كثير من الأحكام وإن كان مغايرا لبعضها هو ما أميل إليه
ومن المعلوم أن كتابهم يتكون من العهد القديم والعهد الجديد وهما لا ينفصلان بالنسبة لهم بخلاف اليهود غير المؤمنين بعيسي أو الانجيل فيعتمدون عليه فقط
والله أعلم
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[24 Dec 2010, 12:03 ص]ـ
توجيه قوي .... حسناً ... ما هي الآيات التي استمع إليها الجن؟
فلننظر هل كانت مليئة بالتشريعات حتى تكون أقرب إلى التوراة منها إلى الإنجيل؟
الجن لم يسمعوا آيات؛ بل سمعوا القرآن؛ كما هو ظاهر اللفظ في الآيات التي تتكلم عنهم كقوله تعالى: "وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما ..... إنا سمعنا كتابا" وكقوله تعالى: "قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا .. "
هذا أولا.
وثانيا: لا يهم أن يكون ما سمعوه مليئا بالتشريعات؛ بل المهم ما تكلموا عنه، وهم تكلموا عن القرآن جملة؛ فقالوا " ... أنزل من بعد موسى .. " والآيات السابقة.
فليتبه لهذا.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
ـ[محمد جابري]ــــــــ[24 Dec 2010, 02:27 م]ـ
الأحبة الأكاريم؛
تطلب الأمر بعد تأكيد الله جل جلاله في آيتين لقولة الجن، لم يبق لنا إلا التنقيب عن مهمة رسالة سيدنا عيسى عليه السلام. والقرآن الكريم يوضح رسالته ببيان شاف:
{قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ [آل عمران: 47] وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ [آل عمران: 48] وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِئُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران: 49] وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ [آل عمران: 50] إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ [آل عمران: 51]}
وبهذا البيان تكتمل الإجابة لكون سيدنا عيسى كان رسولا لبني إسرائيل واقتضت مهمته تحليل عليهم بعض ما حرم عليهم، ورفعا للحرج. فرسالته جاءت مكملة لما كان بين يدي بني إسرائيل.(/)
أسئلة عن أسماء السور ومصحف عثمان
ـ[منيب عرابي]ــــــــ[23 Jun 2010, 10:09 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
السؤال الأول:
هناك بعض السور التي وردت أسماءها في أحاديث نبوية صحيحة مثل البقرة وآل عمران والكهف وغيرها. ولكنها قليلة.
بالنسبة لباقي السور،
1 - ما هو قول جمهور العلماء في أسماءها؟ توقيفي من الله عز وجل أم اجتهادي من الصحابة؟
2 - ما هو القول الراجح حسب علمكم؟
السؤال الثاني:
هل كان في مصحف عثمان رض1أسماء السور كما نراها اليوم في ترويسة كل سورة؟
السؤال الثالث:
هل مصحف عثمان رض1 أو أية نسخ من المصاحف (5 أو 6 أو 7) التي وزعت على الأمصار موجودة حالياً في المتاحف؟
السؤال الرابع:
هل هناك صورة يستطيع أحد تحميلها على الموقع من المصاحف القديمة؟
ـ[إياد السامرائي]ــــــــ[23 Jun 2010, 11:13 ص]ـ
الأخ منيب سأجيبك على السؤال الثاني والثالث والرابع على عجالة وأترك الأول لأنه يحتاج إلى تفصيل، أما مصاحف عثمان رض1 فكانت خالية من النقط والحركات وأسماء السور وأرقام الآيات والاحزاب وغيرها فقط اشتمل على هيئة الكلمة دون نقاط أو حركات، ويمكن مشاهدة الروابط لهذه المصاحف التي سوف أرفقها
أما حول وجود مصاحف عثمان رض1 في العالم اليوم فليس هناك ما يثبت أن هناك نسخ تعود للمصاحف الإمام وكل ما يقال إنما هو ادعاء لاصحة له، ولكن مما لاشك فيه أن هناك نسخ نسخت من المصاحف الإمام وهي موجودة إلى اليوم تعود إلى نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني الهجري منها مصحف طشقند، والمصحف الحسيني في القاهرة، ومصاحف صنعاء، ومصاحف تركيا وغيرها
أما ما يخص السؤال الرابع فيمكن الاطلاع على هذه الروابط
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=9751
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=14444
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=17431&highlight=%E5%CF%ED%C9+%DA%ED%CF+%C7%E1%DD%D8%D1
ـ[منيب عرابي]ــــــــ[23 Jun 2010, 12:31 م]ـ
رد موفق ما شاء الله. وهو كافي للأسئلة الثلاثة.
كنت أعرف أن المصاحف القديمة كانت خالية من النقط والحركات والأحزاب .... ولكن تفاجأت عندما علمت أنها كانت خالية من ترقيم الآيات أيضاً!!!!
وقد نظرت إلى الروابط وإلى صورة المصحف الحسيني في القاهرة .. ثبتت المعلومة بشكل كبير ... جزاك الله خيراً
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[23 Jun 2010, 02:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
السؤال الأول:
هناك بعض السور التي وردت أسماءها في أحاديث نبوية صحيحة مثل البقرة وآل عمران والكهف وغيرها. ولكنها قليلة.
بالنسبة لباقي السور،
1 - ما هو قول جمهور العلماء في أسماءها؟ توقيفي من الله عز وجل أم اجتهادي من الصحابة؟
2 - ما هو القول الراجح حسب علمكم؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
هذا ما سطره الدكتور مساعد الطيار - وفقه الله وحفظه - في هذي المسألة؛ من كتابه (المحرر في علوم القرآن):
" يظهر أن تسمية السور كان قديما جدا، حيث كان مع بدايات النزول، فالتسمية كانت مكية المنشأ؛ لأن الصحابة المكيين قد رووا أحاديث كثيرة فيها أسماء للسور، ومن ذلك حديث جعفر الطيار رض1 مع النجاشي ملك الحبشة، حيث قرأ عليه سورة مريم.
والمقصود من التسمية تمييز المسمى عمن يشابهه، ويمكن تقسيم التسميات - من حيث المسمِّي - إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ما ثبت عن النبي صل1، وهذا كثير، ومن أمثلته:
1 - ما رواه مسلم عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صل1: (اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه. اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان - أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف - تُحَاجَّان عن أصحابهما. اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا يستطيعها البطلة).
2 - وما رواه البخاري بسنده عن أبي هريرة رض1 قال: قال رسول الله صل1: (أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم).
القسم الثاني: ما ثبتت تسميته عن الصحابي، ومثال ذلك ما رواه البخاري بسنده عن سعيد بن جبير قال: (قلت لابن عباس رض1: سورة الحشر. قال: قل: سورة بني النضير).
(يُتْبَعُ)
(/)
القسم الثالث: تسمية من دون الصحابي إلى وقتنا هذا، وغالب تسمياتهم تأتي حكاية لبداية السورة؛ كقولهم: سورة (أرأيت)، سورة (لم يكن)، وهكذا؛ حيث إنه لم يرد النهي عن تسمية السور بأسماء تدل عليها، وعلى هذا مضى السلف والخلف، حتى صار ما رأيتَ من تسمية السورة بحكاية أولها، وذلك هو الغالب على الكتاتيب، ودور تحفيظ القرآن الكريم.
ومما يحسن عِلْمُه في هذا الموضوع ما يأتي:
1 - أن بعض السور لها أكثر من اسم، وهي إما أن تكون مما أُخِذَ عن الصحابة، أو يكون شيءٌ منها مما ثبت عنهم أو عن النبي صل1، ثم اشتهر عند المتأخرين اسم آخر.
2 - أن تسميات السور لها علاقة بشيء مذكور في السورة، وهي على أقسام:
- منها ما يكون موضوعه مذكورا في السورة؛ كسورة (التوبة)؛ سميت بهذا الاسم لورود موضوع التوبة على النبي صل1 والذين معه والذين خُلِّفوا، في قوله تعالى (((لقد تاب الله على النبي والمهجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم * وعلى الثلثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم))) [التوبة: 117 - 118].
- ومنها ما يكون لفظ الاسم واردا فيها، وعلى هذا أغلب التسميات؛ كتسمية سورة (التوبة) بسورة (براءة)؛ لأن افتتاحها بهذا اللفظ في قوله تعالى (((براءة من الله ورسوله إلى الذين عهدتم من المشركين))) [التوبة: 1].
- ومنها ما يكون حكاية لمطلع السورة، وهو على قسمين:
الأول: أن يكون حكاية لألفاظ أول السورة بنصِّها؛ كقولهم: سورة قل هو الله أحد.
الثاني: أن يُشتق اسم من ألفاظ أول السورة؛ كقولهم: سورة الزلزلة.
3 - أن بعض السور التي تعددت أسماؤها قد يكون بسبب من الأسباب المذكورة في الفقرة السابقة، وقد تكون واردة عن النبي صل1، وقد تكون واردة عن الصحابة، وقد تكون عمن دونهم.
ومن الواردة عن النبي صل1 ما سبق في تسمية الفاتحة، حيث قال صل1: (أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم)، وهي تسمى بهذه الأسماء الثلاثة.
وهذا التعدد في الأسماء يرجع إلى ذات واحدة، لكن كل اسم فيها يحمل من الصفة ما لا يحمله الاسم الآخر، وهذا هو سبب تعداد المسميات للشيء الواحد، والله أعلم.
ومن الوارد عن الصحابة، ما رواه مسلم بسنده عن سعيد بن جبير: (قلت لابن عباس: سورة التوبة؟ قال: آلتوبة؟! قال: بل هي (الفاضحة) ما زالت تنْزل (ومنهم، ومنهم) حتى ظنوا أن لا يبقى منهم أحد إلا ذُكِرَ فيها. قال: قلت: سورة الأنفال؟ قال: تلك سورة بدر. قال: قلت: فالحشر؟ قال: نزلت في بني النضير.).
ولا شك أن المتأمل في أسماء السور يجد لطائف من العلم، وتبرز له استفسارات تدعوه إلى البحث، فعلى سبيل المثال: لِمَ سُميت سورة النمل بهذا الاسم، ولم تُسمَّ بسورة سليمان، وهو نبي عظيم من أنبياء بني إسرائيل؟!
ومثل هذا النظر مدعاة للتدبر في أسماء السور، لكن لا يخفاك أنه قد لا يخلو من تكلف، والله أعلم. "
ا هـ كلام أ. د مساعد بن سليمان الطيار: المحرر في علوم القرآن، ص 169 - 172، ط2، 1429هـ/2008م، نشر مركز الدراسات بمعهد الإمام الشاطبي.(/)
ماذا يعني أن الله سيهدي الشهداء ويصلح بالهم؟
ـ[منيب عرابي]ــــــــ[23 Jun 2010, 10:32 ص]ـ
وَالَّذينَ قُتِلوا في سَبيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعمالَهُم ?4? سَيَهديهِم وَيُصلِحُ بالَهُم ?5? وَيُدخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُم ?6? - سورة محمدصل1
كيف تكون كلمة "قُتلوا" في الماضي ويقول الله أنه سيهدي الشهداء!!
عادةً ترتبط الهداية بالأحياء .... فكيف يستقيم المعنى؟
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[23 Jun 2010, 10:49 ص]ـ
الهدايةُ هنا أخرويةٌ يراد بها الهداية إلى الجنَّة كما هو حالُ المقابلين من الكفار (فاهدوهم إلى صراط الجحيم).
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[25 Jun 2010, 12:07 ص]ـ
لعل السؤال عن توجيه القراءة , وتوجيه ذلك بأن الله لن يضلهم في فتنة بعدها بل سيهديهم الى الصواب من القول والعمل في القبر والحشر , فمن ذلك سؤال القبر والسير على الصراط , واصلاح البال بإصلاح الحال ,فلا يحزنهم شيء مما كان يحزنهم أو ينغص عيشهم, ولا شك أن الهداية تكون في الأعمال كلها , ومنها ما سيهديهم بعد الموت من الحياة الكريمة ,:"إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) " [يونس/9، 10] فينير طريقهم في الجنة كما هدى الناس جميعا لما جبلوا عليه من معرفة الخير والشر في الدنيا كما قل جل وعلا" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا " [الإنسان/3] "وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ " [البلد/10] فتكون الهداية لهم لطريق واحد لا شر فيه ولا نصب.
وغير ذلك تجده في كلام ابن جرير رحمه الله عن توجيه باقي القراءات.
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}
قَالَ نَزَلَتْ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ فَيُقَالُ لَهُ مَنْ رَبُّكَ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ
{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} صحيح مسلم - (ج 14 / ص 33)
قال ابن جريررح1:"وَقَوْله: {وَاَلَّذِينَ قَاتَلُوا فِي سَبِيل اللَّه} اِخْتَلَفَتْ الْقُرَّاء فِي قِرَاءَة ذَلِكَ , فَقَرَأَتْهُ عَامَّة قُرَّاء الْحِجَاز وَالْكُوفَة {وَاَلَّذِينَ قَاتَلُوا} بِمَعْنَى: حَارَبُوا الْمُشْرِكِينَ , وَجَاهَدُوهُمْ , بِالْأَلِفِ ; وَكَانَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ يَقْرَأهُ {قُتِّلُوا} بِضَمِّ الْقَاف وَتَشْدِيد التَّاء , بِمَعْنَى: أَنَّهُ قَتَلَهُمْ الْمُشْرِكُونَ بَعْضهمْ بَعْد بَعْض , غَيْر أَنَّهُ لَمْ يُسَمَّ الْفَاعِلُونَ. وَذُكِرَ عَنْ الْجَحْدَرِيّ عَاصِم أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأهُ " وَاَلَّذِينَ قَتَلُوا " بِفَتْحِ الْقَاف وَتَخْفِيف التَّاء , بِمَعْنَى: وَاَلَّذِينَ قَتَلُوا الْمُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ. وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَقْرَأهُ {قُتِلُوا} بِضَمِّ الْقَاف وَتَخْفِيف التَّاء بِمَعْنَى: وَاَلَّذِينَ قَتَلَهُمْ الْمُشْرِكُونَ , ثُمَّ أَسْقَطَ الْفَاعِلِينَ , فَجَعَلَهُمْ لَمْ يُسَمَّ فَاعِل ذَلِكَ بِهِمْ. وَأَوْلَى الْقِرَاءَات بِالصَّوَابِ قِرَاءَة مَنْ قَرَأَهُ " وَاَلَّذِينَ قَاتَلُوا " لِاتِّفَاقِ الْحُجَّة مِنْ الْقُرَّاء , وَإِنْ كَانَ لِجَمِيعِهَا وُجُوه مَفْهُومَة. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى الْقِرَاءَات عِنْدنَا بِالصَّوَابِ , فَتَأْوِيل الْكَلَام: وَاَلَّذِينَ قَاتَلُوا مِنْكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ أَعْدَاء اللَّه مِنْ الْكُفَّار فِي دِين اللَّه , وَفِي نُصْرَة مَا بَعَثَ بِهِ رَسُوله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْهُدَى , فَجَاهِدُوهُمْ فِي ذَلِكَ {فَلَنْ يُضِلّ أَعْمَالهمْ} فَلَنْ يَجْعَل اللَّه أَعْمَالهمْ الَّتِي عَمِلُوهَا فِي الدُّنْيَا ضَلَالًا عَلَيْهِمْ كَمَا أَضَلَّ أَعْمَال الْكَافِرِينَ. وَذُكِرَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة عُنِيَ بِهَا أَهْل أُحُد. ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 24266 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ: ثَنَا يَزِيد , قَالَ: ثَنَا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة {وَاَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه فَلَنْ يُضِلّ أَعْمَالهمْ} ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَة أُنْزِلَتْ يَوْم أُحُد وَرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْب , وَقَدْ فَشَتْ فِيهِمْ الْجِرَاحَات وَالْقَتْل , وَقَدْ نَادَى الْمُشْرِكُونَ يَوْمئِذٍ: أُعْلُ هُبَل , فَنَادَى الْمُسْلِمُونَ: اللَّه أَعْلَى وَأَجَلّ , فَنَادَى الْمُشْرِكُونَ: يَوْم بِيَوْمٍ , إِنَّ الْحَرْب سِجَال , إِنَّ لَنَا عُزَّى , وَلَا عُزَّى لَكُمْ , قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّه مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ. إِنَّ الْقَتْلَى مُخْتَلِفَة , أَمَّا قَتْلَانَا فَأَحْيَاء يُرْزَقُونَ , وَأَمَّا قَتْلَاكُمْ فَفِي النَّار يُعَذَّبُونَ ". * - حَدَّثَنَا اِبْن عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ: ثَنَا اِبْن ثَوْر , عَنْ مَعْمَر , عَنْ قَتَادَة {وَاَلَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه فَلَنْ يُضِلّ أَعْمَالهمْ} قَالَ: الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْم أُحُد. "(/)
التجديد فى التفسير بين مرجعية النص وانفلات التأويل
ـ[د على رمضان]ــــــــ[23 Jun 2010, 04:43 م]ـ
الأخوة الكرام رواد هذا الموقع العملاق أرجو من حضراتكم ممن لديه أى فكرة لها علاقة بهذا العنوان أن يشارك بها لأن أحد الأخوة بصدد إعداد بحث تحت هذا العنوان ويريد مشاركاتكم القيمة المفيدة حول هذا الموضوع، وشكرا 0
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[23 Jun 2010, 06:19 م]ـ
موضوع جديد حري بالنقاش نأمل أن يلقى نجاحاً بإذن الله
ـ[د على رمضان]ــــــــ[03 Jul 2010, 07:25 ص]ـ
هل من مساهم فى مناقشة هذا الموضوع؟؟؟؟ لاسيما وقد ابتلى العالم الإسلامى بشرذمة يريدون تأويل النص القرآنى حسب أهوائهم وأهواء من يسيرهم من أعداء الإسلام 0
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[03 Jul 2010, 09:29 ص]ـ
الدكتور الفاضل علي رمضان - حفظه الله -
شكر الله لك فتح النقاش حول هذا الموضوع المهم والحيوي، والذي تمس الحاجة إليه.
ولفظ التجديد صار متكأ يتكئ عليه الكثيرون ممن لا خلاق لهم ولا علم، ولذا فهو من أكثر الموضوعات التي تحتاج إلى ضوابط يستفيد منها الصادقون الذين يرومون تقريب العلوم للناس بروح عصرية تجديدية، وتمنع المتسورين على العلوم من أذناب العلمانيين وغيرهم من الاجتراء على القرآن وتفسيره.
وتصور التجديد ووضع ضوابط له تصحح مسيرت وتضبط في ذات الوقت اتجاهه ينبني على أمور منها:
1) تحديد المراد بالتفسير الذي يسعى الساعون لتجديده؟ هل هو استحداث معان جديدة لكتاب الله؟ أم هل هو تجديد في طريقة العرض والتقريب؟ وما الضوابط التي تضبط هذا أو ذاك
2) تحديد الشروط اللازم توافرها في المجدد، التي منها توفر الأهلية اللازمة عنده لخوض غمار هذا البحر الخضم، والاستيعاب العميق لمناهج الأوائل ومقاصدهم في التفسير فليس معنى التجديد إهدار القديم.
3) تحديد مناط التجديد ومحاوره الأساسية التي سيتم الانطلاق منها.
4) بيان كيفية التجديد والوسائل المتبعة فيه ومدى انضباطها بالضوابط الصحيحة للتفسير.
هذه في نظري أهم النقاط التي يمكن أن يتم الانطلاق منها للتجديد، ويتم بها كذلك ردع أصحاب الهوى والتأويلات المنحرفة المتلاعبون بالنصوص الشرعية لأغراض شخصية أو غيرها
وقد طرح هذا الموضوع على الملتقى في مشاركات متعددة، ولعلك تتكرم بمطالعة هذه الروابط وتفيدنا بما لديك:
التجديد في علم التفسير ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=341&highlight=%C7%E1%CA%CC%CF%ED%CF)
المجددون المعاصرون بين التجديد والتقليد ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=102564)
التجديد في التفسير حاجة ضرورية ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=20417&highlight=%C7%E1%CA%CC%CF%ED%CF)
أدعياء التجديد الديني، على أطراف اصابعهم! ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=11895&highlight=%C7%E1%CA%CC%CF%ED%CF)
نقاش حول شروط التجديد ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10642&highlight=%C7%E1%CA%CC%CF%ED%CF)
التجديد في التفسير- مادة ومنهاجا ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3236&highlight=%C7%E1%CA%CC%CF%ED%CF)
عن التجديد الديني المزعوم .. و ادعيائه ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10198&highlight=%C7%E1%CA%CC%CF%ED%CF)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[03 Jul 2010, 02:45 م]ـ
للدكتور عبد القادر محمد الحسين رسالة علمية بعنوان: (ضوابط القبول والرد لتفسير النص القرآني)
وهي رسالة علمية مميزة تفيدك أخي الكريم في هذا الموضوع، إذ كان أول الأسباب التي ذكرها لكتابة هذه الرسالة هو: " ضرورة تحرير معايير علمية لضبط التجديد في تفسير القرآن الكريم ".
ـ[توفيق العبيد]ــــــــ[18 Sep 2010, 12:41 ص]ـ
أخي الفاضل:
التجديد له معنيان في نظري: تجيد في التبليغ وتجديد في التأصيل.
أما التجديد في التبليغ: فهو تطوير أسلوب تبليع التفسير القرآني، بمعى اوضح نقل النص الموجود في طيات أمَّات كتب التفسير، للغة واسلوب يدركه المخاطب، كما عمل الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله. وهذا الأمر واجب في نظري، خدمة لكتاب الله تعالى.
أما التجديد في التاصيل: فهو محاولة زعزعة الثقة بموروث كتب التفسير، واتهامه بالجمود، والدعوة للتحرر منه، إلى تفسير يتوافق مع هوى المفسر المعاصر، بدون النظر إلى أهلية المفسر لهذا العمل. وأيضا يراد به محاولة تاصيل جديد تجعل التفسير ميدانا لكل من يظن نفسه فارس فيه، وهذا التجديد بهذا المنظور خطر كبير، ومؤامرة واضحة، وحراس القرآن لن يسمحوا لمثل هذا الباب أن ينفتح.
فإن قيل الذين وضعوا هذه القواعد والأصول القديمة بشر، وليسوا معصومين، وبالتالي لم لا يسمح لغيرهم بتأصيل جديد.
الجواب في نظري: إن قدسية التاصيل المسمى بالقديم: آتية من كون الواضعين لها ذوي اختصاص فيما كتبوا والفوا، ومن جاء بعدهم علموهم على صواب فتابعوهم. والمطالبين باختراق هذا الباب لا يريدون اصلا ضوابطا ولا قواعدا تحكم تفسراتهم وإنما قولهم هذا كمن يمسك فاس ليكسر الباب. فالفاس لا يصلح للكسر، والباب موصد بقوة.
وأقصد باتأصيل القديم: قواعد التفسير وعلوم القرآن المحتوية على شروط التفسير والمفسر.(/)
لأول مرة .. ترجمة القرآن الكريم إلى اللغة الأوكرانية
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jun 2010, 05:34 ص]ـ
قرأتُ هذا الخبر في مجلة سبق الإلكترونية
خالد علي – سبق – جدة: جرى لأول مرة ترجمة جميع سور القرآن الكريم (114 سورة) إلى اللغة الأوكرانية، التي قام بها طالب دراسات عليا.
ويقوم حالياً الطالب ميخايل ياكوبوفيتش (23 عاماً) بتجهيز شريط صوتي لترجمة القرآن الكريم، وسيتم وضع ترجمة القرآن في المساجد في أوكرانيا وتوزيعها إلى جانب الشريط الصوتي على المعتمرين والحجاج في المطارات.
واعترف الكثير من العلماء في أوكرانيا وفي الشرق الأوسط بالمستوى العالي لنقل الطالب وترجمة المصحف باللغة الأوكرانية من واقع القرآن الكريم.
وذكر ميخايل أنه قلق من الوضع في أوكرانيا لوجود ترجمات من لغات شرقية، خاصة العربية والفارسية، بينما لا يوجد ترجمة للقرآن باللغة الأوكرانية، مشيراً إلى أن لديه مشروعاً لترجمة العديد من الكتب الدينية، إلا أن ترجمة القرآن كانت أهم مشاريع الترجمة وأولها.
وأشار ميخايل إلى أنه قبل الترجمة درس مئة ترجمة للقرآن باللغتين الروسية والإنجليزية، ولاحظ وجود بعض الاختلافات فيها، فاستشار عدداً من العلماء في منطقة الشرق الأوسط لترجمة القرآن إلى اللغة الأوكرانية بطريقة دقيقة وبما جاء به كتاب الله.
المصدر: سبق. ( http://www.sabq.org/sabq/user/news.do?section=5&id=11756)
وقد لفت نظري في السنوات الأخيرة إقبال عدد من أبنائنا الطلاب الذين يدرسون في الجامعات السعودية من الجمهوريات الإسلامية في بلاد الروس وما حولها، وبعض بلاد أوربا الشرقية وتوجههم للعمل على ترجمات لمعاني القرآن الكريم إلى لغاتهم، وقد عملتُ مع بعضهم كمستشار في هذه المشروعات، وكنا نجلس الساعات الطويلة في التدقيق والمراجعة معهم في عملهم، وأسعد بذلك كثيراً لما أراه من العناية وصدق التوجه، والرغبة الجادة في خدمة أهل لسانهم الذين لا يجدون ترجمة صحيحة لمعاني القرآن بلغتهم. أسأل الله أن يبارك في هؤلاء الأحباب وأن يجعل هذه الجهود في موازين حسناتهم، وهم نعم السفراء لبلادهم، يسعون لتقريب علم القرآن والشريعة إلى بني جلدتهم بلغتهم، وهذه هي مهمة أمثالهم من الباحثين الصادقين المخلصين لدينهم.
غير أنني أحرص على الدعوة المتكررة لهؤلاء الشباب للتأني في مثل هذه الأعمال حتى تكتمل آلتهم العلمية في اللغة الأصلية للقرآن وهي العربية، والتريث حتى يصبح لديهم معرفة كافية بالقرآن وتفاسيره وعلومه، بدل الاستعجال في البدء بهذا العمل وهم لا يزالون يدرسون في معاهد تعليم اللغة العربية أو فيما بعدها من مرحلة البكالوريوس.
ولذلك ربما تكررت الجهود في نفس المشروعات في اللغة الواحدة من عدد من الجهات، وكم أتمنى أن يكون هناك جهة علميَّة توحد جهود هؤلاء الحريصين من طلبة العلم في بلاد الإسلام التي لم تحظ بعدُ بترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى لغتهم الأصلية، وإنما يستعينون بلغات قريبة يتحدثها بعضهم، لتقتصد المواهب والطاقات، وتنتظم الجهود في سبيل مأمونة العثار في باب الترجمة والتفسير، وهو باب مليئ بالمصاعب، والتغلب عليه ليس في طاقة فرد مهما أوتي من البراعة.
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[25 Jun 2010, 10:03 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب الدكتور عبد الرحمن الشهري حفظك الله
ألا ترى أن يكون عنوان الموضوع ((ترجمة معاني القرآن)) لا ترجمة القرآن، لأن ترجمة القرآن أمر لا يقدر عليه البشر.(/)
حظي وحظك وحظه؟؟؟؟
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[24 Jun 2010, 06:56 ص]ـ
من الكلمات الشائعة المستخدمة في حياتنا العاميّة كلمة حظ. فيقول أحدنا هكذا حظي أو ليس لي حظ في هذا. أو حظي بهذا الأمر ليس جيداً.
والسؤال: هل يجوز لنا أن نتحدث مثل هذه العبارات؟؟؟
ومن أجل الإجابة الوافية على هذا السؤال لا بد لنا أن نعرف أولاً ما معنى كلمة حظ؟
الحَظُّ: النصيبُ والجَدُّ، وجمع القلّة أَحُظٌّ، والكثير حُظوظٌ وأَحاظٍ على غير قياس، كأنَّه جمع أَحْظٍ. قال الشاعر:
وليس الغِنى والفقرُ من حيلةِ الفَتى ... ولكنْ أَحاظٍ قُسِّمَتْ وجُدودُ
تقول منه: ما كنتَ ذا حَظٍّ، ولقد حَظِظْتَ تَحَظُّ فأنت حظٌّ وحظيظٌ ومَحْظوظٌ، أي جديدٌ ذو حَظٍّ من الرزق. وأنت أَحَظُّ من فلان. والحُظُظُ والحُظَظُ: لغةٌ في الحُضَضُِ، وهو دواءٌ.
فالجد والحظ بمعنى واحد وقول النبي عليه الصلاة والسلام ولا ينفع ذا الجد منك الجد. أي لا ينفع ذا الحظ منك الحظ. قال أبو عبيد: الجَدُّ في هذا الموضع الحظ وهو الذي تسميه العوام البخت والمعنى عندهم ولا ينفع ذا الحظ منك الحظ إنما ينفعه العمل بطاعتك وقالوا هو مأخوذ من قول العرب لفلان جَدٌّ في الدنيا أي حظ وبخت.
وقد ذكرت كلمة حظ في القرآن الكريم بما يزيد عن الخمس مرات وذلك في قوله تعالى:
وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
وقوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ
وقوله: وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ
وقوله: خَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
وقوله أيضاً: وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ.
ومن خلال هذه الآيات نتبيّن أن كلمة حظ تعني النصيب الذي قسمه الله تعالى لعباده فلا مانع في تداولها في هذا المعنى. أما إن كان معناها يميل الى البخت والى التفاؤل والتشائم كما هو عند العوام فإن البَخْت وما شابهه ضرب من ضروب الميسر المنهي عنه والله تعالى أعلم.(/)
تبيان تقيم دورة مهارات تعليم القرآن
ـ[تبيان]ــــــــ[24 Jun 2010, 05:47 م]ـ
أقامت الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه (تبيان) ممثلةً بلجنتها الفرعية بالقصيم بالتعاون مع الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ببريدة دورة تدريبية لمعلمات ومديرات الدور النسائية بالمدينة بعنوان: (مهارات تعليم القرآن) لمدة ثلاثة أيام بمعدل أربع ساعات يومياً، خلال الفترة 9 ــ 11/ 7/ 1431هـ. في قاعة دار الضياء الخيرية النسائية لتحفيظ القرآن الكريم، وقد قدم هذه الدورة الدكتور/ إبراهيم بن صالح الحميضي الأستاذ المشارك بقسم القرآن وعلومه بجامعة القصيم عضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه، والأستاذ الدكتور/ علي بن إبراهيم الزهراني رئيس قسم التربية بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية عضو الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه. وقد حضر الدورة 35 مشاركة، وقد نفذت الدورة وفق المعايير التدريبية المتقدمة، واشتملت على تمارين وورش عمل وأفلام تدريبية، و نالت استحسان المشرفات والمشاركات ولله الحمد.
وقد طلبت إدارة الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم ببريدة تنفيذ دورة أخرى للمعلمين.(/)
ما المقصود بـ " تحفة المالكي " في كتب علوم القرآن الكريم
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[24 Jun 2010, 08:05 م]ـ
السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الإخوة الأفاضل وفقهم الله جميعا، وقفت على منظومة رائقة في علوم القرآن لأبي بكر بن أبي القاسم الأهدل (ت:1035 هـ) اسمها: العِقْيَانُ " وهي منظومة في (آداب قارئ القرآن ومُعلِّمه ومتعلِّمه)، قال النَّاظم إنه لخصها من " تحفة المالكي " وزاد عليها بعض القيود والتَّحريرات لمجملاتها، وغيَّر المرجوح الَّذي فيها بالرَّاجح عند الشَّافعيَّة وزاد عليها من التِّبيان للسيوطي وغيره من الكتب
قال النَّاظم:
ولخَّصْتُهُ مِنْ تُحْفَةِ الْمَالِكِيِّ مَعْ = قُيُوْدٌ وَتَحْرِيْرٌ لِمَا كَانَ مُجْمَلا
وإِبْدَالُ مَا فِيْهِ خِلافٌ بِرَاجِحٍ = لَدَى صَحْبِنَا حَسْبَ الَّذِيْ قَدْ تَسَهَّلا
وَزِدْتُ مِنَ التِّبْيَانَ فِيْهِ وَغَيْرِهِ = فَوَايِدُ حَاكَتْهَا فَرَائِدُ تُجْتَلى
حَوَى فَضْلَ قُرْآنٍ وآدَابَ قَارِئٍ = وَأحْكَامَ تَعْلِيْمٍ فَجَاءَ مُكَمَّلا
وَجَاءَ جَمِيْعَاً فِيْ مُقَدِّمَةٍ وَفِي = ثَلاثَةِ أَبْوَابٍ وَخَاتِمَةٍ وَلا
فَقَرَّبْتُهُ بِالنَّظْمِ لِلْحِفظِ رَاجِيَاً = مَثُوْبَةَ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ مُؤَمِّلا
وَرَتَّبْتُهُ كَالأَصْلِ إِلَّا مَوَاضِعَاً أُخَالِفُهُ، فَافْطنْ وَكُنْ مُتَأَمِّلا
سؤالي حفظكم الله وبارك فيكم: ما المقصود بقوله " تحفة المالكي "؟
تأملت وبحثت - حسب جهدي ومعرفتي - فلم أتوصَّل إلى شيء، فأحببت أن أستفيد من الأفاضل في معرفة الكتاب المقصود في قول النَّاظم
وفقكم الله وسدَّدكم
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[25 Jun 2010, 11:25 م]ـ
قال في البيت الذي يلي ما سبق - وقد سقط سهوا عند كتاب المشاركة -:
وَرَتَّبْتُهُ كَالأَصْلِ إِلَّا مَوَاضِعاً = أُخَالِفُهُ، فَافْطنْ وَكُنْ مُتَأَمِّلا
أي الأصل الذي لخَّص المنظومة منه
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[26 Jun 2010, 06:19 م]ـ
السَّلامُ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
الإخوة الأفاضل وفقهم الله جميعا، وقفت على منظومة رائقة في علوم القرآن لأبي بكر بن أبي القاسم الأهدل (ت:1035 هـ) اسمها: العِقْيَانُ " وهي منظومة في (آداب قارئ القرآن ومُعلِّمه ومتعلِّمه)، قال النَّاظم إنه لخصها من " تحفة المالكي " وزاد عليها بعض القيود والتَّحريرات لمجملاتها، وغيَّر المرجوح الَّذي فيها بالرَّاجح عند الشَّافعيَّة وزاد عليها من التِّبيان للسيوطي وغيره من الكتب
...
وفقكم الله وسدَّدكم
الصَّواب: التِّبيان للإمام النَّووي رحمه الله، ولم أتنبه للخطإ إلا الآن
وقد أفادني أخي الدكتور الفاضل عبد الله بن حمد المنصور حفظه الله بأن قصد النَّاظم كتاب " التِّذكار في أفضل الأذكار " للإمام القرطبي رحمه الله تعالى فجزاه الله خيرا وبارك فيه على هذه الإفادة.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1316005#post1316005
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[26 Jun 2010, 07:53 م]ـ
جزاكم الله خيرا.
وأشكرك أخي خالد على نقل الإجابة وإفادتنا بها.
وكنا نود لو أتحفنا بها الشيخ عبد الله هنا خصوصا وهو ابن الملتقى وأحد فرسانه.
ـ[د على رمضان]ــــــــ[27 Nov 2010, 07:09 م]ـ
أبياتها جميلة رائقة فهلا أتحفتمونا بها وبارك الله فيكم(/)
كيف نوفق بين ما روي في إجماع الصحابة على الرضا بتحريق المصاحف وبين إنكار ابن مسعود؟
ـ[خالد السليماني]ــــــــ[25 Jun 2010, 04:03 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, أما بعد:
الشيوخ الأفاضل/
عن مصعب بن سعد قال: أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف, فأعجبهم ذلك، وقال: لم ينكر ذلك منه أحد.
وخبر ابن مسعود في إنكار تحريق المصاحف معروف.
فكيف الجمع بين الإجماع الذي نقله مصعب, وبين مخالفة ابن مسعود؟؟
هل يحتمل أن يكون مصعب ذكر ذلك بعد تراجع ابن مسعود؟؟
أم إنه لم يبلغه إنكاره؟؟
وجزيتم خيرا.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[25 Jun 2010, 07:35 ص]ـ
أما القول بأنه لم يبلغه إنكاره فبعيد لاشتهار ذلك عن ابن مسعود،
وأما القول بأن ذلك كان بعد رجوع ابن مسعود فرجوعه محل نزاع بين أهل العلم وإن كان محتملا على القول بالرجوع
ولعل الأولى أن مصعبا يقصد بكلامه عموم الصحابة ومعظمهم ولا يرى أن في موقف ابن مسعود خرقا لهذا التوافر وتلك الموافقة مع تلك الكثرة الكاثرة من الصحابة.
والله أعلم
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[25 Jun 2010, 09:58 ص]ـ
وخبر ابن مسعود في إنكار تحريق المصاحف معروف.
.
جزاك الله خيرا أخي خالد ولكن أين الخبر في انكار إحراقها؟ ام تقصد رفضه تسليم مصحفه؟
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[25 Jun 2010, 11:39 ص]ـ
أولا مرحبا بك أخي خالد بين إخوانك.
القول فيما سألت عنه هو ما ذكره أخي محمد من أن موقف ابن مسعود رض1 لا يؤثر في الإجماع الذي انعقد بكبار الصحابة رض3.
عن مصعب بن سعد قال: (أَدْرَكْت الْنَّاس مُتَوَافِرِين حِيْن حَرَّق عُثْمَان الْمَصَاحِف، فَأَعْجَبَهُم ذَلِك، وَقَال: لَم يُنْكِر ذَلِك مِنْهُم أَحَد).
وقَالَ عَلِيٌّ رض1: (لَا تَقُولُوا فِي عُثْمَانَ إِلَّا خَيْرًا، فَوَاَللَّهِ مَا فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ فِي الْمَصَاحِفِ إِلَّا عَنْ مَلَأٍ مِنَّا، قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ يَقُولُ إِنَّ قِرَاءَتِي خَيْرٌ مِنْ قِرَاءَتِك، وَهَذَا يَكَادُ أَنْ يَكُونَ كُفْرًا. قُلْنَا: فَمَا تَرَى؟ قَالَ: نَرَى أَنْ نَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى مُصْحَفٍ وَاحِدٍ، فَلَا تَكُونُ فُرْقَةٌ وَلَا اِخْتِلَافٌ. قُلْنَا: فَنِعْمَ مَا رَأَيْت).
وقال رض1: (لَو لَم يَصْنَعْه عُثْمَان لَصَنْعَتُه) (1).
بقي أن ننظر في حقيقة موقف ابن مسعود رض1 والدافع له.
عن خمير بن مالك عن عبد الله قال: (لَمَّا أُمِر بِالْمَصَاحِف -أي بحرقها- سَاء ذَلِك عَبْدَ الْلَّه بْن مَسْعُوْد، قَال: مِن اسْتَطَاع مِنْكُم أَن يَغُلّ مُصْحَفاً فَليَغْلُل، فَإِنَّه مَن غَلَّ شَيْئا جَاء بِمَا غَل يَوْم الْقِيَامَة، ثُم قَال عَبْدُ الْلَّه: وَلَقَد أَخَذتُ مِن فِيِّ رَسُوْل الْلَّه صل1 سَبْعِيْن سُوْرَة، وَإِن زَيْدَ بْن ثَابِت لَصَبِي مِن الْصِّبْيَان، أَفَأنَا أَدَع مَا أَخَذْت مِن فَيِّ رَسُوْل الْلَّه صل1؟)
قَالَ النَّوَوِيُّ: " معناه أن ابن مسعود كان مصحفه يخالف مصحف الجمهور وكانت مصاحف أصحابه كمصحفه فأنكر عليه الناس وأمروه بترك مصحفه وبموافقة مصحف الجمهور، وطلبوا مصحفه أن يحرقوه كما فعلوا بغيره فامتنع وقال لأصحابه: غلوا مصاحفكم أي: اكتموها (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) يعني فإذا غللتموها جئتم بها يوم القيامة وكفى لكم بذلك شرفا. ثم قال على سبيل الانكار: ومن هو الذي تأمرونني أن آخذ بقراءته وأترك مصحفي الذي أخذته من فيّ رسول الله صلى الله عليه و سلم؟ " (2).
وفي رواية: (فَكَيْف تَأْمُرُونِي أَن أَقْرَأ قِرَاءَة زَيْد، وَلَقَد قَرَأَت مِن فِيّ رَسُوْل الْلَّه صل1 بِضْعا وَسَبْعِيْن سُوْرَة، وَلِزَيْد ذُؤَابَتَان يَلْعَب بَيْن الْصِّبْيَان)
وفي رواية: (يَا مَعْشَر الْمُسْلِمِيْن، أُعْزَل عَن نَسْخ الْمَصَاحِف وَيُوْلَّاهَا رَجُل وَالْلَّه لَقَد أَسْلَمْت وَإِنَّه لَفِي صُلْب أَبِيْه كَافِرا -يُرِيْد زَيْد بْن ثَابِت-) (3).
بمجموع هذه الروايات يمكن أن نتبين موقف عبد الله بن مسعود رض1، فلقد كان سبب إنكاره هو الاقتصار على قراءة واحدة وترك قراءته.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن حجر: " وكأن ابن مسعود رأى خلاف ما رأى عثمان ومن وافقه في الاقتصار على قراءة واحدة وإلغاء ما عدا ذلك، أو كان لا ينكر الاقتصار لما في عدمه من الاختلاف، بل كان يريد أن تكون قراءته هي التي يعول عليها دون غيرها لما له من المزية في ذلك مما ليس لغيره كما يؤخذ ذلك من ظاهر كلامه، فلما فاته ذلك ورأى أن الاقتصار على قراءة زيد ترجيح بغير مرجح عنده اختار استمرار القراءة على ما كانت عليه " (4).
وقد تبين لنا أن كبار الصحابة رض3 قد اتفقوا على جمع الناس على قراءة واحدة وترك ما سواها.
قال ابن كثير: " أما أمره بغَلّ المصاحف وكتمانها، فقد أنكره عليه غير واحد" (5).
وقال الزهري: " فبلغني أن ذلك كرهه من مقالة ابن مسعود رجالٌ من أفاضل أصحاب النبيصل1 " (6).
وأما إنكاره رض1 على عدم اختياره في نسخ المصاحف فالْعذر لعثمان رض1 في ذلك أنَه فعله بالمدينة وَعبد الله في الكوفة، ولم يؤخر ما عزم عليه من ذلك إلى أن يرسل إليه ويحضر. وأيضا فإن عثمان أراد نسخ الصحف التي كانت جمعت في عهد أبي بكر، وأن يجعلها مصحفا واحدا، وكان الذي نسخ ذلك في عهد أبي بكر هو زيد بن ثابت لكونه كاتب الوحي، فَكَانَتْ لَهُ فِي ذَلِكَ أَوَّلِيَّةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِه (7).
وتقديم زيد رض1 إنما كان لأنه كان يكتب الوحي لرسول الله صل1، فهو إمام في الرسم، وعبد الله إمام في الأداء، كما أن زيد هو أحدث القوم بالعرضة الأخيرة التي عرضها النبيصل1 عام توفي على جبريل (8).
وبهذا يتبين لنا موقف عبد الله بن مسعود رض1، وأنه كان اجتهادا له مبرراته، كما يتبين لنا تفنيده والرد عليه، ففي مصحفه رض1 أشياء كثيرة قد نسخت، ولم يكن اجتماع الصحابة رض3 إلا على الحق الذي ارتضاه الله تعالى لكتابه بقوله: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)
والله تعالى أعلم.
ـــــــــــ
(1) المصاحف لابن أبي داوود 1/ 177 - 178
(2) شرح مسلم 8/ 317
(3) المصاحف لابن أبي داوود 1/ 183 - 191
(4) الفتح 9/ 49
(5) تفسير ابن كثير 1/ 31
(6) سنن الترمذي 3104 باب ومن سورة التوبة.
(7) الفتح 9/ 19 - 20
(8) الذهبي: السير 1/ 488
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[25 Jun 2010, 12:39 م]ـ
حياك الله أخي العبادي , ولكن ماذا حصل بعد قول عبد الله رض1 وهل سلم المصحف. وهل أنكر بعد ذلك فعل عثمان؟ أم استقر الأمر بما فعل عثمان وانعقد الإجماع على مصحفه؟
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[25 Jun 2010, 02:05 م]ـ
وحياك الله أخي مجدي.
فعل ابن مسعود رض1 لا أثر له في حصول الإجماع بارك الله فيك.
فسواء قيل إنه رض1 توقف في بداية الأمر ثم أحرق مصحفه كما فعل الناس، أو إنه أُحرق بعده بزمن، فمعرفة مثل هذا لا تؤثر في حصول الإجماع على المصحف الإمام.
فابن مسعود إنما كره أن يَترك قراءته هو للأسباب التي ذكرناها، لكنه لم يلزم غيره بهذه القراءة، فالناس جميعا قد أجمعوا على أن ما بين دفتي مصحف الإمام هو الثابت في العرضة الأخيرة لرسول الله صل1، وما سوى ذلك إنما هو منسوخ أو منكر أو شاذ.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[25 Jun 2010, 07:51 م]ـ
هل ثبتت الرواية عن ابن مسعود في رفضه حرق مصحفه .. ؟
حسبتُ أنه لم يثبت عنه إلا احتجاجه على تكليف زيد بن ثابت بجمع المصحف ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[25 Jun 2010, 09:14 م]ـ
القول فيما سألت عنه هو ما ذكره أخي محمد من أن موقف ابن مسعود http://1.1.1.3/bmi/www.tafsir.net/vb/images/smilies/anho.png لا يؤثر في الإجماع الذي انعقد بكبار الصحابة http://1.1.1.1/bmi/www.tafsir.net/vb/images/smilies/anhm.png.
على رأي أبي أروى -رحمه الله- بل يؤثر وستين يؤثر كمان ..
وهذا بالطبع بقطع النظر عن ثبوت القول فالرجوع أو عدم ثبوتهما أو ثبوت الأول فقط ..
فالمقصود: أنه لا انعقاد للإجماع مع مخالفة واحد من الصحابة ..
سم ما حصل ما تشاء = أما الإجماع فلا ..
ـ[خالد السليماني]ــــــــ[26 Jun 2010, 02:11 ص]ـ
الإخوة الأكارم نفع الله بكم
أولا: أنا مع أبي فهر في قوله
لا إجماع مع مخالفة صحابي واحد أبدا, وهذا هو المشكل هنا.
إنكار ابن مسعود مشهور معروف لا يخفى على مصعب.
ومع ذلك نقل الإجماع على عدم اعتراض أحد من الناس.!!
فهل ذكر أحد من أهل العلم أن أثر مصعب - هذا - دليل على رجوع ابن مسعود؟؟
أتمنا من الإخوة أن يفيدوني بهذا.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[26 Jun 2010, 03:33 ص]ـ
أحسب والله أعلم أن الرواية في رفض ابن مسعود رضي الله عنه حرق مصحفه لم تصح ..
لكن صح عنه بجلاء اعتراضه على تولية زيد بن ثابت جمع القرآن ..
وعلى هذا فيصح الإجماع المذكور ..
والله أعلم.
ـ[محمد الطاسان]ــــــــ[26 Jun 2010, 04:39 ص]ـ
ما ذكره الأخ الكريم صاحب العنوان أحد الأدلة على رجوع الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رض1 عن تمسكه بقراءته -وهذا هو الثابت عنه في موقفه عندما حمل عثمان رض1 الناس على ما في المصاحف العثمانية وهو التمسك بقراءته فقط وما سواه من كونه سيغل مصحفه أو أمره الناس بغل مصاحفهم فلا يثبت-.
وهذه المسألة وهي موقف الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رض1عندما حمل عثمانُرض1 والصحابةُرض3معه الناسَ على ما في المصاحف العثمانية وجميع ما روي عنه في هذا الباب وموقف العلماء من المروي عنه هي ضمن فصل حكم مصاحف الصحابة رض11 وموقفهم من المصاحف الإمام وهو أحد فصول رسالتي الماجستير:" المصاحف المنسوبة للصاحابة رض3 قبل الجمع الذي قام به عثمان والرد على الشبهات المثارة حوله " التسعة والموزعة على ثلاثة أبواب.
والبحث في مراحله الأخيرة -أسأل الله الأعانة والتوفيق والسداد- وبإشراف شيخي الكريم أ. د إبراهيم الدوسري حفظه الله وبارك فيه، وقد تطلب البحث دراسة عشرات من الأحاديث والروايات والأسانيد واستغرق من الوقت إلى الآن أكثر من سنتين.
والإجماع منعقد من عصر الصحابةرض3 على المصاحف العثمانية بلا مرية ولا مثنوية.
هذا ما لدي باختصار لضيق الوقت ولعلي بعد الانتهاء من البحث أعود لطرح عدد من مسائله -بمشيئة الله-.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[26 Jun 2010, 05:09 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد:
هناك نقاط لابد من وضعها بعين الاعتبار عند مناقشة هذه المسألة:
1 - ألم يجمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ورضي الصحابة رضي الله عنهم بم حصل فهل ينفصل هذا الإجماع عن الإجماع الذي حصل في عصر عثمان رضي الله عنه باعتبار المصحف الذي جمع في ذاك الوقت والذي كان عند أم المؤمنين حفصة هو الذي سيوزع على الامصار للمصلحة.
2 - وما هو الفرق بين الإجماع، وسن السنة الحسنة، وكون عثمان رضي الله عنه في فترة الخلافة الراشدة، وهذا مع وضعنا لأثر " عليكم بسنتي وسنة الخلفء الراشدين من بعدي .. " بعين الاعتبار أيضا.
والله أعلم.
وللفائدة قال أحد الباحثين:
وقد دلت عامة الروايات على أن أول من أمر بجمع القرآن من الصحابة، أبو بكر رضي الله عنه عن مشورة من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن الذي قام بهذا الجمع زيد بن ثابت رضي الله عنه، فقد روى البخاري في "صحيحه" عن زيد رضي الله عنه أنه قال: أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ - أي اشتد وكثر - يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحرَّ القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، إلا إن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكر: قلت لعمر كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله صدري، ورأيت الذي رأى عمر.
قال زيد: وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتَتَبع القرآن فاجمعه.
فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسب وصدور الرجال…وكانت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر. رواه البخاري.
والذي عليه أكثر أهل العلم أن أولية أبي بكر رضي عنه في جمع القرآن أولية خاصة، إذ قد كان للصحابة مصاحف كتبوا فيها القرآن أو بعضه، قبل جمع أبي بكر، إلا أن تلك الجهود كانت أعمالاً فردية، لم تظفر بما ظفر به مصحف الصديق من دقة البحث والتحري، ومن الاقتصار على ما لم تنسخ تلاوته، ومن بلوغها حد التواتر، والإجماع عليها من الصحابة، إلى غير ذلك من المزايا التي كانت لمصحف الصديق رضي الله عنه.
ونختم هذا المقال بما رُوي عن علي رضي الله عنه أنه قال:
رحمة الله على أبي بكر، كان أعظم الناس أجراً في جمع المصاحف، وهو أول من جمع بين اللوحين، قال ابن حجر: وإذا تأمل المنصف ما فعله أبو بكر من ذلك جزم بأنه يُعدُّ في فضائله، ويُنوِّه بعظيم منقبته، لثبوت قوله صلى الله عليه وسلم: (من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) رواه مسلم. ثم قال: فما جمع أحد بعده إلا كان له مثل أجره إلى يوم القيامة.
ينظر كتاب:
جمع القرآن في مراحله التاريخية لمحمد شرعي أبو زيد
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[26 Jun 2010, 08:38 ص]ـ
شكر الله للإخوة الفضلاء.
الذي ظهر لي من قول مصعب بن سعد (أدركت الناس متوافرين) أنه حكاية لموقف الكثرة الكاثرة من فعل عثمان رض1، وليس مراده حكاية الإجماع كما فهم صاحب الموضوع الأستاذ خالد، لأن كلمة (متوافرون) لا تعني (مجمعون)، وأن موقف ابن مسعود رض1 وإن كان مخالفا لموقف الكثرة لكنه لم يغير شيئا من واقع موافقتهم لعثمان رض1، فكان تعبير مصعب حكاية لواقع الكثرة الذي لم يتغير بمخالفة ابن مسعود، وكثرتهم وإن كانت لا تفيد الإجماع لحصول المخالفة من ابن مسعود رض1، لكنها تفيد أن فعل عثمان الذي ارتضته الكثرة حجة أو - على الأقل - إثبات استمرار التوافر والموافقة على فعل عثمان رغم موقف ابن مسعود
وأما لفظة (لم ينكر ذلك منه أحد) فقد وقعت في بعض الروايات بصيغة الشك (أو قال) ولذا أعرضت عنها
والله أعلم(/)
دلالة الإيمان في الكتاب المنزل
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[25 Jun 2010, 03:53 م]ـ
دلالة الإيمان في الكتاب المنزل
إن من تفصيل الكتاب المنزل أن الإيمان المعدى باللام يعني التصديق من المعاصر كما في قوله:
ـ ? فآمن له لوط ? العنكبوت 26
ـ ? فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم ? يونس 83
ـ ? قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ? الشعراء 111
ـ ? وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ? يوسف 17
ولا يخفى أن لوطا قد عاصر إبراهيم وأن ذرية من بني إسرائيل قد عاصروا موسى وأن قوم نوح قد عاصروا نوحا وأن بني يعقوب إخوة يوسف قد عاصروا أباهم.
ويعني قوله ? قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ? التوبة 61 أن النبي ? يؤمن بالله لدلالته على الغيب إذ لم يره في الدنيا ويصدّق النبي ? المؤمنين فلا يكذبهم فيما يزعمون إذ كان ? على خلق عظيم.
وأما الإيمان المعدى بالباء فيقع على الغيب المنتظر الذي سيكون شهادة فيما بعد، وهكذا مدلول الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله.
أما الإيمان بالله فلأنه لن يرى في الدنيا كما هي دلالة قوله ? الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ? غافر 7 ويعني أنهم وهم المقربون من الملائكة يؤمنون بالله ولم يروه بعد وهم يعلمون أنهم سيرونه في يوم الحساب وعدا من الله كما هو مدلول تسبيحهم بحمد ربهم وكما فصلت في بيان اقتران التسبيح مع الحمد.
وأما الإيمان بالملائكة واليوم الآخر فظاهر كذلك أنهما من الغيب في الدنيا وسيشهد العالمون جميعا بعد البعث للحساب كلا من الملائكة واليوم الآخر.
وأما الإيمان بالقدر كله فلإيمان المؤمن أن ما أصابه من القدر لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه منه لم يكن ليصيبه، فالقدر مسطور في اللوح المحفوظ غيب يؤمن به المؤمن قبل أن يقدّر عليه كما في قوله ? قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ? الأحقاف 9 أي لم يطلع على القدر المغيب عنه قبل وقوعه.
وأما الإيمان بالكتب المنزلة من عند الله فهو من الغيب لتضمنها غيبا في الدنيا لم يقع بعد نفاذه كما سيأتي، ولتضمنها غيبا في الآخرة كما هو معلوم.
وأما الإيمان برسل الله فلأن الدين الذي جاءوا به وهو الكتاب والبيّنات لم ينقض ما فيهما من العلم والوعد والتكليف ولا يزال الخطاب به قائما وكما سيأتي تفصيله في من بيان القرآن.
وإن من تفصيل الكتاب المنزل أن ? الذين آمنوا ? حيث وقعت في الكتاب فإنما هم صحابة النبي أو الرسول الذين آمنوا به إيمانا مستأنفا.
أما صحابة نوح فهم الموصوفون في قوله:
ـ ? وما أنا بطارد الذين آمنوا ? هود 29
ـ ? وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ? هود 36
ـ ? وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ? هود 40
وأما صحابة هود فهم الموصوفون في قوله ? ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ ? هود 58.
وأما صحابة صالح فهم الموصوفون في قوله:
ـ ? قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم ? الأعراف 75
ـ ? فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ ? هود 66
ـ ? وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ? النمل 53
ـ ? ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ? فصلت 18
ـ ? وأما صحابة شعيب فهم الموصوفون في قوله:
ـ ? ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به ? الأعراف 86
ـ ? قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا ? الأعراف 88
ـ ? ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا ? هود 94
وآمن لوط بإبراهيم كما في قوله ? فآمن له لوط ? العنكبوت 26.
وأما صحابة موسى فهم الموصوفون في قوله:
ـ ? قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم ? غافر 25
ـ ? فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه ? يونس 83
ـ ? وقال الذي آمن ? غافر 30، 38
وأما صحابة خاتم النبيين ? فهم الموصوفون في قوله:
ـ ? لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم ? التوبة 88
ـ ? ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ? التوبة 113
ـ ? إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا ? عمران 68
أما المؤمنون فهم أعم من صحابة الرسول أو النبي إذ يقع لفظ المؤمنين على الرسول والذين آمنوا معه كما في قوله ? ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين ? الروم 47، ويقع على الصحابة كالذين آمنوا كما في قوله ? إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ? الحجرات 15 ولتسميتهم بالمؤمنين رد على الذين يزعمون أنهم مؤمنون ويتخلفون عن الرسول يرغبون بأنفسهم عن نفسه، ويقع على المؤمنين من الأمة الذين لم يدركوا النبي ? ابتداء من التابعين للصحابة فمن يأتي بعدهم ...
طالب العلم
الحسن محمد ماديك(/)
دلالة العلم في الكتاب المنزل
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[25 Jun 2010, 04:12 م]ـ
دلالة العلم في الكتاب المنزل
إن من تفصيل الكتاب المنزل أن العلم يقع على الوحي كما في قوله ? يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك ? مريم 43 من قول إبراهيم.
وكان يعقوب ذا علم كما في قوله ? وإنه لذو علم لما علمناه ? يوسف 68 أي صاحبه بالوحي إليه.
وكان الرسل والنبيون هم أولوا العلم أي أصحابه كما في قوله ? شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم ? عمران 18.
ولقد علم الملائكة وهم في الملإ الأعلى والرسل والنبيون بالوحي ما جعل شهادة كل منهم أنه لا إله إلا الله أكبر من شهادتنا نحن عامة الناس.
وكان إسحاق غلاما عليما كما في قوله ? قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم ? الحجر 53 ومن المثاني معه قوله ? قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ? الذاريات 28 إذ هو نبي.
وكذلك قوله ? إنما يخشى الله من عباده العلماء ? فاطر 28 يعني الرسل والنبيين كما سيأتي تحقيقه في من بيان القرآن.
وكان صحابة كل نبيّ أو رسول الذين تعلموا منه هم الذين أوتوا العلم بالتجهيل كما في قوله ? ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا ? القتال 16 يعني أن المنافقين لم يفقهوا القرآن إذ لم يتجاوز آذانهم بل سألوا عن معانيه ودلالاته الذين أوتوا العلم وهم أصحاب النبي ? الذين جعل القرآن في صدورهم كما في قوله ? بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ? العنكبوت 49 أي أنهم سمعوا القرآن وتجاوز آذانهم واستقر في صدورهم لكن دون مرتبة النبي الأمي ? الذي نزّل على قلبه أي علم ما فيه من العلم.
ويقع العلم على البينات لما في الكتاب المنزل من عند الله كما في قوله ? وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ? عمران 19 أي أن اليهود لم تختلف إلا من بعد ما جاءهم الرسل ببينات التوراة وهكذا اختلفوا أكثر لما جاءهم عيسى بالبينات.
ويقع العلم على المشاهدة بالعين كما في قوله:
ـ ? فرددناه إلى أمه كي تقرّ عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ? القصص 13
ـ ? أو كالذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ? البقرة 259
ولقد أوحي إلى أم موسى بقوله ? إنا رادوه إليك ? القصص 7 وهو وعد من الله، وكانت تؤمن بأنه وعد حق، ولكن علمت برأي العين لما ردّ إليها وقرّت عينها به أن وعد الله حق.
وكان الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها يؤمن بأن الله سيحييهم بعد موتهم يوم البعث، وعلمه لما رآى مثله في الدنيا.
وإن من تفصيل الكتاب المنزل أن ما علّمك الله فهو بالكسب والتجربة كما في قوله ? والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ? النحل 78 ويعني أن السمع والبصر والذاكرة هي أدوات التعلم بالكسب.
ومنه قوله ? وما علّمتم من الجوارح مكلّبين تعلّموهن مما علّمكم الله ? المائدة 4 يعني الجوارح من الطير والكلاب يعلّمها الناس الصيد بالترويض والكسب والتجربة ومن زعم أن تعلمها للصيد هو من الوحي الخارق المعجز فهو أحمق، وإنما الصيادون يعلّمونها مما تعلّموا هم أنفسهم بالكسب والتجربة أي مما علّمهم الله. ومنه قوله ? ولا يأب كاتب أن يكتب كما علّمه الله ? البقرة 282 أي كما علم شهادته بالمشاهدة والسماع.
ومنه قوله ? واتقوا الله ويعلّمكم الله ? البقرة 282 وليست التقوى شرطا لزيادة العلم وحصوله من غير تعلم وكسب ولو كان كذلك لما كان من فرق بينه وبين قولنا "واتقوا الله يعلمكم الله" بجزم الفعل أي بإسكان الميم في يعلمكم على جواب فعل الأمر اتقوا وعلى نسق المتفق عليه في قوله:
ـ ? فاتبعوني يحببكم الله ? عمران 31
ـ ? ذروني أقتل موسى ? غافر 26
ـ ? فقل تعالوا ندع ? عمران 61
ـ ? قل تعالوا أتل ? الأنعام 151
ـ ? اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم ? يوسف 9
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد تم جزم الأفعال الواقعة في جواب فعل الأمر الواقع في موضع الشرط.
إن قوله ? واتقوا الله ويعلمكم الله ? لمتفق على قراءته برفع الفعل ? ويعلمكم ? والمعنى اتقوا الله والله يعلمكم ما تتقونه به من الأحكام والتشريع أي أن الله لم يكلف العباد بتقواه كما يتصوره كل واحد منهم ويتخذه دينا لنفسه وإنما الله يبيّن لهم ما يتقونه به وهو مما يعلمهم إذ نزل من عنده في الكتاب وكما في قوله ? وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبيّن لهم ما يتقون ? التوبة 115.
وقوله ? واتقوا الله ويعلّمكم الله ? في آخر آية الدّين، وقد علّم الله المسلمين فيها وفي ما قبلها من الأحكام والتكاليف الفردية والجماعية وفي سائر الكتاب ما يتقون ـ بامتثال مأموراته واجتناب منهياته ـ عذابه وعقابه.
ولا يخفى أن قوله ? ولا يأب كاتب أن يكتب كما علّمه الله ? في أول آية الدّين لمن المثاني مع قوله ? ويعلمكم الله ? في آخر آية الدين إذ ما كلّف به الكاتب من الأمانة والنقل وأن يأتي بالشهادة على وجهها هو مما علّمه الله في الكتاب كذلك:
أما الأول ففي قوله ? ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ? الإسراء 36.
وأما الثاني ففي قوله ? ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها ? المائدة 108 وقوله ? كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ? النساء 135 وقوله ? كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ? المائدة 8.
وإن من تفصيل الكتاب المنزل أن ما علّم ربنا ملائكته ورسله وأنبياءه هو ما خصوا به من العلم فعلموه تعلما خارقا معجزا من غير كسب منهم وتلك دلالة المثاني:
ـ ? قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا ? البقرة 32
ـ ? وعلّم آدم الأسماء كلها ? البقرة 31
ـ ? وإنه لذو علم لما علّمناه ? يوسف 68
ـ ? ذلكما مما علّمني ربي ? يوسف 37
ـ ? فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلّمناه من لدنا علما ? الكهف 65
ـ ? وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علّمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء ? النمل 16
وتعني أن ربنا علّم الملائكة من غير كسب منهم ولا جهد وكذلك علّم آدم ويعقوب ويوسف والخضر وداوود وسليمان وسائر الرسل والنبيين.
وأما قوله ? وأعلم من الله ما لا تعلمون ? الأعراف 62 من قول نوح، وفي يوسف 86 من قول يعقوب فيعني أن كلا منهما علم من الله بالوحي إليه ما لم يعلمه غيره، فيعقوب قد علم بالوحي أن أولاده كاذبون في زعمهم أن الذئب قد أكل يوسف وعلم بالوحي أنه سيجتمع بيوسف وأن الله سيتم نعمته عليه وعلى أولاده رغم ما سلف منهم مع أخيهم يوسف.
وإن قوله:
ـ ? ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض ? البقرة 107 المائدة 40
ـ ? ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض ? الحج 70
ليعني أن النبي ? قد نزّل عليه من قبل في الكتاب مثله فعلمه بالكتاب المنزل عليه.
وإن قوله ? ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ? التوبة 63 ليعني أن قد نزل مثله من قبل في الكتاب كما في قوله ? إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين ? المجادلة 5 وهكذا فحرف المجادلة قد نزل قبل حرف التوبة.
وإن قوله ? ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم ? التوبة 104 ليعني أن قد نزل في الكتاب من قبل مثل جميع ذلك كما في قوله ? وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ? الشورى 25 وكما في قوله ? خذ من أموالهم صدقة ? التوبة 103 ولقد نزل في أكثر من حرف قبل سورة التوبة أن الله هو التواب الرحيم.
وإن قوله ? ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب ? التوبة 78 ليعني أن الكتاب من قبل قد تضمن مثل ذلك كما في قوله ? ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ? المجادلة 7.
وإن قوله ? أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ? الزمر 52 ليعني أن الناس قد علموا من قبل ذلك رأي العين كما في قوله ? أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ? الروم 37 ويعني حرف الزمر كذلك أن مثل ذلك قد نزل من قبل في الكتاب كما في قوله ? قل إن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون ? سبأ 36 ويعني أن حرف الزمر تأخر نزوله عن الحرفين.
وسيأتي مزيد من التفصيل والبيان.
طالب العلم
الحسن محمد ماديك(/)
دلالة الكلمات في الكتاب المنزل
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[25 Jun 2010, 04:25 م]ـ
ـ الكلمات
إن الموعودات من الله رب العالمين في الكتاب المنزل على النبي الأمي ? ليقع عليها حقا الوصف بأنها كلمات الله وكلمات ربنا الذي قال لها من قبل ? كن ? وستكون إذا وافقت الأجل الذي جعل الله لها وهكذا وعد الله في الكتاب المنزل أن لا تبديل ولا مبدل لها أي ستتم صدقا وعدلا كما أخبر الله من قبل في القرآن كما في قوله:
ـ ? اتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ? الكهف 27
ـ ? ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين ? الأنعام 34
ـ ? وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ? الأنعام 115
ـ ? ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ? يونس 62 ـ 64
وإن من تفصيل الكتاب أن كلمة ربنا إنما تعني وعدا منه قد تضمنه الكتاب المنزل من عنده تفصيلا.
وإن من كلمات ربنا ما تضمنه الكتاب وسيتم نفاذه في اليوم الآخر.
وإن من كلمات ربنا ما تضمنه القرآن وسيتم نفاذه في الدنيا.
ومما تضمنه الكتاب من كلمات ربنا قوله:
ـ ? وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون {يونس 19
ـ ? ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب {فصلت 45 هود 111
ـ ? وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب {الشورى 14
ـ ? ولقد بوأنا بني إسراءيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون {يونس 93
ـ ? ولقد آتينا بني إسراءيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون {الجاثية 15 ـ 16
ومن تأمل حرف هود وفصلت والشورى وأول يونس فقه أن كلمة قد سبقت من ربنا أن يؤخر القضاء بين المختلفين بعد إيتاء موسى التوراة إلى أجل مسمى، ولم تتضمن هذه الأحرف تفصيل الكلمة التي سبقت من ربنا.
ومن تأمل حرف الجاثية وثاني يونس فقه أن الكلمة التي سبقت من ربنا بعد اختلاف بني إسراءيل في التوراة هي وعده في الكتاب أن يؤخر القضاء بين المختلفين في الكتاب إلى يوم القيامة وفقه أن قوله} إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون {في الجاثية وثاني يونس هو الكلمة التي سبقت من ربنا كما في فصلت والشورى وهود وأول يونس أي وعده الذي سبق منه ولا يخلف الله وعده.
وكان من تفصيل الكتاب أن تفصيل الوعد الذي تضمنه حرف الجاثية وثاني يونس لم يصاحبه ذكر الكلمة التي سبقت، وحيث أجمل الوعد وقعت الإشارة إلية بالكلمة التي سبقت كما في حرف هود وفصلت والشورى وأول يونس.
وكذلك تضمن الكتاب كلمات من ربنا هي وعد منه حسن سيتم نفاذه في الآخرة كما في قوله:
ـ ? وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين {هود 119
ـ ? ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين {السجدة 13
ـ ? قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين {ص 84 ـ 85
ـ ? قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين {الأعراف 18
ـ ? قال هذا صرط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين {الحجر 41 ـ 42
ـ ? وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار {غافر 6
ـ ? أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار {الزمر 19
ـ ? وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين {الزمر 71 ت 72
ـ ? قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا {القصص 62
ويعني قوله} لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين {وقوله} لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين {وقوله} لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين {وقوله} إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين {هو القول والكلمة أي الوعد الذي أخبر الله به يوم أبى إبليس واستكبر أن يسجد لآدم مع الساجدين، وهو القول والكلمة والوعد الذي سيحق أي يقع على الكافرين فيكونون من أصحاب النار في جهنم خالدين.
وتضمن القرآن كلمات من رب العالمين هي وعد حسن منه في الدنيا كما في قوله:
ـ ? وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون وجاوزنا ببني إسرائيل البحر {الأعراف 137 ـ 138
ـ ? وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم {الأنعام 115
ـ ? كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون {يونس 33
ـ ? إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم {يونس 96
وقد تقدم من بيان حرف الأعراف في الأسماء الحسنى، وسيأتي بيانه كله في من بيان القرآن.
إن الحديث النبوي الصحيح " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " ليعني أن النبي الأمي صلى الله عليه وسلم قد علّم المؤمنين أن يدعوا الله ليحفظهم ويعصمهم من شر ما خلق ومنه فتنة الدجال وإغواء الشيطان متوسلين إليه بإيمانهم بكلماته التامات أي وعوده التي ستتم أي تنفذ وتقع إذا وافقت الأجل الذي جعل الله لها في الدنيا كالآخرة، ومن العجب أن الذين يرددون دعاء النبيّ الأميّ صلى الله عليه وسلم منذ عشرات القرون لم يفقهوه ...
طالب العلم
الحسن محمد ماديك(/)
أرجوزة ابن الياسمين في الجبر والمقابلة، هل الرياضيات علم من علوم القرآن؟
ـ[ Amara] ــــــــ[25 Jun 2010, 08:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وسلم
قال محمد بن محمد بن إبراهيم الأنصاري الشاطبي المصري الملقب بابن سراقة (592 - 662 هـ): من بعض وجوه إعجاز القرآن ما ذكر الله فيه من أعداد الحساب والجمع والقسمة والضرب والموافقة والتأليف والمناسبة والتنصيف والمضاعفة، ليعلم بذلك أهل العلم بالحساب أنه صلى الله عليه وسلم صادق في قوله، وأن القرآن ليس من عنده، إذ لم يكن ممن خالط الفلاسفة، ولا تلقى الحساب وأهل الهندسة.
ويدل هذا الكلام على شيئين:
- أن الرياضيات علم من علوم القرآن
- أن الرياضيات أحد وجوه الإعجاز في القرآن
ولست هنا بصدد بيان هذه المواضيع ومناقشتها، إنما أريد ان أتساءل.
لماذا غيب عنا أن أهل القرآن كانوا بارعين في الرياضيات كما برعوا في غير ذلك من علوم القرآن؟
لماذا أصبح مألوفا عند معظمنا أن علوم القرآن تنحصر في اللغة والفقه والتفسير والتأويل وغير ذلك مما له ارتباط مباشر باللغة أو بالأحكام؟ وغفلنا عما له ارتباط بطبيعة الأشياء وقوانين الحياة؟
في رفاقة هذا الموضوع تجدون أرجوزة ابن الياسمين في الجبر والمقابلة التي تدل على اهتمام المسلمين بمختلف العلوم اهتماما نابعا من فهمهم للقرآن.
يغفر الله لي ولكم
ـ[خلوصي]ــــــــ[25 Jun 2010, 11:42 م]ـ
ذكرتني بأيام الهيام بالتصنيف و خاصة وضع التصورات لموسوعات!
منها موسوعة المنظومات!
و لا يزال إلى الآن - بعد مرور عشرين هاماً - في ذاكرتي هذا الاسم: أرجوزة ابن الياسمين!؟!
يا للزمان! و يا للإنسان!
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[26 Jun 2010, 12:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور عمارة ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أشكر لفضيلتكم هذا المجهود القيم.
و أحب أن أبين أن القرآن الكريم بناء فكري و لغوي، و هو غاية الجلال و الجمال،
و لا يخفى عليكم أن المعنى طبقات بعضها فوق بعض، و كل متلق يدرك منه بحسب ما يملك من علم وتجربة و خبرة.
و من صور إعجاز القرآن الكريم التي ينبغي أن نوليها عناية خاصة، و قد برزت بشكل لافت للنظر في عصرنا الحالي، نتيجة التطور الكبير في العلوم و التقنيات، و كثرة الاكتشافات، و دقة التخصصات وتعددها، بحيث لم يعد بالإمكان ـ كما كان سابقا ـ الإلمام بكل هذه العلوم في تفاصيلها الدقيقة،
مما يجعل كل صاحب تخصص علمي عندما يقرأ القرآن قراءة تدبر يكتشف أسرار العلم الذي تخصص فيه، ودقائقه، وكلياته، و تأصيله مبثوث في القرآن الكريم.
ومن ثم كثر الحديث في زماننا هذا عن أنواع الإعجاز العلمي، وهو شيء إيجابي يكشف عن بعد إعجازي مهم كامن في القرآن الكريم، و هو تلكم القدرة التواصلية المعجزة التي يمتلكها القرآن الكريم،
تواصل مع كل الناس باختلاف أجناسهم، وثقافاتهم، معارفهم وتجاربهم، وخبراتهم.
فكل واحد منهم يجد ذاته في القرآن الكريم.
ومما لا يخفى أن التفسير مجهود بشري غايته استنباط مراد الله تعالى من الخطاب القرآني.
و هذا المراد الذي ننتهي إليه ـ مهما كان علمنا و تجربتنا و خبرتنا ـ هو مراد نسبي، محدود في الزمان و المكان، و لا يمكن أن نقطع على الله تعالى بأنه المراد الوحيد،
و من ثم أصل علماؤنا هذه القاعدة: " القطع على الله تعالى بالمراد بدعة ".
إذا تقرر ذلك تبين لنا أن تفسير القرآن الكريم في ضوء ما يستجد من علوم ومعارف، و تجارب وخبرات، هو واجب شرعي ـ في اعتقادي ـ يمليه واجب تبليغ الدعوة إلى كل الناس.
فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وفقنا الله جميعا لخدمة كتابه الكريم.
و تفضلوا أخي الكريم بقبول تحياتي و تقديري لشخصكم الكريم.
و لا يفوتني أن أحيي الأخ الأستاذ الكريم خلوصي، و أشيد باهتمامه و تواصله.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.(/)
التوفيق بين النصوص القرآنية وبين النتائج العلمية الصحيحة / رئيس قسم التفسير ,جامعة أتاتورك
ـ[خلوصي]ــــــــ[26 Jun 2010, 12:56 ص]ـ
مستندات التوفيق بين النصوص القرآنية وبين النتائج العلمية الصحيحة
أ. د. سعاد يلدرم رئيس قسم التفسير – جامعة أتاتورك – تركيا
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى .. إن اصطلاحات "الإعجاز العلمي" و "التفسير العلمي" و "معجزة علمية" أو "فنية" من التعابير، التي استحدثت، وشاعت في العصر الحديث، ومعلوم أن هذه التعابير، تفيد تأويل بعض الآيات القرآنية، بما يتفق وبعض النظريات، أو الاكتشافات الحديثة، في العلوم الطبيعية.وعدد المؤلفين المعاصرين الذين حاولوا التوفيق، بين المعنى القرآني، وبين المسائل الفنية ليس بقليل. غير أن قسماً منهم أفرطوا في هذا الأمر، وتكلفوا في كثير من الأحيان. وهذا القسم تسبب في ظهور أهل تفريط ينكر هذا التوفيق رأساً. ومعظم المفسرين، الذين عاشوا في القرن الأخير، اقتصدوا في هذا الأمر ولم يضلوا عن سواء السبيل. ونحن في بحثنا هذا نريد أن نؤصل هذا الموقف المعتدل، ونظهر بعض أسانيده وبالله التوفيق.
آراء المعترضين في التفسير العلمي:
وقبل أن نخوض في الموضوع، يحسن بنا أن نذكر بعض آراء المعترضين،وفي مقدمتها:
1 - آراء أبي اسحق الشاطبي المتوفي سنة 790هـ. قال رحمه الله في الموافقات: 2/ 55 - 56.
"أن كثيراً من الناس تجاوزوا في الدعوى على القرآن الحدَّ؛ فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين، أو المتأخرين، من علوم الطبيعيات والتعاليم، والمنطق، وعلم الحروف، وجميع ما نظر فيه الناظرون، من أهل الفنون، وأشباهها، وهذا إذا عرضناه على ما تقدم: (1) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn4) لم يصح .. وإضافة إلى هذا فإن السلف الصالح، من الصحابة، والتابعين ومن يليهم كانوا أعرف بالقرآن، وبعلومه، وما أودع فيه، ولم يبلغنا أنه تكلم أحد منهم في شئ من هذا المدعى، سوى ما تقدم، وما ثبت فيه من أحكام التكاليف، وأحكام الآخرة، وما يلي ذلك، ولو كان لهم في ذلك خوض، ونظر، لبلغنا منه ما يدلنا على أصل المسألة، إلا أن ذلك لم يكن، فدل على أنه غير موجود عندهم، وذلك دليل على أن القرآن لم يقصد فيه تقرير لشئ، مما زعموا"وفيما بعد: ادعى الشاطبي أن المعاني، التي لا عهد للعرب بها، غير معتبرة فقال:"وربما استدلوا على دعواهم بقوله تعالى?وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍوَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ? (النحل:8).وقوله?مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىرَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ? (الأنعام:38).ونحو ذلك …، فأما الآيات فالمراد بها، عند المفسرين: ما يتعلق بحال التكليف والتعبد، أو المراد بالكتاب في قوله?مَا فَرَّطْنَا فِيالْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ? (الأنعام:38) اللوح المحفوظ، ولم يذكروا فيها ما يقتضي تضمنه لجميع تلك العلوم، النقلية، والعقلية "…" فليس بجائز أن يضاف إلى القرآن ما لا يقتضيه، كما أنه لا يصلح أن ينكر منه ما يقتضيه، ويجب الاقتصار في الاستعانة على فهمه، على كل ما يضاف علمه، إلى العرب خاصة، فبه يوصل إلى علم ما أودع من الأحكام الشرعية، فمن طلبه بغير ما هو أداة له، ضل عن فهمه، وتقول على الله ورسوله فيه، والله أعلم وبه التوفيق" "الموافقات 2/ 55 - 56" في المسألة الرابعة من النوع الثاني، في بيان قصد الشارع، في وضع الشريعة للافهام.
2 - آراء. محمد حسين الذهبي
ويمكن أن نعتبر الأستاذ الدكتور محمد حسين الذهبي ممثل المنكرين للتفسير العلمي. يعرف الدكتور الذهبي: التفسير العلمي بأنه هو: التفسير، الذي يحكم الاصطلاحات العلمية، في عبارات القرآن، ويجتهد في استخراج مختلف العلوم، والآراء الفلسفية منها.ويعترض الدكتور الذهبي على التفسير العلمي من النواحي الآتية:
أولاً: الناحية اللغوية:
(يُتْبَعُ)
(/)
كثير من الألفاظ القرآنية، تغيرت وتوسعت دلالاتها، بمرور الزمان. وهذه المعاني كلها تقوم بلفظ واحد، بعضها عرفته العرب وقت نزول القرآن، وبعضها لا علم للعرب به، وقت نزول القرآن، نظراً لحدوثه، وطروئه، على اللفظ، فهل يعقل أن نتوسع هذا التوسع العجيب، في فهم ألفاظ القرآن، وجعلها تدل على معان، جدت باصطلاح حادث؟.
ثانياً: الناحية البلاغية:
البلاغة هي المطابقة لمقتضى الحال، والتفسير العلمي للقرآن، يضر بلاغة القرآن. لأن من خوطبوا بالقرآن في وقت نزوله: إن كانوا يجهلون هذه المعاني، وكان الله يريدها من خطابه إياهم لزم على ذلك أن يكون القرآن غير بليغ، لأنه لم يراع حال المخاطب؟ وإن كانوا يعرفون هذه المعاني، فلم لم تظهر نهضة العرب العلمية، من لدن نزول القرآن، الذي حوى علوم الأولين والآخرين؟
ثالثاً: الناحية الاعتقادية:
أنزل الله القرآن، إلى الناس كافة حتى قيام الساعة. ولو ذهبنا مذهب من يحمل القرآن كل شئ، وجعلناه مصدراً للعلوم، لكنا بذلك قد أوقعنا الشك، في عقائد المسلمين، نحو القرآن الكريم. وذلك لأن قواعد العلوم، وما تقوم عليه، من نظريات، لا قرار لها ولا بقاء. ولو نحن ذهبنا إلى تقصيد القرآن، ما لم يقصد، من نظريات، ثم ظهر بطلان هذه النظريات فسوف يتزلزل اعتقاد المسلمين في القرآن الكريم. لأنه لا يجوز للقرآن أن يكذب اليوم، ما صححه بالأمس. (2) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn5) هذا ما قاله الدكتور الذهبي ملخصاً! ونحن نظن أن الذهبي بمطالعاته هذه يرد على المفرطين، والمسرفين، في التوفيق بين النصوص القرآنية، والمسائل العلمية. وإلا فهو ليس معترضاً – فيما يبدو – على كون القرآن يشير إلى بعض الحقائق العلمية رأسا. وهذا يظهر في آخر ما كتب في هذا الموضوع:"وحسبهم أن لا يكون في القرآن نص صريح، يصادم حقيقة علمية ثابتة. وحسب القرآن أنه يمكن التوفيق بينه،وبين ماجد ويجد من نظريات وقوانين علمية، تقوم على أساس من الحق، وتستند إلى أصل من الصحة".أليس كون القرآن لا يصادم حقائق علمية ثابتة معجزة علمية؟ (3) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn6)
الإعجاز العلمي للقرآن وآراء ابن عاشور، وسعيد النورسي:
وفي الصفحات التالية سنعالج هذه الآراء،وننتقدها، مستفيدين من المفسرين المعاصرين، ولا سيما الأستاذ "محمد الطاهر بن عاشور" من "تونس" والإمام "سعيد النورسي" من "تركيا". لأن لهما فضلا كبيراً، في هذا المضمار، وقد وفقاً جداً في تأصيل هذا المنهج القويم، في تفسير القرآن الكريم. ولأنهما لم يشتهرا بين المفسرين كما ينبغي لهما.قال ابن عاشور – رحمه الله – في تفسيره " في المقدمة العاشرة 1/ 127/-129" عند البحث عن إعجاز القرآن ما نصه:
"وأما النوع الثاني، من إعجازه العلمي، فهو ينقسم إلى قسمين: قسم يكفي لادراكه فهمه وسمعه، وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم، فينبلج للناس شيئاً فشيئاً انبلاج أضواء الفجر على حسب مبالغ الفهوم وتطورات العلوم. وكلا القسمين: دليل على أنه من عند الله، لأنه جاء به "أمي" في موضع، لم يعالج أهله دقائق العلوم، والجائى به ثاوٍ بينهم لم يفارقهم. ولقد أشار القرآن إلى هذه الجهة من الإعجاز بقوله تعالى في سورة القصص:?قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَىمِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَفَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ? (القصص:49 - 50).ثم إنه ماكان قصاراه إلى مشاركة أهل العلوم في علومهم الحاضرة، حتى ارتقى إلى ما لم يألفوه، وتجاوز ما درسوه، وألفوه.قال ابن عرفة عند قوله تعالى ?تُولِجُ اللَّيْلَ فِي
(يُتْبَعُ)
(/)
النَّهَارِ ?في سورة آل عمران آية (27) "كان بعضهم يقول: إن القرآن يشتمل على ألفاظ، يفهمها العوام، وألفاظ يفهمها الخواص، وعلى ما يفهمه "الفريقان". ومنه هذه الآية؛ فإن الايلاج يشمل الأيام التي لا يدركها إلا الخواص، والفصول التي يدركها سائر العوام".أقول،وكذلك قوله تعالى?أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا? (الأنبياء:30).فمن طرق إعجازه العلمية (4) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn7) أنه دعا للنظر والاستدلال. قال في الشفاء:" ومنها جمعه لعلوم ومعارف، لم تعهد للعرب، ولا يحيط بها أحد من علماء الأمم، ولا يشتمل عليها كتاب، من كتبهم، فجمع فيه من بيان علم الشرائع، والتنبيه على طرق الحجة العقلية، والرد على فرق الأمم، ببراهين قوية، وأدلة كقوله?لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا? (الأنبياء:22).وقوله? أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَبِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ? (يس:81).ولقد فتح الأعين إلى فضائل العلوم، بأن شبه العلم بالنور، وبالحياة، كقوله:?لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا? (يس:70).وقوله:?يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ? (البقرة:257).وقال:?وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَاإِلَّا الْعَالِمُونَ ? (العنكبوت:43).وقال:?هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَايَعْلَمُونَ ? (الزمر: 9) وهذا النوع من الإعجاز هو الذي خالف به القرآن، أساليب الشعر، وأغراضه مخالفة واضحة. هذا والشاطبي قال في الموافقات: (إن القرآن لا تحمل معانيه، ولا يتأول إلا على ما هو متعارف عند العرب). ولعل هذا الكلام صدر منه في التَّفَصي (5) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn8) َّ من مشكلات في مطاعن الملحدين، اقتصاداً في البحث، وإبقاءً على نفيس الوقت، وإلا فكيف ينفي إعجاز القرآن، لأهل كل العصور، وكيف يقصر إدراك إعجازه بعد العصر العربي، على الاستدلال بعجز أهل زمانه، إذ عجزوا عن معارضته.وإذ نحن نسلم لهم بالتفوق في البلاغة والفصاحة، فهذا إعجاز إقناعي، بعجز أهل عصر واحد، ولا يفيد أهل كل عصر، إدراك طائفة منهم لإعجاز القرآن.ثم يستدل الأستاذ ابن عاشور بحديث "ما من الأنبياء نبي إلا أوتي – أو أعطى– من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحياً أوحاه الله، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة" (البخاري فضائل القرآن1 ومسلم، كتاب الإيمان 239" (6) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn9) "…" فالمناسبة بين كونه أوتي وحياً وبين كونه يرجو أن يكون أكثرهم تابعاً لا تنجلي، إلا إذا كانت المعجزة صالحة، لجميع الأزمان، حتى يكون الذين يهتدون لدينه لأجل معجزته، أمما كثيرين، على اختلاف قرائحهم، فيكون هو أكثر الأنبياء تابعا، لا محالة، وقد تحقق ذلك، لأن المعنى بالتابع: التابع له، في حقائق الدين، لا اتباع الادعاء والانتساب بالقول "…".وهذه الجهة من الإعجاز: إنما تثبت للقرآن بمجموعه؛ إذ ليست كل آية من، آياته، ولا كل سورة من سوره، بمشتملة على هذا النوع من الإعجاز،ولذلك فهو إعجاز حاصل، من القرآن، وغير حاصل به التحدي، إلا إشارة نحو قوله?وَلَوْ كَانَمِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا? (النساء:82).وقال الأستاذ ابن عاشور في المقدمة الرابعة "تفسير التحرير والتنوير
(يُتْبَعُ)
(/)
1/ 42 - 45""وفي الطريقة الثالثة: تجلب مسائل علمية، من علوم لها مناسبة بمقصد الآية، إما على أن بعضها يومئ إليه معنى الآية، ولو بتلويح ما، كما يفسر أحد قوله تعالى:?وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ? (البقرة:269).فيذكر تقسيم علوم الحكمة ومنافعها، مدخلا ذلك تحت قوله (خيراً كثيراً) فالحكمة، وإن كانت علماً اصطلاحياً، وليس هو تمام المعنى للآية، إلا أن معنى الآيةالأصلي، لا يفوت، وتفاريع الحكمة تعين عليه. وكذلك أن نأخذ من قوله تعالى?كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ ? (الحشر:7).تفاصيل من علم الاقتصاد السياسي، وتوزيع الثروة العامة، ونعلل بذلك مشروعية الزكاة، والمواريث، والمعاملات المركبة، من رأس مال وعمل، على أن ذلك تومئ إليه الآية إيماء. وإن بعض مسائل العلوم، قد تكون أشدّ تعلقاً بتفسير آي القرآن،كما نفرض مسألة كلامية، لتقرير دليل قرآني، مثل برهان التمانع (7) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn10) لتقرير معنى قوله تعالى?لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ? (الأنبياء:22).وكتقرير مسألة المتشابه؛ لتحقيق معنى نحو قوله تعالى?وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْد? (الذّاريات47).فهذا كونه من غايات التفسير واضح. وكذا قوله تعالى?أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَبَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ? (ق:6).فإن القصد منه الاعتبار، بالحالة المشاهدة. فلو زاد المفسر ففصل تلك الحالة، وبين أسرارها، وعللها، بما هو مبين، في علم الهيئة، كان قد زاد المقصد خدمة. وإما على وجه التوفيق بين المعنى القرآني، وبين المسائل الصحيحة من العلم، حيث يمكن الجمع. وإما على وجه الاسترواح من الآية كما يؤخذ من قوله تعالى:?وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ? (الكهف:47).أن فناء العالم يكون بالزلازل، ومن قوله تعالى ?ِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ? (التكوير:1).أن قانون الجاذبية يختل عند فناء العالم.وشروط كون ذلك مقبولاً أن يسلك فيه مسلك الايجاز؛ فلا يجلب إلا الخلاصة من ذلك العلم، ولا يصير الاستطراد كالغرض المقصود له، لئلا يكون كقولهم "السى بالسى يذكر" (8) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn11). وللعلماء في سلوك هذه الطريقة الثالثة على الاجمال آراء: فأما جماعة منهم فيرون من الحسن: التوفيق بين العلوم غير الدينية، وآلاتها، وبين المعاني القرآنية، ويرون القرآن مشيراً إلى كثير منها. قال ابن رشد الحفيد "هو محمد ابن أحمد بن رشد المتوفي 1198م" في فصل المقال: "أجمع المسلمون، على أن ليس يجب أن تحمل ألفاظ الشرع كلها، على ظاهرها، ولا أن تخرج كلها عن ظاهرها، بالتأويل. والسبب في ورود الشرع بظاهر وباطن، هو: اختلاف نظر الناس، وتباين قرائحهم، في التصديق".وتخلص إلى القول بأن بين العلوم الشرعية والفلسفية اتصالا. وإلى مثل ذلك ذهب "قطب الدين الشيرازي" في شرح حكمة الاشراق، وكذلك الغزالي، والامام الرازي، وأبوبكر بن العربي، وأمثالهم صنيعهم يقتضي التبسط وتوفيق المسائل العلمية، فقد ملأوا كتبهم من الاستدلال على المعاني القرآنية، بقواعد العلوم اُلحكْمِية (9) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn12) وغيرها.وكذلك الفقهاء: في كتب أحكام القرآن. وقد علمت ما قاله ابن العربي فيما أملاه، على سورة (نوح) وقصة (الخضر). وكذلك ابن جني، والزجاج. وأبوحيان قد أشبعوا
(يُتْبَعُ)
(/)
تفاسيرهم، من الاستدلال على القواعد العربية، ولاشك أن الكلام الصادر عن علام الغيوب تعالى، وتقدس، لا تبنى معانيه على فهم طائفة واحدة، ولكن معانيه تطابق الحقائق، وكل ماكان من الحقيقة في عمل من العلوم، وكانت الآية لها اعتلاق بذلك، فالحقيقة العلمية مرادة، بمقدار ما بلغت إليه أفهام البشر، وبمقدار ما ستبلغ إليه. وذلك يختلف باختلاف المقامات ويبنى على توفر الفهم، وشرطه أن لا يخرج عما يصلح له اللفظ العربي، ولا يبعد عن الظاهر، إلا بدليل، ولا يكون تكلفاً بينا، ولا خروجاً عن المعنى الأصلي، حتى لا يكون في ذلك كتفاسير الباطنية.وأما "أبو اسحق الشاطبي"، فقال في الفصل الثالث من المسألة الرابعة: "لا يصح في مسلك الفهم والافهام إلا ما يكون عاماً لجميع العرب. فلا يتكلف فيه فوق ما يقدرون عليه". وقال في المسألة الرابعة من النوع الثاني: "ينقل ابن عاشور قول الشاطبي الذي اقتبسناه آنفاً وتعقبه بقوله":"وهذا مبني على ما أسسه، من كون القرآن، لما كان خطاباً للأميين،وهم العرب، فإنما يعتمد في مسلك فهمه، وإفهامه، على مقدرتهم وطاقتهم وأن الشريعة أمية.
وهو أساس واهٍ لوجوه ستة:
الأول: أن ما بناه عليه: يقتضي أن القرآن لم يقصد منه انتقال العرب من حال إلى حال، وهذا باطل لما قدمناه، قال تعالى?تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَاكُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا ? (هود:49).وهذا صريح في أن القرآن يحتوي على كثير من الحقائق التي يجهلها قومه، والتي هي من قبيل أنباء الغيب والمعجزات.
الثاني: أن مقاصد القرآن، راجعة إلى عموم الدعوة، وهو معجزة باقية، فلا بد أن يكون فيه، ما يصلح لأن تتناوله أفهام من يأتي من الناس في عصور انتشار العلوم في الأمة."وقال ابن عاشور في موضع آخر من تفسيره (1/ 104): "إن وجوه الإعجاز ترجع إلى ثلاث جهات "…" الجهة الثالثة: ما أودع فيه من المعاني الحكمية والاشارات إلى الحقائق العقلية والعلمية، مما لم تبلغ إليه عقول البشر في عصر نزول القرآن، وفي عصور بعده متفاوتة، وهذه الجهة أغفلها المتكلمون في إعجاز القرآن، من علمائنا، مثل أبي بكر الباقلاني، والقاضي عياض، "…" والقرآن معجز من الجهة الثالثة للبشر قاطبة، إعجازاً مستمراً على ممر العصور، وهذا من جملة ما شمله قول أئمة الدين: إن القرآن هو المعجزة المستمرة، على تعاقب السنين، لأنه قدر يدرك إعجازه العقلاء من غير الأمة العربية، بواسطة ترجمة معانيه التشريعية، والحكمية، والعلمية، والأخلاقية وهو دليل تفصيلي لأهل تلك المعاني، وإجمالي لمن تبلغه شهادتهم بذلك. "انظر أيضاً تفسيره 1/ 127 - 128".
الثالث: أن السلف (10) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn13) قالوا: إن القرآن لا تنقضي عجائبه، يعنون معانيه، ولو كان كما قال الشاطبي لا نقضت عجائبه، بانحصار أنواع معانيه.
الرابع: أن من تمام إعجازه: أن يتضمن من المعاني مع إيجاز لفظه ما لم تف به الأسفار المتكاثرة.
الخامس: أن مقدار أفهام المخاطبين به ابتداء لا يقتضى، إلا أن يكون المعنى الأصلي مفهوماً لديهم، فأما مازاد على المعاني الأساسية فقد يتهيأ لفهمه أقوام، وتحجب عنه أقوام، "ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" (11) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn14).
(يُتْبَعُ)
(/)
السادس: أن عدم تكلم السلف عليها: إن كان فيما ليس راجعاً إلى مقاصده، فنحن نساعد عليه، وإن كان فيما يرجع إليها فلا نسلم وقوفهم فيها عند ظواهر الآيات، بل قد بينوا، وفصلوا، وفرعوا، في علوم عنوا بها، ولا يمنعنا ذلك أن نقفي على آثارهم، في علوم ن أخرى راجعة لخدمة المقاصد القرآنية، أو لبيان سعة العلوم الإسلامية. أما ما وراء ذلك، فإن كان ذكره لإيضاح المعنى، فذلك تابع للتفسير أيضاً. لأن العلوم العقلية تبحث عن أحوال الأشياء، على ما هي عليه، وإن كان فيما زاد على ذلك، فذلك ليس من التفسير، لكنه تكملة للمباحث العلمية، واستطراد في العلم لمناسبة التفسير، ليكون متعاطي التفسير، أوسع قريحة في العلوم.
ثم قال ابن عاشور: "وأنا أقول" إن علاقة العلوم بالقرآن على أربعمراتب:
الأولى: علوم تضمنها القرآن، كأخبار الأنبياء، والأمم، وتهذيب الأخلاق، والفقه، والتشريع، والاعتقاد، والأصول، والعربية، والبلاغة.
الثانية: علوم، تزيد المفسر علماً، كالحكمة والهيئة، وخواص المخلوقات.
الثالثة: علوم، أشار إليها، أو جاءت مؤيدة له، كعلم طبقات الأرض والطب، والمنطق.
الرابعة: علوم، لا علاقة لها به، إما لبطلانها، كالزجر، والعيافة، والميثولوجيا (12) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn15)، وأما لأنها لا تعين على خدمته، كعلم العروض، والقوافي، "تفسير التحرير والتنوير، 1/ 45".
وقال الأستاذ ابن عاشور في المقدمة التاسعة من تفسيره "1/ 94" "في أن المعاني التي تتحملها جمل القرآن تعتبر مرادة منها":"ولما كان القرآن نازلاً من المحيط علمه بكل شئ، كان ما تسمح تراكيبه الجارية، على فصيح استعمال الكلام البليغ، باحتماله، من المعاني المألوفة للعرب، في أمثال تلك التراكيب، مظنوناً بأنه مراد لمنزله، ما لم يمنع من ذلك مانع، صريح، أو غالب، من دلالة شرعية، أو لغوية، أو توفيقية. وقد جعل الله القرآن كتاب الأمة. كلها، وفيه هديها، ودعاهم إلى تدبره، وبذل الجهد في استخراج معانيه، في غير ما آية ويدل على تأصيلنا هذا ما وقع إلينا من تفسيرات مروية، عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لآيات، فنرى منها ما نوقن بأنه ليس هو المعنى الأسبق من التركيب؛ ولكننا بالتأمل نعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام، ما أراد بتفسيره، إلا إيقاظ الأذهان، إلى أخذ أقصى المعاني، من ألفاظ القرآن. ويمثل الأستاذ ابن عاشور لذلك بأمثلة متعددة من تفسير النبي r.
والأستاذ "بديع الزمان سعيد النورسي"
طار صيته، في جميع أنحاء العالم الإسلامي كمجاهد. وهو كما اشتهر. إلا أنه لا ينبغي لنا أن نغض البصر عن ناحيته العلمية. كان رحمه الله عضوا في دار الحكمة الإسلامية. وهذه المؤسسة كانت كبرى المؤسسات العلمية في أواخر الدولة العثمانية. والأستاذ النورسي ألف تفسيره باللغة العربية. لسورة البقرة المسمى "باشارات الاعجاز في مظان الايجاز" عندما كان يحارب مع طلبته ضد الروس في الحرب العالمية الأولى، أي ما قبل سبعين عاماً تقريباً. وألف كتبه المسماة "بكليات رسائل النور" باللغة التركية، في تفسير بعض الآيات القرآنية بعد هذا وانتهى من تأليفه سنة 1930م أي ما قبل خمسة وخمسين عاماً تقريباً. وتوفي – رحمه الله – في عام 1960م في السابع والثمانين من عمره، الملئ بالعلم والجهاد، حتى آخر أنفاسه. وفي الصفحات الآتية نعالج ونترجم قسماً من أفكاره إلى اللغة العربية للتوفيق بين المعنى القرآني، وبين الحقائق الصحيحة، من العلوم الطبيعية.
(يُتْبَعُ)
(/)
"قسم من آيات القرآن يزداد وضوحاً، بمرور الزمان، وبتطور العلوم. وهذا يعني أن القرآن الكريم خزينة، لا تحصى جواهرها، ولا تنقضي عجائبها. له محكمات ونصوص، لا تتغير معانيها، وأحكامها، في كل الأزمان. ولكن له أيضاً معان ثانوية، تشير إلى بعض الحقائق العلمية، التي تنكشف شيئاً فشيئاً، حسب تقدم المستوى العلمي البشري. أما الحقائق الظاهرية، التي بينها السلف الصالح فمسلمة محفوظة، لا تعتريها شبة. لأنها نصوص، ومحكمات، وأسس، وقواعد، يجب الإيمان بها. والكتاب الكريم موصوف بأنه "قرآن عربي مبين". وهذا يقتضي كونه واضحاً، في معانيه الأساسية. والخطاب الالهي يدرو حول هذه المعاني، ويقويها، ويظهرها. ومن ينكر هذه المعاني المنصوصة، فكأنما يكذب الله تعالى ويتهم فهم الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم. للقرآن الكريم. إذن لا شك في أن المعاني المنصوصة مأخوذة من منبع الرسالة إلخ " المكتوبات 400 - 401".
ويتساءل الأستاذ النورسي، بعد أن تعرض لبعض المعاني الاشارية، من قبيل الإعجاز العلمي فيقول:
"فإن قلت: كيف نستطيع أن نعلم: أن القرآن أراد هذه المعاني، وأشار إليها؟ فالجواب: مادام القرآن خطة أزلية، ومادام هو يدرس، ويخاطب كل طبقات البشر، المصطفة. جيلاً بعد جيل، إلى يوم القيامة، فلابد له من مراعاة تلك الأفهام المختلفة، ودرج المعاني المتعددة ن وإرادتها، ووضع القرائن للإرشاد بأنه أرادها. وكل هذه الوجوه والمعاني تعد من معاني القرآن، بشهادات واتفاق أهل الاجتهاد، وأهل التفسير، وأهل أصول الدين، وأهل أصول الفقه، بشرط كونه صحيحاً، من ناحية العلوم العربية، وحقاً من جهة الأصول الدينية، ومقبولاً من الناحية البلاغية. والقرآن وضع أمارة لكل وجه من هذه الوجوه: إما لفظية وإما معنوية. والأمارة المعنوية إما أن تفهم من سياق الكلام وسباقه، وإما أمارة مستنبطةمن آية أخرى تشير إليها "يعني إلى هذا المعنى".وكتب التفاسير التي تعد بالآلاف، والتي ألفها المحققون: تشهد بجامعية القرآن هذه وخارقيته "سوزلر (13) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tn16) : أي الكلمات، 414 - 415". ويقول:
"فإن قلت: من شأن الهداية، والبلاغة: البيان والوضوح، وحفظ الأذهان عن التشتت، فما بال المفسرين، في أمثال هذه الآية، اختلفوا ختلافاً مشتتاً وأظهروا احتمالات مختلفة، وبينوا وجوه تراكيب متباينة، وكيف يعرف الحق من بينها؟
قيل لك: قد يكون الكل حقاً، لكن الأمر يختلف من سامع إلى سامع، إذ القرآن مانزل لأهل عصر فقط؛ بل لأهل جميع الأعصار. ولا لطبقة فقط، بل جميع طبقات الإنسان، ولا لصنف فقط بل لجميع أصناف البشر، ولكل فيه نصيب من الفهم. والحال: أن فهم نوع البشر يختلف درجة درجة .. وذوقه يتفاوت جهة جهة .. وميله يتشتت جانباً جانباً .. واستحسانه يتفرق وجهاً وجهاً .. ومتعته تتنوع نوعاً نوعاً .. وطبيعته تتباين قسماًقسماً .. فكم من أشياء يستحسنها نظر طائفة، دون طائفة، وتستلذها طبقة، ولا تتنزل إليها طبقة، وقس. فلأجل هذا السر وهذه الحكمة، أكثر القرآن من حذف الخاص للتعميم، ليقدر كل مقتضى ذوقه واستحسانه.ولقد نظم القرآن جملة، ووضعها في مكان، ينفتح من جهاته وجوه مختلفة، لمراعاة الأفهام المختلفة؛ ليأخذ كل فهم حصته، وقس، فإذا يجوز أن تكون الوجوه بتمامها مرادة، بشرط أن لا تردها العلوم العربية، وبشرط أن تستحسنها البلاغة، وبشرط أن يقبلها علم أصول مقاصد الشريعة. فظهر من هذه النكتة: أن من وجوه إعجاز القرآن: نظمه، وسبكه في أسلوب، ينطبق على أفهام عصر فعصر .. وطبقة فطبقة (إشارات الإعجاز 40 - 41).لنأخذ مثلاً قوله تعالى?أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواأَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ? (الأنبياء:30). هذه الآية تفهم من لم يتوغل في المسائل الفلسفية، هذا المعنى: بينما كانت السماء صافية بدون صحاب والأرض جافة، ليست قابلة للتوليد، فتح الله السماء بالمطر والأرض
(يُتْبَعُ)
(/)
بالخضروات، وزاوج بينهما، وخلق من هذا الماء كل شيء حي، وتفهم الآية الحكيم المحقق: أنه في ابتداء الخليقة كانت السموات والأرض كوماً، بدون أي شكل، وعجيناً بدون نفع، ليس عليها أي كائن أو مخلوق، ولكن الفاطر الحكيم فتحهما، وبسطهما فجعل كلتيهما نافعة مثمرة، مزينة ومنشأ لكثير من المخلوقات. يفهم هذا ويعظم حكمة الله تعالى. وتفهم الآية أيضاً في نظر حكيم معاصر: أن أرضنا وسائر (السيارات) التي تشكل المنظومة الشمسية كانت في ابتداء الأمر ممزوجة مع الشمس، عجيناً، ولكن القيوم القدير بسط هذا العجين، ووضع السيارات في أمكنتها وخلق التراب فوق الأرض، وأنزل المطر من السماء، وأرسل الأشعة من الشمس، وعمر الدنيا بالحياة. يفهم هذا ويتخلص من شرك الطبيعة (سوزلر أي الكلمات 411 - 412).
" إن الإنسان يتساءل: إن الواقع الذي نشاهده ضد ما أشار إليه القرآن في بعض الأحيان. فمثلاً نرى الشمس تشرق، وتغرب، والأرض منبسطة ساكنة، ماذا تقول في ذلك؟
نجيب عن هذا السؤال بأن القرآن كتاب هداية وإرشاد. والإرشاد إنما يكون نافعاً، إذا كان على درجة (استعداد) أفكار الجمهور الأكثر. والجمهور باعتبار المعظم عوام. والعوام لا يقدرون على رؤية الحقيقة عريانة، ولا يستأنسون بها، إلا بلباس خيالهم المألوف. فلهذه النكتة صور القرآن تلك الحقائق بمتشابهات، وتشبيهات، واستعارات، وحافظ على الجمهور الذين لم يتحملوا، عن الوقوع في ورطة التكذيب بما لم يحيطوا بعلمه، فأجمل في المسائل التي يعتقد الجمهور بالحس الظاهر مخالفتها للواقع، لكن مع ذلك أومأ إلى الحقيقة بنصب أمارات. فإذا تفطنت لهذه النكتة فاعلم: أن الديانة، والشريعة الإسلامية، المؤسسة على البرهان العقلي، ملخصة من علوم وفنون، تضمنت العقد الحيوية في جميع العلوم الأساسية، من فن تهذيب الروح، وعلم رياضة القلب، وعلم تربية الوجدان، وفن تدبير الجسد، وعلم تدبير المنزل، وفن السياسة المدنية، وعلم الحقوق والمعاملات وفن الآداب الاجتماعية، وكذا وكذا … إلخ. مع أن الشريعة فسرت، وأوضحت في مواقع اللزوم، ومظان الاحتياج، وفيما لم يلزم في حينه أو لم تستعد له الأذهان، أو لم يساعد له الزمان، أجملت بفذلكة (14) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#(1 4)) ووضعت أساساً، وأحالت إلى الاستنباط منه، وتفريعه ونشوء نمائه، على مشورة العقول (إشارات الإعجاز 175).فمثلاً يراعي القرآن، ويتلطف مع الحس الظاهري، الذي يشاهد أن الأرض ساكنة ومنبسطة، ولا يقول بصراحة: أن الأرض كروية، تدور حول نفسها، وحول الشمس بسرعة. لا، ما أراد القرآن أن يلبس على الناس ويشوش أفكارهم، فيبعدهم عن هداية القرآن. ولو قال القرآن هذا وأمثاله، من الحقائق العلمية، لانفض الناس من حوله، ولأنكروا ذلك، لم يكن من ذلك شيء. إلا أن القرآن لم يهمل الإشارة إلى العصر، وإلى المستوى، الذي أدرك الناس فيه حقيقة شكل الأرض أو حركتها.وبناء على هذه الحقيقة لا بد للمفسرين المتأخرين، من أن يوفقوا بين الحقائق الكونية المنكشفة، وبين النص القرآني، المشير إلى هذه الاكتشافات. لأن هذه الحقائق كانت توجد في القرآن مجملة، وفي شكل الفذلكة. وليست هذه المسائل من قبيل العقائد، والعبادات، والأحكام، والمعاملات. ولهذا يجوز أن تفهم، وتؤمن الأجيال المتقدمة، بالمعنى الإجمالي ويكتفوا به. وهذا لا يسبب أي نقيصة، لا للقرآن، ولا للمتقدمين من الأمة، الذين لم يكن في استطاعتهم أن يعرفوا هذه المسائل بالتفصيل، بل يكون دليلاً آخر للإعجاز القرآني .. لأن القرآن يعلن بصراحة: أنه يحتوي على بعض الحقائق، التي لم تظهر حقيقتها في وقت النزول:?بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ? (يونس:39).
(يُتْبَعُ)
(/)
والجملة الأخيرة من الآية صريحة، في أن القرآن يحتوي على بعض الحقائق، التي ستتضح بمرور الأزمان.يقول المفسر شهاب الدين الآلوسي في تفسيره المسمى بروح المعاني، عند تفسير الآية المذكورة ما نصه: " فالتأويل: نوع من التفسير، والإتيان: مجاز عن المعرفة والوقوف، ولعل اختياره للأشعار بأن تلك المعاني متوجهة إلى الأذهان منساقة إليها بنفسها. وجوز أن يراد بالتأويل: وقوع مدلوله وهو عاقبته وما يؤول إليه. وهو المعنى الحقيقي عند البعض، فإتيانه حينئذ مجاز عن تبينه وانكشافه أي: " ولم يتبين لهم إلى الآن تأويل ما فيه من الإخبار بالغيب، حتى يظهر أنه صدق أم كذب .. والمعنى: أن القرآن معجز من جهة النظم، ومن جهة الإخبار بالغيب، وهم فاجئوا تكذيبه قبل أن يتدبروا نظمه، ويتفكروا في معناه، أو ينتظروا وقوع ما أخبر به من الأمور المستقبلة (روح المعاني 11/ 120).وكذا قوله تعالى?سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِيأَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِبِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ? (فصلت:53).هذه الآية صريحة في أن الله يظهر بعض الآيات أي بعض الحقائق القرآنية، بعد زمن النزول.
فلنقرأ ما كتبه المفسر ابن كثير (المتوفي سنة 774هـ) الذي هو أبعد المفسرين، عن التفسير المسمى بالعلمي، قال رحمة الله في تفسير هذه الآية الكريمة: " أي سنظهر لهم دلالاتنا، وحججنا، على كون القرآن حقاً، منزلاً من عند الله عز وجل على رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم بدلائل خارجية، في الآفاق من الفتوحات، وظهور الإسلام على الأقاليم، وسائر الأديان (…) ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه، وفيه، وعليه، من المواد والأخلاط، والهيئات العجيبة، كما هو مبسوط في علم (التشريح الدال، على حكمة الصانع، تبارك وتعالى) تفسير ابن كثير 7/ 175. وقال ابن زيد: (آفاق السموات): نجومها، وشمسها، وقمرها، اللاتي يجرين، وآيات في أنفسهم أيضاً (تفسير الطبري 25/ 5). ويصرح ابن كثير بأن هذه الآية تشير إلى بعض الحقائق، التي يدرسها علم الأحياء، وعلم التشريح، وابن زيد من السلف يفسر (الآيات) بعلوم الكون، بينما كان ابن جرير الطبري لا يلتزم هذا التفسير، ناً بأن السموات والشمس والقمر، كانت مشهودة ومعلومة عندهم.
وقال الأستاذ النورسي، دفعاً لبعض الشبه، في هذه الموضوع: ثم اعلم أن آية: ?وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَافَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْكُنْتُمْ صَادِقِينَ? (البقرة:23).تشير إلى أن أناساً بسبب الغفلة عن مقصود الشارع في إرشاد الجمهور وجهلهم بلزوم كون الإرشاد بنسبة استعداد الأفكار وقعوا في شكوك وريب منبعها ثلاثة أمور (…).
والثاني: أنهم يقولون: إن القرآن الكريم أطلق وأبهم، في حقائق الخلقة، وفنون الكائنات، مع أنه مناف لمسلك التعليم والإرشاد.
والثالث: أنهم يقولون إن بعض ظواهر القرآن الكريم أقرب إلى خلاف الدليل العقلي فيحتمل خلاف الواقع وهو مخالف لصدقه.
والجواب وبالله التوفيق: أيها المشككون: اعلموا أن ما تتصورونه سبباً للنقص، إنما هي شواهد صدق، على سر إعجاز القرآن …. .
أما الجواب عن الشبهة الثانية: وهو إبهام القرآن، في بحث تشكيل الخلقة، على ما شرحته الفنون الجديدة، فاعلم: أن في شجرة العالم ميل الاستكمال وتشعب منه في الإنسان ميل الترقي، وميل الترقي كالنواة يحصل نشؤه ونماؤه بواسطة التجارب الكثيرة، ويتشكل ويتوسع، بواسطة تلاحق نتائج الأفكار، فيثمر فنوناً مترتبة، بحيث لا ينعقد المتأخر، إلا بعد تشكل المتقدم، ولا يكون المتقدم، مقدمة للمؤخر، إلا بعد صيرورته كالعلوم المتعارفة. فبناء على هذا السر لو أراد أحد تعليم فن أو تفهيم علم – وهو إنما تولد بتجارب كثيرة – ودعا الناس إليه قبل هذا بعشرة أعصر، لا يفيد إلا تشويش أذهان الجمهور ووقوع الناس في السفسطة، والمغالطة.مثلاً: لو قال القرآن: (يا أيها الناس انظروا إلى سكون الشمس وحركة الأرض واجتماع مليون حيوان في قطرة، لتتصوروا عظمة الخالق) لأوقع الجمهور: إما في التكذيب، وإما في المغالطة مع أنفسهم،
(يُتْبَعُ)
(/)
والمكابرة معها، بسبب أن حسهم الظاهري أو غلط الحس يرى انبساط الأرض، ودوران الشمس، من البديهيات المشاهدة. والحال أن تشويش الأذهان – لا سيما في مقدار عشرة أعصر، لتشهي بعض أهل زماننا – مناف لمنهاج الإرشاد، وروح البلاغة، يا هذا، لا تظنن قياس أمثالها، على النظريات المستقبلة من أحوال الآخرة. إذ الحس الظاهري لما لم يتعلق بجهة منها بقيت في درجة الإمكان، فيمكن الاعتقاد والاطمئنان بها فحقها الصريح التصريح بها، لكن ما نحن فيه لما خرج من درجة الإمكان والاحتمال في نظرهم – بحكم غلط الحس – إلى درجة البداهة عندهم فحقه في نظر البلاغة الإبهام، والإطلاق، احتراماً لحسياتهم، وحفظاً لأذهانهم من التشويش. ولكن مع ذلك أشار القرآن الكريم، ورمز، ولوح، إلى الحقيقة، وفتح الباب للأفكار، ودعاها للدخول، بنصب أمارات وقرائن. فيا هذا، إن كنت من المنصفين إذا تأملت في دستور (كلم الناس على قدر عقولهم) (15) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#(1 5)) ورأيت أن أفكار الجمهور، لعدم استعداد الزمان، والمحيط، لا تتحمل، ولا تهضم التكليف، بمثل هذه الأمور، التي إنما تتولد بنتائج تلاحق الأفكار – لعرفت أن ما اختاره القرآن من الإبهام والإطلاق، من محض البلاغة، ومن دلائل إعجازه. أما الجواب عن الشبهة الثالثة: وهو إمالة بعض ظواهر الآيات إلى منافي الدلائل العقلية، وما كشفه الفن. فاعلم، أن المقصد الأصلي في القرآن: إرشاد الجمهور، إلى أربعة أصول هي: إثبات الصانع الواحد، والنبوة، والحشر، والعدالة، فذكر الكائنات في القرآن: إنما هو تبعي، واستطرادي للاستدلال، إذ ما نزل القرآن لدرس الجغرافيا والقوزموغرافيا، بل إنما ذكر الكائنات للاستدلال بالصنعة الإلهة، والنظام البديع على صانع النظام الحقيقي جل جلاله. والحال: أن أثر الصنعة. والقصد، والنظام، يتراءى في كل شيء. وكيف كان التشكل فلا علينا إذ لا يتعلق بالمقصد الأصلي. فحينئذ ما دام أنه يبحث عنها للاستدلال، وما دام أنه يجب كونه معلوماً قبل المدعي، وما دام أنه يستحسن وضوح الدليل – كيف لا يقتضي الإرشاد والبلاغة، تأنيس معتقداتهم الحسية، ومماشاة معلوماتهم الأدبية، بإمالة بعض ظواهر النصوص إليها، لا ليدل عليها، بل من قبيل الكنايات، أو مستتبعات التراكيب، مع وضع قرائن وإمارات تشير إلى الحقيقة لأهل التحقيق.مثلاً لو قال القرآن الكريم في مقام الاستدلال: أيها الناس، تفكروا في سكون الشمس مع حركتها الصورية، وحركة الأرض اليومية والسنوية، مع سكونها ظاهراً، وتأملوا في غرائب الجاذب العمومي، بين النجوم، وانظروا إلى عجائب الكهرباء، وإلى الامتزاجات غير المتناهية بين العناصر السبعين، وإلى اجتماع ألوف ألوف الحيوانات في قطرة ماء، لتعلموا أن الله على كل شيء قدير) لكان الدليل أخفى وأغمض، وأشكل، بدرجات من المدعي. وإن هذا لمناف لقاعدة الاستدلال، ثم لأنها من قبيل الكنايات، لا يكون معانيها، مدار صدق وكذب. ألا ترى أن لفظ (قال) ألفه يفيد خفة، سواء كان أصله واواً أو قافاً أو كافاً.الحاصل: بما أن القرآن الكريم نزل لجميع البشر في جميع الأزمان، فالنقط الثلاث المذكورة من دلائل إعجازه (إشارات الإعجاز 180 – 182).
ويرى الأستاذ سعيد النورسي في قصص معجزات الأنبياء عليهم السلام إشارات إلى المكتشفات العلمية الحديثة أيضاً.ومعلوم أن القصص القرآنية ليست مسوقة لتعليم الحوادث التاريخية فقط. بل لها عدة أغراض، من بينها الإشارة والإرشاد إلى بعض الأمور الدنيوية.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول الأستاذ: كما أن قصص معجزات الأنبياء ترشد إلى الاستفادة من كمالات الأنبياء الدينية، في نفس الوقت ترشد إلى الاستفادة من معجزاتهم المادية أيضاً .. نعم حقق الله هذه الخوارق على أيديهم معجزة، إلا أن هذه القصص تثير في الناس الميل إلى محاكاتهم. لأن الله لم يحقق هذه المعجزات بدون سبب، بل جعل لها وسائل مادية. فمثلاً جعل الريح سبباً لسير سليمان عليه السلام مسيرة شهرين. يريد القرآن أن يقول من خلال هذه القصص: (فاعتبروا يا أولي الأبصار) لكم في معجزات الأنبياء عبرة من عدة وجوه، فاستفيدوا من كل هذه الوجوه، حاولوا وسيروا في هذا الطريق، لعلكم تستطيعون أن تحققوا، عن طريق سنن الله الكونية، ما تشبه هذه المعجزات، التي أعطاها الله لأنبيائه معجزة خارقة. ونستطيع أن نقول: إن بعض الكمالات المادية الدينية، والخوارق الدنيوية أهديت إلى البشرية – مثل الكمالات الدينية – على يد الأنبياء، فمثلاً السفينة، أهديت إلى البشرية على يد نوح عليه السلام. ويقول الأستاذ النورسي: "ثم إني– نظراً إلى:?وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّافِي كِتَابٍ مُبِينٍ ? (الأنعام:59)، ومستنداً إلى أن التنزيل كما يفيدك بدلالاته و نصوصه، كذلك يعلمك بإشاراته ورموزه – لأفهم من إشارات أستاذية إعجاز القرآن، في قصص الأنبياء، ومعجزاتهم: التشويق والتشجيع، للبشر على التوسل، للوصول إلى أشباهها، كأن القرآن، بتلك القصص، يضع إصبعه على الخطوط الأساسية، ونظائر نتائج نهايات مساعي البشر، للترقي في الاستقبال، الذي يبني على مؤسسات الماضي، الذي هو مرآة المستقبل. وكأن القرآن الكريم يمسح ظهر البشر بيد التشويق والتشجيع، قائلاً له: " اسع واجتهد في الوسائل، التي توصلك إلى أشباه بعض تلك الخوارق ".أفلا ترى أن الساعة والسفينة أول من أهداهما للبشر، يد المعجزة. وإن شئت فانظر إلى ?وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا? (البقرة: 31). وإلى: ?وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُوَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ? (سبأ:10). وإلى: ? وَلِسُلَيْمَانَالرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَالْقِطْرِ? (سبأ:12). أي النحاس. وإلى: ? فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْمِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا? (البقرة:60). وإلى: ?وَأُبْرِئُالْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ ? (آل عمران:49). ثم تأمل فيما مخضه تلاحق أفكار البشر، واستنبطه من ألوف فنون، ناطق كل منها – بخواص، وأسماء – نوع من أنواع الكائنات، حتى صار البشر مظهر: ?وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ... ? (البقرة:31)، ثم فيما استخرجه فكر البشر، من عجائب الصنعة، من السكة الحديدية، والآلة البرقية، وغيرهما بواسطة تليين الحديد، وإذابة النحاس، حتى صار مظهر: ?وَأَلَنَّا لَهُالْحَدِيدَ ? (سبأ:10) الذي هو أم صنائعه. وفيما أفرخته أذهان البشر، من الطائرات، التي تسير في يوم شهراً حتى كاد أن يصير مظهر: ? ... غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ? (سبأ:12)، وفيما ترقى إليه سعي البشر من اختراع الآلات، والعصى، التي تضرب في الأرض الرملة اليابسة، فتفور منها عين نضاخة، وتصير الرملة روضة، حتى أوشك أن يصير مظهر:? ... فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ ... ? (البقرة:60) وفيما أنتجه تجارب البشر، من خوارق الطب، التي طفق: أن تبرئ الأكمه والأبرص والمزمن بإذن الله، وترى مناسبة تامة تصحح لك أن تقول تلك عبرها ومحاكاتها وذكرها يشير إليها، ويشجع عليها …وكذا انظر إلى قوله ? يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا ? (الأنبياء:69). وإلى: ?لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ? (يوسف:24) أي صورة يعقوب عليه السلام عاضاً على إصبعه في رواية (16) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#(1 6)) وإلى:? وَلَمَّا فَصَلَتِالْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ
(يُتْبَعُ)
(/)
يُوسُفَ ? (يوسف:94) وإلى:? ... يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ ... ? (سبأ:10) وإلى: ? ... وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ ... ? (النمل:16) وإلى: ? ... أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَأَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ... ? (النمل:40) وأمثالها. ثم تأمل فيما كشفه البشر، مرتبة النار التي لا تحرق، ومن الوسائط التي تمنع الإحراق، فيما اخترعه من الوسائل، التي تجلب الصور، والأصوات، من مسافات بعيدة، وتحضرها إليك قبل أن يرتد إليك طرفك، وفيما أبدعه فكر البشر، من الآلات الناطقة بما تتكلم، وفي استخدامه لأنواع الطيور، والحمامات، وقس عليها، لترى بين هذين القسمين ملاءمة يحق بها أن يقال: (في هذه رموز إلى تلك) إشارات الإعجاز 253 – 255.
تتلخص من هذه المطالعات الأسس التالية:
1) إن القرآن الكريم، هو كلام الله تعالى: وكلامه تعالى جاء من العلم الإلهي، الذي يحيط بكل شيء علماً. ولهذا السبب كانت معاني كلام الله واسعة، بدرجة لا يقاس بها كلام البشر، الذي يستند إلى علم محدود.
2) إن القرآن ذاته يصرح،بأن قسماً من حقائقه،ستظهر بعد،زمن التنزيل.
3) القرآن الكريم لا يتجه بالخطاب إلى جيل ومكان معينين، بل إلى البشريةكافة، في كل زمان ومكان، إلى قيام الساعة
4) إن محكمات القرآن من عقيدة، أو عبادة، أو عمل، أو أحكام،مفهومة تماماً بالتفصيل،منذ عهد السلف الصالح، وهذه المعاني الأساسية للقرآن لا تتغير،ولا تتبدل، بمرور الزمان. ولكن القرآن دون هذه المقاصد الأساسية. ويحتوي على معاني ثانوية، من المتشابهات الإضافية، معاني هذه المتشابهات تفهم على وجه الكمال والتفصيل، بعد زمن التنزيل بقرون. وقد يكون فهم سلف الأمة من بعض هذه المتشابهات الإضافيةفهماً ظاهرياً إجمالياً.
5) حكمة الله الحكيم المطلق أرادت أن يحوي كتابه على المتشابهات بأنواعها وبفضل هذه المتشابهات احتوى القرآن الكريم على معان لا تعد ولا تحصى. " لم يرد الله أن يكلف عباده في مثل هذه المسائل بقضية معينة، بل فتح الله باب الاجتهاد للعقل البشري ليسلكه الإنسان ويحقق به نعمة الله عليه في الإدراك والفهم "محمود شلتوت،تفسير القرآن الكريم،القاهرة 67 – 68. " إن المتشابهات لا تعني إبهاماً كلياً بدون معنى، كما يظنه بعض الناس. هذا الظن خطأ كبير. المتشابه ليس مهملاً، ولا كلاماً بدون معنى، بل لاحتوائه على معان كثيرة لا يمكن لنا أن نتبين المعنى المراد الذي يبدو مبهماً، إنما يبدو مبهماً لأن الحقائق المحيطة التي تفيدها المتشابهات، لا يستطيع أن يستوعبها فكر البشر. وإن المتشابه في الحقيقة: هو البيان الذي يحتوي على مجموع وجوه البيان: من حقيقة ومجاز، وصريح وكناية، وتمثيل وتحقيق، وظاهر وخفي. ومن أجل ذلك وصفنا المتشابه بأنه (المعلوم المجهول) آنفاً. ومعلوم أن الإبهام في الكلام في بعض المواقع يعد من أثمن وجوه البلاغة، كما أن كل شخص لا يكون أهلاً لكل خطاب، وكذلك لا تستطيع القدرة البشرية على العموم أن تتحمل أفهام وتبليغ كلية العلم المحيط الإلهي "محمد حمدي باوزير، المفسر التركي المعاصر في تفسيره الثمين باللغة التركية المسمى بـ (حق ديني قرآن دلي) استانبول، 1935، 1/ 48.وهكذا نستطيع أن نشبه بعض المتشابهات القرآنية بمصباح بلوري (كريستال) ضوءه لا يتغير في الأصل، ولكن بسبب الزوايا الكثيرة التي توجد على زجاجات البلور تتغير الألوان والأشعة، وتزداد بحسب الزوايا، أي بحسب اختلاف نظر الناس، وهذه الإشعاعات تتجدد دوماً.
6) إن لمعاني القرآن طبقات متعددة،تحت معناه الصريح. والمعنى الإشاري والرمزي من هذه الطبقات. وكذا المعنى الإشاري أيضاً هو كلي له جزئيات وأفراد في كل عصر. وهذه الجزئيات، فضلاً عن أن تنقص من قدر القرآن، تخدم وتقوي إعجازه وبلاغته (سعيد النورسي، شعاعلر،644).وليس معنى هذا أن القرآن مبهم تستطيع أن تجره إلى حيث تشاء، بل معناه: أن لبعض الآيات القرآنية معاني متداخلة، (مثل الحلقات، التي تشاهد على سطح الماء إثر غمس شيء فيه " بدون تغير المعنى الأصلي، فالآية تحتوي على سطح، وقعر، وجذور، كثيرة. أسلوب الآية يشمل كل هذه العناصر. من أجل ذلك يختلف فهم الناس، بحسب مبلغهم من العلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
7) قال الله تعالى، واصفاً للقرآن الكريم:?وَنَزَّلْنَاعَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ? (النحل:89) وقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث الشريف: " لا تنقضي عجائبه، ولا يخلق على كثرة الرد " (رواه الترمذي في سننه في كتاب فضائل القرآن، 14) (17) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#(1 7)) . ولو كان الحق مع الشاطبي والدكتور الذهبي وأمثالهما لانقضت عجائبه، بانحصار أنواع معانيه. والآثار كثيرة في: أن القرآن ذو وجوه كثيرة. وكتب التفاسير التي تعد بآلاف المجلدات، باختلافاتها، واتفاقاتها، تشهد بكثرة المعاني هذه. وكتب محمد رشيد رضا عندما تصدى لشرح إعجاز القرآن تحت عنوان. إعجاز القرآن بتحقيق مسائل كانت مجهولة للبشر) ما نصه:" الوجه السابع: اشتمال القرآن، على تحقيق كثير من المسائل العلمية والتاريخية، التي لم تكن معروفة في عصر نزوله، ثم عرفت بعد ذلك بما انكشف للباحثين، والمحققين، من طبيعة الكون، وتاريخ البشر، وسنن الله في الخلق (وبعد أن ذكر أمثلة متعددة لهذا ختم قائلاً): فكتابه تعالى مظهر لقوله 55/ 29 ?كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ? (الرحمن:29) تفسير المنار 1/ 210 – 212.
