ما مناسبة ذكر التبذير بعد قوله تعالى: (وآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا) [الإسراء: 26] ولماذا جعل المبذرين إخوانا للشياطين؟
أولا: ليس قوله تعالى: (ولا تبذر تبذيراً) متعلقاً بقوله: (وآت ذا القربى حقه) الخ .. لأنّ التبذير لا يوصف به بذل المال في حقّه ولو كان أكثر من حاجة المعطَى (بالفتح).
وإنما ذكر هنا لأن في الانكفاف عن البذل غير المحمود الذي هو التبذير استبقاء للمال الذي يفي بالبذل المأمور به، فالانكفاف عن هذا تيسير لذاك وعون عليه، فهذا وإن كان غرضاً مهماً من التشريع المسوق في هذه الآيات قد وقع موقع الاستطراد في أثناء الوصايا المتعلقة بإيتاء المال ليظهر كونه وسيلة لإيتاء المال لمستحقيه، وكونه مقصوداً بالوصاية أيضاً لذاته.
ومعنى جعل المبذرين إخوانا للشياطين: أن التبذير يدعو إليه الشيطان لأنه إما إنفاق في الفساد وإما إسراف يستنزف المال في السفاسف واللذات فيعطل الإنفاق في الخير وكل ذلك يرضي الشيطان، فلا جرم أن كان المتصفون بالتبذير من جند الشيطان وإخوانه.
ما المقصود بالحجاب في قوله تعالى: (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا) [الإسراء: 45]؟
حقيقة الحجاب: الساتر الذي يحجب البصر عن رؤية ما وراءه.
وهو هنا مستعار للصرفة التي يصرف الله بها أعداء النبي عليه الصلاة والسلام عن الإضرار به للإعراض الذي يعرضون به عن استماع القرآن وفهمه. وجعل الله الحجاب المذكور إيجادَ ذلك الصارف في نفوسهم بحيث يهمون ولا يفعلون، وذلك من خور الإرادة والعزيمة بحيث يخطر الخاطر في نفوسهم ثم لا يصممون، وتخطر معاني القرآن في أسماعهم ثم لا يتفهمون. وذلك خلق يسري إلى النفوس تديجياً تغرسه في النفوس بادىءَ الأمر شهوةُ الإعراض وكراهية المسموع منه ثم لا يلبث أن يصير ملكة في النفس لا تقدر على خلعه ولا تغييره.
ما المراد بقوله تعالى: (وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة ... ) [الإسراء: 58]؟
أي أن كل قرية مثل قريتهم في الشرك لا يعدوها عذاب الاستئصال، فالمراد: القرى الكافرُ أهلُها لقوله تعالى: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) وقوله: (وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون).
وحذف الصفة في مثل هذا معروف كقوله تعالى: (يأخذ كل سفينة غصباً) أي كل سفينة صالحة، بقرينة قوله: (فأردت أن أعيبها).
وليس المقصود شمول ذلك القرى المؤمنة، على معنى أن لا بد للقرى من زوال وفناء في سنة الله في هذا العالم، لأن ذلك معارض لآيات أخرى، ولأنه مناف لغرض تحذير المشركين من الاستمرار على الشرك.
فلو سلمنا أن هذا الحكم لا تنفلت منه قرية من القرى بحكم سنّة الله في مصير كل حادث إلى الفناء لما سلمنا أن في ذكر ذلك هنا فائدة.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[07 Sep 2009, 06:29 م]ـ
الجزء السادس عشر
ما وجه ذكر قوله تعالى: (وما نتنزل إلا بأمر ربك) بعد قوله: (تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا)؟
موقع هذه الآية هنا غريب. فقال جمهور المفسرين: إن سبب نزولها أنّ جبريل عليه السلام أبطأ أياماً عن النزول إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - " وأنّ النبي ودّ أن تكون زيارة جبريل له أكثر مما هو يزوره فقال لجبريل: «ألا تزورنا أكثر ممّا تزورنا» " فنزلت: {ومَا نَتَنَزَّلُ إلا بِأمْرِ رَبِّكَ} إلى آخر الآية.
والمعنى: أن الله أمر جبريل عليه السلام أن يقول هذا الكلام جواباً عنه، فالنظم نظم القرآن بتقدير: وقل ما نتنزل إلاّ بأمر ربّك، أي قل يا جبريل، فكان هذا خطاباً لجبريل ليبلغه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – قرآناً، وأمرَ الله رسوله أن يقرأها هنا، ولأنّها نزلت لتكون من القرآن.
ولا شك أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك لجبريل عليه السلام عند انتهاء قصص الأنبياء في هذه السورة فأثبتت الآية في الموضع الذي بلغ إليه نزول القرآن.
وجوز أبو مسلم وصاحب «الكشاف»: أنّ هذه الآية من تمام حكاية كلام أهل الجنة بتقدير فعل يقولون حالاً من قوله: (من كان تقيا) أي وما نتنزل في هذه الجنة إلاّ بأمر ربّك الخ، وهو تأويل حسن.
وعليه فكاف الخطاب في قوله {بأمر ربك} خطاب كلّ قائل لمخاطبه، وهذا التجويز بناء على أنّ ما روي عن ابن عباس رأي له في تفسير الآية لا تتعيّن متابعته.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعليه فجملة {ومَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً} من قول الله تعالى لرسوله تذييلاً لما قبله، أو هي من كلام أهل الجنّة، أي وما كان ربّنا غافلاً عن إعطاء ما وعدنا به.
ما المراد بقوله تعالى: (إن الساعة لآتية أكاد أخفيها) [طه: 15]؟
لما كانت الساعة مخفية الوقوع، أي مخفية الوقت، كان قوله (أكاد أُخفيها) غير واضح المقصود، فاختلفوا في تفسيره على وجوه كثيرة أمثلها ثلاثة:
فقيل: المراد إخفاء الحديث عنها، أي من شدّة إرادة إخفاء وقتها، أي يراد ترك ذكرها ولعلّ توجيه ذلك أنّ المكذبين بالساعة لم يزدهم تكرر ذكرها في القرآن إلا عناداً على إنكارها.
وقيل: وقعت {أكَادُ} زائدة هنا بمنزلة زيادة (كان) في بعض المواضع تأكيداً للإخفاء. والمقصود: أنا أخفيها فلا تأتي إلاّ بغتة.
وتأوّل أبو عليّ الفارسي معنى {أُخْفِيها} بمعنى (أظهرها)، وقال: همزة {أخفيها} للإزالة مثل همزة أعْجَم الكتابَ، وأشكى زيداً، أي أزيل خفاءَها. والخفاء: ثوب تلفّ فيه القِربة مستعار للستر.
فالمعنى: أكاد أظهرها، أي أظهر وقوعها، أي وقوعها قريب. وهذه الآية من غرائب استعمال (كاد)
قال تعالى: (ما أخلنا موعدك بملكنا ولكنا حملنا أوزارا من زينة قذناها ... ) [طه: 87] ما المقصود بالزينة؟ لماذا تحمل بنو إسرائيل؟
الزينة: الحلي والمصوغ. وقد كان بنو إسرائيل حين أزمعوا الخروج قد احتالوا على القبط فاستعار كلّ واحد من جاره القبطي حَلياً فضةً وذهباً وأثاثاً، كما في الإصحاح 12 من سفر الخروج.
والمعنى: أنهم خشُوا تلاشي تلك الزينة فارتأوا أن يصوغوها قطعة واحدة أو قطعتين ليتأتى لهم حفظها في موضع مأمون.
قال تعالى: (فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقالوا هذا إلهكم ... ) [طه: 89] من قائل هذا الكلام؟ وما توجيه اختلاف الضمير في (فأخرج ... فقالوا ... )؟
ظاهر حال الفاء التفريعية أن يكون ما بعدها صادراً من قائل الكلام المفرّع عليه. والمعنى: فمثلَ قذْفِنا زينةَ القوم، أي في النّار، ألقى السامريّ شيئاً من زينة القوم فأخرج لهم عجلاً. والمقصود من هذا التشبيه التخلّصُ إلى قصة صوغ العجل الذي عبدوه.
وضميرا (فَأخرج لهم) وقوله: (فقالوا) عائدان إلى غير المتكلمين. علّق المتكلمون الإخرَاجَ والقولَ بالغائبين للدلالة على أن المتكلمين مع موسى لم يكونوا ممن اعتقد إلهية العجل ولكنهم صانعَوا دهماء القوم، فيكون هذا من حكاية قول القوم لموسى.
وعلى هذا درج جمهور المفسرين، فيكون من تمام المعذرة التي اعتذر بها المجيبون لموسى، ويكون ضمير (فأخرج لهم) التفاتاً قصد القائلون به التبرّي من أن يكون إخراج العجل لأجلهم، أي أخرجَه لمن رغِبوا في ذلك.
وجعل بعض المفسرين هذا الكلام كلّه من جانب الله، وهو اختيار أبي مسلم، فيكون اعتراضاً وإخباراً للرسول - صلى الله عليه وسلم - وللأمّة. والمعنى: فمثل ذلك القذف الذي قذفنا ما بأيدينا من زينة القوم ألقى السامريّ ما بيده من النّار ليَذوب ويصوغها فأخرج لهم من ذلك عجلاً جسداً.
قال تعالى: (فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس) [طه: 97] لم التعبير بـ (لا مساس)؟ وما المقصود به؟
إخبار بما عاقبه الله به في الدنيا والآخرة، فجعل حَظه في حياته أن يقول لا مِساس، أي سلبه الله الأُنس الذي في طبع الإنسان فعوضه به هوساً ووسواساً وتوحشاً، فأصبح متباعداً عن مخالطة الناس، عائشاً وحده لا يترك أحداً يقترب منه، فإذا لقيه إنسان قال له: لا مساس، يخشى أن يمسه، أي لا تمسني ولا أمسك، أو أراد لا اقتراب مني، فكان يقول ذلك، وهذه حالة فظيعة أصبح بها سخرية.
ما مناسبة ذكر قصة آدم في قوله تعالى: (ولقد عهدنا على آدم من قبل فنسي ... ) [طه: 115] لما قبلها من الآيات؟
الكلام في هذه الآية معطوف على جملة (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق) [طه: 99]. والمقصود بها التنظير بين القصتين في التفريط في العهد، لأن في القصة الأولى تفريط بني إسرائيل في عهد الله، كما قال فيها (ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً أفطال عليكم العهد) [طه: 86]، وفي قصة آدم تفريط في العهد أيضاً. وفي كون ذلك من عمل الشيطان كما قال في القصة الأولى
(وكذلك سولت لي نفسي) [طه: 96] وقال في هذه (فوسوس إليه الشيطان) [طه: 120] وفي أن في القصتين نسياناً لما يجب الحفاظ عليه وتذكره فقال في القصة الأولى (فَنَسِيَ) [طه: 16] وقال في هذه القصة (فنسي ولم نجد له عزماً).
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[10 Sep 2009, 04:47 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذه الكنَّاشة الرمضانية
التي تدعوا إلى التدبر
.................................................. .............................................
عندي تدبر للآية ((وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا)) 79 الإسراء
وهو أن من أراد المنازل العالية في الجنة والمقام الآمن يوم القيامة فعليه بقيام الليل
وذلك أن الله أمر بقيام الليل حتى يبعثه الله مقاماً محموداً
.................................................. ..............................................
ارجوا من الإخوة إبداء الرأي في هذا التدبر
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شرووووق]ــــــــ[12 Sep 2009, 02:54 م]ـ
جزاك الله خيرا على تقدمة وجعله في ميزان حسناتك
هنااحببت ان اضيف فائدة حينما قال الله (وما تلك بيمينك ياموسى)
فكان الجواب هي عصاي
لكن موسى عليه السلام لم يكتفي بذلك بل قال هي عصاي اتوكؤا عليها وهش بها على غنمي ولي فيها مأرب اخرى
فالسؤال لماذا لم يكتفي بقوله هي عصاي
قيل لكي يتلذذ بالكلام مع الله تعالى
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[14 Sep 2009, 07:58 م]ـ
أحسنت أخي (ناصر عزيز) ..
والهدف من هذه الكناشة تبادل مثل هذه التأملات التي تمر كالشهاب أو ومضة البرق لحظة تأمل وتدبر وقراءة واعية لكتاب الله تعالى، فمن التفريط تركها دون تقييد ..
جزاك الله خيرا.
والخطاب في الآية التي أوردتها موجه أولا للنبي صلى الله عليه وسلم حيث أوجب الله تعالى عليه التهجد ووعده جزاء ذلك بالمقام المحمود، وهو الشفاعة العظمى.
فما أحوج الآخرين إلى هذه الوسائل لينالوا المقام المأذون لهم به في درجاتهم. فهذا هو الطريق. وهذا هو زاد الطريق، كما يقول سيد -رحمه الله-.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[14 Sep 2009, 08:07 م]ـ
جزاك الله خيرا أختي (شروق) ..
وما ذكرتيه قد ذكره بعض العلماء فعلا، ومنهم من قال إن موسى عليه السلام ذكر هذا التفصيل لأن السؤال جاء عن شيء واضح معروف، فأجاب عليه السلام بما يعتقد أنه يفي بقصد السائل.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[21 Sep 2009, 10:39 ص]ـ
كانت همتي منبعثة لإكمال الكتابة في باقي أجزاء القرآن، لكن حالت دون ذلك مشغلات صرفتني عن الكتابة، وأرجو من الله العلي القدير أن يمد في العمر ويبارك في الوقت حتى أستكمل ما بدأته بإذنه تعالى وحوله ..
وما أحسن رمضان!
أعاده الله علينا أعواما عديدة في عافية.
الدمام
الثاني من شوال 1430هـ
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[21 Sep 2009, 10:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندي تدبر لهذه الآية
.................................................. ..............................................
((لْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم ٌ)) (97 التوبة)
لما كان الأعراب بعيدين عن مدينة النبوة والعلم كان كفرهم ونفاقهم أشد فكل من كان بعيداً عن العلم وأهله فليحذر على نفسه الكفر والنفاق وكلما بعُدت عن العلم وأهله يكون خطر الكفر عليك والنفاق أكبر
.................................................. .............................................
ارجوا من الإخوة إبداء الرأي في هذا التدبر
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[21 Sep 2009, 11:21 م]ـ
أخي الكريم/ العبادي وفقك الله
جزاك الله خيرا على هذا الرد
وجعل الله الفردوس منزلك
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[25 Apr 2010, 11:01 م]ـ
حفظكم الله يا شيخ محمد وبارك فيكم على هذه التأملات المباركة، وهذه الزاوية لها في نفسي مكان حفيّ لأنها من أمثالكم بارك الله فيكم، وأستأذنكم رفع الله قدركم بطلبين: الأول: وهو إكمال بقية الأجزاء أمتع الله بكم، والثاني هو لماذا لا تكون هذه الكناشة كناشة للعام، تضيف فيها إضافة، كل ما سنح لك الوقت ولو بشكل أسبوعي أو كل أسبوعين، ونسأل الله أن يمد في عمركم على طاعته وأن يجعلكم من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[26 Jul 2010, 08:08 م]ـ
كتب الشيخ عبدالرحمن السعدي رحمه الله رحمة واسعة في خاتمة كتابه: المواهب الربانية من الآيات القرآنية: فإن جنس هذه الفوائد المذكورة في هذه الرسالة قد كانت تعرض لي كثيراً أثناء القراءة لكتاب الله فأتهاون بها ولم أقيدها فيضيع شيء كثير، فلما كان أول يوم من هذا الشهر المبارك (رمضان) أوقع في قلبي أن أقيد ما يمر علي من الفوائد والمعاني المتضحة التي لا أعلم أنها وقعت لي قبل ذلك.
لذا أقترح على الإخوة وفقهم الله أن يحذو حذو الشيخ محمد وفقه الله وإثراء هذه الزاوية، وأن يجعل كل واحد منّا كناشة له يضع فيها ما يعنّ له أثناء قراءته من تأملات وتساؤلات، ولا يلزم البحث عن إجاباتها مباشرة حتى لا ينقطع التواصل، ثم يراجع ما استنبطه، وما أتاه من تساؤلات بعد انتهاء شهر رمضان ويجعل بقية العام لمراجعة ما قيده في هذه الكناشة، وإن رأى فيها ما يستحق النشر جعله في هذه الزاوية، أو جعل لها موضوعاً خاصاً، وأقترح حتى تكون الفكرة أكثر تركيزاً أن يحدد له جزءً معيناً في التدبر يكون مثلاً المفصل أو البقرة وآل عمران، ويجعل بقية الوقت للتلاوة، والله يحفظكم ويرعاكم.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[28 Jul 2010, 07:31 م]ـ
قال المناوي رحمه الله: (كم من معاني دقيقة من أسرار القرآن تخطر على قلب المتجرد للذكر والفكر تخلو منها كتب التفاسير ولا يطلع عليها أفاضل المفسرين ومحققي الفقهاء).(/)
موقع خاص لسورة الفاتحة على الانترنت
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Aug 2009, 07:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كنت اقترحتُ في حلقة من حلقات برنامج بينات عام 1428هـ - ونحن نتحدث عن سورة الفاتحة وما اشتملت عليه من الفوائد والأحكام - أن يكون هناك موقع خاص بسورة الفاتحة على الانترنت، ويُجمع فيه كل ما كُتب وقيل واستُنبط من سورة الفاتحة ليكون مثالاً يحتذى لبقية السور، وقد نسيتُ هذا المقترح.
وقبل أيامٍ صلى معي أحد الشباب الفضلاء في مسجدي صلاة الظهر، وجلس معي في مكتبتي بعد الصلاة وأخبرني أنه من المعنيين بالقرآن الكريم والمتخصصين في الحاسب الآلي، ومن المتابعين لبعض البرامج التي تتعلق بالقرآن الكريم وتدبره وتفسيره.
وذكرني بذلك المقترح وأخبرني أنه قام بإنشاء الموقع بعد سماعه للمقترح، وعنوانه www.alfatehah.com وهو بصدد استكمال الموقع شيئاً فشيئاً حتى يكتمل بإذن الله.
وقد أطلعني على ما تم إنجازه، وأنه يعمل في الموقع باستمرار حتى يكتمل.
فأحببت إطلاعكم على جهد الأخ الكريم، للدعاء له بالتوفيق ومؤازرته في هذا المشروع العلمي الذي يهدف إلى فتح نوافذ الإقبال على كتاب الله وفهمه بكل وسيلة ممكنة، حتى يكون أمام أبناءنا غداً ثروة علمية على الإنترنت تكون زاداً علمياً وإيمانياً وروحياً بإذن الله.
وقد حثني الأخ محمد التويجري - صاحب الموقع - أنه قام بتنزيل حلقات برنامج بينات جميعاً بهيئة صوتية على هاتفه المحمول، وأنه استمع إليها كاملةً، وقام برفعها كاملة على مدونته الشخصية ( http://m7mad.net/wp/?p=290) واستمع معه زملاء آخرون يجلسون جلسات دورية لتدبر القرآن.
فحمدت الله تعالى أنَّ في أبنائنا أمثال هذا الأخ الكريم الموفق، وعلمتُ أن الواحد منا قد يعملُ العملَ ولا تظهر له وقت العمل آثار العمل الذي يعمله، ولا يتوقع ثمرته وأبعاده جميعاً، وأن البركة والتوفيق محض فضل من الله سبحانه وتعالى، فلا ينبغي على أحد منا أن يبخل بعلم علمه الله إياه، ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه.
نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص والتوفيق في أعمالنا وأقوالنا، وأن يستعملنا في طاعته ورضاه، وأن يثبتنا على الحق حتى نلقاه غير مفرطين ولا مبدلين.
1 رمضان 1430هـ
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[24 Aug 2009, 02:22 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله ولا قوة إلا بالله.
الحمد لله الذي سخر من شباب هذه الأمة من يهتمون بكتاب الله تعالى والحمد لله الذي سخركم لنا دكتور عبد الرحمن أنت وإخوانك الدكتور مساعد والدكتور الخضيري على برنامج بينات فهو كنز قيّم بحق. وعلينا الاهتمام به أكثر وتوثيق كل ما تذكرونه لنا من فوائد في كتاب الله تعالى.
أرجو شيخي الفاضل أن تخبر الأخ الفاضل صاحب موقع سورة الفاتحة أني أضع بين يديه كل ما لدي من حلقات طبعتها في هذه السورة ولمساتها البيانية فأرجو أن يستفيد منها ويضيفها لموقعه وإن شاء الله تعالى بعد رمضان يمكنني مساعدته في الموقع إن شاء.
وفق الله الجميع لكل خير.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[27 Aug 2009, 08:15 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله ..
هكذا يخدم القرآن، وكم ترك الأول للآخر ..
جزاكم الله خيرا وبارك في جهودكم.(/)
سؤال حول سورة الفاتحة
ـ[ Amara] ــــــــ[22 Aug 2009, 08:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
أيها الأفاضل السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .. بارك الله لكم في رمضان
لي سؤال حول سورة الفاتحة
قرأ عاصم و الكسائي مالك يوم الدين بمد ميم مالك و كسر لامها و كافها
و قرأ الباقون (بقية القراء العشرة) ملك يوم الدين بدون مد ميم ملك و مع كسر لامها و كافها ..
و ليس في ذلك أي إشكال فهذه الروايات مشهورة حتى عند العامة ..
غير أني قرأت عن أن عبد الوارث وهو أحد الرواة عن أبي عمرو قرأ ملك يوم الدين باللام المجزومة من ملك
و قرأ ابن حيوة ملك بكسر اللام و نصب الكاف
و قرأ أنس بن مالك ملك بنصب حروفها جميعا
و قرأ أبو هريرة مالك بفتح الكاف
و هذا شأن كلمة ملك .. و لكلمة صراط و عليهم و لا الضالين شأن أيضا مثل هذا في اختلاف نطق القارئين و الرواة بها ..
فهل يجوز القراءة بهذا؟
و لماذا لم يقرأ مليك يوم الدين مع أنها لغة فصيحة؟ أم أن الرسم ظابط للفظ أيضا؟(/)
(تأسيس أصول التفسير وصلته بمنظور البحث الأصولي) لعبدالرحمن الحاج
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Aug 2009, 09:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بحث للصديق الأستاذ عبدالرحمن الحاج وفقه الله ونفع به، نشره في العدد 37 - 38 من مجلة إسلامية المعرفة. أحببت نقله هنا للفائدة والمدارسة، مع الشكر والتقدير للأستاذ عبدالرحمن.
تأسيس أصول التفسير وصلته بمنظور البحث الأصولي
لعبدالرحمن الحاج
مقدمة
لا يكتسب البحث في أصول التفسير أهميته من منظور علمي وحسب، حيث إنهّ لا يزال علماً غير مكتمل أو غير واضح المعالم، بل يكتسب أهميته فوق ذلك من التفكير في مشروع النهضة والإصلاح الإسلامي، وكون موضوعه (فهم القرآن الكريم) المصدر الأول لكل تفكير في هذا المشروع، والعودة إلى هذا المصدر هو حاجة معرفية وتاريخية لتجاوز ثقل الثقافة التاريخية وفهومها التي تفصل بيننا وبين النص الكريم؛ ثم هو "تقليد" سارت عليه كل حركات الإصلاح الديني والسياسي في تاريخ الحضارة الإسلامية، فكل تفكير بالنهضة لا بد أن يتخذ موقفاً تجاه النص الكريم وفهماً يسوِّغ رؤيته، ولكن الحقيقة المؤسفة أن البحث في أصول التفسير ما زال حتى اليوم في بدايته.
وعلى الرغم من أن التفسير أول العلوم الإسلامية وجوداً إلاّ أنه كان آخرها بلورةً على مستوى التأسيس النظري والتقعيد؛ إذ لم يتم بحث «قواعد كلية للتفسير» بشكل مستقل حتى مطلع القرن الخامس -والمفارقة أن فهم القرآن كان السبب الرئيس لنشأة العلوم العربية برمَّتها، والتي تبلورت معظمها في القرن الثاني ومطلع القرن الثالث الهجريين- عندما ألف أبو النصر الحدادي (توفي مطلع القرن الخامس) كتابه «المدخل لعلم تفسير كتاب الله تعالى» محاولاً ضبط التفسير بقواعد النحو، ثم لا نعثر على محاولة أخرى حتى مطلع القرن السابع الهجري عندما ألَّف عبد الرحمن الحرالي (ت638ه) كتابه «مفتاح اللُّبِّ المقفل لفهم القرآن المنزّل» في «قوانين تتنزّل في علم التفسير منزلة أصول الفقه من الأحكام»، ثم ابن تيميه في «مقدمته» الشهيرة في أصول التفسير، ثم ألف نجم الدين أبو سليمان الطوفي الحنبلي (ت710ه) كتابه «الإكسير في قواعد التفسير»، ثم جاء ابن الأكفاني (ت 748ه) ليدرس في كتابه «نغب الطائر من البحر الزاخر» ما قال إنه «قانون عام يعوّل في التفسير عليه، وترجع في التأويل [للقرآن] إليه، ومسبار تامٌّ يميّز ذلك، وتتضح به المسالك»، ثم كان علينا أن ننتظر حتى مجيء العلامة بدر الدين الزركشي (ت794ه) ليحدد تعريف علم التفسير بأنه «علم كشف معاني القرآن»، ثم جاء جلال الدين البلقيني (ت824ه) فألّف في أصول علم التفسير كتابه «مواقع العلوم من مواقع النجوم» متناولاً «ما حواه القرآن الشريف من أنواع علمه المنيف»، وهو أميل إلى أن يكون في علوم القرآن منه إلى علم أصول التفسير، ويؤلف الكافيجي (ت 879ه) أول كتاب مستقل يدرس علم التفسير بوصفه علماً له موضوعاته وأدواته وشروطه باسم «التيسير في قواعد علم التفسير»، وأخيراً أتى جلال الدين السيوطي (ت911ه) بكتابه «التحبير في علم التفسير»، وقد نسخ فيه ما جاء في كتاب البلقيني وزاد عليه قليلاً، مما جعله كسلفه؛ أقرب إلى علوم القرآن منه إلى أصول التفسير.
