لوحظ على المحققين بعض الاختلافات في منهج التحقيق للكتاب، منها:
1. عمل المحققين في الكتاب.
- ما عمله المحقق للجزء الأول: قارن بين نسخ المخطوطات، وخرج الأحاديث وبيّن حكمها، ونبّه على بعض الأخطاء الحاصلة من المؤلف في كثير من الجوانب، وذكر مراجع الأقوال في الهامش، ولم يترجم الأعلام.
- أما المحقق للجزء الثالث: فاكتفى بمقارنة النسخ، وعزو الأحاديث إلى مصادرها، وترجمة الأعلام، وذكر بعض مراجع الأقوال في الهامش، وذكر عدد آيات الأحكام التي تكلم فيها المؤلف، وقال: أوصلها ابن الفرس إلى كذا آية.
- واقتصرت المحققة للجزء الثاني على مقارنة النسخ، وعزو الأحاديث إلى مصادرها، وترجمة الأعلام، وربما كررت الترجمة مرتين، كترجمة علي ?. (ص 347 و 352).
2. تخريج الأحاديث.
أما المحقق للجزء الأول، فقد خرج الأحاديث تخريجا جيدا، وذكر درجة الحديث وحكم عليه في الغالب. بينما اقتصر محققا الجزء الثاني والثالث على عزو الأحاديث إلى مصادرها، دون البيان لدرجتها أو الحكم عليها.
3. ذكر المناهج في التحقيق.
ذكر المحقق للجزء الأول منهجه في التحقيق بوضوح، والمحقق للجزء الثالث ذكره باختصار، ولم تذكر المحققة للجزء الثاني منهجها أو عملها في التحقيق.
فائدة: بعض الكتب التي نقل عنها المصنف ونقلت عنه:
أ. بعض الكتب التي نقل عنها المصنف في كتابه:
1. أحكام القرآن للقاضي إسماعيل البغدادي (ت 282هـ).
2. أحكام القرآن: لأبي الحسن علي بن محمد المعروف بالكيا الهراسي (ت 504 هـ).
3. المحرر الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز: لأبي محمد عبد الحق ابن عطية (ت 542هـ).
4. أحكام القرآن: لأبي بكر بن محمد ابن العربي (ت 543هـ).
ب. بعض العلماء الذين نقلوا عن المصنف في كتبهم:
1. التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور: لمحمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي، نقل قول ابن الفرس في 56 موضعا (تقريبا).
2. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني: لأبي الفضل محمود الألوسي، في 26 موضعا.
3. محاسن التأويل: لمحمد جمال الدين القاسمي، في 24 موضعا.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:54 م]ـ
3. لوحظ على المصنف رحمه الله في تفسيره لصفة الله: " استوى " بعض الملاحظات، منها:
- نسبته التشبيه إلى جماعة من أهل الحديث، ولم يسمِّ أحدا منهم، والمعروف عنهم الأخذ بظاهر الآية.
- نسبته إلى الطبري رحمه الله ما لم يقله، وذلك قوله: وقيل: علا أمره وقدرته وسلطانه وهو اختيار الطبري.
لا شك أن ابن فرس من كبار علماء المسلمين، وهو لا يلقي بالكلام من غير تثبت ولا تأمل، وما نسبه إلى بعض أهل الحديث من التشبيه سبقه إليه أئمة كبار كالإمام الخطابي في معالم السنن قائلا: ثم قال: (قد زل بعض شيوخ أهل الحديث ممن يرجع إلى معرفته بالحديث والرجال فحاد عن هذه الطريقة حين روى حديث النزول ثم اقبل يسأل نفسه عليه فقال: إن قال قائل كيف ينزل ربنا؟ قيل له: ينزل كيف شاء. فإن قال: هل يتحرك إذا نزل أم لا؟ فقال: إن شاء تحرك وإن شاء لم يتحرك.) (معالم السنن، ج4/ص331، 332)
والمقصود فيما يبدو هو عثمان بن سعيد الدارمي (ت280)
قال الدارمي: الله تعالى له حد لا يعلمه أحد غيره .. ونؤمن بالحد ونكل علم ذلك إلى الله، ولمكانه أيضا حد، وهو على عرشه فوق سمواته، فهذان حدان اثنان. (ص57)
وعقد الدارمي بابا في إثبات الحركة لله تعالى، فقال فيه: الله يتحرك إذا شاء، وينزل إذا شاء. (ص164)
وقال الدارمي متحدثا عن الله: قد أيّنا له مكانا واحدا أعلى مكان وأطهر مكان واشرف مكان: عرشه العظيم المقدس المجيدن فوق السماء السابعة العليا، حيث ليس معه هناك إنس ولا جان ولا بجنبه وحش ولا مرحاض ولا شيطان. (ص280)
وأما ما نسبه ابن فرس للإمام الطبري فهو صحيح لا غبار عليه، ومن تتبع تفسير الإمام الطبري علم صحة ذلك، بل إن الإمام الطبري شديد الإنكار لمن يثبت الحركة التي أثبتها الدارمي لله تعالى، وقد قال الإمام الطبري في تفسير اسمه تعالى العلي: والعليُّ: ذو العلو والارتفاع على خلقه بقدرته. (ج5/ص405) تحقيق شاكر.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[13 Jan 2010, 10:34 م]ـ
مرحبا بك أخي (إيكو مصباح الدين) بين إخوانك في الملتقى في أولى مشاركاتك، وهي مشاركة قيمة، أحسنت فيها بعض الكتاب، وليت كل من يعرض كتابا يمشي على منوالك!
أخي الفاضل أبا عبيدة
لماذا لا نرى دوما إلا جزء الكأس الفارغ؟
أوَليس الإنصاف هو النظر إلى ممادح الشيء ونقائصه بعين السوية؟
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[13 Jan 2010, 11:11 م]ـ
أخي الكريم العبادي
وما العيب في تصحيح خطأ وقع فيه المعلق على الكتاب عندما غلط الشيخ ابن فرس لمجرد مخالفة مذهبه العقدي لمذهب المصنف؟
الموضوعية العلمية تقتضي أن نصحح مثل تلك الأخطاء الفادحة، وفي هذه الحالة فقد بينت في إشارات أن الشيخ ابن فرس كان على حق فيما توهم المعلق أنه قد أخطأ.
وأنا أعرف المعلق جيدا (طه بوسريح) وأعرف منهجه في التعليق، ومن المؤسف أن يعلق على الشيخ ابن فرس بما يوهم أنه أعلم من ابن فرس نفسه، مع أن الحقيقة خلاف ذلك كليا.
ولعلمك فإن بوسريح ليس هو محقق القسم الأول، لكنه هو المنسق لطباعة الكتاب بعد رفض المحقق للقسم الأول نشر عمله، فاتفق معه على أن ينشر العمل باسمه، أما التعليقات فهي من صنعه، وهو معتاد على التهجم على العلماء وتغليطهم، والحال أنه يكون دائما هو المخطئ لأن تعليقاته ناتجة عن تعصب لمذهبه.
الشيخ ابن فرس يعرف بالتحديد ماذا يقول، وقد دللت في إشارات على ذلك، والكأس الآن قد اكتمل، وما بقي إلا حسن الإبصار إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمرو الكرمي]ــــــــ[14 Jan 2010, 10:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
علمت من بعض الزملاء ان هناك باحثا من فلسطين تقدم باطروحة للدكتوراة تحت عنوان: الامام ابن الفرس الاندلسي ومنهجه في تفسيره احكام القران"
غير ان البحث لم ينجز حتى الان بصورته النهائية ... ويشرف عليه الاستاذ الدكتور محمد يعقوب ذو الكفل في جامعة ملايا الماليزية
وربما كانت هذه هي الاطروحة الاولى في منهج ابن الفرس اذ من خلال تتبعي للرسائل العلمية فاني وجدت معظم الرسائل في تفسير ابن الفرس قد عرضت لتحقيق نسخ الكتاب المخطوطة اضافة الى الرسالة المقدمة من الدكتور ابياط حول اصول الفقه ومنهج إعماله في التفسير في كتاب ابن الفرس
نتمنى للباحث التوفيق والسرعة في انجاز البحث واخراجه بشكله النهائي(/)
دورة علمية في التفسير الموضوعي
ـ[أحمد النقيب]ــــــــ[12 Jan 2010, 06:18 م]ـ
بإذن الله تعالى ستقام دورة علمية في التفسير الموضوعي لفضيلة الشيخ الدكتور محمد العواجي حفظه الله عصر الجمعة 29/ 1/1431هـ بمسجد ابن باز بالدانة في مدينة الظهران والله الموفق
ـ[محب القراءات]ــــــــ[13 Jan 2010, 01:06 ص]ـ
جزى الله خيرا شيخنا الكريم د / محمد العواجي على جهوده المباركة.
أسأل الله أن ينفع بهذه الدورة ويبارك فيها.(/)
ابن القبم وعشرة لاينتفع بها"
ـ[نايف المطيري]ــــــــ[12 Jan 2010, 09:54 م]ـ
يقول ابن القيم رحمه الله:
فصل: عشرة لا ينتفع بها
عشرة أشياء ضائعة لا ينتفع بها: علم لا يعمل به، وعمل لا إخلاص فيه ولا اقتداء، ومال لا ينفق منه فلا يستمتع به جامعه في الدنيا ولا يقدمه أمامه إلى الآخرة، وقلب فارغ من محبة الله والشوق إليه والأنس به، وبدن معطل من طاعته وخدمته، ومحبة لا تتقيد برضاء المحبوب وامتثال أوامره، ووقت معطل عن استدراك فارط أو اغتنام بر وقربة، وفكر يجول فيما لا ينفع، وخدمة من لا تقربك خدمته إلى الله ولا تعود عليك بصلاح دنياك، وخوفك ورجاؤك لمن ناصيته بيد الله وهو أسير في قبضته ولا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشوراً.
وأعظم هذه الإضاعات إضاعتان هما أصل كل إضاعة: إضاعة القلب وإضاعة الوقت، فإضاعة القلب من إيثار الدنيا على الآخرة، وإضاعة الوقت من طول الأمل، فاجتمع الفساد كله في اتباع الهوى وطول الأمل، والصلاح كله في اتباع الهدى والاستعداد للقاء [الله]، والله المستعان.
العجب ممن تعرض له حاجة فيصرف رغبته وهمته فيها إلى الله ليقضيها له ولا يتصدى للسؤال لحياة قلبه من موت الجهل والإعراض وشفائه من داء الشهوات والشبهات، ولكن إذا مات القلب لم يشعر بمعصيته.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[12 Jan 2010, 11:20 م]ـ
رحم الله الإمام ابن القيم؛ فكم له من كلام قيم ..
وجزاك الله خيرا على هذا النقل المفيد والمحتاج إليه في هذا الزمان كثيرا.(/)
دراسات تناولت حاشية الشهاب
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[12 Jan 2010, 11:50 م]ـ
طلب مني بعض الإخوة قائمة بالدراسات التي تناولت حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي؛ فأحببت نشرها في الملتقى ليستفيد منها من يرغب:
- البيان عند الشهاب الخفاجي في كتابه عناية القاضي وكفاية الراضي، فريد النكلاوي، مطبعة الأمانة، القاهرة، 1981م.
- الالتفات في حاشية الشهاب، هاشم محمد هاشم، مطبعة الأمانة، القاهرة، 1986م.
- شهاب الدين الخفاجي وجهوده في اللغة، عبدالرزاق بن فراج بن دخيل الصاعديّ، رسالة ماجستير، السعودية، 1412هـ.
- الشهاب الخفاجي نحويًّا، حاتم القضاة، رسالة ماجستير، جامعة مؤتة، الكرك، 1997م.
- الشهاب الخفاجي وجهوده اللغوية، عادل شحاذه عفارة، دكتوراه.
- القضايا النحوية والصرفية في تفسير القاضي البيضاوي مع حاشية الشهاب الخفاجي عليه المسماة بعناية القاضي وكفاية الراضي على تفسير البيضاوي، تحقيق ودراسة، مبروك عطية أحمد أبوزيد.
- الشهاب الخفاجي وأثره في النحو، صلاح عبدالعزيز علي السيد، دكتوراه.
- الشهاب الخفاجي وجهوده في البلاغة والنقد، زين العابدين سالم عراقي النجار.
- الأساليب الإنشائية عند الشهاب الخفاجي في حاشيته عناية القاضي وكفاية الراضي، القطب عبدالسلام طه الجيار(/)
ما الذي صدر من تفسير الشيخ ابن عثيمين رحمه الله حتى الآن؟
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[13 Jan 2010, 12:59 ص]ـ
عندي له تفسير سورة البقرة 3 مجلدات وسورة آل عمران مجلدين و سورة يس مجلد و سورة الكهف مجلد فهل هذا كل ما صدر حتى الآن أم أنه هناك المزيد؟
و جزاكم الله خيرا.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[13 Jan 2010, 09:02 ص]ـ
صدرحديثاً تفسير سورة النساء كذلك , كما صدر منذ فترة مجلد يحتوي على تفسير سورة الحجرات حتى نهاية تفسير سورة الحديد.
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[13 Jan 2010, 05:08 م]ـ
بارك الله فيكم و نفع بكم سأسعى للحصول عليها إن شاء الله.
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[14 Jan 2010, 01:21 ص]ـ
كما صدر للشيخ رحمه الله تفسير سورة ص وجزء عم(/)
الاجترار
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[13 Jan 2010, 09:57 ص]ـ
الاجترار
الاجترار من خصائص بعض الدواب؛ فهي التي تأكل الطعام، ثم تجتره بعد فترة.
أما الآدمي فإنه يأكل مقدار ما يشبعه، ثم إذا احتاج إلى الطعام أكل مرة أخرى، وهكذا دون أن يجتر الطعام؛ إذ إن ذلك ليس من خصائصه، ولم يُوْدَعْ فيه تلك الغريزة.
ولكنه يجتر اجتراراً من نوع آخر، ألا وهو الاجترار الذهني.
والناس في ذلك طبقات؛ فمنهم من يعود عليه اجتراره بالضرر، ومنهم من يعود عليه بالنفع.
فهناك من هو مولع باجترار المآسي، والأخطاء، والمصائب، والأحداث الأليمة؛ فتراه دائماً يكررها على نفسه، وعلى من حوله.
فإذا حدثت له _على سبيل المثال_ مشكلة ثم انتهت بحل من الحلول، وأغلق بابها_ لم يكتفِ بذلك، بل تراه دائم التذكير بها خصوصاً إذا حدثت مشكلة أخرى.
واللائق بمثل هذه الأحوال أن إذا حدثت مشكلة جديدة أن يُسْعى في حلها بعيداً عن أجواء المشكلة الأولى؛ حتى تهدأ النفوس، وتتهيأ لقبول الحلول طالما أن المشكلة الجديدة ليس لها ارتباط بالأولى.
بل اللائق أن يُبْتعد عن كل ما يكدر الصفو من العتاب القاسي، أو المنة في العفو إذا حصل؛ كما قال الله _عز وجل_: [فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ].
والصفح الجميل: هو الصفح بلا عتاب؛ فهذا يوسف _عليه السلام_ لمَّا مَكَّنَهُ الله في الأرض، وأذعن له إخوته، واعترفوا بخطئهم، ورأوا كيف آثره الله عليهم _ لم يجترَّ المآسيَ الأولى، وإنما أشار إلى مصائبه السابقة _من الإلقاء في الجب، ومشاهدة مكر إخوته_ بقوله: [مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي].
فكلمة [بَعْدِ] اقتضت _كما يقول العلامة ابن عاشور_ أن ذلك شيء انقضى أثره، وقد ألمَّ به إجمالاً؛ اقتصاراً على شكر النعمة، وإعراضاً عن التذكير بتلك الحوادث المُكَدِّرة للصلة بينه وبين إخوته؛ فَمَرَّ بها مرور الكرام، وباعَدَها عنهم بقدر الإمكان؛ إذ ناطها بنزغ الشيطان.
ومن أنواع الاجترار المُضرِّ تذكُّرُ الإخفاقات؛ فمن الناس مَنْ إذا همَّ بعمل تَذَكَّر أنه قد أخفق في يوم من الأيام في كذا وكذا، فتنصرف نفسه، وتفتر همته عن المضي قدماً في ذلك السبيل؛ خوفاً من الإخفاق.
ومن ذلك تذكُّر الإنسانِ المصائبَ التي حلت به، فتراه يكثر من تردادها على ذهنه؛ فكلما هَمَّ بفرح هجمت عليه تلك الخواطر الرديئة هجوم الليل إذا يغشى؛ فما تلبث أن تقلب سروره إلى جحيم مُلْهِبٍ، على حد قول القائل:
أحب ليالي الهجر لا فرحاً بها ... عسى الدهر يأتي بعدها بوصال
وأكره أيام الوصال لأنني ... أرى كل وصل محكماً بزوال
ومن هذا القبيلِ المبالغةُ في اجترار بعض صور النجاح؛ فقد يقدر لبعض الناس أن ينجح في عمل ما، فتراه يُكثر من ذكر ذلك النجاح بمناسبة وبغير مناسبة، إما استعلاءً على الحاضرين، أو تفاخراً بذلك، أو اكتفاءً به عن السعي لنجاحات أخرى، أو تسويغاً لإخفاقات حصلت له.
وقد يُغتفر للإنسان أن يستدعي نجاحاته إذا هُضم، أو نيل منه، أو صُدِعَت قناةُ عزته، أو نحو ذلك من الاعتبارات الصحيحة؛ فلا بأس حينئذٍ أن يذكر شيئاً مما يرفع من قدره، ويعيد إليه قيمته وثقته بنفسه.
ويغتفر _له ذلك_ إذا وجد مَنْ يُثَبِّطه عن عمل من الأعمال؛ أو وجد من نفسه إحباطاً وتثاقلاً عن الإقدام؛ خوف الإخفاق؛ فلا بأس _والحالة هذه_ أن يتذكر أو يذكر بعض نجاحاته؛ ليقوده ذلك إلى الإقدام، ويمنعه من التردد والإحجام.
ومن أنواع الاجترار اجترار الإحسان إلى الناس؛ إما على سبيل الفخر، أو على سبيل المنة؛ فذلك مذموم ممقوت وربما يكون محبطاً للعمل.
وقد لا يلام الإنسان على ذلك، إذا كان وراء ذلك مصلحة كاستنهاض الهمم دون ذكر الأسماء، أو لم يكن هناك ضرر كالإخبار المحض.
أما خلاف ذلك فإنه يحسن بالإنسان تجنبُ المنة، ونسيانُ إحسانه إلى الناس.
ومن أنواع الاجترار اجترارُ معايب الناس، وتذكر أخطائهم، وتعييرهم بذلك، إلى غير ذلك من صور الاجترار المثبطة عن العمل، الجالبة للهم، المفرقة للقلوب، المورثة للبطالة واليأس.
والمقصود _ههنا_ التمثيلُ لا الحصر، والتنبيهُ على تلك الظاهرة التي تنال نيلها من فئام من الناس.
ـ[عدنان أجانة]ــــــــ[14 Jan 2010, 11:27 م]ـ
كلام جميل ورائع، وجزاك الله خيرا كفاء ما ذكرت.
وتحضرني كلمة في هذا الباب، رويت عن الإمام المحدث، أيوب السختياني البصري. رحمه الله. وذكرها الحافظ ابن عبد البر في جامع بيان العلم. نقلا عن حماد بن زيد قال: قيل لأيوب: ما لك لا تنظر في الرأي؟ فقال أيوب: قيل للحمار: ما لك لا تجتر؟ قال: أكره مضغ الباطل.(/)
المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه في سورة الشمس
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[13 Jan 2010, 01:13 م]ـ
لما كان الإيمان هو مفتاح التزكية وأعظم أسبابها أقسم بالآيات الدالة والداعية إلى الإيمان، فمن تفكر فيها ونظر في دلالتها بقلب مفتوح لا شك أن ذلك سيقوده إلى الإيمان ومن ثم السعي في تزكية النفس وتأملوا قول الله تعالى:
(وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)) سورة الذاريات
وقوله تعالى:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)) سورة آل عمران
وقوله تعالى:
(وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) سورة الأنعام (99)
وكذلك الإعراض عن التأمل والتفكر في آيات الله في الكون وفي الأنفس يؤدي إلى الكفر والشرك ومن ثم الوقوع في رذائل الأعمال الكفيلة بتدسية النفس، قال تعالى:
(أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)) سورة الأنبياء
وقال تعالى:
(وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (105) وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) سورة يوسف (106)
وقال تبارك وتعالى:
(مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ (3) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4) وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)) سورة الأحقاف
هذا والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد(/)
علاقة العلوم بالقرآن
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:02 م]ـ
توطئة:
اهتم القرآن اهتماماً واضحاً بالواقع؛ إذ أن أحكامه وإرشادته لا تنزل إلا عليه، وقد ارتبطت العلوم من جهة أخرى بهذا الواقع أشد ما يكون الارتباط وتعلّقت به أقوى ما يكون التعلّق، ولهذا كانت بين القرآن والعلوم علاقة لا يمكن إغفالها وآصرة لا يمكن تجاوزها، ولما أكمل الله تعالى الدين وأتم النعمة فإنه لم يغادر في كتابه العزيز مصلحة دنيوية ولا أخروية إلا نبه عليها أو عبر عنها أو أشار إليها، ولا تخفى علاقة العلوم بمصالح الإنسان ومنافعه.
ورغم كل ذلك فإن ربط العلوم بالقرآن ليس أمراً تلقائياً يتأتى بالجهد اليسير أو النظر المتعجل أو البحث السطحي؛ إذ إن هذا الأمر في غاية التعقيد والصعوبة؛ فلا يمكن بحال – كما يحدث كثيراً – الإتيان بالقرآن من جهة وبالعلم - أياً كان نوعه ومعطياته - من جهة أخرى فيُربط بينهما وُتتلمس أوجه الاتفاق وتُتحسس مواضع التشابه وإلا كان ذلك تلفيقا غير متقبل ولا ممدوح، وهذا التعقيد الذي نشير إليه في الربط بين القرآن والعلم يرتبط بعنصرين في غاية الأهمية وهما:-
- طبيعة العلم المراد ربطه بالقرآن، ومفهوم هذا العلم وكيفية تصنيف أنواعه وفلسفته التي ينطلق منها ورؤيته العامة التي يندرج تحتها ثم أولوياته ومدى مطابقته للحقيقة والواقع.
- طبيعة تعبير القرآن عن أنواع هذا العلم سواء في التفصيل أو الإجمال أو المقاصد؛ إذ إن القرآن لم يعن بالعلوم بدرجة واحدة ولا بمستوى متقارب ولا بأسلوب متفق؛ ولهذا فإن جعل معطيات العلوم هي الأصل - بغض النظر عن طبيعتها - ثم محاولة حمل القرآن عليها منهج خاطئ منذ بدايته؛ فالقرآن متبوع وليس بتابع وإنما تؤخذ معطياته مأخذ الافتقار إليها والتعويل عليها.
ولا شك أنه كان لربط القرآن عند المسلمين – قديما وحديثا - اتجاهات تباينت مناهجها واختلفت رؤاها، وتعددت نظراتها لكل من العلم والقرآن، وهذا الأمر بجوانبه المختلفة يحتاج إلى توضيح وبيان، وتفصيل ذلك كالآتي:-
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:04 م]ـ
مفهوم العلم بين القرآن والفكر الغربي:-
العلم في القرآن من صفات الله تعالى وقد جاءت هذه الصفة منسوبة إليه تعالى بصيغ مختلفة نحو "أعلم"بصيغة التفضيل في قوله تعالى: (وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) و"عليم" و"علام" بصيغة المبالغة في قوله: (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) وقوله: (إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ). ولا يمكن تعريف العلم في القرآن تعريفاً دقيقاً إلا من خلال تعريف المفاهيم المرادفة له؛ ومن ذلك مفهوم (المعرفة)؛ فالمعرفة في القرآن تطلق على الإدراك بالملامح والسمات العامة؛ قال تعالى: (لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ) وقال: (وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ) وقال: (وَنَادَى أَصْحَابُ الأَعْرَافِ رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ) وقال: (وَلَوْ نَشَاء لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ) وقال: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ) وقال: (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) وقال: (ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) وغير ذلك من الآيات. أما العلم فيطلق على العلم بدقائق الامور وهي صفة ينكشف بها المطلوب انكشافاً تاماً، وهو (الإدراك الجازم المطابق للواقع)، أما المعرفة فهي (الإدراك الجازم سواء طابق الواقع أم لم يطابقه)؛ فالعلم بذلك جزء من المعرفة؛ وهي ليست جزء منه؛ بل هو أعلى مستوياتها؛ إذ إن كل علم معرفة وليست كل معرفة علماً، ويمكن إطلاق المعرفة على العلم وليس العكس.
وقد أطلق العلم في القرآن على أمور متعددة منها:-
1 - القرآن كما في قوله تعالى: (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ)
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - علم الدين كما في قوله تعالى: (قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ)
3 - علم الدنيا كما في قوله تعالى: (فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ) وعلوم الدنيا كثيرة فقد تطلق على اللغة كما في قوله: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا) وتطلق على الصناعة كما في قوله: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ) وأحياناً يراد بها العلم الحسي كله كما في قوله: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
وقد ذهب ابن عادل في تفسيره (اللباب في علوم الكتاب) إلى تعريف العلم واطلاقاته في القرآن مذهباً عجيباً؛ فزعم أن العلم في القرآن هو الآتي:-
1 - القرآن كما في قوله تعالى: (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ)
2 - النبي ( r) كما في قوله تعالى: (فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمْ الْعِلْمُ)
3 - الكيمياء كما في قوله تعالى: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي)
4 - الشرك كما في قوله تعالى: (فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ)
وهذا فيه نظر ولم يوافقه عليه أحد من العلماء للآتي:-
1 - إطلاق العلم على النبي ( r) ليس صحيحاً؛ إذ أراد الله ما جاء به النبي ( r) من الوحي والرسالة، ولم يرد شخص النبي ( r) منذ مولده، ولم يقل أحد من المفسرين - غير ابن عادل - أن المراد بالعلم هنا هو النبي ( r) وإنما قالوا المراد هو الوحي.
2 - إطلاق العلم على الكيمياء التي هي أشبه بالسحر عند الأقدمين فيه نظر؛ إذ ربما أراد قارون معرفته بالاقتصاد والمال وتوليده والتجارب للأمور التجارية والمعرفة بالمكاسب ووجوه التجارات. وليس المراد بالكيمياء عند الأقدمين ما نعرفه اليوم من علم وإنما المراد تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن نفيسة كريمة، ولهذا رد ابن كثير هذا القول؛ فقال: (وقد رُوي عن بعضهم أنه أراد إنه] أي قارون [كان يعاني علم الكيمياء، وهذا القول ضعيف؛ لأن علم الكيمياء في نفسه علم باطل؛ لأن قلب الأعيان لا يقدر أحد عليها إلا الله عز وجل)
3 - إطلاق العلم على الشرك فيه غرابة شديدة؛ إذ لا يكون الشرك علماً؛ بل إنه لا يكون إلا جهلاً، وإنما أراد ما عندهم من العلوم الدنيوية. وذهب المفسرون مذهبا مختلفا عن مذهب ابن عادل وقالوا إنه يريد علمهم بأمور الدنيا، ومعرفتهم بتدبيرها.
ولهذا فإن العلم هو المعرفة بدقائق الامور سواء كان هذا العلم وحياً أو ما حوله من العلوم الدينية أو كان علوماً دنيوية باختلاف أنواعها وأشكالها، ومصادر هذا العلم هي الكون المحسوس والوحي المنزل.
أما تعريف العلم في الفكر الغربي فهو أضيق من ذلك، إذ يطلق لفظ "العلم" على الحقائق التجريبية أو التحليلية أما ما سوى ذلك من العلوم الدينية فهي عندهم بلا معنى. ولذلك فإن مفهوم (العلم) في الفكر الغربي غير مفهومه في الرؤية الإسلامية؛ إذ أن النظرة العلمانية التي استبعدت الوحي قد مرت بأطوار عديدة ثم استقرت على المرحلة الأخيرة التي حددت مفهوم العلم وفق ما تبلور في حلقة (فينا) في الثلاثينيات من القرن العشرين؛ فتم بذلك حصر الحقائق العلمية في الحقائق التجريبية والحقائق التحليلية فحسب.
ولهذا كان مفهوم العلم نفسه في الفكر الغربي يقوم على افتراضات فلسفية لا تستند على أي إثبات أو برهان؛ وإنما هي قناعات لفلاسفة العلم المعاصرين؛ ولهذا كان تصورهم للحقيقة يعتمد على قدرة الباحث على استخدام أساليب وأدوات المنهج التجريبي كالملاحظة والتجربة والقياس، وكل موضوع غير قابل لاستخدام أدوات التحقق التجريبي فهو بلا معنى.
ولعل مما يستغرب له عدم وجود تعريف دقيق مجمع عليه لـ"العلم"؛ فكثير من المصادر والقواميس تتحاشى تقديم تعريف محدد للعلم نظرًا لصعوبة هذا الأمر؛ وقد ذهب العلماء إلى صعوبة تعريف العلم، إلا أنهم أكدوا أن التعريف لا بد أن يتضمن شيئًا من (الطريقة العلمية)، أي الطريقة التي يتم التوصل بها إلى المعلومة العلمية التي من عناصرها الفرضية العلمية والتجربة والاستنتاج المبني على المشاهدة وقابلية الحصول على نفس النتيجة عند إعادة إجراء التجربة تحت الظروف المشابهة.
وما اختلف هذا المفهوم في الفكر الغربي إلا لاختلاف الفلسفات والمنطلقات، ومعلوم أن الغربيين حسب معطياتهم الدينية قد عدوا العلم في أول الأمر هو المعصية أو الخطيئة الأولى وقد جاء في سفر التكوين الإصحَاح الثَّالث: (فقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: لَنْ تَمُوتَا! بَلِ اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ) أما في الإسلام فإن العلم هو سبب التكريم لا سبب الطرد من الرحمة.
ولهذا فإن العلم لما انفصل عن النسق الديني في الفكر الغربي كانت له فلسفته ومفهومه اللذان يختلفان عن فلسفته ومفهومه في الإسلام؛ ولأجل ذلك كانت للعلم عندهم خصائص مختلفة؛ ومن ذلك الآتي:-
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:05 م]ـ
1 - العلم يستبعد معطيات الوحي في الفكر الغربي:-
إن مصادر العلم في الإسلام هي: الكون المحسوس الذي جعل الله له نواميس وقوانين تحكمه ويمكن للإنسان بعقله وحواسه إدراك هذه النواميس والقوانين ومعرفة أسباب الوقائع وعللها في هذا الكون، أما المصدر الثاني فهو: الوحي المنزل وهو كلام الله الذي جاء إلى الإنسان ليتدبره وبعرف معانيه ويدرك مراد الله من خلاله، وينفرد الوحي بأنه يمدّ المعرفة الإنسانية بتلك الحقائق التي لا يتأتى للحس أو العقل إدراكها بصورة مستقلة.
ذلك ما كان من أمر تجربة الفكر الإسلامي، أما التجربة الغربية فإنها تختلف كل الاختلاف في ذلك؛ إذ أرست التعاليم المسيحية المحرفة كثيراً من الخرافات والأباطيل، وليس ذلك فحسب بل مارست الكنيسة اضطهاداً للأسلوب العلمي في التفكير، واستمر هذا الأمر حتى نشأ صراع مرير بين العلماء والكنيسة؛ إذ تعرّف هولاء العلماء على تلك العلوم التجريبية القائمة على منهج الاستقراء والملاحظة القادمة من بلاد المسلمين؛ ولهذا سمى سان سايمون الفكر الإسلامي بـ (النور الجديد)، ثم اشتد هذا الصراع حتى انتهي لصالح العلماء والمفكرين ضد الكنيسة، وتم بذلك إقصاء الدين والتفكير الديني عن مجالات الحياة واعتبر الحس وحده مصدراً للمعرفة.
ومعلوم أن الحس مصدر للمعرفة، ولكنه ليس المصدر الوحيد الذي تستبعد له المصادر الأخرى، ولكن لما سادت الوضعية انحصر العلم في دراسة المادة، ثم عمم ذلك على كافة الموضوعات المدروسة وإن كانت روحية أو نفسية أو وجدانية؛ إذ أن مهمة الوضعية هي وحدة المنهج بغض النظر عن طبيعة الموضوع المدروس وخصائصه ومكوناته؛ ومن أجل ذلك لم تتصور هذه الوضعية التي لا تؤمن بمعطيات الدين وجود إله أو دين أو مثل أو أخلاق وقيم خارج بنية المجتمع؛ فالمجتمع -في نظر هذه الوضعية – هو مصدر كل تلك الأفكار وهو مصدر السلطة الأخلاقية والقيمية، أما ربط الأخلاق والقيم ونحوها بالدين فهو من سمات المجتمعات المتخلفة؛ فصارت هذه النظرة الوضعية أو (العلمية) نظرة إلحادية محضة لا تؤمن بمعطيات الدين (العلمية) فحسب بل لا تؤمن حتى بتلك المعطيات التي تميز ذلك الدين نحو وجود الإله والتزام القيم والأخلاق والمثل والمعايير.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:06 م]ـ
2 - الوجود تابع لنظرية المعرفة وليس العكس في الفكر الغربي:-
في الفكر الإسلامي تتبع نظرية المعرفة لنظرية الوجود؛ إذ أن المعرفة الإنسانية لا يمكن أن تحيط بكل الوجود، أما الفكر الغربي فقد جعل الوجود تابعاً للمعرفة؛ ولذلك ينحصر الوجود لديهم في هذا العالم المشاهد الذي تستطيع الحواس إدراكه، وعلى هذه القاعدة صاغوا مفاهيمهم وأسسهم العلمية، ولأجل ذلك ذهب بعضهم إلى أن العالم يوجد فقط عندما نتعامل معه.
والحق أن الوجود في التصور الإسلامي أكبر بكثير من إدراك الإنسان، ولهذا أقسم تعالى بما نبصر وما لا نبصر؛ أي: بهذا المحسوس لدينا وما لا نحس من الوجود؛ فقال: (فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ) وحتى هذا المحسوس في الكون فإنه أوسع وأكبر من إدراك الإنسان له، ووراء حدود هذا الإدراك الحسي عوالم وأسرار لا يدركها الحس؛ إذ أن الوجود أرحب والحقيقة أكبر من الجهاز الإنساني المزود بقدر محدود يناسب وظيفته في هذا الكون؛ ولأجل ذلك فإن الذين يحصرون أنفسهم في حدود ما تدرك الحواس إنما يحصرون إدراكهم وعلومهم في عالم ضيق على سعته؛ ضيق حين يقاس بذلك الوجود الكبير. ولما كان الأمر كذلك فإن القرآن العظيم قد جاء ليبين تلك الحقائق التي هي وراء الحقائق الجزئية التي يدركها الإنسان بحواسه.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:09 م]ـ
3 - العلم ليس بالضرورة بحثاً عن الحقيقة في الفكر الغربي:-
إن العلم لابد له من مطابقة الواقع وإدراك دقائقه في الفكر الإسلامي، أما الفكر الغربي فلا يرى ذلك؛ ولهذا حذّر الفيلسوف الوضعي أوجست كونت من محاولة إدراك حقائق الأشياء؛ إذ أن العلم عندهم لا يبحث عن ماهية الأشياء؛ وإنما يكتفي بالوقوف على الوصف الخارجي للظاهرة؛ فما يهم العلم هو كيفية حدوث الظاهرة لا كنهها، ولهذا فإن العلم حسب المفهوم الغربي يقوم بالتصنيف الصحيح والوصف الظاهري الدقيق، أما الانشغال بالتأكد من مدى مطابقة العلم للواقع والحقيقة من حيث هي لا من حيث النتائج فهو أمر لا يعني العلم إطلاقاً؛ أي: أنهم لا يريدون أن يعلموا إلا ظاهراً من الحسيات في هذه الحياة، ولهذا ذهب فلاسفة العلم إلى أن العلم لا يحرز حقائق يقينية قاطعة وإنما يكفيه رجحان الصدق، فعبارة (حقائق علمية) لا تعني أنها تمثل واقعاً موضوعياً يصف العالم وإنما هي في نظر كذلك فحسب، ولهذا تطلق عبارة الحقائق العلمية على الآتي:-
أ - الحقائق العلمية التي شهدت الحواس بصدقها بصورة قاطعة سواء بواسطة الأجهزة المتطورة أو غيرها، وهذا النوع يعتبر نوعاً ثابتاً.
ب - الحقائق التي يتم استنتاجها لتفسير التجارب؛ فهذه الأمور ـ التي تعتبر حقائق في نظر العلم ـ ليست ثابتة، وإنما هي قابلة للانهيار إذا أظهرت التجربة أن هنالك نتيجة واحدة لا يمكن تفسيرها بها.
وليس ذلك فحسب بل إن الحقائق المختبرية نفسها لا تعطي العلم بها بنفسها؛ وإنما يدركها الإنسان؛ ولهذا قد تتأثر بالإنسان وخياله وأوهامه ومدى بعده أو قربه من الدقة في الملاحظات والتوصيف والاستنتاج؛ فنتائج العلوم – حتى الحسية – إنما هي نتائج تقريبية وعرضة للأخطاء المحتملة في القياسات والمقاربات، وإذا كانت هذه العلوم تقوم على رصد الكمية في الوصف والتنبؤ فهي تقوم على الاحتمالات وتنتهي بها. ويرى بوبر أن مجرد موافقة التجربة لتصور نظري معين لا يعني أن هذا التصور صحيح وإنما يعني فقط أننا لا نملك دليلاً على خطئه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:09 م]ـ
العلم مجرد أداة في الفكر الغربي:-
يذهب أنصار المذهب البراغماتي إلى أن العلم مجرد أداة للاستنباط والتنبؤ؛ وليس خبراً أو وصفاً للواقع، وقد ذهب كثير من فلاسفة العلم الغربيين إلى أن وظيفة العلم ليس وصف الواقع والأحداث أو مظاهر الطبيعة الغامضة؛ وإنما للعلم وظيفة دينامية وهي الاكتشاف ثم استخدام هذا الاكتشاف وتسخيره من أجل الرفاهية والسيطرة على الطبيعة.
وقد تبنت العلمية الغربية المعاصرة مواقف معادية لنظرية (التطابق مع الواقع) كمعيار للصدق؛ إذ أن هذا التطابق ليس صفة جوهرية للعلم؛ بل يقوم معيار الصدق على الاتساق الداخلي والخلو من التناقض ثم الخصوبة؛ بمعني: أن تكون المقولة العلمية خصبة بحيث تتولد عنها النظريات داخل ذلك النسق المعرفي، فليست وظيفة العلم إزالة القلق وإرضاء تطلع الإنسان لمعرفة الحقيقة ولا معرفة أسرار الكون وخفاياه؛ فهذه مهمة تقليدية قد تجاوزها العلم المعاصر وصار همه هو معرفة خواص الأشياء لاستثمارها في تحقيق الرفاهية والسيطرة، وقد أحسّ فلاسفة العلم الغربي أن الاستقراء ـ وهو تصفح جميع الجزئيات وتعميم التجربة على كل ما هو من جنس ما وقعت عليه التجارب في جميع الأزمنة والظروف – وسيلة غير مهيأة للإنسان؛ فارتضوا بدلاً عنها القياس؛ وهي الوسيلة التي يصل بها الإنسان إلى نتيجة ثم يعمم هذه النتيجة التي يصل إليها، والحق أن هذا القياس ـ وباعتراف فلاسفة العلم أنفسهم- إنما هو وسيلة تؤدي إلى نتيجة ظنية غير قاطعة. ولما كان الأمر على الوجه الذي سبق فإن محصلة العلم ليست بالضرورة أن تكون حقائق دقيقة تصف الواقع الحسي.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:10 م]ـ
العلم لا يحسم الأسئلة الكلية في الفكر الغربي:-
إن غايات العلم وأهدافه لم تعد هي تلك الأهداف التقليدية؛ ولذلك ضرب هذا العلم عن الحقيقة صفحاً ومال إلى تحقيق المنفعة والرفاهية للإنسان؛ ولذلك ابتعد عن الإجابة على الأسئلة الكلية التي تقود إلى الإيمان؛ وإن كانت طبيعة العلم – أياً كان – أن ترمي بهذا الإنسان إلى تلك الأسئلة.
وقد طرح القرآن هذه الأسئلة بصورة مباشرة؛ فأمر الناس أن يسيروا في الأرض لينظروا كيفية بداية الخلق؛ إذ أن ذلك يفتح القلب على المشاهد الجديدة ويقوده إلى الله، فالإطلاع على سر الحياة يفضي إلى ما وراء الحقائق المادية، وقد أنشأ القرآن تصوراً عاماً للوجود يربطه بخالقه؛ ليقيم الإنسان ـ على أساس هذا التصور ـ علومه بالبحث العلمي والتجريبي حسب القدرة الإنسانية؛ ولهذا ركز الدين على الأطر العامة أكثر من تركيزه على جزئيات العلوم التي يمكن للإنسان أن ينالها بإعمال العقل والتجربة.
إلا أن المنهج العلمي المعاصر قد قطع الصلة بين الكون وخالقه، رغم أن هذا الكون طريق موصل له وكتاب للحق مفتوح يُقرأ بكل اللغات والوسائل، ولا شك أن هذا الأصل ليربط الحقائق المفردة ببعضها ليردها إلى الحقائق الكلية الكبرى؛ وبذلك يكون العلم مؤثراً في الناس لا مجرد معلومات جافة جامدة لا تكشف سر الكون الكبير، والعلم البشري تجربة محدودة قاصرة، وقد حاول هذا العلم الإجابة على بعض الأسئلة الكلية فأخفق، ثم صحح إخفاقه، ولكنه كان قاصراً في إخفاقه وتصحيحه وفي خطئه وصوابه وفي باطله وحقه، ومن ذلك على سبيل المثال أنه قد ساد حتى منتصف القرن العشرين أن الكون أزلي أبدي لا بداية له ولا نهاية، ثم عاد العلم وأثبت محدودية أجل الكون، إلا أن هذه الأمور الكلية لا يمكن لهذا العلم أن يحسمها؛ إذ أن العلم يبحث في ما يشاهده من الكون، إلا أن ما يشاهده يبدو كرقعة صغيرة من موجة تنخفض ثم ترتفع دون يحس بها المحيط الكبير في مراميه البعيدة.
ولا يعترف العلم المعاصر إلا بما تدركه الحواس، أما أمور الغيب ونحوها مما تحفل به الأديان فهي بلا معنى في نظره، وقديماً ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى مناقشة الفلاسفة الطبيعيين في هذا الأمر؛ فذكر أن كلامهم في الأمور الحسية جيد في الغالب، أما الغيبيات والكليات والإلهيات فكلامهم فيها قاصر جداً وفيه تخليط كثير؛ إذ إنهم لا يعرفون إلا الحسيات وبعض لوازمها وما لا يشهده الإنسان من الموجودات أعظم قدراً مما يشاهده؛ ولهذا كان هولاء كما يقول: (إذا سمعوا إخبار الأنبياء بالملائكة والعرش والكرسي ـ وهم يظنون أن لا موجود إلا ما علموه ـ نفوه؛ وليس لهم بهذا النفي علم؛ فإن عدم العلم ليس علماً بالعدم، ولكن نفيهم هذا كنفي الطبيب للجن؛ لأنه ليس في صناعة الطب ما يدل على ثبوت الجن؛ وإلا فليس في علم الطب ما ينفي وجود الجن، وبنو آدم ضلالهم فيما نفوه وجحدوه بغير علم أكثر من ضلالهم فيما أثبتوه وصدقوا به قال تعالى: "بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ"؛ وهذا لأن الغالب على الآدميين صحة الحس والعقل؛ فإذا أثبتوا شيئاً وصدقوا به كان حقاً عندهم)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:11 م]ـ
تصنيف العلوم:-
تصنيف العلوم ليس أمراً عشوائياً وإنما ينبني هذا التصنيف استناداً على القاعدة الفكرية التي ينطلق منها واعتماداً على الرؤية الفلسفية التي يدور داخلها؛ فتصنيف المسلمين للعلوم ينبني على تصوراتهم للوجود وارتكازاً على مفهوم العلم عندهم.
أما الغربيون فإن تصنيفهم ينطلق من رؤاهم المادية وفلسفاتهم التي نشأ منها هذا المفهوم، والفكر الغربي لا يتصور نشوء العلوم وانبثاق الأفكار العظيمة من خلال النسق الديني، إلا إن الأمر لدى المسلمين بخلاف ذلك؛ فقد تواصلت الاكتشافات العلمية وظهرت الأفكار العظيمة وقامت العلوم المتنوعة عندهم من داخل النسق الإسلامي؛ إذ أن الإسلام قد حضّ على طلب العلم والتفكر في أرجاء الكون لمعرفة أسراره وإدراك الحقيقة من خلاله، فلم يتقدم المسلمون في نوع من العلوم على حساب نوع آخر؛ إذ ظهرت العلوم الكونية عندهم بجانب العلوم الدينية، وعندما انطفأ الاجتهاد عندهم انطفأ في كلا النوعين من العلوم معاً.
وقد انبني تصنيف المسلمين للعلم على تصورهم للكون ومعطياته لتحقيق الاستخلاف في الأرض، ولأجل ذلك زاوجوا بين علوم الحياة وعلوم الآخرة ولم يفرقوا بينهما بل رأوا أن البحث في علوم الحياة فرض كفاية يجب أن تقوم به الأمة.
وقد ذهب ابن خلدون إلى أن العلوم صنفان صنف طبيعي للإنسان يهتدي إليه بفكره وصنف نقلي، وقسم الغزالي العلوم إلى شرعية وغير شرعية، فالشرعية هي التي استفيدت من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، أما غير الشرعية فمنها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم ومنها ما هو مباح فالمحمود ما يرتبط بمصالح الدنيا كالطب والحساب والمذموم كالسحر والطلسمات والشعوذة والمباح كالعلم بالشعر وتواريخ الأخبار.
ويبدو واضحاً أن تقسيم المسلمين يعتمد على الوحي والكون معاً والوحي خاص بالمسلمين والكون مشترك بينهم وبين الناس؛ ولذلك قسم ابن حزم العلوم إلى علوم خاصة بالأمة وعلوم مشتركة.
أما الفكر الغربي فيعتمد على الكون فحسب، وقد ذهب أرسطو قديماً إلى أن العلم قسمان: عملي ونظري، وقد انبنى التصنيف الغربي للعلوم على تصورهم الذي يجنح إلى المادة والتجريب فلم يعتدوا بعلم من العلوم إلا إذا كان قابلاً للمنهج التجريبي؛ ولذلك كان الأصل عندهم هو العلوم الطبيعية وليس غيرها، ولما حاول علماء العلوم الإنسانية والاجتماعية تطبيق المنهج التجريبي وتوظيف الأدوات الكمية والإحصائية ألحقت هذه العلوم بتلك العلوم الطبيعية، أما الحقائق الدينية عندهم فهي أمور لا معنى لها.ولهذا انقسمت العلوم عند الغربيين إلى علوم طبيعية وعلوم اجتماعية وعلوم إنسانية، فالعلوم الطبيعية هي التي تدرس المادة بشكل مباشر يدخل فيها الطب والأحياء وعلوم الأرض وطبقات الجو والفلك ونحوها أما العلوم الاجتماعية فهي مجموعة من التخصصات العلمية التي تدرس النواحي الإنسانية وتفترق من العلوم الإنسانية في تأكيدها على تطبيق المنهج العلمي وقواعده ومعاييره الصارمة، ويدخل في هذا النوع علم الاقتصاد والسياسة والآثار وعلم الاجتماع وعلم السكان والجغرافيا ونحوها أما العلوم الإنسانية منها مجموعة من التخصصات تتناول النشاط البشري ويدخل في هذا النوع الفلسفة والآداب والموسيقي والفن ونحوها ويطلق في كثير من الأحيان على هذين النوعين اسماً واحداً وهو العلوم الإنسانية لعدم الفصل الدقيق بينهما؛ ولهذا يقسمون العلوم أحياناً إلى قسمين فحسب: علوم طبيعية من جهة وعلوم إنسانية واجتماعية من جهة أخرى. ومعلوم أن الفصل بين العلوم جميعها إنما هو أمر افتراضي غير دقيق، إذ أن التخصص الواحد لا يسلم من التدخل في مجال آخر، وليس ذلك فحسب بل إن قسمي العلوم الطبيعي والإنساني يعترض عليه في بعض الأحيان، إذ ليس من المقبول مثلاً نزع صفة الإنسانية عن العلوم التجريبية؛ فعلم الطب مثلا - وهو علم تجريبي - شديد التعلق بالإنسان ولا يمكن نزع صفة الإنسانية عنه.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:15 م]ـ
النزاع في كيفية العلاقة بين القرآن والعلوم عند المسلمين:-
(يُتْبَعُ)
(/)
يجمع المسلمون على قوة العلاقة بين القرآن العظيم والعلوم؛ وإن اختلفوا في هذه العلوم وفي كيفية استمدادها منه، فكانوا في ذلك على اتجاهات، وتفصيل ذلك كالآتي:
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:15 م]ـ
1 - اتجاه استمداد تفاصيل العلوم من القرآن:-
ذهب كثير من العلماء والباحثين إلى تلمس جزئيات العلوم وتفاصيلها داخل القرآن؛ واستدلوا في ذلك بقوله تعالى: (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) وما دام القرآن لم يدع من شئ صغيراً أو كبيراً إلا ذكره - فإنه لابد أن تكون فيه عندهم كل التفاصيل والجزئيات؛ واستدلوا في ذلك أيضاً بقول ابن عباس: (لو ضاع مني عقال بعير لوجدته في القرآن)، ورغم غرابة هذا الاتجاه إلا أنه اتجاه شائع جداً.
ولهذا ذهب بعضهم إلى تلمس كل شئ في القرآن فذهب ابن سينا إلى تلمس آراء الفلاسفة وأفكارهم في القرآن بطريقة عجيبة، وحمل ابن رشد معطيات هذه الفلسفة على القرآن بالتأويل، وذهب طنطاوي جوهري في هذا العصر إلى تلمس تفاصيل الأسرار العلمية داخل القرآن.
وقد كان فعل ابن سينا إبطالاً لحقائق القرآن الصريحة، إذ جعل الفلسفة حاكمة على القرآن؛ حتى ذهب إلى أن القرآن رموز فلسفية لا يفهمها الأعراب الجفاة؛ بل يفهمها العلماء والفلاسفة؛ ولذلك فسر العرش في قوله تعالى: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) بأنه الفلك التاسع الذي هو فلك الأفلاك، وفسر الملائكة الثمانية التي تحمل العرش بأنها الأفلاك الثمانية التي تحت الفلك التاسع. وفسر الجنة بأنها العالم العقلي والنار بأنها العالم الخيالي.
وذهب ابن رشد في كتابه (فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال) إلى تلمس علاقة القرآن بالفلسفة، ولكنه أيضاً مال إلى التأويل حتى يحمل معطيات القرآن على الفلسفة، وإن كان صنيعه أقل شناعة من صنيع ابن سينا. وقد أنكر ابن رشد على الغزالي تكفيره لبعض الفلاسفة كابن سينا في بعض الأمور؛ لأنه لا يمكن القطع – عنده - بكفر من خرق الإجماع في التأويل في أمثال هذه الأشياء. وذهب إلى أن في القرآن أسراراً يفهمها الخواص وفرضٌ عليهم تأويلها، وفرضٌ على الجمهور حملها على ظاهرها.
وقد نهج طنطاوي جوهري أيضا في تفسيره (الجواهر) منهجاً عجيباً في تلمس العلاقة بين القرآن والعلوم، فذهب إلى أن سبعمائة آية من كتاب الله قد اشتملت على عجائب الدنيا كلها؛ وأن آيات محدودة منه قد احتلت فرعاً كاملاً من علم الرياضيات، ولا يتردد الشيخ جوهري في الاستشهاد بعالم الأرواح واستحضارها في الولايات المتحدة، وعندما تعرَّض طنطاوي جوهري لقوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً) عقد بحثاً في عجائب القرآن وغرائبه، فذكر ما انطوت عليه هذه الآيات من عجائب في علم تحضير الأرواح، ثم ذكر نبذة طويلة عن مبدأ ظهور هذا العلم، وكيف كان انتشاره بين الأمم.
وقد استعان جوهري كذلك بمسائل في علوم الطب والكيمياء والجيولوجيا، وذهب إلى أنها علوم مكنونة في النص القرآني تنتظر من يرفع الحجب عنها، ولا يقتصر الشيخ جوهري على ذلك؛ بل يتناول عبارات ومفاهيم في غاية الغرابة نحو الأسرار الكيمائية في الحروف الهجائية ونحو ذلك. ويسعي الشيخ إلى بيان أنه ما من علم من العلوم المعاصرة إلا وقد وجد في القرآن؛ فذكر الميكروبات والكهرباء والذرة والصواريخ والطائرات وغيرها؛ فخالف قانون اللغة والسياق والنظم حتى حمّل القرآن ما لا يحتمله.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:16 م]ـ
2 - اتجاه الإمام الشاطبي المعارض:-
أبرز أصحاب هذا الاتجاه المعارض الإمام أبو إسحاق الشاطبي، وقد رد الشاطبي على أصحاب الاتجاه السابق وبالغ في رده عليهم، إذ رفض ربط القرآن بالعلوم الفلسفية وغيرها، وذهب إلى أن هذه الشريعة المباركة شريعة أمية لم تأت إلا بما يعرفه العرب من العلوم ولم تخرج عما ألفوه، يقول الشاطبي: (إن كثيرًا من الناس تجاوزوا في الدعوى على القرآن الحد، فأضافوا إليه كل علم يذكر للمتقدمين أو المتأخرين، من علوم الطبيعيات، والتعاليم، والمنطق، وعلم الحروف، وجميع ما نظر فيه الناظرون من هذه الفنون وأشباهها، وهذا لم يصح، فإن السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم كانوا أعرف بالقرآن وبعلومه وما أودع فيه، ولم يبلغنا أنه تكلم أحد منهم في شيء من هذا المدعى، سوى ما تقدم وما ثبت فيه من أحكام التكاليف، وأحكام الآخرة، وما يلي ذلك، ولو كان لهم في ذلك خوض ونظر، لبلغنا منه ما يدلنا على أصل المسألة، إلا أن ذلك لم يكن، فدل على أنه غير موجود عندهم، وذلك دليل على أن القرآن لم يقصد فيه تقرير لشيء مما زعموا، نعم، تضمن علوما هي من جنس علوم العرب، أو ما ينبني على معهودها مما يتعجب منه أولو الألباب، ولا تبلغه إدراكات العقول الراجحة) وقد عاب الشاطبي على أصحاب هذا الاتجاه تعلقهم بقوله تعالى: (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ) وقال: إنه أراد أنه ما فرط من شيء من أمور التعبد إلا ذكره أو أنه قصد بـ" الكتاب" اللوح المحفوظ.
وقد أيد الدكتور الذهبي في كتاب "التفسير والمفسرون" منهج الإمام الشاطبي، وذهب إلى أن هذه العلوم لو ذكرها القرآن فخاطب بها العرب لخرج إلى عدم مراعاة المخاطب؛ لأن العرب كانوا يجهلون هذه المعاني، ثم أن القرآن - في نظره- لا يهتم بهذا اللون من حياة الناس ولا يتعهده بالشرح ولا يتولاه بالبيان حتى يكون مصدرهم الذي يرجعون إليه في ذلك، والاتجاه السابق – عنده - اتجاه متكلف يخرج بالقرآن عن هدفه الإنساني الاجتماعي في إصلاح الحياة ورياضة النفس والرجوع بها إلى الله تعالى؛ ولذلك ذكر أن القرآن عنده ليس كتاب فلسفة ولا طب ولا هندسة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:17 م]ـ
اتجاه ربط أصول العلوم بالقرآن:-
ذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى أن القرآن قد ذكر أصول العلوم والصنائع التي تتعلق بحياة الناس؛ فذهب الإمام السيوطي إلى أن أصول الهندسة في قوله تعالى: (انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ) وأن أصول الحدادة في قوله تعالى: (آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) و أن أصول الغزل في قوله: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا) و أن أصول النسيج في قوله: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا) و أن أصول الفلاحة في قوله: (أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ) و أن أصول الغوص في قوله: (وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ) و أن أصول الصياغة في قوله: (وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ) و أن أصول الفخارة في قوله: (فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا) و أن أصول الملاحة في قوله: (السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ) ونحو ذلك.
وذكر القرطبي أن بعض من طعن في الدين قال: إن اللّه تعالى يقول في كتابكم: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) فأين ذكر التوابل المصلحة للطعام من الملح والفلفل وغير ذلك؟ فقيل له في قوله: (بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ)
وذكر الشيخ الشعراوي أن الشيخ محمد عبده سأله بعض المستشرقين: تقولون في القرآن (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ) فهات لي من القرآن: كم رغيفاً في إردب القمح؟ فما كان من الشيخ إلا أن أرسل لأحد الخبازين وسأله هذا السؤال فأجابه: في الإردب كذا رغيف. فاعترض السائل: أريد من القرآن!؛ فردَّ الشيخ: هذا من القرآن؛ لأنه يقول: (فاسألوا أَهْلَ الذكر إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:18 م]ـ
اتجاه ربط العلوم بمقاصد القرآن:-
ويمثل هذا الاتجاه الإمامان أبو حامد الغزالي قديماً والإمام محمد الطاهر ابن عاشور حديثاً، وقد بيّن الغزالي في كتابه (جواهر القرآن) مقاصد القرآن، وقسمها إلى التعريف بالمدعو إليه (الله) والتعريف بالصراط المستقيم وتعريف الحال عند الوصول إلى الله وأحوال السالكين والناكبين ومحاجة الكفار ومجادلتهم وتعريف عمارة منازل الطريق (الدنيا)، وتكمن عمارة الدنيا عنده في حفظ النفس والنسل والمال وأسباب المعيشة والديانة وضبط السياسات الدينية، وعلى هذا الأساس بيّن انشعاب العلوم من هذه المقاصد وقسمها إلى قسمين هما:-
1 - علوم الصدف والكسوة (اللغة والنحو والقراءات والتفسير ومخارج الحروف)
2 - علوم اللباب وهي عنده طبقتان؛هي:
- الطبقة السفلى (القصص ومحاجة الكفار والمبتدعة وعلم الحدود الموضوعة للاختصاص بالأموال والنساء)
- الطبقة العليا (معرفة الله واليوم الآخر والعلم بالطريق المستقيم وطريق السلوك)
ثم ذكر أن هنالك أنواعاً من العلوم ليست لها صلة مباشرة بهذة المقاصد وإنما هي مغترفة من بحار معرفة الله.
أما ابن عاشور فقد بيّن مقاصد القرآن وقسمها، ولما كان المقصد الأعلى من القرآن عنده هو صلاح الأحوال الفردية والجماعية والعمرانية ولما كان الكل لا يصلح إلا بصلاح أجزائه – فقد ربط ذلك بنوعين من العلوم هما:-
- علم المعاملات (السياسة المدنية) كما سماه
- علم العمران (الاجتماع)
وذلك لأن الصلاح العمراني عنده هو حفظ نظام العالم الإسلامي وضبط التصرفات بما يحفظ مصالح الجميع.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:19 م]ـ
تعليق على هذه الاتجاهات:-
من الملاحظ أن هذه الاتجاهات ليست على درجة واحدة من الدقة؛ إذ أن منها المتوازن ومنها المبالغ؛ إلا أنها جميعاً فيها شيء من الصحة بصورة عامة من جانب وفيها شئ يحتاج إلى تصحيح وتدقيق؛ ولا نقصد بالصحة صحة المعالجات في كل الأحوال، ولأجل ذلك سوف ننظر إليها جميعاً في إطار ضابطين مهمين هما:
أ - طبيعة العلوم التي يراد ربطها بالقرآن
ب - طبيعة تعبير القرآن عن معطيات هذه العلوم؛ وتفصيل ذلك في الآتي
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:20 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - تعليق على اتجاه ربط تفاصيل العلوم بالقرآن:-
ذهب أصحاب الاتجاه المضاد لهذا الاتجاه أن المقصود بـ"الكتاب" في قوله تعالى: (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكتاب مِن شَيْءٍ) ليس القرآن وإنما اللوح المحفوظ، لكن هذا الرد فيه نظر؛ إذ إن الأظهر والأرجح أن المقصود بالكتاب هو القرآن. وذهب بعض العلماء أيضاً إلى أن المراد به القرآن إلا أنهم دققوا في هذا المعنى فقالوا وإنه عام أريد الخصوص وهو كقوله تعالى (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا) وهي لم تدمر الجبال ولا السماء والارض، وفي الآية الأولى أراد: أنه لم يفرط فيه من شيء من أمور الدين أو الأحكام التكليفية أو مما يحتاجه الناس في أمر دينهم، لكن ذلك ليس مسوغا لإخراج تفاصيل بعض العلوم الدنيوية؛ إذ إن الدين الإسلامي متعلق بالدنيا وواقع الناس أشد التعلق، ولا يمكن أن ينفصل عنها بحال، يقول الإمام الغزالي (مقاصد الخلق مجموعة في الدين والدنيا، ولا نظام للدين إلا بنظام الدنيا؛ فإن الدنيا مزرعة الآخرة، وهي الآلة الموصلة إلى الله عز وجل .. وليس ينتظم أمر الدنيا إلا بأعمال الآدميين وحرفهم وصناعاتهم) وهذه الأعمال والصناعات تتعلق بالعلوم تعلقاً كبيراً، ولما كانت أحكام القرآن وإرشادته لا تكون ولا تطبق إلا على واقع؛ سواء كان واقعاً كونياًُ أو إنسانياً أو اجتماعياً - فقد ارتبط القرآن بالضرورة بالعلوم المتعلقة بالواقع وإن لم يكن بتفاصيلها في كل الأحوال كما سيأتي.
والقول الراجح في هذه المسألة أن القرآن قد ذكر كل شئ سواء على الجملة أو التفصيل أو على مستوى المقصد؛ يقول عبد الله بن مسعود: (قد بُيِّن لنا في هذا القرآن كلّ علم وكلّ شيء) ويقول الإمام القرطبي: (إن دلالة القرآن على كل العلوم دلالة مبيّنة مشروحة أو مجملة) ويقول أيضاً: (صدق خبر الله بأنه ما فرّط في الكتاب من شيء إلا ذكره إما تفصيلاً وإما تأصيلاً) ويقول ابن كثير: (إن القرآن مشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق وعلم ما سيأتي وكل حلال وحرام؛ وما الناس إلا محتاجون إليه في أمر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم) ولكن ذلك ليس مسوغاً للبحث عن كل التفاصيل والجزئيات لكل العلوم داخل القرآن؛ وإنما يرتكز ذلك على كيفية تعبير القرآن عن المسألة المطلوبة فإن ذكر الجزئيات بحثنا في الجزئيات وإن ذكر الكليات بحثنا في الكليات وإن ذكر المقاصد بحثنا في المقاصد.
أما استدلال هذا الاتجاه بقول ابن عباس (لو ضاع مني عقال بعير لوجدته في القرآن) ففيه نظر للآتي:-
- رغم شيوع هذه المقولة إلا أن الباحث لم يجد لها أصلاً في كتب الحديث ولا رويت بسند سليم أو غير سليم، وإن كان قد ذكرها السيوطي وابن عجيبة، وذكرها من المتأخرين الألوسي والشنقيطي.
- كل الذي أوردوا هذه المقولة إنما أخذوها من تفسير ابن أبي الفضل المرسي، وهو قد ذكر ذلك ضمن كلام كثير عن القرآن في تفسيره، والمرسي من علماء القرن السابع 655هـ.
- لم يرد عن السلف أنهم بحثوا في القرآن بتلك الطريقة التفصيلية عن كل شئ، وإنما ربطوا أحياناً جزئياتهم بكليات القرآن.
وأخيرا يبدو من الواضح جدا من خلال معالجات أصحاب هذا الاتجاه - وهو اتجاه استمداد تفاصيل وجزئيات العلوم كلها من القرآن - أنه اتجاه متعسف متكلف خطير حاول حمل القرآن على ما عنده بالتأويل البعيد، والقرآن متبوع وليس بتابع، وقد حذّر رسول الله ( r) من مثل هذا الاتجاه فقال: (اتبعوا هذا القرآن ولا يتبعنكم القرآن فإنه من يتبع القرآن يهبط به في رياض الجنة ومن اتبعه القرآن يزخ في قفاه فيقذفه في جهنم)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:21 م]ـ
تعليق على اتجاه الإمام الشاطبي:
يبدو واضحاً أن اتجاه الإمام الشاطبي كان رد فعل قوياً على الاتجاه السابق الذي بالغ أصحابه في ربط تفاصيل علومهم الفلسفية بالقرآن، وقد رد الشاطبي عليهم، وذهب إلى أن هذه الشريعة المباركة شريعة أمية، وقد تعجب كثير من العلماء والباحثين من وصف الشاطبي للشريعة بأنها "أمية"، ورد عليه الإمام ابن عاشور بالآتي:-
(يُتْبَعُ)
(/)
- إن الأمية صفة للعرب، وليس للشريعة أو القرآن، ولم تعد العرب أمة أمية كما كانت بعد نزول القرآن؛ بل انتقل بهم القرآن من حال إلى حال؛ قال تعالى: (مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا).
- إن القرآن معجزة باقية؛ فلا بد أن يكون فيه ما يصلح لأن تتناوله أفهام من يأتي من الناس في عصور انتشار العلوم في الأمة.
- إن القرآن لا تنقضي عجائبه (أي معانيه)، ولو كان الأمر كما قال الشاطبي لانقضت عجائبه بانحصار أنواع معانيه.
- إن من تمام إعجاز القرآن أن يتضمن من المعاني مع إيجاز اللفظ فيه ما لا تحصره الكتب الكثيرة والدراسات المتجددة.
- إن أفهام المخاطبين أولاً - وهم العرب الأميين - ليست كل شيء، بل قد يكون المعنى الأساسي مفهوما لديهم، أما المعاني العميقة التي تزيد على المعاني الأساسية فقد يتفهمها أقوام وتحجب عن آخرين.
- لم يكتف السلف بظواهر القرآن فحسب بل نزعوا منه علوماً عنوا بها ونحن نقتفي آثارهم في إضافة علوم أخرى تخدم مقاصد القرآن.
ويبدو للباحث أن وصف الشاطبي للشريعة بـ"الأمية" إنما هو نسب إلى "الأمة الأمية" ولا يمكن أن يتم النسب في اللغة العربية إلا كذلك لأمن الالتباس، ولم يقصد الشاطبي أن الشريعة في نفسها أمية، والأمية ليست صفة مدح وإنما صفة ذم ظاهر، ومهما يكن من أمر فإن تعبير الشاطبي ملتبس على كل حال، وقد عبر الشاطبي هذا التعبير دون غيره استدلالاً بقوله ( r) ( إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) وقد جاء هذا الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داود والبيهقي وأحمد وغيرهم في (رؤية هلال رمضان) وقد نهى النبي ( r) عن الصيام قياساً بالحساب، وإنما أراد أن يثبت الشهر بالرؤية الحسية قال ( r) ( صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته) كما روى البخاري ومسلم والنسائي والترمذي والدراقطني والدارمي وابن حبان والبيهقي وأحمد وابن خزيمة، ومطلع الهلال كما ذكر ابن تيمية ليس له حساب مستقيم ولا طريق مطرد، وقد اعتمد أهل الكتاب في صومهم على الحساب والقياس، وفي الحديث نهي عن مشابهتهم في ذلك، ولأجل ذلك ذهب الداودي إلى أن المقصود بالأمية - في الحديث - هو: أننا لا نقرأ ولا نكتب عن كتب الأمم وما فيها من أباطيل وإنما نأخذ ما جاء به الوحي، والأمية المنسوبة إلى هذه الأمة وصف لها، وليس أمراً بها، ثم زالت هذه الصفة حتى صارت أمة الإسلام أكثر الأمم علماً؛ قال تعالى (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) فقد امتن الله تعالى على هذه الأمة بما يزيل أميتها، وحساب الشهر إما حساب عددي أو طبيعي حسي، وحساب الشهر بعد ظهور الهلال حساب حسي مضبوط لا يدخله خلل ولا يفتقر إلى حساب، والسنة الشمسية وإن كانت طبيعية فليس لها أمر ظاهر للحس بل تفتقر إلى حساب سير الشمس في المنازل، ولهذا كان الحساب - بعد ظهور الهلال للحس - أمراً دقيقاًً أُمر به المسلمون؛ قال تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ) وكأني بالشاطبي يقول: إن الأمر الحسي القاطع المشترك الذي يستوي في الأخذ به الذي يحسب بالقياس والذي يحسب بالرؤية هو الفيصل، وليس المعول عليه في ذلك نظريات الفلاسفة وعلومهم الذهنية سواء كان ذلك في الطبيعيات أو التعاليم أو المنطق أو علم الحروف وأشباهها، والقرآن عند الشاطبي قد أفهم العرب الأميين الذين سماهم ابن سينا وغيره (أعراباً جفاة)، وقد خاطبهم القرآن أولاً وأتى بلغتهم ولم يأت على اصطلاح الفلاسفة والخواص، ثم إن هولاء الأميين لم يعرفوا نظريات الفلاسفة ولا حساب الجمل في فواتح السور الذي اجتلب من أهل الكتاب كما فعل ابن سينا في (الرسالة النيروزية)، فهولاء الفلاسفة – عند الشاطبي – قد جعلوا أفكارهم هي الأصل وأقحموها في القرآن وحملوه عليها؛ يقول الشاطبي عن هولاء أنهم (لم يأخذوا الأدلة الشرعية مأخذ الافتقار إليها والتعويل عليها حتى يصدروا عنها؛ بل قدّموا أهواءهم واعتمدوا على آرائهم ثم جعلوا الأدلة الشرعية منظوراً فيها وراء ذلك)، وتقويل القرآن ما لم يقله أمر مرفوض من جهة وإلغاء ما يقوله القرآن بالتأويل أمر مردود كذلك من جهة أخرى؛ يقول الشاطبي: (فليس بجائز أن يضاف إلى القرآن ما لا يقتضيه كما أنه لا يصح أن ينكر منه ما يقتضيه) والقرآن لا يُفهم بالفلسفة واصطلاحاتها بل بلغة العرب الذين وصفهم الفلاسفة بـ (الأعراب الجفاة)، ولهذا أيضاً هاجم الإمام الشاطبي في الموافقات ابن رشد صاحب كتاب (فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال) حيث ذهب ابن رشد في هذا الكتاب إلى أن علوم الفلسفة مطلوبة لا يفهم المقصود من الشريعة إلا بها؛ فرد الشاطبي عليه بقوله: (لو قال قائل أن الأمر بالضد مما قال لما بعد في المعارضة، وشاهد ما بين الخصمين شأن السلف في تلك العلوم .... فلينظر امرئ أين يضع قدمه).
ولم يتفرد الشاطبي من العلماء بالهجوم على ربط العلوم الفلسفية بالقرآن؛ بل نجد علماء آخرين قد أنكروا ذلك؛ يقول ابن عاشور: (وذهب ابن العربي في العواصم إلى إنكار التوفيق بين العلوم الفلسفية والمعاني القرآنية ولم يتكلم في غيرها من العلوم؛ وذلك على عادته في تحقير الفلسفة لأجل ما خولطت به من الضلالات الاعتقادية)
ويعتذر ابن عاشور عن كلام الإمام الشاطبي بقوله: (لعل هذا الكلام صدر منه في التفصي (التخلّص) من مشكلات في مطاعن الملحدين اقتصاداً في البحث وإبقاء على نفيس الوقت؛ وإلا فكيف ينفي إعجاز القرآن لأهل كل العصور) ولا يظن الباحث أن هذا صحيحاً، إذ قصد الإمام الشاطبي تحديداً تكلفات الفلاسفة الإسلاميين وتعسفهم في حمل القرآن على آرائهم، ولم يقصد نفي تجدد العلم في القرآن؛ وإلا فأين يضع هو نفسه اجتهاداته العظيمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:21 م]ـ
تعليق على اتجاه ربط أصول العلوم بالقرآن:-
يبدو ربط الإمام السيوطي لبعض أصول الصنائع ببعض الآيات غير واضح، إذ ما العلاقة العلمية بين أصول الهندسة وقوله تعالى: (انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ)؟! وما العلاقة بين نسيج الثياب ونسج العنكبوت؟! وما العلاقة بين أصول الملاحة وقوله: (السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ)؟! ويبدو أن السيوطي يلتمس أدنى علاقة بين الأمرين؛ فيربط بين أشياء لا رابط بينها. أما استدلال الإمام محمد عبده بقوله تعالى (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) فهو تخلص وذكاء من الإمام؛ وإلا فليست الآية دالة على هذا المعنى وإن كان شائعاً بين الناس، بل إن الآية تدل على معنى مخصوص يبدو واضحا جداً من سياقها، وهو أن المشركين لما أنكروا إرسال الله تعالى رسولاً من البشر يأكل الطعام – رد الله عليهم بهذه الآية وأمرهم أن يسألوا أهل التوراة، ويسمى التوراة في القرآن ذكرا ومثال ذلك أيضا قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ) وقد أمر الله المشركين بأن يسألوا أهل التوراة عن الرسل الذي أتوهم هل كانوا من البشر أم الملائكة؟ وقد وردت هذه العبارة مرتين في القرآن في سورتي النحل والأنبياء، والآيتان جاءتا بصيغتين متقاربتين جدا ففي النحل: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) وفي الأنبياء (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) وقد رد الله عليهم في الأنبياء في الآية التي بعد تلك بقوله: (وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ) أي ما جعلنا هولاء الأنبياء جسدا لا روح فيه؛ إذ هم غير خارجين عن طباع البشر.
وقد ربط السيوطي أصول العلوم والصنائع بجزئيات القرآن وكان أولى أن يربط كليات المعاني القرآنية بجزئيات العلوم لا العكس، إذ أن من شأن التعبير القرآني في الغالب أن يذكر المفاهيم العامة والعبارات الكلية التي تتعلق ببعض العلوم ثم تفصل تلك المفاهيم والعبارات داخل العلوم.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:23 م]ـ
تعليق على اتجاه ربط العلوم بمقاصد القرآن:-
هذا الاتجاه هو أهم الاتجاهات في ربط العلوم بالقرآن؛ إلا أنه لم يلاق من الاهتمام ما يليق به ولم يجد من الاعتناء ما يناسبه، إذ أن الكتابات فيه محدودة للغاية والاعتناء به قليل جداً. ولم يتعرض له من العلماء غير الإمام الغزالي وابن عاشور؛ إلا أن ربط الإمامين الغزالي وابن عاشور يحتاج إلى تعليق فقد كان تصنيف الإمام الغزالي للعلوم تصنيفاً غريباً؛ إذ جعل العلوم الشديدة التعلّق بالقرآن علوماً صدفية هامشية، رغم أنه لا يجادل في أهميتها وعلو مكانتها وارتفاع منزلتها أحد. أما إذا أراد الغزالي أن هذه العلوم آلات ووسائط ومقدمات لعلوم أخرى مقصودة ولا تراد لذاتها فهذا وجه صحيح متقبل لا يماري فيه أحد. ثم إن الغزالي قد قدّم علم الكلام وجعله في مقدمة العلوم وفضله على علوم شديدة الأهمية في معرفة المعاني القرآنية، وهذا العلم يتشعب عنده من محاجة الكفار ومجادلتهم؛ وما ذهب إليه الغزالي يتعارض مع أقوال أكثر العلماء في موقفهم من علم الكلام؛ يقول أبو حنيفة: (لعن الله عمرو بن عبيد لأنه فتح للناس الطريق إلى الكلام) وقال أبو يوسف: (العلم بالكلام هو الجهل، والجهل بالكلام هو العلم) وقال: (من طلب العلم بالكلام تزندق) وقال الشافعي: (لئن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه ما عدا الشرك خير له من أن ينظر في علم الكلام) وقال: (ما ارتدى أحد بالكلام فأفلح)
ولعل اهتمام الغزالي بهذا الجانب وما أحاط به من مؤثرات فكرية هو الذي دفعه إلى هذا الاتجاه، كما أن الغزالي قد أغفل العلوم الطبيعية إغفالا واضحا ثم عاد فربطها ربطاً عاماً وفيه شيء من التكلف الظاهر.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما ابن عاشور فقد ربط المقاصد بنوعين من العلوم هي المعاملات (السياسية المدنية) والثاني هو علم العمران (الاجتماع) ولم يتعرض لغيرهما.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:24 م]ـ
قوة العلاقة بين القرآن والعلوم:-
ارتبط القرآن العظيم ارتباطاً وثيقاًَ بالعلوم لارتباطه بحياة الناس، فمن العلوم ما تم استنباطه من القرآن مباشرة، ومنها ما تعلق القرآن بقضاياه تعلقاً شديداً؛ فما من نوع من العلوم وإلا وللقرآن به تعلق؛ وإن اختلف هذا التعلق من نوع إلى نوع، ومن موضع في القرآن إلى موضع. والقرآن لا يفترض فراغاً أو إطاراً ذهنياً ينزل فيه أحكامه وتطبق فيه إرشاداته؛ بل لابد لهذه الأحكام والإرشادات أن تنزل على واقع الناس، ودراسة هذا الواقع تستوجب إعمال الدراسات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والتربوية والطبية وغيرها؛ ولهذا صارت لجان الفقه – كما هو مشاهد معلوم – تضم الأطباء والاقتصاديين وعلماء الاجتماع والتربية وغيرها، والحق أن الإنسان كلما كان أكثر معرفة بالعلوم كان فهمه للقرآن أحسن وأجود؛ ولهذا يقول الزركشي: (من كان حظه في العلوم أوفر كان نصيبه من علم القرآن أكثر)، ويقول ابن حزم: (على من قصد التفقه في الدين أن يستعين على ذلك من سائر العلوم، وحاجته إليها في فهم كلام ربه تعالى وكلام نبيه ( r).
وذهب ابن عاشور إلى أن علاقة العلوم بالقرآن على أربعة:-
- علوم تضمنها القرآن كأخبار الأنبياء والأمم وتهذيب الأخلاق والفقه والتشريع والاعتقاد والأصول والعربية والبلاغة.
- علوم تزيد المفسر علماً كالحكمة والهيئة وخواص المخلوقات.
- علوم أشار لها وجاءت مؤيدة له كطبقات الأرض والطب والمنطق.
- علوم لا علاقة لها به؛ إما لبطلانها كالزجر والعيافة والميثولوجيا؛ وإما لأنها لا تعين على خدمته كعلم العروض والقوافي.
والحق أن هذا التقسيم متداخل؛ إذ ما الفرق بين خواص المخلوقات والطب وطبقات الأرض وكلها علوم متعلقة بالمادة والحس؟! ومعلوم أن القرآن لا يمكن أن يخالف حقائق الحس؛ إذ إن الكون مخلوق له والقرآن كلامه، ولا يمكن أن يخالف كلامه خلقه، وليس معنى موافقة القرآن لعالم الحس موافقته بالضرورة لمعطيات العلوم الطبيعية التي تتدرج في إدراكها لعالم الحس نحو اليقين، ثم إن ابن عاشور ذكر علوماً لا علاقة لها بالقرآن إما لبطلانها أو لعدم إعانتها في خدمته، والعلوم الباطلة لم يقل بعلميتها أحد حتى نعدها ضمن العلوم ناهيك عن علاقتها بالقرآن، أما العلوم التي ذكر أنها لا تعين على خدمة القرآن كعلم العروض والقوافي فهي عند الباحث ليس كذلك؛ بل إنها تعين في ذلك، إذ لا يعرف فواصل القرآن وما فيها من أسرار إلا من يعرف القوافي والفروق بينها وبين الفواصل، ولا يعرف الفرق بين القرآن والشعر حق المعرفة من لم يعرف العروض.
ومهما يكن من أمر فإن القرآن تختلف تعابيره عن حقائق العلوم بحسب ذكره لذلك من ناحية وحسب طبيعة تلك الحقائق من جهة أخرى، فهو يذكر التفاصيل تارة ويذكر الكليات تارة ويذكر المقاصد تارة ويذكر الرؤى العامة في ذلك تارة؛ فما من شيء من العلوم إلا وهو في القرآن سواء على التفصيل أو الجملة والأصول أو على مستوى المقصد والرؤية العامة، وتلك طبيعة القرآن في التعبير عن كل شيء، فهمها من فهمها وعمه عنها من عمه، وإنما يدرك الناظر من ذلك بقدر اجتهاده وبذل وسعه ومقدار فهمه، وهذا الأمر يحتاج إلى بيان وتفصيل؛ وذلك كالآتي:-
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:26 م]ـ
تفاصيل العلوم في القرآن:-
سبق أن بعض العلوم قد تضمنها القرآن وذكرت تفاصيلها فيه، بل من العلوم الإسلامية ما يمكن أن يطبق بكامله على القرآن؛ وذلك كالنحو والبلاغة وعلم اللغة وأصول الفقه، وقد نشأت هذه العلوم أصلاً لخدمة القرآن؛ فالنحو قد نشأ لما تسرب اللحن إلى الناس عند قراءة القرآن، وقيل إن عليا كرم الله وجهه كما ذكر الإمام الذهبي وابن كثير والمزني وغيرهم أو عمر بن الخطاب كما ذكر القرطبي قد سمع رجلاً يقرأ: (أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ) بجر لفظة (ورسوله) عطفاً لها على المشركين؛ الأمر الذي نشأ عنه معنى غير مقبول كما هو واضح؛ فسمع هذا القارئ إعرابي، فتبرأ الإعرابي من رسول الله
(يُتْبَعُ)
(/)
( r) كما تبرأ الله تعالى منه حسب ما يقتضي هذا المعنى الفاسد الذي كان سببه الإخلال بالنحو؛ فأمر عمر أو علي الأرجح – أبا الأسود الدولي فوضح النحو؛ يقول الإمام الذهبي: (أمر علي أبا الأسود بوضع شيء في النحو لما سمع اللحن؛ فأراه أبو الأسود ما وضع؛ فقال: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت؛ فمن ثم سمى النحو نحواً) وتذكر بعض الروايات أن عليا بن طالب نفسه هو الذي وضع أصول النحو فأعطى أبا الأسود هذه الأصول وعمل أبو الأسود بعده عليها وقد نشأ علم النحو لأسباب واقعية في حياة الناس يقول ابن خلدون: (لما جاء الإسلام وفارق العرب الحجاز لطلب الملك، الذي كان في أيدي الأمم والدول، وخالطوا العجم، تغيرت تلك الملكة بما ألقى إليها السمع من المخالفات التي للمتعربين من العجم؛ والسمع أبو الملكات اللسانية، ففسدت بما ألقي إليها مما يغايرها، لجنوحها إليه باعتياد السمع، وخشي أهل العلوم منهم أن تفسد تلك الملكة رأساً ويطول العهد بها، فينغلق القرآن والحديث على المفهوم، فاستنبطوا من مجاري كلامهم قوانين لتلك الملكة مطردة، شبه الكليات والقواعد، يقيسون عليها سائر أنواع الكلام ويلحقون الأشباه بالأشباه)
أما علم اللغة فيمكن أن يتعلق به القرآن بكل تفاصيله، وقد نشأ هذا العلم لخدمة القرآن أيضا؛ يقول ابن خلدون (لما فسدت ملكة اللسان العربي، في الحركات المسماة عند أهل النحو بالإعراب، واستنبطت القوانين لحفظها كما قلناه. ثم استمر ذلك الفساد بملابسة العجم ومخالطتهم، حتى تأذى الفساد إلى موضوعات الألفاظ، فاستعمل كثير من كلام العرب في غير موضوعه عندهم، ميلاً مع هجنة المتعربين في اصطلاحاتهم المخالفة لصريح العربية، فاحتيج إلى حفظ الموضوعات اللغوية بالكتاب والتدوين، خشية الدروس وما ينشأ عنه من الجهل بالقرآن والحديث، فشمر كثير من أئمة اللسان لذلك وأملوا فيه الدواوين)
وتنقسم العلوم جميعا من حيث علاقتها بالقرآن إلى الآتي:
- علوم تدور حول النص
- علوم تعلقت بالواقع، ومعلوم أن القرآن قد تعلق بالواقع أشد ما يكون التعلق،ومن هنا جاءت علاقة القرآن بالعلوم، ومعلوم أن هذا الواقع ينقسم إلى قسمين:
1 - واقع كوني.
2 - واقع اجتماعي وإنساني.
ويتميز الواقع الكوني عن ذلك الإنساني بأنه دقيق الانتظام والانضباط شديد التقيّد بالسنن والقوانين، كما أن نظامه ثابت غير معقّد مقارنة بالواقع الاجتماعي والإنساني.
ومعلوم أن الإنسان مهيأ لإدراك الواقع الكوني بصورة عامة بحكم طبيعة تكوينه وإعداده للخلافة في الأرض؛ وقد زوّده الله تعالى بوسائل إدراك المعرفة كالسمع والبصر والفؤاد؛ قال تعالى: (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ) ولم يكن هذا الإنسان عند إنشائه يعلم من أمر هذا الكون شيئاً ثم زوّده الله تعالى بتلك الوسائل فأدرك؛ قال تعالى: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ) ولهذا ركّز القرآن على هداية البشر أكثر مما ركّز على الجزئيات الطبيعية؛ قال تعالى عن القرآن: (هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ) وقال: (هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ) وقال: (إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ) وكانت مادة القرآن هي الإنسان وتصوره واعتقاده وسلوكه وأعماله وروابطه؛ وقد عالج القرآن قضايا الإنسان أكثر مما عالج الجزئيات الطبيعية ونحوها.
وهذه العلوم الاجتماعية والإنسانية قد يذكر القرآن في بعض الأحيان تفاصيل قضاياها بصورة مباشرة، ولما كانت هذه العلوم – في إطارها الغربي - قد احتلت المكانة الرفيعة كان يحتلها الوحي في توجيه الإنسان وإرشاده فلا بد أن تتناول القضايا ذاتها التي تناولها القرآن وإن اختلفت الصورة والطريقة، والقرآن تناول القضايا التي تتعلق بالإنسان والمجتمع البشري، ولكن هذا التناول قد يكون بالتفاصيل أحيانا وبالإجمال أحيانا وبالمقصد أحيانا.
أما ذكر تفاصيل العلوم الطبيعية في القرآن فإنه يكون في الغالب بصورة أقل من تفاصيل تلك العلوم الاجتماعية والإنسانية؛ بل إن القرآن قد يشير إلى تفاصيل العلوم الطبيعية وحقائق الكون ومشاهده إشارات عابرة، وذكر تفاصيل العلوم الطبيعية في القرآن لا يكون مقصودا لذاته؛ بل للعبرة والتنبيه على قدرة الله ودلائل وحدانيته، ولعل عدم ذكر تفاصيل العلوم الطبيعية في القرآن أنها في مقدور البشر والله قد ركب فيهم من وسائل إدراكها ومعرفتها ما ركب، والكون كتاب مفتوح أمام الإنسانية لا يمنعها مانع عن السير في أرجائه والنظر في أقطاره، والقرآن إذا ذكر هذه الأمور وتعرض لها فإنما يذكرها في عبارات سريعة وإشارات عابرة، إذ هي ليست مقصوده الأساس ولا غرضه الذي يراد، والله تعالى يذكر هذه الأمور حيث يريد ويتعرض لها حين يشاء، ولا يوردها حين يشاء الناس، وقد سأل الصحابة النبي ( r) عن بعض الأمور المتعلقة بالعلوم الطبيعية؛ فقالوا: (ما بال الهلال يبدو دقيقاً ثم لم يزل يكبر حتى يستدير) فحوّلهم الله تعالى إلى أمر آخر أكثر تعلقاً بالتكاليف والأحكام المطلوبة منهم؛ فقال (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) ثم قال في السياق نفسه: (وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا) وقد ذهب بعض المفسرين إلى أنه أراد أبواب العلم (البحر المديد 1/ 240)، أي: اتوا هذا الأمر من بابه؛ فحوّل - بأسلوب الحكيم - الإجابة من العلم الطبيعي إلى العلم الشرعي ثم أمرهم بطلب العلم الطبيعي؛ إذ إن كل مطلوب من المطالب المهمة ينبغي أن يؤتى من بابه؛ وهذا يقتضي معرفة الأسباب والوسائل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:27 م]ـ
كليات العلوم في القرآن:-
سبق أن القرآن قد حوى كليات المعاني التي تتعلق بالعلوم أكثر مما حوى جزئياتها وتفاصيلها، ولما كان الدين متعلقاً بحياة الناس فقد حوى القرآن كل ما يتعلق بهذه الحياة؛ فهو مع قلة حجمه تضمن - بالإجمال - العلوم الكثيرة التي تقصر الألباب البشرية عن إحصائها
والقرآن في الغالب يذكر الأمور الأساسية الكلية حتى في شأن الدين، وقد روى الدارقطني أن رسول الله ( r) سئل: (أفريضة الوضوء من القيء؟ قال: لو كان فريضة لوجدته في القرآن) وهذا الحديث يبين أن القرآن يذكر الأمور الأساسية الكلية من العلم لا الثانويات ولا التفاصيل والجزئيات، ثم تأتي في المرحلة الثانية السنة لتفصل المجمل من القرآن وتفرّع الكليات إلى جزئيات؛ ولهذا قال سعيد بن جبير: (ما بلغني حديث عن رسول الله ( r) على وجهه إلا وجدت مصداقه في القرآن).ثم يأتي في المرحلة الثالثة دور العلماء والمجتهدين في العلم ليزداد هذا العلم تفصيلاً وتتبين فروعه وجزئياته، والقرآن قد قلّل الأحكام وجاء بأصولها وترك التفاريع للسنة ثم لسائر المجتهدين الذين يفرّعون من تلك الفروع؛ ولهذا قال الإمام الشافعي (ما تقوله الأمة (أي علماؤها) شرح للسنة وجميع ما في السنة شرح للقرآن
وإذا كان من طبيعة القرآن ذكر الأصول والكليات فينبغي أن ينظر في ذلك أيضا عن علاقة العلوم بالقرآن بصورة منضبطة.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:27 م]ـ
ربط المقاصد القرآنية بالعلوم:-
إن القرآن العظيم كتاب إلهي شامل قد حوى كل حاجات الإنسان الدنيوية والأخروية، وهو -كما سبق - يشير إلى تفاصيل بعض العلوم ويشير إلى بعض الكليات ويشير كثيراً إلى مقاصد لها تعلق ببعض العلوم أيضاً؛ فما من أمر من أمور الإنسان إلا وفي القرآن الدليل إلى سبيل الهدى فيه. ولا شك أن أحكام القرآن وإرشاداته وتعاليمه إنما جاءت لجلب المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها فما من مصلحة من مصالح الإنسان إلا وفي القرآن إرشاد إليها وتنبيه عليها.
وقد جاء القرآن بقصص وأحكام وأوامر ونواه، وكل هذه الأمور يمكن أن تشكل قوانين عامة وسنناً مطردة، والقرآن لا يحكي ما يحكي من قصص لغرض فني مجرد وإنما لاستخلاص العبر التي يتأتى استخلاصها بمعرفة العلل والأسباب التي تشكل تلك القوانين والسنن، وقد اهتم القرآن العظيم اهتماماً كبيراً بتأسيس الحياة الاجتماعية وما ينشأ فيها من علاقات مختلفة، وبّين القواعد التي تصوغ التفاعل الاجتماعي في كافة أشكاله وحدّد الأهداف والوسائل التي تمكّن من تحقيق هذه الأهداف.
ولا شك أن استخلاص السنن والقوانين الاجتماعية القرآنية ليس بالأمر اليسير الذي يستطيع أن يقول فيه كل من شاء ما شاء؛ بل لا بد من مختصين يحللون عوامل الربط والتسبيب والاطراد والانتظام في الظواهر الاجتماعية فضلا عن المعرفة بقوانين الاستنباط من الواقع من جهة ومن القرآن من جهة أخرى؛ وذلك يقتضي المعرفة الدقيقة بالمفاهيم الاجتماعية القرآنية الكلية وما يندرج تحتها من مفاهيم جزئية أو أقل كلية وما ينشأ من تفاعلات بين هذه المفاهيم التي تترتب بصورة منهجية فتشكل النظريات المفسرة للفعل الاجتماعي.
وإذا كان استخلاص المقاصد والعلل والأسباب التي تشكل القوانين والسنن العلمية لا يتأتى إلا بفهم نصوص القرآن ومعرفة معانيها ومراميها وأهدافها - فقد يذكر القرآن نفسه تلك المقاصد والعلل صراحة في بعض الأحيان، وقد يستنبطها المجتهد بطرق الاستنباط المنضبطة، ومن العلل والمقاصد التي ذكرها القرآن في شأن المال قوله: (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ) وهذه الآية - كما ذكر ابن عاشور – يمكن أن تشكل قاعدة يؤخذ منها تفاصيل علم الاقتصاد السياسي وتوزيع الثروة العامة ويمكن أن تعلَّل بها الزكاة والمواريث وسائر المعاملات المالية
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:28 م]ـ
الرؤية الكونية القرآنية العامة وعلاقتها بالعلوم:-
(يُتْبَعُ)
(/)
إن أهم ما أسس القرآن فيما يتعلق بالعلوم ليس هو ذكر تفاصيلها أو كلياتها وإنما أهم ما أسس القرآن هو الرؤية القرآنية الكلية التي تؤطر كل ذلك، وهذه الرؤية الكلية القرآنية التي تربط بين عالم الغيب والشهادة ربطاً وثيقاً من الاستحالة بمكان على العقل البشري أن يقوم ببنائها بمعزل من الوحي، ومعلوم أن الوجود ليس مادة مجردة؛ إذ إن هنالك من الأمور الغيبية المتعلقة بالإنسان ما لا يمكن أن يناله العلم في إطاره المادي المجرد إطلاقاً وذلك نحو المبدأ والمصير والغاية العليا من الخلق فضلا عن معرفة الخالق نفسه وتدبيره للوجود، وكل هذه الأمور شديدة التعلق بالعلم الإنساني قوية الارتباط به.
ورغم كل ما ذكر إلا أن العلم - في الفكر الغربي - قد أخلد بالعلم إلى المادة وعالم الحس ورضي بذلك هروباً من تلك الأسئلة الكلية التي ذكرت؛ ولأجل ذلك أدخلت العلوم كل العلوم أياً كان نوعها وأياً كان طبيعتها في إطار المنهج المادي المجرد، وصارت العلوم الطبيعية سلطة مرجعية لكل العلوم؛ الاجتماعية منها والإنسانية؛ ولأجل ظهرت الخلافات الحادة بين علماء الاجتماعيات في المسألة الواحدة لتعدد الرؤى واختلاف المرجعيات، ولما تزاور علماء الاجتماعيات عن الوحي مصدر الأخلاق والقيم - أضحت هذه القيم من صنع المجتمع نفسه وليست لها عندهم مرجعية عليا على الإطلاق، وفي إطار هذا الواقع المريج ظهرت الأهداف غير العلمية للعلوم الاجتماعية والإنسانية، وارتبطت هذه العلوم بالأيديولوجيات والمصالح المتضاربة.
وفي مقابل ذلك فإن في القرآن العظيم بناء منهجياً يتعلق بالحياة الاجتماعية وما يتصل بها من معارف وعلوم، ويمكن استخلاص ذلك بإنعام النظر في كليات القرآن ومقاصده؛ وبهذا يمكن بناء رؤية كلية كونية عامة تؤطر هذه العلوم؛ وتخرجها من فلسفتها المادية المحضة وتعالج أزمتها.
وهذه الرؤية القرآنية لا تؤطر العلوم الاجتماعية والإنسانية فحسب بل تؤطر كل العلوم، سواء الاجتماعية منها أو الطبيعية، وهذه العلوم الطبيعية رغم طبيعتها المادية ورغم نجاح المنهج الحسي في إدراك كثيراً من تفاصيلها إلا أنها أيضاً تتعلق بتلك الرؤية الكلية أشد ما يكون التعلق وترتبط بها أقوى ما يكون الارتباط، فليس صحيحاً ما قد يتوهم من أن طبيعة بنائها المادية يجعلها بمنأى عن هذه الرؤية العقدية الكلية، يقول محجوب عبيد عن تلك الرؤية المتوهمة: (هذا التصور قد يكون مقبولاً حين كان العلم في بداياته يتدرج نحو صقل طرق القياس وتطوير سبل الاستنباط والاستدلال والبرهان؛ حين كان هذا العلم أقرب إلى حنكة الحرفة منه إلى عمق الفكر والمبدأ، ولكن التطورات المعاصرة في الفيزياء النظرية وعلم الكون والهندسة الوراثية قد تجاوزت ذلك الموقف الشكلي وقربت تطوراتها قضايا هذه العلوم من موضوعات البداية والنهاية وأطلت به على مشارف قضايا كبيرة في العقيدة والفلسفة، وهذه التطورات قد أحرجت الموقف الشكلي البسيط الذي يفصل بين الحقائق العلمية والمذاهب الفكرية وفضحت ضعفه أمام الأبواب المفتوحة نحو إشباع طموح الإنسان في الوقوف على أسرار الخليقة وطبيعة الأشياء)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:33 م]ـ
خاتمة:-
لم يغادر القرآن أمراً يتعلق بحياة الناس وعلومهم إلا ذكره وإن اختلف هذا الذكر من موضع إلى آخر ومن نوع من العلوم إلى نوع؛ فهو قد يذكر أحياناً تفاصيل بعض العلوم ويذكر أحياناً كلياتها ويذكر أحياناً مقاصد بعض قضاياها؛ ولهذا ينبغي – عند دراسة علاقة ذلك بالقرآن- أن نهتم بهذه الأشياء بقدر اهتمام القرآن بها، ولكن مما ليس فيه من شك هو أن الرؤية القرآنية الكلية تحيط بكل العلوم وبكل المعارف وبكل أمور الحياة وترتبط بها أشد ما يكون الارتباط، وليس ذلك فحسب بل إن هذه الرؤية تتعدى كل ذلك إلى عالم الغيب أيضاً وتربطه به. وما ذاك إلا لأن القرآن هو صراط الله المستقيم الذي لا يشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه وهو الكريم جمّ المنافع؛ المشتمل على أصول العلوم في صلاح المعاش والمعاد.
هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:34 م]ـ
المصادر والمراجع:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - الألوسي: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ط/ دار إحياء التراث العربي – بيروت
2 - البغوي: الحسين بن مسعود: معالم التنزيل، تحقيق محمد عبد الله النمر وآخرون، ط/4 دار طيبة للنشر والتوزيع، سنة 1997م
3 - ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم، الفتاوى الكبرى تحقيق محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا، ط/1 دار الكتب العلمية سنة 1408هـ - 1987م.
4 - ابن الجوزي: عبد الرحمن بن علي بن محمد، زاد المسير في علم التفسير،ط/3 المكتب الإسلامي - بيروت 1404هـ
5 - ابن أبي حاتم الرازي: تفسير ابن أبى حاتم، تحقيق أسعد محمد الطيب، ط/ المكتبة العصرية، صيدا (د. ت)
6 - الخازن: علي بن محمد بن إبراهيم: لباب التأويل في معاني التنزيل، ط/ دار الفكر، بيروت، سنة 1399 هـ - 1979 م
7 - أبو حيان الأندلسي: محمد بن يوسف: تفسير البحر المحيط، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، ط/ دار الكتب العلمية، بيروت سنة 1422 هـ - 2001م
8 - الذهبي: محمد بن أحمد بن عثمان: سير أعلام النبلاء، تحقيق شعيب الأرنؤوط وحسين الأسد، ط/ مؤسسة الرسالة (د. ت)
9 - الرازي: فخر الدين محمد بن عمر: مفاتيح الغيب، ط/1 دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1421هـ - 2000 م.
10 - الزركشي:بدر الدين محمد بن عبد الله: البرهان في علوم القرآن، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم،ط/1 دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي، عام 1957م
11 - الشاطبي إبراهيم بن موسى: الموافقات: تحقيق أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، ط/ دار ابن عفان، سنة 1417هـ- 1997م.
12 - الشنقيطي: محمد الأمين بن محمد بن المختار: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، ط/ دار الفكر، بيروت، سنة 1415 هـ- 1995 م
13 - ابن عادل الدمشقي: عمر بن علي، اللباب في علوم الكتاب، تحقيق عادل أحمد عبد الموجود وعلي محمد معوض، ط/1 دار الكتب العلمية سنة 1419 هـ -1998 م
14 - ابن عاشور: محمد الطاهر: التحرير والتنوير، ط/ دار سحنون للنشر والتوزيع، تونس، سنة 1997م.
15 - ابن عجيبة: أحمد بن محمد بن المهدي، البحر المديد، ط/2 2002 م ـ 1423 هـ
16 - العظيم آبادي: محمد شمس الحق، عون المعبود شرح سنن أبي داود، ط/2 دار الكتب العلمية، بيروت 1415هـ
16 - القرطبي: محمد بن أحمد بن أبي بكر: الجامع لأحكام القرآن، تحقيق هشام سمير البخاري، ط/ دار عالم الكتب، الرياض، سنة 1423 هـ/ 2003 م.
17 - ابن كثير: إسماعيل بن عمر:
أ - البداية والنهاية، تحقيق علي شيري، ط/1 إحياء التراث العربي سنة 1988م
ب - تفسير القرآن العظيم، تحقيق سامي بن محمد سلامة، ط/2 دار طيبة للنشر والتوزيع سنة 1420هـ - 1999 م
18 - محجوب عبيد: أسس التأصيل الإسلامي في مجال العلوم الطبيعية ص 318"أوراق ندوة إسلام المعرفة".
19 - المزي: يوسف بن الزكي، تهذيب الكمال، تحقيق بشار عواد معروف، ط/1 مؤسسة الرسالة – بيروت 1400 – 1980م.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[13 Jan 2010, 09:26 م]ـ
طرح علمى متوازن ورصين
وحافل بالكثير من الأفكار النيرة
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا
وننتظر المزيد
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[16 Jan 2010, 09:46 م]ـ
شكر الله لك طرحك الموفق ومناقشتك للأقوال ونتائجك العلمية السليمة
ولو تأذن لي بكلمة؛ قولك تناقش السيوطي:"يبدو ربط الإمام السيوطي لبعض أصول الصنائع ببعض الآيات غير واضح، إذ ما العلاقة العلمية بين أصول الهندسة وقوله تعالى: (انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ)؟! "
الظاهر وجود شيء من علوم الهندسة في الآية، لأن الظل ناتج عن ضوء مسلط على كائن معين. وأظن تفسير السورة يعين على استخراج المعنى الهندسي.
وأما بقية كلام السيوطي فلا علاقة له بالعلوم وأصولها، ولكنه حسب المطبوع كما تنقل عنه أدرج آيات فيها إفك الأفاكين بدعوى العلم وظنها أصولا للعلوم؛ عدا آيتين؛ فقول ذي القرنين: (آتوني زبر الحديد) ليست الحدادة بل صناعة المعادن، والحدادة فساد في تصنيع المعادن لأنها بنفخ الكير، ومعلوم حديث تشبيه قرين السوء بنافخ الكير، و خبر المجوسي نافخ الكير الذي اغتال عمر رضي الله عنه.
والآية: (وأما السفينة فكانت لمساكين) فيه علم التعامل مع التقنيات المشغلة، فهي في هندسة التشغيل، لأنه خرقها تعييبا لها في عين الغاصبين، مع ضمان الإصلاح وبقاء السفينة من غير تلف. والله أعلم
وأؤيد نتائجك العلمية بالكامل وأشكرك وجزاك الله خيرا.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[21 Jan 2010, 03:32 م]ـ
بارك الله فيكما أخي العليمي المصري وطالبة علم التفسير
أما قولك أيتها الأخت الكريمة (الظاهر وجود شيء من علوم الهندسة في الآية) فيعني أنك فهمت الكلام الذي أورده السيوطي تماما، وأنا اتفق معك أن الآية فيها "شيء " أي شيء قليل من علوم الهندسة ولكنها لا تشكل أصل علوم الهندسة، ومن هنا كان استغرابي وهذا ما يوضحه قولي إن العلاقة بعيدة أو غير واضحة.
ولدي ملاحظة شكلية
ألا ترين أختي الكريمة أن عبارتك (أدرج آيات فيها إفك الأفاكين) - أي كذب الكذابين -"كتيرة شوية " في حق علمائنا الأفاضل، ويبدو أنها ناتجة من الاستعجال
الأمر الثاني نفخ الكير جاء في الحديث للتشبيه؛ لأن عملية النفخ هذه يتطاير منها الشرر فيصيب ثياب الإنسان، وهذا لا يعني بحال من الأحوال أن نفخ الكير أمر مسترذل ولا الحدادة التي هي مهنة النبي داود عليه السلام، والحدادة وتصنيع المعادن لا فرق بينها إلا في الجدة والقدم، وذم المجوسي - لعنه الله - الذي قتل عمر رضي الله عنه لا يعني بالضرورة ذم صنعته الت تتعلق بالحدادة أشد ما يكون التعلق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[21 Jan 2010, 08:28 م]ـ
شكر الله لك تنبيهك على العبارة
الآيات لا يدخلها إفك الأفاكين، لكنها في بيان إفك الأفاكين هذا بالضبط ما قصدته وأشكر لك تنبيهك لأهذب العبارة
لكن الظل في ثلاث شعب لو تتأمله هو أصل الهندسة، بافتراض مواضع ثلاثية الأبعاد.
والثلاث شعب هي أبعاده الثلاثة الناتئة لأنه (لا ظليل ولا يغني من اللهب).
بينما الحدادة ليست هي صناعة المعادن لأن صناعة المعادن ليست النفخ في الكير
نفخ الكير ينتج به الأدخنة الملوثة والشرار المتطاير حتى لقد لا يستطيع الواحد منا النظر في وجه الحداد من بشاعته. وثبت الاشتباه بهم في السنة بما سبق ووضحته.
وتشبيه القرين السوء في الحديث جاء بنافخ الكير وليس بمنفوخ الكير، دل أن السوء في نافخ الكير نفسه.
صناعة المعادن لا تعتمد على التنور الضيق الذي فيه من الأخطار ما فيه، كحفره في الأرض أو نازل إليها، وتطاير الشرار منه وإصابة المكان والناس بالتلوث.
ولكن صناعة المعادن تعتمد على تقية الخندق بين سدين، وتقنية تبريد المعدن بالماء المقطر (آتوني أفرغ عليه قطرا) كما أن لفظ القطر يعني ماء السماء الذي ينزل بقطرات موزعة، وعليه فلا يبرد المعدن بزعج الماء عليه ولكن بإفراغه قطرا. والله أعلم
طريقة ذي القرنين عليه السلام تثبت أن التقنية الشرعية موروثة من الأنبياء عليهم السلام ومما ورث عنهم عدم إقرارهم نافخ الكير على كيره. لأن النفخ في النار وليس في الكير (قال انفخوا حتى إذا جعله نارا) الآية والله أعلم
وجزاك الله خيرا
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[25 Jan 2010, 07:06 م]ـ
الأخت العزيزة
الأمر شديد الوضوح؛ إذ إن التشبيه في البلاغة يقوم على أربعة أركان هي: المشبه والمشبه به ووجه الشبه والأداة، وقد يحذف أحيانا وجه الشبه وتحذف أحيانا الأداة وكل نوع من أشكال التشبيه الأربعة له اسمه في البلاغة، أما إذا حُذف المشبه فإن التشبيه يكون استعارة.
وهذه الأركان الأربعة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ........ ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنة)
فالأمر في التشبيه الثاني داخل الحديث كالآتي:
- المشبه هو: الجليس السوء
- المشبه به هو: نافخ الكير
- وجه الشبه هو: التضرر في الحالين
- الأداة هي الكاف
والأمر أيتها الفاضلة واضح لا لبس فيه ولا غموض
أما القطر في آية الكهف في شأن ذي القرنين (قال آتوني أفرغ عليه قطرا) أو في آية سبأ في شأن داود عليه السلام (وأسلنا له عين القطر) فليس هو ماء السماء (المطر) كما تفضلت أيتها الأخت الكريمة، وإنما هو النحاس المذاب، وهو بكسر القاف (القِطْر) لا فتحها.
أما المطر أو ماء السماء – حسب تعبيرك - فهو القَطر بفتح القاف ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما منع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء) أي المطر. ومنه كذلك قول أبي فراس الحمداني
إن مت ظمآنا فلا نزل القطر
أما القطر بضم القاف فهو الناحية والجانب والجمع أقطار وقد جاء في سورة الرحمن (إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا) أي نواحي السموات والأرض وفي سورة الأحزاب في شأن المنافقين (ولو دخلت عليهم من أقطارها) أي المدينة المنورة
وأخيرا أشكر لك مداخلتك أيتها الفاضلة
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[25 Jan 2010, 08:13 م]ـ
وشكر الله لك ما عقبت
ورأيي ليس إلزاما لأحد لكني أقول كلامي في كل ما بينته
ولا أظن أني فهمت التشبيه خطئا
ولا أني فهمت التقنية خطئا لدلالة السياق أن تبريد الحديد كان آخر ما فعله ذو القرنين عليه السلام
ولو قيل أضاف النحاس كما تشير لم يتغير شيء في معنى صناعة المعادن.
أرجو أننا لم نختلف وليس في كلامي غير ما كتبته.
أما معنى اختلاف أنواع التشبيه بتغير أركانها فهذا أصل القياس على النصوص، فلفظ (مثل) ليس (كمثل) ليس كالكاف وليس كحذف لفظ التشبيه ..
وليس كحذف بعض الأركان نهائيا ..
هذه محلها دلالة منطوق النص والمراد من القياس فيه والله أعلم
أرجو أن لا أكون خرجت عن الموضوع.
جزاك الله خيرا(/)
محاضرة (تحقيق النصوص) للأستاذ الدكتور / أحمد الخراط. مكتوبة
ـ[تبيان]ــــــــ[14 Jan 2010, 05:49 م]ـ
شرف الأستاذ الدكتور / أحمد الخراط جمعية تبيان يوم الثلاثاء 5/ 1 / 1431هـ في لقاء علمي متميز بعنوان (تحقيق النصوص - علم وفن)
ونظرا لرغبة كثير من الباحثين في الاستفادة من هذه المحاضرة قام الدكتور / أحمد الخراط مشكورا بكتابة هذه المحاضرة.
وهي موجودة في موقع الجمعية مكتوبة، ومسموعة.
http://www.alquran.org.sa/
ـ[منصور مهران]ــــــــ[24 Jan 2010, 11:58 م]ـ
جاءت محاضرة الدكتور أحمد محمد الخراط في الوقت الذي ندر فيه وجود المحقق الواعي والمدقق المتنبِّه، ولست أقول ذلك كاليائس من حال المحققين، أو الطاعن في كل تحقيق تلقته العيون في زماننا هذا؛ بل أصف ما تعرضه دور النشر من أعمال المحققين.
وكان المأمول من مثل هذه المحاضرات والكتب المتخصصة في هذا المجال أن تكون لها ثمرة يانعة في همم الطلاب وأساتذتهم الذين وهبوا أنفسهم لإحياء تراث أمتنا الحائرة بين قوة الانبعاث من جذورها وقوة المسخ لأصولها، فقد أتلقى في يوم عشرين كتابا طرحتها المطابع لا أكاد أجد فيها كتابا - مؤلفا أو محققا - جديرا بالنظر والقراءة فضلا على الاقتناء، وقد أتلقى كتابا واحدا أحسن كاتبه أيما إحسان حتى أجدني لا أغمض العين دونه إلا بعد بلوغ عصارته أقصى عقلي ووجداني. والكتب والناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة.
قرأت هذه المحاضرة بعناية لما أظنه في مُلقِيها من جدٍّ فيما يتناول من عمله في التحقيق والتأليف، ولكن استوقفتني أمورٌ تخيرتُ منها ما هو ضروري بالنظر والمراجعة لئلا يقع قول الأستاذ المحاضر موقع التسليم ممن يتلقون مثل هذه المحاضرات تعلما أو تثقيفا، من ذلك:
1 – أن الشيخ محمد عبد الخالق عضيمة في تحقيقه لمقتضب المبرد، والدكتور رمضان عبد التواب في جميع منشوراته: يمثلان مدرسة (التفصيل في التعليقات وخدمة النص).
ولنا أن نتساءل عن أي تفصيل يتحدث الأستاذ المحاضر؟
ففي المثال الأول جاءت تفصيلات الشيخ عضيمة للربط بين كتاب سيبويه وبين كتاب المقتضب لأن مؤلف المقتضب متأثر بكتاب سيبويه تأثرا كبيرا، وقد تغلغل تأثير سيبويه في أعماق المقتضب؛
لذلك حرص الشيخ عضيمة – رحمه الله – على سَوْق نصوص من كتاب سيبويه يعلِّق بها على ما المقتضب حتى يتبين القارئ مواضع التوافق بين الكتابين، ومواضع انفراد كل منهما برأي مؤلفه، وزد على ذلك تعليقات التحقيق والتوثيق، فنما كلام المحقق واتسع تفصيلا وتوضيحا، فليست طريقة الشيخ عن مَدْرَسَةٍ من مدارس الأستاذ المحاضر، وإنما هي طريقة أملتها طبيعة الكتاب، وكنا نسمع من أقطاب هذا الفن أن لكل كتاب طريقَتَه واحتياجاتِه من عمل المحقق ولا يقال عندئذ: إن لكل محقق كتابٍ مدرسة من مدارس التحقيق، وما قالوه عن مدارس التحقيق هو في حقيقته نوعٌ من التقريب والتمثيل.
وأما سِمة أعمال الدكتور رمضان عبد التواب – رحمه الله – فهي التوسع في تخريج الشواهد وقد يستغني النص ببعض ذلك التوسع، فخدمة النص أحوج إلى ضبط النص وإحسان قراءته من التوسع في تخريج الشواهد.
وكنت يوما أستمع إلى شيخنا محمود محمد شاكر – رحمه الله – ينتقد عمل الدكتور رمضان في كتاب البئر لابن الأعرابي وهو في الأصل صفحات معدودات صارت بعمل المحقق مائة صفحة تزيُّدا لا يكون جميعه خدمة للنص.
2 - وعند حديث الأستاذ المحاضر عن عمل المحقق الدكتور محمود محمد الطناحي – رحمه الله - في كتاب النهاية لابن الأثير، عدَّه من مدرسة الاختصار (ولست أقر بهذه القسمة وهذه الصفة) لقلة التعليقات التي يراها المطلع على كتاب النهاية،
وأقول:
كتاب النهاية لابن الأثير صدر منه ثلاثة أجزاء بتحقيق رجلين أولهما الأكبر سنا وتجربة هو العالم الليبي طاهر أحمد الزاوي، والثاني هو الطناحي، وأصدرت الكتاب دار إحياء الكتب العربية: عيسى البابي الحلبي وشركاه سنة 1383 – 1963، وكان الزاوي رئيسا لقسم التحقيق في هذه الدار العريقة، والطناحي يومئذ مصحح متمرس في الدار نفسها، ومن الزاوي تعلم الكثير من هذا الفن، ثم انفرد الطناحي بالجزء الرابع والجزء الخامس.
ويُلاحظ أن الطناحي عند الشروع في معاونة الزاوي آنذاك كان طالبا في كلية دار العلوم وتخرج ولم ينتهيا من تحقيق الكتاب، وتم الكتاب وصدر بعد تخرجه بشهور قلائل.
فالطناحي المصحح المتدرب على التحقيق يومئذ غير الطناحي الأستاذ الدكتور الذي حقق أمالي ابن الشجري وكتاب الشعر لأبي علي الفارسي وأحد عشر كتابا أخر.
فكيف يجوز نسبة المحقق إلى طائفة المحققين وهو مبتدئ لم تكتمل لديه أسباب الصناعة؟
وكيف يُنسَب إليه عملٌ هو شريك فيه ولم يقم به منفردا؟
أليس لشريكه رأيٌ في خطة التحقيق؟
لماذا لم يختر الأستاذ المحاضر كتابا حققه الطناحي في مرحلة النضج فينظر إلى أي الطرائق يُنسَب هذا المحقق الفحل؟
كنت أرجو أن يحكم الأستاذ المحاضر بعين الإنصاف، ومع ذلك فله مني التحية والتقدير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Jan 2010, 08:43 م]ـ
لقد كانت هذه المحاضرةُ أو الندوةُ غايةً في الإفادةِ وإيضاحِ المعالمِ خصوصاً لنا نحنُ طلاب الدِّراسات المستجدينَ في طريق البحثِ وقد مضى الوقتُ على ضيقهِ في لمحِ البصرِ أو أقلَّ نظراً لأسلوبِ الشيخِ الشيِّقِ وخبرته الطويلة التي تُنبئُ عنها قواعدهُ وإشاراتهُ التي نبَّهَ عليها , خصوصاً فيما يتعلقُ بتكرير تحقيق المخطوط الواحد أو الإغراقِ في التحشية بما لا طائل منهُ أو الاهتمامِ بالحواشي على جنباتِ المخطوطات وغيرها أو المبالغة في إثباتِ النَّصِّ على علاَّته.
وكم كنتُ أتمنى أن لو كان مجالُ المحاضرةِ مفتوحاً لتكونَ ندوةً تلتقي فيها خبراتُ جمعٍ من الأساتذة والباحثين كشيخنا المحبوب منصور مهران وغيره , ولعل الجمعية تسعى فيما تستقبلُ من عمرها إلى عقد ندواتٍ وجلساتٍ ذات طابع حواريٍّ متعددِ المحاضرين تنتهي بتوصياتٍ وإرشاداتٍ يهتدي بها الباحثون وتزولُ بها عوائق البحث العلمي أمامهم.
ـ[عصماء]ــــــــ[28 Jan 2010, 06:59 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم(/)
ذكريات غانم قدوري الحمد ... (الحلقة الأولى)
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[15 Jan 2010, 01:59 م]ـ
يوميات
الرحلةُ إلى مِصْرَ لدراسةِ الماجستير
الحلقة الأولى
تقديم
بقلم الدكتور عبد الرحمن الشهري
المشرف العام على ملتقى أهل التفسير، والأستاذ المساعد في جامعة الملك سعود
عرفتُ الدكتور غانم قدوري الحمد لأول مرة من خلال كتابه (رسم المصحف: دراسة لغوية تاريخية) عندما اشتريته عام 1414هـ (1994م) من أحد معارض الكتب في مدينة الرياض، وقد انتفعت بذلك الكتاب كثيراً. وأخذت بعدها أتتبع ما أجده من مؤلفات وتحقيقات له في المكتبات أو معارض الكتب. وفي السنوات العشر الأخيرة بدأت تنشر دار عمار في الأردن كتباً جديدة له، مثل كتابه (أبحاث في علوم القرآن) و تحقيقه لكتاب أبي عمرو الداني (التحديد في الإتقان والتجويد) وكتاب القرطبي (الموضح في علم التجويد) وغيرها من البحوث والتحقيقات.
وقد دفعني ذلك عام 1419هـ لكتابة مقالة عن جهود الدكتور غانم قدوري الحمد في علم التجويد ودراساته التجديدية فيه، على أن أقوم بنشرها في إحدى المجلات، غير أني لم أبعث بها لأي مجلة حينها، وبقيت محفوظةً على جهازي حتى أَسستُ (ملتقى أهل التفسير) أواخر عام 1423هـ، فكانتْ هذه المقالةُ مِن أولِ ما نشرتهُ على صفحات الملتقى.
وقد اطلع على هذه المقالة محررو مجلة الفرقان الأردنية وهي مجلة تعنى بالشؤون القرآنية، فنشروها في العدد رقم (44) عام 1426هـ، ورأيتُ العدد فيما بعدُ فإذا فيه صورة للدكتور غانم وضعها القائمون على المجلة. وقد اطلع الدكتور غانم على المقالة في المجلة ودفعه ذلك للاشتراك في ملتقى أهل التفسير، وراسلني حينها، ثم توثقت العلاقة بيننا بعد ذلك من خلال المكاتبات والمشاركات في ملتقى أهل التفسير طيلة السنوات السبع الماضية.
والمطالع لمؤلفات الدكتور غانم قدوري الحمد يلمس فيها الجدية العلمية، وحسن العرض، ومتانة المعلومة، كما يلمس الأدب الجم في تناول المسائل وعرضها ومناقشة المخالفين، وهو أدب رائع افتقدناه كثيراً في الآونة الأخيرة، وهو أدبٌ رائعٌ ثمينٌ، ومِنْ أجودِ مَن يستحقُّ أنْ يُنسَج فيه على منواله الإمامُ محمد بن إدريس الشافعي في (الرسالة) و (الأم) وغيرها من مؤلفاته الرصينة، وقد زادت مؤلفات الدكتور غانم الحمد حتى الآن عن خمسين عملاً علمياً ما بين تأليف وتحقيقٍ تصبُّ كلُّها في خدمة علوم القرآن الكريم ولغته وتجويده وصوتياته، كما تتصل باللغة العربية بسبب لا يبعد عن خدمة القرآن الكريم.
والدكتور غانم قدوري الحمد ولد في تكريت سنة 1370هـ (1950م)، ودرس في المدارس الحكومية، ثم التحق بكلية الآداب بجامعة الموصل وتخرج في قسم اللغة العربية سنة 1391هـ (1971م)، ثم التحق بدراسة الماجستير في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة سنة 1393هـ (1973م). وهو في هذه اليوميات والذكريات يحكي لنا طرفاً من أخباره وقصته منذ اتخذ القرار بالسفر من مدينته التي عاش بها وهي مدينة بيجي العراقية، إلى القاهرة بمصر لمواصلة دراسته العليا. وكيف انتقل من تلك المدينة العراقية الهادئة إلى القاهرة بأجوائها المليئة بالنشاط والحيوية.
وسوف تجدُ أيها القارئ في هذه المذكرات ما يدلُّك على حرص الدكتور غانم الحمد على وقته، وحسن استثماره في القراءة والاطلاع والاستعداد للدراسة والبحث بعزيمةٍ واجتهادٍ، وكيف تغلَّبَ على عقباتِ الغُربةِ وطلبِ العلمِ بالصَّبرِ والجدِّ والمواصلة، حتى أثمر ذلك أجملَ العواقب له شخصياً وللعلم الذي خدمه بعد ذلك.
وإنِّي لأجدها فرصةً سانحةً لإخواني طلابَ العلم الذين ما يزالون في بداية الطريق أن يستفيدوا من هذه المذكرات في الصبر والجلد على القراءة والبحث والتنقيب، واغتنام فرصة الشباب والمال والدَّعةِ في الاستزادة من العلم، وعدم الركون إلى اللهو وتضييع الأوقات الثمينة.
لقد دعوتُ الدكتور غانم الحمد إلى نشر مذكراته ليقيني بأنه سيفيد منها كثير من أمثالي ممن سيقرؤها، وقد تحقق ما كنت أرجوه بعد قراءتي لجزء من هذه المذكرات، وآمل أن تجد بقيةُ الأجزاءِ طريقها للنشر، والذي يعرف كتابات الدكتور غانم ومنهجيته العلمية الهادئة الرزينة يتوقُ إلى التعرف على هذه الشخصيةِ العلمية عن كثبٍ للإفادة من العوامل المؤثرة في تكوينه العلمي وصبغه بهذه الصبغة المتزنة في بحثها وكتابتها، وأرجو أن يجد طالبو المعرفة في هذه الذكريات شيئاً مما يتوقون له.
وقد لمستُ من خلال قراءتي لهذه المذكرات حرص الدكتور على الوقت، وحسن استثماره لوقته في القراءة والبحث مع ضيق ذات اليد وما أفضت إليه من صعوبات، كما لمستُ حسن خلقه ومراعاته لمشاعر الآخرين، ومبالغته في الاستعداد لكل الأمور. ولا شك أن من يملك مثل هذه الصفات فسوف ينجح في حياته، ويظفر بمطلوبه.
واليومَ بعد ما يقارب الأربعين عاماً من بدء تدوين هذه الذكريات قد تحقق من الإنجازات العلمية للدكتور غانم الحمد ما دفعنا في مركز تفسير دفعاً إلى أن نقول له باسم المتخصصين في الدراسات القرآنية: شكراً جزيلاً، وذلك في الحفل الذي أقيم بهذه المناسبة في المدينة المنورة يوم الإثنين 23/ 10/1430هـ تقديراً لجهوده العلمية المتواصلة في خدمة البحث العلمي في حقل الدراسات القرآنية وما يتصل بها، ولو كان مركز تفسير يملك قدرةً على منحه جائزةً عالميةً ماديَّة لفعلنا، ولكنْ حسبه منَّا أنَّنا نحنُ الشريحةُ المستهدفة من بحوثه وكتبه قد أحببناه وانتفعنا بكتبه أيما انتفاع وأحببنا أنْ نعبر له عن شكرنا وتقديرنا العميق لجهوده ومؤلفاته، ولعل صدق حبنا وعميق تقديرنا يفي بتقصيرنا في تكريمه، وهذا من النجاح الذي حققه في الدنيا، وللآخرة خيرٌ وأبقى بإذن الله، والله لا يضيع أجر المحسنين.
اللهم اغفر لعبدك غانم قدوري الحمد، واجزه عنا وعن العلم خير ما جزيت به عبادَك الصالحين العاملين.
د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري
الأستاذ المساعد بجامعة الملك سعود
المشرف العام على ملتقى أهل التفسير
11/ 1/1431هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[15 Jan 2010, 02:01 م]ـ
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد
فإن حياة الإنسان تمضي بلا توقف، وقد لا يجد الإنسان فرصة للالتفات إلى الوراء لتأمل ما مر به من أحداث، ومراجعة ما قام به من أعمال، وقد تأتي تلك الفرصة لكن الذاكرة لا تسعفه بكثير من تفاصيل ما مر به، فيستأنف مسيرته في ظل متطلبات الحياة المتتابعة، حتى تحين ساعة مغادرته هذه الحياة، فَتُطْوَى الصحف، وتَنْدَرِسُ الآثار، ويُفْضِي الإنسان إلى ما قَدَّمَ من عمل، قد سُجِّلَ في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
فإن أُتِيحَتْ للإنسان فرصة لتدوين بعض ما يمر به من أحداث أو يراه من مشاهد فإن مراجعة تلك المدونات قد تكون مبعث سلوة أو مصدر عبرة للإنسان إذا عاد إليها، لاسيما إذا تقادم عليها الزمن، وانمحى كثير من تفاصيلها من الذاكرة، وقد يجد فيها الآخرون مثل ما يجد كاتبها إذا عاد إليها، وقد يجدون فيها أشياء تجتذبهم لم تكن في حسبان كاتبها.
وكنتُ في سِنِيِّ حياتي الأولى في الجامعة أميل إلى كتابة يوميات بدأتْ بتسجيل أحوال الطقس، وما ينزل من مطر، أو يمر من موجات البرد أو الحر، أو تسجيل رحلاتي من بلدتنا (بيجي) إلى مدينة الموصل للدراسة في جامعة الموصل والعودة إليها، أو ذكر رحلة ترفيهية قمت بها مع مجموعة من الأصحاب إلى الجبل أو النهر، أو تدوين خبر وفاة قريب، أو نحو ذلك من أمور عامة أو خاصة، وكانت هذه اليوميات لا تتجاوز بضع كلمات أُدَوِّنَها في مفكرة صغيرة من الحجم الصغير الذي يوضع في الجيب، وأقْدَمُ مفكرة أحتفظ بها اليوم تعود إلى سنة (1968م = 1387 - 1388هـ)، وهي تضم أيام الفصل الثاني من السنة الدراسية الأولى، والفصل الأول من السنة الدراسية الثانية في قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة الموصل، وقد مضى على تدوينها أربعون سنة! كما أحتفظ بمفكرة سنة (1970م = 1389 - 1390هـ)، وهي من الحجم الصغير لكن صفحاتها تبدو ممتلئة وموضوعاتها متنوعة.
ويبدو أن صفحات المفكرة الصغيرة لم تعد تتسع لما كنت أرغب بتدوينه في تلك اليوميات، فاقتنيت المفكرة الكبيرة، بدءاً من سنة 1972م، وكانت المفكرات الصغيرة عرضة للضياع، فلم يبق منها إلا اثنتان، أما المفكرات الكبيرة فإنها بقيت كلها، وبعضها أكثر صفحاتها مكتوبة، وبعضها أكثر صفحاتها بيضاء، وأكبر قدر أحتفظ به من يوميات الأيام الخالية هو ما كتبته بين سنة 1972م وسنة 1976م، والسبب في ذلك هو أني عشت أكثر تلك الأيام وحيداً بعيداً عن الأهل، والوحدة والغربة من أكثر ما يثير العواطف ويبعث الأشجان، وقد يلجأ الإنسان إلى التعبير عن ذلك من خلال الكتابة، أما في الأيام التي عشتها بين الأهل في دعة، ثم في أسرتي التي تكونت سنة 1977م في ظل صخب الأطفال أو هموم متطلبات البيت فإني لم أكتب في هذه الأيام إلا القليل من اليوميات، اللهم إلا في أيام الحروب التي حدثت في العراق، خاصة بعد سنة 1991م، فإنها كانت مثيرة لكتابة يوميات تلك الأيام العصيبة.
وكنت أرجع إلى تلك اليوميات في بعض ساعات الفراغ، وأقرأ فيها، وأستعيد بعض ذكريات تلك الأيام وأتأملها، فتثير الشجن حيناً، وتبعث الدهشة حيناً، فأحمد الله تعالى على توفيقه، وأشكره على جميل ستره، ولم تحدثني نفسي بنشر تلك اليوميات، لكن بعض المحبين الذين يعرفون بعض أخبارها كانوا يُزَيِّنُونَ لي إظهار بعضها، ولم أُقْدِمْ على ذلك لشعوري أنها لا تستحق عناء طباعتها ونشرها وإشغال القراء بها، وكنت قد أشرت إليها في آخر قائمة أعمالي المخطوطة التي أوردها أخي الفاضل الأستاذ عمار الخطيب في الترجمة المختصرة التي نشرها في ملتقى أهل التفسير في صيف سنة 2009م.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويبدو أن تلك الإشارة لفتت نظر بعض الإخوة الذين قرؤوا الترجمة، وكان الأخ الدكتور عبد الرحمن الشهري، المشرف على ملتقى أهل التفسير، أكثر الإخوة رغبة في إظهار تلك اليوميات، وتوقع أن يكون فيها ما يمتع القارئ ويستهويه، وأبدى استعداده للمساعدة في تهيئتها للنشر، وقد يسر الله تنضيدها بالحاسبة، وآمل أن يتحقق فيها ذلك الظن الحسن، إن شاء الله.
ويتجاوز عدد المفكرات التي تضم تلك اليوميات خمس عشرة مفكرة، مع بعض الكراسات الأخرى، وهي بين كبيرة الحجم ومتوسطته، وتتفاوت في ما هو مكتوب فيها، فبعضها أكثر كتابة من بعض، وقد لا يكون إخراج نسخة متسلسلة تاريخياً منها هو الصيغة المثلى لنشرها، وقد يكون تصنيفها في موضوعات متجانسة أكثر ملاءمة لذلك، ووجدت أنه يمكن إخراجها في عدة أجزاء حسب هذه الصيغة، أهمها:
(1) الرحلة في البحث عن الطريق: (يوميات سنة 1972 حتى نهاية النصف الأول من سنة 1973م)، وهي يوميات تحكي الأيام التي قضيتها بعد تخرجي من الكلية أبحث عن عمل مناسب للعيش، وتقلبت فيها بين الجندية، والبحث عن الوظيفة، والعمل في شركة، وانتهت بالسفر إلى مصر للدراسة.
(2) الرحلة إلى مصر لدراسة الماجستير (يوميات النصف الثاني من سنة 1973م حتى آخر سنة 1976م)، وهي تحكي قصة سفري إلى القاهرة لدراسة الماجستير في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وقد أقمت في القاهرة إقامة متواصلة طيلة ثلاث سنوات، تخللتها زيارة الأهل في العراق في صيف سنة 1974م، وقد تكللت تلك الرحلة بالحصول على شهادة الماجستير، والعودة إلى العراق، والحصول على وظيفة في كلية الشريعة بجامعة بغداد، والحمد لله.
(3) يوميات على هامش الحرب، وهي اليوميات التي كتبتها في أثناء أيام الحرب التي وقعت سنة 1973 بين العرب وإسرائيل، والحرب التي جرت بين العراق وأمريكا في سنة 1991م، وفي سنة 2003، وانتهت باحتلال العراق، يَسَّرَ الله تحريره من المحتلين.
(4) مذكرات أسير، وهي تحكي قصة ما حصل لي في أثناء اختطافي مع مجموعة من الأصدقاء سنة 1983م، واعتقالي سنة 2003م.
(5) يوميات متفرقة، لم تدخل في المجموعات السابقة، وهي من سنوات شتى، وموضوعاتها مختلفة.
(6) مجموعة رسائل شخصية، فقد كنت أكتب مسودة الرسائل التي أرسلها في المفكرات التي أكتب فيها اليوميات، قبل أن أكتبها في الورقة المبيضة التي أرسلها بالبريد لإخواني أو أقاربي أو أساتذتي أو أصدقائي، وذلك قبل أن يظهر البريد الإلكتروني في السنوات الأخيرة، وقد لا يكون مناسباً نشر هذه الرسائل، لأن أكثر موضوعاتها شخصية، ليست ذات قيمة أو أهمية للقارئ.
وبين يديك أخي القارئ المجموعة الثانية من اليوميات، وهي تحكي قصة رحلتي للدراسة إلى مصر، وتحكي قصة تأليف كتاب (رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية) وهو رسالة الماجستير التي تقدمت بها إلى كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وقد أبقيت تلك اليوميات على نحو ما كُتِبَتْ في المفكرات، سوى أني أضفت إليها عناوين فرعية لكل يومية، وقد يكون فيها ما يحتاج إلى مراجعة في الصياغة أو وضوح في الفكرة، لكني أبقيتها على حالها لتكون معبرة بصدق عن حالي في تلك الأيام، كما عشتها، وكما كتبتها يوماً بيوم، فقد اعتدت أن أكتب تلك المذكرات يومياً في الليل قبل النوم، ولعل بعضها كُتِبَ في اليوم التالي، لكن معظمها كتب في اليوم نفسه، فهي يوميات وليست مذكرات، وإن كانت تحمل في طياتها أعز الذكريات (1).
وحتى لا أخفي على القارئ شيئاً من أمر هذه اليوميات فإني لا أجد حرجاً من القول بأني قد حجبت بعض يوميات الرحلة، وهي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، أو تزيد قليلاً، دفعاً للحرج عني أو عن غيري، وإن كانت تحكي أحداثاً وقعت، أو تعبر عن مشاعر حقيقة حصلت، لكني إذا كنت قد وجدت مسوغاً لتسجيلها حين وقعت فإني لا أجد مسوغاً لنشرها اليوم، وهي مسجلة في صحائف أعمال من تعنيهم، والله يغفر لنا ولهم.
وكتبتُ تعليقات موجزة على بعض المواضع في هذه اليوميات، إذا وجدت ذلك يساعد القارئ على الوقوف على المراد فيها. ولا يخفى على القارئ أنه قد مضى على كتابة هذه اليوميات أكثر من خمس وثلاثين سنة، تبدلت فيها الأحوال، وتغيرت فيها العوائد، وتبدلت فيها المواقف، فليس من الضروري أن يكون ما جاء في هذه اليوميات يعبر عن قناعتي اليوم كما عبر عنها في ذلك الوقت، وأعتذر إلى من قد يجد فيها ما لا يرتاح إليه، وأستغفر الله إن كنت قد جانبت الصواب في بعض ما كتبت، (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا).
وأود في هذا المقام أن أتوجه بالشكر الجزيل والدعاء بالخير للأخ الأستاذ عمار الخطيب الذي أشار إلى هذه اليوميات، ثم قرأها بعد طباعتها، وللأخ الدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري الذي شَجَّعَ على إخراجها ونشرها، وتفضل بكتابة تقديم لها، فاجعل اللهم لهما نصيباً من خيرها وأجرها، واجعل تبعة ما فيها من تقصير على كاتبها، واغفر اللهم لي ولوالدي – رحمهما الله - ولأخي المهندس سفر – رحمه الله - الذي كانت له الأيادي البيضاء عليَّ في توفير أسباب الرحلة المادية والمعنوية، إنك أنت الغفور الرحيم.
غانم قدوري الحمد
تكريت - الجمعة
5/ 10/1430هـ
25/ 9/2009م
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[15 Jan 2010, 02:02 م]ـ
ترك العمل في الشركة (2)
الخميس 9 آب 1973م = 11 رجب 1393هـ
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/64b5045c5045ba.jpg
صورة للصفحة الأولى من يوميات الرحلة إلى مصر9/ 8/1973م
كنت أمشي وحيداً ورجلي تغطس في الرمل الذي طحنته عجلات المكائن والسيارات، أود لو أني أسير في باطن الأرض لأتخلص من ذلك اللهب المحرق الذي تغدقه الشمس على وجه الأرض، أتلفت حولي إلى هذه المباني الشامخة المكتملة البنيان إلا من أكداس من الأنقاض تَحُفُّ بها، وفَكَّرْتُ في اليوم الذي التحقت فيه بالعمل حين كان معظم هذه البنايات لا يرتفع عن وجه الأرض كثيراً، ومنذ ذلك الحين 20/ 11/1972 كان العمل يسير سيراً حثيثاً حتى بلغ ذروته ثم بدأ ينحسر تدريجياً مُخَلِّفاً ذلك البناء الشامخ، وأمامي هذه الأكداس من المواد وغُرَفُ الخشب والصفيح تضم أشتات المواد المتبقية فائضة من العمل. حقاً شعرت وأنا أسير إلى مخزن مشروع أبنية تكريت لأقضي آخر ساعة في العمل ثم أذهب بعدها إلى حيث يشاء الله، كنت أشعر بحزنٍ في داخلي وفراغ أُوشك أن أنتهيَ إليه، هل ذلك لأني سأفقد هذه الدراهم التي أتقاضاها عند نهاية كل شهر، أم أني سأفارق أناساً عشت معهم ردحاً من الزمن، أم أني سأفارق أرضاً سرت عليها وتآلفت معها، أَلِفْتُ وديانها وغبارها ومطر الشتاء وحر الصيف فيها، أم أني سأبدأ مرحلة جديدة بعد مفارقة الشركة، مرحلة تحتاج من الحزم والجلد ما جعلني أشعر بحزن حين بدأت أقترب منها، فتركي العمل في مشروع مباني تكريت هو أول مرحلة في تلك الرحلة الشاقة.
في صباح هذا اليوم وفي طريقنا إلى العمل كنت جالساً إلى جانب أخي المهندس سَفَر في السيارة، وحدثته عن ضرورة التهيؤ للرحلة المقبلة ومراجعة بعض المواضيع وقراءة كتاب أو كتابين في اللغة العربية والنحو، واستوضحت رأيه في تركي العمل لعلي أستطيع خلال الأيام القليلة المقبلة أن أحقق بعض ذلك، مادام سفري صار قاب قوسين أو أدنى، فوافق على ذلك، وأكملت الأمور الإدارية التي تتعلق بالاستقالة من العمل، وفي حدود الساعة الرابعة بعد الظهر غادرت السيارات تنقل العمال عائدين إلى مساكنهم، وأنا منهم ولكني لن أعود معهم إلى العمل بعد اليوم.
الإعداد لبدء الرحلة
الأحد 12 آب 1973م = 14 رجب 1393هـ
بدأت أُعِدُّ العُدَّةَ وأراجع الماضي الذي يمكن أن يكون أساساً للمستقبل، وبدأت أُصْغِي ساعاتٍ طويلة لحديث مع نفسي، ماذا يمكن أن أفعل بعد هذه السنين التي قضيتها خارج ميدان الدرس التعليمي، وما رافق ذلك من تشرد وانقطاع عما كنت قد حققته في ذلك الزمان الغابر، وهل يمكن أن أبدأ المسيرة من جديد من الصفر، أو من أعلى من ذلك، كنت هذه الأيام أذهب إلى مكتبة بيجي العامة أُقَلِّبُ في كتبها، أَتَعَرَّفُ أسماء الكتب وأخص بعضها بالقراءة، وقد استعرت كتاباً بحثتُ عن موضوعه كثيراً حتى عثرت عليه وهو كتاب (القاهرة) يبحث في تاريخ مدينة القاهرة قديماً وحديثاً مع صور مُوَضِّحَة، وقد توسعت معلوماتي ونظرتي إلى مدينة القاهرة وإلى مصر عامة، بالإضافة إلى ذلك بدأت أُنَظِّم وأراجع بعض كتب النحو، أنظر فيها، في الحقيقة لا أستطيع أن أقول إني سأملك كل مشاعري الآن إذ كثيراً ما شَرَدَ الفكر بعيداً، مرة أنظر إلى الرحلة بأنها شيء عملي وطبيعي ولا بد منها بعد مشيئة الله، ومرة أنظر إليها على أنها مغامرة غير مأمونة العواقب، لا بل غير مأمونة البدايات، وربما تكون العواقب حميدة، أفكر أحيانا أفكاراَ بعيدة، هل سأعود إلى هذا البيت الذي أظلني وأجده ومن فيه بخير، الوالد والوالدة والإخوة والأخوات والأطفال .. حال مدينتنا كيف سيكون، العراق ومن فيه، أنتقل من حياة إلى حياة، قضية الموت تقلقني كثيراً الآن، وهو واقع أينما كان الذي كُتِبَ عليه الموت، لكنها رغبة بشرية تحدثنا أحياناً بالبقاء، دموع الوالدة لا أحتمل التفكير بدلالاتها، وهي تظن في تفكيرها بأني ربما لن أعود وتخسرني إلى الأبد، أو أني سأعود ولا أجدها وأخسرها إلى الأبد، تفكير يدفعنا إليه أحياناً التعلق بالحياة، ولكن بصورة عامة أجد الأهل أكثر دفعاً لي في هذا الاتجاه، والوالدة لا تبالي بالنتائج، لكنها دموع الوالدة!
(يُتْبَعُ)
(/)
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/64b5045bf5dc03.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/64b5045c451c62.jpg
خارطة العراق وتظهر فيها المدن التي كثرت الإشارة إليها في اليوميات، وهي:
بغداد، وتكريت، وبيجي، والموصل
إنجاز أوراق السفر إلى مصر
الأربعاء 15 آب 1973م = 17 رجب 1393هـ
مع إطلالة الصباح حملت حقيبتي ونزلت أريد السفر إلى بغداد لأكمل أوراق السفر، تأشيرة الدخول من السفارة المصرية، حجز مكان في الطائرة، تحويل النقود، وظهر لي شيء جديد وهو دفتر الصحة العالمية، أشياء متعلق بعضها ببعض، ذهبت إلى سفارة مصر في بغداد لأخذ التأشيرة في جواز السفر، لكنهم رفضوا ذلك إلا بعد تحويل مبلغ بالعملة الصعبة، تحولت إلى مكتب الخطوط الجوية العراقية أريد حجز مكان على الطائرة إلى القاهرة، سلمت مقدار الأجرة، وهو16 ديناراً عراقياً و400 فلس، لكنهم رفض تحديد اليوم والساعة إلا بعد الحصول على التأشيرة، عندها كنت ملزماً بالذهاب إلى البنك لتحويل مقدار من الدنانير، لا أعرف هذه الأمور ليس لي بها سابقة أو أي إلمام، تنقلت هنا وهناك أخيراً وجدت محل التحويل في فرع مصرف الرافدين الرئيسي في بغداد، وتساءلت كم أُحَوِّل من الدنانير، قلت أحول بعضها وآخذ البعض الآخر دنانير عراقية أتصرف بها في مصر كيف أشاء أحولها كلما احتجت إلى فلوس، حَوَّلت فقط ثلاثين ديناراً عراقياً، وصارت أربعين باوناً إسترلينياً على شكل شيك مسافرين، وأسرعت بعد ذلك إلى السفارة المصرية وأودعت جواز السفر لديهم لتأشيره، ومضيت أطوف في بغداد، زرت الأخ قيس سليمان في دارهم المؤجرة في العيواضية، لم أجده لكني وجدت أحمد عبد الملك الطالب اليماني في كلية الطب وجماعة، زرت الأخ علي حميد الذي يسكن في العيواضية أيضا في دار قريبة مع مجموعة، هو الآن جندي بعد تخرجه من كلية الهندسة، ويوشك على التسرح من الجيش في الشهر العاشر، وسرت معه في عدة اتجاهات في بغداد أخيراً مضى لسبيله ليهدأ من أتعاب اليوم، ومضيت أنا إلى بيت العم مصطفى حيث ألقيت عصاي، ومررت بمحل الأخ المهندس مولود مصطفى للتصليحات الكهربائية، واستفسرت منه عن بعض الأمور في السفر إلى الخارج لأنه قد سافر عدة مرات، وعزمت على إكمال معاملات اليوم غداً، إن شاء الله، إضافة إلى أخذ دفتر الصحة العالمية.
السفر إلى مصر
الاثنين 20 آب 1973م = 22 رجب 1393هـ
كان الصباح لطيفاً لكن الأفكار بدأت تثقل علي، وأنا أتحرك هنا وهناك في بيت العم مصطفى في بغداد وذكرى الأمس تطن في أذني وتجعلني أفكر في المستقبل، الوالدة معي وهي ليست أقل مني حزناً داخلياً، ولكن رغم كل ذلك كنت متماسكاً أنتظر الساعة العاشرة لكي أغادر إلى مطار بغداد الدولي، صاحبتني إلى هناك الوالدة والحاجة أم نوفل (خالتي) .. في المطار التقيت بالأخ سفر وكذلك قدم أخي صالح من بيجي للتوديع، ولن أنسى تلك القبلات التي طرزتها الوالدة على رقبتي وهي تودعني في المطار، وأنا شارد الفكر، وأقول في نفسي: هل سأعود إليكم وألقاكم جميعا بخير، وأنال هذه القبلات الحنون منك .. يا أماه! ساعة الوداع تستحق من الإنسان لو كان شاعراً قصيدة تقطر عاطفة لكني لست بشاعر، ولُذْتُ بالصمت والساعة تمضي مسرعة وآن وقت الفراق، صافحتُ الجميع واندفعت إلى صالة المغادرين وأنا ألوذ بالصمت .. وتطلعت عبر الزجاج إلى الطائرة وهي تجثم قريباً منا، والعمال يخدمونها باهتمام شديد، ورميت بنفسي في ركن من الصالة في أحد المقاعد، والناس المسافرون يروحون ويجيئون ويشربون ويشترون من السوق الحرة!! ويثرثرون، وأنا بعيد عنهم أتصور حياتي الجديدة في القاهرة، وألتفت أحياناً إلى بيجي وأهلها .. أتذكرهم، وداع الأخ سالم يبعث في نفسي أسىً عميقاً لتأثره الشديد، ولأول مرة تطأ رجلي الطائرة، وهي من نوع "الترايدنت"، وركبت بسم الله، وأخذت مكاني، كل ما في داخل الطائرة لطيف، كنت أود لو كان مقعدي ملاصقاً للنافذة، فإذا به الثالث من الداخل، على كل حال كنت أتطلع عبر المسافرينِ المجاورين إلى الخارج، وانطلقت الطائرة .. ورأيت الوالدة ومن معها على شرفة المودعين، كان صعود الطائرة صعباً على المسافرين، وأخذت مجراها إلى القاهرة مباشرة عبر سوريا والبحر المتوسط، كانت
(يُتْبَعُ)
(/)
صورة الأرض تبدو غير واضحة المعالم وكأننا في حلم، ورأيت الساحل الشمالي لمصر واضحاً لطيفاً وأمواج البحر وزرقته، ومالت الطائرة نازلة حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر، بعد أن أمضت ساعتين ونصفاً في الجو، كانت هناك مزعجات مرت بسلام، ونزلت بالتكسي إلى قلب القاهرة، إلى ميدان التحرير، ونزلت في فندق أنجلو سويس 14 شارع شامبليون، لم أجد بداً من زيارة أستاذي الدكتور أمين السيد في منزله (3)، وكان منه فوق ما توقعت بكثير، وتعرفت على ولده أشرف، ووعدني الدكتور أمين خيراً، فجزاه الله ألف خير.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/64b5045c717f24.jpg
15/3/1970 صورة من الحفل التكريمي للدكتور أمين علي السيد في مناسبة عودته من الحج الذي أقامه طلبة السنة الثالثة في قسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة الموصل
ويظهر في الصورة الدكتور أمين وإلى يساره: غانم قدوري و عبد الغني وخالد، وخلفه حقي من طلبة السنة الثالثة
تقديم الأوراق
الثلاثاء 21 آب 1973
في مساء الأمس اتفقت مع الدكتور أمين أن أذهب معه لتقديم الملف الخاص بالدراسة إلى إدارة الوافدين، وقد أصر أن يصحبني إلى هناك، وأبدى لي من المساعدة ما لا يبديه أخ لأخيه، رجل كبير في السن يحمل شهادة عالية يسير معي مغتبطاً مهتماً بأمري كاهتمامي به، وفي إدارة الوافدين عرف مدير الدائرة أستاذ رياض، وعرفنا أنه لا بد أن تمر الأوراق بالملحقية الثقافية في سفارة العراق في مصر، وذهبنا إلى السفارة في شارع محمد مظهر باشا في الزمالك، هناك سمعت أصوات العراقيين وعرفتهم من لحنهم في القول، ووصلنا إلى معاون الملحق الثقافي، واسمه محمود وجلسنا في مكتبه، كان معي ملف لأحد المعارف من العراق جايد زيدان مخلف (4)، كانت الأوراق تحتاج إلى بعض الإكمال، أنا أريد أن أقدم إلى دار العلوم في جامعة القاهرة، وجايد يريد أن يقدم إلى جامعة الأزهر، أما أوراقي فقد قال معاون الملحق إنها تبقى في الملحقية وترسل مع الملفات الأخرى إلى إدارة الوافدين، وأما الأوراق المقدمة للأزهر فيمكن أخذها باليد، وأخذت أوراق الأخ جايد لأقدمها إلى الأزهر وتركت أوراقي لأتابعها بعد أسبوع في إدارة الوافدين، وكل هذه المتاعب كان شريكي فيها بل احتمل القسط الأكبر منها الدكتور أمين، وأخذني نسير في شوارع القاهرة من الزمالك إلى (كوبري أبو علا) وصلينا الظهر في جامع السلطان أبو العلا، وبعد ذلك التمست منه أن يذهب كي يرتاح، وواصلت الرحلة وحدي إلى شقة أحد الطلاب العراقيين، واسمه مجاهد مصطفى بهجت (5) في شارع سامي أمين باشا رقم 19 الطابق الرابع، شقة 8، وكنت قد جلبت رسالة من الأستاذ الدكتور عدنان محمد سلمان في العراق إليه كي يساعدني في العثور على الشقة المناسبة لسكني، وقضيت آخر النهار معه، وتعرفت على أخ آخر اسمه سرحان السامرائي يدرس في الدراسات العليا في الأزهر أيضاً ويسكن معه خليل الحديثي (6)، وصحبته إلى شقتهم في شارع جسر السويس بمصر الجديدة 110، ولكن لم أعثر على مكان مناسب للسكن، وعدت إلى الفندق، الفندق مريح، ويقال إن أجوره ليست مرتفعة، وهي 69 قرشاً في الليلة، في غرفة منعزلة بسرير واحد.
في الأزهر
الأربعاء 22 آب 1973م = 22 رجب 1393هـ
كان أحد المعارف من العراق وهو الأخ جايد زيدان مخلف قد أرسل معي ملفاً فيه أوراق يريد تقديمها إلى جامعة الأزهر، كلفني بذلك، خرجت في الصباح، وفي ميدان التحرير بحثت عن السيارة التي تصل إلى الأزهر (الشريف) وجدتها وهي رقم (66)، ولكن هناك زحام شديد ولابد من الوصول إلى هناك قبل ضياع الوقت ومضي النهار، وتعلقت في باب (الأوتوبيس)، ظاهرة عامة في القاهرة هذا الزحام في وسائط النقل، وصلت إلى الأزهر حيث المنائر المتقابلة تشمخ في السماء، والطلاب مزدحمون بين أطراف البنايات، ورأيت البناية القديمة للجامع والبنايات الأحدث الملحقة به، وبحثت عن مكان تقديم الملف وظهر أنه في مكان آخر اسمه مراقبة البعوث الإسلامية في شارع بور سعيد، وهناك وصلت إلى موظف اسمه محمد شحاته، في الأرشيف قدمت الملف، وكان رقم الصادر في قنصلية السفارة العراقية 2/ 2 129 في 21/ 8/1973 ورقم الوارد في مراقبة البعوث 752 في 22/ 8/1973 والعنوان الكامل هو 317 شارع بور سعيد، إدارة
(يُتْبَعُ)
(/)
المعاهد الدينية، مراقبة البعوث الإسلامية الطابق الثامن، وسرت من هناك على الأقدام، وصلت إلى ميدان العتبة حيث توجد دائرة بريد، أرسلت منها برقية إلى الأهل: (وصلت القاهرة بخير، تحياتي للجميع) بعد الظهر وجدت فسحة في الوقت، وكانت لدي رسالتان للسيد ناطق صالح مطلوب وكان علي إيصالهما، وذهبت إلى حيث يسكن في الدقي بمدينة الضباط 6 ميدان الجمهورية المتحدة، الشقة السابعة يسكن هو وزوجته وهي تعمل مدرسة في العراق، وجدته مشغولاً في طبع رسالة الماجستير، وهي تحقيق ودراسة كتاب مؤلفه (أحمد بابا) وقد حَمَّلَنِي بعض ملزمات الرسالة كي أقرأها وأصحح ما فيها من غلط نحوي وإملائي، وعدت إلى الفندق، تعرَّفت في الفندق على السيد محمد فضيل الكبيسي، وهو طالب عراقي ينتظر أن يناقش رسالته في الماجستير فرع التأريخ بجامعة عين شمس.
جولة في القاهرة
الخميس 23 آب 1973م = 25 رجب 1393هـ
لم يكن لدي اليوم أي عمل يمكن أن أقضيه في دائرة رسمية، خرجت أتجول في شوارع القاهرة منطلقاً من ميدان التحرير نحو الشرق ومع انعطافات الشوارع والأزقة، خلق كثير وازدحام شديد ووسائط النقل تعج والناس متدلون من أبواب الأوتوبيسات، وهذا الزحام لا يكف إلا في ساعة متأخرة من الليل، جاوزتِ الساعة الثانية عشرة ظهراً بل الواحدة، وأحسست بالحاجة إلى أن آكل شيئاً، والأكل هنا مشكلة لم أجد الحل المناسب لها بعد، فمطاعم الأكلات المعروفة عندنا في العراق تكاد تكون معدومة، دخلت مطعماً يبدو نظيفاً وطلبتُ أكلاً، وإذا المطعم خالٍ من (المرق والتمن)، الوجبة هنا رز مع أشياء مضافة عليه خالية من اللحم تشبه ما يخلط لعمل (شيخ محشي عندنا) على كل حال كان أكلاً مقبولاً ورخيصاً (5) قروش، ولاحظت أن معظم الآكلين في المطاعم الشعبية في القاهرة يأكلون منه، واسمه (كُشَرِي). وصليت الظهر في جامع نسيت اسمه وما أكثر الجوامع (زاد الله ساكني أهل الديار إيماناً)، والظاهرة المفقودة عندنا في العراق أن الجوامع تبقى مفتوحة بعد الأوقات ويقضي بها بعض الرجال ساعات القيلولة، ومضيت حتى انتهيت إلى شارع يؤدي إلى جامعين متقابلين وإذا بهما جامع السلطان حسن يقابله جامع الرفاعي، بناء ضخم مرتفع ومنائر ذات نمط خاص تثير الإعجاب، ويبدو أن الصلاة فيهما معطلة، وأنهما مفتوحان للسواح والزوار، وبانت من هناك مباني القلعة في الشرق، ومضيتُ في رحلتي رغم أن الجهد قد أخذ مني مأخذه، وإذا ساحة واسعة على ذلك التل يشغلها بنيان صخري ضخم وأحياء سكنية مجاورة، ولم أستطع التمييز بين بناء الأيوبيين واللاحقين وإنما عرفت فقط جامع السلطان الناصر صلاح الدين لا يزال قائما، ثم صعدت إلى قلعة محمد علي وجامعه الشهير، وهو حقاً آية من آيات الزخرفة والفن، ويبدو أن جانباً من قصر محمد علي قد احترق، ويقول أحد الواقفين إن عصابة دبروا الحريق قبل مدة وسرقوا أشياء، وبانت القاهرة من هناك، ومن بعيد تبدو الأهرام الكبيرة الثلاثة، عدت إلى الفندق (بتكسي)، وذهبت في المساء إلى بيت الدكتور أمين بدعوة منه، وذهبت معه إلى كازينو النهر في الجزيرة، وكانت أمسية جميلة.
الإسراء والمعراج
الجمعة 24 آب 1973م = 26 رجب 1393هـ
لم يكن لدي من عمل اليوم سوى أن أتهيأ لصلاة الجمعة، وسمعت عن ازدحام الناس في الجوامع في مصر، كنت أود أن أصلي في أحد الجوامع الكبيرة والشهيرة في القاهرة، ولكني التزمت بموعد مع ناطق صالح مطلوب، وهو يسكن بمدينة الضباط بالدقي، فلا بد أن أصلي في مسجد قريب من المنطقة، كان ذلك الجامع هو مسجد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين، ازدحم الناس بشكل كثيف وكانت الشوارع قد فرغت، وفعلاً يحس المرء أن حدة الزحام تخف في مثل هذا الوقت، وغص الجامع بالمصلين وبأحذيتهم إذ إن أول وصية لداخل مساجد القاهرة أن يحذر من سرقة حذائه! على كل حال كان توالي أركان الجمعة كما هي في العراق، ووقف الخطيب يخطب الناس عن الإسراء والمعراج، وقال إنه في الخطبة السابقة قد تحدث عن الإسراء وهو اليوم يتحدث عن المعراج، وكان ذلك موضوع الخطبة، وكذلك كان هذا الموضوع هو موضوع الخطبة في مساجد أخرى في القاهرة، موضوع إسراء الرسول صلى الله عليه وسلم ومعراجه موضوع يأخذ شكل احتفال ديني،
(يُتْبَعُ)
(/)
فبالإضافة إلى خطب المساجد يوم الجمعة هناك حفل يحضره وزير الأوقاف وشؤون الأزهر وشيخ الأزهر وعلماء الدين، ولكن هناك بعض مظاهر التطرف في بحث هاتين الفكرتين، فالإسراء ثبت بالنص القرآني والمعراج ثبت في الحديث النبوي، ونجد أن حديث المعراج ربما شابته شائبة من الأخبار، والله أعلم بصحتها، هذا الأمر جعل أحد الخطباء كما روى لي صديق صلى في أحد المساجد في القاهرة، وهو محمد أحمد محمود، ينكر قصة المعراج، وأن يقول لا أصل لها، وإنما هي من وضع واختلاق اليهود وأثر من آثار الإسرائيليات في التراث الإسلامي، ومهما يكن فهو موضوع شائك وقد أكثرت الصحف الإخبارية اليومية الحديث عنه، وفيه حديث وكلام قديم، ونقف عند النصوص الصحيحة مُسَلِّمِين مؤمنين، ثم ذهبت بعد صلاة الجمعة إلى شقة ناطق ابن أستاذنا صالح المطلوب، بناء على دعوة سابقة.
الأهرامات
السبت 25 آب 1973م = 27 رجب 1393هـ
اتجهت صباحاً إلى سفارتنا الموقرة في القاهرة، فقد كنت قد قدمت الملف إلى الملحق الثقافي منذ يوم الثلاثاء، ووعد بإرساله مع الملفات الأخرى إلى إدارة الوافدين مطلع الأسبوع وهو اليوم، قلت أَمُرُّ عليه لعل في ذلك دافعاً يدفعه إلى إرسالها، قال: الموظفة التي تعمل على الآلة الكاتبة مجازة، الحمد لله، وأراح نفسه من عناء الكلام، ونبذ كل ما قطعه على نفسه من أنه سيرسل الأوراق اليوم وراء ظهره، ولم أجد بدًّا من مغادرة المكان بعد أن أخذت منه – سيد محمود معاون الملحق الثقافي- وعداً بإرسالها يوم غد.
قبل أيام قلائل تطلعت إلى القاهرة من قلعة صلاح الدين، وبانت معظم معالمها واضحة، ومنها الأهرام من الجانب الغربي تبدو على نسق جميل، قلت أزورها فإن الكلام عن عظمتها كثير، ومن ميدان التحرير انطلقت السيارة وهي تغص بالناس، وصلتُ إلى أسفل منطقة الأهرام التي تليها مرتفعات تجثم عليها الأهرام، وسرت على الشارع الذي يؤدي إليها آخذاً بالارتفاع حتى تبدو أحياء القاهرة قريبة أسفل منك، والذي أثار انتباهي هو هذه الخيل والجمال الموشاة والحمير يقتادها أصحابها، وما فهمت أمرها إلا حين عرض علي أحدهم الركوب على جمله والتجوال في أنحاء الآثار في المنطقة، إنهم يؤجرونها للزائرين للنزهة عليها، بدا الهرم جبلاً عاليا منظم الأطراف ترفع نظرك إلى السماء حتى تنتهي إلى آخره، ولا يقل ضلعه من الأسفل عن ثمانين متراً على شكل صخور ضخمة بعضها آخذ برقاب بعض تتناقص حتى تكون في القمة رأساً يكاد يكون مدبباً، ورأيت الناس يتسلقون عدة صخرات من الهرم وهنالك كهف ينفذون بداخله، وأخذت البطاقة الخاصة بذلك ودخلت مع الداخلين، وقبل الدخول اعترضني شيخ مصري تبدو عليه علامة النشاط وهو يقول: (أَزَوْرَك أَفَرْجَك)، شكرتُهُ، ودخلت في دهليز لا يرتفع عن الرأس كثيراً حتى انتهى إلى سلم يرتفع داخل الهرم بدرجة لا تقل عن 45 والصاعد لا يمكن أن يرفع قامته بل يتحرك حَبْواًً أو شبيهاً بذلك، ولم أتابع رحلتي إلى آخر المطاف حيث يقال إن في الأعلى غرفة صغيرة هي مكان لقبر فرعون، تركت المكان ولم تثر الأهرام بفخامتها في نفسي من عجب إلا الرثاء لأولئك المساكين الذين هلكوا بنقل الصخور، زرت أيضاً حديقة الحيوان وفيها ما لا يمكن التحدث عنه هنا من الحيوان، ومظاهر البشر الحيوانية.
التفكير بالعودة إلى العراق
الثلاثاء 28 آب 1973م = 30 رجب 1393هـ
بدأت أفكر بالعودة إلى العراق بعد أنْ علمتُ أن الدراسة لا تبدأ إلا في بداية الشهر الحادي عشر، وأن وجودي في القاهرة لفترة أطول لا مبرر له، خاصة أن الدكتور أمين قد تكفل بعمل كل ما تحتاجه المعاملة، وأنه سيرسل لي القبول إلى العراق، ولكن حدثت لي اليوم مفاجآت، أول مفاجئة حين أردت الحجز على الطائرة، كانت بطاقة سفري إلى القاهرة للوصول دون العودة، وكان علي أن أحجز من جديد ولكن الأمر أدهشني عندما كان أقرب موعد للسفر إلى بغداد بالطائرة العراقية هو يوم 12/ 9 واستبعدت ذلك التأريخ، وبدأت أفكر في محاولة لتقريب الموعد، قلت أسافر على الخطوط الجوية المصرية فإذا الموعد أبعد من ذلك 17/ 9، قلت لو سافرت عن طريق البحر إلى لبنان ومن هناك إلى سوريا فالعراق، ولكن الموعد ليس أقرب من ذلك، بالإضافة إلى ما يصاحب هذه الرحلة من متاعب لا أعرف
(يُتْبَعُ)
(/)
نهايتها، وعلى هذا بقيت متردداً في دوامة من الأفكار، تركت الأمر إلى هنا، وقد كان أستاذي الدكتور أمين السيد قد دعاني إلى دارهم عصراً، هو الآن يرغب في أن أزورهم عصر كل يوم حيث أقوم معه بقراءة رسالة مقدمة من طالب لنيل شهادة الماجستير في النحو، والموضوع (التضام في النحو العربي) موضوع طريف وليس بجديد، إذ إن الدكتور أمين أحد أعضاء المناقشة، ويتخلل في ذلك الكثير من الحديث اللطيف من الأستاذ الكريم الذي لا يضن علي بمشورة أو نصيحة، حتى إني كنت أستمر معه حتى ما قبل الثانية عشرة من الليل بقليل، الحقيقة أن موقف الدكتور أمين موقف سأظل أذكره طيلة حياتي، موقف كريم، ليس لي عليهم من فضل سابق سوى أني كنت أحد طلابه في الموصل .. عندما وصلت إلى القاهرة أول ليلة وزرتهم في البيت في نفس الليلة، وكان أشرف ولد الأستاذ أمين موجوداً في الغرفة، فقال مُوَجِّهاً الكلام لأشرف: (يا أشرف ترى غانم زَيَّك بالنسبة لي).
زيارة مرقد الإمام الشافعي، وجامع عمرو بن العاص
الأربعاء 29 آب 1973م = 1 شعبان 1393هـ
استقرت فكرتي على الحجز في الطائرة العراقية للسفر إلى بغداد ولو أن التاريخ بعيد، ولكن ذلك سيجنبني المتاعب التي ربما تعرضت لها لو أني سلكت طريقاً آخر أسرع للوصول إلى بغداد، عندما راجعت مكتب الخطوط الجوية العراقية إذا هم يريدون أن تكون الجنيهات المصرية محولة بالسعر الرسمي أي حوالي دينار عراقي لكل جنيه مصري، وفي ذلك خسارة لي إذ إن التحويل بالسعر التشجيعي (السياحي) يساوي ما لا يقل عن جنيه ونصف مصري لكل دينار عراقي، واضطررت أن أحول ثلاثين باوناً إسترلينياً من الشيكات السياحية وبلغت (28) جنيهاً مصرياً، فدفعت (22) جنيهاً للخطوط الجوية، والباقي احتفظت به، وكانت هذه الثلاثين باوناً لو حُوِّلَت بالسعر (التشجيعي) لبلغت (45) جنيهاً أو أكثر، على كل حال خسارة لا بد منها.
كنت أفكر بزيارة مرقد الإمام الشافعي عليه رحمة الله، قلت لأزوره هذا اليوم، وذهبت إلى هناك حيث زرت الجامع، وصليت فيه الظهر، وزرت مرقد الإمام الشافعي رحمه الله، الإمام الشافعي ومرقده يقعان في منطقة أكثرها مقابر ومساجد قديمة وبيوت شعبية، وقد لاحظت بعض العامة يمسكون بأخشاب الضريح يقبلونها ويتبركون بها، بل ربما طلبوا قضاء حاجة!! قلت أزور مسجد عمرو بن العاص رضي الله عنه، وأسرعت بي سيارة التاكسي إلى مصر القديمة حيث يقع الجامع في منطقة أثرية وشعبية، وإذا به بناء قديم، واستحضرت ساعتها صور ومواقف أولئك الأبطال الذين حملوا الهداية إلى مصر وجاوزوها إلى أقصى الديار، هناك عمل ضخم لتجديد جامع عمرو بن العاص، وربما كان أضخم جوامع القاهرة أو يقف إلى جانب الجوامع الكبيرة المشهورة إذا تم البناء الجديد فيه.
في الليل حدث شيء لم يكن في الحسبان، هناك طالب عراقي يدرس الماجستير (محمد فضيل الكبيسي)، وهو ينزل في الفندق الذي أنزل فيه، قد حجز بالطائرة يوم 31/ 8 و 3/ 9 فوعد بأنه يمكن أن يتنازل لي عن حجزه على الطائرة يوم 31/ 8 إذا وافق المكتب.
الحجز على الطائرة
الخميس 30 آب 1973م = 2 شعبان 1393هـ
في الصباح ذهبت أنا والسيد محمد فضيل الكبيسي إلى مكتب الخطوط الجوية العراقية لمحاولة إدخال اسمي محل اسمه في قائمة المسافرين على الطائرة العراقية إلى بغداد يوم غد، وقد انزعج مدير المكتب لمثل هذا التصرف بحجز أكثر من مقعد في وقت واحد، وأخيراً وافق على طلبنا، وأتم لنا ذلك في لحظات، وقد كان اغتباطي كبيراً، إذ إن وجودي في القاهرة حوالي نصف شهر بدون عمل شيء يثقل على النفس، فقد فرَّج هذا كربتي، وزرت في الصباح بعد ذهابي إلى مكتب الخطوط أستاذي الدكتور أمين السيد، وشرحت له أمر سفري وأدار الحديث عن المستقبل، وكنت قد أودعت نقودي عنده فأخذتها وأبقيت عنده ثلاثين جنيهاً مصرياً أمانة، لأني لا يمكنني أخذها معي إلى العراق، فإذا عدت فهي من نصيبي وإلا فهو يصرفها لوجه الله، وودعني عند مغادرتي الدار بكل جميل، إن هذا الرجل الكريم يتصرف معي كأنه أخي الكبير يساعدني، اللهم فاحفظه واغفر له وبارك له في عمله، زرت بعد ذلك الإخوة الساكنين مع خليل إسماعيل الحديثي ولم أجد إلا واحداً، وبعدها ذهبت إلى مراقبة البعوث الإسلامية للوقوف على نتيجة ملف
(يُتْبَعُ)
(/)
الأخ جايد زيدان مخلف، إذ يبدو أنه تنقصه وثيقة التخرج التي فيها المعدل العام، والحق أنهم لو تساهلوا لقبلوا الملف لأن فيه وثيقة الدرجات كاملة، وعليه لابد من إبلاغه إن شاء الله بذلك. زرت أيضا السيد ناطق صالح مطلوب ومعه السيد محمد أحمد محمود، وأعربت عن استعدادي لأي طلب. وقعت لي مشكلة صغيرة وهي أنه حضر بالأمس إلى الفندق رجل اسمه (مُهَنَّا) فهمت أنه يدرس في إحدى كليات طب القاهرة، وهو من العراق وأبوه معاون مدير تربية بغداد – الكرخ، جاء إلى محمد الكبيسي يطلب نقوداً على أساس أن نقوده قد نفدت، فاعتذر محمد بأنه ليس لديه إلا ما يكفيه، وطلب مني أن أقرضه أنا هنا جنيهات وآخذ مقابلها دنانير من أهله في بغداد، والحق أني لم أكن حازماً من أول الأمر، وأخيراً كنت اليوم صريحاً معهما في عدم تمكني من إقراض أي مبلغ، لعدم وجود أي ضمان في المسألة، وخشية من الوقوع في عملية احتيال!!
الوصول إلى بغداد
الجمعة 31 آب 1973م = 3 شعبان 1393هـ
كنت حتى الظهر غير مطمئن إلى سفري اليوم، مررت في الصباح إلى مكتب الخطوط الجوية العراقية للتأكد من الأمر، وموعد الطائرة، ودفعت لصاحب الفندق حسابه حوالي (8 جنيهات) وغادرت الفندق حوالي الحادية عشرة، دخلت المطار من باب المغادرين، الحق أن مطار القاهرة أكثر تنظيماً من مطار بغداد أو انه أضخم منه، وإذا المسافرون يزدحمون أمام القطعة المكتوب عليها الخطوط الجوية العراقية في داخل المبنى، حقائب أضعاف عدد المسافرين، هناك واحد اسمه فائق من تكريت تعرفت عليه في مصر قريباً كلفني أن أحمل في يدي شيئاً مما حملوه من مصر حتى يخف الوزن، كانت لدي بعض الجنيهات المصرية، قلت أحولها إلى دنانير عراقية فإذا الأمر ما إليه سبيل إذ إن التحويل لا يكون إلا بالعملة الصعبة، قلت أحولها إلى باونات إسترلينية فإذا الأحد عشر تصير سبعة، تجاوزت مرحلة وزن الحقائب وتأشير الجواز، ودخلت قاعة الانتظار، والناس قد اشتروا من الهدايا ما تعجز عن حمله الإبل، قلت: وأنا لم اشتر شيئاً للأهل من مصر، وركبنا في الطائرة العراقية نوع (ترايدنت) جميلة بحفظ الله وتيسيره، وجلست في آخر مقعد من عند النافذة لكن مؤخرة جناح الطائرة كانت تحجب عني الأرض إلا قليلاً، رغم ذلك تمتعت بالنظر إلى سطح الأرض .. من بحر إلى جبل إلى سهل، والغريب الذي لاحظته أن القائمين على أمر الطائرة يقومون ببيع بعض الأشياء في داخل الطائرة، وأكثر المواد رغبة من قبل المسافرين هو الخمر، نعوذ بالله، فإن الطائرة محملة بالخمر، فما ظنك بقوم هذا همهم وهذه رغبتهم، طارت الطائرة، ووصلنا بغداد، والحمد لله، ونزلنا إلى ساحة المطار، فلفحنا شيء من حر الصيف، وشعرت بحرارة الجو مما لم نعهده في القاهرة، نزلت عند بيت العم مصطفى، وكان وصولي مفاجأة لهم!
نُشرتْ يوم الجمعة 29/ 1/1431هـ
** ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثانية) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18581)
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[15 Jan 2010, 02:47 م]ـ
جزاك الله خيراً أستاذنا الفاضل د. غانم على مشاركتنا هذه الذكريات التي حركت في ذاكرتي أشياء كثيرة مشابهة فكلنا اغتربنا عن الأهل والوطن والذي يجمعنا في هذه المرحلة كثير مع اختلاف وجهات السفر.
بانتظار المراحل المقبلة لكم الشكر ولمشرفنا الفاضل د. عبد الرحمن الشكر الجزيل لإتاحة هذه الفرصة لنا للتعرف على شخصكم الكريم أكثر.
وفقكم الله تعالى لكل خير ونفع بكم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[15 Jan 2010, 05:36 م]ـ
ذكريات جميلة جدًا، والحمد لله الذي وفقك لكتابة هذه الذكريات، وسنتابع بشوق هذه الذكريات، وشكر الله للدكتور عبد الرحمن هذه المبادرة في تقديم هذه الذكريات.
ـ[محب القراءات]ــــــــ[15 Jan 2010, 06:12 م]ـ
استمتعت بقراءة الحلقة الأولى من هذه الذكريات الماتعة , فشكر الله للدكتور/ عبد الرحمن الشهري على تشجيعه للدكتور/ غانم قدوري الحمد , على نشر هذه الذكريات , وشكر الله للدكتور غانم استجابته الكريمة أسأل الله أن يجزيكما خير الجزاء وأن يكتب لكما أجر من ينتفع بها.
وفي انتظار البقية.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[15 Jan 2010, 06:33 م]ـ
غانم قدوري:" الحمد كنت أمشي وحيداً ورجلي تغطس في الرمل الذي طحنته عجلات المكائن والسيارات، أود لو أني أسير في باطن الأرض لأتخلص من ذلك اللهب المحرق الذي تغدقه الشمس على وجه الأرض، .... وأنا أسير إلى مخزن مشروع أبنية تكريت لأقضي آخر ساعة في العمل ثم أذهب بعدها إلى حيث يشاء الله
قلت: صدق القائلون في قولهم:" إن البداية المحرقة تثمر نهاية مشرقة "
" وكم من محنة حملت منحة".
هات ما عندك يا عالمنا الجليل فكلنا شوق لأخذ المزيد من عطاء العلماء.
الشكر الجزيل لأخينا المكرم الدكتور عبد الرحمن حفظه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إياد السامرائي]ــــــــ[15 Jan 2010, 07:57 م]ـ
وقد دفعني ذلك عام 1419هـ لكتابة مقالة عن جهود الدكتور غانم قدوري الحمد في علم التجويد ودراساته التجديدية فيه، على أن أقوم بنشرها في إحدى المجلات، غير أني لم أبعث بها لأي مجلة حينها، وبقيت محفوظةً على جهازي حتى أَسستُ (ملتقى أهل التفسير) أواخر عام 1423هـ، فكانتْ هذه المقالةُ مِن أولِ ما نشرتهُ على صفحات الملتقى.
وقد اطلع على هذه المقالة محررو مجلة الفرقان الأردنية وهي مجلة تعنى بالشؤون القرآنية، فنشروها في العدد رقم (44) عام 1426هـ، ورأيتُ العدد فيما بعدُ فإذا فيه صورة للدكتور غانم وضعها القائمون على المجلة. وقد اطلع الدكتور غانم على المقالة في المجلة ودفعه ذلك للاشتراك في ملتقى أهل التفسير، وراسلني حينها، ثم توثقت العلاقة بيننا بعد ذلك من خلال المكاتبات والمشاركات في ملتقى أهل التفسير طيلة السنوات السبع الماضية.
الترحيب بانضمام الدكتور غانم
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=3342
من هنا كانت بداية استاذنا وشيخنا الدكتور غانم في هذا الملتقى المبارك وإلى هنا ونحن نستمتع بهذه الذكريات الطيبة المباركة نسأل الله عز وجل الانتفاع بها وجزى الله كل خير من كان سببا في عرضها
ـ[أحمد شكري]ــــــــ[15 Jan 2010, 08:23 م]ـ
إن في الاطلاع على تجارب الآخرين وذكرياتهم فوائد عديدة ومعلومات قيمة، وفي ذكريات أخينا الفاضل الدكتور غانم الكثير منها بإذن الله.
قرأت محتويات هذه الحلقة بشغف - وأنا ممن يحب قراءة كتب الذكريات والرحلات - وانتفعت مما فيها من أمور ومعلومات، وبانتظار المزيد ....
ـ[د. حسين بن علي الحربي]ــــــــ[15 Jan 2010, 09:33 م]ـ
ذكريات جميلة ومليئة بالفوائد والعبر، لقد أفدت منها كثيراً، دعواتي للدكتور غانم بالتوفيق والتسديد، ولمن كان سبباً في نشر هذه اليوميات.
ـ[د أديب محمد]ــــــــ[15 Jan 2010, 10:12 م]ـ
حفظ الله شيخنا الأستاذ الدكتور ورعاه وأطال عمره ونفعنا به، وحشرنا وإياه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع رجائي منه الدعاء لي.
وبارك الله فيه ورفع من قدره
ـ[د/ظافر العمري]ــــــــ[15 Jan 2010, 11:03 م]ـ
ذكريات جميلة ومواقف وعبر
شكر الله للشيخ غانم هذه الصفحات الجميلة
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[15 Jan 2010, 11:19 م]ـ
ذكريات جميلة تحمل بين طياتها الدروس والحكم , واصل أستاذنا الغالي فنحن بانتظار ما خطته يمينك بأخبار ما وطئته قدماك الغاطسة في الرمل.
ـ[موسى الغنامي]ــــــــ[15 Jan 2010, 11:32 م]ـ
رفع الله قدرك شيخنا الكريم , وذكريات تحمل في طياتها العبر والفوائد واصل وصلك الله برحمته.
ـ[محب البشير]ــــــــ[16 Jan 2010, 12:30 ص]ـ
ما أجملها من ذكريات
شكرا لك يادكتور غانم
ـ[يوسف بن عواد البردي]ــــــــ[16 Jan 2010, 10:10 ص]ـ
رحلة ممتعة وشيقة ... نسأل الله تعالى أن يمدَّ في عمر أستاذنا على طاعته.
ـ[أيوب آدم البرزنجي]ــــــــ[16 Jan 2010, 06:37 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[16 Jan 2010, 10:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أحاط بي شعور بالارتياح عند اطلاعي على مقابلة الدكتور الكريم غانم الحمد في قناة الجزيرة والتي تحدث فيها عن تاريخ القرآن، نعم هذا فضل الله يؤتيه من يشاء، وكم هو مفيد لي أن أقرأ ما كتب عن طريقه الذي يبدو أنه لم يكن سهلا، فطريق العلم ليس مفروشا بالورود كما يظن البعض، واستفدت من القصاصة المهمة والتي بخط يده، أن تعليم اللغة العربية كان قويا في العراق في ذلك الوقت، وظهر من خطه تواضعه، والحمد لله الذي رفعه بالعلم، وأسأل الله أن يثبته.
ـ[الدكتور ضاري العاصي]ــــــــ[17 Jan 2010, 08:28 ص]ـ
بارك الله فيكم على طرح مذكرات استاذنا العلامة الدكتور غانم قدوري حفظه الله وان شاء الله ساذكر بعض الذكريات التي تربطني بالدكتور غانم قدوري على مراحل , وقد ابدأ اولا: عندما تولى الدكتور غانم قدوري على الاشراف على رسالتي فقد عرضت عليه عدة مواضيع الا انه اشار علي ان احقق كتاب التجريد لابن الفحام (ت516) , فاخذت برايه , واشار الي ان نسخة التجريد موجودة في دار صدام للمخطوطات ببغداد. وفي تركيا واحدة وفي مصر اربعة وفي جامعة برنستن- جاريت في امريكا واحدة , فقلت في نفسي ان شاء الله ساتي بهن ولو ان ظروفنا في العراق والسفر الى الخارج لا يعلم به الا الله!!!! فكان الحصار الظالم علينا لم يسلم منه القلم والورق, ولكن بحمد الله توكلت على الله فسافرت الى مصر وتركيا وحصلت على جميع المخطوطات ومن ضمنها مخطوطة جامعة برنستن -جاريت. , وقد حملني الدكتور غانم قدوري ان انقل تحياته وسلامه الى استاذه الدكتور امين علي السيد.وذهبت الى جامعة القاهرة وسالت عن الدكتور امين ودخلت على مكتبه وسلمت عليه وعرفته بنفسي ثم نقلت له تحيات وسلام استاذنا الدكتور غانم قدوري, فابتسم وتذكر قال لي (د. غانم!!!! اه كيف حاله و صحته د. غانم طيب وذكي ومتميز على بقية الطلاب اعتز به واحبه وابلغ سلامي له ... ) ودار حديث طويل بيني وبينه. فعرفت من خلال اللقاء مكانة الدكتور غانم قدوري عند استاذه الدكتور امين السيد. فكان من المعجبين به وبعلمه بلا حدود. ان شاء الله نواصل كلامنا وذكرياتنا مع استاذنا الدكتور غانم قدوري في موضوع اخر, والله اكبر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[17 Jan 2010, 07:30 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
كنت فيما مضى أعشق الذكريات وقراءتها وكتابتها، إلى أن وقع بين يدي مذكرات الدعوة والداعية للإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله تعالى، وقد قرأت هذا الكتاب أكثر من مرة، وأنا للحقيقة معجب بما يحتوي هذا الكتاب من تجارب قد تخدم الداعاة ....
وعندما قرأت مذكرات الدكتور وجدت نفسي أقرأها حرفًا حرفًا، وكلمةً كلمة، وعندما انتهيت من قراءة هذه المذكرات شعرت بالسعادة الكبرى، وأنا في شوق إلى أن اقرأ المزيد والمزيد ...
حفظ الله الدكتور غانم، وحفظ الله الدكتور عبد الرحمن، وجعل الله أعمالهما في ميزان حسناتهما اللهم آمين ....
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[18 Jan 2010, 12:28 ص]ـ
متابعون بشغف، وفى انتظار البقية
وهذه الحلقة الأولى المخصصة للحديث عن السفر الى مصر قد أدخلت البهجة على نفسى باعتبارى مصرى الجنسية وأعرف كثيرا من التفاصيل التى وردت فيها، ومنها تفاصيل طريفة ومضحكة كالحديث عن أول عهد لفضيلة الدكتور بوجبة (الكشرى) المصرية الشهيرة، أو حديثه عن التحذير الموجه للمصلين بخصوص أحذيتهم (وان كان هذا سائدا فى الماضى وانتهى الآن بحمد الله)، الى غير ذلك من الطرائف
وفقكم الله وأعانكم على نشر كامل الحلقات، والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[18 Jan 2010, 08:17 ص]ـ
الشكر الجزيل للأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد، وبالتأكيد فإن خبرته الحياتية هي وجه مقابل لخبرته العلمية تكمل رؤية جهوده في سياقها الشخصي والتاريخي، وقد سعدت بقراءة هذا الجزء من المذكرات. وقد سعدت بصحبة الدكتور غانم من دمشق إلى بيروت للمشاركة في مؤتمر دعوناه إليه وبالرغم من أن الوقت كان قصيراً وكنت مشغولاً بالتحضير للمؤتمر ومتابعة شؤونه فإني لاحظت في طبعه ميل للهدوء والتأمل، وهذه المذكرات تكشف عن عالمه الداخلي الثري.