8) ورغم أن المقصود الأسمى من القرآن الكريم هو: الهداية والإرشاد، ا أنه مع ذلك حوى أصول الإعجاز: التشريعي،والنفسي، والبياني،والعلمي، الدكتور عبدالله شحاته، تفسير الآيات الكونية، القاهرة 1400/ 1980، ص 22.
9) لا شك أن الكلام الصادر عن علام الغيوب تعالى وتقدس، لا تبنى معانيه على فهم طائفة واحدة، ولكن معانيه تطابق الحقائق، وكل ما كان من الحقيقة في علم من العلوم وكانت الآية لها تعلق بذلك، فالحقيقة العلمية مرادة بمقدار ما بلغت إليه أفهام البشر وبمقدار ما ستبلغ إليه، وذلك يختلف باختلاف المقامات، ويبنى على توفر الفهم، وشرطه: أن لا يخرج عما يصلح له اللفظ العربي، ولا يبعد عن الظاهر إلا بدليل، ولا يكون تكلفاً بيناً، ولا خروجاً عن المعنى الأصلي؛ حتى لا يكون في ذلك كتفاسير الباطنية، كما قال محمد الطاهر بن عاشور.
10) إن مقاصد القرآن راجعة إلى عموم الدعوة، وهو معجزة باقية فلا بد أن يكون فيه ما يصلح لأن تتناوله أفهام من يأتي من الناس، في عصور انتشار العلوم في الأمة.
11) إن عدم تكلم السلف عليها: إن كان فيما ليس راجعاً إلى مقاصد القرآن فنحن نساعد عليه، وإن كان فيما يرجع إليها فلا نسلم وقوفهم فيها عند ظواهر الآيات،بل قد بينوا،وفصلوا،وفرعوا،في علوم عنوا بها،ولا يمنعنا ذلك أن نقفي على آثارهم، في علوم أخرى، راجعة لخدمة المقاصد القرآنية، كما قال المفسر) الطاهر بن عاشور) رحمه الله
وهذا المسلك المعتدل الذي يقول: إن القرآن الكريم أتى بأصول عامة، لكل ما يهم الإنسان معرفته، ليبلغ درجة الكمال جسداً وروحاً، وترك الباب مفتوحاً لأهل الذكر، من المشتغلين بالعلوم المختلفة، ليبينوا للناس جزئياتها، بقدر ما أوتوا منها، في الزمان الذي هم عائشون فيه – سلكه عدد من العلماء، في العصر الحديث مثل: الطاهر بن عاشور، وسعيد النورسي، ومحمد رشيد رضا: انظر على سبيل المثال: تفسير قوله تعالى: ?خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِأَيَّام ٍ? (الأعراف:54) في تفسير المنار، 8/ 445 - 448.وتفسير قوله تعالى: ?وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّانَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ? (البقرة:23) في تفسير المنار، 1/ 210 – 212.والأستاذ المراغي: انظر على سبيل المثال:تفسير قوله تعالى:? ... وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍمَوْزُونٍ ? (الحجر:19) في تفسير المراغي، 14/ 15. وتفسير قوله تعالى ?وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ? (يس:40) في تفسير المراغي، 23/ 10 –11. وتفسير قوله تعالى: ?يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُالنَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ? (الزمر:5) في تفسير المراغي، 23/ 145. والأستاذ الدكتور / محمد عبد الله دراز انظر قوله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
?فَلْيَنْظُرِالْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) ? (الطارق:5 - 6) يخبر عن منشأ خلقة الإنسان. وقوله?فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّمِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ? (الحج:5) وقوله ?ثُمَّ خَلَقْنَاالنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَعِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا? (المؤمنون:14) يخبران عن صفات الجنين في بطن أمه. وقوله:?وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّأَفَلَا يُؤْمِنُونَ ? (الأنبياء:30) يخبر بأن كل الحيوانات من أصل مائي. وقوله تعالى?اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًافَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَىالْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ? (الروم:48) يخبر عن تكون المطر. وقوله تعالى ?يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَعَلَى اللَّيْلِ ? (الزمر:5) يخبر عن كروية الأرض. وقوله تعالى ?أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا? (الرعد:41) و (الأنبياء: 44) يخبران بأن الأرض كروية إلا أن كرويتها ناقصة في أطرافها. وقوله تعالى?وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا? (يس:38) يخبر بأن الشمس تجري إلى نقطة معينة. وقوله تعالى
?وَمَا مِنْدَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌأَمْثَالُكُمْ ? (الأنعام:38) يخبر بأن طوائف الحيوانات تعيش حياة جماعية مثل الإنسان ولا سيما النحل وقوله تعالى: ?سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَالْأَزْوَاجَ كُلَّهَا ... ? (يس:36) و (الذاريات: 49) يخبران بأن الله خلق كل شيء أزواجاً. وقوله تعالى ?وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَامِنَ السَّمَاءِ مَاءً ? (الحجر:22) يخبر عن التلقيح بواسطة الرياح وما إلى ذلك. وبعد أن انتقد الدكتور دراز الإسراف في التوفيق بين النص القرآني وبين النتيجة العلمية، تحدث عن فائدة التفكر في الآفاق وفي الأنفس إلى أن قال: نحن لا نفسر نهائياً الآيات المذكورة بالمكتشفات المشار إليها، ولكننا نشاهد التطابق المدهش بين النص القرآني وبين المكتشفات العلمية الناتجة عن بحوث المتخصصين المتلاحقة خلال القرون الكثيرة "وهذا لا يمكن أن يكون صدفة، بل لابد من أن تكون معجزة. (المدخل في القرآن الكريم، ص 144).والأستاذ / محمد المدني، و الشيخ محمود شلتوت، والأستاذ الشهيد حسن البنا (18) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#(1 8)) ، والأستاذ سيد قطب. قال الأستاذ الشهيد سيد قطب عند تفسير قوله تعالى?يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ? (الزمر:5): (وهو تعبير عجيب يقسر الناظر فيه قسراً على الالتفات إلى ما كشف حديثاً عن كروية الأرض، ومع أنني في هذه الظلال حريص على أن لا أحمل القرآن على النظريات التي يكشفها الإنسان) … مع هذا الحرص، فإن هذا التعبير يقسرني قسراً على النظر في موضوع كروية الأرض … إلخ) في ظلال القرآن، 24/ 12 – 13.وعند قوله تعالى ?وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ ? (الذاريات:49) تلكم عن عموم الزوجية بما فيها ززوجية الذرة مؤلفة من زوج من الكهرباء موجب وسالب وفي ظلال القرآن 27/ 25.وعند قوله تعالى ?وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَاوَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ? (فصلت:10) تكلم الأستاذ عن تكون السموات والأرض وعن تكون القشرة الأرضية بالتفصيل ونقل أشياء عن الكتب العلمية الحديثة (في ظلال القرآن 24/ 114 - 119).وانظر أيضاً على سبيل المثال: تفسير قوله تعالى?وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىأَنْفُسِهِمْ ? (الأعراف:172) في ظلال القرآن 9/ 98. وتفسير قوله تعالى ?كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ? (البقرة:183) في ظلال القرآن 2/ 74 - وتفسير قوله تعالى?ثُمَّ
(يُتْبَعُ)
(/)
خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً ? (المؤمنون:14) في ظلال القرآن 18/ 15 - 16. وتفسير قوله تعالى ?يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِوَالتَّرَائِبِ? (الطارق:7) في ظلال القرآن30/ 199.وتفسير قوله تعالى?إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَالْخِنْزِيرِ ? (البقرة:173) في ظلال القرآن 2/ 57.والعلامة الطباطبائي صاحب الميزان. انظر تفسير قوله تعالى: ?وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ ? (الحجر:22) في تفسير الميزان 12/ 146. وتفسير قوله تعالى: ?وَخَلَقْنَالَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ ? (يس:42) في تفسير الميزان 17/ 92. وتفسير قوله تعالى: ?سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّاتُنْبِتُ الْأَرْضُ ? (يس:36) في تفسير الميزان 17/ 87. وتفسير قوله تعالى?أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا?) الأنبياء:30) في تفسير الميزان 14/ 277. وتفسير قوله تعالى ?وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ ? (الأنبياء:31) في تفسير الميزان 11/ 288. وقوله تعالى?وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ? (يس:39) تفسير الميزان 17/ 90قوله تعالى ?وَالسَّمَاءَبَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ? (الذاريات:47) تفسير الميزان 18/ 382 وقوله تعالى?وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا? (يس:38) في تفسير الميزان 17/ 89.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#17 ) يعني ماذكره سابقا في كتابه الموافقات – لم يصح. (2) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#18 ) انظر التفسير و المفسرون للدكتور الذهبي. (3) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref6) بلى: لكن هذا شئ , وكون القرآن الكريم مصدرا مباشرا للحقائق العلمية المفصلة شئ آخر؟ "تلك وجهة نظر الذهبي, رحمه الله" المراجع د. إبراهيم الخولي "الهيئة". (4) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref7) دعوة القرآن للنظر و الاستدلال ميزة , تفوق بها وتميز من سائر الكتب السماوية , لكن إدخال هذا تحت الإعجاز العلمي ربما كان غير دقيق؟ " المراجع د. إبراهيم الخولي "الهيئة". (5) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref8) تفصى من الشئ , وعنه: تخلص منه. المعجم الوسيط ص. 692.
(6) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref9) هو في أوائل فضائل القرآن حديثة رقم 4981 وأيضا في الاعتصام باب 2 حديث رقم 7274. وفي صحيح مسلم في كتاب الإيمان باب 69 حديث 239/ 152, ورواه النسائي وفي التفسير وفي فضائل القرىن كما قال: المزي في الطراف, وكلهم عن أبي هريرة- " الهيئة". (7)
(يُتْبَعُ)
(/)
( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref10) لست ادري: ما الذي ينتهي إليه النظر, وبرهان التمانع يعرفه المناطقة مثلا, وعرفه أرسطو, وتحت الجاحظ وابن المعتز عما سمى: بالمذهب الكلامي؟ "المراجع د. إبراهيم الخولي " الهيئة". (8) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref11) السى: بسين مهملة مكسورة وتحية مشددة: النظير والمثل. لسان العرب جـ 14 ص 411 - 412. (9) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref12) لكن السؤال الآن: ما قيمة هذا الذي حشوا به كتبهم من قواعد العلوم الحكمية وما إليها؟ وما مصيره في نظر العلم اليوم؟ "المراجع د. إبراهيم الخولي " الهيئة". (10) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref13) ليسوا السلف, وإنما ورد هذا الوصف في حديث الحارث العور عن علي- رضي الله عنه باسناد ضعيف. يرفعه للنبي صلي الله عليه وسلم .. أنظر: التاج الجامع للأصول. كتاب فضائل القرآن, وسنن الترمذي: كتاب فضائل القرآن. (11) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref14) هذه الجملة من حديث طويل رواه عمرو بن الأحوص عن النبي صلي الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع, رواه ابن ماجه في المناسك في باب 76 حديث رقم 3056 - "الهيئة". (12) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref15) الميثولوجيا: الأساطير.
(13) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref16) سوزلر: مطبعة باستانبول. (14) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref1) حاشية: فإن قلت: إن القرآن وكذا مفسره (أعني الحديث النبوي) إنما أخذ من كل فن فذلكة, وإحاطة فذلكات كثيرة ممكنة لشخص؟ قيل لك: إن الفذلكة بحسن الإصابة في موقعها الماسب, واستعمالها في أرض منبتة, مع أمور مرموزة, غير مسموعة- قد أشرنا إلهيا في النكتة الثانية- تشف كالزجاجة عن ملكة تامة, في ذلك الفن , واطلاع تام في ذلك العلم, فتكون الفذلكة في حكم العلم, ولا يمكن لشخص أمثال ذلك. (15) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8
(يُتْبَعُ)
(/)
% A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref2) كذا قال الباحث, ولكن لم نعثر عليع بهذا اللفظ في كتاب الحديث, وإنما ورد بلفظ (أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم) رواه الديلمي بسند ضعيف عن ابن عباس مرفوعا, وعزاه ابن حجر لمسند الحسن بن سفيان عن ابن عباس بلفظ" أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم " قال: وسنده ضعيف جدا, وفي صحيح البخاري في كتاب العلم باب 49 عن علي موقوفا حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله و رسوله" حديث رقم 127.وفي مقدمة صحيح مسلم في باب 3 عن ابن مسعود قال: ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلاكان لبعضهم فتنة, ملخصا عن العجلوني حديث 592 - الهيئة. (16) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#_f tnref3) ذكره السيوطي في تفسيره فقال: أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس- وفيه – حتى رأى برهان ربه, جبريل عليه السلام, في صورة يعقوب عاضا على إصبعيه فذكره. وقد ذكر الطبري في تفسيره روايات كثيرة, بألفاظ مختلفة, في كلها مقال, وأقل ماقيل: كلها مضطربة- الهيئة. (17) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#17 ) رواه الترمذي في أبواب فضائل القرآن في باب 14 حديث رقم 2906, ورواه الدرمي في سننه 2/ 435 كلاهما عن الحارث عن علي. وفي إسناد هذا الحديث: أبو المختار الطائي وابن أخي الحارث العور وهما من المجاهيل, والحارث العور فيه كلام مشهور, وليس له متابع سليم من المقال وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة نقلا عن الصنعاني موضوع, وقال المعلمي في الهامش: سنده ضعيف ومتنه حسن فلا يتجه الحكم بوضعه- راجع صفحة 296, وقال الألباني ضعيف- راجع ضعيف الجامع. تنبيه: في الترمذي "ولا يخلق على كثرة الرد, ولاتنقض عجائبه" يعني خلاف ماذكره المصنف- الهيئة. (18) ( http://webcache.googleusercontent.com/search?q=cache:a93C1cF5rOYJ:www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM+%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86+%D 8%AE%D8%B7%D8%A8%D8%A9+%D8%A3%D8%B2%D9%84%D9%8A%D8 %A9+,+%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%B3%D9%8#18 ) انظر إلى كتاب (تفسير الآيات الكونية للدكتور شحاتة, ص
http://www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM
المصدر:موقع جامعة الإيمان ( http://http://www.jameataleman.org/book/SORCE/SORCE2.HTM)(/)
(الطبري مفسراً) مقالة للأسعد بن مصطفى الدرويش
ـ[المستصفى]ــــــــ[26 Jun 2010, 07:21 ص]ـ
تمهيد:
تجمع كلّ الدراسات بأنّ أواخر القرن الثالث للهجرة وبداية القرن الرابع مرحلة أساسيّة في بروز ملامح التفسير كعلم، وذلك مع ظهور تفسير الطبري، حيث جاء بين مرحلتين هامّتين نزع فيها علم التفسير نزعا من ثنايا كتب الحديث. وأشار الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور أنّ تفسير الطبري ساهم في إرساء أسس النظر الفكري في الموروثات والآثار التي يعتمدها التفسير بالمأثور، وتبعا لهذا المجهود بدأت أسس اعتماد التفسير بالرأي تتّسع وتتعاظم، و هو ما ساهم في إلى انقسام أهل التفسير إلى شعبتين، إحداهما تتمسّك بالتفسير بالمأثور، وتتحرّى الأخرى من التزام به.
1 - التعريف بالطبري:
محمد بن جرير الطبري: وهو محمد بن جرير بن يزيد كثير الآملي الطبري، ولد بآمل طبرستان سنة أربع و عشرين ومائتين للهجرة (224هـ) و توفي سنة عشر و ثلاثمائة للهجرة (310هـ) (1). صاحب التصانيف المشهور، استوطن بغداد و أقام بها إلى حين وفاته. يعتبر من أشهر المفسرين على الإطلاق، جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، فكان حافظا للقرآن الكريم بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكامه، عالما بالسن و بالرجال من الصحابة و التابعين، و بالتاريخ من أيام النّاس و أخبارهم.
2 - نشأته و تكوينه العلمي:
تنحصر نشأته العلميّة في مرحلتين أساسيتين: المرحلة الأولى بطبرستان حفظ فيها القرآن الكريم و الحديث النبوي الشريف، ثم بدأ رحلاته العلميّة من أقصى المشرق الإسلامي إلى مغربه، ثمّ المرحلة الثانية التي رحل فيها إلى بغداد رغبة في سماع الحديث عن أحمد بن حنبل، و إنتقل إلى واسط ثمّ إلى الكوفة حيث أخذ القراءات عن سليمان الطلحي، و الحديث عن جماعة من أبرزهم أبو كريب محمد ابن العلا الهمداني أحد كبار علماء الحديث، و أخذ عن أعلامها علوم اللّغة. جمع الطبري نواح متعدّدة من فنون العلوم و بلوغ فيها جميعا درجة متسارعة من الإمامة. استطاع حفظ القرآن الكريم في سنّ مبكّرة، و حذق تجويده و قراءاته، فكان عالما بالقراءات و اختلافاتها، حاذقا لأساليب اللّغة العربية و فنونها وهو ما ساعده على الخوض في العديد من القضايا اللّغوية و مباحثها، خاصة بين الكوفيين والبصريين، وهو ما بدا أثره واضحا في تفسيره الذي استعرض فيه بعض المسائل بين اللّغويين، و كثيرا ما كان ينتصر لما أجمع عليه أهل اللّغة أو لما يجاري المنطق و يعضده العقل (2)، نابغا في الحديث وعلومه، له شخصيّة فقهيّة بارزة، استقلّ الطبري بمذهب أسّسه بعد بحث طويل و وجد له أتباعا و مقلّدين، وممّا عرف عنه أنّه كان في بداية أمره شافعّيا و أفتى بالمذهب الشافعي في بغداد عشر سنين، ثمّ انفرد بعد اتساع دائرة فهمه و قدرته الفائقة على الاجتهاد بمذهب مستقل وأقاويل و اختيارات. ترك كتبا كثيرة في الأصول و الفروع، ككتاب البيان عن أصول الأحكام (3).
اعتبر الطبري أبا للتفسير كما أعتبر أبا للتاريخ الإسلامي (4)، حيث ترك كتابا ضخما في التاريخ، يعرب عن رسوخ قدمه و تضلّعه فيه، وهو المعروف بكتاب «تاريخ الأمم و الملوك»، والظاهر حسب ما ورد في هذا الأثر أنّه ألفه بعد التفسير. كل ذلك ساهم في تكوين شخصيّة علميّة مميّزة كانت قادرة على تفسير القرآن الكريم، كما انعكست ملامح شخصيته في ما خلّفه من تآليف كثيرة و متنوّعة تعبّر بجلاء عن قيمته العلميّة ومدى اتّساع مداركه. وكان تفسيره علامة على نضجه العلمي و اتساع معارفه، حيث أشاد به الكثير من العلماء و الباحثين.
3 - تفسيره: جامع البيان عن تأويل آي القرآن:
يعتبر تفسير الطبري أقدم التفاسير أشهرها، فقد نّوّه به العلماء قديما و حديثا، لما اجتمع فيه من تفسير بالمأثور و حسن الاستنباط وسعة الثقافة والمقدرة على الترجيح، فهو أوّل التفاسير بالاعتبار (5). ولعلّ الأهميّة التاريخيّة والصناعيّة لهذا التفسير جعل العلماء يختلفون في عدّه من التفسير بالمأثور أم بالرأي. شهد فيه ابن تيمية قائلا: «التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها، تفسير محمد بن جرير الطبري، فإنّه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة،و ليس فيه بدعة و لا ينقل عن المتّهمين» (6)، و قال فيه أبو حامد الاسفراييني الفقيه «لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل تفسير محمد
(يُتْبَعُ)
(/)
بن جرير لم يكن كثيرا» (7). يقع تفسير ابن جرير في ثلاثين جزءا من الحجم الكبير «كان من عهد قريب يكاد يعتبر مفقودا ... إلى أن وجدت في حيازة أمير حمودة ابن الأمير عبد الرشيد من أمراء نجد، نسخة مخطوطة كاملة من هذا الكتاب، طبع عليها الكتاب من زمن بعيد» (8).
عرف الكتاب كثيرا بأنّه «جامع البيان في تفسير القرآن»، عوضا عن العنوان الذي ذكره مؤلّفه في كتاب «تاريخ الملوك» عند تعرّضه لقصة خلق آدم عليه السلام: «و قيل أقوال كثيرة في ذلك حكينا منها جملا في كتابنا المسمى جامع البيان عن تأويل آي القرآن» (9).
طبع جامع البيان عن تأويل آي القرآن، الطبعة الأولى في المطبعة الأميرية في بولاق بمصر و بهامشها تفسير النيسابوري سنة 1235هـ/1819م، وطبعة الثانية بمطبعة دار المعارف بمصر سنة 1374هـ/1954م، بتحقيق و تعليق الأستاذ المحقّق محمود محمد شاكر و مراجعة الأستاذ أحمد محمد شاكر (10). كتب لهذا التفسير الذيوع و الشهرة بين أهل العلم، فقد كان عمدة أصحاب التفاسير بالمأثور و ربماّ عدّ النواة و المرجع لأصحاب التفاسير بالمعقول، لما تميّز به الطبري من الاستنباط والترجيح ونقده للآثار، ذكره الذهبي قائلا: «بأنّه التفسير الذي له الأولويّة بين كتب التفسير، أولويّة زمنيّة و أولويّة من ناحية الفنّ و الصناعة» (11). بهذا عدّ تفسير الطبري من الموسوعات التي جمعت التطور المعرفي و المنهجي الذي حصل في تاريخ الثقافة العربية و الإسلامية بصفة عامّة، و التفسير بصفة أخص لما استبطنه متنه من ملامح العصر بجوانبه الفكريّة و الاجتماعيّة و السياسيّة، جمع فيه الطبري المرويات عن الرسول صلّى الله عليه و سلمّ و عن صحابته رضي الله تعالى عنهم و عن تابعيهم، كما خاض في مسائل فكريّة و تاريخيّة و اجتهاديّة فقهيّة و عقدية الكلامية.
4 - منهجه في التفسير:
أثار المنهج الذي اعتمده الطبري في تفسيره خلافا بين العلماء في تصنيفه بين المفسرين بالمأثور أم بالمعقول، و حاول بعضهم التدليل على أن ّ تفسير الطبري إنّما هو في الحقيقة جمع بين الاثنين و لا تناقض بينهما (12). حدّد الطبري في مقدمة تفسيره المنهج العام الذي اعتمده في تأويل آي القرآن الكريم،جاء ذلك تحت عنوان: القول في الوجوه التي من قبلها يوصل إلى معرفة تأويل القرآن، و هي عند ه ثلاثة وجوه. الوجه الأول: لا يجوز القول فيه إلا ببيان رسول الله صلى الله عليه و سلم بتأويله بنصّ عليه، أو بدلالة قد نصبها دالة أمثلة على تأويله. الوجه الثاني: ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار، و ذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت الساعة، و النّفخ في الصور، و نزول عيسى ابن مريم و ما أشبه ذلك. الوجه الثالث: ما يعلم تأويله كّل ذي علم باللّسان الذي نزل به القرآن، و ذلك بإقامة إعرابه و معرفة المسمّيات باسمها غير المشترك فيها، و الموصوفات بصفاتها الخاصّة دون ما سواها، فإنّ ذلك لا يجهله أحد منهم (13). و عليه فإنّ الوجه الأول والثالث هما اللّذان يمكن أن يكونا مجالا للتأويل.
الوجه الأول: اعتمد فيه أصلين رئيسيين:
1 - ما أثر عن الرسول صلّى الله عليه و سلّم (14)، وكان لهذا الجانب الأولويّة المطلقة بالرغم من ظهور الوضع و الكذب عليه صلى الله عليه و سلم، و هو ما قد يثقل كاهل الأخذ بهذا المنهج في تفحص و تتبع صحة الأسانيد و تعقبها بالجرح و التعديل.
2 - 2 - ما أثر عن السلف (15) الاعتماد على مأثور السلف: يعتبر المأثور من الأصول المعتمدة في منهجه العلمي في التفسير وهو ما تقتضيه أيضا أوضاع البيان القرآني نفسه وخصائصه من الكليّة والعموم والإطلاق (16). وبيان ذلك أنّ منهج القرآن الكريم في بيانه للأحكام قد جاء على نحو كليّ غالبا والمراد بالكليّة هو الإجمال دون بيان للكيفيّات والأسباب وللأركان والشروط والموانع، لأنّ هذا ما تكفّلت به السنّة النبويّة التي وصلت إلينا عن طريق النقل والرّواية. إنّ المجمل من حيث هو لا يقع به تكليف المخاطب كما حقّقه أبو إسحاق الشاطبي.
أمّا الوجه الثاني اعتمد فيه على:
(يُتْبَعُ)
(/)
أ - الاجتهاد بالرأي: يبرز هذا المجال بجلاء ملامح الشخصيّة العلميّة عند الطبري و أهمّ مميّزاتها، فلئن كان في المجال الأول يعتمد أساسا على المأثور و المجهود المبذول في أقصى الحالات هو تفحص صحة الروايات من عدمها، فإنّ في المجال الثاني اعتمد أساسا على النظر و الاجتهاد في استنباط المعاني ونقد الآثار والترجيح بينها.
ب - اللّغة العربية (17) و منها: الاحتكام إلى المعروف من كلام العرب و رجوعه إلى الشعر الجاهلي يعود الطبري كثيرا إلى الشعر الجاهلي و ذلك تأكيدا لما جاء في مقدمة تفسيره: «و هذا القرآن نزل بلغة العرب، فواجب لمن أراد أن يعلم تأويله أن يكون بأشعارهم عالما و للغتهم مدركا و لأسرار كلامهم متقنا،» (18) (19). فالمعرفة باللّغة من العلوم الضروريّة لفهم المراد من كلام الله تعالى. لذلك اتّخذ الطبري اللغة بمباحثها منهجا أساسا في تفسيره: حيث يجعل النحو أو الإعراب خادما للمعنى القرآني،ووظّف اللّغة ومباحثها لخدمة المعنى المستنبط من الآية وهو ما دفعه في كثير من المواضيع إلى أن يعتمد المنطق اللّغوي بما يتبادر منه من المعاني الظاهرة الأولى باعتبار أنّ هذا المنطق هو الأرضيّة الصلبة والأساس المكين الذي ينطلق منه إلى التعمّق في معاني الآيات، ودفعته عنايته بالمباحث اللّغويّة إلى استعراض ثقافته الشعريّة.
ت - القراءات: كانت عناية الطبري بالقراءات بالغة الأهميّة عكست عمق اطّلاعه في هذا الفنّ من العلوم، و لا يخفى ما لاختلاف وجوه القراءات المشهورة من أثر في توجيه معاني آيات القرآن الكريم (20).
ث - الإجماع: وهو المصدر الثالث من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم و السنة النبويّة المطهّرة، لذلك حظي بمنزلة هامّة في تفسيره، فكثيرا ما يستند إليه ويجعله سلطانا كبيرا في اختيار الأقوال و ترجيحها (21)، واعتمده أيضا في الفصل بين العديد من المسائل اللّغويّة.
يعتبر التأويل عماد الاجتهاد عند الطبري، ولذلك عدّ أصلا منهجّيا في تفسيره، و أشار الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور إلى منهج الطبري في إيجاز، مركّزا بأنّه ممّن يتمسكون بدلالة المفردات اللّغويةّ على المعاني، التي هي مستعملة فيها بيان المعنى الأصلي للمفرد و المعنى المنقول إليه مع بيان مناسبة النقل، والاستشهاد بالشعر العربي و يضيف الشيخ محمد الفاضل في بيان استعمال الطبري للتأويل: «و يؤيّد القول المتّفق عليه بقوله: «و مثل الذي قلنا قال أهل التأويل، و إذا كان المعنى غير متفق عليه يقول و بما قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل»». ومن أمثلة اعتنائه بالمأثور عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. جاء في تفسيره لقوله تعالى:? لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ? (22) «والصواب من القول في ذلك عندنا، ما تضافرت عليه الأخبار عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال «سترون ربّكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر، وكما ترون الشمس ليس دونها سحاب، فالمؤمنون يرونه والكافرون عنه يومئذ محجوبون» (23) كما قال جلّ ثناؤه ? كَلاَّ إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ? (24) (25). وبعد استعراضه للأقوال الواردة فيها يعلّق بأنّ أولى القولين في ذلك بالصحّة: «القول الذي ذكرناه عن الحسن وعكرمة، من أنّ معنى ذلك تنظر إلى خالقها، وبذلك جاء الأثر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أنّ أدنى أهل الجنّة منزلة، لمن ينظر في ملكه ألفي سنة، قال وإنّ أفضلهم منزلة لمن ينظر في وجه الله كلّ يوم مرّتين، قال ثمّ تلا ? وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ?قال بالبياض والصفاء، قال إلى ربّها ناظرة، قال تنظر كلّ يوم في وجه الله عزّ وجلّ» (26)» (27). ومن أمثلة اعتنائه بالقراءات: جاء في تفسيره لقوله تعالى:? حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ? (28) الاختلاف الواقع بين القرّاء في قراءة قوله: «حَتَّى إِذَا جَاءَنَا» قرأته: عامّة قرّاء الحجاز سوى ابن محيص و بعض الكوفيّين وبعض الشاميّين (حتى إذا جاءنا) على التثنية، و معنى ذلك حتى إذا جاءنا هذا الذي غشي عن ذكر الرحمان و قرينه و الذي قيّض له من الشياطين (29). وقرأته عامّة
(يُتْبَعُ)
(/)
قرّاء الكوفة و البصرة و ابن محيص (حتى إذا جاءنا) بمعنى: حتى إذا جاءنا هذا الغاشي من بني أدم عن ذكر الرحمان (30).
ويرى الطبري أنّ القراءتان جائزتان و متقاربتان لأنّهما: «قراءتان متقارباتا المعنى و ذلك أنّ خبر الله تبارك وتعالى عن حال أحد الفريقين، عند مقدمه عليه فيما أقرّنا في الدنيا الكفاية للسامع عن خبر الأخر، إذ كان لخبر عن حال أحدهما معلوما به خبر حال الآخر، و هما مع ذلك قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب» (31). وفي قوله تعالى:? وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ? (32) يجمع بين القراءتين مادامتا تؤديان نفس المعنى فيقول: «والصواب من القول في ذلك عندي، أنّهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار و متقاربتا المعنى، فبأيّتهما قرأ القارئ فمصيب» (33). ويذكر في قوله تعالى:? فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ? (34) الاختلاف الحاصل بين القرّاء في القراءة: قرأته عامّة قرّاء أهل المدينة و الحجاز و البصرة: بضمّ الصاد ... فالمعنى أضممهنّ إليك ووجههنّ نحوك (35). وقرأته جماعة من أهل الكوفة بالكسر بمعنى فصرهنّ ... ففيما ذكرنا من أقوال من روينا قوله في تأويل قوله ? فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ? أنّه بمعنى قطعهنّ، إليك دلالة واضحة على صحّة ما قلنا في ذلك و فساد قول من خالفنا فيه. و إن كان ذلك كذلك فسواء قرأ القارئ ذلك بضمّ الصاد فصُرهن إليك، أو كسرها فصرهنّ إن كانت اللّغتان معروفتين بمعنى واحد، غير أنّ الأمر و إن كان كذلك فإنّ أحبّهما إليّ أقرأ به فصُرهنّ إليك بضمّ الصاد، لأنّهما أعلى اللّغتين و أشهرهما في أحياء العرب (36). أمّا في قوله تعالى ? لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ? (37) يبيّن الطبري الاختلاف في القراءة بين قرّاء الحجاز وعامّة قرّاء العراق، ويرى الصواب فيها أن يوفّق بينهما في المعنى بأن يقرأ جميعا على مذهب ما لم يتمّ فاعله، أو على مذهب ما يسمّى فاعله، يذكر ذلك قائلا: «فأمّا أن يقرأ أحدهما على مذهب ما لم يتمّ فاعله والآخر على وجه ما قد يسمّى فاعله من غير معنى ألجأه على ذلك، فاختيار خارج عن الفصيح من كلام العرب» (38).
ومن أمثلة اعتنائه باللّغة: يستعرض الخلاف القائم بين أهل اللّغة في وجه نصب قوله تعالى:? إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ? (39) بعض نحاة البصرة: نصب كل شيء في لغة من قال: «عبد الله ضربته .... و هي في كلام العرب كثيرة ... فجعل خلقناه من صفة الشيء». غيره: إنّما نصب كلّ لأنّ قوله: خلقناه فعل لقوله «أنا» و هو أولى بالتقديم إليه من المفعول، فلذلك اختير النصب. ويرى أنّ: «القول الثاني أولى بالصواب عندنا من الأول (40)». و في قوله تعالى:? مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا ? (41) يقول الطبري: «إنّ الآثار دلّت على السماوات في تصدّعها و تشقّقها لربّها و أطاعت له في أمره إيّاها- و يستشهد بالمأثور في ذلك عن العرب- والعرب تقول: إذن لك في الأمر إذنا بمعنى استمع لك، و منه الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه و سلم «ما أذن الله لشيء كإذنه لنبيّ يتغنّى بالقرآن» يعني بذلك ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبييّ يتغنّى بالقرآن» (42)، و منه قول الشاعر: «صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به و إن ذكرت بسوء عدهم أذن» (43)، و في قوله تعالى: ? وَحُقَّتْ?: حققّ الله عليها الاستماع بالانشقاق و الانتهاء إلى طاعته في ذلك» (44).
الخاتمة:
يعكس تفسير الطبري عن خصائص الشخصيّة العلميّة والصناعيّة للطبري التي أثّرت في العديد من التفاسير اللاحقة عنه، فكان مفسّرا استوعب في تفسيره معارف عصره وآثار أسلافه وحاول توظيفها في استجلاء معاني القرآن الكريم، كما ساهم في استقلاليّة التفسير عن الحديث، وبذلك اعتبر إماما في التفسير كان له فيه السبق التاريخي والصناعي.
الهوامش:
(يُتْبَعُ)
(/)
(1) الداوودي: الحافظ شمس الدين محمد علي بن أحمد: طبقات المفسرين: دار الكتب العلمية بيروت - لبنان ط 1، 1403هـ /1983م ج 2ص 114.
(2) مصطفى الضاوي: مناهج في التفسير الناشر منشأة العارف بالإسكندريّة د. ت. ص 396.
(3) الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن دار الفكر 1408هـ/1988م مج2 ج2ص 494.
(4) الذهبي محمد حسين: التفسير و المفسرون دار إحياء التراث العربي لبنان ط 2 1396هـ/ 1976م. ج 1 ص 206.
(5) صالح صبحي: مباحث في علوم القرآن، دار العلم للملايين بيروت ط 6 تشرين الأول 1969م ص 298.
(6) ابن تيمية نقي الدين: مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق عبد الرحمان بن قاسم النجدي و ولده محمد، المملكة العربية السعودية 1381هـ -1386هـ ج 13 ص 385.
(7) ابن العماد: أبو الفلاح عبد الحنبلي: شذرات الذهب في أخبار من ذهب، منشورات دار الآفاق الجديدة بيروت مج 1 ج 2 ص 206.
(8) زهير جولد: المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن الكريم، تعريب على حسن عبد القادر دار العلوم 1944م ج 1 ص 86.
(9) الطبري محمد بن جرير: تاريخ الملوك دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع 1399هـ/1979م ج 1 ص 45.
(10) دراسات وبحوث في الفكر الاسلامي المعاصر، دار قتيبة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ط 1، 1408هـ / 1988م. ج 1 ص 145.
(11) الذهبي محمد حسين: التفسير و المفسرون ج 1 ص 209.
(12) الدريني فتحي: دراسات و بحوث في الفكر الإسلامي المعاصر ج 1 ص 145.
(13) الطبري محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن مج 1 ج1 ص 32 - 33. (14) الدريني فتحي: دراسات و بحوث في الفكر الإسلامي المعاصر ج 1 ص 165. (15) ن م ص 193.
(16) ن م ص 168 - 169.
(17) ن م ص233.
(18) الذهبي محمد حسين: التفسير و المفسرون ج 1 ص 217.
(19) الطبري محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن مج 7 ج12 ص 25.
(20) الدريني فتحي: دراسات و بحوث في الفكر الإسلامي المعاصر ج 1 ص 219 - 220.
(21) الذهبي محمد حسين: التفسير و المفسرون ج 1 ص 213. (22)) الأنعام:6/ 103.
(23) البخاري: كتاب الآذان باب 129، تفسير سورة المائدة باب 8، كتاب التوحيد باب 24، وكذلك مسلم كتاب الإيمان 299 - 300 - 302، وأبو داود السنّة 19.
(24) المطفّفين 83/ 15. (25) الطبري: محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن مج 5 ج 7 ص 303.
(26) أحمد ابن حنبل: المسند موسوعة كتب السنّة وشروحها ط 2 الناشران دار الدعوة استنبول ودار سحنون 1413هـ/1992م مج 2 ص 13.
(27) الطبري: محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن مج 14 ج 29 ص 194. (28) الزخرف: 43/ 38.
(29) الطبري محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن مج 3 ج 4 ص 99 - 100.
(30) ن م مج 13 ج 25 ص 72. (31) ن م مج 13 ج 25 ص 73. (32) النمل 27/ 88. (33) الطبري محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن مج 11 ج 20 ص 21.
(34) الطبري محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن مج 3 ج 3 ص 50.
(35) البقرة:2/ 260.
(36) الطبري محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن مج 3 ج 3 ص 53 - 56.
(37) آل عمران 3/ 181.
(38) الطبري: محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن مج 5 ج 7 ص 214.
(39) القمر: 54/ 49.
(40) الطبري: محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن مج 13 ج 27 ص 110.
(41) الأحزاب:33/ 38.
(42) البخاري: صحيح البخاري: كتاب التوحيد باب 32 مج 1، كتاب فضائل القرآن باب 19 مج 1.
(43) الطبري محمد بن جرير: جامع البيان عن تأويل آي القرآن مج 15 ج 30 ص112.
(44) ن م مج 15 ج 30ص 112.
المصدر: ملتقى الإبداع الفكري.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[28 Jun 2010, 08:42 ص]ـ
شكر الله لأخينا المستصفى على مشاركته في الملتقى وعلى نقله لهذه المقالة، وما أجمل أن تكون أول مشاركة له عن الطبري
ولا زال كتاب التفسير للإمام الطبري بحاجة إلى نظرة عميقة من الباحثين لاستخراج أصول منهجه وبيان تطبيقاتها العملية بعيد عن النظرة العجلى التي هدفها الانتقاد والتخطئة(/)
اعرف عدوك
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[26 Jun 2010, 01:58 م]ـ
ضمن عشرات ردود الأفعال على الجريمة التي ارتكبتها حكومة "إسرائيل" ضد ناشطي السلام الدوليين حين قتلت تسعة منهم بدم بارد، كتب خوسيه ماريا أزنار رئيس الوزراء الإسباني السابق مقالاً في جريدة "الصنداي تايمز" البريطانية (17/ 6/2010) بعنوان "ادعموا إسرائيل: فإذا ما انتهت انتهينا جميعاً". ولدى قراءة المقال يعجب المرء أن هذا الشخص نفسه كان يقود مقاليد دولة مهمة مثل إسبانيا خلال الفترة من عام 1996 - 2004، وهو الذي ساهم بارتكاب جريمة قتل مليون مدني عراقي عندما وجه وفد بلاده في مجلس الأمن بتبني سياسات بوش في شن الحرب على العراق، وهو الذي قال حينئذ: "لا يمكن الانتظار بعد اليوم"، وشارك جيشه في ذلك الغزو المخزي والكارثي للعراق، إلى أن أتت حكومة ثاباتيرو الذي سحب القوات الإسبانية من العراق.
لدى قراءة مقال أزنار، يدرك المرء في قرارة نفسه لماذا يعاني المدنيون الأبرياء في هذا العالم المضطرب من القتل، والتهجير، والتشرّد، واللجوء، والفقر .. ذلك لأن من يحكمهم هم من أمثال أزنار، وشارون، وبوش، ونتنياهو الذين يرون الأمور بمنظور لا يمتّ للواقع، أو الحقيقة، أو ضرورات العيش المشترك، والأمن والاستقرار، والسلام بصلة، بل إن كل ما يهمهم هو سفك الدماء، ونشر التعصب، والعنصرية، والأحقاد، والكراهية، والحروب.
يتحدث أزنار عن عالم يسميه "مثالياً" حيث يكون المطلوب من المتطوعين لنقل الغذاء والدواء للمدنيين المحاصرين من قبل حلفائه الإسرائيليين في غزة "الترحيب بالجنود الإسرائيليين سلمياً على متن السفينة". لكنه يتناسى أنه في عالم مثالي لا حاجة للسفينة أصلاً، لأن مثل هذا الحصار المشين الذي يفرضه الجيش الإسرائيلي بمنتهى الوحشية على المدنيين العزل في غزة يجب ألا يكون موجوداً لو أن السياسيين الغربيين أمثال أزنار يلتزمون بأدنى القيم الأخلاقية، أو مبادئ القانون الدولي الإنساني. ما هو مدهش في مقال أزنار، هو أنه تجاهل وجود الشعب الفلسطيني كلياً، وتجاهل حقوقه في الحرية وحرمانه بقوة السلاح من هذه الحقوق، وتجاهل معاناته اليومية على الحواجز، وتجاهل عذاباته من المجازر والتشريد من أكثر من ستين عاماً، واعتبر أن "إسرائيل" هي التي واجهت "موجة تلو الأخرى من الإرهاب والانتحاريين"، معتبراً الشرق الأوسط "برمته مكاناً للإرهابيين"، وإسرائيل "منارة الغرب التي تدافع عن قيمه" في هذه المنطقة. هل يقول لنا أزنار إن الحصار، وقتل الأطفال، والجدار العنصري، وهدم المنازل، والمجازر ضد المدنيين العزل هي هذه "القيم الغربية" التي تدافع عنها "إسرائيل"، ذلك لأننا في الشرق الأوسط لم نر من "إسرائيل" غير ذلك، وفي كل مرة كانت هناك حرب في الشرق الأوسط كانت "إسرائيل" هي المعتدية حتماً، فأي منارة هذه التي تطل على بحر الدماء، والقمع، والاضطهاد؟
الأمر الوحيد المقلق للسيد أزنار، هو أن المنطقة مهمة لأمن الطاقة للغرب، وذلك بسبب اعتماد الغرب على النفط الشرق أوسطي. أما شعوب هذه المنطقة، مسلمين ومسيحيين، فهم غير موجودين على الإطلاق في عقل أزنار. فمع أن "إسرائيل"، كما يقول، تقع في هذه المنطقة، إلا أنها "تشكل جزءاً أساسياً من الغرب، والغرب هو ما هو عليه اليوم بسبب جذوره المسيحية واليهودية". لقد نسي السيد أزنار أن جذور المسيحية واليهودية هي في الشرق الأوسط، وأن المسيحية انطلقت من دمشق على يد بولس الرسول، حيث كان المسيحيون مضطهدين في أوروبا الوثنية، وكانت الإمبراطورة جوليا دومنا السورية تحمي العاملات المسيحيات من الاضطهاد في روما!!
ما يقلق في مقال أزنار، هو بركان العنصرية الذي يقذف بالكراهية التي تغطي كل سطور المقال. وهو حين يضع المسيحيين واليهود وكأنهم في عداء تاريخي مع المسلمين يمارس مغالطة مفضوحة، فكيف يفسر إذاً رغبة حكومة "إسرائيل" المتطرفة بصبغ دولتها بالصبغة اليهودية فقط، وتهجير مسيحيي فلسطين الذين كانوا يمثلون قبل قيام "إسرائيل" نسبة مهمة في فلسطين، وأصبحوا اليوم بضعة آلاف نتيجة سياسة التهجير المتعمد لهم، من السكان؟ وها هي هذه العنصرية تعبّر عن نفسها داخل "إسرائيل"، حيث يرفض اليهود الغربيون الجلوس مع اليهود الشرقيين لأنه حين تنشر "إسرائيل" وأصدقاؤها العنصرية الشنيعة
(يُتْبَعُ)
(/)
ضد العرب والمسلمين، لا يمكن لها أن تضبط انتشارها إلى المجتمع اليهودي نفسه. لقد انتفض العديد من يهود العالم اليوم ضد إجرام ويمينية وتطرّف هذه الحكومة الإسرائيلية، ورفضها المتواصل للسلام، ونزوعها للحروب، وهدم المنازل، ومصادرة الأرض، وقتل الأبرياء، فأين أزنار من كل هذا؟
وإذا كان يعتقد أنه يدعم "إسرائيل"، فإن أطروحاته العنصرية تشكّل هي نفسها خطراً على "إسرائيل". على أزنار أن يقرأ ما قاله أيهود باراك الذي وقّع أمر مهاجمة سفينة الحرية، وحصد نتائج لم يكن يتوقعها: "لا توجد طريقة لإعادة اللحمة مع الإدارة الأميركية دون تقديم برنامج سياسي واضح يعالج القضايا الأساسية للتسوية النهائية مع الفلسطينيين. من الضروري اتخاذ قرارات وخطوات سياسية حقيقية" (هاآرتس 16 يونيو 2010). إذا كان باراك يدرك خطورة نتائج جرائمه على "إسرائيل" والولايات المتحدة، ويدرك ضرورة التحرك السياسي بعد الرفض الدولي الشامل للحصار المشين على غزة، فكيف يتنطح أزنار لدعم "إسرائيل" على ما هي عليه والتغريد خارج السرب، حيث إن أصدقاء الكيان بدؤوا بالخوف عليه من سياسات حكومته المتطرفة التي تقود "إسرائيل" إلى هذا المسار المدمر لها ولسمعة ومصداقية الولايات المتحدة أيضاً في المنطقة والعالم. ها هو باراك يعبّر عن قلقه في هذا المضمار "إذا تضررت مكانة الولايات المتحدة في العالم أكثر من ذلك، فإن إسرائيل هي التي ستعاني: (هاآرتس 16 يونيو 2010).
أو لم يقرأ أزنار بعضاً من مذكرات موشى ياتوم، العالم النفسي الإسرائيلي، الذي عالج أعقد حالات الأمراض العقلية في مسيرته المهنية المميزة ثم انتحر منذ أيام تاركاً خلفه ملاحظة يقول فيها: إن نتنياهو، والذي كان مريضاً يعالجه طوال العشر سنوات الأخيرة "قد امتصّ الحياة مني"، ويضيف الطبيب ياتوم: "لا أستطيع تحمّل هذا أكثر، السرقة (لدى نتنياهو) هي إنقاذ، والتمييز العنصري هو حرية، ونشطاء السلام هم إرهابيون، والقتل هو دفاع عن النفس، والقرصنة أمر قانوني، والفلسطينيون هم أردنيون، وضم الأرض تحرير لها، ولا نهاية لهذه التناقضات (في عقل نتنياهو) ". ويضيف الطبيب ياتوم: "لقد وعد فرويد أن العقلانية سوف تنتصر في العواطف العفوية، لكنه لم يقابل بيبي نتنياهو. هذا الرجل (نتنياهو) يمكن أن يقول إن غاندي هو الذي اخترع النحاس".
وكان من الواضح أن الطبيب ياتوم قد دهش لما أسماه هو "شلال الكذب الصادر عن مريضه المشهور نتنياهو". ويقول كاتب المقال مايكل كي سميث: لقد كان موشى (ياتوم) أنموذجاً للشخصية المتكاملة، وقد عالج مئات المرضى المصابين بانفصام الشخصية قبل أن يبدأ بالعمل على معالجة نتنياهو، ولكن ياتوم بدأ يشعر بالإحباط واليأس لعجزه عن تحقيق أي تقدم في جعل رئيس الوزراء نتنياهو يعترف بالحقيقة، وقد أصيب بجلطات عدة وهو يحاول أن يفهم عقل نتنياهو، والذي أطلق عليه في أحد عناوين مذكراته "ثقب أسود من التناقضات". وفي عنوان آخر في مذكراته كتب: "نتنياهو لديه العذر نفسه دائماً: اليهود على وشك الانقراض على يد عنصريين والطريقة الوحيدة لإنقاذهم هي بارتكاب مجزرة نهائية" ....
مع أشخاص كثر مثل أزنار، ونتنياهو، وبوش وغيرهم من الطغاة المهووسين بسفك الدماء: هل من غرابة فيما تعانيه الشعوب من حروب، وقتل، وتهجير، وحصار، وتشريد؟.
المصدر:
http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=159119(/)
استفهامات بسيطة وسهله عن تفسير ايه في سورة الشورى .. ؟؟
ـ[بندرالبكري]ــــــــ[26 Jun 2010, 02:11 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اكل الشكر والتقدير للقائمين علي هذا الموقع وجزاهم الله كل خير
ولله الحمد والمنة بدأت في تحدي مع نفسي في حفظ الخمس اجزاء الاخيرة من القرأن
مع مراجعة الحفظ الذي تفلت في الاجزاء الخمسة الاولى.
و كنت قرأت ان من افضل الطرق في الحفظ الاطلاع على التفسير مع الحفظ
ولكن قابلت اية تعجبت منها .. كيف ان الملائكة تستغفر لمن في الارض
وذهبت للتمعن في تفسيرها فوجدت اختلاف في بعض كتب التفسير.
فهناك فرق (في نظري) بين السعدي وبعض المفسيرين.
واليكم ما وجدت ارجو ان يعالج احدكم تعجبي كيف ان الملائكة تستغفر لمن في الارض وأيها الجواب الصحيح وكيف افرق بين هذه التفاسير، فالاغلبية يقولون ان الاستغفار للمؤمنين والسعدي لم يخصص انها للمؤمنين.
وهل تنصحون بكتاب محدد اخذ به واترك البقية كشخص مبتدأ وغير متخصص مثلي.
قال تعالى في سورة الشورى (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
قرأت في تفسير الشيخ عائض القراني
ان المقصود لمن في الارض انهم المؤمنين
وانا اقول /مع العلم انه لم يتم الاشارة لا من قريب ولا من بعيد ان الاستغفار لفئة محدده
ففي تفسير السعدي يقول
{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} ( javascript:openquran(41,5,5)) عما يصدر منهم، مما لا يليق بعظمة ربهم وكبريائه، مع أنه تعالى هو {الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الذي لولا مغفرته ورحمته، لعاجل الخلق بالعقوبة المستأصلة.
وفي تفسير ابن كثير
وَالْمَلَائِكَة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْض " كَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا " الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْش وَمَنْ حَوْله يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبّنَا وَسِعْت كُلّ شَيْء رَحْمَة وَعِلْمًا " وَقَوْله جَلَّ جَلَاله" أَلَا إِنَّ اللَّه هُوَ الْغَفُور الرَّحِيم " إِعْلَام بِذَلِكَ وَتَنْوِيه بِهِ.
وفي الطبري
وَقَوْله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْض} يَقُول: وَيَسْأَلُونَ رَبّهمُ الْمَغْفِرَة لِذُنُوبِ مَنْ فِي الْأَرْض مِنْ أَهْل الْإِيمَان بِهِ , كَمَا: 23642 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ: ثنا أَحْمَد , قَالَ: ثنا أَسْبَاط , عَنِ السُّدِّيّ , فِي قَوْله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْض} قَالَ: لِلْمُؤْمِنِينَ.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[26 Jun 2010, 02:34 م]ـ
آية الشورى مجملة توضحها آية غافر فهي تبين منهم المستغفر لهم وكيفية الاستغفار:
(الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) سورة غافر (7)
فالاستغفار للمؤمنين التائبين من الشرك المتبعين لسبيل الله
والقرآن يوضح بعضه بعضا ويفسر بعضه بعضا فما أجمل في مكان وضح في آخر
وهنا نرى أن استغفار الملائكة يشمل كل من في الأرض بشرط التوبة واتباع سبيل الله
أما من يصر على الكفر حتى يموت فإنه لا يناله هذا الاستغفار والدعاء وقد قال الله تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا) النساء (48)
ـ[بندرالبكري]ــــــــ[28 Jun 2010, 10:00 ص]ـ
اشكرك اخي ابو سعد
ولكن هل آية غافر نزلت بعد آية الشورى؟؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 Jun 2010, 12:59 م]ـ
اشكرك اخي ابو سعد
ولكن هل آية غافر نزلت بعد آية الشورى؟؟
حياك الله أخانا بندر
قضية ترتيب السور حسب النزول أمر ليس بالقطعي
وعلى أي حال ترتيب النزول لا يغير في الموضوع
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[28 Jun 2010, 02:03 م]ـ
شكراً للأخ السائل وبارك الله به أولاً
وثانياً أخي الكريم فإن كلمة الارض ذكرت في القرآن الكريم 257 مرة. ولكن هذه المرات العديدة لم يقصد بها الأرض بشكل عام رغم أن هذا اللفظ يطلق على عموميته.فقوله تعالى مثلاً: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاء) هذه الآية تعني الارض بمجملها فهي معنى عام لا يقصد به إلا العموم. ولكن انظر الى هذه الآيات:
وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا
وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُواْ الأَرْضَ فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا
وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ
نلاحظ في الآبات السابقة ومثيلاتها كثيراً في القرآن أن لفظ الارض هنا لا يُراد يه كل الأرض بل جزء منها. فلآية الأولى فإن كلمة أرض تعني هنا مكة المكرمة التي أُخرج النبي منها عنوة الى المدينة.
وفي الآية الثاني يقصد بكلمة الارض هنا هي أرض فلسطين وما جاورها من أرض الشام الاردن ودمشق حسب جمهور المفسرين وهي الارض المقدسة.
وأما الأرض في الآية الثالثة فمقصودها أرض مصر والتي مكن الله تعالى ليوسف فيها.
ومن هنا أخي الكريم فإن لفظ الارض في الآية التي ذكرت رغم أنها عامة اللفظ. إلا أن المقصود بها الفئة المؤمنة المستعمرة لها. فهم هم المخاطبون والمقصودون في الخطاب والخطاب أصلاً موجه اليهم دون غيرهم لأنهم وحدهم الذين يستحقون الذكر والاستغفار والثناء. والله أعلم(/)
لماذا لم يفسر النبي صلى الله عليه وسلم الآيات الكونية2/ 2
ـ[مرهف]ــــــــ[26 Jun 2010, 05:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا لم يفسر النبي صلى الله عليه وسلم الآيات الكونية في القرآن2/ 2
د. مرهف عبد الجبار سقا
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
خلصنا في القسم الأول [ http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19456&highlight=%E1%E3%C7%D0%C7+%ED%DD%D3%D1+%C7%E1%C2%E D%C7%CA+%C7%E1%DF%E6%E4%ED%C9] إلى أن طرح هذا السؤال فيه مجازفة وتقول على الله ورسوله، وعرضنا لأهم ما يتمسك به من يطرح هذا السؤال ثم بينا محل أدلتهم.
ونستكمل في هذا القسم الحديث للإجابة عن هذا السؤال بما يبين الحكمة المستفادة من ترك النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآيات دون تفسير.
في البداية أورد أثراً أخرجه أبو يعلى عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يفسر من القرآن برأيه إلا آياً بعدد، علمه إياهن جبريل
يقول ابن عطية: (معناه في مغيبات القرآن وتفسير مجمله مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى).
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسير قوله تعالى:) وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ([النحل:89]، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (إن الله أنزل في هذا الكتاب تبياناً لكل شيء ولقد علمنا بعضاً مما بُيِّن لنا في القرآن ثم تلا:) وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ ([النحل:89] قال: بالسنة)، وقوله بالسنة يعني بما رأوه من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وما سمعوه من أحاديث عنه تدخل في بيان معاني القرآن الكريم والله أعلم.
فهذان نصان عمن عاين التنزيل وصاحب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، يذكران فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفسر القرآن كله وإنما باشر صلى الله عليه وسلم تفسير بعضه وخاصة ما يحتاج إلى بيان بتوقيف من الله تعالى، وفسر بعضه الآخر بسنته وترك آيات لم يفسرها صلى الله عليه وسلم.
ونحن لو نظرنا في الآيات الكونية في القرآن الكريم لوجدنا أن تفسير بعضها موجود في السنة بنحو مباشر أي أن الحديث جاء ليفسر الآية مباشرة، وبعضها يدخل الحديث في تفسير الآية، وخاصة فيما يتعلق بخلق الإنسان وخلق الكون.
ولن أدخل في التفصيل في هذه القضية لأن شرحها يحتاج لبسط طويل وليس إلى مقال، ولكن سأركز على بيان الحكمة من ترك الآيات الكونية دون تفسير.
مقاصد الآيات الكونية.
إن الناظر في مقاصد القرآن الكريم من ذكر الظواهر الكونية والدلالة عليها ستذهب عنه الحيرة من هذا السؤال: لماذا لم يفسر النبي صلى الله عليه وسلم الآيات الكونية في القرآن؛ لأنه سيعلم حينها أن هذه الآيات لها ارتباط بأصول الدين وبراهين العقيدة، لتظهر التكامل المعرفي في الإسلام بين الحقائق الكونية والمعرفة العقدية، يقول الرازي رحمه الله (ت606هـ): (والمقصود من كل القرآن تقرير أمور أربعة: الإلهيات، والمعاد، والنبوات، وإثبات القضاء والقدر للّه تعالى)
ويقول الشيخ بديع الزمان سعيد النورسي رحمه الله (ت1906م): (إن المقاصد الأساسية من القرآن وعناصره الأصلية أربعة: التوحيد والنبوة والحشر والعدالة .. ) ثم يقول أيضاً: (فكما تتراءى هذه المقاصد الأربعة في كله، كذلك قد تتجلى في سورة سورة .. ).
ولكن أهم مقصد تحققه الآيات الكونية في القرآن الكريم هو ما يتعلق بالإلهيات من إثبات الوحدانية لله تعالى، والدلالة على قدرته وإرادته وعلمه، وكلما ازداد الإنسان معرفة بالخلق ازداد تعظيماً ومعرفة بالخالق سبحانه، وباعتبار هذا المعنى فإننا نوجز بيان الحكمة في ترك هذه الآيات دون تفسير بالآتي:
- ترك الباب مفتوحاً أمام الناس للبحث في معانيها ومضامينها وإشغال أدوات البحث في ذلك عقلاً ومادة، أي: إن بقاء الآيات الكونية في القرآن الكريم دون تفسيرٍ يقطعُ الخلافَ؛ تنشيط للحركة العلمية؛ وإعطاء العقل والفكر والبحث العلمي دوره في العمل والنشاط المعرفي، ولذلك جاء نظم القرآن لها مشوقاً ومحفزاً ومستفزاً وحاضاً ومستفهماً ولاحظ معي الآيات ((وَهُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ () وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ)) [المؤمنون: 79، 80]، وقوله تعالى: ((أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ () وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ () وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ () وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ)) [الغاشية: 17 - 20] وغير ذلك من الآيات.
- إن النص القرآني تميز بالمرونة وسعة الدلالة، وإن اعتبار التفسير العلمي هو البيان الحقيقي لمراد الله وأن الرسول لم يبينه لكذا وكذا هو تحجير في الدلالة وتحكم في النص وتقول على الله ورسوله، بل الواجب التأكيد على أن التفسير والإعجاز العلمي هو أحد أوجه بيان القرآن الكريم.
- إن القرآن الكريم كتاب هداية، نهض بالأمة نحو الحضارة من خلال الحض على العلم بمعناه العام لا بمعنى العلم الشرعي فقط، وإن بقاء مثل هذه الآيات الكونية دون تفسير من النبي صلى الله عليه وسلم لها هو؛ إنما ترسيخ لمعنى العلم الذي يريده الإسلام ألا وهو العلم الذي يحتوي كل المعارف الحضارية النافعة، وبذلك تتنوع الاهتمامات والاختصاصات عند المسلمين وهذا ما فهمه المسلمون من قبل فحققوا نهضتهم الحضارية بينما اقتصرنا نحن على الاستفادة من غيرنا والركون إلى انتظار جديدهم.
إذن فلا ينبغي أن يذهب عنا وجوب دراسة هذه الآيات في سياقها المقاصدي كإقامة الحجة على الملحدين والمشركين والمشككين، وإثبات وحدانية الله تعالى وتقرير صفاته كالقدرة والعلم والإرادة، والدلالة على البعث والنشور وربانية القرآن ونبوة سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، بل يجب علينا أن نركز على هذا الجانب المهم في أبحاث التفسير والإعجاز العلمي، وأن يكون وجوده شرطاً من شروط هذه الأبحاث تحقيقاً لقوله تعالى: ((اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)) [القلم: 1]. والله أعلم.(/)
الافتتاح الرسمي لمركز الإمام أبي عمرو الداني للدراسات والبحوث القرائية المتخصصة
ـ[محمد ال باشا المغربي]ــــــــ[26 Jun 2010, 05:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تحبير الافتتاح الرسمي ( http://www.maroc-quran.com/vb/t18576.html) لمركزالإمام أبي عمرو ( http://www.maroc-quran.com/vb/t18576.html) الداني ( http://www.maroc-quran.com/vb/t18576.html) للدراسات ( http://www.maroc-quran.com/vb/t18576.html) و البحوث ( http://www.maroc-quran.com/vb/t18576.html) القرائية ( http://www.maroc-quran.com/vb/t18576.html) المتخصصة ( http://www.maroc-quran.com/vb/t18576.html) بمدينة مراكش
http://www.nbulsi.net/images/da3wa1.JPG
ـ[إياد السامرائي]ــــــــ[26 Jun 2010, 10:41 م]ـ
نبارك لكم افتتاح المركز وقد أحسنتم باختيار اسم الإمام الداني عنوانا لمركزكم ندعوا الله أن يبارك في عملكم وسعيكم
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[26 Jun 2010, 11:08 م]ـ
مبارك افتتاح هذا المركز .. وأسأل الله أن يكتب التوفيق والسداد للقائمين عليه.
ـ[ورد محمدي]ــــــــ[27 Jun 2010, 12:32 ص]ـ
السلام عليكم .. بداية ابارك لكم وللأمة الإسلامية إنشاء وافتتاح هذا الصرح العظيم نفعنا الله به
ثانيا: هل لنا بمعلومات أكثر عن المركز؟ وما وظائفة وكيف سيفيد المجتمع وكيف يمكن للقريب والبعيد أن يشارك ويستفيد؟
وجزيتم كل خير
ـ[محمد بن مزهر]ــــــــ[27 Jun 2010, 01:45 ص]ـ
مبارك ياشيخ محمد افتتاح هذا المركز وأنا بصراحة أغبطكم على اختيار الاسم فقد أعجبت كثيراً بجهود مركز الإمام الشاطبي في جدة وتمنيت أن يكون في الرياض مركز مثله وكان في خلدي أن يسمى مركز الإمام الداني
وقد عرضته على بعض الإخوة وكانوا يتمنون ذلك ,ولكن جهودكم سبقت أمانينا ولكنها كانت أمانٍ جميلة:
منىً إن تكن حقاً تكن أحسن المنى =
وإلا فقد عشنا بها زمناً رغدا
وفقكم الله ونفع بجهودكم.
ـ[محمد ال باشا المغربي]ــــــــ[27 Jun 2010, 04:37 ص]ـ
أولا بارك الله فيكم و شكر الله لكم ردودكم الطيبة و تشرفت بمروركم الكريم
أما بالنسبة للمركز فحُسن الإختيار للإسم يعود الى فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحيم نبولسي رئيس المركز حفظه الله
و فيما يخص منهج المركز فإليكم نصه بقلم الشيخ عبد الرحيم النبولسي:
شِرعَة المركز و مَقصده:
- التدليل على لزوم خدمة هذا الكتاب من حيز وَصفِه بالكتاب, و دَلائلُه: الكلام عنه بالرسم والكتاب.
-تمهير نابتة الباحثين وتأهيلهم للتخصص في تحقيق ما له وُصلةٌ بالقرءان العظيم من حيث القراءةُ و الرسم و الضبط و العدُّ.
-الوقوف بالدارسين على يافع الأدلة ,تصحيحا للنظر في تراث الملة ,و النبوُُّ بهم عما ضُربت عليه الذلة ,من حضيض التقليد ,الذي يُتلف الطارف و التَّلِيد.
- ترشيح العِلل التي تُؤوي الحِجاج العقلية و النقلية.-و الروايةُ قبل ذلك ظهير- ,تبيينا لما لطف و خفي من دِقها, و ما حَيَّر و أَولَه مِن جِلِّها ليستيقن الذين أوتوا الكتاب و يزداد الذين امنوا إيمانا.
- تبريز المَهرةِ في تقويم هذا النمط العلمي المتخصص لإمكان الإفادة منهم و إليهم طردا و عكسا, إعلانا و همسا, طيا و نشرا, نظما و نثرا.
-نفي ما لا قرار له و ما ادعي على هذه البَابةِ من شبه العلم التي تذهب بالأبصار , و تزوّرُ عن كهف الإبصار, نفيا يُمَكِن لإثبات الحريِّ,
و إدلاج السَريِّ.
- إحقاق أنصبة أساطين المغرب في الحُؤول دون دروس هذا الركن من العلم الذي تدور أسانيده عليهم, و المرجعُ دانٍ وقد عَمَره مركزُ أبي عمرو.
- بعثُ النادرِ المُهجِدِ مما خُطَّ بِراحِ السابقين المرضيين, أخصُ المغاربة منهم و الأندلسيين, آملينَ رَغبَة اللاحقين ,رعياً منَّا للأثر, و نشراً لِما مِنه دَبَر.
- ترتيب العلائق المتواترة بين القراءة و اللغة, و إحكام القول فيما نأتي و ما نذرُ تعيينا للعلل الموجبة و المُجَّوِزة للأحكام.
- تحقيق الوصل بين دارسي هذا العلم في الخَافِقَينِ, ترشيدا للحوار, وإزهاقا للخُوَار, ومراجعةً للخبرات ,بأبهى حلل العبارات.
- تنظيم ندوات ومحاضرات و مناظرات و رحلات علمية تُثري مقاصد المركز, و تُزكي مَآله.
- إنشاء مجلة علمية مُحكمة تعنى بنشر البحوث و الأعمال العلمية الجادة المتخصصة في علم القراءات والرسم والضبط والعد ,وُسِمت ب: (الحُجة) تيمنا بحُجِيتها في بَابِها, تُؤتي أُكلَها مرتين كل عامٍ شَرطَ مُنشِيها. و المَقصِدُ الله
و عَجلتُ في قولِ ما قلت, لِرغبة من بَجَّلتُ , ومعاذيري إقتارُ الفكرة, و حُبسُ الطرف, و نَأْيُ العِطفِ, و عسى أن تُسعف بعد حينٍ فنستنبط قرطاساً يومضُ بما ازوَرّ عن قلم العِيِّ, و يلزمكم النُصح لي ,و يلزمني الرَّجُع إليكم, فالنُجح معقودٌ بنواصي الرأي.
أسبغ ربكم عليكم نعما مُستفادة, و رُتبا مُزدادة.
كتبه خادم القرءان و العلم: دكتور عبد الرحيم النبولسي
رئيس المركز
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[27 Jun 2010, 07:18 ص]ـ
وفقكم الله وبارك في جهودكم وكثَّر في بلد المسلمين من هذه المراكز العلمية النافعة
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 08:20 ص]ـ
المغرب يؤسس " مركزا للدراسات القرآنية " ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=96462)
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[27 Jun 2010, 08:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين
الأخ الفاضل الأستاذ محمد ال باش المغربي ـ حفظه الله ـ
أشكر لفضيلتكم تعريفكم بالمركز.
و الشكر موصول للأستاذ الدكتور عبد الرحيم النابولسي مدير المركز، و الأستاذ الدكتور أحمد العبادي رئيس رابطة علماء المغرب.
مع متمنياتي لكم بدوام التوفيق و النجاح.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
وفقنا الله جميعا لخدمة كتابه الكريم.
و تفضلوا أخي الكريم بقبول تحياتي و تقديري لشخصكم الكريم.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[ورد محمدي]ــــــــ[27 Jun 2010, 07:46 م]ـ
بارك الله فيكم اخانا الكريم على ما ذكرت من معلومات عن المركز
لكن هل يقبل فيه طلاب بالانتساب؟
وكيف لنا أن نسجل بعد أن (يستتب الامر)؟
ـ[محمد ال باشا المغربي]ــــــــ[28 Jun 2010, 03:59 م]ـ
بارك الله فيكم اخانا الكريم على ما ذكرت من معلومات عن المركز
لكن هل يقبل فيه طلاب بالانتساب؟
وكيف لنا أن نسجل بعد أن (يستتب الامر)؟
السلام عليكم
و فيك بارك اخي الكريم
المركز غير مخصص للتدريس الطلاب , المرجوا الرجوع الى الرد الذي وضعته بخصوص شِرعة المركز و مقصده(/)
ما سبب المغايرة بين ذكر الضمير وحذفه في قوله تعالى (وأبصرهم) وقوله (وأبصر)؟
ـ[روضة الناظر]ــــــــ[26 Jun 2010, 07:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
في قوله تعالى في سورة الصافات: (فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون
أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين
وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون) ....
لماذا قال سبحانه في الآية الأولى (أبصرهم) وفي الآية الثانية: (أبصر)؟
الرجاء من الشيخ عبدالرحمن بن معاضة الشهري
التفضل بالإجابة ... ومن وُجد من المشائخ الفضلاء ..
كالشيخ مساعد الطيار ..
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[26 Jun 2010, 08:53 م]ـ
هذا ملخص ما ظهر لي من التأمل:
قوله تعالى: (فتول عنهم حتى حين) هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم متعلق بالحياة الدنيا، أي أعرض عن قتال الكفار واصبر على أذاهم حتى يؤذن لك بالجهاد، (وأبصرهم) أي: واعلم علم اليقين أن مآلهم في هذه الدنيا إلى الهزيمة والخسران وأفضع حال ينزل بهم من القتل والأسر وغير ذلك، (فسوف يبصرون) أي فسوف يعلمون ويعاينون هذه الدواهي الدنيوية التي ستحل بهم عما قريب.
وقوله تعالى: (وتول عنهم حتى حين) وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم متعلق بالآخرة، وهي تسلية له صلى الله عليه وسلم، أي: وارتقب حتى ينزل بهم العذاب الأخروي السرمدي، وقوله تعالى: (وأبصر) أي: واعلم علم مشاهد ما يتعلق بك آنذاك يا محمد صلى الله عليك وسلم من فنون النعم الأخروية والمسار السرمدية، (سوف يبصرون) سوف يعلمون ويعاينون ويذوقون ما يتعلق بهم من صنوف العذاب وشنيع العقاب جزاء بما كانوا يكفرون.
فالحاصل أن أبصرهم إبصار متعلق بعذابهم الدنياوي. وأبصر إبصار متعلق بنعيم المصطفى السرمدي.
والله أعلم.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[26 Jun 2010, 08:53 م]ـ
أختي عذراء
رغم أنك وجهت نداء خاصاً لفضيلة المشرف العام. والأصل أن لا يجيب أحد على تساؤلك إلا هو. ولكن إجابتي على السؤال كانت لأسباب:
أولاً إن فضيلة المشرف لا يحب الإستئثار بأية إجابة بل إنه لا يرغب أن يوجه اليه سؤال مثل هذا بشكل خاص وذلك لأن الملتقى مفتوح للجميع والجميع يشارك بأي مسألة ولا داعي للاستئثار أو تخصيص وتقنين السؤال.
وثانياً:إن أي موضوع بحاجة الى اشباع وإحاطة وإضافة ولا أحد يستطيع أن يلمّ بذلك كله وأظن أن شيخنا أبا عبد الله لديه هذه القناعة التي تحدث عنها غير مرة.
وثالثاً أختي العزيزة إن توجيه سؤالك هذا لفضيلة المشرف دون غيره ربما يكون فيه إحراج للباقين بأن لا يجيبوا حتى ولو علموا الإجابة. وذلك لأنهم ليسوا مدعوين ولا مكلفين في ذلك فتكون اجابتهم وتدخلهم نوع من أنواع التطفل أو التدخل.
ورابعاً ولأنني أظن فيك الخير وأفترض بك حسن النية فسوف أجيب على ما لدي من هذا السؤال تاركاً الإجابة الشافية طبعاً لمن يشرفنا دوماً بفصل الخطاب.
في قوله تعالى: (وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) الواو عاطفة وأبصرهم فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به أي إذا نزل بساحتهم العذاب والفاء رابطة لجواب الطلب وسوف حرف استقبال ويبصرون فعل مضارع وفاعل والمفعول به محذوف أي ما يحيق بهم جزاء كفرهم.
(وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) حذف هنا مفعول أبصر اختصارا لدلالة الأول عليه لقرب عهده به. والاختصار ضرب من ضروب الأطناب البلاغي حيث لا فائدة من تكراره.والله أعلم
ـ[روضة الناظر]ــــــــ[26 Jun 2010, 09:38 م]ـ
جزاكم الله خيرا
تحرجت كثيرا بصياغة العنوان ..
لكن مقصدي من صياغته هكذا ان يكون الشيخ من المعقبين عليه ...
فقد لاتقع عينه عليه .... بمعمعة الانشغال في غير هذا القسم ..
لاجعله حكرا عليه فقط ...
وذيلتُ في اخر الموضوع بأني اطمع بإجابة مشائخ فضلاء غير الشيخ حفظه الله
ومنهجي أن تفسير كلام الله ليس لكل أحد ... ولا أأخذه من كل أحد ..
ولست أعني بكلامي هذا تنقص من بادر واجاب
بل نفع الله به ..
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[26 Jun 2010, 10:14 م]ـ
جزاكم الله خيرا
تحرجت كثيرا بصياغة العنوان ..
لكن مقصدي من صياغته هكذا ان يكون الشيخ من المعقبين عليه ...
فقد لاتقع عينه عليه .... بمعمعة الانشغال في غير هذا القسم ..
لاجعله حكرا عليه فقط ...
وذيلتُ في اخر الموضوع بأني اطمع بإجابة مشائخ فضلاء غير الشيخ حفظه الله
ومنهجي أن تفسير كلام الله ليس لكل أحد ... ولا أأخذه من كل أحد ..
ولست أعني بكلامي هذا تنقص من بادر واجاب
بل نفع الله به ..
أختي رضي الله عنك
لقد جرت العادة في هذا الملتقى أن يعمم السؤال للجميع. أما الأخذ أو عدمه فالأصل أختي أن نأخذ من الجميع إذا كان القول حقاً وقريباً من منهج المفسرين غير شاذ ولا بعيد. فالحكمة ضالة المؤمن أنّا وجدها فهو أحق بها.
ومع ذلك فإني أحسنت الظن بك أختاه ولكنك ما زلت مصرة أنك لا تأخذي من أي أحد (ولا أأخذه من كل أحد .. ) (تقصدين آخذ) وفوق كل ذلك أتمنى لك التوفيق والسداد وحسن الأخذ والرد. والسلام(/)
المعروف من غريب القرآن!!
ـ[عمر جاكيتي]ــــــــ[26 Jun 2010, 11:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
وبعد:
فلعلّ في عنوان المشاركة " المعروف من غريب القرآن" غرابة!!، ولعلها تزول إذا عرف المراد ...
فالمقصود بهذا الموضوع: المفردات الواردة في القرآن التي يقول عنها أصحاب كتب غريب القرآن: " معروف "، أو يفسرونها بعبارات قد لا تساعد في معرفتها.
ويكثر هذا عندهم - كما ظهر لي - في تفسير أسماء النباتات، والحيوانات والحشرات، في القرآن الكريم.
فمما قال عنها بعض أصحاب كتب الغريب: " معروف ".
الأثل، البصل، القثاء، العدس، الهدهد، النمل، النحل، القمل، النعل.
ومما فسّرت بتفسير قد لا يوصل إلى المقصود، قول بعضهم:
الأثل: شجر ثابت الأصل. أو: شبيهٌ بالطَّرْفاء إلا أنه أعظم منه.
الخمط: شجر لا شوك له.
المن: هو الترنجبين. أو: شيء يقع على الشجر.
الطلح: شجر، أو: شجر عظيم بالبادية.
السدر: شجر قليل الغناء عند الأكل.
السلوى: طائر بعينه، أو: طائر يشبه السمانى.
ضريع: نبت يقال له الشبرق.
السؤال المطروح للمناقشة:
1 - لماذا كان المصنفون في غريب القرآن يسلكون هذا المنهج في تفسير هذه الألفاظ؟
2 - ما حدّ هذا العرف، أي: هل هذه الكلمات معروفة معناها عند الجميع أو عند بعض من الناس؟
3 - ما هي الطريقة التي يمكن بها تعريف هذه الأشياء المعروفة للذين لا يعرفونها.
4 - هل يمكن أن يسلك منهج جديد في ذلك بوضع صور هذه الأشياء عند تفسيرها.
5 - هل ما عبروا به في تفسير بعض هذه الألفاظ يؤدي الغرض.
6 - ما مدى أهمية معرفة هذه الأشياء على حقيقتها للمفسر؟.
أشكر للجميع - مسبقاً - تفاعلهم مع الموضوع ...
وجزاكم الله خيراً.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 05:54 ص]ـ
موضوع طريف يستحق البحث والمدارسة ..
شكر الله لك أخي عمر.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[27 Jun 2010, 06:59 ص]ـ
شكر الله لك على فتح النقاش في هذه القضية وبارك فيك
لا شك أن حد الغرابة يختلف باختلاف البيئات والأزمنة والأشخاص ونحو ذلك فما يكون غريبا عند شخص وفي زمن قد لا يكون غريبا عند شخص آخر وفي زمان آخر
وقد يكون من الأسباب في سلوك هذا المنهج:
1) اشتهار اللفظة في زمانه اشتهارا يغني عن تعريفها.
2) اختلاف الشريحة التي استهدفها المصنف من تصنيفه، فقد كتب بعض المصنفين في الغريب وغيره تلبية لرغبة العلماء وطلاب العلم في زمانه، فقد يكون المعروف لديهم غريبا عند غيرهم.
وبانتظار إفادة الأعضاء بأسباب أخرى لإثراء الموضوع
وأما تأدية الغرض فلا شك في كونه مؤديا لغرضهم وأما من بعدهم فبحسبه
وأما قضية وضع الصور للتعريف بهذه الألفاظ فهي طريقة حسنة مستخدمة في كتاب المعجم الوجيز وغيره
وقد ذكرت بارك الله فيك أن صنيعهم هذا: يكثر في تفسير أسماء النباتات، والحيوانات والحشرات، في القرآن الكريم.
وذلك يفيد أن كونها مشاهدة لديهم ضابط من ضوابط قولهم (معروف) ومساهم في وضع حد للعرف عندهم
والسؤال: ما هي نسبة الألفاظ التي عبر عنها المصنفون بقولهم معروف في غير ما ذكرت؟
ـ[عمر جاكيتي]ــــــــ[27 Jun 2010, 07:50 ص]ـ
موضوع طريف
أشكرك أخي محمد على تفاعلك واهتمامك ...
أما ناحية الطرافة في الموضوع؛ فمنها:
1 - أنّ بعض ما يطلق عليه أحدهم أنه (معروف) تجد غيره يجاهد في تعريفه وتفسيره.
2 - قد تجد بعض المصنفين يجعل شيئا ما من قبيل (المعروف)، ثم تجده يجتهد في تعريف غيره، مما هو أشهر عندك من الأول.
3 - أنهم قد يفسرون بعض المفردات بالذي يشبهه - كما تقدم -، وهذا الشيء الذي يشبهه يحتاج إلى تعريف!
ولعلي أشير إلى أنّ من الدوافع لي على فتح هذا الموضوع ما نواجهه نحن في بلادنا من الصعوبة في تفسير هذه الألفاظ، حتى يضطر المفسِّر إلى تفسير بعض هذه الألفاظ بما يشبهه أو يقرب منه، فما بالك إذا كان الذي يشبهه يحتاج إلى تعريف أيضاً؛ فمم يبدأ؟
وأختم - بالمناسبة - بطرفة مشهورة عندنا: حيث كان رجل يدرس في منطقة غير منطقته، وكانوا يفسِّرون له بلهجة غير لهجته، ففسروا له "الضفدع" بتلك اللهجة، وهو لم يرها ولم يعرفها؛ فلما رجع إلى منطقته وبدأ يُدَرِّس كان يفسر "الضفدع" بأنه شيء لا يوجد هنا ويوجد في المنطقة الفلانية ويسمونه كذا ... وبقي على ذلك برهة من الزمن؛ حتى فسره بذلك ذات يوم بحضور أحدهم يعرف اللهجتين؛ فقال له: يا أستاذ! ترى هو الضفدع (بلهجته) فاستغرب كثيرا!
فالقصد أنّ معرفة المفسر لهذه الأشياء على حقيقتها يساعده في تسهيل فهمها لدى الطلاب، سواء كان موجوداً عندهم أو غير موجود.
أشكرك ...
ـ[عمر جاكيتي]ــــــــ[27 Jun 2010, 08:17 ص]ـ
أشكرك أخي محمد صالح على مشاركتك التي هي في الصميم ...
وأما تأدية الغرض فلا شك في كونه مؤديا لغرضهم وأما من بعدهم فبحسبه
ومن هنا تأتي أهمية الموضوع، إذا كان لا يؤدي الغرض لمن بعدهم؛ إما بكونه غير معروف لديهم، أو لا يمكنهم معرفتها بالعبارة التي فسروها بها.
فلا بد من اهتمام المعاصرين الذين يكتبون في غريب القرآن أو في التفسير عموما بما يلائم العصر، والكتاب الذي أشرتم إليه - ولم أعرفه - يكون مهما في هذه الناحية.
والسؤال: ما هي نسبة الألفاظ التي عبر عنها المصنفون بقولهم معروف في غير ما ذكرت؟
هذا ما أسعى للإجابة عليه - بعد الاطلاع على جميع هذه المفردات في كتب الغريب المتوفرة -، ويبقى مطروحاً للأعضاء.
أشكرك أخي الفاضل، ولي عودة بإذن الله ...(/)
مدخل إلي علم مناهج المفسرين.
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[27 Jun 2010, 01:49 م]ـ
مدخل إلي علم مناهج المفسرين
الحمد لله وبعد .......... ،
فهذا مدخل لعلم من أهم العلوم المتعلقة بالقرآن العظيم وهو علم مناهج المفسرين، وقد أخذ هذا المدخل من محاضرة للعلامة الشيخ / صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ ـ حفظه الله تعالي ـ بتلخيص وتصرف وزيادة بعض الفوائد، أسأل الله أن ينفع طلاب العلم بهذا المدخل وأن يجعله سلما لدراسة هذا العلم الشريف.
بسم الله الرحمن الرحيم .................... ،
الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا وهو القائل {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
الكلام عن مناهج المفسرين من العلوم المهمة لأنّ التفاسير لكتاب الله جلّ وعلا كثرت جدّا حتى بلغت أكثر من مائة تفسير موجود بين أيدينا اليوم، والتفاسير المفقودة كثيرة، والتي لم تطبع كثيرة أيضا، ولا بدّ لطالب العلم الذي يحرص على معرفة معاني كلام الله جلّ وعلا أن يعلم مناهج المفسرين وطرائقهم حتى إذا راجع تفسيرا لأحد المفسرين يعلم مع ما يتميز به ذلك التفسير ويعلم منهج المؤلف حتى لا يضيع بين كثرة التفاسير.
· تعريف مناهج المفسرين:
المقصود بها الطرائق والخصائص التي يتميز بها التفسير والمناهج جمع منهج والمنهج والنّهج هو الطريق الملتزم.
وهذه المناهج متنوعة متعددة ومن المفسرين من يذكر شرطه في تفسيره ومنهم من لا يذكر ذلك.
· كيف تعرف مناهج المفسرين؟
لمعرفة المنهج أحد طريقين:
الطريق الأول: أن ينص المفسر على شرطه في التفسير في أول تفسيره، أو أن ينص عليه في مواضع متفرقة من تفسيره مع خطبة الكتاب، فإذا نص على شرطه كما فعل ابن كثير والقرطبي وأبو حيان الأندلسي في كتابه البحر المحيط وهكذا .................
الطريق الثاني: أن يعلم عن طريق الاستقراء،
والاستقراء كما هو معلوم قسمان:
1/ استقراء تام أو أغلبي.
2/استقراء ناقص.
والاستقراء حجة إذا كان تاما أو أغلبيا لأنه يكون دالا على صحة ما بحث بالاستقراء فإذا استقرأ تفسير من التفاسير وعرفت طريقة ذلك المفسر ـ مثلا ـ في العقيدة والحديث والنحو والإسرائيليات وغيرها واستقرأ ـ الباحث ـ ذلك استقراءا تاما بتتبع التفسير من أوله إلى آخره أو استقراءا أغلبيا فيقول: منهجه في التفسير كذا وكذا .....
أما إذا كان الاستقراء ناقصا قرأ في التفسير صفحة أو صفحتين أو ثلاثة أو مجلدا أو مجلدين ولم يستقرأ التفسير ـ استقراءا تاما أو أغلبيا ـ فلا يجوز أن يعتمد على ذلك الاستقراء الناقص إذ لابدّ لكون الاستقراء حجة أن يكون استقراءا تاما أو أغلبيا كما هو مقرر في موضعه من علم أصول الفقه.
وهكذا نعرف تلك المناهج عن طريق شرط المؤلف أو عن طريق الاستقراء التام أو الأغلبي.
وإذا لم يتمكن الباحث من الاستقراء ولم ينص المفسر علي شرطه فنعبر حينئذ بعبارة أخرى فنقول تميز التفسير الفلاني بكذا وكذا أو من خصائص التفسير الفلاني كذا وكذا ..
· التفسير في العصر الأول:
النبي صلى الله عليه وسلم أنزل عليه القرآن على سبعة أحرف فثبت عنه بالتواتر عليه الصلاة والسلام أنّه قال: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) ونزول القرآن على سبعة أحرف يستفاد منه في التفسير فوائد كثيرة، والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه من التفسير الشيء الكثير وإنما نقل عنه تفسير كثير من الآيات ولكنه ليس بالأكثر، أما الصحابة رضوان الله عليهم فقد نقل عنهم من التفسير أكثر مما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم فالنبي صلى الله عليه وسلم فسر آيات كثيرة بحسب الحاجة ففسر مثلا قوله جلّ وعلا {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} بأنّ الزيادة هي النظر لوجه الله الكريم جلّ وعلا، وفسر قوله تعالى {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} بأن المغضوب عليهم هم اليهود والضالون هم النصارى، وكذلك فسر صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: {وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة} بأنّ القوة الرمي ففي الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((ألا إنّ القوة الرمي ألا إنّ القوة الرمي)).
(يُتْبَعُ)
(/)
· سبب القلة في مرويات التفسير عن النبي صلي الله عليه وسلم وكثرته عن الصحابة رضي الله عنهم:
1ـ أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يهابون سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2ـ أنهم كانوا يعلمون أكثر معاني كلام الله جلّ وعلا وذلك لأنّهم رضي الله عنهم شهدوا التنزيل ومشاهدة التنزيل ومعرفة أسباب النزول تورث العلم بمعاني الآيات، كما هي القاعدة عند أهل العلم أنّ ((معرفة السبب يورث العلم بالمسبب)).
3ـ أنهم كانوا يلازمون النبي صلي الله عليه وسلم فمعرفتهم بالسنة أكثر من غيرهم والسنة ـ كما هو معلوم ـ مفسرة للقرآن.
4ـ ما يعلمونه من تنوع الأحرف وأنّ الآية يأتي لها تفسير في الحرف الآخر من القرآن، فمثلا: قوله جلّ وعلا {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهنّ حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} في أولها قال: {ولا تقربوهنّ حتى يطهرن} فهل يكتفي في جواز إتيان المرأة الحائض أن تطهر أم لابدّ أن تغتسل؟ فهذا له تفسير في القراءة الأخرى {ولا تقربوهنّ حتى يطّهرن ((بتشديد الطاء)) فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يرجعون في الآية التي يحتاجون إلى تفسيرها إلى موضع آخر أو إلى قراءة أخرى فيتضح المعنى لهم وهم أهل تدبر للقرآن لامتثالهم قول الله جلّ وعلا: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}.
5ـ علمهم بلغة العرب لأنّ القرآن أنزل بلسان عربي مبين ومن سبل فهم هذا القرآن أن يكون المتدبر له على علم بلغة العرب قال جلّ وعلا: {وما أرسلنا من رسول إلاّ بلسان قومه ليبين لهم} وقال: ((نزل به الروح الأمين 0 علي قلبك لتكون من المنذرين 0 بلسان عربي مبين))
· التفسير في عهد الصحابة والتابعين: بعد عهده عليه الصلاة والسلام كثر التابعون واحتاج الناس إلى أن يفسر لهم القرآن , وسبب زيادة التفسير في عهد الصحابة عن عهد النبي صلى الله عليه وسلم أنّ الحاجة دعت إليه، وذلك أنّ الصحابة كانوا يشهدون التنزيل ويعلمون كثيرا من السنة ويعلمون الأحرف وذلك بخلاف زمن التابعين فإنهم كانوا أقل في ذلك من الصحابة رضوان الله عليهم فلذلك احتاجوا إلي تفسير الصحابة رضي الله عنهم. ..
· مصادر الصحابة في التفسير:
مصادر الصحابة رضوان الله عليهم في التفسير عدة فمن مصادرهم:
1/ القرآن بأحرفه السبعة لأنّ القرآن مثاني يفسر بعضه بعضا.
2/ السنة فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم فسر لهم آيات تنصيصا وسنته تفسر لهم آيات كثيرة من القرآن لا على وجه التنصيص.
3/ أسباب النزول، ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه ((ما من آية أنزلت إلا وأنا أعلم متى أنزلت، وأين أنزلت، والله لو أنّ أحدا على ظهر الأرض عنده علم بالقرآن، ليس عندي تبلغه المطي لرحلت إليه)) وقد كان من أعلم الصحابة بأسباب النزول وهكذا غيره.
4/ العلم بأحوال العرب التي كانوا عليها فإنّ من لم يعلم أحوال العرب التي كانوا عليها في عقائدهم ودياناتهم وتعبداتهم وعلاقاتهم الاجتماعية وتجاراتهم .............. الخ، فإنّه لن يحسن التفسير لأنه سيجعل التفسير يناسب قوما دون قوم (ومعرفة السبب تورث العلم بالمسبب)، (والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب).
5/ سؤال بعضهم بعضا فإنّ ابن عباس سأل عمر رضي الله عنهم عن المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله جلّ وعلا: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإنّ الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين} فقال عمر: هما عائشة وحفصة.
6/ لغة العرب لأنّ القرآن أنزل بلسان عربي مبين، ـ فمثلا ـ: عمر رضي الله عنه لما كان يتلو سورة النحل في يوم الجمعة على المنبر وقف مرّة عند قوله جلّ وعلا: {أو يأخذهم على تخوف فإنّ ربكم لرؤوف رحيم} فقال عمر: ما التخوف؟ كأنّه أشكل عليه معنى التخوف في هذه الآية، فقام: رجل من المسلمين فقال له يا أمير المؤمنين التخوف في لغتنا التنقص قال شاعرنا أبو كبير الهذلي:
(يُتْبَعُ)
(/)
تخوّف الرّحل منها تامكا فردا كما تَخَوَّف عودُ النّبعة السَّفِنُ *وابن عباس رضي الله عنه يقول: كنت لا أعلم معنى {فاطر السموات والأرض} حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها ـ يعني ابتدأتها قبله ـ ففهم منها معنى فاطر السموات والأرض وابن عباس رضي الله عنهما له في الاحتجاج بالشعر واللغة الميدان الواسع ..
واحتجاج الصحابة في التفسير بلغة العرب كثير في ذلك فتكون من مصادر الصحابة رضوان الله عليهم في التفسير.
· من مفسري الصحابة رضوان الله عليهم:
الصحابة رضوان الله عليهم توسعوا في التفسير وكان من أبرزهم في التفسير:
* عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: وكانت ولادته في شعب أبي طالب قبل الهجرة بثلاث سنين ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم عدة مرات بأن يعلمه الله التأويل وأن يعلمه الفقه فقال: اللهم فقهه في الدين اللهم علمه الحكمة اللهم علمه التأويل، فبرز ابن عباس في التفسير كثيرا.
* عبد الله بن مسعود.
* عائشة.
* عمر.
* علي رضي الله عن الجميع.
فهؤلاء الخمسة يكثر النقل عنهم في التفسير ابن عباس وابن مسعود وعائشة وعمر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
· فضل تفسير الصحابة: * تميزت تفاسير الصحابة بأنّها اشتملت على الألفاظ القليلة والمعاني الكثيرة ولهذا من أتى بعدهم إنما يحوم حول كلامهم، ولهذا قال ابن رجب)) كلام السلف قليل كثير الفائدة وكلام الخلف كثير قليل الفائدة))، فمما يظهر في تفاسير الصحابة أنّها كلمات قليلة ولكن تحتها المعاني الكثيرة.
* تميزت تفاسير الصحابة بأنها سليمة من البدع سليمة من الضلال في الاعتقاد، لأنهم أئمة المتقين وأئمة السلف وإليهم المرجع في التوحيد والعقيدة فتفاسيرهم لا غلط فيها ولا إشكال.
* تميزت بأنها يكثر فيها اختلاف تنوع ويقل فيها اختلاف التضاد، واختلاف التنوع كما فسروا ـ مثلا ـ الصراط المستقيم فسره بعضهم بالقرآن، وفسره بعضهم بالسنة، وفسره بعضهم بالإسلام، وهذه من اختلافات التنوع لأنّ القرآن والسنة والإسلام بعضها يدل على بعض ولا يتصور قرآن بلا سنة أو سنة بلا إسلام.
· من تلاميذ الصحابة في التفسير: لا شك أن كل صحابي له تلامذة أخذوا عنه ومن ذلك،
* ابن مسعود رضي الله عنه (في الكوفة) له تلامذة أخذوا عنه التفسير كعبيدة السلماني والربيع بن خثيم والأعمش ومسروق وغيرهم.
* وابن عباس رضي الله عنه (في مكة) له تلامذة أخذوا عنه التفسير كعطاء بن أبي رباح وعكرمة وطاووس ومجاهد وقد عرض التفسير على ابن عباس ثلاث مرات يسأله عن التفسير، ولهذا قال عدد من أئمة السلف ((إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به)).
· التفسير بعد عصر التابعين:
بعد التابعين أتى أتباع التابعين فتوسعوا في التفسير ومن ثمّ بدأ تدوين التفسير بعد أن كان ينقل حفظا، ينقله الصحابة عن الصحابة، وينقله التابعون عن الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نقله أتباع التابعين عن التابعين عن الصحابة، ثم ظهر التدوين في التفسير ومن ذالك:
* تفسير السدي (إسماعيل بن عبد الرحمن الكبير).
* عبد الرحمن بن زيد بن أسلم غيرهما .......... .
ثم توسعت الكتابة في التفسير إلى أن وصلنا إلى تفاسير جمعت المأثور عن الصحابة وعن التابعين عن أتباع التابعين في التفسير مثل تفسير عبد بن حميد وتفسير عبد الرزاق وتفسير الإمام أحمد وتفسير ابن أبي حاتم وابن جرير الطبري هذه التفاسير دونت تفاسير الصحابة بالأسانيد ((وتسمى مدرسة التفسير بالأثر)).
· في خضم هذه الفترة ((القرن الثالث تقريبا)) بدأت كتابات مختلفة في تفسير القرآن الكريم، ففي النحو نشأت مدارس نحوية:
1ـ نحاة البصرة: [سيبويه ومن معه].
2ـ نحاة الكوفة.
3ـ نحاة بغداد ......... الخ.
والنحو معتمد على القرآن والمدرسة النحوية يؤثر نظرها النحوي في التفسير فصار هناك رأي في التفسير من جهة النحو ورأى في التفسير من جهة اللغة فصنفت عدة مصنفات كمعاني القرآن للأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة، ومجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى ... في كتب على هذا النحو.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم أتي فارس الميدان ابن جرير ((إمام المفسرين)) فصنف كتابه ((جامع البيان)) وهو أعظم كتاب ألف في تفسير القرآن [بالإجماع] وبه عُدّ ابن جرير إمام الأئمة في التفسير، وهو محمد بن جرير الطبري ـ رحمه الله تعالى ـ المولود سنة ـ 224هـ ـ والمتوفى سنة ـ 310هـ ـ صنف التفسير وجمع فيه ما تكلم عليه العلماء قبله في التفسير غلب عليه الأثر، ولكنه اعتنى بالتفسير بالنحو، والتفسير باللغة وغير ذلك ................ .
· نوعي التفسير:
ظهرت مدرستان في التفسير: إحداهما مدرسة التفسير بالأثر والأخرى التفسير بالرأي.
* فمن تفاسير العلماء التي تنتمي إلى مدرسة التفسير الأثري تفسير الطبري ثم البغوي وابن كثير والدر المنثور إلى غير ذلك ........
· التفسير بالرأي:
معناه:
هو التفسير بالاجتهاد والاستنباط.
والاجتهاد قسمان [أقسام الرأي]:
* اجتهاد محمود. * واجتهاد مذموم مردود على صاحبه وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث حسنها بعض أهل العلم وضعفها آخرون أنّه قال: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)) وفي لفظ قال: ((من فسر القرآن برأيه فقد أخطأ ولو أصاب)) ففيه ذم التفسير بالرأي لأنه إن فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار، وفي الثاني أنه إن فسر القرآن برأيه فقد أخطأ ولو أصاب قال العلماء: هذا محمول على أنّ التفسير بالرأي إذا كان عن هوى وعن انحراف فإنّه يبوأ صاحبه مقعدا من النار، فحملوا قوله عليه الصلاة والسلام: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النّار)) بمن قال في القرآن برأيه الذي نشأ عن هوى لا عن أدلة صحيحة، وذلك أنّ الصحابة اجتهدوا في التفسير، وقالوا ـ في التفسير ـ بأشياء لم ينقلوها عن النبي صلى الله عليه وسلم فإذا قلنا بذم جميع أنواع التفسير بالرأي ـ بالاجتهاد والاستنباط ـ يلزم من ذلك ذم الصحابة على اجتهادهم في التفسير وهذا باطل.
فيكون قوله عليه الصلاة والسلام: ((من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)) محمول على من فسره عن هوى، كقول أهل الفرق المنحرفة كالمرجئة والقدرية والخوارج والمعتزلة والأشاعرة وأشباه هذه الفرق. وأما قوله عليه الصلاة والسلام: ((من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ وإن أصاب)) قال العلماء معناه: من قال في القرآن برأيه وكان رأيه عن جهل لا عن علم فوافق الصواب اتفاقا لا عن علم ويقين فهذا وإن أصاب المعنى الصحيح لكنه أخطأ ومتوعد لأنه تجرأ على القرآن ففسره بغير علم.
* ومدرسة التفسير بالرأي لها اتجاهان:
الأول: من فسر القرآن بالرأي الناشئ عن هوى كما فسرت المعتزلة والخوارج والإباضية والرافضة والأشاعرة والماتريدية القرآن بآرائهم وأهوائهم وتركوا تفاسير السلف إلى تفاسير محدثة فهؤلاء مذمومون لأنهم فسروا القرآن برأي لا دليل عليه ولا حجة فيه وإنما نشأ ذلك التفسير عن هوى فهذا رأي مذموم ومردود على صاحبه.
وتمثله عدة تفاسير من التفاسير المعروفة التي ينتمي أصحابها إلى شيء من الفرق التي ذكر بعضها.
الثاني: [من مدرسة التفسير بالرأي] من فسر القرآن بالاجتهاد والاستنباط، وكان اجتهادهم واستنباطهم صحيحا، وهذا إنما يسوغ إذا كمل لدي المفسر شروط جواز التفسير بالاجتهاد والاستنباط وقد تجمع الشروط التي بها يجوز للمفسر أن يفسر القرآن بالاجتهاد والاستنباط فيما يلي:
شروط التفسير بالرأي المحمود:
* الشرط الأول: أن يكون عالما بعقيدة السلف لكي يسلم من آراء الجهمية والخوارج والمعتزلة والقدرية والمرجئة ... إلى آخر تلك الفرق.
* الشرط الثاني: أن يكون عالما بالقرآن حافظا له يمكنه أن يفسر القرآن بالقرآن ـ وحبذا لو كان عنده علم بالقراءات ـ.
* الشرط الثالث: أن يكون عالما بالسنة حتى لا يجتهد في تفسير آية والتفسير فيها منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
* الشرط الرابع: أن يكون عالما بأقوال الصحابة حتى لا يحدث تفسيرا علي خلاف تفسير الصحابة على خلافه، وابن جرير رحمه الله من المهتمين بهذا فمثلا عند قوله جلّ وعلا في سورة الأعراف: {فلما آتاهما صالحا جعلا له شركاء فيما آتاهما} نقل عن الصحابة والتابعين أنّ المراد هنا بالضمير هنا في الآية آدم وحواء، ونقل عن الحسن أنّه قال المراد بهم اليهود والنصارى من جهة الجنس، قال ابن جرير: وهذا القول باطل وإنما حكمنا ببطلانه لإجماع الحجة من الصحابة على خلافه فيكون القول به محدثا على خلاف أقوال الصحابة فمن المهم للمفسر أن يراع أقوال الصحابة حتى لا يحدث قولا بخلاف أقوالهم.
* الشرط الخامس: أن يكون عالما بأحوال العرب، حتى لا ينزل آيات القرآن على غير تنزيلها.
* الشرط السادس: أن يكون عالما باللغة العربية بنحوها ومفرداتها وصرفها وبعلم المعاني من علوم البلاغة، والأفضل أن يكون هذا العلم بالقوة الذاتية، وأما إن كان بالقوة القريبة ـ بالمراجعة والكتب ـ فلا بأس إذا استقامت له أصوله.
وهناك شروط أخر ذكرها طائفة من أهل العلم.
... و يمكن أن نجمل التفاسير التي تنتمي لمدرسة التفسير بالرأي إلى أربع مدارس كبرى:
* المدرسة الأولى: فسرت القرآن بالنظر إلى العقائد، وهذه مدارس متنوعة، فكل أصحاب عقيدة خاضوا في تفسير القرآن على حسب اعتقادهم:
ـ فالرافضة لهم تفاسير في القرآن: تفسير الطبرسي وتفسير الطوسي وهلمّ جرا ...........
ـ المعتزلة لهم تفاسير: تفسير الزمخشري.
ـ الأشاعرة لهم تفاسير كثيرة على هذا النحو مثل: تفسير أبي السعود و تفسير الرازي وأشباه هذه التفاسير.
ـ الماتريدية أيضا لهم تفاسير مثل: تفسير النسفي وتفسير الآلوسي روح المعاني.
هذا قسم فسروا القرآن من جهة العقيدة وقد يكون لهم اعتناء بأشياء أخر مثل الاعتناء بالفقه و اللغة ............. الخ.
* المدرسة الثانية: مدرسة التفسير الموسوعي: ونعني به الذي لم يشترط صاحبه في تفسيره على نفسه نوعا من أنواع علوم بل تجده يطرق كلّ علم من علوم التفسير، فهو يفسر القرآن بالأثر، ويفسره بأسباب النزول، ويفسره باللغة، ويفسره بالأحكام الفقهية، ويفسره بالأحوال العامة بالعلوم المختلفة {بالتاريخ بالفلك بالرياضيات إلى آخره ........ }، ومن أشهر التفاسير التي تنتمي إلى هذه المدرسة (تفسير مفاتيح الغيب) لفخر الدين الرازي، وتفسير الآلوسي (روح المعاني) فإنهم جمعوا فيها كل شيء حتى قيل عن تفسير الرازي: {فيه كل شيء إلا التفسير}.
* المدرسة الثالثة: التفاسير اللغوية وهذه يعتني أصحابها بالنحو، والإعراب، واللغة:
مثل تفسير أبي حيان الأندلسي (البحر المحيط) ومثل (إعراب القرآن) للنّحاس وأشباه هذه الكتب.
المدرسة الرابعة: التفاسير الفقهية وهي الموسومة بتفاسير {أحكام القرآن}.
وهذه المدرسة متنوعة بحسب المذاهب فالحنفية لهم تفاسير والشافعية لهم تفاسير وهكذا ....... فمثلا: من تفاسير الحنفية في ذلك (أحكام القرآن) للجصاص.
ومن تفاسير الشافعية "أحكام القرآن" لإلكيا الهراسي.
وللمالكية "أحكام القرآن" لابن العربي، "وأحكام القرآن" للقرطبي
وللحنابلة "أحكام القرآن" لعبد الرزاق الرسعني، وأحكام القرآن لابن عادل الحنبلي .. وهكذا ............
*************** مدرسة جديدة:
هذه المدارس استمرّت على هذا المنوال وفي خضمها ظهر شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ـ رحمهما الله ـ.
فشيخ الإسلام كان يفسر القرآن لكنه لم يؤلف تفسيرا مستقلا، والذي كتبه ووجد في مجلدة مستقلة تفسير آيات أشكلت على المفسرين (كثر فيها الخلاف بين المفسرين ولم يتضح الراجح فيها) فاجتهد ـ رحمه الله ـ في حلّ ما أشكل عليهم في تفسيرها.
وقد ندم ـ رحمه الله ـ في آخر عمره أنه لم يجعل النصيب الأوفر في عمره للتفسير.
كذلك ابن القيم لم يفسر القرآن كله وإنما فسر آيات وسور أشكلت، وقد بذلت جهود في جمع تفسير الشيخين ـ رحمهما الله تعالي ـ.
وامتاز تفسير الشيخين بالآتي:
أولا: أنهم اعتنوا بتفسير سور فيها التوحيد والعقيدة بعامة.
ثانيا: اعتنوا بتفسير آيات أشكل تفسيرها على العلماء من قبل.
· التفسير في العصر الحديث وقبله بقليل:
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه المدارس ظلّت مستمرّة والخلف يقلدون من قبلهم فيها وهكذا إلى أن وصلنا إلى مشارف العصر الحديث.
ولمعرفة العصر الحديث نقول:
ـ إنّ العصر الحديث للتفسير يبدأ ببداية القرن الرابع عشر ((من ألف وثلاثمائة هجرية فما بعد))، وذلك لأنّ التفاسير فيما قبل هذا التاريخ سارت على نمط التفاسير قبل ذلك فمثلا: ـ قبل ذلك ـ ظهر تفسير الآلوسي سار على نحو ما سبقه، وظهر تفسير الخطيب الشربيني على نحو ما سبقه، وكذلك تفسير صديق حسن خان، وتفسير الشوكاني "فتح القدير"، فلم يظهر اختلاف كثير في مدارس التفسير حتى دخل العصر الحديث.
وفي العصر الحديث ظهرت تفاسير مختلفة، ومتنوعة المشارب في التفسير وكان لذلك سبب، وهذا السبب هو:
لما جاءت الحملات الصليبية على البلاد الإسلامية وبخاصة حملة ((نابليون)) على مصر، وصاروا يضربون أصول العلوم الإسلامية، نشأت ناشئة طلب منهم أن يذهبوا إلى فرنسا ليدرسوا فيها العلوم (الأدب!!!، أو العلوم الحديثة، وما شابه ذلك)، وكان {الأزهر} إذ ذاك يمانع أن يرسل أحد من أبناء المسلمين إلى أوربا، فصار هناك اقتراح أن يذهب مع كل طائفة عالم من علماء الأزهر حتى يشرف على أولئك الطلبة ويعلمهم ويحجزهم من الانحراف، فذهب في مقدمة من ذهب بعض علماء الأزهر ((من غير تسمية))، وهؤلاء تأثروا بما عند الغرب وانبهروا بما عندهم من تقدم في الحضارة وكانت بلاد المسلمين ـ إذ ذاك ـ في تأخر مدني فعزا ـ هؤلاء ـ التأخر في ذلك الوقت إلى الدين، واتباع الناس للكتب القديمة وأن ذلك هو السبب في تأخرهم عن التطور؛ فظهرت أقوال تشكك في الإسلام، وتشكك في القرآن، وتشكك في السنّة ....... إلى غير ذلك، حتى صار ذلك شائعا في كثير من الناس ـ ضعاف النفوس ـ.
وبسبب تلك البعثات ظهرت مدارس اللغات (الاعتناء باللغات الأجنبية، والاعتناء بالآداب الغربية، والاهتمام ببحوث المستشرقين، ................. إلى غير ذلك).
فمن العلماء ـ وقتها ـ من نظر إلى هذا الداء؛ فوجد أنّ سبيل إرجاع المسلمين إلى دينهم أن يعتني بتفسير القرآن تفسيرا عقليا يعظم القرآن في نفوس الناس حتى لا يبتعدوا عن الدين، وظهر في هذا الوقت مدرسة {محمد عبده} أحد مشايخ الأزهر الكبار وأحد الذين اعتنوا بتفسير القرآن، وامتدادا لمدرسته ظهر الشيخ {محمد رشيد رضا} الذي كتب ((تفسير المنار)) معتمدا في كثير منه على تفسير شيخه محمد عبده.
وكان من نتاج ـ الضعف النفسي ـ أن بعض العلماء صار يحمل القرآن على ما عند الغرب من العلوم، فمثلا؛ الآيات التي فيها ذكر لبعض المعلومات الفلكية ينزلونها على المكتشفات الحديثة، وبالتالي يجعلونها دليلا على صحة القرآن، وأنه سبق الغرب لتلك المكتشفات وهكذا ........... .
ففسر القرآن تفسيرا عقليا خرج عن التفاسير السابقة، وعن تفاسير السلف، بل وعما يجوز؛ لأجل أن لا يتشكك الناس في القرآن، وأن يقبل الناس القرآن وأن يعظموا القرآن ............ الخ.
وانهال الناس على الشيخ / محمد عبده، يحضرون تفسيره لأنه جعل تفسيره للإصلاح، وانحرف في أشياء كثيرة إذ جعل القرآن تبع للمكتشفات الغربية، ومن المعلوم أنّ تلك المكتشفات أو النظريات تصلح في وقت وربما أتى ما هو أفضل منها فيبطل تلك النظرية الأولى وتصير غير صحيحة، فحمل القرآن على النظريات العلمية لا يسوغ لأنه حمل للقرآن الذي هو حق ثابت لا يتغير بشيء قد يتغير، ومن ذلك أيضا تفسير {طنطاوي جوهري}.
وفي خضم ذلك ظهر إنكار لبعض الغيبيات، وفسر القرآن بتفاسير باطلة، وظهر الانحراف في التفسير. ((وهذه هي المدرسة الأولي التي ظهرت في العصر الحديث)).
* المدرسة الثانية: مدرسة تفسير القرآن على هامش المصحف، وكان هذا ممنوعا في الزمن الأول أن يجعل القرآن في هامش المصحف، فهناك من اختصر تفسيرا كالطبري وجعله في هامش المصحف، ومنهم من ألف تفسيرا لنفسه وجعله على هامش المصحف ....... الخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
* المدرسة الثالثة: مدرسة التفاسير الدعوية، وكان لظهورها سبب وهو ظهور الفساد، وبعد الناس عن الدين، وتسلط الاستعمار والغزو الثقافي علي المسلمين وإبعادهم عن دينهم، وظهرت هناك جماعات مختلفة في العالم الإسلامي العربي وغير العربي للدعوة لإرجاع الناس إلى الدين، ولا شك أنّ الداعية يحتاج إلى أن يكون اعتماده على القرآن , ولهذا احتاجت تلك الدعوات إلى أن يفسر بعضهم القرآن، فاعتنى كبار بعض أصحاب تلك الدعوات بتفسير القرآن وذلك المفسر ـ ولا بد ـ سيكون مراعيا لأسباب الدعوة التي ينتمي إليها فظهرت تفاسير موافقة لأصول جماعة التبليغ، وجماعة الإخوان المسلمين، وجماعة النور في تركيا وهكذا ...........
* وهذه الطريقة لها أخطاء لعدة أمور:
أولا: أنها مبنية على رأي مجرد من الأثر بل قد يكون مخالفا للأثر.
ثانيا: أنهم يخضعون نصوص القرآن للواقع فيجعلون الواقع هو الحاكم على القرآن، ويجعلون الآيات تبعا لأحداث وتطورات الواقع.
ثالثا: بعض أصحاب هذه الطريقة يحكم على أمور لم تنجل بعد ويكون مبناها على أمور مستقبلية.
رابعا: تأثر بعضها بعقائد منحرفة تصدع بالعقيدة السلفية.
ومن أمثلة تفاسير هذه المدرسة تفسير المودودي "ترجمان القرآن" وتفسير " في ظلال القرآن " لسيد قطب، وتفسير "الأساس في التفسير" لسعيد حوي وأشباه تلك التفاسير.
* المدرسة الرابعة: تفاسير المعاني للغات الأخرى وهي المسماة (ترجمات القرآن) وهي ترجمات لمعاني القرآن ـ والبعض يقول ترجمة القرآن ـ وهذا غلط لأن القرآن الذي نزل بلسان عربي مبين لا يمكن لأحد أن يترجمه لأي لغة كانت والصواب أنها تراجم لمعاني القرآن.
* المدرسة الخامسة: مدرسة استنت بالمدارس القديمة، وقد اهتمت بجوانب متعددة،
ـ منهم من نظر إلى الأحكام الفقهية: كتفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن فإنّه اعتنى بالفقهيات جدا.
ـ منهم من اعتني باللغويات: كتفسير التحرير والتنوير ((للطّاهر بن عاشور)).
ـ منهم من اعتني بنشر العقيدة الأثرية: كالأضواء وتفسير السعدي.
ـ منهم من اعتني بنشر العقائد الباطلة كتفاسير الرافضة، وتفاسير الإباضية، وتفاسير الخوارج ........ إلى غير ذلك.
فكل التفاسير القديمة جاءتنا من جديد ..
***** وأخيرا:
فينبغي على طالب العلم المهتم بالقرآن إذا أراد أن يراجع تفسيرا من التفاسير، أو أن يجعل في بيته تفسيرا لكتاب الله ـ جلّ وعلا ـ؛ أن يحرص أتمّ الحرص على سؤال أهل العلم عن التفاسير، لئلا يقع في الخطأ من حيث لا يدري.
وبعد ................ ،
فهذا عرض موجز مختصر يمكن أن تعتبره مدخلا لمعرفة مناهج المفسرين.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد ..
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[27 Jun 2010, 01:50 م]ـ
... ملاحظة؛
هذه الأفكار التي طرحها الشيخ ــ حفظه الله تعالي ــ وإن
ظهر في الساحة العلمية ما يخالفها إلا أن ذلك لا يقلل من
أهمية هذه الأفكار، وغير خاف أن العلوم إنما تنقح بالتكرير علي ألسنة العلماء ـــ مع الأيام والليالي ـــ.(/)
من أدلة استحالة حمل بعض الآيات على معناها الظاهر.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 01:50 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد؛ لقد حاول البعض إنكار وجود بعض الآيات القرآنية التي يستحيل تفسيرها بمفهومها الظاهر المتبادر، بل وصنفت في ذلك رسائل تحاول دفع هذه المسلمة التي يعتبر جاحدها عند أهل العلم منكرا لأجلى الحقائق القرآنية، وزاد التعصب بالبعض حتى رمى من يقرر استحالة حمل بعض الآيات على ظاهرها ـ لكونه يؤدي إلى الكفر ـ بأشنع الصفات، وهذا في الحقيقة ناتج عن التعامي عن الحقائق الجلية وعن مجرد الحمية والتعصب للمذهب.
وقد غاب عن هؤلاء الذين ينكرون هذه الحقيقة أن الحمل على المعنى الظاهر الباطل الغير المراد هو الذي يؤدي إلى الكفر والعياذ بالله، والحمل على الظاهر فعل بشري لا يكون إلا من صفات بعض المفسرين للقرآن، وأما المعاني التي دل عليها القرآن وهي المعاني المرادة لله تعالى فيستحيل أن تكون دالة على الكفر والعياذ بالله.
فبالخلط بين هاتين الحقيقتين زاد التعصب من البعض واتهم من قرر استحالة حمل بعض الآيات على الظاهر بتهم منشؤها قلة التأمل في المغايرة بينهما أو التسرع في اتهام الغير وهم جمهرة كبيرة من العلماء.
قد يطول الكلام في هذه المسألة، وبعض الطلبة فيما تنامى إلى علمي يعكف الآن على جمع الآيات القرآنية التي يستحيل حملها على ظاهرها لكونها (أي الظواهر) غير مراد لله تعالى، وذلك لما تفيده من معاني منافية كليا لثواب العقيدة الإسلامية، وأتوقع أن يكون بحثا علميا مهما جدا ولعله يخفض من حدة تعصب البعض ممن يشنعون على القائلين باستحالة بعض المعاني القرآنية الظاهرة في بادئ الأمر.
وسأشير هنا إلى مثال واحد، يبين أن صرف بعض الآيات عن معناها الظاهر المتبادر واجب شرعا، وذلك لأن حملها على ظاهرها يؤدي إلى وصف الله تعالى بالنقائص كالجهل الذي هو من أشنع النقائص.
ففي قوله تعالى في مفتتح سورة العنكبوت آية (3): (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) يؤدي الحمل على الظاهر إلى وصف الله تعالى بعدم العلم (وهو الجهل) لغاية ظهور نتائج الابتلاء والامتحان للعباد، وفي وصف الله تعالى بالجهل في لحظة من اللحظات خروج عن ثواب العقيدة الإسلامية، ولهذا صرف أئمة أهل السنة هذه الآية ومثيلاتها عن معانيها الظاهرة رغم ظهورها وتبادرها أولا إلى الأذهان لأنها بالقطع واليقين غير مرادة لله تعالى لكونها معارضة للقواطع العقلية والنصوص الأخرى الشرعية.
وبعد اتفاق العلماء على صرف الآية عن ظاهرها، تتنوع أجوبتهم وتفسيراتهم، فيحمل ابن عباس رضي الله عنهما مثلا العلم على الرؤية (ابن كثير ج10/ص493) وهذا تأويل بمعنى الصرف عن الظاهر بلا شك لأن العلم يغاير الرؤية، وأما ابن جرير فيحمل الآية على إظهار العلم لأوياء الله تعالى، أي: ليعلمن أولياءُ الله صدق من صدق وكذب من كذب (الجامع ج18/ص357)
وكلام أهل التفسير في هذا المثال وغيره يفيد إجماعهم على وجوب صرف بعض الآيات عن معناها الظاهر إلى معاني أخرى يحتملها الكلام بحسب لغة العرب، إذ هي أقرب إلى مراد الله تعالى إن كانت متعددة، أو عين المراد إن لم يبق إلا معنى واحد بعد الصرف عن الظاهر المحال.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[27 Jun 2010, 04:05 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
وبعد؛ لقد حاول البعض إنكار وجود بعض الآيات القرآنية التي يستحيل تفسيرها بمفهومها الظاهر المتبادر، بل وصنفت في ذلك رسائل تحاول دفع هذه المسلمة التي يعتبر جاحدها عند أهل العلم منكرا لأجلى الحقائق القرآنية، وزاد التعصب بالبعض حتى رمى من يقرر استحالة حمل بعض الآيات على ظاهرها ـ لكونه يؤدي إلى الكفر ـ بأشنع الصفات، وهذا في الحقيقة ناتج عن التعامي عن الحقائق الجلية وعن مجرد الحمية والتعصب للمذهب.
وقد غاب عن هؤلاء الذين ينكرون هذه الحقيقة أن الحمل على المعنى الظاهر الباطل الغير المراد هو الذي يؤدي إلى الكفر والعياذ بالله، والحمل على الظاهر فعل بشري لا يكون إلا من صفات بعض المفسرين للقرآن، وأما المعاني التي دل عليها القرآن وهي المعاني المرادة لله تعالى فيستحيل أن تكون دالة على الكفر والعياذ بالله.
(يُتْبَعُ)
(/)
فبالخلط بين هاتين الحقيقتين زاد التعصب من البعض واتهم من قرر استحالة حمل بعض الآيات على الظاهر بتهم منشؤها قلة التأمل في المغايرة بينهما أو التسرع في اتهام الغير وهم جمهرة كبيرة من العلماء.
قد يطول الكلام في هذه المسألة، وبعض الطلبة فيما تنامى إلى علمي يعكف الآن على جمع الآيات القرآنية التي يستحيل حملها على ظاهرها لكونها (أي الظواهر) غير مراد لله تعالى، وذلك لما تفيده من معاني منافية كليا لثواب العقيدة الإسلامية، وأتوقع أن يكون بحثا علميا مهما جدا ولعله يخفض من حدة تعصب البعض ممن يشنعون على القائلين باستحالة بعض المعاني القرآنية الظاهرة في بادئ الأمر.
وسأشير هنا إلى مثال واحد، يبين أن صرف بعض الآيات عن معناها الظاهر المتبادر واجب شرعا، وذلك لأن حملها على ظاهرها يؤدي إلى وصف الله تعالى بالنقائص كالجهل الذي هو من أشنع النقائص.
ففي قوله تعالى في مفتتح سورة العنكبوت آية (3): (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) يؤدي الحمل على الظاهر إلى وصف الله تعالى بعدم العلم (وهو الجهل) لغاية ظهور نتائج الابتلاء والامتحان للعباد، وفي وصف الله تعالى بالجهل في لحظة من اللحظات خروج عن ثواب العقيدة الإسلامية، ولهذا صرف أئمة أهل السنة هذه الآية ومثيلاتها عن معانيها الظاهرة رغم ظهورها وتبادرها أولا إلى الأذهان لأنها بالقطع واليقين غير مرادة لله تعالى لكونها معارضة للقواطع العقلية والنصوص الأخرى الشرعية.
وبعد اتفاق العلماء على صرف الآية عن ظاهرها، تتنوع أجوبتهم وتفسيراتهم، فيحمل ابن عباس رضي الله عنهما مثلا العلم على الرؤية (ابن كثير ج10/ص493) وهذا تأويل بمعنى الصرف عن الظاهر بلا شك لأن العلم يغاير الرؤية، وأما ابن جرير فيحمل الآية على إظهار العلم لأوياء الله تعالى، أي: ليعلمن أولياءُ الله صدق من صدق وكذب من كذب (الجامع ج18/ص357)
وكلام أهل التفسير في هذا المثال وغيره يفيد إجماعهم على وجوب صرف بعض الآيات عن معناها الظاهر إلى معاني أخرى يحتملها الكلام بحسب لغة العرب، إذ هي أقرب إلى مراد الله تعالى إن كانت متعددة، أو عين المراد إن لم يبق إلا معنى واحد بعد الصرف عن الظاهر المحال.
كيف تصف غيرك بالتعصب لمجرد مخالفتك؟
هل حمل الآية على ظاهرها يخالف شيئا من العقيدة أو الإيمان؟
لا فالعلم المذكور هنا علم الشهادة , وهو معنى قوله عز وجل:"عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ" [الرعد/9]
فالله عالم الغيب الذي يعلم ما كان وماسيكون وما لم يكن أن لوكان كيف يكون. وعالم الشهادة الذي لا يغيب عنه شيء بل هو كما قال "هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" [الحديد/4]
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 04:47 م]ـ
الآية المذكورة في واد، والآيات المستشهد بها في واد.
فـ"عالم" و"يعلم" ليس فيها من حيث الوضع اللغوي الظاهر ما يقتضي الجهل قبل العلم، وأما "ليعلمن" و"ليعلم" وغيرها تفيد بظاهرها ذلك، ولهذا صرفها العلماء عن الظاهر المستحيل كما تقدم النقل عن ابن عباس رضي الله عنهما والإمام ابن جرير وكفى به شهيدا.
وفهم الآية بمعنى أنه تعالى يعلم بالغيب في وقت، وسيعلم الشهادة في وقت آخر، ينافي العقيدة الإسلامية التي من أسسها أن الله تعالى يعلم أزلا في لحظة واحدة ما كان وما يكون وما لم يكن أن لو كان كيف كان يكون، ويستحيل أن يتراخى علمه بالشهادة على علمه بالغيبيات لأن من لوازم ذلك البينة: الجهلُ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
ومن الأدلة الأخرى على استحالة حمل بعض الآيات على ظاهرها قوله تعالى في سورة البقرة: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ)
قال الإمام الطبري: فإن قال لنا قائل: أوَ مَا كان الله عالمًا بمن يتَّبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه إلا بعد اتباع المتّبع وانقلاب المنقلب على عقبيه، حتى قال: ما فعلنا الذي فعلنا من تحويل القبلة إلا لنعلم المتّبعَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم من المنقلب على عقبيه؟
قيل: إن الله جل ثناؤه هو العالم بالأشياء كلها قَبل كونها، وليس قوله: (وما جعلنا القبلةَ التي كنتَ عليها إلا لنعلمَ من يتَّبع الرسول ممن يَنقلب على عَقبيه) بخبر عن أنه لم يعلم ذلك إلا بعد وجُوده.
فإن قال: فما معنى ذلك؟ (جامع البيان، ج2/ص641)
فهذا السؤال الذي أورده الإمام الطبري إنما يرد بفهم الآية فهما ظاهريا؛ إذ حقيقة اللغة العربية تثير هذا السؤال لا محالة؛ إذ ظاهر "لنعلم" في لغة العرب تفيد عدم العلم (الجهل) قبل العلم.
ثم قال الإمام الطبري: قيل له: أما معناه عندنا، فإنه: وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا ليعلم رَسولي وحزبي وأوليائي مَنْ يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، فقال جل ثناؤه: (إلا لنعلم) ومعناه: ليعلمَ رَسولي وأوليائي. إذْ كان رسوله وأولياؤهُ من حزبه، وكان من شَأن العرب إضافة ما فعلته أتباعُ الرئيس إلى الرئيس، ومَا فعل بهم إليه، نحو قولهم: " فتح عُمر بن الخطاب سَوادَ العراق، وجَبى خَرَاجها "، وإنما فعل ذلك أصحابه، عن سببٍ كان منه في ذلك. وكالذي رُوي في نظيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يقول الله جل ثناؤه: مَرضْتُ فلم يَعدني عَبدي، واستقرضته فلم يقرضني، وشتمني ولم يَنبغِ له أن يُشتمني. (جامع البيان، ج2/ص641، 642)
فهذا أيضا دليل واضح وبرهان ساطع على أن الصرف عن الظاهر في بعض الآيات واجب شرعا، وأما وجوه الصرف فتتنوع بحسب الاحتمالات الصحيحة، ولم يقل الإمام الطبري أن: "لنعلم" يتعلق بعلم الشهادة لأن هذا اعتراف بأن الله تعالى يجهل في الأزل ما سيقع في عالم الشهادة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 04:53 م]ـ
ومن الآيات التي يستحيل حملها على ظاهرها لأنه يفيد نسبة الجهل إلى الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا: قوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ) [محمد: 31]
قال الإمام الطبري: يقول: حتى يعلم حزبي وأوليائي أهل الجهاد في الله منكم وأهل الصبر على قتال أعدائه فيظهر ذلك لهم، ويُعرَف ذوو البصائر منكم في دينه من ذوي الشك والحيرة فيه، وأهلُ الإيمان من أهل النفاق. (جامع البيان، ج21/ص224)
فانظر كيف أول إمام المفسرين وبقية السلف الصالحين قوله تعالى (حَتَّى نَعْلَمَ) بمعنى (حتى يعلم حزبي وأوليائي) ولولا أن الحمل على الظاهر يفيد نسبة الجهل إلى الله تعالى لما عدل الإمام عنه، ولم يقل الإمام الطبري ولا غيره من المفسرين المعتبرين أن قوله تعالى (حَتَّى نَعْلَمَ) يعني حتى نعلم علم شهادة؛ لأن هذا إقرار بنسبة الجهل إلى الله تعالى أزلا بما يكون في عالم الشهادة أو عالم الحس الخارجي.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 04:59 م]ـ
ومن الأدلة على استحالة حمل بعض الآيات على ظاهرها الذي يقتضيه الوضع اللغوي لأنه يفيد نسبة الجهل إلى الله تعالى عن ذلك علوا كبير: قوله تعالى: (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ) [التوبة: 16]
قال الإمام الطبري رضي الله عنه: يقول: ولما يتبين لعبادي المؤمنين المجاهدُ منكم في سبيلي على ما أمرته به. (ج6/ص91)
فصرف الإمام الطبري هذه الآية عن ظاهرها من الأدلة والبراهين الجلية على استحالة حمل بعض الآيات على ظاهرها لأنه يتضمن نسبة النقص إلى الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا، فأول الإمام الطبري قوله تعالى (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ) إلى قوله: "ولما يتبين لعبادي المؤمنين"، ولم يقل ولا غيره أن معنى الآية: ولما يعلم الله علم الشهادة لأن هذا إقرار واعتراف بأن الله تعالى لم يكن يعلم علم الشهادة، وهو يتضمن نسبة الجهل إلى الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[27 Jun 2010, 05:07 م]ـ
الأخ الفاضل نزار حمادي شكر الله لك
والعلم أخذ ورد
المسألة هو هل ما ذكرته كمثال صحيح أو لا؟
والجواب يتوقف على معرفة المراد بالظاهر
وأسهل تعريف للظاهر المراد هنا: هو المعنى المتبادر إلى الذهن عند سماع النص.
وبناء على هذا التعريف تعال ننظر إلى الآية التي سقتها وهي قوله تعالى:
(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) العنكبوت (3)
أن أريد أن تسأل أي مسلم عربي يسمع كلام الله ويفهم اللغة العربية
ما الذي تفهمه من هذه الآية؟
هل تفهم منها أن الله لا يعلم من سيصدق ومن سيكذب؟
لا أعتقد أنك ستجد من سيقول لك نعم من بسطاء الناس " أهل العقائد المعروفة في المسألة غير مقصودين"
إن الذين نزل فيهم القرآن من الكفار والمنافقين أهل اللسان لا يتبادر إلى أذهانهم هذا المعنى على الإطلاق، ولو كان هذا متبادر إلى الذهن لأحتجوا به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنهم مع كفرهم فهموا المقصود.
إن هذا الأسلوب يستخدمه الناس في حياتهم مع الفارق بين الخالق والمخلوق ولكنه مثال لتقريب المسألة إلى الذهن:
رجل يكلف أولاده بمهمة ثم يقول لأولاده فلان سيقوم بالمهمة والآخر لن يقوم بها فيعترض الذي حكم عليه الأب بعدم القدرة ويقول بلى أنا أقدر، فيقول الأب سنرى من الذي يقدر ومن الذي لا يقدر.