أولاً: ملابسات التاريخية:
إن ثمة ما يقارب ثلاثة قرون تفصل بين تأسيس علم أصول التفسير، وبين تأسيس العلوم العربية الإسلامية الأخرى، وهي مسافة زمنية كبيرة جداً، تثير السؤال عن سبب تأخر بلورة هذا العلم وتدوينه نسبة إلى العلوم الأخرى؟ وإذا كان جواب السيوطي هو «إهمال المتقدمين»، فإن هذا الجواب السهل لا نجده كافياً، إذ لابد من مبررات علمية كانت تحفُّ بالإطار التاريخي طيلة هذه القرون الخمسة، وعلى ما يبدو فإن تاريخ نشأة العلوم العربية والإسلامية الأخرى تكشف بحد ذاتها عن السبب الحقيقي الكامن خلف هذه الظاهرة، فقد كانت أولى القضايا التي واجهت المجتمع الإسلامي بعد الفتوحات مسألة «العجمة»، و «إعجاز القرآن»، و «عربية القرآن» في سياق الجدل الكلامي مع الفرق.
(يُتْبَعُ)
(/)
فأما مسألة العجمة فقد أفرزت ما سمي بـ «علم النحو»، الذي تبلَّر على يد العلامة سيبويه (ت187ه) في كتابه الشهير «الكتاب»؛ إذ يُرجع الباحثون نشأة هذا العلم إلى انتشار «اللّحن» بدخول الشعوب غير العربية في الإسلام، ولأن اللحن يحول دون التواصل مع الكتاب الكريم، بل ويعرضه لخطأ وسوء الفهم، فقد كان الدرس النحوي لتقويم اللسان حفظاً لفهم القرآن الكريم وحسن أدائه.
وأما قضية «إعجاز القرآن» فقد كانت الشغل الشاغل للمتكلمين، وقد أوصل البحث فيها إلى ولادة «علم البلاغة»، وليس غريباً أن يكون ذلك على يد متكلمين) مثل المعتزلة، وتحديداً الجاحظ الذي ابتكر أهم مصطلحاته خصوصاً مصطلح «المجاز»، وأدى أيضاً البحث في إعجاز القرآن إلى إنشاء علم «مشكل القرآن» على يد ابن قتيبة (ت276ه) في كتابه «تأويل مشكل القرآن»، الذي يبحث في انسجام القرآن وتماسك نظمه.
هذا فيما أدّت قضية «عربية القرآن» إلى جمع اللغة وتدوين المعجم، فولَّد «علم المعاجم» أو المعجمة العربية مع الخليل الفراهيدي (ت170ه) في معجمه النفيس «العين».
كما أن توسُّع ديار المسلمين بالفتوحات فرض تغيّرات في أنماط الحياة وفي مستجدات فتحت باب الاجتهاد الفقهي على مصراعيه، بما يعني ذلك من تأويل للنصوص وبحث في دلالتها، أدّت هذه الأحداث بعمومها إلى محاولة ضبط الفوضى الفقهية، بعدما كثر المجتهدون بتأسيس «علم أصول الفقه» على يد الإمام الشافعي (ت 204ه) -رحمه الله- في كتابه «الرسالة».
وقد فتحت ظاهرة الفرق الوضع في الحديث النبوي الشريف، مما استدعى تدوين الحديث، وابتكار شروطه، ولأن التدوين كان الشاغل الرئيسي فإن البلورة النظرية لعلم المصطلح بدأت مبكّرة جداً (سنجدها لدى الإمام مالك (ت179ه) والبخاري (ت256ه) ومسلم (ت261ه) .. الخ)، لكن تدوينها كان متأخراً؛ إذ لم يأتِ حتى تأليف الحسن الرامهرمزي (ت360ه) كتابه «المحدِّث الفاضل بين الراوي والواعي،» ثم ابن الصلاح (ت643ه) في مقدمته الشهيرة في علوم الحديث، وإن كان أصول علم الحديث نجدها عند الشافعي في رسالته بمفاهيمه ومصطلحاته، و قد تطورت لاحقاً بشكل كبير في باب رئيس من أبواب أصول الفقه هو «السنة».
وما أن تأسست هذه العلوم حتى استقلت وتغيّرت وظيفتها، وأصبحت مسألة فهم عموم القرآن تحظى باهتمامٍ ثانويٍ، فقد انتقل النحو مثلاً من مهمة «ضوابط يسيرة يقيم بها المعربون ألسنتهم بعد أن ضاعت السليقة العربية إلى علم دقيق معقّد ومتطور يُدرس لذاته، فلم [يعد] يقتصر على كونه أداةً لصون العربية من اللحن والزلل» بينما انتقلت البلاغة لدراسة «الفصاحة»، وأسست المعجميّة بحوث اللغة (الصرف، المعجم)، وأصبحت دراسة غريب القرآن جزءاً من الدراسة اللغوية تستثمر في التفسير. لكن هذا الانفصال الطبيعي يشير إلى أن هذه العلوم قد أنجزت المهمة الرئيسية التي قامت لأجلها، وهي مهمة محصلتها صيانة العربية لصيانة التواصل مع القرآن وفهمه، وبالتالي حلّت هذه العلوم بالاشتراك مع الخبر والرواية (النبوية والآثار) مقام علم مستقل للتفسير؛ ولذلك كان منطقياً أن يحيل المفسّر دوماً على علوم اللغة، وأحياناً قليلة على علم الأصول (خصوصاً فيما يتعلق بآيات الأحكام)؛ ولذلك أيضاً احتل السلف الصالح -رضي الله عنهم- موقع المرجعيّة في التفسير، فقد نظر إليهم باستمرار على أنهم «أعرف باللغة»، و «أعلم» بها وبأساليب العرب في التعبير والبيان، فضلاً عن شهادتهم عصر الرسول صلّى الله عليه وسلّم.
وفي حدود هذا الإطار كان يتم التركيز على دور اللغة في التفسير؛ فقد اعتبرت هذه العلوم أدوات ناجزة لتفسير القرآن الكريم، حتى قيل إن كتاب الله «لا يتفسّر إلاّ بتصريف جميع العلوم فيه»، والعلوم اللغوية هي أهم هذه العلوم، وبذلك فقد استغني عن تأسيس «علم أصول التفسير» بوصفه علماً مستقلاً، واكتُفي بالإشارة إلى «شروط التفسير» و «شروط المفسّر» بشكل موجز في مقدمات التفاسير.
وهذا يكشف لنا عن سبب بروز أداتين رئيسيتين في التفسير: «علوم اللغة» التي غالباً ما يشار إليها بوصفها أساس منهج «التفسير بالرأي»، و «الرواية» التي غالباً ما يشار بوصفها أساس منهج «التفسير بالنقل»، بحيث بقي علم الأصول هامشياً في المناهج التي سادت كتب التفسير حتى اليوم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأياً ما يكن تفسيرنا لغياب أو تأخُّر تأسيس (علم أصول التفسير) فإن هذا لا يلغي أن المسألة تستحق الدرس والبحث، ويجب القول: إن تأخر تأسيس علم أصول التفسير (على الرغم من أنه مازال حتى هذه اللحظة في بداياته) لا يعني عدم وجود قضايا أساسية تتعلق بهذا العلم تم درسها بشكل مستقل، أطلق عليها في بعض الأحيان أسماء العلوم: مثل: قراءات القرآن، الناسخ والمنسوخ، المكي والمدني، أسباب النزول، التناسب بين الآيات والسور ... الخ، وبسبب تراكم البحث في هذه القضايا نشأ على يد الإمام الزركشي ما سُميّ بـ «علوم القرآن»، وعلوم القرآن كما عرضها الزركشي في برهانه أوسع من علم أصول التفسير، فقد جَعل هو نفسه علم التفسير نوعاً من هذه العلوم.
على أن تطور البحث البلاغي وتأثيره في دراسة القرآن أفرز مناهج لدراسة القرآن الكريم لم تتقّدم كثيراً على المستوى النظري، ولكن يمكن استكشافها عبر تطبيقات العلماء، وبشكل خاص «تفسير القرآن بالقرآن» أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ (ت 255ه) في بحثه «النار في القرآن»، ضمن كتابه «الحيوان»، ثم ابن تيميه في رسالته «لفظة السنة في القرآن»، والذي اتبعه فيه تلميذه ابن كثير في كتابه «تفسير القرآن العظيم»، والذي كان قد أسهم بنشر أساس التفسير الموضوعي أو إرهاصات التفسير الموضوعي. ولأنَّ تأسيس علم أصول التفسير لم يكن قد تم بعد، فقد بقيت هذه المناهج (على الأقل حتى ما قبل ابن تيميه) مجرّد معالم في المناهج التفسيرية لم تتبلور أو تتطور وتستثمر حتى القرن العشرين، حيث تبلور ما يسمى بـ «التفسير الموضوعي».
ثانياً: أصول التفسير بوصفه عِلْماً.
كانت النقلة المهمة في إنشاء علم لأصول التفسير كامنة في تحديد مهمة للعلم الجديد، الثاوية في «البحث في أحوال القرآن الكريم من حيث دلالته بقدر الطاقة الإنسانية،» لكن هذا التعريف -على الرغم من أنه حرض على العمل في تقعيد هذا العلم- ملتبس بمفهوم التفسير نفسه؛ فلم يحدد موضوعه بإنشاء «القواعد الكلية» كما يفترض في هذا العلم، وقد أدى هذا الالتباس في مصطلح علم التفسير (بمعنى التفسير نفسه) مع مصطلح علم التفسير (بمعنى القواعد الكلية للتفسير) إلى تحديد غير دقيق في موضوعاته، ولهذا عندما أراد السيوطي مثلاً تحديد فروعه وموضوعاته لم تكن إلاّ بعض علوم القرآن التي تعتبر معظمها -على أهميتها- ثانوية بالنسبة لـ «القواعد الكلية».
لقد دعا هذا الالتباس العلامة الفنَّاري ليناقش التعريفات التي تحدد مفهوم «علم التفسير»، معتبراً أن كلمة علم يفترض أنها دالّة على «الأصول والقواعد أو مَلَكَتَهَا»، وأن هذا لا يصحُّ بالنسبة لعلم التفسير؛ لأنه «ليس لعلم التفسير [بعد] قواعد يتفرع عليها الجزئيات إلاّ في المواضع النادرة.»
وفيما عدا الحرَّالي الذي «نظَّر» إلى حدٍّ ما لعلم أصول التفسير على أنه بمنزلة أصول الفقه بالنسبة لعلم «الفقه»، كما مرّ، وابن تيميه الذي سعى لوضع «قواعد كلية»، فإننا لا نعثر على مساهمات حقيقية في إطار تحديد موضوع «علم أصول التفسير»، إلا عند ابن الأكفاني (ت748ه) الذي يعتبر موضوع علم التفسير هو تأسيس «قانون عام يعوّل في التفسير عليه، وترجع في التأويل [للقرآن] إليه»؛ ولهذا فإن ثمة ضرورة ما تزال قائمة لضبط صارم لعلم أصول التفسير وموضوعاته.
والظن أنه بالإمكان تحديده من خلال وظيفته، بوصفه «العلم بالقواعد الكلية المتعلقة بالكشف عن أحوال كتاب الله تعالى (القرآن) من حيث دلالته على المعنى»، وبذلك تنحصر موضوعات علم أصول التفسير بـ «الكليات» من القواعد، كما تتحدد مهمته بـ «بالكشف عن الدلالة».
لاشك أن هذين العنصرين سيفرضان عدداً من الموضوعات، تبدأ بتحديد مفهوم الدلالة وتعددها في القرآن الكريم، ثم خصائص القرآن المؤثرة في التأويل، وشروط التأويل، ودور المفسّر، وتصنيف الوحدات الدلالية (المفردة، الجملة، .. الخ)، والسياق التاريخي (أسباب النزول، والظروف العامة لنزول القرآن ... الخ)، وسوف تستلزم هذه الأقسام -بدون شك- بحثاً في المناهج، والأدوات اللازمة لها، والطرق الممكن اتباعها لتطبيقها. وشأنُ كل علم يتداخل مع العلوم فإنه في إنشائه سوف يقتبس من العلوم الأخرى ويعتمد عليها ضمن إطاره الوظيفي، ثم يتطور ليبلور أدواته ومناهجه الخاصة التي سوف تتطور بدورها وتنضج بالجهود
(يُتْبَعُ)
(/)
اللاحقة.
إن الإطار الوظيفي لعلم أصول التفسير هو إذاً «استقبال» وتحليل الدلاّلة لنصٍّ ناجز، واستعارته من العلوم تبقى في حدود مهمته: «تحليل النّص» واستكشاف الدلالة واستنباطها، وبناء على ذلك نقول (مستعيرين تعبير الشاطبي في تحديد موضوعات أصول الفقه): كل مسألةٍ مرسومةٍ في أصول التفسير لا ينبني عليها تفسير أو تأويل، أو لا تكون عوناً مباشراً في ذلك، فوضعها في أصول التفسير عاريَّة .. فليس كل ما يفتقر إليه التفسير من العلوم يعدُّ من أصوله.
وإنه لمن بدهيات البحث التفسيري أن الثقل الرئيسي للدلالة يتركَّز على الدرس اللغوي؛ ذلك أن القرآن ينتمي في لفظه المادي إلى نسق اللغة العربية، ولا سبيل إلى دلالته خارج إطار الوسيط اللغوي، فما ورد من الوحي على لسان الرسول ? تفسيراً للقرآن الكريم يعتبر نادراً؛ ولذلك كان الشرط الرئيس للتفسير هو العلم باللغة العربية وقواعدها بوصفه شرطاً دائماً أمراً لا مفر منه في كل الأحوال.
إنه لمن المحزن حقاً أن الخطوات التأسيسية هذه لم تستكمل أو تستثمر بشكل جيد فيما بعد، فوجدنا أنفسنا لا محالة أمام فراغ كبير ما يزال ينتظر الكثير من الجهد.
ثالثاً: المنظور الأصولي أساساً لأصول التفسير:
وما دام التفسير متعلقاً أولاًَ وقبل كل شيء بالدلالة اللغوية، فإن ملاحظة علاقة العلوم اللغوية ووظيفتها بالنسبة للدلالة أمر قد يساعدنا على كشف المصادر التي بإمكانها مدّ أصول التفسير بالمادة الأساسية للتقعيد؛ وذلك أن أي علم من العلوم يقف دوماً على تقاطعات العلوم، ويؤسس قواعده وأدواته عبر تداخلها والاستعارة من أدواتها ومناهجها، إذ ليس هناك علم خالص من أي نوع من أنواع العلاقات المذكورة، وهو أمر شديد الوضوح فيما يخص البحث اللغوي العربي.
لقد قامت أهم علوم العربية (النحو والبلاغة) على وظيفة تحديد قواعد الأداء والتركيب فيما قام أصول الفقه على وظيفة تحليل النص وتلقِّيه، ومن هنا فإنه يمكن ملاحظة الصلة بين المنظور الأصولي (أصول الفقه) والوظيفة الاستقبالية لعلم التفسير، فإذا كنا نميّز بين الوحدات اللغوية (الكلمات)، والأنظمة اللغوية -على النحو الذي ميّز فيه العلماء الأقدمون بين «علم اللغة» بمفهومه العام الذي يشمل كل الدرس اللغوي ومباحثه، وبين علم اللغة بمفهومه الخاص الذي يبحث في (الكلمات) فيما يسمى الآن بـ «المعجمية» - إذا كنا نميّز موضوعات اللغة على هذا النحو، فإن كلاً منهما يسهم في صياغة علم التفسير، والواقع أن «المعجم» العربي يعتمد على النقل أساساً وأحياناً على القياس، فهو في المحصلة علمٌ نقلي «وصفي» الطابع إجمالاً، فيما العلوم التي تدرس أنظمة اللغة هي علوم تسعى نحو التوصل إلى «معيارية»؛ بمعنى أنها تسعى لإقامة قواعد تحكم الأداء والتلقي للكلام، ولكنها قواعد تقوم على الاستقراء والتحليل للنصوص المنجزة في اللغة، وبهذا المعنى فإن «المعيارية» ليست إلاّ حصيلة الوصف والتحليل.
ولأن علم التفسير هو علمٌ لتلقِّي النص القرآني فإن ما يعني علم أصول التفسير من اللغة والعلوم هي تلك المتعلقة بـ «استنباط الدلالة» من الكلام الناجز، ولا نتكلف عناء لنلاحظ أن أهم العلوم التي قامت على أساس الدلالة اللغوية هي: «أصول الفقه» و «النحو»، ولكن بينما يشتغل أصول الفقه في الكلام بعد إنتاجه، فإنه في النحو يكون الاشتغال في الدلالة قبل إنتاج الكلام، فقد عُرِّف الأصول على أنه «العلم بالقواعد الكلية لاستنباط الأحكام [الدلالة] الشرعية من أدلتها التفصيلية،» وهذا يعني أن «نظر الأصولي [كائن] في وجوه دلالة الأدلة السمعية» على حد تعبير الإمام الغزالي، مما يقودنا للقول بأن وظيفة علم الأصول هي الوظيفة المقابلة تماماً لوظيفة علم النحو؛ فقد عرّف النحو بأنه «معرفة كيفية التركيب فيما بين الكلم لتأدية أصل المعنى مطلقاً»،والمقصود بالمعنى: المعنى الذي يريده المتكلم، وهو ما يُطلق عليه البعض «المعنى النحوي»، فالنحو أساساً متعلق بالمتكلم ومنشئ النص، فهو معنيٌ بالدلالة قبل أن تضمّن تركيباً، أي قبل لحظة الأداء، أداء المعنى بالتركيب.
1. العلوم اللغوية ووظيفة التلقي أو الاستقبال
(يُتْبَعُ)
(/)
إن أصول الفقه وعلم النحو يقفان على طريق واحدة ولكنهما ينظران باتجاهين متعاكسين، فالدلالة بالنسبة لعلم النحو تلاحظ أولاً وقبل الكلام (المبنى)، وهي بالنسبة للأصولي بعد الكلام، والمخاطب بعلم النحو هو «المتكلم» والمؤدِّي، أما المخاطب بأصول الفقه فهو «المتلقي»؛ ولأجل ذلك فإن النحو علمٌ معياري، «قائم على ما يجب أن يكون،» فهو معني بـ «التركيب» والتشكيل، فيما الأصول علم وصفي،
معنيٌّ «بالتحليل» والاستنباط:
المتكلم الكلام المتلقي
الدلالة النحوية الدلالة الأصولية:
على أن النحو لم يمضِ لإتمام وظيفته التي وجد لأجلها بشكل كامل بعد تأسيسه على يد سيبويه في «الكتاب»، فقد درس النحاة الجملةَ -كما يرى بعض الباحثين- «من النقطة الخطأ، من المبنى إلى المعنى، أي في اتجاه معاكسٍ لما تجري عليه عملية الاتصال اللغوي» عند الإرسال، مما أدى إلى جعل درسهم لبناء الجملة «تحليلاً لا تركيباً»، فأفضى ذلك إلى انكماش التنظير، وفقدان نظرية تركيبية شاملة للكلام العربي عموماً، ويتمثل هذا المنهج الذي اتبعه النحاة في استنباط أحكام النحو من استقراء كلام العرب، فقد عُرِّف النحو أيضاً بأنه «العلم بأحكام مستنبطة من استقراء كلام العرب ( ... ) أحكام الكَلِم في ذواتها، أو فيما يَعرضُ لها بالتركيب، لتأدية أصل المعاني ( ... ) ليحترز عن الخطأ في فهم معاني كلامهم، وفي الحذو عليه،» وفي هذا التعريف واضح أن النحو أصبح قلقلاً بين دور «فهم المعاني» و «أدائها.»
لقد كان لهذا القلق في الوظيفة النحوية أن يجر علم النحو للتأثُّر البالغ بعلم الأصول، خصوصاً في تشخيص الأدلة وأوجه دلالتها، وهو أخطر مباحث الأصول والنحو معاً، وقد علل ابن الأنباري ذلك بالقول: «النحو معقول منقول» كما أن الفقه «معقول من منقول»؛ ولذلك نشهد في تشخيصهم لأدلة النحو نفس ما وجدناه عند الأصوليين من النص (السماع) والقياس والإجماع والاستحسان والاستصحاب وغيرها، وقد كان لذلك التقليد والمحاكاة لأصول الفقه أن يولِّد علماً جديداً هو «أصول النحو»، و «يعنون بما يسمونه «أصول النحو» ما عناه الأصوليون من «أصول الفقه» بشقيه الأدلة والمصادر التي ينبني عليها النحو والقواعد الممهدة للاستنباط،» ثم كان أصوليو النحو حريصين كل الحرص على بيان اتِّباعهم لأصول الفقه من أمثال: ابن جني وابن الأنباري والسيوطي.
وفي السياق نفسه -أعني التقليد لأصول الفقه- ابتكر النحاة ما سمي بـ «التأويل النحوي» ليجبروا به كل صدعٍ في «بناء الجملة» إذا لم يكن متوافقاً مع البنية الأساسية، وذلك بأن يحمل الكلام على معناه لا على لفظه، وسموا هذه الوسيلة: «الحمل على المعنى»، وقالوا: «والحمل على المعنى كثير في كلامهم؛» ولهذا السبب تركَّز البحث النحوي حول «العلامة الإعرابية»، التي بقدر ما هي مهمة في «التركيب» هي مهمةٌ أيضاً في الاستقبال و «التلقي» للنص، والفهم له، وهي في الواقع جزء -وإن كان أساسياً- من موضوعات علم النحو، وليست كل موضوعاته، كما يحصل في الواقع في مؤلفات هذا العلم.
لقد جرت محاولات عديدة لإصلاح النحو، بدءاً من الجرجاني (ت471ه) في كتابه «دلائل الإعجاز» اعتماداً على مفهوم المعنى النحوي وصلته بالنظم «التركيب»، والذي قدم بحق أهم نقد للنحويين مبتكراً «نظرية النظم» أو «التعليق»، وهي نظرية النحو العربي المتعلقة بإنتاج الكلام وأداء المعنى، وثانيها محاولة ابن مضاء الأندلسي (513 - 592ه) في كتابه الشهير: «الرد على النحاة» الذين «التزموا [في النحو] ما لا يلزمهم، وتجاوزوا فيها [صناعة النحو] القدر الكافي فيما أرادوه منها»، وصولاً إلى العصر الحديث حيث قدم إبراهيم مصطفى في كتابه «إحياء النحو» نقداً للنحويين الذين حصروا غايته في بيان الإعراب وتفصيل أحكامه، في ذهلٍ عن الوظيفة الرئيسية للنحو «قوانين تأليف الكلام»، ومحاولة حميدة مصطفى في كتابه: «نظرية الربط والارتباط في اللغة العربية»؛ إذ قام بتطوير نظرية الجرجاني من خلال علم اللغة الحديث (اللسانيات)، والخروج بنظرية «الربط والارتباط»، وغيرهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتبقى الإشكالية الرئيسية في المعنى النحوي لعلم النحو كما هو عليه اليوم في الإعراب؛ إذ اتخذ وسيلةً للإبانة عن المعنى، في وقت يحتاج الإعراب ذاته إلى المعنى، فلا يمكن التوصل إلى الإعراب إلا عن طريق الفهم العام للجملة، متمثلاً في فهم العلاقات المعنوية بين الألفاظ، «وقد اضطرهم هذا إلى قولهم الشهير: «الإعراب فرعُ المعنى»، وتوسلوا إلى ذلك بفكرة «العامل النحوي» ... »، وهو ما يدخلهم في نوع من الدور المنطقي.
ما يعنينا من كل هذا في علم التفسير هو البحث الدلالي النحوي، وتحديداً الإعراب و «العلامة» الإعرابية، فقد كان مسار الدرس النحوي على ما وصفنا من موقعه القلق بين مؤدي الكلام ومتلقيه قد أدى إلى حصر النحو في العلامة الإعرابية، التي تتضمن ذاتها هذا الموقف القلق بين الأداء والتلقي، ونحن نعتبرها موضوعاً مشتركاً بين علمي النحو والأصول، وإن لم يكن قد اشتغل بها الأصوليون، إذ هي تصلح للموقفين معاً: (التلقي والأداء)، وعلى هذا فاستثمارها في علم التفسير ضرورة لتلقي القرآن بصفته «كلاماً ناجزاً» لله سبحانه وتعالى، وعلم التفسير معني بدراسة الدلالة الإعرابية بنفس الدرجة التي تعني علم الأصول.
