قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ حَيْثُ السِّيَاقُ، مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ، فِي رِوَايَةِ الْعَوْفِيِّ عَنْهُ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، وَقَتَادَةُ، وَالسُّدِّيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْأَشْهُرُ الْأَرْبَعَةُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ: فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ، أَيْ: إِذَا انْقَضَتِ الْأَشْهُرُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي حَرَّمْنَا عَلَيْكُمْ قِتَالَهُمْ فِيهَا، وَأَجَّلْنَاهُمْ فِيهَا، فَحَيْثُمَا وَجَدْتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ; لِأَنَّ عَوْدَ الْعَهْدِ عَلَى مَذْكُورٍ أَوْلَى مِنْ مُقَدَّرٍ.
*فخلاصة الخلاف على قولين: أحدهما أنها رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم قاله الأكثرون.
والثاني أنها الأربعة الأشهر التي جعلت لهم فيها السياحة قاله الحسن في آخرين فعلى هذا سميت حرما لأن دماء المشركين حرمت فيها.
" فاقتلوا المشركين ": الْأَمْرُ فِي فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ لِلْإِذْنِ وَالْإِبَاحَةِ بِاعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَأْمُورَاتِ عَلَى حِدَةٍ، أَيْ فقد أذن لكل فِي قَتْلِهِمْ، وَفِي أَخْذِهِمْ، وَفِي حِصَارِهِمْ، وَفِي مَنْعِهِمْ مِنَ الْمُرُورِ بِالْأَرْضِ الَّتِي تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ يَعْرِضُ الْوُجُوبُ إِذَا ظَهَرَتْ مَصْلَحَةٌ عَظِيمَةٌ، وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ حُرْمَةَ الْعَهْدِ قَدْ زَالَتْ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ شُرِعُ الْجِهَادُ وَالْإِذْنُ فِيهِ وَالْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّهُمْ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ غَيْرُ الْإِسْلَامِ .. وَقَدْ عَمَّتِ الْآيَةُ جَمِيعَ الْمُشْرِكِينَ وَعَمَّتِ الْبِقَاعَ إِلَّا مَا خَصَّصَتْهُ الْأَدِلَّةُ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
*ولفظة "المشركين" هنا عام في كل مشرك، لكن السنة خصت منه المرأة والراهب والصبي وغيرهم.
*ومطلق قوله:" فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ" يقتضي جواز قتلهم بأي وجه كان، إلا أن الاخبار وردت بالنهي عن المثلة. ومع هذا فيجوز أن يكون الصديق رضي الله عنه حين قتل أهل الردة بالإحراق بالنار، وبالحجارة وبالرمي من رءوس الجبال، والتنكيس في الآبار، تعلق بعموم الآية. وكذلك إحراق علي رضي الله عنه قوما من أهل الردة يجوز أن يكون ميلا إلى هذا المذهب، واعتمادا على عموم اللفظ، والله أعلم.
" فاقتلوا المشركين ": في أي مكان من أمكنة الأرض وجدتموهم فاقتلوهم.
*وقال بعض العلماء: هذا ما لم يكونوا في الحرم، فالعموم هنا يخصصه قوله تعالى: (ولا تقاتلوا المشركين)، وعلى هذا القول لا يجوز قتال المشركين في الحرم إلا إذا بدؤوا بالقتال، وبه قال جماعة من أهل العلم.
وقال جماهير من أهل العلم: إنهم يقتلون في كل مكان، كما دل عليه عموم (حيث) هنا وإن كانوا في الحرم. قالوا: أما آية " ولا تقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يُقاتلوكم فيه .. "
فإنها كانت من مراحل تشريع القتال، فالقتال لما كان عظيما شاقا على النفوس؛ لما في من تعريض المهج والأموال للتلف أذن في أولا من غير أمر به في قوله تعالى: " أُذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير "، أذن فيه أولا ثم أوجبه في حال دون حال، فأوجب عليهم قتال من قاتلهم دون من لم يقاتلهم، ثم لما استأنست النفوس بالقتال، وتمرنت عليه، أوجبه إيجابًا باتًا عامًا بقوله هنا " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد .. ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم إن بعض العلماء قالوا: إن الكتابي لا يدخل في اسم المشركين؛ لأنه غاير بين أهل الكتاب والمشركين في آيات كثيرة، والتحقيق أن الكتابيين نوع من المشركين، قال تعالى في هذه السورة الكريمة: " اتخذوا أحبارهم ورهبنهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أُمروا إلا ليعبدوا إلها وحدا لا إله إلا هو سبحنه عما يُشركون "، فصرح تعالى بأنهم مشركون إلا أنه نوع خاص من المشركين، ربما أدخل في عمومهم، وربما أفرد منهم، كأنه غير داخل فيهم؛ للفوارق التي بين الكتابيين وعبدة الأصنام كما هو معروف.
وقوله: {وَخُذُوهُمْ} عطف على اقتلوا، أي: وأسروهم، إن شئتم قتلا وإن شئتم أسرا.
وقوله: {وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} عطف أيضًا، أي: لا تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم، بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم، والرصد في طرقهم ومسالكهم حتى تضيقوا عليهم الواسع، وتضطروهم إلى القتل أو الإسلام.
وقيل: امنعوهم من دخول مكة والتصرف في بلاد الإسلام.
ثم اختلفوا في هذه الآية، فقال الحسين بن الفضل: نسخت هذه كل آية في القرآن فيها ذكر الإعراض والصبر على أذى الأعداء.
وقال الضحاك والسدي وعطاء: هي منسوخة بقوله:" فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً "؛ وأنه لا يقتل أسير صبرا، إما أن يمن عليه وإما أن يفادى.
وقال مجاهد وقتادة: بل هي ناسخة لقوله تعالى:" فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً" وأنه لا يجوز في الأسارى من المشركين إلا القتل.
والتحقيق: أن كل هذه الآيات محكم، وأنها لا ينسخ بعضها بعضًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم منذ قاتل الكفار، ربما قتل الأسير، وربما فدى الأسير، وربما من على الأسير، كل هذا يفعله صلى الله عليه وسلم، فمعلوم أنه قتل بعض الأسارى يوم بدر، قتل عقبة بن أبي معيط يوم بدر أسيرًا، وقتل النضر بن الحارث؛ ودلت قصة قتله للنضر أنه لم يكن عن وحي، ولذا لمّا أرسلت أخت –أو ابنته- قتيلة بنت الحارث –أو قتيلة بنت النضر بن الحارث-؛ شعرها للنبي صلى الله عليه وسلم، بكى حتى أخضل الدمع لحيته، وقال فيه: " لو بلغني شعرها قبل أن أقتله لعفوت عنه "؛ فدل على أنه لم يقتله بوحي من الله.
وشعرها مشهور، ومما قالت فيه:
أمحمدٌ يا خيرَ ضِنْءِ كريمةٍ في قومها والفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ
ما كان ضَركَ لو مَنَنْتَ وربما منَّ الفتى وهو المغيظُ المُحْنِقُ
فالنظر أقربُ من أسرتَ قرابةً وأحقُّهم إن كان عتقٌ يُعتقُ
وأطلق النبي صلى الله عليه وسلم أبا عزة في غزاة بدر؛ لما قال له: إنه ذو بنات، ولما أمسكه بحمراء الأسد من صبيحة أحد بعد أن اشترط ألا يعين عليه المشركين، وقال له: يا محمد! عفوك مرة أخرى. فقال: لا والله، لا تحك عارضيك بين نساء مكة وتقول: غررت محمدًا مرتين!! فقتله صلى الله عليه وسلم.
فهذا كله يدل على أن الأمر في ذلك إلى الإمام، إن رأى المصلحة للمسلمين القتل قَتَل، وإن رأى أنها الفداء فدى، وإن رأى أنها المنُّ منَّ، وهذا هو التحقيق إن شاء الله.
قوله: {كُلَّ مَرْصَدٍ} قال بعض العلماء هو منصوب على أنه ظرف، قاله الزجاج وغلطه في أبو علي الفارسي، وقال إن مثل هذا لا ينصب على الظرف؛ لأن الطريق مكان محصور كالمسجد والبيت، فلا يكون ظرفا، وإنما هو منصوب بنزع الخافض.
وعلى هذا فمعنى {واقعدوا لهم كُلَّ مَرْصَدٍ} أي: لا تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم، بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم، والرصد في طرقهم ومسالكهم حتى تضيقوا عليهم الواسع وتأخذوهم في غرتهم، وتضطروهم إلى القتل أو الإسلام.
" فإن تابوا وأقاموا الصلوة وءاتوا الزكوة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم " تفريع على الأفعال المتقدمة في قوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم
والتوبة عن الشرك هي الإيمان، أي فإن آمنوا إيمانا صادقا، بأن أقاموا الصلاة الدالة إقامتها على أن صاحبها لم يكن كاذبا في إيمانه، وبأن آتوا الزكاة الدال إيتاؤها على أنهم مؤمنون حقا، لأن بذل المال للمسلمين أمارة صدق النية فيما بذل فيه فإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة شرط في كف القتال عنهم إذا آمنوا، وليس في هذا دلالة على أن الصلاة والزكاة جزء من الإيمان.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحقيقة (فخلوا سبيلهم)؛ اتركوا طريقهم الذي يمرون به، أي اتركوا لهم كل طريق أمرتم برصدهم فيه أي اتركوهم يسيرون مجتازين أو قادمين عليكم، إذ لا بأس عليكم منهم في الحالتين، فإنهم صاروا إخوانكم، كما قال في هذه الآية.
وهذا المركب مستعمل هنا تمثيلا في عدم الإضرار بهم ومتاركتهم، يقال: خل سبيلي، أي دعني وشأني، كما قال جرير::
خل السبيل لمن يبني المنار به ... وأبرز ببرزة حيث اضطرك القدر
وهو مقابل للتمثيل الذي في قوله: واقعدوا لهم كل مرصد ..
وجملة: (إن الله غفور رحيم)؛ تذييل أريد به حث المسلمين على عدم التعرض بالسوء للذين يسلمون من المشركين، وعدم مؤاخذتهم لما فرط منهم، فالمعنى اغفروا لهم، لأن الله غفر لهم وهو غفور رحيم، أو اقتدوا بفعل الله إذ غفر لهم ما فرط منهم كما تعلمون فكونوا أنتم بتلك المثابة في الإغضاء عما مضى.
*وقد اعتمد الصديق -رضي الله عنه- في قتال مانعي الزكاة على هذه الآية الكريمة وأمثالها، حيث حرمت قتالهم بشرط هذه الأفعال، وهي الدخول في الإسلام، والقيام بأداء واجباته.
ونبه بأعلاها على أدناها، فإن أشرف الأركان بعد الشهادة الصلاة، التي هي حق الله -عز وجل- وبعدها أداء الزكاة التي هي نفع متعد إلى الفقراء والمحاويج، وهي أشرف الأفعال المتعلقة بالمخلوقين؛ ولهذا كثيرا ما يقرن الله بين الصلاة والزكاة، وقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر، رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة " الحديث.
وقال أبو إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: أمرتم بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ومن لم يزك فلا صلاة له.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أبى الله أن يقبل الصلاة إلا بالزكاة، وقال: يرحم الله أبا بكر، ما كان أفقهه.
وقال الإمام أحمد: حدثنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد الله بن المبارك، أنبأنا حميد الطويل، عن أنس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإذا شهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، واستقبلوا قبلتنا، وأكلوا ذبيحتنا، وصلوا صلاتنا، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم ".
ورواه البخاري في صحيحه وأهل السنن إلا ابن ماجه، من حديث عبد الله بن المبارك، به.
وفي الختام: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يغفر ذنوبنا، وأن يُصلح أمتنا، وأن يُعيد لنا النصر والتمكين والعزة، وأن يرزقنا فَهم كتابه، والعمل بما فيه .. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(/)
هل هذا من كلام الإمام السيوطي!!؟
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[28 Mar 2010, 07:54 م]ـ
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
مشايخنا الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبارك للجميع عودة الملتقى ونسأل الله جل في علاه أن لايحرم القائمين عليه والمشاركين فيه الأجر ...
أحبتي الأفاضل موضوعي باختصار:
وجدت في كتاب "البحث اللغوي عند العرب"لمؤلفه الدكتور أحمد مختار عمر, كلاماً هذا نصه:"يقول السيوطي في كتابه"تاريخ الخلفاء"معبرا عن الفكرة: إنه منذ منتصف القرن الثاني الهجري بدأ علماء المسلمين يسجلون الحديث النبوي, ويؤلفون في الفقه الإسلامي والتفسير القرآني. وبعد أن تم تدوين هذه العلوم اتجه العلماء وجهة أخرى نحو تسجيل العلوم غير الشرعية ومن بينها اللغة والنحو.
شككت عند قراءتي لهذا النص بنسبته إلى السيوطي, فبحثت في الكتاب نفسه-تاريخ الخلفاء-فما وجدت هذا الكلام, وبحثت باستعمال "المكتبة الشاملة"-وأيضاً-لم أعثر عليه.
فهل شكي في محله وهو أن النص ليس من كلام السيوطي وأن الدكتور وهِم َبالنقل!!؟ أم هو مصيبٌ بالنقل مخطئ بالعزو!!؟
أرشدوني أرشدكم الله لهداه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Mar 2010, 06:17 م]ـ
تحتاج فقط أخي العزيز إلى قراءة كتاب (تاريخ الخلفاء) للسيوطي مباشرة دون الاستعانة بالمكتبة الشاملة للتحقق من النص، مع مراعاة أن كتاب الدكتور أحمد مختار عمر قديم التأليف 1391هـ تقريباً، فلعله اعتمد على طبعة قديمة (لتاريخ الخلفاء). وإن كانت الاحتمالات التي ذكرتموها واردة على المؤلف.
والسؤال: هل تريد فقط التحقق من نسبة الكلام للسيوطي؟ أم تتساءل عن صحة الكلام ابتداءاً؟
ـ[محمد كالو]ــــــــ[30 Mar 2010, 12:41 م]ـ
الدكتور مصيب بالنقل والعزو، فقد ذكر الإمام السيوطي في تاريخ الخلفاء ما يلي:
(قال الذهبي: وفي سنة ثلاث وأربعين شرع علماء الإسلام في هذا العصر في تدوين الحديث والفقه والتفسير، فصنف ابن جريج بمكة، ومالك الموطأ بالمدينة، والأوزاعي بالشام، وابن أبي عروبة وحماد بن سلمة وغيرهما بالبصرة، ومعمر باليمن، وسفيان الثوري بالكوفة، وصنف ابن أبي إسحاق المغازي، وصنف أبو حنيفة رحمه الله الفقه والرأي، ثم بعد يسير صنف هَشيم والليث بن لهيعة ثم ابن المبارك وأبو يوسف وابن وهب. وكثر تدوين العلم وتبويبه، ودونت كتب العربية واللغة والتاريخ وأيام الناس، وقبل هذا العصر كان الأئمة يتكلمون من حفظهم، أو يروون العلم من صحف صحيحة غير مرتبة.) اهـ تاريخ الخلفاء للسيوطي، الطبعة الأولى 2003م، دار ابن حزم: 208.
وهذه صورة الصفحة
http://www.y1y1.com/u/image_7584.fbox
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[30 Mar 2010, 04:42 م]ـ
تحتاج فقط أخي العزيز إلى قراءة كتاب (تاريخ الخلفاء) للسيوطي مباشرة دون الاستعانة بالمكتبة الشاملة للتحقق من النص، مع مراعاة أن كتاب الدكتور أحمد مختار عمر قديم التأليف 1391هـ تقريباً، فلعله اعتمد على طبعة قديمة (لتاريخ الخلفاء). وإن كانت الاحتمالات التي ذكرتموها واردة على المؤلف.
والسؤال: هل تريد فقط التحقق من نسبة الكلام للسيوطي؟ أم تتساءل عن صحة الكلام ابتداءاً؟
حياك الله شيخي الكريم ورفع قدرك ...
نعم لقد رجعت في بادئ الأمر إلى الكتاب مباشرة, وبحثت بحثاً سريعاً, ثم نظرت في الفهارس لعلي أجد مايقرب لي مكان وجود النص -لأني متيقن من اختلاف طبعات الكتاب فالتي عندي طبعة (دار الفكر1408هـ) -فلم أجد هذا النص!!
ولهذا لجأت إلى المكتبة الشاملة كي أستفيد من ميزة البحث الآلي السريع.
أما عن سؤالكم-حفظكم الله- فجوابه أني أشك أن مؤلف هذا الكلام هو السيوطي, وذلك للعبارات الواردة في النص المنقول, ففيها شيء من العصرية.
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[30 Mar 2010, 04:44 م]ـ
الدكتور مصيب بالنقل والعزو، فقد ذكر الإمام السيوطي في تاريخ الخلفاء ما يلي:
(قال الذهبي: وفي سنة ثلاث وأربعين شرع علماء الإسلام في هذا العصر في تدوين الحديث والفقه والتفسير، فصنف ابن جريج بمكة، ومالك الموطأ بالمدينة، والأوزاعي بالشام، وابن أبي عروبة وحماد بن سلمة وغيرهما بالبصرة، ومعمر باليمن، وسفيان الثوري بالكوفة، وصنف ابن أبي إسحاق المغازي، وصنف أبو حنيفة رحمه الله الفقه والرأي، ثم بعد يسير صنف هَشيم والليث بن لهيعة ثم ابن المبارك وأبو يوسف وابن وهب. وكثر تدوين العلم وتبويبه، ودونت كتب العربية واللغة والتاريخ وأيام الناس، وقبل هذا العصر كان الأئمة يتكلمون من حفظهم، أو يروون العلم من صحف صحيحة غير مرتبة.) اهـ تاريخ الخلفاء للسيوطي، الطبعة الأولى 2003م، دار ابن حزم: 208.
وهذه صورة الصفحة
http://www.y1y1.com/u/image_7584.fbox
استاذي الكريم ...
هل تقصد أن الدكتور أحمد نقل الكلام بالمعنى!!؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد كالو]ــــــــ[04 Apr 2010, 12:37 م]ـ
نعم الدكتور أحمد مختار عمر نقل الكلام بمعناه حيث قال:
يقول السيوطي في كتابه"تاريخ الخلفاء"معبراً عن الفكرة
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[04 Apr 2010, 05:37 م]ـ
نعم الدكتور أحمد مختار عمر نقل الكلام بمعناه حيث قال:
يقول السيوطي في كتابه"تاريخ الخلفاء"معبراً عن الفكرة
أحسن الله إليك دكتور محمد ...
زال الإشكال وبحمد الله.(/)
اللقاء الخامس من ديوانية الدراسات القرآنية (مسائل في جمع القرآن)
ـ[عبدالله القرشي]ــــــــ[28 Mar 2010, 10:38 م]ـ
يسر ديوانية الدراسات القرآنية بمحافظة الطائف أن تقدم التهنئة لملتقى أهل التفسير على الإطلال الجديدية والحلة القشيبة للملتقى فالشكر لجميع العاملين وأخص منهم سعادة الدكتور / عبد الرحمن الشهري على جهوده العظيمة. كما يسر ديوانيتكم أن تعلن عن اللقاء العلمي الخامس بعنوان (مسائل في جمع القرآن الكريم) والتي يلقيها فضيلة الدكتور / محمد شرعي سليمان أبو زيد الاستاذ المساعد بقسم القراءات بجامعة الطائف وفضيلته له اهتمام بهذا الموضوع من خلال رسالته العلمية الماجستير بعنوان: جمع القرآن الكريم في مراحله التاريخية من عصر النبوة إلى العصر الحديث. موعد اللقاء: الثلاثاء القادم بعد صلاة العشاء مباشرة الموافق 1431/ 4/15
ـ[معاذ الطالب]ــــــــ[29 Mar 2010, 02:14 ص]ـ
احرصوا رعاكم الله على تسجيل هذا اللقاء حتى يستفيد منه من لا يستطيع الحضور
وننتظر تنزيل نسخة سمعية أو مرئية إن أمكن في الملتقى أو في موقع الديوانية.
يسر الله أموركم، وكلل أعمالكم بالنجاح والتوفيق.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[30 Mar 2010, 12:43 ص]ـ
وفقكم الله يا شيخ عبد الله وسدد خطاكم ونشكركم على هذا الجهد المتميز من شخصكم الكريم ..
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[30 Mar 2010, 04:21 ص]ـ
احرصوا رعاكم الله على تسجيل هذا اللقاء حتى يستفيد منه من لا يستطيع الحضور
وننتظر تنزيل نسخة سمعية أو مرئية إن أمكن في الملتقى أو في موقع الديوانية.
يسر الله أموركم، وكلل أعمالكم بالنجاح والتوفيق.
.....
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[30 Mar 2010, 05:31 ص]ـ
أسأل الله لكم التوفيق(/)
آمنا به كل من عند ربنا
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[29 Mar 2010, 10:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2) نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6) هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)
………….
ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ
………….
طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4) الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)
………….
وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
………….
آمنا به كل من عند ربنا
ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
اللهم آمنا بما ذكرته في كتابك وعلى لسان نبيك وكما علمه لأصحابه بلا تكييف ولا تشبيه ولا نفي وتعطيل
تلوناه وآمنا به ولم نخض مع الخائضين
سكتنا عما سكتوا عنه وآمنا بما آمنوا به …
كم من جاهل أبدى اعتراضاً فلما ذاق ما ذقناه اشتهاه
اللهم أحسن ختامنا(/)
دور القرآن في نهوض الأمة .. ورقة بحث هديتي لأهل الملتقى بمناسبة الحلة الجديدة
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[29 Mar 2010, 10:24 م]ـ
الحمد لله وحده، وبعد:
فهذه ورقة تشبه البحث الصغير، قُدِّمت بمناسبة افتتاح مصحف قطر قبل نحو ثلاثة أسابيع .. ونشرت في الكتاب الذي طبع بهذه المناسبة بعنوان: (رسالة القرآن).
فإلى أخي العزيز، الرجل الهمام، ربان سفينة هذا الملتقى/ د. عبدالرحمن الشهري، وإلى بقية الإخوة المشايخ المشرفين، والأعضاء الأفاضل، إليكم هذه الهدية، التي أسعد بتقويمها وتقييمها على البريد الشبكي (الإلكتروني)،والله الموفق والهادي لا إله إلا هو.
الاثنين 13/ 4/1431هـ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Mar 2010, 11:26 م]ـ
وصلت هديتكم يا أبا عبدالله كما يصل كل ثمين، وفرحت بها كما يفرح بكل عزيز. ومع إنني قرأتها من قبلُ، إلا أنني أعدتُ قراءتها بتدبر وأفدت منها فجزاك الله خيراً على جهودك التي تتواصل في خدمة تدبر القرآن وحسن فهمه.
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[30 Mar 2010, 12:40 ص]ـ
بارك الله فيكم يا شيخ عمر،، وجزاكم الله خيراً
ولقد استفدت كثيراً منكم ومن الدكتور ابراهيم الحميضي
من خلال ورشة العمل التي قمتم بها هذا اليوم الأثنين
" البحث العلمي "
فهي فائدتان في يوم واحد فاللهم لك الحمد والمنة
زادكم الله فضلاً وعلماً ويقيناً وإيماناً.
ـ[محمد كالو]ــــــــ[30 Mar 2010, 07:22 ص]ـ
بارك الله فيكم دكتور عمر وأطال الله في عمركم
قرأت بحثكم القيم وأفدت منه.
ولقد عقدت جمعية المحافظة على القرآن الكريم في الأردن عزمها على انعقاد مؤتمر بعنوان: (القرآن الكريم ومقومات النهضة) في يومي السبت والأحد (31/ 7 و 1/ 8/2010م – 19 - 20 شعبان 1431هـ).
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[04 Apr 2010, 12:39 ص]ـ
الإخوة الكرام ..
الأخ د. عبدالرحمن،
الأخ سلمان،
الأخ د. محمد،
بارك الله فيكم، وإن كنتُ أعتقد ـ لا تواضعاً ـ أنها بسيطة، لكن الذي أرجوه أن تحقق الهدف الذي لأجلها كتبت، والله الموفق.
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[04 Apr 2010, 02:57 ص]ـ
بارك الله بكم ...
ـ[يسعد صباحك]ــــــــ[09 Apr 2010, 01:45 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير وبارك الله بك
ـ[فلاح المطيري]ــــــــ[09 Apr 2010, 06:14 ص]ـ
احسنت د عمر على هذه الهدية القيمة والثمينة والتي لا تعادلها الدنيا كلها كيف لا وهي عن كتاب عظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد شكرا لك مرة بعد مرة فقد استفدت من هذا البحث وسأقوم بتعميم فائدته ان شاءلله تعالى(/)
هل أحداث بني إسرائيل المذكورة في سورة البقرة وقعت متسلسلة على وفق ورودها؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 Mar 2010, 10:00 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من خلال قراءة في تفسير سورة البقرة وبخاصة الآيات الواردة في ذكر بن إسرائيل وتحديدا الآيات من 49 حتى 74 ظهرت لي بعض الإشكالات في بعض أقوال المفسرين، وربما كان الإشكال عائدا إلى النظر في تسلل الأحداث في الايات المذكورة، والسؤال:
هل الأحداث المذكورة في الآيات وقعت متسلسلة على وفق ورودها في السورة؟
أرجو من الإخوة الفضلاء أن لا يبخلوا علينا بما يفتح الله به عليهم.
وفق الله الجميع لما فيه الخير.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[30 Mar 2010, 10:11 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يستحسن عرض مواطن الاستشكال في كلام المفسرين فتضيق مناطق التوضيح
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[12 Apr 2010, 09:39 ص]ـ
مما جاء في الباب الذي ذكره أبو سعد:
قصة ذبح البقرة وحصول حادثة القتل في بني إسرائيل، فسياق القرآن يشير إلى أن بني إسرائيل أُمِروا بذَبْح البقرة ثم سألوا واستفصلوا عن البقرة وأوصافها ثم لما ذبحوها قال تعالى {وإذ قتلتم نفساً ... فقلنا اضربوه ببعضها} فجمهور المفسرين يقول أن القتل حصل أولاً ثم أمرهم الله بذبح البقرة، إلا أن أبا حيان الأندلسي اعترض على هذا في البحر المحيط واختار أن حصول القصة التاريخية بحسب سياق القرآن وليس فيها تقديم وتأخير في النزول أو في المعنى والسياق التاريخي، فيرى أن الأمر بذبح البقرة حصل قبل القتل، ثم حصل القتل فالأمر بضرب القتيل ببعض البقرة.
قال أبو حيان في البحر:" {وإذ قتلتم نفسا} معطوف على قوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه} ويجوز أن يكون ترتيب وجودهما ونزولهما على حسب تلاوتهما،فيكون الله قد أَمَرهم بذَبْح البقرة، فذبحوها وهم لا يعلمون بما له تعالى فيها من السرِّ، ثم وقع بعد ذلك أَمْر القتيل، فأظهر لهم ما كان أخفاه عنهم من الحكمة بقوله: {اضربوه ببعضها}.
ولا شيء يضطرنا إلى اعتقاد تقدم قتل القتيل، ثم سألوا عن تعيين قاتله، إذ كانوا قد اختلفوا في ذلك، فأَمَرهم اللهُ بذبح بقرة، فيكون الأمر بالذَّبْح متقدِّماً في النزول والتلاوة، متأخراً في الوجود، ويكون قتل القتيل متأخراً في النزول والتلاوة، متقدِّماً في الوجود، ولا إلى اعتقاد كون الأَمْر بالذَّبْح وما بعده مؤخراً في النزول، متقدِّماً في التلاوة، والإخبار عن قتلهم مقدماً في النزول، مؤخراً في التلاوة، دون تعرُّض لزمان وجود القصتين.
وإنما حَمَل مَنْ حَمَل على خلافِ الظاهر اعتبارُ ما رووا من القصص الذي لاتصح، إذ لم يرد به كتاب ولا سنة، ومتى أمكن حمل الشيء على ظاهره كان أولى، إذ العدول عن الظاهر إلى غير الظاهر، إنما يكون لمرجح، ولا مرجح، بل تظهر الحكمة البالغة في تكليفهم أولاً ذبح بقرة، هل يمتثلون ذلك أملا؟ وامتثال التكاليف التي لا يظهر فيها ببادىء الرأي حكمة أعظم من امتثال ما تظهر فيه حكمة، لأنها طواعية صرف، وعبودية محضة، واستسلام خالص،بخلاف ما تظهر له حكمة، فإن في العقل داعية إلى امتثاله، وحضاً على العمل به ... وقد بينا حمل الآيتين على أن الأمر بالذبح يكون متقدِّماً وأن القتل تأخر، كحالهما في التلاوة".
وفي الكلام السابق بعض النقاش ومن ذلك:
- مسألة التقديم والتأخير لدى أبي حيان فيها نقاش طويل فهو يميل إلى عدم القول به في أكثر من موضع، ومن ذلك ما قاله في البحر: "والتقديم والتأخير ذكر أصحابنا أنه من الضرائر، فينبغي أن يُنَزَّه القرآن عنه".
ولهذا فيظهر أن دافعه لما قال مِنْ قول في قصة ذَبْح البقرة هو هذا السبب، وعليه فيكون نقاشه حول ما بَنى عليه مسألته قبل نقاشه في قصة البقرة، فالنقاش بداية في المسألة الكُلِّية خير من الولوج في الجزئيات التي قد يستمر الخلاف فيها.
كما أن معرفة منهج القائل وطريقته في الاستدلال تعين في معرفة منزعه لما يقول به ومن ثم التأمل والنقاش.
- لو كان الأمر بذبح البقرة محض تعبد بدون إظهار المقصد من ذلك لما تعجب بنو إسرائيل وقالوا {أتتخذنا هزواً} لأن ذبح البقرة كذبح الشاة أو البعير وكصرف أي عبادة لله، فهي عبودية لله قد يظهر مقصدها وقد يغيب فما هو الدافع لاستنكار بني إسرائيل لو كان الحال كذلك؟
ويترك باقي الحديث لصاحب الموضوع ...
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[12 Apr 2010, 02:13 م]ـ
أشكر للأخ الفاضل محمد رشيد مداخلته
وأقول: غرضي من المشاركة هو الحصول على أكبر قدر من الفائدة ولهذا طرحت الموضوع على شكل سؤال ربما أفصح الجواب عليه عن كثير من الجوانب التي قد لا تخطر على بالنا.
كما أشكر الأخ الفاضل حاتم القرشي على مداخلته المفيدة حيث ذكر فوائد متعددة في الجزئية التي تحدث عنها ولربما فتحت أمام النقاش مسارات متفرعة أرجو أن ينفع الله بها.
ثم أضيف أسئلة إلى سؤالي السابق السؤال التالي:
هل قتل بنو إسرائيل أنفسهم كما أمرهم موسى ـ عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم ـ في الآية 54؟
وسؤال آخر:
هل طلبهم أن يروا الله كان قبل العفو عن عبادة العجل أو بعده؟
وسؤال آخر:
هل كان بنوا إسرائيل مؤمنين بموسى حين خرج بهم من مصر؟(/)
هدية لمحبي مشرفنا العزيز د عبد الرحمن الشهري (لقاء أدبي ممتع)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 Mar 2010, 10:13 م]ـ
السلام عليكم إخوتي الكرام
بمناسبة عودة الملتقى مرة أخرى يسعدني أن أهنئكم بهذا، كما يسعدني أن أتحفكم بلقاء أدبي أجراه الأديب عبد العزيز بن عبيد الله القرشي في قناة دليل مع مشرفنا العزيز الدكتور عبد الرحمن الشهري، وكان ذلك في برنامج (ربيع القوافي).
ويمكن متابعة الحلقة صوتاً وصورة أو صوتاً فقط من خلال موقع البرنامج هنا
http://www.idaleel.tv/vb/showpost.php?p=2256&postcount=18
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 Mar 2010, 10:17 م]ـ
شاهدته وكان رائعا كعادته
حفظه الله من بين يديه ومن خلفه وحفظ محبيه
ـ[محب القراءات]ــــــــ[30 Mar 2010, 11:15 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله
شكرا للدكتور مساعد هذه الهدية, وقد شاهدت البرنامج على قناة دليل وتألق فيه حبيبنا الدكتور عبدالرحمن الشهري وأبدع كعادته في الأمسيات الأدبية التي يمتعنا فيها بين الفينة والأخرى. والجديد والجميل في هذا اللقاء أن الدكتور عبدالرحمن ظهر لمتابعيه في قناة دليل بعد توقف برنامج التفسير المباشر ولكنه لم يظهر لهم مفسرا هذه المرة وإنما أديباً! فتفاجأ من لم يكن يعرفه بإبداعه في مجال الشعر, وفي الحقيقة هو لقاء ماتع وفريد, فجزى الله الشيخ عبد الرحمن خيرا وبارك في علمه وزاده توفيقا وسدادا
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[30 Mar 2010, 11:28 م]ـ
ما شاء الله لا قوة إلا بالله
هناك قومة في مجال العلوم القرآنية من حيث الظهور والوصول
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[30 Mar 2010, 11:33 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله ....
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[02 Apr 2010, 01:27 م]ـ
لقد فتح أخونا العزيز الدكتور عبد الرحمن صفحة للأدب في الملتقى المفتوح ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=18823) ، ومن أراد متابعة إبداعاته وإشراقاته، فلا تفوته هذه الصفحة.
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[05 Apr 2010, 04:06 ص]ـ
جزاك الله خيرًا وأحسن إليك(/)
بحث: كتب آيات الأحكام عند الحنابلة
ـ[الاترجة]ــــــــ[31 Mar 2010, 12:35 م]ـ
بحث قصير عن كتب آيات الأحكام:
الحمد لله الذي جعل لنا من العلم نورا نهدي به، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين، وبعد:
إن التصنيف في آيات الأحكام على مذهب الحنابلة ليس كثيراً كبقية المذاهب، وقد يرجع إلى عدة أسباب أولها: تأخر ظهور مذهب الحنابلة، فهو آخر المذاهب السنية ظهورا و انتشارا (ق:3 - 4 للهجره) ثانياً: أنه لم يتبنى المذهب الحنبلي أحد من الحكام، مما أدى إلى انحساره كثيراً. ولولا تولي بعض الحنابلة لمذهب القضاء بين الحينة والأخرى، لربما انقرض المذهب مثل باقي مذاهب السلف الأخرى كمذهب الأوزاعي ومذهب الثوري و لا يعرف من تولى منهم الوزارة إلا نحو خمسة فقط (في ظرف يزيد عن خمسة قرون (و من ينظر في أماكن انتشار المذهب الحنبلي، يجد أنها ضيقة جدا, "وقد وجد المذهب الحنبلي في طريقه ضغوطات و عراقيل كثيرة من المذاهب السنية الأخرى؛ فقد تصدت له و حدّت من نشاطه، في فترات كثيرة من التاريخ الإسلامي، كما هو الحال زمن الوزير السلجوقي نظام الملك، و الأيوبيين و المماليك" (الموفق بن قدامة المقدسي: التبيان في بيان القرآن). لكن المذاهب السنية الأخرى حالها يختلف عن حال المذهب الحنبلي؛ فهي أهم عامل ساهم في انتشارها و تثبيتها و صمودها، هو العامل السياسي فقد كانت لها دول تبنتها و دافعت عنها؛ فدول المغرب و الأندلس كانت تتبنى المذهب المالكي. و الدولة العباسية و السلجوقية و الزنكية و العثمانية كانت كلها على المذهب الحنفي. و الدولتان الأيوبية و المملوكية كانتا على المذهب الشافعي , وبقي الحنابلة قلّةً مبعثرة، إلى أن تبنته الدولة السعودية في عهودها الثلاثة. ومعلومٌ أنَّ من أقوى أسباب انتشار أي مذهب هو قيام علماء كبار يحتسبون في نشره، ودعم دولة قوية لهؤلاء العلماء.
وقد يرجع السبب أيضا إلى المعضلة الكبرى التي واجهت فقهاء الحنابلة، وهي كثرة الروايات المتعارضة عن الإمام أحمد، بسبب كثرة تغييره لرأيه وكثرة من يأخذ عنه العلم.
- على كل حال هي كما ذكرت قليلة وليست معدومة ومنها:
- أحكام القرآن: للقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء الحنبلي ولد في أول سنة ثمانين وثلاث مائة توفي سنة ثمان وخمسين وأربع مائة
أفتى ودرّس , وتخرج به الأصحاب , وانتهت إليه الإمامة في الفقه , وكان عالم العراق في زمانه , مع معرفة بعلوم القرآن وتفسيره وله مؤلفات عديدة منها هذا الكتاب وهو مفقود , وهو كتاب عظيم عرف عن طريقين الأول عن طريق ابن الجوزي في كتابه زاد المسير حيث كان ينقل عن هذا الكتاب وأيضا في ترجمة أبي الفراء كانوا يذكرون أن له كتاب عظيم في أحكام القرآن ولم يعثر علية إلى الآن وهناك رسالة علمية جُمِع فيها أقوال الفراء في آيات الأحكام من الكتب التي نقلت عنه.
- إحكامُ الرأي في أحكام الآي، لشمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصائغ الحنبلي ت776 للهجره.
- أزهار الفلاة في آية قصر الصلاة لمرعي بن يوسف الكرمي المقدسي الحنبلي ولد الشيخ مرعي في طولكرم كما سبق ولكن سنة ولادته غير معروفة وكانت وفاته بمصر في شهر ربيع الأول سنة 1033 للهجره له مؤلفات كثيرة بلغت حوالي الثمانين تأليفاً ما بين كتاب كبير ورسالة صغيرة
- وبعضهم يضيف كتاب الشيخ عبد الرحمن السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن) باعتباره قد توسع في الكلام عن بعض الآيات المتعلقة بالأحكام العملية. ومثله الشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله، وإن لم يتقيدا بمذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
وقد ذكر الدكتور بكر أبو زيد رحمه الله في كتابه المدخل المفصل إلى مذهب أحمد بن حنبل أنه لم ير للحنابلة كتاباً في تفسير آيات الأحكام سوى ما ذكر في:
- مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم لأحمد بن مصطفى، الشهير بطاش كبرى زاده من تفسير الخرقي وأنه في تفسير آيات الأحكام، وكتاب أبي يعلى وهو مفقود.
كما ذكر الدكتور عبدالله التركي في (المذهب الحنبلي) كتاب أبي يعلى وقال: (يبدو أنه لا يوجد للحنابلة في أحكام القرآن غير هذا الكتاب).
وكذلك الدكتور سعود الفنيسان في كتابه (آثار الحنابلة في علوم القرآن) لم يذكر سواه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد تنبه نخبه من طلبة العلم المشايخ في قسم التفسير بجامعة الإمام بعدم وجود مؤلفات في تفسير آيات الأحكام على مذهب الحنابلة، فتبنوا مشروعاً لجميع آيات الأحكام من كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي وقد كتبوا خمس أطروحات لمرحلة الدكتوراه بعنوان:
- (آيات الأحكام في المغني لابن قدامة)، ووزعوه على سبعة من الباحثين في مرحلة الدكتوراه، جمع فيها الباحثون أقوال ابن قدامة في آيات الأحكام من خلال كتاب المغني، ثم درسوها مع موازنتها ببقية كتب الأحكام، وقد طبعت أولى هذه الرسائل فقط من الآية 203 من سورة البقرة حتى نهاية آية 23 من سورة النساء في مجلدين في مكتبة التوبة بعنوان: آيات الأحكام في المغني، للدكتور/ فهد العندس.
إلا إنه في كتابتهم، ومنهجهم حسكة (أي شوكة) حيث انطلقوا إلى كل آية يستشهد بها ابن قدامه على مسالة فقهية؛ فيجعلونها رأساً لمسألة فقهية يقومون بدراستها دراسة موازنة بأقوال الفقهاء، ومفسري آيات الأحكام على المذاهب الثلاثة الأخرى، فكانت كتاباتهم غير كاشفة لاستنباطات أبي محمد ابن قدامه في التفسير من جهة، وتكراراً لتحرير مسائل فقهية مبثوثة، ومعروفة من جهة أخرى , ولو اهتم أحدهم بجمع استنباطات ابن قدامه التفسيرية من آيات الأحكام؛ لكان نافعاً، وأقل كلفة في الوقت، والجهد، والمال.
ولإثراء المكتبة التفسيرية في آيات الأحكام خاصة عند الحنابلة يجب الالتزام بأمرين:
أولهما: حسن الانتقاء، بمعنى أنه ليس كل من كتب وصنف يملك حساً تفسيريًا يصلح للجمع، والإبراز.
الثاني: ضبط المنهج المتبع في الدراسة والبحث، فيحصر البحث في الاستنباطات التفسيرية التي يوضح مأخذ الحكم من الآية دون العموميات المتبعة عادة في الاستشهاد المجرد.
وهناك بعض التصانيف الحنبلية التي جمعت بين أحاديث الأحكام وآيات الأحكام منها:
- كتاب (إحكام الذريعة إلى أحكام الشريعة) فهو لجمال الدين أبي المظفر السُّرَّمرِّي يوسف بن محمد بن مسعود الحنبلي ت 776هـ , طبع لأول مره في عام 1427 هجري. الناشر:دار الكيان في الرياض , حققه: أبو عبدالله حسين بن عكاشة بن رمضان , يقع في مجلد (820) صفحة،وقد تضمن (1567) حديثاً , افتتحه بكتاب الإيمان، ثم السنة، ثم الطهارة , و افتتح كل باب بآية من القرآن أو أكثر.
ختاماً: أتمنى أن أكون قد وفقت في بحثي هذا الموجز و آمل أنني على الأقل لم اقصر و لم أهمل تبيان جواهر عناصر البحث , و أرجو من الأساتذة الكرام و كذلك إخواننا التلاميذ أن لا تبخلوا علينا بملاحظاتكم و اقتراحاتكم البناءة لنصوب أخطاءنا و نتفادى زلاتنا و نتلافى العيوب التي يمكن أننا ولاشك وقعنا فيها و الله نسال أن يديم نعمته و أن يهدينا سواء السبيل , و نسال الله عز و جل أن يوفقنا و يجعل النجاح حليفنا.
...
مرفق منسق في ملف وورد
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[31 Mar 2010, 06:36 م]ـ
بحث طيب , ومعلومات جيدة , جزاك الله خيراً. ويستحسن أن يُضاف إليها استعراض لجهود ابن الجوزي في زاد المسير , والرسعني في رموز الكنوز وقد طبع أكثره أخيراً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Nov 2010, 04:32 م]ـ
هناك بحث أرجو أن يكون مفيداً في هذا الباب لأحد الباحثين في كلية الشريعة بجامعة أم القرى وهو الشيخ عبدالله منكابو، جمع فيه الآيات التي استشهد بها ابن مفلح في كتابه (المبدع) مع كلامه عليها. وهو يسعى ليسد هذا ثغرة خلو المكتبة من مؤلف في آيات الأحكام عند الحنابلة، وأظنه على وشك الانتهاء من بحثه على حسب كلامه.
ـ[عبد الغني عمر ادراعو]ــــــــ[01 Nov 2010, 04:40 م]ـ
إلتماس: لو تابعتم أخباره فضيلة الشيخ الكريم عبد الرحمن الشهري،ووافيتمونا بها كما عهدناكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Nov 2010, 09:06 م]ـ
إلتماس: لو تابعتم أخباره فضيلة الشيخ الكريم عبد الرحمن الشهري،ووافيتمونا بها كما عهدناكم.
لعلك تقصد أخي العزيز بحث الأخ عبدالله منكابو عن آيات الأحكام في المبدع لابن مفلح؟
لعل الباحث وفقه الله يشارك معنا إن شاء الله ويجيب بنفسه عن بحثه وأين وصل فيه.
ـ[عبد الغني عمر ادراعو]ــــــــ[01 Nov 2010, 09:39 م]ـ
لعلك تقصد أخي العزيز بحث الأخ عبدالله منكابو عن آيات الأحكام في المبدع لابن مفلح؟
لعل الباحث وفقه الله يشارك معنا إن شاء الله ويجيب بنفسه عن بحثه وأين وصل فيه.
بوركتم، ذلك ما قصدت ونأمل ذلك.(/)
دراسة أصولية فقهية لقوله تعالى: (ويسألونك عن المحيض) لفضيلة الشيخ: جلال بن علي السلمي
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[31 Mar 2010, 03:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المتفرد بالخلق والملك، المتوحد بالتدبير، والصلاة والسلام على خيرة خلقه ومصطفاه منهم، وعلى أهل بيته ومن صحبه، وتابعيهم بإحسان, وبعد:
فإن علم الأصول هو ميزان الشريعة، ومعيار النصوص، وهو أداة الفهم عن الله ورسوله ?، فالمتعين على كل من تصدى لدراسة مسائل الشريعة والإقلال بأعبائها أن يجعل طلب هذا العم شغله، والتحقيقَ فيه رغبته. ومن رام استنباطا صحيحا وفهما رجيحا بلا طلبه فهو كمن يطلب إبرة في رَمْلِ عَالِجٍ، أو من يصيد سمكا في مَفَازَةٍ.
وبعد .. فهذا بحث أصولي ماتع، حوى في طياته نفائس الأصول، وضم بين جنباته كرائم المحصول، أطال فيه شيخنا -حفظه الله- النفس في تحرير المسائل، ونصب الدلائل، فجزاه الله خيرا كثيرا، على ما جاد وأفاد.
وكنت قد طلبت من شيخنا الشيخ جلال بن علي السلمي وفقه الله أن يكتب لي جزءا يأتي فيه على مهمات المسائل المتعلقة بهذه الآية الكريمة، إذ هي من مشهور آي الأحكام، وأكثرها مسائل، فأجابني إلى ذلك جزاه الله عني صالحةً. وأصل هذا البحث كتابات قديمة أعاد الشيخ ترتيبها وتهذيبها لتصلح للنشر، ثم أرسلها لي، فرأيت نشرها على حلقات، تنشيطا للإخوة، إذ ربما يمنع الطول البعضَ من القراءة فضلا عن الاستفادة.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
أبو المقداد
المدينة النبوية
ٹ ٹ ژ ? ? ?? ? ? ہ ہ ہ ہ ھھ ھ ھ ے ے? ? ? ? ? ? ? ?? ? ? ? ? ? ? ? ژ
المسألة الأولى:
سبب نزول الآية:
آيات القرآن يمكن تقسيمها إلى قسمين اثنين: ابتدائية، وسببية، فالابتدائية هي: ما نزل من غير سبب يتعلق بالمخاطبين، والسببية هي: ما نزل لسبب يتعلق بهم، والغالب في آيات القرآن الثاني، ويدل على ذلك الاستقراء، ثم إن السببية تنقسم إلى قسمين:
ما يدل نظمها على السبب، وما ليست كذلك، والآية التي معنا سببية لا ابتدائية، ونظمها يدل على السبب، فقوله تعالى: ژ ? ژ يدل على أن هذه الآية نزلت بسبب سؤال جماعة من الناس للنبي صلى الله عليه وسلم عن المحيض، وهذه الجماعة هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روينا في صحيح الإمام مسلم رحمه الله تعالى من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح»، وجاء في المراسيل عن السدي وغيره أن السائل هو ثابت بن الدحداح الأنصاري، والإرسال نوع من الانقطاع، والقاعدة في الأصول: [أن الانقطاع في الخبر يقتضي رده]، وإذا قلنا بمفاد المرسل ففي الآية تجوز إطلاق الجمع (ضمير الجمع الواو في قوله يسألونك) على المفرد، أو تجوز إطلاق السؤال على المقر للسائل، وفي حديث أنس رضي الله عنه تأكيد للظاهر وأن السؤال وقع من جماعة، وذلك في قوله: فسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه أيضا بيان الباعث للصحابة رضي الله عنهم على سؤال النبي صلى الله عليه وسلم، ألا وهو فعل اليهود ومعاملتهم لنسائهم حال الحيض.
وفي أحكام القرآن لابن الفرس المالكي رحمه الله (1/ 228) أن العلماء اختلفوا في سبب نزول هذه الآية، وذكر قولين اثنين:
القول الأول: أن الصحابة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم لأن العرب في المدينة وما والاها كانوا قد استنوا بسنة بني إسرائيل في تجنب مؤاكلة الحائض ومساكنتها، فنزلت هذه الآية، قاله قتادة وغيره.
القول الثاني: أنهم-أي الصحابة- كانوا يتجنبون النساء في الحيض، ويأتونهن في أدبارهن مدة زمن الحيض، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية، قاله مجاهد.
(يُتْبَعُ)
(/)
والصحيح في سبب النزول ما قدمته في أول البحث، وفي كلام قتادة رحمه الله قدر زائد على ذلك إذ لا دليل على أن العرب قد استنوا باليهود في ذلك، وما نقل عن مجاهد رحمه الله لا يثبت عنه، فقد أخرجه الطبري في تفسيره وفي إسناده خصيف بن عبد الرحمن الجزري سيء الحفظ، ثم لو ثبت عنه فلا يصح مرفوعا لإرساله، فالإرسال ضرب من الانقطاع، والقاعدة في الأصول: [أن الانقطاع في الخبر يقتضي رده].
مبحث مهم:
ما الفائدة من معرفة أسباب النزول للفقيه المجتهد الناظر في الدليل القرآني لاستنباط الحكم الشرعي؟
الجواب: لذلك فوائد كثيرة منها:
1 - معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.
2 - تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.
3 - الوقوف على المعنى الصحيح للآية.
قال أبو الفتح القشيري رحمه الله: "بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني الكتاب العزيز وهو أمر تحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا"، وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "ومعرفة سبب النزول يعين على فهم الآية؛ فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب؛ ولهذا كان أصح قولي الفقهاء: أنه إذا لم يعرف ما نواه الحالف، رجع إلى سبب يمينه وما هيجها وأثارها"، وقال الشاطبي رحمه الله: "أن الجهل بأسباب التنزيل موقع في الشبه والإشكالات، ومورد للنصوص الظاهرة مورد الإجمال ... ".
4 - عدم جواز تخصيص محل السبب فيما إذا كان نص الآية عاما، لأن دخول السبب في العموم قطعي، ومأخذ قطعيته أمران اثنان:
الأول: أنه يلزم من القول بجواز تخصيصه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يجوز.
الثاني: أن القول بجواز تخصيصه فيه عدول عن محل السؤال فيما إذا كان السبب سؤالا، وذلك لا يجوز في حق الشارع لئلا يلتبس الحال على السائل.
.................................................. ........................
المسألة الثانية:
في الآية دليل على جواز السؤال عن الأحكام الشرعية ولو كانت متعلقة بإتيان النساء، ومأخذ الجواز من قوله: ژ?ژ فهذا فعل من الصحابة رضي الله عنهم، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، والقاعدة في الأصول: [أن إقرار النبي صلى الله عليه وسلم على الفعل يدل على الجواز]، وهذا ثابت في حق الصحابة الذين سألوا، والقاعدة في الأصول: [أن ما ثبت في حق بعض الأمة يثبت في حق جميعها ما لم يرد دليل بالتخصيص]، ولا دليل، وهذا استدلال بالسنة الواردة في القرآن، ولها نظائر، وهي نوع من السنة المتواترة، إذ القرآن الذي هو مصدر أدائها متواتر، والسؤال إما أن يقع من عالم أو غير عالم، وأعني بالعالم المجتهد، وغير العالم المقلد، وعلى كلا التقديرين؛ إما أن يكون المسئول عالما أو غير عالم؛ فهذه أربعة أقسام، ومرادي بالسؤال في أصل المسألة سؤال المتعلمين للعلماء، فهذا هو الأصل في السؤال، وهو حال الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، والجواز ثابت في السؤال عن إتيان المرأة في الحيض بالنص، وفي غيرها من المسائل بالإلحاق بنفي الفارق، والقاعدة في الأصول: [أن الإلحاق بنفي الفارق حجة في إثبات الأحكام]، وهو أي الجواز ثابت في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم بالنص، وفي سؤال غيره من العلماء بالإلحاق بنفي الفارق، والقاعدة في الأصول: [أن الإلحاق بنفي الفارق حجة في إثبات الأحكام].
.................................................. ........................
المسألة الثالثة:
في الآية دليل على وجوب إجابة السائلين عن الأحكام الشرعية، ومأخذ الحكم من قوله تعالى: ژ ? ? ہ ہ ژ، فهذا أمر، والقاعدة في الأصول: [أن الأمر المطلق للوجوب]، وهذا ثابت في حق النبي صلى الله عليه وسلم، والقاعدة في الأصول: [أن ما ثبت في حق النبي صلى الله عليه وسلم يثبت في حق أمته ما لم يرد دليل بخلافه]، ولا دليل، والوجوب ثابت في مسألة إتيان النساء في الحيض بالنص، وفي غيرها من المسائل بالإلحاق بنفي الفارق، والقاعدة في الأصول: [أن الإلحاق بنفي الفارق حجة في إثبات الأحكام].
فائدة في الإفتاء والمناظرة:
(يُتْبَعُ)
(/)
للمفتي والمناظر أن يقدم علة الحكم, ثم يُعقبُ ذلك بالحكم, كما في هذه الآية، قال الله تعالى: ژ ? ? ہ ہ ہ ہ ھھ ژ فقدم العلة قبل الفتوى بحكم ما سئل عنه، وله أن يقدم الحكم ثم يذكر علته , كما في قوله تعالى: ژفطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ژ، ثم علل , فقال: ژلا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ژ.
[انظر: الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (2/ 102)].
ومأخذ هذه الطريقة أن الله عز وجل في كتابه -الذي هو الغاية في البيان- سلكها في تقرير الأحكام، ومن ثم لا يعاب على من أخذ بها وسار عليها، وهذا ما يسمى عند بعض الأصوليين بالدلالة التبعية.
[انظر: الموافقات لأبي إسحاق الشاطبي (151/ 1)].
.................................................. ........................
المسألة الرابعة:
في الآية دليل على تحريم إتيان المرأة في فرجها حال الحيض، وقد حكي الاتفاق على ذلك، [انظر: مراتب الإجماع لابن حزم ص23، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (21/ 624)]، ومأخذ الحكم من الآية من وجهين اثنين:
الأول: من قوله: ژ ہ ژ فهذا أمر، والقاعدة في الأصول: [أن الأمر بالشيء نهي عن ضده]، والقاعدة في الأصول: [أن النهي المطلق للتحريم].
الثاني: من قوله ژ ھ ھژ فهذا نهي، والقاعدة في الأصول: [أن النهي المطلق للتحريم]، وفي معنى الآية من جهة إفادة هذا الحكم حديث أنس رضي لله عنه السابق الوارد في سبب النزول، فقد جاء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح»، فهذا استثناء من إباحة، والقاعدة في الأصول: [أن الاستثناء من الإباحة تحريم]، وقد استثنى بعض الفقهاء من ذلك من به شبق بشرطه: وهو أن لا تندفع شهوته بدون الوطء في الفرج، ويخاف أن تشقق أنثياه إن لم يطأ، ولا يجد غير الحائض، بأن لا يقدر على مهر حرة أو ثمن أمة، [انظر المبدع لابن مفلح (1/ 261)،كشاف القناع للبهوتي (1/ 198)]، وما ذكروه متجه، ودليله: عموم قوله تعالى: ژوقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ژ، فقوله:"ما"اسم موصول، والقاعدة في الأصول: [أن الأسماء الموصولة تفيد العموم]، فتشمل سائر المحرمات ومن ذلك وطء الحائض، وقوله: "إلا ما اضطررتم إليه"، استثناء من التحريم، والقاعدة في الأصول: [أن الاستثناء من التحريم إباحة].
.................................................. ........................
المسألة الخامسة:
في الآية دليل على تحريم إتيان المرأة في فرجها حال النفاس، وقد حكي الاتفاق على ذلك، [انظر: فتح الباري لابن رجب (1/ 187)، نيل الأوطار (1/ 284)، المغني لابن قدامة (1/ 432) المحلى لابن حزم (م:261)]، أما مأخذ التحريم فعلى الوجه الذي تقدم، وأما مأخذ كون حال النفاس كذلك فمن قوله: "المحيض"، واسم الحيض صادق عليه في اللغة، والقاعدة في الأصول: [أن اللغة معتبرة في تفسير كلام الشارع]، والدليل على أن النفاس يسمى في اللغة حيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى الحيض نفاسا، <أخرجه الشيخان عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما>،وكلام النبي صلى الله عليه وسلم حجة في اللغة.
واستدل بعض العلماء على أن النفاس يعد حيضا بحديث عائشة رضي الله عنها عند أبي دواد والنسائي مرفوعا: «دم الحيض أسود يعرف»، قالوا فكل دم أسود يعد حيضا ومن ذلك دم النفاس.
إذا تقرر ذلك فتحريم إتيان المرأة في فرجها حال النفاس ثابت بالنص، ونازع في ذلك بعض العلماء، وقرر أن اسم الحيض لا يصدق على النفاس في اللغة، ولا يلزم من هذا التقرير عدم تحريم إتيان المرأة في فرجها حال النفاس، إذ القاعدة في الأصول: [أن عدم الدليل المعين لا يلزم منه عدم المدلول]، وذلك لاحتمال ثبوته بدليل آخر، قالوا ويدل على تحريم إتيان المرأة في فرجها حال النفاس القياس على الحيض لاشتراكهما في العلة التي هي الأذى، والقاعدة في الأصول: [أن قياس العلة حجة في إثبات الأحكام]، وإليك شرح هذا القياس:
أركانه:
الأصل (أي محل الحكم الذي يراد القياس عليه): إتيان المرأة في فرجها حال الحيض.
الفرع (أي المحل الذي يراد معرفة حكمه بالقياس): إتيان المرأة في فرجها حال النفاس.
العلة (أي الوصف الظاهر المنضبط الذي يناسب الحكم): الأذى، [وفي معنى الأذى خلاف: قيل: هو النجاسة، وقيل: الضرر، وقيل: الدم، وقيل: المكروه لنجاسته وضرره ونتن ريحه].
(يُتْبَعُ)
(/)
الحكم (أي حكم الأصل): التحريم.
وقد تقدم في المسألة السابقة مأخذ تحريم إتيان المرأة في فرجها حال الحيض، وهذا الحكم المستفاد من الآية معلل بعلة منصوصة وهي الأذى، وجه ذلك: أن الله عز وجل رتب الحكم المستفاد من صيغة الأمر في قوله: ژہژ على الوصف الذي هو الأذى مقرونا -أي الحكم- بالفاء، وهذه هي إحدى صور مسلك الإيماء والتنبيه عند الأصوليين، والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن مسلك الإيماء والتنبيه معتبر في إثبات العلة الشرعية].
وقد قدح في هذا القياس باعتراض النقض (وجود العلة مع تخلف الحكم)، ومأخذه: أن المستحاضة وجد فيها الأذى الذي هو الدم، ومع ذلك يباح لزوجها أن يطأها.
(فائدة: دفع اعتراض النقض يكون بأحد ثلاث طرق: 1 - منع مسألة النقض، 2 - منع وجود العلة، 3 - بيان الاحتراز، وبيان الاحتراز يكون بأحد أمرين: أ- بيان الفظ المحترز به، ب- تفسير اللفظ بما يحقق الاحتراز).
وأجيب بأجوبة:
- أنه لا يجوز وطء المستحاضة (منع مسألة النقض)، وهذا يستقيم على مذهب الحنابلة رحمهم الله تعالى.
- أنه لا يسلم وصف دم الاستحاضة بالأذى (منع وجود العلة)، وهذا جواب الجمهور رحمهم الله.
قال الفخر الرازي في مفاتح الغيب (6/ 414): "فإن قيل: ليس الأذى إلا الدم، وهو حاصل وقت الاستحاضة، مع أن اعتزال المرأة في الاستحاضة غير واجب، فقد انتقضت هذه العلة، قلنا: العلة غير منقوضة؛ لأن دم الحيض دم فاسد يتولد من فضلة تدفعها طبيعة المرأة من طريق الرحم، ولو احتبست تلك الفضلة لمرضت المرأة، فذلك الدم جار مجرى البول والغائط، فكان أذى وقذرا، أما دم الاستحاضة فليس كذلك، بل هو دم صالح يسيل من عروق تنفجر في عمق الرحم فلا يكون أذى، هذا ما عندي في هذا الباب، وهو قاعدة طيبة، وبتقريرها يتخلص ظاهر القرآن من الطعن، والله أعلم بمراده".
تنبيه مهم: اختلف الأصوليون رحمهم الله في اعتراض النقض هل يعد قادحا أم لا؟، وذلك على بضعة عشر قولا، [انظر في ذلك: البحر المحيط للزركشي (4/ 232)، إرشاد الفحول للشوكاني (2/ 929)، فمن قال بعدم كونه قادحا مطلقا، أو بعدم كونه قادحا في المنصوصة فله أن يجيب عما سبق بأن اعتراض النقض لا يقدح في صحة القياس، ومن ثم لابد من تقدير وجود مانع أو تخلف شرط بالنسبة للمسألة المدعاة في النقض، ودليلهم في ذلك: القياس على تخصيص العموم اللفظي، وتقريره: أن العلة بالنسبة إلى محالها ومواردها كالعموم اللفظي بالنسبة إلى موضوعاته, فكما جاز تخصيص العموم اللفظي وإخراج بعض ما تناوله فكذلك في العلة.
.................................................. ........................
المسألة السادسة:
استدل الحنابلة بالآية على تحريم إتيان المرأة في فرجها حال الاستحاضة، [انظر المغني لابن قدمة (1/ 420) والمبدع لابن مفلح (1/ 292)]،
أما مأخذ التحريم فعلى الوجه الذي تقدم، وأما مأخذ كون حال الاستحاضة كذلك فبالقياس على حال الحيض بجامع الأذى.
وذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والظاهرية إلى إباحة ذلك، [انظر البناية للعيني الحنفي (1/ 621) و بداية المجتهد لابن رشد المالكي (1/ 45) المجموع للنووي الشافعي (2/ 372) والمحلى لابن حزم الظاهري (2/ 296)] واستدلوا على ذلك بذات الآية، ووجهه أن الله عز وجل قال: ژ ھ ھ ے ے?ژ فمفهوم المخالفة الغائي جواز وطء الحائض إذا طهرت، والمستحاضة طاهر، والقاعدة في الأصول -عند الجمهور-: [أن مفهوم المخالفة الغائي حجة في إثبات الأحكام]، بل دل على الإباحة منطوق الآية، وذلك في قوله تعالى: ژ ? ? ?ژ إذ المستحاضة طاهر، والأمر بوطء النساء عقب الطهارة سواء قلنا للوجوب أو للإباحة الاصطلاحية -أي استواء الطرفين- يدل على الإذن، والقاعدة في الأصول: [أن الإذن يقتضي عدم التحريم].
وأجاب الجمهور عن استدلال الحنابلة بالآية من وجهين:
الوجه الأول: أن القياس الذي استدلوا به قياس معارض للنص (فاسد الاعتبار)، والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [إذا تعارض النص والقياس قدم النص].
الوجه الثاني: لا يسلم بأن دم الاستحاضة أذى، والقاعدة في الأصول: [أن من شرط صحة القياس تحقق الوصف في الفرع].
(وهذا الاعتراض يسمى عند الأصوليين بمنع الوصف في الفرع، والجواب عنه يكون بأحد ثلاث طرق: التفسير، وبيان موضع التسليم، والدلالة، وشرحها في الأصول).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يجيب الحنابلة عن استدلال الجمهور بأن العموم الوارد في الآية مخصوص بالقياس المنصوص على علته، والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [يجب تخصيص العموم بالقياس إذا نص علته]،
(العموم في وقوله: ژ ھ ھ ژ وقوله: ژ ? ژ: فضمير الجمع (هن)، يعود إلى عامٍ وهو لفظ (النساء) والقاعدة في الأصول -على الصحيح-: [أن ضمير الجمع يفيد العموم إذا عاد إلى عام]، فتخصص المستحاضة بالقياس على الحائض لاشتراكهما في العلة)،
ويشكل على هذا أن العام الذي يعود إليه ضمير الجمع جميعُ أفراده مرادةٌ عند الحنابلة، والقول باستغراقه لجميع أفراده في صورة، و تخصيصه في صورة، حمل للفظ الواحد على حقيقته ومجازه، والقاعدة في الأصول -على الصحيح-: [لا يجوز حمل اللفظ على حقيقته ومجازه في آنٍ واحد].
واستدل الحنابلة أيضا بما أخرجه البيهقي في السنن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (المستحاضة لا يغشاها زوجها).
وجه الاستدلال بالأثر:
أن قولها: (لا يغشاها) خبر بمعنى الإنشاء أي النهي، والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن النهي المطلق للتحريم]، والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أن قول الصحابي حجة في إثبات الأحكام].
وأجيب:
أ-بأن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن قول الصحابي ليس بحجة في إثبات الأحكام].
ب- أن قول الصحابي هنا معارض للكتاب، والقاعدة في الأصول-عند من يقول بحجية قول الصحابي-: [أن الكتاب مقدم على قول الصحابي عند التعارض].
ج-أن قول الصحابي هنا معارض بقول صحابي آخر، فقد أخرج عبد الرزاق في المصنف والدارمي في السنن عن ابن عباس أنه يجوز وطأ المستحاضة، والقاعدة في الأصول-عند من يقول بحجية قول الصحابي-: [أن قول الصحابي إذا عارضه قول صحابي آخر سقط الاستدلال به].
ونوقش هذا الجواب: بأن الأثر الوارد عن ابن عباس لا يثبت عنه في إسناد رواية عبد الرزاق الأجلح الكندي، وفي إسناد رواية الدارمي خصيف الجزري، وكلاهما سيء الحفظ، والقاعدة في الأصول: [أن سوء حفظ الراوي يقتضي رد روايته]، والقاعدة في الأصول: [أن التعارض فرع الثبوت].
واستدل الجمهور أيضا بما أخرج أبو داود في سننه عن عكرمة عن حمنة بنت جحش أنها كانت مستحاضة وكان زوجها يجامعها، وبما أخرجه أيضا عن عكرمة قال: (كانت أم حبيبة تستحاض فكان زوجها يغشاها).
وجه الاستدلال بالخبرين:
أن هذا فعل من الصحابي في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، (والدليل على كونه واقعا في زمانه صلى الله عليه وسلم ما ورد من الأحاديث الدالة على وقوع لاستحاضة منهما في ذلك الزمان)، والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أن وقوع الفعل من الصحابي في زمان النبي صلى الله عليه وسلم يدل على الجواز].
وأجيب عنهما من جهتين:
الجهة الأولى: الثبوت:
أُعل الخبران بالانقطاع حيث أنه لم يثبت سماع عكرمة بن عمار من حمنة وأم حبيبة رضي الله عنهما، قال المنذري رحمه الله في مختصر السنن (1/ 195): "وفي سماع عكرمة من أم حبيبة وحمنة نظر، وليس فيه ما يدل على سماعه منهما "، وبناء على ذلك فهما منقطعان، والقاعدة في الأصول: [أن الانقطاع في الخبر يقتضي رده].
ونوقش هذا الجواب:
بأن عكرمة بن عمار قد عاصر حمنة وأم حبيبة رضي الله عنهما، واللقاء بينهما ممكن، وليس ممن عرف بالتدليس، فتكون روايته عنهما محمولة على السماع.
الجهة الثانية: الدلالة:
ليس في الخبرين ما يدل على وقوع الفعل -أي وطء المستحاضة- في زمانه صلى الله عليه وسلم، ولا يلزم من وقوع الاستحاضة في زمانه وقوع الوطء فيه، ولو سلمنا جدلا أنه واقع في زمانه صلى الله عليه وسلم فليس فيه دليل على جواز ذلك، فالقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن وقوع الفعل في زمانه صلى الله عليه وسلم إذا لم يقم دليل على حصوله بمحضره أو بلوغه إليه وإقراره لا يدل على جوازه]، [انظر شرح اللمع لأبي إسحاق الشيرازي (1/ 562)، تقريب الأصول لابن جزي الكلبي (281)، مفتاح الأصول للشريف التلمساني (591)].
وبناء على ما سبق فالراجح في المسألة مذهب الجمهور.
.................................................. ........................
المسألة السابعة:
(يُتْبَعُ)
(/)
في الآية دليل على تحريم إتيان المرأة في دبرها، كما هو مذهب جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى، [انظر: بدائع الصنائع للكساني الحنفي (1/ 119)، مواهب الجليل للحطاب المالكي (3/ 407)، روضة الطالبين للنووي الشافعي (7/ 204)، كشاف القناع للبهوتي الحنبلي (5/ 188)، المحلى لابن حزم الظاهري (9/ 220)]، أما مأخذ التحريم فعلى الوجه الذي تقدم، وأما مأخذ كون إتيان المرأة في دبرها كذلك فبالقياس على إتيانها في فرجها حال الحيض بجامع الأذى، والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن القياس بالعلة المنصوصة حجة في إثبات الأحكام]، وأثبت بعضهم التحريم من جهة قياس الأولى، وهو ضرب من قياس العلة، وتقريره:
إذا حرُم إتيان المرأة في فرجها حال الحيض لأجل الأذى، فلأن يحرم إتيانها في دبرها من باب أولى، وذلك لأن الأذى في ذلك المحل أفحش وأذم، والقاعدة في الأصول: [أن قياس الأولى حجة في إثبات الأحكام].
قال علاء الدين الكساني -رحمه الله- في بدائع الصنائع (5/ 119):"ولا يحل إتيان الزوجة في دبرها لأن الله تعالى -عز شأنه- نهى عن قربان الحائض، ونبه على المعنى وهو كون المحيض أذى، والأذى في ذلك المحل أفحش وأذم فكان أولى بالتحريم".
وقال أبو بكر ابن العربي -رحمه الله- في أحكام القرآن (1/ 173): "وَسَأَلْت الْإِمَامَ الْقَاضِيَ الطُّوسِيَّ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ وَطْءُ الْمَرْأَةِ فِي دُبُرِهَا بِحَالٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْفَرْجَ حَالَ الْحَيْضِ لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ الْعَارِضَةِ، فَأَوْلَى أَنْ يُحَرِّمَ الدُّبُرَ بِالنَّجَاسَةِ اللَّازِمَةِ".
وقال الفخر الرازي في مفاتيح الغيب (6/ 61): "أن الله تعالى قال في آية المحيض: ژ ? ? ہ ہ ہ ہ ھھ ژ فجعل قيام الأذى علة لحرمة إتيان موضع الأذى، ولا معنى للأذى إلا ما يتأذى الإنسان منه، وههنا يتأذى الإنسان بنتن روائح ذلك الدم، وحصول هذه العلة في محل النزاع أظهر، فإذا كانت تلك العلة قائمة ههنا وجب حصول الحرمة ".
وقال شمس الدين ابن القيم-رحمه الله- في زاد المعاد (3/ 149): "وإذا كان الله حرَّم الوطءَ في الفرج لأجل الأذى العارض، فما الظنُّ بالحشِّ الذي هو محل الأذى اللازم مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل والذريعة القريبة جداً من أدبار النساء إلى أدبار الصبيان".
وقال -رحمه الله-: "وأيضاً: فإن ذلك مضر بالرجل، ولهذا ينهى عنه عقلاءُ الأطباء منِ الفلاسفة وغيرهم، لأن للفرج خاصية في اجتذاب الماء المحتقن وإراحة الرجل منه والوطءُ في الدُّبُر لا يعين على اجتذاب جميع الماء، ولا يخرج كلَّ المحتقن لمخالفته للأمر الطبيعي".
واستدل بعضهم بالآية على التحريم من وجه آخر، ومأخذه من قوله تعالى: ژ ? ? ? ?? ژ قالوا: ومعنى ژ ? ? ?? ژ أي الفرج، و"من" بمعنى "في"، أي "في حيث أمركم الله"، والأمر في قوله "فأتوهن" للإباحة، والإتيان كناية عن الوطء، فيكون منطوق الآية: يباح لكم وطء النساء في فروجهن، ومفهومها المخالف الظرفي (ظرف مكان): لايباح لكم وطء النساء في أدبارهن، والقاعدة في الأصول -عند جماعة-: [أن مفهوم المخالفة الظرفي حجة في إثبات الأحكام].
قال الإمام الشافعي رحمه الله في الأم (5/ 94): "وإباحة الاتيان في موضع الحرث يشبه أن يكون تحريمَ إتيانٍ في غيره، فالإتيان في الدبر حتى يبلغ منه مبلغ الإتيان في القبل محرم بدلالة الكتاب".
وقال الماوردي رحمه الله في الحاوي (11/ 435):" وَدَلِيلُنَا: ژ ? ? ? ? ? ? ?? ژ، يَعْنِي فِي الْقُبُلِ، فَدَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ إِتْيَانِهَا فِي الدُّبُرِ".
تنبيهان مهمان:
التنبيه الأول: تحريم إتيان المرأة في دبرها ليس ثابتا بالقرآن عند أهل الظاهر، وذلك لأنهم لا يقولون بحجية القياس، ولا بحجية المفهوم المخالف، ولا يلزم من ذلك عدم قولهم بالتحريم، فالقاعدة في الأصول: [أن عدم الدليل المعين لا يلزم منه عدم المدلول]، وهم يذهبون إلى التحريم كما سبق، ويستندون في ذلك إلى دليل السنة على ما سوف يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
التنبيه الثاني: أن الوجه الثاني من دلالة الآية على تحريم إتيان المرأة في دبرها لا يقول به الحنفية، وذلك لأنهم لا يقولون بحجية المفهوم المخالف. انتهى
وأجيب عن الاستدلال بالآية من الوجه الثاني:
(يُتْبَعُ)
(/)
أن القاعدة في الأصول -على الصحيح-: [أن مفهوم المخالفة الظرفي ليس بحجة في إثبات الأحكام].
واستدل الجمهور رحمهم الله على التحريم بأدلة أخرى، منها:
1 - ما أخرجه ابن ماجه في سننه من حديث خزيمة بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يستحيي من الحق، ثلاث مرات، لا تأتوا النساء في أدبارهن» وجه الاستدلال بالخبر:
من قوله: «لا تأتوا» فهذا نهي، والقاعدة في الأصول: [أن النهي المطلق للتحريم].
وأجيب:
بأن هذا الحديث ليس بثابت -مردود- في إسناده علتان:
أ-هرمي بن عبد الله الأنصاري مجهول، والقاعدة في الأصول: [أن جهالة الراوي تقتضي رد خبره].
ب-الحجاج بن أرطاة القاضي سيء الحفظ، والقاعدة في الأصول: [أن سوء حفظ الراوي يقتضي رد خبره]، ووصفه غير واحد من الأئمة بالتدليس "منهم أبو حاتم، وأبو زرعة" وقد عنعن، وبناء على ذلك فالحديث منقطع حكما، والقاعدة في الأصول: [أن الانقطاع في الخبر يقتضي رده]، إذا تقرر ذلك فلا دلالة فيه على التحريم، فالقاعدة في الأصول: [أن الدلالة فرع الثبوت]، وفي معناها القاعدة في الأصول: [أن الحديث الضعيف ليس بحجة في إثبات الأحكام].
ونوقش الجواب:
بأن هذا اللفظ ورد من طريق أخر رجاله ثقات وإسناده متصل كما عند النسائي في السنن الكبرى، قال الإمام النسائي رحمه الله: أخبرنا محمد بن منصور قال: حدثنا سفيان قال: حدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن».
إذا تقرر ذلك فهذا دليل صحيح سالم من المعارضة فيتعين المصير إليه.
2 - ما أخرجه الترمذي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر».
وجه الاستدلال بالخبر:
من قوله ?: «لا ينظر الله» فهذا وعيد على الفعل، والقاعدة في الأصول: [أن الوعيد على الفعل يقتضي تحريمه].
وأجيب:
بأن هذا الحديث ليس بثابت -مردود- في إسناده علتان:
أ-أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان الأزدي، قال عنه ابن معين: صدوق وليس بحجة، وهذا جرحٌ له من جهة ضبطه لا عدالته، والقاعدة في الأصول: [أن عدم ضبط الراوي يقتضي رد خبره].
ب-الضحاك بن عثمان القرشي، قال عنه أبو زرعة ليس بالقوي، وقال أبو حاتم لا يحتج به وهو صدوق، وهذا جرحٌ له من جهة ضبطه، والقاعدة في الأصول: [أن عدم ضبط الراوي يقتضي رد خبره].
ونوقش الجواب:
بأن أبا خالد الأحمر ثقة، وثقه ابن المديني والنسائي بل وابن معين في رواية، وما ذُكر عن ابن معين رحمه الله من جرح جاء غير مفسر، والقاعدة في الأصول: [إذا تعارض الجرح غير المفسر والتعديل قدم التعديل]، ومثله يقال في الضحاك بن عثمان فقد وثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو داود، وجرحُ أبي زرعة وأبي حاتم له جاء غيرَ مفسر، والقاعدة في الأصول: [إذا تعارض الجرح غير المفسر والتعديل قدم التعديل].
إذا تقرر ذلك فهذا دليل صحيح سالم من المعارضة فيتعين المصير إليه.
3 - استدل بعضهم بالإجماع حكاه غير واحد.
انظر حاشية ابن عابدين على البحر الرائق (3/ 106)، الإنصاف للمرداوي (8/ 348)، تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (1/ 179).
وأجيب عنه بجوابين:
أ- أن هذا من باب عدم العلم بالخلاف، والقاعدة في الأصول -على الصحيح-: [أن عدم العلم بالخلاف ليس بحجة في إثبات الأحكام].
ب-بأنه قد خالف جماعة من العلماء فقالوا بالجواز، على ما سوف يأتي بيانه إن شاء الله تعالى، والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن الإجماع لا ينعقد بقول الأكثر].
وقد ذهب إلى جواز إتيان المرأة في دبرها الإمام مالك رحمه الله في رواية عنه نفاها بعض أصحابه، وفهم من كلامٍ للشافعي رحمه الله، وقد أنكر هذا الفهم أكثر أصحابه، وجوز بعضهم أن يكون مذهبا له في القديم، وهو مروي عن ابن عمر ونافع على خلاف في الرواية عنهما، وحكي عن زيد بن أسلم، ومحمد بن المنكدر، وابن أبي مليكة رحمهم الله تعالى، [انظر: الذخيرة للقرافي المالكي (4/ 416)، تكملة المجموع للمطيعي الشافعي (16/ 419)، المحلى لابن حزم (9/ 220)، الحاوي للماوردي (11/ 433)، البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (2/ 181)]، واستدلوا على ما ذهبوا إليه بأدلة، منها:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - قوله تعالى: ژ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ژ.
وجه الاستدلال:
ظاهر هذه الآية أن الله عز وجل أباح للرجال إتيان النساء -أي الأزواج- في كل مكان شاءوا في القبل أو الدبر، أما مأخذ الإباحة فمن قوله: "فأتوا"، وهو وإن كان أمراً إلا أنه حاصل لدفع توهم المنع، والقاعدة في الأصول -عند جماعة-: [أن الأمر إذا كان لدفع توهم المنع فهو للإباحة]، وأما مأخذ العموم بما يشمل الدبر فمن قوله: "أنى شئتم"، وأنى في اللغة بمعنى أين، وأين اسم استفهام يتعلق بالمكان، والقاعدة في الأصول: [أن أسماء الاستفهام تفيد العموم].
وأجيب عنه بأجوبة:
الجواب الأول: أنه لا يسلم بأن أنى -هنا- بمعنى أين، فأنى في لغة العرب تأتي لعدة معان على جهة الاشتراك، وهي:
- كيف، نحو قوله تعالى:" أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ".
- من أين وَأين، نحو قوله تعالى:" يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا ".
- متى، نحو زرني أنى شئت.
والاشتراك من أسباب الإجمال، والقاعدة في الأصول: [يجب التوقف في المجمل حتى يرد البيان]، ومن ثم لابد من دليل على تعيين أحد هذه المعاني.
ونوقش هذا الجواب: بأن القاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أنه يجوز حمل المشترك على جميع معانيه إذا لم تكن متعارضة].
وردت المناقشة من وجوه:
- أن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أنه لا يجوز حمل المشترك على جميع معانيه]، ومأخذ هذه القاعدة أن هذا الحمل وضع محدث لا شاهد عليه!
وفي سبب النزول -على ما سوف يأتي إن شاء الله تعالى- ما يدل على أنها على معنى كيف فيصار إليه.
-أ ن القاعدة في الأصول-عند من يقول بحمل المشترك على جميع معانيه-:
[أنه يشترط لجواز حمل المشترك على جميع معانيه عدم قيام قرينة على إرادة أحد المعاني]، وقد قامت قرائن على إرادة معنى كيف، وهي:
أ-سبب النزول:
فقد جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها، كان الولد أحول، فنزلت: "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم".
فسبب النزول هنا بين أن المراد تسويغ كيفية الجماع، لا تسويغ كونه في كل محل.
(فائدة: سبب النزول -هنا-أزال الإجمال الحاصل بسبب الاشتراك).
ويمكن أن يجاب عنه:
أن سبب النزول لا يدل على أن هذا المعنى هو المراد فقط، ومن ثم يمنع من حمل المشترك على جميع معانيه، بل غاية ما يدل عليه أن هذا المعنى مرادٌ، من غير تعرض لباقي المعاني بالإثبات أو النفي، ويقال في تقعيد هذا التقرير: أن القاعدة في الأصول-عند جماعة-: [عدم جواز تعيين أحد أفراد المشترك بسببه].
((وهذا نظير القول بعدم جواز تخصيص العام بسببه)).
ب-أن الله عز وجل قال: " نساؤكم حرث لكم "، وهذه كناية في إتيان المرأة في القبل، الذي هو محل حصول الولد.
قال الجصاص الحنفي في أحكام القرآن (2/ 39): " قوله تعالى: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم "، الحرث: المزدرع، وجعل في هذا الموضع كناية عن الجماع، وسمى النساء حرثا لأنهن مزدرع الأولاد، وقوله: " فأتوا حرثكم أنى شئتم "، يدل على أن إباحة الوطء مقصورة على الجماع في الفرج؛ لأنه موضع الحرث ".
قال أبو عبدالله القرطبي -رحمه الله- في تفسيره (3/ 95): "وقال مالك لابن وهب، وعلي بن زياد لما أخبراه أن ناسا بمصر يتحدثون عنه أنه يجيز ذلك، فنفر من ذلك، وبادر إلى تكذيب الناقل، فقال: كذبوا علي، كذبوا علي، كذبوا علي!، ثم قال: ألستم قوما عربا؟، ألم يقل الله تعالى: " نساؤكم حرث لكم "؟، وهل يكون الحرث إلا في موضع المنبت؟! ".
وأجيب: أن الله عز وجل جعل جميع المرأة حرثاً، حيث قال: "نساؤكم حرث لكم "، فيصدق اسم الحرث على محل النزاع.
قال الفخر الرازي الشافعي في مفاتيح الغيب (6/ 62) في معرض ذكره لأدلة المجيزين: "التمسك بهذه الآية من وجهين الأول أنه تعالى جعل الحرث اسماً للمرأة، فقال:"نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ"، فهذا يدل على أن الحرث اسم للمرأة، لا للموضع المعين، فلما قال بعده:" فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ "،كان المراد فأتوا نساءكم أنى شئتم، فيكون هذا إطلاقاً في إتيانهن على جميع الوجوه، فيدخل فيه محل النزاع ".
ونوقش هذا الجواب:
(يُتْبَعُ)
(/)
بأن إطلاق لفظ الحرث على النساء من باب المجاز (تسمية الكل باسم البعض)، وقرينة إرادة المجاز مفقودة في قوله: "فأتوا حرثكم"، والقاعدة في الأصول: [أن القرينة شرط لصحة التجوز].
قال الفخر الرازي الشافعي في مفاتيح الغيب (6/ 62): " أن الحرث اسم لموضع الحراثة، ومعلوم أن جميع أجزائها ليست موضعاً للحراثة، فامتنع إطلاق اسم الحرث على ذات المرأة، ويقتضي هذا الدليل أن لا يطلق لفظ الحرث على ذات المرأة، إلا أنا تركنا العمل بهذا الدليل في قوله: "نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ"، لأن الله تعالى صرح ههنا بإطلاق لفظ الحرث على ذات المرأة، فحملنا ذلك على المجاز المشهور، من تسمية كل الشيء باسم جزئه، وهذه الصورة مفقودة في قوله:" فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ " فوجب حمل الحرث هاهنا على موضع الحراثة على التعيين ".
الجواب الثاني:
سلمنا أن أنى بمعنى أين، فهذا عموم واردٌ على سبب، وهو وطء النساء أي الأزواج من أدبارهن في فروجهن، كما جاء في حديث جابر -رضي الله عنه- السابق، والقاعدة في الأصول -عند جماعة-: [أن العام يخصص بسببه]، ومن ثم فلا دلالة في الآية على حل الوطء في الدبر.
ونوقش هذا الجواب: أن القاعدة في الأصول -على الصحيح-: [أن العام لا يخصص بسبه].
الجواب الثالث:
سلمنا أن أنى بمعنى أين، فهذا عموم مخصوص بالأدلة الدالة على تحريم إتيان المرأة في دبرها، وهي -أي أدلة التحريم- على نوعين:
- قياس منصوص على علته-القياس على وطء الحائض بجامع الأذى-، والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [يجب تخصيص العموم بالقياس المنصوص على علته].
-أخبار آحاد - نحو: «لا تأتوا النساء في أدبارهن» -، والقاعدة في الأصول -على الصحيح-: [يجب تخصيص عموم آي الكتاب بخبر الواحد].
قال أبو العباس القرطبي -رحمه الله- في المفهم ( ... ): " أنَّه لو سُلِّم أنَّ {أنَّى} شاملة للمسالك بحكم عمومها، فهي مخصَصَّةٌ بأحاديث صحيحة، ومشهورة ".
ونوقش هذا الجواب: أنه قد جاء عند النسائي في السنن الكبرى بسند ظاهره الصحة عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-:
أن رجلا أتى امرأته في دبرها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد من ذلك وجدا شديدا، فأنزل الله تعالى: "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ".
فهذا الحديث يدل على أن المراد بالآية تسويغ وطء المرأة في دبرها إذ إنه سببٌ لنزولها، والقاعدة في الأصول: [أن صورة السبب تدخل في العموم دخولاً قطعياً]، وبعبارة أخرى: [لا يجوز تخصيص صورة السبب].
وردت هذه المناقشة من وجوه:
الوجه الأول: أنه حديث منكرٌ (نكارة سند)، ووجه النكارة: أن الرخصة عن ابن عمر إنما هي معروفة من رواية نافع، ولو كانت الرخصة ثابتة من رواية زيد بن أسلم، لنقلها الناس وتتبعوا عليها.
قال الإمام عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي -رحمه الله- في العلل (1/ 409): "قال أبِي: هذا أشبهُ، وهذا أيضًا مُنكرٌ، وهُو أشبهُ مِن حدِيثِ ابنِ عُمر، لأنّ النّاس أقبلُوا قبل نافِعٍ فِيما حكى عنِ ابنِ عُمر، فِي قولِهِ: "نِساؤُكُم حرثٌ لكُم" فِي الرُّخصةِ، فلو كان عِند زيدِ بنِ أسلم، عنِ ابنِ عُمر، لكانُوا لا يُولعُون بِنافِعٍ، وأوّلُ ما رأيتُ حدِيث ابنِ عَبدِ الحكمِ استغربناهُ، ثُمّ تبيّن لِي عِلّتُهُ".
وأجيب: أن القاعدة في الأصول: [أنه لا يمتنع أن يخفى طريق على الأمة مع ثبوت متنه من طريق آخر].
(فائدة: هذه القاعدة فرع عن القاعدة الأصولية المشهورة: [لا يمتنع أن يخفى دليل على الأمة مع ثبوت حكمه]).
الوجه الثاني: أنه حديث منكر (نكارة متن)، ووجه النكارة: أنه قال في دبرها، والصحيح من دبرها، لكن غلط في ذلك الراوي، ودليل وقوع الغلط منه: أن هذا الغلط وقع من بعض الصحابة رضي الله عنهم.
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في حاشية السنن (6/ 201): "قيل هذا غلط بلا شك، غلط فيه سليمان بن بلال، أو بن أبي أويس راويه عنه، وانقلبت عليه لفظة من بلفظة في، وإنما هو أتى امرأة من دبرها ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال رحمه الله أيضا: "والذي يبين هذا، ويزيده وضوحا، أن هذا الغلط قد عرض مثله لبعض الصحابة حين أفتاه النبي صلى الله عليه وسلم بجواز الوطء في قبلها من دبرها، حتى بين له صلى الله عليه وسلم ذلك بيانا شافيا، قال الشافعي: أخبرني عمي، قال أخبرني: عبد الله بن علي بن السائب، عن عمرو بن أحيحة بن الجلاح، أو عن عمرو بن فلان بن أحيحة، قال الشافعي: أنا شككت، عن خزيمة بن ثابت أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن أو إتيان الرجل امرأته في دبرها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «حلال»، فلما ولى الرجل دعاه، أو أمر به فدعي، فقال: «كيف قلت في أي الخربتين أو في أي الخرزتين أو في أي الخصفتين، أمن دبرها في قبلها فنعم أم من دبرها في دبرها فلا، إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن».
قال الشافعي: عمي ثقة، وعبد الله بن علي ثقة، وقد أخبرني محمد وهو عمه محمد بن علي عن الأنصاري المحدث به أنه أثنى عليه خيرا، وخزيمة من لا يشك عالم في ثقته، والأنصاري الذي أشار إليه هو عمرو بن أحيحة، فوقع الاشتباه في كون الدبر طريقا إلى موضع الوطء، أو هو مأتي، واشتبه على من اشتبه عليه معنى من بمعنى في فوقع الوهم ".
وأجيب: أن القاعدة في الأصول: [لا يجوز تغليط الراوي الثقة إلا بدليل]، ولا دليل، وما ذكره ابن القيم -رحمه الله تعالى- لا يصلح أن يكون دليلا، فوقوع الخطأ من فاضل لا يلزم منه وقوع الخطأ ممن هو دونه!!.
الوجه الثالث: سلمنا صحة الرواية، لكنها ليست صريحة ولا ظاهرة في كون هذه الحادثة سبب للنزول، فيحتمل أن يكون هذا من فهم ابن عمر رضي الله عنه، والقاعدة في الأصول: [أن الاحتمال المساوي يسقط الاستدلال]، واختلاف الرواية عن ابن عمر في شأن التحريم وعدمه يؤكد أن هذا من فهمه، وقوله في الرواية: على عهد رسول الله ? ... لا يدل على الجواز، فالقاعدة في الأصول -على الصحيح-: [أن وقوع الفعل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إذا لم يقم دليل على حصوله بمحضره، أو بلوغه إليه وإقراره، لا يدل على جواز ذلك الفعل].
[انظر في ذلك: شرح اللمع (1/ 562)،تقريب الأصول ص281، مفتاح الأصول ص591].
إذا تقرر ذلك فلا يصح الاستدلال بهذه الآية على الإباحة.
(ملحوظة):
(لا يسلم بأن مفاد الأمر الإباحة إذا كان لدفع توهم المنع، فالقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن دفع توهم المنع ليس قرينة صارفة للأمر عن ظاهره]، ومأخذ هذه القاعدة الأدلة الدالة على أن الأمر المطلق للوجوب، ودليل من قال بالإباحة القياس على الأمر بعد الحظر، ويجاب عن هذا الدليل من وجهين:
- أن هذا إثبات للغة بالقياس، والقاعدة في الأصول: [لا يجوز إثبات اللغة بالقياس].
(هذا الجواب إذا قيل بأن إفادتها للإباحة حاصلة من جهة الوضع).
- أنه لا يسلم بأن الأمر بعد الحظر للإباحة بل للوجوب على ما سوف يأتي إن شاء الله تعالى، والقاعدة في الأصول: [أن من شرط صحة القياس ثبوت حكم الأصل]).
2 - قوله تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ".
وجه الاستدلال:
أن في هذه الآية إباحة إتيان الرجل لزوجته في كل أجزاء البدن، ومن ذلك الدبر،
أما مأخذ الإباحة فمن قوله:"غير ملومين"، والقاعدة في الأصول: [أن نفي اللوم يفيد الإباحة]، أما مأخذ العموم فمن قوله: "أزواجهم"، مفرد مضاف، والقاعدة في الأصول: [أن المفرد المضاف يفيد العموم].
قال الكيا الهراسي الشافعي -رحمه الله- في أحكام القرآن (1/ 141): "ومالك يحتج بقوله تعالى: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ "، وأن عموم ذلك يقتضي إباحة وطئهن في الموضع الذي جوزنا وطأهن فيه ".
(ملحوظة): قوله تعالى: "أزواجهم" مفرد مضاف، والقاعدة في الأصول: [أن المفرد المضاف يفيد العموم]، فيعم كل زوجة، لا كل أجزاء الزوجة الواحدة، والذي يظهر لي أن الاستدلال بالآية من جهة الإطلاق لا العموم.
وأجيب: أن الآية مطلقة تقيد بالنصوص الأخرى الواردة في تحريم إتيان المرأة في دبرها، والقاعدة في الأصول: [يجب حمل المطلق على المقيد إذا اتحدا في الحكم والسبب].
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الجصاص الحنفي-رحمه الله- في أحكام القرآن (2/ 39):
"فإن قيل: قوله عز وجل: "والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم" يقتضي إباحة وطئهن في الدبر، لورود الإباحة مطلقة غير مقيدة، ولا مخصوصة، قيل له: لما قال الله تعالى: "فأتوهن من حيث أمركم الله "، ثم قال في نسق التلاوة: " فأتوا حرثكم أنى شئتم "، أبان بذلك موضع المأمور به، وهو موضع الحرث، ولم يرد إطلاق الوطء بعد حظره إلا في موضع الولد، فهو مقصور عليه دون غيره، وهو قاض مع ذلك على قوله تعالى: " إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم "،
كما كان حظر وطء الحائض قاضيا على قوله:" إلا على أزواجهم ".
وإذا تقرر ذلك، فلا يصح الاحتجاج بهذه الآية على الإباحة.
3 - قوله تعالى: " أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنْ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ ".
وجه الاستدلال:
أن الله -عز شأنه- حكى عن لوط عليه السلام أنه قال لقومه في مقام التوبيخ: "وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم "،
وفي الكلام محذوف تقديره: وتذرون مثل ذلك من أزواجكم، فإن قيل: بأن التقدير على خلاف الظاهر، والقاعدة في الأصول: [يجب العمل بالألفاظ على ظاهرها، ولا يجوز العدول عنها إلا بدليل]، فالجواب: أنه لولا هذا التقدير لما صح التوبيخ، فهذا دليل الخروج عن الظاهر.
وليس المباح من الموضع الآخر - أي: قبل المرأة- مثلا له -أي لأدبار الرجال،
فتعين أن المراد أدبار النساء.
ومأخذ الإباحة من قوله: " لكم ":فاللام لام الاختصاص، والقاعدة في الأصول: [أن لام الاختصاص تفيد الإباحة].
<فائدة>: إفادة لام الاختصاص للإباحة دلالة التزام.
انظر: نهاية السول لجمال الدين الأسنوي رحمه الله (2/ 934).
إذا تقرر ذلك، وتقرر أن القاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أن شرع من قبلنا شرع لنا]، ففي الآية دليل على إباحة إتيان الزوجة في دبرها.
قال الكيا الهراسي الشافعي -رحمه الله- في أحكام القرآن (1/ 142): "وروي عن محمد بن كعب القرظي أنه كان لا يرى بذلك بأسا، ويتأول فيه قول الله عز وجل: (أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ)، وقال: فتقديره تتركون مثل ذلك من أزواجكم، ولو لم يبح مثل ذلك من الأزواج لما صح ذلك، وليس المباح من الموضع الآخر مثلا له، حتى يقال: تفعلون ذلك وتتركون مثله من المباح ".
وأجيب عن هذا الاستدلال بجوابين:
- أن تقدير (مثل) تأويل لادليل عليه، والقاعدة في الأصول: [لا يجوز التأويل إلا بدليل]، وما ذكروه لا يصلح أن يكون دليلا،
إذ التوبيخ يصح على معنى: وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم مما فيه تسكين شهوتكم، ولذة الوقاع حاصلة بهما جميعا،
بل هي أبلغ حصولاً في إتيان الزوجة في قبلها.
انظر: أحكام القرآن للكيا الهراسي رحمه الله (1/ 142).
-أن هذا ثابت في شرع من قبلنا، والقاعدة في الأصول: [أن شرع من قبلنا ليس شرعاً لنا].
وإذا تقرر ذلك، فلا يصح الاحتجاج بهذه الآية على الإباحة.
4 - ما أخرجه الإمام النسائي -رحمه الله- في السنن الكبرى عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أن رجلا أتى امرأته في دبرها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد من ذلك وجدا شديدا، فأنزل الله تعالى:" نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ".
وتقدم الإشارة إلى وجه الاستدلال به والإجابة عن ذلك فلا حاجة لإعادته.
وبناء على ما سبق فالراجح في المسألة قول الجمهور.
فائدة:
قال موفق الدين ابن قدامة -رحمه الله- في المغني (8/ 132): "ولا بأس بالتلذذ بها بين الأليتين من غير إيلاج؛ لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر، فهو مخصوص بذلك، ولأنه حرم لأجل الأذى، وذلك مخصوص بالدبر فاختص التحريم به".
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[31 Mar 2010, 07:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المتفرد بالخلق والملك، المتوحد بالتدبير، والصلاة والسلام على خيرة خلقه ومصطفاه منهم، وعلى أهل بيته ومن صحبه، وتابعيهم بإحسان, وبعد:
...
مبحث مهم:
ما الفائدة من معرفة أسباب النزول للفقيه المجتهد الناظر في الدليل القرآني لاستنباط الحكم الشرعي؟
الجواب: لذلك فوائد كثيرة منها:
1 - معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.
2 - تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.
3 - الوقوف على المعنى الصحيح للآية.
...
4 - عدم جواز تخصيص محل السبب فيما إذا كان نص الآية عاما، لأن دخول السبب في العموم قطعي، ومأخذ قطعيته أمران اثنان:
الأول: أنه يلزم من القول بجواز تخصيصه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يجوز.
الثاني: أن القول بجواز تخصيصه فيه عدول عن محل السؤال فيما إذا كان السبب سؤالا، وذلك لا يجوز في حق الشارع لئلا يلتبس الحال على السائل.
.................................................. ........................
.
جزاكم الله خيرا
- أحسب - مما نقلتموه - أن هناك تناقضاً بين ما ذُكِر أعلاه في رقم (2) و بين ما ذُكِر في رقم (4)؛ لإنه إذا صحَّ أن دخول السبب في العموم قطعي [كما في (4)]؛ فلا يصحّ القول بتخصيص الحكم به [كما في (2)]؟
- و كذا تكرر القول بأن (مطلق الأمر يدلّ على الوجوب).
وهذا مِن المختلف فيه في علم الأصول
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[01 Apr 2010, 10:34 ص]ـ
و نظراً لطول البحث المذكور؛ أحببتُ أن أورِد في فقه الآية الكريمة كلاماً موجَزاً - شافياً كافياً؛ بإذن الله -للإمام الشافعي - رحمه الله -، في (باب إتيان النساء في أدبارهن) - مِن كتابه " الأم "
(قال الشافعي) رضي الله عنه: قال الله عز وجل: {نساؤكم حرث لكم} الآية.
(قال الشافعي): احتملت الآية معنيين:
•أحدهما: أن تُؤتَى المرأة من حيث شاء زوجها لأن {أنى شئتم} يبين أين شئتم لا محظور منها، كما لا محظور من الحرث،
•واحتملت أن الحرث إنما يُراد به النبات، وموضع الحرث الذي يُطلب به الولد الفرج دون ما سواه، لا سبيل لطلب الولد غيره؛ فاختلف أصحابنا في إتيان النساء في أدبارهن: فذهب ذاهبون منهم إلى إحلاله، وآخرون إلى تحريمه، وأحسب كِلا الفريقيْن تأولوا ما وصفتُ من احتمال الآية على موافقة كل واحد منهما.
• (قال الشافعي) فطلبنا الدلالة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فوجدنا حديثيْن مختلفيْن، أحدهما ثابت، وهو حديث ابن عيينة عن محمد بن المنكدر أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: كانت اليهود تقول مَن أَتى امرأته في قُبُلها مِن دُبُرها، جاء الولدُ أحول؛ فأنزل الله عز وجل: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}.
(أخبرنا الربيع) قال (أخبرنا الشافعي) قال أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع قال أخبرني عبد الله بن علي بن السائب عن عمرو بن أحيحة بن الجلاح أو عمرو بن فلان بن أحيحة بن الجلاح - أنا شككت (يعني الشافعي) - عن خزيمة بن ثابت: (أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن إتيان النساء في أدبارهن أو إتيان الرجل امرأته في دبرها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إي حلال، فلما ولَّى الرجلُ دعاه أو أمر به فدُعِي، فقال: كيف قلت؟ في أي الخربتين أو في أي الخرزتين أو في أي الخصفتين أمِن دبرها في قبلها؛ فنعم، أم مِن دبرها في دبرها؛ فلا، فإن الله لا يستحي من الحق، لا تاتوا النساء في أدبارهن ")
قال: فما تقول؟ قلت: عمي ثقة، وعبد الله بن علي ثقة، وقد أخبرني محمد عن الأنصاري المحدث بها أنه أثنى عليه خيرا، وخزيمة ممن لا يشك عالم في ثقته؛ فلست أرخص فيه، بل أنهى عنه. اهـ
* * *
* فالآية {فأتوا حرثكم أنى شئتم} عامةٌ، و خُصِصَتْ بالحديث: " لا تأتوا النساء في أدبارهن "
أو هي مِن العام المُرادُ به الخصوص؛ لأن الحرث إنما يُراد به النبات، وموضع الحرث الذي يُطلب به الولد الفرج دون ما سواه، لا سبيل لطلب الولد غيره؛ كما ذكر الشافعي
و على كِلا الاحتماليْن؛ فالنهيُّ عن ذلك الإتيان متحقق.
و الحديث أخرجه ابن حبان في " صحيحه " عن عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه أن عبد الله بن علي بن السائب حدثه أن حصين بن محصن حدثه أن هرميا حدثه أن خزيمة بن ثابت حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن ".
و كذا أخرجه أحمد في " مسنده "؛ قال: 22496 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ لاَ تَأْتُوا النِّسَاءَ فِى أَدْبَارِهِنَّ». تحفة 3530 معتلى 2315
و بَوّب ابن حبان في صحيحه - (9/ 516):
(ذكر الخبر المدحض قول من زعم إباحة إتيان المرء أهله في غير موضع الحرث)
- أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا يعقوب القمي قال حدثنا جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال: (جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هلكت. قال: وما أهلكك؟ قال: حولت رحلي الليلة، قال: فلم يرد عليه شيئا، فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم}. يقول اقبل وأدبر، واتق الدبر والحيضة).
و يؤيد هذا ما أخرجه أحمد في مسنده؛ قال:
(يُتْبَعُ)
(/)
27360 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ إِنِّى سَائِلُكِ عَنْ أَمْرٍ وَأَنَا أَسْتَحِى أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْهُ. فَقَالَتْ لاَ تَسْتَحِى يَا ابْنَ أَخِى. قَالَ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِى أَدْبَارِهِنَّ. قَالَتْ حَدَّثَتْنِى أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّ الأَنْصَارَ كَانُوا لاَ يُجِبُّونَ النِّسَاءَ وَكَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ إِنَّهُ مَنْ جَبَّى امْرَأَتَهُ كَانَ وَلَدُهُ أَحْوَلَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ نَكَحُوا فِى نِسَاءِ الأَنْصَارِ فَجَبُّوهُنَّ فَأَبَتِ امْرَأَةٌ أَنْ تُطِيعَ زَوْجَهَا فَقَالَتْ لِزَوْجِهَا لَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ حَتَّى آتِىَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَدَخَلَتْ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهَا فَقَالَتِ اجْلِسِى حَتَّى يَأْتِىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَحَتِ الأَنْصَارِيَّةُ أَنْ تَسْأَلَهُ فَخَرَجَتْ فَحَدَّثَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ «ادْعِى الأَنْصَارِيَّةَ». فَدُعِيَتْ فَتَلاَ عَلَيْهَا هَذِهِ الآيَةَ (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) «صِمَاماً وَاحِداً». تحفة 18252 معتلى 12648 [مسند أحمد - (57/ 473)]
و جاء في سنن الدارمي بلفظ: " سِماما واحدا ". وَالسِّمَامُ السَّبِيلُ الْوَاحِدُ
قال:
1166 - أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنِ ابْنِ سَابِطٍ قَالَ: سَأَلْتُ حَفْصَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - هُوَ ابْنُ أَبِى بَكْرٍ - قُلْتُ لَهَا: إِنِّى أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْ شَىْءٍ وَأَنَا أَسْتَحْيِى أَنْ أَسْأَلَكِ عَنْهُ قَالَتْ: سَلْ يَا ابْنَ أَخِى عَمَّا بَدَا لَكَ. قَالَ: أَسْأَلُكِ عَنْ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِى أَدْبَارِهِنَّ.
فَقَالَتْ حَدَّثَتْنِى أُمُّ سَلَمَةَ قَالَتْ: كَانَتِ الأَنْصَارُ لاَ تُجَبِّى، وَكَانَتِ الْمُهَاجِرُونَ تُجَبِّى، فَتَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ فَجَبَّاهَا، فَأَبَتِ الأَنْصَارِيَّةُ فَأَتَتْ أُمَّ سَلَمَةَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهَا، فَلَمَّا أَنْ جَاءَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- اسْتَحْيَتِ الأَنْصَارِيَّةُ وَخَرَجَتْ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ أُمُّ سَلَمَةَ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: «ادْعُوهَا لِى». فَدُعِيَتْ لَهُ، فَقَالَ لَهَا: «(نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) سِمَاماً وَاحِداً». وَالسِّمَامُ السَّبِيلُ الْوَاحِدُ. تحفة 18252
* * *
و جاء الوعيد الشديد على إتيان النساء في أدبارهن (أعجازهن)؛ ففي صحيح ابن حبان (9/ 517)
(ذِكر نفي نظر الله جل وعلا على الآتي نساءه وجواريه في أدبارهن):
4204 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا أبو خالد الأحمر عن الضحاك بن عثمان عن مخرمة بن سليمان عن كريب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (لا ينظرالله إلى رجل أتى امرأته في دبرها) اهـ
و أخرج الدارمي فس " سُننه ":
1192 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبَانُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ طَاوُسٍ وَسَعِيدٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ: أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْكِرُونَ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِى أَدْبَارِهِنَّ، وَيَقُولُونَ: هُوَ الْكُفْرُ. اهـ
نسأل الله العفو و العافية في الدنيا و الآخرة
ـ[أبو إسحاق، نبيل السندي]ــــــــ[01 Apr 2010, 06:30 م]ـ
أخي د/ أبو بكر، قلت في كلامك:
""- أحسب - مما نقلتموه - أن هناك تناقضاً بين ما ذُكِر أعلاه في رقم (2) و بين ما ذُكِر في رقم (4)؛ لإنه إذا صحَّ أن دخول السبب في العموم قطعي [كما في (4)]؛ فلا يصحّ القول بتخصيص الحكم به [كما في (2)]؟ ""
أقول: ليس ثَمَّ أي تناقض، ولعلك توهّمت التناقض لأنك فهمت من قول الشيخ "تخصيص الحكم به" أن السبب يُخرج أو يُستثنى من العموم! فكيف يجتمع هذا مع كون دخوله في العموم قطعيا؟؟؟
وليس هذا هو المراد، وإنما المراد أن السبب هو الذي يُحصر فيه العموم، فيختصّ به، ويُخرج ما عداه، أي أن العموم يختص بالسبب فقط ولا يشمل غيره. وهذا يؤكد قطعية دخوله في العموم ... (لا أنه يناقضه كما توهّمت)
فصورة السبب مقطوع بدخولها في العموم، وإنما الكلام في هل يختص الحكم بها أو أنه يشمل ما عداها مما يتناوله اللفظ العام بحسب الوضع ... هذا هو المراد بقول الشيخ:
"تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب"
والله أعلم ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[02 Apr 2010, 04:31 م]ـ
[ CENTER][SIZE="5"]
مبحث مهم:
ما الفائدة من معرفة أسباب النزول للفقيه المجتهد الناظر في الدليل القرآني لاستنباط الحكم الشرعي؟ الجواب: لذلك فوائد كثيرة منها:
1 - معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم.
2 - تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.
3 - الوقوف على المعنى الصحيح للآية. قال أبو الفتح القشيري رحمه الله: "بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني الكتاب العزيز وهو أمر تحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا"، وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "ومعرفة سبب النزول يعين على فهم الآية؛ فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب؛ ولهذا كان أصح قولي الفقهاء: أنه إذا لم يعرف ما نواه الحالف، رجع إلى سبب يمينه وما هيجها وأثارها"، وقال الشاطبي رحمه الله: "أن الجهل بأسباب التنزيل موقع في الشبه والإشكالات، ومورد للنصوص الظاهرة مورد الإجمال ... ".
4 - عدم جواز تخصيص محل السبب فيما إذا كان نص الآية عاما، لأن دخول السبب في العموم قطعي، ومأخذ قطعيته أمران اثنان: الأول: أنه يلزم من القول بجواز تخصيصه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يجوز. الثاني: أن القول بجواز تخصيصه فيه عدول عن محل السؤال فيما إذا كان السبب سؤالا، وذلك لا يجوز في حق الشارع لئلا يلتبس الحال على السائل. .................................................. ........................
وجه التناقض هنا، هو الجمع بين أمريْن متعارضيْن، و بيان ذلك: ذُكِرَ مِن فوائد معرفة سبب النزول:
2 - تخصيص الحكم به.
[عند البعض]
4 - عدم جواز تخصيص محل السبب.
[يعني: عدم جواز تخصيصه بالحكم]
-----------------------------------------------
- فكيف يمكن - في فوائد معرفة سبب النزول - الجمع بين الشيء و نقيضه، و هو: القول بإطلاق تخصيص الحكم بسبب النزول و القول بعدم جواز تخصيص الحكم به؛ فيما إذا كان نص الآية عاما؟!
-------------------------------------
* و لعل مرجع ذلك هو عدم الدقة في النقل عن أقوال أهل العلم المتقدمين،
و هاكم كلامهم في أسباب النزول:
1 - قال الزركشي في " البرهان في علوم القرآن ":
النوع الأول: معرفة أسباب النزول
وقد اعتنى بذلك المفسرون في كتبهم وأفردوا فيه تصانيف منهم علي بن المديني شيخ البخاري ومن أشهرها تصنيف الواحدي في ذلك وأخطأ من زعم أنه لا طائل تحته لجريانه مجرى التاريخ وليس كذلك بل له فوائد:
- منها وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم
- ومنها تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب
- ومنها الوقوف على المعنى؛ قال الشيخ أبو الفتح القشيري بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني الكتاب العزيز وهو أمر تحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا
- ومنها أنه قد يكون اللفظ عاما ويقوم الدليل على التخصيص؛ فإن محل السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد والإجماع كما حكاه القاضي أبو بكر في مختصر التقريب؛ لأن دخول السبب قطعي، ونقل بعضهم الاتفاق على أن لتقدم السبب على ورود العموم أثرا، ولا التفات إلى ما نقل عن بعضهم من تجويز إخراج محل السبب بالتخصيص لأمرين:
أحدهما: أنه يلزم منه تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا يجوز
والثاني: أن فيه عدولا عن محل السؤال وذلك لا يجوز في حق الشارع لئلا يلتبس على السائل، واتفقوا على أنه تعتبر النصوصية في السبب من جهة استحالة تأخير البيان عن وقت الحاجة وتؤثر أيضا فيما وراء محل السبب وهو إبطال الدلالة على قول والضعف على قول. اهـ
2 - و قال السيوطي في " الإتقان في علوم القرآن "
المسألة الأولى:
زعم زاعم أنه لا طائل تحت هذا الفن لجريانه مجرى التاريخ وأخطأ في ذلك بل له فوائد:
- منها معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم - ومنها تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب
- ومنها أن اللفظ قد يكون عاما ويقوم الدليل على تخصصه، فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته؛ فإن دخول صورة السبب قطعي وإخراجها بالاجتهاد ممنوع؛ كما حكى الإجماع عليه القاضي أبو بكر في التقريب ولا التفات إلى من شذ فجوز ذلك
- ومنها الوقوف على المعنى وإزالة الإشكال قال الواحدي لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان نزولها وقال ابن دقيق العيد بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن وقال ابن تيمية معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب. اهـ
- و هنا نرى أنَّ القول بتخصيص سبب النزول بالحكم هو في حال قيام الدليل على تخصيصه، في حال إذا كان اللفظ قد جاء عاماً.
و هذا مغايرٌ لما في المشاركة الأصل من القول بإطلاق عدم جواز تخصيص محل السبب إذا جاء نص الآية عاما.
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[03 Apr 2010, 03:34 م]ـ
بارك الله في الدكتور أبي بكر وفي الشيخ أبي إسحاق.
كلام الشيخ جلال واضح ولا تناقض فيه.
قال شيخنا في فوائد معرفة أسباب النزول:
____
2 - تخصيص الحكم به عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب.
____
معنى هذا أن يكون لفظ الآية عاما ولكنها واردة على سبب خاص، فذهب بعض أهل العلم إلى أن العبرة هنا بالسبب الخاص ولا تكون الآية عامة.
ونسب هذا للإمامين مالك والشافعي، وغلَّط بعض الشافعية من نسبه للشافعي.
ثم قال شيخنا في الفوائد:
____
4 - عدم جواز تخصيص محل السبب فيما إذا كان نص الآية عاما، لأن دخول السبب في العموم قطعي،
____
معنى هذا أن يكون لفظ الآية عاما ولكنها واردة على سبب خاص كذلك، فهذا السبب لا يجوز تخصيصه أي إخراجه من عموم الآية لأنه داخل فيها قطعا، وهذا هو الصواب كما ذكر شيخنا، وهو مذهب جماهير العلماء، خلافا للسبكي فإنه يرى دخوله ظنيا.
فالخلاصة أن صورة السبب داخلة قطعا في العموم، ولا يجوز إخراجها منه، لكن هل يقصر الحكم عليها أو لا؟ خلاف.
وعليه فلا تناقض بين الفائدتين والحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[03 Apr 2010, 03:40 م]ـ
أرجو من الإدارة الكريمة تفعيل خاصية نسخ التنسيق والخطوط من الوورد لأن الآيات في الموضوع مكتوبة بالرسم العثماني ولا تظهر هنا.
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[06 Apr 2010, 01:38 ص]ـ
المسألة الثانية عشرة:
استدل بالآية على تحريم إتيان المرأة الحائض في فرجها بعد انقطاع الدم وقبل الغسل،
وهذا مذهب الجمهور من المالكية، والشافعية، والحنابلة.
انظر: المدونة (57/ 1)، الأم (233/ 1)، المغني (419/ 1).
و به قال زفر من الحنفية.
انظر: المبسوط (16/ 2).
ومأخذ التحريم من قوله: " ولا تقربوهن " فهذا نهي، والقاعدة في الأصول: [أن النهي المطلق للتحريم]،وأما مأخذ ثبوته في هذه الصورة فمن قوله: " حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن "، فمد الله عز وجل التحريم إلى غاية، وهي انقطاع الدم، وذلك في قوله: " حتى يطهرن "، وشرط لحل إتيانهن بعده الاغتسال، وذلك في قوله: "فإذا تطهرن "،فمفهوم المخالفة (مفهوم الشرط): أنه لا يحل إتيانهن إذا لم يغتسلن، والقاعدة في الأصول: [أن مفهوم المخالفة الشرطي حجة في إثبات الأحكام].
وأجيب عنه بثلاثة أجوبة:
1 - أن الاستدلال بالآية مبني على حجية مفهوم المخالفة الشرطي، والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن مفهوم المخالفة الشرطي ليس بحجة في إثبات الأحكام].
2 - أنه لا يسلم بأن الطهر في قوله تعالى: "فإذا تطهرن " بمعنى الغسل، فالطهر في كلام العرب يطلق على ثلاثة معان وهي:
انقطاع الدم، وطهر جميع الجسد، وطهر الفرج، فهو من باب المشترك اللفظي، والقاعدة في الأصول: [أن الاشتراك من أسباب الإجمال]،
والقاعدة في الأصول: [يجب التوقف في المجمل حتى يرد البيان].
[انظر: بداية المجتهد (130/ 1)].
ونوقش من وجهين:
الوجه الأول: أن صيغة تفعل إنما تطلق على ما يكون من فعل الآدميين، وهذه قرينة على تعين أحد معاني المشترك اللفظي.
قال أبو الوليد ابن رشد -رحمه الله- في بداية المجتهد (130/ 1): " وقد رجح الجمهور مذهبهم بأن صيغة التفعل إنما تنطلق على ما يكون من فعل المكلفين لا على ما يكون من فعل غيرهم فيكون قوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} أظهر في معنى الغسل بالماء منه في الطهر الذي هو انقطاع الدم والأظهر يجب المصير إليه حتى يدل الدليل على خلافه ".
وردت المناقشة: بأن هذه القرينة تبطل أحد المعاني، وهو انقطاع الدم، ويبقى اللفظ متردداً بين المعنيين الآخرين.
الوجه الثاني: أن القاعدة في الأصول-عند جماعة-: [يجب حمل المشترك على جميع معانيه إذا لم تكن متعارضة]، ومن ثم فلا إجمال.
وردت المناقشة: بأن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [لا يجوز حمل المشترك على جميع معانيه].
3 - أن مفهوم الشرط في عجز الآية عارضه مفهوم الغاية في صدرها، والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أنه إذا تعارض مفهوم الغاية ومفهوم الشرط قدم مفهوم الغاية]، ومأخذ التقديم أنه الأقوى، وبحث ذلك في الأصول.
[انظر: جمع الجوامع لابن السبكي مع شرحه للجلال المحلي (206/ 1)].
(فائدة):
((مفهوم الغاية في قوله: " حتى يطهرن "، فمد الله عز وجل التحريم إلى غاية، وهي انقطاع الدم، ومقتضى الغاية: أن ما بعدها مخالف لما قبلها في الحكم، فمفهوم المخالفة الغائي هنا: حل المرأة لزوجها إذا نقطع دمها ولو لم تغتسل)).
قال ابن التركماني الحنفي-رحمه الله- في الجوهر النقي (310/ 1): " ثم أسند البيهقي (عن مجاهد في قوله تعالى حتى يطهرن حتى ينقطع الدم فإذا تطهرن قال إذا اغتسلن) قلت: على هذا التفسير صدر الآية يقتضى جواز القربان بعد الانقطاع قبل الاغتسال من باب مفهوم الغاية؛ لأنه جعل الانقطاع غاية للمنع من القربان، وما بعد الغاية مخالف لما قبلها، وعجز الآية يقتضى حرمته قبل الاغتسال من باب مفهوم الشرط، فتعارضت دلالتا المفهومين، وقد قال بمفهوم الغاية جماعة لم يقولوا بمفهوم صفة ولا شرط، فعلى هذا ينبغي أن تقدم دلالة مفهوم الغاية، وبهذا يظهر أنه لا دليل للبيهقي
في تفسير مجاهد هذا ".
وأجيب: بأن القاعدة في الأصول -عند جماعة-: [أنه إذا تعارض مفهوم الغاية ومفهوم الشرط قدم مفهوم الشرط].
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو بكر ابن العربي -رحمه الله- في أحكام القرآن (216/ 1): " قُلْنَا: إنَّمَا يَكُونُ حُكْمُ الْغَايَةِ مُخَالِفًا لِمَا قَبْلَهَا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً، فَأَمَّا إذَا انْضَمَّ إلَيْهَا شَرْطٌ آخَرُ فَإِنَّمَا يَرْتَبِطُ الْحُكْمُ بِمَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِ مِنْ الشَّرْطِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}؛ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وَكَمَا بَيَّنَّاهُ ".
وإذا تقرر ذلك فلا يصح استدلالهم بهذه الآية.
واستدلوا أيضاً بأدلة أخرى، ومنها:
* أن الإجماع منعقد على حرمة وطء المرأة في الحيض، فيستصحب التحريم حتى يتفق على الإباحة، ولم يحصل الاتفاق إلا إذا نقطع دمها، واغتسلت في جميع جسدها، وهذا ما يسمى عند الأصوليين: (باستصحاب الإجماع في محل الخلاف)،
والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أن استصحاب الإجماع في محل الخلاف حجة في إثبات الأحكام].
وأجيب عنه من وجهين:
الوجه الأول: أنه قد ورد الدليل الناقل، والقاعدة في الأصول: [أن عدم ورود الناقل شرط لحجية الاستصحاب].
الوجه الثاني: أن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن استصحاب الإجماع في محل الخلاف ليس بحجة في إثبات الأحكام].
(فوائد):
1 - ضابط استصحاب الإجماع في محل الخلاف:
" أن يجمع العلماء على مسألة، ثم تتغير إحدى صفاتها فيحصل الخلاف، فيحكم بالإجماع في ذلك المحل بناء على ثبوته فيما قبل".
2 - الاستدلال بهذا الدليل لا يستقيم على مذهب الجمهور، إذ هم لا يقولون بهذا النوع من الاستصحاب.
[انظر: البحر المحيط للزركشي (22/ 6)، والإبهاج لابن السبكي (182/ 3)].
وقد احتج به أهل الظاهر، وجماعة.
[انظر: الإحكام لابن حزم (5/ 5)، و التبصرة للشيرازي (526)].
والحق في هذه المسألة: أن هذا النوع من الاستصحاب ليس بحجة، ويدل على ذلك أدلة، ومنها:
أ- أن موضع الخلاف غير موضع الإجماع، ولا يجوز الاحتجاج بالإجماع في غير موضعه، كما لو وقع الخلاف في مسألة لا يجوز الاحتجاج فيها بالإجماع المنعقد في مسألة أخرى.
ب- أن حقيقة الإجماع غير موجودة في موضع الخلاف، وما كان حجة لا يصح الاحتجاج به في الموضع الذي لا يوجد فيه، كألفاظ صاحب الشرع إذا تناولت موضعا خاصا لم يجز الاحتجاج بها في غير الموضع الذي تناولته.
ج- أنه ليس لمستصحب حال الإجماع في موضع الخلاف دليل من جهة العقل ولا من جهة الشرع، وبناء عليه فلا يجوز له إثبات الحكم به،
كما لو لم يتقدم موضع الخلاف إجماع.
[التبصرة للشيرازي (527)، إحكام الفصول للباجي (949/ 1)]
3 - نقل ابن السبكي عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي أنه قال في الإمام داود بن علي الظاهري: " وكان القاضي يعني أبا الطيب يقول: داود لا يقول بالقياس الصحيح، وهنا يقول بقياس فاسد؛ لأنه يحمل حالة الخلاف على حالة الإجماع من غير علة جامعة ".
[انظر: الإبهاج لابن السبكي (182/ 3)].
قال أبوعبدالله -عفي عن تقصيره-: و هذا استدراك موفق من أصولي محقق رحم الله الجميع.
وقد ذهب الحنفية إلى أنه يجوز إتيان الحائض إذا انقطع دمها ولو لم تغتسل، إذا كان هذا الانقطاع بعد أكثر الحيض (عشرة أيام)، أما إذا كان انقطاع الدم لأقل من ذلك، فلا تحل له حتى تغتسل، أو يمضي وقت صلاة كاملة.
[انظر: المبسوط للسرخسي (16/ 2)].
واستدلوا على ذلك بهذه الآية، ومأخذ الحكم من الآية من قوله: " ولا تقربوهن حتى يطهرن ".
قالوا: قد ورد في هذه الآية قراءتان،
الأولى: بالتخفيف " حتى يَطهُرن "، وهي قراءة نافع، وأبي عمرو، وابن كثير، وابن عامر، وعاصم في رواية حفص عنه.
والثانية: بالتشديد " حتى يطّهّرن "، وهي قراءة حمزة، والكسائي، وعاصم في رواية أبي بكر والمفضل.
والقاعدة في الأصول: [أن القراءتين كالآيتين في استنباط الأحكام]،
قالوا: والطهر في قراءة التخفيف بمعنى انقطاع الدم، وفي قراءة التشديد بمعنى الاغتسال، فتحمل قراءة التخفيف على ما إذا انقطع دمها لأكثر الحيض، فمد الله -عز وجل-التحريم إلى غاية وهي انقطاع الدم، والقاعدة في الأصول: [أن ما بعد الغاية مخالف لما قبلها في الحكم]، وبناء على ذلك فيجوز إتيانها بعد انقطاع الدم ولو لم تغتسل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتحمل قراءة التشديد على ما إذا انقطع دمها لأقل من ذلك، فمد الله -عز وجل-التحريم إلى غاية وهي الاغتسال، والقاعدة في الأصول: [أن ما بعد الغاية مخالف لما قبلها في الحكم]، وبناء على ذلك فلا يجوز إتيانها بعد انقطاع الدم إلا إذا اغتسلت،
ووجه التفريق بين الصورتين: أن في الصورة الثانية لا يؤمن عود الدم مرة أخرى.
وأجيب عنه من وجوه:
1 - أن القاعدة في الأصول -على الصحيح-: [أن مفهوم المخالفة الغائي ليس بحجة في إثبات الأحكام].
(القول بعدم حجيته مذهب أكثر الحنفية، انظر: أصول السرخسي (238/ 1)).
ونوقش: بأن ما بعد الغاية يبقى على الأصل، وهو -هنا- حل إتيان الرجل لامرأته،
والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن الاستصحاب حجة في إثبات الأحكام].
2 - أن هذا الاستدلال متضمن للتأويل (تخصيص العموم)، والقاعدة في الأصول: [يجب حمل الألفاظ على ظاهرها ولا يجوز تأويلها إلا بدليل]، ولا دليل!، أو بعبارة أخرى القاعدة في الأصول: [يجب العمل بالعام على عمومه ما لم يرد دليل بالتخصيص]، ولا دليل!.
(العموم في قوله: تقربوهن: فضمير الجمع هن يرجع إلى عام، وهو لفظ النساء، والقاعدة في الأصول: [أن ضمير الجمع إذا عاد إلى عام أفاد العموم]).
3 - أن هذا الاستدلال متضمن لحمل اللفظ على حقيقته ومجازه، وذلك أن قوله تعالى: "فإذا تطهرن " حمل على حقيقته -أي: الاغتسال- إذا نقطع الدم لأقل من عشرة أيام، وحمل على مجازه -أي: انقطاع الدم- إذا انقطع الدم لعشرة أيام فأكثر،
والقاعدة في الأصول: [أنه لا يجوز حمل اللفظ على حقيقته ومجازه في آنٍ واحد].
انظر: أحكام القرآن للكيا الهراسي الشافعي -رحمه الله- (139/ 1).
4 - لا يسلم بأن قراءة التخفيف محمولة على انقطاع الدم، بل هي لغةٌ في معنى قراءة التشديد (غسل جميع الجسد، أو غسل الفرج)،
ويكون هذا من باب الجمع بين اللغتين في آية واحدة، كما قال تعالى: " فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ".
ونوقش:
بأن حمل قراءة التخفيف على انقطاع الدم أكثر فائدة، والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أن كثرة الفائدة مرجحة عند تعارض المعاني].
وردت المناقشة من وجهين:
أ-أن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن كثرة الفائدة ليس مرجحة عند تعارض المعاني]، ومن ثم يبقى الاجمال، ومأخذ هذه القاعدة:
أن كثرة الفائدة إنما تكون بعد إرادة المعنى الذي يقتضيها، فلا يستدل بكثرة الفائدة عليه، وإلا لزم الدور.
ب-أن الفائدة المدعاة لا تتحقق إلا بتأويل العموم من غير دليل، وقد تقدم، والقاعدة في الأصول: [أن بقاء اللفظ على ظاهره آكد من اعتبار كثرة الفائدة].
وإذا تقرر ذلك فلا يصح استدلالهم بهذه الآية.
وقد ذهب الظاهرية إلى أنه يجوز إتيان المرأة الحائض إذا انقطع دمها وغسلت جميع جسدها بالماء، أو توضأت وضوءها للصلاة،
أو تيممت عن أحدهما إذا كانت من أهل التيمم، أو غسلت فرجها بالماء.
انظر المحلى لابن حزم (م:256).
واستدلوا على ذلك بهذه الآية، ومأخذ الحكم من قوله تعالى: " حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن ".
قالوا: قوله: " حتى يطهرن " أي حتى ينقطع عنهن الدم، وقوله: " فإذا تطهرن " أي اكتسبن الطهر، وكل ما ذكرناه في بيان المذهب يسمى في الشريعة واللغة تطهرا وطهورا وطهرا (مشترك لفظي)، فأي ذلك فعلت فقد طهرت،
والدليل على أن الاغتسال يسمى تطهرا قوله تعالى: " وإن كنتم جنبا فاطهروا "،
والدليل على أن الوضوء يسمى تطهرا قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله صلاة بغير طهور "، والدليل على أن التيمم يسمى تطهرا قوله صلى الله عليه وسلم: " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا "، والدليل على أن غسل الفرج يسمى تطهرا قوله تعالى: " فيه رجال يريدون أن يتطهروا ".
والقاعدة في الأصول-عند جماعة-: [أن المشترك اللفظي إذا لم يقم دليل على تعيين أحد معانيه فإنه يحمل على أحد هذه المعاني على سبيل التخيير].
انظر: المحلى لابن حزم (م:256).
وأجيب:
- أن هذا استدلال بمفهوم المخالفة الشرطي، والقاعدة الأصول-على الصحيح-: [أن مفهوم المخالفة الشرطي ليس بحجة في إثبات الأحكام].
(ملحوظة: أكثر أهل الظاهر على عدم حجيته، ومنهم: أبو محمد ابن حزم -رحمه الله-، وهنا قال بمقتضاه!!)
-أن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [لا يجوز حمل المشترك على أحد معانيه على سبيل التخيير]، أو بعبارة أخرى: [يجب التوقف في المشترك إلى أن يرد دليل على إرادة أحد معانيه].
قال أبوعبدالله -غفر الله له -: التحقيق في هذه المسألة أنه يجوز إتيان الحائض إذا انقطع دمها، وغسلت فرجها، ودليل ذلك:
أن الله عز وجل إنما حرم وطء الحائض لعلة وهي: الأذى، وذلك في قوله: " قل هو أذى فاعتزلوا النساء "، ومن معلوم أن الأذى يزول بغسلها لفرجها، والقاعدة في الأصول: [أن الحكم يزول بزوال علته].
(فائدة):
* نسب ابن العربي المالكي هذا القول للإمام داود بن علي الظاهري رحمه الله،
لكن في المحلى لابن حزم أن الظاهرية يقولون بأنها لا تحل إلا بأحد أربعة أمور على سبيل التخيير كما تقدم.
و نسبه أبو الوليد ابن رشد للإمامين الأوزاعي، وابن حزم رحمهما الله تعالى،
لكن نقل الفخر الرازي في التفسير عن الأوزاعي أنه يقول بوجوب الغسل كقول الجمهور، وأما بالنسبة لابن حزم فقد تقدم أنه لا يقول بذلك.
أحكام القرآن لابن العربي (218/ 1)، المحلى لابن حزم (م:256).
بداية المجتهد (130/ 1)، مفاتيح الغيب للرازي (68/ 6).
.................................................. ..................................
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[07 Apr 2010, 10:18 م]ـ
المسألة الثالثة عشرة:
في الآية دليل على وجوب وطء المرأة بعد طهرها من الحيض.
انظر: المحلى لابن حزم (10/ 40).
ومأخذ الحكم من الآية من قوله:" فأتوهن "، فهذا أمر، والقاعدة في الأصول: [أن الأمر المطلق للوجوب].
وذهب الجمهور إلى عدم وجوب ذلك.
[انظر: رد المحتار لابن عابدين الحنفي (3/ 213)، مواهب الجليل للحطاب المالكي (5/ 255)، روضة الطالبين للنووي الشافعي (5/ 528)، كشاف القناع للبهوتي الحنبلي (5/ 218)].
وأجاب بعضهم عن الاستدلال بالآية: بأن الأمر الوارد في الآية أمر بعد حظر، الحظر في قوله تعالى:"فاعتزلوا النساء في المحيض "، وقوله تعالى:"ولا تقربوهن"، والقاعدة في الأصول-عندهم-: [أن الأمر بعد الحظر للإباحة].
قال الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله- في تفسيره (2/ 203):"فإن قال قائل: أففرض جماعهن حينئذ؟، قيل: لا، فإن قال: فما معنى قوله إذاً: فأتوهن؟، قيل: ذلك إباحة ما كان منع قبل ذلك من جماعهن، وإطلاق لما كان حظر في حال الحيض، وذلك كقوله:" وإذا حللتم فاصطادوا "، وقوله:" فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض "، وما أشبه ذلك ".
وقال أبو بكر الجصاص الحنفي -رحمه الله- في أحكام القرآن (2/ 39): "قوله تعالى: " فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله "، قال أبو بكر:هو إطلاق من حظر، وإباحة، وليس هو على الوجوب، كقوله تعالى:" فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض "، "وإذا حللتم فاصطادوا "،وهو إباحة وردت بعد حظر ".
وأجاب بعضهم بأن الأمر بعد الحظر للوجوب، هذا هو الأصل، لكن أجمعت الأمة على عدم وجوب وطء المرأة بعد طهرها من الحيض، والقاعدة في الأصول: [أن الإجماع يصرف الأمر عن ظاهره]، وبعبارة أخرى: [إذا تعارض الإجماع وظاهر الكتاب قدم الإجماع].
قال الإمام أبو عبد الله القرطبي -رحمه الله- في تفسيره (6/ 43):" قوله تعالى: "وإذا حللتم فاصطادوا" أمر إباحة، - بإجماع الناس - رفع ما كان محظورا بالإحرام، حكاه كثير من العلماء وليس بصحيح، بل صيغة " افعل " الواردة بعد الحظر على أصلها من الوجوب، وهو مذهب القاضي أبي الطيب وغيره، لأن المقتضي للوجوب قائم، وتقدم الحظر لا يصلح مانعا، دليله قوله تعالى: " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين "، فهذه " افعل " على الوجوب، لأن المراد بها الجهاد، وإنما فهمت الإباحة هناك وما كان مثله من قوله: " فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا "،
"فإذا تطهرن فأتوهن " من النظر إلى المعنى والإجماع، لا من صيغة الأمر".
ونوقش الجواب الأول: بأن القاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن الأمر بعد الحظر للإيجاب ما لم يرد دليل بخلافه]، وبعبارة أخرى: [أن تقدم التحريم على الأمر لا يصرف الصيغة من الإيجاب إلى الإباحة]، وسيأتي تثبيت هذه القاعدة إن شاء الله تعالى.
ونوقش الجواب الثاني:بأن هذا الإجماع المدعى من باب عدم العلم بالخلاف،
والقاعدة في الأصول-على الصحيح-: [أن عدم العلم بالخلاف ليس بحجة في إثبات الأحكام].
<تثبيت قاعدة أصولية>:
((مفاد الأمر بعد الحظر)):
اختلف الأصوليون -رحمهم الله تعالى- في هذه المسألة على خمسة أقوال، وقبل الشروع في الخلاف لابد من تحرير محل النزاع،
وذلك ليتوارد النفي والإثبات على محل واحد، فأقول:
اتفق الأصوليون على أن الأمر بعد الحظر للوجوب إذا دل دليل على ذلك،
واتفقوا على أن الأمر بعد الحظر للندب إذا دل دليل على ذلك،
واتفقوا على أن الأمر بعد الحظر للإباحة إذا دل دليل على ذلك،
واختلفوا فيما عدا الصور السابقة- أي: صورة الإطلاق- على خمسة أقوال:
القول الأول: أن الأمر بعد الحظر للإيجاب:
وبهذا قال جمهور الأصوليين.
[انظر: روضة الناظر لابن قدامة (2/ 612)، نهاية الوصول للصفي الهندي <915/ 3>].
أدلتهم:
1 - الأدلة الدالة على أن الأمر للوجوب، ومنها:
أ-قوله تعالى: "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وجه الاستدلال: أن الله سبحانه وتعالى رتب الوعيد بالفتنة والعذاب الأليم على مخالفة أي أمر من أوامره صلى الله عليه وسلم، وهذا دليل على أنها للوجوب، إذ القاعدة في الأصول: [أن ما توعد على تركه فهو واجب]، وقوله في الآية: أمره مفرد مضاف، والأصل فيه أنه مفيد للعموم، وإنما فسر هنا بالإطلاق بدلالة السياق، والقاعدة في الأصول: [أن دلالة السياق معتبرة في نحو هذه الصورة]،
إذا تقرر ذلك، فالآية تصدق على كل أمر سواء كان ابتدائيا، أو واردا بعد حظر،
وما ذكره المخالفون من أدلة على أن الأمر بعد الحظر للندب أو الإباحة لا تصلح لأن تكون دليلا، والقاعدة في الأصول: [يجب العمل بالمطلق على إطلاقه ما لم يرد دليل يقتضي خلافه].
ب-قوله تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ".
وجه الاستدلال: أن الله عز وجل نفى الخيرة -أي الاختيار- عن أهل الإيمان إذا ورود الأمر منه سبحانه، أو من رسوله صلى الله عليه وسلم، والقاعدة في الأصول: [أن نفي النقيض إثبات لنقيضه]، ونقيض الاختيار الإلزام، والإلزام هو معنى الإيجاب، وقوله: أمرا نكرة في سياق الشرط، والأصل فيها إفادة العموم، وإنما فسرت بالإطلاق لدلالة السياق على ذلك، والقاعدة الأصول: [أن دلالة السياق معتبرة في نحو هذه الصورة]،إذا تقرر ذلك، فالآية تصدق على كل أمر سواء كان ابتدائيا، أو واردا بعد حظر، وما ذكره المخالفون من أدلة على أن الأمر بعد الحظر للندب أو الإباحة لا تصلح لأن تكون دليلا، والقاعدة في الأصول: [يجب العمل بالمطلق على إطلاقه ما لم يرد دليل يقتضي خلافه].
*ويمكن صياغة هذا الدليل بعبارة أخرى، فيقال:
إن المقتضي للوجوب قائم، والمعارض الموجود لا يصلح أن يكون معارضا، فوجب تحقق الوجوب.
<وجه كون مقتضي الوجوب قائما = الأدلة الدالة على أن صيغة افعل للوجوب، ووجه كون المعارض الموجود لا يصلح أن يكون معارضا =ما سوف يأتي في الجواب عن أدلة المخالفين، وإذا تقرر عدم صحة ما استدلوا به سقط المعارض، وتعين المصير إلى المقتضي>.
2 - قوله تعالى: " فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ ".
وجه الاستدلال:
أن الله عز وجل حظر القتل في الأشهر الحرم، ثم أمر به بعد انسلاخها، واقتضى هذا الأمرُ الوجوبَ اتفاقا، فدل على أن الأمر بعد الحظر للوجوب.
وأجيب: بأن وجوب قتل المشركين لم يستفد من هذه الآية، وإنما استفيد من آيات أخر، نحو قوله تعالى:"فقاتل في سبيل الله "، وقوله:"فقاتلوا أئمة الكفر "، وقوله:"قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر".
3 - اتفق العلماء على أن النهي بعد الأمر يقتضي التحريم، فكذلك الأمر بعد النهي يتعين أن يقتضي الوجوب.
وأجيب عنه بأجوبة:
أ-لا يسلم بالاتفاق بل المسألة محل خلاف.
[انظر: العدة لأبي يعلى (1/ 262)].
ب-أن هذا إثبات للغة بالقياس، والقاعدة في الأصول: [أن اللغة لا تثبت بالقياس].
ج-أن هذا قياس مع الفارق، والقاعدة في الأصول: [أن وجود الفارق المؤثر قادح في القياس].
<وجه الفرق>:
-أن النهي لدفع مفسدة المنهي عنه، والأمر لتحصيل مصلحة المأمور به، واعتناء الشارع بدفع المفاسد أشد من اعتنائه بجلب المصالح.
-أن النهي يقتضي التكرار والأمر يقتضي الفور.
- أن حمل النهي الوارد بعد الأمر على التحريم يقتضي الترك، وهذا موافق للأصل، فالأصل عدم الفعل، بخلاف حمل الأمر بعد الحظر على الوجوب فإنه يقتضي الفعل، وهذا على خلاف الأصل.
4 - أن الأمر في اللغة استدعاء وطلب، والإباحة تخيير بين الفعل والترك، فحمل الأمر على الإباحة مجاز، والقاعدة في الأصول: [يجب حمل الألفاظ على الحقيقة ولا يجوز العدول عنها إلا بدليل]، وما ذكره المخالفون من أدلة على أن الأمر بعد الحظر للندب أو الإباحة لا تصلح لأن تكون دليلا ليصار إلى المجاز.
القول الثاني: أن الأمر بعد الحظر للندب:
وبهذا قال القاضي حسين من الشافعية،
[انظر: البحر المحيط للزركشي (2/ 380)].
دليله:
لم أجد له استدلالا، واستدل له بعض المعاصرين: بأن تقدم الحظر على الأمر يضعف قوة الطلب في صيغة الأمر،
فتجعلها تدل على الندب بدلا من الوجوب.
ويجاب عنه: بأن هذا استدلال بمحل النزاع (مصادرة على المطلوب)، وهو غير مقبول في البحث والمناظرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
القول الثالث: أن الأمر بعد الحظر للإباحة، وبهذا قال بعض المالكية، بل نسبه القاضي عبد الوهاب رحمه الله إلى الإمام مالك وأصحابه، وهو مذهب بعض الشافعية، وذكر الشيرازي رحمه الله أنه ظاهر قول الإمام الشافعي، و به قال جمهور الحنابلة.
[انظر: الإشارة للباجي ص 140، شرح التنقيح للقرافي ص 140، التبصرة للشيرازي ص 38، القواعد والفوائد الأصولية لابن اللحام (2/ 576]).
أدلتهم:
1 - الاستقراء: فكل أمر بعد حظر وارد في الشرع فهو للإباحة، كقوله تعالى:" وإذا حللتم فاصطادوا "، وقوله:" فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا "، وقوله: "فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله "، فدل على أن هذا هو مقتضى الصيغة.
وأجيب بأجوبة:
أ-لا يسلم أن قوله:"فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله " للإباحة.
ب- أنه قد وردت الصيغة والمراد بها الوجوب، وذلك في قوله تعالى: "فاقتلوا المشركين ".
ج-أن هذه الأوامر حملت على الإباحة بدلالات دلت عليها، وهذا لا يدل على أن ذلك مقتضاها، ألا ترى أن أكثر ألفاظ العموم في الشرع محمولة على الخصوص، ثم لا يدل على أن مقتضاها الخصوص، فكذلك هاهنا.
د- أن القواعد الأصولية لا ينظر في تقريرها إلى الفروع الفقهية، وذلك لأن القواعد سابقة على الفروع في الوجود، والفروع لاحقة لها، وما كان كذلك فلا يصلح لأن يكون دليلا.
2 - لبعضهم، وهو قريب من السابق:
أن استعمال الشارع للأمر بعد الحظر غالبا ما يكون للإباحة، ونادرا ما يكون لغيرها، والغالب كالأصل بالنسبة لغيره، وإذا كان كذلك كان هو المتبادر إلى الذهن عند الإطلاق، و التبادر أمارة الحقيقة، والقاعدة في الأصول: [يجب حمل الألفاظ على الحقيقة، ولا يجوز العدول عنها إلا بدليل].
وأجيب:بأن غلبة الاستعمال في الإباحة لا يدل على الحقيقة فيها، لأن حمله عليها في أكثر المواضع لأدلة من جهة الشرع.
3 - أن الأشياء في الأصل على الإباحة، فإذا ورد الأمر بعد الحظر، ارتفع الحظر، وعاد الفعل إلى الأصل، وهو الإباحة.
وأجيب بأجوبة:
أ-أن قولهم:"الأشياء في الأصل على الإباحة" غير مسلم به، فقد اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:
الحظر، والإباحة، والتوقف، ومن ثم لابد من تثبيت هذا الأصل.
ب- أن هذا يبطل بما إذا قال بعد الحظر: أوجبت، فإنه يحمل على الوجوب اتفاقا.
ج- أنه لو جاز أن يقال هذا في الأمر بعد الحظر، لجاز أن يقال نظيره في النهي بعد الأمر، فلما لم يجز هذا في النهي بعد الأمر، لم يجز في الأمر بعد النهي.
د- أن هذا استدلال بمحل النزاع (مصادرة على المطلوب)، وهو غير مقبول في البحث والمناظرة.
4 - أن الأمر المطلق -أي المتجرد عن القرائن- هو الدليل على الوجوب، وتقدم الحظر قرينة دالة على إرادة رفع الجناح أي:الإباحة، يدل عليه:
أن السيد من العرب إذا منع عبده من فعل شيء، ثم قال له: افعله، كان ذلك دليلا على ظهور إرادة الإباحة.
وأجيب عنه بأجوبة:
أ-لا يسلم ما ذكروه، بل الظاهر أنه أراد الإيجاب؛ وذلك لأمور:
-أن القرينة من حيث الصياغة الصرفية فعيلة بمعنى مفعولة أي مقرونة، والحظر المتقدم ليس له اتصال بالأمر المتأخر، فكيف يجعل قرينة فيه؟!.
-أن القرينة ما يبين معنى اللفظ ويفسره، وذلك إنما يكون بما يوافق اللفظ ويماثله، لا بما يخالفه و يضاده، والنهي ضد الأمر، فلا يجوز أن يجعل قرينة له.
ونوقش هذا من وجهين:
الوجه الأول: أنه لا يلزم في القرينة أن تكون مماثلة لمعنى اللفظ الُمبيَن، فالاستثناء مخالف للإثبات، وهو مبيِنٌ له، وكذلك الحال بالنسبة للمخصصات مع العموم.
الوجه الثاني: أن القرينة هنا ليست هي النهي بل النهي المتقدم على الأمر، وذلك غير مخالف للأمر ولا مضاد له.
-أن لفظ الأمر موضوع للإيجاب، والمقاصد والإرادات إنما تعلم بالألفاظ.
ب-أنه لو كان الحظر دليلا على الإباحة لاستحال أن يأتي بعد الحظر غير الإباحة، ولكن يجوز أن يأتي بعد الحظر ما يقتضي الإيجاب كما لو صرح به فقال: أوجبت أو فرضت.
ج-أنه لو جاز أن يقال هذا في الأمر بعد الحظر، لجاز أن يقال في النهي بعد الأمر إن القصد منه إسقاط الوجوب، وإباحة الترك، فلا يقتضي الحظر.
القول الرابع: أن الأمر بعد الحظر يرفع الحظر السابق، ويرجع حال الفعل إلى ما كان عليه قبل الحظر، وبهذا قال تقي الدين ابن تيمية، والكمال ابن الهمام الحنفي، وجماعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
[انظر: شرح الكوكب (3/ 61)، و تيسير التحرير (1/ 346)].
دليلهم:
أن الاستقراء يدل على أن الأمر بعد الحظر يدل على رجوع حال الفعل إلى ما كان عليه قبل الحظر، فإن كان قبله مباحا رجع إلى الإباحة، وإن كان واجبا رجع إلى الوجوب، وهكذا، فالصيد مثلا كان مباحا ثم حظر بقوله تعالى:"غير محلي الصيد وأنتم حرم "، ثم أمر به بقوله:" وإذا حللتم فاصطادوا "، فيرجع إلى ما قبل الحظر، وهو الإباحة، وقتل المشركين كان واجبا لقوله:"واقتلوهم حيث ثقفتموهم "، ثم حظر في الأشهر الحرم لقوله:"منها أربعة حرم "، ثم أمر به في قوله:"فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ "، فيرجع إلى ما قبل الحظر، وهو الوجوب.
وأجيب:
- أن القواعد الأصولية لا ينظر في تقريرها إلى الفروع الفقهية، وذلك لأن القواعد سابقة على الفروع في الوجود، والفروع لاحقة لها، وما كان كذلك فلا يصلح لأن يكون دليلا.
- أن هذا الاستقراء استقراء ناقص، والقاعدة في الأصول: [أن الاستقراء الناقص ليس بحجة].
-على فرض حجية الاستقراء الناقص، فإن هذا الاستقراء منقوض بأوامر جاءت بعد حظر سابق، ولم يأخذ الفعل حكمه قبل الحظر، وذلك كما في الأمر بالنظر إلى المرأة عند العزم على نكاحها، فإنه للوجوب -وقيل للاستحباب-، مع أنه أمر بعد حظر -النهي عن النظر للمرأة الأجنبية-، والحكم السابق للحظر الإباحة بناءا على الأصل.
القول الخامس: التوقف حتى يرد البيان،
حكاه سليم الرازي عن المتكلمين، واختاره أبو المعالي الجويني، والغزالي في المنخول، والسيف الآمدي.
[انظر: البحر المحيط (2/ 380)، البرهان (1/ 188)، المنخول ص131، الإحكام (2/ 198)].
دليلهم:
أن الأمر بهد الحظر جاء للإيجاب، وجاء للندب، وجاء للإباحة، وهو محتمل لهذه المعاني على جهة السواء، و بهذا تحقق حد الإجمال، والقاعدة في الأصول: [يجب التوقف في المجمل إلى أن يرد البيان].
وأجيب: بأن احتمال الإيجاب أرجح، لأن هذا هو المراد من صيغة الأمر عند الإطلاق، وبهذا تحقق حد الظاهر، والقاعدة في الأصول: [يجب العمل بالظاهر ولا يجوز العدول عنه إلا بدليل].
الترجيح:
تبين لي بعد عرض الأقوال في المسألة، وأدلة كل قول، أن الراجح في المسألة القول الأول، وذلك لسلامة بعض أدلته من المناقشة، وعدم سلامة أدلة الأقوال الأخرى.
.................................................. ......................
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Apr 2010, 06:28 ص]ـ
أرجو من الإدارة الكريمة تفعيل خاصية نسخ التنسيق والخطوط من الوورد لأن الآيات في الموضوع مكتوبة بالرسم العثماني ولا تظهر هنا.
جزاكم الله خيرا.
لا أظن أنه يمكنك فعل ذلك في منتديات vb هذه، ولا بد في الآيات القرآنية من كتابتها بالخط العادي حتى يمكن قراءتها في المنتدى، وإلا فستظهر رموزاً غير مقروءة كما في الموضوع. ولذلك ليتك ترسل الآيات مرتبة كترتيبها في الموضوع ليتم وضعها هناك وفقك الله.
ـ[مهدي المشولي]ــــــــ[08 Apr 2010, 10:22 م]ـ
لا أظن أنه يمكنك فعل ذلك في منتديات vb هذه.
جزاكم الله كل خير ونفع بكم،
شبكة الفصيح أظنها من منتديات vb ومع ذلك فيمكن فيها استعمال مصحف مجمع الملك فهد المكتوب بالرسم العثماني كما ذكروا ذلك على الرابط التالي:
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?56904-%DD%ED-%C7%E1%DD%D5%ED%CD-%DD%DE%D8-%C7%E1%DE%D1%C2%E4-%C7%E1%DF%D1%ED%E3-%C8%C7%E1%D1%D3%E3-%C7%E1%DA%CB%E3%C7%E4%ED-%C7%E1%CC%E3
نسأل الله أن ييسر لملتقى أهل التفسير هذه الخاصية، ونسأله - سبحانه - أن يوفق مشرفيه - وعلى رأسهم الشيخ الفاضل عبد الرحمن الشهري - لكل خير ويسدد أعمالهم ويبارك في جهودهم،،، آمين ..
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[11 Apr 2010, 12:06 م]ـ
المسألة الرابعة عشرة:
في الآية دليل على جواز إتيان المرأة الحائض في فرجها بواسطة "الواقي الذكري" ( Male Condom) ومأخذ الحكم من قوله: {قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض}، فحرم الله عز وجل إتيان المرأة في حال الحيض، وعلل ذلك بكونه أذى، وعدم حصول الأذى مأمون في إتيانها على هذه الصورة، والقاعدة في الأصول: [أن الحكم يزول بزوال علته]، ومن ثم يرجع إلى الأصل (إباحة المرأة لزوجها)،
(يُتْبَعُ)
(/)
إذ القاعدة في الأصول: [أن الاستصحاب حجة في إثبات الأحكام].
.................................................. ................
المسألة الخامسة عشرة:
في الآية دليل على مشروعية التوبة (أي: الرجوع عن حال المعصية إلى حال الطاعة)، ومأخذ الحكم من قوله: {إن الله يحب التوابين}، والقاعدة في الأصول: [أن محبة الله للفاعل تدل على مشروعية فعله (أي: القدر المشترك بين الإيجاب والندب)]، وقد قامت الأدلة على وجوب التوبة، ومنها
1 - قوله تعالى: {وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون}.
2 - قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً}:
3 - ما أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله- في صحيحه عن الأغر بن يسار المزني، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ»:
وجه الاستدلال بهذه النصوص على المطلوب: أنها قد تضمنت الأمر بالتوبة، والقاعدة في الأصول: [أن الأمر المطلق للوجوب].
وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في المراد بالتوبة في هذه الآية على أربعة أقوال:
القول الأول: أن المراد التوبة من الذنوب، قاله عطاء:
القول الثاني: أن المراد التوبة من الشرك، قاله سعيد بن جبير:
القول الثالث: أن المراد التوبة من الكبائر، قاله قتادة:
القول الرابع: أن المراد التوبة من الجماع في الحيض، قاله بعضهم:
[انظر:جامع البيان لابن جرير الطبري (3/ 743)، البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (2/ 179)].
والصحيح في المسألة القول الأول؛ ووجه ذلك: أن قوله: {التوابين} لفظ عام، إذ هو جمع محلى بأل الاستغراقية، والقاعدة في الأصول: [أن الجمع المحلى بأل الاستغراقية يفيد العموم]، فيشمل كل تائب سواء كانت توبته من الشرك، أو الكبائر، أو الجماع في الحيض، أو غيرها:
قال نجم الدين الطوفي -رحمه الله- في الإشارات الإلهية (1/ 332): «{إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين} عام مطرد، ويحتمل تخصيصه بمن تكررت توبته استهزاء، ولعبا، أو عن غير عزم، وبمن أكثر الطهارة إسرافا، ووسواسا، ونحو ذلك، فالظاهر أنه لا يحبهما مع دخولهما تحت عموم التوابين والمتطهرين».
.................................................. ................
المسألة السادسة عشرة:
في الآية دليل على مشروعية التطهر (الطهارة بالماء)،
ومأخذ الحكم من قوله: {ويحب المتطهرين}، والقاعدة في الأصول: [أن محبة الله للفاعل تدل على مشروعية فعله (أي: القدر المشترك بين الإيجاب والندب)]، وقد قامت الأدلة على وجوب الطهارة بالماء في بعض الصور، واستحبابها في البعض الآخر:
وقد اختلف العلماء -رحمهم الله- في المراد بالطهارة في هذه الآية على أربعة أقوال:
القول الأول: الطهارة بالماء، قاله عطاء:
القول الثاني: الطهارة من الذنوب، قاله مجاهد، وسعيد بن جبير، وأبو العالية:
القول الثالث: الطهارة من الشرك، قاله الأعمش:
القول الرابع: الطهارة من أدبار النساء، روي عن مجاهد:
[انظر: جامع البيان للطبري (3/ 743)، البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي (2/ 179)، تفسير ابن أبي حاتم (7/ 1883)، أحكام القرآن لابن العربي (1/ 220)].
والصحيح في المسألة القول الأول، ووجه ذلك: أن استعمال لفظ التطهر في طهارة الماء أغلب، وأسرع تبادرا إلى الذهن عند الإطلاق، وهذه علامة الحقيقة!، والقاعدة في الأصول: [يجب حمل الألفاظ على الحقيقة، ولا يجوز حمله على المجاز إلا بدليل]، ولا دليل!:
وقد أيد بعضهم إرادة المعنى الحقيقي بقرينة مدعاة، وهي:
تقدم ذكر طهارة الماء في الآية:
قال الإمام ابن جرير الطبري –رحمه الله- (3/ 744): " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: إن الله يحب التوابين من الذنوب، ويحب المتطهرين بالماء للصلاة، لأن ذلك هو الأغلب من ظاهر معانيه ":
قال أبو بكر الجصاص الحنفي –رحمه الله- في أحكام القرآن (2/ 39): " قال أبو بكر: المتطهرين بالماء أشبه؛ لأنه قد تقدم في الآية ذكر الطهارة، فالمراد بها الطهارة بالماء للصلاة في قوله: {فإذا تطهرن فأتوهن}، فالأظهر أن يكون قوله: {ويحب المتطهرين} مدحا لمن تطهر بالماء للصلاة، وقال تعالى: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المتطهرين}، وروي أنه مدحهم لأنهم كانوا يستنجون بالماء ":
تمّ بحمد الله
.................................................. ................
كتبه:
جلال بن علي بن حمدان السلمي
–غفر الله له ولوالديه-
مكة المكرمة.(/)
هل أثر " القصر المشيد " في بيان حال البئر؟
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[01 Apr 2010, 01:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
قال الله تعالى: ? فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ? (الحج: 45).
يقول الماوردي:
قوله عز وجل: {وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ} فيها ثلاثة أوجه
: أحدها: يعني خالية من أهلها لهلاكها.
والثاني: غائرة الماء.
والثالث: معطلة من دلالتها وأرشيتها.
ويقول صاحب الكشاف:
[(وبئر معطلة)] وقرأ الحسن: معطلة، من أعطله بمعنى عطله. ومعنى المعطلة: أنها عامرة فيها الماء، ومعها آلات الاستقاء؛ إلا أنها عطلت، أي: تركت لا يستقى منها لهلاك أهلها (وقصر مشيد) والمشيد: المجصص أو المرفوع البنيان. والمعنى: كم قرية أهلكنا؟ وكم بئر عطلنا عن سقاتها؟ وقصر مشيد أخليناه عن ساكنيه؟ فترك ذلك لدلالة معطلة عليه." أهـ
اختلف العلماء في حال البئر كما أشار الماوردي، لكن هل العطف الوارد بين البئر المعطلة والقصر المشيد أثر في تحديد حال البئر؟
******
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[01 Apr 2010, 02:32 م]ـ
يقول الشنقيطي في أضواءه:"وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَيْ: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا، وَكَمْ مِنْ بِئْرٍ عَطَّلْنَاهَا بِإِهْلَاكِ أَهْلِهَا، وَكَمْ مِنْ قَصْرٍ مَشِيدٍ أَخْلَيْنَاهُ مِنْ سَاكِنِيهِ، وَأَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا كَفَرُوا وَكَذَّبُوا الرُّسُلَ".
وقال الطاهر بن عاشور في التحرير:"وَأَهْلُ الْمُدُنِ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ لِظُلْمِهِمْ كَثِيرُونَ، مِنْهُمْ مَنْ ذُكِرَ فِي الْقُرْآنِ مِثْلُ عَادٍ وَثَمُودٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُذْكَرْ مِثْلَ طَسْمٍ وَجَدِيسٍ وَآثَارُهُمْ بَاقِيَةٌ فِي الْيَمَامَةِ.
وَمَعْنَى خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها أَنَّهَا لَمْ يَبْقَ فِيهَا سَقْفٌ وَلَا جِدَارٌ. وَجُمْلَةُ عَلى عُرُوشِها خَبَرٌ ثَانٍ عَنْ ضَمِيرِ فَهِيَ وَالْمَعْنَى: سَاقِطَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا، أَيْ سَاقِطَةٌ جُدْرَانُهَا فَوْقَ سُقُفِهَا.
وَالْعُرُوشُ: جَمْعُ عَرْشٍ، وَهُوَ السَّقْفُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ نَظِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ
تَعَالَى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها فِي [سُورَةِ الْبَقَرَةِ: 259].
وَالْمُعَطَّلَةُ: الَّتِي عُطِّلَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ صَلَاحِهَا لِلِانْتِفَاعِ، أَيْ هِيَ نَابِعَةٌ بِالْمَاءِ وَحَوْلَهَا وَسَائِلُ السَّقْيِ وَلَكِنَّهَا لَا يُسْتَقَى مِنْهَا لِأَنَّ أَهْلَهَا هَلَكُوا. وَقَدْ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ فِي مَسِيرِهِمْ إِلَى تَبُوك بئارا فِي دِيَارِ ثَمُودٍ وَنَهَاهُمُ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشُّرْبِ مِنْهَا إِلَّا بِئْرًا وَاحِدَةً الَّتِي شَرِبَتْ مِنْهَا نَاقَةُ صَالِحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَالْقَصْرُ: الْمَسْكَنُ الْمَبْنِيُّ بِالْحِجَارَةِ الْمَجْعُولُ طِبَاقًا.
وَالْمَشِيدُ: الْمَبْنِيُّ بِالشِّيدِ- بِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْيَاءِ- وَهُوَ الْجِصُّ: وَإِنَّمَا يُبْنَى بِهِ الْبِنَاءُ مِنَ الْحَجَرِ لِأَنَّ الْجِصَّ أَشَدُّ مِنَ التُّرَابِ فَبِشِدَّةِ مَسْكِهِ يَطُولُ بَقَاءُ الْحَجَرِ الَّذِي رُصَّ بِهِ.
وَالْقُصُورُ الْمَشِيدَةُ: وَهِيَ الْمُخَلَّفَةُ عَنِ الْقُرَى الَّتِي أَهْلَكَهَا اللَّهُ كَثِيرَةٌ مِثْلُ: قَصْرِ غُمْدَانَ فِي الْيَمَنِ، وَقُصُورِ ثَمُودٍ فِي الْحِجْرِ، وَقُصُورِ الْفَرَاعِنَةِ فِي صَعِيدِ مِصْرَ، وَفِي «تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ» يُقَالُ: «أَنَّ هَذِهِ الْبِئْرَ وَهَذَا الْقصر بحضر موت مَعْرُوفَانِ. وَيُقَالُ: إِنَّهَا بِئْرُ الرَّسِّ وَكَانَتْ فِي عَدَنٍ وَتُسَمَّى حَضُورٍ- بِفَتْحِ الْحَاءِ-. وَكَانَ أَهْلُهَا بَقِيَّةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بِصَالِحٍ الرَّسُولِ عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَكَانَ صَالِحٌ مَعَهُمْ، وَأَنَّهُمْ آلَ أَمْرُهُمْ إِلَى عِبَادَةِ صَنَمٍ وَأَنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ حَنْظَلَةَ بْنَ صَفْوَانَ رَسُولًا فَنَهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الصَّنَمِ فَقَتَلُوهُ فَغَارَتِ الْبِئْرُ وَهَلَكُوا عَطَشًا». يُرِيدُ أَنَّ هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَاحِدَةٌ مِنَ الْقُرَى الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَإِلَّا فَإِنَّ كَلِمَةَ (كَأَيِّنْ) تُنَافِي إِرَادَةَ قَرْيَةٍ مُعَيَّنَةٍ".
وقال القرطبي:"والمشيد (بالتشديد) المطول. وقال الكسائي:" المشيد" للواحد، من قوله تعالى:" وَقَصْرٍ مَشِيدٍ"، والمشيد للجمع، من قوله تعالى:" فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ" «5». [النساء: 78]. وفى الكلام مضمر محذوف تقديره: وقصر مشيد مثلها معطل. ويقال: إن هذه البئر والقصر بحضرموت معروفان، فالقصر مشرف على قلة جبل لا يرتقى إليه بحال، والبئر في سفحه لا تقر الريح شيئا سقط فيه إلا أخرجته. وأصحاب القصور ملوك الحضر، وأصحاب الأبار ملوك البوادي، أي فأهلكنا هؤلاء وهؤلاء. وذكر الضحاك وغيره فيما ذكر الثعلبي وأبو بكر محمد بن الحسن المقرئ وغيرهما: أن البئر الرس، وكانت بعدن باليمن بحضرموت، في بلد يقال له حضوراء نزل بها أربعة آلاف ممن آمن بصالح، ونجوا من العذاب ومعهم صالح، فمات صالح فسمى المكان حضرموت، لان صالحا لما حضره مات فبنوا حضوراء وقعدوا على هذه البئر، وأمروا عليهم رجلا يقال له العلس بن جلاس بن سويد ... ".
لعل فيما تم نقله ما يفيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[01 Apr 2010, 03:26 م]ـ
أخي الكريم جابر ما نقلته مفيد جدا جعله الله في ميزان حسناتك.
وأفاد بأن القصر والبئر بحالة جيدة.
والسؤال ما أثر الواو العاطفة هنا في حسم الخلاف.
وهل كتب أحد أهل العلم في أثر الواو في التفسير!
وجدت هذا البحث في الألوكة وهو:
أثر واو العطف في الاستنباطات الفقهية
د. حمدي بخيت عمران محمد
توطئة:
حروف المعاني لها صلة وطيدة بفهم المعاني، واستنباط الأحكام من مظانها الشرعية؛ لأن كثيرًا من القضايا الدلالية والمسائل الفقهية يتوقف فهمها على الدلالة التي يؤديها حرف المعنى في النص.
وقد اهتم علماؤنا القدماء بحروف المعاني؛ فجعلها علماء الدراسات القرآنية من الأدوات التي يحتاج إليها المفسر يقول السيوطي (المتوفى 911هـ) عنها: "واعلم أن معرفة ذلك من المهمات المطلوبة؛ لاختلاف مواقعها، ولهذا يختلف الكلام والاستنباط بحسبها"
http://www.alukah.net/Sharia/0/2293/
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[03 Apr 2010, 11:36 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة على من لانبي بعده
وبعد،،،
معلوم للعامة والخاصة أن البناء اللغوي يؤثر في المعنى، فزيادة المبنى زيادة في المعنى،
والقرآن الكريم يتبع أسلوبا فريدا في بنائه ونظمه، والآية محل الدراسة من فرائد القرآن في هذا المجال، فقد تكرر هذا البناء في القرآن الكريم مرات عديدة، لوضوح المعنى واستثارة الانتباه وإعمال الفكر والاعتبار،
بناء الآية فيه اختصار إسراعا للمطلوب وتركا للإطالة لأن حال السامع ملهوفا وقلبه شغوفا وفرائصه ترتعد وذكريات السابقين تتلاحق عنده وإن حاول ضرب الذكر عنها صفحا، ومن ثم كانت الإشارة بأدق عبارة وأسرع طريق،
"بئر معطلة وقصر مشيد"
ما جُعل البئر إلا للارتواء بما فيه من ماء، فلو خلا من مائه فلا يوصف بالعطل لأنه لا يمكلك مايجعله مشغولا مورودا، ومن ثم فالآية تؤكد أن البئر فيه ماء، لكن ما سبب عطله؟ السبب هلاك من يفيد من ماءه ويرتوي به، وهم أهل القرية،
تلا البئر بالعطف القصر المشيد، لكن لم يذكر الرحمن حال القصر المشيد اكتفاءا بما ذكره من حال البئر قبل وهو "العطل وعدم الاستخدام والانتفاع"
و المحذوف مقدر "وقصر مشيد معطل" يفسره ماذكره القدير في حال البئر،
كما أشرنا أن هذا الأسلوب كثير في القرآن نحو "أسمع بهم وأبصر" وغيرها كثير،
وهنا تبرز قيمة واو العطف، فعطفها يدل على اقتران الحال والحكم معنى ولغة،
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[04 Apr 2010, 06:19 ص]ـ
أخي الكريم وليد أشكرك على الإضافة القيمة،وقولك
و المحذوف مقدر "وقصر مشيد معطل" يفسره ماذكره القدير في حال البئر،
يدل على أنك ترى أن حال البئر كان دلنا على حال القصر، ألا يجوز العكس أخي الكريم، وخصوصا أن أهل العلم اختلفوا في حال البئر؟
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[04 Apr 2010, 06:25 ص]ـ
وللفائدة:
ما دعاني لكتابة هذا الموضوع ما قرأته في موقع " موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة "، من خلال البريد الإلكتروني حيث أنهم يرسلون للمشتركين كل جديد بين فترة وأخرى، ومنه ما يلي:
السؤال: أريد أن اسأل سؤالاً، وأرجو الرد. السؤال هو في سورة الحج آية 45 " ... وبئر معطلة وقصر مشيد " كلمة (معطلة) تعود على البئر، أم على مياه البئر؟ أرجو منك الرد والسلام عليكم ورحمة الله.
الجواب: كلمة (معطلة) وردت وصفًا للبئر وفيه الماء؛ وذلك في قول الله تعالى: ? فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ? (الحج: 45). وهي تعود على البئر بما فيه من الماء. والبئر (المعطلة) هي المتروكة بموت أهلها، وكذلك القصر المشيد هو الرفيع الخالي بموت أهله. وهما معطوفان على القرية. وقوله تعالى: (كأين) يقتضي التكثير، فدل ذلك على أنه لا يراد بكل من قرية، وبئر، وقصر معين، وإن كان الإهلاك إنما يقع في معين؛ لكن من حيث الوقوع لا من حيث دلالة اللفظ، كما قال أبو حيان في البحر المحيط .. ولفظ (البئر) مشتق من: بأرتُ. أي: حفرت. وهي مؤنثة على وزن: فِعْلٌ، بمعنى: مفعول. وقد تذكر على معنى: القليب. وتجمع على: آبار. فمعنى (المعطلة): أنها عامرة، فيها الماء، ويمكن الاستقاء منها؛ إلا أنها عطلت. أي: تركت لا يستقى منها لهلاك أهلها. وتعطيل الشيء في اللغة: إبطال منافعه. والمعنى: وكم من بئر عامرة في البوادي بمياهها عطلت، لا يستقى منها، لهلاك أهلها. أي: تركت بلا وارد يردها ويستقي منها .. والله تعالى أعلم!
محمد إسماعيل
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[07 Apr 2010, 07:30 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده
وبعد،،،
ترتيب القرآن محكم مقصود، ومن البديهي أن السابق هنا حكمه معلوم و محسوم "بئر معطلة"، بخلاف "القصر المشيد" الذي تُرك بلا تقييد، فكان السابق دالا على اللاحق، لأن هذا السابق هنا كامل المعنى بكمال المبنى، أما اللاحق فخبره محذوف، فبناء جملته ناقص، ولذا أعمل فيه الفكر لبيان حاله ووضعه ومآله، فكانت الجملة قبله أرشد إلى ما هو عليه،
وهذا من لطائف واو العطف التي تدل على المعية و الترتيب، وكمال بنا جملة البئر متلوة بجملة القصر الناقصة يدل على أن إهمال القصر المشيد لفناء أهله تلا إهمال البئر لهلاك من يفيد منها، لأن البئر ليس حكرا على أهل القصر وحدهم إذ يرده أهل القصر وغيرهم، ومن ثم كان أهل البئر أكثر عددا وهلاكهم أوقع أثرا لعموم فائدته لأهل القصر وغيرهم من العامة والأنعام والنبات، وتلا ذلك فناء أهل القصر فهم فئة في مجتمع، وليسوا كل المجتمع،
والعطف بالواو يدل هنا على كمال الهلاك لكل منتفع بالبئر من إنسان وحيوان ونبات، ومن ثم حوصر أهل القصر المشيد إذ أحاطت بهم الطامة فهلكوا جميعا، وثبت في القرآن أن الله خلق من الماء كل شيء حي.
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[08 Apr 2010, 08:42 ص]ـ
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده
وبعد،،،
...
وهذا من لطائف واو العطف التي تدل على المعية و الترتيب
...
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
أخي الكريم جزاك الله خيرا فقد استفدت مما سطرت.
والواو في رأيك تدل على الترتيب، فأنت مع من قال بذلك من أهل العلم.
لكني أرجح رأي من قال أنها لا تدل على الترتيب إلا لقرينة.
لذلك فإنا وإن اختلفنا في حال البئر يمكننا أن نقرر حاله بما تأكد لنا من حال القصر.
ورد في بحث معاني " الواو " العاطفة
بين الاصطلاح المعنوي والتقعيد اللغوي الأصولي
لـ د. أحمد كروم
- لو زُوج رجل رضيعتين في عقدين بغير رضاه فأرضعتهما امرأة ثم أجاز الزوج نكاحهما، فلو قال: "أجزت نكاح هذه وهذه" بطل نحاكهما أيضاً لأن في آخر كلامه ما يغير موجب كلامه. والعلة في ذلك: أن في آخر الكلام ما يثبت الجمع بين الأختين نكاحاً، وذلك مبطل لنكاحهما، فيتوقف الكلام على آخره.
فدلت هذه القاعدة على أن الأصل في الكلام المعطوف أنه متى كان في آخره ما يغير موجب أوله توقف أوله على آخره." أهـ
والله أعلم وأحكم.
وهذا رابط فيه فوائد:
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=99663#post99663
..
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[14 Apr 2010, 06:19 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده
وبعد،،،
الواو تدل هنا على الترتيب بقرينة كمال جملة البئر ونقص جملة القصر، فجملة البئر بمفردها "بئر معطلة" أبانت حال البئر بأنها معطلة عن الاستخدام، وكما قلنا لا توصف البئر بأنها معطلة إلا إذا كانت تمكل مقومات الشغل والانتفاع، وأهمها هنا الماء، أما إذا كانت البئر فارغة فكيف توصف بالعطل وهي لا تمكلك ما يجعلها مورودة،
أما بالنسبة لجملة القصر "قصر مشيد" جملة ناقصة، فـ "مشيد" أفادت أن القصر يمكلك مقومات الانتفاع، ولكنها لم تفد هل يُنتفع به فعلا أم لا.
ومن ثم كانت الفائدة وكمال المعنى من وصف البئر بالعطل والذي ينسحب كما أشرنا أعلاه على القصر،
وهناك لطيفة أخرى، إن كنتي تقصدي حال القصر بأنه مشيد يمكلك مؤهلات السكنى، وهذا يدل على أن البئر كذلك تمكلك مؤهلات الورود فهذا جائز من باب اللف والنشر في اللغة العربية، وبهذا الاعبار يمكن أن نقول حال القصر المشيد عند عدم الانتفاع به دل على حال البئر المعطلة بأنها كانت مشيدة بمائها، وجملة البئر المعطلة دلت بكمالها على مصير القصر المشيد بالعطل كذلك،
وهذا من بديع تعبير القرآن ومن فرائده التي احتكرها.
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[14 Apr 2010, 07:55 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده
وبعد،،،
الواو تدل هنا على الترتيب بقرينة كمال جملة البئر ونقص جملة القصر، فجملة البئر بمفردها "بئر معطلة" أبانت حال البئر بأنها معطلة عن الاستخدام، وكما قلنا لا توصف البئر بأنها معطلة إلا إذا كانت تمكل مقومات الشغل والانتفاع، وأهمها هنا الماء، أما إذا كانت البئر فارغة فكيف توصف بالعطل وهي لا تمكلك ما يجعلها مورودة،
أما بالنسبة لجملة القصر "قصر مشيد" جملة ناقصة، فـ "مشيد" أفادت أن القصر يمكلك مقومات الانتفاع، ولكنها لم تفد هل يُنتفع به فعلا أم لا.
ومن ثم كانت الفائدة وكمال المعنى من وصف البئر بالعطل والذي ينسحب كما أشرنا أعلاه على القصر،
وهناك لطيفة أخرى، إن كنتي تقصدي حال القصر بأنه مشيد يمكلك مؤهلات السكنى، وهذا يدل على أن البئر كذلك تمكلك مؤهلات الورود فهذا جائز من باب اللف والنشر في اللغة العربية، وبهذا الاعبار يمكن أن نقول حال القصر المشيد عند عدم الانتفاع به دل على حال البئر المعطلة بأنها كانت مشيدة بمائها، وجملة البئر المعطلة دلت بكمالها على مصير القصر المشيد بالعطل كذلك،
وهذا من بديع تعبير القرآن ومن فرائده التي احتكرها.
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
شيخنا الفاضل وليد جزاك الله كل خير على الفوائد القيمة.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[15 Apr 2010, 12:46 ص]ـ
السلام عليكم
ربما كانت بئر غير معطوفة على قرية فى الآية .. لأنها إن عطفت على قرية فيعنى اشتراكها معها فى الحكم وهو الهلاك وهو ما يناقضه كون القصر مشيد ولم يدمر وكون العروش قائمة والبئر كائنة ..
ولذلك العطف بالفاء فى - فهى - يدل أن خواء المكان ترتب على اهلاك أهله
ويستفاد منه أن القرية المهلكة خاوية على ثلاث مكونات ... عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد؛
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[15 Apr 2010, 09:46 م]ـ
السلام عليكم
ربما كانت بئر غير معطوفة على قرية فى الآية .. لأنها إن عطفت على قرية فيعنى اشتراكها معها فى الحكم وهو الهلاك وهو ما يناقضه كون القصر مشيد ولم يدمر وكون العروش قائمة والبئر كائنة ..