فالأب على يقين من قدرات أولاده وعملهم يصدق ذلك اليقين ويظهره.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 05:09 م]ـ
وقال الإمام النحوي أبو حيان في تفسير قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ):
وظاهر قوله: (لنعلم) ابتداء العلم، وليس المعنى على الظاهر؛ إذ يستحيل حدوث علم الله تعالى، فأُوِّلَ على حذف مضاف، أي: ليعلم رسولنا والمؤمنون، وأسند علمهم إلى ذاته لأنهم خواصه وأهل الزلفى. اهـ
فهذا دليل آخر على استحالة حمل بعض الآيات على ظاهرها.
وقال الشيخ محيي الدين شيخ زاده في حاشيته على تفسير البيضاوي: قوله (لنعلم) يوهم أن العلم بذلك الشيء لم يكن حاصلا قبل الجعل، فباشر جعله ليحصل له ذلك، وهذا يقتضي أن يكون علمه تعالى بالأشياء مسبوقا بالجهل وحادثا بحدوث الجعل، تعالى شأنه عن ذلك علوا كبيرا، فإنه تعالى يعلم في الأزل والأبد ماهيات الأشياء وحقائقها، وكذلك يعلم جميع الجزئيات التي لا نهاية لها على سبيل التفصيل قبل حدوثها ودخولها في الوجود، لا كما قال هشام ابن الحكم رئيس الرافضة أنه تعالى كان في الأزل عالما بحقائق الأشياء وماهياتها فقط وأما حدوث تلك الماهيات ودخولها في الوجود فهو تعالى لا يعلمها إلا عند وقوعها. (ج2/ص355)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 05:15 م]ـ
الأخ الكريم أبا سعد
لتكون على يقين بجواب سؤالك عليك باستقراء كل مسلم عربي وطرح السؤال عليه.
لكن النتيجة واضحة لأن العلماء كالإمام الطبري وغيره افترضوا أنهم سمعوا جوابا فاسدا مفاده نفي العلم عن الله تعالى، ولذلك أجابوا في تفاسيرهم.
وأما حكمك على الكفار بأن نسبة الجهل إلى الله تعالى لا تتبادر إلى أذهانهم على الإطلاق فتزكية لهم يشهد بضدها القرآن العظيم الذي اتهمهم بنسبة الجهل إلى الله تعالى في غير ما آية إما صريحا وإما تضمنا. (وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ)
ولو ثبت أنهم نزهوا الله تعالى عن الجهل ولم يعترضوا بناء على بعض الآيات التي يفيد ظاهرها ذلك فقد حصل المطلوب إثباته وهو أنهم صرفوا بعض الآيات عن ظاهرها.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 05:57 م]ـ
أخي الفاضل نزار ..
أرجو أن نتريث في فهم كلام الأئمة قبل أن نبني عليها منهاج للاستدلال.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[27 Jun 2010, 06:20 م]ـ
الأخ الحبيب/ نزار حفظك الله
بالنِّسبةِ إلى علم الله تعالى المُطلقِ الذي لا يليقُ بغيرهِ لا يمكِنُ لمن عرفَ القرآنَ أن يتردَّد في إثباتهِ بسبب ظواهر هذه الآياتِ أو غيرها , ولذا فإنَّ الله تعالى أكَّدَ أنَّ امتحانهُ للخلائقِ وابتلاءهُ لهم - ليعلمَ ما يكونُ منهم بعد ذلك - لا يفيدهُ علماً جديداً وهذا قولٌ جامعٌ في البابِ أعني قولهُ تعالى (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) فأولُ الآيةِ وآخرُها يؤكِّدان ذلك تماماً ويُغنِيانِ عن تكلُّفِ الجوابِ عن الآياتِ الأخرى , وقد ذكر الشيخُ الشنقيطي في أضواء البيانِ أنَّ العلمَ المُرادَ في هذه الآياتِ التي استدللتَ بها وغيرها هو العلمُ الذي يترتب عليه الثوابُ والعقابُ.
وهذا الجوابُ أوثقُ صلةً منها بقواعد التفسير من الأجوبة الأخرى التي تفضَّلتُم بنقلها , لخلُوِّهِ من ادِّعاء الحذفِ في الآيةِ والزِّيادة على نصِّها في المعنى , والله تعالى أعلمُ
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 06:36 م]ـ
أعتقد أن البعض لم يفهم بعد أن ما قام به الإمام الطبري وقبله ابن عباس رضي الله عنهما ليس بتكلف، وإنما هو الموقف الواجب تجاه بعض الآيات التي يفيد ظاهرها بحسب الوضع اللغوي العربي ما لا يليق بالله سبحانه وتعالى، وتفسير الآية التي ذكرها الأخ الشنقيطي لم يكن من استنباط صاحب الأضواء بل هو مقلد فيه، البيضاوي وأبي السعود وغيرهما، ومرادهما إثبات التعلق التنجيزي الحادث المطابق للتعلق التنجيزي القديم، فهي وجهة من التأويل والصرف عن الظاهر لأن الله تعالى يعلم أزلا ما يترتب عليه الثواب والعقاب، ويعلم أزلا علما تفصيليا أصحاب والجنة وأصحاب النار، وإلا فلو قيل بأن الله تعالى لا يعلم أزلا من المثاب ومن المعاقب فقد ثبت له الجهل تعالى عن جميع صفات النقص التي أشنعها الجهل.
وقد سبق أن ذكر بعض المشاركين ما مفاده أن الله تعالى يتجدد له علم الشهادة، وهذا ينطوي على سلب العلم بالشهادة عن الله تعالى أزلا، ولمثل هذا ردّ العلماء على من يتوهم تجدد العلم لله سبحانه وتعالى، وأولوا الآيات التي يتمسك بها أصحاب القول بحدوث العلم لله تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
قال الإمام الطبري في تفسير قوله تعالى في سورة المائدة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ)
كي يعلم أهلُ طاعة الله ـ والإيمان به والمنتهون إلى حدوده وأمره ونهيه ـ مَنْ الذي يخاف الله. (الجامع، ج8/ص672)
ثم قال: تأويل الكلام: ليعلم أولياءُ الله من يخاف الله. (الجامع، ج8/ص672)
وفي تحقيق التركي ضبط خاطئ لكلمة "أهل" وكلمة "أولياء: حيث ضبط آخرهما بالنصب، وهذا يأباه تأويل الإمام الطبري لا سيما في كل موطن يوهم ظاهره نسبة الجهل إلى الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
وهذا دليل آخر على وجوب صرف بعض الآيات عن ظاهرها الذي يفيد نسبة الجهل إلى الله تعالى في وقت من الأوقات، وهذا الأمر قد يتوهمه بعض الناس لا سيما من يقول بأن الله تعالى يعلم أزلا الغيب وسيعلم فيما لا يزال الشهادة، أو مثل هذا من الفهوم الخاطئة.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[27 Jun 2010, 06:48 م]ـ
الأخ الكريم أبا سعد
لتكون على يقين بجواب سؤالك عليك باستقراء كل مسلم عربي وطرح السؤال عليه.
لكن النتيجة واضحة لأن العلماء كالإمام الطبري وغيره افترضوا أنهم سمعوا جوابا فاسدا مفاده نفي العلم عن الله تعالى، ولذلك أجابوا في تفاسيرهم.
.
أخانا الفاضل نزار حمادي وفقه الله
لسنا بحاجة إلى استقراء
لأنا وجدنا عامة الناس على تفاوت أفهامهم ومداركهم وتحصيلهم العلمي لم نجد أحدا توقف عند مثل هذه الآيات وهم يتلون آيات الله ويسمعونها أناء الليل والنهار.
وأما ما تكلم به المفسرون فإنما هو جواب على احتمال نادر لا لأنهم سمعوا.
والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 07:09 م]ـ
أرجو أن يكون كلامك علميا أخي أبا سعد.
فقولك: "لسنا بحاجة إلى الاستقراء" مردود، ثم قولك التالي لا يصح إلا بالاستقراء فهو نقض لقولك الأول.
ـــــــــــــــــــ
ومن الأدلة القطعية على وجوب صرف بعض الآيات عن ظاهرها الذي لا يليق بالله تعالى قول الإمام الطبري في تفسير قوله تعالى في سورة الكهف: (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدً):
يقول: ثم بعثنا هؤلاء الفتية الذي أووا إلى الكهف بعد ما ضربنا على آذانهم فيه سنين عددا من رقدتهم لنظر عبادي فيعلموا بالبحث ... إلخ (الجامع، ج15/ص176)
وهذا تأويل آخر من الإمام الطبري وصرف للآية عن ظاهرها الذي يفيد بحسب الوضع اللغوي أن الله تعالى يفعل الفعل ليحدث له علم لم يكن ثابتا له، فتقرر من هذا مرة أخرى أن وجوب الصرف عن الظاهر في مثل هذه الآيات واجب قطعا، أما وجهة الصرف فتتنوع بحسب تعدد الاحتمالات الصحيحة.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[27 Jun 2010, 07:18 م]ـ
ومن الأدلة القطعية على وجوب صرف الآيات التي لايليق ظاهرها بالله تعالى قول الإمام الطبري في تفسير قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ [سبأ: 21]: يقول تعالى ذكره: وما كان لإبليس على هؤلاء القوم الذين وصف ـ جل ثناؤه ـ صفتَهم من حجة يضلهم بها إلا بتسليطنا عليهم ليعلم حزبُنا وأولياؤُنا من يؤمن بالآخرة. (الجامع، ج19/ص271)
وقد أسقط التركي النص الصحيح في الهامش وأثبت الخطأ، ويعلم ذلك من وقف على مذهب الإمام الطبري في مثل هذه الآيات التي يفيد ظاهرها بحسب الوضع اللغوي نسبة الجهل إلى الله تعالى كما نقلت بعض تأويلاته.
وهذا دليل آخر على وجوب صرف بعض الآيات عن ظواهرها، والباقي أكثر.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[27 Jun 2010, 07:35 م]ـ
أرجو أن يكون كلامك علميا أخي أبا سعد.
فقولك: "لسنا بحاجة إلى الاستقراء" مردود، ثم قولك التالي لا يصح إلا بالاستقراء فهو نقض لقولك الأول.
أرجو أن كلامي علمي أخي الكريم
لا يا أخي الكريم ليس هناك تناقض أبدا، الحاجة إلى الاستقراء عندما لا يكون هناك دليل على المسألة.
وأنا أسألك أنت: هل خطر ببالك يوما هذا المعنى الذي ترى أنت أنه ظاهر الآيات حين تسمعها؟
ثم إن كل الأمثلة أخي الكريم التي أوردتها تدور حول مسألة علم الله تعالى وكان يكفينا مثالا واحدا.
شكر الله جهدك
ـ[أبو تيماء]ــــــــ[27 Jun 2010, 08:51 م]ـ
أخي في الله نزار حمادي
بغض البصر عمّا توصّلت إليه في هذه المسألة ..
إلاّ أن الآيات التي مثّلت بها لا تحتاج إلى ذلك الصرف عن الظاهر المتبادر إليك
وما استلزمته مما يتوهمه البعض ليس بلازم
ومرجع ذلك إلى تفسيرك (عدم العلم) بالجهل المطلق!
فقد يتعلّق الأمر بالرؤية كما نقلته عن ابن عباس رضي الله عنه
وعبّر عنه الأخ والأستاذ الفاضل مجدي أبو عيشة بعلم الشهادة
والذي لم يظهر لك المراد به .. !! وإن كان ظاهراً بالفطرة التي فطر الله الناس عليها
فهو سبحانه كان يعلم ذلك قبل وقوعه وبعد وقوعه لا نختلف في ذلك
ولكن اقتضى عدله وحمده تعالى أنه لا يجزي العباد بمجرد علمه فيهم بل بمعلومه إذا وجد وتحقق
وبذلك يفسر ما شابهها من الآيات كقوله تعالى:
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ
وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ}
{وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلاّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ}
وقوله: {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ}
{وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ}
فيعلم الله ذلك واقعا (1) ..
والفتنة بذلك هي التي أظهرته وأخرجته إلى الوجود فحينئذ حسن وقوع الجزاء عليه ..
وفيما ذكر الأساتذة الأفاضل: محمود الشنقيطي وأبو سعد الغامدي .. بركة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) " قوله تعالى في الآية: (((أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ))) [(142) سورة آل عمران] هنا يرد سؤال مفاده أن الله -عز وجل- يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون ولا يخفى عليه خافيه, فما المراد بالعلم في هذه الآية؟
الجواب: أي يعلم ذلك واقعاً منكم, فالله -عز وجل- يعلم ما سيكون ولكن علمه -سبحانه وتعالى- لا يحاسِب عليه حتى يقع مقتضى هذا العلم من المكلفين, فيكون المراد بالعلم هنا هو العلم الذي يترتب عليه الجزاء, أي أن يكون ذلك واقعاً منكم, وهذه قاعدة في القرآن، فكل آية يضاف فيها العلم إلى الله -عز وجل- بمثل هذا فالمراد به العلم الذي يترتب عليه الجزاء, وهذا له أمثلة في القرآن منها قوله تعالى: (((وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ))) [(31) سورة محمد] وأمثال هذا كثير وكله يراد به هذا المعنى " ا. ه
د. خالد السبت، التعليق على المصباح المنير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عطاء الله الأزهري]ــــــــ[27 Jun 2010, 09:17 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أفهم من كلام الأخ نزار حمادي أن المراد باظاهر هو المعنى الحقيقي للأية فهو يقول باستحالة حمل بعض الأيات
على المعنى الحقيقي _ حسب فهمي المتواضع _ بينما تعريف الأخ أبو سعد الغامدي للظاهر ليس فيه إشارة
إلى أنه هو المعنى الحقيقي!
فكلام الأخ أبو سعد الغامدي يوحي بأنه ربما يتبادر للذهن المعنى المجازي للأية فور سماعها!
فنرجوا توضيح المقصود من الأخوين الكريمين.
وفقكم الله لفهم كتابه الكريم فهما صحيحا يرضى ربنا جل وعلا.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[28 Jun 2010, 09:24 ص]ـ
علم الشهادة هو أن يرى الله ويسمع الله ,وهو متعلق بالفعل. فالله يعلم الغيب أي ما يغيب عن الناس والشهادة وهو ما يشاهدونه. وعلمه للشهادة لا يعني أنه لم يكن عالما بما سيحدث أو يحدث في علمه شيء. فكل شيء يحدث يعلمه الله علم غيب قبل أن يكون ,ولذلك فسرها بعض المفسرين "ليرى" أما التناقض مع العقيدة فأظن أنك تقولها لمجرد أن القول لا يتوافق مع هواك وإلا لقبلت كلام الطبري بالإستواء والعلو. وكلام الطبري بأن يظهر الله ذلك للناس وجه صحيح.
{لِيَعْلَمَ الله مَن يَخَافُهُ بالغيب} أي ليتميز الخائفُ من عقابه الأخروي وهو غائبٌ مترقبٌ لقوة إيمانه، فلا يتعرض للصيد، ممن لا يخافه كذلك لضعف إيمانه فيُقدم عليه، وإنما عبر عنْ ذلك بعلم الله تعالى اللازم له إيذاناً بمدار الجزاءِ ثواباً وعقاباً فإنه أدْخَلُ في حملهم على الخوف، وقيل: المعنى ليتعلق علمه تعالى بمن يخافه بالفعل، فإن علمه تعالى بأنه سيخافه وإن كان متعلقاً به قبل خوفه لكنّ تعلُّقَه بأنه خائف بالفعل وهو الذي يدور عليه أمرُ الجزاء إنما يكون عند تحقق الخوف بالفعل، وقيل: هناك مضاف محذوف، والتقدير ليعلم أولياءَ الله، وقرىء (ليُعلِمَ) من الإعلام على حذف المفعول الأول أي ليُعْلِمَ الله عباده الخ، والعلمُ على القراءتين متعدَ إلى واحد، وإظهار الاسم الجليل في موقع الإضمار لتربية المهابة وإدخال الروعة {فَمَنِ اعتدى بَعْدَ ذلك} أي بعد بيان أنّ ما وقع ابتلاءٌ من جهته تعالى لِما ذُكر من الحِكمة لا بعد تحريمِه أو النهي عنه كما قاله بعضهم
تفسير أبي السعود - (ج 2 / ص 290)
{لِيَعْلَمَ الله} علم ظهور
تفسير الجلالين - (ج 2 / ص 262)
هل ما ذكر ينافي العقيدة؟
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[28 Jun 2010, 10:28 ص]ـ
تفسير العلم بالرؤية عدول عن الظاهر لأن العلم من حيث هو علم حقيقة مغايرة لحقيقة الرؤية.
وتفسير العلم عند أبي السعود وغيره من العلماء بالتمييز هو أيضا عدول عن الظاهر عند من يفهم كلام العلماء، وأيضا مسألة علم الظهور وتجدد التعلق الحاصل أصلا في الأزل هو عدول عن الظاهر المفيد بحسب الوضع اللغوي حدوث علم لم يكن، وتجدد التعلق لا محذور فيه عند أمثال أبي السعود والبيضاوي وغيرهما ممن يقول بتجدد تعلقات الصفات لأنها لا تزيد الباري علما جديدا؛ فكما أن تجدد تعلق القدرة ليس فيه حدوث قدرة لله تعالى، فكذلك تجدد تعلق العلم، وقس على ذلك.
فالحاصل أن العدول عن الظاهر المستحيل المفيد بحسب وضعه اللغوي حدوث علم لله تعالى لم يكن، والملزوم لسبق الجهل: واجب لمن تأمل فقط في كلام الإمام الطبري، وكلام أبي السعود وغيره دليل أيضا على ذلك، وكلام أهل السنة كالذي ذكرتُ ينافي كلام القائلين من الإسلاميين بحدوث العلم لله تعالى بعد أن لم يكن كهشام ابن الحكم الرافضي والكرامية وأبي الحسين البصري المعتزلي وغيرهم.
والأمثلة على وجوب صرف بعض الآيات عن معناها الظاهر المفيد لأمور مستحيلة في حق الله تعالى بحسب الوضع اللغوي كثيرة، وسيأتي ذكر بعضها تفصيلا إن شاء الله تعالى ..
وقول من قال: (فأظن أنك تقولها لمجرد أن القول لا يتوافق مع هواك)
يرده قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث "
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[28 Jun 2010, 04:01 م]ـ
الأخ الكريم نزار
لا أعلم كيف يُقبل أن عبارة (ليعلم الله) تعني (ليعلم أولياء الله). ولا تقل لي قاله فلان، لأنني قبل هذا الفهم كنت أفهم الأيات المماثلة من غير إشكال، أما بعد كلام الطبري فقد أصبح الأمر ملتبساً.
يرجع الإشكال في مسائل القضاء والقدر إلى عجز العقل البشري عن إدراك الصفات اللامحدودة للخالق، فعالم اللانهائيات فوق قدرة البشر على الإدراك والتصور.
الله تعالى يعلم الأشياء وهي في عالم القضاء - قبل وجودها - ويعلمها عند وجودها بعد أن أصبحت قدراً. والعلم بالشيء عند الوجود لا يعني أن الله يجهله قبل الوجود، ولا يعني أن العلم يتجدد، لأن الشيء قبل وجوده هو مجرد معلوم الوجود مسبقاً ومعلوم أنه معدوم الوجود، وعند وجوده هو معلوم أيضا ولكنه معلوم أنه موجود. وهذا لا يعني تجدد العلم وإنما تجدد الحال (من عدم إلى وجود).
فهناك فرق بين علم أنني سأوجد وعلم أنني موجود. فالله تعالى يعلم ما سيصدر منك ويعلم ما يصدر منك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الصالح الناصر]ــــــــ[28 Jun 2010, 10:56 م]ـ
يعد التأويل أحد المسالك التي يسلكها العلماء عند تفسيرهم لبعض النصوص التي يفيد ظاهرها معنى مشكلاً
ولا مشكلة في التأويل إذا كان منضبطاً ولم يُتخذ وسيلة لسلب النصوص من معانيها الحقيقية التي أرادها الشارع
وما ذكره أخي الكريم نزار يُعد منضبطا في نظري ولا أرى غضاضة في طرحه
وهناك نصوص أخرى لا أحد يخالف في وجوب تأويلها وصرفها عن ظاهرها وهي أكثر وضوحا مما ذكره أخي نزار ومن هذه النصوص:
قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} فقوله: {في ظلل} يستحيل حملها على ظاهرها قطعا.
ومثل قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم} وغيرها من الآيات
والخلاصة أن التأويل بمعنى صرف اللفظ عن ظاهره لا إشكال فيه إذا كان منضبطاً ودعت إليه الحاجة، والله تعالى أعلم.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 Jun 2010, 11:05 م]ـ
وهناك نصوص أخرى لا أحد يخالف في وجوب تأويلها وصرفها عن ظاهرها وهي أكثر وضوحا مما ذكره أخي نزار ومن هذه النصوص:
قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة} فقوله: {في ظلل} يستحيل حملها على ظاهرها قطعا.
ومثل قوله تعالى: {يد الله فوق أيديهم} وغيرها من الآيات
والخلاصة أن التأويل بمعنى صرف اللفظ عن ظاهره لا إشكال فيه إذا كان منضبطاً ودعت إليه الحاجة، والله تعالى أعلم.
ما المانع من الحمل على الظاهر
؟
ـ[خالد الصالح الناصر]ــــــــ[28 Jun 2010, 11:18 م]ـ
ما المانع من الحمل على الظاهر
؟
المانع أخي بارك الله فيك أن الظاهر يُفيد معنى يستحيل في حق الله تعالى فتأمل
ولعلي أسألك: بموجب وضع اللغة والمعنى الظاهر من النص ماذا تفيد (في) الظرفية في قوله تعالى: (في ظلل من الغمام)؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 Jun 2010, 11:20 م]ـ
المانع أخي بارك الله فيك أن الظاهر يُفيد معنى يستحيل في حق الله تعالى فتأمل
ما هو المعنى الظاهر المحذور بارك الله فيك؟
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[28 Jun 2010, 11:24 م]ـ
في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح: 10]
قال الطبري: فيه وجهان من التأويل:
ـ أحدهما: يد الله فوق أيديهم عند البيعة لأنهم كانوا يبايعون الله ببيعتهم نبيه صل1
ـ والآخر: قوة الله فوق قوتهم في نصرة رسوله صل1 لأنهم إنما بايعوا رسول الله صل1 على نصرته على العدو. (جامع البيان ج21/ص254)
وهذا صرف عن الظاهر.
قال ابن كثير: أي هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم وظواهرهم فهو تعالى هو المبايع بواسطة رسوله صل1. (ج7/ص312)
وهذا صرف عن الظاهر
ونقل الإمام البغوي في معالم التنزيل عن ابن عباس: يد الله بالوفاء بما وعدهم من الخير فوق أيديهم. وعن الكلبي: نعمة الله عليهم في الهداية فوق ما صنعوا من البيعة. (معامل التنزيل، ج7/ص300)
وهذا صرف عن الظاهر
وراجع اللباب لابن عادل الحنبلي (ج17/ص488) ففيه فوائد
وحتى السعدي قال: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} أي: كأنهم بايعوا الله وصافحوه بتلك المبايعة، وكل هذا لزيادة التأكيد والتقوية، وحملهم على الوفاء بها، ولهذا قال: {فَمَنْ نَكَثَ} فلم يف بما عاهد الله عليه {فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} أي: لأن وبال ذلك راجع إليه، وعقوبته واصلة له. اهـ
وكله صرف عن الظاهر المنافي أصلا للسياق
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[28 Jun 2010, 11:48 م]ـ
السؤال هنا كي يتضح المراد وخلاصة القول: هل خاطبنا الله بما لو اعتقدنا ظاهره ضللنا؟ وأقصد بالظاهر هنا ما يظهر لمن يفهم لسان العرب ,لا لم استعجم لسانه , وهنا طورة القول بالتأويل في باب الصفات. ابن جرير وأبن كثير يثبتون الصفة في غير هذه الآيات كاليد على منهج السلف مثل أئمة الحديث , بينما من خالفهم قال إثبات الصفة تشبيها متابعا للجهمية كما قال الترمذي في حديث أخذ الصدقة:
(يُتْبَعُ)
(/)
"قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا يُشْبِهُ هَذَا مِنْ الرِّوَايَاتِ مِنْ الصِّفَاتِ وَنُزُولِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالُوا قَدْ تَثْبُتُ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا وَيُؤْمَنُ بِهَا وَلَا يُتَوَهَّمُ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَمِرُّوهَا بِلَا كَيْفٍ وَهَكَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَأَنْكَرَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَقَالُوا هَذَا تَشْبِيهٌ وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابهِ الْيَدَ وَالسَّمْعَ وَالْبَصَرَ فَتَأَوَّلَتْ الْجَهْمِيَّةُ هَذِهِ الْآيَاتِ فَفَسَّرُوهَا عَلَى غَيْرِ مَا فَسَّرَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ آدَمَ بِيَدِهِ وَقَالُوا إِنَّ مَعْنَى الْيَدِ هَاهُنَا الْقُوَّةُ و قَالَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِنَّمَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ إِذَا قَالَ يَدٌ كَيَدٍ أَوْ مِثْلُ يَدٍ أَوْ سَمْعٌ كَسَمْعٍ أَوْ مِثْلُ سَمْعٍ فَإِذَا قَالَ سَمْعٌ كَسَمْعٍ أَوْ مِثْلُ سَمْعٍ فَهَذَا التَّشْبِيهُ وَأَمَّا إِذَا قَالَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَدٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ وَلَا يَقُولُ كَيْفَ وَلَا يَقُولُ مِثْلُ سَمْعٍ وَلَا كَسَمْعٍ فَهَذَا لَا يَكُونُ تَشْبِيهًا وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابهِ
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} "سنن الترمذي - (ج 3 / ص 71)
وحقيقة لو سألت هؤلاء هل لله يد؟ لقالوا بالنفي وإذا سألتهم لماذا نفيتم؟ قالوا خوفا من التشبيه , والغريب لو سألتهم عن الآية لقالوا لك كناية!!! والكناية والاستعارة تستخدم في المحسنات كادوات تشبيه أصلا.
والغريب أنه لو كان القران بمثل فهمهم وكان من يخالفهم ضال لأصبح القرآن ليس إلا لمن تعلم مذهبهم هداية.
فالفارق أن ابن جرير أثبت اليد في أيات أخرى فقال مثلا في قوله عز وجل: {لِمَا خَلَقْت بِيَدَيَّ} يَقُول: لِخَلْقِ يَدِي ; يُخْبِر تَعَالَى ذِكْره بِذَلِكَ أَنَّهُ خَلَقَ آدَم بِيَدَيْهِ , كَمَا: 23102 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ: ثنا شُعْبَة , قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْد المكتب , قَالَ: سَمِعْت مُجَاهِدًا يُحَدِّث عَنْ اِبْن عُمَر , قَالَ: خَلَقَ اللَّه أَرْبَعَة بِيَدِهِ: الْعَرْش , وَعَدْن , وَالْقَلَم , وَآدَم , ثُمَّ قَالَ لِكُلِّ شَيْء كُنْ فَكَانَ "
وانتم تنفون الصفة أصلا. والفارق أن نفاة الصفات جعلوا الاستعارة من المخلوق للخالق وهذا عين التشبيه.
المقصود بالظاهر هو الظاهر من أسلوب العرب وكلامهم.
ـ[خالد الصالح الناصر]ــــــــ[29 Jun 2010, 12:26 ص]ـ
ما هو المعنى الظاهر المحذور بارك الله فيك؟
ظاهر الآية: أن الظلل محيطة بالله تعالى لقوله: (في) التي هي للظرفية بموجب وضع اللغة، والله تعالى يستحيل أن يُحيط به شيء من مخلوقاته تعالى وتقدس سبحانه.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jun 2010, 04:45 ص]ـ
ظاهر الآية: أن الظلل محيطة بالله تعالى لقوله: (في) التي هي للظرفية بموجب وضع اللغة، والله تعالى يستحيل أن يُحيط به شيء من مخلوقاته تعالى وتقدس سبحانه.
كل الذين فروا من التشبيه وقعوا في هذا الخطأ
وهو أنهم حملوا صفات الله على صفات المخلوقين في أذهانهم فلم يجدوا مفرا إلا نفي الصفة
ولو أنهم استحضروا قول الله
" ليس كمثله شيء"
لما وقعوا في هذه الورطة
فظاهر قول الله تعالى
"هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ" البقرة (210)
ليس ما ذكرت إذا علمنا أن الله ليس كمثله شيء وأن الله بكل شيء محيط.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jun 2010, 05:08 ص]ـ
في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) [الفتح: 10]
قال الطبري: فيه وجهان من التأويل:
ـ أحدهما: يد الله فوق أيديهم عند البيعة لأنهم كانوا يبايعون الله ببيعتهم نبيه صل1
ـ والآخر: قوة الله فوق قوتهم في نصرة رسوله صل1 لأنهم إنما بايعوا رسول الله صل1 على نصرته على العدو. (جامع البيان ج21/ص254)
وهذا صرف عن الظاهر.
قال ابن كثير: أي هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم وظواهرهم فهو تعالى هو المبايع بواسطة رسوله صل1. (ج7/ص312)
وهذا صرف عن الظاهر
ما هو الظاهر؟
الذي أفهمه من كلامك أنك تصورت أيدي المبايعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تصورت يد الله مشابهة ليد المبايعين وهي فوق أيديهم وهذا ليس هو الظاهر المفهوم من الآية على الإطلاق.
بل ما ذكره المفسرون هو الظاهر المتبادر إلى الذهن وهو لا ينفي صفة اليد عن الله تعالى لأن الله تعالى لا يصف نفسه بما لا يليق به، فلو كانت صفة اليد لله تعالى لا تليق به لنزه نفسه عنها ولما أعجزته عبارة أخرى ليبين بها المراد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[29 Jun 2010, 07:23 ص]ـ
ظاهر الآية: أن الظلل محيطة بالله تعالى لقوله: (في) التي هي للظرفية بموجب وضع اللغة، والله تعالى يستحيل أن يُحيط به شيء من مخلوقاته تعالى وتقدس سبحانه.
أخي خالد هي مثل هذه الآية: "قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى" [طه/71]
ـ[خلوصي]ــــــــ[29 Jun 2010, 07:58 ص]ـ
لو كان هذا الحوار في منتدى آخر لرأيتم الهرج و المرج!
و لرأيتم التباغض يحلق الدين .. دين الغيورين!
بارك الله فيكم أجمعين.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[29 Jun 2010, 08:39 ص]ـ
مع شكري للأخ خلوصي - خصوصاً - وللإخوة عموماً إلا أن هذا النقاشَ نقاشٌ معاد مكرور يدور حول نفس النقاش الذي دار قبل أيام حول (هل في القرآن مجاز؟)، وأتمنى ألا يتكرر نفس النقاش بعد أيام تحت عنوان جديد.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[29 Jun 2010, 10:48 ص]ـ
ليس القصد الكلام عن الحقيقة والمجاز
ولا القصد الكلام عن الصفات
ولكن القصد إبراز أن أئمة التفسير كابن جرير وغيره صرفوا بعض الآيات عن ظاهرها المفيد بحسب وضعه اللغوي معنى مستحيلا على الله تعالى، وبصرف النظر عن كيفية دفع الظاهر المحال، وهذا واضح إلى حد الآن وضوح الشمس لمن تأمل.
بقي أن بعض الإخوة يورد بعض المغالطات كنسبة التشبيه لمن دفع عن الله تعالى ما يوهم التشبيه، ويكفي الرد عليه ببيان أن الله تعالى لما قال: (ليس كمثله شيء) لم يشبه نفسه بكل الأشياء قبل أن ينزه ذاته العلية، كذلك العلماء لما نزهوا الله تعالى عن مماثلة ومشابهة غيره لم يمثلوه أو يشبهوه بغيره قبل ذلك، وإذا لزم من تنزيه العلماء لذات الله تعالى سبق التشبيه في أذهانهم، لزم سبق تشبيه الله تعالى لنفسه قبل تنزيهها، وهذا باطل، فذلك باطل، فأرجو من الأخوة التأمل قبل إلقاء الكلام.
وأيضا إذا ثبت الدليل من القرآن العظيم تلاشى تحسين العقول الناقصة وتقبيحها، فقد ثبت أن الله تعالى يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وقد ضرب في القرآن من الأمثلة ما نص على أنه يضل به سبحانه كثيرا ويهدي به كثيرا، ولا شك أن كثيرا من الناس قد ضل بسبب فهم خاطئ لبعض الآيات القرآنية، وإلا فجميع الفرق الإسلامية الزائغة تستمد عقائدها من ظواهر الآيات القرآنية، لكن ضلالها جاء من حملها الآيات تارة على ظواهرها المحالة كالتي نبين هنا أن صرفها عن الظاهر المفيد بحسب وضعه اللغوي معنى محالا واجب، وتارة على معاني تناقض الظاهر الصحيح وتتعداه بلا موجب. فورود القرآن ببعض الظواهر الغير المرادة لله والتي يضل من تمسك بها أمر لا يشك فيه طالب فضلا عن عالم، وإلا فآية آل عمران تنص على ذلك نصا.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[29 Jun 2010, 11:06 ص]ـ
ومن الآيات الدالة على وجوب صرف بعض الظواهر التي تفيد بحسب وضعها اللغوي معنى مستحيلا على الله تعالى، الآيات الواردة بإحاطة الله تعالى بخلقه، فإن الإحاطة لغة مستعملة في إحاطة المحسوس بالمحسوس، كإحاطة سور المدينة بها، وكإحاطة الصندوق بما فيه، فهذا معنى الإحاطة لغة بحسب ما يُفهِمُه الوضع العربي، وهذا حقيقته المتداولة، وقد ورد في القرآن قوله تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) وغيرها من الآيات الدالة على الإحاطة الحسية من جميع الجهات.
ولما كان حمل إحاطة الله تعالى بخلقه على هذا المعنى الظاهر الحسي مستحيلا، إذ يؤدي إلى معاني باطلة لا حصر لها، وجب صرف الآيات الواردة بذلك عن هذا الظاهر المستحيل، ولذا ورد في صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن سورة البقرة باب قال مجاهد: محيط بالكافرين: الله جامعهم. اهـ فصرف الإحاطة عن ظاهرا المستحيل واختار تفسير الإحاطة بالجمع مع أنه الجمع ليس حقيقة الإحاطة.
وقال الإمام الطبري: وكان مجاهد يتأول ذلك بأنه تعالى جامعهم في جهنم. (انظر جامع البيان ج1/ص378) وظاهر أن معنى يتأول هنا يصرف الآية عن ظاهرها المستحيل.
ونقل الطبري في نفس الصفحة عن ابن عباس أن الله منزل ذلك بهم من النقمة. اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا أيضا من الحبر رضي الله عنه صرف للآية عن ظاهرها كليا، وذلك لأن الظاهر يفيد بحسب وضعه اللغوي معنى مستحيلا؛ مثل جعل الله تعالى جسما محيطا بالمخلوقات من كل الجهات بحيث يصير محيطا بهم إحاطة الصندوق بها فيه.
وقال ابن كثير في تفسير سورة البقرة: (والله محيط بالكافرين) محيط بهم بقدرته وهم تحت مشيئته وإرادته. اهـ
وهذا أيضا صرف عن الظاهر المستحيل، وتأويل للإحاطة الحسية بالإحاطة المعنوية بالقدرة والإرادة.
وفي قوله تعالى: ژ ? ? ? ہ ہ ہ ہھ ھ ھ ھ ے ے ? ژالنساء: 126
قال الطبري في تفسيره: يقول: ولم يزل الله محصيا لكل ما هو فاعله عباده من خير وشر، عالما بذلك، لا يخفى عليه شيء منه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة. (جامع البيان، ج7/ص530)
وقال ابن كثير: أي: علمه نافذ في جميع ذلك، لا تخفى عليه خافية من عباده، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا اصغر من ذلك ولا أكبر ولا تخفى عليه الذرة لما تراءى للناظر وما توارى. (ج4/ص296)
وفي قوله تعالى: ژ ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ژفصلت: 54
قال الطبري: يقول تعالى ذكره: الا إن الله بكل شيء مما خلق محيط علما بجميعه وقدرة عليه، لا يعزب عنه علم شيء منه أراده فيفوته، ولكنه المقتدر عليه، العالم بمكانه. (ج20/ص463)
قال ابن كثير: ثم قال تعالى مقررا على أنه على كل شيء قدير وبكل شيء محيط وإقامة الساعة لديه يسير سهل عليه تبارك وتعالى: (الا إنه بكل شيء محيط) أي المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته وتحت طي علمه، وهو المتصرف فيها كلها بحكمه، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. (ج12/ص251)
فكل هذا صرف للإحاطة عن ظاهرها المستحيل، وتأويل لها تارة بالجمع وتارة بالإحاطة بالقدرة وتارة بالإحاطة بالعلم وغير ذلك، والقاسم المشترك بين جميع هذه التأويلات هو الإجماع على الصرف عن الظاهر المحال للإحاطة، ولو كانت الإحاطة الحسية جائزة على الله تعالى لما أجمع المفسرون على صرفها عن ظاهرها، فثبت المراد وهو أن صرف بعض الآيات عن ظواهرها المستحيلة واجب شرعا لأن حملها على ذلك الظاهر ينافي ثوابت العقيدة الإسلامية.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jun 2010, 11:25 ص]ـ
بقي أن بعض الإخوة يورد بعض المغالطات كنسبة التشبيه لمن دفع عن الله تعالى ما يوهم التشبيه، ويكفي الرد عليه ببيان أن الله تعالى لما قال: (ليس كمثله شيء) لم يشبه نفسه بكل الأشياء قبل أن ينزه ذاته العلية، كذلك العلماء لما نزهوا الله تعالى عن مماثلة ومشابهة غيره لم يمثلوه أو يشبهوه بغيره قبل ذلك، وإذا لزم من تنزيه العلماء لذات الله تعالى سبق التشبيه في أذهانهم، لزم سبق تشبيه الله تعالى لنفسه قبل تنزيهها، وهذا باطل، فذلك باطل، فأرجو من الأخوة التأمل قبل إلقاء الكلام.
.
حبيبنا نزار
ربما أخذنا عليك نفس المأخذ
فنرى المغالطة في كلامك أعلاه ولا أزعم أنك تقصد المغالطة بل أنزهك عنها
فأنا لم أنسب التشبيه لأحد وإنما قلت إن الذي دفعك إلى التأويل هو تصورك للظاهر بتلك الطريقة التي لا شك أنها تفيد فهم التشبيه ولهذا تريد دفعه.
أما قولك إن الله لم يشبه نفسه بكل الأشياء قبل أن ينزه ذاته العلية
فأقول نعم الله لم يشبه نفسه ولكن ليدفع عنا المعاني الباطلة التي ربما تسللت إلى أذهاننا ليست مرادة من النص وليست هي ظاهره.
فالمقدمات والنتائج التي سقتها أخي الكريم لا أرى أنها صحيحة.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jun 2010, 11:39 ص]ـ
وأيضا إذا ثبت الدليل من القرآن العظيم تلاشى تحسين العقول الناقصة وتقبيحها، فقد ثبت أن الله تعالى يضل من يشاء ويهدي من يشاء، وقد ضرب في القرآن من الأمثلة ما نص على أنه يضل به سبحانه كثيرا ويهدي به كثيرا، ولا شك أن كثيرا من الناس قد ضل بسبب فهم خاطئ لبعض الآيات القرآنية، وإلا فجميع الفرق الإسلامية الزائغة تستمد عقائدها من ظواهر الآيات القرآنية، لكن ضلالها جاء من حملها الآيات تارة على ظواهرها المحالة كالتي نبين هنا أن صرفها عن الظاهر المفيد بحسب وضعه اللغوي معنى محالا واجب، وتارة على معاني تناقض الظاهر الصحيح وتتعداه بلا موجب. فورود القرآن ببعض الظواهر الغير المرادة لله والتي يضل من تمسك بها أمر لا يشك فيه طالب فضلا عن عالم، وإلا فآية آل عمران تنص على ذلك نصا.
وهذا أمر يحتاج إلى تدقيق أخانا نزار
(يُتْبَعُ)
(/)
فالفرق الزائغة لم تزغ لأن ظاهر القرآن دفعها إلى الزيغ وإنما لأنها زعمت للقرآن ظاهرا غير ظاهره لتبرير زيغها
وأما كون الله يضل بالقرآن كثيرا ويهدي به كثيرا، فانظر إلى سبب الضلال أيضا " وما يضل به إلا الفاسقين"
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jun 2010, 11:48 ص]ـ
ومن الآيات الدالة على وجوب صرف بعض الظواهر التي تفيد بحسب وضعها اللغوي معنى مستحيلا على الله تعالى، الآيات الواردة بإحاطة الله تعالى بخلقه، فإن الإحاطة لغة مستعملة في إحاطة المحسوس بالمحسوس، كإحاطة سور المدينة بها، وكإحاطة الصندوق بما فيه، فهذا معنى الإحاطة لغة بحسب ما يُفهِمُه الوضع العربي، وهذا حقيقته المتداولة، وقد ورد في القرآن قوله تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا) وغيرها من الآيات الدالة على الإحاطة الحسية من جميع الجهات.
ولما كان حمل إحاطة الله تعالى بخلقه على هذا المعنى الظاهر الحسي مستحيلا، إذ يؤدي إلى معاني باطلة لا حصر لها، وجب صرف الآيات الواردة بذلك عن هذا الظاهر المستحيل، ولذا ورد في صحيح البخاري، كتاب تفسير القرآن سورة البقرة باب قال مجاهد: محيط بالكافرين: الله جامعهم. اهـ فصرف الإحاطة عن ظاهرا المستحيل واختار تفسير الإحاطة بالجمع مع أنه الجمع ليس حقيقة الإحاطة.
وقال الإمام الطبري: وكان مجاهد يتأول ذلك بأنه تعالى جامعهم في جهنم. (انظر جامع البيان ج1/ص378) وظاهر أن معنى يتأول هنا يصرف الآية عن ظاهرها المستحيل.
ونقل الطبري في نفس الصفحة عن ابن عباس أن الله منزل ذلك بهم من النقمة. اهـ
وهذا أيضا من الحبر رضي الله عنه صرف للآية عن ظاهرها كليا، وذلك لأن الظاهر يفيد بحسب وضعه اللغوي معنى مستحيلا؛ مثل جعل الله تعالى جسما محيطا بالمخلوقات من كل الجهات بحيث يصير محيطا بهم إحاطة الصندوق بها فيه.
وقال ابن كثير في تفسير سورة البقرة: (والله محيط بالكافرين) محيط بهم بقدرته وهم تحت مشيئته وإرادته. اهـ
وهذا أيضا صرف عن الظاهر المستحيل، وتأويل للإحاطة الحسية بالإحاطة المعنوية بالقدرة والإرادة.
وفي قوله تعالى: ژ ? ? ? ہ ہ ہ ہھ ھ ھ ھ ے ے ? ژالنساء: 126
قال الطبري في تفسيره: يقول: ولم يزل الله محصيا لكل ما هو فاعله عباده من خير وشر، عالما بذلك، لا يخفى عليه شيء منه، ولا يعزب عنه مثقال ذرة. (جامع البيان، ج7/ص530)
وقال ابن كثير: أي: علمه نافذ في جميع ذلك، لا تخفى عليه خافية من عباده، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا اصغر من ذلك ولا أكبر ولا تخفى عليه الذرة لما تراءى للناظر وما توارى. (ج4/ص296)
وفي قوله تعالى: ژ ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ژفصلت: 54
قال الطبري: يقول تعالى ذكره: الا إن الله بكل شيء مما خلق محيط علما بجميعه وقدرة عليه، لا يعزب عنه علم شيء منه أراده فيفوته، ولكنه المقتدر عليه، العالم بمكانه. (ج20/ص463)
قال ابن كثير: ثم قال تعالى مقررا على أنه على كل شيء قدير وبكل شيء محيط وإقامة الساعة لديه يسير سهل عليه تبارك وتعالى: (الا إنه بكل شيء محيط) أي المخلوقات كلها تحت قهره وفي قبضته وتحت طي علمه، وهو المتصرف فيها كلها بحكمه، فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. (ج12/ص251)
فكل هذا صرف للإحاطة عن ظاهرها المستحيل، وتأويل لها تارة بالجمع وتارة بالإحاطة بالقدرة وتارة بالإحاطة بالعلم وغير ذلك، والقاسم المشترك بين جميع هذه التأويلات هو الإجماع على الصرف عن الظاهر المحال للإحاطة، ولو كانت الإحاطة الحسية جائزة على الله تعالى لما أجمع المفسرون على صرفها عن ظاهرها، فثبت المراد وهو أن صرف بعض الآيات عن ظواهرها المستحيلة واجب شرعا لأن حملها على ذلك الظاهر ينافي ثوابت العقيدة الإسلامية.
هذا كله سببه الخلط بين صفات الخالق وصفات المخلوق
إذا علمنا إن الله "ليس كمثله شيء" علمنا أن إحاطة الله بكل شيء لا تشبه إحاطة المخلوق بالمخلوق.
فلا حاجة أن نقول إن ظاهر القرآن يدل على معاني مستحيلة وباطلة ولا نحتاج إلى أن ننفي عن الله ما أثبته لنفسه من أنه بكل شيء محيط.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[29 Jun 2010, 11:48 ص]ـ
أخي أبا سعد .. حاول أن لا تكتب لمجرد الكتابة.
ولو سلم لك أحد أن العلماء يفرضون تشبيه الله بخلقه قبل تنزيهه عن ذلك التشبيه فلا محذور في ذلك لأنهم يخلصون بالأخير إلى التنزيه عن ذلك التشبيه.
ولكي تفهم أكثر فالله تعالى في غير ما آية يفرض أمورا لا تليق بذاته ثم ينزه ذاته العلية عنها، وقد فرض الله وجود إله غيره، فهل ستقول أن الله أشرك بذاته قبل أن ينزهها عن الشريك ..
كذلك العلماء لم يشبهوا الله تعالى قبل تنزيهه لأنهم يقتدون بالقرآن العظيم فيفرضون أمورا على الله تعالى ثم يبينون استحالتها ويحكمون بتنزيه الله تعالى عنها، وحاشاهم من التشبيه.
أرجو أن تفهم لأني فهمتك بما لا مزيد عليه ...
وعلى كل حال أدعوك لقراءة ما نقلته عن أئمة التفسير بدقة، ثم اسأل نفسك: لماذا صرفوا بعض الآيات عن ظاهرها؟
والأمثلة غير محصورة فيما نقلته، بل سأذكر أكثر من ذلك إن شاء الله، ومن المكابرة القول بأن جميع ظواهر القرآن (أي ما تحتمله بحسب الوضع اللغوي) معناها صحيح مراد.
ثم أليس الأولى أن تتهم نفسك بالخلط قبل اتهام ابن عباس ومجاهد والطبري وابن كثير وغيرهم؟؟
أخي الكريم أنت مع احترامي لك لا تحسن كتابة كثير من الجمل بلا لحن فاحش، فكيف تتهم أمثال هؤلاء بالخلط؟؟؟
أسأل الله تعالى أن يبصرني وإياك وجميع المشاركين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[29 Jun 2010, 12:37 م]ـ
الأخ نزار لا يوجد فرقة ضلت عن الصراط إلا بالصد عن القران وتحكيم الفهم على النص وليس جعل الفهم تابعا للنص , وكل الفرق الباطنية الذين هم أبعد الناس عن الحق ضلوا بصرف الآيات عن معانيها الظاهرة.وقد بين عز وجل أن القران كتاب هداية لا كتاب ضلال وأن آياته بينات واضحات , وهذا جل كتاب الله , وإنما زاغ من زاغ بصرف المعنى الصحيح الى معناً موهوم لشبهة في نفسه. وإذا أردت اسرد لك بعض تفسير أهل الزيغ لترى أن ذلك هو السبب.
والفارق بين ما تتفضل به وبما يقوله من يقول أن الكلام على ظاهره أمر واحد:هم يقولون هذه أساليب العرب وكلامهم, فما تراه ليس ظاهرا ,هو على عكس ذلك عندهم, لأن العرب تقول ذلك. أما موضوع الصفات والمجاز فأنت من استخدم آيات الصفات لذلك , وكان بإمكانك أن تستخدم الكثير من الآيات التي تتكلم عن نفس الموضوع كقوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [المجادلة/12]
إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ [فصلت/14]
وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ [يوسف/82]
لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الحديد/29]
إذا كان الظاهر أن للنجوى يدين وأن الرسل تأتي بين جوارح "يديهم" الناس وخلفهم وأنهم طلبوا من أبيبهم أن يسأل القرية التي هي أراض ومبان والعير التي هي بهائم , وأن هذا القران نزل كي لا يعلم أهل الكتاب. فاعلم أنا لا نأخذ هذا المعنى أبدا , وإنما نقول القران كتاب هداية بلسان عربي مبين واضح فصيح.
وأريد أن أعطيك كلام عمار بن ياسررض2:" وَ وَاللَّهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ابْتَلَاكُمْ لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ" صحيح البخاري - (ج 21 / ص 498)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jun 2010, 01:06 م]ـ
أخي أبا سعد .. حاول أن لا تكتب لمجرد الكتابة.
ولو سلم لك أحد أن العلماء يفرضون تشبيه الله بخلقه قبل تنزيهه عن ذلك التشبيه فلا محذور في ذلك لأنهم يخلصون بالأخير إلى التنزيه عن ذلك التشبيه.
ولكي تفهم أكثر فالله تعالى في غير ما آية يفرض أمورا لا تليق بذاته ثم ينزه ذاته العلية عنها، وقد فرض الله وجود إله غيره، فهل ستقول أن الله أشرك بذاته قبل أن ينزهها عن الشريك ..
كذلك العلماء لم يشبهوا الله تعالى قبل تنزيهه لأنهم يقتدون بالقرآن العظيم فيفرضون أمورا على الله تعالى ثم يبينون استحالتها ويحكمون بتنزيه الله تعالى عنها، وحاشاهم من التشبيه.
أرجو أن تفهم لأني فهمتك بما لا مزيد عليه ...
وعلى كل حال أدعوك لقراءة ما نقلته عن أئمة التفسير بدقة، ثم اسأل نفسك: لماذا صرفوا بعض الآيات عن ظاهرها؟
والأمثلة غير محصورة فيما نقلته، بل سأذكر أكثر من ذلك إن شاء الله، ومن المكابرة القول بأن جميع ظواهر القرآن (أي ما تحتمله بحسب الوضع اللغوي) معناها صحيح مراد.
ثم أليس الأولى أن تتهم نفسك بالخلط قبل اتهام ابن عباس ومجاهد والطبري وابن كثير وغيرهم؟؟
أخي الكريم أنت مع احترامي لك لا تحسن كتابة كثير من الجمل بلا لحن فاحش، فكيف تتهم أمثال هؤلاء بالخلط؟؟؟
أسأل الله تعالى أن يبصرني وإياك وجميع المشاركين.
*الكتابة لمجرد الكتابة تهمة غير مقبولة.
* العلماء لم يفرضوا تشبيها وإنما حملوا بعض النصوص على بعض معانيها والدليل أنهم لم يتعرضوا للمعاني الباطلة في كلامهم لا من قريب ولا من بعيد.
* أما عبارتك التالية:
"ولكي تفهم أكثر فالله تعالى في غير ما آية يفرض أمورا لا تليق بذاته ثم ينزه ذاته العلية عنها، وقد فرض الله وجود إله غيره، فهل ستقول أن الله أشرك بذاته قبل أن ينزهها عن الشريك .. "
أتركها لمن يفهم علاقتها بالموضوع.
* أما العلماء فأكرر أنا لم أقل إنهم يشبهون ثم ينزهون ولكن أنت فهمت هذا من كلامي.
* بالنسبة لكلام العلماء قرأته بدقة وأنا لم أرى في كلامهم صرفا للكلام عن ظاهره " وهذه نقطة الخلاف بيني وبينك".
* أما المكابرة فأرجو الله أن لا يجعلنا من أهلها، ولكنها فهوم مختلفة ومدارسة ربما أثمرت خيرا وأرجو أن تكون كذلك.
* أما الخلط فلا أنزه نفسي عنه وأسأل الله أن يغفر لي،وأما بن عباس رضي الله عنهما ومجاهد والطبري وبن كثير فلم أتهم أحد منهم بالخلط.
* أما قولك: إني لا أحسن كتابة كثير من الجمل بلا لحن فاحش. فأقول ما خفي عنك أعظم وأسأل الله أن يسترنا بستره.
محبك
أبو سعد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الصالح الناصر]ــــــــ[29 Jun 2010, 04:19 م]ـ
كل الذين فروا من التشبيه وقعوا في هذا الخطأ
وهو أنهم حملوا صفات الله على صفات المخلوقين في أذهانهم فلم يجدوا مفرا إلا نفي الصفة
ولو أنهم استحضروا قول الله
" ليس كمثله شيء"
لما وقعوا في هذه الورطة
فظاهر قول الله تعالى
"هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ" البقرة (210)
ليس ما ذكرت إذا علمنا أن الله ليس كمثله شيء وأن الله بكل شيء محيط.
بارك الله فيك أخي أبا سعد
لكني أراك تحاول إيصاد باب التأويل جملة وتفصيلاً فرارا من تأويل الصفات
وإني حينما أثمن لك هذا التوجه فإنه لا يعني أبداً أنك تسير على طريق صحيح ذلكم أن التأويل قال به أئمة كبار أنت ممن تعظمهم وتنتسب لمدرستهم وتصدر عن أقوالهم ولا أظنه يخفاك هذا الشيء
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[30 Jun 2010, 08:26 ص]ـ
بارك الله فيك أخي أبا سعد
لكني أراك تحاول إيصاد باب التأويل جملة وتفصيلاً فرارا من تأويل الصفات
وإني حينما أثمن لك هذا التوجه فإنه لا يعني أبداً أنك تسير على طريق صحيح ذلكم أن التأويل قال به أئمة كبار أنت ممن تعظمهم وتنتسب لمدرستهم وتصدر عن أقوالهم ولا أظنه يخفاك هذا الشيء
بالعكس أخي خالد الايمان المطلق بما قاله الله عز وجل وعدم دخول شبهة لا يؤدي الى ضلال بل هو الطريق الصواب , وإنما ينحرف عن الطريق الصحيح ,من جعل فهمه حاكما على القران , فما يراه تشبيها ينفيه , وما لا يراه كذلك قد يثبته, وخلاصة القول الذي ينفي أن يكون في القران مجاز أنهم قالوا هذه أساليب يستخدمها العرب في كلامهم , فإذا نطقوا بها علم السامع لهم ما يقصدون دون تكلف , بينما يرى من يثبت المجاز أن هذه أساليب استخدمها العرب في كلامهم (كالقول الأول) ولكنهم استخدموا في كلامهم تلك المحسنات البديعية , ولكن من يستخدم ذلك لنفي الصفات للخالق عز وجل أتى بقول ثالث مختلف عن الثاني وهو أن الله خاطب الناس بحسب عقولهم ما يستطيعون فهمه, ومع هذا فهو ليس حقيقة , وخطورة هذا القول هو جعل القران كتاب لا يهتدي به إلا طائفة محددة ومحصورة , وأن باقي الناس يضلون بإعتقاد ما يفهمون من القران.
دخلت في نقاش مع أحد الروافض فقال لي أنتم تجسمون الله عز وجل ,فقلت له ما رأيك أن نختصر الأمر بسؤال؟ ما هو حكم من إعتقد أن الله خلق آدم بيديه عز وجل وهو موقن أن الله لا يشبه الخلق ولا الخلق يشبهون ربهم؟ ودار بعد ذلك حديث طويل , الذي اريد أن الفت النظر اليه هو أن المجاز يكون معه نوع من المدح والذم , وأصل استخدامه عند العرب من صور بديعية أصلها التشبيه والتمثيل , فكيف يهرب من التشبيه للتشبيه الذي ليس له إلا صورة واحدة وهي لا تليق بوصف الله عز وجل؟
وهنا أرغب ممن يثبت المجاز في الصفات أن يدخل هذا الربط في موضوع قديم قد كتبته ولا أستغني عن تعليق الإخوة الكرام وخصوصا من ينكر الصفات:
http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18834
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 Jun 2010, 09:25 ص]ـ
بارك الله فيك أخي أبا سعد
لكني أراك تحاول إيصاد باب التأويل جملة وتفصيلاً فرارا من تأويل الصفات
وإني حينما أثمن لك هذا التوجه فإنه لا يعني أبداً أنك تسير على طريق صحيح ذلكم أن التأويل قال به أئمة كبار أنت ممن تعظمهم وتنتسب لمدرستهم وتصدر عن أقوالهم ولا أظنه يخفاك هذا الشيء
وفيك بارك أخي الكريم
ما تراه تأويلا أخي الفاضل لا أراه أنا كذلك وبخاصة الآية التي أوردتها أنت آية سورة البقرة " في ظلل من الغمام .. "
وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه
ـ[خالد الصالح الناصر]ــــــــ[30 Jun 2010, 04:37 م]ـ
في تفسير الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال ما نصه:
((قوله تعالى: {في ظلل من الغمام}؛ {في} معناها «مع»؛ يعني يأتي مصاحباً لهذه الظلل؛ وإنما أخرجناها عن الأصل الذي هو الظرفية؛ لأنا لو أخذناها على أنها للظرفية صارت هذه الظلل محيطة بالله عزّ وجلّ؛ والله أعظم، وأجلّ من أن يحيط به شيء من مخلوقاته؛ ونظير ذلك أن نقول: جاء فلان في الجماعة الفلانية أي معهم -؛ وإن كان هذا التنظير ليس من كل وجه؛ لأن فلاناً يمكن أن تحيط به الجماعة؛ ولكن الله لا يمكن أن يحيط به الظلل)). انتهى كلامه رحمه الله.
وكما ترى فهذا تأويل ظاهر من الشيخ رحمه الله مما يؤكد بأن التأويل منهج صحيح لا غضاضة فيه إذا كان منضبطا، والقول بنفيه جملة وتفصيلا قول مجانب للصواب بل لم يعمل به أحد من الأئمة الكبار. والله تعالى أعلم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 Jun 2010, 04:59 م]ـ
سؤالي أخي الفاضل هل ذهب أحد ممن يعرف الإسلام والعربية حين يسمع الآية إلى أن معناها أن الله يأتي تحيط به ظلل من الغمام كما يحيط الحرس بالملك وهو في وسطهم؟
الشيخ رحمه الله لم يتكلم لأن الناس فهموا ذالك وإنما تكلم من ناحية علمية لدفع التوهم أو البيان أو الاستطراد العلمي.
ولو أن هذه الأمور كانت تخطر على النفس لو جدنا كما هائلا من الأسئلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه، ولكننا لم نجد فدل على أن هذه المعاني لم تكن لتخطر لهم على بال.
فلا حاجة إلى التأويل
ثم إنه لا ينعدم تصور المعاني الباطلة إذا قلنا إن "في" بمعنى"مع" ثم بعدها نذهب في سلسلة من التأويلات التي لا تنتهي.
وعليه نقول إن الله تعالى
يأتي في ظلل من الغمام
الكيفية
هو يعلمها وحده تعالى
" ليس كمثله شيء"
وبهذا نستريح من التكلفات التي لا داعي لها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الصالح الناصر]ــــــــ[30 Jun 2010, 05:23 م]ـ
العلماء يتكلمون لدفع التوهمات الباطلة التي قد تنشأ عند بعض الناس جراء تعاطيهم لبعض نصوص الشريعة
ولو تُرك الناس وفهومهم لحدثت طوام كبرى ومعتقدات فاسدة وانحراف في السلوك
فماذا لو تُرك العامي وقوله تعالى في قاتل النفس عمدا (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيه)
لو سألت عاميا لأجابك في الحال أن القاتل عمدا مخلد في النار
هذا يؤكد لنا بأن ظواهر النصوص تحتاج إلى تفسير دقيق وبعضها يحتاج إلى تأويل حتى لا يُفهم منها معنى باطلا من قبل بعض طلبة العلم أو العامة من الناس
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Jul 2010, 12:11 ص]ـ
العلماء يتكلمون لدفع التوهمات الباطلة التي قد تنشأ عند بعض الناس جراء تعاطيهم لبعض نصوص الشريعة
ولو تُرك الناس وفهومهم لحدثت طوام كبرى ومعتقدات فاسدة وانحراف في السلوك
فماذا لو تُرك العامي وقوله تعالى في قاتل النفس عمدا (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيه)
لو سألت عاميا لأجابك في الحال أن القاتل عمدا مخلد في النار
هذا يؤكد لنا بأن ظواهر النصوص تحتاج إلى تفسير دقيق وبعضها يحتاج إلى تأويل حتى لا يُفهم منها معنى باطلا من قبل بعض طلبة العلم أو العامة من الناس
أخي الفاضل والله ما حصل الخلاف وظهرت الأقوال الباطلة إلا من بطون الكتب
وأما عامة الناس فقد فهموا القرآن كما فهمه الصحابة رضي الله عنهم وتعبدوا لله به
فلما ظهر التنظير والتشقيق بدعوى العلم ظهرت الانحرافات
أما مثالك الذي قدمته فلوقال العامي إن القاتل عمدا مخلد في النار فما يضيره هذا الكلام لو اعتقده
وإذا سأله الله قال يارب قلت بما أخبرتنا.
وربما أنك تعلم كلام أهل العلم في هذه الآية واختلافهم فيها فهي من الآيات التي أشكلت كثيرا على أهل العلم.
وعليه لو سئل العامي ما هو حكم القاتل العمد في الآخرة فأجاب:
جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا.
فهل تستطيع أن تقول كذبت؟
ولو سألته سؤالا آخر وقلت له: ألا يمكن أن يغفر الله له؟
فقال لك:
" إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا" سورة النساء (48)
ولو سألته سؤالا آخر فقلت:
لو أقتص منه في الدنيا؟
فقال لك الله يقول:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ " (178)
ثم سألته هل سيعافب في الآخرة؟
فقال لك
قال صلى الله عليه وسلم:
"بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ" رواه البخاري
ولو سألته هل سيذهب حق المجني عليه؟
فقال لك:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ"
ولو سألته سؤالاً آخر وقلت له: لو لم يقتص منه و تاب قبل موته هل تقبل توبته؟
فقال لك:
(يُتْبَعُ)
(/)
"وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) " الفرقان
فهل ستنكر من كلامه شئيا؟
لا أظنك.
وهل كان يحتاج إلى تأويلات وكلام فلان وفلان؟
أم أنه قد كفاه القرآن والسنة مباشرة؟
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[01 Jul 2010, 11:33 ص]ـ
أخي الفاضل والله ما حصل الخلاف وظهرت الأقوال الباطلة إلا من بطون الكتب
وأما عامة الناس فقد فهموا القرآن كما فهمه الصحابة رضي الله عنهم وتعبدوا لله به
فلما ظهر التنظير والتشقيق بدعوى العلم ظهرت الانحرافات
في الحقيقة لا اعرف ما الذي يدفع الإنسان المسلم إلى مثل هذا الحلف الحانث؟؟
كيف تقسم بالله على أن عامة الناس (وأكثرهم لم يشم للعلم رائحة) فهموا القرآن كما فهمه الصحابة؟؟
أهو حط من قدر الصحابة رضي الله عنهم إلى أسفل المراتب العلمية التي عليها جمهور عامة الناس، أم هو رفع للعامة إلى مراتب الصحابة الذين تصدروا أعلى مراتب العرفان بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟؟
وهل جزاء جهود العلماء الذين حفظ الله بهم فهم الدين فهما صافيا نقيا عن شبهات وتلبيسات كثير من الفرق التي نشأت أصلا من الرعاع وعوام الناس، أن يلقى هكذا ويتهم بأنه تشقيقات وتنظيرات لا قيمة لها بل ضررها أكثر من نفعها، مع القسم بأن الاقوال الباطلة لم تظهر إلا منها؟؟
لا ألومك كثيرا يا أبا سعد فإنك تصدر من فكر يستحل تسفيه جهود العلماء وتحقير شأنهم حالا وإن لم تقل ذلك مقالا صريحا، بل ما ضر الدين إلا الذين يزعمون أنهم في غنى عن جهود العلماء وأن فهم القرآن والسنة متاح لكل أحد وإن كان من الرعاع وعوام الناس الذين ليس لهم أدنى حظ ولو في سلامة اللسان من اللحن الفاحش، ويكفي أن يلقي بآية أو حديث يحملها على مجرد فهمه حتى يزعم أنه متبع للكتاب والسنة، وما أكثر أمثال هؤلاء في زماننا.
هذا، والقصد نصيحتك وأمثالك .. فإنكم لن تغيروا من حقائق العلم شيئا، فالعلماء الأبرار الأخيار كالطبري وابن كثير وغيرهما لما دفعوا جملة من ظواهر القرآن التي توهم ما لا يليق بالله سبحانه وتعالى لم يكونوا عابثين، بل كانوا مؤسسين للرد على من يدعي أنه في غنى عن العلم ليفهم القرآن والسنة، وأنه يكفي أن يكون عاميا لينال مراتب الصحابة رضوان الله عليهم ..
فكفر عن يمينك يا أبا سعد .. واستغفر الله تعالى، واحفظ لسانك خير لك، وفكر جيدا قبل الكتابة .. والله الهادي إلى الصراط المستقيم.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Jul 2010, 11:54 ص]ـ
في الحقيقة لا اعرف ما الذي يدفع الإنسان المسلم إلى مثل هذا الحلف الحانث؟؟
كيف تقسم بالله على أن عامة الناس (وأكثرهم لم يشم للعلم رائحة) فهموا القرآن كما فهمه الصحابة؟؟
أهو حط من قدر الصحابة رضي الله عنهم إلى أسفل المراتب العلمية التي عليها جمهور عامة الناس، أم هو رفع للعامة إلى مراتب الصحابة الذين تصدروا أعلى مراتب العرفان بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟؟
وهل جزاء جهود العلماء الذين حفظ الله بهم فهم الدين فهما صافيا نقيا عن شبهات وتلبيسات كثير من الفرق التي نشأت أصلا من الرعاع وعوام الناس، أن يلقى هكذا ويتهم بأنه تشقيقات وتنظيرات لا قيمة لها بل ضررها أكثر من نفعها.
لا ألومك كثيرا يا أبا سعد فإنك تصدر من فكر يستحل تسفيه جهود العلماء وتحقير شأنهم حالا وإن لم تقل ذلك مقالا صريحا، بل ما ضر الدين إلا الذين يزعمون أنهم في غنى عن جهود العلماء وأن فهم القرآن والسنة متاح لكل أحد وإن كان من الرعاع وعوام الناس الذين ليس لهم أدنى حظ ولو في سلامة اللسان من اللحن الفاحش، ويكفي أن يلقي بآية أو حديث يحملها على مجرد فهمه حتى يزعم أنه متبع للكتاب والسنة، وما أكثر أمثال هؤلاء في زماننا.
هذا، والقصد نصيحتك وأمثالك .. فإنكم لن تغيروا من حقائق العلم شيئا، فالعلماء الأبرار الأخيار كالطبري وابن كثير وغيرهما لما دفعوا جملة من ظواهر القرآن التي توهم ما لا يليق بالله سبحانه وتعالى لم يكونوا عابثين، بل كانوا مؤسسين للرد على من يدعي أنه في غنى عن العلم ليفهم القرآن والسنة، وأنه يكفي أن يكون عاميا لينال مراتب الصحابة رضوان الله عليهم ..
فكفر عن يمينك يا أبا سعد .. واستغفر الله تعالى، واحفظ لسانك خير لك، وفكر جيدا قبل الكتابة .. والله الهادي إلى الصراط المستقيم.
الأخ الفاضل نزار
عندما ينظر عدة أشخاص إلى منظر ما ثم يخرج كل واحد منهم بوصف مختلف عن الآخر حينها تسأل:
لماذا اختلفوا والمنظر واحد؟
والجواب:
ربما لأن كل واحد منهم نظر من زاوية مختلفة.
وربما لأن كل واحد وصف المنظر من خلال المشاهدات التي جذبته.
وربما بسبب قصور بعضهم في إدراك حقائق المنظر.
وأظنك أخي الكريم نظرت إلى كلامي من زواية شوشت عليك الرؤية فخرجت بهذه الأحكام الجائرة في حق أخيك.
ولي وقفة أخرى إن شاء الله تعالى لأبين لك
تقبل شكري على نصائحك الطيبة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Jul 2010, 01:10 م]ـ
في الحقيقة لا اعرف ما الذي يدفع الإنسان المسلم إلى مثل هذا الحلف الحانث؟؟
قل هاتوا برهانكم.
كيف تقسم بالله على أن عامة الناس (وأكثرهم لم يشم للعلم رائحة) فهموا القرآن كما فهمه الصحابة؟؟
أين أقسمت على ما تقول؟
هذا هو قسمي:
"أخي الفاضل والله ما حصل الخلاف وظهرت الأقوال الباطلة إلا من بطون الكتب"
فلماذا تقولني ما لم أقل؟
أهو حط من قدر الصحابة رضي الله عنهم إلى أسفل المراتب العلمية التي عليها جمهور عامة الناس، أم هو رفع للعامة إلى مراتب الصحابة الذين تصدروا أعلى مراتب العرفان بعد النبي صلى الله عليه وسلم؟؟
لم أحط من قدر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
ولم أرفع العامة إلى مراتب الصحابة
وإنما قلت إن بينهم قدر مشترك "في الغالب" وهو الفهم الفطري للغة القرآن.
وهل جزاء جهود العلماء الذين حفظ الله بهم فهم الدين فهما صافيا نقيا عن شبهات وتلبيسات كثير من الفرق التي نشأت أصلا من الرعاع وعوام الناس، أن يلقى هكذا ويتهم بأنه تشقيقات وتنظيرات لا قيمة لها بل ضررها أكثر من نفعها، مع القسم بأن الاقوال الباطلة لم تظهر إلا منها؟؟
جهود العلماء مذكورة مشكورة ولا يقلل من قدرهم إلا جاهل
أما موضوع التشقيقات والتنظيرات فهي تحتاج منك إلى بحث حتى تفهم مرادي منها
وبالمناسبة كنت في حوار مع أحد أبنائي حول الموضوع
فقال:
هل سيسألنا الله تعالى يوم القيامة:
ماذا تعتقد في القول بقدم العالم؟
فما زدنا على أن انفرطنا في الضحك
لا ألومك كثيرا يا أبا سعد فإنك تصدر من فكر يستحل تسفيه جهود العلماء وتحقير شأنهم حالا وإن لم تقل ذلك مقالا صريحا،
لا أدري لعلك تعرفني أكثر من نفسي؟
على أي حال تهمة لا أقر بها
بل ما ضر الدين إلا الذين يزعمون أنهم في غنى عن جهود العلماء وأن فهم القرآن والسنة متاح لكل أحد وإن كان من الرعاع وعوام الناس الذين ليس لهم أدنى حظ ولو في سلامة اللسان من اللحن الفاحش، ويكفي أن يلقي بآية أو حديث يحملها على مجرد فهمه حتى يزعم أنه متبع للكتاب والسنة، وما أكثر أمثال هؤلاء في زماننا.
كلام أوافقك عليه تماما
ولكن لا أوافقك على أن ترميني بأمر أعلم أني براء منه
على فكرة هؤلاء الذين ذكرت ليسوا من العوام.
هذا، والقصد نصيحتك وأمثالك .. فإنكم لن تغيروا من حقائق العلم شيئا، فالعلماء الأبرار الأخيار كالطبري وابن كثير وغيرهما لما دفعوا جملة من ظواهر القرآن التي توهم ما لا يليق بالله سبحانه وتعالى لم يكونوا عابثين، بل كانوا مؤسسين للرد على من يدعي أنه في غنى عن العلم ليفهم القرآن والسنة، وأنه يكفي أن يكون عاميا لينال مراتب الصحابة رضوان الله عليهم ..
شكر الله لك حسن نيتك فالنصيحة حق المسلم على أخيه
أما تغيير حقائق العلم فلم أزعم أني سأفعل ذلك وليس عندي النية أيضا
أنا مع الطبري وبن كثير وغيرهم رحمهم الله في كل حق أفهمه من كلامهم
ولكني لست مع من يفرض ظاهرا للقرآن وهو ليس كذلك
فكفر عن يمينك يا أبا سعد .. واستغفر الله تعالى، واحفظ لسانك خير لك، وفكر جيدا قبل الكتابة .. والله الهادي إلى الصراط المستقيم.
هل هذه فتوى منك؟
وفي الختام
استغفر الله لي ولكم
وأساله أن يكفينا شر ألسنتنا
ويهدينا إلى صراطه المستقيم.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[01 Jul 2010, 02:16 م]ـ
يا أخي هداك الله قسمك في غير محله مطلقا، فإن بطون الكتب تحتوي على علوم دقيقة فتح الله بها على العلماء، وهي فخر للإسلام والمسلمين، وأصل المقالات الفاسدة أشخاص أكثرهم انقرضوا وبادت أفكارهم، وأكثر الكتب بالأغلبية الساحقة تحتوي على جواهر العلوم وذخائرها، فعلام تقسم؟؟؟
ثم مسكينة هذه الفطرة التي أصبح يحتج بها كل من هب ودب .. وفي أي مقام كان، ويلقى بها عند العجز عن الفهم، فيقال: هذا مفهوم بالفطرة، مع أن المسائل قد تكون دقيقة لا يوصل إليها إلا بالتأمل وطول التعلم، والفطرة ليست سوى القابلية للتعلم الصحيح، كما أنها قابلة للتشويه، فلا ينبغي أن يحتج بها في المسائل التفصيلية الدقيقة، وكتاب الله تعالى معانيه دقيقة لطيفة ولذا كثر الأمر والحث على التدبر والتكفر، ولو كانت الفطرة كافية للوصول إلى حقائق ودقائق معاني القرآن لبطلت تلك الأوامر بالتفكر والتدبر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم كيف تسوي بين فطرة الصحابة وفطرة من تربى على الماك دونالد والمكيفات ولم يعرف الجوع والحر قط ولم يتعب في تحصيل العلم؟؟؟ لا يستوون.
ثم قولك:
[ QUOTE]
وبالمناسبة كنت في حوار مع أحد أبنائي حول الموضوع
فقال:
هل سيسألنا الله تعالى يوم القيامة:
ماذا تعتقد في القول بقدم العالم؟
فما زدنا على أن انفرطنا في الضحك
كيف يسعك أن تضحك على شيء خطير مثل هذا؟؟؟
وكيف تستبعد أن يسالك الله تعالى على أصل عظيم قرره في الكتاب المبين وأقام عليه الحجج العقلية الواضحة، فإن حدوثُ العالَم أصلٌ قرَّره القرآن العظيم أتم تقرير، فقد قال الله تعالى: ?ں ں ? ? ?? [يونس: 4] قال الإمام الطبري في جامع البيان: إن ربكم يبدأ إنشاء الخلق وإحداثه وإيجادَه. (ج12ص115)
وقال تعالى: ?? ? ? ? ? پ پ پ پ? ? ? ? ? ? ?? [يونس: 34]. قال الإمام الطبري: يقول: من يُنشِئ خلقَ شيء من غير أصل، فيُحدِث خَلْقَهُ ابتداءً. (ج12/ص178)
وقال تعالى: ?? ? ? ? ?? [النمل: 64]. قال الإمام الطبري: الذي يبدأ الخلق ثم يعيده فينشئه من غير أصل ويبتدعه ثم يُفنِيه إذا شاءَ. (ج18/ص104)
وقال تعالى: ?? ? ?? [الروم: 11]. قال الإمام الطبري: اللهُ تعالى يبدأ إنشاء جميع الخلق منفرِدًا بإنشائه من غير شريك وبلا ظهير، فيُحدِثه من غيرِ شيءٍ، بل بقدرته. (ج18/ص467)
وقال تعالى: ?? ? ? ?? [الروم: 27] قال الإمام الطبري: الذي له هذه الصفات تبارك وتعالى هو الذي يبدأ الخلق من غير أصل، فينشئه ويوجده بعد أن لم يكن شيئًا. (ج18/ص485)
أفبعد كل هذه الآيات البينات تستبعد أن يسألك الله تعالى على حدوث العالم ونفي قدمه؟؟؟
ولماذا تضحك وتستبعد أن يسألك الله تعالى عن اعتقادك في حدوث العالم والآيات البينات قد وردت في ذلك؟؟ والناس اختلفوا فيه، فمن قائل بقدمه، ومن قائل بأنه حوادث لا أول لها، وغير ذلك من المقالات الباطلة، والحق كما نص الإمام الطبري رضي الله عنه أن العالم خرج برمته من العدم إلى الوجود بقدرة وإرادة الله تعالى الذي كان ولا شيء معه ولا شيء قبله ولا شيء غيره، فماذا لو كنت تحمل عقيدة في حدوث العالم غير التي قررها القرآن وسئلت عنها يوم القيامة؟؟ هل هذا أمر يضحك عليه وهو من أصول الدين كما قرر القرآن العظيم؟؟؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Jul 2010, 03:02 م]ـ
يا أخي هداك الله قسمك في غير محله مطلقا، فإن بطون الكتب تحتوي على علوم دقيقة فتح الله بها على العلماء، وهي فخر للإسلام والمسلمين، وأصل المقالات الفاسدة أشخاص أكثرهم انقرضوا وبادت أفكارهم، وأكثر الكتب بالأغلبية الساحقة تحتوي على جواهر العلوم وذخائرها، فعلام تقسم؟؟؟
ثم مسكينة هذه الفطرة التي أصبح يحتج بها كل من هب ودب .. وفي أي مقام كان، ويلقى بها عند العجز عن الفهم، فيقال: هذا مفهوم بالفطرة، مع أن المسائل قد تكون دقيقة لا يوصل إليها إلا بالتأمل وطول التعلم، والفطرة ليست سوى القابلية للتعلم الصحيح، كما أنها قابلة للتشويه، فلا ينبغي أن يحتج بها في المسائل التفصيلية الدقيقة، وكتاب الله تعالى معانيه دقيقة لطيفة ولذا كثر الأمر والحث على التدبر والتكفر، ولو كانت الفطرة كافية للوصول إلى حقائق ودقائق معاني القرآن لبطلت تلك الأوامر بالتفكر والتدبر.
ثم كيف تسوي بين فطرة الصحابة وفطرة من تربى على الماك دونالد والمكيفات ولم يعرف الجوع والحر قط ولم يتعب في تحصيل العلم؟؟؟ لا يستوون.
· أنا لم أنكر أن بطون الكتب تحتوي على ما ذكرت من الخير والعلم النافع ولكنها في نفس الوقت حوت بعض الأقاويل الباطلة التي رُدت على قائلها وأيضا فيها من التشقيقات والتفريعات ما أدى إلى أقوال باطلة وإلى ما لا حاجة إليه.
· أما الفطرة فهي حجة الله على خلقه ومستند كتابه وما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم في نفوس الناس:
"فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " الروم (30)
فكتاب الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم أقدر على تقويم الفطرة وقيادتها إلى المعاني الصحيحة بمباشرتها وسهولتها، أما التوهمات الباطلة التي ترد على خواطر بعض الناس ثم الزعم أنها ظاهر القرآن فهذا ليس من العلم في شيء.
· ما التسوية بين الصحابة وغيرهم في الفطرة فأقول:
لقد كان الصحابي قبل الإسلام يصنع الصنم من التمر ثم يتخذه إلها يدعوه من دون الله ثم إذا جاع أكله، فجاء القرآن وكلام سيد ولد عدنان صلوات الله وسلامه عليه فخاطب تلك الفطر والعقول فاستيقظت من سباتها وانتبهت من غفلتها وضحكت على ما كان يصدر منها. ولم يكونوا محتاجين إلى تفريعات ولا إلى تشقيقات تشتت الذهن وتبلبل الفكر.
والذي استطاع أن يغير تلك النفسيات والعقول قادر على أن يغير جيل "الماك دونالد" و"الهمبرقر" و"الراب" .....
أما التشقيقات والتفريعات فأغلبها أدي إلى انحرافات وانتكاسات وفرق وأحزاب "كل حزب بما لديهم فرحون"
وللحديث بقية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الصالح الناصر]ــــــــ[01 Jul 2010, 04:33 م]ـ
أخي الفاضل والله ما حصل الخلاف وظهرت الأقوال الباطلة إلا من بطون الكتب
وأما عامة الناس فقد فهموا القرآن كما فهمه الصحابة رضي الله عنهم وتعبدوا لله به
فلما ظهر التنظير والتشقيق بدعوى العلم ظهرت الانحرافات
أما مثالك الذي قدمته فلوقال العامي إن القاتل عمدا مخلد في النار فما يضيره هذا الكلام لو اعتقده
وإذا سأله الله قال يارب قلت بما أخبرتنا.
وربما أنك تعلم كلام أهل العلم في هذه الآية واختلافهم فيها فهي من الآيات التي أشكلت كثيرا على أهل العلم.
وعليه لو سئل العامي ما هو حكم القاتل العمد في الآخرة فأجاب:
جَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا.
فهل تستطيع أن تقول كذبت؟
ولو سألته سؤالا آخر وقلت له: ألا يمكن أن يغفر الله له؟
فقال لك:
" إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا" سورة النساء (48)
ولو سألته سؤالا آخر فقلت:
لو أقتص منه في الدنيا؟
فقال لك الله يقول:
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ " (178)
ثم سألته هل سيعافب في الآخرة؟
فقال لك
قال صلى الله عليه وسلم:
"بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ" رواه البخاري
ولو سألته هل سيذهب حق المجني عليه؟
فقال لك:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ"
ولو سألته سؤالاً آخر وقلت له: لو لم يقتص منه و تاب قبل موته هل تقبل توبته؟
فقال لك:
"وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) " الفرقان
فهل ستنكر من كلامه شئيا؟
لا أظنك.
وهل كان يحتاج إلى تأويلات وكلام فلان وفلان؟
أم أنه قد كفاه القرآن والسنة مباشرة؟
أفهم من كلامك أنك تريد ترك الناس يفهمون النصوص الشرعية على حسب تلقائيتهم وهو ما تسميه بالفطرة، وهذا تنظير خطير منك، ولا أدري كيف خفي عليك تحذير العلماء من تفسير كلام الله بغير علم، أم كيف خفي عليك جهود علماء الأمة في التأصيل لفهم كتاب الله وتحذيرهم من تفسيره بغير علم.
وما رأيك بموجب تنظيرك لو تُرك العامي أمام قول النبي صل1: (أفلح وأبيه إن صدق) كيف ستفهم فطرته هذا الحديث والتي جعلتها هي المستند لفهم نصوص الشريعة؟
كيف سيتعامل مع هذا القسم من النبي صل1 بقوله: (وأبيه)؟
هل ستتركه لفطرته ليجيز القسم بغير الله ويقع في مشكلات عقدية بسبب تنظيرك؟
يا أخي نصوص الشريعة لا يجوز أن يُترك فهمها مطلقا لعامة الناس، ولا يجوز أن يُشاع بين عامة الناس بل وحتى طلبة العلم بأن لهم الحق بأن يفهموا النصوص كيفما شاءوا.
هذه دعوى خطيرة جدا ستقحم الأمة بفهوم ومسالك خطيرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فتأمل بارك الله فيك وأعد النظر في المسألة ولا تدفعك العاطفة لنسف جهود علماء الأمة وتسفيه آرائهم لمجرد رأي رأيته.والله الموفق.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Jul 2010, 05:42 م]ـ
يقول أخونا خالد:
"أفهم من كلامك أنك تريد ترك الناس يفهمون النصوص الشرعية علىحسب تلقائيتهم وهو ما تسميه بالفطرة، وهذا تنظير خطير منك"
سبق وأن ذكرت أن الفطرة السليمة والعقل الصحيح هو مستند دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس البشر، والذين آمنوا بالرسول صلى الله عليه وسلم إنما اعتمدوا على فطرتهم وعقولهم لفهم خطاب الشارع " القرآن والسنة" ومن ثم تبين لهم الحق وبناء عليه شهدوا لله بالواحدانية ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ولم يحتاجوا إلى أكثر من ذلك.
فالمسألة ليس فيها تنظير خطير ولا غيره.
ويقول أخونا الحبيب خالد:
"ولا أدري كيف خفي عليكتحذير العلماء من تفسير كلام الله بغير علم، أم كيف خفي عليك جهود علماء الأمة فيالتأصيل لفهم كتاب الله وتحذيرهم من تفسيره بغير علم."
وأنا أقول: لم يخف علي شيء من ذلك ولله الحمد، ثم أنا لم أقل إنه يجوز لأحد أن يفسر كتاب الله بغير علم، وإنما قلت لا يجوز لأحد أن يحمل نص الكتاب ما لا يحتمل من معانٍ باطلة ثم يعود ينزهه عنها.
ويقول أخونا خالد:
"وما رأيك بموجب تنظيرك لو تُرك العامي أمام قول النبي (أفلح وأبيه إن صدق) كيف ستفهم فطرته هذا الحديثوالتي جعلتها هي المستند لفهم نصوص الشريعة؟
كيفسيتعامل مع هذا القسم من النبيبقوله: (وأبيه)؟
هل ستتركه لفطرته ليجيز القسم بغير الله ويقع فيمشكلات عقدية بسبب تنظيرك؟ "
فأقول إن كان قد اطلع على قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"أَلَا مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلَا يَحْلِفْ إِلَّا بِاللَّهِ " فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَحْلِفُ بِآبَائِهَا " فَقَالَ لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ"
فلا شك أنه سيبحث عن حل لهذه المعضلة كما بحث الذين بلغتهم هذه الآحاديث.
وإن لم يكن قد بلغه الحديث فلن يعدم من ينبهه إلى ذلك ممن بلغهم الحديث وبهذا ينحل الإشكال.
ثم إنك أخي الكريم مع تقديري لك تأتي بأمثلة ربما خرجت بنا عن صلب الموضوع.
ويقول أخينا خالد حفظه الله:
"يا أخي نصوص الشريعة لايجوز أن يُترك فهمها مطلقا لعامة الناس، ولا يجوز أن يُشاع بين عامة الناس بل وحتىطلبة العلم بأن لهم الحق بأن يفهموا النصوص كيفما شاءوا.
هذه دعوى خطيرة جدا ستقحم الأمة بفهوم ومسالكخطيرة.
فتأمل بارك الله فيك وأعد النظر في المسألةولا تدفعك العاطفة لنسف جهود علماء الأمة وتسفيه آرائهم لمجرد رأي رأيته.واللهالموفق"
وأنا أقول:
كيف تمنع الناس من أمر الله تعالى أمرهم به:
"كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"
فالتدبر مطلوب من كل أحد وليس حكرا على أحد، والتدبر طريق الفهم
وقال:
"وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"
واتباعه فرع عن فهمه.
وأما قولك " بأن لهم الحق بأن يفهموا النصوص كيفما شاءوا."
فأقول: لا، لهم الحق أن يفهموه كما أنزله الله.
والله قد قال:
"وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ"
ولهذا أقول لك أخي الكريم: أنا لست بصاحب دعوى خطيرة، ولا تخش على الأمة مني فلن أقحمها فيما تخشاه.
ثم أنا أخي الكريم لم تدفعني العاطفة لنسف جهود العلماء الأمة ولن أستطيع.
وأيضا فأنا لم أسفه أراء العلماء مطلقا مع أنك تقول إنها "أراء" وليست نصا معصوما.
فأرفق بي وبنفسك بارك الله فيك وعد بنا إلى أصل المسألة:
وهو الخلاف فيما ينسبه البعض لظاهر النص وهو ليس كذلك.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[01 Jul 2010, 06:17 م]ـ
الفطرة السليمة والعقل الصحيح
لا يجوز لأحد أن يحمل نص الكتاب ما لا يحتمل من معانٍ باطلة ثم يعود ينزهه عنها.
نقطتان في مشاركتك الأخيرة تستدعي الانتباه أبا سعد:
ـ النقطة الأولى هو إقرارك بلزوم إعمال العقل في فهم الشريعة. وهذا يرد على مسألة الاكتفاء بالفطرة التي تدندن عليها في كل مرة.
ـ أما النقطة الثانية فهي سلبية جدا حيث أصبحت مشرعا تأمر وتنهى، فنراك تحرم على العلماء تنزيه الله تعالى عن المعاني الباطلة التي يتوهمها البعض من بعض ظواهر النصوص الشريعة. فهل لديك دليل شرعي من كتاب أو سنة على هذا التحريم؟؟ فقد حكمت ضمنا على كبار العلماء كالطبري وابن كثير وغيرهما بارتكاب المحرمات بتنزيه الله تعالى عن بعض الظواهر التي لا تليق بجلاله.
ثم كيف تتهم العلماء بحمل النصوص على المعاني الباطلة قبل التنزيه؟؟ فإن كلمة الحمل يفهم منها تبني ذلك المعنى الباطل قبل التنزيه عنه، وهم لم يتبنوه، ولكنهم يحذرون من عساه أن يقع فيه، وكم وقع الناس العوام خاصة في معاني محظورة لولا بيان العلماء لضرورة عدم اعتبارها وعدم حمل النصوص عليها.
لا تتمادى كثيرا في اللجاج يا أبا سعد .. فقد سلكت سبيلا مسدودة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Jul 2010, 06:43 م]ـ
نقطتان في مشاركتك الأخيرة تستدعي الانتباه أبا سعد:
ـ النقطة الأولى هو إقرارك بلزوم إعمال العقل في فهم الشريعة. وهذا يرد على مسألة الاكتفاء بالفطرة التي تدندن عليها في كل مرة.
وهل خاطب الله بالقرآن إلا أصحاب العقول؟
وهل مدار التكليف إلا على العقل؟
فأين فهمت من كلامي أني أقول لا تستخدم عقلك لفهم النصوص؟
ـ أما النقطة الثانية فهي سلبية جدا حيث أصبحت مشرعا تأمر وتنهى، فنراك تحرم على العلماء تنزيه الله تعالى عن المعاني الباطلة التي يتوهمها البعض من بعض ظواهر النصوص الشريعة. فهل لديك دليل شرعي من كتاب أو سنة على هذا التحريم؟؟ فقد حكمت ضمنا على كبار العلماء كالطبري وابن كثير وغيرهما بارتكاب المحرمات بتنزيه الله تعالى عن بعض الظواهر التي لا تليق بجلاله.
هذه فرية
ثم كيف تتهم العلماء بحمل النصوص على المعاني الباطلة قبل التنزيه؟؟ فإن كلمة الحمل يفهم منها تبني ذلك المعنى الباطل قبل التنزيه عنه، وهم لم يتبنوه، ولكنهم يحذرون من عساه أن يقع فيه، وكم وقع الناس العوام خاصة في معاني محظورة لولا بيان العلماء لضرورة عدم اعتبارها وعدم حمل النصوص عليها.
أنا لم أتهم أحدا من العلماء
ولم اقل إن العلماء يتبنون المعنى الباطل
بل أقول الزعم أن ظاهر النص هو ذلك المعنى الباطل غير صحيح
والمعاني الباطلة سبق وقلت إنها لم تصدر عن العوام وإنما وجدناها في بطون الكتب وبغض النظر عن قائلها
فالخلاف في: هل هذا هو الظاهر حتى تصرف القرآن عن الألفاظ التي تكلم بها رب العالمين، أم هو غيره؟
هل أنتم أعلم أم الله؟
لا تتمادى كثيرا في اللجاج يا أبا سعد .. فقد سلكت سبيلا مسدودة.
أرجو الله ألا أكون من أهل اللجاج
ولكن عبارتك هذه أخي الكريم تنم عن ضيق الصدر بالمخالف
والزعم أنك تحتقر الحقيقة
فهون عليك
وتذكر قول الإمام مالك رحمه الله تعالى
" كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر"صل1
ـ[عطاء الله الأزهري]ــــــــ[01 Jul 2010, 06:48 م]ـ
أخي خالد هي مثل هذه الآية: "قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى" [طه/71]
حسب فهمى لكلام الأخ خالد فتكون (فى) مصروفة عن معناها الحقيقي (الظاهر)
إلى المعنى المجازي فتكون (فى) بمعنى (على).
أليس كذلك؟
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[01 Jul 2010, 07:13 م]ـ
خذ يا أبا سعد حفظك الله هذا النص وتأمل فيه طويلا.
قال الإمام الحافظ المفسر ابن كثير رحمه الله تعالى عند قوله تعالى:ژ ک ک ک گ ژ [الأعراف: 54]:
«والظاهرُ المتبادر إلى أذهان المشبهين منفيٌّ عن الله؛ فإنّ الله لا يشبهِهُ شيء من خلقه» تفسير بن كثير، ج6/ 319 تأمل طويلا يا أبا سعد، وأعمل فطرتك وعقلك واستعن بغيرك، هل كان الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى عابثا عندما نزه الله تعالى عن الظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين؟؟؟ ثم اسأل نفسك: هل كان الإمام ابن كثير مشبها ـ حاشاه ـ عندما تصور المعنى الظاهر المتبادر لأذهان المشبهين ثم حكم بالجزم واليقين ببطلانه؟؟؟
أسأل الله تعالى أن يبصرني وإياك وكل من يريد الهداية ...
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[01 Jul 2010, 11:16 م]ـ
الحمد لله
بسم الله دخلنا
هذا الذي ذكرت يا أستاذ نزار لا أراه من قبيل ظاهر النص القرآني المتعبد به.
وذلك لأني أرى أن " الظاهر " لا يوافق الاصطلاح الذي مشيت عليه، فالظاهر في نظر القارئ للقرآن هو المتبادر لأكثر القراء .. ومتبادر يعني الذي يقفز إلى فهم القارئ أولا أو إلى فهم أكثر الناس أو يعني الاحتمال الراجح ..
وأنت، كما فهمتُ من عرضك، جعلتَ المحتمل المرجوح ظاهراً! وجعلت النص الذي يقف عنده وحده بعض الناس ويستخرجون منه بعض اللوازم من الظاهر.
ولمستخرج هذا الوهم أن يدعي ما يدعيه فيه من ظهور أو خفاء، فليس ادعاؤه بشيء ..
وفرق بين الظاهر أو الخفي المتبادر والظاهر أو الخفي المتوهم.
وذكر الأيمة له في كتبهم، كما قد نقلت، لا يدل على أنهم هم الذين استظهروه، بل هم ناقشوه إما رداً على توهم قد يحتمل أو ما في حكم ذلك.
ومما يدل على أنهم لم يجعلوه من قبيل " الظاهر " المعروف المقبول أنهم إما ساقوا معه آيات تقوي معناه الظاهر الحق أو أحاديث أو لغة من لغات العرب ..
لا يخفى أن القرآن يفسر بعضه بعضاً، ولا يصح أن يقال في آي القرآن أن ظاهرها كيت وكيت إلا بعد استقراء ما في بابها. ومن ذلك تفسير الظلم بالشرك في آية الأنعام، ونسخ إباحة السكر إلا في وقت الصلاة ...
ظواهر صفة العلم في القرآن تطالعك من أول سورة نزلت إلى آخر سورة، لا يسع المرء إلا أن يسلّم بأن العلم مطلقه ومقيده كليه وجزئيه دقيقه وجليله أوله وآخره ظاهره وباطنه سابقه ولاحقه سره وجهره أزلاً وأبداً .. إنما هو لله العلم الخبير اللطيف الذي وسع كل شيء علماً ولا يحيطون به علماً ..... ويلحق بهذا الظاهر الكلي كل الجزئيات الظاهرة والخفية.
الطبري وابن كثير وغيرهما من الأيمة معذورون إذ كتبوا ذلك الذي كتبوا، لأنهم وضعوا كتبهم ومن حولهم شبه القرامطة ومؤلفات الحشاشّين ووثنية المغول وأوهام العوام والأعجام وغيرها من فتن زمانهم ...
أما تتبع ما يمكن أن يتوهم فلا حد له ولا نفع فيه!
لا أدري يا شيخ نزار كيف سيتبادر إلى الذهن مع آيات " العلم " الإلهي المتكاثرة أن الله إذا قال (وليعلمن الله الذين آمنوا ... ) أن هذا العلم سيكون مسبوقاً بجهل، بل كيف سيتوهم المتوهم أن هذا العلم سيتطرق إليه أسبقية جهل؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[02 Jul 2010, 09:49 ص]ـ
خذ يا أبا سعد حفظك الله هذا النص وتأمل فيه طويلا.
قال الإمام الحافظ المفسر ابن كثير رحمه الله تعالى عند قوله تعالى:ژ ک ک ک گ ژ [الأعراف: 54]:
«والظاهرُ المتبادر إلى أذهان المشبهين منفيٌّ عن الله؛ فإنّ الله لا يشبهِهُ شيء من خلقه» تفسير بن كثير، ج6/ 319 تأمل طويلا يا أبا سعد، وأعمل فطرتك وعقلك واستعن بغيرك، هل كان الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى عابثا عندما نزه الله تعالى عن الظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين؟؟؟ ثم اسأل نفسك: هل كان الإمام ابن كثير مشبها ـ حاشاه ـ عندما تصور المعنى الظاهر المتبادر لأذهان المشبهين ثم حكم بالجزم واليقين ببطلانه؟؟؟
أسأل الله تعالى أن يبصرني وإياك وكل من يريد الهداية ...
هذا عليك لا لك أخي الكريم
فإن بن كثير قيد الظاهر بإضافته إلى أذهان المشبهين، ولو كان هو الظاهر مطلقا لما أحتاج إلى هذا القيد.
ثم إنك لو أكملت بقية كلام بن كثير رحمه الله تعالى لو جدت أنه لا يرى هذا الظاهر المزعوم، ولو كان يراه لأول النص حسب قاعدتك التي جريت عليها في مشاركتك ولكنه لم يفعل بل قال نقلا عن الأئمة الكبار قبله:
"بل الأمر كما قال الأئمة -منهم نُعَيْم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري -: "من شبه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر". ثم أعقبه بقوله " وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله تعالى ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة، على الوجه الذي يليق بجلال الله تعالى، ونفى عن الله تعالى النقائص، فقد سلك سبيل الهدى."
أسأل الله تعالى أن يغفر لي ولك ولوالدين والمسلمين أجمعين
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[02 Jul 2010, 11:03 ص]ـ
إن ما ذكره الإمام ابن كثير ونزه الله عنه يصدق عليه أنه ظاهر، بصرف النظر عن كونه ظاهرا للمشبهين، وصرف ظاهر باطل للنص الشرعي إلى ظاهر صحيح لا يضر أصل الموضوع الذي طرحته هنا، فإن المقصود وجوب الصرف عن بعض الظواهر الباطلة التي يحتملها النص بحسب الوضع اللغوي، لا عن كل الظواهر، لكن بعض الأخوة يندفع هكذا لمجرد الكتابة كالأخ أبي سعد سامحه الله، ولو دقق في كلامي جديا لعلم أنه يتعسف كثيرا بلا موجب ولا مبرر كقوله هذا عليك لا لك، ولو فهم مرادي الواضح لما كتب ما كتب.
على كل حال، القضية واضحة للمتخصصين، لا لمجرد المعلقين، وأقل ما يستفيد طالب العلم من هذا الموضوع هو جدارته بكتابة بحث خاص به يتطرق إلى مفهوم الظاهر لغة واصطلاحا، ومسألة تعدد الظواهر صحة وبطلانا، ومسألة وجوب الصرف شرعا عن بعض الظواهر، ومسألة القرائن المعتمدة في الصرف، وغير ذلك مما يصلح أن يكون موضوع رسالة علمية، أما التعليق لمجرد التعليق كما يفعل البعض بدافع غير علمي فالحقيقة أنه لا حاجة لطلاب العلم به.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[02 Jul 2010, 11:23 ص]ـ
إن ما ذكره الإمام ابن كثير ونزه الله عنه يصدق عليه أنه ظاهر، بصرف النظر عن كونه ظاهرا للمشبهين، وصرف ظاهر باطل للنص الشرعي إلى ظاهر صحيح لا يضر أصل الموضوع الذي طرحته هنا، فإن المقصود وجوب الصرف عن بعض الظواهر الباطلة التي يحتملها النص بحسب الوضع اللغوي، لا عن كل الظواهر، لكن بعض الأخوة يندفع هكذا لمجرد الكتابة كالأخ أبي سعد سامحه الله، ولو دقق في كلامي جديا لعلم أنه يتعسف كثيرا بلا موجب ولا مبرر كقوله هذا عليك لا لك، ولو فهم مرادي الواضح لما كتب ما كتب.
على كل حال، القضية واضحة للمتخصصين، لا لمجرد المعلقين، وأقل ما يستفيد طالب العلم من هذا الموضوع هو جدارته بكتابة بحث خاص به يتطرق إلى مفهوم الظاهر لغة واصطلاحا، ومسألة تعدد الظواهر صحة وبطلانا، ومسألة وجوب الصرف شرعا عن بعض الظواهر، ومسألة القرائن المعتمدة في الصرف، وغير ذلك مما يصلح أن يكون موضوع رسالة علمية، أما التعليق لمجرد التعليق كما يفعل البعض بدافع غير علمي فالحقيقة أنه لا حاجة لطلاب العلم به.
أخي الفاضل نزار
كنت سأسألك
ما هو الظاهر الباطل المتبادر إلى الذهن من قوله تعالى
"ثم استوى على العرش"؟
وإلى أي شيء صرفه بن كثير رحمه الله تعالى؟
ثم لما قرأت بقية المشاركة
عرفت أنه لا فائدة من الحوار
وسأتركك تكتب للمتخصصين
حتى ينتفعوا بعلمك وما يتفتق عنه ذهنك
أما العامة أمثالي
فدعهم وفطرتهم يفهمون كلام ربهم كما أنزله من غير تكلف.
أرجو أن تحمل كلامي على ظاهره فأنا لا أريد بكلامي هذا الانتقاص من قدراتك العلمية وتحقيقاتك المفيدة
بارك الله فيك وسدد قلمك
وأرجو الله أن نلتقي يوما وجها لوجه
كما التقينا على صفحات هذا الملتقى المبارك
إخواة متحابين يجمع بيننا حب الله ورسوله وعباده الصالحين.
محبك أبو سعد
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[02 Jul 2010, 09:12 م]ـ
في تفسير الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال ما نصه:
((قوله تعالى: {في ظلل من الغمام}؛ {في} معناها «مع»؛ يعني يأتي مصاحباً لهذه الظلل؛ وإنما أخرجناها عن الأصل الذي هو الظرفية؛ لأنا لو أخذناها على أنها للظرفية صارت هذه الظلل محيطة بالله عزّ وجلّ؛ والله أعظم، وأجلّ من أن يحيط به شيء من مخلوقاته؛ ونظير ذلك أن نقول: جاء فلان في الجماعة الفلانية أي معهم -؛ وإن كان هذا التنظير ليس من كل وجه؛ لأن فلاناً يمكن أن تحيط به الجماعة؛ ولكن الله لا يمكن أن يحيط به الظلل)). انتهى كلامه رحمه الله.
وكما ترى فهذا تأويل ظاهر من الشيخ رحمه الله مما يؤكد بأن التأويل منهج صحيح لا غضاضة فيه إذا كان منضبطا، والقول بنفيه جملة وتفصيلا قول مجانب للصواب بل لم يعمل به أحد من الأئمة الكبار. والله تعالى أعلم
أخي خالد جزاك الله خيرا على النقل فهو يوضح أنه صرفه عن الأصل واستشهد بجملة من كلام العرب تبين أنه من قولهم. ومثال ذلك عندما قيل لأبي حنيفة النعمان رح1 تعالى عن معية الله لعباده فقال هي كقولك إذهب فأنا معك , فقد بين رح1 أن العرب تقول ذلك ولا تعني معيت الذات وإنما النصر والتأييد.
وبذلك إن قلت انه أجرى الكلام على ظاهره تكون أصبت وإن كانت سميته صرفا عن الظاهر إذا اعتبرت الظاهر الأصل كان صوابا أيضا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[02 Jul 2010, 09:40 م]ـ
حسب فهمى لكلام الأخ خالد فتكون (فى) مصروفة عن معناها الحقيقي (الظاهر)
إلى المعنى المجازي فتكون (فى) بمعنى (على).
أليس كذلك؟
بلى المعنى كذلك عند من جعل في القران مجاز من أهل السنة , أما المتكلمون فقد جعلوا هذا المعنى (الظاهر (أنها تعني على) أو هذا المجاز (صرفت عن الأصل الذي هو داخل الى أخر وهو على)) هو سبيل الى صرف الصفات للخالق عز وجل عما يفهمه العرب الى معان لا يستخدمونها بما يليق بالخالق عز وجل بل يجعلوا المعنى الظاهر الصريح معابا. فلذلك تجد المتكلمين قد أولوا الصفات لشبهة التجسيم ,بينما إذا تكلم إبن جرير أو ابن كثير عن ذلك لم يكن هذا غرضهم بل غرضهم بيان المعنى وفقا لكلام العرب لذلك لا تجدهم يؤولون الصفات في مواضع مثل عند تفسيرهم" يأتي ربك"تراهم لم يتكلموا في صرفها عن ظاهرها بينما تجد المتكلمين قد صرفوها لمعاي لا تستخدمها العرب أصلا. فمنهم من قال يأتي أمر ربك وبعضهم قال ظهور آياته وقدرته. فهل يمكن أن تجد لذلك مثال في كلام العرب؟ لذلك قال القحطاني:
والأشعري يقول يأتي أمره /// ويعيب وصف الله بالإتيان
والله في القرآن أخبر أنه ////////// يأتي بغير تنقل وتدان
والقران نزل لعامة الناس لا لعلمائهم. وإنما العلماء أكثر فهما وإحاطة من العوام ومع هذا فلا يستقيم أن نقول إن آياته واضحة وحجة الله فيها بالغة ,ثم نجعل معانيها لا يفهمها إلا العلماء , وانما ضل من ضل بزعمه أن هذا القران لا يفهمه إلأا أهل الإختصاص وبعد الصلاة إن شاء الله سأورد أمثلة.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[02 Jul 2010, 10:21 م]ـ
ورد في مقدمة تفسير الصامي للفيض الكاشاني المسمى محسن وهو رافضي:"وفيما ورد عن الصادق عليه السلام من سؤال تفسير الآيتين عن أبي حنيفة دلالة ايضا على ما ذكرناه من السقوط وهو ما رواه في علل الشرائع بإسناده عنه عليه السلام أنه قال لأبي حنيفة: انت فقيه أهل العراق؟ فقال: نعم. قال: فبم تفتيهم؟ قال: بكتاب الله تعالى وسنة نبيه. قال: يا أبا حنيفة تعرف كتاب الله حق معرفته وتعرف الناسخ من المنسوخ؟ فقال: نعم. فقال: يا أبا حنيفة لقد ادعيت علما ويلك ما جعل الله ذلك الا عند أهل الكتاب الذي أنزله عليهم، ويلك وما هو الا عند الخاص من ذرية نبينا وما أراك تعرف من كتابه حرفا فإن كنت كما تقول ولست كما تقول فأخبرني عن قول الله تعالى: (سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) أين ذلك من الأرض. قال احسبه ما بين مكة والمدينة فالتفت أبو عبد الله عليه السلام إلى أصحابه فقال: تعلمون أن الناس يقطع عليهم ما بين المدينة ومكة فتؤخذ أموالهم ولا يؤمنون على أنفسهم ويقتلون. قالوا: نعم. فسكت أبو حنيفة؟ فقال يا أبا حنيفة أخبرني عن قول الله عز وجل: (ومن دخله كان آمنا) اين ذلك من الأرض؟ قال: الكعبة. قال: أفتعلم أن الحجاج بن يوسف حين وضع المنجنيق على ابن الزبير في الكعبة فقتله كان آمنا فيها فسكت. ويأتي تفسير الآيتين في محلهما إن شاء الله "وبهذه الشبه يستدل هؤلاء على باطلهم وأهل العلم ينظرون في المعاني التي يرد اليها التفسير فلا يقبلوا أن يرد ذلك لمعنى لا يليق مثال ذلك " قال داود بنُ عليّ الأَصبهاني كنت عند ابن الأَعرابي فأَتاه رجلٌ فقال ما معنى قول الله عز وجل الرحمنُ على العرش استَوى؟ فقال ابن الأَعرابي هو على عرشه كما أَخبَرَ فقال يا أَبا عبدِ الله إنما معناه استَوْلى فقال ابن الأَعرابي ما يُدْرِيك؟ العرب لا تقول استَوْلى على الشيء حتى يكون له مُضادٌّفأَيهما غَلَب فقد اسْتَوْلى أَما سمعت قول النابغة إلاَّ لمِثْلِكَ أَو مَن أَنت سابِقُه سبْقَ الجوادِ إذا اسْتَوْلى على الأَمَدِ وسئل مالك بن أَنس استَوى كيف استَوى؟ فقال الكيفُ غير معقولٍ والاستِواءُ غير مَجْهول والإيمانُ به واجبٌ والسؤالُ عنه بِدْعةٌ لسان العرب - (ج 14 / ص 408)
وقول مالك رح1 هو رد على من تكلف وأقحم عقله فيما لم يحط به علما وما أمر بغير الإيمان بكلام الله والتسليم له.(/)
التجربة الشعورية عند ابن عقيل الظاهري بين القرآن والغناء.
ـ[محمد بن مزهر]ــــــــ[27 Jun 2010, 02:48 م]ـ
أحبتي الكرام:
في هذا اليوم قرأت مقالاً للعلامة أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري بشأن ماانتشر من فتوى إباحة الغناء وقد كان مقالاً رصيناً في غاية الأدب ,غير أن ما أثَّر فيَّ كثيراً هو ذلك الصدق الذي ارتوت به كلماته وهو يصف تجربته مع الغناء في أيامه السابقه ,وكيف كان سبباً في الصد عن كتاب الله وتلاوته وتدبره ,إنه درس عظيم يغني عن كثير من التطويل في صفحات الكتب أوعلى خشب المنابر ,لاأرى أني أستطيع وصف وقع كلامه على نفسي ولكن إليكم نص كلامه ليكون الحال كما قال الرازي رحمه الله "ومن جرَّب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي"
قال أبو عبدالرحمن: مارستُ الغناء استماعاً لا سماعاً حقبة ليست بقليلة من عمري، وأصحاب هذه الممارسة يُسَمِّيهم أخوال بعض أولادي: (الصُّيَّع الضُّيَّع)، ولكنني تفاديت ذلك بأن يكون استماعي في سويعات ليست مهيأة لقراءة أو كتابة أو عبادة، وأكثر ما يكون ذلك مع بعض السامرين، أو في بعض الردهات، أو بالاستماع من الراديو، ولا أُضَيِّع عزائمي الدنيوية والشرعية بالانمياع مع الغناء؛ وإنما آخذ منه مقدار ما أنشط للعمل الجاد، وعندما أنشب في كتابة بحث وأحس بخمول أستمع إلى التسجيل بصوت خافت .. وهناك سويعات صرفتها للغناء مستمعاً ودارساً وملتقطاً ما يُفاد منه للجماليات ولا سيما العَروض، وذلك عندما كنت مراقباً في التلفاز، وفي إجازاتي التي أمضيتها بكفر أبو صير .. وكنت محتفياً بأجمل الجميل مما يؤدِّيه أساطين الطرب العربي الأصيل منذ جيل الطرب الشرقي إلى جيل عبدالوهاب ورياض .. ومع انهماكي في الاستماع بالطرب فلو خلصتْ تلك الحقبة لهذا لكنت في ترح ما بعده ترح، ولكنني أتحيَّف من تلك الحقبة أُويقات لتزكية الروح والقلب مع جدٍّ في البحث والكتابة والقراءة لم يمنع منه استماعي الغناء .. وما كان هذا في بداية الأمر اختياراً مني، ولكنني تورطتُ معرفةً باستدلالات الإمام ابن حزم على إباحة الغناء مع تصريحه بأن ترك سماعه أفضل، وتورطتُ ممارسةً بمجالسة الظرفاء .. وعندما اتبعتُ الإمام ابن حزم، رحمه الله تعالى، وكنت في حيوية الشباب ومنتهى الحماس للإعجاب بالإمام ابن حزم رحمه الله تعالى - ولا يزال إعجابي باقياً -: أخذتُ قوله تقليداً، ولخصت في كتابي (تحرير بعض المسائل على مذهب الأصحاب) ما كنت أزعمه من أن النصوص الشرعية في الغناء:
وأما من ناحية تجربتي فقد كان يهزنا الحماس إذا سمعنا مثل (أيها العربي الأبي) بصوت مطرب العرب محمد عبدالوهاب؛ لأن لنا سمعةً فوق القِشَّة تَعِدَ بوحدة عربية من المحيط إلى الخليج؛ وهكذا قصيدة السودان بصوت السِّت. ونستمتع بالصوت الجميل وبعض المعاني الملامسة لأشواق الروح في مواضع من (حديث الروح) و (إلى عرفات الله) , و (ولد الهدى) و (ريم على القاع)، ثم تشمئز نفوسنا عند سماع الغلوِّ والتوسُّل المحرَّم، ونتعاطف مع مشاعر العُشَّاق إذا سمعنا مثل (عندما يأتي المساء) و (ساعة ما بشوفك جنبي)، وكلاهما لعبدالوهاب .. ولم نجترم من (الإثم) ثّمَّ إلا سماع المعازف .. ثم جاءت العثرات التي لا (لعاً) لها عندما جاء عشق الصورة، والهيام مع الأوهام، واستعباد القلب بمثل (الصوت الدافئ)، وما أشبه ذلك من مُكرِّسات التعبيد؛ وبهذه التجربة المخذولة - بحمد الله - علمت أن مثل هذا الغناء بَريدُ الفاحشة أو أنه تمنٍّ لها، وقد سجلتُ ذلك على نفسي بقولي:
وفي ضَيْعةِ الأوهام همتُ مُخَدَّراً
بصوتٍ حنون ذي شجون وتصفيدِ
يجيش بأنات الجوى مُتمظْهراً
ولم يشكُ حرماناً ولا كَرْبَ مفؤود
فصفَّق قلبي في حنايا جوانحي
دهاه وداد ظِلُّه غير ممدود
أُعلِّل نفساً في سراديب ظُلْمة
بكذب الأماني أو بأضباع تجعيد
وعلمت أن الغناء ينبت النفاق في القلب، وقد صح ذلك عن ابن مسعود من كلامه - رضي الله عنه -، وليس كل نفاق هو نفاق أهل الدرك الأسفل من النار، ولكنه من خصالهم التي قد يعفو الله عنها برحمته، وقد يعذب عليها بعدله؛ فأول علامات النفاق أننا نخفي استمتاعنا عن الصلحاء، وأننا نتظاهر بأننا نُروِّح عن قلوبنا، ونكتم ما في تلك القلوب من حب محرم ولو أتيح بالحلال فهو لا يليق لفساد ذلك الوسط المحبوب .. وأن قلوبنا مشحونة بالأماني المحرمة، وأن قلوبنا مستعبَدة، وأن ذلك صدنا عما حرم الله علينا هجره، وهو القرآن والذكر الحكيم .. وأتحدى أن يوجد هائم مع الطرب وله صلاة تهجد تدوم له أسابيع في العام غير شهر رمضان .. وأتحدى أن يوجد هائم مع الطرب يصح له بعض الانتظام مع تلاوة القرآن إلا في رمضان أو بعض الجمع إن ذهب مبكراً، أو في نفحات يشعر فيها بِبُعْدِه عن ربه .. وفي كلمات الغناء مجون وتجديف وهز وغمز؛ فكيف يكون مباحاً بإطلاق .. وأما غناء هذا العصر - عصر الأصباغ والطقطوقة والكلمة العامية المتلعثمة والصور والأزياء - فهو قبل استفتاء الشرع محرَّم فنياً وجمالياً؛ لقبحه، وناهيك عن دعوى خُلُوِّه من العناصر الجمالية؛ فيكون حينئذ بارداً لا قبيحاً؛ فالحمد لله شكراً شكراً الذي أسرع بفيئتي قبل لقائي له، ومنحني التمييز بين مواضع الإحسان والإساءة في تأرجحات عمري المضطربة، فأسأل الله الثبات حتى الممات، وحسن الخاتمة، وأسأله جلت قدرته برحمته وبجميع أسمائه الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم أن يعفو عني وعن إخواني المسلمين، وأن يخفف حسابنا، وأن يستر علينا عند لقائه؛ إذ يكون حياؤنا منه عن قبائحنا أشد إن وجدت عندنا مِسْحة من الحياء منه سبحانه في دنيانا، ونسأله أن لا يفضحنا بقبائحنا يوم يقوم الأشهاد ولا سيما عند من نستحيي منهم ونرجو أن نحشر في زمرتهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .. إنه عفو غفور، رحيم وودود.
"المقال في جريدة الجزيرة عدد هذا اليوم".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Jun 2010, 10:20 م]ـ
أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري وفقه الله يكتب هذا بعد تجربة طويلة نسأل الله أن يحسن ختامه وختامنا جميعاً، والمكابرة لا خير فيها، والرجوع للحق له لذة روحية وعقلية محروم منها كثير من الناس الذين يصرون على الباطل وهم يستكبرون.
وقد سبق أن نقلتُ ثلاث حلقات ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3877) متتالية لأبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري في الملتقى نشرها في جريدة الجزيرة حول هذا الموضوع.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[30 Jun 2010, 06:22 م]ـ
مقال جيد عميق مؤثر، أحسب أنه خرج من نفس تقية منيبة. وإن من نعمة الله على هذا العالم الأديب الكبير أن وفقه لكتابة هذه المراجعات الصادقة في هذا الوقت بعد كتاباته ومشاركاته الذائعة وشهرته الواسعة، وهذه سمة أهل الصدق والأمانة، متى ما ظهر لهم الحق انقادوا إليه غير آبهين بلوم لائم، أو نقد آثم.
أسأل الله أن يطيل في عمره في طاعته ومرضاته، وأن يثبتنا وأياه على صراطه المستقيم، إنه سميع مجيب.(/)
مسألة جمع القرآن في عهد أبي بكر، وفي عهد عثمان رضي الله عنهما للمناقشة؟
ـ[أبو العالية]ــــــــ[27 Jun 2010, 07:58 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
أخرج الإمام البخاري رح1 في "الصحيح " في كتاب فضائل القرآن، باب جمع القرآن فقال:
بَاب جَمْعِ الْقُرْآنِ
4986 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رض1 قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عِنْدَهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رض1: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ إِنَّ الْقَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ بِالْقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ، قُلْتُ لِعُمَرَ: كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صل1؟
قَالَ عُمَرُ: هَذَا وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِذَلِكَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ.
قَالَ زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صل1 فَتَتَبَّعْ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ.
فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنْ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ.
قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صل1؟
قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رض11 فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنْ الْعُسُبِ وَاللِّخَافِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ (((لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ))) حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ فَكَانَتْ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ رض1.
4987 - حَدَّثَنَا مُوسَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ.
وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ، فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا، حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ.
(يُتْبَعُ)
(/)
4988 - قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: فَقَدْتُ آيَةً مِنْ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا الْمُصْحَفَ قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صل1 يَقْرَأُ بِهَا فَالْتَمَسْنَاهَا فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ (((مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ))) فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ.
فهذان حديثان صحيحان موصولان في خبر جمع القرآن، أفاد الخبر الأول مسألتين:
الأولى: أن الجمع كان في عهد أبي بكر رض1.
والثانية: أن الآية التي فقدت في الجمع هي آية براءة التوبة، ووجدت أبي خزيمة الأنصاري بالكنية.
وأفاد الخبر الثاني مسألتين أيضاً:
الأولى: أن الجمع كان في عهد عثمان رض1.
والثانية: أن الآية التي فقدت كانت آية الآحزاب، ووجدت مع خزيمة النصاري بالاسم.
فبعد طول بحث هنا في كتب الشرح وغيرها في كتب التفسير وعلوم القرآن أخلص إلى التالي:
ما يتعلق بجمع أبي بكر رض1:
_ أن جمع أبي بكر فقدت فيه آية براءة ووجدت على الصحيح مع أبي خزيمة (بالكنية) كما رجح الحافظ في الفتح، وقد سبق في بعض أطراف الحديث في "الصحيح" تارة خزيمة بالاسم وتارة بالكنية.
_ أن هذا جمع أبي بكركان فيه الجامع زيد وحده يتتبعه من العسب واللِّخاف وصدور الرجال، وكان هدف الجمع: جمع الكل، فإن وجده محفوظاً جمعه للحفظ، وإن وجده مكتوباً جمعه للكتابة، ولا يشترط الأمران، وسبب ذلك: خشية أن يفوت شيئاً من القرآن.
_ اشتمل الجمع على الأحرف السبعة ووجوه القراءة.
ما يتعلق بجمع عثمان رض1:
_ أن جمع عثمان عبارة عن نسخ من صحف موجودة، استناداً للجمع الأول.
_ منهج النسخ كان بلجنة من قرشيين وأنصاري، وكان فيها التشدد والتثبت أكثر من الجمع الأول.
_ اشتراط الكتابة لكل القرآن في النسخ الثاني، ومن هذا الباب آية الأحزاب فإنه في الجمع الأول اعتمد على كتابتها بالحفظ لا بالكتابة، حتى طلبها مكتوبة، فوجدها عند خزيمة.
_ اشتمل الجمع على حرف قريش وما وافق رسم حرف قريش
وعليه، فيقال:
1_ أن الحادثتين حادثتان متباينتين، ومن رجلين متغايرين، وآيتين مختلفتين.
2_ أن الحادثتين في زمنين مختلفين تارة في عهد أبي بكر، والاخرى في عهد عثمان، كما جاء مصرحاً في الرواية،
وبهذا تجتمع الروايات والله أعلم
فما رأي المشائخ الفضلاء وطلبة العلم في نقد هذه المسألة؟
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[27 Jun 2010, 11:52 م]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا.
للفائدة: قال د. غانم قدوري الحمد - وفقه الله -: " تشير الرواية السابقة لابن شهاب الزهري عن خارجة بن زيد في نسخ المصاحف زمن عثمان والتي أدرجها في حديث أنس إلى فقدان زيد آية من سورة الأحزاب، وقد جاءت الرواية دون تحديد للفترة، فهل كان ذلك في جمع الصديق أو في نسخ المصاحف في خلافة عثمان؟ إن إدراجها في رواية نسخ المصاحف يوحي أن ذلك قد كان في العمل الأخير، وهو أمر بعيد، خاصة أن المصاحف العثمانية هي نسخة مطابقة لصحف الصديق منقولة عنها. لكنا حين نعود إلى روايات جمع الصديق نجدها تتحدث عن فقدان زيد آخر سورة التوبة (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) إلى قوله (وهو رب العرش العظيم). أما الآية التي تشير إلى فقدانها رواية الزهري عن خارجة فهي من سورة الأحزاب (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) إلى (وما بدلوا تبديلا). فهناك إذن روايتان عن آيتين سقطتا في جمع القرآن، وتم إثباتهما بعد المراجعة [1].
إن الرواية الأولى صريحة بأن آخر سورة التوبة سقط في الجمع الأول زمن الصديق، والرواية الثانية تشير إلى زمن محدد لفقدان آية من سورة الأحزاب، لكن ورودها بعد رواية نسخ المصاحف في خلافة عثمان قد يوهم أنها سقطت في هذا العمل الأخير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويبدو أن هذا الوهم كان بسبب إيراد روايات جمع القرآن ونسخه متداخلة في صعيد واحد [2]. ويذهب بعض العلماء إلى أن ذلك كله كان في جمع الصديق [3]. ويروي مؤلف كتاب (المباني لنظم المعاني) في مقدمته رواية عن الزهري عن خارجة بن زيد عن أبيه - تتحدث عن جمع القرآن في خلافة الصديق، وهي تشبه رواية الزهري عن عبيد بن السباق عن زيد - المشار إليها سابقا - إلا أنها تنفرد عنها بذكر خبر فقدان الآيتين في ذلك الجمع لا فقدان آية واحدة، وهي بذلك تزيل بعض الغموض الذي تسببه رواية الزهري عن خارجة التي أدرجها في رواية أنس بن مالك عن توحيد المصاحف ونسخها في خلافة عثمان. والرواية هي [4]: (وفي لفظ الشيخ أبي سهل الأنماري [محمد بن محمد بن علي الطالقاني] رح1: حدثنا أبو يعقوب يوسف بن موسى قال: حدثنا محمد بن يحيى القطعي قال: حدثنا عبيد بن عقيل قال: حدثنا خارجة بن مصعب عن عمارة بن غزية عن الزهري قال: حدثني خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال: جاء عمر بن الخطاب إلى أبي بكر .. [وذكر خبر جمع القرآن في خلافة الصديق، ثم] .. قال [زيد]: فعرضت واحدة فوجدتني قد أسقطت هذه الآية [الأحزاب] (((من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ... ))) فسألت المهاجرين والأنصار فلم أجد [ها] عند أحد منهم، وقد كنت أعرفها، وقد كان أملاها عليّ رسولُ الله فكرهت أن أثبتها حتى يشهدَ معي غيري، فأصبتها عند خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي أجاز رسولُ الله شهادته بشهادة رجلين، فكتبتها، ثم عرضت عرضة أخرى، فوجدتني قد أسقطت آيتين، وقد عرفتهما [التوبة] (((لقد جاءكم رسول من أنفسكم ... ))) حتى ختم الآيتين، فسألت عنهما المهاجرين والأنصار فلم أجدهما عند أحد منهم إلا عند خزيمة بن ثابت الذي أجاز رسول الله شهادته فكتبتها في آخر براءة). وعلى هذا فإن العمل الذي قام به كل من زيد ومن معه في خلافة عثمان كان تاما لم يحدث فيه فقدان شيء، ولم يكن يتعدى الأساس الذي وضعه زيد في خلافة الصديق نقلا عن القطع التي كتب عليها القرآن العظيم في حياة النبي محمد.
____________
[1] انظر: ابن أبي داود: كتاب المصاحف، ط1 المطبعة الرحمانية بمصر 1936م، صححه آرثر جفري، ص 29 - 30.
[2] انظر: ابن حجر: ج10، ص 385.
[3] انظر: ابن كثير: فضائل القرآن، ص 46. وابن عاشر الأنصاري (عبد الواحد بن أحمد بن علي): فتح المنان المروي بمورد الظمآن (مخطوط)، دار الكتب المصرية (تيمور 215 تفسير)، ص 34.
[4] مقدمة تفسير (كتاب المباني في نظم المعاني)، لمجهول، كتبه سنة 425 هـ، نشرها آرثر جفري في (مقدمتان في علوم القرآن)، مكتبة الخانجي 1954م، ص 20 ". اهـ
[أ. د غانم قدوري الحمد: رسم المصحف، دراسة لغوية تاريخية، ط1 دار عمار، الأردن 2004م، ص 96 - 98].
ويمكنكم تحميل كتاب (مقدمتان في علوم القرآن) الذي نشره آرثر جفري من هنا ( http://ia331212.us.archive.org/2/items/mo9addimatan-fi-3oloum-al9oran/mo9addimatan-fi-3oloum-al9oran.pdf) .
ولعل المسألة لا تزال في حاجة إلى مزيد بحث وتحرير. والله أعلم، وهو الموفق والمستعان.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[28 Jun 2010, 07:21 ص]ـ
كلام يحتاج الى مناقشة يا ابا العالية
ـ[محمد كالو]ــــــــ[28 Jun 2010, 10:26 ص]ـ
قال أبو شامة المقدسي:
" قال ابن شهاب: فأخبرني خارجة بن زيدبن ثابت قال: سمعت زيد بن ثابت قال: فقدت آية من الأحزاب حين نسخت الصحف، قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}، فألحقتها في سورتها في المصحف.
قلت: وخزيمة هذا غير أبي خزيمة الذي وجد معه الآيتين آخر "سورة براءة"، ذاك أبو خزيمة بن أوس بن زيد من بني النجار، شهد بدراً وما بعدها، وتوفي في خلافة عثمان، وهذا خزيمة بن ثابت بن الفاكه من الأوس، شهد أحداً وما بعدها، وقتل يوم صفين، وقيل غير ذلك.
ومعنى قوله: "فقدت آية كذا فوجدتها مع فلان ... " أنه كان يتطلب نسخ القرآن من غير ماكتب بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يجد كتابة تلك الآية مع ذلك الشخص، وإلا فالآية كانت محفوظة عنده وعند غيره، وهذا المعنى أولى مما ذكره مكي وغيره: أنهم كانوا يحفظون الآية، لكنهم أنسوها فوجدوها في حفظ ذلك الرجل فتذاكروها وأثبتوها لسماعهم إياها من النبي صلى الله عليه وسلم".
[المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز، لأبي شامة المقدسي، تحقيق: طيار آلتي قولاج، دار صادر، بيروت، 1395 هـ 1975 م: 51 ـ 52]
ـ[أبو العالية]ــــــــ[29 Jun 2010, 05:51 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
لم أطرح المسألة إلا لتناقش، بيد أني أريد دليلاً صحيحاً يقول بأن فقد الآيتين كان في جمع أبي بكر الصديق رض1.
وما ذكره ابن كثير رح1 عن رواية الزهري بقوله: فذكْرُه لهذا بعد جمع عثمان فيه نظرٌ. "الفضائل"86: طبعة الحويني
يفتقر إلى دليل يناقش رواية الصحيح الموصولة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[30 Jun 2010, 12:23 ص]ـ
هذا الربط في نفس الموضوع:
http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=6982&highlight=%CC%E3%DA+%C7%E1%DE%D1%C7%E4
ـ[فهر راشد الأزهري]ــــــــ[26 Nov 2010, 11:20 م]ـ
والرواية هي [4]:
(وفي لفظ الشيخ أبي سهل الأنماري [محمد بن محمد بن علي الطالقاني] رح1: حدثنا أبو يعقوب يوسف بن موسى قال: حدثنا محمد بن يحيى القطعي قال: حدثنا عبيد بن عقيل قال: حدثنا خارجة بن مصعب عن عمارة بن غزية عن الزهري قال: حدثني خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال: جاء عمر بن الخطاب إلى أبي بكر .. [وذكر خبر جمع القرآن في خلافة الصديق، ثم] .. قال [زيد]: فعرضت واحدة فوجدتني قد أسقطت هذه الآية [الأحزاب] (((من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ... ))) فسألت المهاجرين والأنصار فلم أجد [ها] عند أحد منهم، وقد كنت أعرفها، وقد كان أملاها عليّ رسولُ الله فكرهت أن أثبتها حتى يشهدَ معي غيري، فأصبتها عند خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي أجاز رسولُ الله شهادته بشهادة رجلين، فكتبتها، ثم عرضت عرضة أخرى، فوجدتني قد أسقطت آيتين، وقد عرفتهما [التوبة] (((لقد جاءكم رسول من أنفسكم ... ))) حتى ختم الآيتين، فسألت عنهما المهاجرين والأنصار فلم أجدهما عند أحد منهم إلا عند خزيمة بن ثابت الذي أجاز رسول الله شهادته فكتبتها في آخر براءة).