2. أصول الفقه وتقعيد أصول التفسير
و يقودنا هذا كله للقول بأن منظور أصول الفقه الدلالي يتقاطع إلى حد كبير مع علم أصول التفسير، والمثير في الأمر أن تأسيس أصول الفقه برسالة الشافعي قام -فيما يبدو- بوصفه قواعد لدراسة «أحكام الله في كتابه نصاً واستدلالاً» بشكل رئيس، لكن تطوراته فيما بعد وتوسعه بوصفه علماً متخصصاً باستنباط الأحكام الشرعية العملية من أدلتها التفصيلية دون غيرها، وبقيت آيات الأحكام من موضوعاتها الرئيسة.
لقد كانت الدلالة القاسم المشترك بين العلوم الإسلامية، ومن غير الممكن القول إن واحداً من تلك العلوم يستأثر بالبحث الدلالي منفرداً، لكننا مع ذلك نجد أنفسنا أمام «علم أصول الفقه» باعتباره العلم الوحيد المؤسس «لتلقي» النصّ القرآني المنزل، ولكن المشكلة الرئيسية أن أصول الفقه تطّور فيما بعد من مهمة رئيسية هي تأسيس «قواعد تفسير آيات الأحكام» عند الإمام الشافعي إلى قواعد «استنباط القفه» عموماً والاجتهاد الفقهي، وهو تطورّ لا يلغي المهمة التي ابتدأها أساساً الشافعي بقدر ما يزيد عليها ويعتبرها إحدى مهماته الرئيسية.
المشكلة في الأصول هي في ضيق الدائرة التي يُشغَّل ويشتغل فيها، ورغم ذلك فهو العلم الوحيد الناضج الذي نهض لدراسة الدلالة من موقع التلقي، وهو أكثر العلوم قابلية للاستثمار والاستعارة لعلم أصول التفسير، إلاّ أن استثماراً من هذا النوع يستدعي تعديلات ونقد لتمكينه من توسيع دائرة عمله في النص القرآني.
إن انحصار «أصول الفقه» في مسائل الأحكام الشرعية جعل العلماء ينظرون إلى أصول الفقه على أنه إحدى الأدوات الثانوية بالنسبة إلى العلوم اللغوية في الأهمية، ذلك أنه يستخدم في الدائرة المتعلقة بالأحكام المستنبطة من الآيات، وربما كان المثال على ذلك أبو حيان الأندلسي في كتابه البحر المحيط، الذي يصرح باستثمار الأصول إلاّ أنه يؤخره إلى آخر درجة فعلياً، وهذا شأن التفاسير التي صرّحت في بعض الأحيان باعتبار علم الأصول أداة. وبسبب هذا الارتباط بين علم الأصول والأحكام الفقهية يرى بعض العلماء أن «نقل المنهج الأصولي ليصبح منهجاً للتعامل مع النص القرآني في المجالات والمحاور كلّها ( ... ) غير صحيح،» بافتراض أن «لكل مجال آلات لفهمه»، فيما يرى بعض الباحثين أن علم أصول التفسير يرتكز بشكل كبير على أصول الفقه.
لقد أصبحت إذاً الحاجة إلى «قانون عام يعوّل في تفسيره [القرآن] عليه، ويرجع في تفسيره إليه: من معرفة مفرداته، ومركباتها، وسياقه، وظاهره وباطنه، وغير ذلك مما لا يدخل تحت الوهم، ويدقَّ عنه الفهم» أمراً «لا يستغنى عنه.» ولا يبدو أن ثمَّة علماً مرشحاً لذلك أكثر من أصول الفقه، مع ملاحظة أنه يحتاج إلى بعض التعديل ليناسب فضاء النص القرآني بشموله، ولا يقتصر على الأحكام الفقهية وقواعدها الواردة في القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
محاولات قليلة جرت لاعتماد أصول الفقه أصولاً للتفسير، أما تعديل الأصول لتأهيله لدور التفسير المتعلق بكامل القرآن وليس آيات الأحكام فحسب فهو أكثر ندرة، فقد كانت المحاولة الأولى للمعلم عبد الحميد الفراهي (1280 - 1349ه) في النصف الأول من القرن الثالث الهجري في كتابه «التكميل في أصول التأويل»، حيث أفرده «لتمهيد أصول راسخة لتأويل القرآن إلى صحيح معناه، وهو علم مستقل عظيم المحل في التفسير، فإنه يدلك على المعنى المراد من كتاب الله، ومع ذلك هو فن عام؛ فإن قواعد التأويل تجري في كل كلام،» غير أن هذه الأصول «لم يحتج إلى تأسيس هذا الفن بالكلية؛ فإنك تجد طرفاً منه في أصول الفقه، ولكنه غير تمام،» وعلى هذا الأساس يلقي الفراهي على عاتقة مسؤولية «تكميل هذا الفن [الذي أسس الأصوليون طرفاً منه]، حتى يكون هو المعتمد في فهم كتاب الله وكل كلام حكيم،» ومن هنا جاء اسم كتابه.
في الواقع لم يكتف الفراهي بتأسيس قواعد لتأويل القرآن مشتقة من أصول الفقه، بل إنه طبقها في تفسيره «نظام القرآن وتأويل الفرقان بالفرقان،» فقد اعتبر كتابه مقدمة لهذا التفسير. ونلاحظ اعتماده على قواعد الأصوليين في كتابه «مفردات القرآن» وكتابه النفيس «دلائل النظام».
والمحاولة الثانية نجدها في دراسة خالد عبد الرحمن العك: «أصول التفسير وقواعده»، منطلقاً من أنه «على التحقيق فإن كل العلوم بكثرتها وبتعدد أقساها هي وسيلة لهذا العلم»، وقد استند إلى أصول الفقه الذي «لم يكونوا يعدُّونه من مادة التفسير، ولكنهم يذكرون أحكام الأوامر والنواهي والعموم، وهي من أصول الفقه، فيحصل أن بعضه يكون مادة للتفسير»، معتمداً في ذلك على ما كتبه الطاهر ابن عاشور في مقدمة تفسيره «التحرير والتنوير».
وقد حاول فعلياً التقعيد لأصول التفسير بالاعتماد على أصول الفقه، فجاءت نصف قواعده مستمدة من أهم أبواب الأصول في الدلالة: «اللغات» و «البيان»، غير أن ما جاءت به القواعد كانت هي القواعد الأصولية ذاتها دون تطوير لها بعد إدماجها في أصول التفسير، ولهذا لم تتغير حتى الأمثلة عن أمثلة الأصوليين، وفي أحد الأقسام (القسم الخامس) اعتبرت وكأنها متخصصة بالأحكام الشرعية، في الوقت الذي تصلح فيه للعموم. ومع ذلك فالمحاولة هذه تستحق التقدير، إذ تمثل خطوة أخرى تضاف إلى إدماج القواعد الأصولية في أصول التفسير.
ومن المحاولات في هذا المجال دراسة «الدلالات وآثرها في تفسير القرآن الكريم،» ولكن هذه الدراسة فعلياً لم تفعل أكثر من اقتطاع مبحث الدلالات اللغوية الأصولي ونقله إلى «مجالات تطبيقية في تفسير القرآن الكريم،» دون أي تطوير أو تعديل، إذ وجد الباحث أنه «غير منتفع بها في علوم القرآن و التفسير بالقدر الكافي»، منطلقاً من الاعتقاد بأن «كثيراً من مفاهيم أصول الفقه صالحة لأن تكون قواعد وفكراً في علوم القرآن، فأصول الفقه وعلوم القرآن يخرجان من مشكلة واحدة،» ولكن ما قام به عملياً ليس سوى تكرار ما كتبه الأصوليون حرفياً حتى بأمثلتهم ذاتها، مما يعني أنه لم يقدم دراسة تطبيقية فعلاً، ولا قدّم أي تطوير أو نقد للقواعد الأصولية ولا لكيفية استثمارها في النص القرآني.
في سياق هذه المحاولات أيضاً جاءت دراسة بعنوان «التفسير بالرأي: قواعده و ضوابطه و أعلامه،» وهي لا تختلف كثيراً عن المحاولة السابقة في اقتصارها على مبحث الدلالات الأصولي، سوى في أنه اعتبرها قواعد للتفسير بالرأي.
كما نجد في هذه المحاولات أيضاً دراسة بعنوان: «أسباب النزول وأثرها في بيان النصوص: دراسة مقارنة بين أصول التفسير وأصول الفقه»، وهي لا تقصد بالمقارنةِ المقارنةَ بين العِلمين، بل الاقتراب واستثمار مادتهما لتفسير القرآن. وتركز الدراسة على أن «البحث الدلالي الأصولي -[ويطلق عليه المؤلف اسم «علم الدلالة»]- يتيح للعالم أن يصل إلى فهم كتاب الله عز وجل،» معتبراً أنه «ليس من المرضي بعد ذلك أن يقبل أي تفسير للنص لا يمر بهذا الغربال الدقيق؛» فالصلة بين علم الأصول وأصول التفسير ليست بعيدة أو ضعيفة، مما يجعل بحث البيان الأصولي يتوقف عليه فهم كتاب الله عز وجل. وانطلاقاً من ذلك وجد الباحث ضرورة لربط «علم أصول الفقه بعلم أصول التفسير» من خلال أحد مباحثه الرئيسية وهو علم «علم أسباب النزول»، والدراسة تسعى إلى تطوير
(يُتْبَعُ)
(/)
العدة الأصولية واستثمارها في علم أصول التفسير؛ إذ يقدم منهجية لاستخدام البحث الدلالي تقوم على «الإحصاء والاختبار» المعروف بعملية «السبر» في مباحث القياس الأصولي. فالدراسة إذاً تستثمر عدداً من البحوث الأصولية في مبحث واحد لمدِّه على مستوى النص القرآني الكريم كله، وفي أهم القضايا خطورةً: تاريخية النصوص القرآنية، وعبر دراسة أثر أسباب النزول في البيان. لكن لا يبدو أن الدراسة استطاعت تحقيق تطوير ملموس لقواعد الأصول في دراسة القرآن، فكانت نزعتها تقليدية بعض الشيء.
لقد تداخلت في تركيب علم الأصول علوم عديدة، تضايفت «لتكوِّن رؤية شمولية صار البحث الدلالي نتاجاً لها،» وبناءً على ذلك فقد تناولوا «ظواهر لغوية على مستوى التركيب الجملي وعلى مستوى جداول الاختيار كالترادف والمشترك اللفظي والتضاد والغموض والدلالة حول المفاهيم؛ كالخاص والعام، كما كانت هناك أشياء أخرى صوتية وصرفية ونحوية وسيميولوجية إشارية غطّت معالجتهم لها حقولاً من البحث تسعى الدلالية الحديثة اليوم إلى تغطيتها.» وقد درس علم الأصول فضلاً عن ذلك دلالة الخطاب تفسيراً للنص أو تأويلاً له، ودرس بحوثاً يشترك فيها مع العلوم الدينية الأخرى، وإن كان من زاويته الخاصة. هذا كلّه بالإضافة إلى أن علم أصول الفقه درس بحوثاً لم يتناولها علم غيره؛ ذلك أن الدلالة في مؤلفات الأصوليين تدرك مستوىً عجيباً من الإحاطة والشمول، وقدرةً فائقةً على الإشراف من على الدلالة إشراف المسيطر على المادة، الواعي بتفصيلاتها وهياكلها، المنظّر لها تنظيراً واعياً، كل هذا يبرر لنا اعتماد منظور «علم الأصول» ومباحثه منطلقاً لدراسة القرآن وتطوير أدوات ومناهج البحث فيه.
خاتمة:
استهدفت هذه الدراسة الموجزة الكشف عن الفراغ في تقعيد علم أصول التفسير، عبر دراسة تاريخ التقعيد، وحاولت تفهم المبررات التاريخية التي أدت إلى حصول هذا الفراغ، وتأسيساً على منظور التلقي (استقبال الدلالة) الذي تفترض الدراسة أنه يحكم العملية التفسيرية، وجد الباحث أن علم أصول الفقه باعتباره العلم العربي الوحيد القائم على تلقي الدلالة اللغوية وتأويلها، فهو بالتالي أكثر العلوم أهليةً ليكون أساساً لتكوين علم أصول التفسير، وذلك على الرغم من تحفُّظ بعض المعنيين بالدراسات القرآنية من استثمار علم الأصول -ذي النزعة الفقهية- على المجال القرآني الرحب. ويدرك الباحث أيضاً أن تحرير الأصول من الدائرة الفقهية وتوسيع أفقه ليشمل كل موضوعات القرآن وأشكال خطابه أمر ممكن، وإن كان ذلك لا يعني أن بنية أصول الفقه نفسها خالصة من الإشكالات وبعيدة عن النقد، إلا أن كل ذلك لا يعني إهدار الثروة اللسانية الثاوية في علم الأصول والتي لا يقدرها حق قدرها اليوم إلا من عرف الدراسات اللسانية الحديثة ( Linguistics)، كما أن استثمارها في تقعيد أصول التفسير جزء من البناء على إنجازات التراث العلمية.
وقد استعرضت الدراسة منظور أصول الفقه مقارناً بمنظور علم النحو، لتصل عبر هذه المقارنة إلى تأكيد أهمية أصول الفقه بالنسبة لتأسيس أصول التفسير، وتتبعت الدراسة -تأسيساً على ذلك- تلك الدراسات التي حاولت اعتماد أصول الفقه أساساً لعلم التفسير، وتبين أنها عموماً لم تستثمر عِلْمَ أصول الفقه على نحو يوسع أفقه، ليكون بإمكانه شمول النص القرآني، بل تعاملت مع قواعده بوصفها مسلمات، وإن كنا نستثني أحداً فنحن نستثني المعلِّم عبد الحميد الفراهي الذي حاول تطوير قواعد أصولية، بل الإضافة عليها لتكون قواعد للتأويل.
وقد أماطت الدراسة اللثام الفراغ التقعيدي في أصول التفسير ولم تنظر إلى أصول الفقه على أنه كاف (ولو مع التطوير والتحوير) وحده لتأسيس هذا العلم، بل إن الدراسة حاولت فقط التوجيه إلى نقطة يمكن بها إحداث تراكم في عملية التقعيد هذه، ويؤمن الباحث بضرورة استثمار كل مباحث التأويل والدلالة في الدراسات العربية الحديثة وعلومها التقليدية، كما يؤمن بشكل خاص بأهمية الدرس اللساني الغربي الحديث ومناهج النقد الأدبي واستراتيجيات القراءة المتأثرة به في تطوير البحث الدلالي التفسيري، ولكن مع ملاحظة دائمة لخصائص النص القرآني بوصفه نصاً ذا وظيفة دينية وتنزيل إلهي؛ إذ بدون هذه الملاحظة قد ندخل في متاهات لا تحمد عقباها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا شك أن جهوداً جديدة بدأت تبذل لإتمام -إن لم نقل إنشاء- علم أصول التفسير، وإذا كنا أشرنا إلى أصول الفقه، فإنه ليس الجانب الوحيد الذي جرت المحاولات الجديدة عبره لتطوير أصول التفسير، فهناك الآن ما يشبه الثورة البحثية في مناهج التفسير، وقد شهدنا مناهج عديدة في التفسير الموضوعي تستحق كل الاهتمام والتقدير، وكثير منها يعدّ خطوات حقيقية في أصول التفسير، غير أن مناهج التفسير ذاتها تنبني على قاعدة أكبر في أصول التفسير، نرى أنها المادة الأصولية في الأساس، وإن كانت ذاتها تحتاج إلى التطوير والتعديل، ولو أننا استطعنا أن نستثمر معها -وبشكل علمي- الدرسَ اللساني الحديث فسوف نتقدم خطوات كبيرة بكل تأكيد.
ملخص البحث
تأخر التفكير في تأسيس علم أصول الفقه، وذلك بالرغم من أن فهم القرآن الكريم هو كان أهم ما واجه المسلمين بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، الذي لم يخلف إرثاً تفسيرياً مباشراً للقرآن، وبالرغم من أن علم التفسير كان أول العلوم وجوداً إلا أنه كان آخر العلوم في التأسيس النظري والتقعيد له، و السؤال التاريخي كبير عن سبب تأخر التفكير في أصول التفسير حتى القرن الخامس، والمثير حقاً أن هذا العلم لم يلق عناية واهتماماً حقيقياً حتى وقت متأخر (حتى منتصف القرن العشرين تقريباً)!
إن تحديد علم أصول التفسير بوصفه قواعد كلية تدرس القرآن من موقع التلقي ليجعل منظور علم أصول الفقه أكثر المنظورات العلمية أهليةً ليكون أساساً له، ولقد جرت محاولات قليلة ـ بعضها غاية في الأهمية ـ لاستثمار علم أصول الفقه في تشكيل أصول التفسير، لكنها ما تزال في بدايتها، ويرى الباحث أن في ما يتيحه الدرس اللساني الحديث، فضلاً عن التطورات الأخيرة في مناهج التفسير الموضوعي ما يفسح المجال لحدوث نقلة نوعية في تقعيد التفسير، وتطوير أصوله.
المصدر ( http://www.eiiit.org/resources/eiiit.asp)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[23 Aug 2009, 01:34 ص]ـ
"لا يكتسب البحث في أصول التفسير أهميته من منظور علمي وحسب، حيث إنهّ لا يزال علماً غير مكتمل أو غير واضح المعالم، بل يكتسب أهميته فوق ذلك من التفكير في مشروع النهضة والإصلاح الإسلامي، وكون موضوعه (فهم القرآن الكريم) المصدر الأول لكل تفكير في هذا المشروع، والعودة إلى هذا المصدر هو حاجة معرفية وتاريخية لتجاوز ثقل الثقافة التاريخية وفهومها التي تفصل بيننا وبين النص الكريم؛ "
بما أن الدكتور عبد الرحمن نقل هذا البحث للفائدة والمدارسة فليتسع صدره لملاحظتي التالية:
وهي لماذا نجد مثل هذه العبارة أعلاه باللون الأحمر في جميع كتابة الأستاذ عبد الرحمن؟؟
هل كانت الأمة على مدار القرون الماضية مفصولة عن النص القرآني بسبب ثقل الثقافة التاريخية وفهومها؟
أمل أن أجد جوابا لا حذفا للموضوع.
تقبل الله صيام الجميع
وصل الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد
ـ[خلوصي]ــــــــ[20 Aug 2010, 06:22 ص]ـ
يا أبا سعد الحبيب:
أما جاءك قول الإمام الغزالي: " فمن طلب المعاني من الألفاظ ضاع و هلك , و كان كمن يطلب الغرب و هو يستدبره! "
لعل المقصود من كلام د. الحاج - انسجاماً مع باقي كلامه - أن لا تفصلنا عن الكتاب أفراد معانٍ صحيحة عن أفراد معانٍ أخرى صحيحة يتسع لجميعها المعنى الكلي!؟ .. لعل؟
و ههنا زفرة لا بد من صدورها:
إن الاهتمام بالاجتهاد الفقهي و صرف الجهود العظيمة إليه من أجل إيجاد حلول للنوازل الجديدة - و ما يرافقها من تحلل مذهبي حتى من العتيق المستقر! و ما يكوّنه ذلك من قنطرة للادينية .. كما هو مشاهد محسوس - مع الغفلة عن حال الإيمان الذي يولّد ضعفه مشاكل تتكاثر فتتطلّب حلولاً .. فضلاً عن التزام المسلمين بالحق منها بدل البحث الدؤوب عن الرخص فيها .. !
إن ذلك كله في الميدان الفقهي الخاص يذكّرنا به أمثال هذه الأبحاث على أهميتها في ميدان التفسير!
إننا اليوم بأمس الحاجة إلى من يلقّننا بصائر القرآن الواضحات!
لا من يفسّرها لنا و يضع أصول دقائق تفسير ما قد نحتاج إليه من جديد التفسير على أهميته!
هاتوا لنا من إذا صحبناه تعلمنا من حاله و تلقينه كيف نصبح لله في عشرة أيام!؟! نزدد لكم حباً.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[20 Aug 2010, 03:10 م]ـ
أبا سعد:
معنى الفصل هو زيادة الحواجز بزيادة عدد القرون التي تفصل بين المتلقي وبين الوحي، وهذا لا يُنكره فقيه، وإلا لما فُضل الصحابة على من بعدهم، ولما فضلت القرون الأولى على من بعدهم، ولما فضل الأئمة الأربعة وعصرهم على من بعدهم ..
وهذا القدر متفق عليه بين عقلاء الأمم، أنه كلما طال الزمن كَثَرَت الحواجز بين الأول والآخر ..
وفي ديننا كان من مأثور الكلام: ((العلم نقطة كثرها الجاهلون))، و: ((لو سكت من لا يعلم قل الخلاف)) ..
وبطول الزمن يزداد الجهل ويزداد الذين لا يعلمون، وتكثر الألسنة المولدة التي تغلب الناس على اللسان الأول وتنسيهم إياه، ويزيد الباطل وتكثر البدع فلا يقل الحق ولكن يكثر الباطل، ولا يقل النور ولكن تحتوشه الظلمة ..
وإنما وظيفة العلم وطلبه هي قطع تلك الحجب التي تزداد ويطول بها الطريق إلى الهدي الأول واللسان الأول ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلوصي]ــــــــ[20 Aug 2010, 03:35 م]ـ
وإنما وظيفة العلم وطلبه هي قطع تلك الحجب التي تزداد ويطول بها الطريق إلى الهدي الأول واللسان الأول ..
فلذا لا زلت متفائلاً أن أرى أستاذنا ذات يوم و قد غيّر معرّفه إلى " أبو فهر التبليغي "!(/)
رمضان شهر التغيير بقلم: أبو رقية أحمد سليمان الدبشة
ـ[أبورقية]ــــــــ[22 Aug 2009, 01:45 م]ـ
كلما دار الفلك دورته، وأتى شهر رمضان تتوارد على الذهن خواطر وأفكار حول الغاية والهدف من شهر رمضان، فما وظيفة رمضان؟
كما أنَّ لكل واحد منَّا في حياته وظيفة يقوم بها؛ فإن لرمضان وظيفة يؤديها فما وظيفة رمضان ومهامه؟
وظيفة رمضان أنه يُطهِّر النفس، ويُزكِّي القلب، ويُنقِّي الفؤاد، ويُقوِّم السلوك والأخلاق، فندخل إلى مدرسة رمضان، ونخرج بقلب قد تزكَّى بالإيمان، ونفس قد ارتقت بالقرآن، وسلوك قد قُوِّم بالتقوى، فينظر الناس إلى سلوكك وإلى أخلاقك وإلى تصرفاتك وإلى حياتك، فيقولون هذا مسلم قد تعلَّم في مدرسة رمضان.
وظيفة رمضان قال عنها الحق جلَّ وعلا: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) ? (البقرة)، نعم، لعلكم تتقون، والتقوى كما عرَّفها الإمام علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) وأرضاه قال: (التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل).
وظيفة رمضان قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" (رواه البخاري).
وظيفة رمضان قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس الصيام من الأكل والشرب؛ إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد، وجهل عليك فقل: إني صائم" (مستدرك الحاكم على الصحيحين، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه).
ولعل فريضة الصوم وقدوم شهر رمضان يمثل مناسبةً لإثراء الحديث عن طبيعة العبادات ووظائفها، لا سيما وأن نسبة كبيرة من المسلمين يشعرون في هذا الشهر بيقظة في الضمير ونمو للوازع الديني والأخلاقي، ويندفعون للتعبد وتلافي التقصير الذي درجوا عليه في أيامهم العادية؛ ولئن كانت بعض هذه المستجدات في سلوك المسلم الرمضاني ترجع إلى العادات والتقاليد الاجتماعية في هذا الشهر الفضيل، فإن الوازع الأهم ديني بالدرجة الأولى؛ لأن المحور في ذلك هو الصوم، وهو فريضة فردية يمارسها المسلم.
إن المظاهر الإيجابية في سلوك المسلمين في رمضان لا تعكس وعيًا بدور الصوم فيها، لكن الوعي بدور العبادة يعزز تقويمها للسلوك، فالنصوص التي تتحدث عن العبادات مستفيضة بهذه الأبعاد الوظيفية التي ينبغي أن تؤديها ممارسة العبادة.
فقد شرع الإسلام العبادات والأركان لمساعدة المسلم على تغيير سلوكه وأخلاقه، ومن أجل تحقيق الغاية التي من أجلها بُعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أخبر في حديثه لما سُئل عن الغاية التي من أجلها بُعث، فقال كما في الحديث عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاَقِ" (سنن البيهقي).
فالصلاة عند إقامتها كما يجب تنمي لدى المسلم دافعًا للخير ووقاية من الشر، فهو يدخل إليها ليخرج وقد تغيَّر سلوكه؛ لأنه تَعَلَّم في مدرسة القرآن ?اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) ? (العنكبوت)، وتَعَلَّم أيضًا ?الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) ? (الحج).
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك الأمر بالنسبة للزكاة والصدقات التي هي علاقة اجتماعية ابتداءً، إذ هي تأدية حق المحتاج في المجتمع من مال الأفراد الذين فضُل المال لديهم عن حاجتهم، فأداء الزكاة إسهام فعَّال في تحقيق معنى إسلام المسلم في بعده الاجتماعي والأسري، وهو يؤديها يرتجي أن يخرج منها بما أخبر عنه الحق جل وعلا ?خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103) ? (التوبة).
وأما فريضة الحج؛ فهي تتويج لصفاء العلاقة بين الناس ورقيها وتجسيد لسلامة البيئة والناس من أذى المسلم بجميع أشكاله اللفظية والمادية والمعنوية?الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197) ? (البقرة)، فهو يؤدي فريضة الحج وقد وضع نصب عينيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام البخاري بسنده، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه)، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" (رواه البخاري).