ولذلك العطف بالفاء فى - فهى - يدل أن خواء المكان ترتب على اهلاك أهله
ويستفاد منه أن القرية المهلكة خاوية على ثلاث مكونات ... عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد؛
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم أشكرك على الإضافة القيمة، وهذا الكلام يذكرنا بقوله تعالى:
(واسأل القرية)
فعلى من يحل الهلاك؟(/)
القواعد الحسان في التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[01 Apr 2010, 03:23 م]ـ
ثانيًا: قواعد في التفسير:
القاعدة الأولى: (ألفاظ الكتاب والسنّة إذا عُرف تفسيرها من جهة النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ؛ لم يُحتج إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة، ولا غيرهم) (2).
هذه القاعدة ذكرها الشيخ ـ رحمه الله ـ في معرض حديثه عن حقيقة الإيمان والإسلام ونزاع الناس واضطرابهم فيها .. فكان ممّا قاله:
__________
(1) مجموع الفتاوى: 3/ 84.
(2) مجموع الفتاوى: 7/ 286.
(1/ 44)
--------------------------------------------------------------------------------
" وممّا ينبغي أن يعلم أنّ الألفاظ الموجودة في القرآن والحديث، إذا عُرف تفسيرها وما أريد بها من جهة النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ؛ لم في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة، ولا غيرهم، ولهذا قال الفقهاء: الأسماء ثلاثة أنواع: نوع يُعرف حدّه بالشرع، كالصلاة والزكاة. ونوع يُعرف باللغة كالشمس والقمر. ونوع يُرف حدّه بالعرف، كلفظ القبض ولفظ المعروف في قوله: {وعاشروهنّ بالمعروف} [النساء: 19]، ونحو ذلك. وروي عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ أنّه قال: ’’تفسير القرآن على أربعة أوجه؛ تفسير تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يُعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله، من ادّعى علمه فهو كاذب‘‘.
فاسم الصلاة والزكاة والصيام والحجّ ونحو ذلك، قد بيّن الرسول ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ ما يراد بها في كلام الله ورسوله، وكذلك لفظ الخمر وغيرها، ومن هناك يُعرف معناها، فلو أراد أحد أن يفسّرها بغير ما بيّنه النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ؛ لم يُقبل منه. وأمّا الكلام في اشتقاقها ووجه دلالتها؛ فذاك من جنس علم البيان. وتعليل الأحكام هو زيادة في العلم، وبيان حكمة ألفاظ القرآن، لكن معرفة المراد بها لا يتوقّف على هذا، واسم الإيمان والإسلام، والنفاق والكفر، هي أعظم من هذا كلّه، فالنبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قد بيّن المراد بهذه الألفاظ بياناً لا يحتاج معه إلى الاستدلال على ذلك بالاشتقاق وشواهد استعمال العرب ونحو ذلك، فلهذا يجب الرجوع في مسمّيات هذه الأسماء إلى بيان الله ورسوله، فإنّه شافٍ كافٍ .. " إلى آخر ما ذكر.
القاعدة الثانية: (من عادة السلف في تفسيرهم أن يذكروا بعض صفات المفسَّر من الأسماء أو بعض أنواعه، ولا ينافي ذلك ثبوت بقيّة الصفات للمسمّى، بل قد يكونان متلازمين، ولا دخول لبقيّة الأنواع فيه) (1).
__________
(1) مجموع الفتاوى: 6/ 390.
(1/ 45)
--------------------------------------------------------------------------------
هذه القاعدة ذكرها الشيخ في معرض ردّه على بعض المئوّولة القائلين إنّ اسمه (النور) سبحانه يجب تأويله قطعاً بالهادي ونحوه، كما قال ذلك بعض المفسّرين ..
قال الشيخ بعد كلام له: " ثمّ نقول: هذا الذي قاله بعض المفسّرين في قوله: {الله نور السماوات والأرض} [النور: 35] أي: هادي أهل السماوات والأرض؛ لا يضرّنا، ولا يخالف ما قلناه، فإنّهم قالوه في تفسير الآية التي ذُكر النور فيها مضافاً؛ لم يذكروه في تفسير مطلق النور كما ادّعيت أنت من ورود الحديث به، فأين هذا من هذا؟!.
ثمّ قول من قال من السلف: هادي أهل السماوات والأرض. لا يمنع أن يكون في نفسه نوراً، فإنّ من عادة السلف في تفسيرهم أن يذكروا بعض صفات المفسَّر من الأسماء، أو بعض أنواعه، ولا ينافي ذلك ثبوت بقيّة الصفات للمسمّى، بل قد يكونان متلازمين، ولا دخول لبقيّة الأنواع فيه.
وهذا قد قرّرناه غير مرّة في القواعد المتقدّمة، ومن تدبّر علم أنّ أكثر أقوال السلف في التفسير متّفقة غير مختلفة. مثال ذلك: قول بعضهم في الصراط المستقيم إنّه الإسلام. وقول آخر: إنّه القرآن. وقول آخر: إنّه السنّة والجماعة. وقول آخر: إنّه طريق العبوديّة. فهذه كلّها صفات له متلازمة لا متباينة. وتسميته بهذه الأسماء بمنزلة تسمية القرآن والرسول بأسمائه، بل بمنزلة أسماء الله الحسنى ".
القاعدة الثالثة إلى الخامسة:
? (ما دلّ عليه السياق هو ظاهر الخطاب؛ فلا يكون من موارد النزاع).
? (الصريح يقضي على الظاهر، ويبيّن معناه).
(يُتْبَعُ)
(/)
? (يجوز أن تفسَّر إحدى الآيتين بظاهر الأخرى، ويُصرف الكلام عن ظاهره، وإن سُمّي تأويلاً وصرفاً عن الظاهر، وذلك لدلالة القرآن عليه .. ).
(1/ 46)
--------------------------------------------------------------------------------
هذه القواعد الثلاث ذكرها الشيخ ـ رحمه الله ـ في موضع واحد، وذلك عند حديثه عن قرب الله ـ عزّ وجلّ ـ من عباده كما في قوله تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} [ق: 16]، وهل هو قرب ذاتي لازم، أم يمكن تأويله بالعلم كما دلّ على ذلك سياق الآية؟
قال ـ رحمه الله ـ: " وفيه القولان:
? أحدهما: إثبات ذلك، وهو قول طائفة من المتكلّمين والصوفيّة.
? والثاني: أنّ القرب هنا بعلمه، لأنّه قد قال: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}، فذكر لفظ العلم هنا دلّ على القرب بالعلم. ومثل هذه الآية: حديث أبي موسى: (إنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائباً، إنّما تدعون سميعاً قريباً. إنّ الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته) (1)، فالآية لا تحتاج إلى تأويل القرب في الله تعالى إلا على هذا القول، وحينئذٍ فالسياق دلّ عليه، وما دلّ عليه السياق هو ظاهر الخطاب، فلا يكون من موارد النزاع. وقد تقدّم أنّا لا نذمّ كلّ ما يسمّى تأويلاً ممّا فيه كفاية، وإنّما نذمّ تحريف الكلم عن مواضعه، ومخالفة الكتاب والسنّة، والقول في القرآن بالرأي ".
__________
(1) أخرجه البخاري مختصراً (3968)، ومسلم كذلك (2704).
(1/ 47)
--------------------------------------------------------------------------------
ثمّ قال ـ رحمه الله ـ: " وتحقيق الجواب هو أن يُقال: إمّا أن يكون قربه بنفسه القرب اللازم ممكناً، أو لا يكون. فإن كان ممكناً لم تحتج الآية إلى تأويل. وإن لم يكن ممكناً؛ حُملت الآية على ما دلّ عليه سياقها، وهو قربه بعلمه. وعلى هذا القول؛ فإمّا أن يكون هذا هو ظاهر الخطاب، فلا كلام‘ إذ لا تأويل حينئذٍ. وإن لم يكن ظاهر الخطاب، فإنّما حُمل على ذلك لأنّ الله تعالى قد بيّن في غير موضع من كتابه أنّه على العرش، وأنّه فوق، فكان ما ذكره في كتابه في غير موضع أنّه فوق العرش، مع ما قرنه بهذه الآية من العلم، دليلاً على أنّه أراد قرب العلم، إذ مقتضى تلك الآيات ينافي ظاهر هذه الآية على هذا التقدير، والصريح يقضي على الظاهر، ويبيّن معناه.
ويجوز ـ باتّفاق المسلمين ـ أن تُفسَّر إحدى الآيتين بظاهر الأخرى، ويُصرف الكلام عن ظاهره، إذ لا محذور في ذلك عند أحد من أهل السنّة، وإن سُمّي تأويلاً وصرفاً عن الظاهر، فذلك لدلالة القرآن عليه، ولموافقة السنّة والسلف عليه، لأنّه تفسير للقرآن بالقرآن، ليس تفسيراً له بالرأي. والمحذور إنّما هو صرف القرآن عن فحواه بغير دلالة من الله ورسوله والسابقين كما تقدّم " (1).
القاعدة السادسة: (استعمال القرآن لفظاً في معنى؛ لا يقتضي أنّ ذلك اللفظ لا يحتمل غير ذلك المعنى) (2).
وقد ضرب الشيخ لذلك مثلاً: لفظ السراح والفراق، وذكر قول من قال: إنّ هذين اللفظين صريحان في الطلاق، لأنّ القرآن ورد بذلك، وما ورد صريحاً في القرآن فلا يستعمل إلا فيه. ثم ذكر ـ رحمه الله ـ أنّ هذا القول "ضعيف لوجهين:
__________
(1) مجموع الفتاوى: 6/ 20، 21.
(2) مجموع الفتاوى: 15/ 450.
(1/ 48)
--------------------------------------------------------------------------------
? أحدهما: أنّ هذا الأصل لا دليل عليه، بل هو فاسد، فإنّ الواقع أنّ الناس ينطقون بلغاتهم التي توافق لغة العرب أو تخالفها من عربية أخرى، عرباً مقرّرة أو مغيّرة لفظاً أو معنى، أو من عربيّة مولّدة، أو عربيّة معرّبة تُلقّيت عن العجم، أو من عجميّة، فإنّ الطلاق ونحوه يثبت بجميع هذه الأنواع من اللغات، إذ المدار على المعنى، ولم يحرَّم ذلك عليهم، أو حُرّم عليهم فلم يلتزموه، فإنّ ذلك لا يوجب وقوع ما لم يوقعوه. وأيضاً فاستعمال القرآن لفظاً في معنى؛ لا يقتضي أنّ ذلك اللفظ لا يحتمل غير ذلك المعنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
? الوجه الثاني ـ وهو القاصم ـ: أنّ هذه الألفاظ أكثر ما جاءت في القرآن في غير الطلاق، مثل قوله: { .. إذا نكحتم المؤمنات ثمّ طلّقتموهنّ من قبل أن تمسّوهنّ فما لكم عليهنّ من عدّة تعتدّونها فمتعوهنّ وسرّحوهنّ .. } [الأحزاب: 49]، فهذا بعد التطليق البائن الذي لا عدّة فيه؛ أمر بتسريحهنّ مع التمتيع، ولم يرد به إيقاع طلاق ثانٍ، فإنّه لا يقع، ولا يؤمر به وفاقاً، وإنّما أراد التخلية بالفعل، وهو رفع الحبس عنها، حيث كان النكاح فيه الجمع ملكاً وحكماً، والجمع حسّاً وفعلاً بالحبس، وكلاهما موجبه، وهما متلازمان، فإذا زال الملك؛ أمر بإزالة اليد، كما يقال في الأموال: الملك والحيازة. فالقبض في الموضعين تابع للعقد .. " إلى آخر ما ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ.
القاعدة السابعة: (زيادة اللفظ في القرآن لزيادة المعنى، وقوّة اللفظ لقوّة المعنى) (1).
__________
(1) مجموع الفتاوى: 16/ 537. وانظر: النبوّات: ص 381.
(1/ 49)
--------------------------------------------------------------------------------
هذه القاعدة ذكرها الشيخ ـ رحمه الله ـ عند حديثه عن وجه التكرار في سورة الكافرون، فذكر أنّ في ذلك قولين مشهورين، ثمّ قال بعد أن ذكرهما: " فإنّ القرآن له شأن اختصّ به، لا يشبهه كلام البشر ـ لا كلام نبيّ ولا غيره ـ وإن كان نزل بلغة العرب، فلا يقدر مخلوق أن يأتي بسورة، ولا ببعض سورة مثله. فليس في القرآن تكرار للفظ بعينه عقب الأوّل قطّ، وإنّما في سورة الرحمن خطابه بذلك بعد كلّ آية، لم يذكر متوالياً. وهذا النمط أرفع من الأوّل. وكذلك قصص القرآن ليس فيها تكراراً كما يظنّه بعضهم .. "
" وكذلك ما يقوله بعضهم إنّه قد يعطف الشيء لمجرّد تغاير اللفظ، كقوله:
فألفى قولها كذباً وميناً
فليس في القرآن من هذا شيء، ولا يذكر فيه لفظاً زائداً إلا لمعنى زائد، وإن كان في ضمن ذلك التوكيد. وما يجيء من زيادة اللفظ مثل قوله: {فبما رحمة من الله لنت لهم} [آل عمران: 159]، وقوله: {عمّا قليل ليصبحنّ نادمين} [المؤمنون: 40]، وقوله: {قليلاً ما تذكّرون} [النمل: 62]؛ فالمعنى مع هذا أزيد من المعنى بدونه، فزيادة اللفظ لزيادة المعنى، وقوّة اللفظ لقوّة المعنى، والضمّ أقوى من الكسر، والكسر أقوى من الفتح ... " (1).
القاعدة الثامنة: (الكلام إذا اجتمع فيه شرط وقسم، وقُدّم القسم؛ سدّ جواب القسم مسدّ جواب الشرط) (2).
هذه القاعدة ذكرها الشيخ ـ رحمه الله ـ في معرض ردّه على النصارى المنكرين لرسالة نبيّنا محمّد ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ، وقد جاء ذكره لهذه القاعدة عرضياً، استطراداً منه رحمه الله، فإنّه لما ذكر قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبييّن لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثمّ جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمننّ به ولتنصرنّه} [آل عمران: 81] قال:
__________
(1) انظر: مجموع الفتاوى: 534 - 538.
(2) الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح: 2/ 120.
(1/ 50)
--------------------------------------------------------------------------------
" وهذه اللام الأولى تسمّى: اللام الموطّئة للقسم. واللام الثانية تسمّى: لام جواب القسم. والكلام إذا اجتمع فيه شرط وقسم، وقُدّم القسم؛ سدّ جواب القسم مسدّ جواب الشرط والقسم، كقوله تعالى: {لئن أُخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولنّ الأدبار ثمّ لا يُنصرون} [الحشر: 12] .. " وذكر آيات كثيرة من هذا النوع، ثمّ قال:
" ومثل هذا كثير، وحيث لم يُذكر القسم فهو محذوفٌ مرادٌ، تقدير الكلام: (والله لئن أخرجوا لا يخرجون معهم، ووالله لئن قوتلوا لا ينصرونهم .. )، ومن محاسن لغة العرب أنّها تحذف من الكلام ما يدلّ المذكور عليه، اختصاراً وإيجازاً، لا سيما فيما يكثر استعماله، كالقسم .. ".
القاعدة التاسعة: (الأصل إقرار الكلام على نظمه وترتيبه، لا تغيير ترتيبه) (1).
هذه القاعدة ذكرها الشيخ ـ رحمه الله ـ عند تفسيره لأوّل سورة الغاشية: {هل أتاك حديث الغاشية * وجوه يومئذٍ خاشعة * عاملة ناصبة * تصلى ناراً حامية * تسقى من عين آنية} [الغاشية: 1 - 5]، فإنّه قال:
(يُتْبَعُ)
(/)
" فيها قولان، أحدهما: أنّ المعنى: وجوه في الدنيا خاشعة، عاملة، ناصبة، تصلى يوم القيامة ناراً حامية. ويعنى بها: عبّاد الكفار كالرهبان، وعبّاد اليهود، وربّما تؤوّلت في أهل البدع كالخوارج.
والقول الثاني أنّ المعنى: أنّها يوم القيامة، تخشع أي: تذلّ وتعمل وتنصب .. "
قال الشيخ ـ رحمه الله ـ: " قلت: هذا هو الحقّ لوجوه:
__________
(1) مجموع الفتاوى: 16/ 218.
(1/ 51)
--------------------------------------------------------------------------------
? أحدها: أنّه على هذا التقدير يتعلّق الظرف بما يليه، أي: وجوه يوم الغاشية خاشعة عاملة ناصبة صالية. وعلى الأوّل لا يتعلّق إلا بقوله (تصلى)، ويكون قوله (خاشعة) صفة للوجوه، قد فصل بين الصفة والموصوف بأجنبيّ متعلّق بصفة أخرى متأخرة، والتقدير: (وجوه خاشعة عاملة ناصبة يومئذٍ تصلى ناراً حامية)، والتقديم والتأخير على خلاف الأصل، فالأصل إقرار الكلام على نظمه وترتيبه، لا تغيير ترتيبه. ثمّ إنّما يجوز فيه التقديم والتأخير مع القرينة، أمّا مع اللبس فلا يجوز، لأنّه يلتبس على المخاطب، ومعلوم أنّه ليس هنا قرينة تدلّ على التقديم والتأخير، بل القرينة تدلّ على خلاف ذلك، فإرادة التقديم والتأخير بمثل هذا الخطاب خلاف البيان، وأمر المخاطب بفهمه تكليف لما لا يطاق ... " إلى آخر ما ذكر الشيخ ـ رحمه الله ـ.
القاعدة العاشرة: (" أَنْ " المفسّرة التي تأتي بعد فعل؛ من معنى القول، لا من لفظه) (1).
هذه القاعدة ذكرها الشيخ عند قوله تعالى: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ .. } [الشورى: 13]، قال ـ رحمه الله ـ:
(ثمّ قال: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ .. } [الشورى: 13]، وهذا تفسير الوصيّة.
و" أَنْ " المفسّرة التي تأتي بعد فعل؛ من معنى القول، لا من لفظه، كما في قوله: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ .. } [النحل: 123]، {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ .. } [النساء:131]، والمعنى: قلنا لهم: اتّقوا الله. فكذلك قوله: (أن أقيموا الدين)، في معنى: قال لكم: من الدين ما وصى به رسلاً، قلنا: أقيموا الدين ولا تتفرّقوا فيه. فالمشروع لنا هو الموصى به، والموحى، وهو أقيموا الدين. فأقيموا الدين مفسّر للمشروع لنا الموصى به الرسل، والموحى إلى محمّد .. ).
__________
(1) مجموع الفتاوى: 1/ 12.
(1/ 52)
--------------------------------------------------------------------------------
القاعدة الحادية عشرة: (حذف المضاف إليه يقارنه قرائن، فلا بدّ أن يكون مع الكلام قرينة تبيّن ذلك) (1).
هذه القاعدة ذكرها الشيخ عند قوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ} [الملك:27]، فذكر أنّ (الضمير المفعول في (رأوه) عائد إلى الوعد، والمراد به الموعود، أي: فلمّا رأوا وُعدوا؛ سيئت وجوه الذين كفروا).
ثمّ قال: (ومن قال: إن الضمير عائد هنا إلى الله. فقوله ضعيف، وفساد قول الذين يجعلون المراد لقاء الجزاء دون لقاء الله معلوم بالاضطرار بعد تدبّر الكتاب والسنّة؛ يظهر فساده من وجوه:
o أحدها: أنّه خلاف التفاسير المأثورة عن الصحابة والتابعين.
o الثاني: أنّ حذف المضاف إليه يقارنه قرائن، فلا بدّ أن يكون مع الكلام قرينة تبيّن ذلك، كما قيل في قوله: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا .. } [يوسف:82]، ولو قال قائل: رأيت زيدًا، أو لقيته مطلقًا، وأراد بذلك: لقاء أبيه، أو غلامه؛ لم يجز ذلك في لغة العرب بلا نزاع. ولقاء الله قد ذُكر في كتاب الله وسنّة رسوله في مواضع كثيرة مطلقًا، غير مقترن بما يدلّ على أنّه أريد بلقاء الله لقاء بعض مخلوقاته من جزاء أو غيره).
القاعدة الثانية عشرة: (القراءة الشاذّة تجري مجرى خبر الواحد) (2).
هذه القاعدة ذكرها الشيخ عَرَضًا في موضوع قضاء رمضان، وهل يستحبّ التتابع في القضاء، فذكر الأثر المرويّ عن حميد بن قيس أنّه كان يطوف مع مجاهد، فجاءه إنسان يسأله عن صيام من أفطر في رمضان، أيتابع؟ فقال: لا. قال: فضرب مجاهد في صدري، ثمّ قال: إنّها قراءة أبيّ بن كعب: {متتابعات}.
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن رجّح الشيخ أنّ هذا الحرف منسوخ تلاوته وحكمه .. وذكر الأدلّة على ذلك ...
__________
(1) مجموع الفتاوى: 6/ 471.
(2) كتاب الصيام من شرح العمدة: 1/ 343.
(1/ 53)
--------------------------------------------------------------------------------
القاعدة الثالثة عشرة: (العطف يقتضي مغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه، مع اشتراكهما في الحكم الذي ذُكر لهما) (1).
قال الشيخ ـ رحمه الله ـ:
(فصل: وعطف الشيء على الشيء في القرآن وسائر الكلام، يقتضي مغايرةً بين المعطوف والمعطوف عليه، مع اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في الحكم الذي ذُكر لهما. والمغايرة على مراتب، أعلاها: أن يكونا متباينين ليس أحدهما هو الآخر، ولا جزأه، ولا يعرف لزومه له، كقوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ .. } [الفرقان:59] ونحو ذلك، وقوله: {وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ .. } [البقرة:98]، وقوله: {وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ. مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ .. } [آل عمران: 3،4]، وهذا هو الغالب. ويليه: أن يكون بينهما لزوم، كقوله: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ .. } [البقرة:42]، وقوله: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ .. } [النساء:115]، وقوله: {وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ .. } [النساء:136]، فإنّ من كفر بالله، فقد كفر بهذا كلّه، فالمعطوف لازم للمعطوف عليه. وفي الآية التي قبلها المعطوف عليه لازم، فإنّه من يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى، فقد اتّبع غير سبيل المؤمنين. وفي الثاني نزاع. وقوله: {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ .. } [البقرة:42] هما متلازمان، فإنّ من لبس الحق بالباطل، فجعله ملبوسًا به؛ خفي من الحقّ بقدر ما ظهر من الباطل، فصار ملبوسًا، ومن كتم الحقّ، احتاج أن يقيم موضعه باطلاً، فيلبس الحقّ بالباطل، ولهذا كان كلّ من كتم من أهل الكتاب ما أنزل الله، فلا بدّ أن يُظهر باطلاً).
__________
(1) مجموع الفتاوى: 7/ 172. وانظر: 16/ 127.
(1/ 54)
--------------------------------------------------------------------------------
القاعدة الرابعة عشرة: (العطف تارة يكون لتغاير الذوات، وتارة لتغاير الصفات) (1).
هذه القاعدة ذكرها الشيخ في معرض ردّه على النصارى المحتجّين بما ورد في السفر الثاني من التوراة، أنّ الله كلّم موسى قائلاً: (أنا إله إبراهيم، وإله إسحاق، وإله يعقوب)، قالوا: وتكرار (إله) لتحقّق مسألة الثلاث أقانيم في لاهوته ..
قال الشيخ ـ رحمه الله ـ: (والجواب: أنّ الاحتجاج بهذا على الأقانيم الثلاثة، من أفسد الأشياء، وذلك يظهر من وجوه .. ).
فذكر الوجهين الأوّلين، ثمّ قال:
(
__________
(1) الجواب الصحيح: 3/ 459.
(1/ 55)
--------------------------------------------------------------------------------
الوجه الثالث: أنّ العطف يكون تارة لتغاير الذوات، وتارة لتغاير الصفات، كقوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى. وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى. وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى. فَجَعَلَهُ غُثَاء أَحْوَى} [الأعلى: 1 - 5]، وكذلك قوله: {إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ .. } [البقرة: 133]، وهو هو سبحانه. وقال إبراهيم الخليل ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ لقومه: {قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ. أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ. فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلا رَبَّ الْعَالَمِينَ. الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ. وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ. وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ. وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ. وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء:75 - 82]، والذي خلقه هو الذي يطعمه ويسقيه، وهو الذي يميته ثمّ يحييه. فقوله في التوراة: (إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب) هو من هذا الباب، ولا يختصّ هذا بثلاثة، بل يقال في الاثنين، والأربعة، والخمسة، بحسب ما يقصد المتكلّم ذكره من الصفات، وفي هذا من الفائدة
(يُتْبَعُ)
(/)
ما ليس في قوله: إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب. فإنّه لو قيل ذلك، لم يفد إلا أنّه معبود الثلاثة، لا يدلّ على أنّهم عبدوه مستقلّين، كلّ منهم عبده عبادة اختصّ بها، لم تكن هي نفس عبادة الأوّل).
القاعدة الخامسة عشرة: (المعطوف إذا تقدّم اسمًا، كان عطفه على القريب أولى، كما أنّ عود الضمير إلى الأقرب أولى، إلا إذا كان هناك دليل يقتضي العطف على البعيد) (1).
هذه القاعدة ذكرها الشيخ عند تفسير سورة الناس، فإنّه ذكر قول الزجّاج في قوله تعالى: {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} إلى آخر السورة، أنّ المعنى: من شرّ الوسواس الذي هو الجِنّة، ومن شرّ الناس. فضعّف الشيخ هذا القول لوجهين:
__________
(1) مجموع الفتاوى: 17/ 512.
(1/ 56)
--------------------------------------------------------------------------------
? أحدهما: أنّ الوسواس الخنّاس إن لم يكن إلا من الجِنّة فلا حاجة إلى قوله: من الجِنّة ومن الناس، فلماذا يخصّ الاستعاذة من وسواس الجِنّة دون وسواس الناس؟.
? الثاني: أنّه إذا تقدّم المعطوف اسمًا، كان عطفه على القريب أولى، كما أنّ عود الضمير إلى الأقرب أولى، إلا إذا كان هناك دليل يقتضي العطف على البعيد، فعطف الناس هنا على الجِنّة المقرون به، أولى من عطفه على الوسواس).
القاعدة السادسة عشرة: (الضمير يعود إلى القريب إذا لم يكن هناك دليل على خلاف ذلك) (1).
هذه القاعدة ذكرها الشيخ عند قوله تعالى: { .. اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ} [يوسف:42]، قال ـ رحمه الله ـ:
(قيل: أُنسي يوسف ذكر ربّه لمّا قال: (اذكرني عند ربّك).
وقيل: بل الشيطان أنسى الذي نجا منهما ذكر ربّه. وهذا هو الصواب، فأنّه مطابق لقوله: (اذكرني عند ربّك)، قال تعالى: (فأنساه الشيطان ذكر ربّه)، والضمير يعود إلى القريب إذا لم يكن هناك دليل على خلاف ذلك، ولأنّ يوسف لم ينس ذكر ربّه، بل كان ذاكرًا لربّه ... ) (2).
القاعدة السابعة عشرة: (الضمير يجب عوده إلى جميع ما تقدّم ذكره، فإن تعذّر عوده إلى الجميع؛ أُعيد إلى أقرب المذكورين، أو إلى ما يدلّ دليل على تعيينه) (3).
__________
(1) مجموع الفتاوى: 15/ 112.
(2) الراجح ـ والله تعالى أعلم ـ أنّ الآية محتملة للقولين جميعاً، وهذا من بلاغة القرآن وحسن بيانه، وقد فصّلت القول في ذلك في رسالتي للدكتوراه: (اختيارات ابن تيمية وترجيحاته في التفسير/ جمعًا ودراسة .. ) فلتراجع.
(3) مجموع الفتاوى: 31/ 147.
(1/ 57)
--------------------------------------------------------------------------------
هذه القاعدة ذكرها الشيخ في باب الوقف، ولم يذكر لها مثالاً من القرآن الكريم، ولعلّ أوضح مثال لها، قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} النور: 4، 5]،
الكتاب: القَوَاعِدُ الحِسَان من كلام شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمه الله تعالى
جمعها ورتّبها واستخرج أمثلتها: د. محمّد بن عبد العزيز المسند(/)
مع التطوير للملتقى ,,, هل سيرى هذا المشروع النور؟
ـ[أمل الأمة]ــــــــ[01 Apr 2010, 04:59 م]ـ
بسم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ...
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=18136
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Apr 2010, 05:09 م]ـ
إن شاء الله.(/)
ذكريات غانم قدوري الحمد .. (الحلقة التاسعة)
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[02 Apr 2010, 02:26 م]ـ
زيارات
الجمعة 6 كانون الثاني 1974م = 22 ذو القعدة 1394هـ
يوم الجمعة عطلة يجب أن نشعر معها بشيء من الراحة والهدوء، بعد صلاة الجمعة في الجامع القريب منا (مسجد عمر بن عبد العزيز) وبعد أن تغديت حاولت أن ارتاح لبعض الوقت، ولكني أردت أن أخرج عصر هذا اليوم لزيارة بعض المعارف، كنت أفكر بالذهاب إلى الدكتور عبد الصبور شاهين، ولكني عدلت عن ذلك واكتفيت بالمكالمة بالهاتف (1)، ذهبت إلى زميل لي في الدراسة (س)، هو مجامل لكنه غير ملتزم، فاجأني بتقديم زوجته يعرفني بها، ساءني ذلك وعَجَّلَ في مغادرتي شقتهم , زرت بعد ذلك الأخ أحمد شهاب مدير مزرعة بيجي خريج الزراعة ولديه دورة هنا لمدة ستة أشهر، كان قد أجرى عملية لأذنه منذ أيام فقلت أزوره، بعدها خرجت من شقتهم وهو يسكن خلف نادي الصيد، كنت ماشياً في الشارع وإذا برجل يناديني من أعلى إنه الأستاذ كاظم الراوي (2) يسكن هناك أيضاً، لمحني من شباك من شقتهم فنادى علي , قضيت بعض الوقت عندهم، ثم سرت قلت لأزور مجيد رشيد التكريتي الذي يعد رسالة ماجستير في الاقتصاد، لأعرف أين وصل أمر موافقة الكلية على طبع الرسالة، كان يسكن معه قادم جديد من تكريت، وهو صباح عدامة (3) الذي يدرس في معهد الدراسات العربية فرع الاجتماع ثم مضيت إلى البيت بعد أن قطعت الطريق من الدقي إلى الإعلام مشياً.
قبول
السبت 14 كانون الأول 1974م = 30 ذو القعدة 1394هـ
ذهبت اليوم إلى كلية دار العلوم ووجدت أن أسماء الطلبة المقبولين في السنة التمهيدية للماجستير للعام الدراسي 1974 - 1975 قد ظهرت، وكان الأخ سالم من بين المقبولين، فعملت ورقة من الكلية بقبوله وصَدَّقْتُهَا من دائرة الوافدين ثم من السفارة، وبعثتها إلى العراق لعل الأخ سالم يمكن أن يستفيد منها في أمر الحصول على إجازة دراسية، إن شاء الله.
إنذار
الأربعاء 18 كانون الأول 1974م = 4 ذو الحجة 1394هـ
وَصَلَنَا اليوم إنذار من مالكي الشقة التي نسكنها بوجوب إخلائها في نهاية هذا الشهر!
توديع
الخميس 19 كانون الأول 1974م = 5 ذو الحجة 1394هـ
وَدَّعْتُ اليوم وغيري كثير الأخ مجاهد الذي سافر مساءً إلى الديار المباركة لأداء فريضة الحج.
مع كتاب الإتقان
الجمعة 20 كانون الأول 1974م = 6 ذو الحجة 1394هـ
قضيت الأسبوع الماضي حتى هذا اليوم أقرأ في كتاب الإتقان في علوم القرآن للسيوطي، وقد نقلت منه جملة صالحة من النصوص.
قلق
السبت 21 كانون الأول 1974م = 7 ذو الحجة 1394هـ
ذهبت اليوم إلى مكتبة جامعة القاهرة، ونقلت بعض النصوص عن تاريخ الخط العربي، واستعرت كتابين الأول: تاريخ الأدب لحفني ناصف , والثاني: مصادر الشعر الجاهلي لناصر الدين الأسد.
قَلِقْتُ هذا اليوم قلقاً شديداً، فقد خرج الأخ خليل قبيل الظهر إلى مطار القاهرة لاستقبال ضيفه السيد راضي ذَهَب، الذي كان من المتوقع أن يصل عند الظهر , ولكنه لم يعد، وغربت الشمس وزحف الليل بسرعة، وقارب أن ينتصف وأنا لا أكاد أعرف ماذا أعمل، وذهبت بي الظنون كل مذهب، قلت لأذهب إلى المطار، وذهبت ولكن لم أجده هناك، وعدت وكنت أحدث النفس أني سأجده قد وصل البيت، ولكن لم يكن ذلك، وقاربت الساعة الثانية بعد منتصف الليل، واستلقيت أنتظر الصباح وظللت بين النوم واليقظة، وبينما أنا في تلك الحال إذ سمعت قرعاً وأصوات أقدام تضرب الأرض وأصوات تنبعث ونور يتسلل من تحت شق الباب، كانت الساعة بعد الخامسة صباحاً، وحمدت الله أن الأخ خليل قد وصل مع ضيفه، رغم أنهما جاآ كلاً على انفراد، ويبدو أني أخطأت في محل انتظاره في المطار، وكانت الطائرة قد تأخرت أكثر من اثنتي عشرة ساعة!
اتفاق
الأحد 22 كانون الأول 1974م = 8 ذو الحجة 1394هـ
ذهبت اليوم إلى دار الكتب المصرية للاطلاع فقط.
تم اليوم الاتفاق مع مالكي الشقة التي نسكنها على أن نستمر بالسكن بعد أن رفع الإيجار من 37 جنيهاً إلى 44 جنيهاً، والحق أني غير مرتاح لذلك، ولكن لا يمكن أن نحصل على مسكن جيد بسهولة الآن، خاصة أن الأخ خليل لا يبدي أي رغبة في ذلك، والله المستعان على حدثان الزمان.
الوقوف في عرفات
(يُتْبَعُ)
(/)
الاثنين 23 كانون الأول 1974م = 9 ذو الحجة 1394هـ
لفتني اليوم كآبة عميقة وحزن داخلي لأمور لم أجدها واضحة، كان ذلك مطلع النهار، فخرجت إلى كازينو أبي الفداء، وجلست في الشمس أقرأ في كتاب تاريخ الأدب لحنفي ناصف، ونقلت بعض النصوص حتى وقت الظهر، وصليت في جامع الزمالك، وعدت إلى البيت، وحاولت أن أستلقي بعض الوقت كنت اليوم صائماً – ولله الحمد – وفاء لعهد مضى، وبعد العصر كنت أستمع إلى الراديو وهو ينقل صورة لما يجري على جبل عرفات، وما جرى بعد ذلك من نفرة الحجيج إلى مزدلفة .. إنها ذكرى تثير الشجن وتحلق بالنفس إلى آفاق أخرى بعيدة في التاريخ لتعانق الأيام الأولى للإسلام، وتنزع إلى أيام آتية لعلها تحظى بذلك اللقاء الرائع على ذلك الصعيد الطاهر، أمنية نفس أسال الله أن يحققها (4)، ولكن مع ذلك الإحساس كنت أجدني أفكر في حال الأمة الإسلامية وما هي عليه من التشتت والتخلف والفرقة والهوان، وأحزن لكل ذلك، ويحزن كل مسلم، ماذا لو اجتمع المسلمون كما اجتمع ممثلوهم على جبل عرفات، قلب واحد، وروح واحدة، دعاء واحد , وهدف واحد، ماذا لو اجتمعت الشعوب الإسلامية على شعار واحد في ظل راية واحدة، لا اله إلا الله محمد رسول الله، إذن لتحقق لهم خير الدارين أفراداً وجماعات عز الدنيا ونعيم الآخرة، وَعْدَ الله لا يخلف الله وعده، اللهم فاغفر لنا وارحمنا، إنك أنت الغفور الرحيم.
يوم العيد!
الثلاثاء 24 كانون الأول 1974م = 10 ذو الحجة 1394هـ
الله أكبر الله أكبر الله أكبر ... لا إله إلا الله ... الله أكبر ... الله أكبر ولله الحمد، هتاف هز الجوانح، استقبل به المسلمون في أرجاء الأرض هذا اليوم العظيم , فمع إشراقة الشمس كان المسلمون يهتفون بهذا الهتاف الرباني الكريم , الذي يعبر عن أكبر معاني العبودية , كانوا كلهم من غير موعد سوى موعد هذا اليوم تنطلق أصواتهم تريد أن تحلق بهذا النداء إلى أعز الذكريات حيث يقف الموكب الكريم الذي يتجدد كل سنة، فتتجدد الذكريات وتنسكب العبرات ويتطلع المسلمون وتتعلق قلوبهم بهذه الجموع المنساحة على جنبات جبل الرحمة كل عام، عصر يوم التاسع من شهر ذي الحجة من كل عام، وهم يُلَبُّونَ ويُكَبِّرُونَ ويُهَلِّلُونَ ويدعون ويرجون رحمة الله، وكل منهم فرح مسرور يعود إلى أهله بعد أن أدى الفرض واطمأن إلى أنه عاد كيوم ولدته أمه، ولكن بذكريات لا تمحى , ما أشد الرابطة التي تربط المسلمين، هذا الهتاف الذي كان ينبع من أعماقهم مع إطلالة هذا الفجر ومع شروق الشمس، ابتهاجاً بحدث عظيم، أفراد المسلمين تشدهم هذه الرابطة ولكن تقف دونهم حواجز صنعتها دول الكفر وأهل النفاق، ويقف يحمي تلك الحواجز الفراعنة الصغار!
زيارات العيد
الأربعاء 25 كانون الأول 1974م = 11 ذو الحجة 1394هـ
اليوم هو اليوم الثاني من عيد الأضحى المبارك، أمس قضيته مع الأخ خليل والسيد (راضي ذَهَب الحديثي) ضيف الأخ خليل من العراق، بعد صلاة العيد في الفضاء ذهبنا إلى بيت الأستاذ كاظم الراوي، وبعدها زرت الأخ أحمد شهاب، وزرنا الأخ عايش الكبيسي، ثم تغدينا في بيت الأخ الأستاذ كاظم الراوي , عدنا بعدها إلى البيت، وذهبت أنا بعد ذلك لزيارة الأستاذ أحمد خطاب , وقضينا أمسية جميلة، ثم صباح هذا اليوم الأربعاء ذهب الأخ خليل وضيفه إلى (وسط البلد) لحجز موعد السفر له، ولكني مكثت في البيت حتى قريب الظهر، وذهبت لزيارة أحمد الجنابي ويعقوب الفلاحي، وعدت إلى البيت، ثم بعد الظهر ذهبت إلى مصر الجديدة حيث زرت الدكتور أمين السيد والإخوة د. حسام وسعد و عبد المهيمن في (جسر السويس)، بعدها عدت قافلاً إلى البيت حين حل ظلام الليل .. قمت بكل ذلك، ولكن شيئاً غريباً كنت قد بدأت أحسه آخر يوم أمس واتضح هذا اليوم إحساس كنت كلما فكرت به من قبل تركته جانباً، لكن هذه المرة كان الإلحاح شديداً , علمت أن رئيس جامعة الموصل هنا في القاهرة وكان ذلك منطلق الفكرة، عرض لي أن أقابله واشرح له طلباتي السابقة إلى الجامعة، وأطلب منه أحد أمرين: إما أن تمنحني الجامعة زمالة أو بعثة، أو أن توافق على تعييني مساعد باحث في قسم اللغة العربية في كلية الآداب، ولكن هذه الفكرة كانت موضع جذب ودفع في داخلي، إلى أن انتصف الليل فإذا أنا أتخلى عن
(يُتْبَعُ)
(/)
الفكرة كلها، وأطمئن إلى وجودي هنا في القاهرة، تاركاً الأمور المستقبلية لما سييسره الله لي في المستقبل.
أمنيات زائفة
الثلاثاء 31 كانون الأول 1974م = 17 ذو الحجة 1394هـ
قد تنتاب الإنسان حالات يفقد معها التفكير الواضح، وقد يندفع وراء أفكار أو يقوم بإعمال ربما يأسف لأنها صدرت عنه، تجتمع أسباب مختلفات قد تكون واضحة وقد تكون غير واضحة، فجأة وجدت نفسي أفكر في السفر، ربما ضقت بهذه الحياة، ربما ضقت من الدراسة والبحث وبدأت الفكرة تأخذ سبيلها إلى داخلي، وأحاول أن أجعلها معقولة بأن أستحضر كل منفر من الحياة في القاهرة وكل لطيف هناك، مع الشعور بأن ذلك سيعود على الدراسة والعمل بالخير، قلت أسافر إلى سوريا بعد شهر أو شهرين وأمكث في دمشق بضعة أسابيع أطلع على مخطوطات المكتبة الظاهرية، ثم أسافر إلى العراق وأطلع على ما في المكتبات هناك من مخطوطات ومصادر، ثم أحاول أن أجد لي عملاً في الجامعة أو خارجها، ومضت الفكرة على هذه الصورة إلى درجة أني بدأت أرتب بعض الأمور على أساسها، وكتبت رسالة الأمس (إلى الأهل) على هذا الأساس، ولكن فجأة مرة أخرى أجد نفسي أني قد بعدت كثيراً عن جادة الصواب، وأتخلى عن الفكرة الأولى تماماً وكأني أبدأ المسيرة من جديد، ولست آمَنُ أن تعود إليَّ تلك الحالة وذلك الشعور، ولكن اتضحت الأمور الآن واستقرت النفس على شيء يمكن أتحرك معه بوضوح، وخاصة بعد أن عرفت أن الموضوع الذي أعمل فيه قد سُجِّلَ في جامعة الأزهر (5)، مما يدفعني إلى الإسراع في العمل والتعجيل فيه، مع أني لا أزال أشعر بأن الطريق طويلة ولا أزال في أولها.
مجتمع المتناقضات
الأربعاء 1 كانون الثاني 1975م = 18 ذو الحجة 1394هـ
ما أكثر المزعجات في هذه الحياة، وتزداد مع ازدياد تكالب الناس على متع الحياة فلا تتاح لهم فرصة الالتفات إلى الوراء ولا النظر إلى الأمام، فهم غارقون في أوحال وأقذار الفتن والمفاسد، ومن خلال ذلك تتصارع الأهواء وتتجاذب الرغبات، ولا تعدم المسيرة من داع إلى الخير والرشاد وسط ذلك الزحام وبين تلك الأصوات الخائرة التي أتعبها الصراخ والعويل، وتتجسد الظاهرة هنا في مجتمع القاهرة بصورة جلية، فالناس يجرون طيلة حياتهم يلهثون وراء ما يمكن أن يسدوا به الرمق، أو يشتكون من التخمة أو سوء الطعام، أناس لا يجدون اللقمة وأناس يأكلون ألسنة الطير، أناس لا يجدون ما يحملهم إلى أعمالهم، فيتعلقون بأبواب الباصات، وقد يجرون حفاة الأقدام، وأناس تسير بهم المراكب في المواكب، ثم هذا يموت على فراشه يقتله المرض، وهذا يذهب يتداوى في أوربا وأمريكا، وجاهل لا يقرأ ولا يكتب ولا يعرف من أسباب الحضارة ولا يفهم منها الكثير، وهذا يتلقى الدروس الخصوصية وتتاح له فرصة السفر للتعلم حيث يكون العلم، صور متقابلة لا تكاد تنقطع، أناس يسكنون (القصور) والعمارات العالية، وأناس يلوذون بالشجر والجدران، وقد لا يظلهم شيء إلا السماء، اللصوص والمجرمون والأشقياء والعتاة .. الطيبون والصالحون .. الخلاعة والفجور .. والالتزام والتقوى، مجتمع يموج بكل الألوان، ترى أي لون يصبغ حياة الناس بعد هذا المزيج المختلف المتنافر الذي لا يمكن أن يظل على هذا طويلاً.
مظاهرات وأعمال شغب
الخميس 2 كانون الثاني 1975م = 19 ذو الحجة 1394هـ
ظهرت الصحف اليوم تتحدث عن أعمال (الشغب) التي حدثت أمس في قلب القاهرة، ذهبتُ أمس إلى مكتبة جامعة القاهرة، وبينما نحن في قاعة المطالعة كانت هناك أصوات جموع من الطلبة تسمع في الخارج، ولم ألتفت إلى ذلك، وعندما خرجت بعد الظهر أريد الذهاب إلى البيت رأيت جموعاً من الطلبة أمام مبنى رئاسة الجامعة، ومرة أخرى لم أجد ما يدفعني إلى الاستفسار عن حقيقة الأمر، وخرجت خارج أبواب الجامعة ووقفت أنتظر سيارة لأركب، ولم أصل إلى البيت إلا بشق الأنفس ركبت في سيارتين ومشيت أكثر من نصف ساعة، وخلال ذلك رأيت بعض الأتوبيسات وقد تحطم زجاجها، وتبادر إلى ذهني أن ذلك أثر تصادم، لكنه كان تكسيراً بطريقة خاصة، وإلى جانب ذلك كانت هناك حركة غير اعتيادية، وأخيراً تبين أن هناك إضراباً عمالياً، ومظاهرة قامت بأعمال شغب وعنف، ففي صباح أمس وفي باب اللوق قام جماعة من العمال بتعطيل عربة من عربات قطار حلوان
(يُتْبَعُ)
(/)
فتعطلت حركة قطارات حلوان، وظل العمال في القاهرة، ثم كانت هناك بعد ذلك مظاهرة يُظَنُّ أن الشيوعيين وراءها قد جرت في داخل المدينة من باب اللوق، وقامت بتحطيم واجهات عدد من المحلات وبضع عشرة سيارة خاصة، وبضع عشرة سيارة أوتوبيس، ويبدو أن سلطات الأمن تمكنت من تفريق الجموع عند الظهر، وظهرت الصحف اليوم تتحدث عن أعمال الشغب التي حدثت أمس وتصريحات لبعض المسؤولين تحذر من مثل هذه الأعمال المنحرفة، وأن (47) من مثيري الشغب قد اعتقلوا ويجري استجوابهم، ولم يكن ما حدث بالأمس غريباً أو غير متوقع، فكل شيء كان يوحي أن شيئاً ما سيحدث في هذا البلد.
القدرة على تحقيق الأعمال الصالحة
الجمعة 3 كانون الثاني 1975م = 20 ذو الحجة 1394هـ
لا يجد الإنسان طريقه بسهولة في هذه الحياة، قد يظل يعمل ويجاهد يشقى ويسعد ويقضي من عمره سنين كثيرة ليصل إلى ما يطمئن إليه وترتاح نفسه معه، ويجد أنه قد بدأ يحقق رسالته في الحياة، وقد تمضي به الأيام والسنون ويقضي نحبه وهو يتخبط في مجاهل الحياة ومفاتنها وظلماتها، يواجه الهوة السحيقة البعيدة القعر المظلمة الأنحاء دون أن يكون قد أعد شيئاً لمواجهة كل تلك الأهوال، فيقول (رب ارجعون لعلي أعمل صالحا .. ) ولكن بعد فوات الأوان، والإنسان وكل إنسان يستطيع أن يجد طريقه أينما كان وحيثما حل، ولكن حين تتوافر الرغبة الصادقة والنية المخلصة، فالعامل في معمله سواء يصنع الحديد الذي فيه بأس شديد أو الذي يركبه الناس أو ما تقضى به الحوائج أو يصنع الطعام والغذاء أو أية حاجة يمكن أن ينتفع بها بشر بل حتى حيوان، والفلاح في مزرعته، والمعلم بين تلامذته والتلميذ في محراب علمه والعالم في مختبره والسياسي في سياسته والتاجر في سوقه، كل أولئك يمكن أن يكونوا مجاهدين في سبيل الله كمن حمل السلاح ووقف عند الثغور والحدود يصد كيد الأعداء أو يحرر أرضاً يضمها إلى ديار المسلمين، إذا صدقوا وأخلصوا النية، كل من على الأرض من بشر مهما عظم أو صغر العمل هو الذي يرتقي به، المهم في ذلك أن يجد الإنسان طريقه، طريقه الذي يوصله إلى شاطئ الأمان، الذي يصله بالله، ومن يتوكل على الله فهو حسبه، ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب.
تاريخ القرآن
السبت 4 كانون الثاني 1975م = 21 ذو الحجة 1394هـ
قبل أن أبدأ البحث في موضوع (الرسم المصحفي) كنت لا أعرف من تاريخ القرآن إلا الشيء اليسير مما درسناه في كتاب الدكتور صبحي الصالح وبعض الكتب الصغيرة التي قرأتها، ولم أكن أعرف عن القراءات إلا الشيء اليسير، ولكن هذا البحث فتح أمامي آفاقاً واسعة لا تُحَدُّ أطرافها ولا تعد مصادرها، إن موضوع تاريخ القرآن موضع واسع: نزوله، جمعه، ترتيبه، رسمه، وقراءاته، كل هذه الموضوعات وغيرها كانت مادة لكتب كثيرة مخطوطة ومطبوعة معروفة ومجهولة مفقودة وموجودة، بالإضافة إلى العديد من المصادر التي تضمنت معلومات تعتبر ثانوية بالنسبة لموضوعها خاصة بتاريخ القرآن، وحين بدأت أقرأ في الموضوع وأجمع المادة كانت الموضوعات تتضح أمامي، وكنت كلما تقدمت في البحث أجد من الضروري إحاطتي أو اطلاعي على كل ما يتعلق بتاريخ القرآن أو أكثره، وأنا الآن أحاول وأركز على الكتابة والرسم خاصة، ولكن الأمر يحتاج لا إلى جهد فرد بل جهود أفراد، ولا إلى عمر فرد بل يحتاج إلى أجيال، ولا إلى سنوات معدودة مرتبطة بالتطلع إلى الحصول على شهادة بل إلى التفرغ والانقطاع، ولكن أنى لي بمثل هذه الفرصة وتلك الجهود والإمكانيات، إن أكثر ما يشغلني بعد العمل هو متى أستطيع أن أنجز هذا البحث، ولكن مع ذلك سأحاول ألا تكون الحقيقة ضحية هذه الرغبة، إن شاء الله.
كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد
الأحد 5 كانون الثاني 1975م = 22 ذو الحجة 1394هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ذهبت يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي إلى مبنى دار الكتب الجديد في منطقة بولاق والذي لا يحوي إلا المخطوطات، هناك عدد كبير من المخطوطات يمكن أن أستفيد منها ولكن ليس من السهولة تحقيق ذلك، فقد أنفقت يوم الثلاثاء ويوم الخميس في سبيل الحصول على إذن بالاطلاع على المخطوطات، وقد ذهبت أمس واليوم إلى الدار، وسأواصل الذهاب إن شاء الله أياما أخرى كثيرة، أمضيت يوم الخميس والأمس واليوم في القراءة في كتاب فضائل القرآن ومعالمه وأدبه لأبي عبيد القاسم بن سلام في نسخة مصورة عن مخطوطة في ألمانيا، ولا شك في أن هذا الكتاب من أهم الكتب وأقدمها وأجلها في تاريخ القرآن، وهو يقع في 58 لوحة كل لوحة في صفحتين، ولا أزال أحتاج إلى يوم آخر إن شاء الله للانتهاء من هذا الكتاب، مع أني أحمل تصريحاً مؤقتاً بالدخول إلى دار الكتب لحد الآن، إذ إن معاملة الحصول على إذن دائم متوقفة على ورود موافقة دائرة الأمن، والتي لن تكون قبل عشرة أيام أو أكثر، ومع أن البناء لا يزال جار والعمل مستمر في الدار الجديدة فإن هناك قاعتين واسعتين مهيأتين للمخطوطات، وقاعة صغيرة للمطالعة، أما دار الكتب القديمة في منطقة باب الخلق فقد كنت أعقد الآمال في أن تكون المكتبة الأولى التي سأستفيد منها ولكن عندما ذهبت هناك وجدت كل نقائص الموظفين في مصر قد اجتمعت في موظفيها الذين التقيت بهم، الإهمال وسوء الفهرسة والفوضى.
مخطوطات دار الكتب المصرية
الخميس 9 كانون الثاني 1975م = 26 ذو الحجة 1394هـ
منذ الخميس الماضي وأنا أعمل في كتاب فضائل القرآن ومعالمه وأدبه لأبي عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224هـ رحمه الله، وهو يقع في 58 لوحة، ومع أنه ليس كبيراً فإنه من أقدم الكتب التي رأيتها تتحدث عن تاريخ القرآن مع الصدق والإخلاص، رغم بعض الأخبار الغريبة التي يرويها، أنهيت دراسة هذا الكتاب يوم أمس ونقلت منه أشياء كثيرة عن جمع القرآن واختلاف المصاحف، ونشأة القراءات، وكنت طوال اليوم أعمل في دار الكتب المصرية في مبناها الجديد على النيل، كنت أنقب في فهارس المكتبات التي تضمنها الدار: التيمورية وطلعت، وقَوَلَة، والفهرس العام، ووجدت عدداً غير قليل من الكتب المخطوطة التي يمكن أن أستفيد منها في بحثي إن شاء الله، ولكن علة العلم في مصر فقدان الأمانة، هي علة مصر المزمنة بأسرها وكل مرافقها، طلبت بعض المخطوطات للاطلاع عليها في دار الكتب وكان الموظف يرد أكثر ما أطلب ويقول غير موجود، ما معنى ذلك، وأساله متى سيكون موجوداً في وقت آخر فأطلبه، فلا يجيب أو يقول: لا أدري، وحدث هذا مع غيري، كنت أراهم يطلبون ولكن تعود الطلبات والموظف يصيح غير موجود، أين تذهب هذه المخطوطات التي كانت يوماً ما فعلاً موجودة في الدار؟ إذ لو لم تكن موجودة لما ذُكِرَتْ في الفهارس، وهي لا يمكن أن تتلف وتختفي إلى الأبد برمتها، إذن لابد أن يداً تمتد لسرقة هذا التراث الذي لا يخص مصر وحدها بل هو تراث الإسلام والمسلمين والعالم أجمعين، وسمعت عن مثل ذلك أنه حدث في المكتبة الأزهرية، وإذا كانت يد سارق المال تقطع فلا أقل من أن يحرق هؤلاء العابثون، ولكن أين ومتى؟!
الشيخ عبد الحميد كشك
الجمعة 10 كانون الثاني 1975م = 27 ذو الحجة 1394هـ
كان الجو هذه الأيام مائلاً للبرودة قليلاً، ولكن ليس بدرجة تجعل المرء يفضل المكوث في البيت، فالجو هنا في القاهرة محتمل جداً سواء برد الشتاء أم حر الصيف، إذا ما قيس بالأجواء المتطرفة في العراق، خرجت مع الأخ خليل بعد العاشرة صباحاً، وزرنا مكتبة وهبة التي أكن لها منذ زمن بعيد مشاعر الحب ولها ذكريات لطيفة في قلبي، زرناها فكانت عامرة بحمد الله، وسمعت عن تحريقها في العهود الغابرة لكنها اليوم تبدو مزدانة من جديد بأجل الكتب وأنفسها، ولأول مرة منذ سنين بعيدة تعرض كتب سيد قطب في المكتبات، سمعت أحدهم وهو يتعجب لعمل الناس في مصر إذ هو يرى كيف حرقت كتب هذا الرجل وكيف عاد الناس يتسابقون إلى شرائها، وتعرفنا على صاحب المكتبة واشترينا بعض الكتب، ومنذ زمن كنا نحدث أنفسنا أن نصلي عند الخطيب الذي بلغت خطبه وأخباره العراق، الشيخ عبد الحميد كشك، ولم نكن نعرف المكان بالضبط، ووصلنا قبل الصلاة ولكن وجدنا منظراً عجباً، كان
(يُتْبَعُ)
(/)
الجامع قد امتلأ بالمصلين، وهناك بناية تبنى خلف الجامع ربما ملحقاً له من أربعة طوابق لا تزال في طور التشييد وقد فرشت بالحصر وضاقت بالمصلين أيضاً، والشوارع المحيطة بالجامع كذلك، زحام شديد، مئات بل ألوف لا يحصيهم عد، حتى كنت أحدث نفسي في بداية الأمر بفكرة غريبة جداً ماذا لو تداعى هذا البناء الجديد من ثقل الناس وتزاحمهم فوقه إذن لحدثت كارثة تظل تروى على مدى الأيام، ولكن خطبة الخطيب أنستني كل تلك الأوهام، وطالت الخطبة، وغادرنا بعد الصلاة جامع الملك في منطقة دير الملاك بشارع مصر والسودان، وسط أمواج من البشر!
صلاة الفجر
السبت 11 كانون الثاني 1975م = 28 ذو الحجة 1394هـ
مع أني أعمل الآن بصورة جيدة إلا أني أشعر بتقصير كبير في جنب الله سبحانه، صلاة الفجر، لا أكاد أنال تأديتها قبل الشروق أكثر من يوم في الأسبوع، بركة صلاة الفجر وقراءة القرآن في الفجر مبعث قوة ونشاط عظيمين، ولكني أشعر أني محروم منهما إلى حد ما، وكل يوم أضع فيه رأسي على المخدة منتصف الليل أحدث نفسي بالاستيقاظ مبكراً، ولكن يجيء الصباح فإذا الشمس قد علت فأسرع لأداء الصلاة، ثم أتناول ما يسره الله وأخرج مسرعاً إلى إحدى المكتبات: جامعة القاهرة، دار الكتب، مكتبة معهد الدراسات العربية، معهد المخطوطات، لأعود بعد الظهر، ثم أحاول الاستلقاء ساعة لعلي أنسى بعض تعب الصباح والنهار، ثم بعد الساعة الرابعة أبدأ من جديد، ثم تأتي صلاة المغرب وصلاة العشاء، ثم نستريح ساعة بعد صلاة العشاء نتناول بعض الطعام، ثم تستمر رحلة العمل حتى الثانية عشرة منتصف الليل، حينها أسرع إلى الفراش، ومرة أخرى أحدث نفسي بصلاة الفجر وبركة ذلك، ومع أني أعمل ما يقارب الثماني ساعات وأحيانا عشراً فإني أشعر بحزن عميق عندما أذكر قرآن الفجر وصلاة الفجر، على أن هذا النظام ليس سارياً طيلة الأيام، إذ لا أعمل في بعض الأيام إلا ساعتين أو ثلاث، على أني لا أزال أؤمل أني سأحظى ببركة صلاة الفجر طيلة الأيام، إن شاء الله (6).
شمولي بالمنحة المالية
الأحد 12 كانون الثاني 1975م = 29 ذو الحجة 1394هـ
طُرِقَ (باب الشقة) مساء هذا اليوم، فإذا الطارق هو السيد محمد أحمد محمود، من أهل بيجي أو هو الآن يسكن بيجي، وصل القاهرة قادماً من العراق اليوم، وهو يدرس الماجستير في التاريخ الحديث ويعد رسالة لذلك، وكان قد قابل الأخ سفر والأخ سالم، وأرسلوا معه بعض الرسائل وبعض الحاجات جزاهم الله خير الجزاء، الأخ سالم إلى الآن لم تتضح أموره ولا أدري إن كان قد خرج من الجندية أم لا، وهو يطلب تأجيل دراسته في دار العلوم إلى العام القادم، الأخ سفر كتب لي عن قانون عودة ذوي الكفاءات، وهو الذي صدر أخيراً في العراق ويشمل كل من يحصل على شهادة عليا أقلها الماجستير، ويحظى المشمولون به بامتيازات مادية كثيرة، كذلك تحدث لي الأخ سفر عما وصل إليه العمل في الدار التي ننشئها الآن في بغداد فقد وصل البناء إلى مستوى الشبابيك من أعلى في بعض الأماكن والى مستوى الشبابيك من أسفل في أماكن أخرى، يتم العمل من قبل مقاول عليه العمل فقط والمواد تجهز له، والأخ سفر يذهب إلى بغداد كل أسبوع ليرى ما يصل إليه العمل، وجاء كذلك في إحدى الرسائل خبر شمولي بالمنحة المالية التي تدفع لكل من أكمل سنة دراسية في الدراسات العليا، وكنت قد قدمت طلباً منذ يوم 7/ 11/1974 إلى الملحقية الثقافية العراقية في القاهرة، وحُوِّلَ إلى بغداد، ويبدو الآن أن الموافقة قد تمت منذ 18/ 12/1974، ولم يبق سوى عمل الكفالة، ويسري مفعول المنحة حتى 1/ 8/1976 والحمد لله أولا وآخراً.
أول السنة الهجرية
الاثنين 13 كانون الثاني 1975م = 1 محرم 1395هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
في صباح كل يوم كنت أحس بالضجيج الذي ينبعث من الخارج سواء من حركة الناس وجلبتهم أو انطلاق السيارات والعربات وأزيزها، لكن صباح هذا اليوم كان هادئاً كنت أتطلع عبر النافذة، يكاد الشارع يكون خالياً، وتمر بين آونة وأخرى سيارة النقل العام وتكاد تكون فارغة، وهي في الأيام الأخرى قد ضاقت بالناس حتى تعلقوا بأبوابها، وهناك رجل أو اثنان وأفراد قلائل يتحركون في الشارع، بائع جرائد أو بائع خبز أو لبن، أو عامل ينتظر نوبته، وما وراء ذلك صمت لا يدغدغه إلا نور الشمس الذي يصل إلى الأرض على استحياء عبر ضباب القاهرة الكاذب، مثل هذا المنظر قد يتكرر أو بعضه يوم الجمعة كل جمعة، لكن له في هذا اليوم مذاق خاص إنه ذكرى الهجرة، إنه رأس السنة الهجرية – انتهاء سنة واستقبال أخرى، ولكن لم يحس الناس من ذكرى ذلك الحدث العظيم إلا بهذه الرقدة والاسترخاء المقيت، ولكني كنت أحمد الله أن هذا اليوم لم يكن فرصة لمزيد من المنكرات، كما كان رأس السنة الميلادية قبل نصف شهر تقريباً، ليس للمسلمين من رأس السنة الهجرية إلا الإجازة وإلا أن يهنئ قادة الاتحاد السوفيتي الرؤساء العرب برأس السنة، ثم في العراق يفتي القاضي ويعلن أن رأس السنة هو يوم غد وليس اليوم مخالفاً إجماع الناس، ولعلهم لم يروا الهلال، لكنه في العراق له بداية محزنة مؤسفة مبتدعة.
وفاة الأستاذ محمد رشاد
الأربعاء 15 كانون الثاني 1975م = 3 محرم 1395هـ
غدوت أمس منذ الصباح الباكر إلى معهد المخطوطات في جامعة الدول العربية للاطلاع والنظر في بعض المصادر، ودخلت مبنى الجامعة العربية، وبعد تسجيل الاسم في سجل الداخلين توجهت إلى المصعد، لكنه تأخر فالتفتُّ يساري كانت هناك ورقة معلقة على لوحة إعلانات صغيرة، قلت لأقرأها لحين مجيء المصعد: ينعى معهد المخطوطات الأستاذ محمد رشاد عبد المطلب، لم أكن أتبين بالضبط من هو المقصود لكني حين أفكر في الأستاذ رشاد أكاد لا أحتمل الفكرة، وكأن مظاهر الصحة والقوة مظاهر بقاء ودوام، حقا كانت مفاجأة لي وللناس الآخرين من موظفي المعهد والطلاب المترددين والناس الآخرين ممن يعرفونه، إنه السكرتير الثاني في المعهد، له معرفة واسعة بأمر المخطوطات، وقد توطدت بيني وبينه علاقة طيبة، رجل ربما جاوز الخمسين لكنه ضخم البنية لا يبدو عليه أثر الكبر رغم الشيب الذي لاح برأسه، كان قد أنهى الدوام يوم الأحد وغادر المعهد بعد الظهر صحيحاً سليماً معافى، لكنه ما أن حل المساء حتى تهاوى في بيته في لحظات لم تتح لأهله استدعاء طبيب أو عمل شيء، كان الأجل قد حان وجاءت الوفاة، ولا تأخير لأمر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ترك الدنيا وما كان له فيها وواجه المصير فرداً ولم يبق معه إلا عمله، فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره، ولم تنفع الصحة، ويخطئ الناس حين يظنون أن الموت بعيد عنهم لأنهم في صحة وشباب. رحم الله الأستاذ رشاد، كان قد أفادني كثيراً وقت مراجعتي للمعهد، ودلني على مصادر كثيرة في رسم المصحف.
أثر المطر في القاهرة
الخميس 16 كانون الثاني 1975م = 4 محرم 1395هـ
ذهبت في الصباح إلى دار الكتب المصرية، وعدت منها بعد الظهر، عدت مشياً، إذ ركبت من الدار إلى بداية (كوبري أبو العلا) وهناك كانت طوابير السيارات تمتد إلى مئات الأمتار عند محور الكوبري تنتظر دورها للمرور أو العبور، وسبب كل هذه الأزمة هو أن غيمة جاءت على القاهرة وأرسلت زخات خفيفة، فأوحلت الشوارع بمادة سوداء كريهة قذرة كأنها القطران، وتوقف كثير من العربات فخفت السرعة في الشوارع، وخرج الناس من أعمالهم يريدون العودة إلى بيوتهم، عبرت كوبري أبو العلا مشياً، واخترقت الزمالك وتجاوزتها إلى بيتنا في 160 شارع 26 يوليو، وعند الغروب كنت قد فكرت في أمر آخر، فلا تزال قطعة القماش التي أحضرها الأخ مجاهد من السعودية غير مخيطة، فقلت لآخذها إلى الخياط هذا المساء، وأمر في طريقي إلى الأخ محمد أحمد محمود، ونزلت إلى الشارع بحذر من بقايا أوحال مطر الظهيرة، وكنت أفكر بأن أذهب بها إلى الخياط عبد السلام، ولكن كرهت المكان الذي هو فيه، وحدث أن عرفت خياطاً بواسطة الأخ عايش، اسمه سعد زغلول، ذهبت إليه وكلي أمل أن أعود إليه الخميس القادم
(يُتْبَعُ)
(/)
إن شاء الله، وعرجت على بنسيون أنجلو سويس قرب ميدان التحرير فلم أجد الأستاذ محمد، وسرت من هناك عائداً إلى البيت بعد أن اشتريت كتاب: في التاريخ فكر ومناهج، وبعض الصحف العراقية التي نحرص على شراء أي عدد يصل منها إلى القاهرة، فهي نافذة نطل بها على أرض الوطن وساكنيه.
شعر منثور (6)
الجمعة 17 كانون الثاني 1975م = 5 محرم 1395هـ
كل شيء من حولنا يدور في انتظام
الشمس في الصباح تؤنس الوجود
وفي المساء يقبل الظلام .. وألق النجوم
وهذه الغيوم .. والأنهار تجري من قديم
وفي الربيع تورق الأزهار
كل شيء من حولنا يدور بانتظام
من قبلنا يدور بانتظام
وكل ما نبصره يخضع للناموس
ثم ننظر كيف يعمل البشر
خليفة الأرض والتعمير
هو الوحيد الذي يزعم الخروج على ذلك النظام
فيحطم نفسه على صخرة النظام
في هوة سحيقة القرار
حتى العصافير في فلك تدور
لكنه يزعم أنه كبير
أكبر من هذه الجبال
أوسع من تكلم الصحراء وظلمة البحار
ما أجمل أن ندور في ظل هذا العالم الرحيب
ندور بانتظام
فنشرب الرحيق من كل أزهار الحياة!
محروس
السبت 18 كانون الثاني 1975م = 6 محرم 1395هـ
يعمل في قسم المخطوطات في دار الكتب المصرية أناس كثيرون، بعضهم نرى لهم بعض الأعمال، كأن يجلسوا خلف طاولة أو يناولوا مخطوطاً، والبعض الآخر ليس لهم من الأعمال الظاهرة إلا الثرثرة والتسكع، ولعل أكثرهم اتصالا بالمراجعين هو (محروس) ذلك الفتى البائس، لا يتجاوز عمره الخامسة عشرة أشعث أغبر، عيناه مريضتان، ملابسه بائسة تلتصق على جسد قد أهزلته السنون، محروس هو الذي يجلب المخطوطات للمراجعين، ولاحظت أنه يماطل في أحيان كثيرة، وربما اعتذر بأن المخطوط غير موجود، وهو جواب يتكرر في دار الكتب، وما كان الأمر ينفع مع هذا البائس إلا بالحقن المنشطة، فحقنته أول الأيام بعشرة قروش، فبدأت حركته تشتد وتزداد سرعة، وصار له في كل يوم خمسة قروش، وإني لأستقلها ولكنه يبدو قد طابت له الحكاية، في اليوم الذي أتناسى فيه أمر الخمسة قروش يعدو عند خروجي من الدار ويحاول أن يختلق له عملاً، ولكنه في الحقيقة يحاول أن يذكرني بالموعد، وإذا استيأس قال مع السلامة يا أستاذ، واليوم فعل ذلك فأمسكته من يده، وحاولت أن أجعله يسير معي قليلاً، فسألته عن دراسته، فقال إنه لم يدرس في مدرسة، وإنما تعلم الكتابة خارجها، وأما راتبه فيدعي أنه ثلاثة جنيهات في الشهر، ووالده يعمل في فرن للعِيش (الخبز)، ووَفَّيْتُ بالوعد لكن كانت صورة البؤس قد خيمت عليَّ وأنا أتساءل كم في مصر، وكم في هذا العالم البائس أمثال محروس، ومن هم أكثر تعاسة وبؤساً منه.
القانون
الأحد 19 كانون الثاني 1975م = 7 محرم 1395هـ
"القانون بيئول كده"! "القانون ميسمحش"! أحد العاملين في دار الكتب بقسم المخطوطات يرفع دائماً هذا الشعار، ويحاول أن يدفع به كثيراً من طلبات المراجعين، كلما احتاج إلى عذر أو كلما أراد أن يمارس ضغطاً رفع ذلك الشعار، ولعل الدافع في كلتا الحالتين واحد، لعله - والله أعلم – يبغي من وراء ذلك شيئاً يصعب عليه التصريح به؛ فيبدو أن في قانون الدار: يمنع استعمال قلم الحبر في نسخ أي معلومات من المخطوطات، فلا بد من استعمال قلم الرصاص، وكنت أتردد على دار الكتب أياماً عديدة والناس ينسخون بالحبر والجاف ولا أحد يعترض، ومرة حدثت ضجة في قسم المخطوطات لأن مدير الدار أزمع زيادة القسم، وتهيأ الموظفون وكذلك أرادوا أن يتهيأ معهم الباحثون، وتذكروا أن قانون الدار ينص على استعمال قلم الرصاص، فأمروا بإخفاء أقلام الحبر، ومر يوم بعد زيارة المدير الذي لم يكن يفكر بهؤلاء الجالسين ولا بما يكتبون به، مر يوم وإذا بذلك الموظف يطلب منا مرة أخرى استعمال أقلام الرصاص، ونتساءل لماذا؟ فيقول "القانون بيئول كده" (وإذا كان عدكم اعتراض تفضلوا وروحوا للمدير) ومضى يوم ثان ومضى القانون وعاد الناس إلى عاداتهم، طلبت مرة أكثر من مخطوطتين، وتذكر صاحبنا القانون واعترض بأن "القانون مبيسمحش" بأكثر من مخطوطتين، وأنا أنظر إلى أحد المحظوظين من المراجعين والمخطوطات تتكدس أمامه بلا عد ولا حصر، صاحبنا رجل قصير ممتلئ، قد لاح الشيب في رأسه، ولا بد أنه جاوز الأربعين، وهو حريص على القانون في كل مناسبة، وربما إلا
(يُتْبَعُ)
(/)
في حالة واحدة!
أقصر طريق لتصوير المخطوطات
الاثنين 20 كانون الثاني 1975م = 8 محرم 1395هـ
حين زرت الدكتور عبد الصبور شاهين في ثالث أيام عيد الأضحى، كلفني بتصوير مخطوطة في دار الكتب المصرية كانت طالبة تدرس الدراسات العليا في دار العلوم، وهي تعمل الآن في الكويت واسمها خولة الهلالي، قد طلبت من الدكتور عبد الصبور ذلك، وقام هو بدوره يطلب مني ذلك، على أساس أني تلميذه وربما صديقه إن صح التعبير، ولم أجد ما يمنعني من ذلك وخاصة أني عزمت أن أتوجه إلى قسم مخطوطات دار الكتب بعد عطلة العيد. وبدأت فعلاً أذهب كل يوم إلى قسم المخطوطات في دار الكتب المصرية في المبنى الجديد، ومنذ أول يوم دخلت المبنى فيه بدأت التفكير في أمر تصوير المخطوطة واستفسرت من المسؤولين، فقالوا لا بد من موافقة الأمن لأنك (مش مصري)، وكنت قد قدمت طلباً للحصول على موافقة الأمن، ولكنها كما يبدو ستتأخر بعض الوقت، وعندما كنت أعمل الطلب قال لي سكرتير مدير قسم المخطوطات الأستاذ خليل إذا أردت تصوير أي مخطوط فإنه مستعد للمساعدة، وأنا كنت أعرفه منذ الصيف عندما ذهبت مع الأخ جليل رشيد لتصوير بعض المخطوطات، وعندما وجدت أن الطرق الأصولية لتصوير المخطوطة قد سُدَّتْ، جئت إليه فرحب، واتصل بالتليفون بمراقب المخطوطات وقال له (أنا عايزك في خدمة زي الأولى) وذهبت إليه لأستحصل توقيعه على الطلب فإذا هو يلين بعد أن كان يلقاني بوجه عبوس، لم أمارس أسلوب الرشوة في التعامل ولكن الإنسان يجد نفسه مضطراً لذلك في مصر أنَّى اتجه، ووعدني سيد خليل أن ينجز تصوير مخطوطة شرح ديوان رؤبة يوم الخميس القادم بعد أن مضى ما يقرب من ثلاثة أسابيع ولكن دون جدوى، وهكذا تفعل (الرشوة) المقيتة في هذا البلد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
انتظار
الثلاثاء 21 كانون الثاني 1975م = 9 محرم 1395هـ
بعد أن أنجزت الاطلاع على أكثر المخطوطات التي تتصل بالرسم المصحفي في مخطوطات دار الكتب المصرية في المبنى الجديد بكورنيش النيل توجهت اليوم إلى المبنى القديم في محاولة للاطلاع على بعض الكتب المطبوعة في أواخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن مما يتعلق بتاريخ القرآن، وبعد جهد وصلت إلى أرقام بعض تلك الكتب، وسجلت الورقة التي تقدم لطلب الاطلاع على كتاب، وإذا بالموظف يقول لي إن هذه الكتب في المبنى الجديد، فسألت هل يمكن أن أطلع عليها هناك؟ فقال لا، إذن ما العمل؟ فإذا به يقول إن ذلك يقتضي الانتظار يومين حتى يُطْلَبَ الكتاب من الدار الجديدة ويجلب إلى المبنى القديم في باب الخلق، الذي يضم الآن الكتب المطبوعة، وقدمت طلباً لإحضار بعض تلك الكتب، فإذا به لا يقبل إلا طلب كتابين، والموعد يوم السبت، بهذه الطريقة يتعامل الناس مع المكتبات هنا، يضعون العراقيل أمام الوصول إلى أي كتاب ربما لا يفيد الباحث بأكثر من صفحة أو صفحتين، وربما يكون مصدراً أساسياً، وأنا الآن أنتظر يوم السبت وأتوقع أن يأتي الجواب بأن الكتاب غير موجود، وربما الكتابان، وهو جواب معتاد في مكتبات مصر، سواء في مكتبة جامعة القاهرة أو دار العلوم أو دار الكتب: الكتاب غير موجود، لا بل حتى المخطوطات غير موجودة، فقد حدث أن طلبت أكثر من مخطوط في دار الكتب فقالوا إنه غير موجود.
موعد الأحزان
الأربعاء 22 كانون الثاني 1975م = 10 محرم 1395هـ
لا أدرى لماذا في كل مساء تنبعث الأحزان
حين تغيب الشمس يقبل الظلام
وتقبل الهموم
وفي كل مساء أنا على موعد مع الحزن المسائي الجميل
رفيقي الذي لا يخلف الميعاد في المساء
أتذكر أني غريب
وأن أناساً آخرين يشعرون أنهم في هذه الدنيا غرباء
مسافرين في رحلة تبدو طويلة
وتهدأ الأصوات في المساء
لكن صوتاً واحداً يبعثه الظلام من جديد
كانت هناك في السماء غيمة سوداء
تحمل بعض هموم الناس
لكنهم ينظرون متى ستروي هذه الغيمة القلوب
وتختلج في نفسي الذكريات
والشوق إلى شيء لا أكاد أعرفه، لكنه في كل مساء يعود
أحاول أن أختفي بعيداً لكن المساء لا تحده الحدود
ويكتسي الوجود سرباله القديم
وتلتقي الأفراح والأحزان في موعد مع المساء
يا ربنا نَوِّرِ الأبصار والبصائر
وزَيِّنِ المساء بالنجوم لتؤنس المسافر!
طال انتظاري
السبت 25 كانون الثاني 1975م = 13 محرم 1395هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
خرجت كالمعتاد في الصباح ذاهباً إلى المبنى القديم لدار الكتب المصرية في باب الخلق، لأطلع على بعض الكتب المطبوعة طبعات قديمة، كنت يوم الثلاثاء الماضي قد قَدَّمْتُ طلباً للاطلاع على كتابين، قالوا إنهم سيجلبونهما من الدار الجديدة، وهذا يحتاج إلى عدة أيام ووعدني الموظف بيوم السبت هذا، وذهبت أصطنع النشاط الذي استنفد معظمه زحام الأوتوبيس، ومن العتبة ركبت الطُرْمَاي لعدة دقائق، ثم دخلت الدار، واستفتحت بتلك الوجوه الحزينة، وسألت عن الكتب التي طلبتها، وإذا بالموظف لم يأت بعد، وقالوا إنه لن يأتي هذا اليوم، وحاول من يقوم مقامه أن يعثر على الكتب التي طلبتها، كان الجواب أنها لم تصل إلى الآن، تحتاج إلى ثلاثة أيام أخرى! وحاولت أن أستفيد من هذا الصباح الذي ذهب نصفه هدراً فطلبت كتابين للاطلاع عليهما مما تضمه الدار، وجلست ما لا يقل عن نصف ساعة لينادي الموظف علي، فإذا أحدهما غير موجود، وهكذا فإن الوقت يذهب بين البحث والانتظار وتجهم هؤلاء الموظفين الذين يشعرون بالحرمان، ويحاولون أن يلحقوا بالركب بأي ثمن كان، ولا أشك أن العلة التي تشكو منها دار الكتب المصرية هي نفسها التي تشكو منها مكتبات القاهرة، وهي نفسها التي تشكو منها دوائر الحكومة كلها في مصر، إنها حاجة الموظف التي أدت إلى فقدان الأمانة والإخلاص، وما أصعب الأمر إذا أريد الإصلاح من غير أن تغسل هذه النفوس من الداخل من كل ذلك الخبث، وتملأ بنور جديد من الإسلام الخالد.
زيارة خاصة
الأحد 26 كانون الثاني 1975م = 14 محرم 1395هـ
خرجنا من الشقة حوالي السابعة صباحاً، خلاف الأيام السالفة، كنا مسرعين، وركبنا بتكسي إلى ميدان رمسيس، وانتظرنا قليلا حتى حضر الأخ محسن وركبنا القطار إلى العرب .. وفي الطريق قبل أن نخرج من أطراف القاهرة توقف القطار في إحدى المحطات، وإذا برجل ينادي علينا أن انزلوا بسرعة، وإذا بسيارة تكسي تنتظرنا وركبناها كنا خمسة، فراحت تتهادى مبتعدة عن القاهرة، تارة تمر في وسط حقل من التين الشوكي، وأخرى وسط مزرعة للبرسيم، وثالثة وسط بستان من النخيل والفواكه، أو قرب معمل دخانه يعصف، أو في طريق وسط أرض جرداء على ضفاف نهر، وانتهينا إلى العرب بيوت تشبه بيوت قُرَانا في العراق، كان الأطفال مندهشين ومتعجبين بالسيارة، فهم يجرون خلفها، البساطة والفطرة، وإذا نحن أمام عالم آخر غير عالم القاهرة، أحاديث عن الماضي والحاضر، وتطلعات إلى المستقبل، وكأننا في حلم يتجاوز حدود الزمن، ونعبره عبر الماضي إلى عشرات من السنين الماضية لكي نلتقي بالذكريات والرجال صانعي تلك الذكريات، فتأخذنا نشوه عظيمة، وننصت إلى الأحاديث التي سمعناها ولأول مرة نسمعها بهذا الوضوح والبساطة، كانت تلك الكلمات قد ملكت علينا قلوبنا وأسماعنا فلا زلنا منصتين حتى آذن الوقت بالانقضاء، وانطلقت بنا السيارة إلى القاهرة مرة أخرى، ودخلنا أطرافها والنجوم قد بدت واضحة، وضمنا ليل القاهرة، لكن تلك الذكريات لا يمكن أن يغطيها ليل أو يمحوها نهار.
في معرض الكتاب
الجمعة 31 كانون الثاني 1975م = 19 محرم 1395هـ
افتتح مساء يوم الأربعاء الماضي معرض القاهرة الدولي للكتاب، وكان قد افتتح في السنة الماضية في مثل هذا الوقت أيضاً، ذهبت أمس أنا والأخ خليل منذ الصباح، وظللنا نمتع النظر والفكر في هذه الأعداد الضخمة من الكتب، في كل اللغات ومن مختلف الدول عربية وأجنبية، واشتريت بعض الكتب ذات المساس بموضوع القراءات وتاريخ القرآن، ولعل أجل الكتب التي اشتريتها: كتاب التيسير لأبي عمرو الداني، وغاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري، وكتاب نكت الانتصار للباقلاني، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد، مع مجموعة أخرى من الكتب، ولكني أجد نفسي هذه السنة أقل اندفاعاً في شراء الكتب، ربما لأنني أستحضر دائماً قصة شحنها، أو لأن الكتب الجيدة في نظري على الأقل نادرة، أو لأن الكتب هذه السنة أكثر غلاء، وكذلك كنت أحس أن حركة الناس في المعرض أكثر فتوراً من السنة الماضية وأقل عدداً، ويبدو أن الكتب الجديدة أيضاً قليلة، مع ارتفاع الأثمان، والنغمة السائدة الآن في مصر لا بل في العالم كله هي أزمة الورق، فقد تضاعف ثمن الورق بكل أنواعه مع قلته
(يُتْبَعُ)
(/)
، ويذهب نتيجة ذلك وضحية له القارئ الفقير والعِلْمُ الثمين، إذ تتاح الفرصة لنشر الكتب الجذابة البراقة التي تجذب القراء، أما الكتب الرصينة والعلمية فيبدو أنها أقل رواجاً، مما يزهد الناشرين في طبعها والمؤلفين في بذل الجهد لكتابتها، ولا أدري ما علة هذه الأزمة الورقية وما علاقة النفط بها، ولكن الغلاء يعم كل شيء في هذه الأيام.
نشرت هذه الحلقة يوم الجمعة 17/ 4/1431هـ
ــــــــــــــــ الحواشي ــــــــــــــــــ:
(1) لم تكن الهواتف النقالة معروفة في ذلك الوقت، ولم يكن لدينا هاتف في الشقة، وإذا احتجنا للاتصال لجأنا إلى الأكشاك في الشارع، كما لم يكن في الشقة جهاز تلفاز، وكانت الصحف والراديو وسيلتنا لسماع الأخبار أو الاطلاع عليها.
(2) بلغني أن الأستاذ كاظم الراوي توفي يوم الثلاثاء 2آذار 2010م، الموافق 16 ربيع الأول 1431هـ، بعد وفاته بيومين، وهو مقيم بمدينة راوة، في أعالي الفرات، رحمه الله تعالى، وحدثتني نفسي بالسفر إلى راوة مع بعض المعارف، لكن منع سير المركبات على الطرق بين المحافظات لقرب موعد الانتخابات حال دون ذلك.
(3) الدكتور صباح عدامة هيشان، أول عميد لكلية التربية للبنات في جامعة تكريت، وعملت معه في الكلية منذ تأسيسها سنة 1988م إلى حين انتقالي إلى كلية التربية في الجامعة سنة 1992م، وهو الآن مقيم في دولة الإمارات كما بلغني منذ مدة.
(4) تحقق لي ذلك والحمد لله، فقد حججت في عام 1420 هـ = 2000م ونحن في اليمن، كما أني حججت سنة 1424هـ = 2004م من العراق، واعتمرت في صيف 2006، و2008، و2009 م، والحمد لله.
(5) كتب الدكتور عبد الحي حسين الفرماوي أطروحته للدكتوراه عن (رسم المصحف ونقطه) في قسم التفسير وعلوم القرآن في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، ونوقشت يوم الاثنين 20/ 1/1975م.
(6) تحقق لي ذلك منذ أمد، والحمد لله، بعد أن بنينا مسجد الفرقان بجوار الدار.
(7) كنت أمارس هذا النوع من الكتابة في سنوات سابقة، ولا أدري ما الذي بعث هذه العادة من جديد، وأنا أكتب النص كما وجدته في المفكرة، وقد لا يجد فيه القارئ ما يستحق الوقوف عنده.
الحلقات السابقة:
1 - ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الأولى) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18525)
2- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثانية) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18581)
3- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثالثة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18636)
4- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الرابعة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18711)
5- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الخامسة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18785)
6- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة السادسة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18853)
7- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة السابعة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18943)
8- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثامنة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19012)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[02 Apr 2010, 03:55 م]ـ
ذكريات جميلة يا أستاذنا الغالي، الحقيقة عشتُ معك تلك الأيام من خلال هذه الكلمات المكتوبة هنا، الذكريات حياة ماضية، والأمنيات حياة قادمة، نشكرك على إبداعك وأسلوبك وذكرياتك، ولا نزال نتابع بشغف وننتظر بقية الأجزاء، أسأل الله لكم الرفعة في الدنيا والآخرة ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Apr 2010, 06:16 ص]ـ
تاريخ القرآن
السبت 4 كانون الثاني 1975م = 21 ذو الحجة 1394هـ
قبل أن أبدأ البحث في موضوع (الرسم المصحفي) كنت لا أعرف من تاريخ القرآن إلا الشيء اليسير مما درسناه في كتاب الدكتور صبحي الصالح وبعض الكتب الصغيرة التي قرأتها، ولم أكن أعرف عن القراءات إلا الشيء اليسير، ولكن هذا البحث فتح أمامي آفاقاً واسعة لا تُحَدُّ أطرافها ولا تعد مصادرها، إن موضوع تاريخ القرآن موضع واسع: نزوله، جمعه، ترتيبه، رسمه، وقراءاته، كل هذه الموضوعات وغيرها كانت مادة لكتب كثيرة مخطوطة ومطبوعة معروفة ومجهولة مفقودة وموجودة، بالإضافة إلى العديد من المصادر التي تضمنت معلومات تعتبر ثانوية بالنسبة
(يُتْبَعُ)
(/)
لموضوعها خاصة بتاريخ القرآن، وحين بدأت أقرأ في الموضوع وأجمع المادة كانت الموضوعات تتضح أمامي، وكنت كلما تقدمت في البحث أجد من الضروري إحاطتي أو اطلاعي على كل ما يتعلق بتاريخ القرآن أو أكثره، وأنا الآن أحاول وأركز على الكتابة والرسم خاصة، ولكن الأمر يحتاج لا إلى جهد فرد بل جهود أفراد، ولا إلى عمر فرد بل يحتاج إلى أجيال، ولا إلى سنوات معدودة مرتبطة بالتطلع إلى الحصول على شهادة بل إلى التفرغ والانقطاع، ولكن أنى لي بمثل هذه الفرصة وتلك الجهود والإمكانيات، إن أكثر ما يشغلني بعد العمل هو متى أستطيع أن أنجز هذا البحث، ولكن مع ذلك سأحاول ألا تكون الحقيقة ضحية هذه الرغبة، إن شاء الله.
وفقكم الله يا أبا عبدالله وقد فعل. فقد استطعتم في بحثكم هذا (رسم المصحف) أن تقدموا للمكتبة القرآنية ما يعد إضافة علمية متميزة تستحق الشكر والتقدير، وقد أثمرت تلك المعاناة خيراً لكم ولنا نحن القراء. ولا تزال الكتابة المحررة المستوعبة في موضوع (تاريخ القرآن) ناقصةً لم تعط حقها بعد حتى اليوم، وليت أحد الباحثين النابهين يتصدى لكتابة ما يعتبر تاريخاً للقرآن، مع تحفظ بعض الباحثين مثل الدكتور عدنان زرزور في كتابه (علوم القرآن وإعجازه وتاريخ توثيقه (ص 6، 49 .. ) على هذه العبارة، حيث يرى أن عبارة (قطعية النص القرآني وتاريخ توثيقه) أولى في الاستعمال؛ لما ألصقه المستشرقون من شبهات وادعاءات تطعن في توثيق القرآن تحت عناوين (تاريخ القرآن) ..
كتاب فضائل القرآن لأبي عبيد
الأحد 5 كانون الثاني 1975م = 22 ذو الحجة 1394هـ
ذهبت يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي إلى مبنى دار الكتب الجديد في منطقة بولاق والذي لا يحوي إلا المخطوطات، هناك عدد كبير من المخطوطات يمكن أن أستفيد منها ولكن ليس من السهولة تحقيق ذلك، فقد أنفقت يوم الثلاثاء ويوم الخميس في سبيل الحصول على إذن بالاطلاع على المخطوطات، وقد ذهبت أمس واليوم إلى الدار، وسأواصل الذهاب إن شاء الله أياما أخرى كثيرة، أمضيت يوم الخميس والأمس واليوم في القراءة في كتاب فضائل القرآن ومعالمه وأدبه لأبي عبيد القاسم بن سلام في نسخة مصورة عن مخطوطة في ألمانيا، ولا شك في أن هذا الكتاب من أهم الكتب وأقدمها وأجلها في تاريخ القرآن، وهو يقع في 58 لوحة كل لوحة في صفحتين، ولا أزال أحتاج إلى يوم آخر إن شاء الله للانتهاء من هذا الكتاب، مع أني أحمل تصريحاً مؤقتاً بالدخول إلى دار الكتب لحد الآن، إذ إن معاملة الحصول على إذن دائم متوقفة على ورود موافقة دائرة الأمن، والتي لن تكون قبل عشرة أيام أو أكثر، ومع أن البناء لا يزال جار والعمل مستمر في الدار الجديدة فإن هناك قاعتين واسعتين مهيأتين للمخطوطات، وقاعة صغيرة للمطالعة، أما دار الكتب القديمة في منطقة باب الخلق فقد كنت أعقد الآمال في أن تكون المكتبة الأولى التي سأستفيد منها ولكن عندما ذهبت هناك وجدت كل نقائص الموظفين في مصر قد اجتمعت في موظفيها الذين التقيت بهم، الإهمال وسوء الفهرسة والفوضى.
[/ SIZE]
كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام هذا مع صغر حجمه في غاية النفاسة كما تفضلتم، وقد غفل الكثيرون منا اليوم عن العودة لقراءة كتب تلك الطبقة المتقدمة من العلماء والاشتغال بكتب المعاصرين، ولا شك أن هذا خللاً منهجياً في القراءة والتأصيل العلمي لطالب العلم. وقد كنتَ موفقاً يا أبا عبدالله في قراءتك وجمعك لمادتك العلمية، مع هذه الصعوبات والعوائق التي لا يكاد أحد يمر بها من طلبة العلم اليوم لتوفر الكتب بكل الطرق، ولكن: أين الباحثون الجادون؟
ولأول مرة منذ سنين بعيدة تعرض كتب سيد قطب في المكتبات، سمعت أحدهم وهو يتعجب لعمل الناس في مصر إذ هو يرى كيف حرقت كتب هذا الرجل وكيف عاد الناس يتسابقون إلى شرائها
[/ SIZE]
يبدو أن هذا قَدَرُ كتب هذا الرجل المبتلى رحمه الله، فقد عادت هذه الموجة مرات منذ ذلك التاريخ، ولا تزال تعود بين الفينة والأخرى والله المستعان.
شعر منثور (6)
الجمعة 17 كانون الثاني 1975م = 5 محرم 1395هـ
كل شيء من حولنا يدور في انتظام
الشمس في الصباح تؤنس الوجود
وفي المساء يقبل الظلام .. وألق النجوم
وهذه الغيوم .. والأنهار تجري من قديم
وفي الربيع تورق الأزهار
(يُتْبَعُ)
(/)
كل شيء من حولنا يدور بانتظام
من قبلنا يدور بانتظام
وكل ما نبصره يخضع للناموس
ثم ننظر كيف يعمل البشر
خليفة الأرض والتعمير
هو الوحيد الذي يزعم الخروج على ذلك النظام
فيحطم نفسه على صخرة النظام
في هوة سحيقة القرار
حتى العصافير في فلك تدور
لكنه يزعم أنه كبير
أكبر من هذه الجبال
أوسع من تكلم الصحراء وظلمة البحار
ما أجمل أن ندور في ظل هذا العالم الرحيب
ندور بانتظام
فنشرب الرحيق من كل أزهار الحياة!
[/ SIZE]
نادراً ما تستوقفني مثل هذه الخواطر الأدبية التي يسمونها شعراً منثوراً، ولكنني توقفت كثيراً عند ما كتبته وفقك الله في هذه الحلقة، وقرأتُ فيه معاني المعاناة والغربة وأثرها في نفسك، ولكن الحمد الله الذي جعل عاقبتها خيراً، وأسأل الله أن يجعل عاقبتكم في الآخرة خيراً، والله لا يضيع أجر المحسنين. وهذه ثمرة الأدب، وكيف ينجح في تصوير لحظات الحزن والألم إذا كانت التجربة الشعورية صادقة حقاً، بغض النظر عن القالب الذي خرجت فيه تلك الصور.
زيارة خاصة
الأحد 26 كانون الثاني 1975م = 14 محرم 1395هـ
خرجنا من الشقة حوالي السابعة صباحاً، خلاف الأيام السالفة، كنا مسرعين، وركبنا بتكسي إلى ميدان رمسيس، وانتظرنا قليلا حتى حضر الأخ محسن وركبنا القطار إلى العرب .. وفي الطريق قبل أن نخرج من أطراف القاهرة توقف القطار في إحدى المحطات، وإذا برجل ينادي علينا أن انزلوا بسرعة، وإذا بسيارة تكسي تنتظرنا وركبناها كنا خمسة، فراحت تتهادى مبتعدة عن القاهرة، تارة تمر في وسط حقل من التين الشوكي، وأخرى وسط مزرعة للبرسيم، وثالثة وسط بستان من النخيل والفواكه، أو قرب معمل دخانه يعصف، أو في طريق وسط أرض جرداء على ضفاف نهر، وانتهينا إلى العرب بيوت تشبه بيوت قُرَانا في العراق، كان الأطفال مندهشين ومتعجبين بالسيارة، فهم يجرون خلفها، البساطة والفطرة، وإذا نحن أمام عالم آخر غير عالم القاهرة، أحاديث عن الماضي والحاضر، وتطلعات إلى المستقبل، وكأننا في حلم يتجاوز حدود الزمن، ونعبره عبر الماضي إلى عشرات من السنين الماضية لكي نلتقي بالذكريات والرجال صانعي تلك الذكريات، فتأخذنا نشوه عظيمة، وننصت إلى الأحاديث التي سمعناها ولأول مرة نسمعها بهذا الوضوح والبساطة، كانت تلك الكلمات قد ملكت علينا قلوبنا وأسماعنا فلا زلنا منصتين حتى آذن الوقت بالانقضاء، وانطلقت بنا السيارة إلى القاهرة مرة أخرى، ودخلنا أطرافها والنجوم قد بدت واضحة، وضمنا ليل القاهرة، لكن تلك الذكريات لا يمكن أن يغطيها ليل أو يمحوها نهار.
[/ SIZE]
أين هي هذه المنطقة يا أبا عبدالله، وليتك توضح لنا المقصود فلم يظهر لي.
في معرض الكتاب
الجمعة 31 كانون الثاني 1975م = 19 محرم 1395هـ
افتتح مساء يوم الأربعاء الماضي معرض القاهرة الدولي للكتاب، وكان قد افتتح في السنة الماضية في مثل هذا الوقت أيضاً، ذهبت أمس أنا والأخ خليل منذ الصباح، وظللنا نمتع النظر والفكر في هذه الأعداد الضخمة من الكتب، في كل اللغات ومن مختلف الدول عربية وأجنبية، واشتريت بعض الكتب ذات المساس بموضوع القراءات وتاريخ القرآن، ولعل أجل الكتب التي اشتريتها: كتاب التيسير لأبي عمرو الداني، وغاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري، وكتاب نكت الانتصار للباقلاني، وكتاب السبعة في القراءات لابن مجاهد، مع مجموعة أخرى من الكتب، ولكني أجد نفسي هذه السنة أقل اندفاعاً في شراء الكتب، ربما لأنني أستحضر دائماً قصة شحنها، أو لأن الكتب الجيدة في نظري على الأقل نادرة، أو لأن الكتب هذه السنة أكثر غلاء، وكذلك كنت أحس أن حركة الناس في المعرض أكثر فتوراً من السنة الماضية وأقل عدداً، ويبدو أن الكتب الجديدة أيضاً قليلة، مع ارتفاع الأثمان، والنغمة السائدة الآن في مصر لا بل في العالم كله هي أزمة الورق، فقد تضاعف ثمن الورق بكل أنواعه مع قلته، ويذهب نتيجة ذلك وضحية له القارئ الفقير والعِلْمُ الثمين، إذ تتاح الفرصة لنشر الكتب الجذابة البراقة التي تجذب القراء، أما الكتب الرصينة والعلمية فيبدو أنها أقل رواجاً، مما يزهد الناشرين في طبعها والمؤلفين في بذل الجهد لكتابتها، ولا أدري ما علة هذه الأزمة الورقية وما علاقة النفط بها، ولكن الغلاء يعم كل شيء في هذه
(يُتْبَعُ)
(/)
الأيام. [/ SIZE]
لا تزال هذه العلة حتى اليوم من غلاء الكتب، وعوائق نشر الكتب الجادة، ونفاق الكتب الأقل جودة، وغلاء الورق. ولكن ظروفنا اليوم اختلفت كثيراً فقد طبعت الآف الكتب وحققت وظهرت وانتشرت اليوم بين يدي طلبة العلم والباحثين.
وقد كشفت لنا ذكريات الدكتور غانم قدوري الحمد هذه عن الصعوبة التي كان يجدها في وقته للاطلاق على الكتب أو المخطوطات، مع بذله الجهد في المتابعة والصبر والسير لمسافات للاطلاع على كتاب واحد أو بعضه. واليوم أصبحت المراجع والمصادر والمكتبات مبذولة لطلبة العلم إعارة أو شراء أو مراسلة أو عبر تصويرها بطريقة PDF وبالرغم من ذلك لا تجد ذلك النهم في القراءة، والإقبال عليها، والصبر في سبيل تعميق المعرفة، وإثراء البحث، والصبر على الفهم الدقيق، والتعبير الأنيق عن تلك المعرفة، وتتبع جزئيات البحوث للخروج بنتائج ترضي البحث العلمي وطلابه، وإنما استعجال في كل ذلك أورثناً خبالاً في البحث العلمي، وأدى إلى سوء الظن بالبحث والباحثين.
فما أحوجنا - نحن طلبة العلم الصغار - إلى الاستفادة من هذه التجربة الماثلة أمامنا في ذكريات أستاذنا الدكتور غانم الحمد، الذي أثبت مع الوقت أنه يمكن للباحث الجاد الحريض أن يصنع شيئاً مميزاً في خدمة البحث العلمي إذا أخلص النية، واستصحب الصبر والأناة في بحثه وعمله، وها هي مؤلفات الدكتور غانم قدوري الحمد شاهدٌ على هذا أتمنى أن يرجع القراء الفضلاء إليها ليروا قيمتها العلمية، ومدى الفائدة التي تعود من وراء قراءتها.
جزاكم الله خيراً يا دكتور غانم، فقد أثرت بهذه الذكريات الكثير من الشجون، وما أحوجنا إلى وقفة صادقة مع أنفسنا لمحاسبتها على التقصير في إعدادها الإعداد الأمثل للسير في طريق طلب العلم وخدمته والارتقاء به وبها، والله المستعان لا إله غيره.
حين زرت الدكتور عبد الصبور شاهين في ثالث أيام عيد الأضحى، كلفني بتصوير مخطوطة في دار الكتب المصرية كانت طالبة تدرس الدراسات العليا في دار العلوم، وهي تعمل الآن في الكويت واسمها خولة الهلالي، قد طلبت من الدكتور عبد الصبور ذلك، وقام هو بدوره يطلب مني ذلك، على أساس أني تلميذه وربما صديقه إن صح التعبير، ولم أجد ما يمنعني من ذلك وخاصة أني عزمت أن أتوجه إلى قسم مخطوطات دار الكتب بعد عطلة العيد
[/ SIZE]
جزاك الله خيراً على مساعدتك لهذه الباحثة، فهي تستحق الشكر والتقدير حقاً، وكتابها الذي أنجزته عن أراجيز رؤبة بن العجاج، وكلامها عن غريب القرآن من أجود ما قرأته، وقد أفدتُ من بحثها هذا كثيراً في بحثي للدكتوراه عن الشاهد الشعري في تفسير القرآن، فجزاك الله خيراً.
وهذا درس لنا جميعاً ألا نتوانى في مساعدة الباحثين والإحسان إليهم، والله يحب المحسنين. [/ SIZE]
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 Apr 2010, 08:50 م]ـ
الحمد لله وحده ..
يمكننا تسمية هذه الحلقة بحلقة الرجال ..
وقد ذكر الشيخ فيها ثلة من خيرة الرجال ..
أما الأول: فهو الأستاذ سيد قطب والذي شأضاعه التقليب بين غلو المدافعين وحماستهم وبغي المناوئين وغلظتهم ..
وأما الثاني: فنسيج وحده شيخ خطباء مصر الشيخ عبد الحميد كشك وهذا رجل أضاعه ذهول الناس عنه في زحمة الدعاة وتوالي أجيالهم ..
وأما الثالث فالأستاذ الفاضل محمد رشاد عبد المطلب والذي كلما قرأت كلام أبي أروى عنه = وددت لو كنت قابلته، فليراجع كلام الدكتور محمود الطناحي عن هذا الرجل ففيه خير كثير ..
وأما الرابع: فالحاج وهبة صاحب مكتبة وهبة والذي كونت عنه صورة ذهنية جميلة جداً من حوار أدارته معه الأستاذة صافيناز كاظم على صفحات جريدة القاهرة منذ أكثر من عشر سنوات ..
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[05 Apr 2010, 11:20 ص]ـ
حلقة رائعة جدا، حوت معلومات قيمة،
وأشعر بالأسف لما ورد بالنسبة لحال المخطوطات، والحمد لله الذي تكلف بحظ القرآن الكريم.
وأعجب من الناس الذين يحسبون أن طلب العلم نزهة، وإذا حازه إنسان وحاول أن يؤدي حقه، ويعمل ما هو واجب عليه، يظنون أنه يتسلى وفي سياحة.(/)
درر منتقاة
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[02 Apr 2010, 03:36 م]ـ
http://www.ibtesama.com/vb/imgcache/2953.imgcache
:: كلمة في الإخلاص::
أحب الأعمال إلى الله وأزكاها وأعظمها أجرا عند الله سبحانه وتعالى ما أخلص فيه العبد لوجهه وأراد به ما عند الله وما طابت الأقوال والأعمال إلا بإرادة وجه الله الكريم ومن عرف الله بأسمائه وصفاته أحبه ومن أحب الله هابه وكل شيء إذا تقربت منه ربما أنه تقل حرمته وتذهب هيبته إلا الله سبحانه وتعالى فكل مازددت من حبه وعبادته وإرادت وجهه كلما ازددت من هيبته والخوف منه ولذلك قال سبحانه وتعالى {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} فاطر28 لما عرفوه بأسمائه وصفاته وحكمه وأحكامه عرفوا قدره سبحانه وتعالى وقدروه حق قدره فخافوا منه فأصابتهم الخشية لله سبحانه وتعالى ولا قيمة للقول ولا للعمل إلا إذا عرف العامل والقائل ربه فأراد ماعند الله والدار الآخرة {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} القصص83 شهد الله أن من أراد وجهه أن العاقبة له وأن من أراد ماعند الله ربحت تجارته وعظمت غنيمته.
وهل أفلح السلف الصالح رحمهم الله برحمته الواسعة فبقيت علومهم وأقوالهم ونصائحهم ومواعظهم كأنها كتبت بالأمس القريب بل كأنها كتبت في هذه الساعة تضيء للسائلين وتهدي بإذن الله الحائرين إلى مرضاة رب العالمين وفي ذلك من الأجر ما الله به عليم كل ذلك بفضل الله ثم بالإخلاص.
المتكلمون كثير والوعاظ كثير ومن ينصح كثير ولكن من يريد وجه الله قليل {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} سبأ13 قليل من يخلص وقليل من يريد وجه الله وقليل من إذا أراد أن يتكلم أو يعمل العمل نظر في قلبه هل يريد وجه الله فيقدم أو يريد غير الله فيحجم كان بعض السلف إذا قيل له حدثنا يمتنع ويقول حتى تأتي النية أي حتى أعلم ما الذي أريده من هذا الحديث.
وتأذن الله جل وعلا لمن أراد وجه بطيب هذا العلم وبركته فأزكى الناس وأعظم الناس فلاحا في هذا العلم من أراد وجه الله عز وجل ولم يرد به رياء ولا سمعه ولا ثناء وإنما أراد به ثواب الله والدار الآخرة ولذلك قال بعض العلماء كم من عمل قليل كثرته النية فالأعمال تطيب بالإخلاص والله سبحانه وتعالى إذا نظر إلى عبده وهو أمام الناس وفي خلوته لايختلف حاله لايريد إلا ما عند الله ولا يريد إلا وجه الله زكى الله قوله وعمله وأصبح كلامه يخرج من لسانه إلى قلوب الناس وأصبحت مواعظه ونصائحه وتوجيهاته تلامس شغاف القلوب فيحي الله عز وجل بها الموات ويهدي بها المؤمنين والمؤمنات ويعظم بها الأجور والحسنات {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً} الكهف30
الله أكبر إذا أردت وجه الله سبحانه وتعالى فكنت لاتقدم ولا تؤخر إلا وأنت تريد ما عند الله فتلقت الملائكة أقوالك وأفعالك وخطتها في الصحائف خطها ملائك حافظون لايغشون ولا يكذبون و لايزورون ولا يفترون أمناء حافظون يعلمون ما تفعلون خطت لك في صحائف الأعمال وكتبت لك في صحائف الأقوال ورأيتها أمام عينيك لاتفقد منها حرفا ولا قيل في يوم لاينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم فقلت يارب أريد وجهك. وسألك الله ماذا تريد بهذا العلم الذي تطلبه وبهذه المجالس التي حظرتها وهذه الكلمات التي سمعتها؟ قلت يالله أريد وجهك وأريد ما عندك فقال الله صدقت وقالت الملائكة صدقت نسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا ذلك الرجل.
كل منا يتفقد مافي قلبه هل يريد وجه الله أو يريد غير الله وكل يوم يمر عليك وأنت في طلب العلم تنظر في قلبك وما الذي يعتبه العبد على ربه فالله أحياك وأنت ميت لولا أن الله أحياك والله أغناك وأنت فقير " يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أُطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم " اللهم إنا نستهديك ونستكسيك ونسألك اللهم من القول والعمل ما يرضيك
العبد في أكمل الحاجة وأشد الحاجة إلى الله سبحانه وتعالى ولم يستطيع أن يجد على الله أي تقصير منه سبحانه وتعالى نعم تغدق عليه الصباح والمساء فكيف يريد غير وجه الله وما الذي وجدوا عند غير الله حتى يريد غير الله ويترك الله جل جلاله ءإله غير الله هل وجد غير الله أغنى من الله هل وجد غير الله ينفعه من دون الله ما الذي يجد الإنسان إذا مدحه المادحون وأثنى عليه المثنون وليست له كرامة عند الله جل جلاله ما الذي يجز الإنسان إذا لم تكن له عند الله عز وجل منزلة سقطت منزلته لما نظر الله إلى قلبه وفيه إرادة غير وجهه فيه الدنيا وحب الرياء وحب السمعه والمراد قضاء الأوقات وإلهاء الأوقات ولا يريد وجه الله جل جلاله اللهم إنا نسألك العافية.
ينبغي على طالب العلم أن يوطن نفسه وأن يحاول قدر استطاعته على أنه لايتكلم في هذا العلم ولا يعمل ولا يكتب ولا يسمع إلا وهو يريد ماعند الله اللهم إنا نسألك علما نافعا وقلبا خاشعا اللهم امنن بالعافية غدونا وآصالنا وأختم بالسعادة آجالنا إنك ولي ذلك والقادر عليه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا.
فضيلة الشيخ: محمد بن محمد المختار الشنقيطي
http://www.ibtesama.com/vb/imgcache/2953.imgcache
http://www.ibtesama.com/vb/imgcache/2952.imgcache
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[06 Apr 2010, 05:18 م]ـ
http://www.al-wed.com/pic-vb/74.gif
الدرة الثانية
سورة يوسف
استنبط العلماء من سورة يوسف أن على قدر جمع المرء للعلوم تكون رفعته في الدنيا والآخرة، فإن يوسف لم يكن ذا علم واحد، فقد أُوتي حظاً في علم السياسة، وحظاً في علم التربية، وحظاً في علم الرؤيا، وأعظم من ذلك كله حظاً في علوم العقائد؛ لأنه يتلقى الوحي من الله، فلما جمع أصناف العلم وجدته كما ترى ساد كما أخبر الله جل وعلا عنه في طيات كتابه العظيم ...
فضيلة الشيخ: صالح بن عواد المغامسي.
http://www.al-wed.com/pic-vb/74.gif
http://www.ibtesama.com/vb/imgcache/2952.imgcache
ـ[يسعد صباحك]ــــــــ[09 Apr 2010, 01:33 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا بك أخي
بارك الله بك , وجزاك الله خير الجزاء
كلام نفيس ودُرر بحق ,,
زادك الله علماً ومعرفة ,
ورزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح
وفقك الله ورعاك
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[16 Apr 2010, 10:32 م]ـ
http://www.ibtesama.com/vb/imgcache/2958.imgcache
الدرة الثالثة
الله يقول وقوله الحق: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} [يونس/ 62 - 63] وأعظم قرائن ولايتهم محبتهم لربهم وكثرة ذكرهم له ((مثل الذي يذكر الله ومثل الذي لا يذكر الله كمثل الحي والميت)) {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة /152] {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [الكهف/ 46] وغير ذلك مما تحسن به الولاية صعب على المسلم أن يمر عليه يوم لم يفتح فيه المصحف صعب على المسلم أن يبيت ليلة دون أن يوتر صعب على المسلم أن يستكثر أن تخطو قدماه في السحر إلى مسجد يصلي فيه صلاة الفجر هذه وأمثالها من القربات إذا صنعها الإنسان وهو يشعر فيها بلذة العبودية أنه عبد لله وروي أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ولا يعطي الدين إلا لمن يحب)) فيكفي المرء فخراً أن يشعر أن الله - جل وعلا – يحبه صحيح لا يستطيع الواحد أن يقطع بهذا لكن العبد إذا رأى نفسه قد وفق للطاعات لعل هذا من قرائن محبة الله له ...
فضيلة الشيخ: صالح بن عواد المغامسي.
http://www.ibtesama.com/vb/imgcache/2958.imgcache
http://www.ibtesama.com/vb/imgcache/2952.imgcache(/)
طلب بحث بعنوان الضابط اللغوي في التفسير
ـ[تامر المظالي]ــــــــ[02 Apr 2010, 06:52 م]ـ
الأخوة الكرام أعضاء هذا المنتدى المبارك، أنا في حاجة إلى هذا البحث، فمن يمكنه أن يساعدني في الحصول عليه فليفعل، وجزاه الله خيرا وأدعو الله له بالتوفيق والسداد والفوز بالجنة.
ـ[تامر المظالي]ــــــــ[02 Apr 2010, 06:54 م]ـ
البحث بعنوان
الضابط اللغوي في التفسير - محسن عبد الحميد كلية الدراسات الإسلامية , بغداد – 6(/)
لقاء علمي بعنوان (الاستنباطات المبتكرة من القصص القرآني)
ـ[تبيان]ــــــــ[02 Apr 2010, 08:52 م]ـ
تقيم الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه (تبيان) ممثلة في اللجنة الفرعية بمنطقة مكة المكرمة لقاء علميا بعنوان
(الاستنباطات المبتكرة من القصص القرآني)
للأستاذ الدكتور / حكمت بشير. عضو مجلس إدارة الجمعية.
يوم الأحد 19/ 4 / 1431هـ.
الساعة الحادية عشرة صباحا
في قاعة ابن محفوظ بجامعة الملك عبد العزيز بجدة.
ويأتي هذا اللقاء ضمن عدة مناشط (ندوات - لقاءات علمية - محاضرات - دورات) نفذتها الجمعية خلال هذا العام في مختلف مناطق المملكة زادت على عشرين منشطا.
كما يسر الجمعية أن ترحب بأراء الإخوة تجاه هذه المناشط، باقتراح عناوين لهذه اللقاءات والندوات والمحاضرات، وغيرها مما يسهم في إنجاح مسيرة جمعيتكم (تبيان)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Apr 2010, 01:35 ص]ـ
ما شاء الله عنوان جميل وشيخنا المبارك وفقكم الله وسدد خطاكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Apr 2010, 06:39 ص]ـ
وفقكم الله وبيض وجوهكم، وأسأل الله أن يبارك في هذه الأعمال وينفع بها.
ـ[الجكني]ــــــــ[04 Apr 2010, 02:35 م]ـ
وفقكم الله جميعاً لما يحب، وفتح على شيخنا الأستاذ الدكتور حكمت حفظه الله ورعاه.
وكم كنت أتمنى أن يكون ضمن هذا اللقاء زميلي الدكتور: فهد الوهبي حفظه الله، فهو من فرسان هذا المحور فتح الله عليه.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[05 Apr 2010, 05:02 م]ـ
لقاء موفق وعنوان أخاذ مفيد لشيخنا العلامة الدكتور حكمت أطال الله عمره واحسن عمله ونفع به.
ـ[المنصور]ــــــــ[05 Apr 2010, 05:37 م]ـ
المشاركات لاتظهر
ـ[المنصور]ــــــــ[06 Apr 2010, 01:11 ص]ـ
الحمد لله ظهرت الآن
ـ[أبو إسحاق، نبيل السندي]ــــــــ[08 Apr 2010, 08:25 ص]ـ
هل من تسجيل صوتي للقاء يُرفع على الشبكة لتعم الفائدة؟
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[08 Apr 2010, 09:05 ص]ـ
نعم هل من تسجيل صوتي بارك الله فيكم؟(/)
ملتقى أهل التفسير في إذاعة القرآن الكريم من القاهرة
ـ[أبو المهند]ــــــــ[02 Apr 2010, 10:41 م]ـ
.
بمناسبة ظهور ملتقانا الكريم في حلته القشيبة الجديدة أسوق إليكم هذه البشرى:
من سره أن يستمع إلى القرطبي " الجامع لأحكام القرآن الكريم " فليستمع إلى إذاعة القرآن الكريم من القاهرة الساعة الخامسة عصرا بتوقيت القاهرة حيث يتم تحويل التفسير إلى مادة مسموعة بطريقة حوارية غاية في الإفهام.
ـ بشرى أخرى:
من أراد أن يستمع إلى أعلام المفسرين كـ:
الدكتور محمد عبد الله دراز.
الدكتور محمد حسين الذهبي صاحب " التفسير والمفسرون"
الدكتور:" الراوي "
الدكتور:" الشرباصي.
الدكتور عبد الحليم محمود.
والشيخ: جاد الحق.
و شيخ القانون: السنهوري باشا.
وشيخ الأصوليين: عبد الوهاب خلاف.
استمع إلى جمع كبير من العلماء المعاصرين المفسرين على مدار ساعات الليل والنهار
ـ في نهضة إذاعية لم تسبق في الإذاعة عموما ولا في إذاعة القرآن خصوصا ـ عن طريق إذاعة القرآن الكريم من القاهرة.
والله الموفق والمستعان.
ـ[يحيى بن عبدربه الزهراني]ــــــــ[03 Apr 2010, 12:21 ص]ـ
بارك الله في الجهود , ونفع بها أمة الإسلام
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Apr 2010, 01:38 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين ...
ـ[محمد شرف الدين]ــــــــ[03 Apr 2010, 03:29 ص]ـ
هذا رابط الاستماع الي الاذاعة
http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=16365
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Apr 2010, 06:35 ص]ـ
خدمة رائعة جداً وفقكم الله يا أبا عمر على هذه الهدية القيمة.(/)
الاعتراض في القرآن وحصره في الجملة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[02 Apr 2010, 11:04 م]ـ
من خلال قراءاتي حول الاعتراض في القرآن لاحظت اهتماما من المعاصرين وتركيزا على الجملة الاعتراضية، في حين يتحقق الاعتراض بغير الجملة، ويتأدى بالأخير أغراضا تتأدى من الاعتراض بالجملة.
فهل ثمة إفادة في الموضوع؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Apr 2010, 06:45 ص]ـ
نعم، هناك كتابات قيمة كثيرة حول هذا الموضوع، وهي دراسات مقدمة في أقسام البلاغة. لعلي أعود لبعضها وأذكرها إن شاء الله.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 Apr 2010, 01:27 م]ـ
جزاكم الله خيرا
هل هذه الكتابات استقصائية؟ بمعنى أنها تتبعت ودرست مواضع الاعتراض في القرآن؟(/)
لتعرفوا فضل سياسة مجمع الملك فهد والدولة السعودية حول طباعة المصحف وتوزبعه داخلها
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 Apr 2010, 04:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وبعد ..
ذهبت أمي - حفظها الله ورعاها وأطال عمرها بالخير - إلى عمرتها في العام الماضي، وأخذت معها (مصحف المسجد الأقصى) لتودعه بالمسجد النبوي، لتنال أجر القراءة فيه، ولم أكن أعرف أمر أخذها للمصحف، فلما رجعت حكت لي أن الأمن في المسجد منعها من وضع المصحف، وقال لها هذا ممنوع. فتعجبت هي جدا من الأمر، ولكني شرحت لها تلك السياسة منذ أنشئ مجمع الملك فهد.
لعله من المعروف سياسة الدولة السعودية ومجمع الملك فهد - رحمه الله - في منع أو تداول مصحف غير مصحف المدينة النبوية في داخل المملكة العربية السعودية. ولعل هذا مما يثير البعض لما يعلمه للوهلة الأولى، فينظر إلى الأمر نظرة عنصرية.
ولكن ينسى الكثيرون أن مجمع الملك فهد هو أول هيئة حكومية خاصة بطباعة المصحف الشريف .. وينسى كذلك تلك الميزانية وذلك الاهتمام من قبل الدولة في خدمة هذا المجمع، وينسى تلك التوزيعات الضخمة التي تعد الآن بالملايين للمصحف على المسلمين في جميع أنحاء العالم، حتى غدا المصحف الأول في بيوت المسلمين.
إن أشهر مصحف قبل مصحف مجمع الملك فهد هو مصحف (الشمرلي) في مصر، فهل تعلمون ما هي الشمرلي؟
هي مطبعة تجارية عادية جدا يملكها تاجر، أي أنها متجر خاص كأي متجر، وهي تطبع الكراريس والأوراق كأية مطبعة تجارية تقع في وسط البلد في منطقة الفجالة بالقاهرة. وأنا قد نشأت في بداية أمري على مصحف الشمرلي وحفظت عليه قدرا من القرآن.
أي أنه وحتى هذا الحين، لم تكن مؤسسة حكومية تعني بالمصحف تلك العناية التي اعتنى بها مجمع الملك فهد، وليست القضية هي مستوى اقتصادي تتمتع به المملكة، فلدينا وزارة الأوقاف، وهناك دعم ينال بعض المنتجات التي توزع من خلالها، ولم يحظ القرآن بتلك العناية، ولا أقصد هنا الكلما على تقصير وقع أو لم يقع، وإنما أقصد بيان الفضل لمن قاموا بهذا العمل.
وأخيرا .. واعترافا بالفضل .. وتأييدا لسياسة منع تداول غير مصحف المدينة داخل المملكة العربية السعودية .. ولمعرفة نعمة الله في حماية القرآن بمثل تلك السياسة .. انظروا الرابط التالي:
http://www.aswat-elchamal.com/ar/?p=98&a=5987
والحمد لله رب العالمين
ـ[حاتم ظهران]ــــــــ[04 Apr 2010, 10:18 م]ـ
الله يبارك فيكم أخي الكريم ويديم على هذه البلاد حفظ الدين والعمل به
أجدت وأفدت
ـ[أبو المهند]ــــــــ[05 Apr 2010, 01:29 ص]ـ
[ QUOTE= محمد رشيد;99622] [ SIZE="5"]
ولكن ينسى الكثيرون أن مجمع الملك فهد هو أول هيئة حكومية خاصة بطباعة المصحف الشريف ..
أنا من محبي مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ومن المتعاونين معه على أكثر من صعيد ولكن من الإدارات الحكومية الرسمية التى تقوم على طباعة المصحف وتوزيعه " مطبعة المصحف الشريف " بالأزهر الشريف وهي المطبعة التى تطبع من المصحف ملايين النسخ وتوزعه مجانا على طلاب الأزهر مع مقرراتهم الدراسية هذا للعلم.
إن أشهر مصحف قبل مصحف مجمع الملك فهد هو مصحف (الشمرلي) في مصر، فهل تعلمون ما هي الشمرلي؟
هي مطبعة تجارية عادية جدا يملكها تاجر، أي أنها متجر خاص كأي متجر، وهي تطبع الكراريس والأوراق كأية مطبعة تجارية تقع في وسط البلد في منطقة الفجالة بالقاهرة. وأنا قد نشأت في بداية أمري على مصحف الشمرلي وحفظت عليه قدرا من القرآن.
لا يعاب الأستاذ حسين الشمرلي بل له الفضل بعد الله والسبق في إخراج مصحف لا يبرح حقيبة أمثالي في سفري وفي إقامتي ومحال أن أستجم بالقراءة إلا فيه أو في طبعة مشابهة لأنني وأمثالي اعتدت عليه وعلى موقع كل كلمة في القرآن منه ولو قرأت في غيره حدثت لي "لخبطة " من هنا جيلنا يقرأ في الشمرلي إلى الآن وأولادنا حفظوا في المملكة على نسخة المجمع لذا حرصنا على مدهم بعدد كبير منه وبكل أحجامه.
فلا عيب في الشمرلي كونه يقوم على بيع الدفاتر والأجندات والتقاويم و ..... مع المصحف لا عيب فيه أبدا حتى نطرح الموضوع بهذا الاستهلال " مطبعة تجارية عادية " ..... يا شيخ محمد!!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
أسأل الله تعالى أن يعلي من شأن صرح الإسلام مجمع الملك فهد في المدينة وكل مكان يعتني بخدمة القرآن طباعة أو تجليدا أو .........
والله الموفق.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[06 Apr 2010, 03:20 م]ـ
أظن مراد محمد هو تعظيم دور المجمع لا تحقير دور الشمرلي ..
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[06 Apr 2010, 09:12 م]ـ
أظن مراد محمد هو تعظيم دور المجمع لا تحقير دور الشمرلي .. < br /> <br /> جزاكم الله خيرا أخي أحمد< br /> بل هو صريح كلامي. لذا تعجبت من طبيعة استدراك أستاذنا الفاضل الدكتور خضر، وربما لم ينتبه لكافة ما كتب في الرسالة.< br /> وكلمة (تحقير) تلك بشعة جدا، مغرقة في السوء، لا أدري كيف التهاون في استعمالها، حتى لو كان استفسارا - لا سيما إن لم يكن في كلامه دلالة عليه -! .. (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) - جزء من حديث رواه مسلم لأبي هريرة مرفوعا -.< br /> وحينما أقول (مطبعة تجارية عادية) ليس هذا طعنا فيها، فهو عملها، وكسب رزقها، وإنما هو بيان لفضل الملك فهد رحمه الله في هذا الباب، الذي أسس للقرآن مؤسسة حكومية لها ميزانيتها وفضلها على العالم الإسلامي كله. والمراد هو أن النسخة الأشهر قبل مجمع الملك فهد، كان صدورها من مكتبة تجارية عادية جدا، جزى الله صاحبها خيرا، ثم لما كان مجمع الملك فهد، كانت نقلة نوعية يحسب فضلها للملك فهد رحمه الله. < br /> والآن: مصحف القراءات، يطبع في مطبعة تجارية عادية، جزى الله خيرا القائمين عليها لإخراج هذا العمل، وسيكون الفضل لمن يوقف له وقفا ويعمم نفعه على طلاب القراءات، وستكون نقلة نوعية، وفضلا عظيما، لا ينقص من فضل القائمين السابقين.< br /> والمراد هو المقارنة في النوعية والنفع بين الجهود الفردية التي يحمد أصحابها، وبين الجهود المؤسسية الوقفية التي يحمد لصحابها عظيم ما قدموا.< br /> أما ما ذكره أستاذنا الكريم د. خضر من توزيع مصحف الأزهر على طلابنا، فهو عمل جليل جزى الله خيرا المحافظين عليه، وإنما لا يوازي في نوعيته عمل مجمع الملك فهد رحمه الله، وهو ما أشدت به في الطرح، وهو واضح. وفي كل خير.< br /> والموضوع ليس للمقارنة ابتداء، بل في سياسة المجمع والحكومية السعودية، وأثرها في حفظه من أن يقع ما وقع في الجزائر، بل وما وقع في مصر، وما وقع كذلك بالكويت. والحمد لله رب العالمين.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[07 Apr 2010, 12:34 ص]ـ
جزيت خيرا يا أستاذ محمد على هذا التوضيح وهو في غاية المقبولية وكان ينبغي إدراجه في المشاركة الأم وسنظل نرفع أكف الضراعة سائلين الله عز وجل أن يبارك في كل من رفع لواء القرآن العظيم بالعلم أو بالعمل أو بهما معا.
وأسأل الله تعالى أن يبارك للشمرلي وأن يبارك في مجمع الملك فهد ومن على شاكلتهما في الخير.
والله الموفق وأكرر شكري وتقدير لأخي محمد على البسط والإيضاح والأدب الجم الذي إزدان به في الرد.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[07 Apr 2010, 12:58 ص]ـ
أحسن الله تعالى إليكم أستاذنا الحبيب
وهذا رابط مشاهدة حول طباعة المصحف في مصر، ويتحدث فيه الحاج فوزي الشمرلي مدير المطبعة
http://www.youtube.com/watch?v=2xyjPICThJE
وثمة شيء يقلقني، وهو أن المصحف بالترتيب المصري صار نادرا جدا، وهناك كبار حفظوا عليه، بل هناك شباب قد حفظوا على هذا التنسيق، ويجدون مشكلة في الحصول عليه. حيث كافة الطبعات الحديثة في مصر تصور أو تعتمد على طبعتين رئيسيتين:
- مصحف المدينة النبوية
- مصدف الدار الشامية (والذي تطبعه حاليا دار المعرفة السورية)
وكنت قد حفظت قديما على مصحف الشمرلي، ثلاثة أجزاء من القرآن تقريبا. ثم جهدت جهدا شديدا في الحصول على نسخ حيثما انتقلت، فما كنت أجد إلا تنسيق مصحف المدينة. فاضطررت إلى معاودة الحفظ عليه، وظللت أعاني حتى وقت قريب من تداخل الصورتين - مع قوة الصورة الأولى لكونها لاقت حافظة فارغة فالتصقت - حتى منّ الله تعالى عليّ بمراجعة وحفظ القرآن وفق وحداته الموضوعية، فاتخذت السورة القرآنية وحدات متماسكة، فكان ذلك تيسيرا للحفظ والتثبيت.
ـ[خالد علي منصور]ــــــــ[22 Nov 2010, 10:09 م]ـ
إن وجه تأييدي لهذه السياسة هو أن مجمع الملك فهد يبذل جهودا جبارة لاكتشاف الأخطاء وإخراج المصحف خاليا من الأخطاء، وللأسف الكثير من دور النشر تفتقر إلى المراجعة النوعية والنهائية.(/)
دعوة لحضور اللقاء العلمي للجنة الفرعية بالقصيم
ـ[تبيان]ــــــــ[03 Apr 2010, 06:25 م]ـ
يسر
الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه (تبيان)
أن تدعوكم لحضور اللقاء العلمي للجنة الفرعية بالقصيم بعنوان:
أسس الابتكار في البحث العلمي
للأستاذ الدكتور: حكمت بشير ياسين
أستاذ كرسي الدراسات القرآنية بجامعة الملك عبد العزيز
يوم الاثنين الموافق 20/ 4/1431 هـ بعد صلاة المغرب
في قاعة المدرج الغربي في مبنى كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة القصيم
ـ[أم البررة]ــــــــ[04 Apr 2010, 01:12 ص]ـ
هل سينقل عبر الشبكة؟
وإن لا، فننتظر رفع اللقاء هنا بعد تسجيله
مع الشكر والتحية والتقدير لجهودكم
ـ[تبيان]ــــــــ[04 Apr 2010, 05:28 م]ـ
للأسف لن نتمكن من النقل المباشر.
وسنحاول تنزيله في الموقع لاحقا إن شاء الله.
وشكرا لاهتمامكم.
ـ[تبيان]ــــــــ[06 Apr 2010, 05:27 م]ـ
وقد تمت زيارة فضيلة الأستاذ الدكتور / حكمت بشير ياسين للقصيم وكانت زيارة مباركة وثرية ومفيدة، حيث استهلها بمحاضرة علمية مع طالبات الدراسات العليا بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية حيث تكرمت الكلية مشكورة بتفريغ جميع أقسام الدراسات العليا للطالبات لحضور المحاضرة التي تحدث فيها عن التأسيس العلمي وكيفية العثور على موضوع جديد للبحث، كما حثّ على معرفة أوائل المصنفين في كل فن وبناء مشروعات علمية من خلال استقراء مؤلفاتهم.
وفي المساء كان اللقاء العلمي مع أعضاء الجمعية وغيرهم ممن حضر اللقاء وكان لقاءً ماتعا ومفيدا أبدع فيه فضيلة الدكتور، وذكر خطوات عملية ووسائل مبتكرة لتوليد واستحداث موضوعات جديد للبحث والتأليف وذلك عن طريق الاستقراء والاستنباط والقياس وغيرها من الأدوات.
كما دعا إلى العناية بالمخطوطات مجهولة النسب ومحاولة التعرف على مؤلفيها باتخاذ عدد من الإجراءات، ثم إخراجها إلى عالم المطبوعات.
وختمت الزيارة بلقاء ودي ماتع نافع مع أعضاء الجمعية وتلاميذ الشيخ الذين درسهم في الجامعة الإسلامية.
شكر الله للشيخ هذه الزيارة الكريمة، ونفع به الإسلام والمسلمين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Apr 2010, 08:56 م]ـ
فتح الله عليكم وبارك في جهودكم.
وأشكر أخي الدكتور إبراهيم الحميضي على سعيه لعقد هذا اللقاء، وننتظر إتاحته للاستماع للاستفادة مما طرحه الأستاذ الدكتور حكمت بشير وفقه الله ونفع بعلمه.
ـ[إبراهيم الحميدان]ــــــــ[07 Apr 2010, 11:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقيقة ... أبدع الأستاذ الدكتور حكمت بشير ياسين ... حفظه الله
وكان لقاءاً ماتعاً تشرفت بحضوره واستفدتُ كثيراً منه ولله الحمد
وأشكره جزيل الشكر على ما أتحفنا به من أمور مهمة تتعلق بالبحث العلمي ...
تهم كثيراً طلاب الدراسات العليا ... لمعرفة أسس الابتكار في البحث العلمي
والشكر موصول للدكتور إبراهيم الحميضي ... حفظه الله
على جهوده المباركة ... وبحثه وسعيه لكل مافيه مصلحة للجميع
فله منا الدعاء بظهر الغيب سائلين الله أن يبارك فيه وفي علمه
وقد سجلت اللقاء على هاتفي المحمول كمرجع مهم ولمن يرغب في الاستفادة منه
وحاولت تحميله عن طريق هذا الرد ...
لكن لم أستطع
فأتمنى من المشرفين إيجاد حل لذلك
ودمتم بود(/)
" اخرج عليهن "
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[03 Apr 2010, 09:33 م]ـ
ا ما أعظم هذا القرآن وما أبلغه!! " وقالت اخرج عليهن " فالفعل (خرج) يتعدى إلى مفعوله بأكثر من حرف فمن ذلك (خرج إلى) و (خرج عن) و (خرج على) ف (خرج إلى) خروج مقابلة ولقاء، نحو (خرجت إلى الضيف)، و (خرج عن) خروج مخالفة في الآراء، نحو (خرجت عن رأيه)، و (خرج على) خروج مغالبة واستعلاء، ومنه الخروج على الحاكم.
وكان المتوقع من النظم القرآني أن يرد على نحو (اخرج إليهن) لأنه خروج مقابلة ولقاء، لكن العجيب الغريب في بديع النظم والتنزيل أنه فاجأ المتلقي بقوله:- (اخرج عليهن)، وهنا المحز من البلاغة في فن القول والبيان من موافقة الكلام لمقتضى الحال؛ ذلك أن النظم قد عبر عما عزمت عليه امرأة العزيز وما قصدته وقد كان، وهو أنها لاتريد من يوسف أن يخرج إلى النسوة خروج مقابلة بالأبدان فحسب، إنما تريد من وراء خروجه أن يكون خروج فتنة واستعلاء، تسلب له القلوب،وتؤسرله الأرواح، وتسيل له الدماء، وهو ماحصل وكان؛ لذا عبر عنه القرآن بأبلغ بيان، وليس إلا (على) دون غيرها من حروف المعاني، لايسد مسدها حرف آخر مهما كان.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[03 Apr 2010, 09:46 م]ـ
جزاك الله خيراً أستاذنا الفاضل على هذه الوقفة البلاغية الرائعة. سبحان الله ما أعظم هذه اللغة وما أروع هذا البيان!
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[03 Apr 2010, 09:49 م]ـ
هذا تحليل بديع، وإن كان خرج على تأتي على غير استعلاء، وتستعمل في الخروج العادي، وهو ما عليه المفسرون في تفسير هذه الآية؛ فقد اعتبروا خروج يوسف عليه السلام خروجا إلى النسوة وعلى النسوة ولم يشر كثير منهم إلى هذا القول الذي ذكرت.
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[04 Apr 2010, 06:01 ص]ـ
أما قول الحق عز وجل عن زكريا عليه السلام (فخرج على قومه من المحراب) فالذي يبدو لي _والله أعلم _أن خروجه في هذا السياق خروج فيه علو الهداية ورفعتها، فالهداية لم ترد في القرآن أيضا إلا مقترنة بعلى " أولئك على هدى من ربهم " في البقرة ولقمان، ومنه " وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين " وقوله " إنك لعلى هدى مستقيم " فالمهتدي مستعل بإيمانه فهو في علو في الخلق والفكر والرؤية والتعامل وكلما ازدا قربا وطاعة لربه علت منزلته وعلا فكره،وكذلك الحال مع نبي الله زكريا عليه السلام، والمحراب هو أخص مكان للعبودية ومحاربة الهوى والاستعلاء على الدنيا، وأما خروج قارون فقد وصفه الحق بقوله "فخرج على قومه في زينته " وهو خروج استعلاء وتيه وكبر ناسبه هذا التعبير، وشتان مابين الخروجين،والسياق هو الهادي المميز بينهما،وهذا هو القرآن في بديع نظمه وإيحاءاته وإشاراته، وفي الإشارة ما يغني عن العبارة.(/)
هل هناك تفسير منظوم مطبوع
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[03 Apr 2010, 09:52 م]ـ
الإخوة الأفاضل:
هل هناك تفسير منظوم مطبوع حتى الآن؟.
أرجو الإفادة.
ـ[مهدي المشولي]ــــــــ[04 Apr 2010, 12:00 ص]ـ
نعم أخي هناك منظومة في التفسير اسمها: "التيسير في علوم التفسير" للشيخ عبد العزيز بن أحمد الدميري الشهير بالديريني ت 697هـ،
وعدد أبياتها ثلاثة آلاف ومائتان وثلاثة وأربعون بيتاً،
وهي مطبوعة ضمن المجموع الكامل للمتون الذي طبعته دار الفكر ببيروت وقد ذكر الناظم في آخرها أنه أتم نظمها عام 673هـ حيث قال خرها:
قد يسر الله بغير كلفةْ تمام نظمي لا عدمت لطفهْ
عام ثلاث قبلها سبعون من بعد ستمائةٍ سنين
نظمته في أربعين يوما ميقات إتمام الكليم الصوما
وكنت أرجو أن يكون ألفا فزاد ضعفا ثم زاد ضعفا
وزاد حتى خفت أن أكثِّرا فصرت أطوي نشره مقصِّرا
وما شفى لي نظمه غليلا لأنني رأيته قليلا.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[04 Apr 2010, 12:13 ص]ـ
يوجدُ نظمٌ معاصرٌ اسمهُ "ضوء القناديل في غريب التنزيل " للشيخ عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الفتاح الجكني الشنقيطي، هو نظمٌ يزيدُ على خمسين وثلاثمائةبيتٍ، وهو مطبوع عام 1425هـ في الإمارات العربية المتحدة.
يقولُ في مقدمته:
حمداً لمن قد خلقَ الإنسانا = وعلَّم القرآنَ والبيانا
المعجز الذي يُحيرُ الأريب =بما حوى من العجيبِ والغريب
ثُم السلامانِ على المبعوثِ إلى الورى بأحسن الحديثِ
والآل والأصحابِ أنجم الظلام = ومن تلا سبيلهم من الأنام
وبعدَ ذا فعلمُ معنى الذكر =أهمُّ ما به اعتنى ذو الفكرٍ
والعُلماءُ ذكروا أنَّ الأهم = مقدَّمٌ قال الهِلاليُّ العَلَم
وقدِّم الأهمَّ إنّ العلمَ جمّْ = والعُمرُ ضيفٌ زارَ أو طيفٌ ألمّْ
لذا أردتُّ صوغَ نظمٍ في الغريب =منهُ لأنَّهُ الأهمُّ للأريبْ
سميتهُ ضوءَ القناديلِ على = غريبِ تنزيلِ إلهنا على
نظمتُه تبصرةً وتذكرة = مُرتَّباً على البيانِ سُوَره
ويقول في سورة الأنبياء:
يَرْكُضُ يهرُبُ , ولا يستحسِرُون =أي: لا يمَلُّونَ ولا يستنكِفُون
والرَّتْقُ هو السَّدُّ , أمَّا الْفَتْقُ = فضِدُّهُ , ثُمَّ الْفِجَاجُ الطُّرْقُ
والْعَجَلُ الطِّينُ كذا قالَ ثِقات = يَكْلأُ يحفظُ , جُذَاذٌ أي: فُتاتْ
وهُنا سورةُ البقرة من "منظومة مراقي الاواه الى تدبر كتاب الله" للشيخ العلامة أحمدو ولد مجمد ولد أحمذي الحسيني الشنقيطي (ت:1387هـ) رحمه الله تعالى. ( http://www.chatharat.com/vb/attachment.php?attachmentid=180&d=1226942610)
ـ[مهدي المشولي]ــــــــ[04 Apr 2010, 12:38 ص]ـ
وقد بين صاحب منظومة التيسير في علوم التفسير - رحمه الله - غرضه ومصادر نظمه في المقدمة فقال:
وقد عزمت واستخرت ربي فهو معيني وحده وحسبي
في جمع تفسير غريب اللفظ مرجَّزاً ميسَّراً للحفظ
وما يليه من بيان المشكل والكشف عن تفصيل لفظ مجمل
مما روته السادة الأئمة وحررته علماء الأمة
كالطبري والثعلبي ومكي أئمة التفسير دون شكِّ
والهروي الحبر والقتيبي إذ نقلوا الغريب دون ريب
والواحدي جامع البسيطِ وواضع الوجيز والوسيط
والمهدوي البحر ذي الفضل الجلي والدامغاني والقشيري الولي
وغيرهم من أهل هذا الشأن أهل النهى والعلم بالقرآن.
وهذا رابط نسخة مخطوطة للمنظومة واضحة الخط وعلى هوامشها بعض المنظومات الأخرى وكذلك في آخرها:
http://www.4shared.com/file/195813029/6855eca/____.html
جزى الله من رفعه كلَّ خير.
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[04 Apr 2010, 03:00 ص]ـ
بارك الله بك،،،،
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[07 Apr 2010, 09:17 م]ـ
بارك الله في كل المشاركين وجزاهم خير الجزاء.
وهل حققت هذه التفاسير المنظومة أو أجزاء منها؟
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[19 Apr 2010, 08:22 م]ـ
بارك الله في كل المشاركين وجزاهم خير الجزاء.
وهل حققت هذه التفاسير المنظومة أو أجزاء منها؟
لا زلت أنتظر الفائدة من الإخوة الفضلاء.
وسؤالي قصير فأخاف أن يحول عليه الحول؛ فتفنيه الزكاة.
ـ[مهدي المشولي]ــــــــ[18 Nov 2010, 02:29 م]ـ
هناك منظومة في التفسير اسمها: "التيسير في علوم التفسير" للشيخ عبد العزيز بن أحمد الدميري الشهير بالديريني ت 697هـ،
وعدد أبياتها ثلاثة آلاف ومائتان وثلاثة وأربعون بيتاً، وهي مطبوعة ضمن المجموع الكامل للمتون الذي طبعته دار الفكر ببيروت.
انظر هذا الموضوع ففيه كتابة لأبيات هذه المنظومة:
http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=23125
ـ[مهدي المشولي]ــــــــ[18 Nov 2010, 02:41 م]ـ
لا زلت أنتظر الفائدة من الإخوة الفضلاء.
وسؤالي قصير فأخاف أن يحول عليه الحول؛ فتفنيه الزكاة.
أخي حفظك الله:
في الموضوع الذي أشرتُ إلى رابطه جواب عن سؤالك وهو هنا:
http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=23125
وبالخصوص في هذه المشاركة منه:
يمكن الاستعانة بطبعة مكتبة نزار الباز بتحقيق الدكتور مصطفى الذهبى، وللعلم فقد شرحت المنظومة ودرست دراسة علمية أكاديمية بجامعة الأزهر بكلية أصول الدين بأسيوط، وقد كان حظى منها لرسالة الدكتوراة (من أول سورة الصافات إلى نهاية سورة الملك شرح ودراسة،، وشكراً
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو رفيف]ــــــــ[23 Dec 2010, 05:43 م]ـ
التفسير المنظوم: وهو تفسير القرآن الكريم نظماً، وإخراجه موزوناً على هيئة الشِّعْر.
وقد أنكر كثير من العلماء مثل هذا النوع من النظم؛ لأنه يؤدي إلى إخراج القرآن العظيم من نظمه الشريف، لإدخاله في وزن ما لم يكن من النظم الشريف.
ومن هذا النوع من التفاسير:
1 - تفسيرٌ منظومٌ للشيخ عبد العزيز بن أحمد بن سعيد الدَّميري، المتوفى سنة 694 هـ، في مجلدين، كما نظم أيضاً " غريب القرآن ".
* طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (8/ 199).
2 - التيسير في التفسير، للشيخ بدر الدين محمد بن رضي الدين محمد العامري الشافعي، المتوفى تقريباً سنة 960 هـ، وهو تفسيرٌ منظوم.
* كشف الظنون لحاجي خليفة (1/ 454).
3 - تفسير القرآن العزيز نظماً، في نحو عشرة مجلدات، لشمس الدين محمد بن سلامة الضرير الإسكندري، نزيل مكة، المتوفى سنة 1149 هـ.
* عجائب الآثار للجبرتي (1/ 274)، وهدية العارفين للبغدادي (2/ 322).
4 - مراقي الأواه في تدبر كتاب الله، للشيخ أحمدُّ بن الشيخ محمدُّ بن أحمدُّ بن المختار بن أحمذَيَّ الحسني الشنقيطي، المتوفى سنة 1387 هـ. ومخطوط هذا التفسير المنظوم موجود لم يُطبع كاملاً إلى الآن، وتبلغ أبيات هذه المنظومة (8300) بيت، آخرها:
وإن تُرِدْ إحْصَاءَهُ فقدْأَتَى ... حَاءَ أُلُوفٍ ثم سِينٌ يا فَتَى
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[23 Dec 2010, 08:03 م]ـ
مراقي الأواه في تدبر كتاب الله، للشيخ أحمدُّ بن الشيخ محمدُّ بن أحمدُّ بن المختار بن أحمذَيَّ الحسني الشنقيطي، المتوفى سنة 1387
هذا التفسير حقق كاملا في رسالتين علميتين بالمغرب، عندي نسخة من إحداهما، وهي التي حققها الدكتور/أحمد ولد محمدن الحسني.
ـ[أحمد الرويثي]ــــــــ[23 Dec 2010, 08:30 م]ـ
جزاك الله خيراً
يمكن تحميل الجزء الثاني من منظومة مراقي الأواه محققاً في رسالة دكتوراه
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showpost.php?p=1391201&postcount=1984
ـ[أبو رفيف]ــــــــ[23 Dec 2010, 08:31 م]ـ
* الموجود من تفسير " مراقي الأواه في تدبر كتاب الله " على النت ما يلي:
1 - المخطوط كاملاً.
2 - سورة الفاتحة والبقرة، طباعة وتنسيق وتدقيق أحد الإخوة الشناقطة الأفاضل.
3 - من سورة مريم إلى سورة الناس (النصف الثاني)، محقق في رسالة دكتوراه في جامعة القرويين.
ومن أراد شيئاً مما سبق أرفقت له رابط تحميله ...(/)
من يدلني للوصول لهذة التفاسير؟؟
ـ[نادية]ــــــــ[03 Apr 2010, 10:49 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أشكر هذا الملتقى الرائع المتميز على تسجيلي عضوة فيه وإتاحة الفرصة لي بالمشاركة:
بدايةً: أبارك عودته الجديدة الرائعة وأسأل الله أن يثيب القائمين عليه!!
وأود أن أستفسر عن مجموعة تفاسير ولا أدري هل هي مخطوطة أو مطبوعة أو مفقودة وإذا كانت مطبوعة أو مخطوطة فأين توجد وماهي أفضل الطبعات _إذا كانت مطبوعة-وهل هي مجموعة برسائل علمية كتاب: (تفسير الأحكام للطحاوي) (تهذيب التفسير للكاغدي) (تفسير مقاتل) (تفسير مجاهد) (تفسير الضحاك) (تفسير الحسن البصري) (تفسير محمد بن السائب الكلبي) (الجامع المشتمل على كثير من التفاسير للمفسر أبو بكر محمد بن الفضل البلخي) (تفسير قتادة) (تفسير أبو منصور الماتريدي) أرجو من يكون له أدنى علم بهذة الكتب سواء مخطوطة أو مطبوعة أن يزودني بمعلومات لها وأنا بانتظار ردودكم بيض الله وجوهكم وفرج كربكم وبارك بعلمكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Apr 2010, 11:18 م]ـ
بارك الله فيكم، وحياكم في ملتقى أهل التفسير.
هذه بعض الإجوبة على أسئلتك:
1 - (تفسير الأحكام للطحاوي) مطبوع الجزء الموجود منه بتحقيق الدكتور سعد الدين أونال في تركيا.
2 - (تهذيب التفسير للكاغدي) لا أعرفه.
3 - (تفسير مقاتل) حققه د. عبدالله شحاتة ونشره منذ مدة طويلة في خمسة مجلدات وهو متوفر.
4 - (تفسير مجاهد) مطبوع عدة طبعات ومتداولة.
5 - (تفسير الضحاك) طبعته دار السلام في القاهرة في مجلدين.
6 - (تفسير الحسن البصري) جمعه أحد الباحثين وهو مطبوع.
7 - (تفسير محمد بن السائب الكلبي) أذكر أنه جمعه أحد الباحثين في رسالة علمية ولا أدري هل طبع أم لا.
8 - (الجامع المشتمل على كثير من التفاسير للمفسر أبو بكر محمد بن الفضل البلخي) لا أعرفه.
9 - (تفسير قتادة) جمعه أحد الباحثين في رسالة علمية في جامعة أم القرى، وجمع عبدالله أبو السعود في كتاب مطبوع.
10 - (تفسير أبو منصور الماتريدي) طبع منذ مدة ليست بعيدة، وهنا موضوع عنه صدر حديثاً: تفسير أبي منصور الماتريدي (ت333هـ) (تأويلات أهل السنة) كاملاً ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=4129)
ـ[نادية]ــــــــ[06 Apr 2010, 07:26 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاك الله خيراً وشكر الله لك
وهل كتاب الطحاوي لا يوجد إلا في تركيا وهل هو مطبوع كاملاً؟
وهل (تفسير الماتريدي) مطبوع بهذا العنوان.
وقد سمعت أن (التهذيب في التفسير) مخطوط بالمكتبة الوقفية باليمن فمن يساعدني في الوصول له!!!
وأيضا (الجامع المشتمل على كثير من التفاسير) أيضاً مخطوط ولكن لم أعرف أرضه؟
فأرجو من له أدنى معلومة أن لا يبخل عليّ. أعان الله كل من أعانني ووفقه الله لكل خير ..(/)
ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى
ـ[عائشة]ــــــــ[03 Apr 2010, 11:19 م]ـ
أرجو تفسير هذه الآية تفسير شامل(/)
الخلط بين السور في القراءة
ـ[عمر الدهيشي]ــــــــ[05 Apr 2010, 08:53 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فمسألة الخلط في القراءة، وصورتها: أن يقر آية آية من كل سورة، أوردها الزركشي في البرهان (2/ 99) حيث قال فيها:فالأولى بالقارئ أن يقرأه على التأليف المنقول المجتمع عليه، وقد قال ابن سيرين: تأليف الله خير من تأليفكم. ونقل القاضي أبو بكر الإجماع على عدم جواز قراءة آية آية من كل سورة، وقد روى أبو داود في سننه (ص198) [ح1330] عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بأبي بكر ... وفيه: وقد سمعتك يا بلال وأنت تقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة، فقال: كلام طيب يجمعه الله بعضه إلى بعض، فقال: (كلكلم قد أصاب) قلت: حسنه الألباني. وفي رواية لأبي عبيد في الفضائل: قال بلال: أخلط الطيب بالطيب، فقال: اقرأ السورة على وجهها) أو قال: (على نحوها) قلت: ورواها عبد الرزاق في مصنفه (2/ 495) وابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 78) وقال محققه-محمد عوامة-حديث مرسل بإسناد حسن، ومراسيل سعيد بن المسيب من أصح المراسيل .. ثم قال الزركشي: وهي زيادة مليحة ... ثم نقل كلام أبي عبيد وفيه: الأمر عندنا على الكراهة في قراءة القراء هذه الآيات المختلفة، كما أنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على بلال، وكما اعتذر خالد بن الوليد عن فعله، ولكراهة ابن سير ين له. ثم قال: إن بعضهم روى حديث بلال، وفيه: قال صلى الله عليه وسلم: كل ذلك حسن) وهو أثبت وأشبه بفعل العلماء. ا.هـ
فالمسألة فيها حديثان الأول: حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو في سنن أبي داود وهو حسن-كما سبق-وفيه قال صلى الله عليه وسلم: كلكم قد أصاب. ففيه إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم لفعل بلال رضي الله عنه، في الخلط بين السور.
الثاني: مرسل سعيد بن المسيب وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اقرأ السورة على نحوها) وفي رواية (اقرأ السورة على وجهها) رواه البيهقي في الشعب (2/ 430) [ح2304].حيث أنكر صلى الله عليه وسلم على بلال صنعيه ..
فكيف يمكن توجيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه؟؟
ـ[محمد كالو]ــــــــ[05 Apr 2010, 11:06 ص]ـ
حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي أخرجه أبو داود وفيه: (وقد سمعتك يا بلال وأنت تقرأ من هذه السورة، ومن هذه السورة) ليس معناه أن يقر آية آية من كل سورة، بل المعنى: أنت تقرأ آيات من هذه السورة وآيات من هذه السورة ولا تقرأ سورة كاملة، ولا مانع من ذلك إذ كل القرآن كلام طيب وبلال يقرأ ما أحب قراءته واشتهاه، وربما يؤيد ذلك ما رواه مسلم في صحيحه برقم (1197) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) [البقرة: 136] والتي في آل عمران (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم) [آل عمران: 64].
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[05 Apr 2010, 12:49 م]ـ
هذه المسألة يتعلق بها مسائل منها:
لو كان رجل يحفظ من كل سورة بعضها ويريد أن يقرأ من حفظه فهل نقول يجوز له ذلك أو لا يجوز؟
ومنها ما يفعله الناس في الصلاة يقرأ في الركعة الأولى من سورة وفي الثانية من أخرى، وهذه قد صح الخبر عن رسول الله صلى الله أنه فعله فقد روى مسلم رحمه الله من حديث بن عباس قال: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ
{قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}
وَالَّتِي فِي آلِ عِمْرَانَ
{تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} "
ومنها ما يفعله الرقاة حيث يقرءون من هنا وهناك ...... ؟
ومنها ما يفعله المختبرون للحفظ حيث يتنقلون بالمختبر من سورة إلى أخرى ............. ؟
بقي الحافظ للقرآن كاملا والقارئ من المصحف هل له أن ينتقل من سورة إلى أخرى قبل أن يتم الأولى؟
ـ[عمر الدهيشي]ــــــــ[06 Apr 2010, 09:41 ص]ـ
أشكر الدكتور محمد محمود .. ولكن ما الصارف لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن المعنى الذي اشتمل عليه حديث سعيد بن المسيب المرسل، وكيف فرقنا بين الحديثين وقد تكون القصة واحدة، كما يظهر من سياقهما؟
ـ[محمد كالو]ــــــــ[10 May 2010, 12:03 م]ـ
قال فضيلة الشيخ محمود الحصرى - رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
(كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وصحابته والتابعون وأتباعهم وعلماء الإسلام فى سائر الأعصار والأمصار يقرءون القرآن الكريم على هذا الترتيب البديع، والتنسيق المعجز، الذى كان - ولا يزال - له أكبر الأثر فى قلوب المسلمين. ولكن مما يؤسف له أن قراء القرآن الكريم فى هذا العصر -إلا النذر اليسير- قد ابتدعوا فى قراءاتهم بدعة سيئة وطريقة مقيتة، ينكرها الدين ويأباها الشرع وينفر منها قلب المؤمن المفعم بحب القرآن وتقديسه، الغيور على صيانته من عبث العابثين وهذيان اللاعبين، تلك الطريقة القبيحة المستهجنة والبدعة الضالة المحدثة هى: أن القارئ يخالف الترتيب الذى أنزل الله القرآن عليه، لذلك يبدأ قراءته بسورة معينة أو جزء مخصوص من القرآن الكريم ولكنه لا يصل الآيات بعضها ببعض، بل ينتقي آيات معينة على مزاجه الخاص، ويترك فى البين آيات أخرى لا توافق مزاجه، ولا تلائم هواه، وقد يعمد في قراءته إلى الاقتصار على آيات الوعد والبشارة، دون آيات الوعيد والنذارة. وقد صرَّح البعض -غفر الله له- بأنه إنما ترك آيات الزجر والإنذار رعاية لشعور السامعين وإحساسهم، وهو في ذلك جدُّ خاطئ فإن المولى جلَّت قدرته الحكيم في صنعه العليم بخفايا النفوس وهواجس القلوب قد خلق عباده متفاوتين في الاستعداد، متباينين في الفطر والغرائز، فمنهم من يكون علاجه في سماع آيات الوعد والتبشير، ومنهم من يكون دواؤه في سماع آيات التهديد والوعيد، فالله تعالى يؤدب عباده على اختلاف استعداداتهم وتباين طبائعهم .. فالقارئ الذي يقتصر في قراءته على آيات الوعد والتبشير، كأنه يستدرك على الخالق، ويعقب عليه، وكأنه يدعى أنه أكثر أدباً وأسد رعاية لشعور السامعين من القرآن الكريم، وكأني به وهو يزعم أن عنده من الرحمة بالخلق والإشفاق عليهم ما ليس عند أرحم الراحمين وما ليس عند المبعوث رحمة للعالمين)
انظر كتاب: مع القرآن الكريم، تأليف الشيخ / محمود الحصرى صفحة 64، 66 بتصرف، ط / الثانية.(/)
افتتاح معرض اربيل الدولي الخامس للكتاب في شمالي العراق
ـ[إياد السامرائي]ــــــــ[05 Apr 2010, 12:23 م]ـ
افتتح يوم الجمعة الماضي معرض أربيل الدولي الخامس للكتاب في مدينة أربيل شمالي العراق بمشاركة 500 دار نشر عربية وعالمية، وقد قضيت الأيام الثلاثة الأولى في أروقة المعرض واطلعت على بعض الاصدارات الجديدة واشتريت مجموعة منها، وكانت جولة ماتعة فيها كثير من الفوائد، وهي فرصة طيبة للاطلاع على جديد دور النشر التي يندر التعرف عليها في العراق بسبب الظروف الأمنية التي يعيشها اهل العراق وقلة المعارض المقامة فيه.(/)
أو إصلاح بين الناس
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[07 Apr 2010, 12:49 ص]ـ
السلام عليكم
ذكر المولى سبحانه وتعالى في قضية الاصلاح بين الناس آيتين في سورة البقرة و سورة النساء بلفظ أو إصلاح بين الناس و تصلحوا بين الناس و ذكر في سورة الحجرات (انما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين أخويكم)
فهل ما قيد هنا بالمؤمنين يفسر ما أطلق هناك في الآيتين السابقتين أم أن الاصلاح جائز بين الناس جميعا مؤمنهم و كافرهم
نرجو التوضيح و جزاكم الله خيرا
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Apr 2010, 02:17 م]ـ
يقول الإمام الشنقيطي رحمه الله تعالى:
وقوله في هذه الآية الكريمة: {أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ الناس} [النساء: 114] لم يبين هنا هل المراد بالناس المسلمون دون الكفار أو لا.
ولكنه أشار في مواضع أخر أن المراد بالناس المرغب في الإصلاح بينهم هنا المسلمون خاصة كقوله تعالى: {إِنَّمَا المؤمنون إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10]. وقوله: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المؤمنين اقتتلوا فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَ} [الحجرات: 9] فتخصيصه المؤمنين بالذكر يدل على أن غيرهم ليس كذلك كما هو ظاهر، وكقوله تعالى: {فاتقوا الله وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ} [الأنفال: 1]."
وأقول:
إن الإصلاح بين الناس الغير مسلمين ينظر فيه من خلال قواعد الشريعة العامة، فالإحسان مطلوب في كل الأحوال، والأعمال بالنيات، ومقاصد الشريعة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار.
لكن يبقى: هل يجب؟ أو هو مندوب؟ أو هو على التخيير ويخضع للمصلحة " مصلحة الإسلام والمسلمين"؟
هذا هو الذي يجب أن ينظر فيه، ونحن نجد أن الله تعالى قد خير نبيه صلى الله عليه وسلم في الحكم بين أهل الكتاب، فقال:
(سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) سورة المائدة (42)
والموضوع يحتاج إلى بحث ونظر وهو في نظري موضوع مهم ومفيد.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[07 Apr 2010, 05:15 م]ـ
{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة8)
ما هي العلاقة بين البر،والإصلاح بين الناس؟
هذا من الأمور التي يجب أن يبحثها من يريد الغوص في المسألة.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[07 Apr 2010, 09:27 م]ـ
{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة8)
ما هي العلاقة بين البر،والإصلاح بين الناس؟
هذا من الأمور التي يجب أن يبحثها من يريد الغوص في المسألة.
بارك الله فى أم الأشبال وحفظ لها أشبالها
فإن الأخلاق الإسلامية ليست أخلاقا عنصرية كما هى الحال عند بنى اسرائيل
وإنما هى أخلاق عالمية تساير عالمية الرسالة والدعوة، قال تعالى:
((وما أرسلناك الا رحمة للعالمين))
وقال كذلك:
((وما أرسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون))
وقال عز من قائل:
((قل يأيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا الذى له ملك السموات والأرض))
هذا، والله أحكم وأعلم(/)
طلب المواد الصوتية لدورة بداية المفسر المرحلة الأولى
ـ[تامر المظالي]ــــــــ[08 Apr 2010, 01:03 م]ـ
أرجو من الأخوة الكرام أعضاء هذا المنتدى المبارك ممن لديه المواد الصوتية لهذه الدورة أن يتكرم علينا برفعها، وجزاكم الله خيراً
ـ[شعلة]ــــــــ[08 Jul 2010, 12:29 ص]ـ
للرفع
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[08 Jul 2010, 03:14 م]ـ
أحيل الموضوع لأخي الشيخ نايف الزهراني ..
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Jul 2010, 03:48 ص]ـ
لم أجد الملفات الصوتية لهذه الدورات في الملتقى , ولعل الإخوة في القسم التقني يتابعون ذلك.
وحتى ذلك الحين سأتدبر رفعها للمرة العاشرة , والله المستعان.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 Jul 2010, 04:46 ص]ـ
دورة: بداية المفسر - المرحلة الأولى 1429 هـ ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=12227)
( يشتمل الرابط على خمسة دروس منها)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Jul 2010, 07:09 ص]ـ
لم أجد الملفات الصوتية لهذه الدورات في الملتقى , ولعل الإخوة في القسم التقني يتابعون ذلك.
وحتى ذلك الحين سأتدبر رفعها للمرة العاشرة , والله المستعان.
يبدو أنَّ نيتنا كان فيها شيء يا أبا قيس!
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Jul 2010, 08:00 ص]ـ
دورة: بداية المفسر - المرحلة الأولى 1429 هـ ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=12227)
( يشتمل الرابط على خمسة دروس منها)
لا شيء منها يعمل!
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[23 Jul 2010, 02:13 ص]ـ
تفضل أخي الكريم:
بداية المفسر .. كاملة. ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=112038#post112038)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[23 Jul 2010, 02:31 ص]ـ
ليست كاملة يا شيخ نايف، يبدو كما قال الشيخ عبد الرحمن!
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[23 Jul 2010, 04:02 ص]ـ
يا شيخ فهد
{ما على المحسنين من سبيل} , والآن فقط عرفت أن الناقص منها هو أحد موضوعاتكم .. فابحثوا مسألة النية سويّاً مع أبي عبد الله عسى أن تجدوه.
ـ[شعلة]ــــــــ[23 Jul 2010, 09:54 ص]ـ
سبحان اللطيف الرزّاق!
رغم الصعوبات في تكرار رفع المواد الصوتية إلا أن في ذلك خيرا، فقد رُفع ما لم يرفع من قبل، بالإضافة إلى جمعها في مكان واحد، فلله الحمد والمنة
وأسأل الله أن يشكر سعيكم وجهدكم وأن يبارك في أوقاتكم لإكمال ما تبقى(/)
ذكريات غانم قدوري الحمد .. (الحلقة العاشرة)
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[09 Apr 2010, 06:41 ص]ـ
أم كلثوم في مرض الموت
السبت 1 شباط 1975م = 20 محرم 1395هـ
منذ أيام نقلت الصحف والأخبار أن أم كلثوم (المغنية) الشهيرة قد انتكست صحتها انتكاسة شديدة، وظلت الصحف تطالعنا كل يوم بالجديد عن صحتها، والناس متعلقون بتلك الأخبار متلهفون! وتحسنت صحتها، وقالوا إنها قرأتِ الصحف وشربتِ الشاي، واستقبلتِ الزوار، وفجأة في ليلة الخميس الماضي انتكست صحة سيدة الغناء العربي مرة أخرى، ولكن هذه المرة كانت الانتكاسة أشد، إغماء تام وانفجارات! في المخ ونزيف، وتوقع الناس نهايتها، وصار الأمر حديث الناس، أكثر الناس، ومادة للصحف ونشرات الأخبار، وفي الليلة الماضية وقبيل الحادية عشرة أُعْلِنَ عن موت أم كلثوم، وتناقلت ذلك وكالات الأنباء، وبدأت الإذاعة المصرية بتلاوة القرآن، وأعلنت إذاعة لندن النبأ نقلاً عن راديو القاهرة، ولكن قبل الثانية عشرة في نفس الليلة أُعْلِنَ أنها لا تزال على قيد الحياة، وظهرت الصحف في صباح هذا اليوم وعلى صفحاتها الأولى كثير من الأخبار عنها، وعلي أمين يطلب من قراء الأخبار (أن يُصَلُّوا من أجل أم كلثوم). قبل أكثر من شهر مات المشير أحمد إسماعيل علي قائد القوات المسلحة المصرية ووزير الحربية واحتفل الناس بتشييعه، ولكن لم يكن تعلق المصرين به بمثل هذه الطريقة ولا بهذه الشدة والحماسة، فقد خُصِّصَ لأم كلثوم لها جناح في مستشفى القوات المسلحة بالمعادي ويقوم على علاجها لجنة من الأطباء، والاهتمام بها من أعلى مسؤول في الدولة.
تعقيب معاملات
الأحد 2 شباط 1975م = 21 محرم 1395هـ
خرجت مبكراً هذا الصباح، كنت أريد الذهاب إلى جامعة عين شمس، وركبت في (الأوتوبيس) وبعد أكثر من نصف ساعة وصلت العباسية، ومن هناك سرت بضع دقائق لأجد نفسي عند باب الجامعة، لم يكن في الجامعة دوام لأن الطلبة يقضون العطلة الربيعية، ولكن إدارة التسجيل في الكليات مستمرة في الدوام، ذهبت إلى تسجيل كلية الآداب، أتابع أوراق أبي مجاهد (جليل رشيد) التي قدمتها يوم 22/ 12 أو ربما في شهر11 إلى قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة عين شمس للقبول لدراسة الدكتوراه في موضوع البلاغة، وذهبت منذ ذلك التاريخ أكثر من مرة مستفسراً عن مصير الأوراق ونتيجة ذلك التقديم، أخيراً طلبوا إحضار رسالة الماجستير، وأرسلت إلى بغداد في طلبها وجاء الجواب من دون نتيجة، ذهبت اليوم ووجدت الأوراق قد عادت إلى التسجيل ومؤشر عليها أن القسم يعتذر عن قبوله، وكانت هذه الرحلة بعد رحلة سابقة في دار العلوم حيث قدمت الأوراق هناك، ولكن الكلية رفضتها، فقمت بعمل معاملة جديدة عن طريق السفارة والوافدين وتقديمها إلى جامعة عين شمس، والنتيجة اليوم قد ظهرت صفراً. والوقت والجهد يذهب ثم يبقى بعد ذلك أن الإخوة الذين يكلفون شخصاً بعمل ما ربما يظنون أنه قد قصر في مساعدتهم، ولا تزال بعض الوصايا غير منجزة، ولكني أحاول أن أبذل الجهد وما يسمح به وقتي، إذ ليس عملي الأول هنا تعقيب المعاملات، ولكن لا بد من مساعدة من لا سبيل له من الإخوة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
مع كتاب الدكتور خليل يحيى نامي
الاثنين 3 شباط 1975م = 22 محرم 1395هـ
كان الدكتور خليل يحيى نامي قد كتب سنة 1935 بحثاً جيداً عن تاريخ الخط العربي قيل الإسلام في مجلة كلية الآداب بجامعة القاهرة، ونشره في كتيب منفصل، ولما كان الحصول على المجلة غير يسير حاولت العثور على نسخة من الكتاب المطبوع، وهناك نسخة في مكتبة جامعة القاهرة كما في الفهارس، لكن يأتي الجواب عند طلبه بأنه غير موجود، ووجدت نسخة في جامعة عين شمس استفدت منها في السنة الماضية في كتابة بحث فصلي عن الكتابة العربية، وبالأمس ذهبت إلى جامعة عين شمس لتعقيب معاملة الأخ أبي مجاهد، وبعدها ذهبت إلى مكتبة جامعة عين شمس، كنت قد خرجت مبكراً، وقاربت الساعة العاشرة ولما يحضر من يحتفظ بمفاتيح القاعة، وحين قّدَّمْتُ طلبا للاطلاع على الكتاب كان الجواب أن الموظف المسؤول عن المخزن غير موجود هذا اليوم (في أجازة)، ودخلت إلى غرفة المدير فسألته المعونة في الوصول إلى الكتاب، فقال لي أنت طالب؟ قلت
(يُتْبَعُ)
(/)
: نعم في جامعة القاهرة، قال: إذن لا حق لك في الدخول إلى مكتبة جامعة عين شمس، وبعد أخذ ورد، وبعد أن أعرب مدير المكتبة أنه ليس من اختصاصه مثل هذه الأمور الصغيرة بل الحقيرة! بعد كل ذلك أبدى أحد الموظفين استعداده لإحضار الكتاب ربما بعد أن فهم من لهجتي أني (من بَرَّه) وقاربت الساعة الحادية عشرة وحضر الكتاب، واستغرقتُ كتابةً وقراءةً فيه، وكنت حريصاً على الدقة في فهم الموضوع، لأن هذا البحث من أهم ما كتب عن أصل الكتابة العربية، وقبل أن تصل الساعة الواحدة والنصف صاح الموظف بأن الوقت انتهى، لأن هناك عطلة نصف السنة، وخرجت دون أن أكمل الكتاب، وعدت اليوم لإكمال مراجعة الكتاب، وبعد انتظار طويل حضر الموظف قريباً من الحادية عشرة، أمراض متأصلة عند كثير من الموظفين.
وتوفيت أم كلثوم!
الثلاثاء 4 شباط 1975م = 23 محرم 1395هـ
منذ الخميس الماضي وأخبار أم كلثوم تستأثر باهتمام الناس، يسمعونها من الراديو أو يقرؤونها في الصحف، بحوث تكتب عن الأمراض التي ألمت بأم كلثوم، بحوث وكلام فارغ عن الوحدة التي حققتها أم كلثوم بين الشعوب العربية، قبل أن يفكر الساسة في ذلك، وعلي أمين يدعو أن صلوا لأم كلثوم، ليس هذا فقط فالمسؤولون في الدولة من أعلى مستوى إلى أدناه مهتمون بالوقوف على صحتها من رئيس الوزراء ... لا بل إن كثيراً من الناس في البلاد العربية قد تعلقوا بتلك الأخبار، السيدة زوجة أبو رقييه ترسل أختها وابن شقيق زوجها .. الأمير فلان يتصل من السعودية للاستفسار، وهناك لجنة على مستوى عال من الأطباء يشرفون على سير العلاج (ولكن أجل الله إذا جاء لا يؤخر) وكانت تقارير رئيس اللجنة الطبية منذ يوم الخميس تشير إلى تدهور صحتها، وتعطل كل نشاط في الجسم ماعدا ضربات القلب الذي يضطرب أحيانا، الأطباء جادون في استخدام وسائل العلم الحديث في عمل شيء لسيدة مصر، وفي الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم أُعْلِنَ أن أم كلثوم لفظت أنفاسها الأخيرة، ونعتها الحكومة المصرية من أعلى مستوى في الساعة السادسة من مساء هذا اليوم، وكان الخبر هذه المرة صادقاً، وذهبت أم كلثوم التي شغلت الشعب العربي مدة خمسين عاما لتلقى جزاء ما فعلت في هذه الأمة المنكوبة بها وبأمثالها، ولكن كثيراً منهم لا يفقهون!
تشييع
الأربعاء 5 شباط 1975م = 24 محرم 1395هـ
حديث الصحف والناس هذا اليوم عن أم كلثوم، والعناوين البارزة في الصحف: الشعب يودع أم كلثوم، في الصباح ذهبتُ إلى مكتبة الجامعة العربية في ميدان التحرير، ولكن بناية الجامعة كانت مغلقة في وجه الزوار لاجتماع مجلس الدفاع العربي، ورجعت في نية العودة إلى البيت، ورأيت ميدان التحرير قد أغلقت الشوارع المؤدية إليه والناس يتدفقون من كل صوب، وأكاليل الورد تتكدس، حيث ستشيع أم كلثوم من جامع عمر مكرم إلى جامع (مرسي) ثم تنقل بالسيارة، وكان إمام جامع الحسين قد صلى عليها في المستشفى فجر هذا اليوم، ونقلت في الصباح إلى جامع عمر مكرم انتظاراً لبدأ التظاهرة في الحادية عشرة صباحاً، وقبل ذلك بقليل صُلِّيَ عليها مرة ثانية في جامع عمر مكرم حيث أَمَّ الناس وزير الأوقاف، وبدأت المسيرة يتصدرها رئيس الوزراء ورئيس مجلس الشعب والوزراء، ولكن ما إن تحرك الموكب حتى تدفق الناس واختل برنامج السير، فلاذ رجال الحكومة بالتنحي جانباً .. وسارت الجموع تحمل الجنازة إلى ميدان طلعت حرب، ومن هناك تغير اتجاه الجنازة تحت ضغط الجماهير، وتحولت المسيرة عبر شارع قصر النيل إلى العتبة، ثم إلى جامع الحسين حيث صُلِّيَ عليها للمرة الثالثة، ثم نقلت من هناك إلى حيث توارى في مثواها الأخير، إن الإنسان ليصاب بخيبة شديدة حين يرى كل هذا التعلق بمغنية، ولتكن ما تكن، فالاهتمام بالأمر من أعلى رجل في الدولة إلى رجل الشارع الذي لا يجد ما يسد به رمقه.
شغالة أخرى
الخميس 6 شباط 1975م = 25 محرم 1395هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
من المشاكل التي يعانيها المقيم في القاهرة هي مشكلة أعمال البيت بالنسبة لغير المتزوجين خاصة، إذ إن وجودهم هنا مرتبط بأعمال وواجبات عليهم أن يسعوا في إنجازها، ولهذا فهم مضطرون إلى الاستعانة بشغالة تقوم بأمر البيت من طبخ وغسل وتنظيف، ولكن عالم الشغالات هنا يبدو أنه غير موثوق إلا في النادر، ونحن لم نعانِ من المشكلة إلا القليل، منذ السنة الماضية كانت أم محمود تعمل عندنا، وهي ليست محترفة أصلاً، وعملت عند بعض العراقيين، فكنا مطمئنين إلى عملها ووجودها في الشقة وقت خروجنا منها، لكنها انقطعت عن العمل منذ نهاية الشهر الماضي، وبدأنا بالعمل على تأجير شغالة جديدة، ووعد البواب بإحضار شغالة على معرفته وبضمانته، وحضرت الشغالة مساء أمس، واتفقنا أن تحضر صباح اليوم للاتفاق على الأجر، فإذا بها تدعي أنها كانت تعمل بخمسة عشر جنيها، ولكن ذلك لا يمكن أن يكون تسعيرة، وعندما أخبرها الأخ خليل أن الذي ندفعه هو ستة جنيهات، انهارت وتنازلت إلى الثمانية، وأخيراً وافقت على الستة، وبدأت تعمل وحاولنا أن نشعرها بأننا سنزيدها جنيهاً إن هي أحسنت التصرف، وهي لا تعرف من طبخ العراقيين شيئاً، فإننا نحتاج إلى طبخ التمن والمرق. ولكن الأهم من ذلك أن تتوافر فيها الأمانة، التي هي أهم شيء، وبدونها تفسد كل الأمور.