هل صحت هذه الرواية؟
أرجو الإجابة
فلو صحت هذه الروايه لأزال الله -بإذنه تعالى-إشكالات عندي
ـ[فهر راشد الأزهري]ــــــــ[27 Nov 2010, 01:15 م]ـ
أين الإخوة؟!!
لماذا لم يجب أحد؟؟
ـ[فهر راشد الأزهري]ــــــــ[27 Nov 2010, 05:47 م]ـ
????
ـ[فهر راشد الأزهري]ــــــــ[27 Nov 2010, 08:55 م]ـ
?!!(/)
"التفسير المأثور": الاصطلاح والمشكلات. د/عبد الرحمن حللي
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[28 Jun 2010, 08:48 ص]ـ
"التفسير المأثور": الاصطلاح والمشكلات
عبد الرحمن حللي
يتداول الباحثون في علوم القرآن ومناهج المفسرين اصطلاح "التفسير بالمأثور" للتعبير عن النمط السائد تفاسير المتقدمين، والمعتمد على المأثورات والمرويات في مجال التفسير، وقد درج هذا الاصطلاح المركب بعد استخدام السيوطي (ت911هـ) له في أشهر كتبه المعتمدة على هذا المنهج وهو تفسيره الموسوم بـ"الدر المنثور في التفسير المأثور"، ولا نجد استعمالاً لهذا الاصطلاح قبل السيوطي فيما تتبعناه، رغم استعمال المتقدمين كلمة "المأثور" كتعبير عما أضيف إلى السنة أو السلف، وغالباً ما تذكر في الدعاء أو وصف الأفعال، أما كوصف خاص مضاف إلى التفسير فلم ترد، لكنَّا نجد مركباً أدل على المقصود وهو "التفسير النقلي"، ولعل أول من استعمله ابن خلدون (ت 808هـ)، في مقدمته، واعتبره أحد نوعي التفسير وقد وصفه بقوله:"تفسير نقلي مستند إلى الآثار المنقولة عن السلف، وهي معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ومقاصد الآي. وكل ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين. وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا، إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود".
وقد ضبط المتأخرون مشمولات التفسير المأثور بأنها ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته، وما نُقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وما نُقِل عن الصحابة والتابعين، من كل ما هو بيان وتوضح لمراد الله تعالى من نصوص كتابه الكريم، وقد انتشر هذا التعريف من خلال الكتاب الأهم في هذا المجال وهو "التفسير والمفسرون" للمرحوم الدكتور محمد حسين الذهبي، والذي أصبح كل كتاب في مناهج المفسرين عالة عليه، وقد انتقد هذا التعريف بأن تفسير القرآن بالقرآن لا نقل فيه حتى يكون طريقه الأثر، بل هو داخل ضمن تفسير من فسر به، فكل من فسر آية بآية فإن هذا التفسير ينسب إليه، وبالتالي فاعتماد بعض القرآن في تفسير بعضه الآخر هو اجتهاد في الربط بين الآيات، فإن كان ظاهراً في نفس النص فهو واضح لا يحتاج إلى تفسير، وإن كان بين نصين في مكانين وتم الربط بينهما فهي عملية تفسيرية قد ترجع إلى السنة أو إلى من قام بهذا الربط من الصحابة أو من بعدهم، وبالتالي فتفسير القرآن بالقرآن هو أداة في التفسير وليس مصدراً مأثوراً، وكذلك انتقد التعريف بعدم إلحاق تابعي التابعين في تعريف التفسير المأثور، وقد حفلت كتب التفسير بها، ولعل المانع من إدخالهم في التعريف هو عدم إلحاقهم بالمكانة الخاصة للتفسير المأثور عن الرسول والصحابة والتابعين، بل إن الخلاف وارد في تفاسير الصحابة والتابعين أنفسهم.
فينبغي أن يشمل اصطلاح التفسير بالمأثور ما ورد في هذه الكتب من أقوال المتقدمين، لاسيما ممن هم قبل عصر التدوين سواء كانوا من التابعين أو تابعيهم، وذلك لاعتبار منهجي وصفي، أما قضية الموقف من المأثور فهي قضية أعمق من أن يعمم الحكم فيها على قبول هذا النمط أو عدمه، فمشكلات التفسير المأثور متعددة وشاملة لكل جوانبه، فما نسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تفسير إنما يخضع لقواعد النقد سنداً ومتناً كما هو معلوم في علم المصطلح، وفي حال الصحة يخضع ربط السنة بالقرآن إلى الاجتهاد أيضاً ما لم يكن النص صريحاً، فثمة فرق بين أن يتضمن كلام الرسول ربطاً مع الآية وبين أن يوجد هذا الربط من المفسر باجتهاده، وفي هذه الحال قد لا يكون الربط دقيقاً أو صريحاً، وكذلك الشأن بالنسبة لما ورد عن الصحابة وبعد صحة النسبة قد يكون القسم الأكبر منه من قبيل اجتهاد الصحابي في التفسير، ومن باب أولى أن يقال ما ذكر بشأن التابعي.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبالتالي فينبغي ألا يعمم الحكم بتفضيل التفسير المأثور إنما يرتبط ذلك بحسب الأثر من حيث صحته وقائله، وتناسبه مع النص المفسر، وإذا كان الأمر كذلك فإن اصطلاح "التفسير بالمأثور" إنما هو تصنيف شكلي لنمط من أنماط التأليف في علم التفسير، وبدهي أن يقال أنه ينبغي على المفسر أن يبدأ به لكن ذلك لا يعني أن ينتهي إليه، فالبداية به من باب التأريخ العلمي للتفسير ونسبة القول إلى أول قائل به، وهذا شرط علمي في كل ميدان، لكن المفسر قد يصل إلى خلافه بناء على معطيات علمية ترتبط بأصول التفسير وقواعده.
ومما يعزز هذا الحكم ما يكتنفه التفسير المأثور من مشكلات جعلت المتقدمين يقللون من أهميته وما صح منه، نظراً لما طرأ من ضعف في رواية التفسير المأثور ترجع إلى كثرة الوضع في التفسير وقد بدأ مع الوضع في الحديث قبل منتصف القرن الهجري الأول، وكان الوضع في التفسير على الصحابة أكثر، لاسيما على علي وابن عباس لمكانتهما العلمية والاجتماعية والسياسية، ومما زاد التفسير ضعفاً دخول الإسرائيليات فيه لدواع متعددة، لاحظ منها ابن خلدون في مقدمته شوق العرب إلى بعض المعلومات التفصيلية، من أسباب المكونات، وبدء الخليقة، وأسرار الوجود، وتفصيل الأحداث الكبرى في تاريخ الإنسانية الأولى، نظراً لبداوتهم وأُميِّتهم، وقلَّة المتداول بينهم منه، فكان من وراء ذلك كثرة الإسرائيليات، وقد عزز الوضع في التفسير وانتشار الإسرائيليات حذف الأسانيد المتعمد أحياناً، والذي أدي إلى اختلاط الصحيح بالضعيف وفقد الثقة بكثير من المرويات لدى اللاحقين، أو النظر إلى جميع ما رُوِىَ بعين واحدة، فيحكم على الجميع بالصحة، وتصور التناقض لدى المفسرين الين تنسب لهم أقوال متناقضة في المسألة الواحدة، وهذا ما حصل مع "جولدزيهر" الذي أظهر ابن عباس بمظهر الشخص الذي يناقض نفسه في الكلمة الواحدة أو الموضوع الواحد.
لكن هذا التفسير الموضوع – كما يشير الذهبي- إن كان موضع نقد من ناحيته الإسنادية، فإنه لا يخلو من قيمته العلمية، لأنه مهما كثر الوضع في التفسير فإن الوضع ينصب على الرواية نفسها، أما التفسير في حد ذاته فليس دائماً أمراً خيالياً بعيداً عن الآية، وإنما هو - في كثير من الأحيان - نتيجة اجتهاد علمي له قيمته، فمثلاً مَنْ يضع في التفسير شيئاً وينسبه إلى عليّ أو إلى ابن عباس، لا يضعه على أنه مجرد قول يلقيه على عواهنه، وإنما هو رأي له، واجتهاد منه في تفسير الآية، بناه على تفكيره الشخصي، وكثيراً ما يكون صحيحاً، غاية الأمر أنه أراد لرأيه رواجاً وقبولاً، فنسبه إلى مَنْ نُسِب إليه من الصحابة. ومن هذا الملحظ يمكن توجيه ثناء الإمام الشافعي وغيره على تفسير مقاتل الذي لم يوثقه أحد بل تركوا حديثه، وهذا أيضا ً ما جعل المفسرين يتناقلون الأقوال المأثورة بغض النظر عن صحتها، إذ أهم ما يعول عليه فيها هو قيمتها العلمية الذاتية.
هذا وأول ما عُرف من التفسير بالمأثور بعد أن انفصل التفسير عن الحديث، وأُفرد بتأليف خاص، الصحيفة التي رواها عليّ بن أبى طلحة عن ابن عباس، ثم وجُد من ذلك جزء أو أجزاء دُوِّنت في التفسير خاصة، مثل الجزء المنسوب لأبى رَوق، وتلك الأجزاء الثلاثة التي يرويها محمد بن ثور عن ابن جريج.
ثم وُجِدَت بعد ذلك موسوعات من الكتب المؤلَّفة في التفسير، جمعت كل ما وقع لأصحابها من التفسير المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم، وأجمع التفاسير المسندة للمأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم و السلف هي تفاسير: ابن جرير، وابن المنذر، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم، فهذه التفاسير الأربعة-كما قال ابن حجر عنها- قلَّ أن يشذ عنها شيء من التفسير المرفوع والموقوف على الصحابة والمقطوع عن التابعين. وأما التفاسير غير المسندة فكتاب السيوطي (الدر المنثور في التفسير بالمأثور) يعتبر أجمع الكتب لتلك الروايات.
وتجدر الإشارة هنا إلى نمطين من المؤلفات التي تدرج ضمن التفسير المأثور، النمط الأول هو النمط الذي لا يقصد أكثر من الرواية والسرد، دون أن يتدخل في توظيف هذه المرويات وتوجيهها في بيان المعنى، والنمط الثاني هو الذي يسرد المرويات ليصل من خلال نقاشها إلى المعنى الذي يبحث عنه المفسر، فنجده يرجح وينقد ويوجه، بل ويرفض ما أورده من مأثورات معتمداً على عناصر أخرى في التفسير كاللغة والسياق وغيرها، وهذا ما يتميز به تفسير الإمام الطبري الذي لم يلحظ فيه ابن خلدون هذه الناحية واعتبره من سياق كتب الرواية وما فيها من عيوب، وقد ميز بعض المعاصرين هذا النوع الثاني باسم خاص سماه "التفسير الأثري"، وهو يطابق عملياً التفسير بالرأي، الذي جُعل مقابل "التفسير المأثور"، إذ لا يخلو كتاب منها من الاعتماد على المأثور وتوظيفه في الفهم.
المصدر: الملتقى الفكري للإبداع
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[28 Jun 2010, 09:05 ص]ـ
للدكتور الفاضل مساعد الطيار في كتابه (مفهوم التفسير) كلام قريب مما طرحه الدكتور الفاضل عبد الرحمن حللي
ومن باب المدارسة: فانتقاد مصطلح (المأثور) ينبغي أن ينظر فيه إلى:
1) الدلالة اللغوية لكلمة (مأثور) والتي تعني المنقول، وبالتالي فكل تفسير منقول، ويتجدد ذلك بتجدد العصور والأزمنة، لكنه يشمل أكثر ما يشمل التفسير المنقول عن رسول الله صل1 وتفسير السلف، باعتبار الغالب، ولو كان هذا مقصد القائلين بمصطلح المأثور فلا أرى نقدا يتجه لذلك المصطلح، فمأثور يعني منقول لا أكثر.
2) الخلط الواقع من بعض الباحثين بين المنقول (المأثور) والمقبول، فليس كل منقول مقبول ولو كان منقولا عن رسول الله صل1 لتطرق الضعف إليه، أو كان عن السلف لطريان الخطأ على المجتهدين
وهذا العنصر الثاني كان سببا في توجيه الانتقادات لمصطلح المأثور، ولو أنه فصل بين منقول ومقبول، لزالت في نظري القاصر معظم تلك الانتقادات. والله أعلم
وهذا رابط آخر للكلام حول نفس القضية
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=52&highlight=%C7%E1%CA%DD%D3%ED%D1+%C8%C7%E1%E3%C3%CB %E6%D1(/)
إعلان عاجل عن حاجة مركز علمي لمدير تنفيذي
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[28 Jun 2010, 11:53 م]ـ
الإخوة الفضلاء ...
أحد المراكز العلمية البحثية في مدينة الرياض بحاجة إلى مدير تنفيذي للمركز تتوفر فيه الصفات الآتية:
1 - خبرة إدارية لا تقل عن خمس سنوات.
2 - أن يكون حاصلاً على دورات في إدارة المشاريع والتخطيط.
3 - القدرة على الدوام المسائي من الساعة (4) عصراً وحتى الساعة (10) مساءً.
4 - مؤهل علمي لا يقل عن بكالوريس.
علماً بأن الراتب المقدم راتب مجزي
ترسل طلبات التوظيف والسير الذاتية على البريد الإلكتروني
DR.alwahbi@gmail.com
وسوف أقوم بتحويل الطلبات للأخ المسؤول
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[29 Jun 2010, 03:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل هذا المركز البحثي ضمن جامعة أم مركز مستقل؟؟(/)
ما الذي يزرعه القرآن في القلوب؟
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[29 Jun 2010, 08:21 ص]ـ
جاء في الزهد للإمام أحمد رح1 عن مالك بن دينار -رح1 أنه قال: «يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؛ فإن القرآن ربيع المؤمنين ... » وبنحوه في حلية الأولياء.
أعجبني هذا الأثر، وأثار في نفسي فكرةً لعلها تجد قبولاً عندكم ...
آيات القرآن تزرع في القلوب معاني عظيمة جداً؛ وتَذكُّرُ هذا الأمر له أثر عظيم في قراءة القرآن وتدبره كما أنه يعين على محاسبة النفس في عدم ظهور أثر القرآن عليها؛ فلنبدأ من أول المصحف محاولين استخراج المعاني التي يزرعها القرآن في القلوب، على أن يكون كلامنا مختصراً، وهذا مثال تطبيقي:
چ ? ? ? ? چ تزرع في القلوب التوكل.
چ پ پ پ پ چ تزرع في القلوب الرضا.
چ ? ? چ تزرع في القلوب الرجاء.
چ ? ? ? چ تزرع في القلوب الاستعداد ليوم الدين.
چ ? ? چ تزرع في القلوب: تَذَكُّرَ سبب وجودنا في الدنيا.
چ ? ? چ تزرع في القلوب التوكل.
چ ٹ ٹ ٹ چ تزرع في القلوب: الشعورَ بأننا سائرون" فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها".
چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ تزرع في القلوب أن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.
چ ? ? ? ? ? چ تزرع في القلوب الخوف من عدم العَمَلِ بالعِلْمِ.
چ ? ? چ تزرع في القلوب الحذر من العمل بدون علم.
منتظراً تفاعلكم الكريم بمعاني أخرى من الآيات نفسها، وحبذا ألا يزيد الاستنباط عن سطر فالاختصار يكون أنفع للقاريء وأيسر في أن نستمر حتى نتم المصحف كاملاً - بإذن الله -، وإذا وجدت للفكرة قبولاً وألفيت منكم تفاعلاً فسأحاول بعون الله الاستمرار في وضع معاني جديدة لمقطع جديد كل ثلاثة أيام – مثلاً-.
ـ[خلوصي]ــــــــ[29 Jun 2010, 09:27 ص]ـ
بارك الله فيكم شيخ محمد
و سبحان الله!
كنت أفكر منذ يومين و أنا أتلو في صلاة الجماعة في البيت قوله عز و جل:
" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)
أُولَ?ئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَ?ئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157) "
و تأثرت كثيراً من التفكر في معنى " إنّا لله " فأسعفني التفكر - مع شدة أعانيها - ثم - مع صحبة أستاذ الإيمان و لو بنزر يسير جدا جدا - في ربط كل ما يحدث لنا بالله ..
فإذا كان معنى بسم الله الذي أبرزه لي الأستاذ أو ركّز عليه من بين سائر المعاني هو معنى الانتساب إلى الله ..
فإن معنى المصيبة حينما تربط بالذي يختبرنا لينظر http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif ماذا نحن فاعلون؟ و هو الله جل جلاله .. لينقلب حينئذ برداً و سلاماً!
فإن لم يسعف الحضورُ الإيمانيُّ القلبَ إلى ذلك المستوى الذي يتفلّت بسرعة , فلا أقل من التفكر بقوله عز و جلّ:
" إنا لله "
نعم إنا لله!
لسنا سائبين!
لسنا ملك أنفسنا!
نحن فقراء عاجزون في صحارى الخوف و الحاجات!
و لذا .. فمع الاعتذار لكم عن الإطالة - لمرة واحدة فقط http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif - أرجو أن تكملوا هذا الموضوع البديع حقاً في نهجه و شروطه .. و لا تنتظروا سيدي القبول و التفاعل فإنه يأتي و لو بعد حين!
و حتى لو لم يأت! فقد علمني الأستاذ:
" التزم وظيفتك و دع أمر النتائج إلى الله "
و عندما أنسى هذا تتضاءل همتي لنفع الناس ثم لا أرى إلّا و قد تضاءلت الهمة حتى لنفسي!؟!
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[29 Jun 2010, 09:30 ص]ـ
جزاك الله خيراً على المشاركة المؤثرة
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jun 2010, 09:59 ص]ـ
چ ? ?? ? چ الشعور بالأمن
چ پ پپ پ چ العرفان بالجميل
چ ? ? چ تأكيد العرفان بالجميل
چ ? ?? چ مراقبة النفس
چ ? ? چ الاعتراف بالحق
چ ? ? چ الاعتراف بالضعف
چ ٹ ٹٹ چ الاعتراف بالفقر والحاجة
چ ? ?? ? چ حب الصالحين.
چ ? ?? چ كراهية جحود النعمة
چ ? ? چ كراهية السعي بلا بصيرة.
هذا تلبية لطلبكم التفاعل وندعك تكمل الموضوع إلى آخر المصحف بتوفيق من الله.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[06 Jul 2010, 02:05 م]ـ
لم أشأ أن أتوقف عن الخير، فإن كانت البضاعة مزجاةً فالرب عفوٌ غفور:
چ ? ? چ تزرع في القلوب العجز عن الإتيان بمثله رغم أن حروفه هي حروفنا.
چ ? ? چ تزرع في القلوب –بدلالة الحصر- الإقبال بالكلية على القرآن.
چ ? ? چ تزرع في القلوب –بدلالة الحصر- الزهد فيما سوى القرآن.
چ ? ? چ تزرع في القلوب –بدلالة الإشارة- الفرح بهذه الهدية الإلهية، التي تدل التائهين الذين يبحثون عن سبيل سعادتهم.
إخواني ... لا أقصد بالتفاعل الشكر أوالثناء ... وإنما أقصد مشاركتكم بمعانٍ تجدونها في الآيات؛ فليتكم تفعلون جزاكم الله خيراً ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[07 Jul 2010, 12:37 م]ـ
لا يخفى على فضيلتكم أن الأصل العام الذي يجمع كل ما ذكرتم ما عبر عنه الصحابة الكرام بتعلم الإيمان قبل القرآن
فالذي يزرعه القرآن في القلوب هو الإيمان، وما انقلبت أمورنا رأسا على عقب إلا عندما تعلمنا القرآن ولم نتعلم الإيمان
فلو أقبلنا على القرآن لتعلم الإيمان لكان الحال غير الحال. والله المستعان
وانظر الآثار الواردة في كمية الوقت الذي استغرقه الصحابة في تعلم سورة البقرة مثلا يظهر لك مقدار ما بيننا وبينهم من التباين
وأهم محورين في تعلم الإيمان: الإيمان بالله، والإيمان باليوم الآخر.
رزقنا الله الإيمان به والإيمان باليوم الآخر
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[07 Jul 2010, 02:43 م]ـ
أشكرك أبا صفوت فقد أشرت إلى علم عظيم غير موجود في برنامج طالب العلم - غالباً-، وكنت قد سمعت عن تدريس هذا العلم في (جامعة الإيمان) في اليمن فلعل أحداً من أهل اليمن يتحفنا بمناهجهم في هذه المادة.
وعلم آخر لا يدرس لا في اليمن ولا في الشام (علم الخشوع) وقد ثبت في المسند موقوفاً أنه أول ما يرفع من الأرض
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[17 Jul 2010, 08:41 ص]ـ
أعرف أني قد تأخرت، وها أنا أعود متعثر الخطى ... والله المستعان.
چ? ? ? چ تزرع في القلوب الأمل بعد اليأس.
چ? ? ? چ تزرع في القلوب الهدف الواحد بعد التيه و التشتت.
چ? ? ? چ تزرع في القلوب الفرح بنعمة الله.
چ? ? ? چ تزرع في القلوب الخوف من عدم الأهلية.
چ? ? ? چ تزرع في القلوب التطهر من الآثام، قبل قراءة أعظم كلام.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[06 Aug 2010, 02:36 م]ـ
ها أنا أعود بآيات جديدة، وتعليقات يسيرة، جعلها الله من القليل الدائم! وليت من هو أحسن مني بضاعة أو ألطف مني عبارة يجود بما عنده.
چ ? ? ? چ تزرع في القلوب تغليب ما يأتي به الوحي الصادق- القرآن والسنة الصحيحة- على ما تشاهده الأعين مخالفاً لما أتاها به ذلك الوحي.
چ ? ? چ تزرع في القلوب هَمَّ إقامة الصلاة بدلاً من هَمِّ أدائها – فما كل مصلٍ مقيم-.
چ ? ? ? چ تزرع في القلوب الحرص على دوام الإنفاق واستمراره – بدلالة الفعل المضارع -.
چ ? ? ? ? چ تزرع في القلوب ضرورة الذكر الكثير للآخرة حتى ننتقل من العلم بها إلى اليقين، اللهم ارزقنا ذلك وأنت خير الرازقين.
ـ[محمد ابو القاسم المقرحى]ــــــــ[06 Aug 2010, 04:46 م]ـ
بسم الله والصلاة على خير الانام واله الاطهار _ السلام عليكم
اللهم افتح لنا وبيننا وانت خير الفاتحين
اذا اراد الانسان ان يزرع التوكل فى قلبه _والخوف والرجاء والرغبة والرهبة عليه بالقرآن لماذا؟
لانه روح والروح تحيا بها البشر لماذا؟ لان الله قال (وكذلك اوحينا الليك روحا من امرنا) وهيا ليست روح الاعظاء اى اسيقاظ الاموات بل روح القلب بحيث اذا احيينا القلب احييت الجوارح بعمل ما يحب القلب لماذا؟
لان القرآن نور (الذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى انزل معه اؤلئك هم المفلحون)
نكتة استحضرتنى _
قال تعالى (بل هو ايات بينات فى صدور الذين اتوا العلم)
بل هنا نفت ماقبلها اى ان ما كان غير القرآن ليس ببيان وهو ضمير عائد الى القرآن ثم جاء بفظ ايات دليل رائع لقول الله (سنريهم اياتنا فى الافاق وفى انفسم حتى يتبين لهم انه الحق من ربك) اى ان ايات الرحمان حق مبين وفى انفسهم هنا اقرار نفسى والاقرار حديث بين الشخص وداخله اى قلبه
ثم جاء بلفظ بينات البينات و بائن وواضح وهو كما نعلم علم من علوم البلاغة علم البيان
اذ ان
من كان فى قلبه هذه الايات فهيا بينات ومن كان فى صدره هذه البينات فقد ابصر بالبصيره التى هيا بالقلب ولكن هنا نكتة رائعة وكثيرا ما يذكرها الامام بن القيم ويستدل به قول النبى (اتقوا فراسة المؤمن فأنه ينظر بنور الله) وقول الله (ان فى ذلك لايات للمتوسمين) اى اصحاب الفراسة الذين يبصرون بنور الله لأن هناك فرق
بين الابصار والبصائر الابصار بالبصر اى بالعين والبصائر الاستبصار اى البصيرة الداخلية بصر القلب لماذا قلت ذكرت ذاك؟
لان الله اذا اراد الا يهدى احدا ماذا يفعل به؟
ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم اذا لم يبصر بنور البصيرة فأنه على الطريق اليسار ومن اصحاب الشمال
واذا ابصر ماذا ينتج؟
يزرع فى داخله التوكل والطلب
يزرع فيه الرجاء والخوف
يزرع فىه الرضا
فأنه يعلم انما هو لله ولى عبادة الله وعائد الى الله آسف للاطالة لان الموضوع رائع ويتطلب اكثر من هذا
وآخر دعوانا ان الحمد للذى عليه توكى وكل رجائى
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[06 Aug 2010, 05:34 م]ـ
ليتك أخي محمد تعيد النظر فيما كتبته سواء من جهة الإملاء أو من جهة الأسلوب، والمعذرة فإني لم أفهم بعض ما تريده بسبب هذه الأخطاء.
ـ[محمد ابو القاسم المقرحى]ــــــــ[06 Aug 2010, 10:08 م]ـ
اخى محمد نصيف اين ارجوا ان تكتب لى مالذى لم تفهمه
بين لى المواضع التى لم تفهمها
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد ابو القاسم المقرحى]ــــــــ[06 Aug 2010, 10:19 م]ـ
(وهيا ليست روح الأحياء الجسدى الحسى اى استيقاظ الاموات بل روح القلب بحيث اذا احيينا القلب احييت الجوارح بعمل ما يحب القلب لماذا؟)
هذا خطأ فعلا لتسرعى فى الكتابة(/)
ملاحظات على طبعة صلاح الدين لتفسير الإيجي
ـ[وليد العاصمي]ــــــــ[29 Jun 2010, 11:58 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فإن من التفاسير التي لم تول عناية تليق بقدرها مع مافيها من نفائس (تفسير الإيجي) الموسوم (بجامع البيان في تفسير القرآن)، لا أستطيع أن أصف فرحتي بنزول طبعة جديدة لهذا التفسير وهي: طبعة الشيخ صلاح الدين - غراس للنشر والتوزيع.
http://www.tafsir.net/images/jameealbyan.jpg
ومن شدة فرحتي بها اشتريت منها أكثر من سبع نسخ!! خشية نفادها! فصادقتها حولين كاملين ليلها ونهارها، لكن وقفت على أخطاء وتصحيفات لايرضاها محب!
أرجو الله وحده أن أوفق لبيانها خاصة أن هذه أول مرة أكتب فيها مقالا، فليغض الكريم طرفه، إن وجد مايخالف المعهود لكاتبي المقالات، وحتى أمسك بزمام الموضوع أُجِمل ما أريد قوله في نقاط وأختصر:
1ـ وقع على غلاف النسخة اسم المؤلف كذا (الأيجي) والصواب (الإيجي) كما ذكر ذلك بنفسه فقال: إيج بكسر الهمزة ... إلخ. وهذا هو الصواب إذ أنها نسبة إلى إيج من بلاد فارس. عموما الأمر بالنسبة إلى غيره أيسر! نزدلف للأخرى.
2ـ ذكر أن هذا التفسير خال من الأخطاء العقدية إلا في موضع سيأتي ذكره. وهذا الإطلاق فيه نظر بسيط. وسأفرد بإذن الله مقالا حول هذا، لذا حسن التأجيل، نزدلف لثالثة الأثافي.
3ـ حذف حفظه الله كلاما للمصنف، وحجته أن فيه خطأ عقديا، وليس له حذفه كما هو معلوم، وكان الأولى أن يثبته، ويعلق عليه.
4ـ وقع في التفسير سقط وتحريفات، ليست هي من قبيل الخطأ المطبعي، بل هي من قبيل عدم العناية، إذ لاتخلو صفحات قليلة من سقط أو خطأ! وأذكر شيئا من ذلك:
- إسقاط حرف الألف بين القولين وهذا خطأ يحيل المعنى كثيرا إذ أن أو عند الإيجي تعني أن هناك قولان للسلف وإسقاط الألف يُصيرُ الواو حرف عطف مثل ماوقع في ص (43 - 281) وغيرها الكثير.ومنها إسقاط أحرف بإسقاطها يتغير المعنى مثل ماجاء في ص (124) عند قول المصنف عند بعض السلف (أن الرهنة لايجوز في السفر) والصواب (لايجوز إلا في السفر!) ومثلها إسقاط الكلمةكما في ص (125) سقط قول المصنف نسأل أو اغفر.
- التحريف في الكلام حتى يتغير المعنى ولايفهم ص (284) (تشركون) والصواب (تشكرون!) ومنه ماوقع في ص (301) (بلبس) والصواب (بتبليس) ومنه ص (238) (بصنيع شنيعهم) والصواب (بشنيع صنيعهم). وغير ذلك كثيرٌ جداً، بلغ عندي فوق المائة كثيرٌمنها سقط لكن ذكرت هنا أمثلة يسيرة وقد يكون غيرها مما وقع أكثر خطأ لكن لم يكن في البال إحصائها وإبدائها ولذا جرى الاقتصار على بعض الأمثلة وهي تدل على غيرها بإذن الله ولولاخشية الإطالة لذكرتها واحدة تلو الأخرى ولاأشك أن هذه الطبعة أسوأ الطبعات على وجه البسيطة وإن كانت آخرها ولعلها خرجت بعد الصف مباشرة من غير مراجعة وهذا هو الظن.
سائلاً الله عز وجل أن يعفو عنا وعنهم وأن يجزي شيخي مساعد الطيار خير الجزاء فهو الذي عرض علي كتابة الموضوع وهذا من كريم خلقه وليس غريباً على من عرفه وصلى وسلم على نبينا محمد.
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[29 Jun 2010, 01:43 م]ـ
1. حياك الله في ملتقى أهل التفسير مفيدا، ومستفيدا.
2. أشكرك على مشاركتك النافعة المهمة.
3. أقترح عليك ذكر طبعات الكتاب، والملاحظات عليها.
4ـ لو أفردتَ موضوعا مستقلا تبين فيه منهج الكتاب، وأهميته، وميزاته، وما له، وما عليه.
وجزاك الله خيرا.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[29 Jun 2010, 02:43 م]ـ
أولا مرحبا بك أخي الفاضل بين إخوانك ومحبيك.
ثانيا: لا أدري أأشكرك على جمال استهلالك، أم حسن أدبك، أم دقة فوائدك؟
ومن أجمل ما ذكرت هذه الكلمة:
هذه أول مرة أكتب فيها مقالا، فليغض الكريم طرفه إن وجد مايخالف المعهود لكاتبي المقالات
فلو أن كل أحد راعى هذا لارتحنا من كثير مما يكتب.
فشكر الله لك كل ذلك.
ثالثا: ننتظر ما وعدت به في ثنايا مشاركتك، وما اقترحه عليك الشيخ ضيف الله.
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[29 Jun 2010, 04:20 م]ـ
في كم سفر هو تفسير الإيجي، و من أي المدارس التفسيرية؟؟
ـ[وليد العاصمي]ــــــــ[29 Jun 2010, 08:16 م]ـ
أما عن الكتاب وأهميته وطبعاته فسأتكلم عنها بإذن الله وأما عن سؤال الأخ أبو الفداء فجوابه: في مجلد ضخم وقد طبع في أربع مجلدات وأقترح عليه أن يطلع على كلام شيخنا الطيار حول مصطلح مدارس التفسير وجزاكم الله خير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Jul 2010, 07:52 ص]ـ
حياكم الله أخي وليد، وأرجو لك النفع والفائدة بمواصلتك الكتابة في هذا الملتقى في تطوير قدرتك على الكتابة، والاسترسال في مسالكها نفع الله بك.
وبدايتك موفقة إن شاء الله، فالقراءة النقدية للمؤلفات ينتفع بها الكاتبُ والقارئُ والمؤلف أو المحقق، فهو سهمٌ أصاب ثلاثة أهداف جعلك الله مباركاً مسدداً، واحرص على انتقاء أفضل العبارات وأكثرها تهذيباً في نقدك فسينفعك الله بذلك في علمك، وسينفع به من يقرؤه ويطلع عليه كذلك.(/)
ما الفرق بين قول عيسى وقول ابراهيم عليهما السلام
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[30 Jun 2010, 07:31 ص]ـ
يقول الله تعالى:وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.
لماذا قال على لسان عيسى انك أنت العزيز الحكيم ولم يقل إنك أنت الغفور الرحيم مثل مقولة ابراهيم عليه السلام. وهل يعني ذلك أن ابراهيم كان يطمع بالمغفرة لقومه؟ ولماذا قال ما قال وهم كفار؟.
ومن أجل التمهيد للإجابة أسوق اليكم هذا الحديث:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلا قوله عز وجل في إبراهيم" رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ" «2»] إبراهيم: 36] وقال عيسى عليه السلام:" إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" فرفع يديه وقال: (اللهم أمتي) وبكى فقال الله عز وجل: (يا جبريل اذهب إلى محمد- وربك أعلم- فسله ما يبكيك" فأتاه جبريل عليه السلام فسأله فأخبره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما قال- وهو أعلم- فقال الله: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل] له [«3» إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك)
قال القرطبي:
في الآية تقديم وتأخير ومعناه إن تعذبهم فإنك أنت العزيز الحكيم وإن تغفر لهم فإنهم عبادك ووجه الكلام على نسقه أولى لما بيناه. وبالله التوفيق.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 Jun 2010, 09:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.
"لماذا قال على لسان عيسى انك أنت العزيز الحكيم ولم يقل إنك أنت الغفور الرحيم مثل مقولة ابراهيم عليه السلام. وهل يعني ذلك أن ابراهيم كان يطمع بالمغفرة لقومه؟ ولماذا قال ما قال وهم كفار؟ "
لاختلاف الموقف اختلفت العبارة
فعيسى عليه الصلاة والسلام قالها في موقف الحساب وتبكيت الكفار بذنوبهم و قد علم حكم الله تعالى في من مات على الشرك فجاءت عبارته مظهرة الأدب مع الله تعالى ومؤكدة الإرادة المطلقة لله تعالى فكأن المعنى:
إنك لو غفرت لهؤلاء مع سبق حكمك فيهم فمن يحول بينك وبين ذلك وأنت العزيز الذي لا غالب لك وأنت الحكيم الذي ليس في أفعالك ما هو عبث.
أما إبراهيم عليه الصلاة والسلام السلام فكلامه هذا في تقرير حال الدعوة والمدعوين في الحياة الدنيا فهو يقول:
إن من تبعني على توحيدك وعدم الإشراك بك فهو مني وعلى طريقتي وملتي التي هديتني إليها.
أما من خالفني وعصاني فأمره إليك إن غفرت لهم ورحمتهم فهذه صفتك.
وهذا من النبيين الكريمين في غاية الأدب مع الله تعالى
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[30 Jun 2010, 07:45 م]ـ
بارك الله بك أبا سعد. وليس لي أية إضافة على قولك. وقد قلت الذي في قلبي وزيادة. لا حرمنا الله منك ومن علمك. والحمد لله رب العالمين(/)
تعريف يسير بتفسير الإيجي (1)
ـ[وليد العاصمي]ــــــــ[30 Jun 2010, 08:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
http://www.tafsir.net/images/jameealbyan.jpg
اسم المصنف:
محمد بن عبدالرحمن بن محمد الحسيني الإيجي الشافعي. وقيل: اسمه: عبد الله. أما ما ذكره عن نفسه: معين بن صفي. فهذا لقبه ولقب والده.
اسم الكتاب:
جامع البيان في تفسير القرآن، كذا سماه مصنفه. وفي الضوء اللامع وكشف الظنون وهداية العارفين باسم (جوامع التبيان) لكن الاسم الأول جاء في المقدمة بخط المصنف! فلا مفر من إثباته!
مصادره:
تفسير ابن كثير والبغوي والواحدي والنسفي والبيضاوي والكشاف وشروحه وغيرها، ونقل عن الطبري مرة. ولا شك في رجوعه إليه فقد وافق عباراته غير مرة. وكذا الرازي. ولايعني هذا أن كل مافي التفسير نقل بل فيه نفائس أنشأها، وقد خالف الزمخشري كثيرا في أراءه.
طريقته:
له طريقة بديعة جدا، تدل على تمكنه وبراعته في سبك أقوال المفسرين!
فما ذكره بصيغة (أو) فهو للسلف!
وماذكره بصيغة: قيل فهو للمتأخرين لم ينقل عن السلف.
ويختار من أوجه الإعراب الأظهر، وقد يذكر وجها آخر لنكتة.
وقد وجدت كثيرا مما ذكره ب (قيل) هي من الأقوال التي ّذكرها صاحب الكشاف أو الرازي،
وقد فات المصنف بعض أقوال السلف. وهذا نزر يسير وأمر يسير إذ لا يخلو منه بشر.
أقف هنا،وسأكمل بإذن الله في وقت آخر، وبقي علينا: عقيدته، وثناء بعض العلماء عليه، وطبعات الكتاب، لكني أختصر لأني حديث عهد! ومامثلي مع أحبتي _والله_إلا كحال غريب دخل بلدا يحبها لايعرفها، يرقب كل بادرة منه، خشية أن يكون ذلك عيبا في عرفهم. وجزاكم الله كل خير
ـ[أبو تيماء]ــــــــ[30 Jun 2010, 02:01 م]ـ
...
...
لكني أختصر لأني حديث عهد!
وما مثلي مع أحبتي _ والله _ إلا كحال غريب دخل بلدا يحبها لا يعرفها
يرقب كل بادرة منه، خشية أن يكون ذلك عيبا في عرفهم
وجزاكم الله كل خير
حيّاك الله أخي في الله: وليد العاصمي
بين إخوانك وأصحابك .. واعلم أنك إلى قلوبنا حبيب
وبمثل هذه البوادر وليفٌ قريب، لا غريب ولا معيب
فبارك الله فيما تكتب ونفع به الجميع
..
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[30 Jun 2010, 03:45 م]ـ
عرض موفق وقراءة واعية، واصل وصلك الله بفضله.
ـ[إبراهيم الحميدان]ــــــــ[23 Nov 2010, 10:50 ص]ـ
ومامثلي مع أحبتي _والله_إلا كحال غريب دخل بلدا يحبها لايعرفها، يرقب كل بادرة منه، خشية أن يكون ذلك عيبا في عرفهم
أضحك الله سنك أخي وليد ...
استمر بعرضك الموفق فأنا متابع
وفقك الله لكل خير
ـ[محمد حسن]ــــــــ[26 Nov 2010, 09:25 ص]ـ
شكرا جزيلا أخى وليد العاصمى (عصمك الله من الفتن)
اذا كان هذا التفسير يجمع التفاسير السابقة .. فانه اذن لم يأت بجديد
وانما الجديد هو أنت - اخى وليد - لقد أوتيت من البلاغة ما سبقت به بن المقفع ونافست فيه ابن ابى سلمى بل والمعلقات
اننى احب ان اقرأ لك لاتعلم منك فن البلاغة والألقاء (وكما قلت لك سابقا انا اعمل دكتور استشارى امراض الباطنة والكلى ,, وعملى هذا قد اثر على اسلوبى فاصبح اسلوبى وكتاباتى علمى بحت ليس فيه من البلاغة شيئا)
فجزاك الله خير الجزاء على ما علمتنى من البلاغة بما تعلمى من علوم دينية
اخوك محمد حسن(/)
رؤية حول مفهوم التدرج التشريعي في القرآن الكريم
ـ[الخطيب]ــــــــ[30 Jun 2010, 06:49 م]ـ
رؤية حول مفهوم التدرج التشريعي في القرآن الكريم
تشير مادة " درج " فى معاجم اللغة إلى الترقي شيئاً فشيئا وصولاً إلى غاية محددة.
ومنه يقال كما فى لسان العرب: أدرجت العليل تدريجاً أي: أطعمته قليلاً، وذلك إذا نقه، حتى يتدرج إلى غاية أكله كما كان قبله العلة، درجة درجة، ولأجل ذلك يقال للأرجل: دوارج، حيث انها بها يتم التدرج والتنقل، وفيه جاء قول الفرزدق:
بكى المنبر الشرقى أن قام فوقه خطيب فقيمى قصير الدوارج
وهذا المعنى المذكور هو استعمال القرآن الكريم للكلمة: قال تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ} (الأعراف: 182) قيل: معناه سنأخذهم قليلاً قليلاً ولا نباغتهم.
وعلى ذلك فالتدرج هو الانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى أعلى منها وأرفع فى الحس أو فى المعنى أو فى كليهما وفى ضوء هذا المعنى قيل لمنازل الجنة درجات من جهة أن بعضها يرتفع فوق بعض أخذاً من الدرجة التى تعنى الرفعة والمنزلة.
وأما التشريع، فيعنى به المناهج والقوانين التى سنها الله تعالى لعباده ليعرفوا بها الأحكام المنظمة لحياة الأفراد فى علاقتهم مع ربهم وعلاقتهم مع بعضهم البعض، وما يتبع ذلك من مبادئ تنظم قانون الثواب والعقاب. ويشمل لفظ التشريع ما كان أصله ثابتا بالقرآن والسنة، وما كان أصله إجماعا أو قياسا.
فالتشريع أعم من الشريعة غير أن المناسب لموضوعنا هذا ما كان أصله الكتاب والسنة نظريةً بالكتاب وتطبيقًا بالسنة لأن التدرج في التشريع بدأ وانتهى في عصر النبوة.
في ضوء ما مضى من تعريف مفردات هذا التركيب أستطيع أن أضع لهذا العنوان أو ذاك التركيب تعريفاً أقول فيه:
إن التدرج التشريعي في القرآن هو عبارة عن التنقل والارتقاء شيئاً فشيئاً في تشريع الأحكام التكليفية المنوط بأدائها المكلفون، توطيناً لنفوسهم، ومراعاة لأحوالهم، من خلال آيات الأحكام فى القرآن الكريم.
هذا هو المفهوم العام لهذا التركيب لدى العامة، وعندي أن التدرج إنما كان بالناس في امتثال التشريع، بمعنى أن القرآن الكريم راعى ظروف المدعوين –وهم الجيل الأول جيل الصحابة- في صعوبة التخلي عما دأبوا على فعله فتدرج بهم على سبيل التربية لأجل أن يسهل عليهم امتثال التشريع.
وهذا الفهم يجرنا إلى السؤال التالي:
هل هو تدرج في التشريع، أو تدرج بالناس في امتثال التشرع؟.
وجهة نظري أن التشريع في القرآن فيما ذكروا أنه قد تدرج فيه، هو ليس تدرجا في التشريع حيث لم يتقلب الحكم بين الأحكام التكليفية الخمسة كلها أو بعضها، ممتطيا سلم الارتقاء وصولا إلى الحكم النهائي، فمثلا تحريم الخمر وهو أبرز مثال للتدرج يسوقه العلماء لم يتقلب فيه التشريع بين الأحكام التكليفية المعروفة، بل إن كل الآيات الواردة فيه تدفع باتجاه منعه الذي قوي شيئا فشئا إلى أن وصل إلى هذا الأمر "فاجتنبوه" في سورة (المائدة:90)
فالتشريع إذن في الخمر، هو المنع لكن التعبير عن هذا المنع اختلف من موطن إلى آخر لتربية الجيل الأول وتدريبه على أمر قد اعتادوه ويشق التخلي عنه دفعة واحدة.
وأيا ما كان فهذا التركيب يشير إلى مبدأً قرآني عظيم تمثل في أن القرآن الكريم لم يأت بتشريعاته جملة واحدة وإنما تدرج بالقوم شيئًا فشيئًا حتى وصل بهم إلى الكمال في التشريع تقول السيدة عائشة ـ رضي الله عنها ـ: " إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو نزل لا تزنوا لقالوا: لا ندع الزنى أبدا " أخرجه البخاري.
وقد مضت سنة التدرج بالناس في امتثال التشريع القرآني في ضوء الأطر الآتية:
1 – السكوت عما كان يفعله الكفار فترة من الزمن، ثم إبطاله مرة واحدة كما هو الحال في مسألة إبطال التبني.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 – التشريع الإجمالي في أول عهد التشريع لأمرٍ ما، ثم التوسع في بيان مسائل كثيرة مفصلة لهذا الإجمال، كما هو الحال في تشريع الجهاد الذى بدأ بالإذن به بقوله تعالى: " أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير " [الحج: 39]، ثم تلا ذلك تفصيل أحكام الجهاد، حيث شرعت كيفية الاستعداد له، وأحكام الأسرى، والتخلف عن الجهاد، والإنفاق عليه، وكيفية أداء الصلوات أثناء القتال، وهكذا.
3 – التدرج في إلغاء بعض العادات المتأصلة، على مراحل، كما هو الحال في مسألة تحريم الخمر والميسر حيث تم ذلك على ثلاث مراحل بدأت بنزول قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا} (البقرة: 219) وهي آية أومأت إلى خطورة كل من الخمر والميسر وهي بالنسبة للصحابة خطوة في الاتجاه للتحريم وبالنسبة لنا هي من النصوص المحرمة للخمر لأنها ذكرت لنا أن أضرار الخمر أكبر من منافعها، والقاعدة عندنا "أنه إذا غلبت المفسدة المصلحة في شيء فإنه يحرم بل إذا تساوتا أيضا يحرم لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"
ثم نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} (النساء: 43) وذلك حين شرب الخمر أحد الصحابة فصلى بالناس إماما فهذى في صلاته فنهوا عن شربها في أوقات الصلوات، فكانوا لا يشربونها إلا بعد صلاة العشاء، وما قلناه تعليقا على الاية السابقة ايضا يصلح هنا وهو أن هذه الآية بالنسبة للصحابة خطوة في الاتجاه للتحريم الشامل وبالنسبة لنا هي من النصوص المحرمة للخمر بأبلغ طريق وأسده، لأن الصلاة عماد الدين ومظهر الإيمان الذي لا يختلف حوله، بل إن القرآن لم يسم أي عبادة إيمانا إلاها، وذلك في قوله سبحانه {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} (البقرة:143) فإذا نهى القرآن عن قربانها على أهميتها وضرورتها بسبب السكر كان هذا تحريما للسكر بأبلغ طريق، لأن الامتناع عن أداء الصلاة، هو محرم في الإسلام، وما يجر إلى الحرام هو حرام، فإذا أدى السكر إلى عدم قربانها فهو حرام، لأنه جر إلى حرام.
ومن هذه الناحية يثبت لدينا أن هذه الآية أيضا نص في التحريم.
وأيا ما كان فليس هناك شك في أن الجيل الأول من المخاطبين قد التفتوا وانتبهوا إلى خطورة الخمر من خلال المرحلتين السابقتين وقد صارت النفوس مهيأة لاستقبال الحكم النهائي بل إن بعضهم كان يتعجله كعمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان يقول:
اللهم بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، وفي هذه الظروف تنزل هذه الآية التي تقطع كل احتمال وتجزم بالتحريم القاطع وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} (المائدة: 90، 91)
4 – التدرج بالمخطئين في تقرير بعض العقوبات عليهم من اليسير إلى الشديد، كما هو الحال فى عقوبة الزناة التى كانت أول التشريع إيذاء وحبسا في البيوت، حتى يظهر منهم التوبة والصلاح (انظر: الزنى)
قال تعالى: {وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً* وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً} (النساء:15،16)
إلى أن أفصح عن العقوبة بعد ذلك فكان الجلد للزاني غير المحصن، والرجم للمحصن.
(يُتْبَعُ)
(/)
5 - التدرج بحكم قد أُذِن به أولاً على طريق التخيير، ثم إلغاء هذا التخيير، وتعيين أحد المُخيَّرَيْن، كما في الصوم حيث شرع أولاً الصوم مخيراً بينه وبين الفدية عنه، بالنسبة للقادرين على الصوم، ثم ألغى هذا التخيير، وتعين الصوم وحده عليهم.
6 - تنويع الحكم الواحد وتصنيفيه حسب حالات المكلفين، ومراعاة لظروفهم، وذلك كما هو الحال فى العدة حيث تتنوع إلى: (عدة وفاة، وعدة طلاق، وعدة الحامل، وانتفت العدة عن غير المدخول بها) وكما هو الحال في الكفارات أيضاً التي تتنوع إلى عتق، وصيام، وإطعام للمساكين، أو كسوتهم، وغير ذلك.
وفى رأيي أن هذا اللون من التدرج بالناس في إطار الحكم الواحد، لا يقل أهميةً عما يتصوره كثيرون من التدرج بالحكم بتغييره، وتبديله بأخر، بل إنه يدل أيما دلالة على أن هذه الشريعة الغراء ليست شريعة قسرية جافة، ولكن شريعة حية تتفاعل مع المكلفين مراعية لظروفهم النفسية، والاجتماعية، والاقتصادية، فتشرع لهم ما يتناسب وحالهم.
وإلا فلِمَ لَمْ يعين القرآن نوعاً واحداً من أنواع العدة للمرأة ليستمر معها، وإن اختلفت أسباب الاعتداد؟ َ ولَمْ يعين كذلك نوعاً واحداً من أنواع الكفارات، ليكون جبراً لما يقع فيه المكلف من أخطاء؟
إن الناس تختلف ظروفهم، وأحوالهم، وطاقاتهم، فمنهم من يتناسب وحاله هذا اللون أو ذاك، ومنهم من لا يلائمه إلا هذا اللون أو ذاك، كل ذلك فى إطار حكم واحد تعددت أشكاله، وفق حكمة عالية من قبل الشارع، ويعرف بذلك بجلاء من يقف على حكمة التشريع الظاهرة البعيدة عن التكلف، لأي حكم من الأحكام التكليفية.
* كيف نقف على سنة التدرج هذه من خلال آيات القرآن الكريم؟
والجواب أن ذلك يتأتى من خلال ترتيب الآيات الواردة في الموضوع الخاضع للدراسة ترتيباً زمنياً، يتميز فيه السابق على اللاحق، ومن خلال التدبر فى مجموع هذه الآيات تدبراً يُبْنى فيه ثان على أول، ولاحق على سابق، تظهر الفوارق، وينجلي الحكم، ويوقف على سلم التدرج.
ومما يعين على معرفة الترتيب الزمني للآيات للكشف عن التدرج وتمييز مراحله ما يلى:
1 – أن يكون في النص القرآني ذاته ما يشير إلى ذلك، كما في قوله تعالى: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون * الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين " (الأنفال: 65، 66)
وهذا مثال للكشف عن الترتيب الزمني للتشريع، وليس مثالا للتدرج، لأن هذا تدلٍ في التشريع، وليس ترقيًا.
2 – أن ينعقد الإجماع على تعين المتقدم والمتأخر من النصوص المتعلقة بالموضوع الخاضع للدارسة.
3 – أن يرد نص صحيح عن بعض الصحابة حول تعيين السابق واللاحق من الآيات المقصودة، ويحضرني في ذلك مثال في صحيح البخارى، وهو تحديد عبد الله بن مسعود للسابق واللاحق من آيتي البقرة، والطلاق، في عدتي المتوفى عنها زوجها، والحامل، وأعني آية {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} (البقرة: 234)، وآية {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} (الطلاق: 4) فقد قال ـ رضي الله عنه ـ في ذلك فيما أخرجه البخاري قال: " لنزلت سورة النساء الصغرى بعد الطولى " مصدراً كلامه بلام التأكيد، ويقصد أن سورة الطلاق نزلت بعد سورة البقرة.
ويجدر التنبيه هنا إلى أن سورة النساء الكبرى هي سورة البقرة، كما ينص على ذلك وصف ابن مسعود -رضي الله عنه- هذا، خلافا لما هو شائع من أنها سورة النساء، حيث شاع ذلك بين المفسرين، ولم أقف لى أثر يؤيد ما قالوا، بل الأثر يدل على ما ذكرت والله أعلم.
4 – أن تكون هناك روايات صحيحة قد وردت في سبب نزول هذه الآيات يتعين فيها تاريخ كل.(/)
أحجية قرآنيّة
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[30 Jun 2010, 10:13 م]ـ
سؤال الى المهتمين بالأعداد والحساب القرآني:
هناك خمسة آيات مختلفات في خمس سور مختلفة. لو أحصيت أحرف القاف في كل آية منهن لوجدتها عشراً. أذكر الآيات واذكر في أي السور وردت.وبارك الله فيكم
ولتسهيل الإجابة فإن سورة البقرة تحوي على آية منهن فما عليك إلا أن تعرف أين هي. ثم اكتشف أنت باقي السور.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[02 Jul 2010, 10:47 م]ـ
طيب سأعتبر أن الجميع قد عجزوا عن الإجابة وسوف أجيب على السؤال وأمري الى الله وعليه سبحانه قصد السبيل:
الاولى في سورة البقرة وهي الآية في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246)
والثانية في سورة آل عمران في قوله سبحانه: لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (181)
والثالثة في سورة النساء في قوله: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)
والرابعة في سورة المائدة في قوله سبحانه: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)
والخامسة في سورة الرعد بقوله تعالى: قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاء لاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)
والحمد لله رب العالمين(/)
إن في سورة النساء لخمس آيات ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[30 Jun 2010, 10:25 م]ـ
عن عبد الله بن مسعود رض1 قال: إن في سورة النساء لخمس آيات ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها
*إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما
*إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما
*إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
*ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما
*ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما.
قال عبد الله: ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها.
قال الحاكم في مستدركه: هذا إسناد صحيح إن كان عبد الرحمن سمع من أبيه فقد اختلف في ذلك
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[01 Jul 2010, 10:53 ص]ـ
تصحيح الآية (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) ..
جزاك الله خيراَ ,, أثر يرقق القلوب.(/)
دراسات قرآنية
ـ[الاستاذ محمد احمد محمود]ــــــــ[30 Jun 2010, 11:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
وبعد: قال الامام السيوطي رحمه الله في الاتقان: ((اعلم ان حفظ القران فرض كفايه على الامه. قال الجويني: والمعنى فيه الا ينقطع عدد التواتر فيه, فلا يتطرق اليه التبديل والتحريف, فان قام بذلك قوم يبلغون هذا العدد سقط عن الباقين, والا اثم الكل. وتعليمه_ ايظا_ فرض كفايه, وهو افضل القرب, ففي الصحيح: ((خيركم من تعلم القران وعلمه)).ويورد الامام السيوطي حديث السيده عائشه (رض): ((الماهر بالقران مع السفره, الكرام البرره, والذي يقرأ القران ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له اجران)) ,وحديث ابي شريح الخزاعي الذي اخرجه ابن ابي شيبه في فضائل القران: ((ان هذا القران سبب, طرفه بيد الله, وطرفه بايديكم, فتمسكوا به, فانكم لن تضلوا. ولن تهلكوا بعده ابدا)).
وقبل ذلك كله قال تعالى في سوره ال عمران الايه 103: ((واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تقرقوا)).قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في ما اورده الامام الواحدي النيسابوري في تفسيره الوسيط (حبل الله):الجماعه, وكذلك الضحاك وقتاده والسدي (حبل الله):_ القرأن. وقال الزجاج (ت338ه) في اعراب القران الذي ينسب اليه: (واعتصموا بحبل الله:_المعنى واعتصموا بالقران من الكفر والباطل).وقال العلامه الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره:_ (امر الله عباده المؤمنين بما يعينهم على التقوى وهو الاجتماع والاعتصام بدين الله, وكون دعوى المؤمنين واحده مؤتلفين غير مختلفين, فان في اجتماع المسلمين على دينهم, وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم وبالاجتماع يتمكنون من كل امر من الامور, ويحصل لهم من المصالح التي تتوقف على الائتلاف ما لايمكن عدها من التعاون على البر والتقوى)).
وتضافرت معاني (السبب) في قوله تعالى في سوره الحج الايه16: ((فليمدد بسبب الى السماء)) على انه الحبل. ذكر هذا المعنى صاحب غريب القران المسمى (بنزهه القلوب) ابو بكر محمد بن عزيز السجستاني. وذكره الامام الواحدي في تفسيره الوسيط. وذكره الفيروز ابادي في تنوير المقباس المنسوب لابن عباس رضي الله عنه. وهكذا فأن حبل الله اذا حمل معنى دين الله او عهد الله كما ورد في اقوال اخرى وردت عن سلفنا الصالح من الصحابه والتابعين رضي الله عنهم اجمعين, فان دين الله او عهد الله انما عرف بالقران الذي هو سبب طرفه بيد الله تعالى وطرفه الاخر بايدينا نحن المسلمين مطلوب منا على الدوام ان نتمسك به عصمه لنا من الضلاله ومن الهلاك. بعد هذه المقدمه يسرني والحمد لله على القران وانتم وفقكم الله احد مراجع الاسلام وتفسير القران انقل لحضراتكم ماده قرانيه تتعلق برسم خط القران من موضوع عنوانه:_ تحرير المصاحف على عهد عثمان وذلك من كتاب صدر في النجف عام 1385ه عنوانه:_دراسات في القران الكريم لمؤلفه السيد علي محمد الاصفي الخصها بالاتي ثم انقل نص المؤلف الاصفي بعده طالبا وراجيا ومؤملا تعقيبكم والله يجزيكم عن كتابه العزيز خير جزاء.
فبعد ان يشير السيد علي محمد الاصفي في كتابه المذكور دراسات في القران الكريم الى (رسم كثير من الكلمات في المصاحف المطبوعه في العصور المتاخره بالخط الدارج).يعقد جدولا بالكلمات (القرانيه) باملاء المصاحف العثمانيه يقابلها الكلمه بما يسميه بالاملاء الصحيح الدارج في عدد من السور القرانيه الشريفه. ثم يقول السيد الاصفي وبعد ان يشير الى الاختلاف في حروف بعض المصاحف كمصحف المدينه المنوره ومصحف البصره وبين مصحف البصره ومصحف الكوفه_وقد نشرت كتب القراءات القرانيه الكثير حول هذا الموضوع في اواخر القرن الهجري الرابع عشر والعقود الثلاث الاولى من هذا القرن الهجري الخامس عشر كما تعلمون_يقول صاحب كتاب دراسات في القران الكريم وهو يعقب على ذلك الاختلاف المعروف في تاريخ القران والقراءات القرانيه والذي افاض فيه وفصل ابو عبيد (ت224ه) في كتابه فضائل القران ما نصه وكالاتي:_ (( .... اقول ان كان المدعي ان هذه الاختلافات صدرت عن عمد وانهم وضعوا المصاحف على الخلاف في احرف الاداء تحفظا على اختلاف القراءات في الاحرف, فهو ممنوع جدا, لانه كان ينافي غرض عثمان من تحرير المصاحف وداعيه اليه , وان كان المدعي انها كانت من خطأ الكتاب, فهو محتمل ولكن شذوذا لابهذا الشياع والاتساع, مع ان احتمال ذلك بعد عرضهم المصاحف بعضها على بعض بدقه نهائيه ممنوعه ايضا.))
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.(/)
نظرات في قصة عيسى عليه السلام
ـ[العمري]ــــــــ[01 Jul 2010, 12:02 م]ـ
نظرات في قصة عيسى عليه السلام
... تعتبر قصة عيسى عليه السلام من القصص البارزة في القرآن الكريم اذ افرد القرآن سورتين لحيثيات هذه القصة هما سورة آل عمران وسورة مريم .. وناقش فيهما وفي سور أخرى لقطات من هذه القصة لنبي عظيم نبي اختلف فيه وظل الاختلاف بين الديانات السماوية الثلاث – اليهودية والمسيحية والاسلام – حتى الآن، لكن القرآن وضّح مواطن هذه الاختلافات كلها باسلوبه الفخم وبجلاء لابراز حقيقة قصة السيد المسيح عليه السلام، واضفى على هذه لقصة خصوصية مميزة عن قصص الرسل والانبياء الاخرين فما هي هذه الخصوصية؟ ولماذا؟ وكيف عبّر القرآن الكريم عنها؟ هذا ما سأحاول عرضه في هذه النظرات ...
عيسى والتوحيد الاعظم
ان المعتقد المسيحي اليوم في امر عيسى عليه السلام انه الثالوث المقدّس أو ابن الله – كما يقولون تعالى الله عن هذا علوا كبيرا لأن " كل عقيدة توحيدية تطرح نقطة تقاطع بين الخالق والمخلوق فكانت المسيحية ان جعلت نقطة التقاطع هي شخص المسيح، اللوجوس] أي الكلمة [، ابن الإله، الذي ينزل إلى الأرض ليفدي البشر بدمه وهذا هو التجسد incarnation، مما أدى إلى ظهور إشكالية جوهرية، لأنه حين نزل ابن الإله إلى الأرض وتحول اللاهوت إلى ناسوت، والإلهي إلى إنساني فإنه بذلك دخل في إطار الزمان الدنيوي المادي واقتحم التاريخ الإنساني، فتداخل التاريخ المقدس بالتاريخ الزمني. وقد حاولت الكنيسة الكاثوليكية أن تحل هذه الإشكالية بأن جعلت الحلول يتركز في فرد واحد وليس فى جماعة بشرية هو المسيح، وهو حلول انتهى بالصلب وصعود المسيح وعودته إلى أبيه في السماء. " (1) فكانت هذه الامور ان انحرفت بالناس عن روح التوحيد الخالص لله عز وجل الذي هو هدف كل النبوءات على امتداد التاريخ مصداقا لقوله تعالى:- (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ)] الانبياء:25 [، فكان من واجب القران ان يدحض هذه (المزاعم) باياته الواضحة فكانت قصة عيسى عليه السلام .. لذلك استخدم القرآن اسلوبين وهما:- اولا: الاسلوب التقرير المباشر من خلال الايات العديدة التي تحض على التوحيد الخالص في القرآن الكريم كاملا والتأكيد على انتفاء الصاحبة والولد عن المولى عز وجل ومن ثم التأكيد على (بشرية) الانبياء والمرسلين - عليهم السلام – واقرأ معي:-
- (وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ)] البقرة:116 [
- (قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)] يونس:68 [
- (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا)] الجن:3 [
وغيرها من الايات التي تتوجها سورة التوحيد الاعظم سورة الاخلاص ..
اما في قصة عيسى فاستخدم القرآن الاسلوب ذاته في قوله تعالى:- (قَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)] المائدة:17 [وقوله تعالى (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)] المائدة:73 [، فهو في اية أخرى يؤكد على بشرية المسيح عيه السلام فيقول) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)] المائدة: 75 [هنا ضرب مثلا لما تحتاجه البشرية من امور حياتية لعل ي
(يُتْبَعُ)
(/)
ابسطها الطعام جاء في تفسير الرازي " واعلم أن المقصود من ذلك: الاستدلال على فساد قول النصارى، وبيانه من وجوه: الأول: أن كل من كان له أم فقد حدث بعد أن لم يكن، وكل من كان كذلك كان مخلوقاً لا إلها، والثاني: أنهما كانا محتاجين، لأنهما كانا محتاجين إلى الطعام أشد الحاجة، والإله هو الذي يكون غنياً عن جميع الأشياء، فكيف يعقل أن يكون إلها. الثالث: قال بعضهم: إن قوله {كَانَا يَأْكُلاَنِ الطعام} كناية عن الحدث لأن من أكل الطعام فإنه لا بدّ وأن يحدث، وهذا عندي ضعيف من وجوه: الأول: أنه ليس كل من أكل أحدث، فإن أهل الجنة يأكلون ولا يحدثون. الثاني: أن الأكل عبارة عن الحاجة إلى الطعام، وهذه الحاجة من أقوى الدلائل على أنه ليس بإله، فأي حاجة بنا إلى جعله كناية عن شيء آخر. الثالث: أن الإله هو القادر على الخلق والايجاد، فلو كان إلها لقدر على دفع ألم الجوع عن نفسه بغير الطعام والشراب، فما لم يقدر على دفع الضرر عن نفسه كيف يعقل أن يكون إلها للعالمين، وبالجملة ففساد قول النصارى أظهر من أن يحتاج فيه إلى دليل." (2)
وكذلك من خلال الحوار الذي عرضه القرآن في اواخر سورة المائدة حيث يقول الله تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)] المائدة: 116 - 119 [ففي ثنايا الحوار توضيح عقلاني لموضوع الوحدانية العبودية ...
الاسلوب الآخر
اما الاسلوب الآخر الذي استخدمه القرآن يتمثل في ادوار القصة نفسها اذ نلاحظ ان قصة عيسى عليه السلام تفردت عن غيرها من القصص القرنية ان بداياتها لم ترافق ظهور الرسول أو النبي (وهو هنا عيسى) كما هو المعتاد في القصة القرآنية للرسل عليه السلام اذ ان القصص الاخرى تبدأ من لحظة الدعوة لاقوام الرسل ويدخل الرسول أو النبي تحت اضاءة السرد في القصة القرآنية في تلك اللحظات – لحظات دعوته لقومه – دون التطرق إلى ماضي الرسول ونسبه بل التركيز على مراحل الدعوة فقط ..
ما عدا قصة عيسى عليه السلام التي بدأت منذ زمن بعيد بدأت بالاصطفاء الالهي لآدم ونوح وال ابراهيم وال عمران على العالمين ومن ثم تتطرق القصة بالتفصيل إلى ملابسات نذر امرأة عمران وثم بدايات مريم عليها السلام وكفالة زكريا عليه السلام لها كل هذا فصلته سورة آل عمران وتفصل سورة مريم قصة مريم حتى لحظات ولادتها بالسيد المسيح عليه السلام ومعجزته الاولى في المهد ..
كل هذا (التمهيد) لظهور عيسى عليه السلام لهو دليل (مادي) ملموس وردا قاطعا لأولئك القائلين بإلوهية عيسى أو انه ابن الله، فالاسهاب القرآني للبدايات كأنه يدوّن (نسب) عيسى عليه السلام بكل التفاصيل من آدم حتى الوفاة، ولن نجد مثل هذا التفصيل المسبق لنسب رسول أو نبي في قصة أخرى من قصص الانبياء عليهم السلام إذا استثنينا ادم عليه السلا م لما سنعرف لاحقا .. فحتى قصة موسى عليه السلام – رغم كثرة ورودها في القرآن- لم تفصّل في نسبه بمثل هذا التفصيل ..
ويصر القرآن في اغلب مواضع ذكر قصة عيسى عليه السلام على تريد (عيسى بن مريم) كنفي قاطع لما زعموه ولا مثل له في الانبياء والرسل الاخرين ايضا ...
المثلية مع آدم
(يُتْبَعُ)
(/)
القصة المشابه لقصة عيسى عليه السلام - في التفصيل المسبق – هي قصة آدم عيه السلام،فأبونا آدم لم تبد قصته من لحظة خلقه أو نفخ الروح فيه بل كانت لها مقدمات اوردتها سورة البقرة خاصة في حوار الله مع الملائكة عن المخلوق القادم – خليفة الأرض- وتساؤلات الملائكة ومن ثم جاءت (لقطة) الخلق والاختبار والسجود وما تلاها من احداث فهل تماثل قصة آدم قصة عيسى في هذا فقط؟
ان الاية التي جمعت الاثنين في قوله تعالى (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)] آل عمران:59 [فهذه الاية جاءت في محضر رد النبي – عليه الصلاة والسلام – لنصارى نجران اذ " قالوا: يا محمد، فيم تشتم صاحبنا؟ قال: (من صاحبكم)؟ قالوا: عيسى ابن مريم تزعم انه عبد.
قال: (أجل انه عبد الله وروحه وكلمته، ألقاها الى مريم وروح منه).
فغضبوا وقالوا: لا ولكنه هو الله نزل من ملكه فدخل في جوف مريم ثم خرج منها فأرانا قدرته وأمره، فهل رأيت قط انسانا خلق من غير أب؟.
فأنزل الله تعالى: (لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم))] المائدة:175 [وأنزل الله تعالى: (ان مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون))] آل عمران:59 [" (3)
لكن فيها (مثلية) أخرى يشير اليها المهندس / عبدالدائم الكحيل فيقول " بل هناك تماثل في ذكر كل منهما في القرآن. فلو بحثنا عن كلمة (عيسى) في القرآن نجد أنها تكررت بالضبط 25 مرة، ولو بحثنا عن كلمة (آدم) في القرآن لوجدنا أنها تتكرر 25 مرة أيضاً " (4) وليس هذا فقط بل " أن الآية التي اجتمع فيها الاسمان هي الآية السابعة في ترتيب الآيات التي ذكر فيها (آدم) وكذلك هي الآية السابعة في الآيات التي ذكر فيها (عيسى) " (5)
قصة ميلاد عيسى
وفي قصة ميلاد عيسى عليه السلام لمحة جميلة في لحوار الذي دار بيم السيدة مريم عليها السلام والسيد المسيح اذ يقول الله تعالى: (فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا)] مريم:24 - 26 [فكأن الحوار (تدريب) مسبق للسيدة مريم اذ ما واجهت قومها وطلبت احالة الامر على الطفل الذي في المهد فيكون طلبها ساعتها عن اطمئنان بكونه عليه السلام سيتحدث معهم مثل تحدثه معها في تلك اللحظات الحرجة .. وهنا احب ان اشير إلى ان لفظة (سريا) قد ذهب بعض المفسرين لاعتبارها اسم من اسماء النهر لان الايات التي بعدها تقول (فكلي واشربي) فالاكل سيكون من (الرطب) المتساقط فمن اين الشرب؟ فكان المخرج ان تكون سريا للشرب؟!!
لذا يقول صاحب روح المعاني " كلي من ذلك الرطب واشربي من ذلك السرى" (6) معتمدين على حديث للنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه "إن السري الذي قال الله لمريم: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} نهر أخرجه الله لتشرب منه" (7) ..
اقول هذا لا يصح فليس وجود الشرب شرطا ان يذكر القرآن سبب الشرب فالقران يجمع الاكل والشرب دون مصوغ احيانا للاكل أو الشرب واقرأ معي قوله تعالى (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ)] البقرة:60 [نلاحظ كل مسببات الشرب مع ذلك ذكر الاكل معه بل وقدمه على الشرب فلماذا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لان هذا ديدن القرآن يقدّم الاكل على الشرب دائما أينما اجتمعا والعلة في ذلك ان طلب الاكل اصعب من طلب الشرب يقول الشعراوي رحمه الله تعالى "بدأ بالطعام قبل الشراب، لماذا؟ لأن الإنسان عادةً يأكل أولاً، ثم يشرب، فالماء مع أهميته، إلا أنه يأتي في العادة بعد الطعام، فسبحان مَنْ هذا كلامه." (8) اما الحديث المعوّل عليه فيقول ابن كثير في نفس الصفحة " وهذا حديث غريب جدًّا من هذا الوجه. وأيوب بن نهيك هذا هو الحبلي قال فيه أبو حاتم الرازي: ضعيف. وقال أبو زُرْعَة: منكر الحديث. وقال أبو الفتح الأزدي: متروك الحديث." (9) فالمعنى للسري هو السيد على ذلك ذهب الرازي في تفسيره قائلا " أما الحسن وابن زيد فجعلا السري عيسى والسري هو النبيل الجليل يقال فلان من سروات قومه أي من أشرافهم" (10)
اخيرا قد يثور سؤال في ذكر عيسى مرة والمسيح مرة وابن مريم مرة في القرآن الكريم؟
يجيب الدكتور فاضل السامرائي عن ذلك قائلا " حيث ورد المسيح في كل السور سواء وحده أو المسيح عيسى ابن مريم أو المسيح ابن مريم لم يكن في سياق ذكر الرسالة وإيتاء البيّنات أبدأً ولم ترد في التكليف وإنما تأتي في مقام الثناء أو تصحيح العقيدة، وكذلك ابن مريم لم تأتي مطلقاً بالتكليف (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آَيَةً وَآَوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ)] المؤمنون: 50 [(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ)] الزخرف:57 [.
أما عيسى في كل أشكالها فهذا لفظ عام يأتي للتكليف والنداء والثناء فهو عام (وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ)] المائدة:46 [(ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ)] مريم:34 [ولا نجد في القرآن كله آتيناه البينات إلا مع لفظ (عيسى) (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ)] الزخرف:63 [ولم يأت أبداً مع ابن مريم ولا المسيح. إذن فالتكليف يأتي بلفظ عيسى أو الثناء أيضاً وكلمة عيسى عامة فالمسيح ليس اسماً ولكنه لقب وعيسى اسم أي يسوع وابن مريم كنيته واللقب في العربية يأتي للمدح أو الذم والمسيح معناها المبارك. والتكليف جاء باسمه (عيسى) وليس بلقبه ولا كُنيته." (11)
والله اعلم
الهوامش:
1/ الإنسان والتاريخ، د/ عبدالوهاب المسيري نقلا عن موقعه على النت www.elmessiri.com (http://www.elmessiri.com/)
2/ تفسير الرازي ج12 ص 409
3/ سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد لمحمد بن يوسف الصالحي الشامي ج6 ص417
4/ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ، المهندس/عبدالدائم الكحيل نقلا عن موقعه على النت www.kaheel7.com (http://www.kaheel7.com)
5/ نفسه
6/ روح المعاني للالوسي ج16 ص 85
7/ تفسير ابن كثير ج5ص224
8/ تفسير الشعروي ج15 ص 9069 طبعة اخبار اليوم
9/ تفسير ابن كثير ج 5ص224
10/ تفسير الرازي ج21ص529
11/ حلقات لمسات بيانية (بتصريف)(/)
تحميل برنامج التفسير الميسر مع أسباب النزول و فضائل السور
ـ[خالد آل فارس]ــــــــ[02 Jul 2010, 01:07 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
برنامج التفسير الميسر برنامج صغير سهل مفيد خاصة للقارئ العادى له عدة ميزات:
المصحف الميسر: عرض الصفحة الرئيسية للمصحف الميسر مع عرض تفسير كل آية بالضغط عليها
أسباب النزول: عرض كامل لكتاب الصحيح المسند من أسباب النزول للشيخ / مقبل بن هادي الوادعي
أحكام التجويد: عرض لأحكام التجويد المصورة بشكل مبسط
فضائل القرآن: عرض فضائل سور القرآن الكريم (كما حققها الشيخ الألباني)
البحث في القرآن: عرض صفحة البحث عن آيات القرآن الكريم مع إمكانية تصفح نتائج البحث.
مراجع البرنامج:
التفسير الميسر: تم جمعه و نقله من موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف.
وقد قام بتأليفه مجموعة من علماء التفسير وقد اجتهد هؤلاء الأساتذة أن يكون هذا التفسير تفسير مختصر على ضوء مدرسة الأثر، مع السهولة واليسر في العبارة وبيان معنى الآية بيانا مختصرا وواضحا. فجزاهم الله عنا خير الجزاء.
أسباب النزول: تم نقلها باختصار عن كتاب (الصحيح المسند من أسباب النزول) للشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله تعالى.
أحكام التجويد: تم نقلها من برنامج أحكام التجويد و موقع الإيمان وموقع التجويد
فضائل القرآن: تم نقلها من كتاب فضائل سور القرآن بالإضافة الى موقع صيد الفوائد كما حققها الشيخ الألباني رحمه الله
يمكن تحميله من هذا الرابط
http://www.moysar.com/download/moysar3.zip (http://www.moysar.com/download/moysar3.zip)
ـ[أم نجود]ــــــــ[25 Dec 2010, 06:38 م]ـ
جزاكم الله خيرًا وبارك الله فيكم
ـ[خالد آل فارس]ــــــــ[25 Dec 2010, 10:29 م]ـ
و جزاكم الله كل خير و بارك فيكم و أسكنكم جنات النعيم(/)
تفسير سورة المنافقون
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[03 Jul 2010, 12:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المنافقون
سيمت هذه السورة «سورة المنافقون» لأنه ذكر فيها من كلماتهم ما جمعوا فيه بين الصدق والكذب، كما أنهم جمعوا بين الإيمان الظاهر والكفر الباطن، وذكر فيها من كلماتهم الشنيعة ما لم يذكر في غيرها.
والنفاق: إظهار الإيمان باللسان، وكتمان الكفر بالقلب. والمنافق: هو الذي يُضمِرُ الكفرَ اعتقادًا، ويُظهِر الإيمانَ قولًا.
يا أيها الرسول ?ک ک? وحضر مجلسك ? گ? العريقون في وصف النفاق بإسلامٍ ظاهرٍ وكفرٍ باطنٍ ?گ? مخاطبين لك زاعمين كمال عنايتهم بك ترويجًا لنفاقهم: ? گ گ ? ?? ? المبعوث إلينا، مؤكدين كلامهم بـ «إنّ» و «اللام» الداخلة في خبرها ليوهموا أن شهادتهم هذه صادرة منهم عن اعتقاد راسخ بصدقك ورغبة وافرة في اتباعك.
ولما كانت الشهادة هي الإخبار عن علم اليقين لأنها من الشهود الذي هو كمال الحضور وتمام الاطلاع، والمنافقون أفهموا بقولهم (گ گ ? ?) شهادةً واطأت فيها قلوبُهم ألسنتَهم، صدّق الله المشهودَ به وهو قولهم (گ ? ?) لأنه خبرٌ مطابق للواقع، وكذبهم في شهادتهم ودعواهم مواطأة ألسنتهم قلوبهم، فقال عز وجل: ?? ?? وعِلمُه هو العلمُ في الحقيقة ? ? ? ? مؤكدًا بـ «إنّ» و «اللام» ردًّا لإنكار المنافقين رسالتَه ? وإعلامًا بمزيد حقيتها، شَهِدَ المنافقون بذلك أمْ لا،??? المحيط بكل شيء علما? ں ? بما يعلمه من حال المنافقين شهادةً هي الشهادة في الحقيقة لإحاطتها بدقائق الظاهر والباطن ?ں ?? الراسخين في وصف النفاق???? في إخبارهم عن أنفسهم بأنهم يشهدون بذلك من صميم القلب وخلوص الاعتقاد.
ولما دار معنى ما سبق على أنهم لم يعتقدوا حقية ما شهدوا به، والتفتت النفسُ إلى عِلْمِ السبب الحامل لهم على ذلك الكلام المؤكد والكذب السمج، علَّلُه عز وجل بأنهم ?? ? ? الفاجرة ??? ووقايةً وصَوْنا من مؤاخذة النبي ? وصحبه لهم بالقتل لرجالهم والسبي لعيالهم والأخذ لأموالهم وغير ذلك من المكاره الدنيوية، ?ہ ہ ہ ہھ ? وطريقه الذي شرعه لعباده ليصلوا به إلى محل رضوانه، فمنعوا من أراد من الناس الدخول في الإسلام بذِكْر مثالب فيه وتنقيصاتٍ له لينفروهم عنه، وصدوا أيضا من أراد الإنفاق لمالِه في سبيل الله ووجوهِ الخير الموصلة إلى نيل رضوانه عز وجل بالنهي عنه والتحذير من الصرف، كما سيخبر عنهم فيما بعد بقوله تعالى: (? ? ? ? ? ? چ چ چ چ).
ولما بلغ ما أخبر به الله عز وجل من حال المنافقين غاية الشناعة ونهاية الفضاعة، أنتج عنه ?ھ ھ ھ ے ے ?? من الجرأة على رسول الله ? وخُلَّص العباد بارتكاب النفاق والصدِّ عن سبيل الحق والإعراض عنه والاستمرار على النفاق وفاجر الأيمان.
ولما قضت المعاصي بطمس البصائر وإظلام السرائر، فكيف بأعظمها وهو النفاق، علله بقوله: ??? الأمر العظيم من البُعد عن الخير والتناهي في الشر??? أي بسبب أنهم??? في الظاهر الإيمان اللساني لا القلبي، فنطقوا لسانًا بكلمة الشهادة لله بالوحدانية ولنبيّه ?بالرسالة لتحصين دمائهم وأموالهم، ? ?? في نفس الوقت? ?? في الباطن باعتقاد خلاف الحقّ، واستمروا عليه حتى تمرنوا على الكفر وصار معتادًا لهم وطبعًا من طباعهم، ?? ? ?? بما احتوته من أكبر الكبائر نفاقًا?? ? ? ?? حقيقة الإيمان ولا يعرفون صحته ولا يهتدون إلى إخلاصه.
ولما وصف الحق سبحانه بواطنهم بما زهّد فيهم، حذّر من الاغترار بأشكالهم التي تسر الناظر إليها، فقال عز وجل: ??? ?? الرؤية البصرية ?? ??? لاستواء خَلْقِها وحُسْن صورتها وطولِ قامتها، ?? ? ? ?? ? لفصاحتهم وحلاوة كلامهم وعذوبة منطقهم.
وقد كان عبد الله بن أبيّ بن سلول الذي نزلت السورة بسببه وسيما منظرُه، فصيحا منطقه، جسيما هيكله، صبيحًا خده، منطلق اللسان، يحضر في بعض الأحيان مجلس رسول الله ? مع الناس ويتصدر ويتكلم مفصحا عن كل ما يريده على عادته في ترويج نفاقه.
??? أي المنافقين في حسن ظواهرهم وسوء بواطنهم ??? جافة مقطوعة من منابتها، تبدو في ظاهرها صالحة للبناء أو غيره، لكنها في الحقيقة خالية عن كل نفع لفساد جوفها، ? ?? ? إلى الجدران لعدم صلاحها لشيء من الأشياء، فشُبِّهوا بتلك الخشب بجامع صلاح الظاهر وفساد وخبث الباطن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما كان من يقول ما لا يفعل يصير متهِمًا لكل من يكلِّمُه، فيُضمِرُ عداوة كل الناس، فيكسِبُه ذلك أشدّ الجبن، وهو السبب الأعظم في تحسين قوله، قال عز وجل مزهّدا فيهم بالكلية، مُعلِما بغاية جُبنهم وخوفهم وعدم إغناء تلك الجسوم الحسنة شيئا: ??? بضعف عقولهم وفرط ارتيابهم لكثرة ما يباشرون من سوء أعمالهم ? ? ? ? من نداء مناد ـ في العسكر لمصلحة أو إنشاد ضالة ـ واقعة ??? ? نازلة بهم، فهم أبدًا في رعب شنيع وخوف فضيع من انكشاف أسرارهم ونزول أهتاكهم وأستارهم المبيحة لدمائهم وأموالهم، فقد كان المنافقون على وَجل عظيم وخوف شديد من أن ينزل الله على رسوله ? في شأنهم قرآنا كريما يهتك أستارهم ويفضحها، ويكشف أسرارهم ويشرحها، ويبيح دماءهم وأموالهم، كما وقع في سورة التوبة من بيان شؤونهم وكشفها وإطلاع الرسول عليها، ومن ثم سُمِّيت بالفاضحة، فيحسبون كل صيحة يسمعونها في المسجد أو غيره أنها عليهم، وأنه ? قد أمر بقتلهم، فهم أبدًا وجلون من أن ينزل الله فيهم أمرًا لا تبقى لهم معه دماء ولا أموال.
فبان سبب تزعزع بواطنهم واضطراب أحشائهم، وإدامة إضمارهم السوء مكرًا بالمؤمنين، ومن ثم زاد في التحذير منهم بأنهم ?? ? ? الكاملون في العداوة للرسول ? والمؤمنين، الراسخون بعراقتهم فيها ودوامهم عليها بطونا، وأخذهم في حيلها وتربص الدوائر والغوائل كمونا.
? ??? جهدك، ولا تطمئن لهم لأنهم في شدة عدواتهم للإسلام وأهله وسعيهم فيها على قلب واحد، وإن أظهروا التردد في الكلام والتقرب إلى أهل الإسلام؛ لأن ألسنتهم معك وقلوبهم عليك مع أعدائك، فهم عيون لهم عليك.
ومن ثم دعا عليهم سبحانه وتعالى بقوله: ?? ?? ? وطلب بكلامه الأزلي من ذاته العلية ونفسه القدسية أن يلعنهم بالطرد من رحمته والبُعد من كرامته، فلا يُقبِلون عليه، ولا يتوجَّهون إليه، فيستمرون في درك الخسران والحضيض الأسفل من الذلة والهوان.
واعلم أن حال المنافقين في غاية العجب في انصرافهم عن الحق والنور المبين إلى ما هم عليه من الكفر والضلالات بعد قيام البراهين والآيات البينات، ومن ثم دل عليه الحق عز وجل بقوله معجّبا: ?? ?? ? أي: فليتعجب المتعجبون وليتأمل المتأملون كيف يصرفون بسوء اختيارهم كسبًا عن الدين الحق والهدى البحت المختار لكل عاقل إلى ما هم موَطِّنون أنفسهم عليه من الكفر بالله ورسوله والضلال الزائغين به عن سلوك سبيل الهدى والغي الحائدين بسببه عن المراد.
ولما كان ما عليه المنافقون أمرًا عظيما قاطعا عن الله تعالى ورسوله، فيحتاجون حاجة شديدةً إلى التطهير، لا يطهِّرهم غاية الطهر إلا سؤال النبي ?، وكانوا لم يفعلوا ذلك استكبارا، دلَّ عز وجل على سوء بواطنهم بقوله: ?? ? ?? من أي قائل كان من المؤمنين بطريق النصيحة لهم: ? ? ? رافعين أنفسكم عن أسفل الحضيض، مجتهدين في ذلك بالمجيء إلى أشرف الخلق ? ? پ پ پ ? ويسأل من ربه الغفران لأجلكم بعد متابكم من هذا النفاق المصرين عليه والشقاق المتوجهين إليه ? پ ?? وصرفوها إلى جهة أخرى إعراضًا واستكبارًا لشدة ما في بواطنهم من المرض، ?? ?? ويعرضون إعراضًا عن القائل لهم ذلك أنفةً أن ينحطوا إليه ويقبلوا نُصحَه، أو إعراضًا عن الاستغفار لهم من الرسول شماخة وتكبرًا، فلا يقبلون ما دُعوا إليه، مجددين لذلك كلما دعوا إليه ? ? ? ?? ومستنكفون عن ذلك القول أو الاستغفار.
ثم بين الله عدم تأهّل المنافقين للاستغفار لهم لعدم إيمانهم، فقال عز وجل لنبيه ?: ?? ? ? ?? ذنوبهم بسؤال مَحْوِ عينها ومَحْقِ أثرها في الوقت الذي جاءوك فيه معتذرين إليك بإبداءِ العذر من جنايتهم الكفرية ظاهرًا وقلوبهم كافرة أبية ?? ? ٹ ٹ? في الوقت الذي لم يأتوك فيه معتذرين، بل أصروا مقيمين على قبائحهم مرتبكين في فضائحهم معرضين عن سؤال الاستغفار منك أنفةً من الاعتذار إليك من جنايتهم، فهما سيان في حقهم لعدم جريهم على مقتضى الإيمان الحقيقي وعدم سيرهم على المنهج السويّ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ثمّ عوقبوا بأنهم ?ٹ ٹ ? ?? ? تلك الذنوب، ولن يمحص جناياتهم أبدًا؛ لإصرارهم على الفسق الشنيع البالغين فيه الغاية، ورسوخِهم في الكفر الفضيع لا ينفكون عنه ولا يبرحون منه، فلم يبق لغفران ذنوبهم سبب، فـ?? ?? العليم الحكيم ? ? ? ? ?? ? الخارجين عن الطاعة وعن دائرة الصلاح بنفرتهم عنها بالمرة وبُعدهم منها بالكلية، فهم منهمكون في الكفر والشقاق، مستغرقون في الغيِّ والنفاق، ففسقُهم فضيع لا كسائر الفسق، فسبب عنه قطعُ عنهم الإحسان، وحرمان العفو والغفران.
ولما دار فلك رسوخهم في هذا الوصف على غوائل شنيعة وقبائح فضيعة أوجبت عدم مغفرة الله لهم، بين الحق عز وجل بعضها بأنّ أولئك المنافقين ورؤساءهم ? ? ? ?? للأنصار بالألسنة نطقًا وبالقلوب عقدًا: ? ? ? ? أيها الأنصار ?? چ چ چ چ ? ويعنون فقراء المهاجرين من المكيين وغيرهم لأنهم المحتاجون لذلك، وبهم غصت حلوق المنافقين وشرقت صدورهم، وعليهم يدور فلك الغزو والسرايا غالبا لكثرتهم ?? ?? ? ويتفرقوا عن رسول الله ? ويرجعوا إلى قبائلهم وعشائرهم.
ولما شرح الله حال المنافقين الفاسد، وبين مقالهم الكاسد، رجّى كرام الصحب وقوّى يقينهم بردّهم إلى ما عنده من خزائن الأرزاق المفاضة على الآفاق من الصامت والناطق والكاذب والصادّ، وتمحيصًا للتوكل عليه، وتمحيضًا لكمال التوجه إليه، وتأييسا لهم مما في أيدي الناس، وإلهابًا إلى الرغبة فيما عنده بلا إلباس، فقال عز وجل ?? ? المتصرف في ملكه بالاختيار، القادر على الإقلال والإكثار، والتوسيع والإقتار ? ? ?? كلها ??? كذلك، فلا تصرف لأحد معه في شيء منها ولا تدبير، ولا دخل ولا تقدير، له سبحانه الأمر كله، يعطي من يشاء ما يشاء منها، ويمنع ما يشاء منعه فلا يعطيه شيئا، ?? ? ? ? ولا يفهمون ذلك المذكور من تفرده تعالى بخزائن السموات والأرض صنعا وملكا وإفاضة وتصرُّفا وإعطاء قبضا وبسطا، وذلك لجهلهم بالله وعدم معرفتهم بشؤونه الكاملة الجليلة، وانقطاعهم إلى الأسباب معرضين عن المسبِّب، معتقدين أن من انقطع سببُه فقد انقطع رِزقُه، بل ربما اعتقدوا أن أسبابهم هي الرازقة، وهذا هو الضلال نعوذ بالله منه.
وبسبب هذا الجهل بشؤونه تعالى يقول المنافقون فيما بينهم ما يقولون من مقالات الكفر المارة وغيرها، ويرتكبون ما يرتكبون من عظائمه، فإن من نسب الله تعالى للعجز وعطل قدرته عن التصرف وأضاف الحقائق إلى غيره خلقا واختراعا فقد ضل ضلالا مبينا، ولو عرفوه ما تجرؤوا على ذلك ولا ارتكبوا تلك المهالك ولا سلكوا من الوقاحة أفضع المسالك.
وهو جهل لم يعذروا به لظهور بطلانه لكل عاقل، ووضوح دلائل ضدّه وتظافرها، فالإقامة فيه سفهٌ وعمًى، ورضى بالدون والسفساف.
وفيه دليل على أن من تسوَّر على الله ورسوله وأهان دينه الحق واعتقد ما لا يليق به تعالى مما قام البرهان العقلي على خلافه ضالٌّ خاسِر، نعوذ بالله من المحن، ونستكفيه غوائل الفتن.
ثم شرع تعالى في بيان جناية أخرى من جنايات المنافقين الدالة على جهلهم به فقال عز وجل: ?ژ? أي «ابن أبيّ» وأتباعه ? ژ ڑ? من غزونا هذا وهي غزوة بني المصطلق ? ڑ ک? وأقمنا بها مطمئنين ? ک ک? ويعنون أنفسهم الخبيثة? ک گگ ? يعنون المؤمنين، فردّ الله عليهم ذلك القول وأبطله بقوله: ?گ? المنفرد بعز الألوهية والقوة التامة والقدرة على التصرفات العامة ? گ? كلها، ??? العزة المفاضة عليه من الله عز وجل بالنبوة والرسالة وإظهار دينه على كل دين، ??? بالتأييد والتمكين، لا لغيرهم من المنافقين كما زعموه مخذولين، واعتقدوه بالظواهر مغترين، وقد فعل سبحانه ذلك الإعزاز بإعلاء ذكر نبيه المختار، ونصر حزبه الأبرار، وإنزال المنافقين دركات الخسران، فلم تلح لهم بارقة، ولا سلمت لهم سابقة ولا لاحقة.
? ? ?? المستحكم فيهم مرض القلوب ? ? ? ?? ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn1)) لفرط جهلهم المانع لهم من إدراك الحقائق وشدة غرورهم بالفانيات، فإنهم لا يعرفون العز إلا بالصورة والهيئة والأسباب الزائلة من مال وحشم وخدم، كما أنهم لا يفقهون الخزائن إلا ما قفلوا عليها أبوابهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما كان سبب ما عليه المنافقون هو الاعتزاز بالأولاد والأموال، والإعراض عن معرفة ذي الجلال، نهى الله عز وجل المؤمنين عن الأمور المؤدية للجهل به، وفي ذلك الأمر بتحصيل ما يؤدي إلى معرفته والدوام على ذكره، فقال عز وجل: ? ? ں ں ? مصدِّقين ومذعِنين بظواهرهم وبواطنهم بما جاء به النبي ? ? ? ? ? ? بالتكالب في تحصيلها، والتهالك في طلب النماء فيما زاد على الحاجة منها ??? تشغلكم ? ? ? بالشغف بحبهم والسرور بهم ? ?? الاشتغال بـ?ہ ہہ ? بإقامة فرائضه من توحيده عز وجل وأداء الصلاة المكتوبة وسائر العبادات المفروضة كالحج والزكاة والصوم وغير ذلك، فلا يعوقنكم الأول عن الثاني لأنه المقصود أولا وبالذات، والآخر ثانيا وبالعرَض؛ (? ? ? ? ? ?) ([2] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn2))
?ہ ھ ھ? التلهي بالدنيا المالية والولدية عن إقامة الدين، دون توبةٍ ?ھ ? البُعداء عن الخير ?ھ ے ے? لأنهم باعوا العظيم الباقي في روضات الجنات بالحقير الفاني من ثمرات الأموال والأولاد التي في الغالب أكدار وأنكاد.
ولما حذر عز وجل من الإقبال على الدنيا والانقطاع إليها، رغّب في بَذْلِها مخالفةً للمنافقين، فقال عز وجل: ? ? ? أيها المؤمنون ببذل ما أمرتم به من نفقة واجبة أو مندوبة ?? ? ?? واصرفوا في وجوه الخير بعض ما أعطيناكم من رزقنا المفاض عليكم، وابذلوه في مرضاتنا ادخارًا للآخرة عندنا، تقدّمونه بين أيديكم فتجدون ثوابه عظيما، فذلك الربح الحقيقي، لا ما استبقيتموه بغير وجه شرعي، فإنه يؤول إلى خسران فادح.
ولما تطارد الجديدان ([3] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn3))، وتعاقبت الأزمان بنوائب الحدَثان، ولم يقطع عاقل لنفسه ببقائها ولو لحظة ما لإمكان موته في كل نفَسٍ من أنفاسه، نفّر الحق سبحانه عن التقاعد بالإنفاق، وحذّر من التكاسل عن اللحاق بالرفاق، فقال عز وجل: ? ? ? ? ? ? ? ? بأن يشاهد دلائله الدالة عليه ويعاين أماراته وعلاماته المؤذنة بحلوله كالمرض الشديد وسكراته الموت الشديدة وغمراته المفرطة المقتضية للإقبال على الله تعالى، فيضطر المحتظر إلى الرغبة إليه تعالى ? ? ? سائلا الإمهال عند تيقنه بشدة قرب نزول الموت به: ?? ? ?? وأنظرتني بتأخير موتي ? ? ? ?? ولو أقل قليل يسعني فيه تلافي ما فرّطت في تقديمه من عمل الخير وإنفاق المال في مرضاتك، ?? ? بالأموال الكثيرة ?? ? ? ??
ولما بين تعالى حال المحتظر المضيّع، وحذّر من التفريط في العمر المتسع، زاد في الحث على المبادرة بالطاعات، فقال عز وجل ?? ? ? ? ? من النفوس ? ? ? ?? ? وتحقق أنه آخر عمرها الذي لا تتجاوزه بدقيقة، ?? ? ? بدقائق الأمور، عالم ? ? ? ? ? في جميع أوقاتكم من باطن أمركم وظاهره.
وإذا أحاط عز وجل علما بذلك كله، ولا يخفى عليه من عملكم شيء، فيجازيكم عليه ثوابا وعقابا كيف ما صدر منكم، إن كان عملكم خيرًا من الطاعات والصدقات فجزاؤكم خيرٌ ولا تظلمون فتيلا، وإن كان عملكم شرا من كفر ونفاق وعصيان وشقاق فجزاؤكم شرٌّ طبق ما عملتم، جزاء وفاقًا، فسارعُوا في الخيرات وما فيه نيل المرضاة، وجدّوا في امتثال المأمورات واجتناب المنهيات، واستعدوا في يسير هذه اللحظات، وتهيئوا لما هو آت من الأهوال المتصادمة بعد الوفاة، واستعينوا عليها بالأعمال الصالحات والتزود في العمر القليل للسفر الطويل بتقوى الملك الجليل، فإن خير الزاد التقوى، وشره الارتباك في العصيان والشقوى.
([1]) فائدة: الحكمة في فصل الآية الأولى بالفقه، والثانية بالعلم، إعلامه تعالى بالأولى بقلة كياسة المنافقين وفهمهم، وبالثانية بفرط حماقتهم وجهلهم لعدم خفاء دلائل عزته تعالى على أحد؛ لِمَا تحقق من قهره للملوك بالموت الذي لم يقدر أحد على الخلاص منه، ومن المنع من أكثر المرادات، ومن نصر الرسل وأتباعهم بإهلاك أعدائهم بأنواع الهلاك، وبأنه تعالى ما قال شيئا إلا تمّ، وما قال رسوله شيئا إلا صدقه فيه. اهـ
جمعه الفقير إلى ربه الهادي: نزار بن علي حمادي
([2]) الذاريات: 56.
([3]) وهما الليل والنهار.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[03 Jul 2010, 06:59 ص]ـ
[?گ? مخاطبين لك زاعمين كمال عنايتهم بك ترويجًا لنفاقهم: ? گ گ ? ?? ? المبعوث إلينا، مؤكدين كلامهم بـ «إنّ» و «اللام» الداخلة في خبرها ليوهموا أن شهادتهم هذه صادرة منهم عن اعتقاد راسخ بصدقك ورغبة وافرة في اتباعك.]
ما ذكرتموه جيد لكن ألا يمكن أن يكون توكيدهم من باب: (يكاد المريب أن يقول خذوني)؛ فيكون في قولهم فضحٌ لهم مصداقاً لوعد الله چ پ پ پ ?? چ [محمد: 30]؟
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[03 Jul 2010, 07:49 ص]ـ
ما ذكرته أخي الكريم يبدو مستبعدا؛ فإن لحن القول على حد قول المفسرين (واللفظ لابن عاشور): هو الكلام المحال به إلى غير ظاهره ليفطن له من يُراد أن يفهمه، دون أن يفهمه غيره، بأن يكون في الكلام تعريض أو تورية أو ألفاظ مصطلح عليها بين شخصين أو فرقة. وتلفظ المنافقين بالشهادة لا سيما مع المؤكدات التي استعملوها ليست من لحن القول ولا كلامهم من التورية لأنها دالة فعلا على معنى صحيح مطابق للواقع، ولو كان في شهادتهم ما يفيد كذبهم ونفاقهم بحيث يتفطن لذلك من كلامهم لما رد الله عليهم بتلك الردود الفاضحة لبواطنهم وشهد بكذبهم في مواطأة قلوبهم لألسنتهم، ولترك ذلك للمؤمنين لفرض سهولة اكتشاف أمرهم من لحن قولهم، فإن المثل القائل (يكاد المريب أن يقول خذوني) يفيد شدة افتضاح المريب من مجرد قوله، ولم يكن هذا حال المنافقين الذين نزلت السورة بسببهم، وبمراجعة أسباب نزولها في كتب السير وصحيح البخاري يدرك ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصدق في بادئ الأمر زيدا بن أرقم، ولو عرف نفاق ابن أبي في لحن قوله لما تأخر تصديقة صل1 لزيد إلى نزول سورة المنافقون .. والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[03 Jul 2010, 08:31 ص]ـ
أنا لا أريد أن أجادل لكني أريد التذاكر:
1/ أنا أقصد أن الذي يأتي ليقسم لك على أمر دون داع ٍ كأن يقول لك - مثلاً- دون أي سياق سابق: "والله إنني مشارك في ملتقى التفسير" سيجعلك قسمه هذا تشك في صدقه، وقد تقول له: " ولماذا تقسم، أنا أعرف أنك مشارك ... ".
2/ ماذكره ابن عاشور احتمالٌ وذكر غيرُه غيرَ ذلك؛ فمثلا قال ابن كثير: " أي: فيما يبدو من كلامهم الدال على مقاصدهم، يفهم المتكلم من أي الحزبين هو بمعاني كلامه وفحواه، وهو المراد من لحن القول، كما قال أمير المؤمنين عثمان بن عفان رض1: ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه، وفلتات لسانه ... "، وقال السعدي: " أي: لا بد أن يظهر ما في قلوبهم، ويتبين بفلتات ألسنتهم، فإن الألسن مغارف القلوب، يظهر منها ما في القلوب من الخير والشر "، وهذا يشبه - وإن كان عكسه - الحديث الذي في البخاري: " إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى" فالنبي صل1 أدرك من قَسَمِهَا ما في نفسها.
أما ما في البخاري فلا يعارض ما احتملته لأني أقصد أن كلامهم من جنس ما يعرف من لحن القول، ولا أقصد أنه عرف منهم ذلك في ذلك الموقف تحديداً، ثم إن عدم تصديقه صل1 لزيد قد يكون لأسباب أخرى ويعرف هذا بتتبع الرويات التي في فتح الباري، وقد قال ابن حجر في آخر الحديث: " وفي الحديث من الفوائد ترك مؤاخذة كبراء القوم بالهفوات لئلا ينفر أتباعهم، والاقتصار على معاتباتهم وقبول أعذارهم وتصديق أيمانهم وإن كانت القرائن ترشد إلى خلاف ذلك لما في ذلك من التأنيس والتأليف ".
ثم وجدت البقاعي يقول: " مؤكدين لأجل استشعارهم لتكذيب من يسمعهم لما عندهم من الارتياب "؛ فكأنه يشير إلى ما احتملته، شاكراً لكم ما أفدتموني به.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jul 2010, 08:49 ص]ـ
موضوع قيم، وحوارٌ مفيد، بارك الله فيكم، وهذا شأن محاولة استكناه أسرار البيان في الكلام البيلغ دوماً، يقعُ فيه التفاوت في الأنظار، ويثمرُ مع المدارسة ما لا يُثْمِرُ مع الانفراد بالنظر.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[03 Jul 2010, 09:33 ص]ـ
أنا لا أريد اأن أجادل لكني أريد التذاكر:
1/ أنا أقصد أن الذي يأتي ليقسم لك على أمر دون داع ٍ كأن يقول لك - مثلاً- دون أي سياق سابق: " والله إنني مشارك في ملتقى التفسير" سيجعلك قسمه هذا تشك في صدقه، وقد تقول له: " ولماذا تقسم، أنا أعرف أنك مشارك ...
أشكرك على المدارسة .. لكن اعرض هذا الأمر بإنصاف ـ أخي نصيف ـ تجده غالبا بخلاف ذلك، فالقسم يأتي للتأكيد غالبا، وهذه حقيقته، ولسائل أن يسألك: لماذا يقسم المولى سبحانه وتعالى في غير ما آية بذاته العلية وما شاء من مخلوقاته على أمور لا نشك في قدرته عليها، ولا يجوز لنا القول: لماذا يقسم تعالى على أمور نعلم قدرته عليها، ولا يورثنا قسمه شكا في ذلك بحال من الأحوال، بل لا يزيدنا إلى تصديقا ..
فقسم المنافقين في الآية ـ حسب ما ظهر لي ـ لا يفهم منه بحال كذبهم على الأقل في المشهود به، ولذا صدقهم الله تعالى فيه، لكن كذبهم متعلق بأمر باطن في قلوبهم لا يدل عليه ظاهر قسمهم، ولذا كذبهم علام الغيوب سبحانه بما في بواطنهم مما لم يظهر من ظاهر قولهم، ولا يحيط به علما إلا الخبير بذات الصدور عز وجل، والله تعالى أعلم.
وإذا كان الأمر دائرا بين احتمالات متعددة كلها جائزة في العقل، واحتملها النص، فللمفسر أن يختار أقربها إلى الصواب والمراد، وقد اخترت ما ظهر لي أنه الأقرب، لا سيما أني التزمت في تفسير الجزء الذي اشتغلت عليه ذكر الأقرب للمراد، مع عدم إقصاء المعنى الذي أوردته أخي الكريم ولكن ظهر لي بعدُه ببعض القرائن التي ذكرتها ..
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[03 Jul 2010, 09:40 ص]ـ
جزاك الله خيراً.
ولا يخفى عليكم أن القسم على الأمر المعلوم له أغراض متعددة - وهذاشأن البلاغة عادة- فقد يكون لشدة غفلة السامع عنه -وهذا لعله المناسب لما أشرت إليه من آيات - وقد يكون لمجرد غرابته، أو للاهتمام به، وقد يكون لغير ذلك، وأنا لم أقصد بما ذكرته الحصر لأغراض توكيد الأمر المعلوم، والله أعلى وأعلم.(/)
(التجديد في التفسير حاجة ضرورية) محمد البويسفي
ـ[المستصفى]ــــــــ[03 Jul 2010, 08:50 ص]ـ
(التجديد في التفسير حاجة ضرورية) بقلم محمد البويسفي
12 - 7 - 2008
المسلمون اليوم يجدون أنفسهم أحوج ما يكونون للعودة إلى القرآن الكريم قراءة وتدبرا واستنباطا، من أجل استئناف السير الحضاري, وتقويم ما ظهر من اعوجاج وتحريف في الفهم والسلوك، باعتبارالقرآن الكريم مصدرا مرجعيا في التشريع والمعرفة والأخلاق, وقد صار التجديد في الدين أمرا ضروريا، بل إنه يفرض نفسه بإلحاح، وإن أي تجديد لابد أن يتوجه إلى تجديد الفهم قبل أي شيء آخر، و أمراض الأمة الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية التي ظهرت في الأمة ما هي في الحقيقة إلا أعراضا في فهم الدين، وخاصة في فهم نصوص الشريعة قرآنا وسنة.
فلابد من مراجعة شاملة ونقد الذات نقدا منهجيا جريئا للوقوف على مواطن الخلل في العقل الإسلامي, الذي صار لاينتج فما بالك أن يرسل، وأغلق باب الاجتهاد واكتفى بالتقليد.
و كتاب الله تعالى -كما قرره الأصوليون- قطعي الثبوت ظني الدلالة، و ظنية الدلالة هذه مرجعها طبيعة القرآن المعجز، ذلك أن منه الواضح أو البيّن -كما قال الطوفي في الإكسير- الذي تفهمه العرب من لغتها لبيانه ووضوحه, فهذا لا حاجة له إلى تفسير, و من القرآن ما هو غير واضح, إما لاشتراك أو غرابة أو ظهور تشبيه, و هذا القسم هو المحتاج إلى التفسير و البيان.
الأول: أنزله الله تعالى ليتعبد عامة الناس بتطبيقه لوضوحه و بيانه، و الثاني: أنزله الله لحكم متعددة منها ليتعبد العلماء بالاجتهاد فيه, و الاستنباط منه، لذلك أثنى الله على العلماء من عباده، و ليتعبد عامة الناس بتقليد العلماء فيما قرروه فيه (1).
وقد بذل العلماء غاية جهدهم في فهم كتاب الله تعالى، و توجيه الفهم و حمايته من التحريف, وأخطر تحريف هو تحريف الفهم و التلاعب به, أما تحريف النص القرآني، فهذا مستحيل لتكفل الله تعالى بحفظ كتابه, قال تعالى: "إنّا نحن نزلنا الذكر و إنّا له لحافظون" سورة الحجر 9.
والذي يدفع إلى تحريف الفهم و التأويل الفاسد, هو موقع النص القرآني في أمة الإسلام بكل طوائفها و مذاهبها، إذ أن النص هو محور الفكر الإسلامي منذ النشأة إلى اليوم، وكل ما أنتجه الفكر الإسلامي لا يعدو أن يكون إما موثقاً للنص, أو مساعداً على فهمه, أو مستنبطاً منه.
وقد دأبت الحركات الإصلاحية, و التيارات الفكرية على استمداد مشروعيتها من النص، فلا تقبل فكرة أو دعوى ما لم يشهد لها النص بالصلاحية, ولذلك نرى الكل يلوذ بالنص و يلجأ إليه لاستمداد المشروعية, و هذا ما أعطانا فهوما متعددة للقرآن الكريم قد تصل إلى حد التناقض, حتى قال قاضي البصرة عبيد الله بن الحسن: "كل ما جاء به القرآن حق، و يدل على الاختلاف، فالقول بالقدر صحيح و له أصل في الكتاب، و القول بالإجبار صحيح وله أصل في الكتاب، و من قال بهذا فهو مصيب، و من قال بهذا فهو مصيب لأن الآية الواحدة ربما دلت على وجهين مختلفين, و احتملت معنيين متضادين" (2).
والذي جعل مثل هذه الفهوم تكثر وتتعدد إلى حد الفوضى, و ضياع الحقيقة الشرعية بين أهل الأهواء و الضلالات, هو عدم وجود أصول و قواعد للتفسير تضبط الفهم عن الله تعالى، و هذا ما جعل إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل يقول ثلاثة لا أصل لها منها: التفسير، و إن كان يقصد من حيث السند.
وقال ابن تيمية: "إن الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين, والباطل الواضح والحق المبين" (3).
فمثلا الحديث له أصول تضبط نقله، و كل المحاولات التي أرادت العبث بالسنة باءت بالفشل, و كذلك الفقه له أصوله التي تضبط عملية الاستنباط و التشريع, لكن التفسير بقي بلا أصول و لا قواعد تضبط وتحكم العملية التفسيرية، حتى إن البعض نزع عنه صفة العلمية، و قال إنه لم يرتقي بعد إلى مستوى العلم، بمعنى أنه يفتقر إلى الجانب التنظيري التأطيري، فبقي مجال فوضى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد وقف الإمام الطوفي على إشكال علم التفسير فقال: "إنه لم يزل يتلجلج في صدري إشكال علم التفسير, وما أطبق عليه أصحاب التفاسير، ولم أجد أحدا منهم كشفه في ما ألفه, ولا نحاه في ما نحاه، فتقاضتني النفس الطالبة للتحقيق, الناكبة عن جمر الطريق, لوضع قانون يعوّل عليه ويصار في هذا الفن إليه" (4) , إلا أنه لم يفعل وليته فعل.
وفي عصرنا الحالي, وفي محاولة بناء أصول وقواعد علم التفسير, أشار الدارسون المعاصرون إلى أن مباحث هذا العلم مبثوثة في علوم شرعية متنوعة, منها: علم أصول الفقه, والتفسير, واللغة العربية, فعلم أصول الفقه مؤهل لضبط العملية التفسيرية، على اعتبار أنه علم محكم البناء من حيث مصطلحاته و قواعده و مناهجه، و أن الأساس الذي بني عليه من حيث التدوين و التصنيف، إنما هو حل لمشكلة الفهم اللغوي الخاص، للدليل الشرعي, سواء من حيث مقاصده الدلالية، أو متعارضاته الإشكالية (5).
كما أنه امتاز بضبط قواعد الدلالة, حاصرا طرقها: منطوقا ومفهوما، و مرتبا مراتبها: نصا و ظهورا و إجمالا، و مفصلا فيما يتصل بالأحكام من وجوهها: الأمر والنهي، و العموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، ومحددا شروط التأويل و قواعد الترجيح (6).
وقد أكد السكّاكي في "مفتاح العلوم", على أن علم أصول الفقه, والبلاغة مؤهلين لضبط العملية التفسيرية، حيث قال: "ولله در التنزيل، لايتأمل العالم آية إلا أدرك لطائف لا تسع الحصر ... لأن المقصود لم يكن مجرد الإرشاد لكيفية اجتناء ثمرات علمي المعاني و البيان، و أن لا علم في باب التفسير بعد علم الأصول أقرأ منهما على المرء لمراد الله من كلامه (7).
أما اللغة العربية فلأن النص القرآني هو نص لغوي، و أن الله عز و جل خاطب العرب بلسانهم, و على معهودهم في التخاطب و الكلام, وأن علماء العربية وهم يقعّدون قواعد النحو و الإعراب, كان في حسبانهم تحدي فهم الخطاب الشرعي, خاصة مع ظهور اللحن الصوتي و الصرفي, و أيضا المفهومي في ظل اتساع الرقعة الإسلامية, و دخول أمم أعجمية في الإسلام, وقل نفس الأمر في نشوء علم البلاغة, إذ كان تحدي الإعجاز القرآني حاضرا في أذهانهم.
فتحدي فهم و بيان معاني و أسرار القرآن الكريم كان حاضرا منذ زمن التأسيس و التقعيد اللغوي, وإن النص -أي نص- هو بناء لغوي قائم على قواعد اللغة و نظامها، مما يعطي للتحليل اللغوي أهميته في الكشف عن المعنى, لهذا فقد عد العلماء علوم اللغة أول العلوم التي يحتاج إليها مفسر القرآن, بل جزم الكافيجي بأن قواعد التفسير"مكتسبة من تتبع لغة العرب" (8).
والمقصود باللغة جميع مستويات الدرس اللغوي العربي: " كالأصوات، والصرف، والنحو", إذ إنها مجتمعة, تكوّن أداة التحليل اللغوية الكبرى، ذلك أن هذه المستويات ترى منفصلة من حيث الصناعة، لأغراض منهجية فقط, في حين أنها تكون في مجملها الوسيلة الناجحة الكبرى لتحليل النصوص" (9).
أما مافي كتب التفاسير، فالمقصود بها القواعد التي يضعها المفسّر, و هو يمارس عملية التفسير, في محاولة للتأصيل لمفهوم يريد تأصيله، أو في نقده لتفسير اختل فيه ضابط من الضوابط، أوفي مجالات أخرى (10)
ويمكن أن نقول: إن هذه العلوم تحتوي على مباحث وقواعد لعلم أصول التفسير، لكن تحتاج إلى بناء نظري منظّم, يحدّد و ينظم العلاقة بين مكوناته، متى و كيف نُعمل هذه القاعدة أو هذا الأصل؟ , و ما هي مستويات ذلك؟ , و هل كل القواعد على مستوى واحد في الكفاية التفسيرية؟ ... أي فلسفة علم التفسير، ليرتقي إلى مستوى العلوم الناضجة, من حيث المصطلحات و القواعد و المناهج.
وإيجاد علم أصول التفسير يكفينا همّ العبث بالنصوص الشرعية, و ليِّ أعناقها، كما يضبط لنا عملية الفهم عن الله تعالى, واستنباط الأحكام الشرعية من مظانها؛ بل يكون قانونا محكما فيما يسمى بمقاصد الشريعة، ذلك أن القصد يفهم من اللفظ, ومن النص الشرعي، فيجيبنا علم أصول التفسير عن السؤال العلمي: كيف دلك هذا اللفظ أو هذا النص, على هذا المعنى أو هذا الحكم؟ , و قس على ذلك من القضايا والمستجدات الطارئة على الفكر الإسلامي اليوم، كمسألة السنن التاريخية والاجتماعية في القرآن الكريم، وقضايا التشريع الجنائي، والنوازل الفقهية في الطب و غيره.
رابط الموضوع:
http://www.alqlm.com/index.cfm?method=home.con&contentID=427
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الهامش:
(1) الإكسير في علم التفسير للطوفي ص/33 و ما بعدها.
(2) تأويل مختلف الحديث لإبن قتيبة ص/ 55.
(3) مقدمة في أصول التفسير ص/33.
(4) الإكسير في علم التفسير للطوفي ص/ 27.
(5) المصطلح الأصولي, د/ فريد الأنصاري, ص/124 - 425 بتصرف.
(6) التفسير اللغوي للقرآن الكريم، ص/ 96.
(7) مفتاح العلوم للسكاكي ص/421.
(8) المرجع السابق ص/ 7 - 8 بتصرف.
(9) تحليل النصوص: المفهوم و الضوابط, د/ حسين كنوان مجلة التسامح - العدد 11 - السنة الثالثة, ص/134.
(10) المرجع السابق, ص/ 19.
المصدر:شبكة القلم الفكرية ( http://www.alqlm.com/index.cfm?method=home.con&contentID=427)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[03 Jul 2010, 10:08 ص]ـ
شكر الله للأستاذ محمد البويسفي هذه المقالة ونفع بها وبكاتبها
وليسمح لي بملاحظة حول قوله:
والذي جعل مثل هذه الفهوم تكثر وتتعدد إلى حد الفوضى, و ضياع الحقيقة الشرعية بين أهل الأهواء و الضلالات, هو عدم وجود أصول و قواعد للتفسير تضبط الفهم عن الله تعالى، و هذا ما جعل إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل يقول ثلاثة لا أصل لها منها: التفسير، و إن كان يقصد من حيث السند.
وقال ابن تيمية: "إن الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين, والباطل الواضح والحق المبين" (3).
فليس سر كثرة الفهوم وتعددها إلى حد الفوضى عدم وجود أصول وقواعد للتفسير، بل هذه الأصول والقواعد موجودة مبثوثة في تطبيقات المفسرين والمحررين منهم خصوصا لكن بقي أن تستخرج هذه الأصول والقواعد من تطبيقات الأئمة وتقريراتهم وهو عمل يحتاج إلى جهود متواصلة وأفهام ثاقبة ونظرات عميقة في عمق مقاصد العلماء وثنايا كلامهم لاستخراج تلك الأصول، ثم ترتيبها وتبويبها والإضافة عليها
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[03 Jul 2010, 10:21 ص]ـ
(التجديد في التفسير حاجة ضرورية) بقلم محمد البويسفي
12 - 7 - 2008
المسلمون اليوم يجدون أنفسهم أحوج ما يكونون للعودة إلى القرآن الكريم قراءة وتدبرا واستنباطا، من أجل استئناف السير الحضاري, وتقويم ما ظهر من اعوجاج وتحريف في الفهم والسلوك، باعتبارالقرآن الكريم مصدرا مرجعيا في التشريع والمعرفة والأخلاق, وقد صار التجديد في الدين أمرا ضروريا، بل إنه يفرض نفسه بإلحاح، وإن أي تجديد لابد أن يتوجه إلى تجديد الفهم قبل أي شيء آخر، و أمراض الأمة الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية التي ظهرت في الأمة ما هي في الحقيقة إلا أعراضا في فهم الدين، وخاصة في فهم نصوص الشريعة قرآنا وسنة.
فلابد من مراجعة شاملة ونقد الذات نقدا منهجيا جريئا للوقوف على مواطن الخلل في العقل الإسلامي, الذي صار لاينتج فما بالك أن يرسل، وأغلق باب الاجتهاد واكتفى بالتقليد.
لا شك أن المطالبة بالعودة إلى القرآن الكريم أمر مشروع وهو مطلب لكل مسلم صادق غيور على هذه الأمة.
ولا شك أن هناك اعوجاجا وانحرافا في الفهم والسلوك بحاجة ملحة إلى تصحيح
والتجديد بالمفهوم الشرعي الصحيح أمر مطلوب وملح.
وهذا مقدمة أتفق مع الكاتب فيها.
لكن الذي لا أتفق مع الكاتب فيه هو نسبة أمراض الأمة المختلفة إلى الفهم غير الصحيح لنصوص الكتاب والسنة.
بل إن الواقع الذي لا مرية فيها هو أن أمراض الأمة المختلفة وما نراه من انحراف في "الفهم" والسلوك إنما هو نتيجة البعد عن الاهتداء بالقرآن في مختلف جوانب الحياة.
وليس نتيجة للفهم غير الصحيح لنصوص الكتاب والسنة.
والدليل على ذلك أننا حينما رأينا بعض التوجهات التي أخذت تفرض نفسها كحل لأمراض الأمة وتخلفها وتدعو إلى العودة إلى نصوص الكتاب والسنة وعلاج الواقع المنحرف من خلال الفهم الصحيح لها، وجدنا أن هناك فئة ظهرت لتقطع الطريق على هذه التوجهات أو إعاقتها على الأقل حتى لا يكون لها الكلمة الفصل وذلك باختلاق فهوم جديدة لنصوص الكتاب والسنة، فهوم متعسفة لا تسعفها لغة النص ولا تتوافق مع ما فهمته أجيال الأمة عبر القرون، هذه الفهوم جاءت لتعطي بعض التبرير لما تشكو منه الأمة من أمراض وانحرافات بل إنها في كثير من الأحيان تفتح الأبواب إلى ما هو أسوءا.
لاشك أن المراجعة والنقد والوقوف على مواطن الخلل والتصحيح أمر مطلوب، ولكن نسبة الخلل إلى العقل الإسلامي وأنه أصبح لا ينتج وعاجزا فضلا أن نتوقع منه الإرسال، وأنه أغلق باب الاجتهاد واكتفى بالتقليد،أعتقد أن هذه مغالطة لأن فيها تحميل وزر ما تعانيه الأمة فئة هي الأقرب والأقدر على الفهم وتلمس العيوب والقدرة على التصحيح.
بينما الحقيقة هي أن الذي يتحمل وزر أمراض الأمة هو ذلك الشكل الإسلامي الذي يحمل عقلا لا ينتمي إلى الإسلام وهواه مع غيره.
أنا لا أنكر أن هناك بعض الجمود ولكن أيضا هناك من يحاول الفهم والبحث عن الحلول والتجديد بالمفهوم الصحيح للتجديد ويحاول أن يغير من واقع الأمة المر، وهناك أيضا طرف ثالث لا يريد الفهم ولا التجديد بالمفهوم الصحيح ولا يريد معالجة أمراض الأمة بل يجهد في سوقها إلى مزيد من الانحراف وربما وجد في بعض أفكار الجامدين ذريعة لتوجهاته.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[03 Jul 2010, 11:22 ص]ـ
الأخ الفاضل محمد البويسفي أحد الأعضاء البارزين عندنا في الملتقى، فحبذا لو تابعنا بجديده ومشاركته وأتحفنا بها هنا لنفيد منها .. بارك الله فيه.
ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[09 Jul 2010, 12:25 ص]ـ
السلام عليكم
أشكر الأخ الكريم المستصفى على نقله للمقال
وأقول لأخينا العبادي بأنني من أعضاء الملتقى والغيورين عليه، أما المقال فهو نواة لبحث في موضوع علم أصول التفسير ما إن أنتهي منه أنشره هنا لأستفيد من ملاحظاتكم وتوجيهاتكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Jul 2010, 07:30 ص]ـ
السلام عليكم
أشكر الأخ الكريم المستصفى على نقله للمقال
وأقول لأخينا العبادي بأنني من أعضاء الملتقى والغيورين عليه، أما المقال فهو نواة لبحث في موضوع علم أصول التفسير ما إن أنتهي منه أنشره هنا لأستفيد من ملاحظاتكم وتوجيهاتكم
ندعو الله أن يوفقك يا شيخ محمد وأن يسددك في بحثك هذا، وأن تعود إلينا بنشاط وإقبال قريباً.
ـ[عاطف الفيومي]ــــــــ[12 Jul 2010, 11:15 م]ـ
و كتاب الله تعالى -كما قرره الأصوليون- قطعي الثبوت ظني الدلالة، و ظنية الدلالة هذه مرجعها طبيعة القرآن المعجز، ذلك أن منه الواضح أو البيّن -كما قال الطوفي في الإكسير- الذي تفهمه العرب من لغتها لبيانه ووضوحه, فهذا لا حاجة له إلى تفسير, و من القرآن ما هو غير واضح, إما لاشتراك أو غرابة أو ظهور تشبيه, و هذا القسم هو المحتاج إلى التفسير و البيان.
جزاك الله خيرا على هذه الكلمات النافعة المباركة ..
وحبذا لو أذنت لي بتعليق يسير كإضافة لهذا الجملة من المقال:
1 - قولك: (وكتاب الله تعالى قطعي الثبوت ظني الدلالة) أرى أن يضبط هذا القول أكثر لأن القرآن قطعي الثبوت نعم ولكنه أقسام:
- منه قطعي الثبوت قطعي الدلالة ك (ولكم نصف ما ترك أزواجكم .. الآية) فالنصف والربع والثلث وغيرها لا تحتمل سوى القطع بها.
- ومنه قطعي الثبوت ظني الدلالة ك (والمطلقات يتربصن .. الآية) فما هو القرء في الآية ..
2 - وأضيف بعد هذا أن من الأمور التي يجب ملاحظتها والوقوف عليها في رحلة أو معالم التجديد في علم التفسير ما يلي:
1 - الالتزام بالضوابط العلمية والشرعية في باب التفسير بالرأي والاجتهاد وإن كان باب الاجتهاد لا يغلق ولكنه لا يفتح أيضًا لمن ليس من أهله وإعمال هذه الضوابط.
2 - تصفية كتب التفسير مما دخلها وأذهب بعضًا من رونقها من أمور:
- الأحاديث الضعيفة والموضوعة وهذه واضحة.
- الإسرائيليات التي عكرت صفو التفسير ومعالم الطريق الصحيح إليه.
- الاستطرادات والتشعيبات الطويلة التي ربما لا تتعلق بالآية كثيرا.
3 - تقريب التفسير إلى جماهير المسلمين بحيث يوضع تفسير سهل ميسر يدخل على المعنى المباشر لألفاظ القرآن مع الأسلوب الوعظي والتربوي والفقهي في وقت واحد.
هذا ما عندي وربما أفدت منه بارك الله فيك ونفع بك ..(/)
تفسير سورة "الأعلى" للشيخ سلمان النهرواني
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[03 Jul 2010, 05:41 م]ـ
الحمد لله رب العالمين
هذا تفسير سورة " الأعلى " للشيخ الإمام النحوي اللغوي صاحب التصانيف سلمان بن أبي طالب عبدالله بن محمد أبو عبد الله النهرواني. من كبار أئمة العربية، صنف كتاب القانون في اللغة عشر مجلدات، قليل المثل، وكتاباً في التفسير (ومن تحقيق جزء منه أنقل)، وشرح الإيضاح لأبي علي الفارسي، وصنف في علل القراءات. (راجع تاريخ الذهبي، ج10/ص739 تحقيق د, بشار عواد)
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الْأَعلى
مكية، وهي تسع عشرة آية.
بسم الله الرحمن الرحيم
?سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) ?
التسبيح لله: تنزيهه عما لا يجوز في صفته إلى صفات التعظيم له، كوصفه بأنه لا إله إلا هو، فينفي ما لا يجوز في صفته من شريك في عبادته، مع الإقرار بأنه الإله وحده.
وسبح اسم ربك، وباسم ربك، بمعنى. وجاء في التفسير: صل لربك، وصل باسم ربك، والأصل ما ذكرناه.
وقيل: معناه قل: سبحان ربي الأعلى، معناه: القادر الذي لا قادر أقدر منه، القاهر لكل أحد ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn1)).
وقيل: نزه اسم ربك أن تسمى به سواه، فلا تسمي الله غيره.
والأعلى من صفات الله، وهو متابعة الوصف له بالعلوّ وعلوّ عظمته، وهو علو الصفة والتعالي عن صفات النقص ([2] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn2)).
? الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) ?
أي: خلق كل حيّ روح، فسوى خلقته، وخص كل واحد بتأليف ونظمٍ على ما أراده.
وقيل: خلقه مستويا متقنا محكما، غير مثبَّج ليدل على علم فاعله وإرادته.
?وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (3) ?
التقدير: تنزيل الشيء على مقدار غيره، يعني: والذي من صفته أنه قدَّر الخلق أزواجا، ذكرا وأنثى، ثم هداهم لوجه التناسل والتولّد، وعلّمهم كيف يأتيها وكيف تأتيه.
وقيل: قدّر الولد في البطن تسعة أشهر أو أقل وأكثر، وهدى للخروج للتمام منه.
وقيل: هداه إلى اجتناب المضارّ وابتغاء المنافع.
وقيل: هدى من الضلالة، فاكتفي من ذكر الضلالة بذكر الهدى لكثرة ما ذكر الهدى والضلال معا ([3] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn3)).
وقيل: هداه إما شاكرا وإما كفورا.
وقيل: جعل الهداية في قلب الطفل حتى طلب ثدي أمه وميّزه عن غيره.
وقيل: والذي قدّر فهدى، أي: قدّر الخلق على ما خلقهم فيه من الصور والهيئات، واجرى لهم أسباب معايشهم من الأرزاق والأقوات، ثم هداهم إلى دينه ومعرفة توحيده بإظهار الدلالات والبينات.
?وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) ?
يعني: والذي أخرج المرعى أحوى فجعله غثاء، ويكون أحوى في موضع نصب على الحال، يريد: والذي أنبت الزرع والنبات من الأرض أخضر يضرب إلى الحوّة، والحوّة: السواد، أي: من شدّة خضرته، ثم جعله غثاء، أي: جففه حتى يصير هشيما جافا كالغثاء الذي نراه فوق الماء.
وقيل: إنه مثل ضربه الله تعالى لذهاب الدنيا بعد نضارتها.
?سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) ?
أي: سنجمع حفظ القرآن في قلبك وقراءته في لسانك حتى لا تنسى.
قيل: كان النبي صلى الله عليه وعلى آله يتلقَّف القرآن عن جبريل بسرعة، فكان إذا قرأ آية كاد يسبقه بالتلقف مخافة أن ينسى، فأنزل الله تعالى: (وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ).
وقال تعالى (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى) قيل: إنه عليه السلام لم ينس بعد هذا شيئا ألبتة من القرآن إلى أن مات، فقيل في هذا: إنه معجزة للنبي صلى الله عليه وعلى آله، حيث يلقي إليه الملك ما لم يقرأه في الكتب ولا يسمعه بأبلغ لفظ وأتم معنى وأحسن نظم وبلاغة، ثم لا يذهب عليه شيء من ذلك ولا ينسى، مع كونه أميا.
?إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ?
أي: مما لا يقع به التكليف في التبليغ ولا يجب عليه، فينسيه الله سبحانه إذا شاء نسيانه إذا لم يجب عليه إبلاغه ولم يكلَّف القيام بأدائه، فلم يمتنع نسيانه في وصفه.
وقيل: إلا ما شاء الله أن ينساه برفعٍ لحكمه ([4] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn4)) وتلاوته ([5] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn5)).
وقيل: إلا ما شاء الله أن يؤخّر إنزاله.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الفراء: هذا معناه (خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ) ولا يشاء إخراجهم. وأنت تقول في الكلام: لأعطينك كل ما سألتَ إلا ما شئتُ، وإلا أن أشاء أن أمنعكَ، والنيةُ أن لا تمنعه، كذلك هاهنا قال: إلا ما شاء الله، أي: إلا ما شاء الله أن ينسيك ذلك، ولم يشأ أن تنساهُ، فلم تنسَ ([6] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn6)).
? إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى (7) ?
أي: السر والعلانية.
?وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (8) ?
أي: نهوّن عليك أعمال الجنة، ونسهل لك العمل الذي يوصلك إلى الجنة.
واليسرى، الفُعلى، من اليسر: وهو سهولة عمل الخير.
والمعنى: نوفقك للشريعة اليسرى، وهي الحنيفية، ونهوّن عليك الوحي، ونسهّله حتى تحفظه ولا تنساه، وتعمل به ولا تخالفه.
وقيل: معناه: نسهّل لك من الألطاف والتأييد ما نثبتك على أمرك ونسهل لك المستصعب من تبليغ الرسالة والصبر عليه. وهذا أحسن ما قيل فيه؛ فإنه يتصل بقوله: (سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى)، فكأنه سبحانه أمره بالتبليغ ووعده النصر وأمره بالصبر.
?فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) ?
والذكرى تنفع لا محالة، ومعناه فيما عندك كما تقول: سله أن يقع السؤال، أي: فيما يجوز عندك.
وقيل: عظ الخلق إن نفعت لهم الذكرى. ومعنى هذا أنه قد علم صلى الله عليه وعلى آله ان الذكرى تنفع، إما في ترك الكفر، أو ترك المعصية، أو في الاستكثار من الطاعة، فالذكرى تنفع في الجملة، والنبي _ عليه وآله السلام _ علم ذلك، فقال تعالى ذكرهم إذ قد علمت أن الذكرى تنفع، وهذا كما تقول للجائع: كل إن علمت أن الأكل ينفع، فيكون قوله هذا حثّا له على الأكل وتنبيها على أنه هو الذي ينفع.
وقيل: معناه عظهم إن نفعت الموعظة أو لم تنفع؛ لأنه صلوات الله عليه بعث للإنذار والإعذار، فعليه التذكير في كل حال، نفع أو لم ينفع.
ولم يذكر الحاللة الثانية اكتفاءً بالحالة الأولى.
?سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) ?
أي: سيتعظ بالتذكير من يخشى الله ويخشى عقوبته.
وقيل: قوله تعالى: (فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى) «إن» شرط، وجوابه قوله: (سَيَذَّكَّرُ) إلا أنه ارتفع لأجل السين التي فيه، وهي تنوب مناب الفاء، معناه: إن تنفع الذكرى فذكر من يخشى.
وقيل: سيذكر من يخشى، أي: سيتعظ بالقرآن من يخشى الله تعالى ويخاف عقابه.
?وَيَتَجَنَّبُهَا? أي: ويتجنب الذكرى ?الْأَشْقَى (11) ? مبالغة في الوصف بالشقاء والشقوة. قال: تؤدي بهم إلى شدة العذاب.
?الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ?
يعني: الذي يدخل جهنم وهي النار الكبرى لأنه أشد حرا من نار الدنيا.
قيل: النار الكبرى: الطبقة السفلى من جهنم.
?ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا? موتا يستريح به ?وَلَا يَحْيَى (13) ? حياة يجد معها رَوْح الراحة واللذة ([7] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn7)).
قيل: نزلت الآية في عتبة بن الوليد وأبي جهل وأشكالهم.
قوله تعالى: ?قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) ?
أي: صادف ([8] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn8)) البقاء والنجاة من تزكى. قيل: صار زاكيا بأن عمل صالحا.
وقيل: تصدق بماله، ويراد به الزكاة المفروضة.
وقيل: تزكى: أعطى زكاة الفطر.
وقيل: قد افلح من تزكى، أي: فاز من تطهر من الشرك، وقال لا إله إلا الله.
?وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) ?
يعني ذكر اسم ربه أي بعد أن أعطى زكاة الفطر يشتغل بالتكبير.
قوله تعالى: (فصلى) أي: شهد الصلاة مع الإمام يوم العيد.
وقيل: ذكر الله بقلبه عند صلاته، فرجا ثوابه، وخاف عقابه، فغن الخشوع في الصلاة بحسب الخوف والرجاء.
وقيل: ذكر اسم ربه بلسانه عند دخوله في الصلاة، فصلى بذلك الاسم، أي: قال: الله أكبر؛ لأن الصلاة لا تنعقد إلا به.
وقيل: هو أن يفتتح ببسم الله الرحمن الرحيم، ويصلي الصلوات الخمس المكتوبة.
?بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) ?
أي: تختارون الحياة الدنيا، ولا تعملون للآخرة.
ثم رغبهم في الآخرة فقال تعالى: ?وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) ?
أي: نعم الآخرة وما أعدّ الله تعالى لأوليائه فيها خير وأبقى مما اشتغلوا به وآثروه من دنياهم الفانية.
?إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) ?
(يُتْبَعُ)
(/)
يعني: هذا الفصل وهو أن من تزكى وعمل صالحا وذكر اسم ربه فصلى قد أفلح كان في الصحف الأولى.
وقيل: السورة كلها في الصحف الأولى.
وقيل: التسبيح في الصحف الأولى.
?صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19) ?
روي عن أبي ذر أنه قال: قلت يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال: «مائة ألف نبي، واربعة وعشرون ألفا» قلت: يا رسول الله كم المرسلون منهم؟ قال: «ثلاثمائة وثلاثة عشر، وبقيتهم أنا. قلت: أكان آدم نبيا؟ قال: «نعم، كلمه الله وخلقه بيده. يا ابا ذر، أربعة من الأنبياء عرب: هودٌ، وصالح، وشعيب، ونبيك. قلت: يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب؟ قال: مائة وأربع كتب أنزل منها على آدم عشر صحف، وعلى شيث خمسين صحيفة، وعلى أخنوخ وهو إدريس ثلاثين صحيفة، وهو أول من خط بالقلم، وعلى إبراهيم عشر صحائف، والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان.
وفي الحديث: إنه كان في صحف إبراهيم: ينبغي للعاقل أن يكون حافظا للسانه، عارفا بزمانه، مقبلا على شأنه.
وقيل إن كتب الله تعالى كلها أنزلت في شهر رمضان.
([1]) قال الإمام الطبري: العليُّ، الفعيل، من قولك: علا يعلو علوّا، إذا ارتفع، فهو عالٍ وعليٌّ. والعليُّ: ذو العُلُوِّ والارتفاع على خَلْقِه بقُدرَتِه. جامع البيان، ج4/ص544
([2]) «العليّ»: «علَا يعلو: تكبر، ومنه:ژ ? ? ژ [المؤمنون: 46] وژ? ? ? ژ [القصص: 4] والعليُّ: اسم الله، والمتعالي، والأعلى: من العلوّ: بمعنى الجلال والعظمة، وقيل بمعنى التنزيه عن عما لا يليق به». (التسهيل، ج1/ص32)».
([3]) قال الفراء في معاني القرآن (ج3/ص256)
([4]) بنسخ.
([5]) وهو اختيار الإمام الطبري في قوله: والقول الذي أولى بالصواب عندي قول من قال: معنى ذلك: فلا تنيى إلا أن نشاء نحنُ أن ننسيكه بنسخه ورفعه. (جامع البيان، ج24/ص316)
([6]) راجع معاني القرآن للفراء، ج3/ص256 عالم الكتب، ط.3. سنة 1983م/1403هـ
([7]) كتب في الهامش: لا يموت يستريح من غمّ القطيعة، ولا يحيى فيصل إلى روح الوصلة. ولم ينبه على أنه من أصل التفسير كباقي الهوامش.
([8]) أي: وجد
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 Jul 2010, 07:17 ص]ـ
والأعلى من صفات الله، وهو متابعة الوصف له بالعلوّ وعلوّ عظمته، وهو علو الصفة والتعالي عن صفات النقص
في العبارة تنافر , ولا أدري هل الخطأ من النسخ أو الطباعة أو المخطوطة , فإن كانت المخطوطة لديكم فأرجوا التكرم بتصوير هذا المقطع منها , أو من المطبوع , شاكراً لكم.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[04 Jul 2010, 09:10 ص]ـ
التنافر: هو التناكر والتضارب والتدافع والتناقض، وليس في العبارة شيء من هذا على الإطلاق.
وهذه صورة المخطوط:
http://www.tafsir.net/images/DSC00550.jpg
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 Jul 2010, 10:32 ص]ـ
إذاً التنافر في عبارة المؤلف أو من الناسخ , وحيث لا معلومات عن النسخة أو الناسخ فكلاهما محتمل.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[04 Jul 2010, 10:58 ص]ـ
هلا بينت وجه التنافر لو سمحت؟
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 Jul 2010, 11:19 ص]ـ
سأفعل إن شاء الله , وأودّ قبله أن تعرفنا عن هذه النسخة وكاتبها وتاريخها ومن كاتب اللحق فيها , هل هو المولف أو غيره؟ لتتم الفائدة رعاك الله.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[04 Jul 2010, 11:26 ص]ـ
أرجو أن لا تقيد فعلك بحصول ما وددت حصوله؛ إذ ربما لا يحصل الآن، والفائدة العلمية من بيان وجه التنافر ـ إن وجد ـ لا تتوقف على ما طلبت .. وشكرا مسبقا على التفهم.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[04 Jul 2010, 11:43 ص]ـ
" متابعة الوصف له بالعلو " غير واضحة، لعل الصواب: " مبالغة الوصف له بالعلو"، وهذا تعبير موجود عند بعض أهل العلم - أعني المبالغة - عند حديثهم عن أسماء الله وصفاته
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 Jul 2010, 11:47 ص]ـ
حديثنا يدور حول النسخة من جهة ثبوتها وتاريخها وناسخها , فإذا ثبت ذلك وتبيّنّاه سهُل توضيح ما في العبارة من تنافر لفظاً ومعنىً؛ ليقوم الحديث على أصل متفق عليه , فإني لا أملك هذا الكتاب , ولم أطلع عليه قبل نقلك منه ما نقلت.
ومن يقرأ في تقريظك للمؤلف رحمه الله أنه (من كبار أئمة العربية) لا يملك إلا أن يتحيّر من هذا النقل!
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[04 Jul 2010, 11:56 ص]ـ
ومن يقرأ في تقريظك للمؤلف رحمه الله أنه (من كبار أئمة العربية) لا يملك إلا أن يتحيّر من هذا النقل!
هذه شهادة الذهبي بألفاظه في تاريخ الإسلام (ج10/ ص 739)
وهي حقيقة كما يشهد بذلك كل من وقف على قانونه حسبما نُقِل في تراجمه، وأيضا يدرك ذلك من وقف على تفسيره الذي نهج فيه نهج الإمام الطبري من تقديم أقوال السلف الصالح، مع زيادة توجيهات لغوية لمدلولات الكلمات القرآنية يظهر فيها سعة إحاطته بلسان العرب الذي نزل القرآن به.
ثم لك أخي الكريم أن تفترض خطأ الناسخ وتبين وجه التنافر لفظا ومعنى ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 Jul 2010, 12:41 م]ـ
ثم لك أخي الكريم أن تفترض خطأ الناسخ وتبين وجه التنافر لفظا ومعنى ..
لي أن أفترض , ولك أن تحيد , لكن ما الحاجة إلى ذلك والنسخة بين يديك؟
ـ[نعيمان]ــــــــ[04 Jul 2010, 01:03 م]ـ
حوار ثنائيّ جميل: أهو تصيّد أم تربّص أم تسوّد؟! ابتسامة.
لم أجد ابتسامات حبيبنا خلوصيّ فكتبتها كتابة؛ كمن يملك رصيداً بالمليارات فأصبح يمكلها كتابة وأرقاماً. فلا يستطيع بها شراء كسرة خبز.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[04 Jul 2010, 01:35 م]ـ
السؤال الأهم: هل هذا التفسير الذي نقلتم لنا تفسير سورة الأعلى منه له أي ميزة ظاهرة؟ ليتكم تنبهوننا عليها.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[04 Jul 2010, 02:44 م]ـ
أريد أن أضيف إلى الموضوع بعض ما يلطف الجو ويريح النفس من عنت الحوار في المسائل "العلمية" الخشنة الملمس وأسأل الله أن ينفع بالجميع.
"في رواية للإمام أحمد عن الإمام علي كرم الله وجهه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب هذه السورة: {سبح اسم ربك الأعلى}. . وفي صحيح مسلم أنه كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، و {هل أتاك حديث الغاشية}. وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهما. .
وحق لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحب هذه السورة وهي تحيل له الكون كله معبداً تتجاوب أرجاؤه بتسبيح ربه الأعلى وتمجيده، ومعرضاً يحفل بموحيات التسبيح والتحميد: {سبح اسم ربك الأعلى. الذي خلق فسوى. والذي قدر فهدى. والذي أخرج المرعى، فجعله غثاء أحوى}. . وإيقاع السورة الرخي المديد يلقي ظلال التسبيح ذي الصدى البعيد. .
وحق له صلى الله عليه وسلم أن يحبها، وهي تحمل له من البشريات أمراً عظيماً. وربه يقول له، وهو يكلفه التبليغ والتذكير: {سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى ونيسرك لليسرى. فذكر إن نفعت الذكرى}. . وفيها يتكفل له ربه بحفظ قلبه لهذا القرآن، ورفع هذه الكلفة من عاتقه. ويعده أن ييسره لليسرى في كل أموره وأمور هذه الدعوة. وهو أمر عظيم جداً.
وحق له صلى الله عليه وسلم أن يحبها، وهي تتضمن الثابت من قواعد التصور الإيماني: من توحيد الرب الخالق وإثبات الوحي الإلهي، وتقرير الجزاء في الآخرة. وهي مقومات العقيدة الأولى. ثم تصل هذه العقيدة بأصولها البعيدة، وجذورها الضاربة في شعاب الزمان: {إن هذا لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى}. . فوق ما تصوره من طبيعة هذه العقيدة، وطبيعة الرسول الذي يبلغها والأمة التي تحملها. . طبيعة اليسر والسماحة. .
وكل واحدة من هذه تحتها موحيات شتى؛ ووراءها مجالات بعيدة المدى"
قطعا تعرفون صاحب هذا الكلام(/)
((مقاصد السور القرآنية)) للشيخ د. محمد الخضيري
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[03 Jul 2010, 07:05 م]ـ
(مقاصد السور القرآنية)
************************************************** *****************************
دورة مستمرة للشيخ / د. محمد الخضيري ألقيت في جامع عثمان بن عفانرض1
وهي دروس نافعة إبتدأ الشيخ فيها نبذة عن علم مقاصد السور، وأهميته في التفسير،والفهم الصحيح للمقصد وضابطه وحده،
وكيفية التوصل لمقصد السورة بخطوات، وأصناف المفسرين الذين عنوا بهذا العلم
وأشار الشيخ: أن المقصد للسورة مما يعين الي فهم كتاب الله -تعالي- فهما صحيحاً
ومن معرفة المقصد للسورة يتعرف الي نظم السورة والمناسبات بين آيات السورة
وكذلك بمعرفة مقاصد السور تظهر بيان اعجاز القرآن وبلاغته
- وهذا العلم مما يبعث رسوخ الايمان في القلب وبيان كيفية أن القرآن محكم
(وهذا المقدمة -بحث (مقاصد السور للشيخ د. محمد الربيعة) شرحها الشيخ الخضيري في بداية دورته
- ثم ابتدأ بسورة الفاتحة (وذكر علوم السورة فيها، وتطرق لتفسيرها وفق هذا العلم
- ومن ثمة سورة البقرة (وعلوم السورة فيها، وكيفية ربطها بسورة الفاتحة، وترابط الآيات بعضها ببعضابنظم قرآني بديع)
************************************************** ******************************
رابط الدروس التي ألقيت الي الآن
http://www.norayn.org.sa/o/?ar=oath&oathsid=98&oaths=5&oathso=9
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[03 Jul 2010, 07:38 م]ـ
جزاك الله خيراً أختي الفاضلة على هذه المشاركة وبارك لنا في شيخنا الفاضل د. محمد الخضيري ود. محمد الربيعة وزادهم علماً بكتابه.
ـ[طالبة الهدى]ــــــــ[23 Nov 2010, 06:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وجزى شيوخنا الأفاضل خير الجزاء
هل أجد لقاءات الشيخ محمد الخضيري والشيخ محمد الربيعة مفرغة؟؟ أحتاجها ضروري
بارك الله فيكم
ـ[حاتم ظهران]ــــــــ[23 Nov 2010, 08:40 م]ـ
جزاكم الله كل خير وغفر لنا ولكم(/)
من صاحب الإقليد الذي ينقل عنه أبوحيان في البحر المحيط؟
ـ[محمد الصاعدي]ــــــــ[03 Jul 2010, 10:51 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[المنصور]ــــــــ[04 Jul 2010, 01:06 ص]ـ
لعله (الإقليد شرح المفصل) لتاج الدين أحمدبن محمود الجندي ت 700هـ
تحقيق: د. محمود الدرويش
وهو من إصدارات جامعة الإمام(/)
مناهج المفسرين في القرن العشرين
ـ[أحمد صالح أحمد غازي]ــــــــ[04 Jul 2010, 01:04 ص]ـ
بحث حول مناهج المفسرين في القرن العشرين
ـ[أحمد صالح أحمد غازي]ــــــــ[13 Jul 2010, 07:01 ص]ـ
أرجو من كل إخواني الذين اطلعوا على جهدي المتواضع في هذا البحث وكانت لهم عليه ملاحظات إتحافي بها، سواء الملاحظات المنهجية أو الملاحظات الفكرية، كي أفيد منها في مسيرتي العلمية، وفي إعادة نشر هذا البحث.(/)
تأملات شخصية في قوله تعالى (رب المشارق والمغارب)
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[04 Jul 2010, 09:01 ص]ـ
كثيراً ما قرأت قوله تعالى (رب المشارق والمغارب) وقرأت ما ذكره علماء الفلك حول تعدد المشارق والمغارب بلغة علمية فلكية دقيقة قد لا يفهمها العامّة. وقد هداني الله سبحانه وتعالى من خلال تأمل يومي بسيط لمشاهدة هذه الآية رأي العين وأدعوكم معي للتأمل:
أجلس كل يوم في مقعدي مقابل النافذة التي تطل على جهة الشرق واستوقفني أمر وهو أن الشمس تتحرك في كل يوم عن مكانها التي كانت عليه في اليوم السابق وقد لا ننتبه لهذا الأمر في يوم واحد ولكني راقبت المسألة لعدة شهور وإذا بها تتحرك في مسار امتد من بداية حافة النافذة اليمنى لنهاية حافة النافذة اليسرى خلال أشهر الصيف والشتاء ثم تعود للمسار الأول وعرض نافذتي لا يتجاوز المتر بكثير فقلت سبحان الله! صدق تعالى (رب المشارق والمغارب) تأمل بسيط وصلت به إلى حقيقة هذه الآية وهذه دعوة مني للجميع بتطبيق هذه التجربة حتى تستمتعوا برؤية عظيم خلق الله تعالى وحسن إحكامه لهذا الكون العظيم.
آيات الله الكونية التي دعانا لنتأمل فيها لا تحتاج منا نحن العامّة أكثر من تأمل دقيق في حياتنا اليومية وما حولنا في هذا الكون الفسيح الذي سخّره الله تعالى لبني البشر، فهلاّ خصصنا دقائق قليلة في يومنا لنتأمل هذا الكون وما فيه لنتعرف على عظمة الخالق دون الحاجة إلى قراءة مجلدات في الإعجاز العلمي والعددي وغيره!
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[04 Jul 2010, 10:33 ص]ـ
وهذا الذي رأيتيه أختنا الفاضلة هو السبب في طول النهار وقصره
وهذه المشارق والمغارب في كل يوم بحيث تشرق كل يوم من مكان يختلف عن اليوم الذي قبله وكذلك الغروب
وهناك مشارق ومغارب في اليوم الواحد في كل ثانية فالشمس إذا أشرقت في مكان فإنها في نفس اللحظة قد غابت عن مكان آخر
وهكذا "يقلب الله الليل والنهار" و" يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا"
"رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ"
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[06 Jul 2010, 09:34 ص]ـ
أختي الدكتورة سمر
يقول الله تعالى في كتابه العزيز:
رب المشرق والمغرب
ويقول سبحانه أيضاً:
رب المشرقين ورب المغربين
ويقول أيضاً:
رب المشارق والغارب.
فما الفرق بين هذه الآيات الثلاثة؟ وما هو مدلول كل واحدة منها؟؟؟
أما الأولى (رب المشرق والمغرب) فهي اتجاه الشرق كله واتجاه الغرب كله على هيئة العموم.
أما التثنية في قوله تعالى (رب المشرقين ورب المغربين) فهي مشرق الشتاء ومشرق الصيف ومغرب الشتاء ومغرب الصيف.
أما المشارق والمغارب فهي على ما ذكرت وذكر أخي أبي سعد فإن لكل يوم مشرق ومغرب يختلف عن سابقه بمطلع وخفوق مختلف. وبارك الله بك أخت سمر على هذه الإتحافات.
ـ[محمد قاسم اليعربي]ــــــــ[29 Jul 2010, 01:53 ص]ـ
أما التثنية في قوله تعالى (رب المشرقين ورب المغربين) فهي مشرق الشتاء ومشرق الصيف ومغرب الشتاء ومغرب الصيف.
أشكرك يا أخي تيسير ولكن .....
ما تقول في قوله جل وعلا (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين)؟
هل هو مشرق الصيف ومشرق الشتاء إذن كم المسافة بينها هل هي مسافة كبيرة جدا أو لا؟
أو أن المشرقين يراد بهما المشرق والمغرب؟
أو المراد بعد المشرقين وبعد المغربين؟
وجزاكم الله خيرا(/)
تناسب كلمات آية الكرسي
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[04 Jul 2010, 01:57 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين
وبعد؛ فإن علم تناسب سور وآيات وكلمات القرآن العظيم ومن أجل العلوم شأنا وأعظمها قدرا؛ إذ من خلاله يتبين أكثر فأكثر حسن تناسق وترابط هذا النص الوحيي والكلام الرباني وخروجه بالكلية عن الكلام البشري، وقد زادت عناية العلماء المتأخرين بهذا العلم الجليل بما فتح الله تعالى عليهم من خزائن علمه التي لا حد لها، فوجهوا أنظارهم إلى استنباط وجوه التناسب بين كلمات وآيات القرآن العظيم، فأحببت أن أقلدهم ـ وإن لم أساوي حثالة تراب أقدامهم ـ واقتفي أثرهم، وعزمت على استقراء جملة من التفاسير المخطوطة والمطبوعة واصطفاء المناسبات وسبكها مع الكلمات القرآنية لنفع نفسي ثم من شاء الله من بعدي، والمشروع يتضمن تتبع كل المناسبات في جميع السور والآيات بحسب تيسير الله تعالى وتوفيقه، لكني هنا أعرض ما استخرجته من وجوه التناسب في سيدة آي القرآن وأعظمها، وبالله تعالى التوفيق.
تَنَاسُبُ كَلِمَاتِ
آيَةِ الكُرْسِيِّ
جمعه من التفاسير الفقير إلى ربه الهادي
نزار بن علي حمادي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيم
لَمَّا جرت عادته عز وجل في كريم النظم بذكر عِلْمِ التوحيد وهو المقصود الأعظم، وعلم الأحكام ليُتوَسَّل به إلى صالح العمل، وعلم القصص للمبالغة في إلزام الأحكام والتكاليف وتقرير دلائل التوحيد، وكانت هذه الطريقة أحسن الطرق وأكملها وأقومها؛ لأن الاستمرار على نوع واحد يفضي إلى الملالة، فذكر عز وجل جملة من عِلْم الأحكام والقصص، وأمر بالإنفاق قبل إتيان اليوم الموعود الذي لا تنفع فيه خلة ولا شفاعة، التفتت النفس إلى معرفة من هو المالك لذلك اليوم الخالي عن نفع شفاعة فيه إلا بإذنه، فذكر عز وجل آية الكرسي سيدة آي القرآن التي ما اشتمل القرآن على مثلها، مفتتحا لها بالاسم العَلَم الفرد الجامع لصفات الجلال والإكرام، فقال عز وجل: ???الذي هو الملك الحقّ في ذلك اليوم، لا ملك غيره حقيقةً ولا حكمًا.
وَلَمَّا ميّز ذاته بالاسم العلَم تخصيصًا، وعرّف عبادَه بعنوانه تنصيصًا، أثبت له عز وجل صفات الكمال، منزَّها عن شوائب النقص، مفتتحًا لها بالتفرد والتنزه والتوحد، فقال: ?? ? ہ ہ? مقرِّرا لكمال التوحيد؛ فإنه المقصود الأعظم من جميع الشرائع.
وَلَمَّا أثبت عز وجل توحيد ذاته المقدَّسة، أثبت استحقاقَه لذلك لحياتِه، إشارة إلى نفي إلهية الأصنام والكواكب وغيرها، فقال عز وجل: ?ہ?ومعناه الباقي أبدًا، كما هو القديمُ أزَلا، الدائمُ وجودُه، الذي لا سبيل عليه بوجهٍ ولا طريق إليه بحال للموتِ المُذْهِب للحياة والمُقتَضِي للعدَم، ولا هو عز وجل قابل لعروض الفناء والزوال؛ لاستحالة ذلك عليه عقلا؛ إذ لو أمكن أن يلحقه العدَمُ لانْتَفى عنه القِدَمُ، والقدمُ واجِبٌ له، فاستحال منافيه؛ لأنّ ما ثبت قِدَمُه استحال عدمهُ.
وَلَمَّا أثبت عز وجل الحياة لذاته، ترقى لوصف القيومية فقال عز وجل: ? ہھ? ومعناه القائم بذاته، المُستَغْنِي عن المَحلِّ والمخصِّصِ، المقيمُ لغيره بما يُصلِحُه ويَحفَظُ عليه أحوالَه اللائقة به وأعرِاضه المُمدَّة له في جميع آنات وجودِه، فقيامه بذاته عز وجل مستلزم لجميع الكمالات والتنزهِ عن سائر وجوه النقص، وتقويمُه لغيره يتضمَّنُ جميع الصفات الفعلية، وافتقارَ كل ما سواه إليه عز وجل، فمن ثم قيل: إنه الاسم الأعظم.
ولَمَّا وصف الحقُّ عز وجل نفسَه القدسية بحياته الأزلية المتعالي بها عن الموت الأكبر، وقيوميته السرمدية المتعالي بها عن العجز والافتقار، عقب ذلك بتنزيهها عن الغفلة بنفي سببها النومي الذي هو الموت الأصغر، فقال عز وجل: ? ھ ھ? بوَجْهٍ ولا تنالُه بحالٍ? ھ?وهو ما يتقدم النومَ ويَسبِقُه من الفتور المقتضي رخوًا في البدن وغيبةً ما للمشاعر، ? ے ے?وهو الحالة العرَضية الفتورية التي تعرض للحيوان العاقل وغيره المقتضية له توقُّفَ مشاعره الإدراكية الظاهرة ـ كالسمع والبصر ـ عن الإحساس وتعطلَّها بالكلية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبرهان استحالة اعتراء شيء منهما له عز وجل أنهما ليسا من شأن ذاته العلية وصفاته القدسية؛ وذلك لقِدَمِها وتعاليها عن النقص والتغيُّرِ والحدوث، ولكون السِّنَة والنوم آفَةٌ، والحقُّ عز وجل متعال عن الآفات؛ وقد قال ?: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ.» ولو نام نقص، ولو نقص افتقر، ولو افتقر وجب حدوثُه، وكل ذلك محال في حقه لأنه عز وجل الكامل القيوم الغنيُّ بإطلاق.
وَلَمَّا احتاج المقام لمزيد تقرير، وإيضاحٍ للدليل وتحرير، قال عز وجل زيادةً في تقرير القيُّومية، واحتجاجًا على تفرُّدِه في الألوهية، واختصاصِه بعموم التصرُّف في العوالم العلوية والسفلية: ? ? ? لا لغيره ? ? ? ?? بالمعنى الشامل للعلويات كلها من عَرْشٍ وكرسِيٍّ وغيرهما، ? ? ? ?? ? بالمعنى الشامل لكل السفليات بما فيها من العقلاء وغيرهم من حيوان وجماد، فهو تقريرٌ على أكمل الوجوه وأبلغها لقيوميته وتدبيره تعالى للكل، واحتجاج منه عز وجل على تفرُّدِه في الألوهية المشار إليها في أوَّل الآية الكريمة بالنفي عن غيره وقصرها عليه عز وجل.
وَلَمَّا كان المشركون يزعمون أنّ الأصنام تشفع لهم عند الله، فيقولون: (ھ ھ ے ے) ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn1)) ، (ک ک گ گ گ گ ?) ([2] ( http://www.tafsir.net/vb/#_ftn2))، رَدَّ عليهم عز وجل بأن الأصنام لا تملك ذلك، بل ولا مَلَكٌ مقرَّب ولا نبِيٌّ مُرسَل إلا بأمره، فقال عز وجل: ?? ? ?? أي: لا أحد ? ? ? ? ??? وفي هذا بيان منه عز وجل لكبرياء شأنه وعظيم ملكوته وجلاله، فلا يدانيه أحد ـ فضلا عن أن يساويه ـ في ألوهيته وعظيم كبريائه، ولا يقدر غيرُه على تغيير الأمر الذي يريدُه بمن استوجبَ العذاب والإذلال والخزي والنكال، ولا يستطيعه بحال، فضلا من أن يدافعه أو يمنعه من إنزاله به.
وَلَمَّا استلزم ذلك كله حيطة عِلْمِه تعالى بكل معلوم، صرَّح عز وجل بما يدل على ذلك مطابقةً فقال: ??? أزَلا وأبدًا?? ? ?? أي: ما قبلهم? ? ?? ? أي: وما يأتي بعدهم، ويعلم أمور الدينا كلها وأمور الآخرة بأسرها، وفي هذا إشارة باهرة إلى إحاطة عِلْمِه عز وجل بسائر المخلوقات من جميع الجهات.
وَلَمَّا بيّن عز وجل قَهْرَه لهم بعِلْمِه، بيَّن عَجْزَهم عن إدراك شيء من معلومِه، إلا ما أفاض عليهم بحِلْمِه، فقال: ?? ??تجدُّدًا واستمرارًا ? ?? قليل ولا كثير? ? ?? بمعنى من معلوماته، سواء الوجودية أو العدمية، التي أحاط بها كلها علمُه الأزلي ?? ? ??? أن يعلموه ويَقِفُوا على حقيقته، فإنهم يعلمونه ويحيطون به بإحداثِه عز وجل لهم علمَ ذلك فيهم، وإيقافِهم على حقيقته وفْقَ نافذ مشيئته.
وَلَمَّا أعجزهم عز وجل عما ذُكِرَ دون مشيئته، وبيّن انفراده بالوَحدة، وتفرُّدَه بالألوهية، بيَّن ما في هذه الجملة من إحاطة عِلْمه وتمام قدرته بِقَوْلَهٍ مُصَوِّرًا لعظمته وتمام عِلْمِه وكبريائه وقدرته بما اعتادَه الناس في ملوكهم فقال عز وجل: ?? ? ?الشامل، وكشفه العلمي الإحاطي الكامل?? ?بأسرها ??? ? كلها، بحيث لا يشذ شيء منها عنه، ولا يعزب عن كشفه الأزلي جزء منها ولو قلّ، ?? ?? ولا يثقله ولا يعجزه???? أي حفظ ورعاية السموات والأرض وما انطوتا عليه وما أودع فيهما؛ إذ لو أثقله ذلك لاختل أمرهما ولم يستقم نظامهما فلا يتم إحكامهما، وهو خلاف المشاهدة.
وَلَمَّا كان علوُّه تعالى وعظمته بالقهر والسلطان والإحاطة العلمية بالكمال غير منحصر فيما مرّ، بين عز وجل أنّ ذلك أمر ذاتيٌّ له حاصل أزلا قبل وجود سائر المخلوقات، ومستمر أبدًا بعد فنائهم، وليس علوُّه عز وجل عارِضًا مستمَدًّا من قَهْرِه لجميع الكائنات، فقال عز وجل: ? ??مع ذلك كله ???الذي لا رتبة إلا وهي منحطة عن رتبته، المتعالي أزلا وأبدًا تعاليا ذاتيا، المرتفع عن مدراك العقول ونهايتها في ذاته وصفاته وأفعاله، فليس كذاته ذات، ولا كصفاته صفات، ولا كفعله فِعْلٌ، وهو ? ? ??الذي كل ما سواه بالنسبة إليه مستحقَر، لا رتبة له قياسا إلى عظمته، إذ عظمته عز وجل ذاتية، وغيرها عارِضَة زائلة فانية.
([1]) يونس: 18
([2]) الزمر: 3(/)
فضائل القرآن الكريم
ـ[بوعلام]ــــــــ[04 Jul 2010, 09:20 م]ـ
القرآن
يقول الله عزّوجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 29، 30].
وكان مطرف بن عبد الله يقول: هذه آية القراء." أقول: وبهذا قال جمع من المفسرين و هذا لما أثبتته للقراء العالمين العاملين من الأجر العظيم و الثواب المضاعف.
قال الشيخ بن عثيمين رحمه الله:
تِلاوةُ كتَابِ اللهِ عَلَى نوعين:
– النوع الأول: تلاوةٌ حكميَّةٌ وهي تَصْدِيقُ أخبارِه وتَنْفيذُ أحْكَامِهِ بِفِعْلِ أوامِرِهِ واجتناب نواهيه. وسيأتي الكلام عليها في فضل تلاوة القرآن وأنواعها في مجلس آخر إن شاء الله.
– والنوعُ الثاني: تلاوة لفظَّيةٌ، وهي قراءتُه. وقد جاءت النصوصُ الكثيرة في فضْلِها إما في جميع القرآنِ وإمَّا في سُورٍ أوْ آياتٍ مُعَينَةٍ منه، ففِي صحيح البخاريِّ عن عثمانَ بن عفانَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قالَ: «خَيرُكُم مَنْ تعَلَّمَ القُرآنَ وعَلَّمَه» وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «الماهرُ بالقرآن مع السَّفرةِ الكرامِ البررة، والذي يقرأ القرآنَ ويتتعتعُ فيه وهو عليه شاقٌّ له أجرانِ». والأجرانِ أحدُهُما على التلاوةِ والثَّاني على مَشقَّتِها على القارئ.
لذا سنتناول إن شاء الله تعالى:
1 - فضائل القرآن الكريم.
2 - آداب تلاوته.
3 - فضائل سور القرآن الكريم.
1 - فضائل القرآن الكريم
أ- فضائل القرآن الكريم:
اعلم رحمك الله أن لتلاوة القرآن الكريم و تعلمه و تدبره و العمل به و حفظه فضائل كثيرة و أجورا عظيمة منها:
1 - حصول الهدى و التوفيق للصواب و الأمن من الضلال:
قال الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً} [الإسراء9].
يخبر الله تعالى أن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم أي: أعدل و أعلن و أفضل من العقائد و الأخلاق الخ ... فمن اهتدى لما يدعوا إليه القرآن كان أكمل الناس و أقومهم و أهداهم في جميع أمورهم.
عنأبيشريح الخزاعيقال: خرجعلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أبشروا أبشروا؛ أليس تشهدون أن لا إلهإلا الله وأني رسول الله؟ قالوا: نعم، قال: فإن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به،فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعدهأبدا).
2 - اِكتساب الحسنات:
- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْف) أخرجه البخارى في التاريخ الكبير والترمذي وصححه الألباني تخريج الطحاوية.
-عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «الماهرُ بالقرآن مع السَّفرةِ الكرامِ البررة، والذي يقرأ القرآنَ ويتتعتعُ فيه وهو عليه شاقٌّ له أجرانِ» [رواه البخاري و مسلم].
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن (الماهر بالقرآن) الذي يجيده و يتقنه مع (السفرة الكرام البررة) أي: الملائكة و أن الذي يتمتع فيه و يتهجاه و هو عليه شاق (له أجران) أجر للقراءة و أجر للتعب و المشقة.
ففي عمل كل منهما فضل و أجر و اكتساب للحسنات لكن الماهر أفضل و أكثر أجر لكثرة عنايته بتلاوة كتاب الله تعالى حفظه و إتقانه حتى مهر فيه.
- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد فيه ثلاث خلفات عظام سمان قلنا: نعم قال: فثلاث آيات يقرأ بهن أحدكم في صلاته خير له من ثلاث خَلِفَاتٍ عظام سمان).
(الخَلِفَة) الحامل من النوق , و تجمع على خليفات و خلائف.
(يُتْبَعُ)
(/)
- عن عقبة بن عامر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال: (أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كُومَاوَيْنِ في غير إثم ولا قطع رحم فقلنا: يا رسول الله نحب ذلك قال: أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وثلاث خير له من ثلاث وأربع خير له من أربع ومن أعدادهن من الإبل) [رواه مسلم].
3 - رفع الدرجات في الجنة:
- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
"يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها" [رواه أحمد و الترمذي و أبو داود].
(رتّل): اِقرأ القرآن بتمهل و تُؤَدَة.
-عَنْأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ الله عَنْهقَالَ: قَالَ رَسُولُاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"يُقَالُلِصَاحِبِ الْقُرْآنِ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ اقْرَأْوَاصْعَدْ فَيَقْرَأُ وَيَصْعَدُ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةًحَتَّى يَقْرَأَ آخِرَشَيْءٍ
مَعَهُ". [رواه أبو داود و ابن ماجه و أحمد].
في قوله صلى الله عليه وسلم: (حتى يقرأ آخر شيء معه) إشارة إلى أنه احتفظ بما حفظ. و هذا يدل على فضل المراجعة و المذاكرة.
قال الشيخ الألباني رحمة الله عليه:
" واعلم أن المراد بقوله: " صاحب القرآن " حافظه عن ظهر قلب على حد قوله صلى الله عليه وسلم: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله). . أي أحفظهم، فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ في الدنيا، وليس على حسب قراءته يومئذ واستكثاره منها كما توهم بعضهم، ففيه فضيلة ظاهرة لحافظ القرآن، لكن بشرط أن يكون حفظه لوجه الله تبارك وتعالى، وليس للدنيا والدرهم والدينار، وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أكثر منافقي أمتي قراؤها) [رواه أحمد] " انتهى كلام الشيخ.
4 - الفوز بالخيرية:
- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: (خيركم من تعلم القرآن و علّمه) [رواه البخاري].
و التعلّم و التعليم يشملان تعلم الألفاظ و كيفية القراءة و الحفظ و تعلم المعاني و التفسير.
5 - حصول الشفاء:
قال تعالى: ?وَنُنَزِّلُ مِنَ اَلْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤمنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَارًا? الإسراء 82
شفاء لمن تدبره و عمل به.
أخبر الله جل و علا أنه نزّل من القرآن شفاء و رحمة لعباده المؤمنين به المصدقين بآياته و العاملين به,
و قال تعالى: ?يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ? [يونس 57].
- و عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها و امرأة تعالجها أو ترقيها فقال:
(عالجيها بكتاب الله) [رواه ابن حبان].
6 - القرب من الله:
- عن أنس رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):إن لله تعالى أهلين من الناس. قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: هم أهل القران أهل الله وخاصته) [أخرجه النسائي و ابن ماجه و الحاكم].
أهل القرآن التالون له العاملون به هم أولياء الله تعالى و عباده المقربون المختصون به اختصاص أهل الإنسان به.
7 - الفوز بالشفاعة:
- عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنهقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلميقول: (اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه. ([رواه مسلم]
- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربي منعته الطعام والشهوة، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النومبالليل فشفعني فيه. قال: فيُشفَّعان" [رواه أحمد والحاكم بسند صحيح].
8 - حصول الطمأنينة و السكينة و الرحمة:
قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد28]
- عن أبى هريرة رضي الله عنهعن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ما اجتمع قوم فيبيتمن بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيمابينهمإلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهمالرحمةوحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده) [رواه مسلم].
(يُتْبَعُ)
(/)
- السّكينة: من الطمأنينة و الوقار.
- و غشيتهم الرحمة: غطّتهم و شملتهم من كل جهة.
- و حفّتهم الملائكة: أحاطت بهم.
- و ذكرهم الله فيمن عنده:من الملائكة.
- يتلون كتاب الله ويتدارسونه أي يتعاهدونه خوف النسيان.
-وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوطبشطنين فتغشته سحابة فجعلت تدنو وجعل فرس ينفر منها فلما أصبح أتى النبي صلى اللهعليه وسلم فذكر له ذلك فقال:
(تلك السكينة تنزلت للقرآن) [متفق عليه] الشطن بفتح الشينالمعجمة والطاء المهملة: الحبل.
9 - صاحب القرآن يُغبَط على ما هو عليه من الخير:
- عنأبيسعيد ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=44) قال: قال رسولالله صلى الله عليه وسلم): لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوهآناء الليل وآناء النهار، فيقول الرجل: لو آتاني الله مثل ما آتى فلانا فعلت مثل ما يفعل، ورجل آتاه اللهمالا فهو ينفقه في حقه فيقول الرجل: لو آتاني الله مثل ما آتى فلانا فعلت مثل ما يفعل). [رواه البخاري].
قال العلماء: فيه فضيلة ظاهرة لتالي القرآن و الحافظ له العامل به في بعض الروايات: فيه فضيلة طالب العلم.
آناء: ساعات.
يقول العلماء: الحسد قسمان:
أ-الحسد المذموم: هو: تمني زوال نعمة الله عن عبده.
ب-الحسد الممدوح أو الغبطة: أن يتمنى الإنسان من نعمة الله مثلما أنعم على فلان دون أن يتمنى زوال تلك النعمة وهو الوارد في قوله صلى الله عليه و سلم: لا حسد إلا في اثنتين.
* قال النووي: (والمراد بالحديث لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين وما في معناهما).
10 - حصول الأجر للوالدين بتعليم ولدهما القرآن:
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول لصاحبه: هل تعرفني؟ أنا الذي كنت أسهر ليلك، و أظمىء هواجرك، و إن كان تاجرا من و راء تجارته، و أنا لك اليوم من وراء كل تاجر، فيعطى الملك بيمينه، و الخلد بشماله، و يوضع على رأسه تاج الوقار، و يكسى والداه حلتين لا تقوم لهم الدنيا و ما فيها، فيقولان: يا رب! أنى لنا هذا؟ فيقال: بتعليم ولدكما القرآنو إن صاحب القران يقال له: اقرأ و ارتق ورتلكماكنت ترتل في الدنيا فإن منزلتكعندآخر آية تقرؤها) [رواه الطبراني].
11 - القرآن نور في الأرض و ذخر في السماء و تلاوته امتثال لوصية النبي صلى الله عليه وسلم:
- عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أوصني قال: (عليك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله قلت يا رسول الله زدني قال عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء). [رواه ابن حبان].
12 - القرآن حجة من عمل به وعظمه:
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك. كل الناس يغدو؛ فبائع نفسه، فمعتقها، أو موبقها). [رواه مسلم].
قال الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين:
" ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((والقرآن حجة لك أو عليك)) لأن القرآن هوحبل الله المتين، وهو حجة الله على خلقه، فإما أن يكون لك، وذلك فيما إذا توصلت بهإلي الله، وقمت بواجب هذا القرآن العظيم من التصديق بالأخبار، وامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، وتعظيم هذا القرآن الكريم واحترامه. ففي هذه الحال يكون حجةلك. أما إن كان الأمر بالعكس، أهنت القرآن، وهجرته لفظاً ومعني وعملاً، ولم تقمبواجبه؛ فإنه يكون شاهداً عليك يوم القيامة." ا. هـ.
و لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم مرتبة بين المرتبتين: يعني لم يذكر أن القرآن لا لك و لا عليك فإنه إما لك و إما عليك على الحالين.
13 - التالي للقرآن العامل به كالأترجة:
(يُتْبَعُ)
(/)
- حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة،ريحها طيب وطعمها طيب. ومثل المؤمن الذي لايقرأ القرآن كمثل التمرة، لا ريح لها وطعمها حلو. ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة،ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأالقرآن كمثل الحنظلة، ليس لها ريح وطعمها مر) [متفق عليه].
14 - الفوز برضى الله تعالى:
- عن أبى هريرة رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يجيء صاحب القرآن يوم القيامة، فيقول:يا رب حله، فيلبس تاج الكرامة. ثم يقول: يا رب زده فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول:يا رب ارض عنه، فيقال اقرأ وارق ويزاد بكل آية حسنة) [رواه الترمذي و ابن خزيمة و الحاكم]
15 - تقديم أهل القرآن و استحقاقهم الإمامة في الدين والدنيا:
- عنأبيمسعود الأنصاري ( http://www.islamweb.net/newlibrary/showalam.php?ids=91) رضي اللهعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله. فإن كانوا في القراءة سواء. فأعلمهم بالسنة. فإن كانوا في السنة سواء. فأقدمهم هجرة. فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سلما. ولا يؤمن الرجلُ الرجلَ في سلطانه. ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه) قال الأشج في روايته (مكان سلما) سنا [رواه مسلم]
- عن عامر بن واثلة أن نافع بن عبد الحارث لقى عمر بعسفان وكان عمر يستعمله على مكة فقال: (من استعملت على أهل الوادي؟ فقال ابن أبزى قال ومن ابن أبزى؟ قال مولى من موالينا قال فاستخلفت عليهم مولى؟ قال إنه قارئ لكتاب الله عز وجل وإنه عالم بالفرائض، قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين) [رواه مسلم].
- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى " أحد " في ثوب واحد ثم يقول: أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدَّمه في اللحد وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم. [رواه البخاري].
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو
شبّانا) [رواه البخاري].
16 - حامل القرآن لا يُرَدّ إلى أرذل العُمُر:
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر، وذلك قوله: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا}، قال: (إلا) الذين قرؤوا القرآن. [رواه الحاكم].و المعنى لم يبلغ كبر الهرم و الضعف بل يتكرم الله عليه بكمال العقل.
17 - أن حفظه سهل ميسور:
قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [القمر17].
قال القرطبي رحمه الله تعالى في جامع الأحكام: أي سهّلناه للحفظ و أعنّا عليه من أراد حفظه فهل من طالب لحفظه فيعان عليه.
18 - الأمان من الغفلة:
-عن عبد الرحمن بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلمأنه قال: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ومن قام بمائة آية كتب منالقانتين ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين)
[أبو داود].
- عن أبي موسى الأشعري ( http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=ft&ftp=alam&id=1000235&spid=1142) رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط). [أبو داود]-فلا تحرم نفسك من هذه الأجور العظيمة التي من حرم منها كان من الذين شقوا في هذه الدنيا و في الآخرة.
قال تعالى: ?فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى. قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً. قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى? [طه:123 - 126].
نكتفي بهذا القدر إن شاء رب العزة و إلى الملتقى بإذن الله لإتمام أداب التلاوة و فضائل سور القرآن و سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.(/)
(صلة أسباب النزول بعناصر السياق ودورها في الفهم والتطبيق) د/ريحانة اليندوزي
ـ[المستصفى]ــــــــ[04 Jul 2010, 09:43 م]ـ
صلة أسباب النزول بعناصر السياق ودورها في الفهم والتطبيق
إعداد: الدكتورة ريحانة اليندوزي
أستاذة بكلية الشريعة بفاس ـ المغرب
إن تدبر معاني النصوص الشرعية وإدراك مقاصدها ودلالاتها، وفهم أحكامها ومداركها، والاجتهاد في وسائل تنزيلها على الواقع وتقويم الواقع بها، أمر مطلوب وواجب على المكلف بحسب الموقع والكسب العلمي والمعرفي في كل عصر، وذلك وصولا إلى إيجاد رؤية إسلامية لمستجدات الحياة و إدراك المفاتيح التي تحل مشكلات العصر، و قد نص علماء الشريعة من السلف والخلف على القواعد والضوابط الواجب اعتبارها في فهم خطاب الشارع، أهمها وأجمعها لها دلالة السياق.
يعد مصطلح السياق من المصطلحات العصية على التحديد الدقيق، فقد اختلف علماء الإسلام في تعريفه وتفاوتوا في ضبط مفهومه:
فقال ابن دقيق العيد:" أما السياق و القرائن، فإنها الدالة على مراد المتكلم من كلامه" (1)
وقال السرخسي: القرينة التي تقترن باللفظ من المتكلم، وتكون فرقاً فيما بين النص والظاهر هي السياق، بمعنى الغرض الذي سيق لأجلها اللكلام (2).
وقال البناني {ت 1198هـ}:" السياق هو ما يدل على خصوص المقصود من سابق الكلام المسوق لذلك أو لاحقه (3)
وقد حاول بعض المتأخرين صياغة تعريف جامع للسياق انطلاقا من العناصر التي نص المتقدمون على اعتبارها ضمن مفهوم السياق،
قال الدكتور ردة الله الطلحي:" يمكن تلخيص القول في مفهوم السياق في التراث العربي في النقاط الثلاث التالية: الأولى: أن السياق هو الغرض، أي مقصود المتكلم في إيراد الكلام ... الثانية: أن السياق هو الظروف والمواقف والأحداث التي ورد فيها النص أو نزل أو قيل بشأنها، الثالثة: أن السياق هو ما يعرف الآن بالسياق اللغوي الذي يمثله الكلام في موضع النظر والتحليل، ويشمل ما يسبق أو يلحق به من كلام (4)،
وقال الدكتور طه عبد الرحمن:"السياق يقتضي عناصر مختلفة، أولاً عنصر ذاتي وهو معتقدات المتكلم وأيضا مقاصد المتكلم، ثم العنصر الثاني أسميه عنصراً موضوعياً، وهو الوقائع الخارجية التي تم فيها القول يعني الظروف الزمانية والمكانية. ثم العنصر الذي أسميه العنصرالذواتي، وأقصد به المعرفة المشتركة بين المتخاطبين (5)، وقال الدكتور نوح الشهري بعد أن ساق مجموعة من التعريفات للسياق:" هو مجموعة القرائن اللفظية والحالية الدالة على قصد المتكلم من خلال تتابع الكلام وانتظام سابقه ولاحقه به" (6)، وأراه تعريفا جامعا لكل العناصر التي ذكرها السابقون.
إن الحديث عن دلالة السياق عند علماء المسلمين ـ خاصة الأصوليين ـ هو حديث عن المنهج الضابط لصحة الفهم الديني للنص الشرعي، وقد تركز هذا المنهج على محورين أساسين داخلي وخارجي , فالداخلي لغوي يركز في النص على بنية اللفظ مفردا ومركبا ودلالاته مع اعتبار سابق الكلام ولاحقه , والخارجي يركز على الظروف الواقعية والملابسات المحيطة بالنص من مقام مقاله من حيث الزمان والمكان، إلى حال المخاطب والغرض الذي كان السياق لأجله، وغير ذلك مما يوصف بقرائن الحال.
وتعد أسباب النزول من أهم عناصر السياق وأجمعها خاصة في فهم النص القرآني، وهي على الصحيح أعم من أن تكون أثرا منقولا في دواوين السنة، فيدخل فيها كل ما يتصل بنزول الآيات وورود الأحاديث من القضايا والحوادث سواء في ذلك قضايا المكان أو حوادث الزمان التي صاحبت ورود النص الشرعي ـ قرآنا وسنة ـ، يقول الشاطبي موضحا فائدة أسباب النزول بمعناها العام المرتبط بالسياق وتلازم الصلة بين السياق وأحوال التنزيل:"إن المساقات تختلف باختلافالأحوال، والأوقات والنوازل، وهذا معلوم في علم المعاني والبيان (7)، واعتبر معرفة أسباب النزول من الضوابط المعول عليها في الفهم، فقال: "معرفة أسباب التنزيل لازمة لمن أراد علم القرآن، والدليل على ذلك أمران:
(يُتْبَعُ)
(/)
أحدهما: أن علم المعاني والبيان الذي يعرف به إعجاز نظم القرآن فضلا عن معرفة مقاصد كلام العرب، إنما مداره على معرفة مقتضيات الأحوال: حال الخطاب من جهة نفس الخطاب، أو المخاطِب، أو المخاطَب، أو الجميع؛ إذ الكلام الواحد يختلف فهمه بحسب حاله، وبحسب مخاطبيه، وبحسب غير ذلك .. ومعرفة الأسباب رافعة كل مشكل في هذا النمط، فهي من المهمات في فهم الكتاب ولا بد، ومعنى معرفة السبب هو معنى معرفة مقتضى الحال.
وينشأ عن هذا الوجه: الوجه الثاني: وهو أن الجهل بأسباب التنزيل موقع في الشبه والإشكالات، ومورد للنصوص الظاهرة مورد الإجمال حتى يقع الاختلاف، وذلك مظنة وقوع النزاع .. (8) وقال السعدي":النظر لسياق الآيات، مع العلم بأحوال الرسولصلى الله عليه وسلموسيرته مع أصحابه وأعدائه وقت نزوله من أعظم ما يعين على معرفته وفهم المرادمنه (9)
فالعلم بأسباب النزول بهذا المعنى طريق مهم من طرق الفهم السديد لنصوص الشرع قرآنا وسنة، على أساس أن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب كما قال ابن تيمية رحمه الله (10)
فبمعرفة الملابسات التي سيق فيها النص وجاء بيانا لها وعلاجا لظروفها ينضبط المراد من كلام الشرع، ولا يزل العقل في متاهات الظنون، ولا ينزلق وراء ظاهر غير مقصود ... فلابد من التفرقة بين ما هو خاص وما هو عام، وما هو مؤقت وما هو مؤبد، وما هو جزئي وما هو كلي، فلكل منهما حكمه، والنظر إلى السياق والملابسات والأسباب تساعد على سداد الفهم واستقامته لمن وفقه الله تعالى، وقد أشكل على مروان بن الحكم قوله تعالى: {لاتَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم .. } آل عمران: 188وقال: لئن كان كل امرىء منا فرح بما أتى، وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذباً، لنعذبنَّجميعا، فبين له ابن عباس رضي الله عنهما أن الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلى اللهعليه وسلم عن شيء، فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، وأَرَوْه أنهم أخبروه بما سألهمعنه، واستحمدوا بذلك إليه وفرحوا بما أتوا من كتمانهم إياه ما سألهم عنه (11)
إن المتفق عليه أن النص القرآني تنزل متفرقاً على مدى ثلاثة وعشرين عاماً. حيث كانت كل آية أو مجموعة آيات تتعلق بواقعة بذاتها أو برد على سؤال أو بتحد واجه المسلمين. فالمنهج الصحيح لتفسير النصوص القرآنية هو بإعادة ربطها بأسباب التنزيل وفهمها على ضوء خلفية الواقعة التي تنزلت بشأنها. وقد قال من قبل عبد الله بن عباس: ((إنه سيكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن ولا يدرون فيما نزل. فيكون لهم فيه رأي. ثم يختلفون في الآراء. ثم يقتتلون فيما اختلفوا فيه)). وهذا ما حدث في كثير من بلاد المسلمين في فترات زمانية من التاريخ، حيث أفرز تعدد الفهوم للنص الشرعي الواحد خللا في المشهد الإسلامي، متنوعا في أحسن الأحوال ومتشرذما في أسوئه، وهذا الأمر أوجد بدوره خللا آخر أصاب بنية التفكير الديني في قراءة النصوص الشرعية على مستوى الاستدلال والتأويل، بله الاستنباط والتنزيل، وهو مشكل لا يزال يلقي بظلاله القاتمة على واقع الأمةوربما أيضا على مستقبلها.
لقد ميز العلماء (12) منذ القدم بين مستويين في التعامل مع النص الشرعي: بين مستوى الفهم له ومستوى التنزيل له، فكم من حكم شرعي لم يتم تنزيله وتطبيقه لتخلف محله، ولذلك فإن لعملية الفهم الديني للنص الشرعي أسسا ينبغي أن تقوم عليها لضمان إصابة الحق في ضبط مراد الشرع، كما أن لتنزيل الأحكام أسسا ينبغي أن يقوم عليها لإصابة الحق في التطبيق، وأسباب النزول والورود هي من أسس الفهم والتطبيق معا، من حيث الفهم: فهي إيضاح للمشكل، وتعيين للمبهم، وبيان للمجمل، ودفع لتوهم الحصر، أو دفع لتوهم العموم، وغير ذلك من الفوائد التي بسط العلماء القول فيها.
أما من حيث التنزيل، فإن أسباب النزول والورود تمثل المنطلق لحركة النص الشرعي في الواقع، فهيعيّنات منهجية في كيفية التطبيق والتكييف للنّص الديني ومضمون الوحي مع الواقع الإنساني، فتكسبنا بصيرة نافذةفي الفهم والتنزيل، وتبقى العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما نص على ذلك جمهور الأصوليين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد وقع في هذا الزمان ـ لبعض الناس ـ خلط بين هذين المستويين في الفهم للنص الشرعي، حيث ظنوا أن الفهم الذي لا يمكن تنزيله على واقع الحياة في ظرف ما ولسبب ما، يجب حتما أن يعاد فيه النظر بالتأويل أو الإلغاء، وبذلك ربطوا صحة الفهم للنص الشرعي بإمكانية التطبيق، وبالتالي تغير ذلك الفهم بتغير أحوال الإنسان، وهذا الموقف يفضي حتما إلى نقض النصوص الشرعية وتعطيلها.
وقد يستدل بعض هؤلاء بفعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام المجاعة، حيث لم يقم حد القطع على السارق، إذ فهموا من ذلك تعطيله لنص شرعي ثابت قطعا، والحاصل أن عمر بن الخطاب لم يتغير فهمه للآية، ولكنه رأى عدم كفاية شروط التنزيل لهذا الفهم على واقع الناس عام المجاعة، فكان ذلك اجتهادا منه في التطبيق لا تغييرا في الفهم للنص الشرعي القطعي.
إن خلود الإسلام يعني قدرته على معالجة مشكلات الإنسان في كل زمان ومكان، وقد تعددت صور النفس الإنسانية في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وتعددت أحوالها واختلفت معها قضاياها، وكانت تلك ـ في رأيي ـ نماذج لكل الحالات التي أتت وتأتي بعد ذلك، والوحيان القرآن والسنة مفتاحا مشكلاتها كلها إلى قيام الساعة، فالاجتهاد في فهم النص الشرعي لإبراز أحكامه في المستجدات والمتغيرات والنوازل الحاضرة، وإنزالها منازلها أمر لامناص منه، وأسباب النزول والورود بوصفها قرائن أحوال ـ مع ما قرره علماء الإسلام من قواعد الفهم وضوابطه ـ مسلك آمن إلى السداد في الاجتهاد والدقة في الاستنباط.
وقد وردت كثير من التكاليف الشرعية في مناسبات معينة وفي أحداث خاصة، إلا أن تزامن تلك التكاليف مع تلك المناسبات والأحداث لم يكن إلا مناسبة للتكليف، ووسيلة تربوية غايتها تهيئة الظروف والأجواء للفهم والامتثال، وعدم مفاجأة المكلفين بما لا يعقلون سببه وجدواه، فلو نزلت الأحكام دفعة واحدة ليس بينها وبين الواقع الذي يراد حكمه بتلك الأحكام مناسبة معتبرة، ورابط منطقي وسبب مفهوم، لما امتثلها الناس، ولذلك اقتضت حكمة الخالق سبحانه أن يكون نزول القرآن منجما ـ في سياق تفاعلي مع حركة الواقع واختلاف الأحداث والأحوال ـ مصححا ومقوما، ومسددا ومرشدا، وضابط ومقننا لواقع الناس وقضاياهم بما يحقق صالحهم في الحال والمآل "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها .. "سورة المجادلة الاية1 " يسألونك عن الخمر والميسر .. "سورة البقرة الاية 219"يا أيها النبيء لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك .. " سورة التحريم الآية 1"ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا" سورة التوبة الآية 25"عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين .. "سورة التوبة الآية 43 "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه .. "سورة الأحزاب الآية 37، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على متابعة لقضايا تتحرك في أرض الواقع، من أجل ذلك كان للسياق الخارجي والظروف الواقعية دور بالغ الأهمية في فهم معاني النص وأسراره بوصفها قرائن أحوال في مقابل وظيفة الألفاظ: قرائن المقال.
إلا أن نصوص الشرع خطاب للناس كافة لا تخص بالتكليف من تعلقت به ظروف نزولها دون غيره إلا في حالات معدودة ورد فيها تنصيص جلي على التخصيص، وهذا ما عناه جمهور الأصوليين بأن العبرة في خطاب الشرع بعمومه لا بخصوص السبب الذي كان السياق لأجله.
وهذه القاعدة الأصولية "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" تعتبر قاعدة في السياق من جهة أنه لا عبرةبخصوص السياق الذي نزلت فيه الآية، وإنما العبرة بسياقهاالعام، وهو ما دل عليهغرضها وحكمها العام، قال ابن تيمية:" والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب، هل يختص بسببه أم لا؟ فلم يقلأحد من علماء المسلمين إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنما تختص بنوع ذلك الشخص فتعم ما يشبهه
(13)، فإذا كانت الآية نازلة في سبب معين فإن هذا يبين المعنى المراد لكنه لا يعني بحال قصر الحكم في الآية على خصوص سببها.
(يُتْبَعُ)
(/)
فخصوص السبب عمدة في فهم المعنى، وعموم اللفظ عمدة في حكمالآية، إلا أن ما نزلت الآية بخصوصه قطعية الدخول في معنى الآية إذ هي الأصل فيها، لكن الآية تشمل غيره من جهة القياس على وصفه.
قال السرخسي: "وقال بعضهم: النص يكون مختصاً بالسبب الذي كان السياق له، فلا يثبت به ما هو موجب الظاهر، وليس كذلك عندنا، فإن العبرة لعموم الخطاب لا لخصوص السبب، فيكون النص ظاهراً لصيغةالخطاب، نصاً باعتبار القرينة التي كان السياق لأجلها" (14)، وقال السيوطي: إن صورة السبب قطعية الدخول في العام، وقد تتنزل الآيات على الأسباب الخاصة، وتوضعمع ما يناسبها من الآيات العامة رعاية لنظم القرآن وحسن السياق (15)، وضرب لذلك مثلاً بقوله تعالى: " وسيجنبها الاتقى الذي يوتي مَالَهُيتزكى" [الليل 17 - 18] فإنها نازلة في أبي بكر الصديق بالإجماع، ومعكونها فيه ثناء عليه إلا أن الصيغة العامة التي وردت فيها تفيد أن هذا الحكم ليس مقصوراً عليه.
ولهذا فإنه كثيراً ما تكون الآيات نازلة بحال معين أو حدث خاص أو شخص مقصود، إلا أنها تأتي بصيغة العموم فتعم غيره من جهة الوصف، لأن القرآن عامفي حكمه، إلا أنه يجب اعتبار ما نزلت فيه الآية في بيان المعنى ابتداءً، لأنه المحدد للوصف وللغرض من الآية.
قال إمام الحرمين الجويني:" القول البالغ فيه أن قصد التخصيص بالسبب الخاص يعارضه قصد ابتداء تمهيد الشرع، فإن لم يظهر قصد تأسيس الشرع لم يترجح قصد التخصيص بالسبب، فإذا تعارضا لم يحكم أحدهما على الثاني، وتعين التمسك باللفظ ومقتضاه العموم، ولهذا اعتقد صحبه الأكرمون عدم اختصاص ألفاظه بالمكان والزمان والمخاطبين (16) وقال السعدي: "قاعدة: وتدبر هذه النكتة التييكثر مرورها بكتاب الله تعالى؛ إذا كان السياق في قصة معينة، أو على شيء معين، وأراد الله أن يحكم على ذلك المعين بحكم لا يختص به، ذكر الحكم وعلقه على الوصفالعام، ليكون أعم، وتندرج فيه الصورة التي سيق الكلام لأجلها، ليندفع الإيهامباختصاص الحكم بذلك المعين (17)
وقال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد:" ولا يشتبه عليك التخصيص بالقرائن بالتخصيص بالسبب كما اشتبه على كثير من الناس فإن التخصيص بالسبب غير مختار فإن السبب وإن كان خاصا فلا يمنع أن يورد لفظ عام يتناوله وغيره كما في {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} ولا ينتهض السبب بمجرده قرينة لرفع هذا، بخلاف السياق فإنه يقع به التبيين والتعيين أما التبيين ففي المجملات وأما التعيين ففي المحتملات وعليك باعتبار هذا في ألفاظ الكتاب والسنة والمحاورات تجد منه ما لا يمكنك حصره" (18) قال:"ويجب أن تتنبه للفرق بين دلالة السياق والقرائن الدالة على تخصيص العام، وعلى مراد المتكلم، وبين مجرد ورود العام على سبب، ولا تجريهما مجرى واحداً،فإن مجرد ورود العام على السبب، لا يقتضي التخصيص به كقوله: "والسارق و السارقة فاقطعوا أيديهما"سورة المائدة الآية 38 بسبب سرقة رداء صفوان، وأنه لا يقتضي التخصيص به بالضرورة و الإجماع،أما السياق و القرائن فإنها الدالة على مراد المتكلم من كلامه، وهي المرشدة إلى بيان المجملات و تعيين المحتملات، فاضبط هذه القاعدة، فإنها مفيدة في مواضع لا تحصى (19)
ويتفرع عن هذه المسألة مسألة أخرى، وهي خطاب الشارع الخاص الوارد على سبب خاص هل يقصر حكمه على المخاطب فيه فحسب، أم يعم غيره من المكلفين ممن هو في حاله وصفته؟
والذي دلت عليه عبارات الراسخين وجرت به أقلام المحققين ونطقت به إشارات المدققين (20) أن الصيغة الخاصة لا تعم بمجردها، وإنما تعم بالشرع، قال إمام الحرمين في البرهان:" إن وقع النظر في مقتضى اللفظ، فلا شك أنه للتخصيص، وإن وقع النظر فيما استمر الشرع عليه، فلا شك أن خطاب رسول الله، وإن كان مختصا بآحاد الأمة، فإن الكافة يلزمون في مقتضاه ما يلتزمه المخاطب، وكذلك القول فيما خص به أهل عصره، وكون الناس شرعا في الشرع، واستبانة ذلك من عهد الصحابة ومن بعدهم لاشك فيه. وكون مقتضى اللفظ مختصا بالمخاطب من جهة اللسان لاشك فيه، فلا معنى لعد هذه المسألة من المختلفات والشقان جميعا متفق عليهما (21)
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابن السمعاني:" إذا نظرنا إلى مقتضى الصيغة، كان موجبا للتخصيص، ولكن إذا نظرنا إلى ما استمر الشرع عليه، فذلك يقتضي المشاركة والمساواة، ألا ترى أن اللفظ الذي يخص به أهل عصر يكون مسترسلا على الأعصار كلها، ولا يخص به أهل العصر الأول، كذلك ها هنا" (22)
و أخيرا أقول: إن البحث في عناصر السياق وضوابطه هو أولا من أجل إبراز أهميتها في إحكام الفهم الديني للنص الشرعي، ثم إحكام تنزيل هذا الفهم على واقع الناس ثانيا، مع الاسترشاد في كل ذلك بالوحي وبصائره ومقاصده.
فالقرآن ثابت كنص ولكن محاولة تنزيل المطلق (القرآن) على النسبي (الواقع بإطاريه الزماني والمكاني) ليس سهلا ولا بسيطا ويحتاج إلى همة وجهد عاليين بقدر علو وأهمية القرآن، لأن الذي يحكم هذا التنزيل هو تغير النسبي وتطوره، وهذا بالتالي يستدعي كيفية الفهم لنصوص القرآن والسنة و لأسباب النزول والورود.
ــــــ
(1) إحكام الأحكام 2/ 21
(2) أصول السرخسي1/ 164
(3) حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 20
(4) دلالة السياق للدكتور ردة الله الطلحي ص:51
(5) البحث اللساني للدكتور طه عبد الرحمن {منشورات كلية الاداب بالرباط، سلسلة ندوات ومناظرات} رقم 6 ص:301
(6) أثر السياق في النظام النحوي على كتاب" البيان في غريب إعراب القرآن لابن الانباري" للدكتور نوح الشهري ص: 79
(7) الموافقات 4/ 266
(8) الموافقات 4/ 146
(9) تيسير الكريم الرحمن 1/ 4
(10) ينظر مجموع الفتاوى13/ 339
(11) والقصة رواها الامام مسلم في صحيحه برقم 4982
(12) لعل خير ما يستدل به هنا فعل الامام مالك في كتابه الموطأ حيث اورد في الغالب بعد كل حديث مرفوع أثرا أو أكثر عن الصحابة ليبين كيف طبق ذلك النص في واقع الناس.
(13) مجموع الفتاوى 13/ 338
(14) أصول السرخسي 1/ 164
(15) الإتقان في علوم القرآن 1/ 65
(16) البرهان 1/ 255.
(17) تيسير الكريم الرحمن 1/ 682
(18) نقل هذا القول لابن دقيق العيد الزركشي في البحر المحيط4/ 235
(19) العدة حاشية على إحكام الاحكام لابن دقيق العيد 3/ 372
(20) كالجويني والزركشي وابن حزم وابن السمعاني والشوكاني انظرالبرهان 1/ 252 والبحر المحيط 4/ 261 والإحكام لابن حزم المجلد 2/ 344 - 345 وإرشاد الفحول ص: 225.
(21) البرهان 1/ 252.
(22) قواطع الأدلة1/ 228.
المصدر:منتدى الإيوان ( http://www.iwan7.com/t512.html)
ـ[أحمد صالح أحمد غازي]ــــــــ[05 Jul 2010, 12:26 ص]ـ
شكر الله لك، وهذا الأمر أهمله بعض الدارسين المعاصرين الذين لم يوفقوا لفقهه فزلت أقدامهم، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[05 Jul 2010, 08:43 ص]ـ
[ CENTER][COLOR="Blue"]
لقد ميز العلماء (12) منذ القدم بين مستويين في التعامل مع النص الشرعي: بين مستوى الفهم له ومستوى التنزيل له، فكم من حكم شرعي لم يتم تنزيله وتطبيقه لتخلف محله، ولذلك فإن لعملية الفهم الديني للنص الشرعي أسسا ينبغي أن تقوم عليها لضمان إصابة الحق في ضبط مراد الشرع، كما أن لتنزيل الأحكام أسسا ينبغي أن يقوم عليها لإصابة الحق في التطبيق، وأسباب النزول والورود هي من أسس الفهم والتطبيق معا، من حيث الفهم: فهي إيضاح للمشكل، وتعيين للمبهم، وبيان للمجمل، ودفع لتوهم الحصر، أو دفع لتوهم العموم، وغير ذلك من الفوائد التي بسط العلماء القول فيها.
[/ URL]
كلام مهم تمس إليه الحاجة، ولهذا فرق العلماء بين الفقيه والمفتي، واشترطوا في المفتي شروطا لم يشترطوها في الفقيه لكون الفتوى هي تنزيل الحكم على الواقع وهي مهمة صعبة تحتاج إلى استيفاء شروط وانتفاء موانع ومعرفة بحال السائل وواقعه وزمانه الخ(/)
حين يتحدث القرآن عن الليل ..
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[04 Jul 2010, 11:44 م]ـ
الحمد لله، ... وبعد: فهذه خطبة استضاءت بنور القرآن، كنتُ خطبتها منذ أكثر من ثلاث سنوات، حرصتُ أن تكون مرتبطة بواقع الناس، محاولاً أن تعالج مشكلةً عمّت وهي السهر المفرط في أمثال هذه الليالي الصيفية، ولا حاجة للتنبيه على أن مقام الخطبة ليس مقام استيعاب، بل هو مقام تذكير وتنبيه، وإلا فالآيات التي تحدثت عن الليل كثيرة جداً، والمؤمن تكفيه آية واحدة، جعلنا الله من المعتبرين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله، ... وبعد:
فحينما يبدأ موسمٌ كموسم الإجازة،تتنوع الأحاديث،وتختلف ألوان الخطاب، نظراً للنقلة الكبيرة التي تحدثها هذه الإجازة في المجتمع، نقلةً يصل تأثيرها إلى مؤسسات الدولة ..
وماذا عسى الإنسان أن يتحدث أو يقول؟! وما الذي يمكن للخطيب أن يتناوله في مقام كهذا لا يحتمل الناس فيه سوى عدة دقائق؟!
بيد أن هناك عاملاً مؤثراً ـ في كل المواضيع التي تطرح ـ،بل هو السبب في هذه النقلة كلها،والمشاريع المتنوعة برمتها .. إنه عامل الوقت ..
وإذا كان اليوم نصفين: ليل ونهار،فإن لليل النصيب الأكبر من هذه البرامج،ومن سمر الناس،وحديثهم،خصوصاً وأن الإجازة تأتي في ـ بلادنا ـ في حرٍّ لاهب،وصيف لاغب.
ولن يجد المرء أجمل،ولا أحسن،بل ولا أشد وعظاً له،من أن يتأمل كلامَ خالق الليل عن الليل ..
فكم تحدث القرآن عن الليل؟! وكم في حديثه عنه من الوعظ البليغ لمن عقل ذلك!!
1 ـ إن أشرف شيء يمكن أن يذكره الإنسان ـ وهو يتحدث عن الليل ـ أنْ يكون ابتداء نور القلوب،وحياة الأرواح،وطب القلوب الحقيقي في هذا الجزء من اليوم: (إنا أنزلناه في ليلة القدر)،وليس هذا فحسب،بل أول ما نزل الوحي على كليم الرحمن نزل عليه ليلاً،حينما سمع ربه يكلمه،في الوادي المقدس طوى،قريباً من الشجرة.
2 ـ إنه الزمن الذي أسري فيه بأشرف جسد إلى أعلى مكان! (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) ولا تسل عن بركات هذه الإسراء وخيراته،ولو لم يكن من ذلك إلا فرض الصلوات الخمس،لكفى به فضلاً.
3 ـ إنه الليل .. الذي ذاق فيه أهل القرآن لذة مناجاة الله فيه بكلامه!
ألم يستوقفك قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6))؟!
ألم تسمع قوله سبحانه: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)؟!.
بل ألم تسمع ذلك العتاب المبطن لمن آتاه الله علماً،ولم يكن له نصيب من الليل: (أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ)؟!.
لقد وجد الصالحون في قديم الزمان وحديثه، هذه اللذة في ترتيل آيات الله،ومناجاته بها،حتى قال قائلهم: أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا.
وقال آخر: ليس في الدنيا وقت يشبه نعيم أهل الجنة إلا ما يجده أهل التملق في قلوبهم بالليل من حلاوة المناجاة.
ولكن: هل يمكن أن ينال هذه اللذة أناسٌ امتد سهرهم إلى ساعات الفجر في كلام مباح؟!
فضلاً عمّن ضيعوه في محرم من القول والعمل؟!
وهل يمكن أن ينالها من ملأ خزينة أعماله بالنهار في باطل من القول والعمل؟!
قِيلَ لِابْنِ مَسْعُودٍ س: مَا نَسْتَطِيعُ قِيَامَ اللَّيْلِ، قَالَ: أَبْعَدَتْكُمْ ذُنُوبُكُمْ.
وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ:: إذَا لَمْ تَقْدِرْ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ وَصِيَامِ النَّهَارِ فَاعْلَمْ أَنَّك مَحْرُومٌ مُكَبَّلٌ كَبَّلَتْك خَطِيئَتُك.
(يُتْبَعُ)
(/)
قَالَ ابن رجب: مَا يُؤَهِّلُ الْمُلُوكُ لِلْخَلْوَةِ بِهِمْ إلَّا مَنْ أَخْلَصَ فِي وُدِّهِمْ وَمُعَامَلَتِهِمْ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمُخَالَفَةِ،فَلَا يُؤَهِّلُونَهُ وَلَا يَرْضَوْنَهُ لِذَلِكَ.
ولهذا كان من أحسن ما أثنى الله به على مؤمني أهل الكتاب قوله تعالى عنهم: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)!
فما الذي يوقظهم من الفرش اللذيذة؟ والنوم الهنيء؟
فيقال: لقد سمعوا الحادي .. لقد سمعوا رسول الله ج يخبر عن ربه ـ الذي خزائن الدنيا والآخرة بيده ـ يقول: ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له؟!
وهل يفرط في هذا إلا محروم؟! وهل يفرط في هذا إلا محروم؟! وهل يفرط في هذا إلا محروم؟!
إخوة الإسلام:
4 ـ وإذا كان الحديث عن الليل في القرآن،فلا يمكن لنا أن نتجاوز امتنان الله تعالى علينا بهذه النعمة،وكونه سكناً ولباساً ومناماً: قال ـ: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)،وقال أ: (وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ)،وقال ـ: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا).
وإن هذا الامتنان يوجب على العبد أن يقف معه وقفات،أهمها:
1 ـ كثرة الشكر والثناء على الله،فإن الله يقول: (وما بكم من نعمة فمن الله).
2 ـ أن يوطن نفسه على السير فيها على هذه الفطرة التي فطر الناس عليها، فلا يقلبن الليل نهارا،ولا النهار ليلاً؛ لأن مخالفة الفطرة ـ في هذا الأمر ـ تقلل بركة العمر بل قد تذهبه.
أيها المسلمون:
وللمنفقين مع الليل أسرار وأخبار ... ، فقد سمعوا قول ربهم: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
جاء في ترجمة الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب y ـ المشهور بزين العابدين ـ حفيد النبي ج،جاء في ترجمته أنه كان يُبَخّلُ ـ أي: يوصف بالبخل ـ فلما مات وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة، فلما جاء المغسل ليغسله وجد بظهره أثاراً مما كان يحمل بالليل من الجرب إلى المساكين،حتى قال أحد أهل المدينة: ما فقدنا صدقة السر حتى مات علي بن الحسين ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1)).
سلام الله على تلك الأرواح .. ورحمة الله على تلك الأشباح .. لم يبق إلا أخبار و آثار .. كم بين من يمنع الحق الواجب عليه .. و بين أهل الإيثار؟!:
لا تعرضن لذكرنا في ذكرهم * * * ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد!
أقول قولي هذا،وأستغفر الله ...
الخطبة الثانية
الحمد لله،والصلاة والسلام ... ،أما بعد:
فكما أن للّيل جانباً مشرقاً،وصورةً وضاءة .. فهو ـ أيضاً ـ وقتٌ نبّه الله عباده إلى أن أحد أوقات غفلة الناس، فليحذروا سخط الله،وبأسه، قال تعالى: (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ (4) فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ)، وقال ـ: (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99)).
فهل يعقل هذا المعنى،من يمضون أوقاتهم بما لا يرضي الله، بل بما يسخطه؟!
وهل يعي هذا المعنى أهل السهرات الآثمة؟! والليالي الحمراء؟!
هل يعي هذا الدرس الإلهي من قطّع ليله بأعمال تزيد من رصيد سيئاته؟!
(أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ).
فالآمن من مكر الله خاسر .. ،والذي يصفه بأنه خاسر ليس محللاً اقتصادياً،ولا خبيراً اجتماعياً،ولا،بل هو رب العالمين أ.
ومن صور مكر الله بعبده .. أن ينسيه ساعة الموت،فيقبض على معصية،وسوء خاتمة ـ والعياذ بالله ـ وأنى له الاستدراك؟! (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ).
وأخيراً ...
تذكر صورتين اثنتين لاثنين يعملان في الليل، أحدهما قال الله عنه: {أمن هو قانت ... }، والآخر أتته المنية وهو يشرب،أو يزني،أو في أي معصية كانت .. فليحذر العبد أن تمر به تلك الساعة التي ذكرها الله عن بعض العصاة والمجرمين: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ).
اللهم بارك لنا في ليلنا ونهارنا، وفي عمرنا كله ..
اللهم اجعل خير أعمارنا أواخرها،وخير أعمالنا خواتمها، واجعل خير أيامنا يوم نلقاك فيه
اللهم أصلحنا،وأصلح بنا،وأصلح أحوالنا .. اللهم بصرنا بمواطن الزلل منا ..
([1]) حلية الأولياء 3/ 136.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السراج]ــــــــ[05 Jul 2010, 12:04 ص]ـ
جزاكم الله خيراً فضيلة الشيخ عمر على هذه المشاركة واللفتة والإشراقة القرآنية المهمة الصادرة عن قلب متدبر لآيات الله تعالى ..
والحمد لله على فضله وإنعامه ..
ـ[أحمد صالح أحمد غازي]ــــــــ[05 Jul 2010, 12:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه واقتفى أثره واهتدى بهداه جعلنا الله أجمعين منهم، أما بعد:
فجزاك الله خير الجزاء على هذه الإطلالة على هذا الجانب الهام في المأخذ وفي المناسبة، ولكن وددت لو طعمتها ببعض الجوانب اللغوية التي تشير إلى عظمة هذا الليل وعظمة ما فيه، مثل:
1 - أن الله سبحانه وتعالى قدمه في الذكر على النهار في مواضع أقسم فيها بهما.
2 - ما فيهما من عظمة في جانب الإقسام بهما ودلالات ذلك وكيفية توظيفه في أعمال البر في حياة الناس.
3 - أن صورة الليل والنهار اختلفت في القرآن في مواضع لاختلاف الدلالات والسياقات، فالعسعسة من شأن الليل بينما التنفس من شأن الصبح وحده لا النهار بأكمله، وبالعكس مجيء الضحى أولا مقابل الليل إذا سجى.
وغير ذلك من الوقفات التي يمكن أن تلفت السامعين والقارئين إلى أهمية استثمار الليل من ناحية، والتفكر في مواطن وروده في القرآن من ناحية أخرى.
وعلى كل حال لفتة رائعة منك فجزاك الله خير الجزاء، ونبه إلى أمثالها في مطابقة الواقع والاحتياج أذهان الواعظين والخطباء.؟
جعلنا الله ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
ـ[إشراقة جيلي محمد]ــــــــ[05 Jul 2010, 12:38 ص]ـ
بارك الله فيك وجزاك الفردوس .. موضوع مهم جدا كلنا نحتاجه في هذه الإجازة .. وقد تحول الليل نهار والنهار ليل .. نسأل الله أن يردنا ردا جميلا ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Jul 2010, 12:08 م]ـ
خطبةٌ موفقةٌ، وموضوعٌ تَمسُّ الحاجةُ إليه حقاً، واستخراج موفق لآيات القرآن التي تتحدث عن الليل مع ربط حسن بمعانيها الإيمانية والتربوية، وليت الخطباء يستفيدون من هذه الخطبة فيخطبون بها الجمعة القادمة في مساجدهم فالناس في الإجازة يحتاجون التنبيه على مثل ذلك، فقد غل السهر على الناس والإخلال بصلاة الفجر، فلا يكاد يُصلي الفجر من جماعة المسجد إلا قلةٌ قليلةٌ، مع كثرتِهم وانتظامهم في بقية الفرائض، مِمَّا يدلُّ على أن الخلل في السهر المبالغ فيه.
بارك الله فيكم يا أبا عبدالله ونفع بعلمكم وزادكم من فضله.
ـ[هبة المنان]ــــــــ[06 Jul 2010, 12:52 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم، جاءت هذه الخطبة ونحن في أمسّ الحاجة إلى التذكير .. أحسن الله إليكم
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[06 Jul 2010, 06:11 م]ـ
خطبة قيمة رائعة! بارك الله فيك شيخنا الفاضل عمر على هذه التذكرة وما أحوجنا إليها ونحن في الصيف وما أدراك ما الصيف! وشهر رمضان المقبل علينا الذي حولناه إلى صوم ونوم وسوء خلق بالنهار وأكل ولهو وتخمة بالليل عافانا الله وإياكم من أن نكون من هؤلاء الذين لا يعرفون قيمة الليل ولا لذة العبادة والمناجاة فيه!
تستوقفني كثيراً الآية (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا (16) السجدة) فهل تأملنا كيف يمكن للجنوب أن تجافي النوم؟ هي من كثرة تعودها على قلة النوم من أصحابها تشعر بأن ملاصقتها للفراش أمر مؤرق فلا يهنأ لهذه الجوانب بالاً إلا أن تصحو وتناجي ربها فإذا كانت هذه حال الجنوب فكيف تكون حال القلوب؟ لا شك أنها قلوب متعلقة بالله تعالى وتعرف بحق معنى ولذة مناجاة رب العباد وتستشعر قربه ورعايته وحفظه لعباده المستغفرين بالأسحار.
ووقفة أخرى إذا استشعرناها هان علينا أمر قيام الليل والعبادة فيه: لنتخيّل أن ضيفاً جاءك زائراً في آخر الليل فالعادة أن نستعد لاستقبال هذا الضيف ونبقي كل من في المنزل ساهراً لإكرامه والقيام بواجب الضيافة وفي المقابل يتنزل رب العزة كل ليلة في الثلث الأخير من الليل كما ينبغي لجلاله ونحن نغلق الباب ونقول آسفون، هذا وقت النوم أو وقت اللهو! فننصرف عنه لنغطّ في نوم عميق لن نفيق منه إلا بعد صلاة الظهر أو العصر في بعض الأحيان!
إذا فكرنا في الأمر على هذا النحو أظننا سنستحي أن ننام عن مناجاة الله تعالى على الأقل في جزء من الليل وليكن في الجزء الأخير منه قبل ساعات الفجر الأولى. وليكن لنا برنامج بسيط نطبقه ونداوم عليه وإن قلّ لأن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ. فلمن يستصعب القيام بالليل فليقم على الأقل ربع ساعة أو نصف ساعة يصلي فيها ركعتين ثم يجلس في مصلاه يستغفر الله ليكتب من المستغفرين بالأسحار ثم ليدعو الله بما شاء موقناً أنه تعالى معه يجيب دعاءه بدليل قوله تعالى (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ (186) البقرة) ولنداوم على هذا الوقت القصير مدة ثم نزيد فيه بحسب استشعارنا للذة العبادة في هذه الأوقات.
جعلنا الله وإياكم ممن لهم نصيب من العبادة في الليل وابعدنا وإياكم عن مجالس اللهو وأنواعه في الليل والنهار وملأ أوقاتنا بذكره وأشغلنا بطاعته وعبادته آناء الليل وأطراف النهار، اللهم آمين.
وعذراً على الإطالة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[20 Aug 2010, 02:16 ص]ـ
بارك لله في الجميع.
إذا كان هذا حديث القرآن عن الليل عموماً، فكيف سيكون حالنا في أمثال هذه الليالي؟!
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
ـ[المربي المغمور]ــــــــ[21 Aug 2010, 03:23 م]ـ
جزاكم الله خيراً(/)
شرح رسالة السيوطي في أصول التفسير للشيخ المعيتق!!
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[05 Jul 2010, 06:12 م]ـ
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
ظمن فعاليات الدورة العلمية المقامة في محافظة الزلفي, يقوم -بمشيئة الله-فضيلة شيخنا الشيخ عبدالله بن محمد المعيتق بشرح رسالة في أصول التفسير للسيوطي, وذلك لمدة خمسة أيام, ابتداء من يوم السبت القادم 28/ 7/1431هـ بعد صلاة العصر مباشرة.
وسوف أقوم -إن شاء الله- بتسجيل الدروس ورفعها يوماً بيوم.
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[16 Jul 2010, 10:12 م]ـ
هذا الدرس الأول واعتذر عن التأخير ..
الدرس1. mp3 (http://www.4shared.com/audio/KpSDsdHV/1_online.html)
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[17 Jul 2010, 01:05 ص]ـ
الدرس الثاني ....
http://www.4shared.com/audio/XnICmYaE/2_online.html
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[17 Jul 2010, 03:23 م]ـ
الدرس الثالث ...
الدرس3. mp3 (http://www.4shared.com/audio/XnVr7a-j/3_online.html)
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[17 Jul 2010, 03:26 م]ـ
الدرس الرابع ...
الدرس4. mp3 (http://www.4shared.com/audio/914cfxAS/4_online.html)
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[17 Jul 2010, 03:27 م]ـ
الدرس الخامس الأخير ...
الدرس5. mp3 (http://www.4shared.com/audio/AqMWzTvr/5_online.html)
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[17 Jul 2010, 03:28 م]ـ
غفر الله لشيخنا الشيخ عبدالله المعيتق ورفع قدره وجزاه عنا خير الجزاء
فقد أفاد وأجاد في هذا الشرح المختصر الماتع المفيد!!!(/)
شارك برأيك لينتفع طلبة العلم
ـ[مثنى الزيدي]ــــــــ[05 Jul 2010, 10:09 م]ـ
السلام عليكم ... اخوتي الافاضل
لدينا معهد لتدريس العلوم الشرعية وسيفتح بعد ايام فما هي المنهجية التي تفضلونها لتدريس علم التفسير ويا حبذا لو كانت منهجية متكاملة من البداية (المبتدئة) وحتى النهاية (المكنة).
واعلموا اخوتي الافاضل ان لكم الجزاء العظيم والصدقة الجارية ان شاء الله تعالى.
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[06 Jul 2010, 06:27 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله ..
حبذا لو ذكرت محددات أكثر وضوحا .. (المرحلة العمرية - مدة المعهد - هل أساسي أو رافد)
ومن الروابط التي تفيدك بإذن الله:
جديد الدكتور/ مساعد الطيار (كتاب: المنهجية العلمية لدراسة التفسير) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=17876)
كتب مقترحة لدراسة التفسير ومناهج المفسرين وعلوم القرآن [مهم] ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=26)
ـ[مثنى الزيدي]ــــــــ[01 Aug 2010, 06:36 م]ـ
جزيت خيرا يا ابا عبد الرحمن المدني على الاجابة والرد.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[01 Aug 2010, 07:40 م]ـ
وفقكم الله ونفع بكم.(/)
سلسلة العلماء الذين فقدت تفاسيرهم ونقلت أقوالهم في التفسير.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[05 Jul 2010, 11:43 م]ـ
الأخوة الأفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا الموضوع كتبته منذ زمن، وكنت على وشك وضعه في الملتقى، إلا أني طمعت بإضافة بعض الفوائد فيه، ثم انشغلت وتركته لعدة شهور، والآن يطيب لي وضعه بين أيديكم ياأهل العلم في هذا الملتقى المبارك.
وفكرة هذا الموضوع قائمة على تسليط الضوء على المفسرين الذين فقدت تفاسيرهم؛ نظراً لإمامتهم في هذا العلم، والتفاتاً إلى ما خلفوه لنا من أقوال واختيارات في التفسير.
ووضَعتُ لهذه السلسلة شرطين، الأول: أن يكونوا ممن صنف في التفسير، لكن هذه التفاسير فقدت ولم تصل إلينا.
والشرط الثاني: أن تكون لهم أقوال منثورة في التفسير، نقلها لنا واهتم بها علماء التفسير.
وأتمنى من الإخوة الكرام المشاركة في هذا الموضوع وإثراءه ـ وذلك بإضافة من يرون من العلماء أنه كذلك ـ وذلك بالإلتزام بهذين الشرطين.
ووفق الله الجميع.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[05 Jul 2010, 11:52 م]ـ
الإمام القفال الشاشي
ويعد كمثال على ذلك: الإمام محمد بن علي بن إسماعيل، أبو بكر الشاشي الفقيه الشافعي المعروف بالقفال الكبير (291 - 365هـ، 904 - 976م).
والإمام القفال الشاشي كان إمام عصره ـ ببلاد ما وراء النهر ـ وكان فقيهاً، محدثاً، مفسراً،أصولياً، لغوياً.
وقد نشر القفال المذهب الشافعي فيما وراء نهر سيحون، ولم يكن للشافعية بما وراء النهر مثله في وقته،حتى وصف بأنه علم رفيع من أعلام المذهب الشافعي.
وقال النووي:" القفال هذا هو الكبير يتكرر ذكره في التفسير والحديث والأصول والكلام بخلاف القفال الصغير المروزي فإنه يتكرر في الفقه خاصة".
وكان القفال شاعراً فصيحاً بيِّن الحجة، ومما روي في حُسن شعره أن قيصر الروم أرسل من بلدة نقفور قصيدة مهداة إلى خليفة المسلمين مطيع الله ـ الذي خُلع سنة 334هـ ـ وساءت هذه القصيدة صدور المسلمين وشقت عليهم، لِما أجرى فيها إليهم من التثريب والتعيير، ومما جاء فيها:
من الملك الطهر المسيحى رسالة
إلى قائم بالملك من آل هاشم
أما سمعت أذناك ما أنا صانع
بلى فعداك العجز عن فعل حازم
فإن تك عما قد تقلدت نائما
فإنى عما همنى غير نائم
ثغوركم لم يبق فيها لوهنكم
وضعفكم إلا رسوم المعالم
إلى آخر ما جاء فيها. فأجاب الشيخ الإمام القفال الشاشى ـ رحمه الله ـ قائلا:
أتاني مقال لامرئ غير عالم
بطرق مجارى القول عند التخاصم
تخرص ألقابا له جد كاذب
وعدد أثارا له جد واهم
وأفرط إرعادا بما لا يطيقه
وأدلى ببرهان له غير لازم
تسمى بطهر وهو أنجس مشرك
مدنسة أثوابه بالمداسم
.. إلى آخر ما جاء فيها
وحين وصول القصيدة إلى قيصر الروم اجتمع أحبار القسطنطينية يسألون عن الشيخ من هو، ومن أي بلد؟ ويتعجبون من قصيدته ويقولون: ما علمنا أن في الإسلام رجلا مثله!. ([1] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn1))
أما عن عقيدته فقد روي أنه كان يميل إلى الاعتزال في أول حياته، ثم رجع إلى مذهب أهل السنة والجماعة.
وقد رحل هذا الإمام في طلب العلم، وسمع من أشهر علماء عصره، وتلقى عنهم الحديث والتفسير والفقه، فسمع بخراسان من: الإمام أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وأقرانه، وبالعراق من: عبد الله بن إسحاق المدائني، ومحمد بن جرير الطبري، وأبي بكر الباغندي، في آخرين من طبقة تقع قبل طبقة البغوي وأقرانه، وبالجزيرة من أبي عروبة وأقرانه، وبالشام من أبي الجهم وأقرانه، وبالكوفة من عبد الله بن ريذان وأقرانه، وحدث وروى عنه الحاكم وغيره، وكان قد ورد نيسابور أولاً على الإمام أبي بكر ابن خزيمة، ثم توجه إلى العراق وقد مات أبو العباس ابن سريج، فأخذ عن أقرانه وبعض أصحابه.
قال الحاكم:" كان أعلم ما وراء النهر بالأصول وأكثرهم رحلة في طلب الحديث".
(يُتْبَعُ)
(/)
وأخذ عنه العلم كثير من علماء عصره المشهورين، منهم: أبو عبدالله الحاكم، وأبو عبد الرحمن الحليمي، وابن منده والخطابي، الذي نقل عن شيخه أبي بكر القفال في غريب الحديث بعض روايات الطبري وتفسيره ([2] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn2)) ، ويظهر بهذا تأثر القفال بتفسير شيخه الإمام محمد بن جرير الطبري.
أما عن مصنفاته فقال الشيخ أبو إسحاق:" له مصنفات كثيرة ليس لأحد مثلها وهو أول من صنف الجدل الحسن من الفقهاء وله كتاب في أصول الفقه وله شرح الرسالة " وله تفسير كبير، وقال السمعاني:"من مصنفاته دلائل النبوة ومحاسن الشريعة" وآداب القضاء. ([3] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn3))
وعن سنة وفاته قال ابن خلكان: وقد وقع الاختلاف في وفاة القفال فقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في ((طبقات الفقهاء)): توفي في سنة (336هـ.) وقال الحاكم أبو عبد الله أنه توفي بالشاش سنة (365هـ) ووافقه ابن السمعاني على ذلك في ((الأنساب)) ثم ذكر في ((الذيل)) أنه توفي سنة (336هـ.).
أما عن منهجه في تفسيره فقد وجه الانتقاد له بسبب ذكره لأقوال المبتدعة " ويقصد بهم المعتزلة "ومن ذلك قول الإمام الثعلبي حيث قال مقدمة تفسيره:" فألفيت المصنفين في هذا الباب فرقا على طرق: فرقة منهم أهل البدع والأهواء وفرقة المسالك والآراء مثل البلخي والجبائي والأصفهاني والرماني، وقد أُمرنا بمجانبتهم وترك مخالطتهم، ونهينا عن الاقتداء بأقوالهم وأفعالهم فاختاروا ممن تأخذون دينكم.
وفرقة ألفوا وقد أحسنوا غير أنهم خلطوا أباطيل المبتدعين بأقاويل السلف الصالحين،مثل أبي بكر القفال وأبي حامد المقري. وهما من الفقهاء الكبار،والعلماء الخيار، ولكن لم يكن التفسير حرفتهم، ولا علم التأويل صنعتهم؛ ولكل عمل رجال، ولكل مقام مقال". ([4] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn4))
ومن ذلك قول أبو سهل الصعلوكي، عندما سئل عن تفسير أبي بكر القفال، فقال: " قدسه من وجه، ودنسه من وجه، أي: دنسه من جهة نصره للاعتزال".
ونلاحظ أن الثعلبي أشار إلى أن القفال أحسن في تفسيره إلا أنه خلطه بأباطيل المبتدعة،أما أبو سهل الصعلوكي قال:" قدسه من وجه ودنسه من وجه " أي دنسه من جهة نصره مذهب الاعتزال، وقد دافع الإمام الذهبي عنه بقوله: " قد مر موته والكمال عزيز وإنما يمدح العالم بكثرة ماله من الفضائل فلا تدفن المحاسن لورطة ولعله رجع عنها وقد يغفر له باستفراغه الوسع في طلب الحق ولا قوة إلا بالله ". ([5] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn5))
وانظر إلى كلام الذهبي هذا ما أحسنه! وكم فيه من الأدب وحسن الظن في التعامل مع العلماء. وهذا الأدب هو مما ميز هؤلاء العلماء ورفع من شأنهم، وهو أثر من آثار العلم على صاحبه، وهاهو الإمام القفال نفسه لما سئل عن مسألة في العلم، عند حلوله بأحد الثغور غازياً، وكان فيها أحد العلماء الكبار،أمسك عن الجواب، وأحال عليه في الحال. ([6] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn6))
وقد اعتنى كثير من المفسرين بنقل أقواله في تفاسيرهم، ومن ذلك الإمام السمعاني حيث نقل بعض اختياراته في التفسير، واستحسن بعض أقواله، ونقل الرازي في تفسيره كثيراً من أقواله مما يوافق مذهب المعتزلة، ونقل عنه كذلك الإمام القرطبي وأبو حيان، وغيرهم، وذكر السيوطي بعض مناسبات في كتابه أسرار التنزيل.
ووجدت أن كثير من المفسرين اهتموا بنقل أقواله وترجيحاته، سواء في التفسير أو ما يتعلق بعلوم القرآن، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً، واحترت فيما أختار منها، ولعل من أبرزها:
ـ في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حتى يَطْهُرْنَ} (سورة البقرة آية:222) قال ابنُ العربيُّ في «أحكامه»:" سمعْتُ أبا بَكْرٍ الشَّاشِيَّ يقولُ: إِذا قيل: لا تَقْرَبْ؛ بفتح الراء، كان معناه: لا تَلْتَبِسْ بالفعلِ، وإِذا كان بضم الراء، كان معناه لا تَدْن منه " ([7] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn7)).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ وممن توسع في النقل عنه: الإمام السمعاني، ومن ذلك ما جاء في قوله تعالى: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} (سورة الرحمن آية:22) قال السمعاني في تفسيره:"فإن قيل: قد قال: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا} وأجمع أهل العلم بهذا الشأن أنه يخرج من الملح دون العذب. فالجواب: أنه ذكرهما والمراد أحدهما، كما تقول العرب: أكلت خبزا ولبنا، وإنما الأكل في أحدهما دون الآخر. قال الزجاج: لما ذكر البحرين ثم ذكر اللؤلؤ والمرجان، وهو يخرج من أحدهما، صحب الإضافة إليهما على لسان العرب. وذكر القفال الشاشي في تفسيره: أن اللؤلؤ والمرجان لا يكون إلا في ملتقى البحرين في أول ما يخلق، ثم حينئذ موضع الأصداف هو البحر الملح دون العذب، فصح قول: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا} لأنهما في ابتداء عند ملتقى البحرين، وهذا قول حسن إن كان كذلك" ([8] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn8)).
ـ وقال كذلك في قوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} (سورة الواقعة آية:76) " ذلك لأن قسم الله عظيم، وكل ما أقسم به. ويقال: إن تخصيصه هذا القسم بالعظم؛ لأنه أقسم بالقرآن على القرآن؛ قاله القفال الشاشي". ([9] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn9))
ـ وقال في قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا .. } (سورة التغابن آية:16) " روى معمر عن قتادة أن هذه الآية نسخت قوله تعالى: {اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} (سورة آل عمران آية:102) وجاء مثل هذا عن جماعة من التابعين. وقال جماعة من أهل العلم: الأولى أن يقال: هذه الآية رخصة وليست بناسخة. وذكر القفال أن هذه الآية مبينة لقوله تعالى: {اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها. وذكر مثل ذلك على ابن عيسى وغيره".
ـ ونَقل عنه كذلك لطيفة في معنى قوله تعالى: {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} (سورة التغابن آية رقم: 17)، حيث قال:" وذكر القفال: أن بعض السلف كان إذا سمع سائلا يقول: من يقرض الله قرضا حسنا يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" ([10] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn10)).
ـ وفي قوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ الله} (سورة الطلاق آية: 7) قال السمعاني في تفسيره:" عن عمر رضي الله عنه أنه سمع أن أبا عبيدة بن الجراح يلبس الثوب الخشن، ويأكل الطعام (الجشب)، فبعث إليه بألف دينار من بيت المال، وأمر الرسول أن يتعرف حاله بعد ذلك، فتوسع وأكل الطيب من الطعام، ولبس اللين من الثياب، فرجع الرسول فأخبر عمر بذلك فقال: إنه تأول قوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ الله} ذكره القفال في تفسيره" ([11] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn11)).
ـ وكذلك ممن نقل عنه، وأكثر من ذلك الإمام فخر الدين الرازي، ومن الأمثلة في ذلك: عند قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12)} سورة البقرة.
قال الرازي:" والفساد خروج الشيء عن كونه منتفعاً به، ونقيضه الصلاح فأما كونه فساداً في الأرض فإنه يفيد أمراً زائداً، وفيه ثلاثة أقوال: أحدها: قول ابن عباس والحسن وقتادة والسدي: أن المراد بالفساد في الأرض إظهار معصية الله تعالى، وتقريره ما ذكره القفال رحمه الله وهو أن إظهار معصية الله تعالى إنما كان إفساداً في الأرض، لأن الشرائع سنن موضوعة بين العباد، فإذا تمسك الخلق بها زال العدوان ولزم كل أحد شأنه، فحقنت الدماء وسكنت الفتن، وكان فيه صلاح الأرض وصلاح أهلها، أما إذا تركوا التمسك بالشرائع وأقدم كل أحد على ما يهواه لزم الهرج والمرج والاضطراب، ولذلك قال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ في الأرض} (محمد: 22) نبههم على أنهم إذا أعرضوا عن الطاعة لم يحصلوا إلا على الإفساد في الأرض به". ([12] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn12))
ـ وقال الرازي ـ رحمه الله ـ في قوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الاٌّ مَوَالِ وَالاٌّ نفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} (سورة البقرة آية:155)
اعلم أن القفال رحمه الله قال: هذا متعلق بقوله: {واستعينوا بالصبر والصلاة} (البقرة: 45) أي استعينوا بالصبر والصلاة فإنا نبلوكم بالخوف وبكذا .. " ([13] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn13)).
ـ وفي قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ ... } (سورة النساء آية: 113).
قال:" قال القفال رحمه الله: وما يضرونك في المستقبل، فوعده الله تعالى في هذه الآية بإدامة العصمة له مما يريدون من إيقاعه في الباطل" ([14] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn14)) .
ـ ولما ذكر الرازي الروايات التفسيرية في قوله: {قُتِلَ أصحاب الأخدود} (سورة البروج آية:4) أتبعه بقول القفال، فقال:" وقال القفال: ذكروا في قصة أصحاب الأخدود روايات مختلفة وليس في شيء منها ما يصح إلا أنها متفقة في أنهم قوم من المؤمنين خالفوا قومهم أو ملكاً كافراً كان حاكماً عليهم فألقاهم في أخدود وحفر لهم، ثم قال: وأظن أن تلك الواقعة كانت مشهورة عند قريش فذكر الله تعالى ذلك لأصحاب رسوله تنبيهاً لهم على ما يلزمهم من الصبر على دينهم واحتمال المكاره فيه فقد كان مشركوا قريش يؤذون المؤمنين على حسب ما اشتهرت به الأخبار من مبالغتهم في إذاء عمار وبلال" ([15] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn15)).
ـ وقال في قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)}: سورة البقرة قال القفال رحمه الله: ليس الصبر أن لا يجد الإنسان ألم المكروه ولا أن لا يكره ذلك لأن ذلك غير ممكن، إنما الصبر هو حمل النفس على ترك إظهار الجزع، فإذا كظم الحزن وكف النفس عن إبراز آثاره كان صاحبه صابراً، وإن ظهر دمع عين أو تغير لون، قال عليه السلام: «الصبر عند الصدمة الأولى» وهو كذلك، لأن من ظهر منه في الإبتداء ما لا يعد معه من الصابرين ثم صبر، فذلك يسمى سلوا وهو مما لا بد منه قال الحسن: لو كلف الناس إدامة الجزع لم يقدروا عليه والله أعلم". ([16] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn16))
ونقل الرازي ـ وغيره ـ عن تفسير القفال فائدة نفيسة، وهي قوله عند تفسير سورة البقرة:" قال القفال رحمه الله: إن فيما ذكره الله تعالى في هذه السورة من أقاصيص بني إسرائيل وجوهاً من المقصد، أحدها: الدلالة بها على صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر عنها من غير تعلم، وذلك لا يمكن أن يكون إلا بالوحي ويشترك في الانتفاع بهذه الدلالة أهل الكتاب والعرب، أما أهل الكتاب فلأنهم كانوا يعلمون هذه القصص فلما سمعوها من محمد من غير تفاوت أصلاً، علموا لا محالة أنه ما أخذها إلا من الوحي. وأما العرب فلما يشاهدون من أن أهل الكتاب يصدقون محمداً في هذه الأخبار.
وثانيها: تعديد النعم على بني إسرائيل وما منّ الله تعالى به على أسلافهم من أنواع الكرامة والفضل كالإنجاء من آل فرعون بعدما كانوا مقهورين مستعبدين ونصره إياهم وجعلهم أنبياء وملوكاً وتمكينه لهم في الأرض وفرقه بهم البحر وإهلاكه عدوهم وإنزاله النور والبيان عليهم بواسطة إنزال التوراة والصفح عن الذنوب التي ارتكبوها من عبادة العجل ونقض المواثيق ومسألة النظر إلى الله جهرة، ثم ما أخرجه لهم في التيه من الماء العذب من الحجر وإنزاله عليهم المن والسلوى ووقايتهم من حر الشمس بتظليل الغمام، فذكرهم الله هذه النعم القديمة
(يُتْبَعُ)
(/)
والحديثة.
وثالثها: إخبار النبي عليه الصلاة والسلام بتقديم كفرهم وخلافهم وشقاقهم وتعنتهم مع الأنبياء ومعاندتهم لهم وبلوغهم في ذلك ما لم يبلغه أحد من الأمم قبلهم، وذلك لأنهم بعد مشاهدتهم الآيات الباهرة عبدوا العجل بعد مفارقة موسى عليه السلام إياهم بالمدة اليسيرة، فدل على بلادتهم، ثم لما أمروا بدخول الباب سجداً وأن يقولوا حطة ووعدهم أن يغفر لهم خطاياهم ويزيد في ثواب محسنهم بدلوا القول وفسقوا، ثم سألوا الفوم والبصل بدل المن والسلوى، ثم امتنعوا من قبول التوراة بعد إيمانهم بموسى وضمانهم له بالمواثيق أن يؤمنوا به وينقادوا لما يأتي به حتى رفع فوقهم الجبل ثم استحلوا الصيد في السبت واعتدوا، ثم لما أمروا بذبح البقرة شافهوا موسى عليه السلام بقولهم: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} (البقرة: 67)، ثم لما شاهدوا إحياء الموتى ازدادوا قسوة، فكأن الله تعالى يقول: إذا كانت هذه أفعالهم فيما بينهم ومعاملاتهم مع نبيهم الذي أعزهم الله به وأنقذهم من الرق والآفة بسببه، فغير بديع ما يعامل به أخلافهم محمداً عليه الصلاة والسلام، فليهن عليكم أيها النبي والمؤمنون ما ترونه من عنادهم وإعراضهم عن الحق. ورابعها: تحذير أهل الكتاب الموجودين في زمان النبي صلى الله عليه وسلم من نزول العذاب عليهم كما نزل بأسلافهم في تلك الوقائع المعدودة.
وخامسها: تحذير مشركي العرب أن ينزل العذاب عليهم كما نزل على أولئك اليهود.
وسادسها: أنه احتجاج على مشركي العرب المنكرين للإعادة مع إقرارهم بالابتداء، وهو المراد من قوله تعالى: {كذلك يُحْيىِ الله الموتى} (البقرة: 73) ". ([17] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn17))
وكذلك نجد المفسرين بعد الرازي عنوا بذكر أقوال الإمام القفال،والأمثلة في هذا كثيرة، ومنها على سبيل المثال:
ـ في قوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)} (سورة البقرة).
قال أبو حيان:" والزمخشري على طريقته الاعتزالية يقول: إسناد الضلال إلى الله تعالى إسناد إلى السبب، لأنه لما ضرب به المثل فضل به قوم واهتدى به قوم تسبب لضلالهم وهداهم.
وقيل: يضل بمعنى يعذب، كقوله تعالى: {إن المجرمين في ضلال وسعر} (سورة القمر آية 47)، قاله بعض المعتزلة، وردّ القفال هذا وقال: بل المراد في الشاهد في ضلال عن الحق". ([18] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn18))
ـ وكذلك في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)} (سورة البقرة).
قال أبو حيان:" فسر لفظ الخاسرون بالناقصين حظوظهم وشرفهم، وبالهالكين، وسبب خسرانهم استبدالهم النقض بالوفاء، والقطع بالوصل، والإفساد بالإصلاح، وعقابها بالثواب، وقيل: الخاسرون المغبونون بفوت المثوبة ولزوم العقوبة وقيل: خسروا نعيم الآخرة، وقيل: خسروا حسناتهم التي عملوها، أحبطوها بكفرهم.
والآية في اليهود، ولهم أعمال في شريعتهم وفي المنافقين، وهم يعملون في الظاهر عمل المخلصين.
قال القفال: الخاسر اسم عام يقع على كل من عمل عملاً يجزى عليه". ([19] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn19))
ـ وقال في قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37)} (سورة البقرة):" قال القفال:" التلقي التعرض للقاء، ثم يوضع موضع القبول والأخذ، ومنه: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} (سورة النمل آية:6) تلقيت هذه الكلمة من فلان: أخذتها منه" ([20] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn20)).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ وفي قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ... } (سورة البقرة:219) قال أبو السعود:" {قُلِ العفو} قال الواحدي: أصلُ العفوِ في اللغة الزيادة، وقال القفال: العفوُ ما سُهل وتيسر مما فضَل من الكفاية وهو قول قتادةَ وعَطاءٍ والسدي" ([21] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn21))
ـ وفي قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)} (سورة آل عمران) ذكر المفسرين الاختلاف الوارد في المراد من الحواريين، ثم أتبعوه بقول القفال:"ويجوزُ أن يكون بعضُ هؤلاء الحواريين الاثنيْ عشرَ من الملوك وبعضُهم من صيادي السمك وبعضُهم من القصّارين وبعضُهم من الصبَّاغين والكلُّ سُمّوا بالحَواريين لأنهم كانوا أنصارَ عيسى عليه الصلاة والسلام وأعوانَه والمخلِصين في طاعته ومحبتِه". ([22] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn22))
ـ ونقل عنه بعض المفسرين في قوله تعالى: {مباركاً وهدىً للعالمين} (آل عمران:96) قوله: " ويجوز أن تكون بركته ما ذكر في قوله: {يُجْبى إليه ثمرات كل شيء} (القصص: 57). ([23] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn23))
ـ وفي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)} (سورة آل عمران) قال القفال:"يحتمل أن يكون هذا الكلام متصلاً بما قبله من جهة أن أكثر أموال المشركين قد اجتمعت من الربا وكانوا ينفقون تلك الأموال على العساكر وكان من الممكن أن يصير ذلك داعياً للمسلمين إلى الإقدام عليه كي يجمعوا الأموال وينفقوها على العساكر أيضاً ويتمكنوا من الانتقام من عدوهم، فورد النهي عن ذلك رحمة عليهم ولطفاً بهم " ([24] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn24)).
ـ وجاء عنه في قوله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)} (سورة النساء) قوله:" لما نهى الله تعالى المؤمنين عن أكل أموال الناس بالباطل وقتل الأنفس عقبه بالنهي عما يؤدي إليه من الطعم في أموالهم وتمنّيها ". ([25] ( http://www.tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=108618#_ftn25))
والأمثلة في نقل العلماء عنه كثيرة جدا، ولولا خشية الإطالة لذكرت غيرها، ولكن حسبنا مما ذكر الإشارة لفضل هذا العالم الجليل، وإبراز قيمة أقواله في التفسير.
ولا شك بأننا في حاجة لكشف أقوال غيره من العلماء ممن في كتب وصنف في التفسير، وهذا ما أستحث إخواني على إماطة اللثام عنه، وإفادة الناس به.
ــ الحواشي ـــ
([1]) انظر: طبقات الشافعية الكبرى (ج 3 / ص 205ـ 209).
([2]) انظر: غريب الحديث للخطابي (ج 1 / ص 652) والفجر الساطع (ج 2 / ص 85).
([3]) انظر: طبقات الفقهاء الشافعية (ج 1 / ص 229) وسير أعلام النبلاء (ج 16 / ص 285) وطبقات المفسرين (ج 1 / ص 79) طبقات الفقهاء (ج 1 / ص 112) واللباب في علوم الكتاب (ج 1 / ص 105).
([4]) الكشف والبيان (ج 1 / ص 74).
([5]) سير أعلام النبلاء (ج 16 / ص 285).
([6]) انظر: كتاب: شرط القراءة على الشيوخ، للحافظ المسند أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني (ت:576هـ) (ص37) بتصرف.
([7]) أحكام القرآن (ج 1 / ص 327).
([8]) انظر: تفسير السمعاني (ج 5 / ص 327).
([9]) تفسير السمعاني (ج 5 / ص 359).
([10]) تفسير السمعاني (ج 5 / ص454ـ 456).
([11]) تفسير السمعاني (ج 5 / ص 466).
([12]) تفسير الرازي (ج 1 / ص 337).
([13]) تفسير الرازي (ج 4 / ص 135).
([14]) تفسير الرازي (ج 5 / ص 378).
([15]) تفسير الرازي (ج 16 / ص 437).
([16]) تفسير الرازي (ج 2 / ص 450).
([17]) تفسير الرازي (ج 2 / ص 163).
([18]) البحر المحيط (ج 1 / ص 163).
([19]) انظر: البحر المحيط (ج 1 / ص 168).
([20]) البحر المحيط (ج 1 / ص 211).
([21]) تفسير أبي السعود (ج 1 / ص 276).
([22]) تفسير أبي السعود (ج 1 / ص 396) وتفسير الألوسي (ج 3 / ص 58).
([23]) البحر المحيط (ج 3 / ص 335) وتفسير الألوسي (ج 3 / ص 135).
([24]) غرائب القرآن ورغائب الفرقان، للنيسابوري (ج 2 / ص 257) وتفسير الألوسي (ج 3 / ص 211).
([25]) تفسير أبي السعود (ج 2 / ص 74) وتفسير الألوسي (ج 4 / ص 35).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمر جاكيتي]ــــــــ[05 Jul 2010, 11:54 م]ـ
أشكرك أخي على هذا الموضوع ...
وهو موضوع قيم، يحتاج إلى " جمع ودراسة ".
إلا أنه بالمثال يتضح المقال ... !!
فيا حبذا لو أوردتم مثالاً واحداً يوضح المنهج الذي تريدون السير عليه في المشاركات حتى نحذو حذوكم ...
بارك الله فيكم ...
ـ[عمر جاكيتي]ــــــــ[06 Jul 2010, 12:04 ص]ـ
إلا أنه بالمثال يتضح المقال ... !!
فيا حبذا لو أوردتم مثالاً واحداً يُوضِّح المنهج الذي تريدون السير عليه في المشاركات حتى نحذو حذوكم ...
بارك الله فيكم ...
كنت أقترح عليك إيراد مثال على المنهج الذي يكون عليه السير، فسبقتني بذلك بأقل من دقيقة!!
إلا أني أرى أنّ هذا المنهج الذي سلكتموه في هذا المثال فيه تطويل، قد يمل منه القارئ ...
كما أنه لا بدّ من ترتيب الأفكار، وجعلها في نقاط معينة حتى يكون مرغباً للمشاركين في الموضوع، وتعم فائدته الجميع ...
أشكر لك أخي اهتمامك ...
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[07 Jul 2010, 07:54 م]ـ
أشكرك أخي على الملاحظات،وأما عن كثرة الأمثلة ـ وهي في نظري ليست بتلك الكثرة ـ فقد قصدت في ذلك إيراد التنوع في أقوال القفال سواء في تفسير لفظ من ألفاظ الآية أوالتطرق لعلم من علوم القرآن، وهذا من بيان منهجه.
ـ[فهر راشد الأزهري]ــــــــ[07 Jul 2010, 08:50 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم وليتك تستمر
ـ[بوعلام]ــــــــ[08 Jul 2010, 01:38 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم وأرجو من الله أن يسدد خطاك في اتمام هذا الموضوع(/)
رجل نفيس .. كُتب بقلم نسخ عتيق،وفيه خرم، وبآخره نقص،وفي أطرافه آثار أرضة ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[06 Jul 2010, 06:04 ص]ـ
رجل نفيس .. كُتب بقلم نسخ عتيق،وفيه خرم، وبآخره نقص،وفي أطرافه آثار أرضة ..
بسم الله والحمد لله ..
قال أبو بنان:
((الرجل المهذب هو الذي يألف ويؤلف، والذي يتكلم فيضع الكلمة موضعها، فلا تجرح السمع، ولا تُحرج السامع، والذي لا يفعل إلا ما يليق بمثله أن يفعله، والذي لا يُنكر الناس من سلوكه شيئاً، ولا يحسون له على قلوبهم ثقلاً = هذا الرجل كالنسخة المطبوعة الطبعة الأنيقة من الكتاب .. ورقها ثقيل، وجلدها جميل، ولكن مثلها في السوق مئات أو آلاف.
وإن من الرجال ما هو كالنسخة المخطوطة، ربما كانت ناقصة،أو مخرومة، أو مس الزيت أطرافها فأفسدها، ولكنها أثمن وأغلى؛ لأنها واحدة لا ثانية لها)).
قلتُ:
وهذا المعنى الذي أصابه أجل أدباء المعاني المعاصرين،هو حقاً معنى جليل حسن كجلال وحسن بيان صاحبه.
وليس يغفلُ عن هذا المعنى واحد من الناس إلا فاته الشيء الكثير من ثمار معرفة الناس وحسنات مخالطتهم، ولم يكن أبداً ممن يُحسنُ أن يَروزَ الرجال فيبلو أخبارهم، ويقطف من ثمارهم،ويميز بين خصالهم،ويعرف أقدارهم،ويمتحن مذاهبهم، ويتدبر أحوالهم، بل لا يكون الجاهل بهذا المعنى إلا عامي المعرفة فقير التجربة يزهده في الشهد ما يرى من إبر النحل.
وبيان المعنى الذي قصده ذلك الأديب = أن من الرجال – والنساء شقائق الرجال- من هو كالصفحة المستوية خُلقاً وخَلقاً تراه دائماً كأنما هو ليلة عرسه، هادئ الطبع .. لا يسوؤك ولا ينوؤك .. حركاته مضبوطة .. ألفاظه موزونة .. رزين .. رصين .. وقور .. جاد = لكنه بعد كل ذلك فقير المواهب ليس له أثر في دنياه،نهر رتيب، ونسخة مكررة .. لا يُحلي ولا يُمِر.
ويشبهه من هو كالأظافير المقلمة .. جميلة الشكل .. مستوية المظهر .. نقية من الوسخ، لكنها إذا أردتَها على شيء مما يَنتفع فيه الناس بأظفارهم = تخلت عنك وخذلتك أحوج ما تكون إليها.
ومن نفس الخزانة مهذب الفصل المدرسي الذي لا تخلو منه مدرسة في الشرق أوالغرب، صموت، مستواه الدراسي متوسط أو فوق المتوسط بقليل، يحبه المعلمون، ويحبه الطلبة المشاكسون قبل غيرهم،يبقى بالسنين لا تصدر منه مشكلة ولا يشتكي منه أحد،ليست له عداوة مع واحد من الخلق وليس له نصرة لشيء من الحق .. لا يقول الباطل .. لكنه يسكت عن إبطاله .. لا يظلم .. لكنه لا يعدل .. بل يفر من المواجهة ويخنس عند مواقف المفاصلة يُسر برأيه ويعلن بحياده ..
هذه ثلاث درجات أحسنها وأسلمها الأولى .. لكنه كما قال أديبنا: نسخة مكررة ..
أما النادر النفيس حقاً فهو ما كان على صورة لا تشبهها صورة .. نسخة واحدة وحيدة .. نادرة فريدة .. نسيج وحدها وواحدة أيامها .. إن حسناً وإن قبحاً .. المهم أنه ليس لها نظير ..
فمنهم ذلك الجنس من الرجال الذي تراه صاخب الموهبة متوقد النفس تحس لروحه ضجيجاً يصم الآذان .. يحل بالمكان فكأنما حلت به خلية نحل أو سرية جيش .. يهزل ويجد يطرح الكلفة ويُطَّلق الرصانة ربما سقط بلفظة ولكنه يُسرع الأوبة .. نسيج وحده لا يشبهه شيء ..
أو ذلك الجنس الذي يغلبه خلق من الأخلاق على نفسه حتى تراه كأنه أنموذج لذلك الخلق يسير على قدمين وحتى إنك لتستطيع أن تضع اسمه محل ذلك الخلق فكأنما بات هو شعاره ورايته ..
أو ذلك الجنس الذي يحمل بين جنبيه مزيجاً من الطباع والعناصر ليس هو مما تألفه في تراكيب نفوس الخلق وحتى تحس لهذا المزيج طعماً ليس هو مما اعتدته وحتى لترى بعينك نفسه وكأنها إسناد غريب لا يدرى ما وجهه وكيف كان ..
نعم. تلك نسخ خطية نادرة نفيسة ليست مقلمة ولا مهذبة ولا تخلو من عيب هنا وخرم هناك وأرضة لم تنفع معها (كيبج)،ولكنك تنتفع بمعرفتها وتأملها والخبرة بأحوالها أكثر مما تنتفع بتلك النسخ المهذبة المصقولة؛ذلك أن تلك النماذج الغريبة والتراكيب العجيبة والنسخ النادرة النفيسة قد استودع الله فيها غرائباً من الخلق والتصوير حرية بأن يطال النظر فيها وإليها ..
في مواهبها وكيف تصخب وتضج ..
في عيوبها وكيف يجلو العيب في بعضها حتى إنك لتكاد تمسكه بيدك وتقبض أطراف ببنانك وحتى لتشير فتقول: لا يبلغ ذلك العيب أن يكون أبلغ من هذا ..
في محاسن أخلاقها والتي قد ترى في بعض تلك النسخ الخلقَ الحسن في أبلغ صوره التي قد تشهدها في حياتك كلها ..
في أخلاط طبائعها والتي قد تختلط في بعض تلك النسخ اختلاطاً تكثر ألوانه كثرة تعجز عن الإحاطة بها أو عن حتى إطاقة تصور أن تُجمع تلك الألوان في رجل ..
وإن عصمة أمر الإفادة من التجارِب، والخبرة بالمذاهب هي في البصر بهذا الصنف من الرجال المتفردين في صورهم وقلوبهم الذين لم يؤلف نظيرهم ولم يعهد شبيههم، وليس يفيد من مخالطة الناس من لم يطلب معرفة هذا الصنف إلا كما يفيد الجائع من رائحة الشواء فهل له فيها غناء؟
وإنك لتقرأ عن الخلق القبيح أياماً،ولكنك لا تستطيع أن تبلغ من تقبيحه في نفسك ما يبلغ بك تأمل نفس مشوهة حاضرة بين يديك قد استولى عليها هذا الخلق القبيح حتى صارت منه بمنزلة الآية والعلامة ..
وإنك لتقرأ عن الخلق الحسن أياماً،ولكنك لا تتمثل روعته على ما هي إلا أن تراه مخلوقاً بين جنبي نفس حية تسعى بين يديك ..
وإذا كان في البر والبحر وألوان الزهر وأشكال الدر ما يروع النفس انبهاراً لصنعة المليك الجليل= فإن في الخلق ونفوسهم وقلوبهم واختلاف ألوانهم ما تحملق له الأعين وتنفرج له الأفواه فيطلب خبره ويروى أثره ويقول القائلون: لله في خلقه شؤون.
ألا من أوقفته الأيام على نسخة نفيسة كيف كان وجه نفاستها = فليقبض عليها وليُطل النظر متأملاً فتلك نادرة عتيقة لا يدري متى يجد مثلها،وبتأمل تلك النوادر والبصر بها يُشذب المرء طباع نفسه ويصلح أحوال قلبه ويزداد فقهاً بالناس ولا يكون الرجل فقيهاً بشيء أي شيء حتى يكون فقيهاً بالناس ..
وإياك أن يحول بينك وبين أن تنتفع برجل عظيم الموهبة جليل القدر = ما تراه منه من نقص أو خرم أو آثار أرضة، بل اطلب أبواب الخير والنفع فيه، واملأ كفك من نفاسة روحه وجلال موهبته وحلاوة نفسه،وأعرض وتولى واغتفر ما بقى فلست بمستبق أخاً لا تلمه على شعث أي الرجال المهذب ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[10 Jul 2010, 10:53 م]ـ
......
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[10 Jul 2010, 11:01 م]ـ
والله انت اللي نفيس يا مولانا لكن ليس في أطرافك آثار أرضة بحمد الله
لا حرمنا الله من إبداعاتك يا أبا فهر(/)
ما الفرق بين قرآن وكتاب في الآيات؟
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[06 Jul 2010, 05:51 م]ـ
قال تعالى في سورة الجن على لسان الجن (فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2))
وقال تعالى في سورة الأحقاف (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30))
وسؤالي هو ما دلالة الاختلاف بين التعبير بلفظ قرآن في سورة الجن والتعبير بلفظ كتاب في سورة الأحقاف؟
ـ[نور الماضي]ــــــــ[06 Jul 2010, 07:43 م]ـ
جزاك الله خيراً أختنا سمر
وبانتظار الإجابة معك!
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[06 Jul 2010, 08:34 م]ـ
أجبتكم ببحث طويل على الرابط:
http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=108764#post108764
الحسن
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[06 Jul 2010, 08:56 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخي الفاضل على إجابتك وسأطلع عليها بالتفصيل بإذن الله تعالى.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[06 Jul 2010, 11:23 م]ـ
في آية الأحقاف أخبر الجن عن كون الكتاب أنزل من بعد موسى فناسب التعبير بالكتاب، وكأن المقصود بث الطمأنينة في نفوس المدعوين إلى اتفاق هذا الكتاب مع كتاب موسى في كونه من عند الله، وأما في سورة الجن فكان الحديث عن هداية القرآن ووصفه بالعجب ولم يجر ذكر لموسى فجاءت العبارة بالقرآن
وهذه إجابة للدكتور فاضل السامرائي لعل فيها ما يفيد
ما الفرق بين دلالة كلمة الكتاب والقرآن؟ وما دلالة إستخدام ذلك الكتاب في الآية (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) البقرة) ولم تأت هذا الكتاب أو هذا القرآن أو ذلك القرآن؟
د. فاضل السامرائى:
كلمة قرآن هي في الأصل في اللغة مصدر الفعل قرأ مثل غفران وعدوان. (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ {18} القيامة) ثم استعملت علماً للكتاب الذي أُنزل على الرسول ? (القرآن).
أما الكتاب فهي من الكتابة وأحياناً يسمى كتاباً لأن الكتاب متعلق بالخط، وأحياناً يطلق عليه الكتاب وإن لم يُخطّ (أنزل الكتاب) لم يُنزّل مكتوباً وإنما أُنزل مقروءاً ولكنه كان مكتوباً في اللوح المحفوظ قبل أن ينزّل على رسول الله صل1.
هذا من ناحية اللغة أما من ناحية الإستعمال فيلاحظ أنه يستعمل عندما يبدأ بالكتاب يكون يتردد في السورة ذكر الكتاب أكثر بكثير مما يتردد ذكر القرآن أو قد لا تذكر كلمة القرآن مطلقاً في السورة. أما عندما يبدأ بالقرآن يتردد في السورة ذكر كلمة القرآن أكثر الكتاب أو قد لا يرد ذكر الكتاب مطلقاً في السورة وإذا اجتمع القرآن والكتاب فيكونان يترددان في السورة بشكل متساو تقريباً ونأخذ بعض الأمثلة:
في سورة البقرة بدأ بالكتاب (ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ {2}) وذكر الكتاب في السورة 47 مرة والقرآن مرة واحدة في آية الصيام (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).
في سورة آل عمران بدأ السورة بالكتاب (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ {3}) وورد الكتاب 33 مرة في السورة ولم ترد كلمة القرآن ولا مرة في السورة كلها.
في سورة طه: بدأ السورة بالقرآن (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى {2}) وورد القرآن فيها 3 مرات والكتاب مرة واحدة.
في سورة ق بدأ بالقرآن (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ {1}) وورد 3 مرات في السورة بينما ورد الكتاب مرة واحدة.
في سورة ص تساوى ذكر القرآن والكتاب.
في سورة الحجر بدأ (الَرَ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ {1}) ورد ذكر القرآن 3 مرات والكتاب مرتين.