وهكذا يرى المتأمل لأمر العبادات في الإسلام هذا المقصد العظيم، ويلمس هذا المفهوم الرائع أن من أجل وأعظم الأهداف التي من أجلها شرعت العبادات؛ هو تغيير السلوك الأخلاقي لدى المسلم.
أما الصيام في شهر رمضان فإنه يأتي ليتجاوز معناه الحرفي الذي عرفه علماؤنا بقولهم (الامتناع عن المفطرات في زمن محدد)؛ ليتعلم الإنسان الصائم التحكم برغباته، والتحلي بالإرادة الجيدة الهادفة إلى تغيير العادات السيئة التي اعتادها الشخص في حياته، فتجده إن كان قد انتصر على نفسه، ومنعها عن الحلال؛ مرضاة لربه، فيخرج وقد عقد العزم أن يمتنع عن الحرام، وذلك من خلال الدور الرقابي الذاتي الذي يرافق أداء الفريضة التي تتميز بسريتها وخصوصيتها بين العبد وربه؛ لكن المطلوب لتؤتي الفريضة ثمارها، أن يتحول هذا الدور الرقابي من إطار الاعتياد واللا وعي إلى إطار الملاحظة والوعي، فالصائم يمتنع لا شعوريًّا عن المفطرات، دون أن يفكر بقدرته تلك على الامتناع، وإمكانية تعديتها إلى ممنوعات أخرى في غير الصيام، فملكة التحكم بالإرادة واحدة لدى الإنسان، ويمكن أن تنمو في بعض المجالات عندما تعزز الإرادة، فالصائم بصومه إنما يُدِين نفسه، ويُقيم الحجة على اعتذاره عن التقصير في شئونه الأخرى الدينية والدنيوية.
وقد نوهت آيات الصوم صراحةً على عدم قصدية الامتناع عن الطعام والشراب في الصوم لذاته، فنصت أن الله يريد اليسر ولا يريد العسر بالناس، فالمُبْتًغَى ليس المشقة إنما امتحان إرادة المسلم، وتنبيهه إلى مراقبة نفسه، واستشعاره بالمسئولية في شئونه، وقد جاءت نصوص السنة تؤكد هذه المقاصد في شريعة الصوم، والتي تتجاوز ترك الطعام والشراب إلى ترك سائر المنهيات لا سيما المتجاوزة في آثارها إلى الغير، فهو قد تعلَّم في مدرسة الإسلام عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ" (رواه البخاري)، وقد جاءت الأحاديث تترًا لتؤكد دور الصوم في تنمية الرقابة الذاتية للإنسان على نفسه في سلوكه وحديثه، كما في الحديث القدسي الذي رواه الإمام البخاري (أنه سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه)، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ
(يُتْبَعُ)
(/)
يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ" (صحيح البخاري) وفي رواية الإمام مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: "إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ، فَإِنِ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ" (صحيح مسلم).
وفي هذه إشارة كريمة إلى حسن المعاشرة، وإصلاح ذات البين، وتأليف القلوب، وحسن الاعتذار؛ وليكن معلومًا أن أخلاق الصائم ليست وقفًا على شهر رمضان، وإنما هي مطلوبة في كل وقت؛ ولكنها تتأكد في رمضان وبصيام رمضان، فالصوم إذن يضع المسلم أمام قدراته الذاتية، ويصور له إمكاناته المستقبلية، وعندما يدرك المسلم هذه القدرات والإمكانات سيشعر بتقصيره في عمله وبقدرته على تجاوز أخطائه، وبالتالي سينمي الصوم لدى المسلم الشعور بالمسئولية في الحياة عمومًا وبالخصوص نحو الوقت، والجسد، والمجتمع، والقدرة على اتخاذ القرار، كما يؤكد الصوم للمسلم تمتعه بالحرية والإرادة والعقل، وقدرته على التحكم في السلوك، فهو بمثابة دورة تدريبية يتعلم المسلم من خلالها كيف يتحكم في نفسه وشهواتها ورغباتها؛ ليخرج وقد ألزم نفسه بعض الوقت أن تمتنع عن بعض الحلال والمباح ليلزمها طوال الوقت بالامتناع عن الحرام، وهذا ما عبر عنه الشهيد سيد قطب- رحمه الله- في ظلاله عندما رسم ملامح الغاية التي من أجلها فرض الصيام، وهو يربط بين جهاد النفس وجهاد العدو، فيقول رحمه الله: (ولقد كان من الطبيعي أن يفرض الصوم على الأمة التي يفرض عليها الجهاد في سبيل الله، لتقرير منهجه في الأرض، وللقوامة به على البشرية، وللشهادة على الناس، فالصوم هو مجال تقرير الإرادة العازمة الجازمة؛ ومجال اتصال الإنسان بربه اتصال طاعة وانقياد؛ كما أنه مجال الاستعلاء على ضرورات الجسد كلها، واحتمال ضغطها وثقلها، إيثارًا لما عند الله من الرضا والمتاع. وهذه كلها عناصر لازمة في إعداد النفوس لاحتمال مشقات الطريق المفروش بالعقبات والأشواك؛ والذي تتناثر على جوانبه الرغاب والشهوات؛ والذي تهتف بالسالكيه آلاف المغريات.
وذلك كله إلى جانب ما يتكشف على مدار الزمان من آثار نافعة للصوم في وظائف الأبدان. ومع أنني لا أميل إلى تعليق الفرائض والتوجيهات الإلهية في العبادات- بصفة خاصة- بما يظهر للعين من فوائد حسية، إذ الحكمة الأصيلة فيها هي إعداد هذا الكائن البشري لدوره على الأرض، وتهيئته للكمال المقدر له في حياة الآخرة ... مع هذا فإنني لا أحب أن أنفي ما تكشف عنه الملاحظة، أو يكشف عنه العلم من فوائد لهذه الفرائض والتوجيهات، وذلك ارتكان إلى الملحوظ والمفهوم من مراعاة التدبير الإلهي لكيان هذا الإنسان جملة في كل ما يُفرض عليه وما يوجه إليه؛ ولكن في غير تعليق لحكمة التكليف الإلهي بهذا الذي يكشف عنه العلم البشري، فمجال هذا العلم محدود لا يتسع ولا يرتقي إلى استيعاب حكمة الله في كل ما يروض به هذا الكائن البشري، أو كل ما يروض به هذا الكون بطبيعة الحال:?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184) شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) ? (البقرة).
إن الله سبحانه يعلم أن التكليف أمر تحتاج النفس البشرية فيه إلى عون ودفع واستجاشة لتنهض به وتستجيب له؛ مهما يكن فيه من حكمة ونفع، حتى تقتنع به وترضى عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ثم يبدأ التكليف بذلك النداء الحبيب إلى المؤمنين، المذكر لهم بحقيقتهم الأصيلة؛ ثم يقرر لهم- بعد ندائهم ذلك النداء- أن الصوم فريضة قديمة على المؤمنين بالله في كل دين، وأن الغاية الأولى هي إعداد قلوبهم للتقوى والشفافية والحساسية والخشية من الله:
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) ?، وهكذا تبرز الغاية الكبيرة من الصوم ... إنها التقوى ... فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب وهي تؤدي هذه الفريضة، طاعة لله، وإيثارًا لرضاه ... والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، ولو تلك التي تهجس في البال، والمخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله، ووزنها في ميزانه، فهي غاية تتطلع إليها أرواحهم، وهذا الصوم أداة من أدواتها، وطريق موصل إليها، ومن ثم يرفعها السياق أمام عيونهم هدفًا وضيئًا يتجهون إليه عن طريق الصيام .. ?لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ?) انتهى كلامه- رحمه الله- في ظلال القرآن الشهيد سيد قطب (جـ1 صـ167 - 168).
والصوم بهذا المفهوم كما قسمه علماؤنا على ثلاث مراتب:
الأولى: صوم العموم، وهو لا يعني إلا بمفهوم الصيام الظاهر الذي يمثله كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة.
والثانية: صوم الخصوص، وهو الهدف الذي نريد أن نخرج به هذا العام من صيامنا، ونسعى جاهدين أن نحققه في حياتنا ومعايشتنا مع شهر رمضان، وهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل، بل وسائر الجوارح عن الآثام.
والثالثة: صوم خصوص الخصوص، وهو صوم القلب عن الهمم الدنية والأفكار الدنيوية، وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية، وهي مرتبة الأنبياء والصديقين والمقربين.
أما ما يعنينا الآن في مدارستنا هذه فهو صوم الخصوص، وهو صوم الصالحين الذي نريد أن نجعل رمضان من خلاله هذا العام شهرًا للتغيير؛ ولنتفق على جملة أمور ليست حصرًا، ولكن بداية للتغيير المنشود ومرتبة صوم الخصوص، كما قلنا: كف للجوارح وكبح للشهوات ومجاهدة للنفس نجمل بعض ملامحها في:
1 - غض البصر عن النظر المحرم، وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم ويكره، آملين أن نخرج منه بمجتمع نظيف تسوده العفة والطهارة والرقي الأخلاقي، فغض البصر هو حجر الأساس في بناء الكيان الأخلاقي المنشود، نحفظ النظر عن كل ما يشغل القلب عن ذكر الله، ويلهي النفس عن طاعته، وهذا صوم البصر متمثلين في ذلك بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، عن حذيفة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة، فمن تركها من خوف الله أثابه جل وعز إيمانًا يجد حلاوته في قلبه" (أخرجه الحاكم في مستدركه، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)، وروى جابر عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خمس يفطرن الصائم الكذب والغيبة والنميمة واليمين الكاذبة والنظر بشهوة" (الجامع الكبير للسيوطي).
2 - حفظ اللسان عن الهذيان والكذب والغيبة والنميمة والفحش والجفاء والخصومة والمراء، بل وإلزامه بفضيلة السكوت، وشغله بذكر الله وتلاوة القرآن، وهذا صوم اللسان، وقد قال سفيان: الغيبة تفسد الصوم، رواه بشر بن الحارث عنه، وروى ليث عن مجاهد: خصلتان يفسدان الصيام الغيبة والكذب. وقال صلى الله عليه وسلم: "إنما الصوم جنة، فإذا كان أحدكم صائمًا، فلا يرفث ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمه، فليقل: إني صائم، إني صائم" (رواه البخاري ومسلم)، وجاء في الخبر (أن امرأتين صامتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجهدهما الجوع والعطش من آخر النهار؛ حتى كادتا أن تتلفا فبعثتا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذناه في الإفطار، فأرسل إليهما قدحًا، وقال صلى الله عليه وسلم: "قل لهما قيئا فيه ما أكلتما"، فقاءت إحداهما نصفه دمًا عبيطًا ولحمًا غريضًا، وقاءت الأخرى مثل ذلك حتى ملأتاه، فعجب الناس من ذلك، فقال صلى الله عليه وسلم: "هاتان صامتا عما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله تعالى عليهما، قعدت إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يغتابان الناس فهذا ما أكلتا من لحومهم".
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه؛ لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه؛ ولذلك سوَّى الله عزَّ وجلَّ بين المستمع وآكل السحت فقال تعالى: ?سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ? (المائدة: من الآية 42)، وقال عزَّ وجلَّ: ?لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ? (المائدة: من الآية 63)، فالسكوت على الغيبة حرام، وقال تعالى: ?إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ? (النساء: من الآية 140).
4 - كف بقية الجوارح عن الآثام من اليد والرجل عن المكاره، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار، فلا معنى للصوم وهو الكف عن الطعام الحلال، ثم الإفطار على الحرام، فمثال هذا الصائم مثال من يبني قصرًا ويهدم مصرًا؛ فإن الطعام الحلال إنما يضر بكثرته لا بنوعه، فالصوم لتقليله.
وتارك الاستكثار من الدواء خوفاً من ضرره إذا عدل إلى تناول السم كان سفيهًا، والحرام سم مهلك للدين، والحلال دواء ينفع قليله ويضر كثيره، وقصد الصوم تقليله، وقد روي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلاَّ الْجُوعُ" (رواه الإمام أحمد في مسنده)، فقِيل هو الذي يفطر على الحرام، وقِيل هو الذي يمسك عن الطعام الحلال ويفطر على لحوم الناس بالغيبة وهو حرام، وقِيل هو الذي لا يحفظ جوارحه عن الآثام.
5 - أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار؛ بحيث يمتلئ جوفه، فما من وعاء أبغض إلى الله عزَّ وجلَّ من بطن مليء من حلال، وكيف يُستفاد من الصوم قهر عدو الله وكسر الشهوة إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره، وربما يزيد عليه في ألوان الطعام؛ حتى استمرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر، ومعلوم أن مقصود الصوم الخواء، وكسر الهوى لتقوى النفس على التقوى، وإذا دفعت المعدة من ضحوة نهار إلى العشاء؛ حتى هاجت شهوتها وقويت رغبتها، ثم أطعمت من اللذات وأشبعت، زادت لذتها وتضاعفت قوتها، وانبعث من الشهوات ما عساها كانت راكدة لو تركت على عادتها.
فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور، ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل، وهو أن يأكل أكلته التي كان يأكلها كل ليلة لو لم يصم، فأما إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلاً فلم ينتفع بصومه، بل من الآداب أن لا يكثر النوم بالنهار؛ حتى يحس بالجوع والعطش، ويستشعر ضعف القوى، فيصفو عند ذلك قلبه ويستديم في كل ليلة قدرًا من الضعف؛ حتى يخف عليه تهجده وأوراده، فعسى الشيطان أن لا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماء.
وليلة القدر عبارة عن الليلة التي ينكشف فيها شيء من الملكوت، وهو المراد بقوله تعالى: ?إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) ? (القدر)، ومن جعل بين قلبه وبين صدره مخلاة من الطعام فهو عنه محجوب، ومن أخلى معدته فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب ما لم يخل همته عن غير الله عزَّ وجلَّ، وذلك هو الأمر كله ومبدأ جميع ذلك تقليل الطعام.
6 - أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقًا مضطربًا بين الخوف والرجاء إذ ليس يدرى أيقبل صومه فهو من المقربين أو يرد عليه فهو من الممقوتين؛ وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها فقد روى عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مر بقوم وهم يضحكون، فقال: إن الله عزَّ وجلَّ جعل شهر رمضان مضمارًا لخلقه، يستبقون فيه لطاعته، فسبق قوم ففازوا وتخلف أقوام فخابوا، فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون، أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته أي كان سرور المقبول يشغله عن اللعب وحسرة المردود تسد عليه باب الضحك، وعن الأحنف بن قيس أنه قيل له: إنك شيخ كبير، وإن الصيام يضعفك، فقال: إني أعده لسفر طويل، والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه فهذه هي المعاني الباطنة في الصوم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى هذا فمن اقتصر في صيامه على كف شهوة البطن والفرج، وترك هذه المعاني، فقد قال الفقهاء: صومه صحيح، فما معناه فاعلم أن فقهاء الظاهر يثبتون شروط الظاهر بأدلة هي أضعف من هذه الأدلة التي أوردناها في هذه الشروط الباطنة؛ لا سيما الغيبة وأمثالها ولكن ليس إلى فقهاء الظاهر من التكليفات إلا ما يتيسر على عموم الغافلين المقبلين على الدنيا الدخول تحته.
فأما علماء الآخرة فيعنون بالصحة القبول، وبالقبول الوصول إلى المقصود، ويفهمون أن المقصود من الصوم التخلق بخلق من أخلاق الله عزَّ وجلَّ وهو الصمدية والاقتداء بالملائكة في الكف عن الشهوات بحسب الإمكان، فإنهم منزهون عن الشهوات.
والإنسان رتبته فوق رتبة البهائم لقدرته بنور العقل على كسر شهوته، ودون رتبة الملائكة لاستيلاء الشهوات عليه، وكونه مبتلى بمجاهدتها، فكلما انهمك في الشهوات انحط إلى أسفل السافلين، والتحق بغمار البهائم، وكلما قمع الشهوات ارتفع إلى أعلى عليين والتحق بأفق الملائكة.
والملائكة مقربون من الله عزَّ وجلَّ، والذي يقتدي بهم ويتشبه بأخلاقهم يُقرب من الله عزَّ وجلَّ كقربهم؛ فإن الشبيه من القريب قريب وليس القريب، ثم بالمكان بل بالصفات، وإذا كان هذا سر الصوم عند أرباب الألباب وأصحاب القلوب فأي جدوى لتأخير أكلة وجمع أكلتين عند العشاء مع الانهماك في الشهوات الأخرى طوال النهار، ولو كان لمثله جدوى فأي معنى لقوله صلى الله عليه وسلم: "كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش"، ولهذا قال أبو الدرداء: (يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف لا يعيبون صوم الحمقى وسهرهم، ولذرة من ذوي يقين وتقوى أفضل وأرجح من أمثال الجبال عبادة من المغترين)؛ ولذلك قال بعض العلماء: كم من صائم مفطر وكم من مفطر صائم.
والمفطر الصائم هو الذي يحفظ جوارحه عن الآثام ويأكل ويشرب، والصائم المفطر هو الذي يجوع ويعطش ويطلق جوارحه.
ومن فهم معنى الصوم وسره علم أن مثل من كف عن الأكل والجماع وأفطر بمخالطة الآثام كمن مسح على عضو من أعضائه في الوضوء ثلاث مرات، فقد وافق في الظاهر العدد إلا أنه ترك المهم وهو الغسل، فصلاته مردودة عليه بجهله، ومثل من أفطر بالأكل وصام بجوارحه عن المكاره كمن غسل أعضاءه مرة مرة، فصلاته متقبلة إن شاء الله لإحكامه الأصل وإن ترك الفضل.
ومثل من جمع بينهما، كمن غسل كل عضو ثلاث مرات، فجمع بين الأصل والفضل وهو الكمال، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إن الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته"، (أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث ابن مسعود في حديث في الأمانة والصوم، وإسناده حسن).
ولما تلا قوله عزَّ وجلَّ ?إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا? (النساء: من الآية 58) وضع يده على سمعه وبصره، فقال: "السمع أمانة والبصر أمانة"، (أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة دون قوله: "السمع أمانة")، ولولا أنه من أمانات الصوم، لما قال صلى الله عليه وسلم "فليقل إني صائم" أي إني أودعت لساني لأحفظه، فكيف أطلقه بجوابك فإذن قد ظهر أن لكل عبادة ظاهرًا وباطنًا وقشرًا ولبًّا، ولقشرها درجات ولكل درجة طبقات، فإليك الخيرة الآن في أن تقنع بالقشر عن اللباب، أو تتحيز إلى غمار أرباب الألباب. (إحياء علوم الدين للإمام أبي حامد الغزالي جـ1صـ235 بتصرف).
والآن فالأمر إلينا وبين أيدينا وقد أقبل رمضان فإما أن يُغيرنا رمضان فيأتي شفيعًا لنا بين يدي الله، وإما والعياذ بالله أن نُغير ونُبدل وننقض العهد مع رمضان فيأتي خصمًا لنا يوم القيامة.
وبعد فلا أجد ما أختم به حديثي عن التغيير المنشود في شهر رمضان أبلغ ولا أعظم ولا أجمع من كلام الإمام ابن القيم الذي يعرض فيه فلسفته للصوم فيقول رحمه الله: (الْمَقْصُودُ مِنْ الصّيَامِ وَفَوَائِدِهِ؛ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الصّيَامِ حَبْسَ النّفْسِ عَنْ الشّهَوَاتِ وَفِطَامَهَا عَنْ الْمَأْلُوفَاتِ، وَتَعْدِيلَ قُوّتِهَا الشّهْوَانِيّةِ لِتَسْتَعِدّ لِطَلَبِ مَا فِيهِ غَايَةُ سَعَادَتِهَا وَنَعِيمِهَا وَقَبُولِ مَا تَزْكُو بِهِ مِمّا فِيهِ حَيَاتُهَا الْأَبَدِيّةُ، وَيَكْسِرُ الْجُوعُ وَالظّمَأُ مِنْ حِدّتِهَا وَسَوْرَتِهَا وَيُذَكّرُهَا بِحَالِ الْأَكْبَادِ الْجَائِعَةِ مِنْ الْمَسَاكِينِ، وَتُضَيّقُ
(يُتْبَعُ)
(/)
مَجَارِي الشّيْطَانِ مِنْ الْعَبْدِ بِتَضْيِيقِ مَجَارِي الطّعَامِ وَالشّرَابِ، وَتَحْبِسُ قُوَى الْأَعْضَاءِ عَنْ اسْتِرْسَالِهَا لِحُكْمِ الطّبِيعَةِ فِيمَا يَضُرّهَا فِي مَعَاشِهَا وَمَعَادِهَا، وَيُسَكّنُ كُلّ عُضْوٍ مِنْهَا وَكُلّ قُوّةٍ عَنْ جِمَاحِهِ، وَتُلْجَمُ بِلِجَامِهِ فَهُوَ لِجَامُ الْمُتّقِينَ وَجُنّةُ الْمُحَارِبِينَ وَرِيَاضَةُ الْأَبْرَارِ وَالْمُقَرّبِينَ وَهُوَ لِرَبّ الْعَالَمِينَ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ؛ فَإِنّ الصّائِمَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا وَإِنّمَا يَتْرُكُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ، فَهُوَ تَرْكُ مَحْبُوبَاتِ النّفْسِ وَتَلَذّذَاتِهَا؛ إيثَارًا لِمَحَبّةِ اللّهِ وَمَرْضَاتِهِ وَهُوَ سِرّ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبّهِ لَا يَطّلِعُ عَلَيْهِ سِوَاهُ، وَالْعِبَادُ قَدْ يَطّلِعُونَ مِنْهُ عَلَى تَرْكِ الْمُفْطِرَاتِ الظّاهِرَةِ، وَأَمّا كَوْنُهُ تَرْكَ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَشَهْوَتِهِ مِنْ أَجْلِ مَعْبُودِهِ؛ فَهُوَ أَمْرٌ لَا يَطّلِعُ عَلَيْهِ بَشَرٌ وَذَلِكَ حَقِيقَةُ الصّوْمِ، وللصومِ تَأثِيرٌ عجيبٌ فِي حِفْظِ الْجَوارحِ الظاهرةِ والقُوَى البَاطِنة وحميَّتها عَن التَّخلِيط الْجَالبِ لها المَوَاد الفَاسِدة التي إِذَا اسْتَولَت عَليْها أفسَدتْهَا، واسْتِفَراغُ الموادِّ الرَّديئةِ المَانِعَةِ لَها مِنْ صحتها، فالصَّومُ يَحْفَظُ عَلَى الْقَلبِ والْجَوَارِحِ صِحْتِهَا، ويُعِيدُ إِلَيْهَا مَا اسْتَلَبَته مِنْهَا أَيْدِي الشّهَوَاتِ فَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الْعَوْنِ عَلَى التّقْوَى كَمَا قَالَ تَعَالَى: ?يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلّكُمْ تَتّقُونَ (185) ? (الْبَقَرَةُ)، وَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: "الصّوْمُ جُنّةٌ"، وَأَمَرَ مَنْ اشْتَدّتْ عَلَيْهِ شَهْوَةُ النّكَاحِ وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَيْهِ بِالصّيَامِ وَجَعَلَهُ وِجَاءَ هَذِهِ الشّهْوَةِ، وَالْمَقْصُودُ أَنّ مَصَالِحَ الصّوْمِ لَمّا كَانَتْ مَشْهُودَةً بِالْعُقُولِ السّلِيمَةِ وَالْفِطَرِ الْمُسْتَقِيمَةِ شَرَعَهُ اللّهُ لِعِبَادِهِ؛ رَحْمَةً بِهِمْ وَإِحْسَانًا إلَيْهِمْ وَحِمْيَةً لَهُمْ وَجُنّةً، وَكَانَ هَدْيُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيهِ أَكْمَلَ الْهَدْيِ وَأَعْظَمَ تَحْصِيلٍ لِلْمَقْصُودِ وَأَسْهَلَهُ عَلَى النّفُوسِ، كَانَ فَطْمُ النّفُوسِ عَنْ مَأْلُوفَاتِهَا وَشَهَوَاتِهَا مِنْ أَشَقّ الْأُمُورِ وَأَصْعَبِهَا تَأَخّرَ فَرْضُهُ إلَى وَسَطِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ لَمّا تَوَطّنَتْ النّفُوسُ عَلَى التّوْحِيدِ وَالصّلَاةِ وَأَلِفَتْ أَوَامِرَ الْقُرْآنِ فَنُقِلَتْ إلَيْهِ بِالتّدْرِيجِ.
(زاد المعاد في هدي خير العباد للإمام بن القيم جـ 2 صـ26 - 29).
نسأل الله العظيم بأسمائه الحسنى وكلماته العلى كما بلغنا رمضان، أن يرزقنا فيه نية صادقةً وقلوبا خالصة وأعمالاً صالحة تدل على صدق هذه النية وإخلاص تلك القلوب، كل عام وأنتم بخير، وتقبل الله منا ومنكم(/)
معالم الرحمة في آيات الصيام
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[22 Aug 2009, 02:59 م]ـ
معالم الرحمة في آيات الصيام
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ?، وبعد:
لقد كان من نعم الله على العبد الفقير استلماح بعض جوانب الرحمة في آيات الصيام، فقد استمعت إلى قارئ يقرؤها في الصلاة وتتبعت حينها معالم الرحمة في تلك الآيات فظهر لي كثرتها وغزارتها في تلك الآيات المعدودات، وأحببت عرض ما فهمت على إخواني وأساتذتي طمعا في نصحهم وتوجيههم، وقد جعلت هذه الكلمات مقدمة للموضوع.