والشكر الوافر للصديق الدكتور عبد الرحمن الشهري على دوره في نشر هذه المذكرات، وكان قد أخبرني عندما كنت في زيارته (في مكتبته الخاصة) بأن هناك نية لطباعة الأعمال الكاملة للدكتور غانم، ولا أعرف ما الذي جرى بشأن ذلك، وأملي أن تكلل هذه المذكرات أيضاً بالنشر مع الأعمال الكاملة
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[18 Jan 2010, 07:08 م]ـ
الوجبة هنا رز مع أشياء مضافة عليه خالية من اللحم تشبه ما يخلط لعمل (شيخ محشي عندنا)
1 - هل الدكتور يقصد الكشري؟ لا أظن؛لأنه أكيد حفظ اسمه:)
2 - الدكتور أمين علي السيد من أفاضل مشيخة دار العلوم وله كتاب في النحو وآخر في العروض والقافية كُتب لهما القبول وتنشرهما دار المعارف بمصر.
3 - الدكتور مجاهد مصطفى بهجت من المعتنين بنشر دواوين الشعر وهو صاحب أصح نشرة من ديوان الإمام الشافعي ومن ديوان عبد الله بن المبارك.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[18 Jan 2010, 07:10 م]ـ
وللدكتور مجاهد أيضاً بحث عن: ((منهج ابن النديم (كذا كتب وهو خطأ والصواب: النديم) في تصنيف الشعراء المحدثين كان قد نشره بمجلة الذخائر.
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[19 Jan 2010, 05:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أُحَيِّي إخواني الذين قرؤوا الحلقة الأولى من يوميات (الرحلة إلى مصر لدراسة الماجستير)، وأشكر أخي الدكتور عبد الرحمن الشهري الذي قرأ أصولها، وسعى لنشرها، وشجعني على إظهارها، كما أشكر أخي الأستاذ عمار الخطيب الذي كان سبباً في إذاعة خبرها، وأخذ على عاتقه قراءتها وتصحيح ما فيها من أخطاء الطباعة، رغم مشاغله الكثيرة، وأشكر إخواني الذين كتبوا كلمات الترحيب بنشر الحلقة الأولى، وطلبوا مواصلة نشر الحلقات الأخرى. وأود أن أعبر لهم عن تقديري بذكر أسمائهم:
1. الأخت الفاضلة سمر الأرناؤوط، التي بادرت قبل الجميع بالتعليق.
2. الأخ الدكتور مساعد الطيار، الذي ينتظر الحلقات الأخرى بشوق.
3. الأخ محب القراءات، الذي استمتع بالحلقة الأولى، وهو ينتظر البقية.
4. الأستاذ الدكتور خضر، الذي استلهم من الأسطر الأولى في الحلقة، نهاية مشرقة لكاتبها، جزاه الله كل خير.
5. الأخ الأستاذ إياد السامرائي، طالب الدكتوراه، الذي يبحث في ظواهر الرسم في مصحف مسجد الحسين في القاهرة، والذي لا يزال يتحفني بكل طارف وتليد.
(يُتْبَعُ)
(/)
6. الأخ الأستاذ الدكتور أحمد خالد شكري أستاذ القراءات في الجامعة الأردنية وجامعة الإمارات، الذي قرأ الحلقة الأولى بشغف، وينتظر المزيد.
7. الأخ الدكتور حسين بن على الحربي، الذي وجد فيها فوائد وعبراً ..
8. أخي الدكتور محمد أديب الذي طال العهد بيني وبينه، تحياتي لك أخي الفاضل، وللوالد الكريم شيخنا الدكتور محمد شكور امرير المياديني.
9. الأخ الدكتور ظافر العمري، الذي وجد فيها ذكريات جميلة ومواقف وعبرا.
10. الأخ الدكتور أحمد البريدي، الذي وجد بين طياتها الدروس والحكم ..
11. الأخ أبو مجاهد النجدي، الذي خصني بأجمل الدعاء.
12. الأخ محب البشير، شكر الله له.
13. الأخ الأستاذ يوسف بن عواد البردي، صاحبي وصديقي، محقق القصيدة الطاهرة في القراءات العشر للشيخ طاهر بن عرب بن إبراهيم الأصفهاني، تلميذ ابن الجزري، وخليفته في مدرسته التي بناها في شيراز.
14. الأخ الأستاذ السيد أيوب آدم البرزنجي، جزاه الله خيرا.
15. الأخ الأستاذ أبو الأشبال عبد الجبار، المتابع الداعي لي بالتثبيت، اللهم ثبتني وإياه وإخواننا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة.
16. أخي الأستاذ الدكتور ضاري إبراهيم العاصي، صاحب الصوت الندي بالقرآن، المغترب عنا، حياك الله أبا محمد، وجزاك الله كل خير، فقد أثرت أشجاني وشوقي إلى أستاذي الدكتور أمين، الذي لم أتمكن من التواصل معه، بعد زيارتك تلك له.
17. الأخ الأستاذ محمود سهمون، الذي أعادت إليه قراءة الحلقة الأولى من يومياتي ذكرى قراءته مذكرات الدعوة والداعية، وشتان ما بينهما، فتلك مذكرات جد وعمل، وهذه ذكريات غربة واغتراب وقضاء وقت!
18. الأخ الأستاذ العليمي المصري، الشاهد لمواقع أحداث أكثر هذه اليوميات، أرجو أن يعذرني وكل الإخوة من مصر إذا لم يحالفني التوفيق في التعبير أحياناً، فذلك كان مبلغ علمي وفهمي للأمور وقت تدوين تلك اليوميات.
19. الأخ الأستاذ عبد الرحمن الحاج، الذي سعدت باللقاء به في دمشق وبيروت، في شباط 2006، وحظيت بحسن صحبته، وطيب لقائه، جزاه الله كل خير، وكلل سعيه بالنجاح وبتحقيق مبتغاه.
20. الأخ الأستاذ أبو فهر السلفي وفقه الله، أولا: إنه الكشري! ولا يخفى عليك أني حين كتبتُ ما كتبتُ لم أكن أعرف هذه الأكلة، ولم أميز اسمها في ذلك اليوم. ثانيا: حقق أستاذي الدكتور أمين السيد أيضاً كتاب (الواضح في العربية) لأبي بكر الزبيدي، وثالثا: أكبر كتب الدكتور مجاهد كتاب (التيار الإسلامي في شعر العصر العباسي)، وهو أطروحته للدكتوراه، وطبع في العراق سنة 1982.
إخواني الأفاضل، أود التذكير بأن هذه اليوميات كُتِبَتْ منذ سنوات بعيدة خلت، وقد تجدون في بعضها ما لا يستحق الذكر، أو ما لم أحسن التعبير عنه، فأعتذر إليكم من ذلك، وأكرر شكري لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[يسري خضر]ــــــــ[19 Jan 2010, 07:35 م]ـ
بارك الله فيك شيخنا المفضال وجزاك خيرالجزاء علي تقديم تلك الصفحات التي تتضمن فوائد وفرائد وصدق من قال "تاريخ الرجال مدارس الأجيال " ونحن في انتظار بقية الحلقات
والشكر الجزيل للأخ الدكتور عبد الرحمن الشهري حفظه الله على حرصه وتقديمه لهذه المذكرات0
ـ[منصور العمراني]ــــــــ[19 Jan 2010, 09:29 م]ـ
جزى الله شيخنا الفاضل خير الجزاء على نشر هذه اليوميات من حياته والتي تعد نبراسا يقتدي بها كل من له همة العلم والطموح، كما أشكر القائمين على هذا الملتقى بما يقومون من نشر الفوائد ليستفيد منها طلبة العلم.
عرفت الأستاذ الدكتور غانم قدوري حمد من خلال كتابه الذي يعد من أرقى الدراسات التجديدية في علم التجويد، فنأمل أن تصلنا ما بقي من يوميات حتى نستفيدمن تجارب الحياة التي مروا بها من أمثال شيخنا الدكتور حفظه الله
منصور علي سالم العمراني- اليمن- محاضر بجامعة الحديدة- كلية التربية زبيد
باحث دكتوراه في جامعة أم القرى - مكة المكرمة
ـ[إيمان]ــــــــ[20 Jan 2010, 12:53 ص]ـ
مذكرات شيقة وقيمة تستحق القراءة، بارك الله عمر وعمل كاتبها، وجزى الله خيراً من ساعد و شجع على نشرها، ولازلت أنتظر المزيد من حلقات هذه المذكرات الرائعة.
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[20 Jan 2010, 03:05 م]ـ
17. الأخ الأستاذ محمود سهمون، الذي أعادت إليه قراءة الحلقة الأولى من يومياتي ذكرى قراءته مذكرات الدعوة والداعية، وشتان ما بينهما، فتلك مذكرات جد وعمل، وهذه ذكريات غربة واغتراب وقضاء وقت!
السلام عليكم ....
شيخي الفاضل الدكتور غانم قدوري الحمد ....
ليس هناك فارق بين مذكراتك، ومذكرات الإمام الشهيد حسن البنا، فمذكرات الدعوة والداعية عندما قرأتها أشعلت بيَ الهمة للدعوة إلى الله، ومذكراتك أستاذي الفاضل، أشعلت بي الهمة للرحلة مرة أخرى لطلب العلم،،،، خاصة أني أضع نصب عيني على مصر ....
فبارك الله بك شيخي الفاضل،،،، ونحن ننتظر بقية الحلقات بشوق ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. إسلام المازني]ــــــــ[20 Jan 2010, 04:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله عنا خيرا
قرأت مبكرا، ولمست قدر الإمتاع والاعتبار، وهممت بالتعقيب شكرا لكم ولأخينا الدكتور عبد الرحمن، لكن تأخرت قسرا، فعذرا
بارك الله عليكم، وشكر لكم مشاطرتنا مداد العمر ودروسه، وتكرمكم باصطحابنا في رحلة حياتكم، رزقكم الله طول العمر وحسن العمل
والحقيقة أن التفاصيل -مهما بدت بعينكم اليوم- فهي ثمينة من وجوه عديدة، ولعلنا بحاجة لحاشية في الذهن ندون فيها العبر ونكون الرؤى، مما نشاهد بأعينكم عبر الأمصار والسنين
حفظكم الله ورعاكم
ثُمَّ الصَلاةُ عَلى النَبِيِّ وَءالِهِ * ما طارَ طَيرٌ أَو تَدَفَّقَ وابِلُ
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[20 Jan 2010, 06:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الأستاذ العليمي المصري، الشاهد لمواقع أحداث أكثر هذه اليوميات، أرجو أن يعذرني وكل الإخوة من مصر إذا لم يحالفني التوفيق في التعبير أحياناً، فذلك كان مبلغ علمي وفهمي للأمور وقت تدوين تلك اليوميات. .
ان هذا الكلام الطيب انما ينم عن تواضعكم وأدبكم الجم و معدنكم الكريم
وقد كنت موفقا كل التوفيق فى الوصف والتعبير على حد سواء
ونحن فى مصر نعتبرك واحدا منا، كيف لا وقد تعلقت مثلنا بباب الاتوبيس مثل أغلب المصريين (ابتسامة)
وفقك الله وسدد خطاك، ولا زلنا نترقب نشر باقى الحلقات الشيقة
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 Jan 2010, 12:15 م]ـ
الأخ الأستاذ أبو فهر السلفي وفقه الله، أولا: إنه الكشري! ولا يخفى عليك أني حين كتبتُ ما كتبتُ لم أكن أعرف هذه الأكلة، ولم أميز اسمها في ذلك اليوم. ثانيا: حقق أستاذي الدكتور أمين السيد أيضاً كتاب (الواضح في العربية) لأبي بكر الزبيدي، وثالثا: أكبر كتب الدكتور مجاهد كتاب (التيار الإسلامي في شعر العصر العباسي)، وهو أطروحته للدكتوراه، وطبع في العراق سنة 1982
بارك الله فيكم شيخنا ...
طبعاً الكشري وهو فيه غيره؟؟!!
هذا الكتاب للدكتور مجاهد مهم جداً وأرجو أن أوفق للحصول عليه ..
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[22 Jan 2010, 11:23 م]ـ
ما شاء الله ..
أسأل الله لكم التوفيق و السداد
أسلوبكم شيخنا الكريم رائع و ممتع فى كتابة التراجم و رواية الأحداث و الوقائع و شاهد ذلك هذه الذكريات و ترجمتكم لشيخ القراء الإمام ابن الجزرى رحمه الله فى شرحكم الكبير على الجزرية فهى من أروع و أمتع التراجم للإمام ابن الجزرى رحمه الله.
وفقكم الله تعالى.
ـ[الدكتور ضاري العاصي]ــــــــ[23 Jan 2010, 10:19 ص]ـ
نقلتني الذكريات من كندا الى عام 1983 - 1984 الى كلية الشريعة جامعة بغداد بعد ان حصلت على اجازة دراسية بعدما كنت في ميدان التعليم. وكانت كلية الشريعة تحتضن خيرة العلماء والاعلام واتذكر منهم الدكتور حمد الكبيسي والدكتور محمد الكبيسي والدكتور رشدي عليان والدكتورعبد المنعم احمد صالح والدكتور عبد الحميد حمد شهاب والاستاذ نظام الدين والاستاذ فرج توفيق والدكتور خالد الجميلي والاستاذ احمد مطلوب والدكتور حارث الضاري. واستاذنا الضاري تتلمذت عليه الى ان انهيت الدكتوراه وكان رئيس لجنتها. و قبل ان اتعرف على استاذنا الفاضل الدكتور غانم قدوري سمعت عنه وعن علمه وتدريسه من قبل الطلبة وكنت اتمنى ان اجد الفرصة للقاء به بعدما سمعت باهتمامه بعلم التجويد وكنت في ذاك الوقت قدتخرجت من المركز الاقرائي العراقي عام 1979 على يد شيخي جلال الحنفي رحمه الله. ولشيخي الحنفي اراء واجتهادات في علم التجويد وسابين بعض الامور والاراء عند حلقاتنا القادمة ان شاء الله.وصادفت الفرص ان اتعرف على استاذنا الدكتور غانم قدوري صاحب الخلق الرفيع والمنطق البديع فامتعنا بملاحظاته القيمة وتوجيهاته السديدة والتي كانت تخالف اراء شيخي الحنفي ومن يومها كان لنا اخا واستاذا ناصحا وامينا على العلم والمعرفة. وكان الدكتور غانم قدوري يتمتع بمكانة علمية عالية على صعيد الكلية فكان محبوبا من قبل الجميع. ويمتاز استاذنا الدكتور غانم قدوري باسلوبه الهادىء والهادف في النقاش والبيان فكان مدرسة مستقلة غانمية وهبها الله اليه.فبارك الله باستاذنا واخينا الدكتور غانم قدوري على كلماتك الطيبة والمؤثرة , واقول نعم انا مغترب عنكم وهذا امر الله وقدره وامره ولكن مكانتكم تبقى بقلوبنا. وللحديث بقية ان شاء الله , والله اكبر.
ـ[بنت الحارث]ــــــــ[23 Jan 2010, 08:41 م]ـ
فإن حياة الإنسان تمضي بلا توقف، وقد لا يجد الإنسان فرصة للالتفات إلى الوراء لتأمل ما مر به من أحداث، ومراجعة ما قام به من أعمال، وقد تأتي تلك الفرصة لكن الذاكرة لا تسعفه بكثير من تفاصيل ما مر به، فيستأنف مسيرته في ظل متطلبات الحياة المتتابعة، حتى تحين ساعة مغادرته هذه الحياة، فَتُطْوَى الصحف، وتَنْدَرِسُ الآثار، ويُفْضِي الإنسان إلى ما قَدَّمَ من عمل، قد سُجِّلَ في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[27 Jan 2010, 03:03 ص]ـ
أشكر فضيلة الدكتور غانم قدوري الحمد على إمتاعنا بهذه الذكريات، وقد قرأتها بنهم وإعجاب، أسأل الله له التوفيق والسداد في الدارين، والذكريات جميلة دائماً، وإن تخللها شيء من الحزن والألم، ونحن بشوق إلى متابعة ذكرياته وفقه الله، نسأل الله أن ينيله أجر العلماء الربانيين، وأن يحشرنا وإياه في زمرة خير المرسلين إنه جواد كريم ...
ـ[محمد سيف]ــــــــ[31 Jan 2010, 11:27 ص]ـ
رأيتُ الموضوع في أول يوم نزل فيه وقرأتُ تقديم الدكتور عبدالرحمن ومقدمة الدكتور غانم، واشتقتُ لقراءة بقية الموضوع عندما رأيت البداية: "كنت أمشي وحيداً ورجلي تغطس في الرمل الذي طحنته عجلات المكائن والسيارات، أود لو أني أسير في باطن الأرض لأتخلص من ذلك اللهب المحرق الذي تغدقه الشمس على وجه الأرض .... "، ولكن حال دون إكمال القراءة أن فترة الاختبارات كانت قريبة وتحتاج إلى استعداد.
وقرأتها اليوم، واستفدتُ منها الكثير، وقد أعجبني أسلوب العرض الجميل والبسيط.
جزى الله الدكتور غانم خيراً على نشر هذه اليوميات، والدكتور عبد الرحمن على تشجيع فكرة نشرها ..
وسأكمل قراءة الحلقة الثانية والثالثة تباعاً إن شاء الله
ـ[محمد الحامد]ــــــــ[01 Feb 2010, 08:00 م]ـ
اخواني واخواتي الاعضاء في هذا الملتقى المبارك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقد قرأت وقرأتم هذه الحلقة الاولى من هذا السفر المبارك لاستاذنا الفاضل د. غانم قدوري الحمد (ابن العراق الاسير)، وانتفعت بها، وانتفعتم، ولم يبقى لنا الا ان ندعو الله العلي القدير أن يمن على الاستاذ الدكتور بالصحة والعافية، كما ويهدينا الى طريق العلم والعلماء.
وإن سنحت الفرصة للدكتور بنشر مذكراته في هذا الملتقى المبارك، فإن امثاله من العلماء واساتذة التفسير من جميع دول العالم الاسلامي، حياتهم مليئة بالمشاعل المضيئة نتمنى أن تنشرأو يخصص لهم منتدى وموقع للافادة. وجزى الله القائمين على هذا الملتقى النافع.
اخوكم ابن بغداد الأسيرة، طالب في قسم التفسير وعلوم القران
ـ[خلوصي]ــــــــ[10 Feb 2010, 12:09 م]ـ
عبرة لامست حاجتي!!:
فإن حياة الإنسان تمضي بلا توقف، وقد لا يجد الإنسان فرصة للالتفات إلى الوراء لتأمل ما مر به من أحداث، ومراجعة ما قام به من أعمال، وقد تأتي تلك الفرصة لكن الذاكرة لا تسعفه بكثير من تفاصيل ما مر به، فيستأنف مسيرته في ظل متطلبات الحياة المتتابعة،
حتى تحين ساعة مغادرته هذه الحياة،
فَتُطْوَى الصحف،
وتَنْدَرِسُ الآثار،
ويُفْضِي الإنسان إلى ما قَدَّمَ من عمل،
قد سُجِّلَ في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
و بارك الله في شيخنا المفضال .. و جزاه عن العلم خير الجزاء .. و أمدّ في عمره حتى ألقاه لأقبل يده الشريفة.
ابنكم المحب خلوصي.
ـ[منصور العمراني]ــــــــ[19 Jun 2010, 01:47 ص]ـ
جزى الله الشيخ الدكتور خير الجزاء فقد كونت عندي هذه المذكرات التي يكتبها جزاه الله خيرا، نقطة انطلاق نحو الدعوة إلى الله، وما أجمل الداعية أن يستفيد من هذه المواقف لتنير له الطريق.(/)
عالم مفسر جليل ابن علامة جليل
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[15 Jan 2010, 07:47 م]ـ
ما إن شاهدت درسه في تفسير (سورة النبأ) في قناة المجد، وكيفية سلاسة تفسيره لهذه السورة العظيمة،وكيفية إستخدامه لعلوم القرآن بطريقة سهلة ومبسطة، لا تصعب علي المشاهد العامي، وكيف كانت سببا لفهم معاني ألفاظ السورة ومدلولاتها، وربطه السورة بما يعتري الانسان المسلم فضلا عن غيره من نقص وتراجع- لعدم تدبره لهذه السورة وتدبر كلام الله تعالي عموماً - في عبادته وعدم الهمة في الاستكثار منها، ومايحدث للعالم والدول من أحداث وعواقب نتاج ذلك، وإذا بهذا الشيخ عالم جليل بالتفسير هو د. عبدالله ابن العلامة/ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله- فأسرعت الي النت أبحث عن دروسه وإذا هي تتلألأ بصفحات النت وخصوصا موقع البث الاسلامي المباشر- ووجدت كذلك درسه المبارك (تفسير سورة النبأ) ولم يثنيني ذلك أن أسمعة مرة أخري وأستفيد منه، وأتمني من لم يطلع علي دروسه أن يستفيد منها، وهذه الدرس شذرات من علمه حفظه الله. وإن كنت أتمني معرفة رسالته الماجستير والدكتوراة إن كانت مطبوعة ليستسفيد منها طلبة العلم
ـ[أبو المهند]ــــــــ[17 Jan 2010, 11:44 ص]ـ
. صدقت يا أختنا الكريمة والشيء لا يستغرب من معدنه، وقد خبرت هذا الوالد الفاضل والعالم الجليل في مدينة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوجدته كما وصفت وأكثر، زاده الله من فضله وزادنا معه من فيضه إنه ولي ذلك والقادر عليه.(/)
أي رواية يعتمد تفسير الجلالين
ـ[أبو موسى سليم]ــــــــ[16 Jan 2010, 01:43 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من فضلكم من يفدني ممن له اطلاع بخصوص الرواية المعتمدة لدى صاحبي تفسير الجلالين رحمهما الله.
هل تقيدا برواية حفص أم ورش أو رواية أخرى
بارك الله في الجميع
ـ[د. عمر حمدان]ــــــــ[16 Jan 2010, 01:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
الأمر جدير بالفحص والمراجعة. أراهما قد اعتمدا على قراءة أبي عمرو بن العلاء البصريّ، كما اعتمدها الزمخشريّ في كشّافه.
ـ[محب البشير]ــــــــ[16 Jan 2010, 02:36 م]ـ
السلام عليكم ورمة الله وبركاته أخي أبو موسى تمت مناقشة هذا الإشكال و أنت تجده على هذا الرابط
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=18494
ـ[أبو موسى سليم]ــــــــ[16 Jan 2010, 02:55 م]ـ
جزاكم الله خيرا
حفظك الله أخي محب البشير
........
لكن هناك مشكل أعاني منه في ملتقى أهل التفسير على أنه موقع هجوم مبلغ عنه فهل من حل لدخول الصفحة التي أرشدتني إليها بارك الله فيك
ـ[محب البشير]ــــــــ[16 Jan 2010, 03:16 م]ـ
السلام عليكم أخي أبو موسى هذه زبدة المشاركات وقد كتبت بواسطة الأخ العبادي حفظه الله
الرد
مرحبا بك أخي ..
وسؤالك مهم ويشكل حقا على الكثير، خصوصا مع انتشار الجلالين، واعتماد فهم تفسيرهما على معرفة ما اعتمداه من قراءة.
الواقع أن الجلالين -رحمهما الله- لم يلتزما قراءة واحدة في تفسيرهما، وإن كان اعتمادهما غالبا على قراءة أبي عمرو البصري.
يقول الدكتور فخري قباوة في مقدمة تحقيقه للجلالين -وهو أحسن التحقيقات الموجودة-:
" ولما كان الجلالان على علم قليل بالقراءات، تلقيا وحفظا وإقراء، كما ذكر السيوطي نفسه، فقد بدا للدارسين أنهما لم يتقيدا في هذا التفسير بقراءة أو رواية واحدة، ولم يلتزما قراءة معينة في جميع الآيات، وكأنهما اختارا ما كان يحفظ من النص القرآني في ذلك العصر وتلك البقاع المصرية، وهو غير ذي إسناد واحد معين.
وعندما وقفت على إحدى مطبوعات البابي الحلبي لتفسير الجلالين، رأيت في الصفحة الثانية منها النص التالي: " مراعاة لحقوق المؤلفين، قد أثبتنا القرآن الكريم مضبوطا بالشكل الكامل، على حسب رواية الشيخين المفسِّرَين، وإن كانت تخالف رواية حفص "
ثم يقول:
" وبتتبع ما جاء في هذه المطبوعة، مع ما تحصل في النسخة الخطية التيمورية (1)، والتعليقات على الجلالين، تبين لي أن القراءة التي اختارها هذان المفسران لآيات القرآن الكريم جمهورها الأساس معتمد على قراءة إمام البصرة ومقرئها أبي عمرو ابن العلاء (ت154)، وما خالف ذلك كان فيه أشياء من قراءة إمام مكة المكرمة ومقرئها عبد الله بن كثير (ت120)، ثم من قراءة إمام أهل المدينة المنورة ومقرئها نافع بن عبد الرحمن (ت169)، ثم من قراءة إمام أهل الشام ومقرئهم عبد الله بن عامر (ت118).
وما خالف ذلك في بعض المواضع فهو قليل، ومعظمه عند الجلال المحلي " ا. هـ.
ـ[أبو موسى سليم]ــــــــ[16 Jan 2010, 03:26 م]ـ
الله يرضى عليك أخي المكرم محب البشير
تشكر بارك الله فيك
جزاكم الله خيرا(/)
الإمام الشنقيطي والحضارة الغربية
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[16 Jan 2010, 11:19 م]ـ
يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي وهو يتحدث عن دليل السبر والتقسيم في تفسيره لسورة مريم آية 78:
"اعلم: أن هذا الدليل التاريخي العظيم يوضح غاية الإيضاح موقف المسلمين الطبيعي من الحضارة الغربية، وبذلك الإيضاح التام يتميز النافع من الضار، والحسن من القبيح، والحق من الباطل، وذلك أن الاستقراء التام القطعي دل على أن الحضارة الغربية المذكورة تشتمل على نافع وضار: أما النافع منها فهو من الناحية المادية، وتقدمها في جميع الميادين المادية أوضح من أن أبينه، وما تضمنته من المنافع للإنسان أعظم مما كان يدخل تحت التصور، فقد خدمت الإنسان خدمات هائلة من حيث إنه جسد حيواني، وأما الضار منها فهو إهمالها بالكلية للناحية التي هي رأس كل خير، ولا خير ألبتة في الدنيا بدونها، وهي التربية الروحية للإنسان وتهذيب أخلاقه، وذلك لا يكون إلا بنور الوحي السماوي الذي يوضح للإنسان طريق السعادة، ويرسم له الخطط الحكيمة في كل ميادين الحياة الدنيا والآخرة، ويجعله على صلة بربه في كل أوقاته.
فالحضارة الغربية غنية بأنواع المنافع من الناحية الأولى، مفلسة إفلاسا كليا من الناحية الثانية.
ومعلوم أن طغيان المادة على الروح يهدد العالم أجمع بخطر داهم، وهلاك مستأصل، كما هو مشاهد الآن، وحل مشكلته لا يمكن ألبتة إلا بالاستضاءة بنور الوحي السماوي الذي هو تشريع خالق السماوات والأرض ; لأن من أطغته المادة حتى تمرد على خالقه ورازقه لا يفلح أبدا.
والتقسيم الصحيح يحصر أوصاف المحل الذي هو الموقف من الحضارة الغربية في أربعة أقسام لا خامس لها، حصرا عقليا لا شك فيه:
الأول: ترك الحضارة المذكورة نافعها وضارها.
الثاني: أخذها كلها ضارها ونافعها.
الثالث: أخذ ضارها وترك نافعها.
الرابع: أخذ نافعها وترك ضارها.
فنرجع بالسبر الصحيح إلى هذه الأقسام الأربعة، فنجد ثلاثة منها باطلة بلا شك، وواحدا صحيحا بلا شك.
أما الثلاثة الباطلة:
فالأول منها:تركها كلها، ووجه بطلانه واضح ; لأن عدم الاشتغال بالتقدم المادي يؤدي إلى الضعف الدائم، والتواكل والتكاسل، ويخالف الأمر السماوي في قوله جل وعلا: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ سورة الأنفال من الآية 60.
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى،،،،،،،،،،،حتى يراق على جوانبه الدم
القسم الثاني: من الأقسام الباطلة أخذها كلها ; لأن ما فيها من الانحطاط الخلقي وضياع الروحية والمثل العليا للإنسانية أوضح من أن أبينه، ويكفي في ذلك ما فيها من التمرد على نظام السماء، وعدم طاعة خالق هذا الكون جل وعلا: آلله أذن لكم أم على الله تفترون [10\ 59]، أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله [42\ 21]،.
والقسم الثالث: من الأقسام الباطلة هو أخذ الضار وترك النافع، ولا شك أن هذا لا يفعله من له أقل تمييز. فتعينت صحة القسم الرابع بالتقسيم والسبر الصحيح، وهو أخذ النافع وترك الضار.
وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يفعل، فقد انتفع بحفر الخندق في غزوة الأحزاب، مع أن ذلك خطة عسكرية كانت للفرس، أخبره بها سلمان فأخذ بها، ولم يمنعه من ذلك أن أصلها للكفار، وقد هم صلى الله عليه وسلم بأن يمنع وطء النساء المراضع خوفا على أولادهن ; لأن العرب كانوا يظنون أن الغيلة - وهي وطء المرضع - تضعف ولدها وتضره، ومن ذلك قول الشاعر:
فوارس لم يغالوا في رضاع فتنبو في أكفهم السيوف
فأخبرته صلى الله عليه وسلم فارس والروم بأنهم يفعلون ذلك ولا يضر أولادهم، فأخذ صلى الله عليه وسلم منهم تلك الخطة الطبية، ولم يمنعه من ذلك أن أصلها من الكفار.
وقد انتفع صلى الله عليه وسلم بدلالة ابن الأريقط الدؤلي له في سفر الهجرة على الطريق، مع أنه كافر.
فاتضح من هذا الدليل أن الموقف الطبيعي للإسلام والمسلمين من الحضارة الغربية هو أن يجتهدوا في تحصيل ما أنتجته من النواحي المادية، ويحذروا مما جنته من التمرد على خالق الكون جل وعلا فتصلح لهم الدنيا والآخرة، والمؤسف أن أغلبهم يعكسون القضية، فيأخذون منها الانحطاط الخلقي، والانسلاخ من الدين، والتباعد من طاعة خالق الكون، ولا يحصلون على نتيجة مما فيها من النفع المادي، فخسروا الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين.
وما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا،،،،،،،،،،،،وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل
وقد قدمنا طرفا نافعا في كون الدين لا ينافي التقدم المادي في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم [17\ 9]، فأغنى ذلك عن إعادته هنا، وقد عرف في تاريخ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم كانوا يسعون في التقدم في جميع الميادين مع المحافظة على طاعة خالق السموات والأرض جل وعلا. " انتهى كلامه رحمه الله تعالى
سؤال:
هل عند الغرب في الجانب الإنساني الاجتماعي ما يمكن أن يستفاد منه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[17 Jan 2010, 12:31 ص]ـ
طرح علمي رصين ..
ونقل منهجي موفق ..
بارك الله فيك، كما بارك في الزيت ..
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[17 Jan 2010, 02:44 ص]ـ
سؤال:
هل عند الغرب في الجانب الإنساني الاجتماعي ما يمكن أن يستفاد منه؟
وما المانع يا أخى؟
أوليسوا أناسا مثلنا؟ بل أوليسوا أهل كتاب؟
واذا كان كتابهم قد اختلط فيه الحق بالباطل فهذا لا يمنع أنه لا يزال فيه بعض الحق، وقد وصف الله تعالى الانجيل بأنه (فيه نور)
ومن يطالع أقوال السيد المسيح فى الانجيل وتعاليمه الانسانية والأخلاقية يجدها فى غاية المثالية والرفعة والسمو و يجد مصداق هذا النور الذى أخبرنا به الحق جل وعلا، والله عز وجل لا يخبر ولا يقول الا الحق
وسوف أخبرك بواقعة شخصية حدثت لى تدلل على هذا:
حين كنت فى العاصمة الانجليزية London كنت كلما أستقل الحافلة (الباص) كان يلفت نظرى دائما مشهد سيدة أو حتى رجل مسن يقوم من مقعده على الفور بمجرد رؤيته (أو رؤيتها) لطفل صغير قد اضطره زحام الحافلة الى الوقوف على قدميه!!
تخيل معى: حتى المسنين يقومون وقوفا ليجلس الأطفال الصغار فى بلاد النصارى، بينما فى بلادنا الاسلامية (على الأقل فى بعضها) كنت أجد أن العكس هو ما كان يحدث، كنت أجدهم اذا ما رأوا طفلا صغيرا جالسا فانهم يستكثرون عليه الجلوس ويطالبونه بالقيام ليتنازل عن كرسيه لآخر، وربما كان هذا الآخر رجلا فى كامل الصحة وفى تمام العافية!!!
وفيما بعد علمت أن احترام النصارى للأطفال الصغار وتجاوبهم مع ضعفهم انما ينبع من وصية السيد المسيح عليه السلام بهم خيرا
فقد كان عليه السلام شديد الحب للأطفال وكان يحتضنهم بحنان بالغ قائلا: لمثل هؤلاء ملكوت السموات (يقصد الجنة) وملمحا بذلك الى براءة الأطفال ونقاء قلوبهم وصفاء نفوسهم، وهى البراءة التى تماثل حال من يحق له أن يدخل الجنة وأن ينعم بالفردوس فى الدار الآخرة، وهو ما يلتقى مع قوله تعالى فى كتابنا الكريم: " ونزعنا ما فى صدورهم من غل "
فتلك يا أخى الكريم قد تكون واقعة بسيطة ولكن ربما وافقتنى أن لها دلالة كبيرة على أن الغرب النصرانى لا يعدم بعض القيم السامية والأخلاق النبيلة والسجايا الحميدة
هذه شهادة حق أقولها امتثالا لقوله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى، وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تعملون
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[17 Jan 2010, 08:53 ص]ـ
إبراهيم الحسني
شكر الله لك وبارك فيك
العليمى المصرى
شكر الله لك مداخلتك
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[17 Jan 2010, 09:08 ص]ـ
يقول الأستاذ عبد السلام ياسين " بتصرف يسير":
من مزايا الغربيين الحرية، ثم الحرية …
من مزاياهم العلوم والإنفاق على البحث العلمي والتدريب، ففي أمريكا ينفَق أكثر من مائة مليار دولار سنوياً لتدريب العمال! ومن مزاياهم العمل والكفاءة والاتقان في العمل.
من مزاياهم اليقظة والتخطيط للمستقبل والعمل المؤسسي المتكامل.
من مزاياهم القانون يطبّق على القوي وعلى الضعيف.
من مزاياهم تمسك كل ذي حق بحقه، وصراخ كل مظلوم في وجه ظالمه.
من مزاياهم حبهم للغتهم ولثقافتهم ولحضارتهم وتاريخهم رغم لونه الحالك.
من مزاياهم أن اللاجئ إليهم قد يجد عندهم الأمن والمأوى.
من مزاياهم حب النظام وقوة الاحساس بالقانون، والحفاظ على نظافة المدن وجمالها.
حقاً إن مزاياهم كثيرة!
ويقول المفكر علي عزت بيغوفتش رحمه الله:
" قوة العالم الغربي لا تكمن في طريقته في الحياة، وإنما في طريقته في العمل والعلم والشعور بالمسؤولية".
الدكتور شوقي أبو خليل يقول فيه:
"نظرت إلى واقع مدنية الغرب اليوم، فرأيتها مجرى جف ماؤه، يبحث عن مياه نهر صاف يرفده، ورأيت في الوقت ذاته الإسلام – اليوم – نهراً يبحث عن مجرى، نهراً منبعه حراء، ومعينه (اقرأ) ومنهله رحمة للإنسانية وقطراته ومياهه لأولي الألباب الذين يتفكرون ويعقلون … لقد علمنا التاريخ أن المعين غزير متدفق، فالإسلام نهر خالد لا يجف مجراه".
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول أديب العربية مصطفى صادق الرافعي في كتابه الفذ (وحي القلم):
"نمتاز على الأوربيين بقربنا من قوانين الكون، ففي أنفسنا ضوابط قوية متينة، إذا نحن أقررنا محاسن مدينتهم فيها، سبقناهم وكنّا الطبقة المصفّاة التي ينشدونها في إنسانيتهم الراهنة ولا يجدونها …
هذه الضوابط هي ما نمتاز به وهي ما تحتاج إليه أوربة".
ويقول العلامة الدكتور يوسف القرضاوي:
"الحضارة الغربية قدّمت للإنسان الغربي الوسائل، ولم تقدم له الغايات، قدمت له الرفاهية ولم تقدم له السكينة …. منحته المادة وسلبته الروح … أعطته العلم وحرمته الإيمان … هذا ما صنعه الغرب، ناهيك بما صنعه بغيره من الشعوب …. لقد قتل الغرب الآخرين ليحيا، وصنع من جماجمهم حجارة لبناء رفاهيته، وزخرف أبنيته بدمائهم… وإذا كان في الحضارة الغربية من خير، فكله قد سبق به الإسلام، ولسنا في حاجة إلى أن نتسوّل من غيرنا ونحن أغنياء"
يقول الدكتور عبد الكريم بكار:
"تسود في الغرب روح استهلاكية عارمة تدمّر كل شيء أتت عليه، من باب التعويض عن الخواء الروحي الرهيب الذي يعاني منه الإنسان الغربي، حقاً إن المجتمعات الغربية ما زالت قادرة على دفع التكاليف الباهظة للانهيار الأخلاقي والاجتماعي، وذلك من بقايا المنهوبات من عالم المستعمَرين، وبسبب الجهود والعبقريات الفذة، لكن حين تستحكم الأزمات الاقتصادية فإن الانهيار سوف يسير بخطى متسارعة"
ويقول الدكتور محمد عمارة:
"يعاني الغربيون من خلل توازن ثمرات الإبداع، ففي ميادين القوة والوفرة المادية قفزت حضارتهم قفزات عملاقة، على حين أصابها الفقر في غير هذين الميدانين، فافتقد إنسانها التوازن الحضاري، والاطمئنان الآمل …
إنه التوازن الأعرج الذي حقق لإنسان الحضارة الغربية قوة الوحوش الكاسرة، وشِبَع من يأكل في سبعة أمعاء، مع أقصى درجات القلق والعبثية، وانعدام المعنى الإنساني للحياة! "
يقول د. إسماعيل الفاروقي:
"الحضارة الغربية متصدعة مقبلة على انهيار تام، لا لضعف في قوتها بل لفساد في أساسها، أليس مسخاً للإنسان أن يتحدث الإنسان الغربي عن القيم، فيسألك عن الثمن؟! ".
أنور الجندي:
" يكمن زيف الحضارة الغربية في مقاتلها الحقيقية وهي: قيامها على الربا، ونسبية الأخلاق، وموقفها الفاسد من المرأة والأسرة والمجتمع" …
ويقول د. طه جابر العلواني:
"رغم أن الفكر الغربي نجح في التقدم العلمي، فإنه قصّر في مخاطبة الجوانب الإنسانية في المجتمع، وأصبحت الحضارة الغربية قائمة على صراع القوي ضد الضعيف"
ويقول العلامة المجدد ابن باديس رحمه الله:
"المدنيّة الغربية هي مدنيّة مادية في نهجها وغايتها ونتائجها، فالقوة عندها فوق الحق والعدل والرحمة والإحسان، قد عمّرت الأرض وأفسدت الإنسان"
د. حسن ظاظا:
"الحضارة الغربية قشرة رقيقة يختفي تحتها الوحش، وإذا أزيلت هذه القشرة استوى الأمريكي في نيويورك، وعضو الأكاديمية في باريس، وعضو المافيا في كولومبيا! "
الإمام محمد عبده:
"ما أهون الدم على من يعتقد أن خلاص العالم الإنساني من الخطيئة إنما كان بسفك الدم البريء على يد المعتدي الأثيم! "
الدكتور هشام الطالب:
" إن الغرب لديه بضاعة رديئة يتولى عرضها باعة مهرة , ولدينا بضاعة ممتازة يتولى عرضها باعة خائبون! ".
مستل من مقال:
الحضارة الغربية في قفص الاتهام
رؤية من الخارج
د. عبد المعطي الدالاتي
المصدر: http://www.saaid.net/Doat/dali/38.htm
وأقول:
روى مسلم في صحيحه بسنده: قَالَ الْمُسْتَوْرِدُ الْقُرَشِيُّ عِنْدَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ " فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَبْصِرْ مَا تَقُولُ. قَالَ: أَقُولُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ إِنَّ فِيهِمْ لَخِصَالًا أَرْبَعًا: إِنَّهُمْ لَأَحْلَمُ النَّاسِ عِنْدَ فِتْنَةٍ، وَأَسْرَعُهُمْ إِفَاقَةً بَعْدَ مُصِيبَةٍ، وَأَوْشَكُهُمْ كَرَّةً بَعْدَ فَرَّةٍ، وَخَيْرُهُمْ لِمِسْكِينٍ وَيَتِيمٍ وَضَعِيفٍ، وَخَامِسَةٌ حَسَنَةٌ جَمِيلَةٌ وَأَمْنَعُهُمْ مِنْ ظُلْمِ الْمُلُوكِ.
والسؤال:
هل المسلك السياسي عند الغربيين يمثل حقيقة القيم الإنسانية الغربية؟
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[17 Jan 2010, 05:32 م]ـ
أخي الكريم: حجازي الهوى.
هذه النقول التي نقلت عن البعض؛ يبدو على بعض أصحابها أنهم لم يسكنوا في الغرب ولم يقرؤوا عنه بما فيه الكفاية ..
إن دعوى أن في الغرب حرية هي دعوى خالية من الصحة تماما؛ فلا حرية إلا للمسيحي واليهودي والملحد؛ أما المسلم؛ فلا حرية له لا في ممارسة شعائره؛ ولا حتى في إقامة دروس في مسجده، أو في بيته؛ ولو كان يحمل عشرين جنسية أمريكية وأوربية ..
وكذلك دعوى أن القانون يطبق على القوي والضعيف فهي أقرب إلى النكتة منها إلى الواقع ..
وليكن في علم الجميع أن ما يسمى بالديمقراطية لا وجود له في الغرب؛ فالرئيس الأمريكي ورؤساء الدول الأوربية يعينهم لوبي يهودي؛ ولوبي الشركات الكبرى ..
ولا دخل لتصويت الشعب فيه ..
ولكنها لعبة محكمة مدروسة يعكف عليها آلاف الدكاترة المتخصصين في الخدع والمكر والضحك على ذقون الشعوب ..
يتبع ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[17 Jan 2010, 07:16 م]ـ
إن دعوى أن في الغرب حرية هي دعوى خالية من الصحة تماما؛ فلا حرية إلا للمسيحي واليهودي والملحد؛ أما المسلم؛ فلا حرية له لا في ممارسة شعائره؛ ولا حتى في إقامة دروس في مسجده، أو في بيته؛ ولو كان يحمل عشرين جنسية أمريكية وأوربية ..
وكذلك دعوى أن القانون يطبق على القوي والضعيف فهي أقرب إلى النكتة منها إلى الواقع ..
وليكن في علم الجميع أن ما يسمى بالديمقراطية لا وجود له في الغرب؛ فالرئيس الأمريكي ورؤساء الدول الأوربية يعينهم لوبي يهودي؛ ولوبي الشركات الكبرى ..
ولا دخل لتصويت الشعب فيه ..
ولكنها لعبة محكمة مدروسة يعكف عليها آلاف الدكاترة المتخصصين في الخدع والمكر والضحك على ذقون الشعوب ..
يتبع ..
أخانا الفاضل إبراهيم
الغرب فيه حرية وإن كانت نسبية وهذا الحرية لا توجد في كثير من البلدان الإسلامية مع الأسف الشديد.
الغرب عندهم قانون وعقد اجتماعي يحتكمون إليه وهو حق مكفول للصغير والكبير والغني والفقير وليس من الانصاف انكار الحقائق أخي الكريم.
بينما نجد أن المسلم في كثير من بلاد الإسلام ممتهنة كرامته منتقصة حريته التي كفلها له الإسلام.
أما ما ذكرته عن حرية المسلم في الغرب فهذا غير صحيح فالمسلمون في كثير من البلاد الأروبية وفي الولايات المتحدة ينعمون بحرية ممارسة الشعائر الدينية وتعليمها والدعوة إليها أكثر مما ينعم به كثير من الشعوب الإسلامية في بلدانهم.
نعم هناك بعض المتطرفين الذين تحركهم الصهوينية العالمية تحاول تقييد هذه الحرية ولكن ليس هذا هو الأصل في قانونهم وشريعتهم الوضعية.
أخانا الكريم الحضارة الغربية لها وعليها وديننا علمنا الإنصاف والله يقول:
" وإذا قلتم فاعدلوا"
هذا الموضوع طرحته من أجل أن نتعلم كيف نحكم ونقيم وكيف نستفيد مما عند الغير وهذا يحتاج منا إلى تجرد وموضوعية وعلم وعدم الانسياق وراء العاطفة.
والله من وراء القصد
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[17 Jan 2010, 07:54 م]ـ
أخي الكريم:
أنت تتكلم عن الحرية مقارنة بالدول الإسلامية ..
وأنا أتكلم عن الكلام المكتوب، والأفكار التي تفهم منه ..
لا مجال لمقارنة حرية الإنسان الغربي في وطنه، وحرية المسلم في وطنه ..
ولكن بعض من يسمعون عن الغرب دون مشاهدة، ودون قراءة بما فيه الكفاية يعتقد أن الكلام الذي نقلت عن بعض من نقلت عنهم أنه صحيح ..
وليس الأمر كذلك ..
وفرق بين الإنصاف الذي أمرنا الإسلام به؛ وبين الانخداع بالمظاهر؛ ودعوة الناس إلى أن ينخدعوا بها ..
وهذا ما أردت التنبيه عليه ..
وأنا مثلك شاركت في الموضوع من أجل أن نتعلم كيف نحكم، ونعدل في أحكامنا، بمعنى ننقل الواقع للقارئ كما هو؛ لا كما هي سياسة الإعلام: الرأي والرأي الاخر حتى ولو كان شاذا أو ضعيفا أو مخالفا للواقع المعاش ..
"ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى"
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[17 Jan 2010, 07:55 م]ـ
الشكر الجزيل للفاضل الكريم الأخ حجازي
جزاك الله خيراً عن نقلك واختيارك .. فاختيار المرء قطعة من عقله.
نظرة الإسلام لعمارة الأرض أنها ترتكز على فضائل الأمم (منافعها كما في عبارة الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى).
ولا تلتف إلى مخازيها وإن كانت تحذرها لا تجهلها على العموم.
(ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
والتعارف هنا هو بداية الطريق للتعامل، والتعارف هو عكس التناكر والتقوقع والانكفاء على الذات.
ولا يكون ذلك إلا بالبحث في مزايا الأمم ومناقبها.
وهو نوع من أنواع الثقافة الإسلامية وباب من أبوابها كما في كتب: (مناقب الأمم ومساوئها).
بل على مناقب الأفراد من باب أولى. "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا". أثبت للجاهليين خيرية يستفاد منها في الإسلام للإسلام.
كيف ستتقدم لإنسان وتدعوه إلى ما معك من خير وأنت في نفسك تحقر ذاته ولا تجد فيه ما يدفعك إلى النظر إليه؟
لابد أن يكون له في نظرك احترام إنساني ومزايا عقلية ومناقب في البلاد.
فمزية العرب إبان البعثة في فصاحتهم وشجاعتهم وكرمهم.
ومزية الروم في جلدهم وإصرارهم وتجددهم.
ومزية الحبشة والزنج في قوتهم وصبرهم.
ومزية الهنود في طيبتهم.
ومزية الفرس في حنكتهم.
بل يرغب الإسلام أهلَ الكتاب للدخول فيه بأن يكون لهم أجران (يؤتون أجرهم مرتين)، أجر إيمانهم الأول وأجر إيمانهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
جمع هذه الفضائل هو الطريق الذي يعمر الأرض ويطور الحياة، بلا إكراه في الدين.
أما الالتفات إلى تعيير الأمم وذكر مخازيهم ومساويهم فمن باب أخذ الحذر الذي لا يكون موصلاً من الوقيعة (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم). إلخ.
وإن كان الحذار أحياناً أشد من الوقيعة.
وكان من فضائل هذه النظرة أن امتصت الحضارة الإسلامية كل الحضارات التي كانت في الشرق وهيمنت عليها وصبغتها بصبغتها الربانية وأمدتها برونقها التوحيدي البديع.
وكانوا أحق بها وأهلها.
وكانوا أولى بها من أهلها.
وكان من فضائل ذلك أيضاً تحرير قضايا الفكر الإنساني (اللغة الأخلاق الشرائع الصنائع العلوم ... ) في وثائق مدونة بمعايير عالية الدقة، شارك فيها أفراد من كل تلك الأمم لا فرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود.
اللهم اجمع على الخير قلوبنا ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ ولا تجعل للشيطان بيننا سبيلاً ولا أدنى من ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[17 Jan 2010, 09:47 م]ـ
ولكن بعض من يسمعون عن الغرب دون مشاهدة، ودون قراءة بما فيه الكفاية يعتقد أن الكلام الذي نقلت عن بعض من نقلت عنهم أنه صحيح ..
وليس الأمر كذلك ..
وفرق بين الإنصاف الذي أمرنا الإسلام به؛ وبين الانخداع بالمظاهر؛ ودعوة الناس إلى أن ينخدعوا بها ..
.
أخانا إبراهيم
حفظك الله ورعاك
هل ممكن أن تحدد لنا الأمور التي تعترض عليها في كلام من نقلت عنهم؟
وأيضا هل ممكن أن تسمي لنا بعض من نقلت عنهم ممن ليس هو على اطلاع أو معرفة بالغرب؟
الأخ الفاضل عصام عبد الله المجرسي
شكر الله لك وجزاك خيرا
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[17 Jan 2010, 10:17 م]ـ
الأخ: حجازي الهوى.
الذي أعترض عليه بينته؛ وهو إطلاق: أن الغرب ينعم بالحرية، وأن فيه قانونا يطبق على القوي والضعيف، وعلى الغني والفقير، وهذا ليس صحيحا؛ بل الفقراء ينامون في الشوارع دون أغطية في الأماكن العامة في واشنطن، ولندن، ولا محل لهم من الإعراب في المجتمعات الغربية عموما، والتمييز العنصري على أساس اللون والدين بين المواطنين الأمريكيين أشهر من أن يشهر، وأظهر من أن يظهر ..
أما نقلك فهو موفق في مجمله؛ وفيه فوائد جمة ..
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[18 Jan 2010, 12:24 ص]ـ
والتمييز العنصري على أساس اللون والدين بين المواطنين الأمريكيين أشهر من أن يشهر ...
يبدو أن أخانا الكريم فى حاجة الى تحديث معلوماته العامة لأنها تبدو قديمة نوعا ما وغير مواكبة للأحداث المعاصرة
وأعجب ان كان لا يعلم بأن الرئيس الحالى للولايات المتحدة أسود اللون ومن أصول افريقية، بل وأحد آبائه مسلم الديانة
فان لم يك هذا من آيات الديمقراطية هناك ومن علاماتها الكبرى فماذا يكون اذن؟!
اما الذين ينامون هناك فى العراء فليسوا جميعا ضحايا نظام اجتماعى فاسد أو مختل
بل ان كثيرا منهم ليسوا الا صعاليك وكسالى قد اختاروا حياة الصعلكة بمحض ارادتهم على نمط جماعات (الهييبز) الشهيرة
وهذا لا يعنى أن المجتمعات الغربية بريئة تماما أو مثالية، بل ان لها مساوىء وآفات كثيرة كغيرها من المجتمعات
ولكن ليتنا نحن نحقق معشار ما حققوه فى بعض مجالات الحياة والتى أشار الأخ حجازى الى العديد منها
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[18 Jan 2010, 08:57 م]ـ
تحديث المعلومات العامة أولى منه تحديث المعلومات الخاصة ...
لا يهم أن يكون الرئيس أسود اللون أو أصفره؛ المهم أن يعمل لصالح العنصر المسيطر؛ وكلما نفق أو نهق حمار ركبنا حمارا آخر مهما كان لونه ..
هذا هو محل الخلل في الفهم ..
إن اللوبيات المسيطرة في الغرب لا تهمها هذه الشكليات؛ بل الذي يهمها هو أنك تتمتع بالحرية المطلقة ما دمت تسير وتعمل لصالحنا؛ فإن ملت يمينا أو يسارا قيد أنملة اتهمناك بتهمة الذئب وحكمنا عليك بما يحلو لنا، ولو كنت أصفر أو أبيض ..
ولا مانع عندي من تحديث معلوماتي؛ ولكن ينبغي لك أن تعلم أن التفرقة العنصرية على أساس اللون ما زالت باقية في أمريكا وفي كثير من الدول الأوربية حتى وقت كتابة هذه الكلمات، وابحث وستجد ذلك ..
أما التفرقة على أساس الدين؛ فينبغي للمدافع عن عدمها أن يخجل من نفسه، بعد أن شهد بها كثير من الأحزاب الأوربية، وما سويسرا منا ببعيد ..
اخرج من القمقم الفكري الذي يسجنك فيه الإعلام لترى الشمس في رابعة النهار ..
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 Jan 2010, 10:18 م]ـ
أخانا الفاضل إبراهيم
أتمنى عليك لو تترك الطابع الهجومي في ردودك حتى ولو كان على وجه المقبالة بالمثل وكذلك بقية الإخوة حتى لا يذهب جمال الحوار وفائدته.
أخانا إبراهيم
لا نقول إن المجتمعات الغربية منزهة عن كل عيب، بل إن فيها من العوار والعيوب والانحراف ما يندى له جبين الإنسانية.
ولكن الذي نريده من وراء هذا الحوار هو أن نتعلم كيف نحكم على ما عند الآخرين من منظور إسلامي صحيح.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[18 Jan 2010, 10:23 م]ـ
أخي: حجازي الهوى.
لطالما أعرضت ونبهت وطلبت عدم "شخصنة" الحوارات العلمية ..
ولكن يأبى بعض الإخوة هداهم الله تعالى إلا أن يبادروا إلى الهجوم الشخصي؛ فتأبى النفس الضعيفة إلا أن تبين عوار هذا المسلك ..
وكان الأجدر بك أن تنبه البادئ، والحوارات مسجلة؛ فالعدل أن تقول: ينبغي لفلان أن لا يقول كذا حيث أنه يحرج الآخرين ويجبرهم على الرد عليه؛ وهذا ما يخرج الحوار عن هدفه ..
ولا تنسى العدل الذي كتبت من أجله هذا الموضوع ..
وفقنا الله للعدل في الأحكام حتى على المخالفين ..
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[18 Jan 2010, 10:56 م]ـ
أما التفرقة على أساس الدين؛ فينبغي للمدافع عن عدمها أن يخجل من نفسه، بعد أن شهد بها كثير من الأحزاب الأوربية، وما سويسرا منا ببعيد ..
اخرج من القمقم الفكري الذي يسجنك فيه الإعلام لترى الشمس في رابعة النهار ..
سبحان الله العظيم!!
لماذا لم تقل هذا الكلام لأخينا الموقر حجازى الهوى حين قال لك:
أما ما ذكرته عن حرية المسلم في الغرب فهذا غير صحيح فالمسلمون في كثير من البلاد الأروبية وفي الولايات المتحدة ينعمون بحرية ممارسة الشعائر الدينية وتعليمها والدعوة إليها أكثر مما ينعم به كثير من الشعوب الإسلامية في بلدانهم.
نعم هناك بعض المتطرفين الذين تحركهم الصهوينية العالمية تحاول تقييد هذه الحرية ولكن ليس هذا هو الأصل في قانونهم وشريعتهم الوضعية.
أخانا الكريم الحضارة الغربية لها وعليها وديننا علمنا الإنصاف والله يقول:
" وإذا قلتم فاعدلوا"
فلماذا وجهت لى هذا الكلام الجارح الظالم مع أنى لم أقل ولو شيئا يسيرا مما قاله أخونا حجازى؟!
أم انه الكيل بمكيالين؟
فهل هذا هو العدل الذى طلبته من أخينا حجازى بقولك له:
ولا تنسى العدل الذي كتبت من أجله هذا الموضوع ..
وفقنا الله للعدل في الأحكام حتى على المخالفين ..
غفر الله للجميع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[19 Jan 2010, 12:57 ص]ـ
يبدو أن أخانا الكريم فى حاجة الى تحديث معلوماته العامة لأنها تبدو قديمة نوعا ما وغير مواكبة للأحداث المعاصرة
وأعجب ان كان لا يعلم بأن الرئيس الحالى للولايات المتحدة أسود اللون ومن أصول افريقية، بل وأحد آبائه مسلم الديانة
ألم تكن مشاركتي التي ذكرت إجابة على كلامك هذا؛ وأنت أول من بدأت به؟
وأي سخرية أشد من هذا أم أننا - بمستوانا العلمي المتواضع - لم نعد نفهم أساليب الإنشاء العربي البسيط؟
غفر الله للجميع، وسامحه على الدخول في هذه المشادات الكلامية التي لا تليق بالأطفال الصغار فضلا عن طلبة العلم ..
والله ثم والله إني ما قلت كلمة جارحة في هذا الملتقى إلا بعد كثير من السخرية مني ولمزي بالعبارات الجارحة؛ وفي كثير من الأحيان أجيب بقولي: "سلاما" وأنسحب من ذلك الحوار، أو على الأقل عن ذلك المحاور.
وكل المداخلات مسجلة ومحفوظة؛ فلماذا ننكر شيئا ماثلا للعيان؟
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[19 Jan 2010, 01:27 ص]ـ
وأي سخرية أشد من هذا أم أننا - بمستوانا العلمي المتواضع - لم نعد نفهم أساليب الإنشاء العربي البسيط؟
..
والله ثم والله إني ما قلت كلمة جارحة في هذا الملتقى إلا بعد كثير من السخرية مني ولمزي بالعبارات الجارحة
وأنا أقول:
والله ثم والله انى ما قصدت أبدا أن أسخر منك، وانما كنت أسدى لك النصح
وليست السخرية من شيمتى على الاطلاق، معاذ الله أن أفعل ذلك
ولكنك للأسف كثيرا ما تسىء الظن، ولا أدرى لماذا؟!
أصلح الله حالك وأحوالنا جميعا
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[19 Jan 2010, 02:29 م]ـ
سؤال: هل عند الغرب في الجانب الإنساني الاجتماعي ما يمكن أن يستفاد منه؟
والحق يقال ان الغرب في العلوم التطبيقية والانسانية قد بلغ مرحلة لم تصل إليها اي حضارة اخرى
اما العلوم التطبيقية (الطب, الهندسة, الكيمياء ... الخ) فالامر منتهي منه
واما العلوم الانسانية الاجتماعية فلديهم الكثير من التناقضات العجيبة فمثلاُ علوم البرمجة اللغوية ولغة الجسد و وسائل وقواعد التعامل مع الاخرين في المجتمع و العمل والبيت و وسائل تطوير الذات .. الخ كله هذه اصبحت من علوم عصرية و نقطة تركيز لدى الغرب وكتبه من اكثر الكتب مبيعاً في العالم عامة والغرب خاصة واشهر المؤلفين هم الغربيين
اما العلوم الاجتماعية الاخرى وإن قلت الصفات الاجتماعية كطاعة وبر الوالدين وصلة الرحم والجار والغيرة على الاعراض والمروءة وغيرها فهي اشياء مفقوده من مجتمعهم
ولعل السبب ان القسم الاول هو من ما يزيد رفاهيتهم وراحتهم في الحياة اما القسم الثاني فهو مبادئ وشمائل معنوية ليس لها قيمة في دنيا الماديات.
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[19 Jan 2010, 02:36 م]ـ
الدكتور شوقي أبو خليل يقول فيه:
"نظرت إلى واقع مدنية الغرب اليوم، فرأيتها مجرى جف ماؤه، يبحث عن مياه نهر صاف يرفده، ورأيت في الوقت ذاته الإسلام – اليوم – نهراً يبحث عن مجرى، نهراً منبعه حراء، ومعينه (اقرأ) ومنهله رحمة للإنسانية وقطراته ومياهه لأولي الألباب الذين يتفكرون ويعقلون … لقد علمنا التاريخ أن المعين غزير متدفق، فالإسلام نهر خالد لا يجف مجراه".
الله اكبر لقد اصاب كبد الحقيقة
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[19 Jan 2010, 06:47 م]ـ
ولكنك للأسف كثيرا ما تسىء الظن، ولا أدرى لماذا؟!
وهل هذا من إسداء النصح أيضا؟
فقط حتى أتعرف على منهجك في التعبير ..
هداك الله ..(/)
"كلاَّ " من "1" إلى "33"
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[17 Jan 2010, 04:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيد المرسلين
"كَلَّا"
وردت في كتاب الله في ثلاثة وثلاثين موضعاً:
"كَلَّا" (1)
الموضع الأول: في الآية 79 من سورة مريم
(أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)) سورة مريم
مناسبة نزول الآية:
روى البخاري رحمه الله تعالى عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَمِعْتُ خَبَّابًا قَالَ: جِئْتُ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ أَتَقَاضَاهُ حَقًّا لِي عِنْدَهُ فَقَالَ: لَا أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ "صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" فَقُلْتُ: لَا حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ:وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّ لِي هُنَاكَ مَالًا وَوَلَدًا فَأَقْضِيكَهُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
{أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا}.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى:
وقال بعض أهل العلم: إن مراده بقوله: لأوتين مالا وولدا الاستهزاء بالدين وبخباب بن الأرت رضي الله عنه، والظاهر أنه زعم أنه يؤتى مالا وولدا قياسا منه للآخرة على الدنيا، كما بينا الآيات الدالة على ذلك، كقوله:
"وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى" سورة فصلت من الآية (50)
وقوله: "أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (56) " سورة المؤمنون
وقوله: " وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ " سورة سبأ (35)، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى:
(أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا) سورة مريم (78)
اعلم أن الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة رد على العاص بن وائل السهمي قوله: إنه يؤتى يوم القيامة مالا وولدا، بالدليل المعروف عند الجدليين بالتقسيم والترديد، وعند الأصوليين بالسبر والتقسيم، وعند المنطقيين بالشرطي المنفصل.
وضابط هذا الدليل العظيم أنه متركب من أصلين:
أحدهما: حصر أوصاف المحل بطريق من طرق الحصر، وهو المعبر عنه بالتقسيم عند الأصوليين والجدليين، وبالشرطي المنفصل عند المنطقيين.
والثاني: هو اختيار تلك الأوصاف المحصورة، وإبطال ما هو باطل منها وإبقاء ما هو صحيح منها كما سترى إيضاحه إن شاء الله تعالى، وهذا الأخير هو المعبر عنه عند الأصوليين " بالسبر "، وعند الجدليين " بالترديد "، وعند المنطقيين، بالاستثناء في الشرطي المنفصل، والتقسيم الصحيح في هذه الآية الكريمة يحصر أوصاف المحل في ثلاثة، والسبر الصحيح يبطل اثنين منها ويصحح الثالث، وبذلك يتم إلقام العاص بن وائل الحجر في دعواه أنه يؤتى يوم القيامة مالا وولدا.
أما وجه حصر أوصاف المحل في ثلاثة فهو أنا نقول: قولك أنك تؤتى مالا وولدا يوم القيامة لا يخلو مستندك فيه من واحد من ثلاثة أشياء:
الأول: أن تكون اطلعت على الغيب، وعلمت أن إيتاءك المال والولد يوم القيامة مما كتبه الله في اللوح المحفوظ.
والثاني: أن يكون الله أعطاك عهدا بذلك، فإنه إن أعطاك عهدا لن يخلفه.
الثالث: أن تكون قلت ذلك افتراء على الله من غير عهد ولا اطلاع غيب.
وقد ذكر تعالى القسمين الأولين في قوله: " أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا"، مبطلا لهما بأداة الإنكار، ولا شك أن كلا هذين القسمين باطل ; لأن العاص المذكور لم يطلع الغيب، ولم يتخذ عند الرحمن عهدا، فتعين القسم الثالث وهو أنه قال ذلك افتراء على الله، وقد أشار تعالى إلى هذا القسم الذي هو الواقع بحرف الزجر والردع وهو قوله: كلا، أي: لأنه يلزمه ليس الأمر كذلك، لم يطلع الغيب، ولم يتخذ عند الرحمن عهدا، بل قال ذلك افتراء على الله ; لأنه لو كان أحدهما حاصلا لم يستوجب الردع
(يُتْبَعُ)
(/)
عن مقالته كما ترى.
"كلاّ" (2)
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)) سورة مريم
يقول الشوكاني رحمه الله تعالى:
"حكى سبحانه ما كان عليه هؤلاء الكفار الذين تمنوا ما لا يستحقونه، وتألوا على الله سبحانه من اتخاذهم الآلهة من دون الله لأجل يتعززون بذلك.
قال الهروّي: معنى {لّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً}: ليكونوا لهم أعواناً.
قال الفراء: معناه: ليكونوا لهم شفعاء في الآخرة.
وقيل: معناه ليتعززوا بهم من عذاب الله ويمتنعوا بها.
{كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بعبادتهم} أي ليس الأمر كما ظنوا وتوهموا، والضمير في الفعل إما للآلهة أي ستجحد هذه الأصنام عبادة الكفار لها يوم ينطقها الله سبحانه، لأنها عند أن عبدوها جمادات لا تعقل ذلك، وإما للمشركين، أي سيجحد المشركون أنهم عبدوا الأصنام، ويدل على الوجه الأوّل قوله تعالى: {مَا كَانُواْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} [القصص: 63] وقوله: {فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ القول إِنَّكُمْ لكاذبون} [النحل: 86] ويدلّ على الوجه الثاني قوله تعالى: {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23].
وقرأ ابن أبي نهيك: «كلا» بالتنوين، وروي عنه مع ذلك ضمّ الكاف وفتحها، فعلى الضم هي بمعنى جميعاً، وانتصابها بفعل مضمر، كأنه قال: سيكفرون كلا سيكفرون بعبادهم، وعلى الفتح يكون مصدراً لفعل محذوف تقديره: كل هذا الرأي كلا، وقراءة الجمهور هي الصواب، وهي حرف ردع وزجر {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} أي تكون هذه الآلهة التي ظنوها عزّاً لهم ضدّاً عليهم، أي ضدّاً للعزّ وضدّ العزّ: الذلّ، هذا على الوجه الأوّل، وأما على الوجه الثاني فيكون المشركون للآلهة ضدّاً وأعداء يكفرون بها بعد أن كانوا يحبونها ويؤمنون بها.
كَلَّا
قال الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي:
الوقف عليها هو الاختيار بجعلها ردّاً وزجراً وإنكاراً لما قبلها.
والمعنى: ليس الأمر كذلك. أي: لم يتخذ الكافر عند الله عهدا. وليس تكون لهم الآلهة لهم عزا.
فلتمكن الفائدة وتمام المعنى بالوقف عليها اخترنا ذلك.
وإن شئت ابتدأت بها على معنى: حقا سيكفرون. وحقا سنكتب ما يقول، تجعلهما تأكيداً لما بعدهما.
أو تبتدئ بهما على معنى: ألاَ سنكتب. وألاَ سيكفرون تجعلهما استفتاحاً للكلامفذلك جائز واسع والوقف: الاختيار.
فأما قراءة من قرأ: كُلاً سيكفرون بعبادتهم ـ بضم الكاف والتنوين والنصب ـ فلا يجوز الوقف عليها، وهي قراءة أبي نَهيك،قراءة شاذة.
انتهى. من كتاب: شرح كلا وبلى ونعم والوقف على كل واحدة منهن في كتاب الله عز وجل.
الفوائد التربوية من الآيات:
• ليس المهم أن تدعي شيئا ولكن المهم أن تقيم الحجة على دعواك.
• من يدعي شيئا لا يستطيع أن يقيم الحجة عليه يزري بنفسه.
• تفسير الواقع تفسيرا خاطئاً يودي إلى نتائج لا تسر في المستقبل.
• من الحمق أن تركن إلى من لست على ثقة من موقفه تجاهك.
• العلاقات غير المشروعة تعود بالوبال على أصحابها.
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[17 Jan 2010, 08:06 م]ـ
شكر الله لك ما وضحت ونفع به.
هل من الممكن أن تزيد توضيح معنى كلام الشنقيطي رحمه الله:"بالدليل المعروف عند الجدليين بالتقسيم والترديد، وعند الأصوليين بالسبر والتقسيم، وعند المنطقيين بالشرطي المنفصل". ولو بالإحالة على موضع تفصيل هذه المناهج؟
وجزاك الله خيرا
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[17 Jan 2010, 11:34 م]ـ
شكر الله لك ما وضحت ونفع به.
هل من الممكن أن تزيد توضيح معنى كلام الشنقيطي رحمه الله:"بالدليل المعروف عند الجدليين بالتقسيم والترديد، وعند الأصوليين بالسبر والتقسيم، وعند المنطقيين بالشرطي المنفصل". ولو بالإحالة على موضع تفصيل هذه المناهج؟
وجزاك الله خيرا
لقد شرح الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى الدليل وتأملي الموضوع وستجدين أن لا إشكال فيه فهو سهل ومباشر.
وإذا كان لك دراية بعلم الإصول فيمكن أن ترجعي إلى كتب الإصول، كالمستصفى للغزالي والبحر المحيط للزركشي وغيرهما في باب القياس.
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[18 Jan 2010, 12:33 ص]ـ
لي اطلاع في علم الأصول وليس لي دراية خبرة
(يُتْبَعُ)
(/)
لذلك لم أفهم فسألت التوضيح
جزاك الله خيرا
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 Jan 2010, 12:48 ص]ـ
ت
ع
د
يل
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 Jan 2010, 10:36 ص]ـ
" كلاَّ" (3)
(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)) سورة المؤمنون
قال: أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي رحمه الله:
"الوقف على "كلاّ" حسن بالغ وهو قول نافع وأبي حاتم على معنى: ليس الأمر كذلك فتكون رداً لما تمنى الكافر من الرجوع إلى الدنيا ليعمل صالحاً أي: إنه لو ردّ لم يعمل عملاً صالحاً، لأن الله تعالى قال: "وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ" سورة الأنعام من الآية 28
ويجوز الابتداء بـ"كلاّ" على معنى: ألا إنها كلمة، تجعل "كلاّ" بمعنى "ألاَ" لا فتتاح الكلام.
والوقف عليها أبلغ في المعنى وأتم.
وقد أجاز قوم الابتداء ب"كلاّ" ها هنا على معنى: حقاً، وذلك بعيد، لأنه يلزمه أن يفتح "أن" لأن "أن" بعد حقاً وبعد ما هو في معنى حقا مفتوحة تكون عند سيبويه وجميع البصريين.
فقد ذكر سيبويه وغيره: حقاً أنه منطلق ـ بفتح أنّ بعد "حقا" ـ وأنشد النحويون:
حقاً أنّ جيرتنا استقلوا،،،،،،،، فنيتنا ونيتهم فريق
بفتح أن بعد حقا.
وحكى سيبويه وغيره أنك إذا قلت: أما أنه منطلق، وجعلت "أما" بمعنى "حقا" فتحت "أنّ" فإن جعلتها بمعنى"ألاَ" كسرت "إن".
فعلى هذا تحمل "كلا" أيضا، لأنها بمنزلة "أمَا" لإي أنهما يقعان بمعنى "ألا" وبمعنى "حقا".
فهذا بين في وجوب فتح "أنَّ" بعد "كلا" إذا كانت بمعنى "حقا".
فلا يبتدأ بـ"كلاّ" في هذا الموضع ونظيره إلا وهو بمعنى "ألاَ"."
المصدر: كتاب شرح كلا وبلى ونعم والوقف على كل واحدة منهن في كتاب الله عز وجل
الفوائد التربوية من الآيات:
• من الغباء والحمق أن لا تخطط للمستقبل وأنت ترى الحياة تمضي ولا تثبت على حال.
• من العقل أن تخطط للمستقبل وأن تحتاط لتقلبات الدهر.
• التخطيط يجب أن يكون مبني على الأسباب التي توصل إلى النتائج الصالحة.
• التفريط يورث الندم.
• التحسر على ما فات لا يجدي، بل هو جزء من عقوبة التفريط.
• الأخذ بالأسباب المنتجة يحمى من الوقوع تحت سياط لوم النفس إذا تخلفت الثمرة، وقد تتخلف الثمرة لمصلحة راجحة يريدها الله.
• بعض الصالحين يتجاهل مثل هذه الفوائد التربوية في أمور معاشه زعما منه أنها ليست أولوية ومن ثم يقع في ورطة الحاجة إلى الغير والانشغال بالضروريات في وقت أحوج ما يكون للراحة والتفرغ لأمور الآخرة.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 Jan 2010, 10:26 م]ـ
"كلاَّ" (4)
(وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (10) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (11) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (12) وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (13) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (14) قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ (15)) سورة الشعراء
قال الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي:
"قوله تعالى:"فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ * قَالَ كَلَّا"
الوقف على "كلاَّ" حسن جيد ـ وهو قول نافع ونصير وغيرهما ـ على معنى: قال الله تعالى: ليس الأمر كما تقول. أي: لا يصلون إلى قتلك يا موسى.
وتبتدئ: فاذهبا ـ عل إضمار قول آخر ـ، لا تجعل: "فاذهبا" مقولاً محمولاً على القول الأول.
ويجوز الابتداء بـ" قال كلا فاذهبا" تجعله قولا واحدا.
و"كلاّ" بمعنى "ألا" على معنى: قال ألا فاذهبان تجعلها افتتاح كلام محكي.
ويجوز أن تكون "كلاّ" بمعنى "حقا"، أي: قال: حقا فاذهبا.
ولا يحسن أن تبتدئ بـ "كلاّ" لأن القول لا يوقف عليه دون المقول البتة."
المصدر: كتاب شرح كلا وبلى ونعم والوقف على كل واحدة منهن في كتاب الله عز وجل
الفوائد التربوية من الآيات:
• الحوار ضرورة بشرية.
• لا تنطلق في مهمة قبل أن تستجلي حقيقتها.
• التعرف إلى العقبات التي يمكن أن تواجهك أثناء أداء المهمة والبحث عن الحلول.
• لا تكلف من تظن أن لديه معوقات ذاتيه أو خارجية تحول دون أداء مهمته ولا يستطيع أن يتغلب عليها.
• الفصاحة والقدرة على المشافهة ضرورة لتبليغ الرسائل الشفوية على الأوجه الأكمل.
• طلب المعونة في أداء المهمة ممن يتوسم فيه القدرة أمر مشروع.
• التزود بالحجج والبراهين التي تعين على أداء المهمة.
• جواز ذكر القوم بما هم متلبسين به من المنكر إذا كان متحققا فيهم وفي ذلك مصلحة.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[20 Jan 2010, 02:12 م]ـ
"كلاّ" (5)
(فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62))
قال الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي:
"الوقف على "كلاّ" تمام حسن، على معنى: قال الله تعالى: لا يدركونكم. أي: ليس الأمر كما تظنون يا أصحاب موسى، ولا تجعل: "إن معي" مقولة بالقول الأول، لكن تضمر قولاً آخر، أي: قال إن معي ربي، فتكون الجملة على قولين.
ويجوز الابتداء بـ "قال كلاّ" على معنى: "قال ألا إن معي ربي" تجعلهما افتتاح كلام محكي كله.
ولا يحسن أن يبتدأ بـ " قال كلاّ" وتجعل "كلا" بمعنى "حقا" لأنه يلزم أن يفتح"إنّ" بعدها ولم يقرأ بفتح"أن" أحد.
ولا يجوز أن يبتدأ بـ"كلاّ" لأن القول لا يوقف عليه دون المقول البتة."
الفوائد التربوية من الآيات:
• احذر من البغي إذا حملتك قوتك عليه فإن عاقبة البغي وخيمة.
• الوهن أمام الخطر المحدق مفتاح الهزيمة.
• الثبات في المواقف الصعبة قد يقلب موازين القوة.
• لا تنساق وراء اليائسين.
• قاوم حتى اللحظة الأخيرة
• لا تترك ما أنت عليه من اليقين مهما كانت الظروف.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[20 Jan 2010, 06:08 م]ـ
"كلاّ" (5)
(فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62))
قال الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي:
"الوقف على "كلاّ" تمام حسن، على معنى: قال الله تعالى: لا يدركونكم. أي: ليس الأمر كما تظنون يا أصحاب موسى،
ولا تجعل: "إن معي" مقولة بالقول الأول، لكن تضمر قولاً آخر، أي: قال إن معي ربي، فتكون الجملة على قولين.: [/ color].
أعتقد أن التفسير المذكور قد جانب الصواب وأنه لا يخلو من تكلف ظاهر، فالذى هو الأوفق بالسياق أن يكون قائل (كلا) هنا هو موسى عليه السلام وليس الله عز وجل، وهذا ما كنت أعرفه من قديم، ولكن التفسير المذكور جعلنى أشك فيما علمته ودفعنى لمراجعة أمهات كتب التفسير، بل وحتى التفاسير الحديثة، فوجدتها كلها تؤكد ما كنت أعرفه من أن القائل هو موسى عليه السلام، لذا لزم التنويه
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[20 Jan 2010, 09:19 م]ـ
أخانا الفاضل العلمى
لم يقل مكي أن القائل "كلا" هو الله، وإنما هو يحكي معنى الآية لأن الآية كلام الله.
أما توجيهه للوقف على "كلا"
فهو يقول إن موسى قال أولاً:
قال كلا. نفي لظنهم، ثم قال في قول مستأنف: إن معي ربي سيهدين.
فتأملها حفظك الله
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[20 Jan 2010, 10:35 م]ـ
أخانا الفاضل العلمى
لم يقل مكي أن القائل "كلا" هو الله، وإنما هو يحكي معنى الآية لأن الآية كلام الله.
جزاك الله خيرا على التوضيح، وان كنت أرى أن العبارة ملتبسة المعنى
وقد زاد من هذا اللبس قوله:
أي: ليس الأمر كما تظنون يا أصحاب موسى
حفظكم الله
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[21 Jan 2010, 02:02 م]ـ
"كلا" (6)
(قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (22) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (23) قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (26) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27))
قال الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي:
"الوقف على "كلاّ" حسن بالغ، تجعلها ردا لوجود خلق لغير الله، لأن المعنى: قل أروني الذين ألحقتم به شركاء من الملائكة هل خلقوا شيئا؟ فتكون "كلاّ" معناها: لا، ما خلقوا شيئاً.
وقيل: إنها نفي ورد لوجود الشركاء لله عز وجل، أي: لا يقدرون على ذلك، ولا شريك له تعالى ذكره وهو قول أبي حاتم وغيره.
ويجوز أن يبتدأ بـ "كلاّ" على معنى: ألا بل هو الله، أو: حقا بل هو الله، فذلك سائغ وجائز.
والوقف عليها الاختيار."
الفوائد التربوية:
• عند طرح أسئلة حول قضايا متقررة في نفس المسئول فلا تنتظر منه الجواب لأن ذلك يفتح باب الجدل ويعطي الفرصة للالتفاف حول الموضوع والهروب من الوصول إلى النتيجة التي يجحدها المخالف.
• لفت نظر المحاور إلى النتائج المترتبة على المقدمات بأسلوب يستنزل طائره ولا يدفعه إلى المكابرة.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 Jan 2010, 12:46 ص]ـ
"كلا" (7)
(يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14) كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18)) سورة المعارج
قال الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي:
الوقف على "كلا" حسن مختار، على معنى: " لا ينجيه أحد ممن في الأرض ولو افتدى به"
وقيل: المعنى: انتهوا وازدجروا إن الذي تعذبون به لظى.
ويجوز الابتداء بـ "كلا" على معنى " ألا إنها لظى" تجعلها افتتاح كلام.
ولا يحسن أن يبتدأ بـ "كلا" على معنى "حقا" لأنه يلزم فتح "أن" على ما تقدم ذكرنا له. والفتح لم يقرأ به أحد.
الفوائد التربوية:
• النفس الإجرامية نفس أنانية لا تقيم للآخرين وزنا مهما كانت الصلة بينه وبينهم.
• من الحمق أن تدير ظهرك لحقائق الكون مغتراً بأوهامك.
• ذكر الأوصاف الجالبة للعقوبة أنفع في تغيير السلوك من ذكر الأشخاص المتصفين بها.(/)
السبر والتقسيم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 Jan 2010, 12:56 ص]ـ
يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى:
المسألة الأولى:
اعلم أن هذا الدليل الذي هو السبر والتقسيم تكرر وروده في القرآن العظيم، وقد ذكرنا الآن مثالين لذلك أحدهما في «البقرة» والثاني في «مريم» كما أوضحناه آنفاً. وذكر السيوطي في الإتقان في كلام على جدل القرآن مثالاً واحداً للسبر والتقسيم ومضمون المثال الذي ذكره باختصار هو ما تضمنه قوله تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مَّنَ الضأن اثنين وَمِنَ المعز اثنين} [الأنعام: 143] الآيتين، فكأن الله يقول للذين حرموا بعض الإناث كالبحائر والسوائب دون بعضها، وحرموا بعض الذكور كالحامي دون بعضها:
لا يخلوا تحريمكم لبعض ما ذكر دون بعضه من أن يكون معللاً بعلة معقولة أو تعبدياً.
وعلى أنه معلل بعلة فإما أن تكون العلة في المحرم من الإناث الأنوثة، ومن الذكور الذكورة.
أو تكون العلة فيهما معاً التخلق في الرحم، واشتمالها عليهما.
هذه هي أقسام التي يمكن ادعاء إناطة الحكم بها. ثم بعد حصر الأوصاف بهذا التقسيم نرجع إلى سبر الأقسام المذكورة.
أي اختبارها ليتميز الصحيح من الباطل فنجدها كلها باطلة بالسبر الصحيح، لأن كون العلة الذكورة يقتضي تحريم كل ذكر وأنتم تحلون بعض الذكور، فدل ذلك على بطلان التعليل بالذكورة لقادح النقص الذي هو عدم الاطراد.
وكون العلة الأنثوية يقتضي تحريم كل أنثى كما ذكرنا فيما قبله.
وكون العلة اشتمال الرحم عليهما يقتضي تحريم الجمع. وإلى هذا الإبطال أشار تعالى بقوله: {قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأنثيين أَمَّا اشتملت عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأنثيين} [الأنعام: 143] أي فلو كانت العلة الذكورة حرم كل ذكر. ولو كانت الأنوثة لحرمت كل أنثى. ولو كانت اشتمال الرحم عليهما لحرم الجميع. وكون ذلك تعبدياً يقتضي أن الله وصاكم به لا واسطة. إذ لم يأتكم منه رسول بذلك. فدل ذلك على أنه باطل أيضاً، وأشار تعالى إلى بطلانه بقوله: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَآءَ إِذْ وَصَّاكُمُ الله بهذا} [الأنعام: 144] ثم بين أن ذلك التحريم بغير دليل من أشنع الظلم، وأنه كذب مفترى وإضلال بقوله:
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً لِيُضِلَّ الناس بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين} [الأنعام: 144] ثم أكد عدم التحريم في ذلك بقوله: {قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَآ أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً على طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ} [الأنعام: 145].
والحاصل - أن إبطال جميع الأوصاف المذكورة دليل على بطلان الحكم المذكور كما أوضحنا.
ومن أمثلة السبر والتقسيم في القرآن قوله تعالى: {أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخالقون} [الطور: 35] فكأنه تعالى يقول: لا يخلو الأمر من واحدة من ثلاث حالات بالتقسيم الصحيح.
الأولى - أن يكونوا خُلقوا من غير شيء أي بدون خالق أصلاً.
الثانية - أن يكونوا خلقوا أنفسهم.
الثالثة - أن يكون خلقهم خالق غير أنفسهم.
ولا شك أن القسمين الأولين باطلان، وبطلانهما ضروري كما ترى، فلا حاجة إلى إقامة الدليل عليه لوضوحه.
والثالث - هو الحق الذي لا شك فيه، وهو جلا وعلا خالقهم المستحق منهم أن يعبدوه وحده جل وعلا.
واعلم أن المنطقيين والأصوليين والجدليين كل منه يستعملون هذ الدليل في غرض ليس هو غرض الآخر من استعمال، إلا أن استعماله عند الجدليين أعم من استعماله عند المنطقيين والأصولين.
المسألة الثانية
اعلم أن مقصود الجدلين من هذا الدليل معرفة الصحيح والباطل من أوصاف محل النزاع، وهو عندهم يتركب من أمرين:
الأول - حصر أوصاف المحل.
والثاني - إبطال الباطل منها وتصحيح مطلقاً، وقد تكون باطلة كلها فيتحقق بطلان الحكم المستند إليها، كآية {قُلْ ءَآلذَّكَرَيْنِ} [الأنعام: 143] المتقدمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يكون بعضها باطلاً وبعضها صحيحاً: كآية «مريم والبقرة، والطور» التي قدمنا إيضاح هذا الدليل في كل واحدة منها. وهذا الدليل أعم نفعاً، وأكثر فائدة على طريق الجدليين منه على طريق الأصوليين والمنطقيين.
المسألة الثالثة
اعلم أن السبر والتقسيم عند الأصوليين يستعمل في شيء خاص، وهو استنباط علة الحكم الشرعي بمسلك السبر والتقسيم.
وضابط هذا المسلك عند الأصوليين أمران:
الأول - هو حصر أوصاف الأصل المقيس عليه بطريق من طرق الحصر التي سنذكر بعضها إن شاء الله تعالى.
والثاني - إبطال ما ليس صالحاً للعلة بطريق من طرق الإبطال التي سنذكر أيضاً بعضها إن شاء اله تعالى.
وزاد بعضهم أمراً ثالثاً - وهو الإجماع على أن حكم الأصل معلل في الجملة لا تعبدي، والجمهور لا يشترطون هذا الأخير، والحاصل - أنه هذا الدليل يتركب عند الأصوليين من أمرين:
الأول - حصر أوصاف المحل.
والثاني - إبطال ما ليس صالحاً للعة، فإن كان الحصر والإبطال معاً قطعيين فهو دليل قطعي، وإن كانا ظنين أو أحدهما ظنياً فهو دليل ظني. ومثال ما كان الحصر والإبطال فيه قطعيين قول الله تعالى:
{أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخالقون} [الطور: 35] لأن حصر أوصاف المحل في الأقسام الثلاثة قطعي لا شك فيهن لأنهم إما إن يخلقوا من غير شيء أو يخلقوا أنفسهم أو يخلقهم خالق غير انفسهم. لا رابع البتة. وإبطال القسمين الأولين قطعي لا شك فيه فيتعين أن الثالث حق لا شك فيه. وقد حذف في الآية لظهوره.
فدلالة هذا السبر والتقسيم على عبادة الله وحده قطعية لا شك فيها، وإن كان المثال بهذه الآية للقطعي من هذا الدليل إنما يصح على المراد به عند الجدليين دون الأصوليين، لأن المراد التمثيل للقطعي من هذا الدليل ولو بمعناه الأعم، والقطعي منه لا يمكن الاختلاف فيه. واما الظني فإن العلماء يختلفون فيه لاختلاف ظنون المجتهدين عند نظرهم في المسائل. وقد اختلفوا في الربا في أشياء كثيرة كالتفاح ونحوه. والنورة ونحوها بسبب اختلافهم في إبطال ما ليس بصالح فيقول بعضهم هذا وصف يصح إبطاله، ويقول الآخر: هو ليس بصالح فيلزم إبطاله كقولهم مثلاً في حصر أوصاف البر الذي هو الأصل مثلاً المحرم فيه الربا إذا أريد القياس الذرة عليه مثلاً، أما إن يكون علية تحريم الربا في البر الكيل أو الطعم أو الاقتيات والادخار أوهما وغلبة العيش به أو المالية والملكية فيقول المالكي غير الاقتيات والادخار باطل، والكيل هو العلة التي هي مناط الحكم، ويستدل على ذلك بأحاديث كحديث حيان بن عبيد الله عند الحاكم، وفيه بعد ذكر الستة التي يمنع فيها الربا. وكذلك كل ما يكال أو يوزن وبالحديث الصحيح الذي فيه. وكذلك الميزان كما قدمناه مستوفى في سورة البقرة في الكلام على آية الربا. ويقول الشافعي غير الطعم باطل والعلة في تحريم الربا في البر الطعم، ويستدل بحديث معمر بن عبد الله مسلم «الطعام بالطعام مثلاً بمثل» الحديث كما تقدم إيضاحه أيضاً في البقرة. وهذا النوع من القياس الذي يختلف المجتهودن في العلة فيه هو المعروف عند أهل الأصول بمركب الأصل، وأشار إليه في مراقي السعود بقوله:
وإن يكن لعلتين اختلفا ... تركب الأصل لدى من سلفا
وأشار إلى مركب الوصف بقوله:
مركب الوصف إذا الخصم منع ... وجود ذا الوصف في الأصل المتبع
والقياس المركب بنوعيه المذكورين لا تنهض الحجة به على الخصم خلافاً لبعض الجدليين. وإلى كون رده بالنسبة للخصم المخالف هو المختار. أشار في مراقي السعود بقوله:
ورده انتفى وقيل يقبل ... وفي التقدم خلاق ينقل
والضمير في قوله «ورده» راجع إلى لمركب بعينه وهذا هو الحق. فلا تنهض الحجة بقول الشافعي إن العلة في تحريم الربا في البر الطعم - على الحنفي والحنبلي القائِلينِ إنها الكيل كالعكس وهكذا. أما في حق المجتهد ومقلِّديه فظنه المذكور حجة ناهضة له ولمقلديه. واعلم أن لحصر اوصاف المحل طِرقاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
منها أنْ يكون الحصر عقلياً كما قدمنا في آية {أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخالقون} [الطور: 35]. وكقولك: إما أنْ يكون النَّبي صلى الله عليه وسلم عالماً بهذا الأمر الذي تدعوا الناس إليه أو غير عالم به: كما يأتي إيضاحه. فأوصاف المحل محصورة في الأمرين المذكورين إذا لا ثالث البتة. أنه لا واسطة بين الشيء ونقيضه كما هو معروف. ومنها أن يدل على الحصر المذكور إجماع. ومثل بعض الأصوليين بإجبار البكر البالغة على النكاح عند من يقول به. فإن علة الإجبار إما الجهل بالمصالح، وأما البكارة: فإن قال المعترض: أين دليل حصر الأوصاف في الأمرين؟
أجيب - بأنه الإجماع على عدم التعليل بغيرهما فلو ادعى المستدل حصر أوصاف المحل، فقال المعترض: أين دليل الحصر؟
فقال المستدل بحثتُ بحثاً تاماً عن أوصاف المحل فلم أجد غير ما ذكرت، أو قال: الأصل عدم غير ما ذكرت، فالصحيح أن هذا يكفيه في إثبات الحصر. فإن قال المعترض: أنا أعلم وصفاً زائداً لم تذكره. قيل له: بينه، فإن لم يبينه سقط اعتراضه. وإن بيَّن وصفاً زائداً على الأوصاف التي ذكرها المستدل بطل حصر المستدل بمجرد إبداء المعترض الوصفَ الزائد. إلا أن يبين المستدل أنه لا يصلح العلية فيكون إذاً وجوده وعدمه سواءً. وقول من قالك أنه لا يكفيه قوله: بحثتُ فلم أجد غير هذا - خلاف التحقيق. وأشار في مراقي السعود إلى هذا المسلك من مسالك العلة بقوله:
والسبر والتقسيم قسم رابع ... أن يحصر الأوصاف فيه جامع
ويبطل الذي لها لا يصلح ... فما بقي تعيينه متضح
معترض الحصر في دفعه يرد ... بحثت ثم بعد بحثي لم أجد
أو انعقاد ما سواها الأصل ... وليس في الحصر لظن حظل
وهو قطعي إذا ما نميا ... للقطع والظني سواه وعيا
حجية الظني عند الأكثر ... في حق ناظر وفي المناظر
إن يبد وصفاً زائداً معترض ... وفي به دون البيان الغرض
وقطع ذي السبر إذاً منحتم ... والأمر في إبطاله منبهم
وقوله في هذه الأبيات «في حق ناظر وفي المناظر» محله ما لم يدع المناظر علة غير علته، وإن ادعاها فلا تكون علة أحدهما حجة على الآخر، كما أوضحناه آنفاً، وكما أشار له بقوله المذكور آنفاً «ورده انتفى. .» الخ.
وإذا حصل حصر أوصاف المحل فإبطال غير الصالح منها له طرق معروفة:
(منها) بيان أو الوصف طردي محض، إما بالنسبة إلى جميع الأحكام كالطول والقصر، البياض والسواد، أو بالنسبة إلى خصوص الحكم المتنازع في ثبوته أو نفيه، كالذكورة والأنوثة بالنسبة إلى آيات العتق، فإنه لا فرق في أحكام العتق بين الذكر والأنثى، لأن الذكورة والأنوثة بالنسبة إليه وصفان طرديان وإن كانا غير طرديين في غير العتق كالإرث والشهادة، والقضاء وولاية النكاح.
فإن الذكر في ذلك ليس كالأنثى. ويعرف كون الوصف طردياً (اي لا مدخل له في التعليل أصلاً) باستقراء موارد الشرع ومصادره، أما مطلقاً، وإما في بعض الأبواب دون بعضها كما قدمناه آنفاً.
ومثال إبطال الطردي في جميع الأحكام - ما جاء في بعض روايات الحديث في المجامع في رمضان. فإن في بعض الروايات أنه أعرابي. وفي بعضها أنهُ جاء ينتف شعره ويضرب صدره. والقاعدة المقّرَّرة في الأصول: أن المثال لا يعترض. لأن المراد منه بيان القاعدة. ويكفي فيه الفرض ومطلق الاحتمال، كما أشار له في مراقي السعود بقوله:
والشأن لا يعترض المثال ... إذ قد كفى الغرض والاحتمال
فإذا عرفت ذلك فاعلم: أنه كونه أعرابياً، وكونه جاء يضرب صدره وينتف شعره من أوصف المحل في هذا الحكم وهي أوصاف يجب إبطالها وعدم تعليل وجوب الكفار بها. لأنها أوصاف طردية لا تحصل من إناطة الحكم بها فائدة أصلاً، فالأعرابي وغيره في ذلك سواء. ومن جاء في سكينة ووقار، ومن جاء يضرب صدره وينتف شعره في ذلك سواء أيضاً. ومثال الإبطال يكون الوصف طريداً في الباب الذي فيه النزاع دون غيرهِ وحديث «من أعتق شركاً له في عبد وكان له مال يبلغ ثمن العبدِ قوم العبد عليه قيمة عدل، فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد. .» الحديث، وهو متفق عليه من حديث ابن عمر، وقد قدمنا في سورة «الإسراء والكهف» فلفظُ العبد الذكر في هذا الحديث وصف طردي فمن أعتق شركاً له في أمة فكذلك. لأنه عرف من استقراء الشرع أن
(يُتْبَعُ)
(/)
الذكورة والأنوثة بالنسبة إلى العتق وصفان طرديان لا تناط بهما أحكام العتق، وإن كانت الذكورة والأنوثة غير طرديين في غير العتق كالميراث والشهادة كما تقدم، والوصف الطردي في اصطلاح أهل الأصول: هو ما عُلمَ من الشرع إلغاؤه وعدم اعتباره، لأنه ليس في إناطة الحكم به مصلحة أصلاً فهو خالٍ من المناسبة، ومن طرق الإبطال بعد ثبوت الحصر إلا تظهر للوصف مناسبة. والمناسبة في اصطلاح أهل الأصول: هي كون إناطة الحكم بالوصف تترتب عليها مصلحة فعدم المناسبة المذكورة من طرق إبطاله في مسلك السبر، وإن كان عدم ظهر المناسبة في الوصف لا يبطله في بعض المسالك غير السبر كالإيماء على الأصح والدوران.
فالأحوال ثلاثة:
الأول: أن تظهر المناسبة، وظهورها لا بد منه في مسلك السبر ومسلك المناسبة والإخالة.
الثاني: إلا تظهر المناسبة ولا عدمها. وهذا يكفي في الدوران والإيماء على الصحيح.
الثالث: أن يظهر عدم المناسبة، فيكون الوصف طردياً كما تقدم قريباً.
ومن طرق الإبطال بعد ثبوت الحصر - كون الوصف ملغي وإن كان مناسباً للحكم المتانزع فيه، ويكون الإلغاء باستقلال الوصف المستبقي بالحكم دونه في صورة مجمع عليها.
حكاه الفهري. ومثاله - قول الشافعي: إن الكيل والاقتيات ونحو ذلك أوصاف ملغاة بالنسبة إلى تحريم الربا في ملء كفٍّ من البُرِّ. لأنه لا يُكال ولا يُقات لقلته. فعلة تحريم الربا فيه الطعم لاستقلال علة الطعم بالحكم دون غيرها من الأوصاف في هذه الصورة، والقصد مطلق التمثيل، لا مناقشه الأمثلة.
ومن طرق الإبطال بعد ثبوت الحصر - كونُ الوصف الذي أبقاهُ المستدل متعدياً من محل الحكم إلى غيره، والوصفُ الَّذي يريد المعترض إبقاءَه قاصرٌ على محل الحكم.
قال صاحب (الضياء اللامع): وذلك يشبه تعارضَ العلة المتعدية والقاصرة، وهو كما قال، ومثاله: اختلاف الأئَّمة رحمهم الله في علة الكفارة في الإفطار عمداً في نهار رمضان. فبعضهم يقول: العلة في ذلك خصوص الجماع. وبعضهم يقول: العلة في ذلك انتهاك حرمة رمضان. فكونُ الوصف المعلل به في هذا الحكم الجماع يقتضي عدم التعدي عن محل الحكم إلى غيره، فلا تكون كفارة غلا في الجماع خاصة. وكونه في هذا الحكم انتهاكُ حرمة رمضان يقضي التعدي من محل الحكم إلى غيره، فتلزم الكفارة في الأكل والشرب عمداً في نهار رمضان بجامع انتهاك حرمة رمضان في الجميع من جمَاع وأكلٍ وشُربٍ، فيترجح هذا الوصف بكونه متعدياً على الآخر لقصوره على حمل الحكم وقصدنا التمثيل لا مناقشة الأمثلة، ولا ينافي ما ذكرنا أن يأتي من يقول: العلة الجِمَاع بمرجحات أخر لعلته، وأشار في مراقي السعود إلى طرق الإبطال المذكورة بقوله:
أبطل لما طردا يرى ويبطل ... غير مناسب له المنخول
كذلك بالإلغا وإن قد ناسيا ... ويتعدى وصفه الذي اجتبى
هذا هو حاصل كلام أهل الأصول في المقصود عندهم بهذا الدليل الذي هو السبر والتقسيم.
المسالة الرابعة
اعلم أن المقصود من هذا الدليل المذكور عند المنطقيين يخالف المقصود منه عند الأصوليين والجدليين. فالتقسيم عند المنطقيين لا يكون إلا في الوصاف التي بينها تنافٍ وتنافر، وهذا التقسيم هم المعبَّر عنه عندهم بالشرطي المنفصل. ومقصودهم من ذكر تلك الأوصاف المتنافية هم أنْ يستدلوا بوجود بعضها على عدم بعضها، أو بعدمه على ووجوده، وهذا هو المعبر عنه عندهم (بالاستثناء في الشرطي المنفصل) وحرف الاستثناء عندهم هو «لكن» والتنافي المذكور بين الأوصاف المذكورة يحصره العقل في ثلاثة أقسام:
لأنه إما أن يكون في الوجود والعدم معاً، أو الوجود فقط، أو العدم فقط، ولا رابع البتة.
فإن كان في الوجود والعدم معاً فهي عندهم الشرطية المنفصلة المعروفة بالحقيقية، وهي مانعة الجميع والخلو معاً، ولا تتركب إلا من النقيضين، أو من الشيء ومساوي نقيضه وضابطها أن طرفيها لا يجتمعان معاً ولا يرتفعان معاً. بل لا بد من وجود أحدهما وعدم الآخر، وعدم اجتماعها لما بينهما من المنافرة والعناد في الوجود، وعدم ارتفاعهما لما بينهم في العدم، وضروبها الأربعة منتجة، كما لو قلت: العدد إما زوج أنتج فهو فرد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو قلت: لكنه غير فرد أنتج فهو زوج. وضابط قياسها أنه يرجع إلى الاستدلال بعدم النقيض، أو مساوية على وجود النقيض، أو مساوية كعكسه.
وإن كان التنافر والعناد بين طرفيها في الوجود فقط - فهي مانعة الجمع المجوزة للخلو، ولا يلزم فيها خصر الأوصاف ولا تتركب إلا من قضية وأخص من نقيضها، وضابطها: أن طرفيها لا يجتمعان لما بينهما من المنافرة والعناد في الوجود، ولا مانع من ارتفاعهما لعدم العناد والمنافرة بينهما في العدم، ومانعة الجمع المذكورة ينتج من قياسها ضربان، ويعقم منه ضربان. ومثالها قولك:
الجسم إما أبيض، وإما أسود، فإن استثناء عين كل واحد من الطرفين ينتج نقيض الآخر.
بخلاف استثناء نقيض أحدهما فلا ينتج شيئاً. فلو قلت: الجسم إما أبيض، وإما أسود لكنه أبيض، أنتج فهو غير أسود. وإن قلت: لكنه أسود أنتج فهو غير أبيض. بخلاف ما لو قلت: لكنه غير أبيض فلا ينتج كونه أسود. لأن غير الأبيض صادق بالأسود وغيره. وكذلك لو قلت: لكنه غير أسود فلا يتنج كونه أبيض لصدق غير الأسود بالأبيض وغيره، فلا مانع من انتفاء الطرفين وكون جسم غير ابيض وغير أسود. لأن مانعة الجميع تجوز الخلو من الطرفين بأن يكونا معدومين معاً. وإنما جاز فيها الخلو من الطرفين معاً لواحد من سببين:
الأول - وجود واسطة أخرى غير كرفي القضية المذكورة. فقولنا في المثال السابق: الجسم إما أبيض، وإما أسود يجوز فيه الخلو عن البياض والسواد لوجوده واسطة أخرى من الألوان غير السواد والبياض. كالحمرة والصفرة مثلاً. فالجسم الأحمر مثلاً غير ابيض ولا أسود.
السبب الثاني - ارتفاع المحل، كقولك: الجسم إما متحرك أو ساكن، فإنه إن انعدم بعض الأجسام الني كانت موجودة ورجع إلى العدم بعد الوجود فإنه يرتفع عنه كل من طرفي القضية المذكورة فلا يقال للمعدوم: هو ساكن ولا متحرك، لأن المعدوم ليس بشيء، بدليل قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً} [مريم: 9]، وقوله {أَوَلاَ يَذْكُرُ الإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً} [مريم: 68].
وإن كان العناد والمنافرة بين طرفيها في العدم فقط - فهي مانعة الخلو المجوزة للجمع. وهي عكس التي ذكرنا قبلها تصوراً وإنتاجاً، ولا تتركب إلا من قضية وأعم من نقيضها. وضابطها - أن طرفيها لا يرتفعان لما بينهما من المنافرة والعناد في العدم، ولا مانع من اجتماعهما لعدم المنافرة والعناد بينهما في الوجود.
ومثالها: الجسم إما غير أبيض، وإما غير أسود، فإن هذا المثال قد يجتمع فيه الطرفان فلا مانع من وجود جسم موصوف بأنه غير أبيض وغير أسود، كالأحمر فإنه غير أبيض وغير أسود، ولكنه لا يمكن بحال وجود جسم خالٍ من طرفي هذه القضية التي مثلنا بها، فيكو خالياً من كونه غير ابيض وغير أسود.
لأنك إذا نفيت غير أبيض أثبت أنه أبيض، لأنه نفي النفي إثبات. وإذا أثبت أنه أبيض استحال ارتفاع الطرف الثاني الذي هو غير الأسود لأن الأبيض موصوف ضرورة بأنه غير أسود، وهكذا في الطرف الآخر.
لأنك إذا نفيت غير اسود أثبت أنه أسود، وإذَا أثبت أنه أسود لزم ضرورة أنه غير أبيض، وهو عين الآخر من طرفي القضية المذكورة، وقياس هذه ينتج منه الضربان العقيمان في قياس التي قبلها، ويعقم منه الضربان المنتجان في قياس التي قبلها.
فتبين أن استثناء نقيض كل واحد من الطرفين في قياس هذه الأخيرة ينتج عين الآخر، وأن استثناء عين الواحد منهما لا ينتج شيئاً.
فقولنا في المثال السابق: الجسم إما غير أبيض وإما غير أسود لو قلت فيه لكنه أبيض أنتج، فهو غير أسود. ولو قلت: لكنه أسود أنتج فهو غير أبيض، بخلاف ما لو قلت: لكنه غير أبيض فلا ينتج نفي الطرَف الآخر ولا وجوده، لأن غير الأبيض يجوز أن يكون أسود، ويجوز أن يكون غير أسود بل أحمر أو أصفر. وكذلك لو قلتك لكنه غير أسود لم يلزم منه نفي الطرف الآخر ولا إثباته، لأن غير الأسود يجوز أن يكون أبيض وغير أبيض لكونه أحمر مثلاً - هذه خلاصة موجزة عن هذا الدليل المذكور في نظر المنطقيين.
* المصدر: أضواء البيان، تفسير سورة مريم، الآية 78
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Jan 2010, 09:41 ص]ـ
للفائدة ينظر هذا الموضوع القديم:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=1483(/)
مناقشة حول " لطيفة للقرطبي" مبشرة ... ولكن ....
ـ[أنين الحق]ــــــــ[18 Jan 2010, 02:09 ص]ـ
في تفسير القرطبي لقوله تعالى:
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (النساء 54)
قال:" أم يحسدون محمداً على ما أحل الله له من النساء فيكون المُلك العظيم على هذا أنّه أحل لداود تسعا وتسعين امرأة ولسليمان أكثر من ذلك.
واختار الطبري أن يكون المراد ما أوتيه سليمان من الملك وتحليل النساء.
والمراد تكذيب اليهود والرد عليهم في قولهم: لو كان نبيا ما رغب في كثرة النساء ولشغلته النبوة عن ذلك، فأخبر الله ـ تعالى ـ بما كان لداود وسليمان يوبخهم، فأقرت اليهود أنه اجتمع عند سليمان ألف امرأة ... وعند داود مئة امرأة .... وكان له يومئذ ـ صلى الله عليه وسلم ـ تسع نسوة.
ثم قال القرطبي: إن سليمان ـ عليه السلام ـ كان أكثر الأنبياء نساء.
والفائدة في كثرة تزوجه أنه كان له قوة أربعين نبيا، وكل من كان أقوى فهو أكثر نكاحا.
وفرَّع القرطبي على ذلك لطيفة هي:
"أن كل من كان أتقى فشهوته أشد، لأن الذي لا يكون تقيا فإنما ينفرج بالنظر والمس، ألا ترى ما روى في الخبر: (العينان تزنيان واليدان تزنيان) رواه مسلم.
فإذا كان في النظر والمس نوع من قضاء الشهوة قلَّ الجماع، والمتقي لا ينظر ولا يمس فتكون الشهوة مجتمعة في نفسه فيكون أكثر جماعا.
وقال أبو بكر الوراق: كل شهوة تقسي القلب إلا الجماع فإنه يصفي القلب، ولهذا كان الأنبياء يفعلون ذلك."
المناقشة:أولا: هل مثل هذه اللطائف تخدش الحياء؟
ثانيا: لو كانت تخدش الحياء فلم قيدها الإمام القرطبي وهو من هو؟
ثالثا: هل هذه يطلق عليها المقوله المشهورة:" ليس كل ما يقرأ يقال" ولماذا؟
رابعا: ما رأيكم في الربط بين اللطيفة والحديث الصحيح؟
رابعا: هل نستطيع فهم هذه اللطيفة على أنها تحمل بشارة للمتدينين أو الملتزمين في شبابهم وحياتهم الغريزية وفي نفس الوقت يستفيق بها الشباب الضائع ويستفيد منها؟
خامسا: إذا كانت هذه حقيقة لها ما بعدها فهل نستطيع نشر مثل هذه اللطائف دعويا؟
سادسا: ما النتائج المترتبة على نشر مثل هذه الفوائد في مجتمعاتنا المحافظة وانعكاسها على تاليها؟
من خلال هذا الطرح يدور النقاش فمرحبا ألف
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Jan 2010, 07:11 ص]ـ
المناقشة: أولا: هل مثل هذه اللطائف تخدش الحياء؟
هذه المسائل تصلح للنقاش بين بعض الفئات دون بعض، ومثلها كثير في كتب أهل العلم في الفقه والحديث والتفسير وغيرها من فنون العلم الشرعي. والمنهج منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم يشير إلى جواز نقاش مثل هذه المسائل في حدود الأدب واللياقة وحسن اختيار المكان والمخاطب المناسب. وتدوينها في كتب العلم حرصاً على توثيقها جعلها تقع في يد كل أحد كما تفضلتم. ويبقى دور المعلم والمربي قائماً بحسن التوجيه والبيان لمثل هذه اللطائف وموضعها من العلم. حيث إنها مما يدخل تحت عموم فضل الله الذي آتاه الله آل إبراهيم عليهم الصلاة والسلام.
ثم إن عبارة (تخدش الحياء) عبارة هلامية، فما يخدش حياء بعضهم قد لا يخدش حياء الآخر بحسب تربيته التي نشأ عليها في بيئته، ولا شك أن كمال الحياء ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كان أشد حياء من العذراء في خدرها، وهو القدوة عليه الصلاة والسلام.
ثانيا: لو كانت تخدش الحياء فلم قيدها الإمام القرطبي وهو من هو؟
لو كان يرى أنها مما لا ينبغي ذكره لما قيدها، لكن العلماء استجازوا مثل ذلك في كثير من المسائل ولولا تقييدهم لها لذهب العلم بها، وهي مسألة علمية صحيحة لا مطعن فيها من حيث العلم والتجربة تؤيد ذلك غالباً. ويبقى موضوع إثارتها محل اجتهاد ونقاش. ولا يزال الرجال يتفاخرون بقدرتهم في هذه الأمور ويتندرون فيما بينهم بها، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم محل قدوة في ذلك لمن وفقه الله لحسن الاقتداء والعدل.
ثالثا: هل هذه يطلق عليها المقوله المشهورة:" ليس كل ما يقرأ يقال" ولماذا؟
أوافقك على أن هذه المقولة تنطبق على هذه المسألة، في بعض المواقف. لكن لا بأس بها في موقف علمي مناسب يتدارس فيه ما تدل عليه هذه الآية، وكلام هؤلاء العلماء الأكابر كافٍ للدلالة على قبولها، وهم أكثر ورعاً وأدباً منا.
رابعا: ما رأيكم في الربط بين اللطيفة والحديث الصحيح؟
ربطٌ موفق، فكثرة الإمساس تقل الإحساس. ومن أدمن النظر إلى الحرام قل استمتاعه بالحلال، والكلام في هذا طويل مبسوط في مواضع متفرقة من الكتب، والقصص.
رابعا: هل نستطيع فهم هذه اللطيفة على أنها تحمل بشارة للمتدينين أو الملتزمين في شبابهم وحياتهم الغريزية وفي نفس الوقت يستفيق بها الشباب الضائع ويستفيد منها؟
ألق نظرة على بعض الاستشارات الطبية في عدد من المواقع المتخصصة لترى صدق هذا الفهم، فمن حفظ الله في جوارحه حفظه الله في صحته وشبابه، ومن أرخى العنان لشهواته فقدها حيث يحتاجها، والجزاء من جنس العمل.
خامسا: إذا كانت هذه حقيقة لها ما بعدها فهل نستطيع نشر مثل هذه اللطائف دعويا؟
الحكيم يعرف متى ينتفع بمثل هذه الفوائد، فليست مما يأخذ طابع النشر العام فيما يظهر، وإن كان اطلاع القراء عليها ينفعهم ويذكرهم بأمور لا تنفك حاجتهم إليها، ولن يتوقف عندها إلا القلة.
سادسا: ما النتائج المترتبة على نشر مثل هذه الفوائد في مجتمعاتنا المحافظة وانعكاسها على تاليها؟
من خلال هذا الطرح يدور النقاش فمرحبا ألف
هذه تحتاج أن تقوم بتوزيع استبانات تستطلع من خلالها رأي الجمهور وتخرج بعدها بنتائج علمية عن الأثر المترتب بعد أخذها حظها من الوقت. وهذه مسألة تربوية لها أهلها المعنيون بها.
ونحن نقول مرحباً بك ألف، وجزاك الله خيراً على حسن عرضك لنقاشك، ولعله هو الذي دفعني للمشاركة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فداء]ــــــــ[18 Jan 2010, 08:27 ص]ـ
"أن كل من كان أتقى فشهوته أشد،
ليست قاعدة تنطبق على كل الناس ولا على أغلبهم، وقد خلق الله ُ الناسَ متفاوتين في مقدار شهواتهم، و التقوى توجه الإنسان إلى قضاء الشهوة بالحلال.
فإذا كان في النظر والمس نوع من قضاء الشهوة قلَّ الجماع، والمتقي لا ينظر ولا يمس فتكون الشهوة مجتمعة في نفسه فيكون أكثر جماعا.
النظر واللمس والكلمة المسموعة بل وحتى المقروءة كلها قد تثير الشهوة، ومن الناس من لا تنقضي شهوته إلا بالجماع، ومنهم من تنقضي شهوته بمقدماته.
والنظرة والفكرة هي التي تثير الشهوة، فلو كان التقي مثلاً يقرأ القرآن بتدبر وكل عقله وروحه مع القرآن لما فكر بالجماع، إنما الذي يحرض على ذلك النظرة أو الفكرة.
المناقشة:أولا: هل مثل هذه اللطائف تخدش الحياء؟
ثانيا: لو كانت تخدش الحياء فلم قيدها الإمام القرطبي وهو من هو؟
إن جُعلت هي الموضوع الأصلي ومحل التفصيل فهي تخدش الحياء، أما الإمام القرطبي فقد ذكرها ضمن مواضيع كثيرة ولطائف عديدة، ولم يصنف فيها كتابًا! ولا حتى رسالة، وفي هذا فرق؛ فتأمل.
خامسا: إذا كانت هذه حقيقة لها ما بعدها فهل نستطيع نشر مثل هذه اللطائف دعويا؟
سبحان الله، وهل هذا مما تحتاجه الأمة الآن، تأمل في حالنا رحمك الله ستجد آلافًا وآلافًا من المواضيع التي هي أحق بالنشر، ولكل حال مقال!
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[18 Jan 2010, 03:28 م]ـ
الأخوة الكرام،
"أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ".
1. لو صدر هذا التفسير عن معاصر لاشتد عليه النكير.
2. من أين لهم رحمهم الله أن الحسد كان في هذه المسألة. وأي تقزيم لمعنى الفضل والملك العظيم مثل هذا؟!
3. الخلل أخي الكريم ليس في الاستنتاج الذي سميته لطيفة ولكن في المقدمة التي تم البناء عليها.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 Jan 2010, 04:10 م]ـ
في تفسير القرطبي لقوله تعالى:
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آَتَيْنَا آَلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (النساء 54)
قال:" أم يحسدون محمداً على ما أحل الله له من النساء فيكون المُلك العظيم على هذا أنّه أحل لداود تسعا وتسعين امرأة ولسليمان أكثر من ذلك.
واختار الطبري أن يكون المراد ما أوتيه سليمان من الملك وتحليل النساء.
يا أنين الحق ليس هذا اختيار الطبري
الطبري اختياراته في الآية هو ما يلي:
قال أبو جعفر: وأولى التأويلين في ذلك بالصواب، قولُ قتادة وابن جريج الذي ذكرناه قبل: أن معنى"الفضل" في هذا الموضع: النبوّة التي فضل الله بها محمدًا، وشرّف بها العرب، إذ آتاها رجلا منهم دون غيرهم لما ذكرنا من أن دلالة ظاهر هذه الآية، تدلّ على أنها تقريظٌ للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رحمة الله عليهم، على ما قد بينا قبل. وليس النكاح وتزويجُ النساء = وإن كان من فضْل الله جل ثناؤهُ الذي آتاه عباده = بتقريظ لهم ومدح.
لقول في تأويل قوله: {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54)}
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: أم يحسد هؤلاء اليهود = الذين وصف صفتهم في هذه الآيات = الناسَ على ما آتاهم الله من فضله، من أجل أنهم ليسوا منهم؟ فكيف لا يحسدون آل إبراهيم، فقد آتيناهم الكتاب = ويعني بقوله:"فقد آتينا آل إبراهيم"، فقد أعطينا آل إبراهيم، يعني: أهله وأتباعه على دينه "الكتاب"، يعني كتاب الله الذي أوحاه إليهم، وذلك كصحف إبراهيم وموسى والزّبور، وسائر ما آتاهم من الكتب.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية = وهي قوله:"وآتيناهم ملكًا عظيمًا" = القولُ الذي رُوي عن ابن عباس أنه قال:"يعني ملك سليمان". لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب، دون الذي قال إنه ملك النبوّة، ودون قول من قال: إنه تحليلُ النساء والملك عليهن. لأن كلام الله الذي خوطب به العرب، غيرُ جائز توجيهه إلا إلى المعروف المستعمل فيهم من معانيه، إلا أن تأتي دلالةٌ أو تقوم حُجة على أن ذلك بخلاف ذلك، يجبُ التسليم لها."
المصدر: تفسير الطبري
ـ[أنين الحق]ــــــــ[19 Jan 2010, 12:08 ص]ـ
.
أشكركم يا أهل التفسير جميعا على المرور وأقول زادكم ربي من فضله وأخص فضيلة المشرف العام بمزيد تقدير لترحيبه.
أما عن الأمه الإسلامية وكونها ليست في حاجة لمثل هذا كما قال {الأخ أو الأخت} فداء فلست معها من قبيل ولا دبير لأنه ـ أو لأنها ـ لا تعلم أن في مصر مثلا كل أربع وعشرين ساعة يتم طلاق وانفضاض ثمان أسر لأسباب من أهمها:
عدم معرفة الواجبات الملقاة على عاتق الرجل والتي من أجلها غادرت السيدة المصونة والجوهرة المكنونة ـ الزوجة ـ بيت أبيها ومن ألطف هذه الواجبات التي ليست عند الأب ولا الأخ ولا العم ولا الخال ولا .... ولا ... العفة واللقاء الحلال الذي أصبح لأسباب من أهمها:
النت الإباحي المفرغ للشهوات الساكب لرجولة الرجال، والفضائيات المجرمة الفاضحة تغادر المرأة بيت الزوجية وعندما تسأل عن سبب المغادرة لا تجد جوابا مطلقا ثم يظهر في النهاية أنه فشل اللقاء الجنسي.
ومن هنا فالأمة تنهار بانهيار بيوتها وطلاق نسائها وفساد رجالها والعدو خلف العقارات المنشطة التي أضاعت القوى الحسية للرجولة والرجال.
فعندما نقول لا تنظر إلى الحرام لتجد المتعة في الحلال كما قال أهل التفسير أهل القرآن أهل الله وخاصة ومنهم القرطبي ـ إن شاء الله ـ نكون قد أصبنا وأثمرنا ـ إن شاء الله تعالى ـ.
وبعد هذا لا ترى يا أخ " فداء " صدارة هذه اللطيفة التي يشم من كلام أبي عمرو البيراوي عدم تصديقه بأنها لطيفة؟؟؟
ثم إن الأخ أو الأخت فداء تعترض على كلام القرطبي: أن كل من كان أتقى فشهوته أشد فتقول:" ليست قاعدة تنطبق على كل الناس ولا على أغلبهم "
فعلى من إذن تنطبق؟ هذه واحدة
أما الثانية: من أين لك هذا الاستقراء والقول به من الصعوبة بمكان على الرجال والنساء بل هو مستحيل كما لا يخفى على لبيب مثلكم. هلا اطلعتنا على مصدر هذه المعلومة؟؟؟
أما كون هذا ليس اختيارا للطبري فلعل الأخ صاحب الهوى الحجازي ـ حفظه الله ـ محقا ولكن العذر لأنيني
كون القرطبي ـ عينه ذاته ـ حكي ذلك الاختيار وراجع نص القرطبي تجد ما نصصت عليه فيه.
وأهلا بكم من جديد.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[19 Jan 2010, 12:33 ص]ـ
.
أما كون هذا ليس اختيارا للطبري فلعل الأخ صاحب الهوى الحجازي ـ حفظه الله ـ محقا ولكن العذر لأنيني
كون القرطبي ـ عينه ذاته ـ حكي ذلك الاختيار وراجع نص القرطبي تجد ما نصصت عليه فيه.
وأهلا بكم من جديد.
شكر الله لك وموضوعك موضوع جيد وممكن أن يستفاد منه تربويا.
وما ذكرت عن القرطبي فهو صحيح وقد اطلعت عليه.
وفقك الله لكل خير.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[19 Jan 2010, 11:58 ص]ـ
أحيي الإخوة جميعا بداية من صاحب الموضوع" اللطيفة " مرورها بالدكتور عبد الرحمن وفداء وأبي عمرو وانتهاء بحجازي الهوى وأقول:
لعل القول المطروح على بساط النقاش يظهر ثقافة اجتماعية جنسية أسرية متعقلة متعففة متداولة على ألسنة العلماء الربانيين، بل يفتح بابا من الأبواب الموصدة في دنيا العلماء التقليديين وذلك بعد أن طرق هذا الباب من لا خلاق لهم فضلوا عن سواء السبيل وأضلوا، وكأن صاحب هذا الموضوع يدق ناقوسا ينبه من خلاله كل ذي شهوة أن يضعها دون نقص في موضعها الذي أراده ربه إذ اللذة في الإسلام حق والهوى حق والشهوة حق والملاعبة حق واللهو البريء حق، هذا الحق هو من مسوغات دخول الجنة بل إصابة الفردوس الأعلى منها، أليس مولانا عز وجل يقول: [قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)]
عندما نجد امرأة تسأل نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن احتلام المرأة في زمن الطهر والعفاف وتستغرب السيدة أم سلمة منها هذا الاستفهام ويرد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دون أدنى مواربة وفي أعالى درجات الأدب غير مسفه ولا مبدع ولا ...... ولا ...
عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ:
جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ ـ تَعْنِي وَجْهَهَا ـ وَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ قَالَ: نَعَمْ تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا. رواه البخاري ومسلم.
فإن هذا يجرنا إلى فتح هذه الأبواب الموصدة أمام من لا يعرفها ـ كما فعل صاحب المشاركة الأم الذي أحييه.
والفقير يوافق على الكتابة والخطابة والجهر بالحق من خلال تقليب قضايانا ولكن في ثوبها الائق بها الذي لا يخرج عن أدب القرآن في حديثه. ولعل هذا رأي من سبقني بالتعليق على هذا الموضوع.
وفق الله الجميع لما يحبه ربي ويرضاه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[19 Jan 2010, 01:15 م]ـ
دكتور عبد الفتاح
يمشي الهوينا ويجي في الأول
سلام الله عليك وعلى قلمك المسدد
ـ[أبو المهند]ــــــــ[19 Jan 2010, 06:11 م]ـ
دكتور عبد الفتاح
يمشي الهوينا ويجي في الأول
سلام الله عليك وعلى قلمك المسدد
سلمكم الله يا حبيبنا " حجازي الهوى" وهداكم ـ دوما ـ إلى الطيب من القول وهدانا معكم إلى صراط الحميد.
ـ[يسري خضر]ــــــــ[19 Jan 2010, 08:09 م]ـ
يقول عبد الحليم ابو شقة مؤلف "موسوعة تحرير المرأة في عصر الرسالة"
ينبغي أن نكون على ذكر من أن الله سبحانه وتعالى، قد أنزل في كتابة الكريم من أمور الجنس شيئا كثيرًا، وفيه شواهد تطبيقية على أن ذكر الأمور الجنسية في مناسبتها لا يتعارض مع الحياء بوجه من الوجوه، وقد أنزل الله كتابه نورًا لعباده، ويسره لهم ليتلوه جميعا ويتدبره الرجل والمرأة والشاب والشيخ، فقال تعالى: "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" (سورة القمر الآية: 40) كما ينبغي أن نكون على ذكر أيضا من أنه ورد في السنة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها". رواه البخاري ومسلم.
ولم يمنع هذا الحياء الجم- بل البالغ أقصى درجات الكمال، لم يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يعلم الناس أمور الجنس، ويستمع إلى أسئلتهم وشكاواهم المتعلقة بالجنس في سماحة ويسر، حتى وإن كانت بعض تلك الأسئلة والشكاوي صارخة التعبير.
ونؤكد أنه ينبغي أن تكون لنا القدوة الحسنة في آيات كتاب الله العزيز وفي سنة رسوله الأمين فنتعلم منهما النهج السوي في الحديث عن أمور الجنس نهجًا يتسم بسمو في التعبير -مما يتوافق مع الحياء السوي، كاستعمال الكناية والمجاز، حيث يغنيان عن الحقيقة، والإشارة حيث تغني عن العبارة، والتلميح حيث يغني عن التصريح، والإجمال حيث يغني عن التفصيل، على أن الحياء السوي لا يتعارض مع نوع من التصريح أحيانا، أو مع شيء من التفصيل أحيانا، حتى يكون البيان أكمل بيان.
وسنعرض هنا مجموعة شواهد تبين كيف عالج القرآن الكريم في أدب كثيرًا من القضايا التي لها علاقة بالأعضاء التناسلية أو بالمتعة الجنسية، فقدم بذلك للمؤمنين والمؤمنات ثقافة جنسية رصينة، ثم نعرض شواهد أخرى تبين كي تأسَّى رسولنا صلى الله عليه وسلم بالقرآن العظيم، وكذلك صحابته الكرام ثم بعده، فعالجوا جميع تلك القضايا في وضوح، وهو على أتم الحياء وأكمله في الوقت نفسه، فبدافع من الحياء كانوا يقفون من الحديث عند قدر الحاجة لا يتجاوزونها، وكانوا يتحرون الجد ويجتنبون الهزل وكانوا يقصدون المصلحة لا المفسدة، رائدهم دائما العفاف والطهر لا المجون ولا الفجور0000 ثم يقول:
لا حرج في ذكر المحيض والطهر وفي ذكر الرفث إلى النساء ومس النساء، ما دامت المناسبة مشروعة، والأسلوب راقيًا، والهدف هو مصلحة المؤمنين والمؤمنات في دينهم ودنياهم 0
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Jan 2010, 08:59 م]ـ
فوائد قيمة شكر اللهُ لمن دوَّنها وأثارها، والنقاش العلمي الهادف يزيد في العلم والعقل.
والإمام القرطبي رحمه الله بحسب تجربتي مع هذا الكتاب النفيس يَهِمُ كثيراً في نسبة الأقوال إلى العلماء من أهل التفسير والنحو وغيرها. فوهمه في نسبة الاختيار للطبري لعله من هذا الجانب، ولعل هذا الاستدراك من أخي حجازي الهوى تفيدني وغيري في ضرورة مراجعة كلام العالم في موضعه الأصلي أولاً للتثبت من صحته، ثم النقاش بعد ذلك، وأنا تسرعتُ في التعليق ثقةً بما نقله أخي أنين الحق غفر الله لي وله ولكم، حيث إن سوقه للكلام يدل على علمه وفطنته، فلم أر حاجة للمراجعة، ولكنَّ التثبت خُلُقٌ علميٌّ عريق لا يُنقصُ مِن قَدْرِ الناقل.
ـ[أنين الحق]ــــــــ[21 Jan 2010, 12:09 ص]ـ
ولعل هذا الاستدراك من أخي حجازي الهوى تفيدني وغيري في ضرورة مراجعة كلام العالم في موضعه الأصلي أولاً للتثبت من صحته، ثم النقاش بعد ذلك
صدقتم ومحضتم النصح جزاكم الله خير الجزاء.
وأنا تسرعتُ في التعليق ثقةً بما نقله أخي أنين الحق غفر الله لي وله ولكم،
اللهم آمين
حيث إن سوقه للكلام يدل على علمه وفطنته، فلم أر حاجة للمراجعة، ولكنَّ التثبت خُلُقٌ علميٌّ عريق لا يُنقصُ مِن قَدْرِ الناقل.
الحقيقة أن ما تفضلتم به سعادة مشرفنا ومشرَّفنا هو عين النصفة وهو موضع الاهتمام ـ إن شاء الله تعالى ـ فالتثبت العلمي واجب بلا منازع.
لكن عذري أن بيت القصيد ومعقد الفائدة ليس في اختيار أحد على الإطلاق، إذ سوق عبارة " وهو اختيار الطبري " ليس غاية أو مقصد بتاتا لذا لم أجنح إلى الرجوع إلى صاحب هذا الاختيار.
وبيت القصيد هو قول القرطبي ـ مناط النقاش وما من أجله سيق الكلام ـ بغض النظر عن أن يكون هذا اختياره أو اختيار غيره.
وما تفضلتم به مكانه السويداء من القلب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[21 Jan 2010, 12:19 ص]ـ
لا حرج في ذكر المحيض والطهر وفي ذكر الرفث إلى النساء ومس النساء، ما دامت المناسبة مشروعة، والأسلوب راقيًا، والهدف هو مصلحة المؤمنين والمؤمنات في دينهم ودنياهم 0
بارك الله فيكم يا دكتور يسري وحفظك في حلك وترحالك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Feb 2010, 09:16 م]ـ
جزاكم الله خيراً ووفقكم.
وعذرك مقبول أخي أنين الحق قبل أن تعتذر حيث إن ما وقع فيه الخطأ ليس موضع النقاش حقاً، ولكننا نذكر هذا للفائدة لنا وللقارئ بارك الله فيكم.
للفائدة
عثرت في مكتبتي على كتاب بعنوان:
(منهج القرآن في تهذيب الغريزة الجنسية وتحريم الخمر والمخدرات) للدكتور شحات حسيب الفيومي، طبع الطبعة الأولى عام 1414هـ
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 Feb 2010, 10:11 م]ـ
عثرت في مكتبتي على كتاب بعنوان (منهج القرآن في تهذيب الغريزة الجنسية وتحريم الخمر والمخدرات) للدكتور شحات حسيب الفيومي، طبع الطبعة الأولى عام 1414هـ
ما شاء الله كتاب يظهر نفعه من عنوانه ولعلى أفيد منه عندما تتم اللقية بيني وبين فضيلتة فهو عميد كليتنا الحالي ولعلكم يا أبا عبد الله قد عاصرتموه في شريعة أبها.
وفقه الله وإياكم لما يحبه ربي ويرضاه.(/)
ألفاظ القران عند السامرائي
ـ[العمري]ــــــــ[18 Jan 2010, 11:09 ص]ـ
.. لا ريب ان الالفاظ هي اداة القران في تعبيره فالناظر في القران والمتأمل في آياته يجب ان يستوعب دلالات معاني هذه الالفاظ وكيف استعملها القران ن خلال سبر اغوار المفردة بطول القران وعرضه فلا يكفي معرفة المعنى المعجمي للمفردة فقط اذ ان القران له استعمال خاص للمفردة العربية المكونة لآيات هذا الكتاب العزيز.
والدكتور فاضل السامرائي يعي هذا تماما لذلك افرد لهذه المفردة كتابا كاملا هو (بلاغة الكلمة في التعبير القراني) حيث كان دافعه لتأليف هذا الكتاب كما يقول " لم ار كتابا يبحث في المفردة في القران الكريم ويبوبها على موضوعات ويجمع ما تشابه من ذلك ويدرسه فحاولت ان اضع بداية متواضعة في هذا الموضوع " (1) وفي الكتاب عدة امور منها:-
الحذف والذكر
يقرر الدكتور فاضل السامرائي ان القران " يحذف من الفعل للدلالة على ان الحدث اقل مما لم يحذف منه وان زمنه اقصر ونحو ذلك فهو يقتطع من الفعل للدلالة على الاقتطاع من الحدث او يحذف منه في مقام الايجاز والاختصار بخلاف مقام الاطالة والتفصيل " (2) " ومن ذلك على سبيل المثال قوله تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) القدر4 وقوله (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِين تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ) الشعراء 221 - 223فقال في هذه الايات (تَنَزَّلُ) في حين قال: (إِنَّ
(الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
فصلت 30 فقال في ايتي القدر والشعراء (تَنَزَّلُ) بحذف احد التاءين وقال في فصلت: (تتنزل) من دون حذف وذلك والله اعلم ان التنزل في اية فصلت اكثر مما في الايتين الاخريين ذلك ان المقصود بها: ان الملائكة تنزل على المؤمنين عند الموت لتبشره بالجنة وهذا يحدث على مدار السنةفي كل لحظة ففي كل لحظة يموت مؤمن مستقيم فتتنزل لتبشره بالجنة فأعطى الفعل كل صيغته ولم بحذف منه شيئا واما لية الشعراء فان التنزل فيها اقل لان الشياطين لا تتنزل على كل الكفرة وانما تتنزل على الكهنة او على قسم منهم وهم الموصوفون بقوله (كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ) ولا شك ان هؤلاء ليسوا كثيرا في الناس وهم ليسوا بكثرة الاولين ولا شطرهم بل هم قلة فاقتطع من الحدث فقال: (تنزل) بحذف احد التاءين. وكذل ما في سورة القدر فان تنزل الملائكة انما هو في ليلة واحدة في العاموهي ليلية القدر فهو اقل من التنزل الذي يحدث باستمرار على من بحضره الموت فاقتطع من الحدث (3) ومثلها الفاظ (توفاهم/ تتوفاهم) و (تفرقوا/تتفرقوا) و (تولوا /تتولوا) وغيرها (4) وليس الفعل بل واي كلمة تختلف عن اختها في زيادة حرف او نقصانه.
الابدال
وهو وضع مفردة بدلا عن مفردة اخرى شبيهه بها مثال ذلك مكة وبكة في قوله تعالى (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) ال عمران 96 وفي الفتح (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) الفتح24 " فقال في اية ال عمان (بكة) وقال في الفتح (مكة) وسبب ايرادها بالباء في ال عمران ان الاية في سياق الحج (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) فجاء بالاسم (بكة) من لفظ (البك) الدال على الزحام لانه في الحج يبك الناس بعضهم بعضا أي يزحم بعضهم بعضا وسميت (بكه) لانهم يزدحمون فيها وليس السياق كذلك في اية الفتح فجاء بالاسم المشهور لها اعني (مكة) بالميم. (5) ومشابه لذلك (بسطة/بصطة) و (اللائي/اللاتي) وغيرها (6).
المترادفات
(يُتْبَعُ)
(/)
في القران الفاظ مترادفة كثيرة ولا يكفي المعنى المعجمي للتعليل نظر لتقارب المعنى لهذه المترادفات ولكن للدكتور فاضل السامرائي طريقته في تعليل الاختلاف بين المترادفات واختيار تلك المفردة عن غيرها فهو يلجأ للسياق وكذلك النسق التعبيرية وجو النص وما يناسبه من مترادفة وثالثة باحصاء اعداد تلك المفردة وكثرة ورودها في موضع عن اخر كعلة في مجيئها ومن ذلك الفرق بين جاء وأتى في الاستعمال يقول الدكتور فاضل السامرائي " والذي استبان لي ان القران الكريم يستعمل المجيء لما فيه صعوبة ومشقة او لما هو اصعب واشق مما يستعمل له (أتى) فهو يقول مثلا (فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ) المؤمنون 27 وذلك لان المجيء فيه مشقة وشدة وقال (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ) ق19 فاختار لما هو اصعب واشق (جاء) ولما هو ايسر (اتى) " (7) فهو لم يخلص الى الرأي الا بعد استقراء كل الايات التي المفردتين متكأ على معاجم الللغة ودلالات الالفاظ .. ومن ذلك الفرق بين أرسل وبعث " فالبعث قد يكون فيه معنى الارسال وقد يكون الانهاض فالمقام في سورة الشعراء مقام زيادة تحد وقوة مواجهة قال ملأ فرعون (وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ) فلم يكتفوا بالارسال بل ارادوا ان ينهضوا من المجتمع حاشرين علاوة على الرسل وهؤلاء من مهمتهم الاثارة وتهييج الناس على موسى وهذا المعنى لايؤديه لفظ (أرسل) " (8) الى غيرها من المترادفات ..
خط القران
ليس المقصود بعبارة (خط القران) هو الرسم العثماني انما المقصود طريقة القران المطردة في التعبير او السمة الغالبة على القران عند التعامل مع تلك اللفظة او غيرها ..
يقول الراغب الاصفهاني في مفرداته " كل موضع ُذُكر في وصف الكتاب آتينا فهو ابلغ من كل موضع ُذكر فيه اوتوا لأن اوتوا قد يُقال اذ اولي من لم يكن منه قبول وآتيناهم يُقال فيمن كان فيه قبول " (9) فجاء الدكتور السامرائي من بعده ليعيد صياغة العبارات نفسها فيقول " القران الكريم يستعمل اوتوا الكتاب في مقام الذم ويستعمل آتيناهم الكتاب في مقام المدح" (10) وبهذا التتبع لخط القران في التعبير سار الدكتور السامرائي ووسع الامر ومن ذلك " كل موضع في القران يذكر فيه المغفرة يجب ان يذكر فيه الذنوب والكافرين وفي سائر القران لما يضيف المغفرة للأجر الكبير لابد ان يسبقها او يأتي بعدها الذنوب او الكافرين " (11) ومن ذلك قوله " كل سورة بدأت بسبح الماضية (سبح) يجري فيها ذكر للقتال" (12) وغيرها كثير ....
الهوامش:
1/ بلاغة الكلمة في التعبير القراني للدكتور فاضل السامرائي ص7
2/نفسه ص11
3/نفسه ص12 - 13
4/ انظر بلاغة الكلمة الصفحات 13و24و50
5/ نفسه ص56
6/نفسه ص 56و ص62
7/ لمسات بيانية ص 97 - 98
8/ التعبير القراني ص330
9/مفردات غريب القران للراغب الاصفهاني ص18
10/برنامج لمسات بيانية قناة الشارقة الفضائية حلقة يوم 23/ 4/2007م
11/ برنامج لمسات بيانية يوم 19/ 3/2007 م
12/ برنامج لمسات بيانية يوم 15/ 2/2007 م
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Feb 2010, 09:08 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم، وجزى الله الأستاذ الدكتور فاضل السامرائي خيرا على جهوده المميزة في بيان بيان القرآن للناس، وقد نفع الله بجهوده نفعاً عظيماً، ولفت أنظار الآف المشاهدين لبلاغة القرآن، وسعى في تقريبها لهم بأسلوبه السهل، وعباراته المهذَّبة.(/)
الحكمة أم الذكاء؟
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[19 Jan 2010, 12:17 ص]ـ
ذهب رجل إلى الملك وأنشده شعرا
.قال الملك: أحسنت .. اطلب ما تشاء
قال هل تعطيني؟؟؟
قال: أجل
قال: أريد أن تعطيني دنانير بمقدار الرقم الذي أذكره في الآيات القرآنية
قال: لك ذلك
قال الشاعر: قال الله تعالى: "إلهكم إله واحد"
فأعطاه دينارا
قال: "ثاني أثنين إذ هما في الغار"
فأعطاه دينارين
قال: "لقد كفر اللذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة"
فأعطاه ثلاثة دنانير
قال: "قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك"
فأعطاه أربعة
قال: "ولا خمسة إلا هو سادسهم"
فأعطاه خمسة دنانير وستة دنانير أخرى
قال: "الله الذي خلق سبع سموات"
فأعطاه سبعة
قال: "ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية"
فأعطاه ثمانية
قال: "وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض"
فأعطاه تسعة
قال: "تلك عشرة كاملة"
فأعطاه عشرة دنانير
قال: "إني رأيت أحد عشر كوكبا"
فأعطاه أحد عشر
قال: "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله""
فأعطاه اثنا عشر
ثم قال الملك: أعطوه ضعف ما جمع واطردوه
قال الشاعر: لماذا يا مولاي؟
قال الملك: أخاف أن تقول: "وأرسلناه إلى مائة ألف أويزيدون
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[19 Jan 2010, 02:05 ص]ـ
ثم قال الملك: أعطوه ضعف ما جمع واطردوه
قال الشاعر: لماذا يا مولاي؟
قال الملك: أخاف أن تقول: "وأرسلناه إلى مائة ألف أويزيدون
أضحكتنى يا أخى بعد يوم حافل بالحوارات المتجهمة و بعض المشادات التى كاد فيها الشيطان أن ينزغ بينى وبين أحد الأخوة الأفاضل، ولكن الله سلم
انتزعت منى الضحكة
أضحك الله سنك وجزاك خيرا(/)
ِتقرير كتاب مقاصد القرآن من تشريع الأحكام للدكتور عبد الكريم حامدي
ـ[لطفي فردوس]ــــــــ[20 Jan 2010, 09:35 ص]ـ
ِتقرير كتاب مقاصد القرآن من تشريع الأحكام
تقديم الطالب: لطفي فردوس منور التخصص: فقه وأصوله
الرقم: 429107119 المرحلة: ماجستير
__________________________________________________
أولا: معلومات الكتاب العامة:
عنوان الكتاب: مقصاد القرآن من تشريع الأحكام.
المؤلف: الدكتور عبد الكريم حامدي (أستاذ محاضر في كلية العلوم الإسلامية – جامعة باتنه – الجزائر)
الناشر: دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع.
الطبعة: الأولى 1429هـ/2008م
عدد الأجزاء: 1 (جزء واحد)
عدد الصفحات: 686
ثانيا: محتوى الكتاب:
يتكون البحث من ثلاثة أبواب وثمانية فصول , يتقدم كلا منها تمهيد:
فالتمهيد: يتناول تعريف مقاصد القرآن وأنواعها.
الباب الأول: يتناول مقصد القرآن في تحقيق الصلاح الفردي , وينقسم إلى ثلاثة فصول:
الفصل الأول: يتناول مقصد إصلاح العقل , ويتعرض إلى إثبات هذا المقصد , وما شرعه القرآن لتحقيقه , كإصلاح الاعتقاد , وإصلاح التفكير.
الفصل الثاني: يتناول مقصد إصلاح النفس , ويتعرض إلى إثبات هذا المقصد , وما شرعه القرآن لتحقيقه , كالتعريف بالنفس , وأمراضها , وتشريع العبادات لأجل إصلاحها.
الفصل الثالث: يتناول مقصد إصلاح الجسم و ويتعرض إلى إثبات هذا المقصد , وما شرعه القرآن لتحقيقه , كإباحة الطيبات , وتحريم الخبائث , والوقاية الصحية.
الباب الثاني: يتناول مقصد القرآن في تحقيق الصلاح الاجتماعي , وينقسم إلى ثلاثة فصول:
الفصل الأول: يتناول مقصد الإصلاح العائلي , ويتعرض لإثبات هذا المقصد , وما شرعه القرآن لتحقيقه , كإصلاح نظام الزواج , وإصلاح نظام الطلاق.
الفصل الثاني: يتناول مقصد الإصلاح المالي , ويتعرض إلى فثبات هذا المقصد ,وما شرعه القرآن لتحقيقه , كإصلاح نظام الكسب , وإصلاح نظام المحافظة على الأموال.
الفصل الثالث: يتناول مقصد الإصلاح العقابي , ويتعرض لإثبات هذا المقصد , وما شرعه القرآن لتحقيقه , كتشريع أنواع العقوبات وتقديرها.
الباب الثالث: يتناول مقصد القرآن في تحقيق الصلاح العالمي , وينقسم إلى فصلين:
الفصل الأول: يتناول مقصد القرآن التشريعي , ويتعرض إلى إثبات هذا المقصد , وما شرعه القرآن لتحقيقه , كإصلاح أسس النظام التشريعي , وإصلاح مرجعية النظام التشريعي.
الفصل الثاني: يتناول مقصد الإصلاح السياسي , ويتعرض إلى إثبات هذا المقصد وما شرعه القرآن لتحقيقه , كإصلاح نظام الحكم , وإصلاح نظام العلاقات الدولية.
ثالثا: مزايا الكتاب:
ومن مزايا هذا الكتاب ما يلي:
أولا: أنه يعد بحثا جديدا فذا في عصره , حيث إن جل الأبحاث تركزت حول مقاصد الشريعة عامة , ولم تأت أبحاث خاصة بمقاصد القرآن , فكان هذا الكتاب نواة الأبحاث المعاصرة في ربط أحكام القرآن بالقواعد المقاصدية.
ثانيا: أن الدراسات المقاصدية السابقة تمحرت أساسا حول الكليات الخمس بمراتبها الثلاث: الضرورية والحاجية والتحسينية , ولم تخرج عن هذه الدائرة , حيث تركز البحث المقاصدي حول إثباتها وتقسيرها وتقسيمها ولم تتجاوز إلى غيرها من المقاصد.
أما هذا البحث فإنه نظر إلى المقاصد نظرة مغايرة عن ذلك , تجاوز التقسيم التقليدي إلى تقسيم آخر , خلاصته أن أعلى مقصد من مقاصد التشريع عموما والقرآن خصوصا هو تحقيق صلاح الإنسان في أحواله الفردية والاجتماعية والعالمية.
ثالثا: إن موضوع صلاح الإنسان شكل قديما وحديثا أكبر قضية فلسفية واجتماعية , نالت قسطا كبيرا من الأبحاث والدراسات النفسية والاجتماعية , وظهرت فيها مذاهب شتى واتجاهات متعددة إلى حد التناقض , حيث نظرت إليه نظرة أحادية , مغلبة جانبا منه على حساب الجوانب الأخرى. من هنا تظهر جليا مهمة هذا البحث في إبراز نظرة القرآن المتكاملة والقائمة على أساس الوسطية والاعتدال والتوازن في تحقيق صلاح الإنسان في أحواله الفردية والاجتماعية والعالمية.
رابعا: ثم امتاز هذا الكتاب أيضا بتمهيده لجميع الأبواب والفصول والمباحث بمقدمات تمهيدية , وبختمه للأبواب والفصول بنتائج خاصة بها , مما يسهل على القارئ مراجعته في أقل وقت عن طريق الاطلاع على هذه المقدمات والنتائج.
رابعا: الملحوظات على الكتاب
ومن الملحوظات على الكتاب فيما يظهر لي – والله أعلم – ما يلي:
أولا: عدم استيفاء الكتاب في عرض الدراسات السابقة , فقد أشار المؤلف – جزاه الله خيرا – في المقدمة إلى وجود الدراسات السابقة في الموضوع والتي بدأها ابن عاشور ومن معه , ومع ذلك لم يذكر شيئا وافيا مما وصل إليه ابن عاشور ومن معه من تلك الدراسات بحيث تظهر المقارنة بينها وبين هذا الكتاب.
ثانيا: لم يخصص في الكتاب مبحث لبيان الفوائد والثمرات من معرفة هذه المقاصد , سواء في استنباط الأحكام , أو فيما يعود على المكلف عند امتثال الأوامر وترك المنهيات. والحاجة تدعو إلى بيانها ليكون باعثا للقراء على الاستزادة من معرفة هذه المقاصد.
ثالثا: لم أجد في الكتاب ما يبين العلاقة بين المقاصد والعلل , هل يمكن أن تكون المقاصد عللا للأحكام؟ , فالحاجة تدعو إلى بيانها لتشابههما.
رابعا: لم يبين المؤلف – جزاه الله خيرا على خدمته للإسلام – أنواع المقاصد من حيث طرق استنباطها , فليس كل ما ذكره من المقاصد منصوصا , لأن فيه ما يكون مستنبطا من المفهوم والإشارة. فكان من الأولى بيان ذلك.
ومن المقاصد المستنبطة من المفهوم أو الإشارة ما ذكره المؤلف من أن الحج من غاياته علاج قوى النفس الثلاثة: الشهوانية , والغضبية , والوهمية. هذه الغاية أشار إليها قوله تعالى: (فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولاجدال في الج).
هذا مايظهر في نظرتي القاصرة من الملحوظات , والله أعلم بالصواب.
[/ size][/font][/color]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[22 Jan 2010, 08:09 ص]ـ
جزاك الله خيرا وأحسن إليك ..
والموضوع من الموضوعات المهمة حقا كما تفضلت.
وحوله كتبت رسالتا ماجستير في الجامعة الإسلامية بعنوان:
- الحكم من العبادات في آيات القرآن الكريم
- الحكم من المعاملات والمواريث والنكاح والأطعمة في آيات القرآن الكريم.
والأخيرة هي لزميلنا في الملتقى أبو بكر البخيت (أبو عبد الرحمن المدني) فلعله يتفضل مشكورا بالتعليق والإضافة.(/)
تفسير الآيات عبر جوال بينات
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Jan 2010, 09:56 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فلا شك أن الناس في هذا الزمان الذي طغت فيه المادية، وكثرت فيه الملهيات، وتكاثرت فيه الشبهات؛ بحاجة ماسة إلى ربطهم بكتاب ربهم، وتعليمهم ما ينفعهم بالوسائل التي تناسبهم وتصل إليهم، خاصة مع انصراف الكثير منهم عن المصادر الأصيلة للعلم، وعدم قدرة آخرين على تحصيله بالطرائق المنهجية المعروفة.
ولا يخفى على من اطلع على أحوال الناس اليوم أن الوسيلة الأكثر انتشاراً، والأشد تأثيراً على أكثرهم هي الهاتف الجوال، ولا سيما بعد تطور أجهزته، وإمكانية جعلها مصدراً لتلقي المعلومات والوسائط؛ فصارت هذه الأجهزة هي المصدر الأسهل والأقرب لمستخدميها من جميع الطبقات.
وقد اتجهت جهود كثير من المصلحين والدعاة إلى الاستفادة من هذه الوسيلة، والحرص على نفع الناس من خلالها؛ فكانت فكرة الجوالات الدعوية التي بدأت منذ سنوات، ولقي بعضها نجاحاً كبيراً ولله الحمد.
وقد منّ الله علي بالمشاركة في الإشراف المباشر على أحد هذه الجوالات، فصرت أكتب الكثير من الرسائل التي ترسل من خلاله، وقد أفدت من هذه التجربة، وخلصت إلى بعض الأفكار التي أرى أنها مناسبة.
ومن ذلك: أن الرسائل المعدة بعناية، والتي لها منهجية وطريقة واضحة هي الأكثر قبولاً ونفعاً، خاصة إذا كانت تلامس حاجة الناس، وتسد رغباتهم المعرفية.
وقد بدأت منذ سنوات في مشروع تأليف تفسير مختصر محرر، ولكني كنت أسير فيه ببطء، وذلك لكثرة الشواغل والمسؤوليات.
ولما رأيت حاجة الناس ماسة لفهم كلام ربهم، ومعرفة معانيه أردت أن أستغل خدمة الجوال في إيصال تفسير كلام الله إلى الناس، وذلك من خلال إرسال رسائل في التفسير إلى المشتركين في خدمة هذا الجوال.
ولا شك أن كتابة التفسير لهذا الغرض يحتاج إلى تفكير عميق، وتحرير دقيق للتفسير، بحيث يتوافق تفسير كل آية مع القدر المناسب لرسالة واحدة لا تتجاوز 500 حرف.
ومن توفيق الله لي أن التفسير الذي اشتغلت به مناسب إلى حد بعيد لهذا الهدف، إذ كنت قد راعيت فيه الاختصار والتحرير، مع الاعتماد على المصادر الأصيلة المعتمدة في هذا الفن.
وقد اعتمدت في كتابته على أهم كتب التفسير الأصيلة، وهي تفاسير أئمة التفسير: الطبري والبغوي وابن عطية وابن كثير والشنقيطي وابن عاشور وغيرهم، مع الإفادة من الكتب المختصرة المحررة، وهي تفسير الجلالين وتفسير السعدي والتفسير الميسر، والتفسير المنتخب، والتفسير الواضح الميسر.
وقد بدأت في تنفيذ فكرة إرسال رسائل التفسير عبر جوال بينات من بداية هذا العام الهجري 1431هـ، فوجدت قبولاً حسناً.
وها أنا ذا أعرضها هنا في ملتقى أهل التفسير ليشترك من يرغب في الاشتراك، ولأفيد من اقتراحاتكم وتوجيهاتكم في هذا المشروع الذي يهدف إلى تقريب التفسير للناس، وإيصاله إليهم بأيسر الطرق وأقربها إليهم.
وحتى تكونوا على بينة من الأمر، أرفقت مع هذه المشاركة أول تسع رسائل، وكانت في تفسير الاستعاذة والبسملة وسورة الفاتحة.
وبعد الفاتحة بدأت في تفسير المفصل من سورة ق~، وقد وصلت الرسائل المرسلة إلى الآية 18 من هذه السورة.
أسأل الله أن يرزقنا التوفيق والسداد، وأن يعيننا على تعلم كتابه وتعليمه، وأن يجعلنا مباركين أينما كنا.
النماذج:
الرسالة الأولى
الاستعاذة هي قول العبد:"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وهي ليست من القرآن بإجماع. وقد أمر الله بها قبل قراءة القرآن في قوله: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم). ومعنى "أعوذ" أستجير وأتحصن بالله الواحد المعبود. "من الشيطان" أي: من كل عات متمرد من الجن والإنس، يصرفني عن طاعة ربي وقراءة كتابه. "الرجيم" المرجوم المطرود من رحمة الله. وفي الاستعاذة دليل على ضعف العبد وشدة حاجته إلى ربه، وفيها إثبات قدرة الله تعالى؛ فإنه لا أحد يقدر على دفع كيد الشيطان وحفظ العبد من وساوسه وشروره إلا الله السميع العليم القدير.
ــــــــ
الرسالة الثانية
(يُتْبَعُ)
(/)
جاء في الحاوي للفتاوي للسيوطي -رحمه الله- ما نصه: (وقع السؤال عمّا يقع كثيراً إذا أرادوا إيراد آية قالوا: «قال الله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» ويذكرون الآية. هل (بعد) هذه جائزة قبل الاستعاذة أم لا؟ وهل أصاب القارئ في ذلك أم أخطأ؟ فأقول: الذي ظهر لي من حيث النقل والاستدلال أن الصواب أن يقول: قال الله تعالى، ويذكر الآية ولا يذكر الاستعاذة، فهذا هو الثابت في الأحاديث والآثار من فعل النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة والتابعين فمن بعدهم .... فالصواب الاقتصار على إيراد الآية من غير استعاذة اتباعا للوارد في ذلك فإن الباب باب اتباع.)
ــــــــ
الرسالة الثالثة:
البسملة هي قول العبد: {بسم الله الرحمن الرحيم} وهي آية من القرآن الكريم. على خلاف في تفاصيل هذه المسألة. ومعناها عند القراءة: باسم الله أبدأ قراءة القرآن، مستعيناً به تعالى متبركاً بذكر اسمه. وقد تضمنت البسملة ثلاثة من أسماء الله الحسنى، وهي: 1." اللَّه " أي: المعبود بحق، وهو أخص أسماء الله تعالى، ولا يسمى به غيره سبحانه. 2." الرَّحْمَن" أي: ذو الرحمة الواسعة. فهو الرحمن بذاته. 3." الرَّحِيم" أي: ذو الرحمة الواصلة. فهو يرحم برحمته من شاء.
ــــــــ
الرسالة الرابعة:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أي: جميع أنواع المحامد من صفات الجلال والكمال هي له وحده دون من سواه؛ إذ هو رب كل شىء وخالقه ومدبره. و"العالمون" جمعُ "عالَم" وهم كل ما سوى الله تعالى. فائدة: حمد الله تعالى نفسه في هذه الآية، وفي ضمن ذلك الأمر لعباده أن يحمدوه؛ فهو المستحق للحمد الكامل. وقد صح أن "الحمد لله" تملأ الميزان.
ــــــــ
الرسالة الخامسة:
{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3] ثناء على الله تعالى بعد حمده في الآية السابقة. قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (و {الرحمن الرحيم}: اسمان من أسماء الله يدلان على الذات، وعلى صفة الرحمة، وعلى الأثر: أي الحكم الذي تقتضيه هذه الصفة .. والرحمة التي أثبتها الله لنفسه رحمة حقيقية دلّ عليها السمع، والعقل؛ أما السمع فهو ما جاء في الكتاب، والسنّة من إثبات الرحمة لله. وهو كثير جداً؛ وأما العقل: فكل ما حصل من نعمة، أو اندفع من نقمة فهو من آثار رحمة الله .. )
ــــــــ
الرسالة السادسة:
{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4] تمجيد لله تعالى بأنه المالك لكل ما في يوم القيامة، حيث لا تملك نفس لنفس شيئاً. فـ"يوم الدين": يوم الجزاء والحساب. ومن فوائد الآية: 1 - إثبات ملك الله عزّ وجلّ. 2 - إثبات البعث، والجزاء. 3 - حث الإنسان على أن يعمل لذلك اليوم الذي يُدان فيه العاملون.
ــــــــ
الرسالة السابعة:
{إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة:5] أي: نخصك وحدك يا ربنا بالعبادة فلا نعبد غيرك، ونخصك وحدك بالاستعانة فلا نستعين على عبادتك وعلى جميع أمورنا بأحد سواك. والعبادة هي التَذَلُّلُ والخضوع لله تعالى بفعل أوامره واجتناب نواهيه محبةً له وتعظيماً. والاستعانة هي طلب العون من الله تعالى في جلب المنافع، ودفع المضار، مع الثقة به في تحصيل ذلك. والقيام بعبادة الله والاستعانة به هو الوسيلة للسعادة الأبدية، والنجاة من جميع الشرور، فلا سبيل إلى النجاة إلا بالقيام بهما. وإنما تكون العبادة عبادة، إذا كانت مأخوذة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصودا بها وجه الله.
ــــــــ
الرسالة الثامنة:
{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] أَيْ: دُلَّنا إلى الصراط المستقيم، واسلكْ بنا فيه، وثبِّتنا عليه، وزدنا هدى. و"الصراط المستقيم" هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه، وهو الإسلام الذي أرسل الله به محمدا صلى الله عليه وسلم. وقد علمنا الله تعالى كيفية الهداية إلى الصراط المستقيم بقوله جل وعلا: (ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم).
ــــــــ
الرسالة التاسعة:
{صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} [الفاتحة:7] بيان للصراط المستقيم بذكر أهله، والخارجين عنه؛ فهو صراط الذين أنعم الله عليهم بطاعته وعبادته من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وهؤلاء هم أهل الهداية والاستقامة الذين جمعوا بين معرفة الحق والعمل به. وهو غير صراط المغضوب عليهم من اليهود - الذين علموا الحق وعدلوا عنه- ومن سلك سبيلهم، وغير صراط الضالين من النصارى - الذين ضلوا عن الحق لجهلهم به – ومن سلك سبيلهم. نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن أنعم الله عليه بالهداية، وأن يثبتنا عليه حتى الممات. آمين تم تفسير سورة الفاتحة ولله الحمد.
لمن أراد الاشتراك في الجوال: يرسل الرقم 1 إلى الرقم 81828
علماً بأنه تصل المشتركين رسائل أخرى متنوعة.
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[20 Jan 2010, 11:00 ص]ـ
جزاكم الله خيراً شيخنا الفاضل على ما تقدمونه في سبيل خدمة القرآن الكريم
سؤال/ هل الخدمة خاصة لمشتركي شركة معينة وما هي؟
وهل التفسير سوف يكون مرتباً بحيث تفسر جميع آيات المفصل فقط أم القرآن كاملاً؟
أثابكم الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Jan 2010, 12:51 م]ـ
جزاكم الله خيراً شيخنا الفاضل على ما تقدمونه في سبيل خدمة القرآن الكريم
سؤال/ هل الخدمة خاصة لمشتركي شركة معينة وما هي؟
وهل التفسير سوف يكون مرتباً بحيث تفسر جميع آيات المفصل فقط أم القرآن كاملاً؟
أثابكم الله
وإياك أخي عبدالله
الخدمة الآن خاصة بمشتركي شركة الاتصالات السعودية stc
والتفسير مرتب حسب الآيات: كل يوم آية أو آيتان. وقد نقتصر على خمس رسائل في الأسبوع.
وسوف نبدأ بعد نهاية المفصل إن شاء الله في تفسير القرآن من أول سورة البقرة أو من موضع آخر حسب المصحلة والفائدة
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[20 Jan 2010, 02:34 م]ـ
وفقكم الله وأعانكم أبا مجاهد، وكم يسر الإنسان من هذه الجهود التي تستثمر التقنية لخدمة الناس، وهل هناك أفضل من تقريب معاني كلام الله لعموم الناس، وربطهم به؟
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Jan 2010, 06:16 م]ـ
وفقكم الله وأعانكم أبا مجاهد، وكم يسر الإنسان من هذه الجهود التي تستثمر التقنية لخدمة الناس، وهل هناك أفضل من تقريب معاني كلام الله لعموم الناس، وربطهم به؟
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل.
آمين ... آمين
ولا تبخلوا علينا بنصائحكم وتوجيهاتكم؛ فنحن نسعد بخدمتكم في جوال تدبر، فالتفسير علينا، والتدبر والاستنباط عليكم، ومعلوم أن من أهم وسائل تحقيق التدبر الأمثل: فهم المعنى على الوجه الصحيح.
ونسعد بأي تواصل عبر بريد الجوال:
bayinat@gmail.com
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[20 Jan 2010, 06:33 م]ـ
أحسنتم أبا مجاهد بارك الله لكم , وقد كانت هذه الفكرة محل تجاذب قبل ثلاث أو أربع سنوات , وها هي تكون على أيديكم هنيئاً لكم.
فالتفسير علينا، والتدبر والاستنباط عليكم
كلكم (قَدَّها) وفقكم الله.
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[20 Jan 2010, 09:17 م]ـ
فكرة رائدة .. في بيان أشرف العلوم وهو كتاب الله العزيز، وقد سعدت بها وسررت أن قيض الله تعالي من كان همه توصيل مراد الله الي خلقه بطرق ميسرة موظفاً تقنية الجوالات واستغلال هذه النعمة المباركة،، فكان لكم السبق والصدارة أسأل الله أن تتبعها مبادرات مماثلة علي مستوي أقطار العالم الاسلامي- وتفتح باباً جديداً مشجعاً في التصدي لبيان معاني السنة النبوية المشرفة مبتدًأ بالأربعين النووية متدرجاً الي عمدة الأحكام الي بلوغ المرام وهكذا، وماابتعد بعض المسلمين عن الجادة الإ بسبب الجهل في دينهم من كتاب وسنة والتغافل عنهما. -وأستأذنكم في قبول مقنرحات مرت علي خاطري أسأل الله أن تلقي منكم ترحيبا وقبولاً لأشارك معكم في أجر هذا العمل المبارك
1 - إن كان بالامكان أن يتطرق الي المعني الإجمالي للآية فقط دون التعرض الي معني الكلمة بعينها أو ذكر الفوائد منها، وهذا يسهل في رسوخ فهم الآية في الذهن وحفظها وهذا ربما يجعل الرسالة الواحدة لاتتعدي سطرا ًواحدا وهذا يعتمد علي طول الآية وقصرها (مع ذكر ملاحظة: في الآية فوائد تعرض اليها بعض المفسرون يرجع اليها)
2 - أن لا يتعرض الي ذكر قول فلان ويسميه في ارسالة الجوال لأن هذا ربما يؤدى الي تطويلها، وليس لها الأهمية بمكان للشخص العامي لأن همه فهم الآية فقط، وممكن التطرق بنهاية كل رسالة بأسماء المراجع والمصادر التي استمد منها هذا التفسير ولك ليرجع اليها من أراد الاستزادة.
3 - إن كانت الآية بها أمراٌعقديا يشار إليه ويبرز ويوضح في تفسير الآية لكي لايمر علي الآية مروراً عارضاَ دون فهمه، وماانتشار الشركيات- أكبراً كان أو أصغراً- بين المسلمين الا لعدم معرفتهم بأدلة آيات التوحيد (علي سبيل المثال: آية (اياك نعبد واياك نستعين) دلالة علي توحيد العبودية لله بتقدم ضمير (اياك) للإختصاص، ويقرأها المسلم مراراً وتكراراً في صلاته وغيرها ولكن رغم ذلك منهم من يتوجه بدعائه وتوكله ونذره وذبحه لغير الله، وربما أن كتب العقيدة يستصعب بعض المسلمين أن الرجوع اليها وعدم فهمها وقد يقال أنها متون من كلام وتأليف بشر لا يشترط التسليم بها، ولكن إذا تعرض الي توضيح الدليل من كلام الله فيكون مطمئنا ٌمستسلماً راضيا وبإذن الله موحدا وتكونوا سببا في نجاته،ويكون ذلك مثلاً بعد ذكر المعني الاجمالي توضع (
(يُتْبَعُ)
(/)
ملاحظة: أن هذه الآية تدل علي توحيد الله في ... ) أما الأحكام الفقهية في الآية فأنها تكون واضحة في تفسير الآية لاتحتاج الي أن تبرز.
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[20 Jan 2010, 09:21 م]ـ
4 - الحرص علي ربط أسماء الله الحسني عند ذكرها في ختم الآية بمعني الآية، وتوضيح لم ختمت هذه الآية بهذا الاسم بالذات، وإن جمع بين اسمين -من أسماء الله تعالي- في ختم الآية الواحدة أن توضح الحكمة والسر العجيب في ذلك.
5 - ان كان بالامكان عمل مسابقة في نهاية الاسبوع سؤالا أو سؤالين في تفسير آيات التي أرسلت اليهم في الأسبوع نفسه فيجتهدوا في الحرص علي فهم الآية – آية آية- مع متابعتهم وتذكيرهم في العمل بالآية والا فأنها تكون حجة عليه، وتكون نهاية كل ثلاث شهور أو أربع ينظر الي عدد النقاط من توصل الي المعني الصحيح ويعمل حفلاً بسيطا توزع جوائز يتبرع بها أحد الميسورين بعد عرضه عليه هذه الفكرة الرائدة أو إحدي اللجان الخيرية النشيطة التي تعتني بالقرآن، مع مشاركة الناشئة كذلك ولا تكون حكراً علي الكبار- رجالاّ ونساءً- ليثمر جيلا فاهما مايريد منه ربه.
6 - كثير من النساء الكبيرات في السن أميات تفطرت قلوبهن لحفظ كتاب الله ومنهن من تحقق لها ذلك من فضل الله والتحقت بدور التحفيظ فياحبذا أن يوضع برنامج صوتي بالجوال بنفس المضمون،ولا يظن أنهن لايستخدمن الجوالات بل الكثيرات منهن لا يستغنين عنه في الاتصال والرد علي المكالمات، وسترون المنافسة الشديدة بينهن لحبهن لكتاب الله وفهمه، ألم تروا كيف سهوله حفظ المسلم الأعجمي لكلام الله رغم عدم قرآته حروف العربية ولكن بالسماع فقط.
7 - اسم المشروع (جوال بينات) وكلمة بينات عامة، ربما يدخل فيها بينات للسنة أو غيره، فأقترح إن يطلق اسم: (جوال بينات كتاب الله) أو (جوال تفسير القرآن الكريم) لحصر معني كلمة (بينات) في كلام الله.
8 - وبإذن الله أن يسر لكم اكمال تفسير المفصل مع الفاتحة أن يتم طباعته، وتتوالي الطبعات متتابعات عند انتهاء ماترونه مناسبا في جمع أجزاء القرآن بعضها مع بعض، وممكن إن كانت السورة طويلة مثل البقرة أن تفرد في اصدار أو تجمع مع سورة آل عمران فيسميبإصدار (الزهراوين) ليسهل الرجوع اليها، وهذه الفكرة قد أتي بها (جوال تدبر) فطبع اصداراً وسماه (ليدبروا آياته) تعرض لبعض الآيات من تدبر بعض المشايخ الكرام ونفعت من فضل الله.
((هذا مايسر الكريم لي، ونسأله تعالي لكم التوفيق والسداد، وإكمال المسيرة وعدم التوقف والاستعاتة به سبحانه إذا تصعبت الأمور أو كلت وملت النفس للمواصلة ... )
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[20 Jan 2010, 10:06 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا مجاهد على هذا المشروع ولعله من توفيق الله وإرادته الخير بك.
الرسائل محررة ومناسبة جدا وهي ما ينشده الناس فعلا ..
اقتراحان:
1. أن يمهد لذلك بحملة إعلانية قدر المستطاع فلم نعلم بهذا الجوال إلا منك، وأظن فكرة الرعاة معينة جدا وستجدون من يرعى مثل هذه المشاريع النافعة
2. تعميم الخدمة على بقية الشركات
وفقكم الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Jan 2010, 09:20 ص]ـ
الأخت سعاد عبدالطيف
أشكرك على مشاركتك المشجعة الإيجابية، وسنسعى جاهدين للإفادة من اقتراحاتك وتطبيق ما أمكن.
الأخ خالد الباتلي
حكمك على الرسائل يهمنا، ويدفعنا لبذل المزيد في الوصول إلى مزيد من الإتقان والتحرير.
واقتراحك مهم، وحبذا لو أفدتنا في هذا الجانب [الرعاية الدعاية].
وشكرا للجميع على تواصلهم وتعاونهم.
ـ[فيوض]ــــــــ[22 Jan 2010, 05:04 م]ـ
اللهم سدد ووفق وبارك ..
ـ[أبو عبدالرحمن البجيدي]ــــــــ[22 Jan 2010, 05:08 م]ـ
بارك الله فيكم
فكرة رائعة
تم الاشتراك
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Jan 2010, 07:25 م]ـ
نسعد بتواصلكم واقتراحاتكم على هذا البريد:
bayinat@gmail.com
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Jan 2010, 02:40 م]ـ
من رسائل جوال بينات:
(من أعظم الظلم والجهل أن تطلب التعظيم والتوقير من الناس وقلبك خال من تعظيم الله وتوقيره؛ فإنك توقر المخلوق وتجله أن يراك في حال لا توقر الله أن يراك عليها. قال تعالى: {ما لكم لا ترجون لله وقارا}.) ابن القيم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Feb 2010, 01:09 ص]ـ
وصلنا إلى تفسير قول الله تعالى: {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ. لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 34 - 35]
ونص الرسالة التي ورد فيها تفسير هاتين الآيتين:
? يقال للمتقين الذين أعدت لهم جنة النعيم: ادخلوا الجنة بأمان وسلام، ذلك يوم البقاء الدائم في جنة الخلود والنعيم، الذي لا نتهاء له ولا زوال.
قال قتادة: خلدوا والله، فلا يموتون، وأقاموا فلا يظعنون، ونعموا فلا يبأسون.
{لهم ما يشاءون فيها} أي: لهم في الجنة كل ما يشاءونه مما تشتهيه أنفسهم، وتلذ به أعينهم من صنوف الملذات والمطاعم والمشارب، ويدخل فيما يشاءونه النظر إلى وجه الله تعالى. ومع ذلك كله يقول الله تعالى: {ولدينا مزيد} أي: ولدينا كذلك زيادة على ما يشاءونه مزيد من النعيم الذي لم يخطر لهم على بال، كما في الحديث: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر".)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طارق عبدالله]ــــــــ[05 Feb 2010, 08:28 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء أستاذنا الفاضل أبا مجاهد
وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا المشروع في صحيفتكم شاهداً لكم بحسن أداء الأمانة والوفاء بمقتضيات ميثاقه للذين أوتوا الكتاب ... بياناً وبلاغاً
وفقكم الله ورعاكم وتقبل منكم بقبوله الحسن ونفع بكم العباد
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Feb 2010, 10:53 ص]ـ
جزاكم الله خير الجزاء أستاذنا الفاضل أبا مجاهد
وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا المشروع في صحيفتكم شاهداً لكم بحسن أداء الأمانة والوفاء بمقتضيات ميثاقه للذين أوتوا الكتاب ... بياناً وبلاغاً
وفقكم الله ورعاكم وتقبل منكم بقبوله الحسن ونفع بكم العباد
آمين آمين
وجزاك الله خيراً ونفع بك وجعلني وإياك مباركين أينما كنا.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[10 Feb 2010, 04:16 م]ـ
بارك الله فيك أبا مجاهد وتقبل منك صالح الأعمال.
وللفائدة فإن الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه هي بصدد إنشاء مشروع * جوال تبيان * عن طريق رسائل sms(/)
ابن القيم ومن ترك شيئا لله,,,,
ـ[نايف المطيري]ــــــــ[20 Jan 2010, 04:30 م]ـ
يقول ابن القيم رحمه الله:
إنما يجد المشقة في ترك المألوفات والعوائد (6) من تركها لغير الله، أما من تركها صادقا مخلصا من قلبه لله فإنه لا يجد في تركها مشقة إلا في أول وهلة ليمتحن أصادق هو في تركها أم كاذب، فإن صبر على تلك المشقة قليلا استحالت لذة: قال ابن سيرين: سمعت شريحا يحلف بالله ما ترك عبد لله شيئاً فوجد فقده. وقولهم: " من ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه " حق، والعوض أنواع مختلفة، وأجلّ ما يعوض به: الأنس بالله ومحبته وطمأنينة القلب به وقوته ونشاطه وفرحه ورضاه عن ربه تعالى.
أغبى الناس من ضل في آخر سفره وقد قارب المنزل.(/)
أهداف سورة الفاتحة - عرض باوربوينت
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[20 Jan 2010, 08:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتى وأخواتى فى الله:
مرفق عرض باوربوينت لأهداف سورة الفاتحة أرجو أن تجدوه نافعاً مفيداً
ـ[أم إبراهيم]ــــــــ[20 Jan 2010, 08:34 م]ـ
بارك الله فيك يا اختي وشكر سعيك
ـ[طالبة القرآن وعلومه]ــــــــ[25 Jan 2010, 07:38 م]ـ
جزاك الله خيرا أختي الفاضلة يسرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jan 2010, 11:41 م]ـ
جزاكم الله خيراً وتقبل منكم.
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[27 Jan 2010, 09:27 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[05 Feb 2010, 01:44 م]ـ
جزاكم الله خيرا على مروركم الكريم ودعواتكم وبارك فيكم ونفع بكم.(/)
(تيسير اللطيف المنان) من نماذج التفسير الموضوعي التي تستحق العناية
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[20 Jan 2010, 11:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى من والاه ... أما بعد:
فإن كتاب (تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن) للشيخ/ عبد الرحمن بن ناصر السعدي
من الكتب النافعة في فهم كلام الله تبارك وتعالى, وقد خصصت هذا الموضوع للتعريف بهذا الكتاب لأن كتاب التفسير (تيسير الكريم الرحمن) قد طغت شهرته على الكتاب المذكور, حتى إن الكثير يظن أن الكتابين كتاب واحد , ولا يعرف أنهما كتابان مختلفان لكل كتاب منهجه وطريقته.
والحقيقة أن كتاب (تيسير اللطيف المنان) يعتبر في الاصطلاح العلمي المعاصر من كتب (التفسير الموضوعي) بل هو من أنفعها.
فقد اشتمل الكتاب على ستين موضوعا من مواضيع القرآن الكريم , هذا على سبيل الإجمال , وفي ثنايا هذه الموضوعات مواضيع متفرعة عنها, وهذه المواضيع شاملة للعقيدة والعبادات والمعاملات والأخلاق وقصص الأنبياء وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد بيّن رحمه الله منهجه في مقدمة كتابه حين قال:
(أما بعد، فقد كنت كتبت كتابا في تفسير القرآن مبسوطا مطولا، يمنع القراء من الاستمرار بقراءته، ويفتر العزم عن نشره، فأشار علي بعض العارفين الناصحين أن أكتب كتابا غير مطول، يحتوي على خلاصة ذلك التفسير، ونقتصر فيه على الكلام على بعض الآيات التي نختارها وننتقيها من جميع مواضيع علوم القرآن ومقاصده، فاستعنت الله على العمل على هذا الرأي الميمون، لأمور كثيرة منها: أنه بذلك يكون متيسرا على المشتغلين، معينا للقارئين، ومنها: أن القرآن العظيم ليس كغيره من الكتب في الترتيب والتبويب، لأنه بلغ في البلاغة نهايتها، وفي الحسن غايته، وفي الأسلوب البديع، والتأثير العجيب ما هو أكبر الأدلة على أنه كلام الله، وتنزيل من حكيم حميد، فتجده في آية واحدة يجمع بين الوسائل والمقاصد، وبين الدليل والمدلول، وبين الترغيب والترهيب، وبين العلوم الأصولية والفروعية، وبين العلوم الدينية والدنيوية والأخروية، وبين الأغراض المتعددة والمقاصد النافعة، ويعيد المعاني النافعة على العباد، ليتم علمهم، وتكمل هدايتهم، ويستقيم سيرهم على الصراط المستقيم، علما وعملا).
وطريقة الشيخ رحمه الله في عرض المواضيع أن يذكر في بداية الموضوع الآية أو الآيات التي هي أصل في هذا الباب ثم يبدأ بضم النظير إلى نظيره وترتيب المسائل الكبرى ثم ذكر المسائل التي ذكرت في آيات أُخر لها تعلق بالموضوع, فلا ينتهي من موضوع إلا وقد أتى على جُل مسائله التي ذكرت في القرآن مراعيا ما كان له شاهد أو بيان أو تخصيص أو تقييد بالسنة.
وإليك أنموذج من طريقته التي سار عليها رحمه الله
فصل في آيات في الأطعمة ونحوها والصيود وتوابعها
قال الله تعالى:
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: 29].
{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ} [الأنعام: 119].
{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157].
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3].
وبعدها: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: 4]. {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121].
(يُتْبَعُ)
(/)
{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 145].
دلت هذه الآيات الكريمات على أن الأصل في الأشياء الحل من طعام وشراب وغيرها؛ ولأن الله تعالى خلق لنا ما في الأرض جميعا ننتفع به بكل وجوه الانتفاعات، من أكل وشرب واستعمال، وفصل لنا ما حرم علينا، فما لم يذكر في الكتاب والسنة تحريمه فهو حلال، وأباح لنا كل طيب، وحرم علينا كل خبيث.
فمن الخبائث المحرمة الميتة - سوى ميتة الجراد والسمك - وهي ما مات حتف أنفه أو ذكي ذكاة غير شرعية، والدم المسفوح كما قيدته الآية الأخرى، وأما الدم الذي يبقى في اللحم والعروق بعد الذبح فإنه طيب حلال {وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} بأن ذبح لغير الله من أصنام وملائكة أو إنس أو جن أو غيرها من المخلوقات.
ومن الخبائث كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن الميتة {وَالْمُنْخَنِقَةُ} أي: التي تخنق بالحبال أو غيرها، أو تختنق فتموت، {وَالْمَوْقُوذَةُ} وهي التي تضرب بالحصى أو بالعصا حتى تموت، ومن هذا إذا رمى صيدا فأصاب الصيد بعرضه فقتله، {وَالْمُتَرَدِّيَةُ} وهي التي تسقط من موضع عال كسطح وجبل فتموت، {وَالنَّطِيحَةُ} التي تنطحها غيرها فتموت بذلك، وما أكله ذئب أو غيره من السباع، وكل هذه المذكورات إذا لم تدرك ذكاتها، فإن أدركها حية فذكاها حلت؛ لقوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} وسواء غلب على الظن بقاؤه أو تلفه إذا لم يُذَكّ أم لا.
ومن المحرمات الحشرات وخشاش الأرض من فأرة وحية ووزغ، ونحوها من المستخبثة شرعا وطبا.
ومن المحرمات ما ذكي ذكاة غير شرعية، إما أن الذابح غير مسلم ولا كتابي، وإما أن يذبحها في غير محل الذبح وهي مقدور عليها، وإما أن لا يقطع حلقومها ومريها، وإما أن يذبحها بغير ما ينهر الدم أو بعظم أو ظفر، وما أمر الشارع بقتله أو نهى عن قتله دل على تحريمه وخبثه.
وكل هذه الأشياء تحريمها في حال السعة، وأما إذا اضطر إليها غير باغ لأكلها قبل أن يضطر، ولا متعد إلى الحرام، وهو يقدر على الحلال، فإنه إذا اضطر إليها غير باغ ولا عاد فإن الله غفور رحيم، من رحمته أباح المحرمات في حال الضرورة.
ومن رحمته وسع لعباده طرق الحلال، فأباح الصيد إذا جرح في أي موضع من بدنه، وأباح صيد السهام إذا سمى الرامي عند رميها، وأباح أيضا صيد الكلاب المعلمة والطيور المعلمة، والتعليم يختلف باختلاف الحيوانات، قال العلماء: تعليم الكلب أن يسترسل إذا أرسل وينزجر إذا زجر، وإذا أمسك لم يأكل من صيده لقوله: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} أي: عند إرسالها لقصد الصيد.
فتأمل كيف استطاع أن يجمع ويرتب ويعرض هذه المسائل مجتمعة بعبارة موجزة وأسلوب سهل
أما منهجه في ذكر قصص الأنبياء فقد سار على طريقة ترتيب الأحداث قدر اجتهاده وما أداه إليه فهمه فجاء عرضه سلسا مرتبطا بعضه ببعض ثم يختم القصة بما احتوته من فوائد.
وختام هذا العرض الموجز ألخص ما امتاز به الكتاب من ميزات للباحث أو القارئ في التفسير الموضوعي:
1 – شموله: حيث احتوى على مواضيع متعددة ومتنوعة من مواضيع القرآن الكريم.
2 - الترتيب المنطقي في عرض الموضوع.
3 – مهارته في صياغة التفسير على وجه العموم وفي حال اختلاف الأقوال على وجه الخصوص, وذلك بعد اختياره للمعنى الذي يترجح إليه مع الإشارة لها بأسلوب بتنبه له طالب العلم, ولا يشغل القارئ أو العامي به.
4 – هذا الكتاب ينمي ملكة ومهارة الكتابة في التفسير الموضوعي للباحثين.
5 – كما يعين هذا الكتاب كثيرا في رسم خطة بحث في التفسير الموضوعي لأي موضوع من المواضيع التي تطرق لها.
6 – هذا الكتاب من النماذج المتميزة لترجمته إلى لغات أجنبيه حيث يعرض مواضيع القرآن وأحكامه عرضا مؤصلا مبنيا بعضه على بعض – وهذا هو الغرض من الترجمة –.
هذه نتف يسيرة, والمقصود من ذلك الالتفات لهذا الكتاب بالقراءة والمدارسة في مجال التفسير الموضوعي
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[21 Jan 2010, 02:41 م]ـ
بارك الله فيك ..
من تجربة خاصة مع هذا الكتاب، فإني أرى أنه من أنفع ما يكون لإمام المسجد الذي يقرأ على جماعته بعد العصر أو بين أذان العشاء وإقامته، بحيث ينتقي بعض الموضوعات، خاصة ما يتصل بالقصص القرآني، فإن الشيخ ـ رحمه الله ـ نسج القصص في سياق واحد، سهل العبارة، واضح البيان، ثم يتبعه بذكر أهم الدروس والعبر.
والذي أراه: إن كان الحديث بعد العصر أن يقتطف من تلك الدروس، ولا يسردها سرداً في مجلس واحد أو مجلسين، بل ينتقي فائدة أو فائدتين؛ ليكون ذلك أوعى لعامة الناس، وأكثر فهماً لها.
وهذا من أسهل الطرق لتقريب معاني القرآني بشكل مجمل وموضوعي، وهذا هو المناسب لعموم الناس، وهذا لا يمنع من التعرض لبعض الآيات التي تلامس واقعهم، وسيرى المتحدث الموفق العجائب في تفاعل الناس.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Jan 2010, 08:20 ص]ـ
وهذا الكتاب خلاصة وانتقاء لبعض مواضع من تفسيره "تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن" اقتصر فيه على اختيار بعض الآيات، ليكون ميسَّراً على القارئين، وقسمه إلى خمسة أقسام. وقد ابتدأه بمقدمة في ذكر أوصاف القرآن العامة الجامعة، ثم جعل القسم الأول لعلوم التوحيد والعقائد والأصول، وأورد في هذا القسم تفسير سورة الفاتحة،ثم الآية 136 من سورة البقرة (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا .. )، ثم آية الكرسي، ثم آية (شهد الله .. ) من سورة آل عمران، ثم آية: (فاعلم أنه لا إله إلا الله) من سورة محمد، ثم آخر سورة الحشر (هو الله الذي لا إله إلا هو .. ) ثم سورة الإخلاص .. ثم أورد بعض الآيات المتعلقة بالإيمان بالرسل والكتب واليوم الآخر والملائكة. وعقد فصلاً في ذكر الفوائد والثمرات المترتبة على التحقق بهذه العقائد الجليلة.