في سورة النمل بدأ (طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ {1}) ورد ذكر القرآن 3 مرات والكتاب أربع مرات.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Jul 2010, 12:07 ص]ـ
قال تعالى في سورة الجن على لسان الجن (فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2))
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال تعالى في سورة الأحقاف (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ (30))
وسؤالي هو ما دلالة الاختلاف بين التعبير بلفظ قرآن في سورة الجن والتعبير بلفظ كتاب في سورة الأحقاف؟
أولا: اعتقد أنه يجب التفريق بين كلام الله وكلام الجن، فالله أخبر عن ما قالته الجن بكلامه هو الذي لا يشبه أي كلام، بعبارة أخرى أن هذا الذي أخبر الله تعالى به ليس هو نص كلام الجن في الموضعين.
ثانياً: أنهم ربما وصفوه بالقرآن مرة ووصفوه بالكتاب مرة أخرى فأخبر عن كل قول في موضع.
ثالثاً: سورة الأحقاف كانت تتحدث عن القرآن ككتاب، قال تعالى:
(حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2)) الأحقاف
ثم إن الله تعالى ذكر أن هذا الكتاب مسبوق بكتاب موسى وجاء هذا مصدقا له:
(وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ) الأحقاف (12)
فناسب عند الحديث عن الجن أن يذكره بوصف الكتاب للدلالة على أنه كتاب مع أنه ذكره في الآية السابقة باسمه العلم " القرآن":
(وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآَنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30)) الأحقاف
وفي ذلك دلالة على أن رسالات الله إلى البشر رسالات مكتوبة في كٌتب فهي متحدة في وصفها مختلفة في مسمياتها: توراة، زبور، إنجيل، قرآن.
هذا والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[07 Jul 2010, 06:11 ص]ـ
جزاكم الله خيراً أيها الأفاضل على ما تفضلتم به من ردود وافية. وما كان سؤالي إلا للتأمل في استخدام اللفظين كتاب وقرآن مع أن المتكلم واحد وهم الجنّ. فبارك الله لكم وزادكم علماً.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[07 Jul 2010, 07:05 ص]ـ
يحتاج من يجيب على مثل هذا السؤال إلى عدة أمور قبل أن يجيب:
1/ الفرق اللغوي الدقيق بين الكلمتين (هذا متعلق بعلم متن اللغة).
2/ استقراء جميع الآيات المتعلقة بالكلمتين، وعدم الاكتفاء ببعض المواضع؛ لأن هذا سيجعل التصور ناقصاً.
3/ الاطلاع على كلام أهل التفسير- وأخص في هذا الموضع البقاعي لاهتمامه بالألفاظ القريبة من المترادفة أكثر من غيره، وقد اهتم بهاتين اللفظتين خصوصاً-.
4/ ملاحظة أن (القرآن) قُرِئت بوجهين في القراءات المتواترة عن النبي صلى الله عليه فالقرآن بالمد والقصر يختلف بهما المعنى ولا يتناقض (متعلق بعلم القراءات)، ولا بد من استحضار المعنيين عند التوجيه.
5/ معرفة مقاصد كل من سورتي الأحقاف والجن وتأريخ نزولهما وهل الآيات تصف حادثتين أم حادثة واحدة (هذا متعلق بعدد من علوم القرآن مع السيرة النبوية).
وقد ربطت بعض المسائل ببعض العلوم عمداً كي لا يظن أحد أن تحديدَ كون الآيات تصف حادثة أو حادثتين -مثلاً- أمرٌ ذوقي يجتهد فيه من شاء بما شاء.
ومما يلاحظ وينبغي التنبه له أثناءالبحث أن الكتاب يشار إليه باسم الإشارة للبعيد (ذلك)، والقرآن يشار إليه باسم الإشارة للقريب (هذا)، وهذا الأمر يحتاج أيضاً إلى استقراء لمعرفة اطراده في كتاب الله.
وفي النهاية فقد كتبت ما كتبته رغبة في تذكير نفسي ومن أحب في الله بأن الكلام على أي معنى في القرآن لا يصح أن يستعجل فيه الإنسان بل لا بد أن يعد له العدة اللائقة به، والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jul 2010, 07:21 ص]ـ
أشكر الدكتورة سمر على إثارتها للموضوع وفقها الله، وأشكر كل المعقبين والمجيبين على ما تفضلوا به وأفادوا.
وأحب التأكيد على الكلام الذي ذكره صديقنا العزيز الدكتور محمد نصيف وفقه الله ورعاه فهو كلام رائع جداً، كنتُ أتمنى أن أكتبه من زمن تعليقاً على التوجيهات البلاغية والبيانية للآيات القرآنية، وقد كنتُ جمعتُ بعض ضوابطه من خلال قراءتي في كتب الدكتور محمد أبو موسى حفظه الله وغيره من أهل العمق في توجيه الآيات من حيث البلاغة والبيان، رغبة في نشرها يوماً في الملتقى، ولكن لا كلام لي الآن مع وجود الدكتور محمد نصيف.
وهي مسألةٌ أَتَمنَّى أن تخرج في مقالة مستقلة من الدكتور محمد نصيف في الملتقى العلمي مع زيادات وإضافات وأمثلة لتكون نبراساً للباحثين، وأقترح أن يكون الموضوع بعنوان:
ضوابط التوجيه البياني للآيات القرآنية
إعداد
د. محمد بن عبدالعزيز نصيف
(يا أبا هاجر! أرجوك لا تقل لي: خَلّهْ بَحث ترقية تكفى http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمر جاكيتي]ــــــــ[07 Jul 2010, 07:39 ص]ـ
(يا أبا هاجر! أرجوك لا تقل لي: خَلّهْ بَحث ترقية تكفى http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif)
وقد يكون الجمع أولى من الترجيح يا دكتور ... !! (ابتسامة)
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[07 Jul 2010, 09:50 ص]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً وأسمحوا لي أن أدعو أخي الفاضل الدكتور محمد نصيف أن يتحفنا بما لديه إجابة على سؤالي بارك الله بكم جميعاً وزادكم من فضله.
تعلّمت من الدكتور فاضل السامرائي أن أنظر في سياق الآيات في كل سورة لنخرج منها بنكتة بلاغية بورود لفظة ما في الآية لكن لم أصل بعد لدرجة أن أستنبط وحدي مثل هذا النكت البيانية لذا أرجو منكم أن تفيدوني في المسألة بما يثلج الصدر ويطفئ ظمأ طالبة علم.
القائل واحد في الآيتين وبالتأكيد هناك نكتة بيانية بلاغية في استخدام لفظ كتاب مرة ولفظ قرآن مرة وما زلت أنتظر فلا تحرمونا من فضلكم وعلمكم.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Jul 2010, 10:43 ص]ـ
5/ معرفة مقاصد كل من سورتي الأحقاف والجن وتأريخ نزولهما وهل الآيات تصف حادثتين أم حادثة واحدة (هذا متعلق بعدد من علوم القرآن مع السيرة النبوية).
.
الحديث يدل على أن الجن قد استمعوا إلى القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين أحدهما بعلمه والثانية بدون علمه:
ففي الصحيح عن ابن مسعود قال: ( http://www.tafsir.net/vb/showalam.php?ids=10) كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقُلْنَا اسْتُطِيرَ أَوْ اغْتِيلَ قَالَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ.فَقَالَ: " أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ" قَالَ فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ " لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ". رواه مسلم
وروى مسلم أيضا من حديث بن عباس رضي الله عنهما قال:
مَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمْ انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا مَا لَكُمْ قَالُوا حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ قَالُوا مَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شَيْءٍ حَدَثَ فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَمَرَّ النَّفَرُ الَّذِينَ أَخَذُوا نَحْوَ تِهَامَةَ وَهُوَ بِنَخْلٍ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ وَقَالُوا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا يَا قَوْمَنَا
{إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا}
فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ}.
وقد تكلم بن حجر رحمه الله تعالى عن اختلاف الروايات ونفي بن عباس وإثبات بن مسعود رضي الله عنهما ومما قال:
"فَيُجْمَعُ بَيْن مَا نَفَاهُ وَمَا أَثْبَتَهُ غَيْره بِتَعَدُّدِ وُفُود الْجِنّ عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
ولا شك أن اثبات أمر أو نفيه يحتاج إلى دليل، ولكن يمكن القول أن حديث سورة الأحقاف وسورة الجن عن الجن ربما كان عن حادثة واحدة وذكر في كل سورة مالم يذكر في الأخرى كذكر حوار موسى عليه السلام مع فرعون في مواضع متعدده وفي كل موضع يذكر مالم يذكره في الموضع الآخر والموقف واحد.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[07 Jul 2010, 11:36 ص]ـ
الأخت الفاضلة سمر، لو كانت عندي الإجابة لأجبتُ، لكنني أعرف معالم الطريق إلى الإجابة، وقد وصفتُه وربما غفلتُ عن جوانب أخرى من معالم الطريق، وهذا الطريق وعرٌ طويل، والإجابة السريعة لا تتناسب مع طبيعة البحث في هذا المجال، والتخمين والحدس أمران لا يقبلان في الكلام عن بلاغة القرآن، أما غلبة الظن فنعمل بها إن استفرغنا الجهد في الوصول للجواب، وأظن الجميع يوافق أن من يجيب على البديهة على مثل هذه الأسئلة لم يستفرغ جهده، وأنا أتمنى أن تكون عندي أو عند أي أخ إجابة لكن بشرط أن تكون الإجابة شافية مبنية على بحث، ودائما كنت أسأل الشيخ محمد أبو موسى - وقد قارب السبعين - مثل هذه الأسئلة فيقول: ليست عندي إجابة، وإذا وجدتَ فأخبرني، يقولها وهو من أعلم الأرض -فيما أعلم- في بلاغة القرآن، وأظن أنه لو طرحت الأسئلة التي طرحتها على الشيخ في الملتقى أو على عامة المسلمين لأجاب الجميع، وختاماً بعد هذه الإطالة أعود فأقول: لا أعرف الإجابة على السؤال، وإن وجدتها أو بعضها فسأذكرها بإذن الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[07 Jul 2010, 11:44 ص]ـ
بارك الله فيك أستاذي الفاضل وما كنت أقصد الإجابة المستعجلة وإنما أبقيت سؤالي إلى أن ييسر الله تعالى أمر الإجابة بإذنه. شاكرة ومقدرة لكل الإخوة على ردودهم الكريمة. ولو أن الدكتور فاضل السامرائي في الشارقة لاتصلت وسألته لكنه لم يرجع من العراق بعد.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Jul 2010, 01:09 م]ـ
جزاكم الله خيراً أيها الأفاضل على ما تفضلتم به من ردود وافية. وما كان سؤالي إلا للتأمل في استخدام اللفظين كتاب وقرآن مع أن المتكلم واحد وهم الجنّ. فبارك الله لكم وزادكم علماً.
الأخت الفاضلة سمر
الوصول في مثل هذه المسائل إلى شيء قطعي دونه "خرط القتاد" كما يقال.
والجدير بالاهتمام هنا هو هل ما ينقله لنا القرآن من حوارات وأقوال هل هو نقل بالنص أو بالمعنى؟
وكتوضيح للمراد أقول:
هل الجن تكلمت مرة واحدة فقالت " إنا سمعنا قرآنا عجبا" وسكتت؟
أو قالت " إن سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى " وسكتت ولم تتكلم بعد؟
إذا كان واحد من الأمرين هو الذي حدث يمكن أن نستكشل الأمر ونقول: هل قالوا كذا أم كذا؟
ويمكن الإجابة لو كان الأمر كذلك على من يستشكل مع يقيننا بصدق المتكلم بتعدد المواقف والأقوال.
ولكن الذي أعتقده هو أن الله أخبرنا عن الجن وما قالوه وتداولوه فيما بينهم بكلامه هو بلسان عربي مبين وإلا لو كان المنقول هو النص لكان معظم سورة الجن من كلامهم لا من كلام الله تعالى.
اقول هذا لأني قد رأيت في بعض المواقع النصرانية من يطعن على القرآن بمثل هذه الاستشكالات وخصوصا في قصة موسى وفرعون.
الذي يمكن أن نقوله هو أن يمكن أن نلتمس الحكمة في: لماذا قال الله في الأحقاف " كتابا" وفي الجن " قرانا" ولكن الوصول إلى شيء قطعي وأنه هو الصواب دون سواه أرى أنه من غير الممكن.
والله أعلم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jul 2010, 01:17 م]ـ
أحسنت يا أبا سعد وفقك الله ووفق الجميع لما يحبه ويرضى.
فالشأن في مثل هذه المسائل هو البحث عن الأقرب والأوجه والأليق ونحو ذلك، وإلا فالقطع بمعنى لا يَتَعيَّنُ القول بغيره غيرُ مقبولٍ ولا مُمْكن.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[07 Jul 2010, 01:28 م]ـ
وأنا ما طلبت إلا ما ذكرتم بارك الله بكم جميعاً.(/)
تذوق بلاغة آية من آيات الله تعالى.
ـ[السراج]ــــــــ[06 Jul 2010, 08:23 م]ـ
هذه آية من آيات الله - تعالى وتقدس- المختارة المبهرة في خلق الأنهار والبحار وجعل العذوبة والملوحة فيها وجريان السفن عليها، التي تذوقتها واستوقفتني من خلال الأساليب البلاغية الرائعة والبيان العجيب معاني لم نكن من قبل نحسُّ ونشعر بها أو نتذوقها لتأخذ باللباب، كيف لا وهو آيات كتاب الله الذكرالحكيم والصراط المستقيم والسراج المنير الذي لا تزيغ به الأهواء ولا يشبع منه العلماء ولا تنقضي عجائبه ولا يُسأم ويخلق عن كثرة الرد، فهو كما قال الشاطبي: " وترداده يزداد فيه تجملاً ".
ومن هذه الآيات العظيمة التي تذوقتها ما قاله الله تعالى في سورة النحل: {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (14) سورة النحل
فاستخرجت بعض الصور البلاغية فيها بإيجاز منها:
- استعارة في قوله تعالى: "وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ"، فجعله تعالى كالحيوان المسخر للإنسان.
- مجاز عقلي، حيث قال تعالى: "لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ" فالأكل من الحيوانات والأحياء البحرية.
- أيضاًُ إيجاز فاستغنى بـ" مِنْهُ " عن ذكر أسمائه وحيتانه وأحياءه.
- أيضاً الكناية، حيث كنى سبحانه عن الحيتان والأسماك باللحم الطري.
- وأيضاً فيه العنوان، وهو لفت الانتباه للعلوم التجريبية الدنيوية وهي هنا صناعة الحلي للتزين بها.
- الكناية أيضاً في: " حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا " بدل اللؤلؤ والمرجان.
- الالتفات، من أفعال (لتأكلوا .. وتستخرجوا .. تلبسونها .. وترى .. ).
- كناية وإيجاز، في: " وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ " أي: كناية عن طلب الكسب والرزق فيه من صيد الأسماك والحيتان وغيرها من الأحياء البحرية، وتستخرجوا منه اللؤلؤ والمرجان وغير ذلك.
فما أجمل تمعن وتدبر بلاغة الآيات القرآنية فهي تورث الحلاوة والذوق القرآني المجيد.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[06 Jul 2010, 10:43 م]ـ
أخي الحبيب ... ليتك تبين لنا الفرق بين المصطلحات الآتية (الاستعارة، الكناية، المجاز العقلي)؟ فإذا عرَّفْتها عرفنا هل هي موجودة في الآية أم لا.
ثم إن من المصطلحات البلاغية الأخرى (المجاز اللغوي، المجاز المرسل) فليتك تبين لنا الفرق بينها وبين ما ذكرته من مصطلحات لأن لها تعلقاًشديداً بما ذكرته من استنباطات.
أما مصطح (العنوان) فقد عرفه ابن أبي الأصبع - ولم أطلع عليه إلا قبل قليل - ولا أظن أن ما ذكرته من الآية ينطبق عليه فليتك توضح وجه استنباطك له من الآية؟ فعبارة (لفت الانتباه إلى العلوم التجريبية) عبارة فضفاضة لا أظن أنها تنطبق على الآية.
أما الالتفات فليتك تبين موضعه بدقة ونكتَتَهُ العامة والخاصة - إن وجدت -، وإلا فإن النص على وجود الالتفات ليس هو موضع نظر البلاغي كما لا يخفى، وكذاك يقال في الاستعارة والكناية والمجاز العقلي التي قلت إنها موجودة في الآية.
وأخيراً علينا أن نتأنى كثيراً قبل أن نستنبط شيئاً من الكتاب العزيز.
ـ[السراج]ــــــــ[07 Jul 2010, 12:56 ص]ـ
أخي الكريم أجيبك على حسب علمي القاصر، وإن ظهر خطأ وزلل فأصلحه، فأقول مستعيناً بالله:
المجاز اللغوي: هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي.
المجاز المرسل: كلمة استعملت في غير معناها الأصلي لعلاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي.
العنوان: هو أن يذكر في الكلام ألفاظاً تكون مفاتيح لعلوم ومداخل لها، وهو أيضاً أن يشفع كلامه بأمثلة توضيحية.
والالتفات كما هو معلوم: هو نقل الكلام إلى أسلوب آخر، فيكون جارياً بأسلوب الخطاب فينقل إلى الغيبة أو المتكلم أو العكس.
وتأمل استخراجي جيداً، والله أعلم ..
ـ[السراج]ــــــــ[07 Jul 2010, 01:11 ص]ـ
وهذا مثال آخر فيه منتهى تذوق الجمال البلاغي القرآني، قول الله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (12) سورة فصلت
فيها ما يلي:
- الالتفات حيث انتقل من ضمير الغائب (فقضاهن) إلى ضمير المتكلم (وزينَّا).
- الاستعارة، حيث استعار كلمة مصابيح للنجوم.
- وفيها من البيان القرآني الجمع، وقد جمع بين الزينة التي هي في المصابيح والحفظ الذي هو لرجم الشياطين منعاً لاستراق السمع.
- الفاصلة ومجيئها (ذلك تقدير العزيز العليم) لتمكين المعنى، فالعزة والقوة: للبناء والتزيين، والعلم: بحال عددها ومدة خلقها وأمر حفظها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[07 Jul 2010, 06:34 ص]ـ
جزاك الله خيراً لهذا التجاوب،و التعريفات التي ذكرتها لا إشكال فيها، وبقيت معنا مسائل:
1/ تعريف: (الكناية، المجاز العقلي، الاستعارة) وقد قلت جزاك الله خيراً بوجودها في الآيات فلابد من تعريفها كى نعرف هل هي موجودة في الآيات أم لا.
2/ لم أطلب تعريف العنوان، لكن تعريفك له جيد، وبناء عليه أقول: هل في (حلية تلبسونها) إشارة إلى علم تجريبي؟ أظن أن هذا بعيدٌ جداً؛ فهل لك أن تشرح وجه وجود العنوان في الآية؟
3/ الالتفات كما قلت معروف، لكن يبقى السؤال عن توضيح مكان وجوده في الآية - وهو موجود فيها -، ثم:
ما النكتة العامة لهذا الالتفات؟ والمسألة الأهم: هل هناك نكتة خاصة للالتفات في هذا الموضع؟
4/ هل مجرد قولنا: توجد هنا استعارة، أو مجاز عقلي، أو تقديم، أو تأخير يعد تذوقاً جمالياً بلاغياً؟ بالطبع لا،بل لا بد أن يحدد الذي يريد أن يوقف الناس على بلاغة القرآن وجه جمال الاستعارة أو الكناية أو غيرهما.
وجزاك الله خيراً مرة أخرى على تجاوبك.
ـ[السراج]ــــــــ[07 Jul 2010, 12:35 م]ـ
لم أطلب تعريف العنوان، لكن تعريفك له جيد، وبناء عليه أقول: هل في (حلية تلبسونها) إشارة إلى علم تجريبي؟ أظن أن هذا بعيدٌ جداً؛ فهل لك أن تشرح وجه وجود العنوان في الآية؟
أخي الكريم العلم التجريبي هنا هو الصناعة، صناعة الحلي وهذا واضح جداً.
ـ[السراج]ــــــــ[07 Jul 2010, 01:06 م]ـ
من المعلوم أن البلاغة القرآنية تحتاج إلى البحث والتتبع والاستقراء التام لاستنباط الحكم مع القياس الدقيق للأحكام المشابهة للوصول إلى النتيجة الصحيحة المرجوة إن شاء الله، ومن ثم تذوق حلاوة جمالها وبلاغتها.
ما طلبته مني أخي الكريم من تبيين المصطلحات:
* الاستعارة: هي تشبيه حُذفَ أحد طرفيه، فعلاقتها المشابهة دائماً وهي قسمان:
1/ تصريحية: وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به.
2/ مكنية: وهي ما حُذفَ فيها المشبه به، ورُمزَ بشيء من لوازمه.
* الكناية: لفظٌ أُطلق وأريدَ به لازم معناه، مع جواز إرادة ذلك المعنى.
* المجاز العقلي: هو "المجاز في الإِسناد"، وهو الذي يُسْنَد فيه الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له في اعتقاد المتكلم.
والله أعلم.
ـ[السراج]ــــــــ[07 Jul 2010, 01:52 م]ـ
قوله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا} (61).
أي تقدس وتنزه سبحانه أن يكون له شريك في خلقه أو عبادته، الذي بقدرته ومشيئته وحكمته جعل في السماء بروجاً، والبرج هو الحصن وجمعه أبراج وبروج، وتُعرف البروج الاثنا عشر بالحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت، وتنزل كل من كواكب المجموعة الشمسية في كل منزل أو برج وكأنها تنزل في قصر لها.
من بلاغة هذه الآية:
- القسم بالسماء ذات البروج، فيها الدلالة على عظمة الخالق وجبروته وسعة سلطانه وكثرة خيراته وكمال حكمته جلَّ وعلا والتوجيه إلى تدبر هذه الآية العظيمة.
- وفيها أيضاً توحيد الخالق جلَّ وعلا وتنزيهه عن الشريك فيما خلق.
- الإيجاز حيث اقتصر سبحانه على ذكر البروج في السماء.
- إضافة إلى الإطناب، حيث ذكر البروج والشمس والقمر.
- الكناية، حيث كنى سبحانه عن الشمس بأحد أوصافها وهو السراج، فقد ذكر هذا الوصف أيضاً في سورة نوح {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} (16)، وكذلك في سورة النبأ {وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا} (13).
- ذكر التسلسل بالأهم، فذكر الشمس ثم القمر.
- البيان العالي في النظم القرآني، ومراعاة النظير في (بروجاً) و (سراجاً) ولو ذكرت الشمس صراحة لما ناسب هذا البيان.
- نجد أيضاً التشبيه المؤكد، حيث شبه الشمس بالسراج، وفي الآية بسورة نوح شبه القمر بالنور.
والله تعالى أعلم.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[07 Jul 2010, 02:00 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[السراج]ــــــــ[12 Jul 2010, 10:14 م]ـ
أرجو من الأخوة المشرفين أن يجعلوا العنوان: تذوق بلاغة آية من آيات الله تعالى.
ـ[السراج]ــــــــ[12 Jul 2010, 10:44 م]ـ
قوله تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ} (27) سورة فاطر
من الأوجه البلاغية في هذه الآية:
- إظهار قدرة الله تعالى على الخلق والتكوين والإبداع.
- الاكتفاء بذكر "ثمرات" عن ذكر دورة الحياة النباتية من البذرة وحتى الثمرة، وكذلك في "مختلف ألوانها" عن تعدد الألوان وأصناف الفواكه.
- الإيجاز، حيث حذف "ذو" أي: ذو جدد، أو: منها جدد بيض ومنها جدد حمر مختلف ألوانها، ومنه غرابيب سود.
- الإطناب في وصف الجدد في الجبال حتى أتى على كل ألوانها.
- العنوان، وهو التوجيه ولفت الانتباه إلى علم طبقات الأرض والجيولوجيا.
- الالتفات في "أنزل" و "فأخرجنا" من الغائب إلى المتكلم.
- التدبيج وصحة التقسيم، وهو نوع من الطباق، فذكر الألوان ما بين أبيض وأسود غربيب وأحمر وما بينهما، وهو أمر مشاهد في الجبال.
- المبالغة في " غرابيب سود " حيث بالغ في شدة السواد، وهذا من بلاغة وبديع القرآن العظيم.
- ذكر السيوطي في الإتقان "وغرابيب سود" من التأكيد اللفظي، وهو تكرار اللفظ بمرادفه من الإطناب.
والله أعلم.
وأختم بنقل جميل من كلام صاحب تفسير الكشاف:
" أَلْوانُها أجناسها من الرّمان والتفاح والتين والعنب وغيرها مما لا يحصر أو هيئاتها من الحمرة والصفرة والخضرة ونحوها. والجدد: الخطط والطرائق. قال لبيد: أو مذهب جدد على ألواحه
ويقال: جدة الحمار للخطة السوداء على ظهره، وقد يكون للظبي جدتان مسكيتان تفصلان بين لوني ظهره وبطنه وَغَرابِيبُ معطوف على بيض أو على جدد، كأنه قيل: ومن الجبال مخطط ذو جدد، ومنها ما هو على لون واحد غرابيب. وعن عكرمة رضى اللّه عنه: هي الجبال الطوال السود. فإن قلت: الغربيب تأكيد للأسود. يقال: أسود غربيب، وأسود حلكوك: وهو الذي أبعد في السواد وأغرب فيه. ومنه الغراب. ومن حق التأكيد أن يتبع المؤكد كقولك: أصفر فاقع، وأبيض يقق،وما أشبه ذلك ".
ـ[السراج]ــــــــ[12 Jul 2010, 11:33 م]ـ
قصدي من هذا الموضوع الإشارات البلاغية في هذه الآيات، لا البسط والتطويل، لأن هناك من الأخوة الكرام مَن يخالفني في هذه الاستنباطات، وعلم البلاغة ذو فنون وشجون فهو بحر لا ساحل له، وبالأخص إذا ولجََنا باب الاستقراءات، لهذا اقتضى التنبيه ..
وجزاكم الله خيراً ..(/)
الفرق بين لفظ القرآن ولفظ الكتاب في الكتاب المنزل
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[06 Jul 2010, 08:29 م]ـ
مدلول لفظ الكتاب ولفظ القرآن:
إن الكتاب والقرآن في كلامنا لفظان مترادفان لدلالة كل منهما على ما بين دفتي المصحف، وهو الكتاب أي المكتوب، وهو القرآن أي المقروء، ولإثبات قصور هذا الإطلاق في كلامنا فإن من تفصيل الكتاب أن قد وردت للفظ الكتاب في المصحف عشرة معان بل أكثر سأذكر منها في هذا المقام تسعا:
أولاها: بمعنى المكتوب كما في قوله:
ـ ? ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ? البقرة 235
ـ ? فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله وما هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ? البقرة 79
ـ ? وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب ? عمران 78
ـ ? والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم ? النور 33
ـ ? اذهب بكتابي هذا ? النمل 28
ـ ? إني ألقي إليّ كتاب كريم ? النمل 29
ـ ? وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك ? العنكبوت 48
ـ ? يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ? الأنبياء 104
ولا يقع شيء منها على الكتاب المنزل من عند الله على الرسل والنبيين.
ويعني أول البقرة أن من الأحبار والرهبان والفقهاء من يأكلون أموال الناس بالباطل بما يتظاهرون به من علم الكتاب المنزل يدلسون على العوام ويكتبون لهم كتبا يوهمونهم أنها من الكتاب المنزل من عند الله، وليست من الكتاب المنزل.
ويعني ثاني البقرة أن على المتربصة بنفسها أربعة أشهر وعشرا إن لم تكن من أولات الأحمال أن تكتب يوم ابتدأت العدة ليبلغ الكتاب أجله المعلوم وهو انقضاء العدة، ولكأن العدة دين عليها ووجبت كتابة الدين كما في قوله ? ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ? البقرة 282.
ويعني حرف آل عمران أن الذين يلوون ألسنتهم بما كتبوه من عند أنفسهم إنما هو من عند أنفسهم لا من عند الله كما في قوله ? لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ? عمران 78 أي ليس هو من الكتاب المنزل من عند الله.
ويعني حرف النور أن على المكاتب أن يجعل لنفسه أجلا معلوما يفتدي به من الرق وليكتب ذلك الأجل يوم ابتدئ العقد.
ويعني حرفا النمل أن الكتاب الذي حمله الهدهد إلى ملكة سبإ هو رسالة سليمان المعلومة.
ويعني حرف العنكبوت أن النبي ? يوم أنزل الله عليه القرآن كان أميا لا يعرف كيف يقرأ ولا كيف يكتب.
ويعني حرف الأنبياء المكتوب في الصحف نشره وطيه.
وثانيها: بمعنى الفريضة على المكلفين كما في قوله:
ـ ? يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ? البقرة 183
ـ ? يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ? البقرة 178
ـ ? يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية ? البقرة 180
ـ ? كتب عليكم القتال وهو كره لكم ? البقرة 216
ـ ? قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا ? البقرة 246
ـ ? فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم ? البقرة 246
ـ ? ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب ? النساء 77
ـ ? إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا ? النساء 103 أي فريضة فرضت عليهم في أوقات معلومة
ـ ? وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ... ? المائدة 45
ـ ? من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ? المائدة 32
ـ ? ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ? النساء 66
ـ ? والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم ? النساء 24 يعني أن تحريم المذكورات فريضة من الله عليكم
ويعني
وثالثها: اللوح المحفوظ كما في قوله:
ـ ? قال فما بال القرون الأولى قال علما عند ربي في كتاب ? طه 51 ـ 52
ـ ? قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ ? سورة ق 4
ـ ? وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمّر من معمّر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير ? فاطر 11
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ ? ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ? الحج 70
ـ ? لولا كتاب من الله سبق لمسّكم فيما أفضتم فيه عذاب أليم ? الأنفال 68
ـ ? وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا ? آل عمران 145
ـ ? وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ? الحجر 54
ـ ? وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب ? الرعد 38
ـ ? ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ? الحديد 22
ـ ? فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب ? الأعراف 37
ـ ? وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ? ألأنعام 38
ـ ? وكل شيء أحصيناه كتابا ? النبأ 29
ورابعها: الصحف التي سيؤتاها يوم يقوم الحساب صاحب اليمين بيمينه وصاحب الشمال بشماله وأشقى منه وراء ظهره كما في قوله:
ـ ? فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا ? الانشقاق 7ـ8
ـ ? فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرأوا كتابيه ? الحاقة 19
ـ ? فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرأون كتابهم ? الإسراء 71
ـ ? وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ? الحاقة 25
ـ ? وأما من أوتي كتابه وراء ظهره ? الانشقاق 10
ـ ? ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ? الإسراء 13 - 14
ويعني الأعمال الفردية التي لم يشترك معه غيره فيها ...
وخامسها: بمعنى الظرف المكاني الذي تنتقل إليه الأرواح والصور الرقمية المستنسخة من الأعمال بعد الموت، أما أرواح الأبرار بعد موتهم فيصعد بها إلى عليين بعد أن تفتح لهم أبواب السماء فيجدون أمامهم أعمالهم الصالحة مستنسخة تعرض عليهم كأنما هي كتاب مرقوم أي لا يفرقون بينها وبين ما عملوه في الدنيا أي هي صور مستنسخة من الأصل رقمية كما في قوله ? كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون ? التطفيف 18 ـ21، وكذلك يشهد أي يحضر المقربون في عليين أرواح الأبرار بعد موتهم حين صعودها إلى عليين فيسأل الأولون منهم اللاحقين عمن تركوا خلفهم من الأهل والأصحاب كما في الأحاديث النبوية التي بيّن بها النبي الأمي ? حرف التطفيف.
وأما أرواح الفجار بعد موتهم فيهبط بها إلى أسفل في سجين في أعماق الأرض فيجدون أمامهم أعمالهم السيئة مستنسخة تعرض عليهم كأنما هي كتاب مرقوم أي هي صور رقمية مستنسخة من الأعمال في الدنيا كما في قوله ? كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ? التطفيف 7 ـ9
وسادسها: كتاب كل أمة يوم القيامة كما في قوله:
ـ ? وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ? الجاثية 28 ـ 29
ـ ? ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ? الزمر 69
ـ ? ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ? الكهف 49
ـ ? ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون ? قد أفلح 62
ويعني الأعمال الجماعية التي اشترك فيها اثنان فأكثر كتسعة رهط الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون يوم تحالفوا وتقاسموا أن يغتالوا صالحا رسول الله.
وتعني دلالة لفظ الكتاب الخامسة والسادسة وقوعها على ما ينظر إليه ويعرف ولو كان صورا معروضة وكما وصفته آنفا أنه الظرف المكاني الذي تنتقل إليه الأرواح وصور الأعمال بعد الموت، وإنما احترزت بهذا الوصف من دلالة لفظ الكتاب على الحروف المكتوبة المقروءة وظرفها المكاني الذي يجمعها ويشملها وهي الصحف.
وسابعها: الكتاب الذي أوتيه جميع النبيين والرسل قبل التوراة كما في قوله:
ـ ? كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ? البقرة 213
ـ ? وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ? عمران 82
ـ ? لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ? الحديد 25
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ ? ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ? البقرة 129
ـ ? ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا ? الفرقان 35
ولا يخفى أن كثيرا من النبيين والرسل كانوا قبل التوراة التي أوتيها موسى ومنهم إبراهيم وإسماعيل، ولا يخفى أن حرف الفرقان يعني أن كتابا قد أوتيه موسى قبل رسالته إلى فرعون فهو كالذي أوتيه كل نبي ورسول قبل النبي الأمي ?، ولا يعني حرف الفرقان التوراة التي أوتيها موسى بعد إغراق فرعون وجنوده، ولا يخفى أن عيسى قد علمه ربه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل مما يعني المغايرة وأن لكل من الأربعة مدلول خاص به وإلا لزم القول بأن للتوراة والإنجيل مدلول واحد وهو ظاهر الفساد والسقوط.
وثامنها وقوع لفظ الكتاب على التوراة أو الإنجيل أو هما معا كما في قوله:
ـ ? وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ? الإسراء 4
ـ ? فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك ? يونس 94
ـ ? أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين ? الأنعام 156
ـ ? وإذ علمتك الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ? المائدة 110
ـ ? ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ? عمران 48
وكذلك حيث اقترن لفظ الكتاب بموسى سوى حرف الفرقان وحيث ورد لفظ أهل الكتاب والذين أوتوا الكتاب.
ولن يصح إبدال لفظ الكتاب في الأحرف المذكورة وشبهها بلفظ القرآن لأن للقرآن دلالة أخرى لا يصح إيرادها في غيرها كما يأتي تحقيقه.
وتاسعها الكتاب المنزل على خاتم النبيين ? كما في قوله:
ـ ? نزّل عليك الكتاب بالحق ? عمران 2
ـ ? إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ? النساء 105
ـ ? وهذا كتاب أنزلناه مبارك ? الأنعام 92 ـ 155
ـ ? لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون ? الأنبياء 15
ـ ? إنا أنزلنا عليك الكتاب للناس بالحق ? الزمر 41
إن الكتاب الذي أوتيه النبيون والرسل قبل التوراة لا اختلاف بينه وبين الكتاب الذي تضمنه كل من التوراة والإنجيل والقرآن، لأن التوراة قد حوت الكتاب وزادت عليه نبوة موسى، وحوى الإنجيل الكتاب وزاد عليه نبوة عيسى، وحوى القرآن الكتاب وزاد عليه نبوة خاتم النبيين ? ونبوة النبيين قبله كما في قوله ? وأنزلنا إليك الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ? المائدة 48.
وإنما علم الرسل والنبيون قبل التوراة الكتاب غيبا فكانوا يعلّمون أممهم منه بقدر استعدادهم للتلقي ثم أنزل الله الكتاب مع موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم وتعبد الناس بدراسته ودرايته.
إن الكتاب هو ما تضمن المصحف من الإيمان بالله رب العالمين، وما تضمن عن العالمين كخلق السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما، وتدبير أمر الخلق كله، وما حوى من النعم في الدنيا ومن وصف مخلوقاته وكذا المؤمنون والكفار والمشركون والمنافقون، وما حوى من التشريع أي الخطاب الفردي والجماعي، ومن التكليف لسائر العالمين، وما تضمن عن الحياة والموت والقدر كله والبعث والحساب والجزاء بالجنة أو النار.
وأما القرآن فهو ما حوى المصحف من القصص والذكر والقول والنبوة والأمثال ومن الحوادث التي وعد الله أن تقع بعد خاتم النبيين ? قبل النفخ في الصور.
وهكذا كان من تفصيل الكتاب أن قوله:
ـ ? إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس ? النساء 105
ـ ? إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ? الزمر 2
ـ ? ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء ? النساء 127
ـ ? وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم ? البقرة 231
قد تضمن لفظ الكتاب لاشتماله على الحكم بين الناس وعلى الأمر بالعبادة وعلى الأحكام الشرعية التي شرع الله للناس، ولو أبدل لفظ الكتاب بلفظ القرآن في الآيات المتلوة المذكورة لانخرم المعنى كما سيأتي.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن عاقلا أو مغفلا لن يقول إنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم سيعدمه ويعيد خلقه كما خلقه أول مرة، وكان حريا بالناس أن يفهموا الكتاب لوضوحه وهل في الله فاطر السماوات والأرض شك؟ ومتى احتاج الأمر بالصلاة والزكاة وسائر التكاليف إلى تدبر، وإنما هي تكاليف من رب العالمين فمن شاء زكى نفسه بها ومن شاء دساها بالإعراض عنها.
وكان من تفصيل الكتاب أن قوله:
ـ ? وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم إذ قال موسى لأهله امكثوا إني آنست نارا ? النمل 6 ـ 7
ـ ? نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ? يوسف 3
ـ ? وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ? الأنعام 19
ـ ? ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ? القمر 17،22، 32، 40
ـ ? فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ? خاتمة سورة ق
ـ ? ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ? الروم 58 الزمر 27
ـ ? هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود بل الذين كفروا في تكذيب والله من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ? خاتمة البروج
وشبهه قد تضمن لفظ القرآن لاشتماله على القصص والوعد في الدنيا والذكر والأمثال ولو أبدل لفظ القرآن فيه بلفظ الكتاب لانخرم المعنى.
ولقد أدرك كفار قريش هذا التفصيل وقالوا كما في قوله ? وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ? سبأ 31 أي لن يؤمنوا بالقرآن ذي الموعودات في الدنيا ولا بالكتاب ذي التكاليف التي على رأسها ترك الأوثان وعبادة الله وحده، وذي الموعودات بالآخرة.
النسخ
إن كلا من الكتاب والقرآن كلام الله وليس من قول البشر كما هي دلالة قوله ? ولو نزّلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين ? الشعراء 198 ـ 199 ويعني أن لو كان الرسول بالقرآن أعجميا لا يتكلم اللسان العربي لقرأ القرآن على الناس كما نزّل على قلبه أي كما أقرئ تماما كما أضحى معلوما لكل الناس سماع الكلام من الأشرطة والأسطوانات التي لا تملك له تحريفا ولا تغييرا، وهكذا أقرئ النبي الأمي ? القرآن كما في قوله ? سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله ? الأعلى 6 ـ 7 وليس الاستثناء من الله حشوا ولا زيادة لا تعني شيئا سبحان الله وتعالى وإنما هو وعد سيتم نفاذه أي سينسى منه النبي الأمي ? ما شاء الله وهو ما لم تتضمنه العرضتان الأخيرتان.
ولم يقع في القرآن نسخ سبحان الله وتعالى أن يخلف الميعاد وإنما القرآن ذكر وقصص وموعودات نبّئ بها النبي الأمي ? ستقع قبل النفخ في الصور.
ولم يقع نسخ في موعودات الكتاب التي ستقع في الآخرة ولا في أسماء الله ومشيئته وتدبيره الأمر في السماوات والأرض.
إن قوله:
ـ ? ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ? البقرة 106
ـ ? وإذا بدلنا آية مكان آية ? النحل 101
ليعني وقوع النسخ في التشريع خاصة من الكتاب المنزل، وقد وعد الله أن يأتي بآية خير من الآية المنسوخة أي ينزلها، وكان في كل آية مبدلة إصر أو تحريم وفي الآية البدل تخفيف وتيسير أو تحليل، ألم تر أن قوله ? وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون ? الأنعام 146 يعني أن نبيا بعد موسى نزل عليه ذلك التحريم، وأن قوله ? ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ? عمران 50 يعني أن عيسى قد نزل عليه تحليل بعض ما حرم على بني إسرائيل كالذي تضمنه حرف الأنعام، فالأول المنسوخ فيه إصر وتحريم والثاني البدل فيه تخفيف وتحليل، وكذلك تضمن التشريع المنزل على النبي الأمي ? مثل ذلك كما في نسخ شرب الخمر بقوله ? يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ? المائدة 90 ـ 91 وذلك بعد الكراهة كما في قوله ? ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون ? النحل 67 ويعني أن من يعقل سيدرك أن الموصوف بالسكر ليس رزقا حسنا وإنما هو رزق قبيح وكذلك بعد قوله ? يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ?
(يُتْبَعُ)
(/)
النساء 43 ويعني أن السكر يذهب العلم والوعي والإدراك.
وكذلك تضمن التشريع المنزل على النبي الأمي ? مثل ذلك كما في تكليف الواحد من المؤمنين وهو في ساحة المعركة أن يصبر ولا يولي الدبر ولو قاتله العشرة من الكفار بقوله ? يأيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون ? الأنفال 65 ولا يخفى ما فيه من المشقة على البعض وقد نسخ بقوله ? الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين ? الأنفال 66.
وكذلك تضمن التشريع المنزل على النبي الأمي ? مثل ذلك كما في نسخ التكليف بفرض الإقامة الجبرية على الزانية مدى الحياة في منزلها كما في قوله ? واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ? النساء 15 وقد نسخ بقوله ? الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ? النور 2 ولا يخفى أن في الأول المنسوخ إصر ومشقة وفي الثاني البدل تخفيف وتيسير هو على الأمة خير من التكليف الأول الثقيل.
بيان قوله ? كتابا متشابها مثاني ?
وإن من تفصيل الكتاب أن قوله ? الله نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ? الزمر 23 ليعني أن كل دلالة أو معنى في الكتاب قد أنزل مرة ومرة حتى تشابه وتكرر كما في قوله ? وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة ? الزمر 45 ومن المثاني معه قوله ? إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة ? النحل 22 ويعني أن قلوب المشركين تشمئز من الإيمان بالله وحده أي تنكره.
وكما في قوله ? قال لن تراني ? الأعراف 143 ومن المثاني معه قوله ? لا تدركه الأبصار ? الأنعام 103 ويعني أن موسى لم ير ربه وكذلك لم يره أحد ولن يراه في الدنيا إذ لا تدركه الأبصار أما في الآخرة فيراه المكرمون من الناس كما في قوله ? وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ? القيامة 22 ـ 23 ومن المثاني معه قوله ? كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ? المطففين 15 ويعني المعتدي الأثيم أما غيرهم فغير محجوبين عن ربهم بل يرونه.
وكما في قوله ? ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ? المجادلة 7 ومن المثاني معه قوله ? ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا ? النساء 107 ـ 108 وقوله ? ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب ? التوبة 78 ويعني أن الله على كل شيء ومنه النجوى شهيد لم يغب عنه شيء في الأرض ولا في السماء وأنه علام الغيوب.
وكما في قوله ? فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب ? الأعراف 37 ومن المثاني معه قوله ? فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص ? هود 109 وقوله ? فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون ? الأعراف 135 ويعني أن المكذبين لن يعجل لهم العذاب قبل أن يستوفوا نصيبهم من المتاع والرزق والحياة كما كتب لهم في اللوح المحفوظ فلا ينقصون منه شيئا.
وكما في قوله ? واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ? الأنفال 24 ومن المثاني معه قوله ? ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ? سورة ق 16 ويعني أن القلب هو محل الإرادة ويرسلها عبر حبل الوريد، والله أقرب إلى الإنسان منهما أي يحول بينه وبين التوبة إذا جاء الموت فهلا بادروا بها قبل الأجل.
وكما في قوله ? لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش ? الأعراف 41 ومن المثاني معه قوله ? لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ? الزمر 16 وقوله ? يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ? العنكبوت 55.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكما في قوله ? وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ? الشورى 30 ومن المثاني معه قوله ? أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ? ويعني أن المؤمنين قد أصابوا من المعاصي مثلي ما أصابهم من القتل والقرح في غزوة أحد.
وكما في قوله ? الرجال قوامون على النساء ? النساء 34 ومن المثاني معه قوله ? وألفيا سيدها لدى الباب ? يوسف 25 ويعني أن الزوج هو القائم على شؤون امرأته المسؤول عنها أي هو سيدها.
وكما في قوله ? قال فرعون وما رب العالمين ? الشعراء 23 ومن المثاني معه قوله ? وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا وما الرحمان ? الفرقان 60 ويعني أن العبد إذا نسي ربه سيقع منه حتما نسيان نفسه وهكذا يطغى ويتجاوز حده وينكر خالقه.
وكما في قوله ? يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ? خاتمة النبإ ومن المثاني معه قوله ? يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ? النساء 42 ويعني أن الكافر في يوم القيامة حين تعرض عليه أعماله يتمنى أن يكون ترابا أي تسوى به الأرض ولا يحاسب عليها.
وكما في قوله ? هل أتاك حديث الغاشية وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية ? ومن المثاني معه قوله ? وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما ? طه 111 ويعني أن وجوها ستنصب وهو عنتها لله الحي القيوم يوم يقوم الناس لرب العالمين في يوم القيامة فتعاني وجوه من التعب والمشقة والخشوع ما لا ينفعها بل ستخيب بما حملت من الظلم وستصلى بعده نارا حامية.
وكما في قوله ? هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ? ومن المثاني معه قوله ? أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا ? مريم 67 وقوله ? وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا ? مريم 9.
وكما في قوله ? ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ? الأعراف 11 ومن المثاني معه قوله ? كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحييناكم ثم يميتكم ثم يحييكم ? البقرة 28 ويعني أن جميع بني آدم قد خلقوا وصوروا قبل أمر الملائكة بالسجود لآدم وماتوا جميعا فكان كل منهم ميتا إلى أن يحيى في بطن أمه.
وكما في قوله ? يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون ? الأنفال 65 ومن المثاني معه قوله ? لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون ? الحشر 13 ويعني أن جمع وكثرة الكفار والمنافقين والمشركين أضعفها رهبتهم من الذين آمنوا فكان الرجل من المؤمنين بمثليه أو أكثر في القتال في سبيل الله، ويعني وصفهم بأنهم قوم لا يفقهون في الحرفين أنهم لا يفقهون أن الله أحق أن يرهب منه وأن يخاف من عذابه وعقابه.
وكما في قوله ? كذلك كدنا ليوسف ? يوسف 76 ومن المثاني معه قوله ? لا يستطيعون حيلة ? النساء 98 ويعني صحة الحديث النبوي أن الله يلوم على العجز ومنه ترك الحيلة الموصلة إلى الغاية الشرعية.
وكما في قوله ? أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور إن ربهم بهم يومئذ لخبير ? خاتمة العاديات ومن المثاني معه قوله ? وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ? غافر 18 ـ 19 وقوله ? ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصّدّقنّ ولنكوننّ من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب ? التوبة 75 ـ 78 ويعني أن الظالمين في يوم القيامة سيعلمون رأي العين أن الله كان يعلم ما تخفي صدورهم في الدنيا إذ حصّل ما فيها من الكبر والغل والحسد وسوء القصد وحوسبوا عليه، ويعني حرف التوبة أن المنافقين كانوا قد أسرّوا في قلوبهم أن لا يصدقوا وأن لا يكونوا من الصالحين خلاف ما قالوه بألسنتهم وهو النفاق في قلوبهم الذي سيبعثون عليه ويحصّل من قلوبهم فيحاسبون عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكما في قوله ? لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه ? القيامة 16 ـ 17 ومن المثاني معه قوله ? ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ? طه 114.
وكما في قوله ? وقل رب زدني علما ? طه 114 ومن المثاني معه قوله ? واذكر ربك إذا نسيت ? الكهف 24 يعني ادع ربك أن يزيدك علما كما هو مفصل في حرف طه.
وكما في قوله ? قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذن لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا ? الإسراء 100 ومن المثاني معه قوله ? أم لهم نصيب من الملك فإذن لا يؤتون الناس نقيرا ? النساء 53 ويعني أن الإنسان القتور لو كان يملك خزائن رحمة رحمة ربنا لأمسكها عن الناس ولم يؤتهم منها نقيرا وإذن لما أوتي النبيون والرسل منها ما آتاهم ربهم من خزائن رحمته.
وكما في قوله ? رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد ? هود 73 ومن المثاني معه قوله ? فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه ? النساء 54 ـ 55 ويعني أن ما آتى الله آل إبراهيم من الكتاب والحكمة والملك العظيم لم يختص به آل إسرائيل وحدهم بل شاركهم فيه آل إسماعيل فرحمة الله وبركاته على أهل البيت كلهم والكتاب والحكمة والملك العظيم أوتيه آل إبرهيم كلهم فلماذا حسد اليهود الذين عاصروا نزول القرآن بني إسماعيل أن بعث منهم النبي الأمي ? وسيأتي من بيانه في "من بيان القرآن ".
بيان قوله ? قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ?
وإن من تفصيل الكتاب وبيان القرآن أن لفظ النور حيث وقع في الكتاب المنزل قد تقع على أكثر من دلالة ومنها:
1. نور خارق معجز تشرق به الأرض يوم القيامة كما في قوله ? وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب ? الزمر 69
2. نور في يوم القيامة يهتدي به المكرمون إلى حيث يأمنون كما في قوله:
ـ ? يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا ? التحريم 8
ـ ? والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ? الحديد 19
ـ ? يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ? الحديد 12
ـ ? يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم ? الحديد 13
3. نور كالموصوف في سورة النور قد تضمنه القرآن كما في قوله ? أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس ? الأنعام 122 وبينته في "من بيان القرآن".
4. نور يقع على تبيّن ما في الكتاب المنزل والاهتداء به أي في مقابلة الظلمات وهي كل سلوك ومنهج اختاره الإنسان لنفسه مخالفا لهدي الكتاب المنزل كما في قوله:
ـ ? ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ? إبراهيم 5
ـ ? الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ? البقرة 257
ـ ? فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ? الطلاق 10 ـ 11
. وأما قوله:
ـ ? قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس ? الأنعام 91
ـ ? إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ? المائدة 44
ـ ? وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ? المائدة 46
فيعني أن كلا من التوراة والإنجيل قد تضمن موعودات نبّأ الله بها موسى وعيسى لن تقع إلا متأخرة كثيرا، وكذلك النور يقع على البعيد فيتراءى للمستبصر رغم ظلمات الغيب.
ومما نبّأ الله به موسى قوله ? وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ? المائدة 20، ووقعت نبوة موسى هذه بعده فجعل الله فيهم أنبياء بعده وجعل فيهم ملوكا كطالوت وداوود وسليمان وآتاهم ما لم يؤت أحدا من العالمين ومنه أن علم داوود وسليمان منطق الطير وآتاهما من كل شيء.
ومما نبأ الله به عيسى قوله ? ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ? الصف 6
6. وإن المثاني في قوله:
ـ ? وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ? الشورى 52
ـ ? يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ? المائدة 15
ـ ? فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ? التغابن 8
ـ ? يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا ? النساء 174
ـ ? فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ? الأعراف 157
لتعني أن القرآن نور أنزل من عند الله وكلف الناس بالاهتداء به، إذ يقع على موعودات بعيدة يوم نزل القرآن على النبي الأمي ? وكذلك النور يقع على البعيد فيتراءى لك قبل أن تصل إليه، وسيعلم الناس رأي العين في الدنيا يوم تقع موعودات القرآن فتصبح شهادة بعد أن كانت غيبا يوم نزل القرآن أن القرآن قول ثقيل ألقي على خاتم النبيين ? وأنه قرآن عجب يهدي إلى الرشد وإلى التي هي أقوم إذ سيهتدي به يوم تقع موعوداته أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى، وسيزداد به الذين في قلوبهم مرض رجسا إلى رجسهم وضلالا إلى ضلالهم.
من تفسيري " من تفصيل الكتاب وبيان القرآن "
الحسن محمد ماديك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[06 Jul 2010, 11:26 م]ـ
جزاك الله خيرا فضيلة الشيخ، ولو تكرمت بتلخيص العناصر الأساسية للمقالة وعدم التزام ذكر جميع الآيات لكان في هذا بركة
وفقك الله
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[07 Jul 2010, 12:37 ص]ـ
وهذا ملخص من البحث:
مدلول لفظ الكتاب ولفظ القرآن
إن الكتاب والقرآن في كلامنا لفظان مترادفان لدلالة كل منهما على ما بين دفتي المصحف، وهو الكتاب أي المكتوب، وهو القرآن أي المقروء، ولإثبات قصور هذا الإطلاق في كلامنا فإن من تفصيل الكتاب أن قد وردت للفظ الكتاب في المصحف عشرة معان بل أكثر سأذكر منها في هذا المقام تسعا:
أولاها: بمعنى المكتوب كما في قوله:
ـ ? ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ? البقرة 235
ـ ? اذهب بكتابي هذا ? النمل 28
ولا يقع شيء منها على الكتاب المنزل من عند الله على الرسل والنبيين.
ويعني حرف البقرة أن على المتربصة بنفسها أربعة أشهر وعشرا إن لم تكن من أولات الأحمال أن تكتب يوم ابتدأت العدة ليبلغ الكتاب أجله المعلوم وهو انقضاء العدة، ولكأن العدة دين عليها ووجبت كتابة الدين كما في قوله ? ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ? البقرة 282.
ويعني حرف النمل أن الكتاب الذي حمله الهدهد إلى ملكة سبإ هو رسالة سليمان المعلومة.
وثانيها: بمعنى الفريضة على المكلفين كما في قوله:
ـ ? يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ? البقرة 183
وثالثها: اللوح المحفوظ كما في قوله:
ـ ? قال فما بال القرون الأولى قال علما عند ربي في كتاب ? طه 51 ـ 52
ورابعها: الصحف التي سيؤتاها يوم يقوم الحساب صاحب اليمين بيمينه وصاحب الشمال بشماله وأشقى منه وراء ظهره كما في قوله:
ـ ? فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا ? الانشقاق 7ـ8
ويعني الأعمال الفردية التي لم يشترك معه غيره فيها ...
وخامسها: بمعنى الظرف المكاني الذي تنتقل إليه الأرواح والصور الرقمية المستنسخة من الأعمال بعد الموت، أما أرواح الأبرار بعد موتهم فيصعد بها إلى عليين بعد أن تفتح لهم أبواب السماء فيجدون أمامهم أعمالهم الصالحة مستنسخة تعرض عليهم كأنما هي كتاب مرقوم أي لا يفرقون بينها وبين ما عملوه في الدنيا أي هي صور مستنسخة من الأصل رقمية كما في قوله ? كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون ? التطفيف 18 ـ21، وكذلك يشهد أي يحضر المقربون في عليين أرواح الأبرار بعد موتهم حين صعودها إلى عليين فيسأل الأولون منهم اللاحقين عمن تركوا خلفهم من الأهل والأصحاب كما في الأحاديث النبوية التي بيّن بها النبي الأمي ? حرف التطفيف.
وأما أرواح الفجار بعد موتهم فيهبط بها إلى أسفل في سجين في أعماق الأرض فيجدون أمامهم أعمالهم السيئة مستنسخة تعرض عليهم كأنما هي كتاب مرقوم أي هي صور رقمية مستنسخة من الأعمال في الدنيا كما في قوله ? كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ? التطفيف 7 ـ9
وسادسها: كتاب كل أمة يوم القيامة كما في قوله:
ـ ? وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ? الجاثية 28 ـ 29
ويعني الأعمال الجماعية التي اشترك فيها اثنان فأكثر كتسعة رهط الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون يوم تحالفوا وتقاسموا أن يغتالوا صالحا رسول الله.
وتعني دلالة لفظ الكتاب الخامسة والسادسة وقوعها على ما ينظر إليه ويعرف ولو كان صورا معروضة وكما وصفته آنفا أنه الظرف المكاني الذي تنتقل إليه الأرواح وصور الأعمال بعد الموت، وإنما احترزت بهذا الوصف من دلالة لفظ الكتاب على الحروف المكتوبة المقروءة وظرفها المكاني الذي يجمعها ويشملها وهي الصحف.
وسابعها: الكتاب الذي أوتيه جميع النبيين والرسل قبل التوراة كما في قوله:
ـ ? كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه ? البقرة 213
ـ ? وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ? عمران 82
ـ ? لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ? الحديد 25
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ ? ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ? البقرة 129
ـ ? ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا ? الفرقان 35
ولا يخفى أن كثيرا من النبيين والرسل كانوا قبل التوراة التي أوتيها موسى ومنهم إبراهيم وإسماعيل، ولا يخفى أن حرف الفرقان يعني أن كتابا قد أوتيه موسى قبل رسالته إلى فرعون فهو كالذي أوتيه كل نبي ورسول قبل النبي الأمي ?، ولا يعني حرف الفرقان التوراة التي أوتيها موسى بعد إغراق فرعون وجنوده، ولا يخفى أن عيسى قد علمه ربه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل مما يعني المغايرة وأن لكل من الأربعة مدلول خاص به وإلا لزم القول بأن للتوراة والإنجيل مدلول واحد وهو ظاهر الفساد والسقوط.
وثامنها وقوع لفظ الكتاب على التوراة أو الإنجيل أو هما معا كما في قوله:
ـ ? أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين ? الأنعام 156
وكذلك حيث اقترن لفظ الكتاب بموسى سوى حرف الفرقان وحيث ورد لفظ أهل الكتاب والذين أوتوا الكتاب.
ولن يصح إبدال لفظ الكتاب في الأحرف المذكورة وشبهها بلفظ القرآن لأن للقرآن دلالة أخرى لا يصح إيرادها في غيرها كما يأتي تحقيقه.
وتاسعها الكتاب المنزل على خاتم النبيين ? كما في قوله:
ـ ? وهذا كتاب أنزلناه مبارك ? الأنعام 92 ـ 155
ـ ? لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون ? الأنبياء 15
إن الكتاب الذي أوتيه النبيون والرسل قبل التوراة لا اختلاف بينه وبين الكتاب الذي تضمنه كل من التوراة والإنجيل والقرآن، لأن التوراة قد حوت الكتاب وزادت عليه نبوة موسى، وحوى الإنجيل الكتاب وزاد عليه نبوة عيسى، وحوى القرآن الكتاب وزاد عليه نبوة خاتم النبيين ? ونبوة النبيين قبله كما في قوله ? وأنزلنا إليك الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ? المائدة 48.
وإنما علم الرسل والنبيون قبل التوراة الكتاب غيبا فكانوا يعلّمون أممهم منه بقدر استعدادهم للتلقي ثم أنزل الله الكتاب مع موسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم وتعبد الناس بدراسته ودرايته.
إن الكتاب هو ما تضمن المصحف من الإيمان بالله رب العالمين، وما تضمن عن العالمين كخلق السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما، وتدبير أمر الخلق كله، وما حوى من النعم في الدنيا ومن وصف مخلوقاته وكذا المؤمنون والكفار والمشركون والمنافقون، وما حوى من التشريع أي الخطاب الفردي والجماعي، ومن التكليف لسائر العالمين، وما تضمن عن الحياة والموت والقدر كله والبعث والحساب والجزاء بالجنة أو النار.
وأما القرآن فهو ما حوى المصحف من القصص والذكر والقول والنبوة والأمثال ومن الحوادث التي وعد الله أن تقع بعد خاتم النبيين ? قبل النفخ في الصور.
وهكذا كان من تفصيل الكتاب أن قوله:
ـ ? إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس ? النساء 105
ـ ? إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ? الزمر 2
ـ ? ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء ? النساء 127
ـ ? وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله واعلموا أن الله بكل شيء عليم ? البقرة 231
قد تضمن لفظ الكتاب لاشتماله على الحكم بين الناس وعلى الأمر بالعبادة وعلى الأحكام الشرعية التي شرع الله للناس، ولو أبدل لفظ الكتاب بلفظ القرآن في الآيات المتلوة المذكورة لانخرم المعنى كما سيأتي.
إن عاقلا أو مغفلا لن يقول إنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم سيعدمه ويعيد خلقه كما خلقه أول مرة، وكان حريا بالناس أن يفهموا الكتاب لوضوحه وهل في الله فاطر السماوات والأرض شك؟ ومتى احتاج الأمر بالصلاة والزكاة وسائر التكاليف إلى تدبر، وإنما هي تكاليف من رب العالمين فمن شاء زكى نفسه بها ومن شاء دساها بالإعراض عنها.
وكان من تفصيل الكتاب أن قوله:
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ ? وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم إذ قال موسى لأهله امكثوا إني آنست نارا ? النمل 6 ـ 7
ـ ? نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ? يوسف 3
ـ ? وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ? الأنعام 19
ـ ? ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ? القمر 17،22، 32، 40
ـ ? فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ? خاتمة سورة ق
ـ ? ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ? الروم 58 الزمر 27
ـ ? هل أتاك حديث الجنود فرعون وثمود بل الذين كفروا في تكذيب والله من ورائهم محيط بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ ? خاتمة البروج
وشبهه قد تضمن لفظ القرآن لاشتماله على القصص والوعد في الدنيا والذكر والأمثال ولو أبدل لفظ القرآن فيه بلفظ الكتاب لانخرم المعنى.
ولقد أدرك كفار قريش هذا التفصيل وقالوا كما في قوله ? وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ? سبأ 31 أي لن يؤمنوا بالقرآن ذي الموعودات في الدنيا ولا بالكتاب ذي التكاليف التي على رأسها ترك الأوثان وعبادة الله وحده، وذي الموعودات بالآخرة.
النسخ
إن كلا من الكتاب والقرآن كلام الله وليس من قول البشر كما هي دلالة قوله ? ولو نزّلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين ? الشعراء 198 ـ 199 ويعني أن لو كان الرسول بالقرآن أعجميا لا يتكلم اللسان العربي لقرأ القرآن على الناس كما نزّل على قلبه أي كما أقرئ تماما كما أضحى معلوما لكل الناس سماع الكلام من الأشرطة والأسطوانات التي لا تملك له تحريفا ولا تغييرا، وهكذا أقرئ النبي الأمي ? القرآن كما في قوله ? سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله ? الأعلى 6 ـ 7 وليس الاستثناء من الله حشوا ولا زيادة لا تعني شيئا سبحان الله وتعالى وإنما هو وعد سيتم نفاذه أي سينسى منه النبي الأمي ? ما شاء الله وهو ما لم تتضمنه العرضتان الأخيرتان.
ولم يقع في القرآن نسخ سبحان الله وتعالى أن يخلف الميعاد وإنما القرآن ذكر وقصص وموعودات نبّئ بها النبي الأمي ? ستقع قبل النفخ في الصور.
ولم يقع نسخ في موعودات الكتاب التي ستقع في الآخرة ولا في أسماء الله ومشيئته وتدبيره الأمر في السماوات والأرض.
إن قوله:
ـ ? ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ? البقرة 106
ـ ? وإذا بدلنا آية مكان آية ? النحل 101
ليعني وقوع النسخ في التشريع خاصة من الكتاب المنزل، وقد وعد الله أن يأتي بآية خير من الآية المنسوخة أي ينزلها، وكان في كل آية مبدلة إصر أو تحريم وفي الآية البدل تخفيف وتيسير أو تحليل، ألم تر أن قوله ? وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون ? الأنعام 146 يعني أن نبيا بعد موسى نزل عليه ذلك التحريم، وأن قوله ? ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ? عمران 50 يعني أن عيسى قد نزل عليه تحليل بعض ما حرم على بني إسرائيل كالذي تضمنه حرف الأنعام، فالأول المنسوخ فيه إصر وتحريم والثاني البدل فيه تخفيف وتحليل، وكذلك تضمن التشريع المنزل على النبي الأمي ? مثل ذلك كما في نسخ شرب الخمر بقوله ? يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ? المائدة 90 ـ 91 وذلك بعد الكراهة كما في قوله ? ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون ? النحل 67 ويعني أن من يعقل سيدرك أن الموصوف بالسكر ليس رزقا حسنا وإنما هو رزق قبيح وكذلك بعد قوله ? يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ? النساء 43 ويعني أن السكر يذهب العلم والوعي والإدراك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك تضمن التشريع المنزل على النبي الأمي ? مثل ذلك كما في تكليف الواحد من المؤمنين وهو في ساحة المعركة أن يصبر ولا يولي الدبر ولو قاتله العشرة من الكفار بقوله ? يأيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون ? الأنفال 65 ولا يخفى ما فيه من المشقة على البعض وقد نسخ بقوله ? الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين ? الأنفال 66.
وكذلك تضمن التشريع المنزل على النبي الأمي ? مثل ذلك كما في نسخ التكليف بفرض الإقامة الجبرية على الزانية مدى الحياة في منزلها كما في قوله ? واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ? النساء 15 وقد نسخ بقوله ? الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ? النور 2 ولا يخفى أن في الأول المنسوخ إصر ومشقة وفي الثاني البدل تخفيف وتيسير هو على الأمة خير من التكليف الأول الثقيل.
بيان قوله ? كتابا متشابها مثاني ?
وإن من تفصيل الكتاب أن قوله ? الله نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني ? الزمر 23 ليعني أن كل دلالة أو معنى في الكتاب قد أنزل مرة ومرة حتى تشابه وتكرر كما في قوله ? وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة ? الزمر 45 ومن المثاني معه قوله ? إلهكم إله واحد فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة ? النحل 22 ويعني أن قلوب المشركين تشمئز من الإيمان بالله وحده أي تنكره.
وكما في قوله ? قال لن تراني ? الأعراف 143 ومن المثاني معه قوله ? لا تدركه الأبصار ? الأنعام 103 ويعني أن موسى لم ير ربه وكذلك لم يره أحد ولن يراه في الدنيا إذ لا تدركه الأبصار أما في الآخرة فيراه المكرمون من الناس كما في قوله ? وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ? القيامة 22 ـ 23 ومن المثاني معه قوله ? كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ? المطففين 15 ويعني المعتدي الأثيم أما غيرهم فغير محجوبين عن ربهم بل يرونه.
وكما في قوله ? فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب ? الأعراف 37 ومن المثاني معه قوله ? فلا تك في مرية مما يعبد هؤلاء ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص ? هود 109 وقوله ? فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون ? الأعراف 135 ويعني أن المكذبين لن يعجل لهم العذاب قبل أن يستوفوا نصيبهم من المتاع والرزق والحياة كما كتب لهم في اللوح المحفوظ فلا ينقصون منه شيئا.
وكما في قوله ? واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ? الأنفال 24 ومن المثاني معه قوله ? ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ? سورة ق 16 ويعني أن القلب هو محل الإرادة ويرسلها عبر حبل الوريد، والله أقرب إلى الإنسان منهما أي يحول بينه وبين التوبة إذا جاء الموت فهلا بادروا بها قبل الأجل.
وكما في قوله ? لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش ? الأعراف 41 ومن المثاني معه قوله ? لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ? الزمر 16 وقوله ? يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم ? العنكبوت 55.
وكما في قوله ? الرجال قوامون على النساء ? النساء 34 ومن المثاني معه قوله ? وألفيا سيدها لدى الباب ? يوسف 25 ويعني أن الزوج هو القائم على شؤون امرأته المسؤول عنها أي هو سيدها.
وكما في قوله ? قال فرعون وما رب العالمين ? الشعراء 23 ومن المثاني معه قوله ? وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمان قالوا وما الرحمان ? الفرقان 60 ويعني أن العبد إذا نسي ربه سيقع منه حتما نسيان نفسه وهكذا يطغى ويتجاوز حده وينكر خالقه.
بيان قوله ? قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ?
وإن من تفصيل الكتاب وبيان القرآن أن لفظ النور حيث وقع في الكتاب المنزل قد تقع على أكثر من دلالة ومنها:
1. نور خارق معجز تشرق به الأرض يوم القيامة كما في قوله ? وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب ? الزمر 69
2. نور في يوم القيامة يهتدي به المكرمون إلى حيث يأمنون كما في قوله:
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ ? يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا ? التحريم 8
ـ ? والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ? الحديد 19
ـ ? يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم ? الحديد 12
ـ ? يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم ? الحديد 13
3. نور كالموصوف في سورة النور قد تضمنه القرآن كما في قوله ? أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس ? الأنعام 122 وبينته في "من بيان القرآن".
4. نور يقع على تبيّن ما في الكتاب المنزل والاهتداء به أي في مقابلة الظلمات وهي كل سلوك ومنهج اختاره الإنسان لنفسه مخالفا لهدي الكتاب المنزل كما في قوله:
ـ ? ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ? إبراهيم 5
ـ ? الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ? البقرة 257
ـ ? فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلوا عليكم آيات الله مبينات ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات من الظلمات إلى النور ? الطلاق 10 ـ 11
. وأما قوله:
ـ ? قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس ? الأنعام 91
ـ ? إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ? المائدة 44
ـ ? وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ? المائدة 46
فيعني أن كلا من التوراة والإنجيل قد تضمن موعودات نبّأ الله بها موسى وعيسى لن تقع إلا متأخرة كثيرا، وكذلك النور يقع على البعيد فيتراءى للمستبصر رغم ظلمات الغيب.
ومما نبّأ الله به موسى قوله ? وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ? المائدة 20، ووقعت نبوة موسى هذه بعده فجعل الله فيهم أنبياء بعده وجعل فيهم ملوكا كطالوت وداوود وسليمان وآتاهم ما لم يؤت أحدا من العالمين ومنه أن علم داوود وسليمان منطق الطير وآتاهما من كل شيء.
ومما نبأ الله به عيسى قوله ? ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ? الصف 6
6. وإن المثاني في قوله:
ـ ? وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ? الشورى 52
ـ ? يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ? المائدة 15
ـ ? فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ? التغابن 8
ـ ? يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا ? النساء 174
ـ ? فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ? الأعراف 157
لتعني أن القرآن نور أنزل من عند الله وكلف الناس بالاهتداء به، إذ يقع على موعودات بعيدة يوم نزل القرآن على النبي الأمي ? وكذلك النور يقع على البعيد فيتراءى لك قبل أن تصل إليه، وسيعلم الناس رأي العين في الدنيا يوم تقع موعودات القرآن فتصبح شهادة بعد أن كانت غيبا يوم نزل القرآن أن القرآن قول ثقيل ألقي على خاتم النبيين ? وأنه قرآن عجب يهدي إلى الرشد وإلى التي هي أقوم إذ سيهتدي به يوم تقع موعوداته أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى، وسيزداد به الذين في قلوبهم مرض رجسا إلى رجسهم وضلالا إلى ضلالهم.
طالب العلم
الحسن محمد ماديك(/)
الإسراء والمعراج بين القرآن والحديث
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[06 Jul 2010, 09:49 م]ـ
قرأت بحثاً للأستاذ محمد بن رزق بن طرهوني
عنوانه:
الإسراء والمعراج: الرواية المتكاملة الصحيحة
ورابطه
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=94&book=2509
وخلاصته بعبارته:
"إن العلماء عندما رأوا الاختلافات الشديدة بين الروايات لجأ كثير منهم إلى حملها على التعدد هرباً من التوفيق لصعوبته، خاصة مع عدم الاقتصار على الروايات الصحيحة والنظر في ضبط الرواة؛
فمن أهل العلم من قال بتكرر الإسراء وتكرر المعراج عدة مرات،
ومنهم من قال بحدوثهما مناماً ثم حدوثهما يقظة، وغير ذلك.
وبحمد الله تعالى بعد دراستي للروايات دراسة ممحصة متعمقة:
من جهة الأسانيد أولا
ثم من جهة المتون ثانيا
ثم من جهة موافقة العقل للنقل ثالثا
تبين لي ما جعل الروايات كلها تلتئم: ((وهو القول بكون المعراج الذي حدث في ليلة الإسراء كان بالروح فقط أثناء النوم توطئة وتمهيداً لرحلة الإسراء بالجسد والروح معاً، وأن المعراج بالروح مناماً تكرر ولا مانع من ذلك، وقد يكون مرة وقد يكون عدة مرات حيث إنه لا يعدو أن يكون انطلاقة للروح، وهو أمر غير مستبعد تكرره لغير الأنبياء فكيف بالأنبياء؟)).
فمثلاً حديث سمرة في المعراج مناماً وحديث أبي أمامة وحديث أبي موسى الأشعري كلها تدل على تكرر المعراج، وكما أنها كانت بالاتفاق مناماً فشبيهها يكون مثلها مناما عند النظر , وقد فرق ابن القيم وابن كثير وغيرهما بين العروج بالروح وبين المنام المحض " ... إلخ ما قال ..
لذا أعرض هذا الموضوع للنقاش العلمي لأسباب:
- أن القرآن ذكر الإسراء تصريحاً دون المعراج.
- أن الإسراء كان هو محل النزاع بين الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل مكة.
- لو كان المعراج في اليقظة لكانت أنظار قريش ستتجه إليه دون الإسراء لأن دعوى المعراج يقظة أعظم من دعوى الإسراء.
- من ناحية الإعجاز لو كان المعراج حصل يقظة إلى ما بعد البيت المعمور وسدرة المنتهى وإلى مستوى سماع صريف الأقلام، لدلّ على طلاقة القدرة الإلهية أكثر دلالة من الإسراء الذي لا يعدو 850 ميلاً.
- منام النبيء ليس كمنام غيره وعليه جاء الحديث: "حتى أتَوْهُ ليلةً أخرى فيما يرى قلبُه وتنامُ عينُه ولا ينامُ قلبُه، وكذلك الأنبياءُ تنام أعينُهم ولا تنامُ قلوبهم ".
للتذكير: خلاصة بحث الأستاذ بن طرهوني أن المعراج وقع قبل الإسراء، وأن المعراج وقع مناماً والإسراء يقظة،
راجياً لمن أراد الإدلاء بدلوه في هذا الموضوع أن يكون اطلع على البحث، لتكون المشاركات في الصلب.
والعنوان المختار: الإسراء والمعراج بين القرآن والحديث.
والله الموفق.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[06 Jul 2010, 10:38 م]ـ
قرأت بحثاً للأستاذ محمد بن رزق بن طرهوني
عنوانه:
الإسراء والمعراج: الرواية المتكاملة الصحيحة
ورابطه
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=94&book=2509
وخلاصته بعبارته:
"إن العلماء عندما رأوا الاختلافات الشديدة بين الروايات لجأ كثير منهم إلى حملها على التعدد هرباً من التوفيق لصعوبته، خاصة مع عدم الاقتصار على الروايات الصحيحة والنظر في ضبط الرواة؛
فمن أهل العلم من قال بتكرر الإسراء وتكرر المعراج عدة مرات،
ومنهم من قال بحدوثهما مناماً ثم حدوثهما يقظة، وغير ذلك.
وبحمد الله تعالى بعد دراستي للروايات دراسة ممحصة متعمقة:
من جهة الأسانيد أولا
ثم من جهة المتون ثانيا
ثم من جهة موافقة العقل للنقل ثالثا
تبين لي ما جعل الروايات كلها تلتئم: ((وهو القول بكون المعراج الذي حدث في ليلة الإسراء كان بالروح فقط أثناء النوم توطئة وتمهيداً لرحلة الإسراء بالجسد والروح معاً، وأن المعراج بالروح مناماً تكرر ولا مانع من ذلك، وقد يكون مرة وقد يكون عدة مرات حيث إنه لا يعدو أن يكون انطلاقة للروح، وهو أمر غير مستبعد تكرره لغير الأنبياء فكيف بالأنبياء؟)).
فمثلاً حديث سمرة في المعراج مناماً وحديث أبي أمامة وحديث أبي موسى الأشعري كلها تدل على تكرر المعراج، وكما أنها كانت بالاتفاق مناماً فشبيهها يكون مثلها مناما عند النظر , وقد فرق ابن القيم وابن كثير وغيرهما بين العروج بالروح وبين المنام المحض " ... إلخ ما قال ..
(يُتْبَعُ)
(/)
لذا أعرض هذا الموضوع للنقاش العلمي لأسباب:
- أن القرآن ذكر الإسراء تصريحاً دون المعراج.
- أن الإسراء كان هو محل النزاع بين الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل مكة.
- لو كان المعراج في اليقظة لكانت أنظار قريش ستتجه إليه دون الإسراء لأن دعوى المعراج يقظة أعظم من دعوى الإسراء.
- من ناحية الإعجاز لو كان المعراج حصل يقظة إلى ما بعد البيت المعمور وسدرة المنتهى وإلى مستوى سماع صريف الأقلام، لدلّ على طلاقة القدرة الإلهية أكثر دلالة من الإسراء الذي لا يعدو 850 ميلاً.
- منام النبيء ليس كمنام غيره وعليه جاء الحديث: "حتى أتَوْهُ ليلةً أخرى فيما يرى قلبُه وتنامُ عينُه ولا ينامُ قلبُه، وكذلك الأنبياءُ تنام أعينُهم ولا تنامُ قلوبهم ".
للتذكير: خلاصة بحث الأستاذ بن طرهوني أن المعراج وقع قبل الإسراء، وأن المعراج وقع مناماً والإسراء يقظة،
راجياً لمن أراد الإدلاء بدلوه في هذا الموضوع أن يكون اطلع على البحث، لتكون المشاركات في الصلب.
والعنوان المختار: الإسراء والمعراج بين القرآن والحديث.
والله الموفق.
أخي عصام , سأحاول الإجابة بإختصار::
ذكر الله عز وجل المعراج بقوله:"والنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) "
[النجم/1 - 19]
وكر فتنة الكفار في ذلك فقال:"وإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا (60) " [الإسراء/60]
بينما الإسراء ذكر في أقل من ذلك:"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) " [الإسراء/1]
فالزعم بأن القران ذكر الإسراء أكثر مما ذكر المعراج غير صحيح بل العكس هو الصحيح, وجعل الرؤيا فتنة لا يكون صحيحا لو كانت منام , بل ماروه على ما رأى وقوله عز وجل "ما زاغ البصر وما طغى " دليل أنها رؤيا حق.
الحديث كاملا:"سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ
يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ جَاءَهُ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ أَوَّلُهُمْ أَيُّهُمْ هُوَ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ هُوَ خَيْرُهُمْ وَقَالَ آخِرُهُمْ خُذُوا خَيْرَهُمْ
فَكَانَتْ تِلْكَ فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوا لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ فَتَوَلَّاهُ جِبْرِيلُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ"
صحيح البخاري - (ج 11 / ص 405)
فالمعراج هو الصعود الى السماء والنبي صعد الى السماء فيما بين مكة وبيت المقدس ثم هبط أرضا ثم صعد الى السماء.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله قَوْله" (ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا)
إِنْ كَانَتْ الْقِصَّة مُتَعَدِّدَة فَلَا إِشْكَال وَإِنْ كَانَتْ مُتَّحِدَة فَفِي هَذَا السِّيَاق حَذْف تَقْدِيره ثُمَّ أَرْكَبَهُ الْبُرَاق إِلَى بَيْت الْمَقْدِس، ثُمَّ أَتَى بِالْمِعْرَاجِ كَمَا فِي حَدِيث مَالِك بْن صَعْصَعَة " فَغُسِلَ بِهِ قَلْبِي ثُمَّ حُشِيَ ثُمَّ أُعِيد ثُمَّ أُتِيت بِدَابَّةٍ فَحُمِلْت عَلَيْهِ فَانْطَلَقَ بِي جِبْرِيل حَتَّى أَتَى السَّمَاء الدُّنْيَا " وَفِي سِيَاقه أَيْضًا حَذْف تَقْدِيره " حَتَّى أَتَى بِي بَيْت الْمَقْدِس ثُمَّ أَتَى بِالْمِعْرَاجِ " كَمَا فِي رِوَايَة ثَابِت عَنْ أَنَس رَفَعَهُ: " أُتِيت بِالْبُرَاقِ فَرَكِبْته حَتَّى أَتَى بِي بَيْت الْمَقْدِس فَرَبَطْته، ثُمَّ دَخَلْت الْمَسْجِد فَصَلَّيْت فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ عُرِجَ بِي إِلَى السَّمَاء "."
فتح الباري لابن حجر - (ج 21 / ص 101)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[06 Jul 2010, 10:59 م]ـ
- أن الإسراء كان هو محل النزاع بين الرسول صلى الله عليه وسلم وأهل مكة.
- لو كان المعراج في اليقظة لكانت أنظار قريش ستتجه إليه دون الإسراء لأن دعوى المعراج يقظة أعظم من دعوى الإسراء.
- من ناحية الإعجاز لو كان المعراج حصل يقظة إلى ما بعد البيت المعمور وسدرة المنتهى وإلى مستوى سماع صريف الأقلام، لدلّ على طلاقة القدرة الإلهية أكثر دلالة من الإسراء الذي لا يعدو 850 ميلاً.
أنظار قريش اتجهت إلى الإسراء لأن الرسول صلى الله عليه وسلم حدثهم عنه وحديثه كان من خلال تلاوة القرآن.
والإسراء معجزة يمكن إقامة الدليل عليها وهو ما حصل، بخلاف المعراج فإنه ليس من سبيل إلى إثباته، فإذا ثبت الإسراء بالدليل كان الإيمان بالمعراج مبنيا عليه.
وتقرير ذلك: أنه إذا ثبت الإسراء وهو أمر خارق للعادة يستحيل أن يتأتى لبشر في ذلك الزمن ولا في غيره دون أسباب فما المانع أن الذي قدر على أن يسري به إلى بيت المقدس أن يعرج به إلى السماء؟
فالمشكلة ليست متعلقة بالقدرة الإلهية بقدر تعلقها بإقامة الدليل على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقريش تعلم أن الله قدير وأنه هو الخالق ولا تنكره ولكنه تنكر أن يكون الله فعل ذلك لمحمد صلى الله عليه وسلم.
ولهذا الذي قام عنده الدليل على صحة قول الله تعالى:
" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" الإسراء (1)
لا يجد مشكلة في الإيمان بقوله تعالى:
" وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) " النجم
دليلا على المعراج.
هذا والله أعلى وأعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[06 Jul 2010, 11:14 م]ـ
عم أقامة الدليل أن النبي وصف لهم بيت المقدس ويستطيعوا أن يعلموا حقيقة كلامه لأنهم يستطيعون التأكد من كلامه ومنهم من يعرف ليت المقدس.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[07 Jul 2010, 12:44 ص]ـ
أخوي الفاضلان
أرجو أن لا يحمل هذا البحث على أنه إنكار للمعراج أو محاولة لإثباته أو نفيه!. فثبوته مسلّم كما في سورة النجم وفي السنة كما تفضل الأخ مجدي وبيّن، وليس هو محل نزاع أصلاً.
ولكن ورد في بعض الآثار أنه كان وعين النبيء نائمة دون قلبه، قال النبيء في حديثه عن معراجه: "فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ ". هذا الأثر يدل على أنه كان نائم العين. وورد أنه لم يفقد من مكانه.
وهذا الذي في بعض الآثار يتوافق مع الآيات والوقائع. وهذا هو محل النقاش.
ثانياً هذا القول أورده الحافظ ابن حجر في الفتح على أنه أحد أقوال المسألة.
ثالثاً الكلام في صدر سورة النجم محمول على الراجح على أنه ملك الوحي: جبريل، وهو الذي رجحه ابن جرير ورواه في تفسير سورة النجم عن ابن مسعود وابن عباس في أصرح النقل عنه وعائشة والحسن ومجاهد وقتادة .... رضي الله عنهم
رابعاً قوله: (ما كذب الفؤاد ما رأى) حجة في أن الرؤية المعراجية كانت بالفؤاد.
خامساً القول بأنه صلى الله عليه وسلم لم يخبر قريشاً بالمعراج فيحتاج دليلاً مع قوله: (أفتمارونه على ما يرى) بل سورة النجم كلها.
أعيد عرض ترتيب ما وقع على ما يرى الأستاذ طرهوني، ببعض التوسع:
1. عرج بالنبيء من المسجد الحرام إلى السماء والنبيء نائم العين متيقظ الفؤاد، ورؤيا الأنبئاء حق.
2. رأى النبيء في السماء ما رأى من الأنبئاء وانتهى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى وسمع صريف الأقلام ورأى ربه بقلبه وما كذب الفؤاد ما رأى ... وفرضت عليه الصلاة ..
3. قال: فاهبط باسمِ الله فاستيقظَ وهو في المسجد الحرام.
4. قال: ثم أُتيتُ بدابةٍ دونَ البغلِ وفوقَ الحمارِ (وهو متيقظ) ... فأسري به إلى المسجد الأقصى ... فصلى بالأنبئاء صلاة الفجر.
(يُتْبَعُ)
(/)
5. عاد إلى مكة "ثم انصرف بي، فمررنا بعيرٍ لقريشٍ بمكان كذا وكذا " ...
هذا الترتيب (المعراج قبل الإسراء) والتفصيل (المعراج روحاً والإسراء بالجسد والروح) لا يوافق الترتيب الذي نسمعه أو نقرؤه. هذا هو محل النقاش.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[07 Jul 2010, 01:16 ص]ـ
و (الرؤيا) هي رؤيا عين أريها النبيء في ليلة مسراة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، كما أوضح ذلك ابن جرير وغيره، أو هي رؤياه للعير. فهي داخلة في الإنكار القرشي على الإسراء.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Jul 2010, 01:18 ص]ـ
أخانا الفاضل عصام حفظه الله
االرؤية بصرية والفؤاد صدق تلك الرؤية
قال تعالى
"وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) "
والأحاديث تثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى جبريل على صورته الحقيقة
وهو المقصود في قوله تعالى
(عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9)
روى البخاري بسنده عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ قُلْتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
فَأَيْنَ قَوْلُهُ
{ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}
قَالَتْ ذَاكَ جِبْرِيلُ كَانَ يَأْتِيهِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ وَإِنَّهُ أَتَاهُ هَذِهِ الْمَرَّةَ فِي صُورَتِهِ الَّتِي هِيَ صُورَتُهُ فَسَدَّ الْأُفُقَ.
وهذا روية بصرية يقظة لا مناما
والثانية هي التي عند السدرة
أما إخباره بالمعراج فلم أنفه أخانا الفاضل
لكن لما كان الحديث عن الإسراء صريح في سورة الإسراء كان الجدل من المشركين حول هذا الموضوع حيث إنهم ظنوا أن في مقدورهم أن يجادلوا فيه وإلا فهم يعلمون من قبل أنه يزعم أن الوحي يأتيه صلى الله عليه وسلم من السماء وهذه قضية ليس لهم أمامها إلا التكذيب والإنكار بخلاف الإسراء فإنهم كان يحسبون أنهم يستطيعون أن يقيموا دليلا على كذبه وحاشاه أن يكذب، ولهذا قالوا: نضرب أكباد الإبل شهرا ... "
أما الأحاديث فلعل الله أن ييسر الوقوف على ما كتب فيها في وقت آخر.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[07 Jul 2010, 01:33 ص]ـ
قال الراغب في المفردات: البصر: يقال للجارجة، وللقوة التي فيها، ولقوة القلب المدركة، ومنه قوله (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)، لأن الميت لا جارحة له يبصر بها.
وعليه يجوز أن تقول: أبصرته بعيني قلبي.
وقال ابن جرير: ما زاغ البصر: لم يتجاوز حده.
وقولك: " يقظة لا مناماً " هو ما نبحث عن دليله يا أخي الحبيب.
وعندي سؤال خاص للأخ أبي سعد: هل تراجع بريدك الخاص؟ (ابتسامة)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[07 Jul 2010, 08:02 ص]ـ
أخي عصام تجد حديث ابن جرير واضحا عند تفسير قوله "عند سدرة المنتهى",تجد الكلام عليه في أول سورة الإسراء
وقول ابن جرير هو:" وَالصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ عِنْدنَا أَنْ يُقَال: إِنَّ اللَّه أَسْرَى بِعَبْدِهِ مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى , كَمَا أَخْبَرَ اللَّه عِبَاده , وَكَمَا تَظَاهَرَتْ بِهِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّ اللَّه حَمَلَهُ عَلَى الْبُرَاق حِين أَتَاهُ بِهِ , وَصَلَّى هُنَالِكَ بِمَنْ صَلَّى مِنْ الْأَنْبِيَاء وَالرُّسُل , فَأَرَاهُ مَا أَرَاهُ مِنْ الْآيَات ; وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: أُسْرِيَ بِرُوحِهِ دُون جَسَده , لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَا يُوجِب أَنْ يَكُون ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى نُبُوَّته , وَلَا حُجَّة لَهُ عَلَى رِسَالَته , وَلَا كَانَ الَّذِينَ أَنْكَرُوا حَقِيقَة ذَلِكَ مِنْ أَهْل الشِّرْك , وَكَانُوا يَدْفَعُونَ بِهِ عَنْ صِدْقه فِيهِ , إِذْ لَمْ يَكُنْ مُنْكَرًا عِنْدهمْ , وَلَا عِنْد أَحَد مِنْ ذَوِي الْفِطْرَة الصَّحِيحَة مِنْ بَنِي آدَم أَنْ يَرَى الرَّائِي
(يُتْبَعُ)
(/)
مِنْهُمْ فِي الْمَنَام مَا عَلَى مَسِيرَة سَنَة , فَكَيْف مَا هُوَ عَلَى مَسِيرَة شَهْر أَوْ أَقَلّ؟ وَبَعْد , فَإِنَّ اللَّه إِنَّمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابه أَنَّهُ أَسْرَى بِعَبْدِهِ , وَلَمْ يُخْبِرنَا أَنَّهُ أَسْرَى بِرُوحِ عَبْده , وَلَيْسَ جَائِزًا لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَدَّى مَا قَالَ اللَّه إِلَى غَيْره. فَإِنْ ظَنَّ ظَانّ أَنَّ ذَلِكَ جَائِز , إِذْ كَانَتْ الْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ فِي كَلَامهَا , كَمَا قَالَ قَائِلهمْ
: حَسِبْت بُغَام رَاحِلَتِي عَنَاقًا وَمَا هِيَ وَيْب غَيْرك بِالْعَنَاقِ
يَعْنِي: حَسِبْت بُغَام رَاحِلَتِي صَوْت عَنَاق , فَحَذَفَ الصَّوْت وَاكْتَفَى مِنْهُ بِالْعَنَاقِ , فَإِنَّ الْعَرَب تَفْعَل ذَلِكَ فِيمَا كَانَ مَفْهُومًا مُرَاد الْمُتَكَلِّم مِنْهُمْ بِهِ مِنْ الْكَلَام. فَأَمَّا فِيمَا لَا دَلَالَة عَلَيْهِ إِلَّا بِظُهُورِهِ , وَلَا يُوصِل إِلَى مَعْرِفَة مُرَاد الْمُتَكَلِّم إِلَّا بِبَيَانِهِ , فَإِنَّهَا لَا تَحْذِف ذَلِكَ ; وَلَا دَلَالَة تَدُلّ عَلَى أَنَّ مُرَاد اللَّه مِنْ قَوْله: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ} أَسْرَى بِرُوحِ عَبْده , بَلْ الْأَدِلَّة الْوَاضِحَة , وَالْأَخْبَار الْمُتَتَابِعَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّه أَسْرَى بِهِ عَلَى دَابَّة يُقَال لَهَا الْبُرَاق ; وَلَوْ كَانَ الْإِسْرَاء بِرُوحِهِ لَمْ تَكُنْ الرُّوح مَحْمُولَة عَلَى الْبُرَاق , إِذْ كَانَتْ الدَّوَابّ لَا تَحْمِل إِلَّا الْأَجْسَام. إِلَّا أَنْ يَقُول قَائِل: إِنَّ مَعْنَى قَوْلنَا: أَسْرَى بِرُوحِهِ: رَأَى فِي الْمَنَام أَنَّهُ أَسْرَى بِجَسَدِهِ عَلَى الْبُرَاق , فَيُكَذِّب حِينَئِذٍ بِمَعْنَى الْأَخْبَار الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّ جَبْرَائِيل حَمَلَهُ عَلَى الْبُرَاق , لِأَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ مَنَامًا عَلَى قَوْل قَائِل هَذَا الْقَوْل , وَلَمْ تَكُنْ الرُّوح عِنْده مِمَّا تَرْكَب الدَّوَابّ , وَلَمْ يُحْمَل عَلَى الْبُرَاق جِسْم النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَمْ يَكُنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْله حُمِلَ عَلَى الْبُرَاق لَا جِسْمه , وَلَا شَيْء مِنْهُ , وَصَارَ الْأَمْر عِنْده كَبَعْضِ أَحْلَام النَّائِمِينَ , وَذَلِكَ دَفْع لِظَاهِرِ التَّنْزِيل , وَمَا تَتَابَعَتْ بِهِ الْأَخْبَار عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَجَاءَتْ بِهِ الْآثَار عَنْ الْأَئِمَّة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ."
http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?l=arb&taf=TABARY&nType=1&nSora=17&nAya=1
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Jul 2010, 09:42 ص]ـ
قال الراغب في المفردات: البصر: يقال للجارجة، وللقوة التي فيها، ولقوة القلب المدركة، ومنه قوله (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد)، لأن الميت لا جارحة له يبصر بها.
وعليه يجوز أن تقول: أبصرته بعيني قلبي.
وقال ابن جرير: ما زاغ البصر: لم يتجاوز حده.
وقولك: " يقظة لا مناماً " هو ما نبحث عن دليله يا أخي الحبيب.
وعندي سؤال خاص للأخ أبي سعد: هل تراجع بريدك الخاص؟ (ابتسامة)
أخي الحبيب عصام
آية سورة "ق" تتحدث عن الإنسان بعد البعث، والإنسان يبعث بروحه وجسده برجليه ويديه وعينيه التي في رأسه، ولا تتحدث عنه في فترة البرزخ التي هو فيها ميت متحلل الجسد، وإليك الآيات فهي واضحة في ذلك:
(وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ (22)) سور ق
أما دليل كون المعراج يقظه فهذا دل عليه القرآن والأحاديث الصحيحة في البخاري وغيره.
وأما البريد فأعتقد أنني رددت على رسالتك وقلت على الرحب والسعة حياك الله في أي وقت.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[07 Jul 2010, 12:37 م]ـ
أخ مجدي
(يُتْبَعُ)
(/)
كل ما سقته عن ابن جرير لا يتطرق إلى المعراج، ولعل هذا من فطنة ابن جرير رحمه الله، يقول إن الإسراء كان بعبده يقظة وأنه كان بالبراق. وهذا مسلّم وواضح وليس محل نقاش.
وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: أُسْرِيَ بِرُوحِهِ دُون جَسَده .....
لم أتكلم في روحانية الإسراء من المسجد الحرام إلى الأقصى .. وأرى أنه كان بكامل اليقظة وبالجسد والروح .. وكذلك الأستاذ صاحب البحث.
الكلام يا أخي في المعراج، فمعلوم أن المعراج لم يكن بالبراق، لأنه كان مربوطاً عند الصخرة ببيت المقدس ... إلخ
وبعض الأحاديث التي ذكرت الإسراء والمعراج - كما ذكر العلامة الشيخ الألباني فيها اضطراب، فالرجاء التأمل. وهذه محاولة للتوفيق. والتوفيق من الله وحده.
أخ أبا سعد
لا جدال في أن الرسول رأى جبريل الذي جاءت سورة النجم تذكر تنزله على الرسول بوحي يوحى، وهذا مذهب الجمهور، كما أن مذهبهم في رؤية الرسول ربه هو الذي حكته عنهم عائشة التي قفّ شعر رأسها من قول من ادعاه، وذلك من غير مخالف لها من الصحابة كما ذكر الشيخ الألباني رحمه الله (الإسراء والمعراج).
وقد وردت آيات كثيرة غير آية سورة ق تدل أن البصر لا يراد به رؤية العين فحسب، وآية النجم منها:
- (ما كذب الفؤاد ما رأى ... ) الفؤاد رأى رؤية صدق وصواب لا خطأ فيها، الفؤاد هنا فاعل: أي هو الرائي لأشياء كثيرة في تلك الليلة وقبلها ويرى بعدها، وليس مصدقاً فحسب. لاحظ استعمال لفظ الرؤية في موضع واستعمال لفظ البصر في الآخر!
- (أفتمارونه على ما يرى) يرى فعل مضارع، لم يقل على ما رأى، لتقريعهم على فساد رأيهم، في إنكار رؤية الرسول ما رأى من غير دليل منهم.
- (ولقد رآه نزلة أخرى ... ) رآه بفؤاده أيضاً عند سدرة المنتهى، كما رآه بعينيه قبل ذلك المعراج فسد الأفق.
- (ما زاغ البصر وما طغى) تحمل من الدلالات ما هو أكثر من تفسيره بـ (ما زاغت العين) إذ البصر يطلق - كما نقلت عن الراغب ورأيته في اللسان - على الحاسة، وعلى الإدراك.
- وزيغ البصر يدل فيما يدل على الاضطراب ومنه قوله: (وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر).
- وهناك آيات جاء فيها البصر دالاً على ملكات الفؤاد والهبات الربانية المودعة فيه، ومنها:
. (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا مبصرون) ابن جرير: مبصرون هدى الله وبيانه وطاعته.
. (واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار) ابن جرير: يعني بالأبصار أنهم أهل أبصار القلوب.
فإذا لم يكن البصر قطعاً في رؤية العين فلا يكون ملزماً في موطن الاحتجاج.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Jul 2010, 02:11 م]ـ
أخانا الفاضل عصام
البصر ورد في القرآن في غير محل النزاع ويراد به العين قطعا ومن ذلك قوله تعالى:
(وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) النحل (77)
(الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4)) سورة الملك
(فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ) القيامة (7)
فلماذا نخرج آية النجم: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) النجم (17) عن استعمال القرآن دون دليل قطعي؟
وجاءت " الأبصار" في القرآن في عدة مواضع يراد بها البصر بالعين ومن ذلك:
(لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الأنعام (103)
(وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) إبراهيم (42)
(َفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج (46)
(يُتْبَعُ)
(/)
(إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا) سورة الأحزاب (10)
(أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ) الصافات (63)
وأيضا في كثير من الآيات يقرن الحق تبارك وتعالى السمع مع البصر مع الفؤاد فدل على أن المراد الحاسة كما في قوله تعالى:
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمْ مَنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ) يونس (31)
(وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) النحل (78)
(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ)) المؤمنون
(رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ) النور (37)
(ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) السجدة (9)
(قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) الملك (23)
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) سورة الأحقاف (26)
فهذا هو الغالب على استعمال القرآن فإذا وجدت قرينة تصرف عن هذا عملنا بتلك القرينة كما في آية "ص":
وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (45)
عرفنا هنا أن ليس في الأيدي جمع يد الجارحة والأبصار جمع بصر الحاسة أي مدح فهم كغيرهم علمنا أنه أرد بالأيدي القوة وبالأبصار البصيرة.
نخلص من كل هذا أنه في النجم جمع بين الفؤاد والبصر فقال:
(مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18))
فذكر أن فؤاده ما كذب ما رأته عيناه حيث رأى جبريل على هيئته قد سد الأفق والنبي في مكة وهذه روية بصرية ثم أكد الرؤية الثانية بقوله " ولقد" ثم قطع الاحتمال بقوله " ما زاغ البصر وما طغى" ثم أكده مرة ثالثة بقوله " لقد رأى".
فلماذا نجعلها في الأرض رؤية بصرية وفي السماء روية قلبية دون دليل ولا حاجة تدعو إلى ذلك؟
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[07 Jul 2010, 08:32 م]ـ
بارك الله فيك
بعد قراءة هذا البحث للأستاذ طرهوني من جديد ومراجعة الروايات في كتاب الألباني وغيره تبين الآتي:
1. أنه جعل رواية العروج من مكة إلى السماء، وكان ذلك العروج في المنام، وكان قبل الإسراء، جعلها هي عمدة بحثه ومن هنا كان الخطأ، وكان من جراء ذلك أنه ألغى المعراج من الأقصى وهو الذي كان في اليقظة بلا شك فقد أخذ جبريل بيد النبيء وصعد به من هناك (من الأقصى) إلى السماء.
2. أنه ألغى الروايات الكثيرة التي تثبت أن النبيء قد عرج به من الأقصى إلى السماء، وجعل النبيء يعود من الأقصى إلى مكة، دون عروج إلى السماء، مخالفاً النصوص مخالفة صريحة.
3. أن الرؤيا في المعراج الذي كان من الأقصى كانت بصرية، لأنه لا دليل في رحلة الإسراء كلها يبين أن الرسول نام منذ ركوبه البراق إلى أن عاد إلى مكة إطلاقاً، وأما المعراج الذي كان من مكة إلى السماء فكان في المنام فقد جاء فيه أنه كان نائم العين متيقظ القلب.
4. الإسراء بين المسجدين كان مرة واحدة، والمعراج كان مرة في المنام من مكة إلى السماء قبل الإسراء، والثاني في اليقظة من الأقصى إلى السماء في ليلة الإسراء، لأنه جاء أن الرسول أتي بالبراق بعد استيقاظه في مكة بعد العروج الأول.
ولذا أقول إن بحث الأستاذ طرهوني يحتاج إلى مراجعة.
والله أعلم.(/)
جولة في كتاب (منهج النقد في التفسير) للدكتور إحسان الأمين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jul 2010, 09:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
النَّقدُ في اللغة: فنُّ تَمييزِ جيدِ الكلام من رديئهِ، وصحيحهِ من فاسده، والأصلُ فيه مِنْ (نَقَدَ الدراهمَ والدنانيرَ وغيرَهما نَقْداً: مَيَّزَ جيدَها مِن رديئها. وفي الاصطلاح يعرف النقد بتعريفين:
- أحدهما الحكم ويراد به الحكم على الأشياء بالحسن أو الرداءة، أو الجمال أو القبح.
- والآخر التفسير أو التحليل، فالنقد بذلك يتجه إلى تحليل وتجزئة النص لإدراك أبعاده وبلوغ أعماقه.
وقد ارتبط النقد وجوداً وعدماً بوجود الإنسان وظهور فكره، فالإنسان ناقد بالطبع كما يقول علي جواد الطاهر في بحثه (مقدمة في النقد الأدبي). وذلك لأن الإنسان قد أوتي من المؤهلات الذهنية والنفسية ما جعله يرتاح للحسن وينقبض عن القبيح، ولذلك فإن النقد في حياة الإنسان يسير جنباً إلى جنب مع فكره وثقافته ويتحرك في روحه، هذا إذا لم نقل إن فكر الإنسان في أصله كان نقداً؛ لأنه يتحسس به جمال الوجود فيبين حسنه، ويعبر به عن نفرته من كثير من الأمور والسلوكيات والأفكار، وذلك هو النقد ذاته ..
ولأنَّ الفكر البشري عرضة للخطأ والنقص والسهو كان النقد واجباً ضرورياً لا بد منه لتقويم الاعوجاج، وتصويب الخطأ، والتدرج في مدارج الكمال يوماً بعد يوم. وقد أصيب العقل العربي المعاصر بسبب غياب النقد البنَّاء بالكسل الفكري، ولا سيما في جوانب العلوم الشرعية، حيث إن النقد يبعث الكسلان، ويستثير الخامل، ويدفع المُجِدَّ إلى الكمال، ولا يزال به النقد الهادف حتى يأخذ بيده للتميز والإبداع خطوة خطوة.
وقد كنتُ أثناء إعدادي لحلقات برنامج إذاعي أرغب في تقديمه لإذاعة القرآن بالكريم بالرياض بعنوان (مفسرون ناقدون) بدعوة من أخي فهد العثمان رحمه الله، وبعد أن أعددتُ شيئاً من الحلقات وكان يستحثني على تسجيلها فوجئت بخبر وفاته رحمه الله، فتوقفتُ عن إكماله، ولم أنشط بعدها لتسجيله كنتُ أجمع وأتتبع المصادر التي تتحدث عن النقد في التفسير، فعثرت أثناء سفري خارج السعودية على كتاب قيم في هذا الموضوع بعنوان (منهج النقد في التفسير) للدكتور إحسان الأمين، نشرته دار الهادي ببيروت عام 1428هـ.
ويقع الكتاب في مجلد كبير بلغت صفحاته 464 صفحة من القطع العادي.
http://www.tafsir.net/images/nagd2.jpg
وهذه الدراسة هي محاولة لاستقراء منهج النقد في التفسير أي الطريقة البينة والخطة المتبعة في نقد ما يرد من تفاسير مختلفة ببيان نقاط القوة والضعف، والصحة والخطأ فيها، بغية الاقتراب من المعنى المراد من الآيات.
وطبيعي أن نقد التفسير يتضمن كلا المعنيين الآنفين للنقد، فهو يبدأ بتحليل النص المفسَّر لغرض فهم الدليل الذي استند إليه، ثم يَخلُصُ إلى الحكم عليه، استناداً إلى المبادئ والأسس المعتمدة في التفسير، ومدى التزام التفسير بها أو خروجه عليها.
وعلى الرغم من تعدد وتنوع اتجاهات المفسرين، وغلبة لون خاص على تفاسير بعضهم، فمنها الأثري والبياني وغيرها من التفاسير التي عنيت بجانب الأحكام أو اللغة أو التربية أو غيرها، إلا أن في هذه جميعاً مساحة مشتركة لمنهج النقد، إذ لا بد أن يكون التفسير مما تحتمله الآية، قراءة ولغة ومعنى، وأن يكون منسجماً مع القرآن، بسياقاته وقواعده وأصوله.
ولذا فإن الباحث الدكتور إحسان الأمين قد سعى في بحثه هذا إلى تشخيص الأسس التي يقوم عليها النقد في المجالات المختلفة المتعلقة بالتفسير من لغة وقراءة وفهم وبيان، وبالرجوع إلى نفس القرآن والقواعد الجارية فيه، وكذلك السنة النبوية التي تكفلت ببيان القرآن، وعلوم الحديث التي تعنى بحفظ السنة وسلامتها، وكذلك المباحث العقدية التي يقوم عليها علم الاعتقاد، وقد تناوله الباحث في خمسة فصول من كتابه هذا.
غير أنه قدَّم قبل هذه الفصول بدراسة أمرين:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: دراسة مبادئ التفسير، وأسباب الاختلاف فيه، حيث إن معرفة طريقة ظهور النص وطبيعة اللغة التي جاء بها، وسنن المجتمع المخاطب به، وتطور فهم المخاطبين له بحسب زمان نزوله فيهم ... إضافة إلى أسباب وأنواع الاختلافات الواقعة في تفسيره، كل ذلك له علاقة وثيقة بتعيين الموارد التي يكثر فيها الخطأ، والتي تحتاج إلى فحصٍ وتَمحيصٍ، وبالتالي المسار الذي يسير عليه النقد.
الثاني: تشخيص منافذ الضعف ومسارب الشك فيه، كالإسرائيليات والموضوعات وغيرها، فهي المجالات التي يجب الحذر منها، والدقة في نقد التفاسير المختلطة بها؛ لأن الكثير منها يحمل معه آثار التحريف.
وهذان الموضوعان شغلا الفصلين الأول والثاني من الكتاب.
وقد أشار الباحث إلى أن دائرة النقد في التفسير واسعة، وميدانه رحب، فالتفسير قسمان:
- أحدهما هو أن يكون نقلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن ناقله بشر يخطئ ويصيب، وينسى ويسهو، ويدق ويكذب، فلا بد من نقد الراوي والمروي لغرض التأكد من صدق الناقل وضبطه، ودقة المنقول وسلامته، وبالتالي صحته، وهو ما تكفلت به علوم الحديث، وتطرفت إليه علوم التفسير لارتباطه بتفسير القرآن وفهمه، على أن المأثور من التفسير لم يستوعب القرآن كله، وما صح سنده فهو قليل، وقد دخلت فيه عوامل الضعف من موضوعات وإسرائيليات، وكلها تستدعي المزيد من التحقيق والتدقيق، وتمحيص الأخبار والتأمل في الروايات، حتى يتميز الحق من الباطل فيه، وهو ما يتكفل به النقد في السنة.
- والقسم الآخر من التفسير - وهو معظمه - يرجع إلى استنباط العلماء، من خلال التفكر في آيات القرآن والتدبر في معانيها، بما أوتوا من قوة فهم، وإحاطةٍ بالعلوم اللازمة لذلك، وهو وإن كان يشترط فيه أن يكون على أسس علمية من اللغة والأصول وغيرها تجنباً من القول بغير علم والتفسير بالرأي المجرد، إلا أنه يبقى في منتهاه جهداً بشرياً ومحاولة إنسانية تتأثر بقوة نظر المفسر وسعة فكره واطلاعه، وامتلاكه للوسائل اللازمة، ولكن كل ذلك لا يجعله في مقام الجزم بالمعنى المراد من الله تعالى، في كل الآيات، وفيها المجمل والمبين، والمبهم والمشكل، إنما هو يحاول التوصل للمعنى فيصيبه حيناً، ويقاربه أخرى، وقد يبتعد أو يخطئ في بعض الأحيان، ومن هنا قيل بغلبة التقريب في التفسير لا التحقيق والجزم، ومن هنا قالوا بعدم القطع والجزم إلا في موارد الإجماع، وظهور النص في معنى واحد متفق عليه، وأوصوا باجتناب التعبير عن التفسير بأن ذلك هو مراد الله قطعاً، خصوصاً في الموارد المحتملة لأكثر من وجه مقبول، وهو ما يسمونه باختلاف التنوع.
وكل ذلك يؤكد الحاجة إلى ممارسة النقد العلمي المنضبط في تفسير القرآن الكريم، كما هو في سائر مجالات الفكر الإنساني، خصوصاً وأن حركة الفكر في التفسير غير متناهية، وآفاق المعاني فيه رحبة متنامية، إذ إن فهم كلام الله تعالى لا غاية له، كما لا نهاية للمتكلم به سبحانه وتعالى، وهذا بدوره يزيد من المعاني المحتملة للآيات، وكل ذلك ينبغي أن يكون منضبطاً بضوابط الاستنباط الصحيحة من القرآن، كي لا يكون ضرباً من الوهم، أو نوعاً من الخيال الباطل.
وليس كل من أخطأ في التفسير كان ممن طلب الحق فأخطأه، بل قد يكون ممن طلب الباطل فأصابه، ومن هنا فليس التفسير بمنأى عن إعمال الأهواء وإدخال الأغراض فيه، وكان للأفكار المسبقة والاتجاه المذهبي تأثيره في بعض التفسير، بل لا يسلم حتى المأثور من إعمال نظر المفسر ونوع من تأثير رايه في اختياره، وقلما سلم تفسير من هذا التأثير على جلالة قدر المؤلفين وسلامة مقاصدهم، والكمال عزيز.
وهذا ما يؤيد ضرورة إعمال النقد واستمراره؛ لأن في ذلك - فضلا عن الاقتراب من الحق - اضطراد نفس علم التفسير ونُموُّه وتقدمه في الكشف عن كنوز القرآن الكريم وهداياته الكامنة فيه، واستفادة البشرية من ذلك الغنى وتلك المعرفة.
والكتاب جديرٌ بالقراءة الواعية المتأنيَّة حتى يستفاد منه، وقد أجاد الباحث -جزاه الله خيراً - في تناول مسائل بحثه، واستطاع استقراء المصادر المهمة في موضوعه، واستخراج القواعد والضوابط من خلالها، والخروج بنتائج مهمة في هذا الميدان العلمي المهم المرتبط بأصول التفسير.
وأرجو أن أكون قد وفقت في هذا العرض للكتاب مِمَّا قد يدفع باحثاً أو باحثةً للقراءة فيه والانتفاع به، ولعلي لا أعدم دعوةً صالحةً بظهر الغيب، أنا أحوجُ ما أكون إليها.
في الرياض 25/ 7/1431هـ.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[07 Jul 2010, 12:00 م]ـ
شكر الله لك شيخنا على ما تتحفنا به من فوائد، وقد شوقتني - حقيقة - للكتاب، وموضوع النقد في التفسير من الموضوعات التأصيلية الحيوية التي لم تلق العناية الكافية حتى الآن، وهو صالح لإدراجه ضمن موضوعات أصول التفسير لاعتماده على كثير مما تضمنته، وهو مشروع يحتاج إلى جهود مخلصة وعقول ناقدة وصبر طويل،وأرى أن تبنيه في الجامعات صعب لتخاذل كثير من الباحثين عن أمثال هذه الموضوعات داخل نطاق الجامعة، وكم أعول على أن يكون هذا مشروعا من مشاريع مركز تفسير الرائدة، وعندي بعض التصورات والأفكار حوله عسى أن أوفق لكتابتها في مخطط يرسم مشروع النقد في التفسير من بدايته إلى زماننا هذا ومعالجة ما حصل فيه من تسور على انتقاد العلماء دون فهم مراميهم ومقاصدهم.
وفقك الله ورعاك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Jul 2010, 05:32 م]ـ
شكر الله لك شيخنا على ما تتحفنا به من فوائد، وقد شوقتني - حقيقة - للكتاب
الكتاب في طريقه إليك يا أبا صالح، وأنتظر منك عند وصوله لك وقراءتك له أن تعرضه عرضاً أعمق من عرضي، فأنت أدقُّ فهماً، وأجود ذهناً.
وموضوع النقد في التفسير من الموضوعات التأصيلية الحيوية التي لم تلق العناية الكافية حتى الآن، وهو صالح لإدراجه ضمن موضوعات أصول التفسير لاعتماده على كثير مما تضمنته، وهو مشروع يحتاج إلى جهود مخلصة وعقول ناقدة وصبر طويل،وأرى أن تبنيه في الجامعات صعب لتخاذل كثير من الباحثين عن أمثال هذه الموضوعات داخل نطاق الجامعة، وكم أعول على أن يكون هذا مشروعا من مشاريع مركز تفسير الرائدة، وعندي بعض التصورات والأفكار حوله عسى أن أوفق لكتابتها في مخطط يرسم مشروع النقد في التفسير من بدايته إلى زماننا هذا ومعالجة ما حصل فيه من تسور على انتقاد العلماء دون فهم مراميهم ومقاصدهم.
وفقك الله ورعاك
أسأل الله أن يوفق الباحثين للمشاركة الجادة في هذا الميدان البحثي الدقيق، وأن يبارك في الجهود القائمة.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[09 Jul 2010, 08:25 م]ـ
أما أدق فهما وأجود ذهنا فهذه تستوجب الاستغفار
ـ[د على رمضان]ــــــــ[25 Jul 2010, 10:46 م]ـ
الأستاذ الدكتور / عبد الرحمن الشهرى دائماً يمتعنا بمساهماته القيمة التى تثرى الموقع وتنفع الباحثين وطلاب العلم، وكم كنت أرجو هنا أن يكون عرضه للكتاب أكثر تفصيلاً ودقة هنا، وأن يعرض لنا الموضوعات التى تناولها الباحث فى كتابه بصورة معمقة، أو على الأقل ذكر فهرس الكتاب 0
ـ[د على رمضان]ــــــــ[25 Jul 2010, 10:51 م]ـ
مخطط يرسم مشروع النقد في التفسير من بدايته إلى زماننا هذا ومعالجة ما حصل فيه من تسور على انتقاد العلماء دون فهم مراميهم ومقاصدهم.
عندى تصور مبسط للموضوع:
العنوان: (المنهج النقدى فى التفسير، مراحله، أسسه وقواعده، أثره)
وهو يتناول تعريف المنهج النقدى فى التفسير لغة واصطلاحاً، والمراحل التى مر بها من عهد النبى والصحابة والتابعين وتابعيهم، ثم منهجية بعض المفسرين فى النقد والقواعد التى اعتمدوا عليها فى نقدهم، وأخيراً الأثر الذى تركه المنهج النقدى على التفسير، وبالله التوفيق 0
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Sep 2010, 09:55 ص]ـ
وكم كنت أرجو هنا أن يكون عرضه للكتاب أكثر تفصيلاً ودقة هنا، وأن يعرض لنا الموضوعات التى تناولها الباحث فى كتابه بصورة معمقة، أو على الأقل ذكر فهرس الكتاب 0
لا شك أن هذا أجود في عرض الكتب، ولكن ضيق وقتي يحول بيني وبين تحقيق ذلك في عرض الكتاب، فنكتفي بمثل هذه الإشارات التي تدفع لقراءة الكتاب خير من الإعراض عن عرضه بالكلية. وقد بعثت بصورة منه لأخي أبي صفوت لعله يقوم بعرض الفهرس، وسوف نقوم بتصوير الكتاب PDF ونرفعه للجميع لقراءته والإفادة منه إن شاء الله.
شاكراً ومقدراً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Dec 2010, 06:05 ص]ـ
الآن يمكنك تحميل الكتاب وقراءته كاملاً بعد رفعه على الملتقى في هذا الموضوع ..
منهج النقد في التفسير (لأول مرة) pdf (http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=23993)(/)
مكانة الحِكَم التي تُذكر في القرآن على لسان بشر غير معصومين
ـ[منيب عرابي]ــــــــ[07 Jul 2010, 10:50 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك جُمل وحِكَم ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم تنطلق من قول بشر ليسوا بأنبياء.
مثل:
{إن كيدكن عظيم} - جاءت على لسان الملك العزيز
{إن خير من استأجرت القوي الأمين} - جاءت على لسان بنت لوط عليه السلام.
وغيرها الكثير
هذه الحكم أو الجمل لم تأتِ على لسان نبي معصوم يوحى إليه ولكن على لسان بشر.
ولكن بالطبع ما ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم إلا لحكمة. ولم يأتِ شيء بعدها ليهدمها أو يدحضها كما يحصل بعد إيراد حجج الكفار وأقوالهم حيث يدحضها الله سبحانه وتعالى.
هل هذه الجمل لها نفس مكانة الحكم والسنن التي يذكرها الله سبحانه وتعالى؟
مثل:
{إن تنصروا الله ينصركم}
{لأغلبن أنا ورسلي}
{ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}
{وتلك الأيام نداولها بين الناس}
{ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}
هل فرق الأصوليون بين درجة الجمل أو مكانة الجمل أو قوة الجمل التي يخبرنا بها الله الحكيم وبين تلك التي يذكرها المولى عز وجل على لسان البشر الذين هم ليسوا بأنبياء يوحى لهم؟
أحياناً أجد في بعض التفاسير من يشير إلى هذا التفريق. انظر مثلاً تفسير "إن كيدكن عظيم"
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Jul 2010, 11:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك جُمل وحِكَم ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم تنطلق من قول بشر ليسوا بأنبياء.
مثل:
{إن كيدكن عظيم} - جاءت على لسان الملك العزيز
{إن خير من استأجرت القوي الأمين} - جاءت على لسان بنت لوط عليه السلام.
وغيرها الكثير
هذه الحكم أو الجمل لم تأتِ على لسان نبي معصوم يوحى إليه ولكن على لسان بشر.
ولكن بالطبع ما ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم إلا لحكمة. ولم يأتِ شيء بعدها ليهدمها أو يدحضها كما يحصل بعد إيراد حجج الكفار وأقوالهم حيث يدحضها الله سبحانه وتعالى.
هل هذه الجمل لها نفس مكانة الحكم والسنن التي يذكرها الله سبحانه وتعالى؟
مثل:
{إن تنصروا الله ينصركم}
{لأغلبن أنا ورسلي}
{ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}
{وتلك الأيام نداولها بين الناس}
{ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}
هل فرق الأصوليون بين درجة الجمل أو مكانة الجمل أو قوة الجمل التي يخبرنا بها الله الحكيم وبين تلك التي يذكرها المولى عز وجل على لسان البشر الذين هم ليسوا بأنبياء يوحى لهم؟
أحياناً أجد في بعض التفاسير من يشير إلى هذا التفريق. انظر مثلاً تفسير "إن كيدكن عظيم"
تصحيح: " {إن خير من استأجرت القوي الأمين} - جاءت على لسان بنت لوط عليه السلام."
الصحيح: اختلف أهل التفسير في أبي المرأتين: فقيل يثرون وقيل إنه النبي شعيب عليه السلام.
قال الطبري رحمه الله:
"قال أبو جعفر: وهذا مما لا يُدرك علمه إلا بخبر، ولا خبر بذلك تجب حجته، فلا قول في ذلك أولى بالصواب مما قاله الله جل ثناؤه (وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ ... قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ) تعني بقولها: استأجره ليرعى عليك ماشيتك."
الموضوع جيد وجدير بالبحث وأعتقد أنه قد بحث من قبلك والإعادة لا تخلو من إفادة.(/)
(القرآن والمعرفة: نحو ضبط منهجي للتفسير والدراسات القرآنية). د/ عبدالرحمن حللي
ـ[المستصفى]ــــــــ[07 Jul 2010, 01:42 م]ـ
القرآن والمعرفة: نحو ضبط منهجي للتفسير والدراسات القرآنية
عبد الرحمن حللي
الباحث العلمي المعاصر – لاسيما في العلوم الإنسانية – مضطر أن يمر بشكل أو بآخر على النص القرآني كمحطة علمية يفرضها الاختصاص الدقيق، فلم تعد دراسة القرآن وتفسيره مجرد اختصاص ضيق يسلكه الدارسون للشريعة فقط ومن خلال تخصصات أدق، إنما فرضت المعرفة الحديثة فضاء مفتوحاً بين جميع أشكال المعرفة وبين القرآن، وقد تنازعت هذا الفضاء تيارات تراوحت بين الارتجال والسطحية في التعامل مع النص القرآني وبين الإيغال في التدقيق التخصصي، وبين هذين البعدين تفاوتت مقاربات النص في العمق، ما جعل سؤال المنهج في التعامل مع القرآن سؤالاً مركزياً، في سياق أسئلة أعم تتعلق بالتعامل مع الدين والتراث، والبحث عن وسطية أصبحت هي الأخرى موضع تجاذبات جديدة.
فهل يمكننا الحديث عن وسطية في التفسير، أو التأطير لمنهج للدرس القرآني، إن الإجابة عن هذه الخيارات تتطلب وضع محددات ترسم طبيعة العلاقة مع النص القرآن ودوره الحضاري في التاريخ والحاضر والمستقبل، فليس موضع جدل القول بأن النص القرآني هو النص المؤسس للحضارة الإسلامية، وهو الحامل للقيم التي غيرت التاريخ، وجعلت من الإسلام عنواناً للعهد الحضاري الجديد، وإن المتأمل ليلمس هذه الخاصية في القرآن من أهم أسمائه، وهو تسميته "كتاباً"، فقد وردت نيف وأربعون آية لفظ الكتاب فيها تدل القرائن الحافة به على أنه هو القرآن المنزل على محمد r، ويشير اللفظ فيها إلى الكتاب باعتباره منظوراً ومعلوماً من المخاطب وواعياً به، ويدل السياق على أنه القرآن المنزل على الرسول، فقد جاء تعريف القرآن بأنه الكتاب، وأشير إليه بأسماء الإشارة وأل العهد، وكانت بعض الآيات صريحة في تعريف القرآن بأنه الكتاب] كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [(فصلت:3)، فالكتاب اسم للقرآن العربي بالضرورة والاتفاق [1]، ويرى ابن عاشور في تسمية القرآن كتاباً إشارة إلى وجوب كتابته لحفظه [2]، وبهذا المعنى فالقرآن بوصفه كتاباً يمثل فاتحة عهد حضاري جديد لم يكن للعرب عهد به، ولن يكون غريباً أن يتحول المجتمع العربي في ذلك العصر الوجيز إلى مجتمع يعتمد القراءة والكتابة كوسيلة في البناء الحضاري والتواصل والتأصيل العلمي.
القرآن والتأصيل العلمي
وإذا ما عمقنا النظر في الخطاب القرآني المتعلق بالنظر والمعرفة كموجه ومرشد سنلحظ فيه الآفاق الرحبة التي لا حدود لها في الحث على المعرفة والتأمل في الآفاق والأنفس، "قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ" [العنكبوت/20]، بل والأهم من ذلك التأمل في النص نفسه وتدبر كلماته وآياته، "قلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا" [الكهف/109]، وفي ذلك إشارة صريحة إلى وجوب البحث، مع الإقرار باستحالة انسداد آفاقه سواء في النص أو الكون [3]، ففيمها أسرار إلهية ومعان وسنن جعلها الله منارات يصل من خلالها الإنسان إلى المعرفة والقوانين التي أقام الله الحياة على أساسها، من هذا المنطلق القرآني تحركت المعرفة في سياقها الحضاري الإسلامي، منضبطة بالقيم والمحفزات القرآنية دون أن تكون أسيرة لنصه أو متعسفة في البحث فيه عما أرشد إلى وجوده في غيره.
وقد سارت الحضارة الإسلامية وتعاقبت طبقات التاريخ بين مد وجزر إلى أن آلت إلى مراحل تراجعت فيها المعرفة، دون أن تنهار العلاقة القدسية مع النص، لكن هذه العلاقة أخذت النص إلى مسار مختلف لم يأت من أجله، فجعلت منه كتاباً يحوي كل العلوم، واتجه التأويل لاستخراج العلوم منه دون لحظ طبيعة النص وخصائصه والرسالة التي جاء من أجلها، فحل الإسقاط على النص محل الاستمداد منه، وتم نفس الأمر لدواع أخرى مذهبية أو سياسية أو غيرها، بوعي أو بدونه، لكن هذا الإسقاط متنوع المظاهر والدواعي لا يلغي وجود صلة ما بين النص وبين المجالات التي تم ربطه بها، على أن هذه الصلة ينبغي أن تؤخذ ضمن مسارها الطبيعي المرتبط بمسار النص كحامل
(يُتْبَعُ)
(/)
للرسالة الخاتمة، وبهذا المعنى نفهم كلام الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه):"من أراد العلم فليثور القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين" رواه البيهقي في المدخل وقال: أراد به أصول العلم [4].
التفسير: حاضن العلوم ومخدومها
مما يعزز الصلة بين القرآن والمعرفة عموماً، الأثر الذي تركه القرآن في مختلف العلوم والمعارف، بل أصبح علم التفسير هو الحاضن الأساسي للعلوم التي ولدت في الحضارة الإسلامية، فعاشت تلك العلوم في كنفه إلى أن بلغت الرشد واستقلت بذاتها، وأصبحت علماً له قوانينه التي لا بد لدارس القرآن من معرفتها.
فلئن ولد التفسير كعلم في أحضان علم الحديث، إذ كانت المرويات المتعلقة بتفسير القرآن تمثل جزءاً أساسياً من كتب الحديث، كما أن السنة النبوية بمجملها تمثل مصدراً من مصادر فهم القرآن، فإن الصلة لوثيقة ابتداء بين التفسير وكتب الحديث وعلومه، إذ توثيق الرواية هو الأساس كي تصلح لتفسير القرآن على أساسها، كما أن علم رواية الحديث وتدوينه إنما تأخر ريثما انتشر القرآن مدوناً، فكان مبدأ التوثيق سابقاً في جمع صحف القرآن التي كتبت في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
من جهة أخرى كان من حِكم نزول القرآن الكريم عربياً أن يفهمه من أنزل عليهم، فكان العرب والمسلمون يتلقون القرآن ويفهمون معانيه بما يمتلكونه من فصاحة وبلاغة، ورغم أن القرآن قد جاء بلغة العرب إلا أنه تضمن معان جديدة لبعض المفردات، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبينها، كما أن التراكيب القرآنية تدل عليها، ومع توسع البلاد ودخول الأعاجم ظهرت الحاجة للضبط اللغوي لفهم القرآن، فظهر الاهتمام باللغة العربية وعلومها كالنحو والبلاغة والمعاجم، وكان ذلك لصيقاً بالحاجة إلى فهم القرآن، فولدت فروع في علوم اللغة خاصة بالقرآن، كغريب القرآن وإعجاز القرآن والوجوه والنظائر، ولم يعد ممكناً الفصل بين دراسة اللغة والقرآن الكريم، فكان للقرآن أثره الواضح في الحفاظ على اللغة العربية وتطوير علومها.
ومع تطور المجتمع وتشعب القضايا والمستجدات ظهرت الحاجة إلى ضبط قواعد الاجتهاد وكيفية استنباط الأحكام من النصوص، فتم تأسيس علم أصول الفقه لبيان كتاب الله واستنباط الأحكام منه، انطلاقاً من كونه مصدر الأحكام، قال الإمام الشافعي في كتابه الرسالة:"فليست تنزل في أحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها" [5]، وكان أول عنوان في كتابه البيان، فكانت ظروف تدوين علم أصول الفقه لصيقة باستنباط الأحكام من القرآن وتفسيره.
ومع ظهور إفراد تفسير القرآن بالتأليف في القرن الثاني للهجرة، بدأت تظهر حاجة المفسرين إلى العلوم الأخرى، بحسب موضوعات القرآن، بل ولد من رحم تفسير القرآن علوم جديدة اختصت بالقرآن الكريم، وذلك في ضوء الحاجة إلى ذلك، فظهر رسم القرآن وتاريخ المصاحف، وعلم القراءات ومعاني القرآن، وأسباب النزول، وغيرها من العلوم التي ظهرت تباعاً، وكان هناك إلحاح على ضرورة إلمام المفسر بهذه العلوم، واستخدامها في التفسير حيث كان ثمة حاجة إليها، حتى قال الإمام ابن عطية الأندلسي في مقدمة تفسيره إن كتاب الله "لا يتفسّر إلاّ بتصريف جميع العلوم فيه" [6]، وعدد الإمام أبو حيان الأندلسي سبعة من وجوه العلوم لا ينبغي أن يقدم على تفسير كتاب الله إلا من أحاط بجملة غالبها من كل وجه منها [7]، وقال الإمام البيضاوي في تفسيره: "وبعد، فإن أعظم العلوم مقداراً وأرفعها شرفاً ومناراً علم التفسير الذي هو رئيس العلوم الدينية ورأسها ومبنى قواعد الشرع وأساسها لا يليق لتعاطيه والتصدي للتكلم فيه إلا من برع في العلوم الدينية كلها وأصولها وفروعها وفاق في الصناعات العربية والفنون الأدبية بأنواعه" [8]، وتكرر ذكر سبعة علوم يحتاجها المفسر، هي: علوم اللغة، والنحو، والبلاغة، والحديث، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والقراءات، واستمرت هذه العلوم بالتطور، مع ربط بينها وبين القرآن، إلى أن جاء القرن الثامن الهجري وظهر اصطلاح علمي خاص يجمع أصول هذه العلوم التي تدور حول القرآن وما يحتاجه المفسر، ويعرِّف بها في علم واحد هو"علوم القرآن"، وذلك مع الإمام بدر الدين الزركشي، (ت794هـ) ، صاحب "البرهان في علوم القرآن"، فكان أول من ألف في علوم القرآن بمعناها الاصطلاحي الذي
(يُتْبَعُ)
(/)
يختص بجمع ضوابط العلوم المتصلة بالقرآن الكريم من ناحية كلية عامة، ففيه عرض شامل وموسوعي لعلوم القرآن، حيث اختصر ما ضمنه فيه من معلومات من كتب التفسير واللغة والفقه وغيرها، فجمع آراء العلماء وأضاف إليها، وقد ذكر العشرات من أسماء الكتب والمؤلفين الذين نقل عنهم، فكان كتابه عصارة لفكرهم مضافاً إليها ما رآه الزركشي أو رجحه، لذلك كان كتابه فريداً في موضوعه من حيث كونه أول كتاب يشتمل على مختلف علوم القرآن ويعرف بها، ودرج من بعده الحديث عن علوم القرآن كمصطلح خاص.