مقدمة
في خضم هذا العصر الذي طغت فيه الماديات، وكثرت فيه الملهيات، وتنوعت فيه المغريات، وفسدت الأخلاق، وغيبت كثير من القيم، ونسفت كثير من المبادئ، وعمت الفوضى كثيرا من البيوت والطرقات، ودب النزاع والشقاق بين الكثيرين، وغلبت الأنانية والأثرة على كثير من الأشخاص، وعمت القسوة والجمود كثيرا من مظاهر الحياة، وتعلقت فيه القلوب بالدنيا، وانصرفت عن ذكر الآخرة = يتلفت الجميع يمنة ويسرة للبحث عن شيء يرفع عنهم العناء، ويزيل الشقاء، ويعيد للحياة جوهرها وبريقها، وللروح سعادتها وأمنها، وللقلوب نداها واطمئنانها، وللمجتمعات أمنها واستقرارها، وللأمة مجدها وعزها، وهو بين أيديهم لو كانوا يعقلون.
إنه ............
إنه السر الذي رحم الله به عباده
إنه النور الذي ينير دروب الحياة
إنه الروح التي تبعث اليقظة في نفوس الأمم
إنه الشفاء الناجع لكل أمراضنا.
إنه كلام الله وكفى
وليت شعري متى تشتاق القلوب وتتلهف الأرواح وتهفو النفوس إلى القرآن إن لم تتلهف في رمضان؟!
ومتى تستشعر حلاوته وتذوق طعومه إن لم تذقها في رمضان؟!
ومتى تتعرض لرحماته وتستمطر بركاته إن لم تتعرض لها في رمضان؟!
ومتى يداوي القرآن قلوبا مكلومة، ونفوسا عن طاعة الله محجوبة إن لم يداوها في رمضان؟!
متى نأنس وننتشي ونفرح ونحتفي بالقرآن إن لم نأنس به في رمضان؟!
إذا لم يحصل الاستلذاذ في وقت كثرة الدواعي إليه كان تحصيله في وقت قلتها أشق.
وإذا لم تقطف الثمار في وقت قطافها خسر صاحبها أعظم الخسران.
فهيا بنا لنعيش في رحاب آيات الصيام، نتنقل بين رياضها، و نستروح تحت ظلالها، نتلمس نسمات من رحمات الله بنا في تلك الآيات، عسى أن تنالنا من رحماتها رحمة، ومن أنوارها قبسة تسنير بها حياتنا، وتطمئن بضوئها قلوبنا، وترتقي بأشعتها نفوسنا، لكن شرط الاسترحام بتلك الرحمات وتلمس جوانبها شوق القلوب التي أحرقها لهيب القسوة إلى برد رحماتها، وتلهف الأرواح التي غشيها ظلام الغفلة إلى قبسات أنوارها، وحنين الصدور التي خنقتها الذنوب إلى استنشاق نسماتها، وهفوان النفوس التي أجهدتها حرارة المعاصي إلى الاستظلال بظلالها.
وإنه لحري بقلوب اشتاقت، وأرواح تلهفت، وصدور حنَّت، ونفوس هفت أن يجري في عروقها ماء التدبر والتذكر، فيُنْبِتَ في أراضيها نبتة التيقظ لاستلماح تلك الرحمات، ويورق في جوانبها أوراق التنبه لاستبصار تلك البركات، فإذا بها تقطف من ثمارها ما لا يحيط به العد، وتتذوق من جمال طعومها ما لا يحيط به الوصف.
إن استشعار عظمة هذا الكتاب، وعظمة منزله وشوق القلوب إليه، وتلهف الأرواح عليه هو السبيل لنيل بركات الكتاب، وانفتاح خزائن الرحمة على قلب المتدبر ونفسه وروحه، ولا سبيل لفهم الكتاب وتذوق طعومه والإحساس بحلاوة آياته من غير هذا المدخل، فمن لا يستشعر قيمة اللؤلوة يلقيها وهي بين يديه، ومن لا يحتاج للماء لا يقبل عليه.
فإذا آنست يا صاحبي من قلبك استشعارا، ومن نفسك تلهفا واشتياقا، فهيا ننيخ المطايا بباب آيات الصيام، فنسلط نظر القلب إليها نستنشق عبيرها الصافي، وأريجها الزاكي، نتلمس بركتها، ونتدارس حول معالم الرحمة فيها، عسى أن تصيبنا من رحماتها رحمة يزول بها كدرنا، وينمحي بها شقاؤنا، وتندفع بها قسوة قلوبنا، وتتقوى بها نفوسنا على مواجهة الشدائد في زمن الشدائد.
والله المستعان وعليه التكلان.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[23 Aug 2009, 02:36 م]ـ
بارك الله فيك أخانا الكريم على هذه المبادرة الطيبة إلى تلمس مظاهر الرحمة في آيات الصيام وأقول:
أولاً: آيات الصيام من القرآن الكريم والقرآن قد وصفه من أنزله بقوله:
(يُتْبَعُ)
(/)
(وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأعراف: 52)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) (يونس: 57)
(وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النحل: 64)
( ... وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل من الآية: 89)
(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً) (الإسراء: 82)
(وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) (النمل: 77)
ثانياً: إن الله تعالى قد استهل هذه الآيات بقوله:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: 183)
وهذه الآية اشتملت على وصفين من تحققا فيه فقد غشيته الرحمة من كل جوانبه ولنقرأ قول الله تعالى:
(أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ *الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ *لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (يونس:62 - 64)
ثالثاً: يقول تبارك وتعالى في أثناء آيات الصيام:
(يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)
والقلم يعجز أن يسطر ما تثيره في صدري هذه الكلمات التي كلما قرأتها وأنا في هم أو كرب إلا وصغرت في عيني هموم وكروب الدنيا كلها.
هذا ما تيسرمشاركة من صاحب بضاعة مجزاة وسأل الله تعالى أن يغفر الذنوب ويستر العيوب ويقيل العثرات ويرفع الدرجات لي ولكم ولسائر المسلمين.(/)
لمحات من علم اللغة الإجتماعي عند ابن عطية الأندلسي
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[24 Aug 2009, 02:21 ص]ـ
ربما سمع بعضنا بعلم اللغة الاجتماعي sociolinguistics وقد مارس ابن عطية رحمه الله في مقدمة المحرر الوجيز تطبيقاً عملياً في مناقشة شيء من مباحث هذا العلم فقد تطرق لما يسمى بـ ( mutual intelligibility) أو مقدار التفاهم بين أرباب اللغتين وتوصف اللغتان بأنهما ذواتا تفاهم تبادلي إذا كان أرباب كل منهما يفهم مراد الآخر رغم وجود الاختلافات الكبيرة وقد يؤول الأمر إلى انعدام التفاهم ( mutually unintelligible) .
وتطرق ابن عطية لموضوع الـ ( isogloss) وهي قضية الحدود الجغرافية اللغوية الفاصلة بين مناطق اللغات وأثرالمجاورة في تغيير خصائص اللغات، كل هذا - للمهتمين - موجود في الصفحات 31 - 33، من طبعة وزارة الأوقاف القطرية.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jun 2010, 12:47 ص]ـ
ما هي الكتب العربية الجيدة التي ناقشت علم اللغة الاجتماعي يا أبا ضياء لعلنا نقرؤها ونفيد منها.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[03 Nov 2010, 09:05 م]ـ
السلام عليكم أخي العزيز عبدالرحمن، والحمد لله الذي أتاح لي فرصة المشاركة بعد انقطاع، نعم يوجد كتاب "علم اللغة الإجتماعي"، تأليف / د. هدسون، وترجمة الدكتور / محمود عياد، من إصدار عالم الكتب. وهو من المراجع الجيدة بعد اطلاعي على مضمونه واسلوبه.(/)
نظرات في سورة الكهف
ـ[ Amara] ــــــــ[24 Aug 2009, 03:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
اخوتي الافاضل السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
يقول الله تعالى:
... سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا ...
و السؤال هنا:
1 - لماذا ذكر الله تعالى تخاصم الناس في ذكر عددهم؟ و ما أهمية أن يعلم عددهم؟
2 - هل الرجم بالغيب يشمل كل الأعداد المذكورة أم هو خاص بما قبلها أم بما بعدها؟
3 - لماذا ذكر أقوالهم دون سرد براهينهم على ذلك؟ أم ان جميع اقوالهم كانت بلا براهين؟
4 - لماذا ذكر الكلب في العد فقال تعالى: رابعهم كلبهم ... ؟
5 - لماذا الحديث عن عدتهم أصلا؟
يغفر الله لي و لكم(/)
ما الفرق بين شهد و علم في القرآن؟
ـ[ Amara] ــــــــ[24 Aug 2009, 03:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على محمد و سلم تسليما
يقول الله تعالى:
إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ...
لماذا قال يعلم أنك لرسوله و لم يقل يشهد ... و لماذا قال يشهد إن المنافقين لكاذبون و لم يقل يعلم؟
و لماذا لم يقل يعلم في الإثنين؟ أو يشهد في الإثنين؟
و لماذا لم يقل علم في الثلاثة أو شهد في الثلاثة؟
يغفر الله لي و لكم
ـ[يسعد صباحك]ــــــــ[01 Sep 2009, 02:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا بك أخي الحبيب وحياك الله ,,
إليك هذا التفسير عسى أن يبيّن لك الفرق بين الكلمتين ويكون واضحا لك بمشية الله ,,
قوله تعالى: {قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} قيل: معنى " نَشْهَدُ " نحلف. فعبر عن الحلف بالشهادة؛ لأن كل واحد من الحلف والشهادة إثبات لأمر مغيب؛ ومنه قول قيس بن ذريح.
وأشهد عند الله أني أحبها ... فهذا لها عندي فما عندها ليا
ويحتمل أن يكون ذلك محمولا على ظاهره أنهم يشهدون أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم اعترافا بالإيمان ونفيا للنفاق عن أنفسهم، وهو الأشبه. {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} كما قالوه بألسنتهم. {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} أي فيما أظهروا من شهادتهم وحلفهم بألسنتهم. وقال الفراء: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} بضمائرهم، فالتكذيب راجع إلى الضمائر. وهذا يدل على أن الإيمان تصديق القلب، وعلى أن الكلام الحقيقي كلام القلب. ومن قال شيئا واعتقد خلافه فهو كاذب. وقد مضى هذا المعنى في أول "البقرة" مستوفى وقيل: أكذبهم الله في أيمانهم وهو قوله تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ}
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[01 Sep 2009, 03:40 م]ـ
ذكر ابن القيم في مدارج السالكين وابن أبي العز في شرح الطحاوية معاني (شهد) في القرآن , فانظرها.(/)
بدع التفاسير عند الزمخشري رحمه الله
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[24 Aug 2009, 01:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
وبعد
فقد مر بي أثناء قراءتي في بعض كتب التفاسير تكرار عبارة (بدع التفاسير) نقلا عن الزمخشري فأحببت جمعها للفائدة وللإخوة الأعضاء التعليق إن أرادوا ذلك ...
1 - (وابتغوا ما كتب الله لكم)
واطلبوا ما قسم الله لكم وأثبت في اللوح من الولد بالمباشرة أي لا تباشروا لقضاء الشهوة وحدها ولكن لابتغاء ما وضع الله له النكاح من التناسل
وقيل هو نهى عن العزل لأنه في الحرائر
وقيل وابتغوا المحل الذي كتبه الله لكم وحلله دون ما لم يكتب لكم من المحل المحرم وعن قتادة وابتغوا ما كتب الله لكم من الإباحة بعد الحظر وقرأ ابن عباس واتبعوا وقرأ الأعمش وأتوا وقيل معناه واطلبوا ليلة القدر وما كتب الله لكم من الثواب إن أصبتموها وقمتموها وهو قريب من بدع التفاسير الكشاف ج1/ص257
2 - (وهم ألوف)
فيه دليل على الألوف الكثيرة
واختلف في ذلك فقيل عشرة وقيل ثلاثون وقيل سبعون ومن بدع التفاسير
ألوف متآلفون جمع آلف كقاعد وقعود الكشاف ج1/ص318
3 - (فتذكر إحداهما الأخرى)
ومن بدع التفاسير فتذكر فتجعل احداهما الأخرى ذكرا يعني انهما اذا اجتمعتا كانتا بمنزلة الذكر الكشاف ج1/ص353
4 - (قالت رب أنى يكون لي ولد)
ومن بدع التفاسير ان قولها رب نداء لجبريل عليه السلام بمعنى يا سيدي الكشاف ج1/ص391
5 - (وكلم الله موسى)
وعن إبراهيم ويحيى بن وثاب أنهما قرآ (وكلم اللهَ)
بالنصب ومن بدع التفاسير انه من الكلم وان معناه وجرح الله موسى بأظفار المحن ومخالب الفتن الكشاف ج1/ص624
6 - (فَوَقَعَ الْحَقّ)
فحصل وثبت ومن بدع التفاسير فوقع قلوبهم أي فأثر فيها من قولهم قاس وقيع الكشاف ج2/ص133
7 - (ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)
ومن بدع التفاسير أن قوله إِن شَاء اللَّهُ من باب التقديم والتأخير وأن موضعها ما بعد قوله سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّى يوسف 98 في كلام يعقوب الكشاف ج2/ص478
8 - (يوم ندعو كل أناس بإمامهم)
بِإِمَامِهِمْ بمن ائتموا به من نبيّ أو مقدّم في الدين أو كتاب أو دين فيقال يا أتباع فلان يا أهل دين كذا وكتاب كذا وقيل بكتاب أعمالهم فيقال يا أصحاب كتاب الخير ويا أصحاب كتاب الشرّ وفي قراءة الحسن بكتابهم ومن بدع التفاسير أن الإمام جمع أمّ وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم وأن الحكمة في الدعاء بالأمهات دون الاباء رعاية حق عيسى عليه السلام وإظهار شرف الحسن والحسين وأن لا يفتضح أولاد الزنا وليت شعري أيهما أبدع أصحة لفظه أم بهاء حكمته الكشاف ج2/ص637
9 - (مجمع البحرين)
ومجمع البحرين المكان الذي وعد فيه موسى لقاء الخضر عليهما السلام وهو ملتقى بحري فارس والروم مما يلي المشرق وقيل طنجة وقيل أفريقية ومن بدع التفاسير أن البحرين موسى والخضر لأنهما كانا بحرين في العلم الكشاف ج2/ص683
10 - (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لإِبْراهِيمَ إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)
ومن بدع التفاسير تفسير بعضهم السليم باللديغ من خشية الله وقول آخر هو الذي سلم وسلم وأسلم وسالم واستسلم الكشاف ج3/ص326
11 - (من الرهب)
ومن بدع التفاسير أنّ الرهب الكم بلغة حمير وأنهم يقولون أعطني مما في رهبك وليت شعري كيف صحته في اللغة وهل سمع من الأثبات الثقات الذين ترتضي عربيتهم ثم ليت شعري كيف موقعه في الآية وكيف تطبيقه المفصل كسائر كلمات التنزيل على أن موسى عليه السلام ما كان علية ليلة المناجاة إلا زرمانقة من صوف لا كمي لها الكشاف ج3/ص413
12 - (وأرضا لم تتطؤوها)
عن الحسن رضي الله عنه فارس والروم وعن قتادة رضي الله عنه كنا نحدث أنها مكة وعن مقاتل رضي الله عنه هي خيبر وعن عكرمة كل أرض تفتح إلى يوم القيامة ومن بدع التفاسير أنه أراد نساءهم الكشاف ج3/ص542
13 - (حتى توارت بالحجاب)
توارت بحجاب الليل يعني الظلام ومن بدع التفاسير أن الحجاب جبل دون قاف بمسيرة سنة تغرب الشمس من ورائه الكشاف ج4/ص94
14 - (وجعلوا له من عباده جزءا)
أن قالوا الملائكة بنات الله فجعلوهم جزءاً له وبعضاً منه كما يكون الولد بضعة من والده وجزءاً له ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث وادعاء أنّ الجزء في لغة العرب اسم للإناث وما هو إلا كذب على العرب ووضع مستحدث منحول ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه أجزأت المرأة ثم صنعوا بيتاً وبيتاً إنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ يَوْماً فَلاَ عَجَب
زُوِّجْتُهَا مِنْ بَنَاتِ الأَوْسِ مُجْزِئَةً
الكشاف ج4/ص245
15 - (وأحصنت فرجها)
ومن بدع التفاسير أنّ الفرج هو جيب الدرع الكشاف ج4/ص577
16 - (لو كنا نسمع أو نعقل)
ومن بدع التفاسير أنّ المراد لو كنا على مذهب أصحاب الحديث أو على مذهب أصحاب الرأي كأنّ هذه الآية نزلت بعد ظهور هذين المذهبين وكأن سائر أصحاب المذاهب والمجتهدين قد أنزل الله وعيدهم وكأن من كان من هؤلاء فهو من الناجين لا محالة وعدّة المبشرين من الصحابة عشرة لم يضم إليهم حادي عشر وكأن من يجوز على الصراط أكثرهم لم يسمعوا باسم هذين الفريقين الكشاف ج4/ص583
17 - (نذيرا للبشر)
نَذِيراً تمييز من إحدى على معنى إنها لإحدى الدواهي إنذاراً كما تقول هي إحدى النساء عفافاً وقيل هي حال وقيل هو متصل بأوّل السورة يعني قم نذيراً وهو من بدع التفاسير الكشاف ج4/ص655
18 - (ألم يجدك يتيما)
أَلَمْ يَجِدْكَ من الوجود الذي بمعنى العلم والمنصوبان مفعولاً وجد والمعنى ألم تكن يتيماً وذلك أنّ أباه مات وهو جنين قد أتت عليه ستة أشهر وماتت أمّه وهو ابن ثمان سنين فكفله عمه أبو طالب وعطفه الله عليه فأحسن تربيته ومن بدع التفاسير أنه من قولهم درّة يتيمة وأن المعنى ألم يجدك واحداً في قريش عديم النظير فآواك الكشاف ج4/ص772
19 - (وآمنهم من خوف)
ومن بدع التفاسير وآمنهم من خوف من أن تكون الخلافة في غيرهم الكشاف ج4/ص808
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عدنان أجانة]ــــــــ[24 Aug 2009, 08:52 م]ـ
شكرا لكم على الإفادة.
وقال صاحب الكشاف أيضا:
ومن البدع: ما روى عن بعض الرافضة أنه قرأ: «فانصب» بكسر الصاد، أي: فانصب علياً للإمامة؛ ولو صحّ هذا للرافضي لصحّ للناصبي أن يقرأ هكذا، ويجعله أمراً بالنصب الذي هو بغض عليّ وعداوته. اهـ
وهذه العبارة عهدي بها أن الزمخشري هو أبو بجدتها. وهي عبارة يستعملها الزمخشري في وصف التفسير المبتدع الخارج عن القواعد المعتبرة، وتقع عنده في مقابل التفسير الصحيح.
وقد نقل الطاهر ابن عاشور رحمه الله في المقدمة الثالثة عن شرف الدين الطيبي في شرح الكشاف في سورة الشعراء أنه قال: شرط التفسير الصحيح أن يكون، مطابقا للفظ من حيث الاستعمال، سليما من التكلف عريا من التعسف، وصاحب الكشاف يسمي ما كان على خلاف ذلك بدع التفاسير. اهـ
وعند النظر فيما أورده صاحب الكشاف رحمه الله يبدو أنه استعمل هذا الوصف في التفاسير التالية:
1/ التفسير الذي يخالف السياق
كما في المثال الأول مثلا.
2/ التفسير الذي جرى على خلاف معهود لغة القرآن
كما في المثال الخامس والتاسع والعاشر
3/ التفسير الذي يخالف النظم والتركيب
كما في المثال السابع
4/ التفسير الذي يخالف الصرف
كما في المثال الثامن
5/ التفسير بما لا عهد للعرب به.
كما في المثال الرابع عشر
6/ التفسير الذي يحمل على المعاني الحادثة بعد عصر التنزيل
كما في المثال السادس عشر
وقد صنف في هذا الموضوع بخصوصه من المتأخرين الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري،
وفي الرابط التالي: الحديث عن الكتاب والقواعد المستفادة منه.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=11159
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[25 Aug 2009, 01:04 ص]ـ
شكرا لكم على الإفادة.
وقال صاحب الكشاف أيضا:
ومن البدع: ما روى عن بعض الرافضة أنه قرأ: «فانصب» بكسر الصاد، أي: فانصب علياً للإمامة؛ ولو صحّ هذا للرافضي لصحّ للناصبي أن يقرأ هكذا، ويجعله أمراً بالنصب الذي هو بغض عليّ وعداوته. اهـ
وهذه العبارة عهدي بها أن الزمخشري هو أبو بجدتها. وهي عبارة يستعملها الزمخشري في وصف التفسير المبتدع الخارج عن القواعد المعتبرة، وتقع عنده في مقابل التفسير الصحيح.
وقد نقل الطاهر ابن عاشور رحمه الله في المقدمة الثالثة عن شرف الدين الطيبي في شرح الكشاف في سورة الشعراء أنه قال: شرط التفسير الصحيح أن يكون، مطابقا للفظ من حيث الاستعمال، سليما من التكلف عريا من التعسف، وصاحب الكشاف يسمي ما كان على خلاف ذلك بدع التفاسير. اهـ
وعند النظر فيما أورده صاحب الكشاف رحمه الله يبدو أنه استعمل هذا الوصف في التفاسير التالية:
1/ التفسير الذي يخالف السياق
كما في المثال الأول مثلا.
2/ التفسير الذي جرى على خلاف معهود لغة القرآن
كما في المثال الخامس والتاسع والعاشر
3/ التفسير الذي يخالف النظم والتركيب
كما في المثال السابع
4/ التفسير الذي يخالف الصرف
كما في المثال الثامن
5/ التفسير بما لا عهد للعرب به.
كما في المثال الرابع عشر
6/ التفسير الذي يحمل على المعاني الحادثة بعد عصر التنزيل
كما في المثال السادس عشر
وقد صنف في هذا الموضوع بخصوصه من المتأخرين الشيخ عبد الله بن الصديق الغماري،
وفي الرابط التالي: الحديث عن الكتاب والقواعد المستفادة منه.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=11159
جزاك الله خيرا على هذه الدرر والفوائد القيمة(/)
سؤال عن التكبير عند قراءة القرآن
ـ[ Amara] ــــــــ[24 Aug 2009, 08:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
لاحظت في بعض التلاوات المجودة أن المقرئ يعتمد التكبير عند بداية الآية و جملة التوحيد عند نهايتها ..
فما حكم ذلك؟
و هل يصح للقارئ فعل ذلك؟
مع الإشارة أن حسن الصوت بها يكون من دواعي جذب الإنسان إلى سماع القرآن
يغفر الله لي و لكم(/)
نتيجة مسابقة مركز تفسير (أفكار ومشروعات في خدمة القرآن الكريم)
ـ[مركز تفسير]ــــــــ[25 Aug 2009, 01:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بفضل الله وتوفيقه أنهت اللجنة العلمية المشرفة على مسابقة مركز تفسير للدراسات القرآنية ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=16761) بعنوان:
أفكار ومشروعات في خدمة القرآن الكريم
عملها في اختيار الفائزين في المسابقة، اليوم الإثنين 3 رمضان 1430هـ.
وكانت النتيجة النهائية على النحو التالي:
الفرع الأول: أفكار إعلامية.
الجائزة الأولى: د. إبراهيم بن صالح الحميضي. عن فكرته (مجموعة تفسير الإعلامية).
الجائزة الثانية: محجوب
الفرع الثاني: أفكار للأسرة. محجوب
الفرع الثالث: أفكار للمساجد. (محجوب)
الفرع الرابع:أفكار عامة.
الجائزة الأولى: محمد بن يوسف الزهري علي عن فكرته (مُصْحَفُ التَّدَبُّرِ والتَّربيَةِ، لعُمُومِ المُسْلِمِينَ)
الجائزة الثانية: مزهر بن أحمد الزهراني عن فكرته (التفسير الصوتي للقرآن باللغة الإنجليزية).
وسوف تسلم الجوائز للفائزين مساء غد الثلاثاء ضمن فعاليات اللقاء الثالث لمركز تفسير للدراسات القرآنية بمركز البابطين بشمال الرياض. المعلن عنه في موضوع
اللقاء الثالث لمركز تفسير بالرياض (أفكار وبرامج لخدمة القرآن الكريم) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=16914)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Aug 2009, 01:48 ص]ـ
أبارك للزملاء الفائزين وفقهم الله، وأرجو أن تتاح لهم فرصة حضور اللقاء غداً لاستلام جوائزهم، أو سوف نتواصل معهم لتوصيل الجوائز لهم بإذن الله.
ـ[عبدالملك سرور]ــــــــ[25 Aug 2009, 01:52 ص]ـ
أبارك للفائزين، وأتمنى لهم التوفيق
4/ 9/1430هـ
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[25 Aug 2009, 02:06 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الله ..
مبارك للفائزين، وأسأل الله أن يبارك في أفكارهم، وينفع بها ..