أما القسم الثاني فذكر فيه بعض الآيات الحاثة على القيام بحقوق الله وحقوق الخلق [الأخلاق والتزكية في القرآن].
وجعل القسم الثالث خاصاً بأحكام الشرع الفروعية المتنوعة في الصلاة والزكاة وما ينضم إليهما من المعاني الأخرى في الطهارة والتيمم، وصلاة الجمعة والسفر والأذان، والصيام، والحج، والجهاد، وأسباب النصر، ثم عقد فصلاً في البيوع وأنواع المعاملات وأحكام المواريث – وأحكام النكاح والطلاق والإيلاء والظهار واللعان – ثم عقد فصلاً في آيات القصاص والحدود، ثم في الأيْمان، ثم في آيات الأطعمة والصيود وتوابعها، ثم عقد فصلاً في الأحكام الكلية في الأصول والفروع.
ثم القسم الرابع، وفيه ذكر فصولاً فيما قصَّه الله علينا في كتابه من أخبار الأنبياء مع أقوامهم .. ابتداءً بقصة آدم، فنوح، فهود، فصالح، فإبراهيم، فلوط، فشعيب، فموسى وهارون، فيونس، فداوود وسليمان،فأيوب، فقصة ذي القرنين ورجح أن موقع السدين في الجبال المتصلة بالسور الصيني في بلاد منغوليا، ثم ذكر قصة عيسى وزكريا ويحيى، ثم قصة يعقوب ويوسف عليهما السلام، وقصة أصحاب الكهف، ثم قصة خاتم النبيين وإمام المرسلين. وهو يهتم بذكر الفوائد المستفادة من كل قصة.
وختم الكتاب بالقسم الخامس، وفيه فوائد منثورة منوَّعة غير مرتبة: مثل: الأمة والسلطان واللسان والتأويل، والمعية، والعبودية والقنوت، والفرق بين الهداية، وبين التبصرة والتذكرة، واليقين وآثاره، والظن وأنواعه، والظلم وأنواعه، وفوائد في ذكر الأسباب الموصلة إلى المطالب العالية،وفي ذكر حدود ألفاظ كثر مرورها في القرآن أمراً بها أو نهياً عنها، أو مدحاً لها أو ذماً لها مثل: الإسلام والإيمان، والصبر والشكر، والبر والتقوى، والعدل والظلم، والعهد والعقد والشرك والكفر والنفاق.
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[28 Jan 2010, 11:35 م]ـ
شكر الله للشيخين الكريمين هذه الإضافة النافعة عن هذا الكتاب
وأذكر أنه كان مقررا علينا في الكلية في مادة التفسير الموضوعي فانتفعنا به نفعا عظيما
وقبل أيام كلمني احد الطلاب انه لا يوجد لديهم كتاب مقرر في التفسير الموضوعي وقد حدد لهم أستاذ المادة ما يقرب من عشرة مواضيع يدرسونها دراسة موضوعية , فأرشدته إلى هذا الكتاب فانتفع به واستفاد
ولشيخنا الدكتور: محمد العواجي تجربة طويلة مع هذا الكتاب نتمنى أن يتحفنا بها
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[04 Apr 2010, 05:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبشر يا أبا عبدالرحمن
وقد شاركت في مؤتمر الشارقة القادم بإذن الله تعالى ببحث عن منهجية السعدي في التفسير الموضوعي
وسأسطر لكم بمشيئة الله المعالم الأساسية للبحث
وعندي منه بقية
وقد درسته مرارا في الجامعة وخارجها، ورأيت الطلاب يتفهمون الموضوعي من خلاله بشكل أفضل
ويتعلمون صياغة المعلومة التفسيرية بشكل أجود
ولعل بعضهم يدلي بدلوه ويقول ما جال بخاطره في الأمر
وأشكر المشايخ الفضلاء على المشاركة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Apr 2010, 09:24 ص]ـ
أحسنتم بارك الله فيكم جميعاً، فقد أفدتمونا حول هذا الكتاب القيم كثيراً.(/)
التقدم التقني للحضارات السابقة في ضوء القرآن الكريم
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[21 Jan 2010, 01:44 ص]ـ
في ضوء هذه الآيات القرآنية الكريمة وغيرها مما في معناها: هل يمكن أن يقال إن التقدم الذي نشهده الآن ما هو إلا جزء بسيط مما توصل إليه الأقدمون؟
{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128]
{وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: 129]
والآيات في قصة ذي القرنين
"إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد"
"وهذه الأنهار تجري من تحتي"
وأن نفس أسباب هلاكهم تتوسع وتنتشر بيننا الآن؛ مما يفضي بنا إلى ما أفضوا إليه، وخاصة في ضوء قوله تعالى: "وما هي من الظالمين ببعيد" "أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر" إلى غيرها.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[21 Jan 2010, 07:04 ص]ـ
في ضوء هذه الآيات القرآنية الكريمة وغيرها مما في معناها: هل يمكن أن يقال إن التقدم الذي نشهده الآن ما هو إلا جزء بسيط مما توصل إليه الأقدمون؟
{أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ} [الشعراء: 128]
{وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ} [الشعراء: 129]
والآيات في قصة ذي القرنين
"إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد"
"وهذه الأنهار تجري من تحتي"
وأن نفس أسباب هلاكهم تتوسع وتنتشر بيننا الآن؛ مما يفضي بنا إلى ما أفضوا إليه، وخاصة في ضوء قوله تعالى: "وما هي من الظالمين ببعيد" "أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر" إلى غيرها.
الأخ الفاضل إبراهيم
جوابا على سؤالك أقول:
لا
لأن التأمل في الآيات ومعانيها وأقوال المفسرين لا يدل على ما ذكرت.
وأيضا التاريخ البشري لا يدل على ذلك أيضا.
أما أسباب الهلاك صحيح هي موجودة، لكن أذكرك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين خط سير البشرية حتى قيام الساعة وخط سير أمته ـ أمة الاستجابة ـ على وجه الخصوص.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[21 Jan 2010, 03:08 م]ـ
هل من نقل معضد، حتى لا تكون دعوى بلا بينة ..
أما أمة الإجابة، فلم تهلك في الأمم السابقة - في الغالب - حتى تكون مجالا للرد ..
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[21 Jan 2010, 04:06 م]ـ
هل من نقل معضد، حتى لا تكون دعوى بلا بينة ..
أخي الفاضل إبراهيم
توضيح الواضحات من المعضلات
الدلائل الشرعية والتاريخة واضحة في هذا الأمر، وإذا كنت ترى أن الأمم السابقة قد وصلت إلى ما لم تصل إليه الإنسانية في هذا الزمن من العلوم والتقدم الحضاري فاتحفنا بالدليل لأن ما ذكرت من الآيات لا يكفي دليلا على ما تذهب إليه.
أما أمة الإجابة، فلم تهلك في الأمم السابقة - في الغالب - حتى تكون مجالا للرد ..
أخانا الكريم
الأمم التى ذكرت في الآيات التي أوردتها قد استؤصلت بالعذاب، والإنسانية بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم هي أمة الدعوة لهذا النبي الكريم ومصير المكذبين منهم مرتبط بمصير المستجيبين والصراع بينهم قائم حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
على أي حال هذه المسألة تحتاج إلى تحرير دقيق حتى يتضح فيها ما يصح وما لا يصح.
والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[21 Jan 2010, 08:56 م]ـ
لم يتضح السؤال سيما مع الآيات التي اخترتها.
فإن السنن التي سنها الأنبياء في عمارة الأرض هي سنة وروثوها ولا تزال هي أصول التقنية الشرعية. كما في خبر ذي القرنين عليه السلام.
لكن الآيات التي في نذارة الأنبياء عليهم السلام للمخالفين للتقنية الشرعية، هي في قص خبر تقنية غير شرعية يجب إنكارها.
مثلا معنى (ريع) هي الأرض المتخذة للرعي، فكان ينهاهم عليه الصلاة والسلام عن البنيان العبثي في المراعي، لأن اتخاذ أماكن للنشاط السكاني ينبغي أن يكون مرخصا من الدولة ليقوم حق الراعي على الرعية إذا ما أعطوه لوازم البيعة له بالاستئذان، وإلا كيف يكون حالهم الأمني والاجتماعي إذن وهم يبنون عبثا بلا رجوع لأمره؟!
كما لا ينبغي البناء إلا على سنة في التخطيط والتنفيذ.
والله أعلم
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[21 Jan 2010, 10:12 م]ـ
[ QUOTE= حجازي الهوى;94846] أخي الفاضل إبراهيم
توضيح الواضحات من المعضلات
الدلائل الشرعية والتاريخة واضحة في هذا الأمر، وإذا كنت ترى أن الأمم السابقة قد وصلت إلى ما لم تصل إليه الإنسانية في هذا الزمن من العلوم والتقدم الحضاري فاتحفنا بالدليل لأن ما ذكرت من الآيات لا يكفي دليلا على ما تذهب إليه.
ياسبحان الله: أنا وضعت عنوانا، ولم أحكم هل الأمم السابقة وصلت إلى مثل هذا أم لا، والمسألة معروضة للبحث والتدبر؛ وأنت تحكم في أولها دون برهان أو دليل؛ ثم تسير إلى الأمام وتطالبني بدليل على ما لم أقل.
أنت الذي حكمت أنها لم تصل إلى مثل هذا التقدم فهل من دليل عندك حتى تصدر هذا الحكم؟
وأنت الذي حكمت أن الآيات السابقة وما في معناها لا يدل على هذا فهل من دليل؟
أما قولك: (الأمم التي ذكرتها استؤصلت بالعذاب)؛ فاتق الله تعالى في هذه الأحكام المتسرعة؛ بل لم تستأصل، وإنما استؤصل منها من لم يستجب ..
راجع كلام أهل العلم، ولا تعتمد على الفهم وحده؛ لأنه كثيرا ما يخون صاحبه إذا لم يستنر بفهم من هو أعلم منه من السلف الصالح ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[21 Jan 2010, 10:13 م]ـ
[ياسبحان الله: أنا وضعت عنوانا، ولم أحكم هل الأمم السابقة وصلت إلى مثل هذا أم لا، والمسألة معروضة للبحث والتدبر؛ وأنت تحكم في أولها دون برهان أو دليل؛ ثم تسير إلى الأمام وتطالبني بدليل على ما لم أقل.
أنت الذي حكمت أنها لم تصل إلى مثل هذا التقدم فهل من دليل عندك حتى تصدر هذا الحكم؟
وأنت الذي حكمت أن الآيات السابقة وما في معناها لا يدل على هذا فهل من دليل؟
أما قولك: (الأمم التي ذكرتها استؤصلت بالعذاب)؛ فاتق الله تعالى في هذه الأحكام المتسرعة؛ بل لم تستأصل، وإنما استؤصل منها من لم يستجب ..
راجع كلام أهل العلم، ولا تعتمد على الفهم وحده؛ لأنه كثيرا ما يخون صاحبه إذا لم يستنر بفهم من هو أعلم منه من السلف الصالح ..
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[21 Jan 2010, 10:58 م]ـ
ياسبحان الله: أنا وضعت عنوانا، ولم أحكم هل الأمم السابقة وصلت إلى مثل هذا أم لا، والمسألة معروضة للبحث والتدبر؛ وأنت تحكم في أولها دون برهان أو دليل؛ ثم تسير إلى الأمام وتطالبني بدليل على ما لم أقل.
أنت الذي حكمت أنها لم تصل إلى مثل هذا التقدم فهل من دليل عندك حتى تصدر هذا الحكم؟
وأنت الذي حكمت أن الآيات السابقة وما في معناها لا يدل على هذا فهل من دليل؟
..
سبحان الله وبحمده، يا إبراهيم أنا قلت:
"وإذا كنت ترى أن الأمم السابقة قد وصلت إلى ما لم تصل إليه الإنسانية في هذا الزمن من العلوم والتقدم الحضاري فاتحفنا بالدليل لأن ما ذكرت من الآيات لا يكفي دليلا على ما تذهب إليه".
فإذا كنت لا ترى ذلك فالحمد لله.
وأنا قلت الآيات التي ذكرت لا تدل على الجواب بنعم على سؤالك.
فإذا كنت أنت ترى أنها تدل فما وجه الدلالة فيها عندك؟
أما قولك: (الأمم التي ذكرتها استؤصلت بالعذاب)؛ فاتق الله تعالى في هذه الأحكام المتسرعة؛ بل لم تستأصل، وإنما استؤصل منها من لم يستجب ..
راجع كلام أهل العلم، ولا تعتمد على الفهم وحده؛ لأنه كثيرا ما يخون صاحبه إذا لم يستنر بفهم من هو أعلم منه من السلف الصالح ..
ليس من طبعي التسرع يا أخي الكريم وسبق أن تمنيت عليك أنت تترك أسلوبك المستفز في الحوار وبخاصة أنك دائما تطالب من يحاورك بالموضوعية وعدم شخصنة الحوار كما تقول، فلماذا تتنهمني بالتسرع؟
ثم أقول:
وهل حديثنا إلا على الأمم المكذبة؟
ألم يستأصل الله قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم لوط وفرعون وجنوده؟
ستقول الله نجى نوحا ومن معه ونجى هودا ومن معه ونجى صالحا ومن معه ونجى لوطا ومن معه ونجى شعيبا ومن معه ونجى موسى وبنى اسرائيل، وليس عندي اشكال في ذلك.
لكن السؤال هل أهلك الله المكذبين ممن بلغتهم رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم؟
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[22 Jan 2010, 05:57 م]ـ
أخي الكريم:
المدارسة لا بأس بها؛ ولكن هناك فرق بين المدارسة والأحكام.
أنت قلت بالحرف الواحد: (لأن ما ذكرت من الآيات لا يكفي دليلا على ما تذهب إليه.)
فباعتبار من لا يكفي دليلا؟ وأي شيء ذهبت إليه أنا؟
ثم قلت: "الأمم التي ذكرت استؤصلت بالعذاب" فما معنى الاستئصال عندك؟
ثم قلت: وهل حديثنا إلا على الأمم المكذبة؟
ليس حديثي عن الأمم المكذبة؛ ولم ادخلها في الموضوع أصلا؛ بل عنوان موضوعي هو: التقدم التقني للحضارات السابقة في ضوء القرآن الكريم.
فلم أحدد مكذبا من مصدق، ولم أحكم هل تقدموا أكثر منا أم لا ..
فالمجال مجال بحث ومدارسة لا مجال أحكام - سمها ما شئت - بدون ادلة متعجلة، متأنية ...
أما الأسلوب الاستفزازي كما تسميه؛ فلا أرى وصف الأشياء بما هي عليه استفزازا؛ بل أراه نقلا للواقع ..
وخلاصة الأمر أني أطالبك وآمل فيك ما يلي:
إن كنت ترى أن الحضارات السابقة لم تصل إلى ما وصل إليه الإنسان اليوم؛ فاعقد مقارنة مفيدة بين الواقع اليوم، وما يفهم من الآيات القرآنية التي تكلمت عن الأمم السابقة ومدى تقدمها، في ضوء فهم سلف الأمة أو فهم خلفها الذي لا يعارض فهم سلفها.
وليكن كلامك علميا وعرضا لا أحكاما؛ بل اترك القارئ الكريم في ضوء بحثك يفهم ما تدل عليه نقولك عن أهل العلم، مشفوعة بتعليقاتك ..
هذا هو ما أردت أن أستفيد منك ومن غيرك ..
وأرجو أن نرتبط به، ونترك ما سواه.
وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[24 Jan 2010, 07:43 م]ـ
قال أهل العلم: الريع المكان المرتفع، وقيل الطريق.
وتتخذون مصانع: قيل هي القصور، وقيل: جداول الماء.
فإذا كان هؤلاء القوم بلغوا من التقدم والرفاهية ما يجعلهم يبنون على الأماكن المرتفعة علامات تقوم لهم مقام النجوم - كما في بعض الأقوال -، ويتخذون قصورا وجداول للماء بهذا التقدم؛ فما هي الوسائل التي كانت متوفرة لديهم؟
وقد قال الله تعالى عن فرعون: "وهذه الأنهار تجري من تحتي" ووصفت في بعض الأقوال أنها أنهار فوقها ما يغطيها من الزجاج ونحوه ..
وقال في قصة سليمان مع بلقيس: " .. قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها .. "
فبأي وسائل تقنية صنعوا هذه الأمور .. ؟
وإذا كان سليمان يملك الإنس والجن والطير؛ أفلم يستطع بكل هذه الوسائل أن يصل إلى القمر أوالمريخ أو أبعد من ذلك؟
أليس استخدام الجن أقوى سببا من استخدام آلات بسيطة من صنع الإنسان؟
وإذا كانت أقوى، ولم يستطع من خلالها اكتشاف جميع الأرض التي هي سكنه؛ بل لم يستطع اكتشاف أقرب الأماكن إليه أيعقل أن الإنسان اليوم بالآلات الأضعف استطاع اكتشاف جميع سطع الأرض؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[24 Jan 2010, 09:24 م]ـ
أخي إبراهيم بارك الله فيك
إن فرعون دعي للملك وليس بمالك؛ فزعم ملك ما ليس له.
وأما الجن فليسوا أهلا لعمارة الأرض، لذلك شرع إخراجهم من البيوت. ولو كانوا يقومون بأعمال عمارة الأرض لم يكن نصيبهم من الطعام العظم فقط. وحرموا شرب الماء لما لم يستقيموا على الطريقة التي تعهدوا بها من عند أنفسهم لما سمعوا القرآن.
ولم يكونوا إلا فسقة شرع الله إشغالهم من سفههم بما يلهيهم عن إحداث الضرر، فلبثوا في العذاب المهين.
الجن ليسوا أقوى سبب لمعرفة الأرض، فلو تتأمل خبر سليمان عليه السلام في إشغالهم ستعجب من شأنهم وسفههم. لعلي أن أدرجها في وقت لاحق قريب بإذن الله لأني لم أكتبها ولكنها حاضرة في الذهن.
والله أعلم
جزاكم الله خيرا(/)
مقيدات لطيفة حول التفسير وعلوم القرآن من مراسلات العلامة ابن سعدي
ـ[طلحة الجغبير]ــــــــ[21 Jan 2010, 02:17 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد ...
فخلال تصفحي لكتاب (الأجوبة النافعة عن المسائل الواقعة) والتي تمثل الرسائل الشخصية العلمية المرسلة من علامة القصيم عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله، إلى تلميذه العلامة ابن عقيل حفظه الله، وقفت على بعض ما يحسن تقييده مما تعلق بعلوم القرآن والتفسير، فأحببت نشرها إظهارا لها، فأسأل الله أن ينفع بها كاتبها وناقلها وقارئها ....
1 - ( ... وأما أولى التفسير الموجودة بالمطالعة؟ فلا أحسن من ابن كثير لفهم المعاني، ولا مثل صديق [أي فتح البيان لصديق حسن خان]، وحاشية الجمل لمسائل العربية والنكت اللطيفة) [الأجوبة: 110]
2 - في رسالة مؤرخة في العاشر من شعبان سنة 1360 هـ، ويذكر فيها الشيخ رحمه الله خبر سفره للرياض باستدعاء مستعجل من الملك عبدالعزيز رحمه الله، يفهم منها أن هناك من اعترض على تفسير الشيخ فتم الإستدعاء لمدارسة هذا الكتاب وعرضه على العلماء، قال الشيخ ( .... وفعلا بادرنا للحضور وإحضار التفسير فرآه بعض المشايخ فاستحسنوه ولم يحصل بحث في مسألة واحدة أصلا). [الأجوبة: 98]
قلت: وفيها فوائد:
أولا: قال المحقق: (ومن هنا نعلم يقينا أن تاريخ تأليف هذا التفسير قبل عام 1360 هـ) أي أتمه قبل الثالثة والخمسين من عمره رحمه الله.
ثانيا: وفيها حرص ولاة الأمور آنذاك على تصفية العلوم والكتب، وعرضها على العلماء بأسلوب المدارسة والمناقشة.
ثالثا: قال السعدي مبينا السبب لكتابته لتلميذه عن ذلك (أخبرتك بحاصل ذلك خوفا من أن يصور على غير صورته) وهذا من معالم التربية في حياته رحمه الله لمن تأمل!!
رابعا: وقع الإبتلاء في حياة العلماء.
3 - وصفه رحمه الله لكتابه (القواعد الحسان) بالمفيد، وأنه قد صنفه في رمضان، قال رحمه الله: (في رمضان صنفنا كتابا مفيدا وهو قواعد في تفسير القرآن، بلغ سبعين قاعدة، ...... وقد يسر اللله إتمامه في أول شوال) [الأجوبة: 138]
4 - فائدة عامة: (فبعض الكلام إذا كان مشكلا وتتبع الإنسان صاحب الكتاب وما سيق لأجله ربما يتضح معناه بخلاف إذا طلب تفسير الكلام مفردا) [الأجوبة: 197] قلت: وقد يفيد هذا في مسألة أثر السياق في فهم المعنى.
5 - وصف السعدي لكتابه (خلاصة التفسير): (أفيدك أني في رمضان لقلة الدروس وكان قد أشار علي بعض العارفين الناصحين لما كثر الإقتراح حول نشر التفسير وأبدينا الإعتذار أنه طويل جدا لا بده يبلغ بالطبع 7/ 8 مجلدات فيعسر نشره وتتعذر النفقة الكافية تبرعا أو تجارة وأيضا الناس اليوم مالهم رغبة بالمطولات.
فأشار علي من ذكر من مدة بكتب خلاصة للتفسير فما زال هذا الرأي يقوى عندي فيوم دخل رمضان استعنا بالله وكتبت خلاصة التفسير ويسر الله إتمامه في 3 شوال ويمكن يبلغ مجلد واحد لطيف ................ وطريقة هذا التصنيف أولا مقدمة في الأوصاف العامة التي وصف الله بها القرآن ثم ذكر آيات في التوحيد والإيمان والكلام عليها ثم آيات في الرسالة والمعاد وبقية العقائد والكلام عليها ثم آيات جوامع في الأخلاق الدينية العمومية ثم ذكر آيات الأحكام ثم ذكر قصص الأنبياء المذكورة في القرآن وما يستفاد منها ثم ذكر فوائد منثورة وبها انختم الكتاب ... ) [الأجوبة: 240 - 241]
قال المحقق: وقد طبع باسم "تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن" وسياتي وصف الشيخ له ولا يبدو أن هذه التسمية من قبل الشيخ حيث سيأتي مرارا الإشارة إليه باسم الخلاصة.
6 - تقييمه للمنهج العلمي الذي يدرس بالمعهد التابع للمعارف وكلامه عن الإتقان للسيوطي: ( ... وأما أصول التفسير وعلومه التي تلقى في المعهد فإنها قسمان: قسم مأخوذ بحروفه من كتاب الإتقان للسيوطي الذي قررت المعارف الإستمداد منه فهذا فيه أصول نافعة وقواعد وضوابط في علم التفسير جليلة لا يستغنى عنها في علم التفسير وهي أيضا مما أجمع عليه المفسرون ولكنها كغيرها يوجد فيها مواضع قليلة جدا ينتقد عليها ولم أعثر على شيء من هذا النوع إلا في مبحث كيفية نزول القرآن فإنه نقل فيه عبارة الإتقان بحروفها وحكى الأقوال فيها حكاية مجردة فحكى بعض الأقوال المنتقدة
والقسم الثاني مما زاده الأساتذة المصريون من أنفسهم وهذا القسم كله مباحث نفيسة جدا في تقرير النبوة والتحدي بالقرآن وبيان بلاغته وجلالة قدره وعلو مكانته نود لكل مسلم وطالب علم أن تكون هذه المباحث الجليلة نصب عينيه وقبلة قلبه لما لها من الأثر الطيب والمكانة والتحقيق) [الأجوبة: 257]
7 - كلامه عن مختصر أحمد شاكر لتفسير ابن كثير: (الجزء الأول من مختصر ابن كثير أهداه لي الشيخ أحمد محمد شاكر وإن تم الظاهر يصير عليه العمل لأنه زبدة تفسير ابن كثير) [الأجوبة: 286 - 287]
8 - وللشيخ كلام لطيف حول قول الله تعالى (سنريهم آياتنا في الآفاق .... ) يرجع له (350 - 355)
9 - ونقل الشيخ لتلميذه الفوائد حول آيتي الدين والوضوء (من سورة المائدة) والتي قيدها في تفسيره مع زيادات يسيرة (ينظر الأجوبة 356 - 370)
والحمد لله رب العالمين ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Jan 2010, 09:28 ص]ـ
حياك الله أخي طلحة، ونفع بك، وجعلك مباركاً أينما كنت
ورحم الله علامة القصيم الإمام عبدالرحمن السعدي.
فوائد رائعة ولطيفة ونادرة
شكر الله لك
وننتظر المزيد من إبداعاتك العلمية، كما تعودنا منك في الأمور العملية ونشر الخير.
ـ[طلحة الجغبير]ــــــــ[23 Jan 2010, 02:16 ص]ـ
أستاذنا أبا مجاهد -حفظه الله من كل شر وسوء-
بارك الله فيك، وأحسن الله إليك، ونفع بك الإسلام والمسلمين
ـ[عمر العسيري]ــــــــ[23 Jan 2010, 06:01 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
جزيتم خيرا على الإفادة.
هل يوجد هناك شرح للخلاصة "تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن"؟(/)
هل يؤخذ على ابن الوزير اليماني شيء في هذه العبارة؟
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[21 Jan 2010, 03:25 م]ـ
لما ذكر أمثلة لـ "المجاز المرشح"، وأثنى على رصفها وبلاغة أساليبها، قال: "ومن أقر أنه عربي بليغ في أرفع درجات الصنعة البديعية عند أهل هذا الشأن، لزمه ألا يقول فيما هو دونه بدرجات كثيرة من القرآن والحديث أنه يستحيل تأويله على قانون اللغة العربية في التجوز".
الروض الباسم: جـ 2، ص 439.
الشاهد: "فيما هو دونه بدرجات كثيرة من القرآن"، فما رأيكم؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[21 Jan 2010, 04:27 م]ـ
لما ذكر أمثلة لـ "المجاز المرشح"، وأثنى على رصفها وبلاغة أساليبها، قال: "ومن أقر أنه عربي بليغ في أرفع درجات الصنعة البديعية عند أهل هذا الشأن، لزمه ألا يقول فيما هو دونه بدرجات كثيرة من القرآن والحديث أنه يستحيل تأويله على قانون اللغة العربية في التجوز".
الروض الباسم: جـ 2، ص 439.
الشاهد: "فيما هو دونه بدرجات كثيرة من القرآن"، فما رأيكم؟
إذا كان يقصد فيما هو دونه من المغالاة في التجوز فلا أرى فيه إشكالا.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[22 Jan 2010, 10:25 ص]ـ
لما ذكر أمثلة لـ "المجاز المرشح"، وأثنى على رصفها وبلاغة أساليبها، قال: "ومن أقر أنه عربي بليغ في أرفع درجات الصنعة البديعية عند أهل هذا الشأن، لزمه ألا يقول فيما هو دونه بدرجات كثيرة من القرآن والحديث أنه يستحيل تأويله على قانون اللغة العربية في التجوز".
الروض الباسم: جـ 2، ص 439.
الشاهد: "فيما هو دونه بدرجات كثيرة من القرآن"، فما رأيكم؟
الأخ الكريم
الضمير هنا لا يعود بحالٍ على القرآن الكريم أو الحديث الشريف
و الأمر كما ذكره الأخ العزيز (حجازي)، و بيانه أن:
الضمير في قوله: (فيما هو من دونه) يعود إلى المبالغة في التجوز في ذلك النظم المذكور قبله، و هو ما صرّح به عقبه بقوله: (فمن زعم أنّ هذا نظمٌ خارج عن طريقة العرب, غير بليغ ولا مستقيم, فهو بهيميّ الطبع جامد القريحة)
و يوضحه قوله عقب هذا: ( ... فإن قلت: إنّ هذه المبالغة لا يجوز دخولها في القرآن والحديث لأنّها كذب محض, ولا يجوز ذلك في كتاب الله تعالى وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
قلت [أي ابن الوزير]: هذا جهل باللغة والبلاغة, بل جهل بما في الكتاب والسّنة من ذلك. وقد تقدّم شيء من ذلك في هذا النّوع الذي نحن فيه, وفي القرآن العظيم ما هو أعظم ممّا ذكرناه, ولو لم يرد في جواز هذا, والشّهادة بالبراءة له من الكذب إلا قول الله تعالى: ((إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً)) [الإنسان/19] فإنّا نعلم أنّ من رأى الولدان الحسان لا يحسبهم لؤلؤاً منثوراً في صفاء ألوانهم, وحسن منظرهم كالدّرّ. ووصفه للدّرّ بأنّه منثور من جملة ما ذكرنا من ترشيح الاستعارة.). أهـ(/)
(وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[21 Jan 2010, 05:29 م]ـ
"لجينيات ـ في الوقت الذي تحشد فيه كل دول العالم طاقاتها لإرسال مساعداتها الي هايتي في محاولة لإنقاذ ملايين المنكوبين من الزلزل المدمر الذي ضرب العاصمة قبل حوالي اسبوع، اتهم ناشط أمريكي، مدافع عن حقوق السود، البعثة الطبية الإسرائيلية التي دخلت هايتي بذريعة مساعدة منكوبي الزلزال، بسرقة الأعضاء البشرية لضحايا الكارثة التي ادت إلى مقتل أكثر من 75 ألف شخص وإصابة حوالي ربع مليون آخرين.
وذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" الاسرائيلية أن الناشط الامريكي ويدعى ت. ويست، ويعيش في سياتل، حمّل شريط فيديو على موقع "يوتيوب" الالكتروني يتهم فيه جنودا إسرائيليين يشاركون في عمليات الإغاثة في هايتي، بالتورط في سرقة اعضاء بشرية من ضحايا الزلزال.
وحسبما ذكرت صحيفة "السفير" اللبنانية، يعرض الناشط في الشريط الأجهزة المتقدمة التي تستخدمها البعثة الإسرائيلية. لكنه يقول في معرض حديثه ان "هناك أشخاصا لا ضمير لهم، يستغلون المواقف دائما، ومن بينهم الجيش الإسرائيلي، الذي يعمل في هايتي الآن"، مذكّرا بالاتهامات التي وجهت الى إسرائيليين بسرقة اعضاء شهداء وأسرى فلسطينيين.
واتصلت "يديعوت" بالناشط الأمريكي. ونقلت عنه قوله "انا لا أكره اسرائيل ولست سياسيا ولكني اعمل في مؤسسة امريكية غير حكومية وكشفت عن شيء ارتكبتموه أنتم الاسرائيليون في جنوب افريقيا حيث كان يماثل عملكم في فلسطين ".
وتابع "من الجيد ان يساعد الجيش الاسرائيلي هنا، لكن حيث يتواجد الموت، يتواجد الانتهازيون. هناك حاجة للشفافية في هايتي".
وهذه ليست المرة الاولى التي يتاجر فيها الإسرائيليون بالأعضاء البشرية بعد سرقتها، فقد سبق ومارسوا جريمتهم في فلسطين والولايات المتحدة، وأخيرا كانت هايتي.
فقد كشف الصحفي السويدي دونالد بوستروم في وقت سابق عن قيام قوات كيان الاحتلال الصهيوني بخطف الفلسطينيين من اجل الاتجار بأعضائهم.
وشدد الصحفي في مؤتمر صحفي عقده بالجزائر علي ان اكثر من الف من الشهداء الفلسطينيين هم ضحايا هذا العمل الاجرامي الذي يرتكبه الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني.
وقال إن الاسرائيليين بدأوا بيع الاعضاء الرئيسية في جثامين الفلسطينيين بعد استشهادهم منذ عام 1960 حيث شهد هذا العمل سرعة اكثر بعد الانتفاضة الاولي للشعب الفلسطيني.
وكشف الصحفي السويدي عن حقائق أخرى مثيرة ومنها أنه حصل خلال تحقيقه عام 1992على معلومات من مصدر موثوق ـ تحفظ على ذكر اسمه ـ تفيد باختفاء 133 فلسطينيا في ظروف غامضة وتمكن من الحصول على لائحة باسم 92 من هؤلاء منهم 52 شخصا كانت جثثهم مشرحة،
ويقول دونالد أنه اتصل بـ20 عائلة فلسطينية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة وأيضا من عرب 48 وأجرى معها مقابلات بهدف كشف المزيد من المعلومات وتوصل بعد أسبوع من التحري إلى حقيقة مفادها أن جميع العائلات تشكو من نفس القضية، أبنائها يختفون فجأة ويعادون إليهم وجثثهم مشرحة وسلبت منها الأعضاء الحيوية.
ورغم تعرض الصحفي السويدي لهجوم إسرائيلي شرس، أكد التلفزيون الإسرائيلي صحة ما نشره حول سرقة الأعضاء من الشهداء الفلسطينيين وأن أعضاء كالقرنيات والعظام إضافة إلى جلد الظهر كانت تنتزع منهم دون موافقة عائلاتهم، ليعالج بها المرضى اليهود.
وحسب التلفزيون الإسرائيلي فإن "يهودا هس" مسئول الطب التشريحي والقضائي السابق في معهد أبو كبير في إسرائيل كان قد سجل شريطا طوله 57 دقيقة، ظهر بعد تسجيله بعشر سنوات، يبين كيفية انتزاع الأعضاء من الأموات الفلسطينيين، وما كان يحدث في الخفاء في معهد التشريح.
كما كشفت شبكة "سي. ان. ان" الامريكية العام الماضي أن اسرائيل هي مركز عالمي للتجارة غير القانونية للاعضاء البشرية. واكدت البروفيسورة نانسي شبر يوز من جامعة كاليفورنيا ان"اسرائيل هي القمة" في هذا الموضوع وان أذرعها تصل الى كل العالم.
وتعود بداية التحقيق،حسب نانسي، الى اعتقال عشرات السياسيين، الموظفين والحاخامين في ولاية نيوجيرسي في الولايات المتحدة في شهر يوليو/ تموز الماضي وذلك في اعقاب اعتقال رجل الاعمال ليفي اسحق روزنبوم الذي يعتبر رجل الارتباط المركزي في شبكة صينية - اسرائيلية - امريكية للتجارة غير القانونية بالاعضاء البشرية."
ما هو دورنا يا أهل القرآن في كشف خطر هذه الشرذمة الخبيثة على الإنسانية؟
ألم يأخذ الله الميثاق على أهل الكتاب ليبننه للناس ولا يكتمونه؟
هل قمنا بالواجب يا أهل القرآن؟
هل من سبل مقترحة؟
ـ[أبو المهند]ــــــــ[22 Jan 2010, 12:38 ص]ـ
يا حبيبنا " حجازي الهوى " حفظك الله
المسلمون سكارى وما هم بسكارى ولكن تبعبيتنا لغير الله هي المؤثرة فينا أفرادا وجماعات.
والحل في قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)
الحل في أن نتسنم معارف الدنيا ونطوعها لله فنسود الدنيا ونجعلها جسرا للآخرة وهذا يبتر شليل أيدي العدو مهما كان ويحفظ بيضتنا بفضله تعالى والحديث ذو شجون.
حفظكم الله ورعاكم يا أخانا المفضال حجازي الهوى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Jan 2010, 11:22 ص]ـ
حفظكم الله ورعاكم وبارك فيكم دكتورنا وشيخنا الحبيب تقول:
الحل في أن نتسنم معارف الدنيا ونطوعها لله فنسود الدنيا ونجعلها جسرا للآخرة وهذا يبتر شليل أيدي العدو مهما كان ويحفظ بيضتنا بفضله تعالى والحديث ذو شجون.
حفظكم الله ورعاكم يا أخانا المفضال حجازي الهوى.
وأقول لو أن الأمة فعلت ما ذكرت لسلمت الدنيا من مثل هذا:
لجينيات ـ في ذروة تداعيات كارثة هايتي، فوجىء الجميع بتقارير صحفية تؤكد أن الزلزال المدمر ليس الجاني الحقيقي فيما أصاب تلك الجزيرة التي تقع في منطقة الكاريبي وإنما للأمر أبعاد أخرى قد لا يتصورها كثيرون وتتعلق أساسا بتجارب علمية أمريكية وإسرائيلية حول حروب المستقبل التي ستحدث تدميرا واسعا وستظهر في الوقت ذاته وكأنها كوارث طبيعية.
ففي 20 يناير / كانون الثاني، خرج الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز بتصريحات مثيرة كشف خلالها أن هناك تقريرا سريا للأسطول الشمالي الروسي يؤكد أن تجارب "السلاح الزلزالي" التي أجرتها مؤخرا القوات البحرية الأمريكية هي التي تسببت في وقوع كارثة هايتي.
وأضاف شافيز في تصريحات لصحيفة "آ بي سي" الإسبانية أن التقرير السري يشير إلى أن الأسطول البحري الشمالي الروسي يراقب تحركات ونشاط القوات الأمريكية في بحر الكاريبي منذ عام 2008 حين أعلن الأمريكيون نيتهم في استئناف عمل الأسطول البحري الرابع الذي تم حله عام 1950 وهو الأمر الذي دفع روسيا للقيام بمناورات حربية في تلك المنطقة عام 2009 بمشاركة الطراد الذري "بطرس الأكبر" وذلك لأول مرة منذ انتهاء الحرب الباردة.
وتابع شافيز قائلا:" التقرير الروسي يربط بين تجارب السلاح الزلزالي التي أجرتها البحرية الأمريكية مرتين منذ بداية العام الجديد والتي أثارت أولا هزة قوتها 6.5 درجة في مدينة أوريكا في ولاية كاليفورنيا لم تسفر عن أية ضحايا، وثانيا الهزة في هايتي التي أودت بحياة حوالي 200 ألف بريء".
ونسب للتقرير القول أيضا إن واشنطن ربما توفرت لديها المعلومات التامة عن الأضرار الفادحة التي قد تتسبب بها تجاربها على السلاح الزلزالي ولذا أوفدت إلى هايتي قبل وقوع الكارثة الجنرال كين قائد القيادة العسكرية الجنوبية للجيش الأمريكي ليراقب عملية تقديم المساعدة إذا اقتضى الأمر.
تحذير لإيران
وبجانب ما جاء في التقرير الروسي، فقد أبلغ شافيز الصحيفة الإسبانية أن وزارة الخارجية الأمريكية ومنظمة "يوسيد" الأمريكية والقيادة العسكرية الجنوبية بدأت في غزو هايتي تحت ذريعة المساعدات الإنسانية وأرسلت إلى هناك ما لا يقل عن 100 ألف جندي ليسيطروا على أراضي تلك الجزيرة بدلا من الأمم المتحدة.
واختتم شافيز تصريحاته قائلا إن فنزويلا وروسيا اتفقتا على رأي مفاده أن تجربة السلاح الزلزالي الأمريكي تستهدف في آخر المطاف إيران عن طريق إعداد خطة ترمي إلى تدميرها من خلال إثارة سلسلة من الهزات الأرضية الاصطناعية والإطاحة بالنظام الإسلامي فيها.
ورغم أن البعض قد يشكك في تصريحات شافيز بالنظر لعدائه الصارخ لواشنطن إلا أنه لم يكن الوحيد الذي يكشف عن التجارب الأمريكية السرية، فقد كشفت صحيفة "الصباح العربي" المستقلة المصرية أيضا عن قيام البنتاجون بإجراء أبحاث مشبوهة للتحكم في المناخ يمكن أن تكون مسئولة عن الإخلال بالتوازن الطبيعي في منطقة الكاريبي التي تقع بها هايتي.
وأشارت في هذا الصدد إلى تقارير تحدثت في الفترة الأخيرة حول قيام الرئيسين الأمريكيين السابقين بيل كلينتون وبوش الإبن بتمويل تجارب ميدانية ضمن مشروع "الكيمتريل" الذي يسعى للتدخل في هندسة الأرض والسيطرة على التفاعلات الكونية الرئيسة وخاصة في منطقة الكاريبي التي تعتبر الحديقة الخلفية للأمن القومي الأمريكي.
وعزت الصحيفة مسارعة إدارة أوباما بإرسال قوات كبيرة وفرض وجودها العسكري الكامل على المطارات والموانيء بالرغبة في إخفاء أية دلائل تكشف تورط البنتاجون في تنفيذ إحدى التجارب العلمية ذات الصلة بأبحاث "الكيمتريل" بالقرب من هايتي، مشيرة إلى أن مبادرة بوش وكلينتون لتبني خطط إنقاذ المنكوبين تبدو وكأنها جاءت في إطار شعورهما بالذنب تجاه تداعيات التجربة الكارثية.
العرب في مرمى التجارب
(يُتْبَعُ)
(/)
جريدة "آخر خبر" التي تصدر بالعربية في الولايات المتحدة لم تذهب هي الأخرى بعيدا عما سبق، حيث كشفت في تقرير لها أن كارثة "تسونامى" التي ضربت جنوب آسيا قبل سنوات نجمت عن تجارب نووية أمريكية فى قيعان البحار وأعماق المحيطات، قائلة:" تحاول واشنطن الآن خداع دول وشعوب العالم أيضا بأن ما أصاب هايتى هو كارثة طبيعية نتيجة زلزال مدمر إلا أن العلم الجيولوجى ومراقبة ورصد حركات الأرض تعطى مؤشرات ونذير بوقوع الأخطار وحدوث الزلازل من خلال المتغيرات التى تطرأ على الأوضاع الطبيعية حيث تظهر بوادر انقسامات أو تسطحات وتصدعات فى قشرة الأرض أما التصدع الكبير والمفاجىء فهو يكون علميا ناجما عن محدثات صناعية متمثلة في تجارب نووية لمعرفة مدى تأثيرها وما تحدثه من تدمير أو تغير على شكل الطبيعة فى الأرض والبحار ".
وتابعت قائلة:" التجربة في هايتي أثبتت النجاح والآن يتم تجميع المعلومات وتحليلها وتسجيلها وهي إعادة لتجربة تسونامى وأصبحت الآن تجربة علمية عسكرية أمريكية نجحت بامتياز ".
وعن أسباب اختيار هايتي لإجراء مثل تلك التجارب المميتة، أضافت الصحيفة " هايتي منطقة نساها التاريخ وصنعتها قوة الاستعمار الفرنسية حيث جلبت لها شعبا من الأفارقة ليعملوا فى زراعة البن والقطن وعاشوا لسنوات طوال وهم عبيدا على الأرض وبعد ذلك أخذوا يسلكون طريق النضال إلى أن حصلوا على الاستقلال وأعلنوا تشكيل أول جمهورية على وجهة الخارطة الجغرافية والسياسية وهي من المناطق المصنفة ضمن القلاقل الأمنية وتعيش في أزمات سياسية واقتصادية نتيجة الصراعات على السلطة بين المتناحرين وعدد سكانها لا يتجاوز 10 مليون نسمة يعيشون ضمن ظروف متردية وأكثر من 60% من سكانها ما دون خط الفقر ولا يتمتعون بأي رفاهية اجتماعية وهم بالعرف الأمريكى لا يستحقون الحياة ومن أجل كل هذا فإن وقوعهم فى مختبرات التجارب الأمريكية العسكرية والعلمية يعتبر من الحقائق غير القابلة للشك، لقد نجحت تجربة تدمير هايتى التى عمتها الفوضى الأمنية والسرقات وأصبحت من المناطق التى تنعدم فيها القوانين وكل ذلك بفعل الزلزال الأمريكى، واشنطن تختار لكل منطقة ما يناسبها لإخراجها من منظومة الحياة ".
وبجانب هايتي، فقد حذرت الصحيفة الدول العربية وأفغانستان والصومال واليمن وفلسطين بأنهم الهدف التالي، قائلة:" ما حدث في هايتي غير بعيد عن التجارب الإسرائيلية على مقاومة الكوارث الطبيعية وغير مستبعد أن المنطقة العربية مرشحة لتجربة مماثلة خاصة وأن التجربة الأمريكية في هايتى أصبحت مجدية بعد نجاحها في إحداث خسائر فادحة تعجز الحروب المباشرة عن تحقيقها ".
المصدر:
http://www.lojainiat.com/(/)
ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثانية)
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[22 Jan 2010, 02:58 م]ـ
الرحلة إلى مصر لدراسة الماجستير
الحلقة الثانية
.
قراءة كتب النحو
السبت 1 أيلول 1973م = 4 شعبان 1393هـ
وجدت أن سفري إلى مصر وعودتي منها أمر في غاية البساطة، وكأني قد قضيت الاثني عشر يوماً التي قضيتها في القاهرة كأني قضيتها في بغداد أو في الموصل أو في أية مدينة قريبة، ليس في الأمر شيء إلا هذا التعب والإرهاق ومعاملات السفر، لهذا فإني في عودتي لم أكن مهتماً بأن أجد أحداً من الأهل في المطار أو في بغداد، لا يتطلب الأمر كل ذلك ولا بعضه، ولهذا وصلت إلى مطار بغداد ولا أحد يعلم، وقد لقيت أحد أقاربنا يعمل في المطار سعد عمر علي، استغرب من وجودي في المطار، لا يدري عودتي من ذهابي، وقد سَهَّلَ لي بعض أمور الدخول، ووصلت بيت العم مصطفى، وكان وصولي مفاجأة لهم أيضاً، وقضيت الليلة عندهم وفي الصباح قلت أزور بيت الخال عبد محمد صالح، ثم جمعت حقائبي وتوجهت إلى موقف سيارات بيجي ووصلتها بعد الظهر، وكان وصولي مفاجأة عظيمة جداً للأهل، وخصوصاً الوالدة التي كانت تتحسر على بعدي، على كل حال وضعت رحلي وكأني لم أسافر، وكان علي أن أعمل شيئاً خلال هذين الشهرين، إذا كتب الله لي العودة للدراسة، فمن أين أبدأ وأين أنتهي؟! قلت: أقرأ أوَّلاً الكتب التي درسنا بعضها في الكلية خاصة كتب النحو، فكانت الفكرة أن أدرس أبواب النحو في عدة كتب في آن واحد، أدرس الموضوع في قطر الندى، وهو أوجز كتاب، ثم أوضح المسالك، وبعدها أدرس الموضوع في شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك، ثم أنتقل لدراسة الموضوع نفسه في شرح الأشموني، فتكون حلقة متكاملة الأجزاء، أنتقل مع الموضوع عبر اتساعات متعددة، أقف خلالها على دقائق الموضوع وأجزائه المهمة، ويتبين لي خلالها ما تحويه كتب النحو الموسعة مثل شرح الأشموني من التعليل والمحاورات والآراء، وإذا تمت لي دراسة النحو بهذه الطريقة أدرس بعض الكتب الأخرى في التاريخ وفلسفة النحو. وهناك كتب في المكتبة العامة في بيجي أفكر في الاطلاع عليها، وسأخصص جزءاً من وقتي للوقوف على ما فيها، إن شاء الله.
الحرب!
السبت 6 تشرين الأول 1973م = 10 رمضان 1393هـ
كان الجو بعد الظهر يثقل على الصائمين لحرارته رغم الغيوم التي تلبد السماء، وكان الجنود في جيشي مصر وسوريا في تلك اللحظات يهجمون على العدو، وهم يتدفقون بكامل عدتهم داخل الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب حزيران سنة 1967، والطائرات تشتبك مع الطائرات والزوارق الحربية تعانق السواحل بقذائفها .. اليوم يا الله .. أُعْلِنَتِ الحرب على إسرائيل وقد عُرِفَ أن قوة بحرية إسرائيلية حاولت النزول في خليج السويس في الضفة الغربية من الخليج في الساحل المصري تساندها طائرات إسرائيلية فقامت القوات المصرية بردها، والحملة على القوات الإسرائيلية عبر قناة السويس بعد ظهر اليوم، وفي سوريا أُعْلِنَتِ الحرب على إسرائيل لرد العدوان الذي قامت به القوات الإسرائيلية على سوريا فاندفعت القوات البرية السورية تساندها الطائرات باتجاه هضبة الجولان مقتحمة معاقل وتحصينات القوات اليهودية، ويجري على المستوى السياسي كلام طويل عن البادئ بالحرب، المهم أن الحرب بدأت وأن على العرب ألا تفلت منهم هذه الفرصة إذ إن الساحة العربية لا تحتمل ذُلاًّ بعد الذل الذي لحقها بعد حزيران 1967، الأردن لم يشترك في هذه الحرب لحد الآن على الرغم مما قيل إن الملك حسين اجتمع واتصل وأن قواته في حالة الإنذار القصوى، وقد تأكد أن القوات المصرية عبرت قناة السويس إلى الجانب الشرقي قبل حلول الظلام، وأنها سيطرت على معظم الجانب الشرقي من القناة وكبدت إسرائيل في جيشها خسائر، وفي سوريا عُلِمَ أن القوات السورية تتقدم ببطء شديد وصعوبة داخل هضبة الجولان وأنها احتلت بعض المواقع الإسرائيلية في جبل الشيخ، وأن القتال يجري في الجانب الغربي من خط وقف إطلاق النار، وأُعْلِنَ عن سقوط طائرات من الجانبين وأُعْلِنَ في سوريا أن زوارق من إسرائيل حاولت في الليل الهجوم على اللاذقية فصدتها الزوارق السورية وأغرقت أربعة وأصابت اثنين، وأسقطت طائرتين سمتيتين، وبدأت على الصعيد العربي والعالمي
(يُتْبَعُ)
(/)
حملات سياسية قوية تقودها في جانب الولايات المتحدة لوقف القتال وتقودها في الجانب الآخر الدول العربية تحاول تناسي الخلاف وإيجاد ظروف أفضل للقتال ضد العدو، لكن التنسيق العربي يأتي في ساعة الصفر غالباً، ولم تتضح الأمور لحد الآن رغم الثقة التي تظهر بها القوات العربية.
البحث عن وظيفة
الاثنين 22 تشرين الأول 1973م = 26 رمضان 1393هـ
سافرت فجر اليوم إلى بغداد على أثر خبر غير مؤكد يقول: إن وزارة التربية طلبت من مجلس الخدمة تعيين (730) مدرساً في مختلف الفروع العلمية والأدبية، فاستبشرنا خيراً وتأكد الخبر عندما نُشِرَ في الجريدة يوم أمس، وأن الوزارة طلبت أن يتم التعيين قبل 5/ 11/1973، قلنا: لعل القوم أكثر صدقاً هذه المرة لينقذوا مئات العوائل والأفراد من اليأس القاتل، وبعد السحور أو بعد صلاة الفجر سرت إلى موقف السيارات، وهناك التقيت بالأخ صالح سليم الحمد (1) هو الآخر يريد أن يتثبت من هذا الأمر، وركبنا معا في سيارة واحدة إلى بغداد يحدونا الأمل الذي يراودنا منذ أن ودعنا الكلية عام 1971، ومرة كان يشتد ومرة كان يذبل ويضعف، ورغم كل ذلك كانت تساورنا الشكوك، وصلنا إلى بغداد وإذا بها تعج بالشرور والمفاسد، وكأن رمضان لم يحل في بغداد، تشعر أن كل من في الشوارع مفطرون وأنهم ملحدون بعد أن عمت بلدنا موجات الإلحاد بفضل الوضع الجديد، ووصلنا إلى مجلس الخدمة حيث عرفنا زواياه ومنعطفاته وأوقات الدوام، قالوا لا تُفْتَحُ الأبواب حتى العاشرة صباحاً لمناسبة حلول شهر رمضان، وكان هناك رجال بلباس المغاوير قالوا إنهم حماية الأستاذ خير الله الطلفاح الذي صار حديثاً رئيساً على مجلس الخدمة بعد أن كان محافظاً لبغداد، وازدحم الناس المنتظرون طالبي التعيين، نساء ورجالاً، فهاهنا باب الرحمة الذي تنزل منه إلى البشر، رحمة الحكومة .. والثورة، سألنا متى يعلق الإعلان حتى يتسنى لنا التقديم والعودة لانتظار الخطوة التالية، قيل سيعلق بعد قليل، هذه أقاويل الناس المنتظرين، وسألنا موظفاً مسؤولاً عن تعيين المدرسين في المجلس متى سيعلق الإعلان؟ قال: ربما قبل العيد أو بعده .. وتأكد أن ذلك سيكون بعد العيد، إذن أين من قال إن التعيينات ستتم قبل 5/ 11/1973، ومع هذا الوعد الجديد فإننا لم نكن مطمئنين من هذا الخبر، إذ ربما أعلنوا ذلك خلال أيام قلائل وتفوتنا الفرصة، تركت المجلس ودرت على مديرية الملحقيات الثقافية وسفارة مصر، وبعدها تركت بغداد، ورأيت في موقف السيارات عدداً من زملاء الدراسة في جامعة الموصل ممن قُبِلَ في دبلوم التربية لإعداد المدرسين ..
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/64b5791f9b2bee.jpg
صالح سليم، وغانم قدوري، في جامعة الموصل
13/ 5/1969
وقف إطلاق النار
الثلاثاء 23 تشرين الأول 1973م = 27 رمضان 1393هـ
أُعْلِنَ صباح أمس أن مجلس الأمن الدولي قد صادق على مشروع السلام الأمريكي السوفيتي الذي يقضي بوقف إطلاق النار خلال (12) ساعة من تاريخ مصادقة مجلس الأمن عليه، ثم البدء بتطبيق قرار مجلس الأمن 242 لسنة 1967، والذي صدر عقب حرب 5 حزيران سنة 1967، وهذا القرار فيه اختلاف في تفسيره في نقطة واحدة وهي أنه ذُكِرَ فيه أن على إسرائيل الانسحاب عن أراضٍ احتلت في حرب حزيران، وهناك من يرى أن القراءة الصحيحة للقرار المذكور هي (الانسحاب من الأراضي التي احتلت)، وينص القرار على حدود آمنة، وحرية الملاحة، وحقوق الشعب الفلسطيني، ووافقت إسرائيل على المشروع قبل أن يصادق عليه مجلس الأمن! ولزمت مصر جانب الصمت حتى آخر اللحظات من موعد سريان مفعول القرار، فأعلن الرئيس السادات أن مصر توافق على القرار بشرط التزام العدو بذلك .. وكلام آخر، وأعلن الأردن موافقته على القرار رغم أنه ليس بلداً محارباً بقوة إلا في الجبهة السورية، وقال إن تلك القوة تخضع لقرار سوريا بشأن قرار مجلس الأمن، ورفض العراق القرار تقريباً (وأنه يحتفظ برأيه)، وجاء موعد وقف إطلاق النار مساء أمس، وقالوا إنه توقف على الجبهة المصرية تماماً، فيما كانت تجثم على الجبهة الغربية من قناة السويس قوة إسرائيلية كبيرة تسيطر على مساحة قدرها 1200 كم مربعاً، بزعم العدو، ومصر تقول إن القوات الإسرائيلية محصورة في جيبين صغيرين، وفي
(يُتْبَعُ)
(/)
صباح اليوم أعلن ناطق مصري أن العدو استغل وقف إطلاق النار وحاول توسيع الأرض التي يحتلها، وخاصة غرب القناة، وعُدَّ ذلك خرقاً لوقف إطلاق النار، مما اضطر القوات المصرية للرد على العدو، وأعلن أن معارك عنيفة براً وجواً تدور طوال اليوم في الجبهة المصرية، فيما استمر القتال على الجبهة السورية، رغم أن إعلان وقف إطلاق النار قد غَيَّرَ إستراتيجية الحرب، ولم تعلن سوريا موافقتها على قرار مجلس الأمن، وعلى هذا تجدد القتال اليوم، كما كان في الأيام السابقة، ويبدو أن موقف القوات العربية المحاربة صار حرجاً، والله أعلم .. والحقيقة ستتبين!
توقف الحرب بدون نصر
الأربعاء 24 تشرين الأول 1973م = 28 رمضان 1393هـ
يبدو أن الآمال التي علقتها الشعوب العربية على حرب 6 تشرين قد تبددت الآن في هذا اليوم بالضبط حين وافقت سوريا فجر اليوم على وقف إطلاق النار ومصر قد وافقت من قبل، وقد ذكرت الأخبار اليوم أن القتال على جبهة سوريا كان هادئا إلا من طلقات متفرقة، أما في جبهة مصر فإن اليهود قد نكثوا العهد أو أنهم وفوا لأخلاقهم فقد ذكر راديو القاهرة أن جيش اليهود قد استغل وقف إطلاق النار وراح يستولي على الأراضي غرب قناة السويس ويهاجم الأهداف المدنية من الجو، وذُكِرَ أن جيش العدو يزحف نحو مدينة السويس إلا أن قوات الجيش المصري والجيش الشعبي قامت بصد هجوم العدو وتكبيده خسائر فادحة وأن القوات العربية تقوم بهجوم معاكس مكبدة العدو خسائر، وقد بدت حراجة موقف مصر العسكري اليوم حينما وجه أنور السادات خطابين مفتوحين إلى ليونيد برجنيف سكرتير الحزب الشيوعي (رئيس الاتحاد السوفيتي) ونكسون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بإرسال قواتهما لضبط وقف إطلاق النار، فلولا أن موقف مصر العسكري على وشك الانهيار لما طلب السادات ذلك ولاستمر الجيش العربي بالقتال مادام الموقف إلى جانبه، ويبدو أن الجيش المصري في سيناء هو الآخر في ضائقة ولا ندري ما تخبئ الأيام القادمة للعرب بعد هذه الأحداث الداميات التي قد تذهب سدى ونرضى بالاستسلام لشروط إسرائيل، ومن يسمع إذاعة العدو وهي تتحدث عن انتصارات مزعومة وعن فرض الحل السلمي على العرب فكأنما صب على نفسه البنزين وأشعل النار في أحشائه، كنا نتطلع نحن هنا ولا حل لنا ولا عقد إلا من إرسال إخوتنا إلى جبهات القتال طعاماً للمدافع والقنابل كنا نتطلع أننا سندفع الثمن لآخر مرة، وأن هذا الذي يسمى بالعدو الصهيوني سينتهي أمره شر نهاية، وأن العرب سيفرضون الحل الذي يناسب آمال شعوبهم والشعب الفلسطيني، كنا نحسب أن جيش إسرائيل سينهار بعد هذه الحرب الطاحنة فإذا به يصمد بفضل الإمدادات الهائلة التي أخذت ترمي بها أمريكا على العدو، مئات الطائرات تهبط دفعة واحدة محملة بالدبابات والعتاد منذ الأيام الأولى للحرب وإلى الآن، العرب لم ينهزموا تماماً لكن قبولهم بوقف إطلاق النار دون ضمانات هو الهزيمة.
العودة للقراءة
الأحد 28 تشرين الأول 1973م = 2 شوال 1393هـ
منذ أن عدت من القاهرة ألزمت نفسي قراءة الكتب التي تبحث في اللغة العربية: النحو خاصة من علومها، كنت أذهب إلى مكتبة بيجي العامة لأتابع ما فيها من كتب العربية، لدينا في مكتبتنا الخاصة من كتب العربية مالا أجده في مكتبة بيجي العامة، على كل حال كان المنهج الدراسي الذي اتبعته يمضي قدماً حتى قَرُبَ شهر رمضان أو حَلَّ، فشعرت أنني لا أستطيع أن أمضي في الدراسة بتلك الهمة التي أجدها في أيام الفطر، ولا أستطيع أن أحقق نفس النتائج، فتساهلت في الدراسة، ساعة أو ساعتين في اليوم، كان الأمر كذلك في الأسبوع الأول من شهر رمضان، وجاء العاشر من رمضان وجاء نذير الحرب فتعلقت قلوبنا بأنباء الحرب، وساحت أبصارها تتأمل نتائجها، ونقلب النظر فيما سيكون عليه حال أمتنا بعد حين من الزمان، وانفعلنا مع تصاعد الحرب وحَزِنَّا لإراقة الدم العربي وصبرنا أملاً بالنصر، وكنت منذ العاشر من رمضان لا أكاد أفتح كتاباً ولا أقرأ شيئاً، ولا أتصفح الجريدة، كنت متعلقاً بسماع أخبار الحرب من الراديو ليل نهار، كنت قد حافظت فقط على قراءة القرآن والحمد لله .. وتقدمت الأيام ومشاعرنا تتقد من لهيب المعارك التي لَوَّنَتِ السماء بلون أحمر، وخابت الآمال عندما بَعُدَ النصر،
(يُتْبَعُ)
(/)
وأُسْقِطَ في أيدينا عندما فرضت الدول الكبرى وقف إطلاق النار، وجيش إسرائيل غربي القناة .. وبدأت تتردد أصداء تستنكر ذلك، العراق يرفض وقف إطلاق النار، وأوجز رأيه بالقول: (إذا كنا قد سمعنا أخبار المعارك من الراديو فلا ينبغي أن نسمع أخبار وقف إطلاق النار من الراديو وجيشنا يقاتل في الجولان)، وخَلَّفَت تلك الأيام العشرون حسرة في قلوبنا، وزرعت غُصْناَ أخضر لعله يقوى أو يصفر ويذبل، المهم أنني الآن بعد أن أفطرنا، وانقطعت أخبار الحرب إلا من ذكر نتائجها وما يجري من محادثات لحل الأزمة من أساسها، فإني أجد نفسي قد استيقظت من حُلْمٍ أو سِنَةٍ، وعُدْتُ إلى الكتب من جديد وبهمة عالية، ولكن ما الغاية من هذا الاندفاع في هذا السبيل؟ لا شك أن العلم لذاته محبوب، ولكني كنت آمل أن أسافر للدراسة إلى مصر، وأنا أعد العدة لذلك، ولكن بدت احتمالات سفري بعيدة إلى الآن، إذ لم تصلني ورقة القبول بعد، والله أعلم كيف ستسير الأمور يعد أن وقعت الحرب.
مراجعة مجلس الخدمة
الأربعاء 31 تشرين الأول 1973م = 5 شوال 1393هـ
مضيت اليوم في الصباح أحمل نفسي على السفر حَمْلاً مُؤَمِّلاً وضع حد لمتاعب طالت على مر الزمن، قبل حلول عيد الفطر ذهبت إلى بغداد يوم الاثنين 22/ 10 لمراجعة مجلس الخدمة للوقوف على صحة ما نُشِرَ ويردده المهرجون، قالوا حينذاك إن الإعلان الخاص بتعيين المدرسين سيعلق بعد العيد مباشرة، واقتنعنا لأنا حملنا كلامهم محمل الجد والصدق، وجاء العيد ... وانقضت أيامه وآخر بعدها، قلت إن شاء الله سيكون هناك شيء جديد، بل حَدَّثْتُ نفسي أني ربما تأخرت عن الوقت المناسب للتقديم، كان هناك بعض الزملاء ينتظرون أن أجلب لهم الخبر، وصلت بغداد بعد الساعة العاشرة، وذهبت إلى مجلس الخدمة العامة الذي تربع على عرشه منذ فترة وجيزة الأستاذ خير الله الطلفاح الذي تُشَدُّ إليه الرحال، وتُضْرَبُ به الأمثال، تصفحت الجدار الذي تلصق به الإعلانات هي نفسها التي وجدناها منذ أيام تصفحت الوجوه لعلني أجد من يحمل إلي الخبر اليقين الذي هو ليس بسر، وأخيراً ذهبت إلى موظف يقبع في قعر غرفة تتجاوز إليه ثلاثة أبواب حتى تصله يقال إنه مسئول عن تعيين المدرسين في المجلس، وإذا به يحدثني بحديث جديد، أرسلنا استفساراً إلى وزارة التربية وننتظر الجواب حتى نعلن، انتظرْ .. راجعنا الأسبوع القادم قَضِّ عشرة أيام وتعال، ولا يملك الإنسان بعد كل هذا الهراء أن يعقب بشيء سوى أن يلملم أذيال خيبته، ليس الذنب ذنب هؤلاء الموظفين البسطاء، كانت تراودني فكرة سحب الأوراق التي قدمتها منذ فترة إلى المجلس لأحتفظ بها لوقت الحاجة، وقد وجدت ذلك الرجل العريض الجبهة ذا النظارات الكبيرة والوجه المتجهم، هو نفسه الذي لاقانا في نفس المكان قبل أكثر من سنتين، ولكن يبدو أن وضعه قد تحسن حين جعلوا منه موظفاً آخر يقوم بتحريك الأوراق، وبعد أخذ ورد وجدل ومحاولة (أبي علي) أن يتعامل مع المراجعين في موضع التكرم، قدمت عريضة لأنتظر ساعة حتى آخذ الأوراق، إضاعة وقت بالمجان، المهم تم الأمر وأخذت الأوراق، ذهبت إلى سفارة مصر العربية لأقف على نتيجة القبول، ولكن السفارة قد انتهى فيها الدوام وأقفلت أبوابها، سرت متضايقاً من بغداد ومن تلك الآمال التي أعلقها على أبواب بغداد، ذهبت إلى سوق الكتب (السراي وشارع المتنبي) واشتريت بعض الكتب: مع الأنبياء في القرآن، كتاب الشافعي، كتاب اللغة بين المعيارية والوصفية، وعرجت من هناك إلى موقف السيارات لأعود إلى بيجي أتلقى السؤال المألوف: إيش سويت؟ الحمد لله، لا شيء!
انتظار ساعي البريد
الثلاثاء 6 تشرين الثاني 1973م = 11 رمضان 1393هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
لا زلت وجلاً منذ أن عدت من مصر، كل يوم أتوقع أن يحمل إلي البريد شيئاً ولن يكون هذا الشيء سوى ورقة القبول من دار العلوم، ولكن طال العهد بعودتي وجاءت الحرب ومرت وخلفت ما خلفت، وأنا كل يوم أراقب ساعي البريد وأساله لعله يحمل الرسالة، وشعرت أنه مَلَّ من لقائي، فاكتفيت بالسلام عليه، ومرت الأيام، وقطعت السلام، كنت أنظر إليه من بعيد من حيث يراني وأسير، قبل العيد أرسلت رسالة إلى الدكتور أمين ولم يصلني الجواب، كان الاتفاق لا يتطلب كتابة أية رسالة، كان قد وعدني أن يرسل إلي بالقبول في أسرع وقت، ولا أدري فلعل الحرب قلبت الأمور أو لعلها كانت سبباً في تأخير وصول القبول، وربما لم أُقْبَلْ، على كل حال لم يصلني الجواب، هل حصل شيء للدكتور أمين لا سمح الله، لا أدري، الصمت يخيم على الموقف، وأنا في داخلي أزداد هموماً، إذ إني إذا لم أحصل على القبول من القاهرة سأظل حبيس الدار، لا أطيق مواجهة الناس، لن أجد عملاً، فأنا لم أُقَدِّمْ أوراقي إلى الدبلوم العالي في كلية التربية الذي فُصِلْتُ منه السنة الماضية بسبب عدم التحاقي، الذي قُبِلَ فيه هذه السنة عدد من الدورات اللاحقة لدورتنا وبعض زملائنا في الدراسة، وأنا لم أقدم هذه السنة، والتعيين يبدو أبعد من كل بعيد، ولا أدري ما سأفعله لا سيما أن المستقبل لا يبشر بخير، ولو أني لا أدري ما قد قَدَّرَ الله لي، ولكن الشواهد تدل على الخوافي، المهم قلت أرسل برقية إلى السيد ناطق صالح مطلوب الذي يدرس هناك في القاهرة والذي التقيت به عندما كنت هناك، اليوم نزلت إلى بغداد مع الأخ سفر الذي يحضر مؤتمر مديري مشاريع الشركة العامة للمقاولات الإنشائية، وأنا ذهبت لأقف على آخر ما وصلت إليه الأمور في مجلس الخدمة وفي مديرية الملحقيات الثقافية، ومن بغداد أرسلت برقية للأخ ناطق طلبت فيها منه أن يرسل لي أي خبر، ومرة أخرى أقف أترقب ساعي البريد ليحمل إلي أي شيء جديد، وأنا عائد إلى بيجي إن شاء الله قريباً، لأبدأ الرحلة القديمة من جديد.
البحث عن أي شيء مفيد
الأربعاء 7 تشرين الثاني 1973م = 12 شوال 1393هـ
قضيت اليوم في بغداد أيضاً، كنت قد ذهبت إلى مديرية الملحقيات الثقافية والبعثات في وزارة التعليم العالي لعل أسماء المقبولين في الجامعات المصرية قد وصلت إليها، ولكن لم أجد من ذلك شيئاً، قلت أذهب إلى الملحقية الثقافية المصرية في بغداد لعلها أدرى بالأمر، ولكنهم قالوا إنه ليس هناك بريد ولا خطاب ولا (جواب)، وعللوني بالمستقبل القريب، كل يوم يمر وأنا تزداد في قلبي الهموم والاهتمامات البسيطة تكون عظيمة، وأنا أفكر في وجودي في البيت أذهب وأجيء من غير فائدة أو من غير عمل، أنا أشعر بهذا وأتحسر على بطالتي هذه الظاهرية، ظاهرية لأني الآن أدرس في أكثر الوقت، ولكن لأي شيء هذه الدراسة؟! راح زمان الفن للفن على ما يبدو .. ولكن الذي يُصَبِّرُنِي هو أن الأهل يشاركوني مشاعري ولا يحسون تجاهي بأي تضايق، بل إن الأخ سفر - حفظه الله – يقترح عليَّ أن أسافر إلى القاهرة مرة أخرى لكي أجتلي أمر القبول، وأنا أتشبث بالانتظار فلعل القبول يصل وتأخذ الأمور مجراها الطبيعي، ومن هناك ذهبت إلى مجلس الخدمة لأقف على الوعود أو على نتيجة تلك الوعود الكثيرة والأماني التي يمنوننا بها منذ زمان، قبل العيد بأيام ذهبت إلى بغداد عندما قالوا إن إعلاناً على وشك الصدور في مجلس الخدمة لدعوة الخريجين لتعيينهم مدرسين في مختلف الفروع، وعندما راجعناهم قالوا إن الإعلان سيصدر بعد العيد، وجاء العيد ومر العيد، وذهبت إلى مجلس الخدمة، وسمعت الشائعات الكثيرة التي تطلق من تحت أحجار الجدران وقالوا الأسبوع القادم، وهذا هو الأسبوع القادم يوشك على الانتهاء، وقد فهمت أن شيئاً سيصدر الأسبوع القادم أيضاً، ولكن الأمل الذي كنا نتشبث به قد أوشك على الأفول عندما ذُكِرَ أن الدرجات الخاصة باللغة العربية هي (45) وهنالك أكثر من خمسين من خريجي كليتي تربية بغداد والبصرة، أي أكثر من المطلوب، وهم مُفَضَّلُونَ على خريجي كليات الآداب، فعلى هذا لن يصلنا الدور هذا العام، ولعله في أي عام.
مطالبة بتسديد ديون
الأحد 11 تشرين الثاني 1973م = 16 شوال 1393هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
كعادتي منذ زمن، كنت أنزل إلى السوق كل ضحى، وأجلس برهة عند الوالد في الدكان (2)، ثم أشتري جريدة، وأتطلع خلال ذلك إلى موزع البريد وكأنه مدين لي بشيء أنتظر منه سداده، الحق أن شكوكاً كثيرة أخذت تتطرق إلى ذاكرتي، ماذا سأفعل إذا ما ظللت هذه السنة من غير عمل، كان ذلك يدور في مخيلتي، ومرة أحدث نفسي بالذهاب إلى الموصل ومحاولة التقديم إلى الجامعة لعلي أقبل فيها، خاصة أن رئيس القسم قد تغير، وذهبت أُمَنِّي نفسي بأني قد تعينت وأني سأذهب لإكمال الدراسة، وسأفعل كذا وأفعل كذا، ولكنها مجرد أحلام يقظة يوحيها اليأس .. وبينما أنا كذلك إذا بالوالد يرمي إلي برسالتين اثنتين، وكأنما قفز في قلبي شيء، ثم تعثر وما تيسر له القيام عندما علمت أن تلك الرسالتين خطابان رسميان من جامعة الموصل، واحد لي والآخر للعم مصطفى الحمد، الجامعة تطالبني بالمساعدة المالية التي استلمتها حين كنت أسكن في القسم الداخلي في أثناء الدراسة، وهي مبالغ السنتين الأخيرتين فقط، لأن السنتين الأولى والثانية كانت المخصصات تُعْطَى للطلاب بصورة منحة لا تسترد، ولما جاءت الثورة ورسخت أقدامها وأخذ اتحاد الطلبة يحقق مطالب الطلاب ويحمي مكاسبهم جعلوا مخصصات القسم الداخلي سلفة تسترجع من الطالب بعد سنة التخرج! وقد جاءني كتاب بشأن تلك الفلوس منذ أن كنت جندياً، وتم إرسال كتاب من الوحدة العسكرية إلى الجامعة يؤيد كوني جندياً، حتى يتريثوا في طلب استرجاع المبلغ من الكفيل العم مصطفى، وزاد ذلك الطين بلة واليأس وجوماً، ولا أدري ما الذي أنا فاعله، ولكن لابد من السفر إلى الموصل ومراجعة الجامعة حتى أتمكن من تأجيل تسديد المبلغ أو أي أمر آخر يمكن أن يكون ..
السفر إلى الموصل
الاثنين 12 تشرين الثاني 1973م = 17 شوال 1393هـ
بعد ظهر هذا اليوم عزمت على السفر إلى الموصل، ونزلت إلى الشارع العام حيث يمكن أن أجد سيارة تقلني إلى الموصل التي ربما مضت عليَّ سنة لم أدخلها، وركبت في إحدى تلك السيارات التي تنقل المسافرين من بغداد إلى الموصل بـ (300 فلس) وكنت طول الطريق أفكر في سني الدراسة في جامعة الموصل وكم مرة ذهبت إلى الموصل وعدت منها إلى بيجي، وكيف انقضت تلك السنون وأهلها وكأنها وكأنهم أحلام، تبددها اليقظة، المهم وصلت الموصل، وكنت أفكر في النزول في فندق نظيف وإن كان أجره غالياً، مثل فندق الكرامة، لكني أخيراً نزلت في فندق الحدباء الذي كنت أنزل فيه كل مرة، وهو ليس رديئاً في ظني، قبل حلول الظلام قلت أزور صديقي الحاج (فارس) وهو ينزل في مدينة النبي يونس، ووصلت إلى هناك عند صلاة المغرب، هو الآن يعمل في بلدية الموصل منذ زمان طويل إلا أنه قد صار معاون ملاحظ بعد أن كان بعنوان مراقب، بعد أن نال شهادة البكلوريوس من جامعة الوصل من قسم اللغة العربية، اقترح علي أن نزور الأستاذ حازم عبد الله (3)، وخاصة أنه يريد أن يسافر إلى القاهرة لإكمال الدراسة والحصول على الدكتوراه، وبيت الأستاذ يقع في حي الجامعة شمال المجموعة الثقافية قرب منطقة الغابات، وقضينا عنده أكثر من ساعة حدثنا فيها بعض الأحاديث وحفنا بود كبير، وأبدى اهتماماً بأمري واقترح أن أزور رئيس قسم اللغة العربية الجديد، وأعرض عليه الحال لعله يمكن أن يقدم أية مساعدة، ووعدني أنه سيحاول إرسال نتيجة القبول حال وصوله إلى القاهرة واستقراره فيها، وعدت أنا إلى الفندق وذهب الأخ الحاج فارس إلى منزله بعد إلحاح منه أن أنزل عندهم الليلة وليتني فعلت، أو انتقلت إلى فندق آخر، فقد كان نصيبي في الغرفة قرويان كان أحدهما رجلاً متقدماً في العمر، وقد سَعَلا طيلة الليل سُعَالاً مدويا يَقُضُّ المضاجع، فنمت وكأني أنام في ميدان حرب وقتال.
زيارة رئيس قسم اللغة العربية
الثلاثاء 13 تشرين الثاني 1973
(يُتْبَعُ)
(/)
في الصباح أسرعت إلى المجموعة الثقافية، وقابلت الأستاذ حازم طه (وهو غير حازم عبد الله) وعرضت عليه الأمر، وطلبت منه أن يساعدني ويذهب معي إلى رئيس القسم فهو صديق له، وكأنه اعتذر عن ذلك بكلام طويل، ونصحني أن أذهب منفرداً، ولم أتأخر حتى لا تذهب الفرصة، دخلت إلى غرفة رجل يجلس بكآبة خلف طاولة إلى جانبه امرأة ربما كانت زوجته تعينه على قراءة شيء فهو كفيف قد غطى عيونه بنظارة سوداء، وعلمت أنه كان أستاذاً في كلية الشريعة بجامعة بغداد وقد دَرَّسَ الأخ سالم فيها، وأن زوجته مصرية، بعد السلام والاستئذان بالكلام طلب مني الجلوس وبعد شرب الشاي شرحتُ له الأمر وذكرت له أملي في أنه بإمكانه أن يساعدني، وأن يحقق لي شيئاً، ولكنه كان مثل من كان قبله، اعتذر لي بأن التعيينات أصبحت تصدر من مجلس الخدمة وأن الجامعة لا حول لها ولا طول سوى أن تبعث إلى مجلس الخدمة وتطلب منه أن يعلن عن حاجتها عن كذا موظف، أخيراً شكرته وتركت الكلية مسرعاً إلى رئاسة الجامعة التي تقع قرب المستشفى راجعت السادة في قسم الحقوق المالية، وأبوا علي إلا تقسيط المبلغ الذي بذمتي، وحاولت ولكن ذهبت محاولتي هباء، وأخيراً ذهبت إلى الدكتور عامر سليمان المسجل العام ومعاون رئيس الجامعة للشؤون الإنسانية، فهو يعرفني، كنت له تلميذاً يوماً ما، وشرحت له الأمر، فاهتم بالأمر نسبياً وتلفن إلى السيد مدير الحقوق وطلب منه مساعدتي، فاستجاب على أن أقدم طلباً إلى المفتش العام أطلب فيه تأجيل دفع المبلغ ستة أشهر، وفعلت وبعد حركة خفيفة في أروقة رئاسة الجامعة أتممت الطلب وتم لي تأجيل الدفع ستة أشهر، وقالوا لي إذا جئتهم بورقة تؤيد أني طالب فيما إذا قبلت مستقبلا في كلية دار العلوم بمصر– فإنهم سيؤجلون طلب تسديد المبلغ فترة أخرى، حاولت مقابلة مدير معهد المعلمين في الموصل وذهبت إلى بناية المعهد ولكن المدير لم يأت، قيل إن هناك حاجة في المعهد إلى محاضرين في اللغة العربية، لم يبق لي شيء في الموصل سوى أن أقفل راجعاً إلى بيجي.
تردد بين النحو وفقه اللغة
الأربعاء 14 تشرين الثاني 1973م = 19 شوال 1393هـ
بعد عودتي من الموصل وقر في نفسي أن دراسة النحو إذا قُبِلْتُ في القاهرة للحصول على الماجستير قد بدت لي غير مناسبة، أولاً مع تقدمي في النحو وقابليتي العلمية فيه فإني أبغض بعض تشعباته وتعليلاته، وثانياً إن المختصين في النحو قد ازدادوا في العراق زيادة ملحوظة أكثر من حاجة المدارس والمعاهد والكليات إليهم وبعد أربع أو خمس سنوات سيزدادون أكثر، ومعنى هذا أنه إذا كتب الله لي أن أكمل الدراسة في النحو فإن حالي سيكون مثل حالي اليوم، فوقر في نفسي أن أغير اتجاهي وأدرس فقه اللغة أو البلاغة أو النقد وما أكثر ميلي إلى فقه اللغة، وبدأت في محاولة دراسة بعض الكتب المتوفرة لدي في مجال فقه اللغة، وفطنت إلى نقطة مهمة وهي أن فقه اللغة يحتاج إلى تمكن في اللغة الإنكليزية مما أفتقده تقريباً وأن هذا ربما سيكلفني كثيرا، وسيشكل صعوبة إذا درست، ولكن رغم كل هذا فأنا كثيراً ما يشط بي الفكر وأرمي بالكتاب جانباً وأنزوي في داخلي في مساحة ضيقة محاولاً أن أضع خطوطاً عريضة للمستقبل لكنها دائما غير واضحة المعالم مما يسبب لي بعض الآلام المكتومة، وبدأت أنصت إلى ما يعلن من وظائف جديدة لعلي أجد ما يناسبني فأجعله أملاً إذا خابت الآمال، وأيضاً هذه الفكرة لا تكاد تتحقق، ومرة أقول إنني يمكن أن أذهب مع الحجاج إلى السعودية بصفة حاج – الوالد والوالدة سيحجون هذا العام إذا يسر الله - وخلال ذلك يمكن أن أتشبث وأجد لي عملاً وطريقاً في الحياة! أيسر وأعز من هذه الحياة التي توغل في القتام بعد أن سيطر على أطراف الملك ضراغمة الجهل وغوغائية اليسار ودعاة الإلحاد، وتحالفت أطراف الكفر في أحلاف تقتات على قوت الشعب ولا تنميه، لا بل إنها تقتات من دماء هذا الشعب الذي يعاني كل يوم من جديد، لا أدري، حيرة أنتظر عند الله لها مخرجاً وسبيلاً.
قبولي في دار العلوم
الأربعاء 21 تشرين الثاني 1973م = 26 شوال 1393هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ذهبت بعد ظهر هذا اليوم إلى المكتبة العامة في بيجي (مكتبة ابن النديم) وأنا كثيرا ما أُلِمُّ بها هذه الأيام، وللرجال أربعة أيام في الأسبوع، وبعد أن مكثت فيها سويعات عدت قبل الغروب إلى البيت عجلا لعلي ألحق بوقت صلاة العصر قبل أن تدنو الشمس للمغيب، وبينما كنت أصلي إذا بالوالد يرمي أمامي شيئاً قبل أن أنهي الصلاة، وتبين أنها ورقة خضراء، وأخذت الأفكار تجول في ذهني وأنا في الصلاة، حتى أوشكتِ الأفكار تفسد علي صلاتي، تناولتها فإذا هي ما انتظرته طويلاً، جاءت على غير توقع أو سابق إشارة، إنها برقية من ناطق صالح من القاهرة يخبرني فيها أني مقبول، طبعاً في كلية دار العلوم، وهنا أسرعت وأخبرت الأخ سالم ومن في البيت، وما حل الظلام إلا وجميع الأهل يعلمون بالأمر، وبدأت الأفكار تراودهم وتراودني، وما سيحل من الفراق والبعد، ولكني كنت غير ملتفت إلى هذه الأفكار، فقد ذقت الأمَرَّيْنِ من العراق وما يمكن أن يأتي به من أشياء جديدة، ولكن هذه الورقة لا يمكن أن تقوم مقام الورقة الرسمية التي بواسطتها يمكن أن أسافر إلى مصر بصفة طالب، ولكن إذا وصلت هذه ربما سيصلني تمام الأمر بعد أيام، كان الأخ سفر قد اقترح عليَّ أن أسافر بصفة زائر ومن هناك أتابع الأمر وأكمله، وأنا أتريث منذ زمن، وأنتظر لعل شيئا يَجِدُّ، وأخيراً عزمت وتوكلت على الله أن أبدأ في إكمال متطلبات السفر يوم السبت القادم، وعليَّ أن أذهب إلى بغداد وأستطلع الأخبار من سفارة مصر ومديرية البعثات ومديرية الملحقيات الثقافية العراقية.
الذي يجب أن أذكره دائماً، والذي يجب ألاَّ أنساه أبداً، هو ما يقوم به الأخ سفر وقام به منذ سفري وإلى الآن، وما به مستقبلاً، وأنه سيهيئ لي كل ما أحتاج، وفعلاً فأنا لدي الآن ما يقرب من مئتي دينار أكثرها منه.
الإعداد للسفر
السبت 24 تشرين الثاني 1973م = 29 شوال 1393هـ
في الصباح وقبل شروق الشمس، وفي ظل فجر الخريف البارد شديد البرودة، نزلت إلى سيارات بيجي التي تذهب إلى بغداد، أريد الذهاب إلى بغداد كي أقرر ماذا يجب أن أفعل في هذه الأيام الآتيات، وركبنا في سيارة الأجرة، وصلت بغداد بعد العاشرة وذهبت من الموقف إلى سفارة مصر حيث استفسرت منهم عن المقبولين في جامعات مصر، وجاء الجواب (ما نعرفشِ حاجة) وذهبت بعدها إلى مديرية البعثات العراقية حيث سمعت أن برقية قد وصلت فيها أسماء المقبولين في جامعات مصر، وانتظرت حتى أمكنني رؤية ما فيها فإذا هي خاصة بالبكالوريوس، وبعد أن تأكدت من سفارة مصر ومن المديرية أنه يمكن السفر إلى مصر بصفة زائر، وإذا كنت مقبولاً يمكنني أن أداوم وأكمل الأوراق من هناك، وعلى هذا قررت إكمال أوراق السفر فذهبت إلى مديرية السفر والجنسية وكتبت العريضة، كان هذا حوالي الساعة الثالثة بعد الظهر، فهذه المديرية في هذه الأيام لا تقفل أبوابها إلا بعد مضي ساعات من الليل فهي تموج بمئات من الناس من الصباح حتى إقبال الليل، إنهم الحجاج يعملون أوراق سفرهم، خلق كثير، أكثرهم نساء يتدافعون ويتصايحون ولكن المعاملات تجري بسرعة، وكنت على بعض العلم بما يمكن أن أفعله كي أنهي تأشير الجواز، ولكن هناك عقبة صعبة الاجتياز في المعاملة فلا بد أن تمر عبر ضابط الأمن، ولا شك أنه سيحيلها إلى مديرية الأمن العامة لتأخذ قسطاً من الراحة، ولكن عندما وصلت إلى ذلك الضابط كان حاضراً عنده ملازم أول في الجيش ونظر في أوراقي ويبدو أنه عرفني وسألني عن العم نعمة والخال عبد محمد صالح، وأسَرَّ إلى ضابط الأمن أن هذا ليس عليه شيء، فتجاوزت الصعوبة وخاصة أن طلبي الأول في الصيف كان قد أشَّرَ عليه مدير السفر بتأييد من الخال أبي عادل بألاَّ شيء ضدي، إلى هنا والساعة قد تجاوزت السابعة مساء، ولم يبق لي من إكمال المعاملة إلا شيء قليل.
تحديد موعد السفر
الأحد 25 تشرين الثاني 1973م = 1 ذو القعدة 1393هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
قضيت الليل في بيت العم مصطفى في بغداد، وفي الصباح ذهبت إلى مديرية السفر والجنسية لأكمل تأشير الجواز، ورغم شدة الازدحام، فهو أشد من ازدحام مساء الأمس، فقد تسلمت الجواز كاملاً قبل العاشرة، وخرجت وقلبي يخفق لو كنت مع هؤلاء الذاهبين إلى الديار المباركة، وأسرعت إلى سفارة مصر كي أحصل على التأشيرة، وهناك قال لي الموظف لابد من مضي 24 ساعة على استلام الجواز، فشرحت له أني من خارج العاصمة وأني أريد أن أكمل المعاملة حتى أعود إلى الأهل أياماً، فاقتنع وقال لي انتظر بعض الوقت، ولم تمض إلا برهة لا تتجاوز نصف ساعة حتى استلمت الجواز وعليه تأشيرة الدخول، ومن هناك ذهبت إلى مكتب الخطوط الجوية العراقية لأحجز مكاناً في الطائرة المغادرة فإذا المواعيد الاثنين والأربعاء، فاستعجلت الأمر وقلت الأربعاء، ولو أني قد ندمت على ذلك، ماذا لو تأخرت إلى يوم الاثنين بعد الأربعاء، مضى الأمر وسجلت يوم سفري الأربعاء الآتي إن شاء الله، وكانت الأجور ذهاباً وإياباً (32) ديناراً و (800) فلس، وهي مخفضة خمسين بالمئة، استناداً إلى ما يسمى بأجور الشباب، وهي نفس أجور الطلاب، ولكني أنفقت عشرين ديناراً في تأشيرة الجواز، ومن هناك ذهبت إلى مديرية صحة العاصمة حيث أخذت شهادة الصحة العالمية، ولم يبق لي إلا أن أذهب إلى سوق الكتب لأحاول شراء كتاب كان قد أوصاني بشرائه الدكتور أمين، وهو خزانة الأدب للبغدادي، فوجدت نسخة واحدة وكان طلب صاحبها عشرة دنانير، فلم أشترها .. ! سافرت إلى بيجي وأنا أفكر في زيارة الأصدقاء والإخوان والأقرباء، ولكن أصبح الوقت ضيقاً، وعليَّ أن أعود لأقضي هذه السويعات عند الأهل الذين خفقت قلوبهم كما خفق قلبي حين علموا قرب موعد سفري، وأنا أحس بثقل الأيام الآتيات، وأتوجه إلى الله أن يخفف علي أهوالها وصعابها.
السفر إلى بغداد
الثلاثاء 27 تشرين الثاني 1973م = 3 ذو القعدة 1393هـ
كنت أروح وأجيء في البيت وخارج البيت، وربما كنت أبدو طبيعياً في الظاهر، أي أن سفري إلى مصر الذي سيكون غداً إن شاء الله كأنه طبيعي، وأني غير مفكر في مستقبل هذا الفراق الذي ربما يطول ويطول، وكنت أرقب وجوه الأهل وإذا بهم يرقبون حركاتي أيضا وكأنهم يشيعونني منذ اليوم، وهم يفكرون في هذا المغادر ما بين مغتبط لسفره متطلع إلى ما سيجنيه من ثمرة وآخر مشفق حزين لهذا السفر، رغم الحب والدعاء له بكل خير، والوالدة خصوصاً تنظر إلي وأشعر أنها قد تفكر في أني قد لا أعود وأنها لن تراني مرة أخرى، وكثيراً ما أخذ صوتها يثقل وهي تحاول نقش الذكريات في آخر اللحظات، والدي لم أسمع منه منذ أن درست إلا التشجيع والدعاء بالسلامة، إخوتي، أخواتي، كل من في البيت، وأنا أيضاً كنت أحاول أن أحفر الذكريات بعمق، ولكني أرى الساعات تمر بانتظام والليل يتقدم ويخيم بظلامه على النفوس، وقضيت الليل في سمر مع الجميع، العم سليمان الحمد كان يحضر كل ليلة إلى دارنا يقضي أول الليل مع الوالد ومن حضر مع الحاضرين، وأخذت الأضواء تنطفئ في أطراف البيت ويحل الظلام، وأخذ هذا الظلام يتسرب إلى داخلي، ويقعدني وأنا وحيد في الغرفة، الوالد ينام في غرفة الضيوف الكبيرة وأنا أنام في الثانية الصغيرة، وجلست في ظل ذلك الظلام الداخلي والخارجي، أفكر وأبعد بالتفكير، وأخذت الأفكار السوداء التي يوسوس بها الشيطان إلى النفوس أحياناً، تقفز إلى السطح وأحاديث الموت والحياة هي الأخرى ظهرت، وأخذت أتلمس الجدران بيدي وبعيوني أتفحصها وأتتبع منحنياتها، كيف سأتذكر كل هذا وأنا بعيد، كيف سيكون موقفي وأنا وحيد هناك في البلاد البعيدة؟! ولكن كلما أتذكر ما صارت إليه أموري في العراق وقلق المستقبل كل ذلك يحفزني إلى احتمال كل ما سيكون من مصاعب، الوالدة تحدثني أنها لم تهنأ بنوم منذ يومين .. ! على كل حال فإن كل من في البيت يود لي السفر للدراسة والكل يدعو بالعودة بسلام وبالنتيجة الجيدة، ليس من اليسير أن أنسى ذلك البيت الذي عشت فيه حياتي آمالي وأحلامي وذكرياتي، أبي أمي إخوتي أخواتي الأطفال أبناء إخواني، إنه جزء من كياني.
الوصول إلى القاهرة
الأربعاء 28 تشرين الثاني 1973م = 4 ذو القعدة 1393هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
لم أكن إلا نصف نائم طيلة الليل، ومنذ أذان الفجر بل قبل ذلك استيقظت وإذا في البيت حركة لم تكن في الصباحات الماضية، وإذا الكل يقظون وعلى عجل جعلت كل أمتعتي في الحقائب الثلاث، واحدة ليس لي بها إلا جلد الحقيبة فهي هدايا من أهل ناطق صالح ومن أهل عامر بن سيد عبد الكريم، وكلمات التوديع أسمعها وأحس حرارتها، حتى الأطفال، لم نعهد هذا عندما كان أحدنا يسافر إلى بلدة داخل العراق، كنا ننتظر السيارة، أنا والأخ سالم والوالد والوالدة، سالم لديه إجازة حتى نهاية الأسبوع هو الآن يُدَرِّسُ في ثانوية بيجي للبنين، الوالد والوالدة يريدون الذهاب إلى بغداد لتوديعي ولعمل أوراق السفر الخاصة بالحج فإنهم سيذهبون إلى الديار المقدسة للحج للمرة الثانية، الأخ سفر ذهب لعمله صافحته، والأخ صالح، والأخوات .. ومضت السيارة وأنا أتلفت إلى الدار .. الشارع، بيوت بيجي من بعيد .. وصلنا إلى بغداد بعد التاسعة نزلنا عند بيت العم مصطفى، وبعد فترة وجيزة حملتنا السيارة إلى المطار، الأخ نوفل – ابن عمي مصطفى- صاحبنا بسيارته أيضاً، وبعد تسليم الحقائب والوزن علمت أن موعد إقلاع الطائرة قد تغير من الثانية عشرة إلى الرابعة عصراً، الشيء الغريب الذي وقعت فيه نتيجة الجهل هو أنه كان عندي زيادة في وزن الأمتعة المسموح بها حوالي (16) كيلو، وكان ذلك مما أرسله الأصدقاء من الهدايا، إذ إن وزن أمتعتي لا يتجاوز الوزن المسموح به، كان ثمن تلك الزيادة (7) دنانير، ولكن الله يعوض ذلك لي إن شاء، عدنا من جديد إلى بيت العم مصطفى .. الوالد والوالدة والأخ سالم ذهبوا إلى مديرية السفر والجنسية وقد أكملوا حتى الثانية والنصف ظهراً أكثر الأوراق، حوالي الثالثة غادرت بيت العم مصطفى بسيارة الأخ نوفل معه الأخ سالم والعم مصطفى، وودعت الوالد في بيت العم مصطفى، ومررنا إلى بيت الخال عبد وسلمت عليهم، وهناك ودعت الوالدة، لقد جذبتني بقوة وحرارة لا يمكن أن تنسى، من فضل الله أني وجدت الأخ خليل إسماعيل الحديثي الذي يدرس في القاهرة يريد أن يسافر في نفس الطائرة، وكان قد أرسل لي بأن نسكن معاً في القاهرة، بعد إقلاع الطائرة مرت بدمشق لم نر إلا المطار وقت غروب الشمس والجبال تبدو من بعيد، وصلنا القاهرة، والحمد لله بسلام، أنا نزلت في نفس الفندق الذي نزلت فيه في الصيف على أمل العثور على شقة في الأيام القادمة.
البحث عن سكن في القاهرة
الجمعة 30 تشرين الثاني 1973م = 6 ذو القعدة 1393هـ
كانت اليوم أمامنا مهمة العثور على السكن، منذ الصباح خرجت أنا والأخ خليل للبحث عن المكان المناسب للسكن، لاشك في أني لا أعرف المناطق المناسبة ولا طريقة المساومة مع أصحاب العقارات الذين بلغوا من المكر ما يذهب غير المحنك ضحية لمكرهم، هناك أمور يجب ملاحظتها في أمر السكن هي أولاً القرب إلى مكان العمل أو المكان الذي نحتاج إلى مراجعته كثيراً، وثانياً هدوء المنطقة ونقاؤها من أمراض الحضارة المعاصرة، ثم السعر لا بد أن يكون معقولاً على الأقل بالنسبة لي، ثم المواصلات أهم أمر في الموضوع، أنا أجد أن المنيرة التي تقع فيها كلية دار العلوم والتي يسكن فيها الشيخ مجاهد مصطفى مكان ممتاز من جهة قربها من الكلية، وهي كذلك ليست بعيدة بالنسبة للأخ خليل، ولكن المنيرة بنظر الأخ خليل غير مناسبة للدراسة لأنها وسط منطقة تكثر فيها الحركة ومنطقة شعبية، وهو يرى أن نبحث عن شقة في منطقة الجيزة في حي المهندسين أو المناطق المجاورة، أو قرب سكن ناطق صالح في مدينة الضباط، هذه المنطقة هادئة نسبياً ونظيفة وعماراتها واطئة لا تزيد على خمسة أدوار، ولكن ربما لا نحصل على شقه بأقل من ثلاثين جنيها، والمواصلات في هذه المنطقة مقبولة وإن لم تكن جيدة، لعل مشكلة المواصلات في هذا البلد المشكلة رقم واحد، ففي أي مكان وفي أي وقت تجد كافة وسائط النقل مزدحمة بشكل كبير، درنا اليوم دورات طويلة في القاهرة، في منطقة حي المهندسين وما يجاوره ثم إلى الأزهر، ومن هناك ذهبنا إلى مدينة نصر حيث صلينا الجمعة في أحد جوامعها، والتقينا بأخ عراقي اسمه جاسم، وقبل ذلك كنا قد زرنا مجيد رشيد التكريتي ووجدنا معه أخاه الحاج توفيق، وبعد كل ذلك عرجنا على العمارة رقم 110 جسر السويس حيث ينزل الأخ
(يُتْبَعُ)
(/)
خليل مؤقتاً، واتفقنا على أن نبدأ غداً مرحلة جديدة من البحث عن السكن إن شاء الله، في الفندق الذي أنزل فيه تحولت من الغرفة التي نزلت فيها أول أمس إلى غرفة أخرى أقل راحة رغم سعتها، وأنا لو لم أكن أترقب العثور على الشقة لما مكثت في الفندق فترة أخرى.
استمرار البحث عن السكن
الاثنين 3 كانون الأول 1973م = 9 ذو القعدة 1393هـ
مثل ما جرى في اليومين الماضيين، خرجنا مبكرين مع الصباح نبحث عن السكن المناسب، أقول المناسب لأننا الآن نسكن ولكنه سكن غير مناسب، الأخ خليل ضيف عند أصدقاء له، ولا يمكن أن يدوم ذلك له أكثر من هذه الأيام القلائل فهو لا يمكن أن يدرس وهذا حاله والمضيفون قد يملون ذلك رغم الأخوة. وأنا أسكن في لوكاندة أنجلو سويس، في غرفة كبيرة تتناثر في زواياها قطع أخشاب الصاج، أرضها من خشب قد بلي وسرير كبير قد أصبح ظهره تضاريس لا يمكن أن يطمئن عليه النائم، وبصورة عامة فإنه سكن غير مريح، وهو ما يدفعنا إلى التعجيل في العثور على السكن المناسب، كنت أتصور أن أحسن مكان يلائمني هو منطقة المنيرة التي تقع فيها كلية دار العلوم، هذا من الناحية النظرية، أولاً هو قريب، وثانياً قد يكون أقل إيجاراً، ولكنه مكان مزعج كثيراً، وخاصة لمن يبغي الدراسة والإنتاج، ومرة أخرى نجد أنفسنا مع السماسرة مثل سيد وسعد و (أبو المجد)، دخلنا كثيراً من الشقق، وأعجبنا بعضها لكن أسعارها مرتفعة، ارتفاعاً غير معقول خمسين وستين جنيها، ولم نجد بعد كل هذه الجهود في الدوران من حي إلى حي، وكل حين نركب في تاكسي ونسأل في هذه العمارة وتلك، تجاوزنا المنطقة التي كان الأمل معقوداً على أن نجد فيها السكن المناسب إلى أبعد من ذلك، فوصلنا قريباً من جسر الزمالك، في منطقة الإعلام وامتداد شارع 26 يوليو، ووجدنا شقة أعجبتنا على الشارع الرئيس 26 يوليو في الدور الثاني إلا أن أصحابها أبوا إلا أربعين جنيها، أنا أريد أن أسكن في سكن مريح ولكنني دائماً أنظر إلى السعر، أنا لا يمكن أن أتصرف كيف أشاء فربما جر ذلك مزيداً من المصاريف مما لا طوق للأهل به، وعدنا في المساء كل إلى داره على أمل ضعيف، وبانتظار ما سيحمله (أبو المجد) الذي سيقابل أصحاب تلك الشقة، وجاءني (أبو المجد) إلى الفندق في المساء وأخبرني أنهم أبوا إلا أربعين جنيهاً شهرياً، كنا قد رضينا بسبعة وثلاثين جنيها، ولكن (أبو المجد) وعد أن هناك شققاً أخرى سيعرضها علينا يوم غد، وهنا شيء لطيف يذكر وهو أن أبا المجد بدأ يلف ويدور عندما حاول الخروج من الغرفة ومغادرة الفندق (لا مؤاخذة .. ) ومثل هذا الكلام أخيراً صَرَّحَ أنه حضر بتكسي، وأنه (عاوز) أجرة السيارة، لا بأس لعل الله يجعل بعد عسر يسراً!
المنزل الجديد
الثلاثاء 4 كانون الأول 1973م = 10 ذو القعدة 1393هـ
ومع الصباح أيضا خرجنا، والأمل ضعيف بعد تلك الأيام التي قضيناها في البحث، وأسرعنا إلى لقاء أبي المجد، لعلنا نرى ما لديه، ولكنه استقبلنا هاشًّا باشًّا، لا مؤاخذة .. كلمنا الأستاذ كمال حول الموضوع وبعدين وافقوا، ومرة أخرى أجرينا فحصاً للشقة وأحسن ما فيها أنها نظيفة و (فرشها) جيدة، وهي قريبة من عقدة المواصلات، إذ إن هناك عدة سيارات تؤدي إلى ميدان التحرير، وغير التحرير، وأخيراً استقر الرأي على مضض أن نؤجرها، وعلى الله التوكل، رغم أني إلى الآن لم أتأكد من تحقق قبولي في كلية دار العلوم، المهم كتبنا العقد باسم الأخ خليل، وبعد الظهر ذهبت إلى الفندق وجمعت لوازمي وأمتعتي، ودفعت الحساب وكان 5 جنيهات و51 قرشاً، واقتسمنا الشقة بيننا، فيها غرفتان للنوم لكل واحد غرفة، وفيها صالة وحمام ومطبخ، الحق أني عندما وضعت كل شيء في مكانه من الغرفة شعرت براحة لم أجدها منذ أن نزلت في مصر، فكأنما كنت حاملاً حقائبي الثلاث وأدور بها في مصر، واليوم آن لها ولي أن يجلس كل منا ليستريح، واليوم وبعد اليوم سأتمكن من أن أفتح وأتصفح وأقرأ في الكتب، وأن أجد الأشياء مهيأة، فقد ذهب الأخ خليل اليوم إلى امرأة (شغالة) يعرفها منذ السنة الماضية زوجها حاج، وأنها لا تشتغل في أي مكان، على أساس أن تأتي وتشتغل لنا في السكن، الطبخ والتنظيف وغسل الملابس، وعلى هذه الطريقة ربما ستتضاعف المصروفات أو تزيد، ولا بد
(يُتْبَعُ)
(/)
من ذلك، أجور السكن تصل إلى 20 جنيها، مصروفات بيت تصل إلى 15 جنيهاً، وعشرة جنيهات مصروفات أخرى أي أنني سأصرف شهريا بحدود 40 - 45 جنيهاً، وهو ما يساوي 25 - 30 ديناراً عراقياً تقريباً، وهذا المبلغ أشعر أنه كثير، وآمل أن يكون في طوق الأهل أن يدفعوه، وإذا ما كتب الله لي الاستمرار في الدراسة فإن كل عشرة أشهر سأصرف ما لا يقل عن (300 دينار) عراقي، وأنا لا أبغي من وراء هذه المصروفات العيش المُرَفَّه إنما أن أهيئ لنفسي الراحة التي لا أجد معها حجة في التواني عن بذل كل الجهود.
في انتظار بدء الدراسة
الخميس 6 كانون الأول 1973م = 12 ذو القعدة 1393هـ
اليوم الأول من الأسبوع الثاني وأنا في القاهرة ولم أحقق إلى الآن شيئاً سوى أني استقررت ظاهرياً من حيث السكن، فالدراسة وهي أهم ما في الموضوع لم تبدأ بعد، القبول الرسمي الذي هو أساس وجودي في القاهرة لم يظهر إلى الآن رغم أن الدكتور أمين قد طمأنني على القبول، المهم تعليق الأسماء في إعلان والمهم أن أبدأ الدراسة، الحمد لله الذي يسر حضوري إلى القاهرة قبل بدأ الدراسة، إذ إنها لو كانت قد بدأت لتعبت كثيراً، ولأسفت وظللت أذكر هذا التخلف كثيراً في المستقبل، ربما تبدأ الدراسة الأسبوع القادم يوم السبت، مجموع ساعات الدراسة الأسبوعي هو ست ساعات في التخصص، وساعتان في اللغة الأجنبية، أي أن الدراسة ثماني ساعات فقط، ويبقى لي من الأسبوع على أساس ثماني ساعات عمل لكل يوم يبقى ستة أيام، يوم جمعة، تبقى خمسة أيام أي أربعين ساعة عمل لتغطية ثماني ساعات فقط، مع أنها مرحلة متقدمة وخطرة فأنا بعد توفيق الله وتيسيره أجد الأمر يسيراً، وخاصة بعد أن استقر الرأي على دراسة النحو، مع أن التسجيل الرسمي لا يزال في فرع علم اللغة، لعل الله تعالى أراد لي خيراً حين غيرت فكرتي إلى النحو، فقد حدثني الدكتور أمين السيد أن معيداً في دار العلوم نفسها يدرس علم اللغة مع أحد الأساتذة مضى له بعد السنة التمهيدية خمس سنوات حتى استطاع أن يكمل رسالة الماجستير، وهذه المدة طويلة جداً، لا يمكن أن أبقى حبيسها في موضوع قد تكون نتيجته الإخفاق، في حين أن النحو إذا يسر الله وجرت الأمور على ما يرام من إنجاز الرسالة بعد السنة التمهيدية إذا أمد الله في العمر وجعل حليفي النجاح ربما أنجزتها في أقل مدة يمكن فيها الطالب أن يناقش، وهي سنة بعد السنة التمهيدية كما لَمَّحَ لي الدكتور أمين، على كل حال أنا الآن في انتظار ما يمكن أن تأتي به الأسابيع المقبلة فإنها حاسمة في رسم خطوط المستقبل، من حيث السكن أنا أعيش الآن عيشة مريحة، الشقة نظيفة لطيفة، والأكل رغم أننا نفتقد إلى اليوم الرز واللحم فإنه أيضاً جيد والحمد لله، وإن كان ذلك يكلف الأهل غالياً.
تأمُّل
الجمعة 7 كانون الأول 1973م = 13 ذو القعدة 1393هـ
بدأت أتحول إلى الحياة الجديدة .. جديدة في مكانها فقط وبعض الجدة في أسلوبها، لا شك في أنها نقلة كبيرة من بلدتي الصغيرة بيجي التي تتشبث بأطراف الحضارة إلى مدينة تقف إلى جانب أكبر مدن العالم نفوساً وحضارة عريقة، طريقة الحياة العادية هنا تختلف عما نحسه هناك، الناس هنا تسيطر عليهم المادة في الظاهر ولو أني لم أسبر أغوار المجتمع المصري، وأنَّى لي ذلك، لكن عن طريق تعاملي مع عدد محدود ألمس ذلك، المادة كل شيء، لها وزنها وقيمتها، اللقمة صعبة الحصول، أما أنا الوافد من أرض الرافدين فليست اللقمة بعيدة عن متناول يدي بفضل الله وبفضل الأهل والإخوة الذين يسروا لي بعد تيسير الله السفر إلى هنا للدراسة، لا شك أني الآن أقتطع من كل لقمة يدفعها أحدهم إلى فيه شيئاً بل ربما ناصفتهم في حياتهم أنا واحد وهم جمع ولكن ربما ناصفتهم، الحياة غالية خصوصاً إذا أردت أن ترتاح وأن تدرس وتحقق شيئاً، المهم بدأت أعهد الحياة الجديدة: الدار الجديدة، مشرق الشمس ومغربها، التوقيت الجديد، والناس من حولك في الشوارع بدأت أعهدهم، أعهد هذا الزحام في سيارات النقل العام .. وبدأت أتذكر رأي أبي حنيفة في أن مس المرأة لا ينقض الوضوء عندما تضطر كلما تركب إلى التدافع مع جموع النساء والرجال على حد سواء، أذكر الأهل من الزاوية التي أقبع فيها داخل غرفتي التي أنزلها في الدار، أتذكر حياتي هناك، ولكن الأمل هو الذي أحاول أن أقرنه إلى الذكرى، الأمسيات الجميلة في دارنا تنقضي وسط صخب الأطفال وهمسات الكبار، وهكذا ينقضي العمر والأيام التي كُتِبَ أن نقضيها على الأرض، أملي في العودة هو الذي يدفعني إلى العمل وإلى تحمل هذا الفراق، حقيقة أن المسلم أينما حل فهو سيد نفسه لا تخذله الغربة ولا تحرفه عن جادة الحق، لا يقلقه الموت ولا يخيفه، مُسَلِّمٌ أمره لله، الحمد لله الذي يسر وجعل في هذا البلد حماة لهذا الدين ودعاة إلى الله. صلينا اليوم الجمعة في جامع قرب جسر الزمالك هز الخطيب فيها جموعاً متكاثرة من الشباب والشيوخ.
* ذكريات غانم قدوري الحمد ... (الحلقة الأولى) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18525) .
نشرت الحلقة الثانية يوم الجمعة 7 صفر 1431هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[22 Jan 2010, 06:39 م]ـ
1 - اللغة بين المعيارية والوصفية هو كتاب أستاذنا الدكتور تمام حسان.
2 - هذا التردد بين النحو وفقه اللغة هو قصة حياة (كما يقول الأمريكيون) أكثر المتخرجين من أقسام اللغة العربية.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[22 Jan 2010, 09:13 م]ـ
بارك الله فيك أستاذنا الكريم وأطال في هذا العمر الحافل على طاعته، وأقدم لك أجزل الشكر وأوفاه على هذا التدفق في كتابة الذكريات، ومن المعلوم بالاستقراء أن كتاب الذكريات الأسبوعية أوالشهرية يكتبون لمتابعيهم بالقطارة إن صحت العبارة، أما أنت فكتابتك مختلفة فسح الله تعالى في أيامك، وأرجو أن تتكرم علينا شيخنا الكريم بذكر أدق التفاصيل في تجربتكم العلمية خاصة، فربما أنك قد تغفل أمراً يكون غير ذي بال عندك وهو من الأمور المهمة للمتابع، ونود أن تجمل هذه السيرة العطرة بذكر رؤاكم النقدية للمناهج العلمية والكتب التي مررتم بها، وأسأله سبحانه أن يهبك الصحة والقوة لإتمام هذا العمل الجليل، وأن يبارك في فضيلة الشيخ عبدالرحمن على إشارته المباركة بارك الله فيه.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[22 Jan 2010, 09:48 م]ـ
الناس هنا تسيطر عليهم المادة في الظاهر ولو أني لم أسبر أغوار المجتمع المصري، وأنَّى لي ذلك، لكن عن طريق تعاملي مع عدد محدود ألمس ذلك، المادة كل شيء، لها وزنها وقيمتها
صدقت وما ظلمت ولا افتريت
ذكريات مفيدة وأخبار غالية لأنها ذكريات عالم نحبه في الله ونسأل الله له التوفيق
أبقاك الله لنا مفيدا نافعا وحفظك من كل سوء ونفع بك وبعلمك أينما كنت وحيثما حللت
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[22 Jan 2010, 10:04 م]ـ
متابعون لكم باهتمام، ولكن أود أن ألفت نظركم الكريم الى فقرة قد التبس معناها بسبب عدم استخدام علامات الترقيم فيها، وتلك هى الفقرة:
وأسرعنا إلى لقاء أبي المجد، لعلنا نرى ما لديه، ولكنه استقبلنا هاشًّا باشًّا، لا مؤاخذة .. كلمنا الأستاذ كمال حول الموضوع وبعدين وافقوا
وتجدها قد وردت تحت عنوان: المنزل الجديد
وأعتقد أن صحتها أن تكتب على النحو التالى:
. . . هاشا باشا: " لا مؤاخذة، كلمنا الأستاذ كمال حول الموضوع وبعدين وافقوا "
أقول هذا لأنى فى البداية أعتقدت أن عبارة " كلمنا الأستاذ كمال " هى من كلامكم أنتم، لا من كلام (أبى المجد) كما فهمت أخيرا بعد أن استنبطت علامات الترقيم بمفردى، وقد أدى هذ اللبس الى تعجبى فى البداية، لأنكم لم يسبق أن ذكرتم شيئا عن المدعو (الأستاذ كمال)، فلم أعرف من يكون من بين شخصيات السيرة؟
فى انتظار باقى الحلقات، والله يوفقكم
ـ[إياد السامرائي]ــــــــ[23 Jan 2010, 12:06 ص]ـ
ما اشبهه اليوم بالبارحة، يبدو ان قولهم: (ان التأريخ يعيد نفسه) مقولة صحيحة إلى حد ما، فما عانيته شيخنا الكريم من قساوة الحياة والبحث عن تعين أو قبول في الدراسات العليا قاسيناه ونقاسيه اليوم نحن في العراق، فالسير وراء المجهول يبدو أنه اصبح من المألوف عند العراقي وهذا قدرنا والحمد على كل حال، فقد اثارت هذه المذكرات الشجون والذكريات في نفسي فقد قاسينا من صعوبة الاستمرار في مواصلة الدراسة ماقاسيناه قد ننفق في الشهر الواحد آلاف الدنانير على الدراسة ومن ثمة قد لايجد احدنا وظيفة وإذا وجد فراتبه دراهم معدودات، فما الذي دفعنا إلى اكمال الدراسة في هكذا ظروف في ذاك الوقت؟ هذا السؤال يرد في خَلْدي كثيرا وأنا اتذكر الآيام الخوالي، ولعل وجودكم بيننا شيخنا العزيز هو الذي بث فينا الأمل والتفاؤل والاستمرار، بارك الله فيك وفي سيرتك ونفع الله بها
ـ[بنت الحارث]ــــــــ[23 Jan 2010, 05:25 م]ـ
بارك الله بك , شكراً أخي الكريم
ـ[التواقة]ــــــــ[24 Jan 2010, 08:51 م]ـ
باتت اليوم ذكريات إذ كانت بالأمس هموماً ..
ذكريات ممتعة .. إذ فيها صناعة المجد ومقارعة الغربة ومجاهدة الفقر ..
أقووووووووول:
كم بهذه السيرة يتجدد الأمل في النفوس من جديد بعد أن بددته آلام الحياة ..
كم هم الشباب بحاجة لمثل هذه السير ..
ما افتقدته في هذه المذكرات: الواسطة والرشاوي يبدو أن الحياة آنذاك لم يكن لهما وزناًَ خلافاً لحالنا اليوم.
أما مبتكرات الشيخ حفظه الله: المنهج الدراسي بلا معلم والذي اعتمده لنفسه ..
وسر النجاح: هو قوله العلم محبوب لذاته
إذن يمكن للإنسان البسيط مثل ما كان الشيخ وقت كتابة هذه السطور أن يرقى إلى الثريا كما هو الشيخ الآن حفظه الله ونفع به الأمة .. دون واسطة أو رشوة ..
ـ[محمد سيف]ــــــــ[05 Feb 2010, 10:08 ص]ـ
كم بهذه السيرة يتجدد الأمل في النفوس من جديد بعد أن بددته آلام الحياة ..
كم هم الشباب بحاجة لمثل هذه السير ..
هذا أجمل ما في الموضوع ..
وما زلتُ أتابع وأتابع ...
جزاك الله خيرا يا أستاذنا الجليل على هذه الهدية الأسبوعية ...(/)
المشايخ والأخوة الفضلاء ... مسابقة أهل التفسير تنتظر اقتراحاتكم
ـ[أبو عبدالرحمن البجيدي]ــــــــ[22 Jan 2010, 05:16 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تكثر في الحلقات مسابقات بعضها تختص بحسن الصوت
والبعض الآخر بالتجويد
والبعض الآخر بالحفظ والإتقان
وقلما نجد مسابقة تختص بالتفسير
وبحكم إشرافي على أحد الحلقات دار في خلدي مسابقة للتفسير
وأسميتها " مسابقة أهل التفسير " لحبي الشديد لهذا الملتقى
وإلى الآن لم أحدد آليتها ولكنها ستكون بين طلاب المرحلة المتوسطة
فالمرجو من الجميع اقتراحاتكم:
- آلية المسابقة؟
- الكتاب المقترح؟
.................................................. ...............................................
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Jan 2010, 06:34 م]ـ
وفقك الله، ونفع بجهودك.
ولو تيسر لي وقت قريب لكتبت لك بعض المقترحات، وأدعو الزملاء في الملتقى للمشاركة في اقتراح ما يساعد الأخ الكريم في تنفيذ فكرته النافعة جزاه الله خيراً.
ـ[مُتَّبِعَة]ــــــــ[23 Jan 2010, 08:01 م]ـ
الفكرة لإحدى الأخوات: مسابقة في التفسير والحديث، أما ما يختص بالتفسير فترشيح كتاب مختصر في التفسير يُدْرَس منه تفسير آيات محددة وعلى مراحل، يتم بعد إنجازِ مرحلةٍ الاختبارُ بها لينتقل المختَبِر إلى المرحلة التي تليها على التفصيل الآتي:
المرحلة الأولى: حفظ وتفسير سورة البقرة من الآية (1) إلى الآية (25) من كتاب زبدة التفسير للشيخ محمد الأشقر.
المرحلة الثانية: حفظ وتفسير سورة البقرة من الآية (26) إلى الآية (50) من الكتاب نفسه.
المرحلة الثالثة: حفظ وتفسير سورة البقرة من الآية (51) إلى الآية (100) من الكتاب نفسه.
وهكذا ..
وتكون المراحل إما شهرية وإما فصلية بحسب ما يراه المنظِّم مناسبا، وكان من نصيبي في هذه الفكرة وضع نماذج الأسئلة وإجاباتها وتصحيحها، وقد أرفقتُ لكم ما تم وضعه من أسئلة وإجابات.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[23 Jan 2010, 08:03 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أرى أن تكون المسابقة في سورة واحدة وأن تكون في السور التي تعنى بالجانب الأخلاقي السلوكي وتبدأ بالسور القصار نسبيا وعلى سبيل المثال:
تفسير سورة النور وهذه مهمة جداً أن يعرف ما فيها من أحكام وآداب وسلوكيات الشباب في المرحلة المتوسطة.
وأقترح أن يعد التفسير من قبل متخصص أو أكثر إعداداً جيدا بحيث يناسب هذه المرحلة العمرية مرحلة طلاب المتوسط، ولا يترك الطالب للمطولات أو حتى المختصرات، وإنما يعد تفسير للسورة يلامس الجوانب العقدية والسلوكية يتناسب مع الواقع المعاصر الذي دخل على المسلمين فيه كثير من الانحرافات العقدية والسلوكية، وأن يكون التفسير بلغة سهلة مباشرة.
تفسير سورة لقمان:
وهي على قصرها غنية بالجوانب الإيمانية العقدية والأخلاقية السلوكية.
تفسير سورة الحجرات:
وهي أيضا فيها من الجوانب التربوية في العقائد والسلوك ما يحتاج إليه كل مسلم.
وكذلك سورة المجادلة وسورة الطلاق.
ثم بعد ذلك يمكن تناول السور الطوال كالبقرة والنساء والمائدة ويمكن أن تقسم إلى أقسام معقولة تؤدى الغرض من المسابقة.
أنا أعلم أن مثل هذا العمل يحتاج إلى جهد وإلى مختصين في أكثر من جانب ولكن من سار على الطريق يصل بإذن الله تعالى.
وفقكم الله إلى كل خير وجعل عملكم خالصا لوجهه الكريم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[مُتَّبِعَة]ــــــــ[23 Jan 2010, 08:16 م]ـ
جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم شيخنا الفاضل حجازي الهوى.
ولي استفسار: هل المطلوب مسابقة تحفيزية لفهم معاني كتاب الله جل وعلا أم أنها دروس تقدَّم للطلبة؟
الدروس نعم تحتاج إلى متخصص يعد درسه إعدادًا يتناسب مع من يخاطبه سنا وإدراكا واتجاها واحتياجا، أما المسابقات للطلبة فالفائدة التي أجدها فيها هي التهيئة والتحفيز لتقبُّلِ هذه الدروس لا سيما والمتسابق يدرس المقرر في المسابقة دراسة ذاتية.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[23 Jan 2010, 10:03 م]ـ
الأخت الفاضلة متبعة
جزاك الله خيرا وأحسن إليك
لا مانع من أن يوجد أكثر من شكل من المسابقات.
ولكن اقتراحي كان بناء على أني رأيت أن العامة والشباب على وجه الخصوص بعيدين عن الفهم المطلوب لكتاب الله تعالى حتى عند كثير من طلبة العلم فتراهم يهتمون بالفقه والحديث وعلوم الآلة بينما صلتهم بالتفسير وعلوم القرآن ليست بالمستوى الذي يليق بكتاب الله.
ـ[أبو عبدالرحمن البجيدي]ــــــــ[24 Jan 2010, 06:03 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً
أفكار رائعة
في انتظار بقية الأخوة(/)
مسائل وفوائد حول قراءة سورة (ق) على منبر الجمعة
ـ[طلحة الجغبير]ــــــــ[23 Jan 2010, 01:59 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد ...
فهذه مسائل متنوعة لم ألتزم فيها الترتيب حول قراءة سورة ق على المنبر يوم الجمعة ...
المسألة الأولى: استشكال لطيف
سمعت أستاذنا مشهور بن حسن آل سلمان في مناسبات عدة أنه استشكل في فترة معينة أمرا: وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه. فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة) أخرجه مسلم، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الجمعة بسبح والغاشية، وكذلك ثبت عنه قراءة سورة ق في خطبة الجمعة، والمعلوم أن قراءة سورة ق مع مقدمات الخطبة من ذكر خطبة الحاجة وما يختم به وقد يزاد عليها بأشياء أخرى كل ذلك أطول من قراءة سبح والغاشية في الصلاة، ولا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم أفقه البشر وخيرهم ... فكيف تكون صلاته أطول من خطبته ..
يقول أستاذنا: وبقي هذا الإشكال حتى سألت شيخنا أبا عبدالرحمن محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله، فأجاب قائلا: إنما يزول الإشكال بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قيامه وركوعه وسجوده كان على السواء، وبهذا فهو يقرأ الحمد وسبح، ثم يركع بمقدارها، ثم يرفع بمقدارها .... الخ وبالتالي تكون صلاته أطول من خطبته
قلت: والمسألة بحاجة لمزيد من التحرير حول فقه قراءة سورة ق على المنبر لعله يأتي قريبا بإذن الله
والله الموفق
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[23 Jan 2010, 08:26 ص]ـ
قول النبي صلى الله عليه وسلم " إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته، مئنة من فقهه. فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة "
هل يفهم من الحديث أن من أطال الخطبة لأمر يقتضي الإطالة ليس بفقيه؟
هذا البخاري يروي بسنده أن عمر رضي الله عنه "قرَأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ حَتَّى إِذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ"
وهل يلزم من قوله صلى الله عليه وسلم "فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة " أن تكون الخطبة أقصر من الصلاة؟
ثم إن قول الصحابية رضي الله عنها:
"لَقَدْ كَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا سَنَتَيْنِ أَوْ سَنَةً وَبَعْضَ سَنَةٍ وَمَا أَخَذْتُ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ إِلَّا عَنْ لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ عَلَى الْمِنْبَرِ إِذَا خَطَبَ النَّاسَ"
هل يلزم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان فعلا يقرأ سورة ق في خطبته كل جمعة لمدة سنتين أو سنة وبعض سنة؟
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[23 Jan 2010, 01:06 م]ـ
والمعلوم أن قراءة سورة ق مع مقدمات الخطبة من ذكر خطبة الحاجة وما يختم به وقد يزاد عليها بأشياء أخرى كل ذلك أطول من قراءة سبح والغاشية في الصلاة، ولا ريب أن النبي صلى الله عليه وسلم أفقه البشر وخيرهم. فكيف تكون صلاته أطول من خطبته؟.
أخى الكريم:
لا يوجد أى اشكال فى المسألة، فالحديث لم يقل: " فأطيلوا الصلاة عن الخطبة " حتى يلزم منه أن نجعل الصلاة أطول من الخطبة
وانما الحديث يقول: " فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة "
وهذا لا يلزم عنه أن تكون الصلاة أطول من الخطبة، ومن هنا فلا يوجد اشكال
هذا، والله عز وجل أحكم وأعلم
ـ[طلحة الجغبير]ــــــــ[23 Jan 2010, 06:37 م]ـ
بارك الله فيكما وأحسن إليكما وزادكما علما وفهما ....
أحتاج أن أقف عدة وقفات للإجابة عن مشاركات ومداخلات إخواني، ولأن النهار قارب على الرحيل والمؤذن يستعد للأذان أكتفي الآن بالتعليق على استدراك أخينا العليمي المصري حفظه الله ..
أما قوله (لا يوجد أي إشكال) ففيه نظر، لكن أقدم بمقدمة يسيرة لبيان ذلك، فأقول وبالله تعالى أصول وأجول:
(يُتْبَعُ)
(/)
ينبغي أن يعلم أن النص الشرعي له سمات تميزه عن سائر الكلام، وممن أحسن وأبدع من تكلم بما لا مزيد عليه في هذا الباب ومتعلقاته: الإمام الشاطبي رحمه الله في الموافقات، والإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين ..
ومن سمات النص أو شروط الفهم الصحيح له أنه لا بد أن يفهم النص الشرعي على وجه يقبل العمل، وكل فهم لا يتصور فيه العمل بالنص ويؤدي لتعطيله فهو فهم أجنبي عن النص ولا أساس له من الصحة ...
الحديث المذكور نصص فيه على أمرين:
1 - إطالة الصلاة
2 - تقصير الخطبة
ولم يرد بالحديث ما يبين الميزان الذي توصف به الخطبة بالقصيرة وكذا الصلاة بالطويلة، فاحتجنا إذا إلى ما يبين هذا الميزان ويكشفه ..
وليتنبه أنه في سياق واحد جمع بين "الإطالة والتقصير" ولم يميز بينهما فإن لم يأتي دليل إضافي يبين ميزان الخطبة ويفرقه عن ميزان الصلاة فيبقى الإطلاق واحدا، وعليه فيدل بذاته أن تكون الصلاة أطول من الخطبة ..
وقد جاء الميزان الذي تعرف منه طول الصلاة يوم الجمعة مما ثبت من قراءة سبح والغاشية، فصار هو الميزان الذي من خلاله نستطيع أن نفهم هذا الحديث على وجه يقبل العمل ...
ألا ترى أن الطول والقصر يختلف من حال لحال، ومن شخص لشخص، فقد تكون ساعة في أحوال معينة فترة قصيرة، بينما في أحوال أخرى ومن خطيب أخر تكون طويلة جدا ... فلا ضابط للطول والقصر عند الإطلاق إلا إن جاء ما يقيدهما، وذكرهما في محل واحد يجعل الفهم يلقى على ميزان واحد، إلا أن يأتي دليل إضافي، وحيث لم يرد فالأصل بقاء ما كان على ما كان.
ولتأكيد ما سبق يقال أيضا: أنه قد ثبت الأمر بالتخفيف بالصلاة، وهذا يؤيد الإشكال السابق وحقيقته، فكيف يؤمر بالتخفيف تارة والتطويل تارة (مع إطلاق الأمر فلا يقال ورد التطويل أحيانا كالأعراف في المغرب) والجواب أن يقال إذا يحمل التطويل فيها على أمر نسبي وهو خطبة الجمعة!! (والأصل الجمع لا الترجيح فلا يقال تخصص الجمعة بزيادة طول وإن كان هذا محتملا كما ذكره ابن القيم في تعليقه على السنن) فهذا يجعلنا نقول أن المراد من الحديث جعل الصلاة أطول من الخطبة
وهذا هو الذي فهمه بعض الشراح، فعلى سبيل العجلة:
قال الإمام النووي في شرحه: (وليس هذا الحديث مخالفا للأحاديث المشهورة في الأمر بتخفيف الصلاة لقوله في الرواية الأخرى: وكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا ; لأن المراد بالحديث الذي نحن فيه أن الصلاة تكون طويلة بالنسبة إلى الخطبة لا تطويلا يشق على المأمومين وهي حينئذ قصد أي معتدلة والخطبة قصد بالنسبة إلى وضعها)
فتأمل رعاك الله قوله (طويلة بالنسبة إلى الخطبة)
ولي عودة بعد عشاء هذا اليوم بإذن الله تعالى
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[23 Jan 2010, 07:24 م]ـ
بارك الله فيكما وأحسن إليكما وزادكما علما وفهما ....
ولي عودة بعد عشاء هذا اليوم بإذن الله تعالى
ولك مثل هذا وزيادة
فى انتظارك أخانا الكريم
ـ[طلحة الجغبير]ــــــــ[27 Jan 2010, 02:00 م]ـ
أعود الان لأعلق على ما ذكره الأخ الفاضل حجازي الهوى حفظه الله ..
قال الأخ: هل يلزم من تطويل الخطبة لحاجة معينة أن الخطيب ليس بفقيه؟
أقول أما إطالة الخطبة أحيانا لظروف معينة فلا بأس به، وقد ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، فكان من هديه أن يتخول أصحابه بالموظة خشية السآمة، ولكن ثبت عند مسلم "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن، فأعلمنا أحفظنا" فحصول ما يخالف القاعدة في مرة أو مرتين لسبب معين لا يناقض القاعدة، ألا ترى أن هديه صلى الله عليه وسلم في القراءة في صلاة المغرب أن تكون من قصار المفصل، ولكن ثبت أنه صلى المغرب بالطور، وكذا بالأعراف، فيبقى الأصل التخفيف فيها، مع استحباب التطويل أحيانا، ويقال في الخطبة كما قيل هنا فلا بأس أن يطول الخطيب أحيانا إن رأى حاجة لتبيين أحكام معينة لنازلة نزلت بالمسلمين ونحوه، على أن يكون غالب حاله التخفيف وبالله التوفيق.
أما السؤال الثاني للأخ حجازي الهوى فقد سبق بيانه في ردي على مشاركة أخينا العليمي.
أما سؤاله الثالث فمحله في المسألة الثانية من مسائل هذا الموضوع بإذن الله لحاجته لشيء من التأصيل والتفصيل والله الهاذي إلى سواء السبيل.(/)
متشابهات داخل كل سورة من سور القرآن الكريم
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[23 Jan 2010, 12:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتى وأساتذتى الأفاضل في هذا الملتقى المبارك أضع في هذه المشاركة إن شاء الله تعالى ما قمت بفضل الله وعونه بتجميعه من الآيات المتشابهة الألفاظ داخل كل سورة من سور القرآن مما يشتبه على الحفاظ عند المراجعة من بدايات الآيات وخواتيمها وكذلك ما يكون شديد التشابه بين آيات بعض السور مثل سورتيّ البقرة مع آل عمران، والأنعام مع يونس، والأعراف مع هود، وغيرها ..
أسأل الله تعالى أن تكون عوناً على الحفظ والتثبيت والتدبرلكتاب الله العليّ الحكيم.
ـ[جليسة العلم]ــــــــ[23 Jan 2010, 01:29 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[24 Jan 2010, 11:57 ص]ـ
وفيكم بارك أختى الكريمة .. جزاك الله خيراً
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[25 Jan 2010, 11:57 ص]ـ
أسأل الله أن تجدوا فيها الفائدة.
ـ[طالبة القرآن وعلومه]ــــــــ[25 Jan 2010, 07:40 م]ـ
جزاك الله خيرا أختي الفاضلة يسرا
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[27 Jan 2010, 05:15 م]ـ
متشابهات آيات سورة الأنعام
ـ[جليسة العلم]ــــــــ[28 Jan 2010, 02:30 ص]ـ
وفقك الله وسددك
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[29 Jan 2010, 12:46 م]ـ
جزاكم الله عنى كل الخير وبارك فيكم.
وإليكم ملف المتشابهات داخل سورة الأعراف نفعنى الله وإياكم بما علمنا وعلمنا ما ينفعنا
ـ[جويرية المسلمة]ــــــــ[29 Jan 2010, 10:20 م]ـ
جزاك الله الفردوس الاعلى من الجنة وفى انتظار باقى السور بارك الله فيك اللهم امين
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[31 Jan 2010, 08:24 ص]ـ
بارك الله فيك أختي الكريمة.
مرفق ملف الآيات المتشابهة والتى تتداخل عند المراجعة بين سورتي الأنعام والأعراف
في جدول مبسط أرجو أن تجدوا فيه العون عند المراجعة.
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[03 Feb 2010, 02:21 م]ـ
متشابه الآيات داخل سورة الأنفال نفعنا الله بما علمنا وعلمنا ما ينفعنا
ـ[جويرية المسلمة]ــــــــ[21 Feb 2010, 11:48 م]ـ
جزاك الله الفردوس الاعلى من الجنة على مجهودك معنا الحمد لله انا طبعت الورق واستفدت منه كثيرا بارك الله فيك اللهم امين وفى انتظار الباقى يسر الله امرك اللهم امين
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[22 Feb 2010, 10:42 م]ـ
جزاك الله عنى خيراً أختى الفاضلة وجعله في ميزان حسناتك. وأعتذر عن تأخرى في إضافة الجديد من الملفات أسأل الله تعالى أن يبارك لنا جميعاً في أوقاتنا.
مرفق ملف المتشابهات داخل سورة التوبة بفضل الله أرجو أن تجدوا فيها الفائدة
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[03 Mar 2010, 01:35 م]ـ
متشابهات الآيات داخل سورة يونس نفعنا الله وإياكم بالقرآن العظيم وجعله لنا ولكم نوراً فى الدنيا والآخرة
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[03 Mar 2010, 04:27 م]ـ
الأخوة والأخوات في الله:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرفق ملف المتشابهات بين سورتيّ الأنعام ويونس على هيئة جداول، نظراً لشدة التشابه بين بعض ألفاظ آيات السورتين الكريمتين، أرجو أن يكون فيها العون على تثبيت الحفظ وتدبر الآيات المتشابهات.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[03 Mar 2010, 06:29 م]ـ
الأخت الفاضلة
عمل رائع، وجهد كبير تستحقين عليه الشكر والتقدير.
ولي بعض الملاحظات والأسئلة:
1 - هل ما ورد في هذه الإحصاءات دقيق، لا يحتاج معه إلى مراجعة؟
2 - هل اعتمدت على الكمبيوتر في عملية تجميع المادة، أم فعلت ذلك يدويا.
3 - لاحظت أن الآيات منسوخة بالرسم الإملائي، هل تعذر نسخها من مصحف بالرسم القرآني (العثماني)؟ أم أن هذا يدل على أن تجميع المادة تم بواسطة الكمبيوتر.
(للعلم أنا لا أثق بالكمبيوتر في هذه المسائل).
4 - هذه المادة تصلح موضوعا لدراسة واسعة في الإعجاز العددي، فهل فكرت في ذلك؟
وبارك الله بك.
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[05 Mar 2010, 12:33 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيراً أخى الفاضل على مرورك الكريم ودعائك ونسأل الله القبول.
بالنسبة لتساؤلاتك وملاحظاتك القيّمة أرد عليها بما يلي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - هذه الملفات هي ملفات قمت بتجميعها مما فتح الله به عليّ وكان هدفي الأساسي منها هو تثبيت الحفظ وبيان الآيات المتشابهات والتى تختلط عليّ وعلى أخواتى عند المراجعة، ولذلك لا أعتبرها مرجعاً دقيقاً ولكن للكل الحق في الإضافة إليه بعد تحميله مما يشتبه عليه داخل السورة وأحياناً كثيرة أكتشف آيات أخرى لم أنتبه إلى تشابهها إلا بعد مراجعة السورة مرات ومرات ثم أضيفها بعد ذلك ومثال هذا ما انتبهت إليه في سورة النساء بالأمس وهو تشابه ختام الآيتين رقم 137 و 168 (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137)) - (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168)).
2 - بالنسبة لمصدر البحث فهو أحياناً يكون بمساعدة الكمبيوتر ولكن أعتمد على البحث فى نسخة المصحف التى بين يديّ خاصة أن البحث يكون داخل السورة الواحدة وهو أسهل من البحث في المصحف كاملاً، ولذلك أؤكد على أنه ليس إحصاءاً ولكن اجتهادات شخصية أستفيد منها وأرجو في نشرها الإفادة لغيرى وأسأل الله القبول.
3 - بخصوص الرسم الإملائى للآيات فقد كنت في البداية أقوم بالنسخ من مصحف المدينة للنشر الحاسوبى ولكن للأسف لم تكن الآيات تظهر عند الكثيرين إلا على هيئة رموز غير مفهومة حتى بعد تحميل خطوط المصحف ولذلك اضطررت لتغيير الخط، وإن كانت لديكم نسخة صحيحة مراجعة للمصحف بالرسم العثمانى أكون لك من الشاكرين.
4 - وكما أخبرتكم سابقاً أن هذه اجتهادات منى لنشر العلم النافع المفيد الذى يتعلق بكتاب الله عز وجل، فلم أفكر في دراسةٍ أو بحثٍ وأنا مازلت في بداية طلب العلم، ولكن هناك كتاب يعرض المتشابهات بنفس طريقة ملفاتى وهو مفيد جداً اطلعت عليه مؤخراً ويتناول التشابه فى المصحف كله وهو (دليل الحيران في متشابهات القرآن)
إعداد: عبد المنعم كامل شعير ويعرض معه بعض أسباب التباين بين الآيات.
أسأل الله أن تجدوا فيه النفع والفائدة
وجزاكم الله خير الجزاء
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[05 Mar 2010, 04:47 م]ـ
4 - هذه المادة تصلح موضوعا لدراسة واسعة في الإعجاز العددي، فهل فكرت في ذلك؟.
صدقت يا أستاذ جلغوم، فان هذا البحث من أختنا الكريمة وثيق الصلة بالدراسات الاحصائية، أو لنقل بالمنهج الاحصائى
وان لى فى هذا المضمار دراسات واسعة لم يتسن لى نشرها بعد، وربما نشرتها هنا قريبا ان شاء الله
بارك الله فى أختنا الفاضلة وفى جهودها
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[05 Mar 2010, 04:56 م]ـ
1 - هذه الملفات هي ملفات قمت بتجميعها مما فتح الله به عليّ وكان هدفي الأساسي منها هو تثبيت الحفظ وبيان الآيات المتشابهات والتى تختلط عليّ وعلى أخواتى عند المراجعة، ولذلك لا أعتبرها مرجعاً دقيقاً ولكن للكل الحق في الإضافة إليه بعد تحميله مما يشتبه عليه داخل السورة
يبدو أن هذا الموضوع للأخت الفاضلة يسرا هو نفس الموضوع الذى كنت قد تساءلت عنه فى ختام مداخلة سابقة لى ردا على موضوع أورده فضيلة المشرف العام، وهذا هو رابط المداخلة المشار اليها:
http://tafsir.net/vb/showpost.php?p=93732&postcount=3
وبما أن أختنا الفاضلة قد سمحت للغير أن يضيف لموضوعها ما يمت اليه بصلة فاننى لن أفتح موضوعا جديدا لأستعرض فيه المتشابهات بين السور، أو المتشابهات فى السورة الواحدة، مكتفيا بايراده هنا كلما تيسر لى ذلك
وجدير بالذكر أن موضوع الألفاظ والتعبيرات المتشابهة فى جسم السورة الواحدة كان هو موضوع أول كتاب يصدر لى منذ نحو ستة عشر عاما (حدث ذلك تحديدا فى رمضان 1414 الموافق فبراير 1994) ولكن بما أن توزيع هذا الكتاب لم يتجاوز على الأغلب حدود مصر فقد وجدت من المفيد ذكر بعضا من محتوياته هنا لتعم الفائدة مع بعض التنقيحات والاضافات الجديدة، وسوف أبدأ فى استعراض ذلك قريبا ان شاء الله، وان كنت أعانى من ضيق الوقت، والموفق هو الله
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[06 Mar 2010, 02:53 م]ـ
جزاكم الله خيراً أيها الاخوة الأفاضل وبارك فيكم وفي علمكم وفي انتظار اضافاتكم القيّمة ..
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[06 Mar 2010, 02:57 م]ـ
ملف الآيات المتشابهات داخل سورة هود نفعنا الله بما علمنا وعلمنا ما ينفعنا.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[06 Mar 2010, 08:51 م]ـ
جزاكم الله خيراً أيها الاخوة الأفاضل وبارك فيكم وفي علمكم وفي انتظار اضافاتكم القيّمة ..
شكرا لأختنا الفاضلة على كرم ضيافتها و على ترحيبها بنا
على الرابط الذى ذكرته فى المشاركة رقم 19 كنت قد تحدثت عن دراسة سابقة لى قائلا أننى:
((عرضت فيها - ضمن ما عرضت - لما أسميته: " ظاهرة التجانس والائتلاف بين السور " حيث كنت قد لاحظت وجود تشابه كبير بين سورتين من القرآن من ناحيتى الشكل والمضمون معا، أى من الناحيتين:الأسلوبية والموضوعية، وان كان التركيز أشد - بوجه عام - على جانب الأسلوب والمبنى
وقد رصدت فى هذا البحث المخطوط عدة نماذج لهذا التجانس الشديد بين السور))
ثم قلت:
((وقد بلغ عدد النماذج التى تيسر لى رصدها فى ذلك الحين قرابة خمسة نماذج تضم عشر سور، وربما أعرض لها لاحقا ان شاء الله فى موضوع مستقل. . ولكنى أريد قبل هذا أن أعرف ان كان أحد قد سبق الى موضوع كهذا فى منتدانا المبارك؟
فان كان الجواب بالايجاب فما هو عنوان ذلك الموضوع حتى أتجنب التكرار وأضيف جديدا اليه))
كان هذا ما ذكرته، فلما وجدت هذا الموضوع للأخت يسرا ووجدتها ترحب بمساهمات غيرها واضافاتهم فى نفس الموضوع فان هذا قد شجعنى على الوفاء بما وعدت
وفيما سيلى من مداخلات ان شاء الله سوف أعرض لبعض نماذج تطبيقية لفكرة الانسجام بين السور، والموفق هو الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[06 Mar 2010, 09:01 م]ـ
النموذج الأول
سورتى: النساء والأحزاب
أولا: التجانس اللفظى بين السورتين:
هاتان السورتان تنتميان زمنيا الى العهد المدنى، ولكن على العكس من ترتيب المصحف نجد أن سورة الأحزاب هى الأسبق نزولا من سورة النساء، ولهذا السبب قدمت ذكر آيات سورة الأحزاب فى مواضع الاستشهاد على آيات سورة النساء كما سنرى لاحقا، ويلاحظ أن السورتين لم يفصل بينهما فى ترتيب النزول غير سورة واحدة فقط هى سورة الممتحنة، حيث نزلت سورة الأحزاب أولا يليها سورة الممتحنة، يليهما سورة النساء
لوحظ أن هاتين السورتين (الأحزاب والنساء) تشتركان فى بعض التعبيرات التى لا تشاركهما فيها أى سورة أخرى من سور القرآن، بمعنى أن تلك التعبيرات قد اقتصر ذكرها فى القرآن على هاتين السورتين فحسب ومن دون منازع، فمن ذلك مثلا قوله تعالى فى السورتين معا:
1 - " وتوكل على الله، وكفى بالله وكيلا " وردت هذه العبارة فى الآية الثالثة من سورة الأحزاب وكذلك فى الآية 48 منها، ثم تكررت فى سورة النساء فى الآية 81، ولم تأت حرفيا بنفس هذا النص فى القرآن كله فى غير تلك المواضع الثلاثة
2 - " ميثاقا غليظا ": ورد هذا التعبير فى الآية السابعة من سورة الأحزاب، كما ورد فى سورة النساء فى الآيتين 21، 154 منها
ولم يأت له ذكر مرة أخرى فى أى سورة أخرى غيرهما
3 - " كفى بالله حسيبا " ورد ذكر هذا التعبير فى الآية 39 من سورة الأحزاب، ثم تكرر فى سورة النساء فى الآية السادسة منها، وهذا هو كل ما جاء منه فى القرآن كله (بالنظر الى حرفية النص)
4 - " اعتدنا للكافرين عذابا مهينا ": جاءت هذه العبارة فى الآية 57 من سورة الأحزاب، كما جاءت ثلاث مرات فى سورة النساء، وذلك فى الآيات: 37 - 102 - 151 ولم يتكرر مرة أخرى فى أى سورة غيرهما
5 - " بهتانا واثما مبينا " ورد ذكره فى الأحزاب 58، ثم فى النساء: 20، 112
ثانيا: التجانس الموضوعى بين السورتين:
من الملفت للنظر بقوة أن نجد سورة الأحزاب قد تحدثت كثيرا عن النساء، مثلها فى ذلك مثل سورة النساء التى دل اسمها على ذلك، وحتى يكون حديثى أكثر دقة أقول ما يلى:
أولا: سورة النساء هى أكثر سور القرآن حديثا عن نساء المسلمين بوجه عام
ثانيا: سورة الأحزاب هى أكثر سور القرآن حديثا عن نساء النبى عليه السلام بوجه خاص
يضاف الى ذلك أن سورة النساء هى التى قيدت عدد الزوجات بأربع مع اشتراط العدل وأوصت بالأكتفاء بزوجة واحدة تحريا للعدل وخوفا من الظلم بين النساء (انظر الآية الثالثة منها)
وبالمثل نجد أن سورة الأحزاب هى الأخرى قد جاءت بقيد مماثل، حيث أنها قيدت عدد أزواج النبى صلى الله عليه وسلم وحرمت عليه الزواج فوق نسائه اللواتى كن فى عصمته بالفعل وقت نزول هذا التحريم:
((لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن الا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شىء رقيبا)) - الآية 52
أى بايجاز نقول أن سورة النساء قد اهتمت بتنظيم الحياة الزوجية للمؤمنين بوجه عام
بينما سورة الأحزاب قد اهتمت بتنظيم الحياة الزوجية للنبى عليه السلام بوجه خاص
وهكذا نجد أن بين سورتى النساء والأحزاب صلات وثيقة من ناحية المضمون والموضوع، فكان من العجيب أن نجد بينهما صلات وثيقة كذلك من جهة الأسلوب والبيان
فهذا التجانس بينهما لم يقتصر على الناحية الموضوعية فحسب، وانما امتد كذلك ليشمل الناحية البنائية فأصبح شاملا للشكل والمضمون معا، وتلك ظاهرة لطيفة لا تقتصر على هاتين السورتين فحسب، وانما يمكن أن نجد لها تطبيقات أخرى مماثلة
كما أنها ظاهرة اعجازية تدل بوضوح على أن هذا القرآن مفصل على علم يفوق طوق البشر
وصدق تعالى اذ يقول عن كتابه المجيد: ((ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا))
ومن عجب أن تلك الآية قد وردت هى الأخرى فى سورة النساء كذلك!!!
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[07 Mar 2010, 04:27 م]ـ
النموذج الثانى
سورتى الفرقان والاسراء
أولا: التجانس الموضوعى بين السورتين:
هاتان السورتان الكريمتان تشتركان فى حديثهما المسهب عن موقف الكفار من النبى صلى الله عليه وسلم واستعراض أقوالهم فيه
(يُتْبَعُ)
(/)
وللمقارنة السريعة انظر على سبيل المثال الآيات من 4 الى 10 من سورة الفرقان، وقارنها بالآيات من 45 الى 48 من سورة الاسراء وبالآيات من 90 الى 96 منها كذلك فيتبين لك التشابه الشديد بين السورتين
وقد كان من اللافت للنظر فى الدلالة على هذا المعنى أن نجد السورتين كلتيهما تستفتحان ببيان فضل الله العظيم على النبى صلى الله عليه وسلم، وتستخدمان فى التعبير عن ذلك لفظا واحدا للاشارة اليه صلى الله عليه وسلم هو لفظ (عبده)، ففى الفرقان كان الافتتاح:
((تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ... ))
وفى الاسراء: ((سبحان الذى أسرى بعبده ليلا .. .))
ففى الافتتاح نفسه تجانس وانسجام بين السورتين، بل ان أول آية فى كل منهما قد بدأت بلفظ يفيد تنزيه الله تعالى وتقديسه، فهو فى الفرقان (تبارك) وهو فى الاسراء (سبحان)!!
ثانيا: التجانس اللفظى والبنائى:
يلاحظ أن سورتى الفرقان والاسراء قد اشتركتا فى العديد من التعبيرات التى جاءت خاصة بهما وحدهما من دون سور القرآن جميعا
من تلك العبارات ما يلى:
1 - ((قال الظالمون ان تتبعون الا رجلا مسحورا)):
وردت بالآية الثامنة من سورة الفرقان، وقد ورد ما يماثلها تماما فى الآية رقم 47 من سورة الاسراء فيما عدا مضارعة فعل القول (يقول فى الاسراء) بدلا من ماضيه (قال فى الفرقان)، وبرغم هذا الاختلاف اليسير فاننا نجد أن هذا التعبير لم يتكرر مرة أخرى فى القرآن خارج هاتين السورتين
2 - ((انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا)):
وردت هذه العبارة فى الآية التاسعة من سورة الفرقان، ثم تكررت فى الآية 48 من سورة الاسراء، ولم تأت مرة أخرى فى أى سورة سواهما
3 - ((كفى بربك)):
ورد هذا التعبير فى الآية 31 من الفرقان، ثم تكرر فى الآيتين 17 و 65 من الاسراء، ولم يتكرر مطلقا فى أى سورة أخرى سواهما
4 - ((فأبى أكثر الناس الا كفورا)):
فى الآية 50 من الفرقان، 89 من الاسراء، وقد اقتصر هذا التعبير كذلك على هاتين السورتين فحسب
5 - ((بذنوب عباده خبيرا)):
فى الآية 58 من الفرقان، 17 من الاسراء لكن بزيادة (بصيرا)، ومع ذلك فهو تعبير خاص بهاتين السورتين وحدهما
6 - ((سبيلا)) ورد هذا اللفظ ست مرات تماما فى هاتين السورتين
7 - ((كبيرا)) جاء هذا اللفظ هكذا (منونا بالفتح) ست مرات فى سورة الاسراء (وهو أكبر عدد لتكراره فى سورة من السور)، ثم تلتها فى هذا سورة الفرقان فى المرتبة الثانية مباشرة
وبعد فتلك مجرد أمثلة وليست هى كل شىء، فالتجانس بين السورتين يعد أوسع مما ذكرنا، ولكنى أكتفى بهذا القدر لأنه يفى بالغرض
وبعد عودة الملتقى للافتتاح ثانية ان شاء الله ربما عرضت لنماذج أخرى، والله ولى التوفيق
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[10 Apr 2010, 11:44 ص]ـ
متشابهات داخل سورة يوسف والرعد وإبراهيم كلٌ على حدة فى ملف مستقل، أرجو أن يجد فيها طلبة العلم من أهل القرآن النفع والفائدة.
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[16 Apr 2010, 11:08 م]ـ
أخوتى وأخواتى فى الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إليكم ملف المتشابهات داخل سورة الحجر، وأرجو ممن لديه آيات تختلط عليه أثناء المراجعة داخل أى سورة ولم ندرجها فى الملف أن ينبهنا لها كي تعم الفائدة ونضيفها إلى المشاركة، وجزاكم الله خيراً
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[30 May 2010, 12:43 م]ـ
ملف الآيات المتشابهات داخل سورة النحل أسأل الله أن تجدوا فيه الفائدة والنفع.
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[01 Jun 2010, 06:59 ص]ـ
ملف متشابه الآيات داخل سورة الإسراء
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[01 Jun 2010, 08:03 ص]ـ
السلام عليكم وشكر الله للإخت الكريمة حسن نيتها وصنيعها، وأن ينفع بعملها.
ولكن ثم ملاحظة أرجو أن يأخذ بها الإخوان في ما ينشرون من عناوين معروف أن مصطلح متشابهات يطلق في علوم القرآن على آيات هي (نظير المحكمات) ولها معاني تخفى حقيقتها على الناس، وأصبح في تاريخ علم التفسير وعلم أصول الدين مصطلحا له معناه الخاص الذي لا ينطبق على ما قصده الإخوة هنا.
ولذلك فإن هذا العنوان لا يجوز أن يتضمّنه ملتقى يقوم على احترام استخدام المصطلحات في مكانها كملتقى أهل التفسير. أرجو من الأخت أن تتنبه إلى ذلك، وأن تطلب من المشرفين تغيير العنوان إلى أشباه بدل متشابهة أو إلى صيغة أخرى تعبر عن الفكرة.
وإلى الإخوة الأعضاء الكرام أن يتنبهوا إلى استخدام العناوين المعبرة التي
لا تضاد معنى مصطلحًا عليه بين أهل العلم.والله الموفق
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[01 Jul 2010, 04:55 م]ـ
جزاك الله خيراً أخى الفاضل على التنبيه والنصح.
مرفق ملف الآيات المتشابهة الألفاظ داخل سورة الكهف.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[01 Jul 2010, 07:14 م]ـ
جزاك الله خيراً أختي الفاضلة يسرا على هذا الجهد المتميز الذي يعين الحفاظ على المراجعة وتثبيت الحفظ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[06 Jul 2010, 11:09 ص]ـ
جزاك الله عنى خيراً أختى الكريمة الغالية سمر.
أضيف إلى المشاركة ملف الآيات متشابهة الألفاظ في سورة مريم عسى الله أن يجعل فيه النفع والفائدة.
ـ[باحثة علم]ــــــــ[06 Jul 2010, 01:36 م]ـ
جزاك الله خيرا وأحسن الله إليك
ـ[إشراقة جيلي محمد]ــــــــ[06 Jul 2010, 04:01 م]ـ
بارك الله فيك أختي يسرا على هذا العمل الرائع .. جهد مقدر تشكرين عليه .. جعله الله في ميزان حسناتك.
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[07 Jul 2010, 03:37 م]ـ
جزاك الله خيراً أختى الفاضلة، تقبل الله منا جميعاً أعمالنا خالصةً لوجهه الكريم ونفع بنا أهل القرآن وطلبة العلم.
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[27 Sep 2010, 12:17 م]ـ
ملف الآيات متشابهة الألفاظ داخل سورة طه
ـ[جمال العاتري]ــــــــ[29 Sep 2010, 01:58 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء اختنا الكريمة على هذا الجهد المبارك جعله الله في ميزان الحسنات ورفعة في الدرجات ...
بانتظار متشابهات باقي السور .. يسر الله أمرك.
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[07 Oct 2010, 10:48 م]ـ
ملف سورة الأنبياء
ـ[رقي]ــــــــ[17 Oct 2010, 01:35 م]ـ
جزاكِ المولى خيرا ونفع بكِ
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[25 Oct 2010, 12:11 م]ـ
جزاكم الله جميعاً خير الجزاء وشكر لكم، وإليكم ملف سورة الحج
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[13 Nov 2010, 03:22 م]ـ
كل عام وأنتم بخير أخوتى وأخواتى الأفاضل بمناسبة عيد الأضحى تقبل الله منكم جميعاً صالح الأعمال وأعاده عليكم بكل خير.
مرفق ملفي سورتي المؤمنون والنور:
ـ[يسرا السعيد]ــــــــ[24 Nov 2010, 11:31 ص]ـ
ملف سورة الفرقان(/)
لماذا أطلق القرآن (بكة) على (مكة)؟
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[23 Jan 2010, 01:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى فى الآية 96 من سورة آل عمران:
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)
بينما قال في الآية 24 من سورة الفتح:
(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا)
والسؤال الآن:
لماذا ورد اسم (مكة) المكرمة بالباء (بكة) في الآية المذكورة من سورة آل عمران بوجه خاص؟
وهل تخصيص هذا الموضع بذلك الاسم (بكة) ينطوى على سر دقيق من أسرار القرآن البيانية أو من أسراره التاريخية؟
أم أن لفظ (بكة) هو مجرد لغة فى (مكة)؟
ثم أيهما هو الأسبق ذكرا فى التاريخ مكة أم بكة؟
سوف أؤجل الجواب عن هذا كله ريثما استطلع آراء الأخوة والأخوات واجتهاداتهم فى تلك المسألة وبخاصة السؤال الأول عن سر اختصاص آية آل عمران بلفظ (بكة)، ومن بعد ذلك ان شاء الله تعالى سوف أعرض لما فتح به العليم الخبير فيها على العبد الفقير، والموفق هو الله
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[23 Jan 2010, 03:41 م]ـ
الأخ الكريم العليمي،
إليك تلخيصاً لما ذهب إليه شيخي في هذه المسألة:
1. المدينة اللبنانية بعلبك، اسمها يتألف من مقطعين: (بعل) و (بك)، أي بلد بعل. فقد كانوا يعبدون بعلاً. وعليه فمعنى بكة هو بلدة. وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك:"لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد .. ".
2. قوله تعالى:"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة .. "، الكلام، كما هو واضح، عن أسبقية المسجد الحرام في الوجود، وهذا مغرق في القدم، فناسب أن يذكر الاسم القديم لمكة. أما ذكر مكة في قوله تعالى:" ببطن مكة .. " فلأن الكلام عن حدث معاصر للرسول عليه السلام، ومن هنا لا يناسب ذكر الإسم القديم، بل الاسم المتداول، أي مكة.
3. الباء والميم حرفان شفويان (يخرجان من الشفة)، واتحاد المخرج يجعل من السهل تحويل الباء إلى ميم. وأمثلة ذلك كثيرة في اللغة العربية، ليس في المتحد مخرجاً بل بالمتقارب أيضاً؛ فاسم برهان مثلاً يلفظه البعض برهام. ومعلوم أن الميم أسهل في اللفظ من الباء ومن هنا يغلب أن يكون قد تم قلب الباء إلى ميم فأصبحت مكة، والعبرة بما ينطق الناس.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[23 Jan 2010, 04:19 م]ـ
أحسنت أخى البيراوى، بارك الله فيك، وكلامك قريب مما وجدته، واليك نص الجواب الذى كنت قد أعددته بالفعل:
((ان (بك) كانت تعنى (البيت المقدس) فى اللغة السامية القديمة، ومن أشهر الأمثلة على ذلك معبد " بعلبك " فى لبنان حيث نجد أن كلمة بعلبك مكونة من مقطعين هما: (بعل) و (بك) ويعنيان معا: (بيت البعل) أى (معبد البعل) فالبيت هنا (بك) يكتسب معنى القداسة لأنه بمعنى (المعبد) أو المكان الذى تقام فيه طقوس وشعائر عبادة البعل، ثم تم اطلاق اسمه بعد ذلك على المدينة بأسرها فأصبحت تعرف باسم مدينة بعلبك
والبعل كان يعد قديما الها كنعانيا فينيقيّا فى تلك البقاع، حيث كانوا يتخذونه الها للخصب والنماء وربّا للمطر والمياه، وقد أشار القرآن اليه فى قوله تعالى على لسان الياس عليه السلام: " أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين " (الصافات - 125)
ويمكن أن نلمس هنا قبسا آخر من اعجاز القرآن الكريم فى اختياره لصفة (أحسن الخالقين) على وجه الخصوص فى معرض المقابلة بين البعل من جهة، والله عز وجل من جهة أخرى، ذلك أن البعل كما قلنا كان يعد عند من عبدوه اله الخصب والنماء وهما من مقومات الخلق الحسن، ومن هنا ناسب ذكر الله عز وجل بصفته (أحسن الخالقين) لتمام المقابلة وابرازها فى أقوى صورة
ونعود الى اسم بكة فنقول:
على ضوء ما سلف ذكره من معطيات تاريخية وقياسا على أصل اسم مدينة بعلبك فانه يمكن لنا أن نستنبط كذلك أن مكة المكرمة انما كان اسمها القديم (بكة) لوجود البيت المحرم فيها، وأنه لذلك سميت البلدة كلها على اسم البيت مثلما سميت مدينة بعلبك كلها باسم بيتها المقدس (بعل - بك)
وهنا يتبدى لنا وجه الاعجاز القرآنى حين قرن بين اسم (بكة) وبين (أول بيت) من حيث أن لفظ (أول) يشير بطرف خفى الى الناحية التاريخية لأصل لفظ (بيت) والذى عرفنا الآن أنه كان ينطق (بك) فى اللسان السامى القديم الذى هو أصل اللسان العربى الفصيح
ومن هنا ندرك تمام المناسبة بين لفظ (بكة) وتعبير (أول بيت) فى آية آل عمران حيث لفظ (بيت) هنا يعنى (بيت عبادة) تحديدا وهو نفس ما يعنيه لفظ (بك) السامى القديم))
كان هذا ما وجدته، وهو لا يبعد عما ذكرته الا فى أمور يسيرة مع بعض الاضافات الأخرى
ولكن يبقى اعجاز آخر فى هذا الاسم يتعلق بمقارنة الأديان، و هذا ما سوف أعرض له فى مداخلة قادمة ان شاء الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[23 Jan 2010, 04:47 م]ـ
على الرابط التالى:
http://tafsir.org/vb/showpost.php?p=94680&postcount=1
تجدون فقرة بعنوان (الابدال) تتعرض لتفسير الاسم (بكة)، أدعوكم لقراءتها ومن ثم يمكن بعد ذلك أن نبدأ بمناقشة التفسير الوارد فيها والذى يعزى الاسم (بكة) الى (البك) بمعنى الزحام
فهل هذا التفسير له شواهد قديمة من لسان العرب ومن أشعارهم؟
أم أن تلك الشواهد مستحدثة وجاءت بعد نزول الآية لا قبل نزولها؟
هذا ما يمكن أن نتناقش فيه، والله الموفق
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[23 Jan 2010, 07:33 م]ـ
ولكن يبقى اعجاز آخر فى هذا الاسم يتعلق بمقارنة الأديان، و هذا ما سوف أعرض له فى مداخلة قادمة ان شاء الله
اسم (بكة) فى الزبور
مما يدل على قدم اسم (بكة) أننا نجدها مذكورة بالاسم فى زبور داود عليه السلام والذى كان يعيش قبل ميلاد المسيح عليه السلام بنحو ألف سنة تقريبا
ففى المزمور رقم 84 من مزامير داود نجد وصفا للحجيج فى رحلة الحج الى بكة (هكذا ورد اسمها ولا يزال باقيا الى اليوم فى المزامير)
ونجد الاسم واضحا فى كل ترجمات المزامير الى سائر اللغات، نجده كما هو ولا يتغير مطلقا مما يدل على أنه اسم علم لمكان معروف
ففى الترجمة الانجليزية مثلا نجد التالى:
( Blessed are they that dwell in thy house. they will be still praising thee, blessed is the man whose strength is in thee, in whose heart are ways of them who passing through the valley of Baca make it awell, The rain also filleth the pools, they go from strength to strength, every one of them in Zion appeareth before God)
وتلك هى ترجمته:
طوبى للساكنين في بيتك أبدا يسبحونك، طوبى لأناس عزهم بك، طرق بيتك في قلوبهم. عابرين فى واد بكة يصيرونه ينبوعا المطر، أيضا يغطيه بالبركات. يذهبون من قوة إلي قوة، يرون قدام الله في الأرض المقدسة لله
هذا ما نجده فى مختلف الترجمات، لكن الترجمة العربية للأسف قد انحرفت باللفظ الى (وادى البكاء) بدلا من (وادى بكة) مع أنه اسم علم كما قلنا ولا يجوز التصرف فيه!!
ولكن لا عجب فى قوم هذا دأبهم، ألم يقل الله تعالى فيهم: " يحرفون الكلم عن مواضعه "؟!!
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[24 Jan 2010, 08:45 م]ـ
حياكم الله
لي رأي قد يختلف عن الآراء التي عرضها أخوتي الأفاضل.
في كلام العرب الحي ما يغني عن الألسنة البائدة.
ولا دلالة في أن (بعل بك) [وهي تكتب وتنطق ممزوجة] تعني مدينة بعل، وذلك لأن اللغات السامية لا تختلف عن العربية في الإضافة؛ فلو كانت بعلبك تعني بلد بعل، لكانت ترجمتها المباشرة: (بعل بلد)، ولا داعيَ لتغيير التركيب؛ لأنها كلها ساميات.
وهل ثم دليل على أن إلياس إرسل إلى أهل بعلبك، وهل بعل كان فيها أم في مدينة صور الفينيقية؟.
وليس في كلام العرب ما يدل على أن لفظ بكة تعني: البلد .. بحسب المعجمات العربية والتفاسير، ولم نسمع أن العرب حتى الآن تقول: كلمة (بك) لبلد أو قرية أو مدينة ونحوها. ولم ترد (بكة) في كتب المعرَّب الواقع في القرآن.
خلاصة ما نقله ابن جرير وغيره أن (بكة) هي المسجد وأن (مكة) هي البيوت المحيطة بها. وأن بكة (البقعة) سميت بذلك لأنها موطن ازحام الناس ومطافهم وتصادمهم.
وذكرُ (بكة) في آل عمران دون (مكة) فيه دلالة على أن الكلام عن البقعة التي هي أصل المسجد، وذكر مكة بالميم في الفتح لأن الكلام على سكان بطن مكة (قريش) المظفور بهم المكفوف عنهم.
ولو قال في آل عمران: (مكة) لكان جعل البيت في غير محله أو فيما هو أكثر من محله؛ بدليل أن مكة مساجد أخرى غير المسجد الحرام، ولو قال في الفتح: (بكة) لجعل قريشاً في موضع البيت، وليس ذلك هو المقصود حتماً!. ومن هنا كانت الدقة.
والكلام عن أولية البيت الحرام الذي وضع للناس في (بكة) متأت من الآية بكمالها، وليس من اللفظ وحده؛ أنه لفظ قديم .. فهو قديم على كل حال.
وأورد ابن جرير أيضاً أن العرب كانوا يسمون المزدحم بكة.
وأما حمل باء بكة أو ميم مكة على أن إحداهما مبدلة من الأخرى فلا حجة فيه، لأنهما كلاهما وردا في القرآن؛ فأيهما مبدلة من الأخرى؟.
والله أعلم.
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[24 Jan 2010, 09:33 م]ـ
لو تأذنون لي وإن تأخرت في المشاركة ..
لعل بكة أوسع من مكة؛ لذلك وضع أول بيت للناس في بكة. وحوله كانت مكة، دل عليه قوله تعالى: (إن أول بيت وضع للناس ببكة) وقوله: (ببطن مكة).
لكني لم أستخرج معنى الاسمين حتى كتابة هذه المشاركة ولعلها بعيدة عن معنى (بعل) لاختلاف الجذر.
تشترك (مكة) و (بكة) بالكاف المضعفة، فجذرهما (ب ك ك) و (م ك ك).
وإن نفكر قليلا في المعنى أبذل وسعي الآن:
كأن البكّ من الشق المفلطح المستوي.
و المكّ من الغطاء المستوي في الأفق.
فبكة هي الأرض ومكة هي سماء بكة المعمورة بالسكان .. والله أعلم
وشكر الله لكم إفادتكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[24 Jan 2010, 10:05 م]ـ
أخبار أبي القاسم الزجاجي:
"وفي اشتقاق مكة قولان، قال بعضهم: هو من قولك أمتك الصيف ما في خلف الناقة من اللبن: إذا شربه اجمع كأنها تجذب الناس إليها من جميع الآفاق. وقال آخرون أصلها بكّة والميم مبدلة من الباء كما قيل سمد رأسه وسبده إذا استأصل شعره. وسميت بذلك لأنها تبكّ أعناق الجبابرة أي تدقها. وقال بعضهم: سميت بذلك لأن الناس يتباكون فيها أي يتزاحمون."
الروض المعطار في أخبار الأقطار للحميري:
"بكة:
هو اسم من أسماء مكة شرفها الله تعالى تبدل الميم من الباء، قال تعالى: "إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة". قيل سميت بذلك لأنها تبك أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئا، وقيل بكة اسم لبطن مكة لأنهم كانوا يتباكون فيها أي يزدحمون، وقيل بكة موضع البيت ومكة ما حواليه، وقيل بكة ما ولي البيت ومكة ما حواليه، والذي عليه أهل اللغة
أن بكة ومكة شيء واحد.
السيرة النبوية لابن هشام:
"بكة لغة
قال بن هشام أخبرني أبو عبيدة
أن بكة أسم لبطن مكة لأنهم يتباكون فيها أي يزدحمون وأنشدني:
إذا الشريب أخذته أكه فخله حتى يبك بكة
أي فدعه حتى يبك إبله أي يخليها إلى الماء فتزدحم عليه وهو موضع البيت والمسجد وهذان البيتان لعامان بن كعب بن عمرو بن سعد بن زيد مناة بن تميم."
المستطرف:
"ومما جاء في صلة الرحم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلة الرحم منهاة للولد مثراة للمال"، وقيل: وجد حجر حين حفر إبراهيم الخليل عليه السلام أساس البيت، مكتوب عليه بالعبرانية، أنا الله ذو بكة خلقت الرحم وشققت لها أسماً من أسمائي، فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته أي قطعته."
وفي نهاية الأرب:
"وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وجد في المقام كتاب فيه هذا بيت الله الحرام بمكة، توكل الله برزق أهله من ثلاث سبل، مبارك لأهله في اللحم واللبن ووجد في حجر في الحجر كتاب من خلقة الحجر أنا الله ذو بكة الحرم صغتها يوم صغت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها مبارك لأهلها في اللحم والماء.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما هدموا البيت وبلغوا أساس إبراهيم عليه السلام وجدوا في حجر من الأساس كتاباً، فدعوا له رجلا من أهل اليمن، وآخر من الرهبان، فإذا فيه: أنا الله ذو بكة حرمتها يوم خلقت السماوات والأرض والشمس والقمر ويوم صغت هذين الجبلين وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها مبارك لأهلها في الماء واللبن.
وعن مجاهد رضي الله عنه قال: وجد في بعض الزبور أما الله ذو بكة جعلتها بين هذين الجبلين وصغتها يوم صغت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء وجعلت رزق أهلها من ثلاث سبل فليس يوتا أهل مكة إلا من ثلاثة طرق أعلى الوادي وأسفله وكدى وباركت لأهلها في اللحم والماء.
أسماء الكعبة ومكة
عن ابن أبي نجيح قال: إنما سميت الكعبة لأنها مكعبة على خلقة الكعب. قال: وكان الناس يبنون بيوتهم مدورة تعظيم للكعبة. فأول من بنى بيتاً مربعاً حميد بن زهير، فقالت قريش: ربع حميد بن زهير بيتاً، إما حياتاً إما موتاً.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: إنما سميت بكة لأنه يجتمع فيها الرجال والنساء جميعاً. وقالوا: بكة موضع البيت، ومكة القرية.
وقال ابن أبي أنيسة: بكة موضع البيت، ومكة هو الحرم كله.
وكان ابن جريح يقول: إنما سميت بكة لتباك الناس بأقدامهم قدام الكعبة.
ويقال: إنما سميت بكة لأنها تبك أعناق الجبابرة."
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[24 Jan 2010, 11:52 م]ـ
الأخوة الكرام،
1. بما أن أهل التفسير أكثروا من قول قيل وقيل فإن ذلك يدل على أنهم يقدِّمون فرضيات في تفسير الاسم بكة. ونحن بدورنا نقدم محاولات تستند إلى أدلة.
2. إذا كان الاسم مغرق في القدم فليس بالضرورة أن نجد له استعمالاً في العربية.
3. ما قاله الأخ عصام في اللغات السامية نقبله منه إذا كان جازماً بالمعلومة. ولكن إذا علمنا أن بعل أيضاً بمعنى سيد فيصح أن يكون المعنى (سيد بلد).
4. الإله بعل كان معبود لأكثر من أمة منها: (الكنعانيون، الفنيقنيون، الإسرائيليون) وإلياس عليه السلام جاء لبني إسرائيل، ويدعونه إيليّا.
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[24 Jan 2010, 11:56 م]ـ
حياكم الله
(يُتْبَعُ)
(/)
لي رأي قد يختلف عن الآراء التي عرضها أخوتي الأفاضل.
في كلام العرب الحي ما يغني عن الألسنة البائدة.
ولا دلالة في أن (بعل بك) [وهي تكتب وتنطق ممزوجة] تعني مدينة بعل، وذلك لأن اللغات السامية لا تختلف عن العربية في الإضافة؛ فلو كانت بعلبك تعني بلد بعل، لكانت ترجمتها المباشرة: (بعل بلد)، ولا داعيَ لتغيير التركيب؛ لأنها كلها ساميات.
وهل ثم دليل على أن إلياس إرسل إلى أهل بعلبك، وهل بعل كان فيها أم في مدينة صور الفينيقية؟.
وليس في كلام العرب ما يدل على أن لفظ بكة تعني: البلد .. بحسب المعجمات العربية والتفاسير، ولم نسمع أن العرب حتى الآن تقول: كلمة (بك) لبلد أو قرية أو مدينة ونحوها. ولم ترد (بكة) في كتب المعرَّب الواقع في القرآن.
خلاصة ما نقله ابن جرير وغيره أن (بكة) هي المسجد وأن (مكة) هي البيوت المحيطة بها. وأن بكة (البقعة) سميت بذلك لأنها موطن ازحام الناس ومطافهم وتصادمهم.
وذكرُ (بكة) في آل عمران دون (مكة) فيه دلالة على أن الكلام عن البقعة التي هي أصل المسجد، وذكر مكة بالميم في الفتح لأن الكلام على سكان بطن مكة (قريش) المظفور بهم المكفوف عنهم.
ولو قال في آل عمران: (مكة) لكان جعل البيت في غير محله أو فيما هو أكثر من محله؛ بدليل أن مكة مساجد أخرى غير المسجد الحرام، ولو قال في الفتح: (بكة) لجعل قريشاً في موضع البيت، وليس ذلك هو المقصود حتماً!. ومن هنا كانت الدقة.
والكلام عن أولية البيت الحرام الذي وضع للناس في (بكة) متأت من الآية بكمالها، وليس من اللفظ وحده؛ أنه لفظ قديم .. فهو قديم على كل حال.
وأورد ابن جرير أيضاً أن العرب كانوا يسمون المزدحم بكة.
وأما حمل باء بكة أو ميم مكة على أن إحداهما مبدلة من الأخرى فلا حجة فيه، لأنهما كلاهما وردا في القرآن؛ فأيهما مبدلة من الأخرى؟.
والله أعلم.
بارك الله فيك شيخ عصام ,,,,
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[25 Jan 2010, 01:52 ص]ـ
...
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[25 Jan 2010, 02:24 ص]ـ
3. ما قاله الأخ عصام في اللغات السامية نقبله منه إذا كان جازماً بالمعلومة. ولكن إذا علمنا أن بعل أيضاً بمعنى سيد فيصح أن يكون المعنى (سيد بلد)
تقديم المضاف على المضاف إليه من سمات الساميات كما أن العكس من سمات الهندوأوربيات ..
ولإبعاد أن (بكّ) تعني بلد في مقابل أن (بكة) تعني بلدة = نرى ما يأتي.
في معجم البلدان لياقوت 1/ 455 أن مدينة بعلبك بناها اليونان وجعلوا فيها هيكلاً عظيماً يعظمون فيه صنماً عظيماً عندهم (بعل).
وفي معجم الحضارات السامية لهنزي س عبودي ص 229 وما بعدها، أن بعلاً اسم مشترك للإله في السامية القديمة .. وأن هناك ملوكاً في الشام كانوا يتسمون باسم بعل، ومنهم بعل الأول ت669ق م، وبعل اوتسور ت919ق م الذي عاصر النبيء سليمان عليه السلام، وغيرهما كثيرون.
وذكر المعجم، وهذا الأهم، أن بعلبك تعني في الأصل (بعل البقاع): ( baal bekaa)، وهذا يبين أن الكلمة الحالية مأخوذة من أصل آخر، واشتهرت على ذلك منذ القديم.
وجاءت في شعر عمرو بن كلثوم:
وكأس قد شربت ببعلبكٍّ ..
وهي تدخل عند النحويين في باب الأسماء المركبة تركيب مزج لفظاً وخطاً كحضرموت ومعديكرب وسيبويه .. ولا يشيرون إلى أنها معرّبة .. ولا كذلك (بكة) .. فهي معلومة الأصل ..
والغريب أن أن الفيروزآبادي في القاموس أحال بعلبك من (بعل) إلى (بكك) ثم أضرب عنها صفحاً ..
وأشار الأزهري في التهذيب إلى أنهما اسمان جُعلا اسماً واحداً لمدينة بالشام، والنسبة إليها بعلي أو بكّي.
وحكى ابن جرير وأبو حيان ما يعزز أن ملوك الشام في عهد النبيء إلياس عليه السلام كانوا يعبدون الأوثان (البعول) آلهةً من دون الله، وأن قومه من بني إسرائيل قد دعوا منها بعلاً وعبدوه من دون الله .. فدعاهم نبيئهم إلياس إلى عبادة الله تعالى وحده وهو أحسن الخالقين إلخ.
وحكيا أن (بعل) لغة يمانية تعني رباً، والعلاقة اللغوية بين اليمن والشام قديمة مشهورة.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[26 Jan 2010, 12:32 ص]ـ
حياكم الله
لي رأي قد يختلف عن الآراء التي عرضها أخوتي الأفاضل.
في كلام العرب الحي ما يغني عن الألسنة البائدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا دلالة في أن (بعل بك) [وهي تكتب وتنطق ممزوجة] تعني مدينة بعل، وذلك لأن اللغات السامية لا تختلف عن العربية في الإضافة؛ فلو كانت بعلبك تعني بلد بعل، لكانت ترجمتها المباشرة: (بعل بلد)، ولا داعيَ لتغيير التركيب؛ لأنها كلها ساميات.
وهل ثم دليل على أن إلياس إرسل إلى أهل بعلبك، وهل بعل كان فيها أم في مدينة صور الفينيقية؟.
وليس في كلام العرب ما يدل على أن لفظ بكة تعني: البلد .. بحسب المعجمات العربية والتفاسير،
الأخ الكريم عصام
حياك الله وجزاك خيرا على مداخلتك ونقاشك المفصل
ولكن اسمح لى بابداء الملاحظات التالية:
ما ذكرته أنا مفاده أن (بك) بمعنى (بيت) وليس بمعنى (بلدة)
وقد استندت فى قولى هذا الى بعض أقوال الباحثين المعاصرين ولم أت به من فراغ
واليك كمثال ما جاء فى كتاب (النبى ابراهيم عليه السلام والتاريخ المجهول) حيث قال مؤلفه فى معرض تحليله لاسم (المقة) الى (ال - مكة) أى اله مكة أو رب البيت، قال ما يلى:
((فيما يبدو كانت كلمة (مك) أو (بك) تعنى البيت، أو ربما (البيت المقدس) فى اللسان السامى، ومثال لذلك معبد (بعلبك) فى لبنان، والكلمة (بعل - بك) تعنى بيت البعل. . . وعادة ما تواتر فى تاريخ العبادات القديمة اطلاق اسم بيت الرب على محيطه بالكامل، وهو ما حدث فى حالة بعلبك))
وهو يريد بذلك أن يقول أن مكة تعنى بيت الله، كما انه يرى أن التاء المربوطة فى نهاية كلمة (مكة) هى تاء التأنيث، وذلك للدلالة على أنها تشير الى بقعة من الأرض، وبذلك يكون معنى مكة: مكان البيت، وهو ما يتفق مع قوله تعالى: " واذ بوأنا لابراهيم مكان البيت "
وقد رأيت أن ما ذكره الكاتب ينسحب كذلك على لفظة (بكة) رغم أنه لم يصرح بذلك، حيث كان تركيزه ينصب على لفظة (مكة)
أما ما ذكرته أنت عن مسألة المضاف والمضاف اليه فى اللغات السامية فهذا صحيح بوجه عام ولكنه غير مطرد فى كل الأحوال، ومن الأمثلة على ذلك ما جاء فى (قاموس الكتاب المقدس: مادة بعل ص 183) من أن:
((بعل جاد: اسم عبرى معناه " معسكر البعل "، وكان بعل جاد منتهى فتوحات يشوع شمالا ... ))
فهنا نجد أن ترتيب المضاف اليه قد خرج عن القاعدة العامة المعروفة، فما الذى يمنع أن تكون بعلبك من هذا القبيل فيكون معناها: بيت البعل (بمعنى معبده)
وحتى اذا سلمت معك بأن القاعدة مطردة ولا تتخلف فلا تنسى أخى الكريم أن كلمة بعل فى اللغات السامية تأتى كثيرا بمعنى رب أو سيد، وعلى ذلك فمن المحتمل جدا أن يكون معنى بعلبك هو: رب البيت
أما عن الياس عليه السلام فانه رسالته كانت الى مملكة اسرائيل الشمالية، وكانوا فى هذا الوقت يعبدون البعل، وكلامى السابق لا يستفاد منه أن الياس أرسل الى أهل بعلبك، ولم تكن عبادة البعل قاصرة على بعلبك أو مدينة صور فحسب، بل كانت منتشرة فى بقاع عديدة فى العصور القديمة
وأخيرا فان ما ذكرته عن الأصل العربى لكلمة (بكة) أجد أن فيه نظر، لأن اللغويين وأصحاب المعاجم لم يتفقوا على معنى واحد يردون اليه هذه الكلمة، مما يعنى أنها مجرد اجتهادات وافتراضات من بنات أفكارهم كما ألمح الى ذلك بحق أخى البيراوى، فأنت تجد أن بعضهم قد أرجع معنى هذه اللفظة الى الزحام، بينما أرجعها بعضهم الى غير ذلك من المعانى، كما أنهم لم يأتوا بشواهد قوية تدعم ما ذهبوا اليه
وعن نفسى فانى لا أقطع بأن لفظة (بك) تعنى بيت، ولكنى فى نفس الوقت لا أرتاح الى التفسيرات التى قدمها المعجميون العرب للأسباب السابق ذكرها توا
والذى أرجحه أن تكون لهذه اللفظة أصل سامى قديم نظرا لوجودها فى الألسن الأخرى بخلاف العربية
وفى الختام أقول: أرجو منك ومن باقى الأخوة الكرام أن تعطوا اهتماما أكثر لما ذكرته عن ورود اسم بكة فى الزبور، لأن من الممكن أن يقودنا ذلك الى المعنى الحقيقى لاسم بكة من خلال تتبع تعليقات مفسرى وشراح العهد القديم على هذا الاسم، وهذا ما سوف أعرض له فى مداخلة قادمة ان شاء الله
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[26 Jan 2010, 12:51 ص]ـ
شكر الله لكم
إن الأصل الذي ينبغي الخروج منه لمعرفة معاني الألفاظ في نصوص الوحي، والذي ينبغي أن يعض عليه بالنواجذ .. هو أن كل ألفاظ الوحي بلسان عربي مبين.
من هذا الأصل ينبغي الأخذ بأن الترادف لا يقع في لفظ ولفظ، إذ لا ترادف بين الألفاظ، ولكن لفظ وسياق، وسياق وسياق.
والله أعلم
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[26 Jan 2010, 12:52 ص]ـ
الروض المعطار في أخبار الأقطار للحميري:
"بكة:. . . قيل سميت بذلك لأنها تبك أعناق الجبابرة إذا أحدثوا فيها شيئا، وقيل بكة اسم لبطن مكة لأنهم كانوا يتباكون فيها أي يزدحمون، وقيل بكة موضع البيت ومكة ما حواليه، وقيل بكة ما ولي البيت ومكة ما حواليه، والذي عليه أهل اللغة أن بكة ومكة شيء واحد.
وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: إنما سميت بكة لأنه يجتمع فيها الرجال والنساء جميعاً. وقالوا: بكة موضع البيت، ومكة القرية.
وقال ابن أبي أنيسة: بكة موضع البيت، ومكة هو الحرم كله.
وكان ابن جريح يقول: إنما سميت بكة لتباك الناس بأقدامهم قدام الكعبة.
ويقال: إنما سميت بكة لأنها تبك أعناق الجبابرة."
وهكذا ترى أخى الكريم أنه ما أكثر ما قيل فى تفسير هذا الاسم الكريم
ويحار المرء: أى تلك الأقوال هو الصحيح؟
فلا يوجد من بينها شىء مؤكد تركن اليه النفس ويستريح اليه الفهم
شكر الله لك مداخلتك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[26 Jan 2010, 01:07 ص]ـ
كأن البكّ من الشق المفلطح المستوي.
و المكّ من الغطاء المستوي في الأفق.