أصول التفسير: نحو علم يضبط التأويل
كان من بين القضايا التي تطرقت إليها كتب علوم القرآن شروط المفسر، والأصول والقواعد والضوابط التي يحتاجها المفسر، وهي موضوعات سبق وتطرقت إليه كتب خاصة، وهي بعض ما غدا يعرف حديثاً بـ "أصول التفسير"، أو ما كان يسمى "القواعد الكلية" حسب ابن تيمية، أو "قانون التأويل" حسب تسمية الغزالي وتلميذه ابن العربي، أو "علم التفسير" حسب تسمية الطوفي.
فأصول التفسير مبحث تفرقت موضوعاته في مقدمات بعض المفسرين لتفاسيرهم، وفي كتب علوم القرآن وكتب اللغة وأصول الفقه، ويتناول دراسة الشروط الواجب توفرها في المفسر، والعلوم التي يحتاج إليها المفسر، وأهم قواعد التفسير، اللغوية والأصولية والاستقرائية، فموضوعه "قواعد كلية تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه" [9]، فهو أحد علوم القرآن، وقد ضمن المصنفون -المتقدمون والمتأخرون- في علوم القرآن موضوعاته ضمن كتبهم، فثمة تداخل بين أصول التفسير وعلوم القرآن، لكن علوم القرآن أشمل، وقد تتوسع بعض كتب أصول التفسير إلى مسائل من علوم القرآن، كما أن من علوم القرآن ما لا علاقة لها بالتفسير، إنما هو من قبيل الإحصاء والتوثيق والتأريخ، وأهم وظيفة يؤديها علم أصول التفسير هي ضبط الاستنباط والفهم، والترجيح عند الاختلاف، إذ فيه الأسس والقواعد التي يعرف بها تفسير كلام الله، والشروط والمقدمات العلمية التي يحتاجها المفسر.
وقد أصبح البحث عن أصول للتفسير والتأويل هاجساً لدى المشتغلين بالتفسير حديثاً، وقد اهتم به من المتأخرين المعلم عبد الحميد الفراهي الهندي [10]، لكن هذا المشروع لم يكتمل مساره، رغم كثرة اللبنات في بنائه، إذ المطلوب من هذا العلم أن يعمل في التفسير ما عملته أصول الفقه في الفقه، وأصول الحديث في الحديث، أي أن يصبح هذا العلم بمثابة قانون يضبط العملية التفسيرية، ويصونها من أي شكل من أشكال الانحراف، حتى إذا حصل شيء من ذلك سهل بيانه وكشفه، ومن ثم ضبطه ورده.
لكن عدم اكتمال بناء أصول التفسير كعلم لا يعني عدم وجود تلك الأصول والضوابط والمعايير التي لا بد من معرفة المفسر بها، والتي تمثل كليات في العلوم التي يحتاجها المفسر، لذلك كانوا يشترطون لمن يمارس التفسير أن يكون عالماً بتلك العلوم، لكن العلم بها لا يغني عن استخلاصها وتجريدها كمبادئ ذات صلة مباشرة بالتفسير.
وتبرز أهمية العناية بأصول التفسير في العصر الحديث من ناحيتين:
الأولى صعوبة إحاطة المفسر بالعلوم التي ذكرت كشرط للتفسير نظراً لتطور هذه العلوم واتساعها،
ومن ناحية ثانية أنه عندما يتعمق الباحث بواحد من هذه العلوم يطغى على العلوم الأخرى ويترك أثره في تفسيره، وهذا ما نلمسه في مناهج المفسرين المتقدمين، حتى أصبحت التفاسير توسم بالعلم الذي اصطبغت به أو أثر ذلك العلم فيها، كالتفسير اللغوي، والتفسير الفقهي، والتفسير بالمأثور، والتفسير الصوفي ... ، وهذا إن كان لوناً من التفسير إلا أنه ليس التفسير الأمثل الذي تقتضيه الضوابط التي وضعها المفسرون، بل لا يصح واحد منها ما لم يلتزم بمقتضيات العلوم الأخرى.
الدراسات القرآنية المعاصرة وتنازع العلوم
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا التواشج بين العلوم وبين التفسير والجدل التاريخي بينها (استيلاداً للعلوم أو توظيفاً لها) أصبح في العصر الحديث أشد إلحاحاً وأعمق إشكالاً، من ناحيتي دعوى احتواء القرآن على بعض العلوم أو كلها أو صلاحية أي علم لأن يوظف في فهم القرآن، وقد وجِد المخلص والمسيء بين مدعي كل من الإشكالين أو معارضيهما، كما وجد العالم والمتعالم في تعاطيهما، لكن الدقة تقتضي الحذر في الأحكام المطلقة في القضيتين، وإرجاع تعاطيهما إلى اعتبارين أساسيين يضبطان الوسطية العلمية ومدى الحيد عنها في مقاربة القرآن:
الاعتبار الأول هو لحظ طبيعة القرآن عند درسه وهي كونه حاملاً لرسالة إلهية، وخطاباً للعالمين يتضمن محتوى يطلب من المخاطب التعاطي معه، وهذا معنى وصف القرآن بأنه كتاب هداية مأمور بتبليغه والعمل به، ومن مقتضيات هذا الوصف كونه خطاباً مطلقاً مع اشتماله على ما هو نسبي، فإذا لا حظنا أن القرآن جاء كتاب هداية وإرشاد فينبغي فهم أي معان يحتويها في ثناياه من قضايا العلوم أنها إنما ذكرت ضمن هذا السياق (الهداية) وليست مقصودة لذاتها، فهي حقائق تمثل محطات للاهتداء إلى المرسل (الله) وإدراك عظمة الرسالة (القرآن) وبالتالي أهمية المرسل إليه (محمد صلى الله عليه وسلم)، وأي تجاوز لهذا المستوى يدخل في إسقاط معنى على القرآن لم يأت لبيانه وغن كان أشار إليه.
الاعتبار الثاني هو لحظ كون القرآن إنما هو نص صيغ بلغة عربية لها قوانينها ومعانيها وأساليبها، ولا يستقيم فهم القرآن من غير الأخذ بالاعتبار البعد النصي والبعد اللغوي للقرآن، ففي البعد النصي ينبغي لحظ تكامل النص وإفصاح بعضه عن بعضه، وأثر بنيته في فهمه، وكيفية صياغة أساليبه وخطابه، وفي البعد اللغوي ينبغي لحظ لغة عصر نزوله وما قبلها، ولغة القرآن في علاقته مع هذه اللغة، فضلاً عن قوانين العربية ومعاني مفرداتها.
وعند مراعاة هذين المعيارين يمكن نقد الدارسات المعاصرة للقرآن ومدى الدقة العلمية فيها على تنوع مناهجها وتخصصاتها، ويمكن اعتبارهما بمثابة ضابطين مركزيين للوسطية العلمية في التفسير، ولا بد للدارس عند مراعاتهما أن يلحظ متفرعات عنهما ولوازم لهما، وستكون مشكلات كالتي يثيرها ما يسمى التفسير أو الإعجاز العلمي، أو القراءة المعاصرة للقرآن، أو استخدام العلوم الحديثة في فهم القرآن، غير ذات بال أو أثر لأن لحظ البعد الإلهي والهدائي للقرآن كرسالة سيبعد نسبة شيء إلى القرآن لا يدخل في هذا الإطار، وكذلك الشأن في لحظ الضابط النصي واللغوي يمنع الإسقاط ويساهم في الاستمداد المنهجي للمعنى من القرآن.
ويمكن القول بكلمات ..
إن التفسير بمعناه النسقي التحليلي والتجزيئي الشامل لكامل القرآن لم يعد ثمة حاجة إلى إضافة جديدة فيه تعتمد الجمع والانتقاء أو الاختصار الشخصي، إنما الحاجة فيه إلى عمل موسوعي مؤسسي له صفة الجامع المانع لما تقدم منهجاً ومضموناً، أما الدراسات القرآنية بأنواعها المختلفة فهي المجال الخصب للإبداع والتأصيل والإضافة اعتماداً على مناهج وعلوم مختلفة تستحضر كون القرآن كتاب هداية يحمل رسالة من الله ينبغي فهمها، وأنه كتاب ينضبط فهمه باللغة العربية على أنه نص وخطاب يستخدم أساليبها، وباستحضار هذين البعدين لن يعترض معترض على أي دراسة قرآنية مهما اعتمدت من مناهج وعلوم، وكل دراسة أثارت جدلاً أو كانت موضع نقد علمي أو طعن من منطلق ديني فإنها مأخوذة من واحد من هذين البعدين.
نقلا عن موقع إسلام أون لاين
الإحالات:
[1] انظر: ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج 12 ص125.
[2] انظر: ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج1 ص221.
[3] يقول الإمام الراغب الأصفهاني:"من معجزة هذا الكتاب أنه مع قلة الحجم متضمن للمعنى الجم، وبحيث تقصر الألباب البشرية عن إحصائه، والآلات الدنيوية عن استيفائه"، مفردات غريب القرآن للأصفهاني – المقدمة.
[4] البرهان في علوم القرآن، ج 1 ص 8
[5] الرسالة، تح: أحمد محمد شاكر، ط: دار الكتب العلمية، ص 20
[6] أبو محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي (ت541 ه)، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، المقدمة، ص12.
[7] انظر: محمد بن يوسف أبو حيان الأندلسي الغرناطي (ت754ه)، البحر المحيط في التفسير، المقدّمة (ج 1 / ص 109)
[8] انظر: ناصر الدين أبي سعيد عبد الله الشيرازي البيضاوي (ت691ه)، تفسير البيضاوي (المسمى: أنوار التنزيل وأسرار التأويل)، المقدمة
[9] ابن تيمية، مقدمة في أصول التفسير، تح: عدنان زرزور، ط:2 مؤسسة الرسالة-بيروت1972، ص34
[10] انظر مقدمات كتابه "التكميل في أصول التأويل".
المصدر:الملتقى الفكري للإبداع ( http://www.almultaka.net/ShowMaqal.php?module=2de42fed512135a4ae6dbc44811b4 d8a&cat=1&id=626&m=fddddf612e1d43d9784127a38f09a07 2)(/)
أين أجد مصحف قطر في السعودية؟
ـ[أبو محمد البدري]ــــــــ[07 Jul 2010, 02:28 م]ـ
سلام عليكم، معشر الأشياخ الفضلاء:
المصحف البديع الذي نشرته دولة قطر أين أجده في السعودية، بجميع أحجامه وأصنافه؟
أرجو ردكم الكريم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jul 2010, 04:23 م]ـ
لا أتوقع أن تَجدَهُ في المكتبات للبيع؛ لأنَّ أتوقع أن نظام المطبوعات في وزارة الإعلام السعودية يَمنعُ إدخال أيَّ مصحفٍ للبيع داخل السعودية مؤخراً من أجل الاكتفاء بمصحف المدينة النبوية، وعدم الرغبة في التشويش على عامة الناس. فلا بد لك من التوسل للوصول إلى نسخة من المصحف أو نسخ شخصية من قطر مباشرة. والله أعلم؟
ـ[منصور مهران]ــــــــ[07 Jul 2010, 06:54 م]ـ
لا أتوقع أن تَجدَهُ في المكتبات للبيع؛ (لأنَّ أتوقع) أن نظام المطبوعات في وزارة الإعلام السعودية يَمنعُ إدخال (أيَّ) مصحفٍ للبيع داخل السعودية مؤخراً من أجل الاكتفاء بمصحف المدينة النبوية، وعدم الرغبة في التشويش على عامة الناس. فلا بد لك من التوسل للوصول إلى نسخة من المصحف أو نسخ شخصية من قطر مباشرة. والله أعلم؟
الملون بالحمرة بين القوسين يلزم تصحيحه
وما تحته خط يغني عنه أن نقول: اكتفاءً بمصحف المدينة النبوية
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jul 2010, 07:13 م]ـ
للهِ درُّكَ يا أستاذُ منصورُ ما أطيبَ تصويباتِكَ اللغوية، ونحن ننتظرها بين الفَينةِ والأخرى، فلا تبخل بِها.
نُعيدُها إذن يا أستاذنا:
لا أتوقع أن تَجدَهُ في مكتباتِ البيع؛ حيثُ إِنَّ نظامَ المطبوعات في وزارة الإعلام السعودية يَمنعُ إدخالَ المصاحف اكتفاءً بمصحف المدينة النبوية، ورغبة في عدم التشويش على عامة الناس، فعليكَ بالبحثِ عن نسخةٍ شخصية من قطر مباشرة. والله أعلم.(/)
سبورة التدبر .. (لنكسر الأقفال)
ـ[أبو مفازه]ــــــــ[07 Jul 2010, 02:28 م]ـ
(أفلا يتدبرون القرآن)
أعز كتاب ,, وأجمل حديث
تعالوا
هنا
لنكسر الأقفال
لنتعلم
تدبر القرآن
لنبتهل إلى الله
بأن
يهبنا
نعمة الخشية من القرآن وفهمه
لنتعاون
ونتساعد
بأن
نفيق من
غفلتنا
ونكون
من الذين
أذا قرأ عليهم القرآن
خروا
سجداً / وبكيا
يتبع
ـ[أبو مفازه]ــــــــ[07 Jul 2010, 02:30 م]ـ
http://www.gwoltal.myfastmail.com/files/Post%20It%20Note%20Board
سبورة التدبر:
مشروع صغير وفكرة بسيطة ,, كنت أدخرها لشهر رمضان المباركـ ,, ولكن يبدو أن وقتها الآن أكثر مناسبة ,,
أن يكون عندنا سبورة نعلق عليها ورقات صغيرة (نوتات) ملونة
كل لون يكون لأمر معين يصب بـ مفهوم التدبر ويوصل إلى محبة هذا الكتاب العظيم
اللون الأبيض =
درس عن التدبر و وسائله والحث عليه
(صوتي / كتابي)
اللون الوردي =
هو العيش مع آية ,, ومشاعر أنولدت من قراءة آية مؤثرة
(كتابي)
اللون الأخضر =
هو قراءة لآيات بصوت خاشع و يساعد علي التدبر
(صوتي)
اللون الأزرق =
هو تفسير آية من كتاب معروف أو من عالم تفسير جليل
(صوتي / أو كتابي)
ـ[أبو مفازه]ــــــــ[07 Jul 2010, 02:31 م]ـ
http://www.youtube.com/watch?v=iaV7AHyckgU
( ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى صليا , وأن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا)
يارب أجعلنا من الذين أتقوا الذين تنجيهم ياحي ياقيوم
ـ[أبو مفازه]ــــــــ[07 Jul 2010, 02:33 م]ـ
مفاتح تدبر القرآن عشرة مجموعة في قولك:
(لإصلاح ترتج)
(ل)
قلب، والمعنى أن القلب هو آلة فهم القرآن، والقلب بيد الله تعالى يقلبه كيف شاء، والعبد مفتقر إلى ربه ليفتح قلبه للقرآن فيطلع على خزائنه وكنوزه
(أ)
أهداف أو أهمية: أي استحضار أهداف قراءة القرآن؟ أي لماذا تقرأ القرآن.
(ص)
صلاة: أن تكون القراءة في صلاة.
(ل)
ليل: أن تكون القراءة والصلاة في ليل.أي وقت الصفاء والتركيز
(أ)
أسبوع: أن يكرر ما يقرؤه من القرآن كل أسبوع.حتى لو لجزء منه.
(ح)
حفظا: أن تكون القراءة حفظا عن ظهر قلب بحيث يحصل التركيز التام وانطباع الآيات عند القراءة.
(ت)
تكرار: تكرار الآيات وترديدها.
(ر)
ربط: ربط الآيات بواقعك اليومي وبنظرتك للحياة.
(ت)
ترتيل وترسل: الترتيل والترسل في القراءة. وعدم العجلة إذ المقصود هوالفهم وليس الكم وهذه مشكلة الكثيرين وهم بهذا الاستعجال يفوتون على أنفسهم خيرا عظيما.
(ج)
جهرا: الجهر بالقراءة. ليقوى التركيز ويكون التوصيل بجهتين بدلا من واحدة أي الصورة والصوت.
فهذه وسائل وأدوات يكمل بعضها بعضا في تحقيق وتحصيل مستوى أعلى وأرفع في تدبر آيات القرآن الكريم والانتفاع والتأثر بها.
وإن مما يتأكد التنبيه عليه عدم قصر وحصر النجاح في تدبر القرآن على هذه المفاتح، فما هي إلا أسباب والنتائج بيد الله تعالى يعطيها من شاء ويمنعها من شاء.فلا يعني - مثلا - إذا قلنا: من مفاتح تدبر القرآن أن تكون القراءة في ليل، أن قراءة النهار لا تفيد وملغاة.وإذا قلنا: أن تكون القراءة في صلاة، أن القراءة خارج الصلاة لا تحقق التدبر.فالحصر والقصر غير صحيح بل القرآن كله مؤثر يؤثر في كل وقت وعلى أي حال متى شاء الله ذلك. وما أقوله إن هي إلا وسائل بحسب الاستقراء من النصوص وحال السلف وهي أسباب يسلكها كل مريد للانتفاع بالقرآن بشكل أكبر وأعمق وأشمل.وهي أسباب نذكر بها من حرم من تدبر القرآن وهو يريده، نقول له اسلك هذه الأسباب لعل الله إذا رأى مجاهدتك في هذا الأمر وعلم منك صدقك أن يفتح لك خزائن كتابه تتنعم فيها في الدنيا قبل الآخرة.
إن التلذذ بالقرآن لمن فتحت له أبوابه لا يعادله أي لذة أو متعة في هذه الحياة ولكن أكثرالناس لا يعلمون
ـ[أبو مفازه]ــــــــ[07 Jul 2010, 02:34 م]ـ
كيف نتدبر القرآن 1:
http://audio.islamweb.net/audio/listenbox.php?audioid=205342&type=ram (http://audio.islamweb.net/audio/listenbox.php?audioid=205342&type=ram)(/)
فائدة طبية حول قول الله تعالى (ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال)
ـ[عطاء الله الأزهري]ــــــــ[07 Jul 2010, 03:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(و نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال)
قال تعالى في معرض وصفه لفتية الكهف الذين لبثوا و هم نيام في كهفهم ثلاثة مئةٍ سنين و ازدادوا تسعاً: (و نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال) الكهف: 18.
إن من الإصابات الشائعة و الصعبة العلاج التي تعترض الأطباء الممارسين في المشافي هي مشكلة حدوث الخشكرشات أو ما تسمى بقرحة السرير Bed Sore عند
المرضى الذين تضطرهم حالتهم للبقاء الطويل في السرير كما في كسور الحوض و العمود الفقري أو الشلول أو حالات السبات الطويل و الخشكريشات هذه عبارة عن
قرحات و تموت في الجلد و الأنسجة التي تحته بسبب نقص التروية الدموية عن بعض مناطق الجلد، نتيجة انضغاطها بين الجزاء الصلبة من البدن و مكان الاضطجاع و
أكثر ما تحصل في المنطقة العجزية و الاليتين و عند لوحي الكتفين و كعبي القدمين،و لا وقاية منن حدوث هذه الخشكريشات سوى تقليب المريض دون تقليب أكثر من
(12) ساعة، و قد تكون هذه هي الحكمة من تقليب الله عز و جل لأهل الكهف لوقايتهم من تلك الإصابة و إن كانت قصة أهل الكهف كلها تدخل في نطاق
المعجزة!!.
المرجع:
مع الطب في القرآن الكريم تأليف الدكتور عبد الحميد دياب و الدكتور أحمد قرقوز مؤسسة علوم القرآن دمشق.
ـ[بوعلام]ــــــــ[08 Jul 2010, 01:59 م]ـ
أرجو من أخي عطاء توضيح أكثر وبارك الله فيه
ـ[عطاء الله الأزهري]ــــــــ[08 Jul 2010, 02:15 م]ـ
خلاصة الكلام أن الإنسان إذا ظل مدة طويلة جالس أو نائم على جهة معينة أدى ذلك إلى حدوث تقرحات فى الجنب الذى ينام عليه هذه المدة الطويلة وكذلك فى الإليتين إذا جلس مدة طويلة على حالة واحدة وهذا يحدث للمرضى المصابين بكسور الحوض والشلل وغير ذلك ونظرا لأن أصحاب الكهف باتوا فى كهفهم نائمين ثلاثمئة سنين وازدادوا تسعا فجعلهم الله يتقلبون على أيمانهم تارة وشمائلهم تارة أخرى لوقايتهم من هذا المرض- والله أعلم-.(/)
الكتب التي تكلمت على آيات القرآن الكريم التي ظاهرها التعارض
ـ[فهر راشد الأزهري]ــــــــ[07 Jul 2010, 06:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،أما بعد:
فهل يوجد أخ كريم يدلني على الكتب التي تكلمت على آيات القرآن الكريم التي ظاهرها التعارض، وحبذا لو وضع لي روابط لهذه الكتب.
والسلام عليكم
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[07 Jul 2010, 10:52 م]ـ
دفع دعوى التعارض بين آيات القرآن. من كان عنده شيء فى هذالموضوع فليخبرنا جزاه الله خيرا
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[07 Jul 2010, 11:37 م]ـ
منها؛
1/ دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب للشنقيطي ((ط: ابن تيمية، أو عالم الفوائد))
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[07 Jul 2010, 11:47 م]ـ
2/ (الفوائد في مشكل القرآن) لعز الدين بن عبد السلام المتوفى (660هـ) وهو كتاب قيِّم في بابه.
3/ كذلك تعرَّض كثير من المفسرين لبعض مباحث هذا العلم، أثناء تفسيرهم لكتاب الله تعالى.
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[07 Jul 2010, 11:59 م]ـ
ـــــ آيات العقيدة التى قد يوهم ظاهرها التعارض؛
إعداد: خالدبن عبدالله الدميجى-حياة بنت حمد المحمادى-حنان بنت رافع العمرى
طبعة: دار الهدى النبوى-دار الفضيلة فى 2 مجلد.
- تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء حتى لايوجد في طائفة من كتب التفسير فيها القول الصواب بل لا يوجد فيها إلا ما هو خطأ
تأليف: شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
تحقيق ودراسة: عبدالعزيز الخليفة
الناشر: دار الصميعي-مجلدان.
- موهم الاختلاف و التناقض فى القران الكريم
إعداد: ياسر أحمد على الشمالى
رسالة ماجستير مقدمة لقسم الكتاب و السنة بكلية الدعوة و أصول الدين بجامهة أم القرى
عام 1408
- ملاك التأويل القاطع بذوى الإلحاد و التعطيل فى توجيه المتشابه اللفظ من آى التنزيل
تأليف: أحمد بن إبراهيم بن الوزير الثقفى الغرناطى
تحقيق: سعيد الفلاح
الناشر: دار الغرب الاسلامى-2مجلد
ـــ فوائد فى مشكل القرآن
تأليف: عز الدين عبدالعزيز بن عبدالسلام
تحقيق: د\سيد رضوان على الندوى
الناشر: دار الشروق -جدة
ــــ فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن
المؤلف: أبو يحيى زكريا الأنصاري
حققه وعلق عليه: الشيخ محمد علي الصابوني
الناشر:دار القرآن الكريم -بيروت
ــ درة التنزيل وغرة التأويل في بيان الآيات المتشابهات في كتاب الله العزيز
اسم المؤلف: الخطيب الإسكافي
تحقيق: محمد مصطفى آيدين
نشر: معهد البحوث العلمية بمكة
ــــ تفسير المشكل من غريب القرآن العظيم على الإيجاز و الاختصار
تأليف: لأبى محمد مكى بن أبى طالب القيسى
دراسة و تحقيق: هدى الطويل المرعشلى
الناشر: دار البشائر الإسلامية -بيروت
ـــــ تأويل مشكل القرآن
تأليف: ابن قتيبة
- باهر البرهان فى معانى مشكلات القرآن
تأليف: محمود بن أبى الحسن النيسابورى الغزنوى
دراسة و تحقيق: سعاد بنت صالح بن سعيد بابقى
الناشر: مطبوعات معهد البحوث العلمية و إحياء التراث الإسلامى بجامعة أم القرى
وانظر هذا الرابط؛
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=8239
ـ[بوعلام]ــــــــ[08 Jul 2010, 01:21 م]ـ
أنصح بقراءة كتاب _العذب النمير في مجالس التفسير _جمع الشيخ خالد السبت حفظه الله
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[09 Jul 2010, 09:11 م]ـ
ــــــ ذكر الدكتور / مساعد الطيار بعض الكتب في أنواع التصنيف.
ـــــ وراجع هذا الرابط؛
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=1318311
ـ[فهر راشد الأزهري]ــــــــ[09 Jul 2010, 09:14 م]ـ
جزى الله خيرا كل من أدلى بدلوه وشارك في هذا الموضوع(/)
من روائع ابن القيم.
ـ[بوعلام]ــــــــ[07 Jul 2010, 09:22 م]ـ
من روائع العلم التي في كتب ابن القيم الجوزية رحمه الله
أقتبس إليكم هذه الفوائد:
قال تعالى: {من ذا الذى يقرض الله قرضاً حسناً فَيْضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} * [البقرة: 542]، وقال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِى يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} * [الحديد: 11]، فصدَّر سبحانه الآية بألطف أنواع الخطاب، وهو الاستفهام المتضمن لمعنى الطلب، وهو أبلغ فى الطلب من صيغة الأمر، والمعنى: هل أحد يبذل هذا القرض الحسن فيجازى عليه أضعافاً مضاعفة؟ وسمى ذلك الإنفاق قرضاً حسناً حثاً للنفوس وبعثاً لها على البذل لأن الباذل متى علم أن عين ماله يعود إليه ولا بد طوّعت له نفسه بذله وسهل عليه إخراجه.
1_فإن علم أن المستقرض ملى وفى محسن كان أبلغ فى طيب قلبه وسماحة نفسه،
2_فإن علم أن المستقرض يتجر له بما اقترضه وينميه له ويثمرة حتى يصير أضعاف ما بذله كان بالقرض أسمح وأسمح،
3_فإن علم أنه مع ذلك كله يزيده من فضله وعطائه أجراً آخر من غير جنس القرض وأن ذلك الأجر حظ عظيم وعطاءٌ كريم فإنه لا يتخلف عن قرضه إلا لآفة فى نفسه من البخل والشح أو عدم الثقة بالضمان، وذلك من ضعف إيمانه، ولهذا كانت الصدقة برهاناً لصاحبها.
وهذه الأمور كلها تحت هذه الألفاظ التى تضمنتها الآية، فإنه سبحانه سماه قرضاً، وأخبر أنه هو المقترض لا قرض حاجة، ولكن قرض إحسان إلى المقرض استدعاه لمعاملته، وليعرف مقدار الربح فهو الذى أعطاه ماله واستدعى منه معاملته به، ثم أخبر عن ما يرجع إليه بالقرض وهو الأضعاف المضاعفة، ثم أخبر عما يعطيه فوق ذلك من الزيادة وهو الأجر الكريم.
وحيث جاءَ هذا القرض فى القرآن قيده بكونه حسناً، وذلك يجمع أموراً ثلاثة:
أحدها أن يكون من طيب ماله لا من رديئه وخبيثه.
الثانى: أن يخرجه طيبة به نفسه ثابتة عند بذله ابتغاءَ مرضاة الله.
الثالث: أن لا يمن به ولا يؤذى.
فالأول يتعلق بالمال، والثانى يتعلق بالمنفق بينه وبين الله، والثالث بينه وبين الآخذ. وقال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللهِ كَمَثَل حَبّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سنَابِلَ فِى كُلِّ سُنْبُلَةٍ مَائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} * [البقرة: 261]، وهذه الآية كالتفسير والبيان لمقدار الأضعاف التى يضاعفها للمقرض، ومثل سبحانه بهذا المثل إحضاراً لصورة التضعيف فى الأذهان بهذه الحبة التى غيبت فى الأرض فأنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة، حتى كأن القلب ينظر إلى هذا التضعيف ببصيرته كما تنظر العين إلى هذه السنابل التى من الحبة الواحدة فينضاف الشاهد العيانى الشاهد الإيمانى القرآنى فيقوى إيمان المنفق وتسخو نفسه بالإنفاق.
وتأمل كيف جمع السنبلة فى هذه الآية على سنابل وهى من مجموع الكثرة، إذ المقام مقام تكثير وتضعيف، وجمعها على سنبلات فى قوله تعالى: {وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وأُخَرَ يَابِسَاتٍ} * [يوسف: 43]، فجاءَ بها على جمع القلة لأن السبعة قليلة ولا مقتضى للتكثير. وقوله تعالى: {وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ} * [البقرة: 261]، قيل: المعنى والله يضاعف هذه المضاعفة لمن يشاءُ لا لكل منفق بل يختص برحمته من يشاءُ، وذلك لتفاوت أحوال الإنفاق فى نفسه، وفى صفات المنفق وأحواله و فى شدة الحاجة وعظيم النفع وحسن الموقع.
وقيل: والله يضاعف لمن يشاءُ فوق ذلك فلا يقتصر به على السبعمائة، بل يجاوز فى المضاعفة هذا المقدار إلى أضعاف كثيرة.
فتأمل هذه البلاغة والفصاحة والإيجاز المتضمن لغاية البيان. وهذا كثير فى أمثال القرآن، بل عامتها ترد على هذا النمط، ثم ختم الآية بإسمين من أسمائه الحسنى مطابقين لسياقها، وهما الواسع والعليم، فلا يستبعد العبد هذه المضاعفة ولا يضيق عنها عطنه، فإن المضاعف سبحانه واسع العطاء واسع الغنى واسع الفضل، ومع ذلك فلا يظن أن سعة عطائه تقتضى حصولها لكل منفق فإنه عليم بمن تصلح له هذه المضاعفة وهو أهل لها، ومن لا يستحقها ولا هو أهل لها، فإن كرمه سبحانه وفضله تعالى لا يناقض حكمته، بل يضع فضله مواضعه لسعته ورحمته، ويمنعه من ليس من أهل
(يُتْبَعُ)
(/)
بحكمته وعلمه. ثم قال تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} * [البقرة:262]، هذا بيان للقرض الحسن ما هو؟ وهو أن يكون فى سبيله أى فى مرضاته والطريق الموصلة إليه، ومن أنفعها سبيل الجهاد.
والمن نوعان أحدهما: منّ بقلبه من غير أن يصرح به بلسانه، وهذا إن لم يبطل الصدقة فهو من نقصان شهود منة الله عليه فى إعطائه المال وحرمان غيره وتوفيقه للبذل ومنع غيره منه فللَّه المنة عليه من كل وجه، فكيف يشهد قلبه منه لغيره؟
والنوع الثانى: أن يمن عليه بلسانه فيتعدى على من أحسن إليه بإحسانه ويريه أنه اصطنعه وأنه أوجب عليه حقاً وطوقه منة فى عنقه فيقول: أما أعطيتك كذا وكذا؟ ويعدد أياديه عنده.
وفى ذلك قيل:
وإن امرءاً أَهدى إلى صنيعة وذكَّرنيها مرة لبخيل
فتأمل هذه النصائح من الله لعباده، ودلالته على ربوبيته وإلهيته وحده، وأنه يبطل عمل من نازعه فى شيء من ربوبيته وإلهيته لا إله غيره ولا رب سواه.
ثم قال تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِن صدَقةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِى حَلِيمٌ} * [البقرة: 263].
ثم قال الله تعالى: {يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِى يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ ولا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوًَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيءٍ مِمَّا كسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} * [البقرة: 264]، تضمنت هذه الآية الإخبار بأن المن والأذى يحبط الصدقة، وهذا دليل على أن الحسنة قد تحبط بالسيئة وقوله: {كَالَّذِى يُنفِقُ إما أن يكون المعنى كإبطال الذى ينفق فيكون شبه الإبطال بالإبطال، أو المعنى لا تكونوا كالذى ينفق ماله رئاءَ الناس، فيكون تشبيها للمنفق بالمنفق. وقوله: {فَمَثَلُهُ} أى مثل هذا المنفق الذى قد بطل ثواب نفقته: {كَمَثَلَ صَفْوَانٍ} وهو الحجر الأملس، ((عَلَيْهِ تُرَابٌ فأَصَابَهُ وابِلٌ)) وهو المطر الشديد، ((فَتَرَكَهُ صَلْداً)) وهو الأملس الذى لا شيء عليه من نبات ولا غيره وهذا من أبلغ الأمثال وأحسنها، فإنه يتضمن تشبيه قلب هذا المنفق المرائى- الذى لم يصدر إنفاقه عن إيمانه واليوم الآخر- بالحجر لشدته وصلابته وعدم الانتفاع به. وتضمن تشبيه ما علق به من أثر الصدقة بالغبار الذى علق بذلك الحجر، والوابل الذى أزال ذلك التراب عن الحجر فأذهبه بالمانع الذى أبطل صدقته وأزالها كما يذهب الوابل التراب الذى على الحجر فيتركه صلداً فلا يقدر المنفق على شيء من ثوابه لبطلانه وزواله.
ثم قال: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَل، وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} * [البقرة: 265].
هذا مثل الذى مصدر نفقته على الإخلاص والصدق، فإن ابتغاءَ مرضاته سبحانه هو الإخلاص، والتثبيت من النفس هو الصدق فى البذل، فإن المنفق يعترضه عند إنفاقه آفتان إن نجا منهما كان مثله ما ذكره فى هذه الآية،
إحداهما: طلبه بنفقته محمدة أو ثناءً أو غرضاً من أغراضه الدنيوية، وهذا حال أكثر المنفقين
والآفةالثانية: ضعف نفسه بالبذل وتقاعسها وترددها، هل يفعل أم لا؟
فالآفة الأولى تزول بابتغاءِ مرضاة الله،
والآفة الثانية تزول بالتثبيت فإن تثبيت النفس تشجيعها وتقويتها والإقدام بها على البذل. وهذا هو صدقها، وطلب مرضاة الله إرادة وجهه وحده وهذا إخلاصها، فإذا كان مصدر الإنفاق عن ذلك كان مثله كجنة- وهى البستان الكثير الأشجار-والجنة بربوة- وهو المكان المرتفع- لأنها أكمل من الجنة التى بالوهاد والحضيض، لأنها إذا ارتفعت كانت بمدرجة الأهوية والرياح، وكانت ضاحية للشمس وقت طلوعها واستوائها وغروبها، فكانت أنضج ثمراً وأطيبه وأحسنه وأكثره، فإن الثمار تزداد طيباً وزكاءَ بالرياح والشمس، بخلاف الثمار التى تنشأُ فى الظلال، وإذا كانت الجنة بمكان
(يُتْبَعُ)
(/)
مرتفع لم يخش عليها إلا من قلة الشرب فقال تعالى: {أصابَها وَابِلٌ} * [البقرة: 265]، وهو المطر الشديد العظيم القدر فأدت ثمرتها وأعطت بركتها فأخرجت [ثمرتها] ضعفى ما يثمر غيرها أو ضعفى ما كانت تثمر بسبب ذلك الوابل، فهذا حال السابقين المقربين: {فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَل} * [البقرة: 265]، فهو دون الوابل، فهو يكفيها لكرم منبتها وطيب مغرسها فتكتفى فى إخراج بركتها بالطل، وهذا حال الأبرار المقتصدين فى النفقة وهم درجات عند الله، فأصحاب الوابل أعلاهم درجة، وهم الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة، وأصحاب الطل مقتصدوهم.
ثم قال تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُم أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فأَصَابَها إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} * [البقرة: 266]، قال الحسن: هذا مثلٌ قلَّ والله من يعقله من الناس، شيخ كبير ضعف جسمه وكثر صبيانه أفقر ما كان إلى جنته، وإن أحدكم والله أفقر ما يكون إلى عمله إذا انقطعت عنه الدنيا.
وفى صحيح البخارى عن عبيد بن عمير قال: سأل عمر يوماً أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم: فيم هم يرون هذه الآيات نزلت: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّنْ نَخِيلٍ} * [البقرة: 266] الآية؟ قالوا: الله أعلم، فغضب عمر فقال: قولوا نعلم أو لا نعلم، فقال ابن عباس: فى نفسى منها شيء يا أمير المؤمنين، فقال عمر: قم يا ابن أخى ولا تحقر بنفسك. قال ابن عباس: ضربت مثلاً لعمل. قال عمر: أى عمل؟ قال ابن عباس: لعمل. قال عمر: لرجل عمل بطاعة الله، ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصى حتى أغرق أعماله.
فقوله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ} أخرجه مخرج الاستفهام الإنكارى، وهو أبلغ من النفى والنهى وألطف موقعاً، كما ترى غيرك يفعل فعلاً قبيحاً فنقول: لا يفعل هذا عاقل، لا يفعل هذا من يخاف الله والدار الآخرة. وقال تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ} بلفظ الواحد لتضمنه معنى الإنكار العام، كما تقول يفعل هذا أحد فيه خير؟ وهو أبلغ فى الإنكار من أن يقول أيودون. وقوله: ((أَيَوَدُّ)) أبلغ فى الإنكار من لو قيل: أَيريد، لأن محبة هذا الحال المذكورة وتمنيها أقبح وأنكر من مجرد إرادتها.
وقوله تعالى: {أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ} خص هذين النوعين من الثمار بالذكر لأنهما أشرف أنواع الثمار وأكثرها نفعاً، فإن منهما القوت والغذاءَ والدواءَ والشراب والفاكهة والحلو والحامض، ويؤكلان رطباً ويابساً، ومنافعهما كثيرة جداً.
والمقصود أن هذين النوعين هما أفضل أنواع الثمار وأكرمها، فالجنة المشتملة عليهما من أفضل الجنان، ومع هذا فالأنهار تجرى تحت هذه الجنة، وذلك أكمل لها وأعظم فى قدرها، ومع ذلك فلم تعدم شيئاً من أنواع الثمار المشتهاة بل فيها من كل الثمرات، ولكن معظمها ومقصودها النخيل والأعناب، فلا تنافى بين كونها من نخيل وأعناب، و {فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} * [البقرة: 266]، ونظير هذا قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً} * [الكهف: 32] إلى قوله تعالى: {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ} * [الكهف: 34] ثم قال تعالى: ((فأَصَابَهَا)) أى الجنة ((إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ))، وفى [الكهف]: {وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِى خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} * [الكهف: 42]، وما ذلك إلا ثمار الجنة.
ثم قال تعالى: {وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ} هذا إشارة إلى شدة حاجته إلى جنته، وتعلق قلبه بها من وجوه،
أحدها: أنه قد كبر سنه عن الكسب والتجارة ونحوها،
الثانى: أن ابن آدم عند كبر سنه يشتد حرصه،
الثالث: أن له ذرية فهو حريص على بقاءِ جنته لحاجته وحاجة ذريته،
الرابع: أنهم ضعفاءُ فهم كل عليه لا ينفعونه بقوتهم وتصرفهم،
(يُتْبَعُ)
(/)
الخامس: أن نفقتهم عليه، لضعفهم وعجزهم، وهذه نهاية ما يكون من تعلق القلب بهذه الجنة: لخطرها فى نفسها وشدة حاجته وذريته إليها.
فإذا تصورت هذه الحال وهذه الحاجة فكيف تكون مصيبة هذا الرجل إذا أصاب جنته إعصار وفيه نار مرت بتلك الجنة فأحرقتها وصيرتها رمادا ً، فصدق والله الحسن- هذا مثلٌ قلَّ من يعقله من الناس- ولهذا نبه سبحانه وتعالى على عظم هذا المثل، وحدا القلوب إلى التفكر فيه لشدة حاجتها إليه فقال تعالى: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} * [البقرة: 266]، فلو فكر العاقل فى هذا المثل وجعله قبلة قلبه لكفاه وشفاه، فهكذا العبد إذا عمل بطاعة الله ثم أتبعها بما يبطلها ويفرقها من معاصى الله كانت كالإعصار ذى النار المحرق للجنة التى غرسها بطاعته وعمله الصالح، فلو تصور العامل بمعصية الله بعد طاعته هذا المعنى حق تصوره وتأمله كما ينبغى لما سولت له نفسه والله إحراق أعماله الصالحة وإضاعتها، ولكن لا بد أن يغيب عنه علمه بذلك عند المعصية، ولهذا استحق اسم الجهل فكل من عصى الله فهو جاهل.
وتأمل كيف ضرب سبحانه المثل للمنفق المرائى- الذى لم يصدد إنفاقه عن الإيمان- بالصفوان الذى عليه التراب، فإنه لم ينبت شيئاً أصلا، بل ذهب بذره ضائعاً، لعدم إيمانه وإخلاصه.
ثم ضرب المثل لمن عمل بطاعة الله مخلصاً بنيته لله ثم عرض له ما أبطل ثوابه بالجنة التى هى من أحسن الجنان وأطيبها وأزهارها، ثم سلط عليها الإعصار النارى فأحرقها، فإن هذا نبت له شيء وأثمر له عمله ثم احترق، والأول لم يحصل له شيء يدركه الحريق.
فتبارك من جعل كلامه حياة للقلوب وشفاءً للصدور وهدى ورحمة، ثم قال: {يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسِبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِّنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} * [البقرة: 267]،فإن الكسب تدخل فيه التجارات كلها على اختلاف أصنافها وأنواعها من الملابس والمطاعم والرقيق والحيوانات والآلات والأمتعة وسائر ما تتعلق به التجارة والخارج من الأرض يتناول حبها وثمارها وركازها ومعدنها، وهذان هما أصول الأموال وأغلبها على أهل الأرض فكان ذكرهما أهم، ثم قال: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} * [البقرة: 267]، فنهى سبحانه عن قصد إخراج الرديء كما هو عادة أكثر النفوس تمسك الجيد لها وتخرج الردي للفقير، ونهيه سبحانه عن قصد ذلك وتيممه فيه ما يشبه العذر لمن فعل ذلك لا عن قصد وتيمم بل إما عن اتفاق، إذا كان هو الحاضر إذ ذاك أو كان ماله من جنسه، فإن هذا لم يتيمم الخبيث بل تيمم إخراج بعض ما منَّ الله عليه، وموقع قوله: {مِنْهُ تُنْفِقُونَ موقع الحال، أى لا تقصدوه منفقين منه.
ثم قال [تعالى]: {وَلَسْتُمْ بِآخذِيهِ إِلا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ} * [البقرة: 267]، أى لو كنتم أنتم المستحقين له وبذل لكم لم تأخذوه فى حقوقكم إلا بأن تتسامحوا فى أخذه وتترخصوا فيه، ثم ختم الآيتين بصفتين يقتضيهما سياقهما فقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِى حَمِيدٌ} * [البقرة: 267] فغناه وحمده يأْبى قبول الرديئ.
ثم قال تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيأْمُرُكُمْ بِالْفَحَشَاءِ وَاللهِ يَعِدُكُمْ مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} * [البقرة: 268] هذه الآية تتضمن الحض على الإنفاق والحث عليه بأبلغ الألفاظ وأحسن المعانى، فإنها اشتملت
1_على بيان الداعى إلى البخل
2_والداعى إلى البذل والإنفاق،
3_وبيان ما يدعوه إليه داعى البخل
4_وما يدعو إليه داعى الإنفاق
5_وبيان ما يدعو به داعى الأمرين.
فأخبر سبحانه أن الذى يدعوهم إلى البخل والشح هو الشيطان،
وأخبر أن دعوته هى بما يعدهم به ويخوفهم من الفقر إن أنفقوا أموالهم، وهذا هو الداعى الغالب على الخلق، فإنه يهم بالصدقة والبذل فيجد فى قلبه داعياً يقول له: متى أخرجت هذا دعتك الحاجة إليه وافتقرت إليه بعد إخراجه، وإمساكه خير لك حتى لا تبقى مثل الفقير، فغناك خير لك من غناه.
فإذا صور له هذه الصورة أمره بالفحشاء وهى البخل الذى هو من أقبح الفواحش. فهذا وعده وهذا أمره، وهو الكاذب فى وعده، الغارّ الفاجر فى أمره. فالمستجيب لدعوته مغرور مخدوع مغبون، فإنه يدلى من يدعوه بغروره، ثم يورده شر الموارد. كما قال:
دلاهم بغُرور ثم أوردهم إن الخبيث لمن والاه غرّار
هذا وإن وعده له الفقر ليس شفقة عليه ولا نصيحة له كما ينصح الرجل أخاه، ولا محبة فى بقائه غنياً، بل لا شيء أحب إليه من فقره وحاجته، وإنما وعده له بالفقر وأَمره إياه بالبخل ليسيء ظنه بربه ويترك ما يحبه من الإنفاق لوجهه فيستوجب منه الحرمان.
وأما الله سبحانه فإنه يعد عبده مغفرة منه لذنوبه، وفضلاً بأن يخلف عليه أكثر مما أنفق وأضعافه إما فى الدنيا أو فى الدنيا والآخرة، فهذا وعد الله وذاك وعد الشيطان فلينظر البخيل والمنفق أى الوعدين هو أوثق وإلى أيهما يطمئن قلبه وتسكن نفسه؟ والله يوفق من يشاءُ ويخذل من يشاءُ وهو الواسع العليم.
طريق الهجرتين ج 2 لابن القيم.(/)
التفسير التأملي، أوالوقفات مع السور والآيات القرآنية
ـ[ياسين مبشيش]ــــــــ[08 Jul 2010, 12:13 ص]ـ
السلام عليكم إخواني في الله
هل منكم من قرأ أوكتب في موضوع التفسير التأملي، وحقيقته وضوابطه أو التفسير بالوقفات مع السور والآيات. أحسن الله لكم، كما أرجو التفاعل مع الموضوع لعله يصلح لموضوع رسالة دكتراه.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[08 Jul 2010, 12:52 ص]ـ
لا شك أن التفسير التحليلي الذي يعني وضع النص القرآني في صورته التأملية يهتم غاية الاهتمام بمطلوبك أخي الكريم.
ومن أبرز العلماء الذين أثروا المكتبة القرآنية بتأملاتهم، بل بالأسبقية الزمنية لهذا الصنف من التحليل الإمام الزمخشري والفخر وابن عطية وأبو حيان وأبو السعودوالشهاب وزادة والجمل والآلوسي وغيرهم الكثير والكثير.
هذا وقد صنف في هذا النوع من التفسير العدد الكثير من العلماء المعاصرين
ودونك مثالا لهذا التأمل:
قال تعالى في سورة يوسف ـ عليه السلام ـ:
] ألر تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ المُبِينِ (1) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِياًّ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا القُرْآنَوَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الغَافِلِينَ (3) [{يوسف}
تأملات.
* إن قلنا: إلى أي شيء يشير اسم الإشارة " تلك " في قوله I] تِلْكَ آيَاتُ الكِتَابِ [؟
الجواب: يشير إلى الكتاب كله، أو إلى سورة يوسف فحسب.
* وإن قلنا: الإشارة ترجع إلى آيات هذه السورة سألنا: كيف يكون ذلك مع أنها لم تذكر بعد؟
الجواب: لتنزيلها ـ لكونها مُتَرَقَّبة ـ منزلة المتقدم.
أو لجعل حضورها في الذهن بمنزلة الوجود الخارجي.
* تِلْكَ: إشارة للبعيد، فما مفهوم البعد هنا؟
الجواب: لما كان ما أشير إليه ـ القرآن ـ غير محسوس نُزِّل منزلة البعيد؛ لبعده
عن حيز الإشارة، أو للعظمة وبُعد المرتبة.
* ما الحكمة في وصف القرآن الكريم بقوله] مُبينِ [ومن بَعْدُ بالعربية] قُرْآناً
عَرَبِياًّ [؟
الجواب: أن قوله] مُبِينِ [يظهر الشرف الذاتي للقرآن، وقوله] عَرَبِياًّ [
يظهر الشرف الإضافي كأنه شرف على شرف.
* هل من حكمة نلتمسها في ضمائر العظمة في (إنا، أنزلناه، نحن، نقص،
بما أوحينا)؟
الجواب: إن ضمائر العظمة هذه تحكي تعظيماً أبدياً أزلياً لا ينفك عن ذات الله U،
وبالتالي ينسحب على كلامه I القديم: القرآن الكريم، وبالتبعية هو تشريف للنبي r ولأمته.
* هل في نسبة كلام الله U إلى العرب من تشريف يحفظ لهذه الأمة وللغتها؟
الجواب: يقول العلامة الآلوسي: (هذه الآية تدل على أن اللسان العربي أفصح
الألسنة وأوسعها وأقومها وأعدلها؛ لأن من المقرر أن القول ـ وإن خَصَّ بخطابه قوماً ـ يكون عاماً لمن سواهم، وحكى شيخ الإسلام ابن تيمية عن الإمام أبي يوسف ـ عليه الرحمة ـ كراهة التكلم بغيرها لمَنْ يحسنها من غير حاجة، ومن خصائصها أنه لا يجوز كتابة القرآن وقراءته بغيرها، ومَنْ تعمد كتابة القرآن أو قراءته بالفارسية فهو مجنون أو زنديق، والمجنون يُداوى، والزنديق يُقتل.) ([1] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=109034#_ftn1))
وقد أوصى نبينا r بحب العرب والعربية، فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما:- (أحبوا العرب لثلاث: لأني عربي، والقرآن عربي، وكلام أهل الجنة عربي.) ([2] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=109034#_ftn2))
* القرآن الكريم وُصف بالعربية، هل هذا ينفي وجود المعرب فيه؟
الجواب: أن المعرب بمجرد أن نطق القرآن به كـ " سجيل، مشكاة، إستبرق "
أدخله في لسان العرب، وأصبح عربياً خالصاً، وبذا يظل الوصف صادقاً على القرآن الكريم، لا ينخرم أبداً.
يقول صاحب البرهان: (وفي علم أصول النحو قرر العلماء قاعدة مفادها بأنه إذا دخلت كلمة أو أكثر إلى لغة قوم وتداولوها وصارت شائعة بينهم ومستعملة، فإنها تصبح من صميم لغتهم، ولا ضير في ذلك، فأمم الأرض يتأثر بعضها ببعض، ويكتسب بعضها من بعض، وهذه ظاهرة عالمية، بل في جميع لغات الدنيا.) ([3] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=109034#_ftn3))
* ومعنى لعل هنا: لام التعليل، أي: لكي تعلموا معانيه وتفهموا ما فيه فلعل ترج فيه معنى التعليل. ([4] ( http://tafsir.net/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=109034#_ftn4))
* والحكمة من تذييل الآية الكريمة بقوله I] لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [بيان أن نزول القرآن بالعربية الغاية منه فهم معانيه، والإحاطة ببدائعه؛ وليتسنى استعمال العقول فيه فيجزم العقل بأنه معجز، وأن مصدره هو القاهر فوق عباده.
**************
([1]) انظر الآلوسي 12/ 173.
([2]) رواه الطبراني والحاكم والبيهقي، وفي سنده ضعيف جداً. ويقول المحدث العجلوني: " وقد وردت أخبار كثيرة في حب العرب يصير الحديث بمجموعها حسناً. " أنظر: كشف الخفاء 1/ 6.
([3]) انظر: البرهان 1/ 287، والإتقان 2/ 105 ـ 120، وإعراب القرآن لمحمد صافي
6/ 377.
([4]) القرطبي 9/ 119.، والبقاعي 4/ 5.
هذا قليل مما تفضل الأخ الكريم بطلبه وما تيسر تحريره مع ضيق الوقت والموضوع جيد وممتد والله ولي التوفيق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ياسين مبشيش]ــــــــ[08 Jul 2010, 01:09 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا التوضيح، أريد المزيد لا تعدمون بركة الله عز وجل.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[08 Jul 2010, 11:27 ص]ـ
هذا النوع من التفسير من قبيل الاستنباط , وفيه عدد من الكتابات في الملتقى.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[08 Jul 2010, 03:03 م]ـ
موضوعك أخي الكريم له علاقة بأمرين:
1 - تدبر القرآن.
2 - الاستنباط من القرآن.
وهناك كتابات عديدة في الملتقى في هذين الموضوعين، ونسبة التفسير إلى التأمل (التفسير التأملي) يبدو أنها جديدة، فلا يتوقع وجود كتابات بهذا الاسم، ولكن كل ما كتب في تدبر القرآن أو الاستنباط منه يدخل في تأمل القرآن، وليتك تجتهد في بيان وصف التفسير التأملي الذي تحب أن تكتب فيه، أتمنى لك التوفيق والسداد ...
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 Jul 2010, 02:10 ص]ـ
ونسبة التفسير إلى التأمل (التفسير التأملي) يبدو أنها جديدة، فلا يتوقع وجود كتابات بهذا الاسم، ..
أخي الدكتور فهد ـ حياه الله ـ التأمل: التفكر ـ النظر ـ التفحص ـــ التَّعرُّف {انظر المعاجم ومنها الصحاح والتاج واللسان} وهذا هدف أصيل من أهداف التفسير بصفة عامة.
فمن المفسرين من يتعمق فكريا فيستنبط.
ومنهم من يتعمق فيستخرج الملحة أو اللطيفة.
ومنهم من يتعمق فينظر للواقع في ضوء القرآن الكريم ثم يحكم عليه.
ومنهم من يتعمق {يتأمل} فيأتي بهدايات غير مسبوق فيها من غيره ..... وهلم جرا.
فالتفسير التأملي هو المبني على عمق الفكر وطول النظر.
وثمرة هذا التأمل تختلف باختلاف المشرب العلمي للمفسر ومدى مكنته من أدوات التفسير.
أما وجود كتابات بهذا الاسم فكثيرة شائعة في التفسير التحليلي في أقسام التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر حيث إن معظم من صنف من العلماء في هذا اللون من التفسير يُعَنْوِن كتابَه بـ:" تأملات في سورة كذا " تأملات في آية كذا ".
والمثال الذي ذكرتُه في المشاركة السابقة دليل يبرهن على المراد وهو من تأملات تفسير سورة يوسف عليه السلام.
والله الموفق والمستعان.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[09 Jul 2010, 02:32 ص]ـ
أخي الدكتور فهد ـ حياه الله ـ التأمل: التفكر ـ النظر ـ التفحص ـــ التَّعرُّف {انظر المعاجم ومنها الصحاح والتاج واللسان} وهذا هدف أصيل من أهداف التفسير بصفة عامة.
فمن المفسرين من يتعمق فكريا فيستنبط.
ومنهم من يتعمق فيستخرج الملحة أو اللطيفة.
ومنهم من يتعمق فينظر للواقع في ضوء القرآن الكريم ثم يحكم عليه.
ومنهم من يتعمق {يتأمل} فيأتي بهدايات غير مسبوق فيها من غيره ..... وهلم جرا.
فالتفسير التأملي هو المبني على عمق الفكر وطول النظر.
وثمرة هذا التأمل تختلف باختلاف المشرب العلمي للمفسر ومدى مكنته من أدوات التفسير.
أما وجود كتابات بهذا الاسم فكثيرة شائعة في التفسير التحليلي في أقسام التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر حيث إن معظم من صنف من العلماء في هذا اللون من التفسير يُعَنْوِن كتابَه بـ:" تأملات في سورة كذا " تأملات في آية كذا ".
والمثال الذي ذكرتُه في المشاركة السابقة دليل يبرهن على المراد وهو من تأملات تفسير سورة يوسف عليه السلام.
والله الموفق والمستعان.
فضيلة الدكتور عبد الفتاح وفقك الله وحياك ...
أشكرك على هذه المداخلة، وكل ما ذكرته صحيح بارك الله فيك، والعلماء رحمهم الله لم يألوا جهداً في تأمل القرآن واستدعاء ما في نصه من حكم وفوائد، ولكنني قصدتُ أن هذه التسمية (التفسير التأملي) تسمية جديدة، وأما التأملات في السور فأمرها مشهور في الرسائل الجامعية وفي غيرها، وفي تفاسير العلماء على مر العصور تأملاتٌ جليلة وكثيرة، والأمر بحاجة إلى تأصيل في ضبط هذا المصطلح إن أراد الأخ ياسين وفقه الله الكتابةَ فيه، ثم هو بحاجة إلى بيان طرق التأمل ووسائله وضوابطه، وهو بحث مفيد بلا شك ..
أسأل الله للجميع التوفيق والسداد
ـ[سارونا النور]ــــــــ[09 Jul 2010, 02:39 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير
اللهم ثبت قلوبنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
ـ[عاطف الفيومي]ــــــــ[11 Jul 2010, 02:10 ص]ـ
أنا أضيف عدة وقفات وتأملات موضوعية للقرآن جعلتها في كتاب مجالات الدعوة في القرآن وأصولها من هنا
http://tafsir.net/vb/t20647.html
(يُتْبَعُ)
(/)
رزقنا الله فهم كتابه ..
ـ[ياسين مبشيش]ــــــــ[11 Jul 2010, 02:57 ص]ـ
"والأمر بحاجة إلى تأصيل في ضبط هذا المصطلح ... ثم هو بحاجة إلى بيان طرق التأمل ووسائله وضوابطه"
د. فهد الوهيبي.
ـ[ياسين مبشيش]ــــــــ[11 Jul 2010, 03:39 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فهذا تلخيص بسيط لأقوال الأساتذة المباركين إن شاء الله تعالى
"التفسير التأملي من قبيل التفسير التحليلي، وصنف فيه الكثير من أهل العلم" د. أبو عمر عبد الفتاح خضر.
"التفسير التأملي من قبيل الاستنباط، وكتب فيه في الملتقى" د. نايف الزهراني.
"موضوع التفسير التأملي له علاقة بتدبر القرآن والاستنباط منه، والاصطلاح جديد، قد يكون لم يخص بإفراده بالتصنيف ... " د. فهد بن مبارك الوهيبي.
أسأل الله العظيم أن يثيبكم على هذه التوضيحات المهمة، والملاحظ عليها أنها توشك أن تصيب الغرض من سؤالي، إذ لا يخفى عليكم أيها السادة المحترمون أن هذا النوع من التفسير صار مثل المركب الذلول، سهل المنال على كل من أراد أن يبين خواطره التي فتحها الله له عند قراءته لسورة ما؛ ثم رأيت معظم من يتعاطاه الدعاة والوعاظ، سواء كان لهم علم بأصول التفسير أم لا، وسواء كان ما تأملوه صوابا أم لا. وميادينه الخطب والدروس الوعظية، وأكثرهم شباب.
فالإشكال المطروح هل هذا السبيل في إظهار معاني السور صحيح أم لا؟. إذا أمكن الحصول على أصل لهذا التفسير فهل يمكن أن يفرد بالتصنيف فيه، فيكون تفسيرا قائما بذاته كباقي أنواع التفسير " الموضوعي والتحليلي والإشاري". ثم إن الملاحظ على هذا النوع من التفسير بعده عن الأثر فليس هو من التفسير بالمأثور، بل الراجح كونه من الرأي بشقيه. فيحتاج إذا إلى ضوابط وتأصيل، وبيان حقيقته لعل الله أن ييسر الشروع فيها.
وعلى كل حال فقد سررت كثيرا بتفاعلكم أيها الإخوة بهذا الموضوع، أعانني الله وإياكم على الاجتهاد في خدمة كتابه.
ـ[ياسين مبشيش]ــــــــ[11 Jul 2010, 03:54 ص]ـ
تنبيه بسيط:
وقد نسيت أن أذكر قول بعض من يتناول هذه الطريقة من البيان والتفسير لآيات الله تعالى، قولهم: "وقفات مع سورة كذا ... الخ" وذلك كقولهم: "من وحي السورة" كأن السورة توحي أو توحى من جديد. وعلى كل فالموضوع في نظري أهل لأن يبحث والله الموفق.
ـ[ياسين مبشيش]ــــــــ[11 Jul 2010, 04:12 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل عاطف على الكتاب الذي أذنت بتحميله وقد فعلت، وسأخصص له إن شاء الله تعالى وقتا للدراسة.
ـ[عاطف الفيومي]ــــــــ[11 Jul 2010, 04:16 ص]ـ
فمن المفسرين من يتعمق فكريا فيستنبط.
ومنهم من يتعمق فيستخرج الملحة أو اللطيفة.
ومنهم من يتعمق فينظر للواقع في ضوء القرآن الكريم ثم يحكم عليه.
ومنهم من يتعمق {يتأمل} فيأتي بهدايات غير مسبوق فيها من غيره ..... وهلم جرا.
فالتفسير التأملي هو المبني على عمق الفكر وطول النظر.
وثمرة هذا التأمل تختلف باختلاف المشرب العلمي للمفسر ومدى مكنته من أدوات التفسير.
.
ألا يدخل ذلك في التفسير بالرأي والاجتهاد ومنهجية الاستنباط منه ثم يعود بعد إلى قسمية المحمود والمذموم.
وهذا ولا ريب يقوم ضمن ضوابط وأصول التفسير ومنهج الاستنباط من القرآن حتى لا يقع في تأمل أو فكرة لا
دليل عليها في الآية أو السورة.
وهنا يعود مجمل الكلام إلى مسألتين:
1 - - جواز التفسير بالرأي والاجتهاد.
2 - - وأن يكون وفق الضوابط والأصول من التأهل لإمعان الفكر والبحث والتأمل وإلا فإن تأمله سيكون غير محمود.
ولأن تفسير القرآن أو الاستنباط منه بغير دليل أو تأصيل لا يجوز شرعًا لأنه تقول على الله بغير علم. ولهذا قال تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم .. ) وفي الحديث (من قال في القرأن برأيه - أو بما لا يعلم - فليتبوأ مقعده من النار) حسنه الترمذي.
ـ[ياسين مبشيش]ــــــــ[11 Jul 2010, 04:22 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي عاطف لا عدمت بركة، فتوضيحات وتعليقات الإخوة سوف تؤدي إن شاء الله إلى تصور خطة البحث.
ـ[عاطف الفيومي]ــــــــ[11 Jul 2010, 03:55 م]ـ
وهذا الكتاب أخي ياسين مفيد جدا في هذا الباب
كتاب (منهج الاستنباط من القرآن الكريم) للشيخ فهد الوهبي المشرف بالملتقى
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=9118
نفعك الله به
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[11 Jul 2010, 07:09 م]ـ
ولعلك تستفيد من هذا وفقك الله (معالم الاستنباط في التفسير ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=14563) ) .
ـ[ياسين مبشيش]ــــــــ[12 Jul 2010, 02:42 ص]ـ
أخواي الكريمين عاطف ونايف أحسن الله إليكما على ما قدمتما من عون، وسيضاف بإذن الله تعالى هذان الكتابان إلى جملة المصادر والمراجع المعتمدة في البحث المذكور.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Jul 2010, 10:14 ص]ـ
وهل يُقدمُ أحدٌ على الكلام في التفسيرِ إلا بعد التأمل والنظر؟ فيدخل في مقصود الأخ ياسين كل من تكلم في التفسير سواء كتب في العنوان (تأملات) أم لا. ولكن يبدو أن تناول الموضوع لمجرد وجود عبارة تأملات أو وقفات فقط. ويبدو لي أن الموضوع أقل من أن يوضع له ضوابط غير ضوابط الكلام في التفسير عموماً.
فمثلاً:
هل سنقول: من ضوابط التفسير (التأملي) - حسب تسمية الأخ ياسين - تقديم تفسير القرآن بالقرآن على غيره؟ وهذا ضابط في كل تفسير. وهكذا.
أحياناً تطرأ الفكرة على ذهن الواحد منا فيستحسنها أول الأمر، فإذا قلبها وجدها قديمة مطروقة ولا جديد فيها، وإنما هو التسمية فحسب كما ذكر أخي الدكتور فهد الوهبي. والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عاطف الفيومي]ــــــــ[14 Jul 2010, 02:59 م]ـ
وهل يُقدمُ أحدٌ على الكلام في التفسيرِ إلا بعد التأمل والنظر؟ فيدخل في مقصود الأخ ياسين كل من تكلم في التفسير سواء كتب في العنوان (تأملات) أم لا. ولكن يبدو أن تناول الموضوع لمجرد وجود عبارة تأملات أو وقفات فقط. ويبدو لي أن الموضوع أقل من أن يوضع له ضوابط غير ضوابط الكلام في التفسير عموماً.
فمثلاً:
هل سنقول: من ضوابط التفسير (التأملي) - حسب تسمية الأخ ياسين - تقديم تفسير القرآن بالقرآن على غيره؟ وهذا ضابط في كل تفسير. وهكذا.
أحياناً تطرأ الفكرة على ذهن الواحد منا فيستحسنها أول الأمر، فإذا قلبها وجدها قديمة مطروقة ولا جديد فيها، وإنما هو التسمية فحسب كما ذكر أخي الدكتور فهد الوهبي. والله أعلم.
لا فُضَّ فوك يا شيخ
كلامك جيد وطيب
ـ[ياسين مبشيش]ــــــــ[14 Jul 2010, 05:14 م]ـ
على كل فالبحث مطروح لذوي الحنكة في علم التفسير، لعلهم يفيدونا بمقدمة للكتابة في هذه القضية إن شاء الله تعالى.
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[14 Jul 2010, 05:24 م]ـ
كتاب منهج الاستنباط من القرآن الكريم بصيغة إلكترونية
http://www.tafsir.net/vb/t19412.html
ـ[ياسين مبشيش]ــــــــ[14 Jul 2010, 05:33 م]ـ
السلام عليك فجر الأمة، وجزاك الله خيرا على الهدية.(/)
تفسير جزء عم بداية مشروعي (ترجمان القرآن) دائم التعديل والإضافة في الردود
ـ[عمر الزهيري]ــــــــ[08 Jul 2010, 01:47 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخواني في الله ترددت كثيرا في كتابة ما سأكتب ولكن قلبي يدفعني لكتابته ولا بد فهي آلام وآمال أسطرها بين أيديكم آلام لأني أرى أن التفسير يحتاج إلى التحقيق الدقيق خاصة في زماننا الذي انتشر فيه التصديق للأحاديث الضعيفة والموضوعة والإسرائيليات في التفسير والتفسيرات الباطنية الصوفية والرافضية وما شابهها حتى صارت عند عوام الناس من المسلمات التي لو انكرها أحد استنكر الناس عليه ذلك فقد صار في زمننا المعروف منكرا والمنكر معروفا وشاع تصديق الكاذب وتكذيب الصادق وذلك مشعرٌ باقتراب الساعة كما أخبر عليه الصلاة والسلام، هذه آلامي وآمالي هي أن نحقق التفسير بشكل مفصل ودقيق فلعل الله يعدنا من الغرباء الذين يُصلِحون إذا أفسد الناس كما أخبر عليه وآله الصلاة والسلام.
أخواني في الله أنا لا أحسبني إلا كأحدكم وأحب علم التفسير جدا وقد انعقدت النية على القيام بتفسير القرآن ولست إلا ناقل ومرتب وجامع لأقوال العلماء وترجيحاتهم حسب ما يقتضيه الدليل فهي خواطري في التفسير أسطرها بين أيديكم وهذا البحث أسميته بـ (ترجمان القرآن) وسيكون متجدد اعدله واضيف عليه بتفسير آيات أخر على الترتيب وسأبدأ بجزء عمَّ ولا شك أن تفسيروي هذا سيكون مفصلا وليس تفسيرا مختصراً فسيأخذ مني وقتا طويلاً فستجدوني بين حين وآخر آتي بتفسير آية أخرى على الترتيب في السور ويمكن إختصاره فيما بعد إن شاء الله وأسأل الله أن ينفعني وإياكم به وأسأله سبحانه الإخلاص في القول والعمل.
أود لو أن طلاب العلم والمشائخ والمتخصصين منهم في باب تفسير القرآن خاصة علقوا بشيء بخصوص ما أكتب ونبهوا لخطأ تفسيري أو كتابي يغير المعنى أقول ذلك لأني اكتب بسرعة على لوحة المفاتيح وغالبا ما يوجد اخطاء كتابية في كتابتي كما نبهي صاحب لي من طلاب العلم فالمهم عندي الآن الأخطاء التفسيرية والأخطاء المغيرة للمعنى فقط أما غير ذلك من أخطاء إملائية نتيجة السرعة في الكتابة فيمكن تصحيحها بعد إنهاء تفسير كل سورة وليتني اجد من ينقحه بعدي فإن كان هنالك من يريد إعانتي فليفعل واسأل الله له الأجر.
والآن أبدأ بما جئتكم به:
بسم الله الرحمن الرحيم
جز عَمَّ
عدد السور في هذا الجزء: سبعة وثلاثون سورة تبدأ بسورة النبأ وتنتهي بسورة الناس التي هي آخر سُوَرِ القرآن الكريم.
سبب تسميته بجزء عَمَّ: لأن هذا الجزء بدأ بقوله تعالى (عَّمَّ) في أول آيةٍ من أول سورة فيه وهي قوله تعالى: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) (1) سورة النبأ والمراد من عَمَّ هو عن ما أَيْ عن ماذا؟
سورة النَّبَأ
سورة مكية كما ذكر ابن كثير في تفسيره.
من أطلق عليها سورة النبأ فلذكر النبأ فيها، ومن أطلق عليها عمَّ فلابتدائها بكلمة (عمَّ). إنظر سلسلة التفسير للشيخ المحدث مصطفى العدوي
فائدة: تُسَمَّى السور بأهم شيءٍ ذُكِرَ فيها أو بشيءٍ ذُ كِرَ فيها ولم يُذكَر في غيرها وهذا واضح معلوم لو تتبعنا أسماء السور وأسباب تسميتها كما نص عل ذلك العلماء.
قال الشيخ مصطفى العدوي مختصرا ما في السورة من معنانيٍٍ في سلسلة التفسير: (ذكر الله تعالى في هذه السورة العظيمة أدلة البعث الأربعة، ثم ذكر حال الكافرين في جهنم، وذكر حال المؤمنين في الجنة، ورغب في الإنابة إلى الله تعالى، وختمها بالإخبار أن كل امرئ سيرى ما قدمت يداه في هذه الدنيا، وعند ذلك يتحسر الكافر على ما فرط أشد التحسر حتى إنه يتمنى أنه كان تراباً، فما أعظم ما اشتملت عليه هذه السورة من المعاني الجليلة، والأصول الكبيرة، والمواعظ البليغة.) (إنتهى)
قوله تعالى: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ) (1)
يقول الله عز وجل تفخيما لما يتسائلون عنه واستنكاراً وتوبيخاً وتقريعاً وتهديداً للمتسائلين عَمَّ يتسائلون: عن ما أَيْ عن ماذا عن أيّ شيء
يَتَسَاءَلُونَ: يسأل المشركون من قريش وغيرها وأهل الكتاب من اليهود والنصارى بعضُهم بعضاً
تنبيه: قوله تعالى (يتسائلون) يعم جميع المشركين أهل الكتاب ومشركو قريش في مكة وغيرها وليس مشركو قريش وحسب كما توهم عبارات بعض المفسرين رحمهم الله
(يُتْبَعُ)
(/)
قول ضعيف: قال الفرّاء: التساؤل هو أن يسأل بعضهم بعضاً كالتقابل، وقد يستمعل أيضاً في أن يتحدّثوا به، وإن لم يكن بينهم سؤال. قال الله تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ يَتَسَاءلُونَ} [الطور: 25] {قَالَ قَائِلٌ
مّنْهُمْ إِنّى كَانَ لِى قَرِينٌ} [الصافات: 51] الآية، وهذا يدل على أنه التحدّث) (إنتهى نقله عنه الشوكاني والرازي في تفسيريهما لهذه الآية)
أقول وليس كذلك الأمر فإن التسائل في اللغة يراد به معنيان الأول ان يسأل بعضهم بعضا والثاني أن يحدث بعضهم بعضاً دون سؤالٍ كما ذكر الفراء فتحديد أحدهما يحتاج إلى قرينة من القرآن في سياق الآية هذه وليس من سياق آية أخرى!
فتحديد الفراء رحمه الله لهذا المعنى يحتاج قرينة تدل على أنه التحدث وحسب هنا ولا قرينة وإنما هو احتمال فالصواب أنه يشمل المعنيان وهو تحدثهم سائلين بعضهم بعضهم بعضاً في ذلك.
شبهة وجوابها: قد يثير بعض أعداء الدين شبهة هنا فيقولون كيف يسأل ربكم هذا أليس هو يعلم الغيب!.
وهذا طرع أعوج ينم عن جهل عظيم بلغة العرب وأساليبهم في الخطاب وذلك أن هذا من أساليب الإستنكار التوبيخ والتقريع والتهديد عند العرب بل وعند غيرهم وذلك أنك ترى أن الأب إذا أراد توبيخ ابنه وتقريعه بشيء ما قال له عَمَّ تسأل ولله المثل الأعلى فمعلومٌ أنه سبحانه هنا لا يسأل سؤال جاهلٍ عياذاً بالله وإنما يسأل سؤال عالم بحقيقة الحال والمآل موبخا ومهددا ومخوفا ومقرعا لا إستفهاما ويدل على ذلك سياق الآيات بعد هذه الآية (الآية 2 إلى الآية 28) إذ يقول سبحانه بعد ذلك: عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ (2) الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ (3) كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5) أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) سورة النباء) والآيات بعد ذلك وهذا فيه من التوبيخ والتقريع والتهديد والتخويف لأهل الكفر ما لا يخفى ففيه بيان عظم ذلك النبأ وتكرار أنهم سيعلمون وتقريعهم وتوبيخهم بأنه خلق لهم نِعَماً كثيرةً إمتناناً منه ومع ذلك يكفرون ولذلك قال سبحانه بعد تعداده تلك النعم: (إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (27) وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (28)) سورة النبأ.
وكذلك يريد سبحانه من هذا السؤال التفخيم لما كان المشركون يتسائلون عنه فيما بينهم وهو البعث بعد الموت الذي أخبرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم
ملاحظة: ذكر بعض العلماء قولين آخرين وهو أن التسائل وقع بين الكفار والمؤمنين والقول الثالث أن يكون التسائل حصل بين الكفار والنبي صلى الله عليه وسلم فأقول في القولين بُعْدٌ لأن الآيات بعد ذلك (الآية 4 إلى الآية 28) فيها تقريع للمتسائلين أي للطرفين السائل والمجيب ولا يمكن أن يكون ذلك التقريع للمؤمنين ولا من باب أولى للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وإلى هذا ذهب الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب (31/ 4) إذ قال رحمه الله: (المسألة السادسة أولئك الذين كانوا يتساءلون من هم فيه احتمالات الاحتمال الأول أنهم هم الكفار والدليل عليه قوله تعالى كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ (النبأ 5 4) الضمير في يتساءلون وهم فيه مختلفون وسيعلمون راجع إلى شيء واحد وقوله كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ تهديد والتهديد لا يليق إلا بالكفار فثبت أن الضمير في قوله يَتَسَاءلُونَ عائد إلى الكفار فإن قيل فما تصنع بقوله هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ مع أن الكفار كانوا متفقين في إنكار الحشر قلنا لا نسلم أنهم كانوا متفقين في إنكار الحشر وذلك لأن منهم من كان يثبت المعاد الروحاني وهم جمهور النصارى وأما المعاد الجسماني فمنهم من كان شاكاً فيه كقوله وَمَا أَظُنُّ السَّاعَة َ قَائِمَة ً وَلَئِن رُّجّعْتُ إِلَى رَبّى إِنَّ لِى عِندَهُ لَلْحُسْنَى (فصلت 50) ومنهم من أصر على الإنكار ويقول إِنْ هِى َ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (المؤمنون 37) ومنهم من كان مقرّاً به لكنه كان منكراً لنبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) فقد حصل اختلافهم فيه .. ) (إنتهى)
(يُتْبَعُ)
(/)
ملاحظة: إن تفسير الفخر الرازي مفاتيح الغيب من الكتب التي احتوت الغث والسمين لأن الفخر الرازي رحمه الله وقع في كتابه هذا في تعطيل صفات الله سبحانه وتعالى وهذا خلال منهج القرآن والسنة وسلف الأمة فلا ينبغي أن يقرأ فيه إلا عالم أو طالب علم متمكن كما هو معلوم إذ لا يفرق بين غثه وسمينه إلا العالم بالغث والسمين.
قوله تعالى: (عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ) (2)
عن الخبر العظيم الشأن الكبير القدْر الهائل المفظع الباهر عن البعث بعد الموت يوم القيامة
والعلماء على اربعة اقوال في تفسير النبأ العظيم الأول انه البعث بعد الموت أيْ يوم القيامة وهو قول الجمهور والثاني القرآن والثالث بعثة النبي عليه وآله الصلاة والسلام والرابع جميع الثلاثة والراجح أنه البعث بعد الموت لثلاثة أمور:
الأول: أن الله ذكر اختلاف المشركين بين مصدق ومكذب في النبأ العظيم بعد أن ذكره في قوله {الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} (3) سورة النبأ وهم لم يختلفوا بين مصدق ومكذب في القرآن ولا في بعثة النبي فكلهم يكذب بالقرآن وبعثة النبي وإنما اختلفوا بين مصدق ومكذب في البعث يوم القيامة وأدلة ذلك في القرآن ذكرها العلماء وستأتي على لسان بعضهم.
الثاني: لأنه سبحانه جاء بعد ذكره النبأ العظيم بدلائل وبراهين البعث الأربعة كلها وإنما استدل سبحانه بهذه الأدلة لِمَا ذُكِرَ قبلها وهو النبأ العظيم ولَمَّا كانت أدلة للبعث وأنها أدلة لَمَّا مر ذكره قبلها لزم أن يكون ما ذكر قبلها (الذي هو النبأ العظيم) هو البعث ولا شك وهذه الأدلة كثيرة الدوران والتكرار في القرآن، وعقبها بالنص على يوم الفصل صراحة أما الأدلة الأربعة للبعث يوم القيامة فأولها خلق السماوات والأرض، فيستدل بخلق السماوات والأرض على البعث، (ففي سورة النبأ قال سبحانه: (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا) (12) سورة النبأ) ووجه هذا الاستدلال: أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس، وثانيها أحياء بعض الموتى في الدنيا ففي سورة عمَّ شيء مشابه لهذا، ألا وهو: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ:9]، فالنوم موت أصغر وثالثها إحياء الأرض بعد موتها ففي سورة النبأ قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) سورة النبأ)، فالذي أحيا الأرض بعد موتها سيحيي الموتى أيضاً فمن قدر على ذلك قدر من باب الأولى على هذا، اورابعها بيان القدرة على الخلق الأول من العدم، وهو الاستدلال على البعث بأن الذي خلقك أول مرة قادر على أن يعيد خلقك، فالذي صنع شيئاً أول مرة قادر على إعادة صنع هذا الشيء مرة أخرى، (ففي سورة النبأ قال تعالى: (وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) سورة النبأ وسيأتي تفصيل هذا في كلام العلماء وهذه الأدلة الأربعة مجتمعة في قوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16)} [النبأ: 6 - 16] ثم عقبها مباشرة بالنص على يوم الفصل صراحة بقوله تعالى: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا (19)} [النبأ: 17 - 19] الآيات.
الثالث: ويؤكذ ذلك كثرة إنكارهم وشدة اختلافهم في البعث لسخافة عقولهم أكثر منهم في البعثة، وفي القرآن، فقد أقر أكثرهم ببلاغة القرآن، وأنه ليس سحراً ولا شعراً، كما أقروا جميعاً بصدقه عليه السلام وأمانته، ولكن شدة اختلافهم في البعث.
وهذا البيان والله المستعان:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال قتادة، وابن زيد: النبأ العظيم: البعث بعد الموت. وقال مجاهد: هو القرآن. والأظهر الأول لقوله: {الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} يعني: المشركون فيه على قولين: مؤمن به وكافر فالمشركون لم يختلفوا في القرآن فكلهم كافر به أما البعث بعد الموت فقد اختلفوا فيه وإلى هذا ذهب العلامة المحدث ابن كثير رحمه الله في تفسيره الرائع (تَفْسِير القرآن العظيم) (8/ 302) والآثار في ذلك عن السلف ذكرها ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره (جامع البيان في تأويل القرآن) (24/ 149 - 150) فإن قيل قد صدق بعض المشركون من قريش واهل الكتاب من اليهود والنصار بالقرآن ولم يؤمنوا بالإسلام عناداً فأقول ليس هؤلاء مصدقون فهم مكذبون لعدم إيملنهم وإقرارهم فهم متفقون مع من كذبه قلبا وقالبا فهم جميعلا لا يؤمنون بالقرآن فهم متفقون وغير مختلفون في الكفر بالقرآن الكريم فليس المؤمنون من المتسائلين فالمتسائلون هم الكفار من قريش واهل الكتاب من اليهود والنصارى أما المصدقون المؤمنون كعبد الله بن سلام رضي الله عنه كان يهودياً فأسلم فأمثاله ليس من المتسائلين وقد مر ان المتسائلين مشركون وحسب في تفسيرنا الآية السابقة لما في الآيات من تقريع لا يليق إلا بالكافرين وذكرنا كلام الرازي وسيأتي أن الإختلاف في الآية القادمة هو بين تصديق مؤمن وتكذيب وشك كافر.
وهناك قول ثالث في تفسير النبأ العظيم قال الشيخ العدوي في سلسلة التفسير: ومن العلماء من قال: إن النبأ العظيم هو بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وإرساله إليهم.
فهذه ثلاثة أقوال مشهورة في تفسير النبأ العظيم، وكل قول منها قال به بعض العلماء، والذي عليه الجمهور: أن النبأ العظيم هو: البعث بعد الموت، والمراد بالنبأ الخبر.) (إنتهى)
ورواه الطبري في تفسيره (24/ 149) وابن أبي حاتم في تفسيره كلاهما عن الحسن البصري.
قلت: والرد على هذا القول الثالث هو بعينه الرد على القول الثاني بانه القرآن فالمشركون من قريش واليهود والنصارى لم يختلفوا في الكفر والتكذيب لبعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد رجح الشيخ العدوي ما ذهبنا إليه إذ قال: (والذي يرجح أن النبأ العظيم هو البعث بعد الموت أن أدلة البعث الأربعة ذكرت في هذه السورة؛ لأن أدلة البعث التي يستدل بها الله في كتابه على البعث تدور على أربعة أشياء، وتتكرر في سور القرآن بأساليب متنوعة، ويصرفها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بسياقات متعددة، وبراهين البعث الأربعة وأدلة البعث الأربعة تدور على الآتي:
الدليل الأول من أدلة البعث: خلق السماوات والأرض، فيستدل بخلق السماوات والأرض على البعث، (ففي سورة النبأ قال سبحانه: (وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا) (12) سورة النبأ) ووجه هذا الاستدلال: أن خلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس، كما قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر:57]، فالذي خلق الأكبر قادر على خلق الأصغر، إذا كان الله خلق السماوات والأرض فهو قادر على أن يخلق من هو أدنى وأقل من السماوات والأرض، قال تعالى: {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [غافر:57].
وهذا الدليل يتصرف بعدة أساليب، والمعنى ثابت، فيأتي هذا المعنى في سياقات متنوعة ومتعددة، في خلال قصص، وفي خلال آيات التذكير، وكله ينصب على هذا المعنى: السماوات والأرض أكبر من خلق الناس، فالذي خلقها قادر على أن يخلق الناس، والأدلة على هذا في كتاب الله متعددة: كقوله تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس:78 - 79]، إلى قوله: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس:81]، وكذلك في مطلع سورة (ق) قال الله حاكياً عن المشركين: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} [ق:3]، يقول تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ * بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ
(يُتْبَعُ)
(/)
لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ * أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [ق:4 - 7]، فلما أنكروا البعث -كما في سورة ق- استدل على البعث بخلق السماوات والأرض قال تعالى حاكياً مقالتهم: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} [ق:3]، فيقول تعالى: {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ * بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ * أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} [ق:4 - 7] الآيات.
ونحو هذا في سورة الغاشية: {وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية:18 - 20]، فكلها آيات تدور على هذا الشيء، فهذا أول استدلال على البعث ألا وهو الاستدلال بخلق السماوات وخلق الأرض.
والدليل الثاني على البعث: يكون بالاستدلال على إحياء بعض الأنفس بعد موتها، كقول إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيما حكى الله عنه: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:260]، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة:243]، وقال تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة:73]، وقال تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [البقرة:259].
وكان عيسى يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، وفي سورة عمَّ شيء مشابه لهذا، ألا وهو: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ:9]، فالنوم موت كما قال الله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر:42]، وكان النبي عليه الصلاة والسلام (عند استيقاضه من النوم) يقول: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور) فهذا وجه الدليل الثاني على البعث.
الدليل الثالث على البعث هو: إحياء الأرض بعد موتها، (ففي سورة النبأ قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) سورة النبأ) ويذكره الله في كتابه بعدة أساليب، كقوله: {وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحج:5 - 6]، فالذي أحيا الأرض بعد موتها سيحيي الموتى أيضاً، الاستدلال الثالث على البعث وهو: إحياء الأرض بعد موتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدليل الرابع على البعث: الخلق الأول، وهو الاستدلال على البعث بأن الذي خلقك أول مرة قادر على أن يعيد خلقك، فالذي صنع شيئاً أول مرة قادر على إعادة صنع هذا الشيء مرة أخرى، (ففي سورة النبأ قال تعالى: (وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) سورة النبأ وفيها توضيح قدرة الله على الخلق الأول وبعد بضع آيات قال عز وجل: (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (17) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (18) سورة النبأ وفيه النتبيه على قدرته سبحانه على إعادة صنع ذلك مرة أخرى) كما قال تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} [ق:15]، أي: أفأتعبنا وأرهقنا الخلق الأول حتى يتشككوا في البعث؟! فهذه أربعة أدلة على البعث ومضامينها مذكورة في سورة عمَّ، وهذا هو الذي رجح أن المراد بالنبأ العظيم البعث بعد الموت، وسيأتي الكلام عليها واحداً واحداً إن شاء الله.) (إنتهى) (ما بين قوسين نقلا عن سورة النبأ من كلامي)
وقد ذهب الطبري الى الجمع بين الأقوال الثلاثة
في تفسير النبأ العظيم وهذا مردود لأن السياق في النبإ هو مفرد وسبقت الأدلة على تعينه وحده وبطلان القولين الآخرين وإلى هذا ذهب العلامة الشنقيطي في رده على الطبري في تفسيره الرائق أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن (8/ 406 - 408) إذ قال الشنقيطي: (ولكن بقي بيان هذا النبإ العظيم ما هو؟
فقيل: هو الرَّسول صلى الله عليه وسلم في بعثته لهم.
وقيل: في القرآن الذي أنزل عليه يدعوهم به.
وقيل في البعث بعد الموت.
وقد رجح ابن جرير: احتمال الجميع وألا تعارض بينها.
والواقع أنها كلها متلازمة، لأن من كذب بواحد منها كذب بها كلها، ومن صدق بواحد منها صدق بها كلها، ومن اختلف في واحد منها لا شك أن يختلف فيها كلها.
ولكن السياق في النبإ وهو مفرد. فما المراد به هنا بالذات؟
قال ابن كثير والقرطبي: من قال إنه القرآن: قال بدليل قوله: {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ} [ص: 67 - 68].
ومن قال: إنه البعث قال بدليل الآتي بعدها: {إِنَّ يَوْمَ الفصل كَانَ مِيقَاتاً} [النبإ: 17].
والذي يظهر والله تعالى أعلم: أن أظهرها دليلاً هو يوم القيامة والبعث، لأنه جاء بعده بدلائل وبراهين البعث كلها، وعقبها بالنص على يوم الفصل صراحة، أما براهين البعث فهي معلومة أربعة: خلق الأض والسماوات، وإحياء الأرض بالنبات، ونشأة الإنسان من العدم، وإحياء الموتى بالفعل في الدنيا لمعاينتها وكلها موجودة هنا.
أما خلق الأرض والسماوات، فنبه عليه بقوله: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرض مِهَاداً والجبال أَوْتَاداً} [النبأ: 6 - 7]، وقوله: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً} [النبأ: 12 - 13] فكلها آيات كونية دالة على قدرته تعالى كما قال: {لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس} [غافر: 57].
وأما إحياء الأرض بالنبات ففي قوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ المعصرات مَآءً ثَجَّاجاً لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً} [النبأ: 14 - 16] كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأرض خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا المآء اهتزت وَرَبَتْ إِنَّ الذي أَحْيَاهَا لَمُحْىِ الموتى} [فصلت: 39].
وأما نشأة الإنسان من العدم، ففي قوله تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً} [النبأ: 8] أي أصنافاً، كما قال تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس: 79].
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما إحياء الموتى في الدنيا بالفعل، ففي قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} [النبأ: 9] والسبات: الانقطاع عن الحركة. وقيل: هو الموت، فهو ميتة صغرى، وقد سماه الله وفاة في قوله تعالى: {الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَ} [الزمر: 42]، وقوله تعالى: {وَهُوَ الذي يَتَوَفَّاكُم بالليل وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بالنهار ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} [الأنعام: 60]، وهذا كقتيل بني إسرائيل وطيور إبراهيم، فهذه آيات البعث ذكرت كلها مجملة.
وقد تقدَّم للشَّيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه إيرادها مفصلة في أكثر من موضع، ولذا عقبها تعالى بقوله: {إِنَّ يَوْمَ الفصل كَانَ مِيقَاتاً} [النبإ: 17] أي للبعث الذي هم فيه مختلفون، يكون السياق مرجحاً للمراد بالنبأ هنا.
ويؤكد ذلك أيضاً، كثرة إنكارهم وشدة اختلافهم في البعث أكثر منهم في البعثة، وفي القرآن، فقد أقر أكثرهم ببلاغة القرآن، وأنه ليس سحراً ولا شعراً، كما أقروا جميعاً بصدقة عليه السلام وأمانته، ولكن شدة اختلافهم في البعث كما في أول سورة ص وق، ففي ص قال تعالى: {وعجبوا أَن جَآءَهُم مٌّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الكافرون هذا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الآلهة إلها وَاحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 4 - 5].
وفي ق قال تعالى: {بَلْ عجبوا أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الكافرون هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعُ بَعِيدٌ} [ق: 2 - 3]، فهم أشد استبعاداً للبعث مما قبله، والله تعالى أعلم.) (إنتهى)
قلت وهو قولٌ فَصْلٌ في الباب فعض عليه بالنواجذ.
قلت: وللرافضة الإثني عشرية قول شنيع كعادتهم في تفسير القرآن فغلوهم جعلهم يضعون القرآن في أهل البيت كذباً وزوراً إذ ذهب الرافضة إلى أن النبأ العظيم هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومنهم من عبر عن ذلك بأن النبأ العظيم هو ولاية علي بن ابي طالب! يروون ذلك عن الإمام أبو جعفر محمد بن علي الباقر رحمه الله كذباً وزوراً رواه علاّمَتهم محمد بن الحسن الصفار في كتابه (بصائر الدرجات ص 96 - 97) قال: (حدثنا احمد بن محمد عن ابن ابى عمير وغيره عن محمد بن الفضيل عن ابى حمزة الثمالى عن ابى جعفر عليه السلام قال قلت جعلت فداك ان الشيعة يسئلونك عن تفسير هذه الاية عم يتسائلون عن النباء العظيم قال فقال ذلك إليّ ان شئت اخبرتهم وان شئت لم اخبرهم قال فقال لكنى اخبرك بتفسيرها قال فقلت عم يتسائلون قال فقال هي في امير المؤمنين عليه السلام قال كان امير المؤمنين يقول ما لله آية اكبر منى ولا لله من نبأ عظيم اعظم منى ولقد عرضت ولايتى على الامم الماضية فابت ان تقبلها قال قلت له قل هو نباء عظيم انتم عنه معرضون قال هو والله امير المؤمنين عليه السلام.) إنتهى
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى (35/ 150) إعتقاد النصيرية بهذا القول الشنيع إذ قال انهم يقولون: (ان النباء العظيم والامام المبين هو علي بن أبى طالب) (إنتهى) فيال مشابهة الرافضة الإثني عشرية بالرافضة النصيرية!!! ولذلك قال شيخ الإسلام بعد ذلك في مجموع الفتاوى لابن تيمية - (35/ 152) في شأن النصيرية ما نصه: (وهم كما قال العلماء فيهم ظاهر مذهبهم الرفض وباطنه الكفر المحض وحقيقة أمرهم انهم لا يؤمنون بنبى من من الانبياء والمرسلين لا بنوح ولا ابراهيم ولا موسى ولا عيسى ولا محمد صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين ولا بشىء من كتب الله المنزلة لا التورة ولا الانجيل ولا القرآن ولا يقرون بأن للعالم خالقا خلقه ولا بان له دينا امر به ولا ان له دارا يجزى الناس فيها على اعمالهم غير هذه الدار) (إنتهى) قلت: وهذا كلام نفيس متين فعض عليه بالنواجذ
فائدة: النبأ الخبر انظر لسان العرب لابن منظور عند (نبأ)
فائدة: مما سبق يتبين ان النبأ العظيم من أسماء يوم القيامة.
قوله تعالى: (الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) (3)
الذي هم فيه مختلفون بين مؤمن وكافر فهم بين مُصَدّقٍ مؤمنٍ به ومُكَذَبٍ به وشاكٍ به كافرٍ.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال العلامة القاسمي محدث الشام رحمه الله في تفسيره (محاسن التأويل) عند تفسيره هذه الآية: ({الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} أي: منقسمون، بعضهم يجحدهُ وآخر يرتاب فيه.) (إنتهى)
ملاحظة: تفسير القاسمي (محاسن التأويل) وصفه العلامة المحدث مشهور بن حسن آل سلمان (أحد طلاب العلامة المحدث الألباني) بأنه أفضل التفاسير من حيث الإختيارات. (إنتهى)
أقول وهو بحق جدير بأن يهتم به طالب العلم فهو كتاب رائع فسر فيه القاسمي على منهج السلف الصالح تفسيرا جليلا فرحمه الله ورزقنا الله أمثاله.
قال العلامة المحدث الشوكاني في تفسيره تفسير فتح القدير (5/ 363): (ومما يدل على أنه البعث أنه أكثر ما كان يستنكره المشركون وتأباه عقولهم السخيفة وأيضا فطوائف الكفار قد وقع الاختلاف بينهم في البعث فأثبت النصارى المعاد الروحاني واثبتت طائفة من اليهود المعاد الجسماني وفي التوراة التصريح بلفظ الجنة باللغة العبرانية بلفظ جنعيذا بجيم مفتوحة ثم نون ساكنة ثم عين مكسورة مهملة ثم تحتية ساكنة ثم ذال معجمة بعدها ألف وفي الإنجيل في مواضع كثيرة التصريح بالمعاد وأنه يكون فيه النعيم للمطيعين والعذاب للعاصين وقد كان بعض طوائف كفار العرب ينكر المعاد كما حكى الله عنهم بقوله إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما نحن بمبعوثين وكانت طائفة منهم غير جازمة بنفيه بل شاكة فيه كما حكى الله عنهم بقوله: {إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية: 32] وما حكاه عنهم بقوله: {وَمَا أَظُنُّ الساعة قَائِمَةً وَلَئِن رُّجّعْتُ إلى رَبّى إِنَّ لِى عِندَهُ للحسنى} [فصلت: 50] فقد حصل الاختلاف بين طوائف الكفر على هذه الصفة .. ) (إنتهى)
قال الشيخ المحدث مصطفى العدوي حفظه الله في سلسلة التفسير (المشركين لم يكونوا جميعاً مطبقين على أن البعث غير آت، بل كان منهم من يقر بالبعث، ومنهم من كان يتشكك في أمره، ومنهم من كان ينفيه بالكلية، فطوائف النصارى يقرون بالبعث، لكن البعث عندهم له صفات أُخَر، وأحداث أُخَر غير البعث الذي يعتقده أهل الإسلام، وكذلك طوائف من اليهود، فإنهم يقولون: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} [البقرة:80]، وهذا يفيد أنهم يقرون بالبعث، لكن له صفة معينة عندهم.
أما الذين يتشككون في أمر البعث، فكما حكى الله مقالتهم في قوله: {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى} [فصلت:50]، وقال حاكياً عن بعضهم: {وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا} [الكهف:36]، أي:
على فرض أن هناك بعثاً، فهذا الكافر يقول: لئن رددت إلى ربي فإنه قد أكرمني في الدنيا، فسيكرمني بكرامة أكبر منها في الآخرة.
وقال تعالى: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ} [النمل:66]، فكانت هناك طوائف تثبت البعث، لكن على صفات أخر، وطوائف تتشكك في أمر البعث، وطوائف تنفي البعث مطلقاً، كما قال تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس:78 - 79]، وقال الله سبحانه وتعالى: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ * أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ} [ق:2 - 3]، فكانت طائفة منهم تنكر البعث، فهذه أوجه اختلافهم) (إنتهى)
قول ضعيف: قال العلامة الشوكاني في تفسيره تفسير فتح0القدير (5/ 363): (وقد استدل على أن النبأ العظيم هو القرآن بقوله (الذي هم فيه مختلفون) فإنهم اختلفوا في القرآن فجعله بعضهم سحرا وبعضهم شعرا وبعضهم كهانة وبعضهم قال هو اساطير الأولين) (إنتهى) قلت ويمكن ان يقال ان الإختلاف هو الإختلاف في تكذيبهم لبعثة النبي فمنهم من قال شاعر ومنهم قال كان ومنهم قال ساحر هذا على القول بأن النبأ العظيم هو بعثة النبي وقد مر بطلان القولان ثم هذا التفسير للإختلاف باطلٌ بُنِيَ على باطل فهو باطل ثم هو تكلف في تفسير الإختلاف إذ الأصل في الإختلاف عدم الإتفاق قال
(يُتْبَعُ)
(/)
ابن منظور في لسان العرب عند (خلف): (وتَخالَفَ الأَمْران واخْتَلَفا لم يَتَّفِقا .. ) (إنتهى) فالأصل فيه عدم الإتفاق في النباء العظيم وليس في طريقة التكذيب فيه ثم القول بهذا يحتاج إلى قرينة من السياق ولا قرينة فيبقى على الأصل وعن قتادة (الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ) قال: مصدّق ومكذّب.) رواه ابن جرير الطبري في تفسيره ذكرها ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسيره (جامع البيان في تأويل القرآن) (24/ 150) فيبقى على الأصل وهو أن الإختلاف هنا هو في أصل الأمر أي أموجود حقا أم لا اي أموجود يوم البعث أم لا وليس في فروعه اي ليس في طريقة وجوده فهم بين مصدق ومكذب وقدر رددنا على القولين بأنه القرآن وانه بعثة النبي في تفسير الآية السابقة وقلنا أن مشركو قريش واليهود والنصارى لم يختلفوا في شأن القرآن الكريم فكلهم مكذبٌ له فليس المراد القرآن بل البعث بعد الموت.
فائدة: لو سلمنا جدلاً لا إقراراً أن جميع المشركين لم يثبتوا البعث وانكروه ولم يختلفوا في إنكار أصل وجوده وهذا ما لا يقول به عاقل يعلم الكتاب والسنة ولكن من باب التسليم الجدلي نقول أجاب الرازي رحمه الله في مفاتيح الغيب (31/ 4) على هذا الطرح بعد أن سلّمه جدلا لا إقراراً قائلاً: وأيضاً هب أنهم كانوا منكرين له لكن لعلهم اختلفوا في كيفية إنكاره فمنهم من كان ينكره لأنه كان ينكر الصانع المختار ومنهم من كان ينكره لاعتقاده أن إعادة المعدوم ممتنعة لذاتها والقادر المختار إنما يكون قادراً على ما يكون ممكناً في نفسه
وكتب أبو جعفر الزهيري في يوم السبت الموافق لـ 21 من رجب 1431
بين فترة وأخرى أضيف تفسير للآيات التي بعدها حتى أنهي جزء عم إن شاء الله أسأل الله الإخلاص وأن يطيل في عمري كي أكمل هذا العمل.
قوله تعالى: (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4))
يقول تعالى متوعدا ومهددا المشركين المنكرين والمشككين بالبعث يوم القيامة كلا ردعاً وزجراً للمشركين ليس الأمر على كما زعموا من النكران والشك سيعلمون بطلان زعمهم يوم القيامة حين يرون حقيقة حال البعث الذي تسائلوا عنه وما فيه من الأهوال بأعينهم فيعلمونه يقيناً بالمعاينة كما قال تعالى في سورة الكوثر: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6) ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (8) سورة الكوثر
فائدة: (كلا) كلمة: ردع وزجر ونفي لمعنىً وتصرف متقدم فهي هنا لنفي ظن المشركين وزعمهم بشأن البعث يوم القيامة.
قوله تعالى: (ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5))
ثم كلا ليس الأمر كما زعموا من النكران والشك في البعث وأن الله ليس بمعذبهم يوم القيامة سيعلمون ذلك علماً أكبر وأشد وأأكد سيعلمون بطلان شكهم وكفرهم بعلم أنهم مواقعون العذاب بحواسهم وأجسامهم علماً يقينياً ولا محالة في هذا البعث يوم القيامة حين يُدَعُّونَ إلى نار جهنم دَعّاً، ويقال لهم: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} لكفرهم بالبعث وشكهم وتكذيبهم به أو ببعض صفاته مع تصديقهم بأصله وهذا وعيد بعد وعيد كما قال الحسن البصري رحمه الله فهو وعيد أشد من سابقه فمواقعة العذاب بالحواس والأجسام علم أشد من العلم به من خلال رؤيته فتأمل.
وما علمت آيةً تفسر هاتين الآيتين مثل قوله تعالى (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) سورة الكهف
وإنما قلنا أن هذا العلم اكبر واشد وأأكد من سابقه لأمرين الأول: انه مسبوق بثم وهي تفيد البعد الزماني والتفاوت الرُّتَبِي ولذا قال العلامة القاسمي في تفسيره محاسن التأويل عند هذه الآية: (وفي {ثُمَّ} إشعار بأن الوعيد الثاني أشد؛ لأنها هنا للبعد والتفاوت الرتبيّ، فكأنه قيل: ردع وزجر لكم شديد، بل أشد وأشد. وبهذا الاعتبار صار كأنه مغاير لما قبله. ولذا خص عطفه بـ {ثُمَّ} غالباً. هذا ملخص ما في " العناية ") (إنتهى) قلت وهذا كلام متين بحق. وقال الرازي نحوه في تفسيره (31/ 6) لهذه الآية وهذا نص كلامه (ومعنى ثم الإشعار
(يُتْبَعُ)
(/)
بأن الوعيد الثاني أبلغ من الوعيد الأول وأشد) (إنتهى)
والثاني: أنه تأكيد لفظي بطريقة تكرار اللفظ إذ كرر سبحانه قوله (كلا سيعلمون) وأشار ابن كثير لذلك التأكيد في تفسيره (8/ 302) بقوله: (ثم قال تعالى متوعدًا لمنكري القيامة: {كَلا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ} وهذا تهديدٌ شديد ووعيد أكيد.) (إنتهى)
تنبيه: قد يخطر بالبال كلام بعض المفسرين من أنه لا تكرار هنا إذا اختلف المعنى فنقول ليس الأمر كذلك لأمرين الأول: أن التكرار في اللفظ واقع وهو من أساليب التأكيد والتحقيق والثاني: أنه لم يختلف المعنى وإنما زاد توكيدا بحصول مزيد من البطلان لشكهم ونكرانهم للبعث فكلا العلمين علمٌ ببطلان ما انكروه وشكوا فيه من البعث يوم القيامة وكلاهما حاصل بالرؤية يعني رؤيتهم البعث يوم القيامة وما فيه من الأهوال وما زاد الثاني على الأول إلا تأكيدا بالحس زيادة على الرؤية بأن علموا أنهم مع رؤيتهم لذلك البعث وأهواله وعذابه أنهم لا شك مواقعونه بحواسهم وأجسامهم لكفرهم وشكهم ونكرانهم فتأمل.
وذهبنا إلى أن العلم الأول هو علمهم بطلان زعمهم برؤيتهم بأعينهم ذلك يوم القيامة وأن العلم الثاني هو حين يعلمون انهم مواقعون العذاب ولا محالة لثلاث أمور:
الأول: قوله تعالى: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) سورة الكهف إذ فيه العلم الأول والثاني فالأول رؤيتهم ذلك والعلم الثاني هو علمهم اليقين انهم مواقعونها لا محالة والظن هنا هو العلم اليقيني كما هو معلوم وقد أشار العلماء لذلك عند تفسير الظن في هذه الآية وآيات أخر ورد فيها الظن بهذا المعنى.
الثاني: بيانه سبحانه أن المنكرين والمشككين للبعث سيعلمون ذلك والسين تدل على أن ذلك سيحصل في المستقبل فهو مُشعِرٌ بأن ذلك العلم سيكون حين البعث يوم القيامة في وقت لا ينفع فيه العلم صحابه ولا ينفعه الندم ولا ناصر له فيتردى في الجحيم قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (54) سورة يونس) وقال: (وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) سورة سبأ) وقال أيضاً: (حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24) سورة الجن) ولذا قال الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب (31/ 4): (قوله سَيَعْلَمُونَ والظاهر أن المراد منه أنهم سيعلمون هذا الذي يتساءلون عنه حين لا تنفعهم تلك المعرفة ومعلوم أن ذلك هو القيامة) (إنتهى) وقال الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (8/ 408): (ولكن العلم الحقيقي بالمعاينة لم يأت بعد لوجود السين وهي للمستقبل، وقد جاء في سورة التكاثر في قوله: (أَلْهَاكُمُ التَّكَّاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ)، وهذا الذي سيعلمونه يوم الفصل المنصوص عليه) (إنتهى)
أقول فليس المراد أن علمهم يكون في المستقبل من الدنيا بقرينة السياق التي هي دليل ظاهر على أن ذلك العلم حاصل يوم القيامة وهو الأمر الثاني.
الثالث: ويؤكد ذلك أن سياق الآيات بعد ذلك يتكلم عن ادلة يوم القيامة ثم ذكر يوم الفصل صراحة ثم بعض أهواله فيلزم أن علمهم في الآيتين إنما هو في الآخرة حين البعث والنشور وحلول يوم القيامة وليس في الدنيا وترتيب العلم بالبعث حين وقوعه لا يستقيم إلا بما ذكرنا وهو المنسجم وسياق الآيات فتأمل والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
الرابع: أن الترتيب بثم يفيد ان العلم الثاني أشد وابعد زمنا من الأول كما مر بيانه ومعلومٌ أن العلم الثاني لا يكون أشد إن كان مجرد تكرار الرؤية وحدها وإنما المراد من الثاني شيء زائد على مجرد الرؤية للبعث وأهواله وذلك الشيء هو علمهم أنهم مواقعون العذاب وداخلون جهنم ولا محالة وهذا يكون أيضا بعد الرؤية التي هي علمهم الأول فيتحقق الترتيب والبعد الزماني الذي سببته ثم فتأمل.
والذي ذهبنا إليه في تفسير الآيتين هو معنى ما ذكره العلامة ابن جرير إمام المفسرين في تفسيره (24/ 150 - 151) إذ قال: (وقوله: (كَلا) يقول تعالى ذكره: ما الأمر كما يزعم هؤلاء المشركون الذين ينكرون بعث الله إياهم أحياء بعد مماتهم، وتوعدهم جل ثناؤه على هذا القول منهم، فقال: (سَيَعْلَمُونَ) يقول: سيعلم هؤلاء الكفار المنُكرون وعيد الله أعداءه، ما الله فاعل بهم يوم القيامة، ثم أكد الوعيد بتكرير آخر، فقال: ما الأمر كما يزعمون من أن الله غير محييهم بعد مماتهم، ولا معاقبهم على كفرهم به، سيعلمون أن القول غير ما قالوا إذا لقوا الله، وأفضوا إلى ما قدّموا من سيئ أعمالهم.) (إنتهى) فتأمله.
وجاء في المنتخب (هو تفسير لجنة من علماء الأزهر) عين ما ذهبنا إليه في تفسير الآيتين وهذا نص ما فيه: (4 - زجراً لهم عن هذا التساؤل، سيعلمون حقيقة الحال حين يرون البعث أمراً واقعاً.
5 - ثم زجراً لهم، سيعلمون ذلك عندما يحل بهم النكال.) (إنتهى) وأيضا في أيسر التفاسير لأسعد حومد ما نصه: (كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (4) (4) - يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى: أَنَّ الأَمْرَ لَيْسَ كَمَا زَعَمَ هَؤُلاَءِ المُشْرِكُونَ مِنْ أَنَّهُ لاَ بَعْثَ بَعْدَ المَوْتِ، وَلاَ نُشُورَ (كَلاَّ) فَهُنَاكَ بَعْثٌ، وَهُنَاكَ حِسَابٌ.
وَيَتَهَدَّدُ اللهُ تَعَالَى المُنْكِرِينَ المُكَذِّبِينَ بِأَنَّهُمْ سَيَعْلَمُونَ حَقِيقَةَ مَا كَانُوا يُنْكِرُونَ، حِينَما يُعَاينُونَهُ بِأَنْفُسِهِمْ، وَحِينَ يُسْأَلُ كُلُّ إِنْسَانٍ عَمَّا اكْتَسَبَ مِنْ عَمَلٍ فِي الحِيَاةِ الدُّنْيَا.
كَلاَّ - رَدْعٌ وَزَجْرٌ عَنِ الاخْتِلاَفِ فِيهِ.
ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ (5)
(5) - ثُمَّ كَرَّرَ اللهُ تَعَالَى تَهْدِيدَهُ لِهَؤُلاَءِ المُكَذِّبِينَ بِأَنَّهُمْ سَيَعْلَمُونَ بِدُونِ شَكٍّ حَقِيقَةَ مَا كَانُوا يُنْكِرُونَ، عِنْدَمَا يَحِلُّ بِهِم النَّكَالُ يَوْمَ القِيَامَةِ.) (إنتهى)
قال الشيخ العدوي في سلسلة التفسير: (قوله تعالى: (كلا سيعلمون.) {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} [النبأ:4]، (كلا) كلمة: ردع وزجر ونفي لمعنىً متقدم، فمثلاً: قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كَلَّا} [عبس:1 - 11]، فكلا هنا معناها: وليس الأمر كما تصرفت يا محمد! ليس التصرف الصحيح هو الذي تصرفته في هذا المقام.
فكلا نفي للتصرف الذي تقدم، وللظن الذي تقدم، فكلا أحياناً تتضمن معنى الردع والزجر، فهنا قال تعالى: (كَلَّا)، أي: ليس الأمر كما ظننتم أنه ليس هناك بعث ... إلى أن قال الشيخ العدوي: ({سَيَعْلَمُونَ} [النبأ:4] أن ظنهم خاطئ، وأن قولهم في غير محله.
{ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} [النبأ:5]، لماذا كررت {ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ}؟ قال فريق من أهل العلم: إنها كررت للتأكيد، أي: إن الأمر ليس كما تظنون، ثم إن الأمر ليس كما تظنون، بل هذا القرآن من عند الله منزل، والبعث آت لا شك فيه ..... ) (إنتهى بتصرف عنه حفظه الله).
قولٌ في غاية البطلان والنكارة والغرابة: قال ابن جرير الطبري في تفسيره (24/ 151): (وذُكر عن الضحاك بن مزاحم في ذلك ما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن أبي سنان، عن ثابت، عن الضحاك (كَلا سَيَعْلَمُونَ) الكفار (ثُمَّ كَلا سَيَعْلَمُونَ) المؤمنون، وكذلك كان يقرأها.) (إنتهى)
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا منكر من وجوه اولها أنه مخالف لسياق الآيات كما مر بيانه إذ يدل السياق على أن المتسائلون هم كفار وحسب لا مؤمنون إذ فيه تقريع شديد لا يليق بغير الكفار من المؤمنين!!! ولذلك قال الشوكاني في تفسيره (5/ 363): ((كلا سيعلمون) ردع لهم وزجر وهذا يدل على أن المختلفين فيه هم الكفار وبه يندفع ما قيل إن الخلاف بينهم وبين المؤمنين فإنه إنما يتوجه الردع والوعيد إلى الكفار فقط) (إنتهى)
وثاني الوجوه: أن الضمير في سيعلمون في الآيتين والضمير في مختلفون هو نفسه الضمير في قوله تعالى يتسائلون فمن تسائلوا هم المختلفون والذي سيعلمون في الآيتين هنا كما نص على ذلك الرازي فيما سبق من نقل فكيف يجوز أن يكون العلم الأول للمتسائلين فيما بينهم والعلم في الآية التي بعدها لأناس ليسوا من المتسائلين!!! ثم هذل ليس قولا مرفوعا بل مقطوعا من كلام التابعي الجليل الضحاك وليس قول أحد دون رسول الله حجة إذا خالف النص من القرآن والسنة ,
قلت: وضعفه الشيخ المحدث مصطفى العدوي في سلسلة التفسير بقوله: (ومن أهل العلم من قال: إن كلا الأولى التي هي {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} خاصة بالكفار، وقوله: {ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} خاصة بأهل الإيمان، وليس هناك دليل يدل على هذا القول.) (إنتهى) قلت ومن أهل العلم من نقل أن هنالك من قال بعكذ هذا أي أن الأولى للمؤمنين والثانية للكفار وهذا القول أيضا كسابقه باطل لا دليل عليه.
قول ضعيف لا دليل عليه: ورد قول غريب جدا وهو أن العلم الأول يحصل عند الموت والنزع وخروج الروح! وأن العلم الثاني يكون يوم القيامة وهذا قول لا دليل عليه فكلا العلمين على ما فصبنا في يوم القيامة قال الألوسي في تفسيره القيم (رُوح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) (30/ 5): (وقيل الأول (يريد الألوسي العلم الأول) إشارة إلى ما يكون عند النزع وخروج الروح من زجر ملائكة الموت عليهم السلام وملاقاة كربات الموت وشدائده وانكشاف الغطاء والثاني (يريد الألوسي العلم الثاني) إشارة إلى ما يكون في القيامة من زجر ملائكة العذاب عليهم السلام وملاقاة شديدة العقاب) (إنتهى)
قلت وهذا قول باطل لا دليل عليه لا من القرآن ولا من السنة فليس له قرينة في سياق الآيات كما هو ظاهر بل السياق يدل على ان ذلك العلم يكون يوم القيامة عند البعث ولذلك ضعفه الألوسي نفسه بإسباقه له بأحد صيع التمريض والتضعيف لدى المحدثين وهي قوله قبله سرد القول: (قيل).
ملاحظة: قد يخطر بالبال أن العلمين رؤيتين الأولى رؤية حصوله للوهلة الأولى البعث حين القيامة من القبور للنشور والثانية رؤية أهواله وعذابه وما فيه فيكون العلم الثاني اشد وأأكد على التفصيل السابق فأقول إن قلنا أن العلم الثاني هو رؤية ثانية لكنها لتفاصيل البعث من عذاب وأهوال فهذا يلزم علمهم تلقائياً أنهم مواقعوا ذلك العذاب في هذا البعث لأنهم أنكروا البعث أو شك فيه أو أنكروا بعض صفاته فاستلزم إذن أن يكون العلم الثاني هو رؤية اهوال البعث وعذابه مع علمهم الملازم لرؤيتهم تلك أنهم مواقعون العذاب لنكرانهم وأما العلم الأول فهو يشمل رؤيتهم خصول البعث للوهلة الأولى وكذلك رؤيتهم أهواله وعذابه فالعلم الأول رؤية والعلم الثنية رؤية وإحساس فيكون الثاني أعظم من الذي قبله وأشد والعياذ بالله وهذا العلمان وردا على هذا الترتيب في القرآن فهذا دليلٌ آخر لصحة ما اخترناه فقد وقع ذكرهما في القرآن فقد ذكر الله العلمين هذين في قوله: (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) سورة الكهف فرؤيتهم النار تكون يوم القيامة فهذا العلم الأول وظنهم هو علمهم بعد ذلك إنما هو العلم الثاني والظن يأتي بمعنى العلم وهو كما نص العلماء هنا وفي مواضع أخر من كتاب الله أنه يفيد العلم واليقين أي علم اليقين فتأمل.
وكتب أبو جعفر الزهيري في يوم الإثنين الموافق لـ 23 من رجب 1431
قوله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا) (6)
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم شرع سبحانه وتعالى يُبَيّن أدلة البعث الأربعة التي تتكرر في سور القرآن بأساليب متنوعة، ويصرفها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بسياقات متعددة وهي أدلة قدرته العظيمة على خلق الأشياء الغريبة والأمور العجيبة، الدالة على قدرته على ما يشاء من أمر المعاد.
وأدلة البعث أربعة أدلة وهي مجتمعة في سورة النبأ في هذه الآيات قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا (8) وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (13) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (14) لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا (15) وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا (16) [النبأ: 6 - 16]) كما مر الإشارة إليه مسبقاً.
فأما قوله سبحانه وتعالى: ((أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) سورة النبأ)
يقول تعالى مستنكرا على المشركين زعمهم بشأن البعث ومدلِلاً لقدرته على البعث بعد الموت يوم القيام ومُعَظّماَ لنفسه بذكر نِعَمِهِ ألم نجعل الأرض بِسَاطًا وفِرَاشاً وَوِطاءً مُوَطَّأً لِلاسْتِقْرَارِ والحياة عَلَيْهَا مُمَهّدَةً للخلائق ذَلُولاً سهلةً لهم في مشيهم ومجلسهم ومأكلهم ومشربهم، ودليل هذه المعاني قوله عز وجل: قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (10) سورة الزخرف وقال: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا) (19) سورة نوح وقوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا) (22) سورة البقرة وقوله: (وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ) (48) سورة الذاريات وقوله أيضا: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) (16) سورة الملك
قال ابن جرير في تفسيره (24/ 151): (حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سعيد، عن قتادة (أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا):أي بساطا ... ) (إنتهى) ورواه غيره عن قتادة أيضا وهو من عظيم تنبه السلف إلى تفسير القرآن بالقرآن فنراه فسر المهاد بالبساط والذي يبدو أنه فهم ذلك من قوله تعالى السابق الذكر: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا) (19) سورة نوح فتأمل فقه السلف للقرآن وأين الأمة من هذا اليوم!
قال أسعد حومد في تفسيره الطيب (أيسر التفاسير): (مِهَاداً - فِرَاشاً مُوَطَّأً لِلاسْتِقْرَارِ عَلَيْهَا.) (إنتهى)
قال العلامة المحدث الشوكاني في تفسيره فتح القدير (5/ 364): (والمهاد الوِطاْء والفراش كما في قوله (الذي جعل لكم الأرض فراشا) قرأ الجمهور مهادا وقرأ مجاهد وعيسى وبعض الكوفيون مهدا والمعنى أنها كالمهد للصبي وهو ما يُمهد له فَيُنَوّمُ عليه .... إلى أن قال الشوكاني رحمه الله: (وفي هذا دليل على أن التساؤل الكائن بينهم هو أمر البعث لا عن القرآن ولا عن نبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) كما قيل لأن هذا الدليل إنما يصلح للاستدلال به على البعث.) (إنتهى)
قلت وقد صرح القرآن بأن الله جعل الأرض مهدا في موضعين الأول قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53) سورة طه) والثاني قوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (10) سورة الزخرف وهذا الموضع مر ذكره.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن منظور في لسان العرب (3/ 410): ((مهد) والمِهادُ الفِراش وقد مَهَدْتُ الفِراشَ مَهْداً بَسَطْتُه ووَطَّأْتُه يقال للفِراشِ مِهاد لِوِثارَتِه .... إلى أن قال ابن منظور: (وأَصل المَهْد التَّوْثِيرُ يقال مَهَدْتُ لنَفْسي ومَهَّدت أَي جعلت لها مكاناً وَطيئاً سهلاً ومَهَدَ لنفسه خيراً وامْتَهَدَه هَيّأَه وتَوَطَّأَه ومنه قوله تعالى فلأَنفسهم يَمْهَدُون أَي يُوَطِّئُون قال أَبو النجم وامْتَهَدَ الغارِب فِعْلُ الدُّمَّلِ والمَهْد مَهْدُ الصبيّ ومَهْدُ الصبي موضعه الذي يُهَيّأُ له ويُوَطَّأُ لينام فيه .. ) (إنتهى)
قال الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (4/ 20) عند تفسيره آية سورة طه: (قرأ هذا الحرف عاصم وحمزة والكسائي (مَهْداً) بفتح الميم وإسكان الهاء من غير ألف. وقرأ الباقون من السبعة بكسر الميم وفتح الهاء بعدها ألف. والمهاد: الفراش. والمهد بمعناه. وكون أصله مصدراً لا ينافي أن يُسْتَعْمَل اسماً للفراش.) (إنتهى)
والخلاصة أن المهد والمهاد بمعنى واحد كما قال الشنقيطي آنافا: (والمهاد: الفراش. والمهد بمعناه) (إنتهى) والمراد أنه سبحانه جعل الأرض فَرْشاً وبساطاً كمهد الطفل قال البغوي في تفسيره الرائع (معالم التنزيل (5/ 277): ({الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا} قرأ أهل الكوفة: {مَهْدًا} ها هنا (يقصد البغوي في سورة طه هنا)، وفي الزخرف، فيكون مصدرا، أي: فرشا، وقرأ الآخرون: "مهادا "، كقوله تعالى: "ألم نجعل الأرض مهادا" (النبأ: 16)، أي: فراشا وهو اسم لما يفرش، كالبساط: اسم لما يبسط.) (إنتهى) وكلام البغوي هذا فيه تحقيق جميل في الفرق بين المهد والمهاد لغويا ولذلك لما فسرت المهد قلت فرش ولم اقل فراش بينما تجدني فعلت العكس مع المهاد مع أنهما بمعنىً واحد.
ملاحظة: (ذكر الشوكاني في تفسيره فتح القدير (3/ 369) تجويز البعض أن يكون مهاداً جمع مهد والمهد هو الفراش فالمهاد على قولهم فُرُش جمع فَرْش، أي جعل كل موضع منها مهداً أي فرشاً لكل واحد منكم.) فأقول: هذا القول في إخراج (مهادا) في سورة النبأ وغيرها عن كونه مصدرا من التكلف والإحتمال إذ قد ورد في القرآن في موضعين كما سبق ذكره سبحانه أنه جعل الأرض مهداً وهو مفرد وليس جمع وكذلك قال تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا) (19) سورة نوح وقوله تعالى: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا) (22) سورة البقرة فهنا أيضا عبر عن ذلك بالمفرد فقال بساطا مرة وفراشا أخرى فيدل ذلك على أن مهادا مفردٌ أيضا فالذي ينسجم والقرآن أن يكون مهادا في سورة النبأ وغيرها مفردا لا جمعا كما جاء مهدا مفردا هكذا في موضعين من الفرآن وكما جاء بساطا وفراشا في القرآن فتأمل.
فائدة: قال تعالى (نجعل) وليس (أجعل) تعظيما لنفسه لأن صيغة الجمع في التعبير عن الواحدة هي من صيغ التعظيم المعروفة في لغة العرب ومثاله في اللغة قول ملك من ملوك البلدان لرعيته أمرنا لفلان بكذا وكذا والمراد تعظيم النفس فتأمل.
فائدة: الإستفهام هنا بالهمزة هو إستفهامٌ إنكاري يريد منه سبحانه تقرير قدرته على ذلك والإستنكار والتقريع للمشركين في مقالتهم في البعث فتامل.
فائدة ثانية: الأرض في هذه الآية والآيات التي اشرنا اليها في تفسيرها كلها تريد سطح الأرض أي يابستها لا الأرض الكروية فليس مراد الله منها كرة الأرض إذ الأرض كروية الشكلة بيضاوية لأنها ليست كروية بشكل تام كما هو معلوم عند المختصين ثم إن كونها بيضاوية مع بيان الله هنا أنها فراش منبسط للمخلوقات يستلزم أن يكون مراده سطحها لا كرتها البيضاوية إذ الكرة البيضاوية ليست شكل منبسطاً كما هو ظاهر لكل عاقل.
فائدة ثالثة: قال الدكتور فاضل السامرائي اللغوي العراقي الشمهور حفظه الله أن لفظ بيضوية خطأ لغوي شائع والصواب بيضاوية وكان ذلك في حديثه في برنامجه الممتح حقا (لمسات بيانية)
وكتب أبو جعفر الزهيري في يوم الإثنين الموافق لـ 23 من رجب 1431
قوله تعالى: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7))
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول تعالى وجعلنا الجبال الشاهقة الطول أوتاداً للأرض ألقيناها في لُبّها ونصبناها قائمة من فوقها كالأوتاد التي تثبت خيمة البيت تُرسي الأرض وتُثَبّتُها وتُثقلها لتحفظ توازنها فتسكن وتَثبُتَ ولا تميد بكم ولا تتحرك ولا تضطرب ولا تميل بمن عليها من الناس وغيرهم من المخلوقات والأبنية فلا تسقط عليكم فصارت الأرض قراراً مستقرةً ساكنةً ثابتةً
روى ابن جرير في تفسيره (24/ 151) عن قتادة في قوله تعالى: ((وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) يقول: والجبال للأرض أوتادا أن تميد بكم) إنتهى وهذا جزء من الأثر السابق في الآية السابقة وهو تفسير للقرآن في القرآن فدليله ما جاء في القرآن في ذلك في مواضع عديدة منها قوله تعالى: ({وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15} [النحل: 15] أي كي لا تميد بكم والمراد كي لا تتحرك وتميل بكم وتضطرب قال ابن منظور في لسان العرب - (3/ 411) (ميد): (ومادَ الشيءُ يَمِيدُ مَيْداً تحرّك ومال) (إنتهى) وقال ابن كثير في تفسيره (4/ 563): (ولا تميد، أي: تضطرب بما عليها من الحيوان فلا يهنأ لهم عيش بسبب ذلك) (إنتهى)
وكلام العلماء في تفسير الآية لا يتعدى ما ذكرنا قال ابن كثير في تفسيره (8/ 302): ({وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} أي: جعلها لها أوتادًا أرساها بها وثبتها وقرّرها حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها.) (إنتهى)
وقال الشوكاني في تفسيره (5/ 364): (والأوتاد جمع وتد أي جعلنا الجبال أوتادا للأرض لتسكن ولا تتحرك كما يرسي الخيام بالأوتاد) (إنتهى)
وقال العلامة أبو بكر الجزائري في تفسيره الرائق (أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير) (9/ 419): (الجبال أوتادا تثبت الأرض بها فيأمنون على حياتهم من الميدان وسقوط كل بناء)
فائدة: قال أسعد حود في تفسيره (أيسر التفاسير): (الوَتِدُ هو قِطْعَةٌ مِنَ الخَشَبِ عَلَى شَكْلِ مِسْمَارٍ يُدَقُّ فِي الأَرْضِ لِتُشَدَّ إِلَيْهِ الخَيْمَةُ.) (إنتهى) وقال الزنداني في كتابه (البينة العلمية في القرآن): (والوتد يكون منه جزء ظاهر على سطح الأرض، ومعظمه غائر فيها، ووظيفته التثبيت لغيره.) (إنتهى) وقال زغلول النجار في بحث له بعنوان (الإشارات الكونية في القرآن الكريم ومغزي دلالتها العلمية): (والأوتاد قِطَعٌ من خشب أو حديد غليظة الرأس , مدببة النهاية , تثبت بها أركان الخيمة في الأرض بدكها حتي يدفن أغلبها في الأرض , ويبقي أقلها ظاهرا فوق السطح , فتشد بذلك العمق أركان الخيمة إلي الأرض فتثبتها وتجعلها قادرة علي مقاومة فعل الرياح , والعواصف الهوجاء.) (إنتهى)
قلت: إن الله عز وجل شبه الجبال بالأوتاد للأرض فهي رواسي كالمسامير ملقاة في الأرض جزءٌ منها ظاهر منصوبٌ قائمٌ من فوق سطح الأرض ومعظمها غائر فيها لتمسك بيابستها وتثقلها وتمنع تحركها وميلانها واهتزازها كما قال علماء الجيلوجيا ومن نقل عنهم من المتكلمين في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وسيأتي كلامهم إن شاء الله.
قال الألوسي في تفسيره روح المعاني لمحمود (30/ 6): (والجبال أوتادا أي كالأوتاد ففيه تشبيه بليغ أيضا والمراد أرسينا الأرض بالجبال كما يرسي البيت بالأوتاد) (إنتهى)
وقال القطان في تفسيره: (أوتادا: جمع وتد، والجبال كالأوتاد المغروزة في الارض تحفظ توازنها، وتمنعها من الاضطراب والميلان.) (إنتهى)
فائدة: ورد المعنى الذي في الآية في القرآن بكثرة وهذا سرد ما ورد على الترتيب:
1 - وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3) سورة الرعد
2 - وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19) سورة الحجر
3 - وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) سورة النحل
4 - وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) [الأنبياء: 31]
(يُتْبَعُ)
(/)
5 - أَمْ مَنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) [النمل: 61]
6 - خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) سورة لقمان
7 - وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) سورة فصلت
8 - وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) [ق: 7]
9 - وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُمْ مَاءً فُرَاتًا (27) سورة المرسلات
10 - وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) سورة النبأ وهي ألاية التي نفسرها
11 - وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32) سورة النازعات
وجه الإعجاز في هذه الآية ودلالتها على صدق رسول الله محمد صلى الله عليه وآله صوحبه وسلم.