زيارة معرض الكتاب
الجمعة 7 شباط 1975م = 26 محرم 1395هـ
اليوم هو آخر أيام افتتاح معرض الكتاب، ذهبت منذ افتتاحه ثلاث مرات واشتريت من الكتب بأكثر من ثلاثين جنيهاً، ولكن ظلت في نفسي رغبة كبيرة في شراء بعض الكتب، فقلت لا ينبغي أن أضيع آخر فرصة، وذهبت بعد صلاة الجمعة برفقة الأخ محمد أحمد محمود، وكنت أتذكر أماكن الكتب التي أرغب في شرائها، وكذلك كنت أرغب في شراء مصحف كريم بطبعة رائعة ومجلد تجليداً لطيفاً، أحدث نفسي بإرساله إلى العراق هدية للوالد الذي يقرأ بمصحف ربما كان مطبوعاً في الإستانة منذ زمن بعيد، وعند الغروب كنا نهم بالخروج، اشتريت مع المصحف هذه المرة كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري، وكتاب منهج الفن الإسلامي، وكتاب الأفكار في العالم الإسلامي، وكنت أرغب في شراء بعض الكتب الأخرى، وقد تعاون عاملان على إهمالي شراءها، أولاً ذكرى نقلها إن شاء الله وأنهيت الدراسة، وثانياً ارتفاع الثمن، فالأسعار بصورة عامة مرتفعة ولكن بعضها مرتفع جداً، فمثلا كتاب اللغة العربية للدكتور محمود فهمي حجازي بأربع جنيهات ربما ونصف، وهو كتاب عام يتحدث عن اللغة العربية وعلاقاتها ومصادر اللغة والنحو وبعض الظواهر اللغوية، ليس فيه عمق بل اتساع من غير تركيز، وراجعت المكتبة التي تعرضه أكثر من مرة وأصروا على السعر، وقررت ألا أشتريه (1)، كذلك الحال مع بعض الكتب الأخرى. ومهما يكن من أمر فإن معرض الكتاب كان فرصة لحصولي على بعض الكتب التي كنت أعتبر الحصول عليها حلماً، والحمد لله أولاً وآخراً.
مشاغل جانبية
السبت 8 شباط 1975م = 27 محرم 1395هـ
أشعر الآن أن عملي ليس بالمرضي، خاصة بعد أن أنهيت الاطلاع على أكثر مخطوطات دار الكتب المصرية، أحياناً يكون العذر الانشغال بمتابعة معاملة صديق، وأحيانا طلب مصدر قد لا أجده إلا بصعوبة، فاليوم خرجت من الصباح لأقرأ ساعة واحدة في مكتبة معهد الدراسات العربية في كشف الظنون، ثم ذهبت إلى الكلية في متابعة بعض القضايا، وأهمها تكليف السيد رشيد نعمان التكريتي بأن أقدم أوراقه إلى قسم الأدب لتسجيله بقسم الدكتوراه، وكذلك الحصول على الرسالة المناقشة في دار العلوم (الواقعية في الشعر المصري) وأنجزت بعضها وظل الكثير، وكذلك كنت أحاول مقابلة الأستاذ المشرف للحصول منه على ورقة إلى المسجل لتزويدي بكتاب إلى بعض المكتبات: الأزهر، والجامعة الأمريكية، ولم أحقق من ذلك شيئاً، وقبل نهاية الدوام ذهبت من الكلية إلى جامعة القاهرة لأقف على نتيجة تقديم أوراق الأخ منذر كمال إلى كلية الحقوق لدراسة الماجستير، وكنت قد راجعت أكثر من مرة حول الموضوع، وفي هذه المرة كان جواب جهات الأمن قد وصل، وحاولت أن أنجز له شهادة لأبعثها إليه، ولم يبق إلا تصديق دائرة الوافدين والسفارة، وهذا ما سأفعله غداً، إن شاء الله، وعدت إلى البيت وأنا أشعر بتعب ليس بالقليل،
(يُتْبَعُ)
(/)
وربما كان يرافق ذلك إحساس بحزن وأسى في الداخل من غير وضوح السبب، وجاء المساء وحاولت أن أقتنص ساعات أراجع فيها بعض الموضوعات، لأبدأ في الصباح من جديد، إن شاء الله.
سرقة
الأحد 9 شباط 1975م = 28 محرم 1395هـ
الشغالة الجديدة كانت تبدو مسكينة جداً، وقد اطمأننا إلى ذلك حتى نسينا أنا في مصر، حضرتْ للعمل يوم الخميس وعملت يومين فقط، ولكنها قد أبدت جملة من التصرفات كنا في غفلة منها، فقد طلبتْ من أول يوم عملت فيه أجرها، ورأفة بحالها ونتيجة إلحاحها أعطيناها جنيهين، وبدأت تلعب لعبتها، كنا في حاجة إلى سمن وسكر، وراحت إلى الجمعية القريبة، وعادت تدعي أنها ليس فيها شيء، وقالت إنها ستجلب هذه المواد من منطقة سكناها في إمبابة، ولهذا أخذت بعض الفلوس، وكانت تحاول إقناعنا أن تجلب كميات كبيرة، ولم نحس مع كل ذلك بأدنى شك في نياتها، وأخذت جنيها وعشرة قروش، ولم تعد منذ صباح اليوم الماضي، وفي مساء هذا اليوم خرجت مع الأخ خليل للبحث عنها، أخذنا عنوانها من البواب الذي يزعم أن عنوانها هو 65 شارع المسجد الأقصى في الكيت كات في إمبابة، خرجنا مع صلاة المغرب وصلينا في جامع خالد بن الوليد في إمبابة، وسألنا هنا وهناك والكل لا يعرفون شيئاً عنها، وأخيراً ذهبنا للقسم (الشرطة) وإذا بهم لا يقلون فوضى عن غيرهم، ولم نعثر عندهم على شيء، وسألنا في دائرة بريد إمبابة، فعرف أحد الموظفين العنوان، ويبدو أنه موزع رسائل، عرف اسم الشارع ودلنا عليه، ولكنه استغرب من الرقم لأن الشارع ليس فيه أكثر من عشرة أرقام، وركبنا إلى مدينة المهندسين، وأخيراً وجدنا الشارع وإذا به كما وصفه موزع البريد، ثم هو في منطقة راقية وقصور جميلة مشيدة ليس لأم عماد موطئ قدم فيها، وبعد ثلاث ساعات من البحث أيقنا أننا خدعنا، وأن أم عماد لا سامحها الله قد سرقتنا، والمشكلة ليست في سرقة ثلاثة جنيهات، وإنما في العثور على شغالة أخرى!
مناقشة رسالة في رسم المصحف
الخميس 13 شباط 1975م = 2 صفر 195هـ
مضى أسبوعان قبل اليوم، ولكني لم أستفد منهما إلا القليل، كان الأسبوع الأول أيام افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب، فإني ذهبت مرات عديدة، وهذا الأسبوع تخلله قلق وبحث عن شغالة جديدة، ثم محاولة رأب الصدع بعد أن سرقتنا الشغالة الجديدة، وفي هذا الأسبوع ترددت إلى مكتبة الجامع الأزهر بعد أن قضيت يوما في الحصول على كتاب من الكلية، ويوم الاثنين الماضي مساء حضرت مناقشة رسالة: (رسم المصحف ونقطه) لعبد الحي الفرماوي في جامعة الأزهر بكلية أصول الدين، وكنت قلقاً قبل هذه المناقشة، إذ كنت أعتقد أننا نبحث في موضوع واحد واتجاه واحد، وقد تبين أن بحثه يتركز على الحكم الشرعي في جواز أو عدم جواز الخروج على الرسم العثماني وكتابة المصحف بالإملاء الحديث، وحصل الطالب على الدكتوراه بمرتبة الشرف الثانية، وفي اليومين الأخيرين: الثلاثاء والأربعاء كنت أذهب مع الأخ خليل إلى بيت الأستاذ كاظم الراوي الذي توفيت والدته - رحمها الله - في العراق منذ أيام، وجاءه نعيها هذه الأيام، ومضى هذان الأسبوعان، لا أقول بدون فائدة، ولكن بفائدة محدودة، وبدأت أحس أن الوقت يمضي بسرعة، والذي يزيد همومي هو أن المصادر كثيرة، ولكنها ليست في صلب الموضوع وكثير منها مخطوط.
الشيخ عايش الكبيسي
الجمعة 14 شباط 1975م = 3 صفر 1395هـ
ذهبت صباح هذا اليوم إلى الإخوة السوريين في جسر السويس: سعد وعبد المهيمن وحسام، وذلك لأن أبا عامر مسافر قريباً إلى سوريا، وتكفل بأن يساعدني في تصوير مخطوطة التنزيل في هجاء المصاحف (1)، من الدار الظاهرية في دمشق، إذ إنه سيسافر قريباً بعد أن يكون قد أكمل الدراسة في الكلية الطبية في الأزهر، ثم يعود لقضاء سنة الامتياز، وعدت من هناك مسرعاً، وصليت الجمعة في مسجد الجمعية الخيرية في شارع الجلاء قرب ميدان رمسيس، حيث كانت الصلاة بأذان واحد، وكانت الخطبة تمس واقع الناس والمسلمين، وعدت إلى البيت لأجد الأخ خليل مع الأخ الأستاذ الشيخ عايش بانتظاري، إذ إن الأستاذ عايش قد دعانا إلى تناول الغداء في بيتهم، ذهبنا وكان الغداء على شرف محمد الكبيسي (2) على ما يبدو، وحضر الدكتور عناد الكبيسي الملحق الثقافي، وحضر بعض معارف
(يُتْبَعُ)
(/)
الأخ عايش، الذي أنهى الآن الماجستير في كلية الحقوق، بعد أن نجح في امتحان الدبلومين، وينتظر التسجيل في قسم الدكتوراه في الحقوق أيضاً، وهو يعمل في العراق في الأوقاف خطيباً وإماماً لجامع الحيدرخانة في بغداد.
لعل هناك أحداثاً عظيمة تدور الآن في المجتمعات العربية والإسلامية والعالم تستحق التسجيل أو الإشارة ولكني أوثر تسجيل ذكرياتي الخاصة، لعلها تكون مؤنسة لي في ساعة الوحشة، والله المستعان.
متاعب
السبت 15 شباط 1975م = 4 صفر 1395هـ
خرجت صباح اليوم على عجل، ووقفت أنتظر الأتوبيس رقم 190 الذي يأتي من إمبابة ويذهب إلى الدرَّاسة مارًّا بالأزهر، وجاء وإذا الناس معلقون بالأبواب، قلت أنتظر التالي، ومر أكثر من نصف ساعة وجاءت السيارة الثانية وكانت كالتي سبقتها، ولكني كنت مرغماً على التعلق بالباب وقطعت تذكرة، وطلب منا الجابي (الكمساري) أن ننزل ونصعد من باب النزول الأمامي فربما يوجد فراغ، نزلنا اثنان أو ثلاثة، وما كدت أقف في مقدمة السيارة حتى وجدت الجابي يصعد من أمام ويصيح بعصبية ويطلب قطع تذكرة، ولما مددت يدي تناولها بسرعة وأمسك بالتذكرة التي قطعها لي وأعتذر بأنه شك، وقفت السيارة في إشارة للمرور وكانت أمامها سيارة تكسي قد ارتكب سائقها مخالفة، وحاول الشرطي أن يسجل عليه محضراً ولكن سائق السيارة مد يده إلى الشرطي ببضعة قروش فأعفاه، وصلت بعد جهد وجهاد إلى مكتبة الجامع الأزهر، وإذا بالقاعة مظلمة: (النور مأطوع)، وتذكرت أنه انقطع ظهر يوم الأربعاء الماضي، وكنت قد حضرت الخميس، وكان أيضاً مقطوعاً، واليوم مقطوع أيضاً، والموظفون مكدسون على المناضد يطردون الطلاب، وبعد كلام غير مُجْدٍ مع الموظفين خرجت إلى مكتبة المشهد الحسيني التي تبيع أكثر ما تبيع المصاحف، كنت قد استوهبت مصحفاً بالخط المغربي، وكانت لديهم طبعتان، وأردت أن أبدل الطبعة، وبعد أخذ ورد مع صاحب المكتبة خرجت من غير عمل شيء، وقلت لأذهب إلى دار الكتب في البناية الجديدة لأطلع على بعض المخطوطات، وكنت هناك في الساعة الحادية عشرة، ومكثت أكثر من ساعتين، وخرجت وإذا بالموظف يطلب تفتيش ما أحمله شكاً منه بأني سرقت مخطوطاً! وعدت إلى البيت، وحاولت في المساء أن أدرس ساعتين، أو ثلاثاً .. وبين تنظيف الأواني وأمور تافهة أخرى وأخرى جادة انتهى اليوم، وأويت إلى الفراش، وأنا أنتظر الفراغ من هذه السطور لأنام!
أمسية جميلة
الأحد 16 شباط 1975م = 5 صفر 1395هـ
حين تمضي الأيام والمرء يتعامل مع عامة الناس هنا في القاهرة فإنه يصاب بخيبة أمل كبيرة لفساد هذه العامة، أينما تتجه لا ترى إلا تهاون الناس واستشعارهم الذل والمهانة أمام بريق الدنيا ورنين الفلوس، ولكن بين الحين والحين كانت تنتشلنا من هذه المشاعر ومن اليأس والقنوط نقلات كأنها الحلم لكنها واقع، ربما قبل شهر كانت إحدى تلك النقلات عندما خرجنا خارج القاهرة إلى بلدة (العرب) واليوم كانت نقلة أخرى، فقد كان الإخوة سعد و عبد المهيمن قد أكملا الدراسة في الكلية الطبية، وأقاموا مأدبة عشاء دعونا إليها، وكانت لقاء رائعاً، فقد حضر إخوة لنا من هذا البلد غسلوا هذا الهباب الذي يغطي وجه مصر، وقدموا صفحة من واقع مصر لا يكاد المرء يتصور أنها موجودة، ويحس المرء أنه تحت ضغط هذا الواقع البائس المضطرب المنحل تكمن عوامل بقاء المجتمع وعوامل بناء الغد المنشود، وأن هذا الرماد لا يمكن أن يخفي جذوة النار إلى الأبد، ولكن تظل الأمور على كل هذا القدر من الغموض حتى يأذن الله بالجولة الفاصلة التي ينتصر فيها الحق على يد القلة المؤمنة الخيرة، ويندحر الشيطان وأخلاقيات الطواغيت، وكأن ساعة تلك الجولة لم تحن بعد!
التراث المخطوط
الاثنين 17 شباط 1975م = 6 صفر 1395هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
قد فتح لي بحث الماجستير آفاقاً واسعة لم أكن أحلم بها من قبل، ووضعني على جوهر لم أكن أتصور أني سوف أصل إليه، جوهر الأصالة في الثقافة الإسلامية، وبدأت أدرك كثيراً من الأمور التي كانت غائمة في تصوري، واتضحت لي أمور كانت شائكة، وعرفت فساد كثير مما يذهب إليه جنود الباطل في تشويه حقيقة هذا الدين والطعن عليه، إضافة إلى أني بدأت أُلِمُّ بموضوع القراءات القرآنية وأعرف الكثير من تفاصيلها بعد أن كنت لا أكاد أعرف أسماء القراء، لكن علامات الاستفهام لا تزال كثيرة من حولي وأجد دائماً الجواب في الداخل، وأنتظر لعلي أجده في طيات الكتب، وهنا تبدو الأمور محزنة فأكثر التراث لا يزال مخطوطاً، وكثير من المخطوطات قد ذهبت به الأيام، وما وصل مشتت في أرجاء العالم، ومن يستطيع أن يصل إليها؟ وما يوصل إليه لا يخلو من المشاكل والصعاب، وهذا التراث ينتظر مجهوداً ضخماً لكي يخرج إلى نور الحياة من ظلمات المكتبات، ويطلع العالم على حقيقة ناصعة من خلال هذا التراث، لكن ذلك أمر قد تعجز عنه جهود المؤسسات والحكومات بله الأفراد والهيئات، وكيف مع هذا الخمول الذي تخفيه هذه الشعارات الكاذبة والدعاوى الفارغة من اهتمام بالتراث وحرص عليه ابتغاء عرض زائل، ولكن لا يخلو الأمر من الجهود المخلصة.
العمة مائير!
الثلاثاء 18 شباط 1975م = 7 صفر 1395هـ
قبل أيام كان كيسنجر يغدو ويروح بين عواصم المنطقة في جولته الثامنة، أو أكثر من ذلك، جاء ليتم ما بدأ به أو أن يخطو خطوة أخرى نحو توفير السلام لإسرائيل، وقد مضى على حرب رمضان سنة ونصف تقريباً، والأحوال تتجمد وأمريكا وروسيا ودول أخرى تلعب لعبتها وتنفذ سياساتها في الشعوب الفقيرة المستضعفة وتبيع السلاح والطعام وتمتص الدماء، وإسرائيل لها في تلك الدول من الوسائل ما ترهب به القائمين على الأمر فيها، وتُسَيِّرُهُم كما تريد هي، والعرب مستضعفون خذلوا أنفسهم حين تخلوا عن الدين الذي ارتضاه الله لهم ولغيرهم، وهم يملكون الآن من الموارد ما لا يحصل عليه بلد آخر مما يبيعون من النفط وما يمكن أن تأتي به الأرض من معادن أخرى ومن غلال، ولكن لا يزالون ينتظرون السلام من أمريكا وروسيا على يد كيسنجر وگروميكو الذي ساهم في زرع هذا السرطان في ديار الإسلام، والمحزن أن هنري كان يصرح في أمريكا قبل أسابيع باحتمال غزو الدول المنتجة للبترول والاستيلاء على حقوله، ثم اليوم يُسْتَقْبَلُ بالأحضان كما يقولون، هنري الذي يسمي گولدا مائير العمة، ولا شك في أن اليهود كلهم أبناء للعمة، هو المؤتمن الآن على مستقبل هذه البلاد التي خان حكامها الأمانة منذ أن تعلقوا بالشرق والغرب، واتخذوا هذا القرآن مهجوراً.
شرح العقيلة للجعبري
الأربعاء 19 شباط 1975م = 8 صفر 1395هـ
كنت أتردد هذا الأسبوع على قسم المخطوطات في دار الكتب المصرية، إذ لا تزال هناك مجموعة من المخطوطات القيمة التي ينبغي أن أطلع عليها، وقد اطلعت هذا الأسبوع على جامع البيان في القراءات السبع المشهورة لأبي عمرو الداني، وجمال القراء وكمال الإقراء لعلم الدين السخاوي، ومنذ يوم أمس بدأت أقرأ في شرح الجعبري على عقيلة أتراب القصائد، ويبدو لي أن هذا الشرح من أوسع الشروح، فالشاطبي المتوفى سنة 590هـ نظم كتاب المقنع لأبي عمرو الداني في قصيدة رائية سماها عقيلة أتراب القصائد، وضمنها إضافات عليه، ثم بدأت الشروح عليها، وكان أول من شرحها تلميذ الشاطبي علم الدين السخاوي، وشرحها الحصاري تلميذ السخاوي أيضاً، ثم شرحها الجعبري شرحاً بسيطاً سماه جميلة أرباب المراصد في شرح عقيلة أتراب القصائد، ومنه ثلاث نسخ خطية: (3) إحداها في دار الكتب المصرية، والأخرى في المكتبة الأزهرية، والثالثة مصورة في معهد المخطوطات العربية عن إحدى المكتبات في السعودية، إن ذهابي إلى دار الكتب صباحاً طبعاً، ثم أمكث في المساء في البيت أدرس المراجع التي أملكها أو أستعيرها من المكتبة، قبل أن ألجأ إلى الفراش لأستريح من متاعب النهار والاستعداد لرحلة الغد، ولا تزال هموم البحث في ازدياد، إذ مضى الآن ما يقرب من أربعة أشهر على عملي وأشعر أني لم أحقق إلا القليل، وأنا حريص على إنجاز هذا البحث بعون اله في أقرب وقت، لعلي أتمكن من العودة إلى العراق.
(يُتْبَعُ)
(/)
صلاة الفجر مرة أخرى
الخميس 20 شباط 1975م = 9 صفر 1395هـ
لم أشعر بارتياح قط مثل تلك الأيام التي كنت أصلي فيها صلاة الفجر في وقتها قبل طلوع الشمس، فإني كنت أشعر بفرحة داخلية عظيمة كل يوم كنت أصلي فيه الفجر في وقتها، ولكن ما أقل تلك الأيام منذ نزولي في القاهرة، وكنت في الأيام التي تطلع الشمس وأنا نائم أظل طيلة اليوم أحس بأني مقصر وأشعر أن بركة عمل ذلك اليوم تذهب، ولا تزال الحال كذلك وأنا أُمَنِّي النفس وأقول إن المستقبل كفيل بوضع حد لهذا التهاون، ولكن من الذي يضمن لك المستقبل؟ من الذي يضمن لك اليوم أو غد، وأنت بلغت مبلغ الرجال؟ أجل فقد ودعت أيام الصبا التي قد يحصل معها الإهمال، ولكن ما العذر الآن وقد جاوزت الخامسة والعشرين، ثم إني الآن أعد نفسي لخدمة القرآن، وليست كذلك أخلاق حملة القرآن، ألا فانتبه، وعاهد الله في مستقبل الأيام، واغتنم هذه الفرص قبل فوات الأوان (يوم يعض الظالم على يديه)، وعندها تتذكر قوله تعالى: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون)، فاغتنم هذه الأيام إن كتب الله لك فيها حياة، اللهم إني راجع فأعني على طاعتك، اللهم إني تائب فإن قضيت أجلي قبل هذا الصباح فاغفر لي و?ؤجرني أجر التائبين، اللهم وبارك لي في عملي واجعله لك لا أبغي به جاهاً ولا دنيا، اللهم وعلمنا أحب الأعمال إليك وأعنا على أدائها، اللهم اقبل هذه التوبة وأعني عليها إنك أنت الغفور الرحيم!
أحاديث الوحدة العربية
السبت 22 شباط 1975م = 11 صفر 1395هـ
منذ أن تفتحت عيناي وأبصرتا الناس بوضوح، وسمعت أذناي ما يهرج به الناس، ومنذ أن عَقِلْتُ بعض الأمور، كانت لفظة الوحدة تتردد على مسامعي، كنا طلاباً في الدراسة الابتدائية ثم المتوسطة والثانوية، فنشارك مع الجم الغفير من الناس يقودهم عتاة مجرمون يرددون شعارات كاذبة جوفاء: الوحدة العربية، وأحياناً الحرية، وأخيراً ثالوثهم المقدس: الوحدة والحرية والاشتراكية، ويمكن أن تُقْرَأَ على غير هذا الترتيب في غرب العالم العربي، وحدثت الوحدة بين مصر وسوريا سنة 1958 وتحطمت، ثم سنة 1963 بين العراق وسوريا ومصر وماتت في مهدها، ثم بين مصر وسوريا وليبيا والسودان وظلت حبراً على ورق، وكلام فارغ كثير حول الوحدة القومية، وقلوب الناس متباعدة وأطماعهم متضاربة ومتعارضة وأحقادهم لا حد لها، والأعداء يُنَمُّونَ الدعوات المريضة، إن وحدة بدون عقيدة تحيطها ستنقلب وبالاً على أهلها من أول يومها، وما أثار في نفسي هذه المعاني وتلك الذكريات ما جرى اليوم من عطلة في المدارس والجامعات بمناسبة ذكرى الوحدة مع سوريا، والتي كانت نهايتها محزنة، والحديث عن الوحدة والاتحاد كثير، يجري على لسان أكثر رؤساء الدول العربية وكأنها المُهَدِّئُ الذي ينفثونه في أسماع الناس يلهونهم به إلى حين، ويَذُرُّونَ في عيونهم الرماد والملح حتى لا يبصروا بعض ما يدبرون وما بأيديهم يجرحون، كلام كثير في هذا الشرق المسكين أهله.
الشاهد
الاثنين 24 شباط 1975م = 13 صفر 1395هـ
حين يحصي المرء المصلين الذين يؤمون المساجد لصلاة الجمعة فإنه سيندهش للرقم الذي يصل إليه، عدد ضخم ذلك الذي نشاهده كل جمعة في أي مسجد نصلي فيه في القاهرة، والحال كذلك في غير القاهرة، وغير مصر من بلاد العرب والمسلمين، ولكن هنا يظهر سؤال كبير: ما هو الدور الذي ينتظر هؤلاء القيام به أو ما هو الواجب المكلفون به؟ وهل أن حضورهم صلاة الجمعة وصيامهم رمضان وذهابهم للحج هو وحده كاف أو فيه إجابة كاملة لدعوة الله أو إقامة حكمه وتطبيق شريعته، كان ذلك التساؤل مدار بحث ونقاش بل وجدل مع أحد الإخوة، فهو يرى أن دور المسلم الآن هو دور الشاهد، ثم ينتقل من ذلك إلى وجوب عرض النموذج الكامل للمسلم، ولو كان ذلك في ظل الجاهلية، وأن كل محاولة أو تفكير في حكومة إسلامية يعتبر خروجاً على واقع العصر ومحاولة للقفز في الهواء، واستعجالاً للأمور قبل أوانها، وهو يرى أن موعد ذلك لم يحن بعد، وأنه لم يلمس من الحكومات ضغطاً على المسلمين في أداء شعائرهم، وهذا هو مفترق الطرق، هو يرى أن الإسلام يمكن أن ينحصر في شعائر التعبد وأن الحكومة الإسلامية ليست شرطاً في ذلك، ولكن أليس تعطيل شريعة الله في إقامة الحدود وتحكيم شرع
(يُتْبَعُ)
(/)
الله في أمور الناس أليس ذلك نقضاً لركن عظيم من أركان الإسلام، أليست المعاناة اليومية التي يعانيها المسلم جراء اضطراره للتعامل مع مجتمع جاهل توجب التغيير، ألم يأمر الله تعالى أمراً واجباً بالجماعة التي تقيم الشرع وتحمل الناس على اتباع منهج الحق، لكنه يرى أن موعد ذلك لم يحن بعد، ولكن مع ذلك فإن عدم التفكير فيه يعد تقصيراً وقصوراً في فهم أبعاد هذا الدين الحنيف.
خطبة الجمعة
الجمعة 28 شباط 1975م = 17 صفر 1395هـ
ربما لم أسمع في حياتي خطبة جمعة أثرت في نفسي والحاضرين كالتي سمعت اليوم، كان مسجداً صغيراً تحت إحدى العمارات القريبة، لكنه نظيف والقائمون عليه أناس طيبون كما يبدو، مسجد عمر بن عبد العزيز في حي الإعلام في القاهرة، كنا نصلي فيه بعض الأوقات وبعض الجمعات، وكان أن ذهبنا اليوم لصلاة الجمعة فيه، ليس فيه خطيب دائم وإنما يتناوب على الخطبة فيه عدد من الخطباء، كان خطيب اليوم جديداً علينا ولأول مرة نراه، كان كهلاً قد غلب الشيب على لحيته القصيرة، وهو يلبس لباس الحضارة العصرية، وعلى رأسه طاقية بيضاء خفيفة، موضوع الخطبة كنت قد سمعته أكثر من مرة من عدة خطباء لكن هذه المرة سمعت ما لم أسمعه من قبل، كان الحديث يدور حول قوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم، والله خبير بما تصنعون، وقل للمؤمنات ... ) غاص في الأعماق ونثر الدر وتناثرت دموع الحاضرين، وراح كل يعاهد نفسه ويجدد التوبة بالإقلاع عن شيء مما نهت عنه الآيات، والتزام ما أمر الله به، كان يتكلم بصراحة عن مشاكل ومفاسد الناس الاجتماعية الأخلاقية ويضع مقابلها فضائل الدين وفضائل المسلمين، النقاء والطهر مع الإيمان، والقذارة والرذيلة مع الكفر، خرجنا من الصلاة ونحن شبه ذاهلين، والخطيب يقول أثقلت على المسلمين وهم ينادون جزاك الله عنا خيراً، الإسلام لا يحتاج إلا إلى الفرصة التي يظهر بها على الناس بنصاعته ونقائه فيسلمون، ولكن أين تلك الفرصة وأين جنودها؟
متعة السباحة في المحيط!
السبت 1 آذار 1975م = 18 صفر 1395هـ
كأني قد غصت في بحر تصطخب لججه، ويتباعد قراره، وتمتد جنباته، منذ أن بدأت البحث في موضوع (رسم المصحف) وقد مضت اليوم أربعة أشهر على بداية البحث، وكلما مرت الأيام كلما وجدت نفسي أسبح في محيط أوسع، واحتاج إلى يد أطول وتجديف أسرع، ولكني بدأت أحس أني قد قطعت بعض الشوط، بعد أن استنفدت كثيراً من مصادر البحث الرئيسية، وبعد أن كدت أستنفد ما عثرت عليه من كتب مخطوطة تتعلق بالبحث، وقد كانت رحلة طويلة وممتعة عبر العديد من المخطوطات: فضائل القرآن لأبي عبيد، ثم جمال القراء للسخاوي، وجامع البيان لأبي عمرو الداني، ثم عقيلة أتراب القصائد وشروحها الكثيرة، لكني آثرت دراسة شرحين: أولهما شرح علم الدين السخاوي تلميذ الناظم والثاني شرح الجعبري إذ هو أوسع الشروح، وقد أكملت نسخ القصيدة، وسأظل إن شاء الله طيلة هذا الشهر أتردد على دار الكتب ومكتبة الأزهر، حتى أستنفد كل ما يمكن أن أستفيد منه من الكتب المخطوطة لأتفرغ لما ينتظرني من كتب مطبوعة، وخاصة في موضوع الكتابة والقراءات، ولكني رغم ما أنجزته من خطوات في البحث أشعر أن الطريق لا يزال طويلاً، وأن نهايته غير واضحة تماماً، وإن كنت قد اطمأننت إلى بعض النتائج الآن، لكن التفاصيل لا تزال طي الغيب، والله المستعان.
عوائق
الأحد 2 آذار 1975م = 19 صفر 1395هـ
ليس للوقت قيمة في هذا البلد، فالموظف الذي يتربع عرش المسؤولية في دائرة ما تشعر أنه يعاملك بمستوى التفضل والإحسان لا من مبدأ الواجب والإلزام، خرجت في الصباح متصنعاً السرعة قاصداً دار الكتب المصرية، فلا تزال بعض المخطوطات التي أجد من الضروري الاطلاع عليها أو بعضها، ربما كنت أول داخل إلى قسم المخطوطات، وجلست أنتظر قدوم الموظف الذي يناول الكتب، وقدمت الطلب، وبعد وقت من الانتظار، رجع ليخبرني أن باب مخزن المخطوطات مقفول، وأن المفتاح أو القفل عطلان، ويجب الانتظار لحين حضور (الباش مهندس) بعد يوم أو يومين حتى يصلح الباب، ووجدت نفسي مجبراً على الخروج، قلت لعلي أستطيع أن أستفيد من بقية هذا الصباح، وركبت الأوتوبيس مُعَلَّقاً على الباب، ونزلت في
(يُتْبَعُ)
(/)
العتبة لأركب مرة أخرى أو أمشي ربع ساعة، ركبت إلى مكتبة الأزهر، ودخلت المكتبة، كنت قد غادرتها من قبل، منذ وقت طويل عندما كان النور مقطوعاً، وتذكرني الموظفون، وطلبت كتاباً ولم تمضِ إلا برهة من الوقت حتى نادى المنادي تفضلوا يا أسياد الساعة الواحدة والنصف، وخرجت من المكتبة، ولم أكن قد كتبت إلا الشيء اليسير، وعدت إلى البيت متعباً، وتتكرر هذه الحالة تقريباً في أكثر الأيام، تقوم المعوقات في طريق الحصول على المصدر النافع، وإني أشعر أن وقتاً كثيراً يذهب من غير فائدة، ولكن ليس إلى غير ذلك سبيل.
الشروح المتأخرة!
الاثنين 3 آذار 1975م = 20 صفر 1395هـ
شعرت أني قضيت مع بعض المخطوطات أكثر مما يجب، أو أكثر مما يمكن أن يحقق القدر القليل من الفائدة التي استفدتها منها، ولا شك في أن بعضها كان يستحق وقفة أطول، ولكن كل الكتب المتأخرة (4) كان يمكن أن أضرب عن أكثرها صفحاً، وخاصة شروح العقيلة، التي كان يمكن أن أقتصر منها على شرحين اثنين هما شرح السخاوي وشرح الجعبري، ومع أني اعتمدت عليهما أساساً إلا أني أنفقت وقتاً طويلاً مع غيرهما، وقد أنفقت حوالي الأسبوع في نقل قصيدة الشاطبي في الرسم من بعض المخطوطات، إذ كان جهدي كله متجهاً لإنجاز نقل نص القصيدة في الأسبوع الماضي، ولكن عندما ذهبت اليوم إلى مكتبة الحلبي وسألت عن القصيدة التي عرفت أنها طُبِعَتْ عندهم، قدموا لي شرح ابن القاصح لها متضمناً النص، عندها ندمت على تلك الجهود وذلك الأسبوع المُضَاع من العمل، ومع ذلك فإن الذي نقلته كان كثير الغلط، بالنسبة إلى هذه النسخة المطبوعة، ومن هنا بدأت أصرف النظر عن بعض المصادر التي أجدها لا تمت إلى البحث بصلة قوية أو أنها تمثل تكراراً واجتراراً لأمور قد قيلت، ومع ذلك فإني لا أزال أشعر بحيرة حول ما يجب أن أنهجه في العمل في مستقبل الأيام، والجهة التي يجب أن أركز الجهد عليها، ولا بد من تجميع تصور موجز لخطوات العمل اللاحق، إن شاء الله.
الطير الهائمة
الثلاثاء 4 آذار 1975م = 21 صفر 1395هـ
الطير هائمة تحوم في السماء
ليس لها في الأرض مهبط
قد عافت الأرض من نتن الدماء
من الوحوش الضاريات من البشر
من لهب تأجج يحرق أزهار الربيع
وتطلعتْ نحو السماء لعلها تصل النجوم
ورفرفت بجناحها خلف السحاب
قد غاب عنها منظر الأرض الحزين
حتى الطيور لم تعد تحتمل العيش في هذي الربوع
فالناس قد قتلوا بسمة الطفل الوليد
وأماتوا نشوة الروح
أماتوا سر الحياة
زيارة مريض
الأربعاء 5 آذار 1975م = 22 صفر 1395هـ
خرجت في الصباح على مهل، إذ إن ورقة الكفالة الخاصة بالمنحة المالية الخاصة بي قد وصلت إلى الملحقية الثقافية العراقية، كما علمت، وخرجت اليوم لإنهاء ما تحتاج إليه المعاملة، وصلت الملحقية، والتقيت عند الباب برجل اسمه عبد الملك من بيت (وَيِّس) من تكريت، جاء حديثاً موظفاً في الملحقية العسكرية، وبعد كلام وسلام عرض علي المساعدة قبل أن يخرج على حد قوله، فشكرته ودخلت، واستفتحت بتلك الوجوه غير المريحة التي تقف على باب الدخول، ينهرون الناس بطريقة مهينة، ولما كان أكثر المراجعين للسفارة هذه الأيام من المصريين: مهندسين وسواقين وزراعيين، فقد أطال ذلك ألسنة هذه الشرذمة القليلة، وحاولت بكل حذر تفادي أي غلط قد يوقعني في مشادة معهم، ودخلت وإذا بالأمر لا يحتاج إلى أكثر من توقيع، ودفع نصف جنيه مصري، وسوف تُعَادُ الكفالة إلى بغداد ليبعثوا من هناك بإذن الصرف الذي من المقرر أن يكون نافذاً من 18/ 12/1974، وقبل مغادرة السفارة سألت عن السيد (س) الذي سمعت أنه قد وصل إلى القاهرة منذ زمن يسير قنصلا في السفارة، وعلمت أنه قد مرض وأنه في المستشفى، فأخذت عنوان المستشفى (الإيطالي) وذهبت لزيارته، وقد وجدته قد برئ من إصابته ويوشك أن يخرج من المستشفى خلال يومين، ولم أكن قد اختلطت معه في بيجي، إلا أني وجدته لطيفاً، رغم ما يبدو عليه من الرقة في الدين.
عملية فدائية في تل أبيب
الخميس 6 آذار 1975م = 23 صفر 1395هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
بينما كانت دول منطقتنا المنكوب أهلها بحكامها تستعد لاستقبال اليهودي الكبير الصديق هنري كيسنجر استعداداً لجولة جديدة تمهيداً لمزيد من الخطوات نحو أوهام السلام الكاذب مع اليهود - فَجَّرَ الفدائيون العرب قنبلة مدوية فجر هذا اليوم في تل أبيب ودَوَّى صداها في أرجاء الأرض، فقد تسللت مجموعة منهم عن طريق البحر ونزلت على شاطئ فلسطين بعد منتصف الليل، وقامت المجموعة بإطلاق نار كثيف وتفجير قنابل واقتحموا فندقاً واستولوا عليه (فندق سافوي) وظل الرصاص يمزق قلوب اليهود في تل أبيب طول الليل، وسقط جرحى وقتلى، وطلبت المجموعة التي احتجزت عدداً من الرهائن إطلاق سراح عدد من الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل، ولكن اليهود جُنُّوا لهذا العمل، وقررت الحكومة الإسرائيلية اقتحام الفندق ونسفه، وراح من الفلسطينيين سبعة شهداء، وذُكِرَ أن ما لا يقل عن مئة من اليهود جُرِحُوا أو قُتِلُوا في العملية، حدث هذا قبل يوم واحد من وصول كيسنجر إلى أسوان ليبدأ جولته الجديدة (ربما التاسعة بعد الحرب) ليقوم بدور الوسيط بين حكام الدول العربية المجاورة لإسرائيل وقادة إسرائيل، في محاولة لإنهاء حالة التوتر الدائم في المنطقة منذ قيام دولة إسرائيل وبدء تطلعاتها العدوانية وأعمالها الإجرامية، ولا في شك أن المنطقة والعالم تعصف بها رياح أزمات اقتصادية وسياسية عاتية لا يُدْرَى أين تقذفها!
اتفاق بين الشاه وصدام
الجمعة 7 آذار 1975م = 24 صفر 1395هـ
عُقِدَ في أواخر هذا الأسبوع مؤتمر رؤساء دول منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وكان هدف المؤتمر وضع استراتيجية موحدة لتلك الدول، واتخاذ موقف موحد من الأزمة الاقتصادية الحاضرة، وكان من بين المشتركين شاه إيران وصدام حسين نائب الرئيس العراقي، وقد قام الرئيس الجزائري هواري بو مدين بالتوسط بينهما لبحث المشاكل المعلقة بين إيران والعراق والتي مضت سنوات طويلة عليها، وهي بين فتور وتوتر إلى درجة التراشق بالرصاص، وفي ختام مؤتمر الأوبك أعلن الرئيس الجزائري بأن اتفاقاً شاملاً قد تَمَّ بين الشاه وصدام حول القضايا المعلقة بين البلدين، وظهرت جريدة (الأهرام) اليوم وعلى صفحتها الأولى الشاه وصدام يتعانقان بعد توقيع الاتفاقية التي قال عنها صدام بأنها حدث تاريخي، وقال عنها الشاه بأنها فرصة لتسوية الخلافات بين البلدين، ولعل هذه الاتفاقية وما سيعقبها من خطوات تضع نهاية لإراقة الدماء وإزهاق الأرواح في شمال العراق، لأن الحركة الكردية دائماً تجد دافعاً من إيران نحو الحرب، ولكن هل سيكون ذلك الاتفاق فعلاً إنهاءً حقيقياً للخلافات فَتُفْتَحَ صفحة جديدة في العلاقات والمواقف، أم أنها مجرد مرحلة وتعود الأمور بعد أمد ولو طويل إلى التوتر من جديد، وإلى الضغط على العراق من خلال الأكراد، ونقض الاتفاقات بشأن شط العرب وحرية الملاحة، إن الأيام هي التي ستوضح ذلك!
فكرة
الأربعاء 12 آذار 1975م = 29 صفر 1395هـ
كلما قرأت في جريدة الأخبار اجتاحني شعور من التعجب، ويزداد ذلك حينما أقرأ الحقل الصغير المعنون (فكرة) التي طالعتنا زماناً في جريدة الأهرام، ثم استقرت في الأخبار تعاود مسيرتها الأولى، ولا يزال علي أمين من خلالها يبشر ويزف البشائر للإنسان المصري ومن بعده العربي بالحياة السعيدة التي تنتظره، والتي سيفيض منها خير على الجيران، يحلم ويُشْرِكُ الناس في أحلامه، ومنذ الأيام الأولى لحضور كيسنجر بعد الحرب عام 1973، وعلى مدار تلك الأيام وإلى اليوم وكيسنجر يروح ويغدو بين أسوان وتل أبيب، كان علي أمين يُعَلِّقُ على ما يحمله كيسنجر الآمال التي ستنقذ مصر بزعمه من بؤس الحرب وويلاتها التي ذاقتها على مدى 23 عاماً، لتعيش مصر حياة ناعمة وتبني حضارة بدايتها تغور في التاريخ 6 آلآف سنة، ويكفي ما لاقت مصر وشعب مصر من الحرمان والعذاب والفقر من أجل العرب الذين شكت بنوك أوربا من ضيقها عن استيعاب أموالهم، والحل الذي يُخَطَّطُ له ليرسم المنطقة من جديد يتركز على انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها بعد 1967 وقيام الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتظل إسرائيل تمتد نحو البحر الأحمر وتتربع على البحر المتوسط، وحَدَّثْتُ نفسي يوماً بطريق بري يربط شرق العالم العربي وغربه أو سكة
(يُتْبَعُ)
(/)
قطار فوجدت خنجر إسرائيل مغروزاً في قلب الوطن يشقه نصفين، لو كان يعي ذلك دعاة السلام!
ورقة الأكراد
الخميس 13 آذار 1975م = 30 صفر 1395هـ
لم يمض على اتفاق الجزائر بين العراق وإيران لحل المشاكل بينهما إلا أسبوع واحد حتى تناقلت الأنباء عن اشتداد هجوم قوات الحكومة العراقية على معاقل الثوار الأكراد في أعالي الجبال، وأن الطائرات والدبابات والمدفعية تشترك في هجوم واسع يزعم الأكراد أنهم صدوه وكبدوا قوات الجيش خسائر فادحة، ويبدو أن الاتفاق الذي تم بين إيران والعراق كان من بين بنوده تصريحاً أو تلميحاً أن تتخلى الحكومة الإيرانية عن الأكراد، وأن تدع العراق يفعل معهم ما يشاء، لأن قوة الأكراد الفعلية في شمال العراق إنما هي من إيران، وإن لم تكن من إيران فإن إيران هي الباب الذي تدخل المساعدات منه إلى الأكراد، ولما كانت الخلافات بين العراق وإيران محتدمة كانت إيران تجد أن خير وسيلة للضغط على العراق هو استغلال الأكراد لإشغال العراق واستنفاد جهده وطاقته في معارك جانبية تحول بين العراق وبين مواجهة إيران بقوة حقيقية يمكن أن تعرض النفوذ الإيراني المتزايد في الخليج إلى الخطر، ومع كل ذلك فإن الاتفاق علامة وبداية على انتهاء الحركة الكردية المسلحة في شمال العراق، ولو إلى حين، ذلك لأن الأكراد لا يمكن أن ينسوا أنهم قومية تعيش في ثلاث دول مبنية على أساس قومي، فمتى يكون الإسلام هو الحل بين هذه القوميات المتقاتلة، فيحل الوئام في شمال العراق؟
في المعهد الدولي البريطاني
الأحد 16 آذار 1975م = 3 ربيع الأول 1395هـ
قبل يومين قرأت في الجريدة إعلانا عن بدء التسجيل في المعهد الدولي البريطاني للغات الذي سيفتتح قريباً في القاهرة، وسيبدأ التسجيل من اليوم، ولعل مما شجعني على الالتحاق به هو قربه من منزلنا الذي نسكن فيه الآن، وتذكرت يوم ذهبت إلى الجامعة الأمريكية للتسجيل في دورة تعليم اللغة الانكليزية وتأخرت ربع ساعة عن موعد بداية التسجيل فوجدت كل شيء قد انتهى، كنت حريصاً هذه المرة أن أكون موجوداً في اللحظة التي يبدأ فيها التسجيل، وفعلاً كنت الساعة العاشرة صباحاً عند بناية المعهد، ولكن وجدت من البشر ما يفوق الأعداد التي تتجمع أمام أية جمعية استهلاكية، رجال وشباب نساء وفتيات كبار وصغار، والأعجب بل الأغرب أن هناك شيوخاً في سن متقدمة يتدافعون للتسجيل، ويبدو أن المسؤولين عن المعهد قد حاروا في مواجهة هذا الزحام، وبدأوا في إدخال كل ثلاثين سوية، يؤدون امتحاناً شفهياً وتحريرياً، وبعد ذلك يكون التصنيف، وأنا مرة أقف على شاطئ البشر أرقب، وأخرى أغوص دون جدوى، ولكني قررت أخيراً أن أتغلغل بين الجموع، واقتربت من الباب، وفُتِحَ وكنت مع أول موجه دخلت، بعد أن أكون قد وقفت أكثر من ساعتين! ومرة أخرى وقوف وانتظار ودخلت الامتحان، وكان مستواي تحت المتوسط، وسَجَّلْتُ للدراسة ثلاث ساعات في الأسبوع، اعتباراً من 6/ 4/1975 ولمدة ثلاثة أشهر، إن شاء الله.
البحث عن البحث
الاثنين 17 آذار 1975م = 4 ربيع الأول 1395هـ
منذ زمن غير يسير بدأت أشعر أن عملي في البحث يتأرجح، وأن أتعاباً كثيرة قد بذلتها ولكنها لا تأتي بكبير فائدة، فمنذ أن حضرت مناقشة الدكتور عبد الحي الفرماوي وأنا أذهب بين الحين والحين إلى كلية أصول الدين في جامعة الأزهر حتى أطلع على رسالته لعل فيها ما يفيد، التقيت به يوم السبت قبل الماضي ووعدني بأنه سوف يأتي بالرسالة ويودعها في مكتبة الكلية، وذهبنا معاً إلى أمين المكتبة ليسمح لي بالاطلاع عليها كلما حضرت، وذهبت يوم الاثنين الماضي ولم أجده قد أتى بها، وذهبت اليوم ومرة أخرى لم يحضرها، ولا أدري ما سر ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ووجدت أن الوقت قد تقدم، وأن النهار يوشك أن ينتصف، فقررت أن أذهب إلى إدارة الأزهر لأبحث عن بحثين يقال إنهما قد أُلْقِيَا في مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، وبدأت رحلة الصعود والهبوط على السلالم، وأخيراً قالوا إن السكرتارية الفنية لمجمع البحوث في مدينة ناصر للبعوث في منطقة الدرَّاسة، وربما تجد هناك ما تريد، وأسرعت أتعلق بأول أتوبيس يذهب إلى هناك، وصلت وبعد أن وقفت في الباب دقائق دخلت إلى الأستاذ صبار، وقَلَّبَ في أوراق قديمة، وناولني مجموعة أوراق فيها أسماء محاضرات وبحوث، وعثرت فيها على بعض ما يفيد، وأخبرني أنها نشرت في مؤتمرات مجمع البحوث، ولكن أين توجد هذه النشرات؟ قال: ربما تجدها في أكشاك المكتبات حول الأزهر! أو لا تجدها، وعدت إلى البيت ولكن بقليل من الفائدة.
نُشرت هذه الحلقة يوم الجمعة 24/ 4/1431هـ
ــ الحواشي ـــ:
(1) اشتريت الكتاب من معرض السنة اللاحقة على ما يبدو، فهو موجود في مكتبتي، وتاريخ شرائه هو 27/ 1/1976م.
(2) أحضر لي بعد مدة نسخة مصورة من الكتاب على المكروفلم، جزاه الله خيراً، وأفدت منها في البحث، مع أنها لم تكن واضحة تماماً، وطلب مني النسخة بعد ذلك الدكتور أحمد شرشال، في أثناء عمله في تحقيق الكتاب في إحدى جامعات المملكة العربية السعودية، وصدر الكتاب مطبوعاً من مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة سنة 1421هـ، بعنوان: مختصر التبيين لهجاء التنزيل، والحمد لله.
(3) الأستاذ الدكتور محمد عبيد الكبيسي، عميد كلية العلوم الإسلامية في جامعة بغداد الآن، وهو من بيت علم ودين، فأخوه الدكتور حمد الكبيسي، رحمه الله، وأخوه أيضاً الدكتور أحمد الكبيسي، الداعية المشهور.
(4) حققه الدكتور محمد مضحي الزوبعي في أطروحته للدكتوراه التي قدمها إلى كلية الآداب في الجامعة المستنصرية في بغداد سنة 2004م، وأخبرني قبل أيام أنه قد اكتمل طبعه في دار الغوثاني في دمشق، وعلمت أنه قد حقق في إحدى الجامعات السعودية أيضاً.
(5) تغيرت عندي هذه النظرة، فقد وجدت أفكاراً متميزة من دراسة المراجع المتأخرة حين بحثت موضوع علم التجويد، وأحسب أن مراجع رسم المصحف المتأخرة لا تخلو من مثل تلك الأفكار.
الحلقات السابقة:
1 - ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الأولى) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18525)
2- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثانية) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18581)
3- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثالثة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18636)
4- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الرابعة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18711)
5- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الخامسة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18785)
6- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة السادسة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18853)
7- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة السابعة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18943)
8- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثامنة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19012)
9- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة التاسعة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19104)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Apr 2010, 07:44 ص]ـ
ذكريات ممتعة جداً يا أبا عبدالله تزيدني قناعةً بأن الإبداع والتميز والنجاح رهنٌ بالعمل الدؤوب، والجدِّ المتواصل، والعناية بالتفاصيل.
هناك الكثير من المواقف التي تستحق التعليق في هذه الذكريات، وحسبي الآن تسجيل شكري وإعجابي بجدك ومثابرتك، وقبل ذلك صدقك في سلوك الطريق، والله لا يضيع أجر المحسنين المخلصين وأحسبك منهم يا أبا عبدالله وفقك الله وزادك علماً وتوفيقاً.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[09 Apr 2010, 05:35 م]ـ
جزاك الله خيراً يا دكتور غانم على نشر هذه الذكريات الممتعة والصادقة في وصفها، استمتعت كثيراً بقراءتها زادك الله من فضله ...(/)
قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات)
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[09 Apr 2010, 10:45 م]ـ
قوارع المواعظ في آيات الطلاق (تأمّلات)
يعقوب بن مطر العتيبي
قال أحدهم ذات يومٍ متعجّباً: فلانٌ إمامُنا يبكي عند كلّ آية!! فقلت: ربّما وجد من عظيم التدبّر ما رقّ له قلبُهُ وهَمَلَت منه عيناه، وإن كانت آيات الوعد والوعيد هي مظنّة البكاء ورقّة القلب إلا أنّ في آيات الأحكام الشرعية المتضمّنة لصلاح أحوال الأسرة والمجتمع ما يفسّر وصف القرآن بأنه (موعظة) و (يهدي للتي هي أقوَمُ)، ولك أن تتأمّل بعض آيات (الطلاق) على سبيل المثال ..
نعم .. (آيات الطلاق) التي ربّما ظنّ بعض الناس أنها بمنأى عن الوعظ والتذكير الذي هو مظنّة الخشوع وما يتبعه من بكاءٍ ووجل قلب، فإذا هي متضمّنة من فواصل الوعظ وقوارع التذكير ما تلين له الأفئدة.
والآن .. دونك هذه الآيات:
ـ \"الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ? فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ? وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ? فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ? تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ? وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَ?ئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) \" [/ color] تأمّل كيف كانت بداية الآية الكريمة حكما شرعيا يتعلق بالطلاق والعدد الذي تحصل به الرجعة، وهو حكم فقهي، ولذا فهذه الآية مصنّفة ضمن آيات الأحكام، لكن كانت خاتمتها وعظاً زاجراً لمن يتساهل في هذا الحكم فيحمله عدم خوفه من الله تعالى إلى أن يقع في الظلم الذي حرّمه الله تعالى على نفسه وجعله بين عباده محرّما.
ـ وآيةٌ أخرى: \" وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ? وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ? وَمَنْ يَفْعَلْ ذَ?لِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ? وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ? وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ ? وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) \"
لقد تضمّنت هذه الآية الكريمة حكما شرعيا جاء في فاتحتِها وهو إرشاد المطلّق إلى الإحسان في الطلاق والزجر عن الإمساك ضراراً، أما الخاتمة فكانت ردعا وزجرا
بل جاء النصّ صريحاً \" يعِظُكُم بِهِ \"، ثم جاء التذكير بالتقوى والإشارة إلى ضرورة مراقبة الله تعالى.
ـ وآية ثالثة ـ ولا زلنا في الباب نفسِهِ (باب الطلاق) ـ: \"وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ? ذَ?لِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ? ذَ?لِكُمْ أَزْكَى? لَكُمْ وَأَطْهَرُ ? وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (232)
تأمّل كيف كان الحديث عن مشكلة العضل ـ وهي واحدة من المشكلات الاجتماعيّة التي لا تزال إلى يوم الناسِ هذا ـ جاءت الآية الكريمة في بيان النهي عن إحدى صورِ العضل، وكان شأنُها شأنَ سابقاتِها من مخاطبة المؤمنين وتذكيرهم، وقد جاء وعظاً مباشراً مصرّحاً به (يُوعَظُ).
قال أبو حيّان في \"البحر المحيط \" (2/ 221): (وذكر الإيمان بالله لأنه تعالى هو المكلف لعباده، الناهي لهم، والآمر. و: اليوم الآخر، لأنه هو الذي يحصل به التخويف، وتجنى فيه ثمرة مخالفة النهي. وخص المؤمنين لأنه لا ينتفع بالوعظ إلاَّ المؤمن، إذ نور الإيمان يرشده إلى القبول)
ـ وآيةٌ رابعة: \" وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ? لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ? \" قال الله تعالى في خاتمتها: \" وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) \"
(يُتْبَعُ)
(/)
والقضيّة هنا في شأن الوالدات ما عليهنّ وما لَهنّ ـ مطلّفاتٍ أو غيرهن ـ وفي شأن حقّ الطفل، فجاءت الآية خاتمة للتذكير برعاية هذه الحقوق واستحضار التقوى وترسيخ جانب المراقبة في أدائها.
ـ وآيةٌ خامسة: قال تعالى: \" وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ ? عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَ?كِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا ? وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى? يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ? وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (235) \"
إنّها تربية على استحضار علم الله تعالى وإحاطته بسرائر الأمور ومكنونات الصدور ولو كان المقامُ مقامَ حكمٍ شرعيٍ متعلّقٍ بقضيّة خِطبة المعتدّة.
ـ وأختم الأمثلة بهذه الآية الكريمة: \"وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ? حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (241) \"
ما أعظم هذا القرآن .. !
في جملةٍ يسيرةٍ يقترن الوعظ بالحكم الفقهي ليثمرَ هذا الاقترانُ في نفس المتأمّلِ قاعدةً من أعظم قواعد الإصلاح المجتمعي بل هي أعظمُها، ألا إنّها (ترسيخ الإيمان) و (تقوية الخوف من الله) لا سيّما في (أبواب التعامل) و (حقوق الناس).
واقرأ سورة (الطلاق) و (النساء) وغيرَهما إن شئت لتدرك كيف كانت هذه الطريقة مطّردةً في آيات (الطلاق) بل في غيرِها من الأحكام التي يغلب التساهل فيها ويغيب جانب العدل ويكون الظلمُ سيّدَ الموقف.
وبعدُ .. فإن أيّ إصلاحٍ ـ في نواحي الحياةِ جميعِها ـ لا ينطلق من قواعد الإيمان ولا يهتدي بهدي القرآن فليس له نصيبٌ من مقوّمات البقاء ولا يستحقّ أن تسري الحياة في جسَدِه، وواللهِ لن تغني (النظريات المستوردة) ـ البعيدة عن هدي القرآن ـ شيئاً ولن تثمر إصلاحاً، والواقع خيرُ شاهد.
إذا الإيمان ضاعَ فلا أمانٌ ولا دُنيا لمَن لم يُحيي دِيناً
اللهمّ اهدِنا صراطك المستقيم،وانفعنا بالقرآن العظيم، وأعذنا من نزغات الشيطان الرجيم، وصلّ وسلّم على خير خلقك وآله وصحبه أجمعين.
يعقوب بن مطر العتيبي
ymmroh@gmail.com
9/4/1431
منقول من موقع صيد الفوائد(/)
بارك الله فيكم أرجو الإجابة (عاجل)
ـ[أمل السويلم]ــــــــ[10 Apr 2010, 12:34 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كلفت من قبل أحد الأساتذة بالإجابة على مجموعة من الأسئلة المتعلقة بـ (التوحيد) واجتهدت في الإجابة عليها و أسأل الله التوفيق، لكن بقي سؤال لم أتوصل للإجابة عليه فأرجو منكم جزيتم خيرا الارشاد والتوجيه - والوقت المتاح قليل -
السؤال:
قال تعالى (أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون، قل تربصوا فإني معكم من المتربصين) هذه الآية الكريمة فيها إثبات الرسالة ومن باب أولى الربوبية وضحي ذلك ثم اذكري عددا من الأدلة القرآنية المشابهة لها في المعنى
نفع الله بكم
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[10 Apr 2010, 01:03 م]ـ
لعلي أدلي بدلوي في الشطر الأول من السؤال: قوله تعالى:"قل تربصوا فإني معكم من المتربصين": فيه ثقة كاملة بمآل الرسالة ومآل أعداء الحق. وبما أننا نعلم ما حصل بعد نزول هذه الآيات من انتصار الحق وهزيمة الباطل، فدل ذلك على أن المخبر هو الله المالك لمصائر البشر. ولم يكن بإمكان الدّعي أن يجزم بمستقبل كهذا في الوقت الذي كانت الظواهر كلها تشهد بصولة الكفر وتفوقه. وتتجلى ربوبية الخالق بإنزال الرسالة وحفظها وضمان تفوقها ووصولها إلى عباده ليخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الهداية الربانية.
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[10 Apr 2010, 02:26 م]ـ
أما الشطر الثاني من السؤال فنقول:"هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون"، أيضاً:"هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً".أيضاً:" كتب الله لأغلبنّ أنا ورسلي". وأيضا:" إنهم يكيدون كيداً وأكيد كيداً فمهل الكافرين أمهلهم رويداً". وأيضاً: " والله يعصمك من الناس".
ـ[أمل السويلم]ــــــــ[15 Apr 2010, 12:52 م]ـ
بارك الله فيك أخي سنان و جزاك الله خيراً.
كانت إجابتي كالآتي:
الرسول صلى الله عليه وسلم جاء بمعجزة القرآن وهذه المعجزة هي أحد دلائل نبوته وصدق دعواه، وادعى كفار قريش أن هذا القرآن شعر والرسول صلوات ربي وسلامه عليه شاعر، وقول من قال ذلك هو من نقص الفطرة بحيث لا يدرك الشعر وهو الكلام الموزون على طريقة معروفة من النثر الذي ليس هو على ذلك المضمار، ولا شك أن بعضهم كان يدرك ذلك إذ كان فيهم شعراء ولكنهم تمالؤوا مع أولئك الناقصي الفطرة على قولهم (هو شاعر) جحدا لآيات الله بعد استيقانها.
فلما كانت المعجزة - وهي هنا القرآن- آية ظاهرة دالة على نبوته وصدقه دلت بظهورها على أنه رسول، وإذا ثبتت رسالته صلى الله عليه وسلم ثبت لزاماً أن هناك مرسِلاً أرسله ولا يقدر على مثل ذلك إلا الله سبحانه وتعالى فهو القادر المعين رب العالمين، (فالمعجزة تدل بنفسها على ثبوت الصانع، وتدل بظهورها على الرسول، وإذا تبين أنها تدعو إلى الإقرار بأنه رسول الله فتتقرر بها الربوبية والرسالة).
فتقرر من هذا أنه يمكن إثبات ربوبية الله ووجوده بالآيات والمعجزات وإن لم يكن المخاطب مقر ا بذلك ومن ثم يقوم لله بالعبادة، و أما إن كان المخاطب مقرا بوجود الله بفطرته التي لم تتغير فإنه بالآية والمعجزة تتقرر عنده النبوة والوحدانية في الإلهية كما قال تعالى (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما ُأنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون)، فهذا نص واضح على أنه بالآية تثبت وتتقرر الرسالة والوحدانية ضرورة ً، ومعلوم أن توحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية، فإذا ثبت الأول ثبت الثاني تضمناً، ضرورةَ ثبوت المتضمَّن بثبوت المتضمِّن، فثبت أنه يمكن إثبات الربوبية بايآت الأنبياء.
والأخبار في هذا كثيرة جدا يحصل بمجموعها القطع والعلم الضروري فيدل ذلك على صدقه في الرسالة وعلى وجود الخالق لأنه هو الذي أطلعه على ذلك إذ أنه لا يعقل أبدا أن يتحدث الإنسان ويخبر بأشياء و يصدق فيها دائما دون تردد ودون أن يُجرَّب عليه كذب إلا إذا كان موحى إليه و أن الذي أوحى إليه هو الذي بيده الأمور وتتطابق أخباره مع قدره.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى هذا يمكن أن يقال أن كفار قريش لما تربصوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ورد عليهم صلوات ربي وسلامه عليه بالتهديد وحصل ما حصل يوم بدر تبين بذلك الحدث صدق النبي صلى الله عليه وسلم في الرسالة وبهذا – وبغيره- ثبتت رسالته لتحقق ما توعد به ومادام أن الرسالة ثبتت فلابد من مرسل ولا يقدر على ذلك إلا الله جل وعلا وبهذا تثبت الربوبية والله أعلم.
ومن الآيات المشابهة لهذه الآية في المعنى
قوله تعالى (فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين * أن أرسل معنا بني إسرائيل * قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين * وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين * قال فعلتها إذاً وأنا من الضالين * ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين * وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل * قال فرعون وما رب العالمين * قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين * قال لمن حوله ألا تستمعون * قال ربكم ورب آبائكم الأولين * قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون * قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون * قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين * قال أولو جئتك بشيء مبين * قال فأت به إن كنت من الصادقين * فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين * ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين)
جعل موسى عليه السلام مجئيه بالمعجزة دلالة على ربوبية الله على خلقه، وهذا ظاهر.
وأيضا قوله تعالى (أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون* فليأتوا بحديث من مثله إن كانوا صادقين)
تحداهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يأتوا بمثله، ولو اجتمعوا أنسهم وجنهم لم يأتوا بمثله، فهم بذلك إما أن يؤمنوا به ويهتدوا لأن الحق معه والبرهان بيّن وواضح ودال على صدقه ورسالته وأن هذا القرآن لا يأتي من البشر فمن المؤكد أن الله جل وعلا أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه المعجزة الخارقة ولا يكاد أحد من عقلاءهم ينكر ذلك، وإما أن يصدوا عن ذلك عنادا و اتباعا للهوى.
فثبتت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم بالمعجزة و الربوبية تثبت تضمناً، والله أعلم.
الحاصل: أن الآيات التي يأتي بها الرسل عليهم السلام تدل على وجود الله تعالى، وقال ابن القيم في ذلك (وهذه الطريق – يقصد طريق إثبات الربوبية بواسطة دلالة معجزات الأنبياء – من أقوى الطرق و أصحها و أدلها على الصانع وصفاته وأفعاله).(/)
خطوات إضافة موضوع جديد، مع بيان طريقة تنسيق الأبيات الشعرية وإدراج الصور وغير ذلك.
ـ[الإشراف التقني]ــــــــ[11 Apr 2010, 05:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد؛ فبين يديك أخي الكريم شرح توضيح مصور،،
يبين الخطوات التي يسلكها من رغب في إضافة موضوع جديد للملتقى ..
مع تعريف بأهم الأيقونات التي احتواها الصندوق الماسي الخامس ..
وبيان طريقة إدراج أبيات شعرية منسقة ..
وكيفية إدراج الصور في الملتقى.
أولاً: خطوات إضافة موضوع جديد:
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/aa/01.png
http://tafsir.net/mlffat/files/122.png
ستظهر لك الصفحة التالية:
http://tafsir.net/mlffat/files/117.png
وفي أسفل الصفحة تجد:
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/aa/03.png
وبضغطك على "اعتمد الموضوع الجديد" ستجد موضوعك قد أضيف إلى الملتقى.
تتمة:
قد تهمك مشاركة ما، وترغب في متابعة جديدها، لا عليك!!
الملتقى يتكفل بإبلاغك بما يستجد،،
لكن عليك أن تقوم بالاشتراك في الموضوع:
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/aa/04.png
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/aa/05.png
(http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=19189)
ـ[الإشراف التقني]ــــــــ[11 Apr 2010, 05:59 م]ـ
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/bb/01.png
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/bb/02.png
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/bb/03.png
ـ[الإشراف التقني]ــــــــ[11 Apr 2010, 05:59 م]ـ
الصور المراد إدراجها لا تخلو من حالتين:
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/cc/01.png
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/cc/02.png
الحالة الثانية: ألا تكون الصورة المراد إدراجها موجودة على صفحات الإنترنت.
وهنا نحتاج إلى رفع الصور إلى الإنترنت عبر مواقع الرفع، ومنها:
مركز تفسير لمشاركة الملفات ( http://tafsir.net/mlffat)
وهذا شرح مختصر لطريقة رفع الصور إليه وإدراجها في الملتقى.
بعد الدخول إلى المركز يظهر لنا هذا النموذج:
http://tafsir.net/mlffat/files/118.png
بعد رفع الصورة تظهر لك الأكواد الخاصة بها.
قم بنسخ كود المنتديات ثم الصقه في المكان الذي تريده مباشرة
http://tafsir.net/mlffat/files/119.png
ومن المواقع:
[/ URL][U] موقع رفوف لمشاركة الصور والملفات ( http://www.vi2tu.net/general.php?mod=about)
وهنا ( http://www.tafsir.net/vb/showpost.php?p=112569&postcount=1) شرح لطريقة التعامل معه
من البرامج الجيدة:
برنامج اكسترا لرفع الصور ( http://extra.alhnuf.com/)
وهو عربي البرمجة
ومن المواقع:
http://www.imageshack.us (http://www.imageshack.us/)
وهو موقع أجنبي، لكن إمكاناته جيدة، كما أنه يتيح لك فتح حساب خاص بك، تجمع فيه مرفوعاتك.
وقد جعلت الشرح على هذا الموقع كونه بغير العربية، وقد يصعب على البعض التعامل معه.
الشرح
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/cc/03.png
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/cc/04.png
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/cc/05.png
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/cc/06.png
http://tafsir.net/vb/shetwi/images/cc/07.png
(http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=100061#post100061)
ـ[الإشراف التقني]ــــــــ[12 Apr 2010, 07:43 م]ـ
..
WIDTH=500 HEIGHT=430
..
ـ[الإشراف التقني]ــــــــ[13 Apr 2010, 06:10 م]ـ
قم بالدخول إلى:
مركز تفسير لمشاركة الملفات ( http://tafsir.net/vb/../mlffat)
سيظهر لك هذا النموذج:
http://tafsir.net/mlffat/files/118.png
بعد رفعك للملف ستظهر لك الأكواد الخاصة به.
قم بنسخ الرابط المباشر:
http://tafsir.net/mlffat/files/120.png
ثم ضع المؤشر في المكان الذي تريد إدراج الملف الصوتي فيه.
ثم:
http://tafsir.net/mlffat/files/121.png
النتيجة:
http://tafsir.net/mlffat/files/8.ram
..
ـ[الإشراف التقني]ــــــــ[25 Apr 2010, 02:40 م]ـ
هذا الموضوع من إعداد الأخ الفاضل: المساهم وفقه الله
والشرح عبارة عن ملف PDF
يمكن تحميله من هنا ( http://www.archive.org/details/TsweR_477)
ومن كان لديه تساؤل أو استفسار حول هذه الطريقة؛ فبإمكانه طرحها في المشاركة الأصلية:
كيفية تصوير الكتب من الألف إلى الياء ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=19358)(/)
سؤال عن كتاب تفسير آيات الأحكام ..
ـ[أوركيدا]ــــــــ[11 Apr 2010, 08:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لو تكرمتم أود سؤالكم ..
ما صحة نسبة كتاب (تفسير آيات الآحكام) إلى المؤلف محمد علي السايس؟؟
جزاكم الله خيرا وبارك لكم في جهودكم ..(/)
ما دلالة هذا القول عند صحته؟
ـ[أبو المهند]ــــــــ[11 Apr 2010, 10:11 م]ـ
روى البيهقى بإسناده فى مناقب الشافعى فى باب ما يستدل به على معرفته بصحة الحديث عن الشافعى، قال: لم يثبت عن ابن عباس فى التفسير إلا شبيه بمائة حديث.
السؤال: ما صحة هذا القول؟
وما تفسيره؟
ـ[محمد كالو]ــــــــ[12 Apr 2010, 09:31 ص]ـ
هذا القول ـ إن صح ـ يحمل على الأحاديث المرفوعة لأن الذي صح من ذلك قليل جداً، ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وما أكثر ما يُحَرّفُ قول ابن عباس و يُغلط عليه! ": (انظر: تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء: 1/ 460).
ويقول محمد حسين الذهبي:
"ويبدو أن السر في كثرة الوضع على ابن عباس هو: أنه كان في بيت النبوة، والوضع عليه يُكسب الموضوع ثقةً وقوةً أكثر مما وُضِعَ على غيره.
أضف إلى ذلك أن ابن عباس كان من نسله الخلفاء العباسيون، وكان من الناس من يتزلف إليهم ويتقرب منهم بما يرويه لهم عن جدهم ". (انظر: التفسير والمفسرون:1|56)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[13 Apr 2010, 08:23 ص]ـ
انا لا اظن ان مراد الشافعي هو هذا ولكنه يعني فيما يبدو من العبارة ان ماصح من آراء ابن عباس بمعنى صح نقلها الينا هو هذا العدد وليس ماحمله ابن عباس من تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه فالذي يظهر ان الشافعي رحمه الله يميل الى ان الصحيح المنقول من تفسير ابن عباس قليل وليس كثيرا والله اعلم(/)
المنهجية في طلب علم التفسير للشيخ د. مساعد الطيار
ـ[المساهم]ــــــــ[11 Apr 2010, 10:38 م]ـ
http://www.alukah.net/UserFiles/Basmmalah22%285%29.gif
المنهجية في طلب علم التفسير
للشيخ د. مساعد بن سليمان الطيار *
يفتقر طالب علم التفسير إلى المتون المختصرة اللازمة له للتدرج في هذا العلم، وعليه فإنه يمكننا أن نقسم المراحل التي يمر بها طالب علم التفسير إلى:
الأولى: مرحلة المبتدئين
الثانية: مرحلة السالكين
الثالث: مرحلة التوسع
أولاً: مرحلة المبتدئين
هذه من أهم المراحل لطالب علم التفسير إذ تكمن أهميتها لكونها اللبنة الأولى لطالب علم التفسير، فيهتم الطالب في البداية باستظهار المعنى العام للآيات، وتقييد الفوائد على المتن المختار للتفسير، مع عدم الانشغال بالإشكالات الواردة في بعض الآيات، وتكون البداية بكتاب مختصر من أفضلها " التفسير الميسر" وهو يهتم بالمعنى الاجمالي للآيات إلا أنه يفتقر إلى الإشارة إلى المعنى اللغوي للفظ القرآني فيضيف الطالب للتفسير الميسر كتاب مختصر في غريب القرآن كـ "تحفة الأريب لأبي حيان" أو "تفسير غريب القرآن لمكي القيسي".
ومن أحب أن يبدأ بداية موسعة يمكنه البدء بكتاب "جامع البيان لمعين الدين الصفوي" أو "مختصر تفسير ابن سلام لابن أبي زمنيين" أو " أيسر التفاسير لأبي بكر الجزائري"، دون إغفال كتب الغريب.
وليس لهذه المرحلة زمنًا معينًا، لأنها مرتبطة بفهم وقدرة الطالب، فمن وطن نفسه على التخطيط والترتيب يصل أسرع من غيره فعلى الطالب أن يجعل له جزءً أو نصف جزء أسبوعيًا ويستمر ويواظب على هذه القراءة لا ينقطع عنها فقليل مستمر خير من كثير منقطع.
المرحلة الثانية: مرحلة السالكين
وهي مرحلة الدخول في التخصص في علم التفسير، فالطالب في هذه المرحلة انتهى من استظهار ومعرفة المعنى الاجمالي للآيات والدلالت اللغوية للألفاظ القرآنية كما ذكرنا سابقًا.
وتتمثل هذه المرحلة بمعرفة:
1 - أصول التفسير
2 - أقوال المفسرين
فالمرحلة الأولى ـ للطالب ـ كانت دراسة التفسير على معنى واحد، ولكنه في هذه المرحلة سينتقل الطالب إلى معرفة الأقوال الأخرى في التفسير بدلًا من اعتماده على القول الواحد المختار الذي تعلمه في المرحلة الأولى.
ومن المهم للطالب في هذه المرحلة أن يتعلم ما يتعلق بأصول التفسير من طرق التفسير وأسباب الاختلاف في التفسير وأنواع الاختلاف وقواعد التفسير وقواعد الترجيح ومعرفة مصطلحات المفسرين.
وللطالب في هذه المرحلة القراءة من كتب معاني القرآن وكشف توجيهات القراءات والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول.
فيمكن للطالب أن يقرأ من الكتب الموسعة في التفسير من أمثال "زاد المسير لابن الجوزي"و "تفسير الماوردي" و"الدر المنثور للسيوطي" و "تفسير ابن كثير" وغيرها ممن عني بذكر الأقوال واختلافها كـ "المحرر الوجيز لابن عطية" و"تفسير ابن جرير الطبري" و "تفسير ابن جزى الكلبي" و "تفسير الطاهر بن عاشور".
المحصلة النهائية لهذه المرحلة:
1 - استظهار أقوال السلف في الآية، فإن كان في الآية قولان أو ثلاثة استظهرهم أما إن زادت هذه الأقوال فيكتفي ذكر بعضها مع معرفته بأن في الآية أقوال أخرى لم يحفظها.
2 - معرفة أقوال السلف خاصة، أي الصحابة والتابعين وأتباع التابعين.
3 - معرفة الأقوال الصحيحة المحتملة في الآية التي جاءت بعد السلف.
4 - التعرف على مناهج المفسرين المختلفة.
المرحلة الثالثة: مرحلة التوسع
وتسمى المرحلة البحثية فلابد للطالب في هذه المرحلة أن يقرأ ويستفاد من الكتب القريبة من التخصص أو حتى البعيدة عنه فيمارس بحثه وإضافاته التي يوظفها في تفسير القرآن.
ويمكن إضافة ما يلي:
1 - العناية بالتعرف على منهج السلف ومن سار على نهجهم من خلال التطبيقات العملية.
2 - العناية بتطبيق ما تعلمه من أصول التفسير على ما يقرأ من التفسير.
3 - الرجوع إلى الموارد التي أخذ منها المفسر.
4 - التركيز على كلام المفسر في تفسيره للآيات المتصلة بالفن الذي يتميز به المفسر كأن يكون المفسر لغويًا أو فقيهًا أو عالمًا بالقراءات.
5 - الحرص على تقييد الفوائد التي يستفيدها طالب علم التفسير خلال رحلته في طلب العلم وقراءاته للكتب.
* ملخص لمحاضرة ألقاها الشيخ في ديوانية الدراسات القرآنية بمنطقة الطائف بتاريخ 17 من شوال 1430 هـ.
روابط مباشرة: اختر [حفظ باسم]
1 - التفسير الميسر [هنا ( http://www.archive.org/download/MnhGT_TFSeeR/MYSR-P.pdf) و هنا ( http://www.archive.org/download/MnhGT_TFSeeR/MYSR.pdf) ]
2- تحفة الأريب لأبي حيان [هنا ( http://www.archive.org/download/MnhGT_TFSeeR/to7fh.pdf) ]
3- تفسير غريب القرآن لمكي [هنا ( http://www.archive.org/download/MnhGT_TFSeeR/tmmgh9.pdf) ]
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[12 Apr 2010, 01:32 ص]ـ
لي هنا ملاحظة: قد يحسن أن ننصح الطالب المبتدئ بالتفاسير المعاصرة نظراً لسهولة عبارتها، ونظراً لاستفادة المفسرين المعاصرين من مسيرة التفسير الطويلة، ونظراً لتقديم المعاني في ثوب معاصر، ونظراً لبعدهم النسبي عن الإسرائيليات ... أما إذا كان القصد تعزيز منهج المدرسة السلفية في التفسير فهناك من التفاسير المعاصرة ما يغني.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السيد قطب محمود]ــــــــ[12 Apr 2010, 02:42 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا العرض، ولكن نأمل أن تذكروا لنا كتب علوم القرآن في كل مرحلة وتبينوا كتب التفسير المختارة في كل مرحلة.
وشكر الله لكم
ـ[شعاع]ــــــــ[22 Apr 2010, 03:32 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ,,,كيف أوفق بين هذه الكتب في المراحل الثلاث؟!
أحيانا أشعر بشيء من التشتت وأنا مازلتُ مبتدئة، وهل أحفظ كل معلومة أوفقط قراءة واطلاع لأني أجد صعوبة في علم التفسير وأتمنى التمكن من هذا العلم الجليل والله المستعان ..
ـ[مخلد اسماعيل]ــــــــ[27 Apr 2010, 11:44 ص]ـ
اين مكان علوم اللغة من ذلك؟
ـ[عبيدة احمد السامرائي]ــــــــ[28 Apr 2010, 10:37 ص]ـ
أخي الكريم ... أنت صاحب باع طويل في تحميل الكتب
ولابد للملتقى أن يفتخر بأمثالك من الأفاضل.
لي طلب حول كتاب أنا بحاجة إليه في رسالتي التي أقوم باعدادها في الماجستير والتي تفضل بالإشراف عليّ في إعدادها - الأستاذ الدكتور غانم قدوري حمد - حفظه الله.
وهو كتاب (الكليات لأبي البقاء العكبري)
وتكون متفضلا إذا ساعدتني في الحصول عليه .. جزاك الله ألف خير
ـ[المساهم]ــــــــ[28 Apr 2010, 11:18 ص]ـ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبيدة احمد السامرائي http://tafsir.net/vb/styletafsir/buttons/viewpost.gif (http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=101186#post101186)
كتاب (الكليات لأبي البقاء العكبري)
لعلك يا أخي تقصد كتاب أبي الكفوي وليس العكبري تجده هنا [هنا ( http://www.4shared.com/file/63070310/f00c267/__-__-_____.html) ]
ـ[عبير ال جعال]ــــــــ[28 Apr 2010, 10:39 م]ـ
جدا رائع ماكتبت لكن من الأفضل أن يأخذ على يدشيخ وهذا وجهة نظري لاننا في بداية الطلب قد نأخذ كل شي ولا نعلم ماهي الطريقة الصحيحة في أخذ هذا العلم هل الحفظ ام الفهم وهناك بعض الأشكالات التي يحتاج فيها الى الرجوعالى عالم أو شيخ مساند لك حتى يسئل عن كل مايشكل علينا فيه؟؟؟؟؟؟؟؟
اتمنى أن أكون في يوم من الأيام ملمة بهذا العلم وأملي في في الله كبير أن يبتناني أحد الأساتذة الكرام في طلبي لهذا العلم
ـ[عبيدة احمد السامرائي]ــــــــ[29 Apr 2010, 05:48 م]ـ
أخي الكريم ... أشكرك شكرا جزيلا على هذا الكتاب، لكني أحتاج كتاب الكليات للعكبري
مع أني أستفدت من هذا الكتاب، فإذا مرّ على جنابكم الكريم هذا الكتاب أرجو تزويدي والملتقى به.
حفظك الله ورعاك
ـ[باحثة علم]ــــــــ[24 Jun 2010, 06:18 ص]ـ
بارك الله فيك أخي المساهم
أحسن الله إليك على هذا المجهود الرائع دائما
جزاك الله الفردوس الاعلى
ـ[أبو بكر الأمريكي]ــــــــ[24 Jul 2010, 01:11 م]ـ
"جامع البيان لمعين الدين الصفوي"
كيف يمكن الحصول على هذا الكتاب في مكة، لأني بحثت عنه فلم أجده.(/)
ملحة رقمية ولكنها قرآنية
ـ[وائل صنبع]ــــــــ[12 Apr 2010, 11:10 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد.
هذه رسالة وصلتني عبر البريد الإلكتروني ورأيتها تصلح لأهل القرآن فأدرجتها ولقارئها الشكر.
ـ[خلوصي]ــــــــ[15 Apr 2010, 08:12 ص]ـ
أي هي؟(/)
كتاب عجائب القرآن للإمام فخر الدين الرازي؟؟؟
ـ[أم أسيد]ــــــــ[13 Apr 2010, 01:05 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية نبارك لكم عودتكم في هذه الحلة الجديد و نسأل الله أن يوفقكم لما يحب و يرضى. و نشكر من ساعدنا في التسجيل.
سؤالنا أحسن الله اليكم، حول منهج فخر الدين الرازي في كتابه عجائب القران؟؟؟
و ان كنتم لا تنصحون بهذا الكتاب فهل نكتفي بكتاب تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة الدينوري أم هناك كتب اخرى؟؟؟
لأنني لم أطلع من قبل على كتاب: عجائب القرآن للرازي و انما قرأت موضوع واحد فقط مصدره هذا الكتاب وهو:
(من عجائب وإسرار كتاب الجبار سبحانه أن شبه القران بالحبل)، فأحببت معرفة منهج الرازي في هذا الكتاب؟؟؟
أحسن الله اليكم و بارك في جهودكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أم أسيد: ليسانس لغة و دراسات قرآنية
كلية العلوم الإسلامية _ الجزائر العاصمة _
ـ[علي العجمي]ــــــــ[22 Nov 2010, 06:56 م]ـ
ذكر الاخ عبدالرحمن الفقية في منتدى أهل الحديث:
قال الإمام ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة (5/ 439 - 440)
ولهذا لما صار كثير من أهل النظر كالرازي وأمثاله ليس عندهم إلا قول الجهمية والقدرية والفلاسفة تجدهم في تفسير القرآن وفي سائر كتبهم يذكرون أقوالا كثيرة متعددة كلها باطلة لا يذكرون الحق
مثل تفسيره للهلال وقد قال تعالى (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) سورة البقرة
فذكر قول أهل الحساب فيه وجعله من أقوال الفلاسفة وذكر قول الجهمية الذين يقولون إن القادر المختار يحدث فيه الضوء بلا سبب أصلا ولا لحكمة وكذلك إذا تكلم في المطر يذكر قول أولئك الذين يجعلونه حاصلا عن مجرد البخار المتصاعد والمنعقد في الجو وقول من يقول إنه أحدثه الفاعل المختار بلا سبب ويذكر قول من يقول إنه نزل من
الأفلاك
وقد يرجح هذا القول في تفسيره ويجزم بفساده في موضع آخر وهذا القول لم يقله أحد من الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان ولا أئمة المسلمين بل سائر أهل العلم من المسلمين من السلف والخلف يقولون إن المطر نزل من السحاب) انتهى.
و قد ترجمة الذهبي في السير 21/ رقم الترجمة (261) فقال:
العلامة الكبير ذو الفنون فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين القرشي البكري الطبرستاني الاصولي المفسر كبير الأذكياء و الحكماء و المصنفين ولد سنة أربع و أربعين وخمس مئة و اشتغل على أبيه ضياء الدين خطيب الري و انتشرت تواليفه في البلاد شرقا و غربا وكان يتوقد ذكاء وقد بدت منه في تواليفه بلايا وعظائم و انحرافات عن السنة و الله يعفو عنه.(/)
عرض كتاب: (تدبر القرآن الكريم وقفات ولفتات) للدكتور عبد الله الرحيلي
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[13 Apr 2010, 03:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
هذا عرض مختصر لكتاب: (تدبر القرآن الكريم وقفات ولفتات) لفضيلة الأستاذ الدكتور عبد الله بن ضيف الله الرحيلي [عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة وأمين المجلس العلمي بالجامعة].
(صورة الغلاف)
http://tafsir.net/vb/User_Uploads/131/1271118577.jpg
وقد صدرت الطبعة الأولى من الكتاب هذا العام 1431 هـ.
= مقدمة الكتاب:
قدم المؤلف مقدمة قال فيها:
لا يشغلك
يا أيها الإنسان!:
- لا تشغلك الصور عن لسور!
- لا تشغلك القنوات عن الآيات!
- لا يشغلك الناس عن رب الناس!
-لا يشغلك الهزل عن الجد!
-لا يشغلك الحاضر العابر عن المستقبل الأبدي!
-لا تشغلك الأجسام عن الحقائق الجسام.
- لا يشغلك بريق البداية عن حقيقة النهاية!.
- لا تشغلك لذة ساعة عن لذة الفوز عند قيام الساعة!.
- يا أخي لا ترضَ بلذة ساعة بحزنٍ طويل!.
-يا أخي هذا كتاب الله وآياته يدعوك فيه الله إلى رضاه وكراماته. وهذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، إنْ هو إلا وحي يوحى؛ فما الذي يصرفك عنهما، وما الذي، ومن الذي يعوضك عنهما؟!.
ثم قال:
(هذا كتابٌ عن القرآن صنعه القرآن، لأنه إنما هو من بركة القرآن، وثمرة تدبره؛ فهو كتاب عن التدبر من ثمرة التدبر، ولقد كان سبباًونتيجة ـ في أحايين متعددة ـ لتأمل الكتاب العزيز، ولطالما قضيتُ به ليالي وأياماً متعة مع المصحف الشريف: أُقلِّبُه، وأُقبِّلُه، وأَقْبَلُه، وأكتب عنه، فوا لهفَ نفسي على تلك السويعات، ليتها لم تنقطع، أو ليتني عنها لم أنقطع!! ...
وهذه الأوراق من الموضوع قد اتجهالرأي إلى نشرها، وإن لم يكتمل الموضوع على الصورة التي أردتها؛ إذ قد انتظرت اكتمالها طويلاً، حيث كنتُ كتبتُ هذه الأوراق منذ نحو ثمانية عشر عاماً!. لكن، لا يكون إلا ما ييسره الله تعالى.
وعلى الرغم من كثرة ما كتب حول تدبر القرآن الكريم، فإن التدبر المطلوب يبقى واجب المسلم والمسلمة: قراءة للكتاب العزيز، وقراءة حول الموضوع، وطرقه ووسائله؛ حتى يتحقق لهما القيام بهذا الواجب الذي أوجبه الله تعالى على كل مسلم ومسلمة تجاه القرآن الكريم.
ومن أجل ذلك فإن تنوع التجارب والكتابات في الموضوع سيكون مفيداً، غير مكرر، ولا مملول.
وهذا مما شحع على نشر هذه الأوراق؛ لعل الله تعالى أن يجعلها نفعاً وذخراً نافعاً يوم لا ينفع مال ولا بنون. نسأله تعالى أن يتقبل، ويتجاوز، ويحسن العاقبة).
= مباحث الكتاب:
قسم المؤلف الكتا إلى تسعة مباحث وهي:
1 - كلمات عن القرآن:
وذكر فيها ثماني وقفات منها:
- دواعي تدبر القرآن.
- دواعي تدبر القرآن أيضاً.
- القرآن خطاب الله إلى الإنسان فهل نستجيب.
- إذا قرأت القرآن فاقرأ المعاني كما تقرأ الألفاظ.
- وقال ربكم ادعوني استجب لكم.
- يا قارئ القرآن.
- أدب الرحمن في مخاطبة الإنسان.
2 - لفتات في طرق تدبر لاالقرآن ووسائله:
وذكر منها:
- أمور أساسية يتوقف عليها تدبر القرآن.
- تجربة في قراءة القرآن وتدبره.
- خطوات تدبر القرآن والعمل به.
- أسباب فهم القرآن وطرق تدبره تدبراً سليماً.
- من طرق التدبر أيضاً.
- من أسباب استشكال النص.
- طريقة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن.
- أمثلة للوقف المهم.
- لا تتلق أخبار لقرآن بصفتها أخباراً فقط.
- ألفاظ قرآنية تحتاج إلى تدبر.
- لفتات في آيات.
- الأمر بتزيين القرآن بالأصوات.
3 - قواعد التدبر:
وذكر منها:
- ملاحظة المعاني المركبة والمعاني المفردة معاً.
- التدبر العام والتدبر الجزئي.
- الأمانة والإيمان قبل القرآن.
- العناية بالقدر المشترك بين أحكام القرآن.
- اشتراط فهم النص من النص.
النظر إلى سياق الآية: سباقها ولحاقها.
- معرفة مرجع الضمير في النصوص.
- لا ترادف في ألفاظ القرآن.
- التنبه إلى ما جاء من تفسير ألفاظ القرآن في القرآن نفسه.
4 - لفتات في أساليب القرآن الكريم:
وذكر منها:
- من أساليب البُشرى في القرآن.
- من مظاهر الدقة في القرآن.
- الإيمان والعمل الصالح.
- المقابلة بين المحسوس والمعنوي.
- الإحكام في ترتيب الألفاظ.
- الإعجاز في الإطلاق غير المقيد.
- ألفاظ على غير ظاهرها.
5 - وقفات عند آيات:
وذكر منها:
- إبطال تكلف العناية بنقد أعمال الآخرين ونسيان نفسه.
- في المنهج.
- في المحاجة والمجادلة.
- في إبطال العناية بالظاهر فقط.
6 - من حديث القرآن عن القرآن.
7 - من مواقف السلف تجاه القرآن.
8 - أقوال عن القرآن وتدبره منقولة عن الإمام الذهبي.
9 - التعامل الإلكتروني مع القرآن:
وذكر لفتتين:
أ ـ الطريقة المثلى لإحصاؤ الألفاظ والمعاني في القرآن الكريم.
ب ـ التنبيه على أخطاء في برنامج مؤسسة حرف الإلكتروني للمصحف الشريف.
= حجم الكتاب:
الكتاب يقع في (180) صفحة من القطع العادي.
وقد تفضل المؤلف وفقه الله بإهدائي نسخة من الكتاب، اسأل الله أن ينفع به كاتبه وقارئه إنه جواد كريم، والله تعالى أعلم،،،الاثنين
27/ 4 / 1431 هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Apr 2010, 05:46 ص]ـ
أحسنت يا أبا مبارك بهذا العرض الموفق للكتاب وفقك الله.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[13 Apr 2010, 06:38 ص]ـ
بوركت يا أبا مبارك
ما هي دار النشر التي نشرت هذا الكتاب؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Apr 2010, 07:02 ص]ـ
بوركت يا أبا مبارك
ما هي دار النشر التي نشرت هذا الكتاب؟
ليس عليه بيانات أي دار نشر، والظاهر أنه منشور على نفقة المؤلف.
ـ[هاني درغام]ــــــــ[14 Apr 2010, 02:32 ص]ـ
بارك الله لكم ... كيف يمكن الحصول علي هذا الكتاب؟
ـ[أم البررة]ــــــــ[18 Apr 2010, 12:32 ص]ـ
هل نجده في معرض الكتاب للجامعة الإسلامية؟
ـ[سحاب]ــــــــ[18 Apr 2010, 12:46 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[18 Apr 2010, 01:47 ص]ـ
جميع الإخوة والأخوات الذين سألوا عن الكتاب: أين يباع؟، سوف أسأل لكم فضيلة المؤلف بإذن الله تعالى وأضع الجواب هنا ...
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[25 Apr 2010, 03:36 م]ـ
سألت فضيلة الدكتور عبد الله الرحيلي مؤلف الكتاب عن بيع الكتاب، فأخبرني بأنه من توزيع مؤسسة الجريسي، وقد يُرفع الكتاب على الشبكة ولكن ليس هناك تحديد متى يكون ذلك ..
ـ[هاني درغام]ــــــــ[26 Apr 2010, 01:11 ص]ـ
جزاكم الله خيرا كثيرا دكتور فهد
هل هناك وكلاء لمؤسسة الجريسي في مصر؟(/)
استمع لإذاعة القرآن الكريم من تونس
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Apr 2010, 11:46 م]ـ
http://www.zitounafm.net/zitounalive.php
ـ[عبدالله الشتوي]ــــــــ[14 Apr 2010, 11:16 م]ـ
شكر الله لك شيخنا الفاضل ..
وقد تم إضافتها إلى شريط أدوات ملتقى أهل التفسير ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Apr 2010, 11:36 م]ـ
بيض الله وجهك وكتب أجرك.
فكرة جميلة جداً أن تضيف كل الإذاعات الخاصة بالقرآن الكريم للشريط تباعاً فهي ميزة ذات صلة وثيقة بالملتقى جزاك الله خيراً.(/)
حول أصلية دلالة النص القرآني وفرعية المستدل عليه (نقد مذهب التوقيع القرآني!)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[14 Apr 2010, 03:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف النبيين والمرسلين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد ..
فمن الأمور المنهجية التي نبهت عليها مرارا بعض من أدعوهم إلى العودة القرآنية، واستلهام المناهج من كتاب الله سبحانه، وجعل كافة فعاليات المنهج الإسلامي للمسلم دائرة في فلك القرآن .. من تلك الأمور المنهجية التي نبهت إليها هي قضية (التوقيع القرآني!) .. وأقصد بالوقيع القرآني هو: الإجراء الاضطراري الذي يتخذه أصحاب المناهج المختلفة في استدلالاتهم حينما يوقعون بالآية كصك أو ختم على أنهم ينبثقون في استدلالاتهم السابقة من القرآن ومن سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
إنه لا أحد – مسلم – يقول أنا أنطلق من غير القرآني، أو من غير السنة، لا أحد إطلاقا يقول بهذا لو ثبت له الإسلام. ولكن التصديقات، بعد، تصدق ذلك أو تكذبه. (وهنا تجوز في العبارة حيث لا تصديقات إلا لو صدقت، وإنما المراد الأفعال التي ينتظر منها أن تكون تصديقات).
إن الذين ينطلقون من القرآن العظيم، ومن سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، يظهر تصديقهم ((ابتداء)) كعمل منبثق من جهة القرآن إلى الخارج، أي إن الداعية أو العالم أو المشتغل بالعلم – وممن سبق المربي الذي يرسم المنهج لمريديه - ينطلق من القرآن نصا، ومن السنة نصا، فيدور في فلكهما، فيظهر الاطراد وتظهر جهته، من الداخل إلى الخارج، من داخل محور النص القرآني – حيث منه الابتداء – إلى خارج العمل ورسم المناهج والتصديقات. وإن واقع كثير من (مدعي) الانبثاق من النصين ليس على تلك الصورة التي لا نفهم لها صورة أخرى. وإنما هم يتبعون سلوك (التوقيع القرآني) حينما يأتون بأفكارهم (ابتداء) وينظّرون ويصولون ويجولون، وفي نهاية الأمر .. في الختام .. يصدرون عبارات من مثل: وهذا مصداق قول الله تعالى ( ... ) وكذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ( ... ). فيذكرون نصوصا لا ترتب بما قعدوه وفصلوه إلا من باب (المجاملة!) أي لو جاملناهم ولم نشأ إحراجهم، حيث يذكرونها عمومية فضفاضة، لا تتوازى أبدا مع ما ذكروه من التنظيرات (السابقة) على إيراد النصوص. وإلا فالانبثاق عن النصوص له علامته، فالنص هو المحور، وهو الأصل، وهو موضوع ومحل اشتغال المشتغل، بحيث لا يحتاج إلى (التوقيع القرآني!).
يشبه هذا مقررات المشتغلين بقضية الإعجاز العلمي – في صورتها المبالغة – حيث يقررون ما يسمى بـ (الحقيقة العلمية) ثم (يستجلبون) الآيات الدالة على ما (مقرراتهم السابقة) ..
لا أخفي القارئ سرا أن مثل تلك التصرفات تصيبني بما هو أكثر من الاستياء أو عدم الرغبة في الخوض؛ إنها تصيبني بالغضب حيال تلك الأفعال؛ ذلك أني لا أتمكن – رغم محاولات يعلم الله عددها - من دفع الشعور بأن مثل ذلك هو إهانة للقرآن من حيث لا يشعر المرتكبون، وهو (استخدام) له في (التأييد) لما سبق تقريره، لا أنه (ينشئ) تصورات وأحكام وحقائق من حيث كونه مثبتا (ابتداء). تأملوا.
ولعل كلمات قالها الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله ورضي عنه في كتاب العلم من سفره (إحياء علوم الدين) توصّف ذلك الأمر توصيفا واضحا. يقول رحمه الله – في مغرض الكلام حول التفسيرات المخالفة للغة والنقل، ومنها تفسيرات أهل الباطن -:
" .. فهذه أمور يدرك بالتواتر والحس بطلانها نقلا وبعضها يعلم بغالب الظن وذلك في أمور لا يتعلق بها الإحساس فكل ذلك حرام وضلالة وإفساد للدين على الخلق ولم ينقل شيء من ذلك عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن الحسن البصري مع إكبابه على دعوة الخلق ووعظهم، فلا يظهر لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار)). معنى إلا هذا النمط وهو أن يكون غرضه ورأيه تقرير أمر وتحقيقه فيستجر شهادة القرآن إليه ويحمله عليه من غير أن يشهد لتنزيله عليه دلالة لفظية لغوية أو نقلية ولا ينبغي أن يفهم منه أنه يجب أن لا يفسر القرآن بالاستنباط والفكر فإن من الآيات ما نقل فيها عن الصحابة والمفسرين خمسة معان وستة وسبعة ونعلم أن جميعها غير مسموع من النبي صلى الله عليه وسلم فإنها قد تكون متنافية لا تقبل الجمع فيكون ذلك مستنبطا بحسن الفهم وطول الفكر، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه: ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل))." ا. هـ
والشاهد في موضعين:
أولا// تقريره ضرورة اعتماد اللغة والنقل في تفسير القرآن.
ثانيا// في توفيقه في التعبير بقوله (فيستجر شهادة القرآن إليه!) وكأن القرآن خادم لأفكاره ويستعمله في تأييدها! فيتحول من دور الأمير الآمر الناهي الذي تنبثق عنه التشريعات إلى دور الوزير الخادم الذي يقر مولاه على ما ينتجه عقله، ويشهد لعقله من خلال (التوقيعات القرآنية!).
أعلم أن لهجتي اشتدت نوعا في تلك الكلمات، وقد فكرت في تخفيفها، ولكني وجدت التكلف هو في ذلك، حيث ((الغضب)) هو الشعور الأبرز الذي يختلجني تجاه مثل تلك التصرفات في القرآن العظيم ..
والله تعالى الهادي إلى سوا السبيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[14 Apr 2010, 05:31 م]ـ
جزاكم الله خيرا،وهذا يذكرنا بقوله تعالى: [الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ] (الحجر:91)(/)
ملتقى المؤتمرات العلمية
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[14 Apr 2010, 07:39 م]ـ
لا يخفى على الجميع أهمية المؤتمرات العلمية في تنمية المعارف والمهارات وزيادة الخبرات والتعرف على الشخصيات العلمية؛ ولذلك يحرص كثير من طلبة العلم والباحثين على حضور المؤتمرات والندوات والملتقيات العلمية ومتابعة أخبارها واقتناء أوراقها.
وبناء على هذا أقترح فتح صفحة جديدة في هذه الشبكة المباركة بعنوان (ملتقى المؤتمرات العلمية) يعلن فيها عن المؤتمرات القادمة ولا سيما في الدراسات القرآنية، ويكتب فيها تقارير المؤتمرات السابقة وأخبارها. ولا يغني عن ذلك الإعلان في الملتقى العلمي؛ حيث إن الأعلان فيه يتم قبل فترة طويلة ثم تطوى الصفحة المعلن فيها وينسى المؤتمر، وربما تفوت قراءة الإعلان بسبب الانقطاع عن التصفح فترة معينة.
ولذلك أقترح على فضيلة المشرف العام النظر في هذا المقترح الذي يرجى أن يفيد أعضاء الملتقى وغيرهم، ويكون مرجعا للباحثين وأساتذة الجامعات.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Apr 2010, 07:55 م]ـ
أشكرك يا دكتور إبراهيم على هذه الفكرة، وتنفيذها سهل إن رأى الزملاء الأعضاء في الملتقى. والذي منعنا في السابق هو قلة عدد هذه المؤتمرات مما يجعل فتح قسم خاص بها تشتيتاً للملتقى دون فائدة كبيرة. ويمكن فتح قسم خاص بها وتطويره مستقبلاً بإضافة الكثير من الأفكار العلمية والفنية حول المؤتمرات، وقد نصل لمرحلة أن يصبح لدينا القدرة على:
- تولي تنظيم المؤتمرات المتخصصة في القرآن وعلومه، وترتيبها علمياً وفنياً من خلال المركز.
- تغطية المؤتمرات إعلامياً والتنسيق مع الجهات الإعلامية في ذلك.
- أرشفة أوراق هذه المؤتمرات وحفظها في قاعدة بيانات ليسهل الرجوع إليها.
- عقد بعض المؤتمرات إلكترونياً من خلال الموقع.
- فتح الحوار حول أوراق المؤتمرات والبحوث القرآنية أثناء عقد المؤتمر وبعده.
وغير ذلك من الأفكار التي تستجد حول خدمة البحث العلمي من خلال المؤتمرات والندوات.
وكل هذا يحتاج إلى دعم مالي لتخصيص وحدة للمؤتمرات والندوات في مركز تفسير تتولى القيام بهذه المهام.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[14 Apr 2010, 09:06 م]ـ
فكرة جميلة وحرية بالتطبيق، وأنا مع الدكتور إبراهيم وفقه الله فنحن بحاجة لفتح ملتقى خاص بالمؤتمرات لعدم القدرة على متابعتها من خلال مواقع الانترنت الأخرى أو الملتقى العلمي ...
ـ[محب القراءات]ــــــــ[14 Apr 2010, 11:54 م]ـ
فكرة جيدة ولعلنا نبدأ بأقرب مؤتمر علمي والذي سيقام في الشارقة عن التفسير الموضوعي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Apr 2010, 12:09 ص]ـ
لو تمكنت يا أبا أسامة من وضع تصور حول مهام هذا القسم الجديد، وكيف يمكن أن يولد مميزاً ثم تعرضها على الدكتور إبراهيم والدكتور فهد وترسل لي نسخة للخروج بأفضل تصور، ولعلنا نبدأ بمؤتمر التفسير الموضوعي إن شاء الله إن رأيتم مناسبة ذلك. وقد طلبوا منا تغطية المؤتمر إعلامياً ولعلك تكون ممثلنا إن شاء الله. وسأطلب لكم نسخة من جميع أوراق المؤتمر للنظر فيها وتهيئة عرضها بالتزامن مع فعاليات الجلسات إن شاء الله.
ـ[عبدالملك سرور]ــــــــ[15 Apr 2010, 02:13 ص]ـ
فكرة جيدة ...
وبإذن الله وبعد موافقة الإدارة سيتم ضم هذا القسم المؤتمرات والندوات واللقاءات المختصة في القرآن الكريم ...
ـ[محب القراءات]ــــــــ[15 Apr 2010, 07:37 ص]ـ
لو تمكنت يا أبا أسامة من وضع تصور حول مهام هذا القسم الجديد، وكيف يمكن أن يولد مميزاً ثم تعرضها على الدكتور إبراهيم والدكتور فهد وترسل لي نسخة للخروج بأفضل تصور، ولعلنا نبدأ بمؤتمر التفسير الموضوعي إن شاء الله إن رأيتم مناسبة ذلك. وقد طلبوا منا تغطية المؤتمر إعلامياً ولعلك تكون ممثلنا إن شاء الله. وسأطلب لكم نسخة من جميع أوراق المؤتمر للنظر فيها وتهيئة عرضها بالتزامن مع فعاليات الجلسات إن شاء الله.
أبشر يا أبا عبد الله سأجتهد في وضع تصور لهذا القسم, وأرسله لكم إن شاء الله, أسأل الله الإعانة والتيسير,
وآمل من الإخوة في الملتقى أن يعينوني على ذلك فمن كانت لديه فكرة حول هذا الأمر فلا يبخل علينا.
وجزاكم الله خيرا
ويشرفني أن أكون ممثلا لمركز تفسير في مؤتمر التفسير الموضوعي
وقد كنت قبل يوم أفكر في شيئ قريب من هذا , وكنت انوي طرحه هنا على الإخوة , وهو تخصيص ملتقى عن الدروس والدورات العلمية في الدراسات القرآنية , فما رأيكم لو خصصنا ملتقى يجمع هذه الأمور بحيث يكون عنوانه:
(ملتقى الدروس والدورات والمؤتمرات العلمية في الدراسات القرآنية)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Apr 2010, 11:16 ص]ـ
وفقكم الله.
وفي انتظار ما تكتبه يا أبا أسامة جزاك الله خيراً.
ـ[عبدالعزيز العمار]ــــــــ[17 Apr 2010, 12:01 م]ـ
لكم أسعدني هذا المقترح وسرني؛ لما لهذه المؤتمرات من الفائدة العظيمة؛ لما تتميز به من عمق في الطرح، وتميز - كذلك - في اختيار الموضوعات المحكمة علميا
فبارك الله في الجهود، وسنسعى جميعاً في الكتابة فيه، وفي ذكر كل مايتعلق بالمؤتمرات بداية بالإعلان عنها، وإلى تقديم ملخص عن موضوعاتها
دعواتي للجميع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد شكري]ــــــــ[17 Apr 2010, 10:19 م]ـ
اقتراح طيب وما ورد من اقتراحات مكملة زادته نضجا، ويمكن أن يضاف إليه البحوث المحكمة حيث إن تعدد المجلات وكثرتها يجعل من المتعذر على أحدنا متابعتها كلها والاطلاع على ما ينشر من أبحاث متخصصة.
وأذكّر بقرب انعقاد مؤتمر الإعجاز والقراءات في المغرب ويشارك فيه عدد من أعضاء الملتقى.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[17 Apr 2010, 10:44 م]ـ
فكرة رائعة ومميزة أؤيدها إذ تحمل الجديد المتفرد في الشبكة العنكبوتيه.
أشكر الدكتور إبراهيم عليها وكل من يساعد على التنفيذ والإخراج.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[17 Apr 2010, 11:18 م]ـ
ما أجملها من فكرة!
وقد تم طرحها وتجاذب الكلام حولها ضمن ما دار من نقاش وما طرح من أفكار ومقترحات لهذا الملتقى المبارك، كما أشار الدكتور عبد الرحمن وفقه الله.
والمعول دائما على من ينفذ ما يقول، ويسعى فيما يفكر ويقترح،
ودون هذا بذل الجهد والوقت، وحسن التنظيم والتنسيق، وإجادة التفويض والتكليف،
وإلا لم يعدُ الأمر أن يكون أمانيا ..
أم أن الحال كما قال الأول:
مُنىً إن تكن حقا تكن أطيب المنى ... وإلا فقد عشنا بها زمنا رغدا؟!
لكم أنتم تجيبوا!
وفق الله الجميع لكل خير.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[17 Apr 2010, 11:44 م]ـ
بارك الله فيكم أجمعين، وفي شيخنا الدكتور إبراهيم خاصة، مع رجائي أن يتضمن الملتقى أوراق المؤتمرات -ما تيسر منها-.
ـ[أم البررة]ــــــــ[18 Apr 2010, 12:29 ص]ـ
جميل، جميل جدًا
بانتظار افتتاح القسم
بارك الله الجهود
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Apr 2010, 11:49 ص]ـ
أما افتتاح القسم الخاص بالمؤتمرات من الناحية التقنية فأمره سهل جداً، وتكون الخطوة الأولى جمع كل ما يتعلق بالمؤتمرات وبحوثها ومواعديها في هذا القسم، ثم يبدأ بعد ذلك أمر تفعيل دور هذا القسم في الملتقى بمتابعة أخبار المؤتمرات المتخصصة في الدراسات القرآنية، وهذا لا يكاد يغيب عن الملتقى، فمنذ عدة سنوات لم يعقد مؤتمر أو ندوة قرآنية في العالم إلا ويكون لها خبر وإعلان في الملتقى، ول تأملتم المؤتمرات في السنوات الأخيرة لوجدتم لملتقى أهل التفسير دور كبير في إعلام المشاركين بالمؤتمر، ولدي شواهد كثيرة على ذلك. وانظروا في مؤتمر التفسير الموضوعي الأخير ومؤتمر المغرب وغيرها تجدون أكثر المشاركين علموا بالمؤتمر عن طريق الملتقى ولله الحمد وشاركوا فيه.
لكن يبقى الدور الذي ننتظره من الملتقى الخاص بالمؤتمرات أكبر من مجرد الإعلان، وإنما التغطية الإعلامية للمؤتمرات برصد أبرز ما دار فيها، ورفع أوراق المؤتمرات في المكتبة الخاصة بالموقع، ونقلها صورتاً وصورة أو صوتاً على الأقل، وفتح الحوار للأوراق التي لم تأخذ حظها من النقاش في جلسات المؤتمر وهكذا.
وكل هذا لا أراه صعباً أبداً، بل هو في متناول اليد إن شاء الله. وأرجو أن تكون البداية بمؤتمر التفسير الموضوعي في الشارقة بإذن الله.(/)
هل الأحرف والقراءات هي أعقد مسائل علوم القرآن؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[14 Apr 2010, 10:15 م]ـ
حيث تلك النتيجة التي خلصت إليها من خلال دراساتي في مصنفات علوم القرآن – العلوم الاصطلاحية كعلم آلة ووسيلة – وقد ذكر ذلك كذلك بعض الأفاضل.
بينما لمست نوع الجهد الذي يبذل في المسائل الأخرى في تلك العلوم، إما أنها مكررات أو منقولات من أصول الفقه، أو اللغة، ولا تتسم بكثير تعمق كما نواجهه في دراستنا الأصولية. وإما هي تفتقر إلى بعض الجهود الكمية لا النوعية، كمعرفة المكيات والمدنيات، وحفظ سائر مسائل الأبواب الاستقصائية – ويظهر ذلك في المصنفات المطولة الاستقصائية كالإتقان، ولا يكاد يبين في المصنفات المختصرة التي عليها الاعتماد في تأسيس المبتدئين كمتن السيوطي ونظم الزمزم .. –
فماوجهتكم حول ذلك؟(/)
مقدمات التفسير التي يستفاد منها في علوم القرآن
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[14 Apr 2010, 11:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فائدة: بعض المشاركات إنما أكتبها لنفسي! حيث تتراكم في مكتبي أوراق الفوائد التي دونتها عبر البحث أو القراءة أو الاستماع لمدة مضت، فتربكني، فأفرغ لها قليلا من الوقت؛ فأحفظ منها ما أحفظ مما أجده مستحقا للحفظ، وأهمل بعضها مما راقني في وقته ثم هو سهل التوليد بالتفكير القريب لو تحققت لي مقدمته .. ثم بعض ثالث أكون في حاجة إليه، ولو بعد حين، وليس السبيل حفظه، فأعمل على تسجيله في مكان مشهور معتمد، يسهل لي الرجوع إليه، فأوفق إلى كتابته للإخوان ليفيدون منه، ويبقى إلى حين حاجتي. وإن بعض تلك الفوائد لا أسطرها ابتداء لنفسي، إما لمعرفتي بها، أو للقوة القريبة على تحصيلها إذا حضرت مناسبتها، ولكن أسطرها لإفادة غيري إذا غلب على ظني بعد أو احتمال عدم إمكان وقوفهم عليها.
والحمد لله رب العالمين.
خلال مادة استمعت لها للدكتور خالد السبت، ذكر فيها مقدمات مصنفات التفسير التي عنت بذكر علوم القرآن أو أبواب منها، وعادتي ن إذا استمعت – أية مادة، على كافة مراتبها وأبوابها – أن أقيد بالقلم ما يروقني من الفوائد.
فدونت ما ذكره من مصنفات التفسير التي عنت في مقدماتها بعلوم القرآن، ورأيت إدراجها هنا علها تفيد الطلاب؛ حيث بعضنا يحوي التفاسير في مكتبته، ولكنه لم يصادف تلك المقدمات؛ لكونه يتخذ تلك التفاسير مرجعا لا كتابا يقرأ ويبحث كاملا. والله تعالى أسأل أن ينفع بما نؤدي في حياتنا، وأن يحينا بقرآننا. والحمد لله رب العالمين.
مقدمة تفسير ابن جرير (جامع البيان)
الراغب الأصفهاني (كتابه غير موجود ولكن وجدت منه قطعة فيها المقدمة)
تفسير القرطبي (الجام لأحكام القرآن الكريم)
ابن عطية (المحرر الوجيز)
القاسمي (محاسن التأويل) مأخوذة من الشاطبي ومقدمة ابن تيمية والإكليل – وأثنى عليها كثيرا الدكتور عبد الرحمن -
الشنقيطي (أضواء البيان)
وزاد الدكتور عبد الرحمن – خلال شرحه على نظم الودي – على ما سبق:
مقدمة النكت والعيون للماوردي
مقدمة ابن جزي الكلبي في تفسيره
الطاهر بن عاشور _ ذكر الدكتور عبد الرحمن أنها بديعة جدا وجديرة بالقراءة -
والحمد لله رب العالمين(/)
إشكال في توقف فهم بعض الآيات على أسباب نزوها
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[14 Apr 2010, 11:41 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاةوالسلام على اشرف النبيين والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد ..
فمنذ سنوات وتستوقفني تلك المسألة، وهي توقف فهم بعض الآيات على معرفة أسباب نزولها، وطرقت ذهني تلك التساؤلات والجوابات بعضها قديم وبعضها طارئ:
هل يمكن أن يتوقف فهم النصوص القرآنية القطعية توقفا ((تاما)) على معرفة سبب النزول الذي يرد بطريق ظني؟
ألا يمكن أن يقال: إن التوقف في فهم هذه النصوص ينبغي أن يكون على نصوص أخرى قطعية من القرآن أو من السنة؟
ألا يكون التوقف (التام) لفهم النص على ظني هو مما لا يتناسب مع قطعية القرآن؟
ولو قلنا إن الثبوت القرآني قطعي والفهم للمعنى بالظني هو الظني، ألا يدفع هذا الجزم القاطع بالمعنى ويجعله ظنيا؟ فهل يقال مثل ذلك في الإكراه على البغاء وأنه خرج مخرج الغالب، وإتيان البيوت من ظهورها حيث جاء على حالة من الواقع لا للتقرير، وكذلك رفع الحرج في السعي بين الصفا والمروة؟
وهل يمكن أن يقال: إن استشكال المعنى هو مؤقت أو قد وقع وفق تقابل ما يقتضي الإشكال وقد أزاله التعرف على سبب النزول، ولكنه لا يطرد كقاعدة في استشكال ذلك الموضع وإنما هو يتضح باللغة استقلالا؟
وهل يشكل على ذلك أن ثاني أفضل طرق التفسير هي التفسير بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأغلبها ليس من المتواتر ثم هو يعتمد في التفسير ويقدم إطلاقا على أي تفسير ولو وافق ظاهر اللغة؟
تلك تساؤلات وطروحات دارت بخلدي حول تلك المسألة. فلنر ما يدلي به المشتغلون بذلك.
والله ولي التوفيق.(/)
هل ثمة دراسة مستقصية حول دعاوى النسخ في آيات الجهاد؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[14 Apr 2010, 11:48 م]ـ
من جملة الأبواب التي ذكر فيها النسخ ورفضها من يحدون من هذه الدعاوى: باب الجهاد.
فهل ثمة من تناول الآيات في هذا الباب بدراسة مستقلة؟
تنبيه: ربما يقال إن فضيلة الدكتور القرضاوي – حفظه الله ورعاه – قد تناول ضمنا هذه الدراسة في موسوعته حول الجهاد. والدكتور القرضاوي ممن يحدون من دعاوى النسخ، بل لعله من أشد من يواجهونها، وهو في ذاته محمود إجمالا. إلا أنه في اعتبار كتابته في باب الجهاد نظر عندي – والله تعالى أعلم بحقيقة ما عليه الدكتور حفظه الله – فأصول تعامل الدولة الإسلامية مع غيرها ومناط الجهاد هو مما يظهر لي فيه الخلل عنده حفظه الله. كذلك قواعد التعامل عموما. فلا أعتبر تقريراته في هذا الباب. فليتها دراسة مستقلة ليست له حفظه الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Apr 2010, 12:23 ص]ـ
كتب في ذلك الأستاذ الدكتور علي بن نفيع العلياني كتاباً قيماً في رسالته للدكتوراه، وهو من أفضل الكتب التي تناولت الموضوع من الجانب العقدي. وهناك دراسات لا تحضرني عناوينها تعرضت لآيات الجهاد خصوصاً لعلني أذكرها بعد مراجعة المكتبة.
وأما كتاب الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي وفقه الله فقد سمعت ثناء عليه من عدد من الباحثين، ونقدك الإجمالي له غير مقبول ما لم تبين لنا بالتفصيل وجه نقدك وفقك الله.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[15 Apr 2010, 12:50 ص]ـ
جزاكم الله خيرا، ليت لو كانت تلك الدراسة مصورة على الإنترنت حيث يسهل الحصول عليها، فإني في حاجة إليها في هذا الباب.< br /> <br /> وبخصوص نقد كلام الدكتور القرضاوي حفظه الله، فأبينه قريبا إن شاء الله، إلا أن الثناء على الكتاب كذلك مجمل، أما أصول الدكتور حول الجهاد وعلاقات دولة الإسلام بغيرها فهي مفصلة قبل تصنيفه الكتاب، فالتفصيل سابق الإجمال حول الكتاب. وربما لو توفر لي وقت استعنت الله تعالى وبينت تفصيلا هذه الأصول، لو انتشر الكتاب واعتمد عليه.(/)
الأسباب الستة لكثرة دعاوى النسخ في القرآن
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[14 Apr 2010, 11:53 م]ـ
فائدة: بعض المشاركات إنما أكتبها لنفسي! حيث تتراكم في مكتبي أوراق الفوائد التي دونتها عبر البحث أو القراءة أو الاستماع، فتربكني، فأقوم عليها؛ فأحفظ منها ما أحفظ مما أجده مستحقا للحفظ، وأهمل بعضها مما راقني في وقته ثم هو سهل التوليد بالتفكير القريب لو تحققت لي مقدمته .. ثم بعض ثالث أكون في حاجة إليه، ولو بعد حين، وليس السبيل حفظه، فأعمل على تسجيله في مكان مشهور معتمد، يسهل لي الرجوع إليه، فأوفق إلى كتابته للإخوان ليفيدون منه، ويبقى إلى حين حاجتي. وإن بعض تلك الفوائد لا أسطرها ابتداء لنفسي، إما لمعرفتي بها، أو للقوة القريبة على تحصيلها إذا حضرت مناسبتها، ولكن أسطرها لإفادة غيري إذا غلب على ظني بعد أو احتمال عدم إمكان وقوفهم عليها.
والحمد لله رب العالمين.
من مقيدات لمادة سمعتها للدكتور السبت ..
1 – توهم المشروع لسبب أنه من قبيل النسخ
2 – ظن أن إبطال الإسلام للأمر الأول أنه نسخ، بل هو ابتداء
3 – الاشتباه بين التخصيص والنسخ
4 – الاشتباه بين البان والنسخ (تقييد المطلق .. بيان المجمل)
5 – توهم التعارض الحقيقي بين نصين ولا يمكن الجمع (والواقع أنه ممكم)
6 – حمل تعبيرات السلف على غير محملها في هذا الباب.
فهل تمثلون بأمثلة تعكس فهم تلك العناصر؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Apr 2010, 01:26 م]ـ
بدأتَ فتمِّمْ بذكر الأمثلة. وهذه فائدة قيمة تستحق التسجيل والحفظ.
تنبيه:
ليتك تراجع موضوعاتك قبل النشر حتى تتلافى الأخطاء الطباعية التي تحيل المعاني وفقك الله.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[15 Apr 2010, 02:52 م]ـ
أفعل إن شاء الله
أما الأخطاء الكتابية فأعتذر عنها، وقد تكررت بالفعل، وربما تسبب عنها حضوري للإنترنت وقتا محدودا بالأسبوع. وأعمل على تلافيها إن شاء الله.(/)
أجمع كتب الناسخ والمنسوخ وكتب في الأحرف السبعة
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[15 Apr 2010, 12:14 ص]ـ
من مقيدات لمادة سمعتها للدكتور السبت ..
الناسخ والمنسوح للقاسم بن سلّام
الإيضاح في ناسخ القرآن ومنسوخه لمكي بن أبي طالب
نواسخ القرآن لابن الجوزي
الناسخ والمنسوح لأبي جعفر النحّاس
-----------------
من مقيدات لمادة سمعتها للدكتور السبت ..
منجد المقرئين لابن الجزري
الأحرف السبعة للداني (وهو من الكتب المهمة)
الإبانة عن وجوه القراءات لمكي بن أبي طالب
النشر في القراءات العشر لابن الجزري (ناقش مناقشة واسعة في المقدمة)
الزرقاني في مناهل العرفان
والحمد له رب العالمين(/)
فوائد ملتقطة من شرح الفودي للدكتور عبد الرحمن الشهري
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[15 Apr 2010, 12:20 ص]ـ
فائدة: بعض المشاركات إنما أكتبها لنفسي! حيث تتراكم في مكتبي أوراق الفوائد التي دونتها عبر البحث أو القراءة أو الاستماع، فتربكني، فأقوم عليها؛ فأحفظ منها ما أحفظ مما أجده مستحقا للحفظ، وأهمل بعضها مما راقني في وقته ثم هو سهل التوليد بالتفكير القريب لو تحققت لي مقدمته .. ثم بعض ثالث أكون في حاجة إليه، ولو بعد حين، وليس السبيل حفظه، فأعمل على تسجيله في مكان مشهور معتمد، يسهل لي الرجوع إليه، فأوفق إلى كتابته للإخوان ليفيدون منه، ويبقى إلى حين حاجتي. وإن بعض تلك الفوائد لا أسطرها ابتداء لنفسي، إما لمعرفتي بها، أو للقوة القريبة على تحصيلها إذا حضرت مناسبتها، ولكن أسطرها لإفادة غيري إذا غلب على ظني بعد أو احتمال عدم إمكان وقوفهم عليها.
نبيه: الشرح هو للمبتدئن ببيان أصول المسائل ولو إجمالا في أصول التفسير أو علوم القرآن، وعليه فليست كل الفوائد أكتبها، وإنما ألتقط منه ما عشاه يفيدني أو يفيد القارئ ولو كان متقدما في هذا الباب ..
- نفتقر إلى تحويل علوم القرآن إلى عملية تطبيقية ..
- النظم يناسب أن يكون في علوم الآلة لا في علوم المقاصد لاستفاضتها وتشعبها وتقييد قوانين النظم لها ..
- السيوطي وابن الجوزي كانلا لا يراجعان كتبهما، وكان السيوطي من أكثر علماء الإسلام تأليفا
- لا يرجح الشيخ الشهري الشرح الحرفي للمنظومات كما هو سلوك كثير من الشارحين (رشيد: وحول هذا كلام كثير ذو شجون حول مناهج شروح المتون عامة منظومها ومنثورها، ليس هذا محله)
- اختلاف العلماء في تعريف التفسير هو الذي وجههم للاختلاف في مناهج تفسيرهم، فنجد مثلا تفسير أبي حيان الغرناطي أوسع التفاسير إحاطة بالفنون؛ لسعة تعريفه للتفسير كذلك ..
- يقال في علوم القرآن (علم علوم القرآن) لأن المقصود هو هذه الأبواب أو المسائل التي نبحثها في داخل مصنفات هذا العلم المسمى بعلوم القرآن ..
- التحدي الذي وقع في القرآن كان من جانب واحد هو البلاغة واللغة ..
- غير صحيح أن التفسير هو فقط بيان المعاني المباشرة المتفق عليها دون اختلاف المناهج .. فاختلاف المناهج أدى إلى تعدد أنماط كتب التفسير، وإلا لصارت كلها كتابا واحدا وكفى .. ولكن لما اختلفت تكاملت ..
- كل كتاب في التفسير له وجهته ومذاقه .. ولا يغني كتاب عن كتاب بصورة كاملة ..
- كتاب مغني اللبيب لابن هشام الأنصاري هو كتاب رائع في بيان حروف القرآن .. وكتاب (الجتى الداني في حروف المعاني) ..
- قال بالصرفة غير المعتزلة، ولكن أكثرهم من المعتزلة، وهم كذلك ليسوا على مذهب واحد ..
- الذي عليه الأكثرون هو المفاضلة بين بين بعض القرآن .. وعجب بعضهم من ذكر خلاف ذلك .. وقال بالمنع مالك ابن أنس وابن العربي ..
- فاح الباري لابن حجر يعتبر مرجعا رائعا رئيسيا في التفسير بالمأثور، حتى ربما يوازي تفسير السيوطي (الدر المنثور) .. والبخاري هو أشهر المحدثين الذين عنوا بالتفسير ..
- كتاب أبي شامة المقدسي هو أفضل الكتب المتقدمة التي تكلمت على الأحرف السبعة ..
- كتاب (التعريف بالقرآن) لعبد الصبور شاهين هو كتاب ثمين، وأثنى عليه أحمد شاكر رحمه الله ..
- ثم يقول الدكتور عبد الرحمن: فكلام العلامة محمود محمد شاكر وأمثاله كلام الائمة المتقدمين اصحاب الراي الثاقب الذين قل أن يكرر مثالهم ... وعبد الصبور شاهين كذلك هو من كبار العلماء المحققين ..
- كتاب أبي عمرو الداني هو أفضل واروع ما تقرا في القراءات السبع ..
- يكثر السؤال عن منهج الطلب والكتب .. وطلاب العلم كل له ذوقه وتجربته وأرى المسالة أبسط من هذا بكثير .. يصلح دون تردد هنا وهناك أي كتاب من الكتب المختصرة المحررة .. ولا يستغني بكتاب واحد، بل يقرأ هناك وهناك ..
- كتاب (مقدمات أساسية في علوم القرآن) ليوسف الجديع هو من الكتب المحررة في هذا الباب ..
ـ[ابن عبدالسلام]ــــــــ[17 Apr 2010, 07:32 م]ـ
جزاك الله خير على الفوائد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Apr 2010, 07:42 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم محمد رشيد على نقل هذه الفوائد. ولكن يبدو أن هناك أخطاء في النقل، وسوف أصححها حسب ما يحضرني الآن فلم أستمع للمحاضرة الآن وإنما عهدي بها عندما ألقيتها. وسأكتب الصواب باللون الأحمر.
العنوان (فوائد ملتقطة من شرح الفودي) الصواب (فوائد ملتقطة من شرح منظومة عبدالله بن فودي)
- فتح الباري لابن حجر يعتبر مرجعا رائعا رئيسيا في التفسير بالمأثور، حتى ربما يوازي تفسير السيوطي (الدر المنثور) .. والبخاري هو أشهر المحدثين الذين عنوا بالتفسير .. بل هو يأتي مباشرة في المرتبة الثانية من حيث الروايات في التفسير بعد الدر المنثور كما أظهرت نتائج دراسة الدكتور محمد بن عبدالله الخضيري (تفسير التابعين).
- كتاب أبي شامة المقدسي هو أفضل الكتب المتقدمة التي تكلمت على الأحرف السبعة .. حسب ما ظهر لي، وقد يكون هناك من هو أجود منه بحثا ممن سبقه.
- كتاب (تاريخ القرآن) لعبد الصبور شاهين هو كتاب ثمين، وأثنى عليه أحمد شاكر رحمه الله .. لم أذكر أحمد شاكر وإنما ذكرت محمود شاكر، وإن كنتُ قلتُ أحمد شاكر فهذا خطأ مني، ومحمود شاكر لم يبد إعجابه بالكتاب، وإنما أبدى حزنه وامتعاضه من تصرف د. عبدالصبور شاهين لأخذه أفكاره التي كان يلقيها في مجالسه الخاصة مع تلاميذه وتضمينها هذا الكتاب. ولكن يبقى الكتاب له قيمته، والشيخ محمود شاكر لم يؤلف كتابه الذي وعد به في بيان المقصود بالأحرف السبعة.
- كتاب أبي عمرو الداني هو من أفضل واروع ما تقرا في القراءات السبع .. وكل مؤلفاته قيمة مميزة، وخاصة جامع البيان في القراءات السبع، والتيسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[التواقة]ــــــــ[18 Apr 2010, 05:40 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ..
فقد أمتعنا الناقل وأتحفنا الشيخ المصحح حفظه الله ..
حقا إنها درر ..
ليتك تفرغ حميع دروس الشيخ حفظه الله
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[22 Apr 2010, 12:37 م]ـ
جزاكم الله خيرا دكتور عبد الرحمن، وفي تصحيح الفوائد فوائد
وبخصوص قول (شرح الفودي) فهو ما جرت عليه استعمالاتنا من الاختصار، مما قد يخل أحيانا، فشرح نظم الفودي، يتحول إلى شرح الفودي، اعتمادا على معرفة صاحب الشرح وعلى معرفة كون الفودي نظم.
الأخت الكريمة تواقة، الأمر يأتي عرضا، ولا أعمد غالبا إلى استقصاء التسجيلات وإنما هو الانتقاء بحسب الفائدة المستهدفة، ولا أعلم للدكتور عبد الرحمن تسجيلات أخرى، ولكني أتوقع أن يحدث الشيء يوما طفرة في إبراز الشعر الجاهلي في الدراسات القرآنية، فاهتمامه بذلك الجانب قديم فيما ألاحظ.(/)
التفسير العلمي للقرآن يحوي بعض الأخطاء.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[15 Apr 2010, 10:04 ص]ـ
صحيفة عكاظصاحب أحدث ترجمة إنجليزية .. د. محمد عبد الحليم لـ “عكاظ”:
التفسير العلمي للقرآن يحوي بعض الأخطاء
حوار: أحمد السيد ( http://www.okaz.com.sa/new/Issues/PDA/Con20100415344557.htm)
حصل على وسام الإمبراطورية البريطانية (أرفع وسام بريطاني) من الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا، وذلك بعد تقديمه ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإنجيلزية بصورة عصرية وسلسة إلى الغرب، الأمر الذي جعل هذه الترجمة تقتحم البيوت والمكتبات الغربية منتشرة بصورة كبيرة فى زمن قصير، حتى صارت سببا فى اعتناق أعداد هائلة من الغربيين للدين الإسلامي.
إنه الدكتور محمد عبد الحليم سعيد الذي احتفى به أبناء قريته «الأسدية» في مصر بعد أن عاد إليهم حاملا هذا الوسام .. «الدين والحياة» التقى بالدكتور محمد الذي تحدث عن تجربته العصرية في ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية، متحدثا عن الفكرة الأساسية التي دفعته لإجراء هذا العمل الضخم، موضحا أسباب اقتحام هذه الترجمة لبيوت الغرب .. إلى تفاصيل الحوار:
• كيف بدأت مسيرتك العلمية؟
بدأ تاريخى العلمي من قرية الأسدية في محافظة الشرقية في مصر، حيث تعلمت القرآن الكريم و دخلت المدرسة الإلزامية كما كانوا يسمونها عندنا في مصر، وبعد ذلك التحقت بمعهد الزقازيق الديني، وحفظت القرآن الكريم كله، وبالمناسبة فقد كنت حينما أتوجه إلى درس الفقه في الصباح، أذهب إلى الدرس متوضئا حتى يفتح الله علي، ورزقني هذا الشيء فهما أكثر، وقد التحقت بعد ذلك بكلية دار العلوم وكانت حلم المتميزين من طلاب الأزهر الذي نشأ عندي مبكرا لأن جدى تخرج فيها وأيضا خالي موافي عطية الذي كان يحظى باحترام كبير في هذه الكلية، وكانت تتميز بالجمع بين العلم القديم والحديث حيث نهلت منها علوما غزيرة مثل اللغة، الأدب المقارن، الأدب الحديث، النقد الأدبى، والتاريخ الإسلامي.
• وما الذي دفعك لتدريس التفسير باللغة الإنجليزية؟
اشتغلت بتدريس الأدب فى جامعة كامبريدج البريطانية عام 1961 باللغة الإنجليزية، إضافة إلى باقي العلوم العربية والدراسات الإسلامية، وبعد فترة رأيت أنه يجب علي الاهتمام بدراسة القرآن الكريم وتدريسه بعد أن لاحظت الغربيين يتولون تدريس القرآن وأنبت نفسي على ما مضى من وقتي دون تفكير في هذا الأمر، فاتجهت فورا لتدريس القرآن الكريم واكتشفت فيما بعد أن الغرب يركزون على لغة القرآن وأساليب البيان فيه.
ترجمة القران
• وكيف بدأت في ترجمة القرآن الكريم؟
أدخلت مواد وتفسيرات جديدة، حيث إن نظام التعليم في بريطانيا يسمح بتطوير الأفكار، وكنت نشيطا في إدخال هذه المواد إلى برامج الكلية، وكان ذلك بداية الطريق إلى ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الإنجليزية بأسلوب جديد يفهمه الغرب، وكانت مطبعة جامعة إكسفورد تريد تقديم طبعة جديدة لترجمة القرآن، فى وقت يحتاج الغرب إلى ذلك بسبب الاهتمام الغربى بالإسلام، فوجدت فى ذلك فرصة لا تعوض، وقد كانت هناك طبعات نادرة من ترجمات القرآن الكريم فى المساجد والمكتبات الإسلامية، أما المكتبات العادية التى يطلع عليها المثقفون الغربيون وطلاب الجامعات، فلا توجد فيها إلا الترجمات القديمة للقرآن وهى التى وضعها اليهود أو المسيحيون، وانتهزت هذه الفرصة وقدمت الترجمة إلى أحد أعظم دور النشر فى العالم وبعد ذلك انتشرت بصورة كبيرة.
• ماذا عن صدى وتأثير هذه الترجمة؟
أثرت بصورة كبيرة فى المجتمع الغربى وأحدثت ضجة كبيرة جدا فى الأوساط العلمية وانتشرت بصورة ملحوظة ودخلت كل المكتبات، وأتذكر أنه كانت لي زميلة بريطانية قالت لي «لأول مرة نجد القرآن سهلا سلسا»، فأصبح النص متماسكا بعكس الترجمات القديمة التى كان فيها النص متناثرا.
• هل كان هذا سبب تكريم الملكة إليزابيث لك؟
بالطبع، فهذا العمل جعل كل الناس تتحدث عنى، إضافة إلى أن الترشيح من إحدى المؤسسات شرط للحصول على الوسام، فتم ترشيحي من قبل الجامعة وبعد شهر من حينها انتهى استحقاق الوسام لصالحي، وخاطبوني بعدها أن الملكة تريد منحك وساما ووافقت على ذلك.
• ماذا عن مشروعاتك العلمية المستقبلية؟
أعد حاليا كتابا كبيرا بعنوان (كيف تقرأ القرآن؟)، بالإضافة إلى ترجمة القرآن الكريم، وكتابي هذا يستهدف الغربيين من غير المسلمين وقد انصب كل همى في هذا المشروع وليكمله من يأتي بعدي من العلماء، مؤملا أن يبدأ عهد جديد من فهم القرآن الكريم، وأعتقد أن القرآن حين يكتب كما أرى الآن ستكون فيه فائدة كبيرة للمسلمين وغيرهم، لأننى أقرأ القرآن منذ عقود وأكتشف كل يوم معاني جديدة لم أكتشفها من قبل وأعرف أشياء عجيبة فيه.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[15 Apr 2010, 01:18 م]ـ
شكراً جزيلاً لكم أخي الدكتور خالد على هذه الإفادة.
وأظننا بحاجة للاطلاع على هذه الترجمة وتقويمها من قبل المتخصصين للاطلاع على هذا الأسلوب الذي كتب به الدكتور عبدالحليم تفسيره المترجم جزاه الله خيراً، ليت أحد الباحثين يلبي هذا الطلب لنا في الملتقى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[15 Apr 2010, 01:44 م]ـ
جزاك الله خيراً
لكن: أين الرأس من الجسد! (العنوان والمضمون).
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[15 Apr 2010, 02:02 م]ـ
ما هي الإشكالات التي يطرحها الاشتغال بترجمة القرآن أو معانيه؟ وما هي الشروط الكفيلة بترجمة علمية دقيقة تروق للعقل الغربي؟ سؤالان من ضمن حزمة أسئلة كانت محور لقاء علمي في موضوع ترجمة القرآن مع الدكتور محمد عبد الحليم، مدير مركز الدراسات الإسلامية بجامعة لندن، بمناسبة زيارته للمغرب لحضور الدروس الحسنية.
الرجل كرس أكثر من أربعين سنة في التعامل مع القرآن، ويعيش مستقرا في الغرب، خريج المعاهد الدينية بالأزهر الشريف، حفظ القرآن صغيرا، ثم درس في جامعة القاهرة، وأتم أطروحة الدكتوراه بجامعة كمبريدج بإنجلترا، ودرس بها وقتا.
ويعمل حاليا أستاذا للدراسات الإسلامية بكلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن، وهي أكبر كلية في مجالها في غرب أوروبا، بالإضافة إلى إدارته لمركز الدراسات الإسلامية، فهو يرأس مجلة الدراسات القرآنية التي أنشأها بالمركز 1998.
ويبسط د. عبد الحليم في الحوار جوانب من تخصصه العلمي المتعلق بترجمة القرآن، والإشكالات التي تعترض المنشغل بعلوم القرآن وقراءاته، ورأيه في بعض الدراسات التي تحاول تشويه القرآن والدين الإسلامي بغية الشهرة وجذب السمعة لدى الغربيين، مؤكدا أن من واجب المسلمين أن يجعلوا من الإنجليزية لغة إسلامية مثلما فعلوا مع الفارسية والتركية وغيرها.
تباينات مهمة في فكر الترجمة
* د. عبد الحليم .. هناك ترجمة للقرآن وترجمة لمعاني القرآن، ما هي مظاهر الفرق بينهما؟
- التعبير بـ"ترجمة معاني القرآن الكريم" انطلق في مصر في عصر الشيخ مصطفى المراغي، شيخ الأزهر، في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث بدأ الكلام عن ترجمة القرآن إلى الإنجليزية، وظن الشيخ ومن حوله أن القرآن الكريم لا يمكن ترجمة كلماته، والأوفق أن يقال "ترجمة معاني القرآن الكريم".
لكن لدي على هذه التسمية اعتراضين: الأول أنه هرب من شيء ووقع في شيء آخر، فمن ذا الذي يحيط بمعاني القرآن الكريم حتى يزعم أنه ترجمها؟ هم أرادوا القول بذلك لتجنب ترجمة ألفاظ القرآن فوقعوا في محظور آخر.
ومن ناحية ثانية: فالغرب - وأنا من أهل اللغة الإنجليزية - لا يقولون ترجمة معاني كذا لأي كتاب؛ ولذلك أنا لا أتحرج - وأنا عربي مسلم وأحفظ القرآن وأدرسه - أن أقول في الترجمة الإنجليزية إنها "ترجمة للقرآن"؛ لأن الترجمة ليست هي الأصل على الإطلاق، وكل ترجمة لأي عمل ليست هي أصله.
ولا يمكن أن يزعم أحد مهما كان عبقريا أن ترجمة القرآن هي القرآن؛ لأن القرآن شيء والترجمة شيء آخر، إذ هو يحاول أن ينقل إلى المتكلمين باللغة الثانية شيئا مما في الأصل، ولا يمكن نقل إعجاز القرآن وعظمته.
وبالتالي فليست الترجمة قرآنا؛ لأن القرآن هو النص المقدس الذي يتعبد بتلاوته ويتلى في الصلوات، ولا يمكن أن تكون أي ترجمة مقدسة أو يتعبد بها.
* ما هي خصائص ترجمة القرآن الكريم .. ولو تفضلتم بتقديم آليات وتقنيات الاشتغال بها؟
- آليات الترجمة صعبة وكثيرة، تفترض إتقان اللغة الأصل أولا، فكل من يريد ترجمة أي نص من لغة لا بد له من معرفة هذا النص في لغته، وأن يكون له من الفقه في اللغة، وعندما نتعامل مع ترجمة القرآن نجد شيئا آخر غير ترجمة كلمات اللغة، وإنما هناك البلاغة والإعجاز القرآني وأساليب القرآن في التعبير عن المعاني، فهذا أصعب شيء في ترجمة القرآن الكريم.
وبعد تعلم اللغة والنحو يجب تعلم كيف يعبر القرآن عن المعاني وطرقه في البيان، ويأتي بعد ذلك معرفة اللغة التي يترجم إليها، ومعرفة وسائل البيان فيها ما يمكنه قدر المستطاع من نقل ما في النص العربي الكريم.
ولو قام طبيب عربي يتقن اللغة الإنجليزية في الطب أو المجال العام وحاول ترجمة القرآن فالأمر لن يكون سهلا؛ لأن الأمر لا يتطلب فقط ترجمة الكلمات، ومن أراد ترجمة القرآن لابد أن يكون قد عاش مع القرآن، وليس مجرد العيش في بيئة عربية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا بد له أيضا من دراسة ومعرفة بالأدب العربي نفسه، وهنا نذكر أن ابن عباس عندما كان يريد تفسير القرآن كان يستعين بالشعر العربي؛ لأن القرآن نزل في بيئة كان الشعر فيها ينشر ألفاظ اللغة ومعانيها وعادات العرب في الحديث والكلام.
ولكن المؤسف أن ترجمة القرآن إلى اللغة الإنجليزية، أو باقي اللغات الأوروبية، لم تبدأ إلا في وقت قريب، رغم أنه ترجم في القرن الثاني عشر إلى اللاتينية من مترجمين غربيين، أي بعد خمسمائة سنة تقريبا من نزول القرآن، أي ظل الأوروبيون هذه المدة لا يعرفون عن القرآن شيئا من أصله، وإنما مجرد إشاعات، ومضى عليه أربعمائة سنة أخرى وهو في خزانات الكتب لا يطلع عليه إلا قليل جدا من الكنسيين خوفا من أن يطلع عليه العامة ويتحولوا إلى الإسلام بعد قراءته.
ثم في عصر الطباعة حاول بعض الغربيين ترجمته وتدخلت الإدارة المحلية، وقبضوا على صاحب الترجمة، وصادروا الترجمة إلى أن تدخل "مارثر لوثر"، وهو عالم كبير في الكنيسة، وقال إنه لا حرج من وجود الترجمة، ومرت قرون ومن أراد أن يترجم القرآن يبرر للناس بقوله: لا تخشوا من الترجمة؛ لأن هذا كلام ساقط، وديننا العظيم وكتابنا المقدس كفيل بأن يمنع أي إنسان أن ينصرف إلى دين محمد هذا.
وظل المسيحيون واليهود هم الذين يترجمون القرآن إلى أواخر القرن التاسع عشر، ثم قام المسلمون في الهند بعد انتشار الإنجليزية بترجمة القرآن، وكان لهم فضل كبير في هذا، حيث كان العرب في سبات عميق، وكانت مراكز العلم الإسلامي مثل الأزهر والزيتونة والقرويين لا تهتم بترجمة القرآن إلى الغربيين، وبعضهم كان يقول: إن هؤلاء قوم هالكون، ولا فائدة من الحديث إليهم.
كما أن علماء الدين لم يكونوا يتقنون اللغات الغربية؛ لأنهم انصرفوا إلى الاشتغال باللغة العربية وإتقان العلم الإسلامي، ولكن بعد أن احتلت البلاد العربية وكثرت الأسفار وتعلم الناس وأصبح لدى الأمة العربية أبناء يتقنون اللغة الإنجليزية، ولكن كانوا في البداية أطباء ومهندسين وإداريين، ولم يكونوا من أهل العلم الديني.
وفي القرن العشرين جاء الشيخ المراغي وأثيرت المسألة وهو على رأس الأزهر، رغم وجود أناس يرون حرمة الترجمة، ويظنون أن على كل إنسان يريد معرفة القرآن أن يتعلم العربية، وهذا كلام خيالي.
وإذا حاولنا مع "المستر بوش" نفسه أن نعلمه من اللغة العربية ما يدرك به معاني آيات القرآن الكريم مثل سورة البقرة والنساء والفاتحة فسيمضي وقت طويل ليتقنها، ويكون قد غادر البيت الأبيض و"خلص" نفسه من تعلم اللغة العربية.
وفي عصر المراغي، كان من حسن الحظ أن رجلا من بريطانيا (أسكتلندا) أسلم، وكان أبوه قسيسا، ولكنه أسلم بعد اتصاله بالمسلمين، وبدأ يترجم القرآن، واتفق الشيخ المراغي مع غيره من العلماء أن يضعوا رهن إشارته "محمد الغبراوي" لمساعدته في الترجمة لتكون سليمة في اللغة الإنجليزية، وكانت هذه أول ترجمة يقوم بها مسلم بريطاني.
وبعد الحرب العالمية الثانية، ومع وصول جماعات كبيرة من المسلمين إلى الغرب للعيش فيه بعد انتهاء عصر الاستعمار، وأصبح لكل مهاجر من بلاد "الكومنولث" الحق في أن يستقر في بريطانيا، وهاجر كثير من المسلمين إليها، رغم أنهم كانوا فقراء ومتواضعي المعرفة في البداية، لكنهم توالدوا وأصبح أولادهم من البريطانيين أنفسهم ويتعلمون الإنجليزية، ويدخلون المدارس، ويتخرجون في الجامعة، فأصبحنا أمام جيل جديد - وشخصيا قضيت في الغرب أكثر من أربعين سنة - واتجه بعض المسلمين إلى الإدلاء بدلوهم في هذا المجال، وكان من توفيق الله سبحانه أني اتجهت إلى هذا الاتجاه، وترجمت ترجمة يقول عنها المسلمون وغير المسلمين، والحمد لله، إنها فتح جديد في الترجمة.
مشروع الجمل لا الحصان
* كانت ترجمة القرآن تتم بمجهودات فردية، لكن هناك دعوة إلى ضرورة إنجاز الترجمة بشكل جماعي؛ نظرا لوجود علوم متداخلة فيما جاء به القرآن، كيف تنظرون إلى هذا الرأي؟
- هناك مثل في إنجلترا يقول: "إن الحصان هو جمل رسمه مجموعة"، لهذا إذا بدأت لجنة من الصفر فهذا لا يجدي ولا يصح، ورأيي أن يترجم فرد ثم يقرأ العمل آخرون ويقترحوا ما يشاءون.
(يُتْبَعُ)
(/)
وشخصيا الحمد لله اتجهت اتجاها جديدا في هذا المسار، والسبب فيه أني سألت طلابي من الإنجليز المسلمين وغير المسلمين: ماذا ترون في ترجمة القرآن الموجودة؟
فقالوا: هذه مكتوبة بلغة غير لغة عصرنا ولا نقرؤها في مدارسنا وجامعاتنا، فهي تصدنا عن القراءة، ولا نجدها تروق لنا.
وبدأت على بركة الله في ترجمة صفحة وقلت لهم: انظروا فيها .. ما رأيكم؟
فقالوا: أحسن، ولكن ما زال فيها كلام قديم من كذا وكذا، فأعدت الترجمة مرات، إلى أن قالوا هذه هي اللغة التي تصلح لنا الآن.
والعيب الكبير في الترجمات الموجودة هو الترجمة الحرفية للقرآن، أي تتابع كلمات النص العربي، وترتيب أجزاء الجملة العربية، ويظن صاحبها أنه بهذا يقترب من النص، ولكنه ينتج شيئا هو أبعد ما يكون عن النص بسبب اختلاف اللغتين.
وآليت على نفسي أن أضمن الترجمة إضافات تشرح وتجعل النص مفهوما، وهناك من يترجم ولا يشرح في الهامش أي شيء؛ لأن القرآن هو كذلك، وأتركه يتحدث بنفسه، وهذا أعتبره "عتها"؛ لأن القرآن يتحدث بنفسه إلى العرب، وفي البلاد العربية نحفظه ونسمعه في المساجد والبيوت وعبر الراديو طول حياتنا، وبذلك نفهم معنى الكلام.
أما الآخرون في ثقافة وبيئة ولغة غربية غريبة فكيف يمكنهم فهم آياته؟ وهناك آيات لا ترجمة لها، ولو ذكرت لن تفهم مثل {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} (ص: 42) ومثلها حديث الإفك {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ} (النور: 11)، والقرآن لم يذكر أكثر من كلمة الإفك؛ لأن المجتمع الإسلامي يعرف ما المراد، فكيف يفهم ذلك الغربي الذي ليست له خلفية تاريخية عن معنى الإفك.
فكان علي أن أبين هذا، وأبين شيئا يهم الغربيين جدا وهو تماسك الكلام، أي كيف ينتقل القرآن من معنى إلى معنى آخر، فالغربيون يرون كيف يقفز القرآن بين المواضيع ولا يفهمون لماذا؟ ولذلك أشرح ذلك.
وكثير من المسلمين ممن يتقنون الإنجليزية قالوا لي: إنه لأول مرة نفهم القرآن من هذه الشروح المضافة، وهناك شخصية عربية له دراية بالإنجليزية - ولعدم الإحراج لا أذكر اسمه هنا - قال: الآن أفهم القرآن العربي عندما قرأ ترجمتي.
عرب وغرب وترجمات
* هناك ترجمة عربية للقرآن وأخرى غربية، ما هي الفوارق ونقط التماس بينهما وأيهما الأصلح؟
- في بداية الترجمة كان الغربي لا يدرك شيئا عن القرآن، وبعض الغربيين أنفسهم ممن لم يتمرسوا بالقرآن يخطئون في الترجمة، وبعضهم يخطئون بسوء نية وخبثا، فيكتب ألفاظا ذات دلالة قدحية، ومن أحد هؤلاء في القرن التاسع عشر كان كل همه أن يثبت أن القرآن مأخوذ بنصه وفصه من الإنجيل والكتابات المسيحية، ويترجم لكلمة لتظهر مثل ما هي في النص الإنجيلي، وإذا لم يسعفه الأمر ترجمه بذلك تعسفا.
ولا حرج من هذا؛ لأن القرآن جاء مصدقا لما بين يديه، ويضم القصص التي في الكتب السماوية، لكن بعض هذه الترجمات الغربية حرصت على التحريف.
وأنا هنا لا أقول إن كل الغربيين خبثاء أو جهلة، والحق يقال، فهناك رجل إنجيلزي اسمه "أوربري" ترجم القرآن ترجمة عظيمة، وكان قد عاش في مصر ودرس في جامعة القاهرة، وقال إنه خلال رمضان كان رجل يجاوره يأتي بقارئ أعمى جميل الصوت فيقرأ القرآن، فقال: إن هذا الصوت كان يعزيني ويشجيني في حالتي النفسية الصعبة، فسهل علي صوته اشتغالي بترجمة القرآن.
فـ"أوربري" لم يكن همه على الإطلاق أن يشوه القرآن، أو أن يدس فيه أفكارا غير إسلامية، لكنه اتبع نهجا صعب عليه التزام نسق الجملة العربية القرآنية، لكن رغم ذلك كانت ترجمته غريبة رغم احترامه لترتيب اللغة العربية، ومثل هؤلاء يعدون على الأصابع.
واليوم هناك عدد من الغربيين موضوعيون، ويحاولون قدر الإمكان الإجادة في الترجمة، ويجتهدون في الكتابة عن القرآن، وبعض كتاباتهم مفيدة في بابها، وتتجاوز الترجمات التي ارتبطت بالاستعمار والحروب الصليبية.
* هناك علم القراءات القرآنية، ما وضعها في الترجمة الخاصة بالقرآن الكريم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
- على المترجم أن يترجم القرآن الكريم من قراءة واحدة، فكان الغربيون في السابق يتبعون طبعة "فلوغل"، وهو مستشرق ألماني ترجمها في بداية القرن التاسع عشر، وهي تختلف قليلا في عد الآيات، إلى أن ظهرت ما تسمى بالنسخة المصرية، وهي نسخة من مصحف الملك فؤاد رحمه الله بمصر سنة 1923 أو 1927.
ومنذ ذلك الوقت وجميع الغربيين يترجمون من هذا المصحف على رواية حفص، ولكن من حوالي عشر سنوات تقريبا ظهر رجل إنجليزي وامرأته أمريكية، وسكنا المغرب واتبعا الطريقة "الحبيبية"، كما يقولون، وبعد إسلامهما قاما بترجمة القرآن بقراءة ورش.
وأذكر أني في آية واحدة على الأقل اتبعت قراءة ورش في ترجمتها، وأثبت في الهامش أنها بقراءة ورش وأراها أسلم للترجمة الإنجليزية، وجمهرة المترجمين بالغرب يتبعون حاليا ترجمة القرآن بالنسخة المصرية بقراءة حفص؛ لأنه من لم يكن مدركا للقراءات وحاول أن يخلط قد يضلل.
الإعجاز العلمي للترجمة القرآنية
* هناك ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن، وأكيد أن هذا ينتج إشكاليات كبيرة، كيف تتعاملون مع ترجمة الإعجاز القرآني؟
- الكلام في الإعجاز العلمي صنفان: منه كلام الباحث في القرآن، ولا نقبله؛ لأن الذين يقولون به ليسوا من العارفين بأساليب القرآن، بل يدعون عليه أشياء غير حقيقية، فمثلا قيل منذ فترة: {وَالأرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} أي جعلها كالبيضة، وقالوا إن هذه معجزة للقرآن الكريم، وقد بين قبل العلم الحديث أن الأرض كروية، وهذا كلام لا قيمة له؛ لأن الباحثين يعرفون أن لفظة "دحاها" في اللغة العربية غير هذا.
وبعض من يقولون بالإعجاز يقول إن الآية: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا}، أي جعلها كروية أو بيضاوية، وهذا كلام لا قيمة له؛ لأن الأرض هنا ليست الكرة الأرضية، بل أرض مكة، إذ كان المسلمون ينقصون من أرض الكفار وينتشر الإسلام ولا صلة لها بالأرض الكروية.
ومن يترجم الإعجاز العلمي للقرآن قد يذكر هذا في الحواشي، ولا يذكره في المتن؛ لأن تضمينه في النص أمر تافه ولا يليق، ويمكن أن يدرج في التفسير.
وأنا شخصيا لا أتبع هذا في الترجمة؛ لأني رأيت أن بعض علماء المسلمين الهنديين من أجل إقناع الغربيين ملأ الطبعة بحواشي تؤخذ من التصوف الهندي.
وأنا أريد أن يتقبل المثقفون كلامي، وليس العامة، فلا أريد أن يظنوا من كلامي أني واعظ، بل أنشر الإسلام بالترجمة الدقيقة والسليمة للقرآن، ومن أراد أن يتكلم وعظا أو إرشادا فهذا دورهم.
ودوري متمثل كأستاذ جامعة وليس إماما أو واعظا، ولو كنت كذلك لترجمت القرآن ترجمة غير التي قمت بها.
* بعض الأعمال القرآنية أو ذات الصلة بالقرآن وتفسيره مثل أعمال محمد شحرور ونصر أبو زيد وعابد الجابري، ما رأيكم في هذه المحاولات الفكرية؟
- شخصيا لا أعرف عن محمد شحرور كثيرا، وما سمعت عنه أن همه هو أن المسلمين الملتزمين بالإسلام ينتقدونه انتقادا شديدا، وما دمت أعيش في الغرب ولست مطلعا على كل الكتب الصادرة في البلاد العربية، فلدينا مكتبة كبيرة، ولكنها لا تحتوي كل الكتب.
ورغم أني عربي مصري أزهري، وحفظت القرآن منذ صغري، ولست في حاجة لأن أذهب إلى آخر لا يمتلك هذه الثقافة العميقة والمتينة، فقد قضيت حياتي كلها في دراسة القرآن، ولست في حاجة أن آخذ عن رجل لم يتح له مثل ما أتيح لي من هذا الماضي الثقافي.
والحق يقال إنه لا تصلنا كتب هؤلاء، وأرى أن لكل إنسان الحق في الاجتهاد، وما أمقته كثيرا هو أولئك الذين يحاولون أن يجتذبوا لأنفسهم لمعانا وبريقا وشهرة في التجني على القرآن وعلى الإسلام.
وتراثنا الإسلامي قبَل كل شيء، الغث والسمين، ووجد فيه أناس غير مسلمين، ونجد عجبا أن مثقفين مثل "يوحنا الدمشقي" وآخر اسمه "عبيد" وآخرين، تركت لهم الحرية منذ 12 أو 13 قرنا حرية أن ينقدوا القرآن والإسلام، ولم يقتلهم أحد.
وفي بغداد كان من الصوفية والعلماء من هو زنديق وغير ذلك، ولكن المجتمع تقبل كل ذلك.
واليوم أعجب ممن يريد أن "يتشطر" علينا، مثلما نقول في مصر، ويعمل لنفسه بريقا وشهرة بالتجني على القرآن والإسلام والادعاء أنه ينقد، وهو دون علم، هذا مما لا يستسيغه عاقل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي الغرب يقولون كل شيء عن الإسلام وعن القرآن، ولكني أقول إن هذا مبلغ علمهم {ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ}، وأتقبل ما يقولون، لكن أن يأتي عربي ويظهر أمام الغربيين بالسب في الإسلام؛ ليجتذب لنفسه سمعة وشهرة ومروجين ومساعدين، فهذا أعتبره أخس الخسة.
وشخصيا أجد الغربيين العقلاء، خاصة في بريطانيا، يحترمون المسلم الذي يحترم دينه وكتابه والقانون الإنجليزي، وهم يرونه رجلا ثقة يعتمد عليه، أما الذي "يتسخف" بدينه وأصله وولائه لأهله، فكيف تثق فيه كصديق؟ والرسول صلى الله عليه وسلم قال عن وصف المؤمنين الصالحين أنهم:"يألفون ويؤلفون"، وليسوا انعزاليين أو يعيشون في "الفيتو".
الترجمة تكون بلسان القوم
* أكيد أن الاجتهاد حق لكل فرد في تفسير أو تأويل آي القرآن لكن ما هي المآخذ الكبرى التي تراها على مثل من ذكرناهم؟
- أكرر أنه لكل إنسان الحق في أن يتكلم ويفكر، لكن عن بينة وفهم وعلم، ونحن نجد في تراثنا الإسلامي خاصة في التفسير أشياء عظيمة جدا، وفيه أيضا أشياء أقل قيمة علميا، ومن أراد اقتحام هذا المجال يجب أن يكون عارفا بكل هذا، ومدركا لمعاني القرآن وأساليبه في التعبير عن بيانه، وأن يكون قصدك وجه الله، أو على الأقل أن يقصد بيان العلم للناس إن لم يرد قصد الله، ومن الغربيين أناس جادون لا يدخل أحدهم على القرآن لينتقده مسبقا، بل يقول أجتهد وهذا جهدي.
* من خلال تجربتكم الطويلة في هذا الجانب العلمي ما الذي تحتاجه علوم القرآن في الوقت المعاصر؟
- نحن نعيش عصرا جديدا، وكمسلمين يجب أن نفهم عصرنا، وقد مضى على القرآن أكثر من 14 قرنا، وكل جيل يفهمه فهما مغايرا عمن سبقهم وفهمهم كان قيما، وفسروا القرآن بالطريقة التي يظهر فيها وعيهم بالظروف الموجودة في عصرهم مع الالتزام بأصول الإيمان.
وهو خلاف ما نجدهم اليوم ممن يريدون تغيير القرآن، وشخصيا لا أحتاج لتغيير أي شيء في القرآن، وأعيش في الغرب حياة عادية مع مسيحيين ويهود وفي كل شيء، ولا يرى مني أني جامد أو منعزل، بل أصلي صلواتي الخمس وأصوم في وسطهم ولا أشرب الخمر، وأشترك معهم في كل شيء غير محرم، وعندما أجد فهما معوجا للفقه أرى ضرورة التنبيه إليه.
وأضرب مثلا عند الحديث عن المرأة وتعليمها، وهو حديث أستغرب منه؛ لأنه كلام فات عليه 14 قرنا، ولكن بعض المتأخرين من سلفنا هم من أساءوا الفهم.
وبعض المسلمين يعيشون حاليا بإنجلترا، وفي بلدهم كانت المرأة مقهورة، فيلزم بنته أن تتزوج ولدا من القرية نفسها ويقهرها على ذلك، وأرى أن هذا ضد تعاليم الدين الإسلامي، وليس ضد الروح العصرية للغرب؛ لأني لا أحتاج لهذا التبرير، بل هو ضد ما نطق به الرسول صلى الله عليه وسلم وما قضى به، وهو ما يفرض علينا توسيع فهمنا للقرآن الكريم.
وعلى المستوى الغربي يجب أن تقدم لهم ترجمة القرآن بلسانهم، الذي يروق لهم أن يقرءوا به، ونشر دراسات قرآنية، وهذا ما نفعله في مركز الدراسات الإسلامية، ونحن نترجم من خلال مجلة "دراسات قرآنية" أعمق أعمال المسلمين إلى اللغة الإنجليزية وبترجمة تروق للقوم، وننشرها عند أعظم ناشر.
وبدل أن يكون هناك كلام المستشرقين وترجمة بعض المسلمين الرديئة، التي كانت مكتوبة لقرى في الهند أو إفريقيا أو شرق الجزيرة العربية من قرون، وننقلها كما هي، فهذا يصد الناس عن الإسلام.
ولتجاوز ذلك قمنا بترجمة دراستين كتبهما الدكتور محمد عبد الله دراز رحمه الله، عنوان إحداهما "دستور الأخلاق من القرآن"، و"مقدمة لدراسة القرآن"، وكتبهما للغربيين غير المسلمين في الأربعينيات، وبالطريقة التي أراد أن يقول، ولم يقل المستشرقون الفرنسيون في السوربون، وفي وقت كانوا فيه ضد المسلمين أثناء استعمارهم لشمال إفريقيا إنه عمل لن ينجح، بل أنجحوه ومنحوه دكتوراه دولة؛ لأنه كتبها بالطريقة التي يفهمون وتقنعهم، ونحن قمنا بترجمتها إلى الإنجليزية ونشرهما ناشر ناجح عالميا.
ونريد تكرار هذا الفعل ليقيننا بوجود كتب نفيسة في التراث العربي يجب ترجمتها ترجمة عاقلة؛ لجعلها تروق للبيئة الغربية غير الإسلامية.
نحو لغة إنجليزية إسلامية
* من الشائع مقولة إن "الترجمة خيانة للنص الأصلي"، كيف نحكم على ترجمة القرآن؟
- صاحب المقولة كان يمزح وهو يقول هذا الكلام، وهي غير شائعة، وطبعا هناك بعض الترجمات خانت النص القرآني، فالذي يدخل المجال بدافع النقض والتشويه والإساءة، أو يدخله بجهل وهو غير مؤهل لذلك، ويعوزه علم باللغة العربية وبيانها وأساليب القرآن الكريم وإتقان اللغة الأجنبية التي يترجم إليها القرآن، فهذا أعتبره خيانة، وإذا دخل بنية حسنة، فهذا يكون ضمن دائرة اجتهاد الحاكم: "إذا اجتهد الحاكم وأخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران".
* هل لديكم رسالة توجيهية في هذا المجال ترون ضرورة الأخذ بها أثناء التعامل مع الترجمة؟
بالنسبة لموقع "إسلام أون لاين" وما دام جمهوره من المتصفحين مسلمين، ويتابعه مسلمون من لندن وباقي الدول الغربية، إذا كتب للغربيين لا بد أن تكون الكتابة مقنعة لهم، وليس فقط أن نكتب لمسلم نشأ في بيئة عربية إسلامية، فالكلام يجب أن يختلف من شريحة لأخرى.
وشخصيا عندما أخطب في صلاة الجمعة عندنا في الجامعة في بعض الأحيان يقال لي إن خطبتي مثل المحاضرة، وليست خطبة واعظ؛ لأنها محاولة للإقناع والتدقيق، فلكل زمان ومكان طريقة خاصة بنقل العلم.
وللأسف لم نستطع إنشاء لغة إنجليزية إسلامية، وفي الترجمة أحاول جعل "اللغة الإنجليزية لغة إسلامية"، مثلما العربية لغة إسلامية، والفارسية لغة إسلامية، والتركية لغة إسلامية.
فالفرس والأكراد والترك يقرءون عن إسلامهم بلغتهم، ويحسون بما يحس به العرب بلغتهم العربية، ونحن نريد أن نفعل ذلك مع الإنجليزية رغم أنه يحتاج لوقت طويل وجهد كبير وفكر رشيد وإنفاق على العلم.
المصدر:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-Shariah%2FSRALayout&cid=1225698041388
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[15 Apr 2010, 02:03 م]ـ
شكراً جزيلاً لكم أخي الدكتور خالد على هذه الإفادة.
وأظننا بحاجة للاطلاع على هذه الترجمة وتقويمها من قبل المتخصصين للاطلاع على هذا الأسلوب الذي كتب به الدكتور عبدالحليم تفسيره المترجم جزاه الله خيراً، ليت أحد الباحثين يلبي هذا الطلب لنا في الملتقى.
بوركت أستاذ فهد
فعلاً الحكم على العمل المذكور بحاجة إلى قراءة جيدة له.
من المؤكد أن المهتمين بالقرآن العظيم وتفسيره وترجمة معانيه هم من يقوم هذه الترجمة المشار إليها.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[16 Apr 2010, 10:45 ص]ـ
أفدنا من هذا اللقاء الطيب , شكر الله لكم جميعاً.(/)
بين عبد الله الصانع وعثمان طه، حول خط المصحف.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[15 Apr 2010, 10:30 ص]ـ
أحمد الأمين - المدينة ( http://www.al-madina.com/node/239942)
من ركنٍ بسيط في أحد أروقة معرض الكتاب السابع والعشرين بالجامعة الإسلامية، انتقد الخطاط عبدالله الصانع خطاط الكلمة الملكية السامية سابقًا وخطاطَ المصحف الشريف عثمان طه، مشيرًا إلى أنه أضاع أصالة الخط العربي وقواعده في كتابته للمصحف الشريف، كما عبر الصانع عن استيائه من الجمعية السعودية للخط العربي والطريقة التي اختير فيها أعضاؤها، مبينًا أنها «ولدتْ ميّتة» وهمّشت خطاطين كبارًا، وأنه يطالب بتأسيسها منذ سنة 1988م ومع ذلك لم يعلم بإنشائها إلا عبر الصحافة.
وقال الصانع: نحترم عثمان طه، ولكن ما يجب أن يكون خطًّا أحمر هو كتابة المصحف، فالخطاطون الكبار أمثال هاشم محمد البغدادي وحسني وسيد إبراهيم وبدوي وعباس البغدادي كتبوا المصحف على أصول الخط العربي، ولكن هناك خطاطون قد يكونون ملتزمين ببعد معيّن ومساحة معينة فلذلك يضيعون أصالة الخط وقواعده الأصيلة في سبيل التنفيذ، وهذا أمر قد لا يناقشه من لا يعرف الخط ولكن نحن الخطاطين نعرف الموضوع ونناقشه فيما بيننا، مشدّدًا على أن لا تغيير يذكر بالنسبة لطبعة المصحف الأخيرة التي أعاد فيها عثمان طه كتابة المصحف وظهرت فيها ليونة أكثر في رسم الحروف.
وعن جمعية الخط العربي السعودية قال الصانع: طالبت بتأسيس جمعيات للخط العربي في جميع أنحاء العالم العربي وخاصة في المملكة العربية السعودية التي لم تكن بها جمعية للخط العربي، وذلك في أول معرض للخط العربي على مستوى العالم سنة 1988م ببغداد، وللأسف ولدت الجمعية في المملكة ميّتة لأن تأسيسها لم يحظ بتغطية إعلامية ولأنها همشت كثيرًا من الخطاطين، وقد ساءني ذلك وخاطبني وزير الإعلام في حينها وهو إياد مدني وقلت له إن الجمعية «ولدتْ ميتة» فاعتذر لي بأن التجربة جديدة على المملكة.
أحمد الأمين - المدينة المنورة ( http://www.al-madina.com/node/239941)
ردًّا على انتقادات الصانع والخطاطين عموماً لخط عثمان طه للمصحف الشريف، قال طه لـ «المدينة» إن هؤلاء الخطاطين الذين ينتقدونه ألتزموا بالتراث القديم وليس عندهم أي علم بالرسم العثماني وهو الرسم الذي كتب به الصحابة رضي الله عنهم القرآن الكريم. وقال: هم يلتزمون بالخط التركي والرسم الإملائي وقد تعوّدوا على هذا، وهذا الموضوع انتهى منذ زمن، الآن عندنا مصاحف تُكتب بالرسم العثماني، وهو شيء متفق عليه في العالم الإسلامي كله، وهذا الرسم له أصوله وهي غير أصول الخط الذي تدربوا عليه هم من أيام الأتراك. وحول ما إذا كانت أصول الخط العربي تختلف عن الرسم العثماني في تركيب الحروف مع بعضها أو في قواعد كتابة هذه الحروف، قال عثمان طه: نعم .. أنا لي أسلوب معين في كتابة المصاحف، وأنا تدربت على يد خطاطين يجيدون الخط ولكن عند كتابتهم للمصحف يختلف الأمر، وأنا لي 30 سنة وأنا أتدرب على نموذج خاص بكتابة المصاحف، وحين أكتب خطًّا غير القرآن أكتب كبقية الخطاطين، ولكن الرسم العثماني له أسلوب معيّن، وإذا نظرت إلى مصاحف المجمع في الطبعة الجديدة تجد أن المصحف «أخذ راحته»، كما أنني قد كتبت مصاحف أخرى على نفس النمط ولا أكتب على النمط التركي. وأرجع طه عدم التزامه بقواعد الخط التي يسميها الخط التركي إلى صعوبة تطبيق الرسم العثماني معها وخاصة فيما يتعلق بوضع الحركات على الحروف بحيث تكون واضحة دون تداخل، الأمر الذي يمنعه الالتزام بقواعد الخط.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Apr 2010, 06:41 م]ـ
لا أعرف الخطاط عبدالله الصانع وفقه الله، وليت أحد الفضلاء يعرفنا به ونماذج من خطه.
وأما رأيه في خط عثمان طه للمصحف فهو كما قال عثمان طه عن خصوصية الرسم العثماني وضرورة مراعاة وضوحه للقارئ البسيط. فقدم عثمان طه هذه المصلحة على مصلحة المحافظة على قواعد الخط المتعارف عليها في بعض المواضع.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 Apr 2010, 06:30 ص]ـ
عثمان طه حفظه الله أبدى مبدأه في حوار قديم معه حول كتابة المصحف، وهو (التيسير) للخط إلى أبعد حد، وأن تلك هي الخاصية التي يراعيها. وهي مما أكسب المصحف سهولة في القراءة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[17 Apr 2010, 01:50 ص]ـ
لقد مررت البارحة بركن الخطاك عبد الله الصانع في المعرض في المدينة المنورة
ورأيت له لوحات رائعة تدل على ذوق رفيع جداً، وتنبيء عن قلم فنان مبدع
وأما انتقاده للخطاط العملاق عثمان طه فهو لم يأت بجديد فالكلام قد قيل قبل 30 سنة
وإنني للحق أقول:
لقد زرت الخطاط عثمان طه مراراً وتباحثت معه في هذه القضية وأطلعني على أسرار الخط لديه وعلى لوحاته المدهشة وعلى العديد من المصاحف التي خطها بيده
ورأيته وهو يكتب في مصحف المدينة ورأيت كيف يبذل طاقته العجيبة في رسم الحرف، حتى إننا عندما دخلنا عليه كان قد وصل الى كلمة (القرى) وانتهى من الراء وبقيت الألف المقصورة فسلمنا فلم يرفع رأسه حتى أكمل الألف ورسمها بكل تؤدة وأخذت منه وقتا ليس بالقليل ونحن نتمتع بمسكه للقلم وتفننه في انسياب الحبر على الورق الصقيل الذي كان بحجم متر تقريباً وكيف كان يميل برقبته مع انحنائة رقبة الألف .... فلله دره فكأنه أضافني على قطعة من البقلاوة الشامية ...
ولا أكتمكم سرا أن رؤيتي لرسمه هذا الحرف في هذه الثواني الرائعة أعطتني دفعة للأمام في الخط والكتابة وتذوقها مالا أستطيع وصفه، فلقد بقيت مدة أتلذذ بالكتابة ومحاولة تقليده .....
إن الخطاط عثمان طه قد ابتدع (من الإبداع لا البدعة) مدرسة جديدة في الخط استطاع من خلال ابتداعه هذا أن يضع أسساً جديدة لخط المصاحف ولمراعاة قواعد الرسم العثماني وقد لاحظت أن كبار الخطاطين بدؤوا يسيرون على منهجيه وخطته في هذه المدرسة ومن أراد التأكد فليدقق في المصحف المطبوع بقطر والمصحف المطبوع في الأمارات لخطاطين كبيرين
فهناك دقائق في الخط أثناء رسم القرآن يتعارض فيها مراعاة القرآن ومراعاة القاعدة التركية للخط كما سماها الخطاط عثمان فههنا طوع عثمان الخط لقواعد رسم القرآن فجاء تحفة نادرة فهو يؤسس لمدرسة جديدة في هذا الاتجاه
أدرك هذا من أدركه ......
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[22 Apr 2010, 12:42 م]ـ
أهلا بكم أستاذنا الغوثاني ..
هل لنا أن نتوقع استعمال الـ NLP يوما في إتقان الخط؟
ما هذا الـ NLP أهو نوع من الأقلام؟
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[24 Apr 2010, 01:30 ص]ـ
أهلا بكم أستاذنا الغوثاني ..
هل لنا أن نتوقع استعمال الـ NLP يوما في إتقان الخط؟
ما هذا الـ NLP أهو نوع من الأقلام؟
الأخ الفاضل الأستاذ محمد رشيد
هل سؤالك استفساري
أم شيء آخر؟؟؟؟؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[24 Apr 2010, 01:38 ص]ـ
أضحك الله سنك حبيبنا .. بل سؤالي دعابي
ألا تذكر مناسبته أيها الشيخ الحبيب؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[22 May 2010, 05:04 م]ـ
هل يمكن أن تعاد كتابة المصحف بالجمع بين قواعد الخط العربي والرسم العثماني ولو بتكبير مساحة الكلمة وبالتالي زيادة الصفحات؟ هذا استفسار
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[25 May 2010, 02:32 م]ـ
قد استمعت إلى جزء مهم جدا من الحوار الذي أجري مع عثمان طه، والذي صرح فيه أنه حينما أراد كتابة المصحف رجع إلى الخط الكوفي الأول الذي كتب به المصحف أول مرة؛ حيث يتميز ببعد الحروف عن بعضها لتنضبط عليها التشكيلات. وبالتأمل في ذلك بان لي أمران:
الأول أنه لا حجة في معايرة خط المصحف على ما أسمي بالقاعدة التركية وأنها الخط العربي الأصيل.
والثانية أن الخط الحالي لمصحف المدينة هو الأنسب والأوفق للخط الأول من حيث اتساع حروفه وسهولة قراءته.
والله تعالى أعلم.
فائدة: هذه الأمور الدقيقة رغم أنها قد تبدو قليلة الفائدة في نظر البعض، إلا أنها تستهويني في كثير من الأحيان لأنها تعكس مدى اعتنائنا بكتابنا ودقتنا في تناول كل ما يتعلق به. فلينظر هذا أصحاب انقطاع الثلاثة قرون! أفلا يعقلون؟!(/)
بين التنزيل والتأويل: نموذج المحاسبي في كتابيه العقل وفهم القرآن
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Apr 2010, 12:56 م]ـ
للدكتور رضوان السيد
عرفتُ الحارثَ بنَ أسد المحاسبي (-243هـ/857 م) عام 1970. كنت قد تخرّجتُ حديثاً في الأزهر، وعدتُ للعمل في دار الفتوى في لبنان، إعداداً لإكمال دراساتي العليا في ألمانيا. وقتَها كان البروفسور جوزف فان أس - الذي صار مُشرفاً في ما بعد على أُطروحتي للدكتوراه - قد نصح المرحوم الأستاذ حسين القوتلي، مدير دار الإفتاء في لبنان، والمدرّس في الجامعة اللبنانية؛ وبتوسُّط من الراحل الأب الدكتور فريد جبر، أن يُحضّر أُطروحةً للدكتوراه عن المخطوطات الباقية للمحاسبي. والمخطوطات المُحاسبية كان قد درسها كُلٌّ من الشيخ الدكتور عبدالحليم محمود الذي حضّر أُطروحةً للدكتوراه عنه في السوربون بإشراف ماسينيون عام 1946، والأستاذ فان أس الذي حضّر أُطروحةً للدكتوراه الأولى عن المحاسبي أيضاً عام 1961. وكلا الرجلين ركّز على كتاب المحاسبي: «الرعاية لحقوق الله»، والمواريث التي تركها للصوفية من بعد من خلال هذا الكتاب. وأحسَّ فان أس أكثر من الشيخ عبدالحليم محمود، أنّ المحاسبيَّ هو أكثرُ من متصوف وإن يكن رائداً في هذا المجال أيضاً. وقد بدا ذلك في عمل فان أس، الذي ترجم في أُطروحته فقراتٍ كثيرةً من رسائل المحاسبي غير المطبوعة. والمُهمُّ أنني ساعدْتُ الأستاذ القوتلي في قراءة مخطوطتي المحاسبي: «مائية العقل وحقيقة معناه واختلاف الناس فيه»، وكتابه الآخر الأكبر حجماً: «فهم القرآن». وقد أضاف الأستاذ القوتلي إلى عملَي عبدالحليم محمود وجوزف فان أس، في فهم المحاسبي، الاهتمامَ ببعدين آخرين من أبعاد التجربة الفكرية لذلك الزاهد المتميّز وهما: خلافُهُ مع الإمام أحمد بن حنبل (-241هـ/ 855 م) وأسبابُهُ، وكونه الطليعة لما صار يُعرف من بعد بالسنّية الأشعرية. وعندما عدتُ من ألمانيا عام 1977، عدتُ لأسبابٍ مختلفةٍ للاهتمام بالمحاسبي، فانجلى الأمر عندي عن بُعدٍ رابعٍ لتفكير المحاسبي؛ الأول التصوف، والثاني، الاختلاف مع المحدِّثين، والثالث، ريادتُهُ الكلامية في مواجهة المعتزلة. والبُعْدُ الرابعُ هو خلافُهُ مع مُعاصرة الفيلسوف الكندي (-252هـ/866م) في مفهوم العقل. فالكندي يعتبرُهُ مبدأً أول بالقوة، وجوهراً بسيطاً مدركاً للأشياء بحقائقها، والمحاسبي يعتبرُهُ غريزةً أو نوراً للغريزة يقوى ويزيدُ بالتجارب والعلم والحِلم. وما تنبَّهتُ وقتَها، أي بين العامين 1978 و1985 للبُعد الخامس أو الأساس المنهجي الجديد للمحاسبي بين التنزيل والتأويل. وقد تبيَّنَ لي في تسعينات القرن الماضي أنّ المحاسبيَّ إنما رسم منهجاً في رسالته «مائية العقل»، ما لبث أن طبَّقَه في «فهم القرآن» الذي تتراوحُ موضوعاتُهُ بين أربعة علوم: أصول الدين، والتفسير، وأُصول الفقه، والفروع الفقهية.