فبكة هي الأرض ومكة هي سماء بكة المعمورة بالسكان .. والله أعلم
وشكر الله لكم إفادتكم
الأخت الكريمة
أشكرك على اجتهادك هذا
ولكن معذرة، لا أستطيع أن أقرك عليه
أما قولك:
إن الأصل الذي ينبغي الخروج منه لمعرفة معاني الألفاظ في نصوص الوحي، والذي ينبغي أن يعض عليه بالنواجذ .. هو أن كل ألفاظ الوحي بلسان عربي مبين
فهذا حق، ولكن اللسان العربى المبين لم يك بمعزل عن باقى الألسنة، فانه قد أخذ عنها، كما أخذت هى عنه، فالألسنة تتفاعل مع بعضها البعض، والأمثلة تند عن الحصر
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[26 Jan 2010, 01:14 ص]ـ
الأخوة الكرام،
1. بما أن أهل التفسير أكثروا من قول قيل وقيل فإن ذلك يدل على أنهم يقدِّمون فرضيات في تفسير الاسم بكة. ونحن بدورنا نقدم محاولات تستند إلى أدلة ..
.
بارك الله فيك أخى البيراوى
بالصواب نطقت
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[26 Jan 2010, 01:29 ص]ـ
بكة ومكة:
اللغة العربية هي أعظم لغة نطقها الإنسان , ففيها الرمز الصوتي (اسم الحرف) له معنى , بل إن موضع الحرف من الكلمة يعطي معنى مختلفا. فإذا كان في أول الكلمة فإن له معنى يختلف عما إذا كان في آخر الكلمة.
فالرمز الصوتي لحرف (الباء) يدل على البداية (لعمل او خلق او بناء لم يكن موجودا من قبل).
ومن هنا نستطيع ان نفهم لماذا قال الله (بكة) ولم يقل (مكة) في الآية 96 آل عمران:
(إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للمسلمين).
لأن الآية تتحدث عن أول بيت وضع للناس على هذه الأرض , وهذا يتفق مع معنى حرف الباء في بداية الكلمة: رمز البداية.
وقد ورد لفظ (مكة) في الآية 24 سورة الفتح (وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا)
إن معنى اللفظ (مكة) وقد بدأت الكلمة بحرف (الميم) وليس حرف الباء هو الثبات والمكث والبقاء الطويل. أي أنه قد بني ليدوم ويمكث طويلا حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
(التفسير العلمي لحروف أوائل سور القرآن الكريم – تحية عبد العزيز – القاهرة 1990)
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[26 Jan 2010, 01:59 ص]ـ
يا أخي جزاك الله خيرا
لا يمكن أن نرجع للتفكير أين يكون موقفنا من لغة النص من الوحي، وقد ثبت أنه لسان عربي مبين، وقد ذم الله الذين يلحدون للسان أعجمي فقال: (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين).
إذن هو لسان عربي مبين هو موقفنا الأوحد.
إن دعوى أن اللغة العربية أخذت من ألسن ليست عربية وتفاعلت معها، لا يصح. بل الذي يصح هو تحكيم كل لغة إلى جذورها العربية فإن وافقتها أقرت على اشتقاقاتها إذا استقر لها الاشتقاق في المعنى. وإن لم توافق جذورها فهي لغة أعجمية.
لذلك لو رجعنا مثلا للفظين (بكة) و (مكة):
سنلاحظ أن (بكة) جاءت في سياق البناء في موضع لم يسكن من قبل، ومعلوم أن الآدميين لا يسكنون أرضا غير مبسوطة. كما أشار الأخ عبدالله جلغوم في نقولاته ومشاركته. جزاه الله خيرا.
وسياق الآية: (ببطن مكة) فيه مفاد الاحتواء من الجهات الست: من الأمام والخلف واليمين والشمال والأعلى والأسفل .. ودل أن المك هو الغطاء الأفقي من الأعلى لفظ (ببطن).
ولكن العهد بهما للبلد الطيب، من غير (ال) التعريفية، يجعلني أظن أنه لا يوجد بقعة تشبه بكة في وسطها مكة، إلا البلد الطيب على وجه البسيطة. والله أعلم
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[26 Jan 2010, 12:21 م]ـ
شيخنا الفاضل العليمي المصري
أشكر لك اهتمامك بما كتبت ونقاشه العلمي الوقور.
سأناقش مسألتين قبل أن تسترسل في عرض الأدلة من الزبور، ومن غيره من الكتب الحديثة التي تنهج في بحثها اللغوي نهج علم اللغة المقارن الحديث.
والمسألتان هما:
1) الاحتجاج بالساميات غير العربية على اللسان العربي (والوارد منه في القرآن على الأخص):
2) أصل كلمة (بكة) في اللسان العربي.
التفصيل:
1) الاحتجاج بالساميات غير العربية على اللسان العربي:
(يُتْبَعُ)
(/)
الألسنة السامية (العبرية السريانية) تعد من الألسنة الأعجمية، فلا يجوز الاحتجاج بها على لغة القرآن، لأسباب كثيرة، أهمها أنها ألسنة فسدت وانحلت عقدها وفارقت اللسان العربي منذ زمن بعيد (آلاف السنين). "ما لسان حمير وأقاصي اليمن بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا" ..
فكيف يحمل العربي في التأويل على الأعجمي؟ أو العكس؟، وكيف يكون في القرآن لفظ ليس هو من العربية المستعملة حين تنزله؟.
ثم إن اللغات سماعية نقلية في الأصل .. فلا يجوز فيها القول بلا نص مأثور.
والاستعاضة عنه بقول: "يمكن أن يكون" و"يمكن أن لا يكون" .. مثل استشهاد صاحب الكتاب المشار إليه، على أن (مكة) كانت (مقة) .. لا حجة فيه ولا هو مقنع؛ لأن الإمكان بلا دليل باب واسع متنوع الاحتمالات.
ثم هذه الطريقة في تحليل الألفاظ (لأدني شبه بين الحروف) التي دأب عليها المستشرقون تخالف فنون التصريف والإبدال في العربية، فلم نسمع أن ميم (مكة) كانت قبل باءً ولا أن كافها كانت قافاً! ..
والذي قال: إن (بكة) لغة في (مكة) فعليه الدليل [ولو كان مفسراً مشهوراً]؛ لأنها دعوى بلا برهان نقلي، ولا حجة في قول بعض المفسرين إنها لغة في مكة!، فمن قال إنها لغة؟، ولغة من هي؟ .. أليس هذا الحكم بتعدد اللغات في هذه المسألة دليلاً ضعيفاً في أحسن أحواله؟.
وهل عُهد أن يستعمل القرآن لغتين للفظ واحد في معنى واحد، كما يفعله المتشدق منا؛ أقصد من البشر؟ .. معاذ الله .. لا أراه إلا خطأً.
ولا ينقص هذا من قدر الدراسات اللغوية المقارنة كلها ولا من فوائدها الكثيرة ..
2) أصل كلمة (بكة) في اللسان العربي:
جاء في معجم المقاييس أن (بكك) أصل واحد يجمع: التزاحم والمغالبة.
وفي التهذيب والقاموس واللسان والتاج معان كلها تعد لوازم للمعني المشار إليه في معجم المقاييس .. وهذا لا يتناقض مع مستجدات الأيام ومكتشفات العلم .. فكيف تتعارض المعجمات في ذلك العرض؟.
المعجمات تورد للأصل معاني كثيرة ليست متعارضة .. ولكنها متلازمة راجعة إلى أصل معنوي واحد في الغالب .. وهذا اللفظ هنا من ذلك الغالب.
وذلك إذا أخذنا في الاعتبار طبيعة البقعة التي هي أصل المسجد الحرام، والتي بنيت عليها الكعبة التي جعلها الله قياما للناس ..
وقد روي الكثير عن تلك البقعة في التاريخ وفي السنة النبوية واكتشفت أمور أخرى في الحديث.
كانت الكعبة في الأصل خُشعة فوق الماء (منقول عن غريب الحديث) .. وهي أول جزيرة ظهرت فوق الماء .. وأن هذه البقعة هي وسط الكرة الأرضية، وأنها قلب اليابسة وبؤرتها ومركزها، وأن الانحراف المغناطيسي معدوم عند خط الطول المار عندها، وأن الكعبة موضوعة وضعاً موافقاً للاتجاهات الأربعة من انحراف، .. إلخ.
هذا ما جاء العلم الحديث ليكشف عنه (نقلته نقلاً مختصراً عن د زغلول النجار / تفسير الآيات الكونية 1/ 149 وما بعدها) ..
وقال بأن هذه الاكتشافات وقف عليها علماء مسلمون ذكرهم، وذكر أدلة شرعية وعلمية مفيدة في تصور هذه المسألة، منها الآيات التي تذكر (أمّ القرى)!.
ونقل عن علماء من الشرق والغرب مسلمين وغير مسلمين ما فهمتُ منه أن الازدحام حول الكعبة هو أعظم ازدحام بشري على بقعة من الأرض تعرف في الدنيا ..
فكيف إذا عرفت أن الملائكة هناك أيضاً مع ملائكة البيت المعمور المسامت للكعبة .. والذي جاء فيه أن في كل سماء بيتا يحاذي الكعبة وكل منها معمور بالملائكة.
وقد أقول أيضاً بناء على ذلك:
الباء في (بكة) لأنها شديدة مجهورة أقوى وأصلب من الميم في (مكة)، وهذا والله أعلم لأن (بكة) هي مركز (مكة) وبؤرتها ومن طبيعة كتلة المركز أن تكون أقوى وأصلب مما سواها؛ حتى تجتذب إليها ما حولها، .....
وهذا يجعلنا نفكر في أن مخالفة الحرفين في الكلمتين هو تخالف معنوي وليس لفظيا فقط .. وليس لأنهما لغتان.
وجاء في سيرة ابن هشام أن قريشاً حين هدمت البيت وجدت في أصله (مكان البيت) حجارة لم تكن رأت مثلها من قبل ولا كان لهم قبل بإزالتها كأنياب الفيلة أو شيئاً نحوها.
وكان العرب يراعونها في (جغرافية) الجزيرة؛ فاليمن سميت كذلك لأنها عن يمين الكعبة، والشام لأنها يسارها (اليد اليسرى: الشؤمى) .. وهذا يعضد ما نقله د النجار.
ومن هذا سميت ريح الصَّبا التي تهب من المشرق: القبول؛ لأنها تقابل باب الكعبة، وهي ريح نصر، وضدها الدبور التي أهلكت عاداً.
والكعبة هي القبلة إليها تتجه الوجوه والقلوب في كل وقت، أليس هذا من الازدحام أيضاً.
والغائب عنا من حكمة الله أكثر مما أدركنا.
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[26 Jan 2010, 01:31 م]ـ
أخي عصام جزاك الله خيرا
لعل العبرانية كانت لغة أهل بابل وهي من جذور العربية ونزل فيها الوحي أول ما نزل على نبي بالعبرانية كانت على هاروت وماروت عليهما السلام ولعله نزل بها الوحي على غيرهما من الأنبياء مثل داود وسليمان عليهما السلام والله أعلم
لكن قد تكون دخلها لحن أو ألصق فيها عجمة ثم نسبت لليهود واحتكرت لهم. والصواب أنها من جذور عربية وباشتقاقات مستقرة في العربية والله أعلم
بينما ثم مسألة جديدة أضفت محورها أنت؛ وهي متى تبدل العرب النطق في الحروف للكلمة؟
فلعل الجواب: إن ثبت أن لفظ (بكة) رسم بالباء وقرئ في لسان من الأحرف السبعة بالميم فهو مما تقلبه العرب؛ مثل كلمة (الرجز) تقرأ في بعض الألسن (الرجس) بالسين. والله أعلم
ومما هو دارج في الألسن الآن؛ لسان الشام يقول بالعامية: كادر، يريد قادرا.
والحقيقة أن اللفظ يصح بالكاف وهو أبلغ في معهود الشام؛ لأن الشاميين يعتدون بالخبرة في ترشيحهم أنفسهم، فصارت القدرة للمؤهل الشخصي، والكاف أضافت الكادر في الخبرة العلمية.
ولم أصل حتى الآن للفظ الذي أدخل الكاف؛ غير أني قارنت اللفظين فظهر لي ما كتبته.
ويشبهه في لسان القصيم في نجد تسهيل الهمزة هاء، يقولون: هيت .. بمعنى إيت. ولعله مما درج في لسان أعراب مصر، لقول المرأة: (هيت) تعني: أتيت.
والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[26 Jan 2010, 05:46 م]ـ
الأخ الكريم عصام والأخوة الكرام،
1. نلاحظ في عالم أسماء الأعلام أن الكثير منها ليس له اشتقاق، والكثير منها لا يُعلم أصله. ولا شك أنه يُقدّم البحث في اللسان العربي أولاً.
2. حتى أسماء الأعلام الأعجمية تُعرّب، فاسم بكين مثلاً هو معرب بيجين عاصمة الصين، وينطبق هذا على كل أسماء الأعلام قديماً وحديثاً.
3. تفيد الدراسات الحديثة أن اللغة العربية هي اللغة الأقرب إلى السامية الأم. وهناك ألفاظ عربية في المعلقات اندثرت ولم تعد مستخدمة. وحتى جذر بكك الذي نجده في المعاجم لا نجد له اشتقاقاً في استخدام العرب منذ الإسلام حتى اليوم. (لم نقصد هنا النفي المطلق وإنما لم نصادف هذا الجذر في دراساتنا الإسلامية إلا عند بحث معنى بكة).
4. اسم جبريل وميكائيل وإسرافيل وإبليس ويأجوج ومأجوج هل هي عربية؟. وما الداعي أن تكون؟! وإبليس مثلاً يطلق عليه هذا الاسم قبل خلق آدم. والصحف العربية التي تكتب اسم بوش ونتنياهو لا تخرج عن كونها عربية حتى تشتق من هذه الأسماء أو تستخدم أفعالاً غير عربية ... ألخ.
5. إجماع العلماء على أن البيت المذكور في قوله تعالى:"إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً" هو الكعبة جعلنا نميل، وعدد غير قليل من المفسرين، إلى القول إن بكة هي مكة، وأن القلب ممكن، ومن هنا تجد بعض المفسرين يقدم مثلاً على القلب مثل كلمة لازب التي أصبحت في النطق العربي لازم، مع إقرارنا بزيادة معنى في لازب.
6. اضطراب المفسرين في كلمة بكة يفتح الباب لوضع الفرضيات في اسم لا يترتب عليه حكماً شرعياً. وكذلك نجد اضطراباً عند من يكتب في اللغات القديمة، فكلمة إسرائيل مثلاً اختلف في معناها، وكذلك بعلبك .... ألخ.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[26 Jan 2010, 10:59 م]ـ
بكة ومكة:
(التفسير العلمي لحروف أوائل سور القرآن الكريم – تحية عبد العزيز – القاهرة 1990)
سعيد بمشاركتك لنا فى النقاش الدائر أخى الأستاذ جلغوم
أما عن الكتاب المشار اليه فقد قرأته فور صدوره (سنة 1990) نظرا لاهتمامى الشديد بموضوع الحروف المقطعة منذ ذلك التاريخ والى أن وفقنى الله تعالى بكرمه البالغ وفضله العظيم الى اماطة اللثام عن معانيها بعد بحث استمر قرابة تسعة عشر عاما
وأرى أن الكتاب الذى أقتبست منه أخى الكريم جاء عنوانه أوسع كثيرا من مضمونه، اذ أجد أن تفسيرات المؤلفة هى أقرب الى التأملات منها الى التفسير العلمى الذى يدعيه العنوان
والناظر فى تعليلها لاسمى: بكة ومكة تبدو له بوضوح هذه النزعة التأملية التى لا ترقى الى التفسير العلمى بمعناه الصحيح، وان لم يخل الكتاب اجمالا من فوائد
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[26 Jan 2010, 11:06 م]ـ
أخى الكريم عصام
أوافقك فى كثير مما ذكرته، بل فى أكثره وبارك الله فيك
أما القليل الذى أخالفك فيه فمنه قولك:
وكيف يكون في القرآن لفظ ليس هو من العربية المستعملة حين تنزله؟.
وأقول:
بل توجد فى القرآن الكريم ألفاظ لم تكن من العربية المستعملة وقت نزوله، مع أنها ألفاظ عربية الاشتقاق
ومن ذلك مثلا لفظتى: الصراط و القسطاس، فهما باجماع علماء العربية الكبار من محدثات القرآن التى لم يستعملها العرب من قبل
بل ان القرآن الكريم قد انفرد بذكر ألفاظ ومصطلحات جديدة خاصة به ولم تكن تجرى على ألسنة العرب من قبل، ومن ذلك مثلا لفظ (النفاق) بجميع مشتقاته: منافقون - منافقات. . . الخ
هذا الكلام لا أقوله من تلقاء نفسى، بل انه كلام علماء كبار فى اللغة من طبقة الأستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين، واللغوى الكبير العلامة رؤوف أبو سعدة وغيرهما
أما الأمر الثانى الذى أخالفك فيه فهو اختيارك لمعنى (الزحام) لتفسر به مادة (ب ك ك) والزعم بأن هذا المعنى عليه اجماع من المعجميين العرب
فدعوى الاجماع التام مرفوضة ابتداءا
ثم هل قدم هؤلاء شواهد على صحة هذا المعنى من الشعر العربى القديم السابق على نزول القرآن؟
ثم اننى اتساءل متعجبا: عن أى زحام يتحدثون؟!
وهل كان المسجد الحرام يشهد فى العصور الغابرة البعيدة مثل هذا الزحام الذى يشهده اليوم؟!
هل كان مزدحما الى هذا الحد يوم أن أطلقوا على بقعته الشريفة اسم بكة؟ ولا شك أنه كان يوما بعيدا جدا وضارب فى القدم
على أية حال لقد سررت بالحوار معك أخى عصام، وشاكر لك تجاوبك وأسلوبك المتحضر الراقى فى النقاش
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[26 Jan 2010, 11:53 م]ـ
لعل كلام الأخ العليمي المصري له وجهه من حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم فضل على سائر الأنبياء عليهم السلام بزيادة في الوحي، فآدم عليه السلام علمه الله الأسماء كلها.
فلعل الإضافة التي أضيفت مما فضل فيه محمد صلى الله عليه وسلم ليست من جذر واحد، لأن النص أن آدم علمه الله الأسماء كلها (وعلم آدم الأسماء كلها).
ولكن لعلها في الأسماء المشتقة من فعلين مركبين، بجذر ثلاثي، كقوله تعالى: (وقب) كأن جذره (و ق ب) ومعناه من فعلين: ورى؛ يعني توارى مختبئا، و (ق ب ب) بمعنى خرج منتشرا بعد لبده في ساسه مجتمعا.
فصار جذره مركبا من الجذرين (و ق ب). والله أعلم
لا أجزم أن (وقب) لم يستعمله غير محمد صلى الله عليه وسلم من الأنبياء عليهم السلام قبله. ولكنه مثال تقريبي للجذر المركب من جذرين باجتهادي الشخصي غير منقول. والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[27 Jan 2010, 01:19 ص]ـ
تنبيه مفيد للمفسرين
النبى ابراهيم عليه السلام والتاريخ المجهول
صاحبه سيد القمني، كتاب سيئ مليء بالمغالطات اللغوية والتاريخية والجغرافية (المفيدة)!.
وليس له نظير في سوء المأخذ والإفادة إلا كتاب فقه اللغة للويس عوض ..
خذ مثلاً تاريخياً منه باختصار رياضي، فهو يرى أن:
عاد = العماليق = جرهم = مهاجرو مصر إلى جزيرة العرب = المصريون = الفراعنة.
ويرى أن الكاسيين وهم كانوا إبراهيم = القيسيين وهم من ذرية عدنان الذي هو من ولد إبراهيم.
ويرى أن أم القرى تعني فيما تعني (أم الدنيا) يعني مصر!
ويرى أن اليمن الإيمان من جذر لغوي واحد.
وأن فلسطين في أصلها من (فلس) وهي مقلوب افلسات وطيّئ القبيلة القاطنة عند جبل أجا.
وأن الحور العين أصلهن من بلاد الحور في أرمينيا.
وأن هناك علاقة بين منف (مدينة فرعون) ومناف (عبدمناف جد النبيء محمد).
فاحرص على هذه الفوائد فإنها أنفس من!!! جائزة نوبل للتاريخ.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[27 Jan 2010, 01:20 ص]ـ
وأقول:
بل توجد فى القرآن الكريم ألفاظ لم تكن من العربية المستعملة وقت نزوله، مع أنها ألفاظ عربية الاشتقاق
ومن ذلك مثلا لفظتى: الصراط و القسطاس، فهما باجماع علماء العربية الكبار من محدثات القرآن التى لم يستعملها العرب من قبل
النابغة الذبياني:
النابِغَة الذُبياني
? - 18 ق. هـ / ? - 605 م
زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري، أبو أمامة.
شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، من أهل الحجاز، كانت تضرب له قبة من جلد أحمر بسوق عكاظ فتقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها. وكان الأعشى وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة.
كان حظياً عند النعمان بن المنذر، حتى شبب في قصيدة له بالمتجردة (زوجة النعمان) فغضب منه النعمان، ففر النابغة ووفد على الغسانيين بالشام، وغاب زمناً. ثم رضي عنه النعمان فعاد إليه.
شعره كثير وكان أحسن شعراء العرب ديباجة، لا تكلف في شعره ولا حشو. عاش عمراً طويلاً.
تَخِفُّ الأَرضُ إِن تَفقِدكَ يَوماً وَتَبقى ما بَقيتَ بِها ثَقيلا
لِأَنَّكَ مَوضِعُ القُسطاسِ مِنها فَتَمنَعُ جانِبَيها أَن تَميلا
عدي بن زيد
? - 36 ق. هـ / ? - 587 م
عدي بن زيد بن حمّاد بن زيد العبادي التميمي.
شاعر من دهاة الجاهليين، كان قروياً من أهل الحيرة، فصيحاً، يحسن العربية والفارسية، والرمي بالنشاب.
وهو أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى، الذي جعله ترجماناً بينه وبين العرب، فسكن المدائن ولما مات كسرى وولي الحكم هرمز أعلى شأنه ووجهه رسولاً إلى ملك الروم طيباريوس الثاني في القسطنطينية، فزار بلاد الشام، ثم تزوج هنداً بنت النعمان.
وشى به أعداء له إلى النعمان بما أوغر صدره فسجنه وقتله في سجنه بالحيرة.
أَبِلغا عامِراً وَأَبلِغ أَخاهُ أَنَّني موثَقٌ شَديدٌ وِثاقي
في حَديدِ القِسطاس يَرقُبُني الحا رِسُ وَالمَرءُ كُلَّ شَيءٍ يُلاقي
جاء في تهذيب اللغة:
" وقال الفراء: إذا كان بعد السين طاء أو قاف أو غين أو خاء فإن تلك السين تُقلب صاداً. قال: ونفر من بلعنبر يصيرون السين إذا كانت مقدَّمة ثم جاءت بعدها طاءٌ أو قاف أو غين أو خاء -صاداً. وذلك أن الطاء حرف تضع فيه لسانك في حنكك فينطبق به الصوت، فقُلبت السين صاداً صُورتها صورة الطاء، واستخفوها ليكون المخرج واحداً كما استخَفُّوا الإدغام؛ فمن ذلك قولهم: السِّراط والصِّراط، قال: وهي بالصاد لغة قريش الأولين التي جاء بها الكتاب؛ قال: وعامة العرب تجعلها سيناً."
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[27 Jan 2010, 02:43 ص]ـ
صاحبه سيد القمني.
أخى الكريم عصام
دعك من القائل وانظر فيما قال، أو بعبارة أخرى: لا تنظر الى من قال، بل انظر الى ما قيل
هذا هو المبدأ الذى يأخذ به القاضى العادل
وهذا هو أيضا ما فعلته
ولا تنس أخى الحديث الشريف عن النبى صلى الله عليه وسلم:
" ان الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " (رواه البخارى فى صحيحه)
ولا تنس كذلك أن " الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها "
وقد كان همى الأوحد أن أعثر على وجه الاعجاز فى اختيار القرآن لفظة (بكة) وأرجو أن تضع هذا فى اعتبارك قبل كل شىء
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هنا كان استشهادى بكلام الكاتب المذكور، فما يهمنى أولا وأخيرا هو القرآن الكريم وبيان اعجازه، وانما الأعمال بالنيات
وأقول لأخى الكريم حجازى الهوى:
العهدة على القائل، وقد ذكرت أننى لم أقل هذا الكلام من تلقاء نفسى
وبخصوص لفظتى (صراط وقسطاس) تحديدا فقد أخذت ما قيل بشأنهما من كتاب " من اعجاز القرآن فى أعجمى القرآن " - الجزء الأول صفحة 78 وبامكانك أخى الكريم أن تتأكد من ذلك بنفسك
والله من وراء القصد، وهو خير الشاهدين
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[27 Jan 2010, 08:48 ص]ـ
أخى الكريم عصام
دعك من القائل وانظر فيما قال، أو بعبارة أخرى: لا تنظر الى من قال، بل انظر الى ما قيل
هذا هو المبدأ الذى يأخذ به القاضى العادل
وهذا هو أيضا ما فعلته
ولا تنس أخى الحديث الشريف عن النبى صلى الله عليه وسلم:
" ان الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " (رواه البخارى فى صحيحه)
ولا تنس كذلك أن " الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها "
وقد كان همى الأوحد أن أعثر على وجه الاعجاز فى اختيار القرآن لفظة (بكة) وأرجو أن تضع هذا فى اعتبارك قبل كل شىء
ومن هنا كان استشهادى بكلام الكاتب المذكور، فما يهمنى أولا وأخيرا هو القرآن الكريم وبيان اعجازه، وانما الأعمال بالنيات
والله من وراء القصد، وهو خير الشاهدين
شيخنا الفاضل حفظك الله
لست في مناظرة ولا أحب أن أكون في مناظرة .. لما فيها من نية الغلب والخصومة .. بل أتكلم مسترسلاً مع القضايا العلمية التي يكون العلم فيها فوق الجميع .. وأرجو أن لا أكون أسأت إلى أحد بغير قصد.
لم أتهم نيتك في شيء .. فالنية الطيبة في الصدارة ..
ولم أعرض لصاحب الكتاب (الذي قال) إلا أني أظهرت اسمه فقط .. فلم أعرض لجرأته المذهلة مثلاً (التي يفتخر بها أي فخر) على تاريخ ينشعب على آلاف من السنين! .. ولا ميله إلى التوراة المترجمة، وإهماله لإشارات قرآنية تاريخية، ولا أخذه بمرويات تاريخية ضعيفة وباطلة.
وأغفلت أن هدف ذاك الكتاب هو أن يرجع كل مجريات التاريخ المنصرم إلى مصر، وأن مصر هي أم الدنيا .. وأن سبب أنها أم الدنيا هو فرعونيتها .. مهملاً كل الأطوار التاريخية التي سبقت الفراعنة والتي لحقتهم.
وهذا نوع من البحوث يخاطب به المثقفون يراد منه سحب البساط من تحت الحقائق التاريخية المتعلقة ببلاد العرب بلا برهان.
وإنما بعد أن رجعت إليه إثر المناقشة ووجدت ما وجدت وصُدمت بما صدمت = أردت التنبيه إلى فساد (ما قيل) في كتاب (النبى ابراهيم عليه السلام والتاريخ المجهول) في جملته، وفي كثير من تفاصيله.
وهذا الذي رأيته فيه مثل كلام قرأته للويس عوض في كتابه فقه اللغة .. فقرنت النظير بنظيره.
وجرأهما على ذلك هذا المنهج اللغوي الباطل الذي يقلب أحرف الكلمات حتى إنه أحيانا يبدل كل أحرف الكلمة لتتلاءم مع فكرته لأدنى شبه يعرض للكلمات .. كأنه في تناوله للتاريخ بصدد كتابة رواية درامية معروفة المبدأ والمنتهى!.
وباب التلاعب في الكلمات هذا لو أخذنا به لقلبنا الدنيا رأسا على عقب.
وأوردت شيئاً من مقولاته التي لا أصل لها للقارئ.
أمثلة أخرى:
راى أن (مدين) وهي في الحقيقة في الأردن ولا زالت إلى اليوم معروفة، هي ميتان التي في أرمينيا، ودليله اللغوي غير النصي أن ميتان منقلبة إلى متيان، لأن مدين قريبة من الفراعنة وفي حدود مملكتهم! .. وهذا ليس صحيحاً.
أن اليمن مشتقة من أمين وأمين مشتقة من أيمن وأيمن مشتق من الإله المصري أمون .. وأن الإيمان مشتق من الجذر نفسه.
وهي في الحقيقة ثلاث كلمات من ثلاثة جذور لا من جذر واحد، فاليمن مشتقة من يمن، والإيمان من أمن، وأمون ليست عربية بل هي هيروغليفية، والهيروغليفية أبعد إلى العربية من العبرية.
ولا بأس أن يضرب بكلامي أول حائط.
مع كل احترامي وعرفاني لكم.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[27 Jan 2010, 01:04 م]ـ
كلام الأخ عصام حول القمني وأمثاله عين الصواب، وأرجو أن لا يحملنا الانتصار للنفس على أن نذهل عن تهافت هؤلاء وانحرافهم وشعوذتهم الفكرية.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[27 Jan 2010, 02:10 م]ـ
الأخوة الكرام
لنبقى داخل اطار الموضوع ونستكمل ما بدأناه أكرمكم الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكرت من قبل فى المداخلة الخامسة و تحت عنوان " اسم بكة فى الزبور " النص الانجليزى لترجمة المزامير و كان هذا النص مقتبسا من الترجمة الشهيرة للعهد القديم والمعروفة باسم نسخة الملك جيمس King James Version
واليوم نستكمل البحث فى ترجمات أخرى أحدث عهدا، ولعل من أحدثها جميعا تلك النسخة المسماة:
New International Version
وفيها نجد النص المستشهد به قد ترجم على النحو التالى:
Psalm 84:6
As they pass through the Valley of Baca, they make it a place of springs; the autumn rains also cover it with pools. [Orblessings]
ومن المهم ملاحظة أن كلمة (بكة) هنا قد بدأت بحرف كبير (كابيتال) مما يعنى أنها اسم علم لمكان معروف
وبالبحث فى النسخة الفرنسية المسماة: Louis Segond
نجد أن النص قد ترجم كالتالى:
(84:7) Lorsqu'ils traversent la vallée de Baca, Ils la transforment en un lieu plein de sources, Et la pluie la couvre aussi de bénédictions.
لنلحظ أن الحرف الأول من بكة جاء كذلك كبيرا مما يؤكد مرة أخرى أنها اسم علم لوادى معروف مثل باقى الوديان المذكورة بالتوراة والتى منها:
valley of Gerar= وادي جرار
valley of Eshcol= وادي اشكول
valley of Ajalon= وادي ايلون
وكونها موصوفة بأنها (وادى جاف) فى الزبور يلتقى مع نفس الوصف الوارد فى القرآن الكريم فى قول ابراهيم عليه السلام:
{رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (37) سورة إبراهيم
ونستكمل البحث في النسخ الإنجليزية المتعددة، ونأتى الى النسخة المسماة:
( English Standard Version )
. 6As they pass through the dry valley of Baca, they make it a place of good water. The early rain fills the pools with good also
وهذا ما نجده كذلك فى الترجمة المسماة: ( New Life Version )
وعند الترجمة الصحيحة للعربية يصبح النص كالتالى:
5طُوبَى لأُنَاسٍ أَنْتَ قُوَّتُهُمْ. الْمُتَلَهِّفُونَ لاتِّبَاعِ طُرُقِكَ الْمُفْضِيَةِ إِلَى بَيْتِكَ المُقَدَّسِ. 6وَإِذْ يَعْبُرُونَ فِي وَادِي بُكَةِ الْجَافِّ، يَجْعَلُونَهُ يَنَابِيعَ مَاءٍ، وَيَغْمُرُهُمُ الْمَطَرُ الْخَرِيفِيُّ بِالْبَرَكَاتِ. 7يَنْمُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ،
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[27 Jan 2010, 06:53 م]ـ
أين هذا الوادي (وادى بكة)؟
الملفت للنظر بداية أن أغلب قواميس الكتاب المقدس والموسوعات تتفق انه لا وجود حقيقي لهذا المكان أساسا. بل نجدهم يصرحون انه مكان خيالي او مجرد تعبير تصويري وليس موقعا جغرافيا له وجود:
ففي قاموس آنجرز الجديد للكتاب المقدس جاء ما يلى:
Moody Press of Chicago, Illinois
بكة: (بكة: " شجر البلسم " أو " بكاء ") وادي غير معرف في فلسطين (المزامير 84/ 6). من الممكن ان يكون مكانا خياليا لا وجود له وله هذا الإسم الشاعري الخيالي , وليس المقصود ان يصف مكانا حقيقا على ارض الواقع.
كما جاء في الموسوعة القياسية الدولية للكتاب المقدس ما يلى:
(وادي البكاء ليس موقعا جغرافيا , ولكنه تعبير تصويري لمن يتقوون يهوه.)
ان اعتراف هؤلاء النصارى بعدم وجود مثل هذا الوادي حقيقة يدعمه عدم وجود أي إشارة لهذا الوادي في اقدم خرائطهم. ولعل هذا السبب هو الذي دعى القائمين على قاموس نلسون المصور للكتاب المقدس للإعتراف التالى:
(وادي بكة: المعنى غير معروف)
على الرغم من ان بعض الباحثين يزعمون انه هو نفسه وادي الرفائيين المذكور في (صموائيل الثاني 5/ 22 - 24) والمزامير 84/ 6)
قاموس نلسون المصور للكتاب المقدس.
1986, Thomas Nelson Publishers
إذا فهم غير متيقنين من وجود حقيقي لهذا المكان ولا يستطيعون الجزم بمعنى صحيح لإسمه! على العكس من التفسيرات الأكثر مصداقية ووضوحا والتي يقدمها المسلمين
.
شجر البلسان:
لكن هناك ايضا من يقول ان بكة هي شجيرة البلسم او البلسان. وبالعبرية هي: بكايم:
(فمن المحتمل انها سميت بذلك بسبب اشجار البلسم التي فيه, التي تفرز صمغا شبيها بالدمع (قارن. وادي الرفائيين, صموائيل الثاني 5/ 22 - 23, حيث وجدت امثال هذه الشجرة) - قاموس آنجرز الجديد للكتاب المقدس.
وايضا ورد في الموسوعة القياسية الدولية للكتاب المقدس 1996:
بكة: بخا: في ترجمة الملك جيمس في المزامير 84/ 6, حيث النسخ المنقحة (البريطانية والامريكية) تكتبها " وادي البكاء " the valley of Weeping مع ملاحظة هامشية تقول ان افضل صيغة لها هي " وادي شجر البلسم." والكلمة مستخدمة في مكان آخر بتطابق معها في احدى معارك داود (صموائيل الثاني 5/ 23 - 24. اخبار الأيام الأول 14/ 14 - 15). هناك الترجمة " اشجار التوت" مع " اشجار البلسم" في الهامش في النسخ المنقحة (البريطانية والأميريكية). وظنيا فان الكلمة بالتهجئات المختلفة, لساق (الشجيرة) الذي يصدر نشيجا, الشجرة تسمى " باكية " بسبب مجرى سيلان صمغها او بسبب اللزوجة عليه
وأخيرا نجد هذا الاعتراف الوارد في تفسير كييل ودلزتش للعهد القديم
Keil & Delitzsch Commentary on the Old Testament
نجد فيه:
( and such a tree is the Arab. baka'un, resembling the balsam-tree, which is very common in the arid valley of Mecca, )
وتلك ترجمته:
(وهذه الشجرة في العربية بكائون, تمثل شجرة البلسم , والتي هي شائعة في وادي مكة القاحل)
فها هم إذا يعترفون ان هذه الشجيرة توجد في وادي مكة كذلك!!
فاذا قال النصارى ان هذا الوادي هو في الحقيقة اسمه وادي البكاء فلا مكان آخر على وجه هذه الارض يحمل هذا الاسم ويعني هذا المعنى سوى وادي مكة المكرمة. وإن قالوا انها سميت بذلك بسبب تلك الشجرة فهذه الشجيرة كذلك شائعة ومتوفرة في وادي مكة باعترافهم.
http://www.trutheye.com/news.php?action=view&id=3284
( يتبع)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[27 Jan 2010, 07:20 م]ـ
والآن بعد هذا العرض التفصيلى يمكن أن نستنتج ما يلى:
1 - أن بكة هو الاسم القديم لمكة الذى كانت معروفة به زمن النبى داود عليه السلام والذى ذكرها به فى زبوره
2 - أن هذا الاسم كان معروفا لبنى اسرائيل الذين استوطنوا فى جزيرة العرب قبل الاسلام وأنهم عرفوا به من الزبور الذى هو أحد أهم كتبهم المقدسة
3 - أن العرب قد سمعوا منهم هذا الاسم (بكة) واستعملوه فى محادثاتهم معهم فصار هذا الاسم معربا قبل نزول القرآن
4 - أن ذكر القرآن لمكة بهذا الاسم جاء ليؤكد لأهل الكتاب قداسة المسجد الحرام وليذكرهم بما ورد عنه فى كتبهم المقدسة، وخاصة وأنهم كانوا يعطون كل القداسة للمسجد الأقصى ولا يقبلون أن يتخذوا غيره قبلة لهم، ومعلوم موقفهم من المسلمين ازاء تحويل القبلة والذى فصلته لنا سورة البقرة
بل لماذا نذهب بعيدا الى سورة البقرة؟!
ان هذه الآية بذاتها (آل عمران - 96) والتى أوردت اسم (بكة) الشريفة انما ترد هى كذلك على اعتراض اليهود على تحويل القبلة
والنظر الى السياق الذى وردت فيه يؤكد ذلك، بل وأقوال المفسرين أيضا تؤكد ذلك
يقول الشهيد سيد قطب يرحمه الله فى تفسيره لهذه الآية الكريمة ما يلى:
((في هذا الدرس تبلغ المعركة ذروتها. معركة الجدل والمناظرة مع أهل الكتاب. . . . ويبدأ الدرس بتقرير أن كل الطعام كان حلاً لبني إسرائيل - إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة. . . ثم يرد كذلك على اعتراضهم على تحويل القبلة - ذلك الموضوع الذي استغرق مساحة واسعة في سورة البقرة من قبل - فيبين لهم أن الكعبة هي بيت إبراهيم؛ وهي أول بيت وضع للناس في الأرض للعبادة، فالاعتراض عليه مستنكر ممن يدعون وراثة إبراهيم! وعقب هذا البيان يندد بأهل الكتاب لكفرهم بآيات الله، وصدهم عن سبيل الله؛ ورفضهم الاستقامة، وميلهم إلى الخطة العوجاء، ورغبتهم في سيطرتها على الحياة، وهم يعرفون الحق ولا يجهلونه))
ثم يزيد الأمر تفصيلا بقوله:
((كذلك كان اليهود يبدئون ويعيدون في مسألة تحويل القبلة إلى الكعبة، بعد أن صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بيت المقدس حتى الشهر السادس عشر أو السابع عشر من الهجرة .. ومع أن هذا الموضوع قد نوقش مناقشة كاملة وافية في سورة البقرة من قبل، وتبين أن اتخاذ الكعبة قبلة للمسلمين هو الأصل وهو الأوْلى، وأن اتخاذ بيت المقدس هذه الفترة كان لحكمة معينة بينها الله في حينها .. مع هذا فقد ظل اليهود يبدئون في هذا الموضوع ويعيدون، ابتغاء البلبلة والتشكيك واللبس للحق الواضح الصريح. . . وهنا يرد الله عليهم كيدهم ببيان جديد:
{قل: صدق الله، فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً، وما كان من المشركين. إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين. فيه آيات بينات: مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمناً ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} ..
ولعل الإشارة هنا في قوله: {قل صدق الله .. } تعني ما سبق تقريره في هذا الأمر، من أن هذا البيت بناه إبراهيم وإسماعيل ليكون مثابة للناس وأمناً، وليكون للمؤمنين بدينه قبلة ومصلى: ومن ثم يجيء الأمر باتباع إبراهيم في ملته. وهي التوحيد الخالص المبرأ من الشرك في كل صورة:
{فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً، وما كان من المشركين}.
ثم يقرر أن الاتجاه للكعبة هو الأصل. فهي أول بيت وضع في الأرض للعبادة وخصص لها، مذ أمر الله إبراهيم أن يرفع قواعده .. وأن يخصصه للطائفين والعاكفين والركع السجود. وجعله مباركاً وجعله هدى للعالمين، يجدون عنده الهدى بدين الله ملة إبراهيم. وفيه علامات بينة على أنه مقام إبراهيم
ثم يقرر أن الله فرض على الناس أن يحجوا إلى هذا البيت ما تيسر لهم ذلك، وإلا فهو الكفر الذي لا يضر الله شيئا:
{ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا. ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}.
ويلفت النظر - في التعبير - هذا التعميم الشامل في فرضية الحج: {على الناس} .. ففيه أولاً إيحاء بأن هذا الحج مكتوب على هؤلاء اليهود الذين يجادلون في توجه المسلمين إليه في الصلاة. على حين أنهم هم أنفسهم مطالبون من الله بالحج إلى هذا البيت والتوجه إليه، بوصفه بيت أبيهم إبراهيم، وبوصفه أول بيت وضع للناس للعبادة. فهم - اليهود - المنحرفون المقصرون العاصون
بعد هذا البيان يلقن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يتجه إلى أهل الكتاب بالتنديد والتهديد، على موقفهم من الحق الذي يعلمونه، ثم يصدون عنه، ويكفرون بآيات الله. وهم شهداء على صحتها، وهم من صدقها على يقين:
قل: يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله، والله شهيد على ما تعملون؟ قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجاً وأنتم شهداء؟ وما الله بغافل عما تعملون)) انتهى: من تفسير الظلال.
أعتقد أن الأمر قد أصبح الآن من الوضوح بعد الذى نقلناه من تفسير الظلال، حيث تبين لنا سر ايثار القرآن لهذه اللفظة فى هذا السياق الذى يخاطب بنى اسرائيل ويذكرهم فيه بقداسة بيت الله الحرام منذ أيام الخليل ابراهيم صلى الله عليه وسلم والذى يدعون أنه أبوهم وقدوتهم وأسوتهم
ومع ذلك أقول: هذا اجتهادى الشخصى، فان أصبت فيه فبتوفيق منه سبحانه وله الحمد من قبل ومن بعد
وان كانت الأخرى فمن نفسى، وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[28 Jan 2010, 01:03 ص]ـ
الغريب أن تنسب تلك الشجرة (البكاء) إلى مكة، والآية تقول إن وادي مكة غير ذي زرع.
وفي تاج العروس: البلسان شجيرة مصرية تنبت بالمطرية، ثم انقطعت من هناك مع القرن الثامن، ثم استنبتت في وادي القرى بالحجاز بعد القرن الثامن ولم تكن فيه قبلاً، والزبور يتكلم عن شجرة معروفة للمخاطبين به.
واليهود إنما سكنوا في وادي القرى بدأً من مشارف الشام وانتهاء بيثرب وخيبر .. لا في مكة.
والمعروف أن مكة من تهامة لا من الحجاز .. كما في وصف جزيرة العرب للهمداني. كيف يأخذ القريشيون سكان أم القرى اسم مكة مدينتهم ومدينة الأشياخ من اليهود.
ولعل أخذ اليهود القادمين (اللاجئين) من العرب الفصحاء (أي أنهم تعربوا) أقرب إلى القبول والتصديق من أن العرب أخذوا اسم أقدس مكان عندهم (مكة) أو (بكة) من ملة أخرى وافدة ليس لهم بها شأن ..
سؤال آخر: أيهما أقدم .. لسان إسماعيل المتصل السند المدون في المعجمات، أم لسان الزبور المحرّف والمترجم؟.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[28 Jan 2010, 02:45 ص]ـ
الأخ الكريم عصام
بداية أسكرك على تفاعلك مع الموضوع ومناقشتك لى ولو بالنقد والتفنيد، فهذا على كل حال أفضل من السكوت التام
ثم أجيبك عن اسئلتك المطروحة فأقول:
نعم الأية تقول ان وادى مكة غير ذى زرع، ولكن ألم تلاحظ أن هذا ما قاله نص الفقرة التى ترجمناها من الزبور، بل ان هذا هو ما قالته بأسلوب صريح احدى الترجمات التى ذكرتها حيث وصفته بأنه:
The dry valley of Baca
أى: وادى بكة الجاف، هكذا بشكل صريح
ثانيا: تقول: " لسان الزبور المحرف "، بينما تنسى يا أخى أن هذا الذى تصفه بالمحرف قد أثنى عليه ربنا جل وعلا، بل وأحال اليه بعض الآيات القرآنية، وهى آيات لا زالت موجودة فى الزبور الى يومنا هذا، فمن ذلك مثلا قوله تعالى فى سورة الأنبياء:
((ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون)) - الأنبياء - 105
فهل تعلم أخى الكريم أن هذه الآية بنصها القرآنى لا تزال موجودة فى الزبور الذى تصفه بأنه محرف:
حين تفتش فى سفر المزامير بحثا عن مصداق هذه الآية القرآنية تجد أن القرآن الكريم كان صادقا تماما فى اشارته لذلك، وفى احالته الى الزبور
افتح الزبورعلى المزمور (السابع والثلاثون) تجد فيه ما يلى:
" كف عن الغضب واترك السخط ولا تغر لفعل الشر. لأن عاملى الشر يقطعون، والذين ينتظرون الرب هم يرثون الأرض. بعد قليل لا يكون الشرير تطلع فى مكانه فلا يكون. أما الودعاء فيرثون الأرض ويتلذذون فى كثرة السلامة " 8 - 11
وتجد فيه أيضا:
" الشرير يستقرض ولا يفى أما الصديق فيترأف ويعطى. لأن المباركين منه يرثون الأرض والملعونين منه يقطعون " 21 - 22
وتجد فيه أيضا:
" الصديقون يرثون الرض ويسكنونها الى الأبد " 29
وتجد فيه أيضا:
" انتظر الرب واحفظ طريقه فيرفعك لترث الأرض. الى انقراض الأشرار تنظر " 34
وهكذا تتأكد بنفسك أن القرآن كان صادقا فى احالته الى الزبور، فلا يصح أن نصفه بأكمله بكونه محرف، لأن هذا فيه تكذيب للقرآن نفسه والعياذ بالله، والصواب أن نقول أنه قد شابه التحريف فى بعض المواضع، أما اطلاق الحكم على هذا النحو فقد تبين لك أنه لا يصح
ولن أحدثك عما هو أهم من هذا، عن النبؤات التى استخرجها علماء مقارنة الأديان المسلمين من الزبور عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا عن البراهين العديدة التى استخرجوها منه والتى تنفى صلب المسيح عليه السلام وتؤكد نجاته من القتل والصلب
لن أحدثك عن هذا كله وغيره لأن المقام لا يتسع لذلك وحتى لا نخرج عن الموضوع
ولكن يكفى أن أقول لك: ان رمى الزبور كله بالتحريف يعد خطأ كبيرا
أما قولك أن اليهود لم يسكنوا مكة فهذا لا ينفى أنهم كانوا على صلة بقريش، أو أنهم كانوا يسافرون اليها، وكان لهم اختلاط بأهلها ولو على سبيل التجارة، أليس كذلك يا أخى الفاضل؟ فلم يكونوا فى عزلة تامة عما حولهم والشواهد على هذا كثيرة فى كتب التاريخ
وأخيرا: أنا لم أقل أن العرب قد اخذوا اسم بلدهم (مكة) من اليهود، وانما كان حديثى عن (بكة) تحديدا لا عن مكة، فأرجو الانتباه أخى الكريم
(يُتْبَعُ)
(/)
وأعتقد أنى قد بينت الدلائل على معرفة اليهود بهذا الاسم بما يغنى عن اعادته ثانية
أشكرك مرة أخرى، وأقول هو اجتهاد لا غير، ويبقى العلم اليقين عند علام الغيوب سبحانه وتعالى
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[28 Jan 2010, 09:37 ص]ـ
أخي العليمي حياك الله
وشكر الله مسعاك وبارك فيك
اجتهادك مشكور بإذن الله.
وليست الغاية تفنيد رأي أحد .. ولكن هنا إشكال يحول دون تصور ما تفضلت به عن لغة تتعلق بالقرآن واعتقاد صحته بعد ذلك ..
فأرجو أن تكون كما عهد فيك واسع الصدر لسؤال مستفيد من المحاورة ومستجيب لدعوتك إلى المشاركة في مطلع هذا البحث.
الكتب السماوية السابقة على القرآن صحيحة في الأصل الذي هو وحي الله .. وهذا هو الذي نؤمن به (وآتينا داوود زبوراً).
وقال تعالى (يحرفون الكلم عن مواضعه) و (من بعد مواضعه) و (نسوا حظاً مما ذكروا به) و (تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا).
= هذه الآيات توجهنا إلى أن ذلك الأصل قد دخله في واقع أهل الكتاب تحريف كثير وترجمات بعد ترجمات وإخفاءات وإلقاءات وتلبيسات للحق بالباطل ونسيان بعد ذلك كثير.
وهذا الحكم يجعل مصداقية تلك الكتب في محك النقد تسقط من قائمة اليقين والعلم الذي تبنى عليه الحقيقة العلمية.
فلا نستطيع أن نقسم بالبر يقيناً على أن الآيات التي نقلتها أخي الفاضل (من نسخة الزبور أو المزامير) هي كلام الله لفظاً ومعنى؛ بخلاف القرآن الكريم الذي نقسم أن كل حرف فيه إنما هو تنزيل الحكيم الحميد الذي لا يغسله الماء والذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
أقول هذا وأنا أستعرض منهج الصحابة في كتابة المصحف القريبة العهد بوحي السماء.
بل وأنا أستعرض الشعر الجاهلي المنسوج على منوال (لسان إسماعيل) الذي نقل عن المهلهل وامرئ القيس بمشافهة الأعراب والذي هو هو لسان إسماعيل عليه السلام = أوثق في الدلالة اللغوية على العربية من الكتب السابقة .. التي دخلها التحريف والتناقض المعنوي زيادة على التحريف اللفظي، ولو في الجملة.
وليس القصد أن أقول إنها كلها بجملتها وتفصيلها محرفة، بل فيها مواضع ثابتة غير محرفة، ومنها قوله تعالى: (قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين) .. "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج".
وهذا الصدق في التوراة بعد ثبوت التحريف ليس هو الأصل بل الأصل الشك والجرح حتى يثبت العكس، كموافقتها للقرآن مثلاً.
ثم هناك سؤال مهم .. ما هي اللغة التي كتبت بها تلك الكتب أول الأمر، وإلى كم لغة ترجمت؟؟ وما هي أصح الترجمات والطبعات؟؟؟؟
هل نحدث عنهم أن الله عز وجل تشاجر مع يعقوب فصرعه يعقوب؟ ..
وهل نقول داوود أم ديفيد؟، عيسى أم يسوع؟، موسى أم موشي؟، التوراة أم العهد؟، الإنجيل أم بايبل؟.
والقول بأن كلمة (بكة) منقولة من زمن داوود يحتاج إلى أدلة أكثر دقة مما تفضلت به، حتى تزحزح الاعتقاد السائد أنها عربية الأصل والجذر والاشتقاق والأحرف والصرف والإعراب والعلمية والتأنيث.
لئن قبلت بضعف القول الذي يقول هي مبدلة من مكة لأكونن عربيّ الفهم في آخر الأمر لا أعجميه.
أخي الكريم إن خطر الإسرائيليات اللغوية في نظري أخطر من الإسرائيليات القصصية ..
لأن القصة يدركها الجميع ولو بأدنى تنبيه إلى ضعفها أو وضعها، وأما اللغويات منها فهي ملتبسة متشابهة محيرة ..
وهذا غير أن الريبة الاحتجاجية تحيط بكل من ثبت اتصاله من العرب بأهل الكتاب كابن أبي الصلت وغيره .. فكيف بأهل الكتاب أنفسهم (المستعجمين) .. كما جاء ذلك في كتاب الاقتراح للسيوطي وشرحه فيض نشر الانشراح لابن الطيب الفاسي.
والله من وراء القصد ..
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[28 Jan 2010, 05:20 م]ـ
أخي العليمي حياك الله
وشكر الله مسعاك وبارك فيك
اجتهادك مشكور بإذن الله.
وليست الغاية تفنيد رأي أحد .. ولكن هنا إشكال يحول دون تصور ما تفضلت به عن لغة تتعلق بالقرآن واعتقاد صحته بعد ذلك ..
فأرجو أن تكون كما عهد فيك واسع الصدر لسؤال مستفيد من المحاورة ومستجيب لدعوتك إلى المشاركة في مطلع هذا البحث ..
يا أخى الكريم: تجدنى واسع الصدر بحول الله وقوته، طالما أن محدثى رجل فاضل مهذب مثلك، ولكن أرجو أن يتسع صدرك أنت لما أقول وستجدنى أتحرى معك ما يليق بك من تهذيب وأدب أنت أهل لهما بلا أدنى مجاملة.
تقول أخى:
(يُتْبَعُ)
(/)
الكتب السماوية السابقة على القرآن صحيحة في الأصل الذي هو وحي الله .. وهذا هو الذي نؤمن به (وآتينا داوود زبوراً)
تقول أنك تؤمن بها (الكتب السماوية) وحسنا ما قلت، ولكن كما قيل: لكل حق حقيقة، فما حقيقة ايمانك؟
والجواب الذى يدل عليه كلامك هو: لا شىء!!
أنت تؤمن بها اسما فقط، ايمانا صوريا اسميا لا يتنزل على الواقع وانما على - كما قلت - الأصل الذى هو وحى الله
وبالطبع فان هذا الأصل فى حكم المحال، اذ لا سبيل للوصول اليه على الاطلاق!!
والنتيجة الصحيحة أنه ايمان اسمى لا حقيقى، والدليل على هذا ما قلت أنت بعد ذلك، وهذا هو نصه:
وهذا الحكم يجعل مصداقية تلك الكتب في محك النقد تسقط من قائمة اليقين والعلم الذي تبنى عليه الحقيقة العلمية.
فلا نستطيع أن نقسم بالبر يقيناً على أن الآيات التي نقلتها أخي الفاضل (من نسخة الزبور أو المزامير) هي كلام الله لفظاً ومعنى؛ بخلاف القرآن
فتقول أن فقرة الزبور التى نقلتها لك ليست قطعا كلام الله لا لفظا ولا معنى!!
فترفض حتى الايمان بها من جهة المعنى، رغم أن تلك الفقرة تصف رحلة الحج الى بكة أيام داود عليه السلام، وهو ما يوافق الآيات القرآنية التى ذكرتها لك من قبل والتى تطالب اليهود بالحج اليها (الى بكة) كما أبان عن ذلك المفسر سيد قطب يرحمه الله، ولا بأس من اعادة كلامه حتى نتذكره جميعا، قال يرحمه الله فى تفسيره للآية التى جاءت بلفظ (بكة) ما يلى:
ويلفت النظر - في التعبير - هذا التعميم الشامل في فرضية الحج: {على الناس} .. ففيه أولاً إيحاء بأن هذا الحج مكتوب على هؤلاء اليهود الذين يجادلون في توجه المسلمين إليه في الصلاة. على حين أنهم هم أنفسهم مطالبون من الله بالحج إلى هذا البيت والتوجه إليه، بوصفه بيت أبيهم إبراهيم، وبوصفه أول بيت وضع للناس للعبادة. فهم - اليهود - المنحرفون المقصرون العاصون
بعد هذا البيان يلقن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يتجه إلى أهل الكتاب بالتنديد والتهديد، على موقفهم من الحق الذي يعلمونه، ثم يصدون عنه، ويكفرون بآيات الله. وهم شهداء على صحتها،
ان هذا الكلام يوافق ما نقلته عن الزبور، ويجعلنا نطمئن الى صدقه ولو على جهة المعنى، ثم الأهم من هذا أنه يبين لنا سر ايثار القرآن للفظة (بكة) هنا على (مكة) من حيث أنه يخاطب أهل الكتاب الذين يعرفون (بكة) جيدا من كتابهم الزبور ويعرفون ما ورد فيه عن رحة الحج الي بكة
فلماذا نرفض الاستشهاد بنص كهذا من الزبور ان كان يشهد بصدق القرآن الكريم، بل ويكشف عن اعجازه العظيم؟!
وهذا الصدق في التوراة بعد ثبوت التحريف ليس هو الأصل بل الأصل الشك والجرح حتى يثبت العكس، كموافقتها للقرآن مثلاً
أعتقد أن العكس المطلوب قد ثبت وأنه قد تبين موافقة ما نقلته من الزبور لما فى القرآن
واعلم أخى أننى لست وحدى الذى قال بأن فقرة الزبور المذكورة تدل على رحلة الحج القديمة الى بكة، بل تجد كثيرا من الأخوة الأفاضل قد سبقونى الى ذلك على مواقع الانترنت الاسلامية ذات الاتجاه المحافظ، بل الأصولى، فلست بدعا من القائلين بهذا، ولكنى قد أكون أول من فطن الى دلالة اسم (بكة) فى سياقها الوارد بسورة آل عمران، وهذا من فضل الله وتوفيقه ليس الا
ثم هناك سؤال مهم .. ما هي اللغة التي كتبت بها تلك الكتب أول الأمر، وإلى كم لغة ترجمت؟؟ وما هي أصح الترجمات والطبعات؟؟؟؟
هل نحدث عنهم أن الله عز وجل تشاجر مع يعقوب فصرعه يعقوب؟ ..
وهل نقول داوود أم ديفيد؟، عيسى أم يسوع؟، موسى أم موشي؟، التوراة أم العهد؟، الإنجيل أم بايبل؟
والجواب ببساطة - ولا أشك فى أنك تعرفه - هى اللغة العبرية (بالنسبة الى الزبور) وأنت تعرف جيدا أن العبرية تمت بصلة قرابة وثيقة الى لغتنا العربية، فهما من أصل واحد وينتميان معا الى أسرة واحدة، هى أسرة الساميات، أما عن الترجمة فلا شك كذلك أنك تعرف أنها قد ترجمت الى كل اللغات الحية التى يتكلمها أهل الأرض
أنت تعرف هذا كله، ومن هنا يبدو لى أن أسئلتك استنكارية وليست استفهامية!!!
فما الذى تستنكره أخى الفاضل؟
تريد أن تقول أنه لا ثقة مطلقا فى تلك الكتب السماوية على ما هى عليه الآن؟
والجواب سبق ذكره، بل لقد ذكرته أنت، حين قلت:
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الصدق في التوراة بعد ثبوت التحريف ليس هو الأصل بل الأصل الشك والجرح حتى يثبت العكس، كموافقتها للقرآن مثلاً
فأنت حكمت بأن الميزان هو موافقتها للقرآن، وقد سبق أن أجبتك منذ قليل على كلامك المذكور، وها نحن نلف وندور فى نفس الحلقة!!
أما بقية اسئلتك فأرى أنك قد وسعت من دائرة الموضوع الى مدى بعيد، فما لنا وللحديث عما ذكرته التوراة عن مشاجرة يعقوب عليه السلام مع رب العزة؟! ما صلة هذه الترهات والهرطقات بموضوع حديثنا؟!
يا أخى الكريم: تخطىء اذا تصورت أننى أؤمن بكل ما جاء فى التوراة، حاشا لله، ولم أقل ولو مرة واحدة أنها وحى معصوم، ولا يمكن لى أو لغيرى من المسلمين أن يجعلها مساوية للقرآن من أى جهة كانت، فالرجاء ألا تسىء فهم كلامى لأن هذا من الأمور التى تؤسفنى كثيرا بينما أنا أعتز بك وبحوارك ونقاشك العلمى الرصين، وهذه شهادة لله وليست مجاملة على الاطلاق، أنت بالفعل تحظى بتقديرى واحترامى، ولا أحب أن يتغير هذا مثقال ذرة، فالرجاء مرة أخرى ألا تسىء فهمى ولا تتوسع بدائرة الحديث كما حدث من قبل حين اقتبست أنا سطرين اثنين لا غير من كتاب لا ترضى أنت عنه ولا عن مؤلفه (وكذلك لا أرضاه أنا الآخر) فما كان منك الا أن غضبت وأغضبت معك من أعتز بهم مثلك وأخذت تذكر مقولات الكتاب كله ومحتواه الكامل مع أننى لم أذكر منه غير سطرين اثنين لا غير!!
بل ولم أذكرهما (هذين السطرين) الا لاؤيد بهما ما رأيت أن فيه انتصار للقرآن واعجاز له، فاذا بأحد الأخوة الأفاضل يتصور أن هذا الانتصار ليس للقرآن وانما لشخصى!!!
والقول بأن كلمة (بكة) منقولة من زمن داوود يحتاج إلى أدلة أكثر دقة مما تفضلت به، حتى تزحزح الاعتقاد السائد أنها عربية الأصل والجذر والاشتقاق والأحرف والصرف والإعراب والعلمية والتأنيث
جيد جدا، هذا هو الكلام
حسنا يا أخى فان كنت ترى أن هذه اللفظة عربية الأصل والجذر والاشتقاق والأحرف والصرف والاعراب
ان كنت ترى هذا كله فلماذا جعلتنى أسترسل أنا وغيرى فى هذا الموضوع ولم تدلنا منذ البداية على الشواهد التى تؤيد بها ما ذكرت كله، وخاصة من الجهات الثلاثة المذكورة أولا (الأصل والجذر والاشتقاق) وصلة هذا بمعناها؟
لئن قبلت بضعف القول الذي يقول هي مبدلة من مكة لأكونن عربيّ الفهم في آخر الأمر لا أعجميه
لا أدرى؟ هل أعتبرأن فى هذا القول تعريض لا يليق؟ أم أعتبره من قبيل سؤ الفهم؟
فأنا لم أقل أبدا أن (بكة) لفظة أعجمية، بل قلت بالنص انها معربة (أى دخلت فى العربية قبل نزول القرآن)، وشتان بين القولين
وفى الختام أحييك أخى، وأرجو لك التوفيق والسداد فى القول والعمل
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 Jan 2010, 06:16 م]ـ
جيد جدا، هذا هو الكلام
حسنا يا أخى فان كنت ترى أن هذه اللفظة عربية الأصل والجذر والاشتقاق والأحرف والصرف والاعراب
ان كنت ترى هذا كله فلماذا جعلتنى أسترسل أنا وغيرى فى هذا الموضوع ولم تدلنا منذ البداية على الشواهد التى تؤيد بها ما ذكرت كله، وخاصة من الجهات الثلاثة المذكورة أولا (الأصل والجذر والاشتقاق) وصلة هذا بمعناها؟
أخانا الفاضل العليمى المصرى
اسمح لي بهذه المداخلة:
جاء في: العين - (ج 1 / ص 425)
بك: البَكُّ: دق العنق، وسميت مكة: بكّة، لأن الناس يبكًّ بعضهم بعضاً في الطواف، أي: يدفع بعضهم بعضاً بالازدحام. ويقال: بل سميت، لأنها كانت تبك أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم.
وفي: المحيط في اللغة - (ج 2 / ص 23)
بك
البَكُّ: دَك العُنُقِ.
وسُمِّيَتْ مَكَّةُ بَكَّةَ: لأنَها تَبكُّ أعْنَاقَ الجَبَابِرَةِ الظَّلَمَةِ. وقيل: سُمِّيَتْ لأن الناسَ يَبُكُّ بَعْضُهم بَعْضاً في الطَّواف. وقيل: هي فَعْلَةُ من بَكَكْتُ الرجُلَ إذا رَدَدْتَه ووَضَعْتَ منه.
والمُبكَةُ والبَكَّةُ: مَوْضِعُ الطَّوافِ.
وبَكَةُ: ما بَيْنَ الجَبَلَيْن أيضاً.
وفي: جمهرة اللغة - (ج 1 / ص 13)
ب - ك - ك
بكَّ الشيءَ يَبُكُّه بَكُّاً، إذا خرّقه أو فرّقه. والبَكُّ: الازدحام، وكأنه من الأضداد عندهم، من قولهم: تَباكّ القومُ، إِذا ازدحموا وركب بعضهم بعضاً. قال الراجز:
إذا الشَّريبُ أخَذَتْه أكه ... فخلّه حتي يَبُكَّ بكهْ
(يُتْبَعُ)
(/)
الشَريب: الذي يورد إبلَه مع إبلك. قال أبو بكر: الأكَة: الحرّ الشديد مع سكون الريح. يقول: فخلَه حتى يورد إبلَه حتى يتباكّ على الحوض، أي يزدحم.
وسُمِّيت مكَّةُ بكَّةَ لازدحام الناس بها، والله أعلم.
وفي: تهذيب اللغة - (ج 3 / ص 310)
بك
قال الليث: البَكُّ: دق العنق. ويقال سميت مكَّة بكة لأنها كانت تبكُّ أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها.
ويقال: بل سميت بكة لأنَّ الناس يَبُكُّ بعضهم بعضاً في الطُّرق، أي يدفع.
عمرو عن أبيه: بَكَّ الشيء. أي فسخه؛ ومنه أخذت بكَّة لأنها كانت تبكُّ أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها.
ويقال: بل سمِّيت بكة لأنّ الناس يبكُّبعضهم بعضاً في الطُّرُق.
قال: وبَكَّ الرجل، إذا افتقر، وبَكَّ إذا خشُن بدنه شجاعة.
ويقال للجارية السمينة: بكباكة، وكبكابة، وكواكة، وكوكاءَة، ومرمارء، ورجراجة.
وقال الزجاج في قول الله:) إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ للناسِ لَلَّذِي بِبَكَّةُ مُبارَكاً (.
قيل: إن بَكّة موضع البيت، وسائر ما حوله مكّة.
قال: والإجماع أن مكة وبكة الموضع الذي يحج الناس إليه، وهي البلدة.
قال الله جل وعز:) ببطن مَكةَ (وقال:) لَلذّي ببكة مباركاً (. فأما اشتقاقه في اللغة فيصلح أن يكون الاسم اشتُقّ من بكَّ الناسُ بعضهم بعضاً في الطَّواف، أي دفع بعضهم بعضاً.
وقيل: إنما سميت بكّة لأنها تبكُّ أعناق الجبابرة.
وفي: لسان العرب - (ج 10 / ص 402)
(بكك) البَكُّ دق العنق بَكَّ الشيءَ يَبُكُّه بَكاً خرقه أو فرقه وبَكَّ فلان يَبُكُّ بَكَّةً أي زحم وبَكَّ الرجلُ صاحبه يَبُكُّه بَكاً زاحمه أو زَحمَهُ قال إذا الشَّرِيبُ أخذَتْه أكَّهُ فَخَلِّهِ حتى يَبُكَّ بَكَّهْ يقول إذا ضجر الذي يُورِدُ إبله مع إبلك لشدة الحر انتظاراً فخلِّه حتى يزاحمك وقال ابن دريد كأ من الأَضداد يذهب في ذلك إلى أنه التفريق والازدحام وكل شيء تراكب فقد تَباكَّ وتباكَّ القوم تزاحموا وفي الحديث فتَباكَّ الناس عليه أي ازدحموا والبَكْبَكةُ الازدحام وقد تَبَكْبَكُوا وبَكْبَكَ الشيءَ طرح بعضه على بعض ككَبْكَبه وجمعٌ بَكْباك كثير ورجل بَكْباك غليظ وقيل الضَّكْضاك الرجل القصير وهو البَكْباكُ والبُكْكُ الأَحداث الأَشِدَّاء والبُكُك الحُمُرُ النشيطة وأنشد صَلامة كحُمُرِ الأَبَكِّ ويقال فلان أبَكُّ بني فلان إذا كان عَسِيفاً لهم يسعى في أمورهم وبَكَّ الرجل المرأة إذا جهدها في الجماع وبَكَّ الشيء يَبُكُّه بَكّاً رد نَخْوَته ووضَعَهُ ويقال بَكَكْت الرجل وضعت منه ورددت نَخْوَته ذكره ابن بري في ترجمة ركك وبَكَّ عنقه يَبُكُّها بعكّاً دقها وبَكَّةُ مَكَّةُ سميت ذلك لأنها كانت تَبُكّ أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم وقيل لأن الناس يتباكّون فيها من كل وجه أي يتزاحمون وقال يعقوب بَكَّةُ ما بين جبلي مَكَّة لأن الناس يبكُّ بعضهم بعضاً في الطواف أي يَزْحَمُ حكاه في البدل وقيل سميت بَكَّة لأن الناس يبك بعضهم بعضاً في الطرق أي يدفع وقال الزجاج في قوله تعالى إن أول بيت وضع للناس للذي ببَكَّة مباركاً قيل إن بَكَّة موضع البيت وسائر ما حوله مَكَّة قال للذي ببَكَّة فأما اشتقاقه في اللغة فيصلح أن يكون الاسم اشتق من بَكَّ الناسُ بعضهم بعضاً في الطواف أي دفع بعضهم بعضاً وقيل بَكة اسم بطن مَكَّة سميت بذلك لازدحام الناس وفي حديث مجاهد من أسماء مَكَّةَ بَكَّةُ قيل بَكَّة موضع البيت ومكةُ سائر البلد وقيل هما اسما البلدة والباء والميم يتعاقبان
المراجع من الشاملة وقد لا تكون موافقة للمطبوع.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[28 Jan 2010, 07:00 م]ـ
أخي الكريم العليمي
والله أخجلتني بأدبك الجم وحلمك على أخيك الضعيف فجزاك الله خيراً وبارك فيك أخا وشيخاً.
وقد جرأني حلمك على أن أستفيد من سعة اطلاعك في هذا الباب ومن أدبك الكريم.
راجياً منك أن لا تجعلني بغير قصد محافظاً أو أصولياً!! .. فالغاية هي الوصول إلى الحق قدر الإمكان بوسائله المشروعة.
لا أنكر أن الأنبئاء حجوا كلهم أو جلهم إلى بيت الله بيت إبراهيم بمكة حرسها الله وشرفها للأخبار الواردة في ذلك ..
ولا أنكر أن الحج فرض على الناس حكماً أتى في القرآن، مخاطباً يهود المدينة وغيرهم في العهد النبوي وما بعده.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكن كلمات المزامير لا تدل بنصها قطعاً ولا جاء في التاريخ أنها في تفيد أن وادي وادي مكة كان جافاً ثم انقلب نهراً أو ينبوعاً كما في قوله: (وَإِذْ يَعْبُرُونَ فِي وَادِي بُكَةِ الْجَافِّ، يَجْعَلُونَهُ يَنَابِيعَ مَاءٍ) ..
ولأنها تصح أن تكون مهيئة لبني إسرائيل ليعبروا النهر (نهر الأردن) والوادي المذكور قد يكون من أودية الأردن أو نهرها التي كان فيها بنو إسرائيل بصحبة نبيئهم داوود عليه السلام، متوجهين إلى بيت المقدس، وذلك ما كان حصل فعلاً ..
هذه الكلمات في المزامبر هي أشبه بالآيات التي ذكرت في سورة البقرة (إلم تر إلى الملإ من بني إسرائيل إذ قالوا لنبيء لهم) .. (إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فإنه مني ولم لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم). ما المانع.
على أن آية القرآن (سورة إبراهيم) لا تتطابق تماماً مع كلمات المزامير .. فآية إبراهيم ليس فيها لفظ العبور، والعبور قد يطلق كما قد نفهم على عبور النهر في التراث العبري.
وأما الترجمة من لغة إلى لغة فمفسدة للنص أيّ مفسدة .. والكتب السماوية السابقة نقلت من العبرية ومنها إلى الآرامية ومنها إلى السريانية ومنها إلى اليونانية واللاتينية ومنها إلى الانجليزية القديمة ومنها إلى الانجليزية الحديثة .....
وهذه الترجمات مخلة بالنظام اللفظي للنص الأصيل (الذي هو الوحي قطعاً) إذا استبقينا الحكم على الجانب المعنوي. وهذا قصدتُّه ليس غير.
وأظن أنه لا خلاف في أن ترجمة الكلام ليست هي الكلام نفسه، وإلا لكانت ترجمة القرآن إلى اللغات الأخرى وهي جائزة، تأخذ أحكام النص الأصيل. وليس كذلك.
أما كتاب (القمني) فأردت أن أنبه على منهجه غير الصحيح وعرضت نماذج للتوضيح؛ لأن ذلك المنهج بدأ ينتشر في بعض الدراسات الحديثة.
وشكري للأخ الكريم حجازي على نقله من المعجمات العربية المتفقة إلى حد كبير على أن (بكة) عربية لا معربة.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[28 Jan 2010, 10:05 م]ـ
للفائدة أيها الإخوان؛ فقد كتب الأخ: فيصل بن علي الكاملي، مقال بعنوان: "بكة" ولو كره الكافرون، في مجلة البيان فليُرجع إليه.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[29 Jan 2010, 11:42 م]ـ
أخانا الفاضل العليمى المصرى
اسمح لي بهذه المداخلة:. [/ color]
وهل هذا كلام يا اخانا الفاضل؟!
كيف تقول: اسمح لى بمداخلة؟!!
البيت بيتك يا أخى، تدخل وتخرج منه وقتما تشاء، ونحن ضيوف عليك (بسمة)
جاء في: العين - (ج 1 / ص 425)
بك: البَكُّ: دق العنق، وسميت مكة: بكّة، لأن الناس يبكًّ بعضهم بعضاً في الطواف، أي: يدفع بعضهم بعضاً بالازدحام. ويقال: بل سميت، لأنها كانت تبك أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها بظلم
. . . . .
وفي: تهذيب اللغة - (ج 3 / ص 310)
قال الليث: البَكُّ: دق العنق. ويقال سميت مكَّة بكة لأنها كانت تبكُّ أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها.
ويقال: بل سميت بكة لأنَّ الناس يَبُكُّ بعضهم بعضاً في الطُّرق، أي يدفع ..
قال: وبَكَّ الرجل، إذا افتقر، وبَكَّ إذا خشُن بدنه شجاعة.
ويقال للجارية السمينة: بكباكة، وكبكابة، وكواكة، وكوكاءَة، ومرمارء، ورجراجة. . .
يا أخى الفاضل: ان ما تفضلت بنقله لا يعدو أن يكون اجتهادات وفروض، وليس من بينها قول مؤكد وموثق لا بالكتاب ولا بالسنة
واذا تأملت فيها تجد أنهم يوردون قولا من تلك الأقاويل ثم يعقبون عليه بعبارة موحية تقول: ويقال بل سميت بكة لأن. . . الخ
فانظر الى حرف الاضراب (بل) الوارد فى أقوالهم لتدرك منه أنها أقوال متعارضة ينسخ بعضها بعضا
ومن هنا أقول: أليس الأولى من هذا كله أن نقول: بل سميت بكة لأن الله عز وجل هو الذى أسماها بذلك الاسم فى وحيه المنزل الى نبيه داود عليه السلام والذى نجده مكتوبا فى الزبور
ثم لا تزال توجد مسألة هامة لم يفطن اليها أحد فى أقوال أصحاب المعاجم وتخريجاتهم، وهى:
ان أقوالهم المذكورة تحاول أن تفسر الاسم (بكة) بمعزل عن اسم (مكة)، وهذا يعنى أنهم لا يرون أن احداهما مبدلة من الأخرى
فلم نجد فيمن ذكرت أقوالهم أخى الكريم أحدا قال أن بكة مبدلة من مكة، أو حتى العكس (مكة هى المبدلة)
لم نجد من ذهب الى ذلك فى كافة من أوردت أقوالهم، وهذا بدوره يعطى طرحى حجة ودعما، لأن هذا الطرح يقول بالمثل أن بكة هى اسم خاص لمكة وليست مبدلة منها، وأن التشابه الكبير بين الاسمين لا يقطع بوجود ابدال بينهما، أو لا يقطع بأن احداهما هى لغة فى الأخرى (بحسب اصطلاح أهل اللغة) وعلى هذا فلا يوجد ما يمنع من القول بأن اسم (مكة) - حرسها الله وحفظها - كان هو الاسم الأكثر شهرة لها عند أهلها، وأن الاسم الآخر لها (بكة) قد جاءهم من طريق آخر، ثم بمرور الزمن ألفوه وأقروه فى لسانهم وأدخلوه فى لغتهم فصار عربيا من قبل أن ينزل القرآن الكريم
وفى المداخلة القادمة ان شاء الله سوف نرى مفاجأة لم أتوقعها، حيث عثرت بتوفيق الله تعالى على قول من أقوال السلف الصالح يدعم طرحى ويصرح بأن اسم بكة مذكور فى الزبور
(يتبع)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[29 Jan 2010, 11:48 م]ـ
عن مجاهد رضي الله عنه قال: وجد في بعض الزبور: أنا الله ذو بكة جعلتها بين هذين الجبلين وصغتها يوم صغت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء وجعلت رزق أهلها من ثلاث سبل وباركت لأهلها في اللحم والماء
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[29 Jan 2010, 11:57 م]ـ
أخى الكريم عصام
لن أستطيع أن أرد على كلماتك المهذبة التى أصابتنى أنا - لا أنت - بالخجل، أشكرك أخى وأرجو من الله تعالى أن يوفقنى دائما الى أن أكون عند حسن ظن الجميع بى، انه ولى ذلك والقادر عليه
ثم أقول:
بعد الذى ذكرته فى المداخلتين السابقتين - ردا على أخى حجازى - لم يعد لدى ما يمكن أن أزيد عليه
أشكرك أخى على نقاشك المثمر البناء الذى ربما قد يكون هو الذى وجهنى وجهة جديدة فى تفسير هذا الاسم الكريم (بكة) بعد أن كنت أسلك فى تفسيره مسلكا أخر مختلف تماما
بارك الله فيك، وفى جميع الأخوة الأفاضل الذين شاركوا فى هذا النقاش، وكان آخرهم أخانا التويجرى جزاه الله خيرا
سبحانك الله وبحمدك، نشهد أن لا اله الا أنت، نستغفرك ونتوب اليك
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[30 Jan 2010, 01:17 ص]ـ
بارك الله فيك أخي العليمي وأحسن إليك وضاعف لك المثوبة
وقد سبق الأخ الفاضل حجازي إلى هذا الأثر في مشاركة سلفت:
"أنا الله ذو بكة .. " ..
لكن نقله كان عن دواوين الأدب، وهي مظنة شك، وتحتاج إلى توثيق:
رواية المستطرف:
وقيل: وجد حجر حين حفر إبراهيم الخليل عليه السلام أساس البيت، مكتوب عليه بالعبرانية، أنا الله ذو بكة خلقت الرحم وشققت لها أسماً من أسمائي، فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته أي قطعته."
وروايات نهاية الأرب:
" (1) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وجد في المقام كتاب فيه هذا بيت الله الحرام بمكة، توكل الله برزق أهله من ثلاث سبل، مبارك لأهله في اللحم واللبن
(2) ووجد في حجر في الحجر كتاب من خلقة الحجر أنا الله ذو بكة الحرم صغتها يوم صغت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها مبارك لأهلها في اللحم والماء.
(3) وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما هدموا البيت وبلغوا أساس إبراهيم عليه السلام وجدوا في حجر من الأساس كتاباً، فدعوا له رجلا من أهل اليمن، وآخر من الرهبان، فإذا فيه: أنا الله ذو بكة حرمتها يوم خلقت السماوات والأرض والشمس والقمر ويوم صغت هذين الجبلين وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها مبارك لأهلها في الماء واللبن.
(4) وعن مجاهد رضي الله عنه قال: وجد في بعض الزبور أنا الله ذو بكة جعلتها بين هذين الجبلين وصغتها يوم صغت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء وجعلت رزق أهلها من ثلاث سبل فليس يوتا أهل مكة إلا من ثلاثة طرق أعلى الوادي وأسفله وكدى وباركت لأهلها في اللحم والماء.
وقول مجاهد المنقول: في بعض الزّبور لا يعني الزَّبور كتاب داوود عليه السلام، بل يعني الكتاب فحسب؛ من زبر إذا كتب.
وقد رواه ابن أبي شيبة في المصنف [كتاب الحج] بثلاث طرق، كلها تؤيد أن ذلك المكتوب (المزبور) كان تحت الكعبة، مكتوباً في كتاب أو في صخرة أو في حجر:
(1) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا الاعمش عن مجاهد قال: لما هدم البيت وجد فيه صخرة مكتوب فيها: أنا الله ذو بكة صغته يوم صغت الشمس والقمر، حففته بسبعة أملاك حلقا، باركت لاهله في السمن والسمين، لا يزول حتى تزول الاخشبان يعني الجبلين، وأول من يحلها أهلها.
(2) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا سلمة بن نبيط عن الضحاك بن مزاحم قال: لما كسر البيت جاء سيل فقلب حجرا من حجارة البيت فإذا مكتوب فيه: أنا الله ذو بكة صغته يوم صغت الجبلين، بنيته على وجوه سبعة أملاك حنفاء ليسوا يهودا ولا نصارى.
(3) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع قال حدثنا زكريا عن عامر قال: حدثني من قرأ كتابا في سقف البيت أو أسفل مقام إبراهيم: أنا الله ذو بكة بنيته على وجوه سبعة أملاك حنفاء، باركت لاهله في اللحم والماء وجعلت رزق أهله من ثلاثة سبل، ولا يستحل حرمته أول من أهله.
رواية مجاهد التي في المصنف توضح أنه مكتوب في كتاب في موضع الشاهد الذي نحن فيه، وهو موضع البيت.
وفيه روايتان عن شيخه ابن عباس تبيان ذلك أيضاً.
وضمائر رواية ابن أبي شيبة تعامله معاملة مذكر (البيت): بنيته .. صغته .. باركت لأهله .. جعلت رزق أهله .. لا يستحل حرمته أول من أهله .. ولا تعامله معاملة مؤنث (قرية أو مدينة) إلا إذا كان المقصود دائرة أكبر من البيت (وأول من يحل أهلها).
وفي رواية نهاية الأرب جمع بين اللفظتين محل النزاع: (مكة) و (بكة) في سياق واحد، وهذا يبعد وهم تبادل الميم والباء، ويبعد وهم الاشتراك في دلالة الاسمين على مسمى واحد.
تأمل:
أنا الله ذو بكة جعلتها بين هذين الجبلين وصغتها يوم صغت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء وجعلت رزق أهلها من ثلاث سبل فليس يؤتى أهل مكة إلا من ثلاثة طرق أعلى الوادي وأسفله وكدى وباركت لأهلها في اللحم والماء
ورواية المستطرف توضح أن وجدانها كان منذ ما قبل زمان إبراهيم عليه السلام، لعله كان منذ زمان آدم، أو قبله، لأنه ذكر أن الذي بناه كانوا ملائكة حنفاء ليسوا يهوداً ولا نصارى، وأنه مكتوب بالعبرانية ..
وما العبرانية التي كانت في زمن إبراهيم عليه السلام؟ .. لعلها السامية أو الآرامية أو العربية القديمة .. يؤيد أنها ليست العبرانية المتبادرة أنها قد قرأها يماني وراهب كتابي.
ولو وجد هذا الكتاب لكان أقدم وثيقة على ظهر الأرض!.
وكل هذه الروايات توضح أن (بكة) اسم قديم قدم صوغ الله تعالى للخليقة ..
وكل هذه الآثار تتحدث عن قداسة البقعة التي أسس عليها البيت، الذي هو أول بيت وضع للناس.
والله ولي التوفيق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[02 Feb 2010, 06:48 م]ـ
بارك الله فيك أخي العليمي وأحسن إليك وضاعف لك المثوبة
. . . . . .
وقول مجاهد المنقول: في بعض الزّبور لا يعني الزَّبور كتاب داوود عليه السلام، بل يعني الكتاب فحسب؛ من زبر إذا كتب.
. . . . .
وفي رواية نهاية الأرب جمع بين اللفظتين محل النزاع: (مكة) و (بكة) في سياق واحد، وهذا يبعد وهم تبادل الميم والباء، ويبعد وهم الاشتراك في دلالة الاسمين على مسمى واحد.
جزاك الله خيرا أخى الكريم
ومعذرة لتأخرى فى الرد عليك، فقد انشغلت بتقدير درجات الامتحانات للطلاب طيلة الفترة الماضية، وربما يستمر هذا ليومين آخرين
وليس لى من تعليق على ما ذكرت سوى ما يلى:
لفظة (الزبور) فى قول مجاهد رضى الله عنه وأرضاه مذكورة ب (ال) التعريف
ومن هنا فانها تجعل الذهن ينصرف تلقائيا الى الزبور الذى آتاه الله داود عليه السلام
وكان من الممكن أن تقال بأسلوب لا يحتمل اللبس بأن يقال مثلا: " وجد فى بعض الزبر " أو بأن يقال مثلا: " فى زبور من الزبر "
أما مسألة أنه كان مكتوبا باللغة العبرانية فان هذا مما يشهد لطرحى وليس مما يفنده
ولكنى أتفق معك تماما فى قولك:
((وهذا يبعد وهم تبادل الميم والباء، ويبعد وهم الاشتراك فى دلالة الاسمين على مسمى واحد))
فهذا هو ما ذهبت أنا اليه فى طرحى كذلك
وأخيرا أكرر ما سبق أن قلته من قبل:
هو اجتهاد لا غير، ويبقى العلم اليقين عند علام الغيوب سبحانه وتعالى
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[02 Feb 2010, 08:08 م]ـ
ولكنى أتفق معك تماما فى قولك:
((وهذا يبعد وهم تبادل الميم والباء، ويبعد وهم الاشتراك فى دلالة الاسمين على مسمى واحد))
فهذا هو ما ذهبت أنا اليه فى طرحى كذلك
وأخيرا أكرر ما سبق أن قلته من قبل:
هو اجتهاد لا غير، ويبقى العلم اليقين عند علام الغيوب سبحانه وتعالى
شكرا لك أخي العليمي
لكن لو تراجع إبدال الباء ميما في الزبور، ففي الحديث:"لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود".
وفقكم الله
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[02 Feb 2010, 11:17 م]ـ
الأخ الكريم العليمي،
1. ذِكرُ بكة في أي نص قديم يمكن الاحتجاج به على وجود هذا الاسم بغض النظر عن قيمة هذا النص من الناحية الدينية لأن المسألة هنا تاريخية.
2. من أين لنا أن سِفر المزامير المنسوبة لداود عليه السلام هي الزبور؟!
3. عندما نقرأ المزامير ندرك أنها أدعية وصلوات ومناجاة منسوبة لداود عليه السلام. فمن أين لنا أن الزبور كان أدعية وصلوات ومناجاة؟!
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[06 Feb 2010, 12:20 ص]ـ
الأخ الكريم العليمي،
1. ذِكرُ بكة في أي نص قديم يمكن الاحتجاج به على وجود هذا الاسم بغض النظر عن قيمة هذا النص من الناحية الدينية لأن المسألة هنا تاريخية.
لا أختلف معك فى هذا، وليس فيما قلته أنا ما يشترط ذكر بكة فى نص دينى فقط، ومن هنا لا أجد وجها للاعتراض، ان كان هناك اعتراض أصلا، وعبارتك يكتنفها بعض الغموض وتحتاج الى توضيح
ثم هل أفهم من كلامك أن بكة قد ورد ذكرها فى نص غير دينى، وأقدم من نص المزمور 84 من جهة؟؟
لم توضح لنا هذه النقطة من قبل، أو أنك تعنى شيئا آخر لم أتبينه بعد , فكما قلت العبارة غير واضحة
2. من أين لنا أن سِفر المزامير المنسوبة لداود عليه السلام هي الزبور؟!
أما هذه فلا
فلا يوجد أدنى شك فى أن الزبور لا يخرج عن نطاق المزامير
هذه مسألة من المسلمات التى لا شك فيها لدى علماء مقارنة الأديان المسلمين، والأسباب التى دعتهم الى ذلك كثيرة، لعل فى مقدمتها أنه لا يوجد لداود عليه السلام كتاب آخر ينسب اليه غير تلك المزامير
ومن تلك الأسباب أيضا أن القرآن الكريم أكد لنا ذلك حين أحال آية من القرآن الى الزبور وبالدراسة المقارنة ثبت أن ما أحال القرآن اليه لا يوجد الا فى سفر المزامير مما يؤكد أنه هو المقصود بالزبور، الا اذا كنت ترى أن القرآن قد أحالنا الى ما لا يمكن التثبت منه والتحقق من وجوده!!
ويبدو أن أخى الكريم لا يقرأ مداخلاتى كلها، لأننى ذكرت الشواهد على هذا فى احدى مداخلاتى السابقة، وهذا هو رابطها:
http://tafsir.org/vb/showpost.php?p=95210&postcount=35
(يُتْبَعُ)
(/)
أما كون الزبور كتاب تسابيح وصلوات مثل المزامير فهذا كذلك أمر ثابت بالقرآن نفسه، وليس فيه أدنى شك أيضا، ولتقرأ من القرآن ما يدلك على ذلك بأوضح عبارة وأقوى بيان، قال تعالى:
" وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين " (الأنبياء - 79)
والعجيب أن هذه الآية قد وردت فى سورة الأنبياء، وهى نفس السورة التى نجد فيها الاحالة الى الزبور بقوله تعالى:
" ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون "
وقد رأينا مصداق هذا القول فى سفر المزامير بأقوى بيان كما أوضحت فى المداخلة التى ذكرت لك رابطها منذ قليل، وهذا بحد ذاته يؤكد بقوة أن الزبور متضمن فى المزامير
وانظر كذلك الى قوله تعالى:
" ولقد آتينا داود منا فضلا، يا جبال أوبى معه والطير " (سبأ - 10)
هذه الآيات تدل على أن ما اشتهر به داود عليه السلام وبرع فيه للغاية هو التسبيح والأدعية والمناجاة، وأن هذا بالتالى كان مضمون كتابه الزبور، وهذا أيضا هو نفس مضمون المزامير كما قلت أنت، وبناءا عليه فلا تستبعد اذن أن تكون هويتهما واحدة
ثم دعنى أقول لك: دعك من مسألة هل المزامير هى الزبور أم لا، دعك من هذا تماما وانظر الى الأمر نفس نظرتك التاريخية، تعامل مع المزامير على أنها نصوص تراثية، وهذا فى حد ذاته يعد كافيا جدا للدلالة على أن لفظة بكة الواردة فيها تعد لفظة قديمة فى التراث العبرى سواء أكان هذا التراث دينيا أم غير دينى
ان الأمر يسير يا أخى، ولا يتطلب أن نجرى تحريا حول قداسة المزامير من عدمها، الأمر أهون من هذا بكثير
يكفينا فحسب اثبات أن اسم بكة كان معروفا لبنى اسرائيل قبل ظهور الاسلام بقرون كثيرة، وعلى أن الحج اليها كان معروفا لديهم، وهذا هو ما فعلته
ومع هذا ففى المداخلة القادمة ان شاء الله سوف آتيك بنصين لاثنين من علماء الدين المرموقين يؤكدان لك أن سفر المزامير هو نفسه الزبور الذى آتاه الله عز وجل داود عليه السلام
(يتبع)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[06 Feb 2010, 12:35 ص]ـ
قال فضيلة الشيخ الدكتور عبد الوهاب النجار يرحمه الله (وكان أستاذا للتاريخ الاسلامى بكلية أصول الدين بالأزهر الشريف) فى كتابه المشتهر (قصص الأنبياء) ما يلى:
((ان الله تعالى أعطى داود عليه السلام الزبور كما فى قوله تعالى " وآتينا داود زبورا " وهو عبارة عن قصائد وأناشيد تتضمن تسبيح الله وحمده والثناء عليه والتضرع له وبعض أخبار مستقبلة كما قال تعالى " ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون " أى أنه تضمن الأخبار بشأن النبى الآتى وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كما فى الزبور (المزمور) الخامس والأربعين، والزبور يسمى عند أهل الكتاب: المزامير، وعددها مائة وخمسون مزمورا، وليست كلها لداود. . .))
كان هذا ما قاله أحد العلماء الشرع المشهود لهم بالعلم الغزير والاطلاع الواسع، وقد ذكرناه على سبيل التمثيل لا الحصر، والا فما أكثر علماء الشرع الذين قالوا بمثل ما قال
وهذا هو الباحث الاسلامى وعضو هيئة الاعجاز العلمى الأستاذ هشام محمد طلبة يذكر فى كتابه (محمد رسول الله فى الترجوم والتلمود والتوراة) فقرة من مزامير داود تقول:
" الذين ينتظرون الرب هم يرثون الأرض. . .الصديقون يرثون الأرض ويسكنونها الى الأبد "
ثم يعلق عليها قائلا:
((تشير هذه الفقرة بشكل قاطع الى قوله تعالى فى القرآن عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون ")) انظر صفحة 92 من الكتاب المذكور
وهكذا يتأكد لك أن المزامير هى الزبور وبشهادة القرآن نفسه، وليس بعد كلام الله شهادة
ولا يقتصر الأمر على هذا فحسب، بل ان هذا الباحث الفاضل (الأستاذ هشام) قد ذكر فى نفس كتابه ذاك كلاما قريبا جدا من طرحى عن اسم بكة، بل انه يكاد يكون عين هذا الطرح، حيث قال فى 58 من كتابه سالف الذكر ما يلى:
(يُتْبَعُ)
(/)
((ان التوراة نفسها تذكر (مكة) لكن باللفظ الذى ذكر فى القرآن (بكة)، ولعل القرآن اختار هذا اللفظ دون الأول حتى يتذكره أهل الكتاب، اذ تتكلم التوراة فى المزمور 84: 5، 6 عن فرحة حاج يؤدى مناسك حجه (هو فى تفسيرهم داود نفسه) الى بيت الله، وكيف أن هناك عيون ماء لسقيا الحجيج، ويذكرنا ذلك ببئر زمزم فى المسجد الحرام))
ثم يورد الباحث فقرة المزامير التى ذكرناها من قبل والتى نصت على اسم (وادى بكة) وينتقد الترجمات العربية التى ترجمته الى (وادى البكاء) معللا ذلك بخشية أهل الكتاب المعاصرين من هذا التشابه، بل هذا التطابق بين هذا الاسم ومدينة الاسلام المقدسة
أعتقد أن هذا يكفى فى الدلالة على ما ذهبت اليه، والله أحكم وأعلم
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[06 Feb 2010, 12:45 ص]ـ
شكرا لك أخي العليمي
لكن لو تراجع إبدال الباء ميما في الزبور، ففي الحديث:"لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود".
وفقكم الله
الأخت الفاضلة
أشكرك على ملحوظتك المذكورة، وأضيف الى ما تفضلتى بذكره أن ما ذهبتى اليه قد سبق أن ردده فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الوهاب النجار (من علماء الأزهر الشريف) حيث قال فى كتابه قصص الأنبياء وهو بصدد الحديث عن قصة اسماعيل عليه السلام ما يلى:
((ومعلوم أن لفظ (مكة) عربى، والعربية احدى اللغات السامية، وقد قال جورجى زيدان بك فى كتابه (العرب قبل الاسلام) أن لفظ (بيك) معناه البيت، وعزا ذلك الى لغة سامية، ومعلوم أن اللغة العربية فيها ابدال الباء ميما وبالعكس، ومن القبائل التى تفعل ذلك قبيلة (مازن) فيقولون فى بكر: مكر، وفى مكان: بكان، وعندنا فى بلاد الصعيد فى مصر أثر من ذلك الى اليوم، وفى بلاد العرب كذلك كما نص عليه صديقنا البحاثة الرحالة محمد لبيب البتانونى بك فى رحلته الحجازية، فمكة هى عين بكة ومعناه البيت وأطلق على ما جاوره توسعا، وهذه كلمة بعل بك مركبة من كلمتين: بعل ومعناه الاله، وبك ومعناه البيت، أى بيت البعل، اسم المعبد الذى أقيم باسم البعل ووضع به صنمه، وقد أطلق هذا الاسم على المدينة التى فيها بيت البعل، كما هو الواقع بمكة حيث أطلق الاسم فيما بعد على البلدة كلها))
ومن الواضح من هذا الكلام لفضيلة الشيخ أنه يرى أن اسم (بكة) كان هو الأصل، وأن قلب الباء ميما قد حدث بعد ذلك، وقد عرضت لهذا الطرح بالتفصيل من قبل كما تعلمين، ولا أجد مانعا من قبول هذا الرأى بالاضافة الى ما ذكرته بعد ذلك، اذ يمكن التوفيق بين هذين الطرحين بيسر
وختاما أقول دائما: يبقى العلم اليقين عند علام الغيوب جل وعلا
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[06 Feb 2010, 09:37 م]ـ
الأخ الكريم العليمي حفظه الله،
1. تقول لي: (ثم دعنى أقول لك: دعك من مسألة هل المزامير هى الزبور أم لا، دعك من هذا تماما وانظر الى الأمر نفس نظرتك التاريخية، تعامل مع المزامير على أنها نصوص تراثية، وهذا فى حد ذاته يعد كافيا جدا للدلالة على أن لفظة بكة الواردة فيها تعد لفظة قديمة فى التراث العبرى سواء أكان هذا التراث دينيا أم غير دينى)، صحيح، وهذا ما قلتُه لك في النقطة الأولى والتبست عليك.
2. أعظك أن تتساوق حفظك الله مع كلام طالبة التفيسر، فإذا صح في الأسماء العربية أن تقلب الباء ميماً فتصبح مكة بعد أن كانت بكة، فكيف يصح أن تكون زبور هي زمور؟!! والزبور من زبر وتجمع على زُبُر. والمزمار من زمر وجمها مزامير، ولكلٍّ معنى ولا يلتقيان.
3. أما استشهادك بالأستاذ النجار فلا اعتراض عليه، ولكنك تعلم أن الأزهر في حينه قد شكل لجنة لدراسة كتابه وتقييمه وكان بينه وبين اللجنة مساجلات أثبتها في كتابه. ثم إن كتب القصص مليئة بالإسرائيليات لتساهل العلماء في هذا الباب الذي لا تنبني عليه الأحكام الشرعية.
4. كل ما أريده أن يقدم من يقول إن المزامير هي الزبور الدليل المقنع، بل وأقبل منه شبهة الدليل. ومن أعجب ما عجبت له أخي أنك اعتبرت ورود جملة في مزامير العهد القديم تتوافق مع القرآن الكريم دليلاً على ما تقول، ثم تردف قائلاً:"وليس بعد كلام الله شهادة ". ولا يعدم باحث أن يجد في أي كتاب شاء كلاماً يتوافق مع معنى من معاني القرآن الكريم.
5. لم يذكر القرآن الكريم ولا السنة الشريفة أن الزبور قد أنزل على داود عليه السلام، بل:"وآتينا داود زبوراً"، لاحظ لم يقل سبحانه الزبور بل زبوراً. وداود عليه السلام في ذلك كغيره من الرسل الذي أرسلوا بـ:"جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير"، "جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير".
وعليه على كل من قال إن الله أنزل الزبور على داود عليه السلام أن يأتينا بالدليل. وأعلم أن عدم التدقيق وعدم التحقق وتناول الأمور ببساطة وتقليد هو الذي حمل الناس على هذا القول.
وفي الختام لك حبي وتقديري، وكل ما أهدف إليه هنا التناصح، مع اتفاقي معك في الكثير من المسائل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[07 Feb 2010, 12:57 ص]ـ
الأخ الكريم العليمي حفظه الله،
1. . . .، صحيح، وهذا ما قلتُه لك في النقطة الأولى والتبست عليك.
أشكرك على التوضيح أخى الكريم
أعظك أن تتساوق حفظك الله مع كلام طالبة التفيسر، فإذا صح في الأسماء العربية أن تقلب الباء ميماً فتصبح مكة بعد أن كانت بكة، فكيف يصح أن تكون زبور هي زمور؟!! والزبور من زبر وتجمع على زُبُر. والمزمار من زمر وجمها مزامير، ولكلٍّ معنى ولا يلتقيان
فى هذه عندك حق، فانها قد أخطأت بالفعل ولا أدرى كيف لم أنتبه لخطأها هذا؟!!!
ولكن جل من لا يسهو، وهذا لتعرف أنى مع الحق كما يقول توقيعى، ولست ممن يجادلون بالباطل أو يصطنعون المعاذير والحمد لله، وجزاك الله خيرا على التنبيه.
4. كل ما أريده أن يقدم من يقول إن المزامير هي الزبور الدليل المقنع، بل وأقبل منه شبهة الدليل. ومن أعجب ما عجبت له أخي أنك اعتبرت ورود جملة في مزامير العهد القديم تتوافق مع القرآن الكريم دليلاً على ما تقول، ثم تردف قائلاً:"وليس بعد كلام الله شهادة ". ولا يعدم باحث أن يجد في أي كتاب شاء كلاماً يتوافق مع معنى من معاني القرآن الكريم
أما فى هذه فقد جانبك التوفيق، فان المزامير هى الزبور بالفعل، هى الزبور يقينا، ولاتعجب من قولى أن القرآن قد شهد بذلك، فهذا هو الواقع بالفعل، والقياس الذى ضربته لتفنيد هذه الحقيقة أراه لا يصح على الاطلاق، لأنك أخى الكريم فيما يبدو قد سهوت عن أمر مهم للغاية، وهو أن توافق المزامير مع القرآن لم يأت اتفاقا، وانما جاء بارشاد الله لنا وتوجيهنا اليه، فالله عز وجل هو الذى قال أن هذا المعنى (وراثة الصالحين للأرض) قد كتبه هو عز وجل فى الزبور، وهذا هو ما يعطى لهذه المسألة مصداقية مطلقة، لأننا بعد أن بحثنا فى الكتاب الوحيد المنسوب الى داود عليه السلام وهو سفر المزامير كما يسميه أهل الكتاب فاننا قد وجدنا مصداق ما أخبرنا به رب العزة جل وعلا (تأمل فى الألفاظ الملونة بالأحمر رعاك الله)، فالمسألة لا تقتصر على مجرد توافق جاء عرضا، وانما المسألة أكبر من هذا جدا
وقد يصح كلامك فى حالة واحدة: أن تأتينى بنص آخر مما يسمى الكتاب المقدس غير نص المزامير المذكور نجد فيه مصداق المعنى القرآنى، وليس هذا فحسب بل يجب أن يكون هذا النص منسوبا الى داود عليه السلام حتى يصح أن نطلق عليه زبورا
وأقول لك من الآن: انها حالة مستحيلة تماما، فلن تجد أبدا مثل هذا النص الذى تنطبق عليه تلك الشروط، لن تجده أبدا خارج سفر المزامير، ولكنك تجده بيسر داخلها، فلماذا نترك اليسير بحثا عن المستحيل؟!
تقول أخى: ولا يعدم باحث أن يجد فى أى كتاب شاء كلاما يتوافق مع معنى من معانى القرآن الكريم
وأقول: ولكن كلام المزامير المذكور ليس كأى كلام، بل انه كلام مستدل عليه، ثم ان الدال عليه ليس أى أحد، بل هو الله تبارك وتعالى، ثم ان دائرة الاستدلال محددة بدقة ومذكورة حصريا (الزبور)
لكل الاعتبارات سالفة الذكر لا تصح مقارنته بأى كلام كما تقول أخى الكريم
لم يذكر القرآن الكريم ولا السنة الشريفة أن الزبور قد أنزل على داود عليه السلام، بل:"وآتينا داود زبوراً"، لاحظ لم يقل سبحانه الزبور بل زبوراً
عجيب أن يصدر هذا الكلام عنك أنت!
نعم، ان القرآن لم يقل أن الزبور أنزل على داود عليه السلام ولكن قال " وآتينا داود زبورا "
هذا حق، ولكنه لن يفيدك فى شىء مما ذهبت اليه
فماذا تقول اذن فى قوله تعالى: " ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون "؟
بل فى قوله تعالى: " ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم "؟؟
أو فى قوله تعالى: " ولقد آتيناك من لدنا ذكرا "؟؟؟ (لاحظ لم يقل سبحانه الذكر بل ذكرا، وأقولها ردا على ملحوظتك السابقة)
وأمثال تلك الآيات كثير جدا أخى الكريم، فهل دل أى منها على ما ذهبت اليه؟
وفي الختام لك حبي وتقديري، وكل ما أهدف إليه هنا التناصح، مع اتفاقي معك في الكثير من المسائل
ونبادلكم بالمثل الحب والتقدير والله خير الشاهدين
وشكرا لك على نصحك، وأجزل لك الله الأجر والثواب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[07 Feb 2010, 02:21 ص]ـ
الأخ الكريم العليمي حفظه الله
1. أرجو أن تعيد النظر فتدقق فيما كتبتُه عن الزبور، لأن ردك غير مفهوم لي. قصدت أن أقول إن الزبور نزل على عدد من الرسل ومنهم داود عليه السلام.
2. جاء في الإنجيل المنسوب إلى متى، في الإصحاح الخامس السطر الخامس:"طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض"، وجاء في العهد القديم في سفر أشعيا الإصحاح 60 السطر 21:" وشعبك كلهم أبرار إلى الأبد يرثون الأرض". هذا لأقول لك إن مثل هذا الكلام يقوله كل دين ينتسب إلى السماء.
3. في سيرة الرسول عليه السلام نجد الكثير من القرآن الكريم، وهذا لا يعني أن السيرة هي القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[07 Feb 2010, 03:29 م]ـ
الأخ الكريم العليمي حفظه الله
1. أرجو أن تعيد النظر فتدقق فيما كتبتُه عن الزبور، لأن ردك غير مفهوم لي. قصدت أن أقول إن الزبور نزل على عدد من الرسل ومنهم داود عليه السلام.
أرى أننا قد ابتعدنا عن موضوعنا الرئيس وتوقفنا طويلا عند مسألة فرعية لا تقدم ولا تؤخر فى النتائج المستخلصة
ومع ذلك فلا بأس من مناقشتها لأنها تتعلق بركن هام من أركان الايمان هو الايمان بكتب الله تعالى المنزلة قبل القرآن والتى كان منها زبور داود عليه السلام، ولكنك أخى لا تجعل من الزبور اسما بل صفة، فترى أن زبور تعنى مكتوب، فهو فعول (من جهة الوزن) لكن بمعنى مفعول، وهذا يا أخى خطأ محض لا زال يلتبس على أفهام كثير من الناس، فان الزبور هو اسم علم للكتاب الذى اختص الله به داود عليه السلام، و هذا الاسم ليس مشتقا من زبر بمعنى كتب كما توهمت أخى الكريم وكما يظن اناس كثر، ولا معنى مطلقا لهذا الاشتقاق هنا بالذات لأنه يؤدى الى خطأ كبير آخر تمثل فى قولك العجيب: ان الزبور نزل على عدد من الرسل منهم داود!!!
لا يا أخى الحبيب، ليس الأمر كذلك قطعا، لم ينزل الزبور على جماعة من الرسل كما تقول، ونص القرآن لا يفيد ذلك على الاطلاق، وانما على العكس يفيد أن الله عز وجل قد اختص نبيه داود بهذا الزبور، ولو كان الأمر كما تقول فلا معنى لذكر داود وحده من دون الرسل المزعوم اشتراكهم معه فى قوله تعالى فى سورة الاسراء: " وآتينا داود زبورا " هكذا على وجه الاختصاص، ويدلك على هذا بوضوح أن الله عز وجل قد قال ذلك فى معرض التفضيل والاصطفاء، وهذا ملحظ هام لا يجب أن يفوت عليك، فالآية بتمامها تقول:
" ولقد فضلنا بعض الأنبياء على بعض وآتينا داود زبورا " (الاسراء - 55)
بما يعنى أن ايتاء داود زبورا كان فضلا استأثر به داود من دون الأنبياء، وهذا وحده كافى فى الدلالة على أن الزبور لا تعنى مطلق الكتاب كما تظن أخى، فما أكثر الأنبياء الذين آتاهم الله كتبا، فلا ميزة لداود عليهم فى هذا الأمر، وانما ميزته أن الله عز وجل قد خصه هو تحديدا من بينهم جميعا بكتاب له اسم علم مخصوص هو الزبور، مثلما اختص موسى بكتاب اسمه التوراة، وعيسى بكتاب اسمه الانجيل، ومحمد بالقرآن، صلوات الله وتسليماته عليهم أجمعين
أما بخصوص اشتقاق اسم الزبور فان الكلام فيه يطول كثيرا، والتحقيق العلمى الرصين للمسألة تجده فى كتاب العلامة رؤوف أبو سعدة (من اعجاز القرآن) الجزء الثانى من ص 152 الى ص 158 وأدعوك أنت وجميع الأخوة الأفاضل الى قراءة هذا الكتاب النفيس، فان هذا الكتاب قد وصفه النقاد بحق بأنه: من أهم الكتب فى اعجاز القرآن التى شهدها القرن العشرون، ان لم يأت فى صدارتها جميعا!!
كما أن مؤلفه - رحمة الله عليه - كان عالما متبحرا فى علوم الألسن الشرقية، بل والغربية، فكان عالما باللغات العربية والعبرية والسريانية واليونانية و غيرها من اللغات، اللهم ارحمه واجزه عنا خير الجزاء
2 - جاء في الإنجيل المنسوب إلى متى، في الإصحاح الخامس السطر الخامس:"طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض"، وجاء في العهد القديم في سفر أشعيا الإصحاح 60 السطر 21:" وشعبك كلهم أبرار إلى الأبد يرثون الأرض". هذا لأقول لك إن مثل هذا الكلام يقوله كل دين ينتسب إلى السماء
يا أخى هذه اقتباسات من سفر المزامير وليست سابقة عليه، ومعلوم أن السيد المسيح عليه السلام كان يكثر فى أقواله من الاقتباسات من العهد القديم وبخاصة من سفر المزامير، وكذلك سفر أشعياء نجده تاليا فى الزمان لسفر المزامير وليس سابقا عليه، وكل منهما (الانجيل وسفر أشعياء) لا يصح اطلاق وصف الزبور عليهما، هذا من جهة
أما من جهة أخرى فانك تجد أن الله عز وجل قد قال بأسلوب يتحرى التاريخ والترتيب الزمنى: " ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون "، فانظر رعاك الله الى دقة التعبير القرآنى " من بعد الذكر " فانه يفيد أن هذا المعنى (وراثة الصالحين للأرض) قد ورد أول ما ورد فى الزبور الذى جاء بدوره عقب التوراة (الذكر)
ونحن نجد بالفعل أن أول من أورد هذا المعنى القرآنى كان هو سفر المزامير لم يسبقه فى ذلك كتاب غيره
(يُتْبَعُ)
(/)
وقبل أن أختم أذكرك أخى الكريم بموضوعنا الرئيس، لأننا قد حدنا عنه كثيرا، ولعلك توافقنى فى أن هذه المسألة الفرعية لا تؤثر بالسلب على النتائج التى انتهينا اليها، وهذا هو المهم فى الأمر
وأخير وليس آخرا تقبل تحياتى وتقديرى لشخصكم الكريم.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[07 Feb 2010, 04:23 م]ـ
الأخ الكريم العليمي حفظه الله،
1. أخي الكريم أرجو أن تدقق في كلامي، وهذه إعادة:
ا. قوله تعالى:" وآتينا داود زبورا": قد نقبل أنه يعني الزبور لو لم يرد في القرآن الكريم أن الله تعالى قد أنزل الزبر على الأنبياء، وإليك بعض الآيات الكريمة:
ب. "فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ" 184 آل عمران. "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" 44 النحل. " وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ" 25 فاطر.
2. قلتُ إن الزبور من زبر، وبإمكانك أن ترجع إلى كل المعاجم. ولم أقل إن زبر بمعنى كتب، وإن كان هذا هو قول جماهير المفسرين. ولكن القرآن ينص على أن الزبر معناه القطع: "آتوني زبر الحديد"، " فتقطعوا أمرهم بينهم زبراً".
3. طالما أن كلمة الزبور والتي جمعها زبر هي عربية فصحى فلا يليق بنا أن نذهب إلى اللغات الأخرى نبحث عن معنى آخر.
4. استشهدتَ بقوله تعالى:" ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر"، فإذا كان الذكر هو التوراة، كما تقول وقاله بعض العلماء، فإن ذلك يثبت أن هذه العبارة وردت في التوراة قبل الزبور، ولم يختص بها الزبور. هذا طبعاً لو وافقنا على التفسير.
5. أبو سعدة رحمه الله له في كتابه ومضات وإبداعات وله ما دون ذلك؛ فهو مثلاً يخلص إلى نتيجة أن معنى إبليس هو (أبو ليس) لأنه رفض السجود لآدم، وما تنبّه إلى أن هذا الاسم كان له قبل أن يقول لا، بدليل: "يا إبليس ما منعك .. "، وبدليل أن هذا الاسم كان قبل وجود اللغات البشرية. أما كلامه في الزبور فلم أطلع عليه لعدم توفر الجزء الثاني عندنا.
وفي الختام: كما قلتَ أنت لم تكن هذه هي المسألة المطروحة ابتداءً، ولكن لعل النقاش يثري ويُنبّه إلى تدبر أعمق. وجزاك الله خيراً
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[07 Feb 2010, 04:38 م]ـ
الأخ الكريم العليمي حفظه الله،
1. أخي الكريم أرجو أن تدقق في كلامى
هذا هو عين ما أرجوه منك أنا كذلك أخى الحبيب: أن تدقق فى كلامى السابق ذكره مباشرة، والذى قبله أيضا
أما كلامه في الزبور فلم أطلع عليه لعدم توفر الجزء الثاني عندنا.
سوف أكتبه لك قريبا ان شاء الله، ولكن حتى أفعل ذلك أدعوك لتأمل كلامى مرة أخرى
وفي الختام: كما قلتَ أنت لم تكن هذه هي المسألة المطروحة ابتداءً، ولكن لعل النقاش يثري ويُنبّه إلى تدبر أعمق. وجزاك الله خيراً
على الرحب والسعة أخى الكريم، وسعيد بنقاشك، وجزاكم خيرا
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[08 Feb 2010, 04:01 م]ـ
الأخ الكريم العليمي حفظه الله،. . . . .
3. طالما أن كلمة الزبور والتي جمعها زبر هي عربية فصحى فلا يليق بنا أن نذهب إلى اللغات الأخرى نبحث عن معنى آخر.
نعم أخى الكريم لم نختلف معك، هى كلمة عربية لا شك فى ذلك، فهذا أيضا هو ما قال به العلامة الألمعى رؤوف أبو سعدة - عليه رحمة الله - فى ختام حديثه عنها، وهذا نص كلامه:
((الزبور اذن عربية، ليس فيها شبهة عجمة، ومن ثم فهى لا تدخل فى مقاصد هذا الكتاب، لأنها ليست من العلم الأعجمى الذى يفسره القرآن للعرب وفق منهجنا فى هذا الكتاب الذى نكتب، ولكننا تصدينا لها لجلاء شبهات فهمها عربيا بغير معناها المقصود فى القرآن، ودفعا لمقولة أدعياء الاستشراق انها من الأعجمى الذى عربه القرآن فأبدل من الميم التى فى " مزمور " العبرية باء)) ص 158 من الجزء الثانى
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا ما أردت أن أنوه به أولا قبل الشروع فى بيانه الفذ للأصل الاشتقاقى لهذا اللفظ، والذى سيكون هو محور المداخلة القادمة ان شاء الله تعالى
ولكن ليعذرنى أخى البيراوى وباقى الأخوة الكرام ان أنا تأخرت قليلا فى ادراجها، لأننى أنقلها كتابة على الكيبورد من الكتاب مباشرة، ولذا فقد تستغرق منى بعض الوقت نظرا لطول هذا البحث (سبع صفحات)، وسأحاول اختصاره قدر الامكان، والله ولى التوفيق
(يتبع)
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[08 Feb 2010, 06:44 م]ـ
] أعطيت العافية ونحن بانتظارك أعانك الله
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[08 Feb 2010, 07:22 م]ـ
((العهد القديم فى نصه العبرانى لا يسمى هذا السفر " سفر المزامير " كما تسميه ترجمات العهد القديم، وانما يسميه " سفر تهليم " أى " سفر التسابيح "، من (هلل) العبرى المأخوذ من هلل العربى لا بمعنى صاح وصوت، ولكن بمعنى " سبح "، ومنه لفظ " هللويا " الشهيرة فى أناشيد أهل الكتاب، وأصلها العبرى " هللو - يه "، أى هللوا له، أى سبحوه! يعنى سبحوا الله، على التمجيد، فالترجمة العربية الدقيقة لاسم هذا السفر بالعبرانية هى " سفر التسابيح " أو " سفر التهاليل "، لا سفر المزامير
ولكن النص العبرانى أيضا لهذا السفر يضع " مزمور " العبرية عنوانا لكل فصل من فصوله المسماة " مزامير "، تسبق رقم هذا المزمور أو ترتيبه بين المزامير فيقول " مزمور ريشون "، أى المزمور الأول، " مزمور شينى "، أى المزمور الثانى، الى آخره
يجىء " زمر " العبرى بمعان ليس بينها قط الزمر بالمزمار:
المعنى الأول والأساسى هو قطع وقسم وشذب، ومنه " زمورا " العبرية بمعنى الغصن والفنن
والمعنى الثانى، وهو مشتق من الأول، يستخدم فيه " زمر " العبرى مضعفا، والمراد منه تقطيع القصيد، يعنى نظمه، فهو الكلام المقطع المنظوم
والمعنى الثالث، وهو المترتب على الثانى، معنى الانشاد أوالغناء، ومنه " زمرا " العبرية يعنى الأنشودة أو الأغنية
والمعنى الرابع، وهو المترتب على المعنى الثالث، معنى اللحن الموسيقى، أو العزف على آلة موسيقية ما
ليست " مزمور " العبرية اذن من الزمر بالمزمار، وانما هى بمعان ثلاثة هى: الأنشودة - المعزوفة - الكلام المقطع المنظوم أى المقطوعة
وقد نظر القرآن الى هذا المعنى الأخير: المقطوعة والمقطعات، فقال " الزبور " خلافا لقول علماء اللغة العربية وكل مفسرى القرآن الذين قالوا " الزبور " يعنى المكتوب، فهو فعول بمعنى مفعول من زبره يزبره زبرا، يعنى كتبه، أو جود كتابته، فهو الكتاب المزبور بمعنى المكتوبوقد حملهم على اختيار هذا المعنى وحده من بين مختلف معانى مادة " زبر " العربية ورود هذه المادة فى مثل قوله عز وجل:
" وانه لفى زبر الأولين " يعنى القرآن فى كتب السابقين، وقوله عز وجل:
" وكل شىء فعلوه فى الزبر " أى سجلنا عليهم أعمالهم فى الكتب
وكان هذا كافيا لصدهم عن التماس المعنى الآخر فى " زبر " العربى، الذى فى قوله عز وجل:
" فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا "، لا تستطيع أن تقول: فتقطعوا أمرهم بينهم كتبا
أو الذى فى قوله عز وجل على لسان ذى القرنين: " آتونى زبر الحديد "، أى آتونى " قطع الحديد " بلا خلاف بين المفسرين
والذى نقول به نحن أن الأصوب فى فهم " مزمور " العبرية بكسر الميم أن تفهم عبريا على أصل معناها: المقطعة، يعنى القصيد المنظوم
وقد فهم القرآن المراد من " زمر " العبرى على أصله: تقطيع القصيد، فجاء به على " زبور "، ولو فهم منه المعنى الغنائى لقال " زمور " بالميم، وسبحان العليم الحكيم
أما " الزبور " العربية القرآنية فى وصف وحى الله عز وجل على نبيه داود عليه السلام، فليس من الجيد فهمها بمعنى مطلق الكتاب، والا لما تميز وحى الله على داود باسم علم يختص به من دون كتب الله على رسله، كما اختص باسمه العلم كل من التوراة والانجيل والقرآن
وانما أريد له معنى مضاف يميزه عن غيره من الكتاب المكتوب، فقيل له " زبور " بمعنى مزبور، منظورا فى ذلك الى مادته وصيغته: انه كتاب " تسابيح " مقطعات))
المصدر السابق باختصار وتصرف
وشكرا لأخى الكريم سنان الأيوبى على كلماته المشجعة
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[05 Mar 2010, 05:20 م]ـ
وقع خطأ فى كتابة الآية 55 من سورة الاسراء وذلك فى المشاركة رقم 54، اذ كتبت لفظ (الأنبياء) بينما صحته (النبيين) لذا لزم التنبيه، وأستغفر الله العظيم الكريم الذى لا يؤاخذ على السهو والنسيان
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[05 Mar 2010, 05:29 م]ـ
للفائدة أيها الإخوان؛ فقد كتب الأخ: فيصل بن علي الكاملي، مقال بعنوان: "بكة" ولو كره الكافرون، في مجلة البيان فليُرجع إليه.
قد اطلعت عليه ووجدته مقالا قيما بالفعل، وفيه تحليل عميق لفقرة المزمور- التى استشهدنا بها - فى لغتها الأصلية (العبرية)، وقد كشف هذا التحليل عن اشارات أخرى - وردت فى نفس تلك الفقرة - الى آيات قرآنية أخرى تتعلق ببيت الله الحرام، منها مثلا قوله تعالى عنه ((سواء العاكف فيه والباد))، ومنها كذلك وصفه بأنه ((مباركا))، ومنها - ولعلها هى الأكثر أهمية - وصفه بأنه وادى ((غير ذى زرع)) وذلك أخذا من كلمة (صهيون) الواردة بالنص العبرى والتى هى فى حقيقتها قبل التحريف (صيون) بمعنى (الأرض القاحلة الجرداء الجدباء)
واجمالا فان تحليل الباحث دقيق ويسترعى الانتباه بحق
ومن هنا أدعو الأخوة والأخوات لمطالعته، وهذا هو رابطه على موقع (شبكة فلسطين للحوار):
http://www.paldf.net/forum/showpost.php?p=8234401&postcount=1
ونشكر أخانا التويجرى على تنبيهنا اليه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[05 Mar 2010, 05:39 م]ـ
الأخ الكريم العليمي،
3. عندما نقرأ المزامير ندرك أنها أدعية وصلوات ومناجاة منسوبة لداود عليه السلام. فمن أين لنا أن الزبور كان أدعية وصلوات ومناجاة؟!
من القرآن مباشرة، هذا هو جواب السؤال المطروح، حيث يمكن لنا أن نستدل على هذا من أمرين وردا بالقرآن:
الأمر الأول (وكنت قد أشرت اليه فى مداخلة سابقة) هو تقرير القرآن بأن داود عليه السلام قد برع للغاية فى التسبيح والشدو بالأناشيد والابتهالات، نأخذ هذا من موضعين بالقرآن، وهما:
أ - قوله تعالى:
(وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين)) - (الأنبياء - 79))
ب - قوله تعالى:
" ولقد آتينا داود منا فضلا، يا جبال أوبى معه والطير " (سبأ - 10)
هاتان الآيتان تدلان على أن ما اشتهر به داود عليه السلام وبرع فيه للغاية هو التسبيح والأدعية والمناجاة، وأن هذا بالتالى يعد أقرب شىء الى أن يكون هو مضمون كتابه (الزبور)، وهذا أيضا هو ما نجد أنه مضمون سفر المزامير الذى ينسب اليه، وبناءا عليه فان من اليسير أن نستنتج أن الزبور والمزامير يعنيان شيئا واحدا، هذا هو الأمر الأول
أما الأمر الثانى فقد كشف عنه بذكاء شديد الأستاذ رؤوف أبو سعدة - يرحمه الله - حين قال:
((كان الزبور كتاب تسابيح وتهاليل، ليس فيه شىء من التعاليم أو التكاليف كالذى تجد فى توراة موسى وانجيل عيسى وقرآن خاتم النبيين، دليلك فى هذا ما بقى من وحى الله على داود فى تلك المزامير التى فى العهد القديم
ودليلك فى هذا، بل قبل هذا، من القرآن نفسه، الذى لا يذكر الزبور بالاسم كلما جمع بين القرآن وبين توراة موسى وانجيل عيسى، كما تجد فى قوله عز وجل:
((ان الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون، وعدا عليه حقا فى التوراة والانجيل والقرآن)) - (التوبة: 111)
بل لا يجمع بين التوراة والانجيل وبين الزبور فى سلك واحد حين ذكر ما علمه الله عبده ورسوله عيسى بن مريم:
((ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل)) - (آل عمران: 48)
وما ذاك الا لأن التسابيح ليست علما يعلم، فهى ليست من ذات جنس كتب الله على أنبيائه، وان كانت وحيا منه تبارك وتعالى على نبيه داود، صلوات الله وسلامه على جميع رسله وأنبيائه، بل قد كانت خصيصة لداودعليه السلام، فضلا آثره به عز وجل من دون أنبيائه، لقوله عز وجل:
((ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا)) - (الاسراء: 55)
وسبحان العليم الخبير))(/)
وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[24 Jan 2010, 11:53 ص]ـ
شدني هذا المقال فأحببت أن أنقله لكم بارك الله فيكم.
"يوم دخلنا القبة الفلكية السبت 23 يناير 2010
1:16 م
?زرت مع بعض الإخوة القبة الفلكية بالرياض، ولما دخلنا القبة أغلقت علينا ثم أظلمت ثم فتح لنا الكون، وقُربت لنا النجوم والكواكب والنيازك وضُخّمت بواسطة جهاز ضخم، فرأينا السماء وأبصرنا بديع خلق الله وجميل صنعه وعظيم إتقانه وروعة حكمته، فوالله لقد أبصرنا ما أدهش العقل وأبكى العين وهزَّ النفس من أعماقها، شاهدنا المجرّات وهي تعمل بانتظام، رأينا النجوم وكلٌ في فلك يسبحون، أبصرنا المذنّبات تسعى سعياً في خطوط مرسومة وحدود معلومة، اطلعنا على الشمس والقمر، وأحدهما يجري خلف الآخر لا يدركه ولا يصطدم به، والقارئ يتلو علينا في نفس اللحظة قول الباري: {لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}، شاهدنا منازل القمر حيث ينزلها منزلاً منزلاً والله يقول: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}، قُرِّب لنا المريخ والمشتري وزحل وغيرها، وكلها تعمل بانتظام وتتحرك بحساب دقيق وتمشي بإتقان في مهمة محددة وبحكمة فائقة، يذهب السهم ليرينا الثريّا ومنازلها ثم يعود السهم إلى سهيل اليماني ثم يذهب السهم إلى مذنب طوله مائة مليون ميل كلما اقترب من الشمس ازداد شعاعاً، رأينا إقبال الليل وإدبار النهار وأبصرنا إطلالة الفجرِ على بعض دول العالم وغروب الشمس على دول أخرى، شاهدنا المهرجان في السماء كأنه حفل بهيج، الشمس ساطعة لامعة كأنها عروس حسناء تسرُّ الناظرين وتبهج المشاهدين، والقمر باسم وقور مشرق الطلعة كأنه ملك مهاب على عرشه، النجوم متناثرة كأنها حبات لؤلؤ على بساط أخضر، يا الله، يا للروعة، يا للجمال، يا للإبداع، يا للإتقان: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ}، جلسنا على الكراسي ولما بدأ العرض وأغلقت القاعة وأطفئت الأنوار وشاهدنا روعة الكون وهوله وغصنا في أماكننا وأصبحنا كأننا ذرات خائفين وجلين، غمرنا الخجل وغطانا الحياء من رب الأرض والسماء، وحدثت نفسي وأنا جالس: أين الملاحدة قاتلهم الله ألا يبصرون كما نبصر؟ ألا يشاهدون كما نشاهد؟ ألا يتدبرون كما نتدبر؟ فما لهم لا يؤمنون؟ يا الله هل يريدون دليلاً أكبر من هذا الخلق العجيب والنظام الغريب والكون البهيج والصنع المتقن والنظام المتكامل؟ ومن شك في كلامي فليزر أي قبة فلكية لتقرّب له السماء فينظر في الأبراج ومنازل القمر وحركة النجوم ودورة الفلك وسقوط النيازك وسير المجرّات بحساب دقيق مع الحكمة في الإبداع والجمال والإتقان، فسبحان الله ما أعظمه! ما أجله! ما أحكمه! ما أقواه! {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}، وسبحان الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور، وبعدما عشتُ هذا المشهد أدركتُ سبب إيمان علماء الفلك والطب والجيولوجيا لأنهم أبصروا الحقيقة فصاحوا مستسلمين مذعنين وصرخوا: (لا إله إلا الله)، وأدرك كلام اينشتاين حين يقول:
"إن من ينظر في الكون يعلم أن مبدعه حكيم سبحانه لا يلعب بالنرد"، الآن أدعوكم يا بشر، يا بني آدم، يا عالم، يا ناس، استيقظوا، انظروا في الكون، تدبّروا، تفكروا، تأملوا، أطلقوا النظر ولو لدقيقة واحدة وفي كل شيء أمامكم، في الماء، في الظلماء، في الهواء، في السماء، في الغذاء، في الدواء، في السراء، في الضراء، في كل حمراء، وبيضاء، وسوداء، وخضراء، وزرقاء، لقد أخذنا دورة تدريبية قصيرة في الإيمان وقد نفضنا المشهد نفضاً، وهزنا المنظر هزّاً، حينها أدركنا أن الإنسان صغير، فقير، حقير، ضئيل، مسكين، بائس، هزيل، ضعيف، جاهل، وأن الكبير هو الله، والعظيم هو الله، والقوي هو الله، والغني هو الله، والعليم هو الله، والحكيم هو الله، والخالق هو الله، والحي القيوم هو الله، فلا إله إلا الله، ما أعظم الله! وأجل الله! وأحكم الله! ولا إله إلا الله."
د. عائض القرني
http://www.sabq.org/sabq/user/article?id=76
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[25 Jan 2010, 12:05 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
بارك الله فيك أخي الكريم حجازي ...
لقد ذكرني الشيخ عائض في أيام مضت عندما دخلت ذات القبة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1414هـ عندما كنت طالبا فيها.بكلية العلوم الاجتماعية قسم الجغرافيا!!!
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 Jan 2010, 12:43 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم حجازي ...
لقد ذكرني الشيخ عائض في أيام مضت عندما دخلت ذات القبة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1414هـ عندما كنت طالبا فيها.بكلية العلوم الاجتماعية قسم الجغرافيا!!!
وفيك بارك أخانا الكريم
والله لقد هزت كلمات الشيخ عائض وجداني فكلماته جاءت صادقة معبرة أقرأها وكأني أشاهد ما يشاهد.
والله لو صفت منا القلوب لتأثرنا بكل ما حيط بنا من عجيب صنع الله في الكون وفي أنفسنا ولما كلت ألسنتنا من التسبيح بحمد الله، ولكنها الغفلة وقانا الله شرها.
أسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن قال فيهم:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191) رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192) رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194) فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)) سورة آل عمران(/)
الحواشي على التفاسير
ـ[روح وريحان]ــــــــ[24 Jan 2010, 01:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة الفضلاء في ملتقى أهل التفسير .. السلام عليكم ورحمة الله
أعلم أن جهدي متواضع لكني أحببت أن أضعه بين أيديكم علِّي أنال به أجر منتفع أو دعاء مطّلع.
خلال مرحلة دراستي في الماجستير التمهيدي قمت بجمع الحواشي التي كُتبت على التفاسير، وبعد إنجازها ارتأيت أن أضعها هنا عساها تفيد أحد الباحثين، وأرجو من كل من يعرف حاشية أخرى غير مذكورة أن يضيفها، وأكِل أجر مثوبته إلى الله.
الحواشي على (أنوار التنزيل وأسرار التأويل للقاضي البيضاوي):
1. ابن أبي اللطف: محمد بن يوسف بن أبي اللطف المقدسي رضي الدين الحنفي ت 1028.
2. ابن أبي اللطيف: محمد بن محمد بن أبي اللطيف شمس الدين المقدسي ت 903.
3. ابن التمجيد: مصلح الدين مصطفى بن إبراهيم المشهور بابن التمجيد له حاشية في ثلاث مجلدات لخصها من حواشي الكشاف
4. ابن الحاج حسن: محمد شاه بن محمد المعروف بابن الحاج حسن الرومي ت 939.
5. ابن الحنائي: علي جلبي بن أمر الله بن عبد القادر الحميدي الرومي الشهير بابن الحنائي ت 979.
6. ابن الصائغ: أبو بكر بن أحمد بن الصائغ الحنبلي ت 714 صنف (الحسام الماضي في إيضاح غريب القاضي) حاشية على أنوار التنزيل للبيضاوي.
7. ابن جماعة: محمد بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم الكناني الشافعي ت 819.
8. ابن عابدين: محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن أحمد بن عبد الرحيم بن نجم الدين بن محمد صلاح الدين المعروف بابن عابدين ت 1252
9. ابن قره تبه لي: حسين بن مصطفى الآيديني ت 1191، له حاشية على بعض أقسام تفسير البيضاوي.
10. ابن قطلوبغا: سيف الدين محمد بن محمد بن عمر بن قطلوبغا الحنفي ت870.
11. ابن هلال الحنفي محمد علي.
12. الأزميري: محمد بن ولي بن رسول القيرشهري ثم الأزميري ت 1165.
13. الاسفرائني: إبراهيم بن محمد بن عرب شاه الاسفرائني الخراساني عصام الدين الحنفي ت 944 له حاشية على تفسير البيضاوي إلى سورة الأعراف من أول سورة النبأ إلى آخر القرآن.
14. أقكرماني: محمد بن مصطفى حميد الكفوي المعروف بأقكرماني ت 1174.
15. آلتوني جوق زاده: عبد الله بن محمد الرومي المعروف بآلتوني جوق زاده ت 1183.
16. الالسيالكوتي: القاضي عبد الحكيم بن شمس الدين محمد السيالكوتي البنجابي ت 1067.
17. الأماسي: خضر بن محمد الأماسي الحنفي ت 1100 وقيل 1086.
18. الأماسي: محمد بن إمام محمود باشا الأماسي ت 973.
19. إمام الكاملية: محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن علي يوسف بن منصور القاهري كمال الدين الشافعي المعروف بإمام الكاملية ت 874.
20. أمير بادشاه البخاري:محمد أمين بن الشريف المعروف بأمير بادشاه البخاري الحنفي ت 972 وقيل 987.
21. الايجي: عيسى بن محمد بن عبد الله بن محمد الصفوي قطب الدين الايجي ت 955.
22. الآيديني:العالم المشهور بروشني الآيديني.
23. الباليكسري: محمد بن مصلح الدين مصطفى بن الحاج حسن الباليكسري قاضي عسكر الرومي المتخلص بجامي ت 911، له حاشية على تفسير سورة الأنعام للبيضاوي.
24. بايزيد خليفة: بايزيد خليفة بن عبد الله الرومي ت 910.
25. البردعي التبريزي: محيي الدين محمد بن محمد بن محمد البردعي التبريزي ت 927.
26. البروجي: صبغة الله بن روح بن جمال الله البروجي الهندي الشريف الحسيني النقشبندي ت 1015.
27. البسمل: الحاج أكبر نواب الشيرازي المتخلص ببسمل.
28. البكتمري: محمد بن محمد بن عمر بن قطالوبغا التركي الأصل المصري سيف الدين البكتمري ت 881.
29. البلقيني: هو القاضي بدر الدين محمد بن محمد بن عبد الرحمن الشافعي ت 980.
30. البليدي: محمد بن محمد بن محمد المغربي المالكي المعروف بالبليدي ت 1176.
31. البنارسي: أمان الله بن نور الله بن حسين البنارسي الهندي الحنفي ت 1133.
32. البهوتي: زين الدين عبد الرحمن بن يوسف بن علي البهوتي ت 1089.
33. البوريني: بدر الدين حسن الدمشقي ت 1024.
34. البيلوني: فتح الله بن محمود بن محمد العمري الحلبي المعروف بالبيلوني الشافعي ت 1042.
35. التركي: سيف الدين محمد بن محمد بن عمر التركي ت 881.
(يُتْبَعُ)
(/)
36. الجابري:أحمد بن روح الله بن ناصر الدين بن غياث الدين بن سراج الجابري الأنصاري ت 1008 له حاشية على تفسير سورة الأنعام للبيضاوي.
37. الجرجاني الشريف: علي بن السيد محمد بن علي الجرجاني أبو الحسن الشهير بالسيد الشريف ت 816.
38. حثي: محمد يوسف الحميدي المعروف بحثي ت 1033.
39. حسن جلبي الفناري: حسن جلبي بن محمد شاه بن علاء الدين علي بن يوسف بن بالي محمد شاه بن شمس الدين الفناري ت 886.
40. حقي الرومي: إسماعيل حقي بن الشيخ مصطفى الاستانبولي أصلا والآيدوسي مولدا ت 1137، له حاشية على تفسير سورة النبأ للبيضاوي.
41. الحلبي العرضي: محمد بن علي بن هلال الحلبي شمس الدين العرضي النحوي ت 933.
42. الحلبي: أحمد بن إبراهيم غرس الدين الحلبي ت 971 له حواشي على تفسير البيضاوي.
43. الحويزي: عبد العلي بن ناصر بن رحمة البحراني الحويزي ثم البصري الشاعر ت 1075.
44. الخادمي: سعيد بن أبي سعيد محمد بن مصطفى بن عثمان الخادمي الرومي ت 1231.
45. خطيب الوزيري: محمد بن إبراهيم المالكي شمس الدين الشهير بالخطيب الوزيري ت 891.
46. الخفاجي: أحمد بن محمد بن عمر المصري القاضي شهاب الدين المعروف بالخفاجي ت 1069.له عناية القاضي وكفاية الراضي (وهي حاشية على تفسير البيضاوي في ثمان مجلدات).
47. الخلخالي: ملا حسن بن السيد الحسيني الخلخالي ت 1014 له حاشية على تفسير البيضاوي من سورة يس إلى آخر القرآن.
48. الخلخالي: نصر الله بن محمد العمري العجمي المعروف بالخلجالي ت 946
49. داماد الرومي: حسن أحمد الزعفراني بولي الرومي الحنفي المعروف بداماد ت 1113.
50. داماد واني: مصطفى بن عبد الله الكردي الشهير بداماد واني ت 1098
51. دباغ زاده: محمد بن الشيخ محمود الشهير بدباغ زاده، له حاشية على جزء النبأ من تفيسر البيضاوي.
52. الدروري: سري الدين محمد بن إبراهيم الدروري ت 1069 وقيل 1066، له حاشية على سورة النساء من تفسير البيضاوي.
53. ملا عبد الحكيم السيالكوئي الفنجاني ت 1097 له حواشي تفسير البيضاوي
54. الرومي: محمد الرومي ت 973.
55. السروري: مصطفى بن شعبان الشهير بالسروري ت 969
56. سعدي جلبي: سعد الله بن عيسى بن أمير خان القسطموني ثم الرومي الحنفي الشهير بسعدي جلبي ت 945.
57. السفرجلاني: عبد الرحمن بن عمر بن إبراهيم السفرجلاني الدمشقي ت 1150.
58. السمرقندي: هو الخواجة أبو القاسم.
59. سنان المحشي: سنان الدين يوسف بن حسام الدين بن إلياس الأماسي الرومي الحنفي الشهير بسنان المحشي ت 986
60. السندي: محمد بن عبد الهادي السندي نور الدين أبو الحسن ت 1138.
61. السيوطي: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ت 911، له حاشية على تفسير البيضاوي سماها: نواهد الأبكار وشوارد الأفكار
62. الشرواني: محمد بن جمال الدين بن رمضان الشرواني له حاشية على تفسير البيضاوي في أربع مجلدات
63. الشرواني: هو نور الدين نور الله بن محمد رفيع ت 1065
64. الشرواني: الفاضل اسماعيل بن عبدالله الحنفي ت 942.
65. الشماخي: علي بن الحاج صادق بن محمد بن إبراهيم الداغستاني ت 1199.
66. شيخ زاده: محمد بن مصلح الدين مصطفى القوجوي محيي الدين الحنفي المعروف بشيخ زاده ت 951 له حاشيتان على تفسير البيضاوي.
67. الشيرازي: مهدي بن عبد الله الشيرازي الأفكاري ثم الرومي ت956
68. الشيرازي: علي بن محيي الدين محمد الشيرازي علاء الدين الحنفي ت 954، له مصباح التعديل في كشف أنوار التنزيل (حاشية على تفسير البيضاوي).
69. الصادقي الكيلاني: محمود بن الحسين الأفضلي الحاذقي الكيلاني الشهير بالصادقي الشافعي النقشبندي ت 970، له حاشية على تفسير البيضاوي من سورة الأعراف إلى آخر القرآن سماها ك هداية الراوي إلى الفاروق المداوي للعجز عن تفسير البيضاوي.
70. الصاوي: أحمد بن الصاوي المصري المالكي الخلوتي ت 1241.
71. صبغة الله: الشيخ الفاضل صبغة الله جمع من ثماني عشرة حاشية.
72. الصيامي: الصيامي بن ولي هو قاضي الخيره بولي الرومي الحنفي ت 971.
73. طاشكبري زاده محمد بن عصام الدين أحمد بن مصطفى الرومي ت 1030، له حاشية على تفسير البيضاوي إلى سورة الكهف.
74. الطاشكندي: محمد كمال الدين الشاشي الفركندي الحنفي التقشبندي ت 980.
(يُتْبَعُ)
(/)
75. الظهوري: هو القاضي صالح بن إسحاق القره باغي ت 1073.
76. العاملي: محمد بن عز الدين حسين بن عبد الصمد بن محمد العاملي الحنفي بهاء الدين الحارثي الهمداني الشيعي ت 1031.
77. عبد الكريم زاده: محمد بن عبد الوهاب بن عبد الكريم الرومي الحنفي الشهير بعبد الكريم زاده ت 975، له حاشية على تفسير البيضاوي إلى سورة طه.
78. عجم سنان المحشي: سنان الدين يوسف البردعي الشهير بعجم سنان المحشي له حاشية على تفسير البيضاوي إلى قوله تعالى) وما كادوا يفعلون).
79. عرب زاده: هو القاضي محمد بن الواعظ محمد الانطاكي ت 969.
80. عرضي: أبو الوفا محمد بن عمر بن عبد الوهاب بن إبراهيم بن محمود العرضي الحلبي ت 1071.
81. عشاقي زاده: عبد الباقي بن عبد الرحيم بن حسام الدين العشاقي الرومي ت 1090، له حاشية على أوائل تفسير البيضاوي.
82. عضد الدين المصري: عضد الدين عبد الرحمن بن يحيى بن يوسف المصري ت 880.
83. العطوفي: خير الدين خضر بن محمود بن عمر المرزيفوني الرومي الحنفي المعروف بالعطوفي ت 948.
84. العلائيه وي: عوض بن عبد الله العلائيه وي المنوغادي ت994.
85. العينتابي: محمد بن حمزة الحنفي ت 1111.
86. الغزي: شهاب الدين أحمد بن عبد الله.
87. الفكاري: الشريف مهدي الشيرازي ت 957.
88. الفناري: أبو البركات فخر الدين محمد شاه بن محمد بن حمزة بن خليل بن عيسى الفناري الرومي ت 839 له حواشي على أوائل تفسير البيضاوي.
89. فيضي الأرض رومي: فيض الله بن السيد محمد بن بير محمد بن أحمد بن شيخ جنيد الأرض رومي ت 1115، له حواشي على تفسير البيضاوي.
90. القازآبادي: أحمد بن محمد بن إسحاق القاز آبادي أبو النافع الرومي الحنفي ت 1163، له تنوير البصائر بأنوار التنزيل وتوقير السرائر بأسرار التأويل (وهو حاشية على تفسير البيضاوي) وله حاشية على تفسير الفاتحة للبيضاوي.
91. قاضي بغداد: قوام الدين يوسف بن حسن الحسيني الشيرازي ثم الرومي الحنفي الشهير بقاضي بغداد ت 922
92. القاضي زكريا: زكريا بن محمد الأنصاري المصري ت 910، له حاشية على تفسير البيضاوي سماها: فتح الجليل ببيان خفي انوار التنزيل
93. القاضي عبد الحليم الرومي: عبد الحليم بن الشيخ نصوح الرومي ت 1088، له حاشية على تفسير الزهراين وسورة النساء من تفسير البيضاوي.
94. القرماني: جمال الدين إسحاق بن محمد القرماني الحنفي الصوفي الشهير بجمال خليفة ت 933.
95. القرماني: حمزة بن محمود القرماني نور الدين الرومي الحنفي ت 871، له حاشية على تفسير البيضاوي في تفسير الزهراوين سماها تقشير التفسير.
96. القره باغي: محيي الدين محمد بن علي القره باغي ت 942.
97. القره ماني: كمال الدين إسماعيل الرومي ت 920.
98. القنوي: خليل بن أحمد الحنفي ت 1230
99. القوجوي: محيي الدين محمد بن الشيخ مصلح الدين مصطفى القوجوي ت 951، له حاشية على تفسير البيضاوي في ثمان مجلدات.
100. القونوي: إسماعيل وهبي بن محمد بن مصطفى القونوي ت 1195.
101. الكازروني: أبو الفضل القرشي الصديقي المشهور بالكازروني ت 940، وقيل 945 له حاشية لطيفة في مجلد
102. الكردي: هو القاضي عبد الله بن محمد المدرس ت 1064.
103. الكركي: حسين بن شهاب الدين بن حسين بن محمد بن حيدر الكركي العاملي الحكيم الشيعي ت 1176.
104. الكرماني: محمد بن يوسف بن علي بن محمد بن سعيد الكرماني شمس الدين البغدادي ت 786، له حاشية على تفسير البيضاوي إلى سورة يوسف.
105. الكليسي: عبد الله بن عبد الرحمن الكليسي الحلبي الحنفي المتخلص بانوري ت 1303.
106. الكماخي: عثمان بن يعقوب بن حسن بن مصطفى الكماخي الزومي ت 1171، له حاشية على تفسير سورة النبأ للبيضاوي.
107. الكواكبي: محمد بن لحسن بن أحمد بن يحيى الحنفي ت 1096.
108. الكوراني: محمد شريف بن يوسف بن القاضي محمود الصديقي الشاهوي ت 1078.
109. الكوراني: يوسف بن القاضي محمود بن الملا كمال الدين الصديقي الشاهوي الرويسي الكوراني الكردي توفي في حدود سنة 1000.
110. الكيلاني: أحمد بن توفيق القاضي الحنفي ت 1051
111. مستجي زاده: عبد الله بن عمر بن عثمان الحنفي ت 1148،له حاشية على تفسير البيضاوي إلى سورة يونس.
112. المغنيساوي: خليل بن أحمد مستحي زاده المتخلص بنعيمي ت 1230.
(يُتْبَعُ)
(/)
113. المغنيساوي: عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله القدوسي الخلوتي ت 1080
114. مفيد الرومي: إسماعيل مفيد بن علي العطار الرومي ت 1217، له حاشية على تفسير سورة النبأ للبيضاوي.
115. مكي زاده: محمد الرومي ت 12 12 له حاشية على أوائل تفسير البيضاوي.
116. المناستري: نصر الله بن عبد الله المناستري الرومي المجرس ت 976
117. مناوعوض: المولى الشهير بمناوعوض ت994له حاشية على تفسير البيضاوي وهي نحو 30 مجلد
118. منطقي الرومي: مصطفى بن أحمد الفلورنيه وي الرومي ت 1244، له حاشية على جزء النبأ من تفسير البيضاوي.
119. المنقاري: يحيى بن عمر الرومي ت 1088.
120. منلا خسرو: محمد بن فرامرز بن علي الشهير بمنلا خسرو ت 885.
121. موج زاده: عبد الرحمن بن عبد الله البرسوي الحنفي الشهير بموج زاده ت 1161.
122. الموصلي: محمود بن عبد الله ت1082.
123. الميموني: ابراهيم بن محمد المصري ت 1079
124. نادري الرومي: محمد جمال الدين بن شمس الدين عبد الغني الأردبيلي المتخلص بنادري ت 1036.
125. النخجاواني: نعمة الله بن محمود النخجاواني ت 920.
126. نشانجي زاده: القاضي أحمد بن محمد بن رمضان الرومي ت 986
127. النكدوي: شرف الدين يعقوب بن إدريس بن عبد الله الرومي ت 844
128. النكساري:محيي الدين محمد بن إبراهيم بن جسري الرومي ت 901
129. نور الدين آبادي: نور الدين بن صالح الأحمد آبادي الهندي ت 1155، له حاشية على أوائل البيضاوي.
130. الوابكني البخاري: عناية الله الوابكني البخاري المشهور بآخوند ت 1176، له حاشية على تفسير البيضاوي من أوله إلى آخر سورة البقرة وعلى تمام جزء النبأ.
131. الواعظ الأسكوبي: عمر بن محمد الأسكوبي الدبره وي ثم القسطنطيني ت 1033، له حاشية على تفسير البيضاوي من سورة الرحمن إلى آخر القرآن اسمها فتح الغطاء عن وجه العذراء.
132. وجيه الدين العلوي الكجراتي ت 998 له حاشية على تفسير البيضاوي
133. يوسف زاده:عبد الله حلمي بن محمد بن يوسف بن عبد المنان الرومي ت 1167
الحواشي على تفسير الكشاف للزمخشري:
1. ابن أبي الرجال: القاضي أحمد بن صالح بن محمد بن أحمد بن صالح المعروف بابن أبي الرجال اليمني ت 1192.
2. ابن البناء الأزدي: أحمد بن عثمان الأزدي الشهير بابن البناء.
3. ابن الحنائي: علي جلبي بن أمر الله بن عبد القادر الحميدي الرومي الشهير بابن الحنائي ت 979.
4. ابن المنير: أحمد بن محمد بن منصور بن أبي القاسم مختار بن أبي بكر الجذامي المعروف بابن المنير الاسكندراني ت 683.له الانتصاف في حاشية الكشاف.
5. الآقسرائي: جمال الدين محمد بن محمد الآقسرائي ت 771.
6. البابرتي: محمد بن محمود بن كمال الدين أحمد البابرتي ت 786، له حاشية على الكشاف وصل فيها إلى إكمال الزهراوين.
7. باره باره زاده: أحمد جلبي البرسوي المعروف بطاشكبري زاده ت 986.
8. البلقيني: سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني ت 805 له حاشية أسماها الكشاف على الكشاف.
9. بهلوان: علاء الدين علي المعروف ببهلوان.
10. التبريزي: جمال الدين يوسف بن محمود السرائي الأصل المعروف بالتبريزي ت 804.
11. التفتازاني: مسعود بن القاضي فخر الدين عمر بن برهان الدين الشهير بسعد الدين التفتازاني ت 791، له حاشية على الكشاف وصل فيها إلى سورة الفتح اختصرها من حاشية الطيبي.
12. الجاربردي: أحمد بن الحسن الجاربردي فخر الدين أبو المكارم ت 732 وقيل 746.
13. الجرجاني الشريف: علي بن السيد محمد بن علي الجرجاني أبو الحسن الشهير بالسيد الشريف ت 816، له حاشية على الكشاف وصل فيها إلى (إن الله لايستحيي أن يضرب مثلا).
14. حفيد التفتازاني: قطب الدين يحيى بن محمد بن سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني الهروي الشهير بالحفيد الملقب بشيخ الإسلام ت 887، له حاشية على أوائل الكشاف لجده.
15. الحلواني: الفاضل يوسف بن الحسين الحلواني ت 854.
16. الخجندي: أحمد بن محمد بن الأحرز الخجندي المدني جلال الدين أبو طاهر ت 803.
17. الشيرازي: محمد بن غياث الدين منصور الدشتكي الشهير بمير صدر الدين الشيرازي الشيعي ت 904.
18. الشيرازي: محمود بن مسعود الشيرازي ت 710.
19. الشيرازي: مهدي بن عبد الله الشيرازي الأفكاري ثم الرومي المعروف بالشيرازي ت 956.
(يُتْبَعُ)
(/)
20. صنع الله الرومي: مصطفى بن جعفر العمادي شيخ الإسلام الرومي الملقب بصنع الله ت 1022.صنف حاشية على أوائل الكشاف.
21. الطوسي: علي بن محمد بن علاء الدين الطوسي ت 887، من تصانيفه حواشي على حاشية الكشاف للسيد الشريف.
22. الطيبي: شرف الدين الحسن بن محمد الطيبي ت 743 له حاشية على الكشاف أسماها فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب.
23. العاملي: محمد بن عزالدين حسين بن عبد الصمد بن محمد العاملي الجبعي بهاء الدين الحارثي الهمداني ت 1031.
24. العراقي: أحمد بن عبد الرحيم العراقي ولي الدين أبي زرعة ت 826.
25. العطوفي: خير الدين خضر بن محمود بن عمر المرزيفوني الرومي الحنفي المعروف بالعطوفي المعلم الواعظ ت 948.
26. العلوي (الفاضل اليمني): العلامة عماد الدين يحيى بن قاسم العلوي المعروف بالفاضل اليمني ت 750 له حاشية سماها درر الأصداف من حواشي الكشاف أو درر الأصداف في حل عقد الكشاف وله حاشية أخرى أسماها: تحفة الأشراف في كشف غوامض الكشاف.
27. الفناري: حسن جلبي بن محمد شاه الفناري ت 886.
28. القره باغي: محيي الدين محمد بن علي القرباغي ثم الرومي ت 942.
29. القزويني: عمر بن عبد الرحمن الفارسي القزويني ت 745له حاشية أسماها الكشف.
30. قطب الدين التحتاني: محمد بن محمد أبو عبد الله البوبهي الرازي المعروف بقطب الدين التحتاني ت 766، له تحفة الأشراف في حاشية الكشاف، درة الأصداف على الكشاف (أيضا حاشية).
31. قوشجي: علاء الدين علي بن محمد المعروف بقوشجي ت 879، علق على أوائل حاشية السعد.
32. كمال الرومي: إسماعيل كمال الدين المدرس القرماني الرومي الحنفي المعروف بابن المستوفي المتخلص بكمالي ت 920.
33. مصنفك: علاء الدين علي بن محمد بن مسعود بن محمود بن عمر الشاهرودي البسطامي ثم الرومي الفقيه الحنفي الشهير بمصنفك ت 875.
34. المولى محيي الدين: محمد بن الخطيب ت 901 كتب حاشية على حاشية السيد الجرجاني الشريف.
35. الهروي: حيدر بن محمد بن إبراهيم بن الشيرازي الخوافي برهان الدين تلميذ التفتازاني المعروف بالصدر الهروي ت 854.
الحواشي على تفسير الجلالين:
1. الأجهوري: عطية بن عطية الأجهوري البرهان الضرير المصري ت 1190له حاشية على تفسير الجلالين أسماها: الكوكب النيرين في ألفاظ الجلالين.
2. البغدادي الحنفي: عمر بن عبد الجليل البغدادي الحنفي ت 1194، له حاشية على الجلالين أسماها الكمالين على الجمالين.
3. الجمل: سليمان بن عمر بن منصور العجيلي المصري الشافعي المعروف بالجمل ت 1204، له حاشية في خمسة أجزاء أسماها الفتوحات الإلهية بتوضيح الجلالين.
4. الحفناوي: محمد بن أبي السعود صالح المصري الشافعي المعروف بالحفناوي ت 1268 له حاشية على الجلالين في ثلاث مجلدات.
5. الطرابلسي القاوقجي: محمد بن خليل الطرابلسي المعروف بالقاوقجي، له حاشية أسماها مسرة العينين في حاشية الجلالين.
6. العلقمي: محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي بكر القاهري الشافعي شمس الدين المعروف بالعلقمي ت 961، من تصانيفه حاشية على تفسير الجلالين أسماها: قبس النيرين على تفسير الجلالين.
7. الفاسي: أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الفاسي الفقيه المالكي ت 1036.
8. القاري الهروي: علي بن سلطان محمد القاري الهروي نور الدين ت 1014.له حاشية على تفسير الجلالين سماها: الجمالين.
9. الكرخي: محمد بن محمد بدر الدين الكرخي البكري ت 1007.
10. المولوي: سلام الله من أولاد الشيخ عبد الحق الدهلوي له الكمالين حاشية الجلالين.
الحواشي على تفسير إرشاد العقل السليم لأبي السعود:
1. آقحصاري: أحمد بن محمد الآقحصاري الرومي الحنفي ت 1043.
2. زيتونة التونسي: أبو عبد الله محمد بن عبد الله التونسي القاضي المعروف بالزيتونة المالكي كان حيا سنة 1125، له حاشية في خمسة وعشرين مجلدا أسماها: مطالع العود وفتح الودود على إرشاد أبي السعود.
3. السقا: هو أبو اسحاف إبراهيم بن علي السقا ت 1298.
4. العرضي الحلبي: خالد بن السيد محمد بن عمر بن عبد الوهاب العرضي الحلبي ت 1024.
حاشية على تفسير ابن كثير:
- إسماعيل الزرعي: له حاشية على تفسير ابن كثير أسماها العلم الغزير في تفسير ابن كثير.
حاشية على تفسير مدارك التنزيل للنسفي:
- الأصمعي: محمد عبد الجواد الأصمعي: له حاشية على تفسير النسفي أسماها: الاكليل على مداررك التنزيل وحقائق التأويل.
حاشية على تفسير صافي:
- داور الشيرازي: مفيد بن محمد بن محمد كاظم بن عبد النبي بن محمد مفيد بن الحسين الشيرازي فقيه الشيعة الإمامية المتخلص بداور ت بعد سنة 1310.
حاشية على تفسير علاء الدين التركماني:
- الكركي: برهان الدين إبراهيم بن موسى بن بلال الكركي ت 853، له حاشية على تفسير علاء الدين التركماني إلى أول الأنعام.
حاشية على تفسير عصام:
- فيضي الأرض رومي: له حاشية على تفسير سورة النبأ لعصام.
حاشية على تفسير صدر الدين القونوي:
- آت بازادي: الشيخ عثمان بن السيد فتح الله الشمني الرومي الصوفي المتخلص بفضلي الشهير بآت بازادي ت 1102، من تصانيفه مرآة أسرار العرفان على أعجاز البيان وهي حاشية على تفسير الفاتحة لصدر الدين القونوي.
حاشية على تفسير ابن شينا:
- الخادمي: محمد بن مصطفى بن عثمان الحسيني المفتي الخادمي أبو سعيد النقشبندي ت 1176 له حاشية على تفسير سورة الإخلاص لابن شينا، وحاشية على تفسير سورة النبأ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jan 2010, 04:50 م]ـ
أسأل الله أن يتقبل منك أخي العزيز.
جهد موفق جداً، وهو يفتح باباً للباحث حول قيمة هذه الحواشي ومناهجها وإضافاتها على التفاسير الأصلية، والداعي لكتابتها، ونحو ذلك من نوافذ البحث العلمي التي قد تضيف إضافة جيدة للبحث.
اسأل الله لكم التوفيق والسداد، وبارك الله في هذه الجهود.
ـ[روح وريحان]ــــــــ[24 Jan 2010, 09:11 م]ـ
فضيلة الدكتور عبد الرحمن، جزاكم الله خيراً على تعليقكم الطيب وبارك بكم ..
وفي الحقيقة هذا ما رجوته من هذه الحواشي، وهو بيان عناية العلماء بتفاسير معينة وسبب تحشيتهم عليها .. بحيث يمكن أن يُفرد كل تفسير منها بدراسة مقارِنة تجمع الحواشي التي كتبت عليه.
وقد لفت انتباهي إلى أهمية هذه الحواشي فضيلة الدكتور علي أسعد –جزاه الله خيراً- عندما كنت طالبة عنده في مرحلة الماجستير في جامعة دمشق.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[24 Jan 2010, 10:03 م]ـ
جهد مبارك
يضاف إلى تفسير الشيخ أبي السعود: حاشية الشيخ محمود مقديش الصفاقسي في 6 مجلدات. وعندي منها البعض.
وللقاري حاشية على البيضاوي أيضا.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[25 Jan 2010, 12:33 ص]ـ
كتب أحد زملائنا في قسم الدراسات القرآنية في كلية المعلمين في بيشة - الشيخ علي الزهراني حفظه الله - رسالة ماجستير بعنوان: حواشي التفسير، وأحسب أنها رسالة طيبة، ولا أدري إن كانت قد نوقشت أو شتناقش قريبا.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[25 Jan 2010, 12:33 ص]ـ
كتب أحد زملائنا في قسم الدراسات القرآنية في كلية المعلمين في بيشة - الشيخ علي الزهراني حفظه الله - رسالة ماجستير بعنوان: حواشي التفسير، وأحسب أنها رسالة طيبة، ولا أدري إن كانت قد نوقشت أو شتناقش قريبا في جامعة أم القرى في مكة المكرمة.
وجزاكم الله خيرا، فقد أفدتمونا بهذا الإحصاء الطيب.
ـ[روح وريحان]ــــــــ[25 Jan 2010, 01:03 ص]ـ
الشيخان الفاضلان أشكر إضافتكما ورزقكما الله خير ثوابها.
ونسأل الله سبحانه أن ييسر للشيخ الزهراني ليعرض الرسالة في الملتقى فننتفع بها خاصة أني بحثت ولم أجد مصنفاً تناول الحواشي التي كتبت على التفاسير بشكل مجمل وإنما تمت دراسة بعض الحواشي على بعض التفاسير فقط.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Jan 2010, 11:43 ص]ـ
الأخت (روح وريحان)
لقد وقفتِ على أهم ثلاثة كتب لقيت عناية العلماء بالتحشية عليها أو الاستدراك.
وهذا يدعو إلى دراسة هذه الظاهرة الواضحة في تاريخ التفسير.
وعندي ـ بادي الرأي ـ في ذلك:
1 ـ أن تفسير الزمخشري فيه أمران:
أ ـ اعتزاليات تحتاج إلى استخراج ـ كما قيل ـ بالمناقيش.
ب ـ بلاغة القرآن التي أبرزها.
وأنفس الحواشي التي عُنيت بهذا الجانب حاشية الطيبي (ت: 734) على الكشاف المسمَّاه (فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب)) (1) راجعها في هذا الرابط ( http://majles.alukah.net/showthread.php?t=41430 ).
لذا كانت أغلب الحواشي والاستدراكات تنصبُّ على هذين الأمرين، وإن كان بعضهم يزيد الجانب النحوي، كأبي حيان بالذات.
2 ـ تفسير البيضاوي، ويظهر لي من خلال النظر في الحواشي أن كثيرًا منهم من علماء الدولة العثمانية، ولعلها كانت منهجًا دراسيًا عندهم، فكان بعض من درَّسها يدون حاشية عليها.
3 ـ الجلالين، ويظهر ـ أيضًا ـ أنه كان منهجًا دراسيًا عند علماء الأزهر في مصر، ثم انتشر عند غيرهم.
أقول هذا احتمالاً، ولعل أحد الباحثين يتحرَّى في هذا الموضوع، ويصل بدراسة علمية إلى سبب العناية بهذه الكتب الثلاثة.
...........
(1) يمكن تحميل بعض الرسائل العلمية لهذه الحاشية من هنا ( http://www.archive.org/details/FTOHALKIB)
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[25 Jan 2010, 12:09 م]ـ
وعندي ـ بادي الرأي ـ في ذلك:
1 ـ أن تفسير الزمخشري فيه أمران:
أ ـ اعتزاليات تحتاج إلى استخراج ـ كما قيل ـ بالمناقيش.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الاعتزاليات أخرجها العلماء المفسرون العالمون بأصول الدين، وهم على منهج أئمة أهل السنة الأشعرية رضي الله عنهم، الذين هم جمهور علماء الأمة من أتباع المذاهب الفقهية المعتبرة طيلة 10 قرون على الأقل، وما على الباحث اليوم إلا الرجوع إلى مصنفاتهم وجمع المادة التي صنفوها في ذلك، وهذا إذا كان واعيا لفكرهم فاهما لأصول الاعتقاد، ولا أتصور أبدا طالبا لعلوم القرآن على المناهج المعاصرة (منهج الرسائل الجامعية الاستهلاكية) بإمكانه استخراج دقائق الاعتزال المبثوثة في تفسير الزمخشري بنفسه، أو حتى فهم بعضها مما يكتفي المعلقون على الكشاف بالإشارة إليه رمزا.
ـ[روح وريحان]ــــــــ[25 Jan 2010, 02:56 م]ـ
فضيلة الدكتور مساعد
أشكر لكم هذا التحليل الوجيه لسبب العناية بهذه التفاسير، وقد كان الأمر يشغلني حقاً، وكنت أرى أن أحد الأمور التي دعت لكتابة حواشٍ على الزمخشري ضرورة تخليصه من الاعتزاليات المبثوثة فيه نظراً لقيمته العلمية الكبرى، فدعمتم – جزاكم الله خيراً – وجهة النظر هذه.
أما ما حيرني أكثر فهو تفسير البيضاوي حيث وجدت في أحد المصادر أنه في أصله حاشية على الكشاف، ولا أدري مدى صحة هذا القول، خاصة أن تفسير الإمام البيضاوي جاء معتمداً بشكل كبير على تفسير الزمخشري. فإن سلمنا بصحة هذه المقولة كان الأولى أن تكون الحواشي المائة والثلاثين هذه على تفسير الزمخشري لا على تفسير البيضاوي نظراً لكونه أصلاً له.
وأما القول بأن سبب العناية بتفسير البيضاوي إنما هو قيمة هذا التفسير العلمية، فإني لا أنكر قيمته ولا أغض منها ولكن هناك تفاسير ذات قيمة علمية أكبر مما يجعلها أولى بالتحشية عليها.
وما لم يخطر لي في بال هو الرأي الذي تفضلتم به، وهو كون هذا التفسير في حقبة معينة كان منهجاً دراسياً مما ساعد في اطلاع العلماء عليه. وهذا الرأي أقرب الاحتمالات إلى المنطقية.
وأما تفسير الجلالين فلعل السبب في التحشية عليه هو ما ذكرتموه أو لعل مكانة مؤلفَيه
العلمية المؤثرة في مصر هي التي دفعت العلماء للعناية به والتحشية عليه.
فضيلة الشيخ أبوعبيدة
معكم حق فيما ذكرتموه بالنسبة لاعتزاليات الزمخشري ومع الأسف طالب التفسير اليوم غير قادر على استخراج هذه الاعتزاليات الدقيقة بل ولا حتى طالب العقيدة، وأرى لزاماً على طلاب التفسير المبتدئين الأخذ بنسخة من تفسير الكشاف في هوامشها إشارة إلى جميع اعتزالياته التي استخرجها علماء السنة. أو على الأقل عدم الأخذ برأيه في مسألة ما إلا بعد مراجعة الكتب التي نبهت على اعتزالياته للتأكد من عدم انتماء هذه المسألة إليها.
وهذا ما وقعت به (وإنما يتعلم المرء من أخطائه) حيث درست بضع آيات من كتاب الله دراسة مقارنة كان فيها رأي وجيه للزمخشري فيه اعتزال دقيق لم أنتبه إليه لولا تنبيه الدكتور المشرف جزاه الله خيراً.
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[25 Jan 2010, 03:24 م]ـ
كنت اقترحت على أحد طلبة الدكتوراة موضوع الحواشي وكتب في ذلك بفضل الله تعالى وقد ناقشها في الجامعة (اليرموك) قبل شهرين تقريبا وكنت احد أعضاء اللجنة وكان عنوانها (ظاهرة الحواشي على التفاسير - البيضاوي نموذجا) وقد جاءت الرسالة في قرابة 300 صفحة، وسأحاول عرض خلاصتها وعناوينها الرئيسة باذن الله تعالى
ـ[محمد خليل الزروق]ــــــــ[25 Jan 2010, 05:04 م]ـ
إن صح بصري فقد فات الأخت الكريمة حاشية الصاوي على الجلالين، وهي منشورة منذ زمن طويل.
طائفة من التفاسير تدور في فلك الكشاف، وما هي إلا مختصرات منه أو شبه مختصرات، منها: البيضاوي، والنسفي، وأبو السعود، والخازن ... فالتحشية عليها تحشية على الكشاف.
ـ[روح وريحان]ــــــــ[26 Jan 2010, 12:13 ص]ـ
فضيلة الدكتور عبد الله
جزاكم الله خيراً وبانتظار رأي فضيلتكم بالرسالة وبمدى استيفائها للموضوع.
الأخ الكريم محمد أشكر لكم تنبيهكم على حاشية الصاوي وهي أشهر من أن تخفى ولكنها سقطت سهواً.
واسمحوا لي أن أخالف فضيلتكم في كون التحشية على البيضاوي وأبي السعود والخازن ... تحشية على الكشاف ...
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[26 Jan 2010, 12:45 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
تفسير البيضاوي رحمه الله نبع فياض، وبحر زاخر بالمعارف والدرر والعلوم، وقد أثار حوله نشاطًا علميًّا هائلاً، واكتسب مكانة رفيعة منذ ظهوره حتى وقتنا الحاضر، وانتشر بين المسلمين شرقًا وغربًا، ولا يزال مثار اهتمام المفسرين واللغويين على حد سواء.
وبسبب هذه المنزلة العالية التي تبوأها، فقد تناوله العلماء بالتحشية، والتعليق عليه، والاختصار، والتخريج لأحاديثه، وقد زادت هذه المصنفات على الثلاث مئة (1)، وهي ذات فائدة كبيرة؛ لأنها كشفت لنا غوامض هذا التفسير، وأبانت ووضحت وحللت وعلقت على القضايا التي هي بحاجة إلى هذا البيان والتوضيح، وباختصار: قربت فهم هذا التفسير للدارسين وطلبة العلم.
والمصنفات المتفرعة عن «تفسير البيضاوي» كثيرة جدًّا، فقد عد حاجي خليفة ما يزيد على الأربعين، وعد إسماعيل باشا البغدادي حوالي السبعين، أما «الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط» فقد عد (333) حاشية.
وهذا عرض لأهم تلك المصنفات مع تعريف مختصر بها:
أولاً: الحواشي:
من الحواشي المطبوعة التي تناولت التفسير كله من جميع النواحي:
1 - حاشية الشهاب الخفاجي المتوفي سنة (1069) هـ.
2 - حاشية محي الدين شيخ زاده المتوفى سنة (951) هـ: وهي أعظم الحواشي فائدة وأكثرها نفعًا وأسهلها عبارة -كما قال صاحب كشف الظنون (2) -.
3 - حاشية مصطفى بن إبراهيم المشهور بابن التمجيد المتوفى حوالي (880) هـ.
4 - حاشية إسماعيل بن محمد القونوي المتوفى سنة (1195) هـ: وهي من الحواشي القيمة التي كتبت على «تفسير البيضاوي»، وقد كتبها بعد أن درَّس «تفسير البيضاوي» بجامع أبي الفتح الغازي السلطان محمد خان -كما قال في المقدمة- (3).
5 - حاشية عبد الحكيم السيالكوتي المتوفى سنة (1067) هـ: والحاشية مشهورة بالتحقيق والتحليل، وصواب النظر، ورشاقة العبارة، والإغراق في الإشارة، حتى اعتبرت عنقاء الدارسين، وآبدة الناظرين -كما يقول الفاضل ابن عاشور- (4).
6 - حاشية أبي الفضل القرشي الصديقي الخطيب المشهور بالكازروني، المتوفى في حدود سنة (940) هـ.
7 - حاشية جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة (911) هـ: وسماها «نواهد الأبكار وشوارد الأفكار»، وقد حُقق قسم من هذه «الحاشية» في رسالة جامعية، حيث قام الطالب صبحي قصاب بتحقيقها من سورة الأنعام إلى سورة الناس، وقدمها لنيل درجة الماجستير في اللغة العربية؛ جامعة البعث، سنة (2003) م، بإشراف الدكتور رضوان القضماني، وتقع في أربعة مجلدات، وأشار إلى أن طالبًا آخر يقوم بتحقيق الجزء الأول من «الحاشية»، ولكنه لم ينجز رسالته بعد (5).
ثانيًا: التعليقات:
ذكرنا أمثلة لحواشي «البيضاوي»، وهناك أيضًا تعليقات تناولت جوانب معينة، وأمورًا محددة من هذا التفسير، ومن هذه التعليقات:
1 - «الإتحاف بتمييز ما تبع فيه البيضاوي صاحب الكشاف»: وهذا التعليق كتبه شمس الدين محمد بن يوسف الشامي المتوفى سنة (942) هـ، وقد أراد مؤلفه أن يبين فيه ما تبع فيه البيضاوي في «تفسيره» صاحب «الكشاف» (6).
2 - «رفع الاختلاف عن كلامي القاضي والكشاف»: كتبه عبد الغني النابلسي المتوفى سنة (1143) هـ، وهو تعليق كتبه صاحبه لرفع ما تُوُهم من اختلاف وقع في فهم كلام أو عبارات القاضي البيضاوي والعلامة الزمخشري في تفسيريهما (7).
ثالثًا: كتب التخريج:
1 - «الفتح السماوي بتخريج أحاديث البيضاوي»: لعبد الرؤوف المناوي المتوفى سنة (1031) هـ.
2 - «تحفة الراوي في تخريج أحاديث البيضاوي»: لمحمد همات زاده المتوفى سنة (1175) هـ.
3 - «إتحاف الأخيار بتخريج ما في تفسير البيضاوي من الأخبار»: لعوض بن محمد بن السقاف الحضرمي الشافعي، ذكره محقق «الفتح السماوي» نقلاً عن المدراسي (8).
4 - «فيض الباري في تفسير أحاديث تفسير البيضاوي»: لعبد الله بن صبغة المدراسي المتوفى سنة (1288) هـ، ذكره محقق «الفتح السماوي»، وقال (9): «وكتابه -المدراسي- مخطوط بقلم المؤلف، منه نسخة مصورة بقسم المخطوطات بالجامعة الإسلامية وهو إلى سورة مريم فقط في ست وثمانين ورقة».
رابعًا: المختصرات:
1 - «مختصر تفسير البيضاوي»: لمحمد بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بإمام الكاملية المتوفى سنة (874) هـ.
الهوامش:
(1) انظر: حاجي خليفة، كشف الظنون (1/ 198 - 202)؛ المناوي، زين الدين عبد الرؤوف، الفتح السماوي بتخريج أحاديث البيضاوي، تحقيق أحمد مجتبى بن نذير عالم السلفي، دار العاصمة، الرياض، ط1، 1409هـ (1/ 59 - 62) مقدمة المحقق؛ البغدادي إسماعيل باشا بن محمد أمين الباباني، إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، طبع وكالة المعارف، 1364هـ- 1945م، (1/ 138 - 142)؛ الدهان، منهج البيضاوي ص141 - 150؛ الزحيلي، القاضي البيضاوي ص 140 - 144؛ المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي المخطوط، علوم القرآن، مخطوطات التفسير وعلومه، 1409هـ- 1989م، (2/ 320 - 343).
(2) انظر: حاجي خليفة، المصدر السابق (1/ 198).
(3) انظر: القونوي، حاشية القونوي على تفسير البيضاوي (1/ 23).
(4) انظر: ابن عاشور، التفسير ورجاله ص 116.
(5) انظر: السيوطي، جلال الدين عبدالرحمن، نواهد الأبكار وشوارد الأفكار، تحقيق صبحي قصاب، رسالة ماجستير، جامعة البعث، حمص، 2003 م، (1/ 6) المقدمة.
(6) انظر: حاجي خليفة، كشف الظنون (1/ 202)؛ الدهان، منهج البيضاوي ص 148.
(7) انظر: الدهان، المصدر السابق ص 149.
(8) انظر: المناوي، الفتح السماوي (1/ 60) مقدمة المحقق.
(9) انظر: المناوي، المصدر السابق (1/ 60) مقدمة المحقق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[26 Jan 2010, 01:24 ص]ـ
للفاضل ابن عاشور كلام نفيس حول هذه الموضوعات في (التفسير ورجاله) هذا بعضه:
وكان المنهج المتبع في تصنيف البيضاوي، والأسلوب المحتذى في تحريره: هما المنهج والأسلوب اللذين جرى عليهما مصطلح التآليف العلمية في عامة الفنون، من أول القرن السابع: من حيث الاختصار، ودقة التعبير، والتزام المصطلح العلمي، والإشارة إلى ما يتفرع عن التعبير من معان يُكتفى بحضورها في الذهن عن ذكرها، ثم تؤخذ مباني لما يأتي به التعبير بعدها ..
فأصبح من مجموع هذه الخصائص لتفسير البيضاوي ميزة واضحة، مزجت بين طريقته ومألوف الطباع، ومتعلق الميول يومئذ: من طرائق شاعت في التأليف، وبنيت عليها المناهج الدراسية.
وبذلك عظم صيت الكتاب، وطار ذكره، وأقبل الناس عليه، إذ وجدوا فيه الضالة المنشودة من التفسير العلمي على الطريقة التحليلية اللفظية، التي عظمت بها من قبل شهرة تفسير الكشاف، لا سيما والبيضاوي قد مشى مع تفسير الكشاف في ما يحب الناس منه، وخلص أو كاد، مما ينفرهم من الكشاف ويباعد بينه وبينهم على نحو قول الأحوص:
إني لأمنحك الصدود وإنني
قسماً إليك مع الصدود لأميل
وإنه لما يلاحظ في هذا الصدد: أن تفسير الكشاف لم يعظم رواجه، ويتعلق به علماء السنة هذا التعلق المزيج من الحب والحذر، إلا في ذلك القرن السابع، إذ انصرف الكاتبون إلى التعليق عليه بالتنبيه على مواقع الأنظار الاعتزالية منه، وتمييزها، وردها، إذ ظهر من هؤلاء في النصف الثاني من القرن السابع، معاصرون للبيضاوي أو متقدمون عليه بقليل، أمثال ابن المنير الإسكندري صاحب " الانتصاف ".فكان بروز البيضاوي بتفسيره ملخصاً من الكشاف، زائداً عليه، مبرأ من سقطاته، برداً وسلاماً على تلك القلوب التي كانت تهفو إلى الكشاف وتتهيبه.
وبذلك أصبح تفسير البيضاوي، منذ اشتهاره ورواجه، مروجاً للكشاف، مدخلاً إياه في معاهد وبيئات علمية لم يكن يتصل بها من قبل.
لأن الدارسين للبيضاوي قد تعلقوا، في سبيل إتقان دراسته، والوفاء بحق البيان لإشاراته، والكشف عن مرامي عباراته، إلى الوقوف على كلام صاحب الكشاف وتتبعه وتحليله، فأصبحت دراسة البيضاوي دراسة للكشاف بواسطة. وبذلك لم تتوفر حواشي الكشاف إلا في القرن الثامن وما بعده، ولم تطلع غالباً إلا من الآفاق العلمية التي كانت مستنيرة بالبيضاوي وتأليفه.
بحيث أصبحت الأنظار متجاذبة، والبحوث متبادلة، باطراد، بين حواشي الكشاف وحواشي البيضاوي كأن محرريها مجتمعون في مجلس واحد، على نحو ما يُرى من مباحث جدلية بين حواشي ابن التمجيد، والعصام، وسعدي، وعبد الحكيم السيالكوتي على البيضاوي. مع حواشي الطيبي والقطبين: الرازي والشيرازي، والسعد التفتازاني والسيد الجرجاني على الكشاف.
حتى إن كلام الواحدة من تلك الحواشي، على الكشاف كانت أو على البيضاوي، لا يكاد يتضح معناه إلا بالوقوف على كلام الأخرى من حواشي البيضاوي أو حواشي الكشاف كذلك.
وما هذا المعنى من النماذج إلا أثر تلك الدروس الحافلة لتفسير البيضاوي التي استوعب فرسان ميادينها ما حول الكتابين: تفسير البيضاوي والكشاف فعرضوها في معرض التقرير الحكيم، ثم ناقشوها بالنقد والمقارنة والمعارضة، حتى اتصل ما بين بعضها وبعض في تلك المجالات التقريرية العالية، اتصالاً كون بينها لحمة نظرية، فجعلها عناصر وحدة موضوعية متكاملة، وبذلك كان كل جيل من أجيال العلماء ينقضي يترك وراءه من تلك البحوث الصعبة أوقاراً على ظهور الجيل الناشئ يزيد بها تدريس البيضاوي على متعاطيه مشقة وصعوبة، حتى أصبح تدريسه منتهى مبلغ الهمم العالية، وميزان الملكات والمواهب، فوضع في أعلى الهيكل الهرمي لمواد التخرج في العلوم الإسلامية، وعمت منزلته تلك أقطار الإسلام في المشارق والمغارب، فتأصلت منزلته أولاً في الشرق الأوسط، والشرق الأقصى، وانتظم في المناهج الدراسية ببلاد فارس، وبلاد الأفغان، والأقطار الهندية، ثم كان في جملة ما تسرب من الملتزمات التعليمية من البلاد الفارسية إلى آسيا الصغرى وعموم الممالك العثمانية واشتهر بمصر من قبل الفتح العثماني إذ كان من الكاتبين عليه من العلماء المصريين، في أواخر القرن التاسع وأوائل العاشر، القاضي زكريا الأنصاري، والإمام السيوطي، وعظم شأنه في القرن العاشر بانتظام أهم معاهد العلم في البلاد العربية في تاج الخلافة العثمانية، وخاصة الجامع الأزهر، وجامع الزيتونة.
وبذلك تقاربت مناهج التعليم، بين البلاد الإسلامية كلها، على الطريقة الأعجمية، فأصبح تفسير البيضاوي ملتزم التدريس من أقاصي الهند إلى المغرب الأقصى، وزاد اعتزازاً بالحاشيتين الشهيرتين اللتين كتبتا عليه:
إحداهما بلاهور عاصمة بلاد البنجاب من الباكستان الغربية وهي: حاشية المحقق عبد الحكيم السيالكوتي، التي سارت مثلاً في التحقيق، والتحليل، وصواب النظر، ورشاقة العبارة، والإغراق في الإشارة حتى اعتبرت عنقاء الدارسين وآبدة الناظرين.
والحاشية الثانية من حواشي القرن الحادي عشر: هي حاشية العلامة المصري، الأزهري النشأة، شهاب الدين الخفاجي، التي سماها: " عناية القاضي وكفاية الراضي " وهي تامة، بخلاف حاشية عبد الحكيم، وواسعة، كثيرة المباحث والفوائد، وسعت دائرة تفسير البيضاوي علماً، أكثر مما وسعتها نقداً وبحثاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[روح وريحان]ــــــــ[26 Jan 2010, 01:50 م]ـ
الأخ الفاضل زهير
أشكر إضافتك العلمية التي أثرت الموضوع ..
وعلى البيضاوي (بل وعلى غيره من التفاسير) شروح كثيرة وتعليقات، لكني اقتصرت على جمع الحواشي فقط.
وما ذكرتموه عن تفسير البيضاوي أكد بالدليل العلمي رأي الدكتور مساعد في أنه كان منهجاً تدريسياً في حقبة معينة وبهذا كثر الدارسون له والمدققون فيه وكثرت حواشيهم عليه.
جزاكم الله خيراً كثيراً.
ـ[فاروق الكردي]ــــــــ[03 Feb 2010, 12:36 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه التعليقات المفيدة.
وأنا أضف اليها أن تفسير البيضاوي كان منهجا مدروسا في المدارس التابعة للمساجد في كوردستان -المسمى بـ (حجرة) بمصطلح الأكراد-، بأقسامها الأربعة (عراق، وإيران، وتركيا، وسوريا)، وأظن ذلك لسببين:
1 - هو تفسير وجيز رصين، أهتم إهتماما بالغا بالناحية اللغوية والبلاغية.
2 - كان البيضاوي -رحمه الله- أشعري العقيدة، والعلماء في كردستان هم أيضا أشعري العقيدة، لذا شاع بينهم أكثر من غيره.
ومن هنا كتبوا عليه حواشي وتعليقات مفيدة، ولكن للأسف ضاع الكثير منها، وما بقي منها لايزال حبيس دور المخطوطات وتراكم عليها الغبار.
وكل ذلك بسبب ما أتى على هذه الأمة المسلمة -التي خدمت الإسلام والمسلمين مدة مديدة من الزمان- من التفسيم والتشتيت والتمزيق بيد أداء الإسلام، مما ضاع فيها جهود علمائها الأجلاء.
والآن هناك الكثير من هذه المخطوطات في المركزالوطني للمخطوطات في بغدا، ينتظر من ينفض عليها الغبار، ويخرجها للنور حتى يستفيد منها المسلمون.
وعلى سبيل المثال، أنا الآن -مع بعض طلبة العلم- مشغول بتحقيق قم من تفسير (منقول التفاسير) للعلامة يوسف الأصم الكردي لرسالة الماجستير، وهو غربلة لتفسير البيضاوي، والكشاف، والبغوي، مع استدراكات علمية مفيدة، ردود جميلة على الكشاف للمؤلف -رحمه الله.