قال الشيخ الزنداني في كتابه البينة العلمية في القرآن: (قال تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا6وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) (النبأ:6 - 7). تشير الآية إلى أن الجبال أوتاد للأرض، والوتد يكون منه جزء ظاهر على سطح الأرض، ومعظمه غائر فيها، ووظيفته التثبيت لغيره. بينما نرى علماء الجغرافيا والجيولوجيا يعرفون الجبل بأنه: كتلة من الأرض تبرز فوق ما يحيط بها، وهو أعلى من التل (راجع Websters Seventh New Collegiate Dictionary ). ويقول د. زغلول النجار: إن جميع التعريفات الحالية للجبال تنحصر في الشكل الخارجي لهذه التضاريس، دون أدنى إشارة لامتداداتها تحت السطح، والتي ثبت أخيراً أنها تزيد على الارتفاع الظاهر بعدة مرات (راجع كتاب الفكرة الجيولوجية عن الجبال في القرآن / الدكتور زغلول النجار ص3 بالإنجليزية، 1992 إصدارات هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة/ رابطة العالم الإسلامي/ مكة.). ثم يقول الدكتور زغلول النجار: ولم تكتشف هذه الحقيقة إلا في النصف الأخير من القرن التاسع عشر عندما تقدم السيرجورج ايري بنظرية مفادها أن القشرة الأرضية لا تمثل أساساً مناسباً للجبال التي تعلوها، وافترض أن القشرة الأرضية وما عليها من جبال لا تمثل إلا جزءاً طافياً على بحر من الصخور الكثيفة المرنة، وبالتالي فلا بد أن يكون للجبال جذور ممتدة داخل تلك المنطقة العالية الكثافة لضمان ثباتها واستقرارها (راجع المرجع السابق). وقد أصبحت نظرية ايري حقيقة ملموسة مع تقدم المعرفة بتركيب الأرض الداخلي عن طريق القياسات الزلزالية، فقد أصبح معلوماً على وجه القطع أن للجبال جذوراً مغروسة في الأعماق ويمكن أن تصل إلى ما يعادل 15مرة من ارتفاعاتها فوق سطح الأرض، وأن للجبال دوراً كبيراً في إيقاف الحركة الأفقية الفجائية لصفائح طبقة الأرض الصخرية. هذا وقد بدأ فهم هذا الدور في إطار تكتونية الصفائح منذ أواخر الستينيات. ويعرف الدكتور زغلول الجبال في ضوء المعلومات الحديثة فيقول إن الجبال ما هي إلا قمم لكتل عظيمة من الصخور تطفو في طبقة أكثر كثافة (راجع المرجع السابق ويقول: وإن جبلاً ذا متوسط جاذبية نوعية مقداره 2.7 وهي جاذبية الجرانيت يمكن أن يغطس في طبقة من الصخور البلاستيكية متوسط جاذبيتها النوعية حوالي 3.0، حتى يطفو مرسلاً جذراً يبلغ حوالي تسعة أعشار امتداده الكلي، وتاركاً عشر حجمه الكلي فقط فوق سطح الأرض. وفي بعض الحالات تكون نسبة جذر الجبل إلى ارتفاعه الظاهر 15 إلى 1 تبعاً لتركيبة صخوره.) كما تطفو جبال الجليد في الماء ولقد وصف القرآن الجبال شكلاً ووظيفة، فقال تعالى: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) (النبأ:7) وقال تعالى (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) (لقمان:10) وقال أيضاً (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)
(يُتْبَعُ)
(/)
(الأنبياء:31) والجبال أوتاد بالنسبة لسطح الأرض، فكما يختفي معظم الوتد في الأرض للتثبيت، كذلك يختفي معظم الجبل في الأرض لتثبيت قشرة الأرض. وكما تثبت السفن بمراسيها التي تغوص في ماء سائل، فكذلك تثبت قشرة الأرض بمراسيها الجبلية التي تمتد جذورها في طبقةٍ لزجةٍ نصف سائلة تطفو عليها القشرة الأرضية (تسمى المنطقة اللزجة "منطقة الوشاح"). ولقد تنبه المفسرون رحمهم الله إلى هذه المعاني فأوردوها في تفسيرهم لقوله تعالى: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا)، واليك أمثلة من ذلك:
1 - قال ابن الجوزي: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) للأرض لئلا تميد (في تفسيره زاد المسير).
2 - وقال الزمخشري (في تفسيره الكشاف) (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا): أي أرسيناها بالجبال كما يرس البيت بالأوتاد.
3 - وقال القرطبي: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) أي لتسكن ولا تتكفأ بأهلها (في تفسيره المسمى الجامع لاحكام القرآن).
4 - وقال أبو حيان: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) أي ثبتنا الأرض بالجبال كما يثبت البيت بالأوتاد (في تفسيره البحر المحيط).
5 - وقال الشوكاني: (وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) الأوتاد جمع وتد أي جعلنا الجبال أوتاداً للأرض لتسكن ولا تتحرك كما يرسُ البيت بالأوتاد (في تفسيره فتح القدير).
..... إلى أن قال:
أوجه الإعجاز:
إن من ينظر إلى الجبال على سطح الأرض لا يرى لها شكلاً يشبه الوتد أو المرساة، وإنما يراها كتلاً بارزة ترتفع فوق سطح الأرض، كما عرفها الجغرافيون والجيولوجيون. ولا يمكن لأحدٍ أن يعرف شكلها الوتدي، أو الذي يشبه المرساة إلا إذا عرف جزءها الغائر في الصهير البركاني في منطقة الوشاح، وكان من المستحيل لأحدٍ من البشر أن يتصور شيئاً من ذلك حتى ظهرت نظرية سيرجورج ايري عام 1855م. فمن أخبر محمداً - صلى الله عليه وسلم - بهذه الحقيقة الغائبة في باطن القشرة الأرضية وما تحتها على أعماق بعيدة تصل إلى عشرات الكيلومترات، قبل معرفة الناس لها بثلاثة عشر قرناً؟ ومن أخبر محمداً - صلى الله عليه وسلم - بوظيفة الجبال، وأنها تقوم بعمل الأوتاد والمراسي، وهي الحقيقة التي لم يعرفها الإنسان إلا بعد عام 1960م؟! ..... إلى أن قال: لا يكفي ذلك دليلاً على أن هذا العلم وحي أنزله الله على رسوله النبي الأمي في الأمة الأمية، في العصر الذي كانت تغلب عليه الخرافة والأسطورة؟ إنها البينة العلمية الشاهدة بأن مصدر هذا القرآن هو خالق الأرض والجبال، وعالم أسرار السموات والأرض القائل: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ((الفرقان:6).) (إنتهى بتصرف)
ملاحظة: ذكر الزنداني هو ولعله ناقل ذلك عن النجار كلاما لي عليه التنبيه بتعليق سريع بعد سرده من كتابه البينة العلمية في القرآن وهو ما نصه: (أول الجبال خلقاً البركانية: عندما خلق الله القارات بدأت في شكل قشرةٍ صلبةٍ رقيقة تطفو على مادة الصهير الصخري، فأخذت تميد وتضطرب، فخلق الله الجبال البركانية التي كانت تخرج من تحت تلك القشرة، فترمي بالصخور خارج سطح الأرض، ثم تعود منجذبةً إلى الأرض وتتراكم بعضها فوق بعض مكونة الجبال، وتضغط بأثقالها المتراكمة على الطبقة اللزجة فتغرس فيها جذراً من مادة الجبل، الذي يكون سبباً لثبات القشرة الأرضية واتزانها. وفي قوله تعالى: ? وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ ? (لقمان:10) إشارة إلى الطريقة التي تكونت بها الجبال البركانية بإلقاء مادتها من باطن الأرض إلى الأعلى ثم عودتها لتستقر على سطح الأرض. ويجلي حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذه الكيفية، فقد روى أنس بن مالك (61) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال (لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْأَرْضَ جَعَلَتْ تَمِيدُ، فَخَلَقَ الْجِبَالَ فَعَادَ بِهَا عَلَيْهَا .. الحديث) (قال في الهامش: أخرجه الترمذي في آخر كتاب التفسير من سننه واللفظ له، وقال حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه تحقيق أحمد شاكر وآخرين وأخرجه أحمد في مسنده 3/ 124، وأبو يعلى في مسنده 7/ 682، وعبد بن حميد في مسنده 1/ 365، والبيهقي في شعب الإيمان 3/ 244، والأصبهاني في العظمة 4/ 1353، وفيه سليمان بن أبي سليمان الهاشمي، قال الذهبي في الكاشف: مجهول، وقال ابن
(يُتْبَعُ)
(/)
معين: لا أعرفه، وقال ابن حجر: مقبول من الثالثة، وحسن إسناده المقدسي في المختارة 6/ 153 - 154) .. فتأمل في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - المبين لكيفية خلق الجبال: "فعاد بها عليها"، أي أن خلقها كان بخروجها من الأرض وعودتها عليها .... إلى أن قال: (وهل شهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - خلق الأرض وهي تميد؟ وتكوين الجبال البركانية عن طريق الإلقاء من باطن الأرض وإعادتها عليها لتستقر الأرض؟ ألا يكفي ذلك دليلاً على أن هذا العلم وحي أنزله الله على رسوله النبي الأمي في الأمة الأمية، في العصر الذي كانت تغلب عليه الخرافة والأسطورة؟ إنها البينة العلمية الشاهدة بأن مصدر هذا القرآن هو خالق الأرض والجبال، وعالم أسرار السموات والأرض القائل: ? قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ? (الفرقان:6).) (إنتهى)
اقول كنت قد تركت ذكره في النقل السابق كي اخصه بالتعليق بعده فأقول إن هذا القول منه مبني على حديث ضعيف لا يصح حسب صناعة الحديث وهو أشبه ما يكون من الإسرئايليات المتلقاة من أهل الكتاب وممن ضعفه العلامة المحدث الألباني في التعليق الرغيب (2/ 31) وضعيف المشكاة 1923 وضعيف الجامع الصغير 477 0) وقال شعيب الأرنؤوط: (إسناده ضعيف) في تعليقه على مسند أحمد (3/ 124 ح 12275) وضعفه الترمذي نفسه في سننه (5/ 123 ح 3428) بقوله: (حديث غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه) ومر في كلام الكاتب! وقال المنذري في الترغيب والترهيب (2/ 68): [لا يتطرق إليه احتمال التحسين] وقال محمد المناوي في تخريج أحاديث المصابيح 2/ 143: [فيه] سليمان بن أبي سليمان مجهول) وقال الذهبي في ميزان الاعتدال (2/ 211): ([فيه] سليمان بن أبي سليمان مولى ابن عباس. لا يكاد يُعْرَف) وقال ابن حجر العسقلاني في تخريج مشكاة المصابيح (2/ 299): (سليمان راويه عن أنس مجهول) ولو سلمنا أن سليمان هذا مقبول فهذا عند المتابعة ولا متابعة هنا! فالحديث ضعيف على القول بأنه سليمان مقبول أيضا! ومما يدل على ذلك ان متن الحديث يدل على أنه من الإسرائليات فهو أشبه ما يكون بالأخبار الإسرائيلية المتلقاة من أهل الكتاب الترمذي: (لما خلق الله الارض جعلت تميد، فخلق الجبال، فقال: بها عليها، فاستقرت، فعجبت الملائكة من شدة الجبال.
فقالوا: يا رب! هل من خلقك شئ أشد من الجبال؟ قال: نعم! الحديد.
فقالوا: يا رب! فهل من خلقك شئ أشد من الحديد؟ قال: نعم! النار.
قالوا: يا رب! فهل من خلقك شئ أشد من النار؟ قال: نعم! الماء.
قالوا: يا رب! فهل في خلقك شئ أشد
من الماء؟ قال: نعم! الريح.
قالوا: يا رب! فهل في خلقك شئ أشد من الريح؟ قال: نعم! ابن آدم تصدق بصدقة بيمينه يخفيها من شماله ".) فهذا من الإسرائيليات التي جعلها بعض الرواة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم غلطاً ودليل ذلك ان أن ابو الشيخ رواه مقطوعا من كلام التابعي الجليل قيس بن عباد! إذ قال ابو الشيخ في العظمة (4/ 1354) ح 8737777: أخبرنا أبو يعلى حدثنا العباس بن الوليد حدثنا يزيد عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن قيس بن عباد أن الله عز و جل لما خلق الأرض جعلت تميد فقالت الملائكة ما هذه بمقرة ما على ظهرها أحدا فأصبحت صبحا وفيها رواسيها فبلغنا أن الملائكة قالوا ربنا هل من خلقك شيء هو أشد من هذا قال نعم الحديد قالوا هل من خلقك شيء هو أشد من هذا قال نعم النار قالوا ربنا هل من خلقك شيء هو أشد من هذا قال نعم الماء قالوا ربنا هل من خلقك شيء أشد من هذا قال نعم خلق الريح.)
وكما ترى التطابق في لفظ من رواه مرفوعا ومن رواه مقطوعا! فهذا من الإسرائيليات التي ينبغي أن ينزه القرآن عن التفسير بها.
ولذلك ينبغي التنبه والحذر في التعامل مع ما يُكْتَب في الإعجاز العلمي فهذا مثال على ما قد يقع فيه المتكلمون في الإعجاز من غلط وخطأ فهو عفا الله عنه ذهب يثبت إعجازاً علميا قرآنياً بناءً على حديث ضعيف لا يصح!.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال عادل الصعدي في بحث له بعنوان (والجبال أوتاداً) راجعه عبد الحميد أحمد مرشد: (خلق الله تعالى الجبال وجعلها آية من آياته الدالة على عظيم قدرته وبديع صنعه , وأشار سبحانه وتعالى إلى هذه الجبال في كتابه العظيم, ووصف شكلها الظاهر والباطن مشبهاً لها بالأوتاد, قال تعالى: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً) [النبأ: 7] , ولم يكن العقل البشري يتصور أن هذه الجبال بشكلها الظاهر والعظيم لا تمثل إلا نسبة بسيطة من حجم الجبل الحقيقي , ولم يقف القرآن الكريم عند هذا الحد من وصف الشكل , فقد جاء السياق القرآني مبيناً لوظيفة الجبال بأبسط عبارة , قال تعالى: (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ) [لقمان: 10] , فأشارت إلى أن وظيفة الجبال هي تثبيت قشرة الأرض ومنعها من الاضطراب , وكل هذه الأمور كانت غائبة عن العين والتصور البشري إلى القرنين الماضيين.
أقوال المفسرين لهذه الآيات:
على الرغم من أن هذه المعلومات كانت غائبة عن أنظار الناس في تلك الفترة الماضية إلا أننا نجد أن الأئمة المفسرين قد أشاروا إلى هذه المعلومات , معتمدين في ذلك على التفسير اللغوي لا على معلومات عصرهم , فأوردوا هذا في تفاسيرهم لقوله تعالى:) وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً ([النبأ: 7] , ومنها على سبيل المثال:
1 - قال ابن الجوزي: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً) للأرض لئلا تميد. (في تفسيره زاد المسير (9/ 5))
2 - وقال الزمخشري: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً): أي أرسيناها بالجبال كما يرس البيت بالأوتاد. (في تفسيره الكشاف (1/ 1332))
3 - وقال القرطبي: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً) أي لتسكن ولا تتكفأ بأهلها. (في تفسيره الجامع لأحكام القران (19/ 151))
4 - وقال أبو حيان: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً) أي ثبتنا الأرض بالجبال كما يثبت البيت بالأوتاد. (في تفسيره البحر المحيط (10/ 384))
5 - وقال الشوكاني: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً) الأوتاد جمع وتد أي جعلنا الجبال أوتاداً للأرض لتسكن ولا تتحرك كما يرسى الخيام بالأوتاد. (في تفسيره فتح القدير (5/ 512))
6 - ذكر ابن كثير (يرحمه الله) في تفسير تفسيره (4/ 594) قول الحق تبارك وتعالي: (وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً): (أي جعل لها أوتادا ًً, أرساها بها , وثبتها , وقررها حتى سكنت , ولم تضطرب بمن عليها.) (إنتهى)
7 - وقال سيد قطب في تفسيره ظِلال القرآن (6/ 3804): (وجعل الجبال أوتادا ًً .. يدركه الإنسان من الناحية الشكلية بنظره المجرد , فهي أشبه شيء بأوتاد الخيمة التي تشد إليها. أما حقيقتها فنتلقاها من القرآن , وندرك منه أنها تثبت الأرض وتحفظ توازنها ..
وقد يكون هذا لأنها تعادل بين نسب الأغوار في البحار ونسب المرتفعات في الجبال .. وقد يكون لأنها تعادل بين التقلصات الجوفية للأرض والتقلصات السطحية , وقد يكون لأنها تثقل الأرض في نقط معينة فلا تميد بفعل الزلازل والبراكين والاهتزازات الجوفية .. وقد يكون لسبب آخر لم يكشف عنه بعد .. وكم من قوانين وحقائق مجهولة أشار إليها القرآن الكريم ثم عرف البشر طرفاً منها بعد مئات السنين.) (إنتهى)
الجبال [نظرة تاريخية وعلمية]:
كانت معرفة الناس بالجبال معرفة تأملية قائمة على الوصف النظري والمشاهد؛ لذلك جاءت كل التعاريف للجبال مقتصرة على الشكل الخارجي , ولذلك يعرف علماء الجيولوجيا الجبل بأنه: كتلة من الأرض تبرز فوق ما يحيط بها، وهو أعلى من التل. (راجع Websters Seventh New Collegiate Dictionary ) وهذا هو تعريف الموسوعة البريطانية للجبل , ويقول د. زغلول النجار: إن جميع التعريفات الحالية للجبال تنحصر في الشكل الخارجي لهذه التضاريس، دون أدنى إشارة لامتداداتها تحت السطح، والتي ثبت أخيراً أنها تزيد على الارتفاع الظاهر بعدة مرات , ثم يقول: ولم تكتشف هذه الحقيقة إلا في النصف الأخير من القرن التاسع عشر عندما تقدم السيرجورج ايري بنظرية مفادها أن القشرة الأرضية لا تمثل أساساً مناسباً للجبال التي تعلوها، وافترض أن القشرة الأرضية وما عليها من جبال لا تمثل إلا جزءاً طافياً على بحر من الصخور الكثيفة المرنة، وبالتالي فلا بد أن يكون للجبال جذور ممتدة داخل تلك المنطقة العالية الكثافة لضمان ثباتها واستقرارها. (نقلاً عن كتاب الفكرة
(يُتْبَعُ)
(/)
الجيولوجية عن الجبال في القرآن الدكتور زغلول النجار ص3 بالإنجليزية، 1992 إصدارات هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة/ رابطة العالم الإسلامي/ مكة)
ويعرف الدكتور زغلول الجبال في ضوء المعلومات الحديثة فيقول: إن الجبال ما هي إلا قمم لكتل عظيمة من الصخور تطفو في طبقة أكثر كثافة. (نفس المرجع السابق)
يقول الدكتور حسن باحفظ الله: لقد فتن الإنسان بالجبال شكلاً وجذب إليها لما فيها من منافع واكتفى بمعرفتها ظاهرياً إلي بداية القرن الثامن عشر عندما تنبه بير بوجر Griviational Attraction والذي كان يرأس بعثة إلي جبال (الأنديز) إلي أن قوة الجذب المقاسة في هذه المنطقة لا يتناسب مع كتلة هذه الجبال الهائلة وإنما هي أقل بكثير مما هو متوقع، معتمداً على الانحراف في اتجاه القمم البركانية في تلك المنطقة، والملاحظ على قياس الجذب التقليدي الذي كان متوفراً لديه والمسمى: بميزان البناء Plumb Bab ونتيجة لهذه الملاحظة الأولية افترض بوجر ضرورة وجود كتلة صخرية هائلة غير مرئية ليس لها مكان إلا أسفل تلك الجبال البارزة، ولقد حفلت بدايات القرن التاسع عشر الميلادي بالكثير من أعمال المسح الجيولوجي التي قامت بها بعثات جيولوجية بريطانية في شبه الجزيرة الهندية وفسرت من خلالها الكثير من الظواهر. غير أن ظاهرة الشذوذ في قراءات الجاذبية قريباً من جبال الهيمالايا والتي اشتهرت باسم لغز الهند لم تفسر تفسيراً منطقياً إلا في منتصف ذلك القرن من خلال أعمال المسح التي كان يتولى الإشراف عليها سير جورج أفرست والتي كانت تشير بوضوح إلى أنه لا يمكن تفسير هذا الشذوذ إلا بافتراض وجود امتدادات لهذه الجبال الهائلة منغرسة في جوف القشرة الأرضية إلى مسافات عميقة، وأن هذه الامتدادات إما أن تكون من نفس مادة الجبال البارزة أو أكثر كثافة منها.
بهذه الفرضية أمكن حل مشكلة الفارق
الملاحظ في قياس المسافة بين محطة كاليانا الواقعة في أحضان جبال الهيمالايا وكاليان بور البعيدة نسبياً عن جبال الهيمالايا والواقعة في المنطقة المنبسطة والذي قدر بحوالي 153 متراً، هذا الفرق كان قد لوحظ عندما قيست المسافة بطريقتي قياس مختلفتين:
الأولي تعتمد علي حساب المثلثات وتسمى بطريقة المسح الثلثي Triangulation Technique
الثانية تعتمد على موقع النجم القطبي وتسمى بطريقة المسح الفلكي Astronoical Technique وقد عزى الشماس جون هاري برات Archdeacan John Henry Pratt هذا الفارق إلي تأثر الطريقة الثانية المستخدمة في القياس بقوة جذب كتلة غير منظورة لم يتم إدخالها في المعادلات المستخدمة لإنجاز الحسابات النهائية للقياسات. وبعبارة أخري كان يشير إلي وجود جذور Roots لجبال الهيمالايا ممتدة أسفل منها وهي التي أثرت علي القياسات وأظهرت الفارق سالف الذكر.
في عام 1865 م تقدم سير جورج أيري بنظرية مفادها أن القشرة الأرضية لا تمثل أساساً مناسباً للجبال التي تعلوها وافترض أن القشرة الأرضية وما عليها من جبال لا تمثل إلا جزراً طافية علي بحر من صخور أعلى كثافة. وعليه فلا بد للجبال لضمان ثباتها واستقرارها على هذه المادة الأكثر كثافة أن تكون لها جذور ممتدة من داخل تلك المنطقة العالية الكثافة. (نقلا من بحثٍ بعنوان والجبال أوتاداً للدكتور حسن باحفظ الله)
إن التفسير العلمي لنظرية جورج أيري أتى من خلال النموذج الذي قدمه الجيولوجي الأمريكي دتون في عام 1989 م Theory of Isostasy شارحاً به نظريته المسماة بنظرية الاتزان والمتمثل في مجموعة من حوض مملوء بالماء شكل المجسمات الخشبية المختلفة الارتفاعات طافية فيه تبين من هذا النموذج أن الجزء المغمور في الماء من المجسمات الخشبية يتناسب طرداً مع ارتفاعه ذاكراً أنها في حالة أسماها بحالة الاتزان الهيدروستاني State of Hydrostatic Balance أما التمثيل الطبيعي والتقليدي لهذه الحالة فهي في الواقع حالة جبال الجليد العائمة Iceebergs ( المرجع السابق).
أوجه الإعجاز:
(يُتْبَعُ)
(/)
إن من ينظر إلى الجبال على سطح الأرض لا يرى لها شكلاً يشبه الوتد أو المرساة، وإنما يراها كتلاً بارزة ترتفع فوق سطح الأرض، كما عرفها الجغرافيون والجيولوجيون. ولا يمكن لأحدٍ أن يعرف شكلها الوتدي، أو الذي يشبه المرساة إلا إذا عرف جزءها الغائر في الصهير البركاني في منطقة الوشاح، وكان من المستحيل لأحدٍ من البشر أن يتصور شيئاً من ذلك حتى ظهرت نظرية سيرجورج ايري عام 1865م , وقد وصف القرآن الشكل الكامل للجبل بأبسط عبارة , فشبهه بالوتد , والكل يعرف أن الوتد يكون معظمه تحت الأرض , بينما لا يظهر على السطح إلا الشيئ اليسير من الوتد.
0ولم يتوصل العلم إلى معرفة وظيفة الجبال ـ وهي تثبيت القشرة الأرضيةـ إلا في عام 1989م, في حين جاء القرآن بها قبل ألف وأربعمائة عام , فقال تعالى: (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ) [لقمان: 10] , فجعل الجبال كالمرساة بالنسبة للسفينة , وفي هذا بيان بليغ لحقيقة الجبال ووظيفتها , فالسفينة حتى تستقر ولا تميد على سطح الماء فإنها تحتاج إلى مرساة تغوص إلى الأسفل تحت سطح الماء , وهذا يصف حالة القشرة الأرضية (الوشاح) فهي تسبح فوق مادة الصهير الصخري ـ وهي طبقة سائلة ـ فأشبهت السفينة , وحتى لا تميد هذه القشرة فإن الله ثبتها بالجبال التي تغوص جذورها في طبقة الصهير البركاني , فتصير كالمرساة بالنسبة للسفينة.
فمن أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه الحقيقة الغائبة في باطن الأرض والتي يستحيل على أي إنسان معرفتها إلا بواسطة الأجهزة الحديثة؟ إن هذا دليل واضح على أن هذا العلم الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم هو من عند الله تعالى خالق هذه الجبال والعالم بأسرارها سبحانه وتعالى, قال تعالى: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) (الفرقان:6). (بتصرف, من كتاب بينات الرسول ومعجزاته للشيخ الزنداني ص 95.)) (إنتهى بتصرف)
وقال الدكتور محمد السيد راضى جبريل أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصول الدين بالقاهرة في رسالة له بعنوان (عناية المسلمين بإبراز وجوه الإعجاز): (وفي هذا الإطار نسوق قول الله تعالى في سورة النبأ: {ألم نجعل الأرض مهاداً. والجبال أوتاداً} ففي إبراز وجه الإعجاز العلمي فيها يقول الأستاذ الدكتور زغلول راغب النجار: (من أروع الحقائق الكونية التي وردت في هذا السياق أن الله تعالى قد جعل الجبال أوتاداً {ألم نجعل الأرض مهاداً. والجبال أوتاداً} - النبأ:6،7 - ووصف الجبال بأنها أوتاد هو من أبلغ صور الإعجاز العلمي في كتاب الله، وهذه شهادة صدق بأن القرآن الكريم كلام الله، وأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم أنبيائه ورسله، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان موصولاً بالوحى، مُعلما من قبل خالق السموات والأرض {وما ينطق عن الهوى.إن هو إلا وحي يوحى} (النجم:3،4).
ففي الوقت الذي يصف فيه القرآن الكريم الجبال بأنها أوتاد قبل أربعة عشر قرناً، نجد كل المجامع اللغوية والعلمية إلى يومنا هذا تعرف الجبل بأنه: نتوء أرضي يرتفع بارزاً فوق ما يحيط به من الأرض بصوره تفوق ارتفاع التل، ويختلف الدارسون في تحديد ارتفاع كل من الجبل والتل، فبينما يضع بعضهم الحد الفاصل بين هذين الشكلين من أشكال سطح الأرض عند ارتفاع 305أمتار فوق مستوى سطح البحر، نجد آخرين يرفعونه إلى ضعف هذا الرقم، ومن ثم فإنهم يقصرون الجبال على المرتفعات الأرضية التي تفوق 610 أمتار فوق سطح البحر، ويعتبرون كل مادون ذلك من التلال أو الربى، والربوة عندهم هي التل المرتفع.
وانطلاقاً من ذلك فإن "معجم مصطلحات علوم الأرض" يعرف الجبل بأنه: تل مرتفع، أو بصياغة أدق ربوة مرتفعة، أو مرتفع أرضي يفوق في ارتفاعه الأراضي المجاورة له بشكل ملحوظ.
… وفي معجم البيئة الطبيعية "الفطرية" يعرف الجبل بأنه:" نتوء أرضي مرتفع بشكل ملحوظ تحيط به منحدرات شديدة تصل ارتفاعاته إلى مستوى الجروف البارزة، أو القمم الفردية السامقة، وليس للجبل ارتفاع محدد، وإن وصل ذلك في بريطانيا عادة إلى ما فوق-600 متر أو 2000 قدم -إلا إذا ارتفع الجبل فجأة من أرض منخفضة محيطه به"
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي دائرة المعارف البريطانية الجديدة يعرف الجبل بأنه:" منطقة من الأرض تعلو الأراضي المحيطة بها نسبيا بشكل واضح، وتضيف: وعليه فإن ما يدعى بالتلال في مناطق السلاسل الجبلية العظيمة كجبال الهملايا تعد جبالاً لو وجدت في إطار منطقة أخرى أقل تضاريسَ"
وبالمثل تعرف دائرة المعارف الأمريكية الجبل بأنه: جزء من سطح الأرض يرتفع فوق مستوى المنطقة المحيطة به" وتضيف:: وبصفة عامة يتناقص ارتفاع السلاسل الجبلية على مراحل حتى يصل إلى مستوى السهول مروراً بمرحلة التلال، إلا أنه في بعض الأحوال تكون عمليه الانتقال من الجبال إلى السهول فجائية على هيئة منحدرات شديدة.
ويتضح مما تقدم أن جميع التعريفات البشرية للجبال، اللغوية منها والعلمية تقتصر على تضاريس الأرض الناتئة بشموخ فوق باقي المناطق الأرضية المحيطة بها، سواء كانت تتميز بقمم سامقة أم لا، أو بسفوح متدرجة في الانخفاض، أو فجائية في الانحدار، التي عادة ما توجد في مجموعات متوازنة أو شبه متوازنة من الأطواق الطولية، أو المجموعات أو النظم أو السلاسل الجبلية، أو في محاور جبلية عملاقة للقارات، توجد بينها اتجاهات سائدة لمحاورها الطولية، وإن كان من الممكن للجبل أن يوجد على هيئة مرتفع منفرد معزول.
إن الدراسات الميدانية قد أثبتت منذ منتصف القرن الثامن عشر الميلادي أن القشرة الأرضية تزداد في السمك تحت كل التضاريس المرتفعة فوق سطح البحر مثل- الجبال، الربى، التلال، الهضاب، القارات- ويبلغ سمك القشرة الأرضية مداه في المناطق الجبلية، حيث تندفع مادة الجبل لتخترق الغلاف الصخري للأرض- الذي يبلغ سمكه في المتوسط مائة كيلومتر- لتطفو في مادة لزجة شبه منصهرة، عالية الكثافة، توجد تحت الغلاف الصخري للأرض مباشرة، وتعرف باسم-النطاق الضعيف- وتحكم مادة الجبل الطافية في نطاق الضعف هذا قوانين الطفو التي تؤمن لكتلة الجبل دعما طافيا يعين الجبل على الانتصاب فوق سطح الأرض، وسبحان القائل: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت. وإلى السماء كيف رفعت. وإلى الجبال كيف نصبت} (الغاشية: 17 - 19)
وكلما أخذت عوامل التعرية من قمم الجبال ارتفعت تلك الجبال بفعل مادة وشاح الأرض، ويظل الأمر كذلك حتى تتساوى تلك الامتدادات العميقة للجبال مع سمك الغلاف الصخري للأرض، وحينئذ يتوقف الجبل عن الارتفاع وتصل الامتدادات العميقة للجبال إلى أضعاف مضاعفة لارتفاعها فوق سطح الأرض، وتتراوح بين عشرة أضعاف وخمسة عشر ضعفا بناء على التباين في كثافة الصخور المكونة للكتلة الجبلية.
… وعلى ذلك: فإن امتدادات الجبال تحت سطح الأرض تفوق ارتفاعاتها فوق سطحها بأضعاف مضاعفة، تصل إلى أكثر من خمسة عشر ضعفا، فقمة:إفرست" التي يبلغ ارتفاعها فوق سطح البحر حوالي التسعة كيلومترات تقريبا (8848 متر) لها امتدادات في الغلاف الصخري للأرض يصل إلى حوالي 135 كيلو مترا.
وهنا تتضح صورة من أروع صور الإعجاز العلمي في القرآن الكريم الذي نزل قبل أربعة عشر قرنا ليصف الجبال بأنها "أوتاد" ففي كلمةٍ واحدةٍ أوتاد شمل التعبير القرآني وصف كلٍ من الشكل الخارجي للجبال فوق سطح الأرض، وامتداداتها العميقة تحت ذلك السطح، كما وصف وظيفة الجبال، وهى تثبيت الغلاف الصخري للأرض في مادة الوشاح اللدنة، الموجودة تحت ذلك الغلاف الصخري مباشرة، تماما كالوتد الذي يندس معظمه تحت سطح الأرض، بينما يرتفع الجزء الأصغر منه فوق ذلك السطح.
فسبحان الذي أنزل هذا الوصف الدقيق للجبال قبل أربعة عشر قرنا على خاتم أنبيائه ورسله، وسبحان الذي حفظ لنا هذا الوصف الدقيق شاهداً على أن القرآن الكريم كلام الله الذي أبدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته) ((إنتهى) راجع كلامه في مجلة (القافلة): العدد 7، المجلد:43 رجب سنة 1415ه-ديسمبر سنة1994، مقال بعنوان: " "من آيات الإعجاز العلمي في القرآن" للدكتور زغلول النجار من ص1 إلى ص 4).
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم قال الدكتور محمد السيد راضى جبريل كلاما نفسياً ختم به رسالته بخصوص حساسية أمر الكلام في الإعجاز العلمي ويحسن أن نختم كلامنا في تفسير الإعجاز في هذه الآية به إذ يقول: (بقى بعد ذلك أن ننبه إلى وجوب وضع هذا الوجه من الإعجاز في موضعه الصحيح، فإننا وإن قلنا به، ورغبنا فيه، وعددناه وسيلة لدعوة فريق من الناس إلى الحق،إلا أن ذلك ليس معناه أن كون القرآن حقا وصدقا يتوقف على القول بالإعجاز العلمي، حتى يتكلف البعض ذلك تكلفاً يوقع في أخطاء تعود في النهاية على الباحث في هذا المجال بعكس مقصوده، فالقرآن الكريم قد ثبت صدقه وكونه وحياً من عند الله تعالى بما سبق من وجوه الإعجاز الأخرى وبغيرها من الأدلة.
ومن ثم فنحن مع الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى عندما نعى على المتكلفين في هذا الأمر، وبين كيفية التعامل مع هذا الوجه من الإعجاز في اعتدال لا شطط فيه ولا غلو، قال رحمه الله: (وكل محاولة لتعليق الإشارات القرآنية العامة بما يصل إليه العلم من نظريات متجددة متغيرة أو حتى بحقائق علمية ليست مطلقة كما أسلفنا تحتوى أو لا على خطأ منهجي، كما أنها تنطوي على معان ثلاثة كلها لا يليق بجلال القرآن الكريم:
الأولى: هي الهزيمة الداخلية التي تخيل لبعض الناس أن العلم هو المهيمن والقرآن تابع، ومن هنا يحاولون تثبيت القرآن بالعلم، أو الاستدلال له من العلم، على حين أن القرآن كتاب كامل في موضوعه، ونهائي في حقائقه، والعلم ما يزال في موضوعه ينقض اليوم ما أثبته بالأمس…
والثانية: سوء فهم طبيعة القرآن ووظيفته، وهى أنه حقيقة نهائية مطلقة تعالج بناء الإنسان بناءً يتفق بقدر ما تسمح به طبيعة الإنسان النسبية مع طبيعة هذا الوجود وناموسه الإلهي، حتى لا يصطدم بالكون من حوله، بل يصادقه ويعرف بعض أسراره ..
والثالثة: هي التأويل المستمر مع التمحل والتكلف لنصوص القرآن كي نحملها ونلهث بها وراء الفروض والنظريات التي لا تثبت ولا تستقر، وكل يوم يَجِدُّ فيها جديد.
وكل أولئك لا يتفق وجلال القرآن،كما أنه يحتوي على خطأ منهجي كما أسلفنا، ولكن هذا لا يعني ألا ننتفع بما يكشفه العلم من نظريات ومن حقائق عن الكون والحياة والإنسان في فهم القرآن .. كلا! إن هذا ليس هو الذي عنيناه بالبيان، ولقد قال الله سبحانه: {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق} (فصلت: 53). ومن هذه الإشارة أن نظل نتدبر كل ما يكشفه العلم في الآفاق وفي الأنفس من آيات الله وأن نوسع بما يكشفه مدى المدلولات القرآنية في تصورنا) (راجع تفسير السيد قطب المسمى ظلال القرآن:1/ 182،183.).
فالقول بالإعجاز العلمي للقرآن، والبحث فيه أمر لا بأس به، بل هو مرغوب ومطلوب فيما أشرنا إليه من زيادة يقين المؤمن لإيناسه وتثبيته على الحق بما يرى من دلائله آناً بعد آن، وكذلك من إقامة الحجة على الكافر في مجالٍ فتن البشر بمنجزاته في مرحلة من الزمن تقدمت فيها العلوم المادية تقدما غير مسبوق.
هذا وهناك وجوه الإعجاز ذكرها العلماء ولم نتطرق إليها لضيق المقام، وهي:
1 - كون القرآن محفوظاً من الزيادة والنقصان على مر الدهور والأزمان.
2 - تيسير حفظه.
3 - شموله على جميع البراهين والأدلة على توحيد الألوهية والربوبية.
4 - إعجاز القرآن في أسمائه وأوصافه.
5 - إعجاز القرآن في حروف المعجم.) (إنتهى)
شبهة وردها: ورد في كتاب شبهات المشككين شبهةً اثارها بعض المشككين من النصارى وغيرهم من الملاحدة وممن ذكرها المهندس أيضاً عبد الدائم الكحيل وهي حول ذكر القرآن الكريم لتثبيت الأرض بالجبال تشكيكاً في سلامة القرآن من التحريف! وهي قولهم: (أن الجبال ليس لها أي دور في تثبيت الأرض وأن التثبيت يكون للأرض الثابتة أصلاً وليس المتحركة ويكون التثبيت للجسم المستوي وليس الكروي لأن الأرض كروية.)!!!
والرد من ثلاث وجوه:
ألأول أن كتابهم الذي يزعمون أنه مقدس ورد فيه تثبيت الجبال للأرض!
(يُتْبَعُ)
(/)
ففي العهد القديم الذي هو التوراة في سفر المزامير 75: 2 النص التالي: [أنا وزنت أعمدتها] وفى سفر المامير أيضا 104: 5 النص التالي [المؤسس الأرض على قواعد فلا تتزعزع إلى الدهر والأبد] (إنتهى) وهذا فيه رد على اليهود النصارى إذ اليهود تؤمن بالتوراة والنصارى تؤمن بها أيضا! لكن تضيف النصارى اليها الإيمان بالعهد الجديد وهو الإنجيل.
والوجه الثاني أن هذا امر ثابت علميا في علم الجيولوجيا! وقد مر توضيح ذلك إذ قلنا أن الله عز وجل شبه الجبال بالأوتاد للأرض وبالرواسي للسفن فالجبال رواسي كالمسامير ملقاة في الأرض جزءٌ منها ظاهر منصوبٌ قائمٌ من فوق سطح الأرض ومعظمها غائر فيها لتمسك بقشرة يابستها وتثقلها وتمنع تحركها وميلانها واهتزازها وعن أن تغوص في باطن الأرض كما قال علماء الجيلوجيا ومن نقل عنهم من المتكلمين في الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وكل ذلك مر ذكره آنِفاً
والوجه الثالث: إن قولهم (وأن الجبال ليس لها أي دور في تثبيت الأرض وأن التثبيت يكون للأرض الثابتة أصلاً وليس المتحركة ويكون التثبيت للجسم المستوي وليس الكروي لأن الأرض كروية.) يدل قولهم هذا على جهل متناهي فيما اتفق عليه العقلاء وذلك لأمرين:
الأول: في قولهم (أن الجبال ليس لها أي دور في تثبيت الأرض وأن التثبيت يكون للأرض الثابتة أصلاً وليس المتحركة) فأقول: أن التثبيت يكون للثابت والمتحرك إذ الثبيت للثابت لقلة ثباته فلا يُدْرَى متى يتحرك ومثال ذلك تثيت أرض بيت ثابتة تحتها مخزن أو سقف ثابت بسبب القِدَم قد يسقط في أي وقت فاحتيج للتثبيت بأعمدةٍ أخرى لضمان عدم سقوطه فتأمل كم الجهل يعمي صاحبه عن المعقولات الحسية!
الثاني: في قولهم (ويكون التثبيت للجسم المستوي وليس الكروي لأن الأرض كروية.) فأقول: إن كلامهم هذا كم هو أشبه بعربة السكران وهذيان المحموم إي وربي إذ إن تفاسير العلماء كلها وأقوال من تكلموا في الإعجاز مُطْبِقةٌ على أن المراد من الأرض في الآيات التي المشار إليها هو قشرة الأرض اي اليابسة من الأرض وليس كرة الأرض فكلامهم جميعهم هو حول تثبيت الجسم المستوي الذي هو الأرض اليابسة وليس الكروي الذي هو كرة الأرض فمعلومٌ أن ليس كل لفظ أرض في القرآن واللغة والعُرْف والشرع يُرِدُ منه كرة الأرض فقد يراد منه يابستها وذلك إنما يعرف بالسياق وهنا السياق دل على ان الجبال تثبت قشرة الأرض وليس كرتها وهذا أمر ظاهر للعيان ولذلك أثبته علماء الجيولوجيا بمهذا المعنى!!! فأين عقول هؤلاء المهرطقين الذين يكتبون هذه الترهات!.)
وقال المهندس عبد الدائم الكحيل وهو باحث في إعجاز القرآن الكريم والسنّة النبوية في بحث له بعنوان (الجبال والتوازن الأرضي): (لقد قرأتُ العديد من الأبحاث في إعجاز القرآن الكريم والتي تدور حول حديث القرآن عن حقائق علمية في علم الجبال قبل أن يكتشفها العلم بقرون طويلة. ولكن الذي أثار اهتمامي بهذا الموضوع ما قرأته على أحد المواقع الذي ينشر سلسلة مقالات بعنوان: أكذوبة الإعجاز العلمي!! وقد تناولوا في إحدى مقالاتهم نشوء الجبال وأكدوا أن القرآن قد أخطأ علمياً في الآية التي تقول: (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [النحل: 15]. وأن الجبال ليس لها أي دور في تثبيت الأرض وأن التثبيت يكون للأرض الثابتة أصلاً وليس المتحركة ويكون التثبيت للجسم المستوي وليس الكروي لأن الأرض كروية.
وبما أن هؤلاء لا تقنعهم كلمات علمائنا من المسلمين، فسوف نلجأ إلى علماء الغرب وهم من غير المسلمين ونتأمل في آخر ما توصلت إليه أبحاثهم وماذا يقولون حول هذا الموضوع وسوف نرى التطابق الكامل بين ما تكشفه الأبحاث الجديدة في علوم الأرض وبين القرآن العظيم.
فقد تابعتُ ما يعتقده علماء الغرب اليوم حول الجبال، وقرأتُ ما يدرِّسونه لطلابهم من أشياء يعدّونها حقائق facts وإليك عزيزي القارئ ما اكتشفه هؤلاء العلماء وهم من غير المسلمين: "التوازن الأرضي هو توازن لَبِنَات القشرة الأرضية العائمة على الغلاف الصخري للأرض. الجبال تملك جذوراً تمتد إلى داخل الغلاف الصخري بهدف تأمين التوازن" [1].
(يُتْبَعُ)
(/)
شكل (1) نرى فيه كيف أن قطعة الجليد أو الخشب تطفو على سطح الماء ولكن هنالك جزء منها يغوص داخل الماء لتحقيق التوازن، وبغير هذا الجزء لا يتحقق التوازن لقطعة الخشب. وهذا ما يحدث بالضبط في الجبال فجميع جبال الدنيا لها جذور تمتد في الأرض وتعمل على تثبيت الأرض واستقرار الجبال.
وهذا ما نجد له وصفاً دقيقاً في كتاب الله تعالى عندما يقول: (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [النحل: 15]. إذن سمّى القرآن الجبال بالرواسي تشبيهاً لها بالسفينة التي ترسو ويغوص جزء كبير منها في الماء. وهو ما تفعله الجبال فهي ترسو وتغوص في قشرة الأرض خصوصاً إذا علمنا أن القشرة الأرضية تتألف من مجموعة من الألواح العائمة على بحر من الحمم والصخور المنصهرة [4].
ولو بحثنا عن معنى كلمة (رسا) في المعاجم مثل مختار الصحاح نجد معناها (ثبت)، وهذا ما تقوم به الجبال من تثبيت للأرض لكي لا تميل وتهتز بنا. ويؤكد العلماء اليوم أن كثافة الجبال تختلف عن كثافة الأرض التي حولها، تماماً مثل قطعة الجليد العائمة على سطح الماء.
فإذا وضعنا قطعة من الجليد في الماء نجد أن جزءاً كبيراً منها يغوص في الماء ويظهر جزء صغير منها على وجه الماء ولولا ذلك لا تستقر قطعة الجليد وتنقلب وتميل.
ونحن نعلم من هندسة تصميم السفن أن السفينة يجب أن يكون لها شكل محدد لتستقر في الماء ولا تنقلب. والجبال قد صمّمها الله تعالى بشكل محدد فهي لا تنقلب برغم مرور ملايين السنين عليها!! ومن أعجب ما قرأت حول هذه الجبال ودورها في التوازن الأرضي أن العلماء عندما قاسوا كثافة الجبال وكثافة الأرض المحيطة بها وجدوا أن النسبة هي ذاتها كثافة الجليد بالنسبة للماء.
وهنا تتجلّى عظمة القرآن في دقة التشبيه وروعته، ولذلك قال تعالى: (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) [الأنبياء: 31]. فشبّه الجبال بالسفن الرواسي وهو تشبيه دقيق جداً من الناحية العلمية!! فمن الذي أخبر النبي الأمي عليه الصلاة والسلام بهذه الحقائق؟.
شكل (2) جميع جبال الدنيا تمتد عميقاً في الغلاف الصخري للأرض، ويبلغ عمق هذه الجذور عشرات الكيلو مترات، ونجد أن عمق جذر الجبل يزيد على ارتفاعه فوق سطح الأرض بأكثر من عشرة أضعاف!!! وهذا ما نجده في الوتد. فالوتد من الناحية الهندسية وحتى يؤدي مهمته في التثبيت يجب أن يغوص في الأرض لعدة أضعاف الجزء البارز منه. فسبحان الذي سمى الجبال (أوتاداً) وهذا التشبيه أفضل تشبيه من الناحية العلمية.
ثم إن جميع العلماء يؤكدون اليوم بأن الجبال لها أوتاد تمتد في الأرض وتغوص لعشرات الكيلو مترات، وهذا ما حدثنا عنه القرآن العظيم بقوله تعالى: (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا) [النبأ: 6 - 7]. فإذا كان القرآن يصرّح بأن الجبال هي أوتاد، والعلماء يقولون إن للجبال جذوراً تثبت الأرض وتعمل على توازنها [5]، وهنالك علم قائم بذاته يدرس هذا التوازن الأرضي، والسؤال: هل هذه المعجزات هي أكذوبة أم هي حقيقة؟ [2]
وقفة لغوية
ربما يأتي من يقول بأننا نحمّل هذه الآيات غير ما تحتمل من المعاني، وهذه عادة المشككين بكتاب الله تعالى. ولذلك سوف نقدم من خلال هذه الوِقفة ما فهمه العرب قديماً من هذه الآيات. فلو بحثنا في معجم لسان العرب عن معنى كلمة (رَسَا)، لوجدنا: "رَسَا الشَّيءُ يَرْسُو رُسُوّاً و أَرْسَى: ثَبَتَ، و أَرْساه هو. و رَسَا الجَبَلُ يَرْسُو إِذا ثَبَت أَصلهُ في الأَرضُ، وجبالٌ راسِياتٌ. و الرَّواسِي من الجبال: الثَّوابِتُ الرَّواسخُ. و رَسَتِ السَّفينةُ تَرْسُو رُسُوّاً: بَلَغَ أَسفلُها القَعْرَ وانتهى إِلى قرارِ الماءِ فَثَبَتَت وبقيت لا تَسير، وأَرْساها هو. وفي التنزيل العزيز في قصة نوح عليه السلام وسفينته: (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [هود: 41]. و المِرْساةُ: أَنْجَرُ السَّفينة التي تُرْسَى بها، وهو أَنْجَرُ ضَخْمٌ يُشَدُّ بالجِبال و يُرْسلُ في الماءِ فيُمْسِكُ السَّفينة و يُرْسِيها حتى لا تَسير. قال ابن بري: يقال: أَرْسَيْتُ الوَتِدَ في
(يُتْبَعُ)
(/)
الأَرض إِذا ضَرَبْتَه فيها".
وجاء في هذا المعجم معنى كلمة (وتد): "الوتِدُ، بالكسر، و الوَتْدُ و الوَدُّ: ما رُزَّ في الحائِط أَو الأَرض من الخشب، والجمع أَوتادٌ، قال الله تعالى: (والجِبالَ أَوتاداً) [النبأ: 7]. و وَتَدَ الوَتِدُ وَتْداً وتِدَةً و وَتَّدَ كلاهما: ثَبَتَ، و وَتَدْتُه أَنا أَتِدُه وَتْداً وتِدَةً وَوَتَدْتُه: أَثْبَتُّه".
ونلاحظ أن العرب فهمت من الآيات ما نفهمه نحن اليوم مع فارق التطور العلمي! فهم فهموا من كتاب الله تعالى أن للجبال أصلاً في الأرض يثبته كما تثبت المرساة السفينة ولذلك سمى الله الجبال بالرواسي، وهذا ما يقوله العلماء اليوم كما نرى من خلال الأبحاث الصادرة حديثاً في علم التوازن الأرضي.
وهنا نود أن نقول: إذا كان القرآن العظيم يستخدم تشبيهاً للجبال بالسفن التي ترسو في الماء، وإذا كان العلماء حديثاً يستخدمون تشبيهاً لتوازن الجبال كقطعة خشب تطفو على سطح الماء ويغوص منها جزء كبير لضمان توازن القطعة الخشبية، ويشبّهون توازن الجبل بتوازن هذه القطعة الخشبية في الماء، أي يستخدمون نفس التشبيه القرآني، والسؤال: لولا أن العلماء وهم من غير المسلمين وجدوا في هذا التشبيه منتهى الدقة العلمية فهل كانوا سيستخدمونه في مراجعهم ويدرسونه لطلابهم في القرن الحادي والعشرين؟
إن هذا يثبت أن القرآن كتاب علم وليس كتاب أساطير كما يدّعي الملحدون، ويثبت أن القرآن معجز من الناحية العلمية ويتضمن سبقاً علمياً في علم الجبال، ويعني أيضاً أننا لا نحمّل النص القرآني أي معنى لا يحتمله، إنما نفهم النص كما فهمه العرب أثناء نزول القرآن، ولكن هم فهموه حسب معطيات عصرهم ولم يكن هنالك مشكلة على الرغم من عدم وجود أي تفسير علمي لجذور الجبال ودورها في التوازن الأرضي، ونحن اليوم نفهمه حسب أحدث المكتشفات العلمية ولا نجد أي مشكلة أيضاً، ألا يدلّ هذا على أن القرآن كتاب صالح لكل زمان ومكان؟!
وهذه مراجع بحثه ذكرها في آخر بحثه وهي مواقع على شبكة الإنترنت
[1] http://highered.mcgraw-hill.com/sites/0072402466/student_view0/
[2]http://honolulu.hawaii.edu/distance/gg101/Programs/program8%20MountainBuilding/program8.html
[3] http://geosciences.ou.edu/~msoreg/tes/isostasy.html
[4] http://maps.unomaha.edu/Maher/ESSlectures/ESSlabs/isostasylab/isostasy.html
[5] http://rst.gsfc.nasa.gov/Sect2/Sect2_1a.html
والبحث في موقعه هنا: http://www.kaheel7.com/modules.php?name=News&file=article&sid=108 ) ( إنتهى)
قوله تعالى: (وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا) (8)
يقول تعالى: وخلقناكم أصنافاً مختلفة ومتضادة أجناساً ذكوراً وإناثاً وخِناثا وألواناً أسودا وأبيضا وأحمرا وأصفرا وصوراً جميلا وقبيحا وطويلا وقصيرا وصفاتاً وأحوالاً ذكيا وغبيا وغنيا وفقيراً وألْسِنَةً ولغاتاً من عربي وأعجمي إلى غير ذلك من أصناف البشر.
أقول وبالله وحده أستعين إن للعلماء في تفسير الأزواج هنا أقولاً أربعة الأول منها: أصنافاً مختلفة ومتضادة من أصناف البشر وهو قولنا وهذا القول رواه ابن جرير عن التابعي الجليل قتادة بن دعامة ويأتي ذكر الأثر وذهب إليه بعض المفسرين والثاني: مزدوجين ذكوراً وإِناثاَ ليتم الائتناس والتعاون على هذه الحياة وحفظ النسل وتكميله بالتربية وهو قول كثير من المفسرين والأول أعم منه إذ يشمله أما القول الثالث: خلقناكم أزواجاً أي من مَنِيَّيْن مَنِيّ الرجل ومَنِيّ المرأة فيكون المراد خلقنا كل واحد منكم من مَنِيّ زوجين والقول الرابع: أصنافاً مختلفةً من المخلوقات جميعها قبيحة وجميلة طويلة وقصيرة قوية وضعيفة فيعم الإنسان والحيوان والنبات والجماد إلى غير ذلك فهذا القول يشمل الأول والثاني.
أقول والراجح الأول وهذا البيان والله المستعان:
(يُتْبَعُ)
(/)
لأن قوله تعالى: (وخلقناكم أزواجا) هي دليل للبعث الذي مر ذكره بطريقة الإستدلال بالقدرة على الخلق الأول للقدرة على الخلق الثاني يوم القيامة فكان الأقوى والأبلغ في الدليل واللائق أن يكون مرادا به اصناف الناس كلها وليس فقط الذكور والإناث فلما كان مراده سبحانه هنا من ذكر خلقه للبشر أزواجا الإستدلال للبعث كان الأولى أن يعم ولا يخص ليشمل كل من سيحشر يوم القيامة بأصنافهم المختلفة! فيكون المعنى أعم يعم جميع أصناف البشر المختلفة والمتضادة أجناساً ذكوراً وإناثاً وخِناثا وألواناً أسودا وأبيضا وأحمرا وأصفرا وصوراً جميلا وقبيحا وطويلا وقصيرا وصفاتاً وأحوالاً قويا وضعيفا ذكيا وغبيا وغنيا وفقيرا وعزيزا وذليلا وصالحاً وطالحاً وألْسِنَةً ولغاتاً من عربي وأعجمي إلى غير ذلك من أصناف البشرويشهد لهذا المعنى قوله تعالى: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [طه:131]. أي أصنافاً منهم فتأمل.
ولذلك قال الشيخ مصطفى العدوري حفظه الله في سلسلة التفسير (عند تفسيره لقوله تعالى: ({لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ} [النساء:57]): (وقوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ} [النساء:57] الأزواج قد تطلق على النساء، وقد يأتي الزوج بمعنى الصنف، كقوله تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} [النبأ:8]، ومن أهل العلم من قسر الأزواج في قوله تعالى:: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} [النبأ:8] فقال: أي: ذكراً وأنثى، ومنهم من عمم التفسير وقال: إن أزواجاً معناها أصنافاً، والتفسير الأعم أولى من التفسير ببعض المفردات في كثير من الأحيان، فالأخذ بالعموم في هذا التأويل أولى من الأخذ بالخصوص؛ لأنه يدخل فيه الخصوص (يقصد الشيخ العدوي أن القول بأن الأزواج ذكر وانثى يدخل في عموم القول بأن الأزوان أصنافاً)، فمعنى قوله تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} [النبأ:8] أي: أصنافاً، فمنكم الذكر ومنكم الأنثى، ومنكم القوي ومنكم الضعيف، ومنكم العزيز ومنكم الذليل، ومنكم الجميل ومنكم الدميم، إلى غير ذلك.
وأحياناً يتعين التفسير بالخصوص في بعض المفردات كما في قوله تعالى هنا: {لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ} [النساء:57]، فالأزواج هنا لا بد أن تحمل على النساء بقرينة وهي: (مُطَهَّرَة)، ومعنى: (مُطَهَّرَة) قال فريق من العلماء: مطهرة من البول والحيض والبزاق والتفل ونحو ذلك، وقد جاء في ذلك خبرٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قوله: (أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، لا يبزقون فيها، ولا يبولون ولا يمتخطون)، ومن أهل العلم من قال: مطهرة أيضاً من الغل والأحقاد، وصنوف الحيل والمكر التي تتسرب إلى نساء الدنيا.) (إنتهى)
وقال ايضا في سلسلة التفسير عند تفسير الآية التي نحن بصدد تفسيرها: ({وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}، والمراد بالأزواج هنا الأصناف، أي: خلقناكم أصنافاً، فمنكم الطويل ومنكم القصير، ومنكم الذكي ومنكم الغبي، ومنكم الصالح ومنكم الطالح، ومنكم الغني ومنكم الفقير، ومنكم الجميل ومنكم الدميم.
ومن العلماء من قال: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}، أي: ذكراً وأنثى، كما قال تعالى: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الذاريات:49]، ومن المفسرين من فسر قوله تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [الفجر:3]، بقوله: (الشفع): الخلق، فكل شيء زوجان من الخلق، (والوتر) هو: الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً، وهو وتر يحب الوتر)، فقوله تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}، لأهل العلم فيها تأويلان: التأويل الأول: أن المراد بالأزواج الأصناف.
التأويل الثاني: أن المراد بالأزواج الذكور والإناث.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويشهد للمعنى الأول قوله تعالى: {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ} [طه:131]، وأما قوله تعالى: {وَالَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} [الزخرف:12] فيشهد للمعنيين معاً، ففي قوله تعالى: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا}، قولان: الأول: (أزواجاً) أي: أصنافاً.
والثاني: (أزواجاً) أي: ذكراً وأنثى.) (إنتهى)
ومر انه رجح الأول ونص عليه هنا في بداية كلامه فتنبه.
وقال بهذا القول إمام المفسرين ابن جرير الطبري في تفسيره (24/ 151) فقد ذكر في تفسير هذه الآية أثراً واحدا عن التابعي الجليل قتادة رحمه الله مر ذكره في تفسير آياتٍ سابقة يقول قتادة فيه: ((وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا) ذُكرانا وإناثا، وطوالا وقصارا، أو ذوي دمامة وجمال، مثل قوله: (الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) يعني به: صيرناهم). (إنتهى)
وابن عطية ذهب له ايضا في تفسيره ذو الفوائد المهمة (المحرر الوجزي في تفسير الكتاب العزيز) (5/ 424) إذ قال: (و " ازواجا " معناه انواعا في ألوانكم وصوركم وألسنتكم) (إنتهى)
واختاره الشيخ محمد بن جميل بن غازي الدروبي (أحد طلاب الألباني في سوريا) في تفسيره المختصر الرائع جدا (شرح الكلمات وما ترشد إليه الآيات) إذ قال: (أَزْوَاجًا: أصنافا وأضدادا) (إنتهى)
فائدة: يحسن بطالب العلم الحرص على قراءة وحفظ تفسير الشيخ الدروربي (شرح الكلمات وما ترشد إليه الآيات) فهو تفسير مختصر جداً في كلمات قليلة في غاية الروعة والإتقان استفيدُ كثيراً منه، حرص الشيخ الدروبي فيه على ذكر التفسير الصحيح متبعاً لما ورد في القرآن وصحيح السنة ومن الجدير بالذكر أنه أشار في مقدمته إلى بعض أخطاءٍ خطيرة في مسائل صفات الله عز وجل والتي وقع فيها الشيخ مخلوف في تفسيره المختصر الذي بعنوان (كلمات القرآن تفسير وبيان) الذي طبع على حاشية بعض طبعات القرآن المطبوع في الشام ولعله في حواشي طبعات أخرى والله المستعان! وقد قرأت تفسيره فوجدت تلك الأخطاء الخطيرة في تفسير الصفات وهو تفسير أهل التعطيل على طريقة الأشاعرة هداهم الله فهذا التفسير للشيخ مخلوف لا أنصح به لطالب العلم ولا لعوام المسلمين ومن باب أولى أن لا يحفظونه ولا يتوهمن متوهمٌ أني أرى عصمة كل ما في تفسير الشيخ الدروبي فإنه بشر والبشر يخطيء ولكنه حسب ما أراه أفضل تفسير مختصر جدا في كلمات قليلة والله أعلم.
فالقول الثاني ضعيف لما سبق بيانه في ترجيحنا القول الأول إذ قلنا أن ما يزيده بطلاناً أن ذكر الله هنا لخلقه البشر أزواجا إنما اراد الله به الإستدلال للبعث فالأولى أن يعم ولا يخص ليشمل كل من سيحشر بأصنافهم المختلفة وليس الذكر والأنثى وحسب! وهذا القول الثاني هو قول كثير من المفسرين وممن ذهب لهذا القول العلامة ابن كثير قال في تفسريه (8/ 302): (ثم قال: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} يعني: ذكرًا وأنثى، يستمتع كل منهما بالآخر، ويحصل التناسل بذلك، كقوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].) (إنتهى)
أما القول الثالث فهو تكَلُّفٌ لا حاجة له لمخالفته للظاهر جدا فهو في غاية الركاكة!، وضعفه العلانة الألوسي رحمه الله إذ قال في تفسيره (روح المعاني) (30/ 7): (وقيل يجوز أن يكون المراد من الخلق أزواجا الخلق من منيين منى الرجل ومنى المرأة والمعنى خلقنا كل واحد منكم أزواجا باعتبار مادته التي هي عبارة عن منيين فيكون خلقناكم أزواجا من قبيل مقابلة الجمع بالجمع وتوزيع الأفراد على الأفراد وهو خلاف الظاهر جدا ولا داعي إليه) (إنتهى)
أما القول الرابع بأن أزواجا تعني أصنافاً مختلفةً من المخلوقات جميعها قبيحة وجميلة طويلة وقصيرة قوية وضعيفة فيعم الإنسان والحيوان والنبات والجماد إلى غير ذلك فهذا القول يشمل الأول والثاني.
(يُتْبَعُ)
(/)
فأقول إنه قول ضعيف جدا وباطل إذ ان المخاطَبين في ألاية عقلاء وهم المشركون فجعل ذلك يعم غيرهم من غير العقلاء من نبات وحيوان وجماد لا يصح في موضع الإستدلال لأن غير العقلاء ليسوا مخاطبين مع المشركين كما هو ظاهر ثم إن غير العاقل لا يفهم الخطاب بموضع الإستدلال ولذلك لا يصح أن يكون الخطاب بموضع الإستدلال لغير العاقل! وممن ضعف هذا القول العلامة المحدث الشوكاني في تفسيره فتح القدير (5/ 364) إذ أسبقه بأحد صيغ التمريض لدى المحدثين (قيل) إذ يقول الشوكاني: (وقيل يدخل في هذا كل زوج من المخلوقات من قبيح وحسن وطويل وقصير) (إنتهى)
والظاهر أن الرازي يذهب لهذا القول في تفسيره مفاتيح الغيب (31/ 7): (قوله تعالى وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْواجاً وفيه قولان الأول المراد الذكر والأنثى كما قال وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالاْنثَى (النجم 45) والثاني أن المراد منه كل زوجين و (كل) متقابلين من القبيح والحسن والطويل والقصير وجميع المتقابلات والأضداد كما قال وَمِن كُلّ شَى ْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ (الذاريات 49) وهذا دليل ظاهر على كمال القدرة ونهاية الحكمة حتى يصح الابتلاء والامتحان فيتعبد الفاضل بالشكر والمفضول بالصبر ويتعرف حقيقة كل شيء بضده فالإنسان إنما يعرف قدر الشباب عند الشيب وإنما يعرف قدر الأمن عند الخوف فيكون ذلك أبلغ في تعريف النعم) (إنتهى)
قلت ظاهر كلام الرازي في القول الثاني يشمل غير العاقلين من نبات وحيوان وجماد لأن الرازي قال في القول الثاني: (أن المراد منه كل زوجين .... إلى أن قالوجميع المتقابلات والأضداد، كما قال: {وَمِن كُلّ شَيْء خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات: 49]) ومعلوم أن قوله كل زوجين وايضا قوله جميع المتقابلات وكذا استدلاله بقوله تعالى (ومن كل شيء) الآية يدخل فيه غير المخاطَبين من حيوان ونبات وجماد وغيره فهم غير مخاطبين في الآية مع المشركين! ثم كيف يصح الخطاب في موضع الإستدلال لغير العاقل من نبات وحيوان وجماد إذ غير العاقل لا يعقل الدليل! فهو بعيد جدا لأنه لأن الله عز وجل خاطب المشركين قائلا: (وخلقناكم) أي انتم وليس مراده غيرهم من كل شيء! إلا أن يكون مراد الرازي القول الأول واستدل بآية أعم منه له فالله أعلم إذ لا يصح أن يكون معناه خلقه لكل شيء ليعم غيرهم اصناف المخلوقات من حيوانات ونباتات وغير ذلك فهو في غاية الركاكة ويتنزه الله عن ان يريده إذ المراد أزواجا من جنس المخاطَبين بالتهديد والوعيد وهم المشركين اي من الناس فالمراد ازواجا اصنافا ذكورا واناثا والوانا اسود وابيض واحمر واصفر وأسمر وقبيح وجميل وقصير وطويل وكبير وصغير وما اشبه ذلك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jul 2010, 02:48 م]ـ
أخي العزيز عمر الزهيري وفقه الله وحياه أخاً عزيزاً وطالبَ علمٍ منتفعاً بما يقرؤه في هذا الملتقى من نفائس أنفاس الباحثين. وقد سعدتُ بانضمامكم إلى هذا الملتقى كثيراً، وقرأتُ في تعريفك بنفسك ما أسعدني وأثلج صدري، وأسأل لي ولك ولجميع الإخوان والأخوات الثبات على الحق حتى الممات.
وأما ما أشرتم إليه في هذه البداية التي ترغبون أن تكون مشروعاً لتفسير القرآن فأطمئنك أخي العزيز عمر أن علم التفسير محفوظ وأصوله منضبطة، وقواعده متينة، والعلماء المخلصون قائمون على خدمته منذ بدأ حتى اليوم، وحفظ الله لكتابه يشتمل على حفظ بيانه وفهمه، وأقترح عليك أن يكون مشروعك هذا خاصاً بك على جهازك الحاسوبي، تجمع وترتب وتنقِّح، وتنتفع به لنفسك أولاً، وما يشكل عليك في طريقك فضعه بين يدي الزملاء في الملتقى للنقاش والاستفسار. حيث إن مشروعاً كهذا لا يناسبه أن يطرح بهذه الطريقة من وجهة نظري المتواضعة، والرأي لكم أخي العزيز.
أسأل الله أن يوفقك ويزيدك علماً وحرصاً على طلبه، وأن يكتب أجرك على هذه النية الصادقة، والهمة العالية.
ـ[عمر الزهيري]ــــــــ[09 Jul 2010, 09:09 ص]ـ
شكرا لكم أخي الفاضل عبد الرحمن الشهري على ما ذكرتم وأسأل الله لكم البركة في القول والعمل
(يُتْبَعُ)
(/)
أما بالنسبة لمشروعي هذا فلا شك أني لم انهيه وعدله بين حين وآخر وأضيف عليه تفسير آيات أخرى وهكذا إلى أن أكمله إن شاء الله فهو مسودة ولي من طرح هذه مسودة هذا المشروع بهذه الطريقة أربعة أغراض الأول أن أحصل على الأجر من الله فلا أدري قد أموت ولا يكون بين يدي من يريده والثاني التنبيه من المختصين على الأخطأ التفسيرية والمغيرة للمعنى والثالث أن أحفظه من الضياع فقد يحصل خلل في جهازي يوما ما وتكون الحسرات عظيمة والرابع بوضعي له في منتداكم المبارك أكون قد جعلته محفوظاً لي فلا يسرقه غيري فيقول وإن سرقه غيري ونسبه إلى نفسه يَسْهُلُ فضحه من خلال منتداكم وأني أكتبه فيه خاصة وأنه منتدى معروف مشهور في علم التفسير وأيضا من المعلوم أن كل منتدى يحتفظ بنسخة مما يُكتَب فيه فلهذا كله أود أن أكمل هنا بوركتم وأود أن تتحملوني وتعينوني بتعليقاتكم حين تجدون الوقت لذلك.
أخي الشهري إني والله في غاية الحرج لأني أخالفكم لما سبق ذكره من أغراض وأرجو أن تسامحني في هذا الشأن فإني أريد الإستمرار بكتابة المسودة هنا في منتداكم بوركتم وإنك خيرتني في ذلك بقولك والرأي رأيكم فأقول ولكن جزاكم الله خيرا على إتاحة الفرصة فسامحني إن كنت أخطأت في نظركم.
وعوداً إلى المسودة هذا تفسير الآية التي توقفنا عندها
قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا) (9)
يقول تعالى: وجعلنا نومكم في ليلكم ونهاركم قَطْعاً لحركتكم وسكوناً وهدوئاً راحةً لأبدانكم كأنكم أموات لا تشعرون، وأنتم أحياء لم تفارقكم الأرواح
فائدة: إن ما ذهبنا له من أن النوم في الآية هو في الليل والنهار لأنه يحصل واقعا في نوم القيلولة أو لحاجة بعض أصحاب الأعمال الليلية إليه ولذلك قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (23) سورة الروم فإن قيل كيف وقد قال تعالى بعد ذلك (والنهار معاشاً) فالمناسب ان المراد بالنوم هنا هو النوم بالليل فنقول ليس الأمر كذلك فالنهار معاشاً هذا في غالب أحوال الناس فإن من الناس من يعتاش ويعمل في الليل كالشرطة والحرس ونحوهم وإنما قال تعالى (والنهار معاشاً) من باب الغالب الأعم من الناس ولا ينافي إرادته سبحانه من النوم المذكور قبله النوم في الليل والنهار.
للعلماء في تفسير الآية أقوال: أولها أن السبات هنا هو قطع الحركة والسكون لتحصل الراحة للأبدان وثانيها: انه الموت وثالثها الجمع بينهما وثالثها: السبات التمدد والمراد النوم الطويل الممتد غير المتقطع الذي لا يفي بالغرض ولا يريح البدن والرابع: النوم الخفيف على أن المعنى جعلنا نومكم نوما خفيفا غير ممتد فيختل به أمر معاشكم ومعادكم والخامس وجعلنا نومكم نوماً متقطعاً لا دائماً.
والراجح الجمع بين الأول والثاني لثلاثة أمور:
الأول: أنه لا تعارض بينهما لغة ولا شرعا بل دل عليهما اللغة والشرع ولذا فالجمع بينهما أولى من الأخذ بأحدهما ففي اللغة من معاني السبات الموت إضافة لمعنيي قطع الحركة والراحة ففي لسان العرب - (2/ 36) (سبت) قال ابن منظور: (والسَّبْتُ الراحةُ وسَبَتَ يَسْبُتُ سَبْتاً اسْتَراحَ وسَكَنَ ... إلى أن قال ابن منظور: والسُّباتُ النَّومُ وأَصْلُه الراحةُ تقول منه سَبَتَ يَسْبُتُ هذه بالضم وحدها ابن الأَعرابي في قوله عز وجل وجَعَلْنا نومَكم سُباتاً أَي قِطَعاً والسَّبْتُ القَطْع فكأَنه إِذا نام فقد انقطع عن الناس وقال الزجاج السُّباتُ أَن ينقطع عن الحركة والروحُ في بدنه أَي جعلنا نومكم راحة لكم) إنتهى وفي الصحاح (2/ 131) قال الجوهري: ([سبت] السبت: الراحة. إلى أن قال الجوهري: والسبات: النوم، وأصله الراحة. ومنه قوله تعالى: (وجعلنا نومكم سباتا)) إنتهى وفي مختار الصحاح - (1/ 326) قال: ([سبت] س ب ت: السَّبْتُ الراحة والدهر وحلق الرأس وضرب العنق ومنه يسمى يوم السبت لانقطاع الأيام عنده وجمعه أسْبُتٌ و سُبُوتٌ و السَّبْتُ أيضا قيام اليهود بأمر سبتها ومنه قوله تعالى {يوم سبتهم شرعا ويوم لا يَسْبِتُون} وباب الأربعة ضرب و أسْبَتَ اليهودي دخل في السبت و السُّبَاتُ النوم وأصله الراحة ومنه قوله تعالى {وجعلنا نومكم سباتا} وبابه نصر و المَسْبُوتُ
(يُتْبَعُ)
(/)
الميت والمغشي عليه) إنتهى وفي القاموس المحيط (باب التاء فصل السين) قال الفيروزآبادي (السَّبْتُ: الرَّاحةُ والقَطْعُ والدَّهْرُ وحَلْقُ الرأسِ وإرْسالُ الشَّعَرِ عن العَقْصِ وسَيْرٌ للاْ بِلِ) وفي نفس المصادر هذه نصوا على أن من معاني السبات الموت فقال كل من صاحب لسان العرب وصاحب الصحاح في الصفحة 133 وصاحب مختار الصحاح: (والمَسْبُوتُ المَيِّتُ والمَغْشِيُّ عليه.) وقال صاحب القاموس والمَسْبوتُ: المَيِّتُ.) إنتهى
وفي الشرع صرح الله أن النوم وفاة فالنوم موت كما قال الله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر:42] وقال أيضاً: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (60) سورة الأنعام، وعبر النبي عليه الصلاة والسلام عن النوم بالموت فكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول عند استيقاظه من النوم: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور) رواه البخاري في صحيحه ح 5837 و 5839 و 6845 و 5849 عن حذيفة ورواه ايضا في صحيحه ح 5850 و 6846 عن أبي ذر ورواه مسلم في صحيحه ح 4886 عن البراء بن عازب وقال صلى الله عليه وآله وسلم (النوم أخو الموت و لا ينام أهل الجنة) وهو حديث صحيح خرجه الألباني في السلسلة الصحيحة المجلدات الكاملة ح 1087) فالنوم موتٌ أصغر ووفاةٌ صغرى كما قال العلماء لما سبق من الأدلة ولأنه شبيه بالموت الأكبر لِما بينهما من المشاكلة التامة في انقطاع أحكام الحياة إذ يشتركان في صفات معلومة منها ظاهر في الواقع كعدم الحركة والكلام وكذلك فالنوم شبيه بالسبات جدا ولذلك وصفه الله بانه سبات في هذه الآية لاشتراكه معه أيضا في صفة السكون وعدم الحركة والكلام قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ الليل سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُون قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ النهار سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الليل والنهار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص: 7173] وبالتالي فالنوم والسبات والموات متشابهة جدا لأشتراكها بانقطاع الحركة والكلام فلا تعارض بين المعنيين البتة! ولذا قال الألوسي في تفسيره (روح المعاني) (30/ 7): (وجعلنا نومكم سباتا أي كالسبات ففي الكلام تشبيه بليغ كما تقدم والمراد بالسبات الموت وقد ورد في اللغة بهذا المعنى ووجه تشبيه النوم به ظاهر وعلى ذلك قوله تعالى وهو الذي يتوفاكم بالليل وهو على بناء الأدواء مشتق من السبت بمعنى القطع لما فيه من قطع العمل والحركة ... إلى أن قال الألوسي: واختار المحققون كون السبات هنا بمعنى الموت لأنه أنسب بالمقام كما لا يخفى) إنتهى قلت والألوسي ممن يقول بالقول الثاني والصحيح الجمع بين القولين فالنوم شبيه بالسبات والموت وسيأتي مزيد تفصيل أن ذلك مناسب للمقام ففي كون النوم سباتا اي انقطاعا للحركة وإحياء الله لنا منه باستيقاظنا منه إشارة إلى أن النوم كالموت الأكبر ففيه الدليل لقدرة الله عز وجل على إحياء الموتى يوم القيامة وبعثهم فإن قيل الموت ليس راحة دائما فقد يكون عذابا وقد يكون نعيما فهو ليس سباتا فنقول لا شك أن من معاني السبات في الآية هنا الراحة ولَمْ نقل نحن ان السبات مماثلا للموت الأكبر وإنما هما متشابهان في بعض الصفات كعدم الحركة والسكون كما أن النوم مشابه لهما في عدم الحركة والسكون ففي تشبيه النوم بالسبات وإحيائنا منه تنبيه على قدرته على إحيائنا من سباتنا الأكبر الذي هو الموت فتأمل.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: أن الله تعالى في هذه الآية كان مستدلاً للبعث بطريق الإشارة بإحياء الأنفس في الدينا بعد موتها فكما أحياكم بإقاظكم من موتكم الأصغر الذي هو سباتكم بإنقطاع حركتكم في نومكم في الدنيا يحييكم من موتكم الأكبر في الآخرة ويبعثكم يوم القيامة كما أشار بعض العلماء وسيأتي كلامهم.
الثالث: أن هذا الجمع مروي عن السلف إذ رواه ابن جرير في تفسيره (24/ 151) عن التابعي قتادة بن دعامة وقد مر ذكر بعض متنها في تفسير آياتٍ سبقت وفيها قال قتادة رحمه الله: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا) يقول: وجعلنا نومكم لكم راحة ودَعة، تهدءون به وتسكنون، كأنكم أموات لا تشعرون، وأنتم أحياء لم تفارقكم الأرواح، والسبت والسبات: هو السكون، ولذلك سمي السبت سبتا، لأنه يوم راحة ودعة) إنتهى
وذهب إلى الجمع بين القولين الأول والثاني العلامة الشنقيطي ففي الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (8/ 407 - 708) بعد أن نصَّ رحمه الله على أن سورة النبأ مشتملة على أدلة البعث الأربعة وجعل يذكرها بأدلتها حتى ذكر هذه الآية التي نحن بصدد تفسيرها مستدلا بهى على احد ادلة البعث وقد مر كلامه في تفسير الثانية من سورة النبأ وهي قوله تعالى: (عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ (2) سورة النبأ) وهذا نص كلام الشنقيطي: (وأما إحياء الموتى في الدنيا بالفعل، ففي قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} [النبأ: 9] والسبات: الانقطاع عن الحركة. وقيل: هو الموت، فهو ميتة صغرى، وقد سماه الله وفاة في قوله تعالى: {الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَ} [الزمر: 42]، وقوله تعالى: {وَهُوَ الذي يَتَوَفَّاكُم بالليل وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بالنهار ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} [الأنعام: 60]، وهذا كقتيل بني إسرائيل وطيور إبراهيم، فهذه آيات البعث ذكرت كلها مجملة.) إنتهى
وكذلك ذهب له الشيخ مصطفى العدوي في سلسلة التفسير إذ قال: ({وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ:9] السبات هو: السكون والراحة، أي: وجعلنا نومكم راحة وسكوناً لأبدانكم، وهي مأخوذة من السبت، وأصل معنى السبت الراحة، فيوم السبت كان عند اليهود يوم الراحة، قال الله: {وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ} [الأعراف:163].الآيات.) إنتهى
وقال قبل ذلك في تفسيره للآية الثانية من هذه السورة وهي قوله تعالى: (عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ (2) سورة النبأ): (والدليل الثاني على البعث: يكون بالاستدلال على إحياء بعض الأنفس بعد موتها، كقول إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيما حكى الله عنه: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:260]، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة:243]، وقال تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة:73]، وقال تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [البقرة:259].
وكان عيسى يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، وفي سورة عمَّ شيء مشابه لهذا، ألا وهو: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ:9]، فالنوم موت كما قال الله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر:42]، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول (يريد الشيخ عند استيقاضه من النوم): (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور) فهذا وجه الدليل الثاني على البعث.) إنتهى
(يُتْبَعُ)
(/)
أما القول الأول فقد مر أن الراجح الجمع بينه وبين القول الثاني
فممن قال بالقول الأول ابن كثير في تفسيره (8/ 302 - 303) إذ قال: (وقوله: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} أي: قطعا للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد (1) والسعي في المعايش (1) في عرض النهار. وقد تقدم مثل هذه الآية في سورة "الفرقان" (2).) (إنتهى)
وذهب له القاسمي في تفسيره محاسن التأويل إذ قال عند تفسيره لقوله تعالى: ({ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً} [46 - 47].
{وَالنَّوْمَ سُبَاتاً} أي: راحة للأبدان تستعيض به ما خسرته من قواها) إنتهى وقال عند تفسير آيتنا: ({وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} أي: راحة ودَعَة، يريح القوى من تعبها ويعيد إليها ما فقد منها. إطلاقاً للملزوم وهو السبات بمعنى النوم، وإرادة لّلازم وهو الاستراحة.) إنتهى
وذهب له أيضا الشيخ الدروبي في تفسيره (شرح الكلمات وما ترشد إليه الآيات) إذ قال: ((والنَّوْمَ سُبَاتًا) قاطعا للحركة لراحة الأبدان) إنتهى
أما القول الثاني فذهب له الألوسي الألوسي في تفسيره (روح المعاني) (30/ 7) وقد مر نقل كلامه آنفاً.
أما القول الثالث فضيف إذ ليس مناسبقاً للمقام فالسياق لا يدل عليه بل يدل على القولين الأول والثاني فالمراد من الآية أن النوم كالسبات وهو انقطاع الحركة والراحة الشبيه بالموت والاية دليل من أدلة البعث كما مر ولذا فالقول الرابع غير مناسب كدليل للبعث كما هو ظاهر ولأن النوم قد يكون ممتدا طويلاً وقد يكون قصيرا ولم تحدد الآية ايهما بل أطلقت ولا دليل على تعيين ذلك فيبقى السبات على إطلاقه وهو اصله المراد منه وهو قطع الحركة والسكون راحة كالموت.
وضعفه الألوسي ورجح القول الثاني في تفسيره روح المعاني (30/ 7) فقد سبقه بقوله قيل التي تدل على التضعيف وهذا نص كلامه: (وقيل السبت التمدد كالسبط يقال سبت الشعر إذا حل عقاصه وعليه تفسير السبات بالنوم الطويل الممتد والأمتنان به لما فيه من عدم الأنزعاج ... إلى أن قال: واختار المحققون كون السبات هنا بمعنى الموت لأنه أنسب بالمقام كما لا يخفى) إنتهى
وكذلك فعل العلامة القاسمي في تفسيره محاسن التأويل عند تفسيره آيتنا هذه إذ قال: (وقيل: السبات هو النوم الممتد الطويل السكون؛ ولهذا يقال فيمن وصف بكثرة النوم: إنه مسبوت وبه سبَات. ووجه الامتنان بذلك ظاهر؛ لما فيه من المنفعة والراحة، لأن التهويم والنوم الغرار لا يكسبان شيئاً من الراحة. وقد أفاض السيد المرتضى في" أماليه" في لطائف تأويل هذه الآية.) إنتهى قلت فقد سبقه بكلمة قيل التي تدل على التضعيف فتنبه وقد مر اختيار القاسمي للقول الأول.
أما القول الرابع بأنه النوم الخفيف على أن المعنى جعلنا نومكم نوما خفيفا غير ممتد فيختل به أمر معاشكم ومعادكم
فضعيف والرد عليه هو الرد على القول الثالث ولأن النوم قد يكون خفيفا وقد يكون ثقيلا ولم تحدد الآية ايهما بل أطلقت ولا دليل على تعيين ذلك فيبقى السبات على إطلاقه وهو اصله المراد منه وهو قطع الحركة والسكون راحة كالموت.
أما القول الخامس فضيف كسابقيه والرد عليه كالرد عليهما ولأن النوم قد يكون متقطعا وقد يكون ممتدا طويلاً ولم تحدد الآية ايهما بل أطلقت ولا دليل على تعيين ذلك فيبقى السبات على إطلاقه وهو اصله المراد منه وهو قطع الحركة والسكون راحة كالموت.
شبهة للملاحدة والرد عليها
وقال الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب (31/ 7): (قوله تعالى وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً طعن بعض الملاحدة في هذه الآية فقالوا السبات هو النوم والمعنى وجعلنا نومكم نوماً واعلم أن العلماء ذكروا في التأويل وجوهاً أولها قال الزجاج سُبَاتاً موتاً والمسبوت الميت من السبت وهو القطع لأنه مقطوع عن الحركة ودليله أمران أحداهما قوله تعالى وَهُوَ الَّذِى يَتَوَفَّاكُم بِالَّيْلِ (الأنعام 60) إلى قوله ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ (الأنعام 60) والثاني أنه لما جعل النوم موتاً جعل اليقظة معاشاً أي حياة في قوله وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً (النبأ 11) وهذا القول عندي ضعيف لأن الأشياء المذكورة في هذه الآية جلائل النعم فلا
(يُتْبَعُ)
(/)
يليق الموت بهذا المكان وأيضاً ليس المراد بكونه موتاً أن الروح انقطع عن البدن بل المراد منه انقطاع أثر الحواس الظاهرة وهذا هو النوم ويصير حاصل الكلام إلى إنا جعلنا نومكم نوماً وثانيها قال الليث السبات النوم شبه الغشي يقال سبت المريض فهو مسبوت وقال أبو عبيدة السبات الغشية التي تغشى الإنسان شبه الموت وهذا القول أيضاً ضعيف لأن الغشي ههنا إن كان النوم فيعود الإشكال وإن كان المراد بالسبات شدة ذلك الغشي فهو باطل لأنه ليس كل نوم كذلك ولأنه مرض فلا يمكن ذكره في أثناء تعديد النعم وثالثها أن السبت في أصل اللغة هو القطع يقال سبت الرجل رأسه يسبته سبتاً إذا حلق شعره وقال ابن الأعرابي في قوله سُبَاتاً أي قطعاً ثم عند هذا يحتمل وجوهاً الأول أن يكون المعنى وجعلنا نومكم نوماً متقطعاً لا دائماً فإن النوم بمقدار الحاجة من أنفع الأشياء أما دوامه فمن أضر الأشياء فلما كان انقطاعه نعمة عظيمة لا جرم ذكره الله تعالى في معرض الإنعام الثاني أن الإنسان إذا تعب ثم نام فذلك النوم يزيل عنه ذلك التعب فسميت تلك الإزالة سبتاً وقطعاً وهذا هو المراد من قول ابن قتيبة وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً أي راحة وليس غرضه منه أن السبات اسم للراحة بل المقصود أن النوم يقطع التعب ويزيله فحينئذ تحصل الراحة الثالث قال المبرد وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً أي جعلناه نوماً خفيفاً يمكنكم دفعه وقطعه تقول العرب رجل مسبوت إذا كان النوم يغالبه وهو يدافعه كأنه قيل وجعلنا نومكن نوماً لطيفاً يمكنكم دفعه وما جعلناه غشياً مستولياً عليكم فإن ذلك من الأمراض الشديدة وهذه الوجوه كلها صحيحة) إنتهى
أقول: هذه الشبهة يكفي في الرد عليها أن الله سبحانه وتعالى لم يرد بيان التماثل بين النوم والسبات وإنما أراد بيان التشابه بينهما ومعلوم ان التشابه هو اشتراك في بعض الصفات لا جميعها أما التماثل فهو اشتراك في جميع الصفات فقول الملاحدة أن السبات هو النوم يريدون منه المماثلة وقول المسلمين السبات هو النوم يريدون منه المشابهة وهو كثير في لغة العرب فالعرب تصف الرجل الشجاع فتقول هو أسد! ومعلوم أن الرجل الشجاع ليس مماثل للأسد وإنما اراد العرب من ذلك مشابهته له في قوته وشجاعته وبهذا يتضح جهل وتفاهة هذه الشبهة التي هي كعبربدة السكران وهذيان المحموم.
ومن العجب قول الرازي: (وأيضاً ليس المراد بكونه موتاً أن الروح انقطع عن البدن بل المراد منه انقطاع أثر الحواس الظاهرة وهذا هو النوم ويصير حاصل الكلام إلى إنا جعلنا نومكم نوماً وثانيها قال الليث السبات النوم شبه الغشي يقال سبت المريض فهو مسبوت وقال أبو عبيدة السبات الغشية التي تغشى الإنسان شبه الموت وهذا القول أيضاً ضعيف لأن الغشي ههنا إن كان النوم فيعود الإشكال) إنتهى
فإنه ذكر القول بأن السبات هو الموت أي أن المراد وجعلنا نومكم موتا في الآية وفهم منه أن ذلك يستلزم أن المراد يصبح وجعلنا نومكم نوماً مستدلاً لذلك بأن المراد من هذا الموت انقطاع أثر الحواس الظاهرة وهذا هو النوم! فاقول من المعلوم أن هذا الموت هو كما قال الرازي وهو موتٌ اصغر ولكن ليس المراد من الآية المماثلة بين النوم والموت الأصغر الذي تنقطه فيه الحواس الظاهرة كالكلام والحركة والنظر والذي هو النوم! بل المراد كما سبق بيانه أن الله جعل النوم كالموت الأكبر أي جعله مشابها للموت الأكبر إشارة منه سبحانه على قدرته على إحياء الخلق من الموت الأكبر حين البعث وإنما ذكر بعض العلماء عند هذه الآية الأدلة من القرآن والسنة على ان النوم هو الموت الأصغر والوفاة الصغرى تنبيهاً إلى صحة مشابهة النوم للموت الأكبر في الآية ولأن الأدلة تلك قامت على أنه يشابه الموت الأكبر ولذلك سماه العلماء الموت الأصغر والوفاة الصغرى.
وفي آخر كلامه رجح الجمع بين القول الثاني وهو قطع الحركة للراحة والقول الرابع وهو النوم الخفيف والقول الخامس وهو النوم المتقطع أقول وكل هذه الأقوال فصلنا في ما مر الكلام عليها بما لا حاجة لإعادته هنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن الغريب نفي الرازي أن يكون أن السبات هو الراحة! إذ يقول الرازي: (الثاني أن الإنسان إذا تعب ثم نام فذلك النوم يزيل عنه ذلك التعب فسميت تلك الإزالة سبتاً وقطعاً وهذا هو المراد من قول ابن قتيبة وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً أي راحة وليس غرضه منه أن السبات اسم للراحة بل المقصود أن النوم يقطع التعب ويزيله فحينئذ تحصل الراحة) إنتهى فتلك كتب اللغة تصرح بأن من معاني السبات الراحة! وقد مر بعض من كلام اللغويين.
وكتب أبو جعفر الزهيري في يوم الأربعاء الموافق لـ 26 من رجب 1431 هـ
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[09 Jul 2010, 11:04 ص]ـ
شكرا لكم أخي الفاضل عبد الرحمن الشهري على ما ذكرتم وأسأل الله لكم البركة في القول والعمل
أما بالنسبة لمشروعي هذا فلا شك أني لم انهيه وعدله بين حين وآخر وأضيف عليه تفسير آيات أخرى وهكذا إلى أن أكمله إن شاء الله فهو مسودة ولي من طرح هذه مسودة هذا المشروع بهذه الطريقة أربعة أغراض الأول أن أحصل على الأجر من الله فلا أدري قد أموت ولا يكون بين يدي من يريده والثاني التنبيه من المختصين على الأخطأ التفسيرية والمغيرة للمعنى والثالث أن أحفظه من الضياع فقد يحصل خلل في جهازي يوما ما وتكون الحسرات عظيمة والرابع بوضعي له في منتداكم المبارك أكون قد جعلته محفوظاً لي فلا يسرقه غيري فيقول وإن سرقه غيري ونسبه إلى نفسه يَسْهُلُ فضحه من خلال منتداكم وأني أكتبه فيه خاصة وأنه منتدى معروف مشهور في علم التفسير وأيضا من المعلوم أن كل منتدى يحتفظ بنسخة مما يُكتَب فيه فلهذا كله أود أن أكمل هنا بوركتم وأود أن تتحملوني وتعينوني بتعليقاتكم حين تجدون الوقت لذلك.
أ [/ SIZE][/FONT]
أخي الكريم عمر، حياك الله وأهلا بك وبمشاركاتك ونسعد بوجودك بيننا، ولكن اسمح لي بتعليقات يسيرة
ذكرت أن لك أغراضا أربعة:
أولها: حصول الأجر من الله، فنسأل الله لك أن يتقبل منك ويؤجرك على هذا العمل، وأن يبارك في عمرك، واعلم أن سعة انتشار الكتاب وإقبال الناس عليه ليس عاملها الرئيس سعي صاحبه في نشره - وإن كان ذلك مطلوبا - لكن إخلاص العبد في قصده وطلبه بعمله مرضاة ربه هو الذي عليه المعول في بقاء آثاره، وقد رحل كثير من أهل العلم ولم تنتشر مؤلفاتهم إلا بعد موتهم ولم ينتفع بها في حياتهم كانتفاعهم منها بعد موتهم، فأجرك حاصل بإذن الله، ثم إن طرق النشر للأعمال العلمية لها طرق أخرى غير المنتديات.
ثاني الأغراض: لا أظن الفائدة تحصل لك بتلك الصورة، بل بإنهاء عملك في صورته التي ترضاها وعرضه مباشرة على المتخصصين عن طريق اللقاء بهم والتواصل معهم على عناوينهم الشخصية، فسيجد صنيعك هذا اهتمام منهم وعناية لن تصل إليها بنشره في المنتديات
ثالث الأغراض: هناك وسائل أخرى لحفظ الأعمال وهي كثيرة وليس منها الملتقى وانظر لو أن كل عضو من أعضاء الملتقى أراد حفظ أعماله بوضعها هنا فكيف يكون الحال؟
الرابع: بوضعك لعملك بهذه الطريقة هنا فأنت تفتح للسراق أبوابا وليس الملتقى جهة رسمية تستند إليها في القضاء لجلب حقوقك
وفقك الله ورعاك أهلا بك مرة أخرى وما يمانع الملتقى وأهله في الاستفادة منك لكن اجعل تواصلك بخصوص الكتاب مع من تثق بهم من أهل العلم هنا وفي أي مكان تستطيعه سيكون هذا أجدى لك وأنفع لعملك، وما أردت إلا النصح لك.
ـ[عمر الزهيري]ــــــــ[10 Jul 2010, 05:43 م]ـ
السلام عليكم أخي الفاضل أبو صفوت سوف أُرْجِعُ لكم الجواب على تعليقاتكم المهمة غدا إن شاء الله فإن الوقت قد داهمني وقد كنت جئت لأضيف شيئاً لبحثي فوجدت تعليقاتكم فقد كنت منشغلا بذلك فانتظرني وهذا ما جئت لأضيفه
تعديل وإضافة لما سبق:
قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا) (9)
يقول تعالى: وجعلنا نومكم في ليلكم ونهاركم قَطْعاً لحركتكم وسكوناً وهدوئاً راحةً لأبدانكم كأنكم أموات لا تشعرون، وأنتم أحياء لم تفارقكم الأرواح
(يُتْبَعُ)
(/)
فائدة: إن ما ذهبنا له من أن النوم في الآية هو في الليل والنهار لأنه يحصل واقعا في نوم القيلولة أو لحاجة بعض أصحاب الأعمال الليلية إليه ولذلك قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) (23) سورة الروم فإن قيل كيف وقد قال تعالى بعد ذلك (والنهار معاشاً) فالمناسب ان المراد بالنوم هنا هو النوم بالليل فنقول ليس الأمر كذلك فالنهار معاشاً هذا في غالب أحوال الناس فإن من الناس من يعتاش ويعمل في الليل كالشرطة والحرس ونحوهم وإنما قال تعالى (والنهار معاشاً) من باب الغالب الأعم من الناس ولا ينافي إرادته سبحانه من النوم المذكور قبله النوم في الليل والنهار.
للعلماء في تفسير الآية أقوال: أولها أن السبات هنا هو قطع الحركة والسكون لتحصل الراحة للأبدان وثانيها: انه الموت وثالثها الجمع بينهما وثالثها: السبات التمدد والمراد النوم الطويل الممتد غير المتقطع الذي لا يفي بالغرض ولا يريح البدن والرابع: النوم الخفيف على أن المعنى جعلنا نومكم نوما خفيفا غير ممتد فيختل به أمر معاشكم ومعادكم والخامس وجعلنا نومكم نوماً متقطعاً لا دائماً.
والراجح الجمع بين الأول والثاني لثلاثة أمور:
الأول: أنه لا تعارض بينهما لغة ولا شرعا بل دل عليهما اللغة والشرع ولذا فالجمع بينهما أولى من الأخذ بأحدهما ففي اللغة من معاني السبات الموت إضافة لمعنيي قطع الحركة والراحة ففي لسان العرب - (2/ 36) (سبت) قال ابن منظور: (والسَّبْتُ الراحةُ وسَبَتَ يَسْبُتُ سَبْتاً اسْتَراحَ وسَكَنَ ... إلى أن قال ابن منظور: والسُّباتُ النَّومُ وأَصْلُه الراحةُ تقول منه سَبَتَ يَسْبُتُ هذه بالضم وحدها ابن الأَعرابي في قوله عز وجل وجَعَلْنا نومَكم سُباتاً أَي قِطَعاً والسَّبْتُ القَطْع فكأَنه إِذا نام فقد انقطع عن الناس وقال الزجاج السُّباتُ أَن ينقطع عن الحركة والروحُ في بدنه أَي جعلنا نومكم راحة لكم) إنتهى وفي الصحاح (2/ 131) قال الجوهري: ([سبت] السبت: الراحة. إلى أن قال الجوهري: والسبات: النوم، وأصله الراحة. ومنه قوله تعالى: (وجعلنا نومكم سباتا)) إنتهى وفي مختار الصحاح - (1/ 326) قال: ([سبت] س ب ت: السَّبْتُ الراحة والدهر وحلق الرأس وضرب العنق ومنه يسمى يوم السبت لانقطاع الأيام عنده وجمعه أسْبُتٌ و سُبُوتٌ و السَّبْتُ أيضا قيام اليهود بأمر سبتها ومنه قوله تعالى {يوم سبتهم شرعا ويوم لا يَسْبِتُون} وباب الأربعة ضرب و أسْبَتَ اليهودي دخل في السبت و السُّبَاتُ النوم وأصله الراحة ومنه قوله تعالى {وجعلنا نومكم سباتا} وبابه نصر و المَسْبُوتُ الميت والمغشي عليه) إنتهى وفي القاموس المحيط (باب التاء فصل السين) قال الفيروزآبادي (السَّبْتُ: الرَّاحةُ والقَطْعُ والدَّهْرُ وحَلْقُ الرأسِ وإرْسالُ الشَّعَرِ عن العَقْصِ وسَيْرٌ للاْ بِلِ) وفي نفس المصادر هذه نصوا على أن من معاني السبات الموت فقال كل من صاحب لسان العرب وصاحب الصحاح في الصفحة 133 وصاحب مختار الصحاح: (والمَسْبُوتُ المَيِّتُ والمَغْشِيُّ عليه.) وقال صاحب القاموس والمَسْبوتُ: المَيِّتُ.) إنتهى
وفي الشرع صرح الله أن النوم وفاة فالنوم موت كما قال الله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر:42] وقال أيضاً: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (60) سورة الأنعام، وعبر النبي عليه الصلاة والسلام عن النوم بالموت فكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول عند استيقاظه من النوم: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور) رواه البخاري في صحيحه ح 5837 و 5839 و 6845 و 5849 عن حذيفة ورواه ايضا في صحيحه ح 5850 و 6846 عن أبي ذر ورواه مسلم في صحيحه ح 4886 عن البراء بن عازب وقال صلى الله عليه وآله وسلم (النوم أخو الموت و لا ينام أهل الجنة
(يُتْبَعُ)
(/)
) وهو حديث صحيح خرجه الألباني في السلسلة الصحيحة المجلدات الكاملة ح 1087) فالنوم موتٌ أصغر ووفاةٌ صغرى كما قال العلماء لما سبق من الأدلة ولأنه شبيه بالموت الأكبر لِما بينهما من المشاكلة التامة في انقطاع أحكام الحياة إذ يشتركان في صفات معلومة منها ظاهر في الواقع كعدم الحركة والكلام وكذلك فالنوم شبيه بالسبات جدا ولذلك وصفه الله بانه سبات في هذه الآية لاشتراكه معه أيضا في صفة السكون وعدم الحركة والكلام وهذه الصفة ثابتة في القرآن فقد نص الله عز وجل على أن النوم سكون فقال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ الليل سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِضِيَآءٍ أَفَلاَ تَسْمَعُون قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ النهار سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ الليل والنهار لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [القصص: 7173] وبالتالي فالنوم والسبات والموات متشابهة جدا لأشتراكها بانقطاع الحركة والكلام فلا تعارض بين المعنيين البتة! ولذا قال الألوسي في تفسيره (روح المعاني) (30/ 7): (وجعلنا نومكم سباتا أي كالسبات ففي الكلام تشبيه بليغ كما تقدم والمراد بالسبات الموت وقد ورد في اللغة بهذا المعنى ووجه تشبيه النوم به ظاهر وعلى ذلك قوله تعالى وهو الذي يتوفاكم بالليل وهو على بناء الأدواء مشتق من السبت بمعنى القطع لما فيه من قطع العمل والحركة ... إلى أن قال الألوسي: واختار المحققون كون السبات هنا بمعنى الموت لأنه أنسب بالمقام كما لا يخفى) إنتهى قلت والألوسي ممن يقول بالقول الثاني والصحيح الجمع بين القولين فالنوم شبيه بالسبات والموت وسيأتي مزيد تفصيل أن ذلك مناسب للمقام ففي كون النوم سباتا اي انقطاعا للحركة وإحياء الله لنا منه باستيقاظنا منه إشارة إلى أن النوم كالموت الأكبر ففيه الدليل لقدرة الله عز وجل على إحياء الموتى يوم القيامة وبعثهم فإن قيل الموت ليس راحة دائما فقد يكون عذابا وقد يكون نعيما فهو ليس سباتا فنقول لا شك أن من معاني السبات في الآية هنا الراحة ولَمْ نقل نحن ان السبات مماثلا للموت الأكبر وإنما هما متشابهان في بعض الصفات كعدم الحركة والسكون كما أن النوم مشابه لهما في عدم الحركة والسكون ففي تشبيه النوم بالسبات وإحيائنا منه تنبيه على قدرته على إحيائنا من سباتنا الأكبر الذي هو الموت فتأمل.
الثاني: أن الله تعالى في هذه الآية كان مستدلاً للبعث بطريق الإشارة بإحياء الأنفس في الدينا بعد موتها فكما أحياكم بإقاظكم من موتكم الأصغر الذي هو سباتكم بإنقطاع حركتكم في نومكم في الدنيا يحييكم من موتكم الأكبر في الآخرة ويبعثكم يوم القيامة كما أشار بعض العلماء وسيأتي كلامهم.
الثالث: أن هذا الجمع مروي عن السلف إذ رواه ابن جرير في تفسيره (24/ 151) عن التابعي قتادة بن دعامة وقد مر ذكر بعض متنها في تفسير آياتٍ سبقت وفيها قال قتادة رحمه الله: (وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا) يقول: وجعلنا نومكم لكم راحة ودَعة، تهدءون به وتسكنون، كأنكم أموات لا تشعرون، وأنتم أحياء لم تفارقكم الأرواح، والسبت والسبات: هو السكون، ولذلك سمي السبت سبتا، لأنه يوم راحة ودعة) إنتهى
وذهب إلى الجمع بين القولين الأول والثاني العلامة الشنقيطي ففي الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (8/ 407 - 708) بعد أن نصَّ رحمه الله على أن سورة النبأ مشتملة على أدلة البعث الأربعة وجعل يذكرها بأدلتها حتى ذكر هذه الآية التي نحن بصدد تفسيرها مستدلا بهى على احد ادلة البعث وقد مر كلامه في تفسير الثانية من سورة النبأ وهي قوله تعالى: (عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ (2) سورة النبأ) وهذا نص كلام الشنقيطي: (وأما إحياء الموتى في الدنيا بالفعل، ففي قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} [النبأ: 9] والسبات: الانقطاع عن الحركة. وقيل: هو الموت، فهو ميتة صغرى، وقد سماه الله وفاة في قوله تعالى: {الله يَتَوَفَّى الأنفس حِينَ مِوْتِهَا والتي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَ} [الزمر: 42]، وقوله تعالى: {وَهُوَ الذي
(يُتْبَعُ)
(/)
يَتَوَفَّاكُم بالليل وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بالنهار ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ} [الأنعام: 60]، وهذا كقتيل بني إسرائيل وطيور إبراهيم، فهذه آيات البعث ذكرت كلها مجملة.) إنتهى
وكذلك ذهب له الشيخ مصطفى العدوي في سلسلة التفسير إذ قال: ({وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ:9] السبات هو: السكون والراحة، أي: وجعلنا نومكم راحة وسكوناً لأبدانكم، وهي مأخوذة من السبت، وأصل معنى السبت الراحة، فيوم السبت كان عند اليهود يوم الراحة، قال الله: {وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ} [الأعراف:163].الآيات.) إنتهى
وقال قبل ذلك في تفسيره للآية الثانية من هذه السورة وهي قوله تعالى: (عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ (2) سورة النبأ): (والدليل الثاني على البعث: يكون بالاستدلال على إحياء بعض الأنفس بعد موتها، كقول إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيما حكى الله عنه: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:260]، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} [البقرة:243]، وقال تعالى: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة:73]، وقال تعالى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [البقرة:259].
وكان عيسى يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى بإذن الله، وفي سورة عمَّ شيء مشابه لهذا، ألا وهو: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} [النبأ:9]، فالنوم موت كما قال الله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر:42]، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول (يريد الشيخ عند استيقاضه من النوم): (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور) فهذا وجه الدليل الثاني على البعث.) إنتهى
أما القول الأول فقد مر أن الراجح الجمع بينه وبين القول الثاني
فممن قال بالقول الأول ابن كثير في تفسيره (8/ 302 - 303) إذ قال: (وقوله: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} أي: قطعا للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد (1) والسعي في المعايش (1) في عرض النهار. وقد تقدم مثل هذه الآية في سورة "الفرقان" (2).) (إنتهى)
وذهب له القاسمي في تفسيره محاسن التأويل إذ قال عند تفسيره لقوله تعالى: ({ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاساً وَالنَّوْمَ سُبَاتاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُوراً} [46 - 47].
{وَالنَّوْمَ سُبَاتاً} أي: راحة للأبدان تستعيض به ما خسرته من قواها) إنتهى وقال عند تفسير آيتنا: ({وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً} أي: راحة ودَعَة، يريح القوى من تعبها ويعيد إليها ما فقد منها. إطلاقاً للملزوم وهو السبات بمعنى النوم، وإرادة لّلازم وهو الاستراحة.) إنتهى
وذهب له أيضا الشيخ الدروبي في تفسيره (شرح الكلمات وما ترشد إليه الآيات) إذ قال: ((والنَّوْمَ سُبَاتًا) قاطعا للحركة لراحة الأبدان) إنتهى
أما القول الثاني فذهب له الألوسي الألوسي في تفسيره (روح المعاني) (30/ 7) وقد مر نقل كلامه آنفاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما القول الثالث فضيف إذ ليس مناسبقاً للمقام فالسياق لا يدل عليه بل يدل على القولين الأول والثاني فالمراد من الآية أن النوم كالسبات وهو انقطاع الحركة والراحة الشبيه بالموت والاية دليل من أدلة البعث كما مر ولذا فالقول الرابع غير مناسب كدليل للبعث كما هو ظاهر ولأن النوم قد يكون ممتدا طويلاً وقد يكون قصيرا ولم تحدد الآية ايهما بل أطلقت ولا دليل على تعيين ذلك فيبقى السبات على إطلاقه وهو اصله المراد منه وهو قطع الحركة والسكون راحة كالموت.
وضعفه الألوسي ورجح القول الثاني في تفسيره روح المعاني (30/ 7) فقد سبقه بقوله قيل التي تدل على التضعيف وهذا نص كلامه: (وقيل السبت التمدد كالسبط يقال سبت الشعر إذا حل عقاصه وعليه تفسير السبات بالنوم الطويل الممتد والأمتنان به لما فيه من عدم الأنزعاج ... إلى أن قال: واختار المحققون كون السبات هنا بمعنى الموت لأنه أنسب بالمقام كما لا يخفى) إنتهى
وكذلك فعل العلامة القاسمي في تفسيره محاسن التأويل عند تفسيره آيتنا هذه إذ قال: (وقيل: السبات هو النوم الممتد الطويل السكون؛ ولهذا يقال فيمن وصف بكثرة النوم: إنه مسبوت وبه سبَات. ووجه الامتنان بذلك ظاهر؛ لما فيه من المنفعة والراحة، لأن التهويم والنوم الغرار لا يكسبان شيئاً من الراحة. وقد أفاض السيد المرتضى في" أماليه" في لطائف تأويل هذه الآية.) إنتهى قلت فقد سبقه بكلمة قيل التي تدل على التضعيف فتنبه وقد مر اختيار القاسمي للقول الأول.
أما القول الرابع بأنه النوم الخفيف على أن المعنى جعلنا نومكم نوما خفيفا غير ممتد فيختل به أمر معاشكم ومعادكم
فضعيف والرد عليه هو الرد على القول الثالث ولأن النوم قد يكون خفيفا وقد يكون ثقيلا ولم تحدد الآية ايهما بل أطلقت ولا دليل على تعيين ذلك فيبقى السبات على إطلاقه وهو اصله المراد منه وهو قطع الحركة والسكون راحة كالموت.
أما القول الخامس فضيف كسابقيه والرد عليه كالرد عليهما ولأن النوم قد يكون متقطعا وقد يكون ممتدا طويلاً ولم تحدد الآية ايهما بل أطلقت ولا دليل على تعيين ذلك فيبقى السبات على إطلاقه وهو اصله المراد منه وهو قطع الحركة والسكون راحة كالموت.
شبهة للملاحدة والرد عليها
وقال الرازي في تفسيره مفاتيح الغيب (31/ 7): (قوله تعالى وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً طعن بعض الملاحدة في هذه الآية فقالوا السبات هو النوم والمعنى وجعلنا نومكم نوماً واعلم أن العلماء ذكروا في التأويل وجوهاً أولها قال الزجاج سُبَاتاً موتاً والمسبوت الميت من السبت وهو القطع لأنه مقطوع عن الحركة ودليله أمران أحداهما قوله تعالى وَهُوَ الَّذِى يَتَوَفَّاكُم بِالَّيْلِ (الأنعام 60) إلى قوله ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ (الأنعام 60) والثاني أنه لما جعل النوم موتاً جعل اليقظة معاشاً أي حياة في قوله وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً (النبأ 11) وهذا القول عندي ضعيف لأن الأشياء المذكورة في هذه الآية جلائل النعم فلا يليق الموت بهذا المكان وأيضاً ليس المراد بكونه موتاً أن الروح انقطع عن البدن بل المراد منه انقطاع أثر الحواس الظاهرة وهذا هو النوم ويصير حاصل الكلام إلى إنا جعلنا نومكم نوماً وثانيها قال الليث السبات النوم شبه الغشي يقال سبت المريض فهو مسبوت وقال أبو عبيدة السبات الغشية التي تغشى الإنسان شبه الموت وهذا القول أيضاً ضعيف لأن الغشي ههنا إن كان النوم فيعود الإشكال وإن كان المراد بالسبات شدة ذلك الغشي فهو باطل لأنه ليس كل نوم كذلك ولأنه مرض فلا يمكن ذكره في أثناء تعديد النعم وثالثها أن السبت في أصل اللغة هو القطع يقال سبت الرجل رأسه يسبته سبتاً إذا حلق شعره وقال ابن الأعرابي في قوله سُبَاتاً أي قطعاً ثم عند هذا يحتمل وجوهاً الأول أن يكون المعنى وجعلنا نومكم نوماً متقطعاً لا دائماً فإن النوم بمقدار الحاجة من أنفع الأشياء أما دوامه فمن أضر الأشياء فلما كان انقطاعه نعمة عظيمة لا جرم ذكره الله تعالى في معرض الإنعام الثاني أن الإنسان إذا تعب ثم نام فذلك النوم يزيل عنه ذلك التعب فسميت تلك الإزالة سبتاً وقطعاً وهذا هو المراد من قول ابن قتيبة وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً أي راحة وليس غرضه منه أن السبات اسم للراحة بل المقصود أن النوم يقطع التعب ويزيله فحينئذ تحصل
(يُتْبَعُ)
(/)
الراحة الثالث قال المبرد وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً أي جعلناه نوماً خفيفاً يمكنكم دفعه وقطعه تقول العرب رجل مسبوت إذا كان النوم يغالبه وهو يدافعه كأنه قيل وجعلنا نومكن نوماً لطيفاً يمكنكم دفعه وما جعلناه غشياً مستولياً عليكم فإن ذلك من الأمراض الشديدة وهذه الوجوه كلها صحيحة) إنتهى
أقول: هذه الشبهة يكفي في الرد عليها أن الله سبحانه وتعالى لم يرد بيان التماثل بين النوم والسبات وإنما أراد بيان التشابه بينهما ومعلوم ان التشابه هو اشتراك في بعض الصفات لا جميعها أما التماثل فهو اشتراك في جميع الصفات فقول الملاحدة أن السبات هو النوم يريدون منه المماثلة وقول المسلمين السبات هو النوم يريدون منه المشابهة وهو كثير في لغة العرب فالعرب تصف الرجل الشجاع فتقول هو أسد! ومعلوم أن الرجل الشجاع ليس مماثل للأسد وإنما اراد العرب من ذلك مشابهته له في قوته وشجاعته وبهذا يتضح جهل وتفاهة هذه الشبهة التي هي كعبربدة السكران وهذيان المحموم.
ومن العجب قول الرازي: (والثاني أنه لما جعل النوم موتاً جعل اليقظة معاشاً أي حياة في قوله وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً (النبأ 11) وهذا القول عندي ضعيف لأن الأشياء المذكورة في هذه الآية جلائل النعم فلا يليق الموت بهذا المكان) إنتهى
فأقول: إن الإحياء بالإستيقاظ من الموتة الصغرى التي هي النوم من النعم العظيمة إذ لو شاء الله ما أيقظنا من نوما أبدا فسبحان الله كيف استقام للرازي أن ذلك ليس من جلائل النعم! وقد أشار تعالى إلى عِظَمِ هذه النعمة بقوله في موضوعين آخرين مر ذكرهما {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر:42] وقال أيضاً: (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (60) سورة الأنعام وكلا الموضعين فيه بيان جلائل النعم!
ومن العجب أيضا قول الرازي: (وأيضاً ليس المراد بكونه موتاً أن الروح انقطع عن البدن بل المراد منه انقطاع أثر الحواس الظاهرة وهذا هو النوم ويصير حاصل الكلام إلى إنا جعلنا نومكم نوماً وثانيها قال الليث السبات النوم شبه الغشي يقال سبت المريض فهو مسبوت وقال أبو عبيدة السبات الغشية التي تغشى الإنسان شبه الموت وهذا القول أيضاً ضعيف لأن الغشي ههنا إن كان النوم فيعود الإشكال) إنتهى
فإنه ذكر القول بأن السبات هو الموت أي أن المراد وجعلنا نومكم موتا في الآية وفهم منه أن ذلك يستلزم أن المراد يصبح وجعلنا نومكم نوماً مستدلاً لذلك بأن المراد من هذا الموت انقطاع أثر الحواس الظاهرة وهذا هو النوم! فاقول من المعلوم أن هذا الموت هو كما قال الرازي وهو موتٌ اصغر ولكن ليس المراد من الآية المماثلة بين النوم والموت الأصغر الذي تنقطه فيه الحواس الظاهرة كالكلام والحركة والنظر والذي هو النوم! بل المراد كما سبق بيانه أن الله جعل النوم كالموت الأكبر أي جعله مشابها للموت الأكبر إشارة منه سبحانه على قدرته على إحياء الخلق من الموت الأكبر حين البعث وإنما ذكر بعض العلماء عند هذه الآية الأدلة من القرآن والسنة على ان النوم هو الموت الأصغر والوفاة الصغرى تنبيهاً إلى صحة مشابهة النوم للموت الأكبر في الآية ولأن الأدلة تلك قامت على أنه يشابه الموت الأكبر ولذلك سماه العلماء الموت الأصغر والوفاة الصغرى.
وفي آخر كلامه رجح الجمع بين القول الثاني وهو قطع الحركة للراحة والقول الرابع وهو النوم الخفيف والقول الخامس وهو النوم المتقطع أقول وكل هذه الأقوال فصلنا في ما مر الكلام عليها بما لا حاجة لإعادته هنا.
ومن الغريب نفي الرازي أن يكون أن السبات هو الراحة! إذ يقول الرازي: (الثاني أن الإنسان إذا تعب ثم نام فذلك النوم يزيل عنه ذلك التعب فسميت تلك الإزالة سبتاً وقطعاً وهذا هو المراد من قول ابن قتيبة وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً أي راحة وليس غرضه منه أن السبات اسم للراحة بل المقصود أن النوم يقطع التعب ويزيله فحينئذ تحصل الراحة) إنتهى فتلك كتب اللغة تصرح بأن من معاني السبات الراحة! وقد مر بعض من كلام اللغويين.
وكتب أبو جعفر الزهيري في يوم الأربعاء الموافق لـ 28 من رجب 1431 هـ
ـ[خالد الصالح الناصر]ــــــــ[10 Jul 2010, 06:29 م]ـ
ليتك تذكر لنا مؤهلاتك العلمية
ومنهجيتك في كتابة هذا التفسير، هل أنت مجرد ناقل؟ وما مصادرك إن كنت ناقلاً
أم أنك تنقل وتعلق وتبدي رأيك؟ وما منهجيتك في النقل والتعليق والاختيار
قرأت بعضا مما كتبت فوجدت تغايرا في الأساليب وتغايرا بين تعليقك وبين تفسيرك
هل تعلم أن علم التفسير من أخطر العلوم؟
وهل ترى نفسك مؤهلا بالشروط الواجب توفرها في المفسر؟
وهل أنت مؤصل علميا بحيث تستطيع التعاطي مع هذه العلم بجدارة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 Jul 2010, 07:31 م]ـ
ليتك تذكر لنا مؤهلاتك العلمية
ومنهجيتك في كتابة هذا التفسير، هل أنت مجرد ناقل؟ وما مصادرك إن كنت ناقلاً
أم أنك تنقل وتعلق وتبدي رأيك؟ وما منهجيتك في النقل والتعليق والاختيار
قرأت بعضا مما كتبت فوجدت تغايرا في الأساليب وتغايرا بين تعليقك وبين تفسيرك
هل تعلم أن علم التفسير من أخطر العلوم؟
وهل ترى نفسك مؤهلا بالشروط الواجب توفرها في المفسر؟
وهل أنت مؤصل علميا بحيث تستطيع التعاطي مع هذه العلم بجدارة؟
!!!!!
ـ[عمر الزهيري]ــــــــ[14 Jul 2010, 01:14 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخي في الله أبو صفوت جزاك الله خيرا على ما نصحتمونا به وإني أعتذر لتأخري عن الرد فقد انشغلت جدا.
بعد قراءة ظهر لي الآن أن أفكر بكلامك جيدا قبل أن أقرر هل استمر أم لا بكتابة التفسير في المنتدى.
اريد بضعة أيام افكر في الأمر وأستشير.
خالد أخي في الله أنا لست متخصص بالعلوم الشرعية وإنما طالب علم أحسبني كذلك والله أعلم ولم يشترط العلماء أن تكون ذو تخرج جامعي حتى تكتب في العلوم الشرعية وإنما العلم هو الشرط وإن كان التأهيل الجامعي مهم ولست هنا يا اخي هداك الله للمهاترات الجدلية العقيمة.
تسألني عن مصادري! هذه المهاترات لا أحبها وتالله ما كنت أريد الرد عليك فيها إذ هي لا تساوي حكايتها أصلا! فكل ذي عينين يعلم من اين انقل! ثم بعد ذلك تسأل ما منهجي فيما اكتب! وإن كنت ترى تغايرا في الأساليب وبين التعليق والإختيار فاذكر دليلك ولا تطلق كلاما مرسلا! ثم تساؤلك حول خطورة علم التفسير ليس له معنى إذ أنك تتكلم بلا دليل على أني وقعت في خطر عظيم! فمن قبلك وهو مشرف المنتدى والدكتور ابو صفوت لم يقولوا لي كلامك هذا وإنما نصحوني ولم يقولوا كقولك ثم تسائلت تساؤلا أخرا حول أهليتي في الكتابة في التفسير فإن قلت لك لا قلت لا تكتب وان قلت لك نعم قلت من انت! فليس لديك إلا تضييع وقتي وأنا والله نادم على كتابة هذا للرد عليك إذ الوقت أعز من أن يكون في هذا فمعلوم أني لم اقل إلا أني اكتب مسودة واعرضها على اهل الإختصاص ولم أقل ايها الناس هذا تفسير من عالم مختص بالتفسير ويجب الأخذ به كباقي تفاسير العلماء الموثوقة! فسبحان الله كيف ذهبت بعيدا عن القصد.
لكن الحمد لله هناك من فهم مرادي من كتابتي كالمشرف والدكتور ابو صفوت فإنها مسودة لبحث في التفسير من طالب علم يريد عرضها على أهل العلم وطلابه المختصين في التفسير! وليحصل الأجر له إن أصاب بذلك.
أخي الفاضل ابو صفوت سوف افكر بكلامك جيدا فأمهلني بعض الأيام وعندها اقرر أأستمر أم لا.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[14 Jul 2010, 06:29 ص]ـ
أخي الفاضل عمر: مرحبا بك بين إخوانك وزملائك والإخوة الفضلاء المشاركين في هذا الموضوع الظن بهم أنهم يريدون نصيحتك ومعرفتك والنصح لكتاب الله وما قصدوا إساءة لشخصك، ولعلك تلتمس العذر فكثيرا ما تقصر لوحة المفاتيح عن التعبير عن نيات الكاتبين ومقاصدهم الحسنة. وفقك الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Jul 2010, 08:35 ص]ـ
أشكر أخي عمر الزهيري على تقبله رأي إخوانه بصدر رحب، فغرضنا أن ندله على ما ينفعه بإذن الله، وما منعني أن أصر على رأيي بالاكتفاء بأن تكمل مشروعك أو أجزاء منه ثم تعرضه عبر البريد الإلكتروني على من تثق به من المتخصصين إلا الحياءُ منك ورغبةً في عدمِ جرحِ مشاعرك أخي الحبيب، وإلآ فإنني أميل لهذا الرأي الذي اقترحه الزملاء وفقهم الله، وأرجو أن ينفعك الله بذلك، ولا تخف على مشروعك من أي سرقة، وسوف تنتفع بعملك هذا إن شاء الله في خاصة نفسك، وسيكون في هذا ربط لك بالقرآن، وأشكرك على توجهك وعنايتك بالقرآن وفهمه فهماً صحيحاً في زمن انشغلنا فيه بما هو دون ذلك من الأمور والله المستعان، فجزاك الله خيراً وثبتنا وإياك على الحق حتى نلقاه غير مفرطين ولا مبدلين.
وتقبل من أخيك أطيب تحية وتقدير،،
ولمن سأل عن تعريف الأخ عمر الزهيري بنفسه ومؤهلاته فقد سبق له التعريف بنفسه مشكوراً هنا ضمن موضوع عرفنا بنفسك ( http://www.tafsir.net/vb/showpost.php?p=108949&postcount=80) .
ـ[عمر الزهيري]ــــــــ[14 Jul 2010, 11:24 م]ـ
جزاكما الله خيرا الأمر هين بإذن الله
ولي عودة بعد أيام اذكر فيها ما انتهيت إليه من قرار بشأننا هذا اللهم وفقني للصواب
واسألكم الدعاء
أخوكم في الله ابو جعفر الزهيري
ـ[عمر الزهيري]ــــــــ[19 Jul 2010, 05:33 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخواني في الله قررت أن لا أكتب شيئاً إلا بعد أن أحقق أمرين
الأول: أكمل تفسير سورة بكاملها
الثاني: ثم أقوم بعرضها على أهل الإختصاص في باب التفسير
ثم بعد إجازة المختصين لما أكتبه في تفسير تلك السورة وقيامي بتنقيح وتصحيح الأخطاء التي نبهوا عليها أكتب تفسيرها هنا في ملتقى أهل التفسير إن شاء الله
والذي أطلبه من الأخوين المشرف عبد الرحمن الشهري والأخ الدكتور أبو صفوت وغيرهم أن يقترحوا لي من يقوم بمراجعة تفسيري لكل سورة وأرجو لو يقبل الأخوان عبد الرحمن الشهري وأبو صفوت بالقيام بذلك فهما من المختصين في التفسير وليتهما لا يأبيان طلبي هذا فبقبولهما أكون قد وجدت من يساعدني على القيام بما أتمناه.
ولكم جزيل الشكر على ما أسديتم من النصح اخواي الفاضلان
بانتظار ردكما على ما اقترحته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمر الزهيري]ــــــــ[23 Jul 2010, 02:22 ص]ـ
أينكم يا أخواني عبد الرحمن الشهري وابو صفوت
أنا ما زلت بانتظار ردكما
ـ[خالد الصالح الناصر]ــــــــ[24 Jul 2010, 05:58 م]ـ
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19192
ـ[عمر الزهيري]ــــــــ[25 Jul 2010, 11:26 ص]ـ
أخي عبد الرحمن الشهري أنتظر ردك على ما طلبته بوركت أنا بحاجة لمن يراجع تفسير كل سورة بعد أن أنهيه من أهل الإختصاص كما اقترح الأخ الفاضل أبو صفوت(/)
(حول كتاب الظاهرة القرآنية للأستاذ مالك بن نبي)
ـ[المستصفى]ــــــــ[08 Jul 2010, 10:01 ص]ـ
حول كتاب الظاهرة القرآنية للأستاذ مالك بن نبي
كتاب مثير وغير عادي في آن معاً، صح عزم مؤلفه على معاناة دراسته دراسة الحريص المتغلغل، وهَدَف من خلاله إلى بيان انفصال الظاهرة القرآنية عن الظاهرة النبوية. إنه كتاب "الظاهرة القرآنية" للأستاذ مالك بن نبي، فماذا عن مضمون الكتاب
لعل أهم ما يبين قيمة هذا الكتاب وأهميته، ما ذكره الأستاذ محمود شاكر في مقدمة تقديمه لهذا الكتاب، حيث قال رحمه الله: "فليس عدلاً أن أقدم كتاباً، هو يقدم نفسه إلى قارئه ... وإنه لعسير أن أقدم كتاباً هو نهج مستقل. أحسبه لم يسبقه كتاب مثله من قبل. وهو منهج متكامل يفسره تطبيق أصوله. كما يفسره حرص قارئه على تأمل مناحيه".
تقديم الكتاب
جاء تقديم الشيخ محمود شاكر لهذا الكتاب ليضفي على الكتاب قيمة فوق قيمته الحقيقة، وقد انصب تقديم الشيخ شاكر على قضيتين أساسيتين:
الأولى: قضية الشعر الجاهلي التي أثارها طه حسين، والتي تركت في العقل الحديث أثراً لا يمحى إلا بعد جهد جهيد. وقد بين الشيخ باختصار القول الفصل في هذه القضية.
والثانية: حقيقة الإعجاز القرآني، حيث قرر الشيخ شاكر أن معرفة (إعجاز القرآن) أمر لا غنى عنه لمسلم ولا لدارس، وأن القرآن المعجز هو البرهان القاطع على صحة النبوة، أما صحة النبوة فليست برهاناً على إعجاز القرآن.
والشيء المهم الذي يقرره الشيخ شاكر بهذا الصدد أن وجه الإعجاز القرآني إنما كان من جهة أن القرآن طلب من العرب - الذين نزل بلغتهم القرآن - أن يستبينوا في نظمه وبيانه انفكاكه من نظم البشر وبيانهم، من وجه يحسم القضاء بأنه كلام رب العالمين.
فكرة الكتاب
يذكر مالك أنه هدفه من هذا الكتاب دراسة الظاهرة القرآنية وفق منهج تحليلي، يبين من خلاله مباينة الظاهرة النبوية للظاهرة القرآنية، ليصل في النهاية إلى أن القرآن من عند الله، وليس من عند محمد صلى الله عليه وسلم.
وهذا المنهج الذي يسلكه مالك لدراسة الظاهرة القرآنية، يحقق من الناحية العملية - بحسب مالك - هدفاً مزدوجاً: الأول: أنه يتيح للشباب المسلم فرصة التأمل الناضج للدين. الثاني: أنه يقترح إصلاحاً مناسباً للمنهج القديم في تفسير القرآن.
وقد استهل مالك دراسته للظاهرة القرآنية بمدخل فصل فيه محنة العقل الحديث في العالم الإسلامي، بين من خلاله افتتان العقل المسلم بالتقدم العلمي الذي أحرزه الغرب، ودور المستشرقين في التمهيد لهذا الانبهار، ومما قاله بهذا الصدد: إن الأعمال الأدبية لهؤلاء المستشرقين، قد بلغت درجة خطيرة من الإشعاع، لا نكاد نتصورها".
وهذا الإشعاع - بحسب مالك - كان من أعظم الأسباب وأبعدها خطراً في "العقل" الحديث، الذي يريد أن يدرك الظاهرة القرآنية إدراكاً يرضى عنه، ويطمئن إليه. وفي هذا السياق، ينتقد مالك بشدة ما ذكره المستشرق مرجليوث عن الشعر الجاهلي.
فصول الكتاب
تضمن الكتاب بين دفتيه عشرة فصول، خصص المؤلف الفصل الأول (الظاهرة الدينية) للحديث عن طبيعة الظاهرة الدينية. وكان الهدف من هذا الفصل المقارنة بين المذهب الغيبي، الذي يعتبر الدين للإنسان ظاهرة أصلية في طبيعته، ومكون أساس في بناء الحضارة. والمذهب المادي الذي يعتبر الدين مجرد عارض تاريخي للثقافة الإنسانية.
الفصل الثاني (الحركة النبوية) تحدث فيه المؤلف عن مبدأ النبوة، وخصائص النبوة. وبيَّن من خلال الفصل الطبيعة البشرية والنفسية لظاهرة النبوة عموماً.
الفصل الثالث (أصول الإسلام) تحدث فيه مالك عن مصادر دين الإسلام، وقرر في هذا الفصل نقطتين رئيستين:
الأولى: أن الإسلام هو الدين الوحيد بين جميع الأديان الذي ثبتت مصادره منذ البداية، على الأقل فيما يختص في القرآن.
والثانية: أن القرآن خلال تاريخه لم يتعرض لأدنى تحريف أو تبديل، وليست هذه حال العهدين القديم والجديد.
الفصل الرابع (الرسول)، في هذا الفصل يقرر مالك أنه لا يمكن الاستغناء في دراسة الظاهرة القرآنية عن معرفة الذات المحمدية، ومن هنا عكف على دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بدءاً بطفولته، ومروراً بزواجه بخديجة رضي الله عنها، وصولاً إلى بعثته والوحي إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)