وجزى الله خيرا كل من قام على هذه المسابقة.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[25 Aug 2009, 02:09 ص]ـ
مبارك للفائزين ووفقكم الله في مركز تفسير لخدمة كتابه الكريم
ـ[المنصور]ــــــــ[25 Aug 2009, 02:13 ص]ـ
ماشاء الله
الحمد لله
وفق الله جميع العاملين
ـ[أم البررة]ــــــــ[27 Aug 2009, 06:15 ص]ـ
لو وُضعت نبذة تعريفيّة عن كل فكرة، أخص الأولى منها(/)
حول تحقيق معاني الزجاج
ـ[البسام]ــــــــ[25 Aug 2009, 05:32 م]ـ
هل هناك دراسات نقدية لتحقيق معاني القرآن وإعرابه للزجاج.
ـ[البسام]ــــــــ[27 Aug 2009, 01:51 م]ـ
هل من كريم خَلَّة يفيدنا؟(/)
اتحاف الأقران بنظم علوم القرآن
ـ[الإسحاقي]ــــــــ[26 Aug 2009, 06:29 ص]ـ
أعتذر لكم فقد انقطع النفس في آخرها وكنت أنتظر مدة طويلة حتى يعاودني النشاط لاستكمل ما نقص وأواصل المسير ولكن دون جدوى فأخرجتها هكذا بدلا من أن تبقى حبيسة عندي وما لا يدرك كله لا يترك جله ولعل أحدهم تنشط نفسه للإكمال والله المستعان وفق الله الجميع
ـ[السراج]ــــــــ[26 Aug 2009, 06:59 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء، وبارك الله فيك وفي علمك وفي نظمك، وجعل ما نظمته في ميزان حسناتك، فهو بحق نظم شامل وسلس وجامع لشتات ومبادئ علوم القرآن بصورة إجمالية مختصرة بُغيةَ حفظه وسهولة استظهاره ...
وهي خطوة جميلة مباركة لإحياء نظم العلم .. الذي انحسر واضمحل في هذا الزمان -ولاحول ولا قوة إلا بالله- ..
نسأل الله تعالى أن يكتب لهذه المنظومة القبول والاستحسان عند أهل العلم وطالبيه، وأن ينفع بها المسلمين، وأن ينفعنا جميعاً بالقرآن العظيم ويجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يجعلها ذخراً لنا {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ}، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[26 Aug 2009, 01:59 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم الإسحاقي ...
بارك الله بك فيما أجدت، وفتح الله عليك ...(/)
نص لابن مجاهد يزيل إشكالاً يسيراً
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[26 Aug 2009, 11:52 م]ـ
أذكر أني وقفت قبل زمن على تساؤل للعلامة غانم قدوري الحمد عن ما يمكن أن تكون عليه ماهية بعض الأصوات عند الأقدمين، وتفاصيل الصوت الشكلية من مباحث علم اللسانيات وتعرف بـ "كونتور" أو contour ، فمثلاً روي أن بعض الأصوات عند بعض القراء القدماء كانت تنطق بين حرفين، كما يروى أن حمزة قرأ "الصراط" بصوت بين "الصاد" و "والزاي"، ولكن تبين لي من خلال كلام الإمام ابن مجاهد أنه لا حاجة للقلق بشأن هذه الجزئية، لأنه يفهم من نصه الآتي أن هذا ليس جارياً حتى على عادة نطقنا اليوم، بمعنى أن تعارفهم على الصيغة الصوتية في حينهم هو هو ما بين أيدينا اليوم، يقول أبو بكر ابن مجاهد معلقاً على قراءة حمزة أعلاه:"وهذه القراءة تكلف حرف بين حرفين، وذلك أصعب على اللسان، وليس بحرف يبنى عليه الكلام، ولا هو من حروف المعجم، ولست أدفع أنه من كلام فصحاء العرب، إلا أن الصاد أفصح وأوسع" أ. هـ.
وهذا النص من ابن مجاهد يبعث على الاطمئنان أن ما نقرأ به اليوم امتداد لما قُريء به في الصدر الأول، وهذا شاهد عملي للفظة "قرآن"، والتي من معانيها التلاوة فالقرآن نقل إلينا بالتلاوة، ومنه قول حسان:
ضحوا بأشمط عنوان السجود به = = يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
أي تلاوة.
ـ[ Amara] ــــــــ[31 Aug 2009, 01:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
أما بعد، أخي الفاضل عبد الله جزاك الله خيرا على ما تكلمت به
يقول أبو بكر ابن مجاهد معلقاً على قراءة حمزة أعلاه:"وهذه القراءة تكلف حرف بين حرفين، وذلك أصعب على اللسان، وليس بحرف يبنى عليه الكلام، ولا هو من حروف المعجم، ولست أدفع أنه من كلام فصحاء العرب، إلا أن الصاد أفصح وأوسع" أ. هـ.
.
أفهم من كلام بن مجاهد أن قراءة حمزة بالحرف بين الحرفين هي أيضا من كلام فصحاء العرب .. فإن كان يفهم أن نطق الصاد أوسع لسهولتها و ميل الناس إليها حسب ما أرى فما معنى أن تكون الصاد أفصح؟
و ما معيار قياس الفصاحة في كلام العرب؟
و هل في لغة القرآن ما هو أفصح من الآخر؟
و هل اختير اللفظ بالصاد عند قارئ لأجل كونها أفصح؟
و كيف نفسر اختيار حمزة النطق بحرف بين الحرفين؟
و فقني و وفقكم الله
يغفر الله لي و لكم
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[01 Sep 2009, 02:48 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
من أقوى الضوابط في تحديد الفصحى هو النزوع إلى لغة قريش كما أمر بذلك عثمان كتبة الوحي عند اختلافهم فيما يكتبون. والجمهور على أن لغة قريش هي الأفصح وتعليلهم أن القرآن أكثر ما نزل نزل بها، والصاد على قراءة حفص عن عاصم عن أبي عبدالرحمن السلمي هي الحجازية القرشية وبذلك عللّوا فصاحتها، وأذكر قصة طريفة وهي أنه عاد رجل يكنى أبو صالح النضر بن شميل فدعا له: مسح الله ما بك - أي أذهب ما بك من مرض - فقال النضر: لا تقل ذلك ولكن قل مصح بالصاد، أي أذهبه وفرّقه وأنشد:
وإذا ما الخمر فيها أزبدت = = أفل الإزباد فيها ومصح
فقال له الرجل - وكنيته أبو صالح - إن السين قد تبدل من الصاد كما يقال للصراط سراط، فقال له النضر: إذاً أنت أبو سالح؟!
(نقلاً عن: قطوف الريحان من زهر الأفنان، ص 34)(/)
دراسة حديثية في تفسير آية (الحلقة الأولى)
ـ[البهوتي]ــــــــ[27 Aug 2009, 04:32 م]ـ
مما تعارض فيه الاتصال والانقطاع، ورُجح الانقطاع لأن من رواه منقطعاً أثبت وأجل ما روى محمد بن عبيد الطنافسي، عن سفيان بن سعيد، عن أبيه، عن أبي الضحى (1)، عن مسروق، عن عبد الله، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ لكلِّ نبيٍّ وُلاةً من النبيينَ، وإنَّ وليي أبي وخليلي إبراهيم))، ثم قرأ: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (2).
أخرجه: الحاكم 2/ 292 من طريق محمد بن عبيد الطنافسي، بهذا الإسناد.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)).
وهذا إسناد رجاله ثقات، وثقة رجال الحديث توحي بصحته.
وقد توبع محمد بن عبيد على هذه الرواية الموصولة.
إذ تابعه أبو أحمد الزبيري عند الترمذي (2995)، والبزار (1973)
و (1981)، والطبري في " تفسيره " (5700) ط. الفكر و5/ 488
ط. عالم الكتب، والطحاوي في " شرح مشكل الآثار " (1009) وفي (تحفة الأخيار) (6433)، والشاشي (406) ومن طريقه أخرجه: ابن عساكر في
" تاريخ دمشق" 6/ 216 (3) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن الثوري،
به (4).
قال البزار عقيب (1973): ((وهذا الحديث لا نعلم أحداً وصله إلا أبو أحمد عن الثوري ورواه غير أبي أحمد، عن الثوري، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله)).
وكلام البزار هذا فيه نظر؛ فأبو أحمد الزبيري لم ينفرد بوصله، بل وصله محمد بن عبيد كما قدمناه.
قلت: أبو أحمد الزبيري وإن كان ثقة إلا أنه يخطئ في حديث الثوري، إذ نقل المزي في " تهذيب الكمال " 6/ 370 (5934) عن الإمام أحمد قوله: ((كان كثير الخطأ في حديث سفيان))، وقال ابن حجر في " التقريب " (6017): ((ثقة ثبت، إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري)) (5).
وقد تابعه محمد بن عمر الواقدي عند الحاكم 2/ 553 فرواه عن سفيان الثوري بالإسناد المتقدم موصولاً. وهذه المتابعة كسابقتها لا تصح؛ لأنَّ محمد ابن عمر الواقدي متروك، قال عنه البخاري في " الضعفاء الصغير" (334)
: ((متروك الحديث)) وفي " التاريخ الصغير "، له 2/ 283: ((تركوه))، وقال عنه النسائي في " الضعفاء والمتروكون " (531): ((متروك الحديث)).
وذكر ابن أبي حاتم في " العلل " (1677) متابعة أخرى لمحمد بن عبيد فذكر أنَّ روح بن عبادة قد تابع محمد بن عبيد، وروح بن عبادة ثقة إلا أني لم أقف على من أخرجه مسنداً للتأكد من صحة الإسناد إليه.
وعلى الرغم من أن رواية محمد بن عبيد الطنافسي ظاهرها الصحة، إلا أنَّ الحديث معلول بالانقطاع؛ إذ روي هذا الحديث منقطعاً.
فأخرجه: أحمد 1/ 401، ومن طريقه ابن عساكر 6/ 216.
وأخرجه:الترمذي (2995) (م2)، وابن أبي حاتم في "تفسيره " 2/ 674 (3656)، والواحدي في " أسباب النزول " (122) بتحقيقي من طريق وكيع (6)، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله بن مسعود، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه، وأبو الضحى – هو مسلم بن صبيح – لم يدرك ابن مسعود. (7)
وتوبع وكيع على هذه الرواية المنقطعة.
فأخرجه: الترمذي (2995) (م1)، والطبري في " تفسيره" (5700) ط. الفكر و5/ 489 ط. عالم الكتب من طريق أبي نعيم.
وأخرجه: الحاكم 2/ 553 من طريق أبي نعيم، عن سفيان (8)، عن أبيه، عن أبي الضحى، أظنه عن مسروق (9)، عن عبد الله. هكذا على الشك في زيادة مسروق.
وأخرجه: أحمد 1/ 429 - 430، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " 6/ 216.
وأخرجه: ابن أبي حاتم في" تفسيره " 2/ 674 (3656)، وابن عساكر في " تاريخ دمشق "6/ 216 من طريق عبد الرحمان بن مهدي.
وأخرجه: أحمد 1/ 429 - 430 ومن طريقه ابن عساكر 6/ 216 من طريق يحيى.
ثلاثتهم: (أبو نعيم، وعبد الرحمان بن مهدي، ويحيى القطان) رووه عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله منقطعاً بمثل رواية وكيع.
وقد رجح الرواية المنقطعة على الرواية الموصولة الترمذي، فقال عقيب حديث (2995) (م1): ((هذا أصح من حديث أبي الضحى عن مسروق)) يعني: رواية محمد بن عبيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابن أبي حاتم في " العلل" (1677): ((وسألت أبي وأبا زرعة، عن حديث رواه أبو أحمد الزبيري، وروح بن عبادة، عن سفيان الثوري، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، عن النبيِّ ... الحديث، فقالا جميعاً: هذا خطأ؛ رواه المتقنون من أصحاب الثوري، عن الثوري، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، بلا مسروق)).
وهذا هو الصواب، فإذا قارنّا بين من رواه موصولاً ومن رواه منقطعاً، وجدنا أنَّ من رواه منقطعاً هم الثقات الأثبات من أصحاب سفيان. فاتضح بذلك أنَّ الصواب عن الثوري ما روي منقطعاً.
ولقائل أن يقول: قد قدمتم أن سفيانَ رواه عنه أربعةٌ من الرواة فذكروا في أسانيدهم مسروقاً، وخالفهم ثلاثة من الرواة فلم يذكروا مسروقاً فهل
يجعل هذا الاضطراب على سفيان على اعتبار عدم إمكانية الجمع بين
الروايتين؟
فنقول: قد تقدم أن الروايات التي فيها ذكر مسروق عامتها ضعيفة وإن اختلفت أسباب الضعف، أما الروايات التي لم يذكر فيها مسروق فعامتها صحيحة، وأصحابها أجلة هذا العلم وعليهم المعول في معرفة الصحيح من السقيم، وهم أوثق الناس في سفيان فلو كان ذكر مسروق فيه صحيحاً لكان هؤلاء هم أولى بحفظه من نظرائهم فلا شك في ترجيح روايات عبد الرحمان بن
مهدي ومن وافقه على روايات مخالفيهم، زد على ذلك ترجيح الأئمة
لرواياتهم، والله أعلم.
ووقفت على طريق آخر يرويه سعيد بن منصور (501) (التفسير) قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن أبي الضحى، عن
مسروق، عن ابن مسعود، به (10).
وظاهر هذا الإسناد الصحة، فرجاله ثقات، وهو بهذه الصورة يكون متابعاً جيداً لحديث محمد بن عبيد الطنافسي ومن تابعه، إلا أنَّ محقق كتاب "سنن سعيد بن منصور" ذكر أنَّ عبارة (عن مسروق) ليست في أصل المخطوط التي اعتمدها في التحقيق وأنه ذكرها لوجود الحديث بهذا الإسناد عند ابن كثير في " تفسيره ": 373.
والذي يظهر لي والله أعلم أنَّ لفظة: ((عن مسروق)) ليست في حديث سعيد بن منصور لعدم وجودها في النسخة المحققة، كما أنَّ العلماء المتقدمين قد حكموا على حديث سفيان المنقطع بالصحة، ولو كان حديث سعيد بن منصور ثابتاً عندهم بنحو ما ذكره ابن كثير في " تفسيره " لما أغفلوه ولا اعتبروا به حين الترجيح بين الروايات.
وقد اغترّ الشيخ أحمد محمد شاكر بطريق أبي الأحوص هذا فرجح من خلاله ما روي عن سفيان الثوري متصلاً باعتبار رواية سعيد بن منصور عن أبي
الأحوص متابعة لحديث سفيان المتصل.
وللحديث طريق آخر:
أخرجه: وكيع في " تفسيره " كما في " تفسير ابن كثير ": 373 قال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره.
وهذا الطريق وهمٌ أو خطأ من النساخ يدل على ذلك أن ابن المنذر أخرج هذا الحديث في " تفسيره " (583) من طريق وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، به.
وأخرجه: ابن المنذر في " تفسيره " (582) قال: أخبرنا علي بن
عبد العزيز، قال: حدثنا إبراهيم، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الضحى، عن عبد الله، قال: أراه قال: عن النبي صلى الله عليه وسلم، به.
انظر: " تحفة الأشراف " 6/ 429 (9581) و 6/ 431 (9588)،
و " أطراف المسند " 4/ 224 (5759)، و " إتحاف المهرة "10/ 474 (13219) و 10/ 520 (13328).
وكتبه د ماهر الفحل
...............................................
(1) في مستدرك الحاكم: ((وعن أبي الضحى)) وهو خطأ، والتصويب من"الإتحاف" 10/ 474
(13219) وقد تكرر هذا الخطأ في طبعة علوش 3/ 8.
(2) آل عمران: 63.
(3) سقط من مطبوع " تاريخ دمشق ": ((مسروق)) والذي يدل على ثبوته في السند أن ابن عساكر أخرجه من طريق الشاشي، وعند رجوعي إلى المسند له وجدته في السند المذكور.
(4) الروايات مختلفة الألفاظ.
(يُتْبَعُ)
(/)
(5) تعقب صاحبا " التحرير " ابن حجر بقولهما: ((قوله: إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري أخذه من قول أحمد الذي تفرّد به حنبل بن إسحاق عنه: كان كثير الخطأ في حديث سفيان وهو قول فيه نظر لأمرين، الأول: أنّ أبا بكر الأعين قال: سمعت أحمد بن حنبل، وسألته عن أصحاب سفيان، قلت له: الزبيري ومعاوية بن هشام أيهما أحب إليك؟ قال: الزبيري، قلت له: زيد ابن حباب أو الزبيري؟ قال: الزبيري.
والثاني: أنّ الشيخين أخرجا له من روايته عن سفيان)).
قلت: هذا كلام مُعتَرض عليه، وأنا أتعقبهما من ثلاثة أوجه:
الأول: إنَّ الحافظ لم يقل فيه: ((يخطئ)) بل قلل ذلك فقال: ((قد يخطئ)) ومعلوم أنَّ (قد) تفيد التقليل، ثم إنه أردف هذه الجملة بعد أن قال: ((ثقة ثبت)) فنسبة ما أخطأ فيه مع كثرة روايته قليلة جداً، ثم إنَّ الحافظ لم يأت بهذا من كيسه، بل من إمام معتبر عالم بالجرح
والتعديل، وهو إمام أهل السنة والجماعة أبو عبد الله أحمد بن حنبل.
الثاني: إن الخطأ ثابت في رواية الزبيري عن سفيان، وإلا لما قال الإمام أحمد ذلك.
ومما أخطأ فيه أبو أحمد الزبيري هذا الحديث الذي نحن بصدده الآن فقد خالف الحفاظ المتقنين، فليس من المعقول أن يخطئ هؤلاء الحفاظ الجهابذة ويصيب أبو أحمد الزبيري، لذا نجد أبا حاتم وأبا زرعة الرازيين رجحا رواية الجمع وأشارا إلى خطأ رواية أبي أحمد الزبيري. ومن العجب!! أنّ الدكتور بشاراً في تعليقه على جامع الترمذي رجح ما ذهب إليه أبو حاتم وأبو زرعة والترمذي، وهو تخطئة أبي أحمد، فما له في التحرير انتقد ابن حجر في مضمون
ذلك؟.
الثالث: قولهما: ((إن الشيخين أخرجا له من روايته عن سفيان)) فيه نظر شديد، وقد قال الحافظ ابن حجر، وهو الخبير بصحيح البخاري: ((وما أظنُّ البخاري أخرج له شيئاً من أفراده عن سفيان)). انظر: " هدي الساري ": 440 – أي أنه لم يخرج له عن سفيان إلا ما توبع عليه على سفيان.
(6) جاء في رواية ابن عساكر مقروناً بـ: ((يحيى وعبد الرحمان)).
(7) انظر: " تحفة الأشراف " 6/ 430 قبيل حديث (9587).
(8) سقط من المطبوع وأثبتناه من " إتحاف المهرة " 10/ 474 (13219).
(9) وما يدحض هذا الظن أن الترمذي رحمه الله، قال عقب رواية أبي نعيم: ((ولم يقل فيه، عن مسروق)).
(10) وجاء في مطبوع " التفسير " لابن أبي حاتم إسنادٌ آخر هكذا (ح) وحدثنا أحمد بن عصام، عن مسروق، عن عبد الله. أما أحمد بن عصام، فقال عنه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 2/ 23 (119): ((كتبنا عنه وهو ثقة صدوق)) غير أني لم أقف على روايته عن مسروق والسند عال جداً، فقد يكون فيه سقط.(/)
نظراتٌ بلاغية بعلاقة الدعاء بآيات الصيام
ـ[عبدالعزيز العمار]ــــــــ[27 Aug 2009, 05:34 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
ها أنا أعود إلى هذا المتلقى المبارك، والعود أحمد، وما أجمل العودة إليه في شهر القرآن الكريم، وفي شهر الصيام والدعاء، ولذا فإن مشاركتي لها علاقة بالصيام والدعاء معا، بل هي كشف لهذه العلاقة الحميمة التي بينهما من خلال وقفة تأملية بلاغية لقول الله تعالى ?وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤموا بي لعلهم يرشدون ? وستكون هذه المشاركة على جزأين، الأولى: بيان للعلاقة بين الدعاء والصيام، والثانية: وقفة مع بلاغة آية الدعاء، والله أسال التوفيق والقبول. [ align=justify] يقول الله تعال- في ثنايا آيات الصيام -: ? وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤموا بي لعلهم يرشدون ? في مجيء هذه الآية التي تحث المسلمين على الدعاء وترغب فيه بين آيات الصيام سرٌّ انطوى تحتها، ولطائف دفعت كثيراً من المفسرين إلى النظر والتأمل في مناسبة هذه الآية ووقوعها بين آيات الصيام، ولذا فقد كان هذا الأمر تحت نظر كثير من المفسرين والمتأملين، فقد أشاروا إلى هذا الأمر، وقد قادهم نظرهم الثاقب، وتأملهم الدائم إلى كثير من الأسرار والحكم، يقول: د. حسن محمد باجودة عن هذا الآية: ((في أعماق حديث الآيات الكريمات عن الصيام تجيء الآية الكريمة التي تحث المسلمين لله رب العالمين على الإقبال على الله – تعالى – بفعل الطاعات، واجتناب المعصيات، وبدعائه – عز وجل – فإنه تعالى قريب من عباده، مجيب دعوة الداعي إذا دعاه، إن هذا الانعطاف في الحديث ثم العودة إلى الحديث عن الصيام قمين بالتأمل والتدبر)) (1). وقد حظي هذا الأمر بالتأمل والتدبر من المتشغلين بكتاب الله، فقد دققوا النظر، وأمعنوا فيه، وقدحوا زناد فكرهم، فقادهم نظرهم الثاقب، وتأملهم الدائم إلى كثير من الأسرار واللطائف، ومما ذُكر في ذلك، أن هذه الآية من متممات الآيات التي سبقتها، وأنها مكينة في مكانها ذات صلة وثيقة بما تقدمها، وبيان ذلك: أنه – سبحانه – حث المؤمنين في الآية التي قبلها على تكبيره، وعلى شكره على ما أنعم به عليهم، وقيضهم لهم، ويسره عليهم من تمام الصيام، فذكر في هذه الآية أن الذي يكبرونه ويشكرونه قريب منهم، مجيب لهم إذا دعوه، ولذا أمرهم بدعائه والاستجابة له، ثم شرع بعد ذلك ما بقي من أحكام الصيام. (2).
وثمة سرٌّ آخر في مناسبة الآية أشار إليه ابن كثير في تفسيره، يقول: ((وفي ذكره – تعالى – هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إشارة إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر، كما روى أبو داود الطيالسي في مسنده، عن عبدالله بن عمرو قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة، فكان عبدالله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله وولده ودعاء))). (3)
بيد أن السرَّ في مجيء آية الدعاء بين آيات الصيام لا تقف عند حد، ولا تنتهي إلى غاية، فسيظل الأمر مفتوحاً للمتأملين، ويبقى الأمر من قبل ومن بعد فتحه – سبحانه – وفيضه يمنُّ به على من يشاء من عباده، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وقد ذكر الرازي في تفسيره كثيراً من التعليلات في مناسبة هذه الآية، والحكمة من مجيئها بين آيات الصيام، ومن الوجوه التي ذكرها: ((أن الله – سبحانه – أمر بالتكبير أولاً ثم رغب في الدعاء ثانياً؛ تنبيهاً على أن الدعاء لا بد وأن يكون مسبوقاً بالثناء الجميل، ألا ترى أن الخليل- عليه الصلاة والسلام - لما أراد الدعاء قدم عليه الثناء فقال – أولاًـ: ? الذي خلقني فهو يهدين* والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضتُ فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين* والذي أطمع آن يغفر لي خطيئتي يوم الدين) وكل هذا ثناء منه على الله – تعالى – ثم شرع بعده في الدعاء فقال: ? رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين ? (4) فكذا هاهنا أمر بالتكبير أولاً، ثم شرع بعده في الدعاء ثانياً)). (5)
[/ align)
(1) تأملات في سورة البقرة: 2/ 1035.
(2) انظر: الجامع لأحكام القرآن: 3/ 431.
(3) تفسير القرآن العظيم: 1/ 234.
(4) الشعراء: 87 ـ 83.
(5) التفسير الكبير: 5/ 80.
ـ[الغزالي]ــــــــ[29 Aug 2009, 02:03 ص]ـ
العود أحمد
جزيتم خيراً، وقد لفت نظري أن آيات الصيام بدأت بالتقوى وختمت بالتقوى
ـ[عبدالعزيز العمار]ــــــــ[11 Sep 2009, 05:51 م]ـ
شكرا لك أخي الفاضل، وملحوظتك في محلها، وفي ذلك سر بلاغي انطوى تحته هذا الختام، وسأشير إليه في مشاركة قادمة ـ إن شاء الله ـ في حديثي عن بلاغة الآية الأخيرة من أيام الصيام، دعواتي لك ووفق الله الجميع(/)
ما القول الراجح في تفسير "البرق" و "الرعد"؟
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[27 Aug 2009, 08:24 م]ـ
وما صحة الآثار والأحاديث المروية في ذلك؟
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[28 Aug 2009, 12:56 ص]ـ
القول الراجح ما عليه جمهور السلف من تفسير صوت الرعد بأنه ناتج من ضرب الملائكة للسحاب، وليس هذا مضادا لكون الرعد هو الصوت المسموع،
فالأول تفسير يراد به بيان سبب حدوث الصوت، والثاني تفسير للرعد في اللغة، ولا منافاة
وأما الأحاديث المرفوعة فلا يصح منها شيء
وأما الآثار الموقوفة فصح بعضها، ومجموعها يثبت أن لهذه الأقوال أصلا، ولكن حصل الخلل عند الكثير في كيفية فهم أقوال السلف(/)
طلب
ـ[ابن عربي]ــــــــ[27 Aug 2009, 09:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه
الاخوة الافاضل سلام الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته
ورمضان مبارك سعيد
طلب:اين يمكن ان اجد نسخة الكترونية من الكتابين
عجائب القرءان في النحو نحو والبيان
ومباحث في اعجاز القرءن
وشكرا
ـ[هتاف الضمير]ــــــــ[27 Aug 2009, 11:17 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
لعلكم تبحثون في مكتبة موقع الألوكة ..