ما هي الأجواءُ الفكرية التي عاصرها المحاسبي بين العام 200هـ، وحتى وفاته عام 243هـ؟ يتبينُ من مؤلَّفات المحاسبي المختلفة، وبخاصةٍ كتابه في «المكاسب» ومائية العقل، وفهم القرآن، أنَّ الموادّ التي يستخدمُها سواءٌ في الرواية أو الدراية أو علم الكلام أو الفقه أو التفسير تنتمي إلى أربع بيئات: بيئة أهل الحديث، وبيئات المعتزلة، وبيئة اللُّغويين، الذين مارسوا التفسير القرآني، وبيئة الفقهاء. وتتخلَّلُ ذلك كُلَّه نزعةٌ زُهديةٌ غلاّبة وغير عرفانية. لكنّ منظومتَه الفكرية لا تنتمي إلى أيٍّ من هذه البيئات؛ بل إنّ الأمر يقتصرُ على استعارة موادّ البناء دون الهندسة والتشكيل. والعبارةُ المفتاحيةُ التي تتكررُ في كلّ كتبه: «العقل عن الله». واستناداً إلى هذه العبارة أعدْتُ النظر في منظومة المحاسبي الفكرية. ولنستعرضْ بشيء من التقصي ما أقصدُهُ بالمنظومة الجديدة التي توصَّل الرجلُ إليها، وما حظيت بإعجاب الكثير من مُعاصريه، وإن يكن الإعجابُ بشخصه ومسلكه، ظلَّ كبيراً وجليلاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول المحاسبي: «إنّ العقل غريزةٌ وضعها الله سبحانه في أكثر خَلْقه لم يطّلع عليها العبادُ بعضهم من بعض، ولا اطّلعوا عليها من أنفسهم برؤيةٍ ولا بحسٍ ولا ذوقٍ ولا طَعْم ... فهو لا يُعْرَفُ إلاّ بفعالِهِ في القلب والجوارح ... ». والطريف أنّ أحمد بن حنبل مُعاصر المُحاسبي وخصمه يصلُ للتعريف نفسِه؛ إذ ينقل عنه أصوليو الحنابلة قوله: إنّ العقل غريزةٌ، والحكمة فطنة، والعلم سماع. ويضيفُ الفرّاء: «إنّ معنى قوله غريزة أنه خَلْقٌ لله ابتداءً، وليس باكتسابٍ للعبد، خلافاً لما حُكي عن بعض الفلاسفة أنه اكتسابٌ ... ». وهذا غير صحيحٍ طبعاً، فالفلاسفةُ جميعاً يقولون إنّ العقل جوهرٌ بسيطٌ مُدْركٌ للأشياء بحقائقها. ويوضّح الفارابي أنّ فِعْلَ العقل: «العناية بالحيوان الناطق والتماسُ تبليغه أقصى مراتب الكمال». ثم يُضيفُ أيضاً: «إنّ منزلة العقل من الإنسان منزلة الشمس من البصر، فكما أنّ الشمس تُعطي البصر الضوءَ فيصير البصر بالضوء الذي استفاده من الشمس مبصراً بالفعل بعدما كان مُبصراً بالقوة ... كذلك العقلُ يفيد الإنسان شيئاً يرسمُهُ في قوته الناطقة منزلةُ ذلك الشيء من النفس الناطقة منزلةُ الضوء من البصر ... ».
فلا شكَّ في أنّ المحاسبيَّ يقصدُ هنا بغَرَزية العقل أنه جزءٌ من الدوافع الإنسانية، وظيفتُهُ التعقُّلُ والإدراكُ، والتمييزُ بين الأمور في الجانب النظري، وبين الخير والشرّ تفصيلاً في الجانب العملي. فالمُرادُ هنا ومن هذا الجانب إيضاحُ أمرين: وحدة الإنسان بسائر قُواه وأنها جميعاً من خَلْق الله، وأنّ السلطتين التدبُّرية والتدبيرية واللتين يتولاّهما العقلُ الغَرَزي هما سلطتان تخضعان للشروط الإنسانية، وليست السلطة الإدراكية والتدبيرية للعقل مطلقةً مثلما يرى الفلاسفةُ الذين استرشدوا في هذا الأمر بالترجمات عن اليونانية؛ باعتبار العقل في أصله آتياً من خارج الإنسان، وبالتالي فإنها سلطةٌ خارجيةٌ ذاتُ قدرةٍ مطلقةٍ على التوجيه، مثلما هي السلطة الإلهيةُ لدى متكلمي المسلمين وفقهائهم. وقد صَحَّح ابن تيمية ما ذهب إليه زملاؤه في السابق عندما قال: «وسبب غلط الفلاسفة أنّ لفظ العقل في لغة المسلمين مصدر عقل يعقل عقلاً ... ويُرادُ بالعقل الغريزة التي جعلها الله تعالى في الإنسان يعقلُ بها. وأمّا أولئك فالعقلُ عندهم جوهرٌ قائمٌ بنفسه كالعاقل؛ وليس هذا مُطابقاً للغة الرسل والقرآن ... ».
ولدى المحاسبي لا تترتّبُ على هذه المقدّمة في تعريف العقل الاختلافاتُ مع الفلاسفة المُعاصرين له وحسْب؛ بل تترتّبُ عليها نظريةٌ في المعرفة، وعلى النظرية في المعرفة، تترتب رؤيتُهُ لعلائق العقل بالنصّ من جهةٍ والعقيدة والتشريع من جهةٍ أُخرى. ففي فصلٍ عنوانُهُ: «مسألة في العقل» من رسالة «مائية العقل» يقول المحاسبي: «الحجةُ حجتان، عيانٌ ظاهرٌ، أو خبرٌ قاهر. والعقل مضمَّنٌ بالدليل، والدليلُ مضمَّنٌ بالعقل. والعقلُ هو المستدلُّ، والعيانُ والخبرُ هما علّةُ الاستدلال وأصلُهُ. ومُحالٌ كونُ الفرع مع عدم الأصل، وكونُ الاستدلال مع عدم الدليل. فالعيان شاهدٌ يدلُّ على غيب، والخبرُ يدلُّ على صدق. فمن تناول الفرع قبل إحكام الأصل سَفِهَ أو سُفِّه ... ».
هناك إذاً مصدران للمعرفة عند المحاسبي العيانُ المُدْرَكُ بالحواسّ، والخبرَ المُنَزَّلَ من الله. والعقلُ هو الذي يُوازنُ ويُقايسُ ويتوصَّلُ من طريق «التفكر والاعتبار» كما يقول المحاسبي، إلى الحُكْم الصحيح الناجم عن هذا الاعتبار. وهذه العمليةُ هي التي يُسمّيها المُحاسبيُّ: «العقل عن الله». فالمُشاهدات والمدركات كونٌ منظورٌ، والقرآنُ كونٌ مسطورٌ، والعقلُ من طريق التدبُّر والتفكُّر والاعتبار هو الذي يضمُّ الكونين في سياقٍ واحدٍ يتناول الناحيتين: ناحية التصرفات الدنيوية، وناحية التشريعات الإلهية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ماذا يعني ذلك في مجال التأصيل والتشريع أو مجال المنهج في فهم النصّ؟ هذا ما حاول المحاسبي إيضاحَهُ في كتابه: «فهم القرآن». ومع أنّ الكتاب يتضمن بحوثاً كلاميةً تتصلُ بالذات والصفات، وبخَلْق القرآن، وبالقضاء والقدَر، وبالوعد والوعيد؛ فإنّ أكثر فصُوله تدور حول الناسخ والمنسوخ. ومادةُ الكتاب مأخوذة في الأكثر من كتاب «الناسخ والمنسوخ» لأبي عُبيد القاسم بن سلاّم (-224هـ) شيخ المحاسبي. لكنْ في حين يقصدُ أبو عُبيد إلى القول إنّ المشكلة في الاستنباط التشريعي هي مشكلةُ تنزيل الأحكام أو النصوص التي تتضمُن أحكاماً على الوقائع؛ فإنّ المحاسبي يرى أنّ المشكلة هي مشكلةُ «تأويل». والمعروف أنّ الشافعيةَ يعتبرون أبا عُبيد والمحاسبي من بين تلامذة الشافعي (-204هـ). وقد يكونُ ذلك صحيحاً. إنما القضيةُ التي رآها الشافعيُّ في «الرسالة» باعتبارها مشكلةً بيانيةً، أو تنزيلية تعتمدُ الاتّباع (وكذلك أبو عُبيد وأحمد بن حنبل مع تشبُّثٍ أكبر بظاهر النصّ)؛ فإنّ المحاسبيَّ بخلاف شيخيه يرى أنّ المشكلة تأويلية. يعتبر المحاسبيُّ أنّ المعتزلة عندما قالوا بخلْق القرآن؛ فإنما أتاهُمْ هذا الوهْمُ من أنّ القول بقدَم الكلام يعني أنّ الله عَزَّ وجلَّ ينسخُ كلامَهُ بكلامه. والحقُّ أنه إنما «ينسخُ مأموراً به بمأمورٍ به. فأَبدل أحدَهما مكانَ الآخر، وكلاهُما كلامُه ... ». ثم انطلق يُعدِّدُ الأحكام التي تغيرت أو نُسخت مع تأكيد الله عزَّ وجلَّ أنه «لا مُبَدِّلَ لكلماتِه» (سورة الأنعام: 115، وسورة الكهف:27)؛ فعاد الى الاستنتاج الأول الذي هو تغيير حُكْمٍ بحكْمٍ ومأمورٍ بمأمور، وكُلُّ ذلك كلامُهُ. ثم ينطِقُ بالكلمة الفصل: «لقد جهلوا التأويل، إنما قولُهُ عزّ وجلَّ: نأتِ بخيرٍ منها (سورة البقرة:106) بخيرٍ مأمورٍ به، وهو أَوسَعُ لكم، وأَخَفُّ عليكم أو مثلُهُ في الخِفّة والسَعَة ... ».
والمعروفُ أنّ المُعتزلة - مثل الشافعي وأبي عُبيد - إنما اهتمُّوا بالتقليل من الآيات المنسوخة، من طريق اللجوء إلى الخصوص والعموم والمجمل والمفصَّل. أمّا المحاسبي فيرى أنّ هذه المسألة بالذات مسألةٌ فرعيةٌ يمكنُ حلُّها بالفعل من طريق البيان وأساليب العرب في الكلام. فللتأويل جانبٌ منها، لكنّ الجانب الأكبر بيانيٌّ وأُسلوبيٌّ وسياقي، ولا ينقُضُ المنهج الذي اتخذه لنفسِه، وأعطاه اسم «العقل عن الله». وهو يمثّلُ لذلك هذه المرة بمسألةٍ عَقَدية هي مسألةُ الوعد والوعيد التي هي أحد أصول المعتزلة الخمسة. فالله سبحانه توعَّد بالنار آكِلَ مال اليتيم والزاني والسارق وشارب الخمر والقاتل. وهو يعني بذلك أنهم مستحقُّون لذلك العذاب على ما ارتكبوا من كبائر. بيد أنه قال: «إن الله لا يغفر أن يُشرَكَ به، ويغفرُ ما دون ذلك لمن يشاء» (سورة النساء:48). فأَوجب العقوبةَ للمشركين والكفّار، وترك لمرتكبي الكبائر فُرصة التوبة: «فإنْ أراد أن يُعذِّبَ بعضَ مَن استوجب فيُعذّبه بعدله. ويعفو عن بعض مَنْ وجب عليه (العذاب لزلاته) بفضل رحمته ... ». ثم يُلزمُ مُخالفيه من المعتزلة أنه برأيهم في الوعد والوعيد إنما يمنعون الخوفَ والرجاءَ، والعفوَ، وامتناع شفاعة النبي ... الخ. وهكذا تبقى المسألةُ تأويلية، وليست تنزيليةً بالمعنيين. ليست تنزيليةً؛ بمعنى أنّ في النصّ تناقُضاً أو مشكلةً لا تُحَلُّ، كما أنها ليست تنزيليةً بمعنى أنها تكمُنُ في تنزيل النصوص على الوقائع. فإذا قيل إنها تنزيليةٌ بالمعنى الأول؛ فإنّ ذلك يترتّبُ عليه المستحيل هو الخُلْف في قوله عزّ وجلَّ وفعله، كما يترتب عليه الخروجُ من الإسلام. وإن قيل إنها تنزيليةٌ بالمعنى الثاني؛ فإنه تترتب عليها افتراقاتٌ وخلافاتٌ في العقائد. أمّا في التشريع واستنباط الأحكام، فإنّ الحركة تصبحُ شديدة التقييد لخروج العقل منها، والمُراوحة بين نصوص القرآن ونصوص السنّة.
(يُتْبَعُ)
(/)
لكنْ ما معنى «التأويل» إذاً لدى المحاسبي؟ استخدم المحاسبيُّ في عملياته التأويلية الموادّ التي جمعها أبو عُبيد في «الناسخ والمنسوخ». واستخدم أقلّ المادّة التي عرضها أبو عُبيدة (-209هـ) في كتابه: «المجاز في القرآن». وأبو عُبيد – كما سبق القول - يتبع أُسلوب الشافعي البياني في تمييز النصوص، وربْطها بمصادر التشريع. وهكذا فإنّ الشافعيَّ وأبا عُبيد، وعلى رغم اعتمادهما على البيان وأسالييه؛ إنما كانا تنزيليَّين، أي أنهما مهتمان بالدرجة الأُولى بتنزيل النصوص على الوقائع أو تزمينها. وهنا – وعلى رغم الموادّ المُستعارة من أبي عُبيد وكثافتها - فإنّ المحاسبيَّ يذهبُ بالتأمُّل الأول للنصّ باتِّجاه مجاز أبي عُبيدة، وباتّجاه المفسِّرين الأوائل وليس المتكلمين أو الفقهاء. وهكذا فهو لا يختلفُ عنهما في اعتبار البيان؛ بل في منهج تحصيل الحكم. ومنهجُ تحصيل الحكم في العقيدة والفقه عنده يقومُ على تأويل النصّ في ضوء تجربة الجماعة المتلقية، وفي ضوء العقل الذي يزيدُهُ العلمُ، وتزيدُهُ التجاربُ – كما يقول - فطنةً وحكمةً في العملية التي يسمّيها: العقل عن الله؛ إنما بعد تلقّي الجماعة له وعيشها فيه، وعيشه فيها، فالشافعيُّ وأبو عُبيد تنظيريان، أي أنهما يرميان الى التقعيد باعتبارهما المتلقّيين المباشِرَين للنصّ؛ فالعلماءُ ورثة الأنبياء. أمّا المحاسبيُّ فهو تجريبيٌّ اجتهاديٌّ في التعامُل مع النصّ العقدي والفروعي أو الفقهي، ويريد فهم النصّ لكنْ في ضوء الإجماع. فلنتأمَّلْ الأمثلة التي يذكُرُها لمعنى «العقل عن الله»، عسى أن يُفيدنا ذلك في التعرُّف على ماذا يريدُهُ من وراء التأويل أو العقل عن الله من طريق التأويل. ففي قوله تعالى: «ولا تجهر بصلاتك ولا تُخافِتْ بها ... »، اختلف العلماء: «والأمة مجمعةٌ - كما يقول المحاسبي - أنّ للمصلّي أن يرفع صوته وأن يُخافِتَه». وفي قوله تعالى: «وآتيتُم إحداهنّ قِنْطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً» (سورة النساء:20)، اختلف العلماء أيضاً، وقال بعضُهم بالنَسْخ. والمحاسبي يرى الإحكامَ، واتّباعَ المصلحة في الحالة المعينة ... وهكذا يمضي معدِّداً عشرات الحالات التي اختلف فيها الصحابة والتابعون، ثم أجمعت الأمةُ على شيء مخلتفٍ أو ذهب هو إلى ما يُخالف الأقوالَ السابقة. ولذا فالذي يمكن قوله إنّ للتأويل عنده ثلاثة أُسُس: المستوى اللغوي الظاهر فالمجازي. ومستوى إجماع الأمة أو جمهور الفقهاء. ومستوى التعقُّل الفردي للمصالح. أمّا المستوى الأول فالمحاسبيُّ يبدأُ بالنص في تعقُّل لُغَويٍ بحتٍ باعتباره خاماً أو طازجاً ما صرَّح عن مكنوناته بعد. وهو يتوسع في المستويين الآخرين؛ مع اعتبار المستوى الثالث عملية تفكرٍ ومُوازنةٍ وتعقُّل للنص وتجربة الجماعة معه، معاً. وبذلك يبقى تجريبياً بالفعل، قبل ظهور التدقيقات القياسية في تحقيق المناط وتنقيحه، ذلك أنه يعتبر النصَّ الإلهيَّ القرآنيَّ والنبويَّ واحداً. ويمضي منه مباشرةً إلى الجماعة التي تتلقّى النصَّ. ثم يؤول الأمر بالفقيه إلى تأمُّل النصّ وعمله في الجماعة في ما يسمّيه عملية العقل عن الله.
لماذا ذهب المحاسبي إلى هذا المعنى للتأويل؟ المؤكَّد أنه عرف أعمالَ أبي عُبيد، وربما عرف رسالةَ الشافعي. لكن يبدو أنه ما اقتنع بها أو أنّ أُطروحةَ الشافعيّ ما كانت قد سطعت تأثيراتُها. وعلى كل حال، فإنّ الخلافَ لا يتناولُ العلاقةَ بين التأويل والتنزيل بالمعنيين وحسب؛ بل يتناول أيضاً مفهوم التأويل، وهو عند الفقهاء عمليةٌ لغويةٌ وأُسلوبيةٌ بحتة.
أين يقعُ عملُ المحاسبي المنهجي هذا من أعمال الأُصوليين والفقهاء في ما بعد في شتّى المذاهب؟ ظلَّ الأصوليون يكررون في كتبهم رأْيَ المحاسبي في مفهوم العقل أو تعريفه. بيد أنّ أحداً منهم ما تابعهُ في رأيه أو منهجه الشامل باعتباره أنّ «العقلَ عن الله» إنما يعني اعتماد التأويل في شتّى العلوم الإسلامية، للخروج من التأصيل، ومن المنهج الاتّباعي بتنزيل النصوص على الوقائع أو تزمينها بهذه الطريقة.
هذه المادة: محاضرة أُلقيت في أغادير - المغرب في 30/ 3/2020 خلال مؤتمر رابطة علماء المغرب عن «العلوم الإسلامية - أزمة منهج أم أزمة تنزيل».
المصدر ( http://www.almultaka.net/ShowMaqal.php?module=3c058ed609acdbe2bd4c56610aa9a 1f5&cat=3&id=749&m=c9bcfb258f116f259d090276f7ed48b4)(/)
هل في القرآن ما هو ظني الدلالة؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[15 Apr 2010, 02:45 م]ـ
كثيرا ما نسمع المقولة أو القاعدة المشهورة:
القرآن قطعي من حيث الثبوت أما من حيث الدلالة فمنه ماهو قطعي الدلالة ومنه ماهو ظني الدلالة.
فهل هناك فعلا ما هو ظني الدلالة في القرآن أم أنها عبارة تحتاج إلى تحقيق وتدقيق؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[15 Apr 2010, 02:47 م]ـ
فصل أكثر شيخنا الحبيب. هل ثمة إشكال في العبارة؟
ـ[الخطيب]ــــــــ[15 Apr 2010, 09:08 م]ـ
سؤالك هذا عالجته في كتابي مفاتيح التفسير في مصطلحين من مصطلحات الكتاب هما:
1 - الدليل الظني 1/ 479
2 - الدليل القطعى 1/ 480
ومما قلته تحت مصطلح الدليل الظني بعد الانتهاء من تعريفه:
قد يكون الدليل الظني في ثبوته، قطعيا في دلالته، إذا دل دلالة مباشرة على ما استدل به عليه، وقد يكون ظنيا أيضا في دلالته إذا حدث العكس، وهذا أمر يرجع إلى المستدل ومدى قدرته على تحديد ما يستدل به، وما يدلل عليه، فهو إذن أمر نسبى.
وظنية الدلالة، وقطعية الثبوت، أو ظنيتها مجالها أحاديث الآحاد والقراءات غير المتواترة.
والحاصل أن الظنية والقطعية في الأدلة السمعية ثبوتا ودلالة تتنوع إلى ما يلي:
أ - قطعي الثّبوت والدّلالة، كبعض النّصوص المتواترة التي لم يختلف فيها، كقوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} (البقرة: 196)
ب - وقطعي الثبوت ظني الدّلالة، كبعض النّصوص المتواترة الّتي يختلف في تأويلها.
ج - و ظني الثّبوت قطعي الدّلالة، كأخبار الآحاد ذات المفهوم القطعيّ.
د - و ظني الثّبوت والدّلالة، كأخبار الآحاد الّتي مفهومها ظني.
ورتّب أصوليّو الحنفيّة على هذا التّقسيم ثبوت الحكم بقدر دليله:
فبالقسم الأوّل يثبت الفرض، وبالقسم الثّاني والثّالث يثبت الوجوب، وبالقسم الرّابع يثبت الاستحباب والسّنّيّة.
وهذا التّقسيم جارٍ على اصطلاح الحنفيّة في التّفريق بين الفرض والواجب، خلافاً للجمهور
وتحت مصطلح الدليل القطعي، قلت بعد تعريف الدليل القطعي وبيان النسبة بينه وبين الظني:
.......
ومجال قطعية الثبوت والدلالة ماثل في آيات العقائد وبعض آيات الأحكام ومجال قطعية الثبوت وظنية الدلالة ماثل في بعض آيات الأحكام، ولأجل ذلك حدث الاختلاف بين الفقهاء.
وما قيل في القرآن الكريم يقال أيضا في المتواتر من الأحاديث النبوية والقراءات القرآنية.
وأضرب لك مثالا يتضح به المقام:
دلالة القرء في قوله تعالى: [والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء] على واحد من الحيض أو الطهر دلالة ظنية، مع قطعية ثبوت الآية، والأمثلة كثرة كما ذكرت لك في دلالة الآيات القرآنية على الأحكام.
والله أعلم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 Apr 2010, 10:25 م]ـ
شكر الله لك دكتور أحمد
سلمنا وجود الألفاظ المشتركة في القرآن، كلفظ: القرء، وأن دلالة المشترك على أحد معانية ظنية، فكيف يخرج المكلف من العهدة أمام نص مشكل وهو مأمور بأن يعمل بمقتضى ذلك النص؟
ثم ألا يتصادم القول بظنية الدلالة مع وصف القرآن بأنه بين وميسر للذكر؟
يقول بن جرير رحمه الله تعالى:
"وذلك أن جميع ما أنزل الله عز وجل من آي القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم، فإنما أنزله عليه بيانًا له ولأمته وهدًى للعالمين، وغيرُ جائز أن يكون فيه ما لا حاجة بهم إليه، ولا أن يكون فيه ما بهم إليه الحاجةُ، ثم لا يكون لهم إلى علم تأويله سبيل."
* الأخ الفاضل محمد رشيد
أرجو أن يكون اتضح لك المراد.
ـ[الخطيب]ــــــــ[19 Apr 2010, 10:17 ص]ـ
أخانا أبا سعد الغامدي
اطلعت على سؤالك على عجل وأنا في المدينة المنورة وسأحرر لك إجابته فور عودتي إلى الرياض إن شاء الله
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[21 Apr 2010, 10:06 ص]ـ
المقصود بظنية الدلالة للنص أن النص يحتمل الاختلاف في وجهات النظر بحيث لا يقطع الإنسان بخطأ مخالفه في المسألة حتى إن تبين له الراجح.
ومن المقطوع به عند جميع العلماء أن نصوص القرآن ليست متساوية في قوة الدلالة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فبعضها واضح لا يشكل على أحد، وبعضها يشكل على العامة دون العلماء، وبعضها يختلف فيه العلماء، وبعضها لا يعلمه إلا الله، وقد ورد عن ابن عباس ما يؤيد هذا التقسيم، وورد أيضا عن السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم نصوص كثيرة جدا تؤيد هذا التفاوت في دلالة النصوص، كقول بعضهم: إن القرآن حمال وجوه، وكتوقف بعضهم عن تفسير بعض الآيات دون بعض، وكاختلافهم في فهم بعض الآيات، إلى غير ذلك.
فالخلاصة أن ظنية دلالة بعض آيات القرآن بالمعنى السابق شرحه لا ينازع فيه أحد بعد توضيح المراد به.
ـ[الخطيب]ــــــــ[23 Apr 2010, 07:44 م]ـ
أخي أبا سعد الغامدي
أعتذر عن التأخير لظروف السفر
وقولك:
{سلمنا وجود الألفاظ المشتركة في القرآن، كلفظ: القرء، وأن دلالة المشترك على أحد معانية ظنية}
يظهر به أنه لم يعد لديك إشكال في القناعة بوجود ظني الدلالة في القرآن، وهو أمر مسلم به وشواهده كثيرة جدا، محلها كل موضع قابل للاختلاف في دلالته.
لكنك استشكلت بعد التسليم بوجود ظني الدلالة ما عبرت عنه بقولك:
{فكيف يخرج المكلف من العهدة أمام نص مشكل وهو مأمور بأن يعمل بمقتضى ذلك النص؟}
وفي رأيي أن هذا الاستشكال غير متجه إذا قصدت بالمشكل مطلق الخفاء، فهذا لا يكون أبدا في آيات الأحكام التي يطالب المكلف فيها بالعمل، أما إذا قصدت الخفاء النسسبي وهو الذي يبين بطرق أخرى من النقل أو العقل، فأقول لك:
نعم قد تخفى الدلالة في بعض الآيات لأسباب تعود إلى إجمال في اللفظ أو اشتراك فيه أونحو ذلك، لكن هذا كله، له سبله الكاشفة التي بها يزول الإشكال، فالإجمال مثلا يزول بالتفصيل الذي تتولاه نصوص أخرى في القرآن نفسه أو في السنة.
والاشتراك أيضا ينحل أمره بعمل العلماء ونظرهم، مهما أدى ذلك إلى اختلافهم في تحديد أي معاني المشترك هو المراد، فإن ما يصل إليه المجتهد في ذلك هو مراد الله في حقه، وحق من قلده.
يقول الزركشي في كلام طويل -عن اللفظ الذي يحتمل معنيين فصاعدا - أجتزئ لك بعضه:
أن يتنافيا اجتماعًا ولا يمكن إرادتهما باللفظ الواحد كلفظ " القرء " حيث هو حقيقة في الحيض والطهر فعلى المجتهد أن يجتهد في المراد منهما بالأمارات الدالة عليه فإذا وصل إليه كان هو مراد الله في حقه وإن اجتهد مجتهد آخر فأدَّى اجتهاده إلى المعنى الآخر كان ذلك مراد الله تعالى في حقه لأنه نتيجة اجتهاده وما كلف به .... أ. هـ.
وعلى هذا فالخروج من العهدة كما ورد في سؤالك يكون بالاجتهاد لمن تتوافر فيهم شروطه، وبتقليد بعض المجتهدين لمن لا تتوافر فيهم شروط الاجتهاد.
وأما قولك:
{ألا يتصادم القول بظنية الدلالة مع وصف القرآن بأنه بين وميسر للذكر؟}
فأقول لك: لا تصادم ولا إشكال، فكون القرآن بينا أعم من أن يكون بينا بذاته أو بغيره
فأما بيانه بذاته، فحاصل في الآيات قطعية الدلالة كآيات العقائد وكثير من آيات الأحكام، وكل ما لا يعذر أحد بجهله.
وأما بيانه بغيره، فبعضه كان من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، كتفصيل المجمل ونحوه، وبعضه ببيان علماء الأمة من السلف ومن بعدهم.
والأصل في لك قول الله تعالى:
[وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ]
فقوله [لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ] هو في بيان الرسول صلى الله عليه وسلم، لما احتاج إلى بيانه من قبله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: [وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ] هو في بيان العلماء وفهمهم لما لم يرد في بيانه نص.
وهذا هو الجواب مجملا، فإن احتاج بعض الكلام إلى التفصيل، أو كان لكم عليه استدراك وتعقيب، فالحوار مفتوح، وأنا في انتظار ردكم.
محبكم أحمد سعد الخطيب
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[23 Apr 2010, 09:47 م]ـ
يقول محمد رشيد بن علي رضا في تفسير المنار:
مَا كَانَ قَطْعِيَّ الدَّلَالَةِ مِنَ النُّصُوصِ فَهُوَ الشَّرْعُ الْعَامُّ الَّذِي يَجِبُ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ اتِّبَاعُهُ عَمَلًا وَقَضَاءً، وَأَنَّ مَا كَانَ ظَنِّيَّ الدَّلَالَةِ فَهُوَ مَوْكُولٌ إِلَى اجْتِهَادِ الْأَفْرَادِ فِي التَّعَبُّدَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ، وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ فِي الْأَحْكَامِ الْقَضَائِيَّةِ
ويقول أيضاً:أَنَّ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ الْعَامَّةَ الَّتِي عَلَيْهَا مَدَارُ الْجَزَاءِ فِي الْآخِرَةِ وَيُكَلَّفُ الْعَمَلَ بِهَا كُلُّ مَنْ بَلَغَتْهُ إِنْ كَانَتْ مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّخْصِيَّةِ الَّتِي خُوطِبَ بِهَا أَفْرَادُ الْأُمَّةِ كُلُّهُمْ، وَيُنَفِّذُهَا أَئِمَّتُهَا وَأُمَرَاؤُهَا فِيهَا، هِيَ مَا كَانَتْ قَطْعِيَّةَ الدَّلَالَةِ بِبَيَانٍ مِنَ اللهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ لَا حُجَّةَ مَعَهُ لِأَحَدٍ فِي تَرْكِهِ، وَأَنَّ مَا عَدَاهَا مَنُوطٌ بِالِاجْتِهَادِ، فَمَنْ ظَهَرَ لَهُ مِنْ نَصٍّ ظَنِّيِّ الدَّلَالَةِ حُكْمٌ وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ مُرَادُ اللهِ مِنَ الْآيَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ اتِّبَاعُهُ، وَمَنْ لَا فَلَا، كَمَا وَقَعَ عِنْدَ نُزُولِ آيَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ إِذْ فَهِمَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا) (2: 219) تَحْرِيمَهُمَا فَتَرَكَ، وَبَقِيَ مَنْ لَمْ يَفْهَمْ هَذَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حَتَّى بَيَّنَ اللهُ تَحْرِيمَهَا مَعَ الْمَيْسِرِ بَيَانًا قَطْعِيًّا. والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[24 Apr 2010, 12:18 ص]ـ
أخي أبا سعد الغامدي
أعتذر عن التأخير لظروف السفر
وقولك:
{سلمنا وجود الألفاظ المشتركة في القرآن، كلفظ: القرء، وأن دلالة المشترك على أحد معانيه ظنية}
يظهر به أنه لم يعد لديك إشكال في القناعة بوجود ظني الدلالة في القرآن، وهو أمر مسلم به وشواهده كثيرة جدا، محلها كل موضع قابل للاختلاف في دلالته.
لكنك استشكلت بعد التسليم بوجود ظني الدلالة ما عبرت عنه بقولك:
{فكيف يخرج المكلف من العهدة أمام نص مشكل وهو مأمور بأن يعمل بمقتضى ذلك النص؟}
وفي رأيي أن هذا الاستشكال غير متجه إذا قصدت بالمشكل مطلق الخفاء، فهذا لا يكون أبدا في آيات الأحكام التي يطالب المكلف فيها بالعمل، أما إذا قصدت الخفاء النسسبي وهو الذي يبين بطرق أخرى من النقل أو العقل، فأقول لك:
نعم قد تخفى الدلالة في بعض الآيات لأسباب تعود إلى إجمال في اللفظ أو اشتراك فيه أونحو ذلك، لكن هذا كله، له سبله الكاشفة التي بها يزول الإشكال، فالإجمال مثلا يزول بالتفصيل الذي تتولاه نصوص أخرى في القرآن نفسه أو في السنة.
والاشتراك أيضا ينحل أمره بعمل العلماء ونظرهم، مهما أدى ذلك إلى اختلافهم في تحديد أي معاني المشترك هو المراد، فإن ما يصل إليه المجتهد في ذلك هو مراد الله في حقه، وحق من قلده.
يقول الزركشي في كلام طويل -عن اللفظ الذي يحتمل معنيين فصاعدا - أجتزئ لك بعضه:
أن يتنافيا اجتماعًا ولا يمكن إرادتهما باللفظ الواحد كلفظ " القرء " حيث هو حقيقة في الحيض والطهر فعلى المجتهد أن يجتهد في المراد منهما بالأمارات الدالة عليه فإذا وصل إليه كان هو مراد الله في حقه وإن اجتهد مجتهد آخر فأدَّى اجتهاده إلى المعنى الآخر كان ذلك مراد الله تعالى في حقه لأنه نتيجة اجتهاده وما كلف به .... أ. هـ.
وعلى هذا فالخروج من العهدة كما ورد في سؤالك يكون بالاجتهاد لمن تتوافر فيهم شروطه، وبتقليد بعض المجتهدين لمن لا تتوافر فيهم شروط الاجتهاد.
وأما قولك:
{ألا يتصادم القول بظنية الدلالة مع وصف القرآن بأنه بين وميسر للذكر؟}
فأقول لك: لا تصادم ولا إشكال، فكون القرآن بينا أعم من أن يكون بينا بذاته أو بغيره
فأما بيانه بذاته، فحاصل في الآيات قطعية الدلالة كآيات العقائد وكثير من آيات الأحكام، وكل ما لا يعذر أحد بجهله.
وأما بيانه بغيره، فبعضه كان من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، كتفصيل المجمل ونحوه، وبعضه ببيان علماء الأمة من السلف ومن بعدهم.
والأصل في لك قول الله تعالى:
[وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ]
فقوله [لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ] هو في بيان الرسول صلى الله عليه وسلم، لما احتاج إلى بيانه من قبله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: [وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ] هو في بيان العلماء وفهمهم لما لم يرد في بيانه نص.
وهذا هو الجواب مجملا، فإن احتاج بعض الكلام إلى التفصيل، أو كان لكم عليه استدراك وتعقيب، فالحوار مفتوح، وأنا في انتظار ردكم.
محبكم أحمد سعد الخطيب
الحمد لله على سلامتكم دكتور أحمد
وعودا حميدا
شكر الله لكم ما تفضلتم به من البيان
ذكرتم حفظكم الله أن الخفاء النسبي يزول بالطرق الكاشفة التي ذكرتها وهذا كلام لا اعتراض لي عليه، ولكن سؤالي المترتب على قولكم هو:
هل يبقى النص ظني الدلالة بعد زوال الخفاء عنه بأحد الطرق الكاشفة؟
ـ[الخطيب]ــــــــ[24 Apr 2010, 02:08 م]ـ
شكر الله لكم أخي أبا سعد الغامدي كريم شعوركم
وأما عن قولكم -حفظكم الله-:
ذكرتم حفظكم الله أن الخفاء النسبي يزول بالطرق الكاشفة التي ذكرتها وهذا كلام لا اعتراض لي عليه، ولكن سؤالي المترتب على قولكم هو:
هل يبقى النص ظني الدلالة بعد زوال الخفاء عنه بأحد الطرق الكاشفة؟
فالجواب عنه بالإيجاب، أي يبقى النص في هذه الحالة ظني الدلالة طالما أنه لم يقطع بكونه وحدوي المعنى.
فاللفظ القابل لمدلولات متعددة، مهما كان بعضها أرجح من بعض، فإن دلالته على معناه الراجح تظل ظنية، والظن درجات أعلاها ما قارب اليقين.
ولقد تنبهت الآن إلى مشاركة الأخ الكريم أبي مالك العوضي، وهي مركزة وفيها فائدة عظيمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 May 2010, 11:00 م]ـ
شكر الله لكم أخي أبا سعد الغامدي كريم شعوركم
وأما عن قولكم -حفظكم الله-:
فالجواب عنه بالإيجاب، أي يبقى النص في هذه الحالة ظني الدلالة طالما أنه لم يقطع بكونه وحدوي المعنى.
فاللفظ القابل لمدلولات متعددة، مهما كان بعضها أرجح من بعض، فإن دلالته على معناه الراجح تظل ظنية، والظن درجات أعلاها ما قارب اليقين.
ولقد تنبهت الآن إلى مشاركة الأخ الكريم أبي مالك العوضي، وهي مركزة وفيها فائدة عظيمة.
أخانا الفاضل الخطيب
أنا أفرق بين النص واللفظ، فتعدد دلالة اللفظ لا يمنع من الوقف على مراد الشارع بشكل قطعي، واختلاف الأفهام في إدراك مراد الشارع لا يعني الحكم على النصوص بأنها ظنية، ونحن نجد أن المفسرين والفقهاء يختلفون في فهم النص ويحملون النص على أحد دلالة اللفظ، فهل نقول إن النص لا يزال ظني الدلالة في حق من ترجح عنده بالدليل أن المراد بالنص هو ذلك المعنى الذي ترجح عنده؟
ولنأخذ لفظ القرء كمثال وفهم العلامة الشنقيطي للمعنى المراد من اللفظ، يقول رحمه الله تعالى:
"قوله تعالى: {ثَلاَثَةَ قروء} [البقرة: 228] فيه إجمال: لأن القرء يطلق لغة على الحيض، وقد اختلف العلماء في المراد بالقروء في هذه الآية الكريمة، هل هو الأطهار أو الحيضات؟
وسبب الخلاف اشتراك القرء بين الطهر والحيض كما ذكرنا، وممن ذهب إلى أن المراد بالقرء في الآية الطهر، مالك، والشافعي، وأم المؤمنين عائشة، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، والفقهاء السبعة، وأبان بن عثمان، والزهري، وعامة فقهاء المدينة، وهو رواية عن أحمد، وممن قال: بأن القروء الحيضات، الخلفاء الراشدون الأربعة، وابن مسعود، وأبو موسى، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وابن عباس، ومعاذ بن جبلن وجماعة من التابعين وغيرهم، وهو الرواية الصحيحة عن أحمد.
واحتج كل من الفريقين بكتاب وسنة، وقد ذكرنا في ترجمة هذا الكتاب أننا في مثل ذلك نرجح ما يظهر لنا أن دليله أرجح، أما الذين قالوا: القروء: الحيضات، فاحتجوا بأدلة كثيرة منها قوله تعالى: {واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ارتبتم فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ واللاتي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4]. قالوا فترتيب العدة بالأشهر على عدم الحيض يدل على أن أصل العدة بالحيض، والأشهُر بدل من الحيضات عند عدمها، واستدلّوا أيضاً بقوله: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله في أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228].
قالوا هو الولد، أو الحيض، واحتجوا بحديث «دعي الصلاة أيام أقرائك» قالوا: إنه صلى الله عليه وسلم هو مبين الوحي وقد أطلق القرء على الحيض، فدل ذلك على أنه المراد في الآية، واستدلوا بحديث اعتداد الأمة بحيضتين، وحديث استبرائها بحيضة.
وأما الذين قالوا القروء الأطهار، فاحتجوا بقوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] قالوا: عدتهن المأمور بطلاقهن لها الطهر لا الحيض كما هو صريح الآية، ويزيده إيضاحاً قوله صلى الله عليه وسلم، في حديث ابن عمر المتفق عليه: «فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها، فتلك العدَّة كما أمر الله» قالوا إن النَّبي صلى الله عليه وسلم صرح في هذا الحديث المتفق عليه، بأن الطهر هو العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء، مبيناً أن ذلك هو معنى قوله تعالى:
{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] وهو نصٌّ من كتاب الله وسنة نبيه في محل النزاع.
قال مقيده - عفا الله عنه-: الذي يظهر لي أن دليل هؤلاء هذا، فصل في محل النزاع. لأن مدار الخلاف هل القروء الحيضات أو الأطهار؟ وهذه الآية، وهذا الحديث، دلا على أنها الأطهار.
ولا يوجد في كتاب الله، ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم شيء يقاوم هذا الدليل، لا من جهة الصحة، ولا من جهة الصراحة في محل النزاع. لأنه حديث متفق عليه مذكور في معرض بيان معنى آية من كتاب الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد صرح فيه النَّبي صلى الله عليه وسلم، بأن الطهر هو العدة مبيناً أن ذلك هو مراد الله جل وعلا، بقوله: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] فالإشارة في قوله صلى الله عليه وسلم: «فتلك العدة»، راجعة إلى حال الطهر الواقع فيه الطلاق. لأن معنى قوله «فليطلقها طاهراً» أي: في حال كونها طاهراً، ثم بين أن ذلك الحال الذي هو الطهر هو العدة مصرحاً بأن ذلك هو مراد الله في كتابه العزيز، وهذا نص صريح في أن العدة بالطهر. وأنث الإشارة لتأنيث الخبر، ولا تخلص من هذا الدليل لمن يقول هي الحيضات إلا إذا قال العدة غير القروء، و النزاع في خصوص القروء كما قال بهذا بعض العلماء.
وهذا القول يرده إجماع أهل العرف الشرعي، وإجماع أهل اللسان العربي، على أن عدة من تعتد بالقروء هي نفس القروء لا شيء آخر زائد على ذلك. وقد قال تعالى: {وَأَحْصُواْ العدة} [الطلاق: 1] وهي زمن التربص إجماعاً، وذلك هو المعبر عنه بثلاثة قروء التي هي معمول قوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: 228] في هذه الآية فلا يصح لأحد أن يقول: إن على المطلقة التي تعتد بالأقراء شيئاً يسمى العدة. زائداً على ثلاثة القروء المذكورة في الآية الكريمة البتة، كما هو معلوم.
وفي القاموس: وعدة المرأة أيام أقرائها، وأيام إحدادها على الزوج، وهو تصريح منه بأن العدة هي نفس القروء لا شيء زائد عليها، وفي اللسان: وعدة المرأة أيام أقرائها، وعدتها أيضاً أيام إحدادها على بعلها، وإمساكها عن الزينةز شهوراً كان أو أقراء أو وضع حمل حملته من زوجها.
فهذا بيان بالغ من الصحة والوضوح والصراحة في محل النزاع، ما لا حاجة معه إلى كلام آخر، وتؤيده قرينة زيادة التاء في قوله: {ثَلاَثَةَ قرواء} [البقرة: 228] لدلالتها على تذكير المعدود وهو الأطهار. لأنها مذكرة والحيضات مؤنثة.
وجواب بعض العلماء عن هذا بأن لفظ القرء مذكر ومسماه مؤنث وهو الحيضة، وأن التاء إنما جيء بها مراعاة للفظ وهو مذكر لا للمعنى المؤنث.
يقال فيه: إن اللفظ إذا كان مذكراً، ومعناه مؤنثاً، لا تلزم التاء في عدده، بل تجوز فيه مراعاة المعنى، فيجرَّد العدد من التاء كقول عمر بن أبي ربيعة المخزومي:
وكان مجني دون من كنت أتقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر
فجرد لفظ الثلاث من التاء. نظراً إلى أن مسمى العدد نساء، مع أن لفظ الشخص الذي أطلقه على النثى مذكر، وقول الآخر:
وإن كلاباً هذه عشر أبطن ... وأنت بريء من قبائلها العشر
فجرد العدد من التاء مع أن البطن مذكر. نظراً إلى معنى القبيلة، وكذلك العكس كقوله:
ثلاثة أنفسٍ وثلاث ذود ... لقد عال الزمان على عيالي
فإنه قد ذكر لفظ الثلاثة مع أن الأنفس مؤنثة لفظاً. نظراً غلى أن المراد بها أنفس ذكور، وتجوز مراعاة اللفظ فيجرد من التاء في الأخير وتلحقه التاء في الأول ولحوقها إذن مطلق احتمال، ولا يصح الحمل عليه دون قرينة تعينه، بخلاف عدد المذكر لفظاً ومعنى، كالقرء بمعنى الطهر فلحوقها له لازم بلا شك، واللازم الذي لا يجوز غيره أولى بالتقديم من المحتمل الذي يجوز أن يكون غيره بدلاً عنه ولم تدل عليه قرينة كما ترى.
فإن قيل: ذكر بعض العلماء أن العبرة في تذكير واحد المعدود وتأنيثه إنما هي باللفظ، ولا تجوز مراعاة المعنى إلا إذا دلت عليه قرينة، أو كان قصد ذلك المعنى كثيراً، والآية التي نحن بصددها ليس فيها أحد الأمرين، قال الأشموني في شرح قول ابن مالك:
ثلاثة بالتاء قل للعشره ... في عد ما آحاده مذكَّره
في الضد جرد إلخ. . . ما نصه: الثاني اعتبار التأنيث في واحد المعدود إن كان اسماً فبلفظه، تقول: ثلاثة أشخص، قاصداً نسوة، وثلاث أعين قاصداً رجال. لأن لفظ شخص مذكر، ولفظ عين مؤنث هذا ما لم يتصل بالكلام ما يقوي المعنى: أو يكثر فيه قصد المعنى.
فإن اتصل به ذلك جاز مراة المعنى، فالأول كقوله:
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر.
وكقوله وإن كلاباً. . البيت.
والثاني كقوله: ثلاثة أنفس وثلاث ذود: اه منه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الصبان في حاشيته عليه: وبما ذكره الشارح يرد ما استدل به بعض العلماء في قوله تعالى: {ثَلاَثَةَ قرواء} [البقرة: 228]. {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ} [النور: 4] على أن الأقراء الأطهار لا الحيض، وعلى أن شهادة النساء غير مقبولة. لأن الحيض جمع حيضة: فلو أريد الحيض لقيل ثلاث، ولو أريد النساء لقيل بأربع.
ووجه الرد أن المعتبر هنا اللفظ، ولفظ قرء وشهيد مذكرين، منه بلفظه.
فالجواب، والله تعالى أعلم، أن هذا خلاف التحقيق، والذي يدل عليه استقراء اللغة العربية جواز مراعاة المعنى مطلقاً، وجزم بجواز مراعاة المعنى في لفظ العدد ابن هشام، نقله عنه السيوطي، بل جزم صاحب التسهيل وشارحه الدماميني: بأن مراعاة المعنى في واحد المعدود متعينة.
قال الصبان في حاشيته ما نصه: قوله: فبلفظه ظاهره أن ذلك على سبيل الوجوب، ويخالفه ما نقله السيوطي عن ابن هشام وغيره من أن ما كان لفظه مذكراً، ومعناه مؤنثاً، أو بالعكس، فإنه يجوز فيه وجهان اه.
ويخالفه أيضاً ما في التسهيل وشرحه للدماميني. وعبارة التسهيل تحذف تاء الثلاثة وأخواتها، إن كان واحد المعدودات مؤنث المعنى حقيقة أو مجازاً.
قال الدماميني: استفيد منه أن الاعتبار في الواحد بالمعنى لا باللفظ. فلهذا يقال ثلاثة طلحات. ثم قال في التسهيل: وربما أُول مذكر بمؤنث، ومؤنث بمذكر، فجيء بالعدد على حسب التأويل، ومثل الدماميني الأول بنحو ثلاث شخوص، يريد نسوة، وعشر أبطن، يريد قبائل.
والثاني بنحو ثلاثة أنفس، أي أشخاص، وتسعة وقائع، أي مشاهد، فتأمل. انتهى منه بلفظه. وما جزم به صاحب التسهيل وشارحه، من تعين مراعاة المعنى، يلزم عليه تعين كون القرء في الآية هو الطهر كما ذكرنا.
وفي حاشية الصبان أيضاً ما نصه: قوله: جاز مراعاة المعنى في التوضيح أن ذلك ليس قياسياً، وهو خلاف ما تقدم عن ابن هشام وغيره، من أن ما كان لفظه مذكراً، ومعناه مؤنثاً، أو بالعكس، يجوز فيه وجهان، أي ولو لم يكن هناك مرجح للمعنى، وهو خلاف ما تقدم عن لتسهيل. وشرحه أن العبرة بالمعنى، فتأمل اه منه.
وأما الاستدلال على أنها الحيضات بقوله تعالى: {واللائي يَئِسْنَ مِنَ المحيض} [الطلاق: 4] الآية - فيقال فيه إنه ليس في الآية ما يعين أن القروء الحيضات، لأن الأقراء لا تقال في الأطهار إلا في الأطهار التي يتخللها حيض، فإن عدم الحيض عدم معه اسم الأطهار، ولا مانع إذن من ترتيب الاعتداد بالأشهر على عدم الحيض مع كون العدة بالطهر. لأن الطهر المراد يلزمه وجود الحيض وإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم، فانتفاء الحيض يلزمه انتفاء الأطهار فكأن العدة بالأشهر مرتبة أيضاً على انتفاء الأطهار، المدلول عليه بانتفاء الحيضز وأما الاستدلال بآية {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله في أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] فهو ظاهر السقوط. لأن كون القروء الأطهار لا يبيح للمعتدة كتم الحيض. لأن العدة بالأطهار لا تمكن إلا بتخلل الحيض لهاز فلو كتمت الحيض لكانت كاتمة انقضاء الطهر، ولو ادعت حيضاً لم يكن، كانت كاتمة. لعدم انقضاء الطهر كما هو واضح.
وأما الاستدلال بحديث «دعي الصَّلاة ايام أقرائك» فيقال فيهك إنه لا دليل في الحديث ألبتة على محل النزاع. لأنه لا يفيد شيئاً زائداً على أن القرء يطلق على الحيض. وهذا مما لا نزاع فيه.
أما كونه يدل على منع إطلاق القرء في موضع آخر على الطهر فهذا باطل بلا نزاع، ولا خلاف بين العلماء القائلين: بوقوع الاشتراك في: أن إطلاق المشترك على أحد معنييه في موضع، لا يفهم منه منع إطلاقه على معناه الآخر في موضع آخر.
ألا ترى أن لفظ العين مشترك بين الباصرة والجارية مثلاً، فهل تقول إن إطلاقه تعالى لفظ العين على الباصرة في قوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ النفس بالنفس والعين بالعين} [المائدة: 45] الآية - يمنع إطلاق العين في موضع آخر على الجارية، كقوله: {فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ} [الغاشية: 12].
(يُتْبَعُ)
(/)
والحق الذي لا شك فيه أن المشترك يطلق على كل واحد من معنييه، أو معانيه في الحال المناسبة لذلك، والقرء في حديث «دعي الصَّلاة أيَّام أقرائك» مناسب للحيض دون الطهر. لأن الصلاة إنما تترك في وقت الحيض دون وقت الطهر.
ولو كان إطلاق المشترك على أحد معنييه، يفيد منع إطلاقه على معناه الآخر في موضع آخر، لم يكن في اللغة اشتراك أصلاً. لأنه كل ما أطلقه على أحدهما منع إطلاقه له على الآخر، فيبطل اسم الاشتراك من أصله مع أنا قدمنا تصريح النَّبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر المتفق عليه بأن الطهر هو العدة وكل هذا على تقدير صحة حديث «دعي الصَّلاة أيام أقرائك» لأن من العلماء من ضعفه، ومنهم من صححه.
والظاهر أن بعض طرقه لا يقل عن درجة القبول، إلا أنه لا دليل فيه لمحل النزاع.
ولو كان فيه لكان مردوداً بما هو أقوى منه وأصرح في محل النزاع، وهو ما قدمنا. وكذلك اعتداد الأمة بحيضتين على تقدير ثبوته عنه صلى الله عليه وسلم، لا يعارض ما قدمنا. لأنه أصح منه وأصرح في محل النزاع. واستبراؤها بحيضة مسالة اخرى. لأن الكلام في العدة لا في الاستبراء.
ورد بعض العلماء الاستدلال بالآية والحديث الدالين على أنها الأطهار، بأن ذلك يلزمه الاعتداد بالطهر الذي وقع فيه الطلاق كما عليه جمهور القائلين: بأن القروء: الأطهار فيلزم عليه كون العدة قرءين وكسراً من الثالث، وذلك خلاف ما دلت عليه الآية من أنها ثلاثة قروء كاملة مردود بأن مثل هذا لا تعارض به نصوص الوحي الصريحة، وغاية ما في الباب إطلاق ثلاثة قروء على اثنين وبعض الثالث. ونظيره قوله {الحج أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] والمراد شهران وكسر.
وادعاء أن ذلك ممنوع في أسماء العدد يقال فيه: إن النَّبي صلى الله عليه وسلم هو الذي ذكر أن بقية الطهر الواقع فيه الطلاق عدة. مبيناً أن ذلك مراد الله في كتابه، وما ذكره بعض أجلاء العلماء - رحمهم الله - من أن الآية والحديث المذكورين يدلان على أن الأقراء الحيضات بعيد جداً من ظاهر اللفظ كما ترى.
بل لفظ الآية والحديث المذكورين صريح في نقيضه، هذا هو ما ظهر لنا في هذه المسألة والله تعالى أعلم، ونسبة العلم إليه أسلم.
ألا ترى أن لفظ العين مشترك بين الباصرة والجارية مثلاً، فهل تقول إن إطلاقه تعالى لفظ العين على الباصرة في قوله: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ النفس بالنفس والعين بالعين} [المائدة: 45] الآية - يمنع إطلاق العين في موضع آخر على الجارية، كقوله: {فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ} [الغاشية: 12].
والحق الذي لا شك فيه أن المشترك يطلق على كل واحد من معنييه، أو معانيه في الحال المناسبة لذلك، والقرء في حديث «دعي الصَّلاة أيَّام أقرائك» مناسب للحيض دون الطهر. لأن الصلاة إنما تترك في وقت الحيض دون وقت الطهر.
ولو كان إطلاق المشترك على أحد معنييه، يفيد منع إطلاقه على معناه الآخر في موضع آخر، لم يكن في اللغة اشتراك أصلاً. لأنه كل ما أطلقه على أحدهما منع إطلاقه له على الآخر، فيبطل اسم الاشتراك من أصله مع أنا قدمنا تصريح النَّبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر المتفق عليه بأن الطهر هو العدة وكل هذا على تقدير صحة حديث «دعي الصَّلاة أيام أقرائك» لأن من العلماء من ضعفه، ومنهم من صححه.
والظاهر أن بعض طرقه لا يقل عن درجة القبول، إلا أنه لا دليل فيه لمحل النزاع.
ولو كان فيه لكان مردوداً بما هو أقوى منه وأصرح في محل النزاع، وهو ما قدمنا. وكذلك اعتداد الأمة بحيضتين على تقدير ثبوته عنه صلى الله عليه وسلم، لا يعارض ما قدمنا. لأنه أصح منه وأصرح في محل النزاع. واستبراؤها بحيضة مسالة أخرى. لأن الكلام في العدة لا في الاستبراء.
ورد بعض العلماء الاستدلال بالآية والحديث الدالين على أنها الأطهار، بأن ذلك يلزمه الاعتداد بالطهر الذي وقع فيه الطلاق كما عليه جمهور القائلين: بأن القروء: الأطهار فيلزم عليه كون العدة قرءين وكسراً من الثالث، وذلك خلاف ما دلت عليه الآية من أنها ثلاثة قروء كاملة مردود بأن مثل هذا لا تعارض به نصوص الوحي الصريحة، وغاية ما في الباب إطلاق ثلاثة قروء على اثنين وبعض الثالث. ونظيره قوله {الحج أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [البقرة: 197] والمراد شهران وكسر.
وادعاء أن ذلك ممنوع في أسماء العدد يقال فيه: إن النَّبي صلى الله عليه وسلم هو الذي ذكر أن بقية الطهر الواقع فيه الطلاق عدة. مبيناً أن ذلك مراد الله في كتابه، وما ذكره بعض أجلاء العلماء - رحمهم الله - من أن الآية والحديث المذكورين يدلان على أن الأقراء الحيضات بعيد جداً من ظاهر اللفظ كما ترى.
بل لفظ الآية والحديث المذكورين صريح في نقيضه، هذا هو ما ظهر لنا في هذه المسألة والله تعالى أعلم، ونسبة العلم إليه أسلم."
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الخطيب]ــــــــ[14 May 2010, 09:50 ص]ـ
عفوا أخانا أبا سعد فالآن انتبهت إلى ما كتبت:
[ QUOTE= أبو سعد الغامدي;102280] أخانا الفاضل الخطيب
أنا أفرق بين النص واللفظ، فتعدد دلالة اللفظ لا يمنع من الوقف على مراد الشارع بشكل قطعي، واختلاف الأفهام في إدراك مراد الشارع لا يعني الحكم على النصوص بأنها ظنية، ونحن نجد أن المفسرين والفقهاء يختلفون في فهم النص ويحملون النص على أحد دلالة اللفظ، فهل نقول إن النص لا يزال ظني الدلالة في حق من ترجح عنده بالدليل أن المراد بالنص هو ذلك المعنى الذي ترجح عنده؟
والجواب عن كلامك حفظك الله:
يجب التنبه إلى التفريق بين حالتين: العمل والعلم
أما لزوم العمل فيستوي فيه قطعي الدلالة مع ظنيه أي من حيث وجوب العمل بكليهما.
وأما العلم - وهو يوازي الاعتقاد - فلا يتنزل في لزومه ظني الدلالة منزلة قطعيها البتة.
وعلى هذا، فمن ترجح لديه أحد الاحتمالات فيما يلزم فيه العمل، كان الظني في حاله نازلا منزلة القطعي، أي: في لزوم العمل، دون لزوم العلم، إذ إنه يمكن أن يبدو له باجتهاد آخر أن المحتمل الآخر هو الأرجح، فيعود إليه، ولو قلنا: إن اجتهاده الأول هو قطعي الدلالة في حقه، ما جاز له خلافه والانتقال عنه إلى اجتهاد آخر، ولا يقول بذلك أحد، فعدول المجتهدين عن اجتهادهم في بعض المسائل، إلى اجتهاد، آخر أمر واقع قديما وحديثا.
ولا يغيبن عنك مذهب الشافعي - رحمه الله - الذي يحمل في داخله اجتهادين لصاحب المذهب في كثير من المسائل نعت أحدهما بالقديم - وهو الذي كان في العراق - ونعت الآخر بالجديد - وهو الذي كان في مصر.
والسؤال الآن لأبي سعد:
أي الاجتهادين في حق الشافعي ومقلديه هو قطعي الدلالة؟
مع ملاحظة أن قطعي الدلالة لا يمكن العدول عنه.
وفقني الله وإياك
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[14 May 2010, 10:52 ص]ـ
أساتذنا الكريم أحمد الخطيب
بارك الله فيكم وفي علمكم وعملكم
كلام سديد أسأل الله أن يجعله في موازين حسناتكم
ـ[الخطيب]ــــــــ[14 May 2010, 07:42 م]ـ
أساتذنا الكريم أحمد الخطيب
بارك الله فيكم وفي علمكم وعملكم
كلام سديد أسأل الله أن يجعله في موازين حسناتكم
سددكم الله أخي أبا سعد وزادكم حرصا وحسن خلق
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[15 May 2010, 09:04 ص]ـ
سؤالك هذا عالجته في كتابي مفاتيح التفسير في مصطلحين من مصطلحات الكتاب هما:
1 - الدليل الظني 1/ 479
2 - الدليل القطعى 1/ 480
ومجال قطعية الثبوت والدلالة ماثل في آيات العقائد وبعض آيات الأحكام ومجال قطعية الثبوت وظنية الدلالة ماثل في بعض آيات الأحكام، ولأجل ذلك حدث الاختلاف بين الفقهاء.
وما قيل في القرآن الكريم يقال أيضا في المتواتر من الأحاديث النبوية والقراءات القرآنية.
والله أعلم
فأما بيانه بذاته، فحاصل في الآيات قطعية الدلالة كآيات العقائد وكثير من آيات الأحكام، وكل ما لا يعذر أحد بجهله
المقصود بظنية الدلالة للنص أن النص يحتمل الاختلاف في وجهات النظر بحيث لا يقطع الإنسان بخطأ مخالفه في المسألة حتى إن تبين له الراجح.
ومن المقطوع به عند جميع العلماء أن نصوص القرآن ليست متساوية في قوة الدلالة.
فبعضها واضح لا يشكل على أحد، وبعضها يشكل على العامة دون العلماء، وبعضها يختلف فيه العلماء، وبعضها لا يعلمه إلا الله، وقد ورد عن ابن عباس ما يؤيد هذا التقسيم، وورد أيضا عن السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم نصوص كثيرة جدا تؤيد هذا التفاوت في دلالة النصوص، كقول بعضهم: إن القرآن حمال وجوه، وكتوقف بعضهم عن تفسير بعض الآيات دون بعض، وكاختلافهم في فهم بعض الآيات، إلى غير ذلك.
فالخلاصة أن ظنية دلالة بعض آيات القرآن بالمعنى السابق شرحه لا ينازع فيه أحد بعد توضيح المراد به.
موضوعٌ قيِّم وحوارٌ ماتع، جزى الله الإخوة الفضلاء خيراً
وما وددت التعليق عليه هو تمثيل بعض الإخوة لقطعيّ الدلالة بآيات العقائد.! مما نحسبه سبق قلم منه.
إذ لا يقول به أحد من االعلماء في الأصول، لأن كون نصّ ما ظني الدلالة لا علاقة له بموضوعه البتة
(سواء كان في العقائد أو الأحكام)
(يُتْبَعُ)
(/)
وما كنت لأعلّق لولا أني ألمس من خلال المنتديات من ينتمون إلى السلفية في الألوكة ومنتدى أهل الحديث قد أصفقوا على هذا الخطأ الفاحش، إذ يتعاملون مع كل نصّ في العقائد على أنه قطعي الدلالة حتى ولو كان النص ظني الثبوت كأحاديث الآحاد في البخاري ومسلم وغيرها.
وهذا القصور في الفهم منهم والذي أشاعه بينهم بعض المتصدرين للخطابة والفتوى في بلادهم هو الذي فرق شمل المسلمين وصدّ الناس عن الخير.
نعوذ بالله من الخذلان.
بل إن كل ما لم يُجمع العلماء على فهم واحد لدلالته هو ظني الدلالة مهما كان موضوعه عقائد وأحكاما وآدابا ومما هو ظني الدلالة ولا ريب
ـ آيات الصفات الحسية كلها. ولذلك كان لأهل السنة 3 فهوم أو 3 دلالات رئيسة
ـ فهم ابن الجوزي وجماعة من السلف والخلف "ومذهب السلف هو التوقف الكامل في المتشابهات
من غير تأويل ولا إثبات. ومن أثبت فيُسأل هل المراد من الإثبات حقيقة العضو؟ فإن قال نعم فهو تجسيم
لأن الإشارة الحسية إليه جائزة، وإن قال لا (ليس المراد من الإثبات حقيقة العضو) فهو تأويل وإن زعم
أنه لا يُؤول، وبالجملة فكلاهما (الإثبات والتأويل) ليس مذهب السلف (بل التوقف وإمرارها كما جاءت
، على مراد الله) "
ـ فهم ابن يمية وجماعة من متأخري الحنابلة "مذهب السلف هو إثبات الظاهر مع نفي المماثلة بلا تكييف ولا تمثيل
ولا تعطيل".
ويبدو أن هذا الفهم للدلالة قد كان شائعا بين تيار من أهل السنة منذ القرن الخامس حيث نجد
الزمخشري رحمه الله يهجو أهل السنة من خلاله بقوله
وجماعةٌ سمّوا هواهم سُنةً * لجماعةٌ حُمْرٌ بعمري موكفة
قد شبهوه بخلقه وتخوّفوا * شنع اورى فتستروا بالبلكفة
يعني بقولهم بل كيف.
ـ فهم الغزالي وما شاع من مذهب الأشعرية "ومذهب السلف هو التأويل وإن لم يُنقل عنهم تأويل لأنهم
كانوا يفهمون اللغة على السليقة فكانوا يؤولون وينزهون الباري تعالى عن الجسمانية وإن لم ينقل عنهم تأويل"
فهذا خير دليل على أن آيات العقائد من المتشابه المتعدد الدلالة
ـ وأكثر تفصيلات العقائد ظنية الدلالة.
وغفلة المتصدرين للوعظ والدعوة عن هذه المسألة (لكيلا نقول جهلهم بها) قد جلب على أهل السنة الويلات
وجعلهم يكفرون بعضهم ويفسقون بعضهم ويبدعون بعضهم ويجهلون بعضهم.
وما أرى الذين يتعاملون مع ما هو ظني الدلالة على أنه قطعي الدلالة بمنأى عن قوله تعالى "فأما الذين في قلوبهم
زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله"
والتأويل الذي في الآية ليس التأويل المصطلح عليه في علم أصول الدين، ومن فهمه كذلك
فقد وقع في فهم النص بمفهوم متأخر،
بل هو القطع بدلالة واحدة لنص ما إلى القطع بدلالته سبيل.
وبعض "علماء" العصر يجيزون أن يسأل المسلم أخاه أين الله؟
على الرغم من أن الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم يسألوا بعضهم أين الله!!!
وهذا من قياسهم الناقص حيث فهموا نصا ظني الثبوت والدلالة على غير وجهه وحملوه على غير محمله
فقد روي أن النبي ص سأل جارية ليعلم أمسلمة هي أم لا: أين الله. .؟ فقاموا وتوجهوا بهذا السؤال إلى
من يعلمون يقينا أنه مسلم. ففعلوا ما لم يفعله الصحابة ولا تابعوهم ولا فضلاء المسلمين على التاريخ!
إن هذا الموضوع المهم جدا الذي افتتحه الأخ الغامدي هو أهم ما تسلط عليه الأضواء
فلو اتفق المسلمون أن تكون الدعوة إلى الله تعالى، إلى ما هو قطعي الدلالة، أي إلى ماأجمع العلماء على دلالته من
النصوص في العقائد والأحكام لأصابنا خير كثير ولآتت الدعوة أكلها ولعاد آخر هذه الأمة إلى ما صلح به أولها.
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[15 May 2010, 09:22 ص]ـ
المقصود بظنية الدلالة للنص أن النص يحتمل الاختلاف في وجهات النظر بحيث لا يقطع الإنسان بخطأ مخالفه في المسألة حتى إن تبين له الراجح.
ومن المقطوع به عند جميع العلماء أن نصوص القرآن ليست متساوية في قوة الدلالة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فبعضها واضح لا يشكل على أحد، وبعضها يشكل على العامة دون العلماء، وبعضها يختلف فيه العلماء، وبعضها لا يعلمه إلا الله، وقد ورد عن ابن عباس ما يؤيد هذا التقسيم، وورد أيضا عن السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم نصوص كثيرة جدا تؤيد هذا التفاوت في دلالة النصوص، كقول بعضهم: إن القرآن حمال وجوه، وكتوقف بعضهم عن تفسير بعض الآيات دون بعض، وكاختلافهم في فهم بعض الآيات، إلى غير ذلك.
فالخلاصة أن ظنية دلالة بعض آيات القرآن بالمعنى السابق شرحه لا ينازع فيه أحد بعد توضيح المراد به.
سؤالك هذا عالجته في كتابي مفاتيح التفسير في مصطلحين من مصطلحات الكتاب هما:
1 - الدليل الظني 1/ 479
2 - الدليل القطعى 1/ 480
ومجال قطعية الثبوت والدلالة ماثل في آيات العقائد وبعض آيات الأحكام ومجال قطعية الثبوت وظنية الدلالة ماثل في بعض آيات الأحكام، ولأجل ذلك حدث الاختلاف بين الفقهاء.
وما قيل في القرآن الكريم يقال أيضا في المتواتر من الأحاديث النبوية والقراءات القرآنية.
والله أعلم
فأما بيانه بذاته، فحاصل في الآيات قطعية الدلالة كآيات العقائد وكثير من آيات الأحكام، وكل ما لا يعذر أحد بجهله
موضوعٌ قيِّم وحوارٌ ماتع، جزى الله الإخوة الفضلاء خيراً
وما وددت التعليق عليه هو تمثيل بعض الإخوة لقطعيّ الدلالة بآيات العقائد.! مما نحسبه سبق قلم منه.
إذ لا يقول به أحد من االعلماء في الأصول، لأن كون نصّ ما ظني الدلالة لا علاقة له بموضوعه البتة
(سواء كان في العقائد أو الأحكام)
وما كنت لأعلّق لولا أني ألمس من خلال المنتديات من ينتمون إلى السلفية في الألوكة ومنتدى أهل الحديث قد أصفقوا على هذا الخطأ الفاحش، إذ يتعاملون مع كل نصّ في العقائد على أنه قطعي الدلالة حتى ولو كان النص ظني الثبوت كأحاديث الآحاد في البخاري ومسلم وغيرها.
وهذا القصور في الفهم منهم والذي أشاعه بينهم بعض المتصدرين للخطابة والفتوى في بلادهم هو الذي فرق شمل المسلمين وصدّ الناس عن الخير.
نعوذ بالله من الخذلان.
بل إن كل ما لم يُجمع العلماء على فهم واحد لدلالته هو ظني الدلالة مهما كان موضوعه عقائد وأحكاما وآدابا ومما هو ظني الدلالة ولا ريب
ـ آيات الصفات الحسية كلها. ولذلك كان لأهل السنة 3 فهوم أو 3 دلالات رئيسة
1ـ فهم ابن الجوزي وجماعة من السلف والخلف "ومذهب السلف هو التوقف الكامل في المتشابهات من غير تأويل ولا إثبات. ومن أثبت فيُسأل هل المراد من الإثبات حقيقة العضو؟ فإن قال نعم فهو تجسيم لأن الإشارة الحسية إليه جائزة، وإن قال لا (ليس المراد من الإثبات حقيقة العضو) فهو تأويل وإن زعم أنه لا يُؤول، وبالجملة فكلاهما (الإثبات والتأويل) ليس مذهب السلف (بل التوقف وإمرارها كما جاءت، على مراد الله) "
2ـ فهم ابن تيمية وجماعة من متأخري الحنابلة "مذهب السلف هو إثبات الظاهر مع نفي المماثلة بلا تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل".
ويبدو أن هذا الفهم للدلالة قد كان شائعا بين تيار من أهل السنة منذ القرن الخامس حيث نجد
الزمخشري رحمه الله يهجو أهل السنة من خلاله بقوله
وجماعةٌ سمّوا هواهم سُنةً * لجماعةٌ حُمْرٌ لعمري موكفة
قد شبهوه بخلقه وتخوّفوا * شنع الورى فتستّروا بالبلكفة
يعني بقولهم بلا كيف. وهذه الحدة في قوله كانت بسبب التوتر بين أهل السنة والمعتزلة في عصره،، منذ ما سمي بالانقلاب السني في عصر المتوكل. وقد بلغ اوجه عام 408 حين نشر الخليفة القادر عقيدته السنية التي جاء فيها ومن قال بخلق القرآن فهو حلال الدم. مما لم يكن ينبغي أن يحصُل.
3ـ فهم الغزالي وما شاع من مذهب الأشعرية "ومذهب السلف هو التأويل وإن لم يُنقل عنهم تأويل لأنهم كانوا يفهمون اللغة على السليقة فكانوا يؤولون وينزهون الباري تعالى عن الجسمانية وإن لم ينقل عنهم تأويل"
فهذا خير دليل على أن آيات العقائد من المتشابه المتعدد الدلالة
ـ وأكثر تفصيلات العقائد ظنية الدلالة.
وغفلة المتصدرين للوعظ والدعوة عن هذه المسألة (لكيلا نقول جهلهم بها) قد جلب على أهل السنة الويلات وجعلهم يكفرون بعضهم ويفسقون بعضهم ويبدعون بعضهم ويجهلون بعضهم.
وما أرى الذين يتعاملون مع ما هو ظني الدلالة على أنه قطعي الدلالة بمنأى عن قوله تعالى "فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله"
والتأويل الذي في الآية ليس التأويل المصطلح عليه في علم أصول الدين، ومن فهمه كذلك
فقد وقع في فهم النص بمفهوم متأخر، بل هو القطع بدلالة واحدة لنص ما إلى القطع بدلالته سبيل.
وبعض "علماء" العصر يجيزون أن يسأل المسلم أخاه أين الله؟
على الرغم من أن الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم يسألوا بعضهم أين الله!!!
وهذا من قياسهم الناقص حيث فهموا نصا ظني الثبوت والدلالة على غير وجهه وحملوه على غير محمله. فقد روي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سأل جارية ليعلم أمسلمة هي أم لا: أين الله. .؟ فقاموا وتوجهوا بهذا السؤال إلى من يعلمون يقينا أنه مسلم. ففعلوا ما لم يفعله الصحابة ولا تابعوهم ولا فضلاء المسلمين على التاريخ!
إن هذا الموضوع المهم جدا الذي افتتحه الأخ الغامدي هو أهم ما تسلط عليه الأضواء
فلو اتفق المسلمون أن تكون الدعوة إلى الله تعالى، إلى ما هو قطعي الدلالة، أي إلى ماأجمع العلماء على دلالته من النصوص في العقائد والأحكام لأصابنا خير كثير ولآتت الدعوة أكلها ولعاد آخر هذه الأمة إلى ما صلح به أولها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[15 May 2010, 01:01 م]ـ
موضوعٌ قيِّم وحوارٌ ماتع، جزى الله الإخوة الفضلاء خيراً
وما وددت التعليق عليه هو تمثيل بعض الإخوة لقطعيّ الدلالة بآيات العقائد.! مما نحسبه سبق قلم منه.
إذ لا يقول به أحد من االعلماء في الأصول، لأن كون نصّ ما ظني الدلالة لا علاقة له بموضوعه البتة
(سواء كان في العقائد أو الأحكام)
صحيح أن دلالة اللفظ من حيث القطعية والظنية أو قل احتمال اللفظ أكثر من معنى موضوعه غير مؤثر، ولكن الذي تناقشنا فيه هو:
هل ورود اللفظ الظني الدلالة في نص من النصوص يجعل دلالة ذلك النص ظنية ولا يمكن الوصول إلى القطع بأن مراد الشارع من النص هو أحد تلك الدلالات أو بعضها أو كلها؟
وإذا قلنا لا يمكن واستدلينا على ذلك بوقوع الخلاف لحكمنا على أن أغلب الكتاب والسنة من باب الظن وسواء في ذلك العقائد أو الأحكام العملية.
والخروج من هذه المعضلة في نظري لا يكون إلا باعتبار أن ما يترجح في حق المجتهد في المسألة الخلافية هو قطع منه بأن هذا هو مراد الشارع.
وقبولي لمفهوم الدكتور أحمد إنما هو من الناحية النظرية لأن رجوع المجتهد عن قوله إلى قول آخر يدل على أنه لم يحقق المسألة منذ البداية وبخاصة في المسائل المشهورة التي وقع فيها الخلاف.
وربما كشف النقاش المتأني عن الحق في المسألة.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[15 May 2010, 01:25 م]ـ
وما كنت لأعلّق لولا أني ألمس من خلال المنتديات من ينتمون إلى السلفية في الألوكة ومنتدى أهل الحديث قد أصفقوا على هذا الخطأ الفاحش، إذ يتعاملون مع كل نصّ في العقائد على أنه قطعي الدلالة حتى ولو كان النص ظني الثبوت كأحاديث الآحاد في البخاري ومسلم وغيرها.
ولماذا خلطت يادكتور بين دلالة النص وطريق وروده؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[15 May 2010, 01:33 م]ـ
وهذا القصور في الفهم منهم والذي أشاعه بينهم بعض المتصدرين للخطابة والفتوى في بلادهم هو الذي فرق شمل المسلمين وصدّ الناس عن الخير.
نعوذ بالله من الخذلان.
وماذا عن الطرف المقابل؟
وهل الميل إلى قول معين في مسألة خلافيه يكون سبب في الفرقة وصد الناس عن الخير؟
أم السبب هو في فهم معنى الخلاف و أسلوب التعامل مع المخالف؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[15 May 2010, 01:40 م]ـ
بل إن كل ما لم يُجمع العلماء على فهم واحد لدلالته هو ظني الدلالة مهما كان موضوعه عقائد وأحكاما وآدابا ومما هو ظني الدلالة ولا ريب
ـ آيات الصفات الحسية كلها. ولذلك كان لأهل السنة 3 فهوم أو 3 دلالات رئيسة
وهذا هو الكارثة في نظري
فقل لي بربك ما هي نسبة المجمع عليه إلى نسبة المختلف فيه؟
ثم ماذا تقصد بالصفات الحسية؟
ألا ترى أن تصوراتنا التي تسبق حتى ظاهر النص هي من أعظم أسباب الخلاف؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[15 May 2010, 01:54 م]ـ
فهذا خير دليل على أن آيات العقائد من المتشابه المتعدد الدلالة
ـ وأكثر تفصيلات العقائد ظنية الدلالة.
وغفلة المتصدرين للوعظ والدعوة عن هذه المسألة (لكيلا نقول جهلهم بها) قد جلب على أهل السنة الويلات وجعلهم يكفرون بعضهم ويفسقون بعضهم ويبدعون بعضهم ويجهلون بعضهم.
وما أرى الذين يتعاملون مع ما هو ظني الدلالة على أنه قطعي الدلالة بمنأى عن قوله تعالى "فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله"
والتأويل الذي في الآية ليس التأويل المصطلح عليه في علم أصول الدين، ومن فهمه كذلك
فقد وقع في فهم النص بمفهوم متأخر، بل هو القطع بدلالة واحدة لنص ما إلى القطع بدلالته سبيل.
وبعض "علماء" العصر يجيزون أن يسأل المسلم أخاه أين الله؟
على الرغم من أن الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم يسألوا بعضهم أين الله!!!
وهذا من قياسهم الناقص حيث فهموا نصا ظني الثبوت والدلالة على غير وجهه وحملوه على غير محمله. فقد روي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سأل جارية ليعلم أمسلمة هي أم لا: أين الله. .؟ فقاموا وتوجهوا بهذا السؤال إلى من يعلمون يقينا أنه مسلم. ففعلوا ما لم يفعله الصحابة ولا تابعوهم ولا فضلاء المسلمين على التاريخ!
إن هذا الموضوع المهم جدا الذي افتتحه الأخ الغامدي هو أهم ما تسلط عليه الأضواء
فلو اتفق المسلمون أن تكون الدعوة إلى الله تعالى، إلى ما هو قطعي الدلالة، أي إلى ماأجمع العلماء على دلالته من النصوص في العقائد والأحكام لأصابنا خير كثير ولآتت الدعوة أكلها ولعاد آخر هذه الأمة إلى ما صلح به أولها.
كلام يحتاج إلى تحقيق
وإذا كانت آيات العقائد وهي أغلب القرآن من المتشابه فماذا بقي لنا من القطعيات لنتفق عليه؟
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[08 Oct 2010, 07:44 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
المشايخ الكرام الأساتذة الفضلاء حدثت بيني وبين شخصية مناقشة كان ثمرتها سؤال توقفت فيه لرأي في وجهة نظري لم ترضى به الشخصية، فأحلت السؤال إليكم بموافقة الشخصية، والسؤال:
إذا جاء دليل على حكم من القرآن والسنة قطعي الثبوت والدلالة في القرآن والسنة، هل هذا الحكم في قوة دلالته أثبت في الحجة، من حكم آخر ورد دليله في السنة فقط وهو قطعي الثبوت والدلالة؟
وقد كتب السؤال كما اقترحت الشخصية التي اختلفت معها في النقاش.
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[08 Oct 2010, 11:11 ص]ـ
إذا كان الأمران من المقطوع به فلما التفريق؟
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[08 Oct 2010, 01:09 م]ـ
إذا كان الأمران من المقطوع به فلما التفريق؟
جزاك الله خيرا الشيخ الكريم فهمت الشخصية، بارك الله فيكم.
ـ[توفيق العبيد]ــــــــ[08 Oct 2010, 01:11 م]ـ
يبدو ان هذا الموضوع مثار منذ وقت، ولم انظره حتى رأيت مشاركة اخي ابو سعد الغامدي حفظه الله، واحببت أن ادلي بدلوي لاسيما ورسالة الماجستير التي قدمتها تخص هذا النوع من البحث، وأرجو ان يكون في كلامي ما يشف الصدور:
أولا: ما معنى قطعي الثبوت؟ هو ما كان مقطوعا بثبوته، ولا يحمل إلا على الخبر المتواتر، وهو الذي نقله جمع غفير عن مثله من أول السند إلى منتهاه، دون احتمال تواطؤهم على الكذب، وهذا مثاله القرآن الكريم، فقد نقله جمع غفير من الصحابة، وهم عدول لا يتواطؤن - وحاشاهمرض3 - على الكذب، ونقله من بعدهم التابعين - روى مسلم في صحيه: عن عبدالله قال قال رسول الله صل1 خير أمتي القرن الذين يلوني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجئ قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته لم يذكر هناد القرن في حديثه وقال قتيبة ثم يجئ أقوام- وبهذا نجزم دون أدنى شك ان القرآن الذي نتلوه اليوم هو الذي نزل على سيدنا محمد صل1. بل من انكر حرفا منه فقد كفر.
وما معنى ظني الثبوت؟ هو ما ورد بطريق الآحاد، وقد يكون صحيحا أو ضعيفا أو حسنا أو موضوعا، ولذلك قال ابن الصلاح في كتابه: مقدمة في علم الحديث: ليس ما قلنا أنه صحيح يعني أن النبيصل1 قد قاله، ولا ما قلنا أن ضعيف يعني أن النبيصل1 لم يقله، فإنما حكما بالصحة والضعف وفقا لقواعد صحة الحديث سندا ومتنا، ولما كان الحديث منقول بهذه الطريقة فهو من قبيل ظني الثبوت، وموطن الظن هو عدم وجود الكثرة التي سمعت ذات الحديث من رسول الله صل1، ولذلك صنف العلماء في الحديث المتواتر مصنفات عدة، منها ما ألفه الامام السيوطي: الدر المتناثر في الحديث المتواتر، وعلى هذا فقط الحديث المتواتر المتفق على تواتره هو ما يأخذ حكم القرآن من حيث الانكار وعدمه، فمن أنكر الحديث المتفق على تواتره فقد كفر، وهذا ما نسميه الحديث القطعي الثبوت.
ونحن مأمورون أن نأخذ بغلبة الظن لأن اليقين لا يحسن الوصول إليه في كل شيء. ولهذا وجب علينا الأخذ بما في الصحيح، ولكن لا نجعله بمثابة ما اتفق على تواتره، وهذا يعلمه من درس اصول الفقه وعلمه.
وبهذا اتضح معنى ظني الثبوت وقطعي الثبوت.
الآن ما هو قطعي وظني الدلالة؟ القطعي الدلالة: هو النص المتفق بين علماء الأمة في دلالته على حكم ما دون قبوله للتاويل، أو احتمال إفادته حكما آخر مثاله: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) المائدة. فهذا النص قطعي في دلالته على وجوب قطع يد السارق من حيث هي يد، بغض النظر عن التفصيل - أي جزء من اليد، أو قيمة المبلغ المسروق المتوجب للقطع، ... - فلا يمكن أن يقال أن الآية تدل على ان المراد السارق الذي أرفق سرقته بزنى مثلا، أو تدل على كراهة السرقة، .... إذاً هذا النص قطعي في دلالته على بيان حد السارق عموما.
والظني الدلالة النص المحتمل للدلالة على أكثر من أمر: مثاله: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء. فكلمة (القروء) مفردها قرء، والقرء: معناه يحتمل انه الحيض، ويحتمل أنه الطهر، فدلالة الآية على أن العدة بالأطهار ظني، لوجود احتمال آخر مقبول لغة ويؤيده بعض الآثار. وكذلك دلالته على أن المقصود هو الاعتداد بالحيض. ومعلوم ما لهذا الاحتمال من اثر في تطبيق هذا الحكم من حيث الاختلاف في مدة العدة.
وبناء على ما سبق نقول:
القرآن كل نصوصه قطعية الثبوت ليس ثمة أدنى شك في ذلك. وبعض نصوصه ظنية الدلالة ولهذا تعددت الأحكام التي مناطها على آية واحدة.
وكذلك الحديث فيما يخص القطعي الثبوت منه والظني الثبوت.
وعند تعارض نصان:
يقدم نص القرآن أولا - ثم ما كان من السنة قطعي الثبوت - ثم ما كان ظني الثبوت.
وظني الثبوت: أعلاه ماتفق عليه الشيخان- ثم ما اخرجه البخاري دون مسلم، ثم ما اخرجه مسلم دون البخاري، ثم بقية كتب السنة على اختلاف في تقديم احدها على الآخر. ويراجع تفصيل ذلك في مقدمة ابن الصلاح في الحديث.
هذا والله أعلم.(/)
نحو منهجية قويمة لعرض الأفكار وتلقيها
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[15 Apr 2010, 11:11 م]ـ
يتفاوت الكُتاَّب في طريقة عرضهم لأفكارهم، كما يتفاوت المتلقون في قدرتهم على الاستيعاب، وبقدر هذا التفاوت يكون الأثر المترتب عليه ابتعادا واقترابا من فهم المراد، وتحديدا لاتجاه هذا الكاتب الذي يسير عليه ويدعو إليه، والأفكار التي يؤمن بها.
وتبرز أهمية الحديث عن هذا الأمر من خلال ما نشهده في حراكنا العلمي والثقافي من سوء فهم كثير من الأفكار، ووقوع كثير من الاعتراضات والاختلافات، بسبب فهم الفكرة فهما مشوها أو منقوصا، وتصنيف الكاتب وتحديد اتجاهه على أساس هذا الفهم، مما يدعو إلى الحديث عن ضرورة ضبط الطريقة التي نعرض بها أفكارنا، والمنهج الذي ينبغي أن نتلقى به الأفكار.
1/ فيما يخص طريقة عرض الأفكار فإن هناك جملة من الأسباب تجعل أفكارنا واضحة، ومقاصدنا جلية أمام المتلقي.
وسوف أذكر هنا سببا من هذه الأسباب، له أهميته الكبرى، وهو: الالتزام بتقديم فكرة مكتملة عن أي أمر نطرحه.
إن من أكثر أسباب سوء الفهم والخطأ في تحديد اتجاه الكاتب هو إغفاله لبعض جوانب الموضوع الذي يتحدث فيه، فيتوهم المتلقي أن هذا الكاتب منكر أو معارض لهذه الجوانب التي أغفلها.
ويظهر هذا الأمر جليا حينما يكون الهدف من الكتابة في الأصل هو الرد والتصحيح لخطأ شائع في أمر معين، فيصنف الكاتب على أنه ينكر الاتجاه المقابل، أو ينتقص منه، بينما الحقيقة خلاف ذلك (1).
وهذا يحتم أن نقدم فكرة مكتملة عند الحديث عن أي أمر نطرحه، فتصحيح الخطأ، والرد عليه لا ينبغي أن يكون مستأثرا بحديثنا، بل يجب مع هذا التصحيح أن نتبعه بأوجه الصواب والحق في الأمر المقابل، ولو على وجه الإجمال، حتى لا يفهم منا ما لا نقصد.
قد يقول قائل: وهل يجب في كل موضع أن نعرض فكرة مكتملة، وأن نبين وجه الحق والصواب في كل أمر نريد تصحيحه وانتقاده؟
الجواب: إن هذا لا يلزم، بل المقصود هو أن يكون حديثنا متنوعا، فإذا خصصنا موضوعا للرد والتصحيح على خطأ ما في جانب ما، فإنه يجب أن يكون لنا موضوع آخر بالمقابل يبين أوجه الحق والصواب في هذا الجانب، بحيث لا تغلب على كلامنا النزعة النقدية وحدها فنصنف كنقاد، بل المطلوب هو أن نسلك سبيل العلماء ونكون منظِّرين جيدين للأمور التي نؤمن بها، وهذا لا يتأتى إلا بسلوك منهج متوازن يجيد بيان الحق والمثال الصحيح كما يجيد النقد وتصحيح الأخطاء.
2/ أما ما يخص سوء الفهم العائد إلى المتلقي، فإن من أهم ما يجب أن يتحلى به الشخص في نفسه هو الحياد التام عند سماع أي رأي، بمعنى عدم التسرع بالحكم قبل أخذ الصورة مكتملة وضم أجزاء الكلام إلى بعضها.
فمن أكبر قوادح التلقي الصحيح: الحكم على الكاتب من خلال موقف معين.
فيجب أن نتحرر من ربقة الأفكار المسبقة، ونسمع من المقابل بحياد تاما، ولا نجتزئ شيئا من كلامه فنحكم على الجميع من خلاله، بل نأخذ الكلام بعمومه، ونفهم كل مفردة منه بسياقها الخاص، حتى نضمن فهما صحيحا مطابقا للواقع ولمراد المقابل دون حيف أو شطط.
إذا تم لنا هذا الأمران: العرض المتوازن فيما نطرح، والفهم المحايد لما نتلقى فإن النتيجة ستكون إيجابية جدا، وسنجد أننا قد تخلصنا من كثير من الخلافات، واكتسبنا العقلية المثالية للتعامل مع الأفكار والأشخاص ..
والله الموفق.
ـــــــ
(1) من الأمثلة على هذا ما نشهده من سجال حول التفسير العلمي للقرآن الكريم، حيث تصدى فريق لبيان هذا النوع من التفسير وسرد أمثلته والتأكيد على ثبوته، وانبرى فريق آخر لبيان الثغرات التي وقع فيها الفرق الأول: تصحيحا وتقويما.
والواقع أن أصل هذا النوع من التفسير وكثير من تطبيقاته هو مما يتفق عليه الفريقان، ولكن بسبب تفرغ كل منهما لنوع واحد من الطرح (التأكيد أو النقد) أصبح المتابع يصنف الأول على أنه مؤيد والآخر على أنه معارض، وليس هذا هو الواقع.
فقد يكون الأول متحمسا حقا، لكن انتقاد الآخر لا يعني أنه منكر (مباين) لهذا الاتجاه جملة وتفصيلا.
وعليه فينبغي أن يعتدل الأول في طرحه، ويتوخى الحق والصواب، كما ينبغي للثاني ألا يستأثر النقد بطروحاته، بل ينوع فيها، بحيث تكون له موضوعات يبين فيها ما يؤيده ويصححه من أمثلة هذا الموضوع ..
وعلى هذا المثال تقاس الموضوعات الأخرى التي يكثر حولها النقاش والسجال.
الخميس 2 جمادى الأولى 1431
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 Apr 2010, 12:03 ص]ـ
أحسنت جزاك الله خيرا
ولي زيادة أو تعليق على رؤيتكم عدم إمكان تناول الموضوع متكاملا من كافة جوانبه، وأن البديل هو أن يكون للشخص مواضيع أخرى تبرز الصورة الكاملة الفكرية التي هو عليها. فإن هذا:
أولا / يصعب من الناحية العملية، فهو يحتاج إلى فحص وتنقيب حول الرجل، وهذا ما لا يتأتى في الحوارات المحلية، أي التي في محلها المعين.
ثانيا / هناك بديل، ولا يلزم طرح الصورة كاملة، والبديل هو استعمال الاعتراضات وإدراج عناوين الجوانب الأخرى بها. دون حاجة إلى التفصيل، فيهم القارئ من خلال العناوين ما عليه المتحدث.
فيقول: فإني أرى فساد هذا الجانب بخاصته - مع التنبيه إلى أني لست أقول بكذا ولست أتبع مذهب كذا مما قد يفهم خطا من خلال ذكري لتلك النقطة -
واضحة؟
موضوعك جميل، وتستروحني جدا الأطروحات المتعلقة بالحوار والفهم والتخاطب .. بارك الله فيك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Apr 2010, 05:44 م]ـ
كلام جميلٌ، بارك الله فيك. وليتنا نوفق للعمل به في عرضنا لأفكارنا في الملتقى.(/)
محاضرة صوتية: إشكالية التوطّن في مقدمات العلوم والعزوف عن أصل العلوم/ ومنها مقدمات التفسير
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[16 Apr 2010, 12:06 ص]ـ
بصيغة RM
http://www.4shared.com/audio/-KR-lec_/_____.html
بصيغة WAV
http://www.4shared.com/audio/J84-XfIy/_____.html
تذييل:
هل أتى زمان أصبحت فيه (قواعد التدبر) علما ننشغل به عن التدبر؟
أهيب بتأمل القضية بصورة عميقة أثناء وبعد سماع المحاضرة.
ـ[محمود البعداني]ــــــــ[21 Apr 2010, 06:30 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذه المحاضرةالنفيسة، وأنا أستغرب لماذا لم تلق حقها في ملتقى أهل التفسير، خاصة والمحاضرة تكاد تكون في موضوع التفسير وعلوم القرآن، والاهتمام بالمقدمات ووضعها في مصاف المقاصد الأصلية
كما أرجو من الأخ الكريم الذي رفع المحاضرة أن يسمي لنا المحاضر وفقه الله.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[22 Apr 2010, 12:24 م]ـ
جزاكم الله تعالى خيرا
المحاضرة لأخيك ..(/)
ذكريات غانم قدوري الحمد .. (الحلقة الحادية عشرة)
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[16 Apr 2010, 10:35 ص]ـ
إحصاء وتصنيف
الأربعاء 19 آذار 1975م = 6 ربيع الأول 1395هـ
بدأت أعمل منذ أمس في ميدان جديد، فبعد أن أتممت تصنيف القراءات العشر من كتاب النشر، على حسب ظواهر الاختلاف، بدأت عملاً جديداً وهو محاولة تتبع كلمات المصحف التي رُسِمَتْ بطريقة خاصة، ومحاولة جمع المثال إلى نظيره، وحصر الكلمات التي رُسِمَتْ بالألف أو بحذفها، والتي رُسِمَتْ فيها الألف واواً، وما رُسِمَ من الهمزة، وما وُصِلَ أو فُصِلَ، وكل ذلك جعلت له سجلاً على شكل جداول، ولكني أجد أن العمل يمر ببطء، فأنا أجلس الآن إلى المصحف كل يوم عشر ساعات تقريباً، ثم أجد نفسي لم أنجز أكثر من جزأين، وبعد كل هذا لم أجد الطريق الأنسب في حصر كلمات المصحف بسهولة، وأخيراً اقتنعت بما وصلت إليه، وبدأت أعمل وقد انقطعتُ عن كل عمل إلا هذا العمل الذي أعتبر إنجازه عملاً كبيراً يدفع البحث خطوة، وبدأت أحس أن عظمة هذا القرآن إنما يستشعرها الإنسان أكثر كلما نظر فيه أكثر، وكلما تأمله وعرف معاني آياته ومناسباتها وأحداثها، ثم اتضح لي أن رسم المصحف قد قام على فهم وعلم دقيق قبل أن يوضع النحو وقبل أن تُعْرَفَ علوم العربية، لا بل يمكن القول إن رسم المصحف يعتبر أول خطوة لوضع علوم العربية:نحوها وكتابتها، فرَضِيَ الله عن الصحابة الذين خدموا كتابه هذه الخدمة الجليلة الحكيمة، وألهمني اللهم الصواب.
عيد الأم
الخميس 20 آذار 1975م = 7 ربيع الأول 1395هـ
لأن الحياة العصرية الجديدة عجزت أن تقدم مثالاً للإنسانية أو قيماً يمكن أن تُكَرِّمَ بها الإنسان لجأت إلى اختراع الأعياد والمناسبات، فهذا عيد للعمال، وذاك عيد للفلاح، وآخر للطالب، وأخيراً عيد الأم الذي يحل يوم غد، والذي كانت وسائل الأعلام تتحدث عنه منذ أيام، ويكثر الحديث هذه الأيام عن حقوق المرأة وعن حريتها، وكأن الشيطان لا يزال يطمع في إذلال المرأة وتحطيمها بعد ما فعلت بها الحضارة البراقة ما فعلت، وبعد ما أفسدت من الأخلاق والنفوس، فبعد أن خرجت من البيت وجدت نفسها مضطرة للعمل، وفي أي عمل؟ في أعمال لا تتناسب مع ما خُلِقَتْ له، وبدأت تتصور أن الرجل منافس لها، وانفصلت عرى البيت الذي يمكن أن ينشئ جيلاً قادراً على النهوض بمهام الحياة الكريمة، ومع كل ما تعانيه المرأة المسكينة الآن من جراء خروجها إلى العمل، والأنشطة الأخرى التي لا يمكن أن تتفوق على الرجل فيها، لأنها ملكة في البيت شيء تافه خارجه، مع كل ذلك فإن دعاة حقوق المرأة وحريتها لا يزالون في شرقنا يتحدثون عن تحرير المرأة وإعطائها حقوقها، وما يتبعون في ذلك إلا داعي الشيطان الذي يجرجر بالمرأة في أرض تصطدم مع فطرتها، وهم كاذبون في دعواهم، فلم تشهد هذه الدنيا تكريماً للمرأة وللأم مثل ما كَرَّمَهَا به الإسلام، لأنه حكم الله في هذه الأرض، صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة لقوم يعقلون!
رياضة صباحية
الجمعة 21 آذار 1975م = 8 ربيع الأول 1395هـ
كان استيقاظنا اليوم في وقت مبكر كأنا نتهيأ لاستعراض صباحي، وما إن أشرقت الشمس حتى كنا نستقل سيارة إلى ملاعب الجامعة حيث الساحات المهيأة للرياضة، وكانت هذه الرحلة نقلة لطيفة إلى الماضي وعودة إلى عهد الشباب، ثم مع كل ذلك كله كانت غذاء يفتقده الجسم، رحلة رياضية، وأجمل ما فيها الوقت المناسب مع نسائم الربيع في القاهرة والأرض المخضلة بالندى، وجرينا سريعاً حول ساحة للعب كرة القدم، وبعد أن درنا دورة أو دورتين واستلقينا قليلاً، درجت الكرة على ساحة الملعب، وجرينا وراءها كالأطفال، خرج الكبار عن وقارهم، ولكنها كانت تسلية وضرورة كان يجب مزاولتها بين الحين والحين، وبعد أن بلغ منا الجهد والتعب مبلغه، واسترحنا قليلاً، تحولنا إلى لعبة كرة السلة، واهتزت الأجسام من كل جانب، وتطايرت حبات العرق من الجباه مع ارتفاع حرارة الجو بارتفاع شمس الضحى وازدياد دقات القلب ودفعات التنفس، كل ذلك تم خلال ساعتين أو أكثر قليلاً و .. عدنا إلى البيت حيث تناولنا طعام الإفطار في موعده تقريباً، ولكن كان بشهية مَن عَمِلَ طيلة النهار وجلس إلى مائدة الطعام، ثم كان لا بد أن نستلقي ساعات
(يُتْبَعُ)
(/)
نداري آثار الجري والقفز، ولا شك أن ذلك سيخلف بعض الذكريات في العضلات، لكنها ستعود أكثر نشاطاً، إن شاء الله.
السعي في مصالح
السبت 22 آذار 1975م = 9 ربيع الأول 1395هـ
كانت هناك بعض الأمور التي كان لا بد لي من أن أنجزها أو أنتهي بها إلى نهاية مما كلفني به بعض الإخوة، فخرجت أسابق الموظفين إلى مكاتبهم، إلى الكلية لمتابعة أكثر من قضية،عمل شهادة تخرج الأستاذ رشيد نعمان، وورقة من المشرف تشهد بأن بحثه للماجستير كان يقتضي إقامته في العراق مدة، ثم استخراج تصديق للأخ محمود المشهداني، وقد تضايقت كثيراً في أول النهار خرجت من البيت ولم أجد ما أركبه كان الناس معلقون بأبواب السيارات، ثم قررت الركوب بتاكسي ولكن أين تجدها! وصلت وبدأت رحلة جديدة مع الأستاذ عبد المجيد حسين مسجل الكلية، وظهرت بعض المشاكل من عدم وجود الصور، والأوراق لا تزال معروضة على القسم، وقبل الثانية عشرة خرجت من الكلية بعد أن حققت بعض النتائج، ومررت بدائرة الوافدين لتوقيع ورقة تخص الأستاذ رشيد، وبعدها ذهبت إلى دار الكتب والحر بدأ يضايق الناس هذا اليوم بشدة، لأنهم لا يزالون يرتدون ملابس الشتاء، وهناك بدأت رحلة جديدة مع السيد خليل إبراهيم سكرتير السيد صلاح عبد الصبور مدير الدار، والذي يعمل وسيطاً – أي خليل – لاستخراج مصورات لبعض المخطوطات، وكنت قد وعدت الأخ عبد الستار القدسي (1) ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1) بمحاولة تصوير مخطوطة كتاب التقييد لابن نقطة الذي يعمل في تحقيقه، وكان سيد خليل وعدني بتصويرها، والحمد لله كانت قد تم تصويرها، وأخذ الثمن والعمولة! ثم ذهبت إلى السفارة لتصديق الورقة، وعدت إلى البيت وأنا أحمد الله على ما يسر.
فشل جهود كيسنجر
الأحد 23 آذار 1975م = 10 ربيع الأول 1395هـ
كان هنري كيسنجر قد وصل إلى (الشرق الأوسط) منذ يوم 8/ 3 حين بدأ رحلاته بين العواصم العربية، معرجاً على (تل أبيب) منزل أبناء عمومته، وقد تركزت في الأيام الأخيرة جهوده بين أسوان حيث يقيم الرئيس المصري أنور السادات منذ وصول هنري، وبين تل أبيب، في محاولة للتوصل إلى اتفاق جديد لفصل القوات تمهيداً لعقد مؤتمر جنيف، لكن اليهود في إسرائيل لا يريدون أن يتخلوا عن الأرض التي أخذوها ظلماً وعدواناً بسهولة، يساومون ويخادعون والصديق هنري يحمل بين الجانبين وجهات نظر كل جانب إلى الجانب الآخر، وكانت مصر تصر منذ بداية الأمر على أن يشمل الفصل الجديد منطقة الممرات الجبلية في سيناء وحقول النفط في أبو رديس، ولكن إسرائيل ترفض ذلك إلا إذا وَقَّعَت مصر معاهدة إنهاء الحرب مع إسرائيل، ومصر تعلن من جانبها أن مثل ذلك مستحيل قبل جلاء آخر جندي يهودي عن الأرض، وقبل استرداد حقوق شعب فلسطين وقيام الدولة الفلسطينية، وطوال الأسبوعين الماضيين كان هنري يجتمع هنا وهناك ويطيل الاجتماعات، لكن مهمته وجهوده وصلت آخر يوم أمس إلى طريق مسدود عندما حمل مقترحات وردود مصرية جديدة إلى إسرائيل التي لم تبد من جانبها أية تنازلات ذات بال، مما جعل جهود هنري غير ذات فائدة أو نتيجة، فقرر إيقاف مهمته وتوجه إلى بلاده أمريكا، وظلت المنطقة تتأزم من جديد وأمريكا ترسل السلاح إلى إسرائيل مما يشجعها على التفكير بالحرب وشن الهجوم، ولكن من غير المعروف ما سيؤدي إليه فشل مهمة كيسنجر هل الذهاب إلى مؤتمر جنيف لبحث المشكلة بأسرها وفقا لقرارات مجلس الأمن، أم يدفع بالمنطقة بحرب لا يمكن أن تنتهي أو تتوقف قبل زوال إسرائيل!
مقتل الملك فيصل
الأربعاء 26 آذار 1975م = 13 ربيع الأول 1395هـ
بعد ظهر يوم أمس فوجئ الناس بخبر اغتيال ملك السعودية الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، على يد أحد أبناء إخوته، وهو الأمير فيصل بن مساعد، وتناقلت وسائل الإعلام الخبر بسرعة وصار حديث الناس بكل مكان، في العالم العربي وخارجه، حتى كادت أخبار الحادث وما أثاره من انفعالات تطغى على تطورات الأحداث في الشرق الأوسط بعد فشل كيسنجر بالتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل ومصر لفصل جديد للقوات، وتُجْمِعُ الأخبار أن السعودية خسرت قائداً محنكاً وخبيراً مارس السياسة طيلة خمسين عاماً، ومعها الأمة العربية والإسلامية والسلام! ومهما قيل فإن الملك فيصل
(يُتْبَعُ)
(/)
-رحمه الله – قد ساهم في توفير الأمن في البلاد السعودية ودفع العمران والبناء وتطوير الحياة مع تحكيم الشريعة الإسلامية، ومع ذلك فإن هناك علامة استفهام كبيرة تقف خلف علاقات السعودية بأمريكا، ونقلت الأخبار أن الأمراء في الأسرة السعودية الحاكمة قد اختاروا خالد بن عبد العزيز، وهو أخو الملك الراحل ملكاً، وفهد بن عبد العزيز ولياً للعهد، وتمت البيعة صباح اليوم، أما مراسيم الدفن فقد جرت بعد صلاة العصر هذا اليوم في الرياض، حيث حضر العديد من رؤساء الدول العربية والإسلامية، وانطوت بذلك صفحة يرجى أن تكون التي بعدها مثلها إن لم تكن أفضل، أما القاتل فإنه حاصل على شهادة جامعية في الاقتصاد والعلوم السياسية من أمريكا، ويوصف بأنه كان سكيراً ويتعاطى المخدرات، وأن الحكومة السعودية قد منعته من السفر بعد عودته إلى السعودية، ويقال إنه انتقم لنفسه من الملك، حين أطلق الرصاص عليه صباح أمس في مكتبه فأرداه قتيلاً! رحمه الله.
فقراء
الجمعة 28 آذار 1975م = 15 ربيع الأول 1395هـ
كان حافي القدمين أشعث شعر الرأس أغبر الوجه، كان قد شد أطراف الجلابية إلى بطنه، فبدت ساقاه النحيفتان المغبرتان تحكيان قصة الكفاح من أجل لقمة العيش، التقيت به وجهاً لوجه، وسلمت عليه فأجفل ولم يرد السلام، وكأنه أسرع في مشيه، ولم أدعه يذهب، بل أمسكت بطرف كمه، وأنا أكرر التحية وأسأله عن اسمه، وهو يحاول أن يبتعد وهو يتمتم (عمال في العمارة)، لم يكن يتصور أن أحداً ممن يلبسون لباس (الأفندية) يمكن أن يلتفت إليه ويتحدث معه، كان لا يفهم من موقفي شيئاً سوى أنَّ متطفلاً غريباً حاول أن يفسد عليه هدوء البال والتفكير في لقمة العيش له وللعيال، وناولته كيساً من ورق كنت أحمله وبداخله شيء، فكان خوفه أشد ورفض أن يمسه، وكأنه فكر أن هذا الغريب قد وضع في هذا الكيس شيئاً مؤذياً، كان الشارع مزدحماً بالسيارات والمارة على الرصيف وحاولت أن أنهي الموقف بسرعة، وفتحت الكيس لأريه أن ما فيه شيء يمكن أن يفيده ويفرح به، وأخيراً تناوله بعد تردد، وهو يحكي بموقفه هذا نظرة كل هؤلاء الذين قد قُدِرَ عليهم رزقهم ولا يجدون إلا ما يخطفون به لقمة العيش إلى من أقبلت عليهم الدنيا، هناك فاصل كبيرة وفجوة بعيدة القرار بين جيلين من الناس، لا يفرق بينهم إلا أن هؤلاء قد ضاقت بفلوسهم الخزائن وهؤلاء لا يجدون ما يقتاتون به!
إكمال تصنيف ظواهر الرسم
السبت 29 آذار 1975م = 16 ربيع الأول 1395هـ
تذكرت اليوم الخبر الذي يروى عن الإمام علي رضي الله عنه أنه أقسم بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا يضع رداء على كتفه لغير صلاة حتى يجمع القرآن، تذكرت ذلك لأني وجدت نفسي محصوراً في البيت طيلة خمسة عشر يوماً تقريباً لا أكاد أخرج إلا لصلاة أو إنجاز حاجة ضرورية، لأعود إلى البيت من دون تأخير، إذ إنني بعد أن أكملت تصنيف القراءات العشر بدأت بدراسة ميدانية لرسم المصحف، واعتمدت في ذلك على الطبعة المصرية (الأميرية) التي قام برسم المصحف فيها الشيخ محمد علي بن خلف الحسيني شيخ المقارئ المصرية سابقاً، وقيل إنها أصح الطبعات أو أدقها بتعبير أصح (( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2)2) ، وكنت خلال هذه الأيام أتتبع كلمات القرآن وأحاول أن أضع كل ما يدخل في إطار واحد في جدول واحد، ولا أزال أتابع ما حُذِفَتْ منه الألف، وما رُسِمَتْ فيه الهمزة بهيئة خاصة، وما رُسِمَتْ فيه الألف ياء أو واواً، ثم ما رُسِمَ مفصولاً أو موصولاً، وما يشبه ذلك، حتى انتهيت منه، والحمد لله، وقد تبين لي من هذه الرحلة ضخامة العمل الذي قام به الصحابة وعلى رأسهم زيد - رضي الله عنهم - حين كتبوا المصحف في ذلك الوقت، بما تيسر لهم من وسائل وأدوات، ومع أن تركيزي كان موجهاً إلى الرسم فإني كنت ألاحظ المعاني، وخرجت بضرورة دراستي للقرآن دراسة جادة عميقة في أقرب وقت، إن شاء الله.
مناقشة رسالة ماجستير
الاثنين 31 آذار 1975م = 18 ربيع الأول 1395هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
حضرت اليوم صباحاً مناقشة رسالة علمية مقدمة لنيل درجة الماجستير في آداب اللغة العربية في (أساليب القسم) وقد حصل صاحب الرسالة على الماجستير بدرجة امتياز، وكنت على اتصال بهذه الرسالة منذ أن كانت أوراقاً مفرقة حين كان صاحبها يجمع المادة من بطون الكتب، ثم وهي أوراق مفرقة قبل أن تطبع، وتابعت الطبع بل إني ساهمت في تصحيح بعض الأصول، فهذه الرسالة تربطني بها وبصاحبها قبل ذلك روابط متينة يبدو أنها كانت قد نشأت منذ زمن لكن اكتشافها كان حديثاً في القاهرة فقط، إذ إني لم أكن أعرف صاحب هذه الرسالة قبل وصولي القاهرة وقبل وصوله هو، لكن ما إن تعارفنا حتى وجدت ما يدفعني إلى هذا الرجل البالغ الطيبة والخلق ومتانة الدين، ومع فارق السن الكبير بيننا، إذ إني بمنزلة أحد التلاميذ الذين درسهم، إلا أنه يتعامل معنا كأخ كبير وصديق عزيز، تلك العلاقة التي جمعتنا لم يكن الأمر أكثر من اكتشافها فإذا الأمور تأخذ مجرى يهتدي بسنة النبي عليه الصلاة والسلام والأجيال الأولى ومن نهج ذلك النهج، إن وشيجة الإيمان ورابطة الإسلام لا يمكن أن تعلو عليها رابطة، كم من العراقيين في هذا البلد وكم منهم من معارف، ومن مناطقنا ومن غيرهم، ولكن حتى لو التقينا فإنا لا نرغب في أن نكلم بعضنا بعضاً، ولكن رابطة الإيمان تشد بقوة وتجعل الشعور الأخوي المتبادل أدنى درجات تلك الرابطة (( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3)3).
مراجعة مخطوطات
الثلاثاء 1 نيسان 1975م = 19 ربيع الأول 1395هـ
كأني اليوم أعبر إلى مرحلة جديدة في البحث بعد أن أكملت تتبع خصائص الرسم المصحفي، وبدأت اليوم عملية جمع المادة من جديد، وأبدو مسرعاً كأني أسابق الأيام، وقد رأيت أن أخطو خطوة أخرى تحررني من بعض القيود وتدفعني إلى التعامل مع المصادر بحرية أكثر، فبعد أن أتممت تصنيف القراءات العشر وخصائص رسم المصحف أجد لزاماً عليَّ أن أنتهي من تحقيق موضوع الاختلاف في بعض الأحرف بين المصاحف، وعليه فقد قررت قبل أن أمضي في هذا السبيل أن أدرس ثلاث مخطوطات صَوَّرْتُهَا سابقاً من معهد المخطوطات، وأُدَوِّنُ ما فيها من معلومات جديدة، ثم أقوم بعد ذلك بتصنيف أحرف الخلاف في دفتر على شكل جداول، ثم أحاول النظر في أكبر عدد من المصاحف المخطوطة والمطبوعة الموجودة في القاهرة، وأحقق طريقة رسم تلك الأحرف فيها، ولعلي أنتهي من هذه المهمة خلال أيام، وقد انتهيت اليوم من أول تلك المخطوطات، ولا يمر هذا الأسبوع إن شاء الله إلا وقد انتهيت من ثلاثتها، وأكون قد صنفت الأحرف في سِجِلٍّ أعددته لذلك، وأشعر أن شيئاً قد بدأت أفكر به حول تأخري أو عدم تقدمي السريع في البحث فأنا أعمل الآن وهذا الشعور يدفعني إلى السرعة، ولكن أرجو أن تكون السرعة الهادئة التي لا تضيع شيئاً.
متابعة من غير نتيجة
الأربعاء 2 نيسان 1975م = 20 ربيع الأول 1395هـ
منذ أكثر من شهر ذهبت إلى كلية أصول الدين في جامعة الأزهر، وقابلت السيد (س) الذي ... وعدني أنه سيتيح لي الاطلاع على رسالته ... واليوم ربما للمرة الرابعة ذهبت إلى هناك ولكنه لم يجلبها، وتضايقت من هذا الأمر، واستعنت بالله وخرجت من حرم الجامعة (( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn4)4).
توقفت عند أكشاك المكتبات الصغيرة القريبة من الأزهر، كان أحدهم قد وعدني أن يحضر لي كتاباً في الرسم مطبوعاً في تركيا، كنت أحسب أنه المقنع وذهبت إليه أكثر من ثلاث مرات، وفي كل مرة يقول: كنت مريضاً (عَيَّان والله، مَعْلِشْ مُرْ بعد كم يوم) ولكني هذه المرة أنهيت الأمر معه، ولن أعود إليه مرة أخرى، وبعد ذلك جئت إلى مكتبة الجامع الأزهر، دخلت ولم يكن هناك من الموظفين إلا الساعي ذي الوجه القرمزي والشعر الأبيض والعينين الصغيرتين، مرة يجتمعون أكثر من عشرة ومرة لا تجد أحداً، وحضر وهو أكثرهم تذمراً، (مِشْ عايز أشتغل) هذا هو شعاره، طلبت كتاباً، وبعد قليل جاء الرد (مش موجود .. النور .. الظلام) ليتهم غاصوا في الظلام! وعدت إلى البيت متعباً من غير فائدة.
گلالَهْ
الخميس 3 نيسان 1975م = 21 ربيع الأول 1395هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
تناقلت الإذاعات أخبار الأوضاع في شمال العراق، وأُعْلِنَ أمس أن الجيش العراقي دخل مدينة (گلالَهْ) معقل الأكراد ومركز حركتهم وقيادتهم، دخلها من غير مقاومة بعد ما ذُكِرَ أن حركة الأكراد انهارت بعد أن قطعت إيران عونها لهم على أثر اتفاق الجزائر بين صدام حسين والشاه، ذلك الاتفاق الذي حل خلافات البلدين، ومن ضمنها قطع العون الإيراني عن الثوار الأكراد، وأَثَّرَ ذلك على الحركة الكردية، بل قطع الشريان الذي يمدها بالبقاء، دخلت القوات الحكومية گلاله، وستصل إلى كل بقعة في الشمال بعد أن غادر الملا مصطفى مقره مع بعض أبنائه وأتباعه، غادر العراق إلى إيران، وربما طلب اللجوء السياسي إلى أمريكا، ربما تكون الحرب قد انتهت الآن، لكن الأزهار التي نمت الآن في شمال العراق إنما نمت على أرض قد غطاها رفات أشلاء الجنود والمقاتلين والشيوخ والنساء والأطفال، وتغذت من تكلم الدماء التي روت الأرض في الشمال، ولهذا فإن لون تلك الأزهار حمراء داكنة حزينة .. صامته، الصمت يخيم على الشمال والهرج يعقد السحب في الجنوب، وبدأت بقايا المقاتلين من الأكراد يعودون إلى بيوتهم يعمرونها، ومزارعهم المحترقة يزرعونها، بعد أن أصدرت الحكومة عفواً لمدة أسابيع، حرب الشمال ذكرى يذكرها كل عراقي وعربي ومسلم يذكرها العالم، ولكن لماذا كانت تلك الحرب، إنها النزعة القومية، ترى هل ماتت نوازع القومية في النفوس (( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5)5) ؟!
مع الدكتور محمود فهمي حجازي
الجمعة 4 نيسان 1975م = 22 ربيع الأول 1395هـ
كان أحد المشاركين بمناقشة رسالة الأستاذ كاظم الراوي (أساليب القسم في اللغة العربية) التي نوقشت الاثنين الماضي الدكتور محمود فهمي حجازي، أستاذ علم اللغة في كلية الآداب بجامعة القاهرة، ويبدو أنه حصل على الدكتوراه من ألمانيا، فَكَّرْتُ في وقت سابق أن ألتقي به لأعرض عليه فكرة عن موضوعي للماجستير، والاستفسار منه عن بعض الأفكار المتعلقة بالموضوع، وبعد الفراغ من المناقشة سلمت عليه، وشرحت له رغبتي في أخذ رأيه في بعض الموضوعات، فَرَحَّبَ وطلب مني أن أحضر إلى بيتهم قرب شارع الهرم، وضرب لي موعداً الساعة السابعة من مساء الجمعة، وذهبت مع الأستاذ كاظم الراوي، وجرى الحديث مع الدكتور حجازي حول موضوعات عامة أولاً، ثم طلب مني أن أعرض عليه ما أريد عرضه، وكانت هناك عدة نقاط استشكلتها، منها: أصل الخط العربي، ومشكلة الهمزة: نطقها رسمها، وكتابة الألف واواً في الصلوة والزكوة، وكتابة الألف ياء، وتناقشت معه مناقشة أحسست بأنها مفيدة، وكان بين الحين والحين يقوم إلى مكتبته داخل البيت، ويحضر مصدراً، وكتبت بعض المصادر بالانكليزية، وواحد منها في الموضوع نفسه، وبعدها انصرفنا، ومع أني لم أتعرف على كل جوانب شخصيته فإنه يبدو شاباً نشطاً معتزًّا بالتراث، وذي خلق سمح مع تبسط وتواضع ... جزى الله المخلصين خيراً.
أول محاضرة في الإنكليزية
الأحد 6 نيسان 1975م = 24 ربيع الأول 1395هـ
ذهبت عصر اليوم لحضور أول محاضرة في المعهد البريطاني للغات، حيث سجلت منذ فترة، وسأحضر ثلاث ساعات في الأسبوع، يومي الأحد والأربعاء من الساعة الخامسة إلى الساعة السادسة والنصف، وجلسنا في غرفة ضيقة، كنا أربعة عشر متعلماً في الفصل، رجالاً ونساء، شيوخاً وشباناً، وكان المعلم إنكليزياً قد أطلق شعر رأسه مثل النساء، لكنه ممثل رائع في المحاضرة، ويبدو أن الدراسة ستعتمد أساساً على المحادثة، وقد بدا نطقنا مضحكاً تجاه نطقه الذي لا شك أنه يمثل واقع النطق الإنجليزي، ووعد بأنهم سيجهزوننا بكتب خلال أيام، إذ لا يزال المعهد في أيامه الأولى، فقد افتتح في الشهر الماضي، والبناية جديدة لما تكتمل، ومع ما يمكن أن أستفيده من تحسين نطقي بالانجليزية غير أني لن أستفيد كثيراً من هذه الدراسة في مجال المصادر الإنجليزية للبحث، إذ إن لتلك المصادر لغة خاصة، ومع ذلك فإن هذه الدراسة ستفتح لي الطريق إلى اللفظ الصحيح وإلى عدد من الألفاظ التي تتعلق بالأمور الحياتية العامة، ولو أني شاركت في سبيل تعلم الإنجليزية في عدة دورات لبلغت مستوى جيداً، ذلك ما أُمَنِّي به نفسي إلا أنني الآن لا أجد من الوقت ما
(يُتْبَعُ)
(/)
يسمح لي في المشاركة في هذه المشاريع الجانبية، الضرورية في المستقبل (( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6)6).
ثلاث قضايا
الاثنين 7 نيسان 1975م = 25 ربيع الأول 1395هـ
أحسب أن البحث الذي أعمل فيه الآن - الرسم المصحفي – لن يكون واسعاً (( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn7)7) ، إن شاء الله، إن أنجزت كتابته، ومع ذلك يبدو أن علي أن أجمع مادة كثيرة، وأن أقدم من الأتعاب ما لا يتناسب مع حجم البحث، فإن البحث يتصل بثلاث قضايا كبرى تحتاج إلى الدقة والعمق والفهم الصحيح: (1) تاريخ القرآن وجمعه ونسخ المصاحف (2) القراءات ونشأتها وتقسيمها وشروطها (3) ثم الكتابة العربية من خلال رسم المصحف، ومع أن القضيتين الأوليين تعتبران مقدمة للقضية الثالثة التي هي محور البحث إلا أن كلاً منها تصلح أن تكون بحثاً جاداً، وأنا لا أزال أعمل وأدَّعِي الجدية في العمل، لكني كثيراً ما أشعر أني أحرك رجلي في نفس المكان، دون أن أتقدم خطوات إلى الأمام، إلا قليلا، فقد بدأت منذ أن سجلت الموضوع بدراسة الكتب التي تتعلق برسم المصحف وتاريخ القرآن من الكتب المطبوعة، ثم تحولت إلى المخطوطات، ثم إلى تصنيف القراءات، وبعدها الانقطاع لمدة نصف شهر في محاولة لتصنيف كلمات المصحف كلا في مكانه، والآن بدأت مرحلة جديدة بأن أدرس المصاحف المخطوطة الموجودة في دار الكتب المصرية ومعهد المخطوطات، ذهبت يوم السبت إلى دار الكتب، ولكن ظهرت في سبيل الاطلاع على تلك المصاحف العقبات الكثيرة، ولكني لم أقنط، وتحولت أمس واليوم إلى معهد المخطوطات، والأمور فيه أيسر لكنها لا تخلو من الصعوبات، فعملية قراءة الأفلام على الجهاز لمدة طويلة عملية متعبة.
مخطوطات المصاحف القديمة
الأحد 13 نيسان 1975م = 1 ربيع الآخر 1395هـ
كنت في الأسبوع الماضي متجهاً إلى دراسة المصاحف المخطوطة القديمة، ولكني لم أستطع الاطلاع إلا على مصحف واحد قديم في معهد المخطوطات، وهناك نسخ أخرى في المعهد تبدو حديثة، أما دار الكتب فقد دخلت مع موظفيها في معمعة مخجلة! وذلك أنني في بداية الأسبوع الماضي التقيت بالسيد عبد الحفيظ شلبي أمين قسم المخطوطات، واعتذر عن إمكانية اطلاعي على شيء منها، وفي أثناء حديثي معه قال: (أنا راح أقابل وزير، وممكن نتكلم في الموضوع تان) ومضى ومضيت، ثم التقيت بخليل إبراهيم سكرتير السيد فلان الذي يعمل مسؤولاً في دار الكتب أو الهيئة المصرية للكتب، وتلفن إلى السيد وجدي (مسؤول صغير في المخطوطات) .. وتحت أمرك وما شاكل ذلك، وتم الاتفاق على أنهم يكلمون سيد شلبي، ولا شك في أنهم سيحصلون على شيء مقابل الأتعاب، وكأن العملية قد أحكمت بليل، هم يقفون بوجه أي عمل يمكن أن يؤدوه للباحث، ومن الباب الخلفي يدخل كل من أراد الدخول بسهولة ويسر وترحاب، بعد أن يدفع ثمن التذكرة، بلد هذه عاداته في كل هيئاته ومؤسساته وموظفيه، طبعاً إلا في النادر.
هذا الأسبوع بدأت أعمل من جديد في جمع المادة من البقية الباقية من الكتب المطبوعة على أمل الانتهاء من ذلك خلال شهر لآخذ راحة ذهنية محدودة أبدأ بعدها بعملية ترتيب المادة واستكمالها، إن شاء الله.
تحريك المياه الراكدة!
الاثنين 14 نيسان 1975م = 2 ربيع الآخر 1395هـ
إن ما تسمعه مهما كان خافتاً، وما تبصره مهما كان غائماً، لحظة أو ساعة لا بد أن يترك في النفس أثراً قد لا يُحَسُّ في لحظتها لكنه يترسب في القاع كمن يلقي ذرة صغيرة من رمل في بحر من المياه، تترسب بهدوء وتأخذ مكانها في الأعماق، وذرة أخرى وأخرى .. وذات يوم تكون طبقة، وتكون شيئاً محسوساً ومؤثراً، كل هذا طبيعي، ولكن المحزن والمؤسف أن ينفجر الموقف بسرعة وعنف من غير ما ذرات ترسبت في الظاهر على الأقل، فيكون الأثر هذه المرة كبيراً كأنك ألقيت حجراً ضخماً في ذلك البحر الهادئ من المياه، فَيُحْدِثُ تَمَوُّجًا وفرقعة ثم بعدها يقف الحجر عثرة في سبيل أمور كثيرة، ثم يعود سطح الماء إلى الهدوء، لكنه يحتضن ذلك الحجر الكبير الذي لا يمكن إخفاؤه، فيظل شاهداً على كل حركة، هل يمكن أن تحدث كل تلك الفرقعة فجأة من غير مقدمات، أستبعد ذلك، لأنه لا يمكن أن تتمخض الأمور الهادئة بسرعة عن كل ذلك
(يُتْبَعُ)
(/)
، فلا بد أن ذلك هو رصيد الأيام الماضية ظهر اليوم على شكل حجر كبير يرمى في تلك البركة الهادئة، لكن سطح الماء عاد إلى هدوئه من جديد مع بطء شديد لكنه عاد، وهو يحتضن هذا الحجر الذي سيعطل أو يعيق الحركة الهادئة، وسيكن نواة لانفجارات أخرى، وهناك مادة داخل مياه تلك البركة تعمل على تفتيت أمثال تلك الجلاميد ولكن أيهما أسبق في العمل هل الجلاميد المتكاثرة أم المادة التي تذيبها ولا تبقي لها أثراً؟!
أسئلة ليس لها جواب
الأربعاء 23 نيسان 1975م = 11 ربيع الآخر 1395هـ
كنت أشعر أني أدور أو أن الأرض تدور، كان ذلك أثر صداع من زكام قد مرت عليه أيام، لكني الليلة بدأت أشعر أني أدور دوراناً مقلوباً، أو أن الأرض راحت تدور بجنون، فأظلمت أطراف الأرض، وانتقلتُ إلى عالم مسحور، أي أنه غريب، كنت أدور على أطراف حديقة مدورة قد رُصِفَتْ أطرافها لمرور الناس، كان المكان نصف مُضَاءٍ، ووسط الحديقة مظلم، ومع أن الجو كان ربيعياً لطيفاً لكن ذلك الدوران المتعدد الأطراف والجهات أفقدني المتعة بكل ما حولي سوى أني أدور في عالم مسحور، كان يحدثني من أعماقه، وأنا أستجمع كل حواسي لألتقط ما يقول لأفهم، لأهيئ ما يمكن أن أقول، كنت أخشى أن أقول كلمة يمكن أن تثير أثراً سيئاً، وكان يقول لي: لماذا ينظر الناس إلي، ما هذا الانتباه؟! م يحدثني الناس حين ألتقي بهم، ثم يسألوني عن أمور في السياسية وفي قضايا الساعة، لماذا هذا التركيز هل هناك سر؟! لماذا هذه المجاملة من كل من ألقاهم، وكثير مثل هذا الكلام، وأنا أحاول أن أقنعه أن كل ذلك طبيعي، وأن كل إنسان يعيش في مجتمع يمكن أن يلتقي بالناس ويحدثونه ويسألونه ويحدثهم ويسألهم، لكنه كان يأبى لا بد أن هناك شيئاً ما، ولكني لا أعتقد أن هناك شيئاً أي سراً إلا بالقدر الذي يمكن أن يكون حين نتساءل لماذا نمشي في الأسواق، لماذا نذهب إلى الجامعة، لماذا نلتقي بالناس، لماذا نأكل ونشرب، وننام، لماذا أشياء كثيرة من هذا القبيل، هذه مثل تلك، لكنه كان يأبى إلا أن يكون هناك سر، وراح هو يسرع في الدوران، وكنت أخشى أن يرهقه الدوران فيقع على الأرض، قبل أن يذهب كل إلى سبيله وقد انتصف الليل! (( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn8)8)
رسالة سعيد بن أمجد الزهاوي
الأربعاء 30 نيسان 1975م = 18 ربيع الآخر 1395هـ
ذهبت بعد الظهر مع الأخ خليل لتوديع الأستاذ كاظم الراوي، إذ إنه سافر اليوم مساء إلى العراق ليلتقي بأهله ويطمئن عليهم، بعد أن حصل على درجة الماجستير، وهو الآن يعد للدكتوراه، ذهبت بعدها إلى معهد اللغات لتعليم الانجليزية فأنا مستمر بالحضور منذ افتتاح الدورة يوم 6/ 4، ومع أن الدروس غير جادة كثيراً فإنها لا تخلو من فائدة، بل ربما ستكون ذات قيمة حين أتعلم اللفظ الصحيح للغة الانجليزية، الدروس التي أحضرها يومان في الأسبوع: الأحد والأربعاء من الساعة الخامسة حتى السادسة والنصف من مساء هذين اليومين، وبعد أن أنهيت درس اليوم ذهبت إلى كلية الحقوق في جامعة القاهرة، حيث تناقش رسالة السيد سعيد ابن عالم العراق ومُفْتِيهِ المرحوم الشيخ أمجد الزهاوي، كانت الرسالة حول التعسف في استعمال الحق، سَجَّلَها منذ ما يقرب من 25 سنة! وظل يعمل ويسافر إلى فرنسا أحياناً للاطلاع على المصادر، وهو يعمل في العراق مدرساً في الجامعة، واليوم وُضِعَتْ جهوده أمام لجنة المناقشة، وهو يبدو عالماً في المادة أكثر من مناقشيه، لكن الأستاذ سعيد قد فُطِرَ على صفة تعوقه من إيصال أفكاره بسهوله إلى مستمعيه، فإنه يعاني من لُكْنَةٍ في لسانه، أو حُبْسَةٍ بعبارة أصح، تخفي ذلك العلم، لكن الناس في هذا الزمن لا يبحثون أكثر مما تسمعه آذانهم، فَعَوَّضَهُ الله خيراً، وقد حصل على الدكتوراه بدرجة جيد جداً.
عيد العمال
الخميس 1 مايس 1975م = 19 ربيع الآخر 1395هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
نسينا أنفسنا فصرنا نفرح لفرح أعدائنا ونحزن لحزنهم، على أساس أننا جزء من العالم المتمدن. في العالم الرأسمالي أو الشيوعي يحتفلون في هذا اليوم بما يسمى بعيد العمال المرتبط بحادثة العمال في أمريكا قبل ما يقرب من مئة سنة، رحنا ننافس الشرق والغرب في الاحتفال بهذا اليوم، والتملق للعمال وإلقاء الخطب على أسماعهم، اليوم كانت الدوائر معطلة هنا وخاصة دوائر العمال، وتوقعنا أن المكتبات أيضا مقفلة، فكنا نشعر في هذا الصباح باسترخاء، خاصة أن هذا اليوم هو أول أيام التوقيت الصيفي إذ قُدِّمَ الوقت ساعة، خرجت مع الأخ خليل لزيارة الأخ عبد الستار القدسي الذي خرج من المستشفى، وهو يستريح الآن في بيت أحد أصدقائه في شارع جسر السويس، ومن هناك نزلنا إلى مركز المدينة وذهبنا إلى بعض المكتبات، واشتريت كتاباً في القراءات هو مختصر ابن خالويه في القراءات الشاذة، وزرنا مكتبة وهبة، ووقفنا أمام كتبها لحظات، وتذكرنا بعض ذلك التاريخ الحافل، ثم عدنا إلى البيت مسرعين بعد أن شعرنا أن التوقيت الجديد قد عَجَّلَ بسير عجلة الزمن، إذ وصلت الساعة الواحدة والنصف سريعاً، وهي في الحقيقة التي نراها كل يوم من قبل لم تجاوز الثانية عشرة والنصف.
أحداث
الجمعة 2 مايس 1975م = 20 ربيع الآخر 1395هـ
مضت أيام وأنا لا أجد الفرصة لأكتب هذه السطور، كنت أختلس دقائق قبل أن آوي إلى الفراش لأكتب، وأنا بين النوم واليقظة، وحتى هذه الدقائق لم أجدها خلال تلك الأيام، وقد كانت هناك أحداث كان علي أن أواكبها لأنها ملفتة للنظر، غَيَّرَتْ وجهة حياة أقوام، وبدلت أحوال أناس، وأنهت مآسي وبدأت أخرى، ففي بلدنا تسير الأمور في اتجاه يخالف تماماً الاتجاه الذي كانت تأخذه قبل أشهر، فمنذ اتفاق الجزائر بين العراق وإيران فإن الأمور وخاصة سياسة العراق الخارجية أخذت تتغير على أثر ذلك الاتفاق، توقفت حركة الأكراد وشُلَّتْ فاستسلمت، تَحَسُّنٌ ظاهر في علاقات العراق مع إيران تُوِّجَتْ بزيارة هويدا للعراق، وزيارة صدام حسين لإيران قبل أيام، ثم إنهاء الخلافات مع السعودية وتحسين العلاقات مع الكويت، ثم ظهور مشكلة الفرات وحبس سوريا للمياه، وعلى صعيد العرب استمرار حالة الركود في ما يسمى بأزمة الشرق الأوسط بعد فشل مهمة كيسنجر، ثم الأحداث الدموية التي حدثت قبل أيام بين فصائل المقاومة وأفراد مليشيا حزب الكتائب اليميني، حتى قيل إنها حرب طائفية بين المسلمين والمسيحيين، ذلك لأن جيش الكتائب وحزب الكتائب يمثل كتلة مسيحية، وأسفرت الأحداث عن مقتل وإصابة ما لا يقل عن 200، وفي نطاق العالم هناك في جنوب شرقي آسيا حيث تجري أكبر الجرائم من قتل واعتداء على الحرمات إن كانت هناك حرمات، سقطت حكومة كمبوديا، ثم تبعتها حكومة سايگون قبل أيام، وبذلك انتهت سنوات من التدخل الأمريكي، لتنحرف هذه الدول وتخضع تحت نفوذ المعسكر الشيوعي، أحداث كثيرة وسريعة لكني لا أستطيع مواكبتها.
نعمة الإيمان
السبت 3 مايس 1975م = 21 ربيع الآخر 1395هـ
ذهبت صباحاً إلى السفارة لتجديد جواز السفر ولاستلام مبلغ المنحة الشهرية التي احتسبت لي من بداية سنة 1975 تقريباً، خرجت بعد الظهر من مبنى السفارة بعد أن أنهيت ما ذهبت لأجله من أعمال، وأنا أحمد الله لا لأني تسلمت بضعة جنيهات، ولكن لنعمة قد غفلتُ عنها وهي تغمرني وأعيش معها دائماً، تلك هي نعمة الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، إنها لنعمة عظيمة حقاً تحقق لمن أخلص معها السعادة في الدارين، وإني لأحس ببعض تلك السعادة بقدر ما أحاول الارتفاع إلى ذلك المرتقى السامي، إن الدنيا في عين المؤمن لا تساوي شيئاً أكثر من كونها وسيلة لأداء الرسالة التي كُلِّفَ بها الإنسان، إنها جزء من مادة ذلك الامتحان الذي نستشعره من قوله تعالى: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا .. )، أما في نظر غير المسلم فإنها شيء له بريق يخطف الألباب والعقول، إنها غايته فهو يمتطي إليها كل صعب وحَزْنٍ، وكل مُلْتَوٍ ومظلم، لأنها مُنَاهُ وغايته، لا يعرف حلالاً ولا حراماً ولا خيراً ولا شراً، يغرق في متعتها ويسكر حتى يفقد الوعي والذاكرة، حتى إذا طرق ملك الموت بابه استيقظ، لكنه لم يعد يملك شيئاً، استيقظ ليشهد
(يُتْبَعُ)
(/)
على نفسه ويتحسر في ظلمة موحشة وأهوال الله أعلم بها، وما سيعبر إليه بعدها (يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوى لهم)، وكل هذه المعاني وغيرها أوحت بها رحلة اليوم، حيث التقيت بأحدهم، كنت أعرفه أو كان يُعْرَفُ بالاستقامة وخفة الروح، وهو لم يزل خفيفاً لأنه فقد أشياء كثيرة، إنه يحض على المنكر ويدعو إليه هنا في القاهرة، ويتكفل بتيسيره لضيوفه، وهم فرحون!
مع مصحف طشقند
الاثنين 5 مايس 1975م = 23 ربيع الآخر 1395هـ
بدأت اليوم القراءة في مصحف طشقند الموجود منه نسخة مصورة في دار الكتب المصرية، ودراسة ما فيه من ظواهر الرسم وتسجيلها.
الانتهاء من مصحف طشقند
الثلاثاء 13 مايس 1975م = 1 جمادى الأولى 1395هـ
انتهيت اليوم من دراسة مصحف طشقند.
مناقشة
الثلاثاء 20 مايس 1975م = 8 جمادى الأولى 1395هـ
حضرت اليوم مناقشة رسالة السيد مجيد رشيد التكريتي عن النظام الگمرگي في الدول (المتخلفة) مع دراسة تطبيقية عنه في العراق، وقد منح شهادة الماجستير بدرجة جيد.
معالجة
الخميس 29 مايس 1975م = 17 جمادى الأولى 1395هـ
بدأت اليوم بتنظيف وحشو أسناني المتحاتة حتى القعر، عند طبيب الأسنان د. نصر الله ناشد رئيس قسم طب الأسنان في عين شمس.
أحداث لم تسجل
الخميس 5 حزيران 1975م = 24 جمادى الأولى 1395هـ
مضت أيام ولم تتح لي فرصة أن أكتب بضعة سطور في هذه الصفحات التي أستعيد بها أيام الماضي، وأتطلع فيها إلى المستقبل، ولا شك أن في كل يوم يمر وفي كل ساعة ولحظة هناك ميلاد جديد وموت وليد، وأحداث جسام تخص مجموع البشر القاطنين ظهر هذه الأرض وأحداث تخص أفراداً، شرور يتقلب في جنباتها الشيطان وكفر بالله والمسجد الحرام، وبصيص من الأمل يقود خطى السائرين يرجون رحمة الله، مضى شهر وكم سُجِّلَ فيه للناس وعليهم، أحصاه الله ونسوه، وأنا لم أزل أجوب رياض الكتب وأقطف من ثمارها، والشوق يهزني كل حين، ولكن إلى من؟ لاشك أن كثيراً منه إلى الأهل بعيداً هناك، والله أعلم بالكثير الباقي! وهناك العتاة يأخذون بخطام السفينة، رحل السادات في مطلع الشهر الماضي أو في بداية العشر الثانية منه إلى دول الخليج وزار العراق وسوريا، والتقى بفورد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في سالزبورج نهاية الشهر، والأزمة بين سوريا والعراق تتضارب عنها الأنباء، والناس كما يقال يتطلعون إلى مياه الفرات الحبيسة خلف السدود، كذلك في الشهر الماضي صدرت الأحكام على من اشترك بما يسمى بقضية الفنية العسكرية (في القاهرة) ولحقهم أيضاً جماعات أخرى من أهل الكهف وحُرَّاق الأضرحة، ولكن اليوم يختلط الألم بالأمل، فُتِحَتْ اليوم قناة السويس بعد مرور ثماني سنوات على غلقها، يوم ذَبَحَ جنود اليهود أطفال القرى العربية.
مصحف جامع عمرو بن العاص
الخميس 12 مايس 1975م = 2 جمادى الآخرة 1395هـ
منذ يوم أمس فُتِحَ أمامي الطريق للقراءة في المصحف المخطوط على الرَّقِّ، والمجلوب من جامع عمرو بن العاص، والمحفوظ في دار الكتب المصرية، وهو ناقص في عدة مواضع ومُكَمَّلٌ بورق عادي، لكن الأصل المخطوط على الرق لا يزال مقروءاً ومحتفظاً بكل خصائصه تقريباً، وهو قديم لا شك، وربما يعود إلى القرن الأول الهجري، فهو غير منقوط ولا مشكول إلا من طريقة غريبة للإعجام، وهي الإشارة إلى إعجام الحروف بواسطة (الخطوط الصغيرة)، وهو مكتوب بخط كوفي ثقيل، وقد لاحظت أن الخط يختلف بين ثلاثة أنواع: مُنَسَّقٌ ومُسَطَّرٌ جيداً، وبدائي غير منسق، وبينهما نوع هو غير منسق لكن الحروف تكتب فيه أحياناً غاية في الفن والروعة، وقد وصلت اليوم في القراءة قريباً من الجزء العشرين، وسأحاول بإذن الله أن أكمل قراءته في الأسبوع القادم، وأنا آخذ منه أمثلة تعين في دراسة بعض ظواهر الرسم، وقد ثبت لي أن أي مصحف قديم مخطوط يعين في تفهم الظواهر التي تبدو غير منضبطة، مثلا زيادة الياء في كلمة (بأييد) لا يزال الناس حائرين بهذه الياء الزائدة، ومنهم من يُجِلُّ الصحابة عن أن ينسب إليهم الخطأ حتى ولو كان ذلك في الخط، ومنهم من يقول إنهم أخطؤوا وأن الخط ليس كمالاً في حقهم، ولكني وجدت في المصحف أن كلمة (بآية) مكتوبة بياءين إحداهما زائدة أيضا، وأحسب أني عثرت على الخيط المُوصِلِ إلى الفهم
(يُتْبَعُ)
(/)
الصحيح لهذا الرسم، إن شاء الله.
جولة بين المصاحف القديمة
الثلاثاء 24 حزيران 1975م = 14 جمادى الآخرة 1395هـ
كنت في الأيام الماضية أخرج إلى المكتبة كل يوم، متنقلاً بين مكتبة معهد الدراسات العربية، ومكتبة جامعة القاهرة، ومكتبة الأزهر، ودار الكتب، أحاول أن أصل إلى آخر مصادر البحث تهيؤاً لبدء الكتابة بعد ذلك إن شاء الله، وكان قد بقي بعض من مصحف جامع عمرو بن العاص المحفوظ في دار الكتب لم أقرأه، كذلك لم أقرأ في المصحف الآخر أو بعض المصحف المنقوط على طريقة أبي الأسود، فذهبت إلى دار الكتب الجديدة أمس، وبعد جهد سُمِحَ لي بالدخول إلى قاعة المصاحف وبدأت أقرأ بسرعة، حتى إني انتهيت من قراءة مصحف جامع عمرو مع تدويني بعض الظواهر التي يمكن الإفادة منها، وجئت اليوم مبكراً مع علمي أن فتح القاعة لن يتم قبل التاسعة والنصف بل وحتى العاشرة، وسُمِحَ لي بالدخول أيضاً للقراءة في المصحف المنقوط، وبدأت أعمل بسرعة محاولاً أخذ وتدوين ما يمكن الإفادة منه، وخلال ذلك كان أحد موظفي الدار يمر عليَّ ويهمس في أذني كل حين: حافظ على المصحف، احذر من تمزيق الأوراق، ومن سقوط الحبر على الصفحات، وانتهيت من قراءة المصحف المنقوط، لأنه لا يتجاوز المئة صفحة، وفي كل صفحة سبعة أسطر، وبدأت أحاول القراءة في مصحف آخر أو النصف الأول منه منسوباً إلى جعفر الصادق، لكن إبراهيم طلع مرة أخرى، ودخل هذه المرة مزمجراً، وقال: ممنوع الاطلاع على المصحف هنا، لا بد أن تنزل إلى قاعة المطالعة، وكنت أدخل قاعة المصاحف لصعوبة إنزال المصاحف إلى قاعة المطالعة خشية أن يحلق بها أذى، فوافقت على أن يجلب لي مصحف جعفر الصادق، وهنا انبرى يقول: إن هذا المصحف لا يمكن الاطلاع عليه، ولا يمكن إنزاله لأنه يتلف بسرعة، (وهو مكتوب على الرق = جلد الغزال) وبعد أخذ ورد، وهو يزداد عناداً، فلم أملك إلا أن أتكلم بكلام لا أعلم الآن حدوده، وجاء من كان موجوداً في قسم المخطوطات، وانسحب أستاذ إبراهيم، ووافق من حضر على أن أبقى في القاعة وأقرأ بقية اليوم في ذلك المصحف، وجلست برهة من الزمن مشتت الفكر، أعالج آثار الانفعال الحاد وجفاف الريق، ثم قرأت بعض الصفحات لأستوضح طريقة شكل ذلك المصحف الذي تبين لي أنه مشكول على أكثر من قراءة، وخرجت من الدار قبل انتهاء الدوام، وأنا أفكر في ما ستصير إليه الأمور مع هؤلاء، فأنا متيقن أن كل ما حدث من منعي من الاطلاع على المصاحف أمس، ومن قبل ذلك، كان محاولة لدفعي إلى رشوتهم، كان ذلك واضحاً من كل كلمة تقال، وكنت أعرف ذلك جيداً، فإذا كان الاستقبال حاراً أول الأيام إلى حيث صار بارداً قاسياً في آخرها، بعد أن لم أقدم لهم شيئاً عامداً، لأني لم أعتد على هذه الطريقة في التعامل، وفي أمر يتعلق بالمصحف! والحمد لله الذي يسر لي القراءة في أربعة مصاحف من المصاحف القديمة، وهو ما يعطي مادة جيدة للبحث.
متاعب لا تنتهي
الأربعاء 30 تموز 1975م = 21 رجب 1395هـ
مضت أيام كثيرة لم أجد الفرصة التي أتمكن فيها أن أكتب بعض هذه السطور ولا الهمة التي تدفعني إلى تكلف بعض هذا الهذر الذي أرجو أن يعفو الله عما فرطت فيه، وكنت مشغولاً بين الذهاب إلى المكتبة أو الجلوس إلى كتاب في البيت أو الخلود في ساعة إلى الراحة أو الانقطاع إلى عتبة الذكريات الحزينة والهموم الثقيلة والآمال البعيدة: بعيدة المنال بعيدة في عليائها، لكني أحلم وما على الإنسان في أن يحلم، ومنذ أن نزلت القاهرة أو غمرتني القاهرة بهرجها ومرجها، كانت تكاليف الحياة تأخذ قسطاً من الوقت والجهد والتفكير إلا أن ذلك لم يكن ليعيقني كثيراً أو أنه يطغى على حياتي، وتمر الأيام ... ومع أني قد لازمني حسن الطالع منذ أن نزلت مع الأخ خليل في هذه الشقة التي نسكنها إلى الآن، إلا أن وحشة المدينة المخترقة أطرافها والآسنة أعماقها لم تزل تتسور علينا جدران الشقة وتقذف ببعض خبثها علينا، وما لنا في ذلك من حيلة، وما نملك من رده من سبيل، كنا مضطرين أن ندخل في الشقة شغالة تعيننا على أمور إعداد الطعام وتنظيف البيت، وكنا نجد من خشية الله وتقواه ما يدفعنا إلى حسن معاملة الشغالة وإكرامها، وتمر الأيام وتذهب شغالة وتجيء أخرى، لكن كل ذلك الإكرام وتلك
(يُتْبَعُ)
(/)
المعاملة الكريمة تذهب هباء كأن لم يكن شيء مذكوراً، وكل مرة تكشف الأيام عن جوهر تعبان مغطى بظاهر بشرى براق، كل مرة يخيب الظن ونفقد الأمل، نفقد الأمل في هذه الأمور الحقيرة، لكن لنا أملاً أكبر لن نفقد الثقة به أبداً، إن شاء الله. وعلى كل حال فقد أيدت الأيام زعماً كنا نسمعه أن الشاذ في طبقة الشغالات من لا تسرق، أي أن السرقة صفة غالبة عامة لا يخرج من ذلك إلا الواحدة أو العدد المحدود، وكانت عندنا شغالة لأشهر طويلة وكانت موضع ثقتنا، ما راعنا إلا تكشف الجريمة وكانت خيبة أمل كبيرة، وقلنا لقد صدق الزعم الذي سمعناه، وأفقنا من غفلتنا، ولكن جرت الأمور ومرت الأيام وراحت تلك وجاءت أخرى، وكنا هذه المرة أكثر حذراً، لكن يبدو أن الحذر يجب أن يكون دائماً من حيث لا يتوقع الإنسان الشر، ولم تمض إلا أيام حتى خُدِعْنَا بدماثة الحركة والمظهر، وزعمت أنها تريد أن تشتري لنا من حارتهم الشعبية رزاً وسكراً وزيتاً، وطلبت منا مزيداً من الفلوس لتملأ البيت بذلك، ومرت علينا اللعبة وانطلت وذهبت بالفلوس وبكل ذلك، وزادت فينا ألم المرارة وخيبة الأمل، وقلنا إننا سنواجه الأمر بحذر أكثر هذه المرة، وجاءت أخيراً أم سعيد، قد قاربت الخامسة والأربعين، وهي أم لرجال أو شباب يعملون، وزوجة لرجل كهل مقعد، ومضت الأيام، ونحن نحاول أن نحسن المعاملة لعلها تكون وقاء من الشرور، ومضى الآن ما يقرب من الشهرين على عملها، وكلما مر يوم تأكد ذلك الزعم المؤسف، مؤسف لأنه يدل على شيوع تلك الظاهرة، وليس حالة فردية، فقد أزعجنا يوماً أن رائحة كريهة أخذت تغرق البيت وتخنق الأنفاس، وحاولنا أن ننظف كل شيء، وأخيراً اقتنعنا أنها زالت، وقبل أيام تكررت نفس الحادثة، وازدادت الرائحة كانت تنبعث من المطبخ، وبعد بحث وجدنا كيس لحم صغير مخبأ تحت الثلاجة، وقد تُرِكَ حتى تعفن، وصارت رائحته كريهة، وكان كل شيء في تلك الأثناء من مستلزمات الأكل يتعرض للنقص، حتى تم لنا اليوم الوقوف عياناً على سرقة اللحم، فأم سعيد تسرق بغير حياء أكياس اللحم التي نحتفظ بها في الثلاجة، إذ إننا نشتري كل أسبوع مرة ما يكفي من اللحم، ونحفظه في أكياس النايلون مجمداً، وحاولت الإنكار ولكن الحقيقة كانت أكبر من أن تغطى ومع ذلك فإنها غادرت دون حياء، ونحن تحت وطأة الحاجة إلى شغالة واقعون، فما الحيلة!
صياغة خطة البحث
الاثنين 4 آب 1975م = 26 رجب 1395هـ
منذ بداية هذا الأسبوع حاولت أن أخطو خطوة جديدة في منهج العمل، فإني كنت قبل ذلك منصرفاً كلية إلى جمع المادة من الكتب، ولكني أخيراً وجدت نفسي قد استغرقت كثيراً من الوقت في ذلك ولم يبق علي إلا أن أبحث في بعض الكتب لجمع المادة التاريخية وبعض ما تبقى مما يتعلق بالبحث، كنت قبلاً أخرج صباحاً إلى إحدى المكتبات لأعود أعمل بعد الظهر في كتاب أستعيره من إحدى المكتبات أو كتاب أمتلكه، أما الآن فإني أخرج صباحاً إلى إحدى المكتبات أحاول أن أصل إلى نهاية مع المكتبات أو قريباً منها، وبعد الظهر بدأت بقراءة ما تجمع لدي من مادة محاولاً تصنيف البطاقات، وقد رسمت نهاية الأسبوع الماضي خيوط خطة جديدة على ضوء الرحلة بين الكتب، فقد جعلت البحث في بابين يتصدرهما فصل تمهيدي مهم يتصل بتاريخ الكتابة العربية قبل الرسم العثماني، وجعلت الباب الأول في جمع القرآن وكتابته وقراءاته، والباب الثاني في دراسة الرسم العثماني وبيان خصائصه وتتبع تطوره وعلاقة بالإملاء الحديث، لا شك في أن هذه الخطة تنتظر موافقة الأستاذ المشرف وتنتظر نظرات أخرى، المهم أني بدأت أصنف المادة، أحيانا اقرأ البطاقات بعناية كبيرة وأخرى أكتفي بعنوانها لأضع لها رقماً يشير إلى الفصل والمبحث، وآمل أن أنتهي من هذه العملية نهاية هذا الأسبوع، إن شاء الله.
مغادرة أم سعيد
السبت 16 آب 1975م = 8 شعبان 1395هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
مع أننا أقل الناس معاناة من أمر الشغالات إلا أننا رأينا منهن كثيراً من المزعجات، وقد كانت آخرهن أم سعيد، امرأة كبيرة في السن، وتفاءلنا أول أيام عملها خيراً، لكن الأيام خيبت ظننا، وجرى عليها ما يجري على كل الشغالات من السرقة والختل ورضينا بذلك، وكانت السرقة تتم على أعيننا، ولكن نقول أشياء بسيطة، وليس من اليسير التعامل مع شغالة جديدة لتبدأ نفس المسيرة، وعادت إلينا اليوم بعد الظهر لتخبرنا أنها تعتذر عن مواصلة العمل لأنها اتفقت مع عائلة من إحدى دول الخليج على تربية طفل لهم، وأنها ستسافر معهم، ولم يعنها أمر الاتفاق معنا، وبعد أخذ ورد أعطيناها الحساب ومضت لسبيلها، وعادت من جديد مشاكل الغسيل والتنظيف والطبيخ، وبدأت من جديد تظهر عوامل تبعث أحياناً بعض الحرج والضيق، وليس لدينا من الوقت الفائض ما نشغله في هذه الأعمال الجديدة سوى أن نقتطع من وقت الدراسة، وهكذا تطول الأيام من غير أن يكون هناك تقدم ملموس في العمل، ونحن الآن ملزمون بالبحث من جديد عن وجه جديد، لكنه نسخة من الوجوه القديمة! والله المستعان.
نشرت هذه الحلقة يوم الجمعة 2/ 5/1431هـ
ــ الحواشي ــ
(1) ( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref1) الأخ الدكتور عبد الستار عبد الحميد القدسي البغدادي، أبو معاذ، عرفته في القاهرة في أثناء إقامتي لدراسة الماجستير، كان يدرس الحديث في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وزاملته مدرساً في كلية الشريعة بجامعة بغداد، ثم عاد إلى مصر لدراسة الدكتوراه، وعمل في المملكة العربية السعودية، في كلية التربية في الطائف، وتوفاه الله منذ سنوات، رحمه الله.
(( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref2)2) كان ذلك قبل صدور مصحف المدينة النبوية.
(( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref3)3) كاتب هذه الرسالة الأستاذ الفاضل المربي كاظم فتحي الراوي، وطُبِعَتِ الرسالة في كتاب بعنوان (أساليب القسم في اللغة العربية) سنة 1397هـ = 1977م، بمساعدة الجامعة المستنصرية ببغداد، وبلغ عدد صفحات الكتاب (566) صفحة، وهو والد المهندس أحمد الراوي الذي التقينا به في القاهرة , وأقام عندنا في الشقة فترة، وتوفي الأستاذ كاظم قبل أسابيع في مدينة راوة في العراق، رحمه الله تعالى.
(( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref4)4) طلبت نسخة الرسالة من الشيخ أحمد الكومي، رحمه الله، أستاذ التفسير في كلية |أصول الدين بجامعة الأزهر، فرحب بي ودعاني إلى بيته، وأخذت النسخة معي، وأعدتها إليه بعد مراجعتها.
(( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref5)5) الجواب أن نوازع القومية لم تمت، وجرت أحداث خلال السنين الماضية في شمال العراق، وسالت دماء في ظل تلك النوازع، وعادت بقوة مدعومة هذه المرة من الأمريكان.
(( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref6)6) لم تعد هذه المسألة تشغلني كثيراً، فقد حاولت منذ عقود تحسين لغتي بالإنكليزية، وحاولت التقديم لدراسة الدكتوراه في إحدى جامعات بريطانيا، لكن لم يتحقق ذلك، واليوم أجد أن تلك الأماني صارت من الماضي، وأنا راض بما تحقق لي من فرص للدراسة والبحث، والحمد لله رب العالمين.
(( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref7)7) كان ذلك ظناً غير دقيق، فقد جاء البحث واسعاً جداً، جاوز ثماني مئة صفحة!
(( http://www.tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref8)8) يبدو أن هذه الصفحة تحكي لقاء مع أحد معارفي، كان يدرس الماجستير في القاهرة، وكان يعاني من مرض انفصام الشخصية، وكثيراً ما كانت تنتابه نوبات من القلق غير المبرر.
الحلقات السابقة:
1 - ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الأولى) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18525)
2- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثانية) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18581)
3- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثالثة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18636)
4- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الرابعة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18711)
5- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الخامسة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18785)
6- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة السادسة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18853)
7- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة السابعة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18943)
8- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثامنة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19012)
9- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة التاسعة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19104)
10- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة العاشرة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19167)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[16 Apr 2010, 05:32 م]ـ
جزاك الله خيراً يا دكتور ورفع قدرك، أمتعتنا كعادتك بهذه الخواطر والذكريات، تلك أمة قد خلت، نسأل الله أن يحسن لنا ولكم العاقبة ...
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[16 Apr 2010, 10:38 م]ـ
بارك الله في عمرك وجزاك خيرا على هذه الذكريات المفيدة الممتعة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Apr 2010, 05:45 ص]ـ
ما أعذب هذه اليوميات والذكريات، ويزيدها جمالاً أننا نقرأ ثمراها اليوم في المؤلفات التي كتبها الدكتور غانم وفقه الله. وفيها دروس للباحث المبتدئ والمنتهي على حد سواء، ففي الوقت الذي عانى فيه الدكتور غانم صعوبة الاطلاع على مصادر بحثه وأنفق الكثير من الوقت والجهد والمال في سبيل الوصول إليها والاطلاع عليها، فالمصادر اليوم متاحة للباحثين، ولكنهم يقصرون تقصيراً كبيراً في الاستفادة منها وتوظيفها التوظيف الصحيح. فحين توفرت المصادر ضعفت الهمم.
ـ[محب البشير]ــــــــ[17 Apr 2010, 08:28 ص]ـ
ذكريات ماتعة تبعث في نفسي همة لتدوين مذكراتي
بارك الله فيك
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[17 Apr 2010, 08:31 ص]ـ
بارك الله فيك أستاذنا الفاضل على هذه الذكريات المليئة بمصاعب الحياة التي واجهتموها خلال مسيرتكم المباركة وأسأل الله تعالى أن يجزل لكم الأجر على ما تحملتم وأن يرفع درجاتكم في عليين. سبحان الله وصلنا كتابكم في رسم المصحف فقرأناه مستمتعين طالبين المعرفة ولكن بعد قراءة ذكرياتكم ينبغي إعادة قراءته حتى نستشعر متاعب كل مراحل وفصول الكتاب فجزاكم الله تعالى عنا كل خير وجعل كل ما مررتم به في ميزان حسناتكم ورفعة في درجاتكم إنه جواد كريم.
بانتظار الحلقة القادمة لكم كل التقدير والاحترام والشكر على مشاركتنا هذه الذكريات وشكر الله لشيخنا الفاضل الدكتور عبد الرحمن على هذه الفكرة القيمة في نشر هذه اليوميات.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[17 Apr 2010, 10:43 م]ـ
لا زلت أجد طعما مميزا ونكهة خاصة لكل حلقة من هذه الحلقات!
ما أجمل حكاية التجارب، وقراءة السير، إذ تُقدَّم فيها العلوم الكبيرة بأعذب أسلوب وأحبه إلى النفس.
هنا نجد شاهدا على عصر من أهم العصور، وفترة من أدق فترات تاريخنا المعاصر، اشتدت فيها على المسلمين الوطأة، وتكالبت فيه الأمم، كل ينهش جهده، ويبث من السموم ما يقدر عليه فما هو موقف الشباب المسلم وسط ذاك التيار الهادر والعصف المدمر؟
وما هو دور المثقفين؟ وعمل المعلمين؟ ودور أهل التربية؟
هنا تحكى التجارب وتعرف دقائق ما كان يعيشه شباب ذلك اليوم، وليس أي شباب، بل السراة منهم والمبرزون الذي كانت عليهم التُكأة لصوغ مستقبهم الذي نعيش اليوم حلوه ومره.
هنا تجتمع الخبرة مع العلم، ويجتمع الفكر مع النظر، ويجتمع النصح مع التجربة، فتصاغ جميعا في قالب واحدٍ جذابٍ طيبٍ للواردين، ينهل منه الشبيبة ما يطفئ عطشهم ويروي غليلهم.
فأسأل الله لكم -دكتور غانم- السداد والتوفيق، والبركة في المال والأهل والوقت، وتمام الأجر، وكتابة القبول والبركة في كل ما تكتبون.
ـ[إبراهيم خالد البراهيم]ــــــــ[20 Apr 2010, 05:24 ص]ـ
ما أجمل هذه الذكريات،
جهد وعزمٌ وثبات ..
حققتم بها قفزاتٍ ووثباتٍ ..
أحسن الله إليكم وبارك فيكم ..
زدنا زادك الله من فضله يا دكتور، فما ملَّت أعيننا ولا كلَّت أنفسنا ..
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[22 Apr 2010, 06:04 م]ـ
أشكر جميع الإخوة والأخوات الذين قرؤوا هذه اليوميات ووجدوا فيها ما أمتعهم، فدعوا لكاتبها بالخير، فجزاهم الله كل خير، والحمد لله الذي وفق لكتابتها، ولم يخطر ببال كاتبها أنها ستقرأ في يوم ما من قبل مئات القراء، وتحظى باهتمامهم، شكر الله لمن سعى في نشرها، وأسهم في إعدادها.(/)
الفرق بين الزوجة و المرأة في القرآن الكريم
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[16 Apr 2010, 02:26 م]ـ
الفرق بين الزوجة و المرأة في القرآن الكريم -- تبهرني العقول المتفتحة التي تفسر لنا ما لا ندركه من كلام الخالق جل شأنه
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
تعالوا وتعرفوا على البلاغة في القران والدقة في التعبير والبيان
ثم قولوا سبحانك ياعظيم يامنان
متى تكون المرأة زوجاً ومتى لا تكون؟
عند استقراء الآيات القرآنية التي جاء فيها اللفظين، نلحظ أن لفظ \"زوج\" يُطلق على المرأة إذا كانت الزوجية تامّة بينها وبين زوجها، وكان التوافق والإقتران والإنسجام تامّاً بينهما، بدون اختلاف ديني أو نفسي أو جنسي ..
فإن لم يكن التوافق والإنسجام كاملاً، ولم تكن الزوجية متحقّقة بينهما، فإن القرآن يطلق عليها \"امرأة\" وليست زوجاً، كأن يكون اختلاف ديني عقدي أو جنسي بينهما ..
ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: \"وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ\"، وقوله تعالى: \"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا\".
وبهذا الإعتبار جعل القرآن حواء زوجاً لآدم، في قوله تعالى: \"وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ\". وبهذا الإعتبار جعل القرآن نساء النبي صلى الله عليه وسلم \"أزواجاً\" له، في قوله تعالى: \"النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ\".
فإذا لم يتحقّق الإنسجام والتشابه والتوافق بين الزوجين لمانع من الموانع فإن القرآن يسمّي الأنثى \"امرأة\" وليس \"زوجاً\".
قال القرآن: امرأة نوح، وامرأة لوط، ولم يقل: زوج نوح أو زوج لوط، وهذا في قوله تعالى: \"ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا\".
إنهما كافرتان، مع أن كل واحدة منهما امرأة نبي، ولكن كفرها لم يحقّق الإنسجام والتوافق بينها وبين بعلها النبي. ولهذا ليست \"زوجاً\" له، وإنما هي \"امرأة\" تحته.
ولهذا الإعتبار قال القرآن: امرأة فرعون، في قوله تعالى: \"وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ\". لأن بينها وبين فرعون مانع من الزوجية، فهي مؤمنة وهو كافر، ولذلك لم يتحقّق الإنسجام بينهما، فهي \"امرأته\" وليست \"زوجه\".
ومن روائع التعبير القرآني العظيم في التفريق بين \"زوج\" و\"امرأة\" ما جرى في إخبار القرآن عن دعاء زكريا، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، أن يرزقه ولداً يرثه. فقد كانت امرأته عاقر لا تنجب، وطمع هو في آية من الله تعالى، فاستجاب الله له، وجعل امرأته قادرة على الحمل والولادة.
عندما كانت امرأته عاقراً أطلق عليها القرآن كلمة \"امرأة\"، قال تعالى على لسان زكريا: \"وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا\". وعندما أخبره الله تعالى أنه استجاب دعاءه، وأنه سيرزقه بغلام، أعاد الكلام عن عقم امرأته، فكيف تلد وهي عاقر، قال تعالى: \"قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء\".
وحكمة إطلاق كلمة \"امرأة\" على زوج زكريا عليه السلام أن الزوجية بينهما لم تتحقّق في أتمّ صورها وحالاتها، رغم أنه نبي، ورغم أن امرأته كانت مؤمنة، وكانا على وفاق تامّ من الناحية الدينية الإيمانية.
ولكن عدم التوافق والإنسجام التامّ بينهما، كان في عدم إنجاب امرأته، والهدف \"النسلي\" من الزواج هو النسل والذرية، فإذا وُجد مانع بيولوجي عند أحد الزوجين يمنعه من الإنجاب، فإن الزوجية لم تتحقّق بصورة تامّة.
ولأن امرأة زكريا عليه السلام عاقر، فإن الزوجية بينهما لم تتمّ بصورة متكاملة، ولذلك أطلق عليها القرآن كلمة \"امرأة\".
وبعدما زال المانع من الحمل، وأصلحها الله تعالى، وولدت لزكريا ابنه يحيى، فإن القرآن لم يطلق عليها \"امرأة\"، وإنما أطلق عليها كلمة \"زوج\"، لأن الزوجية تحقّقت بينهما على أتمّ صورة. قال تعالى: \"وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ\".
والخلاصة أن امرأة زكريا عليه السلام قبل ولادتها يحيى هي \"امرأة\" زكريا في القرآن، لكنها بعد ولادتها يحيى هي \"زوج\" وليست مجرّد امرأته.
وبهذا عرفنا الفرق الدقيق بين \"زوج\" و\"امرأة\" في التعبير القرآني العظيم، وأنهما ليسا مترادفين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[16 Apr 2010, 03:59 م]ـ
هذه عكس ماذهبت اليه؛
{
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} الأحزاب37
واعطيك ملة اضبط، وهو الذي للاسف اهمله او حرفه المصحف الالكتروني الذي بين يدي ولربما هو الذي بين يديك، واهمله ولغا فيه النحويون؛ ان المرأة التي تنسب الى زوج مع اقتران اسمه معها جاء في القرءان بالتاء المفتوحة؛ امرأت نوح، امرأت فرعون، امرأت عمران، والتي لاتنسب الى زوج مسمى تاتي بالتاء المغلقة المدورة، فالتاءالمفتوحة للمرأة المتصلة بزوج والمغلقة للتي ليس اكيد،
واليك الامثلة؛
{
إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} آل عمران35
{
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَاِمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} التحريم10
{
وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} التحريم11
{
وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} النساء12
{
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} الأحزاب50
وهنالك امثلة اخرى في انحراف المصحف الالكتروني ندعوا القائمين عليه الى تصحيحها مثال ذلك؛ في المصحف القرطاس الذي تلمسه بين يديك؛ " قرءان " بالهمزة، والهمزة عنصر اساسي او عَلَم (ولا اسميه حرف، قاتل الله الذين يحرفون الكلم من بعد مواضعه)، بينما خطُهُ في المصحف الالكتروني؛ قرآن!!!!!
مثال المصحف الالكتروني؛
{
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} النساء82
الصحيح وفق المصحف القرطاس؛
{
أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} النساء82
مع العلم اني قمت بتصحيح التاء والهمزة بنفسي من بعد نقلها من المصحف الالكتروني،
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[16 Apr 2010, 05:20 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أخي الكريم امجد الراوي وفقك الله لما يحبه ويرضاه ونفع بك المسلمين
هذا تفسير السعدي رحمه الله تعالى عن الآية التي قلت أنها تخالف ما قيل وهي:
{وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا}.
وكان سبب نزول هذه الآيات، أن اللّه تعالى أراد أن يشرع شرعًا عامًا للمؤمنين، أن الأدعياء ليسوا في حكم الأبناء حقيقة، من جميع الوجوه وأن أزواجهم، لا جناح على من تبناهم، في نكاحهن.
وكان هذا من الأمور المعتادة، التي لا تكاد تزول إلا بحادث كبير، فأراد أن يكون هذا الشرع قولا من رسوله، وفعلا وإذا أراد اللّه أمرًا، جعل له سببًا، وكان زيد بن حارثة يدعى "زيد بن محمد" قد تبناه النبي صلى اللّه عليه وسلم، فصار يدعى إليه حتى نزل {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} فقيل له: "زيد بن حارثة".
وكانت تحته، زينب بنت جحش، ابنة عمة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكان قد وقع في قلب الرسول، لو طلقها زيد، لتزوَّجها، فقدر اللّه أن يكون بينها وبين زيد، ما اقتضى أن جاء زيد بن حارثة يستأذن النبي صلى اللّه عليه وسلم في فراقها.
قال اللّه: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ} أي: بالإسلام {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بالعتق (1) حين جاءك مشاورًا في فراقها: فقلت له ناصحًا له ومخبرًا بمصلحته (2) مع وقوعها في قلبك: {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} أي: لا تفارقها، واصبر على ما جاءك منها، {وَاتَّقِ اللَّهَ} تعالى في أمورك عامة، وفي أمر زوجك خاصة، فإن التقوى، تحث على الصبر، وتأمر به.
و قد ذكر القرطبي عن هذه الآية الكلام التالي:
قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} الْآيَةَ، نزلت في زينت (1) وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا زَوَّجَ زَيْنَبَ مِنْ زَيْدٍ مَكَثَتْ عِنْدَهُ حِينًا،
وذكر القرطبي رحمه الله تعالى أيضاً
وروي في الخبر أنه: أمسى زيد فأوى إلى فراشه، قالت زينب: ولم يستطعني زيد، وما أمتنع منه غير ما منعه الله مني، فلا يقدر على. هذه رواية أبي عصمة نوح بن أبي مريم، رفع الحديث إلى زينب أنها قالت ذلك. وفي بعض الروايات: أن زيدا تورم ذلك منه حين أراد أن يقربها، فهذا قريب من ذلك. وجاء زيد إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إن زينب تؤذيني بلسانها وتفعل وتفعل! وإني أريد أن أطلقها، فقال له: (أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ) الآية. فطلقها زيد فنزلت:" وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ" الآية.
تأمل ما لونه أحمر
فلعل زيد رضي الله عنه قد حصل بينه وبين زينب رضي الله عنها توافق في أول الأمر ثم حدث عدم التوافق
فهذا تأمل تأملته لا أدري هل هو صحيح أما لا الله أعلم فأرجوا التعليق عليه
ـ[أبو المهند]ــــــــ[06 Sep 2010, 11:31 م]ـ
أفادكم الله يا كرام والقاعدة في التفريق بين الزوجة والمرأة في القرآن غير مطرده وقد أورد ذلك العلامة الدكتور عبد العظيم المطعني في كتابه خصائص التعبير القرآني. والله الموفق
ـ[ريم]ــــــــ[07 Sep 2010, 01:21 ص]ـ
الأخ الفاضل ناصر_عزيز:
مشاركتك الفرق بين الزوجة و المرأة في القرآن الكريم تشبه كثيراً المشاركة التي شاركتُ بها صباح اليوم و لأول وهلة عندما قرأت ما جاء في الكتاب الذي بين يدي (1000سؤال و جواب في القرآن الكريم _قاسم عاشور) فيما يخص الفرق بين زوج و امرأة اقتنعت بذلك و أضفته إلى الموقع كمشاركة لكن ما علق به الأخ رشيد الهلالي كان مقنعاً أيضاً (أرجو أن تتطلع على رده) و إن وجدت تفسير هذا التناقض فحسن و أنا بانتظار البيان ...
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[08 Sep 2010, 04:59 ص]ـ
لم يسمعنا أخينا الباحث رأيه حول امرأة عمران. وما هو النقصان في الحياة الزوجية بين عمران وزوجته ليطلق عليها في القرآن (امرأة عمران) ولي زوجة عمران؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟(/)
دروس علمية (للشيخ الدكتور: فهد الوهبي) في المدينة المنورة
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[16 Apr 2010, 03:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المحمودِ بجميع المحامد تعظيماً وثناءً .. المتصفِ بصفات الكمال عزّة وكبرياءً ..
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمةِ الكرام النجباء .. وسلم تسليمًا كثيرًا ..
دروس علمية (للشيخ الدكتور: فهد الوهبي) في المدينة المنورة
عنوانها: التفسير (جزء عم) _ الفقه كتاب العمدة (باب الصلاة)
الدرس الأول: يوم الأحد 28/ 3 / 1431 هـ
لم يسجل.
الدرس الثاني: يوم الأحد 5/ 4 / 1431 هـ
الدرس صوتياً على هذا الرابط:
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=74204
الدرس الثالث: يوم الأحد 26/ 4 / 1431 هـ
الدرس صوتياً على هذا الرابط:
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=75161
الدرس الرابع: يوم الأحد 4/ 5 / 1431 هـ
الدرس الخامس: يوم الأحد 11/ 5 / 1431 هـ
الدرس السادس: يوم الأحد 18/ 5 / 1431 هـ
وهذه الدروس منقولة مباشرة عبر موقع البث الإسلامي ( http://www.liveislam.net/)
ومضة
للكلام غاية، ولنشاط السامعين نهاية، ومافضل عن الاحتمال ودعا إلى الاستثقال والملال، فذاك هو الهذر. (الجاحظ)
ـ[أمل الأمة]ــــــــ[16 Apr 2010, 04:55 م]ـ
جزاك الله خيرا ونفع بك ..
وبارك الله في جهود الشيخ الدكتور: فهد الوهبي ونفع بها الإسلام والمسلمين ...
ـ[عبير ال جعال]ــــــــ[30 Apr 2010, 10:57 م]ـ
# ff00ee
ـ[عبير ال جعال]ــــــــ[30 Apr 2010, 10:58 م]ـ
لفت يديك بحرير الجنان(/)
السبيل إلى حفظ القرآن الكريم وضبطه (طريقة عملية مجربة)
ـ[أبو صالح المدني]ــــــــ[16 Apr 2010, 05:52 م]ـ
الحمد لله الذي جعل القرآن هدىً للمتقين، ونوراً للسالكين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ الذي وصف بالخيرية معلم القرآن ومتعلمه، وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
فإن العناية بكتاب الله تعالى تعلمًا وتعليمًا وفهمًا ومدارسةً أجلّ المطالب وأعلاها، وأنبل الغايات وأولاها، كيف لا؟ وهو كلام رب العالمين الذي أنزله على خاتم المرسلين، إنه "أشرف ما صرفت إليه الهمم، وأعظم ما جال فيه فكرٌ ومدّ به قلمٌ؛ لأنه منبع كل علمٍ وحكمةٍ، ومربع كل هدىً ورحمةً، وهو أجلّ ما تنسّك به المتنسّكون، وأقوى ما تمسّك به المتمسكون، من استمسك به فقد علقت يده بحبلٍ متينٍ، ومن سلك سبيله فقد سار على طريقٍ قويمٍ، وهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ".
هذا وإن من العناية بالقرآن الكريم العناية بحفظه وضبطه، ومداومة استذكاره. وقد أحببت أن أساهم في خدمة حَفظة هذا القرآن العظيم، بطرح طريقةٍ عمليةٍ مجربةٍ، لحفظ كتاب الله تعالى وضبطه، استقيتها من تجربتي الشخصية وخبرتي المتواضعة في تعليم القرآن الكريم، سائلاً المولى عز وجل أن ينفع بها.