ـ[روح وريحان]ــــــــ[03 Feb 2010, 11:16 م]ـ
الأخ الفاضل فاروق
أكرمكم الله على هذه الإضافة
ـ[فاروق الكردي]ــــــــ[04 Feb 2010, 12:01 م]ـ
وفقك الله لم يحبه ويرضاه أخ العزيز
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Feb 2010, 03:58 م]ـ
الحواشي على تفسير الجلالين:
1. الأجهوري: عطية بن عطية الأجهوري البرهان الضرير المصري ت 1190له حاشية على تفسير الجلالين أسماها: الكوكب النيرين في ألفاظ الجلالين.
2. البغدادي الحنفي: عمر بن عبد الجليل البغدادي الحنفي ت 1194، له حاشية على الجلالين أسماها الكمالين على الجمالين.
3. الجمل: سليمان بن عمر بن منصور العجيلي المصري الشافعي المعروف بالجمل ت 1204، له حاشية في خمسة أجزاء أسماها الفتوحات الإلهية بتوضيح الجلالين.
4. الحفناوي: محمد بن أبي السعود صالح المصري الشافعي المعروف بالحفناوي ت 1268 له حاشية على الجلالين في ثلاث مجلدات.
5. الطرابلسي القاوقجي: محمد بن خليل الطرابلسي المعروف بالقاوقجي، له حاشية أسماها مسرة العينين في حاشية الجلالين.
6. العلقمي: محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي بكر القاهري الشافعي شمس الدين المعروف بالعلقمي ت 961، من تصانيفه حاشية على تفسير الجلالين أسماها: قبس النيرين على تفسير الجلالين.
7. الفاسي: أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الفاسي الفقيه المالكي ت 1036.
8. القاري الهروي: علي بن سلطان محمد القاري الهروي نور الدين ت 1014.له حاشية على تفسير الجلالين سماها: الجمالين.
9. الكرخي: محمد بن محمد بدر الدين الكرخي البكري ت 1007.
10. المولوي: سلام الله من أولاد الشيخ عبد الحق الدهلوي له الكمالين حاشية الجلالين.
ومن الحواشي أيضاً على تفسير الجلالين:
1 - حاشية العقيبي عفيف الدين علي بن محمد الأنصاري الشافعي محدث الديار اليمنية (1101هـ).
2 - حاشية لإسماعيل بن عبدالباقي اليازجي (ت1121هـ) في مجلدين.
3 - حاشية أبي بكر بن إسماعيل الشنواني المتوفى سنة 1019هـ.
4 - حاشية مصطفى الصالحاني الحنبلي الدوماني، واسمها (ضوء النيرين لفهم تفسير الجلالين).
5 - حاشية عبدالرحمن بن محمد الحائك التطواني المتوفى سمة 1237هـ.
6 - حاشية عبدالله بن محمد النبراوي المتوفى سنة 1275هـ.
7 - حاشية أحمد بن عبدالكريم الترمانيني المتوفى سنة 1293هـ.
حاشية سعد الله بن غلام الأفغاني القندهاري، المتوفى أوائل القرن الرابع عشر الهجري وسماها (كشف المحجوبين عند خدي (أو على) تفسير الجلالين).
8 - حاشية محمد بن عبدالله الحسيني الحديدي الزيدي المتوفى سنة 1311هـ.
9 - حاشية محمد بن أحمد الخطيب الشربيني (ت977هـ).
إضافة إلى أن مطبوعات تفسير الجلالين جميعها لا تخلو من تعليقات وحواشٍ للمحققين والناشرين.
وقد استفدت هذه المعلومات كلها من تحقيق الدكتور فخر الدين قباوة المفصل لتفسير الجلالين ص11 - 13).
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[21 Aug 2010, 10:52 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحواشي على تفسير الجلالين:
..
2. البغدادي الحنفي: عمر بن عبد الجليل البغدادي الحنفي ت 1194، له حاشية على الجلالين أسماها الكمالين على الجمالين.
...
8. القاري الهروي: علي بن سلطان محمد القاري الهروي نور الدين ت 1014.له حاشية على تفسير الجلالين سماها: الجمالين.
...
ذكر الشيخ محمد خليل المرادي في كتابه سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر في ترجمة عمر البغدادي أن هذه الحاشية التي ألفها والتي سماها (الكمالين) هي على حاشية ملا علي القاري التي سماها الجمالين على الجلالين، فهي حاشية على حاشية، ولم يكملها، وصل فيها إلى قوله تعالى في أوائل سورة آل عمران (يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم) فجاءت في نحو ثلاثين كراسة، فتوفي ولم يكملها. انظر سلك الدرر (3/ 191) بتحقيق أكرم حسن العلبي. والله أعلم(/)
وقفات مع تفسير فتح القدير للإمام الشوكاني رحمه الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Jan 2010, 09:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي المصطفى الأمين، وعلى آله وأزواجه وذريته وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:
فلما كان تفسير فتح القدير للشوكاني مقرراً في عدد من الجامعات، ومرجعاً مهماً في التفسير للباحثين والباحثات، ومنتشراً بين طلبة العلم في كثير من الجهات؛ رأيت أن أشارك في خدمة هذا التفسير بإيضاح بعض المهمات، تبيين بعض المشكلات، وتعليق على بعض العبارات، وتصحيح لبعض الأخطاء والهفوات، مع الإشادة والتذكير بما ورد فيه من تحقيقات بديعات، وتنبيهات نفيسات، وترجيحات مقنعات، وقواعد مهمات.
وطريقتي في هذا الموضوع: أن ما نقلته بدون تعليق؛ فهو لأهميته، أو لكونه قاعدة أو ضابطاً مهما يحتاج إليه طالب علم التفسير. وما علقت عليه فهو للغرض الذي يظهر من خلال التعليق.
وسوف أبدأ مستعيناً بالله تعالى بمقدمة هذا التفسير.
- مقدمة تفسير فتح القدير:
قال رحمه الله: (ما كان من التفسير ثابتاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كان المصير إليه متعيناً، وتقديمه متحتماً؛ غير أن الذي صح عنه من ذلك إنما هو تفسير آيات قليلة بالنسبة إلى جميع القرآن، ولا يختلف في مثل ذلك من أئمة هذا الشأن اثنان.
وأما ما كان منها ثابتاً عن الصحابة رضي الله عنهم فإن كان من الألفاظ التي قد نقلها الشرع إلى معنى مغاير للمعنى اللغوي بوجه من الوجوه فهو مقدم على غيره، وإن كان من الألفاظ التي لم ينقلها الشرع فهو كواحد من أهل اللغة الموثوق بعربيتهم، فإذا خالف المشهور المستفيض لم تقم الحجة علينا بتفسيره الذي قاله على مقتضى لغة العرب، فبالأولى تفاسير من بعدهم من التابعين وتابعيهم وسائر الأئمة.
وأيضا كثيرا ما يقتصر الصحابي ومن بعده من السلف على وجه واحد مما يقتضيه النظم القرآني باعتبار المعنى اللغوي ومعلوم أن ذلك لا يستلزم إهمال سائر المعاني التي تفيدها اللغة العربية ولا إهمال ما يستفاد من العلوم التي تتبين بها دقائق العربية وأسرارها كعلم المعاني والبيان فإن التفسير بذلك هو تفسير باللغة لا تفسير بمحض الرأي المنهي عنه.)
وقال وهو يبين سبب الحاجة إلى ذكر التفسير بالدراية مع التفسير بالرواية: (وأيضاً لا يتيسر في كل تركيب من التراكيب القرآنية تفسير ثابت عن السلف، بل قد يخلو عن ذلك كثير من القرآن، ولا اعتبار بما لم يصح، كالتفسير المنقول بإسناد ضعيف، ولا بتفسير من ليس بثقة منهم وإن صح إسناده إليه.
وبهذا تعرف أنه لا بد من الجمع بين الأمرين وعدم الاقتصار على مسلك أحد الفريقين، وهذا هو المقصد الذي وطنت نفسي عليه، والمسلك الذي عزمت على سلوكه إن شاء الله).
تعليق: قوله رحمه الله: (ولا اعتبار بما لم يصح ... ) صحيح من حيث الاعتماد عليه، والجزم بتفسير الآية به وحده، وأما من حيث ذكره والإفادة منه في التفسير؛ فله اعتبار، وقد يفيد في إزالة إشكال وإيضاح معنى، ونحو ذلك. وقد أشار الشوكاني إلى ذلك بقوله بعد هذا الكلام بقليل: (وقد أذكر ما في إسناده ضعف إما لكون في المقام ما يقويه أو لموافقته للمعنى العربي.).
وأما قوله: (ولا بتفسير من ليس بثقة منهم وإن صح إسناده إليه) ففيه نظر؛ لأن القائل قد يكون من أئمة التفسير، وهو ليس بثقة في روايته، فقوله غير ما يرويه عن غيره، فالأول مقبول إن ثبت عنه، والثاني غير مقبول لفقده شرطاً من شروط قبول الرواية. والقاعدة في ذلك: أن قول المفسر غير روايته. والله أعلم.
قال رحمه الله: (واعلم أن تفسير السيوطي المسمى بالدر المنثور قد اشتمل على غالب ما في تفاسير السلف من التفاسير المرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتفاسير الصحابة ومن بعدهم، وما فاته إلا القليل النادر).
قال رحمه الله: (واعلم أن الأحاديث في فضائل القرآن كثيرة جداً، ولا يتم لصاحب القرآن ما يطلبه من الأجر الموعود به في الأحاديث الصحيحة حتى يفهم معانيه؛ فإن ذلك هو الثمرة من قراءة).
تعليق: هذا الكلام يحتاج إلى تفصيل:
فإن كان يقصد لا يحصل لقارئ القرآن الأجر المترتب على القراءة إلا إذا فهم المعنى؛ فليس كذلك.
وإن كان يقصد "لا يتم له ذلك" أي لا يحصل له تمام الأجر وكماله إلا إذا جمع بين القراءة وفهم المعنى؛ فنعم. والله أعلم
ومما يبين أنه يقصد المعنى الثاني أنه ذكر في موضع آخر كلاماً حول هذه المسألة يزيل الإشكال، حيث قال: (وأما سؤاله - عافاه الله - عن الذي يقرأ القرآن ولا يعرف معناه كالعوام؛ فنقول: الأجر على تلاوة القرآن ثابت، لكنه إذا كان يتدبر معانيه ويمكنه فهمه فأجر مضاعف، وأما أصل الثواب لمجرد التلاوة فلا شك فيه، والله سبحانه لا يضيع عمل عامل، وتلاوة كتابه من أشرف الأعمال لفاهم وغير فاهم، وإذا أضاع أحد ما اشتمل عليه القرآن من الأحكام أثم من جهة الإضاعة لا من جهة التلاوة.) انتهى من الفتح الرباني من فتاوى الشوكاي 4/ 1901 نقلا عن كتاب القرآن لطارق عوض الله ص 215.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Jan 2010, 12:12 م]ـ
وقفات موفقة، وأتمنى لو تابعتها، ولم تتوقف، وياحبذا لو عرَّجت على منهجيته الغريبة في الفصل بين التفسير الوارد عن السلف، وسماه (رواية) والتفسير الوارد عن غيرهم، وسماه (دراية).
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[25 Jan 2010, 02:45 م]ـ
أحسنت يا أبا مجاهد،
واصل وصلك لله بفضله.
فلعلي أنقل بعض تعليقاتك على نسختي، وجزاك الله خيرًا.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[25 Jan 2010, 02:54 م]ـ
- مقدمة تفسير فتح القدير:
قال رحمه الله:
(وأما ما كان منها ثابتاً عن الصحابة رضي الله عنهم فإن كان من الألفاظ التي قد نقلها الشرع إلى معنى مغاير للمعنى اللغوي بوجه من الوجوه فهو مقدم على غيره، وإن كان من الألفاظ التي لم ينقلها الشرع فهو كواحد من أهل اللغة الموثوق بعربيتهم، فإذا خالف المشهور المستفيض لم تقم الحجة علينا بتفسيره الذي قاله على مقتضى لغة العرب،فبالأولى تفاسير من بعدهم من التابعين وتابعيهم وسائر الأئمة)
حاصل ماظُلِّل بالأحمر ألا مزية لتفسير الصحابيِّ للفظةٍ باقيةٍ على أصلها اللغوي، فإذا تعارض قول صحابيٍّ في ذلك مع قول أحد أئمة اللغة طلبنا المرجِّحَ كما لو كان التعارض بين إمامين من غير الصحابة.
هذا حاصل هذا الموطن ..
والذي أريد قوله: ألا يكون تفسير الصحابي في هذا الموطن أرجح من غيره كما لو كان الخلاف في معنى آية؟ فكما أن الآية محتملة عدةَ أوجه من التفسير فكذا المفردة القرآنية، ومناط ترجيح قول الصحابي في معنى الآية وهو كونه أعلم بمواقع النزول ونحوها حاصلٌ في بيان معنى المفردة. وهذا مع الاتفاق على أن بيان الصحابي لمعنى اللفظة صحيح عربيَّةً ..
وقوله رحمه الله بعدُ إنما يسلَّم إذا تحقق أن الصحابيَّ إنما فسر اللفظة بمجرد اقتضاء لغة العرب. وهذا محكوم بالنظر إلى السياق، فلا تطَّرد فيه قاعدة ..
بانتظار تعليقكم ..
وفقكم الله لمرضاته ..
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 Jan 2010, 04:53 م]ـ
حاصل ماظُلِّل بالأحمر ألا مزية لتفسير الصحابيِّ للفظةٍ باقيةٍ على أصلها اللغوي، ..
إذا خالف المشهور المستفيض.
والمسألة تتضح بالمثال فإذا لم يوجد فليس ثم ثمرة لطرح المسألة.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[26 Jan 2010, 12:30 ص]ـ
إذا خالف المشهور المستفيض.
والمسألة تتضح بالمثال فإذا لم يوجد فليس ثم ثمرة لطرح المسألة.
[وإن كان من الألفاظ التي لم ينقلها الشرع فهو كواحد من أهل اللغة الموثوق بعربيتهم، فإذا خالف المشهور المستفيض لم تقم الحجة علينا بتفسيره الذي قاله على مقتضى لغة العرب]
ماظُلِّل تقعيد لأصل المسألة ..
ومابعده تفريع لضربٍ من خلاف الصحابي للمشهور في تفسير المفردة ..
فلايُجعل قيدا ..
ولاأظن هذه المسألة مفتقرة إلى أمثلة، ولعلي أنشط لجمع بعضها، واعذرني إن تأخرت فأنا أقاسي وهج الاختبارات الجامعية هذه الأيام
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Jan 2010, 07:53 ص]ـ
أشكر جميع الإخوة الذين شاركوا في التعليق علة هذا الموضوع، وأقول في الجواب تفصيلاً:
شيخنا مساعد الطيار! حكمك على هذه الوقفات بأنها موفقة يشجعني على الجد والمتابعة، وطلبك بخصوص منهجيته سأفرده بتعليق إن شاء الله.
أخي العزيز "أبوالوليد التويجري"!
شكر الله لك على حرصك، واهتمامك يدفعني للاهتمام أكثر.
الأخوان الفاضلان "أبوعبدالعزيز الشثري"، "حجازي الهوى"!
أشكركما على إثراء الموضوع، وعلى المشاركة في التعليق، وأحب أن أنبه هنا أن هذه الوقفات ليست شرحاً وتفصيلاً لما جاء في هذا التفسير؛ فهذا يحتاج إلى بسط أكثر ووقت أطول، وإنما الغرض التنبيه على بعض الأمور المهمة.
ومسألة تفسير الصحابي مسألة معروفة، وقد كتبت فيها بحوث، وسبق عرضها في هذا الملتقى في أكثر من موضوع.
وأقول هنا: إن تفسير الصحابي من حيث اللغة إذا ثبت عنه مقدم على غيره أيضاً؛ فقد اتفق العلماء على تقديم تفسير الصحابة - رضي الله عنهم - على من بعدهم لأنهم العرب الفصحاء على الحقيقة، مع ما لهم من مزايا أخرى.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[26 Jan 2010, 05:23 م]ـ
شكرا يا دكتور محمد على هذه الوقفات
ولكن بحكم تخصصك وباعتبار رسالتك في الدكتوراه والتي كانت في جمع ترجيحات ابن القيم فهل تتفضلون ولو لمرة واحدة بنقد لابن القيم مثلما انتقدتم الشوكاني
لست أقول هذا الكلام تعصبا لكني أحببت أن أرى وقفاتك مع ابن القيم كوقفاتك مع غيره والتي أراها هي الأولى والأجدر باعتبار قربك منه ودراستك لتفسيره وترجيحاته
أم أنه يصعب نقد ابن القيم؟!
اتمنى أن أجد إجابة علمية لا عاطفية
وأتمنى أن يكون الرد مبنيا على علم لا على انطباعات وبعيدا عن الميول والرغبات
ـ[أبو حسان]ــــــــ[26 Jan 2010, 05:28 م]ـ
وياحبذا لو عرَّجت على منهجيته الغريبة في الفصل بين التفسير الوارد عن السلف، وسماه (رواية) والتفسير الوارد عن غيرهم، وسماه (دراية).
ما وجه الغرابة يا دكتور مساعد؟
آمل التوضيح أكثر لنستفيد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[26 Jan 2010, 05:43 م]ـ
ما وجه الغرابة يا دكتور مساعد؟
آمل التوضيح أكثر لنستفيد
لو سمحت لي يا أبا حسان
أقول غريب لأنه فصل بين الأثنين والدراية في جانب كبير منها مبنية على الرواية.
ثم إن في هذا تشتيتا للذهن.
وننتظر جواب الدكتور مساعد.
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[26 Jan 2010, 11:20 م]ـ
بوركتَ أبا مجاهد.
ـ[طلحة الجغبير]ــــــــ[27 Jan 2010, 02:10 ص]ـ
بارك الله فيك أبا مجاهد ونفع الله بك وبعلمك ...
أحببت أن أقيد كلمة تستحق النظر للشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله ..
قال حفظه الله: "وأقل التفاسير بالإجتهاد والإستباط بالرأي خطأ حتى أن أخطاءه معدودة تفسير الشوكاني (فتح القدير) جامع بين فني الرواية والدراية (يعني الأثر واللغة والنحو والإستنباط) فمن احتاج لينظر في تفسير بالرأي فلينظر لفتح القدير، يتلوه -وهو أصعب منه- البحر المحيط لأبي حيان فإنه يغلب عليه في العقيدة السلامة أما غيرها مع فوائدها لا تصلح إلا لطالب علم متمكن" انتهى كلامه حفظه الله
ولي عودة بإذن الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jan 2010, 07:24 ص]ـ
شكرا يا دكتور محمد على هذه الوقفات
ولكن بحكم تخصصك وباعتبار رسالتك في الدكتوراه والتي كانت في جمع ترجيحات ابن القيم فهل تتفضلون ولو لمرة واحدة بنقد لابن القيم مثلما انتقدتم الشوكاني
لست أقول هذا الكلام تعصبا لكني أحببت أن أرى وقفاتك مع ابن القيم كوقفاتك مع غيره والتي أراها هي الأولى والأجدر باعتبار قربك منه ودراستك لتفسيره وترجيحاته
أم أنه يصعب نقد ابن القيم؟!
اتمنى أن أجد إجابة علمية لا عاطفية
وأتمنى أن يكون الرد مبنيا على علم لا على انطباعات وبعيدا عن الميول والرغبات
حياك الله يا أبا حسان، وأحسن الله إلى وإليك، ورزقنا العلم النافع والعمل الصالح.
أولاً: سبق أن وقفت مع تفسير ابن القيم، وكتبت بعض التعقيبات عن بعض ترجيحاته كما تجد هنا:
دراسة لأقوال المفسرين في المراد بـ: (أمرنا مترفيها) مع التعقيب على رأي ابن القيم ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6292)
وهنا:
دراسة ما ذهب إليه ابن القيم وابن كثير في معنى قول الله: (فتمنوا الموت إن كنتم صادقين) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6846)
ثانياً: يظهر من رسالتك شيئ من الاتهام بأن اختيار تفسير الشوكاني مبني على هوى أو عاطفة، وأني تركت ابن القيم لهذا الشيئ.
والأمر ليس كما تظن أخي الحبيب، وإنما وقع الاختيار على الشوكاني للأسباب التي ذكرتها سابقاً.
ثالثاً: هذه ليست انتقادات، وإنما هي وقفات وتعقبات واستدراكات.
رابعاً: لا أدري عن خبرتك ودرايتك بهذا التفسير؛ فإن كنت تتعامل معه وترجع إليه باستمرار فما أظنك إن كنت متخصصاً خبيراً إلا ممن يوافقني الرأي في وجود أشياء كثيرة تحتاج إلى نظر وتعليق.
والله أعلم.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[27 Jan 2010, 02:12 م]ـ
دكتور محمد:
لما كان الأمر يتعلق بالشوكاني قسوت بالعبارة فقلت: ((وتصحيح لبعض الأخطاء والهفوات))
وتقصد اخطاء وهفوات الشوكاني بينما لم تقل ذلك عندما كان الأمر يتعلق بابن القيم
بل تلطفت في العبارة وقلت: دراسة ما ذهب إليه ابن القيم .....
وقلت في موضوع آخر: دراسة لأقوال المفسرين في المراد بـ: (أمرنا مترفيها) مع التعقيب على رأي ابن القيم
هذا أمر
الأمر الآخر أنك لم تورد هنا في موضوعك هذا شيئا من تلك الأخطاء والهفوات التي زعمتها في حق الشوكاني فهل تتكرم بذلك
وإن كنت تعد ما أوردته سابقا في أول هذه المقال أخطاءاً وهفوات فتلك لعمري مصيبة إذا لم تورد شيئا يستحق هذا الوصف بل غاية ما يحمل عليه قولك وقول الشوكاني أنها وجهات نظر علمية ولا يجوز بحال أن تصف الشوكاني بأنه اخطأ أو تعد هذه من هفواته
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jan 2010, 10:03 م]ـ
دكتور محمد:
لما كان الأمر يتعلق بالشوكاني قسوت بالعبارة فقلت: ((وتصحيح لبعض الأخطاء والهفوات))
وتقصد اخطاء وهفوات الشوكاني بينما لم تقل ذلك عندما كان الأمر يتعلق بابن القيم
بل تلطفت في العبارة وقلت: دراسة ما ذهب إليه ابن القيم .....
وقلت في موضوع آخر: دراسة لأقوال المفسرين في المراد بـ: (أمرنا مترفيها) مع التعقيب على رأي ابن القيم
هذا أمر
الأمر الآخر أنك لم تورد هنا في موضوعك هذا شيئا من تلك الأخطاء والهفوات التي زعمتها في حق الشوكاني فهل تتكرم بذلك
وإن كنت تعد ما أوردته سابقا في أول هذه المقال أخطاءاً وهفوات فتلك لعمري مصيبة إذا لم تورد شيئا يستحق هذا الوصف بل غاية ما يحمل عليه قولك وقول الشوكاني أنها وجهات نظر علمية ولا يجوز بحال أن تصف الشوكاني بأنه اخطأ أو تعد هذه من هفواته
هدئ السرعة قليلاً يا أبا حسان!!
كبّرت القضية، وحملت الكلام ما لا يحتمل.
وسيأتيك - إن شاء الله - ذكر للهفوات التي وقع فيها الشوكاني؛ فلا تستعجل.
واعلم أني أجل علماءنا، ومنهم الشوكاني رحمه الله تعالى.
وأنا أقرأ في هذا التفسير، وأعلق عليه منذ أكثر من عشرين عاماً، وغرضي من هذا الموضوع الإفادة لا الانتقاص من الشوكاني رحمه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[27 Jan 2010, 10:35 م]ـ
وأنا أقرأ في هذا التفسير، وأعلق عليه منذ أكثر من عشرين عاماً، وغرضي من هذا الموضوع الإفادة لا الانتقاص من الشوكاني رحمه الله.
كل نقد توجهه لهذا الكتاب فاعلم أنه في الغالب موجه لثلاثة كتب:
المحرر الوجيز لابن عطية
البحر المحيط لأبي حيان
الدر المنثور للسيوطي
ـ[أبو حسان]ــــــــ[27 Jan 2010, 10:46 م]ـ
وسيأتيك - إن شاء الله - ذكر للهفوات التي وقع فيها الشوكاني؛ فلا تستعجل.
.
حسنا سننتظر لنرى
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[28 Jan 2010, 01:54 م]ـ
حسنا سننتظر لنرى
عفواً أخي أمعركة هي؟
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[28 Jan 2010, 01:54 م]ـ
أخشى أن تكون بعض مشاركاتنا حجر عثرة أمام تقييداتكم ..
ومشاركتي إنما كانت مدارسة ظنا مني أن موضوعكم يتسع لها بما أنها رأي للشوكاني، لاسيما وقد تبين لي من خلال ردكم عدم موافقتكم له رحمه الله في هذه النقطة ..
واصل وصلك الله بحبل التوفيق والسداد ..
ـ[أبو حسان]ــــــــ[01 Feb 2010, 10:42 م]ـ
ما زلنا ننتظر بيان بعض الأخطاء والهفوات في الكتاب يا أبا مجاهد
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[05 Feb 2010, 03:58 م]ـ
أعتذر عن التأخر؛ فقد اشتغلنا بالامتحانات والتصحيح، مع أمور أخرى.
وسوف تكون الوقفة القادمة - إن شاء الله - مع طريقة الإمام الشوكاني رحمه الله في تقسيمه للتفسير إلى قسمين، وما لها وما عليها.
وأسعد بمتابعة الأخ أبي حسان، وبقية الإخوة لهذا الموضوع.
كما أسعد بتعليقاتهم وإضافاتهم وإفاداتهم حوله.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[07 Feb 2010, 05:22 م]ـ
أين أنت يا أبا مجاهد
نحن في شوق لما ستكتبه
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Feb 2010, 08:25 ص]ـ
تبين من خلال ما سبق أن المؤلف قصد بتفسيره هذا الجمع بين التفسير الوارد عن السلف، وهو المسمى "بالرواية"، والتفسير الذي تقتضيه اللغة، وتفيده علوم الآلة، وهو المسمى "بالدراية"، لأن كل واحد من هذين النوعين مكمل للآخر، بل لا يغني أحدهما عن الآخر لمن أراد معرفة التفسير، والتمكن منه.
ومن الأسباب التي ذكرها لضرورة الجمع بين النوعين: أن التفسير المنقول عن السلف لا يشمل جميع المعاني، لأن المفسر من السلف كثيراً ما يقتصر في تفسيره للآية على معنى من المعاني التي دلّ عليها اللفظ، مع أن هذا اللفظ من حيث اللغة يدل على معانٍ أخرى، قال رحمه الله: (كثيرا ما يقتصر الصحابي ومن بعده من السلف على وجه واحد مما يقتضيه النظم القرآني باعتبار المعنى اللغوي، ومعلوم أن ذلك لا يستلزم إهمال سائر المعاني التي تفيدها اللغة العربية، ولا إهمال ما يستفاد من العلوم التي تتبين بها دقائق العربية وأسرارها، كعلم المعاني والبيان؛ فإن التفسير بذلك هو تفسير باللغة، لا تفسير بمحض الرأي المنهي عنه.).
قال رحمه الله: (وبهذا تعرف أنه لا بد من الجمع بين الأمرين وعدم الاقتصار على مسلك أحد الفريقين، وهذا هو المقصد الذي وطنت نفسي عليه، والمسلك الذي عزمت على سلوكه إن شاء الله).
التعليق: ما ذكره الإمام الشوكاني هنا لا إشكال فيه، وما سلكه في تفسيره هو المسلك الذي عليه الغالبية العظمى من كتب التفسير، فالتفاسير التي جعلها بعض المتأخرين من تفاسير الرواية لم تخل من الدراية، وما جعلوه من تفاسير الدراية لا يمكن أن تستقل عن الرواية – إلا بعض تفاسير المبتدعة التي قامت على الظنون والأوهام والأهواء، وضّل أصحابها عن سواء السبيل، مثل بعض تفاسير الصوفية الموغلة في الإشارة، وتفاسير الرافضة، والباطنية ومن سلك طريقهم من أهل الضلال-.
والتفسير المشهور الذي عُرف باقتصاره على أحد النوعين السابقين هو تفسير الدر المنثور للسيوطي رحمه الله، حيث اقتصر فيه على ذكر ما نقل في التفسير من الأحاديث وأقوال السلف من الصحابة والتابعين، ولم يدخل فيه أقوال أهل اللغة والتفسير من المتأخرين. وقد اعتمد عليه الشوكاني اعتماداً كلياً في قسم الرواية، مع بعض الإضافات التي زادها، وهي قليلة جداً. قال رحمه الله: (واعلم أن تفسير السيوطي المسمى بالدر المنثور قد اشتمل على غالب ما في تفاسير السلف من التفاسير المرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتفاسير الصحابة ومن بعدهم وما فاته إلا القليل النادر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد اشتمل هذا التفسير [أي: فتح القدير] على جميع ما تدعو إليه الحاجة منه مما يتعلق بالتفسير، مع اختصار لما تكرر لفظا واتحد معنى بقولي: ومثله أو نحوه. وضممت إلى ذلك فوائد لم يشتمل عليها وجدتها في غيره من تفاسير علماء الرواية، أو من الفوائد التي لاحت لي من تصحيح أو تحسين أو تضعيف أو تعقب أو جمع أو ترجيح.)
والجديد في الجمع بين النوعين عند الإمام الشوكاني هو الطريقة التي سلكها في تفسيره، وهي تمييزه للنوعين عن بعضهما، وفصله لكل منها عن الآخر، حيث يبدأ بالتفسير بالدراية للمقطع المراد تفسيره، فيفسره تفسيراً تحليلياً يعتمد فيه على ما ذكره أئمة التفسير قبله في بيان معنى الآية، وأكثره مأخوذ من الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، مع زيادات من تفاسير أخرى.
فإذا انتهى من التفسير بهذه الطريقة التي تقوم على التحليل والدراية – كما تسمى – يبدأ في ذكر الأحاديث والآثار المروية في تفسير هذا المقطع، وهذا النوع ينقله من الدر المأثور للسيوطي مع شيئ يسير من الاختصار والإضافة.
وهذه الطريقة المبتكرة التي سلكها الشوكاني لها محاسن وعيوب، ومن محاسنها:
سهولة الرجوع لكل نوع لمن أراد أن يقتصر عليه.
يمكن الاستفادة منها في بعض التطبيقات التعليمية عند تدريس التفسير، وذلك بالنظر في النوعين، وعمل مقارنة بينهما من عدة جهات. ولذلك فإن هذا الكتاب من الكتب المناسبة في التدريس، وهذا هو الواقع، فهو المقرر في مادة التفسير في عدد من الكليات الشرعية.
وأما عيوب هذه الطريقة، فمنها:
أنها قد توهم الناظر فيها بأن هذين النوعين متغايران ومفصولان عن بعضهما. مع أنهما متداخلان ولا ينفك أحدهما عن الآخر. [ينظر هذا الموضع ففيه فوائد وتنبيهات مهمة تتعلق بهذه المسألة ما الفرق بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي؟ ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=52)]
أن هذا الفصلَ جعل المفسر يترك ذكر أسباب النزول عند التفسير بالدراية، لأنها ستذكر في قسم الرواية، وكذلك أقوال السلف التي لها أهمية في إيضاح المعنى، وهذا له تأثير سلبي في فهم المعنى، ويفقد التفسير الكثير من الأقوال المهمة والجديرة بالذكر، خاصة أن الكثير ممن يقرأون في هذا الكتاب يقتصرون على قسم الدراية، وخاصة عند دراسته كمقرر.
ومن العيوب كذلك أن هذه الطريقة جعلت المؤلف يترك التعليق على كثير من الآثار التي تأتي في قسم الرواية، وهي بحاجة إلى تعليق وإيضاح، وسبب ذلك أن المؤلف قد أفرغ وسعه في قسم الدراية، وكذلك ظنه أن ما سبق يكفي ويغني عن التعليق على الآثار.
والعيب الأشد في نظري هو تقديم الدراية على الرواية، مما جعل المؤلف يكثر من الإحالات على المتأخر بقوله: سيأتي، وسيأتي. ولو أنه قدم الروايات لأراح واستراح، ولقدم ما ينبغي تقديمه. فالأصل أن المتأخر يعتمد على من قبله، وأن الكثير من التفسير إنما يعتمد على الرواية، وما ثبت عن الصحابة والتابعين؛ فهم أعلم الناس بالتفسير. فكيف تقدم أقوال من بعدهم على أقوالهم؟!
ولذلك؛ أقترح أن يقوم أحد الباحثين المتخصصين بتقريب لهذا التفسير، وتهذيب له بحيث يجعل قسم الرواية سابقاً لقسم الدراية. مع أمور أخرى تحتاج إلى تهذيب واختصار وتنبيه. والله أعلم.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[09 Feb 2010, 05:02 م]ـ
تبين من خلال ما سبق أن المؤلف قصد بتفسيره هذا الجمع بين التفسير الوارد عن السلف، وهو المسمى "بالرواية"، والتفسير الذي تقتضيه اللغة، وتفيده علوم الآلة، وهو المسمى "بالدراية"، لأن كل واحد من هذين النوعين مكمل للآخر، بل لا يغني أحدهما عن الآخر لمن أراد معرفة التفسير، والتمكن منه.
ومن الأسباب التي ذكرها لضرورة الجمع بين النوعين: أن التفسير المنقول عن السلف لا يشمل جميع المعاني، لأن المفسر من السلف كثيراً ما يقتصر في تفسيره للآية على معنى من المعاني التي دلّ عليها اللفظ، مع أن هذا اللفظ من حيث اللغة يدل على معانٍ أخرى، قال رحمه الله: (كثيرا ما يقتصر الصحابي ومن بعده من السلف على وجه واحد مما يقتضيه النظم القرآني باعتبار المعنى اللغوي، ومعلوم أن ذلك لا يستلزم إهمال سائر المعاني التي تفيدها اللغة العربية، ولا إهمال ما يستفاد من العلوم التي تتبين بها دقائق العربية وأسرارها، كعلم المعاني والبيان؛ فإن التفسير بذلك هو تفسير باللغة، لا تفسير
(يُتْبَعُ)
(/)
بمحض الرأي المنهي عنه.).
قال رحمه الله: (وبهذا تعرف أنه لا بد من الجمع بين الأمرين وعدم الاقتصار على مسلك أحد الفريقين، وهذا هو المقصد الذي وطنت نفسي عليه، والمسلك الذي عزمت على سلوكه إن شاء الله).
التعليق: ما ذكره الإمام الشوكاني هنا لا إشكال فيه، وما سلكه في تفسيره هو المسلك الذي عليه الغالبية العظمى من كتب التفسير، فالتفاسير التي جعلها بعض المتأخرين من تفاسير الرواية لم تخل من الدراية، وما جعلوه من تفاسير الدراية لا يمكن أن تستقل عن الرواية – إلا بعض تفاسير المبتدعة التي قامت على الظنون والأوهام والأهواء، وضّل أصحابها عن سواء السبيل، مثل بعض تفاسير الصوفية الموغلة في الإشارة، وتفاسير الرافضة، والباطنية ومن سلك طريقهم من أهل الضلال-.
والتفسير المشهور الذي عُرف باقتصاره على أحد النوعين السابقين هو تفسير الدر المنثور للسيوطي رحمه الله، حيث اقتصر فيه على ذكر ما نقل في التفسير من الأحاديث وأقوال السلف من الصحابة والتابعين، ولم يدخل فيه أقوال أهل اللغة والتفسير من المتأخرين. وقد اعتمد عليه الشوكاني اعتماداً كلياً في قسم الرواية، مع بعض الإضافات التي زادها، وهي قليلة جداً. قال رحمه الله: (واعلم أن تفسير السيوطي المسمى بالدر المنثور قد اشتمل على غالب ما في تفاسير السلف من التفاسير المرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتفاسير الصحابة ومن بعدهم وما فاته إلا القليل النادر.
وقد اشتمل هذا التفسير [أي: فتح القدير] على جميع ما تدعو إليه الحاجة منه مما يتعلق بالتفسير، مع اختصار لما تكرر لفظا واتحد معنى بقولي: ومثله أو نحوه. وضممت إلى ذلك فوائد لم يشتمل عليها وجدتها في غيره من تفاسير علماء الرواية، أو من الفوائد التي لاحت لي من تصحيح أو تحسين أو تضعيف أو تعقب أو جمع أو ترجيح.)
والجديد في الجمع بين النوعين عند الإمام الشوكاني هو الطريقة التي سلكها في تفسيره، وهي تمييزه للنوعين عن بعضهما، وفصله لكل منها عن الآخر، حيث يبدأ بالتفسير بالدراية للمقطع المراد تفسيره، فيفسره تفسيراً تحليلياً يعتمد فيه على ما ذكره أئمة التفسير قبله في بيان معنى الآية، وأكثره مأخوذ من الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، مع زيادات من تفاسير أخرى.
فإذا انتهى من التفسير بهذه الطريقة التي تقوم على التحليل والدراية – كما تسمى – يبدأ في ذكر الأحاديث والآثار المروية في تفسير هذا المقطع، وهذا النوع ينقله من الدر المأثور للسيوطي مع شيئ يسير من الاختصار والإضافة.
وهذه الطريقة المبتكرة التي سلكها الشوكاني لها محاسن وعيوب، ومن محاسنها:
سهولة الرجوع لكل نوع لمن أراد أن يقتصر عليه.
يمكن الاستفادة منها في بعض التطبيقات التعليمية عند تدريس التفسير، وذلك بالنظر في النوعين، وعمل مقارنة بينهما من عدة جهات. ولذلك فإن هذا الكتاب من الكتب المناسبة في التدريس، وهذا هو الواقع، فهو المقرر في مادة التفسير في عدد من الكليات الشرعية.
وأما عيوب هذه الطريقة، فمنها:
أنها قد توهم الناظر فيها بأن هذين النوعين متغايران ومفصولان عن بعضهما. مع أنهما متداخلان ولا ينفك أحدهما عن الآخر. [ينظر هذا الموضع ففيه فوائد وتنبيهات مهمة تتعلق بهذه المسألة ما الفرق بين التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي؟ ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=52)]
أن هذا الفصلَ جعل المفسر يترك ذكر أسباب النزول عند التفسير بالدراية، لأنها ستذكر في قسم الرواية، وكذلك أقوال السلف التي لها أهمية في إيضاح المعنى، وهذا له تأثير سلبي في فهم المعنى، ويفقد التفسير الكثير من الأقوال المهمة والجديرة بالذكر، خاصة أن الكثير ممن يقرأون في هذا الكتاب يقتصرون على قسم الدراية، وخاصة عند دراسته كمقرر.
ومن العيوب كذلك أن هذه الطريقة جعلت المؤلف يترك التعليق على كثير من الآثار التي تأتي في قسم الرواية، وهي بحاجة إلى تعليق وإيضاح، وسبب ذلك أن المؤلف قد أفرغ وسعه في قسم الدراية، وكذلك ظنه أن ما سبق يكفي ويغني عن التعليق على الآثار.
والعيب الأشد في نظري هو تقديم الدراية على الرواية، مما جعل المؤلف يكثر من الإحالات على المتأخر بقوله: سيأتي، وسيأتي. ولو أنه قدم الروايات لأراح واستراح، ولقدم ما ينبغي تقديمه. فالأصل أن المتأخر يعتمد على من قبله، وأن الكثير من التفسير إنما يعتمد على الرواية، وما ثبت عن الصحابة والتابعين؛ فهم أعلم الناس بالتفسير. فكيف تقدم أقوال من بعدهم على أقوالهم؟!
ولذلك؛ أقترح أن يقوم أحد الباحثين المتخصصين بتقريب لهذا التفسير، وتهذيب له بحيث يجعل قسم الرواية سابقاً لقسم الدراية. مع أمور أخرى تحتاج إلى تهذيب واختصار وتنبيه. والله أعلم.
هذا كلام محقق وجميل تُشكر عليه أبا مجاهد
ولي بعض الوقفات سأذكرها لاحقاً إن شاء الله تعالى
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 Feb 2010, 01:42 ص]ـ
ولذلك؛ أقترح أن يقوم أحد الباحثين المتخصصين بتقريب لهذا التفسير، وتهذيب له بحيث يجعل قسم الرواية سابقاً لقسم الدراية. مع أمور أخرى تحتاج إلى تهذيب واختصار وتنبيه. والله أعلم.
لقد قمت بعمل قريب مما اقترحته ولكنه مختص بآيات الأحكام تحت عنوان:
"الإحكام في تقريب آيات الأحكام من تفسير الإمام الشوكاني" قطعت فيه شوطا كبيرا ولكني لم أكمله لأنه عمل يحتاج إلى جهد وعزيمة ووقت.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[03 Apr 2010, 01:43 م]ـ
ومعلوم أن ذلك لا يستلزم إهمال سائر المعاني التي تفيدها اللغة العربية ولا إهمال ما يستفاد من العلوم التي تتبين بها دقائق العربية وأسرارها كعلم المعاني والبيان فإن التفسير بذلك هو تفسير باللغة لا تفسير بمحض الرأي المنهي عنه.)
وأيضاً لا يتيسر في كل تركيب من التراكيب القرآنية تفسير ثابت عن السلف، بل قد يخلو عن ذلك كثير من القرآن، ولا اعتبار بما لم يصح، كالتفسير المنقول بإسناد ضعيف، ولا بتفسير من ليس بثقة منهم وإن صح إسناده إليه
من هنا نستعمل المقاطع للشوكاني في التأكيد على أن التفسير بأوجه اللغة الصحيحة ليس هو من باب التفسير المجرد بالرأي، والذي يجعل مباينا أو مناقضا للمأثور كما يفهمه بعض المعاصرين من خلال قراءاتهم غير المدققة في مصنفات علوم التفسير أو القرآن.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Apr 2010, 08:24 م]ـ
بارك الله فيكم يا أبا مجاهد على هذه الوقفات المفيدة وليتك تستمر رعاك الله.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Apr 2010, 10:11 م]ـ
بارك الله فيكم يا أبا مجاهد على هذه الوقفات المفيدة وليتك تستمر رعاك الله.
أبشر
وأنا حريص على هذا الموضوع.
وستكون الوقفات القادمة مع تفسيره للفاتحة في موضوع مستقل.
وللفائدة؛ هناك رسالة ماجستير بعنوان "الإمام الشوكاني مفسراً" تجدها مع معلومات هنا:
http://www.islamfeqh.com/Nawazel/NawazelItem.aspx?NawazelItemID=741
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[13 Apr 2010, 07:12 م]ـ
وللفائدة؛ هناك رسالة ماجستير بعنوان "الإمام الشوكاني مفسراً" تجدها مع معلومات هنا:
http://www.islamfeqh.com/Nawazel/NawazelItem.aspx?NawazelItemID=741
يقول صاحب الرسالة:
"
1 - تقدم ان بينت موقفه في منهجه بأنه سلك مسلكا محمودا حيث دعا الي التفسير بالرأي ولم يهمل التفسير بالمأثور، وأنه التزم منهجا موفقا في التفسير بالمأثور عن الرسول صلي الله عليه آله وسلم واصحابه والتابعين لهم باحسان وبين في تفسيره ان بعض المفسرين يجهلون فن الحديث. " أهـ
هذا الكلام من صاحب الرسالة من النوع الذي يصيب الرأس بالدوران.
عموما موقف الشوكاني من تفسير الصحابة وخاصة ما يخص اللغة أتعجب منه.
ترى من بحث في هذا الموضوع على سبيل الخصوص.
وجزا الله صاحب الموضوع خيرا على جهده.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 May 2010, 09:03 ص]ـ
وهذا موضوع له صلة: قراءة في تفسير (فتح القدير) للشوكاني ( http://www.odabasham.net/show.php?sid=5719)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[23 Jul 2010, 07:47 ص]ـ
الشيخ أبا مالك قال في المشاركة التالية:
قول الإمام الشوكاني في الإجماع لا ينبغي الاعتماد عليه لوضوح فساده؛ إذ إنه أنكر حجية إجماع الأمة نفسه حتى بفرض ثبوته القطعي، يعني عنده لا يمتنع اتفاق الأمة على باطل في نفس الأمر، وهذا ما لا ينبغي أن يقوله مسلم.
والعلماء الذين نسب إليهم القول بإنكار الإجماع -كالطوفي والشوكاني وغيرهما- تراهم يحتجون بالإجماع كثيرا في مصنفاتهم، بل تراهم يتناقضون أحيانا فيثبتون حجية الإجماع كما فعل الطوفي.
فالمقصود أن مسألة إنكار الإجماع هذه مسألة مفروغ منها، وإنما النقاش في أفراد الأدلة ودلالتها كما في هذا الموضوع.
وقد ذكرت في المشاركة (37) أنه لا يمكن أحدًا أن يستدل بدليل غير مفتقر إلى الإجماع ولو بالالتزام.
بل إن أهلية المستدل نفسها لا يمكن معرفتها من غير اعتماد على الإجماع كما بينتُ هنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=11139 (http://majles.alukah.net/showthread.php?t=11139)
ليت المتصدي لبيان منهجه يدرس تأثير هذا الرأي على توجيهه للمسائل في تفسيره.
http://tafsir.net/vb/showpost.php?p=110025&postcount=58(/)
مركز تفسير يصدر العدد الثاني من نشرة (راصد) محرم 1431هـ
ـ[مركز تفسير]ــــــــ[26 Jan 2010, 08:01 م]ـ
http://tafsir.net/vb/mwaextraedit4/extra/01.png
صدر عن مركز تفسير للدراسات القرآنية العدد الثاني (1) من نشرته الدورية راصد القرآني - محرم 1431هـ، والتي تعنى برصد جميع الأنشطة والبرامج المتعلقة بالدراسات القرآنية.
وهو أحد المشاريع المدرجة ضمن خطة مركز تفسير للدراسات القرآنية، وتقوم فكرة هذا المشروع على رصد ومتابعة جميع الأنشطة والبرامج المتعلقة بالقرآن الكريم، وإعداد تقارير مختصرة عنها كل أربعة أشهر، بهدف إطلاع الدارسين والمهتمين بكل جديد في مجال الدراسات القرآنية على مستوى العالم، على نحو يحقق التواصل ويعرف بالجهود المبذولة في خدمة كتاب الله، ويساعد في تنسيقها وتكاملها، ليكون هذا التقرير الدوري لبنة لمشروع أوسع منه وهو (التقرير الاستراتيجي للدراسات القرآنية) الذي يزمع المركز تنفيذه سنوياً على نحو يرصد مسيرة الدراسات والبرامج القرآنية، ويستشرف مستقبلها بإذن الله.
والقائمون على إعداد هذا التقرير يتطلعون إلى دعمكم وتواصلكم، بإطلاعنا على كل جديد يتصل بمجال الدراسات القرآنية، في أي مكان حول العالم.
للتواصل مع اللجنة المشرفة على راصد القرآني ..
بريد إلكتروني: rased@tafsir.net
هاتف: 0096612109620
فاكس: 0096612109713
ــــ الحواشي ــــــــــــــــــــ
(1) راصد - العدد الأول - رمضان 1430هـ ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=17051).
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[30 Jan 2010, 08:55 م]ـ
بارك الله فيكم يا دكتور عبد الرحمن على هذه المشاريع الرائدة في مجال الدراسات القرآنية، ونأمل أن تتحول هذه النشرة في نهاية السنة إلى تقرير موسع، مع التوصيات المستقبلية والاستشرافية في مجال الدراسات القرآنية، ويمكن عمل ندوة لمناقشة هذا التقرير في نهاية كل سنة لمعرفة اتجاه الدراسات القرآنية في شتى المجالات ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jan 2010, 09:11 م]ـ
هذا ما نعمل من أجله بإذن الله.
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[17 Feb 2010, 10:12 م]ـ
بارك الله بكم وعلى جهودكم، وحبذا لو يكون لنا في لبنان مركزاً كمركزكم، أو حتى فرعًا للمركز عنا في لبنان ....
ـ[باحثة علم]ــــــــ[23 Feb 2010, 04:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله بك , شكراً أخي الكريم(/)
التعريف بما أفرد في آية من التصنيف
ـ[طلحة الجغبير]ــــــــ[27 Jan 2010, 03:20 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فقد تفنن علماء التفسير في تصانيفهم في بيان مقاصد القرآن ودقائقه وأحكامه وكلياته ومعانيه ومشكلاته، وصنفوا في ذلك المطولات والمختصرات، وعلقوا الحواشي والإستدراكات.
ومن ذلك إفرادهم بعض الآيات بالتصنيف لكشف معانيها، وإبراز حكمها، وإظهار أسرارها، فأحببت أن أفرد موضوعا فيما صنف في آية واحدة، لأمرين:
1 - غفلة كثير من طلبة التفسير وعلوم القرآن عن هذه المؤلفات، وقد يكون بين سطورها من التحرير ما لا يكاد يوجد في كثير من المطولات.
2 - إظهار عظمة القرآن وسعة معانيه ودقة ألفاظه.
ولن أسير في هذا الموضوع على ترتيب معين، وإنما بحسب ما تقع عليه عيني من مكتبتي، والله ولي التوفيق
الكتاب الأول: رسالة في الكلام على آية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
المؤلف: نجم الدين الغزي العامري (977 - 1061 هـ)
طبعت في المكتبة الإسلامية بالقاهرة بتحقيق نشأت بن كمال
وصف الكتاب:
الكتاب يدور حول الكلام عن آية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي الآية 104 من سورة آل عمران (ولتكن منكم أمة ..... )
وذكر في كتابه 53 مسألة حول هذه الآية العظيمة.
قال المحقق ص 9: "تعد نواة هذا الكتاب وأصله الذي قام عليه ما كتبه الزمخشري المعتزلي في كتابه الكشاف (قلت: ومن موارده في كتابه: الماوردي والنووي والغزالي وغيرهم) ...... فلقد عمد المصنف إلى كلام الزمخشري وشرحه في بعض المسائل، واستدرك عليه كثيرا، ثم زاد عليه مسائل أخرى أكمل بها الكتاب)
ثم ذكر المحقق ميزات هذا الكتاب وجعلها في ثلاث نقاط:
1 - دقته وتركيزه في مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المهمة، وعدم شوبه بمسائل فرعيه كما في المصنفات الأخرى.
2 - حسن تقويمه وتبويبه بطريقة تسهل على القارئ الوقوف على ما يريده.
3 - استدراك المصنف على بعض من سبقه في التصنيف في هذا الباب.
لطائف وفوائد من الرسالة:
- ذكر المصنف في المسألة الأولى ما في الآية من تناسب بما قبلها، فأمر الله تعالى المؤمنين أولا بالتقوى (102) وهي جامعة لخصال الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم أمرهم بالمداومة عليها بحيث يموتون وهم مسلمون، ثم أمرهم بالإعتصام بحبل الله وهو التمسك بالقرآن، استعير له الحبل من حيث أن التمسك به سبب النجاة من الهلاك، وفي قوله (جميعا) إشارة إلى أن حبل الله متين بحيث لو تمسك الناس به كلهم لأمسكهم ولم ينقطع، ونهاهم عن التفرق لأنه قد يكون سببا لإغتيال العدو، في ضمن ذلك أمرهم بالتعاون على البر والتقوى، ثم أمرهم بذكر نعمة الله عليهم، لأن التحدث بالنعمة شكر، والشكر يقتضي المزيد، وخصوصا الشكر على الألفة والأخوة التي سببها إنعام الله عليهم، ثم بين لهم أن من تعرف ذلك فهو حري بالإهتداء، ثم أرشدهم بعد الإهتداء إلى هداية غيرهم ...
- قال (وفيه أن العبد إذا توجهت همته إلى الدعاء إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان ذلك علامة على صدق إيمانه)
- وتكلم المؤلف عن بعض الأحكام المتعلقة بالحسبة كشروطها وأحكامها وكيفية الإحتساب وآدابه ومن يقوم عليها، وما يحتاجه المحتسب، ومسائل أخرى تحت هذا الباب
- ربطه بين آية (ولتكن منكم أمة ... ) وآية (كنتم خير آمة ... ) فقال: وكلهم لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإنما يفعل ذلك بعضهم، فوجود هذا البعض فيهم صيرهم خير أمة ولما كان الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر في القرن الأول خير الآمرين وخير الناهين كان القرن خير القرون ....... فإذا تجرد القرن عن القائم بهذه الوظيفة تجرد عن الخير وتمحض الشر ولا يكون هذا إلا عند قيام الساعة.
قلت: الكلام عن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هل هو على الكفاية أم هو على العين كلام طويل، وإنما ينبغي أن يفرق حال النظر إلى هذه الآية مع غيرها من عمومات الأمر بين التصدر لهذا الأمر، وبين كونه على سبيل الدعوة الفردية، وليعلم أن للنهي عن المنكر مراتب، وبالتالي يمكن الجمع بينها على سبيل التفصيل: بين وجوب عيني في بعض المراتب، ووجوب كفائي في أخرى، فليحرر هذا في موضعه ..
- قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هما أمران، إلا أنهما لم يذكرا غالبا في الكتاب والسنة وكلام العلماء إلا معا، لأنهما كالشيء الواحد .... ثم ذكر مسألة هل يصح أن يقال أيهما أفضل الأمر بالمعروف أم النهي عن المنكر ..
- وختم كتابه بمسألة لطيفة فقال: عدد حروف الآية السابقة التي الكلام عليها أم الرسالة لأنها أخص دليل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي قوله تعالى (ولتكن منكم أمة) سبعون حرفا، وهذا العدد موافق لعدد الاسم المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم: (أنتم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها عند الله)
انتهى والحمد لله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طلحة الجغبير]ــــــــ[27 Jan 2010, 02:41 م]ـ
ثانيا: فتح الجليل للعبد الذليل
تأليف الإمام جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي (ت 911 هـ)
طبع الكتاب أكثر من مرة، منها: طبعة دار البشير بتحقيق عبدالقادر أحمد قادر، وطبعة دار الأمان بالإمارات بتحقيق محمد رفعت، وفي مؤسسة الريان ببيروت.
وصف الرسالة: تكلم السيوطي في رسالته هذه عن قوله تعالى (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) البقرة 257
وأراد رحمه الله من رسالته هذه استخراج الأنواع البديعية فيها فوصلت بحسب عده إلى مئة وعشرين نوعا (مع التكرار، فمثلا الطباق عده في 3 مواضع والمقابلة في ثمانية مواضع ... الخ) وقد استخرجها بنفسه إلا ما نقله في موضعين عن أبي حيان، وموضع عن الزمخشري.
وختم الرسالة بذكر بعض الفوائد في علم المعاني وأصول الدين وأصول الفقه والنحو والسلوك.
ومما ذكره من لطائف وفوائد في رسالته هذه:
- أفرد النور وجمع الظلمات لأن طريق الحق واحد أما الكفر فأنواع والضلالات شتى والأهواء والبدع متفرقة.
- قال: وفيها وقوع الماضي في آمنوا وكفروا مرادا به الدوام.
- (هم فيها خالدون) استدل بها على أن عصاة المؤمنين لا يخلدون في النار.
- تكلم عن لفظة الولي وأن غيرها لا يقوم مقامها، لما فيها من الإشعار بالخصوصية الزائدة والقرب المعنوي والمكانة والاعتناء بمصلحة المؤمن، فإن الولي يطلق لغة وشرعا على القريب .... ولفظة الناصر أو المعين مثلا لا يفيد ذلك لأن كلا مما ذكر قد يكون غريبا أجنبيا.
- (يخرجونهم من النور إلى الظلمات) ذكر أن فيها الإحتراس، إذ لما قيل أولياؤهم الطاغوت توهم متوهم أنه لما كان لهم أولياء فقد يفعلون بهم كما يفعل ولي المؤمنين بأحبائه، فنفى ذلك بهذه الجملة.
- وفيما استنبطه منها مما تعلق بأصول الدين بعض ما يعترض عليه كإثباته للكسب على مقالة أهل الكلام من الأشاعرة.
- واستنبط منها في مسائل الفقه: أن المؤمن لا يرث الكافر ولا عكسه، ولا يلي كافر مسلمة فلا إرث ولا ولاية ولا تناصر، وفيها تحريم ولاية أعداء الله ... الخ
- وفي علم السلوك: الإنقطاع إلى الله تعالى وحدهواتخاذه وليا يعتصم به ويلجأ إليه في كل مهمة.
انتهى، والله الموفق
ـ[طلحة الجغبير]ــــــــ[30 Jan 2010, 07:29 م]ـ
الرسالة الثالثة: نور المسرى في تفسير آية الإسرا
المؤلف: الإمام أبو شامة المقدسي [599 - 665 هـ]
طبع في مكتبة المعارف بالرياض بتحقيق الدكتور علي حسين البواب
وصف الرسالة:
قال المحقق ص 7: (والكتاب الذي بين أيدينا للإمام شهاب الدين أبي شامة المقدسي يتحدث فيه عن الإسراء والمعراج، مفسرا آية الإسراء التي ذكرت هذه الواقعة العظيمة ويجمع آراء العلماء وأقوالهم في الإسراء
......
[وقد قسم المؤلف كتابه إلى قسمين:]
القسم الأول: في تفسير ما يشكل من مفردات الآية لغة وشرعا، فتكلم عن كل لفظ من ألفاظ الآية من الناحية اللغوية والاشتقاقية والنحوية والبلاغية، وكان حديثه عن هذه الألفاظ بإسهاب وتفصيل، فلم يترك شيئا حول ألفاظ الآية لم يتعرض له ويشبعه بحثا وشرحا.
والفصل الثاني: جعله للحديث عن الإسراء: عرض فيه أراء أئمة المسلمين في الإسراء: زمانه وكيفيته، وهل حدث مرة واحدة أو مرارا وغير ذلك من المباحث
انتهى من كلام المحقق
فوائد من الرسالة:
- بدأ رسالته بذكر أنواع فواتح السور العشرة والتي نقلها عنه السبكي في طبقاته والزركشي في برهانه، وهي على سبيل السرد ما يلي:
1 - استفتاحه بالثناء عليه عز وجل وهو قسمان: إثبات لصفات المدح ونفي وتبرئة من صفات النقص (7 سور من كل قسم = 14 سورة)
2 - افتتاح السور بحروف التهجي (29 سورة)
3 - النداء (10 سور)
4 - الجمل الخبرية (23 سورة)
5 - القسم (15 سورة)
6 - الشرط (7 سور)
7 - الأمر (6 سور)
8 - الإستفهام (6 سور)
9 - الدعاء (3 سور)
10 - التعليل في سورة واحدة.
وقد نظم هذه الفواتح ببيتين قال فيهما:
أثنى على نفسه سبحانه بثبوت - - - المدح والسلب لما استفتح السورا
والأمر شرط النداء التعليل أقسم والـ - - - ــدعا حروف التهجي استفهم الخبرا
(يُتْبَعُ)
(/)
- قال: الوجه المصحح لإطلاق هذه الألفاظ (أي التسبيح) على الصلاة (مثل: وسبح بالعشي والإبكار، فلولا أن كان من المسبحين ... الخ) أن الصلاة مشتملة على التسبيح أو لأن الصلاة الشرعية تنزيه من حيث إن الآتي بها منزه مخلص موحد قد نزه الله عما يقوله أهل الكفر والشرك.
- ذكر كثيرا من مباحث الإعراب والإشتقاق والمعاني واللغة يرجع لها في الرسالة.
- ذكر المؤلف استشكال بعض الناس في أن الإسراء إنما هو السير بالليل فما الحكمة من قوله (أسرى بعبده ليلا) ثم أجاب عنه فقال: الأمر وإن كان كذلك إلا أن العرب تفعل مثل ذلك في بعض الأوقات إذا أرادت تأكيد الأمر، والتأكيد نوع من أنواع كلامهم وأسلوب منه، تقول العرب: أخذ بيده وقال بلسانه، وفي القرآن العزيز (ولا طائر يطير بجناحيه) (يقولون بأفواههم) (فخر عليهم السقف من فوقهم)
ثم ذكر شواهد من شعر العرب كقول جرير (سرى نحوها ليلا .. )
ثم قال: وقد حاول جماعة من أهل المعاني والأدب استخراج فائدة زائدة لقوله (ليلا) غير التأكيد فذكروا وجوها ستة ووجه التأكيد سابع، .... يرجع لها في رسالته
- ينبه على ما في الرسالة من تأثر بمذهب الأشاعرة في مواضع عدة.
- قال: فإن قلت ما وجه استفتاح هذه الآية بالتسبيح وختمها بهاتين الصفتين (السميع والبصير)، فالجواب من أوجه:
1 - أن سبحان هنا للتعجب .... أي سبحانه ما أعجب هذه الآية التي صدرت منه في حق عبده المصطفى.
2 - أن يكون سبحان للتنزيه وذلك من جهة أن المشركين كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر بذلك ...
3 - أن تنصبه بفعل أمري، أي سبحوا الذي أسرى ويكون المراد إخبار الناس بهذا المقدر الجليل الذي هو خليق أن يذكر الله عنده وينزه عن الشريك في ذاته وصفاته وأفعالة.
فالسميع البصير على هذا الوجه بمعنى سميع لتسبيحكم بصير بأهل الطاعة منكم، وعلى الوجهين الأولين: هو سميع بما قاله رسوله وما رد عليه، بصير بفعل كل منهم، فيجازي كلا بفعله.
- بين ما في الآية من التفات بديع: تارة هو ضمير غائب وتارة نون التعظيم
- ثم ذكر في الفصل الثاني اختلاف الناس ومذاهبهم في الأسراء، وأورد الروايات وتكلم عنها وخلص إلى نتيجة ليجمع بين الورايات، وهي أن الإسراء وقع مرتين أو مرارا، تارة في المنام وتارة في اليقظة .... (والمراد هنا عرض رأي المصنف فقط وليس الكلام حول هذه المسألة، فلها محلها من البحث والكلام)
- ختم المؤلف كتابه بأبيات شعر مختارة في حادثة الإسراء.
انتهى والحمد لله
ـ[طلحة الجغبير]ــــــــ[31 Jan 2010, 12:52 ص]ـ
الرسالة الرابعة: مسألة الحكمة في تذكير قريب في قوله تعالى (إن رحمة الله قريب من المحسنين)
تأليف العلامة ابن هشام الأنصاري رحمه الله (708 - 761 هـ)
طبعت في دار عمار بتحقيق الدكتور عبدالفتاح الحمروز
وصف الرسالة:
قال المحقق في مقدمته: (للنحويين في تذكير (قريب) في قوله تعالى (إن رحمة الله قريب من المحسنين) تأويلات كثيرة أوصلها الشهاب في حاشيته إلى خمسة عشر وجها من غير أن يدونها جميعا، وقد حاولت استقصاءها لإخراجها في مصنف، ولقد سرني أن السيوطي قد دون معظمها في مؤلفه النفيس (الأشباه والنظائر في النحو) عمدته في ذلك مصنفا ابن مالك وابن هشام في هذه المسألة)
ثم قال (ومن النحويين من أفرد لهذه المسألة مصنفا خاصا، ومن هؤلاء ابن مالك وابن هشام، ولعل ابن هشام في (مسألة الحكمة) هذه يعد أكثر استقصاء وجمعا إذ دون فيها أربعة عشر وجها أما ابن مالك كما يتراءى لي فقد اختار أوجهها وأكثرها شيوعا فاكتفى بستة.
أما غير ابن هشام من أصحاب مظان إعراب القرآن وتفسيره فلم يوصلها أحد منهم إلى أربعة عشر وجها إلا الشهاب الذي ذكر أن فيها خمسة عشر وجها من غير أن يدونها جميعا، فهي عند مكي بن أبي طالب خمسة، وعند القرطبي سبعة وعند النحاس ستة والزجاج ثلاثة ....... )
ثم قال (ويتراءى لي أن ابن هشام في هذه المسألة قد أنكر أغلب التأويلات)
ملاحظة: هذه التسمية للرسالة إنما هي من المحقق لأنه لم يهتدي لاسم لها، وهذه الرسالة نقلها السيوطي كما نقلنا في الأشباه وكذلك الألوسي مع تصرف.
فوائد من الرسالة:
- ابتدأ رسالته بالإشارة إلى الصياغة الصحيحة للسؤال فقال: (والأدب في إيراده وإيراد أمثاله أن يقال ما الحكمة في كذا تأدبا مع كتاب الله ....... وإنما بينت هذا لأني وقفت على عبارة شنيعة لبعض المفسرين في تقريب السؤال فأنكرتها .... وحسن السؤال نصف العلم)
- ضابط جميل في الإستشهاد بالشعر في التفسير، وأنه لا يلزم لكل ما ورد في كلام العرب أن يخرج عليه كلام الله وهو قوله: (فنص النحاة على أنه ضرورة شعر وما كان هذا سبيله لا يخرج عليه كتاب الله تعالى)، وقال أيضا: (وهذا ما لا يقول به أحد من النحويين وإنما يقع ذلك في الشعر وفي نادر من الكلام وما هذا سبيله لا يخرج عليه كتاب الله تعالى الذي نزل بأفصح اللغات وأرجح العبارات وألطف الإشارات)
قلت: ومثل هذه الكلمة تحتاج لبحث وتوسع للوقوف على دقائق معانيها ولتحرير الضوابط التي بها يحتج بالنص شعرا ونثرا على توجيه كلام الله
- ( ... وأما التي هي الغفران والتجاوز فإنها تختص في خطاب الشارع بالمحسنين المطيعين وإن كانت غير موقوفة عليهم لا شرعا ولا عقلا عند أهل الحق، إلا أن ذلك يذكر على سبيل التنشيط للمطيعين والتخويف للعاصين وهذا فيه لطف وقلما يتنبه له إلا الأفراد ومن ثم زلت أقدام المعتزلة فإنهم يجدون في خطاب الشارع ما يقتضي بظاهره تخصيص الغفران والتجاوز والإحسان بالمطيعين فينفون رحمة الله عن أصحاب العصيان فيحجرون واسعا أهم يقسمون رحمة ربك والله يختص برحمته من يشاء ... )
انتهى ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طلحة الجغبير]ــــــــ[01 Feb 2010, 10:43 م]ـ
الرسالة الخامسة: الرسالة الكبرى في البسملة
لأبي العرفان محمد بن علي الصبان (ت 1206 هـ)
طبعت الرسالة في دار الكتاب العربي بتحقيق فواز زمرلي وحبيب المير
وصف الرسالة:
الرسالة كما هي من عنوانها تتحدث عن البسملة في مباحث متنوعة سيأتي ذكرها، ومما يحسن الإشارة إليه أن أهل العلم لهم عناية خاصة بالبسملة فأكثروا من التصنيف فيها، فمن ذلك:
1 - المسألة في البسملة للقباقبي.
2 - الأسئلة في البسملة للقاري (رد فيها على من توهم أن البسملة من أول سورة براءة قول أبي حنيفة .... )
3 - الإنصاف فيما بين العلماء من الإختلاف للنمري، وذكر فيها الخلاف في قراءتها بالصلاة وهل هي آية من الفاتحة والقرآن أم لا.
4 - إبداع حكمة الحكيم في بيان بسم الله الرحمن الرحيم، وهي مشهورة باسم (رسالة البسملة بين المهرة) للخادمي وقد صنفها على ثمانية عشر فن.
5 - الحجة الواضحة في أن البسملة ليست من الفاتحة للسروجي.
6 - كتاب البسملة للخطيب البغدادي. (قلت: وقد اختصره الإمام الذهبي في رسالة مستقلة)
7 - الرسالة في البسملة للتباني
8 - كتاب البسملة لأبي شامة المقدسي (قلت: وقد اختصره الإمام الذهبي في رسالة مستقلة
9 - ميزان المعدلة في شأن البسملة للسيوطي
10 - نهاية المطلوب في إستحباب كتابة البسملة بكمالها في كل مكتوب لعلي القرافي.
11 - إحكام القنطرة في أحكام البسملة لأبي الحسنات اللكنوي.
12 - رسالتنا هذه
ينظر: مقدمة تحقيق إحكام القنطرة لصلاح أبو الحاج / مؤسسة الرسالة
قلت: والرسائل السابقة متنوعة في طرحها وموضوعاتها، فمنها ما اقتصر على الأحكام الفقهية المتعلقة بالبسملة، ومنها ما تكلم عن معانيها وما تعلق بألفاظها ...
أعود إلى رسالة الصبان:
رتب كتابه على مقدمة وخمسة مقاصد وخاتمة
أما المقدمة فجعلها للحديث عما اشتهر ذكره في المصنفات وعلى الألسنة من حديث فضل البسملة (كل أمر ذي بال ..... ) وهو حديث ضعيف أخرجه الرهاوي والخطيب وغيرهما وله عدة طرق لا تزيده إلا وهاء وضعفا، وإن كان الإمام النووي قد صححه، ولكن خالفه غيره.
المقصد الأول: في الباء، وفيها أربعة مباحث: في معناها ووضعها / في متعلقها وكون مقدرات القرآن قرآنا أو لا؟ وغير ذلك / في وجه بنائها على الكسر / في حكمة تخصيصها بالمبدائية وحكمة تطويل رأسها.
المقصد الثاني: في لفظ اسم، وفيه أربعة مباحث: في إضافته إلى الجلالة وفي وجه الإتيان به وفي كون قول القائل بسم الله حالفا يمينا منعقدة أو لا؟ / في اشتقاقه وتصريفه / في لغاته ووجه حذف ألفه خطا
المقصد الثالث: في لفظ الجلالة وفيه ستة مباحث: في كونه علما بالوضع أو لا؟ وفي كون واضعه هو الله تعالى باتفاق أو اختلاف/ في كونه مرتجلا منقولا وفي تصريفه على القول بالنقل وفي أل التي فيه / في كونه عربيا أو لا وفي كونه الاسم الأعظم أو لا/ في تفخيم لامه وترقيقها وفي ألفه الثانية / في كون الإله معرفا علما بالغلبة / في خواص الجلالة
المقصد الرابع: في الرحمن الرحيم، وفيه سته مباحث: في كونهما صفتين مشبهتين موضوعتين للمبالغة أولا وفي معنى الرحمة في اللغة وفي هذا المقام وفي كون لفظ الرحمن عربيا أم لا/ في أي الصفتين أبلغ وفي وجه تقديم الجلالة على الرحمن والرحمن على الرحيم/ في كون الرحمن مختصا بالله لغة أو شرعا/ في أل الداخلة عليهما وفي كون لفظ الرحمن مصروفا أم لا/ في الإعراب / في وجه تخصيصها بالبسملة وفي حكم الوقوف عليهما وعلى ما قبلهما ...
المقصد الخامس: في جملة البسملة، وفيها ستة مباحث: في كونها لها محل من الإعراب أم لا وفي كونها خبرا أم إنشاء وفي كونها من الإيجاز أو الإطناب/ في كونها من أي القضايا وفي الجهات التي يصح أن توجه هي به/ في إعتراء الأحكام الشرعية لها/ في كونها آية من كل سورة إلا براءة أو لا؟ / حكم قراءتها بالصلاة والجهر بها وحكم الإتيان بها أوائل السور وفي اختلاف القراء في الإتيان بها بين السورتين / فيما اشتملت عليه من المحسنات البديعية
الخاتمة: في معنى لفظ بسملة ونحته مع فوائد تتعلق بباب النحت.
ملاحظة: لا بد للقارئ أن يتنبه حال القراءة، فالمؤلف شاذلي أشعري، ويظهر هذا جليا في تضاعيف كلامه.
ـ[طلحة الجغبير]ــــــــ[03 Feb 2010, 02:04 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
الرسالة السادسة: الكلام على قوله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء)
تأليف الإمام ابن رجب الحنبلي (736 - 795 هـ)
طبعت ضمن مجموع رسائل ابن رجب بتحقيق طلعت الحلواني، (المجلد الثاني)
وصف الرسالة:
كما هو ظاهر من عنوان الرسالة فهي تدور حول الكلام عن آية (إنما يخشى الله من عباده العلماء) وقد استطرد فيها ابن رجب على عادته وأورد فيها مباحث عدة، وانتقيت من فوائدها ما يلي:
- تكلم ابن رجب في بداية رسالته حول مسألة: وهي هل تقيد إنما الحصر أم لا، ورجح إفادتها للحصر وذكر على ذلك عدة أدلة منها أنها تتوارد وحروف النهي مثل: (إنما تجزون ما كنتم تعملون) = (وما تجزون إلا ما كنتم تعملون) وأجاب عما يستدل به من يقول أنها لا تفيد الحصر من أدلة كـ (إنما المؤمنون الذين إذا ... ) و (إنما الربا في النسيئة) و (إنما الشهر تسع وعشرون) فقال: معلوم من كلام العرب أنهم ينفون الشيء في صيغ الحصر وغيرها تارة لانتفاء ذاته وتارة لإنتفاء فائدته ومقصوده ويحصرون الشيء في غيره تارة لانحصار جميع الجنس فيه وتارة لانحصار المفيد أو الكامل فيه ثم إنهم تارة يعيدون النفي إلى المسمى وتارة إلى الاسم وإن كان ثابتا في اللغة إذا كان المقصود الحقيقي بالاسم منتفيا عنه ثابتا لغيره كقوله تعالى ( ... لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل .... ) فنفى عنهم مسمى الشيء مع أنه في الأصل شامل لكل موجود من حق وباطل لما كان ما لا يفيد ولا منفعة فيه يؤول إلى الباطل الذي هو العدم فيصير بمنزلة العدم بل قد يكون أولى من العدم من المعدم المستمر عدمه لأنه قد يكون فيه ضرر ... الخ
ثم أورد المزيد من الأدلة على ما قرره وخلص إلى ترجيح قوله السابق رحمه الله، فمثلا مما ذكره للإجابة عن (إنما الشهر تسع وعشرون): أن هذا هو عدد الشهر اللازم الدائم واليوم الزائد على ذلك جائز يكون في بعض الشهور ولا يكون في بعضها بخلاف التسعة والعشرين فإنه يجب عددها واعتبارها بكل حال.
ثم استدرك على أبي حيان إنكاره على الزمخشري ادعاء الحصر في آية (إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد) لاستلزامه عنده أنه لم يوح إليه غير التوحيد، إذ قد ذكر أبو حيان أن الحصر بـ (أنما) المفتوحة لا يعرف إلا عن الزمخشري وحده، وذكر أنه رد عليه أبو محمد بن هاشم على أن (أن المفتوحة) فرع من (إن) المكسورة على الصحيح وانتصر للزمخشري في تقريره الحصر، ثم استدرك ابن رجب فقال: وهذاكله لا حاجة إليه في هذه الآية فإن الحصر مستفاد فيها من (إنما) المكسورة في أول الآية ....
ثم بعدها بصفحات ذكر نكتة حسنة وهي أن قوله تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) قد علم أنه يقتضي ثبوت الخشية للعلماء لكن هل يقتضي ثبوتها لجنس العلماء لا لكل فرد منهم؟ أو يقتضي ثبوت الخشية لكل واحد من العلماء؟ ورجح أن الثاني هو الصحيح وتقريره من جهتين:
1 - أن الحصر هاهنا من الطرفين حصر الأول في الثاني وحصر الثاني في الأول (وقد فصل المراد بهذا في بدايات الرسالة فيرجع إليها للتفصيل)
2 - أن العلم إن كان سببا مقتضيا للخشية كان ثبوت الخشية تماما لجميع أفراد العلماء لا تتخلف إلا لوجود مانع ونحوه، وفصل في هذا بكلام له ولأبي العباس ابن تيمية شيخ الإسلام.
ثم ذكر بعد ذلك الكثير من الأثار التي تفيد المعنى السابق وهو أن العلم يوجب الخشية، وأن فقده يستلزم فقد الخشية، وبين هذا من وجوه:
1 - أن العلم بالله وأسمائه وصفاته كالكبرياء والعظمة والجبروت يوجب خشيته، وبذا فسر ابن عباس الآية، ويشهد له حديث (إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية) ... الخ
2 - أن العلم بتفاصيل الأمر والنهي والتصديق الجازم بذلك وبما يترتب عليه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب ..... كل هذا يوجب الخشية .. ثم تكلم بكلام جميل على إثر هذا بعلاقةالشهوة والغفلة بالشر وأن الشهوة لا تستقل وحدها بفعل السيئات إلا مع الجهل ... الخ
3 - أن تصور حقيقة المخوف يوجب الهرب منه وتصور حقيقة المحبوب يوجب طلبه، وذكر أثرا عن الحسن في ذلك ..
4 - أن كثيرا من الذنوب قد يكون سبب وقوعه جعل فاعله بحقيقة قبحه وبغض الله له، وتفاصيل الوعيد عليه وإن كان عالما بأصل تحريمه وقبحه ... فجهله بذلك هو الذي جرأه على المعصية ..
(يُتْبَعُ)
(/)
5 - أن كل من علم علما تاما جازما بأن فعل شيء يضره ضررا راجحا ولم يفعله فإن هذا خاصة العقل فإن نفسه تنصرف عما يعلم رجحان ضرره بالطبع (أفمن زين له سوء عمله فرءاه حسنا ... ) فالفاعل للذنب لو جزم بأنه يحصل له به الضرر الراجح لم يفعله لكنه يزين له ما فيه من اللذة التي يظن أنها مصلحة ...
6 - أن لذات الذنوب لا نسبة لها لما فيها من الآلام والمفاسد البتة فإن لذاتها سريعة الإنقضاء وعقوباتها وآلامها أضعاف ذلك
ومن هنا يعلم أنه لا يؤثر لذات الذنوب إلا من هو جاهل بحقيقة عواقبها ..
7 - أن المقدم على موافقة المحظور إنما أوجب إقدامه عليه ما فيه من اللذة الحاصلة له به فظن أنه تحصل لذته العاجلة ورجى أن يتخلص من تبعته بسبب من الأسباب ولو بالعفو بالمجر فينال به لذة ولا يلحقه به مضرة وهذا من أعظم الجهل ...
انتهى مختصرا ...
أنصح كل طالب علم وكل مهتم بالتفسير الإعتناء بهذه الرسالة القيمة الفذة فهي مليئة بالفوائد والنقول الحسنة، ونسأل الله أن يحيينا طلبة علم وأن يميتنا طلبة علم وأن يحشرنا مع العلماء والربانيين والأنبياء وحسن أولئك رفيقا ...
ومن باب الإستطراد والخروج عن المقصود لما فيه فائدة تحضرني قصة الإمام أحمد مع أبي يوسف رحمهما الله تعالى، لما كانا ينتظران الإمتحان في فتنة خلق القرآن!! فإذا بأحمد يقول لأبي يوسف: هات ما عندك في المسح على الخفين!! فقال أبو يوسف: الآن ونحن في هذه المحنة؟ فقال أحمد: أريد أن ألقى الله وأنا طالب علم ....
ولا تخفاكم قصة بقي بن مخلد في رحلته إلى أحمد، وما فيها من صبر وهمة عالية ..
فرحم الله علماءنا، وجدير بنا نحن طلبة التفسير ودارسيه أن نكون من أولئك الربانيين أو أن نسلك طريقهم، ومن أمتع ما يبشر به الطالب في سبيل طلبه ما صح عن أبي الدرداء رضي الله عنه: العالم والمتعلم في الأجر سواء ...
فهذه من بركات العلم وفوائده وحقا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ...
اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل
حرر في يوم الأربعاء الساعة 12:44 صباحا
والله الموفق
ـ[ابو سلطان الغساني]ــــــــ[03 Feb 2010, 09:22 ص]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك قد اشعلت بي همة وحسرة على تفريطي اين نحن عن هذا
قد اطمعتني ان اسالك المزيد(/)
قول الجن في سورة الجن (و أنه --------
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[27 Jan 2010, 11:00 م]ـ
إخوتي الاعزاء السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كلنا نعرف أن من أدوان التوكيد (أن و إن) فلماذا استخدمت الجن عند سماعهم القرآن الكريم في سورة الجن حرف التوكيد (أن (و أنا وأنه و أنهم الخ---
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[27 Jan 2010, 11:18 م]ـ
إخوتي الاعزاء السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كلنا نعرف أن من أدوان التوكيد (أن و إن) فلماذا استخدمت الجن عند سماعهم القرآن الكريم في سورة الجن حرف التوكيد (أن (و أنا وأنه و أنهم الخ---
هل تقصد أن الجن استخدموا هذا التعبير؟
أو أن الله أخبر عن قولهم بهذا الأسلوب؟
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[29 Jan 2010, 12:41 ص]ـ
اعتقد أن الجن استخدموا هذا اللفظ لان المولى سبحانه و تعالى قال (قل أوحي الي أن استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرانا عجبا 000) فنلاحظ كلمة فقالوا ثم بعد ذلك استرسلوا في الكلام فسؤالي لماذ اختاروا جرف التوكيد (أن 00)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jan 2010, 12:49 ص]ـ
اعتقد أن الجن استخدموا هذا اللفظ لان المولى سبحانه و تعالى قال (قل أوحي الي أن استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرانا عجبا 000) فنلاحظ كلمة فقالوا ثم بعد ذلك استرسلوا في الكلام فسؤالي لماذ اختاروا جرف التوكيد (أن 00)
أخانا الفاضل عبد الرحمن
هل القرآن كلام الله أم كلام الجن؟
أرجو أن تدقق في المسألة.
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[29 Jan 2010, 01:17 ص]ـ
كلام الله سبحانه و تعالى حكاية عن الجن مثل قصص الانبياء و القصص القرآني
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jan 2010, 01:22 ص]ـ
كلام الله سبحانه و تعالى حكاية عن الجن مثل قصص الانبياء و القصص القرآني
هل حكى اللفظ والمعنى؟
أم حكى المعنى فقط؟
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[29 Jan 2010, 01:32 ص]ـ
أظنني أخطأت فالله سبحانه يحكي المعنى بلفظه هو سبحانه لكن يبقى السؤال لماذ حرف التوكيد (أن)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jan 2010, 11:41 ص]ـ
جاءت حروف التوكيد إهتماما بالأمر، لأن الحديث في معظمه عن أمر غيبي وعن أمر عقدي كل الأدلة تشير إلى أن ما حدث فيه من الانحراف لا يستند إلى دليل وإنما هو اتباع للهوى والتقليد الأعمى.
والله أعلى وأعلم
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[29 Jan 2010, 12:11 م]ـ
لعل ما قصه الله في القرآن من كلام الجن بينهم هو ما كانت الجن تفعله فتفند مواقفها الأولى قبل سماعها القرآن .. الذي عجبت له، وحالها هو العجب كيف كانت تقول هذا عن الله وكيف فندته بعد سماعها القرآن.
الجن عرفت أخطاءها وهي تعلمها من قبل، لأن الله قال عن المشركين: (ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق).
ولو تدقق السياق في السورة سترى كمال أحسن القصص، وكيف جاء تصوير سفه الجان جليا وهم يكلمون بعضهم. بينما كان سول الله صلى الله عليه وسلم يستمع إليهم، وكيف تعاهدوا أنهم لن يشركوا بربهم أحدا، فلما قام صلى الله عليه وسلم يدعو الله كادوا يكونون عليه لبدا .. الجان فسقة، فهم يؤذون الناس ليفسدوا عباداتهم. لذلك جاء البيان القرآني: (وألو استقاموا على الطريقة) التي قرروها على أنفسهم، لابتلاهم الله بحق الماء فقط، فعجزت الجان من سفهها أن تقوم بحق شرب الماء وهو حفظ الغدق مما يفسده، فتبقى توسوس للفسقة أو تسلط الحيوانات لتنجيسه.
مما ظهر لي من القصة في السورة، ما يلي:
منذ شهر ذو الحجة وأنا أحاول كتابة قصة الجن التي جاءت في القرآن لشرح معانيها، وعجزت كثيرا .. لأنه من الصعب أن تشرح موقف السفيه المؤذي ..
فلما تأملت أول السورة .. ظننت أنه صلى الله عليه وسلم كان يفكر كيف يقص الحوار الذي سمعه منهم بين بعضهم؟ ليوضح للصحابة رضي الله عنهم منهج التعامل مع السفهاء المؤذين كيف أدبهم بسياسة التعامل مع السفيه المؤذي.
فنزل عليه منهج قص هذا النوع من القصص: (قل أوحي إلي) السورة.
ولا زلت أفكر ما هي أصول هذا القصص؟ بعد أن استخرجت فقه السورة المتعلق بالحوار.
باختصار: الجن أكثرت من (وأنّ) بفتح الهمزة وتشديد النون، لأن الكلام كله استئناف لجديد .. ليس كلامهم منضبط بترتيب ولا بتفصيل. والله أعلم
أسأل الله أن يسهل لي استخراج أصول قص هذا النوع من القصص من خلال قصص القرآن لخبر كلام الجان .. ليتهيأ لي كتابة معاني القصة من السورة.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jan 2010, 01:15 م]ـ
ولو تدقق السياق في السورة سترى كمال أحسن القصص، وكيف جاء تصوير سفه الجان جليا
!!!!!!
مما ظهر لي من القصة في السورة، ما يلي:
منذ شهر ذو الحجة وأنا أحاول كتابة قصة الجن التي جاءت في القرآن لشرح معانيها، وعجزت كثيرا .. لأنه من الصعب أن تشرح موقف السفيه المؤذي ..
!!!!!!
فلما تأملت أول السورة .. ظننت أنه صلى الله عليه وسلم كان يفكر كيف يقص الحوار الذي سمعه منهم بين بعضهم؟ ليوضح للصحابة رضي الله عنهم منهج التعامل مع السفهاء المؤذين كيف أدبهم بسياسة التعامل مع السفيه المؤذي.
!!!!
فنزل عليه منهج قص هذا النوع من القصص: (قل أوحي إلي) السورة.
ولا زلت أفكر ما هي أصول هذا القصص؟ بعد أن استخرجت فقه السورة المتعلق بالحوار.
!!!!
باختصار: الجن أكثرت من (وأنّ) بفتح الهمزة وتشديد النون، لأن الكلام كله استئناف لجديد .. ليس كلامهم منضبط بترتيب ولا بتفصيل. والله أعلم.
!!!!
سبحان الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[29 Jan 2010, 01:41 م]ـ
سبحان الله
والحمد لله
ـ[أحمد الحمادي]ــــــــ[29 Jan 2010, 08:38 م]ـ
فيها قراءتان:
بالفتح لكل من ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي وخلف.
وبالكسر للباقين.
وحجة من فتح المواضع الثلاثة عشر أنه قطعها مما قبلها وابتدأ بقوله {وإنه تعالى جد ربنا} وعطف عليه ما بعده من إن فكسرها كلها كحال المعطوف عليه.
أما حجة من كسر تلك المواضع أنه عطف كله على {قل أوحي إلي أنه} فلما عطف على ما عمل فيه الفعل فتحه كله.
للتوسع انظر كتب توجيه القراءات كالكشف للمكي وحجة القراءات لابن زنجلة وغيرهما.
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[30 Jan 2010, 12:19 ص]ـ
جزاك الله خيرا اخي امد معلومة جديدة
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[30 Jan 2010, 12:42 ص]ـ
[ QUOTE= طالبة علم التفسير (وكيف جاء تصوير سفه الجان جليا وهم يكلمون بعضهم. بينما كان سول الله صلى الله عليه وسلم يستمع إليهم،
. [/ QUOTE]
هل كان الرسول صلى الله عليه و سلم يعلم بوجودهم (قل أوحي الي انه استمع نفر من الجن) الاية
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[30 Jan 2010, 12:44 ص]ـ
علموني كيف الاقتباس
ـ[طالبة علم التفسير]ــــــــ[30 Jan 2010, 12:51 ص]ـ
لم أكتب القصة بعد، ولكن أفيدك بالسياق اللاحق، فحين توعدهم عليه الصلاة والسلام لما أن مهد لهم ليسمعوا بعد أن ينزلوا عنه لما كادوا يكونون عليه لبدا.
إقرأ من عند قوله تعالى: (قل إنما أدعوا ربي) إلى آخر السورة
والله أعلم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 Jan 2010, 01:19 ص]ـ
علموني كيف الاقتباس
تشير على كلمة اقتباس في أسفل الصفحة على يسارك، وتظهر لك المشاركة كاملة مقتبسة.
إذا أردت اقتباس بعض المشاركة تظلل الكلام الذي لا ترغب في التعليق عليه ثم تمسحه والباقي يبقى مقتبسا وتعلق أسفله.
ولا أدري إذا كان هناك طريقة أخرى
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[31 Jan 2010, 12:24 ص]ـ
جزاك الله خير أخي حجازي و لكن كيف اجعل النص داخل اطار كما تفعل في مداخلاتك
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[31 Jan 2010, 12:34 ص]ـ
جزاك الله خير أخي حجازي و لكن كيف اجعل النص داخل اطار كما تفعل في مداخلاتك
أخانا الفاضل
تشير على كلمة اقتباس أسفل المشاركة تظهر لك المشاركة منتهية بهذه:
[/ QUOTE]
تبدأ الكتابة بعد هذه الإشارة ثم ترسل المشاركة وسيظهر لك الكلام المقتبس كما تريد أن تراه داخل االإطار(/)
سورتي النمل والقصص للقزابري، إهداء للشيخ عمر المقبل.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[28 Jan 2010, 12:30 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أتحفنا قبل فترة شيخنا الدكتور عمر المقبل بتلاوات رائعة للقارئ عمر القزابري -حفظه الله-، وكانت من روائع القراءات التي سمعتها في حياتي.
كان من ضمنها تلاوة لسورة الصافات، وقد أعطاني أحد الإخوة تلاوة رائعة شبيهة بها، وهي تلاوة لسورتي: النمل والقصص.
والموضوع الأصلي موجود في موقع مزامير آل داود.
ربط التلاوة: http://www.archive.org/download/annaml_105/ANNAML_ALQASSAS.mp3
حجم القراءة: 67 ميقا.
للاستماع إلى مقطع من التلاوة قبل التحميل: افتح الميديابلير واضغط ctrl+u وألصق الرابط.
وفقكم الله.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[29 Jan 2010, 02:05 م]ـ
هدية مقبولة .. بارك الله فيك أبا الوليد، وجعلنا وإياك ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[07 Feb 2010, 03:12 م]ـ
وفيك بارك الله يا أبا عبد الله.(/)
تأملات في سورة الجن
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Jan 2010, 02:26 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا * وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا) سورة الجن (1 - 3)
هداية الآيات:
أن الكلام ليس لمحمد صلى الله عليه وسلم.
أن الكلام كان وحيا وهو الكلام الخفي.
الجن خلق معروف للمخاطبين بهذا القرآن.
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم باستماعهم.
أن الجن قد سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتلوه أو من صحابته صلى الله عليه وسلم.
أن هؤلاء النفر من الجن كانوا يفهمون اللسان العربي.
أن معنى القرآن كان معروفا لديهم.
وصفهم لهم بالعجب متعلق بمبانيه
(يهدي إلى الرشد) متعلق بالمعنى.
أنهم على علم سابق بالرشد ونقيضه.
سرعة استجابتهم للحق.
الشرك خروج على الفطرة.
الشرك صفة ضعفاء العقول والقلوب.
وصف الله بما لا يليق خروج عن الفطرة.
الثبات على الحق صفة الأقوياء العقلاء.
الصدع بالحق وتبليغه واجب على كل من قدر عليه.
يتبع إن شاء الله تعالى
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[30 Jan 2010, 12:33 ص]ـ
كذلك من التأملات في هذه السورة العظيمة و الله اعلم أن السماع حجة على المكلف لقوله تعالى (قالوا سمعنا قرانا عجبا) و قال تعالى (و اذ صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن) الاية و قوله صلى الله عليه و سلم (لا يسمع بي يهوي ولا نصراني من هذه الامة 000) الحديث
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 Jan 2010, 12:48 ص]ـ
(وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5) وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6))
هداية الآيات:
الجن فيهم سفهاء.
الشطط في الأقوال والأفعال من صفات السفهاء.
السفهاء لا يستندون في أقوالهم وأفعالهم إلى عقل أو إلى نقل.
الشرك بالله ووصفه بما لا يليق به من أخلاق السفهاء.
الفطرة السليمة تستعظم وتستبعد أن يكذب أحد على الله.
الفطرة السليمة إذا سمعت الحق سرعان ما ينجلي عنها الباطل الذي ربما صدقته في غفلة عن مُذكر بالحق.
التوكل على غير الله يعود على صاحبه بنقيض قصده.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 Jan 2010, 02:54 م]ـ
(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7))
وقفه خاصة مع هاتين الآيتين:
هل هما من إخبار الله تعالى وبهذا يكونا عبارة عن جملة اعتراضية بين ما حكاه الله من أقوال الجن؟
أرجو المشاركة حسب الاستطاعة.
وجزاكم الله خيرا
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[31 Jan 2010, 12:29 ص]ـ
بمراجعة سريعة لبعض التفاسير المشهورة على النت يكاد يكون شبه إجماع من المفسرين على أنه من قيل الجن الا البعض ذكر أنه من قول المولى سبحانه ولكن الاول أقوى لان السياق لم يختلف بينما الجملة الاعتراضية اذا جاءت يختلف عندها السياق كما في نصيحة لقمان لابنه عليهما السلام
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[31 Jan 2010, 01:57 م]ـ
(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7))
وقفه خاصة مع هاتين الآيتين:
هل هما من إخبار الله تعالى وبهذا يكونا عبارة عن جملة اعتراضية بين ما حكاه الله من أقوال الجن؟
قال الرازي في تفسيره:
"اعلم أن هذه الآية والتي قبلها يحتمل أن يكونا من كلام الجن، ويحتمل أن يكونا من جملة الوحي فإن كانا من كلام الجن وهو الذي قاله بعضهم مع بعض، كان التقدير وأن الإنس ظنوا كما ظننتم أيها الجن، وإن كانا من الوحي كان التقدير: وأن الجن ظنوا كما ظننتم يا كفار قريش وعلى التقديرين فالآية دلت على أن الجن كما أنهم كان فيهم مشرك ويهودي ونصراني ففيهم من ينكر البعث، ويحتمل أن يكون المراد أنه لا يبعث أحداً للرسالة على ما هو مذهب البراهمة، واعلم أن حمله على كلام الجن أولى لأن ما قبله وما بعده كلام الجن فإلقاء كلام أجنبي عن كلام الجن في البين غير لائق."
لا يزال في نفسي شيء من هذا.
وأميل إلى أنه من إخبار الله تعالى لا من الحكاية عن الجن.
وإذا كان من الحكاية عن الجن فما هو غرض الجن من قولهم:
(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) (6)؟
الأخ الفاضل: الريس عبد الرحمن
شكر الله لك مداخلتك.(/)
ذكريات غانم قدوري الحمد .. (الحلقة الثالثة)
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[29 Jan 2010, 08:15 م]ـ
الرحلة إلى مصر لدراسة الماجستير
الحلقة الثالثة
الالتحاق بقسم النحو (1)
الاثنين 10 كانون الأول 1973م = 16 ذو القعدة 1393هـ
بدأت الأمور تتضح، أو بدأت أنا أنظر إليها بوضوح، فالدراسة في الكلية قد اتضحت معالمها ثماني ساعات في الأسبوع فقط، وبعد ذلك ما تحتاجه هذه الساعات من دراسة سواء في المكتبة أو البيت، ومنذ أن نزلت القاهرة بدأت أرتب معلوماتي وأحاول القراءة، وقد كان الدكتور أمين السيد جزاه الله عني خيراً قد سمح لي بأخذ نسخته من كتاب الاقتراح في أصول النحو للسيوطي إلى العراق لدراستها هناك وقرأتها هناك مرة، وهو كتاب - لا شك - صعب ولكني في تلك المرة شعرت أني لم أعط الكتاب حقه فعدت هنا خلال الأيام الماضية أدرسه للمرة الثانية، ودرست أيضاً محاضرات للدكتور أمين في موضوع العروض، وهي دراسة ميسرة على حد تسميته لها بذلك. وأدرس كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف محاولاً الفراغ منه بأقرب وقت، وإن كانت دراسة شكلية لكنها ستجعلني أتصور أبعاد وجوانب الكتاب خاصة نحن مقبلون على دراسة بعض مسائله وموضوعات أخرى تدور حول البصريين والكوفيين ... هناك مسألة تتعلق بالقراءة والكتب التي أقرأها فقد وجدت أني إذا رأيت كتاباً في مكتبة لبيع الكتب ويمكن أن أستفيد منه أندفع إلى شرائه غير مبال بالثمن، ولكني بدأت أرتاب من هذه السياسة، ويجب أن أضع حداً لذلك، وإلا ذهبت قروشي بكتب ربما لا أقرأ إلا أقلها في الوقت الحاضر، ولست أبغي فتح مكتبة هنا طبعاً، ويكاد يقر في نفسي أنه يجب أن أقتصر في شراء الكتب على الضروري الذي يمس المحاضرات والدراسة والاستعانة بالمكتبات العامة والاستفادة منها أقصى درجات الاستفادة، ومع ذلك فأنا إلى الآن اشتريت من الكتب القاموس المحيط، وهو مهم ورفيق محبوب في أثناء الدراسة والقراءة يقفك على ما يشكل عليك فهمه أو استعماله واشتريت أيضاً شذا العَرْفِ، وإن كنت أملك منه نسخة في العراق، ولكني أريد أن أدرسه جيداً حتى أتصور الصرف من أوله، واشتريت اليوم كتيباً متوسطاً لعباس حسن اسمه (اللغة والنحو بين القديم والحديث)، وهو موضوعات متفرقة، والمشكلة الباقية هي صعوبة الاستمرار على نمط الحياة الذي أخذت أعيشه في الشقة الجديدة.
موضوعات الدراسة
الثلاثاء 11 كانون الأول 1973م = 17 ذو القعدة 1393هـ
في الصباح ذهبت إلى مكتبة جامعة القاهرة، ومكثت حتى الظهر في قاعة بطاقات الكتب، وقد أعجبني هذا التنظيم في البطاقات ودقة التبويب في الظاهر على الأقل والاستفادة من الطرق الحديثة في الفهرسة وفتح البطاقات، وقد حاولت أن أُدَوِّنَ في دفتر معي أرقام وأسماء عدة كتب خاصة بالنحو لعلي أستفيد منها يوماً ما، ويبدو أن مكتبة الجامعة تحوي من الكتب باللغات الأجنبية أكثر مما تحويه من الكتب المكتوبة باللغة العربية، كانت لدينا اليوم أربع ساعات من الدراسة حضرنا فيها ما يقارب ثلاث ساعات، والرابعة ذهبت من أول الأمر، كان المحاضر هو الدكتور أمين السيد، وقد حاول أن يوضح أبعاد المنهج الذي سيستغرق هذه الساعات الأربع من كل أسبوع، كان الدكتور عبد الحميد طِلِب قد وَضَّحَ لنا الموضوع الذي سيقوم بتدريسه لنا كل أسبوع ساعتين من كل سبت ويمكن تسميته (بين مدرستي الكوفة والبصرة في النحو) مسائل تتعلق بالخلاف وبالأصول التي عليها بنت كل مدرسة أسس نحوها، ويبدو الدكتور أمين السيد أكثر تشدداً منه، والدكتور طِلِب رئيس القسم، قسم النحو الصرف، ولا شك أن الغاية من المنهج الذي رسمه هو محاولة الاطلاع على أكبر قدر من المعرفة والجوانب الخاصة بمادة النحو، الساعة الأولى من الساعات الأربع الخاصة بمحاضرة د. أمين ستخصص لقراءة الألفية حفظاً، فقد قَدَّرَ أننا سندرس عشرين أسبوعاً فجعل لكل أسبوع خمسين بيتاً من الألفية، وسماه (تسميع الألفية)، وتخصص الساعة الثانية للدراسة في أحد كتب النحو القديمة وهذا الكتاب هو المقتضب، إذ سندرس بعض موضوعاته، والساعة الثالثة ستكون لدراسة أحد أساليب العربية: الشرط، النفي، الاستفهام .. دراسة موسعة وعميقة، والساعة الرابعة ستخصص لموضوع البحوث التي سيقدمها الطلبة وتتم مناقشتها ودراسة
(يُتْبَعُ)
(/)
موضوعاتها خلال هذه الساعة، وهذه الساعات الأربع ربما ستكلف كل ساعة منها أربع ساعات من الدرس الخارجي حتى يمكن مواجهتها، ويبدو أن الدراسة لن تكون من الصعوبة بحيث لا يمكن مواكبتها.
ظهور اسمي في قسم علم اللغة
الأربعاء 12 كانون الأول 1973
ولإكمال ما بدأت به صباح أمس من تدوين أسماء الكتب التي يمكن أن أستفيد منها في دراسة النحو والموجودة في مكتبة الجامعة مكثت هناك حتى الظهر، وذهبت من هناك إلى الكلية حيث اطلعت على نتيجة قرار مجلس الكلية الذي انعقد أمس في طلبات المتقدمين لدراسة الماجستير في الكلية من غير المصريين، وقد رأيت اسمي مدرجاً في القائمة، ولكن لدراسة علم اللغة (فقه اللغة)، ويبدو لي أن الناحية المادية هي التي ستصرفني عن دراسة فقه اللغة إلى دراسة النحو، ولكن عسى أن تُحِبُّوا شيئاً وهو شر لكم، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، ومن هناك ذهبت للبحث عن كتاب المقتضب للمبرد فقد قررت أن أشتريه، بعون الله، وذلك مع أننا سندرس بعض فصوله فهو كتاب من أبرز كتب النحو يقف إلى جانب كتاب سيبويه، والملاحظ في القاهرة أن المكتبات تتوزع في أنحاء متفرقة متباعدة من المدينة مما يزيد في إرهاق الباحث غير الخبير بأماكنها، المهم أنني مررت على أكثر من مكتبة ولم أعثر عليه، ووصلت ميدان العتبة ومن هناك ركبت بالأوتوبيس الجديد الذي يمنع الوقوف فيه فإذا هو نعمة عظيمة لمن استطاع أن يركب ويجد مكاناً فيه، ولو استطاعت الحكومة توفير وتعميم هذه الطريقة إذن لارتاح الناس من مصيبة المواصلات .. الحمد لله فقد بدأت أشعر نسبياً بالراحة في السكن الجديد، مع أني لا أزال أفكر في كل ليلة بما ستكون عليه المصروفات ولكن اتضح لي أن الفرق في المصروفات سيكون نسبياً لا يقارن بالراحة التي يمكن أن يجدها الإنسان مع دفع جنيهات معدودة ثمن ذلك، المواصلات بالنسبة للمنطقة التي نسكنها متوفرة بصورة جيدة، وإن كانت لا تخلو من الزحام، هناك عدة أرقام (خطوط لسير الباصات) تذهب إلى ميدان التحرير، وأستطيع أن أسير من هناك إلى الكلية في المنيرة لأصل خلال ربع ساعة، أيضا هناك خطوط إلى ميدان العتبة وخطوط تصل إلى جامعة القاهرة وهو شيء مهم.
دعوة في مدينة نصر
الخميس 13 كانون الأول 1973م = 19 ذو القعدة 1393هـ
إن أوقات المحاضرات في ماجستير دار العلوم تتيح للإنسان فرصاً للدراسة الجادة كما أنها تتيح فرصاً للراحة .. اليوم لم تكن لدينا محاضرات، ولم أذهب إلى المكتبة، فقد زارنا منذ أول أمس الأخ جاسم والأخ حسن أبو أسامة، وقد دعانا الأخ أبو أسامة إلى غداء عنده في بيته هو يَدْرُسُ في الأزهر ويسكن مع أهله في مدينة نصر (2)، ذهبت أنا والأخ خليل إلى هناك قرب الساعة الواحدة فكان اللقاء ثميناً حقاً، التقيت بعدد من الإخوة من العراق يدرسون في مصر، كما تعرفت على عدد من الإخوة من فلسطين والأردن، ولا أنسى ذلك الشيخ الأزهري الذي ظل يؤنس النفوس بأحاديثه إنه العالم الشيخ الدكتور عبد الغني وغاب عني ذكر اسمه كاملاً (3) .. كذلك أحد المدرسين في الأزهر .. وبعد ذلك عرجت مع الأخ خليل وشيخ مجاهد إلى بيت مساعد مسلم قريب الأخ خليل، وهو يَدْرُسُ في كلية أصول الدين في الأزهر للحصول على الدكتوراه، وصلينا المغرب عنده، وهو يسكن في منطقة روكسي في شقة ذات غرفتين مع زوجته وابنيه، ويؤجرها بثمانية وعشرين جنيها فقط، أي بفارق عشرة جنيهات تقريباً عن إيجار شقتنا، وإن كانت لا تقل عنها من حيث الأثاث، قد يكون بعدها عن قلب القاهرة سبباً في ذلك، على كل حال إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، وليس من السهل على الإنسان أن يستقر في دار ثم يحاول من جديد العودة إلى القلق والبحث، وخاصة في ظروف مثل التي حدثت في الصفقة، المهم والحمد لله أني قد وضعت رحلي واستتبت أموري، وأرى أن الشقة مناسبة نوعاً ما من حيث المواصلات والراحة بداخلها لولا هدير السيارات الذي لا ينقطع. كنت قد ذهبت قبل أيام إلى المجمع الرسمي في ميدان التحرير، واستفسرت عن شروط الإقامة ومع أن الإعلان المعلق على الجدار ينص على أن يكون التحويل بالسعر الرسمي عشرين جنيها إلا أن الموظف يقول يمكن عمل الإقامة بالسعر التشجيعي، ويعني هذا أن الثلاثين ديناراً عراقياً تصبح (55) جنيهاً مصرياً تقريبا،
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا سعر مناسب.
مكتبة مناسبة
السبت 15 كانون الأول 1973م = 21 ذو القعدة 1393هـ
خلال هذه الفترة بل منذ أن نزلت القاهرة أحاول أن أجد المكان المناسب للاعتكاف فيه للقراءة، مع وجود المصادر فيه، وكنت أبحث عن المكتبة المناسبة، قبل أيام كنت أذهب إلى مكتبة جامعة القاهرة ودونت كل الكتب التي يمكن أن أستفيد منها، وقد دلني الأخ مجاهد على مكتبة قريبة من الكلية وزوارها قليلون وهي هادئة والمصادر متوفرة فيها، إنها مكتبة معهد الدراسات العربية العالية التابع لجامعة الدول العربية، في شارع القصر العيني، صار لي يومان وأنا أنقب في بطاقات الكتب وأُدَوِّنُ كل كتاب له علاقة باللغة العربية، إذ لا يمكن عمل شيء قبل الوقوف على الكتاب الذي يمكن الاستفادة منه. بعد الظهر ذهبت إلى الكلية حيث كانت لدينا محاضرة عند الدكتور عبد الحميد طِلِب في الخلاف بين البصريين والكوفيين، كان أحدهم قد حَضَّرَ مسألة ألقاها، قرأها، وعَلَّقَ عليها الدكتور طِلِب، وقال كل واحد يجب أن يحضر مسألته جيداً ويحاضر بها على زملائه، وهو يستمع ثم يدلي بالقول الأخير، وهي طريقة أسفت أن تكون مؤهلا في طريق الحصول على شهادة عالية، الدكتور أمين السيد الذي له أربع ساعات في الأسبوع هو الآخر تقليدي المنهج إلا أنه يضفي من خلال استغلاله للوقت ومتابعة المادة يضفي حيوية على المحاضرة، لا شك في أن هناك ما يضايق في موضوعاته مثل حفظ ألفية ابن مالك كل أسبوع خمسين بيتا ... وبدأت تقفز على البال عُقَدٌ وخواطرُ قديمة تجاه النحو والحب له والإشفاق على منهجه، وبدأت أحدث نفسي عن الثمرة التي ستسفر عنها هذه الدراسة، اليوم أعلنت أسماء الطلاب المقبولين في الدراسات العليا رسمياً في كلية دار العلوم، وكان اسمي بينهم في قسم علم اللغة، وأنا لم أحضر إلى الآن أي محاضرة من محاضرات علم اللغة بل أحضر محاضرات النحو على أساس أن رأيي قد استقر بالتحول إلى دراسة النحو، ولكن القلق يساورني، وهذه الفرصة التي لا يمكن الحصول عليها مرة أخرى، فإن هي أفلتت وراحت جهودي ضحية دراسة مملة فقد ذهب الشباب والعمر، ولكني أتجه إلى الله فهو الهادي إلى سواء السبيل.
اختيار قسم علم اللغة
الأحد 16 كانون الأول 1973م = 22 ذو القعدة 1393هـ
ذهبت في الضحى إلى الكلية لأنهي قضية التردد في تحديد الفرع وكل قصدي كان أن أقدم طلباً لعميد الكلية أطلب فيه تحويلي إلى فرع النحو .. وكأن الدراسة في علم اللغة التي قُبِلْتُ فيها قد انتهت علاقتي بها، وقابلت الدكتور أمين السيد وهو على علم بقصدي التحول إلى فرع النحو، وقال لي في أثناء ذلك ماذا لو ظللت في قسم علم اللغة. وقد أيقظت كلمته هذه في نفسي أموراً حجبتها بعض الاعتبارات منها ربما أن النحو كان أسهل دراسة وأقصر مدة، وهذا يعني أن الدراسة في علم اللغة ربما استمرت بعد السنة التمهيدية سنوات ثلاثا أو أقل أو أكثر، وكانت هذه الأفكار تدور برأسي بعد ظهر هذا اليوم، وأنا أفكر بالعودة إلى العراق في أقصر وقت ممكن محاولاً الاقتصاد بالنفقات ما استطعت، ولكن رغبتي عظيمة في دراسات علم اللغة، وقلت أحضر محاضرات علم اللغة لفترة لأرى ما يجري فيها .. وأخذت الجدول، كانت في هذا اليوم محاضرة للدكتور عبد الصبور شاهين، كان قد حاضر الطلاب قبل هذه المحاضرة، ويبدو أنه قد وضح لهم بعض المنهج، المهم هو اليوم شرح المنهج وما سندرس وعرض للموضوع وأثار مشاكل لغوية وحاول أن يضع خطوطاً عريضة للحل، وإذا في كلامه شيء جديد نفقده في دراسة النحو، وإذا به قد بذل جهوداً كبيرة وهو يضع أمامنا ثمرتها في دراسة في أقل من مئة صفحة، وهي دراسة إحصائية لجذور الكلمات في لسان العرب وتاج العروس وما يمكن أن يقال على ضوء هذه الدراسة للمادة اللغوية بالاستعانة بالكمبيوتر، وقرر مع ذلك دراسة جدول الأصوات الدولية، وكلفنا بشبه بحث، وهو أن يقرأ كل طالب ونحن إلى الآن ستة جزءاً من لسان العرب ويعمل جدولاً بكل ما قال عنه إنه لغة لقوم أو لثغة أو غير ذلك مما لا يستقيم مع الفصحى، خرجت من المحاضرة وطويت الطلب الذي عزمت على تقديمه لتحويل الفرع ووقر في نفسي أن أبقى في قسم علم اللغة، وأنا ناظر إلى ما يأتي به المستقبل.
دفع أجور الدراسة
(يُتْبَعُ)
(/)
الأربعاء 19 كانون الأول 1973م = 25 ذو القعدة 1393هـ
لم يبق علي من الأمور المهمة بعد الدراسة إلا أن أنجز الأمور المتعلقة بالإقامة ذلك لأن دخولي إلى مصر لم يكن إلا بصفة زيارة، وعندي إذْنٌ بالإقامة لمدة شهر واحد، وعلي أن أقوم بالحصول على إذن بالإقامة لمدة الدراسة، ولكن ذلك مرتبط بما أُحَوِّلُهُ من عملة صعبة إلى العملة المصرية، كل عشرين جنيهاً مصريا محولة يمكن أن أحصل بها على شهر إقامة، طلبت من الكلية وثائق أو كتب تأييد لأتقدم بواحد منها إلى مديرية الجوازات والسفر والعمرة، ولكنهم رفضوا ذلك حتى أسدد أجور الدراسة، ووجدت نفسي مضطراً، لأن التأخر في ذلك سيحرجني في وقت ما، وعلى هذا فقد حملت بعض ما أملك من الدنانير والباونات الإسترلينية وقمت بتحويل ما يعادل خمسين جنيهاً بل زيادة اثنين، كان ذلك مقابل خمسة وعشرين ديناراً عراقيا وثلاثين باوناً إسترلينياً، إضافة إلى هذه الأجور الخمسين جنيها هناك ما يقرب من سبعة جنيهات رسوم تدفع في الكلية، وهكذا فإن النقود تذهب من حيث لا أدري، وهي جهود أناس يكدحون وأنا أقدمها هدايا هنا من غير نتيجة ظاهرة. سوى الأمل بالله، ليس كل الطلاب الذين يدرسون في كليات القاهرة تفرض عليهم هذه الأجور أي ليس طلاب كل الدول من غير مصر، فهناك دول غير العراق لا يؤخذ من طلابها أجور دراسة، وإنما خُصَّ طلبة العراق وبعض الدول الأخرى بذلك لأمور قد تتعلق بالسياسة أو الاقتصاد، ولا يتضرر من ذلك إلا الطالب، وخصوصاً إذا كانت حاله كحالي: سفري وإقامتي وأجور دراستي وأكلي وشربي ونومي كلها بنقود أدفعها من غير عون من حكومة أو جهة سوى رحمة الله وما ييسره الأهل، وإني أفكر إذا استقرت الأمور أن أبعث بوثيقة تأييد أني أدرس في دار العلوم معنونة إلى جامعة الوصل، وأرفق بها طلباً فيه أن تقوم الجامعة بشمولي بمنحة أو تجعل لي مخصصات بعثة، باعتباري المتخرج الأول في الكلية في سنة تخرجي، وما أظنها تفعل، ولكني آمل ذلك، وأن أستفرغ كل الآمال التي أعلقها بالكلية أو الجامعة، أكثر المتفوقين في الكليات بل حتى الذين هم في الخلف قد عُيِّنُوا وحصلوا على الزمالات أو الإجازات.
بطاقات تهنئة بالعيد
الخميس 20 كانون الأول 1973م = 26 ذو القعدة 1393هـ
اقترب العيد، ولكنني عن الأحباب بعيد، وأخذتِ الأفكار تزدحم تتصور العيد هناك، وتبعث في النفس الشوق إلى تلك الأيام المشرقة، وما سيليها حين يعود الحجاج ويفرح الأهل والأصدقاء، وإني هنا أتابع الوالد والوالدة في رحلتهم وأقدر أنهم وصلوا الآن إلى هذه المنطقة أو تلك، وأنهم دخلوا مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنهم في يوم كذا سينتقلون إلى مكة المكرمة، وأدعو الله تعالى أن يحفظهم وأعود فأراهم بخير، وتذكرت أن الواجب يقتضي أن أرسل ببطاقات التهنئة إلى الأهل والأقارب والأصدقاء وفاء لهم وذكرى، وخصوصاً أن أحداً لا يعرف عنواني هنا، فقلت أرسل لهم أنا، وفي ذلك بعض التسلية والاستئناس بالذكرى، ولكن ظهرت مشكلة مادية، وهي أني أحتاج إلى خمسين أو أكثر من البطاقات لكي أغطي كل الأسماء التي ترد في ذهني من الأصدقاء والأقارب الذين أريد أن أبعث لهم، وعندما بدأت أبحث عن تلك البطاقات وجدت منها أنواعاً مختلفة، منها المرتفع الثمن ومنها ما هو بقرش، قلت المهم أن تكون ورقة تدل على أن شخصاً تذكر شخصاً ودعا له بالخير، ولكني وجدتها صغيرة بحيث قد تبعث في النفس شكوكاً حول استصغار من أرسلت إليه، على الأقل هو قد يظن ذلك، ووجدت أن البطاقة المقبولة هي بعض المناظر الطبيعية من القاهرة ومصر، آثار ومناظر طبيعية، ولكن الواحدة بخمسة قروش، العشرين بجنيه، حاولت ضغط الذين أرسل إليهم فكانوا ثلاثين، فأرسلت للأهل ثلاثة واحدة لكل من الإخوة صالح وسفر وسالم، وأرسلت لعدد من الأقارب .. والأصدقاء .. وهذه البطاقات تحتاج من الطوابع ما يقارب 60 قرشاً فكان ثمنها وأجرة إرسالها أكثر من جنيهين!
من آثار الحروب
الجمعة 21 كانون الأول 1973م =27 ذو القعدة 1393هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
انتظرت ارتفاع الشمس وحلول الضحى، لينتشر الدفء في أوصال المدينة، فينعكس على شقتنا التي كُتِبَ عليها ألا تعانق الشمس طول السنة، خرجت أريد أن أصلي الجمعة في جامع عبد الرحمن الكواكبي ليس بعيدا عن منطقتنا (الإعلام) التي نسكن بجوارها نحن، كنت قد مررت به في الصيف، وهو أقرب إلى شقة مجيد رشيد وأخيه الحاج توفيق اللذين دعوانا لغداء عندهم اليوم، وبينما أنا في طريقي إلى الجامع إذا بشارع مزدان بالعمران، من جانب تصطف عنده بنايات عالية والجانب الآخر حدائق وتتخللها بنايات، ومع ازدحام الشارع في وسطه إلا أنه كان هادئا إلا من همسات ما هي إلا همسات مجروحة جرحتها الحرب، اقتربت أكثر فإذا بالحدائق والبنايات مستشفى أو مصح أو دار نقاهة قد خُصِّصَ لأولئك الذين أصيبوا في الحرب من جنود الجيش المصري وأفراده، وهزني الموقف وقد قال العرب قديماً: (فما راءٍ كمن سمعا)، فكل ما يمكن أن يُنْقَلَ عن الحرب وبطولاتها هو شيء صغير بالنسبة للمعاناة التي يتجرعها من ينخرطون في الحرب، شباب، كلهم شباب، وهل تقذف الأمة في الحرب إلا الشباب، هم ما بين مصاب في الرأس أو الساعد أو اليدين، هذا قد ركب عربة صغيرة يحركها بيده، بل أكثرهم يستعملون هذه العربات التي نراها مع الذين يفقدون القدرة على المشي، شباب قد شوهتهم الحرب، وكم هناك من شباب قد أكلتهم الحرب بلهيبها، ثم تذهب كل تلك الدماء هدراً، اليوم في مؤتمر جنيف الذي يسمونه مؤتمر السلام بعد أن توقفت الحرب على أمل تحقيق التسوية كانت الجهود تبذل لعقد هذا المؤتمر الذي سعت إليه مصر ولحقها الأردن ولكن سوريا استحيت وتأخرت تأمل الفرصة المناسبة، ومهما جاءنا به مؤتمر جنيف الذي يرأسه أكبر المتحمسين لليهود كيسنجر اليهودي الأمريكي وغروميكو الشيوعي اليهودي السوفيتي، مهما جاءنا به هذا المؤتمر من حلول مصطنعة للسلام فإن العرب والمسلمين لم ينسوا هذه الدماء التي ذهبت هدراً، ولن ينسوها حتى تتحرر فلسطين ويُمَرَّغَ علم إسرائيل بالتراب ويقتل محاربو اليهود ويجلوا عن الديار! ولا ندري ما يُخَبِّئُ المستقبل من أحداث .. بعد الظهر ذهبت مع الحاج توفيق والأخ خليل لزيارة المعرض الذي أقيم لعرض معدات الجيش الإسرائيلي التي غنمتها مصر في الحرب والذي يسمونه (معرض الغنائم): دبابات ومدافع وعربات وسيارات، وحطام طائرات وطائرات تجسس بدون طيار، وألغام وقنابل لم تفجر وهي تبعث في النفس الهلع لما يمكن أن تحله من دمار إذا انفجرت، ومعظمها صناعة أمريكية!
قلق من السكن
السبت 22 كانون الأول 1973م = 28 ذو القعدة 1393هـ
هناك أمور قد تستطيع أن تقنع نفسك بصوابها أو بإمكانية احتمالها أو أنها خير من غيرها، ولكن تظل أحياناً هذه القناعة عرضة للزعزعة، أنا منذ أن سكنت في هذه الشقة مع الأخ خليل فإني قد تخوفت من نتائج هذا السكن، أي أني كنت أخشى على المستقبل ومن المستقبل، وحملت نفسي على الاقتناع بهذا السكن، ولكن كلما يمر يوم وأذهب إلى الكلية أو إلى المكتبة تتجدد المرارة والمشكلة، وبدأت أسقط هذه البواعث على كل شيء، محاولاً أن أقنع نفسي الانتقال من هذه الشقة، فالمتاعب لا تحصى تخرج قبل ساعة وتصل بعد ساعة على الأقل، وتصل البيت وأنت مُنْهَدُّ القوى لا تقوى على عمل شيء، البعد عن الكلية والمكتبة ثم هذه الزيادة في النفقات، أنا إلى اليوم أنفقت في الأمور العادية ما لا يقل عن سبعين جنيها مصرياً .. ولما ينقض الشهر، وكنت قد عرفت رأي الأخ خليل في مكان السكن وطريقة المعيشة معه بعد أن سكنت معه، ليس فيه شيء لا يرتاح إليه الإنسان إلا هذا الأمر وهو مهم بالنسبة لي، منطقة هادئة جيدة لا يقال عنها إنها شعبية وهو أمر مهم، إضافة إلى هذا فإن نفقات البيت ترتفع ارتفاعاً غير محتمل، وعلى تقديري فهي لن تقل عن العشرين جنيهاً، وعشرين للسكن وملحقاته من بَوَّاب إلى شغالة، وعشرة جنيهات نفقات مواصلات ومتطلبات أخرى على الأقل، فلن يقل المصروف الشهري إذن عن خمسين جنيهاً بل ربما يزيد إلى الستين، ومالي ولهذا البذخ الذي لا يجلب منفعة، كان اليوم وفي آخر الليل حديث مع الأخ خليل حول الموضوع وإمكانية التحول، ولكنه دائما يضع هذه المقدمة: لا أسكن في المنيرة، منطقة شعبية، والأخ خليل لديه قدرة مالية
(يُتْبَعُ)
(/)
أكثر مني، فهو موظف مجاز دراسياً، ويتقاضى راتبه كاملاً، وأنا طالب أدرس على نفقتي الخاصة، ومن ثم أسعى إلى ضغط النفقات، ولذلك أجدني مقتنعاً بالسكن في المنيرة رغم ما فيها من مضايقات محتملة، ولكن ذلك سيخلصني من مشاكل ويوفر لي وقتاً وجهوداً.
مناقشة رسالة ماجستير
الأحد 23 كانون الأول 1973م = 29 ذو القعدة 1393هـ
كأنني أدور في فراغ ليس له حدود، ولكن الضجيج المتطاير شرره حولي يوقظني كل حين من سِنَةٍ تداعبني وأنا أسير، حقا كنت عصر هذا اليوم أحمل هموماً، وأنا في داخلي حزين، لأسباب تناسيها خير من الاسترسال في نسجها ربما من الخيال، تذكرت أن السيد ناطق صالح مطلوب كانت مناقشة رسالته قد تأجلت إلى هذا اليوم من الأحد الماضي، وهو ممن أعرفه من أهل بيجي وكصديق وابن شيخنا صالح المطلوب، قلت أحضرها وهو الذي أكد على ذلك من قبل، وتم نصاب المناقشة حضر ثلاثة من الأساتذة الذين سيناقشون، وإذا بالدكتور محمد عبد الهادي شعيرة أحدهم، وهو ذلك الشيخ المنهك الذي ناقش محمد فضيل في الصيف، وحضر الطالب، وحضر المشاهدون بحدود العشرين أكثرهم من العراق ممن يدرس هنا أو يعمل، كنت حريصاً على هذه الساعات التي ستذهب هدراً ولكنها لن تخلو من فائدة وبدأت الجلسة بكلمة رئيس اللجنة د. شعيرة وهو الذي لا يكاد يبين من الهرم، وأخذ الطالب في عرض رسالته من ورقات يقرأ فيها، فإذا هو يكاد يُضْحِكُ الآخرين، لا بل قد زرع الابتسامة وانشقت أشداقهم عنها، فإنه يقرأ كقراءة من لا علم له سابق باللغة أو أنه دخيل على العربية يرفع الاسم بعد حروف الجر ويجر الفاعل ويُحَرِّفُ الكلم، وقد نعس الحاضرون لذلك، لولا ما كان من لحن غريب يتردد في قراءته أحياناً فيوقظهم ليثير الابتسامات، وانتهى الطالب من عرض الملخص، وأخذ الأساتذة يناقشون، وبعضهم ركز على الناحية اللغوية، وهي ثغرة بل فجوة كبيرة في البحث والباحث، وإذا بالطالب لا يستطيع أن يتكلم العربية الفصيحة، وإذا به يناقش بالعامية المصرية وهو لا شك يُحَرِّفُ في أصواتها، ورفعت الجلسة وتقدم المصافحون، ودخلت اللجنة في جلسة مغلقة دُعِيَ بعدها الحشد ليقرأ عليهم القرار اجتمعت وناقشت وقررت أن البحث صالح، وأنها قد منحت الطالب شهادة الماجستير في التأريخ الإسلامي بدرجة ممتاز، وعلا التصفيق وأُقْفِلَتْ مسجلات الصوت وجاء دور (القبل والتقبيل) وانسدل الستار على المسرحية، الحق أني فرحت للنتيجة التي حصل عليها ناطق، ولكن الذي ظل يحز في نفسي لغته المريضة التي تحط من قدراته العلمية.
ازدياد قناعتي بتغيير السكن
الاثنين 24 كانون الأول 1973م = 30 ذو القعدة 1393هـ
أصبح أمر استمراري في السكن مع الأخ خليل مشكوكاً فيه، وأنا حريص على ذلك، ولكن الظروف ومتطلبات الدراسة هي التي ستفصل الموقف، المصاعب الجمة التي أجابهها في الوصول إلى الكلية أو إلى المكتبة أخذت تضايقني كثيراً، وعلى هذا صرت أحبذ السكن في مكان قريب من الكلية، لاسيما أن مكتبة معهد الدراسات والبحوث العربية قريبة من الكلية جداً، وهي غنية بالكتب اللغوية، وهنا مسألة خطيرة أيضاً وهي ازدياد المصروفات، سألني أمس عبد الستار العبدلي، أحد الطلاب الذين درسوا في الموصل قسم التأريخ وهو يدرس الآن ماجستير سنة ثانية – سألني عن إيجار الشقة التي نسكنها فأخبرته فَبُهِتَ وتَسَمَّرَ وعَجِبَ، هو وآخر يسكنون في مصر الجديدة في روكسي في شقة بخمسة عشر جنيهاً، إلا أنها ليس فيها ثلاجة ولا سخان، المهم أن المصروفات لن تقف عند حد كما يبدو، وقد اقترحت على الأخ خليل أن ننتقل إلى مكان أقرب، ولكنه رفض ذلك وكررت أمس الحديث عن الموضوع وإذا به هذه المرة يقول: بأنه ليس لديه مانع من خروجي من الشقة، وأن أسكن في أي مكان أشاء، على كل حال هو لديه رأي ولا يريد أن يتحول، ولكن تبقى مسألة وهي أنني قد أصبحت شريكاً وطرفاً في تعاقد الإيجار، وإذا ما خرجت أنا فسوف يصبح عبء الإيجار عليه كله، وهذه مسألة أنا غير مرتاح منها، وأخيراً بدأت أفكر بغض النظر عن كل الظروف في الطريقة التي أستطيع أن أعيش فيها قريباً من المكتبة والكلية، مرة أقول أؤجر شقة في المنطقة، ولكن لم أجد الشقة المناسبة حين بحثت أمس عن الشقة، وربما وجدت شقة ولكنها ستكون مرتفعة
(يُتْبَعُ)
(/)
الثمن، أقول مرة أسكن في فندق وربما في نفس الفندق الذي كنت أنزل فيه من قبل، ومهما كانت الطريقة فيبدو أني سأنتقل مع بداية الشهر وتُحَلُّ كافة الأمور ساعتها بأي أسلوب، وأنا في خضم هذا التفكير وبعد أن عدت إلى البيت بعد الثامنة مساء إذا برسالة وصلت لي من الأهل وهي أول رسالة تشجعني على الثبات والإنفاق كيف ما أشاء وأنهم مستعدون لتلبية كافة الطلبات والرغبات، وأنا لا شك أقدر ذلك من أول الأمر ولكن ما ينبغي لي أن أطلق العنان أو أضع نفسي في موضع الإسراف من غير ما ضرورة تدعو إلى ذلك.
معاملة الإقامة
الأربعاء 26 كانون الأول 1973م = 30 ذو القعدة 1393هـ
حين عزمت على السفر إلى القاهرة كان لا بد من مروري على سفارة مصر في العراق، وأخذ إذن مسبق بالدخول إلى الأراضي المصرية، عندها كنت أريد أن أسافر بصفة زائر لعدم حصولي على القبول الرسمي وحصلت على إذن بالدخول والإقامة لمدة شهر، ويسر الله، وقد أوشك الشهر الآن أن ينتهي فلا بد إذن من عمل شيء، حصلت أمس على تصديق من الكلية إلى مديرية السفر والجوازات المصرية، ولا بد إلى جانب ذلك من تحويل عشرين جنيهاً مصرياَ بالسعر التشجيعي (كان قبل ذلك عشرة بالسعر الرسمي) عن كل شهر، قبل أيام دفعت أجور الدراسة بالسعر الرسمي، وبقي لدي من العملة الصعبة 90 باوناً استرلينياً، وهي تسعة شيكات سياحية من فئة عشرة باونات، وقد حولتها في بنك مصر فرع هلتون، وصارت (120 جنيهاً مصرياً) أي إنني يمكن أن أحصل على إقامة لمدة ستة أشهر على أساس تحويل عشرين جنيهاً لكل شهر، بعد هذا لا بد من الحصول على شهادة بالتحويل من بنك مصر المركزي معنوناً إلى مديرية الجوازات والسفر، وبعد رواح ومجيء ودَفْعِ بعض القروش عن الدمغة (أي الطابع) حصلت على الوثيقة، ولكن كانت الساعة قرب الواحدة والنصف، وعلي أن أسير بعض الوقت من قرب العتبة إلى مجمع التحرير، وصلت بعد الواحدة والنصف بقليل ودخلت على غرفة موظف الإقامة الخاصة بالبلاد العربية، وكلمت أحدهم أني أريد عمل إقامة، فما كان الجواب إلا أن قالوا: بُكْرَا الصبح، وكأن عملهم قد انتهى من الساعة الثانية عشرة، الظاهرة العامة التي بدت لى من خلال المراجعات المحدودة لبعض الدوائر الرسمية هنا أن الموظف قليل الالتزام بساعات العمل، ويبدو أن المراقبة والمحاسبة ضعيفة، وقد سمعت مثل هذا الشعور من آخرين، وهناك ظاهرة أخرى تتصل بهذا وهي أنك إذا تعرقلت لك معاملة أو حاولت أن تسرع في انجاز معاملة فإن ذلك ممكن عن طريق ما، إذا كنت تعرف صديقاً فإنه يتجاوز بك القانون، وإذا فُقِدَ الصديق فإن القروش تعمل عملها ولكن هذه ناحية خطرة، إذ أحياناً تسبب مشاكل، ولكن لن تقاس بما يناله الموظف المرتشي في العراق (4).
التخلي عن فكرة الانتقال
الخميس 27 كانون الأول 1973م = 3 ذو الحجة 1393هـ
لعلها كانت أخطر فكرة تلك التي راودتني خلال هذه الأيام وألحت علي كل الإلحاح وكادت أن تدفعني إلى متاهات ربما تكون نتائجها وخيمة على هدفي الذي جئت من العراق إلى هنا أسعى في سبيل الوصول إليه وتحقيقه، فقد أخذتْ تراودني فكرة أن السكن غير ملائم وأنه يسبب لي مشاكل كثيرة، وأني يجب أن أتحول إلى مكان أقرب، وأخذتُ أُسْقِطُ كل ظاهرة سيئة على عدم صلاحية السكن، مرة أقول المواصلات، أو لست أنا الذي أقول .. في داخلي شيء يقول إن المواصلات صعبة، وإن المكان بعيد، ومرة أخرى أقول إن المكان صاخب، وثالثة أفكر أن سبب ارتفاع المصاريف هو السكن، وظلت هذه الأفكار تختمر حتى أوشكت أن تسيطر على تصرفاتي ولم أعد أتجاهل هذا الذي يحدثني من داخلي، وحدثت الأخ خليل حول الانتقال .. لكنه رفض ذلك وطلب مني ألا أفكر بمثل هذه الأفكار التي ستجر علي المتاعب، ولكني كنت مُصِرّاً على أن هذا السكن سيؤثر في الوصول إلى الهدف الذي جئت أسعى إليه، ونتيجة لإلحاحي قال إنه يمكنني الانتقال وحدي إذا وجدت من أسكن معه ... وأين أجده، ولكنه ذكرني بأني شريك له في العقد والتأجير، وكأن هذه الأمور أصبحت جانبية لدي وما علي إلا أن أفكر في الانتقال، أعوذ بالله، قلت لا يلزم أن أجد من أسكن معه ويمكن أن أسكن وحدي، أؤجر شقة قريبة هادئة رخيصة وأعيش للدراسة، وإذا لم تكن هناك شقة فالفندق قريب نظيف لطيف! وأصبح كل
(يُتْبَعُ)
(/)
شيء حسن رغم أنه غير ذلك في الواقع، ودفعتني تلك الأفكار إلى أن أخطو في سبيل تحقيق ما توسوس به إلي نفسي، ذهبت إلى فندق أنجلو سويس، وأنا في داخل المصعد سمعت (المدام) بصوتها الصاعق الحاد يدوي في أرجاء الفندق، وقابلت ذلك الوجه البغيض إليَّ (المعلمة زينب) جئت أسأل عن وجود غرفة فارغة .. موجودة، ولكني لم أحجز قلت غداً أو بعد غد أمر، وعرجت على المنطقة القريبة من المنيرة التي تقع فيها كلية دار العلوم وبدأت مرحلة التفتيش، وتذكرت تلك الأيام التي قضيتها مع الأخ خليل ونحن نبحث عن السكن، ولكني كنت أخطو هذه المرة وأقف وأشعر في داخلي، بمرارة ولكن الصدى يدوي حولي أن امضِ ولا تجعل الوقت يذهب سدى، وسألت بَوَّاباً عن وجود شقة في عمارته، فاهتز ونادى على سيد طه .. وتذكرت سيد ذلك الذي لم ينقطع عن الكذب علينا وجاء طه .. أية خدمات (يا بيه) وفهم أني أبحث عن شقة وغرفه واحدة، وأخذ يسرد على سمعي كلمات الاهتمام بالأمر، وهو يقول: (في حته مختصرة) في ميدان سماه، قلت: (أنا أريد قرب الكلية) .. قال: (آهو كده) الميدان قريب، ومضينا وهو يحدثني أن العمارة جديدة، وإذا بها وسط ضجيج عارم عمارة تسعة طوابق، والشقة في الطابق التاسع في المجموعة الواقعة في وسط العمارة، قلت ندخل نشوف الشقة فقد وصلنا، ولم نصل إلى الشقة إلا بشق الأنفس، وفَتَحَ الباب فاندفعت إلينا من داخل الشقة روائح كريهة قاتلة، كاد يلفني الغثيان، أَسِرَّةٌ وفرش وأثاث آسن قديم وسخ، وخرجت مسرعاً وتحطمت كل آمالي هناك، وإذا السكن الجديد الذي كنت أبحث عنه صعب المنال، ولكني غير مرتاح في داخلي .. مضيت والتقيت بالأخ مجاهد وفهم المشكلة التي تدور أحداثها في داخلي أكثر من أن تكون لها في الواقع قرار، ولكنه ذكرني بأمور كثيرة وحدثني بعض الحديث اللين، ولكن لم أجد في كل ذلك ما يشفي الغليل، ومضيت وانقطعت ساعة في التفكير، ماذا لو ظللت في مكاني مع الأخ خليل ونعم الزميل هو، ونعم الرجل الملتزم هو، شقة جيدة مواصلات سهلة في كل الجهات، منطقة نظيفة، وأخذت الأفكار تصطرع في داخلي وما سيترتب على انتقالي إذا تم من مشاكل بالنسبة لي، وأخيراً شعرت أن سكني مع الأخ خليل في المكان الذي نسكنه الآن لن يعيق أو يبدد شيئا من جهودي، وعرفت وكأن ذلك للمرة الأولى أن لا بد من التضحية ببعض الوقت في كل الأحوال وأما مسألة المصروفات فإنها يبدو لن تزيد على الثلاثين دنياراً، وها هم الأهل قد وعدوني بإرسال خمسين إن اقتضى الأمر .. كيف ستشعر إذا انتقلت، كيف ستواجه الأمور وحيداً، والأحداث التي لا تخطر على البال، وهذا بلد لا يأمن المرء على نفسه من فتنه، وانقلبتُ لهذا ولغيره بما لا أجد تعبيراً عنه انقلبت نهائياً ضد فكرة الانتقال إلى مكان آخر! والحمد لله.
لسان العرب
الاثنين 31 كانون الأول 1973م = 7 ذو الحجة 1393هـ
كنت أفكر بعدم شراء أي كتاب إلا ما كان ضرورياً تفرضه المحاضرات، وفعلاً لم أشتر خلال الفترة الماضية من وجودي في مصر إلا كتباً معدودة بعدد الأصابع، وحدث أن تقرر أن يقرأ كل طالب جزءاً من لسان العرب، قلت أذهب إلى المكتبة العامة أقرأه هناك وأكتب ما هو مطلوب، وذهبت مرتين وثلاثاً و أربع مرات، ولكن لم أتجاوز الخمسين صفحة في الجزء المقرر علي، وهو الثاني من طبعة بيروت، حاولت الحصول عليه من صديق، ولكن لم أجد، وذكروا أنه غير مرتفع الثمن، وحدثت نفسي بشرائه، ودرت في مكتبات القاهرة التي عرفتها، ولم أجد طبعة بيروت إنما كانت هناك طبعة بولاق عشرين جزءاً، وهي لا تقل عن عشرين جنيها، قلت لا أشتريه، ظللت عدة أيام أفكر بالأمر، هو ثروة مخزونة فلماذا لا أقتنيه وأستفيد منه في هذه الفترة، فالذهاب إلى المكتبات للقراءة فيه سيكلفني وقتاً طويلاً، ووقر في نفسي شراؤه، ذهبت أمس إلى شارع عبد الخالق ثروت باشا حيث توجد عدة مكتبات، وسألت عنه، هناك طبعة مصورة عن طبعة بولاق ولكنها غير مجلدة، أخيراً وجدت نسخة في مكتبة عالم الكتب مجلدة تجليداً جيداً، عشرين جزءاً في عشرة مجلدات، وطلب صاحب المكتبة فيها ثلاثين جنيهاً، عشرين للكتاب وعشرة للتجليد، وبعد رواح ومجيء تمت الصفقة بستة وعشرين جنيهاً .. وحملته إلى الشقة وأنا فرح مسرور (5)، كنت قد اشتريت من
(يُتْبَعُ)
(/)
دار المعارف تسعة كتب كلفت سبعة جنيهات تقريباً، واشتريت مجموعة أخرى من معهد الدراسات العربية، ولم تكلف أكثر من جنيهين وربع، وهذه الكتب في علم اللغة الحديث والدراسات التي تخص القديم، وسأحاول إن شاء الله الانقطاع في البيت عدا ما تتطلبه المحاضرات وبعض الروحات إلى المكتبة لمتابعة البحوث سأنقطع في البيت وأنصرف لقراءة أكبر قدر ممكن من هذه الكتب، حتى يمكنني أن أَبْنِيَ لي أساساً لا بأس به في علم اللغة الذي أكاد أكون طارئا عليه ويكون جديداً كل الجدة علي، ومع كل ذلك فإن في البحوث الجيدة في هذا المجال لذة العلم الحقيقي فهو يخلو من تعقيدات النحو وتأويلاته غير المبررة والتي تعتمد على المنطق والجدل مما هو بعيد عن طبيعة اللغة والتي يناسبها الأسلوب الوصفي منهجاً لدرسها، وعلى هذا فإن الكتب التي اشتريتها لم تكلفني خمسين جنيها إلى الآن، وهو مبلغ غير قليل، ولكن هذه الكتب ثروة علمية ستكون أساساً في ما سأقدم عليه إذا يسر الله لي في هذا المجال.
آخر يوميات سنة 1973
وانتهت صفحة، وانطوت بكل ما فيها من خدوش وألم وسرور، آمال وأحلام، انتهت وأنا قد أخذت في بداية هذا الطريق الذي يسره الله لعلي أبلغ نهايته أو أمضي فيه خطوات إذ لا نهاية للعلم. وأدعو الله تعالى أن يكتب لي أجر من طلب العلم في سبيله وفي خدمة لغة كتابه القرآن الكريم، آمين!
يوميات سنة 1974م
جمع النقيضين
الثلاثاء 1 كانون الأول 1974م = 8 ذو الحجة 1393هـ
في هذا البلد – القاهرة – قد احتفظ أفراد المجتمع بعاداتهم وتسامحوا مع عادات غيرهم , وقد حدث أن اتفق حلول عيد الأضحى للمسلمين مع رأس السنة الميلادية , ولا أدري ما موقف الحكومة هنا من اعتبار رأس السنة الميلادية عطلة كما فعل العراق منذ السنة الماضية، فقد جعلت الحكومة العطلة واحدة اعتباراً من يوم غد , ولكن الظاهرة على المستوى الشعبي أن الناس يحتفلون برأس السنة الميلادية كما يحتفلون بالعيد , على واجهات المحلات التجارية عيد سعيد وعام سعيد , ولعل في هذا البلد من الازدواجية شيئاً كثيراً يكاد يكون الصبغة العامة والظاهرة البارزة، والمسلمون متمسكون بالدين والقاهرة مركز لعلوم الإسلام ولا تزال الدراسات الإسلامية متقدمة ولا تزال المساجد تغص بالمصلين حتى لقد امتدت مساجدهم في الشوارع , وفي الجانب الآخر امتد الفساد في شوارعهم بعد أن أترعت مواخيرهم، فإن الخمر وما يشبهه وإن اختلفت أسماؤه يشرب في الشوارع ويباع في المحلات العامة , وتشعر وكأنك في بلد غربي , وهذا التقليد الفاسد للعادات الغربية في الملابس والتصرفات كأنها صارت عريقة في هذا البلد، ومن مظاهر ضعف الوازع الديني هنا هو هذا التساهل وغض الطرف عن الزي الذي تخرج به المرأة إلى الشارع , والاختلاط المحموم، وظاهرة الانحراف الاجتماعي الذي يسمونه حضارة وثقافة من مراقص ومفاسد، ومن المفارقات هنا أنه بقدر المساجد توجد كنائس، وبقدر الكنائس توجد مراقص وسينمات.
يوم عرفة
الأربعاء 2 كانون الثاني 1974م = 9 ذو القعدة 1393هـ
خفقت القلوب اليوم كما كانت تخفق كل عام في مثل هذا اليوم , هناك خفقت قلوب الواقفين على أرض عرفات في ذلك المكان الكريم الذي وقف فيه النبي عليه الصلاة والسلام حين أدى حجة الوداع , فكانت وقفة عرفة في مثل هذا اليوم من شهر ذي الحجة من كل عام غاية حج المسلم " والحج عرفة " خفقت قلوب أولئك المتطلعين إلى السماء من ذلك الصعيد الطاهر , فخفقت قلوبهم بالحمد والتكبير والتهليل والتلبية وهم يستذكرون حياة الإسلام وجهاد النبي وصحبه من أجل أن ينتشر الإسلام وتسعد البشرية به , ونحن هنا في الأطراف المعمورة تخفق قلوب المسلمين وهم ينصتون للراديو وهو ينقل وقائع يوم عرفة: صلاة الظهر والعصر قصراً وجمعاً في مسجد نمرة، ثم وقوف الحجاج في عرفة ثم انسحابهم عند الغروب إلى مزدلفة والمشعر الحرام حيث يؤدون صلاة المغرب والعشاء جمعاً وقصراً , قلوبنا تخفق مع أولئك الذين سعدوا بهذا اليوم الكريم قرب البيت الحرام يؤدون شعائر الحج كما أداها النبي ? والمسلمون منذ ما يزيد على ألف وثلاث مئة عام , قلوبنا تهفو إلى تلك الأماكن وعيوننا تدمع حزناً ألا نجد السبيل إلى هناك , هنا في القاهرة قضيت عصر هذا اليوم وأنا أنصت إلى الراديو ينقل وقائع يوم عرفة
(يُتْبَعُ)
(/)
, كما كنت أنصت في الأعوام الماضية عندما كنت بين الأهل في العراق، في بيجي كنا نتحلق حول الراديو ولعلهم اليوم فعلوا ما كنت أفعل معهم من قبل، وخاصة أن لهم مع الواقفين في عرفة أحبة، ولو أن كل من وقف على عرفة حبيب إلى نفس كل مسلم , ولكن ليس بعد الله ورسوله إلا الوالدان , اللهم فاغفر لي ولوالدي وإخواني وأخواتي وأقربائي والمسلمين آمين.
أول أيام العيد
الخميس 3 كانون الثاني 1974م = 10 ذو الحجة 1393هـ
كان صباح اليوم بارد النسمات , لكن في الأعماق ما يبعث في أوصالنا دِفْءاً وحرارة , صليت والأخ خليل صلاة العيد في الجامع الذي يقع عند (كوبري الزمالك) حيث غص الجامع بالمصلين وما أجمل التكبير والتهليل والدعاء وما أجمل اللغة التي يرددون بها ذلك , تشعر وأنت في داخل الجامع انه لم يبق أحدٌ إلا وقد حضر، و تخرج وتشعر كأن أحداً لم يحضر! وعدنا لحظات إلى البيت ثم بدأنا رحلة جديدة في الضحى , في كل هذه الانتقالات أتذكر الأهل وما كنا نفعله في مثل هذا الصباح من كل عام نخرج إلى الجامع فنحضر صلاة العيد ونعود إلى البيت لحظات ثم نخرج إلى أطراف المدينة لنلتقي الأقارب والأصدقاء , ونحن هنا نفعل الذي كنا نفعل , إذ نجد العيد فرصة لزيارة الأصدقاء والإخوة الذين تعرفنا عليهم هنا , ومن الأمور اللطيفة أني التقيت بشخص اسمه علي عبد الله صالح (6) من ألبو عجيل قرب تكريت، وهو خريج كلية الزراعة، قد حضر هنا للتدريب ولعله يسافر قريباً إلى إيطاليا لنفس الغرض , هو صديق الأخ سالم والأخ علي حميد وهو يذكرهم , وحين التقينا عرفني لأول وهلة.
عُدْتُ في المساء إلى البيت متعباً راضياً , وأطرقت أفكر أتذكر الوالد والوالدة وهم قد قضوا حجهم إذا شاء الله، وسيعودون بعد أيام قريبة إلى بيجي بعد أن حققوا أمنية عظيمة طال ما تطلعوا إليها ويتطلع إليها كل مسلم، الوالد كان يقول أول حجة ناقصة! لأن الحاج لا يعرف الأماكن ولا يؤدي الشعائر كاملة فلا بد من حجة ثانية تامة غير ناقصة , ذكرت أيضاً الأهل هناك على طرف الصحراء في بيجي الأقارب في تكريت وبغداد , لعلهم قد فرحوا بالعيد واحتفلوا طاعة لله وعبادة لا بطراً ولا معصية.
رُبَّ أخٍ
الجمعة 4 كانون الثاني 1964م = 11 ذو الحجة 1393هـ
إذا كان قد قيل سابقاً " رب أخ لك لم تلده أمك " فإنه أشد ما ينطبق على حال المسلم تجاه أخيه المسلم، كيف لا والله ربنا سبحانه يقول: ??? ?? لكن المهم أن يعيش المسلم هذه التجربة , تجربة الأخ المسلم الذي لم تلده أمه , أنا لم يمض لي هنا في القاهرة إلا شهر أو يزيد قليلاً , وجاء عيد الأضحى وكنت أشعر أني سأكون في هذا العيد وحيداً أو أني والأخ خليل سنكون وحيدين، ولكن بدد كل تلك الأفكار وذلك الشعور حلول العيد بكل ما يحمل من ذكريات وأفراح وآمال وآلام يتطلع المسلمون إلى اندمال الجروح التي تسببها , وإذا أنا أعيش خلال اليوم والأمس شعوراً قريباً من الشعور الذي يمكن أن أحسه بين الأهل، لا بل إن هذا الشعور تجربة جديدة فريدة جعلتني أحس بحق صدق ذلك القول بالنسبة للمسلم , وجعلني أفرح بوجود هذا الرابطة الأخوية بين المسلمين , من أوطان كثيرة ومن هذا البلد شباب لا تربطك بهم إلا رابطة هذا الدين والإخلاص لله ورسوله , تعيش معهم وتمنحهم قلبك لأنك تشعر أنهم يمنحونك كل حب وود وكل ما يمكن أن يمنحه بشر لأخيه لا لأجل مطمع أو غرض مادي يمكن أن يستفيدوه من وراء ذلك ولكن يدفعهم شعور المسلم تجاه أخيه المسلم وما يجب أن يكون عليه من حب لأخيه , إني لأعرف هنا في القاهرة بعض الأشخاص من العراق ولكن لم أكن حريصاً على الالتقاء بهم أو زيارتهم حتى في العيد , لأنهم لا يمكن أن يسمعوك إلا ما يؤذي، أما هؤلاء فإنهم ينقلونك إلى معنى يهزك من أعماقك.
زيارة
5 كانون الثاني 1974م = 12 ذو الحجة 1393هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
كنت غير مندفع إلى زيارته ولكني كنت أجد في نفسي أحيانا ما يجعلني أفكر بزيارته , كان يسكن في شقة في عمارة صغيرة وحده , كنت قد مررت عليه في مساء أول أيام العيد فلم أجده , قلت أذهب إليه بعد الظهر هذا اليوم , فهو قد زارنا قبل العيد بيوم أو يومين لم يكن مكانه بعيداً عن الشقة التي نسكنها، ورغم ذلك فقد ركبت إليه بـ (بالأوتوبيس) وصعدت السلم إلى الدور الرابع أو الخامس وأحسست ببعض التعب , وقفت أمام الباب لحظات قبل أن أضغط على مفتاح الجرس , وأحسست أن في البيت أحداً ضغطت على الجرس فهدأت فجأة الأصوات وانتظرت الجواب , ومرت فترة يبدو أنها قد طالت , وسمعت صوتاً ينبعث من خلف الباب: (مِنُو هَاذْ) , قلت: أنا فلان، فإذا بالشباك الصغير في الباب ينفتح وكأنه يريد أن يتأكد من هذا الطارق , خفق قلبي لهذه المواقف وفتح الباب، ولكني تسمرت في مكاني وأحسست أن أطرافي قد تخدرت كنت أود ألا أصافحه مد يده أخذ يدي وأنا صامت، وسرت خطوات بعد تلك اللحظة التي رأيت عند فتح الباب ما ساءني فيها , وجلست قلقاً على مقعد في " الهول " وراح هو على ما يبدو يعالج الموقف , ولكن وجهه قد امتقع وأطرافه ترتعش ويحاول أن يغطي على الموقف بكلامه وثرثرته , أما أنا فلم أحاول الكلام أو التعليق , وبعد قليل مضيت لسبيلي وأنا أحدث نفسي عن هؤلاء الذين يقولون ما لا يفعلون عن هؤلاء الذين يأمرون الناس بالمعروف وهم يتعاطون المنكرات , مضيت وأنا أحدث نفسي أن إنساناً لا يصلي ولا يؤمن بالله وبكتابه حق الإيمان ليس جديراً بأن يجعل له في القلب أقل احترام بله الزيارة وإنفاق الوقت الثمين.
قراءة في لسان العرب
الثلاثاء 8 كانون الثاني 1974م = 15 ذو الحجة 1393هـ
ذهبت صباح اليوم إلى مكتبة جامعة القاهرة وعملت على تدوين عدد من أسماء المصادر والكتب التي تبحث في علم اللغة , وعندما خرجت مررت بمكتبة في الدقي ورأيت فيها كتاباً بالإنجليزية مطبوعاً في مصر، عنوانه أصوات اللغة الإنكليزية , وطلبت من صاحب المكتبة أن يريني إياه , وهو مطبوع بالآلة الكاتبة ومسحوب بالرونيو على ما يبدو، وقد اشتريته على أمل دراسته وأن يكون بداية لي في قراءة بعض الكتب الإنجليزية في علم اللغة وإن كانت بداية صعبة (بـ 65 قرشاً) , اليوم انتهت عطلة العيد التي امتدت منذ يوم الاثنين، هنا عطلة العيد أسبوع كامل على ما يبدو، تبدأ قبل العيد بيوم أو يومين وتنتهي بعده كذلك، كنت طوال فترة العيد أقرأ في لسان العرب محاولاً إنجاز البحث الذي كلفنا به الدكتور عبد الصبور شاهين، وهو قراءة جزء من لسان العرب وتدوين ما قال عنه إنه لغة أو لثغة، أي ما خرج عن الفصحى من ظواهر لهجية وما إليها , وقد كان عليَّ قراءة الجزء الثاني من طبعة بيروت , أحاول أن أنجز هذا العبء لأتحول إلى غيره من البحوث والدروس، والكتب التي اشتريتها قبل العيد لا تزال تنتظر، وأنا أَعِدُ نفسي بأن أقرأها كلها ولكن يبدو أن ذلك لن يتم إلا بعد مضي فترة طويلة على الأقل، إن لم تكن قراءة بعضها مستحيلة , على الأقل أقرأ ما هو ألصق باللغة منها , ولدي بحث في الأصوات، عن الأصوات عند ابن يعيش، أيضاً أحاول بعد إنهاء بحث اللسان إكماله، مضيت إلى الآن في لسان العرب إلى الثلث تقريباً , ولكن هناك مشكلة ميدانية وهي أنه يصعب أحياناً تحديد الظاهرة بالضبط مما يسبب بعض الاضطراب، والمهم أن أكمل تحديد الظواهر.
صلاة الجمعة في مركز الإطفاء
الجمعة 11 كانون الثاني 1974م = 18 ذو الحجة 1393هـ
حدث أن كنت وقت صلاة الجمعة في ميدان العتبة أو قريباً منه , وسمعت قارئ القرآن يرتل قريباً مني , وظننت أن البناية المجاورة لي هي مسجد حاولت أن أجد المدخل فخاب ظني حين وجدت أنها ليست مسجداً بل هي أبعد ما تكون عن هذه المباني .. وأسرعت خشية انقضاء الوقت وفجأة وجدت الحصر تمتد إلى الشارع وإذا هي صلاة الجمعة في مسجد صغير تابع أو ملحق بمركز الإطفاء العام في القاهرة في ميدان العتبة , المهم أن أؤدي الصلاة، ودخلت فإذا بالمسجد كأنه في الميدان (ميدان قتال) رجال الإطفاء بملابسهم والسيارات الحمراء تصافح المصلين والمسجد يبدو قد أقيم في شقة في مستوى الأرض فهو يظهر عليه ذلك من تعدد شعبه، وتذكرت قولاً عرفناه في تأريخ الحضارة الإسلامية أنه صار لكل
(يُتْبَعُ)
(/)
مدرسة مسجد يناسبها، وهنا في القاهرة يبدو أن لكل دائرة مسجداً يناسبها أيضاً، والآن في العراق لا يمكن أن تجد أحداً يفكر في إنشاء مسجد في أكبر دائرة، جلست وقارئ من أحد رجال الإطفاء يقرأ القرآن كأحسن ما تكون القراءة، وأُذِّنَ الأذان الأول وامتلأ المسجد بالمصلين من رجال الإطفاء ومن الطارئين أمثالي , ووقف الخطيب، وهناك أغلاط فقهيه كان يجب تلافيها، ولكن يبدو أن قلة فقه هؤلاء العمال قد جعلتها تستقر , صعد الخطيب وأخذ كراساً مطبوعاً وفتح صفحة وراح صوته يدوي، صوت جهوري بحيث غطى على أغلاطه اللغوية حتى في الآيات القرآنية , وهذه الطريقة في خطبة الجمعة يُضْرَبُ بها المثل , ثم والإمام يخطب حضر كبير الدائرة وهو بزيه العسكري برتبة مقدم، فإذا القوم يرفعون أيديهم وهم جلوس يحيونه ويوسعون له في الصف الأول، وجلس وراح يدردش فترة والإمام يخطب، ومَن دردش فقد لَغَا ومَن لَغَا فلا صلاة له .. ظاهرة طيبة يُخْشَى عليها من الجهل.
النبر في العربية
السبت 12 كانون الثاني 1974م = 19 ذو الحجة 1393هـ
قبل أيام لاحظت لافتة معلقة في إحدى جنبات الكلية فيها إعلان عن مناقشة رسالة دكتوراه موضوعها النبر في العربية في العصر الحاضر، تجري في كلية اللغة العربية في جامعة الأزهر في قاعة العقاد، وموعدها مساء هذا اليوم فقلت في نفسي أحضرها فموضوعها بعض ما ندرس ثم ما يمكن أن أستفيده للمستقبل من حضور مثل هذه المناقشة، وبعد الغروب خرجت من البيت بحي الإعلام واضطررت إلى أخذ تكسي حتى لا يفوتني شيء , صليت المغرب في الجامع الأزهر ومضيت إلى كلية اللغة العربية التي تضمها بنايات جامعة الأزهر، ودخلت الباب الرئيسي وكان هناك ما يسمى بالعسكري سألته عن قاعة العقاد فأشار إلى بناية مجاورة ودردش معها كلمات وفهمت أن القاعة في هذه البناية انحرفت يميناً ودخلت البناية فإذا هي في إحدى جنباتها قاعة كبيرة وفيها بعض الأفراد وهم على ما يبدو حضروا لمشاهدة مناقشة رسالة ودخلت ولم أشك أني قد ضللت الطريق، فهذه أجهزة الصوت وهؤلاء المشاهدون والساعة تقترب من السادسة حيث سيدخل الطالب ومعه الأساتذة المناقشون، ولم تمض إلا فترة وجيزة حتى أصبت بخيبة أمل حين دخل الطالب والأساتذة المناقشون ولم يكن أحدهم الدكتور كمال بشر عميد كلية دار العلوم، وحاولت أن أجد لذلك تعليلاً بعد أن ظهر أن الرسالة في الفلسفة عن الغزالي قلت لعل صاحب النبر قد تأجلت مناقشة رسالته وبعد أن أنهى الطالب كلمته خرجت على استحياء وسألت بعض من هو واقف بالباب فإذا أنا قد دخلت في قاعة محمد عبده وأن قاعة العقاد في طريق آخر، وأسرعت فوجدت القاعة غاصة والمناقشات على أشدها، ولكن لم أمكث إلا القليل من الوقت، ومَضَيْتُ.
نشرت هذه الحلقة يوم الجمعة 14/ 2/1431هـ
ــــــ الحواشي ـــــــــــ:
(1) تركت الدراسة في قسم علم اللغة في الأسبوع الأول من الدوام، والتحقت في قسم النحو، بناء على المناقشة التي جرت مع الدكتور أمين حول الموضوع، لكن ذلك لم يدم طويلاً، إذ إني رجعت إلى قسم علم اللغة بعد أيام قليلة.
(2) لم تسعفني الذاكرة الآن لمعرفة الأخ حسن أبو أسامة، جزاه الله تعالى كل خير.
(3) يبدو أنه الشيخ الدكتور عبد الغني عبد الخالق، العالم الأزهري الأصولي، صاحب كتاب حجية السنة، وغيره، وقد زرته لاحقاً في بيته، وأفدت من مكتبته، رحمه الله تعالى.
(4) كان ذلك في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وتضاءلت محاسبة المرتشين حتى صارت ظاهرة شائعة في العراق، بعد الاحتلال خاصة، وصار الموظف النزيه في دوائر الدولة أقل من القليل.
(5) لا تزال هذه النسخة في مكتبتي، وقد أفدت منها كثيراً، والحمد لله.
(6) تجددت صلتي بالأخ علي أبو زياد بعد أن سكنت تكريت، بعد انتقالي إلى جامعة تكريت، وهو يسكن تكريت أيضاً بعد تقاعده من الوظيفة في وزارة الزراعة، وفقه الله.
حلقات سابقة:
1 - ذكريات غانم قدوري الحمد ... (الحلقة الأولى) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18525)
2- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثانية) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18581)
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[29 Jan 2010, 09:51 م]ـ
أشكر الشيخ الدكتور غانم قدوري الحمد على هذه الذكريات الماتعة النافعة جعلها الله في موازين حسناتك
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[30 Jan 2010, 03:03 ص]ـ
إن هذه الذكريات جميلة حقاً، وتحمل في طياتها الكثير من العبر والدروس، ولقد سعدت بهذه الحلقات، وأصبحت أنتظرها وأقرأها على ما في الوقت من ضيق، وأنا أثمن لك فضيلة الشيخ الموافقة على كتابتها، وأشكرك شكر من لا يجد ما يوفيك جزاء عملك إلا بالدعاء، فأسأل الله تعالى أن ينفع بك وبها، وأن يجعلها في موازين حسناتك.
كما لا يفوتني أن أشكر كل من سعى لإخراج هذا الكنز المدفون، وأسأل الله تعالى أن يبارك في جهودهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[31 Jan 2010, 02:02 ص]ـ
جزاكم الله خيرا يا سعادة الدكتور على ما تفضلت بسرده والحق أقول:
إن تسجيلكم للمواقف السياسية الدقيقة الحاسمة ليظهر اهتمامكم المبكر بقضايا الأمة التى مرت بها، ويضعنا جميعا على المحك.
فللأسف قد نجد من المتعلمين من يعيش في واد والأمة وأخبارها في واد آخر
وقديما قالوا:" ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط"
أفدت منكم دقة معرفة شرائح مصرية تكرر حتى يومنا هذا " بكره يا سيد " " لا مؤاخذه " " متقلقش " ...........................
سعدت أنكم من تلاميذ بحر العربية الذاخر أ. د. عبد الصبور شاهين
أسجل من خلالكم هذا التسامح التاريخي الذي ينقد وينقض كل فكر
مبني على الفرقة أو توهم العداوة بين شرائح المجتمع المصري أو افتعال الفتنة الطائفية فمنذ القدم " عام سعيد " كانت بجوال " عيد سعيد ".
تحياتي(/)
اشكال حول دعاء نبي الله يونس
ـ[محب البشير]ــــــــ[30 Jan 2010, 05:01 م]ـ
السلام عليكم
إخواني الكرام وقع لي وأنا اقرأ كتاب الله عز وجل إشكال حول دعاء نبي الله يونس - عليه السلام - وذلك أن معظم الأنبياء الذين ذكر الله أدعيتهم في القرآن جاءت بألفاظ الربوبية
قال تعالى عن أيوب {وأيوب إذ نادى ربه}
وقال عن زكريا {وزكريا إذ نادى ربه}
وقال تعالى عن 1/ آدم {ربنا ظلمنا لأنفسنا}
2/ نوح {رب ان ابني من أهلي}
3/ إبراهيم {رب اجعل هذا بلدا آمنا}
{رب أرني كيف تحيي الموتى}
إلا أن نبي الله يونس عدل عن الدعاء بلفظ {رب} إلى قوله {لا إلاه إلا أنت سبحانك}
فما السر في ذلك؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 Jan 2010, 08:00 م]ـ
السلام عليكم
إخواني الكرام وقع لي وأنا اقرأ كتاب الله عز وجل إشكال حول دعاء نبي الله يونس - عليه السلام - وذلك أن معظم الأنبياء الذين ذكر الله أدعيتهم في القرآن جاءت بألفاظ الربوبية
قال تعالى عن أيوب {وأيوب إذ نادى ربه}
وقال عن زكريا {وزكريا إذ نادى ربه}
وقال تعالى عن 1/ آدم {ربنا ظلمنا لأنفسنا}
2/ نوح {رب ان ابني من أهلي}
3/ إبراهيم {رب اجعل هذا بلدا آمنا}
{رب أرني كيف تحيي الموتى}
إلا أن نبي الله يونس عدل عن الدعاء بلفظ {رب} إلى قوله {لا إلاه إلا أنت سبحانك}
فما السر في ذلك؟
لأن المقام يستدعي ذلك، يستعدي إظهار التوحيد الخالص وتنزيه الخالق بين يدي الاعتراف بالذنب وظلم النفس.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[30 Jan 2010, 08:43 م]ـ
فصَّلَ شيخُ الإسلامِ في ذلك بوجهٍ حسنٍ خلاصتُهُ أنَّ من سبَقَ في قلبهِ قصدُ الطلبِ والسؤالِ نَاسبَ أَنْ يَسألَهُ بِاسْمه الرَّب , أَمَّا إذَا سبَق إلَى قَلبِه قَصد الْعِبَادة فَاسمُ (اللَّهِ) أَوْلَى بالمسألةِ , قال رحمه الله:
(وَلِهَذَا قَالَ يُونُسُ: {لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحَانَك إنِّي كُنْت مِنْ الظَّالِمِينَ} وَقَالَ آدَم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ} فَإِنَّ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَهَبَ مُغَاضِبًا، وَقَالَ تَعَالَى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّك وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} قَالَ تَعَالَى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} فَفَعَلَ مَا يُلَامُ عَلَيْهِ) فَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِحَالِهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالثَّنَاءِ عَلَى رَبِّهِ، وَالِاعْتِرَافِ بِأَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَهُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يُطَاعُ الْهَوَى، فَإِنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى يُضْعِفُ عِبَادَةَ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَدِمَ عَلَى ارْتِفَاعِ الْعَذَابِ عَنْ قَوْمِهِ بَعْدَ أَنْ أَظَلَّهُمْ وَخَافَ أَنْ يَنْسُبُوهُ إلَى الْكَذِبِ فَغَاضَبَ وَفَعَلَ مَا اقْتَضَى الْكَلَامَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنْ يُقَالَ: {لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ} وَهَذَا الْكَلَامُ يَتَضَمَّنُ بَرَاءَةَ مَا سِوَى اللَّهِ مِنْ الْإِلَهِيَّةِ، سَوَاءٌ صَدَرَ ذَلِكَ عَنْ هَوَى النَّفْسِ أَوْ طَاعَةِ الْخَلْقِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. وَلِهَذَا قَالَ: {سُبْحَانَك إنِّي كُنْت مِنْ الظَّالِمِينَ}. وَالْعَبْدُ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ فِيمَا يَظُنُّهُ وَهُوَ غَيْرُ مُطَابِقٍ، وَفِيمَا يُرِيدُهُ وَهُوَ غَيْرُ حَسَنٍ.
وَأَمَّا آدَم عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ اعْتَرَفَ أَوَّلًا بِذَنْبِهِ فَقَالَ: {ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ آدَمَ مَنْ يُنَازِعُهُ الْإِرَادَةَ لِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، مِمَّا يُزَاحِمُ الْإِلَهِيَّةَ بَلْ ظَنَّ صِدْقَ الشَّيْطَانِ الَّذِي {وَقَاسَمَهُمَا إنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ، فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} فَالشَّيْطَانُ غَرَّهُمَا وَأَظْهَرَ نُصْحَهُمَا فَكَانَا فِي قَبُولِ غُرُورِهِ وَمَا أَظْهَرَ مِنْ نُصْحِهِ حَالُهُمَا مُنَاسِبًا لِقَوْلِهِمَا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} لِمَا حَصَلَ مِنْ التَّفْرِيطِ، لَا لِأَجْلِ هَوًى وَحَظٍّ يُزَاحِمُ الْإِلَهِيَّةَ وَكَانَا مُحْتَاجَيْنِ إلَى أَنْ يَرُبَّهُمَا رُبُوبِيَّةً تُكْمِلُ عِلْمَهُمَا وَقَصْدَهُمَا حَتَّى لَا يَغْتَرَّا بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَهُمَا يَشْهَدَانِ حَاجَتَهُمَا إلَى اللَّهِ رَبِّهِمَا الَّذِي لَا يَقْضِي حَاجَتَهُمَا غَيْرُهُ.
وَذُو النُّونِ شَهِدَ مَا حَصَلَ مِنْ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ الْإِلَهِيَّةِ بِمَا حَصَلَ مِنْ الْمُغَاضَبَةِ وَكَرَاهَةِ إنْجَاءِ أُولَئِكَ، فَفِي ذَلِكَ مِنْ الْمُعَارَضَةِ فِي الْفِعْلِ لِحُبِّ شَيْءٍ آخَرَ مَا يُوجِبُ تَجْرِيدَ مَحَبَّتِهِ لِلَّهِ وَتَأَلُّهِهِ لَهُ وَأَنْ يَقُولَ: {لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ} فَإِنَّ قَوْلَ الْعَبْدِ: لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، يَمْحُو أَنْ يَتَّخِذَ إلَهَهُ هَوَاهُ.
وَقَدْ رُوِيَ {مَا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ إلَهٌ يُعْبَدُ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ هَوَى مُتَّبِعٍ} فَكَمَّلَ يُونُسُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ تَحْقِيقَ إلَهِيَّتِهِ لِلَّهِ، وَمَحْوَ الْهَوَى الَّذِي يُتَّخَذُ إلَهًا مِنْ دُونِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ عِنْدَ تَحْقِيقِ قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ إرَادَةُ تَزَاحُمِ إلَهِيَّةَ الْحَقِّ، بَلْ كَانَ مُخْلِصًا لِلَّهِ الدِّينَ إذْ كَانَ مِنْ أَفْضَلِ عِبَادِ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ) انتهى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[30 Jan 2010, 10:08 م]ـ
القول ان يونس عليه الِسلام نَدِمَ عَلَى ارْتِفَاعِ الْعَذَابِ عَنْ قَوْمِهِ بَعْدَ أَنْ أَظَلَّهُمْ وَخَافَ أَنْ يَنْسُبُوهُ إلَى الْكَذِبِ فَغَاضَبَ هو عين ما ذكره العهد القديم فاقتضى التنويه
ـ[محب البشير]ــــــــ[30 Jan 2010, 11:56 م]ـ
الإخوة حجازي الهوى، محمود الشنقيطي، سنان الأيوبي: جزاكم الله خيرا على الإفادة و لعل في تفصيل شيخ الإسلام الجواب الشافي و الحمد لله(/)
نبوئة سليمان كانت في حياة أبية أم بعده؟!
ـ[م ع بايعقوب باعشن]ــــــــ[31 Jan 2010, 02:23 م]ـ
السلام عليكم
هل نفهم من هذه الأية أن النبوة كانت لسليمان في حياة أبية لقولة تعالى:
وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا [الأنبياء: 78، 79]
فهنا ذكر سبحانة إيتاء الحكمة -النبوة- لسليمان في حياة أبية.
أما أن تكملة الأية يبين خلاف ذلك فتكلمتها:
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ [الأنبياء: 79 - 82]
إذ الأية هنا تصف لسليمان الريح والشياطين وهي إنما سخرت لسليمان بعد أن ورث الملك وليس في حياة أبية فتكون النبوة كذلك
قال تعالى:
وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ [ص: 34 - 38]
فما قولكم
أفادكم الله
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[31 Jan 2010, 03:22 م]ـ
السلام عليكم
هل نفهم من هذه الأية أن النبوة كانت لسليمان في حياة أبية لقولة تعالى:
وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا [الأنبياء: 78، 79]
فهنا ذكر سبحانة إيتاء الحكمة -النبوة- لسليمان في حياة أبية.
الآية تحتمل الأمرين وليست نصاً في المسألة.
أما أن تكملة الأية يبين خلاف ذلك فتكلمتها:
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79) وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ [الأنبياء: 79 - 82]
إذ الأية هنا تصف لسليمان الريح والشياطين وهي إنما سخرت لسليمان بعد أن ورث الملك وليس في حياة أبية فتكون النبوة كذلك
لا تلازم بين إيتاء الملك والنبوة فقد تكون النبوة سابقة للمك، وقد يدل على سبق النبوة الآيات التي ذكرتها أنت:
قال تعالى:
(وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (34) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36) وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (37) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ [ص: 34 - 38]
فما قولكم
أفادكم الله
وقد يدل على سبق النبوة ـ وهو أيضا محتمل ـ قول الله تعالى:
(وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16)) سورة النمل
والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد(/)
الانتقام المحمود
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[31 Jan 2010, 04:42 م]ـ
الانتقام المحمود
الانتقام يذكر _في الغالب_ في معرض الذم، ويُقْرَنُ بقسوة القلب، وغِلَظِ الطبع.
بل إن كثيراً من الناس لا يعرف الانتقام إلا من هذا المنحى.
ولكنْ هناك نوعٌ من الانتقام محمود العاقبة، حسن الوقع.
ألا وهو الانتقام من عدوٍّ ينال نيله من كل أحد، ويسعى سعيه لإيقاع الناس في حبائله.
وبمقدور كل إنسان عاقل أن يَرُدَّ كَيْدَ ذلك العادي المتسلط إذا هو أخذ بالأسباب المشروعة.
ولعل المقصودَ من ذلك الانتقامِ المحمودِ قد تَبَيَّنَ، ألا وهو الانتقام من الشيطان؛ فكم من الناس من يَغْفَل عن هذا النوع؛ فإذا أوقعه الشيطان في بلية، وأغواه في فعل معصية أسلم له قياده، وأعانه على ضعف قلبه، فصار يتمادى في فعل السيئات التي تزيده وهناً على وهن.
وهذه بلية تعتري كثيراً من القلوب؛ فالقلب _كما يقول ابن القيم -رحمه الله-_ يذهل عن عدوه؛ فإذا أصابه منه مكروه استجمعت له قوته، وطلب بثأره إن كان قلبه حُرَّاً كريماً، كالرجل الشجاع إذا جرح فإنه لا يقوم له شيء، بل تراه بعدها هائجاً، طالباً، مقداماً.
والقلب المهين كالرجل الضعيف المهين؛ إذا جُرح ولى هارباً، والجراحات في أكتافه.
وكذلك الأسد إذا جرح فإنه لا يطاق؛ فلا خير فيمن لا مروءة له، لا يطلب أخذ ثأره من أعدى عدوٍّ له؛ فما شيء أشفى للقلب من أخذه بثأره من عدوه، ولا عدوَّ أعدى له من الشيطان؛ فإن كان له قلب من قلوب الرجال المتسابقين في حَلَبَةِ المجدِ جَدَّ في أخذ الثأر، وغاظ عدوه كُلَّ الغيظ وأضناه، حتى يقول الشيطان يا ليتني لم أوقعه فيما أوقعته فيه؛ فيندم الشيطان على إيقاعه في الذنب كندامة فاعله على ارتكابه، لكن شتان ما بين الندمين.
وقد جاء عن بعض السلف أنه قال: "إن المؤمن لَيُنْضِي شيطانه كما ينضي أحدكم بعيره".
والله _عز وجل_ يحب من عبده مراغمةَ عدوه وغيظَه.
وهذه العبودية من أسرار التوبة؛ فيحصل من العبد مراغمة العدو بالتوبة، والتدارك، وحصول محبوب الله من التوبة وما يتبعها من زيادة الأعمال_ما يوجب جعلَ مكانِ السيئةِ حسنةً، بل حسنات.
وبناءً على ما مضى فإنه يجدر بالعاقل اللبيب أن يلحظ هذا المعنى؛ فإذا ثبطه الشيطان _على سبيل المثال_ عن الصلاة، ثم فاتته لم يقف أمام داعيين: إما أن يستمرئ هذا الصنيع، فلا يحرك ذلك بعدها في قلبه شيئاً.
وإما أن يبالغ في الندم، ويسترسل مع الحزن الذي لا يجدي، فيفوته بذلك أعمال صالحة من شأنها أن تسد الخلل الماضي، بل ربما فاته عدد من الصلوات في ذلك اليوم؛ بحجة أنه حزين على تلك الصلاة التي فاتته!
واللائق في مثل هذه الحالة ألا تمر عليه مرور الكرام؛ فيتبلد إحساسه، وألا يسترسل مع أحزانه؛ فيفوته الخير الكثير _كما مر_ وإنما يجعل ذلك ذريعة للتعويض، وسد الخلل، وزيادة العمل.
وإذا أغواه الشيطان، فأطلق بصره فيما حرم الله ثم وجد ظلمة في قلبه_ فليبادر إلى قَلْعِ ذلك الأثر بزيادة النظر في كتاب الله؛ تدبراً وقراءةً، وطلبَ شفاء.
وإذا قصر في حق والديه، أو أرحامه فليبادر إلى البر والصلة.
وإذا ذَكَرَ أحداً بسوء فليسارع إلى الاعتذار منه، أو الدعاء والاستغفار له، وذِكْرِهِ بالخير، وهكذا.
ولو أخذنا بهذه الطريقة لقطعنا على الشيطان طرقاً من الشر كثيرة، ولفتحنا على أنفسنا أبواباً من الخير واسعة.
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[31 Jan 2010, 09:57 م]ـ
جزاك الله خير على هذا الموضوع الجميل
ـ[أبو المهند]ــــــــ[01 Feb 2010, 02:00 ص]ـ
أما الأسف ومعناه في قوله تعالى: فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55)}
فلما أغضبونا- بعصياننا، وتكذيب موسى وما جاء به من الآيات- انتقمنا منهم بعاجل العذاب الذي عَجَّلناه لهم.
هذا عن الأسف ولعله ضمن الإشكال الواقع بين الإخوة الأكارم.
وأما الانتقام فهو كما يقول أبو حيان: افتعال من النقمة، وهو السطوة والانتصار. وقيل: هي المعاقبة على الذنب مبالغة في ذلك، ويقال: نقم ونقم إذا أنكر، وانتقم عاقب.
وقد فسر أبو حيان قوله تعالى:" وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُا ... " فقال: " والاعتداء: الانتقام منهم بإلحاق المكروه بهم "
فالعلاقة وطيدة بين الانتقام والاعتداء وقد يفسر كل منهما بالآخر إلا ما خصه دليل.
والله ولي التوفيق.
ـ[مها]ــــــــ[02 Feb 2010, 02:31 ص]ـ
بوركت علما وفهما وقلما.
فالقلب _كما يقول ابن القيم -رحمه الله-_ يذهل عن عدوه؛
ويقول رحمه الله في مدارج السالكين:
فمن تعبد الله بمراغمة عدوه فقد أخذ من الصديقية بسهم وافر، وعلى قدر محبة العبد لربه، موالاته ومعاداته لعدوه، يكون نصيبه من هذه المراغمة.
ولأجل هذه المراغمة حمد التبختر بين الصفين، والخيلاء والتبختر عند صدقة السر، حيث لا يراه إلا الله؛ لما في ذلك من إرغام العدو، وبذل محبوبه من نفسه وماله لله عز وجل. وهذا باب من العبودية لا يعرفه إلا القليل من الناس، ومن ذاق طعمه ولذته بكى على أيامه الأولى.
وبالله المستعان وعليه التكلان، ولا حول و لا قوة إلا بالله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فيوض]ــــــــ[02 Feb 2010, 10:49 ص]ـ
وبوركتي أختي مها على النقل المميز ..
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[02 Feb 2010, 07:23 م]ـ
اسمحوا لي000 ووالله إني لأتقرب إلى الله بحبكم فيه 000
هذه الأية من أدلة أهل السنة والجماعة في ردهم على المبتدعة الذين فسروا صفة الله (الغضب) بالانتقام000 ووجه الدلالة من الأية واضح 0
همسة: لقد قال الله تعالى لنبييه - الكريم عليه -صلى الله عليه وسلم ((يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين)) وقال ((لم تحرم ما أحل الله لك)) وقال ((وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه)) وقال ((ليس لك من الأمر شيء) , فلا غضاضة إذا 0
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Feb 2010, 08:20 م]ـ
بارك الله في أخي العزيز الدكتور محمد الحمد على هذه المشاركة القيمة، وبارك الله في المعقبين الكرام.(/)
من روائع الإعجاز العددي في الآية (عليها تسعة عشر)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[01 Feb 2010, 02:05 م]ـ
من روائع الإعجاز العددي في الآية (عليها تسعة عشر)
من المقرر أن الآية (عليها تسعة عشر) هي الآية رقم 30 في سورة المدثر , السورة رقم 74 في ترتيب المصحف , المؤلفة من 56 آية.
السؤال الذي نودّ طرحه هنا: ما الحكمة من ورود الآية (عليها تسعة عشر) في موقع الترتيب 30, وليس 29 أو 19 مثلا؟
ما الحكمة من ورودها في سورة المدثر , وليس في سورة أخرى؟
هل هناك علاقة عددية بين موقع الآية , وموقع السورة , وعدد آياتها؟
لنتأمل الظاهرة التالية , والتي تمثل واحدة من ظواهر الإعجاز العددي في هذه الآية.
1 - عدد آيات سورة المدثر:
عدد آيات سورة المدثر هو 56 آية (حسب العدّ الكوفي) وهذا يعني أن مجموع أرقام ترتيبها هو 1596 (1+2+3 .. +56) , هذا العدد هو عبارة عن 14×114.
نلاحظ الإشارة المخزنة إلى عدد سور القرآن الكريم.
2 - بما أن رقم الآية (عليها تسعة عشر) 30 , فهذا يعني أنها جاءت بعد 29 آية من بداية السورة , ومجموع أرقام ترتيبها 435. (لاحظ هنا أن أرقام العدد 435 هي نفس أرقام العدد الذي تشكله أعداد الحروف في كلمات الآية: عليها: 5 , تسعة:4 , عشر: 3 , بترتيب مختلف).
2 - وأن عدد الآيات التالية لها هو 26 آية , مجموع أرقام ترتيبها: 1131.
3 - وبذلك فالآية (عليها تسعة عشر) بموقعها المحدد , فاصلة بين مجموعتين من الآيات , الفرق بين ترتيبهما 666 (1131 - 435).
(العدد 666 عدد لافت للانتباه , ما نودّ الإشارة إليه هنا أن مجموع الأعداد الثلاثة:
114 + 411 + 141 هو 666 , وأن مجموع الأرقام من 1 إلى 36 (الجزء الأول في العدد 6236 عدد آيات القرآن هو أيضا 666)
4 - موقع ترتيب سورة المدثر:مجموع أرقام ترتيب سور القرآن هو 6555 (وهو عبارة عن مجموع الأعداد المتسلسلة من 1 إلى 114). سورة المدثر هي السورة رقم 74 في ترتيب المصحف. وهذا يعني أن عدد السور السابقة لها 73 سورة , ومجموع أرقام ترتيبها 2701. وأن عدد السور التالية لها 40 سورة , مجموع أرقام ترتيبها 3780.
وهذا يعني أن الفرق بين تراتيب السور السابقة لسورة المدثر في ترتيب المصحف والتالية له هو 2775 (3780 - 2701). هذا العدد هو عبارة عن 5× 555.
5 - لقد أصبح لدينا عددان هما 666 و 555.ومجموعهما 1221.
(666 + 555 = 1221).
والآن ما هو السرّ المخزّن في هذين العددين؟
رائعة الترتيب القرآني هنا أن العدد 1221 هو القيمة العددية للآية (عليها تسعة عشر) وَفق حساب الجمّل.
توضيح وخاتمة:جاءت الآية (عليها تسعة عشر) في موقع الترتيب 30 سورة المدثر. هذا التحديد لموقع الآية يمكننا وصفه بالمباشر والسهل وبذلك فهو في متناول الجميع.
والآن لو طلبنا من شخص أن يحدد لنا موقع العدد (س) في سلسلة الأعداد من 1 إلى 56 , بحيث يكون الفرق بين مجموع الأعداد السابقة له , والتالية , 666 , سيكتشف أن العدد المطلوب هو العدد 30. وهذا هو الموقع الآخر للآية (عليها تسعة عشر) , وهو نفس الموقع الأول ,ولكنه ليس مباشرا , ويحتاج إلى تفكير وتدبر. وما أود قوله من خلال هذا المثال أن تحديد موقع الآية في القرآن قد تم بتدبير وإحكام بالغ , بعيدا عن الاجتهادات البشرية.
وقد آن الأوان أن يهتم العلماء المسلمون بالإعجاز العددي اهتمامهم بوجوه الإعجاز الأخرى , وأن يتوقف البعض عن المعارضة السلبية لذات المعارضة, واجترار الموروث بكل ما حفل به من الاجتهادات الخاطئة. لقد بقي هذا الوجه من الإعجاز غائبا عن القيام بدوره في خدمة القرآن وأهله قرونا طويلة, والمعارضة السائدة حاليا هي استمرار لتغييب هذا الدور.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[02 Feb 2010, 12:05 م]ـ
................
سورة المدثر هي السورة رقم 74 في ترتيب المصحف.
ما العلاقة العددية بين هذا العدد والعدد 1221؟
وردت الآية (عليها تسعة عشر) في رقم الترتيب 30 ..
ما العلاقة الرياضية بين العدد 19 والعدد 30؟
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[02 Feb 2010, 08:45 م]ـ
من روائع الإعجاز العددي في الآية (عليها تسعة عشر)
وهذا يعني أن الفرق بين تراتيب السور السابقة لسورة المدثر في ترتيب المصحف والتالية له هو 2775 (3780 - 2701). هذا العدد هو عبارة عن 5× 555.