أسأل الله لكم التيسير ..(/)
زينب ورحومة ونجلاء الإمام، وشبهات الارتداد عن الإسلام
ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[28 Aug 2009, 01:09 ص]ـ
زينب ورحومة ونجلاء الإمام
وشبهات الارتداد عن الإسلام!
د. إبراهيم عوض
هذه ثلاث حكايات عن ثلاثة أشخاص مصريين مسلمين ارتدوا عن دين التوحيد إلى النصرانية دين التثليث والتجسيد، والحكايتان الأخيرتان هما حكايتان حديثتان جدا، والرجل والمرأة اللذان تتعلقان بهما لا يزالان مرتدين، أما الحكاية الثالثة فقد عادت صاحبتها إلى دين الحق مرة أخرى وتابت وأبدت ندمها وقصت أمرها بكثير من التفصيل ملقية بذلك ضوءا قويا على بعض خبايا عملية التنصير. ومعروف أنها حكاية قديمة بعض الشىء، إذ وقعت أحداثها منذ عدة سنوات.
وأدخل للتو فى الموضوع وأتناول أول ما أتناول موضوع نجلاء الإمام، التى لها قصة مع الآية الخامسة من سورة "التوبة". فما حكاية هذه الآية؟ وما صلتها بتلك المرأة؟ تعالوا لنرى معا. تقول الآية المذكورة: "فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"، وهى الآية التى شاهدتُ، فى مقطع على المشباك مأخوذ من لقاء بإحدى القنوات التلفازية، نجلاء الإمام المتنصرة فى الآونة الأخيرة ترفعها فى وجه الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الاوقاف لشؤون الدعوة، تتحداه بها على اعتبار أن فيها ما يخجل الإسلام والمسلمين. فتحداها الشيخ الكريم أن تقرأ الآية قراءة صحيحة من المصحف الذى كان تحمله فى يدها وكانت تلوّح به فى وجهه على سبيل التحدى. وقد أراد الشيخ الجليل، من خلال هذا التحدى المضادّ، أن يقول لها إنك لست صاحبة هذه الشبهة، فأنت لا تفهمين القرآن ولا تقرئينه، ولا تعرفين كيف تنطقين الآية مجرد نطق دون أن تخطئى فيها أخطاء لا تليق.
وهنا وجدتُ نجلاء الإمام ترتبك ولا تجيب على تحدى الشيخ إلا بالامتناع عن قراءة الآية بعدما كانت تمسك بالمصحف وتلوح به فى وجه فضيلته ووجوه المشاهدين متحدية كالنمرة الشرسة. والعجيب أن اللقطة التى يبثها الموقع النصرانى مدعيا أنها دليل على أن علماء المسلمين يهربون من المواجهة بعدما انتشر التنوير وأصبح المسلم والمسلمة يستطيعان معرفة الحقيقة التى كانت مغيبة عنهما قبل ذلك قرونا، فلم يعودا ينصاعان لكلام المشايخ وصارا قادريْن على الحكم الصحيح على النصرانية والإسلام وتفضيل الأخيرة بطبيعة الحال، هذه اللقطة ترينا على العكس من ذلك أن نجلاء الإمام هى التى نكصت وتقهقرت. ورغم أن اللقطة القصيرة التى بثها الموقع المذكور لم تقل لنا ماذا كانت نجلاء تريد قوله للشيخ الكريم فإن من السهل تماما معرفة هذا الذى كانت تريد قوله طبقا لما لقنوها إياه قبل حضورها إلى الأستوديو.
تريد نجلاء الإمام أن تقول إن الإسلام يقتل مخالفيه من الباب للطاق، إلا إذ دخلوا فيه واعتنقوه خلافا لما تقتنع به ضمائرهم. ألا يقول القرآن: "فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد"، اللهم إلا "إن تابوا وأقاموا الصلاة وآتَوُا الزكاة". وهل هناك دليل أسطع من هذا وأشد برهانا على صحة ما قالوه لها من أن دين محمد إنما يعتمد فى انتشاره على السيف؟ وهى، لو أنها كانت تفهم ونظرت إلى الآية التى عقب ذلك مباشرة، لما قالت ما قالت. لكنه عمى القلب والترديد الببغائى لما يلقى إليها فتقوله كما حفّظوها إياه دون تبصر أو فهم. ونص الآية التالية هو: "وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6) ". وواضح أن كل ما يريده الإسلام ممن يرفضونه هو أن يسمعوا دعوته، ثم فليرتكنوا بعد هذا إلى ضمائرهم. ذلك أنهم هم الذين سوف يحاسَبون على أعمالهم لا نحن، وليس لنا من ثم أى حق فى اقتحام ضمائرهم عليهم ولا إكراههم على ما لا يريدون اعتناقه حتى لو كانوا يؤمنون بصدق الإسلام فيما بينهم وبين أنفسهم ككثير ممن يؤمنون بأنه هو الدين الحق، إلا أن الخوف أو الطمع أو العناد أو العصبية تمنعهم من إعلان ما يؤمنون به. والآية صريحة
(يُتْبَعُ)
(/)
الدلالة على أن من واجب المسلم إجارة المشرك عندما يأتى إليه ويستجير به، وأنه لا يجوز له اهتبال الفرصة والضغط عليه بأى وجه بغية اعتناقه للإسلام، بل عليه أن يتركه لما يريد، مع حراسته فى طريق العودة إلى بلده أو على الأقل: إلى المكان الذى يأمن على نفسه فيه. فهل يُعْقَل أن دينا يطلب من أتباعه هذا يمكن أن يفكر مجرد تفكير فى قتل مخالفيه لا لشىء إلا ليكرههم على اعتناقه؟ إذن فماذا نصنع مع الآية التى شهرتها نجلاء الإمام فى وجه الشيخ ووجوه المشاهدين؟
يستلزم الأمر أن نقرأ صدر سورة "التوبة" كله كى تتضح الصورة فى شموليتها وتُفْهَم حق فهمها، وبخاصة إذا ألممنا بالظروف التى نزل فيها ذلك النص، الذى يقول: "بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16) ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هذه الآيات يتبين لنا أن الإعلان الموجود فى النص خاص بالمشركين الذين كانت بينهم وبين المسلمين عهود، وليس عاما لكل المشركين. ولهذا دلالته. فلو كان الأمر مبدأ إسلاميا فى قتل المخالفين ما لم يُسْلِموا لما خصص القرآن الكلام للمشركين الذين كانت بينهم وبين المسلمين معاهدات. ورغم هذا أيضا فلم يسارع الإسلام إلى الأمر بقتل أولئك المشركين، بل أعطاهم مهلة أربعة أشهر يستطيعون التحرك فيها بكل حرية قبل أن يؤاخَذوا. ولو كان الأمر أمر مبدإ بإكراه غير المؤمنين بمحمد على الدخول فى دينه أو يُقْتَلوا لما كان هناك معنى لإعطائهم تلك المهلة، إذ ما دام واجبا عليهم، شاؤُوا أم أَبَوْا، أن يعتنقوا الإسلام فخير البر عاجله. وليست هناك أى ضرورة، بل ليس هناك أى معنى، لإمهالهم هذه الشهور الأربعة. أليس كذلك؟
ثم إن الآية السابقة على الآية الخامسة تقول: "إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) ". أى أن الإسلام لا يسوى بين المشركين جميعا عاطلا مع باطل، بل يقول إن من كانت بينهم وبين المسلمين عهود فوَفَّوْا بها ولم ينقضوها فلا بد من إتمام عهودهم إلى نهاية مدتها. ومعنى هذا بكل وضوح أن المشركين الأولين الذين حكم القرآن بقتلهم هم طائفة أخرى لم تحترم العهود بل نقضتها وخاست فيها. والوقع أن تلك الطائفة من المشركين قد فجرت فى سلوكها تجاه المسلمين فكانوا يقتلون كل من ساقته الأقدار إلى قبضة أيديهم دون أن يَرْعَوْا فيهم إِلاًّ ولا ذمة، كما كانوا يمدون أيديهم بالتعاون إلى من ليس بينهم وبين المسلمين عهود فيعينونهم عليهم ويحاربونهم معهم غادرين على هذا النحو الخسيس بالاتفاقيات التى كانت بينهم وبين الرسول وأصحابه. فهل كان على المسلمين أن يسكتوا على هذا الغدر وتلك الخيانة؟ لقد كان الإسلام أنبل من كل ما يتوقعه الإنسان، إذ رغم كل هذه الاستفزازات التى كان يرتكبها أولئك المجرمون فإنه لم يسارع بالمناداة بمعاملتهم نفس المعاملة التى يعاملون بها المسلمين، بل أعطاهم فترة إمهال: أربعة شهور كاملة. فأى نبل هذا؟ لكن على من تتلو مزاميرك يا داود؟ إنك لتتلوها على قوم أغبياء ذوى قلوبٍ عمياءَ وضمائرَ غُلْفٍ.
ولقد تكرر هذا التوضيح أكثر من مرة فى تلك الآيات: "كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) "، "كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) "، "لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلا وَلا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) "، "وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) "، "أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) ". فماذا يريد الإنسان أكثر من هذا؟ أَلاَ إن هذا لكرمٌ بالغٌ لا نظير له فى أى مكان فى العالم؟ ومع هذا كله لم يحدث أن قتل المسلمون أحدا من المشركين الذين نزلت الآية فى حقهم. بل إنه فى فتح مكة بعد ذلك بقليل عفا الرسول عن مشركيها الذين طالموا أذاقوه الأذى وأنزلوا بالمسلمين العذاب وأخرجوهم من ديارهم وأموالهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول سيد قطب رحمه الله تعقيبا على تلك الآيات: "كان قد تبين من الواقع العملي مرحلةً بعد مرحلة، وتجربةً بعد تجربة، أنه لا يمكن التعايش بين منهجين للحياة بينهما هذا الاختلاف الجذري العميق، البعيد المدى، الشامل لكل جزئية من جزئيات الاعتقاد والتصور، والخلق والسلوك، والتنظيم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والإنساني، وهو الاختلاف الذي لا بد أن ينشأ من اختلاف الاعتقاد والتصور: منهجين للحياة أحدهما يقوم على عبودية العباد لله وحده بلا شريك، والآخر يقوم على عبودية البشر للبشر، وللآلهة المدَّعاة، وللأرباب المتفرقة. ثم يقع بينهما التصادم في كل خطوة من خطوات الحياة لأن كل خطوة من خطوات الحياة في أحد المنهجين لا بد أن تكون مختلفة مع الأخرى ومتصادمة معها تماما في مثل هذين المنهجين، وفي مثل هذين النظامين. إنها لم تكن فلتة عارضة أن تقف قريش تلك الوقفة العنيدة لدعوة أنْ "لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله" في مكة ولا أن تحاربها هذه الحرب الجائرة في المدينة.
ولم تكن فلتة عارضة أن يقف اليهود في المدينة كذلك لهذه الحركة وأن يجمعهم مع المشركين معسكر واحد، وهم من أهل الكتاب، وأن يؤلب اليهودُ وتؤلب قريشٌ قبائلَ العرب في الجزيرة في غزوة الأحزاب لاستئصال شأفة ذلك الخطر الذي يتهدد الجميع بمجرد قيام الدولة في المدينة على أساس هذه العقيدة، وإقامة نظامها وفق ذلك المنهج الرباني المتفرد! وكذلك سنعلم بعد قليل أنها لم تكن فلتة عابرة أن يقف النصارى، وهم من أهل الكتاب كذلك، لهذه الدعوة ولهذه الحركة، سواء في اليمن أم في الشام أم فيما وراء اليمن ووراء الشام إلى آخر الزمان! إنها طبائع الأشياء. إنها أولا طبيعة المنهج الإسلامي التي يعرفها جيدا ويستشعرها بالفطرة أصحاب المناهج الأخرى! طبيعة الإصرار على إقامة مملكة الله في الأرض، وإخراج الناس كافة من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، وتحطيم الحواجز المادية التي تحول بين "الناس كافة" وبين حرية الاختيار الحقيقية. ثم إنها ثانيا طبيعة التعارض بين منهجين للحياة لا التقاء بينهما في كبيرة ولا صغيرة، وحرص أصحاب المناهج الأرضية على سحق المنهج الرباني الذي يتهدد وجودهم ومناهجهم وأوضاعهم قبل أن يسحقهم! فهي حتمية لا اختيار فيها في الحقيقة لهؤلاء ولا هؤلاء!
وكانت هذه الحتمية تفعل فعلها على مدى الزمن وعلى مدى التجارب، وتتجلى في صور شتى تؤكد وتعمق ضرورة الخطوة النهائية الأخيرة التي أعلنت في هذه السورة. ولم تكن الأسباب القريبة المباشرة التي تذكرها بعض الروايات إلا حلقات في سلسلة طويلة ممتدة على مدى السيرة النبوية الشريفة، وعلى مدى الحركة الإسلامية منذ أيامها الأولى. وبهذه السعة في النظرة إلى الجذور الأصيلة للموقف وإلى تحركاته المستمرة يمكن فهم هذه الخطوة الأخيرة. وذلك مع عدم إغفال الأسباب القريبة المباشرة، لأنها بدورها لا تعدو أن تكون حلقات في تلك السلسلة الطويلة ... وذكر الإمام الطبري بعد استعراضه الأقوال في تفسير مطلع السورة: وأَوْلَى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: لأجل الذي جعله الله لأهل العهد من المشركين وأذن لهم بالسياحة فيه بقوله: "فسيحوا في الأرض أربعة أشهر" إنما هو لأهل العهد الذين ظاهروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقضوا عهدهم قبل انقضاء مدته. فأما الذين لم ينقضوا عهدهم ولم يظاهروا عليه فإن الله جل ثناؤه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بإتمام العهد بينه وبينهم إلى مدته بقوله: "إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم، إن الله يحب المتقين" ... ".
وفى "تفسير المنار" نقرأ للشيخ رشيد رضا غفر الله له: "من المشهور القطعي الذي لا خلاف فيه أن الله تعالى بعث محمدا رسوله وخاتم النبيين بالإسلام الذي أكمل به الدين، وجعل آيته الكبرى هذا القرآن المعجز للبشر من وجوه كثيرة ذكرنا كلياتها في تفسير (2: 3 ص190 ص228 ج 1)، وأقام بناء الدعوة إليه على أساس البراهين العقلية والعلمية المقنعة والملزمة، ومنع الإكراه فيه والحمل عليه بالقوة، كما بيناه في تفسير (2: 256 ص26 ص40 ج 3)، فقاومه المشركون، وفتنوا المؤمنين بالتعذيب والاضطهاد لصدهم عنه، وصدوه (ص) عن تبليغه للناس بالقوة. ولم يكن أحد ممن اتبعه يأمن
(يُتْبَعُ)
(/)
على نفسه من القتل أو التعذيب إلا بتأمين حليف أو قريب. فهاجر من هاجر منهم المرة بعد المرة، ثم اشتد إيذاؤهم للرسول (ص) حتى ائتمروا بحبسه الدائم أو نفيه أو قتله علنا في دار الندوة، ورجحوا في آخر الأمر قتله، فأمره الله تعالى بالهجرة كما تقدم في تفسير (الأنفال/ 30): "وإذ يمكر بك الذين كفروا" (ص650 ج 9). فهاجر (ص)، وصار يتبعه مَنْ قَدَرَ على الهجرة من أصحابه إلى حيث وجدوا من مهاجَرهم بالمدينة المنورة أنصارا لله ولرسوله يحبون من هاجر إليهم، ويؤثرونهم على أنفسهم.
وكانت الحال بينهم وبين مشركي مكة وغيرهم من العرب حال حرب بالطبع ومقتضى العرف العام في ذلك العصر. وعاهد (ص) أهل الكتاب من يهود المدينة وما حولها على السلم والتعاون، فخانوا وغدروا ونقضوا عهودهم له بما كانوا يوالون المشركين ويظاهرونهم كلما حاربوه كما تقدم بيان ذلك كله في تفسير سورة "الأنفال" من هذا الجزء (ص1547 1556). وقد عاهد (ص) المشركين في الحديبية على السلم والأمان عشر سنين بشروطٍ تساهَل معهم فيها منتهى التساهل، عن قوة وعزة، لا عن ضعف وذلة، ولكن حبا بالسلم ونشر دينه بالإقناع والحجة. ودخلت خُزَاعة في عهده (ص)، كما دخلت بنو بكر في عهد قريش،. ثم عدا هؤلاء على أولئك، وأعانتهم قريش بالسلاح فنقضوا عهدهم. فكان ذلك سبب عودة الحرب العامة معهم وفتحه (ص) لمكة، الذي خضد شوكة الشرك وأذل أهله. ولكنهم ما زالوا يحاربونه حيث قدروا، وثبت بالتجربة لهم في حالَيْ قوتهم وضعفهم أنهم لا عهود لهم، ولا يؤمَن نقضهم وانتقاضهم، وكما يأتي قريبا في قوله تعالى من هذه السورة/ 7: "كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله" إلى قوله في آخر آية 12: "فقاتلوا أئمة الكفر، إنهم لا أَيْمان لهم لعلهم ينتهون". أي لا عهود لهم يَرْعَوْنها ويَفُون بها. والمراد أنه لا يمكن أن يعيش المسلمون معهم بحكم المعاهدات المرعية، فيأمن كل منهم شر الآخر وعدوانه مع بقائهم على شركهم الذي ليس له شرع يُدَان به، فيجب الوفاء بالعهد بإيجابه. كيف وقد سبقهم إلى الغدر ونقض الميثاق من كانوا أجدر بالوفاء وهم أهل الكتاب؟. هذا هو الأصل الشرعي الذي بُنِيَ عليه ما جاءت به هذه السورة من نبذ عهودهم المطلقة، وإتمام مدة عهدهم المؤقتة لمن استقام عليها. وأما حكمة ذلك فهي محو بقية الشرك من جزيرة العرب بالقوة، وجعلها خالصة للمسلمين، مع مراعاة الأصول السابقة في قوله تعالى (البقرة/ 190): "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم" وقوله (الأنفال/ 61): "وإن جنحوا للسلم فاجنح لها" بقدر الإمكان، وإن قال الجمهور بنسخ هذه الآية بآية السيف من هذه السورة ونبذ عهود الشرك ".
ويرى الأستاذ محمد عِزّة دَرْوَزَة صاحب "التفسير الحديث" أن السبب فى نزول هذه الآيات هو نقض بعض المشركين لعهودهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الذين لم ينقضوا عهودهم، سواء كانت مؤقتة أو مؤبدة، فقد جاءت السورة بالمحافظة عليها، وأنه حتى إذا انقضت عهودهم فإنه يجوز أن تعقد معهم معاهدات جديدة، وأن هذه الآيات هي الأصل الذي يقيد عموم الآيات الأخيرة في هذه السورة. وفي ذلك يقول في شرح قوله تعالى: "إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين* فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم, إن الله غفور رحيم": "وفي الآيتين وما قبلهما صور من السيرة النبوية في أواخر العهد المدني حيث ينطوي فيهما أنه كان بين المسلمين والمشركين عهود سلم بعد الفتح المكي ربما كانت ممتدة إلى ما قبله، وأن من المشركين من ظلوا أوفياء لعهودهم، ومنهم من نقض أو ظهرت منه علائم النقض والغدر. ولقد نبهنا قَبْلُ على أن أهل التأويل والمفسرين يسمون الآية الثانية من الآيتين اللتين نحن في صددهما: آية السيف، ويعتبرونها ناسخة لكل آية فيها أمر بالتسامح والتساهل مع المشركين وإمهالهم والإغضاء والصفح والإعراض عنهم، وتوجب قتالهم إطلاقا. وبعضهم يستثني المعاهدين منهم إلى مدتهم، وبعضهم لا يستثنيهم ولا يجوّز قبول غير الإسلام منهم بعد نزولها. ونبهنا على ما في ذلك من غلو ومناقضة للتقريرات القرآنية
(يُتْبَعُ)
(/)
المتضمنة لأحكامٍ مُحْكَمَةٍ بعدم قتال غير الأعداء وترك المسالمين والموادّين وبِرّهم والإقساط إليهم. ولقد كرر المفسرون أقوالهم ورواياتهم عن قدماء أهل التأويل في مناسبة هذه الآية، فروى ابن كثير عن ابن عباس أن الآية أمرت النبي صلى الله عليه وسلم بأن يضع السيف في من عاهدهم حتى يدخلوا في الإسلام، وأن ينقض ما كان سمى لهم من عهد وميثاق ...
والآية، كما هو واضح من فحواها وسياقها، هي في صدد قتال المشركين المعاهدين الناقضين لعهدهم وَحَسْب بحيث يسوغ القول إن اعتبارها "آية سيف" وجعلها شاملة لكل مشرك إطلاقا تحميل لها بما لا يتحمله هذا السياق والفحوى، وكذلك الأمر في اعتبارها ناسخة للتقريرات المنطوية في آيات عديدة والتي عليها طابع المبدأ المحكم العام، مثل عدم الإكراه في الدين والدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن والحث على البر والإقساط لمن لا يقاتل المسلمين ولا يخرجونهم من ديارهم على ما نبهنا عليه في مناسبات عديدة سابقة. ويأتي بعد قليل آية فيها أمر صريح للمسلمين بالاستقامة على عهدهم مع المشركين الذين عاهدوهم عند المسجد الحرام ما استقاموا لهم، وفي هذه الآية دليل قوي على وجاهة ما نقرره إن شاء الله".
وبالمناسبة فليست آيات سورة"التوبة" هى وحدها التى تناولت موضوع التفرقة بين مشركين يَفُون بما بينهم وبين المسلمين من معاهدات واتفاقيات وبين مشركين آخرين لا يُؤْمَن جانبهم لجريان الغدر والخيانة فى عروقهم ودمائهم. قال تعالى فى سورة "النساء": "فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (89) إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولائِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91) ". لقد ميزت الآيات بشكل لا يحتمل تأويلاً ولا لَبْسًا بين من يلتزم بشروط العهد الذى بينه وبين المسلمين وبين من يشغب على العهود ويرفع السلاح على المسلمين خيانةً وغدرًا يريد قتلهم والقضاء عليهم وعلى دينهم دون أن يكون قد فَرَط منهم أى شىء يمكن التعلل به فى تبرير هذه الخيانة وذلك الغدر.
ومعروف أن القرآن يقرر على نحو قاطع أنه لا إكراه فى الدين، وأنه من شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، وينهى المسلمين عن قتال من لم يَعْتَدِ عليهم أو يقاتلهم، ويأمرهم أن يجنحوا للسلام متى ما جنح عدوهم له، وينفى أن يكون لهم أى سبيل على المشركين الذين لا يمدون إليهم أيديهم بالأذى. بل إنه ليبارك معاملتهم لمن لا يؤذيهم أو يقاتلهم معاملة بر وإقساط: "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (البقرة/ 256)، "وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" (الكهف/ 29)، "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (البقرة/ 190)، "فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ
(يُتْبَعُ)
(/)
فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" (البقرة/ 194)، "فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً" (النساء/ 90)، "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ* وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ" (الأنفال/ 61 - 62)، "عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ* لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ* إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ" (الممتحنة/ 7 - 9).