تمهيد:
لقد وصف الله القرآن العظيم بقوله: چ گ گ گ ? ? ? ? ? ?چ فأهل العلم هم الذين يحملون هذا الكتاب العظيم في صدورهم، ويتعاهدونه؛ عملاً بوصيّة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (تعاهدوا هذا القرآن فو الذي نفس محمدٍ بيده لهو أشد تفلتًا من الإبل في عقلها) متفق عليه.
ولا شك أن من أهم أهداف المسلم في هذه الحياة أن يكون حافظاً لكتاب الله تعالى، حفظًا متقنًا. وكل أحدٍ يبذل في تحقيق هذا الهدف وسعه، فمن مستقلٍ ومستكثرٍ؛ لكن من الملفت للأنظار أن كثيرًا ممن يسلك طريق الحفظ لا يحسن استخدام الطريقة المناسبة، والمنهج الواضح؛ لذلك تجد أحدهم يتنقل بين طرق ووسائل يقترحها لنفسه، ولكن بدون جدوى، وآخر يملّ من كثرة الأساليب التي استخدمها ولم ينتفع بها، وثالث يتنقل بين المشايخ لعله يجد طريقةً تناسبه، ورابع يبدأ حفظه للقرآن بدون منهجيةٍ واضحةٍ، وخامس، وسادس، وسابع ... لذا كان لزامًا على المدرسين وأهل الخبرة والمتخصصين أن لا يدعوا الوقت يضيع سدًى على هؤلاء، بل يبذلوا لهم المشورة والتجربة والنصيحة.
وأثناء ممارستي لتدريس كتاب الله تعالى كنت أبحث عن طريقةٍ متقنةٍ لحفظ القرآن الكريم لغير الحافظ، وطريقةٍ أخرى لضبط حفظ القرآن الكريم للحفّاظ. فتوصّلت إلى طريقةٍ أحسبها أفضل ما وقفت عليه، وهي طريقةٌ عمليةٌ متقنةٌ، تناسب الجميع بإذن الله. وهاك عرضها.
أولاً: السبيل إلى حفظ القرآن الكريم:
مقدمات:
أولاً: اعلم أن القرآن يسيرٌ، يقول الله تعالى: چں ں ? ? ? ? ? چ فإذا كان الله قد يسّره فحريٌ بالمسلم أن يحرص على اغتنام ذلك بشيءٍ من الاجتهاد والصبر والمثابرة.
ثانياً: الدعاء سلاح المؤمن، فاجعل من دعائك دائمًا: اللهم يسّر لي حفظ كتابك، وأعنّي عليه. واحرص على أوقات الاستجابة، خصوصًا في السجود، ووقت السحر.
ثالثاً: عليك بالمواظبة، وإياك والانقطاع والغياب، فلقد رأينا من يواظب على حفظ نصف وجه يومياً، ينجز أكثر ممن يحفظ وجهين يومياً لكن بانقطاع.
رابعاً: لا بد من حفظ القرآن على شيخٍ متقنٍ؛ لأن القرآن إنما يؤخذ بالتلقي، وأضرار الحفظ الانفرادي، أو على شيخٍ غير متقنٍ كثيرةٌ لا تحصر، من أعظمها حفظ بعض الكلمات باللحن في نطقها، وهذا يصعب تعديله إلى الصواب جدًا، لأن الذاكرة تتلقى أول حفظ أودعته، خصوصًا عند الأطفال، ويعلم الله كم يعاني مدرّسو الحلقات القرآنية ممن يأتيهم وقد حفظ بهذه الطريقة السقيمة، بل بعضهم يحفظ القرآن كاملاً، ولا يستطيع أن يقرأ صفحةً سليمةً من الخطأ الجلي الواضح، بل ومن الأخطاء التي تغيّر المعنى. وتعليم مثل هذا أصعب بكثير من تعليم من لم يحفظ شيئًا سابقًا. فتنبّه!
الخطوات العملية:
1 - اقرأ الدرس اليوميّ على الشيخ قبل الحفظ، واحرص على ضبط الكلمات التي في نطقها خطأ، وكررها بعد تعديلها عشرات المرات حتى تثبت في الذهن. ومن أنجع الطرق في ذلك: كثرة سماع الأشرطة للقراء المشهورين، المشهود لهم بالإتقان.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - بعد حفظ الدرس كرره مراتٍ عديدةٍ ليستقرّ في القلب؛ لأن الحفظ الأوّلي لا يكاد يستقرّ، فإن لم يتعاهده الإنسان فور حفظه بكثرة التكرار كان قد ضيّع جهده في الحفظ. وأنبّه في التكرار إلى أمرٍ مهم، ألا وهو: أن يكون التكرار بالعرض على الغير، أو في الصلاة، وإن كنت إماماً فاقرأ ما تريد ضبطه في الصلوات الجهرية، فإن ذلك أنفع بكثيرٍ من التكرار الانفرادي مع النفس. فتنبّه! ومما يساعد على قوة الحفظ واستقراره:
أولاً: رفع الصوت بالقراءة أثناء الحفظ، وفائدة ذلك: أن يشترك في الحفظ حاسّة السمع، وحاسّة البصر، مع النطق. والحفظ الذي تشترك فيه عدة حواس يكون أضبط وأرسخ في الذهن من غيره.
ثانياً: احرص على أن يكون هناك فاصل زمني بين الحفظ ووقت التسميع، ولا تكن ممن يحفظ إذا حان وقت التسميع والعرض، فإن ذلك الحفظ لا يكاد يستقرّ؛ لأنه حفظٌ آنيٌّ.
3 - لا بد من تسميع خمسة دروسٍ سابقةٍ مع الدرس الجديد على أقلّ تقدير، والهدف من ذلك تثبيت الحفظ الجديد؛ لئلا يتفلّت بسرعة.
4 - عند الانتهاء من كل سورةٍ لا تتجاوزها حتى تتقنها، وكذا عند الانتهاء من الجزء. فمن أهم الأمور في الحفظ ربط السورة كاملةً، وربط الجزء كاملاً.
5 - إياك والانقطاع عن مراجعة المحفوظ السابق أثناء الحفظ الجديد؛ فإن ذلك سيطيل عليك مشوار المراجعة والضبط فيما بعد.
ثانياً: السبيل إلى ضبط القرآن الكريم للحفاظ:
تنبيهات: تحتاج هذه الطريقة أن يجتمع فيك أمور:
الأول: الاستعانة بالله تعالى، والتوكل عليه وحده، والإلحاح في الدعاء أن يوفقك ويسددك، فالقلوب بيد الله سبحانه، يصرّفها كيف شاء.
الثاني: الهمة العالية، والعزيمة الصادقة، وعدم التردد والاضطراب، فالتردد والحيرة تفرّق جهد الإنسان، وتشتّت فكره، وتجعل وقته يذهب سدًى.
الثالث: المواظبة والالتزام الدقيق بالبرنامج، لأن البرنامج يختلّ ويضطرب في حال كثرة الغياب.
الرابع: الارتباط بمن يكون معينًا لك بعد الله في الاستمرار على هذا البرنامج، والأولى أن يكون معلّمًا للقرآن.
الخطوات العملية:
1 - قسّم القرآن إلى ست مجموعات, كل مجموعةٍ مكونةٍ من (5 أجزاء)، وإن كان حفظك ضعيفًا فقسّم القرآن إلى عشر مجموعات، تتكون كل مجموعةٍ من (3 أجزاء). والمقصود من هذا التقسيم أن تراجع كل مجموعةٍ على حدة، وتفرّغ لها كل جهدك وطاقتك، دون الالتفات إلى المجموعات الأخرى.
2 - ابدأ بمراجعة المجموعة الأولى بالمقدار الذي تقدر عليه يومياً (ربع جزء، نصف جزء، جزء، أو غير ذلك) لكن بشرط تحديد المقدار اليومي، وأن لا يكون مفتوحًا على حسب الظروف والأوقات، بل اجعل هذا البرنامج من أولوياتك اليومية. وفي حال انشغالك لا بأس بتحديد أيامٍ محددةٍ في الأسبوع للمراجعة، شريطة الالتزام التامّ بها، وعدم التفريط فيها.
ولا بد أن تراعي أمرين في المقدار اليومي، وهما:
أولاً: أن تعرض المقدار اليومي على شيخٍ، أو زميلٍ مُجيدٍ، ولا تكتفِ بالمراجعة الفردية فإنها غير مجدية.
ثانياً: احرص على تسجيل أخطائك على المصحف الخاص بك، دون تساهل، أو تفريط، أو تغافل. فإن هذا من أكثر ما ينفعك بإذن الله في الضبط.
3 - بعد اليوم الأول تلتزم كل يومٍ بمراجعة المقدار الجديد وعرضه، مع الاختبار في المقدار السابق. (مثال ذلك: المقدار اليومي: الحزب الثاني, الاختبار: الحزب الأول). والهدف من الاختبار في المقدار السابق أن يتكرّر المرور على كل مقدارٍ مرتين؛ فيكون أضبط وأتقن في الحفظ.
4 - بعد الانتهاء من تسميع المجموعة للمرة الأولى، فإنه يُجرى للطالب اختبارٌ في المجموعة من قِبل المدرّس أو غيره، بواقع ثلاثة أسئلةٍ على الأقلّ في كلّ جزءٍ, ويتمّ من خلاله تحديد مستوى الضبط، وكذلك تحديد مقدار التسميع في المرة الثانية.
5 - ارجع مرةً ثانيةً لنفس المجموعة، وراجع فيها مقداراً يتناسب مع تقديرك في الاختبار، والأولى أن يكون ذلك راجعاً إلى المعلّم، لكن لابدّ فيه من شرطين:
الأول: أن يكون أكثر من المقدار الأول ولو بمقدارٍ يسيرٍ.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: أن يكون حفظك للمقدار أحسن من حفظك في المرة الأولى, ويُعرف ذلك بأن تجعل لنفسك كشفاً تسجّل فيه المقدار اليومي، وتجعل أمامه عدة خانات فارغة، ومع كل تسميعٍ تسجّل في إحدى الخانات عدد الأخطاء والشكوك، وبذلك ينضبط معك الأمر. ولا بد من التركيز أثناء المراجعة على الأخطاء التي تمّ تدوينها في المصحف؛ لئلا تتكرّر مرة أخرى.
6 - وهكذا يجرى له اختبارٌ بعد الانتهاء من المرة الثانية, والمرة الثالثة، حتى يتجاوز الاختبار بمعدلٍ لا يقل عن (96 %) حتى لو تطلّب ذلك تكرار المجموعة عشر مراتٍ, لكن مع مراعاة الشرطين السّابقين: أن تكون كل مرةٍ أفضل من سابقتها، وأطول في مقدار المراجعة اليومية.
7 - بعد الانتهاء من المجموعة الأولى ينتقل إلى المجموعة الثانية وبنفس الطريقة, لكن بزيادة أمرٍ مهمٍ، ألا وهو: تخصيص يوم كل أسبوعٍ تقريباً لمراجعة المجموعة الأولى. وذلك سهلٌ ميسورٌ لمن ضبط ما سبق. وهكذا إذا انتقل إلى المجموعة الثالثة والرابعة حتى الانتهاء من المصحف.
8 - بعد الانتهاء من المجموعة الثالثة يتوقف لمراجعة المجموعتين الأولى والثانية، ولمدةٍ تتراوح من أسبوعٍ إلى أسبوعين. وهكذا بعد الانتهاء من المجموعة الخامسة يتوقف لمراجعة جميع ما سبق.
تنبيه: يمكن استعمال هذا البرنامج لمن يحفظ عدة أجزاء من القرآن، ولو لم يختم حفظ القرآن كاملاً، بحيث يقسّم مجموع حفظه إلى مجموعاتٍ متساويةٍ، على حسب مقدار ضبطه للحفظ، ويستمرّ في بقية الخطوات كما هي.
فمثلاً: من يحفظ خمسة عشر جزءاً من القرآن (نصف القرآن)، فله أن يقسّمها إلى ثلاث مجموعاتٍ، في كل مجموعةٍ خمسة أجزاء، إذا كان حفظه لا بأس به. وله أن يقسّمها إلى خمس مجموعاتٍ، لكل مجموعةٍ ثلاثة أجزاء، إذا كان ضعيف الحفظ. وعلى هذا فَقِس.
من فوائد هذه الطريقة:
1 - فائدة نفسيّة: وذلك في فكرة تقسيم القرآن إلى مجموعات، وضبط كل مجموعةٍ على حدة؛ لأنك لو جعلت نصب عينيك هدفاً قريب المنال نسبيًّا فإنه يهون عليك، وتتشجع للانتهاء منه، وتحس بالفرحة والاطمئنان عند تحقيقه. بخلاف ما إذا جعلت هدفك ضبط القرآن كاملاً، فإن النفس تتثاقل وتحسّ بصعوبة الهدف المنشود.
2 - الهدف من هذه الطريقة: ليس المقصود الضبط المؤقت، الذي يتفلّت بمجرد انقطاعٍ مؤقتٍ لا يتجاوز شهرًا، فإن هذا لا يسمى ضبطاً، وإنما هو حفظٌ مؤقتٌ لاجتياز اختبارٍ معينٍ، أو تجاوز مرحلةٍ ما. بل المقصود ضبطاً يبقى سنوات، فقد يستمرّ الشخص بعد هذا سنواتٍ طِوال بمراجعةٍ يسيرةٍ، والقرآن راسخٌ في صدره رسوخ الجبال. وهذا أمرٌ مجرّبٌ. والحمد لله.
3 - إذا طرأ طارئٌ على الطالب، ولم يتمكن من مواصلة البرنامج فترةً محددةً, فإن هذه الطريقة تجعل حفظه لا يتفلت بسرعةٍ؛ لأنه يكرر المجموعة الواحدة مراتٍ متعددةً متتاليةً.
4 - هذه الطريقة تتلافى المشكلة الكبرى التي تواجه من يريد ضبط حفظه للقرآن وهي: أنه لا يكاد ينتهي من مراجعة آخر القرآن إلا وقد نسي الأجزاء الأولى منه؛ لكن هذه الطريقة تتلافى ذلك بالربط الدائم بين الجديد والقديم بما يحقق رسوخ المحفوظ بإذن الله.
مدة البرنامج:
تختلف المدة على حسب مدى جودة الحفظ السابق، وعلى حسب المقدار اليومي، وعلى حسب الجدية والمواظبة في تطبيق البرنامج، لكن المدة التقريبية للبرنامج تتراوح ما بين (ستة أشهر إلى سنة).
وفي الختام أسأل الله أن ينفع بهذه الطريقة معلّمي القرآن، ومتعلّميه، وأن لا يحرمني الأجر، وأن يجمعنا جميعًا في جنّات النّعيم. إنه سميعٌ مجيبٌ. والله تعالى أعلى وأعلم، وأجلّ وأحكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[16 Apr 2010, 06:57 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بك ورفع قدرك
ولا تنسى إخوانك من دعوة صالحة بظهر الغيب
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[18 Apr 2010, 12:34 ص]ـ
بارك الله بك ...
ـ[سحاب]ــــــــ[18 Apr 2010, 01:03 ص]ـ
جزاك الله خيرا. ولو قمنا باتباع هذه الطريقة
لكان الأمر سهلا بإذن الله بعد
إخلاص النية لله تعالى وحده(/)
بشرى لأهل القرآن في الكويت العلامة عبد الله العبيد اليوم ودرته العلمية
ـ[أبو مالك العقرباوي]ــــــــ[17 Apr 2010, 01:36 ص]ـ
تقيم المنابر القرآنية في الكويت
دورة علمية اعتبارا من اليوم السبت
ولمدة ثلاث أيام
من بعد صلاة المغرب مباشرة
للشيخ عبد الله بن صالح العبيد
يشرح كتابه الإتقان في تجويد القرآن
وذلك في مسجد حزام الأذينة
في منطقة السالمية
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Apr 2010, 05:13 ص]ـ
أسأل الله لأخي العزيز الشيخ عبدالله العبيد التوفيق والسداد في هذه الدورة العلمية، وكتابه الإتقان في تجويد القرآن من الكتب المختصرة المميزة في التجويد على رواية حفص.
وليتكم يا أبا مالك تسجلون هذه الدروس صوتياً وتوافون بها أعضاء ملتقى أهل التفسير جزاكم الله خيراً.
ـ[إبراهيم خالد البراهيم]ــــــــ[17 Apr 2010, 09:43 م]ـ
أضم صوتي لصوت الدكتور عبدالرحمن في محاولة تسجيل هذه الدروس النافعة لهذا الشيخ الجليل.
درستُ كتابه قديمًا فأفدت منه إفادةً كبيرةً ولله الحمد.(/)
مصادر ترجمة مسلم بن سفيان المفسر (عاجل)
ـ[نواف الحارثي]ــــــــ[17 Apr 2010, 03:25 م]ـ
بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
ذكر ابن الجزري في غاية النهاية ترجمة لـ: مسلم بن سفيان البصري المفسر الضرير، فهل من إفادة بمصادر ترجمة هذا العلم من غير الغاية.
بارك الله في الجميع(/)
كيف يفكرون؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[17 Apr 2010, 03:25 م]ـ
الإخوة الأفاضل هذه قصة إسلام أحد المهتدين الأمريكان " دكتور لورنس براون) أعرضها عليكم والغرض من هذا العرض هو التعرف على طريقة تفكير غير العرب وكيف يتعاملون مع النص القرآني، ولا شك أن هذا أمر ربما يختلف من شخص إلى آخر، ولكن الذي أعتقده أننا يمكن أن نستفيد من الجميع.
القصة:
"بعد ما سئلت مرارا وتكرارا: كيف أصبحت مسلما؟ ولماذا؟
قررت أن أسرد القصة للمرة الأخيرة ولكن سأكتبها هذه المرة.
لكني أعتقد أن قصص الرجوع للإسلام خالية من المعنى إن لم تكن متعلقة أو مرتبطة بالدروس المكتسبة، وإني أنوي أن أبدأ بهذه الدروس.
هناك لا شك نوع من الانبهار والإعجاب بقصص التحول ولسبب وجيه.
غالبا ما تكون هذه القصص قد أحدثت تغييرا جذريا درامتيكيا في حياة الذين تحولوا بشكل تجعلهم ينبذون العالم المادي ويتوجهون إلى العالم الروحاني.
أولئك الذين يمرون بهذه التجارب الدراماتيكية في الحياة , يقفون وجهاً لوجه أمام قضايا الحياة مثل من الذي صنعنا (خلقنا)؟ , ولماذا نحن هنا؟ لكن هناك عناصر مشتركة لقصص من اسلموا، وإحداها هي أن " العائد للإسلام " يجد نفسه في مثل تلك اللحظات خر ساجداً على ركبتيه , وعندما يتذكر ما حدث يقول إنّهم تضرعوا لله بصدق لأول مرة في حياتهم.
أدهشتني هذه القواسم المشتركة فدوّنت بعض القصص الهامة:
أولها , حسب رأيي, هي أن أغلب " العائدين للإسلام " الذين مرّوا بهذه اللحظات من الابتلاءات والذعر , تضرّعوا لله مباشرة بدون وسيط وبيقين. حتى أولئك الذين قضوا حياتهم معتقدين بالتثليث (الأب والابن والروح القدس) عندما يواجهون فاجعة على سبيل المثال يجأرون لله بطريقة غريزية ولا إرادية بدون الالتفات أو حتى التفكير في عناصر الثالوث المقترحة.
لأسرد لكم قصة كمثل لهذا. استضاف منصّر إنجيلي على قناة التلفزيون امرأة لسرد قصة عودتها للنصرانية كمولودة جديدة , والتي يدور محورها حول تعرض سفينة لعاصفة هوجاء في البحر دمرّتها وكانت هي الناجية الوحيدة من ذلك الموقف الرهيب. قالت هذه السيدة أن الأيام والليالي التي قضتها تصارع فيها العوامل القاسية من أجل البقاء في عرض المحيط , كلمها الله , هداها (وجهها) الله , حماها الله ,الخ. هل فهمت القصة؟
استغرقت هذه السيدة 5 إلى 10 دقائق تقص قصتها التي كانت فعلا مثيرة وآسرة , لكنها قالت خلال قصتها أن الله فعل هذا وفعل ذاك , وأنها ابتهلت لله , ولله وحده راجية رحمته. لكن عندما أنقذتها سفينة مرّت قرب الحادث , وصفت اللحظات التي وطأت فيها قدميها ظهر السفينة , رفعت اكف الضراعة نحو السماء وصرخت " شكراً أيها اليسوع ".
الدرس المستفاد بين طيّات القصة يكمن في الإخلاص والصدق. فعندما يواجه الناس ظروفاً ضاغطة وحالات ذعر فإنهم يدعون الله مباشرة على الفطرة. لكن عندما يتخيلوا أنهم في مأمن وسالمين فغالباً ما يعودون إلى معتقداتهم القديمة التي تعتبر عديد منها إن لم تكن (أغلبها) مضللة.
نعرف جميعنا أن كثيرا من النصارى يعدلون عيسى بالله , أمّا بالنسبة لأولئك الذين يجادلون هذه النقطة فإني اقترح عليهم قراءة كتابي حول هذا الموضوع والذي يحمل عنوان " الوصية الأولى والأخيرة " (أمانا للنشر). أمّا بالنسبة للآخرين فإني أود أن أسترسل قائلاً أن السؤال الحقيقي هنا هو "من الناجي حقاً؟ "
قصص عديدة يسردها الذين تحوّلوا إلى دين آخر , وكلهم يقولون أن إله هذا الدين أو ذلك الدين قد أنجى الشخص المعني , وكلهم يدّعي أنهم وقفوا على الحقيقة بناءً على معجزة نجاتهم. وحيث أنه لا إله إلا إله واحد ,وبالتالي دين واحد وحقيقة مطلقة , لذا فإن حقيقة الأمر تقول إن هناك فرقة على الحق وكل الفرق الأخرى تعيش في ضلال , وأن المعجزات الشخصية التي عاشوها قد زادتهم غيّاً في كفرهم بدلاً من كشف غطاء الحقيقة لهم. اقرأ قول الله في القرآن الكريم في سورة الرعد الآية 27:
(قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ) من الآية (27)
وأيضاً في سورة النساء الآية 175 يقول عز وعلا:
(يُتْبَعُ)
(/)
(فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) سورة النساء (175)
أما الضالون المعرضون عن الإيمان فسيتركون هكذا كما اختاروا هم.
لكن لا يجب الاستخفاف أبدا بقوة الإيمان حتى ولو كانت ناكبة عن الصراط. إذاً،من هو الذي سيصبح مسلماً بناءً على قصة إسلامي؟
شخص واحد فقط .. إنه أنا.
قد يجد المسلمون بعض التشجيع في قصتي , لكنها ستترك آخرين في خواء , بنفس الطريقة التي يتنهد بها المسلمون ويهزون رؤوسهم يائسين عندما يسمعون آخرين يذكرون " المعجزات " التي تحققت لهم بعد استنجادهم الراعي القديس الشركاء في التثليث أو أي انحرافات أخرى تبعدهم عن الإله الحق.
(لو أن شخصا دعا شخصا أو شيئا غير الله، من سيجيب هذا الدعاء إذا لم يكن الله؟
هل يمكن أن يكون مجرّد شخص لفائدة يجنيها في طمأنة أولئك الضالين بالمضيّ قدماً في الاستمتاع بنكهة معينة لكفرهم؟ الذي كرّس هدفه لقيادة البشرية في طريق الضلال؟)
ما بين الهلالين عندي تحفظ على دقة الترجمة وهذا
النص الأصلي:
For if a person prays to something or someone other than our Creator, who, if not God, might be the one answering those prayers? Could it just possibly be a certain one who has a vested interest in confirming those who are astray upon their particular flavor of disbelief?
One whose dedicated purpose is to lead mankind astray?
مهما كانت الطريقة التي سيختارها الشخص للإجابة على هذه الأسئلة فإن هذه المسائل قد لاقت تحليلً متعمقاً في " الوصية الأولى والأخيرة بإمكان المهتمين بها البحث والتقصّي. أمّا الآن فسأسرد قصتي.
في شتاء عام 1990 عندما ولدت ابنتي الثانية , تم نقلها فوراً من غرفة الولادة إلى وحدة العناية المركزة , حيث تم تشخيصها أنها مصابة بضيق في الأبهر. أي تضييق خطير في الشريان الأساسي من القلب , لقد كان لونها لون المعدن الأزرق الفولاذي الداكن من صدرها حتى أخمص قدميها ; لم يكن الدم يتدفق لجسمها بما فيه الكفاية , وبدأت أنسجتها تختنق. عند سماعي لتشخيص الطبيب أصابني انهيار وبصفتي طبيب فهمت أن الأمر يتطلب عملية جراحية طارئة على الصدر مع فرص ضئيلة في البقاء على قيد الحياة للأمد البعيد. تم دعوة مستشار لأمراض القلب والصدر لمستشفى الأطفال في واشنطن دي سي.
وعند وصوله طلب مني مغادرة وحدة العناية المركزة , حيث أني أصبحت في حالة عاطفية /نفسية مفرطة. بقيت وحدي مع مخاوفي بدون أنيس يواسيني ولا مكان أذهب إلية طلباً للسلوى في انتظار نتائج الفحوص التي سيقوم بها المستشار , توجهت نحو مصلّى المستشفى وسقطت على ركبتي. ولأول مرة في حياتي دعوت بإخلاص وإصرار. لقد قضيت كل حياتي ملحداً , وهذه أول مرّة أعرف الله جزئياً , أقول جزئياً ,لأني وأنا في هذه الحالة من الذعر لم أكن مؤمناً يقيناً , وهكذا صليت صلاة مرتاب, وعدت فيها الله _إن كان هناك اله _ إن هو أنقذ ابنتي فسأجتهد في العثور على الدين الذي يرضيه وإتباعه. مرّت 10 أو 15 دقيقة وأنا في المصلى ثم عدت لوحدة العناية المركزة , وفاجأني المستشار عندما قال لي إن ابنتك ستكون بخير. لقد صدق في تقويمه حالتها، فبعد يومين تحسّنت حالتها بدون دواء ولا جراحة , وكبرت لتصبح طفلة عادية جداً.
أعرف أن هناك تفسيراً طبيّاً لهذا. كما قلت آنفا أنا طبيب. فعندما تحدث الطبيب وفسّر حالتها الصحية التي مرّت بها فهمته , لكني لم أقبل ولم أقتنع بما قاله. بل الأمر أكثر من ذلك , حتى أخصائي العناية المركزة لم يقتنع , فهو الذي قام بتشخيص حالتها. لا زلت أذكره إلى يومنا هذا واقفاً فاغراً فاه لا يقدر على الكلام. لكن في النهاية كان المستشار محقاً انعكست حالتها فورياً , وغادرت ابنتي هناء المستشفى طفلة عادية من كل الجوانب _ وهنا تكمن المشكلة. كثير من أولئك الذين ينذرون نذراً لله في وقت الشدة , يجدون أو يختلقون أعذاراً واهية لنقض النذر ويتملصون من الوفاء بالعهد الذي قطعوه على أنفسهم في هذه الصفقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
كان باستطاعتي كملحد الاستمرار في الكفر بالله وأن أعزو معافاة ابنتي لتفسير الطبيب أكثر من أن أعزو ذلك لله. لكني لم أستطع. لقد قمنا بإجراء أشعة صورية قبل وبعد أظهرت وجود التضيّق يوماً واختفاءه في اليوم التالي ,وكل ما أفكر فيه هو أن قد أنجز وعده في هذه الصفقة وعلي أن أقوم بالمثل وحتى لو كانت هناك تفسيرات طبية مناسبة فإنها لا تخلوا أن تكون بإذن الله سبحانه وتعالى , فبأي وسيلة شاء الله قضاء أمره , فقد استجاب لدعائي. لا أكثر ولا أقل. وهكذا فإني لم أقبل آنذاك أي تفسير آخر ولن أقبل غير ذلك اليوم.
لقد حاولت في السنوات التي تلت أن أوفي بعهدي لكني أخفقت. درست اليهودية وعدّة طوائف نصرانية , لكنني لم أشعر أني عثرت على الحقيقة. انضممت إلى كنائس نصرانية متنوعة على مرّ الزمن , قضيت أكثر وقتا منها في الأبرشية الكاثوليكية الرومانية. لكني لم اعتنق الدين النصراني أبداً. لم أستطع إلى ذلك سبيلا لسبب بسيط هو أني لم أقدر على التوفيق بين التعاليم الإنجيلية للمسيح مع ما تلقنه النحل النصرانية المختلفة. في النهاية لزمت البيت وبدأت اقرأ.في هذه الأثناء تعرّفت على القرآن الكريم وسيرة النبي محمد الذي كتبها مارتن لينغز تحت عنوان " محمد، حياته استنادا على مصادر مبكّرة.
لقد قابلت أثناء سنوات إطلاعي على الكتب المقدسة اليهودية وقد أشارت إلى ثلاث أنبياء يأتون بعد موسى كان يوحنا المعمدان ويسوع المسيح اثنان , لذا بقي واحداً بناءً على العهد القديم. أمّا في العهد الجديد فيقول المسيح بنفسه عن قدوم نبي خاتم يأتي من بعد. لم أفكر قط في اعتبار النبي محمد آخر الرسل استنادا لم أخبر به موسى وعيسى حتى قرأت القرآن وتعاليم وحدانية الله , وزادت قناعتي بخاتم الرسل محمداً بعد أن قرأت سيرته. وبعد رسوخ يقيني , فجأة أصبح لكلّ معنى. استمرارية سلسلة النبوة والوحي , ووحدانية الله سبحانه , ونهاية الوحي مع نزول القرآن كاملاً, كل هذا أصبح له معنى رائعا ... فأصبحت مسلماً.
ذكاء مفرط , أليس كذلك؟ أبداً. سأقترف خطأً كبيراً لو اعتقدت أني اهتديت لذلك بنفسي. لقد تعلّمت درساً أثناء سنوات إسلامي العشر هناك كثير من الناس يفوقوني ذكاء , لكنهم لم يهتدوا لحقيقة الإسلام. لأن الأمر لا يتعلق بالذكاء بل بالنور الذي يقذفة الله في القلب , لأن الله أخبر عن الكفّار الذين يستمرون في كفرهم ولو أنذروا , فقد عاقبهم الله بحجب رحمته عنهم نتيجة إعراضهم عنه.
يقول الله سبحانه وتعالى في القران في سورة البقرة آية 6 و7:
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7))
لكن من ناحية اخرى البشائر السارّة ..
" .. ومن يؤمن بالله يهد قلبه .. " (سورة التغابن , آية 11)
" .. الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب " (سورة الشورى , آية 13)
" .. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " (سورة النور , آية 46)
أشكر وأحمد الله أنه اختار هدايتي , وإني أعزو هذه الهداية إلى وصف بسيط: معرفة الله , عبادة الله وحده بصدق مع التعهد باتباع دينه الحق ; ثم اتباع الهدى بعد إنعام الله عليك بالهداية."
من يرد التعرف على شخصية صاحب القصة ويسمعها من فيه:
http://www.thedeenshow.com/videos.php?action=featured&id=1102
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 Apr 2010, 05:31 م]ـ
من الدروس المستفادة من هذه القصة:
· القصص الحقيقية لا تخلو من العبر والعظات، وقد قال الله تعالى: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) يوسف من الآية (111) والتربية بالقصة منهج قرآني ونبوي.
· إغفال الجانب الروحي والانشغال بمتطلبات الجسد وحده هو الذي أودى بكثير من الناس.
(يُتْبَعُ)
(/)
· قول صاحب القصة:" أولها , حسب رأيي, هي أن أغلب " العائدين للإسلام " الذين مرّوا بهذه اللحظات من الابتلاءات والذعر , تضرّعوا لله مباشرة بدون وسيط وبيقين." أقول هذا مصداق قول الله تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41)) سورة الأنعام.
· وقوله: "الدرس المستفاد بين طيّات القصة يكمن في الإخلاص والصدق. فعندما يواجه الناس ظروفاً ضاغطة وحالات ذعر فإنهم يدعون الله مباشرة على الفطرة. لكن عندما يتخيلوا أنهم في مأمن وسالمين فغالباً ما يعودون إلى معتقداتهم القديمة التي تعتبر عديد منها إن لم تكن (أغلبها) مضللة." يذكرنا بقول الله تعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54)) سورة النحل.
· في قصة الرجل مصداق قول الله تعالى: (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62)) سورة النمل.
· قول الرجل: "كان باستطاعتي كملحد الاستمرار في الكفر بالله وأن أعزو معافاة ابنتي لتفسير الطبيب أكثر من أن أعزو ذلك لله. لكني لم أستطع. لقد قمنا بإجراء أشعة صورية قبل وبعد أظهرت وجود التضيّق يوماً واختفاءه في اليوم التالي ,وكل ما أفكر فيه هو أن قد أنجز وعده في هذه الصفقة وعلي أن أقوم بالمثل وحتى لو كانت هناك تفسيرات طبية مناسبة فإنها لا تخلوا أن تكون بإذن الله سبحانه وتعالى , فبأي وسيلة شاء الله قضاء أمره , فقد استجاب لدعائي. لا أكثر ولا أقل. وهكذا فإني لم أقبل آنذاك أي تفسير آخر ولن أقبل غير ذلك اليوم." فيه درس لأولئك الذين يغالطون الحقائق ويفسرون الأمور على غير الوجه الصحيح، لقد صدق الرجل في تفكيره وفي قراره وبهذا استحق هداية الله تعالى.
· لقد أعطى الله الرجل مفتاح الهداية فاستخدمه، وذلك يتمثل في وفاءه بوعده الذي قطعه على نفسه وبذل وسعه للوصول إلى الحق فاستحق بذلك الهداية من الله، قال تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) سورة العنكبوت (69).
· المتأمل في القصة يكتشف أن الرجل كان يستند إلى شيء ما وهو يدرس الأديان المختلفة ومن ثم الحكم عليها من حيث الصحة والبطلان، ولا أظن إلا أنه كان يستند إلى عقله وفطرته بعيدا عن المؤثرات الخارجية، وبهذا وصل إلى الحقيقة: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) سورة الروم (30)
· ومن الدروس التي يجب أن نقف عندها في قصة الرجل هو تسليمه المطلق لله تعالى ونسبة الفضل إليه وحده في هدايته إلى الحق دون الاغترار بالعلم أو الذكاء، وهذا يذكرنا بقول الله تعالى: (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) سورة الأنعام (125).
· وما أجمل الشكر لمستحقه وقد فعل الرجل ولا أدل على ذلك من عبارته التي ختم بها قصته وهي تعتبر ملخصا لكامل القصة حيث يقول: " أشكر وأحمد الله أنه اختار هدايتي , وإني أعزو هذه الهداية إلى وصف بسيط: معرفة الله , عبادة الله وحده بصدق مع التعهد باتباع دينه الحق ; ثم اتباع الهدى بعد إنعام الله عليك بالهداية."(/)
رجاء لأهل الملتقى الكرام
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[18 Apr 2010, 01:16 ص]ـ
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد ألا إله إلا الله شعار ودثار ولواء أهل التقوى، وأصلي و أسلم على الإمام المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه و على آله وصحبه أئمة الهدى ومصابيح الدجى، وبعد، معاشر الكرام الفضلاء:
سلام عليكم كلما هبت الصبا = وغنت بأغصان الأراك حمائمه
سلام عليكم كلما افتر بارق = فراقت عيون المجدبين مباسمه
سلام عليكم ما تفاوحت الصّبا = بزهر كأن المسك تحوي كمائمه
أسأله الله بمنه وكرمه أن يجمعنا بكم في هذه الدار على ذكره وعبادته، ثم يجمعنا بكم سرمدية أبدية في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر. أهل الفضل والفضيلة أشهد الله عز وجلّ على محبتكم فيه، وأزجي لكم من الشكر أوفاه وأسناه على ما نعمت به من الانتفاع بكتابتكم النافعة ومقالاتكم الرصينة، وقبل مدة من الزمن كنت إذا وجدت سعة من الوقت أرجع إلى أوائل الكتابات في الملتقى فأجد مقالات جد رائعة، وتكون مرتبة كحلقات، وبعضها يعد الكاتب بإكمال ما كتب، ثم يقف المقال عند هذا الحد، فلا الكاتب استنهضه الإخوة على الإكمال ولا هو نشط، فرجائي من الفضلاء والفاضلات مراجعة مقالاتهم القديمة المحررة، وإكمالها أو على أقل تقدير بث الروح فيها، ولا يزهد المرء في مثل هذا، فلعل الحرف الذي ينال به رضا الله لم يكتب بعد، جعلنا الله وإياكم من الموفقين المسددين، وجزاكم الله خير الجزاء.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Apr 2010, 01:32 م]ـ
أتفق مع أخي الكريم الشيخ فهد الجريوي فيما تفضل به، وقد سبق أن نبهتُ على هذا مراراً في مشاركات كثيرة. وذلك أن كثيراً من الحوارات مبتورة في الملتقى تنتظر فراغ من وعدَ بإكمالها، وللأسف أنني من هؤلاء!
ولكن أرجو أن تكون دعو الشيخ فهد باعثة للهمم للعمل على إكمال الحوارات والنقاشات في هذا الملتقى.
ولعل الخدمة الجديدة التي اضافها المشرف التقني عبدالله الشتوي وفقه الله وهي خدمة (من مواضيع ... ) والتي تظهر تحت توقيع الأعضاء تحث على تذكر الكثير من الموضوعات المعلَّقة وإكمالها.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[محب القراءات]ــــــــ[18 Apr 2010, 05:25 م]ـ
ولعل الخدمة الجديدة التي اضافها المشرف التقني الشيخ عبدالله الشتوي وفقه الله وهي خدمة (من مواضيع ... ) والتي تظهر تحت توقيع الأعضاء تحث على تذكر الكثير من الموضوعات المعلَّقة وإكمالها.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
أعجبتني فكرة هذه الخدمة وتفعيلها في الملتقى, وجهود الأخ عبدالله الشتوي في الملتقى وبصماته في التطوير واضحة , جزاه الله خيرا
ـ[يسعد صباحك]ــــــــ[18 Apr 2010, 07:33 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير أخي العزيز فهد وبارك الله بك
أحسنت أحسن الله إليك ونفع الله بك الإسلام والمسلمين
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[19 Apr 2010, 02:04 م]ـ
أسأل الله أن يباركم فيكم فضيلة الشيخ عبدالرحمن وينفع بكم، ونشكر الأخ عبدالله الشتوي الذي بعد انضمامه للملتقى أحدث حراكاً تقنياً جميلاً زاده الله بسطة في العلم والفهم، وسيحدث هذا الذي فعله حراكاً علمياً كبيراً نجد بإذن الله عاقبته الحسنة قريباً جعله الله في ميزان حسناته وحسنات الإخوة المشرفين.
أما يسعد صباحك، فأسعدك الله في الدارين وأقرّ بك العين.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[20 Jun 2010, 05:53 م]ـ
من باب تجديد المودة وتذكير الإخوة، والسلام.(/)
الدكتور عبد الكريم الخطيب وتفسيره
ـ[إبراهيم المصري]ــــــــ[18 Apr 2010, 07:00 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بحثت عن ترجمة للدكتور عبد الكريم الخطيب وعن تعريف لتفسيره (التفسير القرآني للقرآن) فلم أجد.
أرجو منكم المساعدة ولكم الشكر الجزيل
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[18 Apr 2010, 10:29 م]ـ
سيكتب عنه شيخنا العلامة في الجزء الثاني من كتابه المفسرون مناهجهم ومدارسهم وهو قيد الاعداد بل في اللمسات الاخيرة
ـ[د على رمضان]ــــــــ[22 Nov 2010, 03:55 م]ـ
عبد الكريم الخطيب .. القرآن الكريم يفسّر بعضه بعضاً
( http://iraqimuntada.com/shakhsyat/3022-2010-10-13-06-12-32.pdf)
(http://iraqimuntada.com/shakhsyat/3022-2010-10-13-06-12-32.html?tmpl=component&print=1&layout=default&page=)
(http://iraqimuntada.com/component/mailto/?tmpl=component&link=aHR0cDovL2lyYXFpbXVudGFkYS5jb20vc2hha2hzeWF0L zMwMjItMjAxMC0xMC0xMy0wNi0xMi0zMi5odG1s)
حسن السعيد
مفكر إسلامي معاصر، وهو باحث معروف، ومفسر ضليع، واسمه الكامل “عبد الكريم محمود يونس الخطيب”.
ولد في السابع عشر من مارس (مايو) 1910م (1328هـ)، في قرية “الصوامعة غرب” التابعة لمركز طهطا بمديرية جرجا، محافظة سوهاج من صعيد مصر.
تعلّم في كتّاب القرية، فحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بالمدرسة الأولية بالقرية، ثم بمدرسة المعلمين بسوهاج في عام 1925م، وتخرّج منها سنة 1928م، ليعمل مدرسا بالمدارس الأولية في منطقته.
لم يقنع بما حققه من تحصيل دراسي، فقد كان طموحه يدفعه الى طلب المزيد من العلم، مما قاده الى الحصول على شهادة البكالوريا من تجهيزية دار العلوم، وبهذا أمكن له الإلتحاق بمدرسة دار العلوم، وتخرج فيها سنة 1937م. من زملائه في هذه الدفعة الشاعر العوضي الوكيل، والقصاص محمد عبد الحليم عبد الله.
بعد أن تخرج من دار العلوم اشتغل مدرسا بالمدارس الابتدائية بالتعلم الحر، ثم نجح في إمتحان المسابقة الذي أجرته وزارة المعارف، فعيّن مدرسا للغة العربية بمدرسة “الصنائع” بسوهاج، كما اشتغل بمدرسة المعلمين بغنا، ثم أسيوط.
نظرا لكفاءته التعليمية تم نقله عام 1942م الى مدرسة المنيرة الابتدائية بالقاهرة، ثم نقل الى المدرسة السعيدية، وفي القاهرة انفتح الشاب الطموح على آفاق ثقافية وفكرية رحبة، مهّدت له السبيل ان يسلك مسالك أخرى، راح يرتقي سلالم المجد بثقة واقتدار.
كانت بداية الشوط، في هذا المضمار، حينما اختاره علي عبد الرازق (وزير الأوقاف يومذاك) ليكون سكرتيرا برلمانيا له، وذلك في سنة 1946م، وأثبت لياقة مشهودة، في عمله الجديد، عززتها سمعة عريضة في الجد والإخلاص والمثابرة ونظافة اليد .. والأخلاق السامية.
ظل في وزارة الأوقاف يترقى الوظائف الإدارية، وأصبح مديرا لمكتب وزير الأوقاف للشؤون العامة، حتى أحيل على المعاش بقرار جمهوري، بعد أن ظل معتقلا بالسجن الحربي (سيء السمعة)، من يوم 9 شباط (فبراير) سنة 1959م، الى العشرين من تشرين الأول (أكتوبر) من العام نفسه!
عن خلفيات الحدث ذاك، يقول عبد الكريم الخطيب: بأنه قبض عليه ظلما دون سبب، هو ومجموعة من كبار موظفي الوزارة، وأودعوا في السجن الحربي، وسووموا على أن يدلوا بشهادة باطلة ضد وزير الأوقاف في حينه (أحمد حسن الباقوري)، فأبى هو ورفاقه، فلم يجد المسؤولون بدا من إطلاق سراحهم .. مع فصلهم من وظائفهم!
أتاحت له فرصة الفصل من الأعمال الحكومية الاتصال الدائم بالكتاب، قراءة ودراسة، كما أفسحت له من الوقت ما أمكنه من مراجعة الكثير من الموضوعات التي كان يعالجها ثم يدعها قبل ان تنضج وتكتمل. فأقبل على عالم المعرفة ينهل من معينه الثرّ، ويزيده بحثا وإثراءً، يحدوه في ذلك عقل متفتح مستنير، متجاوزا الأطر التقليدية، والقناعات الموروثة.
في الفترة التي أعقبت إحالته على المعاش عكف عبد الكريم الخطيب على كتابة الدراسات والبحوث، فأصدر مجموعة قيمة من المؤلفات الدينية والأدبية، الى جانب المئات من المقالات في الصحف المصرية والعربية، والمئات من الأحاديث الدينية في الإذاعات المسموعة والمرئية في مصر، وفي السعودية حيث أتيح له أن يعمل بكلية الشريعة في الرياض، في عام 1974م (1314هـ) والعام الذي بعده.
(يُتْبَعُ)
(/)
كل الذين عاشروه -بمن فيهم خصومه ومناؤوه- يقرون بخصاله الحميدة، فقد “كان عذب الحديث، رقيق الحاشية، صافي الذهن والقريحة، رضي النفس، سمح الخلق، متواضعا، عازفا عن الشهرة، بعيدا عن الزهو”. ورجل حباه الله بهذه الفضائل فلابد أن يتحلى بالمرونة، ويتقبل الفكرة ويحترمها، وينشد الحقيقة، ويتصالح معها، ويتحرّى الحق ويصطف معه مهما كان مرّاً.
يقول السيد الرضوي: “تعرّفت الى هذا الأستاذ فقد كان مديرا لمكتب وزير الأوقاف العلامة الكبير الشيخ أحمد حسن الباقوري، ودعاني في شهر رمضان، مع جماعة من الأساتذة والعلماء في الوزارة، وكان ذلك في عام 1377هـ/ 1958م .. وفي كل مرة عندما أعود الى القاهرة ألتقي به في داره .. وبعد أعوام صادف مجيئي الى القاهرة في شهر رمضان المبارك، فطرقت باب دار الأستاذ صباحا فرحّب بي كثيرا على عادته، وأدخلني غرفة الاستراحة، ولما أردت الإنصراف قال: “أرغب أن تحضر هذه الليلة للإفطار عندنا”، فلبيت الطلب، وقصدت داره العامرة، وصادف دخولي داره وقت المغرب، ولما دخلت سلّمت وجلست في الغرفة المعدّة للضيوف فحيّاني سيادته وغاب عني دقائق ثم عاد وبيده صحن صغير فيه تمر محشو باللوز، فتناول واحدة وضعها في فيه وتناول ثانية بيده وقدمها لي، وقال:
- تفضل.
فأخذتها من يده وتركتها أمامي على المنضدة.
فقال: افطر، لماذا لا تفطر؟!
قلت: قال الله تعالى: “وأتموا الصيام الى الليل”، فهل يقال لهذا الوقت ليل؟
فأجاب: لا.
قلت: إذن كيف تفطر؟!
ثم قلت: أنظر يا أستاذ الى هذه الحمرة المشرقية ظاهرة ونحن الشيعة الإمامية لا نفطر في هذا الوقت، بل نتأمل دقائق وننتظر حتى تغيب هذه الحمرة، لأن وجودها يدل على عدم غياب قرص الشمس، فإذا زالت الحمرة هذه جاز لنا الإفطار، ونحن نأسف لأخواننا السنيين كيف يمسكون عن الأكل والشراب طول النهار ولا ينتظرون دقائق معدودة حتى تغيب هذه الحمرة!
فأجاب سيادته قائلا: أما أنا فمن الآن معكم، وبعد هذا لا أصيب طعام الإفطار إلا بعد ذهاب الحمرة المشرقية.
هذا الموقف ينمّ عن مدى سماحة الرجل وبعده عن التعصب الذميم، الذي أبتلي به العديدون، فلم يلجأ الى اللجاجة والجدل العقيم لإثبات صحة موقفه، وهكذا نجده يذعن الى المنطق السليم، ولا يتوانى لحظة في الرجوع اليه والإنصياع له.
بهذه الروح الرياضية نراه ينفتح على كل ألوان الطيف الإسلامي، فلا يقف خلف المتاريس الطائفية، ولا يسمح لنفسه أن يتخندق في حدودها الضيقة، بل ينطلق في آفاق المعرفة الرحبة، دونما مواقف متشنجة أو أحكام مسبقة، يحدوه الى تنكّب هذا المنهج -على وعورته- قوله تعالى: “الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب”- الزمر:18، وفي هذا السياق لا يتردد في أن يطلب من صديقه الرضوي إرسال تفسير مجمع البيان للطبرسي، وهو من التفاسير القيمة عند الإمامية.
وعلى ما يبدو ان هذا الانفتاح قد أثار عليه حفيظة الأوساط المنغلقة، التي لا تجيد سوى خطاب التكفير وإثارة الفتنة بين صفوف المسلمين، وهو ما نلسمه للأسف في كل ممارساتهم، وفيما يخص الموقف من المفكر المفسّر عبد الكريم الخطيب، يكتب أحد السلفيين ويذكره بعبارات نابية، ويذهب بعيدا حينما يزعم بأنه وقف على كلام منكر للخطيب خالف به إجماع المسلمين، فيما يتعلق بالمهدي والدجّال .. ويواصل هذا السلفي القول: “ثم بلغتني عنه مخالفات أخرى أدرجها في تفسيره للقرآن الكريم .. خالف فيها صريح القرآن الكريم .. الخ”!!، ومن المعلوم إن هذه الإتهامات الجاهزة هي المعزوفة الصدئة التي يرددها التيار السلفي ضد كل من لا يجاريهم!
لم يعبأ العلامة الخطيب بكل ما أثير حوله من غبار، وراح يغذ السير ويحث الخطى في دنيا المعرفة، وقدم العديد من الدراسات والبحوث في مختلف المجالات الدينية، التي تدور حول إعجاز القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، ومفهوم الإلوهية والوحدانية، الى جانب عشرات الأبحاث الأخرى، ومئات المقالات، والعديد من الندوات والأحاديث الإذاعية، مما جعله يعدّ من أشهر الكتّاب المسلمين في وقته.
(يُتْبَعُ)
(/)
أدى خدمات كبيرة في مجال تفسير القرآن الكريم، وقد اشتهر بتفسيره الذي اتبع فيه المنهج الموضوعي، وسماه “التفسير القرآني للقرآن” وهو بستة مجلدات، وبلغ حوالي (8000) صفحة، وقد تضمن رؤى جديدة تجاوزت التفاسير التقليدية، ويعد فتحا جديدا، مما أثار اهتمام المعنيين بالدراسات القرآنية، لاسيما وان عدة دراسات صدرت لاحقا عن التفسير الموضوعي.
إضافة الى تفسيره المعروف، ترك ما يربو على الخمسين كتابا منها:
* سد باب الاجتهاد وما ترتب عليه. * القصص القرآني. * التعريف بالإسلام في مواجهة العصر. * الحدود في الإسلام. * اليهود في القرآن. * أيام الله. * المهدي المنتظر ومن ينتظرونه. * الدعوة الوهابية، 1379هـ (ط2: 1394هـ). * قضية الإلوهية بين الفلسفة والدين. في كتابين: الأول “الله ذاتا وموضوعا” والثاني “الله والإنسان”. * القضاء والقدر بين الفلسفة والدين. * إعجاز القرآن في كتابين: الأول بعنوان (الإعجاز في دراسات السابقين”، والثاني بعنوان (الإعجاز في مفهوم جديد”. * من قضايا القرآن. * المسيح في التوراة والإنجيل والقرآن. * النبي محمد إنسان ونبي الأنبياء. * عمر بن الخطاب الوثيقة الخالدة للدين الخالد. * علي بن أبي طالب بقية النبوة وخاتم الخلافة. * الخلافة والإمامة. * السياسة المالية في الإسلام. * الدين ضرورة حياة. * الإسلام في مواجهة الماديين الملحدين. * الإنسان والشيطان. * التصوف والمتصوفة. * مسلمون وكفى.
داهمته الأمراض، وهو في ذروة عطائه، ولكنه كان يكابر على جراحه (المادية والمعنوية)، حتى وافاه الأجل المحتوم في شهر صفر الخير سنة 1406م، الموافق لشهر تشرين الثاني عام 1985م، وشيّعه طلابه ومريدوه بالدموع والحسرات.
ومفكر كبير كالعلامة الخطيب المعروف بدماثة الخلق، وسعة الأفق من الطبيعي أن يلتف حوله العديد من أهل العلم، وقد تخرج على يديه كثيرون. وكتبت عنه رسالة جامعية في إحدى الكليات الأزهرية، كما ألّف الأستاذ السيد أبو الضيف المدني كتابا في سيرته .. رحمه الله.
أهم المراجع
1. اتمام الأعلام، د. نزار أباظة ومحمد رياض المالح، دار صادر، ط2، بيروت، 2003م.
2. مع رجال الفكر في القاهرة، مرتضى الرضوي، ط4، بيروت، 1998م-1318هـ.
3. تتمة الأعلام للزركلي، محمد خير رمضان يوسف، دار ابن حزم، م1: 317.
4. المستدرك على تتمة الأعلام للزركلي، 197:3.
ـ[د على رمضان]ــــــــ[22 Nov 2010, 04:08 م]ـ
ترجمة الشيخ من كتاب مع رجال الفكر فى القاهرة:
- 18 -
عبد الكريم الخطيب
من كبار المؤلفين البارزين في القاهرة
الصفحة 338
· ولادته: ولد في محافظة سوهاج من صعيد مصر في 17 مايو سنة 1920 م.
· تعلم في: كتاب القرية.
· حفظ القرآن الكريم: ثم تخرج من مدرسة المعلمين بسوهاج.
· تخرج من دار العلوم سنة 1937 م.
· وحصل على شهادة الدراسات العليا في دار العلوم.
· إشتغل بالتعليم في المدارس الابتدائية والمعلمين والثانوية.
· نقل إلى وزارة الأوقاف، سكرتيرا برلمانيا، ومديرا لمكتب الوزير عام 1953 م.
· أحيل إلى المعاش عام 1959 م، وبعد هذا تفرغ للتأليف.
· انتدب للتدريس في كلية الشريعة لعلوم التفسير بمدينة الرياض في المملكة العربية السعودية وذلك في عام 1973 وعام 1975 م.
· أهم آثاره: " التفسير القرآني للقرآن " 16 مجلدا " قضية الألوهية " جزآن " إعجاز القرآن " جزآن " علي بقية النبوة وخاتم الأوصياء " " التعريف بالإسلام " " المسيح في القرآن والتوراة والإنجيل " " القضاء والقدر " " بين الفلسفة والدين " " السياسة المالية في الإسلام ".
· تعرفت إليه في وزارة الأوقاف عام 1958.
· مؤلف فاضل: ومفسر ضليع.
· يتحلى بالمرونة ويتقبل الفكرة ويحترمها.
· أدى خدمات كبيرة في مجال تفسير القرآن الكريم
الصفحة 339
تعرفت إلى هذا الأستاذ منذ كان مديرا لمكتب وزير الأوقاف العلامة الكبير الشيخ أحمد حسن الباقوري ودعاني في شهر رمضان مع جماعة من الأساتذة والعلماء في الوزارة وكان ذلك في شهر رمضان عام 1377 هـ الموافق 1958 م.
وفي كل مرة عندما أعود إلى القاهرة ألتقي به في داره الواقعة في 30 شارع عبد العزيز.
وفي أحد الأيام ذهبت إلى داره العامرة وطلبت منه أن يعرفني على دار نشر لأتعامل معها فأرشدني إلى الحاج عبد المنعم الخضري صاحب دار الفكر العربي.
(يُتْبَعُ)
(/)
فذهبت مرة معه وعرفني عليه وعرفه بي وقال لي:
اترك هنا من جميع كتبك عددا معينا من كل كتاب واستلم وصلا بالكتب وفي السفرة القادمة تستلم منه ثمن المصروف وهكذا فعلت.
وبعد أعوام صادف مجئ إلى القاهرة في شهر رمضان المبارك فطرقت باب دار الأستاذ صباحا فرحب بي كثيرا على عادته وأدخلني غرفة الاستراحة ولما أردت الانصراف قال:
أرغب أن تحضر هذه الليلة للإفطار عندنا، فلبيت الطلب، وقصدت داره العامرة وصادف دخولي داره وقت المغرب ولما دخلت سلمت وجلست في الغرفة المعدة للضيوف فحياني سيادته وغاب عني دقائق ثم عاد وبيده صحن صغير فيه تمر محشو باللوز فتناول سيادته واحدة وضعها في فيه وتناول ثانية بيده وقدمها لي وقال:
تفضل: فأخذتها من يده وتركتها أمامي على المنضدة.
الصفحة 340
فقال: افطر لماذا لا تفطر.
قلت: قال الله تعالى: وأتموا الصيام إلى الليل.
فهل يقال لهذا الوقت ليل؟
فأجاب: لا.
قلت: إذا كيف نفطر؟
ثم قلت: أنظر يا أستاذ إلى هذه الحمرة المشرقية ظاهرة ونحن الشيعة الإمامية لا نفطر في هذا الوقت بل نتأمل دقائق وننتظر حتى تغيب هذه الحمرة لأن وجودها يدل على عدم غياب - قرص الشمس - فإذا زالت الحمرة هذه جاز لنا الإفطار.
ونحن نأسف لإخواننا السنيين كيف يمسكون عن الأكل والشراب طوال النهار ولا ينتظرون دقائق معدودة حتى تغيب هذه الحمرة.
فأجاب سيادته قائلا:
أما أنا فمن الآن معكم، وبعد هذا لا أصيب طعام الإفطار إلا بعد ذهاب الحمرة المشرقية، وبعد أن أفطرنا من صومنا، وشربنا الشاي، وتناولنا الفواكه ودعته وانصرفت.
وفي رحلاتي إلى القاهرة وعند زياراتي له في داره العامرة طلب مني الأستاذ أن أرسل له كتاب مجمع البيان في تفسير القرآن (1) لأمين الإسلام الشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي طاب ثراه وبعد عودتي إلى العراق أرسلت له الكتاب بالبريد المضمون وأجابني بوصول الكتاب إليه وإليك نصه:
____________
(1) مجمع البيان في تفسير القرآن طبع عدة طبعات في صيدا - لبنان والقاهرة وطهران وتبريز.
الصفحة 341
الأخ العزيز الأستاذ مرتضى الرضوي.
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد:
فقد تلقيت بيد الشكر تفسير الإمام الطبرسي في خمسة الأجزاء التي بعثتم بها إلي.
وإني إذا أذكر لكم هذا الفضل أسأل الله أن يجزل لكم المثوبة، ويبارك عليكم في دينكم وفي خلقكم وفي مروءتكم.
وإن الأيام القليلة التي تقضيها معنا في القاهرة بين الحين والحين هي زاد طيب نعيش فيه إلى أن تعود فنلقاك. وأرجو أن يكون لقاؤنا هذه المرة بك في وقت مبكر عما اعتدت أن تزور فيه القاهرة، كما أرجو أن تكون مدة إقامتك أطول حتى تتاح الفرصة للقاءات كثيرة معك.
أرجو أن تبعث إلي بكل ما تريد من مصر، فأنا على أتم استعداد لخدمتك وقضاء ما تطلب.
وتحياتي، وأشواقي، وتمنياتي الطيبة.
عبد الكريم الخطيب
القاهرة في: 12/ 2 / 1967 م
ـ[د على رمضان]ــــــــ[22 Nov 2010, 04:57 م]ـ
من غرائب المفسرين في أواخر القرن العشرين المؤلف محمد عبد الله بن الصديق الجكني الشنقيطي
رسالة يرد فيها صاحبها على بعض مسائل فى التفسير القرآنى للقرآن لعبد الكريم الخطيب
وهذا رابطها:
http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=60&book=4782
ـ[الجنوبي]ــــــــ[22 Nov 2010, 06:26 م]ـ
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3739(/)
طلب مساعدة حول طبيعة اختبارات قبول الدكتوراه في الجامعة الإسلامية
ـ[عبدالرحمن الفضلي]ــــــــ[18 Apr 2010, 09:26 م]ـ
السلام عليكم.
أخواني الأكارم أرجو مساعدتي، فأنا عندي اختبار قبول في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة للدكتوراه، في قسم التفسير وعلوم القرآن، بتاريخ 3/ 5 / 2010
فأرجو اعطائي الطريقة المطلوبة بالاختبار، أو إن توفرت نماذج قديمة للاختبارات. والله الموفق وبارك الله بالجميع. أخوكم أبو سعود الفضلي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Apr 2010, 12:31 ص]ـ
حياكم الله أخي عبدالرحمن ووفقكم لكل خير.لعل الزملاء الذين درسوا أو يدرسون في الجامعة الإسلامية - وهم كثيرون - يفيدونك عن طبيعة الأسئلة لهذه المرحلة. وإن كنتُ أحسبها تدور حول أهم المسائل التي لا ينبغي لمن يتقدم لهذه المرحلة أن يجهلها، ومناهج المؤلفين، ونحو ذلك. ولا بد أن تكون أسئلة دقيقة تليق بالمتقدمين لهذه المرحلة فدقِّق في القراءة والاستعداد.
ـ[عبدالرحمن الفضلي]ــــــــ[19 Apr 2010, 12:52 م]ـ
حفظك الله شيخنا الكريم، وأشكرك توجيك المبارك(/)
رؤية نقدية لمشروع محمد عابد الجابري ندوة صوتية
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[19 Apr 2010, 02:40 ص]ـ
ضمن فعاليات الصالون الثقافي لسعادة الدكتور سليمان الرحيلي
[عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة طيبة]
عُقدِتْ ندوة علمية بعنوان:
رؤية نقدية لمشروع محمد عابد الجابري
ألقاها سعادة الدكتور مختار الفجاري
[عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة، والمتخصص في تراث الجابري]
وذلك مساء يوم الأحد 5/ 5 / 1431هـ
وقد اشتملت المحاضرة على نقاط مهمة في تاريخ مشروع محمد الجابري في نقد العقل العربي، وتعداد مراحله، وأصوله التي يعتمد عليها، والجدير بالذكر أن الدكتور الفجاري تونسي الأصل، وهو متخصص في أبحاثه ورسائله في تراث الجابري ومشروعه.
وقد حضر الندوة لفيف من المثقفين وأعضاء هيئة التدريس بجامعة طيبة، وكان من الحاضرين:
- سعادة الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الدكتور محمد بن شديد العوفي.
- سعادة الدكتور مرزوق بن تنباك عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.
ثم ختمت الأحدية بقصائد شعرية للدكتور وليد قصاب عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود.
وقد سجلتُ اللقاء كاملاً فيما يقارب ساعتين مع المداخلات والقصائد الشعرية ..
ويمكن رفع الندوة الصوتية وحجم المف تقريباً (26 ميجا) من الرابط: http://www.4shared.com/audio/gfd6VQoO/aljabre.html (http://www.4shared.com/audio/gfd6VQoO/aljabre.html)
ـ[محمود البعداني]ــــــــ[19 Apr 2010, 11:47 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا دكتور فهد على هذه المحاضرة، وأنا الآن أسمعها ولعلي أقوم بتلخيص أهم أفكارها ووضعها في المنتدى بحول الله تعالى.
ـ[ايت عمران]ــــــــ[19 Apr 2010, 05:39 م]ـ
جار التحميل، شكرا لكم على الرفع يا دكتور.
وليتكم أعلنتم عنها مسبقا حتى نتمكن من حضورها.
جزيتم خيرا.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[19 Apr 2010, 05:47 م]ـ
جزاك الله خيراً يا دكتور فهد على هذه المحاضرة، وأنا الآن أسمعها ولعلي أقوم بتلخيص أهم أفكارها ووضعها في المنتدى بحول الله تعالى.
وإياك أخي الشيخ محمود وفقه الله ..
نعم ليتك تتكرم علينا بتلخيصها، علماً بأن الدكتور لم يستطع لضيق الوقت من طرح نقده كاملاً، ومشروعه الذي سماه التاريخية الإسلامية ..
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[19 Apr 2010, 05:50 م]ـ
< p> جار التحميل، شكرا لكم على الرفع يا دكتور.
وليتكم أعلنتم عنها مسبقا حتى نتمكن من حضورها.
جزيتم خيرا.</ p> <p>
وإياكم أخي الشيخ محمد ...
وقد كنت أنوي الإعلان عنها منذ أكثر من أسبوع ولكن المشاغل حالت دون ذلك حتى إنها كادت تفوتني مع حرصي عليها، ولكن يسَّرَ الله حضورها وتسجيلها ولله الحمد ..
ـ[محمود البعداني]ــــــــ[20 Apr 2010, 01:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه محاولة لتلخيص محاضرة الدكتور الفجاري (رؤية نقدية لمشروع نقد العقل العربي للجابري)، ولابد من سماع الندوة لمن أراد أن تكون الفكرة مكتملة عنده:
كانت محاضرة الدكتور الفجاري في محورين
المحور الأول: التعريف بمشروع نقد العقل العربي للجابري، وأخذت أكثر الوقت.
المحور الثاني: نقد مشروع الجابري، وقد عرضه باختصار لضيق الوقت.
المحور الأول: التعريف بمشروع نقد العقل العربي للجابري:
- قسم الجابري فكر النهضة إلى ثلاث مراحل:
الأولى: مرحلة الأفغاني ومحمد عبده.
الثانية: مرحلة الثورة (جمال عبد الناصر)
الثالثة: مرحلة النقد، ويقسمها إلى قسمين:
القسم الأول: مرحلة سلاح النقد: أي نقد المضامين.
القسم الثاني: مرحلة نقد السلاح: أي نقد الآليات لا المضامين.
- مراحل إنجاز الجابري لمشروعه في نقد العقل العربي:
- مرحلة تأسيس المنهج (أواخر السبعينات) وكتب فيها: تطور الفكر الرياضي والعقلانية المعاصرة، والمنهاج التجريبي وتطور الفكر العلمي
سلك الجابري في تأسيسه مشروعه المنهجين البنيوي، والمعرفي (الابستملوجي)
المنهج البنيوي: وهو نتاج الحداثة.
المنهج المعرفي: القائم على فلسفة العلوم والقطيعة المعرفية بين السابق واللاحق.
(يُتْبَعُ)
(/)
بدأ الجابري يمارس النقد بعد أن أسس منهجه في النقد، وقد بدأ بنقد الأيديلوجيا المعاصرة (ملاحظة: الدكتور الفجاري يعبر عن الايديلوجيا بالفكرانية)، وذلك في كتابين هما: الخطاب العربي المعاصر: دراسة تحليلية نقدية، وإشكاليات الفكر العربي المعاصر.
- بعد هذه المرحلة نشأت ثلاثية نقد العقل العربي (تكوين العقل العربي، بنية العقل العربي، العقل السياسي العرب)
- يرى الجابري أن تكوين العقل العربي أثرت فيه عوامل داخلية وخارجية، فمن العوامل الداخلية:
1. المقولات الفكرية: مثل حكم مرتكب الكبيرة، والعلاقة بين الإيمان والعمل، فقد أسهمت مثل هذه المقولات في إيجاد بيئة بحث علمي.
2. الحركة التنويرية: ويقصد بهم القدرية، ويرى أنهم قاموا بالرد على فريقين: ايديلوجيا الجبر، وميثولوجيا الامامة (الشيعة)، ويعتبر أن هذه الحركة أنتجت نهضة وفكراً أوصلها إلى الدولة أيام المأمون.
3. ظهور التدوين.
وهناك عوامل خارجية، فمنها: حركة الترجمة، فالجابري يرى أنه لم يكن للعرب أن يكون لهم عقل لو لم يترجموا.
- بنية العقل العربي عند الجابري تنقسم إلى:
البنية البيانية: وتقوم على الاستدلال بالنصوص، لذا هي استدلالية، وهي أصيلة غير وافدة، ومن علومها البلاغة، والفقه.
نلاحظ أن الجابري لم يذكر القرآن الكريم عند ذكره للبنية البيانية.
البنية العرفانية: وهي بنية حدسية، والجابري يضع فيها التشيع والتصوف، ويرى أنها ليست بنية عربية أصيلة بل وافدة من الشرق القديم (الحرانية، والهرمسية)
البنية البرهانية: وتقوم على الاستقراء، وتتبع مقولات المنطق، ومصدرها يوناني، وهي التي اعتمد عليها الجابري في نقده للعقل العربي.
مظاهر نقد الجابري للعقل العربي:
1 - العقل البياني: ينتقد الجابري فيه قيامه على العاطفة، والانفعالات، ولذا يقول: إن العقل البياني يدغدغ مشاعر المتلقي بل إنه يحدث نوعا من التنويم المغناطيسي للمتلقي.
2 - العقل العرفاني: يرى الجابري أنه عقل مستقيل.
- يرى الجابري أن ابن رشد هو مثال العقل البرهاني وعليه فإنه سيعتمده في نقده للعقل العربي.
المحور الثاني: نقد نقد العقل العربي:
تعرضت محاولة الجابري لنقد العقل العربي لنقدها بأنواع من النقد:
1 - النقد الساقط (أو الساخط): وهو نقد فكرانية الفكرانية بتعبير الدكتور الفجاري (أي أيديلوجية الأيديلوجيا) [ومن المصائب أن أحتاج أن أفسر العربي بغيره!]
وهو نقد جورج طرابيشي، ونقده ردة فعل للجابري، حيث رأى الجابري أن المغرب مصدر العقلانية، فأجابه طرابيشي من المنطلق المشارقي
2 - النقد الصامت: وهو نقد طه عبد الرحمن في كتابه تجديد المنهج في نقد التراث، وهو بدلا من أن ينقد الجابري قدم مشروعا مماثلاً.
وخلاصة نقده لمشروع الجابري أنه يراه مشروعا تجزيئياً بينما يرى طه عبد الرحمن أن القراءة التكاملية للعقل العربي هي القراءة السليمة فيوجد البرهان حيث يوجد البيان حيث يوجد العرفان، وهكذا.
3 - نقد التاريخية الاسلامية: وهو مشروع يتبناه الدكتور الفجاري نفسه، ويعني شيئين:
أولاً: القرآن الكريم ينهى عن التأويل، كما في آية آل عمران (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)، وكما في آية سورة البقرة (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيا: الاسلام كان له شرف ختم النبوة، وهو بهذا بدأ بتأسيس تاريخ جديد، وللزرقاني في مناهل العرفان (2/ 140) عبارة جميلة يقول فيها: (أن النوع الإنساني تقلب كما يتقلب الطفل في أدوار مختلفة ولكل دور من هذه الأدوار حال تناسبه غير الحال التي تناسب دورا غيره فالبش ر أول عهدهم بالوجود كانوا كالوليد أول عهده بالوجود سذاجة وبساطة وضعفا وجهالة ثم أخذوا يتحولون من هذا العهد رويدا رويدا ومروا في هذا التحول أو مرت عليهم أعراض متباينة من ضآلة العقل وعماية الجهل وطيش الشباب وغشم القوة على تفاوت في ذلك بينهم اقتضى وجود شرائع مختلفة لهم تبعا لهذا التفاوت حتى إذا بلغ العالم أوان نضجه واستوائه وربطت مدنيته بين أقطاره وشعوبه جاء هذا الدين الحنيف ختاما للأديان ومتمما للشرائع وجامعا لعناصر الحيوية ومصالح الإنسانية ومرونة القواعد جمعا وفق بين مطالب الروح والجسد وآخى بين العلم والدين ونظم علاقة الإنسان بالله وبالعالم كله من أفراد وأسر وجماعات وأمم وشعوب وحيوان ونبات وجماد مما جعله بحق دينا عاما خالدا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها
هذا إجمال له تفاصيله التي ألمعنا إليها في مناسبات سابقة وسنعرض لها إن شاء الله في مناسبات آتية)
وعندما تتبعت هذا وجدت أن جانباً كبيراً من السنة النبوية يقوم على هذا الأمر.
- نقد التاريخية الاسلامية يبدأ بنقد الرؤية الفلسفية للبنيوية، ويبدأ تحديداً بنقد الحداثة لأنها المؤسسة للبنيوية.
- خلاصات:
1. الجابري لم ينقد العقل العربي بل نقد آليات التفكير والنصوص الفلسفية والفكرية المكتوبة وأهمل غير المكتوبة (كالعادات والتقاليد والعلاقات بين الناس) مع أن هذه الأمور يوجد العقل العربي فيها أيضاً.
2. الجابري أهمل الأدب الجاهلي.
3. الجابري لم يكن أول من نقد العقل العربي كما يقول، بل أول من نقد العقل العربي هو أبو العلاء المعري حين قال:
لقد صَدِئَتْ أفهامُ قَومٍ، فهَلْ لها
صِقالٌ، ويحتاجُ الحُسامُ إلى الصّقلِ؟
و كان نقده للعقل العربي يتعامل مع العادات والتقاليد.
4. الجابري يعتمد المنهج البرهاني فقط، ويعتمد ابن رشد.
5. الجابري نقد العقل البياني اللساني بالبرهان فقط مع أن الفلسفة اليوم أصبحت تعتمد البيان، أي البرهان أصبح يعتمد على البيان.
- لأننا اكتشفنا الغرب قبل أن نكتشف تراثنا نحن اليوم نعاني.
- ختم الدكتور الفجاري بقول أبي حيان التوحيدي: لقد أشكل الانسان على الانسان.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[21 Apr 2010, 02:32 ص]ـ
أفدتنا أخي محمود أحسن الله إليك وبارك فيك.
ومن الكتب التي عرضت للكتابات في العقل العربي، ونقدتها بأسلوب مبسط، وبينت منزلة كل منها، وموقع كتابات الجابري منها على وجه الخصوص =كتاب: (العقل العربي: المسكوت عنه واللا مفكر فيه في مقاربات العقل العربي) للأستاذ محمد الصوياني.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[22 Apr 2010, 04:13 م]ـ
أشكرك أخي محمود على هذا التلخيص المفيد، وفقك الله وبارك فيك .. فهو مفيد للإخوة الذين لم يسمعوا المحاضرة ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Apr 2010, 11:35 م]ـ
بارك الله فيكم يا دكتور فهد على نقلك لهذه المحاضرة، وقد استمعت إليها بعد قراءتي لتلخيص الأخ محمود جزاه الله خيراً.
وفقكم الله جميعاً لكل خير ونفعنا جميعاً بالعلم، ولو لم نستفد من مشروع الدكتور محمد عابد الجابري هذا إلا الحث على أن يكون لأهل القرآن والباحثين في حقله وفي العلوم الشرعية بكافة فروعها مشروعاتهم طويلة المدى في خدمة هذه التخصصات وخدمة الأمة على غرار هذه المشروعات التي مهما اختلفنا أو اتفقنا معها إلا أنها تدل على همة وجلد في البحث والرصد والكتابة يفتقدها كثير من الباحثين.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[23 Apr 2010, 03:35 ص]ـ
وإياك يا دكتور عبد الرحمن وفقك الله ..
وأحب أنوه إلى سيرة الدكتور مختار الفجاري الذاتية فقد كنت أود وضعها في أصل المشاركة لكن وضع التعديل في الملتقى لا يزال بحاجة إلى تصحيح ...
(السيرة الذاتية للدكتور مختار الفجاري)
ملقي المحاضرة
الاسم الكامل: مختار الأخضر الفجاري
تاريخ الولادة ومكانها: 30/ 03/1961 بالقيروان/حفوز
الجنسية: تونسية
المهنة: أستاذ مساعد بجامعة طيبة ـ كلية الآداب والعلوم الإنسانية ـ المدينة المنورة.
السجل العلمي: (البحوث والدراسات)
(يُتْبَعُ)
(/)
· الكتب المنشورة:
1 ـ خطاب العقل عند العرب، المطبعة العصرية، تونس، 1993.
2 ـ نقد العقل الإسلامي عند محمد أركون، دار الطليعة، بيروت، 2005.
3 ـ صهاريكا والذاكرة المفخّخة، المطبعة العصرية، تونس، 2006.
4 ـ حفريات في التأويل الإسلامي، عالم الكتب الحديث، الأردن، 2008.
5 ـ الفكر العربي الإسلامي: من تأويلية المعنى إلى تأويلية الفهم، عالم الكتب الحديث، الأردن، 2009.
6 ـ تفاسير صوفية غير منشورة، عالم الكتب الحديث، الأردن، 2010.
· البحوث والدراسات المنشورة:
1 ـ تاًصيل الخطاب في الثقافة العربية، مجلة الفكر العربي المعاصر، عدد100 ـ 101، 1993. (بحث في الخطاب مفهوما نقديا جديدا لعصر ما بعد البنيوية، ومحاولة لتأصيل مصطلح Discours وذلك من خلال ورود جذر (خ. ط.ب) في القرآن الكريم والشعر العربي ولسان العرب.
2 ـ أركون والأنسنة: "الأنسنة بين العقل البراقماتي الغربي والعقل الإسلامي الأرتودكسي"، ضمن كتاب "تحوّلات الخطاب النقدي العربي المعاصر، منشورات عالم الكتب الحديث، الأردن، 2006، ص ـ ص 897 ـ 922. وهو كتاب أصدره المؤتمر الحادي عشر للنقد بجامعة اليرموك بإربد، الأردن.
3 ـ "في إنشائية الحكاية الفلسفية"، قراءة في قصة حي بن يقظان لابن طفيل، ضمن مجلة "جرش"، جامعة جرش الأهلية، العددان الخامس والسادس، 2007. (تطبيق للمنهج الإنشائي وخاصة نظرية جاكوبسون في الوظائف الستة)
4 ـ من أجناس الخطاب الفكري القديم: دراسة خطاب المناظرة في ق2 ـ 3 هـ، ضمن كتاب "تداخل الأنواع الأدبية"، عالم الكتب الحديث، إربد، الأردن، 2008، المجلد الثاني، ص ـ ص 253 ـ 280. (وهو كتاب أصدره المؤتمر الثاني عشر للنقد الأدبي بجامعة اليرموك بإربد، الأردن)
· الندوات:
1 ـ "إشكالية العقل عند المتكلّمين: الجاحظ نموذجا"، ندوة "العقلانية في الفكر العربي"، ندوة عالمية نظّمها اتحاد الكتاب التونسيين، القيروان، 16 ـ 17 ـ 18 ديسمبر، 1994.
2 ـ "منزلة ابن عربي في التفسير"، ندوة "ابن عربي"، جامعة تونس الأولى، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2003.
3 ـ "من أجل تأويلية للفهم في تفسير القرآن الكريم"، ندوة القراءة والتأويل، جامعة 7نوفمبر بقرطاج، المعهد العالي للغات، 16 ـ 17 ـ 18 أفريل 2004.
4 ـ "خطاب نقد العقل في الفكر المغاربي بين الجابري وأركون"، ندوة "الأدب والنقد واللسانيات في المغرب العربي"، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، المغرب، 8 ـ 9 ـ 10 ديسمبر 2004.
· الترجمات:
1 ـ "عودة إلى السؤال الأنسني"، محمد أركون، ضمن كتابه، الأنسنة والإسلام، دار فران، 2005. (42 صفحة)
2 ـ "مفهوم السعادة والبحث عن الخلاص في الفكر الإسلامي"، ضمن المصدر نفسه. (24صفحة)
3 ـ "منزلة المثقف ومهامه في الفكر الإسلامي"، المصدر نفسه، (56 صفحة).
4 ـ "من أجل تاريخ تأمّلي للفكر الإسلامي"، المصدر نفسه، (40 صفحة).
· النشاط الجامعي والثقافي:
1 ـ رئيس لجنة امتحان السنة الأولى بالمعهد العالي للغات للسنة الدراسية 2008 ـ 2009.
2 ـ عضو محكّم بحوث ودراسات لحوليات المعهد العالي للغات بتونس منذ 2004.
2 ـ أستاذ مشرف على امتحان إعادة التوجيه بجامعة 7نوفمبر بقرطاج، منذ 2000.
3 ـ أستاذ مشرف على رسائل ختم الدروس لنظام الأستاذية.
4 ـ عضو مؤسّس وعضو بالهيئة المديرة لفريق البحث "مدارات معرفية" الذي يصدر مجلة "مدارات". (1990 ـ 1991).
5 ـ كاتب عام مساعد لشعبة التعليم الثانوي بالمعهد الثانوي بحفوزـ القيروان، (1992 ـ 1994).
6 ـ عضو لجنة التفكير الخاصة بـ"مدرسة الغد" لولاية بن عروس، 1997 ـ 1998 (متحصل على شهادة تقدير من سيادة رئيس الدولة)
7 ـ رئيس المكتب المحلي للتربية والأسرة بمعتمدية المحمّدية ـ ولاية بن عروس، 2004 ـ 2006.
8 ـ عضو باتحاد الكتاب التونسيين منذ 1993.
9 ـ أستاذ مرشد لعدد من خطط البحث التكميلية لدرجة الماجيستار بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة طيبة، 1430 ـ 1431 هـ /2009 ـ 2010.
ـ[محمود البعداني]ــــــــ[23 Apr 2010, 10:32 ص]ـ
جزاكم الله خيراً مشايخنا الأفاضل
واضافة إلى ما ذكره الدكتور فهد الوهبي في سيرة الدكتور مختار الفجاري هذا رابط مدونته على الانترنت والتي أسماها مدونة التاريخية الاسلامية
http://fejrhistoricite.blogspot.com/
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[23 Apr 2010, 05:22 م]ـ
بارك الله فيك يا دكتور فهد، ونفع الله بالدكتور مختار.
ـ[محسن المطيري]ــــــــ[08 May 2010, 12:12 ص]ـ
لا أظنه يخفى على أهل التخصص حال محمد الجابري، وتشكيكه المعروف في كمال القرآن ونقصانه، ويحسن هنا ذكر فتوى العلامة البراك في مقالته تلك، حتى لا ينخدع به البعض، فقد سئل فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر البراك السؤال التالي:
صدر مؤخراً عن مركز دراسات الوحدة العربية كتابٌ للدكتور/ محمد بن عابد الجابري بعنوان "مدخل إلى القرآن الكريم"، تضمن هذا الكتاب فصلاً بعنوان "جمع القرآن ومسألة الزيادة فيه والنقصان"، ومما جاء فيه في صفحة 232 قوله عن القرآن الكريم: (ومن الجائز أن تحدث أخطاء حين جمعه، زمن عثمان أو قبل ذلك، فالذين تولوا هذه المهمة لم يكونوا معصومين، وقد وقع تدارك بعض النقص كما ذُكر في مصادرنا، وهذا لا يتعارض مع قوله تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"، فالقرآن نفسه ينص على إمكانية النسيان والتبديل والحذف والنسخ .. ) ثم ساق بعض الآيات التي تدل على وقوع النسخ إجمالاً في القرآن الكريم، وختمها بقوله: (ومع أن لنا رأياً في معنى " الآية " في بعض هذه الآيات، فإن جملتها تؤكد حصول التغيّر في القرآن، وإن ذلك حدث بعلم الله ومشيئته).
فما هو قولكم أحسن الله إليكم في هذا الذي قرره الدكتور الجابري، لاسيما أن كلامه هذا قد انتشر كثيراً في وسائل الإعلام المختلفة من الصحف والمواقع على الشبكة الإلكترونية وغيرها، وفرح به خصوم الإسلام وأعداؤه من اليهود والنصارى والملاحدة والرافضة، وعدّوه تصريحاً مهماً يثبت وقوع التغيير في كتاب الله الكريم قاله أحد كبار المفكّرين الإسلاميين.
الحمد لله الذي يقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق، وصلى الله وسلم على رسوله محمد الذي بلغ ما نُزل إليه من ربه، وآله وصحبه؛ أما بعد فإن هذا الكلام المذكور في السؤال ظاهرٌ منه القصد إلى التشكيك في القرآن الذي بأيدي المسلمين في سلامته من التغيير والزيادة والنقص، وحينئذ فلا يبقى وثوق بصحة القرآن، ولكن صاحب هذا الكلام لم يؤثِر الصراحة خوف التشنيع عليه وافتضاح فكره، فآثر أن يجعل الأمر محتملا، بل جعل احتمال التغيير في القرآن راجحا، وسَلَك لذلك لَبْسَ الحق بالباطل واستعمالَ الألفاظ المجملة، ويظهر ذلك بأمور مما جاء في كلامه:
1ـ قوله: (ومن الجائز أن تحدث أخطاء حين جمعه زمن عثمان أو قبل ذلك فالذين تولوا هذه المهمة لم يكونوا معصومين).
نقول: تضمنت هذه الجملة التشكيك في سلامة القرآن من الخطأ حين جمعه، لقوله: (من الجائز أن تحدث أخطاء حين جمعه) ولقوله: (فالذين تولوا هذه المهمة لم يكونوا معصومين).
ونقول: كذبت! فإنه لا يجوز أن يحدث خطأ حين جمع القرآن لضمان الله حفظ كتابه في قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) ونقول: إن الذين قاموا بمهمة جمع القرآن معصومون في عملهم هذا، فإن الصحابة مجمعون على هذا الجمع، ولا يجوز أن يجمعوا على خطأ، وأجمع المسلمون بعدهم على هذا القرآن الذي تلقوه عمن تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأجمع المسلمون على كفر من زعم تحريف القرآن أو جوّز ذلك، لأن ذلك ينافي قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فحَفِظَه أولا من أن تصل إليه الشياطين (إنهم عن السمع لمعزولون) وحفظه ثانيا بتبليغ نبيه صلى الله عليه وسلم وكتابته وحفظه في الصدور، ثم جَمْع الصحابة له وإجماعهم على ذلك.
2ـ قوله: (وقد وقع تدارك بعض النقص كما ذكر في مصادرنا).
نقول: اكتفى صاحب هذا الرأي الفاسد بإبهام النقص وإبهام المصادر، لأن غرضه لا يتحقق إلا بهذا الإبهام، وهو إحداث التشويش في عقيدة المسلم بالقرآن. وإذا وقع التدارك لم يكن نقص.
3ـ قوله: (وهذا لا يتعارض مع قوله تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) نقول: هذه دعوى باطلة جاء بها لدفع الاعتراض عليه بالآية، فإن وَعْد الله بحفظ تنزيل القرآن يستلزم امتناع جواز الخطأ فيه فضلا عن وقوعه، فدعوى المذكور عدمَ التعارض تلبيسٌ وتمويهٌ على السذج والجهال.
(يُتْبَعُ)
(/)
4ـ قوله: (فالقرآن نفسه ينص على إمكانية النسيان والتبديل والحذف والنسخ) نقول: هذا من أقبح التلبيس والتلاعب بعقول القراء، وإلا؛ فما نصَّ عليه القرآن من ذلك راجع إلى تشريعه سبحانه وحكمته بمشيئة وقت نزول القرآن (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)، وليس ما ذُكر في هذه الآية مما وعد الله بحفظ القرآن منه، فإدخاله فيه غايةٌ في المغالطة والتلبيس.
5ـ قوله: (مع أن لنا رأيا في هذه الآية ـ يريد: ماننسخ من آية أو ننسها ـ فإن جملتها تؤكد حصول التغير في القرآن، وإن ذلك حدث بعلم الله ومشيئته)، نقول: أبنْ لنا عن رأيك في معنى الآية، وقولك: (فإن جملتها تؤكد حصول التغير في القرآن) نقول: في هذا ما في الذي قبله من اللبس والتلبيس؛ فالتغيير الذي تدل عليه الآيات هو من قِبَل الله الذي أنزل القرآن، فهو بمشيئة الله وعلمه وحكمته ولا يكون إلا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) التغيير قد انقطع بموته صلى الله عليه وسلم لانقطاع الوحي، وأما التغيير الباطل فهو ما يحصل من فعل الناس عمدا أو خطأ، وهذا ما وعد الله بحفظ كتابه منه، وعصم منه هذه الأمة أن تُجمع على شيء منه، وقد أجمعت الأمة على هذا القرآن المكتوب في مصاحف المسلمين المحفوظ في صدور الحافظين المتلوِّ في المحاريب بألسن القارئين، وأجمعوا على سلامته من التحريف والتغيير والتبديل، كما أجمعوا على كفر من ادعى ذلك في القرآن، و أنه مرتد وإن زعم أنه مسلم.
وقول هذا المشكك في سلامة القرآن: (وإن ذلك حدث بعلم الله ومشيئته) هو من جملة التمويه على القارئ؛ فإن كل ما يحدث في الوجود من خير وشر وحق وباطل هو بعلم الله ومشيئته، فهي كلمة حق أريد بها باطل.
وبعد ما تقدم أقول: يجب الحذر من صاحب هذا الكلام المسؤول عنه، فإنه ماهر في التمويه ومخادعة القارئ في نفث فكره العفن مما أدى إلى اغترار كثير من الأغرار بكلامه وكتبه، وفرح به من يوافقه على فكره، نسأل الله أن يقينا والمسلمين شر المفسدين والملحدين، وأن يمن علينا بالثبات والبصيرة في الدين، كما ندعو هذا الرجل إلى التوبة إلى الله قبل أن يدركه الموت، وأن يعلن إيمانه بسلامة القرآن من التغيير والتبديل، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.(/)
هل حققت هذه المخطوطات في التفسير؟
ـ[إبراهيم الفقيه]ــــــــ[19 Apr 2010, 03:14 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخواني ومشايخي الأفاضل قبل أيام زرت دار المخطوطات بصنعاء وأنا أقلب الفهارس لقسم التفسير والقراءات وجدت أسماء هذه المخطوطات ولا أدري هل قد حققت أم لا؟
1 - أحكام البيان في أحكام القران لمحمد بن علي بن عبد الله المعروف بابن نور الدين الموزعي 825هـ
2 - الإكليل في استنباط التنزيل للسيوطي.
3 - تفسير الأعقم محمد بن علي الأعقم 773هـ
4 - تفسير غريب القرآن محمد بن إسماعيل الأمير 1182هـ
5 - تفسير غريب القرآن محمود بن حمزة بن نصر الكرماني 500هـ
6 - التلخيص في التفسير أحمد بن يوسف الكواشي 680هـ
7 - التيسير في علم التفسير الحسن بن محمد النحوي شرف الدين 791هـ
8 - تيسير المنان في تفسير القران أحمد بن عبد القادر الكوكباني 1222هـ
9 - جامع البيان في تفسير القرآن محمد بن عبد الرحمن الحسني الأيجي 905هـ
10 - درة التأويل في متشابه التنزيل حسين بن محمد بن الفضل الراغب الاصفهاني 502هـ
11 - ضياء السبيل إلى معاني التنزيل محمد بن علي بن محمد بن علان الصديقي 1057هـ
12 - فتح الرحمن في كشف ما أشكل من القران زكريا بن محمد الأنصاري 926هـ
13 - كشف التنزيل في تحقيق التأويل (تفسير الحداد) أبو بكر بن علي الحداد الزبيدي 800هـ
14 - كنز العرفان في فقه القرآن مقداد بن عبد الله بن محمد المقداد المحلي 846هـ
15 - الرسوخ في علم الناسخ والمنسوخ عبد القاهر بن طاهر البغدادي 429هـ
16 - منتهى المرام في شرح آيات الأحكام محمد بن الحسين بن القاسم بن محمد بن علي 1067هـ
17 - نزهة القلوب وجلى الهموم والكروب (تفسير لغريب القرآن مرتب على حروف المعجم) أبو بكر محمد السجستاني المعروف بابن عزيز 330هـ
18 - الوجيز والوسيط في تفسير الكتاب العزيز للواحدي
19 - النكت في إعجاز القرآن علي بن عيسى الرماني.
20 - جامع البيان في تفسير القران معين بن صفي.
21 - الحاكم المختار على القول الصحيح في الجمع والترجيح من تفاسير أئمة الأعلام يوسف بن محمد بن مصطفى بن حيدر بن فيروز.
والسلام عليكم
ـ[إبراهيم الفقيه]ــــــــ[19 Apr 2010, 07:16 م]ـ
15 مشاهد للمشاركة ولم أجد ردا
أين مشايخنا الفضلاء؟
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[19 Apr 2010, 07:49 م]ـ
2 - الإكليل في استنباط التنزيل للسيوطي.
محقق ومطبوع.
4 - تفسير غريب القرآن محمد بن إسماعيل الأمير 1182هـ
يوجد تفسير القرآن بالقرآن له محقق في الجامعة الإسلامية، أما هذا فالآن هذا عرفته من فضيلتكم.
6 - التلخيص في التفسير أحمد بن يوسف الكواشي 680هـ
تفسير الكواشي حقق في رسائل، ولا أدري هل هو هذا أم غيره.
12 - فتح الرحمن في كشف ما أشكل من القران زكريا بن محمد الأنصاري 926هـ
محقق
- نزهة القلوب وجلى الهموم والكروب (تفسير لغريب القرآن مرتب على حروف المعجم) أبو بكر محمد السجستاني المعروف بابن عزيز 330هـ
حققه يوسف المرعشلي، وحققه غيره.
18 - الوجيز والوسيط في تفسير الكتاب العزيز للواحدي
الوجيز حققه صفوان داودي، دار القلم.
19 - النكت في إعجاز القرآن علي بن عيسى الرماني.
محقق ضمن ثلاث رسائل منها رسالة للخطابي.
هذا ما أحفظه عن هذه الكتب، ولعلي أراجع ما تبقى لإفادتكم، مع رجائي لأهل التفسير أن يدلوا بدلوهم، ويفيدوا برأيهم واطلاعهم، وإلا فسنقوم بانقلاب على الملتقى، ونحيله إلى ملتقى أهل القراءات.
مع دعائي للجميع بالتوفيق والسداد في القول والعمل.
ـ[صالح القحطاني]ــــــــ[19 Apr 2010, 08:25 م]ـ
9 - جامع البيان في تفسير القرآن محمد بن عبد الرحمن الحسني الأيجي 905هـ
أظنه قد حقق
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[19 Apr 2010, 08:40 م]ـ
اخي الفاضل ابراهيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت للتو مشاركتك، وسأزودك بما يفيد بما يسمح لي الوقت، حيث ساقدم لك اللحظة معلومات عن أول خمسة كتب، وسيتبع الباقي باذن الله تعالى، إذ استخراجها يحتاج لبعض الوقت:
وجدت في قواعد البيانات لدي الآتي:
1 - منهج الاستنباط وتوظيف القراءات فيه عند مفسري اليمن خلال القرن التاسع الهجري الخطيب الموزعي أنموذجًا ... القرآن - تفسير ومناهج ... اليمني، ياسر عتيق محمد ... دكتوراه ... ... 2005 ... المغرب ... ... ... جامعة محمد الخامس ... ... ... ...
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - أما الكتاب الثاني فوجدت عنه: الإكليل في استنباط التنزيل للسيوطي: تحقيق ودراسة ... القرآن - علوم القرآن ... العرابي، عامر علي ... دكتوراه ... عبدالستار فتح الله سعيد ... جامعة أم القرى ... الدعوة وأصول الدين / الكتاب والسنة ... 1416هـ ... تحقيق ودراسة ... 3
3 - وأما تفسير الأعقم فقد نوقشت رسالة في منهجه قبل شهرين في جامعة العلوم الاسلامية – الاردن للطالب: مصطفى الجزائري.
4 - اما غريب القرآن للكرماني فلم أجد له مصنفا في ذلك ولعله الكتاب المطبوع التالي: غرائب التفسير و عجائب التأويل…الكرماني , محمود بن حمزة / العجلي , شمران سركال يونس…1988…قرآن - تفاسير …دار القبلة…2ج.……جدة…………
او هو لباب التفسير فقد حققه الاخ ناصر بن سليمان العمر، وهي رسالته للدكتوراة من جامعة الامام 1984 تقريبا
5 - واما التلخيص للكواشي فالذي اعرفه ان له التبصرة وهو محقق من قبل ثلة من الباحثين في السعودية ومصر وتفاصيل ذلك في الاتي:
· تبصرة المتذكر وتذكرة المتبصر في تفسير القرآن العزيز لموفق الدين أبي العبَّاس أحمد بن يوسف الكَوَاشي (ت 680 هـ) تحقيق ودراسة من أول سورة الحجر إلى آخر سورة الحج ... القرآن - تحقيق كتب ... وائل بن عبد القادر حجلاوي ... ماجستير ... ملفي بن ناعم الصاعدي ... 1429 ... السعودية ... ... ... الجامعة الإسلامية ... التفسير ... ... ...
·. تبصرة المتذكر وتذكرة المتبصّر لموفّق الدين أبي العباس أحمد بن يوسف الكواشي (ت 680هـ) سورة الفاتحة وسورة البقرة - تحقيق ودراسة ... القرآن - تحقيق كتب ... العمريّ، عبد الله بن نافع بن حذيفة ... ماجستير ... عبد العزيز بن محمد عثمان ... المدينة المنورة/ السعودية ... كلية القرآن الكريم/ قسم التفسير/ الجامعة الإسلامية ... 1411هـ ... تحقيق ودراسة ...
· 1620. "تبصرة المتذكر وتذكرة المتبصر في تفسير القرآن العزيز لموفق الدين أبي العبَّاس أحمد بن يوسف الكَوَاشي (ت 680 هـ)
· 1621. تحقيق ودراسة من أول سورة آل عمران إلى آخر سورة الأنعام " ... القرآن - تحقيق كتب ... حمزة بن موسى آدم ... ماجستير ... عبد العزيز العبيد ... 1429 ... السعودية ... ... ... الجامعة الإسلامية ... التفسير ... ... ...
· 1622. تبصرة المتذكر وتذكرة المتبصر في تفسير القرآن العزيز لموفق الدين أبي العبَّاس أحمد بن يوسف الكَوَاشي (ت 680 هـ) تحقيق ودراسة من أول سورة الأعراف إلى آخر سورة إبراهيم ... القرآن - تحقيق كتب ... عبده بن ديق حسن ... ماجستير ... ملفي بن ناعم الصاعدي ... 1429 ... السعودية ... ... ... الجامعة الإسلامية ... التفسير ... ... ...
· 1623. تبصرة المتذكر وتذكرة المتبصر في تفسير القرآن العزيز لموفق الدين أبي العبَّاس أحمد بن يوسف الكَوَاشي (ت 680 هـ) تحقيق ودراسة من أول سورة فُصلت إلى آخر سورة الممتحنة ... القرآن - تحقيق كتب ... حمد بن عبد الله بن مخلف العنزي ... ماجستير ... صالح بن عبد الرحمن الفايز ... 1429 ... السعودية ... ... ... الجامعة الإسلامية ... التفسير ... ... ...
· 1624. تبصرة المتذكر وتذكرة المتبصر في تفسير القرآن للكواشي ت680ه ... القرآن - تحقيق كتب ... مفيدة آدم محمد زين ... ماجستير ... عبد الله شحاته ... 1984 ... مصر ... ... ... كلية دار العلوم ... جامعة القاهرة ... ... ...
· 1625. تبصرة المتذكر وتذكرة المتبصر للكواشي: سورة الفاتحة ... القرآن - تفسير ... عبد الله بن نافع العمري ... ماجستير ... عبد العزيز محمد عثمان ... 1411هـ ... السعودية ... ... ... الجامعة الإسلامية ... ... ... ...
· وهناك رسالة في العراق وتفاصيلها في الاتي: دراسة وتحقيق تفسير سورتي الانفال والتوبة لموفق الدين الكواشي ... القرآن - تفسير ومناهج ... عبد المجيد, عمار عبد الكريم ... ماجستير ... ... العراق ... جامعه صدام - للعلوم الاسلامية ... 1996 ... ..
· وأخرى في تركيا، وتفاصيلها في الاتي: تحقيق وتحليل سورة آل عمران في تفسير الكواشي ... القرآن - تحقيق كتب ... أوزقايا، زكي ... ماجستير ... مصطفى جتين ... إزمير/ تركيا ... معهد العلوم الاجتماعية/ جامعة دوكوزأيلول (9أيلول) ... 1991م ... ... 3
ـ[أبو إسحاق الحضرمي]ــــــــ[19 Apr 2010, 09:10 م]ـ
4 - تفسير غريب القرآن محمد بن إسماعيل الأمير 1182هـ
حققه شيخنا محمد صبحي بن حسن حلاق - حفظه الله - فهو لم يبقِ شيئاً من تراث ابن الأمير - رحمه الله -.
16 - منتهى المرام في شرح آيات الأحكام محمد بن الحسين بن القاسم بن محمد بن علي 1067هـ
حُقق في رسالتين للماجستير بجامعة حضرموت، بإشراف الدكتور عبد الله الخولاني، وناقش إحداها الدكتور عبد الوهاب الديلمي.
13 - كشف التنزيل في تحقيق التأويل (تفسير الحداد) أبو بكر بن علي الحداد الزبيدي 800هـ
حُقق، ولا يحضرني الآن من حققه.
12 - فتح الرحمن في كشف ما أشكل من القران زكريا بن محمد الأنصاري 926هـ
النسخة التي بحوزتي بتحقيق الصابوني.
وأترك المجال لبقية الأعضاء
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يحيى بن عبدربه الزهراني]ــــــــ[24 Apr 2010, 12:11 ص]ـ
كذلك (الوسيط في تفسير القرآن المجيد) لأبي الحسن الواحدي حققه عادل أحمد عبد الموجود , وآخرون , وله تحقيق آخر.(/)
هكذا حلّل بديعُ الزمانِ آيةَ: " إنّا عرضنا الأمانةَ ...... "!؟!
ـ[خلوصي]ــــــــ[20 Apr 2010, 12:22 م]ـ
الكلمة التي كشفتْ عن لغز الكون وطلسمه وحلّت سراً عظيماً من اسرار القرآن الحكيم
الكلمة الثلاثون
حرف من كتاب (أنا) الكبير
نقطة من بحر (الذرة) العظيم
هذه الكلمة عبارة عن مقصدين:
المقصد الاول:
يبحث في ماهية (أنا) ونتائجها.
المقصد الثاني:
يبحث في حركة (الذرة) ووظائفها.
المقصد الاول
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
] إنّا عرضنا الأمانةَ على السموات والأرض والجبال فأبَيْنَ أن يحملْنَهاوأشفَقنَ منها وَحَمَلها الانسانُ إنه كان ظلوماً جهولاً [
من الخزينة العظمى لهذه الآية الجليلة، سنشير إلى جوهرة واحدة من جواهرها، وهي: أن الأمانة التي أبَت السمواتُ والارضُ والجبالُ ان يحملنها، لها معانٍ عدة، ولها وجوه كثيرة. فمعنىً من تلك المعاني، ووجهٌ من تلك الوجوه، هو:
(أنا).
نعم! إن (أنا) بذرةٌ، نشأت منها شجرة
طوبى نورانية عظيمة، وشجرة زقوم رهيبة،
تمدان أغصانَهما وتنشران فروعَهما في أرجاء عالم الانسان من لدن آدم عليه السلام الى الوقت الحاضر.
وقبل أن نخوض في هذه الحقيقة الواسعة نبين بين يديها (مقدمة) تيسّر فهمها. وهي:
المقدمة
ان (أنا) مفتاح؛ يفتح الكنوز المخفية للأسماء الإلهية الحسنى، كما يفتح مغاليق الكون. فهو بحد ذاته طلسمٌ عجيب، ومعمىً غريب.
ولكن بمعرفة ماهية (أنا) ينحَلّ ذلك الطلسم العجيب وينكشف ذلك المعمى الغريب (أنا) وينفتح بدوره لغز الكون، وكنوز عالم الوجوب.
وقد ذكرنا ما يخص هذه المسألة في رسالة (شمة من نسيم هداية القرآن) كالآتي:
((اعلم! أن مفتاح العالم بيد الانسان، وفي نفسه، فالكائنات مع انها مفتحة الابواب ظاهراً إلاّ أنها منغلقة حقيقةً فالحق سبحانه وتعالى أودع من جهة الأمانة في الانسان مفتاحاً يفتح كل أبواب العالم، وطلسماً يفتح به الكنوز المخفية لخلاّق الكون، والمفتاح هو ما فيك من (أنا). إلاّ أن (أنا) ايضاً معمىً مغلق وطلسم منغلق. فاذا فتحتَ (أنا) بمعرفة ماهيته الموهومة وسر خلقته انفتح لك طلسم الكائنات كالآتي)):
إن الله جلّ جلاله وضع بيد الانسان أمانةً هي: (أنا) الذي ينطوي على إشارات ونماذج يستدل بها على حقائق اوصاف ربوبيته الجليلة وشؤونها المقدسة. اي يكون (أنا) وحدة قياسية تُعرَف بها اوصاف الربوبية وشؤون الالوهية.
ومن المعلوم أنه لا يلزم أن يكون للوحدة القياسية وجود حقيقي، بل يمكن أن تركَّب وحدة قياسية بالفرض والخيال، كالخطوط الافتراضية في علم الهندسة. أي لا يلزم لـ (أنا) أن يكون له وجود حقيقي بالعلم والتحقيق.
سؤال: لِمَ ارتبطت معرفة صفات الله جلّ جلاله واسمائه الحسنى (بأنانية) (1) الانسان؟
الجواب: إن الشئ المطلق والمحيط، لا يكون له حدود ولانهاية؛ فلا يُعطى له شكل ولا يُحكَم عليه بحكم، وذلك لعدم وجود وجه تعيّنٍ وصورةٍ له؛ لذا لاتُفهم حقيقة ماهيته.
فمثلاً: الضياء الدائم الذي لا يتخلله ظلام، لا يُشعَر به ولا يُعرَف وجودُه إلاّ إذا حُدّد بظلمة حقيقية أو موهومة.
وهكذا، فإن صفاتِ الله سبحانه وتعالى كالعلم والقدرة وأسماءَه الحسنى كالحكيم والرحيم لأنها مطلقة لا حدود لها ومحيطة بكل شئ، لا شريك لها ولاندّ، لايمكن الإحاطة بها أو تقييدها بشئ، فلا تُعرف ماهيتها، ولا يُشعر بها؛ لذا لابد من وضع حدٍّ فرضي وخيالي لتلك الصفات والأسماء المطلقة، ليكون وسيلة لفهمها حيث لا حدود ولا نهاية حقيقية لها وهذا ما تفعله (الأنانية) أي ما يقوم به (أنا)؛ إذ يتصور في نفسه ربوبيةً موهومة، ومالكيةً مفترضة وقدرة وعلماً، فيحدّ حدوداً معينة، ويضع بها حداً موهوماً لصفاتٍ محيطة وأسماء مطلقة فيقول مثلاً: من هنا الى هناك لي، ومن بعده يعود الى تلك الصفات. أي: يضع نوعاً من تقسيم الأمور، ويستعد بهذا الى فهم ماهية تلك الصفات غير المحدودة شيئاً فشيئاً، وذلك بما لديه من موازين صغيرة ومقاييس بسيطة.
فمثلاً: يفهم بربوبيته الموهومة التي يتصورها في دائرة مُلكه، ربوبيةَ خالقه المطلقة سبحانه وتعالى في دائرة الممكنات.
ويدرك بمالكيته الظاهرية، مالكيةَ خالقه الحقيقية، فيقول: كما أنني مالك لهذا البيت فالخالق سبحانه كذلك مالك لهذا الكون.
ويعلم بعلمه الجزئي، علمَ الله المطلق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويعرف بمهارته المكتسبة الجزئية، بدائعَ الصانع الجليل، فيقول مثلاً: كما أنني شيدتُ هذه الدار ونظّمتها، كذلك لابد من منشئ لدار الدنيا ومنظّم لها.
وهكذا .. فقد اندرجت في (أنا) آلاف الاحوال والصفات والمشاعر المنطوية على آلاف الاسرار المغلقة التي تستطيع أن تدل وتبيّن ـ الى حدٍ ما ـ الصفات الإلهية وشؤونها الحكيمة كلها.
أي أن (أنا) لايحمل في ذاته معنىً، بل يدل على معنىً في غيره؛ كالمرآة العاكسة، والوحدة القياسية، وآلة الانكشاف، والمعنى الحرفي فهو شعرةٌ حساسة من حبل وجود الانسان الجسيم وهو خيط رفيع من نسيج ثوب ماهية البشر ..
وهو حرف (ألفٍ) في كتاب شخصية بنى آدم، بحيث ان ذلك الحرف له وجهان:
وجه متوجه إلى الخير والوجود؛ فهو في هذا الوجه يتلقى الفيض ويقبله فحسب، أي يقبل الإفاضة عليه فقط؛ إذ هو عاجز عن ايجاد شئ في هذا الوجه، أي: ليس فاعلاً فيه، لأن يده قصيرة لا تملك قدرة الايجاد.
والوجه الآخر متوجه الى الشر، ويُفضي إلى العدم؛ فهو في هذا الوجه فاعل، وصاحب فعل.
ثم إن ماهية (أنا) حرفية، أي يدل على معنىً في غيره، فربوبيته خيالية، ووجوده ضعيف وهزيل الى حدٍ لايطيق أن يحمل بذاته اي شئ كان، ولا يطيق أن يُحمَل عليه شئ، بل هو ميزان ليس إلاّ؛ يبين صفات الله تعالى التي هي مطلقة ومحيطة بكل شئ، بمثل ما يبيّن ميزانُ الحرارة وميزان الهواء والموازين الاخرى مقاديرَ الاشياء ودرجاتها.
فالذي
يعرف
ماهية (أنا) على هذا الوجه،
ويذعن له،
ثم
يعمل وفق ذلك، وبمقتضاه،
يدخل ضمن بشارة قوله تعالى] قد أفلح مَن زكّيها [
ويكون قد أدى الأمانة حقها فيدرك بمنظار (أنا) حقيقة الكائنات والوظائف التي تؤديها.
وعندما ترد المعلومات من الآفاق الخارجية الى النفس تجد في (أنا) ما يصدّقها، فتستقر تلك المعلومات علوماً نورانية وحكمة صائبة في النفس، ولا تنقلب الى ظلمات العبثية.
وحينما يؤدي (انا) وظيفته على هذه الصورة، يترك ربوبيته الموهومة ومالكيتَه المفترضة ـ التي هي وحدة قياس ليس إلاّ ـ ويفوّض المُلكَ لله وحده قائلاً: له الملك، وله الحمد، وله الحكم واليه ترجعون،
فيلبس لباس عبوديته الحقّة، ويرتقي الى مقام أحسن تقويم.
ولكن إذا نسي (أنا) حكمة خلقه، ونظر إلى نفسه بالمعنى الاسمي، تاركاً وظيفته الفطرية، معتقداً بنفسه أنه المالك، فقد خان الأمانة، ودخل ضمن النذير الإلهي:
] وقد خَابَ مَن دسّيها [
وهكذا فإن إشفاق السموات والارض والجبال من حمل الأمانة، ورهبتهن من شرك موهوم مفترض، إنما هو من هذا الوجه من (الأنانية)
التي تُولِّد جميع انواع الشرك والشرور والضلالات.
اجل! إن (أنا) مع انه ألفٌ رقيق، خيطٌ دقيق، خطٌ مفترض،
إلاّ أنه إن لم تُعرف ماهيته ينمو في الخفاء
ـ كنمو البذرة تحت التراب ـ
ويكبر شيئاً فشيئاً، حتى ينتشر في جميع انحاء وجود الإنسان،
فيبتلعه ابتلاع الثعبان الضخم، فيكون ذلك الانسان بكامله وبجميع لطائفه ومشاعره عبارة عن (أنا).
ثم تمده (أنانية) النوع نافخة فيه روح العصبية النوعية والقومية، فيستغلظ بالاستناد على هذه (الأنانية) حتى يصيرَ كالشيطان الرجيم يتحدى أوامرالله ويعارضها.
ثم يبدأ بقياس كل الناس، بل كل الاشياء على نفسه ووفق هواه، فيقسم مُلك الله سبحانه على تلك الأشياء، وعلى الاسباب فيتردى في شرك عظيم، يتبيّن فيه معنى الآية الكريمة] إن الشرك لظلم عظيم [(لقمان:13).
إذ كما ان الذي يسرق اربعين ديناراً من أموال الدولة لابد أن يرضي اصدقاءه الحاضرين معه بأخذ كل منهم درهماً منه كي تُسوَّغ له السرقة، كذلك الذي يقول: إنني مالك لنفسي، لابد من أن يقول ويعتقد: إن كل شئ مالك لنفسه!
وهكذا، فـ (أنا) في وضعه هذا، المتلبس بالخيانة للأمانة، إنّما هو في جهل مطبق بل هو أجهل الجهلاء، يتخبط في درك جهالة مركبة حتى لو علِمَ آلاف العلوم والفنون، ذلك لأن ما تتلقفه حواسُه وافكارُه من انوار المعرفة المبثوثة في رحاب الكون لايجد في نفسه مادةً تصدّقه وتنوّره وتديمه،
(يُتْبَعُ)
(/)
لذا تنطفئ كل تلك المعارف، وتغدو ظلاماً دامساً؛ اذ ينصبغ كل ما يرِد اليه بصبغة نفسه المظلمة القاتمة، حتى لو وردت حكمةٌ محضة باهرة فإنها تلبس في نفسه لبوس العبث المطلق؛ لأن لون (أنا) في هذه الحالة هو الشرك وتعطيل الخالق من صفاته الجليلة وإنكار وجوده تعالى. بل لو امتلأ الكون كله بآيات ساطعات ومصابيح هدىً فإن النقطة المظلمة الموجودة في (أنا) تكسف جميع تلك الانوار القادمة، وتحجبها عن الظهور.
ولقد فصّلنا القول في (الكلمة الحادية عشرة) عن الماهية الانسانية و (الأنانية) التي فيها من حيث المعنى الحرفي. وأثبتنا هناك إثباتاً قاطعاً كيف أنها ميزان حساس للكون، ومقياس صائب دقيق، وفهرس شامل محيط، وخريطة كاملة، ومرآة جامعة، وتقويم جامع. فمن شاء فليراجع تلك الرسالة.
إلى هنا نختم المقدمة، مكتفين بما في تلك الرسالة من تفصيل.
فيا أخي القارئ، اذا استوعبت هذه المقدمة، فهيا لندخل معاً إلى الحقيقة نفسها.
إن في تاريخ البشرية ـ منذ زمن سيدنا آدم عليه السلام الى الوقت الحاضرـ تيارين عظيمين وسلسلتين للأفكار، يجريان عبر الازمنة والعصور، كأنهما شجرتان ضخمتان أرسلتا أغصانَهما وفروعَهما في كل صوب، وفي كل طبقة من طبقات الانسانية.
إحداهما: سلسلة النبوة والدين
والأخرى: سلسلة الفلسفة والحكمة
فمتى كانت هاتان السلسلتان متحدتين وممتزجتين، أي في أي وقت أو عصر إستجارت الفلسفة بالدين وانقادت اليه وأصبحت في طاعته، انتعشت الانسانية بالسعادة وعاشت حياة اجتماعية هنيئة.
ومتى ما انفرجت الشقة بينهما وافترقتا، احتشد النور والخير كله حول سلسلة النبوة والدين، وتجمعت الشرور والضلالات كلها حول سلسلة الفلسفة.
والآن لنجد منشأ كلٍ من تلكما السلسلتين وأساسهما:
فإن سلسلة الفلسفة التي عصت الدين، اتخذت صورة شجرة زقوم خبيثة تنشر ظلمات الشرك وتنثر الضلالة حولها. حتى إنها
سلّمت الى يد عقول البشر، في غصن القوة العقلية، ثمرات الدهريين والماديين والطبيعيين ..
وألقت على رأس البشرية، في غصن القوة الغضبية، ثمرات النماريد والفراعنة والشدادين (1) ..
وربّت، في غصن القوة الشهوية البهيمية، ثمرات الآلهة والأصنام ومدّعي الالوهية.
وبجانب هذه الشجرة الخبيثة، شجرة زقوم، نشأت شجرةُ طوبى العبودية لله، تلك هي سلسلة النبوة، فأثمرت ثمرات يانعة طيبة في بستان الكرة الأرضية، ومدّتها إلى البشرية،
فتدلّت قطوفاً دانية من غصن القوة العقلية: أنبياءٌ ومرسلون وصديقون وأولياء صالحون ..
كما أثمرت في غصن القوة الدافعة: حكاماً عادلين وملوكاً طاهرين طهر الملائكة ..
وأثمرت في غصن القوة الجاذبة: كرماء وأسخياء ذوي مروءة وشهامة في حسن سيرة وجمال صورة ذات عفة وبراءة ..
.............
" دققوا بالله عليكم معي .. خلوصي! "
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[20 Apr 2010, 02:40 م]ـ
أخي الكريم: خلوصي.
هذا الكلام خطير عقديا، وهو أمشاج من الفلسفة القديمة التي تبنتها الصوفية فيما بعد، ثم هضمتها البابية والبهائية فصارت "كيموسا" غير متماسك، وخاصة فيما يتعلق بتعين الحقيقة الإلهية، ومسألة الصفات ...
ـ[خلوصي]ــــــــ[20 Apr 2010, 04:49 م]ـ
سيدي الفاضل الحبيب الحسني صلى الله و سلم على جدك و رحم الله والديك ..
اعتقد أن في حكمك تعميماً و بعداً عن حقيقة فكر الأستاذ النورسي .. و ربما كان للخلفية المشوّهة للصوفية عموماً أثرٌ في ذلك .. و لا ألومكم!
و بذاك أدعوكم لدراسة متأنية لرسائل النور .. مستصحباً كتابات د. فريد الأنصاري الخبير بها .. و أهمها كتابه:
مفاتح النور
نحو معجم شامل للمصطلحات المفتاحية لكليّات رسائل النور
و الذي ألّفه استجابة لطلب أ. د. الشاهد البوشيخي مدير معهد الدراسات المصطلحية بفاس ..
على أنني قد سبقتك http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif إلى مقال للأنصاري رحمه الله فجعلته لكم هدية استقلالاً في ملتقى الانتصار للقرآن!
تفضّلوا سيدي:
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19298
و لكم أن تعتبروا هذه الأخرى لكم كذلك هدية تَبَعاً http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif :
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=18304
و قد يصحّ تبَعاً ما لا يصحّ استقلالاً http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif ..
و بارك الله فيكم سيدي و في غيرتكم.
محب السادة: خلوصي.
ـ[خلوصي]ــــــــ[29 Apr 2010, 05:05 م]ـ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو تيماء http://www.tafsir.net/vb/styletafsir/buttons/viewpost.gif (http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=100983#post100983)
قال وين أذنك ياجحا؟ قال: هيك!
طب ليه تدوخنا وهي قصيرة ...
يا صاحبي العزيز:
ليه تستعجل الحكم؟ و الله الموضوع مو قصير؟!
لو بتعرف أنو إلو علاقة تقريباً بكل فتحة من فتحات القرآن .. يعني تقريباً كل صفحة أو صفحتين تقريباً!!
إن هذا الأمر إخواني و أساتذتي الكرام له علاقة وثيقة .. لا بل هو أساس كل المصائب على وجه الأرض .. و لا بد من شرحه باستفاضة و تحليل ...
و إن أذن المولى جل جلاله أضع لكم كتاباً مخطوطاً لأخيكم الصغير خلوصي عن هذا المفهوم و يمثل أحد أهم المواضيع في التفسير الموضوعي للكتاب العزيز!؟!
غير أني لما رأيت رسائل النور أعرضت عما خططته سواء في هذا الموضوع أو غيره مما يدخل في الإعجاز النفسي!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[30 Apr 2010, 10:00 ص]ـ
سامحني استاذ خلوصي فأنا ما زلت جديد على الملتقى ويا حبذا ولو برسالة خاصة تعرفني على فكر النورسي. حيث لاحظت أنك تتحزب له كثيراً. مع أن التحزب على اطلاقه لا يجوز إلا للنبي عليه الصلاة والسلام. أنا أعرف من خلال كتاباتك استاذي أنك على قدر كبير من العلم وأن قضيّة التحزب والتخندق خلف من لا عصمة له شيء خطير. إذ أن سنّة الحياة ناهيك عن سنّة الدين تقتضي أن نأخذ ونرد على كل من على هذه الارض. إلا رسول الله صاحب ذاك القبر في روضته هو الذي لا يرد قوله لأنه من لدن لطيف خبير موحى اليه.ولكن أن يكون عند النورسي فكر فيه فائدة كما هو فكر محمد بن عبد الوهاب وحسن البنا والمودودي وابن تيمية وغيرهم من العلماء الاجلاء والمصلحين فعلى الرأس والعين نأخذ بأحسنه ونرد سقيمه الى جراره بالكلمة الحسنى وحبل المودة. والاختلاف لا يفسد للود قضيّة.
جعلك الله أخي الاستاذ خلوصي من المخلصين. وجعل لك نصيب من اسمك والسلام.
ـ[خلوصي]ــــــــ[01 May 2010, 10:49 ص]ـ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو تيماء http://www.tafsir.net/vb/styletafsir/buttons/viewpost.gif (http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=101306#post101306)
ملكتني بحلمك يا خلوصي!!
الإعجاز النفسي مصطلح جديد على ثقافتي
ننتظر إفاداتك يا غالي ..
ما أبغى http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif
ـ[خلوصي]ــــــــ[01 May 2010, 11:02 ص]ـ
أستاذي الفاضل: أهلاً و سهلاً ...
سامحني على المفاكهات http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif في ردي الاستهلالي .. فهو استهلالي و حسب .. كذلك هو إهلالي (يعني أهلين - لا أدري جوازها اللغوي .. ) ..
إذ لا بد من ذلك في المواضيع الساخنة .. لأنها و لو بدأت بالتواصي بالحق و الصبر و الهدوء .. فقد تنقلب ساخنة بعد حين - الشيطان ينزغ و نحن ضعاف , و الغيرة للدين واجبة على الجميع http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تيسير الغول http://www.tafsir.net/vb/styletafsir/buttons/viewpost.gif (http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=101315#post101315)
سامحني استاذ خلوصي فأنا ما زلت جديد على الملتقى ويا حبذا ولو برسالة خاصة تعرفني على فكر النورسي.
ما ابغى http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif
حيث لاحظت أنك تتحزب له كثيراً. مع أن التحزب على اطلاقه لا يجوز إلا للنبي عليه الصلاة والسلام.
يجوز في رواية " مجاذيب الإيمان و الغيب "!؟!
أنا أعرف من خلال كتاباتك استاذي أنك على قدر كبير من العلم
و الله ما حزرت http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif
وأن قضيّة التحزب والتخندق خلف من لا عصمة له شيء خطير.
مو كتير
إذ أن سنّة الحياة ناهيك عن سنّة الدين تقتضي أن نأخذ ونرد على كل من على هذه الارض. إلا رسول الله صاحب ذاك القبر في روضته هو الذي لا يرد قوله لأنه من لدن لطيف خبير موحى اليه.ولكن أن يكون عند النورسي فكر فيه فائدة كما هو فكر محمد بن عبد الوهاب وحسن البنا والمودودي وابن تيمية وغيرهم من العلماء الاجلاء والمصلحين فعلى الرأس والعين نأخذ بأحسنه ونرد سقيمه الى جراره بالكلمة الحسنى وحبل المودة. والاختلاف لا يفسد للود قضيّة.
جعلك الله أخي الاستاذ خلوصي من المخلصين. وجعل لك نصيب من اسمك والسلام.
معك مئة بالمئة أيها العزيز
و آمين على دعائكم الكريم .. و لكم بالمثل و لأبي تيماء المراقب http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif و لأهل هذا الملتقى الكريم ... آمين.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[01 May 2010, 02:55 م]ـ
والله لقد أضحكتني كثيراً من اسلوبك الرائع في الرد. وقبل ذلك ولأني أحبك في الله تكلمت معك باسلوب الناصح الامين لك. ولكن لم تقل لي. من هو النورسي أحب أن أعرف عنه لأني على ثقة أنك لا تتعرف الا على ما يبحث على شاكلته النحل.
ـ[خلوصي]ــــــــ[03 May 2010, 08:16 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
والله لقد أضحكتني كثيراً من اسلوبك الرائع في الرد. وقبل ذلك ولأني أحبك في الله تكلمت معك باسلوب الناصح الامين لك. ولكن لم تقل لي. من هو النورسي أحب أن أعرف عنه لأني على ثقة أنك لا تتعرف الا على ما يبحث على شاكلته النحل.
أستاذي العزيز:
أشكرك كثيراً على حسن ظنك .. و أقول: إن صدق المحبة في الله يقتضي صدق النصيحة .. فبارك الله فيكم .. و لا تقصّر فيّ من ذلك http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif فإن التسويق للأستاذ النورسي قد يستجلب لي الكثير! (قال الراوي الكثير هنا مبهمة لا يعرف بها قصد المؤلف أهي للقدح أم للمدح؟) لأن هذا الرجل باختصار هو: أعجوبة العصر!
والآن لنجد منشأ كلٍ من تلكما السلسلتين وأساسهما:
فإن سلسلة الفلسفة التي عصت الدين، اتخذت صورة شجرة زقوم خبيثة تنشر ظلمات الشرك وتنثر الضلالة حولها. حتى إنها
سلّمت الى يد عقول البشر، في غصن القوة العقلية، ثمرات الدهريين والماديين والطبيعيين ..
وألقت على رأس البشرية، في غصن القوة الغضبية، ثمرات النماريد والفراعنة والشدادين (1) ..
وربّت، في غصن القوة الشهوية البهيمية، ثمرات الآلهة والأصنام ومدّعي الالوهية.
وبجانب هذه الشجرة الخبيثة، شجرة زقوم، نشأت شجرةُ طوبى العبودية لله، تلك هي سلسلة النبوة، فأثمرت ثمرات يانعة طيبة في بستان الكرة الأرضية، ومدّتها إلى البشرية،
فتدلّت قطوفاً دانية من غصن القوة العقلية: أنبياءٌ ومرسلون وصديقون وأولياء صالحون ..
كما أثمرت في غصن القوة الدافعة: حكاماً عادلين وملوكاً طاهرين طهر الملائكة ..
وأثمرت في غصن القوة الجاذبة: كرماء وأسخياء ذوي مروءة وشهامة في حسن سيرة وجمال صورة ذات عفة وبراءة .. حتى اظهرت تلك الشجرة المباركة:
ان الانسان هو حقاً اكرم ثمرة لشجرة الكون.
وهكذا فمنشأ هذه الشجرة المباركة، ومنشأ تلك الشجرة الخبيثة، هما جهتا (أنا) ووجهاه، أي أن (أنا) الذي أصبح بذرة أصلية لتلكما الشجرتين، صار وجهاه منشأ كلٍ منهما.
وسنبين ذلك بالآتي:
إن النبوة تمضي آخذة وجهاً لـ (أنا).
والفلسفة تُقبل آخذةً الوجه الآخر لـ (أنا) ..
فالوجه الأول الذي يتطلع الى حقائق النبوة:
هذا الوجه منشأ العبودية الخالصة لله .. أي أن (أنا):
يعرف أنه عبدٌ لله، ومطيع لمعبوده ..
ويفهم أن ماهيته حرفية، أي دال على معنىً في غيره ..
ويعتقد أن وجوده تَبَعيّ، أي قائم بوجود غيره وبإيجاده ..
ويعلم أن مالكيته للأشياء وهمية، أي: أن له مالكية مؤقتة ظاهرية بإذن مالكه الحقيقي ..
وحقيقته ظلية ـ ليست أصيلة ـ أي أنه ممكنٌ مخلوق هزيل، وظلٌ ضعيف يعكس تجلياً لحقيقة واجبة حقة ..
أما وظيفته فهي القيام بطاعة مولاه، طاعة ً شعوريةً كاملة، لكونه ميزاناً لمعرفة صفات خالقه، ومقياساً للتعرف على شؤونه سبحانه.
هكذا نظر الأنبياء والمرسلون عليهم السلام، ومَن تبعهم من الأصفياء والأولياء، إلى (أنا) بهذا الوجه ..
وشاهدوه على حقيقته هكذا. فأدركوا الحقيقة الصائبة، وفوّضوا المُلك كله الى مالك الملك ذي الجلال، وأقرّوا جميعاًً أن ذلك المالك جلّ وعلا لا شريك له ولا نظير، لا في ملكه ولا في ربوبيته ولافي ألوهيته، وهو المتعال الذي لايحتاج إلى شئ، فلا معين له ولا وزير، بيده مقاليد كل شئ وهو على كل شئ قدير. وما (الأسباب) إلاّ أستار وحُجب ظاهرية تدل على قدرته وعظمته .. وما (الطبيعة) إلاّ شريعته الفطرية، ومجموعة قوانينه الجارية في الكون، اظهاراً لقدرته وعظمته جل جلاله.
فهذا الوجه الوضئ المنور الجميل، قد أخذ حكم بذرة حية ذات مغزىً وحكمة. خلق الله جل وعلا منها
شجرة طوبى العبودية،
امتدت أغصانُها المباركة إلى أنحاء عالم البشرية كافة وزيّنته بثمراتٍ طيبةٍ ساطعة، بدّدت ظلمات الماضي كلها، وأثبتت بحق أن ذلك الزمن الغابر المديد ليس كما تراه الفلسفة مقبرةً شاسعة موحشة، وميدان إعدامات مخيفة، بل هو روضة من رياض النور، للأرواح التي ألقت عبئها الثقيل لتغادر الدنيا طليقة، وهو مدار أنوار ومعراج منّور متفاوتة الدرجات لتلك الأرواح الآفلة لتتنقل الى الآخرة وإلى المستقبل الزاهر والسعادة الابدية.
أما الوجه الثاني: فقد اتخذته الفلسفة، وقد نظرت إلى (أنا) بالمعنى الاسمي ..
أي تقول: إن (أنا) يدل على نفسه بنفسه ..
وتقضي أن معناه في ذاته، ويعمل لأجل نفسه ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وتتلقى أن وجوده أصيل ذاتي ـ وليس ظلاً ـ أي له ذاتية خاصة به ..
وتزعم أن له حقاً في الحياة، وأنه مالك حقيقي في دائرة تصرفه، وتظن زعمها حقيقة ثابتة ..
وتفهم أن وظيفته هي الرقي والتكامل الذاتي الناشئ من حب ذاته.
وهكذا أسندوا مسلكهم إلى أسس فاسدة كثيرة وبنوها على تلك الأسس المنهارة الواهية.
وقد اثبتنا بقطعية تامة مدى تفاهة تلك الاسس ومدى فسادها في رسائل كثيرة ولا سيما في (الكلمات) وبالاخص في (الكلمة الثانية عشرة) و (الخامسة والعشرين) الخاصة بالمعجزات القرآنية.
ولقد اعتقد عظماء الفلسفة وروادها ودهاتها، امثال افلاطون وارسطو وابن سينا والفارابي ـ بناء على تلك الأسس الفاسدة ـ بأن الغاية القصوى لكمال الانسانية هي (التشبّه بالواجب)! أي بالخالق جلّ وعلا، فأطلقوه حكماً فرعونياً طاغياً، ومهّدوا الطريق لكثير من الطوائف المتلبسة بأنواع من الشرك، أمثال: عَبدة الأسباب وعَبدة الاصنام وعبدة الطبيعة وعبدة النجوم، وذلك بتهييجهم (الأنانية) لتجري طليقة في أودية الشرك والضلالة، فسدّوا سبيل العبودية إلى الله، وغلّقوا أبواب العجز والضعف والفقر والحاجة والقصور والنقص المندرجة في فطرة الإنسان، فضلوا في أوحال الطبيعة ولا نجوا من حمأة الشرك كلياً ولا اهتدوا إلى باب الشكر الواسع.
بينما الذين هم في مسار النبوة: فقد حكموا حكماً ملؤه العبودية الخالصة للّه وحده، وقضوا: أن الغاية القصوى للانسانية والوظيفة الاساسية للبشرية هي التخلق بالأخلاق الإلهية، أي التحلي بالسجايا السامية والخصال الحميدة ـ التي يأمر بها الله سبحانه ـ وأن يعلم الإنسانُ عجزَه فيلتجىء إلى قدرته تعالى، ويرى ضعفَه فيحتمي بقوته تعالى، ويشاهد فقره فيلوذ برحمته تعالى، وينظر إلى حاجته فيستمد من غناه تعالى، ويعرف قصوره فيستغفر ربه تعالى، ويلمس نقصه فيسبّح ويقدّس كماله تعالى.
وهكذا فلأن الفلسفة العاصية للدين قد ضلت ضلالاً بعيداً، صار (أنا) ماسكاً بزمام نفسه، مسارعاً إلى كل نوع من أنواع الضلالة.
وهكذا نبتت شجرة زقوم على قمة هذا الوجه من (أنا) غطت بضلالها نصف البشرية وحادت بهم عن سواء السبيل.
أما الثمرات التي قدمتها تلك الشجرة الخبيثة، شجرة زقوم، إلى انظار البشر فهي الأصنام والآلهة في غصن القوة البهيمية الشهوية؛ إذ الفلسفة تحبذ أصلاً القوة، وتتخذها اساساً وقاعدة مقررة لنهجها، حتى أن مبدأ (الحكم للغالب) دستور من دساتيرها، وتأخذ بمبدأ (الحق في القوة) (1) فاعجبتْ ضمناً بالظلم والعدوان، وحثت الطغاة والظلمة والجبابرة العتاة حتى ساقتهم الى دعوى الالوهية.
ثم انها ملّكت الجمال في المخلوقات، والحُسن في صورها، الى المخلوق نفسه، والى الصورة نفسها، متناسية نسبة ذلك الجمال الى تجلي الجمال المقدس للخالق الجميل والحُسن المنزّه للمصور البديع، فتقول: (ما أجملَ هذا!) بدلاً من أن تقول: (ما أجمل خلقَ هذا)! أي: جعلت ذلك الجمال في حكم صنم جدير بالعبادة!
ثم انها استحسنت مظاهر الشهرة، والحسن الظاهر للرياء والسمعة .. لذا حبّذت المرائين، ودفعتهم الى التمادي في غيّهم جاعلة من امثال الاصنام عابدةً لعبّادها (2).
وربّت في غصن القوة الغضبية على رؤوس البشر المساكين، الفراعنة والنماريد والطغاة صغاراً وكباراً.
أما في غصن القوة العقلية، فقد وضعت الدهريين والماديين والطبيعيين، وامثالهم من الثمرات الخبيثة في عقل الانسانية، فشتتت عقل الانسان أي تشتيت.
وبعد .. فلأجل توضيح هذه الحقيقة، نعقد مقارنة بين نتائج نشأت من الاسس الفاسدة لمسلك الفلسفة، ونتائج تولدت من الاسس الصائبة لمسار النبوة، وسنقصر الكلام في بضعة امثلة فقط من بين الاف المقارنات بينهما:
.......
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[03 May 2010, 02:21 م]ـ
استاذ خلوصي لو استبدلت كلمة انسان بدل كلمة (أنا) لما تغير المعنى ولا احتجت لإعادة صيغ الكلام. لقد قمت أنا بذلك شخصياً فلم ينقلب أي معنى ولم تتغير أي صيغة. حاول وستجد ذلك
ـ[خلوصي]ــــــــ[12 May 2010, 01:35 ص]ـ
أخي العزيز أ. تيسير أشكرك على الاقتراح و التواصل .. بارك الله فيكم .. و لكنني أظن بأن تركها على " أنا " أفضل لأنها تشير إلى معنى خاص في الإنسان.
و لنتابع التحليل:
المثال الاول:
(يُتْبَعُ)
(/)
من القواعد المقررة للنبوة في حياة الانسان الشخصية، التخلق باخلاق الله. أي كونوا عباد الله المخلصين، متحلين باخلاق الله محتمين بحماه معترفين في قرارة انفسكم بعجزكم وفقركم وقصوركم.
فأين هذه القاعدة الجليلة من قول الفلسفة: (تشبهوا بالواجب)! التي تقررها غايةً قصوى للانسانية!
اين ماهية الانسان التي عجنت بالعجز والضعف والفقر والحاجة غير المحدودة من ماهية واجب الوجود، وهو الله القدير القوي الغني المتعال!!
المثال الثاني:
من القواعد الثابتة للنبوة في الحياة الاجتماعية، ان (التعاون) دستور مهيمن على الكون، ابتداءً من الشمس والقمر الى النباتات والحيوانات، فترى النباتات تمد الحيوانات، والحيوانات تمد الانسان، بل ذرات الطعام تمدّ خلايا الجسم وتعاونها.
فأين هذا الدستور القويم دستور التعاون وقانون الكرم وناموس الاكرام من دستور (الصراع) الذي تقول به الفلسفة من انه الحاكم على الحياة الاجتماعية، علماً ان (الصراع) ناشئ فقط لدى بعض الظلمة والوحوش الكاسرة من جراء سوء استعمال فطرتهم، بل أوغلت الفلسفة في ضلالها حتى اتخذت دستور (الصراع) هذا حاكماً مهيمناً على الموجودات كافة، فقررت ببلاهة متناهية: (ان الحياة جدال وصراع).
المثال الثالث:
من النتائج المثلى للنبوة ومن قواعدها السامية في التوحيد، أن (الواحد لا يصدر إلاّ عن الواحد)، أي ان كل مالَه وحدةٌ لا يصدر إلاّ عن الواحد؛ اذ ما دامت في كل شئ، وفي الاشياء كلها، وحدة ظاهرة، فلابد انها من ايجاد ذاتٍ واحدة. بينما دستور الفلسفة القديمة وعقيدتها هو (ان الواحد لا يصدر عنه إلاّ الواحد) أي لا يصدر عن ذات واحدة إلاّ شئ واحد، ثم الاشياء الاخرى تصدر بتوسط الوسائط. هذه القاعدة للفلسفة القديمة تعطي للاسباب القائمة والوسائط نوعاً من الشراكة في الربوبية، وتُظهر ان القدير على كل شئ والغني المطلق والمستغني عن كل شئ بحاجة الى وسائط عاجزة! بل ضلوا ضلالاً بعيداً فأطلقوا على الخالق جل وعلا اسم مخلوق وهو (العقل الاول)! وقسّموا سائر ملكه بين الوسائط، ففتحوا الطريق الى شرك عظيم.
فاين ذلك الدستور التوحيدي للنبوة من هذه القاعدة - للفلسفة القديمة السقيمة - الملوثة بالشرك والملطخة بالضلالة؟
فان كان الاشراقيون الذين هم أرقى الفلاسفة والحكماء فهماً يتفوهون بهذا السخف من الكلام، فكيف يكون يا ترى كلام مَن هم دونهم في الفلسفة والحكمة من ماديين وطبيعيين؟.
المثال الرابع:
انه من الدساتير الحكيمة للنبوة، ان لكل شئ حِكَماً كثيرة ومنافع شتى حتى ان للثمرة من الحِكَمِ ما يُعدّ بعدد ثمرات الشجرة، كما تُفهم من الآية الكريمة وان من شيءٍ إلاّ يسبّح بحمده فان كانت هناك نتيجة واحدة ـ لخلقِ ذي حياةٍ ـ متوجهة الى المخلوق نفسه، وحكمة واحدة من وجوده تعود اليه، فان آلافاً من النتائج تعود الى خالقه الحكيم وآلافاً من الحكم تتوجه الى فاطره الجليل.
أما دستور الفلسفة فهو (ان حكمة خلقِ كلِ كائن حي وفائدته متوجهة الى نفسه، أو تعود الى منافع الانسان ومصالحه)! هذه القاعدة تسلب من الموجودات حِكَماً كثيرة انيطت بها، وتعطي ثمرة جزئية كحبة من خردل الى شجرة ضخمة هائلة، فتحوّل الموجودات الى عبث لاطائل من ورائه.
فاين تلك الحكمة الصائبة من هذه القواعد الفاسدة للفلسفة ـ الفارغة من الحكمة ـ التي تصبغ الوجود كله بالعبث!.
ولقد قصرنا الكلام هنا على هذا القدر، حيث اننا قد بحثنا هذه الحقيقة في الحقيقة العاشرة من الكلمة العاشرة بشئ من التفصيل.
وبعد .. فيمكنك ان تقيس على منوال هذه الامثلة الاربعة آلافاً من النماذج والأمثلة وقد أشرنا الى قسمٍ منها في رسالة (اللوامع).
ونظراً لاستناد الفلسفة الى مثل هذه الاسس السقيمة ولنتائجها الوخيمة
فان فلاسفة الاسلام الدهاة، الذين غرّهم مظهر الفلسفة البراق، فانساقوا الى طريقها كابن سينا والفارابي، لم ينالوا إلاّ أدنى درجة الايمان، درجة المؤمن العادي، بل لم يمنحهم حجة الاسلام الامام الغزالي حتى تلك الدرجة.
وكذا ائمة المعتزلة، وهم من علماء الكلام المتبحرين،
فلأنهم افتتنوا بالفلسفة وزينتها واوثقوا صلتهم بها، وحكّموا العقل، لم يظفروا بسوى درجة المؤمن المبتدع الفاسق.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذا ابو العلاء المعري الذي هو من أعلام ادباء المسلمين والمعروف بتشاؤمه، وعمر الخيام الموصوف بنحيبه اليتمي، وامثالهما من الادباء الاعلام ممن استهوتهم الفلسفة، وانبهرت نفوسهم الامارة بها .. فهؤلاء .. قد تلقوا صفعة تأديب ولطمة تحقير وتكفير من قبل اهل الحقيقة والكمال، فزجروهم قائلين: (ايها السفهاء انتم تمارسون السفه وسوء الادب، وتسلكون سبيل الزندقة، وتربّون الزنادقة في احضان أدبكم!).
ثم ان من نتائج الاسس الفاسدة للفلسفة:
ان (انا) الذي ليس له في ذاته إلاّ ماهية ضعيفة كأنه هواء أو بخار، لكن بشؤم نظر الفلسفة، ورؤيتها الاشياء بالمعنى الاسمي، يتميع ..
ثم بسبب الأُلفة والتوغل في الماديات والشهوات كأنه يتصلب ..
ثم تعتريه الغفلة والإنكار فتتجمد تلك (الانانية) ..
ثم بالعصيان ـ لاوامر الله ـ يتكدر (أنا) ويفقد شفافيته ويصبح قاتماً ..
ثم يستغلظ شيئاً فشيئاً
حتى يبتلع صاحبه ..
بل لا يقف (أنا) عند هذا الحد وانما ينتفخ ويتوسع بافكار الانسان ويبدأ بقياس الناس، وحتى الاسباب، على نفسه، فيمنحها فرعونية طاغية ـ رغم رفضها واستعاذتها منها ـ
وعند ذلك يأخذ طور الخصم للاوامر الإلهية فيقول:
] من يحي العظام وهي رميم [
وكأنه يتحدى الله عزوجل، ويتهم القدير على كل شئ بالعجز ..
ثم يبلغ به الأمر ان يتدخل في اوصاف الله الجليلة، فينكر أو يحرّف أو يردّ كل ما لا يلائم هواه، أو لا تعجب فرعونيةَ نفسه .. فمثلاً:
اطلقت طائفة من الفلاسفة على الله سبحانه وتعالى: اسم (الموجب بالذات) فنفوا الارادة والاختيار منه تعالى، مكذّبين شهادة جميع الكون على ارادته الطليقة.
فيا سبحان الله! ما اعجب هذا الانسان!
ان الموجودات قاطبةً من الذرات الى الشموس لتدل دلالة واضحة على ارادة الخالق الحكيم؛ بتعيّناتها، وانتظامها، وحِكَمها، وموازينها، كيف لا تراها عينُ الفلسفة؟ أعمى الله أبصارهم!
وادّعت طائفة اخرى من الفلاسفة: (ان العلم الإلهي لا يتعلق بالجزئيات) نافين إحاطة علم الله سبحانه بكل شئ، رافضين شهادة الموجودات الصادقة على علمه المحيط بكل شئ.
ثم ان الفلسفة تمنح التأثير للأسباب، وتعطي بيد الطبيعة الايجاد والابداع، فلا ترى الآيات المتلألئة على كل موجود، الدالة على الخالق العظيم ـ كما اثبتناه في (الكلمة الثانية والعشرين) ـ فضلاً عن انها
تسند خلق قسم من الموجودات ـ التي هي مكاتيب إلهية صمدانية ـ الى الطبيعة العاجزة الجامدة الفاقدة للشعور، والتي ليست في يديها إلاّ المصادفة العشواء والقوة العمياء، جاعلة لها ـ أي للطبيعة ــ مصدرية في خلق الاشياء، وفاعلية في التأثير! فحجبت آلاف الحِكم المندرجة في الموجودات.
ثم ان الفلسفة لم تهتد الى باب الآخرة الواسع، فانكرت الحشر وادّعت أزلية الارواح، علماً ان الله عز وجل بجميع اسمائه الحسنى، والكون بجميع حقائقه والانبياء والرسل الكرام عليهم السلام بجميع ما جاءوا من الحقائق، والكتب السماوية بجميع آياتها الكريمة .. تبيّن الحشر والآخرة، كما اثبتناه في الكلمة العاشرة (الحشر).
وهكذا يمكنك ان تقيس سائر مسائل الفلسفة على هذه الخرافات السخيفة.
أجل! لكأن الشياطين اختطفوا عقول الفلاسفة الملحدين بمنقار " أنا " ومخاليبه وألقوها في أودية الضلالة، ومزقوها شر ممزق.
فـ (أنا) في العالم الصغير ـ الانسان ـ كالطبيعة في العالم الكبير،
كلاهما من الطواغيت:
] فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم [.
* * *
ولقد رأيت حادثة مثالية قبل الشروع بتأليف هذه الرسالة بثماني سنوات، عندما كنت في استانبول شهر رمضان المبارك، وكان آنئذٍ سعيد القديم ـ الذي انشغل بالفلسفة ـ على وشك ان ينقلب الى سعيد الجديد .. في هذه الفترة بالذات وحينما كنت أتأمل في
المسالك الثلاثة المشارة اليها في ختام سورة الفاتحة بـ
] صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين [
رأيت تلك الحادثة الخيالية وهي حادثة أشبه ما يكون بالرؤيا. سجلتها في حينها في كتابي (اللوامع) على صورة سياحة خيالية وبما يشبه النظم. وقد حان الآن وقت ذكر معناها وشرحها، حيث انها تسلط الاضواء على الحقيقة المذكورة ...(/)
معنى (ملويّة النحو ونحويّ القرآن)
ـ[عبيدة احمد السامرائي]ــــــــ[20 Apr 2010, 07:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكرك أخي الكريم (خلوصي) على الرد على الموضوع وأود أن أجيب عن أستفسارك عن موضوع معنى شعار ندوة سامراء (الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي، ملويّة النحو ونحويّ القرآن) فأقول وبالله التوفيق:
لابد اولا من معرفة الملوية التي هي: المئذنة التاريخية للجامع الكبير في مدينة سامراء، وهذه المئذنة لها تاريخ مرتبط بعمق المدينة تأريخيا إذ ان هذه المدنية كانت عاصمة للدولة العباسية في فترة من الفترات، والملوية من معالم تلك الدولة، والجامع الكبير بناه الخليفة المتوكل حوالي سنة (849 م)، وهو من أكبرالمساجد مساحًة حيث تبلغ مساحته حوالي (156 × 200 م) و أشهر ما في هذا المسجد هي المئذنةالملوية، و هي مئذنة مقامة على قاعدة مربعة ضلعها (33 م) و ارتفاعها (3 م) يعلوها جزء اسطواني يحيط به من الخارج درج حلزوني يلتف حول بدن المئذنة من الخارج وارتفاع الجزء الدائري حوالي (50 متر)
يرتبط ذكر مدينة سامراء فى الاذهان دائما بمنارة الملوية وهى المئذنة التى اقامها المعتصم للمسجد الجامع ومن فوق الملوية كانت تنطلق اصوات المؤذنين لينادوا الى الصلاة فى الجامع الكبير الذى يتسع لستين الف شخص و المنارة يصعد اليها على درجات حلزونية دائرة على منحدر يلف حولها من الخارج ويعتبرمسجد سامراء من اكبر مساجد الاسلام من حيث المساحة وهو عبارة عن صحن تحف به اربعة اروقة اكبرها رواق القبلة وهومشيد بالطوب اللبن وحوائطه الخارجية من الطوب المحروق وبه ابراج تخرقها مجموعة منالابواب وكان بوسط الصحن نافورة تسمى كأس فرعون
المئذنة الملوية تعتبر واحدة من الآثار ( http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%84%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AB%D8%A7% D8%B1) العراقية ( http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82) القديمة، في الجهة الغربية لمدينة سامراء ( http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%A1)، واعتبر جامع الملوية الكبير في حينها من أكبر المساجد في العالم الإسلامي ( http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85_%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7% D9%85%D9%8A) ، قام بتشييدها المهندس الكلداني دليل يعقوب، المئذنة الملوية تقع على بعد 27.25 متر من الحائط الشمالي وهو من خمس طبقات تتناقص سعتها بالارتفاع، الدرج سعته 2 متر ( http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AA%D8%B1) وهو بعكس عقارب الساعة وعدد درجاته تبلغ 399 درجة والارتفاع الكلي للمئذنة يبلغ 52 مترا، في أعلى القمة طبقة يسميها أهل سامراء "بالجاون" وهذه كان يرتقيها المؤذن ويرفع به الأذان. وهذه صورة الملوية الحديثة http://dc10.arabsh.com/i/01405/f2v9t63cd8p5.png
أما وجه التشابه بين الملويّة والأستاذ الدكتور فاضل السامرائي، فيرى القائمون على هذه الندوة أن بينهما تشابه مما جعلهم يطلقون هذا الشعار على هذه الندوة، وأوجه التشابه هي:
1. الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي شامخ في النحو شموخ الملوية وسط مدينة سامراء
2. الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي واقع من أهل العلم بصورة عامة وأهل اللغة بصورة خاصة موقع القلب، كما وقعت الملوية موقع القلب من مدينة سامراء
3. إن مكانة الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي وأرتباطه بأهله في سامراء مثل مكانة الملوية وأرتباط أهل سامراء بها، وله - حفظه الله - ما لها من عمق تأريخي في نفوس أهالي المدينة
4. وبالنسبة لنحوي القرآن، فمعلوم تماما ما قدمه الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي وما زال يقدمه في خدمة كتاب الله العزيز واللغة العربية بصورة عامة.
ختاما: ارجو ان اكون وفقت في هذا العرض البسيط، وان اكون خفيف ظل على جنابك أخي العزيز. وجزاك الله خير الجزاء
تنويه: غدا إن شاء الله سأقوم بنشر عناوين البحوث التي تناولتها الندوة
مع جُل احترامي لك أخي ولكل الأخوة أعضاء الملتقى المبارك
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Apr 2010, 08:51 م]ـ
بارك الله فيكم أخي عبيدة على هذا الإيضاح، فقد كنت أتساءل عن معنى (ملويَّة النحو) أول ما قرأته، فالآن تبين لي معناها جزاك الله خيراً. وقد أنجبت سامراء الكثير من العلماء وأهل الأدب والنحو وغيرهم، وما الدكتور فاضل السامرائي إلا سليل بيئة علمية عريقة عراقة العراق.
جزاكم الله خيراً يا أهل سامراء.
ـ[إياد السامرائي]ــــــــ[20 Apr 2010, 11:41 م]ـ
وجزاك خيرا مثله ياشيخنا عبد الرحمن، وأهل سامراء يتشرفون بملتقاكم هذا، وقد تشرفت اليوم بمرافقة أستاذي وشيخي الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد فعقدنا العزم وسافرنا من جامعة تكريت إلى كلية التربية في سامراء لنحضر جانبا من الندوة الطيبة ونلتقي بأستاذنا الدكتور فاضل ابن مدينتي العزيزة فالتقينا به وبمجموعة طيبة من اساتذة اللغة الاعلام، فكانت سفرة ماتعة، وافدنا منها بفوائد كثيرة، ادعو الله ان ييسر اللقاك بكم ويجمعنا في الفردوس الاعلى، وقد ارسلت لك كتاب على بريدك الخاص قبل اسبوع تقريبا فهل وصلك الكتاب؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلوصي]ــــــــ[21 Apr 2010, 05:26 ص]ـ
أخي الكريم عبيدة:
بل أنا أشكرك على اهتمامك .. و أحسنت بجعل الأمر موضوعاً بذاته تعرفنا فيه على هذه المدينة العريقة .. و معالمها و ربما بعض أعلامها ..
و لم أكد أقرأ السطور الأولى حتى جال بخاطري أن لو صوّرت لنا المئذنة! و ما هو إلا أن رأيت صورتها الجميلة!
و قد استمتعت حقيقة بتشبيهاتكم تلك خاصة مع حب قديم للأستاذ العلامة السامرّائي .. فبارك الله فيكم .. و في ضيفكم و ملتقاكم .. و لو أمكن أن توصل سلامي .. يعني لو أمكن http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif مع هذا الدعاء:
حماكم الله يا أهل العراق العريقين الطيبين .. يا نكهة التاريخ و الأصالة.
ـ[عبيدة احمد السامرائي]ــــــــ[21 Apr 2010, 10:46 ص]ـ
جزى الله الجميع خير الجزاء، وشكري إلى استاذنا الكريم الشيخ الأستاذ عبد الرحمن على هذا الرد الجميل والإطراد المبارك وفقكم الله لما فيه الخير
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[22 Apr 2010, 02:59 م]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل عبيدة على هذا الشرح الطيب والربط الجميل بين الدكتور فاضل وملوية سامراء التي انطبعت في ذاكرتي منذ الطفولة فللعراق في القلب والوجدان مكانة عظيمة أسأل الله تعالى أن يعيده إلى سابق مجده منارة للعلم والعلماء وأن يحفظ علماءه ويزيدهم من فضله لينيروا عقولنا وقلوبنا مما علمهم الله تعالى.
وهنيئاً لك أخي الفاضل مرافقتك لأستاذنا الجليل الدكتور غانم واجتماعك بالعالم الجليل الدكتور فاضل أدعو الله أن يجمعنا بكم جميعاً في مستقر رحمته في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
لا تبخل علينا أخي بأي جديد من الندوة ولعل الدكتور غانم يحكي لنا ما جال في خاطره خلال هذه الرحلة الطيبة من تكريت إلى سامراء على نحو ما أورده في مذكراته.(/)
فأعينوني بقوة
ـ[محب البشير]ــــــــ[20 Apr 2010, 09:06 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
كثير من الآيات نقرأها و نكررها، ثم يفتح الله فيها من الفهم ما لم يكن يدركه القارئ قبل ذلك، و قد يكون هذا الفهم واضحا و بديهيا لغيره، لكن صاحبه يحس بفرحة تغمره لأنه عقل عن الله كلامه.
من هذا القبيل ما حدث لي و انا أقرأ سورة الكهف - و التي من السنة أن نقرأها كل جمعة - استوقفتني آية (فأعينوني بقوة أجعل بينكم و بينهم ردما)
وقد أوقفتني فيها مسألتان:
الأولى: لم قال فأعينوني بقوة؟ حيث أنه من المعلوم أن من غزا مشرق الأرض و مغربها حتى بلغ بين السدين لديه من الجيوش ما يكفيه لبناء السد و غيره، فمالحكمة من قوله (فأعينوني)؟
قد يكون و العلم عند الله - وهذا رأي فردي قابل للخطأ -:
لأنّه أراد أن يعلمهم أنه مهما بلغ من العظمة و السلطان فإنه يبقى بشرا ضغيفا يطلب العون و يسأله
أو لئلا يحرجهم ببنائه وحده فيظلون ممتنين له مرتبطين به فسألهم إعانته حتى إذا اكتمل فإنهم يرون ثمرة عملهم و جهدهم فيكون بذلك أقر لأعينهم و أبهج لنفوسهم و أنكى لعدوهم
أو لعله أراد أن يعلمهم أن مثل هذه الأعمال متوقفة على العمل الجماعي مهما كانت قوة المرء الفردية
أو لأنهم أعلم بما يوجد في بلدهم و هذا يؤيده قوله (آتوني زبر الحديد) فهو لو أراد بنائه بمفرده لما اهتدى بسهولة لمكان زبر الحديد و غير ذلك
فكل هذه المهاني يحتملها لفظ فأعينوني بقوة، و قد راجعت قبل تحرير مشاركتي كتب التفاسير فألفيت تفسير الإمام الطاهر بن عاشور قد تطرق لبعض هذه المعاني و الحمد لله.
الثاني: هم طلبوا منه سدا و هو أراد ردما، فلماذا؟
السد و الردم في اللغة متقاربان، ويزيد الردم في كونه سدا مضاعفا، قال الإمام الطاهر بن عاشور: (والردم: البناء المردم. شبه بالثؤب المردم المؤتلف من رقاع فوق رقاع. أي سدا مضاعفا. ولعله بني جدارين متباعدين وردم الفراغ الذي بينهما بالتراب المخلوط ليتعذر نقيبه)
فالجواب أن يقال - و العلم عند الله - أن هذا من باب سألته على قدري فأعطاني على قدره و هذا من أخلاق الكرام. و العلم عند الله تعالى
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[20 Apr 2010, 10:03 م]ـ
بارك الله فيك
كلام جميل
وطلب ذي القرنين من القوم الإعانة لا غرابة فيه لأنهم هم أصحاب الحاجة وقد رفض ما عرضوه عليه من الخرج " المال"، وليس من الحكمة تسخير جنده للبناء بينما أهل الحاجة يتفرجون.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[20 Apr 2010, 10:05 م]ـ
وفقك الله يا أخ محب وزادنا وإياك من لدنه علما.
ـ[محب البشير]ــــــــ[21 Apr 2010, 12:16 ص]ـ
الأخ أبو سعد الغامدي، الأخ أبو عمر: وفيكما بارك الله، ووفقنا لطاعته
تحياتي
ـ[عبدالكريم عزيز]ــــــــ[21 Apr 2010, 02:14 ص]ـ
الإخوة الأفاضل جزاكم الله خيرا، وزادكم علما
يقول الله تعالى: {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً} الكهف 94 - 95
اقترح القوم على ذي القرنين خرجا: وهو قدر من المال يعطونه لذي القرنين مقابل بناء السد.
امتنع عن أخذ المال لأن الله مكن له في الأرض وهو في غنى عن هذه الأموال. لكن يحتاج إلى القوة العضلية للعمل والبناء.
كما أن بخبرته التقنية استبدل السد بالردم.
فالسد هو الحاجز، و الردم أقوى من السد المقترح. حيث بنى جدارين متباعدين وردم الفراغ الذي بينهما بالحديد المذاب على النار مخلوطا بالنحاس فكان سدا منيعا قادرا على المقاومة آلاف السنين إلى أن يأتي وعد الله.
والله أعلم
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[22 Apr 2010, 08:12 م]ـ
بارك الله بجميع من تفضل وأضاف معلومة أو زاد فهماً. وأحب أن أضيف حول مفهوم السد والردم ما هو آت:
يقول الله تعالى في سورة الكهف:
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا.
لقد طلبوا من ذي القرنين أن يبني لهم سداً فقال لهم سأجعل بينكم وبينهم ردماً؟ فهل السد هو الردم؟ ولماذا لم يجبهم الى ما سألوه؟ أي لماذا لم يقل سأبني لكم سداً كما طلبوا؟؟
هو سد من ناحية يأجوج ومأجوج وردم من ناحية القوم الذين لا يكادون يفقهون قولاً. فالله تعالى يقول (فما اسطاعوا أن يظهروه) أي لم يستطيعوا أن يتسلقونه لأنه مرتفع من ناحيتهم بعكس الردم الذي يرتفع بشكل تصاعدي سهل الاجتياز فيصلون حافته وينظرون نحو الاسفل ويراقبون تحركات يأجوج ومأجوج دون تعرضهم للخطر بالتسلق ولا يستطيعون نقب الردم لأنه ضخم كبير عريض. وهذه الطريقة التي استخدمها ذو القرنين فيها قمّة الهندسة والبراعة في الاتقان. حيث يعجز عنها أمهر المهندسين.هذا والله تعالى أعلم والحمد لله رب العالمين.
والردم: هو حاجز السدّ، فإن لكل سد ردم. وليس كل ردم سد. فالردم على اطلاقه ليس سداً والسد المنيع لا بد له من ردم يدفع عنه الثقل ويزيد فيه المتانة والقوة. والردم لا يكون عمودياً لأنه يكون سهل التسلّق ولكن السد عمودي يصعب تسلّقه
في مختصر تفسير يحيى بن سلام قال: قال محمد: (الردم في اللغة أكثر من السد لأن الردم ما جعل بعضه على بعض ويقال لكل ما كان مسدودا خلقة سد وما كان من عمل الناس فهو سد بالفتح).
أي أن ذا القرنين زاد على السد الذي طلبوه ببناء ردم خلفه ليكون عمله أتقن ,واعظم أجراً
قال القرطبي: الردم أبلغ من السد إذ السد كل ما يسد به والردم وضع الشيء على الشيء من حجارة أو تراب أو نحوه حتى يقوم من ذلك حجاب منيع ومنه ردم ثوبه إذا رقعه برقاع متكاثفة بعضها فوق بعض.
.والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالكريم عزيز]ــــــــ[25 Apr 2010, 09:30 ص]ـ
يقول تعالى في سورة الكهف:
[ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً {92} حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْماً لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً {93} قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً {94} قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً {95} آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً {96} فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً {97} قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً {98} وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً {99}]
يقول الشعراوي:
((السد: هو الحاجز بين شيئين، والحاجز قد يكون أمراً معنوياً، وقد يكون طبيعياً محسوساً كالجبال، فالمراد بالسدين هنا جبلان بينهما فجوة، وما دام قد قال: {بَيْنَ السَّدَّيْنِ} فالبَيْن هنا يقتضي وجود فجوة بين السدين يأتي منها العدو.
... {وَجَدَ مِن دُونِهِمَا .. } [الكهف: 93] أي: تحتهما
... ويأجوج ومأجوج قوم خَلْف السدين أو الجبلين، ينفذون إليهم من هذه الفجوة، فيؤذونهم ويعتدون عليهم؛ لذلك عرضوا عليه أن يجعلوا له {خَرْجاً} أي: أجراً وخراجاً يدفعونه إليه على أنْ يسدَّ لهم هذه الفجوة، فلا ينفذ إليهم أعداؤهم.
... ساوى بين الصدفين. أي: ساوى الحائطين الأمامي والخلفي بالجبلين))
جاء في الحديث:
[عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا مر بهدف مائل أو صدف مائل أسرع المشي] (1)
استنتاج:
معنى هذا أنه بنى حائطين أمامي وخلفي حيث سواهما بالجبلين أغلق بهما الفجوة التي ينفذ منها يأجوج ومأجوج وجعل هذين الحائطين كالقالب حيث ملأ الفراغ الذي بينهما بالحديد المذاب مع النحاس الذي هو عبارة عن ردم لأنه ملئ على مراحل طبقة بعد طبقة، فأصبح حاجزا عاليا وصلبا صالحا للمقاومة آلاف السنين إلى أن يأتي أمر الله.
والله أعلم
*************************************************
1 - الراوي: يحيى بن أبي كثير المحدث: البيهقي ( http://www.dorar.net/mhd/458) - المصدر: شعب الإيمان ( http://www.dorar.net/book/13433&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 2/ 580
خلاصة حكم المحدث: مرسل(/)
وقفات مع بركان ايسلندا للشيخ محمد صالح المنجد وفقه الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Apr 2010, 11:05 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وبعد:
ففي دويلة صغيرة، لا تعدو أن تكون جزيرة نائية قي شمال المحيط الأطلسي، يثور بركان صغير من تحت نهر جليدي، لينفث موجات من السحب الغبارية، فيحدث فزعاً عاماً في قارة أوربا بأسرها، وارتباكاً عالميا للرحلات الدولية.
توقَّفت الطائرات، وأُغلقت المطارات، وعُلقت الرحلات، فـ (113) مطاراً أوروبيا يغلق أبوابه الجوية أمام الملاحة العالمية، وأكثر من (63) ألف رحلة طيران تلغى، وخسائر شركات الطيران تصل نحو (250) مليون دولار يومياً ... والمتأثرون من الناس فاق عددهم سبعة ملايين مسافر، تقطعت بهم السبل، وتحولت صالات المطارات إلى مهاجع للمسافرين، وبدأت المطارات بتزويدهم بالأسرة والأغطية ... فضلا عن خسائر المصدرين والمستوردين.
لقد غدت أوروبا اليوم شبه معزولة عن العالم الخارجي، وهي تواجه أكبر تعطل للنقل الجوي في تاريخها، بل عدها البعض الأسوأ من نوعها في تاريخ الطيران المدني!!
1 ـ فاعتبروا يا أولي الأبصار:
سحابُ غبارِ بركانٍ واحدٍ يصيب قارة كاملة بالذعر والخوف، ويشل حركتها الجوية، فكيف لو تفجرت عدة براكين؟!.
إنه لأمر يستدعى منا التأمل والنظر، والتفكر والاعتبار، فالمسلم لا تمر عليه مثل هذه الأحداث العظيمة دون أن تكون له وقفة تأمل تنطلق من عقيدته وإيمانه بالله، ويقينه بأن كل ما يقع في كونه من خير فهو من فضله ورحمته، وكل ما يقع فيه من شر فهو بعلمه (ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)، وله الحكمة في كلِّ ما يقضي ويقدِّر: (لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ).
والمؤمن يقف عند مواقع العبر، وأحكام القدر، ينظر ويتدبر، ولا يقتصر اعتبار المؤمن على ما يحدث قريباً منه في الزمان والمكان، بل هو معتبر بكل ما يبلغه من آيات الله قربت منه أو بعدت عنه زماناً ومكاناً.
2 ـ وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً:
فالبراكين والزلازل جند من جند الله يرسلها على من يشاء من عباده في الوقت الذي يشاء على النحو الذي يشاء، إنذاراً، ووعيداً وابتلاءً، وتمحيصاً، وعقاباً، (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ، وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ).
ومن جنود الله هذا الرماد المكون من جزيئات صغيرة من الزجاج والصخور المفتته التي تهدد محركات الطائرات وهياكلها وتعيق حركتها ... وقد وُصِفَ هذا الرماد بالقاتل؛ لأن استنشاقه يمزق النسيج الرئوي.
والاقتصار في تعليل ما حدث بأنه مجرد أمر طبعي لا يسير إلا وفق نظم ونواميس كونية ... يدل على غفلة عن مدبر الكون ومسيِّره، فمن الذي يجريها وفق ذلك النظام، ويسلطها على من يشاء وفق تقديره وتدبيره!!.
(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ * وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ، وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ، وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ).
3 ـ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ.
إن ما حدث آية من آيات الله يرسلها لعباده تذكرة وموعظة للمؤمنين، وتخويفاً وترهيباً للمعرضين، فالقلوب المؤمنة تتعظ وتخبت وتنيب لربها، والقلوب الغافلة لا يشغلها سوى الخسائر الاقتصادية، والمتابعة الإعلامية، ومراقبة البركان ... متناسين رب البركان: (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها، وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها، وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها، أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ، أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ).
إن من علامة قسوة القلوب وطمسها أن يسمع الناس قوارع الأحداث، وزواجر العبر والعظات التي تخشع لها الجبال، ثم يستمرون على طغيانهم ومعاصيهم، عاكفين على اتباع شهواتهم، غير عابئين بوعيد، ولا منصاعين لتهديد.
4 ـ المؤمن مرهف الحس حي القلب:
يتأثر بمثل هذه الأحوال المخيفة، مقتدياً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان إذا رأى ريحاً أو غيماً عُرِفَ ذلك في وجهه، فأقبل وأدبر، خوفاً من نزول عذاب.
(يُتْبَعُ)
(/)
وما ذاك إلا لرؤية غيم، فكيف بأعمدة من الرماد على ارتفاع (11) كيلومترا في الجو!! ..
وكان حاله صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس ـ تلك الآية الكونية ـ من أشد أحوال الخوف والانكسار والتضرع، حتى إنه خرج فزعاً يجر رداءه مستعجلاً يخشى أن تكون الساعة
ومع ذلك فإننا نجد الآن من لا يتأثر، ولا يخاف، ولا يتعظ؟!
5 ـ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ:
إن ما حدث شاهد عظيم على قدرة الله جل جلاله، فقدرته سبحانه فوق كل قدرة، وقوته تغلب كل قوة .. أرانا عجائب قدرته، ودلائل قوته فيما خلق وقدَّر ..
فما شاء الله تعالى كان، وما لم يشأ لم يكن، وهو على كل شيء قدير (اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا).
فقدرة الله لا يحدها شيء: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا).
6 ـ عجز بني البشر:
فهذا الإنسان كلما طغى وتكبَّر وتجبَّر في الأرض، وادعى الوصول لأعلى درجات الكمال والاستغناء عن خالقه، يبعث الله ما يبين له ضعفه وعجزه وفقره إلى مولاه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد).
فماذا صنعت الدول بأجهزتها وقوتها أمام هذا الجندي من جنود الله ... هل يستطيعون منعه أو إيقافه؟
إنهم يشاهدون ما يحدث، ولا يملكون نحوه شيئًا، مع كل ما وصلوا إليه من علوم وتقنيات!!.
فأين قوتهم وقدرتهم، وأين دراساتهم وأبحاثهم، ومكتشفاتهم ومخترعاتهم؟
هل دفعت لله أمرًا؟، أو منعت عذابًا؟ أو عطَّلت قدراً؟!
في لحظات معدودة ينقلب الأمن خوفاً، وتتحول مكاسب شركات الطيران إلى خسائر قدرت بمئات الملايين، وتقف قارة بأكملها عاجزة أمام هذه الكارثة، بالرغم مما توصلت إليه من تِقْنِيَّة علمية، ليطلعهم الله عز وجل على مدى ضعفهم، وقلة حيلتهم، وليعلموا صدق قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ).
7 ـ أين القوة المادية؟
لطالما تبجحوا بقوتهم وجبروتهم المادي واغتروا به ... لكن هذا التطور لم يستطع أن يفعل شيئاً أمام سحابة من الدخان، (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ).
فهم في غرور يهيئ لهم أنهم في أمان، وفي حماية، وفي اطمئنان!!.
فلما خُيِّل إليهم أنهم بلغوا شأواً عظيما في مجال صناعة الطيران .. أتاهم البركان على حين غرة؛ فأصاب طيرانهم بالعجز، والخسارة الفادحة (حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً).
8 ـ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا:
فأين العلم، والتقدم، والتقنية للقضاء على هذه السحابة البركانية.
لقد غدا علماء البيئة وعلم الأرض والأرصاد في حيرة واضطراب: فالبعض يقول إن البركان سيهدأ .... والبعض الآخر يقول سيزداد، والبعض يقف حائراً ولا يدري متى سيتوقف البركان عن نفث الغبار الذي يسبح على ارتفاع كيلومترات في الجو، فقد تتواصل لعدة أيام وربما عدة أشهر، وربما أكثر!!
والبعض يرى أن الأسوأ لم يأتِ بعد!!
وقد صرح المتخصصون في علم الأرض بمكاتب الأرصاد بقولهم: "نرى إشارات متباينة، توجد بعض الإشارات التي تدل على أن الثوران سيهدأ، وأخرى تظهر أنه لا يتراجع ".
9 ـ قصور الحسابات البشرية:
ومع أن لهذه الآيات الكونية أسباباً بمقدور البشر في أحيان كثيرة التنبؤ بها قبل وقوعها .... إلا أن هذه الحوادث تثبت يوماً بعد يوم قصور البشر، سواء في التحليل وتوقع الأزمات، أو في الاستعدادات والاحتياطات، أو في التصدي لها.
وإذا وقع قدر الله، فلا تنفع حينئذ مراكز الدراسات الإستراتيجية, ولا الاحترازية, ولا أجهزة التحكم, ولا مراكز الأبحاث ورصد المعلومات ولا غيرها فـ (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ).
(يُتْبَعُ)
(/)
كما اعترف الخبراء أن تأثير السحابة البركانية بهذه الصورة يعد الأول من نوعه (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) ..
10 ـ لا ملجأ منه إلا إليه:
إذ ليس للإنسان - مهما عظمت قوته واشتد ذكاؤه - من حيلة أمام هذه الآيات الكونية الكبرى سوى اللجوء إلى الله خالقها ومدبرها، والانطراح بين يديه، وإخلاص الدعاء والعبادة له، ولهذا شرعت الصلاة عند حصول الآيات العظيمة كالكسوف والخسوف (هُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ).
11 ـ سبحان مقلب الأحوال:
فما أسرع ما تتبدل الأحوال, وتتغير الأمور ... إذا أراد الله شيئا قال له كن فيكون، بلمح البصر، من غير ممانعة ولا منازعة.
مابين غمضة عين وانتباهتها .. يغير الله من حال إلى حال
فبينا الناس في حياتهم ومعائشهم غادون رائحون، ودون أي مقدمات يفجؤهم البركان بهذه السحب العظيمة، ليربك تخطيطاتهم وحساباتهم وتوقعاتهم.
والمؤمن ينتقل من هذا الأمر ليتذكر أمر الساعة: (وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ)، وقال: (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ).
12 ـ أعاجيب الله في قدره:
فهذه النيران المستعرة يخرجها سبحانه وتعالى من قلب الجليد، ومن تحت نهر جليدي، كما قال رئيس أيسلندا: "ما نشاهده هنا في أيسلندا .. منظر لا يمكنكم أن تروه في مكان آخر من العالم، وهو امتزاج ثورة بركانية وأنهار جليدية".
فما أعظم قوة الله وما أبهر عجائبه التي يسوقها لتبصير الغافلين، ودعوتهم للتفكير (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ، أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ).
يقيم اللّه لعباده من آياته في النفس والكون ما يدل على بديع صنعته، وباهر قدرته، ليتبين لهم الحق، والمخذول من أعرض وتولى.
ومن العجائب أن دولة البركان " أيسلندا" لم تتأثر بما حدث؛ لأن التيارات الهوائية حملت ذرات الغبار البركاني واتجهت به بعيداً عنها، فتهبط طائراتها وتقلع بلا قلق ودون خوف ... فقد قُدِّر لهذا الغبار أن يذهب لمكان محدد!!.
13 ـ النظرة الإلحادية للطبيعة:
فمن جحود البشر لخالقهم ونكرانهم له نسبة كل صغيرة وكبيرة في الكون لقدرة الطبيعة، فبدلا من الإذعان لقدرة الله فيما حصل، نجد رئيس دولة البركان يقول: " إن ما يحدث عرضٌ لقوى الطبيعة".
وينسون قدرة الله الذي خلقها وسخرها، وأن الطبيعة لا حول لها ولا قوة، بل كل ما يحدث فبإرادته سبحانه ومشيئته (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ، يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ).
(فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
14 ـ نار تذكر بنار:
فالصهير الناري البركاني الذي سبب هذا الرماد بلغت درجة حرارته (1200) درجة مئوية، وأذاب 10% من نهر الجليد، وهذه من نار الدنيا، فكيف بنار الآخرة، ولهذا لما ذكر الله نار الدنيا، قال: (نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً) تُذَكِّر بالنار الكبرى يوم القيامة، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (نَارُكُمْ هَذِهِ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ).
15 ـ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا:
فالسحب البركانية أدت إلى إغلاق المطارات, واحتجاز ملايين المسافرين، حتى لجأ بعضهم لإرسال استغاثات إلى سفارات دولهم لمساعدتهم في العودة إلى منازلهم ..
وكم من مؤتمرات نُظِّمَت، ولقاءات أعد لها، وحجوزات تأكدت، ومواعيد تحددت ... ثم أصحابها اليوم يفترشون مقاعد المطارات (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ، وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ).
16 ـ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ، وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ.
(يُتْبَعُ)
(/)
فهي سنة ربانية ... فكلما كثرت المعاصي, والظلم والقتل, وإشاعة الفاحشة؛ كثرت المصائب العامة من الأعاصير المهلكة، والفيضانات المغرقة، والزلازل المدمرة، والبراكين المحرقة، والأمراض الفتاكة، والطواعين العامة، والحروب الطاحنة، والنقص والآفات في النفوس والزروع والثمار، وغيرها من المصائب التي يخوف الله بها العباد، ويذكرهم بقوته وسطوته، وأنهم إن تركوا أمره لم يبال بهم في أي واد هلكوا، (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
وليست هذه بآخر الكوارث التي ستصيب من أعرض عن منهج الله وطغى وظلم وتجبّر: (وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ، أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دَارِهِمْ، حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ).
17 ـ مصائب قوم عند قوم فوائد:
أمام هذه الكارثة الاقتصادية لشركات الطيران العالمية, زاد الطلب على القطارات والباصات والعبارات المائية ... وزاد الضغط كذلك على الفنادق.
ونشطت شركات السكك الحديدية التي سيرت قطارات إضافية بين دول أوروبا ... وارتفعت أسعار الرحلات عموما ...
فسبحان مقسم الأرزاق، فبينا أولئك يتجرعون مرارة خسائرهم الفادحة، ينعم هؤلاء بأرباح خيالية لم تكن لهم يوما بالحسبان!!
18 ـ استحضار نعم الله علينا:
فمن نظر إلى ما أصاب الناس في المطارات، ونومهم على المقاعد، وقد أرهقهم التعب وأقلقهم الترقب والانتظار، استحضر نعمة الله عليه بالراحة والطمأنينة والأمان.
والمؤمن ينظر للمصائب النازلة بالآخرين، فتهون عليه مصائبه، ويمتلئ قلبه بحمد الله، ويلهج لسانه بشكره.
19 ـ مشاهد ومشاهد:
إن هذه البراكين والزلازل تذكرنا بالزلزلة الكبرى، فبركان واحد أحدث ما أحدث من الفزع والكوارث، فكيف بزلزلة الأرض كلها: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ).