.
تستبدل هذه الفقرة بـ: إن مجموع أرقام ترتيب سور القرآن الأولى في ترتيب المصحف (الفاتحة إلى المدثر) هو 2775، وهذا العدد هو عبارة عن 5 × 555.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[03 Feb 2010, 11:43 ص]ـ
..................
موقع سورة المدثر:
سورة المدثر هي السورة رقم 74 في ترتيب المصحف، عدد هو عبارة عن 2 × 37.
- عدد السور السابقة لسورة المدثر هو 73 (أي معكوس العدد 37).
قد تبدو هذه الملاحظة غير ذات شأن لأنها طبيعية في العدد، ولكن:
- العدد 1221 (القيمة العددية للآية (عليها تسعة عشر) هو عبارة عن:
33 × 37. (لاحظوا أن العدد 33 هو الفرق بين عددي السور السابقة لسورة المدثر والتالية لها، وهو كذلك مجموع العددين 21 و 12، ولتزدادوا طمأنينة اذهبوا إلى السورة رقم 33 في ترتيب المصحف، ستجدوا ان عدد آياتها 73)
- يتألف العدد 1221 من العددين 21 و 12:
العدد 21 في ترتيب الأعداد الأولية، هو العدد 73.
العدد 12 في ترتيب الأعداد الأولية هو العدد 37.
...
هذا مدخل لدراسة الإعجاز العددي في سورة المدثر .. موضوع سيطوف بك من سورة الفاتحة الى سورة الناس ..
فمن كان يهمه الموضوع، فليتصل بي لأقدم له المساعدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو المنذر]ــــــــ[04 Feb 2010, 04:45 ص]ـ
الا ترى ان هذا اشبه بفرح الطفل الصغير بلعبة ...
واين هذا من فرح الوالد .... ؟
وهل فرح الطفل يعادل فرح الاب؟
واعلم ان الفرح بما وصلت اليه لا يعادله ان تفرح بما تختزنه الايات من العبر
فارجع البصر كرتين وتبين ما تحت الايتين
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[04 Feb 2010, 03:15 م]ـ
الا ترى ان هذا اشبه بفرح الطفل الصغير بلعبة ...
واين هذا من فرح الوالد .... ؟
وهل فرح الطفل يعادل فرح الاب؟
واعلم ان الفرح بما وصلت اليه لا يعادله ان تفرح بما تختزنه الايات من العبر
فارجع البصر كرتين وتبين ما تحت الايتين
بل أرى أنك قد تفوقت على كل من سبقك في الجهالة،وبلغت في الحماقة ما جعلك تتطاول على إمام الباحثين في إعجاز الترتيب القرآني. يجب عليك أن تنحني حينما تراودك نفسك في مخاطبتي، ولكنها الغشاوة التي أسدلتها على عينيك، فما عدت ترى الحقيقة، ولن تراها. وستسأل يوم القيامة عن فعلك المذموم هذا واكون عليك من الشاهدين إن شاء الله.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[04 Feb 2010, 03:37 م]ـ
الا ترى ان هذا اشبه بفرح الطفل الصغير بلعبة ...
يا أبا المنذر، أنت مازلت ضيفا على الملتقى،فهذه مشاركتك الثانية، اما كان الأولى ان تسلك غير مسلكك الذي سلكت؟ ألم تجد في هذا الملتقى هدفا غيري تصوب نحوه بندقيتك؟
على أي حال: إن كنت تبحث عن الشهرة السريعة، فها انا قد حققتها لك، وأرجو ان تكون مسرورا، فقد رددت عليك مرتين لا مرة واحدة. بقي عليك أن تشكرني،فأنت الآن أصبحت من المشاهير.
ـ[نعيمان]ــــــــ[05 Feb 2010, 01:36 م]ـ
جزاك الله خيراً يا إمام الباحثين في إعجاز التّرتيب القرآنيّ.
وحُقّ لك أن تقولها، وقد قيلت لكم سابقاً -على الملأ- أكثر من مرّة، وكنت ترفضها؛ ولكن حين أوانها لا تثريب عليك، وهذا ليس من باب مدح الذّات؛ وإنّما من باب وصفها بما يعرفها به صاحبها وبما يعرفه به أهل الاختصاص.
وصلّى الله على نبيّ الله يوسف -عليه الصّلاة والسّلام وعلى نبيّنا الصّلاة والسّلام- إذ قال لملك مصر في عصره:
((اجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظ عليم))، ورضي الله عن عمّة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- إذ قالت يوماً في منافرة:
(إنّما أنا حَصان فما أكلّم، وثَقاف فما أعلّم) فما عابها أحد.
ثمّ لا أدري ما الذّي يريده معارضو هذا الوجه الأخير -حتّى الآن- من أوجه الإعجاز القرآنيّ؛ الذّي يثلج الصّدر، ويزيد في اليقين، ويترك المرء مذهولاً من هذا التّرتيب القرآنيّ المذهل حقيقة.
فهل هو الجهل - مع احترامي الشّديد- كما وصف إمام هذا العلم الأستاذ الحبيب جلغوم؟
والإنسان عدوّ ما يجهل. فكيف يَقْفُ المرء ما ليس له به علم، وكيف يخوض فيما يجهل؟
أم هو الحسد؟ أعاذنا الله منهما، وأعاذ المعارضين؛ بل كلّ الموحّدين من الجهل والحسد، وكلّ ما يشين.
الرّجل يصرخ في هذا الملتقى المبارك، وكتبه تنطق، ومن يوافقه الرّأي والتّاليف والعمل بهذا العلم معه: يا ناااااس منهجنا استقرائيّ لا اجتهاديّ.
يضعون المصحف أمامهم ويستخرجون ما تذهل به عقول الرّياضيّين، وما يعدّه بعض الشّرعيّين من المعارضين لهواً ولعباً وزخرفة ومضيعة للوقت؛ بل وصل ببعضهم أن إلى حدّ التّفسيق والتّبديع والاتهام باتّباع اليهود، وأنّ وراء الأكمة ما وراءها ..... !
اتّقوا الله ودعوا النّاس تعمل: فإن كان حقّاً انتشر فلم تضعوا العصيّ في الدّواليب بجهالة؟ وإن كان باطلاً اندحر وسيكفيككم الله؛ إذ لن يدع سبحانه باطلاً ينتشر عن كتابه؛ بل كتابه محفوووظ رغم أنف العالمين. فعلى رسلكم!
موقفان:
لي أخ حبيب مهندس قديم أرسلت له بحثاً عن الإعجاز العدديّ؛ فقلت له: أريد أن أرسل لك بحثاً هو لعب أطفال. فقل لي -رضي الله عنك- ما رأيك به؟
فلمّا قرأه قال: قد أذهلني حقّاً. ما شاء الله.
ولي زميل بريطانيّ في الجامعة أخبرته عن الإعجاز العدديّ، فتعجّب من وجوده في كتاب مقدّس منذ أربعة عشر قرناً في عصر الثّورة الرّقميّة، وتمنّى أن يترجم البحث له ليطّلع عليه رقميّاً. وإنّي لأرجو الله تعالى أن يهديه بعد قراءته البحث، وادعوا الله تعالى معي رضي الله عنكم أجمعين، فإن حدث هذا فسيكون فتحاً مباركاً. وفي ميزان حسنات المشتغلين في الإعجاز العدديّ.
رزق الله الجميع التّقوى وألهمهم السّداد.
آية قرآنيّة مباركة للتّدبّر؛ بل إلى مزيد من التدبّر والتفكّر:
((وما جعلنا أصحاب النّار إلا ملئكة وما جعلنا عدّتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين ءامنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرضٌ والكفرون ماذا أراد الله بهذا مثلاً كذلك يضلّ الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربّك إلى هو وما هي إلا ذكرى للبشر)) المدثر: 31
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[05 Feb 2010, 09:56 م]ـ
وبلغت في الحماقة ما جعلك تتطاول على إمام الباحثين في إعجاز الترتيب القرآني
يجب عليك أن تنحني حينما تراودك نفسك في مخاطبتي
ما هذا يا أخي عبد الله؟
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[06 Feb 2010, 12:12 ص]ـ
الا ترى ان هذا اشبه بفرح الطفل الصغير بلعبة ...
واين هذا من فرح الوالد .... ؟
وهل فرح الطفل يعادل فرح الاب؟
واعلم ان الفرح بما وصلت اليه لا يعادله ان تفرح بما تختزنه الايات من العبر
فارجع البصر كرتين وتبين ما تحت الايتين
الأخ الفاضل نايف الزهراني
أفهم جيدا عتبك،كما أنني - والله - لا أحب أن أسيء إلى أحد، ومن يعرفني يعرف انني مسالم وهاديء أكثر مما يجب، ولكن:
1 - الأخ أبو المنذر- كما وصفته - ما زال ضيفا على الملتقى، بالعربي عضو جديد لسه بكرتونته - فلماذا يختار مهاجمتي أنا؟ هل قرأ كل ماكتبت؟ ليته قرأ شيئا وقال وجدت كذا أو كذا ..
2 - وبما أنه يكتب تحت اسم مجهول - مستعار -فأنا أشك في نواياه،ولا أستبعد أن يكون مدسوسا (عميلا) وغرضه غير سويّ، هذا النوع عبر مثله الملتقى أكثر من واحد، يختار شخصا ويهاجمه من المشاركة الأولى ثم يختفي ويذوب.
3 - لو عدنا لكلماته لوجدناها كفراً: فهو يشبهني بالطفل، وما اكتبه عن إعجاز الترتيب القرآني باللعبة، وما امارسه بلعب الأطفال ..
فمن هو صاحب اللعبة، أي صاحب هذا الترتيب؟ إنه الله سبحانه وتعالى (باعتبار أن ترتيب القرآن توقيفي).
يقول (وأين هذا من فرح الوالد؟) الوالد الذي اشترى أو صنع اللعبة لابنه، ويراقبه بفرح شديد يفوق فرح الطفل ..
وسواء قصد ابو المنذر هذا او لم يقصد، فكلامه كله كفر ..
ولا يحق له ان يصف اعجاز الترتيب القرآني باللعبة، والباحث فيه بالطفل الساذج المفتون بلعبته، إلى آخر هذا الكلام المرفوض منك ومنّي ...
فغضبي هو لله .. وللقرآن.ومن شاء أن يرفض إعجاز الترتيب القرآني فليرفض ولكن لا يشبهه باللعبة ولا البحث فيه باللعب. ولقد سبق أن قلنا: إن ترتيب سور القرآن وآياته في غاية الإتقان والإحكام، ومن لديه اعتراض فليتفضل ويقدم لنا ما عنده.
ونحن في كل ما قدمناه إنما نرد على خصوم القرآن والمشككين فيه،ولا أظن أن مثل هذا العمل الذي أوقفنا عليه الكثير من سنوات العمر هو لهو ولعب.
(بالعربي: لقد تركت المهنة التي تدر علي مالا، وتفرغت لعمل يتطلب مني مالا. أهذا لعب؟)
أخي الكريم نايف
لو يعرف الكثيرون ما أعرفه عن إعجاز الترتيب في سور القرآن الكريم، لتحولوا كلهم إلى عبدالله جلغوم. يكفي أن تفهم الإعجاز في ترتيب البسملة، الإعجاز في ترتيب المدثر، في ترتيب القلم، في ترتيب الطارق، في ترتيب كل سورة وكل آية ............
لو أن المسألة محصورة في سورة، لأنهيت هذا الموضوع منذ زمن طويل، ولكنها كنوز القرآن التي لا حصر لها .. وأنا الان لا أستطيع أن اتخلى عنها، لقد أصبحت أمانة في عنقي. قد يتعذر على الكثيرين قبولها اليوم لسبب أو لآخر،ولكنني أكون قد مهدت الطريق للقادمين بعدنا، فلعلهم يقدرون على ما لم نقدر عليه.
لك وللأخ الحبيب نعيمان كل المودة والتقدير.
وأعتذر لأبي المنذر إن كان على حق فيما قال.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[07 Feb 2010, 09:19 م]ـ
إلى مشاركتي الحائرة بين الملتقى العلمي والملتقى التقني والمفتوح:
قد عُدتِّ للملتقى المفتوح فاصطبري
فالرأي ليس لنا، والحكم ُ للقدَرِِِِِِ
كم ناظر لا يرى ما العينُ تبصرهُ
ما كان أحوجهُ للضوء والنظَر ِ
أنّىّ يرى البعضُ والقلوبُ مقفلةٌ
ما أودعَ الله في الآيات والسّورِ
وجهاً من النور لا يخفى على أحدٍ
حتىّ وإنْ كان محروما من البصَرِ
قد أودع الله في الترتيبِ معجزة ً
فكيف يُنسبُ ما للهِ للبشرِِ!
........... (البحر البسيط)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[09 Feb 2010, 12:48 م]ـ
يبدو لي أن البعض لا يفهم شيئا مما يقرأ، رغم الوضوح، ومسلكنا في الابتعاد عن التفاصيل .. وإلا لما تجرأ البعض على وصف مثل هذا العمل باللعب ..
يا ليته توقف عند العدد 666 وحاول أن يتدبره قليلا ..
أو توقف عند العدد 56 عدد آيات سورة المدثر، ولاحظ أنه اول عدد بين الأعداد مجموع أرقامه من 1 إلى 56 (1596) عدد من مضاعفات الرقم 114 عدد سور القرآن، يليه العدد 75 .. وحاول أن يفهم ما معنى ان يرد العدد 19 في سورة المدثر المؤلفة من 56 آية ..
أرجو من الأخ المشرف الذي يصر على وضع هذه المشاركة بعيدا عن العيون:أن يعيدها ثانية إلى مكانها الصحيح، وان لا يحرم إخوانه من الفائدة.
ثم، الموضوع مازال في بدايته ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Feb 2010, 01:57 م]ـ
إلى مشاركتي الحائرة بين الملتقى العلمي والملتقى التقني والمفتوح:
قد عُدتِّ للملتقى المفتوح فاصطبري
فالرأي ليس لنا، والحكم ُ للقدَرِِِِِِ
كم ناظر لا يرى ما العينُ تبصرهُ
ما كان أحوجهُ للضوء والنظَر ِ
أنّىّ يرى البعضُ والقلوبُ مقفلةٌ
ما أودعَ الله في الآيات والسّورِ
وجهاً من النور لا يخفى على أحدٍ
حتىّ وإنْ كان محروما من البصَرِ
قد أودع الله في الترتيبِ معجزة ً
فكيف يُنسبُ ما للهِ للبشرِِ!
........... (البحر البسيط)
حيَّا اللهُ شيخنا الكريم عبد الله جلغوم
أكُلًُّ من لمْ يرىَ الإعجازَعدَّكُمُ = لأحرفِ الآيِ والأجزاءِ والسُّورِ
يكونُ مقفَلَ قلبٍ ليسَ ذا بصَرٍ = وللبصيرةِ منهُ تُهمةُ البصَرِ.؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[09 Feb 2010, 04:10 م]ـ
حيَّا اللهُ شيخنا الكريم عبد الله جلغوم
أكُلًُّ من لمْ يرىَ الإعجازَعدَّكُمُ = لأحرفِ الآيِ والأجزاءِ والسُّورِ
يكونُ مقفَلَ قلبٍ ليسَ ذا بصَرٍ = وللبصيرةِ منهُ تُهمةُ البصَرِ.؟
وحيّاك أخي الكريم ..
يا ابنَ الأكابرِ يا محمودُ معذرةً
من لا يرى الشمسَ لا يحتاجُ للقمرِ
هذي الحقائقُ في الإعجاز ظاهرةٌ
إلاّ لمنْ رأسُهُ قد دُسَّ في الحفَرِ
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Feb 2010, 04:51 م]ـ
وحيّاك أخي الكريم ..
يا ابنَ الأكابرِ يا محمودُ معذرةً
من لا يرى الشمسَ لا يحتاجُ للقمرِ
هذي الحقائقُ في الإعجاز ظاهرةٌ
إلاّ لمنْ رأسُهُ قد دُسَّ في الحفَرِ
ما كلُّ رأسٍ أبى الإعجازَ والدَنا = يكونُ قد دُسَّ في قرارةِ الْحُفَرِ
تأبى القراءاتُ تسليماً بعدِّكُمُ = حروفَ أو آيَ ذكرٍ مُحكَمٍ عطِرِ
وإن تجاوزتَ خُلفاً في قراءتهِ = فكيفَ يسهى عن المقطوعِ ذو نظرِ
فِيما هنالكَ آياتٌ تزيدُ على = أخرى بأحرفها , فاستقرأنْ خَبَري
فأينَ ما عدَّ أهلُ العدِّ واجههُم = موصولُ رسمٍ بهِ ذكرى لمُدَّكِرِ
لذاكَ يا شيخُ قالَ القومُ قيلهمُ = وما رأوا عدَّكُم ساعٍ على أثَرِ
أعني بذا أثرَ الماضينَ من سلفٍ = كانوا على الدهرِ من أيامِهِ الغررِ
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[12 Feb 2010, 02:10 ص]ـ
قبل أن نذكر جديدا، هذه دعوة للتوقف عند الظاهرة التالية - وهي ملخص لماسبق- والتامل فيها جيدا:
- جاءت سورة المدثر مؤلفة من 56 آية، ونلاحظ أن مجموع الأرقام من 1 إلى 56 هو 1596. وهذا العدد من مضاعفات الرقم 114، فهو يساوي 14× 114.
يعني بعبارة واضحة: يشير إلى عدد سور القرآن الكريم. ويقول إن عددها هو 114 وليس 113. (لقد ادخر القرآن الأدلة الكثيرة لمن لا يقتنع)
-وردت الآية (عليها تسعة عشر) في موقع الترتيب 30 في سورة المدثر، وليس في رقم الترتيب 29 مثلا. وهذا يعني أن مجموع أرقام الآيات من 1 إلى 30 هو 465.
-عدد الآيات الباقية، أي التالية للآية (عليها تسعة عشر) 26 آية، مجموع أرقام ترتيبها 1131 (31+32+33+34 ....... +56).
(للعلم فقط: عدد آيات النصف الثاني من القرآن إضافة إلى الآية (عليها تسعة عشر) هو هذا العدد 1131):
-وهكذا يصبح الفرق بين مجموعي أرقام الترتيب للآيات 1131 - 465 = 666.
ما وجه الإعجاز في موقع الآية (عليها تسعة عشر)؟
العدد 666،هو أيضا مجموع الصور الثلاث للعدد 114 عدد سور القرآن الكريم.
114 +411 +141 = 666.
مرة أخرى تقول الأرقام أن عدد سور القرآن 114.
وتقول ان عدد آيات سورة المدثر هو 56.
وتقول أن موقع الآية (عليها تسعة عشر) موقع مخصوص ومحدد بعناية إلهية.
ومن لم تقنعه هذه الحقائق، فقد ادخر له القرآن ما يكفي ..
سننظر قريبا إلى موقع الآية (عليها تسعة عشر) من زاوية أخرى، واخرى ..
-
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[12 Feb 2010, 12:40 م]ـ
.... قلنا في مشاركة سابقة أن القيمة العددية للآية (عليها تسعة عشر) هو 1221.
وقلنا أن هذا العدد يتألف من عددين هما 21و12.
(لاحظوا العددين 21 وعكسه 12).
وقلنا أن العدد 12 في ترتيب الأعداد الأولية هو 37، وأن العدد رقم 21 في ترتيب الأعداد الأولية هو 73 (لاحظوا العددين 37 وعكسه 73).
هذه الحقائق هي علاقات طبيعية في الأعداد لا مجال للتشكيك فيها، ولا يجوز ان تكون موضع جدال ..
ومع ذلك فهناك من يعترض على حساب الجمل ..
وقد يكون هناك من يعترض على قسمة العدد1221 إلى العددين 21و12 ..
وقد، وقد ..
المهم هنا: هل روعيت هذه العلاقات في الترتيب القرآني؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هو التفسير الصحيح؟
في هذه المشاركة سنتوقف عند استخدام القرآن للعددين 21و12. ومن المعلوم أن القرآن استخدم العددين للدلالة على ترتيب بعض سوره، كما استخدمهما للدلالة على عدد الآيات في بعض سوره أيضا ..
والآن لنتامل:
العددان 12 و 21 رقما ترتيب:السورة رقم 12 في ترتيب المصحف هي سورة يوسف، وقد جاءت مؤلفة من 111 آية.
السورة رقم 21 هي سورة الأنبياء، وقد جاءت مؤلفة من 112 آية.
نلاحظ أن مجموع عددي الآيات في السورتين هو 223 (111+112).
كما نلاحظ أن الفرق بين مجموع رقمي ترتيب السورتين، ومجموع آياتهما هو190، أي عدد من مضاعفات الرقم 19. (223 - 33= 190).
نرجو تذكر هذا العدد جيدا، لارتباطه بالملاحظة التالية.
العددان 12 و 21 عددا آيات:العددان 12و21 هما من بين الأعداد المستخدمة في القرآن للدلالة على أعداد الآيات في سوره. أين استُخدِم هذان العددان؟
- استخدم العدد 12 للدلالة على عدد الآيات في سورتين من بين سور القرآن، سورة الطلاق السورة رقم 65، وسورة التحريم السورة رقم 66.
- واستخدم العدد 21 للدلالة على عدد الآيات في سورة واحدة هي سورة الليل، السورة رقم 92.
-وهذا يعني استخدام العددين في ثلاث سور، ونلاحظ أن مجموع أرقام ترتيبها في المصحف هو 223 أيضا. (65+66+92=223).
كيف نفسر هذا التماثل في العدد 223؟
باعتقادي أن من ينكر هذه الحقيقة هو نسخة من تلك الشخصية التي نزلت هذه الآيات بحقه.
وكما ذكرت سابقا، لقد ادخر القرآن لكل منكر ومشكك المزيد من الأدلة ..
وما زال الحديث في موقع الآية (عليها تسعة عشر) في أوله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[12 Feb 2010, 04:18 م]ـ
باعتقادي أن من ينكر هذه الحقيقة هو نسخة من تلك الشخصية التي نزلت هذه الآيات بحقه.
وكما ذكرت سابقا، لقد ادخر القرآن لكل منكر ومشكك المزيد من الأدلة ...
أجيرُكَ باللهِ من هذهِ يا شيخَنا الكريم , فهذا الحُكمُ المنفعلُ نسخةٌ أيضاً لقولِ الهالكينَ (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ ... )
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[12 Feb 2010, 07:12 م]ـ
الأخ الكريم محمود الشنقيطي
الوليد بن المغيرة هو الشخصية العنيدة التي تنكرت للقرآن ووصفته بأنه كلام البشر .. هذه السمة في شخصية الوليد نلاحظها اليوم عند من يزعم أن الإعجاز العددي في القرآن هو في متناول البشر،بل ويذهب إلى أبعد من ذلك فيزعم أننا لو جمعنا ما كتب في هذا الملتقى من مواضيع متفرقة لوجدنا فيها ما يفوق الإعجاز العددي في القرآن. ومثل هذا الكلام شجع البعض على وصف الإعجاز العددي بالهراء والتفاهة واللعب وما أشبه ذلك ..
فالشبه بين الشخصيتين هو العناد والتعصب المذموم لسبب ما .. إلا أن هذا لا يعني التطابق التام بين الشخصيتين في كل شيء.
ـ[يزيد العمار]ــــــــ[12 Feb 2010, 09:41 م]ـ
إلى مشاركتي الحائرة بين الملتقى العلمي والملتقى التقني والمفتوح:
قد عُدتِّ للملتقى المفتوح فاصطبري
فالرأي ليس لنا، والحكم ُ للقدَرِِِِِِ
كم ناظر لا يرى ما العينُ تبصرهُ
ما كان أحوجهُ للضوء والنظَر ِ
أنّىّ يرى البعضُ والقلوبُ مقفلةٌ
ما أودعَ الله في الآيات والسّورِ
وجهاً من النور لا يخفى على أحدٍ
حتىّ وإنْ كان محروما من البصَرِ
قد أودع الله في الترتيبِ معجزة ً
فكيف يُنسبُ ما للهِ للبشرِِ!
........... (البحر البسيط)
فالرأي ليس لنا، والحكم ُ للقدَرِِِِِِ
كأني أفهم من هذه العبارة خطأً لعلكم تراجعونه أخي الكريم جزاكم الله خيراً
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[12 Feb 2010, 09:54 م]ـ
فالرأي ليس لنا، والحكم ُ للقدَرِِِِِِ
كأني أفهم من هذه العبارة خطأً لعلكم تراجعونه أخي الكريم جزاكم الله خيراً
ليتك أوضحت ما تراه أو تحسبه خطأ.
ـ[ Amara] ــــــــ[13 Feb 2010, 03:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
إلى الأخوين الفاضلين الكريمين، عبد الله جلغوم و محمود الشنقيطي
حياكم الله من قوم لهم خُلُق ** كالمزن يُنضى علينا منه بالمطر
في سالف العصر كان قبلكم سلف ** و أنتم الخلف قد جدوا على الأثر
الله أسأل يدنينا لمجمعكم ** على موائد ذكر محكم عطر
*****
يا ابن الأكابر هل تعني مقالتكم ** أن التحدي بعدِّ قول مدكر
و أن قولنا في الأعداد مضيعة ** كذاك من قال ذا من صنعة البشر
أم أن قولنا بالإعجاز ليس له ** إلا البيان دليلا شاع في الخبر
من ذا الذي كان يدنيكم و يخبركم ** بأن عده ذا من صنعة البشر
فإن من كان أوحى أوحى معجزة ** بها نخاطب في بدو و في حضر
إن كان قولك لا إعجاز في عدد ** أو حرف آي و لا ترتيب في السور
فإن قولك يا محمود ذا شطط ** لأن نظم القوافي بين الصور
فأمة الشعر إن كانت بذا قصدت ** فإن ذاك مفازات لمنتصر
و أن ذاك دليل لو فهمت على ** أن التحدي بعدِّ قول مشتهر
فأمة الشعر أبياتا ترتبها ** كذا منمقة الألفاظ و الصور
إن كان نظمك في ترتيبه نسق ** هل يستقيم بلا عد لذي نظر
دع عنك قول الذي تلهي مقالته ** و اسمع لنصح خليل صادق يزر
و اجنح لنحو العلى تلقى الهدى عجلا ** و ذاك في سنة المختار من مضر
من خصه الله بالقرآن معجزة ** قد أودع الله فيها جامع الدرر
و ما تحدى به الأعلام قاطبة ** ممن له فكَر أو كان ذا نظر
هذي الحقائق في الإعجاز ظاهرة ** فانظر لما أودع الرحمن في السور
هذي العجائب لا تخفى على أحد ** و ليس تحصى مزايا آيه الكثر
تأبى القراءات تسليما بعدكمُ ** هذا الذي قلت لا برهان في نظري
و كيف تأبى القراءات لنا عددا ** في حرف آي و في الترتيب في السور
ما العيب إن كان حفص هو قارئنا ** ألا نكون من الساعين في الأثر
أجاز أن يُقرأ القرآن عندكمُ ** قراءة الساع في ماض على أثر
و لا يجوز بأن تُحصى كما رسمت ** حروفه يا ترى، هل تفهمن خبري
إن كان فيه آيات تزيد على ** أخرى بأحرفها، فذا دعوى إلى النظر
من قال ان القراءات إذا اختلفت؟ ** في عد حرف فليس فيها من درر
******
(يُتْبَعُ)
(/)
يا فارس العد إني مغرم بكمُ ** فامض حماك الله و اصطبر
و عطر القلب من علم له سكنت ** نفسي بريا نشره العطر
نفعني الله و إياكم
يغفر الله لي و لكم
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[13 Feb 2010, 07:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
إلى الأخوين الفاضلين الكريمين، عبد الله جلغوم و محمود الشنقيطي
******
يا فارس العد إني مغرم بكمُ ** فامض حماك الله و اصطبر
و عطر القلب من علم له سكنت ** نفسي بريا نشره العطر
نفعني الله و إياكم
يغفر الله لي و لكم
إلى أخي الحبيب الشاعر المبدع عمارة شندول:
أحسنتَ يا شاعري، هانوا ولم تَهُنِ
هذي الحقائقُ لا تخفى على الفطِنِ
أعلنتُ عشقي لها، واليوم أُعلنُها
ماضٍ أنا، وسيوفُ الله تحرسُني
هذا الكلامُ الذي قد قلتَ أسعَدني
فطالما كان لي حظٌّ من الحَزَنِ
يا ليت من عقّني قد كان أمهلَني
لكنها سيرةُ الإبداعِ في السُّننِ
القولُ في الشيءِ فرعٌ عن تصوُّرهِ
يأبى الحقيقةَ مَنْ يشكو مِنَ الوهنِ
إنْ كنتَ بي مغرماً،فالقلبُ فيه لكمْ
قدرٌ كبيرٌ من الإجلالِ والسَّكَنِ
فالله يحفظكمْ، والله سدّدكُمْ
والنصرُ من عندهِ، لعبدهِ المؤمنِ
قد كان لي من هوى الإعجاز سابقةٌ
فضلٌ من الله أنْ للنّور ِ ألهمَني
إن كان عارَضَني، منْ كان يجهلُني
فاللهُ أعلمُ بي، واللهُ وفَّقَني
يا شاعري، ليت كلٌ الناس مثلكُمُ
ما كان زيدٌ ولا عمروٌ يعاندُني
يا ليتهم أدركوا ما نحنُ ندركُهُ
كنّا مضيْنا معاً حرباً على الفتَنِ
لكنهم قد أبَوْا فضَلّ رأيُهمُ
وظلَّ جاهلُهمْ بالسّوءِ يمُطِرُني
قد ظنّ ما ندّعيه اليومَ مهزلةًً
وأنّ ما عندنا صِفرٌ من الثّمَنِ
وظنّ ما عندنا نوعاً من اللّعبِ
أعمى البصيرةِ والشيطانُ في قَرَنِ
قد هزّني قولُهُ في خاتمِ الكتبِ
وغاب عنهُ الذي قد كان أذهلَني
إعجازهُ العدديُّ اليومَ موعدُهُ
في العقلِ مسكنهُ،والعيبُ في الأُذُنِ
صبرا أخي، فالهدى، والنصرُ آتٍ غدا
والحقّ آتٍ غداً، والقولُ للزّمنِ
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[15 Feb 2010, 01:23 م]ـ
ومن روائع الإعجاز العددي في الآية (عليها تسعة عشر):
الآية (عليها تسعة عشر) هي الآية رقم 30 في سورة المدثر، وقد ذكرنا في مداخلة سابقة أن موقع الآية محدد بتدبير إلهي محكم بعيد عن المصادفة واجتهاد المجتهدين .. وقد أعود إلى هذا الموضوع ثانية ..
ما أود الإشارة إليه هنا:
الآية التالية للآية (عليها تسعة عشر) هي الآية رقم 31، وهي الآية الشارحة للحكمة من ذكر العدد 19. (وما جعلنا أصحب النار إلا ملئكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتب ويزداد الذين ءامنوا إيمنا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكفرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر).
ماذا يعني أن تأتي الآية الشارحة للحكمة من ذكر العدد 19 في موقع الترتيب 31، وليس 32 مثلا؟
في اعتقادي أنها دعوة للتدبر في هذين العددين. وبعبارة أكثر وضوحا: هذان العددان هما من مفاتيح التدبر في الترتيب القرآني.
البعض ما زال عاجزا عن فهم هذه الحقيقة، ولا يريد أن يرى في العدد 19 إلا ما ارتبط باستغلال هذا العدد استغلالا سيئا، وهذه النظرة الضيقة لا تقل سوءا عن تلك، فواحدة تمثل الانحراف عن الدين والأخرى تمثل الانحراف به. والخاسرون في النهاية هم أهل القرآن.
على أي حال،
في هذه المشاركة سأذكر بعض ما يؤكد العلاقة بين العددين 19 و31:
ما عدد آيات القرآن التي رقم ترتيب كل منها 31 في سورتها؟ الجواب: 63 آية.
ما عدد الآيات – من بين هذا العدد – التي ورد في كل منها لفظ الجلالة (الله)؟
الجواب هو: 19 آية لا غير.
أتلاحظون أيها الأفاضل؟
لقد تمت مراعاة الحقيقة الملموسة في سورة المدثر؛ فجاء عدد الآيات التي رقم ترتيب كل منها 31، وورد فيها لفظ الجلالة (الله) 19 آية لا غير.
19 آية لا غير من بين 6236 آية ... ليس 18 ولا 17،إنها مقتطعة بحساب، وما سيتبقى من هذا العدد سيكون له شأن آخر ..
ألا ترون أن عدد هذه الآيات محسوب؟ وأن مواقع ترتيبها محسوب؟ وأن عدد كلماتها محسوب؟
أيحتاج البعض إلى مزيد من الاطمئنان؟
من بين الآيات الـ 19 آية واحدة مؤلفة من 19 كلمة.
والسؤال هنا: أين وردت هذه الآية؟
الجواب: في سورة لقمان.
ما وجه الإعجاز هنا؟
الجواب: سورة لقمان هي السورة رقم 31 في ترتيب المصحف؟
أترون أين وردت الآية الوحيدة من 19 كلمة؟
عودة إلى الآية رقم 31 سورة المدثر:
لقد جاءت هذه الآية مؤلفة من 57 كلمة، لا غير، لا زيادة ولا نقصان، ولا تقبل زيادة ولا نقصانا .. وقد حسب بعض المفترين أن هذه الآية هي مما زيد في القرآن، وذلك بسبب طولها غير المنسجم مع باقي الآيات في سورة المدثر المميزة بقصرها ..
وما علم هذا المفتري أن مجيء هذه الآية من العدد 57 هو عين الإعجاز في الترتيب القرآني ..
سأترككم تتأملون العدد 57، إنه يساوي 19×3.
ماذا ترون؟
أترون العددين 19 و 31؟
أنا أرى جملة من الأعداد وليس عددين .. وكل منها يختزن جملة من دلائل الإعجاز في الترتيب القرآني ..
هذا هو الترتيب القرآني، ترتيب إلهي وليس بشريا، تريدون أن يجري وفق مقاييس وضوابط تضعونها له، لو كان وفق مقاييسكم لكان أشبه بما يقدر عليه البشر ..
فيا حسرتاه على أولئك الذين يرون في هذا الإحكام لعباٍ ولهواً، وعلى أولئك الذين لا يرون شيئا ..
خاتمة هذه المشاركة:
ما زلنا في البداية ..
وهناك من يجرؤ على وصف هذا الإعجاز بالهراء والتكلف وأشنع الصفات، فمتى يجرؤ البعض وينطق بالحق ويقول بل الإتقان وغاية الإحكام؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[15 Feb 2010, 07:57 م]ـ
ملخص المشاركة السابقة للأهمية:
1 - جاءت الآية الشارحة للحكمة من ذكر العدد 19 في موقع الترتيب 31 سورة المدثر.
2 - عدد كلمات الآية هو 57 كلمة، أي 19 × 3.
3 - من بين آيات القرآن الكريم التي رقم ترتيب كل منها 31 في سورتها، من بين هذا العدد ورد لفظ الجلالة (الله) في 19 آية لا غير.
4 - الآية الوحيدة من بين هذا العدد المؤلفة من 19 كلمة، وردت في سورة لقمان، السورة رقم 31 في ترتيب المصحف ...
حقائق ثابتة ملموسة لا يمكن إنكارها ..
وفي الترتيب القرآني (الغائب عن عيون الكثيرين) الأدلة على صحة كل ما ذكرناه، رغم أنه صحيح، ومن السهل التأكد من هذه الإحصاءات .. فلا يكاد يخلو بيت أحدنا من عدة نسخ من المصحف الشريف.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[16 Feb 2010, 08:54 م]ـ
... متابعة /
صار من المعلوم لدينا أن عدد الآيات التي رقم ترتيب كل منها 31، وورد فيها لفظ الجلالة (الله) هو 19 آية لا غير.
ونضيف الآن سرا جديدا:
عدد مرات تكرار لفظ الجلالة (الله) في هذه المجموعة من الآيات هو 28 مرة.
(لاحظوا أن العدد 28 هو نصف العدد 56 عدد آيات سورة المدثر، وأنه يساوي 4×7، ومن المعلوم أن رقم ترتيب سورة المدثر هو 74)
ماذا يترتب على هذه الحقيقة:
-عدد آيات القرآن الكريم 6236، فإذا طرحنا من هذا العدد، الآيات الـ 19، فالباقي هو 6217.
-عدد مرات تكرار لفظ الجلالة في القرآن هو 2699، فإذا طرحنا من هذا العدد، 28 عدد مرات تكرار لفظ الجلالة في الآيات الـ 19، فالناتج هو 2671.
والآن أترككم تتأملون العددين: 6217 و 2671 ..
(لاحظوا أنهما عددان أوليّان)
ويا ليت من يرى فيهما شيئا أن لا يبخل علينا به، ولكن حذار أن يصف أحد هذا الترتيب باللعب.
ـ[حسان بوبشيش]ــــــــ[17 Feb 2010, 12:20 م]ـ
... متابعة /
ويا ليت من يرى فيهما شيئا أن لا يبخل علينا به، ولكن حذار أن يصف أحد هذا الترتيب باللعب.
الملاحضة الجلية في العددين هي
71 معكوس 17 و62 معكوس 26
مجموع العددين يساوي 8888
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[17 Feb 2010, 02:08 م]ـ
الملاحضة الجلية في العددين هي
71 معكوس 17 و62 معكوس 26
مجموع العددين يساوي 8888
أحسنت أخي حسان باركك الله
بقي أن تلاحظ ان العدد 888 = 8 × 1111.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[17 Feb 2010, 02:30 م]ـ
........... يتبع
في مشاركة لي سابقة، تاهت كغيرها في صحراء هذا الملتقى دون أن يلتفت إلها أحد، تحدثت فيها عن الإعجاز العددي في الآية رقم 88 سورة الإسراء، السورة رقم 17 في ترتيب المصحف، ولعلي أعود إليها ثانية ..
وكان مما ذكرته:
إن عدد الآيات في السور التالية لسورة الإسراء وحتى نهاية المصحف هو 4096 آية ..
هذا العدد هو عبارة عن: 8 × 8 × 8 × 8.
قليلا من التدبر أيها الكرام، المسألة ليست صعبة ..
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[18 Feb 2010, 03:50 م]ـ
عودة إلى سورة المدثر / .. جديد
الآية رقم 31 في سورة المدثر هي الآية الشارحة للحكمة من ذكر العدد 19 ..
وبما أن البعض لن يقتنع بهذا الترابط بين العددين؛ فقد ادخر له القرآن في ترتيبه ما قد يساعده ..
- فجاء بعدد محدد من الآيات، من بين آيات القرآن الكريم التي رقم ترتيب كل منها 31 في سورتها وورد فيها لفظ الجلالة (الله)، هو 19 آية لا غير.
-ولمزيد من طمأنة الذين قد يظنون أن هذا التوافق ليس إلا مصادفة جميلة، جاء بالآية الوحيدة المؤلفة من 19 كلمة، في سورة لقمان، السورة رقم 31 في ترتيب المصحف.
لا عذر لأحد أن يزعم حدوث هذا الترتيب مصادفة؟
السؤال الأول:
ما عدد مرات ورود لفظ الجلالة في الآيات الـ 19؟.
الجواب 28 مرة.
السؤال الثاني:
ما علاقة العدد 28 بالعدد 31؟
الجواب: إن عدد الآيات المؤلفة كل منها من 31 كلمة في القرآن كله هو 28.
ورائعة الترتيب القرآني هنا:
لقد جيء بالآية رقم 19 في تسلسل الآيات المؤلفة كل منها من 31 كلمة في سورة هود ...
هل مِن مُتوقع أين؟ نعم ..... في الآية رقم 31.
تأكيد جديد للعلاقة بين العددين 19 و 31.
هذه الآية هي الوحيدة من بين آيات القرآن المؤلفة من 31 كلمة ورقم ترتيبها 31 .. ولا ننسى أنها الآية رقم 19 في تسلسل الآيات المؤلفة كل منها من 31 كلمة.
(وفيها كلام كثير) ....
لا عجب أن تكون هذه الحقائق سببا لزيادة الإيمان ..
ومواجهة المفترين وشبهاتهم ..
لقد تكفل القرآن بالرد على المشككين فيه، بما يكفي من الأدلة، وكل ما طلبه منكم هو التدبر، فأعينونا، رعاكم الله وسددكم .. وتدبروا القرآن بقلوب مفتوحة.وليتوقف البعض عن ازدراء هذا الإحكام ووصفه باللعب والهراء، وليتق الله.
فما زال لدينا العديد من الأدلة ..
ليست مصادفة ان تأتي الآية (عليها تسعة عشر) في موقع الترتيب 30، والآية الشارحة للحكمة من ذكر العدد 19 في موقع الترتيب 31.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[18 Feb 2010, 11:57 م]ـ
.....
ما زلنا في العلاقة بين العددين 19 و 31؟
وإن كانت ردود الفعل لا تشجع على المزيد في هذا الموضوع ...
العدد 31
هو من بين الأعداد المستخدمة في القرآن أعدادا للآيات.
وسؤالي هنا: أين استخدم هذا العدد؟
الجواب: إنه عدد الآيات في سورة الإنسان،
وما وجه الإعجاز العددي هنا؟
سورة الإنسان هي السورة رقم 76 في ترتيب المصحف، وهذا العدد هو عبارة عن 4 × 19.
وبعبارة أوضح: سورة الإنسان هي السورة رقم 19 باعتبار ترتيب سور النصف الثاني من القرآن (المجادلة - الناس).
لقد روعيت العلاقة بين العددين 19 و 31 مرة اخرى، فجيء بالسورة المؤلفة من 31 آية، في موقع الترتيب 19 باعتبار ترتيب سور النصف الثاني من القرآن.
إنه الترتيب القرآني، وكفى.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[19 Feb 2010, 08:12 م]ـ
للتذكير من مشاركة سابقة:
من بين الآيات الـ 19 التي رقم ترتيب كل منها 31، آية واحدة مؤلفة من 19 كلمة.
والسؤال هنا: أين وردت هذه الآية؟
الجواب: في سورة لقمان.
ما وجه الإعجاز هنا؟
الجواب: سورة لقمان هي السورة رقم 31 في ترتيب المصحف؟
أترون أين وردت الآية الوحيدة من 19 كلمة؟
وكيف تمّ الربط بين العددين 19 و 31؟
الجديد هنا:
إذا أحصينا أعداد الايات التالية للآية31 لقمان وحتى نهاية المصحف ‘ فالناتج هو 2736 لا غير.
ما وجه الإعجاز العددي هنا؟
هذا العدد من مضاعفات الرقم 114 (فهو يساوي 24 × 114) ..
إنه يشير إلى عدد سور القرآن .. وما نفهمه أن موقع الآية محدد بترتيب إلهي ..
ولمن لم يقتنع بعد:
هناك آية أخرى من بين آيات القرآن رقم ترتيبها 31 وعدد كلماتها 19، تؤكد كل ما ذكر ..
ـ[ Amara] ــــــــ[20 Feb 2010, 04:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
إلى أخي الحبيب الشاعر المبدع عمارة شندول:
يا شاعري، ليت كلٌ الناس مثلكُمُ
ما كان زيدٌ ولا عمروٌ يعاندُني
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عاج الشقي لجهل منه للوثن ... و عجت أبغي صحابا فضلا فطن
أصحاب صدق و إخلاص و مكرمة ... الحق عندهم في السر كالعلن
و لست إلا جليسا شاء قربهم ... للذكر أبغي هدى الله فلم أهن
و كيف يشقى جليس القوم مجلسهم ... الذكر و العلم بالقرآن و السنن
قد جاء موعد أن جئنا نصدقهم ... و موعد البعض بالتصديق لم يحن
و منطق العقل عندي لا أكذبهم ... و لا أصدق فيهم قولة القمن
*****
يا فارس العد لا تلهيك قولته ... إن الحسود لمصقول من العفن
الظن و الريب و التزوير حجته ... ساع إلى الشر ميال إلى الفتن
إن كنت أهوى فحبي بعضه لكم ... فامض حرست بعين الله و استعن
و إن هجيت تعال اسمع نصيحتنا: ... دع عنك قول الذي يدعو إلى الوهن
هذي الحياة سويعات تمر بنا ... و ما السويعات في التأثير في الزمن
*****
يا ابن الأكابر لا تبخل برأيكم ... إن التذاكر يجلي علة الحزن
فالقلب فيه إذا ما قد علمت لكمْ ... قدرٌ كبيرٌ من الإجلالِ والسَّكَنِ
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[20 Feb 2010, 06:52 م]ـ
يا أخي عمَّار أراكَ تتجاوزُ الحدَّ في أبياتكَ تشنيعاً على المخالفينَ للشيخ جلغوم في العملياتِ الحسابيَّةِ التي يُرادُ لها قَسراً أن تُلصقَ بالتنزيلِ , وأنا أعيذُكَ ونفسي وغيري بالله تعالى أن نُحيلَ هذا الخلافَ البسيطَ إلى نواةِ نقائضَ لتبادلِ الهجاءِ والشتائمِ , وأرجو أن تعتذرَ لمخالفي الشيخِ عما وصفتهُمْ بهِ من أعلاهُ , وأعلمُ أن نُبل أخلاقكَ لن يمنعَ نفسكَ المسلمة العودةَ إلى الرشد.
وأما بخصوص قولك:
يا ابن الأكابر لا تبخل برأيكم = إن التذاكر يجلي علة الحزن
فالقلب فيه إذا ما قد علمت لكمْ = قدرٌ كبيرٌ من الإجلالِ والسَّكَنِ
فليس لي جديدٌ أردُّ به عليهِ إلاَّ ما سلفَ:
تأبى القراءاتُ تسليماً بعدِّكُمُ=حروفَ أو آيَ ذكرٍ مُحكَمٍ عطِرِ
وإن تجاوزتَ خُلفاً في قراءتهِ=فكيفَ يسهى عن المقطوعِ ذو نظرِ
فِيما هنالكَ آياتٌ تزيدُ على=أخرى بأحرفها , فاستقرأنْ خَبَري
فأينَ ما عدَّ أهلُ العدِّ واجههُم=موصولُ رسمٍ بهِ ذكرى لمُدَّكِرِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد وعَدَ الشيخُ عبدُ الله جلغوم محبيهِ ومن يقرؤون كتاباتهِ بأنَّهُ يُفكَّرُ في التعاون مع فريقٍ بحثيٍّ يضُمُّ عدة مُتخصصينَ في القراءاتِ والرسمِ وعدِّ الآيِ والحسَابِ ليخرجوا على النَّاسِ بمشروعٍ مُؤسَّسِيٍّ في الإعجازِ محكمِ الجوانبِ , وهذا ما ننتظرهُ من الشيخِ وفقهُ اللهُ ليكتسبَ هذا الإعجازُ النَّازلُ نُصوعاً وسُطوعا وَتَقطعَ جهيزةُ هذا الجُهدِ التعاوُنيِّ قولَ كُلِّ خطيبٍ.!!
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[20 Feb 2010, 10:44 م]ـ
يا أخي عمَّار أراكَ تتجاوزُ الحدَّ في أبياتكَ تشنيعاً على المخالفينَ للشيخ جلغوم في العملياتِ الحسابيَّةِ التي يُرادُ لها قَسراً أن تُلصقَ بالتنزيلِ ,!
الأخ الفاضل:
المخالفة شيء وازدراء ما أكتبه عن إعجاز الترتيب القرآني من قبل البعض، ووصفه باللعب والهراء وتوافه الأمور، شيء آخر، ويستحق صاحبه المحاسبة والتوبيخ. وأعتقد أن الأخ عمارة يقصد هذه الفئة المنحرفة، فاما من يخالف بالحكمة فغير معني بالكلام. والأخ عمارة معروف بنبل أخلاقه ورقة مشاعره وطيبته، لك ولي.
ما لاتعرفه عن عمارة انه يحمل أعلى الشهادات في تخصص الرياضيات، فالمعذرة إذا قلت لك أنه مؤهل للحكم على ما أكتبه أكثر منك ومني، فهذا مجاله.
................ المخالفينَ للشيخ جلغوم في العملياتِ الحسابيَّةِ التي يُرادُ لها قَسراً أن تُلصقَ بالتنزيلِ!
ما ذكرته لك يا أخي الكريم هو بعض ما في سورة المدثر،فلو شئت قمت بمراجعة كل ذلك في المصحف، ستجده كما ذكرت. فكيف تزعم الصاقه بالتنزيل؟ هل جئت بشيء من عندي؟ ألست تؤمن بأن المصحف برواية حفص والذي طبعت منه ملايين النسخ سالم من التحريف والزيادة والنقصان والتبديل والتغيير؟ إذا كان الأمر كذلك فلماذا الاستنكار؟ أتريد أن نتحدث بصراحة أكثر:
أنت المطالب بالدفاع عن اختلاف الأعداد بين مصحف وآخر.
وبصراحة أكثر:
عدد آيات سورة المدثر في مصحف المدينة النبوية 56 آية، يمكنني أن أقدم لك عشرات الأدلة على أن هذا العدد مقصود وقد تم بترتيب لا يمكن نسبته للبشر ..
هناك روايات تقول بغير هذا العدد، خذ ما تريد منها واكشف لنا عن الحكمة من ذلك العدد.
[ QUOTE] وقد وعَدَ الشيخُ عبدُ الله جلغوم محبيهِ ومن يقرؤون كتاباتهِ بأنَّهُ يُفكَّرُ في التعاون مع فريقٍ بحثيٍّ يضُمُّ عدة مُتخصصينَ في القراءاتِ والرسمِ وعدِّ الآيِ والحسَابِ ليخرجوا على النَّاسِ بمشروعٍ مُؤسَّسِيٍّ في الإعجازِ محكمِ الجوانبِ , وهذا ما ننتظرهُ من الشيخِ وفقهُ اللهُ ليكتسبَ هذا الإعجازُ النَّازلُ نُصوعاً وسُطوعا وَتَقطعَ جهيزةُ هذا الجُهدِ التعاوُنيِّ قولَ كُلِّ خطيبٍ]
حينما طرحت هذه الفكرة، كنت أعتبرها دعوة لمؤسسة يهمها الموضوع، فتتبنى مثل هذا المشروع، وتنتقل به من الجهود الفردية إلى عمل مؤسسي، وما أكثر مؤسساتنا الدينية وما أكثر الملايين التي تصرف هنا وهناك، وبالمناسبة: إنني أعتبر إعجاز الترتيب القرآني أهم من الإعجاز العلمي، الذي استحوذ على الجميع، فرصدت له الأموال الطائلة، ونظمت له المؤتمرات التي لا حصر لها ..
وأخيرا: أدعوك أن تتدبر فيما كتبته عن العلاقة بين العددين 19 و 31 بعيدا عن أي فكرة مسبقة، فلعلك ترى ما لم تره من قبل.
مع كل المودة والاحترام.
ولأخي الحبيب عمارة كل المودة والاحترام.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Feb 2010, 05:12 م]ـ
ما لاتعرفه عن عمارة انه يحمل أعلى الشهادات في تخصص الرياضيات، فالمعذرة إذا قلت لك أنه مؤهل للحكم على ما أكتبه أكثر منك ومني، فهذا مجاله ..
لا حاجَةَ لطَلَبِ المعذِرةِ يا شيخنا الفاضل فقد كنتُ ولا أزالُ مُقتنعاً بأنَّ هذا الضَّربَ من الحِسَابِ هو إيغالٌ في الرياضيَّاتِ وتطبيقاتها , ويفتقرُ بشِدَّة لأنْ يتقوَّى بالباحثينَ المتخصصين في رسمِ القرآنِ وضبطهِ وعدِّ آيِهِ ومعرفةِ قراءاتِهِ , كي لا يكونَ الحكمُ الأوْلى على هذه الجهودِ بالمحاكمة إليه والتسليم به دُولَةً بين الباحثين وعلماءِ الرياضياتِ أو خاصاً بحمَلَةِ أعلى الشهاداتِ في الرياضيَّاتِ بعيداً عن قواعدِ عُلومِ القرآنِ التي تضبطُ كُلَّ انفلاتٍ يتصلُ بكتاب الله تعالى.
أتريد أن نتحدث بصراحة أكثر:
أنت المطالب بالدفاع عن اختلاف الأعداد بين مصحف وآخر.
وبصراحة أكثر:
عدد آيات سورة المدثر في مصحف المدينة النبوية 56 آية، يمكنني أن أقدم لك عشرات الأدلة على أن هذا العدد مقصود وقد تم بترتيب لا يمكن نسبته للبشر ..
هناك روايات تقول بغير هذا العدد، خذ ما تريد منها واكشف لنا عن الحكمة من ذلك العدد ..
لستُ أنا أو غيري مُلزَماً بالدِّفاعِ عن اختلافِ العدد يا أستاذنا , بل إنَّ المُدافعةَ والبحثَ عن حيلةٍ يُسقَطُ بها أحدُ مذاهبِ العدِّ أو يُرجَّحُ على المذاهبِ الأخرى - بفعل التخميس والتعشيرِ أو غيرِهما - تُعتَبرُ جرأةً منتهيةً حيثُ سيُنصِّبُ صاحبُها نفسَهُ حكَماً بين أئمةِ وعُلماءِ الصحابةِ الذين انتهت إليهم مذاهبُ العدِّ كعُثمانَ وعليِّ ابنِ أبي طالبٍ وأبيِّ بنِ كعبٍ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عن الجميعِ , ومالهُ بين أولئكَ متسعٌ إلا إن وجدهُ بين ملائكةِ السماءِ الذين أطَّت بهم.!!!
ومن الخِدمةِ لهذهِ المُلَحِ أن لا تُقصَرَ جهودُ الحسابِ والضَّربِ والقِسمَةِ على مذهبٍ قِرائيٍّ أو عدَدِيٍّ واحدٍ يفهَمُ منهُ البُسطاءُ أنَّهُ أرجحُ مذاهبِ القراءةِ والعدِّ , لا لشيءٍ إلا أنَّ أستاذنا الكريم لم يشأ هو ومؤيدوهُ تناولَ بقيَّةِ الرواياتِ التسعةَ عشرةَ على اختلافِ مذاهب عدِّها بالدراسةِ والطرح والقسمة.
وإذا سُلم لك بهذا العدد لآي سورةِ المُدَّثر فأنت مُحتاجٌ إلى بحثِ بعضِ المسائلِ المتعلقة بموضعِ الخلاف بين العادِّينَ كالوقفِ على رأسِ الآيةِ قوله تعالى (أَصْحَابَ الْيَمِينِ) هل ما بعدهُ حالٌ منهُ فيمنعُ الوقفُ حينها على صاحبِ الحالِ دونها , أو أنَّ الآية التاليةَ تُعرَبُ حالا من الضمير في (يَتَسَاءَلُونَ) , فبماذا تنفعُنا العملياتُ الحسابيةُ عند تناولِ هذا الخلافِ.؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[21 Feb 2010, 09:05 م]ـ
الأخ الفاضل محمود الشنقيطي
أشكرك على متابعة ما اكتبه عن إعجاز الترتيب القرآني.
أحب أن تعلم أن ما لم أكتبه عن الإعجاز العددي في الآية (عليها تسعة عشر) أكثر مما كتبت ..
وأحب أن أسألك:
-هل يحق لي أن أخفي ما أعلمه عن المسلمين، بحجة تردد البعض - امثالك - في قبوله؟
-هل كان عثمان بن عفان او غيره من الصحابة - رضي الله عنهم - يعرف الأعداد الستة المشهورة لعدد آيات القرآن الكريم؟ يعني: لو سألنا أحد الصحابة عن عدد آيات القرآن حسب العد الشامي أو المكي أو المدني فهل كان سيعرف؟
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[21 Feb 2010, 10:15 م]ـ
أغرب ما في الموضوع
وأعجب ما في الموضوع
أن آية "عليها تسعة عشر" تساوي عبد الله جلغوم
عليها تسعة عشر=1221 [القيمة العددية للآية وفق حساب الجمل]
عبد الله جلغوم=1221
ولا أدري إن كان هذا أول بحث للأستاذ الفاضل عبد الله جلغوم في حساب الجمل أم لا ولا أدري أكان يعلم الباحث ذلك أم لا
تعليق منقول من احد المواقع.
مصادفة جميلة ...
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[22 Feb 2010, 11:48 ص]ـ
تنبيه:
فقد انضم إلي في هذا البحث أخ كريم هو الدكتور محمد جميل الوحيدي، والأخت الفاضلة الباحثة ايمان محمد كاظم، وكلاهما من المتخصصين في العلوم الشرعية، ولهما أبحاث ونظرات قيّمة في مجال الإعجاز العددي، وإننا نامل إن شاء الله إعداد دراسات محكمة في الإعجاز العددي ..
ـ[ Amara] ــــــــ[24 Feb 2010, 08:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد الذي محى به الكفر و مد به الإسلام و سلم تسليما ..
أخوتي الأفاضل، السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أخي المحبوب محمود الشنقيطي ..
جوابا على كلامك
يا أخي عمَّار أراكَ تتجاوزُ الحدَّ في أبياتكَ تشنيعاً على المخالفينَ للشيخ جلغوم في العملياتِ الحسابيَّةِ التي يُرادُ لها قَسراً أن تُلصقَ بالتنزيلِ , وأنا أعيذُكَ ونفسي وغيري بالله تعالى أن نُحيلَ هذا الخلافَ البسيطَ إلى نواةِ نقائضَ لتبادلِ الهجاءِ والشتائمِ , وأرجو أن تعتذرَ لمخالفي الشيخِ عما وصفتهُمْ بهِ من أعلاهُ , وأعلمُ أن نُبل أخلاقكَ لن يمنعَ نفسكَ المسلمة العودةَ إلى الرشد.
أقول:
حمد الله نصيحتك و جزاك عني كل خير .. فإني والله الذي لا إله إلا هو لأود كل موحد مودة لا يعلمها إلا الله سبحانه و تعالى .. و إني والله لأود أن أخرج من هذه الدنيا لا يسائلني أحد أمام الله بشتيمة و لا أحمل على مسلم ضغينة .. و إني أسأل كل من أذنبت في حقه أن يغفر لي زلتي أمام الله تعالى .. فإني أخاف أن أقف أمام الله فيغفر لي ما بيني و بينه .. فيأتي أناس ظلمتهم لا أجد ما أسدد به دينهم علي ..
و إنك يا سيدي أحسنت لما نبهتني عليه .. و فهمت ما تريد إن شاء الله تعالى .. و خيرا فعلت و إلى خير أرشدت بإذن الله تعالى .. وهو منك لطف العلماء و مني ظرف المتعلمين، و ربما حماستهم .. و قد تدفعني الحماسة إلى زلة .. فليرحم كل من تعلمت منه لي زلتي و أجره على الله تعالى ..
و لعلك نصحتني حتى لا يفهم قصدي بأنه شتيمة لمن أحب من أهل الإسلام، فإن لهم في قلبي كل الصفاء ..
و رحم الله من أهدى إلي عيوبي ..
أما عن قولك
تأبى القراءاتُ تسليماً بعدِّكُمُ=حروفَ أو آيَ ذكرٍ مُحكَمٍ عطِرِ
وإن تجاوزتَ خُلفاً في قراءتهِ=فكيفَ يسهى عن المقطوعِ ذو نظرِ
فِيما هنالكَ آياتٌ تزيدُ على=أخرى بأحرفها , فاستقرأنْ خَبَري
فأينَ ما عدَّ أهلُ العدِّ واجههُم=موصولُ رسمٍ بهِ ذكرى لمُدَّكِر.
فإني كنت سألت:
كيف تأبى القراءات التسليم بالعد؟
يعني هل أنه إذا اختلف العد من قراءة لأخرى في عدد آيات سورة أو عدد كلمات آية هو علامة على أن القراءات تأبى الكلام عن عد القرآن و الإعجاز فيه؟
ألا يكون في ذلك دعوة في تأمل هذا الإختلاف؟
ثم إن كانت القراءات اختلفت في عدد الآيات و السور، و كانت النتيجة أن نترك التأمل في العدد و الحديث عن الإعجاز فيه، بحسب ما فهمت من كلام كثير ممن كتب في الموضوع، هل أحد يدعي أن الآيات اتفقت في كل الكلمات؟ فإن كان الجواب بلا فعلى أي الآيات يجب أن يبنى الحكم الشرعي في بعض المسائل الوارد في نصها اختلاف في القراءة؟
ومن الخِدمةِ لهذهِ المُلَحِ أن لا تُقصَرَ جهودُ الحسابِ والضَّربِ والقِسمَةِ على مذهبٍ قِرائيٍّ أو عدَدِيٍّ واحدٍ يفهَمُ منهُ البُسطاءُ أنَّهُ أرجحُ مذاهبِ القراءةِ والعدِّ , لا لشيءٍ إلا أنَّ أستاذنا الكريم لم يشأ هو ومؤيدوهُ تناولَ بقيَّةِ الرواياتِ التسعةَ عشرةَ على اختلافِ مذاهب عدِّها بالدراسةِ والطرح والقسمة.
و هذا الكلام من أصوب ما قرأت في هذا الموضوع .. و أنا أأيد وجود الإعجاز في العدد على إطلاقه لا تخصيصا برواية دون الأخرى .. فإن كان الباحثون قد بدؤوا بدراسة رواية حفص لانتشار القراءة بها في الاقطار فلا يعني ذلك أن نرجحها على بقية الروايات .. إنما هي الدافع أن ننظر فيها و نحيي العلم بها و المحافظة عليها كما فعل أسلافنا ..
ثم إني سيدي الكريم، أحيلك ان اسمي عمارة و ليس عمارا .. عمر الله قلبي و قلبك و قلوب المؤمنين إيمانا و ثبتنا عليه ..
و إلى أخي الحبيب عبد الله جلغوم، ردا على قولك
والأخ عمارة معروف بنبل أخلاقه ورقة مشاعره وطيبته، لك ولي ..
إنك يا سيدي قد غمرتني بمحبتك .. سدد الله خطاك و جعل ما تكتب خالصا لوجهه الكريم .. صحيح أخي الحبيب أني ما وقفت إليك يوما و لا التقيتك مباشرة .. و لكني لقيتك على مائدة القرآن .. و كيف بإثنين التقيا على كتاب الله؟
أسألكم الدعاء
يغفر الله لي و لكم(/)
صورة أبلغ من ألف كلمة!
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[02 Feb 2010, 08:39 ص]ـ
للمناقشة
العرب فرسان الكلمة ..
والقرآن الكريم كلام الله ..
وحضارة الإسلام أسست على الكلمة ..
ولا أجد من ينكر على من يتمثل بالمثل الرائع:
(الصورة أبلغ من الكلمة) ..
أين نصيب هذه الصورة من الإسلام؟
هل هذا المثل منسجم مع التعاليم الإسلامية؟
هل ثَمّ شيء أبلغ من كتاب الله تعالى؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[02 Feb 2010, 11:32 ص]ـ
الصورة ابلغ من الكلمة
هذه عبارة مستحدثة
لم تظهر إلا بعد انتشار التصوير الحديث
وربما شابهت المثل السائر
ليس من رأى كمن سمع
ولا شك أن الصورة لها تأثير كبير
ولكن الصورة وحدها لا تغير في فكر الإنسان ووجدانه
ولاتؤدي الغرض الذي تؤديه الكلمة
والمشاهدون يختلفون في تأثرهم بالصورة لعدة اعتبارات
ولكن الكلمة المعبرة ذات الهدف تبلغ من النفس الإنسانية ما لا يمكن أن يحدث من خلال الصورة
إن الكلمات قد تتحول في نفس السامع إلى صور متعددة كل صورة تعطى انطباعاً مختلفا وأثرا مختلفا تعجز الصورة عن بلوغه
على أي حال الموضوع جيد ويحتاج إلى دراسة الفرق بين أثر الصورة والكلمة
والقرآن الكريم يصور لنا بالكلمة مشاهد لا أدرى كيف يمكن أ ن تؤديها الصورة
عل سبيل المثال قول الله تعالى
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2))
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[02 Feb 2010, 07:09 م]ـ
إن الكلمات قد تتحول في نفس السامع إلى صور متعددة كل صورة تعطى انطباعاً مختلفا وأثرا مختلفا تعجز الصورة عن بلوغه
على أي حال الموضوع جيد ويحتاج إلى دراسة الفرق بين أثر الصورة والكلمة
والقرآن الكريم يصور لنا بالكلمة مشاهد لا أدرى كيف يمكن أ ن تؤديها الصورة
عل سبيل المثال قول الله تعالى
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2))
اتفق مع هذا الرأى، وأضيف:
من يقرأ كتاب " التصوير الفنى فى القرآن الكريم " للمفسر العلامة سيد قطب يرحمه الله يدرك جيدا اعجاز القرآن العظيم فى هذا الباب
الموضوع جيد كما قال أخى حجازى وبحاجة الى دراسة وبحث
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[03 Feb 2010, 10:54 م]ـ
أخي الفاضل حجازي
حياك الله وبارك فيك وفتح عليك
وقد أحسنت في فتح باب الكلام في هذه المناقشة أحسن الله إليك.
وأحيي أخي الكريم العليمي بارك الله فيه وفي مشاركته وزيادته ..
كانت هذه الكلمة من تثوير القرآن في أخص خصائصه .. وهو أنه كلام بليغ معجز .. في مقابل أن ذلك المثل يقال إعلاء لشأن الصور المنظورة على حساب الكلمة .. كما قد يتبادر إلى الذهن أول الأمر.
والحق أن المثل يقال في أكثر الأحيان:
رُبّ صورة أبلغ من كلمة
وهذه الصيغة التي تضم (رُبّ) قد تعطي قيداً مفيداً عند إرسال الكلمة أو المثل في مورده .. ولكن وضع الصورة يظل دائماً مثار عناية كثير من الناس .. ومثار فتنة أيضاً ..
وقد تلزم الصورة أياً كانت مشاهدها صمتاً آسراً يرسل الحقائق إلى مستودع العرفان البشري في القلب.
وقد شاء الله سبحانه أن لا تكون رسالته الباقية معجزةً حسية منظورة تخرق الناموس وتخالف المعتاد ..
ولم تكن تحفل بما احتفلت به كثير من الحضارات من صور التماثيل والبنيان وأفانين الصناعات والمخترعات وتسخير الرياح والمعادن وتسخير الأمم الحيوانية والجنية.
بل كانت كلمات يفهمها البشر
ولنا أن نقول كل ما يمكن أن يقال في وصف أثر هذه الكلمات على الحياة البشرية وصدقها ونفاذها وعدلها وقسطها وتمامها ... منذ تنزلت من السماء إلى يومنا إلى قيام الساعة.
ولكن هذه الكلمات ليست صوراً حسية ترى بالعين إلا يوم تأويلها فيبدو للناس ما لم يكونوا يحتسبون!!.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعلي أحاول أن أرفع رؤيتي أو خاطرتي إلى الإخوة الأفاضل الذين يسعدهم أن تتلاقى الأفكار وأن تُقوّم وتصحح وتناقش من غير تدابر ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد، ونورهم من مشكاة واحدة، ومأخذهم من مأدبة واحدة، وهي مأدبة القرآن!.
والله الهادي إلى سواء السبيل.
(1) القرآن كلام صادق .. ومن صدقه أنه لا يتعارض مع ما في الكون إذا رأينا أن الكون كله هو صورة لخلق الله تعالى، وأن القرآن كان في كثير من آياته يحيل الأنظار إلى بديع الخلق وجماله وحسنه.
ويؤيد هذا أن الله تعالى قد نبّه الإنسان المغرور بأنه مركب من صورة حسية باهرة العظمة والجمال والقوامة قال تعالى:
(يأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك)
وقال تعالى:
(ولقد خلقناكم ثم صورناكم) ..
وينجر الكلام إلى أن تصوير الله للخليقة هو أفضل تصوير وأصدقه .. وأن الذي يجاري خلق الله تعالى في تصويره إنما هو مخادع أو مخدوع .. لأنه لن يبلغ مدى بديع صنع الله.
(2) الصورة والكلمة متكاملتان لا متضادتان، ولذلك خلق الله تعالى للإنسان عينين وأذنين، فأي تفضيل لإحدى الحاستين على الأخرى ما هو إلا تعطيل للمفضول منهما أو تأخير أو تحقير .. وليس هذا مطلوباً ولا مقصوداً.
القرآن كتاب مقروء مسموع، هو قول الله تعالى .. كما أن الكون كتاب منظور، وهو فعل الله تعالى. ولا ينقضي العجب من التناظر المطلق بين قول الله في القرآن وبين فعل الله في الكون ..
الكلمات المسموعة لله والفعل المنظور لله .. فكيف تفاضل بين ما كان في الحقيقة من الله وإلى الله .. إلا إذا كان ذلك في شرعة من عمي عن هذه المآخذ.
وإذا اشتدت المماحكة فإن الكلمة هي الأولى بالتقديم والاختيار، فإن الإنسان إذا فقد حبيبتيه لم يفقد عقله بخلاف الأصم الذي يعجز عقله عن إدراك خفايا الحياة التي لا تفهم إلا بالكلام .. (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).
وقد يغالي بعض الناظرين فيقول:
خذ ما رأيت ودع شيئاً سمعت به .. في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل.
باعتبار أن زحلَ كوكب لا يراه إلا خواص الراصدين، فهو يسمع به ولا يراه مثلهم!.
(3) القرآن لم ينزل في قرطاس من السماء .. بل نزل على رسول كريم .. كان هذا الرسول صورة حية حقيقية للقرآن، وكذلك صحابته الكرام ..
وصفته أمنا الطاهرة الصديقة عائشة بنت أبي بكر مثنية على خلقه في أوجز بيان وأصدق تصوير قالت رضي الله عنها:
"كان خلقه القرآن"
وهو وصف كريم منها تتناغم فيه الكلمة (القرآن) والصورة (الإسوة) معاً إلى ما لا حد لحسنه وتناظره.
وفي الحياة صور تكون أبلغ من كلمات .. وكلمات تكون أبلغ من صور.
ـ[ريم]ــــــــ[05 Sep 2010, 02:03 م]ـ
هناك مثل يقول بما معناه: صورة واحدة بألف كلمة
و عن نفسي فالصورة و الملفات المرئية تترك في نفسي عميق الأثر و أستحضرها كثيراً و بسرعة على خلاف المحاضرات الطويلة و المقالات العميقة _ على أهميتها _أضرب مثالاً لذلك و ليكن عن الصدقة:
الفيديو كليب الذي ينشده سمير البشيري و عنوانه (تَصَدّقْ) عندما يُصوّر فيه رجل يدخل مسجداً تم إيقاف بنائه و يستفسر عن ذلك فيعلم أن السبب هو ضعف الإمكانات المادية فيبادر إلى تقديم العون ثم تتم مواصلة المشروع و يكتمل بناء المسجد
و عندما يزور داراً للأيتام فيقدم لهم ما تتبتهج به نفوسهم و يتم تصوير حال الحزن التي كانوا فيها و كيف آلت إلى الفرح و البهجة في مشاهد قصيرة للغاية لاتتعد الثواني لاشك له أن كثيراً من المعاني تصل إلى المشاهد تُختصر فيها كثير من الجمل و الكلمات
مثال آخر حول التوحيد و الشرك:
فأنا لا أنكر أن برنامج (دمعة موحِّد على قناة المجد) ساهم كثيراً في ترسيخ عقيدتي كموحِّدة و ذلك عندما ينقل بالصوت و الصورة ما يحدث من الشرك و السجود للأولياء المزعومين و الطواف بالقبور و تقديم القرابين و مباشرة أعمال السحر و غيرها فأزداد نفوراً على نفور من الشرك و توابعه و إذا مر بي في حياتي اليومية مزلقاً من مزالقه من مناهي لفظية و غيرها أسارع لتجنب تلك المزالق و أنا أستحضر تلك الصور و الملفات المرئية التي تبرز أنواعاً من الشرك و تدني المستويات الثقافية و عمق الجهل و الضلال
و على غرار ذلك أضف كثيراً من مبادئ الإسلام
(يُتْبَعُ)
(/)
كالصوم، الصلاة، العمرة، الحج، حسن الخلق، تلبية النداء و المسارعة إلى المسجد، اغتنام الأوقات، بر الوالدين ... إلخ
فعبر الصورة من الممكن إيصال كثيراً من الأفكار و المبادئ في وقت قصير جداً وكم أن هناك كثيراً ممن أشهروا إسلامهم لرؤيتهم صوراً للمسلمين و هم يؤدون مختلف عباداتهم و صورا ًللبيت الحرام و مدى ازدحام المسلمين و إقبالهم على الصلاة في رحابه و حتى يبلغ بهم الأمر للصلاة في الطرقات و الأبراج حول الحرم و إن لم تكن سبباً في إسلامهم فلا شك أنها ستشكل كثيراً من نقاط الاستفهام و منبعاً للبحث و التعلم
بمشاركتي هذه أرجو أن ألا يفهم أنني ضد الوسائل المكتوبة أو المسموعة، على العكس تماما فلا شك أن القرآن الكريم و السنة النبوية بالقراءة فيهما و تدبرهما و العمل بهما غنى عما سواهما و و آية واحدة في فضل الصدقة تجعل المسلم يبادر إلى الإنفاق و يسارع في ذلك و لو لم يشاهد صورة واحدة ... إنما أردت بمشاركتي أن أبين رأيي في نصيب الصورة في الاسلام على حد تعبير صاحب الموضوع و أنه أمر مهم للغاية و يجب استغلال الصورة في الدعوة إلى الله تماشياً مع العصر الذي نعيشه الآن فلا تكاد ترى حولك أشخاصاً يستغنون عن استخدام شاشات تعرض صورا (تلفاز أو "رائي بتعبير لغوي أدق"، MP4" مشغل ملفات مرئية"،هاتف نقال،حاسوب مكتبي، حاسوب محمول، PSP، آلات تصوير ... و غيرها من الأجهزة) الشاهد أن الأجهزة المزودة بشاشات منتشرة للغاية و هي فرصة جيدة لاستثمارها في الدعوة إلى الله و إبراز تعاليم الدين و سماحة الإسلام فكما أن كثيراً من الأشخاص لا يأل جهداً في إنتاج مقاطع مرئية غاية في الرداءة من حيث المحتوى (مسلسلات هابطة، دراما منحطة، أغاني خليعة، برامج سيئة ... إلخ) لابد لأهل الخير أن ينتجوا كثيراً من المقاطع الجيدة يستغني بها مستخدمو الشاشات عن الأمور السيئة و إن كان الجميع مطالب بتجنبها حتى لو لم يتوفر البديل ...(/)
(ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ) المؤمنون آية 31 من المقصود
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[02 Feb 2010, 07:20 م]ـ
يقول المولى سبحانه في سورة المؤمنون بعد ذكر قصة قوم نوح قوله (ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ) أية 31 و الذي يتبارد الى الذهن أنهم قوم عاد ولكن يشكل علينا قوله تعالى (فأخذتهم الصيحة) الآية
نرجو من الاحبة التعليق على هذا الموضوع بما يزيل الاشكال لدينا(/)
(ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ) المؤمنون أية 3من المقصود
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[02 Feb 2010, 07:26 م]ـ
يقول المولى سبحانه في سورة المؤمنون بعد ذكر قصة قوم نوح قوله (ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ) أية 31 و الذي يتبارد الى الذهن أنهم قوم عاد ولكن يشكل علينا قوله تعالى (فأخذتهم الصيحة) الآية
نرجو من الاحبة التعليق على هذا الموضوع بما يزيل الاشكال لدينا
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[02 Feb 2010, 08:12 م]ـ
يقول المولى سبحانه في سورة المؤمنون بعد ذكر قصة قوم نوح قوله (ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ) أية 31 و الذي يتبارد الى الذهن أنهم قوم عاد ولكن يشكل علينا قوله تعالى (فأخذتهم الصيحة) الآية
نرجو من الاحبة التعليق على هذا الموضوع بما يزيل الاشكال لدينا
الأخ الفاضل الريس عبد الرحمن
الراجح والله أعلم أن هؤلاء ثمود قوم صالح.
والسؤال لماذا أغفل هنا ذكر عاد قوم هود وأتى بذكر قوم صالح عليه السلام؟
وهناك احتمال آخر وهو أنه قرن آخر غير عاد وثمود ممن لم يقصص الله تعالى خبرهم على رسوله صلى الله عليه وسلم، وربما يستدل لذلك بقول الله تعالى:
(وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38)) سورة الفرقان
والله أعلى وأعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[02 Feb 2010, 08:13 م]ـ
أقصد رقم الآية 31من سورة المؤمنون
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[02 Feb 2010, 08:20 م]ـ
أخي العزيز حجازي سعدت بمشاركتك وكما ظننت أن لا يسبقك أحد في المشاركة فهذا ما تعودنا منك أيها المشارك الفعال فنرجو لك التوفيق و السداد و نأمل منك أخي العزيز أن تضع الحرب أوزارها بينك و بين طالبة على التفسير فكلاكما نستفيد منه و تذكر قول الحبيب صلى الله عليه و سلم (ما كان الرفق 000) الحديث
عودا على موضوعنا فكلامك جميل و لكن يشكل علينا قوله (ثم أنشأ من بعده قرنا آخرين) الآية و ثم تفيد الترتيب و ترتيب عاد بعد قوم نوح
والموضوع طويل لازال بحاجة إلى بحث جيث أن المفسرين المشهورين لم يجزموا فيه بشيء
لك مني جزيل الشكر عزيزي الحجازي و أرجو ان تقبل نصيحتي بصدر رحب
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[02 Feb 2010, 08:32 م]ـ
أخي العزيز حجازي سعدت بمشاركتك وكما ظننت أن لا يسبقك أحد في المشاركة فهذا ما تعودنا منك أيها المشارك الفعال فنرجو لك التوفيق و السداد و نأمل منك أخي العزيز أن تضع الحرب أوزارها بينك و بين طالبة على التفسير فكلاكما نستفيد منه و تذكر قول الحبيب صلى الله عليه و سلم (ما كان الرفق 000) الحديث
عودا على موضوعنا فكلامك جميل و لكن يشكل علينا قوله (ثم أنشأ من بعده قرنا آخرين) الآية و ثم تفيد الترتيب و ترتيب عاد بعد قوم نوح
والموضوع طويل لازال بحاجة إلى بحث جيث أن المفسرين المشهورين لم يجزموا فيه بشيء
لك مني جزيل الشكر عزيزي الحجازي و أرجو ان تقبل نصيحتي بصدر رحب
جزاك الله خيرا
والشكر على نصيحتك والتذكير بقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في الرفق، وأرجو من طالبة التفسير أن ترفق بنا وأن لا تكتب في معاني كتاب الله ما لا تستطيع أن تقيم الدليل عليه.
وأما "ثم" فهي تفيد الترتيب صحيح لكنها تفيد التراخي أيضا فلا يلزم أن يكون هذا القرن أتى بعد هلاك قوم نوح مباشرة.
والله أعلم.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[02 Feb 2010, 11:38 م]ـ
الأخ الكريم الريس،
استناداً إلى كلام الأخ حجازي أقول بصيغ توضيحية:
1. قوله تعالى:"وقوم نوحٍ ....... وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا ": هذا نص بأنّ هناك أمماً جاءت بعد نوح وعاد وثمود ... ولم تذكر في القرآن الكريم.
2. وعليه لا يوجد ما يمنع أنّ الأمة المذكور خبرها في سورة (المؤمنون) هي أمة ليس لها ذكر سابق في القرآن الكريم.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[02 Feb 2010, 11:59 م]ـ
المسألة لا تعدو ثلاث احتمالات لا رابع لها، وكل منها له أدلته الظاهرة:الأول: أنهم عاد، ويمكن أن يستدل له بما يلي:
أ - أنهم بعد نوح في الترتيب التاريخي والقرآني.
ب - أنهم بلغوا من الحضارة والرقي ما يمكن أن يفهم منه قوله تعالى: "وأترفناهم .. "
ولكن يشكل على هذا القول أنهم لم يهلكوا بالصيحة، وهي صريحة في الآية؛ فيجب استبعاد هذا القول لمنافاته لصريح القرآن الكريم، وإن قال به كثير من المفسرين.
الثاني: أنهم قوم صالح، ويكمن أن يستدل له بما يلي:
أ - أنهم أهلكوا بالصيحة وهي صريحة في الآية.
ب - أنهم بلغوا من الترف ما يفسر قوله تعالى: "وأترفناهم .. " بدليل قوله تعالى: "أتتركون في ما ها هنا آمنين .. " وما في معناها.
ويمكن أن يعترض عليه بأنه مخالف للترتيب القرآني والتاريخي.
ويجاب عنه بأنه لا يلزم الترتيب، بدليل أنه لم يلتزم في كل السور التي تعرضت لقصص الأمم.
الثالث: أن المراد قرن من القرون التي بين نوح وعاد، ويمكن أن يستدل له بما يلي:
أ - أن الله تعالى صرح في آيات كثيرة بأن هناك أمما بعد نوح تم إهلاكها، فلا مانع أن يكون هذا واحد منها.
ب - أنه صرح بأن بعض الرسل لم يقصص خبرهم على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد يكون هذا واحدا، وهو راجع إلى الأول.
وأرجع الأقوال في نظري والله تعالى أعلم أنهم ثمود، ويليه في القوة أنهم من الأمم التي لم تذكر، وأضعفها عندي أنهم عاد.
والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[03 Feb 2010, 12:57 ص]ـ
اخواني الاعزاء أبو عمرو البيراوي و ابراهيم الحسني شكرا على مشاركتم الرائعة و اخص بالذات مشاركة الحسني وما فيها من التفصيل الجميل لكن لا ننسى القول الذي ضعفه الاخ الحسني (انهم قوم عاد) ذكره مفسرون كبار لا يمكن اغفاله هذا أولا وثانيا أن الإهلاك بالصاعقة قد طال أمما كثيرة فليس خاص بثمود و حتى عاد قد قال الله عنهم (فقد أنذرتكم صاعة مثل صاعقة عاد و ثمود) فهل يمكن أن نقول أن قوم عاد جاءتهم صاعقة ثم اهلكوا بالريح كما فعل الله سبحانه وتعالى بقوم شعيب (هذا مجرد تساؤل) و كذلك اخي ابراهيم استبعد ان يكونوا قوما غير معروفين فقد ذكر المولى في الايات التي بعدها قوله سبحانه (ثم أنشأنا بعدهم قرونا آخرين) فهذا يدل على ان هذا القرن المذكور معروف فعلى ذلك يستبعد الاحتمال الثالث انه غير معروف ويكون الترجيح محصورين في الا حتمال الاول و الثاني (قوم عاد أو قوم ثمود) وانا انتظر الترجيح بين هذين الاحتمالين
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[03 Feb 2010, 08:07 م]ـ
أخي الكريم: الريس، بارك الله فيك.
لا خلاف بين أهل العلم - فيما أعلم - أن عادا أهلكوا بالريح، وأن ثمود أهلكوا بالصيحة.
وكل من نوعي الهلاك يعبر الله تعالى عنه في مواطن من كتابه بأسماء مختلفة.
فتارة يصف هلاك عاد بأنه بالريح الصرصر، وتارة بالريح العقيم، وتارة بالصاعقة ..
ويعبر عن إهلاك ثمود تارة بالصيحة، وتارة بالرجفة، وتارة بالتدمير، وتارة بالصاعقة ..
ويبقى الترجيح بين الأقوال أمر يحتاج إلى بحث وترو، ولعل أحد الإخوة ممن عنده وقت كاف لذلك أن يفيدنا به وله منا الدعاء.
والله تعالى أعلم.(/)
افتتاح موقع تدبر
ـ[إيمان]ــــــــ[03 Feb 2010, 11:46 ص]ـ
(تحت شعار معاً نحيا بالقرآن)
تم بحمد الله وتوفيقه إفتتاح موقع تدبر في الأول من شهر الله المحرم للعام الهجري 1431هـ، والموقع تابع للهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم ....
نسأل الله التوفيق والسداد للقائمين عليه، ولكل من أسهم وشارك فيه ...
رابط الموقع:
http://www.tadabbor.com/
ـ[فيوض]ــــــــ[03 Feb 2010, 01:02 م]ـ
بوركت نفع الله به(/)
(وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم)
ـ[فيوض]ــــــــ[03 Feb 2010, 01:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
قال تعالى: (وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم)
ومواضع أخرى:
(وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم)، (وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم)
أليس العلم هداية ونور وبصيرة .. !!
إذا لماذا ذكر في هذه الآية وغيرها أن الاختلاف بعد أعطائهم العلم وما سبب البغي؟
ودمتم بخير.
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[03 Feb 2010, 05:48 م]ـ
إذن الاختلاف بين أهل الكتاب لا يرجع إلى نقص في العلم ومعرفة الحقيقة الدينية بل هو البغي والاستعلاء حملهم على الاختلاف والتحاسد والتباغض وحملهم على أن سفكوا دماءهم وأصبحوا شيعاً وأحزاباً. ولو كان كل ذلك لجهل وعدم إرسال الرسل لكان فيه شيء من العذر.
فالعلم لا يضمن عدم الانحراف بل لا بد من تربية النفس وتهذيبها وفق منهاج الأنبياء. فعندما يترك الإنسان العمل لا يغني عنه علمه ومعرفته.
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[04 Feb 2010, 07:47 ص]ـ
هل هناك اختلاف محمود واختلاف مذموم وهل وقع هذا الاختلاف الذي ذكره المولى سبحانه عن الامم السابقة في امتنا الاسلامية
نرجو من الافاضل اولا بيان ما هو الاختلاف والتفرق المقصود من هذه الايات حتى نتجنبه علما بان سبب الاختلاف مذكور هو البغي وما علاقة هذه الاية بالموضوع قال تعالى (ولا يزالون مختلفين الا من رم ربك و لذلك خلقهم 000) الاية(/)
ما هو جديدكم -أهل التفسير- في معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام؟؟
ـ[أم حمزة]ــــــــ[03 Feb 2010, 10:44 م]ـ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين
أساتذتنا الفُضلاء- أكرمكم الله تعالى -؛ أفيدونا -مأجورين بإذن الله - بجديدِ أهل التفسير في معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام، وفي أي دورٍ نجدها؟؟
وهل كتاب فضيلة الشيخ عبد العزيز الداخل عن الأسماء والصفات تم طبعه؟؟؟
جزاكم الله خيرا
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[10 Feb 2010, 04:15 م]ـ
هذا أحد الكتب الجديدة في المعرض
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18735(/)
إشكال في كلام ابن القيم
ـ[م ع بايعقوب باعشن]ــــــــ[04 Feb 2010, 12:07 ص]ـ
السلام عليكم
مفتاح دار السعادة لإبن القيم وفية قال عند تفسير وورث سليمان داؤد:
واما قوله تعالى وورث سليمان داود فهو ميراث العلم والنبوة لا غير وهذا باتفاق اهل العلم من المفسرين وغيرهم وهذا لان داود عليه السلام كان له اولاد كثيرة سوى سليمان فلو كان الموروث هو المال لم يكن سليمان مختصا به
ما استشكل علي هو قولة رحمة الله:
(لا غير)
إذا أن ميران الملك لم يذكرة وكتفى بالعلم والنبوة فقط
فما توجية ذلك
جزاكم الله خيرا
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Feb 2010, 12:38 ص]ـ
يقصد بقوله "لا غير" إخراج المال كما يدل عليه بقية كلامه، وإلا فالأمر كما قال المفسرون: {وورث سليمان داود} أي: في الملك والنبوة، وليس المراد وراثة المال؛ إذ لو كان كذلك لم يخص سليمان وحده من بين سائر أولاد داود، فإنه قد كان لداود مائة امرأة. ولكن المراد بذلك وراثة الملك والنبوة؛ فإن الأنبياء لا تورث أموالهم، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة.
ـ[م ع بايعقوب باعشن]ــــــــ[04 Feb 2010, 12:46 ص]ـ
نعم أخي هو إستثنى المال ولكنة إستثنى الملك أيضاً وهذا مما أستشكل علي فالمعروف أن المفسرين أدخلوا الملك في تفسير معنى الورث وهو هنا في كلامة لم يذكر الملك بل حصر تفسير الورث في العلم والنبوة بينما العلماء المفسرين ذكروا الملك أيضا
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Feb 2010, 12:52 ص]ـ
يا حبيبي
الملك داخل في الميراث، وعبارة ابن القيم موهمة، فإن كان يقصد إخراج الملك من الميراث فكلامه مردود، والذي يظهر أنه لا يريد ذلك، وإنما يقصد إخراج المال لأن سياق كلامه يدل على ذلك.
وتقبل تحيتي
ـ[م ع بايعقوب باعشن]ــــــــ[04 Feb 2010, 01:47 م]ـ
حياك الله أخي العبيدي
لو علمت إشكالي
إشكالي هو كيف لم يذكر إبن القيم الملك من ضمن تفسير الورث لماذا إكتفى بالعلم والنبوة
هل وهم أم هو سقط؟!
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[04 Feb 2010, 02:47 م]ـ
السلام عليكم
إن سياق الآيات يتكلم عن العلم
وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ (15) وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16)
ثم إن النبوة ليست وراثة ... لكى يقال ورث النبوة
أما الملك ففيه تفصيل ... إن داود أوتى ملكا واسعا " .... خليفة فى الأرض "
وملك سليمان غير ملك داود
لم يكن لداود سلطان على الريح ... والطير والجن ... لكى يرثه سليمان
ـ[م ع بايعقوب باعشن]ــــــــ[08 Feb 2010, 12:02 ص]ـ
مره أخرى أخي وفقني الله وإياك
الإشكال هو إبن القيم نقل أقوال أهل العلم في تفسير هذه الأية وذكر أنهم فسروا الورث بأنة (العلم والنبوة) وإكتفى بذلك ولم يذكر الملك فهذا لا مشكلة فية وإنما المشكل أنة قال (لا غير وهذا باتفاق اهل العلم من المفسرين وغيرهم)
فكيف قال لا غير في حين أن الملك مما فسرة أهل العلم لمعنى الورث في الأية
هذا هو اشكالي
فإشكالي هو كيف ينقل عن أهل العلم أن لهذه الكلمة تفسيران وهما إنما ثلاثة تفسيرات؟
هل هو سقط أم وهم أم؟(/)
بمناسبة قرب معرض الكتاب ..
ـ[أبو فهد]ــــــــ[04 Feb 2010, 08:05 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ايها الأحبة ,
بمناسبة قرب معرض الكتاب ,أتمنى من الأخوة إفادتنا بالكتب والطبعات التي ستكون موجودة أو قد تكون موجودة في المعرض فيما يختص بعلوم القران والتفسير لتعم الفائدة ونرجوا بالذات ممن لهم تواصل مع بعض دور النشر إفادتنا بالذي قد ينزل.
وأنا سأبادر بكتاب وهو التسهيل لعوم التنزيل لان جزي الطبعة التي سبق التعريف بها في هذا المنتدى وهوي طبعة دار الضياء
ـ[عبدالكريم عزيز]ــــــــ[04 Feb 2010, 02:39 م]ـ
الفاضل أبو فهد جزاكم الله خيرا على هذه المبادرة الطيبة فهلا أخبرتنا بمكان هذا المعرض
وتقبلوا فائق التقدير والاحترام(/)
شكر وتقدير لقسم القراءات بالجامعة الإسلامية
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Feb 2010, 10:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قام قسم القراءات بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بالتسجيل في ملتقى أهل التفسير باسم (قسم القراءات بالجامعة الإسلامية).
وهذه لفتة رائعة لم يسبق قسم القراءات من الأقسام الأكاديمية المتخصصة في الدراسات القرآنية أي قسم آخر.
وأحب أن أخص بالشكر أخي الكريم الدكتور أحمد السديس رئيس قسم القراءات بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية على مبادرته لتنفيذ هذه الفكرة المميزة، والتي ستكون نافذة للقسم على الملتقى يطلع المتخصصون في كل مكان منها على أنشطة القسم وفعالياته ومناقشاته وأخباره بشكل مستمر.
كما أشكر أخي العزيز محب القراءات صاحب الأفكار الإبداعية الذي يتابع هذا المعرف.
وهذه بواكير مشاركة هذا المعرف في الملتقى:
مناقشة دكتوراه: (دراسة وتحقيق جزء من كتاب الجوهر النضيد في شرح القصيد لابن الجندي) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18666)
واقترح على الزملاء رؤساء أقسام القرآن في الجامعات الإسلامية المبادرة لتنفيذ نفس الفكرة ونحن سعداء جداً بذلك، ويتم تكليف أحد أعضاء القسم أو السكرتارية بمتابعة هذا المعرف ونشر الجديد من الأخبار والفعاليات التي ينظمها القسم الأكاديمي.
وهناك الكثير من الأقسام:
1 - قسم القرآن وعلومه بجامعة الإمام.
2 - قسم الكتاب والسنة بجامعة أم القرى.
3 - قسم التفسير بجامعة الأزهر بفروعها.
4 - قسم القرآن وعلومه بجامعة الملك خالد.
5 - أقسام الدراسات القرآنية بكليات المعلمين.
6 - قسم الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود، وسأبدأ به بعد إنجاز هذه المشاركة.
7 - وغيرها من الأقسام المتخصصة في القرآن وعلومه أو التي تشتمل على هذا التخصص ضمن التخصصات الشرعية.
اسأل الله أن يبارك في هذه الجهود وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.
ـ[قسم الثقافة الإسلامية]ــــــــ[04 Feb 2010, 10:37 م]ـ
جزى الله الإخوة في قسم القراءات بالجامعة الإسلامية خيراً، وأرجو أن نتواصل مع ملتقى أهل التفسير عبر هذا المعرف بكل أنشطتنا في خدمة الدراسات القرآنية من الدروس والمحاضرات والندوات ومناقشات الرسائل وتسجيل الموضوعات في هذا التخصص الشريف.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[05 Feb 2010, 02:08 م]ـ
ونحن نشكر فضيلة الدكتور أحمد السديس وفقه الله على جهوده المباركة في قسم القراءات، ونسأل الله له مزيداً من التوفيق والسداد، كما نشكر الأخ الكريم محب القراءات على نشاطه المتميز في مجال القراءات ...
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[05 Feb 2010, 04:38 م]ـ
لا شكَّ أنَّ هذه فكرة رائعة ستختصرُ الكثيرَ من الجهودِ والأوقات والنفقات على طلبة العلمِ الراغبين في الاستفسار وزيارة هذه الأقسام من أجل دراسةٍ أو بحثٍ أو غيرهِ.
ـ[قسم القراءات بالجامعة الإسلامية]ــــــــ[06 Feb 2010, 12:56 ص]ـ
ولكم فضيلة الدكتور عبدالرحمن خالص الشكر على ترحيبكم الكريم.
والقسم على أتم الاستعداد إن شاء الله لإفادة طلبة العلم في هذا الموقع وغيره، فيما هو من اختصاص القسم، ومجال عمله.
كما سيتم الإعلان عن أنشطة القسم الثقافية والعلمية عبر هذا المعرف، في هذا المنتدى العلمي الماتع.
سائلين الله تعالى أن يأخذ بأيدينا جميعاً إلى ما فيه خدمة كتاب الله تعالى، والمشتغلين بعلومه.
ـ[أم البررة]ــــــــ[08 Feb 2010, 09:45 ص]ـ
جميل جدًا
والعاقبة لبقية الأقسام أن تحذو حذوه(/)
ذكريات غانم قدوري الحمد .. (الحلقة الرابعة)
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[05 Feb 2010, 02:39 م]ـ
يوميات الرحلة إلى مصر
(الحلقة الرابعة)
كيسنجر يعود إلى المنطقة
الأحد 13 كانون الثاني 1974م = 20 ذو الحجة 1393هـ
منذ أن قامت الحرب في 10 رمضان، ويسمونها في مصر (حرب 6 أكتوبر)، منذ ذلك الحين والعمل السياسي يعصف في الشرق الأوسط والوفود والزيارات والمحادثات تجري سراً وعلناً , وكان من بين شروط وقف القتال أن يتم تطبيق قرار مجلس الأمن 242 لسنة 1967 بمحادثات تجري بين الأطراف , وبدأت المحادثات وتم تبادل الأسرى على ضوء اتفاق النقاط الست الذي كان لكيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة الدور الفعال في إبرامه، ثم بدأت محادثات الكيلو 101 على طريق القاهرة السويس، ولم تُجْدِ نفعاً، وبعدها في 20/ 12/1973 بدأت محادثات جنيف وصاحَبَها ما صاحَبَها، ولكنها أيضا وصلت إلى طريق مسدود في أول خطوة، وهي محاولة الفصل بين القوات على جبهة سيناء بالأخص، وهو الفصل الذي كان أحد البنود الستة , وحتى تمضي المسرحية إلى آخرها فإن كيسنجر يحاول أن يتدخل كل مرة لتحريك الشخوص على الخشبة بحيث تنسجم مع الخاتمة المنشودة، فجاء منذ أيام إلى مصر وذهب إلى إسرائيل، وصار يعود إلى مصر ويذهب إلى ما لا نهاية، يحمل المشاريع والخرائط ويحاول أن يُقَرِّبَ وجهات النظر ليمضي بخطوات السلام قُدُماً على حد تعبيرات السوق الآن، والصحف هنا في مصر تضع علامات استفهام على النتائج التي يمكن أن تسفر عنها هذه الحركة الضعيفة من المحادثات والتشكيك في ما يمكن أن تقدمه هذه المحادثات، ولكن لم نعد نسمع صوت العراق منذ أن غادرتُ العراق، وهو لا شك في أن حكومته الثورية لها رأي، ولكن خارج محيط الدائرة التي تجري داخلها الأحداث الآن.
سقوط المطر في القاهرة
الاثنين 14 كانون الثاني 1974م = 21 ذو الحجة 1393هـ
كنت أُمَنِّي نفسي أن أرى منظر المطر ينزل هنا في القاهرة , كنت في العراق في بيجي أطيل النظر في مثل تلك الأحوال التي تبعث في النفس هدوءاً وشعوراً لطيفاً وسعادة، وكان قد سقط مطر قبل ثلاثة أسابيع ولكنه لا يَبُلُّ الماشين في العراء، ويتكرر أن تغيم السماء ولكن لم يسقط المطر إلا يوم أمس، فقد جلبت الريح الغربية أمطاراً لا بأس بكميتها وسقطت أمس واليوم أمطار هنا في القاهرة وعلى الوجه البحري في مصر كما ذُكِرَ في الصحف , وفرحت بذلك! كنت في الشقة أنظر إلى تدافع الغيم في السماء ونزول القطرات متتابعة لتستقر على الأرض مؤتلفة , وشعرت لأول مرة أني في مدينة كبغداد , ولقد تذكرت الشتاء الذي قضيته في بغداد أو بعض الشتاء أيام الجندية، وكيف كنا نعاني والفقراء من السير في الشوارع الموحلة، والأمر هناك أهون مما نجد هنا اليوم، فإن مجاري المياه الخاصة بتصريف مياه الأمطار معدومة في شوارع القاهرة، ولهذا فقد غَدَّرَ الماء على الأرصفة بل غمر الشوارع أحياناً، والأرض التي لا يغطيها الماء تغطيها مادة سوداء لزجة، فالتراب عندما يبتل يكون طيناً، وهو مع كل ما فيه من إزعاج فهو لطيف، ولكن هذا الطين الذي يغطي الشوارع والأرصفة أسود كأنه مادة الفلانكوت (مادة قيرية لطلاء أسطح المباني) بسبب ما تراكم من عوادم السيارات على الأرض، ويشقى الناس من السير في الشوارع وتشقى السيارات أيضاً به، فإن جنباتها قد استحالت إلى لون أسود، ولكن يقال إن هذا لا يتكرر إلا مرة أو مرتين في الشتاء.
انقطاع الشغالة
الثلاثاء 15 كانون الثاني 1974م = 22 ذو الحجة 1393هـ
فجأة انقطعت الشغالة أم محمود عن المجيء، ومنذ يوم الأحد ونحن نحاول أن نقوم بأمور البيت، ولكن يبدو أنها لا تريد أن تستقيم إلا بشغالة , إن أم محمود قد تعلمت ما يحتاج إليه البيت العراقي أو ما يحتاج إليه العراقي من طعام، وهناك عدة احتمالات لانقطاعها منها أن زوجها قد عاد من ليبيا وهي تريد أن تستقبله، وهي أم لخمسة يسكنون في منطقة السيدة زينب , وكان زوجها قد ذهب إلى ليبيا للعمل , المهم أنها مأمونة الجانب، والاحتمال الآخر أنها "غاضبة" لأن الأخ خليل تكلم عليها قبل يوم لكثرة ما ترتكبه من خربطة (أي أخطاء) , فقد ذهبت إلى السوق لتشتري الخضر وكانت قد أخذت جنيهاً , وعادت بالخضر وبقية الجنيه وحاولت أن أستفسر عن
(يُتْبَعُ)
(/)
أسعار ما جلبت من مواد فإذا هي لا تدري بكم اشترت! ذهبتْ إلى البقال وقالتْ له أريد كذا و أريد كذا وسلمته الجنيه وعادت بالباقي , والأخ خليل كان قد حذرها من قبل بألا تأخذ الأمور وكأنها لا تعنيها، وهي ليست مسألة القروش القليلة التي يمكن أن تذهب وإنما مسألة عدم الاكتراث بالأمر , وكان الأخ خليل قد وجه لها كلمات قاسية، وهي لم تفهم إلا القليل منها , ولكن يبدو أنها تأثرت من ذلك , ونحن الآن نفكر في الأمر، ونعمل الأكل بأيدينا وننظف ونشتري، وكل حاجة.
منخفض جوي
الأربعاء 16 كانون الثاني 1974م = 23 ذو الحجة 1393هـ
عرفتُ أن الأمطار في مصر قليلة، خاصة في القاهرة، بل إنها نادرة، وعلى هذا فالناس لم يأخذوا لحالات سقوط المطر ما يجب فعله، منذ يومين ورشقات من المطر وزخات هادئة أحياناً تحاول أن تمسح مسحة الحزن عن وجه القاهرة , ولكن هذا الحزن نزل إلى الشوارع على شكل ماء أسود ثقيل يشبه النفط الأسود وأثقل، وتحولت الشوارع إلى غدران من هذه المادة الكريهة، ولم يعد الماشي في الشارع يستطيع أن ينجو من هذا القذر الذي فاق ما رأيته في بغداد في مثل هذه الحالات، وأنأ أمس واليوم ماكث في البيت وأتطلع إلى الخارج من شرفة الشقة ومن صفحات الجريدة .. فقد ذُكِرَ في الصحف أن منخفضاً جوياً يرتكز على شرق البحر المتوسط وقبرص وأن مصر ستتأثر به , وفعلاً فقد توالى سقوط المطر منذ يومين، وفي الصحف أنباء الأمطار الغزيرة التي سقطت في الإسكندرية والساحل الشمالي من مصر، ويقال إننا من المحتمل ألا نرى بعد هذه الأيام سقوط أمطار على القاهرة إلا نادراً. الجو مع ذلك ليس بارداً برودة شديدة، نعم قد مال نحو البرودة إلا أنه برد محتمل ... الملاحظ أن الناس هنا يخشون المطر , فهم الآن مثل الديكة المبللة , وقد ذكرت الصحف عن حوادث تسببت في قتل عدة أشخاص منها انهيارات وتصادم بين السيارات في الشوارع، لأن المياه تحولت تحت عجلات السيارات إلى شيء كأنه الزيت يفقد فيه السائق السيطرة على قيادة السيارة أحياناً , كيف كان حال العراق في هذا المنخفض الجوي؟!
اتفاقية فصل القوات
الجمعة 18 كانون الثاني 1974م = 25 ذو الحجة 1393هـ
لا زال كيسنجر منذ أن جاء إلى الشرق الأوسط في أوائل الأسبوع يروح ويغدو بين أسوان حيث يستشفي الرئيس محمد أنور السادات وبين تل أبيب , يمثل دور الوسيط لحل أو لوضع أولى الخطوات في طريق حل ما يسمونه أزمة الشرق الأوسط، وهذه الخطوات تتمثل بالفصل بين القوات المتحاربة على قناة السويس , وقد تمخضت تلك المحادثات المكثفة المطولة بواسطة كيسنجر تمخضت عن توقيع اتفاقية الفصل بين القوات المصرية والقوات الإسرائيلية، وتم التوقيع ظهر اليوم عند الكيلو 101 على طريق القاهرة السويس، وكان اللواء عبد الغني الجمصي رئيس أركان الجيش المصري ممثلاً عن مصر، والجنرال دافيد اليعازر رئيس أركان جيش اليهود عن إسرائيل , وقد اختلف الناس هنا وهناك، من العرب من يرى أن الاتفاقية ليس فيها تنازلات وإنها بداية نحو استرجاع الحقوق! ومنهم من يرى أنها اعترفت بشرعية إسرائيل , وفي إسرائيل أيضاً هناك أحزاب المعارضة وكتلة تعلن احتجاجها وتحاول إقامة التظاهرات، واللواء شارون يعتزل الخدمة في الجيش لأنه هو الذي قاد القوات الإسرائيلية عبر القناة غرباً، والاتفاقية تقضي بانسحاب القوات الإسرائيلية شرق القناة في عمق سيناء على بعد أربعين كيلو متراً أو أقل، وستشغل قوات الطوارئ عشرة كيلو مترات بين الطرفين ويبقى الشريط الممتد شرق القناة من الشمال إلى الجنوب بيد المصريين، ولكن يقال إن الاتفاقية تنص على تخفيض القوات، والحق أن الاتفاقية تستقبل بحذر ولا يُدْرَى ما سيكشفه المستقبل، وأُعْلِنَ أن أنور السادات سيطوف في بعض العواصم العربية.
أخبار سارة
الأحد 20 كانون الثاني 1974م = 27 ذو الحجة 1393هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وصلتني اليوم رسالة من الأهل من الأخ سالم، وهي تحمل إخباراً سارة خفق القلب لها، ويكفي أنها من الأهل من هناك حيث يهفو القلب دائماً , الوالد والوالدة قد عادا من الحج – أمد الله بعمرهما مع صالح الأعمال – وخبر آخر وهو أن الأخ سالم قد رزق بولد قبل أيام، وهو يريد أن يأخذ رأيي بالاسم، وأنه سماه مبدئياً (منظور) وإنني أعيش منذ أكثر من شهر مع ابن منظور صاحب لسان العرب، فأضحى هذا الاسم عندي مألوفاً مع ما فيه من إخفاء النون , أيضاً وصلتني أمس رسالة من الأخ سفر وكان كل ما في الرسالتين جميل الوقع لا زلت استعيد قراءتهما وأتذكر حال الأهل ... وقد ورد في إحدى الرسالتين أن مطر العراق هذه السنة غزير جدا وأن الناس يتطلعون إلى سنة خصب وخير , وورد أن البرد في العراق يشتد ويشتد وأن الموجة التي اجتاحت الشرق الأوسط في الأسبوع الماضي قد كان للعراق منها نصيب كبير , هنا في القاهرة قد برد الجو في المساء برداً شديداً (بقياس أهل مصر) وذُكِرَ في الصحف أن البرد سيستمر عدة أيام بعد حدوث منخفض جوي آخر في شرق البحر الأبيض المتوسط , والحق أن البرد هنا لا يقاس على البرد في العراق , البرد هنا محتمل تلوذ بركن يحميك، أو تلتف بفراش فيحميك، درجة الحرارة الصغرى فوق الصفر دائماً، بل هي لا تقل عن سبعة وثمانية، والعظمى تقرب من العشرين إلا في الأيام القليلة الماضية فقد انخفضت قليلاً، الآن الجو بارد ولكن الأمطار انقطعت والشوارع جفت.
من آثار انقطاع الشغالة
الاثنين 21 كانون الثاني 1974م = 29 ذو الحجة 1393هـ
من الأسبوع الماضي ونحن لا نزال بدون شغالة , وقد بدأ ذلك يلقي ظلاله على جو البيت، والأوساخ تتراكم هنا وهناك، ووجبات الطعام أضحت قلقة , في الصباح كنت منزوياً أقرأ شيئاً وأفكر بالفطور، وعمل الفطور لا يكلف أكثر من وضع الكتلي (البراد) على النار , كان الأخ خليل يسبقني في أكثر الأحيان إلى عمل الفطور، فأقوم أنا بتنظيف الأواني , اليوم صباحاً كان هو يضع الكتلي على النار ودخلت المطبخ وإذا به ينفجر بالكلام على غير توقع مني، لماذا لا تعمل لنا الفطور، وإذا به جاد بكلامه ويمضي يقول: " لِگِيت لك واحد إيسويلك فطور " فَبُهِتُّ وأُسقط في يدي، وكنت أحاول أن أخفف من هذه الضجة الفارغة لأنها لا ترتكز على شيء لأن عمل الفطور لا يكلفني شيء لا بل إن غسل (الكتلي) وأكواب الشاي أكثر صعوبة من عمل الفطور، ولم آكل من الفطور إلا القليل و ارتميت جانباً وبدأت الأفكار تتداعى من قديم وجديد، وكنت قد اعتدت أن انصرف للقراءة بعد الفطور ولكني لم أجد الهمة في نفسي، وظللت حتى حملت نفسي على الخروج من البيت، وذهبت إلى الجامعة ومنها إلى الكلية، وقضيت بعض الأشغال، وتناولت الغداء في مطعم، وحضرت محاضرة اللغة الانكليزية وعدت إلى البيت مع الغروب بعد الساعة الخامسة، ولكن بدأ يَقِرُّ في نفسي شيء, وعليه فقلت آكل شيئاً كوجبة العشاء وأكلت وعدت إلى البيت، وحين أحضر الأخ خليل الطعام ودعاني قلت أنا لا آكل من طعام لا تصنعه يدي!! المهم أني حريص على عدم تعكير الجو، ولكن كان ذلك رغماً عني.
تفاهم
الثلاثاء 22 كانون الثاني 1974م = 29 ذو الحجة 1393هـ
بعد أزمة الأمس , جرى حوار حول الأمر، وبدأ كل جانب يبدي تنازلاته ولو أن الأمر من مبدئه لا يمكن أن يكون محور مشكلة , وعادت بعد ذلك الأمور إلى مجراها الطبيعي تقريباً , لأن الشغالة اعتذرت عن المجيء بعد تحقق مجيء زوجها , وهذا مما سبب بعض المتاعب التي قد تخلف بعض الرواسب في النفوس تظهر أحياناً وتعكر الصفو كما ظهرت بالأمس , وجرى الاتفاق ضمناً على أن أقوم بتنظيف المواعين والأخ خليل يقوم بالطبخ لأنه يعرفه أكثر مني , ونتيجة لانقطاع الشغالة فإنني أقوم بغسل ملابسي بيدي حتى يجعل الله للأمر مخرجا , وقد وصينا الأخ مجاهد على شغالة عن طريق شغالتهم , ونحن بانتظار الأمر.
مناقشة رسالة
الثلاثاء 29 كانون الثاني 1974م = 6 محرم 1394هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
لاحظت لافتة معلقة مُعْلَناً فيها أن هناك مناقشة رسالة ستجري يوم 28/ 1/1974 أي يوم أمس مقدمة من السيد رفعت الفرنواني المعيد في كلية دار العلوم، وهي في خصائص لغة الجبرتي التركيبية لينال بها درجة الماجستير في اللغة , كانت لجنة المناقشة تتكون من الدكتور كمال بشر مشرفاً على الرسالة (وهو عميد الكلية الآن) والدكتور عبد الصبور شاهين والدكتور خليل عساكر الأستاذ المصري المعروف، وهو منتدب في جامعة الخرطوم، وبدأ المناقشة الدكتور عساكر فَعَرَّى ذلك البنيان الذي شاده الفرنواني وطعن في الأسس التي استقى منها الفرنواني مادته عن لغة الجبرتي وخصائصها .. وبعد ذلك جاء دور الدكتور عبد الصبور شاهين الأستاذ في قسم علم اللغة في دار العلوم، وقد ركز على بعض المسائل الخاصة واللفتات الصغيرة من جوانب الرسالة بعد أن أعلن أن مناقشة الدكتور خليل عساكر قد أحرقت كل ملاحظاته .. ولكن هذا الرجل دائما يحاول أن يخدم الفكرة التي سيطرت في ذهنه وملكت عليه حواسه فهو لا يزال يعلنها كل حال، وقد ناقش الطالب مناقشة حادة ونقده نقداً مراً حين عبر الطالب بأسلوب يمكن أن يفسر على أنه حط من أقدار العلماء المسلمين أو الإسلام وأنه يقابل الحضارة الغربية، أي أن الإسلام يمثل الوجه الثاني الذي يقف ضد الحضارة وهو التخلف .. المهم أن الفرنواني حصل على الماجستير بدرجة ممتاز وما قَدَّمَتِ المناقشة في النتيجة ولا أخرت، وأخذ الدرجة العليا، ومر كل شيء بسلام.
صباح رشيد شلال
الأربعاء 30 كانون الثاني 1974م = 7 محرم 1394هـ
منذ أن نزلت القاهرة مع الأخ خليل كان هو مشغولاً لمدة شهر أو أكثر بتتبع معاملة قبول لأحد معارفه صباح رشيد شلال (الأعظمي) , وهو ممن تخرج معه في بغداد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ويريد أن يدرس هنا الماجستير , وكنت قد رأيته سابقاً عندما جئت إلى القاهرة في الصيف كان هو في نفس الطائرة التي وصلت بها هو والأستاذ محمد أمين الأعظمي الذي يدرس في جامعة الموصل , وهما قاصدان القاهرة للزيارة. وكان صباح بعد أن استقر به المقام هو وصاحبه في مدينة دبلن بأيرلندا للدراسة لم يطب له المقام ورجع إلى بغداد , وأرسل أوراقه مع الأخ خليل حيث بذل له فوق ما يمكن أن يبذل إنسان لنفسه، فالأخ صباح متأخر في التقديم وليس لديه المعدل المطلوب، المهم أن قبوله ظهر قبل أكثر من أسبوع، وأرسل خليل برقية إليه يدعوه فيها للحضور , وفعلا قد وصل الأخ صباح يوم الاثنين الماضي، ونزل معنا في البيت أنا وهو في غرفة واحدة، إذ إن الغرفة التي أنزل فيها واسعة وفيها سريران , والأخ خليل يسكن في الغرفة الأخرى , يبدو أن صباح رجل هادئ الطبع خفيف الظل، على كل حال هو متدين وكفى. وقد جلب لي معه من العراق من الأهل شاي وقلم حبر ومعجون حلاقة وأسنان! قد أرسلها الأخ سالم من هناك، ولا أدري كيف تم ذلك، وسَكَنُنَا ثلاثةً في الشقة لن يسبب على ما يبدو لنا أية مزعجات، بل إنه سيخفف منها ويبعد شبح المصروفات الكثيرة.
معرض الكتاب
الخميس 31 كانون الثاني 1974م = 8 محرم 1394هـ
قبل أن يفتح معرض القاهرة للكتاب الدولي أبوابه قامت حملة دعاية واسعة, وقد فتح المعرض أبوابه للجمهور يوم 27/ 1/1974 الجاري وكنت أفكر في شراء مجموعة من الكتب قد تعبت في التفتيش عنها في المكتبات أو أني لم أهتد إلى المكتبات التي توجد فيها، فكان هذا المعرض فرصة نادرة وجيدة للعثور على كتب ربما تكون ذات فائدة بالنسبة لي في مجال اختصاصي الجديد عليَّ , كان المعرض يضم مكتبات وشركات مصر والدول العربية وبعض الدول الأخرى , وقد ذهبت للمعرض قبل يومين وحاولت أن استكشف ما فيه من كتب ولم أشتر إلا القليل بانتظار العودة مرة أخرى , وذهبت مبكراً ولازلت أدور في جنبات المعرض ويداي تثقلان بما أشتري من الكتب حتى أصبحت لا أقوى على حمل ما اشتريته من كتب أكثرها في علم اللغة، تشكل مجموعة قيمة , وبعضها في العقيدة والفكر الإسلامي , وخرجت وبدأت مشكلة المواصلات والحمد لله وصلت الشقة، ولكن هناك من ذكرني بما سأعانيه من نقل هذه الكتب إلى العراق وهذا أمر لم يحن التفكير فيه .. لاحظت أن وزارة الإعلام العراقية قد فتحت لها جناحاً أيضاً ولكنه بائس، خلاف المكتبات الأخرى التي تشرق بالكتب الجديدة , جناح الوزارة
(يُتْبَعُ)
(/)
لا يحوي إلا كتباً بالية , كأنما جمعوها من أرصفة سوق السراي (سوق الكتب في بغداد).
مذكرات آخر الشهر
مشكلة يعانيها كل من ينزل في هذا البلد مغترباً , ليست هنا مطاعم يمكن أن يستغني الإنسان بها عن عمل الأكل في البيت، مطاعمهم نوعان: أحدهما لأصحاب الغنى واليسار، والآخر للفقراء وأصحاب الدخل المحدود، ولا أتكبر على الفقراء ولكنه من لون واحد: فول ومَكَرُونَه وكشري، مع فقدان النظافة أحياناً، ولهذا فالإنسان مضطر إلى عمل الطعام في البيت , وهو لا يستطيع أن يقوم به بنفسه فلا بد من أحد يستعين به، وهنا تظهر الحاجة إلى ما يسمى في مصر بالشغالة التي تقوم بأعباء البيت من تنظيف وغسيل إلى جانب الطعام .. ولكن متى سنجد الشغالة التي تأمنها على بيتك ومالك وعرضك؟ لا شك في أن الفقر دافع إلى هذا النوع من العمل , على كل حال نجد أنفسنا مضطرين إلى الشغالة .. ومنذ أن نزلت مع الأخ خليل كانت تعمل عندنا (أم محمود) يعرفها الأخ خليل منذ السنة الماضية تَعَرَّفَ عليها بواسطة بعض الأخوة الذين كانوا يدرسون هنا، ولكنها انقطعت عن العمل منذ 13 من الشهر المنقضي، ومكثنا من غير شغالة مما سبب لنا المزعجات، وأخيراً وجدنا شغالة ولكنها لن تعمل أكثر من يوم أو يومين، على ما يبدو، فهي لا تعرف شيئاً ولا تريد أن تعرف، وكنيتها (أم توحه، أي أم ضحى!).
دعوة
الجمعة 1 شباط 1974م = 9 محرم 1394هـ
جرت العادة أن يدعو الصديق صديقه إلى وجبة غداء أو شاي أو نزهة , وقد كان الأخ الحاج توفيق رشيد الذي حضر إلى القاهرة في دورة تدريبية ويسكن الآن مع أخيه الأصغر مجيد الذي يعد رسالة الماجستير عن نظام الضرائب في العراق، وكان قد دعانا إلى تناول الغداء في إحدى الجمع السابقة، وفكرنا في رد الدعوة وانتظرنا مجيء شغالة، ولكن يبدو أن ذلك سيطول، ولهذا فقد دعوناه وأخاه اليوم، وقام الأخ خليل بعمل الطعام: شوربة , شجر , ودجاج , أشياء مقبولة بل جيدة، الحق أننا نكن للحاج توفيق كل ود واحترام، فهو رجل مثقف ومسلم ويتكلم بأدب وعقل، ويعمل في سلك التعليم، وهو في بعكس أخيه الأصغر مجيد، الذي تجد عنده كل ما ينفر، وهل هناك أشد من بذاءة اللسان، إن لسان هذا الرجل حاد لا يخرج منه إلا ما يؤذي أو يخدش الحياء , ولا يسمعك إلا الكلام البذيء والقبيح، في الجد وفي المزاح , وهو متزوج وزوجته الآن معه، ولكنه لا يكف عن الكلام المفضوح المكشوف، وإنني لألاحظ أن أخاه توفيق يغضي حياء من بعض حكاياته، لا نرتاح لمجالسه، ولكنا دعوناه مجاملة للحاج توفيق أيضاً، وهو رغم ما يبدي من الميل لنا ولكني إن لم أكن أبغضه فإني لا أوده، لسوء منطقه وكثرة هزله وعبثه!
أثر العمل الإداري على العلم
السبت 2 شباط 1974م = 10 محرم 1394هـ
خرجتُ من البيت عجلا حتى أتمكن من حضور محاضرة الدكتور كمال محمد بشر في موعدها في الواحدة بعد الظهر، وصلت الكلية في المنيرة، وصليت الظهر صلاة خفيفة في مسجد الكلية الصغير، كل ذلك حتى لا تضيع المحاضرة , وجاءت الواحدة ومرت، وحضر عدد من الطلاب الذين يدرسون معي في فرع علم اللغة , ووقفنا نتطلع إلى انفراج الباب حتى ندخل نغترف من بحور العلم، الدكتور بشر هو عميد الكلية، ولا شك في أن هذا المنصب الإداري يستغرق وقتا طويلاً منه فهو لهذا كثيراً ما يعتذر عن المحاضرة , لا زلنا ننتظر وهمَّ البعض بالانصراف، وأخيراً وبعد الثانية دخلنا إلى مكتب سيادته، وجلسنا كنا خمسة وجاءنا الدكتور يحاول أن يظهر تودده وتلطفه وراح يقلب ورقة عليها بعض العلامات .. دي سوسير، بلومفيلد، وفيرث (لغويون غربيون). كان وكان، وتلخيص المنهج: وصفي وتأريخي، وبين الحين والحين يقول: أنا أشرح هذه النقطة على شان الأخ العراقي، وهو يقصدني , والحق أني لست محتاجاً كثيراً إلى مزيد شرح بعد أن حصلت على أوراق المحاضرات، فأنا أقرأ ومهما تكن فإني سوف أفهمها، وهو في شرحه يدور في فلك المحاضرات المكتوبة التي أجهد فكره عندما وضعها وهو يترجم من هنا وهناك من كتب اللغة الانجليزية ما يتعلق بالموضوع، والموضوع مناهج البحث في اللغة، وكان قد أعد المحاضرات منذ العام الدراسي 70 - 1971 في معهد البحوث والدراسات العربية، وهو اليوم يسرد علينا ما بقي في ذهنه منها.
(يُتْبَعُ)
(/)
محاضرة الدكتور عبد الصبور
الأحد 3 شباط 1974م = 11 محرم 1394هـ
كان ينتظرنا قبل الرابعة .. المحاضرة تبدأ في الساعة الرابعة , كان الدكتور عبد الصبور شاهين يحاول ألا يدع فرصة دون أن يستغلها، أي أنه حريص على عدم تضييع محاضرة، وجلسنا وبنفس عدد الأمس تقريباً , ولكن هذه المرة العيون مفتحة والآذان مرهفة تسمع ما يلقى، حقاً قد تبين لي أن الدكتور عبد الصبور عالم بحق وهو مع ذلك مثال التواضع، وإن كان أحياناً يذكر ما قام به من أبحاث، ولكنه يحق له أن يفخر بها. هو الآن يدرسنا الأصوات الدولية في جدولين من الرموز، وهو يحاول بكل الوسائل أن يبين لنا طريقة تكوُّن الأصوات حتى إنه يضحكنا في بعض الأحيان , ولعل تعلم الصوتية الدولية وإتقان الكتابة بها لن يستغرق وقتاً طويلاً، وهو بذلك سيتحول إلى تدريسنا بعض موضوعات كتابه القراءات على ضوء علم اللغة الحديث، وهو سفر جليل، وله كتاب آخر سابق لهذا وهو تأريخ القرآن , ويبدو لي الدكتور شاهين مثالاً للرجل المسلم العامل الفاهم، الحكمة ضالته، فهو قد أتقن ما عند العرب وعرف ما عند الغرب، وحاول أن يصل إلى الحقيقة من خلال ذلك، فهو متقن للفرنسية لا بل قد ترجم عدة كتب منها، ومنها بعض كتب مالك بن نبي، وكتاب لهنري فليش، وهو العربية الفصحى , وإني أفكر منذ زمن إذا أمد الله بالعمر ونجحت أن أسجل معه موضوع الماجستير.
درس اللغة الإنگليزية
الاثنين 4 شباط 1974م = 12 محرم 1394هـ
لا أدري لماذا خصصوا ساعتين في الأسبوع للغة الإنگليزية، لأول وهلة يشعر المرء أن هذه المادة تحتاج ما تحتاجه المواد الأخرى على الأقل، فتلك وقتها ساعتان وهذه ساعتان , بل ربما ظن المرء أنها تحتاج إلى أكثر من ذلك، على أساس أنها لغة أجنبية، انتظرنا أستاذ المادة د. عبد العظيم درويش أسبوعاً وأسبوعين، من بداية الدراسة ولم يحضر، وأخيراً أخذ يحضر فإذا هو رجل في آخر العمر، ضخم الجسم طويل، علامات الشيخوخة بادية عليه، المادة التي ندرسها مجموعة في محاضرات مطبوعة عن تاريخ العرب قبل وبعد الإسلام باللغة الإنكليزية في 45 صفحة، وأخذنا ندرس في الأسبوع صفحة، فإذا نحن لم ندرس إلى الآن إلا صفحة أو صفحتين، يقرأ في الصفحة ويقف عند كل كلمة يعطي معناها، ونحن نسجل معاني الكلمات، وتنتهي المحاضرة وأكثر الطلاب لا يحضرون، ويكفي عند الأستاذ أن يحضر الطالب مرة واحدة ويسجل اسمه وبعد ذلك عليه السلام، يبدو أن الأستاذ قد شعر أن هذه المادة طويلة 45 صفحة وتحتاج منه إلى جهد، فإذا به يوماً ما يقول أريد أن أحدد المنهج، تفضل! صاح الطلاب خَفِّفْ عنا يا دكتور المادة (تِئِيلَة) .. فإذا به يحدد ويعين صفحات لا تزيد عن (12) صفحة للدراسة وليتنا ننهيها، و3 صفحات للترجمة سيعطينا ترجمتها ونحفظها بعد ذلك لنؤدي بها الامتحان، ولو أني انصرفت يوماً واحداً لدراسة هذا المنهج لكفى، فوا أسفى على الوقت المُضَاع!
محاضرة للشيخ سيد سابق
الأربعاء 6 شباط 1974م = 14 محرم 1394هـ
لفت نظري وأنا ذاهب إلى مكتبة جامعة القاهرة قبل أيام لافتة مكتوب عليها أن هناك محاضرة عن (الإسلام سبيل التغيير) يلقيها الأستاذ سيد سابق , وتوقفت أمامها ورددت قراءتها لأتأكد من الأمر، فإذا هو كذلك، والمكان في كلية الهندسة، ورغبت كثيراً في حضور هذه المحاضرة والاستماع إلى سيد سابق والظفر برؤيته، فإني قد قرأت له في عدة كتب، وعرفته من خلالها، وإن تلك القراءة تشدني إلى معرفته، وقد رغب الإخوة خليل وصباح بالذهاب أيضاً، وقد كان الموعد بعد ظهر اليوم في كلية الهندسة , حضرنا المحاضرة التي ألقاها سيد سابق بأسلوبه الذي عرفته من كتبه ويعجبك فيه وقاره وخفة روحه معا. وقد حضر المحاضرة عدد كبير، وكان من ضمن هذا العدد أيضاً عدد من الطالبات الملتزمات بالزي الإسلامي أتم التزام، وبعد ذلك خرجنا نمشي من كلية الهندسة وتجاوزنا كوبري الجامعة، وصلينا العصر في جامع صلاح الدين الأيوبي على رأس الكوبري (الجسر) من جهة الشرق، ومن هناك ذهبنا لزيارة بعض المعارف د. صِدِّيق ثم إلى شيخ مجاهد ومن معه. وفي المساء عدنا إلى البيت في الإعلام، بعد أن ظفرنا برؤية الأستاذ سيد سابق أحد الرواد الذين قادوا الجيل ..
زيارة خامسة لمعرض الكتاب
(يُتْبَعُ)
(/)
الخميس 7 شباط 1974م = 15 محرم 1394هـ
كان هذا اليوم آخر يوم يفتح فيه معرض الكتاب في القاهرة أبوابه، هكذا أُعْلِنَ، ولكن يبدو أنه سيستمر غدا وبعد غد، زرته قبل هذا اليوم أربع مرات، ولكن بقي في نفسي شيء ولا زال في ذهني تعلق ببعض الكتب أود لو اشتريها. فقلت أغتنم الفرصة , فذهبت بعد الظهر بعد أن خرجت من محاضرة اللغة العبرية للدكتور محمد سالم الجرح، ودخلت في القاعة الكبيرة التي تضم عدداً ضخماً من المكتبات. كان في ذاكرتي شراء قاموس المورد في اللغة العربية والانجليزية، فقد اشتريت منذ أيام المورد القريب وهو صغير الحجم لا يفي بالحاجة , وهناك مكتبة دار العلم للملاين هي التي تبيع هذا السفر, وجئت فإذا الناس قد انخرطوا في سكة طويلة، وهو بلغة أهل مصر (طابور) كطوابير السكر والشاي والرز التي نشهدها هنا في القاهرة أمام المجمعات الاستهلاكية، وأخذت دوري تسجل وتدفع وتنتظر حينا حتى تصل النسخ بالسيارة، بعد ذلك اشتريت بعض الكتيبات الصغيرة , وكنت أريد شراء بعض كتب الأطفال، اشتريت سابقاً قصص الأنبياء للندوي، ووجدت اليوم كتابين يشبهان المجلات بالألوان ولكنها لا تحوي لغواً وإنما هي تبسيط لمبادئ الإسلام وتقريب لها من أذهان الأطفال وتحبيبها إلى نفوسهم منذ نعومة الأظفار، فاشتريت الكتابين على أمل العودة إلى الوطن وأقدمها هدية لمنى ورقية (بنتي أخي صالح) إن شاء الله.
خطبة الشيخ محمد الغزالي
الجمعة 8 شباط 1974م = 16 محرم 1394هـ
زرت جامع عمرو بن العاص - رضي الله عنه - في مصر القديمة في القاهرة في الصيف عندما جئت للتقديم , وكان في وقتها قد بدأ التعمير فيه من جديد , وقد رغب الإخوة خليل وصباح أن نصلي الجمعة فيه , وركبنا بتكسي من قرب شقتنا إلى مصر القديمة " مدينة الفسطاط " التي نزلها المسلمون حين فتحوا مصر وأسسوا المدينة وجامعها , ودخلنا الجامع ولا تكاد تجد طريقك إلى مكان الصلاة لثورة التعمير والتجديد فيه والتي قطعت الآن شوطاً , هناك من جهة القبلة مكان صلاة وهو متسع رحب، وعلى اليسار مصلى منعزل للنساء , وربما جدد هذا القسم أيضاً في المستقبل، هذا المكان تتجلى فيه البساطة، أعمدة الرخام المتشققة وجدران غير مزينة، والأرض مفروشة بالحصران، وكان عدد الناس الذين حضروا للصلاة كبيراً , إنه منظر يبعث في النفس رعدة حب وأمل , هذا العدد الهائل من المسلمين في هذا المكان فقط كم هناك من مساجد , عدد يقدر بالآلاف، عدد لم أر مثله من قبل، ولا شك أنه لعراقة المكان (جامع عمرو) فهو مصلى الصحابة في مصر , ثم خطيب الجامع الذي صار اسمه يجذب الناس أنه الشيخ محمد الغزالي الذي ملأت كتبه المكتبات والشوارع , كانت الخطبة قسمين: الأول شمل تفسير أوائل سورة آل عمران وما يتصل بذلك، والآخر عن الغزو الثقافي للبلاد الإسلامية ووسائله المدعمة من قبل الاستعمار (1).
برتقال!
الاثنين 18 شباط 1974م = 26 محرم 1394هـ
عادت الشغالة أم محمود للعمل بعد أن غابت شهراً كاملاً من 13/ 1 – 13/ 2 , ولاشك أنها ستخفف بعض المصاعب، ويقل الوقت الذي يذهب هدراً وراء الأكل وتحضيره، ولو أن الأمر عندي سواء حضور أم محمود وعدم حضورها، ولكنا مجتمعين لا يمكن أن تسير أمورنا سيراً طبيعياً بدون شغالة، كان قد زارنا الأخ مساعد ابن عم الأخ خليل عدت أنا إلى البيت حوالي الساعة الثانية بعد أن قضيت بعض الأشغال في معاملة الأخ جايد في الأزهر، عدت متعباً ضجراً لكثرة ما استغرقت القضية مني من جهد ووقت، وإن شارفت على النهاية إن شاء الله , وعندما عدت نظرت في داخل المطبخ كان يبدو أن كل شيء قد هُيِّئَ، ووجدت الأخ مساعد في البيت، وجلسنا ننتظر الأخ خليل وبعد حوالي ثلث ساعة من وصولي جاء الأخ خليل، وفور مجيئه كان الأكل مهيئاً لأن الأخ مساعد (مستعجل) يريد أن يخرج , وبسرعة تم تناول الوجبة، ولم يكن الأخ صباح موجوداً , وخرج الأخ مساعد , وبعد ذلك بفترة عبس الأخ خليل وضج وصاح بوجهي وكانت الشغالة قريبة أيضاً وقال: (انتو اثنين ما گِدَرْتُو ?تجيبون برتقال) ولم أعلق أنا من جانبي , وأردف يقول: يعني لو آني لو مَحَّدْ يجيب، لو مِتِتْ) فقلت: لا إن شاء الله، ليش تموت، فقال أحسن من هذه الحياة السخيفة!! كلام ليس له داع إلا أن الأخ خليل جعل
(يُتْبَعُ)
(/)
الأمر مشكلة، ولكن لأحتمل!
انسحاب القوات
الخميس 21 شباط 1974م = 29 محرم 1394هـ
انتشرت التصريحات والصيحات، فرح وحزن، فقد تم انسحاب القوات الإسرائيلية التي تسللت غربي قناة السويس، وكان قد تم الاتفاق بين مصر وإسرائيل على ما يسمى فصل القوات والذي بموجبه ستنسحب إسرائيل من غربي قناة السويس إلى الشرق بعمق عشرين كيلو متراً تقريباً، تشغل عشرة منها قوات الطوارئ الدولية والعشرة الأخرى تبقى بيد القوات المصرية على أن تُخَفَّفَ الأسلحة من جانب الطرفين في المنطقة القريبة من الجبهة، ويوصف انسحاب إسرائيل من غربي القناة بأنه انتصار، كما وُصِفَت حرب أكتوبر (كما يسميها المصريون) بأنها انتصار، إن إسرائيل عبرت حين أرادت العبور وانسحبت بعد أن حققت بعض ما كانت ترجوه من عبورها كورقة تساوم بها في المحادثات مع مصر فحققت إعادة أسراها، لا أحد ينكر كون حرب رمضان قد جاءت بجديد لصالح العرب، ولكن هذا الجديد أصغر مما يوصف ويروج له بل ما هو إلا خطوة نحو تثبيت وتأكيد وجود إسرائيل، لا إزالة إسرائيل (شعارات قبل 5 حزيران 1967) الآن المهمة تحرير الأرض التي احتلها إسرائيل في 1967، ثم لتعش بأمان بعد ذلك في ما اغتصبته من قبل، وحتى الانسحاب الكامل يبدو أنه لن يتم، أما في الجبهة السورية فلم يتم الفصل بين القوات لحد الآن، والأنباء تؤكد أن كيسنجر سيقوم بجولة جديدة في الشرق الأوسط لتحقيق ذلك الفصل الذي ستقدم عليه سوريا باستحياء، حرب أكتوبر أقنعت اليهود بالاكتفاء بما حققوه وأقنعت العرب باستحالة ما يطلبونه، وتضيع القدس!
مؤتمر رؤساء الدول الإسلامية
الجمعة 22 شباط 1974م = 30 محرم 1394هـ
ربما اتُّخِذَ الدين شعاراً للدعاية والتجارة والمساومة، قل لي بربك في أي بلد يَحْكُمُ الإسلام أو يُحَكَّمُ؟ في أي بلد يستطيع المسلم أن يجهر بكل أبعاد إيمانه؟ في أي بلد قُضِيَ على الرذيلة بأي شكل كانت، وفي أي بلد حُمِلَ لواء الجهاد خفاقاً باسم الإسلام؟ ليس من ذلك شيء، إنما هم أفراد، نعم هم كثيرون ولكنهم يجاهدون أفراداً، والقوة والسلطة بيد أناس لبسوا مسوح الدين وقالوا لأولئك الذين يدعون إلى الله ورسوله علام تتعصبون ونحن الذين نحمي الإسلام ونحن الذين نجاهد، إن أنتم إلا مفترون! وهكذا يذهب الدعاة ضحية هذه السياسات المجرمة، واليوم عُقِدَ في لاهور في باكستان مؤتمر لرؤساء الدول الإسلامية – ندعو بكل قلوبنا أن يكون الإخلاص رائد هؤلاء المجتمعين – ولكن يبدو أنه لا يعدو عن كونه تظاهرة سياسية تؤدي دورها في خدمة غرض ما، رئيس جمهورية يريد أن يجعل لنفسه في نفوس شعبه محبة أو احترام، أو دولة تريد أن تظهر للدول الأخرى أنها معها في الضراء والسراء، وأن يقال ويقال، ولكن هل كان هذا كله في خدمة الإسلام ومن أجل تطبيق الإسلام، هل قالوا تعالوا نطبق شريعة الله، لا، قالوا تعاون بين الدول الإسلامية في مجال الاقتصاد وإسناد سياسي – ولكن ما لهذه الدول من الإسلام إلا الاسم , ماذا نقول لو أن أمريكا دعت إلى تعاون باسم الإسلام أو روسيا! المهم الأعمال وليس الأقوال.
شرح المُفَصَّل
الخميس 28 شباط 1974م = 6 صفر 1394هـ
خرجت من البيت صباحاً عجلا , أريد الذهاب إلى المكتبة المركزية لجامعة القاهرة فقد عزمت على أن أنجز البحثين في أقرب وقت، وهما: الأصوات عند ابن يعيش، والأبجدية العربية، ولا شك أن الأصوات عند ابن يعيش تحتاج مني أن أجلس في المكتبة وأقرأ ما يقرب من جزئين في شرح المفصل لأن هذا الكتاب نادر ولا يمكن أن يستعار، ووصلت المكتبة وجلست أقرأ في الصفحة الأولى والثانية وأُدَوِّن ما يمكن أن أستفيد منه في هذا البحث الموجز , ولكني شعرت أن هذه القراءة تحتاج إلى ساعات كي أنجز قراءة القسم الذي يتضمن الدراسات الصوتية , فجأة قفزت في ذاكرتي فكرة شراء الكتاب، فقمت من مكاني ولم أكتب سوى صفحتين وعزمت على شراء الكتاب، واتجهت إلى العَتَبَة وما حولها أبحث في المكتبات عن هذا الكتاب، ولم أجده هناك وذُكِرَ لي أني يمكن أن أجده قرب الأزهر , وذهبت إلى هناك وبحثت في المكتبات وعثرت على نسخة في مكتبة قرب الجامع الأزهر وتفحصتها، إنها هي ولكن بكم الثمن يا عم؟ قال بدون معاملة: بـ (25) جنيهاً، ماذا هذا؟ إن الكتاب ثمين ولكن
(يُتْبَعُ)
(/)
ثمنه في السوق لن يتجاوز الاثني عشر جنيهاً أو أكثر من ذلك بقليل، ولكن بعض الناس يَسْتَغِلُّون الفرص فربما كانت هذه النسخة إحدى النسخ القلائل المعدودة المعروضة في السوق الآن، ثم هم لا يَدَعُون الفرصة للحديث عن أزمة الورق وما جلبته من ارتفاع الأسعار، واقتنعت بعدم إمكانية شرائه الآن، وعدت إلى البيت بعد الظهر متعباً على أن أذهب إلى المكتبة مرة أخرى حتى أنجز البحث. (2)
مذكرات آخر شهر شباط
حضرت يوم الأربعاء الماضي مناقشة الطالب أحمد نوري النعيمي (من مدينة كركوك) في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة لرسالته (السياسة الخارجية التركية بعد الحرب العالمية الثانية) للحصول على الماجستير، وقد حصل على الماجستير بدرجة جيد جداً، وكان في هذه المناقشة بعض الدروس والعبر , المهم أني التقيت بعبد المجيد رشيد هو الآخر يعد رسالة في الكلية للحصول على الماجستير، سألني عن علمي بالتعيينات التي تجري في العراق، وحثني على السفر للتعيين هناك ثم المجيء للامتحان، عارضت الفكرة بقوة في ساعتها وقلت إن مثل هذه الدراسة المعلقة تصبح لعباً، ومضى كل لسبيله، ولكن فكرة الوظيفة وما سأجنيه منها من دنانير، أخذت هذه الفكرة تجري في عروقي وفي دمي، وكنت ليل الأربعاء أفكر في الموضوع هل بالإمكان أن أسافر فعلا وأحصل على وظيفة، وبعد ذلك أجيء للامتحان، مرة تُزَيَّنُ لي الفكرة وأخرى أخشى مخاطرها، ومما يزيدني رغبة أن المناهج قد اتضحت والمحاضرات قد أخذتها، ولم يبق إلا أن أذاكر المادة ثم أمتحن، وسواء تم ذلك في العراق أم هنا. وبلغت قوة هذه الفكرة ذروتها ظهر الخميس، ولكن مرة أخرى أخذت تتحدر إلي الشكوك في جدواها، وقصة (قد طاح قَعْبُ اللَّبَنِ) ترن في أذني، أتحرم نفسك من هذه الفرصة وتطمع في الدنيا والوظيفة؟ أتُخَيِّبُ أمل أهلك فيك حين بعثوك وافتدوا رحلتك بالنفيس والرخيص؟! وأخيراً اسبعدت هذه الفكرة عن خاطري نهائياً، وتوكلت على الله، وهو حسبي ونعم الوكيل.
محاولة تحريك القضية
الجمعة 1 آذار 1974م = 7 صفر 1394هـ
بعد أن قامت معركة التحريك , وتحركت القضية , لا ينبغي لها أن تقف وأن تعود إلى ما كانت عليه قبل 6/ 10/1973 المهم أن تبقى القضية متحركة ذات طابع حركي سلبي أم ايجابي، تم فصل قوات مصر وإسرائيل على قناة السويس , القوات الإسرائيلية غرب المضائق في سيناء لا تبعد أكثر من ثلاثين كيلو متراً من القناة، وخَفَّضَتْ مصر قواتها المتمركزة شرق القناة وربما غربها , تم ذلك وكان للولايات المتحدة ممثلة بشخص وزير خارجيتها اليهودي كيسنجر دور فعال , واليوم المشكلة تكاد تتركز على جبهة الجولان , وهو ما لا يرضاه الرئيس السادات للقضية وما لا ترضاه أمريكا، فحضر هذه الأيام كيسنجر إلى الشرق الأوسط كما يسميه الأوربيون دون ذكر فلسطين , حضر ليساهم في تحريك القضية كما ساهم في تحريكها على جبهة السويس، حضر وتنقل بين دمشق وإسرائيل والقاهرة وهو بكل زياراته يحاول أن يُعَمِّقَ الوجود الأمريكي والمصالح الأمريكية في الأقطار العربية , وخاصة مصر التي قلبت ظهر المِجَنِّ لكل مبادئ سياستها القديمة وظهرت سياسة ما يسمى بالانفتاح الاقتصادي , وما هو إلا محق للخطوات الاشتراكية التي أغرق بها جمال عبد الناصر مصر، والاتجاه نحو الرأسمالية , سوريا خُذِلَتْ عندما تم فصل القوات على قناة السويس، وهى إن حاربت اليوم إنما تحارب وحدها.
انشراح وارتياح
السبت 2 آذار 1974م = 8 صفر 1395هـ
قبل أن أحسم الموقف بانتسابي إلى قسم علم اللغة كنت في أشد حالات القلق لأني تصورت أن قسم علم اللغة من الصعوبة بمكان، وأن المضي في هذا السبيل من الدراسة صعب، وأنه علي أن أتحمل نتائج المغامرة، وأنه يحتاج إلى لغة انكليزية، والآن قد بان لي الأمر بالعكس، نعم هو على المدى الطويل أكثر مشاكل من النحو، ولا يزال الميدان يتسع للبحوث والدراسات التي تستنفد أعمار الرجال، ولكن دراستنا التي ندرسها الآن في السنة التمهيدية لا أظن أنها أصعب من الدراسة في قسم النحو بل ربما كانت دراسة النحو، وخاصة أن الدكتور أمين السيد يدرسهم 4 ساعات، أصعب من الدراسة هنا في قسم علم اللغة , وكنت أخشى مما يمكن أن يفاجئنا به الدكتور كمال محمد بشر من مادة ضخمة، فإذا به
(يُتْبَعُ)
(/)
يرمى إلينا محاضرات مطبوعة (70 صفحة) منذ سنة 1970 في معهد الدراسات العربية، وقام هو إلى الآن خلال المحاضرات بالتعليق على ما موجود في المحاضرات ولا يزيد، وكأن الأمر قد انتهى , وربما أخذنا عنده صفحات محدودة في الانجليزية، ومادة اللغة الانجليزية المشتركة بين كل الفروع ليس فيها ما يُعَلِّمُ أو يُقْلِقُ، ودرس اللغة العبرية الذي يلقيه علينا الدكتور محمد سالم الجرح أقرب إلى السهولة، ويبقى درس الدكتور عبد الصبور شاهين الذي سنستفيد منه إن شاء الله.
البحث عن بعثة
الاثنين 10 آذار 1974م = 10 صفر 1394هـ
كنت قد مررت يوم الخميس الماضي بالملحقية الثقافية العراقية في القاهرة لأستطلع الأخبار الجديدة بعد أن سمعت أن هناك بعثات جديدة، وأنه ربما تكون هناك منح ومساعدات للطلاب الذين يدرسون على نفقتهم الخاصة , وجدت هناك إعلانا للبعثات لعام 1974 - 1975 فعلاً، ولكن التقديم قد انتهى من يوم 26/ 2 والإعلان لم يصل إلا بعد 26/ 2/1974 , كان ضمن البعثات عدد من الدرجات للتخصص باللغة العبرية , للحصول على الماجستير والدكتوراه، والمؤهلات المطلوبة: خريج الآداب فرع اللغة العربية أو العبرية أو لغات سامية , فكرت في الأمر وحَدَّثْتُ نفسي بمحاولة الاستفادة من الفرصة والتقديم فربما كان ذاك من نصيبي , وكانت في يوم الخميس لدينا محاضرة في اللغة العبرية للدكتور الجرح فعرضت عليه الأمر , على أن يعطيني تأييداً بإمكانية دراستي اللغة العبرية في دار العلوم بعد أن أختم السنة التمهيدية. وقد أبدى تفهماً كبيراً للموضوع ولكنه لا يمكن أن يعطيني هو ذلك التأييد إلى خارج مصر , وإنما كتب رسالة إلى عميد الكلية يُعْلِمُهُ فيها بطلبي ومحاولة تزويدي بمثل ذلك التأييد , وذهبت اليوم إلى عميد الكلية أستاذنا الدكتور كمال بشر , فرَحَّبَ هو الآخر وأعلم السيد عبد المجيد مسجل الكلية بعمل الكتاب، وقد أخذته اليوم بعد الواحدة ظهراً، ولم أستطع الذهاب إلى السفارة واكتفيت بتصديقه من الوافدين، وذهبت اليوم إلى الملحقية الثقافية وأكملت تصديق الكتاب، وقدمت طلباً أشرح فيه الأمر معنوناً إلى مدير البعثات بواسطة الملحق الثقافي، أطلب فيه إتاحة الفرصة لي وقبولي في البعثة التي تخص اللغة العبرية. وقد قامت الملحقية بدورها بتحويل الطلب وكتاب التأييد إلى مديرية الملحقيات الثقافية في بغداد للنظر في الطلب والبت في الأمر.
الحق أنني كنت متردداً في الأقدام على هذه الخطوة أول الأمر , وليس الصعوبة المتوقعة للدراسة هي العامل الوحيد الذي يدفعني إلى التردد وإنما حرصي على التخصص في مجال اللغة العربية ثم إن العبرية لغة أعداء الإسلام من أول يومه، ولكن هذا من جانب آخر يحفزني على دراستها. وهناك أمر هام يحدد وجهة نظري وهو الناحية المادية في الموضوع , إذ إن الحصول على البعثة معناه، إن شاء الله , تحقق الحصول على ما أنفق منه للمعيشة ثم أجور السفر وربما الطبع والأمور الأخرى، ثم المستقبل أيضا قد يكون أكثر ضماناً، وقلت أُقَدِّمُ واترك الأمور، وأنظر ماذا سيقدر الله لي منه.
معرض القاهرة الدولي
الثلاثاء 12 آذار 1974م = 18 صفر 1394هـ
كنا نهيئ أنفسنا له من زمان مضى، ونأمل أن نجد فيه بغيتنا وأن نشتري ما ينقصها من مواد غذائية وخاصة السمن والرز , إنه معرض القاهرة الدولي , فتح أبوابه قبل ثلاثة أيام، ولكن لم يسمح للجمهور بالدخول إلا هذا اليوم، وذهبت أنا والأخ صباح هذا اليوم ودخلنا مع أول الداخلين قبل أن يشتد الزحام، وكانت أنظارنا موجهة إلى فرع العراق على أساس أننا سنجد بعض المواد الغذائية , ودرنا في المعرض هنا وهناك ووصلنا إلى فرع العراق , عرضوا فيه ما يمكن أن ينقل من منتجات الزيوت ومعمل الأدوية والزجاج والنسيج والصوف والجلود والكهربائيات ومثل هذه النواعم، ولم نجد شيئاً مما كنا نود العثور عليه، وسرنا بعد ذلك لنرى بقية الفروع فاستوقفنا طابور طويل , واستغربنا لأن الطوابير عادة نراها أمام المجمعات الاستهلاكية , وإذا بالناس يشترون الصابون والزيت من أحد فروع مصر في المعرض، كان المعرض يضم أجنحة عدة دول وشركات ولكن كان لبعضها عرض رائع وخاصة الآلات، مثل جناح ألمانيا الغربية فقد عُرِضَ من آلات النسيج شيء يثير الإعجاب، إضافة إلى آلات زراعية
(يُتْبَعُ)
(/)
حديثة وساحبات صغيرة، وفي جناح الصين يروعك الخزف الصيني , وفي جناح دولة الإمارات العربية يروعك رجل واقف وعليه العقال والكوفية وأمامه امرأة (منقبة) فإذا هما منسيان!
بيان 11 آذار
الأربعاء 13 آذار 1974م = 19 صفر 1394هـ
لا زلت أذكر يوم الحادي عشر من شهر آذار سنة 1970 كنت يومها أدرس في الموصل في كلية الآداب في الصف الثالث , عندما حل المساء أُعْلِنَ أن رئيس الجمهورية سيذيع بياناً هاماً , كنت أسكن في القسم الداخلي في الفيصلية أنا والأخ صالح سليم الحمد في غرفة صغيرة في الدور الأخير من بناية القسم، وأعلن رئيس الجمهورية البيان الذي سُمِّيَ يومها بيان 11 آذار الذي تم بموجبه إنهاء القتال في شمال العراق بين الأكراد والجيش العراقي , على أن تُنَفَّذَ بنود بيان 11 آذار تباعاً , واحتفل الناس وصخبوا وماجوا ورقص الطلبة الأكراد في القسم مع بعض الطلبة العرب من العراقيين، ووزعوا الشكولاتة والمرطبات، وبدأ الناس يذهبون إلى الشمال للتفسح، وأعلنت الحكومة أنها ستعيد إعمار الشمال وكانت هناك مديرية أو وزارة خاصة بإعمار الشمال , واستبشر الناس لهذا الاتفاق وأمَّلُوا أن تكون الخاتمة خيراً , ومضت سنة وسنتان والهدوء يُخَيِّمُ على الشمال والإعمار يجري، وعندما أُعْلِنَ الميثاق الوطني وبعدها إعلان الجبهة الوطنية التي ضمت الحزب الشيوعي وحزب البعث رفض الحزب الديمقراطي الكردستاني الانضمام إلى الجبهة، على أن الحوار استمر بين الأطراف، وفي الصيف الماضي شنت صحيفة الثورة لسان حزب البعث حملة تقابلها صحيفة التآخي لسان الحزب الديمقراطي الكردستاني من الاتهامات، كُلٌّ على الطرف الآخر، وطُبِعَتْ مقالات الثورة في كتاب تحت عنوان: لكي يسود السلام وتتعزز الوحدة الوطنية , وما كان ذلك إلا هدماً للوحدة، وكان آخر بنود بيان آذار أو أهم بنوده هو إعطاء الحكم الذاتي للأكراد , وكان آخر موعد لذلك هو 11 آذار الذي مر قبل أيام قليلة , وكانت الحكومة قد طرحت مشروع الحكم الذاتي منذ عدة أشهر للوصول إلى الصيغة المرضية ولكن الحزب الكردستاني كان دائماً له رأي متطرف , وشعر أن الحكومة تحاول أن تشق صفوف الحركة الكردية، وقد استطاعت أن تضم الشيوعيين إلى جانب الحكومة. وفعلا أعلن الرئيس أحمد حسن البكر في يوم الحادي عشر من آذار 1974 كما أُعْلَنَ من قبل , أَعْلَنَ مشروع الحكم الذاتي، وكان هذا الإعلان بداية شؤم , فقد رفضه الأكراد فوراً لأنه لا يحقق مطالبهم والتي منها ضم مدينتي كركوك وخانقين إلى إقليم كردستان, وأغلق الأكراد جريدتهم التآخي التي تصدر في بغداد، وهددوا بسحب وزرائهم الأربعة من الحكومة، ومن جانب آخر تناقلت الأنباء أخبار تجدد القتال في شمال العراق بين الأكراد والجيش، ولا يُدْرَى ما ستصير إليه الأمور.
الجمعة في مسجد الجمعية الخيرية
الجمعة 15 آذار 1974م = 21 صفر 1394هـ
حقا إن الجمعة بالنسبة للمسلم عيد , من الصباح ونحن نحسب لصلاة الجمعة حسابها , ونعد أنفسنا ونتساءل عن المكان الذي سنصلي فيه , وقبل أن يحين وقت الصلاة نخرج من الشقة إلى أحد المساجد القريبة، صلينا أكثر من جمعة في جامع الزمالك، وكذلك في مسجد أولاد علام، قبل جمعتين صلينا في جامع الجمعية الخيرية في ميدان الجيزة ركبنا (بالاوتوبيس) رقم 800 ونزلنا في ميدان الجيزة حيث يوجد جامع متواضع ودخلنا فلم نسمع قارئ القرآن، رغم أن وقت الصلاة قد قرب، وبعد أن صلينا سنة تحية المسجد مر علينا شاب ودفع إلى كل واحد جزءاً من المصحف، فإذا هم يسيرون على هدي المروي من السنة أن المصلين كانوا يقرءون القرآن فرادى حتى حين وقت الصلاة , وصار العمل على أن يكون لصلاة الجمعة أذانان , الأذان الأول عند دخول الوقت، ثم يصلي الناس سنة الجمعة قبل الصلاة، وهي موضع خلاف بين الفقهاء، ثم يكون الأذان الثاني بعد صعود الخطيب على المنبر , أما هذا الجامع فقد كان هناك أذان واحد بعد أن صعد الخطيب المنبر، وخطب خطبة الجمعة دون أن يصلي أحد قبل الجمعة شيئاً، أما اليوم فقد صلينا الجمعة في جامع المدينة المنورة جامع بسيط يقع خلف نادي الصيد لكن خطيبه الشاب الحاج إبراهيم يبعث في القلوب الخشوع.
تسلم مبلغ
السبت 23 آذار 1974م = 29 صفر 1394هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ذهبت اليوم في الصباح إلى البنك الأهلي , ووقفت بالطابور وجاء دوري , وقدمت الكتاب الذي استلمته أمس بالبريد وقد تبين أن شيك التحويل قد وصل، وظهرت لي فكرة وهي أن أبقي بعض المبلغ في البنك كوديعة، لأنه أكثر مما احتاج إليه الآن , فخرجت من الطابور , ورحت أدور بين الموظفين في الطابق الأرضي والطابق الثاني، واجتازت الساعة الثانية عشرة وضجرت , وحتى لو تم لي ما أريد فإني سأظل قلقاً لهذا التعليق , الذي يبدو أنه لن يفيدني كثيراً إذ إن المبلغ المحول قد صار بالجنيهات المصرية (411)، أي أن (200) دينار عراقي قد تضاعفت، وأخيراً رجعت عن فكرة الإيداع بعد أن تعقدت ومزقت الأوراق التي بدأت أكملها لفتح حساب , ووقفت مرة أخرى في الطابور لأطلب سحب المبلغ , ووصلت بعد الزحام، ثم مرة أخرى زحام أمام شباك الخزينة، وحين استلمت المبلغ أمسكت بالمحفظة التي بيدي وخرجت مسرعاً، وأول ما عملت أخذت (تكسي) إلى البيت، لأن وجودي في وسط الزحام يعرض الفلوس لخطر , وحمدت الله , إذ إني شعرت براحة، وكأن قلق الأسبوع الماضي كان بعضه من تأخر وصول الفلوس، إن المبلغ يكفيني على الأقل ثمانية شهور، إذا جعل الله في العمر فسحة إلى ذلك الوقت.
نشرت يوم الجمعة 21 صفر 1431هـ.
ـــــ الحواشي ــــــــــ:
(1) تذكرت وأنا أراجع هذه اليوميات كتاب (خطب الشيخ محمد الغزالي)، فنظرت فيه فوجدت خطبة هذه الجمعة في الجزء الثاني ص (56 – 70).
(2) اقتنيت نسخة من شرح المفصل لابن يعيش في 8/ 10/1977، بعد عودتي إلى العراق وحصولي على الماجستير، وهي نسخة مصورة عن طبعة المنيرية، والحمد لله.
الحلقات السابقة:
1 - ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الأولى) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18525)
2- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثانية) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18581)
3- ذكريات غانم قدوري الحمد ........ (الحلقة الثالثة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=18636)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Feb 2010, 11:45 م]ـ
وفقكم الله يا أبا عبدالله ونفع بكم.
ذكريات ممتعة في البحث والدراسة والغُربة، وكانت عاقبتها حميدة ولله الحمد.
وقديماً قيل: مَنْ لم تكن له بدايةٌ مُحرقة، لم تكن له نهايةٌ مُشرقة.
ـ[يسري خضر]ــــــــ[06 Feb 2010, 11:27 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم، زدنا من تلك الصفحات التي تتضمن فوائد شتي،والتي من خلالها نتعرف أكثر علي سيرة ومسيرة شيخنا العزيز الدكتورغانم قدوري الحمد
ـ[محمد سيف]ــــــــ[06 Feb 2010, 08:05 م]ـ
جزاكم الله خيراً فضيلة شيخنا المبارك
أنا معكم أتابع وأستفيد من تجربة عظيمة تعطينا الكثير من التفاؤل ومن علو الهمة ..
شيخنا
هناك من يقول: لا بد للإنسان من هدف واضح يضعه في حياته، يتعلق بالتخصص الذي يريد السير فيه، ولا بد أن تكون له رؤية واضحة ...
وأقول: متى اتضحت لكم هذه الرؤية وهذا الاتجاه الذي تسيرون فيه حاليا من خدمة علوم القرآن الكريم؟
لأنه قد يطرأ على المبتدئين من أمثالي التفكير في هذه المسألة، وقد يتطور التفكير في ذلك إلى أن يصبح هماً دافعاً إلى المثابرة والاجتهاد، كما قد يكون أحيانا هماً محبِطا أو مُشغلاً أكثر من اللازم ...
أتوقع أنّ هذه اليوميات في حلقاتها المتتابعة ستجلِّي لنا شيئا من ذلك ...
لكن إن كانت لديكم وصايا مهمة بهذا الصدد؛لأني أتمنى فعلاً أن أستفيد من تجربتكم في هذا الجانب.
بارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم
ملاحظة صغيرة: الحواشي في بعض الحلقات لم توضع في النهاية
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Feb 2010, 06:52 ص]ـ
ملاحظة صغيرة: الحواشي في بعض الحلقات لم توضع في النهاية
أحسنت وفقك الله وكتب أجرك. وقد تم وضع الحواشي جزاك الله خيراً.
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[10 Feb 2010, 02:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إخواني الذين قرؤوا حلقات اليوميات المنشورة في ملتقى أهل التفسير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد
فأشكركم على تشجيعكم، وأقدر لكم رغبتكم في مواصلة نشرها، وأخص الإخوة والأخوات الذي كتبوا معلقين عليها، وأعتذر إليهم في تأخري عن الإجابة عن بعض تساؤلاتهم حول ما ورد في الحلقات الثلاث الأخيرة، بسبب سفري لمدة أسبوعين. وأقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
(1) تساءَلَ الأخ محمد نور سيف: متى اتضحت أمامي الرؤية؟
والجواب: أني لم تكن لدي رغبة في الدخول إلى الجامعة حين أنهيت الدراسة الإعدادية (الفرع الأدبي) سنة 1967، وإنما كانت رغبتي الالتحاق بالكلية العسكرية، وقدمت أوراقي إليها، ولكني لم أقبل بسبب فشلي في الفحص الطبي، وفاتني التقديم إلى الجامعة، وقُبِلْتُ في معهد المعلمين في الأعظمية ببغداد، وأعيد فتح القبول في جامعة الموصل في آخر شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، وسارعت إلى التقديم إلى كلية الآداب بجامعة الموصل، وقُبِلْتُ في الكلية، وخُيِّرْتُ بين قسم اللغة العربية وقسم اللغة الإنكليزية، وكان لي ميل إلى اللغة الإنكليزية، ودرجتي فيها أعلى من درجتي في اللغة العربية، واختار الله لي الالتحاق باللغة العربية، فكان ذلك الاختيار خيراً، والحمد لله، وكنت في أثناء دراستي في قسم اللغة العربية أحن إلى الكلية العسكرية، وقدمت إليها وأنا في الصف الثاني في الكلية، في ربيع سنة 1969، وقُبِلْتُ فيها ودوامت أكثر من عشرين يوماً، وفُصِلْتُ منها ورجعت أدراجي إلى كلية الآداب في جامعة الموصل.
وحين سافرت إلى القاهرة لدراسة الماجستير كنت مترددا بين قسم النحو وقسم علم اللغة، والتحقت بقسم علم اللغة، ثم جاءت مرحلة اختيار موضوع الرسالة، وترددت بين عدة موضوعات، ويسر الله علي باختيار موضوع (الرسم المصحفي) فجعلني ذلك أرتبط بعلوم القرآن الكريم، والحمد لله، واتضحت الرؤية، وازداد اهتمامي بعلوم القرآن في دراسة الدكتوراه حين اخترت موضوع أطروحتي عن (الدراسات الصوتية عند علماء التجويد).
تَوَكَّلْ على الله أخي الكريم، ومن يتوكل على الله فهو حسبه.
(2) تعجب الأخ الفاضل فهد الجريوي من غزارة الكتابة في هذه اليوميات في مقابل من يكتب بالقطارة، ورغب أن أعتني بذكر أدق التفاصيل حول تجربتي العلمية، وما يتصل بذلك، وأقول:
إن اليوميات هذه قد كُتِبَتْ منذ خمس وثلاثين سنة، واستغرقت كتابتها ما يقرب من ثلاث سنوات، وكنت أكتبها يومياًً، وفاتتني الكتابة في أيام كثيرة، وأنا الآن أتابع طباعتها وأقوم بتصحيحها، ويساعدني في ذلك الأخ الأستاذ عمار الخطيب، ويتولى الأخ الدكتور عبد الرحمن الشهري تنزيلها في موضعها أسبوعياً، جزاهما الله تعالى كل خير، وحين رجعت إلى اليوميات بعد هذه السنوات كنت أتوقع أن أجد فيها شيئاً عن أيام علقت بعض أحداثها في ذاكرتي ولكني لم أجد شيئاً عنها، مثل زيارتنا للإسماعيلية بعد السماح للمهجرين عنها وغيرهم بزيارتها، وزيارتنا للقناطر الخيرية بالمركب في النيل، وزيارتي لسكن صديقي شعبان محمد مرسي (الطالب في السنة الثانية في دار العلوم آنذاك) في الدرب الأحمر، واجتماعنا على الغداء (الفُول الحِرَاتِي والعِيش البلدي) في مبني قد تداعت جدرانه، وتآكلت أرضيه، وكانت الرياح تصفق بأبوابه وشبابيكه، وأهداني نسخة من كتاب (محمد إقبال) للدكتور عبد الوهاب عزام، وكتب عليه عنوانه: (ج. م.ع، الجيزة، العَّياط، اللِّشت) وأهديته كتاب (الإسلام ومشكلات الحضارة)، ولم أتمكن من التواصل معه بعد ذلك، وأرجو أنه الآن بخير وعافية، وسبب بقاء قصة هذه الزيارة في ذهني أنها أثرت في نفسي تأثيراً عجيباً، وشدت من عزيمتي.
أنا الآن لا أكتب شيئاً جديداً يا أخي فهد، ولا أجد من الهمة والوقت للتحدث عما رغبت في الحديث عنه.
(3) ما ذكره الأخ العليمي المصري من حصول خطأ في استعمال علامات الترقيم في الفقرة التي أشار إليها صحيح، وصوابه ما ذكره جزاه الله كل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[10 Feb 2010, 10:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد: فقد سرني وأسعدني أن اكتحلت عيناي بقراءة ذكريات الأستاذ الدكتور العلم الجليل غانم قدوري الحمد ـ حفظه الله ـ ولا شك أنها قد جمعت بين الفائدة والمتعة، وحوت بين طياتها كثيرا من المواقف التي تستحق التأمل.
فجزاه الله خيرا، وأجزل له المثوبة والأجر.
ـ[مرهف]ــــــــ[13 Feb 2010, 01:20 ص]ـ
شيخنا الدكتور غانم حفظكم الله:
مما نلاحظه في مذكراتكم متابعتكم لمجريات الأحداث السياسية والعسكرية التي كانت تمر بها الأقطار العربية، وبعد هذا الزمن المديد من كتابة هذه الذكريات أود سؤالكم نفع الله بكم:
ما أثر هذه المتابعة على بحتكم العلمي، وبماذا تنصح طلاب العلم في الأزمات المشابهة، وكيف ترون حال البحث العلمي والتخصصي الآن في ظل هذه الأجواء التي نعيشها بالمقارنة مع عشتموه في سنوات 73 - 74 .. م.
أرجو أن لا أكون ثقيلاً بهذه الأسئلة.(/)
الإغراق في السلفية، ومحاربة العقل والتجديد (مناظرة علميَّة)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[05 Feb 2010, 08:21 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لن أخوض في غمار هذا المصطلح في جميع تخصصات الشريعة، إذ الملتقى هنا للتفسير وسأقتصر في طرحي على ما يتعلق بالتفسير.
المشهور عند كثير ممن ينتمي للسلفية ويعظِّم أقوال السلف أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم.
حيث يروى عن الإمام أحمد أنه قال: "لاينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا".
وقال ابن تيمية: "من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك بل مبتدعا وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه".
وفي نظري أن هذا إغراق في السلفية وغلو في تقديس أشخاصهم.
وأنا لا أنكر أن للسلف فضلاً كبيراً على هذه الأمة، وأن لهم فضلاً خاصاً ينفردون به عن سائر أفراد الأمة ممن جاء بعدهم، وهذا أمر متفق عليه، وليس المقام هنا لتقصي فضائلهم، أو تحقيق هذا الأمر.
ما أريد أن أقوله: أن السلف بشر كغيرهم ممن جاء بعدهم، ومن حقنا أن نناقش أقوالهم ونعرضها على ميزان النقد العلمي متجردين من الشخصنة وتقديس الذوات، خصوصاً أنهم يخطئون في تفسير القرآن الكريم كغيرهم، وقد يصل خطؤهم حدَّ أن يخالف حديثاً نبوياً.
ومن حقنا أن نفهم نصوص الشريعة بعقولنا كما فهموها هم بعقولهم.
ومن حقنا أن ننظر للقرآن نظرا مجردا من أي قول كما نظروه هم للوهلة الأولى.
ومن حقنا أن نفهم النص وننزله على الواقع الذي نعيشه كما فهموه هم ونزلوه على واقعهم، إذ النص إلهي أزلي لم يُنزل ليُقصر في فهم أحكامه وتشريعاته على جيل دون جيل.
ومن حقنا أن نبحث في مقاصد النص القرآني ونستخرج منه أحكاماً تناسب عصرنا وإن خالفت أحكام من سبقنا، إذ أحكامهم مستنبطة من القرآن وليست وحياً معصوماً، وهي قابلة للخطأ والصواب، ونحن نشاركهم في هذا الشيء.
فكيف يُقال بعد هذا أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم؟
وإن مما انتجه هذا الغلو في تقديس أقوال السلف أن أصبح لدينا جمود في التعامل مع نصوص القرآن الكريم، فأصبحنا لا نُحسن إلا حفظ أقوال السلف وسردها، وتحقيق الأسانيد إليها، وأصبحت جل أبحاثنا تصب في جمع أقوال السلف، وتصفيفها وتنميقها، ومحاولة إضفاء مزيد من القدسية عليها، وانبرى آخرون في التأليف في الرد على كل من يحاول نقد السلف، وتخصصت بعض مؤسسات المجتمع للذب عن كل ما هو سلفي ومحاربة كل ماهو خارج عن نطاق السلف، ووصل بنا الحال أن جعلنا أقوال السلف حجةً نُكثر من الاحتجاج بها، وصرنا لا نحسن إلا لغة التبديع وإقصاء كل من يخالف السلف أو يحاول نقدهم، أو يحاول الإتيان بجديد ليس عندهم.
قرأت في هذا الملتقى لبعض الأفاضل فوجدت أطروحاتهم العلمية مغرقة في السلف والسلفية، ووجدت جل اهتمامهم في التنظير والتقعيد لأقوال السلف، وأما البحث في مقاصد القرآن وهدايته ومحاولة استخراج الجديد منه فهذا لا تراه إلا في النادر والقليل من أُطروحاتهم.
ووجدت عندهم جرأة على نقد تفاسير الخلف، وأما السلف أو من ينتمي للسلفية فلا يتجاسر أحدهم على نقدها، وإن فعلوا فيقدمون لها بمقدمات تضفي نوعا من التبجيل والتعظيم، خوفا من المساس بقدسية كل ما يمت للسلف.
وكذا في قضايا التجديد ومحاولة إعمال العقل في فهم نصوص القرآن الكريم فإنها محاربة عندهم، ويجدون حرجا وضيقا شديدا عند الحديث عنها.
لا فرق عندي بين تفسير السلف وتفسير من جاء بعدهم إلى يومنا هذا ما دام الكل يملك القدرات التي تؤهله لفهم النص الشرعي.
ولا فرق عندي في وجوب نقد الفكرة على طاولة البحث العلمي، سواء كان صاحبها من السلف أم من الخلف.
لو عرضتَ مسألة خلافية وعرضت الأقوال فيها مجردة من قائليها وطلبت من القراء توجيه النقد لكل قول، ثم عرضت مسألة أخرى لكن بذكر صاحب كل قول لوجدت إحجاما لنقد كل قول يمس شخصية سلفية كبيرة.
إنني حينما أنادي بالتجديد ونقد أقوال السلف في التفسير فإن هذا لا يعني أبداً أنني انتقصهم أو أُقلل من شأنهم، فهم كما أسلفت لهم فضائل يتميزون بها عن غيرهم ممن جاء بعدهم، وهذه الفضائل نحفظها لهم، ونحن نجلهم ونعظمهم لمكانتهم التي حباهم الله بها، ونحن أيضاً بحاجة لتفسيرهم، وذلك في بعض القضايا التي تعين على فهم النص، مثل ملابسات النزول وغيرها، لكن لا يعني هذا أبداً أن لا نُعمل أفهامنا في تفسير النص والاستنباط منه.
وإنني أيضاً حينما أنادي بفتح باب التفسير للخلف فإن هذا لا يعني أبداً أنني ادعو لفتح الباب على مصراعيه فيلج فيه من ليس من أهله، بل يُفتح وفق ضوابط وشروط من أهمها الأهلية لذلك، والله الموفق.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[05 Feb 2010, 09:35 م]ـ
ما تقول في الإجماع: هل هو دليل عندك؟
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[05 Feb 2010, 10:10 م]ـ
سبحان الله أتظن أن يعزب الصواب عن السلف حتى يأتي من الخلف من يدلنا عليه!!!! سبحانك هذا بهتان عظيم ,
يا أبا حسان تقديس السلف مدحة وليس منقصة 000
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[05 Feb 2010, 10:39 م]ـ
لعل الكاتب لا يفرق بين التأويل والتدبر
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[05 Feb 2010, 11:40 م]ـ
من المتوقع، ومن العادي، بل ومن الضروري: أن يلقى كلام أبي حسان في المغرقين في فكرة السلفية هذا التشدد والاتهام الناتج أصلا عن الإغراق في ادعاء السلفية أساسا، كما ردّ عليه أبو هاجر وجعل ابي حسان قد اتهم السلف بجهل الصواب واتهمه بالبهتان العظيم، مع أنه ليس في كلام أبي حسان اتهام للسلف بعزوب الصواب عنهم.
فأنت يا أبا هاجر بهذا الرد مثلا قد تؤكد كلام أبي حسان في الذين أخذوا دعوى السلفية والانتساب للسلف الصالح مجرد شعار، أما في حقيقة الأمر فالأقوال تخالف الأقوال والأفعال تخالف الأفعال.
وكلام أبي حسان في مجمله صحيح واضح لا لبس فيه، وإن كان بإمكانه التعبير عنه بطرق أوضح وأدق ليس فيها أي إيهام لكل ما ينقص من شأن السلف لا من بعيد ولا من قريب، حتى لا يتسارع المغرقون في دعوى السلفية فيتهمونه بالبهتان وغير ذلك.
ولعلي لا أجانب الصواب إذا انتقلت مباشرة لردّ إحدى الدعاوى التي طالما تمسك بها المنتسبون للسلفية وهي قولهم بأنهم يسيرون على القرآن والسنة بفهم سلف الأمة. هذه الدعوى المردودة هي قولهم: بفهم سلف الأمة. وكأن دعاة السلفية استأثروا بفهم أقوال وآثار الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وغيرهم من العلماء ـ وهم ألوف وأكثر ـ لم يفهموا ما فهموه ولم يدركوا ما أدركوه حتى انفردوا لوحدهم بفهم فهم السلف الصالح، والحقيقة خلاف ذلك كليا؛ فإن دعاة السلفية اليوم ـ وهذا الملتقى أحد معاقلهم المعتدلة ـ لم يحصّلوا عين فهم السلف الصالح للكتاب والسنة، لكنهم يظنون ذلك وهم مخطئون، بل هم يتبعون فهمهم في زعمهم لفهم السلف الصالح، وليس بالضرورة أن يكون فهمهم لفهم السلف الصالح صائبا صحيحا، بل في كثير من الأحيان يكون على عكس ذلك، والأمثلة في العقيدة كثيرة، وفي الفقه أيضا.
هذه في نظري المشكلة الكبرى التي يعيشها من أغرق في وهم الانتساب للسلف الصالح وتخيل إدراك عين فهمهم للكتاب والسنة.
ويكفي أن تعلم أن دعاة السلفية اليوم مستعدون للقفز على عشرة قرون أن يزيد من جهود علماء من ثبت عنهم أنهم أهل السنة، واعتبارها ضياعا وضلالا عن منهج السلف الصالح، فقط لكي يثبتوا الوهم الكبير الذي يعيشون فيه وهو أنهم قد انفردوا بفهم فهم السلف الصالح، وهذه إحدى المشاكل الكبرى التي يعيشها الفكر الإسلامي لا سيما بعد انتشار فكر دعاة السلفية المغرقين في وهم الانفراد بالانتساب للسلف الصالح.
ولكي لا يبقى كلامي مجرد تنظير، سأضرب مثالا واضحا صحيحا في علوم تفسير القرآن، وليكن الإمام ابن جرير الطبري المقصود هنا، فإنه كان من أقرب العلماء للسلف الصالح إن لم نقل هو منهم، وكان أوعى لأقوالهم وأفهم لمقاصدهم وأقرب لفهمهم، ومع ذلك تجد دعاة السلفية اليوم على أتم الاستعداد لنبذ فهمه لكلام السلف الصالح لمجرد أنه لم يوافقهم فهمهم بزعمهم لفهم السلف الصالح.
فكمثال حي حتى لا نبقى أيضا في طور التنظير، فإن الإمام ابن جرير الطبري له آراء عقدية مبنية على قواعد عقلية، وتلك القواعد العقلية التي يؤمن بها الطبري واستنبطها من القرآن العظيم وأقوال السلف الصالح تأتي على فهم دعاة السلفية اليوم من القواعد فتهدمها هدما، كقول الإمام الطبري بتنزيه الله تعالى عن الحركة والسكون وتنزيهه عن مماسة العالم ومباينته، وغير ذلك من التنزيهات كاستحالة حدوث الصفات في ذات الله واستحالة السكوت عليه وهلم جرا .. فدعاة السلفية اليوم يعتقدون خلاف هذه المعتقدات، ويعتبرونها ضلالا وربما كفرا، وهم مستعدون لنبذ فهم الإمام الطبري للقرآن والسنة وأقوال الصحابة في هذه المسائل الخطيرة مثلا وادعاء أنهم وحدهم قد فهموا كلام السلف الصالح في هذه المسائل، وأن الطبري مثلا ضال مضل في اعتقاده ذلك وأنه خالف السلف الصالح وغير ذلك من تهمهم الجاهزة لكل من خالفهم.
فالمشكلة موجودة لا مجال لإنكارها، ووهم الانفراد بفهم فهم السلف معشش في أذهان المغرقين في دعوى السلفية، ونحن كأبناء لهذا العصر لا ينبغي أن نهمل هذا الأمر الخطير الذي انحرف بكثير من عقول حملة الألقاب كالأساتذة والدكاترة والمشايخ، فانعكس ذلك سلبا على مستوى فكر كثير من المسلمين، فأصبحوا منقادين متبعين لمجرد الشعارات، فلان سلفي، هذا شيخ سلفي، إلخ الوهم الزائف في أكثر الأحيان، بل إن ضعف الرسائل الجامعية التي أشار إليه أبو حسان في موضوع آخر هو نتيجة هذا المنهج الذي هو مستعد لتزكية كل من يواليه في أفكاره لعله ينشئ قاعدة شعبية أو أكاديمية، حتى وإن كانت الرسائل مجرد قص ولصق واتهام لكل من خالفهم.
نسأل الله الهداية لنا ولإخواننا، وندعوهم أن يلتفتوا للنقد الذاتي عساهم يصلحون الخلل قبل فوات الأوان.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[05 Feb 2010, 11:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
...
ما أريد أن أقوله: أن السلف بشر كغيرهم ممن جاء بعدهم، ومن حقنا أن نناقش أقوالهم ونعرضها على ميزان النقد العلمي متجردين من الشخصنة وتقديس الذوات، خصوصاً أنهم يخطئون في تفسير القرآن الكريم كغيرهم، وقد يصل خطؤهم حدَّ أن يخالف حديثاً نبوياً.
ومن حقنا أن نفهم نصوص الشريعة بعقولنا كما فهموها هم بعقولهم.
ومن حقنا أن ننظر للقرآن نظرا مجردا من أي قول كما نظروه هم للوهلة الأولى.
ومن حقنا أن نفهم النص وننزله على الواقع الذي نعيشه كما فهموه هم ونزلوه على واقعهم، إذ النص إلهي أزلي لم يُنزل ليُقصر في فهم أحكامه وتشريعاته على جيل دون جيل.
ومن حقنا أن نبحث في مقاصد النص القرآني ونستخرج منه أحكاماً تناسب عصرنا وإن خالفت أحكام من سبقنا، إذ أحكامهم مستنبطة من القرآن وليست وحياً معصوماً، وهي قابلة للخطأ والصواب، ونحن نشاركهم في هذا الشيء.
...
.
فلنخرج من التنظير إلى التطبيق
و لنخرج من القول إلى الفعل، ثم لننظر
فهات ما عندك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[06 Feb 2010, 01:10 ص]ـ
السلام عليكم
أري من الضروري لطارح هذا الموضوع - أبو حسان - أن يجيب على سؤال الأستاذ الزهراني ... و نرجوا من المشرفين على هذا المنتدى التدخل بالتوجيه و التعقيب لخطورة هذا الموضوع ...
بالتوفيق
ـ[محمد براء]ــــــــ[06 Feb 2010, 03:00 م]ـ
أخي الكريم كلامك يدل على أنك لا تعرف شيئاً عن القول الذي تناقشه، فأنت لا تفرق بين قول آحاد السلف وإجماع السلف، وبين أقوال الصحابة وأقوال غيرهم، وتدعي أننا - معشر السلفية - نحارب العقل والتجديد وهذا كذب، وتدعي أن السلف كانوا ينظرون في القرآن (نظراً مجرداً) وهذا جهل مركب بحالهم،
وتقول: " ونحن أيضاً بحاجة لتفسيرهم، وذلك في بعض القضايا مثل ملابسات النزول وغيرها، لكن لا يعني هذا أبداً أن لا نُعمل أفهامنا في تفسير النص والاستنباط منه " وكأن السلفية معناها الحجر على الناس في الاستنباط من النصوص.
وتقول: " لا فرق عندي .. ولا فرق عندي " وما أحسن أن يقال لك: من أنت حتى يكون لك عند؟.
وهذا كله من التعالم الذي حذر منه العلماء، ولا أدل عليه من أنك تنقل كلام الإمام أحمد ثم تقول فيه غلو.
ومن العجيب أن نزار حمادي صار يؤيدك مع أن كلامك غير جار على قواعد الأشعرية أصلاً، لكنه حاقد على أهل السنة، فيسره كل كلام فيه نقد لهم، حقاً كان أو باطلاً.
وأقول لهذا الجهمي: فهم الكتاب بأقوال ابن عباس وتلاميذه، وابن مسعود وتلاميذه، خير عند أهل السنة من فهمه بأقوال الجويني وتلاميذه، والرازي وتلاميذه.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[06 Feb 2010, 03:08 م]ـ
ما تقول في الإجماع: هل هو دليل عندك؟
سؤالك مجمل ويحتاج إلى مزيد من التفصيل
فهل تتفضل ببيان مقصودك
ثم إني لم أفهم وجه ارتباط هذا السؤال بالموضوع الذي كتبتُه
فهو كما لو سألت: هل السنة النبوية حجة عندك!!!
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[06 Feb 2010, 03:28 م]ـ
لكنه حاقد على أهل السنة، فيسره كل كلام فيه نقد لهم، حقاً كان أو باطلاً.
وأقول لهذا الجهمي: فهم الكتاب بأقوال ابن عباس وتلاميذه، وابن مسعود وتلاميذه، خير عند أهل السنة من فهمه بأقوال الجويني وتلاميذه، والرازي وتلاميذه.
هذه علامة أخرى من علامات المتعصبين المتوهمين أنهم قد انفردوا بفهم فهم السلف الصالح رضي الله عنهم، وما أكثرهم اليوم، ومن علامتهم نعت من كل خالفهم بالجهمية وبالجهل، وتخيلهم أنهم لوحدهم أهل السنة، مع أن هذا اللقب صار مجرد شعار يرفعه كل من تخيل الانتساب لهم، بحق أو بباطل.
ولم يعرف هذا وأمثاله أن مشكلتهم هي في توهمهم أنهم قد انفردوا دون آلاف العلماء بفهم كلام ابن عباس وتلاميذه وابن مسعود وتلاميذه، وهذا من مجرد الغرور وليس من العلم في شيء، فإن كلام الصحابة والتابعين في حاجة إلى فهم بعلم، وليس هو مشرعا لكل وارد، ولهذا ضربت مثالا لفهم الإمام الطبري لكلام السلف الصالح الذي هو على النقيض من فهم من يدعي اليوم أنه فهم كلام السلف أكثر من العلماء الذين هم أقرب للسلف علما وزمانا كالإمام الطبري وأمثاله.
فما أحوج الكثير من الناس اليوم للموضوعية العلمية ونبذ التعصب وترك الدفاع بالباطل على المذهب الذي ينتمون إليه، وهذا لا يقدر عليه الأتباع المقلدة، بل هو يحتاج إلى علماء منصفين يقومون بمراجعة الذات والتحلي بالاعتدال.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[06 Feb 2010, 04:03 م]ـ
أخي الكريم كلامك يدل على أنك لا تعرف شيئاً عن القول الذي تناقشه، فأنت لا تفرق بين قول آحاد السلف وإجماع السلف، وبين أقوال الصحابة وأقوال غيرهم، وتدعي أننا - معشر السلفية - نحارب العقل والتجديد وهذا كذب، وتدعي أن السلف كانوا ينظرون في القرآن (نظراً مجرداً) وهذا جهل مركب بحالهم،
وتقول: " ونحن أيضاً بحاجة لتفسيرهم، وذلك في بعض القضايا مثل ملابسات النزول وغيرها، لكن لا يعني هذا أبداً أن لا نُعمل أفهامنا في تفسير النص والاستنباط منه " وكأن السلفية معناها الحجر على الناس في الاستنباط من النصوص.
وتقول: " لا فرق عندي .. ولا فرق عندي " وما أحسن أن يقال لك: من أنت حتى يكون لك عند؟.
وهذا كله من التعالم الذي حذر منه العلماء، ولا أدل عليه من أنك تنقل كلام الإمام أحمد ثم تقول فيه غلو.
ومن العجيب أن نزار حمادي صار يؤيدك مع أن كلامك غير جار على قواعد الأشعرية أصلاً، لكنه حاقد على أهل السنة، فيسره كل كلام فيه نقد لهم، حقاً كان أو باطلاً.
وأقول لهذا الجهمي: فهم الكتاب بأقوال ابن عباس وتلاميذه، وابن مسعود وتلاميذه، خير عند أهل السنة من فهمه بأقوال الجويني وتلاميذه، والرازي وتلاميذه.
لم أطرح هذا الموضوع وهذه المشكلة لقصد التعصب لأحد، أو لقصد التنقيص من أحد
أنا أعالج أموراً أراها في نظري قد انحرفت عن الصواب وادعو للتأمل فيها والعودة إلى جادة الصواب
أنا لست مع أي فرقة أو مذهب أو حزب
الكل أرى أن عندهم صوابا وخطأ
وكلي أمل أن ننظر للمشكلة بذاتها وأن نتخلى عن العاطفة والنظر بعين الريبة لكل من ينتقدنا
وهذه آفة تُعمي عن النظر والتفكر فيما يقوله من يخالفنا
الحقيقة المطلقة لا يستطيع أحد الجزم بأنه وصل إليها
هذا في الأمور النسبية
إذاً لتتسع صدورنا لمن ينتقدنا ولنسمع كلامه بأذن من ينشد الحقيقة، ولنحسن الظن بالآخرين وأنهم لم ينتقدونا إلا لقصد الإصلاح، ولننبذ التعصب وراءنا ظهريا فلن نتقدم خطوة واحدة للأمام ما دمنا نخاف من كل أحد يمد يده لنا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد براء]ــــــــ[06 Feb 2010, 04:05 م]ـ
فما أحوج الكثير من الناس اليوم للموضوعية العلمية ونبذ التعصب وترك الدفاع بالباطل على المذهب الذي ينتمون إليه، وهذا لا يقدر عليه الأتباع المقلدة، بل هو يحتاج إلى علماء منصفين يقومون بمراجعة الذات والتحلي بالاعتدال.
ما أجمل هذا الكلام، و" الكثير من الناس " الذين تتكلم عنهم يشكل الأشعرية جزءاً كبيراً منهم.
وبما أنك تونسي أشعري متعصب، سآتي لك بكلام لتونسي أشعري - غير متعصب -، قال كلمة حق في شأنكم معشر الأشعرية المتعصبة.
قال العلامة المفسر محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى في رسالته أليس الصبح بقريب ص181 - 182 في كلامه عن أسباب تأخر علم الكلام: " رابعها: التنابز وإلزام لوازم المذاهب، وذلك إباية الرجوع إلى الحق، إذ في طبع الإنسان كراهية الرجوع إلى من يجترىء عليه، والخلاف بين العقلاء نادر لو راموا التقارب، ولو اهتدى الناس بهدي السلف لقالوا قولهم: " لا نكفر أحداً من أهل القبلة ".
اتخذ المرتابون في العقائد سلاحهم عند الضعف في تأييد مذاهبهم التكفير سلاحاً، والأخذ بلوازم المذاهب، يدفعون بذلك الذين يخشون قوة جدلهم، أما السلف العلماء فقد كانوا يحبون أن يسألهم المسترشد أو يجادلهم الضال، ليزيلوا عنه ما عساه أن يلم به من الشبه، وما كانوا يتحاشون من موافقة بعض الفرق المخالفة متى اتحد طريق النظر، أما المتأخرون وخصوصاً الأشاعرة، فقد أكثروا من الأخذ باللوازم، وفتشوا لكل طائفة عن مقالة ألزموها بها الكفر، حتى كفروا المعتزلة الذين هم أقرب الناس وفاقاً معهم .. ".
وأقول: هذا الأسلوب نفسه الذي يصفه ابن عاشور، نهجه الأشعرية المتعصبة مع شيخ الإسلام علم الأعلام مفتي الفرق أبي العباس تقي الدين أحمد بن تيمية رحمه الله، حينما ألزموه بالقول بأن الله موجب بالذات لا فاعل بالاختيار، عندما قال بتسلسل الحوادث في الماضي، مع أن هذا اللازم – فضلاً عن كونه صرح بعدم التزامه ورد على الفلاسفة القائلين به – فإنه غير لازم.
لكن السبب الذي دعاهم لذلك، هو عين السبب الذي ذكره ابن عاشور هنا بقوله: "اتخذ المرتابون في العقائد سلاحهم عند الضعف في تأييد مذاهبهم التكفير سلاحاً، والأخذ بلوازم المذاهب، يدفعون بذلك الذين يخشون قوة جدلهم ".
فالتكفير والأخذ باللوازم هو سلاح الأشعرية، الذي خشوا به قوة جدل شيخ الإسلام، بل حاله وحالهم كما قال تلميذه ابن القيم رحمه الله:
أبدى فضائحهم وبيّن جهلهم =وأرى تناقضهم بكل زمان
وأصارهم والله تحت نعال أهـ = ـل الحق بعد ملابس التيجان
وأصارهم تحت الحضيض وطالما = كانوا هم الأعلام للبلدان
ومن العجائب أنه بسلاحهم = أرداهم تحت الحضيض الداني
كانت نواصينا بأيديهم فما = منا لهم إلا أسير عان
فغدت نواصيهم بأيدينا فما = يلقوننا إلا بحبل أمان
وغدت ملوكهم مماليكا لأنصـ = ـار الرسول بمنة الرحمن
وأتت جنودهم التي صالوا بها = منقادة لعساكر الإيمان
يدري بهذا من له خبر بما = قد قاله في ربه الفئتان
والفدم يوحشنا ولكن هناكم = فحضوره ومغيبه سيان
ـ[محمد براء]ــــــــ[06 Feb 2010, 04:15 م]ـ
إذاً لتتسع صدورنا لمن ينتقدنا ولنسمع كلامه بأذن من ينشد الحقيقة، ولنحسن الظن بالآخرين وأنهم لم ينتقدونا إلا لقصد الإصلاح، ولننبذ التعصب وراءنا ظهريا فلن نتقدم خطوة واحدة للأمام ما دمنا نخاف من كل أحد يمد يده لنا
أخي صدور الجميع متسعة، لكن الباحث إذا أراد نقد فكر أو قول أو رأي، فأول ما يجب عليه أن يفهمه، وقد قالوا: الحكم على الشيء فرع عن تصوره.
والمشكلة في طرحك أخي الكريم أنك لم تتصور القول الذي تنقده جيداً، ولذلك حكمت عليه بالأحكام الجائرة أعلاه.
وأنصحك بقراءة هذا الكتاب: http://www.4shared.com/file/66430330/11f6b94/_____.html
وبعد ذلك ستجد كل الإشكالات التي تطرحها قد حُلَّت بإذن الله.
وإن لم تُحل هذه الإشكالات فانقل لنا هنا ما تعترض عليه وإخوانك لا يبخلون عليك بالإجابة عنها.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[06 Feb 2010, 04:36 م]ـ
أخي الكريم كلامك يدل على أنك لا تعرف شيئاً عن القول الذي تناقشه، فأنت لا تفرق بين قول آحاد السلف وإجماع السلف، وبين أقوال الصحابة وأقوال غيرهم.
يبدو أنك تفكر بعقلية مشوشة ومرتبكة ومذعورة في آنٍ واحد
لذا صرت تتهمني أني لا أعرف شيئا، وأنت الذي لا تعرف شيئا البتة
وهذه آفة من يناقشونني من الصغار
فكم تمنيت أن لا يدخل في هذه الموضوعات إلا الكبار ممن يفهمون الكلام ويفهمون المشكلة ولديهم اطلاع لا بأس به في علوم الشريعة
أحلتني على كتاب: شرح مقدمة في أصول التفسير للطيار، وطلبت مني قراءة الكتاب، وأعتقد أني قد قرأت الكتاب قبل أن تلدك أمك
ليتنا نتعلم قبل أن نناقش، وليتنا نعرف من نناقش، وليتنا نصبر حتى نكبر ثم نناقش
وليتنا نعرف قدر أنفسنا قبل أن نأتي للنافح عن غيرنا عصبية وحمية ونحن لا ندري أين نحن وأين موقعنا الجغرافي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[06 Feb 2010, 04:53 م]ـ
سبحان الله أتظن أن يعزب الصواب عن السلف حتى يأتي من الخلف من يدلنا عليه!!!! سبحانك هذا بهتان عظيم ,
يا أبا حسان تقديس السلف مدحة وليس منقصة 000
هذا أحد الأمثلة على الإغراق والجهل في تقديس السلف والغلو فيهم
أتظن أن يعزب الصواب عن السلف؟
لا أنا أؤمن بالعصمة المطلقة للسلف وحاشاهم أن يخطئوا في شيء!!!!!!!!
ما الفرق بيننا وبين الشيعة الذين يقولون بعصمة الأئمة
لولا أنك جاهل وصغير ولا تدري ما تقول لحاسبتك على ما سطرته أناملك، لكن ما عليك شرهة
ـ[أبو حسان]ــــــــ[06 Feb 2010, 04:55 م]ـ
لعل الكاتب لا يفرق بين التأويل والتدبر
ما الفرق بين التأويل والتدبر يا فضيلة الشيخ
وارجو أن لا تنسخ لي الجواب من كتاب التفسير والمفسرون للذهبي والذي أظن أنك لا تعرف غيره، هذا إن كنت تعرفه
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[06 Feb 2010, 05:04 م]ـ
جزى الله خيراً كل من غضب لمن زكاهم الله وفضلهم.
وشكر الله لكل من بحث عن الموضوعية والإنصاف وطالب بالدليل.
ولا أود أن أتقدم بين يدي إخواني ممن يريد المشاركة والبيان , ولكن إن رأيتم أن تمهلوني وأخي أبا حسان .. يسأل وأجيب .. وأسأل ويجيب .. ونتحاور .. ونتشاور .. وغايتنا الحق بدليله , فخيراً فعلتم.
وإن أردتم إبقاء الحوار عاماً لكل من حضر تركته لكم على ما تحبون. وما أنا في هذا إلا كأصغركم.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[06 Feb 2010, 05:24 م]ـ
ولكن إن رأيتم أن تمهلوني وأخي أبا حسان .. يسأل وأجيب .. وأسأل ويجيب .. ونتحاور .. ونتشاور .. وغايتنا الحق بدليله , فخيراً فعلتم.
وإن أردتم إبقاء الحوار عاماً لكل من حضر تركته لكم على ما تحبون. وما أنا في هذا إلا كأصغركم.
نعم أنا أفضل أن لا يدخل الصغار، من الذين يغضبون جهلا فيأتون إلينا بعاطفتهم الجياشة مما يغير من مسار الموضوع فيتحول إلى معارك سخيفة دون أن يفهموا أو يعوا ما أقول
اتمنى أن لا يشارك في الموضوع إلا الكبار من أمثال المشرفين وغيرهم ممن يحمل مؤهلات عليا أو من المشايخ الكبار المتمكنين علميا
ولا يعجبني ابتعادهم عن النقاش وتركه للصغار إلا إن كان هذا أمرا مقصودا وأظنه إن شاء الله غير مقصود
وإنَّ ترك الموضوع ليناقشه الصغار مما يؤثر سلباً على مستوى هذا الملتقى وقد يُعطي إنطباعاً خاطئاً بعدم قدرة الكبار على النقاش أو ضعفهم علميا
أخي الكريم أبا بيان:
أنت عندي من الكبار فأتمنى أن تستمر في نقاشاتك بارك الله فيك
ـ[محمد براء]ــــــــ[06 Feb 2010, 06:44 م]ـ
أخي أبا حسان:
رددت على مشاركتي رقم (8) ردين: الأول [مشاركة رقم (11)] قبل ساعتين كنت فيه هادئاً مؤدباً.
وبعد ساعة رددت رداً آخر [مشاركة رقم (14)] كنت فيه فجاً غاضباً.
فما الذي انتابك؟!.
عساه خيراً!
ـ[أبو حسان]ــــــــ[06 Feb 2010, 07:45 م]ـ
أخي أبا حسان:
رددت على مشاركتي رقم (8) ردين: الأول [مشاركة رقم (11)] قبل ساعتين كنت فيه هادئاً مؤدباً.
وبعد ساعة رددت رداً آخر [مشاركة رقم (14)] كنت فيه فجاً غاضباً.
فما الذي انتابك؟!.
عساه خيراً!
كنتُ أظنك كبيرا فاهما متمكنا حتى قرأتُ ردك رقم 12 و 13 فأدركت مدى جهالتك وضعف قدراتك الذهنية في فهم أو استيعاب ما أقول فنهرتك عسى أن تلزم مكانك ولا تتقدم إلى الصفوف الأمامية المعدة لغيرك
ـ[نعيمان]ــــــــ[06 Feb 2010, 08:10 م]ـ
سامحك الله يا أبا حسّان
قد أعجبني جلّ كلامك فوق. وقلنا نتمتّع بهذه الأفكار النّيّرة اختلفنا أو اتّفقنا حولها ليست قضيّة ما دامت ليست من المقطوعات بل من المظنونات.
ثمّ بعد ذلك نزل الحوار إلى الهجوم فما عدا ممّا بدا يا أخانا؟!
عد لما بدأته فنحن متابعون.
ودعك -رضي الله عنك- من التّفرقة بين الصّغار والكبار -فكلّهم أحبّة وإن اختلفنا جميعاً- فإنّ الحقّ لجميع النّاس والطّبقات.
((ولقد يسّرنا القرآن للذّكر فهل من مدّكر))
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[06 Feb 2010, 08:17 م]ـ
عزيزي أبا حسان
أضم صوتي إلى صوت الأخ نعيمان فقد بدأت بداية جيدة وجريئة، ورغم أنك عنونت "الإغراق في السلفية، ومحاربة العقل والتجديد " فقد عمد البعض إلى خلط الأمور ويريد أن يحرفك عن بدايتك الشجاعة والموفقة. فأرجوك لا تنزل من حيث ارتفعت.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[06 Feb 2010, 08:39 م]ـ
بارك الله فيكما أخي نعيمان وأخي سنان
وإني أثمن ما قلتما ولكن إنما فعلت ما فعلت من باب أني خبرت قومي وعلمت ما يصلح لهم
لأن كنت فظاً غليضاً في الرد على من سبق فإني لا أكن لهم إلا كل خير، وإني أعرفهم تمام المعرفة من أول حرف يخطونه أنهم لا يحسنون ما يقولون ولا يفهمون ما يقرأون فأردت إفهامهم بأن عليكم أن تتعلموا قبل أن تتصدروا، وإن كنتم لا تستطيعون فالزموا الصمت والاستماع ممن هو أعلم منكم
أين الكبار؟
لم يناقش منهم أحد.
لماذا؟
لعلمهم بأن النقاش في مثل هذه الموضوعات صعب ويحتاج إلى مراجعات ومراجعات فهم لا يريدون أن يتجمشوا أموراً ويردوا عليها بعجالة مثلما فعل هؤلاء الصغار
أنا لا أمانع أن يقرأ الصغار، وأن يستفسروا ويسألوا، وسنكن لهم كل الود والاحترام، وسنجيبهم على كل شبهة، وهذا هو هدفي في طرح هذه الموضوعات
لكن أن يتصدروا بالرد والهجوم وهم لم يقرأوا إلا كتاب فلان وفلان، اثنان أو ثلاثة وزيادة على ذلك لا يفهمون منها إلا القليل، فهم مجرد حفظة، ثم يأتون ليناقشونا فهذا كله أعده خلل في التربية، وهو لا يعدو أن يكون من التصدر قبل التأهل
وفق الله الجميع وآمل أن لا نخرج عن أصل الموضوع
فتابعوا معنا بارك الله فيكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[06 Feb 2010, 08:50 م]ـ
لولا أنك جاهل وصغير ولا تدري ما تقول لحاسبتك على ما سطرته أناملك، لكن ما عليك شرهة
وما أملك لك إذا كانت هذه تربيتك000
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[06 Feb 2010, 09:50 م]ـ
سيستمر هذا الموضوع بشرطين:
الأول: أن يعتذر الأخ أبو حسان من جميع من تلفظ عليهم بما لا يليق؛ فإنا لا نرضى هذه الألفاظ على أنفسنا ولا على غيرنا.
وهم على الخصوص: (أبو هاجر , مجاهد الشهري , د. أبو بكر خليل , محمد براء).
الثاني: أن يلتزم المحاور بأصل الفكرة ولا يتعرض لسواها.
وبعد ذلك أعرض على أبي حسان الحوار في موضوعه على أن يتولى إدارته من يختاره من المشرفين , ونجعل منه حواراً راقياً رفيعاً في مادته وأسلوبه.
ـ[فيوض]ــــــــ[06 Feb 2010, 10:01 م]ـ
ونجعل منه حواراً راقياً رفيعاً في مادته وأسلوبه.
لهذا نتابع .. ولهذا نحرص أن نحضره ..
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[06 Feb 2010, 10:22 م]ـ
أخي أبا حسان السلام عليكم و رحمة الله و بركاته اعرفك بنفسي فأنا لست من الكبار ولا من الصغار بل من العوام ولكن أرى منك أخي العزيز خروجا عن منهج وموضوع المنتدى بالكلية فهذا الموقعا اسمه (ملتقى أهل التفسير) و ليس ملتقى العقائد و الفرق فتعرف أخي الحبيب نحن كمسلمين في أمور العقائد نختلف كثيرا ربما أكثر من فرق اليهود و النصارى ولكن بحمد الله ومن رحمة الله بنا تجمعنا عدة ثوابت منها أركان الاسلام و الايمان وهذا الكتاب العظيم الذي على اختلافنا فهو نفسه بينا أيدينا لم يتغير من جملة واحدة ونحن في هذا الملتقى نريد أن نناقش هذا الكتاب العظيم من ناحية تفسيرية بجميع جوانبها بلاغية و علمية و ووو و دخولك أنت أو غيرك من الاعزاء بمثل هذه المواضيع خرجنا عن هذا الهدف و ارجو من المشرفين على هذا الملتقى أن يأخذوا في الحسبان مثل هذه المواضيع التي تثير جدلا واسعا لا فائدة منه و ربما يطال القدح علماء فضلاء لهم باع طويل في خدمة هذا الدين من كل الفرق الاسلامية نكسب إثمهم بدلا من الترضي و الترحم عليهم
ارجو منك أخي ابا حسان أن يكون صدرك واسعا مثل أفقك الواسع
ـ[أبو حسان]ــــــــ[06 Feb 2010, 10:57 م]ـ
سيستمر هذا الموضوع بشرطين:
الأول: أن يعتذر الأخ أبو حسان من جميع من تلفظ عليهم بما لا يليق؛ فإنا لا نرضى هذه الألفاظ على أنفسنا ولا على غيرنا.
وهم على الخصوص: (أبو هاجر , مجاهد الشهري , د. أبو بكر خليل , محمد براء).
هل تملك أن يستمر هذا الموضوع أو لا يستمر؟
وما علاقتك بهؤلاء حتى تطلب مني أن اعتذر منهم؟
أنا لم أبدأ مع هؤلاء فهم الذين بدأوا بمحاربة الفكرة من أصلها دون أن يعوا ما أقول
ثم تطلب مني بعد هذا أن اعتذر لهم
أنا لم ألزم أحدا أن يناقشني فلم أقحموا انفسهم في أمر لا يدركون عواقبه
ـ[أبو حسان]ــــــــ[06 Feb 2010, 11:03 م]ـ
الثاني: أن يلتزم المحاور بأصل الفكرة ولا يتعرض لسواها.
وبعد ذلك أعرض على أبي حسان الحوار في موضوعه على أن يتولى إدارته من يختاره من المشرفين , ونجعل منه حواراً راقياً رفيعاً في مادته وأسلوبه.
ومن الذي خرج عن أصل الفكرة؟
اذكر لي رداً واحدا ناقش أصل الفكرة.
حسنا سأحتسب هذه المرة وأعدك بأن لا أعقب على أي رد لا يمت لأصل الموضوع
ولكن
شريطة أن تكون النقاشات جدية وعلمية وفي صلب الموضوع ومن أناس يفقهون ويعون ما يقولون ويناقشون أصل الفكرة
أما إن تحول الموضوع لإلقاء التهم الجاهزة فحينها سأنظر ماذا تفعلون.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[06 Feb 2010, 11:09 م]ـ
سيستمر هذا الموضوع بشرطين:
الأول: أن يعتذر الأخ أبو حسان من جميع من تلفظ عليهم بما لا يليق؛ فإنا لا نرضى هذه الألفاظ على أنفسنا ولا على غيرنا.
وهم على الخصوص: (أبو هاجر , مجاهد الشهري , د. أبو بكر خليل , محمد براء).
الثاني: أن يلتزم المحاور بأصل الفكرة ولا يتعرض لسواها.
د. أبو بكر خليل رد بأدب فلم أتعرض لرده
فليتك تتأمل أني لم اتعرض إلا للذين تعرضوا لموضوعي بطريقة خاطئة
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[07 Feb 2010, 01:45 ص]ـ
(مثل هذه المواضيع التي تثير جدلا واسعا لا فائدة منه و ربما يطال القدح علماء فضلاء لهم باع طويل في خدمة هذا الدين من كل الفرق الاسلامية نكسب إثمهم بدلا من الترضي و الترحم عليهم) كلام رائع من الريس عبد الرحمن وفقه الله. والسلامة لا يعدلها شيء، وفي المشاركات السابقة قرأنا ما أحزننا ووردت عبارات ما عهدنا مثلها في ملتقانا - هذا والمناقشة لما طرح لم تبدأ - فكيف سيكون الحال اذا بدأ الحوار.
فياليت المشرف على هذا الملتقى المبارك يبقينا على محبتنا واحسان الظن ببعضنا ويريحنا مما يحرمنا لذة البحث داخل هذا الملتقى فيحدف الموضوع، ويمكن للمتحاورين أن يتناقشوا فيما بينهم عبر البريد الخاص بهم وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[07 Feb 2010, 02:08 ص]ـ
.
اسمحوا لي يا أحبائي أن ألخص نقاط النقاش وذلك من خلال نص المشاركة الأم للفاضل " أبو حسان ":
1ـ سأقتصر في طرحي على ما يتعلق بالتفسير.
2ـ المشهور عند كثير ممن ينتمي للسلفية ويعظِّم أقوال السلف أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم.
حيث يروى عن الإمام أحمد أنه قال: "لاينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا".
وقال ابن تيمية: "من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك بل مبتدعا وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه".
3ـ ثمرة ما تقدم:" وفي نظري أن هذا إغراق في السلفية وغلو في تقديس أشخاصهم"
اعتقاد الفاضل " أبو حسان " الذي يجب أن يؤخذ في الاعتبار
:" وأنا لا أنكر أن للسلف فضلاً كبيراً على هذه الأمة، وأن لهم فضلاً خاصاً ينفردون به عن سائر أفراد الأمة ممن جاء بعدهم، وهذا أمر متفق عليه، وليس المقام هنا لتقصي فضائلهم، أو تحقيق هذا الأمر" ..... إنني حينما أنادي بالتجديد ونقد أقوال السلف في التفسير فإن هذا لا يعني أبداً أنني انتقصهم أو أُقلل من شأنهم، فهم كما أسلفت لهم فضائل يتميزون بها عن غيرهم ممن جاء بعدهم، وهذه الفضائل نحفظها لهم، ونحن نجلهم ونعظمهم لمكانتهم التي حباهم الله بها، ونحن أيضاً بحاجة لتفسيرهم، وذلك في بعض القضايا التي تعين على فهم النص، مثل ملابسات النزول وغيرها، لكن لا يعني هذا أبداً أن لا نُعمل أفهامنا في تفسير النص والاستنباط منه.
المحصلة المتوخاة من النقاش:
ما أريد أن أقوله: أن السلف بشر كغيرهم ممن جاء بعدهم،
يترتب على ذلك أنه:"
1ـ من حقنا أن نناقش أقوالهم ونعرضها على ميزان النقد العلمي متجردين من الشخصنة وتقديس الذوات، خصوصاً أنهم يخطئون في تفسير القرآن الكريم كغيرهم، وقد يصل خطؤهم حدَّ أن يخالف حديثاً نبوياً.
2ـ ومن حقنا أن نفهم نصوص الشريعة بعقولنا كما فهموها هم بعقولهم.
3ـ ومن حقنا أن ننظر للقرآن نظرا مجردا من أي قول كما نظروه هم للوهلة الأولى.
4ـ ومن حقنا أن نفهم النص وننزله على الواقع الذي نعيشه كما فهموه هم ونزلوه على واقعهم، إذ النص إلهي أزلي لم يُنزل ليُقصر في فهم أحكامه وتشريعاته على جيل دون جيل.
5ـ ومن حقنا أن نبحث في مقاصد النص القرآني ونستخرج منه أحكاماً تناسب عصرنا وإن خالفت أحكام من سبقنا، إذ أحكامهم مستنبطة من القرآن وليست وحياً معصوماً، وهي قابلة للخطأ والصواب، ونحن نشاركهم في هذا الشيء.
الخلاصة:
أصبح لدينا جمود في التعامل مع نصوص القرآن الكريم،
فأصبحنا لا نُحسن إلا حفظ أقوال السلف وسردها، وتحقيق الأسانيد إليها،
وأصبحت جل أبحاثنا تصب في جمع أقوال السلف، وتصفيفها وتنميقها، ومحاولة إضفاء مزيد من القدسية عليها،
وانبرى آخرون في التأليف في الرد على كل من يحاول نقد السلف،
وتخصصت بعض مؤسسات المجتمع للذب عن كل ما هو سلفي
ومحاربة كل ماهو خارج عن نطاق السلف،
ووصل بنا الحال أن جعلنا أقوال السلف حجةً نُكثر من الاحتجاج بها،
وصرنا لا نحسن إلا لغة التبديع وإقصاء كل من يخالف السلف أو يحاول نقدهم، أو يحاول الإتيان بجديد ليس عندهم.
قيد يختم الفاضل به كلامه
وإنني أيضاً حينما أنادي بفتح باب التفسير للخلف فإن هذا لا يعني أبداً أنني ادعو لفتح الباب على مصراعيه فيلج فيه من ليس من أهله، بل يُفتح وفق ضوابط وشروط من أهمها الأهلية لذلك، والله الموفق.
أرى جدية في الطرح وإن كنا نأمل تجنيب الحوار بعض المفردات التى تفرِّق النفوس، كما نأمل ترك أبواب النقاش المثمر مفتوحة بين الفاضل " أبو حسان" والفاضل" نايف الزهراني" ـ كما طلب الشيخ نايف ـ وذلك لتنظيم الأفكار وتثميرها والخروج بفائدة علمية سخية ونحن مع الحق ومع الانتفاع الذي ينتج علما نافعا يُبتغى به وجه الله، ويوطد عرى الإخاء.
ولعل تدخلي حصل للتذكير بالأفكار الرئيسة التى يجب أن يتمركز حولها النقاش إذ أن شخصنة الأمور والذنب عنها ـ في بعض الأحياء ـ ينسينا موضوع الباب وحديثه المطلوب.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[07 Feb 2010, 03:14 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم د. خضر
أين أنتم من أول الحوار فأنا أريد أن أحاور شخصيات علمية كبيرة من أمثالكم وأمثال الفضلاء الكثر في هذا الملتقى
لئن كنت قسوت في العبارة وشط قلمي أحيانا فإنما كان لغرض أن يخلو لنا الجو مع أناس من أمثالكم دون أن يلج علينا في ندوتنا من يعكر صفو نقاشنا
وأنا حينما طرحت هذا الموضوع تفاجأت بكم هائل من الردود العاطفية والتي اعتدنا رؤيتها في منتديات أخرى لا ترقى أبدا لمستوى هذا الملتقى، ولا أخفيكم سرا أني لم أجد حتى الآن في الشبكة العنكبوتية من يستطيع محاورتي بأسس علمية بعيدا عن المهاترات والتهم الجاهزة من طلبة العلم الصغار
وكم كنت أتمنى أن يكفينا المشرفون هؤلاء ولا يُسمح بالمداخلة إلا للأفاضل وطلبة العلم المتميزين من أمثالكم
أما وقد ترك لهم الباب مفتوحا فلم أجد بدا من نهرهم حتى لا يعكروا صفوا نقاشنا، وحتى يخلو لنا الجو من غير تشويش كما أسلفت سابقا.
وفقني الله وإياكم وما زلت انتظر مداخلات أحبتي من المشرفين وطلبة العلم المتميزين حتى يثروا الموضوع وحتى نصل لنتيجة لعلي أنا أول من يستفيد منها
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Feb 2010, 07:29 ص]ـ
الإخوة الفضلاء وفقهم الله.
بعيداً عن الجانب العلمي المثار للحوار.
نحن نستفيد من مثل هذه الحوارات كثيراً ما دام المتحاورون يحرصون على اختيار العبارة وسموها، ويلتزمون بآداب الحوار وأخلاقه.
وليس من حق كل من يملك معرفاً في الملتقى أن يكتب ما يريد، فليت بعض المعلقين يتريثون قبل أن يكتبوا وينشروا، وقد تركنا خاصية النشر المباشر متاحة دون أن نلزم أنفسنا في الإشراف بالنظر في كل تعليق ومشاركة قبل اعتمادها ونشرها ثقة في المشاركين ورغبة في إزالة القيود والحواجز التي قد تصرف البعض عن المشاركة.
ولذلك فإنني أرجو أن يستمر الحوار بين الأخوين (أبي حسان) و (نايف الزهراني) فقط لنخرج بالفائدة.
وتعقيباً على كلام الأخ أبي حسان
يبدو أنك تفكر بعقلية مشوشة ومرتبكة ومذعورة في آنٍ واحد
لذا صرت تتهمني أني لا أعرف شيئا، وأنت الذي لا تعرف شيئا البتة
وهذه آفة من يناقشونني من الصغار
فكم تمنيت أن لا يدخل في هذه الموضوعات إلا الكبار ممن يفهمون الكلام ويفهمون المشكلة ولديهم اطلاع لا بأس به في علوم الشريعة
أحلتني على كتاب: شرح مقدمة في أصول التفسير للطيار، وطلبت مني قراءة الكتاب، وأعتقد أني قد قرأت الكتاب قبل أن تلدك أمك
ليتنا نتعلم قبل أن نناقش، وليتنا نعرف من نناقش، وليتنا نصبر حتى نكبر ثم نناقش
وليتنا نعرف قدر أنفسنا قبل أن نأتي للنافح عن غيرنا عصبية وحمية ونحن لا ندري أين نحن وأين موقعنا الجغرافي
أقول: أنا على الأقل لا أعرفك إلا بكنيتك (أبو حسان) وليتك تعرفنا بنفسك فقد طلبت منك كما تذكر ذلك وأبديتَ لي بعض الأعذار التي لم أرها كافية، وهنا تطلب منا أن نعرف من نناقش ونعرف قدر أنفسنا ونصبر ... وقد قلتُ لك في أحد التعقيبات من قبل كما قال المأمون: عرفتنا فهجوتنا ولو عرفناك لأجبناك ..
فما رأيك أخي العزيز؟ أليس كشفك عن شخصيتك - أو على الأقل - عن مؤهلك العلمي سيعطي للحوار قيمةً في نظر القارئ المتابع؟
أسأل الله للجميع التوفيق والإخلاص.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[07 Feb 2010, 10:55 ص]ـ
أنا من الصغار الذين لايحسنون الخوض في أمثال هذه المسائل، فسأحجم عن مشاركتكم ..
غير أني أجد في دواخلي أمرًا أرغب في البَوْحِ به، وأخشى أن يضيرني شيء إن أنا كتمته فأستأذنكم في طرحه ..
مما تعلمته -ويتعلمه أمثالي من صغار الطلبة- أنّ الأدبَ والتواضعَ شاهدان على صدق العالمِ وكلِّ من رام علمًا يدنيه من الله تعالى ..
فكان من نتاج ذلك أنّي متى رأيت أحدَهما قد تخلّف عن امرئ اتهمتُه في صدقه .. فكيف بتخلفهما معًا؟! ..
(هكذا قدر الله تعالى لي)
وقد قال بعضهم:"العلم دعوى، والعالم مدَّعٍ، والعمل شاهد، فمن أتى بشهودِ دعواه صحت للمسلمين فتواه"
فحبذا لو تنبه لذلك من يرد على الجبل الأشم والبحر الخضم أبي حسان!!
فليراعَ الأدبُ في الحديث معه لئلا أُحرم الاستفادة من المسيء ..
--------------------------------------------
لا فرق عندي بين تفسير السلف وتفسير من جاء بعدهم ..
ولا فرق عندي في وجوب ...
إنني حينما أنادي بالتجديد ونقد أقوال السلف في التفسير فإن هذا ...
وإنني أيضاً حينما أنادي بفتح ... [/ align]
-----
وهذه آفة من يناقشونني من الصغار
وأعتقد أني قد قرأت الكتاب قبل أن تلدك أمك
-----
لولا أنك جاهل وصغير ولا تدري ما تقول لحاسبتك على ما سطرته أناملك، لكن ما عليك شرهة
-----
نعم أنا أفضل أن لا يدخل الصغار
اتمنى أن لا يشارك في الموضوع إلا الكبار
-----
فأدركت مدى جهالتك وضعف قدراتك الذهنية في فهم أو استيعاب ما أقول فنهرتك عسى أن تلزم مكانك ولا تتقدم إلى الصفوف الأمامية المعدة لغيرك
-----
إني أعرفهم تمام المعرفة من أول حرف يخطونه أنهم لا يحسنون ما يقولون ولا يفهمون ما يقرأون فأردت إفهامهم بأن عليكم أن تتعلموا قبل أن تتصدروا، وإن كنتم لا تستطيعون فالزموا الصمت والاستماع ممن هو أعلم منكم
أين الكبار؟
لم يناقش منهم أحد.
لماذا؟
لعلمهم بأن النقاش في مثل هذه الموضوعات صعب
أنا لا أمانع أن يقرأ الصغار، وأن يستفسروا ويسألوا، وسنكن لهم كل الود والاحترام، وسنجيبهم على كل شبهة، وهذا هو هدفي في طرح هذه الموضوعات
لكن أن يتصدروا بالرد والهجوم وهم لم يقرأوا إلا كتاب فلان وفلان، اثنان أو ثلاثة وزيادة على ذلك لا يفهمون منها إلا القليل، فهم مجرد حفظة، ثم يأتون ليناقشونا فهذا كله أعده خلل في التربية، وهو لا يعدو أن يكون من التصدر قبل التأهل
-----
لا أخفيكم سرا أني لم أجد حتى الآن في الشبكة العنكبوتية من يستطيع محاورتي بأسس علمية بعيدا عن المهاترات والتهم الجاهزة من طلبة العلم الصغار
فلم أجد بدا من نهرهم حتى لا يعكروا صفوا نقاشنا، وحتى يخلو لنا الجو من غير تشويش كما أسلفت سابقا.
--------------------------
قال أبو مجاهد العبيدي في مشاركة له مضت في موضوع آخر خاطب فيها أحد الأعضاء الذين لهم نفس دائم في مشاركاتهم وهو مجرد النقد (وربما التشفِّي) بنّاء كان أو غيرَ ذلك:
وإن - أقول "وإن" - كان جاداً فليأتنا بموضوع له هو، لننظر فيه، ونفيد منه، وأما مجرد الهوشات والتعليقات التي نراها في منتديات الشباب والفارغين فلا محل لها هنا؛ فلعلك تراجع نفسك هداك الله؛ فقد أشغلتنا وأضعت أوقاتنا.
---------------------------
قال الشاطبي رحمه الله:
قلما تقع المخالفة لعمل المتقدمين إلا ممن أدخل نفسه في أهل الاجتهاد غلطا أو مغالطة
وفق الله الجميع لمرضاته ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[07 Feb 2010, 12:06 م]ـ
ليت الأخ أبا حسان يخبرنا بضابط الكبار والصغار عنده حتى لا يتطفل أحد على موائده , وذلك بعد تفضله علينا بذكر تاريخه العلمي , وإن كنت أرى أن هذا لزاماً عليه بعد هذا التصنيف الجديد - الكبار والصغار - , كما أعجبني اقتراح الشيخ الفاضل نايف الزهراني في انفراده بالنقاش , وعدم الخروج بالموضوع عن مساره على الأقل إلى حين.
ـ[محمد براء]ــــــــ[07 Feb 2010, 12:55 م]ـ
ما دام المشايخ يفضلون أن يبقى الحوار بين الشيخ نايف الزهراني وأبي حسان، فلا تسعني المخالفة.
لكن أخشى من أبي حسان أن يلحق الشيخ نايفاً بقائمة الصغار إذا لم يعجبه كلامه، سيما أنه عندما طلب منه الاعتذار ممن أساء إليهم من الأعضاء غضب منه!.
على أن أبا حسان بعد كلامه في الكبار والصغار، وتماديه بعد أن طُلب منه الاعتذار، صار أضحوكة للملتقى كما يظهر من مشاركات الأخوة أعلاه.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[07 Feb 2010, 02:55 م]ـ
الأخوة الكرام،
من كان يرى أن الأخ الكريم (أبوحسان) كان عليه أن يصبر على الأذى ولا يرد بهذه الحدة على من بادر بالجفاء، فما بالنا نحرص على الخوض الذي لا يليق بالمسلم؟! باشروا الخير رعاكم الله.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[07 Feb 2010, 02:55 م]ـ
ليعذرني من وجد للصبر حيلة، أشهد أني لم استطع صبرا
ألله أكبر .. لم تجد من يحاورك عن علم فأفشيت سرا، وكأنك ملأت الدنيا فكرا وعلما، أو أدبا وشعرا، يمين الله لو أتيت ببدعة صلعاء، يفر من صفيرها الصافر، ثم جئت في تؤدة ووقار لألفيت من يرخي لك سمعا، ويغض عن تخرصك طرفا، أما ومن لكت فهومهم بلسانك هم هم، وامتدحتهم تعريضا وهم القوم، هذا لعمري في القياس بديع، ثم ارتقيت فوق ذلك بأنك واحد العالم، وأن ثانيه لم تعرف له أم، وأنك عين اليقين، تزيل شبهة المرتابين، فلا ولا وألف لا.
مه يارجل .. ظلمت نفسك، وسفهت إخوانك ولبست لباس التهمة، وزيفت فهوم القوم، فهلا جئت على قدر يا أبا حسان، حتى يستقيم لك الأمر، ويصدر عن موردك الغمر، وتلين لوحشته القلوب، ثم لا شأن لك بعدها بوارد أو صادر، أو مقبل أو مدبر، أما أن تتقحطن قبل القحطاني، وتجهجه بقولك قبل الجهجاه، وتسوق أهل العلم بعصاك، لتقرع بسليط لسانك من لم يقبل دعواك، فادرج عن هذه وابحث عن غيرها، فستجد من هؤلاء الصغار من يسومك سوم العذاب، قبل القدوم على العظيم الذي لاشئ أعظم منه، ودع عنك فطير الرأي، وساذج الفكر، ونفخ الكلام، والزهو بالنفس، واستعذ بالله فما أرى إلا أن الشيطان قد نفخ في منخريك، ثم أوحى لك بأنك واحد العالم.
ولا تعجب ياكبير حين استفززت حليما، أو استدعيت للرد صغيرا، من كان مخطئا في موالاة فهومهم عرف حجته غدا، فماهي حجتك أنت غدا عند الله، حين هدمت أصلا ولم تقم له فرعا، وحدثني عن جديدك ياكبير في قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) ومثيلاتها من الآيات، التي هدانا الله لفهمها بفهوم أولئك القوم، ودعك من سوى ذلك، فما من قائل إلا راد ومردود عليه غير محمد صلى الله عليه وسلم، وإن كنت من طبقة أبي حنيفة، لتقول هم رجال ونحن رجال، فأرنا ماوراء الأكمة، وافترع فكرة الساعة، وقل قول الدليل، ثم ضع العمامة أو دعها، فأنت ابن جلا وطلاع الثنايا حينها.
كلأنا أبا حسان مغموران، فاصرف عنا كبر قلمك، وتكلم كلام الحكل نصبر لكلْمك، فلا كبير ولا صغير حين تصيب ولو تكلمت كلام النمل، أما حين ترعد وتزبد، وتنشر سحابة ثم لا تمطر إلا بمثل قولك، فحوالينا ولا علينا، هناك حيث لا قرآن ولا سنة ولا توقير لمن نقل القرآن والسنة.
ومتى ضاق فهك عن فهم السلفية، فإني أزعم لك أني سلفي حتى النخاع، حتى تصدق دعواك وأنى لك ذلك، فلو أن ما ورث عن تلك الفهوم لا يعدل القشة في ميزان العلم، فلن تترك عقول من زكاهم صاحب الشرع، لقول مستتر لم يعرف اسمه فضلا عن علمه ورسمه، إلا انتفاخات يذهبها ان شاء الله قليلا من التجشؤ والنفث.
ترفق يارجل بإخوانك، بل بنفسك من قبل، ولن في كلامك، وتجمل في قولك، فلو كنت شافعي زمانك، لما أصغى هر لإنائك، فضلا عن صغير أو كبير.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن كان بقي للحق مطمع، ولبست من التواضع ثوبا مرصع، فلك علي أن أعود لك، كما كنت هنا عليك، وأن أعتذر منك، كما جفلت عنك.
وإن أبيت إلا رأيك، ويا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، فأنت وشأنك، فلم يكن كل هذا مني لك أو عليك، بقدر ماكان لأولئك منك.
أسأل الله لي ولك وللجميع الهداية لأحسن الأخلاق والإذعان للحق.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[07 Feb 2010, 04:42 م]ـ
فكرة الموضوع لها سنوات وهي تدور في خلدي وذهني وناقشت فيها عددا من طلبة العلم
وقبل أن أُنزلها هنا استغرق كتابتها وتحريرها مني قرابة الأسبوع
وعمدت إلى تحريرها خوفاً من أن يفهم البعض من المتعجلين أمراً آخر غير الذي قصدته نظرا لحساسية الموضوع
وبعد هذا كله:
تأتي الردود:
فيأتي أحدهم بكل بلادة وبرودة مدعياً أني لا أعي ولا أفهم ما أقول
فسكت
ثم جاء آخر وعلق بسخرية فقال: لعل الكاتب. لاحظ بأسلوب الغيبة، لعل الكاتب لا يفرق بين التدبر والتأويل
فسكت
ثم جاء آخر فقال: يا أبا حسان تقديس السلف مدحة وليس منقصة
ثم سكت أيضا
ثم رجع أخونا الأول وحول النقاش للنيل من الأشاعرة والتشفي من زميل له آخر
فسكت
ثم علقتُ بكلام مؤدب رجاء أن يفهموا ما أقول
فرجع أخونا الأول ليتهمني مرة أخرى قائلاً: أنت لا تعرف شيئاً عن القول الذي تناقشه
ثم لما رأيت المشرفين لا يتدخلون أمام هذه السخافات في الردود لجأت لأسلوب الشد معهم أملاً بأن ينتهوا
فتقهقروا قليلا
ثم جاء الأخوة المشرفون فألقوا اللوم علي
فرجع هؤلاء مرة أخرى لما وجدوا من يدافع عنهم
وما زالوا حتى الآن يتهجمون بلغة عاطفية حماسية فيها تعدٍ على شخصي دون أن يناقش واحد منهم أصل الفكرة، ودون أي تدخل من المشرفين
فماذا تريدون بعد هذا أن أفعل؟
لو أنك أخي الحبيب في قاعة التدريس في الجامعة تقرر لطلابك مسألة علمية فخرج لك واحد من الطلاب وقال: أنت لا تفهم ولا تعي ما تقول يا دكتور
فسكت أنتَ وخاطبته بلغة محترمة
فتمادى وأعاد عليك الكلام وأنت تدرك تمام الإدراك أنه بليد ولا يفهم شيئا
ماذا ستفعل معه؟
اترك الإجابة للمشرفين فأنا ضيف عندهم قد حللتُ بساحتهم العلمية وأحسب أني في مقامهم وكلي أمل أن يكفوا عنا هؤلاء الصبية ولا يدافعوا عنهم فليس هذا من شيم أهل الكرم والضيافة
ـ[أبو حسان]ــــــــ[07 Feb 2010, 04:44 م]ـ
ليعذرني من وجد للصبر حيلة، أشهد أني لم استطع صبرا
ألله أكبر .. لم تجد من يحاورك عن علم فأفشيت سرا، وكأنك ملأت الدنيا فكرا وعلما، أو أدبا وشعرا، يمين الله لو أتيت ببدعة صلعاء، يفر من صفيرها الصافر، ثم جئت في تؤدة ووقار لألفيت من يرخي لك سمعا، ويغض عن تخرصك طرفا، أما ومن لكت فهومهم بلسانك هم هم، وامتدحتهم تعريضا وهم القوم، هذا لعمري في القياس بديع، ثم ارتقيت فوق ذلك بأنك واحد العالم، وأن ثانيه لم تعرف له أم، وأنك عين اليقين، تزيل شبهة المرتابين، فلا ولا وألف لا.
مه يارجل .. ظلمت نفسك، وسفهت إخوانك ولبست لباس التهمة، وزيفت فهوم القوم، فهلا جئت على قدر يا أبا حسان، حتى يستقيم لك الأمر، ويصدر عن موردك الغمر، وتلين لوحشته القلوب، ثم لا شأن لك بعدها بوارد أو صادر، أو مقبل أو مدبر، أما أن تتقحطن قبل القحطاني، وتجهجه بقولك قبل الجهجاه، وتسوق أهل العلم بعصاك، لتقرع بسليط لسانك من لم يقبل دعواك، فادرج عن هذه وابحث عن غيرها، فستجد من هؤلاء الصغار من يسومك سوم العذاب، قبل القدوم على العظيم الذي لاشئ أعظم منه، ودع عنك فطير الرأي، وساذج الفكر، ونفخ الكلام، والزهو بالنفس، واستعذ بالله فما أرى إلا أن الشيطان قد نفخ في منخريك، ثم أوحى لك بأنك واحد العالم.
ولا تعجب ياكبير حين استفززت حليما، أو استدعيت للرد صغيرا، من كان مخطئا في موالاة فهومهم عرف حجته غدا، فماهي حجتك أنت غدا عند الله، حين هدمت أصلا ولم تقم له فرعا، وحدثني عن جديدك ياكبير في قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) ومثيلاتها من الآيات، التي هدانا الله لفهمها بفهوم أولئك القوم، ودعك من سوى ذلك، فما من قائل إلا راد ومردود عليه غير محمد صلى الله عليه وسلم، وإن كنت من طبقة أبي حنيفة، لتقول هم رجال ونحن رجال، فأرنا ماوراء الأكمة، وافترع فكرة الساعة، وقل قول الدليل، ثم ضع العمامة أو دعها، فأنت ابن جلا وطلاع الثنايا حينها.
كلأنا أبا حسان مغموران، فاصرف عنا كبر قلمك، وتكلم كلام الحكل نصبر لكلْمك، فلا كبير ولا صغير حين تصيب ولو تكلمت كلام النمل، أما حين ترعد وتزبد، وتنشر سحابة ثم لا تمطر إلا بمثل قولك، فحوالينا ولا علينا، هناك حيث لا قرآن ولا سنة ولا توقير لمن نقل القرآن والسنة.
ومتى ضاق فهك عن فهم السلفية، فإني أزعم لك أني سلفي حتى النخاع، حتى تصدق دعواك وأنى لك ذلك، فلو أن ما ورث عن تلك الفهوم لا يعدل القشة في ميزان العلم، فلن تترك عقول من زكاهم صاحب الشرع، لقول مستتر لم يعرف اسمه فضلا عن علمه ورسمه، إلا انتفاخات يذهبها ان شاء الله قليلا من التجشؤ والنفث.
ترفق يارجل بإخوانك، بل بنفسك من قبل، ولن في كلامك، وتجمل في قولك، فلو كنت شافعي زمانك، لما أصغى هر لإنائك، فضلا عن صغير أو كبير.
فإن كان بقي للحق مطمع، ولبست من التواضع ثوبا مرصع، فلك علي أن أعود لك، كما كنت هنا عليك، وأن أعتذر منك، كما جفلت عنك.
وإن أبيت إلا رأيك، ويا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت، فأنت وشأنك، فلم يكن كل هذا مني لك أو عليك، بقدر ماكان لأولئك منك.
أسأل الله لي ولك وللجميع الهداية لأحسن الأخلاق والإذعان للحق.
لن أعلق احتراماً للمشرفين وللقراء، وأملاً بأن يكون التدخل منهم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سنان الأيوبي]ــــــــ[07 Feb 2010, 04:45 م]ـ
إذا كان لا بد من التقريع فالعدل يقتضي أن يشمل ذلك من جاء أولاً وأخيراً وما بين ذلك.
أرى أن هذه الواقف فيها خير من الماشي، والقاعد خير من الواقف.
أرى أننا بذلك نسيء إلى الملتقى الكريم.
رحم الله من دفع بالتي هي أحسن.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[07 Feb 2010, 04:50 م]ـ
ليت الأخ أبا حسان يخبرنا بضابط الكبار والصغار عنده حتى لا يتطفل أحد على موائده , وذلك بعد تفضله علينا بذكر تاريخه العلمي , وإن كنت أرى أن هذا لزاماً عليه بعد هذا التصنيف الجديد - الكبار والصغار - , كما أعجبني اقتراح الشيخ الفاضل نايف الزهراني في انفراده بالنقاش , وعدم الخروج بالموضوع عن مساره على الأقل إلى حين.
ضابط الكبار:
1 - كل من يحمل درجة علمية عالية في تخصص الشريعة فهو من الكبار
2 - وكل من يناقش بروح علمية بعيداً عن العاطفة فهو من الكبار
3 - وكل من يحترم ويتأدب في ردوده ويسأل إن كان لم يفهم أو إن كان لا يعلم، فهو من الكبار
وضابط الصغار:
1 - كل واحد يجهل ويجهل أنه يجهل فهو صغير
2 - وكل واحد لم يتعلم ولا يدري أنه لم يتعلم فهو صغير
3 - وكل واحد لا يحترم ولا يدري أنه لا يحترم فهو صغير
ـ[طارق عبدالله]ــــــــ[07 Feb 2010, 05:08 م]ـ
إخواني الكرام
تدخل المشرفون الكرام وطلبوا من الجميع أن يبقى الحوار بين الأخوين الفاضلين:
الأخ أبي حسان صاحب الطرح الأول للموضوع الأخ نايف الزهراني
وفقهما الله لتجلية الحق في المسألة أملا في الوصول إلى أمر جامع يبين فيه وجه الحق الذي أمرنا بأن نولي وجوهنا إليه فإن غمَّ فلنتق الله ربنا الأمر وليعذر كل منا الآخر فكم من مسألة اختلف فيها سلفنا الصالح من لدن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعنف منهما الآخر
ولكن تتابع التدخل وتتابع النيل والتناوش بل والتناهش والتراشق ولم نر بعد حواراً علمياً فضلاً عن أن يكون ربانياً يليق بأهل العلم بكتاب الله أشراف الأمة
فلنتق الله أحبتي ولنترك التدخل ولنتضرع إلى الله أن يوفقهما إلى كلمة سواء
ـ[أبو حسان]ــــــــ[07 Feb 2010, 05:09 م]ـ
أقول: أنا على الأقل لا أعرفك إلا بكنيتك (أبو حسان) وليتك تعرفنا بنفسك فقد طلبت منك كما تذكر ذلك وأبديتَ لي بعض الأعذار التي لم أرها كافية، وهنا تطلب منا أن نعرف من نناقش ونعرف قدر أنفسنا ونصبر ... وقد قلتُ لك في أحد التعقيبات من قبل كما قال المأمون: عرفتنا فهجوتنا ولو عرفناك لأجبناك ..
فما رأيك أخي العزيز؟ أليس كشفك عن شخصيتك - أو على الأقل - عن مؤهلك العلمي سيعطي للحوار قيمةً في نظر القارئ المتابع؟
أسأل الله للجميع التوفيق والإخلاص.
حسنا سأجيبك دكتور عبد الرحمن في بعض ما طلبتَ
وقد وضعت مؤهلي في توقيعي
مع جزيل شكري وامتناني لك
ولعل شخصكم الكريم يجيبني على الأقل في بعض ما طلبتُ
مما ذكرتُه في ردودي السابقة
ـ[بلال بن حسن آل علي]ــــــــ[07 Feb 2010, 05:11 م]ـ
الحمد لله كنت من أوائل من من قرأ الموضوع، وجالت في خاطري اشياء، منها ما تفضل به فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن الشهري إذ قال:
"أقول: أنا على الأقل لا أعرفك إلا بكنيتك (أبو حسان) وليتك تعرفنا بنفسك
.......
فما رأيك أخي العزيز؟ أليس كشفك عن شخصيتك - أو على الأقل - عن مؤهلك العلمي سيعطي للحوار قيمةً في نظر القارئ المتابع؟ "
تكرما منكم اخي الكريم، اليس من اللازم ان نعرف ذلك؟ -على الأقل محاوركم-
ـ[بلال بن حسن آل علي]ــــــــ[07 Feb 2010, 05:13 م]ـ
شكرا لكم اخي
-اعتذر لم انتبه له الا بعد ادراج مشاركتي-
ـ[أبو حسان]ــــــــ[07 Feb 2010, 05:20 م]ـ
أخي الكريم نايف
بعد هذه الجلبة وهذا الضجيج اتمنى منك أن ترد على سؤالي لعل الموضوع يأخذ طابع الجدية ويتحول لمساره الصحيح
فلِمَ هذا التأخر؟
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[07 Feb 2010, 08:11 م]ـ
مواصلتي لهذا الموضوع معك أبا حسان صارت تسيء إليّ؛ فإني أرى لوم بعض الفضلاء لانحطاط مستوى الموضوع قد شملني أيضاً! ولا أدري ماذا قلت حتى أحشر في زمرة من يخشى من حوارهم الذي لم يبدأ بعد؟!
لأني أعرف أبا حسان جيداً دخلت معه في صلب القضية لا غير , وعزمت على الصبر على ما ينالني , والاحتساب في تهذيب ألفاظه وإعذاره , لكنه اشتغل بغيري ولم يجب , وحين فرغ من بعض (الصغار) ورجع إلى الموضوع حاد عن الجواب.
حديثي معك يا أبا حسان يضرني ولا ينفعك , وكنت سأتحمل الأولى رجاء الثانية لكنك لم تُرِد , ومع أنك امتثلت الشرط الثاني بعد تتابع اللوم والعتاب , وضجرت من ذلك حتى دعوتني للجواب؛ إلا أن الشرط الأول لازال قائماً.
اجعل من نفسك كبيراً كما تحب لكن ليس في مجلسنا صغير وقد جعلتني وكل من خالفك كذلك ثم استثيتني منهم.
وقد راسلني بعض هؤلاء الكرام -الذين احتقرتهم- بما يحز في النفس , إنهم والله كرماء فضلاء لم يردوا عليك بمثل قولك إكراماً لي وللملتقى لا عجزاً ولا عيّاً , ولم يعتبوا على بقية المشرفين لأني من تولى إدارة الحوار عنهم , ولا أرضى لأحد في مجلسنا هذا أن يُمس بغير حق , وقد أسرفت فينا .. فأما أنا فأعذرك غفر الله لك , ولا أكلفك عذراً لي , وأما هم فهذا عذري لديهم , وكل امرئٍ حجيج نفسه.
وأما الصحابة والسلف رضي الله عنهم فأنا دونهم , وإن أردت معرفة ما لهم عند أهل التفسير فخذه بحقه الذي سبق , وإن أبيت فلن نحرم من وقف ببابنا , وتحرَّم بجنابنا , ولكنا نجعله في موضوع مستقل نباعده جهدنا عن هذا المقام , ولا يشهده إلا الكرام؛ وهم كل من حضر وقرأ وقصده الحق , ثم إن وجد خيراً حمد الله وشكر لصاحبه , وإن وجد غير ذلك تكلم بعلم والله حسبه , أو سكت بحلم والله حسيبه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وكل من تبعهم إلى يوم الدين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[07 Feb 2010, 08:27 م]ـ
مواصلتي لهذا الموضوع معك أبا حسان صارت تسيء إليّ؛ فإني أرى لوم بعض الفضلاء لانحطاط مستوى الموضوع قد شملني أيضاً! ولا أدري ماذا قلت حتى أحشر في زمرة من يخشى من حوارهم الذي لم يبدأ بعد؟!
لأني أعرف أبا حسان جيداً دخلت معه في صلب القضية لا غير , وعزمت على الصبر على ما ينالني , والاحتساب في تهذيب ألفاظه وإعذاره , لكنه اشتغل بغيري ولم يجب , وحين فرغ من بعض (الصغار) ورجع إلى الموضوع حاد عن الجواب.
حديثي معك يا أبا حسان يضرني ولا ينفعك , وكنت سأتحمل الأولى رجاء الثانية لكنك لم تُرِد , ومع أنك امتثلت الشرط الثاني بعد تتابع اللوم والعتاب , وضجرت من ذلك حتى دعوتني للجواب؛ إلا أن الشرط الأول لازال قائماً.
اجعل من نفسك كبيراً كما تحب لكن ليس في مجلسنا صغير وقد جعلتني وكل من خالفك كذلك ثم استثيتني منهم.
وقد راسلني بعض هؤلاء الكرام -الذين احتقرتهم- بما يحز في النفس , إنهم والله كرماء فضلاء لم يردوا عليك بمثل قولك إكراماً لي وللملتقى لا عجزاً ولا عيّاً , ولم يعتبوا على بقية المشرفين لأني من تولى إدارة الحوار عنهم , ولا أرضى لأحد في مجلسنا هذا أن يُمس بغير حق , وقد أسرفت فينا .. فأما أنا فأعذرك غفر الله لك , ولا أكلفك عذراً لي , وأما هم فهذا عذري لديهم , وكل امرئٍ حجيج نفسه.
وأما الصحابة والسلف رضي الله عنهم فأنا دونهم , وإن أردت معرفة ما لهم عند أهل التفسير فخذه بحقه الذي سبق , وإن أبيت فلن نحرم من وقف ببابنا , وتحرَّم بجنابنا , ولكنا نجعله في موضوع مستقل نباعده جهدنا عن هذا المقام , ولا يشهده إلا الكرام؛ وهم كل من حضر وقرأ وقصده الحق , ثم إن وجد خيراً حمد الله وشكر لصاحبه , وإن وجد غير ذلك تكلم بعلم والله حسبه , أو سكت بحلم والله حسيبه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وكل من تبعهم إلى يوم الدين.
عذرا لا أذكر في هذا الموضوع أني نلت منك بشيء
ولم أدخل معك في أي جلبة
طلبت مني الاعتذار، وطلبت مني أن أهين نفسي رغبة في الرفع من مقام الصغار، فرفضت أنا ذلك، لأنك اخطأت في هذا الطلب أيما خطأ
فهل أغاضك هذا الأمر
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Feb 2010, 09:36 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله، وبعد:
التعالي على الناس ليس من أخلاق الكبار ولا من أخلاق العلماء
ومن يرى نفسه كبيرا وغيره صغيرا فليعلم أنه ليس أهلا لأن يستمع إليه فضلا عن أن يؤخذ عنه العلم.
وما نراه في هذه المشاركة من بعض الإخوة لا يمثل أخلاق القرآن، ولا أخلاق من "كان خلقه القرآن" صلى الله عليه وسلم حيث كان أعلم الناس وأشرفهم وأعلاهم منزلة عند الله تعالى ومع هذا كان أشد الناس تواضعاً.
أسأل الله تعالى للجميع الهداية والتوفيق
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد
ـ[أبو المهند]ــــــــ[07 Feb 2010, 10:01 م]ـ
لقد انتهت هذه المدارسة نهاية مبتسرة محزنة كنا نريد غيرها، ونحمِّل كل هادم لها كفلا من إجهاضها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Feb 2010, 10:34 م]ـ
لقد انتهت هذه المدارسة نهاية مبتسرة كنا نريد غيرها، ونحمل كل هادم لها كفلا من إجهاضها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
شيخنا الفاضل
لا يزال في الأمر متسع
والموضوع هام ويستحق منا البحث والتحرير.
ولعل هذا يكون درساً لنا جميعا في تحري الأسلوب الأمثل حتى نصل إلى الغاية من هذه الحوارات التي تستغرق منا كثيرا من الوقت والجهد.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 Feb 2010, 10:59 م]ـ
ضابط الكبار:
1 - كل من يحمل درجة علمية عالية في تخصص الشريعة فهو من الكبار
2 - وكل من يناقش بروح علمية بعيداً عن العاطفة فهو من الكبار
3 - وكل من يحترم ويتأدب في ردوده ويسأل إن كان لم يفهم أو إن كان لا يعلم، فهو من الكبار
وضابط الصغار:
1 - كل واحد يجهل ويجهل أنه يجهل فهو صغير
2 - وكل واحد لم يتعلم ولا يدري أنه لم يتعلم فهو صغير
3 - وكل واحد لا يحترم ولا يدري أنه لا يحترم فهو صغير
سبحان الله العظيم!
لقد - والله - آلمني ما بدر منك أبا حسان، وتألمت لحالك كيف ترضى لنفسك أن تقسم الناس كيفما شئت، وتسخر منهم بطريقة لا تليق بعامة الناس، فضلاً عمن يحمل مؤهل الدكتوراه في علوم الشريعة.
إن بيننا من الأعضاء من قد تراهم صغاراً وهم عند الله كبار! {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وكل منا أدرى بنفسه وبعيوبه، ولولا ستر الله الجميل لنا لتبين الصغار حقاً من الكبار.
لو كنت ترانا صغاراً لجهلنا - وأنا واحد من أولئك الصغار - لكان يسعك الإعراض عنا كما قال ربنا الكبير المتعال: {وأعرض عن الجاهلين}.
لو كنت ترانا صغاراً فلماذا تغضب من ردودنا؟! وهل يليق بالكبير أن يغضب لردود الصغار.
إني أعظك أخي أن تقوم لله خالياً، وتستغفره من فعلك هذا، ثم تتفكر بتجرد: أيليق أسلوبك هذا بك؟!
أرجو ألا تعلق على كلامي هذا إلا بالقبول، وكفاك تهرباً من الاعتراف بالحق والاعتذار له ولأهله.
ورحم الله سلفنا الصالحين، فقد قالوا: نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم.
أبا حسان!
إنا لك ناصحون، وعليك مشفقون، ولطريقتك الاستعلائية كارهون؛ فأعد النظر في طريقتك في نقاش ما تريد، وحاسب نفسك قبل أن يحاسبك غيرك، وربك على كل شيئ شهيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[07 Feb 2010, 11:26 م]ـ
إن محاولة صرف الموضوع عن أصله
ومحاولة التشويش على الموضوع بالمهاترات والإقصاء
ومحاولة التهرب من الإجابة من قبل أخي نايف وغيره من بقية الفضلاء
كل هذا وغيره يدل دلالة واضحة على أن الجميع عاجز عن الرد بالحجة والبرهان
إما لضعف في الخلفية العلمية
وإما لضعف في فهم واستيعاب الموضوع
أو إقراراً بالخطأ والتهرب من الاعتراف بالحقيقة
لا أفهم غير ذلك
وهذا يؤكد ما قلته في موضوعي السابق أننا وللأسف لا نحسن إلا لغة القص واللصق ولا نعي ولا نفهم ما ننسخه ونلصقه، والله المستعان
ومع هذا كله فإني لن أغلق الباب وسأنتظر من يحاورني بالحجة والبرهان لعل الحق يكون معه فأسترشد، فيعلم الله أني لا أريد إلا الحق ورحم الله من دلني عليه.
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[07 Feb 2010, 11:32 م]ـ
ما تقول في الإجماع: هل هو دليل عندك؟
السلام عليكم
اعتقد أن هذا سؤال الشيخ نايف وينتظر الجواب.والله اعلم
والسلام عليكم
ـ[أبو حسان]ــــــــ[07 Feb 2010, 11:56 م]ـ
السلام عليكم
اعتقد أن هذا سؤال الشيخ نايف وينتظر الجواب.والله اعلم
والسلام عليكم
بارك الله فيك أخي الكريم
لقد طلبت من الأخ نايف أن يفصل ويبين مراده بهذا السؤال لكنه حار ولم يجب، وحاول التملص من الإجابة
ومع ذلك فإني ما زلت انتظر لعله يجيب
ـ[أبو حسان]ــــــــ[08 Feb 2010, 12:00 ص]ـ
سبحان الله العظيم!
لقد - والله - آلمني ما بدر منك أبا حسان، وتألمت لحالك كيف ترضى لنفسك أن تقسم الناس كيفما شئت، وتسخر منهم بطريقة لا تليق بعامة الناس، فضلاً عمن يحمل مؤهل الدكتوراه في علوم الشريعة.
إن بيننا من الأعضاء من قد تراهم صغاراً وهم عند الله كبار! {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وكل منا أدرى بنفسه وبعيوبه، ولولا ستر الله الجميل لنا لتبين الصغار حقاً من الكبار.
لو كنت ترانا صغاراً لجهلنا - وأنا واحد من أولئك الصغار - لكان يسعك الإعراض عنا كما قال ربنا الكبير المتعال: {وأعرض عن الجاهلين}.
لو كنت ترانا صغاراً فلماذا تغضب من ردودنا؟! وهل يليق بالكبير أن يغضب لردود الصغار.
إني أعظك أخي أن تقوم لله خالياً، وتستغفره من فعلك هذا، ثم تتفكر بتجرد: أيليق أسلوبك هذا بك؟!
أرجو ألا تعلق على كلامي هذا إلا بالقبول، وكفاك تهرباً من الاعتراف بالحق والاعتذار له ولأهله.
ورحم الله سلفنا الصالحين، فقد قالوا: نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم.
أبا حسان!
إنا لك ناصحون، وعليك مشفقون، ولطريقتك الاستعلائية كارهون؛ فأعد النظر في طريقتك في نقاش ما تريد، وحاسب نفسك قبل أن يحاسبك غيرك، وربك على كل شيئ شهيد.
لن أعلق
فإني قد وعدت الأخوة المشرفين والقراء بأني لن أعرج على أي مداخلات لا تمت لأصل الموضوع
وأحب أن أذكر اخوتي القراء بأنكم لن تروا إلا مثل هذه الردود، والله المستعان.
ـ[ابن الشجري]ــــــــ[08 Feb 2010, 12:27 ص]ـ
بارك الله فيك أبا حسان، الآن أرحتني بأن فيك بقيه، ولعل سريرتك نقيه، فلعلك إن استطعت أن تعود على المتن بالشرح، فتبسط ما عقدت، وتفرع على ما نظرت، فربما خانت أحدنا العبارة، وأنت تعلم إن شاء الله، أن للكلام طي ونشر ولا يعرف طيه إلا بنشره، فلعلك تنشر ما أردت رومه مرة أخرى، أو توضحه بتفريع وتمثيل، تقوم بمثله الحجة وتعرف المحجة، وما يدريك، فقد يكون خصمك هو أول من يوافيك، وأكون من بعده من تابعيك، لكن هب أن هناك من يفهم ومن يفهم بأنه يفهم، ومن لا يفهم ولا يفهم أنه لا يفهم، فاحسب لكل عدته، واقصد لهذا واقتصد، واشرح لذاك وبصدرك له انشرح، عسى الله أن يجمع قلوبنا على الحق، ويجنبنا مواطن الزلل، ويعصمنا من الفتن.
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[08 Feb 2010, 12:37 ص]ـ
ما هو السبب في تقديم أقوال السلف علي أقوال غيرهم في التفسير و في غيره من العلوم الشرعية؟ يجيب على ذالك أحد أئمتنا هنا بالمغرب - و بالتحديد بالجزائر -: يقول الإمام البشير الإبراهيمي - رحمه الله -: «أقام سلفنا الصالح دين الله كما يجب أن يقام، واستقاموا على طريقته أتم استقامة، وكانوا يقفون عند نصوصه من الكتاب والسنة، ولا يتعدونها ولا يتناولونها بالتأويل، وكانت أدواتهم لفهم القرآن، روح القرآن، وبيان السنة، ودلالة اللغة والاعتبارات الدينية العامة، ومن وراء ذلك فطرة سليمة وذوق متمكن ونظر سديد وإخلاص غير مدخول واستبراء للدين، قد بلغ من نفوسهم غايته، وعزوف عن فتنة الرأي وفتنة التأويل، أدبهم قوله تعالى: ?أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ? [الشورى: 13] وقوله تعالى ?فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ? [النساء: 59] فكانوا أحرص الناس على وفاق، وكانوا كلما طاف بهم طائف الخلاف في مسألة دينية بادروه بالرد إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله فانحسم الداء وانجابت الحيرة» آثارالإمام محمَّد البشير الإبراهيمي: (1/ 164)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[08 Feb 2010, 12:59 ص]ـ
ما هو السبب في تقديم أقوال السلف علي أقوال غيرهم في التفسير و في غيره من العلوم الشرعية؟ يجيب على ذالك أحد أئمتنا هنا بالمغرب - و بالتحديد بالجزائر -: يقول الإمام البشير الإبراهيمي - رحمه الله -: «أقام سلفنا الصالح دين الله كما يجب أن يقام، واستقاموا على طريقته أتم استقامة، وكانوا يقفون عند نصوصه من الكتاب والسنة، ولا يتعدونها ولا يتناولونها بالتأويل، وكانت أدواتهم لفهم القرآن، روح القرآن، وبيان السنة، ودلالة اللغة والاعتبارات الدينية العامة، ومن وراء ذلك فطرة سليمة وذوق متمكن ونظر سديد وإخلاص غير مدخول واستبراء للدين، قد بلغ من نفوسهم غايته، وعزوف عن فتنة الرأي وفتنة التأويل، أدبهم قوله تعالى: ?أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ? [الشورى: 13] وقوله تعالى ?فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ? [النساء: 59] فكانوا أحرص الناس على وفاق، وكانوا كلما طاف بهم طائف الخلاف في مسألة دينية بادروه بالرد إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله فانحسم الداء وانجابت الحيرة» آثارالإمام محمَّد البشير الإبراهيمي: (1/ 164)
أخي شهاب الدين:
هل تستطيع أن تشرح لي هذا الكلام الذي نقلته؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Feb 2010, 01:18 ص]ـ
أيها الإخوة الفضلاء جميعاً ..
أسأل الله أن يجمعنا في جنات النعيم إخوة متحابين على سرر متقابلين، وأن يجعلنا من أهل القرآن المخلصين، وإنني أظن بأن كل من شارك في هذه النقاشات من الصادقين في طلب الحق إن شاء الله، ولن تؤثر سخونة مثل هذه الحوارات والمجادلات على محبتنا لبعضنا وانتفاعنا ببعضنا، وعفا الله عمَّا سلف.
وقد وردتني بعض الرسائل التي تعتب علينا في ترك مثل هذه النقاشات الساخنة متاحة، وأنا أستميح الإخوة عذراً فلا أرى بأساً بما يدور من حوار ونقاش ولو كان فيه بعض الحدة والقسوة في العبارات، فنحن نتعلم من الخطأ كما نتعلم من الصواب، وفي مثل هذه النقاشات فوائد كثيرة لا تخفى على المربين.
وكل عبارة يكتبها أحدنا فهي تنادي على ما وراءها من علمه وأدبه وأخلاقه وعقله ومنهجه وغير ذلك من جوانب شخصيته، وكل واحد منا حريص على ما يزكي كل هذه الجوانب. وقديماً قيل: المرء مخبوء تحت لسانه، وهنا: تحت كتابته.
وأحب أن أعتذر للزملاء جميعاً عن أي خطأ وقع في حقهم أو عبارة ظنوا أنها تمسهم من إخواني أبي حسان ونايف الزهراني ومحمد براء وأبي عبيدة الهاني وأبي مجاهد العبيدي وغيرهم وفقهم الله، وأطلب منهم تكرماً أن يقبلوا هذا الاعتذار مني نيابة عن الجميع، وأن يعفوا ويصفحوا ويخلوا سبيل الحوار مفتوحاً.
وأدعو الزملاء جميعاً إلى أن ندع الفرصة للزميلين أبي حسان وأبي بيان للحوار والنقاش في موضوعات الحوار التي بدأ أبو حسان الموضوعَ بها، على أن يكون الحوار علمياً منضبطاً بقدر ما يستطيعون دون ضيق بالأسئلة، ودون تهرب من الإجابة.
وإن رأى أخي نايف الزهراني أن يبدأ بافتتاح النقاش بارك الله فيه.
وسأتولى إدارة الحوار بإذن الله، وأسأل الله أن ينفع بهذا الحوار ويبارك فيه، وأن يكون نموذجاً يحتذى في الحوار العلمي المنضبط الذي لم نتعود ولم نتدرب عليه كما ينبغي.
وفقكم الله ونفع بكم.
ليلة الإثنين 24/ 2/1431هـ
ـ[أبو حسان]ــــــــ[08 Feb 2010, 01:47 ص]ـ
أيها الإخوة الفضلاء جميعاً ..
أسأل الله أن يجمعنا في جنات النعيم إخوة متحابين على سرر متقابلين، وأن يجعلنا من أهل القرآن المخلصين، وإنني أظن بأن كل من شارك في هذه النقاشات من الصادقين في طلب الحق إن شاء الله، ولن تؤثر سخونة مثل هذه الحوارات والمجادلات على محبتنا لبعضنا وانتفاعنا ببعضنا، وعفا الله عمَّا سلف.
وقد وردتني بعض الرسائل التي تعتب علينا في ترك مثل هذه النقاشات الساخنة متاحة، وأنا أستميح الإخوة عذراً فلا أرى بأساً بما يدور من حوار ونقاش ولو كان فيه بعض الحدة والقسوة في العبارات، فنحن نتعلم من الخطأ كما نتعلم من الصواب، وفي مثل هذه النقاشات فوائد كثيرة لا تخفى على المربين.
وكل عبارة يكتبها أحدنا فهي تنادي على ما وراءها من علمه وأدبه وأخلاقه وعقله ومنهجه وغير ذلك من جوانب شخصيته، وكل واحد منا حريص على ما يزكي كل هذه الجوانب. وقديماً قيل: المرء مخبوء تحت لسانه، وهنا: تحت كتابته.
وأحب أن أعتذر للزملاء جميعاً عن أي خطأ وقع في حقهم أو عبارة ظنوا أنها تمسهم من إخواني أبي حسان ونايف الزهراني ومحمد براء وأبي عبيدة الهاني وأبي مجاهد العبيدي وغيرهم وفقهم الله، وأطلب منهم تكرماً أن يقبلوا هذا الاعتذار مني نيابة عن الجميع، وأن يعفوا ويصفحوا ويخلوا سبيل الحوار مفتوحاً.
وأدعو الزملاء جميعاً إلى أن ندع الفرصة للزميلين أبي حسان وأبي بيان للحوار والنقاش في موضوعات الحوار التي بدأ أبو حسان الموضوعَ بها، على أن يكون الحوار علمياً منضبطاً بقدر ما يستطيعون دون ضيق بالأسئلة، ودون تهرب من الإجابة.
وإن رأى أخي نايف الزهراني أن يبدأ بافتتاح النقاش بارك الله فيه.
وسأتولى إدارة الحوار بإذن الله، وأسأل الله أن ينفع بهذا الحوار ويبارك فيه، وأن يكون نموذجاً يحتذى في الحوار العلمي المنضبط الذي لم نتعود ولم نتدرب عليه كما ينبغي.
وفقكم الله ونفع بكم.
ليلة الإثنين 24/ 2/1431هـ
بارك الله فيك أخي الكريم الدكتور عبد الرحمن
كلماتك تأتي في وقتها لتلطف الجو وتُذهب الشحناء، كالأب حينما يَلطُف بأولاده، فيصلح ما شجر بينهم ويؤلف بين قلوبهم
وأحب أن أذكر جميع الأخوة بما قلته بمقالي السابق بأني لا أحمل على أحد في قلبي شيئا مهما اختلفنا وتشاجرنا، وإني مبيح كل من تكلم وسيتكلم بحقي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[08 Feb 2010, 01:49 ص]ـ
الإخوة الأكارم، قرأت هذه الحوارات، وأعلم أن رأي كثير من الإخوة هو أن نغلق الحوار، ولكنني أرى ـ والله أعلم ـ أن إغلاق الحوار لا يُعد حلاً ـ إن لم أقل أسلوباً صحيحاً ـ في المجادلة والمحاورة، والحق أو القول الصحيح أو الأصح له أدلته التي بها يعرف، ولكل صاحب قول أدلته، ويبقى الترجيح مبنياً على أصول الترجيح المعروفة عند العلماء.
وأما الاتهام والاعتداء في الحديث، فليس لائقاً بأهل العلم والإيمان، والعدل في الحديث أصل من أصول الحوار، فإذا كان الله تعالى أمرنا بالعدل مع الأعداء، فكيف بالإخوان والأحباب، وأعود إلى رأي الدكتور عبد الرحمن الشهري إلى مد النقاش بأصوله بين الأخوين أبي حسان وأبي بيان، وأؤكد على أن يدور النقاش حول المسائل العلمية في التفسير، وأصل هذه القضية التي تم نقاشها جواز إحداث قول جديد لم يكن عليه السلف، وهذا مدار الحديث، فليت الأخوين الكريمين يسيرون في هذا الموضوع ويتحفوننا بما لديهم من أدلة لكل قول يذهبون إليه ..
أسأل الله للجميع التوفيق والسداد
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[08 Feb 2010, 08:45 ص]ـ
الإخوة الأكارم،
وأصل هذه القضية التي تم نقاشها
جواز إحداث قول جديد لم يكن عليه السلف
وهذا مدار الحديث ...
أسأل الله للجميع التوفيق والسداد
شيخنا الفاضل السلام عليكم
هل هذا فعلاً هو محل النزاع أو مدار الحديث الذي يقصده الأخ أبو حسان .. تجويز إحداث قول جديد لم يكن عليه السلف!! ..
أظن أن هذا التحرير سوف يفضي إلى تبديع القائل به في نهاية الأمر .. وأظن أنه ليس هو المقصود منذ البداية .. وأظن أنه لا يحتاج إلى مجرد الالتفات إليه بهذه الصيغة.
أتمنى من الأخ الدكتور أبي حسان أن يحرر محل النزاع بنفسه بصوره الجائزة والممنوعة أولاً .. كما حوم على ذلك في صدر كلامه .. حتى لا يتسع الكلام ويتكرر ما كان مما لا ينبغي.
مع أمنياتي بحوار نافع مقنع وهادئ.
وشكراً للجميع.
ـ[الجكني]ــــــــ[08 Feb 2010, 02:01 م]ـ
أتفق مع أخي " عصام " حفظه الله ورعاه في اقتراحه أن يتولى الدكتور الكريم " أبو حسان " تحرير محل النزاع في موضوعه، ومن ثم يبدأ أخي الكريم " نايف الزهراني " بالمناقشة، وأن يلتزم الجميع بأدب الحوار، ومن بدر منه خروج عن ذلك أرى أن للمشرفين الحق في حذف مداخلته أو التعديل في عبارته.
واقتراح أخير مني:
ما المراد بكلمة " السلف"؟
وهل هي مطلقة زماناً ومكاناً،فتشمل الصحابة رضي الله عنهم حتى علماء هذا العصر؟ أم أنهم طبقة معينة؟ أو مجموعة يجمعها فهم معين؟ ومنهج محدد؟
وعذراً لأخي الدكتور فهد لوهبي فكأني أراه ينقم مني لأني من أهل القراءات ولست من أهل التفسير!!
تحيتي للجميع.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[08 Feb 2010, 04:03 م]ـ
نزولاً عند رغبة بعض الفضلاء سأفصل بعض الشيء:
من هم السلف:
هم جيل الصحابة.
وهل يدخل فيهم جيل التابعين وتابعيهم؟
على خلاف.
إذاً لنتفق أن السلف هم جيل الصحابة وحسب.
من هم السلفيون:
هم الذين ينتمون لجيل الصحابة فهما واتباعاً.
وكل الفرق الإسلامية تدعي أنها على السنة وأنهم أتباع السلف الصالح.
فالأشاعرة يدعون أنهم هم أهل السنة، وأنهم على فهم السلف الصالح، وكذا المعتزلة والجهمية والشيعة والخوارج وغيرهم من فرق الإسلام.
حدد موقعك الجغرافي؟
الحنابلة وأتباع المذهب الحنبلي في الاعتقاد هم الشريحة العظمى التي تمثل منهج السلف، ولهم أئمة ورموز كبار من أشهرهم ابن تيمية وابن القيم، ومن المتأخرين محمد بن عبد الوهاب.
وهذه الفرقة مع فرقة الأشاعرة هما الأوسع انتشاراً في البلاد الإسلامية.
ومَن مِن هذه الفرق على الحق؟
سيأتي الجواب مفصلاً إن شاء الله تعالى في موضوع مستقل إن وجدت من الأخوة تجاوبا وتعاطيا بموضوعية وعلمية، بعيداً عن التعصب وتحكيم العاطفة.
ما الذي أريده بالضبط من موضوعي هذا:
المشهور عند كثير ممن ينتمي للسلفية ويعظِّم أقوال السلف أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم.
وهذا في نظري إغراق في السلفية وغلو في تقديس أشخاصهم.
وعليه فلا بد من إعادة النظر في هذه القضية ومناقشتها بالحجج والبراهين حتى نخرج بنتيجة وهي:
هل يجوز مخالفة السلف؟ أو لايجوز؟
ولماذا يجوز؟ أو لا يجوز؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[08 Feb 2010, 05:23 م]ـ
الحمد لله:
يبدو أن النقاش بدأ يتجه للجانب المثمر وترك بنيات الطريق , وأنا ملتزم بما اتفقنا عليه من ترك الحوار بين الأخوين الكريمين أبي حسان وأبي بيان وإدارته للدكتور عبد الرحمن لكن اقترح أن ننطلق من مفهوم هذا الحديث ودلالته:
ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خيرُ الناسِ قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال: ثم يَتَخَلَّفُ من بَعْدِهِم خَلًفٌ تَسْبِقُ شهادةُ أحدهم يمينَه ويمينُه شهادتَه ".
وروى مسلم عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير أمتي القرنُ الذين بُعِثْتُ فيهم ثم الذين يلونهم، واللهُ أعلمُ أَذَكَرَ الثالثَ أم لا، قال: ثم يَخْلُفُ قومٌ يُحِبُّونُ السَّمانةَ يشهدون قبلَ أن يُسْتَشْهَدوا "
وروى البخاري عن عمرانَ بنِ حُصَينٍ رضي الله عنهما قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، قال عمرانُ: لا أدري أذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعدُ قرنينِ أو ثلاثةً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ بعدَكُم قوماً يخونون ولا يُؤْتَمنونَ، ويشهدون ولا يُسْتَشهدون، ويَنْذِرونَ ولا يِفونَ، ويَظْهَرُ فيهِمُ السِّمَنُ "
وقد روى هذا الحديث من الصحابة أكثر من اثني عشر صحابياً، إذ رواه إضافة لمن سبق بريدة بن الحصيب، والنعمان بن بشير، وأبي برزة الأسلمي، وعمر بن الخطاب، وسعد بن تميم، وجعدة بن هبيرة، وسمرة بن جندب، وجميلة بنت أبي لهب، رضي الله عن الجميع، وروايتهم في المسانيد ومعاجم الطبراني و غيرها.
فائدة: اشتهر الحديث بهذا اللفظ (خير القرون قرني) في عدد من الكتب وهو مما رواه ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق بسنده إلى أكثم بن الجون رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " خير القرون قرني "
قال الشيخ المحدِّث الألباني:
[ .. وبهذه المناسبة لابد لي من وقفة أو جملة معترضة قصيرة، وهي: أن الشائع اليوم على ألسنة المحاضرين، والمرشدين، والواعظين، رواية الحديث بلفظ: (خير القرون قرني)، هذا اللفظ لا نعرف له أصلا في كتب السنة، مع أن هذا الحديث دخل في زمرة الأحاديث المتواترة لكثرتها، وإنما اللفظ الصحيح الذي جاء في الصحيحين وغيرهما، إنما هو بلفظ: (خير الناس قرني)، ليس: (خير القرون قرني)، إنما هو: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ... ) إلى آخر الحديث.].
ـ[أبو حسان]ــــــــ[08 Feb 2010, 05:38 م]ـ
الحمد لله:
يبدو أن النقاش بدأ يتجه للجانب المثمر وترك بنيات الطريق , وأنا ملتزم بما اتفقنا عليه من ترك الحوار بين الأخوين الكريمين أبي حسان وأبي بيان وإدارته للدكتور عبد الرحمن لكن اقترح أن ننطلق من مفهوم هذا الحديث ودلالته:
ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خيرُ الناسِ قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال: ثم يَتَخَلَّفُ من بَعْدِهِم خَلًفٌ تَسْبِقُ شهادةُ أحدهم يمينَه ويمينُه شهادتَه ".
وروى مسلم عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " خير أمتي القرنُ الذين بُعِثْتُ فيهم ثم الذين يلونهم، واللهُ أعلمُ أَذَكَرَ الثالثَ أم لا، قال: ثم يَخْلُفُ قومٌ يُحِبُّونُ السَّمانةَ يشهدون قبلَ أن يُسْتَشْهَدوا "
وروى البخاري عن عمرانَ بنِ حُصَينٍ رضي الله عنهما قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، قال عمرانُ: لا أدري أذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعدُ قرنينِ أو ثلاثةً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ بعدَكُم قوماً يخونون ولا يُؤْتَمنونَ، ويشهدون ولا يُسْتَشهدون، ويَنْذِرونَ ولا يِفونَ، ويَظْهَرُ فيهِمُ السِّمَنُ "
وقد روى هذا الحديث من الصحابة أكثر من اثني عشر صحابياً، إذ رواه إضافة لمن سبق بريدة بن الحصيب، والنعمان بن بشير، وأبي برزة الأسلمي، وعمر بن الخطاب، وسعد بن تميم، وجعدة بن هبيرة، وسمرة بن جندب، وجميلة بنت أبي لهب، رضي الله عن الجميع، وروايتهم في المسانيد ومعاجم الطبراني و غيرها.
فائدة: اشتهر الحديث بهذا اللفظ (خير القرون قرني) في عدد من الكتب وهو مما رواه ابن عساكر في كتابه تاريخ دمشق بسنده إلى أكثم بن الجون رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " خير القرون قرني "
قال الشيخ المحدِّث الألباني:
[ .. وبهذه المناسبة لابد لي من وقفة أو جملة معترضة قصيرة، وهي: أن الشائع اليوم على ألسنة المحاضرين، والمرشدين، والواعظين، رواية الحديث بلفظ: (خير القرون قرني)، هذا اللفظ لا نعرف له أصلا في كتب السنة، مع أن هذا الحديث دخل في زمرة الأحاديث المتواترة لكثرتها، وإنما اللفظ الصحيح الذي جاء في الصحيحين وغيرهما، إنما هو بلفظ: (خير الناس قرني)، ليس: (خير القرون قرني)، إنما هو: (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ... ) إلى آخر الحديث.].
شكرا دكتور أحمد على هذا النقل والتنبيه
وأحب أن أذكر بأني قد أصلت لذلك انطلاقاً من هذه الأحاديث وغيرها في أول الموضوع حيث قلت:
وأنا لا أنكر أن للسلف فضلاً كبيراً على هذه الأمة، وأن لهم فضلاً خاصاً ينفردون به عن سائر أفراد الأمة ممن جاء بعدهم، وهذا أمر متفق عليه، وليس المقام هنا لتقصي فضائلهم، أو تحقيق هذا الأمر.
وقلت أيضا: إنني حينما أنادي بالتجديد ونقد أقوال السلف في التفسير فإن هذا لا يعني أبداً أنني انتقصهم أو أُقلل من شأنهم، فهم كما أسلفت لهم فضائل يتميزون بها عن غيرهم ممن جاء بعدهم، وهذه الفضائل نحفظها لهم، ونحن نجلهم ونعظمهم لمكانتهم التي حباهم الله بها.
والموضوع هنا ليس الغرض منه مناقشة وتحقيق هذه الفضائل فآمل أن لا نخرج عن أصل الفكرة محل النقاش.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[08 Feb 2010, 05:55 م]ـ
شيخنا الفاضل السلام عليكم
هل هذا فعلاً هو محل النزاع أو مدار الحديث الذي يقصده الأخ أبو حسان .. تجويز إحداث قول جديد لم يكن عليه السلف!! ..
قولك: تجويز إحداث قول جديد لم يكن عليه السلف
يختلف جذرياً عن قولي: مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم، أعني في التفسير.
فأنت في موضوع وأنا في موضوع آخر فليتنبه حتى لا نخرج عن أصل الموضوع الذي أريده أنا ولا أرغب أن نناقش موضوعات أخرى ليست محل البحث هنا
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Feb 2010, 06:08 م]ـ
ما الذي أريده بالضبط من موضوعي هذا:
المشهور عند كثير ممن ينتمي للسلفية ويعظِّم أقوال السلف أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم.
وهذا في نظري إغراق في السلفية وغلو في تقديس أشخاصهم.
وعليه فلا بد من إعادة النظر في هذه القضية ومناقشتها بالحجج والبراهين حتى نخرج بنتيجة وهي:
هل يجوز مخالفة السلف؟ أو لايجوز؟
ولماذا يجوز؟ أو لا يجوز؟
من هنا نبدأ
وأرى بعد أن اتسع هذا الموضوع، وكثرت الردود عليه أن نفتح الحوار من جديد في موضوع مستقل، ويكون العنوان:
"مخالفة تفسير السلف، وإحداث قول بعدهم بين المنع والجواز"
ـ[أبو حسان]ــــــــ[08 Feb 2010, 06:08 م]ـ
الذي فهمته أن الأخ نايف قد اعتذر عن مواصلة الحوار
ويقوي فهمي هذا أنه لم يأتِ بعدُ هنا
فإن كان لا يرغب في الاستمرار فليصرح بذلك مرة أخرى حتى يُفتح المجال لأناس آخرين
علماً بأني أفضل أن يكون النقاش من الجميع ولكن بالشروط التي اشترطتها سابقاً
ـ[أبو حسان]ــــــــ[08 Feb 2010, 06:13 م]ـ
من هنا نبدأ
وأرى بعد أن اتسع هذا الموضوع، وكثرت الردود عليه أن نفتح الحوار من جديد في موضوع مستقل، ويكون العنوان:
"مخالفة تفسير السلف، وإحداث قول بعدهم بين المنع والجواز"
لا أُحبذ أن يفتح موضوع آخر
إلا إن رأى الأغلبية ذلك
لأن الجلبة التي صارت في بداية الموضوع لها نكهة خاصة عندي وما زلت استمتع بها بعد هذا الهدوء الذي لا أُحبذه
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[08 Feb 2010, 06:24 م]ـ
< p>
قولك:
تجويز إحداث قول جديد لم يكن عليه السلف
يختلف جذرياً عن قولي:
مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم، أعني في التفسير.
فأنت في موضوع وأنا في موضوع آخر فليتنبه حتى لا نخرج عن أصل الموضوع الذي أريده أنا ولا أرغب أن نناقش موضوعات أخرى ليست محل البحث هنا
مشاركتي تلك رقم (65) كانت تعقيباً على نص اقتراح الأخ فهد في المشاركة رقم (64) الملون الأحمر .. وليست قولي بل قوله هو.
وليست تعقيباً على اقتراحك.
وهي تؤيد ما تفضلت به الآن تماماً .. فكأنها هي.
وقد فهم عني الأخ الجكني ما قصدته في المشاركة (66).
وقد استجبت لاقتراحي بتحرير موضع النزاع في مشاركة لك بعدها.
فماذا جرى الآن؟
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[08 Feb 2010, 06:51 م]ـ
ليكن الأمر كما تحبون:
من هم السلف:
هم جيل الصحابة.
وهل يدخل فيهم جيل التابعين وتابعيهم؟
على خلاف.
الذي أراه بعد تحقيق أن مصطلح السلف يشمل جيل الصحابة والتابعين وأتباعهم؛ وذلك في استعمال عامة العلماء في عامة الفنون.
ولكن ليكن الأمر كما قال أخي أبو حسان:
لنتفق أن السلف هم جيل الصحابة وحسب.
وهو كذلك.
من هم السلفيون:
هم الذين ينتمون لجيل الصحابة فهما واتباعاً.
وهذا كلام محرر ويهمنا كثيراً في الوصول لنتائج صحيحة.
ما الذي أريده بالضبط من موضوعي هذا:
المشهور عند كثير ممن ينتمي للسلفية ويعظِّم أقوال السلف أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم.
وهذا في نظري إغراق في السلفية وغلو في تقديس أشخاصهم.
وهذا بالضبط ما أود الحديث حوله.
وعليه فلا بد من إعادة النظر في هذه القضية ومناقشتها بالحجج والبراهين حتى نخرج بنتيجة وهي:
هل يجوز مخالفة السلف؟ أو لايجوز؟
ولماذا يجوز؟ أو لا يجوز؟
أحسنت أبا حسان , وهذا ما سيكون بإذن الله.
وقبل البدء في التفاصيل أود التعريج على رأس الموضوع وعنوانه (الإغراق في السلفية , ومحاربة العقل والتجديد)؛ لما فيه؛ لأن أتباع السلف على الحقيقة لا يحاربون العقل والتجديد , بل هم من أسد الناس عقلاً وأحسنهم إعمالاً له , وأجودهم تجديداً؛ لأنهم أحسن الناس اتباعاً , وكمال الاتباع من كمال العقل.
وبخصوص صلب الموضوع فأود من الإخوة القراء عدم المداخلة حتى نفرغ بحول الله؛ لتكون مسائلنا متتابعة. وبالله التوفيق.
وإن أذن لي أبو حسان بدأت.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[08 Feb 2010, 07:02 م]ـ
أولاً:
إن كان الإجماع عندك حُجَّة أبا حسان؛ فإن ما أجمع عليه السلف في التفسير يجب اتباعه , وليس من الغلوّ في شيء.
فهل توافقني في هذا؟
ـ[أبو حسان]ــــــــ[08 Feb 2010, 08:42 م]ـ
أولاً:
إن كان الإجماع عندك حُجَّة أبا حسان؛ فإن ما أجمع عليه السلف في التفسير يجب اتباعه , وليس من الغلوّ في شيء.
فهل توافقني في هذا؟
نعم الإجماع حجة وهو أحد الأدلة المعتبرة ولا خلاف في ذلك
لكن هل كل إجماع يجب التسليم له؟
موضوع الإجماع شائك وهو في نظري لم يحرر حتى الآن تحريراً علميا منضبطاً
فكم من مسألة حُكي فيها الإجماع ثم جاء من ينقض هذه الدعوى من أئمة كبار فليُتأمل.
أنا أقبل الإجماع لكن بشروطه، على الأقل المتفق عليها عند علماء الأصول، مع تحفظي على بعض هذه الشروط.
وأهم الشروط عندي:
1 - أن يكون الإجماع له مستند من كتاب أو سنة صحيحة، على أنه إذا وجد المستند فلا حاجة للإجماع، لكن قد لا يوجد النص عند المتأخرين، وقد نحتاج الإجماع لفهم النص إذا كان النص دلالته غير مقطوعة.
2 - ثبوت الإجماع (وهذا يصعب جداً تحققه إلا في القطعيات من الدين).
هذه أهم الشروط عندي وهي المحك الرئيس لقبول أو رد أي إجماع يُنقل.
مع التنبيه على أن كثيراً من الإجماعات يحكيها علماء متأخرون كابن المنذر والنووي وابن عبد البر، وغيرهم، وهذه اتحفظ على كثير منها، وهي تحتاج لتحرير ونقاش أطول، ولست ممن يقبلها مطلقاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[08 Feb 2010, 09:03 م]ـ
نعم الإجماع حجة وهو أحد الأدلة المعتبرة ولا خلاف في ذلك.
هذا المقصود.
لكن هل كل إجماع يجب التسليم له؟
كأنك تضيف قيداً , وهذا جيد , فتكون العبارة: الإجماع المعتبر حجة.
وما دمنا نتفق على ذلك , فالتعبير الآتي متفق عليه:
إجماع السلف -الثابت المعتبر- في التفسير يجب اتباعه , وليس من الغلوّ في شيء.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[08 Feb 2010, 09:08 م]ـ
هذا المقصود.
كأنك تضيف قيداً , وهذا جيد , فتكون العبارة: الإجماع المعتبر حجة.
وما دمنا نتفق على ذلك , فالتعبير الآتي متفق عليه:
إجماع السلف -الثابت المعتبر- في التفسير يجب اتباعه , وليس من الغلوّ في شيء.
نعم الإجماع - بشروطه - حجة يجب التسليم له، وليس من الغلو في شيء
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[08 Feb 2010, 09:19 م]ـ
جزاك الله خيراً أبا حسان , وأرجو أن تدقق معي في الألفاظ لأنا سنبني عليها مسائل فيما بعد , والعبارة المطروحة للاتفاق هي:
(إجماع السلف -بشروطه- في التفسير يجب اتباعه , وليس من الغلوّ في شيء) , فهل هي كذلك محل اتفاق؟
ـ[أبو حسان]ــــــــ[08 Feb 2010, 09:28 م]ـ
جزاك الله خيراً أبا حسان , وأرجو أن تدقق معي في الألفاظ لأنا سنبني عليها مسائل فيما بعد , والعبارة المطروحة للاتفاق هي:
(إجماع السلف -بشروطه- في التفسير يجب اتباعه , وليس من الغلوّ في شيء) , فهل هي كذلك محل اتفاق؟
لعل هذه العبارة أدق:
إجماع الصحابة - بشروطه - في التفسير وغيره، يجب اتباعه، وليس من الغلو في شيء
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[08 Feb 2010, 10:13 م]ـ
هذا أول ما نتفق عليه بحمد الله , وبه تتحرر عبارة أبي حسان محل النقاش:
ما الذي أريده بالضبط من موضوعي هذا:
المشهور عند كثير ممن ينتمي للسلفية ويعظِّم أقوال السلف أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم.
وهذا في نظري إغراق في السلفية وغلو في تقديس أشخاصهم.
فيضاف إليها هذا القيد:
إلا ما أجمع عليه السلف -بشروطه المعتبرة- فهو واجب الاتباع , وتحرم مخالفته , والأخذ به ليس من الغلوّ في السلف ولا من تقديس أشخاصهم , بل هو من تمام الاتباع.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[09 Feb 2010, 12:46 ص]ـ
هذا أول ما نتفق عليه بحمد الله , وبه تتحرر عبارة أبي حسان محل النقاش:
فيضاف إليها هذا القيد:
إلا ما أجمع عليه السلف -بشروطه المعتبرة- فهو واجب الاتباع , وتحرم مخالفته , والأخذ به ليس من الغلوّ في السلف ولا من تقديس أشخاصهم , بل هو من تمام الاتباع.
شيخ نايف مالي أراك تدور في حلقة مفرغة.
ما الجديد فيما أضفته؟
وما علاقة موضوعنا بهذا التفريع؟
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Feb 2010, 11:59 ص]ـ
في اللحظة التي يرى فيها مدير الحوار أني خرجت عن الموضوع .. يردني إليه , وألتزم بذلك , وأنت كذلك , أما والأمر واضح عند القراء فسنستمر في حوارنا وإن ظهر لك أنه لا علاقة له بصلب القضية.
وبخصوص استفسارك هنا فسأبين لك:
هذا القيد الذي أضفناه أنا وأنت يبطل به التعميم الذي أطلقتَه في عبارتك محل النقاش , فأنت الآن تخبرنا أن عبارتك تلك ليست دقيقة , بل يجب أن يستثنى منها ما أجمع عليه السلف. وما أجمع عليه السلف في التفسير على الخصوص كثير كثير (انظر رسالة الإجماع في التفسير , للدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري) , والقدر الباقي بعد ذلك من أقوال السلف في التفسير سيكون موضوع الوقفة الثانية فيما يأتي.
وبهذا يتبين لك أن هذا (التفريع) من صلب القضية , وأثره كبير فيها , واتفاقنا فيه بشارة اتفاقنا في غيره مما يأتي بإذن الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Feb 2010, 12:32 م]ـ
نحن نتابع ونستفيد بوركتما.
ملحوظة:
فات أخي الدكتور محمد بن عبدالعزيز الخضيري في كتابه (الإجماع في التفسير) الكثير من الإجماعات الثابتة، وهو يستدركها الآن ولعله يضيفها في الطبعة الثانية للكتاب.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[09 Feb 2010, 02:26 م]ـ
في اللحظة التي يرى فيها مدير الحوار أني خرجت عن الموضوع .. يردني إليه , وألتزم بذلك , وأنت كذلك , أما والأمر واضح عند القراء فسنستمر في حوارنا وإن ظهر لك أنه لا علاقة له بصلب القضية.
وبخصوص استفسارك هنا فسأبين لك:
هذا القيد الذي أضفناه أنا وأنت يبطل به التعميم الذي أطلقتَه في عبارتك محل النقاش , فأنت الآن تخبرنا أن عبارتك تلك ليست دقيقة , بل يجب أن يستثنى منها ما أجمع عليه السلف. وما أجمع عليه السلف في التفسير على الخصوص كثير كثير (انظر رسالة الإجماع في التفسير , للدكتور محمد بن عبد العزيز الخضيري) , والقدر الباقي بعد ذلك من أقوال السلف في التفسير سيكون موضوع الوقفة الثانية فيما يأتي.
وبهذا يتبين لك أن هذا (التفريع) من صلب القضية , وأثره كبير فيها , واتفاقنا فيه بشارة اتفاقنا في غيره مما يأتي بإذن الله.
حسناً عندي سؤالين وأتمنى منك الإجابة عليهما:
ما رأيك بالنص المطلق الذي جاء مقيداً في موضعٍ آخر، هل تعمل به على إطلاقه أو تحمله على المطلق؟
وما رأيك بالنص العام الذي جاء مُخصصاً في موضعٍ آخر، هل تأخذه على عمومه؟ أو تُخصصه بذلك المخصص؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Feb 2010, 05:43 م]ـ
يحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[09 Feb 2010, 06:49 م]ـ
يحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص.
أحسنت
لذا فإني ادعوك لتطبيق ذلك في كلامي الذي كتبته في بداية الموضوع
حيث إن كلامي كان عاماً في بدايته، ثم ذكرت في التفاصيل ما يدل على مرادي، وأني لم أقصد التعميم.
حيث نقلت كلام الإمام أحمد، ثم كلام ابن تيمية، فقلت:
يروى عن الإمام أحمد أنه قال: "لاينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا". وقال ابن تيمية: "من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك بل مبتدعا وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه".
ونقلي لكلامهما صريح بأني لا أعني المسائل التي وقع فيها الإجماع، وإنما أعني المسائل التي اختلف فيها الصحابة.
إذ المسائل المجمع عليها من الصحابة، والمعتبرة - في التفسير خاصة - قليلة جداً، وهي لا تمثل إلا جزءاً يسيراً من تفسير القرآن، وليست هذه محل نقاشنا.
الذي أريده:
إذا اختلف الصحابة في تفسير آيةٍ ما على قولين مثلاً، فهل يجوز إحداث قول ثالث خارج عن أقوالهم.
ظاهر كلام الإمام أحمد وابن تيمية، وكذا عامة السلفيين أنه لا يجوز الخروج عن أقوالهم، وهذا الذي أريده، وهو في نظري غير مُسلم، وأعده إغراقاً في تمجيد السلف وتقديس أقوالهم بغير حق، إذ ليس لهؤلاء المانعين أي مستند يجعلهم يمنعون الخلف من الزيادة على أقوال الصحابة في الأمور التي اختلفوا فيها.
ملخص القول:
أن مسائل الإجماع ليست محل نقاشنا وإقحامها في الموضوع لم أقصده وإن كانت عبارتي تحتمله، ولا تثريب في ذلك فنصوص القرآن تأتي أحيانا بصيغة العموم ويعرف المخاطب أن هذا العموم غير مراد، إما لقرينة في النص أو من السياق أو من مخصص في موضع آخر، أوغير ذلك، وهو أسلوب عربي غير منتقد البتة.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Feb 2010, 06:57 م]ـ
ما الذي أريده بالضبط من موضوعي هذا:
المشهور عند كثير ممن ينتمي للسلفية ويعظِّم أقوال السلف أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم.
وهذا في نظري إغراق في السلفية وغلو في تقديس أشخاصهم.
وعليه فلا بد من إعادة النظر في هذه القضية ومناقشتها بالحجج والبراهين حتى نخرج بنتيجة وهي:
هل يجوز مخالفة السلف؟ أو لايجوز؟
ولماذا يجوز؟ أو لا يجوز؟
هذه العبارة هي المحور , وقد أحسنتَ في تحديدها بوضوح , ولذلك حددتها بعدك قضيةَ النقاش , ولن أذهب لغيرها لمعرفة رأيك مادام بالإمكان أن أسألك عنه هنا.
فلنبق سوياً في هذا الإطار بارك الله فيك.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Feb 2010, 07:07 م]ـ
ثانياً:
نستفيد ممَّا سبق أن الصحابة إذا أجمعوا على قول لم يَجُز إحداث قولٍ ثانٍ بعدهم. ومثله:
لو اجتمعوا على قولين فقط في معنى الآية لم يجُز إحداث قولٍ ثالث بعدهم.
فإن كان هذا متفقاً عليه .. فنعم , وإن لم يكن فَفَرِّق بينهما: لماذا كان الأول مقبولاً عندك والآخر لا؟
ـ[أبو حسان]ــــــــ[09 Feb 2010, 07:50 م]ـ
لو اجتمعوا على قولين فقط في معنى الآية لم يجُز إحداث قولٍ ثالث بعدهم.
إذا اختلفوا على قولين هل تعده إجماعاً؟
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Feb 2010, 10:03 م]ـ
وافق أو خالف ثم فرِّق ثم اسأل.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[09 Feb 2010, 10:20 م]ـ
ثانياً:
نستفيد ممَّا سبق أن الصحابة إذا أجمعوا على قول لم يَجُز إحداث قولٍ ثانٍ بعدهم. ومثله:
لو اجتمعوا على قولين فقط في معنى الآية لم يجُز إحداث قولٍ ثالث بعدهم.
فإن كان هذا متفقاً عليه .. فنعم , وإن لم يكن فَفَرِّق بينهما: لماذا كان الأول مقبولاً عندك والآخر لا؟
كل الذي ذكرته هنا غير مُسلم ولا أوافقك عليه
فقولك: أن الصحابة إذا أجمعوا على قول لم يَجُز إحداث قولٍ ثانٍ بعدهم.
من قال هذا الكلام؟
مخالفة الإجماع شي، وإحداث قول بعدهم شيء آخر.
وقولك: ومثله: لو اجتمعوا على قولين فقط في معنى الآية لم يجُز إحداث قولٍ ثالث بعدهم
ومفهوم كلامك هذا أن اختلافهم على قولين أو ثلاثة أو أكثر هو إجماع على هذه الأقوال ولا يجوز الخروج عن هذا الإجماع.
وهذا اصطلاح لا أعلم أحداً قال به غير الشيخ نايف، إذ كيف يُسمى الخلاف إجماعاً؟
أفدنا بارك الله فيك، من من العلماء قال إن الصحابة كل أقوالهم هي في حكم الإجماع.
ثم إن اختلافهم يدل على أن ما قالوه صادر عن اجتهاد وإلا كيف يختلفون، وكيف يكون قولهم حجة وهو مختلف، هل الحق يختلف ويتعدد.
كلامك هذه يلزم منه تناقضات كثيرة
علماً بأن قولك هذا هو عين تعطيل العقل والتجديد والاجتهاد الذي ناديتُ في أول مقالي على التنديد به، وهو عين الضلال وإبطال الشريعة، وهو عين الغلو والجهالة في مقاصد الشريعة، ولا يوجد أحد من العلماء عمل به على مر العصور من لدن جيل التابعين إلى وقتنا هذا.
ثم يلزمك على اعتقادك هذا لوازم كثيرة كلها تؤل إلى تعطيل كثير من الأحكام التي اجتهد فيها أئمة كبار من بعد جيل الصحابة، فهل هي مبتدعة عندك؟ وأنهم آثمون باجتهاداتهم هذه؟
ويلزم أيضاً: أن كل العلماء الذين جاءوا بعد جيل الصحابة قد خالفوا الإجماع، إذ ليس أحد منهم إلا وقد قال قولاً من اجتهاده زائداً عما قال به الصحابة مما اختلفوا فيه.
فهل تعتقد هذه اللوازم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Feb 2010, 10:27 م]ـ
مخالفة الإجماع شي، وإحداث قول بعدهم شيء آخر.
ما الفرق عندك بين مخالفة الإجماع وإحداث قول بعد إجماعهم.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[09 Feb 2010, 11:15 م]ـ
ما الفرق عندك بين مخالفة الإجماع وإحداث قول بعد إجماعهم.
مخالفة الإجماع تعني: معارضة حكمٍ أو معنىً أجمع عليه الصحابة.
وأما إحداث قول بعد الإجماع فهو يعني: زيادة حكمٍ أو معنىً مستنبطٍ من النص لم يذكره الصحابة في إجماعهم، والنص يحتمل ما أجمعوا عليه ويحتمل ما أفاده من جاء بعدهم.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Feb 2010, 11:39 م]ـ
إحداث قول بعد إجماعهم مخالفة لإجماعهم , وقد تكلفت التفريق بما لم يسبقك إليه أحد , أما قولك:
والنص يحتمل ما أجمعوا عليه ويحتمل ما أفاده من جاء بعدهم.
فهذا أعظم أصل من أصول المبتدعة , لأنه ما من صاحب بدعة إلا ويستدل عليها بما هو محتمل من النصوص ولا يلتفت إلى إجماع الصحابة ولا غيرهم , بل يقول: نحن رجال وهم رجال.
ما قيمة الإجماع الذي أقررت به سابقاً إن كان يحل لك أن تأخذ بخلافه ممّا يحتمله النص عندك؟!
هذا يناقض ما اتفقنا عليه أولاً من أن ما أجمع عليه الصحابة يجب اتباعه ولو احتمل عندك سواه؛ لأن فائدة الإجماع عند الأمة تحديد المعنى المراد من المعاني المحتملة. فلا تنقض ما بنيناه.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[09 Feb 2010, 11:51 م]ـ
هات مثالاً واحداً على معنى لآية أجمع عليه الصحابة ويحتمل ما أفاده من بعدهم. وما حكم الأخذ بما أفاده من بعدهم مادام مخالفاً لإجماع الصحابة؟
أرجو أن لا يتحول النقاش للإجماع وتحريره
ونزولاً عند طلبك سأعطيك مثالاً على معنى لآية أجمع عليه الصحابة ويحتمل ما أفاده من بعدهم
مثاله: قوله تعالى: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) حيث حُكي الإجماع على أن المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النصارى. ومع ذلك فقد ذكر المفسرون ممن جاء بعد الصحابة بأن الآية ليست خاصة في اليهود والنصارى بل هي عامة في كل من تنطبق عليه هذه الأوصاف كما نبه على ذلك بعض المفسرين، ومنهم ابن كثير.
فهل تعد ذلك خرقاً للإجماع ومخالفة له؟
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[10 Feb 2010, 12:03 ص]ـ
هذا الطلب الأخير أزلته أثناء تحريري للمشاركة , فدعه وأجب عمّا قبله , فسيأتي وقته.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[10 Feb 2010, 12:04 ص]ـ
إحداث قول بعد إجماعهم مخالفة لإجماعهم , وقد تكلفت التفريق بما لم يسبقك إليه أحد
لم أتكلف هذا القول وقد ذكرت لك المثال وله نظائر عدة
ـ[أبو حسان]ــــــــ[10 Feb 2010, 12:09 ص]ـ
ما قيمة الإجماع الذي أقررت به سابقاً إن كان يحل لك أن تأخذ بخلافه ممّا يحتمله النص عندك؟!
الزيادة على الإجماع بمعنى أو حكم لا يُعارضه لا يعد مخالفة، كما تسميه أنت
وقد ذكرت لك مثالا يبين بجلاء هذا المعنى
ـ[أبو حسان]ــــــــ[10 Feb 2010, 12:14 ص]ـ
هذا يناقض ما اتفقنا عليه أولاً من أن ما أجمع عليه الصحابة يجب اتباعه ولو احتمل عندك سواه؛ لأن فائدة الإجماع عند الأمة تحديد المعنى المراد من المعاني المحتملة. فلا تنقض ما بنيناه.
لقد اضفت قيوداً من عندك لم نتفق عليها ولم أوافقك عليها
فأنا لم أقل: يجب اتباعه ولو احتمل عندي سواه
أنا قلت: يجب اتباع الإجماع ويحرم مخالفته
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[10 Feb 2010, 12:20 ص]ـ
قلت:
لعل هذه العبارة أدق:
إجماع الصحابة - بشروطه - في التفسير وغيره، يجب اتباعه، وليس من الغلو في شيء
وانتهينا من ذلك , وإذا فرغنا من شيء فلا يحل لأحد أن يرجع إليه بتقييد أو تقسيم أو زيادة أو نقص , وإلا لن ينتهي الكلام , ولن يبقى شيء ممّا بنيناه إن كان كلما استوى رجعتَ إليه بالنقض والتعديل.
وهنا يأتي دور مدير الحوار في ضبطه , فما نتفق عليه ينتهي الكلام فيه , ولا نرجع إليه إلا للبناء عليه والاحتكام إليه , ومتى رأى من أحدنا خلاف ذلك ينتهي المقام بالختام والسلام.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[10 Feb 2010, 12:21 ص]ـ
مثال مخالفة الإجماع - بمعنى معارضته-:
قوله تعالى: (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع) حيث إن هذا العدد مثنى وثلاث ورباع لا يدل على إباحة تسع - وإن كان النص يحتمله، وقد قال به بعض العلماء - للإجماع على أن الزيادة على أربع محرم.
ومثل هذا الإجماع يحرم مخالفته لأن المخالفة له في حكم المعارضة.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[10 Feb 2010, 12:31 ص]ـ
قلت:
وانتهينا من ذلك , وإذا فرغنا من شيء فلا يحل لأحد أن يرجع إليه بتقييد أو تقسيم أو زيادة أو نقص , وإلا لن ينتهي الكلام , ولن يبقى شيء ممّا بنيناه إن كان كلما استوى رجعتَ إليه بالنقض والتعديل.
وهنا يأتي دور مدير الحوار في ضبطه , فما نتفق عليه ينتهي الكلام فيه , ولا نرجع إليه إلا للبناء عليه والاحتكام إليه , ومتى رأى من أحدنا خلاف ذلك ينتهي المقام بالختام والسلام.
انتهينا من ماذا يا شيخ نايف؟
ماذا تعني عندك كلمة " اتباع " وما الضد لهذه الكلمة؟
وأيضاً ماذا تعني عندك جملة: ويحرم مخالفته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[10 Feb 2010, 01:05 ص]ـ
على الرغم من أن أصل الموضوع لم ندخل فيه حتى الآن، إلا أني ما زلت مسترسلاً معك أخي أبا بيان في تفريعاتٍ أراها قد أبعدت النجعة عن أصل الموضوع، وما زلت انتظر حتى الآن النتيجة التي تريد الوصول إليها.
علماً بأن أصل الموضوع هو قولي:
"المشهور عند كثير ممن ينتمي للسلفية ويعظِّم أقوال السلف أنه لا يجوز مخالفة السلف في التفسير أو إحداث قول بعدهم"
وبينت أن مرادي من هذه العبارة هو ما اختلفوا فيه لا ما أجمعوا عليه.
فما بالك حولت النقاش وجعلته في مخالفة الإجماع؟
وما شأن الإجماع في هذه المسألة؟
وكيف جعلت خلاف الصحابة إجماعاً؟
وكيف جعلت الخروج عن أقوالهم - التي اختلفوا فيها - مخالفاً للإجماع؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Feb 2010, 12:15 م]ـ
الذي أراه أن الأخ نايف الزهراني يسير في الاتجاه الصحيح في النقاش، وأن الأخ أبو حسان يتنصل مما يقر به، والمشاركات كلها مكتوبة فلا داعي لإعادة الإشارة إليها.
ولذلك أطلب من الأخ أبي حسان البقاء في دائرة النقاش فعلاً دون طرح أسئلة تخرج بالنقاش عن مساره.
هل الصحابة رضي الله عنهم إذا أجمعوا على قول في التفسير يجوز إحداث قول ثانٍ في التفسير بعدهم؟ وأرجو التنبه يا أبا حسان إلى أن الكلام في التفسير لا في الاستنباط من الآيات.
وهل إذا قالوا بقولين لا ثالث لهما يجوز إحداث قول ثالث بعدهم في التفسير؟ ودعك من الاستنباط من الآيات فهو أمر مختلف.
والحوار يتابعه كثيرون يا أبا حسان ويا أبا بيان، ولستُ أنا الوحيد الذي يمكن أن يقول هذا، فلو تدبرتم في عباراتكم، فلن نعود إلى عبارات أحد منكم فنحمل العام على الخاص والمطلق على المقيد كما نصنع مع الوحي حفظكم الله، وإنما سنأخذه بما يقرره في آخر عباراته.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[10 Feb 2010, 01:09 م]ـ
لنحصر حديثنا الآن في هذين الأمرين:
أولهما:
هل الصحابة رضي الله عنهم إذا أجمعوا على قول في التفسير يجوز إحداث قول ثانٍ في التفسير بعدهم؟
وأضيف: ولماذا؟
والثاني:
وهل إذا قالوا بقولين لا ثالث لهما يجوز إحداث قول ثالث بعدهم في التفسير؟
وأضيف: ولماذا؟
فتفضل أبا حسان.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[10 Feb 2010, 07:48 م]ـ
الذي أراه أن الأخ نايف الزهراني يسير في الاتجاه الصحيح في النقاش، وأن الأخ أبو حسان يتنصل مما يقر به، والمشاركات كلها مكتوبة فلا داعي لإعادة الإشارة إليها.
ولذلك أطلب من الأخ أبي حسان البقاء في دائرة النقاش فعلاً دون طرح أسئلة تخرج بالنقاش عن مساره.
هل الصحابة رضي الله عنهم إذا أجمعوا على قول في التفسير يجوز إحداث قول ثانٍ في التفسير بعدهم؟ وأرجو التنبه يا أبا حسان إلى أن الكلام في التفسير لا في الاستنباط من الآيات.
وهل إذا قالوا بقولين لا ثالث لهما يجوز إحداث قول ثالث بعدهم في التفسير؟ ودعك من الاستنباط من الآيات فهو أمر مختلف.
حسناً سنجعل الحوار حول هذين السؤالين وأتمنى أن لا نخرج مرة ثانية عن صلب الموضوع
ـ[أبو حسان]ــــــــ[10 Feb 2010, 09:11 م]ـ
هل الصحابة رضي الله عنهم إذا أجمعوا على قول في التفسير يجوز إحداث قول ثانٍ في التفسير بعدهم؟
حسناً سأجيب بالموافقة - تنزلاً - لا عن قناعة، ولكن حتى لا تكثروا من التشغيب والتشعيب، لأن هذا السؤال لا علاقة له البتة بموضوعنا، وقد ظننتم أني أقول به من لوازم كلامي، وسأقبل إلزامكم فأقول:
1 - إجماع الصحابة - بشروطه - في التفسير وغيره، يجب اتباعه، ويحرم مخالفته (وهذا ما أعتقده بلا إلزامات).
2 - إجماع الصحابة - بشروطه - على قول واحد في التفسير يجب اتباعه، ويحرم إحداث قول ثانٍ بعدهم. (وأستغفر الله من قولي يحرم لكني أقولها تنزلاً)
وهذا ما تريدونه وتعتقدونه وأنا موافق لكم، تنزلاً، لأرى ما تصلون إليه.
نزلنا لما تريدون، فماذا تريدون بعد هذا؟
لنختصر وندخل في النتيجة والحوار المباشر، ولا داعي لكثرة التتبع والإلزامات
علماً بأن النتيجة التي تريدون أن تصلوا إليها معلومة لدي مسبقاً وسأذكرها هنا للتذكير وحسب:
((إجماع الصحابة على قولين إجماع على إبطال ما عداهما، كما أن الإجماع على قول واحد إجماع على بطلان ما عداه، ولا فرق بينهما، ويلزم من أجاز إحداث قول مخالف لأقوالهم إذا اختلفوا أن يُجيز كذلك إحداث قول إذا أجمعوا.
وفي تجويز إحداث قول مخالف لأقوالهم يوجب نسبة الأمة إلى تضييع الحق؛ لأن اختلافهم على قولين اقتضى حصر الصواب فيهما فلو كان القول الثالث المُحدث حقاً لكانت الأمة قد ضيعته، وهذا غير جائز؛ لأن الأمة معصومة من الاجتماع على غير الحق)).
فهل هذا ما تريدون أن تصلوا إليه؟
إن كان هو فلنختصر ولنبدأ بتفنيد هذه النتيجة التي تريدون أن تصلوا إليها.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[10 Feb 2010, 09:18 م]ـ
وهل إذا قالوا بقولين لا ثالث لهما يجوز إحداث قول ثالث بعدهم في التفسير؟
نعم يجوز إحداث قول ثالث بعدهم.
ويجوز أيضا مخالفتهم.
لماذا؟
لأن اختلافهم - اختلاف تضاد طبعاً - يمنع أن يكون كل ما قالوا حقاً، لأن الحق واحد، ولا يجوز أن يكون القولين المتضادين حقاً في آن واحد.
ولأن اختلافهم يدل على أن ما قالوه مبني على اجتهاد، واجتهاد الصحابي ليس بحجة إذا لم يعضده الدليل، إلا إذا أجمعوا على اجتهاد واحد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[10 Feb 2010, 09:41 م]ـ
حسناً سأجيب بالموافقة - تنزلاً - لا عن قناعة، ولكن حتى لا تكثروا من التشغيب والتشعيب، لأن هذا السؤال لا علاقة له البتة بموضوعنا، وقد ظننتم أني أقول به من لوازم كلامي، وسأقبل إلزامكم فأقول:
1 - إجماع الصحابة - بشروطه - في التفسير وغيره، يجب اتباعه، ويحرم مخالفته (وهذا ما أعتقده بلا إلزامات).
2 - إجماع الصحابة - بشروطه - على قول واحد في التفسير يجب اتباعه، ويحرم إحداث قول ثانٍ بعدهم. (وأستغفر الله من قولي يحرم لكني أقولها تنزلاً)
وهذا ما تريدونه وتعتقدونه وأنا موافق لكم، تنزلاً، لأرى ما تصلون إليه.
نزلنا لما تريدون، فماذا تريدون بعد هذا؟
لنختصر وندخل في النتيجة والحوار المباشر، ولا داعي لكثرة التتبع والإلزامات
علماً بأن النتيجة التي تريدون أن تصلوا إليها معلومة لدي مسبقاً وسأذكرها هنا للتذكير وحسب:
((إجماع الصحابة على قولين إجماع على إبطال ما عداهما، كما أن الإجماع على قول واحد إجماع على بطلان ما عداه، ولا فرق بينهما، ويلزم من أجاز إحداث قول مخالف لأقوالهم إذا اختلفوا أن يُجيز كذلك إحداث قول إذا أجمعوا.
وفي تجويز إحداث قول مخالف لأقوالهم يوجب نسبة الأمة إلى تضييع الحق؛ لأن اختلافهم على قولين اقتضى حصر الصواب فيهما فلو كان القول الثالث المُحدث حقاً لكانت الأمة قد ضيعته، وهذا غير جائز؛ لأن الأمة معصومة من الاجتماع على غير الحق)).
فهل هذا ما تريدون أن تصلوا إليه؟
إن كان هو فلنختصر ولنبدأ بتفنيد هذه النتيجة التي تريدون أن تصلوا إليها.
هذا الكلام لا قيمة له في مقامنا هذا , ومن حملك أبا حسان على أن تكتب لنا ما نريده , اكتب ما تعتقده صراحة فهو موضوع النقاش , أمّا (التنزل) و (عن غير قناعة) فما أغنانا عنها؛ فإنا لا نتحاور حباً في الحوار ولقصد الحوار , معاذ الله.
لا تضجر أبا حسان , واصبر فإنا لا نحب ظلمك وتقويلك ما لم تقل , ومن أجل ذلك نترفق في المسائل ونجتهد في تحديدها؛ لنحملك على أحسن محمل ولا نعجل في الظن بك.
فأرجو أن تجيب على السؤال الأول مع تعليل ما تختاره عن قناعة , كما فعلت في السؤال الثاني وفقك الله وسددك.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[10 Feb 2010, 09:55 م]ـ
فأرجو أن تجيب على السؤال الأول مع تعليل ما تختاره عن قناعة , كما فعلت في السؤال الثاني وفقك الله وسددك.
أجبت على السؤال وآمل أن تضبط أعصابك قليلا وتقرأه مرة ثانية وستجد الإجابة.
وأما التعليل فكيف أعلل لشيء لا أؤمن به، هل تريدني أن ألفق حججا لأمور لا أعتقدها؟
لا أراك إلا تتهرب من أصل الحوار وحسب بكثرة التفريعات التي تشتت أصل الموضوع وتصرف القراء عن الحقيقة التي لا تريدون أن تعترفوا بها ولا تريدون أحداً أن يثلبكم بها.
إن كنت جاداً وتريد الحق فأعطنا النتيجة التي تريد أن تصل إليها دون تخليط وتخبيط، ومن غير لف ودوران، فنحن لنا ثلاثة أيام ننتظر ما تود أن تصل إليه ولم نصل لشيء حتى الآن، رغم أن الموضوع واضح وضوح الشمس في رابعة النهار، ورغم أني وافقتكم على ما تريدون، والموضوع لا يحتمل هذه التفريعات التي أكثرت منها بغير فائدة
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[10 Feb 2010, 10:45 م]ـ
وأما التعليل فكيف أعلل لشيء لا أؤمن به، هل تريدني أن ألفق حججا لأمور لا أعتقدها؟
وكيف تريدني أن أناقشك في أمر لا تعتقده؟ وما قيمة هذا النقاش؟
نحن لا نتسلى بهذا النقاش حتى تخبرنا بما نريد.
أخي أبا حسان .. كن صادقاً مع نفسك , وأجب بما تعتقد , ولا تخش لائماً؛ مادمت اعتقدته عن دليل وتعليل.
فما جوابك الذي تعتقده لا الذي كتبته لعيوننا , وما علة ما تذهب إليه؟
أمّا إن ضجرت , وآثرت أن تحتفظ باعتقادك لنفسك فأخبرنا حتى لا نكلفك ما لا تطيق. وفقك الله.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[10 Feb 2010, 11:05 م]ـ
الذي أعتقده:
أنه يحرم مخالفة الإجماع، ولا يحرم إحداث قول بعد الإجماع، على التفصيل الذي ذكرته سابقاً ومثلتُ له.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[11 Feb 2010, 12:01 ص]ـ
سألخص جوابي على السؤالين في قاعدة وبيانها , وهي:
(كل تفسير خالف تفاسير السلف فهو باطل)
إيضاحات:
(يُتْبَعُ)
(/)
- قلت: (تفسير) وهو بيان معاني القرآن الكريم؛ ليخرج به الاستنباط وهو المعاني المستخرجة بعد معنى الآية بعلاقة بينهما.
- وقلت: (خالف) أي عارض وناقض؛ ليخرج ما وافق أقوالهم.
- وقلت: (تفاسير)؛ ليشمل القول الواحد للسلف فما فوق ممّا تعددت فيه أقوالهم.
بيان القاعدة:
إن أقوال السلف في بيان معاني الآيات حُجَّة يعتمد عليها ويحتكم إليها , ولا تجوز مخالفتها , والمراد بالمخالفة هنا: القول الذي يعارض أقوال السلف , أو يناقضها.
وعِلَّةُ ذلك أنه لا يجوز أن يغيب عنهم شيء من دين الله فلا يعلموه , أو أن يعلموه فيكتموه عمَّن يعدهم , ومن خالف ذلك لزمه القول بباطلٍ كثير؛ من نحو:
- عدم تمام بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن كما أمر الله -وهذا قدح في النبوة- ,
- وعدم وضوح وبيان القرآن في نفسه وأن منه ما لا يُفهَم -وهذا قدح في القرآن- ,
- وكذا تجهيل الصحابة , أو تخوينهم -وهذا قدح في عدالة الصحابة- ,
.. وغير ذلك ممَّا لا يقول به مسلم.
فإذا انضاف إلى ذلك معرفة ما خَصَّ الله به أولئك السلف من:
- سعة العلم
- ودقة الفهم
- وسلامة الدين ,
وما قَدَّم الله به الصحابة من:
- نزول القرآن بلسانهم
- ومشاهدة التنزيل
- والظفر بصحبة نبي الله صلى الله عليه وسلم ,
وما تكاثرت به النصوص في بيان فضل ومكانة الصحابة على الخصوص وخيرية القرون الثلاثة الأولى على العموم = علمنا وجه وجوب الاعتناء بأقوالهم واعتمادها في فهم كلام الله تعالى , وعدم مخالفتها بوجه.
وهذا واضحٌ فيما اتفقت فيه أقوالهم , أمَّا ما اختلفوا فيه فلا يخرج الحق فيه عن أقوالهم , فإنه إجماعٌ منهم على أن الحق في أحد تلك الأقوال , وهو بمثابة إجماعهم على قولٍ واحد.
ومن ثَمَّ فإحداث قولٍ زائد على أقوالهم في معاني الآيات باطلٌ , ولا حاجة إلى تقييد القول الزائد بما لا يحتمله لفظ الآية؛ لأن ما يحتمله لفظ الآية من الأقوال التي لم ترد عن السلف راجعٌ إلى أحد أقوال السلف في الآية ومبنيٌّ عليها ولابدّ , فكُلُّ قولٍ يصح حمل الآية عليه تفسيراً .. إمَّا أنه واردٌ عن السلف , أو مبنيٌ على أقوالهم ولابُدَّ.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[11 Feb 2010, 12:16 ص]ـ
سألخص جوابي على السؤالين في قاعدة وبيانها , وهي:
(كل تفسير خالف تفاسير السلف فهو باطل)
إيضاحات:
- قلت: (تفسير) وهو بيان معاني القرآن الكريم؛ ليخرج به الاستنباط وهو المعاني المستخرجة بعد معنى الآية بعلاقة بينهما.
- وقلت: (خالف) أي عارض وناقض؛ ليخرج ما وافق أقوالهم.
- وقلت: (تفاسير)؛ ليشمل القول الواحد للسلف فما فوق ممّا تعددت فيه أقوالهم.
بيان القاعدة:
إن أقوال السلف في بيان معاني الآيات حُجَّة يعتمد عليها ويحتكم إليها , ولا تجوز مخالفتها , والمراد بالمخالفة هنا: القول الذي يعارض أقوال السلف , أو يناقضها.
وعِلَّةُ ذلك أنه لا يجوز أن يغيب عنهم شيء من دين الله فلا يعلموه , أو أن يعلموه فيكتموه عمَّن يعدهم , ومن خالف ذلك لزمه القول بباطلٍ كثير؛ من نحو:
- عدم تمام بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن كما أمر الله -وهذا قدح في النبوة- ,
- وعدم وضوح وبيان القرآن في نفسه وأن منه ما لا يُفهَم -وهذا قدح في القرآن- ,
- وكذا تجهيل الصحابة , أو تخوينهم -وهذا قدح في عدالة الصحابة- ,
.. وغير ذلك ممَّا لا يقول به مسلم.
فإذا انضاف إلى ذلك معرفة ما خَصَّ الله به أولئك السلف من:
- سعة العلم
- ودقة الفهم
- وسلامة الدين ,
وما قَدَّم الله به الصحابة من:
- مشاهدة التنزيل
- والظفر بصحبة نبي الله صلى الله عليه وسلم ,
وما تكاثرت به النصوص في بيان فضل ومكانة الصحابة على الخصوص وخيرية القرون الثلاثة الأولى على العموم = علمنا وجه وجوب الاعتناء بأقوالهم واعتمادها في فهم كلام الله تعالى , وعدم مخالفتها بوجه.
وهذا واضحٌ فيما اتفقت فيه أقوالهم , أمَّا ما اختلفوا فيه فلا يخرج الحق فيه عن أقوالهم , فإنه إجماعٌ منهم على أن الحق في أحد تلك الأقوال , وهو بمثابة إجماعهم على قولٍ واحد.
ومن ثَمَّ فإحداث قولٍ زائد على أقوالهم في معاني الآيات باطلٌ , ولا حاجة إلى تقييد القول الزائد بما لا يحتمله لفظ الآية؛ لأن ما يحتمله لفظ الآية من الأقوال التي لم ترد عن السلف راجعٌ إلى أحد أقوال السلف في الآية ومبنيٌّ عليها ولابدّ , فكُلُّ قولٍ يصح حمل الآية عليه تفسيراً .. إمَّا أنه واردٌ عن السلف , أو مبنيٌ على أقوالهم ولابُدَّ.
قرأت كلامك الآن على عجل وأُحيي فيك هذه الروح العلمية التي طالما انتظرتها منك.
نعم هذه الروح العلمية التي أريد أن تكون في الردود فيما بيننا
لا تلك الإلزامات التي تذكرني بابن رشد وكتب الفلسفة والمنطق.
أخي أبا بيان:
كلامك مليء بالعبارات العلمية التي تحتاج إلى تأملٍ وتحقيق وهي قريبة جداً من صلب الموضوع، وهي تحتاج إلى وقتٍ للتأمل فأمهلني بارك الله فيك وجزيت خيراً
ولعل الوقت الآن متأخر فلعنا نُنسيء النقاش لغدٍ إن شاء الله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[11 Feb 2010, 12:30 ص]ـ
أمّا الاستنباط فبابه واسع , وقد شرع السلف فيه لمن بعدهم أعظم سبيل , وقد عشقت هذا الفرع من علم القرآن زمناً , وتتبعته دهراً , وكتبت فيه شيئاً ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=14563) .. ووالله لم أجد أدق فهماً ولا أكمل عقلاً , ولا أروع ولا أبرع من استنباطات السلف , هذا خبر من عاين وقايس , (ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد).
فما العقل والتجديد الذي حاربوه -كما في العنوان-؟
وأين عقل وتجديد من بعد السلف عن هذا الميدان الفسيح , ومن يمنعهم منه؟
الواجب على كل عاقل بعد السلف أن يتهم عقله ويلوم نفسه على التقصير في حمل ما تركوه والتجديد فيه , لا أن يلومهم على تقصيره هو وقلة فهمه عنهم.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[11 Feb 2010, 01:19 ص]ـ
أعرِّج على هذا المثال للفائدة فقط:
ونزولاً عند طلبك سأعطيك مثالاً على معنى لآية أجمع عليه الصحابة ويحتمل ما أفاده من بعدهم
مثاله: قوله تعالى: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) حيث حُكي الإجماع على أن المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النصارى. ومع ذلك فقد ذكر المفسرون ممن جاء بعد الصحابة بأن الآية ليست خاصة في اليهود والنصارى بل هي عامة في كل من تنطبق عليه هذه الأوصاف كما نبه على ذلك بعض المفسرين، ومنهم ابن كثير.
فهل تعد ذلك خرقاً للإجماع ومخالفة له؟
عزيزي أبا حسان
السلف مجمعون على أن اليهود مغضوب عليهم , والنصارى ضالون , لا على أن الآية لا تدل إلا عليهم , بل هم أولى من تنطبق عليهم , ويدخل فيها بعد ذلك كل من شمله وصفها.
وهو نص كلام ابن كثير لا كما فهمتَهُ منه رعاك الله. حيث قال:
(والمعنى: {اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم} ممن تقدم وصفهم ونعتهم، وهم أهل الهداية والاستقامة والطاعة لله ورسله، وامتثال أوامره وترك نواهيه وزواجره.
{غير} صراط {المغضوب عليهم} وهم: الذين فسدت إرادتهم، فعلموا الحق وعدلوا عنه.
{ولا} صراط {الضالين} وهم: الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق.
وأكد الكلام بـ {لا} ليدل على أن ثَمّ مسلكين فاسدين. وهما طريقتا اليهود والنصارى).
ثم قال بعد أن حكى أقوال السلف في أن المغضوب عليهم اليهود والضالين النصارى:
(وقال ابن أبي حاتم: ولا أعلم بين المفسرين في هذا اختلافًا) ثم فسر هذا الإجماع بقوله:
(وشاهد ما قاله هؤلاء الأئمة من أن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون، الحديث المتقدم، وقوله تعالى .. الخ).
ومن هذا نستفيد أن منشأ الخطأ في بعض أحكامنا .. عدم فهمنا لكلام السلف كما أرادوه.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[11 Feb 2010, 02:30 ص]ـ
أعرِّج على هذا المثال للفائدة فقط:
عزيزي أبا حسان
السلف مجمعون على أن اليهود مغضوب عليهم , والنصارى ضالون , لا على أن الآية لا تدل إلا عليهم , بل هم أولى من تنطبق عليهم , ويدخل فيها بعد ذلك كل من شمله وصفها.
وهو نص كلام ابن كثير لا كما فهمتَهُ منه رعاك الله. حيث قال:
(والمعنى: {اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم} ممن تقدم وصفهم ونعتهم، وهم أهل الهداية والاستقامة والطاعة لله ورسله، وامتثال أوامره وترك نواهيه وزواجره.
{غير} صراط {المغضوب عليهم} وهم: الذين فسدت إرادتهم، فعلموا الحق وعدلوا عنه.
{ولا} صراط {الضالين} وهم: الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق.
وأكد الكلام بـ {لا} ليدل على أن ثَمّ مسلكين فاسدين. وهما طريقتا اليهود والنصارى).
ثم قال بعد أن حكى أقوال السلف في أن المغضوب عليهم اليهود والضالين النصارى:
(وقال ابن أبي حاتم: ولا أعلم بين المفسرين في هذا اختلافًا) ثم فسر هذا الإجماع بقوله:
(وشاهد ما قاله هؤلاء الأئمة من أن اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون، الحديث المتقدم، وقوله تعالى .. الخ).
ومن هذا نستفيد أن منشأ الخطأ في بعض أحكامنا .. عدم فهمنا لكلام السلف كما أرادوه.
بما أنك تقدس كلام السلف وتتحرج من الخروج عن ألفاظهم كان الأولى بك أن تلتزم بعبارتهم وأن لا تخرج عنها.
هناك فرق بين قول: المغضوب عليهم اليهود.
وقول: اليهود مغضوب عليهم.
فقولنا: المغضوب عليهم اليهود يعني تفسير الآية وأنها معني بها اليهود، وهذا اللفظ هو المروي عن السلف.
وأما قولنا: اليهود مغضوب عليهم: فيعني أن اليهود من المغضوب عليهم، وهذا اللفظ هو عبارة عن خبر مستفاد من الآية وليس هو تفسيراً للآية.
وعبارة النبي صلى الله عليه وسلم جاءت باللفظ الأول حينما سُئل عن الآية، وكذا عبارة السلف عند تفسيرهم للآية.
وجاء اللفظ الثاني عن النبي صلى الله عليه وسلم كخبر دون سياق للآية.
وتأمل الأحاديث وتفاسير السلف تجد ما قلته بعينه.
وحكاية الإجماع نُقلت باللفظ الأول، لا باللفظ الثاني الذي ذكرته أنت.
قال أبو الليث السمرقندي: أجمع المفسرون أن المغضوب عليهم اليهود، والضالين أراد به النصارى.
وأما ابن أبي حاتم فإنه أورد الحديث باللفظ الأول ثم قال: ولا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافاً.
وليس هذا من صلب موضوعنا فآمل أن لا نُطيل فيه، وإنما علقت عليه لرفع اللبس الذي وقعت فيه حفظك الله ورعاك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[11 Feb 2010, 06:32 ص]ـ
وللفائدة أيضاً:
إذ المسائل المجمع عليها من الصحابة، والمعتبرة - في التفسير خاصة - قليلة جداً، وهي لا تمثل إلا جزءاً يسيراً من تفسير القرآن
قال الخضيري في كتابه (الإجماع في التفسير) صـ 95:
(أمّا الإجماع المتصل بتفسير القرآن الكريم فإن المفسرين لم يَنُصّوا عليه في جميع موارده التي وقع فيها إجماع في القرآن الكريم؛ وسبب ذلك عائدٌ -في نظري- إلى كثرتها إلى الحَدِّ الذي يصعب معه حصرها .. ولذلك فإنهم لا يكادون يذكرون الإجماع في تفسير لفظ أو تحديد معنى معين إلا لسبب يدعوهم لذكره) ثم ذكر جملةً من تلك الأسباب مع أمثلتها من كتب التفسير.
ونستفيد من هذا أن أحد أسباب الخطأ في أحكامنا .. التعجل وإطلاق الأحكام بلا تمحيص.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Feb 2010, 07:37 ص]ـ
وليس هذا من صلب موضوعنا فآمل أن لا نُطيل فيه، وإنما علقت عليه لرفع اللبس الذي وقعت فيه حفظك الله ورعاك.
بل هو من صلب الموضوع يا أبا حسان رعاكم الله. حيث إنَّ في كلامك ابتساراً وإيهاماً غير صحيح، والخلل في فهم هذا المثال معناه عدم القدرة أو عدم الثقة بالقدرة على توجيه أقوال السلف في التفسير عموماً، فأرجو التأني والتدقيق في هذه المسألة رعاكم الله. وما ذكره الأخ نايف هو الصواب في الموضوع.
وأرجو عدم التشويش بمثل عبارة: بما أنَّك تقدس كلام السلف وتتحرج من الخروج عن ألفاظهم. فهي غير مناسبة.
نحن نريد توثيق الكلام وحسن التوجيه له.
وأريد التنبيه على مسألة للقارئ الكريم ولكم أبا حسان:
أطلتم - بارك الله فيكم - في أكثر من موضع من أن للصحابة فضائل كثيرة ليس هذا مقام ذكرها وهذا صحيح، ولكنَّ الخلل فيه يكمن في أنَّ هذه الفضائل لا علاقة لها بالمنهج العلمي في أخذ أقوالهم، ولكن الذي نريد الحديث عنه أن المنهج العلمي المنضبط يقتضي الوقوف عند أقوالهم التي اتفقوا عليها لأسباب علمية لا علاقة لها بالفضائل المذكورة لهم في القرآن والسنة فهذه محض فضل من الله سبحانه وتعالى لهم رضي الله عنهم. ولكن هب أنه ليس لهم من تلك الفضائل شيء فإن المنهج العلمي يلزمك بالوقوف عند أقوالهم التي اتفقوا عليها أيضاً لأسباب منهجية علميَّة. وإنما أردت التنبيه على ذلك لأنك تحاول إيهامنا بأن الأخ نايف الزهراني يقدس أقوال السلف لمجرد فضائلهم التي وردت في القرآن والسنة، وهذا غير صحيح، وإنما لأن المنهج العلمي في فهم الكلام يقتضي ذلك لأسباب لا تخفى على من يعرف أصول التفسير والله الموفق.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[12 Feb 2010, 01:39 م]ـ
دكتور عبد الرحمن
والأستاذ نايف
ما رأيكم أن نُنسيء هذه المسائل الفرعية بعد أن ننهي النقاش حول أصل المسألة، حيث إننا لم ننتهي بعدُ منها
وحينما تنتهي المسألة ننتظر منكم يا دكتور عبد الرحمن مداخلة تلخص ما اتفقنا عليها وما اختلفنا عليه
ثم بعد ذلك يُفتح المجال للتعقيب على بعض المسائل التي تفرعت أثناء النقاش واختلفنا فيها، ليُبدي كل منا وجهة نظره.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[12 Feb 2010, 02:00 م]ـ
يتلخص من كل ما سبق أننا:
متفقون:
على أن الصحابة إذا أجمعوا على قول واحد في التفسير فإنه يحرم مخالفتهم.
ومتفقون:
على أنهم إذا أجمعوا على قول واحد في التفسير فإنه لا يجوز إحداث قول ثانٍ بعدهم مخالف لقولهم.
على أن العبارتين متقاربتين.
واختلفنا:
فيما إذا أجمعوا على قول واحد في التفسير فهل يجوز إحداث قول ثانٍ بعدهم، بمعنى هل يجوز الزيادة على ما أجمعوا عليه من غير مخالفة لهم.
الأخ نايف يرى عدم الجواز، وأنا أرى الجواز.
واختلفنا:
فيما إذا اختلف الصحابة في التفسير على قولين مثلاً، فهل يجوز إحداث قول ثالث بعدهم.
الأخ نايف يرى عدم الجواز، وأنا أرى الجواز.
وهناك مسائل أخرى وهي:
إذا لم يُنقل التفسير إلا عن أحدهم
وإذا لم ينقل في تفسير الآية شيء عنهم
وهذه سنتكلم عنها بعد أن نخلص من المسائل الأولى
فهل أنتم موافقون لهذا التحرير حتى ننطلق للذي بعده؟
إذا لم توافقوا على البعض فآمل إعادة تحريره باختصار من غير تعليق أو تعليل، لأننا سنذكرها فيما بعد.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[12 Feb 2010, 03:46 م]ـ
دكتور عبد الرحمن
والأستاذ نايف
ما رأيكم أن نُنسيء هذه المسائل الفرعية
لم أتكلم بحرف واحد خارج الموضوع , وقد أكدت لك وللمشرف الفاضل أنه حالما يراني خرجت بحرف يردني , ولم يقع شيء من ذلك بحمد الله.
أما أنت فكم أخرجت مسائل من صلب الموضوع ويردك الدكتور عبد الرحمن إليها.
ليس من الإنصاف أن تصنف الحوار كما تحب إلى: ما يناسبك فتجعله صلب الموضوع. وما أخطأت فيه ونبهناك عليه فتجعله مسائل فرعية!
كما ليس من الإنصاف أن تُنزّل كلامي على اصطلاحك الخاص الذي لم أوافقك عليه ولم أعلم قائلاً به قبلك.
فالأولى في نظري أن تركز حديثك على القاعدة التي ذكرتُها مع بيانها (المشاركة 115 , 117) , فبين رأيك فيها مباشرة سلمك الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[12 Feb 2010, 04:28 م]ـ
يتلخص من كل ما سبق أننا:
متفقون:
على أن الصحابة إذا أجمعوا على قول واحد في التفسير فإنه يحرم مخالفتهم.
ومتفقون:
على أنهم إذا أجمعوا على قول واحد في التفسير فإنه لا يجوز إحداث قول ثانٍ بعدهم مخالف لقولهم.
على أن العبارتين متقاربتين.
واختلفنا:
فيما إذا أجمعوا على قول واحد في التفسير فهل يجوز إحداث قول ثانٍ بعدهم، بمعنى هل يجوز الزيادة على ما أجمعوا عليه من غير مخالفة لهم.
الأخ نايف يرى عدم الجواز، وأنا أرى الجواز.
واختلفنا:
فيما إذا اختلف الصحابة في التفسير على قولين مثلاً، فهل يجوز إحداث قول ثالث بعدهم.
الأخ نايف يرى عدم الجواز، وأنا أرى الجواز.
وهناك مسائل أخرى وهي:
إذا لم يُنقل التفسير إلا عن أحدهم
وإذا لم ينقل في تفسير الآية شيء عنهم
وهذه سنتكلم عنها بعد أن نخلص من المسائل الأولى
فهل أنتم موافقون لهذا التحرير حتى ننطلق للذي بعده؟
إذا لم توافقوا على البعض فآمل إعادة تحريره باختصار من غير تعليق أو تعليل، لأننا سنذكرها فيما بعد.
ما رأي مشرفنا العزيز؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Feb 2010, 04:34 م]ـ
رأيي أنك لم تستطع الإبانة عما تريد فعلاً حتى الآن. وأن الأخ نايف واضح العبارات دقيقها بخلافك.
ولا أدري إلى أين تريد أن تذهب بنا؟
ـ[أبو حسان]ــــــــ[12 Feb 2010, 04:40 م]ـ
رأيي أنك لم تستطع الإبانة عما تريد فعلاً حتى الآن. وأن الأخ نايف واضح العبارات دقيقها بخلافك.
ولا أدري إلى أين تريد أن تذهب بنا؟
حسنا يا دكتور عبد الرحمن
ـ[أبو حسان]ــــــــ[12 Feb 2010, 04:44 م]ـ
فالأولى في نظري أن تركز حديثك على القاعدة التي ذكرتُها مع بيانها (المشاركة 115 , 117) , فبين رأيك فيها مباشرة سلمك الله.
حسنا يا أبا بيان
قولك:
(كل تفسير خالف تفاسير السلف فهو باطل)
رأيي أن هذه القاعدة - على التسليم بأنها قاعدة - على إطلاقها باطلة.
وما ذكرتَه من أدلة وتعليل لتأييدها هي في جملتها باطلة أيضا، من جهة الاستدلال لا من جهة الدليل.
هل أنا على المسار الصحيح يا مشرفنا العزيز
أعني في منهجية الحوار لا من الناحية العلمية
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Feb 2010, 06:32 م]ـ
نحن نتابع الحوار العلمي المنضبط الذين بين أخينا أبي حسان، وأخينا أبي بيان، ونفيد منه.
ولكن مشرفنا العزيز يمنع أي مداخلة ويحيل المداخلات جميعها على مواضيع مستقلة إلا أنه سمح لنفسه أن يقطع الحوار ولما ينته بعد، ومداخلته فيها توجيه وتأثير على الرأي العام.
نطلب من المشرف الكريم أن يكون محايداً.
وللجميع كل الاحترام والتقدير
ألم يطلب أخي أبو حسان رأيي؟ وقد بينته له.
وأما استبعاد أي مداخلة من غير الأخوين فحتى نوحد الحديث فحسب مع الاعتذار لكم جميعاً، ويمكن أن يكتب أحدنا رأيه في موضوع مستقل إن رأى ضرورة ذلك أو برسالة خاصة مثلاً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Feb 2010, 06:39 م]ـ
حسنا يا أبا بيان
قولك:
(كل تفسير خالف تفاسير السلف فهو باطل)
رأيي أن هذه القاعدة - على التسليم بأنها قاعدة - على إطلاقها باطلة.
وما ذكرتَه من أدلة وتعليل لتأييدها هي في جملتها باطلة أيضا، من جهة الاستدلال لا من جهة الدليل.
هل أنا على المسار الصحيح يا مشرفنا العزيز
أعني في منهجية الحوار لا من الناحية العلمية
نعم إن شاء الله.
وليتك أبنت أكثر عن وجه ردك على استدلالات الأخ نايف الزهراني. وهو يبين أكثر وجه الدلالة في الأدلة حتى نستفيد.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[12 Feb 2010, 07:39 م]ـ
(كل تفسير خالف تفاسير السلف فهو باطل)
هذه المقولة تمثل رأي السلفيين ممن يعظمون رأي السلف، وليست قاعدة كما يسمونها هم.
وهي عين ما صدرت به موضوعي، فبعد طول مناظرة من أخي نايف رجع ليقرر ما كنت أُندد به وأراه باطلاً في أول موضوعي، فعدنا بخفي حنين، وبعد جهد فسر الماء بالماء
وما الفرق بين مقولته هذه وما نقلته أنا عن الإمام أحمد
لا فرق إلا في الصياغة وحسب
وهي عين ما توقعت أن الأخ نايف يريد الوصول إليه في كل مقدماته وإلزاماته السابقة وقد نبهت على توقعي هذا في المشاركة رقم 109
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما بخصوص تفنيد هذه القاعدة المزعومة فقد ذكرت في صدر موضوعي ما يدل على بطلانها، وذكرت أيضاً أشياء أخرى في ثنايا تعليقاتي، وسوف أضيف غيرها إن شاء الله تعالى.
وأما بخصوص الأدلة التي ذكرها فسوف أجيب عليها إن شاء الله تعالى واحدا واحدا وسوف أذكر لوازم هذه القاعدة المزعومة والتي لا يقرون هم بلوازمها.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[13 Feb 2010, 01:17 ص]ـ
(كل تفسير خالف تفاسير السلف فهو باطل)
هذه المقولة تمثل رأي السلفيين ممن يعظمون رأي السلف
ألا تُعظم أنت رأي السلف؟!
ثم أنا من يحاورك فلماذا تحشر معي غيري؟
ولماذا النبز بالألقاب؟ هل رأيتني أسمي نفسي: سلفي؟
أليس بإمكاني أن أقول: إنك تتكلم بلسان عامة المبتدعة؟ لكني لم أقله؛ لأن أدب الحوار يحول بيني وبينه , ولأني إلى الآن أرى فيك أملاً , وميلاً إلى الحق إن شاء الله.
وليست قاعدة كما يسمونها هم
لا يوجد (هم) , ما ثمّة إلا أنا وأنت , فلا تذهب بعيداً.
وهي عين ما صدرت به موضوعي، فبعد طول مناظرة من أخي نايف رجع ليقرر ما كنت أُندد به وأراه باطلاً في أول موضوعي، فعدنا بخفي حنين، وبعد جهد فسر الماء بالماء
وما الفرق بين مقولته هذه وما نقلته أنا عن الإمام أحمد
لا فرق إلا في الصياغة وحسب
وهي عين ما توقعت أن الأخ نايف يريد الوصول إليه في كل مقدماته وإلزاماته السابقة وقد نبهت على توقعي هذا في المشاركة رقم 109
وأما بخصوص تفنيد هذه القاعدة المزعومة فقد ذكرت في صدر موضوعي ما يدل على بطلانها، وذكرت أيضاً أشياء أخرى في ثنايا تعليقاتي، وسوف أضيف غيرها إن شاء الله تعالى.
وأما بخصوص الأدلة التي ذكرها فسوف أجيب عليها إن شاء الله تعالى واحدا واحدا وسوف أذكر لوازم هذه القاعدة المزعومة والتي لا يقرون هم بلوازمها.
(صدرت , كنت , توقعت , نبهت , ذكرت , وذكرت) كلها أفعال ماضية , فلا تشتغل بها فقد قرأنا ما كتبت.
(وسوف , فسوف , وسوف) أكثرت من سوف رعاك الله.
لو استغنيت عن هذا الخطاب وعن مشاركاتك السبعة قبله وعلقت على كلامي مباشرة لوفرت علينا وقتاً ثميناً , ولا أدري لم هذا المطال؟
ـ[أبو حسان]ــــــــ[13 Feb 2010, 04:44 م]ـ
تفنيد القاعدة المزعومة: (كل تفسير خالف تفاسير السلف فهو باطل)
تفاسير الصحابة – رضوان الله عليهم - لأي آية قرآنية لا يخلو من أربع حالات:
الحالة الأولى:
أن يُجمعوا على تفسير واحد، وهذا نُسلم له إذا كان إجماعاً معتبراً بالشروط التي ذكرتها سابقاً، وهي: ثبوت الإجماع، وأن يكون له مستند من كتاب أو سنة، فإذا ثبت الإجماع بهذه الصورة - وثبوته قليل جدا - أخذنا به وقلنا يحرم مُخالفة إجماع الصحابة حينئذ.
هذا في المخالفة، أما في الزيادة على الإجماع فلا مانع منها بشرط أن لا تخالفه.
وحكايات الإجماع – على الرغم من كثرتها – إلا أني لا أُسلم لكثير منها، لأنها لا تثبت أمام البحث العلمي، وعلى سبيل المثال: كيف يحكي الإجماع شخص عاش في القرن الخامس الهجري؟ ومن سبقه بهذه الدعوى؟ وكيف علم به؟ وما أدراه أن الصحابة أجمعوا؟ وهل قراءته للتفاسير التي أُلّفت في جمع أقوال السلف تخوله أن يحكي الإجماع على غرارها؟ وهل يُسمى هذا إجماعاً؟ وما الفرق بين ما يحكيه هو من إجماع وما يحكيه الآخرون من أهل الفرق الأخرى من إجماعات؟ كيف نقبل من هذا ونرد ذاك؟ هل هو لأجل الشخص وانتمائه؟ وإذا كان الحديث لا يُقبل إلا مُسنداً فكيف نقبل الإجماع بلا سند؟ كل هذه الأسئلة تجعل كثيراً من هذه الإجماعات المحكية تتساقط أمام الحقيقة العلمية التي لا تعترف بمجرد الدعاوى، ولا تعترف بالمعلومة المغلفة بلباس القدسية لتمريرها على عقول كثير من الناس.
نعم نحن نُجل ونعظم نصوص الوحيين وندين الله تعالى بالاحتجاج والعمل بهما، ولكن بشروط كما هي معلومة قاسية في حق الأحاديث النبوية من علماء الحديث والجرح والتعديل، والذين بذلوا غاية الجهد في تمييز الصحيح من الضعيف، ووضعوا معايير قاسية تمنع تمرير أي حديث مكذوب، وتمنع أيضاً تمرير أي خطأ من الرواة والتي تقع غالباً من غير قصد، وأما حكايات الإجماع فلم تلقَ أي تمحيص أو تدقيق بل أُخذت على التسليم من أي قائل، رغم خطورتها وكون الاحتجاج بها كالاحتجاج بنصوص الوحيين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليس المقام هنا لنقد هذا المصطلح الفضفاض الذي وللأسف لم يُحرر حتى الآن، وصارت تبنى عليه مسائل علمية خطيرة، وحتى تعلم صدق ما أقول راجع كتب الفقه والعقائد وانظر في كثير من الإجماعات، تجد أن من يحكيها عالم واحد أو اثنين أحدهما نقل عن الآخر، وكلاهما عاشا في زمن بعيد عن الزمن الذي يُفترض أن يكون وقع فيه الإجماع وهو زمن الصحابة، ثم تأمل كيف علموا بهذا الإجماع؟ وكيف سُلم لهم هذا الإجماع؟ ولو أنهم رووا حديثاً لم يُقبل منهم إلا بسند متصل، فكيف قُبل منهم هذا الإجماع، بمجرد دعوى منهم؟!
وأنا لا أُنكر حجية الإجماع، وهو عندي ملزم ويحرم مخالفته، ولكن بشروطه المعتبرة والتي ذكرت بعضاً منها.
الحالة الثانية:
إذا لم يُنقل التفسير إلا عن أحدهم.
وهذا يعده البعض إجماعا سكوتياً، وأنا لا أُسلم لهذا المصطلح، ولا أعد هذه الحالة من الإجماع، بل هي تابعة للحالة الرابعة وستأتي.
الحالة الثالثة:
إذا لم ينقل في تفسير الآية شيء عنهم.
وهذا في حد ذاته يُعد مسوغاً للاجتهاد لمن جاء بعدهم.
الحالة الرابعة – وهي الأهم وهي محور نقاشنا -:
إذا اختلف الصحابة في تفسير الآية على قولين فأكثر، فهل يجوز إحداث قول بعدهم؟
هذه المسألة هي التي سنشبعها بحثاً إن شاء الله تعالى.
إذا اختلف الصحابة في تفسير الآية على قولين فأكثر، فهل يجوز إحداث قول بعدهم؟
رأي جمهور السلفيين: أن الصحابة إذا اختلفوا في التفسير فإنه لا يجوز إحداث قول بعدهم.
وهذا الرأي قال به جمع منهم، كالإمام أحمد، والآجري، وابن تيمية، وابن القيم، وابن رجب، وابن عبد الهادي، وغيرهم، وقد أطنب ابن القيم في كتابه أعلام الموقعين - كعادته حينما ينتصر لفكرة معينة - في تقرير هذا المذهب وحشد الأدلة له، وما ذكره أخي أبو بيان يُعد بعضاً منه ولم يزد شيئاً.
وكل الذي ذكره ابن القيم وغيره ممن انتصر لهذا المذهب لا يُعد دليلاً بل هي تعليلات وانطباعات وتهويل وحشد لقصد نصر الفكرة لاغير.
والذي دعاهم لنصرة هذا المذهب هو ما حدث من آراء عقدية استجدت في الساحة الإسلامية بعد جيل الصحابة رضوان الله عليهم، فكان من ردة الفعل لهذه الآراء أن وضعت قواعد مغرقة في التقليد حتى يتمكنوا من غلق الباب عن كل رأي جديد، ولعل أقرب مثال لذلك نفي ابن تيمية للمجاز وكذا بعض تلاميذه، وفعلهم هذا مكابرة ومصادمة لحقيقة لا يمكن إنكارها، وإنما لجأوا للنفي حتى يغلقوا الباب على خصومهم ممن يرى تأويل الصفات متذرعاً بالمجاز اللغوي، فلاحظ كيف كابر منكروا المنجاز الحقيقة نصرة لمذهبهم.
وتأمل كلام الإمام أحمد – رحمه الله – بخصوص هذه المسألة تجد عين ما قلته، فإنه حينما سئل: هل لرجل أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا؟ فأجاب رحمه الله: "هذا قول خبيث، قول أهل البدع، لا ينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا".
فانظر كيف تم ربط المسألة بأهل البدع ويقصد بهم أرباب المقالات التي استجدت في الساحة الإسلامية.
هذا إن صح النقل عن الإمام أحمد، مع أني استبعد ثبوت ذلك عنه، حيث إن إمامته ومكانته التي حباه الله إياها تأبى صدور ذلك منه.
إن محاولة هؤلاء حشر الأمة بأقوال الصحابة وتحريم الخروج عليها هو من باب غلق الباب عن كل جديد، ومع الأسف لم يستطيعوا ولم يحسنوا لغة الحوار والمناظرة مع خصومهم، فلجأوا إلى لغة الإقصاء والمنع من محاورتهم وأفتوا بتحريم ذلك، وهل الحقيقة تُحجب بمجرد المنع؟
إن الدليل الذي يصمد أمام النقد هو الدليل الذي يستحق الإشادة ويُسلم له، وهذا لا يكون إلا من الكتاب والسنة بحيث يكون واضح الدلالة في المقصود، وكذا الدليل المعلل على أصول لا تقبل النقض.
إذا علمنا هذا فإن كل ما يذكره هؤلاء من تعليل لنصرة هذه الفكرة - أعني أصل مسألتنا - فإنه لايثبت أمام النقد العلمي، لأن الفكرة أُصلت أولاً بلا دليل ثم تكلفوا الأدلة لنصرتها ولتمريرها على العامة بحيث لا يُقبل بعد ذلك أي رأي يستجد من أي فرقة مهما كان في القوة.
وهذا هو أساس المشكلة برمتها.
وليتهم وقفوا عند هذا الحد وحسب، ولكنهم لجأوا أيضاً إلى أسلوب الإرهاب الفكري، فأصدروا الفتاوى المغرقة بالتطرف والمحذرة من كل قول جديد، حتى وصل الحال ببعضهم أن أصدروا فتاوى التكفير في حق كل رأي يخالف بزعمهم رأي السلف، وكنموذج على ذلك انظر الفتاوى الصادرة من بعض علماء الحنابلة في حكم من يقول القرآن مخلوق، تجد نسبة منها مغرقة بالتطرف حتى وصل الحال ببعضهم أن كفروا كل من يقول بخلق القرآن وإهدار دمه، وكتب العقائد والتاريخ شاهدة على ما أقول ومتاح قراءتها لكل من يريد الاطلاع على هذه الحقائق.
ومع الأسف فإن أبناء هذا العصر انساقوا خلف ما تم تأصيله في عصور قديمة ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث في أسباب هذا التأصيل ومدى موافقته للحقيقة، بل زاد الطين بله أن صرنا نقرر كل ما قالوه ونتعامل به مع واقعنا على أنه حقيقة مسلمة ولا يجوز أن نتعداها، مع أن الواقع اختلف جذريا فلم تعد كثير من تلك الأزمات الفكرية موجودة الآن، بل استجدت أزمات أخرى نحن بحاجة إلى تنزيل نصوص الوحيين عليها بأصول جديدة مغايرة كل المغايرة لتلك الأصول التي ولدت في حقبة معينة لأسباب معينة، وكان الأولى بها أن تموت مع أصحابها كما ماتوا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[14 Feb 2010, 06:50 م]ـ
تفاسير الصحابة – رضوان الله عليهم - لأي آية قرآنية لا يخلو من أربع حالات:
الحالة الأولى:
أن يُجمعوا على تفسير واحد، وهذا نُسلم له إذا كان إجماعاً معتبراً بالشروط التي ذكرتها سابقاً، وهي: ثبوت الإجماع، وأن يكون له مستند من كتاب أو سنة
شرطك الأول: (ثبوت الإجماع) يغني عن الثاني: (أن يكون له مستند من كتاب وسنة)؛ لأن الإجماع الثابت لا يمكن أن يكون على غير مستند وإن لم يحكوه , كما لا يمكن أن يقع إجماع على خلاف نَصٍّ أبداً.
إلا إن كنت لا تثق بإجماعات الصحابة وتتطلب معرفة النص بنفسك لتوافقهم أو تخالفهم فهذا أمر آخر , ولا أظن ذلك؛ لأنك ذكرت وجوب الأخذ بإجماع الصحابة وتحريم مخالفتها في لحاق كلامك.
فإذا ثبت الإجماع بهذه الصورة - وثبوته قليل جدا -
نعم ثبوته قليل جداً بحسب طريقتك الخاصة فيه؛ فأنت لا تقبل الإجماع إلا مُسنداً –كما سيأتي-! ولا تقبل إجماعاً يحكيه متأخر في القرن الخامس مثلاً.
وإلا فقد نقلت لك عمّن درس وبحث إجماعات المفسرين أنها تجل عن الحصر قال الخضيري في كتابه (الإجماع في التفسير) صـ 95:
(أمّا الإجماع المتصل بتفسير القرآن الكريم فإن المفسرين لم يَنُصّوا عليه في جميع موارده التي وقع فيها إجماع في القرآن الكريم؛ وسبب ذلك عائدٌ -في نظري- إلى كثرتها إلى الحَدِّ الذي يصعب معه حصرها .. ولذلك فإنهم لا يكادون يذكرون الإجماع في تفسير لفظ أو تحديد معنى معين إلا لسبب يدعوهم لذكره) ثم ذكر جملةً من تلك الأسباب مع أمثلتها من كتب التفسير. (المشاركة 120).
وفيما يأتي نتعرف على الإجماع عند أبي حسان أكثر:
وحكايات الإجماع – على الرغم من كثرتها – إلا أني لا أُسلم لكثير منها، لأنها لا تثبت أمام البحث العلمي، وعلى سبيل المثال: كيف يحكي الإجماع شخص عاش في القرن الخامس الهجري؟ ومن سبقه بهذه الدعوى؟ وكيف علم به؟ وما أدراه أن الصحابة أجمعوا؟ وهل قراءته للتفاسير التي أُلّفت في جمع أقوال السلف تخوله أن يحكي الإجماع على غرارها؟ وهل يُسمى هذا إجماعاً؟
كل هذا يُقال لك في الإجماعات -القليلة- التي تقبلها عن الصحابة:
- من حكى لك الإجماع؟
- ومن سبقك إليه؟
- وكيف علمت به؟
- وما أدراك أن الصحابة أجمعوا؟
- وهل قراءتك للتفاسير التي أُلّفت في جمع أقوال السلف تخولك أن تحكي الإجماع على غرارها؟
- وهل يُسمى هذا إجماعاً؟
وجوابك عنها هو جواب أولئك الأئمة الذين لا تقبل ما حكوه من إجماع.
على أني بخبرهم أوثق مني بما تعاينه , فأين علمك بالتفسير وبأقوال المفسرين من علم الثعلبي والواحدي والبغوي ومكي بن أبي طالب والماوردي وأبي المظفر السمعاني والراغب الأصفهاني والزمخشري وابن عطية -ممّن مَثَّلت لهم في القرن الخامس الهجري فقط-؟!
إنا ننقل ما حكوه ونتثبت منه ونقبله ما لم يثبت عندنا خلافه , ونثق بعلمهم , ونعلم أنهم إنما قالوه عن علم لا عن هوى , ومن أخطأ منهم في علمه أو قصده فيما حكاه سهل على الباحث معرفة ما أخطاه وتمييزه.
وسأعطيك مثالاً على أن تنظيرك في وادٍ وتطبيقك في وادٍ , وأن كثيراً ممّا تُنظر له لا واقع له:
قال أبو الليث السمرقندي: أجمع المفسرون أن المغضوب عليهم اليهود، والضالين أراد به النصارى.
وأما ابن أبي حاتم فإنه أورد الحديث باللفظ الأول ثم قال: ولا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافاً. (المشاركة 119).
قبلتَ هذا الإجماع واستدللت به مثالاً على ما أجمع عليه الصحابة , وقد حكاه أبو الليث السمرقندي (ت:375) وابن أبي حاتم (ت:327) وهما من علماء القرن الرابع الهجري. فكيف قبلته واعتمدته؟ أم الشأن عندك في القرن الخامس وما بعده , أمّا ما قبله فلا؟!
وما الفرق بين ما يحكيه هو من إجماع وما يحكيه الآخرون من أهل الفرق الأخرى من إجماعات؟ كيف نقبل من هذا ونرد ذاك؟
أخبرتك أنا نتثبت , وبعده نقبل ونرد ممّن كان , وقد ذكرت لك الزمخشري مع من سبق , ولسنا كغيرنا ممّن يقبل ويرد لاعتباراته وتصنيفاته الخاصة.
هل هو لأجل الشخص وانتمائه؟
لو تَحرَرتَ من هذه العقدة لاستبان لك شيء كثير , وكيف يدعي العقل والتجديد من حاصر عقله بمثل هذه الأطر الضيقة.
وإذا كان الحديث لا يُقبل إلا مُسنداً فكيف نقبل الإجماع بلا سند؟
(يُتْبَعُ)
(/)
إن كان قصدك أنا لا نقبل -ممّن يحكي الإجماع- نقله حتى يسنده عمّن قال بذلك الحكم من الأئمة = فهذا لم يقل به أحد , ولم يفعله أحد ممّن حكى الإجماع يوماً.
وإن كان قصدك أن من نقل الإجماع يلزمه أن يسنده عمّن أخذه منه , كنوعٍ من التثبت = فهذا حسن , وليس بلازم , بل لو أخبر العالمُ المجتهدُ المطلع على الأقوال في التفسير بإجماعهم على قول فيه = صحَّ قوله , وقُبلَ عنه حتى يثبت خلافه.
كل هذه الأسئلة تجعل كثيراً من هذه الإجماعات المحكية تتساقط أمام الحقيقة العلمية التي لا تعترف بمجرد الدعاوى، ولا تعترف بالمعلومة المغلفة بلباس القدسية لتمريرها على عقول كثير من الناس.
عزيزي أبا حسان
حين تنظر إلى تراثنا بهذا الإطار الضيق يصعب عليك فهم الأمور على حقيقتها كما هي.
نحن أكثر من يطالب بالدليل , ويعتمد على الدليل , ولولا ذلك لقبلنا كلامك من أوّل وهلة؛ حين أنزلت نفسك منازل الأئمة , وساويت رأسك بالرؤوس , وفي آخر مقالك من ذلك ما يُدهش.
ولا يُستغرَب ذلك ممن يقول عن السلف ما قلتَ , ومَن الإمام أحمد , والآجري , وابن تيمية، وابن القيم، وابن رجب، وابن عبد الهادي .. وغيرهم = عند الصحابة والتابعين وأتباعهم بالنسبة لك؟!
نعم نحن نُجل ونعظم نصوص الوحيين وندين الله تعالى بالاحتجاج والعمل بهما
ولأجل هذا أحببناك , وأهم من قول ذلك أن نجعله واقعاً لا شعاراً فقط.
ولكن بشروط كما هي معلومة قاسية في حق الأحاديث النبوية من علماء الحديث والجرح والتعديل، والذين بذلوا غاية الجهد في تمييز الصحيح من الضعيف، ووضعوا معايير قاسية تمنع تمرير أي حديث مكذوب، وتمنع أيضاً تمرير أي خطأ من الرواة والتي تقع غالباً من غير قصد
صدقت.
وأما حكايات الإجماع فلم تلقَ أي تمحيص أو تدقيق
أنت تخبر عن حَدِّ علمك , وبحسب ما سبق فمعلوماتك عن الإجماع محدودة , ولو تذكرتَ فقط (مراتب الإجماع) لابن حزم , و (نقده) لابن تيمية لتبين لك خطأ عبارتك , ناهيك عمّا كُتِب في إجماعات المفسرين على الخصوص.
إطلاق الأحكام بلا زمام هو أكثر ما نأخذه عليك أبا حسان , ولعل من أهم ما نستفيده هنا: أن نعدل في أحكامنا , ونزن ألفاظنا , ولا نبني أحكاماً على عواطف ومواقف لا تثبت عند التمحيص.
بل أُخذت على التسليم من أي قائل
ربما كما فعلتَ أنت , أمّا عند المحققين فلهم ميزانهم الذي ذكرتُ.
وليس المقام هنا لنقد هذا المصطلح الفضفاض الذي وللأسف لم يُحرر حتى الآن، وصارت تبنى عليه مسائل علمية خطيرة، وحتى تعلم صدق ما أقول راجع كتب الفقه والعقائد وانظر في كثير من الإجماعات، تجد أن من يحكيها عالم واحد أو اثنين أحدهما نقل عن الآخر، وكلاهما عاشا في زمن بعيد عن الزمن الذي يُفترض أن يكون وقع فيه الإجماع وهو زمن الصحابة، ثم تأمل كيف علموا بهذا الإجماع؟ وكيف سُلم لهم هذا الإجماع؟ ولو أنهم رووا حديثاً لم يُقبل منهم إلا بسند متصل، فكيف قُبل منهم هذا الإجماع، بمجرد دعوى منهم؟!
وأنا لا أُنكر حجية الإجماع، وهو عندي ملزم ويحرم مخالفته، ولكن بشروطه المعتبرة والتي ذكرت بعضاً منها.
نفس الكلام ونفس الجواب.
ـ[أبو حسان]ــــــــ[15 Feb 2010, 12:53 ص]ـ
الأدلة:
أول دليل ينقض هذه القاعدة المزعومة: أن مقرري هذه القاعدة هم أول من خالفها.
حيث نجد لهم أقوالاً كثيرة في التفسير وغيره لم تكن موجودة في عهد الصحابة رضوان الله عليهم، فماذا يعني هذا الأمر؟
ليس له إلا تفسير واحد وهو: أن هذه القاعدة وضعت لمقاصد من أهمها تضييق الدائرة على المخالفين بحيث يُمنعوا من كل رأي جديد يعجز أصحاب التوجه السلفي عن رده بالحجة والبرهان، وأما هم فينسون أو يتناسون ما يزيدونه من آراء واجتهادات من عند أنفسهم لم يقل بها أحد من السلف رضوان الله عليهم.
وأما نحن فنقول مرحبا بكل فكرة جديدة ومرحبا بالقائل مهما كان توجهه واعتقاده، ليقل ما شاء فأمامنا أسس وقواعد علمية محكمة نتحاكم إليها ولا نُصادر أي رأي لمجرد أنه خالفنا، ونتيح المجال لكل الأجيال بأن تقول ما تشاء وتفهم ما تشاء فالحقيقة هي التي ستصمد وتبقى، وسيتهافت كل باطل، وهذه سنن إلهية لا تتحول ولا تتبدل، وهي التي تدافع عن نفسها وتنتصر لنفسها، وهي بغنى عن كل فرقة تريد مناصرتها، والحقيقة كضوء الشمس لا تحجبها الأيد مهما تكاثرت.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكمثال صارخ على ما أقول:
روي عن مجاهد أنه فسر قول الله تعالى: (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) قال: "هو إقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش".
وقد أطبق عامة السلفيين من لدن عصر الإمام أحمد إلى وقتنا هذا على قبول هذا الأثر عن مجاهد، وعدّوا هذا الأثر في حكم المرفوع، وتواطؤا على وجوب الاعتقاد بما فيه، وتبديع كل من يرده، ورميه بأنه من الجهمية أو منحاز لهم.
قال أبو بكر الخلال في كتاب السنة: هذا الحديث – يعني أثر مجاهد - لا ينكره إلا مبتدع جهمي، فنحن نسأل الله العافية من بدعته وضلالته.
وقال: وقد سمعت هذا الحديث من غير واحد من مشيختنا ما رأيت أحداً رد هذا.
وقال أبو بكر بن إسحاق الصاغاني: لا أعلم أحداً من أهل العلم ممن تقدم ولا في عصرنا هذا إلا وهو منكر لما أحدث الترمذي من رد حديث محمد بن فضيل عن ليث عن مجاهد في قوله: (عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً) قال: يقعده على العرش، فهو عندنا جهمي يهجر، ونحذر عنه، فقد حدثنا به هارون بن معروف قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن ليث، عن مجاهد في قوله: (عسى أنْ يبعثك ربك مقاماً محموداً) قال: يقعده على العرش، وقد روي عن عبد الله بن سلام قال: يقعده على كرسي الرب جل وعز، فقيل للجريري: إذا كان على كرسي الرب فهو معه؟ قال: ويحكم، هذا أقر لعيني في الدنيا، وقد أتى عليّ نيف وثمانون سنة، ما علمت أنّ أحداً رد حديث مجاهد إلا جهمي، وقد جاءت به الأئمة في الأمصار، وتلقته العلماء بالقبول، منذ نيف وخمسين ومائة سنة، وبعد فإني لا أعرف هذا الترمذي ولا أعلم أني رأيته عند محدث، فعليكم رحمكم الله بالتمسك بالسنة والإتباع.
قال أبو بكر الخلال: وقال أبو بكر يحيى بن أبي طالب: لا أعرف هذا الجهمي العجمي – يريد الترمذي - لا نعرفه عند محدث ولا عند أحد من إخواننا!! ولا علمت أنّ أحداً رد حديث مجاهد: يقعد محمداً (ص) على العرش، رواه الخلق عن ابن فضيل، عن ليث، عن مجاهد، واحتمله المحدثون الثقات، وحدثوا به على رؤوس الأشهاد، لا يدفعون ذلك، يتلقونه بالقبول والسرور بذلك، وأنا فيما أرى أني أعقل منذ سبعين سنة، والله ما أعرف أحداً رده، ولا يرده إلا كل جهمي مبتدع خبيث يدعوا إلى خلاف ما كان عليه أشياخنا وأئمتنا، عجل الله له العقوبة، وأخرجه من جوارنا، فإنه بلية على من ابتلى به، فالحمد لله الذي عدل عنا ما ابتلاه به، والذي عندنا والحمد لله أنا نؤمن بحديث مجاهد، ونقول به على ما جاء به، ونسلم الحديث وغيره مما يخالف فيه الجهمية من الرؤية والصفات، وقرب محمد (ص) منه، وقد كان كتب إلي هذا العجمي الترمذي كتاباً بخطه ودفعته إلى أبي بكر المروذي، وفيه أنّ من قال بحديث مجاهد فهو جهمي ثنوي، وكذب الكذاب المخالف للإسلام، فحذروا عنه، وأخبروا عني أنه من قال بخلاف ما كتبت به فهو جهمي، فلو أمكنني لأقمته للناس وناديت عليه حتى أشهره ليحذر الناس ما قد أحدث في الإسلام، فهذا ديني الذي أدين الله عز وجل به، أسأل الله أنْ يميتنا ويحيينا عليه.
هذه بعض النقول من كتاب السنة للخلال فقط، وتأمل لغة الإقصاء والتبديع لكل من يخالف هذا الأثر، وكأن من يخالفه قد رد القرآن كله!
وقال الإمام أحمد بن حنبل: قد تلقّتها العلماء بالقبول، نُسلّم الأخبار كما جاءت.
وقال ابن راهويه: الإيمان بهذا الحديث والتَّسليم له ... ، وليس يُنكر حديث ابن فُضيل عن ليث عن مجاهد إلا الجهميّة.
وقال الورَّاق: من رَدَّ هذا الحديث فهو جهميّ.
وقال أبو داود السِّجستاني صاحب السُّنن: من أنكر هذا فهو عندنا مُتهمٌ، ما زال النّاس يُحدِّثون بهذا، يُريدون مُغايظة الجهمية؛ وذلك أن الجهميّة يُنكِرون أن على العرشِ شَيءٌ.
قال: ما ظننت أن أحدًا يُذكرُ بالسُّنّةِ يتكلَّم في هذا الحديث.
وقال أبو علي الزعفراني البُصيراني: ما أدركنا أحدًا يردّه؛ إلا من في قلبه بَلِيّة، يُهجَرُ، ولا يُكلّم.
وقال إبراهيم الحربي: هذا حدَّثَ به عثمان بن أبي شيبة في المجلسِ على رُؤوسِ النَّاسِ، فكم ترى كان في المجلس عشرين ألفًا؟ فترى لو أن إنسانًا قام إلى عُثمان فقال: لا تُحدِّث بهذا الحديث، أو أظهر إنكاره تراه، كان يخرج من ثَمّ إلا وقد قُتِلَ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل: سمعت هذا الحديث من جماعةٍ، وما رأيت أحدًا من المُحدّثين يُنكره، وكان عندنا في وقتِ ما سمعناه من المشائخ أن هذا الحديث إنّما تُنكره الجهمية.
وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: وبلغني عن بعض الجُهّالِ دفع الحديث بقلِّةِ معرفتِهِ في ردِّهِ مما أجازه العلماءِ ممن قبله ممن ذكرنا، ولا أعلمُ أحدًا ممن ذكرتُ عنه هذا الحديث إلا وقد سَلّم الحديث على ما جاء به الخبر، وكانوا أعلمَ بتأويل القرآن وسُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم ممن ردّ هذا الحديث من الجُهّال، وزعم أن المقام المحمود هو الشّفاعة لا مقام غيره.
وقال أبو بكر الآجري: وأما حديث مُجاهد .. فقد تلقّاه الشُّيوخ من أهل العلم والنَّقل لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تلَقّوها بأحسن تلقٍّ، وقبلوها بأحسن قبول، ولم يُنكروها، وأنكروا على من ردَّ حديث مُجاهدٍ إنكارًا شديدًا، وقالوا: من ردَّ حديث مجاهد فهو رجلُ سُوء.
قلت: فمذهبنا - والحمد لله - قبول ما رسمناه في هذه المسألة مما تقدّم ذكرنا له، وقبول حديث مُجاهد، وترك المعارضة والمناظرة في ردِّه، والله الموفق لكُلّ رشادٍ، والمعين عليه. اهـ
وأما ابن تيمية فإنه تلطف في عبارته تجاه هذا الأثر ولم نر فيه تلك الشدة التي يستعملها تجاه خصومة حيث قال في درء تعارض العقل والنقل: "حديث قعود الرسول صلى الله عليه وسلم على العرش رواه بعض الناس من طرق كثيرة مرفوعة وهي كلها موضوعة وإنما الثابت أنه عن مجاهد وغيره من السلف وكان السلف والأئمة يروونه ولا ينكرونه ويتلقونه بالقبول".
وأما ابن القيم فقد انتصر له أيضا حيث ذكر من قال به وسكت من غير تعليق، قال في بدائع الفوائد: (قال القاضي: صنف المروزي كتابا في فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم و ذكر فيه إقعاده على العرش، قال القاضي: وهو قول أبي داود وأحمد بن أصرم ويحيى بن أبي طالب وأبي بكر بن حماد وأبي جعفر الدمشقي وعياش الدوري وإسحاق بن راهويه وعبد الوهاب الوراق وإبراهيم الأصبهاني وإبراهيم الحربي وهارون بن معروف ومحمد بن إسماعيل السلمي ومحمد بن مصعب العابد وأبي بكر بن صدقة ومحمد بن بشر بن شريك وأبي قلابة وعلي بن سهل ولأبي عبد الله بن أبي عبد النور وأبي عبيد والحسن بن فضل وهارون بن العباس الهاشمي وإسماعيل بن إبراهيم الهاشمي ومحمد بن عمران الفارسي الزاهد وحمد بن يونس البصري وعبد الله بن الإمام أحمد والمروزي وبشر الحافي، وهو قول ابن جرير الطبري، وإمام هؤلاء كلهم مجاهد إمام التفسير وهو قول أبي الحسن الدارقطني) انتهى.
وحجة هؤلاء قاطبة في قبول هذا الأثر عن مجاهد: أن الأمة تلقته بالقبول.