والغبار الذي حجب الشمس عن سماء هذه الدول يذكرنا بقوله تعالى: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) أي: ذهب ضوءها.
وتناثر أجزاء البركان في الهواء يذكر بقوله: (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) أي: تناثرت من السماء وتساقطت على الأرض.
وتعطل حركة الطيران والمطارات يذكرنا بقوله تعالى: (وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ)، والعشار: هي خيار الإبل والحوامل منها، وهي أنفس أموال العرب إذ ذاك، فنبه سبحانه بذلك على تعطل كل ما هو في معناه من كل نفيس من المال، حيث يأتي الناس ما يذهلهم عنها فيتعطل الانتفاع بها.
وعجز القارة الأوربية بعدتها وعتادها، وذهولها مما يحدث، وتساءل الجميع عما يحدث، يذكرنا بعجز الإنسان عند قيام الساعة، يوم يقف مشدوها مستعظما ما يرى (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا ... ) أي: أي شيء عرض لها؟
وإن هذه الغيوم المتراكمة التي تملأ الأجواء على ارتفاعات هائلة ... تذكرنا بالدخان الذي يبعثه الله قبل قيام الساعة: (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ).
وختاماً ...
فإن مشاهدة ومعاينة آيات الله الكونية العظيمة المخيفة لتغني عن وعظ الواعظين وتذكير المذكرين، ونصح الناصحين، إنها لأكبر زاجر، وأبلغ واعظ، وأفصح ناصح .. وإن في مراحلِ العمُر، وتقلّبات الدّهر، وفجائع الزمان لعِبَرًا ومزدجرًا ومَوعِظة ومُدّكرًا، يحاسِب فيها الحصيف نفسَه، ويراجع مواقفَه، حتى لا يعيشَ في غَمرة ويؤخَذَ على غِرّة.
نسأل الله أن يلطف بإخواننا المسلمين في كل مكان، وأن يجعل من هذه الآية عبرة يهدي بها أهل الضلال إلى صراطه المستقيم ودينه القويم. إنه سميع مجيب، لطيف خبير.
والحمد لله رب العالمين،،
المصدر: وصلتني بالبريد.
ـ[ايت عمران]ــــــــ[20 Apr 2010, 11:35 م]ـ
الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به.
لقد بلغ من طغيان التفكير المادي، وسيطرة الفكر الإلحادي على جل وسائل الإعلام أن أذهلا كثيرا من المسلمين عن التفسير الإيماني للحوادث، وعن الاعتبار بما ينزل بهم وبمن حولهم من كوارث، نسأل الله العفو والعافية.
جزى الله خيرا كاتب المقال وناشريه على هذا التذكير المؤثر، وتحية للمشرف الكريم.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[20 Apr 2010, 11:41 م]ـ
جزاك الله خيرا دكتور عبد الرحمن
وجزى الله الشيخ محمد صالح خيرا
إنه مثال للداعية الموفق الذي لا يدع الحدث يمر هكذا دون أن يستغله في مجال الدعوة إلى الله وهو مثال جدير بأن يحتذى، كثر الله من أمثاله في أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[21 Apr 2010, 12:37 ص]ـ
لا إله إلا الله
سبحانه القوي العزيز
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[21 Apr 2010, 01:05 ص]ـ
بارك الله بك يا فضيلة الشيخ محمد ونفع الله بك وبعلمك وكم نحن بحاجة إلى سباقين أمثالك همهم توعية الأمة.
ـ[هاني درغام]ــــــــ[21 Apr 2010, 01:10 ص]ـ
جزاكم الله خيرا علي هذا المقال الرائع وبارك لكم
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[21 Apr 2010, 01:25 ص]ـ
أحسن الله إليك وبارك فيك.
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[21 Apr 2010, 03:12 ص]ـ
ذكرني هذا بقول الله جل وعلا -حين نودي الكفار بهذا ردعا لهم وتخويفا-: (انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (29) انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ (31) إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ (33) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (34))
قال ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى مخاطبا للكفار المكذبين بالمعاد والجزاء والجنة والنار، أنهم يقال لهم يوم القيامة: {انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ} يعني: لَهَبَ النار إذا ارتفع وصَعِدَ معه دخان، فمن شدته وقوته أن له ثلاث شعب، {لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} أي: ظل الدخان المقابل للهب لا ظليل هو في نفسه، ولا يغني من اللهب، يعني: ولا يقيهم حر اللهب.
قال البغوي رحمه الله: {إِنَّهَا} يعني جهنم {تَرْمِي بِشَرَرٍ} وهو ما تطاير من النار، واحدها شررة {كَالْقَصْرِ} وهو البناء العظيم.
وقال ابن جُزَي الغرناطي رحمه الله: الضمير في {إنها} لجهنم و {القصر} واحد القصور، وهي الديار العظام، وشبه {الشرر} به في عظمته وارتفاعه في الهواء، وقيل: هو الغليظ من الشجر واحده قَصْرَة كجَمْرَة وجَمْر {كَأَنَّهُ جِمالاتٌ صُفْرٌ} في الجمالات قولان أحدهما: أنها جمع جمال شبه بها الشرر وصُفر على ظاهره؛ لأن لون النار يضرب إلى الصفرة. وقيل: صفر هنا بمعنى سود يقال: حمل أصفر أي أسود. وهذا أليق بوصف جهنم. الثاني: أن الجمالات قطع النحاس الكبار، فكأنه مشتق من الجملة.
قال عبد الرحمن السعدي رحمه الله: وهذا يدل على أن النار مظلمة، لهبها وجمرها وشررها، وأنها سوداء، كريهة المرأى، شديدة الحرارة، نسأل الله العافية منها.
قال المراغي رحمه الله: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بهذا اليوم الذي لا يجدون فيه لدفع العذاب عنهم محيصا.
قال أبو بكر جابر الجزائري حفظه الله: من هداية الآيات:
1 - التهكم والسخرية والتبكيت من ألم أنواع العذاب الروحي يوم القيامة.
2 - عرصات القيامة واسعة والمقام فيها طويل والبلاء فيها شديد.
3 - تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر بعض ما يتم فيه.
4 - التكذيب هو رأس الكفر، وبموجبه يكون العذاب.
نسأل الله العظيم أن يغفر لنا ويرحمنا
ـ[فيوض]ــــــــ[21 Apr 2010, 07:03 م]ـ
تذكرت قوله تعالى {أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون}
ـ[شعاع]ــــــــ[21 Apr 2010, 08:09 م]ـ
سبحانك ربي
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ـ[أمل الأمة]ــــــــ[21 Apr 2010, 10:03 م]ـ
جزاكم الله خيرا ,,,
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[22 Apr 2010, 01:05 ص]ـ
كَم عندنا - نحن المسلمين - من بلايا!
أشدها تسلّط أحفاد القردة و الخنازير على المسجد الأقصى المبارك - أُولى القبلتيْن، و ثالث الحرميْن الشريفيْن - و كذا استيلائهم على أرض فلسطين الإسلامية المباركة، مدة زادت على الستين عاماً!
و كذا احتلال العراق، و غير العراق
و يكون البلاء للإنذار، و يكون للعقاب، و يكون للاختبار و رفع الدرجات
فلننظر فيما ابتلينا به - نحن المسلمين - من بلايا في كل مكان؛ ليعلم كلٌّ مِنَّا سبب بلائه
فلنراجع أنفسنا، و لنحاسبها قبل أن نُحاسَب في الآخرة و نُعاقَب
نسأل اللهَ العفو و العافية في الدنيا و الآخرة(/)
إِلَى اللهِ نَشكُو قَسوَةَ قُلُوبِنَا
ـ[أم عبد الله //]ــــــــ[21 Apr 2010, 02:27 ص]ـ
إِلَى اللهِ نَشكُو قَسوَةَ قُلُوبِنَا
يقول الشيخ/ عبد الكريم الخضير
(سُورة الطُّور سُورةٌ عظيمة، تَهُزُّ قَلبَ الكَافِر قبل المُسلم،
ففي الصحيح من حديث جُبير بن مُطعم أنَّهُ قَدِمَ المدينة في فداء أسرى بدر،
وكان يومئذ كافراً،
فَسَمِعَ النَّبي عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام يَقرَأُ في صلاة المغرب بسُورة الطُّور، وأَخبَرَ عَن نَفسِهِ أنَّ قلبَهُ كَادَ يَطِير من سماع هذهِ السُّورة،
قال: وذلك أوَّل ما وَقَرَ الإيمانُ في قلبي، وهذا كافر لا يُؤمن بالله، ولا بما جاء عن الله؛
لكنَّهُ بِفِطرَتِهِ مع تَذَوِّقِهِ للكلام، فالعَرَب الذِّينَ نَزَلَ
القُرآنَ بِلُغَتِهِم يَفهَمُون ما يُلقَى إليهم،
ومِمَّا يُؤسَفُ لهُ أنَّ كثيراً من المُسلمين لا يَعُون ولا يُدرِكُون مثل هذا الإدرَاك، فَتُقرأ سُورة الطُّور،
وتُقرأ سُورة هود، وتُقرَأ الآيات التِّي لو أُنزِلَت على جَبَلٍ لَرَأَيتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً من خَشيَةِ الله، ومَعَ ذَلِك لَا تُحَرِّك سَاكِناً،
هذا كَافِر كَادَ قَلبُهُ أَن يَطِير، والنَّصَارَى إذا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ
إلى الرَّسُول تَرَى أَعيُنُهُم تَفِيضُ مِنَ الدَّمعِ،
ومع الأَسَف أنَّ المُسلِم فِي عَصرِنا هذا لَا تَكَادُ تُحَرِّك فِيهِ
سَاكِن؛ إلاَّ من رَحِمَ الله، وهم قِلَّة؛
لأنَّنا نَجِدُ في أنفُسِنا، ونحنُ مع إخواننا من طُلَّابِ العلم يعني لَنَا صِلَة وإن كانت ضَعِيفَة،
حَقِيقةً الصِّلة ضَعِيفة بِكِتابِ الله؛ لكنَّها موجُودة، يعني ولو كانت نَاقِصَة،
ومَعَ ذَلِك كَلَامُ الله لَا يُحَرِّك فِينَا سَاكِناً ومَا ذَلِكُم إلاَّ لِقَسوَةِ القُلُوب، ومَا رَانَ عَلَيهَا مِنَ الذُّنُوب،
ومِن أَظهَرِ ذَلِك التَّخلِيط فِي المَأكُول الذِّي رَانَ على القُلُوب
وغَطَّاها، وغَشَّاهَا؛ فَصَارَت لَا تَفقَهُ شَيئاً، إذا كان كَلَامُ اللهِ
يُتلَى بِأَصوَاتٍ مُؤَثِّرَة، ومَعَ ذلك القَلبُ لَا يُوجَل! ولَا تَزِيدُنَا
إِيمَاناً مَعَ الأَسَف، واللهُ -جَلَّ وعَلا- حَصَر الإيمان بالذِّينَ إذا
تُلِيَت عليهم آيَاتُهُ زَادَتهُم إيمَاناً، وَجِلَت قُلُوبُهُم، ونَحنُ لَا
تُحَرِّك سَاكِناً، فَنَشكُو إِلَى اللهِ -جَلَّ وعَلَا- قَسوَةَ القُلُوب،
ومَعَ هذهِ الشَّكوَى لابُدَّ مِن بَذلِ الأَسبَاب؛ لِإِحيَاء الشُّعُور فيها،
أَبُو جَهل وأبُو لَهَب وغيرُهُم من مُشرِكِي قُريش من عُتاة من صَنَادِيد
قُريش إذا قيل لهم قُولُوا لَا إِلَه إلاَّ الله نَفَرُوا، وقالوا: أَجَعَلَ
الآلِهَة إلهًا واحِداً؟ وتَجِدُ المُسلِم مُنذُ قُرُون يطُوفُ بالقبر وهو يقول لَا إِلَه إلاَّ الله!
فَهَل هَذَا يَفهَم مَعنَى لَا إِلَه إلاَّ الله كما يَفهَمُها أبو جهل وأبُو لَهب؟!
واللهِ مَا يَفهَم لَا إِلَه إلاَّ الله، تجِدُهُ يقول: لَا إِلَه إلاَّ الله
وهو يقول يا علي يا حسين!! هَل هذا يَفهَم مَعنَى لَا إِلَه إلاَّ الله؟! ونحنُ نسمعُ كلام الله بالأصوات المُؤثِّرة التِّي لو قُرِئَ فيها كلام عادي؛ يعني تَتَأَثَّر من جَمَالِها وحُسنِهَا وتَرقِيقِها فَكَيفَ بِكَلَامِ الله المُؤثِّر بِنَفسِهِ بِذاتِهِ؟!
هذا كافر كادَ قَلبُهُ أن يَطِير! فماذا عنَّا؟!
هل نحنُ بهذهِ الصِّفة؟!
أتكَلَّمُ عن نفسي، وأعرِفُ من حالِ كثيرٍ من إخواني إنَّهُم ليسُوا كذلك! فلا بُدَّ من مُراجَعَة الحِسَابات،
الحَسَن يقول: "تَفَقَّد قَلبَك في ثلاثة مواطن،
في قِراءة القرآن، وفي الصَّلاةِ، وفي الذِّكر؛
فإن وَجَدتَهُ؛ وإلاَّ فاعلَم أنَّ الباب مُغلَق"
يعني بينك وبين ربِّك فيهِ حجاب! يعني فاسعَ إلى رَفع هذا الحِجَاب،
فهل سَعَينَا إلى رَفعِ هذا الحِجَاب؟!
سَعِينا بِجِدّ؟ وبَذلنا الأسباب؟
وعَمِلنا على انتِفاءِ الموانع التِّي تَمنَعُ ارتفاعُ هذا الحِجَاب؟!
نحنُ على طريقةٍ واحدة مُنذُ أن بدأنا الطَّلب إلى يومنا هذا ونحنُ طريقتنا لا تتغيَّر؛ بل المُلاحظ أنَّها تَتَغَيَّر إلى الأسوَأ!!
أيَّام بداية الطَّلب يمكن قُلُوبنا أفضل ممَّا هي الآن!
وهذا يَجعَلُ الإنسَان يُسِيءُ الظَّن بنفسِهِ، وبِنِيَّتِهِ، وطَلَبِهِ للعلم .. هل هو على الجادَّة؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
العِلم فَائِدَتُهُ العَمَل، والقُرب من الله -جلَّ وعلا-
فَهَل أَفَادَنا هذا العِلم القُرب من الله -جلَّ وعلا-؟!
هل استَحضَرنا لَذَّة المُناجاة بين يديّ الله -جلَّ وعلا-؟!
هل تَلَذَّذنا بِصَلَاة رَكعَتَين في جَوف اللَّيل؟!
لا بُدَّ من إِعَادةِ الحِسَاب،
وإذا كانَ هذا كافر يَسمَعُ النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- يَقرَأُ
بِسُورةِ الطُّور؛ فَيَكَاد قَلبُهُ أن يَطِير! كاد قَلبُهُ أن يَنخَلِع – كما
في بعضِ الرِّوايات – فماذا عَنَّا؟!
ونحنُ نَنتَسِب إلى طَلَبِ العِلم،
ونُعنَى في الظَّاهِر واللهُ أعلمُ بالبَواطِن والخَفَايا!
في الظَّاهِر نُعنى بِكِتابِ الله، وسُنَّةِ نَبِيِّهِ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-، وهي دَيدَن كثير من الإخوان وطُلَّابِ العلم؛ لكن مع ذلك؛ النَّتِيجة، الغاية هل نُحِسُّ منها أو فيها لَذَّة؟!
ما نحسّ بشيء! فَلَا بُدَّ من إِعَادَةِ النَّظر، لا بُدَّ مِن بَذلِ
الأسبَاب، والسَّعِي بِجِدّ على انتِفَاءِ المَوانِع؛
يعني اعلَم أنَّ الباب مُغلَق! يعني لا أُبَالِغ إذا قُلت أنَّنِي مِرَاراً
أبدأ بسُورة يُونس ولا أشعُر إلاَّ وأنا في سُورة يُوسف! أقُول هذا عن نَفسِي،
أينَ ذَهَبَت سُورة هُود بين السُّورتين؟! يعني ثلاثة سُور واحد وأربعِين صَفحَة من القرآن، ثلاثة سُور تَبدَأ من أَوَّلِها إلى آخِرِها مَرَرت بِسُورة هُود؛ ولا كأنَّ شيئاً حَصَل!
والنَّبيُّ -عليهِ الصَّلَاةُ والسَّلام- لما سَألَهُ أبُو بكر وغَيرُهُ أَرَاكَ شِبتَ يا رَسُولَ الله، قال: ((شَيَّبَتنِي هُود وأَخَواتُها))،
الحديث لا يَسلَم من كلام لأهلِ العلم حتَّى قيل أنَّهُ مُضطرب؛ لكنَّ الحافظ ابن حجر يقول إنَّهُ يُمكن ترجِيح بَعضُ الوجوه على بعض؛ فَيَكُونُ حَسَناً،
قَصَص لِأُمَمٍ غَابِرَة ارتَكَبَت ما ارتَكَبَت مِنَ الذُّنُوب والمُخَالَفَات، وعُذِّبَت بِصُنُوفٍ من العَذَاب، نَقرَؤُها، ونَسمَعُها،
وكأنَّ الأَمر لَا يَعنِينَا!
والمَسألَةُ كما قالَ عُمر وغيره: "مَضَى القَومُ ولم يُرَد بِهِ سِوَانَا! "
نحنُ المَقصُودُون أيها الأخوان، ليسَ المَقصُود لا عاد، ولا ثَمُود، ولا أصحَاب الأيكَة، ولا مَديَن، ولا قَوم فِرعون، مَضَوا وانتهَوا،
لِمَن أُنزِلَ القُرآن؟!
أُنزِل لَنا؛ لِنَعتَبِر، ونَتَّعِظ، ونَدَّكِر، والسُّنَن الإلَهِيَّة
واحِدَة لا تَتَغَيَّر، عُذِّبُوا بأسبَاب إذا وُجِدَت هذهِ الأسبَاب؛
يُعَذَّبُ بها غَيرُهُم ... {لن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبدِيلًا} ولم يُستَثنَى من الأُمَم إلاَّ قوم يُونس، ما استُثتِي من هذهِ السُّنَّة الإلَهِيَّة إلاَّ قوم يُونس،
يعني لمَّا انعَقَدَت الأسبَاب، وحَقَّت كَلِمَةُ العَذَاب نَفَعَهُم إيمَانُهُم؛
لكن غيرهُم؟!
السُّنَن الإلَهِيّة لا تَتَغَيَّر ولا تَتَبَدَّل، ونحنُ الآن وَاقِعُونَ في مَسَائل، وفي عَظَائِم مَوجُودَة يعني في مُجتَمَعِنا، وفي غيرِنا أكثر؛ ونَخشَى من عُقُوبَة تنزِلُ بِنا، ومِن أن يَحِلَّ بنا مَا حَلَّ بغيرِنا من المَثُلَات، والقَوارِع، نَرَى النَّاس يُتَخَطَّفُونَ من حَولِنا ونحنُ في بَلَدٍ آمِن؛ فَعَلَينا أن نَشكُر هذهِ النِّعمَة، ونَقُومُ بِشُكرِها، ونُؤَدِّيهِ على الوَجهِ المَطلُوب، لا يَكفِي اللِّسَان؛ بَل لا بُدَّ مِنَ العَمَل)
من موقع الشيخ الخضير
ـ[خلوصي]ــــــــ[23 Apr 2010, 05:30 م]ـ
تجلّي النور فوق الطور باقٍ - فهل بقي الكليم بطور سينا
!؟!(/)
تفسير مقاتل
ـ[شعاع]ــــــــ[21 Apr 2010, 03:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أخوتي بارك الله فيكم ... أبحث عن تفسير مجاهد وتفسير مقاتل ولم أعثر عليها في المكتبات القريبة من سكني.
وبعد البحث عبر النت وجدت تفسير مقاتل، لكن لاأدري هل هو نفس
الكتاب المطبوع أم هناك اختلاف وهل أعتمده؟!
من لديه علم يخبرني بارك الله فيكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Apr 2010, 10:30 ص]ـ
إن كان مصوراً على صيغة PDF فهو الكتاب المطبوع نفسه، وإن كان إلكترونياً فيحتاج تحقق من كونه نفس الكتاب. وأنتِ لم تبيني لنا أين عثرتِ عليه لنتأكد.
ـ[شعاع]ــــــــ[21 Apr 2010, 06:51 م]ـ
ليس على صيغة PDF
وعثرت عليه في أحد المنتديات
هذا هو الكتاب
http://www.rofof.com/dw.png (http://sub3.rofof.com/04hijgt21/Mukatel.html)
جزاك الله خيرا
ـ[عصماء]ــــــــ[21 Apr 2010, 09:31 م]ـ
يبدو أن نسختك أختي الكريمة عن طريق المكتبة الشاملة ولكن المشكلة هو أن الكتاب على برنامج الوورد!
هنا يجب التثبت والحذر
أسأل الله العليم أن يبصّركِ بالحق
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Apr 2010, 12:40 م]ـ
هذه النسخة هي فعلاً طبعة تفسير مقاتل التي نشرتها دار الكتب العلمية في بيروت، والطبعة المعتمدة للكتاب هي التي حققها الدكتور عبدالله شحاتة رحمه الله ونشرها. والتحقق من عدم وجود سقط أو خطأ في النسخة الإلكترونية هذه يحتاج إلى جهد ووقت.
ـ[شعاع]ــــــــ[24 Apr 2010, 12:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم
ـ[عبيدة احمد السامرائي]ــــــــ[26 Apr 2010, 09:30 ص]ـ
اختي الكريمة ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1. تفسير مجاهد: تفسير مطبوع يقع في مجلد واحد، قامت بطبعه ونشره دار الكتب العلمية في بيروت وهو متوفر ليس بالصعب الحصول عليه.
2. تفسير مقاتل: هو أيضا تفسير مطبوع يقع في ثلاث مجلدات، قامت بطعبه ونشره أيضا دار الكتب العلمية في بيروت.
وإن يسر الله تعالى فسأقوم بنسخه بصفة pdf ونشره على هذا الملتقى المبارك لكني أحتاج إلى بعض الوقت.
أرجو دعاؤكم والله من وراء القصد
ـ[شعاع]ــــــــ[26 Apr 2010, 04:02 م]ـ
جزاكم الله خيرا ولاحرمكم الأجر(/)
مجلة معهد الشاطبي ومجمع الملك فهد؟
ـ[أبو المهند]ــــــــ[21 Apr 2010, 02:20 م]ـ
هل من مجيب لماذا لم يصدر العدد الجديد من مجلة الشاطبي ومجلة المجمع بالرغم من أننا تعودنا على صدور العدد الجديد من المجلتين دوما في منتصف ونهاية كل عام هجري؟
والله الموفق(/)
وصف القران الكريم بالكتاب .. ولم يكتب بعد؟
ـ[قطرة ندى]ــــــــ[21 Apr 2010, 03:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال: وصف الله عز وجل القران الكريم بأنه (كتاب) باختلاف المواطن , ولم تكن بداية جمع القران في كتاب واحد إلا في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ..
- هل يصح القول:أن ذلك دلالة وإشارة إلى جمعه وحفظه؟ مع أنه سبحانه قال (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). عبر عنه ب (الذكر) عند التأكيد على حفظه؟
- أو هل يمكن القول: بأن وصفه بالكتاب دلالة على أن حفظه يكون بالحفظ في الصدور والسطور؟
- وإن لم تصح الدلالة على ذلك فما سر وصف القران الكريم بأنه كتاب. قبل جمعه؟ مع الإيمان بأن تعبير القران له سر وبلاغة وحكمة سواء علمناها أم لم نعلمها. لكن لعل الله منّ على من يشاء من عباده بفهم وعلم ببعض معاني كتابه. نسأل الله من فضله.
------------------------------
حال السائلة: (ليتم على وفقه الإجابة على الأسئلة)
- طالبة متخرجة من قسم الدراسات الاسلامية , وهذا لا يعني احتواء وفهم جميع ما دُرس , ولا يخفى حال طالب الجامعات لكل من درس ... لكن حسبنا قلب حوى القران ونريد قلبا يعي القران .. .يتعلمه ويعمل به ويعلمه نسأل الله من فضله.
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[22 Apr 2010, 11:59 ص]ـ
القرآن الكريم مدون في اللوح المحفوظ قبل نزوله. وفي ليلة القدر نزل دفعة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا. ثم نزل به جبريل عليه السلام مفرقاً مدة سنين. وعندما كان جبريل عليه السلام ينزل به كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستدعي من حضر من الكتاب ويملي عليهم ويتحقق من كتابتهم بأن يقرؤوا عليه ما كتبوا. لفظة كتاب تطلق على كل ما كتب حتى لو كان أسطراً. ويبدو أن الأخت الكريمة تظن أن كلمة كتاب لا تطلق إلا على الصحف المجموعة معاً في صيغة كتاب. القرآن من جهة كونه مقروءاً. والكتاب من جهة كونه مكتوباً. وعليه فقد نبه بعض المعاصرين إلى ضرورة الاهتمام بالمكتوب وصور الكتابة، لأن الرسم العثماني عند الجمهور هو توقيفي. (هناك نزاع حول مذهب الجمهور فاقتضى التنويه).
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Apr 2010, 12:36 م]ـ
قال الله تعالى:
(إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (80)) سورة الواقعة
قال بن جرير رحمه الله تعالى:
"وقوله: (فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) يقول تعالى ذكره: هو في كتاب مصون عند الله لا يمسه شيء من أذى من غبار ولا غيره.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني إسماعيل بن موسى، قال: أخبرنا شريك، عن حكيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) الكتاب الذي في السماء.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال: الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) قال: القرآن في كتابه المكنون الذي لا يمسه شيء من تراب ولا غبار.
حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ) زعموا أن الشياطين تنزلت به على محمد، فأخبرهم الله أنها لا تقدر على ذلك، ولا تستطيعه، ما ينبغي لهم أن ينزلوا بهذا، وهو محجوب عنهم، وقرأ قول الله (وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ * إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ).
حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد الله، يعني العتكي، عن جابر بن زيد وأبي نهيك، في قوله: (فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ) قال: هو كتاب في السماء."
ويؤكده قول الله تعالى:
(وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) سورة الزخرف (4)
قال بن جرير رحمه الله تعالى:
"القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)}
يقول تعالى ذكره: وإن هذا الكتاب أصل الكتاب الذي منه نسخ هذا الكتاب عندنا لعليّ: يقول: لذو علوّ ورفعة، حكيم: قد أحكمت آياته، ثم فصلت فهو ذو حكمة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن هشام الدستوائي، عن القاسم بن أبي بزة، قال: ثنا عروة بن عامر، أنه سمع ابن عباس يقول: أول ما خلق الله القلم، فأمره أن يكتب ما يريد أن يخلق، قال: والكتاب عنده، قال: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ). يعني القرآن في أمّ الكتاب الذي عند الله منه نسخ.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت أبي، عن عطية بن سعد في قول الله تبارك وتعالى: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) يعني القرآن في أمّ الكتاب الذي عند الله منه نسخ.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت مالكا يروي عن عمران، عن عكرمة (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا) قال: أمّ الكتاب القرآن.
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا) قال: أمّ الكتاب: أصل الكتاب وجملته.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ): أي جملة الكتاب أي أصل الكتاب.
حدثنا محمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسباط، عن السديّ (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ) يقول: في الكتاب الذي عند الله في الأصل."
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ Amara] ــــــــ[22 Apr 2010, 01:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
اعلم أن الوحي بوصفه مقروءا سمي قرآنا، و بوصفه مكتوبا سمي كتابا .. لذلك كان النبي يقرؤ صحابته ما نزل إليه ليعلموه و يعملوا به و يأمر كتبته بكتابته و يراجعهم في ذلك، لأن كتابته من تمام الوحي، إذ لو قيل لنا إنما فعل ذلك لحفظه لقلنا إن آي القرآن تدل على تكفل الله سبحانه بذلك.
و إن قيل أن الكتابة ليست من الوحي قلنا لماذا حرص الرسول صلى الله عليه و سلم على ذلك؟ و هل فعل ذلك من عند نفسه أم وحيا؟ فإن قيل لنا أن أمر كتابته كانت بوحي الله، كانت صفة الكتابة من تمام الوحي المنزل. و إن قيل لنا إن ذلك من عند نفسه كأن يكون خشي نسيان ذلك قلنا إن الذي أوحى لا ينسى و لا يسهى و هو جل شأنه يقول " إنا علينا جمعه و قرآنه" فليس على النبي ذلك. و الثاني أنه لو كان من عند نفسه لكان الله تعالى أخبر عن ذلك في كتابه إذ الواضح أنه أخبر عن ما هو أدق من ذلك، حين أخبر عن تعجله في إقرائه عليه السلام فقال " لا تحرك به لسانك لتعجل به".
ثم إن الله سبحانه و تعالى لما أنزل وحيه على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم أمره أن: اقرأ بسم ربك الذي خلق خلق الإنسن من علق، اقرأ و ربك الأكرم الذي علم بالقلم .. فجمع بين القراءة و القلم .. لماذا؟
و لعلي أسأل الأخ الفاضل أبو سعد الغامدي عن قوله تعالى: (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ)، أهو من باب الأمر أم من باب القضاء؟ فالواضح أن الآية تفهم من الوجهين.
يغفر الله لي و لكم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Apr 2010, 01:57 م]ـ
و لعلي أسأل الأخ الفاضل أبو سعد الغامدي عن قوله تعالى: (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ)، أهو من باب الأمر أم من باب القضاء؟ فالواضح أن الآية تفهم من الوجهين.
يغفر الله لي و لكم
حياك الله أخي الفاضل وبياك
سؤالك جوابه في كتب التفسير عموما، وكتب الأحكام منها على وجه الخصوص وما ترجح لديك من أقوال أهل العلم في المسألة فقل به واعمل ولا تثريب عليك، , وإن أحببتَ أن أذكر لك أقوال أهل العلم في المسألة فعلت.
غفر الله لي ولك.
ـ[ Amara] ــــــــ[22 Apr 2010, 02:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
من ابن سعد إلى أبي سعد، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أرى أن بيان ذلك من تمام فضلك علي جزاك الله خيرا أخي أبو سعد .. فإن قدمت لنا ملخصا عن أقوال أهل العلم في المسألة أكون لك ممنونا ..
يغفر الله لي و لكم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Apr 2010, 03:24 م]ـ
أخي الفاضل عمارة هذا كلام الشوكاني رحمه الله تعالى في كتابه " نيل الأوطار" حيث تناول حكم المسألة من الناحية الحديثية والتفسيرية والأصولية فأرجو أن تجد فيه بغيتك.
قال الشوكاني رحمه الله تعالى:
" وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتب إلى أهل اليمن كتابا وكان فيه لا يمس القرآن إلا طاهر)
رواه الأثرم والدارقطني وهو لمالك في الموطأ مرسلا عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم: (أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعمرو بن حزم أن لا يمس القرآن إلا طاهرا) وقال الأثرم: واحتج أبو عبد الله يعني أحمد بحديث ابن عمر: (ولا يمس المصحف إلا على طهارة)
- الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك والبيهقي في الخلافيات والطبراني وفي إسناده سويد بن أبي حاتم وهو ضعيف
وذكر الطبراني في الأوسط أنه تفرد به وحسن الحازمي إسناده وقد ضعف النووي وابن كثير في إرشاده وابن حزم حديث حكيم بن حزام وحديث عمرو بن حزم جميعا
وفي الباب عن ابن عمر عند الدارقطني والطبراني قال الحافظ: وإسناده لا بأس به لكن فيه سليمان الأشدق وهو مختلف فيه رواه عن سالم عن أبيه ابن عمر قال الحافظ: ذكر الأثرم أن أحمد احتج به
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي الباب أيضا عن عثمان ابن أبي العاص عند الطبراني وابن أبي داود في المصاحف وفي إسناده انقطاع. وفي رواية الطبراني من لا يعرف وعن ثوبان أورده علي بن عبد العزيز في منتخب مسنده وفي إسناده حصيب بن جحدر وهو متروك. وروى الدارقطني في قصة إسلام عمر أن أخته قالت له قبل أن يسلم: إنه رجس ولا يمسه إلا المطهرون قال الحافظ: وفي إسناده مقال وفيه عن سلمان موقوفا أخرجه الدارقطني والحاكم وكتاب عمرو بن حزم تلقاه الناس بالقبول
قال ابن عبد البر: إنه أشبه المتواتر لتلقي الناس له بالقبول وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم كتابا أصح من هذا الكتاب فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والتابعين يرجعون إليه ويدعون رأيهم. وقال الحاكم: قد شهد عمر بن عبد العزيز والزهري لهذا الكتاب بالصحة
والحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا لمن كان طاهرا ولكن الطاهر يطلق بالاشتراك على المؤمن والطاهر من الحدث الأكبر والأصغر ومن ليس على بدنه نجاسة
ويدل لإطلاقه على الأول قول الله تعالى {إنما المشركون نجس} وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي هريرة (المؤمن لا ينجس) وعلى الثاني {وإن كنتم جنبا فاطهروا} وعلى الثالث قوله صلى الله عليه وآله وسلم في المسح على الخفين (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين) وعلى الرابع الإجماع على أن الشيء الذي ليس عليه نجاسة حسية ولا حكمية يسمى طاهرا وقد ورد إطلاق ذلك في كثير فمن أجاز حمل المشترك على جميع معانيه حمله عليها هنا
والمسألة مدونة في الأصول وفيها مذاهب. والذي يترجح أن المشترك مجمل فيها فلا يعمل به حتى يبين وقد وقع الإجماع على أنه لا يجوز للمحدث حدث أكبر أن يمس المصحف وخالف في ذلك داود
(استدل المانعون للجنب) بقوله تعالى {لا يمسه إلا المطهرون} وهو لا يتم إلا بعد جعل الضمير راجعا إلى القرآن والظاهر رجوعه إلى الكتاب وهو اللوح المحفوظ لأنه الأقرب والمطهرون الملائكة ولو سلم عدم الظهور فلا أقل من الاحتمال فيمتنع العمل بأحد الأمرين ويتوجه الرجوع إلى البراءة الأصلية ولو سلم رجوعه إلى القرآن على التعيين لكانت دلالته على المطلوب وهو منع الجنب من مسه غير مسلمة لأن المطهر من ليس بنجس والمؤمن ليس بنجس دائما لحديث (المؤمن لا ينجس) وهو متفق عليه فلا يصح حمل المطهر على من ليس بجنب أو حائض أو محدث أو متنجس بنجاسة عينية بل يتعين حمله على من ليس بمشرك كما في قوله تعالى {إنما المشركون نجس} لهذا الحديث ولحديث النهي عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ولو سلم صدق اسم الطاهر على من ليس بمحدث حدثا أكبر أو أصغر فقد عرفت أن الراجح كون المشترك مجملا في معانيه فلا يعين حتى يبين. وقد دل الدليل ههنا أن المراد به غيره لحديث (المؤمن لا ينجس) ولو سلم عدم وجود دليل يمنع من إرادته لكان تعيينه لمحل النزاع ترجيحا بلا مرجح وتعيينه لجميعها استعمالا للمشترك في جميع معانيه وفيه الخلاف ولو سلم رجحان القول بجواز الاستعمال للمشترك في جميع معانيه لما صح لوجود المانع وهو حديث (المؤمن لا ينجس).
واستدلوا أيضا بحديث الباب وأجيب بأنه غير صالح للاحتجاج لأنه من صحيفة غير مسموعة وفي رجال إسناده خلاف شديد ولو سلم صلاحيته للاحتجاج لعاد البحث السابق في لفظ طاهر وقد عرفته
قال السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير: إن إطلاق اسم النجس على المؤمن الذي ليس بطاهر من الجنابة أو الحيض أو الحدث الأصغر لا يصح لا حقيقة ولا مجازا ولا لغة صرح بذلك في جواب سؤال ورد عليه فإن ثبت هذا فالمؤمن طاهر دائما فلا يتناوله الحديث سواء كان جنبا أو حائضا أو محدثا أو على بدنه نجاسة
(فإن قلت:) إذا تم ما تريد من حمل الطاهر على من ليس بمشرك فما جوابك فيما ثبت في المتفق عليه من حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وآله وسلم كتب إلى هرقل عظيم الروم أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة) إلى قوله (مسلمون) مع كونهم جامعين بين نجاستي الشرك والاجتناب ووقوع اللمس منهم له معلوم. (قلت:) اجعله خاصا بمثل الآية والآيتين فإنه يجوز تمكين المشرك من مس ذلك المقدار لمصلحة كدعائه إلى الإسلام ويمكن أن يجاب عن ذلك بأنه قد صار باختلاطه بغيره لا يحرم لمسه ككتب التفسير فلا تخصص به الآية والحديث. إذا تقرر لك هذا عرفت عدم انتهاض الدليل على منع من عدا المشرك وقد عرفت الخلاف في الجنب. وأما المحدث حدثا أصغر فذهب ابن عباس والشعبي والضحاك وزيد بن علي والمؤيد بالله والهادوية وقاضي القضاة وداود إلى أنه يجوز له مس المصحف
وقال القاسم وأكثر الفقهاء والإمام يحيى: لا يجوز واستدلوا بما سلف وقد سلف ما فيه.(/)
وإنما تجتنى ثمرة الفكرة بثلاثة أشياء منها التأمل في القرآن
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[21 Apr 2010, 03:32 م]ـ
وإنما تجتنى ثمرة الفكرة بثلاثة أشياء منها التأمل في القرآن:
وهو تحديق ناظر القلب إلى معانيه وجمع
الفكر على تدبره وتعقله وهو المقصود بإنزاله لا مجرد تلاوته بلا فهم ولا تدبر قال الله تعالى: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب ص: 29 وقال تعالى أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها محمد: 24 وقال تعالى أفلم يدبروا القول المؤمنون: 68 وقال تعالى إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون الزخرف: 3 وقال الحسن: نزل القرآن ليتدبر ويعمل به فاتخذوا تلاوته عملا فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته: من تدبر القرآن وإطالة التأمل وجمع منه الفكر على معاني آياته فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما ومآل أهلهما وتتل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة وتثبت قواعد الإيمان في قلبه وتشيد بنيانه وتوطد أركانه وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه وتحضره بين الأمم وتريه أيام الله فيهم وتبصره مواقع العبر وتشهده عدل الله وفضله وتعرفه ذاته وأسماءه وصفاته وأفعاله وما يحبه وما يبغضه وصراطه الموصل إليه وما لسالكيه بعد الوصول والقدوم عليه وقواطع الطريق وآفاتها وتعرفه النفس وصفاتها ومفسدات الأعمال ومصححاتها وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم وأحوالهم وسيماهم ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه وافتراقهم فيما يفترقون فيه
وبالجملة: تعرفه الرب المدعو إليه وطريق الوصول اليه وما له من الكرامة إذا قدم عليه وتعرفه في مقابل ذلك ثلاثة أخرى: ما يدعو إليه الشيطان والطريق الموصلة إليه وما للمستجيب لدعوته من الإهانة والعذاب بعد الوصول إليه فهذه ستة أمور ضرورية للعبد معرفتها ومشاهدتها ومطالعتها فتشهده الآخرة حتى كأنه فيها وتغيبه عن الدنيا حتى كأنه ليس فيها وتميز له بين الحق والباطل في كل ما اختلف فيه العالم فتريه الحق حقا والباطل باطلا وتعطيه فرقانا ونورا يفرق به بين الهدى والضلال والغي والرشاد وتعطيه قوة في قلبه وحياة وسعة وانشراحا وبهجة وسرورا فيصير في شأن والناس فى شأن آخر فإن معاني القرآن دائرة على التوحيد وبراهينه والعلم بالله وماله من أوصاف الكمال وما ينزه عنه من سمات النقص وعلى الإيمان بالرسل وذكر براهين صدقهم وأدلة صحة نبوتهم والتعريف بحقوقهم وحقوق مرسلهم وعلى الإيمان بملائكته وهم رسله في خلقه وأمره وتدبيرهم الأمور بإذنه ومشيئته وما جعلوا عليه من أمر العالم العلوي والسفلي وما يختص بالنوع الإنسانى منهم من حين يستقر في رحم أمه إلى يوم يوافي ربه ويقدم عليه وعلى الإيمان باليوم الآخر وما أعد الله فيه لأوليائه من دار النعيم المطلق التى لا يشعرون فيها بألم ولا نكد ولا تنغيص وما أعد لأعدائه من دار العقاب الوبيل التى لا يخالطها سرور ولا رخاء ولا راحة ولا فرح وتفاصيل ذلك أتم تفصيل وأبينه وعلى تفاصيل الأمر والنهي والشرع والقدر والحلال والحرام والمواعظ والعبر والقصص والأمثال والأسباب والحكم والمبادىء والغايات في خلقه وأمره فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل وتحثه على التضمر والتخفف للقاء اليوم الثقيل وتهديه في ظلم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل وتصده عن اقتحام طرق البدع والأضاليل
وتبعثه على الازدياد من النعم بشكر ربه الجليل وتبصره بحدود الحلال والحرام وتوقفه عليها لئلا يتعداها فيقع في العناء الطويل وتثبت قلبه عن الزيغ والميل عن الحق والتحويل وتسهل عليه الأمور الصعاب والعقبات الشاقة غاية التسهيل وتناديه كلما فترت عزماته وونى في سيره: تقدم الركب وفاتك الدليل فاللحاق اللحاق والرحيل الرحيل وتحدو به وتسير أمامه سير الدليل وكلما خرج عليه كمين من كمائن العدو أو قاطع من قطاع الطريق نادته: الحذر الحذر! فاعتصم بالله واستعن به وقل: حسبي الله ونعم الوكيل وفي تأمل القرآن وتدبره وتفهمه: أضعاف أضعاف ما ذكرنا من الحكم والفوائد وبالجملة: فهو أعظم الكنوز طلسمه الغوص بالفكر إلى قرار معانيه:
نزه فؤادك عن سوى روضاته ... فرياضه حل لكل منزه
والفهم طلسم لكنز علومه فاقصد إلى الطلسم تحظ بكنزه
لا تخش من بدع لهم وحوادث ... ما دمت فى كنف الكتاب وحرزه
من كان حارسه الكتاب ودرعه ... لم يخش من طعن العدو ووخزه
لا تخش من شبهاتهم واحمل إذا ما قابلتك بنصره وبعزه
والله ما هاب امرؤ شبهاتهم ... إلا لضعف القلب منه وعجزه
يا ويح تيس ظالع يبغي مسا ... بقة الهزبر بعدوه وبجمزه
ودخان زبل يرتقى للشمس يس ... تر عينها لما سرى فى أزه
وجبان قلب أعزل قد رام يأس ... ر فارسا شاكى السلاح بهزه
ابن قيم الجوزية ... مدارج السالكين(/)
إشكال في التفسير ..... أرجوا من الجميع المشاركة
ـ[محب البشير]ــــــــ[21 Apr 2010, 08:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
استمعت منذ فترة - ليست بالقريبة - إلى تفسير للشيخ المغامسي - حفظه الله - و أورد إشكالا قال بأنه لا يزال متوقفا فيه، و لا أدري أفتح الله عليه فيه أم لا؟
غير أني أسوقه الآن للإخوة و أسألهم المشاركة و البحث و النظر فيه لعل الله يؤتينا من لدنه علما .. آمين
الإشكال: ورد في القرآن ذكر (جهنم) و (الفردوس) كثيرا لكنه في كل منهما لم يأت بلفظ التخليد المؤبد أي لم تأت آية بلفظ: خالدين فيها أبدا، سواء في (جهنم) أو (الفردوس) فمالحكة يا ترى؟
و عندي الآن تصور أود أن أقوله لكني أتوقف لغاية معرفة رأي إخواننا من المشرفين و الأعضاء في الإشكال ثم في حله.
ـ[شعاع]ــــــــ[21 Apr 2010, 08:43 م]ـ
الفردوس هو منزلة من منازل الجنة بل هو أعلاها يعني لفظ مخصوص لمكان معين أما لفظ الجنة فهو عام يشمل الجنة كلها
فجميع المؤمنين يدخلون الجنة لكن ليس جميعهم مكانهم الفردوس!
والآيات تشمل عموم المؤمنين "خالدين" أما الفردوس فهي تشمل فئة معينة منهم
هذا والله أعلم وأعتذر إن كانت الإجابة خطأ لأني كتبتها من فهمي لامرجع ولا مصدر فالسموحة منكم.
أما جهنم فقد قال الله تعالى في سورة النساء:
إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ? وَكَانَ ذَ?لِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169)
هذا والله أعلم لاأدري هل فهمت سؤالك أم لا؟
ـ[محب البشير]ــــــــ[21 Apr 2010, 09:39 م]ـ
لا يا (شعاع) أرى أنك قد فهمت سؤالي
ثم إن جوابك عن القسم المتعلق بالنار جعلني أراجع القرآن الكريم فوجدته قد ذكر (جهنم خالدين فيها أبدا) في أواخر سورة الجن، و كان الأولى بي أن أراجع هذا قبل أن أكتب موضوعي هذا و لكن قدر الله و ما شاء فعل و أفيدك أنني منذ أن سمعت ذلك الدرس و أنا أبحث عن حل له و لم يخطر في بالي أن أراجع المصحف لأتحقق من ذلك سبحان الله (و خلق الإنسان ضعيفا) و لعلي أعرض كلام الاشيخ المغامسي بالمعنى لعل السؤال يتضح جليا و قد راجعته و أنا بصدد تفريغه و تجدونه في تفسير سورة الكهف محاسن التأويل
ـ[محب البشير]ــــــــ[21 Apr 2010, 10:27 م]ـ
قال الشيخ المغامسي – حفظه الله –:
{إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا}
النزل أول ما يقدم للضيف كالقهوة التي تقدم للضيف في عصرنا هذا لكن القهوة شراب و أحيانا تكون طعام كما قال صلى الله عليه و سلم أن نزل أهل الجنة زيادة كبد النون أي كبد الحوت و لا تكون مكانا في الأصل لكن الله قال هنا (إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا) فكأن جهنم أول ما يقدم للضيف و الحق أنني أقول أن هذه الآية مر عليها المفسرون مرورا عاديا لا يرون فيها إشكالا و لكن نقول و العلم عند الله أن هذه الآية مشكلة و كثير من الآيات التي فيها جهنم فيها إشكال كبير ينتبه له من ينتبه أو لا ينتبه له غير ذلك لكنني في صدد فهم نظريتها كاملة و قد وصلت إلى أكثرها و لكنها لم تكتمل بعد و سبب الإشكال إن الله يقول في تبارك (و أعدتنا لهم عذاب السعير- و للذين كفروا بربهم عذاب جهنم و بئس المصير) فكأن جهنم غير السعير و قال في التكوير وكنت أتحاشى تفسيرها (فلهم عذاب جهنم و لهم عذاب الحريق) فكأن عذاب جهنم غير عذاب الحريق قد يقول الإنسان إنها دركات و لا يعقل هذا هنا لأن المخاطب بها فئة واحدة و الفئة الواحدة لا تنقسم ....... وكذلك الفردوس في القرآن تحتاج إلى إعادة نظر.
ثم قال في آية (جنات الفردوس نزلا): أعلق الحديث عنها فلنا رأي في الفردوس إلى الآن لم يكتمل ......... و لكنني ما زلت متوقفا في معنى الآية من أسباب التوقف أن الله لم يقل (خالدين فيها أبدا)، قال (خالدين فيها) و تأتي في جهنم كذلك من أسباب التوقف أن الله قال في آخر البينة (إن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين في نار جهنم خالدين فيها) و لم يقل (أبدا) و قال بعدها ........ {ِفي أصحاب الجنة} (خالدين فيها أبدا) فعبر بجنات، فإذا عبر بالجنات عبر ب (أبدا) و إذا عبر بالفردوس يقول (خالدين فيها) .... وإذا عبر بالنار قال (خالدين فيها أبدا) و إذا عبر بجهنم ما يقول (خالدين فيها أبدا) ........ لكن كما قلت النظرية بعد و إنما هي إشكالات نسأل الله التوفيق.انتهى كلامه
هذا ما ذكره حفظه الله و أظن أن السؤال قد وضح الآن و الحمد لله
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[22 Apr 2010, 12:39 ص]ـ
هل هذا النقل - لكلام الشيخ - صحيح؟
فمثلاً: غريبٌ قوله: (النزل أول ما يقدم للضيف كالقهوة التي تقدم للضيف في عصرنا).؟!
ففي المعجم الوسيط:
(النُزُل) المكان ينزل فيه كثيرا، ويقال: سحاب نزل.كثير المطر
(النزل) المنزل، وما هيئ للضيف يأكل فيه وينام؛ قال تعالى في المؤمنين الصالحين: {كانت لهم جنات الفردوس نزلا}
و هل كلامه هذا موجود على شبكة المعلومات " النت "؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب البشير]ــــــــ[22 Apr 2010, 09:52 ص]ـ
د أبو بكر خليل شكر الله لك مداخلتك و الكلام صحيح و قد نلته لكم مفرغا فأما لو شئت أن تسمعه بأذنك فلا يكون إلا ما تحب و يمكنك ذلك بالبحث عن سلسلة محاسن التأويل و لعلك تجدها في طريق الإسلام ثم تذهب إلى سورة الكهف و منها إلى المقطع الأخير و ستجد الكلام الذي نقلته. و لعلي أرفق الملف في المشاركةالقادمة فأنا على عجل.
بارك الله فيك
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Apr 2010, 11:03 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الفردوس اسم من أسماء الجنة ووصف من أوصافها، فإذا أطلق فإنه يراد به الجنة بمختلف درجاتها كما قال الله تعالى في سورة الكهف:
(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108))
وفي سورة المؤمنون:
(أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11))
وأصحاب الفردوس المذكورون في الكهف والمؤمنون هم أهل الجنة على اختلاف درجاتهم، وخلود الجميع الأبدي ثابت في الآيات الأخرى كقوله تعالى:
(وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) سورة النساء (122).
وقوله تعالى:
(قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) سورة المائدة (119)
وغيرها من الآيات.
أما جهنم فقد وردت مقرونة بالخلود كما هو في قول الله تعالى في سورة النساء:
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) سورة النساء (169)
ولهذا لا أرى أن المسألة مشكلة كم ذكر الشيخ غفر الله لنا وله.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[22 Apr 2010, 11:03 ص]ـ
قال الشيخ المغامسي – حفظه الله –:
{إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا}
النزل أول ما يقدم للضيف كالقهوة التي تقدم للضيف في عصرنا هذا لكن القهوة شراب و أحيانا تكون طعام كما قال صلى الله عليه و سلم أن نزل أهل الجنة زيادة كبد النون أي كبد الحوت و لا تكون مكانا في الأصل لكن الله قال هنا (إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا) فكأن جهنم أول ما يقدم للضيف و الحق أنني أقول أن هذه الآية مر عليها المفسرون مرورا عاديا لا يرون فيها إشكالا و لكن نقول و العلم عند الله أن هذه الآية مشكلة و كثير من الآيات التي فيها جهنم فيها إشكال كبير ينتبه له من ينتبه أو لا ينتبه له غير ذلك لكنني في صدد فهم نظريتها كاملة و قد وصلت إلى أكثرها و لكنها لم تكتمل بعد
...
هذا ما ذكره حفظه الله ...
كلامٌ عجيب، و استشهادٌ بحديثٍ ملفَّق - مُرَكَّب - و استنتاجٌ باطل!
هذا إذا صحَّ العزو و النقل.
1 - فالنُزُل: المنزِل، و مكان النزول و الإقامة
لا ما زُعِمَ في النقل أعلاه، و لا أدري من أين أتى به؟
و المماري عليه الدليل.
و ما بُنِيَ على خطأٍ، فهو خطأ
2 - و قوله: (كما قال صلى الله عليه و سلم أن نزل أهل الجنة زيادة كبد النون). لمّ يَرِدّ حديثٌ بهذا اللفظ، و إنما جاء في الحديث الصحيح:
(قال اليهودي فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال زيادة كبد النون). أخرجه الإمام مسلم في " صحيحه "، و كذا ابن خزيمة في " صحيحه "، و أبو عوانة في " مستخرجه "، و الحاكم في " مستدركه "، و غيرهم.
و في رواية أخرجها الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " الأحاديث المختارة للضياء المقدسي، قال النبي صلى الله عليه و سلم: (أول ما يأكلون كبد حوت).
و هي مفسرةٌ لكلمة (تحفتهم)، الواردة في الحديث الأول.
3 - و عليه، فالاستنتاجات و الإشكالات المُدَّعاة في النقل المذكور في الاقتباس، غير صحيحة
و الله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Apr 2010, 11:38 ص]ـ
جهنم اسم المكان الذي يعذب فيه الكافرون والآيات في ذلك كثيرة وواضحة، ومن ذلك قول الله تعالى:
(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) سورة آل عمران (12)
وقال:
(أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) سورة آل عمران (162)
(لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) سور آل عمران (197)
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) سور النساء (97)
(وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) سورة النساء (115)
وقد ورد لفظ جهنم اثنتين وسبعين مرة في كتاب الله، وكلها تدل على مكان الذي يعذب فيه الكافرون وما ذكر من أنواع العذاب مثل: عذاب الحريق، وعذاب السعير، وغيرها من أنواع العذاب فهو كائن في جهنم نستجير بوجه الله منها ومن عذابها، وهي دركات يتنوع عذابها ويختلف في الشدة، كما أن الجنة درجات ويتنوع نعيمها ويتفاوت أهلها في التنعم.
وقول الشيخ:
" (فلهم عذاب جهنم و لهم عذاب الحريق) فكأن عذاب جهنم غير عذاب الحريق قد يقول الإنسان إنها دركات و لا يعقل هذا هنا لأن المخاطب بها فئة واحدة و الفئة الواحدة لا تنقسم ....... "
غير صحيح فعذاب الحريق نوع من أنواع عذاب جهنم، وهو من ذكر الخاص بعد العام، فهم في جهنم معذبون بعذاب خاص هو عذاب الحريق.
والشيخ ربما وقع تحت تأثير الواردات التي ترد عليه أثناء الحديث فيتكلم بها قبل أن يرجع إلى المسألة ويحققها وهذا أرى أنه خطأ منهجي عند الكلام في التفسير يسقط فيه الكثيرون، وربما أكون واحدا من هؤلاء ونسأل الله الهداية والتوفيق.
والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[المشارك7]ــــــــ[22 Apr 2010, 02:04 م]ـ
1 - فالنُزُل: المنزِل، و مكان النزول و الإقامة
لا ما زُعِمَ في النقل أعلاه، و لا أدري من أين أتى به؟
و المماري عليه الدليل.
و ما بُنِيَ على خطأٍ، فهو خطأ
ماذكره الشيخ وفقه الله نص عليه اهل التفسر.
ففي تفسير ابن جزي:
(({نُزُلاً} ما ييسر للضيف والقادم عند نزوله، والمعنى أن جهنم لهم بدل النزل كما أن الجنة نزل في قوله: (كانت لهم جنات الفردوس نزلا) ويحتمل أن يكون النزل موضع النزول.))
فذكر المعنى الذي ذكره الشيخ اولا ثم ذكر انه موضع النزول احتمالا.
وفي تفسير ابن الجوزي:
((فأما النُّزُل ففيه قولان.
أحدهما: أنه ما يُهيَّأَ للضيف والعسكر، قاله ابن قتيبة.
والثاني: أنه المنزل، قاله الزجاج.))
وابن قتيبة من اهل اللغة.
وهذا المعنى مذكور في تفاسير اخر.
ففي تفسير ابن عطية:
((و «النزل» موضع النزول، و «النزل» أيضاً ما يقدم للضيف أو القادم من الطعام عند نزوله، ويحتمل أن يراد بالآية هذا المعنى أن المعد لهم بدل النزول جهنم)) وغيره من التفاسير.
بل بعضهم اقتصر على المعنى الذي ذكره الشيخ ففي تفسير ابن عاشور:
((والنُزُل بضمتين: ما يُعدّ للنزيل والضيف من القِرى. وإطلاق اسم النزل على العذاب استعارة علاقتها التهكم، كقول عمرو بن كلثوم
: ... قريناكم فعجّلنا قِراكم
قُبيلَ الصبح مِرْدَاةً طحونا ... )).
ولينظر في رواية (أول ما يأكلون كبد حوت)
وماسبق نقله اعلاه من تفسير ابن جزي:
(({نُزُلاً} ما ييسر للضيف والقادم عند نزوله))
ومن تفسير ابن عطية:
((و «النزل» أيضاً ما يقدم للضيف أو القادم من الطعام عند نزوله))
الا يتفق معنى الاولية مع معنى النزل؟
والله تعالى اعلم.
ـ[محب البشير]ــــــــ[22 Apr 2010, 03:02 م]ـ
الإخوة الكرام أود الآن التنبيه على بعض الأمور
1/ أن النقل صحيح عن الشيخ و معاذ الله أن أختلق كلاما و أنسبه إلى الشيخ - حفظه الله - أو أقوله ما لم يقل فليس ذا من أخلاق أهل القرآن. وهذا هو الرابط http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=88894&autoplay=rm
2/ الهدف من هذا النقل التنقيب و البحث عن حل لهذا الإشكال و الكلام حوله بأسلوب هادئ لا يخلوا من أدب و معرفة الفضل لأولي الفضل لا الانتقاص منهم فأود من الجميع الإلتزام بأدب البحث و النقاش فهذه مدعاة للتوفيق بإذن الله
و كنت من المقرر أن أعرض حلكم الموفق بإذن الله على الشيخ - الذي أكن له محبة خاصة - عقب الإنتهاء منه وهذا من باب التعاون على البر و التقوى
وفقكم الله و سدد خطاكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Apr 2010, 03:21 م]ـ
وفقك الله لكل خير أخانا محب البشير
وأنت محل الثقة عندنا ولا نظن بك ولا بالشيخ إلا الخير
والمجتهد قد يصيب وقد يجانبه الصواب والكمال لله وحده.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[22 Apr 2010, 11:49 م]ـ
جاء في " اللباب في علوم الكتاب "، لابن عادل:
قوله: «نُزُلاً» فيه أوجهٌ:
أحدها: أنه منصوب على الحال، جمع «نَازِلٍ» نحو شارفٍ، وشُرفٍ.
الثاني: أنه اسم موضع النُّزولِ. قال ابن عباس: «مَثوَاهُمْ» وهو قول الزجاج.
الثالث: أنَّه اسمُ ما يعدُّ للنازلين من الضُّيوف، أي: معدة لهم؛ كالمنزلِ للضَّيف، ويكون على سبيل التهكُّم بهم، كقوله تعالى: {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21] وقوله: [الوافر]
. . . . . . . . . . . . . ... تَحيَّةُ بينهم ضَرْبٌ وجِيعُ. اهـ
* * *
و لم أقِف - في معنى " النُزُل " - على ذِكْر ما يُقدَّم من الطعام، فيما رجعتُ إليه من كتب التفسير
إلاَّ ما نَبّهَ إليه - لاحقاً - الأخ (المشارك 7)، عند ابن عطية في تفسيره، و لم يذكره غيره من المفسرين
فمعذرةً، و جَلَّ مْن لا يسهو
- و يبقى ذلك الحديث المُحتَجّ به في ذلك المعنى المُدَّعَى، من حيث لفظه المذكور؟
و كذا وجه الدلالة فيه؟
- و معذرةً لِمَن فَهِمَ سؤالي - عن صحة النقل للكلام - على غَيْر مَحْمله؛ فما أرَدّتُ إلاّ التثبّت
[رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ] {البقرة:286}
ـ[محب البشير]ــــــــ[23 Apr 2010, 12:45 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
النزل في اللغة قال ابن منظور في لسان العرب:
والنُّزُل المَنْزِل عن الزجاج وبذلك فسر قوله تعالى وجعلنا جهنم للكافرين نُزُلاً وقال في قوله عز وجل جناتٌ تجري من تحتها الأَنهارُ خالدين فيها نُزُلاً من عِند الله قال نُزُلاًمصدر مؤكد لقوله خالدين فيها لأَن خُلودهم فيها إِنْزالُهم فيها وقال الجوهري جناتُ الفِرْدَوْسِ نُزُلاً قال الأَخفش هو من نُزول الناس بعضهم على بعض يقال ما وجدْنا عندكم نُزُلاً
والنُّزُل والنُّزْل ما هُيِّئَ للضيف إِذا نزل عليه ويقال إِن فلاناً لحسن النُّزْل والنُّزُل أَي الضيافة وقال ابن السكيت في قوله فجاءت بِيَتْنٍ للنِّزَالة أَرْشَما قال أَراد لِضِيافة الناس يقول هو يَخِفُّ لذلك وقال الزجاج في قوله أَذَلكَ خيرٌ نُزُلاً أَم شجرة الزَّقُّوم يقول أَذلك خير في باب الأَنْزال التي يُتَقَوَّت بها وتمكِن معها الإِقامة أَم نُزُل أَهلِ النار؟ قال ومعنى أَقمت لهم نُزُلهم أَي أَقمت لهم غِذاءَهم وما يصلُح معه أَن ينزلوا عليه الجوهري والنُّزْل ما يهيَّأُ للنَّزِيل لسان العرب ج 11 ص 656
و قال في مختار الصحاح:
والنُّزُل، بضمّتَيْن: المَنْزِل، عن الزّجّاجِ، وبذلك فسَّرَ قَوْله تَعالى: أَعْتَدْنا جهنَّمَ للكافِرينَ نُزُلا.
النُّزُلُ أيضاً: ما هُيِّئَ للضيفِ وفي الصِّحاح للنَّزِيل أن يَنْزِلَ عليه، وفي المُحْكَم: إذا نَزَلَ عليه كالنُّزْلِ، بالضَّمّ، ج: أَنْزَال، وقال الزّجّاج: معنى قولهم: أَقَمْتُ لهم نُزُلَهم: أي أَقْمَْتُ لهم غِذاءَهم وما يصلُحُ معه أنْ يَنْزِلوا عليه، وفي الحديث: اللهُمَّ إنّي أسأَلُكَ نُزُلَ الشُّهَداءِ، قال ابنُ الأثير: النُّزْلُ في الأصل: قِرى الضيفِ، وتُضَمُّ زايُه، يريدُ ما للشهداءِ عندَ اللهِ من الأجرِ والثواب، ومنه حديثُ الدعاءِ للميِّت: وأَكْرِمْ نُزُلَه. النُّزُل أيضاً: الطعامُ والرِّزقُ، وبه فُسِّرَ قَوْله تَعالى: هذا نُزُلُهم يومَ الدِّين. ج 30 ص 480
فهذا يدل على أن المعنى الذي ذكره الشيخ له أصل قوي في لغة العرب بل عده ابن الأثيرهو الأصل.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[23 Apr 2010, 01:16 ص]ـ
لا إشكال في أن من معاني النزل هو ما يقدم للضيف، ولكن حمل الآيات عليه لا يصح والقرآن يوضح بعضه بعضا، فحمل " جهنم " على معنى النزل الذي يقدم للضيف وهو من باب التهكم بأهل النار قول لا يصح، وجهنم اسم المكان الذي يعذب فيه الكفار، كما أن الجنة اسم للمكان الذي ينعم فيه المؤمنون.
ـ[محب البشير]ــــــــ[23 Apr 2010, 01:21 ص]ـ
فحمل جهنم على معنى النزل الذي يقدم للضيف وهو من باب التهكم بأهل النار قول لا يصحلم لا يصح أخي، هلا بينت
وجهنم اسم المكان الذي يعذب فيه الكفار، كما أن الجنة اسم للمكان الذي ينعم فيه المؤمنون. ألا يمكن القول بأن الجنة درجات و الفردوس إحداها - ووسطها -و أن النار دركات وجهنم إحداها؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[23 Apr 2010, 12:36 م]ـ
قال الشيخ المغامسي – حفظه الله –:
{إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا}
النزل أول ما يقدم للضيف كالقهوة التي تقدم للضيف في عصرنا هذا لكن القهوة شراب و أحيانا تكون طعام كما قال صلى الله عليه و سلم أن نزل أهل الجنة زيادة كبد النون أي كبد الحوت و لا تكون مكانا في الأصل لكن الله قال هنا (إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا) فكأن جهنم أول ما يقدم للضيف و الحق أنني أقول أن هذه الآية مر عليها المفسرون مرورا عاديا لا يرون فيها إشكالا و لكن نقول و العلم عند الله أن هذه الآية مشكلة و كثير من الآيات التي فيها جهنم فيها إشكال كبير ينتبه له من ينتبه أو لا ينتبه له غير ذلك لكنني في صدد فهم نظريتها كاملة و قد وصلت إلى أكثرها و لكنها لم تكتمل بعد و سبب الإشكال إن الله يقول في تبارك (و أعدتنا لهم عذاب السعير- و للذين كفروا بربهم عذاب جهنم و بئس المصير) فكأن جهنم غير السعير و قال في التكوير وكنت أتحاشى تفسيرها (فلهم عذاب جهنم و لهم عذاب الحريق) فكأن عذاب جهنم غير عذاب الحريق قد يقول الإنسان إنها دركات و لا يعقل هذا هنا لأن المخاطب بها فئة واحدة و الفئة الواحدة لا تنقسم ....... وكذلك الفردوس في القرآن تحتاج إلى إعادة نظر.
ثم قال في آية (جنات الفردوس نزلا): أعلق الحديث عنها فلنا رأي في الفردوس إلى الآن لم يكتمل ......... و لكنني ما زلت متوقفا في معنى الآية من أسباب التوقف أن الله لم يقل (خالدين فيها أبدا)، قال (خالدين فيها) و تأتي في جهنم كذلك من أسباب التوقف أن الله قال في آخر البينة (إن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين في نار جهنم خالدين فيها) و لم يقل (أبدا) و قال بعدها ........ {ِفي أصحاب الجنة} (خالدين فيها أبدا) فعبر بجنات، فإذا عبر بالجنات عبر ب (أبدا) و إذا عبر بالفردوس يقول (خالدين فيها) .... وإذا عبر بالنار قال (خالدين فيها أبدا) و إذا عبر بجهنم ما يقول (خالدين فيها أبدا) ........ لكن كما قلت النظرية بعد و إنما هي إشكالات نسأل الله التوفيق.انتهى كلامه
هذا ما ذكره حفظه الله و أظن أن السؤال قد وضح الآن و الحمد لله
ما ذكرته أنت - أخي (محب البشير) في آخر المشاركة السابقة - نفاه الشيخ نفسه؛ فقال: (قد يقول الإنسان إنها دركات و لا يعقل هذا هنا).
و هل كل معنى لكلمة في الآية يحتمله تفسيرها؟
* و عجيبٌ أن نتعصَّب لبعض المشايخ - مهما قالوا و أغربوا، و أتوا بالعجائب - بأكثر من تعصبنا للحق
- فهل من الحكمةِ أن تثار على الملأ تلك " الشكوك " التي ثارت في نفس صاحبها، و يتأثرُ بها مَن تأثرَ، ممن قد لا يقف على كشفها فيما بعد؟!
- و هل من الحكمة أن تُثار تلك الشكوك علانية، و يصفها صاحبها بأنها " إشكالات " غفل عنها المفسرون، و مرّوا عليها مروراً عاديا؟!
* و ليتها كانت شكوكاً أو إشكالات لها ما يسندها
- و إلى الآن لم تذكر لنا شيئا في لفظ الحديث الذي بنى عليه إشكالاته و شكوكه؟!
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[23 Apr 2010, 02:22 م]ـ
ألا يمكن القول بأن الجنة درجات و الفردوس إحداها - ووسطها -و أن النار دركات وجهنم إحداها؟
أخي الكريم نعم يصح هذا في الجنة وبيان ذلك من خلال الآيات هو كالآتي:
الله تعالى وصف المؤمنين في أول سورة المؤمنون بأوصاف ثم قال بعد ذلك:
(أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11))
والفردوس هنا يحتمل معنيين:
الأول: الجنة، ويكون الفردوس الوارد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أعلى الجنة ووسطها معناً خاصاً يختص بذلك المكان.
الثاني: الفردوس أي: أعلى الجنة ووسطها كما هو في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه يكون المراد بالمؤمنين هنا من استكمل الأوصاف المذكورة، ولا يدخل معهم من لم يف بتلك الأوصاف من المؤمنين، وعليه يكون قول الله تعالى في سورة الكهف:
(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا) سورة الكهف (107)، وهنا يكون قد أضاف الجنة إلى بعض ما فيها، أما على المعنى الأول فيكون أضاف الجنة إلى بعض أسمائها أو أوصافها.
يقول بن عاشور رحمه الله تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
"وإضافة الجنات إلى الفردوس بيانية، أي جنات هي من صنف الفردوس. وورد في الحديث أن الفردوس أعلى الجنّة أو وسط الجنّة. وذلك إطلاق آخر على هذا المكان المخصوص يرجع إلى أنه علم بالغلبة.
فإن حُملت هذه الآية عليه كانت إضافة {جنات} إلى {الفردوس} إضافة حقيقية، أي جنات هذا المكان."
وأما قولي:
"فحمل جهنم على معنى النزل الذي يقدم للضيف وهو من باب التهكم بأهل النار قول لا يصح"
أقول لا يصح إذا كان على معنى أن جهنم مرحلة من العذاب ثم ينتقلون إلى غيره أو أنها درك من دركات النار، وذلك لأن الآيات دلت على أن جهنم اسم علم على مكان عذاب الكفار كما أن الجنة اسم علم على مكان نعيم المؤمنين، ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى:
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) سورة الأعراف (179)
(يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) سورة ق (30)
(قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) سورة الأعراف (18)
(إنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41)) سورة الأعراف.
وأما مسألة إطلاق النزل بمعنى ما يقدم للضيف في مكان نزوله على نعيم أهل الجنة وعذاب أهل النار فلا إشكال فيه، فقد ذكر الله تعالى نعيم أهل الجنة في سورة الصافات وهو نعيم دائم لا ينقطع ثم قال بعد ذلك:
(أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآَكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68)) سورة الصافات
قال بن عاشور رحمه الله تعالى:
"والنزُل: بضمتين، ويقال: نُزْل بضم وسكون هو في أصل اللغة: المكان الذي ينزل فيه النازل، قاله الزجاج. وجرى عليه صاحب «اللسان» وصاحب «القاموس»، وأُطلق إطلاقاً شائعاً كثيراً على الطعام المهيّأ للضيف لأنه أعدّ له لنزوله تسمية باسم مكانه نظير ما أطلقوا اسم السكن بسكون الكاف على الطعام المعدّ للساكن الدار إذ المسكن يقال فيه: سَكْن أيضاً. واقتصر عليه أكثر المفسرين ولم يذكر الراغب غيره. ويجوز أن يكون المراد من النزل هنا طعام الضيافة في الجنة. ويجوز أن يراد به مكان النزول على تقدير مضاف في قوله: {أمْ شجرة الزقوم} بتقدير: أم مكان شجرة الزقوم.
وعلى الوجهين فانتصاب {نُزُلاً} على الحال من اسم الإِشارة ومتوجه الإِشارة بقوله: {ذلك} إلى ما يناسب الوجهين مما تقدم من قوله: {رزق معلومٌ فواكِه وهم مُكْرَمُونَ في جَنَّاتتِ النَّعِيم} [الصافات: 41 - 43].
ويجري على الوجهين معنى معادل الاستفهام فيكون إمّا أن تُقدّر: أم منزلُ شجرة الزقوم على حدّ قوله تعالى: {أي الفريقين خير مقاماً وأحسن ندياً} [مريم: 73] فقد ذَكَر مكانين، وإما أن نقدر: أم نزل شجرة الزقوم، وعلى هذا الوجه الثاني تَكون المعادلة مشاكَلة تهكماً لأن طعام شجرة الزقوم لا يحق له أن يسمى نزلاً."
هذا والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[23 Apr 2010, 02:32 م]ـ
من خلال مطالعتي لما كتب الإخوة أنبه على نقاط:
1 - أن مثل هذه الأخطاء لا بد من توضيحها وبيانها للمسلمين، وذلك لسببين:
أ - أن الشيخ المذكور وصف المفسرين بأنهم غفلوا عن هذه التي يسميها إشكالات ومثل هذه الإطلاقات ينبغي لطلاب العلم التريث في إطلاقها فضلا عن العلماء.
ب - أن الخطأ في تفسير القرآن الكريم يجب تبيينه ولو كان المخطئ ابن جرير.
2 - أن قلة مطالعة القرآن الكريم ربما أدت لبعض الأخطاء في هذه المسألة فقد ذكر الله تعالى لفظ خالدين فيها أبدا في "جهنم" مرتين وفي "السعير"مرة وفي الجنة 8 مرات، والمجموع 11 مرة من لفظ خالدين فيها أبدا، ولو طالع كتب المتشابه لوجدها نصت على ذلك كمنظومة السخاوي وكالبحر المحيط.
3 - أن الحديث المشار إليه وإن كان يمكن حمله على المعنى الذي استدل به عليه؛ تنزلا على القول بأن النزل ما يقدم للضيف إلا أنه لا علاقة له بالنتائج التي توصل إليها.
والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب البشير]ــــــــ[23 Apr 2010, 05:40 م]ـ
أخي د أبو بكر خليل لست ممن يتعصب للأشخاص و لله الحمد
أخي أبو سعد الغامدي جزاك الله خيرا رد مفيد
وأما قولي:
"فحمل جهنم على معنى النزل الذي يقدم للضيف وهو من باب التهكم بأهل النار قول لا يصح"
أقول لا يصح إذا كان على معنى أن جهنم مرحلة من العذاب ثم ينتقلون إلى غيره أو أنها درك من دركات النار، وذلك لأن الآيات دلت على أن جهنم اسم علم على مكان عذاب الكفار كما أن الجنة اسم علم على مكان نعيم المؤمنين، ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى:
(وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ) سورة الأعراف (179)
(يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) سورة ق (30)
(قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ) سورة الأعراف (18)
(إنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (40) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (41)) سورة الأعراف.
هذا ما كان يدور في الذهن عقب سماع الإشكال و قد بينتََه بيانا شلفيا و الحمد لله، زادك الله توفيقا و سدادا
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[23 Apr 2010, 08:15 م]ـ
إشكال في التفسير ..... أرجوا من الجميع المشاركة ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19314)
تنويه إملائي بسيط لأخي محب البشير وهو أن كلمة أرجو لا تحتاج الى ألف فلا تكتب (أرجوا) كما أوردت في عنوان مشاركتك. فكثير من الاخوة ما يقعون في هذا الخطأ البسيط. أرجو التنويه وبارك الله بكم(/)
بشرى عظيمة وفوائد عزيزة.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[21 Apr 2010, 08:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
كنت أستمع لدرس ماتع يلقيه الشيخ محمد حسان حفظه الله تعالى، وكان يتحدث عن مكانة أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وفي خضم الحديث تحدث عن فضل أبو بكر ودلل على ذلك بما ذكره أهل التفسير عند تفسيرهم لآيات معينة، وهذا ما لخصة الشنقيطي صاحب أضواء البيان رحمه الله فقال:
" قد قيل أيضاً: إن المراد بقوله: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأتقى الذى يُؤْتِي مَالَهُ يتزكى} [الليل: 17 - 18]، إلى آخر السورة. نازل في أبي بكر رضي الله عنه، ولما كان يعتق ضعفة المسلمين، فأنزل الله الآيات إلى قوله: {وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تجزى إِلاَّ ابتغآء وَجْهِ رَبِّهِ الأعلى} [الليل: 19 - 20]، وابتغاء وجهة رب هو بعينه، وصدق بالحسنى أي لوجه الله يرجو الثواب من الله.
وكما تقدم، فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وإن صورة السبب قطيعة الدخول. فهذه بشرى عظيمة للصديق رضي الله عنه، ولسوف يرضى في غاية من التأكيد من الله تعالى ...
تنبيه
في قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يرضى} [الليل: 21]، وذكر ابن كثير إجماع المفسرين أنها في أبي بكر رضي الله عنه أعلى منازل البشرى، لأن هذا الوصف بعينه، قيل للرسول صلى الله عليه وسلم قطعاً في السورة بعدها، سورة الضحى {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأولى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى} [الضحى: 4 - 5]، فهو وعد مشترك للصديق وللرسول صلى الله عليه وسلم، إلاَّ أنه في حق الرسول صلى الله عليه وسلم أسند العطاء فيه لله تعالى بصفة الربوبية {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ} [الضحى: 5} كما ذكر فيه العطاء، مما يدل على غيره صلى الله عليه وسلم، وهو معلوم بالضرورة، من أنه صلى الله عليه وسلم له عطاءات لا يشاركه فيها أحد، على ما سيأتي إن شاء الله. "أهـ
وورد في تفسير ابن كثير كلاما عجيبا في تفسير سورة الضحى ذكرني بموضع كتبته واستنتاج سطرته وهو:
"وقوله: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} أي: في الدار الآخرة يعطيه حتى يرضيه في أمته، وفيما أعدَّه له من الكرامة، ومن جملته نهر الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف، وطينه [من] مسك أذفر كما سيأتي.
وقال الإمام أبو عمر الأوزاعي، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي، علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه قال: عرض على رسول الله ما هو مفتوح على أمته من بعده كنزا كنزا، فسر بذلك، فأنزل الله: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر، في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم. رواه ابن جرير من طريقه، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس: ومثلُ هذا ما يقال إلا عن توقيف." أهـ
فظهر من خلال ذلك أمور وفوائد عديدة، ومنها أننا إذا كنا مع الله كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم مع الله فإن الله تعالى سيكون معنا بإذن الله تعالى وسينعم علينا بشتى النعم، وفي ذلك إشارة إلى بركة البكور، وهذا يظهر من قوله تعالى " والضحى "
هذا والله أعلم وأحكم،
وهنا أنقل المشاركة السابقة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
روى البخاري بإسناده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا." [اتفق عليه الشيخان]
قال ابن حجر:
" وَقَوْل أَبِي هُرَيْرَة " وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا " بِوَزْنِ تَفْتَعِلُونَهَا - مِنْ النَّثْل بِالنُّونِ وَالْمُثَلَّثَة - أَيْ تَسْتَخْرِجُونَهَا، تَقُول نَثَلْت الْبِئْر إِذَا اِسْتَخْرَجْت تُرَابهَا. "
قَالَ الْخَطَّابِيُّ:
" الْمُرَاد بِخَزَائِن الْأَرْض مَا فُتِحَ عَلَى الْأُمَّة مِنْ الْغَنَائِم مِنْ ذَخَائِر كِسْرَى وَقَيْصَر وَغَيْرهمَا، وَيَحْتَمِل مَعَادِن الْأَرْض الَّتِي فِيهَا الذَّهَب وَالْفِضَّة، قَالَ غَيْره: بَلْ يُحْمَل عَلَى أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ. "
وأميل يا اخوة لقول من قال:
" بل أعم من ذلك "
وأظن أن هذا الحديث يدلنا على أن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ستعطى نعم كلما ذهبت نعمة أتت أختها، وذلك كلما جُدد الدين في عروقها ورجعت إليه، متدبرا صروف الزمان ومتصفحا تاريخ أمة رزقت خير الأديان.
والله أعلم وأحكم.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/index.php
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[22 Apr 2010, 12:08 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[24 Apr 2010, 04:33 ص]ـ
جزاك الله خيرا
وجزاكم الله كل خير
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[24 Apr 2010, 04:46 ص]ـ
هذه الخدمة الجديدة مفيدة وهي المربع الذي يظهر مواضيع العضو حيث أني رأيت مشاركة لي تكمل هذا المو ضوع وهي:
{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُواْ هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ {58} فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ {59} وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ {60} وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ {61}}
الأرزاق بيد الله والراحة والطمأنينة بيده سبحانه، وبالتوبة والإنابة والحرص من كل أفراد الأمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق مع الله، تأتي الأرزاق وتخرج الأرض كنوزها بلا تعب، ويأكل المؤمنين أكلا هنيئا طيبا واسعا، متمتعين بالأمن والسعادة والخيرات من رب السماوات، ولهم العزة ولعدوهم الذلة.أهـ/د / ص 8.
http://tafsir.net/vb/showpost.php?p=80464&postcount=8(/)
بحوث علمية مهداة لكم من د. رمضان خميس الغريب جزاه الله خيراً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Apr 2010, 01:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه بحوث علمية أهداها لملتقى أهل التفسير الدكتور رمضان خميس زكي الغريب وفقه الله، وهي من البحوث التي ترقى بها الدكتور إلى رتبة أستاذ مشارك، وهو يعمل أستاذا مشاركاً في جامعة الأزهر وجامعة حائل.
والبحثان مرفقان مع هذه المشاركة:
1 - من أسرار التنزيل في آي من التنزيل.
2 - مفهوم السنن الربانية: دراسة في ضوء القرآن الكريم.
جزى الله الدكتور رمضان خيراً على هيدته القيمة، وتقبل منه.
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[25 Apr 2010, 06:01 م]ـ
بارك الله فيكم يا شيخ عبدالرحمن وأجزل لكم الثواب
وجزاء الله أستاذي أبا رفيدة الغريب خير الجزاء
ونفع الله به وبعلمه أينما حل وارتحل
ابنك،،،(/)
اعجاز بياني وعلمي
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Apr 2010, 01:46 م]ـ
قول الله تعالى:
(وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) سورة الأنعام (38)
إن المتأمل في الآية يرى وصفين وقف عندها المفسرون بحثا عن الفائدة من ذكرهما:
الأول: قوله " في الأرض"
الثاني: قوله " بجناحيه"
وهذان الوصفان ضروريان في الآية لتؤدي الآية غرضها البياني المؤثر في النفس، وما كانت الآية لتؤدي الغرض بدونهما.
إنه التصوير القرآني البديعي الذي لا يقف بالنفس البشرية عند النص المكتوب بل ينقلها إلى تلك المشاهد الحية المتحركة على اختلاف أشكالها وألوانها في البيئات المختلفة على وجه الأرض وفي جو السماء.
وتأملوا الآية بدون هذين الوصفين: " وما من دابة ... ولا طائر إلا أمم أمثالكم" إنها جملة باردة ليس فيها حياة ولا حركة، ليس فيها تصوير ولا خيال يحرك النفس ويشوقها ويدفعها للتفكر والتأمل، وانظروا إلى قول الله تعالى عن الطير:
(أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) سورة النحل (79)
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) النور (41)
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) سورة الملك (19)
تأملوا قوله:
"فِي جَوِّ السَّمَاءِ" وقوله " صَافَّاتٍ" وقوله " فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ" إنها تعطى الآية معاني زائدة مقصودة وتصوير حي رائع وتأثير في النفس ما كان له أن يكون لو لا وجوده.
ثم إن في قوله " يطير بجناحية " إشارة علمية إعجازية ـ وهذه أعلم مقدما أن هناك من سيعترض علي فيها ولكن لا يمنع ذلك من أقول ما ظهر لي في الآية.
أقول لو جاءت الآية بدون كلمة "جناحيه" لربما جاء معترض في هذا الزمن وقال: هذه السماء مملوءة بالطائرات لا تطير بجناحيها، وإنما هي تطير بقوة دفع المحركات فهل هي أمم أمثالنا؟
ثم إن هناك إشارة أخرى إلى أن الجناحين في الغالب ضرورة في الطيران.
هذا والله أعلى وأعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[ Amara] ــــــــ[22 Apr 2010, 02:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
أخي الفاضل أبو سعد الغامدي
ثم إن في قوله " يطير بجناحية " إشارة علمية إعجازية ـ وهذه أعلم مقدما أن هناك من سيعترض علي فيها ولكن لا يمنع ذلك من أقول ما ظهر لي في الآية.
أقول لو جاءت الآية بدون كلمة "جناحيه" لربما جاء معترض في هذا الزمن وقال: هذه السماء مملوءة بالطائرات لا تطير بجناحيها، وإنما هي تطير بقوة دفع المحركات فهل هي أمم أمثالنا؟
ثم إن هناك إشارة أخرى إلى أن الجناحين في الغالب ضرورة في الطيران.
هذا والله أعلى وأعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
لو ساءلنا الآية الكريمة ما كان يسبقنا الغرب في صناعة الطائرات؟
لو ساءلنا الآية هل كل ذو جناحين يطير؟ لكنا ظفرنا بالإجابة.
ما سر الطيران بجناحين؟ لكنا ظفرنا بالإجابة.
هل أن من لا جناح له يطير؟ لكنا ظفرنا بالإجابة.
فكلمة بجناحين ضرورية جدا لإظهار كل هذا ..
و لك أن تسأل عن القبض في قوله تعالى "و يقبضن"
و لك أن تسأل عن سر قوله تعالى " ما يمسكهن إلا الله" حين قال تعالى: "ألم يرو إلى الطير مسخرات في جو السماء" و سر قوله تعالى: " ما يمسكهن إلا الرحمن "؟ لما قال "ألم يرو إلى الطير فوقهم صافات و يقبضن"
و لك أن تسأل عن معنى قوله: " جو السماء" و عن معنى قوله " فوقهم"
و لك أن تسأل عن قوله "في جو السماء" لماذا لم يقل " في السماء" و لماذا قال في آخر الآية الأولى: "إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون " و قال في الثانية: " إنه بكل شيء عليم" و ما ارتباط عليم بذلك؟ و ما ارتباط الآية بالأول، و ما ارتباط كل شيء بما سبقه؟ و ما ارتباط ذلك بالإيمان؟
و لماذا بدأ الآيتين بقوله تعالى: " ألم يروا "؟
و بدأ الثالثة بقوله تعالى: " ألم تر"؟
جزاكم الله خيرا
يغفر الله لي و لكم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Apr 2010, 02:48 م]ـ
أخي عمارة بارك الله فيك
على هذا الوجه الذي ذكرت وعن طريق طرح السؤال يُثوّر القرآن وتستخرج كنوزه.
وفقك الله(/)
سلسلة/ تفسير آيات الدعوة في القرآن/ المحاضرة الأولى بعد المقدمة 6 - 7 (البقرة)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[23 Apr 2010, 04:15 ص]ـ
http://www.4shared.com/audio/LjtVruza/-_online.html(/)
تسهيل علوم القرآن الكريم باللغة المصرية
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[23 Apr 2010, 05:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف النبيين والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد ..
فيقول الله جل وعلا: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم .. }
ومن فهمنا لتلك الآية وللحكمة التي يريدها الحكيم جل وعلا، كان توفيقه سبحانه إلى تلك السلسلة، وهي (تسهيل علوم القرآن باللغة المصرية) بحيث ينكسر الحاجز النفسي للغة، والذي يعكس أوهاما بصعوبة تلك المادة، فيكون لسان القوم جسرا نعود به مرة أخرى إلى اللغة العربية، لأجل (التدين) بها ..
وإن الأساس الذي بنيت عليه هذا العمل، هو اطمئناني إلى حقيقة هي أن معرفة أصول أو رؤوس علوم القرآن هي في أصلها من شأن عامة المسلمين، وينبغي أن تكون من الثقافة العامة التي تنتشر فيهم؛ حيث هي لازمة لتدبر القرآن العظيم، وهو القدر المشترك بين المسلمين جميعا، أي باعتبار ما ينبغي أن يكون لا باعتبار واقع الأمر. فمعرفة المكي والمدني وطبيعة كل إجمالا .. ومعرفة المنسوخ من الآيات إجمالا .. ومعرفة طبيعة القرآن في تنزّله مفرقا لا كتابا جملة .. ومعرفة الفكرة الإجمالية للأحرف السبعة وأنها للتيسير وغيره .. ومعرفة أن القراءات كلها من عند الله .. إلخ هذه المسائل التي تعرف مجملة .. هو من شأن المسلمين جميعا.
وإنني أطمئن كذلك إلى أن مما زاد من إشكالية انفصام الجماهير عن القرآن هو أنهم قد رأوا المتخصصين يتعمقون بقوة في تحرير وتاصيل هذه العلوم، فلم يميزوا بين القدر التخصصي الذي هو فرض كفاية ويقوم به العلماء وطلاب العلم، وبين القدر المشترك، وهو ما يلزم أن يعرفه المسلم لتحقيق أساس مرتبة الفهم للقرآن. فكان أن دخل هذا القدر المشترك في القدر التخصصي، فضاعت معرفة المسلم كلية بعلومك القرآن.
وإننا الآن نشهد - من المشتغلين بعلوم القرآن - اشتغالا بوضع قواعد التدبر، فاخشى أن يصبح التدبر تخصصا قاصر على العلماء وطلاب العلم، لكونهم قد وضعوا أصوله، فيكون مما يخصهم بالكلية!
من اطمئناني بما ذكرت، أقدم هذه التجربة للناس، سائلا المولى عز وجل التوفيق والسداد، وأن يكتب لها القبول والانتفاع بها.
والحمد لله رب العالمين.
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[23 Apr 2010, 05:55 ص]ـ
محتوى المحاضرة الأولى:
- بيان في قول الله تعالى (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم)
- التفريق بين اللغة واللهجة، ولماذا قلنا (اللغة المصرية) ولم نقل (اللهجة المصرية)
- القرآن هو كتاب هذه الأمة ودستورها، وهو مصدرها لا أحد المصادر.
- أهمية دراسة مسائل علوم القرآن وأنها الوسيلة غلى فهمه، وأنه بدون فهمها نقرأ القرآن استرسالا دون تفهم.
تحميل المحاضرة الأولى ( http://www.4shared.com/audio/hY2EOpf2/__-.html)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[23 Apr 2010, 12:08 م]ـ
محتوى المحاضرة الثانية:
- التعريف بما يسمى (مقدمات العلوم) أو (مبادئ العلوم)
- تعريف علم (علوم القرآن)
- التعريف بموضوع علم علوم القرآن، اي المجال الذي يبحث فيه هذا العلم.
- البيان الإجمالي لتاريخ هذا العلم. والتنبيه على أنه فرق بين (ابتكار) العلم و (تدوين) العلم، وأن العلم موجود ويمارس، ولكن الكلام في تدوينه.
- بيان نسبة علم علوم القرآن بالنسبة للعلوم الأخرى.
بيان مصادر استمداد علم علوم القرآن، وأنه مجمع من علوم أخرى ومن تأملات تاريخية .. إلخ.
- بيان الأصل في الحكم الشرعي لتعلم علوم القرآن كتخصص.
- البيان والتوضيح للخطر الذي يقع فيه المسلمون الىن حين يتحمسون للقرآن ويطالبون بتحكيمه ثم هم لا يفهمون هذا الكتاب .. وأن القرآن ليس مجرد كتاب حكمة، وان كتاب الحكمة لا يمكن أن يحكم العالم بمجرد الحكمة .. بل هو قضايا وقوانين رئيسية إذا لم نفهمها فلن يمكننا أن نتعرف على طريق تحكيم هذا الكتاب وأن يكون هو الدستور للبشرية ..
- العرض الإجمالي لكافة مسائل علوم القرآن التي سوف نتناولها إن شاء الله في هذه الاسلسلة.
تحميل المحاضرة الثانية ( http://www.4shared.com/audio/mo-AFn0t/__-.html)(/)
ذكريات غانم قدوري الحمد .. (الحلقة الثانية عشرة)
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[23 Apr 2010, 09:48 ص]ـ
الحلقة قبل الأخيرة
البدء بالكتابة
الاثنين 25 آب 1975م = 17 شعبان 1395هـ
مضى على وجودي في القاهرة بعد سفري إلى الأهل عقب الامتحان ما يقرب من عشرة شهور، قضيت معظمها في جمع المادة لبحثي الذي سجلته لنيل درجة الماجستير، وهو (الرسم المصحفي دراسة لغوية تاريخية)، وكلما مضت الأيام ظهرت مصادر جديدة، وأحسست أخيراً أن لا نهاية لذلك، لكن لا بد من تحقيق قسط من العمل يتيح فهم الموضوع فهماً صحيحاً، فلا تفريط في جنب كتاب الله العظيم، واطلعت على أكثر من مئتين وخمسين مصدراً ومرجعاً، مطبوعاً ومخطوطاً، عربياً وأجنبياً، وبدأت أشعر أن عليَّ أن أبدأ الكتابة وأن أُعَجِّلَ فقد قضيت كثيراً من الوقت، وأنفقت كثيراً من المال والجهد، وأسال الله تعالى أن يجعل النية خالصة له، وأن يجعل هذا العمل من الأسباب التي تبلغني رضاه.
في صباح هذا اليوم في جو لا يخلو من التوتر هيأت بطاقات الفصل التمهيدي وأخذت أنسق وأرتب، وقبل ذلك توضأت وصليت ركعتين ودعوت الله بما فتح به علي، وشرعت في العمل وهو عمل غير هين، ويصغر بجانب جمع المادة، مع أن لكل منهما مشكلاته، وكتبت اليوم صفحتين أو ثلاث، على أنها بداية، مع أني لم أتفق نهائياً مع الأستاذ المشرف على الخطة، لأنه مسافر لمدة شهر، ولكني بدأت، ومن الله العون والتوفيق.
الانتهاء من كتابة الفصل الأول
السبت 6 أيلول 1975م = 1 رمضان 1395هـ
الحمد لله! فمع إطلالة شهر رمضان مَنَّ الله تعالى عليَّ بإنجاز كتابة الفصل الأول من رسالتي، وهو الفصل التمهيدي عن الكتابة العربية وتاريخها، وكنت قد بدأت الكتابة فيه يوم الاثنين 25/ 8/1975، وأنجزته كتابته في المسودات أمس وراجعته قراءة هذا اليوم، وسأنقله في نسخة جديدة لأقدمه إلى الأستاذ المشرف، وأنا أعرف أن فيه أشياء سيجري عليها التعديل، لكني متفائل بما يسر الله فيه من رؤية واضحة ونتائج طيبة، ولكن تبقى الخطوة التالية، وهي البدء بكتابة الفصول الأخرى، ورأيت أن أتوقف عن الكتابة أياماً إذ لا تزال عندي بعض الكتب لم أقرأها أو لم أقرأ فيها موضوعات معينة، فأردت في هذه الأيام أن أهيئ آخر ما يمكن جمعه من مادة، وأؤمل أني سأنتهي من الفصل التالي، وهو الفصل الأول الخاص بجمع القرآن وكتابته مع نهاية شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن، وأنا متفائل أني سأكتب شيئاً يتناسب والموضوع الذي أكتب فيه، إنه موضوع يتصل بالقرآن وجمعه وكتابته، وأسأل الله أن يوفق الفكر والقلم للمضي في الاتجاه السديد، وأن يظهر روعة ذلك التاريخ العظيم في ما سأكتبه، وأن يجعل ما سأكتبه رائعاً بروعة الموضوع وعظمته، فالقرآن مأدبة الله على الأرض وحبله المتين، من اتصل به فقد استمسك بالعروة الوثقى.
صلاة الاستخارة
الأحد 21 أيلول 1975م = 15 رمضان 1395هـ
ما أسعد أن يكون الإنسان موصولاً بالله في كل أحواله، إذا مسه الخير شكر نعمة الله عليه، وإذا مسه السوء صبر على بلائه، فأمر المؤمن - في هذه الحالة – كله خير، أمسيت أمس كالمريض، حتى إني لم أكد أطيق بلع لقيمات السحور، وحين أسفر الصبح كنت قد اكتملت في ذهني صورة رسمتها في ظل تلك المشاعر، وتذكرت صلاة الاستخارة وتوجهت إلى الله برهة أدعوه (اللهم إن كان هذا الأمر خيرا لي ... فاكتبه لي ويسره لي ... وإن) وبعدها خرجت من البيت أريد أن ابدأ بتحقيق بعض ملامح تلك الصورة، كانت هناك أمامي عدة خطوات أو عدة احتمالات، بدأت بالاحتمال الأول وكانت النتيجة مخيبة لكل أمل، ورجعت أجمع الهمة لخطوة أخرى، وأخذت الأفكار تعيد الثقة في النفس، وأقدمت على الخطوة الثانية، ولم تكن أحسن من الأولى، وعدت إلى البيت، لا يكاد يستقر لي فكر، وفي زحمة الأفكار واضطرابها نمت نوماً عميقاً بعد الزوال، واستيقظت لأجد نفسي قد ارتاحت بعض الشيء من ذلك العناء، ووجدت نفسي قد أعرضت عن تلك الأمور التي أردت الإقدام عليها، ووجدت أن الأمر يحتاج إلى التفكير والروية، وما أمسيت حتى انقشعت كل تلك الزوابع، وسبحان الله العظيم، واصبر إن الله مع الصابرين (1) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1) .
حادث مروري
(يُتْبَعُ)
(/)
الخميس 2 تشرين الأول 1975
رحت بعد صلاة العشاء يوم أمس مع الأخ محمود المشهداني، نبحث عن شقة لنسكنها مع الأخ ليث، بعد أن يسافر الأخ خليل إلى العراق، فإني أتوقع أن أجد نفسي في نهاية هذا الشهر مضطراً لأن أسكن مع أحد، ولما كان الأخ محمود قد حصل على إجازة دراسية للحصول على الماجستير في الأدب من كلية دار العلوم، وكذلك الأخ ليث سعود جاسم، الذي يدرس التاريخ الإسلامي للحصول على الماجستير من كلية دار العلوم، فإن من المناسب أن نسكن سوية، وقد وصل محمود إلى القاهرة قبل أيام، والتقينا قبل يومين، واتفقنا أن نبدأ البحث الجاد عن الشقة هذا اليوم الخميس، وخرجنا من الصباح، ولا نزال نقف أمام أبواب العمارات نسأل عن شقة للإيجار حتى جاوزت الشمس كبد السماء ومالت إلى الغروب، وكان الصوم مما يساعد على ظهور آثار التعب والعطش، عدنا إلى البيت بعد الظهر، وكنا قد بحثنا في المنطقة القريبة من الشقة التي نسكنها، ولكن بدا لنا بعد الظهر أن نذهب إلى المنيرة لنبحث عن شقة في المنطقة القريبة من الكلية، والواقع أني لست مضطراً للسكن في تلك المنطقة، بعد أن جمعت معظم المادة التي أحتاجها في كتابة البحث، لكن مصلحة ليث ومحمود تقتضي ذلك، ومن المناسب أن يكون محل السكن قريباً من الكلية، ادخاراً لأتعاب المواصلات. وبعد أن رأينا أكثر من شقة، وبعد أن بلغ منا الجهد والاشمئزاز من بعض ما رأينا في الشقق مبلغه، قفلنا راجعين إلى شقتنا في (160 ش 26 يوليو) لنتناول الفطور، وكنا نغالب شعاع الشمس قبل أن يختفي خلف الأفق حتى نصلي العصر، وركبنا في تكسي، وجرت بنا مسرعة، ونحن نحلم وتختلط الأحلام في الأذهان، قريبة وبعيدة، حزينة وجميلة، ووصلت السيارة حيث تستدير في الشارع الفرعي الذي يؤدي إلى الشقة، كانت هناك استدارة عكسية في وسط الشارع العام يتحول فيها (الترولي باص) إلى الاتجاه المعاكس، وفي أثناء ذلك كان (الترولي) يدور والسيارة التي نركبها تدور لتخرج إلى الشارع الفرعي، وفجأة تظهر من خلف الترولي سيارة ملاكي مسرعة جداً، ولا تبعد عن السيارة التي نركبها إلا بضعة أمتار، وشعرنا أنها مقبلة نحونا لا محالة، ولم يجد السائق ما يفعله، ربما خفف السرعة أو حاول الإسراع، لا أدري ما فعل، كانت لحظة حرجة سريعة مثيرة مخيفة، في تلك اللحظة، السيارة المقابلة تقترب من سيارتنا بكل السرعة، مع جلبة لا أدري إن كانت تخرج من داخل السيارة أم خارجها، كنا نجلس في المقعد الخلفي أنا على اليمين والأخ محمود على اليسار، ولم نجد من الفرصة للتفكير حتى نملك أنفسنا حين وقوع الصدمة، فقد فقدنا الإحساس والشعور بما حولنا، ومثل ما يستيقظ الإنسان من نوم عميق ويشعر ببقايا حلم بعد اليقظة، كذلك شعرت وأنا أفتح عيني من جديد بعد غيبوبة قصيرة، لأجد أن السيارتين قد وقفتا في منتصف الشارع وقد اقتربت إحداهما من الأخرى قليلا حتى تماستا، لا بل حتى دخلت إحداهما في الأخرى، ولا شك في أن ذلك قد أحدث صدمة عنيفة، لكني لم أحس بشيء أو صوت منها، وحين استيقظت بدأت أشعر أننا صُدِمْنَا، وبشعور غير إرادي رحت أتحسس أطرافي لأطمئن على سلامتها، وفجأة وجدت يدي اليسرى كأنها مشلولة، سترك يا رب! وأخذت أحرك أصابعها بيدي اليمنى حتى دبت فيها الحياة من جديدة، لكني ظللت أحس بثقل في ذراعي اليسرى وكتفي، ثم في تلك اللحظة التي تلت الحادث بثوان شعرت أن الفك الأيسر قد نالته ضربة قوية فقد كان في الحال ينبعث منه ألم شديد، وكان إحساسي بهذه الأمور غير واضح، وشعرت بيد تمتد نحوي، وسائل يسأل عن رغبتي في الذهاب إلى المستشفى، وأُنْزِلْتُ من السيارة ووقفت على قدميَّ، وكانت الأرض تدور في عيني، واستعنت بمنديل مبلل لإعادة بعض انتباهي، وجلست على الأرض، الأخ محمود كان يعاني من أحاسيس مشابهة، السائق هو الآخر قد أصيب في ذراعه، كان ذلك كله من التصادم الذي حدث بين السيارتين، فقد انخسفت الجهة اليمنى من السيارة التي نركبها انخسافاً شديداً، لكن من لطف الله بنا أن زجاج السيارة التي نركبها كان غير ظاهر، فانكسر في داخل الأبواب.
التخلي عن البحث عن شقة
الخميس 9 تشرين الأول 1975م = 4 شوال 1395هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
استيقظت في الصباح بعد نوم غير منتظم بسبب بقايا الآلام التي خلفها حادث اصطدام السيارة يوم الخميس الماضي، لا تزال إلى اليوم آثار ذلك الحادث، فأنا لا أستطيع فتح فمي كاملا إلا بصعوبة، ولا أستطيع أن أتمدد على ظهري براحة، ومع ذلك فبعد أسبوع من الحادث شعرت اليوم أن الآلام تخف، وأنها ستزول إن شاء الله عما قريب، في عصر الخميس من الأسبوع الماضي بل قبيل الغروب كنت عائداً مع الأخ محمود المشهداني بعد يوم حافل بالحركة من أجل العثور على شقة، وحدث ما حدث، وتعرقل أمر البحث عن شقة التي كان من المقرر أن أسكن فيها مع محمود وليث بعد سفر الأخ خليل، وفي صباح يوم العيد (الأحد) حاولنا أن نستمتع بالعيد لكن محمود كان على عجل، كان يريد أن يخرج من الفندق لأنه متضايق من الحياة فيه، لكن ذلك متوقف على العثور على الشقة المناسبة، ودخلنا هنا وخرجنا من هناك، ودفعنا هنا خمسين وهناك أربعين، وأوشكت الصفقة أن تتم لكن محمود رفض الشقة لأنها غير مناسبة في نظره، حاولنا أن نرى في أماكن أخرى وأخرى، عدنا بعد الظهر منهوكي القوى، وقلت لزميلي في يأس أنا باقٍ هذا الشهر والذي يليه، إن شاء الله، في الشقة ومتى ما أمكن السكن سوية فلن أتأخر، وشعرت أني ألقيتُ ثقلاً عن كاهلي، وقرر هو السفر إلى العراق، إذ لا يزال لديه متسع من الوقت قبل بدء الدراسة يقرب من شهرين.
إنجاز كتابة الفصل الثاني
الجمعة 17 تشرين الأول 1975م = 12 شوال 1395هـ
بدأت الكتابة في بحث الرسم المصحفي يوم 25/ 8/75 ومضى شهر تقريباً، وكنت قد أنجزت كتابة الفصل التمهيدي، وبدأت أكتب في الفصل التالي، وهو الفصل الأول الخاص بكتابة القرآن العظيم وجمعه، بدأت قبل انتهاء الشهر التاسع، وقد أكملته اليوم، والحمد لله، أكملته في المسودة منذ يوم الأربعاء، وبعد المراجعة والتدقيق انصرفت إلى كتابته في المبيضة بجد حتى أنجزته (2) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2) ، وسأحاول تقديمه إلى الأستاذ المشرف خلال أيام، لكن المؤسف أن الدكتور عبد الصبور لم أجد عنده من السعة في الوقت ما يغطي هذا البحث بالنظر، ربما لأنه مشغول، فقد مضى ما يقرب من شهر والفصل التمهيدي عنده لم يكمل قراءته، ومع أنه – والحق يقال - لا يلقاني إلا هاشًّا باشًّا، وهو في آخر لقاء أطرى كتابتي الفصل إطراء كبيراً، وهي بشرى خير، إن شاء الله، لكني أتوجس خيفة من مستقبل متابعته للبحث، وأنا لا أريد إلا أن يقرأ ويشير إلى الهفوات، حتى أظل إن شاء الله على ما سرت عليه من إنجاز كل فصل في شهر تقريباً، لعلي أنتهي من هذه الرحلة، لقد استغرق الفصل التمهيدي قريباً من شهر: قراءة البطاقات وتصنيفها، وكتابة المادة في المسودة ثم نقلها إلى المبيضة، وكذلك الفصل الأول، والمادة أغلبها متوفرة عندي، ومع أني لم أعش الجو المثالي للذي يريد أن يكتب بهدوء، فإني والحمد لله قد حققت عملاً جيداً.
تأجير شقة جديدة
الاثنين 27 تشرين الأول 1975م = 22 شوال 1395هـ
استيقظت صباح هذا اليوم - بحمد الله – وأنا أشعر بأوجاع وآلام لا يحسها إلا من اشتغل وعمل في تكسير صخر الجبال، ذلك أني طوال الأيام الثلاثة الماضية كنت أخرج في الصباح مع الأخ ليث الذي وصل عن قريب من العراق للبحث عن شقة، ومع تعب السير والدوران هناك أذى لا يقل عن ذلك بل أشد هو هذا الكلام الكثير الذي نسمعه من السماسرة والبوابين، وكله أو معظمه كذب وتهريج، بدأنا منذ يوم الخميس في المنطقة القريبة منا وانتقلنا الجمعة إلى منطقة المنيرة، وبحثنا في منطقة نادي الصيد، ثم بعد ذلك في منطقة المنيل حيث درنا كل زقاق وشارع فيه، ومع كل ذلك لم نجد الشقة التي يمكن أن نسكنها بعد أن نكون مضطرين للخروج من الشقة التي نسكنها الآن بعد سفر الأخ خليل لأن مالكي الشقة يريدون رفع سعرها إلى أضعاف مضاعفة، وقررنا صباح هذا اليوم أن نبحث عن شقة في ميدان لبنان، وخرجت مع الأخ ليث في الصباح ونحن نسير في طريقنا إلى ميدان لبنان، سألنا بعض البوابين فدلنا أحدهم على الشقة التي كان يسكنها محمد أحمد محمود والتي رأيتها قبل أيام، لكن قيل في وقتها إنها قد أُجِّرَتْ وتبين أنها لم تؤجر بعد، وبعد أخذ ورد اتفقنا على تأجيرها حتى منتصف تموز بخمسين
(يُتْبَعُ)
(/)
جنيهاً في الشهر مضطرين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وبذلك انتهت رحلة البحث إن شاء الله.
الانتقال إلى الشقة الجديدة
الجمعة 31 تشرين الأول 1975م = 26 شوال 1395هـ
أمضيت آخر يوم أمس وصباح اليوم في شد الأمتعة وحزمها استعداداً لنقلها إلى السكن الجديد الذي تم الاتفاق على تأجيره اعتباراً من يوم غد، وبعد صلاة الجمعة أجرنا عربة (بايسكل) فحملت الحقائب وصناديق الكارتون المملوءة بالكتب إلى الشقة الجديدة التي لا تبعد كثيراً عن شقتنا التي كنا نسكنها منذ ما يقرب من سنتين، الشقة الجديدة تقع في مدينة الأوقاف في عمارة تتكون من خمسة أدوار، وكل دور فيه شقتان، وتقع شقتنا في الدور الأول فوق الأرضي، وهي ليست بمنأى عن صخب الشارع الذي يكاد يخلو من السيارات طيلة اليوم، إلا أن هناك مدرسة ابتدائية قريبة من العمارة تسبب بضجيج أطفالها وصياح الباعة الذين يقفون ينتظرون خروج الأطفال ليأخذوا ما ابتزه الأطفال من أهليهم من قروش – إزعاجات كثيرة، لكن ربما تكون محتملة، الشقة تتكون من غرفتي نوم وصالة، فيها أربعة كراسي (قنفات)، وغرفة أخرى فيها منضدة وأربعة كراسي يمكن أن تكون للدراسة أو للطعام، نزل الأخ ليث (3) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3) في غرفة وأنا نزلت في الأخرى، وقضينا المساء وجانباً من الليل في حل الأمتعة وترتيبها، إن انتقالي من الشقة القديمة جاء بعد مضي ما يقرب من سنتين قضيتهما مع الأخ خليل الذي يوشك على السفر قريباً، إن شاء الله، وهو كذلك بداية مرحلة أخرى آمل أن تنتهي بسفري وعودتي بعد إكمال الماجستير، إن شاء الله.
مناقشة رسالة الأخ خليل الحديثي
الخميس 20 تشرين الثاني 1975م = 16 ذو القعدة 1395هـ
الحمد لله ربنا على ما أنعمت، نوقشت مساء اليوم رسالة الأخ خليل إسماعيل الحديثي عن (المعاهدات غير المتكافئة) لنيل درجة الماجستير، وقد اشترك في المناقشة الدكتور حافظ غانم والدكتور محمد طلعت الغنيمي والدكتور عز الدين فودة وهو المشرف، وقد حصل على الماجستير بدرجة ممتاز، وهي درجة لم تمنح في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية إلا في النادر، فقد خليل بذل من الجهد الكثير مع متابعة المشرف، والحقيقة أن تلك الرسالة وصاحبها تربطني بهما روابط ستظل مستمرة ونامية إن شاء الله، فقد التقيت لأول مرة بالأخ خليل هنا في القاهرة يوم أن سافرنا من العراق على طائرة واحدة يوم 28/ 11/1973، وأجرنا شقة في 160 من 26 يوليو يوم 4/ 12/1973، واستمررنا في السكن، كنت أنا في التمهيدية وهو يجمع المادة عن الموضوع، حتى بدأ الكتابة يوم 10/ 7/74، وفرغ من الكتابة في الصيف، وطبع قبل شهر تقريباً، وقد كنت آمل أن أظل معه في الشقة حتى يوم سفره إلا أني كنت قد اضطررت إلى التأجير مبكراً مع الأخ ليث، وانتقلت مع بداية الشهر، وقد يسر الله - اليوم – خاتمة مفرحة لجهد سنوات بذلها الأخ خليل، فهنيئا له بهذا النجاح، مع كل الأماني والتوفيق والنجاح دائماً، وإذا كانت تلك السنتان اللتان عشنا فيهما سوية قد حدث فيهما ما حدث فإن الجميل والعزيز منهما سيظل هو الرابطة الأقوى، وما أنتجته مشاكل الحياة من انفعالات مؤقتة سينقطع ذكرها من القلوب، لتظل بيننا رابطة الحب في الله هي الدائمة، إن شاء الله (4) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn4).
ليلة يوم عرفة
الخميس 11 كانون الأول 1975م = 8 ذو الحجة 1395هـ
يا ربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، لا يكاد الإنسان المسلم يقدر على قول شيء أو كتابة شيء، فقد عظم الخطب وتشعبت أطرافه، وكثرت مظاهره، لا يكاد يلتفت إلى جانب حتى يجذبه جانب، كثيرة هي بلايا الأمة في كل الأصعدة وفي كل البلدان، لم أجد الفرصة أن أقف هذه الوقفة القصيرة منذ أيام كثيرة مضت بسبب انشغالي فعلياً في البحث، فأنا إن لم أكن جالساً أمام الأوراق فإنها معي في وجداني وفكري، هي أنيسي بعد الله سبحانه في خلوتي ووحشتي، لكن مناسبة اليوم عظيمة، ليلة مباركة حين يلتقي الألوف بل مئات الألوف على صعيد واحد في المكان الذي وقف عليه نبينا صلى الله عليه وسلم ويؤدون الشعائر كما أداها، ويَدْعُونَ بما دعا به هو، وكل ذلك نرجو أن يبعث في الأمة روحاً جديدة توصلها إلى
(يُتْبَعُ)
(/)
موسم آخر، وقد تقدمتْ إلى الأمام وتجاوزت بعض ما تعاني منه أو بعض ما يكاد يقضي على كثير من حيويتها، فقد انتشرت بين أفراد الأمة أمراض اجتماعية وفكرية خبيثة ملحدة، لا يكاد في تلك الجلبة والفوضى يسمع داع لمجيب، وبعد ذلك وفوقه الشيطان، وإلى النار، ومن ورائهم دول الكفر تسعى إلى تقطيع جسد الأمة التي ظنت يوماً أنها ماتت حين قطعت جسد الخلافة الإسلامية في إسلامبول، أبعث شوقي في هذه الليلة وأهدي تحياتي خفية للأهل هناك، وشوقاً آخر لكل أخ وحبيب قام يدعو الله ويدعو إليه، وأملاً في لقاء قريب هنا أو هناك، اللهم ارض عنا واهدنا واغفر لنا في ليلة عرفة.
أحداث العام
الأحد 28 كانون الأول 1975م = 25 ذو الحجة 1395هـ
كثر الحديث في هذه الأيام في الصحف والإذاعات عن أحداث العام باقتراب نهايته، منذ فترة طويلة لم أجد هذه الفرصة لأكتب هذه السطور، وقد مرت أحداث جسام يشيب لها الشباب، وكنت مشغولاً في أمور أهم بالنسبة لي في هذه الفترة من غيرها، لكن مع انتهاء ورقات هذه المفكرة لا بد من أن أملأ الصفحات الأخيرة، لكن شيئاً واحداً لا أجد سواه يلح في أن يجري على شباة القلم، ذلك هو هذه الهواية التي أخذ الناس يمارسونها في العالم أجمع: إنها هواية القتل، والقتل بلا رحمة لبني البشر، هناك مناطق كثيرة جرى فيها قتل جماعات وأفراد، إلا أن مكاناً واحداً كان يشد أنظار الناس في المنطقة ويشد أنظار المسلمين أيضاً، إنه القتل في لبنان الذي ظل مستمراً منذ شهر نيسان الماضي حرب ضروس ضد المسلمين يأججها حزب الكتائب الماروني المسيحي، ورغم الأسماء التي تطلق على الحرب الدائرة في بيروت ومدن لبنان فإنه ليس لها إلا اسم واحد يعبر عن حقيقتها وهو (الصليبية)، من جديد تحاول أن تسيطر على ساحل البحر، اليهود سيطروا على فلسطين والمسيحيون يسيطرون في الشمال على لبنان، ولا يدرى ما وراء لبنان، الكل يمد المسيحيين، أما المسلمون فنصيب رجالهم القتل ونصيب نسائهم الإهانة وهتك العرض، أما آن للمسلمين أن ينتبهوا من السبات العميق والغفلة القاتلة، ويلجؤوا إلى الله، ويخلصوا النية له، ويقاتلوا في سبيله لا في سبيل طواغيت مصطنعة، وسمعنا أخيراً أن القتل قد أخذ يلاحق الأبرياء قريباً من دارنا، والله خير حافظاً.
مجموع ما كتبتُ من بطاقات البحث
31 كانون الأول 1975م = 28 ذو الحجة 1395هـ
2000 بطاقة جلبتها من العراق
960 عملتها في مصر
640 مرة أخرى في مصر
960 مرة أخرى في مصر
4560 المجموع لغاية يوم 20/ 8/1975
320 إضافة جديدة
4880 مجموع البطاقات التي استخدمتها في جمع مادة البحث
يوميات سنة 1976
الشوق إلى الأيام الجميلة
الخميس1 كانون الثاني 1976م = 29 ذو الحجة 1395هـ
كان شعوري بمرور الزمن في الأشهر الأخيرة قد أصبح غير واضح , تمر الأيام والليالي من غير أن أجد ساعة أقف فيها خالياً أتأمل دوران عجلة الزمن التي يتصورها الناس مقياساً لتقدم الحياة , تشرق الشمس وتظل مشرقة وتغيب وتظل غائبة لكن أهل الأرض يقتسمون ذلك , وقد جعل الله ذلك آية: تتابع الليل والنهار، ولنعلم عدد السنين والحساب , مرت أيام طويلة لكنها مرت ولا أجد آثار مرورها إلا في أوراق أنجزت كتابتها خلال تلك الفترة , وقد وقفت فجأة عند نهاية عام كامل، ولم أجد فرصة للحساب والمراجعة، لكن الذي تذكرته هو بداية العمل الذي كانت بدايته في الشهر الحادي عشر من سنة 1974 عند تسجيل الموضوع، والمشاعر القلقلة في تلك الأيام الأولى، ولكن مضت الأيام وأنا مشغول بجمع المادة، مضت عشرة شهور ثم بدأت أكتب في 25/ 8/1975، وأنا اليوم عند مرحلة متقدمة في البحث , ولا أجد مع هذا التيسير الذي هيأه الله إلا أن أحمد الله كثيراً وأدعوه أن يحفظني من الوقوع في الخطأ، وأن يعينني في المضي إلى آخر الشوط، وأن يجعل ذلك مما يرضاه ويقربنا إلى رضاه , ومع بداية العام الجديد الهجري والشمسي خفق القلب خفقات ثقيلة وئيدة، ونطقت النفس متسائلة بحزن , لماذا؟ فأجاب القلب إنها الذكرى والشوق إلى الأيام الجميلة , سنة وشهران مضت ولا أرى ولا أسمع منهم إلا حروفاً جامدة على الورق , أما حرارة القرب وقبلات الوالدة التي طرزتها على عنقي يوم الفراق فمحروم منها , رؤية الأهل والأحبة , اللهم عَجِّلْ لقاءً ترضاه لنا في
(يُتْبَعُ)
(/)
ظل الحب والرحمة.
الفصل الذي استطال
السبت 3 كانون الثاني 1976م = 2 محرم 1396هـ
انتقلت من الشقة القديمة رقم 13 في 160ش 26 يوليو في أول شهر 11 من سنة 1975 , كنت حتى ذلك التاريخ قد كتبت فصلين: الفصل التمهيدي عن تاريخ الكتابة العربية، والفصل الثاني وهو الأول في الاسم عن تاريخ القرآن جمعه وكتابته , وكنت حين انتقالنا إلى الشقة رقم 2 في 10 ش علي حسن عطية، بمدينة الأوقاف، قد هيأت بطاقات الفصل التالي , فبدأت أكتب من أول يوم نزلنا فيه , لكن الكتابة لا يمكن أن تستمر يوماً بعد يوم فكانت هناك فترات توقف يقتضيها البحث أو لأسباب خارجة عن متطلبات البحث , لكن الفصل التالي قد استطال بشكل لم أكن أتوقعه أبداً , بدا لي أولا أن أقسمه فصلين، وفعلت، وكتبت الفصل الأول الذي صار رقمه 2 بعد التمهيدي، وكان عن مصادر الرسم وموقف علماء السلف من ظواهره , وبدأت أكتب في الفصل الآخر الذي تولد من الفصل الثاني , وهو لا شك أساس البحث ويحمل الجديد إن كان في البحث جديد , وكان مقسماً على أربعة مباحث، ويبدو أنها ستصير خمسة: الأول عن رموز الصوامت، والثاني عن رموز الحركات، والثالث عن رمز الهمزة، والرابع عن الكلمة (الفصل والوصل)، أما المبحث الخامس فيكون المقدمة التي تسبق هذه المباحث وسيكون عنوانه (أسس الدراسة) , وإلى الآن انتهيت من كتابة مبحث الهمزة وما يسبقه , مع نهاية السنة , أي بقي مبحث الكلمة , وآمل أن أنجزه خلال أيام , والغريب أن هذا الفصل صار ضعف الفصول الثلاثة التي سبقته , إلى نهاية بحث الهمزة كتبت (160) صفحة، وربما أضيف إليه (10) صفحات أخرى والحمد لله أولاً وآخراً.
متابعة أعمال
الأحد 4 كانون الثاني 1976م = 3 محرم 1396هـ
خرجت هذا اليوم في وقت مبكر صباحاً , إذ في النية إنجاز مجموعة من الأعمال , وأنا الآن نادراً ما أخرج إلى أبعد من المسجد القريب من المنزل , ذهبت إلى مكتبة معهد الدراسات العربية , لأبحث عن تعريف (الكلمة) عند النحاة ومراجعة بعض الأفكار , ثم بعدها ذهبت إلى كلية دار العلوم لمعرفة نتيجة طلب الأخ عادل عمر للقبول في قسم الماجستير , لكن النتيجة كانت مخيبة للأمل إذ لم يوافق على قبوله , بعدها أرسلت رسالة في بريد القصر العيني , ركبت إلى جامعة القاهرة , والساعة تقارب الواحدة بعد الظهر , وإلى هذا الوقت وأنا أتمتع ببعض نشاط الصباح , لكن الأمور في كلية الهندسة عكرت صفو اليوم كله , كنت أراجع الكلية لاستخراج وثيقة قبول الأخ مولود في قسم ماجستير الكهرباء , وهو كان قد قَدَّمَ أوراقه في الصيف لكن الإجراءات الإدارية استمرت إلى الآن , وقد وافق مجلس القسم ووافقت الكلية كذلك على قبوله , لكن موافقة الجامعة لم تتم إلى الآن، وهم يرفضون إعطاء تصديق كامل قبل أن تتم موافقة الجامعة , والأخ مولود محتاج إلى مثل تلك الورقة , حتى تتاح له فرصة السفر والالتحاق بالدراسة , قابلت عميد الكلية قبل أيام وقابلت اليوم عميد الدراسات العليا , وكان أكثر تفهماً للموقف ووافق في الحال على ذلك , لكن مراقب عام الدراسات العليا لم يوافق وعاد فأقنعه على إعطاء ورقة بصيغة غير كاملة أو تامة كالتي كنت أخذتها من قبل حيث ينصون فيها أن الموافقة لم تتم , ولم أظفر بنتيجة، وعدت إلى البيت خائر القوى مهموماً , وقد ذهب الوقت هباء دون نتيجة، ولا حول ولا قوة إلا بالله (5) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5).
معرض الكتاب من جديد
الثلاثاء 27 كانون الثاني 1976م = 26 محرم 1396هـ
نزعتُ نفسي اليوم من بين الأوراق وألقيت بالقلم جانباً ورحت أشهد ذلك الاجتماع العلمي والظاهرة الثقافية , معرض الكتاب الدولي الذي يقام في القاهرة كل عام , وهذه هي المرة الثالثة التي أشهد فيها معرض القاهرة للكتاب حيث يعرض الناشرون كتبهم، ورأيت بعضهم من خارج مصر من شرق الأرض ومغربها، كتباً في مختلف أنواع العلوم وبلغات متعددة , ومثل هذا المعرض فرصة طيبة حيث تبسط أمامك الكتب، وقد تعثر على كتاب لا يخطر بالبال أو لم تره أو تسمع عنه , وكثيراً ما حَدَّثْتُ نفسي بشراء بعض الكتب، فأقول أشتريها من المعرض , وهناك حالة نفسية تعتريني حول شراء الكتب عددها ونوعها وأثمانها، أحياناً أحدث نفسي بشراء عدد محدود منها , لكن حين
(يُتْبَعُ)
(/)
أجد نفسي أمام كتاب لا أملكه اندفع فأشتريه، أدخل المعرض ومعي عشرات الجنيهات فلا أخرج إلا وقد نفدت، ويدي مثقلة برزم من الكتب , وحدث في السنوات الماضية أني أقرر شراء كتاب وأرجئ الدفع أو أؤخره إلى يوم قادم، ولكني حين أعود أجده قد بيع، حدث ذلك في السنة الماضية مع كتاب الدكتور تمام حسان مناهج البحث في اللغة الطبعة الثانية، وحدث ذلك اليوم فقد كان هناك في معرض الجزائر كتاب عن علم اللغة النفسي، وحين عدت لأشتريه وجدته قد نفد أو فقد أو انتهى أمره , ويلاحظ ارتفاع الأسعار هذه السنة، ويبدو أنها لا تخضع لمعيار ولا رقيب ولا حسيب، فإنهم يبيعون كيف يشاءون.
إنجاز أهم فصول البحث
السبت 31 كانون الثاني 1976م = 30 محرم 1396هـ
كأني ألقيت عن كاهلي حِمْلاً ثقيلاً كنت أدور به في دروب طويلة ملتوية , ولكنه إلقاء وامق , فذلك الحِمْل عزيز على القلب حبيب إلى النفس , أرجو أن أنال رحمة به من الله سبحانه بقدر ما بذلت فيه , والله يضاعف لمن يشاء، فقد انتهيت اليوم من كتابة الفصل الخاص بدراسة ظواهر الرسم العثماني دراسة لغوية، وهو الفصل الرابع وقد بنيته من خمسة مباحث: الأول في أسس الدراسة، والثاني في رموز الصوامت في الرسم العثماني، والثالث في رموز الحركات، والرابع في الهمزة، والخامس في تعريف الكلمة من وجه نظر الرسم , وقد سلمته اليوم للأستاذ المشرف , وهذا الفصل الذي كتبته وسلمته اليوم جاء وحده يعادل رسالة ماجستير من حيث الحجم والمادة أيضاً، إن لم أكن مبالغاً، فقد جاء في (200) صفحة على التمام , وناقش موضوعاً لم تطرق أبوابه من قبل، وعالج قضايا، وقدم حلولاً يرجى أن تكون صحيحة في أكثرها , ومع ذلك فهو فصل من بحث مكوَّن من سبعة فصول , كتبت إلى الآن أربعة , الفصل التمهيدي , والفصل الخاص بالكتابة العربية قبل الرسم، والفصل الخاص بتاريخ القرآن وجمعه وكتابه , لكن الفصول الثلاثة هذه كانت صفحاتها لا تزيد على (150) صفحة بينما هذا الفصل استغرق (200) وبقيت ثلاثة فصول، أدعو الله تعالى أن ييسر لي إنجاز كتابتها، فقد طالت بنا الأيام في بلاد عزيزة بعيدة عن أهل وإخوه أعزة , وفراقهم شديد.
الدكتور منذر كمال
الاثنين 22 آذار 1976م = 21 ربيع الأول 1396هـ
كنت مستلقياً عصر هذا اليوم أستريح من بعض أتعاب النهار، وطُرِقَ الباب , فكانت مفاجأة سارة والحمد لله، فإذا بالأخ منذر كمال مع صديق له , الأخ منذر من أهل بيجي وأخ حبيب قضيت معه ساعات شيقة أيام زمان , وصل القاهرة ظهر هذا اليوم، ونزل مع صديقه مؤقتاً، وجاءوا للزيارة والبحث عن شقة ينزل فيها الأخ منذر , وبعد استراحة خفيفة أتاحت لي السؤال عن الأهل والأصحاب والبلاد , سعينا في البحث عن شقة، ولكن حل الليل ولم نجد الشقة، وقد كنت اقترحت على الأخ منذر أن ينزل معنا في أول الأمر، لكنه كان يرغب أولاً بتأجير شقة، و بعد ما رأينا من صعوبة ذلك وافق على النزول معنا، وهو حضر إلى القاهرة ليقضي شهراً يبحث خلاله عن مصادر لبحثه عن السياسة الجنائية إذ إنه يُعِدُّ رسالة ماجستير في جامعة بغداد , وكان قد تخرج من كلية الشرطة، ثم درس في كلية الحقوق في الجامعة المستنصرية (6) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6).
إذن بطبع الرسالة
الثلاثاء 25 مايس 1976م = 26 جمادى الأولى 1396هـ
اتصلت عصر أمس بالأستاذ المشرف بالهاتف , فطلب مني الحضور عصر هذا اليوم لمناقشة بعض الملاحظات التي وجدها أثناء قراءته في البحث , فحملت آخر ما كتبته من البحث، وهو المقدمة والخاتمة وملخص الانجليزية , وذهبت على ضيق مني لأني لا أجد بيت المشرف مكاناً مناسباً لمناقشة الموضوعات المتعلقة بالرسالة , رغم أن الدكتور عبد الصبور يوسع صدره وبيته للزائرين , ووجدت أنه لم يقرأ الفصلين الأخيرين بعد , فدار الكلام حول الفصول الأربعة الأولى , وكانت له ملاحظات على أول هذه الفصول لكنها لم تتجاوز تصحيح غلط نحوي أو إملائي، وقد تقل تلك الملاحظات فلا أكاد أجد ملاحظة في عشر صفحات أو أكثر , لكن أشد ملاحظاته هو طلب حذف خمسين صفحة تقريباً من بحث (رمز الهمزة) أو اختصاره , ولكني وجدت ذلك أمراً صعباً , فمع الجهد الذي بذلته في كتابة ذلك الجزء فإني لم أورده إلا لغرض , وهو أنني جعلت
(يُتْبَعُ)
(/)
دراسة الهمزة صوتياً، ودراسة رمزها في الكتابات السامية، ثم دراسة موقف القبائل والقراء منها، جعلت ذلك وسيلة للكشف عن طريقة كتابة الهمزة في المصحف، بحيث يمكن فهم الموضوع بطريقة أوضح , وحجته في طلبه أن ما ورد في تلك الصفحات كلام معاد وأنه ذكره في دراسته في كتاب القراءات القرآنية! ولم أجد بُدًّا من الموافقة على التعديل , وقد أذن لي بالطبع بعد تعديل الملاحظات، وأنا بانتظار الفصلين الأخيرين , وأرجو ألا أنتهي من طبع الجزء الذي معي إلا وقد انتهى من قراءتهما.
مكتب الطباعة
الخميس 27 مايس 1976م = 28 جمادى الأولى 1396هـ
اتفقت عصر اليوم مع صاحب مكتب الاشتراكي للطباعة 95 ش طلعت حرب في إمبابة لطبع الرسالة.
انتظار!
السبت 5 حزيران 1976م = 7 جمادى الآخرة 1396هـ
في يوم الثلاثاء 25/ 5/1976 ذهبت إلى المشرف وأعطاني قسماً من البحث ووعدني بأنه سينتهي من قراءة البقية خلال عشرة أيام , ومضت الأيام العشرة، وقلت لأتصل به بالهاتف اليوم , وفي المساء بعد أن عدت من مكتب الطبع الذي اتفقت معه على طبع البحث استطعت أن أكلم المشرف بالهاتف , ورد بصوت خافت (مَعْلِيش) و (كل شيء في أوانه) , وأخيراً تبين أنه لم يقرأ شيئاً من البقية الباقية من البحث، وليس في نيته أن يكمله الآن , بدأ كلامه بأن الامتحانات في الكلية قد بدأت وأن لديه الآن أكثر من ألف ورقة إجابة عليه أن يفحصها , ومن ثم فإنه لن يستطيع أن يقرأ بقية البحث الآن حتى ينتهي من تصحيح أوراق امتحان طلبة الكلية في مادته , وذكر أنه لن ينتهي من ذلك العمل قبل 20 أو 25/ 6 وذابت الكلمات بيني وبينه وخفت الصوت عبر الأسلاك ببرود.
لم أكن أتوقع ذلك أبداً , كان أقصى ما توقعته أن يؤخر البقية خمسة أيام، أما أن يؤخرها عشرين يوما فهذا ما لم يخطر على البال، خاصة أنه كان يؤكد لي أنه سينتهي من قراءتها في أقرب فرصة , وكان قد أكد المواثيق والعهود لكني أشك في ذلك من خلال موقفه من مواعيده السابقة , وأقولها بألم لأنه يمثل وجها إسلامياً مشهوراً يظهر على شاشة التلفزيون , وقصة هذا البحث المسكين وقصتي مريرة مع الدكتور عبد الصبور شاهين , هدانا الله وإياه إلى الصواب.
شفاعة
السبت 12 حزيران 1976م = 14 جمادى الآخرة 1396هـ
كنت قد اتصلت بالدكتور أمين السيد يوم الأربعاء الماضي , وحدثته عما بيني وبين المشرف وعما وصل إليه أمر البحث , فوعد بأن يكلم المشرف حول الأمر , لكني طلبت منه ألا يشعر المشرف بأني قد أخبرته عن الأمر، حتى لا يصف ذلك بأنه (مطاردة) أو شبه مطاردة , كما وصف تكليم الدكتور أمين السيد له حول موضوعي من قبل , وعدني أنه سوف يلتقي به يوم الخميس , فقلت ليمر يوم أو يومان ثم اتصل به , واتصلت به اليوم، وكان قد التقى بالمشرف فعلاً وجرى بينهما كلام حول الموضوع , لكن المفاجأة التي لم تكن تخطر على بال أحد هي أن المشرف أخبره أنه سوف يسافر إلى تونس لمدة نصف شهر، وأنه سوف يرد بقية البحث بعد عودته , كان في يوم لقائي معه في 25/ 5/ 1976 قد ذكر أنه لا يستطيع أن يردها إلا بعد أن ينتهي من تصحيح أوراق الأجوبة , وظهر اليوم أنه يريد أن يسافر، والله المستعان ... (7) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn7).
مواعيد الطباع
الأربعاء 16 حزيران 1976م = 18 جمادى الآخرة 1396هـ
كان الإخوة الذين أسكن معهم في الشقة قد رغبوا في الخروج للفسحة مغرب هذا اليوم , فرجوت أن نؤجل ذلك إلى ما بعد صلاة العشاء خشية أن يصدق الطباع ويحضر هذا المغرب , كنت قد ذهبت إلى مكتب الطبع يوم الأحد الماضي وأخذت ما تم إنجازه , ووعد صاحب المكتب بأن يُحْضِرَ البقية يوم الثلاثاء إلى الشقة هو بنفسه، فقلت له أحضرها يوم الأربعاء حتى لا تظل لك حجة , وكنت أتوقع أنه سوف يحضر فعلاً هذا المساء، لكنه لم يخرق القاعدة وصَدَّقَ القول , كان في كل مرة يعدني بإحضار شيء مما تم كتابته يكذب ويخلف الموعد , مرة اعتذر بأن إصبع رجله قد أصيب , ومرة أخرى اعتذر بأن ضيوفاً قد حضروا له شغلوه , ولا أدري ماذا سيعتذر هذا المرة , ولا أدري إن كان المانع أمراً طبيعياً أم أنه كعادة كثير الناس في هذا البلد لا يفون بعهد ولا وعد ... هكذا تعوَّدَ الناس على هذه الحياة الكاذبة , إلا قلة قليلة ممن عصمهم الله بدينهم
(يُتْبَعُ)
(/)
, كَثَّرَهُمُ الله.
مرض
الخميس 24 حزيران 1976م = 26 جمادى الآخرة 1396هـ
هناك حقيقة كبرى قد غفل عنها الناس – عامة – ولا يكادون يذكرونها إلا لحظة مواجهتهم لأحد مظاهرها , ثم ينسون ويرجعون إلى جريهم في هذه الحياة , حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون , ولا شك أن المسلم أكثر إدراكاً لهذه الحقيقة واستحضاراً لها من غيره , فهو ذاكر للموت , راضٍ بقدر الله وقضائه فيه، تلك الحقيقة هي أن الموت يحدث من غير أسباب ظاهرة , ويحدث من دون مقدمات , ويحدث للإنسان وهو في ذروة الشباب , ولا تموت نفس إلا في الموعد الذي حدده العليم الخبير، وأكثر الناس لا يترقبون أبداً ذلك اليوم , غافلون عنه حتى يَفْجَأهم , لكن الإنسان العاقل هو من ذكر الموت وعمل لما بعده.
كنت في مساء الخميس الماضي ليلة الجمعة معافى , لا أشعر بألم سوى أني عندما أويت إلى الفراش أحسست بألم خفيف في البلعوم مع رغبة في الاستلقاء من تعب شديد , وفي الصباح , صباح الجمعة , استيقظت وأنا أحاول أن أعمل ما كنت أعمله كل يوم وأتحرك حركة السليم الصحيح البدن , لكن وجدت قواي تخونني , وما لبثت أن عدت إلى السرير لأستلقي استلقاءه ثقيلة , ولم أخرج إلا لصلاة الجمعة , وعدت ولم ألبث أن عدت إلى السرير , وقد بلغ الألم مداه يوم الأحد , وجع في الرأس والعينين وفي الرقبة , والجسم كله مسترخي العضلات مع ألم في المفاصل وارتفاع درجة الحرارة , حتى إني في مساء ذلك اليوم وجدتني أشعر أن نور المصابيح خافت لأني لا أكاد أبصره بوضوح ونمت وأنا أنتظر الموت! ولا حول ولا قوة إلا بالله , ثم خفت الآلام تدريجياً بفضل الله , وخرجت عصر اليوم في نزهة مع الإخوة , وصدق قول القائل:
كل امرئ مصبح في أهله والموت أدنى من شراك نعله
(وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرضٍ تموت) [لقمان 34].
عودة الطيور المهاجرة!
الاثنين 9 آب 1976م = 13 شعبان 1396هـ
كل الطيور عادت إلى أوطانها إلا طيراً واحداً لا يزال يكابد وسط العاصفة , لكن أملاً بالوصول لا يزال يقود خطاه , التي أخذت تثقل كلما مرت الأيام، والتي غدت هي الأخرى طويلة حزينة , كانت الشقة التي أنزل فيها تعج بالحركة كأنها خلية نحل , كنا أربعة ثم حضر الأخ سالم زائراً , كانت الأيام تمر خفيفة لا تكاد تدرك المساء حتى يدركك الصباح , وقد انتهى الإخوة نجم الدين ومحمود من الامتحان وسافرا يوم 5/ 8 , وسافر ليث يوم 8/ 8، وقضيت الليلة الماضية مع الأخ سالم الذي سافر مساء هذا اليوم , وعدت إلى الشقة بعد أن ودعته فكانت هادئة تبعث الحزن في أعماق النفس، حضر أبو وسام (8) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn8) منذ شهر على أمل أن نرجع معا بعد أن تتم مناقشة رسالتي، لكن الأمور جرت على غير ما توقعت، فالمناقشة لن تتم قبل منتصف الشهر التاسع , فلا معنى لبقاء الأخ سالم فترة أطول خاصة أن عليه أن يحضر للدوام في أول التاسع , وكان وصوله تجديداً لذكرى الأسرة كلها , وهو يحدثني عن الصغير والكبير , ولكن هذه الذكرى الحلوة مرت بسرعة كأنها حلم، ودعته مساء هذا اليوم , وعدت إلى الشقة وأنا أُنْصِتُ أتسمع الأصوات التي كانت تملؤها، لكنها بدت ساكنة فقد رحل أهلها , فهي حزينة عليهم , وأويت إلى الفراش وأنا أدعو الله أن يعينني حتى أنجز البحث، وأسافر إلى الأحبة والإخوة .. كانت الأمطار شحيحة في القاهرة إلا في هذا المساء الذي انهمرت فيه بغزارة!!!
تشكيل لجنة المناقشة
الخميس 2 أيلول 1976م = 7 رمضان 1396هـ
عاد المشرف الدكتور عبد الصبور مساء الثلاثاء – أول أمس – من رحلة الاصطياف , وذلك يعني بالنسبة لي مرحلة جديدة من الكفاح من أجل تعيين العضو الثالث لمناقشة رسالتي للماجستير , وتعيين موعد المناقشة , وقد أرجأت الاتصال بالمشرف حتى صباح أمس , حتى لا ينزعج، وقد أخبرني أنه سيحضر إلى الكلية صباح هذا اليوم، وأن أمر اختيار العضو الثالث قد تم بعد أن وافق الدكتور إبراهيم أنيس على المشاركة في المناقشة، حمدت الله , رغم أن مشاركة الدكتور أنيس تعني تأخيراً للمناقشة , على ما أتوقع، المهم بالنسبة لي أن ترسو الأمور على جهة , وذهبت صباح هذا اليوم , وصلت الكلية بعد أن قضيت في الطريق قريباً من ساعة أو أكثر , لشدة الزحام في الشوارع , وجلست في
(يُتْبَعُ)
(/)
الكلية أستظل ببقايا شجرة قد عجزت وتساقط معظم ورقها , ولم يحضر المشرف حتى الساعة الحادية عشرة والثلث , وبعد الاستقبال والتحيات والذهاب هنا والجري هناك , انعقد مجلس قسم فقه اللغة أو علم اللغة كما يسمونه , وبدأ بإنهاء تشكيل أمر لجنة المناقشة لي ولطالب أردني- فلسطيني آخر , وبعد مضي ساعة أو ساعتين من الحوار والجدل عُدِلَ عن إشراك الدكتور إبراهيم أنيس في مناقشة رسالتي (9) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn9) , ووقع الاختيار على الدكتور عبده الراجحي الأستاذ في جامعة الإسكندرية، إلى جانب الدكتور عبد الله درويش، وفي حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر، والعطش قد بلغ منا مبلغه ونحن في شهر رمضان، أعطاني المشرف رسالة شخصية إلى الدكتور عبده الراجحي ليشترك في المناقشة , وعليَّ أن أسافر إلى الإسكندرية لتسليم الرسالة إليه، أعني نسخة البحث , مع رسالة الدكتور عبد الصبور شاهين، ولا بأس بذلك , ولعله خير، إن شاء الله.
نشرت هذه الحلقة يوم الجمعة 9/ 5/1431هـ
ــ الحواشي ـــ
(1) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref1) لم تعد الذاكرة تسعفني بقصة هذه الخاطرة الغريبة!
(2) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref2) كنت أكتب أولاً بقلم الرصاص، حتى أتمكن من المحو والتعديل، ثم أنقل المكتوب بعد المراجعة بقلم الحبر إلى المبيضة، ومن ثم فإني كتبت رسالة الماجستير مرتين، ولا أزال أحتفظ بتلك المدونات الأولى للرسالة، ولكني في أطروحة الدكتوراه اكتفيت بكتابة نسخة واحدة مباشرة، والآن كثير من طلبة الدراسات العليا يقدمون بحوثهم للمشرفين مطبوعة بالحاسبة مباشرة.
(3) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref3) الأخ الدكتور ليث سعود جاسم، كان يدرس في دار العلوم للحصول على شهادة الماجستير، في تخصص التاريخ الإسلامي، وقد سعدت بالعيش معه أكثر من سنة، وغادرت القاهرة وبقي فيها بعدي سنين حتى حصل على شهادة الدكتوراه، واستمر التواصل بيننا مدة طويلة، وهو يعمل الآن في الجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا، حفظه الله ووفقه لكل خير.
(4) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref4) كانت علاقتنا بعد عودتي إلى العراق مع الأخ خليل كما توقعت، بل أكثر مما توقعت، فقد سكنا في منطقة واحدة في بغداد، هي حي العدل في جانب الكرخ، وكانت اللقاءات بيننا مستمرة، وتوثقت علاقة أسرتينا، وظلت علاقتنا مستمرة بعد انتقالي من بغداد إلى تكريت، وكان أخي سفر على تواصل مع الأخ خليل من بعدي، وكنت أزور الأخ خليل حين أقام في عمان في الأردن، للعمل في جامعة الزرقاء، كلما مررت بها، حتى أدركه الأجل وهو مقيم في عمان في حادث مروري، الله أعلم بحقيقته، وقد تمكنت من الذهاب إلى بغداد أنا وأم عبد الله لتعزية عائلته في الأيام التي تصاعد فيها العنف الطائفي ببغداد، رحم الله أبا حارث وأسكنه فسيح جناته.
وكنت قد كتبت في مفكرة 2006م في يوم الأحد 23 نيسان ما يأتي:
علمت مساء هذا اليوم بوفاة الدكتور خليل الحديثي في عمان بالأردن في حادث سير، والدكتور خليل صديق قديم لي، حين سكنا في القاهرة في شقة واحدة لمدة سنتين، وذلك في وقت إقامتنا هناك للدراسة، وحين سكنت في بغداد لم تنقطع علاقتنا، وبعد أن انتقلت إلى تكريت بقيت تلك العلاقة، لاسيما أنه كان يسكن في حي العدل قريباً من بيت أخي أبي عمر رحمه الله، وكان يعمل في كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد، ثم ذهب للعمل في جامعة الزرقاء الأهلية في عمان قبل الاحتلال، ثم استمر هناك حتى توفاه الله تعالى اليوم، اللهم اغفر لخليل وألهم أهله الصبر على المصاب.
(5) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref5) ذهب الأخ مولود مصطفى الحمد في بعثة إلى إحدى جامعات إنكلترا، وتخصص في الهندسة الكهربائية (تكنولوجيا النبضات)، وعاد إلى العراق سنة 1982 بعد حصوله على الدكتوراه، وعمل في عدد من المؤسسات، وتقلبت به الحياة، وقد أحيل على التقاعد في السنة الماضية، وفقه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
(6) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref6) أكمل الأخ منذر كمال دراسة الدكتوراه في القانون، واشتغل في المحاماة في مدينة بيجي وتكريت، بعد إحالته على التقاعد، هو وأولاده، الذين تخرجوا من كليات الحقوق، وقد أكمل ولده براء دراسته في القانون وحصل على شهادة الدكتوراه، ويعمل الآن في كلية القانون في جامعة تكريت.
(7) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref7) هذا شعور طالب متعجل لا يعرف ظروف أستاذه المشرف، وأنا أعتذر إلى أستاذي الدكتور عبد الصبور شاهين من ذلك، مد الله في عمره، ومتعه بالعافية.
(8) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref8) كنية أخي سالم في تلك السنة، وحذيفة ابنه البكر توفاه الله صغيراً، وجاء وسام ثم توفاه الله صغيراً، وتوفيت نَعَم وأختها، ثم بارك الله له في محمود الذي تزوج وأنجب، ثم جاء إخوة محمود: محمد وأحمد، وأختاهما، بعد زواج أخي الدكتور سالم الثاني، بارك الله له في أولاده وأهله.
(9) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref9) فوجئت بقراءة هذه السطور، فلم يبق في ذاكرتي أني رأيت الدكتور أنيس في الكلية أو خارجها، في فترة إقامتي في القاهرة، وهو إما أن يكون في إعارة خارج مصر أو أنه كان معتكفاً في بيته، ولا أدري لِمَ لم أزره وألتقي به، فهو شيخ شيوخي، بل هو شيخ الدراسات اللغوية العربية الحديثة، رحمه الله.
الحلقات السابقة:
1 - ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الأولى) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18525)
2- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثانية) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18581)
3- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثالثة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18636)
4- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الرابعة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18711)
5- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الخامسة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18785)
6- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة السادسة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18853)
7- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة السابعة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18943)
8- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثامنة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19012)
9- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة التاسعة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19104)
10- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة العاشرة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19167)
11- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الحادية عشرة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19239)
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[23 Apr 2010, 10:52 ص]ـ
جزاك الله خيراً أستاذنا الفاضل على هذه المذكرات المليئة بالعبر والتي تدفعنا لشكر الله تعالى على ما أنعم علينا نحن المتأخرون في دراساتنا لأننا لم نعاني كل هذه المعاناة في الكتابة والبحث بوجود الحاسب الآلي والمكتبات الإلكترونية التي تسهل على الباحث عمله وطباعة ما يريد وتنقيحه وتعديله بيسر وسهولة.
قلّبت علي المواجع يا دكتور عندما ذكرت الحرب الأهلية في لبنان لأن عائلتي من أولى العائلات التي أصيبت بنارها فالتاريخ الذي ذكرته هو الذي اختطف فيه عمي رحمه الله تعالى على يد حزب الكتائب وعُذِّب وشوِّه حتى بالكاد تعرفنا عليه! لا أعاد الله تلك الأيام ورحم عمي وكل الأبرياء الذين قضوا في تلك الحرب اللعينة.
بانتظار الحلقة القادمة لكم خالص التقدير والشكر
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[23 Apr 2010, 02:07 م]ـ
شكرا لأستاذنا الجليل الدكتور غانم قدوري الحمد على هذه الذكريات الجميلة المفيدة الممتعة، وأسأل الله أن يطيل عمره، ويحسن عمله، ويجزل أجره، ويعلي ذكره، ويزيده صحة ونشاطا، وقوة وشبابا، وينفعني والمسلمين بعلومه الغزيرة، وبحوثه الكثيرة.
ونحن ـ شيخنا الجليل ـ في شوق لمؤلفاتكم الجديدة، وتحقيقاتكم الدقيقة، لا سيما ما كان متعلقا بالإمام أبي عمرو الداني ـ رحمه الله ـ والتي أشرتم إليها في بعض الكتابات والجلسات، ولكم من محبكم وافر الشكر، وأطيب التحيات.
ـ[إبراهيم خالد البراهيم]ــــــــ[23 Apr 2010, 02:51 م]ـ
لله درك يا دكتور غانم،
ذكرياتٌ تبعث في القلب الهمة والعزيمة.
تنقلنا من دروسٍ في الصبر وتحمل المشاق، إلى دروسٍ في صادق العزم في بلوغ المقصود.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[23 Apr 2010, 06:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي يسر للدكتور الفاضل غانم هذا العمل الذي من خلاله استفاد كثير من طلبة العلم بإن الله تعالى.
وقد ذكرني كلامة بأستاذي والشيء بالشيء يذكر، فقد كان أستاذي بمثابة الوالد ويحكي لي عن الصعاب التي مر بها لتشجيعي على قهر الصعاب ومنها،
أن مشرفه في مصر ترك رسالته في درج مكتبه بعد أن أذن له بالطبع وطبع وبقيت المراجعة النهائية سنة، وهذا في نفس الوقت والسنوات التي درس فيها الدكتور غانم في مصر، هذا مع أن أستاذي قد رزق بالأسرة والأولاد مبكرا، وكانت تحدث لهم بعض الظروف التي تحتم عليه الرجوع لبلاده كرب أسرة ولكنه لا يستطيع خوفا من أن يقرر المشرف المناقشة، وبعض الأساتذة يعذب طلبته كما عذبه أساتذته ولكن أستاذي حفطه الله أسرع بمناقشتي بعد أن أكملت البحث وقال لي ليس عندك ما تضيفينه جزاه الله عني كل خير.
وهناك أمر في الحلقة السابقة ذكر الكتور فقرة مهمة جدا وهي:
"وقد تبين لي من هذه الرحلة ضخامة العمل الذي قام به الصحابة وعلى رأسهم زيد - رضي الله عنهم - حين كتبوا المصحف في ذلك الوقت، بما تيسر لهم من وسائل وأدوات، ومع أن تركيزي كان موجهاً إلى الرسم فإني كنت ألاحظ المعاني، وخرجت بضرورة دراستي للقرآن دراسة جادة عميقة في أقرب وقت، إن شاء الله."
أتمنى أن أعرف في أي كتبه وضح هذه النقطة بشكل واضح.
جزاكم الله خيرا(/)
مجالس في تدبر سورة البقرة -بطريقة المدارسة
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[23 Apr 2010, 10:29 ص]ـ
** (مجالس في تدبر سورة البقرة)) ** بطريقة المدارسة وهي مجالس ودروس جديدة -ابتدأ المجلس الأول في 5/ 5/1431< br /> للشيخ / د. محمد بن عبدالله الربيعة- حفظه الله-< br /> هذه المجالس المباركة في تدبر كتاب الله بغية كل مسلم، عن طريق المدارسة وأخذ الفوائد بمشاركة الحاضرين، وعدم إلقاء الدرس بالطريقة المعتادة، الإلقاء من المحاضر والاستماع علي الحاضر، ومن ثم التفرق بعدها، حتي التجمع الي الدرس القادم، وإنما بطريقة ماتعة ومشوقة تستجلب ذهن الحاضرين وتجعلهم من سامعين الي مستمعين، وأجدر في تثبيت المعلومة لهم، بل مشاركين في الفوائد والاستباطات حتي أن بعضاً من فوائدهم تتعجب منها كيف طرأت علي أذهانهم ولاريب، فلا نستعجب بركة مجالس القرآن ومدارسته، و من فضل الله تعالي ومنته، انتشرت مجالس تدبر القرآن والتفسير، وكم من حلقات ومجالس للمشايخ -حفظهم الله-فتحت قريبا لتدبر كلام الله الجليل.< br /> وقد ذكر الشيخ / الربيعة - حفظه الله- أنه قد استغرقت منه مدة خمسة أعوام في تدبر واستخراج الفوائد من هذه سورة ولكن هذا لم يثنيه من طلبه للحاضرين من طلبة العلم وغيرهم في المسجد أن يشاركوه في تدبر هذه السورة العظيمة، ولم يقل ألقي عليهم ماجمعته واجتهدت فيه،ولكنه آثر أن يشاركوا معه،، و أنه لينشرح الصدر بمشاركاتهم رغم أن الأيات قد تكون فيها صعوبة في ارتباط معاني بعضها البعض واستخراج الفوائد منها مباشرة،< br /> فجزي الله الشيخ خيرا، ونفع به وبأسئلته المباركة،< br /> واتضح من أسلوب الشيخ، أنه ربما استخدم نفس الطريقة في مدارسته للسورة لنفسه عن طريق وضع:< br /> - وضع سؤال لكل آية، بل سؤال لكل كلمة ولفظة قرآنية، مثال: ذكر الشيخ: لماذا قيل (هدي) في الآية: (هدي للمتقين) ولم يقل (رحمة) أو (شفاء) مثلاً، ولماذا ذُكرت (للمتقين) ولم تُذكر (للمؤمنين.) وسؤالاَ مفيدا قاله الشيخ عن الآية (والذين يؤمنون بما أنزال اليك وما أنزل من قبلك) والفائدة المباركة الجميلة ذكرها أحد الحاضرين، حتي أن الشيخ أثني عليها.، وهذه الطريقة ربما تعرض لها بعض المفسرين في تفاسيرهم ولكن يندر أن يكون هذا الأسلوب يلقي في دروس التفسير، ولهذا وُفق الشيخ اختيار كلمة (تدبر) سورة البقرة ولم يقل (تفسير)، فالتدبر لكتاب الله يقوم به الجميع،من مفسرِ، وطالب علمِ، ورجل عامي،ولربما تكون فائدة الرجل العامي ماطرأت علي ذهن غيره ألبته.< br /> - أعطي الشيخ للحاضرين تصور عام للسورة ومقصودها العام في بداية المجلس الأول، ثم ذكر كيف قسمها أثلاثا لمواضيع عامة، وهذا مما يساعد لفهم آيات السورة ومعانيها عند التعرض لها بالتفصيل بعد ذلك في المجالس القادمة.< br /> - استوقفني سؤاله لماذا سميت سورة البقرة، وجعله واجباً للمجلس القادم ليتم البحث فيه من قبل الحاضرين، وكانت الاجابات غير صحيحة، حتي أن أحدهم قال: لأنه ذكرت فيها قصة البقرة ولكن الشيخ أشار إذن لماذا لم تُسمي (طالوت) أو (القبلة) مثلا ًففيها آية تحويل القبلة، وتحمست للاجابة، فأعطاهم فرصة ثانية للبحث للمجلس الذي بعده.< br /> بثت المجالس من موقع البث الاسلامي،< br /> لمن يريد أن يستمع اليها ومن ثمة يكمل معهم بإذن الله، لأن الشيخ أشار أن السورة ستأخذ معهم ثلاثين مجلسا للتدبر بإذن الله.
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[23 Apr 2010, 10:39 ص]ـ
المجلس الأول
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=75407
المجلس الثاني
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=75408
المجلس الثالث
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=75437
المجلس الرابع
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=75438
المجلس الخامس
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=75455
المجلس السادس
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=75456
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[04 May 2010, 11:01 م]ـ
المجلس السابع
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=75468 (http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=75468)
اقتراح: نتمني من يتصدي لتفريغ تلك المجالس المباركة، فهي ثمرات قيمة لتدبر فتح الله به علي الشيخ والحاضرين، فيُستفاد من هذا التفريغ من فضل الله تعالي، وفضل الله واسع لاتدركه العقول.
وقدر الله، الشيخ ذكر أن هذا المجلس السابع هو المجلس الأخير ونتمني من الشيخ - حفظه الله- الاستمرار فيها، و لاشك سيشاركنا هذا الرأي كل من سيستمع لها،و لعل هذا النداء يصل له بإذن الله، ونستفيد وننتفع ان شاءالله، وتجُمع في كتاب يطبع مستقبلا تسد فراغاً في مساحات التدبر لأشرف كتاب حفظت الصدور ألفاضه ولازال النقص في تدبره وتتبع معاني مفرداته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[راجيه رضا ربي]ــــــــ[09 May 2010, 11:27 م]ـ
الله يجزاك الجنة
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[26 May 2010, 06:14 م]ـ
وجزيت أختي الكريمة،
وفتح الله -جل وعلا- علينا بتدبر كتابه،،
ـ[إشراقة سلفية]ــــــــ[11 Oct 2010, 10:49 م]ـ
دورة الأترجة تفسير سورة الفاتحة والبقرة حتى آية 105
المحاضر: محمد بن عبدالله الربيعة
التاريخ: إبتداءاً من 6 | 11 | 1431
المدينة: بريدة
http://www.liveislam.net/browsesubject.php?sid=&id=13995&action=listen
ـ[رشيد مسعود الهلالي]ــــــــ[12 Oct 2010, 12:02 ص]ـ
كان السؤال:لماذا سميت هذه السورة بسورة البقرة؟ وأجاب الطلبة بأجوبة اشهرها واصحها أن ذلك بسبب ذكر قصة البقرة في ثناياها ورده الشيخ.وجاء المجلس الثالث ليقول الشيخ جوابا لم يخرج عن اجوبة الطلبة!
ـ[أم أبيّ]ــــــــ[12 Oct 2010, 12:20 ص]ـ
جزيتي الجنة اختي سعاد واسعدك الله في الدارين فعلا كنت احث عن دورة الأترجة واحمد الله اني وجدتها اتمنى لو اجد تفريغها
ـ[عبد الرشيد كياس أحمد]ــــــــ[17 Nov 2010, 08:44 م]ـ
جزاك الله بقدر حروفها حسنات و بقدر آياتها غرفا في الجنة
ـ[حفيدة عائشة]ــــــــ[17 Nov 2010, 09:44 م]ـ
بارك الله فيكِ أختي ..(/)
لطائف قرآنية ....... متجدد بإذن الله
ـ[محب البشير]ــــــــ[23 Apr 2010, 12:10 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك، اللهم لك الحمد بالإسلام، و لك الحمد بالإيمان، و لك الحمد بالقرآن، لك الحمد حتى ترضى، و لك الحمد إذا رضيت، و لك الحمد بعد الرضى
وبعد
فهذه مجموعة من الطائف و الفوائد و الفرائد القرآنية و التي تمر على خاطر الإنسان أثناء قراءته لكتاب الله - عز وجل - فتدفعه للتدبر فيها، وقد كنت أرجع إلى كتب المفسرين لبيان معاني هذه النكت، حتى صرت كثيرا ما أردد: ما ترك الأول للآخر شيئا، و لكن كلما تقدمت بالإنسان المعرفة أدرك أن كتاب الله أعظم من تنقضي عجائبه و تفنى درره (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته و ليتذكر أولو الألباب)
و سأكتب بتوفيق الله تعالى كل يوم لطيفتين، و أستهلهما اليوم: يوم الجمعة، و أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم و ان ينفعنا به و جميع المسلمين ... آمين. و الحمد لله رب العالمين.
الللطيفة الأولى: (ما كان إبراهيم يهوديا و لا نصرانيا و لكن كان حنيفا مسلما و ما كان من المشركين)
و الإشكال: لمَ تقلب الكلام بين النفي ثم الإثبات ثم النفي؟
و الجواب: أن الله تعالى أخبر في هذه الآية، عن حقيقة أمر إبراهيم، فنفى عنه اليهودية والنصرانية والإشراك الذي هو عبادة الأوثان، ودخل في ذلك الإشراك الذي تتضمنه اليهودية والنصرانية، وجاء ترتيب النفي على غاية الفصاحة، نفى نفس الملل وقرر الحالة الحسنة، ثم نفى نفياً بين به أن تلك الملل فيها هذا الفساد الذي هو الشرك، وهذا كما تقول: ما أخذت لك مالاً بل حفظته، وما كنت سارقاً، فنفيت أقبح ما يكون في الأخذ.
تفسير المحرر الوجيز للإمام ابن عطية الأندلسي ج 1 ص438
و قد يضاف أن الله تعالى قدم الأديان السماوية و أخر الإشراك لأنه دين غير سماوي
اللطيفة الثانية: (وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
لم عبر في الكفر بصيغة الماضي و في الشكر بضيغة المضارع؟
و الجواب: في اختيار صيغة المضي في هذا الشق (الكفر) قيل: إشارة إلى قبح الكفران وأنه لا ينبغي إلا أن يعد في خبر كان، وقيل: إشارة إلى أنه كثير متحقق بخلاف الشكر وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ [سبأ: 1]. روح المعاني ج 11 ص 83
و معنى هذا أن الكفر لا يؤتى بصيغة المضارع تأدبا من الله تعالى ذلك أن المضارع دال على التكرر فلا يذكر الكفر بصيغة تدل على تكرره.
وذكرالإمام الفخر الرازي معنى آخر فقال:
المسألة الثانية قال في الشكر ومن يشكر بصيغة المستقبل وفي الكفران ومن كفر فإن الله غني وإن كان الشرط يجعل الماضي والمستقبل في معنى واحد كقول القائل من دخل داري فهو حر ومن يدخل داري فهو حر فنقول فيه إشارة إلى معنى وإرشاد إلى أمر وهو أن الشكر ينبغي أن يتكرر في كل وقت لتكررالنعمة فمن شكر ينبغي أن يكرر والكفر ينبغي أن ينقطع فمن كفر ينبغي أن يترك الكفران ولأن الشكر من الشاكر لا يقع بكماله بل أبداً يكون منه شيء في العدم يريد الشاكر إدخاله في الوجود كما قال رَبّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ (النمل 19) وكما قال تعالى وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَة َ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا (النحل 18) فأشار إليه بصيغة المستقبل تنبيهاً على أن الشكر بكماله لم يوجد وأما الكفران فكل جزء يقع منه تام فقال بصيغة الماضي. مفاتيح الغيب ج 25 ص 28
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[23 Apr 2010, 12:43 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم على هذه اللطائف الطيبة وأرجو منك تصحيح الخطأ المطبعي في الآية
وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) لقمان
وحبذا لو نقلت الآيات بخط المصحف تفادياً لأي خطأ غير مقصود
وأرجو أن تتدبر الفرق بين هذه الآية والآية رقم 40 في سورة النمل (وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) فقد ورد الفعلان بصيغة الماضي
بارك الله فيك ونفع بك
ـ[محب البشير]ــــــــ[24 Apr 2010, 03:18 م]ـ
الأخت سمر الأرناؤوط بارك الله فيك على التنبيه أما الآية التي ذكرتها فلعل الله ييسر فهمها فنثبتها قبل انتهائنا من كتابة هذه اللطائف
اللطيفة الثالثة: قوله تعالى في سورة الشورى: (وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الإِنسَانَ كَفُورٌ (48)) قرن الرحمة بإذا و قرن السيئة بإن فلماذا؟
و الجواب: أن إذا تفيد التحقيق و إن تفيد الشك فقرن الرحمة بإن للدلالة على تحقق وصولها وقرن إن بالسيئة للتقليل و الشك. فظهر بذلك الفرق بين حال الإنسان في النعم و حاله في المصائب
اللطيفة الرابعة: قوله تعالى (أياما معدودة) و (أياما معدودات)
قال الفخر الرازي:
المسألة الثالثة ذكر ههنا (وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَة) ً وفي آل عمران إِلا أَيَّامًا مَّعْدُوداتٍ ولقائلٍ أن يقول لم كانت الأولى معدودة والثانية معدودات والموصوف في المكانين موصوف واحد وهو (أياماً) والجواب أن الاسم إن كان مذكراً فالأصل في صفة جمعه التاء يقال كوز وكيزان مكسورة وثياب مقطوعة وإن كان مؤنثاً كان الأصل في صفة جمعه الألف والتاء يقال جرة وجرار مكسورات وخابية وخوابي مكسورات إلا أنه قد يوجد الجمع بالألف والتاء فيما واحده مذكر في بعض الصور نادراً نحو حمام وحمامات وجمل سبطر وسبطرات وعلى هذا ورد قوله تعالى فِى أَيَّامٍ مَّعْدُوداتٍ و فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ فالله تعالى تكلم في سورة البقرة بما هو الأصل وهو قوله أَيَّامًا مَّعْدُودَة ً وفي آل عمران بما هو الفرع. ج3 ص 130
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[24 Apr 2010, 08:03 م]ـ
(اقتباس)
يقول الاخ محب تعليقاً على اللطيفة الثانية:
(ومعنى هذا أن الكفر لا يؤتى بصيغة المضارع تأدبا من الله تعالى ذلك أن المضارع دال على التكرر فلا يذكر الكفر بصيغة تدل على تكرره).انتهى كلام الاخ محب
وبعد الرجوع الى المصحف وجدت أن كلمة يكفر بصيغة المضارع ذكرت بما يزيد عن 14 مرة في القرآن الكريم. مما يستدعي إعادة النظر بذلك المعنى وتركه على اطلاقه دون تطويق.
وأسوق اليك أخي بعض الآيات التي ذكرت الكفر بصيغة المضارع:
(وَلَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ)
(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ)
(إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)
(أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ). وبارك الله تعالى بك على هذه الطائف التي تتحفنا بها. والحمد لله رب العالمين
ـ[محب البشير]ــــــــ[25 Apr 2010, 07:54 م]ـ
أخي تيسير الغول بارك اللله فيك على تنبيهك و أتحفك باللطيفة الخامسة
اللطيفة الخامسة: {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ (69) لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلا تَشْكُرُونَ (70)}
قال الإمام الطاهر بن عاشور: ذكر الشيخ محمد بن سعيد المجري التونسي في حاشيته على شرح الأشموني للألفية المسماة زواهر الكواكب عن كتاب في إعجاز القرآن هذا الاسم سمي به كتابان أحدهما لكمال الدين محمد المعروف بابن الزملكاني و الثاني لابن أبي الأصبع أنه قال: فإن قيل لم أكد الفعل باللام في الزرع و لم يؤكد في الماء قلت: لأن الزرع و إنباته و جفافه بعد النضارة حتى يعود حطاما مما يحتمل أنه من فعل الزارع أو أنه من سقي الماء وجفافه من عدم السقي فأخبر سبحانه أنه هو الفاعل لذلك على الحقيقة و أنه قادر على جعله حطاما في حال نموه لو شاء و إنزال الماء من السماء مما لا يتوهم أن لأحد قدرة عليه غير الله تعالى إ. ه
و قال الألوسي: وقرر (يقصد الزمخشري) وجها آخر حاصله أن اللام لمجرد التأكيد فتناسب مقام التأكيد فأدخلت في آية المطعوم دون المشروب للدلالة على أن أمره مقدم على أمره، وأن الوعيد بفقده أشدّ وأصعب من قبل أن المشروب تبع له ألا يرى أن الضيف يسقى بعد أن يطعم، وقد ذكر الأطباء أن الماء مبذرق، ويؤيد ذلك تقديمه على المشروب في النظم الجليل، وللإمام في هذا المقام كلام طويل اعترض به على الزمخشري وبين فيه وجه الذكر أولا والحذف ثانيا، ولم أره أتى بما يشرح الصدر، وخير منه عندي قول ابن الأثير في المثل السائر: إن اللام أدخلت في المطعوم دون المشروب لأن جعل الماء العذب ملحا أسهل إمكانا في العرف والعادة والموجود من الماء الملح أكثر من الماء العذب، وكثيرا ما إذا جرت المياه العذبة على الأراضي المتغيرة التربة أحالتها إلى الملوحة فلم يحتج في جعل الماء العذب ملحا إلى زيادة تأكيد فلذا لم تدخل لام التأكيد المفيدة لزيادة التحقيق، وأما المطعوم فإن جعله حطاما من الأشياء الخارجة عن المعتاد وإذا وقع يكون عن سخط شديد، فلذا قرن باللام لتقرير إيجاده وتحقيق أمره انتهى.
اللطيفة السادسة: {نعم العبد إنه أواب} قال الإمام الطاهر بن عاشور:
وقوله: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} مثل قوله في سليمان: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [صّ:30]،فكان سليمان أوابا لله من فتنة الغني والنعيم، وأيوب أوابا لله من فتنة الضر والاحتياج، وكان الثناء عليهما متماثلا لاستوائهما في الأوبة وإن اختلفت الدواعي. قال سفيان:"أثنى الله على عبدين ابتليا: أحدهما صابر، والآخر شاكر، ثناء واحدا. فقال لأيوب ولسليمان {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} ".
ـ[محب البشير]ــــــــ[26 Apr 2010, 07:26 م]ـ
اللطيفة السابعة: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73)} لم خص المقوين؟
قال الإمام ابن القيم – رحمه الله -: ونبه عليه بقوله في نار الدنيا نحن جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين تذكرة تذكر بها الآخرة ومنفعة للنازلين بالقواء وهم المسافرون يقال أقوى الرجل إذا نزل بالقي والقوى وهي الأرض الخالية وخص المقوين بالذكر وإن كانت منفعتها عامة للمسافرين والمقيمين تنبيها لعباده والله أعلم بمراده من كلامه على أنهم كلهم مسافرون وأنهم في هذه الدار على جناح سفر ليسوا هم مقيمين ولا مستوطنين وأنهم عابرو سبيل وأبناء سفر. طريق الهجرتين ج 1 ص 232
اللطيفة الثامنة: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (30)} لم قالوا امرأة العزيز و لم يصرحوا باسمها؟
قال الإمام البقاعي – رحمه الله -: فقال تعالى (وقال نسوة) أي جماعة من النساء لما شاع الحديث، ولما كانت البلدة كلما عظمت كان أهلها أعقل وأقرب إلى الحكمة، قال: (في المدينة) أي التي فيها امرأة العزيز ساكنة (امرأت العزيز) فأضفتها إلى زوجها إرادة الإشاعة للخبر، لأن النفس إلى سماع أخبار أولي الأخطار أميل. نظم الدرر ج 4 ص 34
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب البشير]ــــــــ[27 Apr 2010, 08:32 م]ـ
قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}
اللطيفة التاسعة: لم استعمل في جانب الديانات السابقة لفظ {وصى} و في جانب الدين الإسلامي لفظ {أوحينا}؟
قال الإمام الطاهر بن عاشور: ذكر في جانب الشرائع الأربع السابقة فعل {وصى} وفي جانب شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فعل الإيحاء لأن الشرائع التي سبقت شريعة الإسلام كانت شرائع مؤقتة مقدرا ورود شريعة بعدها فكان العمل بها كالعمل الذي يقوم به مؤتمن على شيء حتى يأتي صاحبه، وليقع الاتصال بين فعل {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} وبين قوله في صدر السورة {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الشورى:3].
تفسير التحرير و التنوير ج 25 ص 121
اللطيفة العاشرة: ما سر ترتيب الأنبياء و شرائعهم على هذا النحو البديع؟
قال الإمام الطاهر بن عاشور: والاقتصار على ذكر دين نوح وإبراهيم وموسى وعيسى لأن نوحا أول رسول أرسله الله إلى الناس، فدينه هو أساس الديانات، قال تعالى {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163] ولأن دين إبراهيم هو أصل الحنيفية وانتشر بين العرب بدعوة إسماعيل إليه فهو أشهر الأديان بين العرب، وكانوا على أثارة منه في الحج والختان والقرى والفتوة. ودين موسى هو أوسع الأديان السابقة في تشريع الأحكام، وأما دين عيسى فلأنه الدين الذي سبق دين الإسلام ولم يكن بينهما دين آخر، وليتضمن التهيئة إلى دعوة اليهود والنصارى إلى دين الإسلام.
وتعقيب ذكر دين نوح بما أوحي إلى محمد عليهما السلام للإشارة إلى أن دين الإسلام هو الخاتم للأديان، فعطف على أول الأديان جمعا بين طرفي الأديان، ثم ذكر بعدهما الأديان الثلاثة الأخر لأنها متوسطة بين الدينين المذكورين قبلها. وهذا نسج بديع من نظم الكلام، ولولا هذا الاعتبار لكان ذكر الإسلام مبتدأ به كما في قوله {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163] وقوله {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} [الأحزاب: 7]
تفسير التحرير و التنوير ج 25 ص 119
ـ[محب البشير]ــــــــ[28 Apr 2010, 08:26 م]ـ
و مع قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}
اللطيفة الثانية عشرة: لم آثر الإيحاء على التوصية؟
وإيثار الإيحاء على ما قبله وما بعده من التوصية لمراعاة ما وقع في الآية المذكورة ولما في الإيحاء من التصريح برسالته عليه الصلاة والسلام القامع لإنكار الكفرة، والالتفات إلى نون العظمة لإظهار كمال الاعتناء بايحائه، وفي ذلك إشعار بأن شريعته صلّى اللّه عليه وسلّم هي الشريعة المعتنى بها غاية الاعتناء روح المعاني ج 13 ص 22
اللطيفة الثالثة عشرة: لم استعمل ما في الأديان السابقة و الذي في الدين المحمدي؟
قال الإمام الطاهر بن عاشور: وفي قوله تعالى {مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً} وقوله {وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ} جيء بالموصول {ما}، وفي قوله {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} جيء بالموصول {الذي}، وقد يظهر في بادئ الرأي أنه مجرد تفنن بتجنب تكرير الكلمة ثلاث مرات متواليات، وذلك كاف في هذا التخالف. وليس يبعد عندي أن يكون هذا الاختلاف لغرض معنوي، وأنه فرق في استعمال الكلام البليغ وهو أن {الذي} وأخوته هي الأصل في الموصولات فهي موضوعة من أصل الوضع للدلالة على من يعين بحالة معروفة هي مضمون الصلة، ف {الذي} يدل على معروف عند المخاطب بصلته.
وأما {ما} الموصولة فأصلها اسم عام نكرة مبهمة محتاجة إلى صفة نحو قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ} [النساء: 58] عند الزمخشري وجماعة إذ قدروه: نعم شيئا يعظكم به. ف {ما} نكرة تمييز ل"نعم" وجملة {يَعِظُكُمْ بِهِ} صفة لتلك النكرة. وقال سيبويه في قوله تعالى {هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} [قّ: 23] المراد: هذا شيء لدي عتيد، وأنشدوا:
لما نافع يسعى اللبيب فلا تكن ... لشيء بعيد نفعه الدهر ساعيا
أي لشيء نافع، فقد جاءت صفتها اسما مفردا بقرينة مقابلته بقوله: لشيء بعيد نفعه، ثم يعرض ب {ما} التعريف بكثرة استعمالها نكرة موصوفة بجملة فتعرفت بصفتها وأشبهت اسم الموصول في ملازمة الجملة بعدها، ولذلك كثر استعمال {ما} موصولة في غير العقلاء، فيكون إيثار {مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى} بحرف {ما} لمناسبة أنها شرائع بعد العهد بها فلم تكن معهودة عند المخاطبين إلا إجمالا فكانت نكرات لا تتميز إلا بصفاتها، وأما إيثار الموحى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم باسم {الذي} فلأنه شرع متداول فيهم معروف عندهم. فالتقدير: شرع لكم شيئا وصى به نوحا وشيئا
تفسير التحرير و التنوير ج 25 ص 120
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب البشير]ــــــــ[29 Apr 2010, 06:12 م]ـ
اللطيفة الرابعة عشرة: {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ (33)} لم قرن الخشية بالرحمة، مثلا لِمَ لَمْ يقل الجبار أو القهار؟ لماذا خص الرَّحْمَن؟
قال الإمام الألوسي – رحمه الله -: والتعرض لعنوان الرحمانية للإشعار بأنهم مع خشيتهم عقابه عز وجل راجون رحمته سبحانه أو بأن علمهم بسعة رحمته تبارك وتعالى لا يصدهم عن خشيته جل شأنه. الألوسي ج 13 ص 340
اللطيفة الخامسة عشرة: الرحمة في سورة مريم
هذه الفائدة استوقفتني أثناء قراءتي لسورة مريم، حيث لاحظت آيات التخويف يأتي فيها ذكر الرحمة نحو {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)} و كذا قوله تعالى {قُلْ مَن كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} و قوله {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} و قوله {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88)} و قوله {أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا (92)} فاستغربت حقيقة لم عدل عن الجبار القهار و نحوها إلى الرحمان طوال السورة حتى مع المشركين و أفعالهم الشنيعة فسألت عنها أحد مشايخنا المهتمين بالتفسير فقال قد هديت لفهمها فسورة مريم بنيت على الرحمة فمناسبة لقوله تعالى {ذكر رحمة ربك} أي اذكر رحمة ربك إلا و كل السورة مبناها على صفة الرحمة كما سبق بيانه من الآيات. و الله أعلم
ـ[محب البشير]ــــــــ[30 Apr 2010, 10:55 م]ـ
اللطيفة الخامسة عشرة: قوله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى} لم عدل عن {النصارى} إلى {الذين قالوا إنا نصارى}؟
قال الشيخ العلامة الطاهر بن عاشور:وعبر عن النصارى بـ {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} هنا وفي قوله الآتي: {وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى} [المائدة:82] تسجيلا عليهم بأن اسم دينهم مشير إلى أصل من أصوله، وهو أن يكون أتباعه أنصارا لما يأمر به الله، {كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [الصف:14] ومن جملة ذلك أن ينصروا القائم بالدين بعد عيسى من أتباعه، مثل بولس وبطرس وغيرهما من دعاة الهدى؛ وأعظم من ذلك كله أن ينصروا النبي المبشر به في التوراة والإنجيل الذي يجيء بعد عيسى قبل منتهى العالم ويخلص الناس من الضلال {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران:81] الآية. فجميع أتباع الرسل قد لزمهم ما التزمه أنبياؤهم وبخاصة النصارى، فهذا اللقب، وهو النصارى، حجة عليهم قائمة بهم متلبسة بجماعتهم كلها.