لاحظ كيفية الاحتجاج، وكيف خرموا - بحجتهم هذه - قاعدتهم التي تقول: كل تفسير خالف تفاسير السلف فهو باطل.
وهنا نطرح عدة أسئلة: من هذه الأمة التي تلقت هذا الأثر بالقبول؟ وهل رأي السلفيين لوحدهم يمثل رأي الأمة بأجمعها؟ ومن خولهم بأن يكونوا الناطقين الرسميين عن الأمة؟ وكيف همشوا غيرهم ممن يرد هذا الأثر وهم جمهور الأمة ليكونوا هم الأمة وحدهم؟ وكيف تتلقى الأمة هذا الأثر بالقبول وهو من قول تابعي واحد لم يتابعه عليه أحد؟ وكيف تتلقى الأمة هذا الخبر بالقبول وليس له سند متصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟
ولست أدري تحت أي دليل أو حجة أو قاعدة أو أصل انطلقوا في تبديعهم لمن يرد هذا الأثر؟
وكيف حكموا على من رده بالظلال والبدعة مع أنه إنما رده لعدم ثبوته مرفوعا؟
ولست أدري كيف نجمع بين رأيهم هذا وبين ما اتفق عليه المحدثون والمفسرون قاطبة من عدم قبول تفسير التابعي لأمر غيبي إلا إذا اعتضد بدليل، وليس ثمة دليل هنا.
وكيف؟ وكيف؟ أسئلة لا تنتهي أبدا، ولكن كما قيل: إذا عُرف السبب بطل العجب.
إذا ما السر وراء ذلك؟
إن السر وراء ذلك كله هو إغراقنا في السلفية والتعصب المقيت لها، وسيرنا على خطى أتباعها دون وعي منا، ودون أن نُكلّف عقولنا ولو شيئا يسيراً لتحليل ما يقوله دعاة أتباع السلف، حتى صرنا نُسلم للقائل لا للمقولة، من باب الغلو والتعصب للأشخاص لا غير، فالله المستعان.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[15 Feb 2010, 08:00 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
الحالة الثانية والحالة الثالثة تقسيم ذهني مجرد لا واقع له , وهي مبنية على الرأي الباطل الذي قدمه أبو حسان في موقفه من أقوال السلف في التفسير , وجوابي عنهما هو ما قدمته في القاعدة وشرحها.
ومع أني لا أوافق على هذه القسمة إلا أني سأعلق عليها بقدر الحاجة:
الحالة الثانية:
إذا لم يُنقل التفسير إلا عن أحدهم.
وهذا يعده البعض إجماعا سكوتياً، وأنا لا أُسلم لهذا المصطلح
أهل العلم يفرقون بين القول المشتهر وغيره , وما خُطب به في الناس , وما سار في الأمصار , وما تداولته مجالس الصحابة , ونحو ذلك.
وما دمنا هنا نتكلم عن التفسير فهذا النوع إجماع صحيح , وإن لم تُسمِّه إجماعاً فهو حُجّة لازمة الاتباع والاعتبار؛ وبيان ذلك:
أن قول الصحابي هنا إمّا أن تحتمل الآية غيره , أو لا. فإن احتملت غيره فذاك , وإن لم تحتمل غيره: فإما أن يكون قول الصحابي صواباً , أو لا. فإن كان صواباً فلا إشكال , وإن كان خطأً فإمّا أن يبلغ غيره من الصحابة؛ وهنا لابد من أن ينكر عليه قوله؛ فإنهم لا يسكتون على باطل كما زكاهم الله: {كنتم خير أمّة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} , وإمّا أن لا يبلغ هذا القول الخطأ أحداً من الصحابة , ولا يُنقَل عنهم غيره؛ وهذا من أعظم الباطل أن يُقال: لم يُنقل عن الصحابة غير هذا القول الباطل. ويلزم منه ما سلف في بيان القاعدة.
وأنا لا أُسلم لهذا المصطلح، ولا أعد هذه الحالة من الإجماع، بل هي تابعة للحالة الرابعة وستأتي.
كلما رأيت (أنا) في أوّل كلامك أُشفقُ عليك؛ لأني أعلم أن وراءها عجيبة لا تسر , وهي هنا: أنك لا تسلم بهذا المصطلح ولا تعد هذا إجماعاً.
وأنا أعذرك في ذلك؛ لِمَا بان لنا من فهمك للإجماع ومقدار علمك به , لكن العجب هنا أنك لا تنفك تستدل علينا بهذا النوع؛ فكم ناديت في موضوعك هذا وغيره المشرفين ليناظروك , أو يردوا عنك , وحين تأخر جوابهم أعلنت إقرارهم ورضاهم وعدم قدرتهم على الحوار .. . فكيف تؤاخذهم وتحاسبهم بسكوتهم على ما تراه أنت خطأً , ولا تعتبر ذلك مع الصحابة , مع ما بين الجيلين علماً وديناً؟!
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[15 Feb 2010, 08:11 م]ـ
الحالة الثالثة:
إذا لم ينقل في تفسير الآية شيء عنهم.
وهذا في حد ذاته يُعد مسوغاً للاجتهاد لمن جاء بعدهم
هذه الحالة خاصة بخيال أبي حسان , ولا يقول بها إلا جاهلٌ بأقوالهم في التفسير , أو مُغالط؛ يعلم ويحيد.
كما بيّن لهم النبي صلى الله عليه وسلم بينوا لمن بعدهم , وكما نقلوا حروف القرآن نقلوا معانيه؛ بل الحاجة إلى نقل المعاني أمسّ وألزم.
فلا يقول بهذا من يعلم مقدار علم الصحابة وفهمهم ودينهم.
وهذا في حد ذاته يُعد مسوغاً للاجتهاد لمن جاء بعدهم
لا تستعجل على هذه فلم يحن وقتها.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Feb 2010, 08:48 ص]ـ
حتى لا يستمر النقاش إلى أجل غير مسمى، فسوف أتيح للأخ الدكتور أبي حسان الفرصة لكتابة كل ما عنده في الموضوع محرراً في موضوع واحد يستوفي فيه حججه وما يريد قوله، وأرجو ألا يزيد عن يومين أو ثلاثة من اليوم.
ثم أتيح للأخ الشيخ نايف الزهراني المجال للجواب.
ثم نختم هذا الحوار العلمي الذي سمَيناه مناظرة تجوزاً، وربما أطلب من بعض الزملاء في الملتقى التعقيب بأسماءهم على هذا الحوار إن قبلوا ذلك.
وأستميح الزملاء الذين تم استبعاد تعقيباتهم عذراً، حرصاً على بقاء الحوار بين الزميلين.
الثلاثاء 2/ 3/1431هـ
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[17 Feb 2010, 08:01 م]ـ
الحالة الرابعة – وهي الأهم وهي محور نقاشنا -:
إذا اختلف الصحابة في تفسير الآية على قولين فأكثر، فهل يجوز إحداث قول بعدهم؟
هذه المسألة هي التي سنشبعها بحثاً إن شاء الله تعالى
كلّ من قرأ يعلم أنك ما أشبعتها بحثاً , ولا أحسنت لها ردّاً , وما زلت كما كنت , وحين أقرأ أمانيك هذه أتذكر قول ابن الدّمينة في آخر قصيدة له أكثر فيها من الأماني , ثم قال:
أكثرت من ليتني لو كان ينفعني ... ومن مُنى النفس لو تُعطى أمانيها
(يُتْبَعُ)
(/)
كلما جئنا إلى هذه المسألة خطب فينا أبو حسان خطبة بليغة؛ فيها كل شيء إلا الدليل , وفيها ألوان التهم والتحقير وقلب مقاصد الأولين والآخرين , وألوان التعاظم والتعالي , ممّا يستحي العاقل من قراءته فضلاً عن كتابته.
فإذا انتهى الخطاب رجعت إلى نفسك تفتش عن بحث أو دليل فلا ترى شيئاً.
أدعو كلَّ قارئ منصف إلى قراءة جواب أبي حسان عن هذا السؤال , تجده .. لا جواب.
بل هو من أوّله إلى آخره صراعٌ نفسي مع السلفيين , وخصومة جائرة لا أعلم لها سبباً , ولا أرى لها مناسبة مع السؤال!!
ما أسهل الجواب عن (هل)؛ إما نعم أو لا , ثم اذكر دليلك , ثم فنّد ما تحب.
هكذا أصول البحث العلمي , وهكذا يفعل من يحسن الحوار.
أمّا هنا فلا بحث أصلاً , ناهيك عن (إشباعها بحثاً).
إذا اختلف الصحابة في تفسير الآية على قولين فأكثر، فهل يجوز إحداث قول بعدهم؟
رأي جمهور السلفيين: أن الصحابة إذا اختلفوا في التفسير فإنه لا يجوز إحداث قول بعدهم.
وهذا الرأي قال به جمع منهم، كالإمام أحمد، والآجري، وابن تيمية، وابن القيم، وابن رجب، وابن عبد الهادي، وغيرهم
سأخبرك عن (غيرهم) , وسأكثر عن غير (السلفيين) على تصنيفك:
- قال الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 1/ 268: (إذا اختلف أهل العصر في مسألة على قولين، هل يجوز لمن بعدهم إحداث قول ثالث؟
اختلفوا فيه: فذهب الجمهور إلى المنع من ذلك، خلافا لبعض الشيعة, وبعض الحنفية, وبعض أهل الظاهر) وبعد حكاية قول الغزالي والقاضي عبد الجبار قال 1/ 269: (والمختار في ذلك إنما هو التفصيل وهو أنه: إن كان القول الثالث مما يرفع ما اتفق عليه القولان، فهو ممتنع لما فيه من مخالفة الإجماع).
- وقال الرازي في المحصول 4/ 159: (إذا استدل أهل العصر بدليل أو ذكروا تأويلا ثم استدل أهل العصر الثاني بدليل آخر أو ذكروا تأويلا آخر فقد اتفقوا على أنه لا يجوز إبطال التأويل القديم لأنه لو كان ذلك باطلا وكانوا ذاهلين عن التأويل الجديد الذي هو الحق لكانوا مطبقين على الخطأ وهو غير جائز , وأما التأويل الجديد فإن لزم من ثبوته القدح في التأويل القديم لم يصح .. وإما إذا لم يلزم من صحة التأويل الجديد فساد التأويل القديم جاز ذلك والدليل عليه أن الناس يستخرجون في كل عصر أدلة وتأويلات جديدة ولم ينكر عليهم أحد فكان ذلك إجماعا).
- قال أبو إسحاق الشيرازي في اللمع في أصول الفقه 1/ 262: (واعلم أنه إذا اختلفت الصحابة في المسألة على قولين وانقرض العصر عليه لم يجز للتابعين إحداث قول ثالث. وقال بعض أهل الظاهر: يجوز ذلك. والدليل على فساد ذلك هو أن اختلافهم على قولين إجماع على إبطال كل قول سواهما , كما أن إجماعهم على قول واحد إجماع على إبطال كل قول سواه , فلما لم يجز إحداث قول ثان فيما أجمعوا فيه على قول واحد؛ لم يجز إحداث قول ثالث فيما أجمعوا فيه على قولين).
- وقال الغزالي في المستصفى 1/ 388: (إذَا اجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ؛ كَحُكْمِهِمْ مَثَلًا فِي الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَاةِ إذَا وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا فَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهَا تُرَدُّ مَعَ الْعُقْرِ، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى مَنْعِ الرَّدِّ. فَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ كَانَ الْمَصِيرُ إلَى الرَّدِّ مَجَّانًا خَرْقًا لِلْإِجْمَاعِ عِنْدَ الْجَمَاهِيرِ إلَّا عِنْدَ شُذُوذٍ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ , وَالشَّافِعِيُّ إنَّمَا ذَهَبَ إلَى الرَّدِّ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ بِجُمْلَتِهِمْ لَمْ يَخُوضُوا فِي الْمَسْأَلَةِ، وَإِنَّمَا نُقِلَ فِيهَا مَذْهَبُ بَعْضِهِمْ، فَلَوْ خَاضُوا فِيهَا بِجُمْلَتِهِمْ وَاسْتَقَرَّ رَأْيُ جَمِيعِهِمْ عَلَى مَذْهَبَيْنِ لَمْ يَجُزْ إحْدَاثُ مَذْهَبٍ ثَالِثٍ. وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ يُوجِبُ نِسْبَةَ الْأُمَّةِ إلَى تَضْيِيعِ الْحَقِّ إذْ لَا بُدَّ لِلْمَذْهَبِ الثَّالِثِ مِنْ دَلِيلٍ وَلَا بُدَّ مِنْ نِسْبَةِ الْأُمَّةِ إلَى تَضْيِيعِهِ وَالْغَفْلَةِ عَنْهُ، وَذَلِكَ مُحَالٌ).
(يُتْبَعُ)
(/)
- وقال في المسودة 1/ 289: (اذا اختلفت الصحابة على قولين لم يجز لمن بعدهم احداث قول ثالث يخرج عن أقاويلهم. نص عليه , وهو قول الجماعة , وأجازه بعض الناس؛ قال ابن عقيل: هو قول بعض الرافضة وبعض الحنفية. وقال ابن برهان: هو قول أصحاب أبى حنيفة وأهل الظاهر. وقال أبو الطيب: هو قول بعض المتكلمين. ورأيت بعض الحنفية يختاره وينصره , وقال الجوينى: هو قول شرذمة من طوائف الأصوليين).
- وقال الزركشي في البحر المحيط في الأصول 6/ 192: (إذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَصْرِ فِي مَسْأَلَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ، فَهَلْ يَجُوزُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ إحْدَاثُ قَوْلٍ ثَالِثٍ؟
فِيهِ مَذَاهِبُ:
الْأَوَّلُ: الْمَنْعُ مُطْلَقًا، وَهُوَ كَاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنْ لَا قَوْلَ سِوَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ. قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ إلْكِيَا: إنَّهُ الصَّحِيحُ، وَبِهِ الْفَتْوَى، وَقَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ: إنَّهُ مَذْهَبُنَا، وَجَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ فِي كِتَابِهِ، وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَكَذَا الرُّويَانِيُّ، وَالصَّيْرَفِيُّ، وَلَمْ يَحْكِيَا مُقَابِلَهُ إلَّا عَنْ بَعْضِ الْمُتَكَلِّمِينَ. قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: وَقَدْ رَأَيْته مَوْجُودًا فِي فُتْيَا بَعْضِ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ قَالَ هَذَا مُنَاقَضَةً، أَوْ غَلَطًا، أَوْ كَانَ يَذْهَبُ إلَى هَذَا الْمَذْهَبِ. وَكَذَلِكَ ابْنُ الْقَطَّانِ، لَمْ يَحْكِ مُقَابِلَهُ إلَّا عَنْ دَاوُد، فَقَالَ: إذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي حَدِّ السُّكْرِ، فَقِيلَ: ثَمَانُونَ، وَقِيلَ: أَرْبَعُونَ، فَهُوَ إجْمَاعٌ عَلَى نَفْيِ مَا عَدَاهُمَا، وَقَالَ دَاوُد: لَا يَكُونُ هَذَا إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهَا قَدْ وَقَعَتْ مُخَالَفَةٌ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ اللَّهِ فِيهَا الِاخْتِلَافَ. قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ غَيْرُ الَّذِي اتَّفَقُوا عَلَيْهِ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ ": هُوَ مَذْهَبُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ فِي رِسَالَتِهِ "، وَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ "؛ لِأَنَّهُ عَدَّ الْأُصُولَ، وَعَدَّ فِي جُمْلَتِهَا اخْتِلَافَ الصَّحَابَةِ.
وَالثَّانِي: الْجَوَازُ مُطْلَقًا. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: رَأَيْت بَعْضَ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يَخْتَارُهُ وَيَنْصُرُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ بَرْهَانٍ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَالظَّاهِرِيَّةِ، وَنَسَبَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي عِيَاضٌ إلَى دَاوُد.
وَالثَّالِثُ: -وَهُوَ الْحَقُّ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ- أَنَّ الثَّالِثَ إنْ لَزِمَ مِنْهُ رَفْعُ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ إحْدَاثُهُ، وَإِلَّا جَازَ، وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِي الرِّسَالَةِ " يَقْتَضِيهِ).
- وقال في شرح الكوكب المنير 1/ 409: ((وَإِذَا) كَانَ مُجْتَهِدُوا عَصْرٍ (اخْتَلَفُوا) فِي مَسْأَلَةٍ (عَلَى قَوْلَيْنِ حَرُمَ إحْدَاثُ) قَوْلٍ (ثَالِثٍ) مُطْلَقًا عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَصْحَابِهِ وَعَامَّةِ الْفُقَهَاءِ. قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: كَمَا لَوْ أَجْمَعُوا عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ , فَإِنَّهُ يَحْرُمُ إحْدَاثُ قَوْلٍ ثَانٍ. وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الرِّسَالَةِ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ وَالطُّوفِيُّ وَجَمْعٌ: إنْ رَفَعَ الْقَوْلُ الثَّالِثُ حُكْمًا مُجْمَعًا عَلَيْهِ حَرُمَ إحْدَاثُهُ وَإِلَّا فَلَا. فَمِثَالُ مَا يَرْفَعُ الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ: إذَا رَدَّ بِكْرًا بِعَيْبٍ بَعْدَ وَطْئِهَا مَجَّانًا. فَهَذَا الْقَوْلُ يَحْرُمُ إحْدَاثُهُ).
(يُتْبَعُ)
(/)
- وقال في كشف الأسرار شرح أصول البزدوي 6/ 130: (أَنَّ الصَّحَابَةَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إذَا اخْتَلَفُوا فِي حَادِثَةٍ عَلَى قَوْلَيْنِ أَوْ أَقَاوِيلَ مَحْصُورَةٍ كَانَ ذَلِكَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا قَوْلَ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ سِوَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ، وَأَنَّ مَا خَرَجَ مِنْهَا بَاطِلٌ فَلَا يَجُوزُ إحْدَاثُ قَوْلٍ آخَرَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ. وَإِنَّمَا فَسَّرَ قَوْلَهُ: (إنَّهُمْ إذَا اخْتَلَفُوا) بِقَوْلِهِ: (أَعْنِي أَصْحَابَ النَّبِيِّ) وَعَطَفَ قَوْلَهُ: (وَكُلُّ عَصْرٍ مِثْلُ ذَلِكَ) أَيْضًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِي اخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ إجْمَاعٌ وَفِي اخْتِلَافِ مَنْ بَعْدَهُمْ اخْتِلَافٌ) , ثم قال في 6/ 131 – 132: (فَإِذَا اخْتَلَفُوا عَلَى أَقْوَالٍ كَانَ هَذَا إجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى حَصْرِ الْأَقْوَالِ فِي الْحَادِثَةِ إذْ لَوْ كَانَ وَرَاءَ أَقْوَالِهِمْ قَوْلٌ آخَرُ مُحْتَمِلٌ لِلصَّوَابِ لَكَانَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ إجْمَاعًا عَلَى الْخَطَأِ وَلَوَجَبَ نِسْبَةُ الْأُمَّةِ إلَى تَضْيِيعِ الْحَقِّ؛ إذْ لَا بُدَّ لِلْقَوْلِ الْخَارِجِ مِنْ دَلِيلٍ , وَلَا بُدَّ مِنْ نِسْبَةِ الْأُمَّةِ إلَى تَضْيِيعِهِ وَالْغَفْلَةِ عَنْهُ , وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ) أَيْ بِجَمِيعِ الْأُمَّةِ (الْجَهْلُ بِالْحَقِّ وَالْعُدُولُ عَنْهُ) , فَكَانَ اخْتِلَافُهُمْ عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِمْ عَلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ التَّنْصِيصِ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ مَا هُوَ الْحَقُّ حَقِيقَةً فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إلَّا الضَّلَالُ).
- وقال في التقرير والتحبير شرح التحرير 5/ 115: (مَسْأَلَةٌ (إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَةٍ) فِي عَصْرٍ مِنْ الْأَعْصَارِ (لَمْ يَجُزْ إحْدَاثُ) قَوْلٍ (ثَالِثٍ) فِيهَا (عِنْدَ الْأَكْثَرِ) مِنْهُمْ الْإِمَامُ الرَّازِيّ فِي الْمَعَالِمِ , وَنَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ , وَالشَّافِعِيُّ فِي رِسَالَتِهِ. (وَخَصَّهُ) أَيْ عَدَمَ جَوَازِ إحْدَاثِ ثَالِثٍ (بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِالصَّحَابَةِ) أَيْ بِمَا إذَا كَانَ الْإِجْمَاعُ عَلَى قَوْلَيْنِ فِيهَا مِنْهُمْ فَلَمْ يُجَوِّزْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ إحْدَاثَ ثَالِثٍ فِيهَا).
- وقال في غاية الوصول في شرح لب الأصول 1/ 105: ((فعلم) من حرمة خرقه (تحريم إحداث) قول (ثالث) في مسألة اختلف أهل عصر فيها على قولين (و) إحداث (تفصيل) بين مسألتين لم يفصل بينهما أهل عصر. (إن خرقاه) أي إن خرق الثالث والتفصيل الإجماع بأن خالفا ما اتفق عليه أهل عصر، بخلاف ما إذا لم يخرقاه).
إذاً .. هذا قول عامة الفقهاء وجمهور الأصوليين؛ ويكاد يكون إجماعاً منهم لولا خلاف شرذمة من الأصوليين , كما قاله الغزالي والجويني.
فأين: (سأشبعها بحثاً)؟!
وقد أطنب ابن القيم في كتابه أعلام الموقعين - كعادته حينما ينتصر لفكرة معينة - في تقرير هذا المذهب وحشد الأدلة له، وما ذكره أخي أبو بيان يُعد بعضاً منه ولم يزد شيئاً
اختصرتُ الكلام ولخصتُه -مراعاةً لك- .. ولم تُجب , وأطال ابن القيم وأطنب .. ولم تُجب , فماذا نفعل؟!
وكل الذي ذكره ابن القيم وغيره ممن انتصر لهذا المذهب لا يُعد دليلاً بل هي تعليلات وانطباعات وتهويل وحشد لقصد نصر الفكرة لا غير
وهذا الذي تفعله أنت هنا .. ماذا تسميه؟!
ابن القيم يا سادة ذكر ستةً وأربعين دليلاً على وجوب اتباع الصحابة وحجية أقوالهم؛ كلُّ دليل منها بشرحه وتعليله وبيانه تامّاً وافياً , مع التعرض للإيرادات واعتراضات المخالفين عليها والجواب عنها في كثير منها.
فأين الانطباعات والتهويل .. هنا أم هناك؟!
ولماذا تستخفُّ بعقولنا يا أبا حسان؟
والذي دعاهم لنصرة هذا المذهب هو ما حدث من آراء عقدية استجدت في الساحة الإسلامية بعد جيل الصحابة رضوان الله عليهم، فكان من ردة الفعل لهذه الآراء أن وضعت قواعد مغرقة في التقليد حتى يتمكنوا من غلق الباب عن كل رأي جديد
(يُتْبَعُ)
(/)
أحاديّة التفكير؛ وإرجاع الظواهر إلى سبب واحد .. أكبر دليل على ضعف العقل وضيق التفكير.
لا أدري كيف يدعي التجديد والعقل من يفكر هكذا؟!
أجزم أنك لم تقرأ (إعلام الموقعين) كما ذكرت , أو –وأعيذك منها- قرأته وتكابر , فإنه يكاد يكون كله في ذم التقليد وأهله والنعي عليهم , والأمر بالنظر والاجتهاد كما كان الصحابة والأئمة بعدهم.
فأين القواعد (المغرقة) في التقليد؟!
وكل من سمَّيتهم مع ابن القيم؛ كالإمام أحمد وابن تيمية وابن رجب وابن عبد الهادي من أشد الناس ذَمّاً للتقليد وأعظمهم اجتهاداً وتجديداً في دين الله , وكتبهم والأئمة ممّن وافقهم وخالفهم يشهدون بذلك.
وهب أنهم نصروا ذلك القول فقط (ردَّة فعل) لآراء عقدية ظهرت بعد زمن الصحابة كما ذكرت؛ فلماذا يختاره وينصره: عامّة الفقهاء وجمهور الأصوليين؟!
لماذا نصّ عليه الإمام الشَّافِعِيُّ واختاره مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ والآمدي والرازي وأبو إسحاق الشيرازي والغزالي والجوينى والزركشي والْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ وإلْكِيَا وابْنُ بَرْهَانٍ والْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَكَذَا الرُّويَانِيُّ، وَالصَّيْرَفِيُّ وابْنُ الْقَطَّانِ وابْنُ مُفْلِحٍ وَالطُّوفِيُّ وزكريا الأنصاري وغيرهم وغيرهم. وبعضهم صاروا أئمة لبعض الآراء التي ظهرت بعد زمن الصحابة.
نحن لسنا أطفالاً أبا حسان حتى تغالطنا وتلبّس علينا هكذا.
إنا نعي ما نقرأ , ونفهم ما تقول , فلا تعد إلى هذا الأسلوب الساذج في الاستدلال.
ولعل أقرب مثال لذلك نفي ابن تيمية للمجاز وكذا بعض تلاميذه، وفعلهم هذا مكابرة ومصادمة لحقيقة لا يمكن إنكارها، وإنما لجأوا للنفي حتى يغلقوا الباب على خصومهم ممن يرى تأويل الصفات متذرعاً بالمجاز اللغوي، فلاحظ كيف كابر منكروا المنجاز الحقيقة نصرة لمذهبهم
لا يخفى على القارئ كيف انحرفت بالموضوع لتصل به إلى هذا , وللأسف فهمك له ليس بأحسن من فهمك لما قبله , فلن ننجرّ معك إليه.
وتأمل كلام الإمام أحمد – رحمه الله – بخصوص هذه المسألة تجد عين ما قلته، فإنه حينما سئل: هل لرجل أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا؟ فأجاب رحمه الله: "هذا قول خبيث، قول أهل البدع، لا ينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا".
فانظر كيف تم ربط المسألة بأهل البدع ويقصد بهم أرباب المقالات التي استجدت في الساحة الإسلامية
من أعظم آثار جواب الإمام أحمد هذا = غلق الباب أمام البدع وأهلها , ولا ينكر هذا أحد , وهذا ممّا أوجبه الله علينا , وأمرنا به رسوله صلى الله عليه وسلم , وهذه نتيجة طبيعية لاتباع أقوال الصحابة والاحتجاج بها , فلماذا تغضب من هذا أبا حسان؟!
أجمع المبتدعة على عدم اعتبار أقوال الصحابة فيما اختلفوا فيه وفيما اتفقوا فيه. وتأمّل هذا تجده جليّاً في كل طائفة أحدثت ما لم يكن على زمن رسول الله وأصحابه , فكل المبتدعة مشتركون في هذا.
وقد تنبه لهذا رؤوس المبتدعة وأهل الكلام في تاريخ الإسلام , واجتهدوا في تجاوزه مبكراً , وأصّلوا لذلك أصولاً تضمن لهم فهم النصوص بعيداً عن فهم الصحابة رضي الله عنهم , وأبرزها:
- تقديم العقل على النقل.
- وفهم القرآن بلسان كل زمان.
واقرأ ما قاله الإمام أبو الحسن الأشعري مبيناً وجه فساد تفسير شيخه أبي علي الجُبّائي , حين قال: (ورأيت الجبائي ألف في تفسير القرآن كتاباً أوَّلَه على خلاف ما أنزل الله عز وجل , وعلى لغة أهل قريته المعروفة بِجُبّى –بين البصرة والأهواز- , وليس من أهل اللسان الذي نزل به القرآن , وما روى في كتابه حرفاً واحداً عن أحد من المفسرين , وإنما اعتمد على ما وسوس به صدره وشيطانه). السير 14/ 183 , وشذرات الذهب 4/ 18,130.
نعم لا ينبغي لأحد أن يخرج عن أقاويل الصحابة إذا اختلفوا , ومن خرج عنها ابتدع ولا بد؛ لأن الله تعالى ضمن لنا أن الحق فيها , وكذا رسوله صلى الله عليه وسلم.
هذا إن صح النقل عن الإمام أحمد، مع أني استبعد ثبوت ذلك عنه، حيث إن إمامته ومكانته التي حباه الله إياها تأبى صدور ذلك منه
من الطبيعي أن تشك في ثبوتها عنه؛ لأنها لا توافق هواك.
(يُتْبَعُ)
(/)
لا مزيد من التلبيس أبا حسان؛ ولا حاجة للظهور بمظهر الورع المتثبت , فقد أخبرتنا في أول كلامك أن هذا قول الإمام أحمد , ثم نقلت هذا عنه هنا منكراً عليه , ولا وجه لإنكار ثبوتها عنه وقد نقلها عنه القاضي أبو يعلى من رواية عبد الله ابن الإمام أحمد وأبي الحارث.
إن محاولة هؤلاء حشر الأمة بأقوال الصحابة وتحريم الخروج عليها هو من باب غلق الباب عن كل جديد
لماذا تستعجل النتائج؟ أين المنهج العلمي؟ وأين الاستدلال؟ بل أين العقل والإنصاف عن الدراسات التجديدية في التفسير والتي لا ينكرها إلا مكابر؟
أم لابد في التجديد أن يكون بالابتداع حتى تقبله؟
ومع الأسف لم يستطيعوا ولم يحسنوا لغة الحوار والمناظرة مع خصومهم، فلجأوا إلى لغة الإقصاء والمنع من محاورتهم وأفتوا بتحريم ذلك، وهل الحقيقة تُحجب بمجرد المنع؟
صدقت كان بالإمكان طردك , ومنعك من المشاركة في الملتقى , ولكن .. مازلنا نحاورك , وتقول ما تحب كما تحب , وحين أردت مجاملتنا في بعض المشاركات أبينا عليك إلا أن تأخذ حريتك في الكلام , وتطرح ما تعتقد.
فأيّ إنصاف أعظم من هذا؟!
وأين الإقصاء والمنع؟!
وأين أنت من عقل وحوار الكناني في (الحيدة) , وأبو حنيفة , وأحمد , والشافعي , وابن جرير , والباقلاني , وابن تيمية , وغيرهم كثير؟
إن الدليل الذي يصمد أمام النقد هو الدليل الذي يستحق الإشادة ويُسلم له، وهذا لا يكون إلا من الكتاب والسنة بحيث يكون واضح الدلالة في المقصود، وكذا الدليل المعلل على أصول لا تقبل النقض
ما أسهل الكلام أبا حسان .. حتى الآن ما رأينا في كلامك شيئاً من ذلك , فتقريرك في واد وتطبيقك في واد آخر.
إذا علمنا هذا فإن كل ما يذكره هؤلاء من تعليل لنصرة هذه الفكرة - أعني أصل مسألتنا - فإنه لايثبت أمام النقد العلمي، لأن الفكرة أُصلت أولاً بلا دليل ثم تكلفوا الأدلة لنصرتها ولتمريرها على العامة بحيث لا يُقبل بعد ذلك أي رأي يستجد من أي فرقة مهما كان في القوة.
وهذا هو أساس المشكلة برمتها
أعانك الله على فهمك , وأعاننا الله عليه.
(كُلّ ما يذكرونه .. لا يثبت أمام النقد العلمي) ,
وكيف ثبت كل هذه القرون؟
ولماذا لم ينقده أحد من العلماء - قبلك؟
بل لماذا لم تنقده أنت (نقداً علمياً)؟
وليتهم وقفوا عند هذا الحد وحسب، ولكنهم لجأوا أيضاً إلى أسلوب الإرهاب الفكري، فأصدروا الفتاوى المغرقة بالتطرف والمحذرة من كل قول جديد، حتى وصل الحال ببعضهم أن أصدروا فتاوى التكفير في حق كل رأي يخالف بزعمهم رأي السلف
(الإرهاب الفكري , التطرف , فتاوى التكفير) هذا كلام جرائد , انقله في الصحف الالكترونية والمواقع الفكرية وناقشه هناك.
ولا يقوله إنسان يحمل الدكتوراه في علم شرعي , فضلاً عن الدكتوراه في القرآن وعلومه؛ ولذلك أنا أشك في هذا.
ومع الأسف فإن أبناء هذا العصر انساقوا خلف ما تم تأصيله في عصور قديمة ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث في أسباب هذا التأصيل ومدى موافقته للحقيقة، بل زاد الطين بله أن صرنا نقرر كل ما قالوه ونتعامل به مع واقعنا على أنه حقيقة مسلمة ولا يجوز أن نتعداها، مع أن الواقع اختلف جذريا فلم تعد كثير من تلك الأزمات الفكرية موجودة الآن، بل استجدت أزمات أخرى نحن بحاجة إلى تنزيل نصوص الوحيين عليها بأصول جديدة مغايرة كل المغايرة لتلك الأصول التي ولدت في حقبة معينة لأسباب معينة
اقرأوا هذا بتمعن:
بل استجدت أزمات أخرى نحن بحاجة إلى تنزيل نصوص الوحيين عليها بأصول جديدة مغايرة كل المغايرة لتلك الأصول التي ولدت في حقبة معينة لأسباب معينة
هذه حقيقة دعوتك أبا حسان , أصولٌ جديدة لفهم القرآن , تقوم على ركنين:
الأول: أنها جديدة معاصرة.
الثاني: أنها مغايرة كل المغايرة لتلك الأصول القديمة التي ولدت في حقبة معينة لأسباب معينة.
كم سمعت هذا من العلمانيين والحداثيين وأصحاب القراءات الجديدة للقرآن الكريم , وكم سعت إلى هذا أمم الاستشراق ومراكز الدراسات الاستراتيجية الغربية , إنه –بالنص- ما يسعون إليه ويروجونه بكل وسيلة إعلامية أو ثقافية أو اجتماعية أو حتى سياسية.
أصول المبتدعة في فهم القرآن هي الأصول التي يدعوا إليها وينادي بها أعداء الإسلام صراحةً؛ لأنه لا سبيل لهم لتغيير أديان الناس ومفاهيمهم العقدية والشرعية إلا من خلالها.
هل رأيت أحداً من المستشرقين أو العلمانيين أو نحوهم يدعو الناس إلى التمسك بفهم الصحابة وتفسيرهم للقرآن وأن لا يخرجوا عنه أو يخالفوه؟!
وهذا ما أدركه عقل أولئك السلف؛ أن البدعة دهليز الكفر , ولذا حذروا منها أشد التحذير , بل اشتدت عبارتهم في ذلك , فلا تستغرب عبارة الإمام أحمد حين يصف قول من يخرج عن أقوال الصحابة أنه مبتدع خبيث. فجزاهم الله أعظم الجزاء وأوفاه.
ولا أدري أيّ دين سنكون عليه لو أخذ الناس برأي أبي حسان وأصوله في فهم القرآن من قديم؟
وكان الأولى بها أن تموت مع أصحابها كما ماتوا.
بعض أهل البدع ممّن سبق كانوا يجيدون الهدم .. ولا يحسنون البناء , أمّا أنت فلا تجيد الهدم ولا تحسن البناء.
هذه الأصول لن تموت لأنها الحق؛ والحق باقٍ ولو كره المجرمون.
ولأن من يعارضها من أهل الباطل ليسوا كفئاً لهدمها وإماتتها , بل لهم أعظم نصيب ممّا قال الله: {إن شانئك هو الأبتر}.
وها أنذا أخبرك أبا حسان:
لن تستطيع هدمها , ولن يستطيعه أحدٌ غيرك بإذن الله , وأقول هذا عن علمٍ ويقين , وحوارنا هذا مثالٌ يسير على ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[18 Feb 2010, 09:12 م]ـ
نزولاً عند رغبة أخي المشرف الدكتور عبد الرحمن فقد اختصرت كل ما أريد أن أقوله، وسيكون مجموعاً في هذه المشاركة لنختم به هذا الحوار.
من الأدلة على بطلان القاعدة المزعومة:
1 - أنه لا يوجد دليل من كتاب أو سنة يدل على أنه لا يجوز الخروج عن أقوال الصحابة في التفسير، كما أنه لا يوجد دليل من كتاب أو سنة يدل على أن الحق لا يخرج عن أقوال الصحابة في فهم وتفسير القرآن، والأدلة التي يذكرها من يعتقد ذلك كلها أدلة تدل على فضلهم لا على علمهم، وليس بين الفضل والعلم أي ارتباط.
وأتحدى – بلغة صاخبة - هؤلاء السلفيين أن يأتوا بدليل واحد من كتاب أو سنة يحرم الخروج عن أقوال الصحابة في التفسير، أو يوجب الأخذ بأقوالهم وطرح ما سواها.
2 - أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنهم كانوا يحرمون الخروج عن أقوالهم.
3 - أن الصحابة كانوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يفسرون بعض الآيات فيخطئون في تفسيرها فيصحح لهم النبي صلى الله عليه وسلم فهمهم، وهذا دليل على أن تفسيرهم مبني على الاجتهاد البشري المحض، وأنه قابل للخطأ والصواب فكيف يكون حجة يحرم مخالفته.
4 - أن الصحابة يختلفون أحيانا في تفسير بعض الآيات اختلاف تضاد، فكيف تكون جميع أقوالهم حقاً، إذ الحق لا يتضاد ولا يختلف.
5 - أن المنع من إحداث قول خارج عن أقوالهم أوقع المانعين في حرج شديد أمام المعاني القرآنية التي لم تُفهم إلا في أزمنة متأخرة، وعلى سبيل المثال: هناك الإعجاز العلمي في القرآن والذي كشف معاني جديدة لبعض آيات القرآن لم يكن الصحابة يعلمون بها، لأن معطيات الزمن عندهم لم تساعدهم على فهم هذه الحقيقة التي أشار لها القرآن الكريم، وهذا من أكبر الأدلة الحسية على بطلان هذه القاعدة المزعومة، لذلك وجدنا هؤلاء السلفيين يقصون هذا العلم ويحاربونه أي محاربة لأن إقرارهم ولو بشيء يسير منه يعني إبطال قاعدتهم المزعومة، وهذه مشكلة التقعيدات التي ما أنزل الله بها من سلطان، كم أضرت بهذا الدين؟ وكم جنينا من الويلات بسبب تأصيلات سُلمت على أنها في مقام نصوص الوحيين فجرت الويلات على الأمة، وأكبر شاهد على ما أقول فتنة التكفير التي نصطلي بلظاها اليوم دون أن نجرأ على تحليلها أو محاولة معرفة أسبابها.
6 - أن القول بأنهم يعلمون جميع معاني القرآن قول لا يستند إلى أي دليل من أثر أو معقول، بل الواقع يشهد بخلاف ذلك.
7 - أن القول بتحريم الخروج عن أقوالهم في التفسير فيه إضافة قدسية وعصمة للصحابة، وهو نوع من الغلو الذي حذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم.
8 - أن بعض معاني القرآن الكريم قد خفيت على الصحابة وفسروها تفسيرا فيه اختلاف كبير ولا ثمة دليل على ترجيح قول دون قول مما اضطر بعضهم للتوقف في تفسيرها، فكيف يُمنع بعد هذا أن يجتهد من جاء بعدهم في محاولة إيجاد تفسير جديد لم يهتد له الأوائل.
9 - أن الصحابة لم يتناولوا جميع القرآن بالتفسير، وإنما كانوا يفسرون ما يحتاج إلى تفسير دون توسع، وعليه فالقول بمنع الخروج عن أقوالهم يلزم منه ترك كثير من آي القرآن بلا تفسير، وهذا خلاف مقصد القرآن.
وأما تعليل أخي أبي بيان ((بأنه لا يجوز أن يغيب عن الصحابة شيء من دين الله فلا يعلموه , أو أن يعلموه فيكتموه عمَّن بعدهم , ومن خالف ذلك لزمه القول بباطلٍ كثير؛ من نحو:
- عدم تمام بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن كما أمر الله -وهذا قدح في النبوة- ,
- وعدم وضوح وبيان القرآن في نفسه وأن منه ما لا يُفهَم -وهذا قدح في القرآن- ,
- وكذا تجهيل الصحابة , أو تخوينهم -وهذا قدح في عدالة الصحابة- ,
.. وغير ذلك ممَّا لا يقول به مسلم)).
فجوابي عليه من وجوه:
أولاً: قوله: ((لا يجوز أن يغيب عن الصحابة شيء من دين الله فلا يعلموه))
أقول: ما دليلك على أنه لا يجوز أن يغيب عليهم شيء من دين الله فلا يعلموه، هذا يُقال في حق النبي صلى الله عليه وسلم، أما الصحابة فكيف نقول هذا في حقهم، وما علاقة هذا بالبلاغ، الصحابة مؤتمنون على نقل الوحيين وهم عدول في ذلك، أما فهمهم للوحيين فهم بشر كغيرهم، ولا يوجد دليل على أن فهمهم هو بمنزلة الوحي ولا يجوز خلافه.
ثانياً: قوله: ((ومن خالف ذلك لزمه القول بباطلٍ كثير؛ من نحو: - عدم تمام بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن كما أمر الله -وهذا قدح في النبوة))
أقول: ما علاقة فهم الصحابة للقرآن بالبيان، وهل تفسير الصحابة كله مأخوذ من النبي صلى الله عليه وسلم حتى تقول ذلك، ولازم هذا القول أن كل ما يقوله الصحابة في التفسير يُعد وحياً معصوما، وهذا هو عين التقديس والغلو فيهم، وهنا أقول كما قلت سابقا أعطوني دليلاً واحدا من كتاب او سنة يدل على أن ما يقوله الصحابة فهو معصوم من الخطأ، وهيهات أن تأتوا بدليل.
ثالثاً: قوله: ((ويلزم منه وعدم وضوح وبيان القرآن في نفسه وأن منه ما لا يُفهَم -وهذا قدح في القرآن-))
أقول هذا مكابرة، فإن الصحابة قد اختلفوا في التفسير وتوقف بعضهم في تفسير بعض الآيات، فماذا يعني هذا عندك؟ أليس هذا دليل صارخ بأن من القرآن مالا يعلمه الصحابة، وأقرب مثال على ذلك الحروف المقطعة هل تجزم بأن الصحابة كانوا يعلمون معناها.
رابعاً: قولك ((ويلزم منه تجهيل الصحابة , أو تخوينهم -وهذا قدح في عدالة الصحابة- ,))
أقول: وهل جهل الصحابي يقدح في عدالته أو يدل على خيانته؟ ولازم قولك أنهم يعلمون كل شيء، ولازمه أيضاً أن كل شي جهلوه أو فسروه بالخطأ فهو خيانة منهم، كلامك مغرق في التشدد والغلو، ولوازمه لو أقررتَ بها خشيتُ عليك من أمور تُخل في الاعتقاد.
والعجب أنكم جوزتم في حق النبي صلى الله عليه وسلم وقوع الذنب منه وتجرأتم في نسبة ذلك إليه، وهو عليه السلام معصوم من مواقعة الذنب، ولم تعطوه حقه الذي يستحقه بأبي هو وأمي، وأما الصحابة فرفعتموهم فوق مكانة النبوة، وأبيتم وقوع الخطأ منهم فضلا عن الذنب، وهذا شبيه بما يقوله الشيعة من خزعبلات وترهات وعصمة لأئمتهم، وسبب ذلك كله الغلو والتعصب ومكر الشيطان فالله المستعان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[19 Feb 2010, 06:57 م]ـ
التطبيق
فيما سبق كان يغلب على النقاش جانب التنظير والتأصيل مما يجعل التصور أحيانا لبعض القراء غير واضح، والآن سأعطي مثالاً تطبيقيا يوضح مقصدي من هذا الموضوع لعله يقرب وجهات النظر أكثر إن شاء الله تعالى.
في قوله تعالى: (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء).
هذه الآية لم يُنقل عن الصحابة في تفسيرها إلا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال – في قوله تعالى: {كأنما يصّعَّد في السماء} - قال: "كما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء فكذلك لا يقدر على أن يدخل التوحيد والإِيمان قلبه حتى يدخله الله في قلبه".
وقد أوضح هذا المعنى الذي أراده ابن عباس بعضُ التابعين، فروي عن عطاء الخرساني أنه قال: "كأنما يصعد في السماء يقول: مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد في السماء".
قال ابن عطية: " أي كأن هذا الضيق الصدر يحاول الصعود في السماء".
وهذا المعنى الذي فهمه ابن عباس للآية وفسرها على ضوئه نطرح حياله عدة أسئلة:
1 - هل هذا التفسير من ابن عباس يُعد في حكم المجمع عليه من قبل الصحابة؟
2 - هل يجوز نقد هذا التفسير المروي عن ابن عباس؟
3 - هل يجوز إحداث قول مخالف لهذا التفسير ومعارض له؟
من يرى أنه لا يجوز إحداث قول خارج عن أقوال السلف يجيب على جميع الأسئلة بعدم الجواز، ويرى أن هذا التفسير هو في حكم المجمع عليه ولا يجوز نقده ولا معارضته.
وعليه فإن التفسير الذي قال به دعاة الإعجاز العلمي في العصر الحديث يُعد معارضاً لهذا التفسير المنقول عن السلف، وعليه فيجب رده وعدم قبوله. (هكذا يقول السلفيون)
ونأتي الآن لبيان التفسير المعاصر الذي قال به دعاة الإعجاز العلمي حيث قالوا: معنى الآية أن من يرد الله إضلاله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كحال من يصعد في السماء، فإنه يجد صعوبة في التنفس بسبب انخفاض الضغط الجوي وقلة الأوكسجين.
والآية ليس معناها أن من أراد الله إضلاله فإنه يمتنع عليه الإيمان كامتناع الصعود إلى السماء على الإنسان – كما يقوله السلف - وإنما معناها أن من أراد الله إضلاله فإنه يجعل صدره ضيقا حرجا عن قبول الإيمان، فهو إذاً دائم الشعور بالضيق والحرج في صدره، وهذا الضيق سببه الكفر، وهذا الضيق الذي يشعر به في صدره يشبه الضيق الذي يحصل لمن يصعد في السماء، فإنه يجد صعوبة في التنفس مما يعكر عليه مزاجه.
وكما هو ملاحظ فإن هذا التفسير مغاير تماماً للمروي عن ابن عباس في تفسير الآية.
فهل نقول أخطأ ابن عباس في تفسير الآية؟
الذي أراه أن هذا التفسير من ابن عباس رضي الله عنهما لا يعدو أن يكون اجتهاداً منه في فهم الآية، وهذا الاجتهاد مبني على معطيات بشرية وزمنية، وهي قابلة للخطأ والصواب، وليس لها أي عصمة من الخطأ، وعليه فما المانع أن ننتقد هذا التفسير بنقد علمي ونعارضه بالتفسير العلمي المعاصر ونذكر أدلتنا التي تؤيد القول المتأخر على المتقدم.
ومما يمكن أن يوجه لأثر من ابن عباس من نقد أن يُقال:
1 - أن الآية جاءت بصيغة الظرفية في قوله: (في السماء) وهذا يفيد بأن التصعد يكون حقيقة في ظرف السماء، ولو كان المعنى على ما قال ابن عباس لجاءت الآية بلفظ (إلى السماء).
2 - أن تفسير ابن عباس يسلتزم تقديرا في الآية وهو "يريد" أو "يحاول" والقاعدة أنه إذا تعارض ظاهر الآية مع إحتمال التقدير قدم الظاهر.
3 - أن السياق يُعارض المعنى الذي قاله ابن عباس، فقوله: (يجعل صدره ضيقا حرجا) هذا الضيق والحرج لا يتأتى لمن يحاول أن يصعد إلى السماء، وإنما يحدث لمن يصعد حقيقة، كما كشف ذلك العلم الحديث.
4 - قوله: (يصعد) بتشديد الصاد يفيد التدرج بالصعود وهذا المعنى لا يتأتى على قول ابن عباس بأنه من يحاول الصعود، لأن من يحاول الصعود لا يكون منه تدرج في الصعود.
5 - أن قوله (يصعد) أصله يتصعد، والتصعد يعني وقوع التصعد حقيقة، بخلاف من يحاول الصعود فإنه لا يقع منه تصعد.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[20 Feb 2010, 01:27 ص]ـ
من لا يحسن فهم أقوال السلف .. لا يحق له محاكمتهم.
وهذا أساس مشكلة أبي حسان مع أقوال السلف , ومثاله السالف في {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} , مع هذا المثال هنا عن مجاهد دليل على ذلك.
الأدلة:
(يُتْبَعُ)
(/)
أول دليل ينقض هذه القاعدة المزعومة: أن مقرري هذه القاعدة هم أول من خالفها.
حيث نجد لهم أقوالاً كثيرة في التفسير وغيره لم تكن موجودة في عهد الصحابة رضوان الله عليهم
قولك إن لهم (أقوالاً كثيرة في التفسير لم تكن موجودة .. ) هذا أشد ما نحتاج إليه؛ فهلاّ أكثرت منه؟
من يريد هدم أصولٍ ثبتت قروناً ينبغي أن يتهيّأ بعشرات الأدلة , وينتقي من الأمثلة الوافرة , ويتخير من كثرتها؛ ليعيد الأمة إلى ما غفلت عنه , وما جهلته.
لكن مع إشكالية فهم الأمثلة , وما أراد به السلف .. كان لا بد لها أن تقل كثيراً.
وأنا أحمد الله على ذلك؛ فإن الأمثلة المذكورة –على قلتها- كافية في تحديد الصورة , وبيان الحال.
ومن العدل أن أقول: إن كثرة هذه الأقوال عند أبي حسان ربما جاءت من جهة عَدِّه التفسيرَ والاستنباطَ معاً.
وهذه إشكالية أخرى!
فلا علاقة للاستنباط بموضوعنا كما قررنا جميعاً –المتحاورون ومدير الحوار- منذ بدايته.
ومن لا يُفَرِّق بين التفسير والاستنباط ليس أهلاً أن يتكلم في هذه المسألة , وأبو حسّان من أوّل حوارنا هذا إلى آخره لم يتكلم في الاستنباط بشيء.
فماذا يعني هذا الأمر؟
لا بد أن يعني هذا عندك أمراً واحداً – كعادتك - ,
ولا بد أن يكون متعلقاً بالمقاصد – كما عوّدتنا -.
ليس له إلا تفسير واحد وهو: أن هذه القاعدة وضعت لمقاصد من أهمها تضييق الدائرة على المخالفين بحيث يُمنعوا من كل رأي جديد يعجز أصحاب التوجه السلفي عن رده بالحجة والبرهان
عقدة التآمر .. لا تليق بعقل يدعو إلى التجديد والانطلاق.
وأما هم فينسون أو يتناسون ما يزيدونه من آراء واجتهادات من عند أنفسهم لم يقل بها أحد من السلف رضوان الله عليهم
نعم نحن نجتهد كما اجتهدوا , وكما علّمونا أن نجتهد , ونجدد فيما نجتهد , ولا نحاصر عقولنا حيث يسعنا الانطلاق , وانظر إلى سعة وجِدّة وشمول دائرة العقل والنظر والتجديد والاجتهاد عندنا:
- نجتهد في تحديد ما أجمعوا عليه وتحقيقه.
- وفي الترجيح بين أقوالهم عند الاختلاف.
- وفي الاختيار من أقوالهم إذا اختلفوا.
- وفي الجمع بين أقوالهم حين تتغاير والمعنى واحد.
- وفي الزيادة عليها من جهة التفسير بالمثال وبجزء المعنى وباللازم.
- وفي تنزيل المعاني على الوقائع المستجدة.
- والاستشهاد بالآيات على الواقع.
- وفي كل ما كان وراء التفسير -وهو الباب الأعظم للنظر والتأمل والتجديد والاستخراج-.
فانظر ما أعظم وأجلّ مجال النظر عند أهل السنة وأتباع السلف.
وانظر أخرى: هل فيها الاجتهاد فيما لم يقله السلف رضوان الله عليهم؟
لا ولله الحمد؛ لأنهم كفونا مؤونة إصابة الحق –فيما اجتمعوا فيه وفيما اختلفوا- , وقد ضمنه الله لنا على أيديهم.
وأما نحن فنقول مرحبا بكل فكرة جديدة ومرحبا بالقائل مهما كان توجهه واعتقاده، ليقل ما شاء فأمامنا أسس وقواعد علمية محكمة نتحاكم إليها ولا نُصادر أي رأي لمجرد أنه خالفنا
ولذلك نقول: مرحباً بك أبا حسان معنا.
ونتيح المجال لكل الأجيال بأن تقول ما تشاء وتفهم ما تشاء
هذا يؤكد حقيقة دعوتك إلى فهم جديد معاصر يغاير تماماً الفهوم السابقة للقرآن الكريم.
واعتبر أني من هذه الأجيال التي تبيح لها أن تقول ما تشاء , وتفهم ما تشاء؛ فلماذا تُحرّم عليّ مخالفة إجماع الصحابة الثابت الذي أكّدت الأخذ به أوّل حوارنا؟!
وما قيمة اعتبار هذا الإجماع إن كان لكل أحد في كل زمان أن يفهم كما يشاء؟!
هل تعي معنى هذا أبا حسان؟
بهذا أبطلت ما سبق أن أقررت به بوضوح , وهذه حقيقة رؤيتك للموضوع , وأخشى أن إثباتك إجماع الصحابة ليس إلا مجاملة لنا في أوّل الحوار , وما ظننتَ أنه سيكون أكبر عائق أمام دعوتك الصريحة آخراً.
فالحقيقة هي التي ستصمد وتبقى، وسيتهافت كل باطل، وهذه سنن إلهية لا تتحول ولا تتبدل، وهي التي تدافع عن نفسها وتنتصر لنفسها، وهي بغنى عن كل فرقة تريد مناصرتها
ولماذا تجهد نفسك في مناصرتها؟!
وكمثال صارخ على ما أقول
لغة الصحافة وأساليب التهويل لا تليق بالحوار العلمي.
روي عن مجاهد أنه فسر قول الله تعالى: (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) قال: "هو إقعاد النبي صلى الله عليه وسلم على العرش"
(يُتْبَعُ)
(/)
التعامل السليم مع هذا الأثر مبنيٌّ على المنهج العلمي في قبوله , والفهم السليم له , وهذا ما لم يوفق له أبو حسان , وبيان ذلك في الآتي:
- بخصوص أثر مجاهد (أن المقام المحمود: جلوسه على العرش):
أولاً: الأثر لا يثبت عن مجاهد؛ لأنه من طرق عن ليث بن أبي سليم , عن مجاهد. وليث بن أبي سليم قال عنه الإمام أحمد: مضطرب الحديث. وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ليث لا يُشتَغل به؛ مضطرب الحديث. (ينظر: ترجمته في ميزان الاعتدال وتهذيب التهذيب). وله طرق أخرى عن مجاهد عن غير ليث , جمعها المروزي في كتاب (المقام المحمود) , وعدد بعضها الذهبي في العلوّ , وأسند منها الخلال في كتابه السنة , وجلّ أسانيدها ضعيفة , وقد يتقوى بعضها ببعض بعد الاطلاع عليها والجمع والتقصي , إلاّ أن الثابت عن مجاهد ما يأتي , وهو وفاق الجماعة.
ثانياً: ثبت عن مجاهد خلاف ذلك؛ من طريق آدم بن أبي إياس , عن ورقاء , عن ابن أبي نجيح عنه قال: المقام المحمود: شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم. (ينظر: تفسير مجاهد 1/ 369) وهذا من الأسانيد الصحيحة الثابتة عن مجاهد رحمه الله , وله طرق متعددة إليه تنظر في تفسير ابن جرير 15/ 45 (ط: التركي).
- في معنى المقام المحمود أقوال:
أولها: أنه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة. وقد ثبت عن ابن عمر مرفوعاً في صحيح البخاري وغيره , ويحتمله لفظ الآية , وسياقها , وهو قول عامة الصحابة والتابعين –ومنهم مجاهد كما سبق- , وعليه جمهور المفسرين.
وثانيها: أنه جلوسه على العرش يوم القيامة. وقد روي من عدة طرق مرفوعاً –وأسانيدها شديدة الضعف ولا تصح بحال- , وموقوفاً عن ابن عباس وعبد الله بن سلام –وأسانيدها في الضعف أقرب من المرفوعات- , وروي عن مجاهد , والثابت عنه وفاق القول الأول.
والقول الثاني وإن كان يحتمله لفظ الآية , ولا يأباه سياقها = إلا أنه أمرٌ غيبي لا يُقبَل إلا من طريق الوحي , وحيث لم يثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يصح القول به.
قال ابن عبد البر رحمه الله: (وعلى هذا أهل العلم في تأويل قول الله تعالى {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} أنه: الشفاعة. وقد رُويَ عن مجاهد أن المقام المحمود: أن يقعده معه يوم القيامة على العرش. وهذا عندهم منكر في تفسير الآية , والذي عليه جماعة العلماء من الصحابة والتابعين , ومن بعدهم من الخالفين؛ أن المقام المحمود هو: المقام الذي يشفع فيه لأمته. وقد رُويَ عن مجاهد مثل ما عليه الجماعة من ذلك , فصار إجماعاً في تأويل الآية من أهل العلم بالكتاب والسنة) التمهيد 19/ 63 – 64.
وقد أطبق عامة السلفيين من لدن عصر الإمام أحمد إلى وقتنا هذا على قبول هذا الأثر عن مجاهد
هذا القول أنكره عامّة المفسرين , كما نصّ على ذلك الواحدي وابن عبد البر والذهبي وابن تيمية –كما سيأتي- وابن حجر , ولم يقبله إلا القلة ولأسباب سيأتي ذكرها.
وعدّوا هذا الأثر في حكم المرفوع، وتواطؤا على وجوب الاعتقاد بما فيه، وتبديع كل من يرده، ورميه بأنه من الجهمية أو منحاز لهم
- من عَدّه مرفوعاً فلأنه قد روي مسنداً مرفوعاً , سواءً صح ذلك أم لا , وكذا ورد موقوفاً من غير ما طريق , ومثله عن الصحابي له حكم الرفع بالإجماع , فمثله لا يُقال بالرأي.
ومن لم يثبته من هذا الطريق أثبته من جهة صحته عن الإمام مجاهد عنده , قال الإمام الذهبي رحمه الله: (ويبعد أن يقول مجاهد ذلك إلا بتوقيف؛ فإنه قال: (قرأت القرآن من أوّله إلى آخره ثلاث مرات على ابن عباس رضي الله عنهما أقِفُه عند كل آيةٍ أسأله) , فمجاهد أجلّ المفسرين في زمانه , وأجلّ المقرئين؛ تلا عليه ابن كثير , وأبو عمرو , وابن محيصن. فممّن قال إن خبر مجاهد يُسَلَّم له ولا يُعارَض ... ) ثم عَدّد جملةً منهم بعد أن بيّن مأخذهم السابق. العلو للعلي العظيم 2/ 1180 (ط: البراك).
- واعتقاد ما فيه تابع لاعتقاد الثبوت , فمن ثبت عنده مرفوعاً وجب عليه اعتقاد ما فيه , ولفظ الآية يقبله كما سبق , والسياق لا يحيله.
(يُتْبَعُ)
(/)
- وتبديع كل من يرده؛ ورميه بأنه من الجهمية أو منحاز لهم = كل ذلك تابع لاعتقاد الثبوت , والإيمان بالمعنى الذي تضمنه. ومن أنكره فلا شك في ابتداعه , وهو مذهب الجهمية في إنكار العندية لله تعالى , وإثبات أن الله تعالى في كل مكان.
قال الذهبي: (وما فسّر به مجاهد الآية كما ذكرناه فقد أنكره بعض أهل الكلام , فقام المروذي وقعد وبالغ في الانتصار لذلك , وجمع فيه كتاباً وطرقَ قولَ مجاهد). العلو 2/ 1081. فهذا الذي حمل بعض العلماء على المبالغة في الرد؛ وهو أن من أنكر ذلك بعض أهل الكلام , لا أهل الحديث والأثر , فالإنكار جاء من جهة المعنى لا من جهة الثبوت.
وعلى هذا يحمل كل ما نقله عن الخلال في كتابه "السنة" , على أن الغلوّ مذموم ممّن جاء به , سواء من أتباع السلف أو غيرهم.
هذه بعض النقول من كتاب السنة للخلال فقط، وتأمل لغة الإقصاء والتبديع لكل من يخالف هذا الأثر، وكأن من يخالفه قد رد القرآن كله!
تلك اللغة تفهم من خلال سياقها وزمانها ومكانها , وما لا سبب له منها فلا يلزمنا , وليست هدياً لازماً للسلف.
وأما ابن تيمية فإنه تلطف في عبارته تجاه هذا الأثر ولم نر فيه تلك الشدة التي يستعملها تجاه خصومة حيث قال في درء تعارض العقل والنقل: "حديث قعود الرسول صلى الله عليه وسلم على العرش رواه بعض الناس من طرق كثيرة مرفوعة وهي كلها موضوعة وإنما الثابت أنه عن مجاهد وغيره من السلف وكان السلف والأئمة يروونه ولا ينكرونه ويتلقونه بالقبول"
أكمل رعاك الله:
(وقد يقال: إن مثل هذا لا يقال إلا توفيقا , لكن لا بد من الفرق بين ما ثبت من ألفاظ الرسول وما ثبت من كلام غيره سواء كان من المقبول أو المردود .. والمقصود هنا أن ما لم يكن ثابتا عن الرسول لا نحتاج أن ندخله في هذا الباب سواء احتيج إلى تأويل أو لم يحتج) درء تعارض العقل والنقل 6/ 85.
دعك من شدة ابن تيمية ولينه؛ فنحن نفهم هذه الرسائل السلبية التي ترسلها خلال كلامك.
وما قاله ابن تيمية هو ما نقوله , ويقوله كل من أحسن البحث والفهم عن السلف , والواجب عليك -حال الإنصاف- إكمال عبارته لا اجتزائها.
وأما ابن القيم فقد انتصر له أيضا حيث ذكر من قال به وسكت من غير تعليق، قال في بدائع الفوائد: (قال القاضي: ..
ابن القيم نقل كلام القاضي أبي يعلى وسكت , وكل كتابه (البدائع) تقريباً كذلك؛ نقولٌ وفوائد , فكيف تَعدُّ ذلك إقراراً , فضلاً عن أن يكون انتصاراً له. ونحن نعرف رأيك في الإقرار السكوتي فيما مضى؟!
وحجة هؤلاء قاطبة في قبول هذا الأثر عن مجاهد: أن الأمة تلقته بالقبول
ذكرت لك حججهم فيما سبق , ولكن هذا دأبك؛ حُجّةٌ واحدة , وسبب واحد.
لاحظ كيفية الاحتجاج، وكيف خرموا - بحجتهم هذه - قاعدتهم التي تقول: كل تفسير خالف تفاسير السلف فهو باطل
بحسب ما سبق لم تُخرم القاعدة؛ لأن مجاهداً مسبوقٌ فيما قاله , ولأنه ليس قولاً مخالفاً لتفاسير السلف , والقول به لا يُبطل القول الأول , ولكنا لا نذهب إليه لأنه أمرٌ غيبي محض لا نثبته إلا بالوحي , فلو لم يكن أمراً غيبيّاً لقبلناه لأنه لا يخالف القاعدة , وما ذكره ابن جرير والثعلبي عند هذه الآية يومئ إلى هذا.
وهذا يثبت عدم فهم القاعدة , أو عدم فهم هذا المثال بأكمله.
وهنا نطرح عدة أسئلة: من هذه الأمة التي تلقت هذا الأثر بالقبول؟
من قال أن الأمة تلقته بالقبول فلأنه ثبت عنده باجتهاده , ومعناه ثابت عنده بجملة نصوص.
ولا يبعد أن يكون حصول ذلك في زمن ما , ولعدة مواقف أدت لاشتهار هذا القول , حتى صار علامة فارقة بين أهل السنة وغيرهم , كما أصبحت جملة من المسائل الفقهية (كالمسح على الخفين) من ضمن رسائل الاعتقاد؛ لأنها صارت شعاراً يتميز به أهل السنة عن غيرهم.
وكيف تتلقى الأمة هذا الخبر بالقبول وليس له سند متصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟
ولست أدري تحت أي دليل أو حجة أو قاعدة أو أصل انطلقوا في تبديعهم لمن يرد هذا الأثر؟
كل هذا سبق بيانه.
وكيف حكموا على من رده بالظلال والبدعة مع أنه إنما رده لعدم ثبوته مرفوعا؟
أثبت ذلك.
ولست أدري كيف نجمع بين رأيهم هذا وبين ما اتفق عليه المحدثون والمفسرون قاطبة من عدم قبول تفسير التابعي لأمر غيبي إلا إذا اعتضد بدليل، وليس ثمة دليل هنا
هذا بحسب بحثك وفهمك.
وكيف؟ وكيف؟ أسئلة لا تنتهي أبدا، ولكن كما قيل: إذا عُرف السبب بطل العجب.
إذا ما السر وراء ذلك؟
لا أدري , ولكن يبدو أنه سبب واحد , ومتعلق بالمقاصد.
إن السر وراء ذلك كله هو إغراقنا في السلفية والتعصب المقيت لها، وسيرنا على خطى أتباعها دون وعي منا، ودون أن نُكلّف عقولنا ولو شيئا يسيراً لتحليل ما يقوله دعاة أتباع السلف، حتى صرنا نُسلم للقائل لا للمقولة، من باب الغلو والتعصب للأشخاص لا غير، فالله المستعان.
ومن السهل أن نقول إن عدائك للسلف وأتباعهم هو ما حملك على كثير ممّا قلت؛ ممّا لا يقوم على بحث , ولا يعضده دليل , وإنما هو أحكام مسبقة , ومواقف شخصية حددت النتائج دون منهجية علمية , أو استدلال سليم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[20 Feb 2010, 02:59 ص]ـ
شكرا أبا بيان
لكن ألا تلاحظ بأن كلام السلف أصبح كالطلاسم بحيث لا يفهمه إلا أنتم، وصرتم تتهمون كل من يخالفكم بأنه لا يفهم كلام السلف ولا يحسن الغوص في دقائقه.
والله صرنا صوفية، إشارات ودقائق ولطائف لا يفهمها إلا الشيوخ، وأما نحن فعلينا التسليم وحسب.
وللمعلومية:
فإنك لم تُشبع الرد على أثر مجاهد
وجيد أنك رددته فهذه بحد ذاتها تُعد منقبة وتشكر عليها
إلا أنه فاتك البعض فلم تعقب عليه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Feb 2010, 07:00 ص]ـ
بقيت بقيَّةٌ للحوار لدى الأخ نايف الزهراني طلب مني مهلةً خلال اليومين القادمين لإضافتها، ثم ألخصُ الحوارَ، وأفتح المجال للتعقيب بإذن الله. وأرجو المعذرة لكل من استبعدت مداخلاتهم الأخيرة قبل إنهاء الموضوع، حيث كررنا: نريد أن يبقى الحوار ثنائياً حتى ينتهي، ثم نفتح باب التعقيبات.
صباح السبت 6/ 3/1431هـ
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[20 Feb 2010, 07:30 م]ـ
من الأدلة على بطلان القاعدة المزعومة:
1 - أنه لا يوجد دليل من كتاب أو سنة يدل على أنه لا يجوز الخروج عن أقوال الصحابة في التفسير، كما أنه لا يوجد دليل من كتاب أو سنة يدل على أن الحق لا يخرج عن أقوال الصحابة في فهم وتفسير القرآن
أمّا الأدلة فسأفردها في المشاركة القادمة بإذن الله؛ لكثرتها.
والأدلة التي يذكرها من يعتقد ذلك كلها أدلة تدل على فضلهم لا على علمهم، وليس بين الفضل والعلم أي ارتباط
سلمنا بذلك جدلاً , فاقرأ معي:
أجمعت الأمة أن الصحابة سادة الأولياء , وأفضل الخلق بعد الرسل , وأنهم أكمل هذه الأمة إيماناً. لا تخالفني في ذلك أبا حسان , كما لا يخالفه أحد من المسلمين.
فإن كان ذلك كذلك فأجبني:
كيف يكمل الإيمان بالجهل؟!
كيف يكون أبو بكر أكمل الناس إيماناً بالله -بل لو وزن إيمان الأمة بإيمان أبي بكر لرجح إيمانه بهم- ويكون أجهل الناس بدين الله في نفس الوقت؟!
كيف يشرب عمر العلم والحكمة شرباً –كما أوّله له رسول الله صلى الله عليه وسلم- ويوافقه ربه في أكثر من مقام .. ويكون مع ذلك جاهلاً بدين الله؟!
هكذا بكل بساطة: (كلها أدلة تدل على فضلهم لا على علمهم)!
وأيّ فضيلة أعظم من العلم؟
وهل تُنال فضيلة إلا بالعلم؟
وما قيمة الفضائل –مهما كثرت- بلا علم؟
لو لم يكن إلا الأدلة التي تبين فضلهم فقط لكان فيها دليلاً على علمهم؛ أليس العلم من الفضائل؟ فكيف والأدلة الدالة على مكانتهم في العلم والفهم تكافئ الأدلة التي تبين فضلهم مجرداً في الوضوح والكثرة.
وأتحدى – بلغة صاخبة - هؤلاء السلفيين أن يأتوا بدليل واحد من كتاب أو سنة يحرم الخروج عن أقوال الصحابة في التفسير، أو يوجب الأخذ بأقوالهم وطرح ما سواها.
يا أخي رعاك الله أنت أوّل من يكذب نفسك!
ألم تقر بإجماعهم وأنه حجة لا يجوز الخروج عليها؟
أليس الإجماع دليلاً كما أخبرتنا في أوّل ردٍّ لك؟
أكثرت من التناقض أبا حسان؟!
وقد أخبرتك من قبل أن (اللغة الصاخبة) لا تُحق حقاً ولا تُبطِل باطلاً .. فهوّن على نفسك.
ثم انظر أيّ دليلٍ صار به الإجماع عندك حُجة = فهو دليلٌ لنا على حُجِّيّة أقوال الصحابة , ولا فرق. وأنا أنتظر أيّ دليل تذكره في هذا , وسترى أنه يلزمك به التسليم بقول الصحابة.
إن إقرارك بإجماع الصحابة أكبر عقبة تعترض طريقك نحو التمثيل والتطبيق والرد , وأنت الآن بين أحد أمرين لا ثالث لهما:
- إما أن تؤكد إقرارك بإجماع الصحابة كما أخبرتنا , وتُبطِل كل ما يناقضه ممّا كتبته هنا وفي المشاركة السابقة.
- وإما أن تُكذّب نفسك فيما أخبرتنا به من الأخذ بإجماعهم.
(فاختر .. وما فيهما حظٌّ لمختار).
2 - أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنهم كانوا يحرمون الخروج عن أقوالهم.
وهل أقوالهم حجةٌ عندك حتى نذكرها؟
كيف تطلب منّا دليلاً لا تقبله؟
لو ذكرت لك قولاً من أقوالهم لرددته علينا , ولقلت: هذا رأيه الخاص , وقول واحد منهم.
هذا من المغالطة والتشغيب في الحوار , ولا يليق هذا بمن يريد الحق.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - أن الصحابة كانوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم يفسرون بعض الآيات فيخطئون في تفسيرها فيصحح لهم النبي صلى الله عليه وسلم فهمهم، وهذا دليل على أن تفسيرهم مبني على الاجتهاد البشري المحض، وأنه قابل للخطأ والصواب فكيف يكون حجة يحرم مخالفته
دليلك شرقيٌّ .. وأنت مُغرّبُ.
الصحابة بشر يجتهدون ويخطئون ويصيبون , وليست هذه مسألتنا.
مسألتنا:
هل يجمعون على باطل؟
وهل تُضَيِّع الأمةُ نصّاً تحتاج إليه في دينها؟
وكيف يكمل إيمانهم مع ذلك؟
4 - أن الصحابة يختلفون أحيانا في تفسير بعض الآيات اختلاف تضاد، فكيف تكون جميع أقوالهم حقاً، إذ الحق لا يتضاد ولا يختلف
ومن قال إن جميع أقوالهم حقّ لا خطأ فيه؟
نحن نقول: إن الحق لا يخرج عن أقوالهم.
وبينهما فرق.
5 - أن المنع من إحداث قول خارج عن أقوالهم أوقع المانعين في حرج شديد أمام المعاني القرآنية التي لم تُفهم إلا في أزمنة متأخرة
أيهما أوفر معاني؟ وأيهم أولى بالحرج؟:
من يقول كل القرآن معلوم المعنى في جيل الصحابة.
أو من يقول: إن من القرآن معاني لم تعرف حتى الآن.
الأول أوفر معاني وأبعد عن الحرج , بخلاف الثاني الذي لو قيل له: إن هذه الآية لم تعرفوا معناها إلى اليوم. لسكت.
ومعنى قولك: إن من القرآن معاني لم تُفهَم إلا في أزمنةٍ متأخرةٍ:
إن الأمّة كانت جاهلة بعض معاني كلام ربها طيلة قرون , وكانت فيها على الباطل كل تلك الأزمنة , ورضي الله لها ذلك , ولم تعرف معناه إلا في الأزمنة المتأخرة.
كما يلزم من كلامك هذا أن الحجة قامت على الصحابة بكلام لم يفهموا معناه.
وكل هذا تغني حكايته عن بيان بطلانه.
وعلى سبيل المثال: هناك الإعجاز العلمي في القرآن والذي كشف معاني جديدة لبعض آيات القرآن لم يكن الصحابة يعلمون بها، لأن معطيات الزمن عندهم لم تساعدهم على فهم هذه الحقيقة التي أشار لها القرآن الكريم، وهذا من أكبر الأدلة الحسية على بطلان هذه القاعدة المزعومة
بدأ كثير من المشتغلين بأبحاث الإعجاز العلمي للقرآن –بفضل الله- في إعادة تقييم بحوثهم التي غفلوا فيها عن اعتبار أقوال السلف في تفسير الآية , واكتشف أكثر من كان يظن أن هذا المعنى لم يعلمه أحد إلا في هذا القرن = أنهم كانوا على خطأٍ كبير , وذلك حينما بين لهم أهل العلم حقيقة المعاني التي ذكرها السلف , وكيف غابت عنهم أو أخطئوا فهمها.
ولذلك صرت ترى هذا الضابط المهم معتمداً في الهيئات التي تشتغل بأبحاث الإعجاز والتي تضم طائفة من أهل العلم.
لذلك وجدنا هؤلاء السلفيين يقصون هذا العلم ويحاربونه أي محاربة
لدينا من العقل وحسن النظر –بحمد الله- ما نجمع به بين هذا وهذا بغاية الإحسان. ولسنا كمن لا يقبل إلا هذا أو ذاك.
وكم جنينا من الويلات بسبب تأصيلات سُلمت على أنها في مقام نصوص الوحيين فجرت الويلات على الأمة
المبالغة والعقل لا يجتمعان.
كيف جرّ هذا التأصيل الأمةَ إلى الويلات؟
وكيف عاشت عليه كل تلك القرون ورضيه المسلمون ديناً لهم , وانتشر به الإسلام شرقاً وغرباً؟
إن هذه الأصول التي ينعى عليها أبو حسان هي من أعظم أسباب وحدة المسلمين وائتلافهم , واتحاد أصولهم وثوابتهم , وما عرفت الأمة الويلات إلا على يد من حاولوا هدم تلك الأصول , واستبدالها بأصول جديدة معاصرة تخالف تماماً تلك الأصول.
إن فِتَن المسلمين العامة , ومآسيهم الكبرى ما وقعت إلا على يد من لا يفهم القرآن بفهم الصحابة رضي الله عنهم , وهل كان يعتقد ذلك المأمون حين امتحن الأمة بفتنة القول بخلق القرآن؟ بل هل كان يعتقده ابن العلقمي حين دعا التتار لهدم الخلافة واستباحة دار السلام؟
تأمّل التاريخ.
6 - أن القول بأنهم يعلمون جميع معاني القرآن قول لا يستند إلى أي دليل من أثر أو معقول، بل الواقع يشهد بخلاف ذلك
هذا تكرار صرف لبعض ما سبق.
7 - أن القول بتحريم الخروج عن أقوالهم في التفسير فيه إضافة قدسية وعصمة للصحابة، وهو نوع من الغلو الذي حذرنا منه النبي صلى الله عليه وسلم
لا يلزم من اتباعهم وعدم الخروج عن أقوالهم اعتقاد قدسيتهم وعصمتهم.
وبحسب منطقك لو قلت: (إن في إقرارك أبا حسان بفضائلهم الكثيرة غلوّ فيهم حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم) لم أكن في ذلك إلا مثلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
8 - أن بعض معاني القرآن الكريم قد خفيت على الصحابة وفسروها تفسيرا فيه اختلاف كبير ولا ثمة دليل على ترجيح قول دون قول مما اضطر بعضهم للتوقف في تفسيرها، فكيف يُمنع بعد هذا أن يجتهد من جاء بعدهم في محاولة إيجاد تفسير جديد لم يهتد له الأوائل
الحق في واحد ممّا اختلفوا فيه إن كان متضادّاً.
أمّا كونك لا تهتدي إلى الصواب من أقوالهم لشدة الاختلاف فهذه جهة منفكة عن مسألتنا ولا تؤثر فيها.
9 - أن الصحابة لم يتناولوا جميع القرآن بالتفسير، وإنما كانوا يفسرون ما يحتاج إلى تفسير دون توسع، وعليه فالقول بمنع الخروج عن أقوالهم يلزم منه ترك كثير من آي القرآن بلا تفسير، وهذا خلاف مقصد القرآن
أثبت ثم ناقش.
وخذ جوابك هذه المرّة من مجاهد رحمه الله حيث قال: (قرأت القرآن من أوّله إلى آخره ثلاث مرات على ابن عباس رضي الله عنهما أقِفُه عند كل آيةٍ أسأله عنها) وإسنادها صحيح ثابت.
وأما تعليل أخي أبي بيان ((بأنه لا يجوز أن يغيب عن الصحابة شيء من دين الله فلا يعلموه , أو أن يعلموه فيكتموه عمَّن بعدهم , ومن خالف ذلك لزمه القول بباطلٍ كثير؛ من نحو:
- عدم تمام بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن كما أمر الله -وهذا قدح في النبوة- ,
- وعدم وضوح وبيان القرآن في نفسه وأن منه ما لا يُفهَم -وهذا قدح في القرآن- ,
- وكذا تجهيل الصحابة , أو تخوينهم -وهذا قدح في عدالة الصحابة- ,
.. وغير ذلك ممَّا لا يقول به مسلم)).
فجوابي عليه من وجوه:
أولاً: قوله: ((لا يجوز أن يغيب عن الصحابة شيء من دين الله فلا يعلموه))
أقول: ما دليلك على أنه لا يجوز أن يغيب عليهم شيء من دين الله فلا يعلموه، هذا يُقال في حق النبي صلى الله عليه وسلم، أما الصحابة فكيف نقول هذا في حقهم، وما علاقة هذا بالبلاغ، الصحابة مؤتمنون على نقل الوحيين وهم عدول في ذلك، أما فهمهم للوحيين فهم بشر كغيرهم، ولا يوجد دليل على أن فهمهم هو بمنزلة الوحي ولا يجوز خلافه
- هل اكتمل دينهم؟ قلنا: نعم بلا شك. فكيف سيكتمل دينهم مع نقص فهمهم لهذا الدين؟!
- هل قامت عليهم الحُجّة بالقرآن؟ قلنا: نعم بلا شك. فكيف تقوم عليهم الحُجّة بكلامٍ لا يفهمون معناه؟!
ولماذا قبلتَ إجماعهم أخي أبا حسان؟
إنها معضلة.
ثانياً: قوله: ((ومن خالف ذلك لزمه القول بباطلٍ كثير؛ من نحو: - عدم تمام بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن كما أمر الله -وهذا قدح في النبوة))
أقول: ما علاقة فهم الصحابة للقرآن بالبيان، وهل تفسير الصحابة كله مأخوذ من النبي صلى الله عليه وسلم حتى تقول ذلك، ولازم هذا القول أن كل ما يقوله الصحابة في التفسير يُعد وحياً معصوما، وهذا هو عين التقديس والغلو فيهم، وهنا أقول كما قلت سابقا أعطوني دليلاً واحدا من كتاب او سنة يدل على أن ما يقوله الصحابة فهو معصوم من الخطأ، وهيهات أن تأتوا بدليل.
أجبنا عن هذا مراراً , وهيهات أن نأتي بدليل أوضح من الدليل الذي أثبتّه بنفسك: الإجماع. كيف تقبل الإجماع ما لم يكن معصوماً؟
ثالثاً: قوله: ((ويلزم منه وعدم وضوح وبيان القرآن في نفسه وأن منه ما لا يُفهَم -وهذا قدح في القرآن-))
أليس هذا دليل صارخ بأن من القرآن مالا يعلمه الصحابة، وأقرب مثال على ذلك الحروف المقطعة هل تجزم بأن الصحابة كانوا يعلمون معناها
نعم أجزم أن الصحابة كانوا يعلمون معناها , لكنك لا تعلم تفسيرهم لها , وهل سيخاطبهم الله بطلاسم لا تُفهَم.
رابعاً: قولك ((ويلزم منه تجهيل الصحابة , أو تخوينهم -وهذا قدح في عدالة الصحابة- ,))
أقول: وهل جهل الصحابي يقدح في عدالته أو يدل على خيانته؟
جهل كل الصحابة أعظم قادح في عدالتهم , وقولهم بالباطل وسكوتهم عنه وإقرارهم له قادحٌ ولا شك , وإن عرفوا الحق وكتموه فقد خانوا , أجَلَّهم الله عن كل ذلك.
ولازم قولك أنهم يعلمون كل شيء، ولازمه أيضاً أن كل شي جهلوه أو فسروه بالخطأ فهو خيانة منهم، كلامك مغرق في التشدد والغلو، ولوازمه لو أقررتَ بها خشيتُ عليك من أمور تُخل في الاعتقاد
لا تخش عليّ جزاك الله خيراً , فلولا أني أحب الخير لك ما حاورتك.
والعجب أنكم جوزتم في حق النبي صلى الله عليه وسلم وقوع الذنب منه وتجرأتم في نسبة ذلك إليه
أنت الآن تناقشني , فأين قلتُ أنا ذلك؟
(يُتْبَعُ)
(/)
نحن في حوار لا في خصومة؛ فلماذا الفجور والتقويل؟
ولم تعطوه حقه الذي يستحقه بأبي هو وأمي، وأما الصحابة فرفعتموهم فوق مكانة النبوة، وأبيتم وقوع الخطأ منهم فضلا عن الذنب، وهذا شبيه بما يقوله الشيعة من خزعبلات وترهات وعصمة لأئمتهم
هذا كله افتراء وفجور في الخصومة غفر الله لك , وهو علامة الإبلاس في الحوار.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[21 Feb 2010, 09:42 م]ـ
تفصيل الأدلة:
سأجمع في هذه المشاركة جملة من الأدلة التي تثبت القاعدة محل البحث مضافة إلى الأدلة التي ذكرت للحاجة في ثنايا الردود السابقة:
أولاً: فوائد قبل الأدلة:
- كلما كان العهد بالرسول صلى الله عليه وسلم أقرب .. كان الصواب أغلب , وهذا حكمٌ بحسب الجنس لا بحسب كل فرد من المسائل.
- قول الصحابي حجة يجب الأخذ به وتقديمه بشرطين:
1 - ألاّ يخالف نصّاً ثابتاً.
2 - ألاّ يخالفه فيه أحدٌ من الصحابة.
- وهو منصوص أبي حنيفة , ومذهب مالك , ونص عليه أحمد , والشافعي في القديم والجديد , وصرح به محمد بن الحسن , وإسحاق بن راهويه , وأبو عبيد القاسم بن سلام , وهو قول جمهور الحنفية , وأصحاب مالك , وجمهور أصحاب أحمد.
قال أبو حنيفة: إذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين , وإذا جاء عن الصحابة نختار من أقوالهم (فلا يخرج عن أقوالهم) , وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم.
قال ابن القيم: وأئمة الإسلام كلهم على قبول قول الصحابي.
- ذهب بعض المتأخرين من الفقهاء وأكثر المتكلمين إلى أنه ليس بحجة.
- ذكر ابن القيم في (إعلام الموقعين) ستةً وأربعين دليلاً على وجوب اتباع الصحابة , وزاد عليها أحمد سلام في تعليقه على هذا الفصل من الكتاب وأوصلها إلى ستةٍ وخمسين وجهاً.
وهذه الأدلة هي جمعٌ للآيات والأحاديث التي أثنت على الصحابة وما لهم فيها من صفاتٍ تستلزم اتباعهم.
- نص الشاطبي في الموافقات على ترجيح قول الصحابي الذي لا مخالف له من الصحابة في تفسير القرآن , من وجهين هما:
1 - تقدمهم في اللسان وتمام معرفتهم باللغة.
2 - مباشرتهم للوقائع وأسباب النزول وفهم قرائن الأحوال.
ثم قال: (فمتى جاء عنهم تقييد بعض المطلقات , أو تخصيص بعض العمومات فالعمل عليه صواب). فإن خالف بعضهم بعضاً فالمسألة اجتهادية. الموافقات 4/ 127 – 129.
- أن الأخذ بأقوال الصحابة -فيما أجمعوا عليه , والاختيار ممّا اختلفوا فيه وعدم الخروج عنهم- اتّباعٌ محمودٌ مأمور به شرعاً , وليس من التقليد المذموم , وفي الأدلة التالية بيانه بإذن الله.
ثانياً: الأدلة المتعلقة بحجيّة أقوال الصحابة ومكانهم من العلم:
1 - قَوْله تَعَالَى {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَاَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} , وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَثْنَى عَلَى مَنْ اتَّبَعَهُمْ مطلقاً , وفي كل حال , وعَلَّق عليه الرضوان؛ سواء كان المُتَّبَع جميعَهم , أو بعضهم , وسواء كان المُتَّبِعُ عالماً مجتهداً , أو عامِيّاً مقلداً.
وصورة اتباعهم فيما اجتمعوا عليه واضحة , وصورته فيما اختلفوا فيه بعدم الخروج عن أقوالهم؛ فإن في أحدها الصواب ولا شك , ولا يأمر الله تعالى بالاتباع إلا وفيه الصواب.
ومعنى قوله {بإحسان} أي: محسناً في ذلك الاتباع بأداء الفرائض واجتناب المحارم , ولا يكتفي باتباعهم قولاً.
2 - أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَهِدَ لَهُمْ بِأَنَّهُمْ أُوتُوا الْعِلْمَ بِقَوْلِهِ: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إلَيْك مِنْ رَبِّك هُوَ الْحَقَّ} , وَقَوْلِهِ: {حَتَّى إذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِك قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا} , وَقَوْلِهِ: {يَرْفَعُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَاَلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}. وَاللَّامُ فِي "الْعِلْمِ" لَيْسَتْ لِلِاسْتِغْرَاقِ كما نعلم، وَإِنَّمَا هِيَ لِلْعَهْدِ، أَيْ الْعِلْمِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَإِذَا كَانُوا أُوتُوا هَذَا الْعِلْمَ كَانَ اتِّبَاعُهُمْ وَاجِبًا , ولم يكن أحدٌ بعدهم أعلم به منهم.
3 - قَوْله تَعَالَى {: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاَللَّهِ} والصحابة أوّل من يشمله لفظ الآية , فشَهِدَ الله لَهُمْ بِأَنَّهُمْ يَأْمُرُونَ بِكُلِّ مَعْرُوفٍ، وَيَنْهَوْنَ عَنْ كُلِّ مُنْكَرٍ، فَلَوْ كَانَت الآية فِي زَمَانِهِمْ لَمْ يفسرها إلَّا مَنْ أَخْطَأَ مِنْهُمْ = لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَدْ أَمَرَ فِيهَا بِمَعْرُوفٍ , وَلَا نَهَى فِيهَا عَنْ مُنْكَرٍ؛ إذْ الصَّوَابُ مَعْرُوفٌ بِلَا شَكٍّ، وَالْخَطَأُ مُنْكَرٌ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ. وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا صَحَّ التَّمَسُّكُ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً، فمن ثمّ كان خطأ الواحد منهم إذا لم يخالفه غيره = ممتنع، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ حُجَّةٌ.
4 - قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْآيَةِ: أَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَهُمْ أُمَّةً خِيَارًا عُدُولًا، هَذَا حَقِيقَةُ الْوَسَطِ، فَهُمْ خَيْرُ الْأُمَمِ، وَأَعْدَلُهَا فِي أَقْوَالِهِمْ، وَأَعْمَالِهِمْ، وَإِرَادَتِهِمْ وَنِيَّاتِهِمْ، وَبِهَذَا اسْتَحَقُّوا أَنْ يَكُونُوا شُهَدَاءَ لِلرُّسُلِ عَلَى أُمَمِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمْ عَلَيْهِمْ، فَهُمْ شُهَدَاؤُهُ، وَلِهَذَا نَوَّهَ بِهِمْ وَرَفَعَ ذِكْرَهُمْ، وَأَثْنَى عَلَيْهِمْ؛ وأَعْلَمَ خَلْقَهُ بِحَالِ هَؤُلَاءِ الشُّهَدَاءِ.
وَالشَّاهِدُ الْمَقْبُولُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ الَّذِي يَشْهَدُ بِعِلْمٍ وَصِدْقٍ فَيُخْبِرُ بِالْحَقِّ مُسْتَنِدًا إلَى عِلْمِهِ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى {إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} , فَقَدْ يُخْبِرُ الْإِنْسَانُ بِالْحَقِّ اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ بِهِ، وَقَدْ يَعْلَمُهُ وَلَا يُخْبِرُ بِهِ؛ فَالشَّاهِدُ الْمَقْبُولُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ الَّذِي يُخْبِرُ بِهِ عَنْ عِلْمٍ.
فَلَوْ ذكر أحدهم معنىً لآيةٍ وكان مخالفاً لمراد اللَّهِ وَرَسُولِهِ , ولم يخبر غيره بالمعنى الصواب فيها والذي أراده الله تعالى من كلامه = لكَانَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْعَدْلُ الْخِيَارُ قَدْ أَطْبَقَتْ عَلَى خِلَافِ الْحَقِّ، بَلْ انْقَسَمُوا قِسْمَيْنِ قِسْمًا أَفْتَى بِالْبَاطِلِ وَقِسْمًا سَكَتَ عَنْ الْحَقِّ، وَهَذَا مِنْ الْمُسْتَحِيلِ فَإِنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمْ وَيَخْرُجُ عَنْهُمْ إلَى مَنْ بَعْدَهُمْ قَطْعاً.
5 - قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح -بمجموع طرقه- عن أنس رضي الله عنه: (إن أمتي لا تجتمع على ضلالة) , فلو أخطأ بعض الصحابة لوجب أن يقيم الله في وقتهم من يكون على الصواب.
6 - مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَنَّهُ قَالَ: {خَيْرُ الناسِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْت فِيهِمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ} فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ خَيْرَ الْقُرُونِ قَرْنَهُ مُطْلَقًا، وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَقْدِيمَهُمْ فِي كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْخَيْرِ، أمّا لَوْ كَانُوا خَيْر القرون مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، فَلَا يَكُونُونَ خَيْرَ الْقُرُونِ مُطْلَقًا، فَلَوْ جَازَ أَنْ يُخْطِئَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ فِي قول وَسَائِرُهُمْ لَمْ يقولوا بِالصَّوَابِ -، وَإِنَّمَا ظَفَرَ بِالصَّوَابِ مَنْ بَعْدَهُمْ، وَأَخْطَئُوا هُمْ - للَزِمَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْقَرْنُ خَيْرًا مِنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ؛ لِأَنَّ الْقَرْنَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الصَّوَابِ خَيْرٌ مِنْ الْقَرْنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْخَطَأِ فِي ذلك الفن.
(يُتْبَعُ)
(/)
وَمَعْلُومٌ أَنَّ فَضِيلَةَ الْعِلْمِ وَمَعْرِفَةَ الصَّوَابِ أَكْمَلُ الْفَضَائِلِ، وَأَشْرَفُهَا، فَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ، أَيُّ وَصْمَةٍ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الصِّدِّيقُ أَوْ الْفَارُوقُ أَوْ عُثْمَانُ أَوْ عَلِيٌّ أَوْ ابْنُ مَسْعُودٍ أَوْ ابن عباس أو عائشة، وَأَضْرَابُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَدْ أَخْبَرَ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ أَنَّهُ كَيْتَ وَكَيْتَ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ، وَأَخْطَأَ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَشْتَمِلْ قَرْنُهُمْ عَلَى نَاطِقٍ بِالصَّوَابِ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ حَتَّى تَبِعَ مَنْ بَعْدَهُمْ فَعَرَفُوا حُكْمَ اللَّهِ الَّذِي جَهِلَهُ أُولَئِكَ السَّادَةُ، وَأَصَابُوا الْحَقَّ الَّذِي أَخْطَأَهُ أُولَئِكَ الْأَئِمَّةُ؟
7 - حَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إلَيْنَا؟ فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ .. وَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ}، وَهَذَا حَدِيثٌ صحيح، فَقَرَنَ سُنَّةَ خُلَفَائِهِ بِسُنَّتِهِ، وَأَمَرَ بِاتِّبَاعِهَا كَمَا أَمَرَ بِاتِّبَاعِ سُنَّتِهِ، وَبَالَغَ فِي الْأَمْرِ بِهَا حَتَّى أَمَرَ بِأَنْ يُعَضَّ عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وقابل الأخذ بها بالإحداث والابتداع.
وَهَذَا يَتَنَاوَلُ مَا أَفْتَوْا بِهِ وَسَنُّوهُ لِلْأُمَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِنْ نَبِيِّهِمْ فِيهِ شَيْءٌ، وَإِلَّا كَانَ ذَلِكَ من سُنَّتَه هو عليه الصلاة والسلام، كما َيَتَنَاوَلُ مَا أَفْتَى بِهِ جَمِيعُهُمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ عَلَّقَ ذَلِكَ بِمَا سَنَّهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَسُنُّوا ذَلِكَ [وَهُمْ خُلَفَاءُ] فِي آنٍ وَاحِدٍ، فَعُلِمَ أَنَّ مَا سَنَّهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي وَقْتِهِ فَهُوَ مِنْ سُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ اللازمة الاتباع.
8 - روى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ {إنْ يُطِعْ الْقَوْمُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا}، فَجَعَلَ الرُّشْدَ مُعَلَّقًا بِطَاعَتِهِمَا، فَلَوْ قالوا بِالْخَطَأِ فِي حُكْمٍ أو معنىً، وَأَصَابَهُ مَنْ بَعْدَهُمْ لَكَانَ الرُّشْدُ فِي خِلَافِهِمَا.
9 - صح عند الترمذي من حديث حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ، وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ} أي: ابن مسعود. وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مثل ما تقدم.
10 - أَنَّ الصَّحَابِيَّ إذَا قَالَ قَوْلًا أَوْ حَكَمَ بِحُكْمٍ أَوْ أَفْتَى بِفُتْيَا فَلَهُ مَدَارِكُ يَنْفَرِدُ بِهَا عَنَّا، وَمَدَارِكُ نُشَارِكُهُ فِيهَا؛ فَأَمَّا مَا يَخْتَصُّ بِهِ:
فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاهًا أَوْ مِنْ صَحَابِيٍّ آخَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ مَا انْفَرَدُوا بِهِ مِنْ الْعِلْمِ عَنَّا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحَاطَ بِهِ، فَلَمْ يَرْوِ كُلٌّ مِنْهُمْ كُلَّ مَا سَمِعَ، وَأَيْنَ مَا سَمِعَهُ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْفَارُوقُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إلَى مَا رَوَوْهُ؟ فَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ صِدِّيقُ الْأُمَّةِ مِائَةَ حَدِيثٍ، وَهُوَ لَمْ يَغِبْ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ مَشَاهِدِهِ، بَلْ
(يُتْبَعُ)
(/)
صَحِبَهُ مِنْ حِينِ بُعِثَ بَلْ قَبْلَ الْبَعْثِ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَكَانَ أَعْلَمَ الْأُمَّةِ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَهَدْيِهِ وَسِيرَتِهِ، وَكَذَلِكَ أَجِلَّةُ الصَّحَابَةِ رِوَايَتُهُمْ قَلِيلَةٌ جِدًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا سَمِعُوهُ مِنْ نَبِيِّهِمْ، وَشَاهَدُوهُ، وَلَوْ رَوَوْا كُلَّ مَا سَمِعُوهُ وَشَاهَدُوهُ لَزَادَ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً، فَإِنَّهُ إنَّمَا صَحِبَهُ نَحْوَ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْكَثِيرَ.
فَقَوْلُ الْقَائِلِ " لَوْ كَانَ عِنْدَ الصَّحَابِيِّ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَذَكَرَهُ " قَوْلُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ سِيرَةَ الْقَوْمِ وَأَحْوَالَهُمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَهَابُونَ الرِّوَايَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُعَظِّمُونَهَا وَيُقَلِّلُونَهَا خَوْفَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ، وَيُحَدِّثُونَ بِالشَّيْءِ الَّذِي سَمِعُوهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا، وَلَا يُصَرِّحُونَ بِالسَّمَاعِ، وَلَا يَقُولُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فذلك التفسير أو الحكم الذي يرد عن أَحَدُهُمْ لَا يخْرُجُ عَنْ سِتَّةٍ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ سَمِعَه مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ سَمِعَه مِمَّنْ سَمِعَه مِنْهُ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فَهِمَه مِنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَهْمًا خَفِيَ عَلَيْنَا.
الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ اتَّفَقَ عَلَيْه مَلَؤُهُمْ، وَلَمْ يَنْقُلْ إلَيْنَا إلَّا قَوْلَ الْمُفْتِي بِه وَحْدَهُ.
الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ لِكَمَالِ عِلْمِهِ بِاللُّغَةِ وَدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ عَنَّا.
أَوْ لِقَرَائِنَ حَالِيَّةٍ اقْتَرَنَتْ بِالْخِطَابِ.
أَوْ لِمَجْمُوعِ أُمُورٍ فَهِمُوهَا عَلَى طُولِ الزَّمَانِ مِنْ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُشَاهَدَةِ أَفْعَالِهِ وَأَحْوَالِهِ وَسِيرَتِهِ وَسَمَاعِ كَلَامِهِ وَالْعِلْمِ بِمَقَاصِدِهِ وَشُهُودِ تَنْزِيلِ الْوَحْيِ وَمُشَاهَدَةِ تَأْوِيلِهِ بِالْفِعْلِ، فَيَكُونُ فَهِمَ مَا لَم نَفْهَمُهُ نَحْنُ.
وَعَلَى هَذِهِ التَّقَادِيرِ الْخَمْسَةِ يكُونُ قوله حُجَّةً يَجِبُ اتِّبَاعُهَا.
السَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ فَهِمَ مَا لَمْ يُرِدْهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَخْطَأَ فِي فَهْمِهِ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ مَا فَهِمَهُ.
وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لَا يَكُونُ قَوْلُهُ حُجَّةً.
وَمَعْلُومٌ قَطْعًا أَنَّ وُقُوعَ احْتِمَالِ مِنْ خَمْسَةٍ أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ مِنْ وُقُوعِ احْتِمَالٍ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ، هَذَا مَا لَا يَشُكُّ فِيهِ عَاقِلٌ، وَذَلِكَ يُفِيدُ ظَنًّا غَالِبًا قَوِيًّا أَنَّ الصَّوَابَ فِي قَوْلِهِ دُونَ مَا خَالَفَهُ مِنْ أَقْوَالِ مَنْ بَعْدَهُ، فكيف إذا اجتمعت هذه الأمور الخمسة في عموم الصحابة , فما أخطأه أحدهم تمَّمَه الآخر.
وهذا الوجه كافٍ لمن يدعي العقل والفهم.
هذه بعض الأدلة التي تدل صراحة على استحالة أن يغيب عنهم شيء من كتاب الله فلا يعلموا معناه , وأكثرها مستفاد من كلام ابن القيم -رحمه الله- مع الاختصار والترتيب.
وسأجمع بقية الأدلة في عبارة واحدة:
11 - جميع الأدلة التي أخبر الله فيها عن فضل الصحابة ودينهم = تستلزم كمال علمهم بالحق الذي أنزله في كتابه وبعث به رسوله. وذلك من وجوه:
1 - أن العلم من أعظم الفضائل فيدخل في تلك النصوص من هذا الوجه.
2 - لا فضل مع الجهل , ونحن نتكلم عن جهل جيل بأكمله بشيء من معاني كلام الله فلا يعلموه.
3 - لا يكتمل الدين إلا بكمال العلم , فمن قال هم أكمل الأمة ديناً لزمه ولا بد أن يقول هم أكملهم علماً , وكيف يكمل الدين مع نقص العلم؟
4 - أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ عِنْدَهُ تَعَالَى فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَحْرِمَهُمْ كُلَّهُمْ الصَّوَابَ فِي مَسْأَلَةٍ فَيُفْتِي فِيهَا بَعْضُهُمْ بِالْخَطَأِ، وَلَا يُفْتِي فِيهَا غَيْرُهُ بِالصَّوَابِ، وَيَظْفَرُ فِيهَا بِالْهُدَى مِنْ بَعْدهم.
والخلاصة: أن نسبتهم إلى من بعدهم في العلم كنسبتهم إلى من بعدهم في الفضل.
12 - ثم نضيف أخيراً ونقول:
كُلَّ دليل استدلَّ به العلماء على وجوب اتباعهم فيما أجمعوا عليه وعدم مخالفتهم = يَصِحُّ دليلاً على تحريم الخروج على أقوالهم بما يخالفها؛ لاتحاد العلّة الموجبة لاعتبار الإجماع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[21 Feb 2010, 11:00 م]ـ
شكرا أخي أبا بيان
وكل ما ذكرته من أدلته لا يرقى أن يُسمى دليلاً، ولستُ أسلم له.
التابعون أحدثوا أقوالاً كثيرة في التفسير لم يقل بها أحد من الصحابة رضوان الله عليهم ولو كان عندهم هذا الأمر محظوراً لما فعلوا ذلك.
لا تأتِ إلي وتقول لم يحدثوا أقوالاً وإنما استنبطوا
أنا أعرف معنى الاستنباط والتفسير والفرق بينهما، ولست جاهلا أميا كما يتبادر إلى ذهنك
وإن شئت جئتك بأمثلة كثيرة قال بها التابعون ولم يقل بها الصحابة، بل وقالوا أقوالا مخالفة لما قاله الصحابة
فماذا تعني عندك هذه المخالفة من التابعين؟
وماذا تعني عندك هذه الزيادات في التفسير من قبل التابعين؟
بل هذا من أقوى الأدلة على بدعية القاعدة المزعومة وأنه لم يقل بها أحد من الرعيل الأول من هذه الأمة وتابعيهم.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[22 Feb 2010, 01:03 م]ـ
ثالثاً: الأدلة على بيان القرآن في نفسه:
1 - قوله تعالى {ولقد يسرنا القرآن للذكر} , والقول بأن في القرآن ما لا يُفهَم معناه يناقض هذا التيسير.
2 - أن الله وصف كتابه في غيرما آية بأنه مبين , كما قال تعالى {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين} , وقال {الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين} , وهذا يعني وضوح معانيه وعدم خفائها على الناس كافة.
3 - قوله تعالى مخاطباً الكافرين والمنافقين والمؤمنين {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} , وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} , وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}. وقال سبحانه {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} , وأمرهم بالتدبر لما لا يُدرَك معناه في زمنهم عبث لا معنى له؛ تعالى الله عن ذلك.
4 - هل قامت الحجة عليهم بالقرآن؟ الجواب: نعم. وهذا يستلزم معرفتهم لمراد الله من كلامه , وإلا كيف تقوم الحجة عليهم بما لا يعرفون معناه؟!
رابعاً: الأدلة المتعلقة ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم لجميع القرآن ومعرفة جيل الصحابة لجميع معاني القرآن:
1 - قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نُزّل إليهم} أي: القرآن. وغاية إنزال الذكر على النبي صلى الله عليه وسلم البيان , فمن الله الإنزال وعلى الرسول البيان , وإذا لم يبينه الرسول صلى الله عليه وسلم فمن يبينه؟! وهذا يشمل بيان جميع القرآن , وبيان بعضه , وبيان ألفاظه , وبيان معانيه , وهل تُعرف معاني الألفاظ الشرعية أو الإسلامية إلا ببيان النبي صلى الله عليه وسلم القولي والفعلي؟
2 - قال عليه الصلاة والسلام وكرر على مسامع الأشهاد مراراً: (اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد) , ولا يكمل البلاغ إلا ببيان جميع القرآن فلا يغيب من معناه شيء على الناس فلا يعرفون فيه الصواب , والقول بأن شيئاً من معاني القرآن لم يبينه النبي صلى الله عليه وسلم أو لا يعلم أحد معناه من زمن الصحابة مناقض لتمام البلاغ أشد المناقضة. َقَالَ عليه الصلاة والسلام: (مَا تَرَكْتُ مِنْ شَيْءٍ يُقَرِّبُكُمْ إلَى الْجَنَّةِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثْتُكُمْ بِهِ وَمَا تَرَكْتُ مِنْ شَيْءٍ يُبْعِدُكُمْ عَنْ النَّارِ إلَّا وَقَدْ حَدَّثْتُكُمْ بِه). وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: لَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي السَّمَاءِ إلَّا ذَكَرَ لَنَا مِنْهُ عِلْمًا. وأولى الأشياء بالبيان هو القرآن.
3 - أن الله تعالى أقام الحجة على الخلق بهذا القرآن , فلو كان شيء من معناه لا يُعرف فكيف تقوم به الحجة؟ وكيف يؤاخذ الله عباده بما لا يعرفون معناه؟! ومن قال إن شيئاً من القرآن لم يعرف الصحابة معناه على الصواب فقد قال إنه لم تقم عليهم الحجة به , وكلاهما باطل.
(يُتْبَعُ)
(/)
4 - قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلمي: (حَدَّثَنَا الَّذِينَ كَانُوا يُقْرِئُونَنَا الْقُرْآنَ كَعُثْمَانِ بْنِ عفان , وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , وَغَيْرِهِمَا , أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَعَلَّمُوا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزُوهَا حَتَّى يَتَعَلَّمُوا مَا فِيهَا مِنْ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ قَالُوا: فَتَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ وَالْعِلْمَ وَالْعَمَلَ جَمِيعًا) , وأبو عبد الرحمن السلمي مخضرم من كبار التابعين , ومن أبناء الصحابة , وقرأ على عثمان وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وأُبيّ , وتنتهي إليه جُلّ أسانيد القراء المعتبرة , وهو يخبرنا فيما ثبت عنه هنا أن هذه طريقتهم في تلقي القرآن وأداءه؛ الجمع بين اللفظ والمعنى , فيقيمون ألفاظه ومعانيه , وهي شهادة من هذا التابعي الجليل لمنهج الصحابة في تلقي القرآن عن رسول الله صلى الله عليه , وأنهم: يأخذون كل عشر آيات باللفظ والمعنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأبو حسان يقول لنا: لا , لم يكن ذلك؛ فلا الصحابة يعرفون جميع معاني القرآن على الصواب , ولا النبي صلى الله عليه وسلم بيّن لهم جميع معانيه.
فأيهما نُصَدِّق؟
وقال حبيب بن عبد الله البجلي وعبد الله بن عمر: (تعلمنا الإيمان , ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيماناً). فهم كانوا يأخذون المعاني أولاً , ثم يأخذون الألفاظ ليضبطوا بها المعاني حتى لا تشِذّ عنهم.
وَقَدْ أقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - وَهُوَ مِنْ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ - فِي تَعَلُّمِ الْبَقَرَةِ ثَمَانِيَ سِنِينَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِأَجْلِ الْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ , أمّا الحفظ فميسر على من بعدهم فكيف بهم وهم أهل اللسان الذي نزل به القرآن؟!
5 - كلنا نعلم ونشهد مقدار الجهد والحرص والدقة والتتبع الذي بذله الصحابة في زمن أبي بكر وعمر وعثمان في جمع القرآن وحفظ حروفه , ولا ينكر ذلك أحد , كما يشهد كُلُّ عاقلٍ أن حفظ حدود القرآن ومعانيه وأحكامه التي يقوم بها الدين أجلّ خطراً , وأعظم وجوباً من حفظ حروف القرآن وألفاظه.
فكيف يقول عاقل إن الصحابة حفظوا ألفاظ القرآن وضيعوا معانيه فلم تكتمل لهم على الصواب؟! وبقي بعدهم من معاني الآيات ما لم يعلموه , أو ما لم يبينه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بين لهم ألفاظه؟!
6 - قَالَ جَابِر بن عبد الله رضي الله عنه: (وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ، فَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ). فِي حَدِيثِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَمُسْتَنَدُ الصحابة فِي مَعْرِفَةِ مُرَادِ الرَّبِّ تَعَالَى مِنْ كَلَامِهِ مَا يُشَاهِدُونَهُ مِنْ فِعْلِ رَسُولِهِ وَهَدْيِهِ الَّذِي يُفَصِّلُ الْقُرْآنَ وَيُفَسِّرُهُ.
7 - أَنَّ الْعَادَةَ الْمُطَّرِدَةَ الَّتِي جَبَلَ اللَّهُ عَلَيْهَا بَنِي آدَمَ تُوجِبُ اعْتِنَاءَ الصحابة بِالْقُرْآنِ -الْمُنَزَّلِ عَلَيْهِمْ- لَفْظًا وَمَعْنًى؛ بَلْ أَنْ يَكُونَ اعْتِنَاؤُهُمْ بِالْمَعْنَى أَوْكَدَ؛ فَإِنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ مَنْ قَرَأَ كِتَابًا فِي الطِّبِّ أَوْ الْحِسَابِ أَوْ النَّحْوِ أَوْ الْفِقْهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ رَاغِبًا فِي فَهْمِهِ وَتَصَوُّرِ مَعَانِيهِ , فَكَيْفَ بِمَنْ قَرَءُوا كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى الْمُنَزَّلَ إلَيْهِمْ الَّذِي بِهِ هَدَاهُمْ اللَّهُ , وَبِهِ عَرَّفَهُمْ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ وَالْخَيْرَ وَالشَّرَّ وَالْهُدَى وَالضَّلَالَ وَالرَّشَادَ وَالْغَيَّ. فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ رَغْبَتَهُمْ فِي فَهْمِهِ وَتَصَوُّرِ مَعَانِيهِ أَعْظَمُ الرَّغَبَاتِ؛ بَلْ إذَا سَمِعَ الْمُتَعَلِّمُ مِنْ الْعَالِمِ حَدِيثًا فَإِنَّهُ يَرْغَبُ فِي فَهْمِهِ؛ فَكَيْفَ بِمَنْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ مِنْ الْمُبَلِّغِ عَنْهُ؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
بَلْ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ رَغْبَةَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَعْرِيفِهِمْ مَعَانِيَ الْقُرْآنِ أَعْظَمُ مِنْ رَغْبَتِهِ فِي تَعْرِيفِهِمْ حُرُوفَهُ؛ فَإِنَّ مَعْرِفَةَ الْحُرُوفِ بِدُونِ الْمَعَانِي لَا تُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ إذَ اللَّفْظُ إنَّمَا يُرَادُ لِلْمَعْنَى.
8 - أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ حَضَّهُمْ عَلَى تَدَبُّرِهِ وَتَعَقُّلِهِ وَاتِّبَاعِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} , وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} , وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} , وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}.
فَإِذَا كَانَ قَدْ حَضَّ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ عَلَى تَدَبُّرِهِ: عُلِمَ أَنَّ مَعَانِيَهُ مِمَّا يُمْكِنُ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ فَهْمُهَا وَمَعْرِفَتُهَا فَكَيْفَ لَا يَكُونُ ذَلِكَ مُمْكِنًا لِلْمُؤْمِنِينَ؟! بل للصحابة؟! وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ مَعَانِيَهُ كَانَتْ مَعْرُوفَةً بَيِّنَةً لَهُمْ.
9 - قَالَ تَعَالَى: {إنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} , وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} , فَبَيَّنَ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ عَرَبِيًّا لِأَنْ يَعْقِلُوا وَالْعَقْلُ لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ الْعِلْمِ بِمَعَانِيهِ.
10 - أَنَّهُ ذَمَّ مَنْ لَا يَفْهَمُهُ فَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا. وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} , وَقَالَ تَعَالَى: {فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} فَلَوْ كَانَ الصحابة لَا يَفْقَهُونَهُ أَيْضًا لَكَانُوا مُشَارِكِينَ لِلْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فِيمَا ذَمَّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ.
11 - أَنَّهُ ذَمَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ حَظُّهُ مِنْ السَّمَاعِ إلَّا سَمَاعَ الصَّوْتِ دُونَ فَهْمِ الْمَعْنَى وَاتِّبَاعِهِ فَقَالَ تَعَالَى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} , وَقَالَ تَعَالَى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إنْ هُمْ إلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} , وَقَالَ تَعَالَى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إلَيْكَ حَتَّى إذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} وَأَمْثَالُ ذَلِكَ.
وَهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ سَمِعُوا صَوْتَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَفْهَمُوا وَقَالُوا: مَاذَا قَالَ آنِفًا؟ أَيْ السَّاعَةَ. وَهَذَا كَلَامُ مَنْ لَمْ يَفْقَهْ قَوْلَهُ , فَقَالَ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}.
فَمَنْ جَعَلَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ غَيْرَ عَالِمِينَ بِمَعَانِي الْقُرْآنِ جَعَلَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فِيمَا ذَمَّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ.
12 - أَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَسَّرُوا لِلتَّابِعِينَ الْقُرْآنَ كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ عَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ أَقِفُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ مِنْهُ وَأَسْأَلُهُ عَنْهَا. وَلِهَذَا قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ.
وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ: لَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي تَبْلُغُهُ الْإِبِلُ لَأَتَيْته. وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ نُقِلَ عَنْهُ مِنْ التَّفْسِيرِ مَا لَا يُحْصِيهِ إلَّا اللَّهُ. وَالنُّقُولُ بِذَلِكَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثَابِتَةٌ مَعْرُوفَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَا.
فواقع الحال يثبت ما قررنا.
فإذا ثبت ذلك: ثبتت حجيّة تفسير الصحابي الذي لم يخالف نَصَّاً , ولا مخالف له من الصحابة , كما ثبت أن كل تفسير يخالف أقوالهم فهو باطل؛ لأن الحق لا يخرج عن أقوالهم.
للفائدة: أحسن من جمع الأدلة على مسألة بيان النبي صلى الله عليه وسلم للقرآن وفصلها: ابن تيمية في مقدمته في التفسير , وفي مجموع الفتاوى 5/ 153 – 163 , وفي بغية المرتاد , وكذا ابن القيم في مختصر الصواعق المرسلة ص: 510 – 519.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[22 Feb 2010, 08:36 م]ـ
التطبيق
فيما سبق كان يغلب على النقاش جانب التنظير والتأصيل مما يجعل التصور أحيانا لبعض القراء غير واضح، والآن سأعطي مثالاً تطبيقيا يوضح مقصدي من هذا الموضوع لعله يقرب وجهات النظر أكثر إن شاء الله تعالى.
في قوله تعالى: (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء).
هذه الآية لم يُنقل عن الصحابة في تفسيرها إلا ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال – في قوله تعالى: {كأنما يصّعَّد في السماء} - قال: "كما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء فكذلك لا يقدر على أن يدخل التوحيد والإِيمان قلبه حتى يدخله الله في قلبه".
وقد أوضح هذا المعنى الذي أراده ابن عباس بعضُ التابعين، فروي عن عطاء الخرساني أنه قال: "كأنما يصعد في السماء يقول: مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد في السماء".
قال ابن عطية: " أي كأن هذا الضيق الصدر يحاول الصعود في السماء".
وهذا المعنى الذي فهمه ابن عباس للآية وفسرها على ضوئه نطرح حياله عدة أسئلة:
1 - هل هذا التفسير من ابن عباس يُعد في حكم المجمع عليه من قبل الصحابة؟
2 - هل يجوز نقد هذا التفسير المروي عن ابن عباس؟
3 - هل يجوز إحداث قول مخالف لهذا التفسير ومعارض له؟
من يرى أنه لا يجوز إحداث قول خارج عن أقوال السلف يجيب على جميع الأسئلة بعدم الجواز، ويرى أن هذا التفسير هو في حكم المجمع عليه ولا يجوز نقده ولا معارضته.
وعليه فإن التفسير الذي قال به دعاة الإعجاز العلمي في العصر الحديث يُعد معارضاً لهذا التفسير المنقول عن السلف، وعليه فيجب رده وعدم قبوله. (هكذا يقول السلفيون)
ونأتي الآن لبيان التفسير المعاصر الذي قال به دعاة الإعجاز العلمي حيث قالوا: معنى الآية أن من يرد الله إضلاله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كحال من يصعد في السماء، فإنه يجد صعوبة في التنفس بسبب انخفاض الضغط الجوي وقلة الأوكسجين.
والآية ليس معناها أن من أراد الله إضلاله فإنه يمتنع عليه الإيمان كامتناع الصعود إلى السماء على الإنسان – كما يقوله السلف - وإنما معناها أن من أراد الله إضلاله فإنه يجعل صدره ضيقا حرجا عن قبول الإيمان، فهو إذاً دائم الشعور بالضيق والحرج في صدره، وهذا الضيق سببه الكفر، وهذا الضيق الذي يشعر به في صدره يشبه الضيق الذي يحصل لمن يصعد في السماء، فإنه يجد صعوبة في التنفس مما يعكر عليه مزاجه.
وكما هو ملاحظ فإن هذا التفسير مغاير تماماً للمروي عن ابن عباس في تفسير الآية.
فهل نقول أخطأ ابن عباس في تفسير الآية؟
الذي أراه أن هذا التفسير من ابن عباس رضي الله عنهما لا يعدو أن يكون اجتهاداً منه في فهم الآية، وهذا الاجتهاد مبني على معطيات بشرية وزمنية، وهي قابلة للخطأ والصواب، وليس لها أي عصمة من الخطأ، وعليه فما المانع أن ننتقد هذا التفسير بنقد علمي ونعارضه بالتفسير العلمي المعاصر ونذكر أدلتنا التي تؤيد القول المتأخر على المتقدم.
ومما يمكن أن يوجه لأثر من ابن عباس من نقد أن يُقال:
1 - أن الآية جاءت بصيغة الظرفية في قوله: (في السماء) وهذا يفيد بأن التصعد يكون حقيقة في ظرف السماء، ولو كان المعنى على ما قال ابن عباس لجاءت الآية بلفظ (إلى السماء).
2 - أن تفسير ابن عباس يسلتزم تقديرا في الآية وهو "يريد" أو "يحاول" والقاعدة أنه إذا تعارض ظاهر الآية مع إحتمال التقدير قدم الظاهر.
3 - أن السياق يُعارض المعنى الذي قاله ابن عباس، فقوله: (يجعل صدره ضيقا حرجا) هذا الضيق والحرج لا يتأتى لمن يحاول أن يصعد إلى السماء، وإنما يحدث لمن يصعد حقيقة، كما كشف ذلك العلم الحديث.
4 - قوله: (يصعد) بتشديد الصاد يفيد التدرج بالصعود وهذا المعنى لا يتأتى على قول ابن عباس بأنه من يحاول الصعود، لأن من يحاول الصعود لا يكون منه تدرج في الصعود.
5 - أن قوله (يصعد) أصله يتصعد، والتصعد يعني وقوع التصعد حقيقة، بخلاف من يحاول الصعود فإنه لا يقع منه تصعد.
أمّا هذا التطبيق الذي ذكرته فأصله الذي بُنيَ عليه باطل ٌ؛ وهو أن من معاني القرآن ما لم يعرفه أحد طيلة تاريخ المسلمين ولم يُعرف معناه إلا الآن.
وما كان كذلك لا يستحق لحظة في الرد عليه , وقد أنهينا الكلام على هذا الأصل الفاسد فيما مضى.
(يُتْبَعُ)
(/)
لكني سأعرج على جُمَلٍ تتأكّدُ بها جوانب الخلل والقصور في هذا التناول العصري التجديدي لمعاني القرآن الكريم:
في قوله تعالى: (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء).
خلاصة ما يقوله أبو حسان هنا:
أولاً: أنه لم ينقل تفسير هذه الآية عن غير ابن عباس.
ثانياً: أن ابن عباس أخطأ في تفسير الآية ولم يُصب , وحيث لم ينقل تفسير الآية عن غيره فالنتيجة: أن السلف أخطأوا في تفسيرهم هذا.
مادامت المقدمة باطلة فالنتيجة باطلة , وما بُني على باطل فهو باطل.
ثالثاً: أن الصواب في تفسير الآية لم يُعرَف إلا في هذا العصر , وعلى يد دعاة الإعجاز العلمي.
رابعاً: وجوه خطأ ابن عباس في تفسير هذه الآية.
- أمّا الأمر الأوّل: (أنه لم يُنقل تفسير هذه الآية عن غير ابن عباس) فتقصير ظاهرٌ في البحث , ولا أستغربه فقد عوّدتنا أن تشبع هذه المسائل بحثاً!
فقد أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن أبى الصلت الثقفى: أن عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية {ومن يرد الله أن يضله يجعل صدره ضيقا حرَجا} بنصب الراء وقرأها بعض من عنده من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {حرِجا} بالخفض، فقال عمر: ائتونى رجلاً من كنانة , واجعلوه راعياً , وليكن مدلجياً. فأتوا به فقال له عمر: يا فتى , ما الحرجة فيكم؟ قال: الحرجة فينا الشجرة تكون بين الأشجار لا يصل إليها راعية ولا وحشية ولا شىء.
فقال عمر: كذلك المنافق لا يصل إليه شىء من الخير.
إذا عُلِمَ هذا فباقي المثال لا قيمة له؛ لأنه مبنيٌ على تفرد ابن عباس بهذا المعنى.
- أمّا الأمر الثاني: (أن ابن عباس أخطأ في تفسير الآية ولم يُصب) , فهذا بحسب اجتهاد أبي حسان الذي لم يسبقه إليه سابقٌ , وما اقله أحد من العلماء تفسيراً للآية , وإنما هو رأيٌ رآه ثم حمل الآية عليه.
- وأمّا الأمر الثالث: (أن الصواب في تفسير الآية لم يُعرَف إلا في هذا العصر , وعلى يد دعاة الإعجاز العلمي) , فهذا من أعظم الجرأة على الله , وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم , وصحابته الكرام رضي الله عنهم , وعلى أمّة الإسلام طيلة تاريخها حتى هذا العصر. وقد بينا ذلك فيما سبق.
أمّا قولك:
والآية ليس معناها أن من أراد الله إضلاله فإنه يمتنع عليه الإيمان كامتناع الصعود إلى السماء على الإنسان – كما يقوله السلف - وإنما معناها أن من أراد الله إضلاله فإنه يجعل صدره ضيقا حرجا عن قبول الإيمان، فهو إذاً دائم الشعور بالضيق والحرج في صدره، وهذا الضيق سببه الكفر، وهذا الضيق الذي يشعر به في صدره يشبه الضيق الذي يحصل لمن يصعد في السماء، فإنه يجد صعوبة في التنفس مما يعكر عليه مزاجه.
فأسألك عنه سؤالان:
الأوّل: هل فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى الآية؟
جوابك ولا شك: نعم. أمّا إن كان (لا) فلا نقاش لنا معك.
فمادام فهم رسول الله معناها؛ فهل هو هذا المعنى العصري الذي ذكرته؟
فإن كان جوابك (لا) فقد رددت على نفسك.
وإن كان (نعم , فهم رسول الله هذا المعنى العصري) فأثبت أوّلاً –ودون ذلك خرط القتاد-.
وإن وجدت وأثبتّ: فلماذا كتمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأمة؟ وإن كان بلَّغَه للصحابة , فلماذا كتموه ورضوا لابن عباس أن يفتري هذا المعنى الخاطئ على الأمة؟!
والسؤال الثاني: هل فهم الكفار معنى الآية؟
فإن قلت (نعم) فما هو المعنى الذي فهموه غير ما فهمه ابن عباس وعمر والصحابة؟
وإن قلت (لا , ما فهموا معنى الآية) فكيف يخاطبهم الله بما لا يفهمونه؟ وكيف تقوم عليهم الحجة به؟ وكيف يعذبهم الله على أمرٍ لا يستطيعونه؟
وإن قلت (ما فهموه هو هذا المعنى العصري) فأضحك الناس على عقلك وأثبت ذلك.
- وأمّا الأمر الرابع –وما أعجبه-: فهي وجوه خطأ تفسير ابن عباس وإصابة أبي حسان.
وأعجب ما فيه حين يبين خطأ ابن عباس في اللغة! ألم تجد غير ابن عباس لتخطئه في لغته؟!
إن من لا يعرف مذاهب العرب في كلامها , وأساليبهم في الخطاب التي نزل عليها القرآن ليس أهلاً أن يحاكمهم , فضلاً عن أن يُخَطِّئَهم في فهم لغة القرآن.
1 - (الآية جاءت بصيغة (في) لا بـ (إلى)).
ألم تسمع بالتضمين؟ ألم تعلم أن قول ابن عباس أفاد معنى (في) وزيادة؟
2 - (أن تفسير ابن عباس يستلزم تقديراً).
لا يا أخي , لا يستلزم تقديراً. أوليس مثلاً ذكره الله لحال الكافر؟
3 - (أن السياق يعارض قول ابن عباس).
بل يوافقه أشد الموافقة , واسمع ما أقول لك:
أليست الآية في المقابلة بين من شرح الله صدره بالإيمان , ومن ضيق صدره بالكفر والعصيان؟ بلى. فكيف هو شرح الصدر؟ فكذلك تضييقه. أليس شرح الصدر معنىً؟ فكذلك تضييقه.
4 - ((يصعد) بتشديد الصاد يفيد التدرج بالصعود وهذا المعنى لا يتأتى على قول ابن عباس).
(يَصَّعَّد , ويصَّاعَد , ويَصعَد) كلها بمعنىً , وقرأ بكلّ وجه منها جماعة من القراء.
5 - (أن قوله (يصعد) أصله يتصعد، والتصعد يعني وقوع التصعد حقيقة).
لا يلزم يا أخي , بل هو لبيان الجهد والمشقة التي تلحق من يفعل ذلك , قال عمر رض الله عنه: ما تصَعَّدني شيء ما تصَعَّدتني خُطبةُ النكاح.
وأنت بهذا المثال كفيتني الحديث عن أثر نزول القرآن بلسان الصحابة على فهمهم له , وعلى جهل كثير ممن بعدهم بالأساليب التي نزل بها القرآن , والتي كانت سليقة وطبعاً في ألسنتهم وعقولهم.
فكيف يظن عاقل أن من بعدهم أعلم منهم بلغتهم , بل ويخطئونهم فيها؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[22 Feb 2010, 09:01 م]ـ
هذا آخر ما أردت قوله في هذا الموضوع , وأحمد الله تعالى على توفيقه , وأسأله المزيد من فضله.
وأشكر كل الإخوة الكرام الذين صبروا على قراءة هذا الموضوع ومتابعته , وأراه يصلح مثالاً معاصراً تُعرف به كثير من أصول المبتدعة في الاستدلال , ومناهج القراءات المعاصرة للقرآن الكريم , وأهمّ الأدلة النظرية التي تقوم عليها هذه المناهج.
وكم كنت أتمنى أن أجد من يُحسِن التعبير والبيان عن هذه المناهج؛ ليكون حواراً متيناً في مادته وأسلوبه , لكن الواقع أن أكثر من يحمل هذه الأفكار من بني جلدتنا مقلدون تابعون , لم يُحسنوا فهم تلك الأصول على حقيقتها , فضلاً عن حسن البيان عنها وإيضاحها , أو إقناع الأمة بترك ما هي عليه من أصول ومناهج أهل الإسلام والتحول إلى تلك المناهج الحادثة.
وعلى كل حال جاء هذا الحوار تجربة فريدة في هذا الملتقى , لم نعتد عليها من قبل , وما كان ينقصها لبلوغ الكمال إلا أن يُعرِّف المتحاوران بنفسيهما , وهذا نوع من الشجاعة الفكرية التي نفخر بها في هذا الملتقى , وندعو الجميع للتحلي بها.
أمّا أنا فقد فعلت من أوّل يوم في هذا الملتقى بحمد الله.
وأمّا أبو حسّان فهذا وقت تعريفه بنفسه لترتفع الجهالة عن عينه , بعد أن ارتفعت عن فكره.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Feb 2010, 11:06 م]ـ
انتهت هذه المناظرة العلميَّة بين الأخوين أبي حسان ونايف الزهراني، وسوف أحيل هذا الحوار لعدد من الفضلاء للاطلاع عليه وتحكيمه، وهذا قد يأخذ بعض الوقت منهم. وريثما يرغبون بنشر تعقيباتهم ورأيهم في الحوار فسوف يبقى الموضوع مغلقاً إن شاء الله.
والغاية من إغلاقه إبقاء الحوار في مستوى علمي رفيع دون تدخلات قد تفقده قيمته العلميَّة، ولعله يكون مثالاً يحتذى في الحوارات العلمية في الملتقى، وإن لم يصل إلى درجة الكمال الذي ننشده في بعض جوانبه.
وأشكر الأخوين المشاركين في هذا الحوار شكراً جزيلاً، وسوف أتيح لهما فرصة التعقيب على التعقيبات في آخر الأمر بإذن الله.
مساء الإثنين 8/ 3/1431هـ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Feb 2010, 02:12 م]ـ
كنتُ طلبت تعقيبات علمية على الحوار من عدد من طلبة العلم، وقد وردني هذا التعقيب من الأخ الدكتور محمد اليمني الأستاذ المساعد بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الملك سعود وفقه الله، وهذا نص رسالته.
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الدكتور/ عبد الرحمن الشهري وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فقد اطلعت على الحوار المعروض في ملتقى أهل التفسير فوجدت فيه فوائد كثيرة، ولي بعض الملحوظات هي:
أولا: عدم تحرير محل النزاع بسبب أن التقسيم الذي ذكر في مقدمة الحوار كان تقسيما ناقصا، إذ اقتصر على تقسيم أقوال الصحابة من جهة التعدد وعدمه، وهو ناقص حتى في هذا الجانب ذلك أن قول الصحابي الذي لا يعرف له مخالف ينقسم إلى ما اشتهر وانتشر، وإلى غير المنتشر. ثم إنه بقي أن ننظر إلى القول الذي جد بعد الصحابة هل هو مما لا مجال للرأي فيه، أو هو مما للرأي فيه مجال - ولا بد من تحديد الموقف تجاه النوع الذي ليس للرأي فيه مجال من جهة ضابطه، والتوسع والتضييق- ثم ينظر كذلك إلى نوع القول الحادث هل هو على جهة الضد، أو على جهة الشرح والبيان والزيادة غير الضدية كالحادث من الأقوال المتعلقة بالأمور التقنية، والتجريبية الحديثة، فأكثرها من النوع الثاني، فلا مناقضة فيها ولا ضدية.
وأرى- والله أعلم بالصواب - أن الخلاف إذا تحرر، فلن يقف عند التفسير بل سيتعداه إلى المستفاد من القرآن وعلومه خاصة العقيدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيا: استعمال لفظ التقديس، واتهام من يجل أقوال الصحابة به، لا وجه له، فالقداسة والعصمة مناقضة لما عليه أهل السنة والجماعة من القول بوقوع الخطأ والمعصية من الصحابة. أما اعتبار أقوال الصحابة، وان لها قيمة ليست لغيرهم سواء اتفقوا أو اختلفوا فلا علاقة لها بالتقديس لا من قريب ولا من بعيد. قال تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} والصحابة رضي الله عنهم خير المؤمنين بعد الأنبياء عليهم السلام، فسبيلهم واجب الإتباع، وهم خير قرون الأمة، فأقوالهم ليست كأقوال من جاء بعدهم. والله أعلم.
وفق الله الجميع لكل خير، ونفع بهم، وجمعهم على الحق، وعصمهم من الضلال.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا
أخوك/ محمد اليمني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Feb 2010, 10:57 م]ـ
تعقيب الدكتور جمال الدين عبدالعزيز الشريف على المناظرة
هذه تعليقات على المناظرة التي جرت بين أخوينا أبي حسان ونايف الزهراني، والتي كان فيها الحق مع الأخ الزهراني بصورة واضحة في أكثر الأحوال؛ وقبل طرح هذه التعليقات ينبغي مناقشة المفاهيم التي تكون منها العنوان؛ لأنه بذلك تتبين بعض الأمور في هذه المناظرة
مناقشة العنوان:
الأخ أبو حسان سمى طرحه (الإغراق في السلفية ومحاربة العقل والتجديد) كأنما جعل السلفية في مقابل العقل والتجديد أي: هي عنده اللاعقل والجمود
وتلك إذن قسمة ضيزى
فالذي يقول بالتجديد " بمفهوم أبي حسان طبعا " كما هو مشاهد في واقعنا الفكري يأتي في الغالب بما تأباه العقول السليمة ويرفضه المنهج العلمي
.كما أن السلفية – خلافا لأبي حسان - لا تعني بحال عدم إعمال العقل
ولكن الأخ أبا حسان كما هو واضح من عنوانه جعل مفهوم " السلفية " بعيدا جدا عن العقل والتفكير، وليته توقف عند هذا الحد بل تراه يدخل في مسألة اللا عقل والجمود حتى أئمة الإسلام نحو أحمد بن حنبل وابن تيمية وغيرهما، ومعلوم أن هولاء أكثر الناس إعمالا للعقل والتفكير، وما زلت أذكر عمق تفكير ابن تيمية وكسره للمنطق الأرسطي وفضله الكبير في بلورة المنهج العلمي الذي تولدت منه كافة العلوم المعاصرة، وكسر ابن تيمية للمنطق كان له كبير الأثر في رواد النهضة الأوربية نحو فرانسيس بيكون وروجر بيكون وجون ستيورات وغيرهم، وأعرف رجلا كان موضوع رسالته للدكتوراه بإنجلترا حول هذا الموضوع؛ وليس ذلك فحسب بل لم يجد الشيخ مصطفى طباطبائي - وهو شيعي معروف - في كتابه "المفكرون المسلمون في مواجهة المنطق اليوناني" من المفكرين المسلمين من واجه هذا المنطق الصوري وانطلق إلى المنهج العلمي الصحيح كما فعل ابن تيمية، وليس هنا موضع تفصيل ذلك.
معنى السلفية:
السلف هم الصحابة، والسلفية هي اتباع هولاء رضي الله عنهم، واتباع الصحابة في التفسير وغيره واجب وذلك لأسباب كثيرة مهمة ذكرها العلماء ولن أسردها هنا؛ وإنما سأبين بعض الأمور البسيطة المتعلقة بالتفسير، والفرق بيننا وبينهم في ذلك؛ ومن تلك الفروق الآتي:-
1 - لا شك أن الصحابة - الذين هم خير الناس لاعتبارات كثيرة - قد نزل القرآن بلسانهم، ومعلوم أن هذا اللسان قد تغير مع مر العصور تغيرا شديدا في خصائص أساليبه وطرائق تعبيره ومعاني مفرداته؛ يقول أبو عمرو بن العلاء - في العصر العباسي -: (اللسان الذي نزل به القرآن وتكلمت به العرب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم عربية أخرى غير كلامنا هذا) ويقول الخطابي: (وقد زعم بعضهم أن كلام العرب كان باقياً على نجره الأول وعلى سنخ طبعه الأقدم إلى زمان بني أمية ثم دخله الخلل فاختلّت منه أشياء) وإذا كان الأمر كذلك فلا يمكن بحال أن يكون فهمنا للقرآن مقدماً على فهم الصحابة؛ فنحن لا ندرك هذه اللغة – وهي لغة واسعة – إلا تعلماً؛ رغم أننا نتحدث بلهجات مشتقة منها، وكلما تعلمنا فيها الكثير علمنا أن ما فاتنا فيها أكثر وأعظم، وأذكر أن البروفسير عبد الله الطيب – وهو من أعلم علماء العصر بالعربية وهي لسان أمه كما يقولون – كان يقول أجيد الإنجليزية والفرنسية والألمانية وقليلا من العربية؛ فهو لسعة علمه في العربية علم مدى جهله بها، وهذه أمور عميقة يعرفها العلماء لا
(يُتْبَعُ)
(/)
غيرهم؛ قال الشافعي:
كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي وكلما ازددت علما زادني علما بجهلي
والعربية أغنى اللغات وأوسعها؛ يقول الإمام الشافعي: (لسان العرب أوسع الألسنة مذهباً وأكثرها ألفاظاً ولا نعلم أن يحيط به إنسان إلا نبي)، والقرآن لا يفهم إلا بهذا اللسان؛ فإذا جاء أحد الناس في زماننا بمعنى من القرآن لا يوافق طريقة هولاء الصحابة في كلامهم كان هذا المعنى مردودا؛ يقول الإمام الشاطبي: (كلّ معنى مستنبط من القران غير جار علي اللسان العربي فليس من علوم القران في شي لا مما يستفاد منه ولا مما يستفاد به؛ ومن ادعى فيه ذلك فهو في دعوه مبطل) ولهذا كان الإمام مالك - وهو قريب العهد بالصحابة - يقول: (لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر القرآن إلا جعلته نكالاً) فإذا كان هذا حال الأجيال الأولى بعد الصحابة فما بالك بحالنا الآن؟!؛ ولا أظن أن عاقلا يمكنه أن يتطاول في ذلك على الصحابة؛ فإذا رأينا رجلا قليل المعرفة بالإنجليزية أو الروسية أو الألمانية يجادل الإنجليز أو الروس أو الألمان المختصين في سونتات شكسبير وأعمال تولستوي وجوجل وجوتة فلا شك أن منظره يثير الضحك والسخرية عندنا؛ فما بال رجل يتطاول بلغته القاصرة على الصحابة رضوان الله عليهم.
2 – بيّن النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة القرآن مع علمهم العميق باللغة؛ قال تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) وبذلك كان الصحابة يعلمون معاني القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة فهو صلى الله عليه وسلم كان يوضح لهم التفاصيل؛ حيث يبين لهم المجمل ويوضح المشكل ويخصص أحيانا ويقيد ويشرح معنى بعض الألفاظ أحيانا، كما كان يبين لهم منهج التفكر والتدبر فيرشدهم إلى اقتناص المعنى من السياق تارة ومن مواضع أخرى من القرآن؛ وذلك كما أرشد عائشة رضي الله إلى معنى قوله تعالى (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة) حيث قالت أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ فقال: "لا يا بنت الصديق ثم أرشدها إلى السياق " أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ". وعندما بكى حسان وابن رواحة رضي الله عنهما عند سماع قوله تعالى: (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) أرشدهم إلى السياق (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا) وعندما التبس على الصحابة مفهوم الظلم في قوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ) أرشدهم إلى موضع آخر في القرآن في سورة لقمان وهو قوله تعالى (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، ومعاصرة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم وتفسيره القرآن لهم منهجا وتفاصيل - يجعلهم متقدمين علينا بطبيعة الحال، وربما فسر النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة تفاصيل كل القرآن وهو أمر مختلف فيه بين العلماء، وسواء صح هذا المعنى أم لم يصح فهم كانوا أقرب إلى هذا العلم منا؛ لقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم وهو من أنزل عليه القرآن وأُمر ببيانه؛ ولهذا فإن سؤال أبي حسان في الرد على الزهراني: (ما علاقة فهم الصحابة للقرآن بالبيان، وهل تفسير الصحابة كله مأخوذ من النبي صلى الله عليه وسلم حتى تقول ذلك؟!) يبدو عجيبا؛ إذ إن لمن بيّن النبي صلى الله عليه وسلم القرآن حيث أمر ببيانه؟ ألم يكن هذا البيان للصحابة دون غيرهم؟! فتفسير الصحابة مأخوذ من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة أو مفهوم من كلام النبي صلى الله عليه وسلم كل حسب تفكيرهم أو مستخرج بالمنهج الذي وضحه لهم النبي صلى الله عليه وسلم؛ فالعلاقة بين تفسير الصحابة وبيان القرآن واضحة جدا؛ ولهذا ينبغي أن يكون السؤال هل كل ما نقل عن الصحابة كان صحيحا في إسناده وهل تصح نسبته إليهم؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 – عاصر هولاء الصحابة رضوان الله عليهم نزول القرآن وعلموا فيما أنزل وأين أنزل؛ يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَلَا أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللَّهِ تُبَلِّغُهُ الْإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ) وهذان الأصلان (فيم أُنزلت) (أين أُنزلت) في كلام ابن مسعود رضي الله عنه يشيران بصورة واضحة إلى أمور في غاية الأهمية بالنسبة إلى التفسير وبيان المعنى؛ فهذه الأمور تعين في المعرفة بتاريخ النزول، وهذا الأمر تتعلق به كثير من خصائص الآيات وترتيبات التشريع الواقعية وكما يتعلق به تعيين الأوصاف والأفعال التي نزل فيها القرآن وتبين حدود المعنى الذي فيه نزل وتعرّف بأبعاده، ونحن الآن إذا رحنا نفهم القرآن من نصه فحسب بعيدا عن فهم الصحابة - على ضعفنا في العلم واللغة - خرجنا بمعان غريبة غير مرادة من القرآن أصلا؛ إذ إن الكلام الذي يراد به تأدية المعنى ليس مجرد كلمات أو عبارات؛ بل هنالك عناصر غير كلامية أو تركيبية متعلّقة بهذا المعنى أشدّ ما يكون التعلّق، ولا شك أن ضرب الصفح عن هذه العناصر أو إغفالها ثم محاولة استفادة المعنى من ظواهر اللغة الخالصة والاكتفاء بالمعنى الحرفي لها - قد يؤدي في بعض الأحيان بطبيعة الحال إلى قصور شديد في فهم المعنى الدقيق المراد؛ فالكلام – كما هو معروف - تحيط به ظروف وملابسات وأحوال، وهذه الظروف والملابسات والأحوال ذات أثر فاعل في بيان المعنى، و"شاهد العيان" – بطبيعة الحال في كل الأمور - مقدم في الشهادة على غيره؛ فإذا وقع حدث معين وأردنا شهادة الناس فيه هل نأخذ بشهادة الغائب أم الحاضر؟ فهولاء الصحابة عرفوا في أي مكان نزل القرآن وفي أي أحداث نزل وكيف طبقه النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا فإن تقديم فهومنا على فهومهم لا يمكن أن يقول به منصف قط
4 - إن النص القرآني إذا كان سهل التناول ميسّر للذكر واضح البيان من جهة فهو بعيد الغور شديد العمق من جهة أخرى، ولهذا فإن فهمه على درجات متفاوتة جدا فهنالك درجة لا يعذر أحد فيها بجهالته وهنالك درجة تعرفها العرب من كلامها وهنالك درجة يعلمها العلماء وهنالك درجة لا يعلمها إلا الله؛ والدرجة التي يعرفها العلماء تأتي بعد العلم العميق باللغة؛ وهي درجة في داخلها درجات كثيرة متفاوتة جدا، ولنقرب إلى الأذهان الدرجة التي كان عليها الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه مثلا فهو على علمه العميق تعلم معاني سورة البقرة في ثماني سنين، وسورة البقرة أقل من عشر القرآن؛ ولو أراد تعلم القرآن كله على هذه الشاكلة التي تعلم بها سورة البقرة لمكث ما يقارب المائة عام؛ هذا مع حصوله طبعا على كافة الأدوات لفهم القرآن مما لم يتيسر لدينا؛ فإذا أراد أحد المعاصرين أن يبلغ في فهم القرآن هذه الدرجة – بحساب السنين فحسب – فكم سنة سوف يحتاج؟ إنه لأمر مخيف! وإذا كنا لم نتجاوز بداية ساحل القرآن أفلا نعول على علم من جرب أمواجه ولججه
وقد عرف أبو حسان السلفيين بأنهم هم الذين ينتمون لجيل هولاء الصحابة فهما واتباعاً وبدلا من أن يقول نسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم – أخذ يهاجمهم رغم أنهم هم القوم كل القوم يا أبا حسان، فإذا أردتم الإعراض عن فهم الصحابة فأين تذهبون؟!
وقد قدمت أخي أبا حسان طرحك كأنك تنهى عن اتباع السلف أو هكذا يبدو الأمر لي؛ ولهذا فإنك بذلك قد انتحرت فكريا في النقاش من أول وهلة؛ مما سهّل الأمر على الأخ نايف الزهراني الذي لم يكن صعبا عليه هزيمتك بصورة مذهلة؛ فكان الحق معه بشكل واضح لا يخفى، وهذا ما جعل المتداخلين يهاجمونك ويثيرونك ويصفون لك الكتب التي ينبغي لك أن تقرأها، وكلامك هو الذي جر إليك ما لاقيت "يداك أوكتا وفوك نفخ"
هذا وإن كانت حججك فيما بعد كانت أكثر استقامة مما كانت عليه في البداية؛ ولا أدري هل كان هذا بسبب مطرقة الزهراني القوية، أم أنك عبرت بعد ذلك عن أفكارك بصورة أوضح.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كنت يا أبا حسان تقصد بـ"الإغراق بالسلفية" التعمق في أقوال السلف؛ فلا شك أن هذا التعمق أمر مطلوب لكنه لا يقابل العقل والتجديد وإنما يتداخل معهما، أما إذا قصدت بذلك الإمعان في الاحتجاج بالراويات الضعيفة الواهية التي لا ثبوت لها بدلا من إعمال العقل فيها ومقارنتها بالروايات الصحيحة فأنا أوافقك؛ ولكن طرحك لا يدل على هذا المعنى الأخير.
مفهوم العقل:
الشيء المشترك بيننا وبين الصحابة هو العقل وأوافق الأخ أبو حسان في ذلك كل الموافقة، والعقل هو القوة الإدراكية في الإنسان والتي يستطيع عن طريقها إدراك العلوم وتحصيل المعارف.
والعقل هو آلة التمييز وهو المدرك للأشياء على ما هي عليه من حقائق؛ ولهذا فإن العقل ليس مصدرا للعلم والمعرفة - بخلاف ما يعتقد العوام – وإنما غاية ما يفعله هذا العقل هو إدراك الأشياء وتصنيفها ومقارنتها فهو وسيلة من وسائل العلم كالحواس تماما؛ وهذا الأمر لا يقتصر على علم دون علم وإنما هو أمر ينتظم كل العلوم فالطبيب الذي يعتمد على العقل المجرد دون مباشرة جسم الإنسان وفحصه وتصوّر مكوناته لا يعد طبيبا وكذلك المهندس والزراعي؛ وليس الأمر قاصرا على التخصصات الطبيعية بل يتعداه إلى العلوم الاجتماعية والإنسانية؛ فالاجتماعي يجمع استبياناته من واقع المجتمع ويقوم بالبحوث الميدانية دون أن يتدخل العقل والخيال في أصول المادة المدروسة؛ فكل هولاء لا يديرون عقولهم في الفراغ وإنما يعملونها في المواد التي يدرسونها، وكذلك الأمر في التفسير فإن لم تكن ملما باللغة ولا بالمقامات التي نزلت فيها الآيات ولا بأقوال الصحابة ولا بإشاراتهم التي تهديك سواء السبيل في إدراك المعنى فقل لي في ماذا يمكنك أن تعمل عقلك؟!؛ والعقول أدوات ووسائل مهمة فإذا انعدمت المادة التي تُعمَل فيها كانت كطواحين الهواء؛ ولهذا يقول الإمام الشاطبي (الأدلة العقلية إذا استعملت في هذا العلم فإنها تستعمل مركبة على الأدلة السمعية)
ولهذا فإنّ القرآن مقدم على العقل من جهة ومتبوع لا تابع له من جهة أخرى؛ يقول الشاطبي " إذا تعاضد النقل والعقل على المسائل الشرعية فعلى شرط أن يتقدم النقل فيكون متبوعاً ويتأخر العقل فيكون تابعاً؛ فلا يسرح العقل في مجال النظر إلا بقدر ما سرحه النقل "
ولهذا فإن العقل المجرد لا يعول عليه في التفسير ولا في غيره من العلوم أيا كان نوعها؛ وإنما التعويل على العلم الغزير عند صاحب العقل الكبير
ولأجل ذلك فإن قول أبي حسان عن الصحابة رضوان (ومن حقنا أن نفهم نصوص الشريعة بعقولنا كما فهموها هم بعقولهم) قول بلا معنى؛ صحيح أن لنا عقول كما للصحابة رضوان الله عليهم،، والعلم شيء والعقل شيء آخر؛ مع أن العقل وسيلة العلم لا مصدره و؛ ولهذا يجوز لنا أن نتجاوز فهم الصحابة للقرآن في حالة واحدة فقط وهي إذا توافرت لدينا أدوات الفهم التي توافرت لديهم و هذا هو المحال
أما قول أبي حسان أن "السلف بشر كغيرهم" فصحيح أنهم بشر وللبشر عقول كما لهم؛ لكنهم في فهم القرآن ما مثلهم في الورى بشر لخصائص منطقية لا توجد في سواهم.
أما قوله " لا فرق عندي بين تفسير السلف وتفسير من جاء بعدهم إلى يومنا هذا ما دام الكل يملك القدرات التي تؤهله لفهم النص الشرعي" وفي هذا القول ناقض أبو حسان نفسه؛ إذ وضع لكلامه قيدا وهو امتلاك القدرات التي تؤهل لفهم النص؛ إذ لا أظنه ينكر أن هذه القدرات التي ذكر متفاوتة جدا وقد نال منها الصحابة الحظ الأوفر؛ ولعل الذي دفعه لهذا القول أن مفهوم هذه "القدرات" في ذهنه مشوش جدا
مفهوم التجديد:
التجديد في التفسير عندي ما هو إلا إعادة فهم الحق وفق المنهج السليم ومعرفة الحقيقة عند السلف الصالح الذين شهدت الأدلة بأنهم خير الناس،وهذا التجديد له طريقته ومنهجه.
ولنضرب مثلا لذلك: إذا أردت أن أجدد بناء فلا يعني بحال أنني يجب أن أهدمه وإنما غاية ما أفعله أن أحيي ما اندرس منه، أما إذا هدمته فإن ذلك يسمى في عرف كل العقلاء هدما وإزالة وتدميرا لا تجديدا
ومعنى التجديد الذي نقصده هو المعنى الذي قصده النبي صلى الله عليه وسلم في قوله - كما روى الحاكم - (إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها)
(يُتْبَعُ)
(/)
وبهذا المعنى الذي شرحته فإن الإمام أحمد بن حنبل السلفي ذا العقل الكبير عندي مجدد
وابن تيمية السلفي ذا العقل الكبير عندي مجدد
وابن القيم السلفي ذا العقل الكبير عندي مجدد
وابن عثيمين السلفي ذا العقل الكبير عندي مجدد
ولا شك أنك إذا أردت تجديد شيء أتيت بأهل المعرفة والخبرة والدراية والمراس، أما إذا أوكل التجديد إلى غير أهله في كل أمر أفسدوه
فما بالنا إذا أردنا تجديد كل شيء أتينا بأهله إلا الدين فإننا نأتي فيه بأناس ليسوا هم من أهل الاجتهاد أصلا؛ ثم نسميهم بعد ذلك مجددين تارة ومفكرين تارة، إن هذا لشيء عجاب!
لقد صار التجديد هو التحلل من كل الضوابط، وكأنه هو بحث عن كل شيء إلا الحقيقة
ودعاة التجديد اليوم لا يريدون إحياء ما اندرس وإنما يريدون تغيير الحقائق وقلب الأمور مخالفين فهم السلف ومحاولين التوفيق بين القرآن وواقع المجتمعات، ولذلك تراهم يفسرون النصوص بما يتراءى لهم بلا ثوابت ولا أساسيات ولا ضوابط ولا مناهج مستقيمة
إنهم يدعون إلى التغيير بوجه عام وشامل!
ولما كانت النصوص الشرعية عائقة لهم فإنهم لجؤوا إلى تفسيرها بحسب الأهواء
والتجديد والحداثة التي ينادون بها تعني عدم الاستقرار على شيء، والثورة المستمرة على كل شيء
وقد تعرض الأخ أبو حسان للمجاز عند ابن تيمية وابن القيم فقال (والذي دعاهم لنصرة هذا المذهب هو ما حدث من آراء عقدية استجدت في الساحة الإسلامية بعد جيل الصحابة رضوان الله عليهم، فكان من ردة الفعل لهذه الآراء أن وضعت قواعد مغرقة في التقليد حتى يتمكنوا من غلق الباب عن كل رأي جديد، ولعل أقرب مثال لذلك نفي ابن تيمية للمجاز وكذا بعض تلاميذه، وفعلهم هذا مكابرة ومصادمة لحقيقة لا يمكن إنكارها) وسوف تأتي مناقشة هذا الرأي في موضعها، ولكن أظنه أراد ربط التجديد بالمجاز؛ إذ أن المجاز أهم أدوات أهل الحداثة؛ والحداثة رغم اختلاف تعريفاتها؛ إلا أن هذه التعريفات تتفق جميعها في القضاء على فكرة الثابت والمؤسسي واستبدالها بفكرة الصيرورة الدائمة والتحول المستمر؛ إذ أن الإنسان المستقل – عندهم - هو المركز والمصدر والمنطلق وهو المعيار والمقياس لكل شيء، ومن هنا نشأت قضايا مثل (موت المؤلف) و (انتهاء المتعاليات) و (أنسنة المقدس) ونحوها. وفي هذا المضمار أيضاً نشأ النقد الثقافي الذي هو عبارة عن رؤية شمولية معززة بآليات نقدية مثل المجاز الكلي والتورية الثقافية ونحوها، وهنا يتم تحميل النص ما لم يرده قائله. وقد دارت هذه الفكرة عموماً على الهدم والتقويض؛ وكان لها أدواتها في ذلك؛ مثل:
أ-الأدوات اللغوية مثل (تفجير اللغة) الذي يهدف إلى القضاء على التعبير الثابت؛ وتحويله عن طريق المجاز والتأويل الشامل.
ب-التشكيك في الحقائق التاريخية الثابتة ومحاولة إحياء فكر الأقليات المنحرفة؛ نحو الباطنية والقرامطة والصوفية المتطرفة وغيرها من الفرق المشتطة في تأويلاتها؛ ولهذا صار من مفاهيم الحداثة (الصراع مع النظام القائم على السلفية والرغبة العاملة على تغيير هذا النظام).
وفي هذا الإطار نشأ مصطلح النص المفتوح، وهذا المصطلح يعني أن النص قابل للتأويل المستمر والتحول الدائم؛ إذ أنه يتعدد بتعدد القراء.
وبعد تحليل المفردات وتوضيح المفاهيم التي تكوّن منها عنوان الأخ أبي حسان نأتي لمناقشة الجزئيات في المناظرة التي دارت بينه وبين الأخ نايف الزهراني الذي رد عليه بردود مفحمة، وأظن أنه بتحليل المفردات وتوضيح المفاهيم سابقا قد اتضحت أمور كثيرة في المناظرة.
أولا:
استدل الأخ لإدانة السلفيين بقولين لعالمين من أكابر علماء الإسلام هما أحمد بن حنبل وابن تيمية؛ وهذا من سوء التدبير؛ إذ لم أر من قبل رجلا يريد أن يذم قوما فيضع تاجين على رؤوسهم قبل أن يقوم بالسب والشتم؛ وليته اكتفى بذلك بل تراه يضع من هم أكبر من هذين العالمين (الصحابة أنفسهم)
ثانيا: أما بالنسبة إلى قول الإمام أحمد "لا ينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا)
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا القول قد سلخه أبو حسان من سياقه، وقد أورده ابن تيمية، وهو عندما ذكر ذلك إنما كان يتحدث عن الإجماع ونقل قول من قال بأنه حجة وقول من قال بأنه ليس بحجة من الروافض والمعتزلة؛ ثم ذكر ترجيح العالم بين أقوال الصحابة والنظر في أيهم أقرب إلى الكتاب والسنة؛ يقول ابن تيمية (قال القاضي: الإجماع حجة مقطوع عليها يجب المصير إليها، وتحرم مخالفته، ولا يجوز أن تجمع الأمة على الخطأ، وقد نص أحمد على هذا في رواية عبد الله وأبي الحارث في الصحابة إذا اختلفوا لم يخرج عن أقاويلهم أرأيت إن أجمعوا له أن يخرج من أقاويلهم؟ هذا قول خبيث، قول أهل البدع، لا ينبغي لأحد أن يخرج من أقاويل الصحابة إذا اختلفوا) وواضح جدا أن ابن حنبل يقصد أن التحلل من أقوال الصحابة هو طريقة أهل الأهواء والبدع الذين أرادوا حمل القرآن على آرائهم وأهوائهم متحللين من الضوابط؛ أي: أنهم يحملون نصوص القرآن ما لا تحتمل.
ثالثا: أما بالنسبة لقول ابن تيمية (من عَدَل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئًا في ذلك، بل مبتدعًا، وإن كان مجتهدًا مغفورًا له خطؤه) فقد أخرج أبو حسان هذا الكلام أيضا وسلخه عن سياقه، وابن تيمية عندما ذكر ذلك إنما كان يتكلم عن التفاسير المنحرفة كتفسير الرافضة الإمامية والقرامطة والمعتزلة حيث ذهب هولاء الروافض إلى أن (يدا أبي لهب) هما أبو بكر وعمر وأن البقرة في قوله (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) هي عائشة، و أئمة الكفر في قوله (فقاتلوا أئمة الكفر) طلحة والزبير، و مرج البحرين في قوله (مرج البحرين يلتقيان) علي وفاطمة، و (اللؤلؤ والمرجان) الحسن والحسين، وهذه سماها ابن تيمية خرافات تتضمن تفسير اللفظ بما لا يدل عليه بحال، وهي خرافات بالفعل؛ ثم ذكر ابن تيمية تأويلات المعتزلة ثم قال (وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك، بل مبتدعا، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته، وطرق الصواب. ونحن نعلم أن القرآن قرأه الصحابة والتابعون وتابعوهم، وأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه، كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعا. ومعلوم أن كل من خالف قولهم له شبهة يذكرها إما عقلية وإما سمعية، والمقصود هنا التنبيه على مثار الاختلاف في التفسير، وأن من أعظم أسبابه البدع الباطلة التي دعت أهلها إلى أن حرفوا الكلم عن مواضعه، وفسروا كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بغير ما أريد به، وتأولوه على غير تأويله، فمن أصول العلم بذلك أن يعلم الإنسان القول الذي خالفوه وأنه الحق، وأن يعرف أن تفسير السلف يخالف تفسيرهم، وأن يعرف أن تفسيرهم محدث مبتدع، ثم أن يعرف بالطرق المفصلة فساد تفسيرهم بما نصبه الله من الأدلة على بيان الحق).
أي أن ابن تيمية ذكر ذلك في مقابلة أهل الأهواء من روافض ومعتزلة وأراد أن يبين المنهج السليم في التفسير
رابعا: ذكر أبو حسان أن الصحابة أجمعت على أن المغضوب عليهم هم اليهود، والضالين هم النصارى في قوله تعالى: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) ثم قال أبو حسان ومع ذلك ذكر المفسرون بأن الآية ليست خاصة في اليهود والنصارى بل هي عامة في كل من تنطبق عليه هذه الأوصاف كما نبه على ذلك بعض المفسرين، ومنهم ابن كثير ثم ذكر أبو حسان أن المعنى عند هولاء المفسرين أن اليهود من المغضوب عليهم ثم فرق أبو حسان بين قول الإنسان " المغضوب عليهم اليهود وقوله "اليهود مغضوب عليهم" ورغم تفنن أبي حسان في العبارات إلا أن كلامه لا معنى له؛ إذ أنه لا اختلاف بين الحديث وقول المفسرين؛ فالمغضوب عليهم هم اليهود والضالين هم النصارى؛ ويتبين ذلك باستقراء بسيط للفظ الغضب في القرآن لتعرف من المقصودين بهذه الصفة؛ قال تعالى عن اليهود: "وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وقال فيهم أيضا "فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ وقال فيهم أيضا "وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ وقال فيهم أيضا "قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ
(يُتْبَعُ)
(/)
مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ وقال فيهم أيضا " إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا" وقال في النصارى "وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ " ويبدو واضحا جدا من السياق أن المقصود هم النصارى يقول ابن القيم " فهذا خطاب للنصارى لأنه في سياق خطابه معهم بقوله لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إلى قوله وضلوا عن سواء السبيل"
فالمقصود بالمغضوب عليهم اليهود وبالضالين النصارى، ولكن الآية لم تأمر المسلمين بأن لا يكونوا يهودا أو نصارى - كما فهم أبو حسان – بل أمرتهم بأن يدعوا بالهداية للطريق المستقيم الذي ليس هو طريق اليهود الذين أنعم الله عليهم بالهداية إلى صراط الخير بدعوة الرسل فتقلدوها ثم طرأ عليهم التغيير وبطر النعمة وسوء الامتثال وفساد التأويل وتغليب الشهوات حتى حق عليهم غضب الله تعالى، كما أمرت الآية المسلمين بالتبرؤ من حال النصارى الذين هُدوا إلى صراط مستقيم فما استقاموا فيه فانقلبت هدايتهم ضلالاً. والكلام ليس عن اليهود والنصارى في أنفسهم بل عن طريقتهم، وطريقتهم التي أدت إلى الغضب والضلال هي المقصودة؛ وهذه الطريقة التي عرفوا بها قد يفعلها غيرهم؛ ولهذا أمر الله بالتعوذ منها؛ وليس المراد التعوذ من أن يصير المسلم يهوديا أو نصرانيا؛ يقول ابن عاشور (ولو كان المراد دين اليهودية ودين النصرانية لكان الدعاء تحصيلاً للحاصل فإن الإسلام جاء ناسخاً لهما)
ورغم كل ذلك إلا أنني لم أر مفسرا قال إن المقصود بالمغضوب عليهم غير اليهود ولا بالضالين غير النصارى اللهم إلا أقوال شاذة لا معول عليها وردها العلماء نحو أن "المغضوب عليهم" المشركون. و"الضالين" المنافقون. أو: "المغضوب عليهم" هو من أسقط فرض هذه السورة في الصلاة و"الضالين" عن بركة قراءتها
أما تعدية طريقة اليهود والنصارى إلى غيرهم ممن اتصف بصفاتهم فجائزة ولا تعارض الحديث بحال فقد قيل: "المغضوب عليهم" باتباع البدع و"الضالين" عن سنن الهدى ويعلق القرطبي على ذلك بقوله (وهذا حسن، وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم أولى وأعلى وأحسن) ومهما يكن من أمر فهذا التفسير شكل من أشكال توضيح الحديث؛ إذ ذكرنا أن المقصود في الآية طريقة اليهود والنصارى "صراطهم" لا هم في أنفسهم.
خامسا: قال أبو حسان " إجماع الصحابة على قولين إجماع على إبطال ما عداهما"
إجماع على قولين؟!
فكيف يكون إجماعا
سادسا: إذا أجمع الصحابة على قول معين فإنه لا تجوز مخالفتهم إطلاقا وكل تفسير خالف إجماعهم الثابت فهو باطل بلا شك؛ إذ إن إجماعهم حجة؛ وقد أمرنا الله تعالى باتباع سبيل المؤمنين والصحابة أفضل المؤمنين بلا شك؛ فلا يمكن لرجل أن يخالف إجماعهم فيُقبل منه؛ ولكن قد يبيين العالم قول الصحابة ويوضح وجه ارتباطه بالآية؛ لأن أقوال الصحابة قد تكون إشارات موجزة لا يستطيع فهمها كل الناس؛ ولهذا قد يختلف قول العالم عن قول الصحابة إجمالا وتفصيلا وغموضا وتوضيحا؛ فيظن من لا يحسن هذا العلم أن هنالك مخالفة لإجماع الصحابة قد وقعت وليس الأمر كذلك. وقد وقع مثل ذلك بين الصحابة أنفسهم كما سيأتي.
سابعا: أما إذا اختلف الصحابة على قولين وهم لا يختلفون في التفسير كثيرا وإنما اختلافهم أكثر منه في الأحكام وتطبيقها، أما بالنسبة إلى التفسير فقد يكون هذا الاختلاف في اللفظ فحسب أو في العموم والخصوص أو السبب والمسبب ولكن المعنى العام واحد، وهذا الذي يسمى اختلاف تنوع لا اختلاف التضاد؛ والناس في الغالب لا يعبرون عن الفكرة الواحدة بأسلوب متفق؛ بل إن الرجل الواحد قد يعبر عن المعنى الواحد بطرق مختلفة؛ فقد فسر على كرم الله وجهه الصراط المستقيم في قوله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم) بأنه اتباع القرآن وفسره جابر رضي الله عنه بأنه الإسلام؛ والإسلام هو اتباع القرآن كما أن القرآن ينبه على ضرورة اتباع السنة؛ والذين قالوا إن الصراط المستقيم هو القرآن
(يُتْبَعُ)
(/)
يؤيدهم قول النبي صلى الله عليه وسلم عن القرآن "هو حبل الله المتين والذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم". والذين قالوا إن الصراط المستقيم هو الإسلام يؤيدهم قول النبي صلى الله عليه وسلم "ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران .... فالصراط المستقيم هو الإسلام والسوران حدود الله". فإذا جاء عالم فقال: الصراط المستقيم هو السنة والجماعة أو هو طاعة الله والرسول صلى الله عليه و سلم؛ فإنه هو المعنى نفسه الذي قال به الصحابة
وكثيرا ما يميل الصحابة في توضيح المعنى إلى التمثيل بصفة من صفات الشيء فمثلا في قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ) فالظالم لنفسه عموما هو المضيع للواجبات والمنتهك للمحرمات، والمقتصد هو فاعل الواجبات وتارك المحرمات، والسابق يدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات
فيقول الصحابي: السابق الذي يصلى في أول الوقت، والمقتصد الذي يصلي في أثنائه، والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الاصفرار، ويقول الآخر: السابق والمقتصد والظالم قد ذكرهم الله في آخر سورة البقرة، فإنه ذكر المحسن بالصدقة، والظالم بأكل الربا، والعادل بالبيع. والناس في الأموال إما محسن، وإما عادل، وإما ظالم، فالسابق المحسن بأداء المستحبات مع الواجبات. والظالم آكل الربا أو مانع الزكاة. والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة، ولا يأكل الربا، فكل قول من أقوال الصحابة ذكر نوعا داخلا في الآية وقد ذُكر ذلك لتعريف السامع بتناول الآية لهذا النوع وتنبيهه به على نظيره.
أما إذا اختلف الصحابة اختلاف تضاد وكانوا مجموعتين لا فردين وهو قليل نادر فقد تكون إحدى الروايتين أقوى، وفي هذه الحالة ترجح الأقوى؛ فإن كانتا على درجة وتعذر الجمع والتوفيق بينهما لجأنا إلى الترجيح فأخذنا القول الأقرب إلى الكتاب والسنة
ولا شك أن الخروج عن أقوال المختلفين يقتضي تخطئتهم جميعا، والصحابة إذا اختلفت أقوالهم فالناظر لا يعدم في بعض أقوالهم قولا قويا يؤيده سياق الآية وما يجب أن يراعى من ضوابط؛ فلا مبرر لإنشاء قول جديد أصلا
ثامناً: أما إذا انفرد الصحابي بقول فهذا الأمر فيه تفصيل وهو:
أ- من هو الصحابي الذي انفرد بالقول؟
إذا كان الصحابي الذي نقل عنه القول هو ابن مسعود وابن عباس وأُبَىّ بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن الزبير وأنس بن مالك وأبى هريرة وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمرو ابن العاص وعائشة رضي الله عنهم – فإن قولهم حجة إذا ثبت. أما الصحابة الذين كانوا من علماء أهل الكتاب نحو عبد الله بن سلام وتميم الداري فإنهم أسلموا ومن الصعب على الإنسان التخلص مما لديه من المعلومات الدينية القديمة، وهولاء إنما كانت مصادرهم من الإسرائيليات؛ ولهذا ينبغي الحذر والتأكد من أقوالهم هل هي من الإسرائيليات أم لا؟ فإذا ثبت أنها من الإسرائيليات فإنها تعامل معاملة ذلك، وليس هنا موضع الحديث عن ذلك، وقد تشدد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رواة الإسرائليات؛ وهدد كعب الأحبار من الرواية عن بني إسرائيل؛ فقال: (لتتركن الحديث عن الأُوَل أو لألحقنّك بأرض القردة) ومنع تميما الداري أن يقص سنين طويلة، فلما أكثر عليه سأله عمر – خشية من إيراد الإسرائيليات - فقال: ما تقول؟ قال: أقرأ عليهم القرآن وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر، فقال: عمر ذلك الربح.
وليس معنى ذلك أن ذاك الصنف الأول من الصحابة الذين قلنا أن قولهم حجة إذا ثبت – أنهم لا يخطئون؛ إذ ثبت أن بعضهم أخطأ وصححه الآخرون؛ فعبد الله بن الزبير أخطأ في تفسير بعض الآيات فصححته عائشة رضي الله عنها وابن عباس أخطأ في تفسير بعض الآيات وصححه علي كرم الله وجهه، وكذلك الأمر في الصنف الثاني من الصحابة؛ إذ أخطأ ابن سلام وصححه ابن عباس وأبو هريرة. أما إذا لم يصحح الصحابة المعنى الذي ذهب إليه الصحابي فمعنى ذلك أنهم ارتضوه.
ب- التأكد من كون الرواية عن الصحابي صحيحة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ذهب أبو حسان إلى ضرورة عرض أقوال الصحابة على ميزان النقد العلمي فإذا كان يقصد فحص هذه الروايات وبيان صحيحها من زائفها كما دُرس حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم سندا ومتنا - فهذه أقيم النقاط التي ذهب إليها أبو حسان، ولكن الفرق كبير بين نقد هذه الأقوال للبناء على صحيحها وبين نقدها لرفضها وتجاوزها وإحداث رأي غيرها.
والملاحظ أن الروايات المروية عن ابن عباس مثلا فيها بعض الأمور التي يجب التنبه لها؛ فمن هذه الروايات ما يمكن الاعتماد عليه، ومنها ما يعتريه الضعف في رجاله، أو الانقطاع في إسناده، وقد تجد لابن عباس في الآية الواحدة أقوال مختلفة الأمر الذي يشكك في بعضها ويدلل على أن بعض الوضاعين اختلق روايات نسبها إلى حبر الأمة، والطرق عن ابن عباس كثيرة منها القوي ومنها الضعيف، وأقواها طريق معاوية بن صالح، عن علىّ بن أبى طلحة، عن ابن عباس، وطريق قيس بن مسلم الكوفى، عن عطاء بن السائب عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس، وأوهى هذه الطرق طريق محمد بن السائب الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس وقد قال العلماء عن هذا الطريق (فإن انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدي الصغير، فهي سلسلة الكذب)
وقد لاحظ الباحث أن من رجال الروايات الواردة عن الصحابة بعض الروافض؛ وغالبا ما تكون هذه الروايات شديدة الخطورة سواء في التفسير أو علوم القرآن.
كما هنالك روايات كتلك الراويات التي تطعن في عصمة النبي صلى الله عليه وسلم وتطعن في حفظ القرآن نحو قصة حبه صلى الله عليه وسلم لزينب بنت جحش وهي في عصمة زيد وقصة الغرانيق وأكل الشاة لسورة الأحزاب ونحو ذلك
فليس كل من يقول قال ابن عباس أو عبد الله بن مسعود ينبغي أن نسلم له
وبعض الروايات لا ينبغي تجاوزها والقول بغيرها فحسب بل ينبغي نبذها والرد عليها بشدة
ولكن من يقوم بهذا الرد والنقد، وملاحظ أن بعض الذين لا علم لهم يستخدمون النقد كيفما شاءوا فيردون به الصحيح ويقبلون به السقيم، ولم يُرَد النقد لمثل ذلك؛ فالنقد المعتبر هو نقد العلماء لا غيرهم
إن السلاح جميع الناس تحمله * وليس كل ذوات المخلب السبع
ج- هل قول الصحابي ينسجم مع سياق الآية وما تدل عليه وهل هنالك حديث معارض لما ذهب إليه؟
التفسير إما أن يعتمد على نقل مصدق وإما أن يعتمد على استدلال محقق، ولهذا فإن في الآية نفسها دليلا على صحة الرواية المنقولة من عدمها، ولا أريد التحدث عن حجية قول الصحابي ونحو ذلك مما هو مبثوث في كتب أصول الفقه، خاصة وأن حديثنا يدور في مضمار التفسير؛ إذ إن معرفة الفقه والأحكام تختلف اختلافا كبيرا عن التفسير، والفقهاء والأصوليون عندما يتحدثون عن قول الصحابي في الفقه والأحكام فإنهم يتحدثون عن مسألة فقهية ليس فيها دليل من كتاب أو سنة؛ ولذلك يلجأون إلى قول الصحابي؛ وذلك خير من الدوران في الفراغ وخير من الاعتماد على عقولهم المجرد؛ إذ أن الأمر أمر علم ودين وليس تنظيرا في فراغ، أما بالنسبة إلى التفسير فالأمر مختلف جدا؛ إذ أن الدليل موجود وهو الآية نفسها وما قول الصحابي إزاء ذلك إلا توضيح وشرح؛ ولهذا يمكن أن تلتمس العلاقة بين الآية وقول الصحابي بسهولة، وقول الصحابي إذا انفرد حجة، وليس المراد بذلك أنه حجة بذاته كالكتاب والسنة فإنهما حجة بذاتهما، وإنما هو حجة لما احتف بقوله من أدلة وقرائن تدل على حجية قوله، فهو حجة بالغير؛ فإذا وافق سياق الآية وما تدل عليه كان حجة بدليل الآية نفسها. ومذهب الصحابي وحده لا يعد حجة إلا إذا غلب على الظن اشتهاره بين الصحابة وعدم إنكاره، ولا يمكن أن يخالف قول الصحابي سياق القرآن ثم لا ينكر الصحابة عليه، وإذا جاءنا قول أحد الصحابة مخالفا للسياق ولدلالة الآية ولم يصلنا الإنكار عليه فإن المشكلة تكون في سند الرواية غالبا، أما إذا خالف قول الصحابي حديث صحيح فإن المشكلة في صحة النقل، فإن لم تكن كذلك فإن الصحابي ربما قال كلامه قبل ورود الحديث الذي يخطيء قوله أو أن الحديث لم يصله؛ وهذا الذي قاله إنما يعد من اجتهاده، و نحن غير ملزمين باجتهاده إذا كان الحديث الصحيح بخلافه
ثامنا: أرى أبو حسان قد مال إلى الإعجاز العلمي حتى يبطل قول ابن عباس
وهذا عجيب!
(يُتْبَعُ)
(/)
ومعلوم أن الإعجاز العلمي اليوم وباعتراف أصحابه يعاني مشكلات منهجية كبرى وليس هنا موضع شرح ذلك
لكن قل يا أبا حسان هل صعوبة التنفس بسبب انخفاض الضغط الجوي وقلة الأوكسجين يسمى "ضيق الصدر" في لغة العرب وفي القرآن؟
وهل في هذه الحالة يضيق الصدر أم تضيق الرئة؟
وهل ضيق الرئة بسبب قلة الأوكسجين يسبب ضيقا في الصدر كله؟
وهل انكماش الرئة أو انتفاخها يسمى ضيقا وشرحا؟
الحقيقة العلمية صحيحة وهي انكماش الرئة بقلة الأوكسجين عند الارتفاع إلى أعلى لكن الآية لم تتعرض لهذا المعنى أصلا ودليل ذلك ما يأتي.
فضيق الصدر في قوله تعالى (فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ) لا يعني قلة الأوكسجين الداخل إلى الرئة
وضيق الصدر في قوله تعالى (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ) لا يعني قلة الأوكسجين الداخل إلى الرئة
وضيق الصدر في قوله تعالى على لسان موسى عليه السلام (وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ) لا يعني قلة الأوكسجين الداخل إلى الرئة
وضيق الصدر في قوله تعالى (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ) لا يعني قلة الأوكسجين الداخل إلى الرئة
وضيق الصدر في قوله تعالى (أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ) لا يعني قلة الأوكسجين الداخل إلى الرئة
وضيق الصدر معروف عند العرب ومعناه معروف قال السموأل
ضيق الصدر بالخيانة لاينق * ص فقري أمانتي ما بقيت
رب شتم سمعته فتصامم * ت وغي تركته فكفيت
وما زال ضيق الصدر معروفا لا يحتاج فهمه إلى أوكسجين
وكذلك "شرح الصدر" الذي يقابل الضيق
قال تعالى (وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا) أي: طابت نفسه له
وقال عن موسى (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي)
وقال (أَفَمَن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)
ومعنى الآية " موضوع النقاش " أنه كما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء، فكذلك لا يقدر على أن يدخل التوحيد والإيمان قلبه وهذا قول ابن عباس الذي أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم وليس هو إجماعا للصحابة، ولكنه معنى صحيح، وأليق بسياق الآية.
فقوله تعالى (كأنما يصّعَّد في السماء) يصور حال الكافر الذي ضاق صدره وثقل عليه ما يدعى إليه من الإيمان كأنما كلف بالمستحيل وهو الصعود في السماء؛ رغم أن الأمر ليس كذلك؛ فالإيمان على من يستجيب له أمر سهل في فهمه والاقتناع به؛ إذ إن الحجة فيه ناصعة واضحة والكافر يمتنع منه الإيمان كما يمتنع منه الصعود. وقد جاء الفعل يصعد بالتشديد ليبين مدى الصعوبة والمشقة في الصعود، وكلمة الصعود نفسها تدل في لغة العرب على الصعوبة والمشقة، والصعود والصعوداء: العقبة الشاقة؛ قال تميم بن مقبل
وحدثه أن السبيل ثنية * صعوداء تدعو كل كهل وأمردا
صعوداء، من تلمع به اليوم يأتيها * ومن لا تله بالضحاء فأوردا
والصعود المشقة ومنه قوله تعالى (سأرهقه صعودا) أي: مشقة من العذاب، والصعود العقبة الكؤود وفي قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه "ما تصعدني شيء ما تصعدتني خطبة النكاح" أي ما بلغت مني وما جهدتني، وأصله من الصعود وهي العقبة الشاقة؛ يقال تصعده الأمر إذا شق عليه وصعب، والصعد المشقة، و"العذاب الصعد" في قوله تعالى "نسلكه عذابا صعدا" أي عذابا شاقا
وهولاء الصحابة يا أبا حسان كانوا أعرف بكلام العرب والمعنى المراد من كتاب الله أكثر بكثير مما يعرفه أهل العلوم الطبيعية وغيرهم.
أما قولك (أن الآية جاءت بصيغة الظرفية في قوله: (في السماء) وهذا يفيد بأن التصعد يكون حقيقة في ظرف السماء، ولو كان المعنى على ما قال ابن عباس لجاءت الآية بلفظ (إلى السماء)
كلام غريب!
فالآية جاء فيها تمثيل الكافر ضيق الصدر تجاه الإيمان بالذي كلف بالصعود إلى السماء وتكفيك كلمة "كأنما"
أما قوله تعالى "في السماء " فهي كقوله " أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء".
(يُتْبَعُ)
(/)
أخوكم الدكتور جمال الدين عبدالعزيز الشريف
عضو ملتقى أهل التفسير
أستاذ التفسير والبلاغة القرآنية بجامعة الجزيرة بالسودان
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Apr 2010, 06:10 م]ـ
نحن نعود اليوم مرة أخرى لفتح هذا الموضوع للنقاش بعد إغلاقه انتظاراً لتعقيبات عدد من الباحثين، غير أنه يبدو أن ضيق الوقت لم يدع لهم فرصة للكتابة. ولا أنسى شكر الذين تفضلوا بالتعليق، ولعل فتح الموضوع للنقاش اليوم يشجع مَن لم ينشط من قبل.
والغاية من العناية بهذا النقاش هو التأمل والتدقيق في هذا الحوار، للوصول إلى الحق الذي نبتغيه في هذا الملتقى دوماً.
ونحب أن نوضح أننا في هذا الحوار وأمثاله إنما نسعى لنقاش الفكرة نفسها، التي إن قامت اليوم بفلان الذي نعرفه فقد تعود غداً على يد من لا نعرفه، ونحن نردُّ على هذا وعلى هذا بردٍّ سواء، لا جهلُنا مَنْ نجهلهُ يُلطِّف منهُ، ولا معرفتنا من نعرفه تبالغ فيه كما قال الرافعي رحمه الله.
والفكرةُ قد تكون لألف سنةٍ خَلَتْ ثمَّ تعودُ بعد ألف سنةٍ تأتي، فما توصف مِنْ بَعدُ إلا كما وُصفَتْ مِن قبلُ ما دام موقعُها في النفس لم يتغير. وقد لا يكون في جدال أبي حسان هنا عائدةٌ عليه، إذ هو لا يذهب مذهبه إلا بعلم وبينة، فمن ثمَّ كان النقاش حول الفكرة نفسها، لا حول القائل. فالقسوة التي توجد في الكلام معه جاءت كالذي يصف الضالَّ ليمنَع المهتدي أن يضلَّ، فما بهِ زَجْرُ الأول بل عِظَةُ الثاني.
وقد تأملتُ الحوار مرات فما لقيتُ أبا حسان أحسن في الإبانة عن فكرة سبقه إليها غيره، وهو قد أشار إلى أنها تختمر في ذهنه منذ سنوات، في حين كان جواب الأخ نايف الزهراني جواباً واضحاً مركزاً.
وها هو الحوار يفتح ليكتب فيه أهل العلم به فحسبُ رأيهم وتعقيبهم عليه، رغبة في مزيد من البيان والاستدلال. وإيضاح جوانب قد يكون الحوار لم يتطرق إليها.
علماً أن معرف (أبو حسان) ما يزال يعمل، ولم يتم تغيير أي شيء في بياناته، فيمكنه الدخول والحوار متى شاء.
والله الموفق.
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[13 Apr 2010, 09:20 ص]ـ
والغاية من العناية بهذا النقاش هو التأمل والتدقيق في هذا الحوار، للوصول إلى الحق الذي نبتغيه في هذا الملتقى دوماً.
النقاش؛ نقش في الصلب،،، بغية البحث والتدقيق ورسم الصورة المثلى،،،، والعناية والتامل والتدقيق للوصول الى الحق هي غايتنا، ووسيلة ذلك كلمات نخطها، هذه الكلمات هي نقشنا وهي هويتنا وهي المعبر عن ذات الانسان اصدق تعبير،
واستجابة الى طلب ومقترح الاستاذ الفاضل؛ نايف الزهراني، وشكر الله له، اضع هذا المطلب بين يديه وبين يدي القراء الكرام،
وهو ليس الا البداية، وحسب، والا فان التعقيبات والنبش بين الكلمات لم تنتهي ولن تنتهي، لما اجده من خلل كبير بين ثنايا الخطابات والخطابات المضادة،
أمجد الراوي , مجدي أبو عيشة
جزاكما الله خيراً , وشكر لكما
وتساؤلاتك أخي أمجد طيبة مفيدة , أسأل الله أن يرزقني وإياك العلم النافع , والعمل الصالح.
لكني أقترح عليك حفظ نسخة منها لإدراجها في موضوع الحوار هناك؛ ليتصل الكلام ببعضه , فحتى لو أجبتك هنا لا حتجنا إلى نقله هناك بعد ذلك , ناهيك عن التوسع الذي يمكن أن يتفرع عن الجواب , وربما خطر ببال أحد القراء ما خطر ببالك , فلا نحرمهم فائدة سؤالك بعزله هنا.
وغلق الموضوع هناك مؤقت كما تعلم , حتى تتم التعقيبات ثم تضيف ما لديك رعاك الله.
شيخنا الفاضل نايف الزهراني؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
بما ان المسالة التي اطلقها ابي حسان في موضوع؛
الإغراق في السلفية، ومحاربة العقل والتجديد (مناظرة علميَّة)
لم تنته ولم تحسم، وتلك الاجوبة التي تفضلت بتقديمها اثارت اسئلة اخرى اكثر منها اجوبة، كما ان الموضوع بحاجة ماسة الى كثير من الاغناء والبحث، لذلك اتقد م واستجيب لدعوتك؛ بحق الجواب كرد السلام،
في النفس الكثير من الاسئلة، والتعقيبات، والردود، والاشارة الى ثغرات وردت كثيرا في حوارك مع الاخ ابي حسان، لم اجد بدا و بدلا من طرحها في المنتدى، لا ارتجي في طرحها غير طلب الحقيقة والادلال عليها،
(يُتْبَعُ)
(/)