ويفيد لفظ {قَالُوا} بطريق التعريض الكنائي أن هذا القول موفى به وأنه يجب أن يوفى به.
التحرير و التنوير ج 5 ص 64
اللطيفة السادسة عشرة: قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (59)} لم قال {كن فيكون} {و لم يقل {كن فكان}؟
قال الإمام الطاهر بن عاشور: وإنما قال: {فيكون} ولم يقل فكان لاستحضاره صورة تكونه، ولا يحمل المضارع في مثل هذا إلا على هذا المعنى، مثل قوله: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً} [فاطر: 9] وحمله على غير هذا هنا لا وجه له.
التحرير و التنوير ج 3 ص 112
ـ[محب البشير]ــــــــ[02 May 2010, 12:35 ص]ـ
أعتذر من عدم تمكني من تحرير مشاركتي هذا المساء و السبب في ذلك أنني لم أكن في البيت و لعلي أستدركها في مشاركة الغد بإذن الله تعالى
ـ[محب البشير]ــــــــ[02 May 2010, 07:37 م]ـ
اللطيفة السابعة عشرة: قوله تعالى {و إنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} لم عبر في الهدى ب على و في الضلال ب في؟
قال الإمام السيوطي في الإتقان: فاستعملت على في جانب الحق و في في جانب الضلال لأن صاحب الحق مستعل يصرف نظره كيف شاء و صاحب الباطل كأنه منغمس في ظلام منخفض لا يدري أين يتوجه. الإتقان ج 1 ص 145
اللطيفة الثامنة عشرة: قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها و المؤلفة قلوبهم و في الرقاب و الغارمين و في سبيل الله و ابن السبيل} لم عدل عن اللام إلى في؟
قال في الإتقان: عدل عن اللام إلى في في الأربعة الأخيرة إيذانا إلى أنهم أكثر استحقاقا للمتصدق عليهم بمن سبق ذكره باللام لأن في للوعاء فنبه باستعمالها على أنهم أحقاء بأن يجعلوا مظنة لوضع الصدقات فيهم كما يوضع الشيء في وعاء مستقرا فيه. وقال الفارسي: وقال و في الرقاب و لم يقل وللرقاب ليدل على أن العبد لا يملك. الإتقان ج 1 ص 145
اللطيفة التاسعة عشرة: قوله تعالى {فظلت أعناقهم لها خاضعين}
جاء في الجلالين: لما وصفت الأعناق بالسجود الذي هو لأربابها جمعت الصفة منه جمع العقلاء.
الجلالين: سورة الشعراء 4
اللطيفة العشرون: المناسبة بين أول سورة الممتحنة و نهايتها؟
ابتدأت السورة بقول الحق- جل و على - {يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي و عدوكم أولياء} و ختمت بقوله - عز و جل – {يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم} و المناسبة واضحة و القصد منها تنفير المسلمين من هذا العمل. ذكر هذا في حاشية الجمل عند تفسير سورة الممتحنة
بقيت اللطيفة الحادية عشرة و التي نسيت إدراجها فلعلي أدرجها غدا بإذن الله و بها تتم هذه اللطائف و الحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[02 May 2010, 09:28 م]ـ
بارك الله بك على هذه اللطائف وننتظر المزيد
ـ[محب البشير]ــــــــ[03 May 2010, 07:48 م]ـ
هذا آخر العهد بهذا الجزء من اللطائف و لعله إن يسر الله سيكون لنا لقاء آخر عبر " لطائف قرآنية .. الجزء الثاني " و نختم هذا الجزء بفائدة قيمة عدلت عن ذكرها في موضعها حتى يكون ختامها مسك وهي متعلقة ب " أيام معدودة " و" أيام معدودات " و هذه الفائدة استفدتها من شيخنا في النحو أثناء شرح متن ألفية بن مالك عند قوله " و الله يقضي بهبات وافرة "
قال - حفظه الله - و ها هنا قاعدة فتنبه: الجمع المؤنث السالم يدل على القلة فإذا أردت تكثيره فات بصفته مفردة لا مجموعة و مثاله:
لو صح ما ينقل عن كعب الأحبار من أن اليهود يعذبون في نار جهنم أربعين يوما و النصارى سبعة أيام فإنه يتبين ما يلي:
اليهود قالوا " لن تمسنا النار إلا أياما معدودة "
و النصارى قالوا " لن تمسنا النار إلا أياما معدودات "
فلما كانت الأيام كثيرة لدى اليهود جعلوا صفة جمع المؤنث السالم مفردة " أياما معدودة " و النصارى لما كانت أيامهم قليلة لم يحتاجوا لهذا، فلذا وصفوا بالجمع فتنبه
ملاحظات
1 - سقط عنوان " الفائدة الحادية عشرة " من اللطائف و تكرر عنوان " الفائدة الخامسة عشر "
2 - جمعت في المرفقات كل اللطائف ونسقتها و رتبتها.
و ختاما أسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم و أرجو من كل من انتفع به أن يدعوَ لجدي بالشفاء و لجدتي بالرحمة.
و الحمد لله رب العالمين
محب البشير(/)
الاشتراك في الصيغ الصرفية
ـ[مخلد اسماعيل]ــــــــ[23 Apr 2010, 02:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العلمين والصلاة على سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم
الاشتراك في الصيغ الصرفية
بعض الصيغ الصرفية تشترك في بنيتها الصرفية للدلالة على صيغتها والذي يميز ويبين ذلك هو السياق وأذكر من القرآن الكريم أمثلة توضح ذلك:
أولا: كل فعل معتل الآخر أصله واو فعند إسناده لواو الجماعة أو نون النسوة فهما يشتركان في البنية ويكون السياق مبينا لذلك
قال تعالى:" وَ الْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا "
فالفعل "يرجون " يشترك في بنيته بين المسند إلى واو الجماعة و المسند إلى نون النسوة
نقول: الرجال يرجون؛ والنساء يرجون
فالبنية مشتركة والذي يبن ذلك هو السياق فالآية "وَ الْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا " تتحدث عن النساء لذلك" يرجون ": فعل مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ونون النسوة في محل رفع فاعل
وقال تعالى " (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا).النساء104.
"يرجون " مسند في هذه الآية لواو الجماعة لان السياق يتحدث عن المؤمنين
فأعرابه في هذه الآية
يرجو: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون و"الواو" في محل رفع فاعل
ومثال ذلك أيضا {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ}
"يدعونني" يدعون" مسند لنون النسوة لان النساء هن راودن ودعون يوسف- عليه السلام-
وقال تعالى:"ويا قوم مالي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار"
"تدعون: الفعل في هذه الآية مسند لواو الجماعة لان الحديث عن قوم فرعون
وكذلك" {إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ}
"يعفون " مسند لنون النسوة
ثانيا: قال الله تعالى:"ولا يضار كاتب ولا شهيد"
"يضار" صيغة تشترك في بنيتها بين المبني للفاعل والمفعول أي: ما يسمى المبني للمعلوم والمجهول
وذلك لان أصله "يضارر"فإذا بني للمعلوم يكون بكسر الراء وإذا بني للمفعول يكون بفتح الراء ولكن عندما أدغمت الراء الأولى بالثانية احتمل الوجهين البناء للفاعل والمفعول
وعلى ذلك يكون "كاتب وشهيد" إما فاعلا ويكون المعنى أن لا يضر الكاتب والشهيد بطرفي العقد وأن يكتب الكاتب بالعدل وأن يشهد الشاهد بالحق
وإما نائب فاعل ويكون المعنى: لا يقع الضرر على الكاتب والشهيد
ثالثا: قال تعال:" (ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى"
"أحصى" اختلف فيها على وجهين:
الاول: فعل ماض وهو ما ذهب إاليه الإمام الزمخشري .....
الثاني: اسم تفضيل
ولكل وجه أدلة لم أذكرها ومن أرادها فليطلبها من كتب إعراب القرآن الكريم والتفسير
وفي سورة طه: ?وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى?
"أخفى "صيغتها مشتركة بي نالفعل الماضي واسم التفضيل
ولكن السياق والصناعة النحوية تمنع ان تكون فعل ماض
وهذا ما ذهب اليه الامام الزمخشري ....
رابعا: قوله تعالى: " أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك"
"آتيك" إماأن تكون فعلا والفاعل ضميرا مستترا تقديره "أنا" والجمل الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ" أنا"
وإما ان تكون اسم فاعل "آتي " وهو خبر مرفوع بالحركة المقدرة وهو مضاف و" الكاف " مضاف إليه
خامسا: الفعل المضارع المسند لواو الجماعة إذا دخلت عليه لام التعليل أو الأمر فإن بنيته تكون مشتركة إذا كسرت لام الأمر ....
قال الله تعالى:" وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ? [الحج:27 - 28]
"ليشهدوا " فهذه الكلمة مشتركة بين أن تكون اللام لام التعليل أو لام الأمر وهي في هذه الآية لام التعليل لان السياق يدل على ذلك أي: وأذن في الناس بالحج ليشهدوا .... ويمتنع أن تكون لام الأمر لان السياق لا يرجح ذلك(/)
وفي أنفسكم أفلا تبصرون
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[23 Apr 2010, 09:19 م]ـ
وفي أنفسكم أفلا تبصرون
هذه الآية تحث المسلم في النظر والتفكر في النفس وتراكيبها وما تحوي من أجهزة وطرائق أعمالها ووظائفها الدقيقة الكثيرة التي تعجز أضخم الألات القيام بما تقوم به على الوجه الاكمل.
يقول علماء الفيزياء المسلمون أن جسم الانسان عبارة عن أنظمة هندسية. فإذا أردنا أن نحل أي مشكلة هندسية فليس لنا إلا أن نرجع الى أنفسنا فننظر ونتفكر بها ..
الاوعية الدموية من ناحية هندسية هي عبارة عن انابيب ناعمة خفيفة يتدفق بها آلاف اللترات من الدم فلا تتمزق ولا يحدث بها مشاكل وهي أيضاً لا تصدأ ولا تتلف. هناك أنابيب لنقل الماء لبيتك لا تستمر أكثر من 20 سنة فتصدأ وتعطب ولم تعد صالحة للإستعمال. بينما الاوعية الدموية تعمل بأكثر كفاءة ودفة وذلك بحل مشكلة احتكاك الدم بجدار الاوعية.كيف يكون ذلك؟
إن كريات الدم الحمراء تحتوي على مادة الحديد. لماذا؟ لأن الحديد له خصائص مغناطيسية.وبسبب وجود الحديد فإنه يحدث تنافر مغناطيسي بين جدران الاوعية الدموية وبين الحديد فيمنع هذا التنافر التلامس والاحتكاك بين الدم وجدار الاوعية الدموية فلذلك يدوم المجرى بشكل سهل وناعم وفعّال. فالله تعالى يعلمنا هذه التقنية لنستفيد منها في حياتنا العملية.كيف ذلك؟
مشكلة احتكاك الطائرة في الهواء والذي يسبب بطئها وتحديد سرعتها هي مشكلة عصرية لهندسة الطيران.ولو طبقنا نفس الطريقة ونفس الظروف التي تحدث في شرايننا فإننا بالتأكيد سنحل المشكلة بطريقة نخدم بها الطيران والملاحة البحرية. ولكن كيف يكون ذلك؟
يقول العلماء لو عملنا على إنشاء مجال مكهرب حول جسم الطائرة وهذا المجال المكهرب يعمل على تنافر بين سطح الطائرة وذرات الهواء المحيطة به مما يفتح المجال أمام الطائرة في الاندفاع الى الامام بلا احتكاك وهذا يسبب بمضاعفة سرعتها أضعافاًً مضاعفة على ما هي عليه الآن، تماماً كما يحدث في أوعيتنا الدموية وبنفس الكفاءة والقوة.
فسبحان الذي أمرنا بالنظر والتفكر بأنفسنا والحمد لله رب العالمين
ـ[خلوصي]ــــــــ[24 Apr 2010, 12:00 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أ. تيسير على هذا الموضوع الموسوعة المبارك الذي ينعش القلب و الروح و يرقّيه في مدارج الإيمان ..
و حبذا لو نتعاون فيه جميعاً .. لئلا نتكاسل .. و لتمام التفاعل .. و حبذا لو ندعمه بالصور .. و ربما بروابط فلمية!
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[27 Apr 2010, 02:09 م]ـ
بارك الله بكم أن كان لديكم مدعماً لهذا البحث فأرجو أن لا تردد في إلحاقه لعموم الفائدة وبارك الله بك ناصراً للعلم(/)
ابن القيم وبركان آيسلندا ..
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[24 Apr 2010, 12:20 ص]ـ
ابن القيم وبركان آيسلندا ..
قال رحمه الله كلاماً نفيساً في سياق تعليقه على قوله تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 20، 21]، أشعر أنه مطابق لدرجة كبيرة لحادثة بركان آيسلندا التي شغلت الصحافة العالمية الأسبوع المنصرم، وهذا النص في كتابه "التبيان" (ص/301) ط. الرسالة التي حققها الحرستاني والزغلي، قال رحمة الله تعالى عليه:
(ومن الآيات التي في الأرض: ما يحدثه الله فيها كل وقت ما يُصَدّقُ به رسله فيما أخبرت به، فلا تزال آيات الرسل، وأعلام صدقهم، وأدلة نبوتهم، يحدثها الله سبحانه وتعالى في الأرض: إقامة للحجة على من لم يشاهد تلك الآيات التي قاربت عصر الرسل، حتى كأن أهل كل قرن يشاهدون ما يشاهده الأولون أو نظيره، كما قال: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} وهذه الإرادة لا تختص بقرن دون قرن، بل لا بد أن يُريَ اللهُ سبحانه أهل كل قرن من الآيات ما يبين لهم أنه الله الذي لا إله إلا هو، وأن رسله صادقون، وآيات الأرض أعظم مما ذكر وأكثر، فنبه باليسير منها على الكثير) انتهى كلامه رحمه الله.(/)
ندوة الدراسات القرآنية عن موضوع الاستنباط من القرآن " تفريغا "
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[24 Apr 2010, 09:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المحمودِ بجميع المحامد تعظيماً وثناءً .. المتصفِ بصفات الكمال عزّة وكبرياءً ..
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الأئمةِ الكرام النجباء .. وسلم تسليمًا كثيرًا ..
ندوة الدراسات القرآنية عن موضوع الاستنباط من القرآن الكريم لفضيلة الشيخ الدكتور: فهد الوهبي.
تفريغ الحلقة الأولى
بسم الله الرحمن الرحيم
برنامج: الدراسات القرآنية على إذاعة القرآن الكريم
بعنوان: " منهج الاستنباط من القرآن الكريم (1) "
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله محمد ابن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلا وسهلا بكم مستمعينا الكرام إلى لقاء جديد في برنامج " الدراسات القرآنية "، يسعدني في مطلع هذا اللقاء وبعد الترحيب بكم أن أرحب بالشيخ فهد بن مبارك الوهبي عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة والذي سيتحدث في هذا اللقاء عن منهج الاستنباط في أمور القرآن الكريم، نرحب بكم ياشيخ فهد وأهلا وسهلا بكم.
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: حياك الله وحيا إذاعة القرآن الكريم.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: منهج الاستنباط من القرآن الكريم هذا هو ما سيتحدث عنه فضيلة الشيخ فهد وعندما نتحدث عن التفسير فإن التفسير استنباط وقد يكون جزءاً من التفسير استنباط. ما المقصود بالاستنباط؟ وما الفرق بين الاستنباط والتفسير؟ هل كل أحد له أن يستنبط من القرآن الكريم؟ هل هناك اشتراطات محددة في الشخص الذي يقوم بهذا الاستنباط؟ ماهي هذه الاشتراطات إذا كانت موجودة؟ كيف نعرف أن هذا المعنى المستنبط أيضاً صحيح أو أنه خطأ؟ ثم هل هناك من سبب أو أسباب يمكن بأن نقول أنها هي التي توقع في الخطأ في التفسير وبالتالي الخطأ في الاستنباط من كتاب الله عز وجل؟ هذا هو محور الحديث الذي سيدور في هذا الموضوع: " منهج الاستنباط من القرآن الكريم ". المقصود بالاستنباط يا شيخ فهد ماهو ياتُرى؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بداية أشكر إذاعة القرآن الكريم على إتاحة هذه الفرصة الكريمة للتعريف بهذا الموضوع الهام وهو منهج الاستنباط من القرآن الكريم.
أما الاستنباط فالمقصود به في اللغة هو: الاستخراج وقد ورد هذا المعنى في قوله جل وعلى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} يعني يستخرجونه وهذه مادة اللغة العربية وقد كانوا يطلقون على الماء الذي يخرج من البئر أول ما يخرج يقولون هذا نبط ثم استعملوا كل استخراج شيء خفي سموه استنباطا فإذا استخرج الإنسان شيئا خفيا سواءا كان محسوسا أو كان معنويا سموا هذا استنباطا ومن الأشياء المعنوية العلوم والفوائد فإنها تسمى استنباطا مع كونها غير محسوسة فإذاً هذا جاريا على المحسوس وغير المحسوس فالعرب كانت تسمي الاستنباط لجميع ما يستخرج لكن يشترط أن يكون شيئا خفيا أما الأشياء الظاهرة فلا تسمى استنباط هذا هو دلالة المعنى اللغوية.
أما الاستنباط عند إضافته للقرآن الكريم لما نقول الاستنباط من القرآن فيراد به " الكشف " يتغير للمعنى العرفي الاصطلاحي وهو: استخراج ما خفي من القرآن بطريق صحيح وإضافة الطريق الصحيح هنا المراد به الاستنباط المعتد به الذي عمله العلماء لأن هناك استخراج خفي من القرآن لكن بطريق غير صحيح فهذا لا يعد استنباطا ومنهجا صحيحا في الاستنباط كما هو عند بعض الفرق إذاً الاستنباط اصطلاحا هو:استخراج ماخفي من القرآن بطريق صحيح.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: الاستنباط والتفسير هل هناك بين اللفظتين تداخل وافتراق أم أنهما شيئا واحدا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: الفرق بين الاستنباط والتفسير من ناحية التعريف ومن ناحية التنظير هناك فرق كبير لكن من ناحية العمل المفسرون القدامى عليهم رحمة الله كانوا يدخلون الاستنباط داخل كتب التفسير وكانوا يستنبطون في أثناء عملية التفسير وهم يفسرون يستنبطون ويسمى هذا درس التفسير أو كتاب التفسير ففي القديم لم يكن هناك تفريق واضح مابين الاستنباط من ناحية العمل من ناحية التأليف إلا في بعض الكتب القليلة أما من ناحية التعريفات فهناك فرق كبير بين الاستنباط وبين التفسير.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: ماهو ياتُرى؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: أولا: من ناحية اللغة التفسير في اللغة هو: الكشف وأما الاستنباط فهو الاستخراج فهذا فرق كبير من ناحية اللغة وغالباً إذا كانت الكلمات مختلفة في اللغة تختلف من ناحية الاصطلاح.
ثانيا: أن التفسير اصطلاحا عند العلماء هو بيان المعنى. أما الاستنباط فهو استخراج الأشياء الخفية من المعنى.فهناك دلالات للآية ليست دلالات ظاهرة وهذا هو الاستنباط مثال ذلك هو قول الله عز وجل: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} تفسيرها:أن الله جل وعلا يأمرنا بإقامة الصلاة. هذا تفسير لأنه دلالة ظاهرة أن الأمر للوجوب هذا أمر ظاهر لكن لما نأتي ويأتي شخص ويقول: أن الله أمر بصيغة الجماعة قال " أَقِيمُواْ " فيستنبط من الواو حكم وجوب الجماعة هذا ليس تفسيراً هذا استنباط من هذه الآية لأنه حكم خفي ولذلك قلنا أن الخفاء أمر ملازم للاستنباط لاينفك عنه بخلاف التفسير قد يكون أمراً واضحا أي ظاهرا وقد يكون خفيا في بعض الألفاظ مثل " القرء " مثلا خفي لكن هنا " أقيموا الصلاة " أمر ظاهر من أيضا الفروقات أن الاستنباط دائما يحتاج إلى مشقة لا يكون الاستنباط بسهولة ولذلك أغلب الذين يعرفون الاستنباط يقولون فيه جهد ومشقة في بذل في استعمال العقل في استخراج الأحكام أما التفسير فقد يكون فيه مشقة في بيانه وقد يكون أمراً ظاهرا لما أقول {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} لايوجد مشقة في فهم هذا المعنى. لكن قد يوجد في آيات أخر شيء من المشقة فالمشقة ليست ملازمة للتفسير ولكنها ملازمة بالضرورة للاستنباط. وأخيرا وهذا أمر مهم أيضا أن الاستنباط لا يمكن أن ينقطع بل هو دائم إلى قيام الساعة ونظيره هو الاجتهاد عند أهل الأصول فإنه لاينقطع إلى قيام الساعة أما التفسير فإن تفسير المعاني بمعنى بيان المفردات قد استقر وانتهى ولا يمكن أن يأتي شخص ويقول أن مثلا لفظة " القرء " لها معنى جديد ثالث غير المعاني التي ذكرها العلماء فإذاً الاستنباط لا ينتهي إلى قيام الساعة وأما التفسير فقد استقر وعلم من جهة المفردات والمعاني وأسباب النزول وغير ذلك من الأمور هذه أهم الفروق.
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[24 Apr 2010, 09:16 م]ـ
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: لو أخذناها بخلاصة؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: والخلاصة أن أهم الفروق: أولا: من ناحية اللغة. ثانيا:من ناحية التعريف الاصطلاحي , لأن العلماء لم يعرفوهما تعريف واحد أبدا. ثالثا: أن الاستنباط يحتاج إلى مشقة وجهد أما التفسير فلا يحتاج. ورابعا:أن الاستنباط مستمر إلى قيام الساعة أما التفسير فقد استقر وانتهى ويمكن أن نضيف فرقا خامسا وهو: أن التفسير المصطلح عليه عند العلماء خاص بالقرآن فإذا وجدت كتاب كتاب التفسير يقصد به تفسير القرآن لكن الاستنباط يعمل به مع القرآن ومع الحديث ومع أقوال الأئمة ونصوصهم ويعمل به الآن مع القوانين يقال يستنبط من المادة الفلانية كذا وكذا فالاستنباط ينجر على غير القرآن فيعمل به مع القرآن ومع غيره هذه أهم الفروق.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: نطرح الآن لماذا نركز الحديث حول منهج الاستنباط من القرآن الكريم؟ إذ أن الاستنباط ليس هو التفسير فهذا أمر واضح تماما ولكن هل لكل واحد أن يستنبط من القرآن الكريم؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: لاشك أن التعامل مع القرآن إذا قلنا التعامل مع التفسير يحتاج إلى شروط فمن باب أولى أن الذي يستنبط لابد أن يكون له شروط ,لأن التفسير مرحلة أولى لعملية الاستنباط.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: هل يمكن للإنسان أن ينظر ويتأمل في القرآن؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: التدبر هذا أمر عادي أن يتدبر القرآن ويعمل بأوامر القرآن ونواهيه هذا لا شك أنه عام لجميع الناس. لكن لو لاحظت أن آية الاستنباط الواردة في سورة النساء جاءت بالحديث عن التدبر قال: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} ثم قال: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} وهم فئة قليلة وليسوا أكثرية في الأمة ولذلك لابد من شروط تضبط الاستنباط لأن الحالات الفردية قد يصيب شخص في معنى مستنبط لكنه قد يخطئ في معاني أخر فإذا لم يضع الشروط التي تحدد الاستنباط صار لكل أحد أن يتلاعب بمعاني القرآن الكريم.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: ماهي ياتُرى هذه الشروط التي يشترط أن تكون في من يستنبط من القرآن الكريم؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: أولى هذه الشروط: أن يعرف التفسير الصحيح للآية فلا يجوز لشخص أن يستنبط من القرآن إذا كان لايعرف التفسير. والآيات القرآنية على نوعين منها آيات ظاهرة وهذه لاتحتاج إلى معرفة تفسيرها لأن تفسيرها واضح مثل قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} إلى آخر الآية لكن هناك آيات خفية تحتاج إلى مراجعة كتب التفسير. فإذاً معرفة التفسير أمر مهم للاستنباط. ولذلك أضرب مثل:كان على عهد الصحابة رضوان الله عليهم قرأ قدامة بن مظعون قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُواْ إِذَا مَا اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّآمَنُواْ ثُمَّ اتَّقَواْ وَّأَحْسَنُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} لما قرأها قدامة رضي الله تعالى عنه هو من الصحابة ومن أهل التفسير ظن أن الآية للإباحة وأن من فعل هذه الأمور: اتقى وآمن وعمل صالحا وأحسن أنه ليس عليه بأس أن يأكل ويشرب مايراه فاستنبط من هذه الآية جواز شرب المسكر له لأنه من المؤمنين وممن آمن واتقى وعمل الصالحات وأحسن الذي نبه على الخطأ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وقد نص رضي الله عنه عمر على هذا السبب بذاته على التفسير قال له كما في الصحيح:إنك أخطأت التأويل يا قدامة والتأويل عند القدماء بمعنى التفسير فقد نبه عمر رضي الله عنه على أن الخطأ في التفسير قد قاد قدامة رضي الله عنه إلى الخطأ في الاستنباط.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: فهذا أثر واضح لزوم أن يكون المستنبط عنده القدرة على التفسير الصحيح أو لديه العلم بالتفسير الصحيح.
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: نعم والذي نبه على ذلك هو عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في بداية الإسلام وهذا نص ظاهر لا يحتاج إلى تأويل كلامه رضي الله عنه فهذا شرط مهم وهو معرفة التفسير الصحيح.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: هل من شروط أخرى؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: هناك شرط أيضاً مهم وهو صحة الاعتقاد و صحة الاعتقاد أهم مايشترط فيها أمران:
الأمر الأول: سلامة القصد أي أن يكون من يتعامل مع القرآن قصده صحيحا يعني لما يأتي إلى القرآن الكريم يقرأ القرآن بقصد الهداية لا بقصد نصرة مذهب على مذهب , أو بقصد بث الشبهات لأن الذي يدخل في القرآن الكريم بهذا القصد القصد الصحيح يفتح الله جل وعلا عليه المعاني.ولذلك دائما أهل الهوى وأهل الضلال لا يصلون دائما إلى حقائق القرآن لأنهم قد دخلوا إلى القرآن بطريق غير صحيح.
الأمر الثاني: المهم في صحة الاعتقاد هو:أن يكون سليما في مصادر التلقي المستنبط يكون يأخذ من المصادر الصحيحة للعقيدة يعني يقر أن القرآن يأخذ منه العقيدة ومن السنة ويقر بالعقيدة الصحيحة بالجملة أي لايبتدع مصدرا جديدا لأنه إذا ابتدع مصدراً جديداً فإنه سيأتي باستنباطات جديدة مثلا لو قال لنا شخص: أنا أضيف إلى مصادر التلقي عندي الإلهام والكشف فإذا أضاف الإلهام والكشف هنا فتح علينا باب جديد للاستنباط لايمكن أن نغلقه فإذا لم يقر أن هذا خطأ لايمكن أن تكون استنباطاته صحيحة وكذلك إذا حذف مصدرا معتبراً لو أن أحد الناس حذف السنة مثلا وقال أنا لا أقر بالسنة وأنا أؤمن بالقرآن فقط لأن القرآن يفسر بعضه بعضا ستصادم استنباطاته أحاديث صحيحة كثيرة فإذا لم يؤمن بهذه الأحاديث سيخرج استنباطات باطلة كثيرة وأذكر مثلا قوله تعالى: {وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ} هنا عدم صحة الاعتقاد عند المفسر قد تقوده إلى أنه يقول لا شفاعة في يوم القيامة لأنه يرد الأحاديث التي فيها الشفاعة فلا يأخذ بها وأيضا عندما يقرأ قوله تعالى: (لَن تَرَانِي) فيقول الله عز وجل لن يراني يوم القيامة والأحاديث الصحيحة الواردة في الرؤية يردها فإذاً هنا صحة الاعتقاد مهمة جدا في مصادر التلقي ويجب أن يؤمن بهذه النصوص وأن يقبلها في تقرير عقيدته.وننبه هنا إلى أنه ليس المراد بأن كل من خالف في مسألة من مسائل الاعتقاد يرد كل ما عنده أوأن تحرق كتبه مثلا لا هذا لا يقول به عقل. لأن كتب العلماء القديمة وإن كان يوجد بها بعض الأخطاء من ناحية العقيدة إلا أن فيها فوائد كثيرة في غير العقيدة , في الفقه وفي السلوك واللغة وغير ذلك فهذا لايعني لو ركزنا على صحة مصادر التلقي وصحة القصد وإن اختلف بعض الناس مع مذهب أهل السنة والجماعة لكن يستفاد من كتبهم في غير هذا الباب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[24 Apr 2010, 09:18 م]ـ
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: هنا ذكرتم من الشروط أن يكون المستنبط يعرف التفسير الصحيح للآية , الأمر الآخر صحة الاعتقاد وذكرتم لهذا فرعين: سلامة القصد وأيضا أن يكون سليما في مصادر التلقي. هل هناك شروط أخرى؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: نعم هناك شرط مهم وهو معرفة طرق الاستنباط لأن الطرق الصحيحة كما يقول الشاطبي فهي محصورة وأما طرق الضلال فهي كثيرة فلذلك لما يأتي الشخص ويتكلم في طرق الاستنباط هو يحدد الطرق الصحيحة وما عداها فهي طرق غير صحيحة ومسالك أهل الأهواء في الاستنباط كثيرة لكن أبرز الطرق التي يسلكها أولئك هي ثلاث مناهج:
المنهج الأول: المنهج الحرفي يتعامل مع النصوص بحرفية مطلقة أي يتعامل مع النصوص بطريقة حرفية لا يتعمق في النصوص ولا يفهم العلل ولايجمع النصوص ولايؤلف بينها , ولايحمل العام على الخاص ولا المطلق على المقيد وإنما يأخذ كل نص مثل الخوارج يقولون لا تحكيم {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ} لما قرؤا هذه الآية قالوا أنها تدل على أنه لا يجوز التحكيم في مسائل الدين ولو قرؤا آيات كثيرة في تحكيم الله عز وجل {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ} فإن الله عز وجل ذكر في آيات أخر وهذا من حكم الله فهم لما تعاملوا مع النصوص بطريقة حرفية لم يهتدوا إلى المعنى الصحيح.
كذلك المنهج الثاني الباطل: المنهج التأويلي و المنهج التأويلي الذي يؤول النصوص على غير مرادها يأتي إلى نص من القرآن الكريم ويؤوله على غير ما كانت تفهمه العرب فهذا منهج باطل وهو منهج منتشر كثيرا.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: طيب نضرب بمثال على التأويل الباطل.
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: التأويل مثلا لما يقرؤون قول الله عز وجل في آية الكرسي {اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ} يؤولون هذه الآية عن معناها الصحيح إلى معنى آخر يقولون: من ذل فعل مضارع , ذي يعني نفسه يشفع عند ربه. والآية أصلا {مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ} وهذا بعيد جدا فهذا تأويل باطل. وكذلك عندما يأتي شخص ويقول: " الخنس " في قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} يقول " الخنس " واردة في الإمام المهدي فمن أين أتوا بهذا المعنى؟ ولذلك في هذه المناهج لا يوجد ضابط هو فقط يذكر الآية ثم يذكر معناها عنده بلا أي ضابط.
المنهج الثالث الذي لايجب إتباعه هو المنهج الباطني وهو: أنهم يقولون أن لكل آية ظاهر وباطن أي أن الآية يقصد بها في الظاهر معنى ويقصد بها في الباطن معنى آخر , مثل:الحج يقصد به في الظاهر حج مكة وفي الباطن الحج إلى أئمتهم مثلا و " الخنس " يقصد بها في الظاهر النجوم وفي الباطن الإمام المهدي وهكذا كل شيء يقصد به في الظاهر كذا وفي الباطن كذا.
وهذا المنهج لايوجد ما يقر هذا المنهج وإن ورد في بعض الأحاديث أن للقرآن ظاهرا وباطنا إلا أنه ليس المقصود به هذا الشيء وإنما المراد أن للآيات معاني ظاهرة ولها معاني باطنة.
وأنا أضرب مثال في عدم معرفة الطرق الصحيحة مثلا قوله تعالى {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} هذا في أيوب عليه السلام قال بعض الصوفية: اركض برجلك يستنبط منها جواز الرقص.لما نأتي إلى هذه المعنى ما الرابط بين الآية وبين الرقص؟ ولذلك ابن عقيل نقل عنه ابن الجوزي رحمه الله قال: أين الدلالة في رجل قد ابتلى وهو أيوب أمر بضرب الرجل لينبع الماء فيشفى , من أن ضرب الرجل فرحا ورقصا فلو جاز هذا لجاز أن نضرب الجماد كما في قصة موسى عندما ضرب الحجر {أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ} فنحن نضرب الحجر اقتداء بموسى فهذا لا يقول به عاقل وقال ابن الجوزي وهذا احتجاج بارد لهؤلاء فإذا مثل هذه الاستنباطات الذي دعاهم إليها أنهم لا يعرفون الطرق الصحيحة.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: إذاً ماهي الطرق الصحيحة ياشيخ؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: الطرق الصحيحة كثيرة جدا لكن أنا أذكر منها طبعا هناك طرق ذكرها أهل أصول الفقه الدلالات التي يذكرها أهل الأصول منها دلالة الإشارة ودلالة الاقتضاء ودلالة التضمن لكن أذكر دلالة مهمة جدا لايذكرها أهل أصول الفقه ويستطيع أي إنسان يقرأها أن يتعامل معها وهي " أسلوب القران " فالقرآن كلام الله عز وجل له أسلوب خاص به وهذا الأسلوب يستنبط منه الفقهاء والمفسرون وغيرهم آدابا كثيرة والشاطبي رحمه الله في الموافقات عقد له فصلا وذكر أقوال كثيرة منها.مثال القرآن من أسلوبه أنه إذا ذكر قصة أو إذا ذكر أقوالا فإذا سكت عن قول أو عن قصة فمعناها أنها صحيحة أي أن القصة صحيحة وإذا ردها فمعناها أنها باطلة فسكوت القرآن وإقراره يدل على أن ذلك الأمر صحيح مثاله: في سورة الكهف الله يقول: {سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ} ثم قال {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} ثم أكمل الآية ولم يرد على القول الثاني مما يدل على أنه صحيح فإذا القرآن له هذا المنهج فمعرفة أسلوب القرآن إذا عرف الإنسان هذه القاعدة فإذا جاءت في موضع آخر فإنه سيعرفها مثل {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} فهل كذبهم القرآن؟ لا لم يكذبهم إذا كلامهم صحيح هذا هو سبب دخولهم النار وهكذا غيرها من القصص.كما أن من أسلوب القرآن أيضا أنه يكني في المواضع التي يستحيا منها مثال: {كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ} فهم بشر إذا أكلوا الطعام فإنهم يحتاجون إلى إخراجه لكن هذا لا يذكره القرآن فهو معروف بالضرورة وأيضا {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} ولم يذكر الحادثة التي وقعت من وجود القمل في الرأس وغير ذلك بل يذكر كلمة أذى , فهذا أسلوب جميل ورائع ينبغي للناس أن يقتدوا به.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[24 Apr 2010, 09:19 م]ـ
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: هذا أمر مهم حقيقة ياشيخ. هل هناك مواضع يمكن لطالب العلم وكل من أراد أن يرجع إلى أسلوب القرآن الكريم ويتعرف على هذه القواعد العامة في هذا الأسلوب يعني هل استنبط أحد من أهل العلم قواعد لهذا الأسلوب أو معالم لهذا الأسلوب؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: من أقدم من تكلم على هذا الإمام الشاطبي في الموافقات ذكر فصلا في هذا الموضوع في الاستنباط بأسلوب القرآن وقد ذكر أن طريقة الاستنباط من هذا تعود إلى الاقتداء بأفعال الله عز وجل فإن الله إذا فعل هذا الأمر ويكني ينبغي لنا أن نستفيد من هذا ونكني نحن في المواضع الاستحياء ومن المعاصرين الكثير ممن تكلم عن أسلوب القرآن هناك كتاب يعتبر موسوعة اسمه " دراسات في أسلوب القرآن " وكتب كثيرة تعنون باسم أسلوب القرآن توجد في المكتبات وفيها فوائد كثيرة.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: أنتم تتحدثون ياشيخ عن الشروط التي ينبغي للشخص أن يكون ملما بها حتى يكون من أهل الاستنباط ذكرت معرفة التفسير الصحيح وصحة الاعتقاد ومعرفة طرق الاستنباط قد ذكرتم مجموعة من الطرق هل هناك إضافة؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: يبقى معنا شرط أخير وهو العلم باللغة العربية فالقرآن نزل بلغة العرب فلا يمكن أن يفهم القرآن بغير هذه اللغة وقد ذكر الأئمة اشتراط هذا الأمر وقد ذكر مجاهد:أنه لايحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في القرآن مالم يكن عالما بلغة العرب.
لكن ليس المعنى أن الإنسان عندما يأتي إلى القرآن ويستنبط منه أن يكون عالما بجميع الموسوعات ليس هذا هو المراد لكن المراد أن يستطيع معرفة كلام العرب في هذه الآية أي يكون عنده أهلية ويستطيع فهم هذا الشيء ويصل إلى كتب المفردات وكتب المعاني ويستخرج المعنى وأنا أذكر مثال يدل على أهمية هذا الشرط يقول الله عزوجل: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} كلام العرب الذي يقرأ كلام العرب يعرف أن المعنى انكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى أو ثلاث أو رباع لكن الذي لا يفهم كلام العرب استنبط بعض الفرق جواز جمع هذه الأرقام أيجمع مثنى وثلاث تصبح خمس وأربع تصبح تسع وقالوا:يجوز أن يتزوج الإنسان بتسع حرائر لأننا نجمع وعادة العرب أنهم لايجمعون بهذه الطريقة وهذه الصيغة فوقعوا في الخطأ لعدم معرفتهم باللغة وكلام العرب وهناك أمثلة حتى في الاعتقاد في أدلة الوعيد التي استدل بها بعض الفرق على خلود العاصي في النار سبب ذلك أنهم لم يفهموا أن اختلاف الوعيد إحسان وهذه عادة العرب.
شكر الله لكم فضيلة الشيخ فهد بن مبارك الوهبي على ما تفضلتم به في هذا الموضوع " منهج الاستنباط من القرآن الكريم " حيث تحدثتم حفظكم الله حول المقصود بالاستنباط ما معنى الاستنباط، والفرق بين الاستنباط والتفسير واتضح لنا أن الاستنباط هو الكشف عن المعاني الخفية والتفسير هو معرفة دلالة اللفظ ومعناه أيضا، بينتم الشروط الواجبة للمستنبط من كتاب الله وذكرتم من ذلك معرفة التفسير الصحيح وصحة الاعتقاد، ومعرفة طرق الاستنباط، وقد ذكرتم بعض الطرق الباطلة وبعض الطرق الصحيحة، ثم أهمية المعرفة باللغة العربية لتكون مدخل من مداخل الاستنباط الحديث. حقيقة يحتاج إلى المزيد من الشرح والتوضيح لقضايا أخرى في الاستنباط كيف نعرف أن المستنبط صحيح أم غير صحيح كل هذا نؤجله إلى حلقة مقبلة بإذن الله لنحظى بلقاء آخر مع فضيلة الشيخ فهد بن مبارك الوهبي عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة ليتحدث عن هذا الموضوع شكر الله لكم يا شيخ فهد وجوزيتم عنا خيرا، نلقاكم بإذن الله على خير وأنتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[24 Apr 2010, 09:21 م]ـ
تفريغ الحلقةالأولى،،، من تفريغ الأخت الفاضلة: سارة. فلاتنسوها من صالح الدعاء.
&&&
ختاما:
فما كان من خير وصواب فمن الله، وما كان من خطأ فمن أنفسنا والشيطان.
&&&
ومضة "
(يُتْبَعُ)
(/)
أمر الله عباده أن يختموا الأعمال الصالحات بالاستغفار، فكان صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة يستغفر ثلاثاً، وقد قال تعالى {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} آل عمران17. فأمرهم أن يقوموا بالليل ويستغفروا بالأسحار، وكذلك ختم سورة " المزمل " وهي سورة قيام الليل بقوله تعالى: وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} المزمل20.
(يتبع الحلقة الثانية)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[25 Apr 2010, 01:52 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا أخت فجر الأمة والشكر موصول للأخت سارة وفقكما الله وسددكما ...
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[29 Apr 2010, 04:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
برنامج: الدراسات القرآنية على إذاعة القرآن الكريم
بعنوان: " منهج الاستنباط من القرآن الكريم (2) "
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل:بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد: فمرحباً بكم أيها الإخوة المستمعون الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. حييتم أهلا وسهلا. أرحب بكم كما أرحب بضيفي لهذا اللقاء فضيلة الشيخ: فهد بن مبارك الوهبي عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة فمرحبا بكم فضيلة الشيخ.
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: حياكم الله.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: حديثنا ممتد أيها الإخوة في حلقة مضت كان فضيلة الشيخ فهد ضيف لهذا البرنامج وقد تحدث عن منهج الاستنباط من القرآن الكريم تحدث فضيلته عن المقصود من الاستنباط والفرق بين الاستنباط والتفسير وأيضاً هل لكل أحد أن يستنبط من القرآن الكريم ثم الشروط التي ينبغي أن تتوفر لمن يستنبط من كتاب الله. في هذا اللقاء لعلنا نستعرض مع فضيلة الشيخ كيف نعرف أن هذا الاستنباط صحيح أم غير صحيح وأيضاً ماهي الأسباب التي تؤدي إلى الخطأ في الاستنباط وغير ذلك من الأمور التي تتعلق بموضوع منهج الاستنباط من القرآن الكريم. لكن في البداية ياشيخ لنربط الإخوة المستمعين الكرام الذين لم يكونوا معنا في اللقاء الماضي ولو بإيجاز الفرق بين الاستنباط والتفسير هل هناك فرق؟ عندما نتكلم نقول استنباط هل هو معنى التفسير أو شيء آخر؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
سبق أن نذكرنا أن الاستنباط شيء غير التفسير وأن الاستنباط من ناحية الاصطلاح يختلف تماما عن التفسير فالتفسير هو بيان المعاني وكشف مراد الله جل وعلا من القرآن وأما الاستنباط فهو استخراج المعاني الخفية من القرآن الكريم هذه أهم الفروق بين التفسير والاستنباط.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: هنا يقودنا الحديث إلى " المعنى المستنبط " توفرت لدى المستنبط هذه الشروط التي ذكرتموها ثم استنبط معنى من المعاني في كتاب الله هل هناك شروط للمعنى المستنبط نحكم من خلالها أن هذا المعنى صحيح أو أن هذا المعنى خطأ؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: نعم بعد أن يستنبط الشخص المعنى لابد أن يعرضه على شروط المعنى المستنبط حتى تكون هذه الشروط هي التي تقوم المعنى لأنه قد يكون الشخص أهلا للاستنباط لكنه لم يوفق للمعنى لجهله مثلا بحديث معين يعارض هذا المعنى أو غير ذلك من الأسباب فهناك شروط كثيرة أهمها ثلاثة شروط:الشرط الأول/ أن يكون هذا الاستنباط سليما من معارض شرعي راجح ونحن نقول من معارض شرعي راجح لأن المعارض قد يكون مرجوحا فإذا كان المعارض مرجوحا فالاستنباط صحيح ومثال المعارض المرجوح لما يستنبط المعتزلة مثلا لما نحن نستنبط من آية معينه الرؤية رؤية الله عز وجل {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} يستنبط أهل السنة منها أنه جل وعلا يرى يوم القيامة لأنه لما منع أعدائه من الرؤية دل ذلك بمفهوم المخالفة أن أوليائه يرونه ولو لم يكن كذلك لما صح هذا العقاب إذا كان كلهم لايرونه فلا فرق بين المؤمنين وغير المؤمنين. لما يأتي شخص من المعتزلة مثلا ويعارض هذا الاستنباط بقوله تعالى (لَن تَرَانِي) فيقول أنا أعارضك بدليل قوله جل وعلا (لَن تَرَانِي) هل هذا المعارض راجح أو مرجوح؟ مرجوح لأن هذه الدلالة أصلا ليست صحيحة بل هي معارضة بأحاديث كثيرة تدل على الرؤية فإذاً نحن قلنا سلامته من
(يُتْبَعُ)
(/)
معارض شرعي راجح والمثال للمعارض الراجح لما جاء بعض الناس واستنبط من قوله تعالى {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ} استنبط منها عقيدة التناسخ. الله عز وجل الآن يتحدث عن من؟ يتحدث عن الأمم السابقة من بني إسرائيل وقال للمعاصرين من اليهود والنصارى {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ} من أهل الكتاب اليهود فكأن جاء شخص وقال إذاً مادام الخطاب موجه للمعاصرين فإذاً هم نفسهم المتقدمين فإذاً هناك تناسخ للأرواح انتقلت من الأولين إلى الآخرين.فهذه العقيدة عقيدة فاسدة وباطلة ومعارضة للنصوص الصريحة فإذاً هذا لا يمكن أن يقبل لأنه معارض للنصوص الكثيرة الدالة على البعث والقيامة وهي أصل من أصول الإيمان.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل:كأن كلمة معارض مرجوح أو معارض راجح إذا قلنا مرجوح كأن فيه تخفيف وقد يكون المعارض أصلا باطل ليس فقط مرجوحا كأن لفظة مرجوح تخفيف؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: تخفيف نعم قد يكون المعارض ظاهر البطلان وقد يكون لا يرقى إلى كونه معارض راجحا لكن هناك حالة أو حالتان باقية إذا كان المعارض مساوي أو إذا كان لا يوجد معارض ولا موافق هاتان حالتان أخرى غير الحالتين السابقتين إذا لم يوجد معارض ولا موافق فالاستنباط صحيح مثاله قوله عز وجل {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} هذه الآية استدل بها كثير من العلماء على تحريم الاستمناء هل جاء في القرآن أو في السنة ما يؤيد هذا المعنى؟ لم يأتي. هل جاء ما يعارضه؟ لم يأتي. فإذن حكم هذا الاستنباط صحيح لأننا لو قلنا أنه يشترط في الاستنباط أن يأتي ما يؤيده لما كان للاستنباط فائدة فالاستنباط دليل في حد ذاته ولو لم يأتي ما يوافقه.أما الحالة الثالثة:وهي أن يكون المعارض مساويا فما الحكم هنا؟ الحكم هنا أن ننتقل إلى مرجحات خارجية ومثالها مثلاً الخلاف الواقع بين العلماء في مسألة هل الأفضل صالحي البشر أو الملائكة الأدلة المتعارضة وليس هناك راجح ولا مرجوح هي متساوية ففي هذه الحالة يتوقف الإنسان في مثل هذه المسألة أو يبحث عن المرجحات الخارجية وقد توقف كثير من العلماء عند هذه المسألة وقالوا هذه المسألة لا يوجد فيها ما يعارض أو ما يوافق هذه تقريبا معنى الشرط سلامته من معارض شرعي راجح فإذا وجد المعارض الشرعي الراجح فالاستنباط غير صحيح وذكرنا أمثلة ومن الأمثلة أيضا قوله جل وعلا {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} استنبط منها بعضهم أن الله عز وجل عاقبهم لأنهم طلبوا ما لا يجوز وهو الرؤية فقالوا إذن نحن نستنبط من هذا الآية أن الله لا يرى هل هذا الاستنباط معارض أو غير معارض؟ معارض. وهل المعارض راجح أو مرجوح؟ راجح لأن الآية لم تدل نصا على أن الله لا يرى ولكن المعنى المأخوذ منها معارض لنصوص الصحيحين (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون أو لا تضارون في رؤيته).
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[29 Apr 2010, 04:54 م]ـ
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: إذاً هذا من حيث سلامته من معارض شرعي _ طبعاً الحديث معارض شرعي راجح _ كلامكم حفظكم الله حول شروط المعنى المستنبط لهذا المعنى المستنبط شروط حتى نقول بصحة هذا المعنى أول هذه الشروط أن يسلم من المعارض الشرعي الراجح. هل هناك شروط أخرى؟.
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: هناك شرط ثاني/ وهو أن يكون هذا المعنى المستنبط مرتبطا بالنص فإذا لم يوجد دلالة لفظية بين المعنى وبين النص لا يكون هذا المعنى صحيحا وإن كان في ذاته صحيحا كيف في ذاته صحيحا؟ أبسط الأمثلة لو جاء شخص وقال الله يقول {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} استنبط منها وجوب الزكاة هل لما نقول أن هذا الاستنباط خطأ من هذه الآية هل نحن نبطل الزكاة؟ لا. نحن نقول ارتباطه بهذه الآية غير صحيح وبالتالي لا يمكن أن نقول أن هذا استنباط قرآني من هذه الآية وقد شدد بعض العلماء حتى شيخ الإسلام يقول أن من يربط المعنى باللفظ بدون رابط هذا افتراء على الله جل وعلا وهذا
(يُتْبَعُ)
(/)
يبين خطورة الاستنباط وأنه لا يدخل فيه أي أحد لا بد أن يكون شخصاً عالماً وعنده معرفة بطرق الاستنباط. فإذن لا بد من الارتباط مثال الارتباط أن يكون دلالة من دلالات أهل الأصول مثلا أو قاعدة من قواعد القرآن يقول الله عز وجل {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} لما نحن نستنبط رؤية الله عز وجل من هذه الآية هل هناك ارتباط أو لا يوجد؟ يوجد. الارتباط هو مفهوم المخالفة يعني {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} هؤلاء.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: وهناك من هم ليسوا محجوبون.
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: يرون الله عز وجل فإذن هنا يوجد الارتباط فإذا لم يوجد الارتباط لا يكون الاستنباط استنباطاً قرآنياً بمعنى الاستنباط اللفظي وإنما يكون قد يكون أحياناً قياس على معاني القرآن الكريم مثال القياس لما يأتي شخص ويقول {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} هذه الآية تتكلم عن اللوح المحفوظ أو عن القرآن؟ سيقول كما أن القرآن لا يمسه إلا المطهرون فإن معانيه لا يصل إليها إلا أهل القلوب الطاهرة هل هذا استنباط من القرآن الكريم؟ هذا قياس على معاني القرآن الكريم وفرق بين القياس وبين الاستنباط القياس مثل قياس أهل الفقه و أصول الفقه و الاستنباط لابد أن يكون ارتباطاً لفظياً هذا الشرط الثاني من شروط المعنى المستنبط.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: هناك ممكن تأتي أراء حول آية من الآيات أو كذا هل الرأي له مجال في مسألة الاستنباط أو لا؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: نعم الاستنباط كله قائم على الرأي وعلى إعمال العقل.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: لكن الرأي مرتبط بآية وله شروطه؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: بدون شك بهذه الشروط وبهذه الضوابط التي ذكرناها إذا كان الرأي مجرد عن هذه الضوابط فهو غير صحيح أما إذا كان داخل هذه الضوابط فهو رأي مقبول والاستنباط كله قائم على جهد الذهن وإعماله في استخراج الأحكام الخفية من القرآن الكريم.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: يعني إذاً ممكن أن نقول أن الشروط في المعنى الصحيح أن يكون سليماً من المعارض الشرعي الراجح وأن يكون مرتبطاً بالنص والثالث؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: الشرط الثالث/ من شروط المعنى الصحيح أن يكون مما للرأي فيه مجال يعني لا يأتي شخص ويستنبط في أمر لا يصل إليه الإنسان من أمور الغيب مثلا لو جاء شخص وقال أنا استنبط من عدي أحرف سورة ما متى تقوم الساعة أو يقول مثلا أنا استنبطت من سورة معينة متى تسقط الدولة الفلانية هذا في علم الغيب مثل ما حدث في استنباطات متى تسقط دولة إسرائيل ومتى يقع كذا هذه لا يمكن أن تدخل في الاستنباط القرآني الصحيح لأنه لا يمكن للعقل أن يصل إلى هذا الأمر فالله عز وجل قال {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً} مثال قديم وقع فيه اليهود اليهود حاولوا أن يصلوا إلى عمر هذه الأمة عن طريق الأحرف المقطعة فجاءوا حسبوا {الم} عن طريق حساب الجمل وحسبوا {كهيعص} وحسبوا حتى يصلوا متى تسقط هذه الأمة ومتى تنتهي لذلك هذا الاستنباط لا يكون صحيحا لأنه في أمر الغيب وكل استنباط وقع في أمر الغيب فإنه يرد على صاحبه ولا يقبل.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: مادمنا نتكلم عن مالرأي فيه مجال وسلامة المعنى المستنبط وأن له شروطاً حتى نحكم بسلامته هذا يقودنا على الخطأ في الاستنباط أسبابه ياتُرى ماهي؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: أسباب الخطأ في الاستنباط:كثيرة لكن أهمها أولا/ الانحراف في التفسير أو الخطأ في التفسير فإذا أخطأ الإنسان في التفسير فإنه بلا شك سيخطئ في الاستنباط مثال ذلك لما جاء بعض ناس وفسروا قوله تعالى {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} قالوا اليقين بمعنى المرتبة التي يصل إليها الإنسان مرتبة اليقين قالوا فإذا وصل الإنسان لمرتبة اليقين تسقط عنه العبادات الآن هم أخطئوا في التفسير فينبني على ذلك الخطأ في الاستنباط. ومثال ذلك أيضا لما قالوا في قوله تعالى {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ} قالوا ملكك إذا عذبت عذبت من شئت و جوزوا بناء على ذلك تعذيب المؤمنين هذا لا يكون صحيح لأن التفسير أيضا غير صحيح.
السبب الثاني / الانحراف في العقيدة وقد ذكرنا أن من الشروط صحة الاعتقاد فإذا كان المفسر عنده خطأ في العقيدة فإنه يترتب عليه خطأ في التفسير في تفسير آيات الاعتقاد والاستدلال بها على عقيدته التي يعتقد بها فنحذر عندما نقرأ في كتب التفسير لغير المؤلفين من أهل السنة والجماعة في هذا الباب في باب الاعتقاد نحذر من الوقوع في تلك الأخطاء ولذلك بعض المؤلفين من كبار المفسرين مثل الزمخشري عفا الله عنه يستخرج كثير من العلماء أخطائه بجهد وبمشقة لأنه يستنبط استنباطات دقيقة جدا وتدل على أن للاعتقاد أثره في هذه الاستنباطات مع وضوح النصوص المعارضة قد تكون النصوص في الصحيحين وترد لأجل عقيدته التي يؤمن بها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[29 Apr 2010, 04:55 م]ـ
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: بالمناسبة هل جمعت هذه الأخطاء في تفسير الزمخشري؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: كثير الذين ذكروا حواشي على الزمخشري وهي مطبوعة مع الزمخشري حواشي الزمخشري ونبهوا على أخطائه.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: تحدثنا عن سببين من أسباب الخطأ في الاستنباط: الانحراف في التفسير وبالتالي يقود إلى الخطأ في الاستنباط. أيضاً الانحراف في العقيدة وأن هذا مؤثر لأن المفسر أوالمستنبط وهو ينطلق من معتقد وبالتالي ربما ينوي هذا الاستنباط حتى يكيفه على معتقده. هل هناك أسباب أخرى للخطأ؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: من الأسباب أيضا الخطأ في فهم باطن القرآن هناك بعض النصوص التي قد يحسنها بعض العلماء التي تدل على أن للقرآن ظهرا وبطنا فتفسير هذه النصوص إذا كان تفسيراً خاطئاً ينبني عليه خطأ في الاستنباط فبعضهم يرى أن الآيات التي جاءت في القرآن لها ظواهر يفهمها عامة الناس ولها بواطن تدل على اعتقاداتهم مثل ماذكرنا في الحلقة الماضية في قول الله جل وعلا {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} قالوا الخنس تأويلها الظاهر هو النجوم وتأويلها الباطن هو الإمام المهدي فهذا التأويل خطأ في فهم معنى باطن القرآن ليس المراد بالباطن هو الوصول إلى هذه المعاني التي لم يفهمها العرب وإنما الباطن قد ذكر العلماء معنى الباطن أن هناك دلالات خفية للقرآن الكريم يصل إليها بعض العلماء هذا من أسباب الخطأ أيضا.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: عندنا ثلاثة الآن الإنحراف في التفسير، الإنحراف في العقيدة، والخطأ في فهم باطن القرآن الكريم هل هناك أسباب أخرى؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: الرابع: هو تقديم العقلي على النقلي وهذا شبيه بتقديم العقيدة أو الاعتقاد على النص فإذا جاء أحد المفسرين أو أحد المستنبطين وهو يقدم عقله على النقل فسيقع في أخطاء لأنه قد يصطدم النقل بما يعتقده هو أو بما يراه من العقل مثال ذلك جاء بعضهم عند قوله جل وعلا {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ} قال هو باستنباطه أنه يحرم الزواج من الثانية والثالثة والرابعة وقال لأن العقل يقول أنه لا يوجد عدل فإذا لم يوجد العدل فإننا لا نجيز الزواج من الثانية والثالثة والرابعة فهنا قدم العقل على دلالة الأحاديث الكثيرة الواردة في الجواز والنصوص أيضا التي تدل على الجواز فتقديم العقل خطير في التعامل مع النصوص وإنما يجب أن يكون تابعاً للنصوص.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: يقول الله تعالى ياشيخ فهد {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} وفي آية أخرى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} هل يشمل القرآن جميع الأشياء جميع أنواع الاستنباط بمعنى أنه يمكن للإنسان أن يستنبط من القرآن كل ما يريد من أمور هذه الحياة مثلا يقرأ القرآن ويستنبط مثلا الأحداث العالمية الحالية وهناك من يستنبط الأمور التربوية يعني جوانب متعددة وكثيرة يعني الكلام في هذا لو ذكرتموه بطرح علمي جزاكم الله خيرا؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: شمولية القرآن الله جل وعلا قد أشار إلى هذا الموضوع في قوله تعالى {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} وفي قوله تعالى {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} على القول بأن الكتاب هنا هو القرآن لكن أصل المسألة هل القرآن بذاته بدون رجوع إلى غيره من الأدلة يشمل كل شيء أو لابد من الرجوع إلى الأدلة الأخرى فإذا قلنا عن القسم الأول الذين يقولون أن القرآن شامل لكل شيء بدون رجوع إلى السنة وبدون رجوع إلى الإجماع وبدون رجوع إلى مصادر أخرى فهذا لاشك أنه خطأ بل إنه حتى في مسائل الدين لابد من الرجوع إلى غيره من السنة و إلى غير ذلك من الأدلة وقد أشار القرآن إلى ذلك {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُو} و أشار النبي عليه الصلاة والسلام أيضاً إلى هذا الموضوع قال عليه الصلاة والسلام (هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه حلالا استحللناه وما وجدنا فيه حراما حرمناه
(يُتْبَعُ)
(/)
وإنما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله) فإذاً الذين يقتصرون على القرآن فقط هؤلاء مخطئون إذا لم يرجعوا إلى غيره من الأدلة والمفسرون جميع المفسرين إلا قليل منهم قالوا أن هذه الآية {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} مراد بها الخصوص عامة مراد بها الخصوص والمراد {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ} من أمور الدين فما تحتاجونه من أمور الدين سيدلكم عليه هذا الكتاب إما دلالة أصلية موجودة في القرآن كحكم الصلاة مثلاً و إما دلالة إلى غيره من الأدلة كالدلالة إلى السنة في قوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} أو الدلالة إلى الإجماع في قوله تعالى {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} دلنا على الإجماع على حجية الإجماع. فإذاً القرآن بذاته أو بغيره من الأدلة الأخرى يدلنا على كل شيء من أمور الدين وما يحتاجونه الناس من أمور الدنيا في معاملاتهم بلاشك موجودة في القرآن لكن إدخال العلوم العصرية وعلوم الطبيعة كلها وغيرها هذا لا يمكن أن يقول به أحد ولم أجد أحد من العلماء من صرح بأن القرآن فيه كل شيء إلا رجل واحد وهو من علماء الشافعية وهو اسمه مرسي وهذا العالم ذكر عنه السيوطي أنه يقول أن القرآن فيه كل شيء لكن لما جاء يمثل من أمثلته اتضح لي أن معنى كلامه أن فيه إشارات وليس فيه احتواء يعني فيه إشارات لعلوم الفلك ذكر بعض الأشياء في علوم الفلك فيه إشارات لعلوم الزراعة ذكر بعض الأمور هذا لاشك فيه فيه إشارات لكنه لا يحتوي كل هذا العلم لا نقول أن جميع علوم الأحياء موجود في القرآن و علوم الكيمياء وعلوم الطبيعة في القرآن هذا لا يقول به أحد ولا يمكن أن يقع في القرآن إذا كانت مسائل الدين لا توجد بالتفصيل إلا أن هذا الكتاب كتاب خالد ومن صفاته أنه يكون كلي وليس تفصيلي وهذه من خصائص القرآن بلاشك وهو معروف عند العلماء.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: لنختم شيخ فهد بأنواع الاستنباط يعني لابد بعد هذا الحديث الطويل عن منهج الاستنباط من القرآن الكريم أن هناك أنواع باعتبارات متعددة. تُرى ماهي هذه الأنواع؟
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: يمكن اختصار هذا أن الاستنباط يتنوع بحسب اعتبارات الاعتبار الأول باعتبار الصحة والبطلان فهناك استنباطات صحيحة وهناك استنباطات باطله الاستنباط الصحيح أن يكون ارتباطه صحيح بالقرآن الكريم وألا يوجد معارض راجح له مثال ما ذكره الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في قوله تعالى {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} قال يستنبط منها أن العبادات تؤخذ من النصوص فهي توقيفيه لأنها لو كانت اجتهادية لما دعاء إبراهيم عليه السلام ربه أن يهديه للمناسك فهذا يدل على أنها توقيفيه وهناك الاستنباط الباطل وقد ذكرنا أمثلة كثيرة فيما سبق عليها. الاعتبار الثاني الاستنباط من نص واحد أو من مجموع نصين النص الواحد أمثلته ما سبقت وأما مجموع نصين فهذه يسميها ابن القيم دلالة التركيب يعني تركيب النصوص وهي من أدق أنواع الدلالة فيأتي المستنبط إلى آية و يستنبط منها معنى ثم يأتي إلى آية أخرى ويستنبط منها معنى ويركب المعنيين فيخرج معنى ثالثا مثل قوله جل وعلا {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً} وقوله جل وعلا {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} فإذا خصمنا الحمل الحولين من الثلاثين يتبقى ستة أشهر هي أقل مدة الحمل فإذاً آيتين استخرج منهما معنى ثالث جديد مثل {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} هذه تدل على أن القرآن أنزل في ليلة القدر ثم جاء أن ليلة القدر {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} أن ليلة القدر في رمضان فإذاً القرآن أنزل في رمضان ولم ينزل في غيره من الأشهر. أيضا يتنوع الاستنباط باعتبار موضوعه إلى استنباط عقدي يعني في باب العقيدة وقد ذكرنا أمثلة كثيرة مثل قوله جل وعلا {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ} استنبط منها الشيخ
(يُتْبَعُ)
(/)
السعدي رجمه الله أنه يجوز الاستعانة بالمخلوق فيما يستطيعه لأن يوسف عليه السلام طلب من هذا الذي ظن أنه ناج طلب منه طلب وهذا الطلب يؤول إلى أنه استعان به وهذا جائز في شريعتنا والثاني أن يكون استنباطا من باب الفقه ومثاله قوله تعالى {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا} استنبط منها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أنه يجوز منع المساجد لمصلحة لأن الآية تقول {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} فالذي يمنعها لمصلحة كتغيير فرش مثلاً أو الترميم أوغير ذلك فهذا لم يمنعها عن ذكر الله وإنما منعها ليحسنها فهذا لا بأس بها كذلك هناك استنباطات أصولية في أصول الفقه مثل قوله جل وعلا {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} استنبط منها الإمام الشافعي رحمه الله حجية الإجماع وكثير من العلماء.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: أحسن الله إليكم شيخ فهد ماتفضلتم به ولعلنا نختم هنا لأن الوقت ينتهي إلى هذا الحد. ضيفنا مستمعينا الكرام هو الشيخ فهد بن مبارك الوهبي تحدث عن منهج الاستنباط من القرآن الكريم خلال حلقتين الحلقة الماضية وهذه الحلقة ذكر فيهما معنى الاستنباط ثم الحديث عن الفرق بين الاستنباط والتفسير والفروق بين كلٍ منهما وأن لكلٍ منهما معنى ثم أيضاً شروط الشخص الذي يستنبط من كتاب الله وذكرنا منها معرفة التفسير الصحيح وصحة الاعتقاد ومعرفة طرق الاستنباط والعلم باللغة العربية ثم أيضاً شروط المعنى المستنبط نفسه من سلامته من معارض شرعي راجح وأهمية أن يرتبط بالنص وأن يكون فيما للرأي فيه مجال ثم ختم بالحديث حول أسباب الخطأ في الاستنباط من الانحراف في التفسير أولاً ثم الانحراف في عقيدة الذي يستنبط فيترتب عليه الخطأ في استنباطه أو الخطأ في فهم القرآن الكريم وتقديم العقل على النقل ثم كان حديثاً أيضاً آخر عن أنواع الاستنباط وقد ذكر في ذلك مجموع من الفوائد. شكر الله لفضيلة الشيخ فهد بن مبارك الوهبي عضو هيئة التدريس بجامعة طيبة جزيتم عنا خيرا شيخ فهد.
الشيخ الدكتور / فهد بن مبارك الوهبي: جزاكم الله خير.
الدكتور / يوسف بن صالح العقيل: شكراً لكم أنتم مستمعينا الكرام على متابعتكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
&&&&
الحلقة الثانية،،، من تفريغ " أخت في الله " فلاتنسوها من صالح الدعاء.
&&&&
" ومضة "
" اللهم إنا نسألك علماً نافعاً وعملاً صالحاً متقبلاً "
" فجر الأمة "
&&&&
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[29 Apr 2010, 05:04 م]ـ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فهد الوهبي http://www.tafsir.net/vb/styletafsir/buttons/viewpost.gif (http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=100958#post100958)
جزاك الله خيراً يا أخت فجر الأمة والشكر موصول للأخت سارة وفقكما الله وسددكما ...
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل،،، وتقبل ربي دعائكم.
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[30 Apr 2010, 10:24 م]ـ
التفريغ في المرفقات
" ومضة "
{لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} الحشر8. " والصادقون في هذه الآية الذين جمعوا بين صدق اللسان، وصدق الأفعال، لأن أفعالهم في أمر هجرتهم إنما كانت وفق أقوالهم ".
ابن عطية
المحرر الوجيز 5/ 261
ـ[عبير ال جعال]ــــــــ[30 Apr 2010, 10:52 م]ـ
أسعد الله سعادة الدارين ونفع بكم الأسلام والمسلمين(/)
صدور طبعة ثانية لـ ((المنتقى في تهذيب تفسير ابن كثير))
ـ[مالك حسين]ــــــــ[25 Apr 2010, 02:06 ص]ـ
صدرت الطبعة الثانية من كتاب ((المنتقى في تهذيب تفسير ابن كثير)) للدكتور الشيخ إبراهيم خليل المشهداني الهاشمي
عن دار بيت الأفكار الدولية، وهي الطبعة الأولى لها 2010م
وقد نُشر الكتاب في طبعته الأولى في العراق قبل أكثر من ثمانية عشر سنة بعنوان ((المنتهى في تهذيب تفسير ابن كثير)). ولكن المؤلف غير اسم الكتاب لنصيحة أحد طلبة العلم، ولمناسبة ذلك لعمله، وبعداً عن التزكية في معنى المنتهى.
أما طريقته في تهذيب ((تفسير ابن كثير))
قال الدكتور: "يمكن تلخيص طريقتنا في تهذيب تفسير ابن كثير بما يلي:
1 - اتبع ابن كثير منهج التوسع بذكر الآيات المشابهة للآية التي يفسرها، وهذه هي الطريقة المثلى في التفسير، إلا أنه يمكن الاقتصار لتبيان معنى الآية على آية أو آيتين أو ثلاثة مقاربة لمعناها، دنو التقصي لجميع الآيات المقاربة لها في المعنى، ونختار الآيات الأكثر شبهاً من غيرها.
2 - أعاد ابن كثير نفس كلامه في الآيات التي لها نفس المعنى ثانية، بينما طريقتنا الإشارة إلى الكلام الأول,
3 - وكذلك الاستشهاد بالأحاديث ينطبق عليها نفس الكلام السابق.
4 - يذكر ابن كثير الأسانيد لكل حديث، وطريقتنا اختصار أسماء الرجال في السند والاكتفاء بذكر المخرجين للحديث، كأصحاب الكتب الستة، والإمام أحمد، وابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وغيرهم.
5 - يذكر ابن كثير أحاديث كثيرة في موضوع معيّن، فنشير إلى الأحاديث دون أن نسردها، فنقول: وقد أورد ابن كثير أحاديث في هذا المعنى.
6 - وأحياناً يذكر ابن كثير أحاديث لا تصح في تفسير الآية ويفندها، فنشير إليها إشارة دون تفصيل، وقد نهملها أحياناً وخصوصاً الإسرائيليات، كما ورد ذلك في تفسير سورة البقرة والنساء والمائدة والأعراف والكهف، والسور الأخرى التي تتحدث عن بني إسرائيل والأنبياء، والتي يكثر المفسرون في إيراد الإسرائيليات عند تفسيرها.
7 - يذكر ابن كثير الخلافات في تفسير الآية ويحكم عليها، أي أنه يسرد أقوالاً عديدة ويقرر قولاً معيناً، ثم يرد على الأقوال الأخرى بتفصيل وتوسّع، فنشير إلى ذلك إشارة، كما فعل في تفسير قوله تعالى: {آخذين ما آتاهم ربهم} من سورة الذاريات. وهذا التوسع مما يهم المستقصي والجامع للتفاسير، ولا يهم من يريد فهم معنى الآية فحسب.
8 - آيات الأحكام يتوسع فيها ابن كثير، فيذكر أبواباً فقهية تتعلق بالآية، ويستطرد في ذكر الأحكام المستنبطة من الآية، وطريقتنا ترتيب ذلك بشكل مبسط مختصر.
9 - يعدد ابن كثير أسماء كل من قال بقول معين، ويعزز ذلك بالأسانيد المتصلة إليهم من صحابي أو تابعي أو غيرهم، بينما طريقتنا أن نشير إلى ذلك بقولنا: وقد ورد ذلك عن الصحابة والتابعين والسلف، وقد يفعل ذلك ابن كثير أحياناً كما فعل ذلك عند قوله تعالى: {فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم}، قال: ثبت في الصحيح والمسانيد وغيرهما من طرق متواترة عن (جماعة من الصحابة). وكذلك فعل ابن كثير عند قوله تعالى: {وما علمتم من الجوارح}، قال: وهذا هو مذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة، وذكر عند قوله تعالى: {ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها}، قال: وهكذا قرره غير واحد من أئمة التابعين والسلف.
10 - يذكر ابن كثر حديثاً طويلاً جداً، والذي يهم في تفسير الآية هو جزء يسير من الحديث، فيمكن اختصار ذلك بذكر الجزء الخاص بالآية. وقد يفعل ذلك ابن كثير كما في تفسير قوله تعالى: {يسألونك عن الأنفال}، قال: ثبت في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحد قبلي)) فذكر الحديث إلى أن قال: ((وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي))، اختصر ابن كثير الحديث بهذه الطريقة.
وقد يورد ابن كثير أحاديث بصيغة الرفع وبالمعنى، كما فعل عند قوله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً}، أورد ابن كثير الحديث في الصحيحين عن الرجل الذي قتل مائة نفس ثم طلب التوبة، ذكره بالمعنى. وكما جاء عند تفسير قوله تعالى: {فيها أنهار من ماء غير آسن} من سورة القتال، قال ابن كثير: وفي حديث مرفوع أورده ابن أبي حاتم، غير آسن يعني الصافي الذي لا كدر فيه. وعند قوله تعالى: {وأنهار من لبن لم يتغير طعمه}، قال ابن كثير: وفي حديث مرفوع: ((لم يخرج من ضروع الماشية)).
11 - عند ورود معاني عديدة للآية، يسردها ابن كثير دون أن يشير إلى تعدد المعنى للآية، بينما اتبعت طريقة الترقيم في تعداد المعاني للآية.
12 - بالنسبة للرواة، قد أُقدّم اسم راوي على راوي، وإنْ كان الأخير مقدما على الأول عند المحدثين، وذلك لضرورتين:
أولاهما: أن نسرد أسماء الرواة ونؤخر اسم الراوي للحديث، لأن لفظ الحديث له، إذا أوردنا أسماء الرواة قبل الحديث.
ثانيهما: أن الراوي الأخير مثل الترمذي نؤخره من أجل كلامه على الحديث تصحيحاً وتحسيناً وتضعيفاً.
13 - قال ابن كثير عند قوله تعالى: {قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء}، قال: وهاهنا أثر قطعه ابن أبي حاتم في مواضع من هذه القصة، وقد جمعته أنا ليكون سياقه أتم وأكمل، والله سبحانه وتعالى أعلم، وفي هذا دليل على أن المفسرين قد يجمعوا عدة أقوال في قول واحد لإتمام الفائدة".
انتهى كلام الدكتور في بيان منهجه في منتقاه.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Apr 2010, 11:56 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم. وقد اقتنيت الكتاب منذ مدة وانشغلتُ عن الإشارة لصدوره فجزاك الله خيراً على حسن عرضك له.(/)
رفدا لببلوغرافيا الرسائل والبحوث الجامعية
ـ[عبيدة احمد السامرائي]ــــــــ[26 Apr 2010, 10:51 ص]ـ
بداية أنا أشد على أيد العاملين على نشر ببلوغرافيا للبحوث الجامعية لا سيما فيما يتعلق بقضايا التفسير وعلوم القرآن و الدراسات الاسلامية حتى لا يكون هنالك تكرارا للموضوعات التي تبحث في الرسائل الجامعية، فنحن بحاجة إلى كل جديد في الموضوعات الاسلامية وأن تكون ملامسة للحاجة والتجديد في طرح الأفكار
ورفدا لهذا المشروع الذي طرحه الأخ الكريم مروان الظفيري فإني أضع على هذا الرابط
http://arabsh.com/ju1s7pb86sir.html
بعض عناوين الرسائل التي حصلت عليها من خلال الشبكة وهي بصيغة pdf وهنالك كتاب مهم في هذا الأمر وهو مطبوع تحت عنوان – كشاف الرسائل الجامعية للدراسات القرآنية – إن أمكن الحصول عليه، إذ هو كتاب مساعد على طريق ببلوغرافيا البحوث والرسائل الجامعية.
أرجو أن تكون نافعة ومفيدة لهذا المشروع ولجميع الأخوة في الملتقى وأنا مستعد للمشاركة في هكذا مشروع لكي يتم نشره وتعم الفائدة به
وفقكم الله أخي لكل خير، وبارك الله بك على هذه الأفكار الرائعة(/)
كيف أوفق بين هذين القولين؟!
ـ[شعاع]ــــــــ[26 Apr 2010, 04:19 م]ـ
السلام ليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم،أشكل علي فهم قولين:
1_القول الأول: قاعدة مقررة تعلمتها هذه الأيام وهي أن القرآن معلوم المعنى جملة وتفصيلا، لأنه لايصح أن يكون الله قد خاطبنا بمالانفهم معناه أو لانعرف معناه.
2_القول الثاني: هو عن تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن هناك آيات واضحة لاتحتاج إلى تفسير وآيات وضحها الرسول للصحابة مما يحتاجون إلى بيانه وأما مالم يصل إلى أمره أحد من البشر فإنه لايتطرق إليه الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه لم يؤذن له فيه.
فكيف نقول مرة أن القرآن مفهوم المعنى جملة وتفصيلا وكيف في نفس الوقت نقول هناك في القرآن مالم يوضحه النبي للصحابة ولم يتطرق له؟
ولو كان القرآن مفهوم جملة وتفصيلا، فلماذا نفسره إذن؟!
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[26 Apr 2010, 07:52 م]ـ
الأخت الكريمة:
القرآن الكريم مفهوم إجمالا، إلا ما كان من المتشابه فإنه قد نص الله تعالى أنه لا يعلمه إلا هو، وذلك في قوله تعالى: "منه آيات محكمات ... وما يعلم تأويله إلا الله " على أصح قولي العلماء من أن الوقف التام على ذلك.
ومن هنا فإنه لا تعارض بين القولين المذكورين لأن الفهم إجمالا لا يعني الاستغناء عن التفسير لمن لم يتعلمه بعد كما لا يعني عدم البحث والترجيح بين الأقوال والاستنباط ...
فلو قلنا مثلا إن الوضوء مفهوم إجمالا لا يعني ذلك عدم التباحث في فرائضه وسننه ونحو ذلك وعرض الأدلة والاعتراض عليها، كما لا يعني أنه مفهوم حتى لمن لم يقرأه كما هو واضح.
والله تعالى أعلم.(/)
لأهل التفسير -: مَا مَعنى الْعَرِمِ؟
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[26 Apr 2010, 04:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الموضوع سبق وأن طرحته في ملتقى أهل الحديث؛ وأرى أنه يحتاج إلى نظر ومناقشه من المفسرين.
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=176635 (http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=176635)
قال تعالى في سورة سبأ /
(فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ)
مَا هو الْعَرِمِ في هذه الآية؟ ومَا معناه بالعربية؟
وقد وجدت رواية في كتاب حمير وقضاعة تقول: العرِم حي كانوا من الجن يسكنوا قرب مأرب.
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[26 Apr 2010, 04:55 م]ـ
أنشد أحد التبابعة اليمنيين /
حتى أوافي خير الجن من عَرِمِ ..... ذاك ابن صعبٍ الفتى المعروف باليلبِ
وقال الأصمعي في كتاب العرب: العرم قبيلة من الجن تسكن بمأرب؛ وجمع العَرم العرمرم؛ ومفرده العَرِمِيّ.
وذكر أن العرمرم جنود لنبي الله سليمان؛ وكانوا في عهد الملكة بلقيس وسليمان عليه السلام؛ وقد قص المولى لنا خبرهما في كتابه العزيز ومساعدة الجن بالمجئ بعرش بلقيس.
وقال الطبري في تفسيره: وكان العرم فيما ذكر مما بنته بلقيس.
قال مصعب: وكان سليمان عليه السلام قد سخر الله له الجن والشياطين فقال تعالى: (وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) وسليمان قد التقى ببلقيس ملكة سبأ وقص الله لنا خبرهما في كتابه العزيز؛ فلعل شياطين سليمان المسماة بالعرم قامت ببناء ذلك السد فنسب إليها؛ وحتى التوراة ذكرت قصة سليمان وبلقيس وعرشها.
ـ[عبد الله العمري]ــــــــ[29 Apr 2010, 06:52 ص]ـ
العرم / جمع عَرِمَةٍ.
وهي السِّكْرُ للأرض المرتفعة.
وقد قيل إن العرم هو اسم الجرذ الذي نقب السِّكْرَ.
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[02 May 2010, 09:31 م]ـ
بارك الله فيه يا أخ عبد الله:
لكنني الاحظ أنَّ أكثر المفسرين لم يتنبهوا لمعنى هذه الكلمة (العرم) وأرى أن ما ذكرناه من تفسير هو الأقرب للصواب لعدة أسباب:
1 - أن في القرآن الكريم سورة كاملة عن الجن
2 - قدم بناء سد العرم؛ فقد ذكر عدد من المؤرخين أن بنائها يعود لعهد السبئيين وأن من شيده وبناه ملكة سبأ بلقيس
3 - ما ذكره الأصمعي من أبيات في معنى كلمة (العرم) يعتبر حجة؛ لأن من مصادر التفسير كما لا يخفى لغة العرب وأشعارها
4 - ما ذكره الله في كتابه عن السد يبين لنا عظم ذلك البناء؛ وأنه عندما انكسر أغرق مدن بكاملها وشتت أهلها حتى غدو مثلا: تفرقوا أيدي سبأ.
5 - أن سليمان عليه السلام سخر الله له الريح والشياطين؛ وبعث أحدهما بالمجئ بعرش بلقيس
ولعل مشايخنا الأفاضل يعلقون على تفسير الكلمة(/)
نصراني يسأل عن الإسراء!؟
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[26 Apr 2010, 05:49 م]ـ
مشايخنا الإجلاء ...
إخواننا الفضلاء ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحد الغربيين من النصارى يسأل عن أمرٍ محددٍ في قصة الإسراء والمعراج.
وسؤاله: لماذا أسري بمحمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى بالذات؟
أي: لماذا لم يعرج به إلى السماء من مكة مباشرة, أو من مكان آخر غير المسجد الأقصى؟
لماذا حدد المسجد الأقصى؟
من لديه علم بهذا فليتصدق به علينا فـ (إن الله يجزي المتصدقين).
فقد وجدت في -بعض- كتب التفسير بعض الإجابات لهذا التساؤل-أرفقتها في هذه المشاركة-لكن ما زلت أبحث عن إجابة مباشرة مختصرة تصلح أن تترجم إلى لغات أخرى.
وإليكم ما دونه المفسرون:
جاء في تفسير ابن كثير -رحمه الله تعالى- هذا القول: " (إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى) وهو بيت المقدس الذي هو إيلياء , معدن الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل؛ ولهذا جمعوا له هنالك كلهم، فَأمّهم في مَحِلّتهم , ودارهم، فدل على أنه هو الإمام الأعظم، والرئيس المقدم، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين".
وهذا ما قاله العلامة الشنقيطي-رحمه الله تعالى- في الأضواء:"
وَقَدْ كَانَ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يَعْرُجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ مِنْ جَوْفِ مَكَّةَ، وَمِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَلَكِنْ لِيُرِيَهُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ: كَعَلَامَاتِ الطَّرِيقِ ; لِتَكُونَ دَلِيلًا لَهُ عَلَى قُرَيْشٍ فِي إِخْبَارِهِ بِالْإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ، وَتَقْدِيمِ جِبْرِيلَ لَهُ الْأَقْدَاحَ الثَّلَاثَةَ: بِالْمَاءِ، وَاللَّبَنِ، وَالْخَمْرِ، وَاخْتِيَارِهِ اللَّبَنَ رَمْزًا لِلْفِطْرَةِ. وَاجْتِمَاعِ الْأَنْبِيَاءِ لَهُ وَالصَّلَاةِ بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، بَيْنَمَا رَآهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ أُرِيَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ".
وإليكم ماذكره الطاهر بن عاشور:"
أن الله مكنه من حرمي النبوة والشريعة، فالمسجد الأقصى لم يكن معمورا حين نزول هذه السورة وإنما عمرت كنائس حوله، وأن بني إسرائيل لم يحفظوا حرمة المسجد الأقصى، فكان إفسادهم سببا في تسلط أعدائهم عليهم وخراب المسجد الأقصى. وفي ذلك رمز إلى أن إعادة المسجد الأقصى ستكون على يد أمة هذا الرسول الذي أنكروا رسالته".
وهذا من التفسير الوسيط لسيد طنطاوي -رحمه الله-:"
قال بعض العلماء: وقد قيل فى خصائص المسجد الأقصى: أنه متعبد الأنبياء السابقين، ومسرى خاتم النبيين، ومعراجه إلى السموات العلا. . وأولى القبلتين وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه ".
وهذا القول الأخير أجد أنه قرب لي كثيرا من الأمور ...
مثلاً: هل نستطيع أن نقول أن من الأسباب لاختيار الأقصى مكاناً لمسرى سيد ولد آدم -عليه أفضل الصلاة والتسليم- أنه كان قبلة للمسلمين آنذاك, يتجهون إليها بأبدانهم, وإلى السماء يتجهون بقلوبهم!!؟
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[30 Apr 2010, 06:29 م]ـ
و إضافةً إلى ما تقدَّم ذِكْره من أقوال الأئمة و العلماء - في تعليل الإسراء بالنبي صلى الله عليه و سلم من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس - يُحْتَمَل أيضاً أن يُقال فيه:
1 - إن َّ ذلك الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى هو مَسيرٌ لخاتم الأنبياء و المرسلين مِن أول مسجدٍ وُضِعَ في الأرض - و هو المسجد الحرام - إلى ثاني مسجدٍ وُضع فيها – و هو المسجد الأقصى – للإشارة و البشارة بعودتهما معاً إلى حالهما الأَول في بدء الخليقة و الشريعة؛ كدَاريَّ عبادة لشريعة عامة واحدة، هي شريعة الإسلام.
قال الله تعالى مخاطباً رسوله الكريم - محمداً صلى الله عليه و سلم -: [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ]. {سبأ:28}
و قال تعال: [إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ]. {آل عمران:96}
قال عليٌّ رضي الله عنه: كان قبل البيت بيوت كثيرة، والمعنى أنه أول بيت وضع للعبادة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكره القرطبي في تفسيره.
و قال مجاهد: خلق الله موضع هذا البيت قبل أن يخلق شيئا من الارض بألفي سنة، وأن قواعده لفي الارض السابعة السفلى.
وأما المسجد الاقصى فبناه سليمان عليه السلام، كما خرجه النسائي بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن سليمان بن داود عليه السلام لما بنى بيت المقدس سأل الله خلالا ثلاثة: سأل الله عزوجل حكماً يصادف حكمه فأوتيه، وسأل الله عزوجل ملكا
لا ينبغي لاحد من بعده فأوتيه، وسأل الله عزوجل حين فرغ من بناء المسجد ألا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه فأوتيه).
فجاء إشكال بين الحديثين (1)، لأن بين إبراهيم وسليمان آمادا طويلة.
قال أهل التواريخ: أكثر من ألف سنة.
فقيل: إن إبراهيم وسليمان عليهما السلام إنما جددا ما كان أسسه غيرهما.
وقد روي أن أول من بنى البيت آدم عليه السلام كما تقدم.
فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع بيت المقدس من بعده بأربعين عاما، ويجوز أن تكون الملائكة أيضا بنته بعد بنائها البيت بإذن الله، وكل محتمل.
والله أعلم.
وقال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: أمر الله تعالى الملائكة ببناء بيت في الارض وأن يطوفوا به، وكان هذا قبل خلق آدم، ثم إن آدم بنى منه ما بنى وطاف به، ثم الانبياء بعده، ثم استتم بناءه إبراهيم عليه السلام.
" من الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي "
2 - و في الإسراء إلى المسجد الأقصى أيضاً زيارةٌ لذلك المسجد العتيق المبارك و عبادة، و صلاةٌ في القبلة الأولى، التي أُمِرَ المسلمون بالصلاة تجاهها – قبل تحويل القبلة إلى البيت الحرام -.
قال تعالى: [قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ] {البقرة:144}
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: كان أول ما نسخ من القرآن القبلة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة، وكان أكثر أهلها اليهود، فأمره الله أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا، وكان يحب قبلة إبراهيم فكان يدعو إلى الله وينظر إلى السماء، فأنزل الله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} إلى قوله: {فولوا وجوهكم شطره} فارتاب من ذلك اليهود، وقالوا: {ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب [يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم} وقال: {فأينما تولوا فثم وجه الله} (البقرة: 115) وقال الله تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}.
" من تفسير ابن كثير "
3 - و يُحْتَمَل أنَّ المعراج بالنبي صلى الله عليه و سلم – في تلك الزيارة - إلى السماوات العلا و إلى سدرة المنتهى، إنما كان من بيت المقدس؛ لأنه سيكون أرض المنشَر عند قيام الساعة؛ فعَنْ مَيْمُونَةَ مَوْلاَةِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِى بَيْتِ الْمَقْدِسِ. قَالَ: «أَرْضُ الْمَحْشَرِ وَالْمَنْشَرِ، ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ فَإِنَّ صَلاَةً فِيهِ كَأَلْفِ صَلاَةٍ فِى غَيْرِهِ». قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَتَحَمَّلَ إِلَيْهِ. قَالَ: «فَتُهْدِى لَهُ زَيْتًا يُسْرَجُ فِيهِ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَنْ أَتَاهُ».
أخرجه أحمد، و ابن ماجه و اللفظ له، و الطبراني.
و في الحديث الصحيح المُتفق عليه، عن إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِىُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ - رضى الله عنه - قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَىُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِى الأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ». قَالَ قُلْتُ ثُمَّ أَىٌّ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الأَقْصَى». قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ».
أخرجه البخاري و مسلم في " صحيحيْهما ".
* و هذا الإسراء بخاتم الأنبياء و المرسلين – سيدنا محمدٍ صلى الله عليه و سلم – مِن أول مسجدٍ وُضِع في الأرض إلى ثاني مسجدٍ وُضِع فيها، فيه دلالةٌ ظاهرةٌ على الصلةِ الوثيقة و الارتباط الشديد بين هذيْن المسجديْن في شريعة الإسلام، الخاتمة للشرائع الإلهية إلى قيام الساعة.
و إمامة النبي صلى الله عليه و سلم في الصلاة بالأنبياء فيه، فيه دلالةٌ على إمامة و هيمنة شريعة الإسلام على كل الشرائع السابقة، و فيه إشارةٌ و بشارة بدخول ذلك المسجد المبارك في عُهدة المسلمين، و وراثتهم لذلك المكان المقدَّس، و رعايتهم له و حمايته.
و هذا الرباط بين السجديْن الحرام و الأقصى، هو رباطٌ دينيّ عَقَدي شعائري، و التفريط في أحدهما بمنزلة التفريط في الآخَر، و سقوط أحدهما بمنزلة سقوط الآخَر – لا قَدَّرَ الله – و التهاون في احتلال المسجد الأقصى مهانة لكل مسلمٍ على وجه الأرض؛ إذ لا شرف و لا كرامة لأمةٍ مُقَدساتها مُغتصبة و مُهانة.
فاللهمَّ أَعِدْ المسجد الأقصى و بلاده عَوْداً حميداً عزيزاً قريباً، و يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله
------------------------------
الهامش:
(1) أي: الحديث المذكور آنفا و حديث " ... قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً ". الآتي بعد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 May 2010, 12:47 ص]ـ
الإسراء إلى بيت المقدس ثم العروج
الحكمة ـ إضافة إلى كل ما ذكره الإخوة الأفاضل ـ هو إثبات المعجزة للرسول صلى الله عليه وسلم، فوصفه صلى الله عليه وسلم للمسجد وإخباره عن قافلة قريش دليل مادي على صدق الدعوى وإقامة الحجة على المنكرين، فإذا ثبت الإسراء وهو أمر خارق للعادة ثبت المعراج وبذلك تنقطع حجة المنكرين والمستبعدين.
هذا والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد(/)
" فأصبح في المدينة خائفا يترقب "
ـ[مخلد اسماعيل]ــــــــ[26 Apr 2010, 06:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسى إنك لغوي مبين"
تصف هذه الآية حال موسى- عليه السلام- بعدما قتل رجلا من عدوه.
و المتأمل للآية الكريمة يدرك دقة التعبير القرآني و الإبداع في ألفاظه يقول الله تعالى:
"خائفا يترقب" "خائفا" خبر"أصبح"منصوب
وهي صفة مشبهة صيغت من الفعل الثلاثي
اللازم "خاف" للدلالة على الثبوت والملازمة
أما"يترقب" فعل مضارع وفاعله مستتر والجملة في
محل نصب خبر" أصبح "فجاء الخبر الأول صفة مشبهة و الثاني جملة فعلية.
فما سر التباين بين الخبرين في صيغتهما؟
لان الخبر الأول " خائفا" هي صفة مشبهة
تدل على الثبوت فالخوف ثابت في نفس موسى- عليه السلام - ملازم له في تلك المدينة التي
قتل فيه رجلا فالخوف مكانه النفس فهو ثابت فيها و ملازم لها لأنه أمر معنوي و تتصف فيه النفس قال الله تعالى " فأوجس في نفسه خيفة موسى"
ولذلك جاءت "خائفا" صفة لتتناسب مع وصف حال موسى- عليه السلام-
فالخوف ثابت وملازم لنفس موسى- عليه السلام-و الصفة تدل على هذا الثبوت.
أما " يترقب " فهي جملة فعلية تدل على الحدوث و التجدد
والترقب يكون إما بالعين وإما بالسمع أي: ان المترقب لعدوه يترقبه بعينيه ليحذر منه أو بسماع أخباره ليحذر منه كذلك
فالترقب غير ملازم للنفس فهو أمر حسي فموسى -عليه السلام - كان يترقب عدوه عندما تكون الحاجة لذلك فالترقب أمر متجدد الحدوث
لذلك جاء التعبير القرآني بالجملة الفعلية "يترقب" لتناسب دلالة هذه الجملة الدالة على الحدوث والتجدد مع وصف حال موسى- عليه السلام-الذي كان يترقب عدوه عندما تكون الحاجة لذلك.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[26 Apr 2010, 09:34 م]ـ
أحسنت يا أخي على ذلك التوضيح. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف توفق بين خوفه عليه السلام وترقبه وبين قوله تعالى (إني لا يخاف لدي المرسلون)؟؟.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[27 Apr 2010, 12:04 ص]ـ
شتان بين الخوفين!!
ـ[عبدالرحمن الفضلي]ــــــــ[27 Apr 2010, 12:27 ص]ـ
السلام عليكم، وبارك الله بالجميع، أشكر صاحب الموضوع على هذه الفائدة الرائعة.
أما الخوف الذي شعر به موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم هو خوف طبيعي لا ينافي العصمة التي للأنبياء، وهذا كان منه عليه السلام قبل البعثة. والله أعلم
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[27 Apr 2010, 01:58 ص]ـ
جزاكم الله الخير جميعا.
ثم ما يلفت الأنتباه أن أكثر من ارتبط به الخوف حتى عد مصاحبا له، هو موسى عليه السلام، ربما لأنه أكثر من ورد اسمه من الأنبياء عليم اتم السلام، ويبقى السؤال: ما السر في ذلك، رغم تعرض الكثير منهم لجبابرة وطغاة؟!
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[27 Apr 2010, 06:55 ص]ـ
قوله تعالى: وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون * إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم *
الخوف المذموم هو الخوف الذي فيه دلالة ضعف عقدي كأن يهرب من معركة أو من واجب دعوي أو من طاغوت. أما اذا كان الخوف متولداً من الحرص على دعوة الله تعالى ورسالته فهو خوف محمود. كذلك فإن الخوف عند الظلم خوف فطري أيضاً لاحظ الآية فيها استثناء عجيب وهو الخوف عند الظلم فهذا خوف طبيعي. (إلا من ظلم) نفسه أي من الرسل، فإنه يخاف، فكان من اولئك الانبياء الذين خافوا آدم، ويونس وسليمان، وأخوة يوسف، وموسى بقتله النفس، عليهم السلام،) ثم بدل حسنا بعد سوء (أي يعنى فمن بدل إحساناً بعد إساءته) فإني غفور رحيم).
الخوف المذموم لا يمكن أن يقع فيه الانبياء. أما الخوف الفطري فلا مذمّة به ولا بأس. والله تعالى أعلم.
ـ[أبو المنذر]ــــــــ[27 Apr 2010, 09:58 ص]ـ
بارك الله فيكم،، وما البلاغة في تكرار أن في قوله تعالى: {فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (19)} "
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[27 Apr 2010, 02:01 م]ـ
أنْ» تَطَّرِدُ زيادتُها في موضعين، أحدُهما: بعد «لَمَّا» كقول الله تعالى (فلَمَّا أَنْ أَرَادَ). والثاني قبل «لو» مسبوقةً بقَسَمٍ كقولِ الشاعر:
فَأُقْسِمُ أَنْ لو التَقَيْنَا وأنتُمُ ... لكان لنا يومٌ مِنْ الشَّرِّ مُظْلِمُ.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[27 Apr 2010, 06:54 م]ـ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تيسير الغول http://www.tafsir.net/vb/styletafsir/buttons/viewpost.gif (http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=101061#post101061)
أحسنت يا أخي على ذلك التوضيح. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف توفق بين خوفه عليه السلام وترقبه وبين قوله تعالى (إني لا يخاف لدي المرسلون)؟؟.
أخي الفاضل تيسير ليس بين الآيتين تعارض
لأن قوله تعالى (إني لا يخاف لدي المرسلون) هو معنى قوله تعالى (يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ) من الآية (31) سورة القصص
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[27 Apr 2010, 07:25 م]ـ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تيسير الغول http://www.tafsir.net/vb/styletafsir/buttons/viewpost.gif (http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=101061#post101061)
أحسنت يا أخي على ذلك التوضيح. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف توفق بين خوفه عليه السلام وترقبه وبين قوله تعالى (إني لا يخاف لدي المرسلون)؟؟.
أخي الفاضل تيسير ليس بين الآيتين تعارض
لأن قوله تعالى (إني لا يخاف لدي المرسلون) هو معنى قوله تعالى (يَا مُوسَى أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ الْآَمِنِينَ) من الآية (31) سورة القصص
إنما قصد التوفيق بين قوله تعالى: "خائفا يترقب" وقوله تعالى: "إني لا يخاف لدي المرسلون"
والصحيح أنه لا تعارض بينهما أصلا حتى يحتاج إلى التوفيق بينهما لاختلاف مصدر الخوف فيهما ونوعه ونتيجته ..
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[27 Apr 2010, 08:22 م]ـ
نعم لا تعارض بينهما. ولكن هناك وهم في التعارض أزيل بتصنيف الخوف ونوعه كما بينت سالفاً وبارك الله بكم جميعاً.
(الخوف المذموم لا يمكن أن يقع فيه الانبياء. أما الخوف الفطري فلا مذمّة به ولا بأس). والله تعالى أعلم.
ـ[مخلد اسماعيل]ــــــــ[28 Apr 2010, 08:23 ص]ـ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تيسير الغول http://www.tafsir.net/vb/styletafsir/buttons/viewpost.gif (http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=101139#post101139)
نعم لا تعارض بينهما. ولكن هناك وهم في التعارض أزيل بتصنيف الخوف ونوعه كما بينت سالفاً وبارك الله بكم جميعاً.
(الخوف المذموم لا يمكن أن يقع فيه الانبياء. أما الخوف الفطري فلا مذمّة به ولا بأس). والله تعالى أعلم.
" يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1310&idto=1310&bk_no=51&ID=1320#docudocu)( 10 ) إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم ( http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=1310&idto=1310&bk_no=51&ID=1320#docudocu)( 11 ) )
قال تعالى: (قَالَ رَبّ إِنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرّحِيمُ) [سورة: القصص - الأية: 16] ...
فظلم موسى –عليه السلام –نفسه هو قتل رجل من عدوه(/)
"َبُكِيًّا " " يبكون"
ـ[مخلد اسماعيل]ــــــــ[28 Apr 2010, 10:29 ص]ـ
"ِ إ ذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)) سورة مريم
"وجاءوا أباهم عشاء يبكون" سورة يوسف
المتأمل في الآيتين الكريمتين يلحظ الاختلاف في صيغة ودلالة الحال في الآيتين.
ففي الآية الأولى جاء الحال "بكيِا" وصاحب الحال الضمير في "خروا " عائد على المؤمنين.
و"بكيا" جمع باك ٍ وهو صفة مشبهة على وزن "فاعل" صيغت من الفعل الثلاثي اللازم "بكى" قال تعالى: "فما بكت عليهم السماء و الأرض"
أما الآية الثانية:
"يبكون" جاء الحال جملة فعلية "يبكون" وصاحب الحال الضمير في "جاءوا" عائد على أخوة يوسف –عليه السلام-
ما سر الاختلاف في صيغة الحال و دلالته؟
أما في الآية الأولى: تتحدث الآية عن المؤمنين الصادقين في إيمانهم فالإيمان ملازم وثابت في تلك النفوس المؤمنة منبعه من القلب الصادق مع الله الثابت على الإيمان بالله تعالى فهم لا يتظاهرون بتلك الدموع التي تنهمر من أعينهم خوفا من ربهم.
لذلك جاء التعبير بصفة المشبهة الدالة على الثبوت لتناسب ثبوت الإيمان الصادق في قلوب المؤمنين المخلصين لربهم.
أما الآية الثانية:
فأخوة يوسف عليه السلام تظاهروا بالبكاء أمام أبيهم بعد ما خلوا بأنفسهم يخططوا ليدرأوا التهمة عن أنفسهم قال الله تعالى:" وجاءوا على قميصه بدم كذب" بكاؤهم لم يكن منبعه القلب الصادق إنما هو حادث
بكاؤهم لم يلامس قلوبهم.
لذلك جاء الحال جملة فعلية يبكون الدالة على الحدوث والتجدد لتتناسب مع وصف حالهم فالبكاء حادث متجدد أمام أبيهم
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[28 Apr 2010, 01:49 م]ـ
كل الشكر لأخي مخلد على هذه اللطيفة حيث لدي إضافة بسيطة تخص الشطر الثاني منها والذي يخص فعل المضارع (يبكون) حيث ورد بسورة الاسراء في قوله تعالى:
قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)
كلمة يبكون هنا جاءت أيضاً على صيغة حال الجملة الفعلية. «يَبْكُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة حالية أي باكين «وَيَزِيدُهُمْ» الواو عاطفة ومضارع فاعله مستتر والهاء مفعوله الأول «خُشُوعاً» مفعول به ثان والجملة معطوفة. وبارك الله تعالى بك وفي ميزان حسناتك
ـ[مخلد اسماعيل]ــــــــ[28 Apr 2010, 07:29 م]ـ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تيسير الغول http://www.tafsir.net/vb/styletafsir/buttons/viewpost.gif (http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=101196#post101196)
كل الشكر لأخي مخلد على هذه اللطيفة حيث لدي إضافة بسيطة تخص الشطر الثاني منها والذي يخص فعل المضارع (يبكون) حيث ورد بسورة الاسراء في قوله تعالى:
قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (108) وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)
كلمة يبكون هنا جاءت أيضاً على صيغة حال الجملة الفعلية. «يَبْكُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة حالية أي باكين «وَيَزِيدُهُمْ» الواو عاطفة ومضارع فاعله مستتر والهاء مفعوله الأول «خُشُوعاً» مفعول به ثان والجملة معطوفة. وبارك الله تعالى بك وفي ميزان حسناتك
بارك الله فيك يا استاذ تيسير الغول
جاء التعبير بالجملة الفعلية" يبكون"في هذه الآية لان البكاء متجدد من المؤمنين الصادقين كلما زاد خشوعهم "وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا "
أي: كلما زاد إيمانهم وخشوعهم- "ويزيدهم خشوعا" -زاد بكاؤهم
فناسبت الجملة الفعلية "يبكون" مع وصف تجدد بكائهم المتجدد مع زيادة الإيمان والخشوع
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[28 Apr 2010, 09:50 م]ـ
نعم الرأي ونعم القول ونعم اللطيفة.
وأكثر الله منكم(/)
ذكريات غانم قدوري الحمد .. (الحلقة الثالثة عشرة والأخيرة)
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[30 Apr 2010, 01:00 م]ـ
تغيير موعد المناقشة
الأحد 12 أيلول 1976م = 17 رمضان 1396هـ
كنت أرجو أني في مساء الأحد القادم أُنَاقِشُ البحث أو أُنَاقَشُ فيه , ودار في خاطري هتاف الفرح المرجو بعد هذا الشوق الطويل , وبعد أن حضرتُ مناقشة رسالة طالب فلسطيني أردني في علم اللغة هذا المساء، وبعد أن ذاق ألواناً من النقد والإحراج , انصرف الناس. وسَلَّمْتُ على المشرف أستاذي الدكتور عبد الصبور – الذي كان أحد أعضاء لجنة الحكم - قبل انصرافه , فإذا به يخبرني أن الدكتور عبده الراجحي قد اتصل به هاتفياً من الإسكندرية يخبره أنه غير قادر على المشاركة في المناقشة يوم 19/ 9 , وهو يقترح أن تكون المناقشة يوم 30/ 9 , حتى تتاح له فرصة قراءة الرسالة قراءة تامة , واستقبلت الخبر ببرود , ومع أنه قد غَيَّرَ كل الخطط وهَدَمَ كل الآمال إلا أملاً واحداً بالله , فإني لم أجزع , ولم أملك إلا أن أقول إن شاء الله , ومع أن الموعد الجديد لا يؤخرني أكثر من أسبوعين أو ثلاثة فإن وقعه كان في النفس مؤلماً , أولا: لأني أخذت أسترجع تاريخ اختيار الأعضاء في المناقشة والمساومات، وثانيا: لأن ذلك يعني أن عليَّ أن أؤخر الحجز في الباخرة من الإسكندرية إلى اللاذقية، وأن أؤخر استلام السيارة الجديدة التي اشتريتها من شركة نصر لآخذها معي عند سفري , وثالثاً: تأخر سفري إلى الأهل , لكني كلما بدت أمام ناظري العوائق تذكرت قول الله سبحانه: (? ? ? ? ? ? ? ?).
تأجيل آخر لموعد المناقشة
الأربعاء 22 أيلول 1976م = 27 رمضان 1396هـ
كان هذا اليوم هو موعد السفر قبل أن يُغَيَّرَ موعد المناقشة إلى يوم 30/ 9 وهو التغيير الذي لم يكن أخيراً ولا قبل الأخير، فقد رضيت بيوم الثلاثين من شهر أيلول، ورحت أهيئ نفسي لموعد سفر جديد، ووجدت أن باخرة تغادر الإسكندرية يوم 3/ 10 فقلت إنها فرصة طيبة , رغم عجالتها , فَغَيَّرْتُ موعد السفر إلى ذلك اليوم، وأَجَّلْتُ موعد استلام السيارة إلى يوم 2/ 10، ومرت بضعة أيام وذهبت إلى الإسكندرية والتقيت بالدكتور عبده الراجحي وسلمته كتاباً من الكلية بالانتداب للمناقشة، وسلمته كشفاً بتصحيح الأخطاء الطباعية في الرسالة , واعتذر لي عن تأخير موعد المناقشة , وقد كان ذا خلق وأدب جم جزاه الله خيراً , وذهبت اليوم إلى الكلية لأسلم الدكتور عبد الله درويش نسخة من الكتاب ومن الكشف , وعندما قابلته فاجأني أنه يريد تغيير موعد المناقشة إلى يوم السبت 2/ 10 , حاولت أن أحدثه عن ارتباطي ببعض الأمور وأبين له حراجة ذلك بالنسبة لي , فما كان منه إلا أن يرمي بالأوراق بوجهي!! , وما كان مني إلا أن أنصرف , وأمام ناظري ما يجب عليَّ أن أفعله إذا تم هذا التغير , وذهبت بعد الإفطار إلى المشرف وحدثته بالأمر , فأعلن استنكاره بادئ ذي بدء لكنه عندما اتصل بالدكتور درويش بالهاتف غَيَّرَ رأيه ووافق على الموعد الجديد , وأبدى الأعذار والحجج , وأرجو أن يكون هذا الموعد آخر موعد , إن شاء الله.
إجراء المناقشة في موعدها!
الخميس 30 أيلول 1976م = 6 شوال 1396هـ
رجعت عصر أمس من الإسكندرية متعباً , فقد سافرت في الصباح من القاهرة إلى هناك لأحاول العثور على مكان في الباخرة إلى سوريا , بعد أن ألغيت الحجز على الباخرة المصرية يوم 3/ 10 بعد أن تأجلت المناقشة إلى يوم 2/ 10، وحين علمت أن الحجز على الباخرة الروسية التي تقلع يوم 6/ 10 لا يبدأ إلا يوم الأحد القادم نويت الرجوع لكني قلت لأمرَّ إلى كلية الآداب في جامعة الإسكندرية أسلم على الدكتور عبده الراجحي , وحين التقيت به كانت المفاجأة , ذكر لي أنه لم يوافق على تغير موعد المناقشة إلى يوم 2/ 10، وبذلك فإن الموعد ظل على حاله يوم 30/ 9، وكان عليَّ بناء على ذلك أن أعود إلى القاهرة بسرعة لأُعِدَّ نفسي للمناقشة , إذ ليس بيني وبينها إلا بضع عشرة ساعة , فسهرت في الليل إلى ما بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً، واستيقظت في الصباح مبكراً وأتممت كتابة الخطبة، واعتمدت فيها على المقدمة والخاتمة , وكان علي أن أنتظر الدكتور عبده الراجحي صباح هذا اليوم في محطة القطار وأهيئ سيارة تنقله إلى الكلية , وفعلا تم ذلك، ووصلتُ الكلية معه بسيارة
(يُتْبَعُ)
(/)
صديق حوالي الحادية عشرة والنصف , وبدأت المناقشة قريباً من الساعة الثانية عشرة , وقد شعرت بتعب شديد عند إلقاء الخطبة مع الانفعال والتوتر، لكن الأمور بصورة عامة جرت هينة يسيرة والحمد لله , وبدأ المناقشة الدكتور عبد الله درويش , وقال كلاماً عاماً , وتوقف عند بعض الأمور , وكشف من كلامه أنه لم يقرأ من الرسالة إلا القليل، فكان كلامه ونقاشه متعباً، ثم ناقش الدكتور عبده الراجحي فكان كلامه دُرَراً قَلَّدَها للرسالة، وتكلم كلاماً جميلاً جداً , وقال إنه إذا كانت الرسالة الضعيفة تحتاج إلى تبرير فإن الرسالة الممتازة تحتاج إلى تبرير , وراح يتحدث عن البحث وما فيه من حسنات، ولولا أني ألتقي به لأول مرة، ولولا أنه رجل رصين عالم لقلت إنه يبالغ أو يجامل , لكن يبدو أن في البحث أشياء طيبة وَفَّقَ الله في الوصول إليها , وتحدث طويلاً عن حسنات البحث وما فيه من الأمور الجيدة في الأسلوب والعرض والمناقشة , وتحدث عن أهمية الموضوع , وذكر أن هذا البحث يجب أن يُنْشَرَ وأن يعمم , وقال إنه لم يقرأ بحثاً ممتازاً منذ زمن طويل، وأنه وجد هذا البحث هو البحث الجيد , وقال إن هذا البحث يثبت أنه لا يزال بالإمكان كتابة بحوث جيدة , الحقيقة أني لا أستحضر من كلامه إلا القليل، مع أنه لم تمض عليه إلا ساعات، وهو كلام طيب , والحمد لله قد سُجِّلَتِ المناقشة صوتياً، وبعد أن انتهى الدكتور عبده الراجحي من كلامه الذي ختمه في ذكر هنات وقعت في البحث وأخطاء يمكن معالجتها، تحدث الدكتور عبد الصبور شاهين وأحسن الكلام ومدح البحث واعتذر عن الأخطاء , فكان في كلامه طيباً , وانتهت المناقشة والحمد لله , وأعلنت النتيجة، فكانت بحمد الله تسر الصديق وتقر العين، وأعوذ بالله من العجب، كانت الدرجة (ممتاز مع التوصية بطبع الرسالة , وتبادلها مع الجامعات) , وأرجو أن تكون هذه الجولة قد انتهت بخير، وأدعو الله تعالى أن يجعل هذا العمل مما يقرب إلى رضاه , ويباعد عن سخطه , وأدعوه أن يجزي الأهل عني كلهم أحسن الجزاء , فقد تعبوا وأكرموني غاية الإكرام , فكانت هذه الثمرة المباركة إن شاء الله , وفي مقدمتهم الأخ أبو عمر حفظه الله ورعاه.
الحجز على الباخرة
الاثنين 4 تشرين الأول 1976م = 10 شوال 1396هـ
ذهبت إلى الإسكندرية يوم أمس على أمل الحجز على الباخرة الروسية المتجهة يوم 6/ 10 إلى اللاذقية , ولكن الحجز كان متوقفاً بانتظار ورود برقية من قبطان الباخرة , ولم تصل البرقية , قالوا تأتي غداً الاثنين فرجعت إلى القاهرة لأقضي الليل، وفزعت من أول الصباح وركبت إلى الإسكندرية هذا اليوم , وراجعت مكتب الملاحة المختص، وظهر أن البرقية لم تصل بعد , وجلست أنتظر وصول البرقية حتى انتهاء الدوام في المكتب بعد الساعة الثانية بعد الظهر , ثم قالوا إن البرقية ربما جاءت غداً , لكن ذلك حتى لو تحقق فإني لن أستطيع أن أنجز أعمالي من التهيؤ للسفر واستلام السيارة , فكان لابد من الانتظار لموعد جديد , وكان الموعد القادم هو يوم 13/ 10 على الباخرة المصرية , وسوف أحاول الحجز اليوم على هذا الموعد , وهكذا فقد ذهبت أتعاب أيام عديدة في السفر بين القاهرة والإسكندرية على أمل في تلك المواعيد الجوفاء , والحقيقة أن الفرق المادي الذي كنت أرتجيه في الحجز على الباخرة الروسية قد ذهب معظمه في ثلاث سفرات من التنقل بين القاهرة والإسكندرية , وبقي شيء واحد هو أن الباخرة الروسية تتسلقها السيارة على تسريحة معدة لذلك بينما الباخرة المصرية تُحْمَلُ السيارة على قاعدة بواسطة رافعة وتوضع على سطح السفينة , وهي أمور إذا يسر الله وحفظ ليست ذات بال , فإن المغادرة السريعة غاية من جانب , تهون كل الأتعاب في سبيلها , مع أنها قد تبعث في النفس أسى من جانب آخر.
البحث عن مخطوطة
الأحد 10 تشرين الأول 1976م = 16 شوال 1396هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
الأيام قبل السفر بدأت تذهب بسرعة وأنا أحاول أن أعمل من خلالها شيئاً مفيداً , وكان من بين ذلك محاولتي نسخ مخطوطة قديمة في رسم المصحف لابن معاذ الجهني , هناك منها نسخة ناقصة في دار الكتب المصرية وأخرى كاملة في مكتبة المعهد الأزهري بطنطا وثالثة في المكتبة الظاهرية بدمشق، فترددت على دار الكتب أكثر من مرة لنسخ الموجود منها , لكن ذلك لم يُجْدِ شيئاً فالمخطوطة ذهبت إلى التصوير ولم ترجع , ثم حاولت الذهاب إلى طنطا , ذهبت يوم الاثنين الذي كان بعد العيد فكانت المكتبة مقفلة بسبب العطلة التي تُعَوَّضُ بها الجمعة أو لمناسبة العيد , ثم حَدَّثْتُ نفسي بالذهاب إلى طنطا مرة أخرى , وذهبت اليوم , وكان معي محمد أسامة (أحد الإخوة العراقيين الذين سكنت معهم لقضاء الأيام الأخيرة في القاهرة) لعله يساعدني في النسخ، وبعد جهد ودوران في أطراف طنطا وهي مدينة يزينها مقام السيد البدوي , ومدينة كثيرة الذباب والأوساخ وبرك المياه القذرة في الشوارع , بعد ذلك الدوران عثرنا على المعهد الأزهري بعد أن ظهر أن المكتبة نقلت من مسجد السيد البدوي إليه، وانتظرنا المسؤول عن المكتبة وحضر الأستاذ محمد رشدي , وذكر لنا أن الكتب بعد انتقالها من مكانها القديم إلى الجديد وضعت في صناديق، وأنها لم تفتح بعد، وعلينا الانتظار بضعة أشهر حتى يتسنى لنا الاطلاع عليها , وقلت لا حول ولا قوة إلا بالله , المعاملة نفسها التي نجدها في مكتبة الجامع الأزهر نجدها في معاهده , التي نجدها في القاهرة نجدها في مدن مصر الأخرى (1) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1).
الركوب على ظهر الباخرة
الأربعاء 13 تشرين الأول 1976م = 19 شوال 1396هـ
خرجنا من الفندق صباحاً مسرعين , وجرت بنا السيارة إلى ميناء الإسكندرية حيث وصلنا في حدود التاسعة , ومما حدث لنا مساء أمس في الإسكندرية أن أوقفنا شرطي مرور , وذهب بنا إلى مركز شرطة المرور , وقابلنا ضابط برتبة نقيب، وعمل لنا محضراً طويلاً لمخالفتنا قانون الجمهورية بسير السيارة بدون أرقام , وهو أمر لا دخل لنا فيه , لأن الشركة وكمرك القاهرة هما اللذان رتبا هذا الأمر , وبعد كلام كثير أفرج عنا! لأنا ضيوف , وهو بإمكانه كما يدعى أن يؤخرنا , دخلنا الميناء , وكنا نحمد الله أن ودعنا ذلك المجتمع , وقد رأينا في الميناء أشياء جديدة كثيرة , هذه البواخر كالأعلام وهذا البحر المديد , وهؤلاء المسافرون يفترشون الأرض بانتظار الباخرة , وكان مقرراً أن تصل الباخرة المصرية (الجزائر) الساعة العاشرة صباحاً , لكنها تأخرت , وقد أنهينا إجراءات السفر والسيارة , وجلسنا ننتظر وصول الباخرة , ومرت ساعات كثيرة وما وصلت حتى عانقت الشمس الأفق , واستمرت عمليات التفريغ من السادسة حتى الثانية عشرة تقريباً , وبدأ التحميل بعد منتصف الليل وكانت سيارتنا ثاني سيارة ترفع على ظهر الباخرة بطريقة بدائية قد سببت أضراراً للسيارة , أزعجتني كثيراً , والمزعج أكثر هو هذه المعاملة الملتوية لعمال الباخرة ورؤسائهم , وبعد أن رُفِعَتِ السيارة واستقرت على ظهر الباخرة أوينا نحن الثلاثة: صباح رشيد شلال وزهير الطعان (( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2)2) والفقير إليه تعالى إلى غرفة صغيرة، قد عُلِّقَ بجانبيها سريران صغيران وعلى الأرض الثالث , ودولاب وطاولة و كرسي وقنفة ومغسلة , ومرافق مشتركة مع الغرفة المجاورة , كنا في الدرجة الأولى , وهناك ناس كثيرون باتوا على ظهر الباخرة , أوينا إلى الفراش متعبين ولا ندري هل سنستيقظ والباخرة قد سارت وغادرت الميناء , أم إنها ستظل راسية حتى الصباح.
مغادرة ميناء الإسكندرية
الخميس 14 تشرين الأول 1976م = 20 شوال 1396هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
استيقظنا في الصباح والباخرة لا تزال راسية , ثم جرت حوالي الساعة الثامنة صباحاً على مهل، ثم بدأ الساحل يغيب عنها حتى صرنا في منتصف البحر، وراحت تمخر عباب الماء باتجاه لا نكاد نميزه لولا الشمس , وبدأ لون المياه يتغير كلما دخلنا في أعماق البحر، حتى صارت ذات لون لم تره عيني من قبل , زرقة غامقة كالحبر، لكنها مياه صافية كالزجاج , وكانت الباخرة تشق مياه البحر فتندفع بجانبها أمواج عالية تجري وراءها، ثم تذوب في وسط البحر الواسع , تمد بصرك شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً لا ترى إلا مياه البحر تنتهي عند الأفق الذي يشكل دائرة منتظمة، وإلا سحباً خفيفة تعلو المياه غير بعيدة , وهذه هي أول مرة أركب فيها البحر، وبدأت أقرأ بعض الآيات التي وردت عن البحر في القرآن الكريم، وبدأت أحس بمعانيها على نحو أعمق , وسبحان الله العليم الخبير.
كانت الباخرة كبيرة , مع أن هناك بواخر أكبر منها بكثير , مسافرون كثيرون يملؤون الممرات والغرف , الدرجة التي حجزنا عليها أتاحت لنا غرفة لا بأس بها ووجبات طعام جيدة , أجمل ما في السفرة أنها في البحر وأننا ثلاثة , وإذ أكتب هذه الكلمات في الحادية عشرة ليلاً يهتز السرير قليلاً، وأسمع أزيز صوت محرك الباخرة وأصوات الموج المرتطمة ببعضها , السفر بالباخرة لمسافات طويلة متعب على ما يبدو , خاصة إذا كانت الباخرة خالية من وسائل قضاء الوقت , والراحة , ويبدو أن القراءة وسيلة نافعة يمكن أن يقطع بها المسافر بالبحر رحلته.
الوصول إلى مدينة اللاذقية
الجمعة 15 تشرين الأول 1976م = 1396هـ
استيقظنا في الصباح على أصوات أمواج عالية تصطدم بالباخرة , التي ما تزال منذ صباح أمس تسير سيراً حثيثاً دون توقف، سمعنا أن الوصول إلى ميناء اللاذقية سيكون عند ظهر اليوم أو بعده بقليل , كان اليوم جمعة لكن فاتتنا الصلاة، فصلينا الظهر جماعة بين أسرة الغرفة الصغيرة في الباخرة , وبعد أن تناولنا طعام الغداء , في مطعم الباخرة , وطعام الباخرة بصورة عامة جيد وكثير , بانت عند الأفق الشرقي رؤوس بنايات مدينة اللاذقية وجبالها، وكلما اقتربنا ظهرت البواخر الراسية في الميناء ورأينا المدينة بوضوح , وفي حوالي الساعة الثانية بعد الظهر رست الباخرة على الميناء , وبذلك تكون الرحلة من الإسكندرية إلى اللاذقية قد استغرقت ثلاثين ساعة , وبدأ نزول المسافرين , ثم بدأ تنزيل السيارات وكنا بين التفاؤل والحذر لما نحن مقبلون عليه , كانت سيارتنا في أسفل (العنبار) فكانت آخر السيارات نزولاً , وتكررت مأساة الإسكندرية , الحبل يرص حديد السيارة من الأمام والخلف فَيَثْنِيهِ , ثم جاء الأدهى من ذلك , بعد أن ارتفعت السيارة معلقة بالهواء تركها عامل الرافعة على تلك الصورة وبدأ يساوم على ما سوف أدفعه لهم , والسيارة تأن من الحبل , ولم ألتفت إليه وتجاهلته، رغم أن شعوري كان شعور من يرى أمواله تحترق أمام ناظريه ولا يملك لإطفائها شيئاً , أنزلوها على الأرض , وبدأت مرحلة جديدة لإنجاز معاملة إخراج السيارة من كمرك اللاذقية، أنجز كثير من الناس معاملات سياراتهم ومرقوا من بوابة الكمرك، لكن كان هناك في سيارتي إشكال وهي إنها لا تحمل رقماً تجارياً، أي أنها بدون رقم، وعليه لم نستطيع عمل شيء في الليل (لأننا لم نعرف المداخل الصحيحة لإنجاز المعاملة هنا) وظللنا في الميناء بانتظار الصباح.
البحث عن موافقة في دمشق
السبت 16 تشرين الأول 1976م = 22 شوال 1396هـ
قضيت الليل في السيارة أمام بناية كمرك الميناء , كان نوماً متقطعاً ونزل المطر في آخر الليل , كان الجو جميلاً رغم ذلك , وأقبل الصباح وبدأنا نجهز أنفسنا للصباح , وكان أبو أكرم , وهو مخلص كمركي , قد وعد أن يحضر في أول الصباح حتى يطوف بنا على المكاتب، المعاملة تحتاج إلى (بيان كمركي) وهو ما يتطلب مصروفات بحدود (1200 ليرة) أي ما لا يقل عن (110) دينار عراقي , وهو مبلغ كبير لاسيما أن معظمه يذهب , ولا يسترد منه إلا جزء يسير , وحاولنا أن نحصل على موافقة بالاكتفاء بعمل (بطاقة استيراد مؤقت) نمر بها من خلال الأراضي السورية , وهو ما لا يتطلب إلا اليسير من الفلوس , وقَدَّمْنَا طلبات إلى مدير كمرك اللاذقية , أنا ومعي عراقي آخر عنده سيارة مشابهة , لكن مدير الكمرك رفض منح الموافقة
(يُتْبَعُ)
(/)
بذلك , وقال إنه على استعداد لرفع الطلب إلى المديرية العامة للكمارك في دمشق، وبعد أخذ ورد عملنا كتاب لتحويل الطلب إلى دمشق , فأخذت الطلب مع دكتور مجيد (طبيب عراقي عائد من مصر أيضاً) , وركبنا من اللاذقية إلى دمشق , لكن لم نجد سيارة تذهب مباشرة، فركبنا إلى حمص، ومن هناك إلى الشام حيث وصلنا بعد الثامنة مساء , ونمنا في فندق الكندي بانتظار الصباح , ومع أن السفر , بحد ذاته جميل , ومع أن البلاد السورية غير عاطلة الجمال، فإن هذه السفرة كانت متعبة نفسياً وبديناً , البرد والوسخ ولم يكن معنا شيء إلا ما نلبسه , وما أن أسلمنا أجسامنا للسرير حتى غرقنا في نوم عميق.
العودة إلى اللاذقية
الأحد 17 تشرين الأول 1976م = 23 شوال 1396هـ
خرجنا من الفندق بعد إشراقة الشمس بقليل , وطفنا قليلاً في بعض شوارع دمشق المحيطة بالفندق , ثم ذهبنا إلى مديرية الكمارك مع بداية الدوام , وقَدَّمْنَا الكتاب إلى الجهة المسؤولة فكان جواب الموظف أن لا بد من عمل البيان الكمركي , وأخبرنا أخيراً أن بإمكاننا أن نجلب تعهداً من السفارة العراقية بدمشق تضمن فيه خروج السيارة من سورية، لعلهم يمنحوننا الموافقة، وأسرعنا إلى السفارة وبعد جهد ونقاش اقتنع المسؤول وزودنا بالتعهد , بعد أن أخذ منها بدوره تعهداً بتحمل أي غرامات تترتب على عدم خروج السيارات , وعدنا به إلى المديرية قبل نهاية الدوام، وجلسنا ننتظر الموافقة لكن الدقائق الباقية من الدوام مرت بسرعة دون أن تخرج الأوراق من المدير العام , وقال لنا الموظف إن النتيجة تظهر غداً , وخرجنا من الدائرة , وجاء الأمر على عكس ما كنا نتوقع من إنجاز المعاملة في نفس هذا اليوم , واقترحت على الدكتور مجيد أن أسافر إلى اللاذقية ويبقى هو لأخذ الجواب غداً , فاتفقنا على ذلك فغادرت دمشق إلى اللاذقية , وظل هو هناك بانتظار الجواب غداً , وركبت سيارة تكسي وجرت بنا منذ الثالثة بعد الظهر , وأقبل الليل علينا بحمص , ثم مررنا بتل كلخ، وتجاوزنا الجبال نحو البحر، وسارت السيارة بمحاذاة البحر، ومررنا بميناء طرطوس ثم بانياس، وبعد بانياس بقليل حدث أن سيارة كبيرة انحرفت فوق جسر ضيق وسدت الطريق، فتوقفت السيارة عن السير، وأمامنا حشود من السيارات المتوقفة، وطلب منا السائق أن ننزل ونعبر الجسر مشياً، ونركب من هناك أي سيارة ذاهبة إلى اللاذقية، وهي ليست بعيدة من المكان، نزلنا وعبرنا الجسر , وفُتِحَ الطريق بعد قليل , لكن السائق رجع بسيارته إلى قريته القريبة من المكان، وتَرَكَنَا حائرين، فما كان إلا أن أرجو سائق سيارة خاصة أن يحملني معه إلى اللاذقية، وسط جو موحش مظلم، ووصلت اللاذقية الساعة 10,30 ليلاً، والحمد لله على كل حال.
تأخير من غير فائدة
الاثنين 18 تشرين الأول 1976م = 24 شوال 1396هـ
بعد عودتي من دمشق ليلة أمس وجدت الإخوة صباح وزهير في فندق (أم كلثوم) الذي نزلنا فيه باللاذقية , وكان في نيتي أن أذهب إلى الميناء لأنام في السيارة , تحسباً لأي مكروه , لكن تأخر الوقت وكوننا تركنا السيارة أكثر من ليلة ولم يحدث شيء جعلني أقضي الليل في الفندق , وفي الصباح ذهبت إلى الميناء , مرة أجلس في السيارة وأخرى أنظر إلى أعمال التفريغ من البواخر والتحميل , وأنا مع ذلك كله أحس بمرارة هذا التأخير الذي ربما كان بالإمكان تفاديه بدفع شيء من المال للوسطاء , لكن الأمل الضعيف المعلق بأننا نستطيع أن نمر بسوريا دون أن ندفع رسوماً عالية ودون عمل بيان الترانزيت هو الذي حملنا على هذا التخبط والانتظار , ونحن لا نزال في انتظار موافقة مدير الكمارك في دمشق , وجاء العصر ومضى آخر النهار , وخيم الظلام ونحن ننتظر عودة الدكتور مجيد الذي ظل ينتظر نتيجة المعاملة في دمشق , وحضر الإخوة صباح وزهير إلى الميناء وجلسنا ننتظر , وحضر أبو أكرم وهو سوري يعمل في أعمال التخليص الكمركي، وكان يود لو قام هو بالعمل حتى ينال شيئاً , أو بواسطته على الأقل، وصرنا مرغمين على الموافقة على ذلك , وبعد الساعة السابعة حضر دكتور مجيد لكن النتيجة كانت عدم الموافقة , وهنا بلغ منا الضجر مبلغه , فبعد هذا الانتظار والتأخير نعود فندفع مصروفات بيان ترانزيت , واتفق معنا أبو أكرم على عمل البيان في أحد المكاتب على أن يدفع كل واحد 750
(يُتْبَعُ)
(/)
ليرة لا يسترد منها شيء , وسلمناه الأوراق وبانتظار الصباح.
إخراج السيارة من الميناء
الثلاثاء 19 تشرين الأول 1976م = 25 شوال 1396هـ
كنا هذا الصباح شبه مطمئنين إلى أن أبا أكرم سوف ينجز عمل البيان , بيان ترانزيت , لكنه يفاجئنا بعد الساعة التاسعة والنصف من هذا الصباح بأن صاحب المكتب لم يوافق على المبلغ ولابد من تأمين، وأن أقل ما يمكن دفعه هو (1200) ليرة لكل واحد , منها (500) ليرة تأمين يمكن أن تسترد بعد خروج السيارة , والبقية أتعاب ومصروفات , وشعرنا بأنه يساومنا ويحاول أن يمرر علينا لعبة يستفيد هو من ورائها , فرفضنا وأخذنا الأوراق منه , وحاولنا أن نذهب إلى بعض مكاتب التخليص لكن دون جدوى , وكان دكتور مجيد قد التقى بدمشق في مديرية الكمارك برجل عنده مكتب تخليص وله شريك في اللاذقية , فأرسل معه ورقة إلى ذلك المكتب , وبعد بحث يسير وجدنا المكتب قرب باب الميناء , وشرحنا له الطلب فرحب بنا حسب الأصول , وطلب (900) ليرة كل واحد منا منها (400) تسترد والباقي أتعاب , فوافقنا لأن ذلك أقل سعر وجدناه , وكان يهمنا كثيراً أن تنجز المعاملة هذا اليوم , وبدأ العمل بتنظيم المعاملة قبل الساعة الحادية عشرة قبل الظهر , وأكملت بعد ساعة أو ساعتين , لكن كانت هناك جملة من التوقيعات لابد من الحصول عليها وأخذ صاحب المكتب (مكتب سوريا للنقل – عبد الرزاق ديب حميد) يرسل عامله على الماطور (الدراجة النارية) , ولم تكتمل عند الظهر ووعدنا بالمساء , وفعلا فقد اكتملت عند الساعة الثامنة تقريباً، فأخرجنا السيارة من الميناء، والحمد لله رب العالمين، بعد ذلك الانتظار الطويل، الذي كان بالإمكان تفاديه لو أننا دفعنا الرسوم المطلوبة من أول ساعة وصلنا فيها الميناء، لكن شعورنا بأن منها ما هو رشوة جعلنا نمتنع، لكن ما حيلة المضطر إلا القبول بذلك الواقع الذي لا نملك تفاديه أو تغييره.
السفر إلى دمشق
الأربعاء 20 تشرين الأول 1976م = 26 شوال 1396هـ
نمنا في الفندق ليلة طالت علينا، وفي الصباح الباكر كنا نعد أنفسنا لرحلة طويلة , كنا نرغب بالذهاب إلى دمشق عن طريق حلب ثم حماة وحمص لكن الموافقة كانت عن طريق طرطوس حمص , ولم نكن نريد تأخيراً جديداً، فتوكلنا على الله، وبدأنا السير إلى دمشق على هذا الطريق وسط جو ممطر , فقد تأخرنا ساعة أو أكثر في اللاذقية بانتظار هدوء المطر، ثم ركبنا في السيارة , الأخ صباح هو الذي يقود السيارة , ولازمنا المطر منذ أن خرجنا من اللاذقية , وكان منظراً جميلاً حبيباً إلى النفس , ولا أدري إن كنت سأشاهده مرة أخرى , البحر عن يميننا والجبال عن يسارنا، وهذه السحب تحمل الماء من البحر فتنزل على الجبال , والسحب تغشي أعالي الجبل , كان مطراً غزيراً حتى إن فرشاة الزجاج لا تكاد تلحق حبات الماء المتساقط على زجاج السيارة , وكانت الوديان تجري بالماء من السفوح , والطريق من طرطوس جميل من غير المطر , غابات الصنوبر والزيتون , والخضرة الداكنة تغطي معظم الأرض , واجتزنا طرطوس، ثم دخلنا إلى مدينة تل كلخ والمطر لا يزال ينزل، ودخلنا الأراضي اللبنانية لفترة يسيرة، واشتريت بعض الأغراض من المحلات المقامة على الطريق، ثم وصلنا حمص فتوقف المطر , صلينا الظهر في حمص في الجامع الذي يضم قبر الصحابي الجليل خالد بن الوليد - t - ثم اتجهنا من حمص بطريق أكثر سهولة إلى دمشق، فوصلنا مع غروب الشمس، ونزلنا في فندق اليرموك , وقد صلينا العشاء في الجامع الأموي الكبير , والحمد لله رب العالمين.
زيارة المكتبة الظاهرية
الخميس 21 تشرين الأول 1976م = 27 شوال 1396هـ
كان هذا اليوم هو فرصتنا لنرى دمشق ونأخذ قسطاً من الراحة , لكن ذلك الأمل ضاع حين بدأنا نشتري الهدايا , فقضينا قسطاً من أول النهار وجانباً كبيراً من آخره في سوق الحميدية , حيث الملبوسات بأنواعها , فأفرغنا ما في الجيوب من بقايا نقود , وكنا نتمنى المزيد لنشتري المزيد , وهكذا الدنيا , لكن استطعت قبل الظهر أن أذهب إلى المكتبة الظاهرية , وهي ليست بعيدة من السوق على جانب الجامع الأموي , بناية قديمة , بناية المدرسة الظاهرية، نظيفة , أنيقة , مع أن القديم مكان يبعث الإجلال في النفس للسلف , والمخطوطات في المكتبة منظمة ومرتبة على رفوف في قاعة كبيرة، وهناك
(يُتْبَعُ)
(/)
قاعة أخرى للمطالعة , كنت أريد تصوير كتاب صغير هو كتاب البديع في رسم المصحف، إذ توجد منه نسخة رديئة الخط في المكتبة الظاهرية، وتوجد منه نسختان في مصر، اطلعت على نسخة الظاهرية، وكانت فعلاً رديئة الخط لكنها مفيدة لو أريد تحقيق الكتاب , كنت أريد أن أصورها لكن ضيق الوقت لم يتح لنا عمل شيء من ذلك , وفي حينها زرنا مجمع اللغة العربية بدمشق في مقابل المكتبة الظاهرية , كان معي الإخوة صباح وزهير , انصرفنا من هناك إلى سوق الحميدية حيث واصلنا رحلة إفراغ الجيوب , والحقيقة أن هناك أشياء جميلة كثيرة في السوق وفي أسواق دمشق الأخرى مما يُلْبَسُ ويُؤْكَلُ , وهما زينة الحياة الدنيا.
الوصول إلى بغداد
الجمعة 22 تشرين الأول 1976م = 28 شوال 1396هـ
نمنا أمس في ساعة متأخرة , كنا نشد الحقائب ونرزم الأمتعة , وقد استيقظنا صباح هذا اليوم في وقت مبكر، وكنا نشد الأمتعة على السيارة مع إطلالة الشمس، وانطلقنا بالسيارة من دمشق قاصدين بغداد منذ أول النهار , لكننا ضللنا الطريق الذي يؤدي إلى بغداد، وتأخرنا بعض الوقت في أطراف دمشق , ثم وصلنا خان أبي الشامات حيث الكمارك السورية , وهي لا تبعد أكثر من 65 كم عن دمشق , وهنا جرت آخر المساومات حول ابتزاز أكبر مقدار من الفلوس منا , ولم نغادر الخان إلا في الساعة العاشرة , وجرت بنا السيارة بسرعة يقودها الأخ صباح , كان الطريق شبه خال من السيارات , وهو لا بأس به من حيث التبليط , توقفنا قليلاً في منتصف الطريق بين خان أبي الشامات والرطبة , واشترينا صفيحة بانزين , ثم واصلنا السير 400 كم حتى الرطبة وأخرى مثلها إلى بغداد , وصلنا الرطبة الساعة الثالثة بعد الظهر تقريباً , هناك علينا أن ننجز معاملة كمركية أخرى , لكن هيأ الله لنا أبو غايب , راضي الحديثي الذي يعمل في مكتب نقل , فأنجز لنا المعاملة , وسهل الله به أموراً كثيرة، فغادرنا الرطبة مع غروب الشمس الساعة السادسة بتوقيت بغداد , وسرنا في الطريق إلى بغداد ليلاً , وكانت رحلة لطيفة رغم التعب , وكانت الثعالب تعرض لنا على جانب الطريق , توقفنا في الرمادي للعشاء , ثم مضينا إلى بغداد حيث وصلنا الساعة الواحدة بعد منتصف الليل تقريباً, والحمد لله رب العالمين.
الحصول على وظيفة في كلية الإمام الأعظم
الأحد 21 تشرين الثاني 1976م = 29 ذو القعدة 1396هـ
منذ أن وصلت أرض العراق في مساء 22/ 10/1976 وأنا أجري وراء الأوراق والمعاملات , ولا أزال أسافر بين بيجي وبغداد، وفي كل أسبوع أكثر من مرة , جري حرمني قسطا كبيراً من متعة لقاء الأهل بعد ذلك الفراق الطويل , والحمد لله , فقد تكللت تلك الأتعاب بما أرجو أن يتقبله الله وأن يجعله طريقاً إلى رضاه , كنت قد قدمت طلباً للتعيين إلى وزارة التعليم العالي في 10/ 11/1976 , وحاولت أن أضمن التعيين في بغداد في أية كلية كانت , واستطعت أن أقدم الطلب بواسطة شخص يعرف وزير التعليم العالي , لكن الأمور لم تجر بسهولة , وظل الطلب يتحرك بين مكتب الوزير والمختصين في الوزارة , وسافرت إلى بيجي خلال تلك الفترة وعدت , أكثر من مرة , وكنت قد سافرت يوم الخميس الماضي , بانتظار نتيجة الطلب، وعدت اليوم فوجدت أن الأمور قد جرت إلى آخر الشوط , وأن نتيجة الطلب قد حسمت , وأن الوزير قد وافق على تعييني في كلية الإمام الأعظم , وهي كلية ترتبط بالوزارة مباشرة، ومناهجها مناهج كلية الشريعة [وأطلق عليها لاحقاً اسم كلية الشريعة، وألحقت بجامعة بغداد]، وكنت قد أردت التعيين في جامعة بغداد أو المستنصرية , لكن المسؤول عن الشؤون الفنية في الوزارة قد رفع مذكرة إلى الوزير يذكر فيها أن الجامعات غير محتاجة , وأن كلية الإمام الأعظم تستعين بمحاضرين في مادة الاختصاص , وصدرت موافقة الوزير على ضوء ذلك، أخذت أمر التعيين من الوزارة قبل انتهاء الدوام، وسوف أذهب به غداً إلى كلية الإمام الأعظم لإتمام إجراءات التعيين، إن شاء الله رب العالمين.
عوائق في طريق التعيين
الاثنين 29 تشرين الثاني 1976م = 7 ذو الحجة 1395هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
حين قدمت أمر التعيين إلى كلية الإمام الأعظم يوم الاثنين الماضي ظهرت في الطريق بعض المشكلات، فقد أخبرني عميد الكلية حين قابلته أن مادة (فقه اللغة)، وهي تخصصي الدقيق، تُدَرَّسُ هذه السنة أربع ساعات في الأسبوع، وفي السنة القادمة ساعتين، وبعدها سوف يُلْغَى تدريس المادة حسب نظام الكلية الجديد، وبناء على ذلك عرض عليَّ عميد الكلية تدريس مادة النحو، فوافقت على ذلك، ليس حرصاً على التعيين فقط، بل لأني أجد القدرة على تدريس النحو، وكتبتْ عمادة الكلية كتاباً إلى وزارة التعليم العالي تطلب فيه شيئين: الأول الموافقة على قيامي بتدريس موضوع النحو إلى جانب فقه اللغة! والثاني استحداث درجة مدرس مساعد، ومنذ يوم الاثنين من الأسبوع الماضي وأنا أدور في أروقة الوزارة، سافرت خلالها إلى بيجي يوم الجمعة، وذهبت يوم السبت إلى تكريت لتثبيت رقم السيارة، وجئت إلى بغداد يوم أمس الأحد، وراجعت الوزارة، لكن المعاملة لم تنجز بعد، وذهبت اليوم وظهرت موافقة الوزارة في آخر الدوام الرسمي، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وطبع الكتاب الموجه إلى الكلية، لكن وكيل الوزارة الذي يوقع على الكتاب رأى أن تعدل صيغة الكتاب عند عرضه عليه للتوقيع، وكان الدوام حينئذ قد قارب على الانتهاء، فَأُرْجِئَ الأمر إلى يوم الغد، إن شاء الله، وآمل أن أتمكن من أخذ الكتاب يوم غد من الوزارة لإيصاله إلى الكلية، وإذا ما تأخر إنجاز الكتاب يوم غد فإن ذلك يعني أن عليَّ الانتظار إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى الذي سيبدأ يوم الأربعاء، بعد غد إن شاء الله، وكان قد أعلن سابقاً أنه سيكون يوم الخميس، ولكن صدر بيان لاحق من المملكة العربية السعودية بأن العيد سيكون يوم الأربعاء، جعله الله مباركاً.
صدور أمر التعيين في الوظيفة
الثلاثاء 7 كانون الأول 1976م = 15 ذو الحجة 1396هـ
بعد عطلة العيد ذهبت يوم الأحد إلى تكريت وأكملت الورقة المطلوبة من التجنيد , وأمس يوم الاثنين ذهبت إلى بغداد مع الأخ أبي عمر والوالدة بالسيارة (سيارتنا والحمد لله) , وأكملت أمس بعض إجراءات الفحص الطبي وأتممت البقية الباقية صباح هذا اليوم , بعد ذلك أسرعت إلى كلية الإمام الأعظم وقدمت كافة الأوراق المطلوبة كاملة غير منقوصة للتعيين , فقبل العيد بيوم واحد (يوم الثلاثاء الماضي) حضرت إلى الكلية ومعي كتاب من الوزارة جواباً لكتاب الكلية وتأكيداً لكتاب الوزارة السابق، لكن الكلية أرادت بعض الأوراق قبل التعيين وقد أتممتها خلال اليومين الماضيين , وبناء على ذلك صدر الأمر الإداري الخاص بتعييني بكلية الإمام الأعظم بوظيفة مدرس مساعد , وبراتب اسمي قدره (36) ديناراً , على أن أدرس مادة فقه اللغة , وهي ثلاث ساعات في الأسبوع إلى جانب تدريس مادة النحو لبعض الصفوف , لأن الكلية بحاجة إلى من يدرس النحو , لعدم كفاية اختصاص النحو , واليوم لم آخذ جدول التدريس , وقد وعد الدكتور هاشم جميل عميد الكلية وكالة أن ينظم لي الجدول.
والكلية تبدو لي مريحة إن شاء الله بأساتذتها وطلابها نوعاً ما , فمدرسو الكلية ستة أو سبعة والبقية محاضرون , ومن مدرسي الكلية بعض الزملاء والمعارف من أيام الدراسة في القاهرة , ولا ينبغي إغفال لطف استقبال العميد ومدير الإدارة والذاتية الأستاذ نهاد , وكذا الموظفون الآخرون , أما السكن ففي البيت الذي بناه الأخ سفر بحي العدل في بغداد , والحمد لله، فقد تهيأ مكان مناسب للعمل , ومسكن مريح في وقت أزمة السكن وارتفاع الإيجارات وندرتها، والحمد لله رب العالمين.
المحاضرة الأولى
الاثنين 13 كانون الأول 1976م = 21 ذو الحجة 1396هـ
كنت أفكر كثيراً في أول ساعة سوف أواجه بها طلاب الجامعة، وهي ساعة لا شك في أنها تبعث في نفس كل مقدم عليها شعوراً بالرهبة وخشية الارتباك , خاصة إذا كان الشخص يقف لأول مرة أمام الطلاب , وطلاب الجامعة بأعمارهم , وطلاب كلية الإمام الأعظم بعلمهم، كان ذلك كله عاملاً يسبب لي القلق إلى حد الخوف , لذلك كنت خلال هذه الأيام أجلس في البيت ساعات طويلة أراجع الموضوعات المقررة، واقرأ وأعيد القراءة كمن يعد نفسه لامتحان , والمنهج غير واضح ولا محدد , كانت المادة فقه اللغة , والصف هو الرابع في قسم اللغة العربية , والموضوع عن
(يُتْبَعُ)
(/)
اللغات السامية وموقع العربية فيها , أعددت نفسي لكلام موجز , وأعددت ما سوف ألقيه عليهم حول الموضوع , واتباعاً لعرف كنا نراه سابقاً قدمني الأستاذ عبد القادر الهيتي المدرس السابق للمادة (اختصاصه نحو) للطلاب وانصرف , وبدأت الساعة الحرجة وساعة المواجهة , واستفتحت , وفتح الله , وهو خير الفاتحين , تحدثت عن موضوعات المنهج , وما سوف نتناوله في هذه المحاضرة , وتكلمت قليلاً عن تقسيم اللغات , وأسس التقسيم , وعن اللغات السامية وتقسيماتها , ومرت الدقائق سريعة , وإذا أحد الطلاب يقول انتهى وقت المحاضرة , ولم أكن أنتظر انتهاء الدرس , فقد اندمجت والطلاب بأحاديث حول الموضوع والدراسة , ووجدت الطلاب هم هم كما كنا سابقاً: أحاديث عن الامتحان والمقرر واختصار المادة وما إلى ذلك.
تمت يوميات الرحلة إلى مصر للحصول على شهادة الماجستير
والحمد لله رب العالمين (( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3)3).
شكر وامتنان
في ختام هذه اليوميات أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان إلى الأخ الدكتور عبد الرحمن الشهري المشرف العام على ملتقى أهل التفسير الذي شجعني على نشر اليوميات، وأَوْسَعَ لها مكاناً في الصفحة الأولى من الملتقى، وإلى الأخ الأستاذ عمار الخطيب الذي قرأ اليوميات قبل نشرها، وأنفق كثيراً من وقته وجهده في تصحيحها، وإلى الإخوة القراء الذين قرؤوها وشجعتني كلماتهم على مواصلة نشرها، جزى الله الجميع خير الجزاء.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
نُشرت هذه الحلقة يوم الجمعة 16/ 5/1431هـ
ـــ الحواشي ــــ
(1) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref1) هذا شعور يعبر عن حالة فردية من الانفعال الناتج عن عدم الحصول على المطلوب، ولا يعبر في تقديري الآن تعبيراً دقيقاً عن مجتمع مصر، والحمد لله الذي يسر الحصول على نسخ من كتاب البديع في رسم المصحف لابن معاذ الجهني، وقد حققت الكتاب وطبع مرتين: الأولى في بغداد والثانية في عمان.
(( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref2)2) كان قد حضر الأخ صباح رشيد للاصطياف في القاهرة، بعد أن ترك دراسة الماجستير فيها وعاد إلى بغداد، ومعه الأخ زهير الطعان، وطلبت منهما أن يصطحباني في طريق عودتي إلى العراق، لقيادة السيارة، لأن خبرتي بالسياقة لا تزال محدودة.
(( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref3)3) أتممت مراجعة هذه اليوميات بعد ما يقرب من خمس وثلاثين سنة من كتابتها، وقد حالفني التوفيق في تلك السنوات، والحمد لله، فعملت في كلية الشريعة بجامعة بغداد اثنتي عشرة سنة، ثم انتقلت إلى جامعة تكريت، ولا أزال مستمراً في العمل فيها، وقد تدرجت في المراتب العلمية حتى حصلت على لقب الأستاذية في سنة 1991م، ووفقني الله لتأليف عشرة كتب، وتحقيق أكثر من عشرين كتاباً مخطوطاً، وكتابة أكثر من أربعين بحثاً، لقي معظمها القبول، والحمد لله رب العالمين.
الحلقات السابقة:
1 - ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الأولى) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18525)
2- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثانية) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18581)
3- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثالثة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18636)
4- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الرابعة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18711)
5- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الخامسة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18785)
6- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة السادسة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18853)
7- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة السابعة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=18943)
8- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثامنة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19012)
9- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة التاسعة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19104)
10- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة العاشرة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19167)
(يُتْبَعُ)
(/)
11 - ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الحادية عشرة) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19239)
12- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثانية عشرة) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=19333)
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[30 Apr 2010, 03:00 م]ـ
لا أملك بعد قراءة كل هذه الذكريات وما حوته من محطات ودروس وعِبَر إلا أن أحمد الله تعالى أولاً على كل ما أنعم به عليكم أستاذنا الفاضل من علم وخلق وأدب جمّ ظهر واضحاً خلال قراءة هذه الذكريات. ثم أدعو الله عز وجل أن يكتب لكم أجر ما عانيتموه في سبيل الوصول إلى هذه المرتبة العلمية والإنسانية فما مررتم به كان قاسياً أحياناً ومبكياً أحياناً كثيرة ولولا أن رزقكم الله تعالى الصبر وحسن اليقين به لما استطعتم اجتياز هذه المرحلة الصعبة، هذا إضافة إلى رضى الله سبحانه وتعالى ورضى الوالدين ودعاء الأهل والأحباب.
ولا يفوتني أن أذكر ملاحظة لفتت نظري من خلال الذكريات أن معظم محطاتها الرئيسية وقعت في تواريخ هجرية شريفة إما في رمضان أو في العشر من ذي الحجة وهذا يبدو لي أنه كان إشارة طيبة أنكم تحت رعاية الله وحفظه.
وكم تمنيت خلال قراءتي ما ذكرتموه حول أول محاضرة ألقيتموها في الجامعة أن أكون من ضمن أولئك الطلبة المحظوظين.
يبقى أمر واحد لا بد من التوقف عنده ليكون لنا ولغيرنا درساً هاماً وهو موضوع تعطيل مصالح الناس بغية اكتساب بعض (البقشيش) أو الرشاوي أو لمجرد عقد نفسية عند البعض فيفرحون إذا رأوا غيرهم بحاجة إليهم وهم يمهلونهم أياماً بعد أيام أو لا يصدقون معهم أو يعدونهم بأمر ولا يوفون به، فأقول أين نحن من تعاليم ديننا الذي يحثنا على المشي في حاجة إخواننا ويحثنا على الوفاء بالعهود وعلى الصدق وعلى قضاء حوائج المسلمين!
أرى أنها وقفة تستحق التفكر بها لمراجعة أنفسنا.
كما أشكر لكم توقفكم عند أحوال الإخوة الذين مرت أسماؤهم خلال الذكريات فذكرتم لنا أين أصبحوا وما أخبارهم وهذه لفتة كريمة من رجل كريم مثلكم لا تغيب عنه مثل هذه الالتفاتة لأصدقاء عاصروا هذه المرحلة الهامة من مسيرتكم فبارك الله لكم وبكم وعليكم.
وأخيراً جزاكم الله خيراً أستاذنا الفاضل على مشاركتنا هذه الذكريات والشكر موصول لمشرفنا العزيز د. عبد الرحمن جعله الله مفتاحاً للخير دائماً وبارك بكم جميعاً.
هنيئاً للعراق خاصة وللمسلمين عامة بكم د. غانم نفع الله بعلمكم وجزاكم عنا خير الجزاء وفقكم الله تعالى ورعاكم وسدد على الخير خطاكم وجعل الفردوس الأعلى مستقركم ومثواكم.
وعذراً على الإطالة
ـ[محب البشير]ــــــــ[30 Apr 2010, 03:37 م]ـ
فضيلة الشيخ الأستاذ غانم قدوري الحمد، لقد سعدت بقراءة ذكرياتكم طوال الأيام السابقة و كانت بالنسبة إلي نبراسا أضاء لي بعضا مما كان يعانيه السابقون في طلب العلم، أعجبتني كلها غير أن ما شد انتباهي ما يعانيه طالب العلم من جراء انتشار العادات السيئة التي درج عليها الناس في هذا الزمان و كذا خدمتكم لأصدقائكم أثناء الطلب سواء بالتسجيل أو البحث عن الشقق أو غيرها و هذا نفتقده اليوم كثيرا و صبركم و تحملكم لأعباء الصحبة و انشغالات الأساتذة.
وعلى العموم ذكريات ماتعة، أسأل الله أن يبارك لك في عمرك و أهلك و مالك ............ آمين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Apr 2010, 05:23 م]ـ
أستاذنا العزيز الدكتور غانم قدوري الحمد حفظه الله ورعاه
لقد كانت سلسلة ذكريات ماتعة ومفيدة حقاً، لم ألق أحداً ممن قرأها أو بعضها إلا استفاد منها، وقد فتحت الباب للباحثين لتدوين مذكراتهم العلميَّة التي تختصر الجهود على الباحثين الذين لا يزالون في بداية الطريق. وقد كشفت لنا هذه المذكرات المعاناة التي عانيتها في مرحلة الماجستير في كل مراحلها، وكثير من الباحثين قد يمرون بمثل هذه المواقف أو ببعضها فيظن أنه الوحيد الذي لقي المتاعب والصعاب في دراسته، والواقع أن طريق طلب العلم والبحث فيه مشقة تحتاج إلى الصبر وسعة الصدر.
ونحن في ملتقى أهل التفسير نشكرك على إشراكنا في الاستمتاع بهذه الذكريات، والدخول إلى شخصيتك العلمية المتواضعة الخلوقة التي يظهر أثر حسن الخلق، وأدب النفس في كل تفاصيلها. وقد ظهرتُ شخصيتك العلمية المتواضعة في كل بحوثك وتحقيقاتك التي قرأتها، وفي بحثك (رسم المصحف) عمق علمي وتتبع موفق أشكرك عليه، وقد كانت تلك الكتابة في هذه الظروف المتعبة، فأثمرت ولله الحمد أطيب الثمر وأحلاه.
العِبَرُ من هذه الذكريات كثيرة، وأسأل الله أن يحسن عاقبتنا جميعاً، وأن يغفر لنا الخطأ والزلل، وأن يستعملنا في طاعته ورضاه. وأرجو أن نرى قريباً سلسلة ذكريات لأحد علماءنا الأجلاء على صفحات ملتقى أهل التفسير فانتظرونا.
الجمعة 16/ 5/1431هـ
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[30 Apr 2010, 06:57 م]ـ
شكرا للشيخ غانم
أمتعنا كثيرا
وكان بودنا لو استمر .. أنوي جمعها في ملف واحد , ما رأيكم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Apr 2010, 07:16 م]ـ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله بن صالح http://tafsir.net/vb/styletafsir/buttons/viewpost.gif (http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=101345#post101345)
شكرا للشيخ غانم
أمتعنا كثيرا
وكان بودنا لو استمر .. أنوي جمعها في ملف واحد , ما رأيكم؟
هي مجموعة في ملف واحد عندنا، ولكنَّ جمالها في كونها على حلقات مترابطة. ولعلنا ننظر في أمر نشرها في كتاب إن رأى الدكتور غانم ذلك مستقبلاً.
ـ[أحمد شكري]ــــــــ[01 May 2010, 12:01 ص]ـ
اندفعت إلى قراءة هذه المذكرات من حلقتها الأولى إلى الأخيرة بشغف كبير -وأنا أحب قراءة كتب الذكريات والرحلات خاصة لمن أحب - وفي كل منها عبر كثيرة ومعلومات مفيدة وذكريات جميلة، وكنت أتوقع الانتفاع منها وقد حصل، وأنا أحد المنتفعين من كتاب رسم المصحف ومن مؤلفه في كتبه الأخرى، وكانت فرصة الالتقاء به قبل عدة سنوات خلال مناقشة إحدى الرسائل العلمية مناسبة للتعرف إلى عالم عامل متواضع شامخ أديب لطيف، فجزاكم الله خيرا أستاذنا الكريم على نشر هذه المذكرات، وجزى خيرا من تابع الموضوع وأصرّ عليه واجتهد في سبيل إنجازه. وبانتظار ذكريات الأستاذ الكبير أحمد حسن فرحات كما سمعت من فضيلة المشرف العام أنها على وشك النشر في الملتقى.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 May 2010, 11:56 م]ـ
البحث عن مخطوطة
الأحد 10 تشرين الأول 1976م = 16 شوال 1396هـ
الأيام قبل السفر بدأت تذهب بسرعة وأنا أحاول أن أعمل من خلالها شيئاً مفيداً , وكان من بين ذلك محاولتي نسخ مخطوطة قديمة في رسم المصحف لابن معاذ الجهني , هناك منها نسخة ناقصة في دار الكتب المصرية وأخرى كاملة في مكتبة المعهد الأزهري بطنطا وثالثة في المكتبة الظاهرية بدمشق، فترددت على دار الكتب أكثر من مرة لنسخ الموجود منها , لكن ذلك لم يُجْدِ شيئاً فالمخطوطة ذهبت إلى التصوير ولم ترجع , ثم حاولت الذهاب إلى طنطا , ذهبت يوم الاثنين الذي كان بعد العيد فكانت المكتبة مقفلة بسبب العطلة التي تُعَوَّضُ بها الجمعة أو لمناسبة العيد , ثم حَدَّثْتُ نفسي بالذهاب إلى طنطا مرة أخرى , وذهبت اليوم , وكان معي محمد أسامة (أحد الإخوة العراقيين الذين سكنت معهم لقضاء الأيام الأخيرة في القاهرة) لعله يساعدني في النسخ، وبعد جهد ودوران في أطراف طنطا وهي مدينة يزينها مقام السيد البدوي , ومدينة كثيرة الذباب والأوساخ وبرك المياه القذرة في الشوارع , بعد ذلك الدوران عثرنا على المعهد الأزهري بعد أن ظهر أن المكتبة نقلت من مسجد السيد البدوي إليه، وانتظرنا المسؤول عن المكتبة وحضر الأستاذ محمد رشدي , وذكر لنا أن الكتب بعد انتقالها من مكانها القديم إلى الجديد وضعت في صناديق، وأنها لم تفتح بعد، وعلينا الانتظار بضعة أشهر حتى يتسنى لنا الاطلاع عليها , وقلت لا حول ولا قوة إلا بالله , المعاملة نفسها التي نجدها في مكتبة الجامع الأزهر نجدها في معاهده , التي نجدها في القاهرة نجدها في مدن مصر الأخرى (1) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1).
ـــ الحواشي ــــ
(1) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref1) هذا شعور يعبر عن حالة فردية من الانفعال الناتج عن عدم الحصول على المطلوب، ولا يعبر في تقديري الآن تعبيراً دقيقاً عن مجتمع مصر، والحمد لله الذي يسر الحصول على نسخ من كتاب البديع في رسم المصحف لابن معاذ الجهني، وقد حققت الكتاب وطبع مرتين: الأولى في بغداد والثانية في عمان.
في المرفقات كتاب (البديع في معرفة ما رسم في مصحف عثمان) لابن معاذ الجهني الذي ذكره الدكتور غانم في هذه الحلقة، حيث بحث عنه في القاهرة وفي المكتبة الظاهرية. وها هو اليوم محققاً بعد ذاك التعب في البحث عنه فجزاك الله خيراً يا أبا عبدالله.
ليهنك العلمُ والأجرُ يا أبا عبدالله.
ـ[خليل إسماعيل الياس]ــــــــ[03 May 2010, 01:42 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
استاذنا الفاضل الجليل ها وقد مضى اكثر من نصف الليل علينا ونحن نستمتع بقراءة اخر الحلقات من هذه الذكريات التي بقدر ما ادخلت السرور علينا فانها هيجت اشجانا من خلال ذكر بعض الشخصيات المهمة التي عرفناها وبعض الاماكن التي عشناها اضف الى هذا وذاك الشخصية الفذة والخلق الجم الذي تتمتعون بهما لمن عرفكم من قريب او حتى بعيد، وانه لمن الثقة بالنفس ان تعرضوا هذه السيرة بهذا الوضوح وهذه الشفافية وهذا بحد ذاته درس كبير تتضمنه هذه الذكريات.
حفظكم الله ونفع بكم استاذنا الكبير والشكر الجزيل للملتقى وللاخوين عبد الرحمن الشهري وعمار الخطيب على عنايتهم هذه
فجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 May 2010, 09:23 ص]ـ
إجراء المناقشة في موعدها!
الخميس 30 أيلول 1976م = 6 شوال 1396هـ
رجعت عصر أمس من الإسكندرية متعباً , فقد سافرت في الصباح من القاهرة إلى هناك لأحاول العثور على مكان في الباخرة إلى سوريا , بعد أن ألغيت الحجز على الباخرة المصرية يوم 3/ 10 بعد أن تأجلت المناقشة إلى يوم 2/ 10، وحين علمت أن الحجز على الباخرة الروسية التي تقلع يوم 6/ 10 لا يبدأ إلا يوم الأحد القادم نويت الرجوع لكني قلت لأمرَّ إلى كلية الآداب في جامعة الإسكندرية أسلم على الدكتور عبده الراجحي , وحين التقيت به كانت المفاجأة , ذكر لي أنه لم يوافق على تغير موعد المناقشة إلى يوم 2/ 10، وبذلك فإن الموعد ظل على حاله يوم 30/ 9، وكان عليَّ بناء على ذلك أن أعود إلى القاهرة بسرعة لأُعِدَّ نفسي للمناقشة , إذ ليس بيني وبينها إلا بضع عشرة ساعة , فسهرت في الليل إلى ما بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً، واستيقظت في الصباح مبكراً وأتممت كتابة الخطبة، واعتمدت فيها على المقدمة والخاتمة , وكان علي أن أنتظر الدكتور عبده الراجحي صباح هذا اليوم في محطة القطار وأهيئ سيارة تنقله إلى الكلية , وفعلا تم ذلك، ووصلتُ الكلية معه بسيارة صديق حوالي الحادية عشرة والنصف , وبدأت المناقشة قريباً من الساعة الثانية عشرة , وقد شعرت بتعب شديد عند إلقاء الخطبة مع الانفعال والتوتر، لكن الأمور بصورة عامة جرت هينة يسيرة والحمد لله , وبدأ المناقشة الدكتور عبد الله درويش , وقال كلاماً عاماً , وتوقف عند بعض الأمور , وكشف من كلامه أنه لم يقرأ من الرسالة إلا القليل، فكان كلامه ونقاشه متعباً، ثم ناقش الدكتور عبده الراجحي فكان كلامه دُرَراً قَلَّدَها للرسالة، وتكلم كلاماً جميلاً جداً , وقال إنه إذا كانت الرسالة الضعيفة تحتاج إلى تبرير فإن الرسالة الممتازة تحتاج إلى تبرير , وراح يتحدث عن البحث وما فيه من حسنات، ولولا أني ألتقي به لأول مرة، ولولا أنه رجل رصين عالم لقلت إنه يبالغ أو يجامل , لكن يبدو أن في البحث أشياء طيبة وَفَّقَ الله في الوصول إليها , وتحدث طويلاً عن حسنات البحث وما فيه من الأمور الجيدة في الأسلوب والعرض والمناقشة , وتحدث عن أهمية الموضوع , وذكر أن هذا البحث يجب أن يُنْشَرَ وأن يعمم , وقال إنه لم يقرأ بحثاً ممتازاً منذ زمن طويل، وأنه وجد هذا البحث هو البحث الجيد , وقال إن هذا البحث يثبت أنه لا يزال بالإمكان كتابة بحوث جيدة , الحقيقة أني لا أستحضر من كلامه إلا القليل، مع أنه لم تمض عليه إلا ساعات، وهو كلام طيب , والحمد لله قد سُجِّلَتِ المناقشة صوتياً، وبعد أن انتهى الدكتور عبده الراجحي من كلامه الذي ختمه في ذكر هنات وقعت في البحث وأخطاء يمكن معالجتها، تحدث الدكتور عبد الصبور شاهين وأحسن الكلام ومدح البحث واعتذر عن الأخطاء , فكان في كلامه طيباً , وانتهت المناقشة والحمد لله , وأعلنت النتيجة، فكانت بحمد الله تسر الصديق وتقر العين، وأعوذ بالله من العجب، كانت الدرجة (ممتاز مع التوصية بطبع الرسالة , وتبادلها مع الجامعات) , وأرجو أن تكون هذه الجولة قد انتهت بخير، وأدعو الله تعالى أن يجعل هذا العمل مما يقرب إلى رضاه , ويباعد عن سخطه , وأدعوه أن يجزي الأهل عني كلهم أحسن الجزاء , فقد تعبوا وأكرموني غاية الإكرام , فكانت هذه الثمرة المباركة إن شاء الله , وفي مقدمتهم الأخ أبو عمر حفظه الله ورعاه.
الحمد لله أن التعب والإخلاص لا يعدمُ من يقدره ويثمنه في حينه وهو أحب إلى النفس، أو فيما بعدُ. وقد لقيت رسالتك قبولاً ولله الحمد لدى الباحثين. وأحب أن تتحفنا يا أبا عبدالله بهذا التسجيل الصوتي للمناقشة إن لم يكن عليك حرج ومشقة فالباحث والمشرف والمناقشان مِمَّن نُحبهم واستفدنا منهم عن طريق كتبهم ونرغب في سماعهم وسماع نقاشهم. وفقك الله وزادك توفيقاً.
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[08 May 2010, 02:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أود أن أكرر شكري، قبل أن تُطْوَى الصفحة الأخيرة من يوميات الرحلة إلى مصر، للقائمين على ملتقى أهل التفسير، ولكل الإخوة الذين قرؤوا هذه اليوميات، وكتبوا معلقين عليها ومعربين عن رضاهم عما تحقق من نشرها، والحمد لله الذي جعل في ذلك فائدة.
وأخص بالشكر الأخ الدكتور عبد الرحمن، وأود أن أخبره بأني قد بحثت عن أشرطة التسجيل فوجدتها سليمة، لكنها على أشرطة الكاسيت، وعسى أن يتاح تفريغها في ملف صوتي.
والحمدُ لله أولا وآخراً.
وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
مساء الجمعة 6/ 5/2010
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 May 2010, 01:40 ص]ـ
بشرك الله بالخير يا أبا عبدالله، ونحن متشوقون لسماع المناقشة متى تيسر لكم تحويلها إلى ملف صوتي يمكن تحميله على الملتقى بإذن الله.
ـ[محمد سيف]ــــــــ[21 May 2010, 05:08 م]ـ
البحث عن مخطوطة
الأحد 10 تشرين الأول 1976م = 16 شوال 1396هـ
الأيام قبل السفر بدأت تذهب بسرعة وأنا أحاول أن أعمل من خلالها شيئاً مفيداً , وكان من بين ذلك محاولتي نسخ مخطوطة قديمة في رسم المصحف لابن معاذ الجهني , هناك منها نسخة ناقصة في دار الكتب المصرية وأخرى كاملة في مكتبة المعهد الأزهري بطنطا وثالثة في المكتبة الظاهرية بدمشق، فترددت على دار الكتب أكثر من مرة لنسخ الموجود منها , لكن ذلك لم يُجْدِ شيئاً فالمخطوطة ذهبت إلى التصوير ولم ترجع , ثم حاولت الذهاب إلى طنطا , ذهبت يوم الاثنين الذي كان بعد العيد فكانت المكتبة مقفلة بسبب العطلة التي تُعَوَّضُ بها الجمعة أو لمناسبة العيد , ثم حَدَّثْتُ نفسي بالذهاب إلى طنطا مرة أخرى , وذهبت اليوم , وكان معي محمد أسامة (أحد الإخوة العراقيين الذين سكنت معهم لقضاء الأيام الأخيرة في القاهرة) لعله يساعدني في النسخ، وبعد جهد ودوران في أطراف طنطا وهي مدينة يزينها مقام السيد البدوي , ومدينة كثيرة الذباب والأوساخ وبرك المياه القذرة في الشوارع , بعد ذلك الدوران عثرنا على المعهد الأزهري بعد أن ظهر أن المكتبة نقلت من مسجد السيد البدوي إليه، وانتظرنا المسؤول عن المكتبة وحضر الأستاذ محمد رشدي , وذكر لنا أن الكتب بعد انتقالها من مكانها القديم إلى الجديد وضعت في صناديق، وأنها لم تفتح بعد، وعلينا الانتظار بضعة أشهر حتى يتسنى لنا الاطلاع عليها , وقلت لا حول ولا قوة إلا بالله , المعاملة نفسها التي نجدها في مكتبة الجامع الأزهر نجدها في معاهده , التي نجدها في القاهرة نجدها في مدن مصر الأخرى (1) ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1).
جميلة هذه اللفتة، استمرار ومثابرة في البحث والتنقيب حتى بعد الانتهاء من الرسالة ومناقشتها، وهذا ما ينبغي فعلاً على كل باحث وطالب.
وأعجبتني كلمة رائعة في ذلك قالها الدكتور أحمد شلبي في كتابه (كيف تكتب بحثاً أو رسالة) ص9 - 10، يقول: "رسالة الماجستير تساعد الطالب الكفء ليحس بمتعة البحث ولذة الدراسة، فيدفعه ذلك إلى مداومة البحث والدرس للحصول على الدكتوراه، حتى إذا حصل عليها كان الشغف قد كمل عنده وخالط دمه، فلا يفتأ باحثاً طوال حياته، باحثاً عن العلم للعلم، وذلك هو الهدف الأسمى"اهـ.
جزاكم الله خيراً فضيلة أستاذنا الكريم على هذه الذكريات الجميلة، وقد انتفعتُ بها كثيراً كما انتفع غيري.
سؤال:
ألا توجد ذكريات رسالة الدكتوراه أيضاً نستفيد منها تجارب أكثر، أم أنكم انشغلتم عن الكتابة بعد ذلك؟(/)
بني إسرائيل والقتل ... قراءة قرآنية في غزة
ـ[ناصف ناصر]ــــــــ[30 Apr 2010, 04:13 م]ـ
http://www.alhiwar.net/vb/images/icons/icon1.gif بني اسرائيل والقتل قراءة قرانية غزاوية
بسم الله الرحمن الرحيم
بني إسرائيل والقتل قراءة قرآنية غزاوية
استنطقت أشلاء دم و لحم محروق بعد أن ارتجفت كفاي تحمله فنطق: أنا قتيل نحن قتلى و اليهود هم قتلة
ساحة كلية الشرطة مدرسة الفاخورة جباليا بيت حانون عزبة عبد ربه رفح خان يونس تلة الريس مستشفى الشفاء ...
أطوف في غزة كل غزة ولسان حال أهلها يصيح ويصرخ اليهود قتلة ... اليهود قتلة
قبل أن تطأ قدماي أرضها المباركة وتتخلل أرواح أهلها المباركين روحي كنت ومن بدايات حرب الفرقان معتكف على قرآن ربي أقرئه قراءة غزاوية بكل سوره وآياته ولما ضمتني أرض غزة بعد انتهاء الحرب بأيام أربع والجراح تشخب الدم المسفوك المسفوح والشهداء أجسادهم طرية والفسفوري ما زال مشتعلا وطائرات البين تحوم في سماء غزة الملائكية
هناك علمتني غزة وإنسان غزة والحرب والزمن بماضيه ومستقبله والواقع الذي نعيش قراءة أخرى للقرآن العزيز يجب أن تتلى على الناس
في سورة المعارج الشافية من داء العصر و أمراضه الخطيرة (إلا المصلين ... أهل غزة)
في سورة الإسراء سجل لواقع الأمة ومستقبلها (عبادا لنا ... أهل غزة)
في السور العشرة الأخيرة من القرآن الكريم الفيل قريش الماعون ... الناس (جاء نصر الله ... في غزة)
في كل القرآن العزيز بكل سوره وآياته أقرأ أن القتل الذي أستحر في غزة ما هو إلا حشرجة الموت وشهقاته ورفساته لليهود ودولتهم إسرائيل والتي و الله ما أنشأت إلا لتزول
والآن إلى أول هذه القراءات (بني إسرائيل والقتل قراءة قرآنية لأحداث غزة)
1 - لنرتحل إخوتي معا فللارتحال مناهجه (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) و (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ) فالكتاب لا ريب فيه فيه هدى وهدايات وبيان وتبيان لكل شيء ولم يفرط بشيء
2 - العمل الإحصائي (أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ)
103 عدد المفردات التي تناولها الثراء القرآني لكلمة (قتل)
170 مرة استعملاها القرآن الكريم في أنجمه
119 عدد الآيات التي وردة فيها مفردات قتل
57 مرة في القرآن العزيز متعلق القتل وبشكل حرفي ومباشر باليهود
3 - توطئة:
الخطاب لليهود (لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) وللإفساد مجليات يقترفها المفسد في الأرض
(أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء) فالقتل بسفك الدماء من أعظم مجليات الإفساد {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ} في كل الأرض يسعى ليفسد ويقتل ويهلك الحرث والنسل
أنتم يا أمريكان ويا يهود قتلة والله غالب على أمره
4 - الآيات البينات بأن اليهود قتلة:
· يعقوب عليه السلام ووحي السماء عليه يتنزل يوسف الطفل عليه السلام مشروع النبي المنقذ لمستقبل المنطقة من جفاف سيضرب بسنينه العجاف نطقت النفس اليهودية بما هو مكنون ومنعقد في أعماقها اقتلوا يوسف يا لله أنعجب للقتل يستشري بأطفال غزة وأهلها خوفا من أن يكونوا أرباب الانبعاث والتجديد لدين الأمة
إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (8) اقْتُلُواْ يُوسُفَ
· استنكار قرآني مجلجل (أَفَكُلَّمَا) كل من أرسل الله كلهم جميعا وبلا استثناء من يعقوب إلى خاتم المرسلين كانوا مشاريع للقتل اليهودي الإسرائيلي
ينقسم اليهود إلى فريقين فريقا ينبري للتكذيب والفريق الآخر ينبعث قاتلا للنبوءات والرسل
أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ
· بشركهم وكفرهم وباطلهم وبغير الحق يقتلون وكأن أنفس ودماء وأرواح الأنبياء لا تروي لهم نهم ولا غليل للقتل فكان أكارم الناس الآمرون بالقسط والحق والعدل والتوحيد من المؤمنين أهداف وغايات لليهود القتلة
كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ
· فَلَمَّا جَاءهُم بِالْحَقِّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاء الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءهُمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
· رسولنا الأكرم عليه السلام نزل بحقه موضعين في القرآن تنبئ عن احتمال انتقاله للرفيق الأعلى بالموت أو القتل وتلكم سيرة من قد خلت من قبله الرسل موت أو قتل واليهود أول مرشح لذاك القتل المقيت بتأليب مشركين العرب للزحف على المدينة المنورة وبحمل الحجر لقذفه على رأسه من فوق الحائط ليقتلوه ما الكتف المسمومة إلا فعلة يهودية
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ
· اليهودي ماكر خبيث وهاكم ثلاثية خبثه ومكره
· السجن والاعتقال – ليثبتوك-
· القتل -أو يقتلوك-
· الإبعاد _أو يخرجوك
مجموع من أدخل السجن في فلسطين في تاريخ دولة الزوال يتجاوز ثلاث مائة ألف فلسطيني والقتلى والجرحى ليس أقل من ذلك وقوائم المبعدين لا نهاية لها
من في جزيرة العرب في زمن النبوة يحمل هذا الخبث ألثالوثي غير مشركي مكة واليهود
وإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ
· مواثيق تنقض و كفر بآيات الله وقلوب غلف بل طبع الله عليها بأنهم قتلة
مريم عليها وعلى أمهات المؤمنين السلام لها من سجل اليهود نصيب البهتان العظيم وابنها من أعظم آيات الله في الوجود الدالة على وحدانيته عز جلاله بأنه صمد لم يلد ولم يولد تتشوف النفس اليهودية القاتلة لتلكم الآية العظمى في الكون روح الله المسيح أبن مريم ليقتلوه
بالله تعددوا معي يا أهل غزة من المراد سفك دمه لقتلة بني إسرائيل
أنه المسيح يشير بيديه فيبرئ ويحي بإذن الله
إنه عيسى سعيتم لقتلة وأضللتم البشرية بتأليهه
إنه ابن مريم عذراء الكون وفريدة الزمان أيقتل ابنها الآية
إنه رسول الله وسقف القتل اليهودي لأوائل رجال البشرية
والصلب والخنق علامة يهودية بامتياز يا مبحوح
فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا
· قصة القتل قصة مبكرة الوقوع في التاريخ البشري أبني أدم يقتل الأخ أخيه ويفتح القرآن الكريم سجل الغيب الماضي من أجل ماذا؟ من أجل أن يكتب على بني إسرائيل فكأنما قتل الناس جميعا
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا
· فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ
· في بدايات مبكرة اتخذا اليهود العجل ابن البقرة إلها فظلموا أنفسهم والكليم موسى عليه السلام وأخوه هارون بين ظهرانيهم فلا بد من توبة فكانت توبة بني إسرائيل من شركهم بالله طاعتا لإبليس متجسدا بالسامري صاحب الدعوة الشركية والذهب الحلي والقبضة من أثر الرسول والنبذ و تسويل النفس (ملحمة عجيبة في النفس البشرية والتاريخ الإنساني) وموسى الكليم للتو موحى إليه بالتوحيد غض طري على الأرض ولكن السامري اقفل تلك القلوب بإشرابها تأليه العجل الذهب الخوار من دون الله (في هذا السياق التاريخي العقدي تفهم أبعاد الصراع يا مسلم) ولكن أين موطن القتل هنا
سيقف أهل العجل وعباده صفوفا للقتل يقتلوا أنفسهم صف يقتل صف وصف يقتل صف تلكم توبة العجليين
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِندَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)
(يُتْبَعُ)
(/)
· في التيه – تيه بني إسرائيل- تظاهروا على موسى نبيهم وعلى من بعثه إليهم عز وجل وأغلظوا وفحشوا بالقول بأن جاعوا وعطشوا وأخرجوا ولم يرقبوا فيه إل ولا ذمة عطشوا فاستسقوا موسى فانفجرت اثنتا عشرة عينا من الحجر المضروب بعصا موسى فكانت التعاليم مع الماء والمن والسلوى ولا تعثوا في الأرض كل الأرض مفسدين (لا فاسدين بل تعثوا مفسدين) فباؤوا بالغضب من الله بعد الذلة والمسكنة بين الشعوب وتعدد الآيات سخائم نفوس بني إسرائيل القتلة إفساد الأرض عدم الصبر استبدال الأدنى بالذي هو خير الهبوط المذل والمسكنة و الغضب والكفر بآيات الله والمعاصي والاعتداء والقتل
وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} البقرة61
· البقرة أطول سور القرآن وأعظمها شئنا وأسماء السور القرآنية توقيفي وعلم أسماء سور القرآن علم جليل لعل الله يقيض له مبصرون
من هذا نفهم أن قصة البقرة في سورة البقرة محور أساس وعنوان هام تدور عليه معاني خالدة وكلنا يعلم أن ذبح البقرة لم يكن تعبدي أمر به بني إسرائيل لذات الذبح بل للقتل الذي اقترفوه فهناك في سجل بني إسرائيل نفس مقتولة والجميع ينكر ويكتم ويداري ويتهم الآخر
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
· هارون عليه السلام الثاني في الرجال من بعد أخاه موسى في بني إسرائيل وذريته هم الأفضل
موسى في التكليم ما أعلى مراقي البشرية بارتقائها للتكليم
بني إسرائيل عجلوا فعبدوا العجل
ألقى الألواح جر أخيه برأسه إليه يأخذه
هارون يصرخ:نهيتهم وأمرتهم كادوا يقتلونني فخفت أن يفرق دمي بين بني إسرائيل إلى يوم الدين فعتزلت
(149) وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الألْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150)
وعلى القرآن نلتقي
وبالقرآن نرتقي
ناصف ناصر
http://qala2edqor2anya.maktoobblog.com/(/)
إضافتان لطيفتان في مصحف دولة الكويت
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 Apr 2010, 10:24 م]ـ
أهداني أخي الفاضل محمد الفرحان نسخة من مصحف دولة الكويت المطبوع بدار مصحف أفريقيا، وقد حظي بعمل متواصل ليخرج بحلة قشيبة، فشكر الله لكل من سعى في هذا العمل، وجعله في موازين حسناتهم.
وقد رأيت جهدًا واضحًا في عمل هذا المصحف، ولعلي أُشيد بعملين أضافهما هذا المصحف على المصاحف المشرقية المطبوعة في مصر والشام والخليج سوى المصحف الباكستاني الذي هو أصل لعمل مصحف دولة الكويت لهاتين الإضافتين، وإن لم أقف منهم على إشارة إلى هذا.
الأول: وضع علامة الركوع (ع).
وهذه العلامة مفيدة للأئمة الذين يصلون بالناس؛ ليعرفوا مواطن الوقف التام أو الكافي، إذ غالب هذه المواطن التي وُضع عليها علامة (ع) لا تخرج عن هذين الوقفين.
وهذا يفيدهم أيضًا في صلاة التراويح في رمضان، بحيث تكون أوقافهم صحيحة.
الثاني: وضع علامة الأسباع المعروفة عند القراء (فمي بشوق):
1 ـ فالفاء = الفاتحة. ويكون السبع الأول من سورة الفاتحة إلى نهاية سورة النساء (ص106).
2 ـ والميم = المائدة. ويكون السبع الثاني من سورة المائدة إلى نهاية سورة التوبة (ص207).
3 ـ والياء = يونس. ويكون السبع الثالث من سورة يونس إلى نهاية سورة النحل (ص281).
4 ـ والباء = بنو إسرائيل. ويكون السبع الرابع من سورة الإسراء (بنو إسرائيل) إلى نهاية سورة الفرقان (ص: 366).
5 ـ والشين: الشعراء. ويكون السبع الخامس من سورة الشعراء إلى نهاية سورة يس (ص: 445).
6 ـ والواو = والصافات. ويكون السبع السادس من سورة الصافات إلى نهاية سورة الحجرات (ص: 517).
7 ـ والقاف = ق. ويكون السبع السابع من سورة ق إلى نهاية سورة الناس خاتمة القرآن (ص: 604).
وهذه قد جُعلت لمن سيختم في أسبوع، كما هو الحديث الوارد في وفد بني تميم، فعن أوسِ بن حُذَيفةَ - رضي الله عنه -: قال: قَدِمْنا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في وَفْدِ ثقيف، فنزلتِ الأحْلافُ على المغيرةِ بن شُعْبةَ، وأنزلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بَني مالكٍ في قُبَّةٍ له - قال مُسَدَّدٌ: وكان في الوفدِ الذين قَدِموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثقيف، فكان يأتينا بعد العشاء، فيحدَّثنا قائما، حتى لَيُرَاوِحُ بين رِجْلَيْهِ من طول القيام، وكان أكثرُ ما يُحَدِّثُنا: مالَقِيَ من قومْه قُرِيْشٍ، ثم يقول: «لا سواء، كُنَّا مُستْضعفين مُسْتذَلِّينَ» قال مُسَدَّدٌ: بمكةَ فلما خرجنا إلى المدينة: كانت سِجالُ الحربِ بيننا وبينهم، نُدَالُيهم، ويُدَالَّونَ علينا، فلما كانت ليلةٌ أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه، فقُلْنا: لقد أبطأتَ عليْنا الليلةَ، فقال: إنه طرَأ عَليَّ جُزْئي مِن القُرآن، فكَرِهتُ أنْ أجِيءَ حتى أُتِمَّهُ، قال أوسٌ: وسأْلتُ أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ تُحَزِّبُونَ الْقُرْآن؟ قالوا: ثَلاَثٌ، وخَمْسٌ، وسَبْعٌ،وتِسْعٌ، وإحْدَى عَشْرَة، وثَلاَثَ عَشْرَةَ، وحزب الْمُفَصَّلِ وَحْدَهُ. أخرجه أبو داود وغيره.(/)
مجموعة كلمات للشيخ عبدالكريم الخضير عن تدبر القرآن مستلة من دروسه العلمية
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[01 May 2010, 08:13 ص]ـ
من جمع العبد الفقير إلى الله إبراهيم السكران .. عبدالعزيز قاسم
مجموعة كلمات للشيخ عبدالكريم الخضير عن تدبر القرآن
مستلة من دروسه العلمية
قال الشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله:
1 - الانشغال عن القرآن:
يقول المصنف ((ولا يَدع القرآن رغبةً إلى غيرِهِ)) مع الأسف أنَّ كثيراً من المُسلمين انشغلُوا عن القرآن بالقِيلِ والقال والصُّحُف والمجلَّات، والقَنَواتْ، تَجِدْ بعض طُلَّاب العلم عِنْدَهُ استعداد يفلي الجرايد كلها! أو المُسلم المُوَظَّف بعد ما يطلع من وَظِيفتِهِ إلى أنْ ينام وهو يقلب الجرائد! علشان إيش؟! ماذا تستفيد من هذهِ الجرائد؟! هذا خبرٌ سَيِّء، وهذا تهكُّم بالدِّينْ، وهذا استهزاء بالمُتديِّنين، وهذه صُورة عارية، وهذا خبر، وش الكلام هذا! ومع ذلك هذا ديدن كثير من النَّاس، ويَمُر عليهِ اليُوم واليُومين والأُسْبُوع والشَّهر وهو ما فتح المُصحف! إنْ تَيَسَّرْ لُهُ أنْ يَحْضُر إلى الصَّلاة قبل الإقامة بدقيقتين، ثلاث، خمس قَرَأ قِراءة الله وأعلمُ بها! قرأ لهُ ورقة ورقتين وعَيَّا! وبعض النَّاس ما يعرفُون القرآن إلَّا في رمضان! هذهِ مُشكلة.
ولِذا يقول: ((ولا يَدع القرآن رغبةً إلى غيرِهِ)) نعم هناك عُلُوم يعني لا يشمل هذا الكلام، النَّظر في السُّنَّة مثلاً، أو في العُلُوم المُسَانِدَة التِّي تُعين على فهم القرآن، كُلّها من العِناية بالقرآن؛ لأنَّ السُّنَّة تُفَسِّر القرآن، تُوَضِّحُ القرآن، العُلُومُ التِّي تُعين على فَهْم القرآن، والإفادة من القرآن، والاسْتِنْبَاط من القرآن كُلّها داخِلَة في تَعَلُّمِ القُرآن ((إنَّهُ لا خير في عِبادة لا عِلْمَ فيها)) عِبَادة على الجَهْل لا خيرَ فيها، قد يرتكب هذا العَابِد مُبْطِل لهذِهِ العِبَادة، وهو لا يشعر! ((ولا خير في علمٍ لا فِقْهَ فيه)) يعني تَجِدْ بعض النَّاس مَنْهُوم بقراءة الكتب؛ لكنْ لا يَفْهَم ولا يُريد أنْ يَفْهَم! مُجَرَّدْ سَرْد، لا يقف عند المسائل، ولا يُحرِّر المسائل، ولا يُحقِّق المسائل ((لا خير في علمٍ لا فِقْهَ فيه، ولا خير في قراءة لا تَدَبُّرَ معها)) يعني الخير المُرَتَّب على التَّدَبُّر؛ لا يأتي إلاَّ بالتَّدَبُّرْ، نعم، وأمَّا قِراءة الحُرُوف فَتتمّ مع غير التَّدَبُّر، وفَضْلُ اللهِ واسع، واللهُ المُستعان.
2 - الحرمان لا نهاية له:
((شيبتني هود وأخواتها)) لمن ألقى السمع، وقرأ بتدبر، وقرأ القرآن كما أمر، والقرآن كله كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله- من قرأه على الوجه المأمور به أورثه من الإيمان والعلم ما لا يدركه من لم يفعل مثل فعله، ما يمكن أن يدرك العلم إلا بهذه الطريقة، ونحن مع الأسف من يقرأ القرآن منا يقرأه على وجهٍ لا يدري كيف قرأ؟ بحيث لو تحرك عنده شيء ما يدري أين وقف؟ وهذا الواقع.
نعم أُثر عن السلف أنهم يقرؤون القرآن كثيرٌ منهم في سبع، وبعضهم في ثلاث، ووجد من يقرأ القرآن في يوم، لكن قد يُقرأ القرآن في يوم لكن مع حضور القلب والتدبر، ومع المران يُدرك ذلك، أما حديث: ((لن يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) فهذا في عموم الناس الذين تلهيهم الأعمال، وتشغلهم عن قراءة القرآن، لكن من جلس واعتنى بالقرآن، وجلس ليقرأ القرآن الوقت الطويل كل وقته في قراءة القرآن، فالمسألة وقت، إذا افترضنا أن الشخص يقرأ القرآن في سبع وخصص كل يوم ساعة، ما الفرق بينه وبين الذي يقرأ القرآن في يوم يخصص سبع ساعات؟ ما في فرق.
صح عن عثمان أنه يقرأ القرآن في ليلة، صح عن الشافعي كذلك وأبو حنيفة، ولا ينكر ذلك إلا من لم يدرك حقيقة هذا الأمر بالفعل، ولا شك أن القرآن في بداية الأمر يحتاج إلى معاناة يحتاج إلى شيء من التعب، يحتاج إلى مجاوزة امتحان، وأعرف شخص اعتكف ليقرأ القرآن في يوم فجلس يوم وليلة ما استطاع أن يقرأ إلا عشرين، ثم اعتكف بعد سنوات فقرأه في يوم وهو مرتاح، والآن يقرأ القرآن في يوم بدون اعتكاف.
(يُتْبَعُ)
(/)
والخلاف بين أهل العلم معروف في المفاضلة بين الهذ والترتيل، فالجمهور على أن الترتيل أفضل، والشافعي -رحمه الله- يرى أن كثرة الحروف مع الهذ أفضل، وليست المسألة مفترضة فيمن يقرأ جزء ترتيل أو هذ لا هذا لا يختلف فيه أحد، لكن المسألة مفترضة فيمن يجلس ساعة يقرأ جزئين أو أربعة؟ هذا محل الخلاف، وفي ترجمة واحد من أهل العلم كان يقرأ القرآن في ثلاث الدهر كله، وله ختمة تدبر مكث فيها عشرين سنة -رحمه الله-، يقول ابن القيم -رحمه الله-:
فتدبر القرآن إن رمتَ الهدى فالعلم تحت تدبر القرآنِ
القرآن فيه العجائب، لكن من يعتني بالقرآن وللأسف، كثيرٌ من طلبة العلم لا يعرفون القرآن إلا في رمضان، يعني إن تيسر له يحضر قبل الصلاة خمس دقائق، أو عشر دقائق فتح القرآن، وإلا إذا سلم خرج، لا، ليست هذه حالة من يريد الدار الآخرة، القرآن كلام الله، فضله على سائر الكلام كفضل الله.
هو الكتاب الذي من قام يقرأه كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ
عهدنا شيوخنا وهم يقرؤون سورة هود لهم وضعٌ آخر، المساجد تمتلئ وهم لا يسمعون الصوت، بدون مكبرات، لكن يسمعون البكاء والتأثر، والله المستعان.
على كل حال الحديث في هذا الباب يطول، فعلينا أن نعتني بكتاب الله، وأن نقرأه للتعلم والتدبر، إضافة إلى كسب الأجر العظيم، فلا يوجد في الوجود كلام متعبد بتلاوته فقط غير كلام الله -سبحانه وتعالى-، الحرف عشر حسنات، هذا الأقل عشر حسنات، يعني الختمة الواحدة ثلاثة ملايين حسنة، ثلاثة ملايين حسنة، يعني الذي يقرأ القرآن في سبع ما يكلفه شيء، يجلس بعد صلاة الصبح ساعة وينتهي الإشكال، حتى تطلع الشمس، ولا يحتاج إلى غيرها، لكن الحرمان ما له نهاية، الحرمان لا نهاية له، إذا جاء لائحة أو نظام من أنظمة البشر تجد مدير الدائرة والوكلاء ورؤساء الأقسام وغيرهم يحتجبون عن الناس حتى يقرؤوا هذه اللائحة بفهم وتدبر، ويش تحتمل؟ إلى أن تأتي اللوائح التفسيرية، ما هم بصابرين، والله -سبحانه وتعالى- يقول: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ} [(24) سورة محمد] والله المستعان.
3 - أهلُ الله وخَاصَّتُهُ:
عن سمرة بن جندب -رضي الله عنهُ-، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: ((كُلُّ مُؤْدِبْ يُحبُّ أنْ تُؤْتَى مُأدبَتُهُ)) المأدبة: الوليمة، كُلُّ صاحب وليمة يُحب أنْ تُؤتى مأدُبَتُهُ وأنْ يُؤْكَل منها، ((ومأدُبَةُ الله القرآن))، ومَأْدُبَتُهُ يعني وَلِيمَتُهُ ونُزُلُهُ وإكْرَامُهُ لِخَلْقِهِ هذا الكِتاب، فهو يُحِبّ أنْ تُؤْتَى هذهِ المَأْدُبة وهذا القُرآن، ((فلا تَهْجُرُوهُ))، نعم؛ لأنَّ من هَجَرْ بِمنزلة من لم يأكُل من هذهِ المَأْدُبة، عن أنس بن مالك -رضي الله عنهُ- قال، قال رسُولُ الله -صلَّى الله عليهِ وسلَّم-: ((إنَّ لله أهْلِينْ، قِيلَ من هُم يا رسُول الله؟ قال: هم أهلُ القرآنِ أهلُ اللهِ وخَاصَّتُهُ)) هذا معرُوف مُخَرَّجٌ عند الدَّارمي و في المُسند وابن ماجه، بإسنادٍ حسن عند الدَّارمي إسنادُهُ جيِّد لا بأسَ بِهِ.
هم أهلُ اللهِ وخَاصَّتُهُ، فأهلُ العناية بكتاب الله -جلَّ وعلا- هم أهلُ الله وخاصَّتُهُ، ويُقرِّر ابن القيم -رحمهُ الله تعالى- أنَّ أهل القرآن الذِّين هم أهلُ الله وخاصَّتُهُ هُم أهلُ العناية بِهِ، والاهتمام بقراءته وتَدَبُّرِهِ، وترتيلِهِ، والعملُ بِهِ، يقول: هم أهلُ القرآن وإنْ لَمْ يَحْفَظُوهُ، على أنَّهُ جاءَ في الحِفْظ على وجهِ الخُصُوص ما جاء من نُصُوص تَحُثُّ عليهِ؛ لكنْ لا ييأس من لم يحفظ القرآن، تكون لهُ عِناية بِحفظ القرآن، وورد يومي من القرآن، ويُعنى بكتاب الله -جلَّ وعلا-، ينظر في عهد ربِّهِ بحيث لا تغيب شمسُ يوم إلاَّ وقد قرأ حزبهُ من القرآن.
والمسألة تحتاج إلى هِمَّة، وتحتاج إلى عزيمة، والتَّسْوِيفْ لا يأتي بخير! يقول: إذا فات ورد النَّهار قرأناهُ في الليل! وفات ورد الليل نُضاعف حزب الغد، ما ينفع هذا! ناس نعرفهم إذا جاء وقت الورد ووقت الحزب وهو في سفر، في طريق في البراري والقِفار يلبق السَّيارة ويقرأ حزبه ويُواصل إذا لم يحفظ، هنا لا يضيع الحفظ بهذه الطَّريقة، من حَدَّد لِنفسِهِ ورداً وحِزْباً يوميًّا بحيث لا يُفرِّط فيه، مثل هذا يُفلِحْ، ولا يُفرِّط في نَصِيبِهِ من القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتِلاوة القرآن لا تُكَلِّفُ شيئاً، يعني بالتَّجربة من جَلَسْ بعد صلاة الصبح إلى أنْ تَنْتَشِر الشَّمس قَرَأَ القرآن في سَبِع، يعني في كُل جُمعة يختم القرآن، ما تُكلِّف شيء، المسألة تحتاج إلى ساعة؛ لكن مع ذلك تحتاج إلى هِمَّة، أمَّا من يقول إذا جاء الصِّيف والله الآن الليل قصير، فإذا طال الليل أجلس بعد صلاة الصُّبح إن شاء الله! وإذا جاء الشِّتاء قال والله براد إذا دفينا شوي جلسنا! الفجر برد بالشِّتاء معروف؛ لكنْ إذا قال مثل هذا لن يَصْنَعَ شيئاً!!
ومعروف أنَّ النَّاس ما ينامون بالليل، ويجلسُون بعد صلاة الصُّبح؛ لأنَّهُم اعتادُوا هذا، وطَّنُوا أنفُسهم على هذا، وجعل هذا جُزءاً من حياتِهِ، كغداهُ وعشاهُ، كَأَكْلِهِ وشُرْبِهِ، ما يُفرِّط في هذا، وإذا جَلَسْ إلى أنْ تَنْتَشِرَ الشَّمس يَقْرَأْ السُّبُع بدُونِ أيِّ مَشَقَّة، سُبْع القرآن، وتكُون هذه القراءة لتعاهُد القرآن، والنَّظر في عهد الله -جلَّ وعلا- في هذا الكتاب، وأيضاً من أجل اغتنام الأجر المُرَتَّب على الحُرُوفْ أقلّ الأحوال، ويكُون لهُ ساعة أيضاً من يومِهِ قِراءة تَدَبُّر يقرأ فيها ولو يسير ويُراجع عليهِ ما يُشْكِل من التَّفاسير الموثُوقة، وبهذا يكُون من أهلِ القرآن الذِّينَ هم أهلُ الله وخَاصَّتُهُ؛ لكنْ المُشْكِل التَّسويف! هذا الإشكال، والله إذا دفينا إذا بردنا، ما ينفع يا أخي! ينتهي العُمر وأنت ما دفيت! أبد، أو الآن والله انشغلنا جاءنا ما يشغلنا نجعل نصيب النَّهار إلى الليل، ثم جاء اللَّيل والله جاءنا ضيف جاءنا كذا والله الأخوان مجتمعين في استراحة، ما يُجْدِي هذا! هذا ما يمشي!
فإذا اقْتَطَعَ الإنْسَان مِنْ وَقْتِهِ جُزْءاً لا يُفَرِّطْ فيهِ مهما بَلَغَتْ المُسَاوَمَة، مهما بَلَغَتْ المُغريات؛ حِينئذٍ يستطيع أنْ يَقْرَأ القرآن بالرَّاحة في كل سبع، وقد جاء الأمر بذلك في حديث عبد الله بن عمرو: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تَزِدْ)) نعم، لا يزيد على سبع؛ لأنَّهُ مُطالب بواجِباتٍ أُخرى؛ لكن الذِّي عِنْدَهُ من الفراغ أكثر، وارتِبَاطَاتُهُ العَامَّة أقلّ، مثل هذا لو قَرَأَ القرآن في ثلاث ما كَلَّفَهُ شيء! يزيد ساعةٍ بعد صلاة العصر، ويقرأ القُرآن في ثلاث! أبد، والدِّنيا ملحُوقٍ عليها ترى ما فاته شيء! والرِّزق المقسُوم بيجي، وليت النَّاس ما ينشغلُون إلا بما ينفعُهُم! يعني من اليسير أنْ يجلس الإنسان بعد صلاة العشاء يسُولف إلى أذان الفجر! سهل مع الإخوان ومع الأقران ومع الأحباب يمشي سهل؛ لكنْ تقول له اجلس وهو ما تعوَّد يقرأ، ما يصبر!
والمسألة تحتاج إلى أنَّ الإنسانْ يُرِيَ الله -جلَّ وعلا- منهُ شيئاً في حال الرَّخاء ويَتَعرَّف عليهِ في حال الرَّخاء؛ بحيث إذا أصابَهُ شِدَّة أو مَأْزَق أو جَاءَهُ ضَائقة أو شيء؛ يَعْرِفُهُ الله -جلَّ وعلا- ((تعرَّف على الله في الرَّخاء؛ يَعْرِفْكَ في الشِّدَّة)) ثُم جرَّبت كثير من الأخوان ومن الخِيار ومن طُلاَّب العلم يَهْجُرُون بُلْدَانَهُم وأهليهم إلى الأماكن المُقدَّسَة في الأوقات الفاضِلَة منْ أجلِ أنْ يَتَفَرَّغ للعِبادة؛ ثُمَّ إذا فَتَحَ المُصحف عجز يقرأ، يعني مع الجِهاد يقرأ جُزء بين صلاة العصر وهو وجالس ما طلع من المسجد الحرام إلى أذان المغرب يالله يقرأ جُزء، يقرى ويتلفَّت! ويناظر عسى الله يجيب أحد! إن جاب أحد و لاَّ هو قام يدوِّر! لأنَّهُ ما تَعَوَّدْ، صَعب، وبالرَّاحة بعض النَّاس ما يُغيِّر جلستُهُ، يقرأ عشرة وهو مرتاح! لأنَّهُ تَعَوَّدْ، والمَسْأَلَة مَسْأَلَة تَعَوُّدْ.
4 - دواء وعلاج لأمراض القلوب والأبدان:
قال صلى الله عليه وسلم ((وقد تركتُ فيكم ما لم تَضلُّوا بعدهُ إنْ اعْتَصَمْتُم به كتاب الله)) ترك النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- كتاب الله، وهو مصُون، محفُوظ من التَّحريف والتَّغيير والزِّيادة والنُّقصان {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحِجر:9]، فهو كما تركهُ إلى أنْ يُرفع في آخر الزَّمان، والاعتصامُ بِهِ هو المخرج من الفِتَن، وهو حلٌّ للمُشكلات والمُعْضِلات، وهو دواءٌ وعِلاج لأمراض القلوب والأبدان، فمن تمسَّك بكتاب الله واعتصم بِهِ لنْ يضِل في الدُّنيا ولا في الآخرة، ولا يشقى في الآخرة، والكلام عن القُرآن
(يُتْبَعُ)
(/)
والعِناية بِهِ أمرٌ جاءت بِهِ النُّصُوص، فجاء الحثُّ على قراءة القرآن، وعلى فَهم القُرآن، وعلى إقراءِ القرآن، وعلى تدبُّر القرآن.
قراءة القرآن بالنِّسبة للمُسلم أمرٌ مطلُوب جاء التَّرغيبُ فيه بكلِّ حرف عشر حسنات، وعلى طالب العلم على وجه الخُصُوص من يُعْنَى بالعلم الشَّرعي آكد، ومن المُؤسف أنَّ بعض من ينتسب إلى العلم مُهمل للقُرآن، يهُمُّهُ ما يشتملُ بزعمِهِ على الأحكام العمليَّة، تَجِدُهُ من حلقة إلى حلقة يتَتَبَّع دُرُوس الحديث والفِقه، وهو هاجرٌ لكتاب الله! والعِلم والنُّور كُلُّهُ في كتاب الله، وزيادةُ الإيمان واليقين إنَّما تنشأُ عن تدبُّرُ القرآن.
فتدبَّر القرآن إنْ رُمتَ الهُدى والعلم تحت تدبُّرِ القرآنِ
قال تعالى {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]، والأمر بالتَّدبُّر في أربع آيات، وجاءَ الأمرُ بالتَّرتيل، وعلى كُلِّ حال وضعُ طُلاَّب العلم بالنِّسبة للقُرآن غير مَرضي، كثيرٌ منهم لا أقول كُلُّهم، يُوجد – ولله الحمد – من لهُ وِرْد يومي من القرآن لا يُخلُّ بِهِ سفراً ولا حضراً هذا موجُود؛ لكنْ علينا أنْ نُعنى بالقرآن.
شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ الله تعالى– يقول: "من قرأ القرآن على الوجه المأمُور بِهِ -يعني بالتَّرتيل والتَّدبُّر والتَّفهُّم والتَّغنِّي وتحسين الصَّوت-، يُورثُ القلب من الإيمان واليقين والطَّمأنينة ما لا يُدْرِكُهُ إلاّ من فَعلهُ"، هذا شيء ذَكَرهُ شيخ الإسلام وأكَّد عليهِ هو وابنُ القيِّم وكُتُبهم مملُوءة من هذا، وغيرُهُم مِمَّن يُعنى بِأدْوِيَة القُلُوب، ولِذا تجِد من يَتَتَبَّع الأحكام في الظَّاهر ويَغْفُل عن هذا الجانب المُهم، والعِلاج النَّاجع لأدْوِيَة القُلُوب تَجِدُهُ في غَفْلة.
كثيرٌ من النَّاس يشكُو قَسْوة القلب، عامَّةُ النَّاس يَشْكُو الغفلة وعدم الخُشُوع في الصَّلاة، سَببُ هذا ومرَدُّهُ هجرُ القرآن، هجراً حقيقيًّا أو حُكْمِيًّا؟ على كُلِّ حال القُرآن والعِنايةُ بِهِ أمرٌ مُستفيضٌ في النُّصُوص الشَّرعيَّة، وأهلُ العلم أفَاضُوا في هذا وبيَّنُوا ولم يبقَ إلاَّ العمل.
5 - كتابٌ عظيم لا تَنْقضِي عَجائِبُه:
ابن القيم يقول: "أهل القرآن هم العالمون به، العاملون بما فيه وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب-، وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم" هذا الموضوع يحتاج إلى بسط، يحتاج إلى وقفة طويلة، ويحتاج إلى مزيد من العناية؛ لأنه يلاحظ على كثير من طلاب العلم هجر القرآن، هجر القرآن، كثير من الإخوان نعم، قد تجده حافظ حرص في أول عمره على حفظ القرآن ثم ضمن الحفظ وترك القرآن يكفي هذا؟ لا يكفي.
وتجد بعض الإخوان -مع الأسف الشديد- عوام المسلمين أفضل منه بالنسبة لكتاب الله، بعض الناس لا يفتح المصحف إلا إذا قُدر أنه حضر قبل الإقامة بدقائق بدل ما يضيِّع الوقت يقرأ القرآن، فالقرآن كأنه عنده فضلة على الفرغة، وبعض الناس من رمضان إلى رمضان؛ لكن الإنسان إذا التزم ورداً معيناً لا يفرط فيه سفراً ولا حضراً، وقد عرفنا من الناس وهو مسافر في طريقه من بلد إلى بلد إذا جاء وقت الورد على جنب، يقرأ حزبه إذا انتهى واصل سفره، الدنيا ملحوق عليها يا أخي، ما هناك أمر يفوت، المسألة أنفاس معدودة بتتوقف مثلما انتهت، وخير ما تصرف فيه الأعمار كتاب الله -جل وعلا-.
هو الكتاب الذي من قام يقرأه كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ
كتاب عظيم لا تنقضي عجائبه، فيه حلول لجميع المشاكل، فيه عصمة من الفتن، والناس أحوج ما يكونون في هذه الظروف إلى الرجوع إلى كتاب الله -جل وعلا-.
على كل حال بعض الناس يشق عليه جداً أن يرتل وتعود الهذ هذا يهذ ما في بأس؛ لكن على ألا يهمل التدبر، لا أقول: مع الهذ لأن هذا ما يصل إليه إلا بعد مراحل؛ لأنا عرفنا أناس يقرؤون القرآن في يوم ويبكون من قراءته، هؤلاء تجاوزوا مراحل، هذا الشخص اللي في البداية ويقول: الترتيل صعب عليه .. ؛ لأن بعض الناس إذا عرف النتيجة والمحصلة التي قرأها في هذا اليوم خمسة أجزاء، ستة، عشرة، نشط؛ لكن إذا رتل وتدبر في النهاية جزء هذا يكسل، نقول: هذا لا بأس هذّ، وحصّل أجر الحروف، وخلّي لك ختمة تدبر، ولو كانت في السنة مرة، اقرأ في هذا اليوم ورقة واحدة
(يُتْبَعُ)
(/)
بالتدبر، وامش على طريقك.
الحافظ ابن كثير -رحمه الله تعالى- ترجم لشخص يقرأ القرآن في ثلاث، ديدنه عمره كله، وله ختمة تدبر أمضى فيها عشرين سنة، وبقي عليه أقل من جزء من القرآن، توفي ولما يكملها، فلا هذا ولا ذاك، يعني المسألة تحصيل الحروف والنشاط لقراءة القرآن يحصل بالهذ بلا شك، لاسيما من تعود عليه، والتدبر يجعل له وقت ولو يقرأ في كل يوم ورقة واحدة بالترتيل والتدبر والتفكر والاستنباط، ويتفهم كلام الله، ويراجع على هذه الورقة ما يعينه على فهم كتاب الله -جل وعلا-، نعم في حديث: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) حمله أهل العلم على من كان ديدنه ذلك، وأما من استغل الأوقات الفاضلة، والأماكن الفاضلة في أوقات المضاعفات مثل هذا لا يتناوله مثل هذا الحديث.
على أن الناس يتفاوتون في هذا، يعني إذا وجه هذا الكلام لعموم المسلمين نعم لعموم المسلمين لا يفقهون إذا قرؤوا، لكن شخص متفرغ لقراءة القرآن، يقول: أنا عندي استعداد أجلس بعد صلاة الصبح وأقرأ خمسة أجزاء، وأجلس بعد صلاة الظهر واقرأ خمسة، وأجلس بعد صلاة العصر وأقرأ خمسة نعم من غير مشقة بحيث يختم في يومين، نقول: لا يا أخي أنت خالفت الحديث لا تقرأ الظهر، اترك القراءة على شان تختم في ثلاثة أيام، هذا حل؟ هل هذا مراد النبي -عليه الصلاة والسلام- من هذا الحديث؟ نعم، نعم يحل المسألة لو قيل له: اقرأ القرآن، اقرأ بدل خمسة بعد صلاة الصبح ثلاثة، بس على الوجه المأمور به، بعد صلاة الظهر بدل خمسة اقرأ ثلاثة، أما أن يقال له: اترك القراءة في وقت من هذه الأوقات لتقرأ القرآن في ثلاث ما هو بهذا المراد قطعاً، نعم.
أما الذي يستطيع أن يقرأ القرآن على الوجه المأمور به ويكون ديدنه، قراءة ترتيل وتدبر ولو قلت قراءته هذا أفضل، هذا أفضل واختيار أكثر أهل العلم؛ لكن بعض الناس ما يستطيع يقرأ بالترتيل، الذي تعود على الهذ ما يستطيع يقرأ بالترتيل، لا بأس يقرؤه في شهر، إيش المانع؟ يقرأ على الوجه المأمور به كل يوم جزء أنفع له بكثير، أنفع لقلبه؛ لأن هذه الطريقة هي المحصلة للإيمان واليقين كما قال شيخ الإسلام، وهذا هو الذي .. ، أُنزل القرآن من أجل هذا؛ لكن من فضل الله -جل وعلا- أنه رتّب الأجر على مجرد النطق بالحروف، إذا فاته طريقة أدرك طرائق -إن شاء الله تعالى-، وهو على خير على كل حال.
6 - لا يفرط به إلا محروم:
إذا عرفنا منزلة القرآن علينا أن نهتم به، وأن نديم النظر في كتاب الله، وأن نليه عناية تامة، فإذا كان عموم المسلمين ينظرون في الصحف والمجلات الساعات الطوال، وليس لكتاب الله نصيب، هذا مسخ للقلوب، نسأل الله العافية، فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، الأمر ليس بسهل، فلا بد من إدامة النظر في كتاب الله، وحفظ ما يمكن حفظه منه، {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [(49) سورة العنكبوت].
القلب الذي ليس فيه شيء من القرآن كالبيت الخرب، فعلينا أن نعتني بحفظ القرآن، وإدامة النظر فيه، وملازمة تلاوته، وأن نجعل لنا حزب يومي، لا تغيب شمس اليوم إلا بعد قراءته، وعلينا أيضاً أن نقرأ مع الفهم والتدبر؛ لأنه كلام الله، وكلام موجه إليك، افعل أو اترك، فكيف تفعل أو تترك وأنت لا تفهم؟ والعلوم كلها تحت تدبر القرآن، يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-:
فتدبر القرآن إن رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآنِ
الآن لو جاء نظام موجه إلي عموم الموظفين لتطبيقه، تجد أول ما يرد هذا النظام مدير الدائرة ووكلاؤه ورؤساء الأقسام، يحتجبون عن الناس لمدارسة هذا النظام وفهمه، وهو نظام بشر، لكن تمر عليهم الآيات والكلمات التي تحتاج إلى فهم، تحتاج إلى توضيح واستيضاح من أهل العلم، أو بالرجوع إلى الكتب تمر كأنها لا تعني القارئ، أو لا تعني السامع.
(يُتْبَعُ)
(/)
فعلى كل إنسان أن يحفظ من القرآن ما يتيسر له حفظه، ما لا يعجز عنه يحفظه، وإذا عرفنا فضل القرآن، وفضل تلاوته القرآن، له في كل حرف عشر حسنات، يعني لو تقرأ جرايد الدنيا وش لك من الحسنات؟ كتب الدنيا كلها ما فيها أجر مرتب على حروفها إلا هذا الكتاب، حتى السنة ليس فيها مثل هذا الأجر، نعم من قرأ السنة ليتفقه ويتعلم يرجى له ما يرجى لأهل العلم، ويرجى له ما يرجى لمن سلك طريق يلتمس فيه علماً، لكن كل حرف عشر حسنات! الختمة الواحدة ثلاثة ملايين حسنة بل أكثر، هذا شيء عظيم، ولا يفرط به إلا محروم، لكن الذي لا يستطيع لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، شخص يعالج نفسه الأيام والشهور والأعوام ليحفظ القرآن ما أستطاع، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها؛ لكن عليه أن يحفظ ما يستطيع.
7 - تدبر القرآن:
وأما بالنسبة لقراءة القرآن كثيرٌ من الناس تعلم القراءة هذّاً بسرعة، هذا يصعب عليه أن يتدبر، لكن عليه أن يأطر نفسه على التدبر، التدبر: يكون بقراءة القرآن على الوجه المأمور به، يعني يرتل القرآن ولا يسرع، ومع ذلك يكون بيده قلم يدون الألفاظ التي تشكل عليه، ويراجع فيها كتب الغريب، فإذا انتهى من القرآن على هذه الطريقة الآن لا يشكل عليه اللفظ، قد يشكل عليه معنى من المعاني، يراجع فيه كتب التفاسير الموثوقة حتى تنحل لديه هذا الإشكالات، ثم بعد ذلك يقرأ القرآن بدون إشكالات، ويتدبر، وفي كل مرة يعرض فيها القرآن يتكشف له من العلوم ما لم يكن عنده من قبل، والهدى كله في تدبر القرآن.
8 - القرآن في شهر رمضان:
قال -جلا وعلا-: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} ماذا يرجون؟ {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} [(29) سورة فاطر] يرجون تجارة لا يسطو عليها لص ولا سارق، ولا يخاف عليها من كساد، إنما هي رابحة لن تبور {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ} [(30) سورة فاطر] تجارة رابحة -أيها الإخوان- لو حسبنا القرآن الكريم الذي جاء الترغيب في قراءته، وأن لكل حرفٍ عشر حسنات، يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)).
والقرآن على الخلاف بين أهل العلم في المراد بالحرف، هل المراد به حرف المبنى، أو حرف المعنى، فالأكثر على أن المراد به حرف المبنى، وذلك اللائق بفضل الله -جل وعلا-، وعلى هذا فالقرآن بالحسابات العادية التجارية، الحرف بعشر حسنات، وهو أكثر من ثلاثمائة ألف حرف، حرف المبنى.
إذاً الختمة الواحدة كفيلة بتحصيل ثلاثة ملايين حسنة، هذا على أقل تقدير، والله يضاعف لمن يشاء، إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، حتى جاء في المسند أن الله -جل وعلا- يضاعف لبعض عباده الحسنة إلى ألفي ألف حسنة، مليوني حسنة، والحديث فيه مقال، لا يسلم من ضعف؛ لكن فضل الله لا يحد.
وعلى القول الثاني: وهو أن المراد بالحرف حرف المعنى، يكون عدد حروف القرآن حروف المعاني، يعني كلمات القرآن، تزيد على سبعين ألف يعني الربع، على هذا تكون الختمة الواحدة فيها سبعمائة ألف حرف، شيخ الإسلام ابن تيمية يرجح القول الثاني؛ لكن ثقتنا بفضل الله -جل وعلا- أعظم من ثقتنا بعلم شيخ الإسلام -رحمه الله-، فالمرجح أن المراد بالحرف حرف المبنى، وهذا هو اللائق بفضل الله -جل وعلا- وكرمه، فإذا قلنا: {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ} [(29) سورة فاطر] أقل ما يقال في الختمة الواحدة: ثلاثة ملايين حسنة.
وجاء الحث على قراءة القرآن، وتعلم القرآن، وتعليم القرآن، وتدبر القرآن، وفهم القرآن، والعمل بالقرآن، النصوص في ذلك كثيرة جداً، ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) ((لا حسد إلا في اثنتين)) (لا حسد) يعني لا غبطة ((إلا في اثنتين: رجلٌ آتاه الله القرآن فهو يقوم به)) يعني يتعلمه ويعلمه، تعلم هذا الكتاب العظيم، ولذا يغبط كثيرٌ من الناس من إذا تخرج واصل الدراسة، وهذا مع النية الصالحة لا شك أنه مغبوط، يصرف وقته فيما ينفعه؛ لكن الحسد الحقيقي والغبطة الحقيقية إنما تكون في هذين الأمرين، ولذا قال في الحديث الصحيح: ((لا حسد إلا في اثنتين)) وجاء في الحديث الصحيح: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) تعلم القرآن، وتعليم القرآن، وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "أهل القرآن هم العاملون به، العالمون به، المعلمون له" حتى قال: "ولو لم يحفظوه" يعني بعض الناس يصل إلى حد قارب من اليأس من حفظ القرآن؛ لأنه فرط في أول الأمر، ثم كثرت مشاغله، فعليه أن يعنى بكتاب الله، قراءة وإقراءً وتدبراً، التدبر له شأن عظيم، وإن كان تحصيل أجر الحروف يحصل ولو لم يتدبر الإنسان، ولو قرأ القرآن هذاً، يحصل أجر الحروف؛ لكن القراءة على الوجه المأمور به أفضل عند جمهور أهل العلم، وإن قلت الحروف، قراءة الهذّ تحصل أجر الحروف، والدليل على ذلك ما في مسند الدارمي بإسناد حسن: ((يقال لقاري القرآن: اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ هذّاً كان أو ترتيلاً)) فدل على أن قراءة الهذّ شرعية، إلا أنها دون قراءة الترتيل المأمور به {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [(4) سورة المزمل].
وجاء الأمر بتدبر القرآن، والحث عليه في أربع آيات: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [(82) سورة النساء]، {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [(24) سورة محمد]، {كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [(29) سورة ص].
المقصود أن التدبر أجره قدرٌ زائد على مجرد أجر تحصل الحروف، والقراءة على الوجه المأمور به، كما قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: "تورث من العلم والعمل واليقين والطمأنينة والإيمان ما لا يدركه إلا من فعله" فلا شك أن القراءة بالتدبر والترتيل عند عامة أهل العلم أفضل من قراءة الهذّ، ولو كانت أقل في عدد الحروف؛ لأنه وإن كانت قراءة الهذّ محصلة لأجر الحروف، إلا أن كون العمل يأتي على مراد الله -جل وعلا- يفوق ما جاء مما رتب عليه الأجر الكبير أضعاف مضاعفة.
ألا ترى أن الذي أصاب السنة أفضل بمراحل ممن له الأجر مرتين: ((والذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه له أجران)) له أجر القراءة، وأجر المشقة، ((والماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة)) فلا يستوي أجر عُدَّ وحسب على ما عند الله -جل وعلا- مما يوافق مراده -عز وجل-، هذا من جهة فإذا افترضنا أن شخصاً قال: أريد أن أجيد في ساعة، هل أقرأ في هذه الساعة خمسة أجزاء أو أقرأ جزئين؟ نقول له: إن كنت تريد مجرد أجر الحروف فاقرأ الخمسة، وهو مرجحٌ عند الإمام الشافعي، وإن كنت تريد ما هو أعظم من ذلك لتحقق الهدف الذي من أجله أنزل القرآن فاقرأ جزئين، وأجرك أعظم عند جمهور أهل العلم.
ونحن مقبلون على شهرٍ عظيم مبارك، هو شهر القرآن {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [(185) سورة البقرة] هو شهر القرآن عند أهل العلم، ولذا إذا دخل رمضان أقبل كثيرٌ من السلف على كتاب الله -عز وجل-، وتركوا أعمالهم، وارتباطاتهم الخاصة والعامة؛ لينكبوا على كتاب الله -جل وعلا-.
وذكر في سيرهم شيءٌ هو في عداد كثيرٍ من طلاب العلم مع الأسف الشديد ضربٌ من الخيال، أو من الأساطير، حتى كان بعضهم يختم القرآن في يوم، وبعضهم مرة في النهار، ومرة في الليل، وهذا ثابت عن بعض الصحابة، وهو كثيرٌ في التابعين ومن بعدهم.
قد يقول قائل: النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لعبد الله بن عمرو: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) يعني لو قرأ القرآن في أقل من سبع زاد وخالف، وجاء في الحديث الذي في السنن وهو صحيح: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) هذه النصوص أولاً حديث عبد الله بن عمرو جاء ليعالج مشكلة، وهي أن عبد الله بن عمرو كان مندفعاً؛ ليفرغ نفسه للعبادة ليقوم الليل فلا ينام، ويصوم النهار فلا يفطر، ويقرأ القرآن في كل لحظةٍ من لحظاته، فمثل هذا المندفع يعالج بالتخفيف، ولذا جاء العرض عليه بأن يقرأ القرآن في كل شهرٍ مرة، في كل شهرٍ مرتين، ثم قيل له: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) فمثل هذا علاج لبعض المندفعين، يبدأ بالأخف الأخف؛ لكن لو جاء شخص مفرط معرض إذا قيل له: اقرأ القرآن في كل يوم وعسى أن يقرأه في كل شهر، فمثل هذا يورد له من أعمال السلف ما ثبت عنهم عله أن يندفع لقراءة القرآن، عله أن تشحذ الهمة لقراءة كتاب الله -عز وجل-.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما حديث: ((لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث)) فهو محمول عند أهل العلم على من كان ديدنه ذلك، أما من استغل المواسم الزمانية والمكانية فلا يدخل في هذا، على أن ما جاء في حديث عبد الله بن عمرو يحمله أهل العلم على أنه للرفق به، وما جاء بالرفق بالشخص فإنه لا يدل على ظاهره من الأمر، بل يحمل على حاله وحال من يشبهه كمن ذكره من المندفعين.
القرآن هو كلام الله الذي لا يشبع منه طالب العلم، وفيه الأعاجيب، لا تنقضي عجائبه، عجباً لهذا الكلام الذي يردد في كل يومٍ عند بعض الناس، وفي كل ثلاث وفي كل سبع عند كثير، ويقرأه الإنسان في كل وقت ولا يمله، بينما لو ردد كلام البشر مرتين أو ثلاث لن يطيق أكثر من ذلك، فالقرآن كما ذكرنا كلام الله -جل وعلا-، وفضله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، فعلينا أن نعنى بكتاب الله -جل وعلا- في كل وقت، وقراءة القرآن في سبع لا تكلف شيئاً، من جلس بعد صلاة الصبح حتى تنتشر الشمس في كل يوم قرأ القرآن بسبع ولم يحتاج إلى المزيد على ذلك.
من المتقدمين من يقرأ -معروف عند أهل العلم- من يقرأ قراءة الهذّ لتحصيل الحروف ويكثر من ذلك ويجعل له ختمة تدبر، يفيد منها في قلبه وفي علمه وفي عمله.
فتدبر القرآن إن رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآنِ
لكن لو خصص الإنسان ساعة بعد صلاة الصبح ونصف ساعة بعد صلاة العصر، وهذا الوقت لا يعيقه عن شيءٍ من أمور دينه ودنياه، كفيلٌ أن يقرأ القرآن بسبع بالتدبر المناسب، لو زاد نص ساعة زاد الأمر تدبراً وتفكراً وإفادةً.
وعلى طالب العلم أن يقرأ ما يعينه على فهم كلام الله -جل وعلا-، من كلام أهل العلم الموثوقين حول القرآن، من التفاسير المختصرة، ويغني من ذلك تفسير الشيخ ابن سعدي أو تفسير الشيخ فيصل بن مبارك، أما من يريد أن يقرأ ويفيد من جميع أنواع علوم القرآن، ويمكنه أن يستنبط من القرآن فعليه بالمطولات، والتفاسير الموثوقة موجودة، ولله الحمد.
المقصود أن طالب العلم يعجب من حاله إذا زهد بكتاب الله، مع الأسف الشديد أن بعضهم لا يفتح القرآن إلا في رمضان، أو إن تيسر له أن يحضر إلى الصلاة قبل الإقامة بخمس أو عشر دقائق فتح القرآن، بل الأعجب من ذلك من يتعجب ممن يقرأ القرآن، يأتي طالب ينتسب إلى العلم لبعض المشايخ ويقول له: إنه يريد أن يقرأ عليه كتاب في العلم في الحديث أو في الفقه أو في العقيدة أو في غيرها من التخصصات الشرعية التي تعينه في سيره إلى الله والدار الآخرة، ثم يجد الشيخ يقرأ القرآن في المسجد، فيعتذر الشيخ بأنه مشغول، فيتعجب الطالب كيف يقول: مشغول وهو جالس يقرأ قرآن؟ هذا كلام له دلالته، دلالة خطيرة، كأن بعض طلاب العلم ليس في قاموسهم وفي ترتيبهم نصيب من كتاب الله -عز وجل-، وهذه سمعت ما هو بكلام افتراضي، هذا كلام مسموع، وملاحظ ومشاهد، نعم الإقبال على الحفظ موجود، والحفظة فيهم كثرة -ولله الحمد- أكثر من ذي قبل، كما جاء في الحديث الصحيح: ((يكثر العلم ويقل العمل)) ولذا نجد آثار ذلك ظاهرة من وجود الجفاء عند كثيرٍ ممن يطلب العلم لا سيما ممن لم يتمكن العلم إلى قلبه، ولذا تجد نصيب الكبير منهم في القيل والقال، أخطأ فلان، زل فلان، أفتى فلان، قال فلان، وهل جعلك الله حكماً بين العباد؟! مثل هذا في الغالب أنه لا يفلح، وفي الغالب أن يحرم بركة العلم والعمل، كما نص على ذلك ابن عبد البر وغيره.
فالمقصود أن على طالب العلم أن يلزم خاصة نفسه، وأن يحرص على ما ينفعه من كسب الحسنات ودرء وترك السيئات، ويحافظ على ما اكتسبه، ولا يأتي مفلساً يوم القيامة، يأتي بأعمالٍ أمثال الجبال، ثم يفرقها بين فلان وعلان، يأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وسرق مال هذا، وقذف هذا، ثم يأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته إلى آخره في الحديث المعروف في حديث المفلس.
مع الأسف أنه يوجد في صفوف طلاب العلم من هذه صفته، فاكهتهم الأعراض، لا سيما أعراض أهل العلم، هم يفترضون في أهل العلم العصمة، ولا عصمة لأحد، كلٌ يخطئ، وكلٌ يؤخذ من قوله ويرد، إلا النبي -عليه الصلاة والسلام- المعصوم، وما عدا ذلك يخطئ، إذا كنت بالفعل مشفق على صاحبك الذي أخطأ امنحه النصيحة، اكتب له، قابله، ناقشه إلى غير ذلك، وإلا فالتعريض فيه لا يغني عن التصريح لا سيما إذا خشي الضرر من انتشار هذه الفتوى التي هي خلاف الصواب، فلا مانع أن يقال: من غير تسمية، بعض الناس يفتي بكذا، والمرجح عند أهل العلم كذا، حتى لا ينسب إلى نفسه شيء وهو ما زال صغيراً، والله المستعان، ولا أريد أن أطيل عليكم، وكلكم يعرف مثل هذا الكلام؛ لكن الشيخ -حفظه الله- طلب هذه الكلمة المختصرة عن كتاب الله، وإلا كلكم يعرف مثل هذا الكلام، والله المستعان.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد.
انتهى كلام الشيخ عبدالكريم الخضير حفظه الله.
ـ[يحيى بن عبدربه الزهراني]ــــــــ[01 May 2010, 10:35 ص]ـ
رفع الله قدرك شيخنا , ورفع قدر الشيخ إبراهيم , وأطال عمره على طاعته , ونفع به أمة الإسلام. = فالذي يسمع الشيخ كأنما يسمع السلف , وكم أتمنى أن ينبري الشيخ - حفظه الله - لتفسير القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز اليحيى]ــــــــ[06 Aug 2010, 02:31 ص]ـ
جزاك الله خيرا يادكتور محمد على النقل
كلام نفيس من عالم رباني .. حين تقرأه تجد دافعاً قوياً للاستزادة من قراءة القرآن وتدبره
وبمناسبة اقتراب رمضان شهر القرآن أقترح نشره في المنتديات والمساجد
وأقترح تحويله إلى ملف ملاحظات ليتسنى تحميله على الجوال وتبادله .. فكم هو جميل أن يُضمِّن أحدنا تهانيه لأحبابه بمناسبة دخول شهر رمضان هذا الملف في رسالة وسائط .. فليت بعض الأخوة ينشط لذلك أو يدلنا على طريقة تحميله على الجوال على شكل ملف ملاحظات.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[06 Aug 2010, 02:23 م]ـ
فوائد ونصائح تكتب بماء الذهب.
حفظ الله الشيخ وبارك في علمه وعمره، ووفق جامعَ الموضوع وناقله لكل خير، ورزقنا وإياكم حسن الاتباع والانتفاع، وبلغنا العلم والعمل بكتابه.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[06 Aug 2010, 02:44 م]ـ
وأقترح تحويله إلى ملف ملاحظات ليتسنى تحميله على الجوال وتبادله .. .
كلام قيم بارك الله في القائل والكاتب والناقل
أخي الكريم عبد العزيز، تجد في المرفقات ملف وورد فيه كلمات الشيخ كما طلبت فأسأل الله تعالى أن ينفعنا جميعاً به.
ـ[عبدالعزيز اليحيى]ــــــــ[07 Aug 2010, 11:11 م]ـ
أخي الكريم عبد العزيز، تجد في المرفقات ملف وورد فيه كلمات الشيخ كما طلبت فأسأل الله تعالى أن ينفعنا جميعاً به.
جزاك الله خيراً أختي الفاضلة
ـ[سامي السلمان]ــــــــ[08 Aug 2010, 03:47 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله بركاته
أيها الإخوة تجدون الملف منسقاً بخط عثمان طه (خطوط المجمع) , وبصيغة pdf رغبة في المشاركة لمن أحب تداوله بهذه الصيغة.(/)
ما تيسر من تلخيص كتاب منهج الاستنباط للشيخ الوهبي.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[01 May 2010, 10:09 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
هذا ما تيسر من تلخيص كتاب:
منهج الاستنباط من القرآن الكريم، للدكتور فهد الوهيبي.
· الاستنباط في اللغة: لفظ يستخدم لكل ما خرج أو ظهر بعد خفاء.
· في الاصطلاح: استخراج الأمر الذي من شأنه أن يخفى على غير المستنبط.
· التفسير في اللغة: البيان أو كشف المغطى.
· في الاصطلاح: بيان معاني القرآن الكريم.
- الفرق بين الاستنباط والتفسير:
يشترط في الاستنباط الخفاء فيما يستنبط، بحيث لا يوجد ما يدل ظاهرا على ارتباط هذا المعنى بالآية قبل الاستنباط. بخلاف التفسير، وإذا وجد خفاء وغموض في التفسير فهو من جهة اللفظ، كأن يكون اللفظ مشتركا بين معنيين أو أكثر، أو مجملا، ومرجع فهم ذلك كلام السلف، وكتب اللغة، والقرائن وغيرها مما يعين على فهم المراد.
· شمولية الاستنباط من القرآن الكريم:
قال تعالى:
(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل:89]
وهذه الآية صريحة في أن هذا القرآن بيان لكل شيء، وأول ما يدخل في ذلك؛ بيان ما يحتاج إليه الناس في أمور دينهم من الحلال والحرام، وبيان ما يقيم شؤون حياتهم.
· شمولية الاستنباط من جهة النص المستنبط منه:
ومعنى ذلك أن آيات القرآن كلها محل للاستنباط، وقد ذكر العلماء أن أيات القرآن تتنوع بحسب موضوعها إلى آيات قصص، وأحكام ومواعظ وغيرها، ومع هذا يمكن أن تدل لآية، وإن كانت ليست مما عد من آيات الأحكام على حكم فقهي أو عقدي أو لغوي بوجه من وجوه الدلالة المختلفة أو بقاعدة من قواعد الاستنباط.
وقد ألف عدد من العلماء الكتب فيما يستنبط من غير آيات الأحكام:
منهم الشيخ عبدالرحمن السعدي، في كتابه [بدائع الفوائد المستنبطة من قصة يوسف عليه السلام]
وقد استنبط المفسرين الأحكام من آيات القصص والمواعظ وغيرها.
· أقسا م الاستنباط من القرآن الكريم:
- أقسام الاستنباط من النص باعتبار الظهور في معنى النص:
أ - الاستنباط من النصوص الظاهرة المعنى:
إن فهم النص هو أساس الاستنباط الصحيح من القرآن الكريم، والنص الظاهر المعنى المراد به ما هو بين بنفسه يفهه التالي العربي دون الحاجة إلى تفسير، وهذا النوع هو الأصل، وهو أكثر القرآن الكريم.
وهذا القسم لا يختلف حكمه ولا يلتبس تأويله، ومثال ذلك:
قال تعالى:
(إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) [الأنفال:65]
قال ابن عباس: ... فكتب أن لا يفر المائة من المائتين.
قال الشافعي:
وهذا كما قال ابن عباس إن شاء الله، وقد بين هذا في الآية، وليست تحتاج إلى تفسير.
ب - وأما النصوص غير الظاهرة فهي تحتاج إلى تفسير.
ويندرج في هذه النصوص: جميه أنواع المبهم.
كقوله تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) [الزمر: 3]
فإن ظاهره مشكل؛ لأن الله سبحانه قد هدى كفارا كثيرا، وماتوا مسلمين.
وكلفظ الصريم في قوله تعالى:
(فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) [القلم:20]
ولابد أن يلاحظ ما يلي:
1 - الاستنباط من نص يحتاج إلى تفسير فلا يكون الاستنباط إلا بعد فهم المعنى ثم يكون الاستنباط بعد ذلك.
2 - والاستنباط من النصوص غير ظاهرة المعنى متوقف على مقدمة أساسية وهي الرجوع للتفسير؛ لذلك لابد أن يعرف المستنبط التفسير الصحيح للآية قبل أن يستنبط منها.
· أقسام الاستنباط إفرادا وتركيبا:
أ - الاستنباط من نص واحد:
وهو أن يكون الاستنباط من نص مفرد بلا ضم إلى نص آخر، وهو أكثر القسمين وجودا في كتب أهل العلم.
مثال ذلك: قال تعالى:
(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) [المسد:4]
استنبط الشافعي منها وغيرها صحة أنكحة الكفار.
ووجه الاستنباط أن الله تعالى أضاف النساء إليهم، وحقيقة الإضافة تقتضي زوجية صحيحة، والأصل قي الإطلاق الحقيقة.
ب - الاستنباط بالربط بين نصين أو أكثر:
وهو ما يسميه ابن القيم [دلالة التركيب]
وهذا النوع من أدق أنواع الاستنباط لذا يقول ابن القيم:
" فهذا من ألطف فهم النصوص وأدقه "
ومثال ذلك: قال تعالى:
(أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي) [طه: 93] مع قوله تعالى:
(إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) [الجن:32]
استنبط منها أن مخالف الأمر يستحق العقاب.
ووجه الاستنباط:
أن آية طه تدل عل أن مخالف الأمر عاص، وآية الجن تدل على أن العاصي معاقب؛ فينتج من ذلك أن مخالف الأمر يستحق العقاب.
يتبع بإذن الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[06 May 2010, 12:20 م]ـ
· أقسام الاستنباط باعتبار الصحة والبطلان:
وعند تأمل حالات الصحة وعدمها يتبين أنها أربع حالات:
1 - صحة الدلالة والمعنى المستنبط.
2 - بطلانهما.
3 - صحة الدلالة وبطلان المستنبط.
4 - بطلان الدلالة وصحة المستنبط.
ولا يحكم على الاستنباط بأنه صحيح إلا في الحالة الأولى، أما الحالة الرابعة فقد يكون المعنى المستنبط تدل عليه آيات أخرى من القرآن الكريم.
وقد ذكرت أمثلة عن الاستنباط الصحيح، أما الاستنباط الباطل فهذا مثاله:
قال تعالى:
(ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) [ص: 42]
قال القرطبي: " استدل بعض جهال المتزهدة وطغام الصوفية بقوله تعالى لأيوب (أركض برجلك) على جواز الرقص، وهذا استنباط باطل؛ لأنه مخالف لما جاء به الشرع من تحريم الرقص.
قال ابن الجوزي: " وهذا احتجاج بارد لأنه لو أمر بضرب الرجل فرحا، كان لهم فيها شبهة، وإنما أمر بضرب الرجل لينبع الماء "
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[10 May 2010, 10:15 م]ـ
جزاك الله خيراً يا أم الأشبال على هذا التلخيص المفيد للكتاب وأشكرك على جهدك المبارك وفقك الله وسددك، وآمل تعديل تعريف الاستنباط في الاصطلاح ليكون: (استخراج ما خفي من النص بطريق صحيح).
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[11 May 2010, 02:31 م]ـ
جزاك الله خيراً يا أم الأشبال على هذا التلخيص المفيد للكتاب وأشكرك على جهدك المبارك وفقك الله وسددك، وآمل تعديل تعريف الاستنباط في الاصطلاح ليكون: (استخراج ما خفي من النص بطريق صحيح).
أخي الفاضل بارك الله في علمك وعملك، ليت المشرف المختص يعدل ما طلبت تعديله، وعني أعتبر هذا التلخيص عبارة عن تشجيع للطلبة على أن يتمعنوا أكثر في الكتاب فهناك أمثلة تطبيقية مهمة ونصوص مفيدة منتقاة من بطون كتب علوم القرآن، وكنت قد سطرت أكثرمن هذا ولكن انسكب سائل على الأوراق فأتلفها وما دام الشيخ قد استحسن ما كتب فاليبقى هكذا وليبارك الله.(/)
سؤال عن عبارة لم أفهمها في كتاب منهج الاستنباط للشيخ الوهبي.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[01 May 2010, 10:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
العبارة:
"مثال ذلك: قال تعالى:
(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) [المسد:4]
استنبط الشافعي منها وغيرها صحة أنكحة الكفار.
ووجه الاستنباط أن الله تعالى أضاف النساء إليهم، وحقيقة الإضافة تقتضي زوجية صحيحة، والأصل قي الإطلاق الحقيقة، وهذا الاستنباط مبني على أن جميع ما ذكره الله تعالى في كتابه من الألفاظ فهي على الحقيقة." أهـ
السؤال:
هل بالفعل هذا الاستنباط مبني على أن جميع ما ذكره الله تعالى في كتابه من الألفاظ فهي على الحقيقة؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 May 2010, 10:44 ص]ـ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم الأشبال http://www.tafsir.net/vb/styletafsir/buttons/viewpost.gif (http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=101406#post101406)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
العبارة:
"مثال ذلك: قال تعالى:
(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) [المسد:4]
استنبط الشافعي منها وغيرها صحة أنكحة الكفار.
ووجه الاستنباط أن الله تعالى أضاف النساء إليهم، وحقيقة الإضافة تقتضي زوجية صحيحة، والأصل قي الإطلاق الحقيقة، وهذا الاستنباط مبني على أن جميع ما ذكره الله تعالى في كتابه من الألفاظ فهي على الحقيقة." أهـ
السؤال:
هل بالفعل هذا الاستنباط مبني على أن جميع ما ذكره الله تعالى في كتابه من الألفاظ فهي على الحقيقة؟
إذا كان يقصد الحقيقة التي هي مقابل المجاز، بمعنى أنه ليس في القرآن مجاز، فهذه المسألة معروف أنها محل خلاف بين أهل العلم.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[02 May 2010, 05:11 ص]ـ
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم الأشبال http://www.tafsir.net/vb/styletafsir/buttons/viewpost.gif (http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=101406#post101406)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
العبارة:
"مثال ذلك: قال تعالى:
(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) [المسد:4]
استنبط الشافعي منها وغيرها صحة أنكحة الكفار.
ووجه الاستنباط أن الله تعالى أضاف النساء إليهم، وحقيقة الإضافة تقتضي زوجية صحيحة، والأصل قي الإطلاق الحقيقة، وهذا الاستنباط مبني على أن جميع ما ذكره الله تعالى في كتابه من الألفاظ فهي على الحقيقة." أهـ
السؤال:
هل بالفعل هذا الاستنباط مبني على أن جميع ما ذكره الله تعالى في كتابه من الألفاظ فهي على الحقيقة؟
إذا كان يقصد الحقيقة التي هي مقابل المجاز، بمعنى أنه ليس في القرآن مجاز، فهذه المسألة معروف أنها محل خلاف بين أهل العلم.
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
نبهني كلامك لأمر وهو أنه قد يقصد بما أعبر عنه " بأن ما ذكر في القرآن من أخبار فهو عل الحقيقة "
قال الآمدي:
" قولهم: الاصل في الاطلاق الحقيقة، قلنا: إلا أن يدل الدليل على مخالفته. " أهـ
هذا والله أعلم.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[02 May 2010, 06:17 ص]ـ
أظن أن الشيخ د مساعد الطيار لديه ما يقوله حول سؤال الاخت أم الاشبال.
وأظن يا أخت أم الاشبال أنك تعجلت الامر حينما أقررت أن كل ما ذكر في القرآن من أخبار فهو على الحقيقة ".
يقول الشيخ مساعد الطيار حفظه الله في كتابه مفهوم التفسير:
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[02 May 2010, 06:18 ص]ـ
يقول الشيخ مساعد الطيار حفظه الله:
يمكنُ تقسيمُ الاستنباط من الآياتِ إلى أقسامٍ:
أوَّلاً- الاستنباط من النص الظَّاهرِ الذي لا يحتاج إلى تفسير:
وهو على قسمين:
أنْ يكونَ الاستنباطُ صحيحًا، ومثاله: ما ذكر السيوطي (ت: 911) في قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ)، قال: ((واستدل به الشافعي على صحة أنكحة الكفار)) (1).
أنْ لا يكون الاستنباطُ صحيحًا، ومثاله: استنباطُ بعض الصُّوفيَّة جوازَ الرَّقصِ من قوله تعالى: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) [ص: 42]، وهذا الاستنباطُ غيرُ صحيحٍ، والمعنى المدلول عليه خطأ بذاته، وهو الرَّقصُ، إذ الرَّقصُ لا يجوز أصلاً.
ثانيًا- الاستنباطُ من نص غير ظاهر يحتاج إلى تفسير:
وهذا النوع يكون الاستنباط منه بعد بيان المعنى، أي: التفسير، وهو على أقسام:
أن يكونَ التفسيرُ صحيحًا، والاستنباطُ صحيحًا، وهذا كثيرٌ جِدًّا.
ومثاله: ما استنبطه ابن عطيَّةَ الأندلسيُّ (ت: 542) من قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) [ص: 29]، قال: ((وظاهرُ هذه الآيةِ يقتضي أنَّ التَّدبُّرَ من أسبابِ إنزالِ القرآنِ، فالتَّرتيلُ إذًا أفضلُ لهذا، إذ التَّدبُّرُ لا يكونُ إلاَّ مع التَّرتيلَِ)) (1).
أن يكونَ التفسير صحيحًا، والاستنباط غير صحيح.
ومثاله: ما استنبطَه ابنُ عطيَّةَ الأندلسيُّ (ت: 542) من قولِه تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) [الشورى: 49، 50]:، فبعد تفسيرِه للآيةِ تفسيرًا صحيحًا، قال: ((وهذه الآيةُ تَقْضِي بفسادِ وجودِ الخُنْثَى المُشْكِلِ)) (2).
والآية لا تدلُّ على ما قالَه، ولم تنفِ وجوده، وإنَّمَا تُرِكَ ذكرُ الخُنثى المُشكلِ لندرَته وقلَّتِهِ أمامَ هذه الأقسامِ المذكورةِ، واللهُ أعلمُ.
وقال ابن العربي (ت: 543) - وهو معاصرٌ لابن عطيَّةَ -:
(( ... أنكرَه قومٌ منْ رءوسِ العوامِ، فقالوا: إنَّه لا خُنْثَى، فإنَّ اللهَ تعالى قسَّمَ الخلقَ إلى ذكرٍ وأنثى.
قلنا: هذا جَهْلٌ باللُّغةِ، وغباوةٌ عنْ مَقْطَعِ الفَصَاحَةِ، وقُصُورٌ عن مَعْرِفَةِ سَعَةِ القُدْرَةِ.
أمَّا قدرةُ اللهِ سبحانَهُ، فإنَّه واسعٌ عليمٌ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[02 May 2010, 09:06 ص]ـ
أظن أن الشيخ د مساعد الطيار لديه ما يقوله حول سؤال الاخت أم الاشبال.
وأظن يا أخت أم الاشبال أنك تعجلت الامر حينما أقررت أن كل ما ذكر في القرآن من أخبار فهو على الحقيقة ".
يقول الشيخ مساعد الطيار حفظه الله في كتابه مفهوم التفسير:
حفظ الله تعالى جميع أهل العلم في هذا الملتقى المبارك.
وجيد أنك نقلت ما قاله الشيخ الطيار.
وبالنسبة للمثال المذكور.
الذي أفهمه من قوله تعالى:
من قولِه تعالى: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)
أنه لا يمتنع وجود الخنثى المشكل، ولذلك قال القرطبي:
الله تعالى قال: " لله ملك السموات والارض يخلق ما يشاء ".
فهذا عموم مدح فلا يجوز تخصيصه، لان القدرة تقتضيه.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[02 May 2010, 09:10 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الفاضل
نبهني كلامك لأمر وهو أنه قد يقصد بما أعبر عنه " بأن ما ذكر في القرآن من أخبار فهو عل الحقيقة "
قال الآمدي:
" قولهم: الاصل في الاطلاق الحقيقة، قلنا: إلا أن يدل الدليل على مخالفته. " أهـ
هذا والله أعلم.
وهذا مثال والله أعلم.
قال تعالى:
(إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) [الأنفال:65]
قال ابن عباس: ... فكتب أن لا يفر المائة من المائتين.
قال الشافعي:
وهذا كما قال ابن عباس إن شاء الله، وقد بين هذا في الآية، وليست تحتاج إلى تفسير.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[02 May 2010, 12:48 م]ـ
من الامثلة الأخرى التي يجوز فيها الاستنباط:
1 - وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
يستنبط من الآية أن الزواج مدعاة الى سعة الرزق
2 - وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا
تدل هذه الآية على أن هبة المرأة صداقها لزوجها بكرا كانت أو ثيبا جائزة؛ وبذلك قال جمهور الفقهاء كما قال القرطبي وغيره.
وفي قوله تعالى: {فَكُلُوهُ} ليس المقصود هنا صورة الأكل، وإنما المراد به الاستباحة بأي طريق كان؛ إلا أن الأكل لما كان أوفى أنواع التمتع بالمال عبر عن التصرفات بالأكل.
وقوله (هَنِيئًا مَّرِيئًا) دل على جواز اتخاذ مال الصداق للشفاء فقد وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "إذا اشتكى أحدكم شيئا فليسأل امرأته درهما من صداقها ثم ليشتر به عسلا فليشربه بماء السماء؛ فيجمع الله عز وجل له الهنيء والمريء والماء المبارك". والله أعلم.
أما الامثلة على الاستنباط غير الجائز فاسوق اليكم هذه الامثلة:
1 - قوله تعالى (فلينظر الانسان الى طعامه) فهذا لا يستنبط منه وجوب النظر الى الطعام قبل أن يؤكل. بل الآية توجب التفكر في تعظيم نعم الله تعالى على الانسان
2 - في قوله تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا.
لا يستنبط من هذه الآية جواز قول أف في حال كون الآباء شباباً. ولكن الآية تتجه الى ما يغلب عليه أمر الآباء حال وصولهم أرذل العمر.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[03 May 2010, 08:01 ص]ـ
جزاكم الله خيرا جميعا هناك عبارة ثانية أشكلت علي:
وليعذرني الشيخ الوهبي إن كنت أثقلت عليه فالكتاب كالأبن لا يحب الكاتب أن يزعجه أحد حوله، ولكني أدرس وأتمنى أن يدرس الكتاب:
العبارة:
قال الشاطبي:
" فالقرآن على اختصاره جامع، ولا يكون جامعا إلا والمجموع فيه أمور كلية؛ لأن الشريعة تمت بتمام نزوله، لقوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم) وأنت تعلم ان الصلاة والزكاة والجهاد وأشباه ذلك لم يتبين جميع أحكامها في القرآن إنما بينتها السنة "
وإذا كان ذلك فيما دل عليه القرآن بدلالة ظاهرة فإن الاستنباط من القرآن كذلك يتنوع إلى استنباطات كلية عامة، واستنباطات جزئية تختص بمسائل معينة." أهـ
لم أفهم من عبارة الشاطبي أنه قصد " ما دل عليه القرآن بدلالة الظاهر "؟
فهل من موجه؟
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[03 May 2010, 10:38 ص]ـ
أختي أم الاشبال:
رغم أننا نتعلم منك ونستفيد من علمك الغزير إلا أنني أحاول ما أوتيت أن أشارك معكم على نيّة طلب العلم والمشاركة المأجورة أن شاء الله تعالى.
أظن يا أختي أن المقصود هنا هي الاحكام العامة التي ليس فيها نصوص تفصيلية مثل أحكام الصلاة والزكاة والحج وغيرها من أحكام. فالقرآن ذكرها على عموميتها وترك للسنّة أمر دقائقها وأحكامها الخاصة. وهذا معنى قوله: ان الصلاة والزكاة والجهاد وأشباه ذلك لم يتبين جميع أحكامها في القرآن إنما بينتها السنة " (وهذا) فيما دل عليه القرآن بدلالة ظاهرة.
يعني ذلك أننا اذا قرأنا قوله تعالى (وأقيموا الصلاة) فإننا نسنبط منها حكماً عاماً وهو فرضيّة الصلاة ووجوبها.
أما اذا قرأنا قوله تعالى (ولكل واحد منهما السدس) فإننا نستنبط حكماً مخصوصاً محدوداً يخص جزئية معينة بظروف معينة وهكذا. والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[04 May 2010, 08:16 ص]ـ
أختي أم الاشبال:
رغم أننا نتعلم منك ونستفيد من علمك الغزير إلا أنني أحاول ما أوتيت أن أشارك معكم على نيّة طلب العلم والمشاركة المأجورة أن شاء الله تعالى.
أظن يا أختي أن المقصود هنا هي الاحكام العامة التي ليس فيها نصوص تفصيلية مثل أحكام الصلاة والزكاة والحج وغيرها من أحكام. فالقرآن ذكرها على عموميتها وترك للسنّة أمر دقائقها وأحكامها الخاصة. وهذا معنى قوله: ان الصلاة والزكاة والجهاد وأشباه ذلك لم يتبين جميع أحكامها في القرآن إنما بينتها السنة " (وهذا) فيما دل عليه القرآن بدلالة ظاهرة.
يعني ذلك أننا اذا قرأنا قوله تعالى (وأقيموا الصلاة) فإننا نسنبط منها حكماً عاماً وهو فرضيّة الصلاة ووجوبها.
أما اذا قرأنا قوله تعالى (ولكل واحد منهما السدس) فإننا نستنبط حكماً مخصوصاً محدوداً يخص جزئية معينة بظروف معينة وهكذا. والله تعالى أعلم
أخي الكريم تيسير احترت هل أرد على الثناء أم لا أرد وفي كل اختيار سيظن أني أزكي نفسي، وباختصار أنا طالبة علم أمشي على أصول أسسني عليها أساتذتي، ومثل هذه الملتقيات الجادة تعتبر المختبر المثالي لطرح المسائل وإعمال الأصول، فأنا مثل عالم الآثار الذي يأخذ حفنة من جبل ليعمل على تحليلها، وفوق كل ذي علم عليم.
أما عن ما قاله الشاطبي، اعتقدت أنه عم الأحكام الظاهرة والمستنبطة، فما زال الاجتهاد الاستنباط مستمرا ومعينه كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال تعالى:
(هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ)
(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
قال الإمام الشافعي في كتابه الرسالة:
فمنها ما أبانه لخلقه نصا مثل جمل فرائضه في أن عليهم صلاة وزكاة وحجا وصوما وأنه حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ونص الزنا والخمر وأكل الميتة والدم واحم الخنزير وبين لهم كيف فرض الوضوء مع غير ذلك مما بين نصا.
ومنه ما أحكم فرضه بكتابه وبين كيف هو على لسان نبيه مثل عدد الصلاة والزكاة ووقتها وغير ذلك من فرائضه التي انزل من كتابه ومنه ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس لله في نص حكم وقد فرض الله في كتابه طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والانتهاء إلى حكمه فمن قبل عن رسول الله فبفرض الله قبل.
و قال الشافعي فليست تنزل في أحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[06 May 2010, 05:24 م]ـ
انتهيت من الاطلاع على الكتاب والحمد لله تعالى ولم يشكل علي شيء.
ولكن عندي سؤال واستفسار بسبب ما ورد في هذا الكتاب سأفرد له موضوعا مستقلا بإذن الله تعالى.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[22 May 2010, 04:20 ص]ـ
نبهني كلامك لأمر وهو أنه قد يقصد بما أعبر عنه " بأن ما ذكر في القرآن من أخبار فهو عل الحقيقة "
هذا والله أعلم.
هذه العبارة دفعت أخي تيسير إلى فتح موضوع جديد لمناقشة قولي هذا وليته أدرج ما أراده هنا، على العموم يسرني نقل هذا التوضيح لما يقصد بالحقيقة هنا:
قال الآمدي:
النص الصريح:
وهو أن يذكر دليل من الكتاب أو السنة على التعليل بالوصف بلفظ موضوع له في اللغة من غير احتياج فيه إلى نظر واستدلال.
وقال ابن العربي:
وَالنَّصُّ الصَّرِيحُ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِنْبَاطِ.
قال خالد العك:
وألفاظ القرآن الكريم الصريحة مثل: الأوامر والنواهي، والأخبار والقصص، والعبر والحكم، فهي جميعها صريحة على مقاصدها، لأنها مفهومة المعنى بنفسها ...
هذا والله أعلم(/)
سؤال للفائدة: أَإِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[01 May 2010, 07:34 م]ـ
http://www.bayan-alquran.net/forums/ramdan-green/smiles/3.gif في سورة يوسف:
قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ (89) قَالُواْ أَإِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90).
حينما سأل يوسف إخوته: هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه؟ ردوا عليه فوراً وبدون تردد إنك لأنت يوسف. والسؤال هو: ما هي الدلالات التي عرفوا من خلالها أخوهم يوسف. وكيف تأكدوا أنه أخوهم في هذه المقابلة بالذات رغم أنهم شاهدوه وحاوره غير مرّة؟؟؟.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 May 2010, 08:35 م]ـ
إن الدم والشبه من الأمور التي يسهل إدراكها ولكن طول العهد ومفارقة يوسف وهو صغير وقد غلب على ظنهم أنه هلك ربما جعلهم يستبعدون ما ربما قد تحركت به دواخلهم من أن الذي كان يتعامل معهم ربما يكون هو يوسف عليه السلام، إذا أضفنا إلى ذلك مطالبته لهم بأن يأتوه بأخٍ لهم من أبيهم فهذه لا شك أنها قد زادت من شكوكهم التي ربما حدثوا بها أنفسهم ولكنهم لم يفصحوا عنها، فلما قال لهم: "قَالَ هَلْ عَلِمْتُم مَّا فَعَلْتُم بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنتُمْ جَاهِلُونَ" لم يعد هناك إلا الإفصاح عن ما كان يجول بخواطرهم.
والله تعالى أعلى وأعلم
وصلى الباري وسلم وبارك على نبيه محمد
ـ[المساهم]ــــــــ[01 May 2010, 09:57 م]ـ
http://img208.imageshack.us/img208/2857/61036947.jpg
http://img571.imageshack.us/img571/3136/45486490.jpg
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[01 May 2010, 11:13 م]ـ
حسناً. وماذا بشأن أخوه بنيامين الذي يعيش عنده. ألا يعرف ما حدث ليوسف؟ أليس وارد أن يكون قد أطلع يوسف على ذلك السر. فيكون تسائل يوسف لإخوته على سبيل أنه علم بالامر ويريد أن يستخبر عنه عن طريقهم؟؟؟!!!. هل يمكن لهذا السناريو أن يكون؟؟ إذا كان الجواب لا. فلماذا؟؟؟
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[02 May 2010, 06:21 م]ـ
لتقريب الجواب:
ما هي لغة أبناء يعقوب وما هي لغة أهل مصر؟؟؟؟
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[03 May 2010, 12:03 م]ـ
حسناً
لقد أجاب أخي مساهم جواباً كافياً. ولكنني حاولت أن أضلله بسؤالي الاخير وهو عن بنيامين. فالصحيح أن بنيامين كان صغيراً لم يكن يدرك الاحداث التي حصلت ليوسف. ولذلك لم يبق إلا أنهم عرفوا أخوهم لأنهم أدركوا أن أحداً لم يكن يعرف بالقصة إلا هم أنفسهم بالاضافة الى يوسف. إلا أن بعض التفاسير قد تكلمت عن مدلولات أخرى لمعرفتهم أخيهم في آخر مقابلة. حيث قال بعض أهل العلم أنه سألهم بلغتهم (ما فعلتم بيوسف وأخيه) وقد كان في المقابلات الماضية يتكلم معهم عن طريق ترجمان. وبعض التفاسير قالت أنه خلع التاج وقابلهم حاسر الرأس فرأوا ندبة في رأسه كانوا يعرفونه بها فأيقنوا أنه أخوهم. والى غير ذلك من تأويلات.
ـ[جود فلسطين]ــــــــ[04 Dec 2010, 04:44 م]ـ
بارك الله فيكم
أفدتوني حقيقة بالإجابتين
من حيث أن يوسف هو الوحيد الذي علم بقصته
أو قصة مخاطبتهم بالترجمان ثم بلغتهم
بارك الله فيكم
ـ[عبد الغني عمر ادراعو]ــــــــ[04 Dec 2010, 05:42 م]ـ
أخي الكريم الشيخ تيسير الغول، لا حظت أنك تبقي لفظة:" أخوهم " هكذا بالواو أينما وقع هذا الاسم من الأسماء الخمسة، وبالظبط في هذه المواضع من كلامكم:
1 - ما هي الدلالات التي عرفوا من خلالها أخوهم يوسف.
2 - وماذا بشأن أخوه.
3 - لم يبق إلا أنهم عرفوا أخوهم.
4 - إلا أن بعض التفاسير قد تكلمت عن مدلولات أخرى لمعرفتهم أخيهم في آخر مقابلة
5 - فأيقنوا أنه أخوهم
- والذي أعلم أنا - ولست بحجة -:أنهم يذكرون أن في إعراب الأسماء الستة لغات هي:
1 ـ الإعراب بالحروف
2 ـ أن تلزم الألف مطلقا، وتعرب بحركات مقدرة، كإعراب الاسم المقصور.
نحو: جاء أباك، ومررت بأباك. كقول الشاعر:
إن أباها وأبا أباها ...
3 ـ أن يحذف منها الحرف الثالث، وهو حرف العلة، كما في كلمة " أبوك " فتصبح " أبك "، وتعرب بحركات ظاهرة. وأكثر ما يكون في كلمة: أب، وأخ، وحم،
وهن. نحو: جاء أبُكَ. ورأيت أبَك. وسلمت على أبِك.
1 ـ ومنه قول الشاعر:
بأبه اقتدى عدي في الكرم ... ومن شابه أبه فما ظلم
فهل من بيان بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا على الفوائد.(/)
ما سر الرقم 8 في سورة الزمر؟
ـ[إشراقة جيلي محمد]ــــــــ[01 May 2010, 11:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لست عالمة ولا أستاذة جامعية وإنما طويلبة علم في بداية الطريق فأعذروا جهلي ..
عند قراءتي لسورة الزمر وتأملها لاحظت تكرر بعض الكلمات، عندما حسبت تلك الكلمات وجدت الآتي:
السموات والأرض:
1 / (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) 5
2/ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ) 21
3/ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) 38
4/ (قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) 44
5/ (قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) 46
6/ (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) 63
7/ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) 67
8/ (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ) 68
مادة خلق:
1/ (لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) 4
2/ (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) 5
3/ (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ... ) 6
4/ (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ) 6
5/ (خَلْقًا ....................... ) 6
6/ ( ...... مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) 6
7/ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ) 38
8/ (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) 62
الحق ومشتقاتها:
1/ (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ) 2
2/ (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) 5
3/ (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ) 19
(يُتْبَعُ)
(/)
4/ (إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) 41
5/ (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) 67
6/ (وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) 69
7/ (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ) 72
8/ (وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) 75
مادة كفر:
َ1/ (الَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ) 3
2/ (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ .......... ) 7
3/ (وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) 7
4/ (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ) 8
5/ (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ) 32
6/ (بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) 59
7/ (لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) 63
8 / (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ)
عبد ومشتقاتها تكررت 16 مرة ...
ترى ماهو سر الرقم 8 في سورة الزمر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[02 May 2010, 04:33 م]ـ
أختي الكريمة زادها الله حرصاً وتأملاً في هذا القرآن العظيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مما لا شك اختاه أنه مهما دققنا في هذا القرآن العظيم فإن درره لن تنفد. ولطائفه لن تنتهي. وإعجازاته لن تتوقف. والسابر في غور معاني هذا القرآن لا بد له من أن يقع على شيء من هذه المكنونات العظيمة التي تزيدنا إيماناً على إيمان كما أنت الآن تتأملين وتكتشفين زادك الله بصيرة وعلماً. إلا أن بعضاً من الناس قد بالغ في اسخراج هذه المعارف باستخدام الرقم والحساب. وأقحم القرآن للغة الارقام والحسبة. وهذا لا يعني أن كل حساب للقرآن باطل ولا كل الارقام تخلو من فائدة. ولكن لا بد لنا من تأمل أكثر ودقة أكبر من أن نوقع النصوص الى مالا تحتمل. ومن هنا جاء الخوف.
وإني أظنك أختاه ممن يتأملون هذا القرآن على فهم عليل وإدراك أصيل. زادك الله بسطة في العلم والرزق
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[02 May 2010, 05:22 م]ـ
[ QUOTE= إشراقة جيلي محمد;101458] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لست عالمة ولا أستاذة جامعية وإنما طويلبة علم في بداية الطريق فأعذروا جهلي ..
عند قراءتي لسورة الزمر وتأملها لاحظت تكرر بعض الكلمات، عندما حسبت تلك الكلمات وجدت الآتي:
أختي الكريمة أشكرك على تواضعك ومعرفتك قدر نفسك، وأرجو أن تصرفي نظرك عن عدّ وحساب آيات القرآن وكلماته؛ فإن القرآن لم ينزل لذلك، وهذا الكتاب ليس معجزا بعدد حروفه وآياته، بل هو معجز ببلاغته وتشريعاته وأخباره الماضية والمستقبلة.
وقد قرأت هذه الأيام كتابا حول إشراقات الرقم 7 في القرآن الكريم فأصبت بالغثاء ولم أستطع إكماله، وإذا استمر هذا المنهج الإعجازي الجديد فأظن أن جميع الأرقام ستكون معجزة عبر عمليات رياضية ملتوية ومعقدة راج سوقها هذه الأيام.
فأقبلي يا أخية على تعلمه وتفهمه وتدبره والعمل به والدعوة إليه، ودعي ما سوى ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إشراقة جيلي محمد]ــــــــ[02 May 2010, 10:18 م]ـ
أختي الكريمة زادها الله حرصاً وتأملاً في هذا القرآن العظيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مما لا شك اختاه أنه مهما دققنا في هذا القرآن العظيم فإن درره لن تنفد. ولطائفه لن تنتهي. وإعجازاته لن تتوقف. والسابر في غور معاني هذا القرآن لا بد له من أن يقع على شيء من هذه المكنونات العظيمة التي تزيدنا إيماناً على إيمان كما أنت الآن تتأملين وتكتشفين زادك الله بصيرة وعلماً. إلا أن بعضاً من الناس قد بالغ في اسخراج هذه المعارف باستخدام الرقم والحساب. وأقحم القرآن للغة الارقام والحسبة. وهذا لا يعني أن كل حساب للقرآن باطل ولا كل الارقام تخلو من فائدة. ولكن لا بد لنا من تأمل أكثر ودقة أكبر من أن نوقع النصوص الى مالا تحتمل. ومن هنا جاء الخوف.
وإني أظنك أختاه ممن يتأملون هذا القرآن على فهم عليل وإدراك أصيل. زادك الله بسطة في العلم والرزق
بارك الله فيك وجزاك خيرا ..
ـ[إشراقة جيلي محمد]ــــــــ[02 May 2010, 10:22 م]ـ
[ QUOTE]
أختي الكريمة أشكرك على تواضعك ومعرفتك قدر نفسك، وأرجو أن تصرفي نظرك عن عدّ وحساب آيات القرآن وكلماته؛ فإن القرآن لم ينزل لذلك، وهذا الكتاب ليس معجزا بعدد حروفه وآياته، بل هو معجز ببلاغته وتشريعاته وأخباره الماضية والمستقبلة.
وقد قرأت هذه الأيام كتابا حول إشراقات الرقم 7 في القرآن الكريم فأصبت بالغثاء ولم أستطع إكماله، وإذا استمر هذا المنهج الإعجازي الجديد فأظن أن جميع الأرقام ستكون معجزة عبر عمليات رياضية ملتوية ومعقدة راج سوقها هذه الأيام.
فأقبلي يا أخية على تعلمه وتفهمه وتدبره والعمل به والدعوة إليه، ودعي ما سوى ذلك.
إن شاء الله .... بارك الله فيك وجزاك خيرا ...
ـ[إشراقة جيلي محمد]ــــــــ[09 Jul 2010, 04:15 م]ـ
السلام عليكم
أيضاً ذكرت في هذه السورة أبواب الجنة، وعددها ثمانية .....
ـ[خالد آل فارس]ــــــــ[09 Jul 2010, 07:02 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا المعروف عند الناس بأسرار الارقام فى القرآن الكريم ما هو إلا مدخل من مداخل الشيطان ليصرف بنى آدم عن فهم المعانى و العمل بالكتاب الكريم ,ابتدعه الناس و فتنوا به و أصبح شاغلهم و كأن القرآن كتاب ألغاز وألعاب فمعاذ الله أن يكون كتابه الكريم لهذا الغرض. و حسبك من تكلموا فى عدة أصحاب الكهف و البيان الالهى فى الرد عليهم " قل ربى أعلم بعدتهم ..... " ليغلق باب المناقشة فيما لايعود بالنفع, و حسبك من إنشغلوا بعدة الملائكة اصحاب النار فكانت لهم فتنة, فكل هذه الاعداد و الارقام لإن الله تعالى يريد ذلك و لصاحب الظلال كلام نفيس فى تلك الايات ينبغى مراجعته
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[09 Jul 2010, 09:33 م]ـ
أسرار الأرقام لا تنتهي، والغالب على كثير منها أنها وجهات نظر شخصية، وليس معنى وجودها إلصاقها بالإعجاز مهما كثرت، والانشغال بغيرها من هدايات القرآن أولى وأنفع مع احترامي لكل المعتنين به وفقهم الله(/)
المطلوب: مصطلحات علوم القرآن والتفسير
ـ[أحمد عادلوفيتش]ــــــــ[02 May 2010, 12:13 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عندنا في البوسنة مشروع إعداد قاموس مصطلحات العلوم الإسلامية (عربي-بوسنوي)،
وأنا مكلف لمصطلحات علوم القرآن والتفسير،
فهل هناك كتاب في هذا الموضوع في الإنترنت أو هل هناك هذه المصطلحات مرتبة ألفبائيا في الإنترنت؟
وجزاكم الله خيرا.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 May 2010, 03:42 ص]ـ
أخي الكريم الشيخ أحمد ..
انظ الرابط:
http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=9727
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 May 2010, 05:42 ص]ـ
كتاب صديقنا الأستاذ الدكتور أحمد سعد الخطيب أقرب لسؤال الأخ أحمد وهو بعنوان
مفاتيح التفسير (معجم شامل لما يهم المفسر معرفته من أصول التفسير وقواعده ومصطلحاته ومهماته) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=19155)(/)
هكذا تحدثنا في حوار عن الأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي
ـ[عبيدة احمد السامرائي]ــــــــ[02 May 2010, 10:30 ص]ـ
تواصلاً مع أخبار الندوة العلمية التي أُقيمت في سامراء تكريما واحتفاءً بالأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي (1)، كانت لنا وقفة مع الدكتور صباح علاوي خلف رئيس قسم اللغة العربية، ورئيس اللجنة المحضرة للندوة، حيث تفضل بكلام جميل رائع وحدثنا عن الندوة وما قدمته وقد كانت لي هذه السطور بالحوار مع الأخ الدكتور عن هذه الندوة وهذا نص الحواء ...
بداية نرحب بالأخ الكريم (الدكتور صباح علاوي خلف) رئيس قسم اللغة العربية متحدثا عن الندوات التي أقامها ويقيمها القسم بجهود مباركة للإحتفاء بالعلماء الكبار لاسيما ممن عنوا في اللغة العربية وآدابها
س1/ فضيلة الدكتور: ما هي أبرز الندوات التي أقامها قسمكم المبارك؟
ج- ابتداءً نشكر لكم هذه الالتفاتة الكريمة في ملقتى اهل التفسير على اهتمامكم بالأعمال التي تخدم لغة القرآن وأما عن سؤالكم فقد أقام قسم اللغة العربية في كلية التربية – سامراء ندوات متنوعة كان أبرزها:
1. ندوة عن الشاعر ابن المعتز
2. ندوة عن جهود الأستاذ الدكتور إبراهيم السامرائي
3. ندوة عن جهود الأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي
4. ندوة عن أهمية التاريخ في الشخصية المسلمة وكانت بحضور الأستاذ الدكتور عماد الدين خليل الذي أتحف القسم بمحاضرت ركزت في بناء الشخصية المسلمة لا سيما التي تختص بأبرز معلم من معالم هذا الدين وهي اللغة التي شرفها الله تعالى بالقرآن.
5. ندوة عن قيمة القراءة في العالم العربي وموازنتها بالقراءة بالعالم وكانت بحضور الأستاذ حازم السامرائي – صاحب دار الحكمة للنشر والتوزيع في لندن الذي بين فيها نشر الكتاب العربي وحجمه الحقيقي في المنشورات على مستوى العالم.
وغيرها من الندوات والمؤتمرات.
س2/ إذن ما سر تسمية ندوة الدكتور فاضل السامرائي بالثالثة؟
ج- هذه التسمية تعبر عن تسلسل الندوات الرئيسة والمخطط لها مسبقا، ويمكن أن تعد الندوة الرئيسة في كل عام، وما عدا ذلك فهي ندوات غير ملتزمة بتاريخ محدد ولا سياق ثابت.
س3/ ماذا عن الندوة العلمية الثانية التي تناولت جهود الأستاذ الدكتور إبراهيم السامرائي؟
ج- كانت هذه الندوة من الندوات المتميزة على المستوى التنظيمي وعدد الأساتذة الذين شاركوا فيها من مختلف جامعات العراق، وكذلك فإن شخصية الأستاذ الدكتور إبراهيم السامرائي قد تميزت بكثرة التآليف التي جاوزت ثمانين مؤلفا، وما يقرب من أربعمائة بحث في مختلف مسائل اللغة والأدب
وقد قدمت الكثير من البحوث العلمية عن جهوده، ولعل أطرف ما في الموضوع أن الأستاذ الدكتور إبراهيم السامرائي عرف لغويا بين الدارسين ولكن أكثر البحوث التي قدمت تناولت الجانب الأدبي لديه.
س4/ طيب دكتور بالعودة إلى الندوة الثالثة (ندوة الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي) ما الذي ميّز هذه الندوة عن سابقاتها؟
ج- هذه الندوة تعد بحق طفرة على مستوى عمل القسم والكلية بل الجامعة، تمثلت بالعمل الدؤوب لكي يكون الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي أبرز الحاضرين وكذلك حضور عدد كبير من الأسماء الكبيرة في مجال الدراسات اللغوية مثل الأستاذ الدكتور غانم قدوري حمد و الأستاذ الدكتور نعمة رحيم العزاوي والأستاذ الدكتور طه محسن و الأستاذ الدكتور زهير غازي زاهد و الأستاذ الدكتور علي السامرائي و الأستاذ الدكتور منتصر الغضنفري و الأستاذ الدكتور عباس الصالحي الأستاذ الدكتور عهود عبد الواحد الأستاذ المحقق هلال ناجي وغيرهم الكثير من أعلام اللغة والأدب.
س5/ ما هو انطباع الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي عن الندوة؟
ج- مما يحق لنا أن نفتخر به فعلا أن الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي عبّر عن سرور منقطع النظير لأعمال الندوة وحسن تنظيمها وقال في هذا الصدد: أنني منذ زمن أدعو الله أن يطيل بي العمر حتى أزور مدينتي وأرى أحبتي وقد حقق القائمون على هذه الندوة هذا الحلم فلهم مني كل شكر وامتنان.
س6/ كيف تقيِّمون هذه الندوة؟
ج- كانت الندوة ناجحة بكل المقاييس لأنها تناولت عالما كبيرا تعتز به الأمة في شتى البقاع وقد كرمه قسم اللغة العربية بدرع بدرع الإبداع الذي حمل صورته وشعار الندوة
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا بد من الإشارة إلى أن الحضور من وجهاء المدينة وعلمائها وطلبة العلم كان ملفتا للنظر إذ غصت به القاعة الكبيرة مما جعل أعدادا هائلة تزيد على من في داخلها يقفون خارج القاعة طيلة أيام الندوة وهم يرجون أن يحضوا بدخول القاعة والإستماع إلى ما يقلى فيها.
وقد أشاد الأستاذ الدكتور نعمة رحيم العزاوي بهذا العمل الكبير، وقال شهادة نعتز بها إذ قال: أنه وفي خدمته الطويلة في جامعة بغداد لم يحضر عملا علميا منظما ورائعا بهذا الشكل
س7/ ما هي أبرز الفعاليات التي جرت على هامش الندوة؟
ج- هنالك العديد من الفعاليات كان أبرزها:
1. أقيم معرض لأعمال الأساتذة والطلبة في قسم اللغة العربية وقد احتوى المعرض على طرفة لطيفة وهي صور الأستاذ الدكتور في شبابه تمتد إلى خمسين سنة مضت والتي لا يملك الدكتور أي صورة له في تلك المرحلة، ثم أثارت دهشته وإعجابه وراح يتساءل كيف تسنى لكم هذا الإنجاز الكبير ....
2. هيئنا للأستاذ الدكتور زيارة مدرسته الإبتدائية التي درس فيها وتعلم الكتابة والقراءة في سنة 1941م وأشار إلى أماكن مقاعده الدراسية في المراحل المختلفة (علما أن المدرسة لا تزال على حالها منذ تأسيسها عام 1919 م مع تغيرات طفيفة لا تغير الملامح الأصلية، وأخرجنا إضبارته الشخصية ملصقا عليها صورته بعمر خمس سنوات وهكذا اضبارته حين أصبح معلما فيها عام 1953م وصور زملائه في تلك السنين.
3. ذهبنا برفقة الأستاذ الدكتور إلى بيته القديم الذي كان يحتوي على عفش زواجه مما أثار الذكريات والشجون.
4. ذهبنا برفقته إلى قسم اللغة العربية في كلية التربية في جامعة تكريت حيث ألقى محاضرة قيمة نال بعدها تكريم رئاسة الجامعة وقسم اللغة العربية فيها.
5. ذهبنا برفقته إلى كلية الإمام الأعظم في سامراء وألقى محاضرة عن أسرار البيان في التنزيل ونال تكريم الكلية.
س8/ ماذا عن ندوات القسم المستقبلية؟
ج- في النية إن شاء الله الإستمرار في خدمة العلماء العاملين والإحتفاء بانجازاتهم وستكون بعون الله تعالى الندوة القادمة عن جهود الأستاذ الدكتور يونس أحمد السامرائي.
س9/ ألم تنتهوا من إتمام إخراج البحوث الخاصة بالندوة حتى نتمكن من نشرها، إذ وعدت الأخوة في الملتقى بنشرها.
ج- كما تعلمون أن الأيام هذه تزدحم بامتحانات نهاية السنة وما يتصل بذلك من مناقشات وأعمال إدارية كثيفة، ولكننا بأننا لن نطيل انتظاركم وسنزودكم بهذه البحوث قريبا جدا إن شاء الله تعالى
س10 / لقد استمعت إلى كلمتك الترحيبة بالضيوف وضيف الندوة، وكان بحق تستحق الإشادة إذ أنها كانت بليغة في كل معانيها، فهل لنا أن نحصل على مضمونها وبارك الله فيكم
ج- حبا وكرامة وهذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على حبيبه المصطفى وعلى آله وصحبه أولي الفضل والوفا ومن سار على منهاجهم واقتفى، أما بعد: فيحق لطلبة العلم والمعرفة في كيلتنا أن تهتز فيهم مشاعر السرور بإشراقة طلت على أفيائها بكوكبة من خيرة الذائدين على ثغر يمثل صميم الأمة وعنوان حضارتها.
ويحق لأنفاسنا الحرى أن تخترق جدار الزمان والمكان وتسموا في رحيق العلم بما يحمله من نسيمات الماضي لتستمد وصلا بأسلاف هذه الأمة ورجالاتها العظام.
وإني لأدع نفسي ماضية في فخرها أصالة ونيابة عن كل من تمثله هذه الكلمات في جامعة تكريت عامة وكلية التربية في سامراء خاصة وعلى وجه أخص في قسم اللغة العربية .... كيف لا؟ وهو يسجل في ألواح الزمن أياما مشرقة في تاريخه القصير.
قدم القسم في السنة الماضية مثالا للوفاء لعلم من أعلام اللغة العربية ممن طوت صفحاته يد المنون ذلكم الأستاذ الدكتور إبراهيم السامرائي، واليوم يأبى القسم إلاّ ان يقدم الوفاء على الوجه الأتم والأحق حين يحتفل ويحتفي بجبل شامخ من جبال الأمة الشم كان ولا يزال كسحابة غيث تسري فتنفع اينما سارت، وبقيت كلماته تبلسم جراح الجهل فينا، ذلكم شيخنا الكبير ابن هذه المدينة البار الأستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي من رفع رأس بلده ومدينته في أسمى الميادين وأبهاها وأعذبها.
وأنا اليوم أزعم أن قسم اللغة العربية ليتيه طربا بمقدمه ومقدم نخبة طيبة ممن وضعوا لمساتهم في سجلات العلماء، حياكم الله وبياكم وإنا لنفرش قلوبنا ورودا وهي تدعو الباري جل وعلا أن يحفظكم ذخرا للعلم والمتعلمين وأن يكتب ما تقدمون في صحائف اعمالكم وأن يمن علينا بدوام لقياكم على الخير والبركة أنه نعم المولى ونعم النصير.
ختاما اشكرك شكرا جزيلا فضيلة الدكتور صباح علاوي على إعطائنا جزءا من وقتك لإجراء الحوار.
ج: ونحن بدورنا نشكركم ونشكر القائمين على هذا الملتقى المبارك عسى الله أن يوفقكم لكل خير.
ـــ الحواشي ـــ
(1) ندوة علمية في سامراء عن حياة الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي وجهوده العلمية بحضوره ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=19285) (http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=19285).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 May 2010, 06:15 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخي عبيدة على هذا اللقاء الموجز الذي ألقى الضوء على فكرة هذه الندوة. وأرجو أن نرى البحوث قريباً بغذن الله. شاكراً لكم هذه الالتفاتة الكريمة.
ـ[عبد الحميد أحمد محمد]ــــــــ[07 Dec 2010, 11:50 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته وبعد
لو تكّرمتم علينا بإفادتنا بأبحاث الندوة العلميّة الثانية حول الدكتور إبراهيم السامرائي سواء بصيغة ورقية مجلة أو إلكترونية و ما قدّمه الأساتذة الباحثون من تعريف بالعلم المرحوم الدكتور السامرائي من جهود خدمت لغة الضاد على مختلف مستوياتها الصوتية و الصرفية و النحوية و المعجمية و الدلالية حتى نستفيد و نفيد جعل الله جهدكم و عملكم هذا في ميزان حسناتكم و أجزل الثواب لكل باحث يسهم في خدمة اللغة العربية.في حياته و بعد مماته.
بارك الله فيكم
الباحث: أ عبد الحميد أحمد محمد جامعة الجزائر(/)
تعاهد القرآن الكريم لكل المسلمين .. الشيخ عبدالعزيز الطريفي
ـ[عبدالرحمن الحمد]ــــــــ[02 May 2010, 07:26 م]ـ
الأمر بتعاهد القرآن لكل المسلمين
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعاهدوا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها".متفق عليه.
قال عبد العزيز بن مرزوق الطريفي حفظه الله في شرحه لهذا الحديث من كتاب المحرر لابن عبد الهادي، ورقم الحديث 1233 ص 661 - 662، وكان ليلة الثلاثاء 14/ 4/1431هـ بجامع عبد الله بن مسعود في حي الغدير بالرياض:
تعاهدوا القرآن؛ لتكونوا من أهل حداثة العهد به، من القراءة والاستذكار لما فات من محفوظه ومعناه.
جاء في القرآن والسنة منزلة أهل القرآن.
وجاء بيان حال من ترك القرآن ونسيه أو تناساه، وفيه جملة من أحاديث الوعيد –سيأتي الكلام عنها-.
التعاهد لمن كان على معرفة به من: أبواب الحفظ، أو المعاني.
ومن لم يكن على معرفة به فعليه المبادرة إلى ذلك؛ ليكون على قرب من رحمة الله، فقد وصف الله القرآن بأنه رحمة فقال: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس/59].وفضل الله الإسلام ورحمته القرآن؛ لما جعل فيه من الحجة والبيان، وهو محفوظ إلى قيام الساعة، كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نزلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر/9]. فهو محفوظ من العبث والتحريف ونحو ذلك.
والقرآن من الله بدأ وإليه يعود، فهو كلام الله على الحقيقة، ويعود إليه آخر الزمان إذا رفع من الصدور والسطور.
والأمر بتعاهد القرآن منصرف إلى: الوجوب، أو الاستحسان بحسب العارض، وقد شكا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه هجران قومه فقال: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا} [الفرقان/30].
والهجران على نوعين:
الأول: هجران المعاني، وعدم معرفتها، أو السماع بها وعدم الحرص عليها وعلى فهمها، وكذا عدم فهم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يبين العام من الخاص والمجمل من المبين ونحو ذلك.
والثاني: هجران حروفه، والتقصير في قراءته.
وقد جعل الله لقارئ القرآن من المنزلة ما يحتوي على النوعين.
وأعظمهما النوع الأول؛ بدليل وصفه بأنه نسي آيات الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)} [طه124 - 126].
وحكم النوع الأول: محرم باتفاق العلماء، على حسب المهجور، فإن كان من أصول الدين، أو من فروعه ...
فإذا عرف ما وجب عليه ثم تركه فقد ارتكب محرما، وإن كان نسيه حقيقة تعمداً؛ لأن نسيانه بسبب الإهمال، وهذا عند عامة السلف.
وحكم النوع الثاني: هجران الحروف بعدم قراءة القرآن، جاء في السنة تحديده بشهر وفي رواية أربعين يوماً.
ففي البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما:"اقرأه في شهر ... "ثم ذكر سبع، ولا تزد على ذلك، وفي رواية في ثلاث ولا تزد على ذلك.
ويؤخذ منه كراهة قراءته في أقل من ثلاث، كما جاء عن ابن مسعود:"من ختم القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز".
وبعض العلماء يستثني ما كان في الأزمنة والأماكن الفاضلة، ويحمل عليه ما جاء عن السلف كما قرأ عثمان القرآن في ليلة، وكذا عن تميم الداري، وأبي بن كعب أنه قرأه في ليلتين، وروي عن سعيد بن جبير وأبي الأسود، وعطاء بن السائب.
جاء في بعضها تقييد بالأزمنة والأمكنة الفاضلة، وأحيانا اللفظ مطلق.
مثال الأول المقيد: ما جاء عن عثمان:"أنه ختم في ركعة واحدة عند البيت".
ومثال المطلق: ما جاء ذكر ختمه للقرآن في ليلة في قصة حصاره ومقتله، لما قيل: كيف تقتلون رجلا يقرأ القرآن في ركعة؟!.
وعن إبراهيم النخعي: أن ابن مسعود ختم في أقل من ثلاث، رواه غير واحد، وهذا فيه إشارة إلى مسائل منها:
(يُتْبَعُ)
(/)
ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ولا تزد على ذلك"، فهو إذا كان مع عدم الفهم، كما في سنن أبي داود:"ما فقه من قرأ القرآن فيما دون ثلاث "، وفي رواية توضيح أنك لا تفقه.
قال بعض العلماء: فإذا تحقق أنه يفهم القرآن كما في حال من يختم في شهر ثم ختمه في ثلاث، وهذا لا يتحقق في المتأخرين وقد سرت فيهم العجمة، فقد لا يدرك من المعاني من ختمه في أكثر من ذلك.
واستدل مجاهد بقوله تعالى: {وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنزلْنَاهُ تَنزيلًا} [الإسراء/106]. قال: على تروٍّ من غير عجلة.
وما أنزل القرآن إلا للتدبّر والفهم .. ، ويستثنى من ذلك ما يكون لضبط الحروف فكل حالة تقدر بقدرها.
وقراءته مع التدبر ولو قلّ أولى من غيره.
وأما ضبط القرآن فيجهل كثيرا من المعاني؛ ولهذا ذكر من حال السلف أنهم كانوا يعلّمون صبيانهم من غير معرفة لمعانيه.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة ونهيه عن هجرانه محتمل للمعنيين السابقين.
وهجر المعاني تحريمه على حسب المعاني، فالقصص وتفاصيلها لا يلزم من التفريط في فهمها الذم إلا أنه يتأكد فهم المعنى.
وأما نسيان القرآن نسيان حروفه وحفظه، فجاءت أحاديث عن سعد بن عبادة وعبادة بن الصامت وأنس بن مالك ولا يصح منها شيء.
وجاءت روايات موقوفة ومقطوعة منها:"عرضت علي ذنوب أمتي حتى القذاة فلم أجد أعظم ممن أوتي سورة حفظها الرجل ثم نسيها "وهو حديث معلولٌ؛ للإرسال من حديث ابن جريج عن المطلب بن عبد الله عن أنس، والمطلب لا يعرف له سماع من أنس.
وجاء عن رجل عن سعد بن عبادة بنحوه.
وجاءت مقطوعات كما في الزهد لأحمد عن رفيع بن مهران:"كنا نعدّ تعلم القرآن وتركه من أعظم الذنوب ".
وهذا لا يشمل نسيان حروف القرآن وإنما يشمل معاني القرآن.
عن ابن سيرين:"كانوا يكرهون نسيان القرآن "رواه الدارمي وغيره.
وما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:"فلم أر ذنبا أعظم ... "حمله بعضهم على نسيان المعاني، صوبه ابن تيمية وجماعة، وهو الصواب.
وأقل أحوال نسيان القرآن –نسيان حروفه- الكراهة.
ومن نظر لأقوال السلف وجد أنهم لا يحرمونه، ليس كما اشتهر عند المتأخرين، وما جاء من الآثار فهو منقول عن المعاني كما هو ظاهر القرآن.
وتدبر القرآن على أنواع:
آيات متعلقة بالتوحد بأنواعه الثلاثة. وآيات متعلقة بالأحكام الحلال والحرام. وآيات متعلقة بالقصص والأمم الغابرة والمتأخرة.
فينبغي أن يرتب المعاني التي يتعلمها بحسب ترتيب الأنواع الماضية، ويستفصل المراد بها من كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
لقد اعتنى الأئمة بجمع آيات الأحكام ومنها: كتاب القاضي أبي يعلى من الحنابلة، والجصاص من الحنفية، والإمام الشافعي، وأبي بكر ابن العربي من المالكية. وغيرهم.
وثمّة مصنفات في آيات الأحكام لا تلزم مذهبا معينا كأحكام القرآن لإسماعيل القاضي المالكي.
فينبغي الاهتمام بهذا النوع من الآيات.
وقد انتشر بين طلاب العلم جمع الأدلة من السنة النبوية في المسألة الفقهية، ولا يذكر لها دليلا من القرآن، مع أن دليل القرآن ظاهر، وهذا نوع من الجهل الذي لا ينبغي.
ومن أوجه القصور عند طلاب العلم آيات العقائد، فلم يعتن بجمع الآيات على حسب مسائل العقيدة كما فعل بآيات الأحكام، ولا تكاد تجد مؤلفات تجمع أدلة القرآن والسنة على مسائل الاعتقاد وأنواع التوحيد ونحو ذلك.
ونسيان المعاني أعظم.
وينبغي تدرج طالب العلم عل حسب الأهمية في هذه الموضوعات الثلاث، وقد تيسرت كتب كثيرة ووسائل حديثة في تتبع العلم والوصول إليه، ولكن قل الحرص من طلاب العلم في الاستفادة منها وقراءتها والعناية بها.
بل لقد انتشر الجهل والشرك في المسلمين في العصر الحاضر مع وجود الكتب والعلوم مما يدعوا إلى نشر العلم بحرص.
ينبغي الاعتناء بالقرآن قراءة واستحضار عقل.
عن ابن مسعود رضي الله عنه:"من قرأ القرآن فله بكل حرف حسنة ... " الحديث، والمراد بالحروف الكلمات، وليس الحرف المصطلح عليه .. فليس كما يقول المتأخرون؛ ولذلك قال: {ألم} ولم يقل: {ألم تر} ..
وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي القرآن أسرار خاصة، وهو غائي له عمومات يستنبط منها على قدر وسعه كما يليق بكل عصر من الأحكام.
وجعله الله رحمة تناسب العصور إلى قيام الساعة: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58] ورحمة الله هي القرآن.
جاء في فضل حفظ القرآن قدر كبير من النصوص:
من كلام الله تعالى فمن ذلك قوله تعالى: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49] فعُنِيَ بالصدور ما حفظ.
وفي السنة:"يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله .. "والمقصود به المعاني.
فالقراءة إذا أطلقت هو بلفظ اللسان من غير نظر إلى مسطور، وإلا كان زائدا عن معنى القراءة وإن كان اللفظ ينصرف إليه.
ومن ذلك حديث:"يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها".
جاء عن عائشة رضي الله عنها:أن مراتب الجنة أكثر من ستة آلاف درجة.
وفي قوله: " اقرأ وارتق "معلوم أنه لا يقصد به القراءة نظراً، وإنما هي قراءة من حفظه فقط.
جاء عن غير واحد من السلف:"من حفظ القرآن لا تمسه النار".
جاء عند أحمد عن عقبة بن عامر مرفوعا:"لو أن القرآن في إهاب فألقي في النار ما مسته النار".قال أحمد: إن هذا الأديم هو الإنسان الذي حفظ القرآن.
والقرآن حجة لك أوعليك.
جاء في مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه:أول من تسعر بهم النار ثلاثة "ثم قال: " ورجل قرأ القرآن ... "الحديث " قال: كذبت إنما قرأت ليقال: قارئ ... "
ومن اهتدى بالقرآن واقتدى به رفعه الله.
عن عمر مرفوعا:"إن الله ليرفع بهذا القرآن أقواما ويضع به آخرين".
وكلهم قد عرف القرآن: فبعضهم عمل به فرفعه، والآخر سمع هدايته فتنكبها.
في المسند من حديث الفزاري:"ما من أحد يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا أدخله الله النار كائناً من كان ... "
وهذا ينطبق على سائر الفروع والأحكام:
من سمع أن الله أنزل حكما في شيء ثم لم يستمع له، أو لم يتعلم هذا الحكم فإن الله يضعه بحسب هذا الإعراض.
ومما يدل به على منزلة الحافظ: ما جاء في الصحيح عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الكتاب فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ... "الحديث
يقوم به آناء الليل هي مظنة القراءة من غير أنوار، وهو الحفظ.
وجاء في بعض الآثار أن الله تعالى لا يردّ حافظ القرآن إلى أرذل العمر:
كما رواه ابن أبي شيبة عن عبد الملك بن عمير: " من حفظ القرآن لا يرده الله إلى أرذل العمر". وجاء نحوه عن بعض السلف من الصحابة والتابعين. روي عن عكرمة وابن عباس كما رواه أبو عبيد وغيره.
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتاً "
أي: أشد من تفلت القرآن من صدور العباد.
وهذا التفلت يشمل: تفلت المعاني وتفلت الحفظ، وينصرف آخراً إلى الحفظ. فالأصل المعاني.
فكما يسر الله {الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر/17و22و32و40] فكلّ ما تيسر الحصول عليه فإنه ينصرف عنه بيسر وسهولة.وهذا من مبدأ المقابلة.
والأثمان العظيمة والقيم الجليلة إذا ملكها الإنسان ولم يتشبث بها بحفظ فهي أسرع ذهابا من غيرها لنفاستها.
ولهذا لما جعل الله القرآن أغلى ما يملكه المسلم فهو أشد تفلتا من صدور العباد من الإبل في عقلها، فليحرص المسلم عليه بمزيد عناية وليعطه حقه.
الإبل المعقّلة أقرب إلى الانفلات من غيرها في حال ربطها؛ لأنها قوية سريعة الحركة فإن لم يتعاهدها صاحبها انفلتت.
فينبغي تعاهد القرآن بحفظ القرآن مفهومه ومعناه على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويغتنم ذلك ففي الأزمنة الفاضلة يعتني بالقراءة، كما ذكر عن الشافعي كما رواه ابن عساكر والبيهقي من طرق: أنه كان يختم القرآن في رمضان ستين مرة، أي: في كل يوم مرتين.
قال النووي: هو متعلق بفهم الإنسان، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:"لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث".والله أعلم.
انتهى تقريره من الدرس بقلم عبد الحكيم القاسم،
وقد أذن الشيخ عبد العزيز بن مرزوق الطريفي بنشره
-فجزاه الله خير الجزاء -.
ـ[خالد عبدالغني شريف]ــــــــ[03 May 2010, 10:46 م]ـ
جزاكم الله خيرا(/)
اركض برجلك
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[02 May 2010, 07:27 م]ـ
سؤالين للفائدة
يقول جل وعلا: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42
1 - لماذا قال برجلك ولم يقل برجليك؟؟؟ كما قال الله (وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا)
2 - وإذا كان الركض لا يكون إلا بالرِجل فما فائدة ذكر (برجلك)؟؟؟؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[02 May 2010, 07:52 م]ـ
الركض له معنيان:
الجري كما هو في قول الله تعالى: (فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12) لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13)) سورة الأنبياء
والمعنى الآخر: الضرب كما هو في آية "ص" (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ) الآية (42)
وربما لأن أيوب عليه السلام لم يكن يقدر على الحركة إلا الضرب برجله فخرج له الماء بسبب ذلك.
أسأل الله الذي كشف ضر أيوب عليه السلام أن يكشف ما بي من ضر ويكشف ضر كل مسلم ومسلمه.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[02 May 2010, 08:42 م]ـ
بارك الله بك أخي أبو سعد وشكراً لهذه الاجابة الوافية الشافية. فكما قلت أخي:
الركض الدفع بالرجل. يقال: ركض الدابة وركض ثوبه برجله. وقال المبرد: الركض التحريك؛ ولهذا قال الأصمعي: يقال ركضت الدابة ولا يقال ركضت هي؛ لأن الركض إنما هو تحريك راكبها رجليه ولا فعل لها في ذلك. وحكى سيبويه: ركضت الدابة فركضت مثل جبرت العظم فجبر وحزنته فحزن؛ وفي الكلام إضمار أي قلنا له: {ارْكُضْ} قال الكسائي. وهذا لما عافاه الله. {هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} أي فركض فنبعت عين ماء فاغتسل به، فذهب الداء من ظاهره، ثم شرب منه فذهب الداء من باطنه. وقال قتادة: هما عينان بأرض الشام في أرض يقال لها الجابية
قال القرطبي: وقد استدل بعض جهال المتزهدة؛ وطغام المتصوفة بقوله تعالى لأيوب: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} على جواز الرقص قال أبو الفرج الجوزي: وهذا احتجاج بارد؛ لأنه لوكان أمر بضرب الرجل فرحا كان لهم فيه شبهة، وإنما أمر بضرب الرجل لينبع الماء. قال ابن عقيل: أين الدلالة في مبتلى أمر عند كشف البلاء بأن يضرب برجله الأرض لينبع الماء إعجازا من الرقص ولئن جاز قوله سبحانه لموسى: {اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ} دلالة على ضرب المحاد بالقضبان نعوذ بالله من التلاعب بالشرع.(/)
لماذا عاتب أهل النار جلودهم؟؟؟
ـ[إشراقة جيلي محمد]ــــــــ[02 May 2010, 09:31 م]ـ
حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) 20
(وقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) 21
لماذا عاتب أهل النار جلودهم مع أنه الذي شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم؟؟؟؟؟؟
* هل هناك آيات في القرآن تدل على شهادة الجوارح على المؤمنين؟؟؟؟
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[02 May 2010, 10:07 م]ـ
السبب والله أعلم لأن الجلود هي التي تملك خاصيّة الاحساس فهي التي تشعر بالعذاب والألم. ولذلك فقد خصت بالخطاب. والله تعالى أعلم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[02 May 2010, 10:13 م]ـ
ربما لأن الجلد يعم البدن كله والجوارح مندرجة تحته، ثم إن الجلد هو محل الإحساس بالعذاب نسأل الله العافية والسلامة ونعوذ بالله من عذابه وغضبه.
والله أعلى وأعلم
أما سؤالك عن المؤمنين فلا أعلم أن هناك آية تدل على أن الجوارح تشهد عليهم.
ـ[إشراقة جيلي محمد]ــــــــ[03 May 2010, 08:16 م]ـ
أما سؤالك عن المؤمنين فلا أعلم أن هناك آية تدل على أن الجوارح تشهد عليهم.
طيب هل هناك أدلة تدل على أن الجوارح تشهد لهم ....
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[29 May 2010, 06:50 م]ـ
فعلاً؛ السؤال مهم وليتنا نجد الإجابة عنه.
وإن كان المتبادر إلى الذهن هو أن الألم الذي يصيب الجلود شديد فعوتبت لأن العذاب سيصيبها ورغم هذا تشهد على نفسها.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[29 May 2010, 09:30 م]ـ
الحكمة من ذلك والله أعلم: أن الجلود هي ما يغطي الجسم وأعضائه فقد صح عن النبي عليه الصلاةوالسلام أنه أخبر بذلك:"عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ فَقَالَ هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ قَالَ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَقُولُ يَا رَبِّ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنْ الظُّلْمِ قَالَ يَقُولُ بَلَى قَالَ فَيَقُولُ فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفْسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي قَالَ فَيَقُولُ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا وَبِالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا قَالَ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ فَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ انْطِقِي قَالَ فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ قَالَ ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ قَالَ فَيَقُولُ بُعْدًا لَكُنَّ وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كُنْتُ أُنَاضِلُ"
صحيح مسلم - (ج 14 / ص 220)
فإن الأركان كلها تغطيها الجلود والله أعلم
ولذلك يقول لأركانه لم شهدتم علينا ونحن نناضل عنكم.
والله تعالى أعلم
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[29 May 2010, 10:30 م]ـ
من موقع فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
مكتبة الفتاوى: فتاوى نور على الدرب (نصية): التفسير
السؤال: الآية الثانية أعوذ بالله (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) الجواب
الشيخ: نعم هذه الآية نزلت في الكافرين أعداء الله عز وجل الذين قال الله عنهم (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) فأعداء الله وهم الكفار هم أعداء للمسلمين أيضاً كما قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) وقال عز وجل (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض) وقال عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) فأعداء الله تعالى أعداء لكل عباده المؤمنين في كل زمان ومكان فالله تعالى يذكر عباده بهذه
(يُتْبَعُ)
(/)
الحال العظيمة حتى يكونوا من أولياء الله ويبتعدوا عن عداء الله عز وجل وعن أعدائه أيضاً يقول الله عز وجل (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) أي يساقون إليها ويحبس أولهم على أخرهم يساقون إلى جهنم وردا والعياذ بالله فإذا جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم يقول حتى إذا ما جاؤوها ما هذه زائدة للتوكيد وكل ما جاءت ما بعد إذا فهي زائدة كما قيل يا طالباً خذ فائدة ما بعد إذا زائدة حتى إذا ما جاؤوها أي إذا جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون فيشهد السمع على صاحبه بما سمع من الأقوال المحرمة المنكرة التي استمع إليها صاحب هذا السمع وركن إليها وقام بموجبها وأبصارهم بما شاهدوا من الأمور المنكرة التي أقروها ورضوا بها وجلودهم بما مسوا فيشمل كل ما مست أيديهم وأرجلهم وفروجهم من الأمور المنكرة المحرمة تشهد عليهم بكل ما مست وهذا أعم من السمع والبصر ولهذا أنكروا على الجلود دون السمع والبصر فقالوا لجلودهم لما شهدتم علينا قالوا انطقنا الله الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنتم تتسترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وأن يستعتبوا فما هم من المعتبين فيوم القيامة يختم على الألسن وتكلم الجوارح قال الله تعالى (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) فتشهد الجلود وكل ما مست من أمر محرم وكذلك السمع والبصر وحينئذ لا يبقى للإنسان عذر بل يكون مقراً رغم أنفه بما جرى منه من الكفر والمعاصي نسأل الله العافية.
---------------------------
ومن فتح القدير هذه الإجابة:
"وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا" وجه تخصيص الثلاثة بالشهادة دون غيرها ما ذكره الرازي أن الحواس الخمس: وهي السمع والبصر والشم والذوق واللمس، وآلة اللمس هي الجلد، فالله سبحانه ذكر هنا ثلاثة أنواع من الحواس، وهي السمع والبصر واللمس، وأهمل ذكر نوعين وهما الذوق والشم، فالذوق داخل في اللمس من بعض الوجوه، لأن إدراك الذوق إنما يتأتى بأن تصير جلدة اللسان مماسة لجرم الطعام، وكذلك الشم لا يتأتى حتي تصير جلدة الحنك مماسة لجرم الشموم، فكانا داخلين في جنس اللمس، وإذا عرفت من كلامه هذا وجه تخصيص الثلاثة بالذكر عرفت منه وجه تخصيص الجلود بالسؤال لأنها قد اشتملت على ثلاث حواس، فكان تأتي المعصية من جهتها أكثر وأما على قول من فسر الجلود بالفروج فوجه تخصيصها بالسؤال ظاهر، لأن ما يشهد به الفرج من الزنا أعظم قبحاً وأجلب للخزي والعقوبة، وقد قدمنا وجه إفراد السمع وجمع الأبصار "قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء" أي أنطق كل شيء مما ينطق من مخلوقاته فشهدنا عليكم بما عملتم من القبائح، وقيل المعنى: ما نطقنا باختيارنا، بل أنطقنا الله.
والأول أولى "وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون" قيل هذا من تمام كلام الجلود، وقيل مستأنف من كلام الله، والمعنى: أن من قدر على خلقكم وإنشائكم ابتداء قدر على إعادتكم ورجعكم إليه.
---------------------------
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[30 May 2010, 05:37 م]ـ
جزاكم الله خيرًا عن هذه التوضيحات
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[30 May 2010, 09:18 م]ـ
أشكر الدكتورة سمر على هذا التوضيح الذي كنا ننتظره. وبارك الله بك
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[30 May 2010, 09:31 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم. وأرجو أن تناديني باسمي فقط بدون ألقاب فنحن إخوة في الله ليس بيننا ألقاب ولا رُتَب وكلنا خُدام كتاب الله تعالى بإذنه.
ـ[أحمد قطشة]ــــــــ[01 Jun 2010, 12:46 م]ـ
وقد يكون أن الجلود هي الوحيدة التي تتم بها المحاورة مواجهة مع رؤيتها، بعكس السمع والنظر، فلا يستطيع الإنسان أن يراهما إلا عبر المرآة أو مايعكس الصورة.
والله أعلم
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[01 Jun 2010, 12:57 م]ـ
ليس هذا الأمر صحيحاً مائة بالمائة لأنك تفترض أخي الكريم أن الجلود المقصودة هي فقط ما يمكن للإنسان أن يراه إذا نظر إلى جسمه مباشرة ولكنه لا يمكن أن يرى جلد ظهره الذي يُكوى والعياذ بالله! أو جلد وجهه مثلاً، أظن المعنى أعمق مما ذكرت والله أعلم.
ـ[أحمد قطشة]ــــــــ[01 Jun 2010, 01:23 م]ـ
صحيح أختي الفاضلة ما تفضلت به، لكن لاحظي أنه ربما ليس كل جلودهم هي التي تنطق، وبالتالي قد يحتمل المعنى الذي ذكرت، وإن كان ليس عميقاً كما تفضلت.
غير أن هناك مسألة أخرى وهي لماذا الجمع لجلودهم؟ هل يعني هذا أن أكثر من منطقة تتكلم سوية؟ أم أن الأمر متعلق بجلد الأعضاء التي ترتكب المعاصي فقط وبالتالي مجموع جلود الأعضاء؟ أم أن الآية فيها شيء من الإعجاز العلمي بإعتبار أن الإنسان يملك أكثر من تكوين للجلد، فجلد باطن الكف، مختلف عن جلد ظهرها وهكذا.
والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حاتم ظهران]ــــــــ[01 Jun 2010, 03:07 م]ـ
إستفدنا منكم رحمكم الله جميعا(/)
العلامة / عبد الباسط هاشم (ترجمة صوتية)
ـ[عبدالرحمن المشد]ــــــــ[03 May 2010, 10:54 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله جميعا
يسعدنى أن تكون أول مشاركة لى فى هذا الملتقى المبارك أن تكون:
(الترجمة الصوتية للشيخ العلامة / عبد الباسط هاشم) أحد العلماء المتقنين للقراءات، و علوم القرآن.
الترجمةالصوتيةللعلامةعبدالباسط هاشم. part1.rar
http://www.4shared.com/file/61252522...f3/_part1.html (http://www.4shared.com/file/61252522/c430a7f3/_part1.html)
الترجمةالصوتيةللعلامةعبدالباسط هاشم. part3.rar
http://www.4shared.com/file/60967435...b3/_part3.html (http://www.4shared.com/file/60967435...b3/_part3.html)
__________________(/)
وزارة يوسف عليه السلام
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[03 May 2010, 03:07 م]ـ
وزارة يوسف عليه السلام
يقول الله تعالى في سورة يوسف: (وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ (54) قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55)
ربما يحيك في صدر المسلم عدة اسئلة عند قراءة هذه الآية. والسؤال الاول هل يجوز للمسلم أن يطلب الإمارة كما طلبها يوسف عليه السلام بقوله: اجعلني على خزائن الارض؟
والسؤال الثاني هل يجوز تزكية النفس كما زكى يوسف نفسه وقال إني حفيظ عليم؟.
والسؤال الأخير هل يجوز تولية منصب ما بحكومة كافرة لا تحكم بما أنزل الله وهي حكومة عزيز مصر؟
ومن أجل الاجابة على هذه الاسئلة فإني سأضع ما يشبه النقاط تصلح لأن تكون إجابة حول تلك الاسئلة:
1 - كان يوسف عليه السلام المؤمن الوحيد في مصر. ولهذا فإنه يتوجب عليه أن يظهر دعوته من خلال التعريف بنفسه. ومن خلال الحصول على منصب اجتماعي له أثر إيجابي في حياة الناس. ولذك فقد طلب أن يكون بما يشبه هذه الأيام وزير تموين أو وزير زراعة. وهكذا كان، فقد استطاع أن يقود دفة الاقتصاد المصري بكل حنكة واقتدار.
2 - لم يكن أحد في ذلك المجتمع يعلم صفات يوسف عليه السلام الاخلاقية ولكنهم كانوا على علم بصفاته الخلقية التي تخص الجمال والملاحة.
3 - إن يوسف رغم ما كان عليه من جمال يعرفه الناس إلا أنه لم يستغل جماله وملاحته في طلبه للملك. وكذلك فإنه لم يقل أنه ذو نسب كريم في قومه وقد كان الكريم ابن الكريم ابن الكريم فلم يستغل ذلك بطلب الملك. بل انه كان متواضعاً سمحاً لا يتعالى على أحد.
4 - ان يوسف عليه السلام أظهر ما يمليه عليه واجبه بالدعوة الى الله والداعية يجب أن يستثمر كل الطاقات الممكنة ومنها الملك للوصول الى رضى الله تعالى.
5 - ان مجتمع مصر كان مجتمعاً جاهلياً ورغم ذلك فقد كان تربة خصبة في تقبل الدعوة وتغيير قيمه نحو الاحسن.
. وبارك الله بكم أجمعين وجعلنا ممن يستنون بسنة الانبياء وفضائلهم وأخلاقهم.(/)
سؤال عن مفردات الراغب رحمه الله
ـ[المصباح المنير]ــــــــ[04 May 2010, 12:58 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يوجد ترتيب لكتاب مفرادات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني رحمه الله بنفس ترتيب المصحف؟
(مثل ترتيب كتاب ابن الهائم)
أرجو الإفادة(/)
الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالطائف تحتفي بشهادة الآيزو
ـ[عبدالملك سرور]ــــــــ[04 May 2010, 01:33 ص]ـ
الطائف 19 جمادى الأولى 1431 هـ الموافق 03 مايو 2010 م واس
كرمت الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الطائف مساء اليوم بمناسبة حصولها على شهادة الجودة الشاملة " آيزو 2008: 9001 ": كأول جمعية قرآنية في المملكة تحصل على هذه الشهادة بحضور معالي محافظ الطائف الرئيس الفخري للجمعية فهد بن عبدالعزيز بن معمر، الجهات الداعمة للجمعية في رسالتها السامية تجاه كتاب الله الكريم وحفظته وذلك في قاعة الاحتفالات الكبرى بمقر الجمعية.
وبدئ الحفل المعد لهذه المناسبة بتلاوة آيات من القرآن الكريم ثم ألقى رئيس الجمعية الشيخ الدكتور أحمد بن موسى السهلي كلمة أوضح فيها أن حصول الجمعية على هذه الشهادة جاءت بعد أن قامت بإعداد واستحداث وتوثيق وتطبيق منظومة الجودة وتوكيدها وفقاً لمتطلبات المواصفات القياسية الدولية طيلة الفترة الماضية وتطبيقها عملياً على كافة أعمال الجمعية الإدارية والمالية والتعليمية، وعقد العديد من اللقاءات والدورات وورش العمل والاجتماعات التي تهدف إلى تعريف منسوبي الجمعية بنظام الجودة العالمية ومنظومة الجودة ومراقبتها، والمواصفات القياسية والتعريف بإصدارات 9000 ISO ومتطلبات نظام إدارة الجودة.
ونوه الشيخ الدكتور السهلي بما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني ــ حفظهم الله ــ من اهتمام ودعم للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في سبيل خدمة كتاب الله الكريم.
وعبر عن شكره وتقديره لكافة الجهات الداعمة للجمعية مما أسهم في حصول الجمعية على شهادة الجودة / آيزو 2008: 9001 / في خدمة كتاب الله الكريم ونشره وتعليمه مؤكداً حرص الجمعية الدائم على تحسين وتطوير أدائها وتلبيتها لجميع متطلبات المجتمع في تعليم القرآن الكريم وسعيها الدؤوب نحو التميز الإداري والتعليمي وتفعيل العمل المؤسسي فيها. عقب ذلك شاهد معالي محافظ الطائف والحضور عرضاً مرئياً عن مناشط الجمعية وما تقوم به من جهود في خدمة كتاب الله الكريم ثم تسلم معالي محافظ الطائف الرئيس الفخري للجمعية شهادة الجودة الشاملة " آيزو 2008: 9001 " من الجهة المانحة.
بعدها ألقى المدير التنفيذي لمكتب جودة الابتكار الدكتور ياسر محمد الكحلوت كلمة قال فيها // إنه لمن وضوح الرؤى وجلاء الهدف لدى الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالطائف أن لمسنا خلال عملنا معها وعلى مدار الستة أشهر الماضية مدى حرص الجمعية على استثمار الفرص الثمينة لتنطلق في مسيرتها المباركة في طريق واضح المعالم تجيد من خلاله مواجهة التحديات وتصميم البرامج الحديثة لإحداث تغييرات هيكلية من خلال منظومة متكاملة وفي إطار تنسيقي دقيق على كافة المستويات التنظيمية وإيجاد آليات فاعلة لإشراك مجتمع الجمعية بأسره في عمليات التقويم والتطوير المحققة للآمال والتطلعات //.
وهنأ الدكتور الكحلوت المواصفة العالمية الآيزو 9001/ 2000 بإدراج الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة الطائف ضمن قائمة المعتمدين فيها.
إثر ذلك سلم معالي محافظ الطائف الدروع والشهادات للجهات المكرمة بهذه المناسبة.
حضر الحفل أصحاب الفضيلة المشايخ ومدير شرطة المحافظة اللواء مسلم الرحيلي وعدد من المسئولين.(/)
أبو يعرب المرزوقي يصدر تفسيراً فلسفياً للقرآن الكريم في عدة أجزاء (الجلي في التفسير)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 May 2010, 07:25 ص]ـ
اطلعتُ على مقالة للدكتور السيد ولد اباه بعنوان (القرآن الكريم بعين الفيلسوف)، أشار فيها إلى أن الباحث التونسي أبا يعرب المرزوقي أصدر كتابه (الجليُّ في التفسير) في ثلاثة أجزاء ضمن مشروع متواصل في التفسير، وأشار إلى المنهج الفلسفي الذي سار عليه في دراسته للقرآن الكريم، وأنه يعتبر أول تفسير فلسفي للقرآن الكريم. وقد يكون قوله هذا صواباً من حيث إقامة كتاب كامل في التفسير على المنهج الفلسفي، وإلا فهناك تفاسير كثيرة كان للفلسفة نصيب كبيرٌ منها، وقد كتب الدكتور بكار محمود الحاج جاسم رسالة علميَّة قيّمة بعنوان (الأثر الفلسفي في التفسير)، أشار فيها إلى هذا المنهج وأثره في بعض كتب التفسير المتقدمة، والكتاب مطبوع في دار النوادر أنصح بقراءته.
كما أشار ولد أباه إلى موقف المرزوقي من بعض المنهجيات المعاصرة في التعامل مع القرآن الكريم. وختم المقالة بالإشارة إلى تزايد العناية بدراسة القرآن الكريم من مختلف الاتجاهات، وغلبة الكتابات التي تطعن في القرآن وتكتب عنه من وجهة نظر معادية سلبية، وضرورة العناية بتلك الدراسات والتصدي لها.
سؤالي: أين طبع هذا الكتاب؟ وهل اطلع أحدٌ منكم عليه؟
وهذا نص مقالة السيد ولد أباه
القرآن الكريم بعين الفيلسوف
تاريخ النشر: الإثنين 03 مايو 2010
يفاجئنا الفيلسوف التونسي "أبو يعرب المرزوقي" بكتابه الصادر هذا الأسبوع بعنوان "الجلي في التفسير" (3 أجزاء من مشروع متواصل). والكتاب كما هو واضح مصنف في تفسير القرآن الكريم، بيد أنه في الواقع أول تفسير فلسفي للكتاب المبين، مِمَّا يضاعف من قيمته، ويجعل منه حدثاً فكرياً بارزاً في الساحة العربية. فلم يسبق للفلاسفة المسلمين في الماضي والحاضر ارتياد هذا المسلك العصي، على الرغم أن النص المقدس هو المعين الذي خرجت منه الحضارة الإسلامية علوماً وممارسة ونمط وجود.
هيمنت في الفلسفة الإسلامية الوسيطة مقاربتان محوريتان في النظرة للوحي:- المقاربة التخييلية لدى الفارابي التي اعتبرت الوحي نمطاً من التمثيل لتقريب الحقائق العقلية، التي ليس بمقدور عامة الناس الوصول إليها بلغة البرهان. فالعقل الفعال الذي هو "واهب الصور" يمد الفلاسفة بالمقولات العقلية، كما أنه يتقدم للنبي بالرموز التخييلية التي تجسد الصور والمثل في استعارات وتشبيهات متاحة للجمهور.
- المقاربة التأويلية لدى ابن رشد، التي تنطلق من اتفاق الشريعة والحكمة في المقصد والغاية، ومن ثم ضرورة إرجاع "ظنيات" النص إلى "يقينيات" البرهان، فلا يمكن لمضمون الوحي أن يتناقض مع العقل.
ولم تنتج المقاربتان أي تفسير شامل للقرآن الكريم، بل لم تكن مهيأتين لذلك لسبب رئيسي مشترك، هو النظر للنص الكريم من منظور مرجعي خارج عنه، أي رصد دلالاته ومعانيه في مستوى تأويلي مغاير له باعتباره مجرد "تمثيل" لحقائق عقلية هي المقياس والمعيار في الفهم والقراءة.
يستند هذا التصور لموقف مسبق من علاقة العقل بالنص، بحيث يكون النص مجرد وعاء ثانوي للمعنى المستقل في مداه الوجودي ودلالته الذاتية. فالتعبير اللغوي جسد سالب لروح متعالية عليه وسابقة له، مما يتعارض بطبيعة الأمر مع النظريات اللغوية والتأويلية الحديثة، التي بينت أن المعنى ينبع من النص ومن إمكاناته التأويلية الرحبة.
وليس المحدثون من المشتغلين بالفلسفة أسعد حظاً في معالجتهم للقرآن الكريم. لقد توزعوا إلى اتجاهين كبيرين، ذهب أحدهما إلى ضرورة تطبيق مناهج العلوم الإنسانية الجديدة على النص الكريم بهدف معلن هو "نزع القداسة" عنه وإبرازه في رهاناته الاجتماعية والتاريخية، كأي نص خاضع للتداول بين الناس، وذهب ثانيهما إلى التوسع في المنزع المقصدي للقرآن الكريم بغية تغليب اتجاهاته الغائية على الدلالات الحرفية للأحكام.
(يُتْبَعُ)
(/)
ترمز أعمال "محمد أركون" إلى الاتجاه الأول، باعتباره اقترح منهجاً متكاملاً لقراءة القرآن الكريم وحاول تطبيقه على بعض السور، دون كبير توفيق. فالمشكل الذي يطرحه هذا المنحى، هو توهم القدرة على تحجيم النص في سياق تأويلي مخصوص، يعتقد أنه المجال الأصلي لظهور النص، من خلال استخدام أدوات منهجية يُظن أنها محايدة وموضوعية، في حين أنها تسخر في فرض قراءة راهنة وموجهة للنص بحسب صراعات وصدامات اللحظة الحالية.
أما الاتجاه الثاني، فيرمز إليه مشروع "محمد عابد الجابري" الأخير في تفسير القرآن الكريم بحسب ترتيب نزول الآيات، الذي إنْ كان حاول فيه التوفيق بين لانهائية المقصد الإلهي ومحدودية سياق التنزيل، إلا أنه سلك فيه مسلكاً كلاسيكياً مدرسياً غاب عنه الهم الفلسفي، وحضر فيه المشغل الإيديولوجي الآني.
يقدم لنا المرزوقي رؤية فلسفية رصينة للمعاني القرآنية، لا بمنظور المفسر التقليدي أو الداعية أو الفقيه. فالرجل لا يغادر أرضية الفلسفة، ولا يتنكر لها في إنصاته لنداء الوحي من حيث هو مسلم مهموم بقضايا الأمة، ملتزم بدينه. فليس كتابه على شاكلة أدبيات "أسلمة المعرفة"، التي تبحث عن صيغ إسلامية من العلوم الإنسانية، ولا على شاكلة كتابات "الإعجاز العلمي"، التي ينتقدها بشدة معتبراً أنها خطر على الدين وإساءة للذكر الحكيم لإخضاعها النص المحكم للنظريات العلمية المتغيرة التي لا مجال للحقيقة فيها.
ينظر المرزوقي بعين الفيلسوف إلى القرآن الكريم في بعدين متلازمين:"حصول الآيات في الوجود الفعلي"، أي النص منزلاً في وقائع خطابية ووجودية، والبعد المطلق اللانهائي في الوحي، الذي هو شرط كل فرضية تأويلية تتحرى فهم النص مع الوعي بالقصور عن الإحاطة به.
يتجاوز المرزوقي بهذا المنهج الثنائية العقيمة بين العقل والنقل (فمتى افترقا حتى في أكثر النصوص خروجاً عن الدين أو تقيداً بحرفيته؟). فإذا كان بإمكان المؤمن الاستفادة من اللطائف البديعة في قراءته لبعض السور الكريمة كاشفاً عن جوانب من بهائها وإعجازها الدلالي، فإن الفيلسوف غير المتدين يجد بنفس المستوى ما يرضيه من رصانة وبراعة في اختراع المفاهيم واستكشاف المسالك الإشكالية الخصبة.
وبذا تصدق على المرزوقي قولة الفيلسوف الفرنسي الكبير "بول ريكور": "لست فيلسوفاً مسيحياً، بل أنا فيلسوف ومسيحي". وتعني هذه العبارة أن الفيلسوف لا يغادر أرضية التفلسف وقواعد التأمل الفلسفي في كل مباحثه التي لا تنحصر في موضوع بعينه. فالمرزوقي يظل في كتابه الأخير فيلسوفاً دون التباس، وإنْ كان الموضوع دينياً بامتياز.
فهو هنا على خطى "هيجل" في كتابه الضخم "دروس في فلسفة الدين" الذي يدرس فيه من منطلق التجربة المسيحية علاقة التلازم بين العقل الذاتي المحدود والروح المطلق، وإمكانات تجسد هذه العلاقة في النظم الإنسانية الموضوعية.
ولئن كانت مرجعية المرزوقي إسلامية صرفة تتكئ على حدوس "ابن تيمية" و"ابن خلدون" (من منظور جديد)، إلا أننا نجد في تفسيره هموم وإشكالات ومفاهيم الفلسفة المعاصرة، التي هي المدخل المطلوب إلى أرضية الحوار الفكري الإنساني، بدل الصيحات الغنائية اليائسة إلى حوار ندي بين الثقافات دون الاستعداد لدفع الاستحقاقات الفكرية الضرورية لمثل هذا الاعتراف المنشود.
نخلص إلى القول، إن القرآن الكريم تحول بفعل عوامل معروفة إلى دائرة الاهتمام الأولى راهناً، فتعددت ترجماته، وكثرت الكتابات عنه (سلباً غالباً)، ولذا فليس بأجدر من الفيلسوف المسلم من تقديمه التقديم المناسب للإنسانية المعاصرة.
المصدر: جريدة الاتحاد الإماراتية ( http://www.alittihad.ae/wajhatdetails.php?id=52318) .
ـ[محمود البعداني]ــــــــ[04 May 2010, 01:22 م]ـ
http://www.tafsir.net/images/aljali.jpg
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 May 2010, 01:42 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخي محمود على تزويدنا بصورة الغلاف.
بعد نشر هذا الموضوع قرأه أحد الأصدقاء الباحثين من تونس فكتب لي رسالةً على هاتفي المَحمول يقول فيها بعد السلام واصفاً هذا التفسير بعد اطلاعه عليه: (لا علاقة له بالتفسير! وفيه تحقير وتطاولات على مقام النبوة وخبط كعادته في الأحكام الشرعية).
ولعل أحد الباحثين المتخصصين يكتب لنا قراءة نقدية لهذا الكتاب، فكثير من القراء يحتفي بكتابات الدكتور أبو يعرب المرزوقي لنرى ماذا أضاف في تفسيره هذا، وما هي أوجه التميز وأوجه القصور.
ـ[ايت عمران]ــــــــ[04 May 2010, 01:52 م]ـ
سبقني الأستاذ البعداني لرفع هذه الصورة، جزاه الله خيرا، وأضيف من نفس المصدر أن المؤلف عنون المجلدات كالتالي:
المجلد الأول: مقومات الاستراتيجية والسياسة المحمدية.
المجلد الثاني: الثمرات المعرفية نظرية غايات الفعل الاستراتيجي والسياسي وأدواتهم.
المجلد الثالث: الثمرات الوجودية الحصانة الروحية ودور النخب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[04 May 2010, 03:19 م]ـ
هناك مقال حول نظرة المرزوقي للتراث الإسلامي كتبه الأستاذ: محمد شيدوقة، تجدونه على هذا الرابط لمن يحب الإطلاع عليه
http://www.alfalsafa.com/nakfou%20kalam.html
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 May 2010, 11:24 م]ـ
بعث لي أخي الأستاذ نزار حمادي الباحث التونسي رأيه في هذا الكتاب على بريدي وأحببت نشره للاستفادة.
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين والمرسلين
وبعد؛ فقد وقع نظري في معرض الكتاب على كتاب اسمه الجلي في التفسير لأبي يعرب المرزوقي في ثلاثة أجزاء، فتصفحته عندها سريعا، فلم أجد ما يمكن أن يشدني إليه كمحب للمطالعة والمعرفة، بل وجدته من حيث الشكل مجرد كتابة بأسلوب عشوائي، بلا ترتيب ولا نظام، ولا أبواب ولا فصول ولا مباحث، ولا مبادئ ولا مقاصد، بل ولا علاقة له بالتفسير لا من قريب ولا من بعيد، خلافا لما يتوهمه القارئ لعنوان الكتاب، بل هو مجرد عنوان تسويقي لا أكثر ولا أقل.
وأما من حيث المضمون، فقد طالعت آنذاك بعض الصفحات، فوجدت نفس أسلوب وكلام ومباحث أبي يعرب المرزوقي المتسمة بالخلط وسوء فهم أمهات المسائل الدينية والتسرع في إصدار الأحكام الكلية الباطلة وغير ذلك مما صرفني عن اقتناء الكتاب صرفا.
وبعد أيام اتصل بي أحد الفضلاء المهتمين بالدراسات القرآنية وطلب مني أن أقتني له نسخة وأرسلها إليه، فلعدم رفض طلبه اقتنيته، وفي الأثناء تصفحت جملة منه بدقة، ووقفت على ما يسوء كل محب للعلم والمعرفة أن يقف عليه، وذلك ما ورد فيه من خلط في الكلام وأسلوب كتابة أبعد ما يكون عن الفصاحة والبلاغة والبيان، محشو ومزخرف ببعض الكلمات التي يحلو لمن يدعي التفلسف استعمالها كالجزئي والكلي والمطلق والمقيد في غير محلها.
أما عن الآراء الباطلة التي لها تعلق بمسائل شرعية فحدّث ولا حرج، وهذا منطقي بالنسبة لإنسان أفنى حياته في بحث الفلسفة الإلحادية الغربية وترهاتها البعيدة كل البعد عن روح وجوهر وشكل الدين الإسلامي، ثم أسقط نفسه على مباحث شرعية لا يخفى على أحد ما يبنغي تحصيله قبل الخوض فيها.
لن يصعب على من له ثقافة شرعية اكتشاف انحراف آراء أبي يعرب المرزوقي في مسائل أصول الدين، أو قل بمسائل علم الكلام، ولهذا السبب فهو يهاجمه ويحقر من شأن أهله وهم من هم في العلم .. وهذا الموقف الذي اتخذه لنفسه سرعان ما ينكشف سببه عندما يصدر أحكاما لا علاقة بالموضوعية العلمية، فحينئذ يتبين سبب كراهية أبي يعرب لعلم الكلام ألا وهو جهله به.
بل من شدة جهله بعلم الكلام يقول مثلا في الجزء الأول من الجلي في التفسير (ص32) "كل المسائل الكلامية في جليل الكلام ودقيقه: هروب من التكليف وتحريف لمعنى الرسالة" اهـ
نعم، هكذا يتكلم أبو يعرب، ولا يبالي، لا من سخافة هذا الموقف، ولا من ردة فعل الباحثين على هذا الموقف المنحرف عن العلم والدين، فإن أبسط عملية استقرائية لعلماء أهل السنة تنتج أن أكثرهم كانوا عالمين بالكلام، وكان منهم القضاة والمفتين، ولم يهربوا ـ حاشاهم ـ من التكليف، ولم يحرفوا معاني الرسالة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية، بل لا يتقول عليهم ذلك إلا جاهل مغرور.
إن هذه العبارة لوحدها كفيلة ببيان المنهج المنحرف الذي سار عليه أبو يعرب في كتابه، أما إذا تتبعنا آراؤه التفسيرية وهي قليلة جدا في هذا الكتاب المسمى بالجلي في التفسير، فسنقف على طوام أخرى، وأقربها ذكرا ما نسبه بجهله للملائكة من الاعتراض على الله سبحانه وتعالى في استخلاف آدم، وتسويتهم في ذلك بالشيطان الرجيم، فقد قال في الجزء 1/ص 28: " فالملائكة والشيطان اعترضا على استخلاف آدم" اهـ
وفي نفس الجزء في الهامش رقم (23) ص: (215) زاد هذا الكلام الباطل تقريرا فقال: " اعترضت الملائكة على أهلية آدم للاستخلاف بحجة قابلت فيها بين سلوكها وسلوك آدم [ .. ] واعترض إبليس على أمر السجود". اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الموقف التفسيري الذي نسب فيه أبو يعرب للملائكة الاعتراض على حكم الله مع أنهم بنص القرآن هم الكرام الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، موقف ساقط في اعتبار علماء الدين وجمهور أئمة المفسرين، ولا يلتفت إليه إلا ذو خلل في فكره، وقد قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: "وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله، ولا على وجه الحسد لبني آدم. (ج1/ص337) وقال الإمام الطبري: ذلك من الملائكة استخبار لربها، بمعنى: أعلمنا يا ربنا .. لا إنكارا منها لما أعلمها ربها أنه فاعل. (ج1/ص499)
أما من حيث الأمانة والتوثيق، فإن أبا يعرب يُعرب من خلال كتابه هذا على أنه أبعد ما يكون من الأمانة والتوثيق والدقة في نقل الأقوال ونسبتها إلى أصحابها، وفي نظري فإن مرجع هذا الخلل إلى سوء فهمه لكلام العلماء حتى لا أتهمه بتحريف أقوالهم، وكمثال واضح جلي على هذا ما سطره في حق الإمام الفخر الرازي من كلام باطل، فقد قال في ج1/ص36 بعد كلام متهافت: " وهو ما يدحض حجة الرازي ضد الغزالي" ثم كتب في هامش رقمه (34) انظر مناظرات فخر الدين الرازي المناظرة العاشرة، فالرازي يتصور النبوة وساطة من جنس وساطة الإمام التي يدافع عنها الحسن الصباح. ثم قال: لكن الرازي بقانون التأويل الذي أطلقه ينتهي إلى أن على المرء أن يختار بين الفهم الشيعي والفهم الفلسفي ويلغي إمكانية للفهم السني. (ص224)
إني وبعد تأمل ما كتبه المرزوقي في هذا الموضع بالتحديد أرثي لحاله، وأعلم يقينا بُعده كل البعد عن الأمانة والفهم والدقة، لا سيما عندما يتطرق إلى مسألة متعلقة بمباحث أصول الدين مبادئه ومقاصده، ففي هذه المسألة بين فيها الفخر الرازي وجه الرد على الملاحدة التعليمية القائلين بوجوب الاستناد على الإمام المعصوم في تحصيل المعارف، تقف على هذا الرد في كتابه المحصل، وفي المناظرة المذكورة أيضا، وهو موافق لذلك كل الموافقة للإمام الغزالي وإن خالفه في منهج الاستدلال، ومع هذا تجد أبا يعرب المرزوقي يتهم الفخر بمضادة الغزالي، بل وينسب للفخر كلاما متهافتا يجعله موافقا للشيعة أو الفلاسفة، وسيعلم جميع هذا وأكثر من سيقف على كتابه هذا المسمى زروا (الجلي في التفسير) ويرجع إلى كتاب فضائح الباطنية للإمام الغزالي ومناظرات الإمام الفخر الرازي، إنما تكفي هنا الإشارة.
إن ظاهرة المرزوقي ظاهرة مؤسفة حقا، والرجل إذا بلغ إلى سنه يصعب جدا رجوعه إلى الحق أو الإنصات إلى من يرشده إليه، فضلا عن كون منهجه وطبيعة تكوينه لا تخول له الكلام عن القرآن ولا المباحث الأصولية ولا الكلامية، ومن الطوام الكثيرة قوله الخطير في ج1/هامش (14) العقائد حقائق مطلقة، لكن علمها ليس علما مطلقا، بل هو اجتهاد يحاول أن يجد بالبناء المعرفي العقلي ما يؤمن به بالتسليم الوجداني، وهذا يصح على علم الطبيعة صحته على علم الدين، ففي علم الطبيعة الاعتقادُ في وجود العالم والمدارك الحسية إيمان لا يزعزعه شيء، ولا يمكن إثباته عقليا، لكن علمنا به جهاز تصوري نبنيه خطة لفهم هذا المعطى الذي نؤمن بوجوده ولا نستطيع إثباته بالعقل، وكذلك الأمر في علم الدين فإن الاعتقاد في وجود الله والمدارك الروحية هو كذلك إيمان لا يزعزعه شيء، ولا يمكن إثباته عقليا كما لا يمكن دحضه عقليا. اهـ
نعم، هكذا يتكلم أبو يعرب المرزوقي، يجمع بين المتناقضان، ويرفعهما كيف شاء، ويصادم ما اتفق عليه جميع المسلمين المتوافقون منهم والمختلفون، وعجبا كيف يحكم باستحالة وجود الدليل العقلي على أمر معلوم بضرورة العقول، فإن ضرورة العقل قاضية بوجود العوالم حولنا، وهي معرفة بديهية عقلية أصولها حسية، ينسب إلى السفسطة من ينكرها، فكيف يدعي المرزوقي أنه لا يمكن إثبات العلم بوجود العوالم عقلا، فهذا جهل محض.
وكيف يخالف ما اتفق عليه المسلمون قاطبة من وجود وإمكان إقامة الدليل القطعي العقلي على وجوب وجود الله سبحانه وتعالى؟ مع عدم التعارض مع من يقول بأن الإيمان بوجوده تعالى فطري لا يتزعزع؟ ولم يكتف بذلك بل رفع النقيضين فحكم بعدم وجود الدليل العقلي على وجود الله، وبعدم وجود الدليل العقلي على عدم وجوده، وأدنى درجات العقلاء هو عدم الجمع بين النقيضين وعدم الحكم بارتفاعهما.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأيضا فأين ذهبت تلك البراهين العقلية التي تبيت وجوب انتهاء سلسلة الممكنات ـ وهي العوالم من حولنا ـ إلى موجود مخالف لها بالحقيقة وخارج عنها كنها وهو الواجب الوجود سبحانه وتعالى وإلا لم يوجد حولنا موجود ممكن، والبديهة الحسية تكذبه. فهذا برهان عقلي على وجود الله تعالى لا ينكره إلا سوفسطائي، وقد اتفق على صحة هذا البرهان جميع أساطين علماء المسلمين، فتجدهم يعبرون عنه بطرق مختلفة، فيقولون: لابد لكل مفتقر من غني، ولكل ممكن من واجب، ولكل ناقص من كامل، وغير ذلك من التعبيرات على البرهان العقلي على وجود الله تعالى، وهو برهان يدعم ما تقرر في الفطر ولا ينقضه ولا يخالفه.
وأيضا فإن هذا الكلام الذي ذكره المرزوقي مزعزع للثوابت الإيمانية، فقول القائل ليس ثمة دليل عقلي على وجود الله ولا على عدم وجوده، كلام سوفسطائي فساده أكثر من نفعه، بل لا نفع له، ولا يفيده القول بأن الإيمان بوجوده تعالى لا يتزعزع لأن الواقع يفيد أن إيمان كثير من الناس بوجود الله وما يتفرع عنه قد تزعزع بالفعل، فإذا أراد الباحث عن الحق إصلاح معتقده في وجود الله بالدليل العقلي ويصطدم بكلام المرزوقي فحتما سيضل ضلالا بعيدا، وهكذا يرضى المرزوقي لنفسه أن يكون مصدرا لضلال الخلق عن الحق.
أما عن كلام المرزوقي عن مقام النبي صلى الله عليه وسلم، وتشبيهه بساعي البريد (ج1/ص224)، والحط الغير المباشر من قدره صلى الله عليه وسلم، بحصر نبوته في مجرد التبليغ فقط، واستشهاده بآيات متعلقة بعدم سيطرته صلى الله عليه وسلم عن قلوب الخلق حتى يحملهم على الإيمان، متناسيا أو متغافلا الآيات الدالة على كونه صلى الله عليه وسلم مأمورا بالتبيين إضافة إلى التبليغ، وقد فعل صلى الله عليه وسلم، فجنس هذا الكلام وطريقة صياغته الغير اللائقة موجود بكثرة في كلام المرزوقي.
وأيضا فإن تحقيره لدور العلماء ملاحظ بجلاء، فهو يدعي أن الرسالة المحمدية (القرآن والسنة) مفهومة لكل الناس بتفاصيلها، وأنه لا حاجة للمسلمين بعلماء الدين ليتفقهوا أكثر من غيرهم ويكون الناس لهم تبعا في معرفة أحكام الله تعالى، فإن المرزوقي يرى أن العلماء الذين يتصدون لمثل هذه الخطة أشبه ما يكون برجال الكنيسة.
وطبعا هذا الكلام أسخف من أن يرد عليه، فكل من قرأ القرآن وطرفا من السنة علم أن الله تعالى أوجب على طائفة من الأمة التفقه في الدين، ومعرفة تفاصيل الأحكام التي لا يصل إليها العوام، وأيضا فإن القرآن العظيم والسنة النبوية وإن سلمنا بأن مفردات ألفاظهما واضحة جلية يفهمها كل البشر كما قال المرزوقي، فمن سيفهم المجمل والمبين والمطلق والمقيد والعام والخاص سوى العلماء، ومن سيسنبط الأحكام الشرعية للوقائع اللامتناهية من النصوص المتناهية.
ومن الخبط العجيب والكلام الساقط قول المرزوقي في مسألة خلق القرآن وقدمه: " الأمر يصح على المخلوقات صحته على القرآن، كلاهما ذو قبلتين أو معنيين، أعني من حيث هو صفة فعلية لله فهو قديم، ومن حيث هو منتوج تلك الصفة الفعلية هو مخلوق" (ج1/ص223)
نعم، هكذا يتكلم المرزوقي ولا يفرق بين معنى القديم والمحدث والمخلوق، ويخلط خلطا عجيبا ويجعل متعلق الفعل الإلهي قديما، والقديم مخلوقا. وراجع باقي ما كتبه في هذه المسألة ترى العجب.
هذا ما تيسر التنبيه عليه بخصوص الكتاب المسمى (الجلي في التفسير) هذا الذي أراده صاحبه تفسيرا فلسفيا للقرآن العظيم، أسأل الله تعالى أن يهديني ويهدي المرزوقي وجميع المسلمين للفهم السديد للقرآن والسنة والشريعة، وأن يحفظ القراء من الزلل باتباع الأقوال الساقطة والآراء المتهافتة، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد، ولا حول ولا قوة إلا بالله
ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[15 May 2010, 11:58 م]ـ
حياكم الله
والشكر للدكتور العزيز الشهري على خبر صدور الكتاب
(يُتْبَعُ)
(/)
قرأت هذا "الرأي" بكتاب المرزوقي وأعتقد أنه ليس برأي، إنما هو هجوم لا يفهم قارئه منه شيء عن "التفسير" (إن صح أن يُسمى كذلك)، وبالرغم من أني لا أتفق مع وجهة نظر المرزوقي عموماً في جل ما يكتبه، وأدرك حجم الأخطاء التي قد يقع فيها، بشكل خاص رأي العلماء وتفاسيرهم، إلا أني لا أستسيغ أن يقدم رأي بكتاب ما بمثل هذه الطريقة، لا بد من قراءة منصفه توضح مسار الكتاب ومنهجه فالرجل كان يعمل لإنجاز الكتاب - فيما أعرف - منذ ثمان سنوات على الأقل، أتمنى أن يكون هنالك من يقدم لنا ملخصاً عن الكتاب وطريقة عمله وأهم الأصول المنهجية التي اعتمد عليها، مع قراءة نقدية معتدلة تعين على كشف عيوبه. فما ورد من قراءة للكتاب هي قراءة "لا تنكأ عدواً، ولكنها تفقأ العين".
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[16 May 2010, 12:57 م]ـ
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
بداية لا ينبغي أن يفوتني تحية أخي العزيز الدكتور عبد الرحمن الشهري حفظه الله تعالى، وسائر أعضاء الملتقى.
أما بالنسبة لرأيي في كتاب (الجلي في التفسير) لأبي يعرب المرزوقي، فسيدعم إن شاء الله شيئا فشيئا حتى يتضح أكثر فأكثر.
كما أدعو أخي عبد الرحمن الحاج للخروج من الحيز النظري وتقديم نتائج القراءة المنصفة للجلي في التفسير تحديدا، لعله اطلع على جوانب إيجابية فنستفيد منها.
أما قراءتي الخاصة فأقول:
من الأقوال المنكرة علميا: التي قالها المرزوقي في الجزء 2 من التفسير الجلي: (قصة نوح تقول إن السفينة صنعت على أعين الله، فلا تكون مجرد فلك، بل هي الشريعة نفسها، وهذا الرمز يكون بلا معنى إذا لم يكن المقصود به الشريعة التي هي عين الأحكام التي ينبغي أن يخضع لها استعمار الإنسان في الأرض واستخلافه فيها والتي من دونها يغرق الإنسان في التاريخ الطبيعي) ص 65
فأرجو ممن يدافع عن المرزوقي وفكره أن يبين لنا مستنده في تأويل الفلك وصرفه عن ظاهره وحمله على الشريعة، وإنكاره أن يكون ثمة فلك هو سفينة حقيقة صنعها نوح عليه السلام كما أجمع على ذلك جميع المفسرين الذين يسمي المرزوقي تفاسيرهم بالتقليدية .. وما هو بقية تأويله للألواح والدسر إذا كان الفلك هو الشريعة على حد زعمه ..
وأيضا من سيقرأ العلميات الحسابية والأرقام الخيالية التي يدعيها لأيام الخلق وأيام الأمر بحسب مصطلحه (ج2/ص169) سيدرك أن هذا الرجل لا يستند في تأويله للآيات القرآنية لا على أدلة عقلية ولا على أدلة نقلية معتبرة ولا على أقوال الصحابة والعلماء المعتبرين من بعدهم، كقوله بأن المدة التي مكثها نوح في قومه 950 سنة أرضية وهي بحسب قياساته 346987 يوما أمريا ونصف اليوم ثم ضربها في ألف سنة من سنواتها فحصل له 3469875001 سنة أرضية (ج2/ص169)
نعم، هذا طرف من التفسير المسمى بالفلسفي لأبي يعرب المرزوقي، وفيه من العجائب والغرائب والمنكرات ما يقف أمامة الباحث متعجبا قائلا: ما الذي دفع هذا الرجل لمثل هذا الكلام الذي لا دليل عليه لا من العقل ولا من النقل ولا من أقوال العلماء الذين أفنوا أعمارهم في تدبر الكتاب المبين؟؟ ومتسائلا في نفس الوقت: كيف يجيز عاقل لنفسه الكلام في تفسير القرآن العظيم بهذه التخمينات والظنون البعيدة التي لا يعجز أحد ـ ولو كان جاهلا ـ عن إلقائها؟
إن الكلام في الغيبيات المحضة كأزمان العروج وغيرها من التي توقف فيها حتى كبار الصحابة ـ ابن عباس مثلا ـ لعلمهم بأنها لا تدرك إلا بالخبر الصادق، ولم يوجد هاهنا: ضرب من ضروب الخبط الفكري الذي لا يقدم ولا يؤخر، وللأسف فقد خاض المرزوقي في عمليات حسابية متعلقة بزمن عروج الأمر إلى الله والملائكة إليه وغيرها مما لا فائدة علمية ولا عملية تحته، بل إني أراه مجرد استعراض لتخمينات وخيالات لا تقدم ولا تؤخر ولا تفيد الأمة في شيء.
هذا، وإني لا أحتكر ولا أصادر الرأي الآخر فيما يتعلق بعمل المرزوقي، بل هي وجهة نظر، وللمخالف أن يرى غيرها، حتى وإن رآه المفكر الذي سينقذ الأمة بنظرياته كما ربما يتصور نفسه ومن حوله، وفي نفس الوقت ينبغي على الطرف الآخر أن يضمن حق غيره في قول رأيه في هذا العمل الذي قام به المرزوقي، ولا أظنه نفسه يصادر حق غيره في ذلك من منطلق كونه لم يصادر حق نفسه في قول ما يشاء في حق غيره من علماء الأمة وفضلائها، فأحرى غيره.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[16 May 2010, 02:41 م]ـ
إنه مسلك التفسير الرمزي الذي سلكه النصارى في تفسير كتابهم وذلك من أجل إصباغ الشرعية على معتقداتهم الباطلة ومن ثم تبرير سلوكياتهم المنحرفة المبنية على تلك المعتقدات الباطلة.
وهو نفس المسلك الذي سلكه الرافضة في تفسير كتاب الله تعالى حتى أخرجوا كل شيء عن معناه وأفرغوا الكتاب من محتواه.
يقول أخونا نزار حمادي عن بعض ما كتب المرزوقي:
إني أراه مجرد استعراض لتخمينات وخيالات لا تقدم ولا تؤخر ولا تفيد الأمة في شيء.
وأقول نعم، لاتقدم ولكنها تؤخر كثيرا فهي تشوش وتبلبل وتشغل وتستهلك طاقات العلماء في رد الباطل وبيان الحق، وهي ضرر محقق في حق الأمة حيث ساهمت في تفريق الكلمة وتشتيت الجهود وتلبيس الدين على الناس.
ومع الأسف الشديد أن كثيرا ممن سلكوا هذه المسالك المنحرفة تضفى عليهم الألقاب ويقدمون للأمة كرموز وأساتذة ورواد في التفكير والتجديد .........
ولا نقول إلا كما قال ربنا:
"فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[16 May 2010, 03:22 م]ـ
الأخ الكريم نزار حمادي
حياك الله، أنا لم أطلع على التفسير ولم أقرأ فيه بعد، وأنا لا أدافع عن تفسير المرزوقي ولا أنتقده قبل أن أقرأه، إنما انتقدت الطريقة التي تناولت فيها، وما تفضلت بزيادته في التعليق زادني قناعة بأن ما ذكرت من "رأي" في التفسير هو هجوم متعسف، فمثل هذه التأويلات التي ذكرت يمكنك أن تجدها في التفاسير وأكثر، وهي أمور يعرفها المتخصصون (يمكن أن تراجع بعضها في "غرائب التفسير وعجائب التأويل" للكرماني). ما أقصده أن معرفة مضمون التفسير "الجلي" (إن صح تسميته كذلك) تحتاج إلى قراءة متأنية، وبسط علمي محايد، وقد تكون محقا في كثير مما ذهبت إليه، ولربما هنالك أكثر بكثير مما ذكرته عنه، ولكن أيضاً لربما ليس الأمر كما تذهب إليه البتة، وحتى نعرف هذا فليست هذه الطريقة سبيلاً إلى ذلك.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[16 May 2010, 04:14 م]ـ
الأخ الكريم نزار حمادي
حياك الله، أنا لم أطلع على التفسير ولم أقرأ فيه بعد، وأنا لا أدافع عن تفسير المرزوقي ولا أنتقده قبل أن أقرأه، إنما انتقدت الطريقة التي تناولت فيها، وما تفضلت بزيادته في التعليق زادني قناعة بأن ما ذكرت من "رأي" في التفسير هو هجوم متعسف، فمثل هذه التأويلات التي ذكرت يمكنك أن تجدها في التفاسير وأكثر، وهي أمور يعرفها المتخصصون (يمكن أن تراجع بعضها في "غرائب التفسير وعجائب التأويل" للكرماني). ما أقصده أن معرفة مضمون التفسير "الجلي" (إن صح تسميته كذلك) تحتاج إلى قراءة متأنية، وبسط علمي محايد، وقد تكون محقا في كثير مما ذهبت إليه، ولربما هنالك أكثر بكثير مما ذكرته عنه، ولكن أيضاً لربما ليس الأمر كما تذهب إليه البتة، وحتى نعرف هذا فليست هذه الطريقة سبيلاً إلى ذلك.
الإخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا هنا لست أدافع عن الأستاذ الفاضل نزار ولا أعترض على الأستاذ الفاضل عبد الرحمن الحاج، ولكن أتعلم مما يكتب وأحاول فهم ما قد لا يدركه فهمي ويدركه الآخرون بفهومهم.
فأخونا نزار قدم لنا رأيه بناء على اطلاعه على كتاب المرزوقي، وحكم على أراء المرزوقي من خلال الأصول والمسلمات عند أهل الملة فضلا عن العلماء والمفسرين المشهود لهم بالفهم والدراية، فلا أدري كيف تحول رأي الأستاذ نزار إلى هجوم متعسف مبني على قراءة مستعجلة ومتفقرة إلى الحيادية العلمية في نظر الأستاذ عبد الرحمن الحاج مع أنه لم يطلع على التفسير ولم يقرأ فيه بعد.
وأعجب ما في كلام أخينا الحاج عبارته الأخيرة:
وقد تكون محقا في كثير مما ذهبت إليه، ولربما هنالك أكثر بكثير مما ذكرته عنه، ولكن أيضاً لربما ليس الأمر كما تذهب إليه البتة، وحتى نعرف هذا فليست هذه الطريقة سبيلاً إلى ذلك.
وأترك تفسيرها لأخينا عبد الرحمن الحاج أو لمن يفهمها على الوجه الصحيح فربما أكون حملتها في نفسي ما لا تحتمل.
* همسة في أذن أخينا وشيخنا ومشرفنا الدكتور عبد الرحمن
إنما أردت بذلك تحريك السكر، كما ذكر لي أحد إخواننا الشناقطة أنه مثل عندهم يقولونه إذا أرادوا استخراج الفوائد ممن يجالسهم من العلماء.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 May 2010, 07:21 م]ـ
* همسة في أذن أخينا وشيخنا ومشرفنا الدكتور عبد الرحمن
إنما أردت بذلك تحريك السكر، كما ذكر لي أحد إخواننا الشناقطة أنه مثل عندهم يقولونه إذا أرادوا استخراج الفوائد ممن يجالسهم من العلماء.
بارك الله فيك يا أبا سعد وأنا أشكرك لتحريك السُّكَّر فأنا مثلك أحب الاستفادة من مدارسة الزملاء عبدالرحمن ونزار فهما أصحاب فوائد ومباحثات وفقهما الله لكل خير، وأنا لم أطلع بعدُ على الكتاب، ولعل هذه المناقشات تفتح لنا باباً من الفهم والعلم.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[17 May 2010, 02:18 م]ـ
الأخ عبد الرحمن الحاج
قولك: قد تكون .. ولربما، وغيرها من كلمات الشك والظن والتخمين لا تنطبق في حالتي لأني سبرت هذا الكتاب سبرا واختبرته اختبارا، فأنا أنقل لك ولغيرك بالتوثيق والتدقيق بعض الطوام الكبيرة التي وقع فيها أبو يعرب المرزوقي ..
(يُتْبَعُ)
(/)