لكن الأوغاد يسيئون الأدبَ مع سيدنا رسول الله، إذ يتهمونه بالقتل وسفك الدماء والمجىء بدين يقوم على إكراه الناس على اعتناقه برهبة السيف وتهديم بيوت عبادتهم، وفى نفس الوقت نراهم يزعمون أن دين النصرانية يقوم على المحبة والسلام! وأَوَّلَ كلِّ شىء لا بد أن نلفت الأبصار إلى أن المسيح عليه السلام لم يكن، حين ترك الدنيا، قد مضى عليه فى النبوة أكثر من ثلاث سنوات ليس إلا، ومن ثم لا يمكن التحجج بأنه لم يشرع لأتباعه قتال من يعتدون عليهم. كما أنه لم يكن يعيش فى دولة مستقلة، فضلا عن أن يكون هو الحاكم فيها مثلما هو الحال مع الرسول محمد عليه السلام. وإذن فقياس الوضعين أحدهما على الآخر خطأ أبلق وأبله معا. وهذا لو أن السيد المسيح، حسبما تحكى قصةَ حياته الأناجيلُ التى بين أيدينا، كان فعلا وديعا متسامحا دائما مثلما يحب النصارى أن يعتقدوا ويعتقد الآخرون معهم. فما أكثر الشتائم واللعنات التى كان يرمى بها فى وجوه اليهود بل فى وجوه تلاميذه أيضا، من مثل قوله لأحد اليهود: "يا مُرَائى" (متى/ 7/ 5)، وقوله لتلاميذه ينصحهم ألا يهتموا بمن لا يستطيعون فهم دعوته مشبها إياهم بالخنازير الغبية، وكأن دين الله يصح إغلاقه فى وجه أحد: "لا تعطوا القدس للكلاب، ولا تلقوا جواهركم قدام الخنازير لئلا تدوسها بأرجلها وترجع فتمزّقكم" (متى/ 7/ 6)، وقوله لبعض الفَرّيسيّين: "يا أولاد الأفاعى" (متى/ 12/ 3)، وقوله لأهل كورزين وصيدا: "الويل لك يا كورزين! الويل لك يا بيت صيدا! " (متى/ 11/ 21، ولوقا/ 10/ 13)، وقوله لمن طلبوا منه آية: "الجيل الشرّير الفاسق يطلب آية" (متى/ 12/ 38، و16/ 4)، وقوله عن غير الإسرائيليين ممن يريدون أن يستمعوا لدعوته ليهتدوا بها إنهم كلاب لا تستحق الشفقة: "ليس حسنا أن يؤخَذ خبز البنين ويُلْقَى للكلاب" (متى/ 15/ 26)، وقوله لبطرس أقرب تلاميذه إليه: "اذهب خلفى يا شيطان" (متى/ 16/ 23، ومرقس/ 8/ 33)، وقوله لحوارييه يشتمهم ويبكتهم ويتهمهم بالغفلة والغباء: "أحتى الآن لا تفهمون ولا تعقلون؟ أَوَحَتَّى الآن قلوبكم عمياء؟ * لكم أعين، أفلا تبصرون؟ ولكم آذان، أفلا تسمعون ولا تذكرون؟ " (مرقس/ 8/ 17)، وقوله لبعض الفَرِّيسِيّين سابًّا مهددًا: "أيها الجهال ... ويل لكم أيها الفريسيون" (لوقا/ 11/ 39 – 50)، وقوله عن فَرِّيسِىّ آخر: "هذا الثعلب" (لوقا/ 13/ 32). ولا ينبغى فى هذا السياق أن نهمل ما صنعه مع الباعة فى الهيكل حين قلب لهم موائدهم وكراسيّهم وسبّهم وساقهم أمامه حتى أخرجهم من المعبد (مرقس/ 12/ 15 – 17)، وكذلك قوله لحوارييه: "أتظنون أنى جئت لأُلْقِى على الأرض َسلاما؟ لم آت لألقى سلاما لكنْ سيفا* أتيتُ لأفرِّق الإنسان عن أبيه، والابنة عن أمها، والكَنَّة عن حماتها" (متى/ 10/ 34 – 35)، وقوله أيضا فى نفس المعنى: "إنى جئت لألقى على الأرض نارا، وما أريد إلا اضطرامها" (لوقا/ 12/ 44).
(يُتْبَعُ)
(/)
من هذا يتبين أن الصورة الوديعة تمام الوداعة التى يرسمها النصارى للسيد المسيح ليست حقيقية، بل هى من مبالغاتهم التى اشتهروا بها. ولست أقول هذا حَطًّا من شأنه عليه السلام، فهو نبىٌّ كريم لا يكمل إيماننا نحن المسلمين إلا به، لكنى أريد أن أقول إن الطبيعة الإنسانية لا يمكن أن تتحمل السماحة والصبر إلى أبد الآبدين، ولا بد أن تأتى على أحلم الحلماء أوقات يضيق منه الصدر ويثور على المجرمين. كل ذلك رغم أن المسيح عليه السلام لم ينفق فى الدعوة ومخالطة الناس فى ميدانها إلا سنواتٍ ثلاثًا لا غير. بل إن النصارى، فى السِّيَر التى ألفوها عنه وأطلقوا عليها: "أناجيل"، قد نسبوا إليه بعض التصرفات التى أقلّ ما توصف به أنها تصرفات جافية تفتقر إلى اللياقة تجاه أمه عليها السلام: من ذلك أنه، بينما كان يعظ فى أحد البيوت ذات يوم، أُخْبِر أن أمه وإخوته بالخارج يريدون أن يَرَوْه ولا يستطيعون أن يصلوا إليه من الزحام، فما كان منه إلا أن أجابهم قائلا فى استنكار ونفور: "إن أمى وإخوتى هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها" (لوقا/ 8/ 19 – 20)، وحين دعت له امرأة بأنْ "طُوبَى للبطن الذى حملك، وللثديين اللذين رضعتَهما" ردَّ فى جفاء: "بل طوبى لمن يسمع كلمة الله ويعمل بها" (لوقا/ 11/ 27– 28). وليس لهذا من معنى، فضلا عن الخشونة التى لا يصح سلوكها تجاه من حَمَلتْنا وربَّتْنا، إلا أنها لم تكن هى ولا إخوته ممن يسمعون كلمة الله ويعملون بها!
وفى مناسبة أخرى كان هو وأمه فى عرس فى قانا الجليل، وفرغت الخمر فنبهته إلى ذلك، فأجابها فى غلظة: "ما لى ولك يا امرأة؟ " (يوحنا/ 2/ 1 - 3). لكأن مؤلفى الأناجيل قد تعمدوا أن يشوهوا سيرته وصورته! لكننا بطبيعة الحال لا نصدّق بشىء من ذلك، فقرآننا يؤكد أنه عليه السلام كان بَرًّا بوالدته غاية البِرّ (مريم/ 32). على أن المسألة لا تنتهى هنا وحسب، بل إنهم ليصورونه، عقب مقتل النبى يحيى قريبه اللصيق، كما لو كان بلا قلب أو مشاعر، إذ نراه بعد علمه بمقتل هذا النبى الكريم تلك القِتْلة المأساوية المعروفة يأخذ أتباعه ويمضى بهم خارج المدينة ليمارسوا حياتهم ويأكلوا كما كانوا يفعلون من قبل، وكأن شيئا لم يقع (متى/ 14/ 12 وما بعدها، ومرقس/ 6/ 28 وما بعدها)، وهو ما يدل على تحجر الإحساس، أستغفر الله! كذلك كان سائرا ذات مرة فى الطريق فجاع، ورأى شجرة تين هناك، فدنا إليها لعله يجد فيها تينا يأكله، فلما لم يجد فيها ثمرا دعا عليها ألا تثمر إلى الأبد فلا يأكل أحد منها شيئا، فيبست التينة لوقتها، وكان هذا فى رأيه برهانا على قوة الإيمان (متى/ 21/ 19 وما بعدها، ومرقس/ 11/ 12 وما بعدها). وإن الإنسان ليتساءل: كيف يمكن أن يُعَدّ هذا برهانا على قوة الإيمان؟ وما ذنب التينة يا ترى؟ وما الفائدة التى تعود على الناس أو الحياة من اليبوسة التى أصابتها؟ ألم يكن هناك برهان آخر أكثر نفعًا ومعقوليةً يمكن أن يقوم به السيد المسيح الذى يضرب النصارى به الأمثال فى الحِلْم والوداعة؟ ثم إن هذا التصرف من السيد المسيح يناقض ما أراده من المثل الذى ضربه فى موقف آخر عن التينة، وخلاصته أن رجلا كانت له شجرة تين مغروسة فى كَرْمِهِ ظلت لا تثمر ثلاث سنين، فطلب من الكَرّام أن يقلعها ليستفيد من مساحة الأرض التى تشغلها، لكن الكرّام استسمحه أن يتركها هذه السنة أيضا على أن يقطعها العام القادم إذا لم تثمر، فأجابه صاحب الأرض إلى طِلْبته (لوقا/ 13/ 6– 9). ومغزى المثل أن الله يعطى الفرصة للعاصين مرة واثنتين وثلاثا قبل أن يأخذهم بذنوبهم. فلماذا لم يطبق المسيح عليه السلام هذا المبدأ مع التينة، التى ليس لها مع ذلك عقل الإنسان ولا إرادته؟ خلاصة القول إننا لو قارنّاه برسولنا الكريم، عليه وعلى ابن مريم السلام، لوجدنا أن النبى محمدا كان أحلم وأطول بالا وأوسع صدرا، وظل هكذا، لا ثلاث سنوات فقط مثله، بل ثلاثة وعشرين عاما!
(يُتْبَعُ)
(/)
أما فى حالة الرسول محمد بعد الهجرة إلى المدينة فقد كانت هناك دولة سرعان ما وجدت نفسها منغمسةً فى حروب مع هذا ومع ذاك، شأنها فى ذلك شأن ما يحدث للدول فى كل مكان وزمان ما دمنا نعيش فى دنيا البشر لا فى دنيا الملائكة. أما حكاية "من لطمك على خدك الأيمن فحَوِّل له الآخر" فهذا كلام غير قابل للتطبيق، ولا يترتب عليه إلا خراب المجتمعات والدول، وفوز الذئاب والكلاب من البشر بكل شىء، وذهاب الناس الطيبين فى ستين داهية غير مأسوف عليهم من أحد! ثم أين هذا الصنف من الناس الذى تضربه على خده الأيمن فيدير لك الأيسر لتَحِنّ عليه بما لذّ وطاب من الصفع والإهانة؟ أَرُونِى واحدا يفعل ذلك! بل إن المسيح نفسه لم يفعل هذا! حتى الصَّلْب، الذى يزعمون أنه عليه السلام إنما أُرْسِل إلى الأرض ليتحمله فداءً للبشر الخُطَاة، ظل يسوّف فيه ويحاول تجنبه ما أمكن، وعندما وقع أخيرا فى أيدى الجنود وأخذوا يعتدون عليه بالشتم والضرب كان يعترض على ما يوجهونه إليه من أذى. بل إنه، وهو فوق الصليب، أخذ يجأر إلى ربه كى يزيح عنه تلك الكأس المرة. وهذا كله قد سجَّله مؤلفو الأناجيل أنفسهم!
ثم تعالَوْا بنا إلى واقع الحياة، فماذا نجد؟ لننظرْ إلى الحروب التى خاضها النصارى وتلك التى خاضها المسلمون ونقارن بينهما. وأول ما يلفت النظر بطبيعة الحال أن النصارى قد خاضوا الحروب وقاتلوا وقَتَلوا ولم يديروا خدهم لا اليمين ولا الشمال لأحد، اللهم إلا كِبْرًا وبَطَرًا وتجبُّرا. ومع هذا فإنهم ما زالوا سادرين فى سخفهم وسماجتهم ومحاضرتهم لنا عن التسامح والمسكنة والتواضع وإدارة خدك الأيسر لمن يصفعك على أخيه الأيمن وترك إزارك له أيضا إذا أخذ منك رداءك. لقد أبادوا أمما من على وجه الأرض فلم تبق لها من باقية: حدث هذا فى أمريكا على يد الأوربيين الذين هاجروا إليها فى مطالع العصور الحديثة وظلوا يشنون الغارات على الهنود الحمر أصحاب البلاد وينشرون بينهم الأوبئة التى لم يكن لهم بها عهد حتى أفنَوْهم عن بَكْرَة أبيهم تقريبا، وذلك بمباركة القساوسة الناطقين باسم المسيح وحاملى رسالة التواضع والمحبة والتسامح وإدارة الخد الأيسر، والتنازل عن الرداء والإزار معا وسير صاحبهما عاريًا حافيًا كما ولدته أمه! وحدث هذا أيضا فى أستراليا نحو ذلك الوقت! ولقد ناب المسلمين والعرب من هذه المحبة جانب، إذ بعد أن انتصر فرديناند وإيزابلا على بنى الأحمر فى شبه جزيرة أيبريا وأصبحت الأندلس نصرانية، رأينا هذين الملكين ينقلبان على المسلمين الذين بَقُوا فى بلادهم لم يغادروها مع من غادرها، فيغدران بهم ويُثْخِنان فيهم تقتيلا وتنصيرا، ضاربَيْنِ عُرْضَ الجدار بالمعاهدات التى تكفل للمسلمين الأمان والحرية الدينية والاحتفاظ بممتلكاتهم لا تُمَسّ، حتى لم يعد هناك بعد فترة وجيزة فى تلك البلاد مخلوق يوحّد الله. والبركة فى محاكم التفتيش التى أقامها خلفاء السيد المسيح ناشرو دعوة التسامح والتواضع والمحبة على الورق وفى عالم الدعاية الكاذبة الفاجرة لا غير، أما فى دنيا الواقع فإنها لا تسمن ولا تغنى من جوع أو قتل أو حرق أو سلخ أو تكسير للعظام أو سَمْل للعيون أو تغريق فى البحر أو مصادرة للأملاك أو ... أو ... أو ... ! فانظر إلى ما فعله المسلمون حين فتحوا تلك البلاد تدرك الفرق بين النفاق النصرانى المتشدق زورا وبهتانا بالمبادئ الخلقية الورقية التى لم تعرف السبيل يوما إلى التطبيق على الأرض، وبين المثالية الإسلامية الواقعية التى لا تعرف هذه الشقشقات اللفظية، لكنها لا تنزل أبدا إلى هذا الدرْك الأسفل من القسوة والتوحش مهما خالفت عن أمر دينها ولم تلتزم به كما يحدث فى دنيا البشر أحيانا! إن المسلمين متَّهَمون دائما بأنهم نشروا دينهم بالسيف، مع أنه لم يثبت قط أنهم أكرهوا شعبا على ترك دينه كما فعل النصارى فى كثير من الدول التى احتلوها مما ذكرنا منه أمثلة ثلاثة ليس إلا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأَدَعُ هنا الحديث لرجل غربى هو الصحفى فنسينزو أوليفيتى، الذى لم تَرُقْ له مفتريات الزعيم الأنجليكانى باتريك سُوكْدِيو ضد الإسلام فى مقال له بصحيفة "السِّبِكْتِيتَرْ" البريطانية فى 30 يوليه 2005م، فكتب يرد عليه فى مقال عنوانه: "القول بأن الإسلام المعتدل خرافة هو الخرافة" ننقل منه الفقرات التالية: "فى مقال نُشِر مؤخرًا فى مجلة "السِّبِكْتِيتَرْ" البريطانية يهاجم الزعيم الأنجليكانى باتريك سوكْدِيو المسلمين ودينهم هجوما عنيفا. ترى هل يَثْبُت ما كتبه المؤلف فى ذلك المقال على محك التمحيص؟ الواقع أن مقالة باتريك سوكديو: "خرافة الإسلام المعتدل" فى "السبكتيتر" اللندنية بتاريخ 30 يونيه 2005م تعكس اتجاها خطيرا فى الحرب على الإرهاب، إذ تحت ستار الرغبة فى تعريف الغربيين بالإسلام نجده ينشر نفس التضليل الذى تقوم عليه الكتابات العدائية لذلك الدين على مدار أكثر من ألف عام، وهذا من شأنه أن يكون أداة مباشرة فى يد أسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوى وغيرهما، لأنه يشجع فكرة "صراع الحضارات" التى يرغبون فى دوامها على نحوٍ جِدِّ مَقِيت. وإنه لمن المهم جدا أن نعرف الإسلام على نحو أفضل مما نعرفه الآن وأن نكافح وباء التطرف بكل ما فى أيدينا من إمكانات. بيد أن سوكْدِيو وأمثاله يفسدون القضية بطريقتهم التى يَسْعَوْن من ورائها إلى خدمة أغراضهم هم، وذلك من خلال تحويل الحرب على الإرهاب إلى إشعال حرب دينية على الإسلام ذاته.
ويتضح انحياز سوكْدِيو منذ البداية، فهو يزعم أن الإرهابيين يمثلون الإسلام حقا، إذ يقول: "ينبغى علينا أن نصدقهم إذا قالوا إنهم يفعلون ذلك باسم الإسلام. أليس من الغطرسة الشديدة والتنكر التام لليبرالية أن ننكر عليهم الحق فى تعريف أنفسهم بأنفسهم؟ ". أما فى باقى المقالة فهو يبذل جهدا مكثفا لإنكار حق التعريف الذاتى على سائر المسلمين الآخرين الذين يقولون إنهم يرفضون التفاسير المتطرفة للإسلام. والحقيقة أن 5% فحسب من المسلمين هم الذين يمكن تصنيفهم على أنهم أصوليون، وأن 1.,. % فقط من هؤلاء الخمسة فى المائة يُبْدُون قدرا من الميل نحو ممارسة الإرهاب أو "العنف الدينى". إنها إذن "قمة التنكر للّيبرالية" أن نعرّف نحو المليار وثلث المليار من المسلمين بأنهم إرهابيون رغم أنهم لا صلة بينهم وبين "العنف الدينى" بأى حال، لمجرد أخطاء يرتكبها هامش ضئيل لا يزيد عن 005,. %. وعلى أكثر تقدير فإن واحدا فقط من كل 200000 مسلم يمكن اتهامه بالإرهاب. أى أن كل ما هنالك من إرهابيين فى العالم لا يزيدون عن 65 ألفا ليس إلا، وهو تقريبا نفس عدد القتلة الطُّلَقاء فى الولايات المتحدة وحدها، فضلا عن أكثر من 200 ألف قاتل أمريكى فى العام الواحد فى أمة تعدادها لا يتجاوز 300 مليون نسمة.
ويدعى سوكْدِيو أن على المسلمين "الالتزام بالصدق والإقرار بالعنف الذى يصبغ تاريخهم". ومع ذلك فحين نأخذ فى الاعتبار أن معظم الكتب التى تتحدث عن اعتداءات المسلمين قد كُتِبت بأقلامٍ مسلمةٍ كان من الصعب القول بأن المسلمين بوجه عام قد اختاروا تجاهل الفظائع التى ارتكبوها فى الماضى. وبطبيعة الحال هناك مسلمون ينكرون بعضا من ذلك الماضى، بالضبط مثلما أن هناك بريطانيين لا يزالون ينكرون فظائع الحقبة الاستعمارية، ومثلما أن هناك أمريكيين ينكرون المجازر التى اجترحوها فى حق سكان أمريكا الأصليين، ومثلما أن هناك ألمانًا ينكرون المحرقة التى قضت على ستة ملايين يهودى. إلا أن الحقيقة المرة مع ذلك كله تقول إن الحضارة النصرانية قد ارتكبت من الفظائع ما يزيد كثيرا جدا على ما ارتكبته الحضارة الإسلامية، حتى لو وضعنا فى الحسبان التعداد الأكبر الذى بلغه أصحابها والعمر الأطول الذى استغرقه تاريخها.
(يُتْبَعُ)
(/)
الحق أنه لا وجود فى أى مرحلة من مراحل التاريخ الإسلامى لمثل ذلك المبدإ الذى كان ينادى به القديس أوغسطين، وهو: "عليكم أن تنصِّروهم قَسْرًا وإكراهًا". بل إن القرآن ليقول العكس من ذلك تماما كما فى الآية السادسة والخمسين بعد المائتين من سورة "البقرة"، ونصها: "لا إكراه فى الدين". لقد أدت فكرة أوغسطين المرعبة التى توجب إكراه الجميع على "التطابق" مع "العقيدة النصرانية الصحيحة" إلى قرون من سفك الدماء الذى ليس له فى تاريخ البشرية نظير. أجل، لقد عانى النصارى أثناء سلطان الحضارة النصرانية أكثر مما عانَوْا تحت سلطان الرومان قبل مجىء النصرانية أو أى سلطان آخر طوال التاريخ. لقد تجرع الملايين غصص التعذيب وذُبِحوا ذبحا باسم النصرانية أثناء البدع الآريوسية والدوناتية والألبيجينية، ودعنا من محاكم التفتيش المختلفة أو الحروب الصليبية التى كانت الجيوش الأوربية تقول فيها وهى تجزر رقاب المسلمين والنصارى معا: "اقتلوهم عن بَكْرة أبيهم، ولسوف يميز الله من يخصّونه ممن لا يخصّونه". وغَنِىٌّ عن القول أن هذه الاعتداءات التى قام بها النصارى، بل كل الاعتداءات النصرانية على مدار التاريخ، لا صلة بينها على الإطلاق وبين السيد المسيح أو حتى بينها وبين الأناجيل كما نعرفها. أجل لا يوجد مسلم واحد يمكن أن يؤاخذ السيد المسيح (الكلمة التى صارت جسدا بالنسبة للنصارى والمسلمين جميعا)، فكيف إذن تواتى سوكْدِيو نفسُه على محاسبة القرآن (كلمة الله التى صارت كتابا بالنسبة للمسلمين) على الاعتداءات الإسلامية (التى تقلّ كثيرا جدا عن نظيرتها النصرانية)؟
والواقع أن ذلك العنف الأعمى الذى لا يعرف التمييز لا يقتصر البتة على "عصور الظلام" فى أوربا أو على فترة واحدة من التاريخ النصرانى دون سواها، فحركات الإصلاح الدينى والحركات المضادة لها قد دفعت كلتاهما بالمجازر التى ارتكبها النصارى بعضهم فى حق بعضهم إلى آمادٍ قياسيةٍ غير مسبوقة، إذ تمت إبادة ثلثى النصارى فى أوربا خلال تلك الفترة. ثم لا ينبغى أن ننسى الحروب النابليونية من 1792 إلى 1815م، ولا تجارة الرقيق الأفريقى التى حصدت أرواح عشرة ملايين إنسان، أو الغزو الاستعمارى المتلاحق، فضلا عن الحروب والبرامج والثورات والإبادات الأخرى. إن أعداد السكان الأصليين الذين أبيدوا فى شمال أمريكا ووسطها وجنوبها لترتفع إلى رقم العشرين مليونا فى خلال ثلاثة أجيال لا غير.
وبالإضافة إلى ألوان التخريب والعنف الأوربى فى الماضى، أخذت الحضارة الغربية الحروب مرة أخرى إلى مسافاتٍ لم تعرفها البشرية من قبل حتى إن أحد الإحصاءات المتحفظة ليصل بعدد المقتولين قتلا وحشيا فى القرن العشرين إلى أكثر من مائتين وخمسين مليونا يتحمل المسلمون منها وِزْر أقل من عشرة ملايين ليس إلا، على حين يُسْأَل النصارى أو المنتمون إلى النصرانية عن مائتى مليون من ذلك العدد. و يعود معظم أعداد هؤلاء القتلى إلى الحرب العالمية الأولى (20 مليونا، 90 % منها على الأقل تمت على أيدى "نصارى") والحرب العالمية الثانية (90 مليونا، 50 % منها على الأقل تمت على أيدى "نصارى"، أما الباقى فقد وقع أغلبه فى الشرق الأقصى). وبالتأمل فى ذلك التاريخ المرعب يجب علينا نحن الأوربيين جميعا أن نعى تماما الحقيقة الساطعة التى تؤكد أن الحضارة الإسلامية أقل بما لا يقاس من ناحية القسوة والوحشية من الحضارة النصرانية. ترى هل كانت المحرقة التى راح ضحيتها 6 ملايين يهودى من صنع حضارة المسلمين؟
وفى القرن العشرين وحده نجد أن الغربيين والنصارى قد ارتكبوا من جرائم القتل أضعاف ما وقع من الدول الإسلامية عشرين مرة على أقل تقدير. ولقد تسببنا نحن الغربيين فى هذا القرن الذى لم يشهد التاريخ مثله دموية فى إيقاع الإصابات بين المدنيين بما لا يقاس به ما صنعه المسلمون على مدار تاريخهم جميعا: انظر إلى إزهاق أرواح 900000 رواندى عامى 1992م و1995م فى بلدٍ أكثر من 90% من سكانه نصارى، أو انظر إلى إبادة أكثر من 300000 مسلم، وكذلك الاغتصاب المنظم لأكثر من 100000 امرأة مسلمة فى البوسنة، على يد نصارى الصرب. فهذه الحقائق البشعة تقول بلغة الأرقام والإحصاءات التى لا تعرف الكذب إن الحضارة النصرانية هى أشد حضارات التاريخ عنفا ودموية، وإنها مسؤولة عن إزهاق مئات الملايين من
(يُتْبَعُ)
(/)
الأرواح.
لقد كان إنتاج الأسلحة النووية واستعمالها كفيلا فى حد ذاته بأن يجعل الغرب يتوارى خجلا أمام باقى شعوب العالم: فأمريكا هى التى صنعت الأسلحة النووية، وأمريكا هى الدولة الوحيدة التى استخدمت الأسلحة النووية، والدول الغربية هى التى تسعى إلى الحفاظ على احتكار الأسلحة النووية. وعلى هذا الأساس فليس لنا الحق بتاتا فى الاعتراض على حيازة الدول الأخرى لهذه الأسلحة إلا إذا أثبتنا أننا متجهون إلى التخلص منها تماما.
ولا بد من القول بأن الإسلام، رغم اشتماله على مفهوم الحرب المشروعة دفاعا عن النفس (كما هو الحال فى النصرانية، وكذلك البوذية)، لا مكان فى ثقافته (أو فى أية ثقافة أخرى من الثقافات الموجودة الآن) لإمكانية تحويل العنف إلى مثلٍ أعلى أو جعله وثنا معبودا كما فعلت الثقافة الغربية. إن الغربيين ينظرون إلى أنفسهم على أنهم ناس مسالمون، بيد أن الرقة والسموّ اللذين يطبعان الأناجيل بطابعهما، وكذلك الطبيعة المحبة للسلام التى تتسم بها الديموقراطية، ليس لها فى الحقيقة أى انعكاس فى الثقافة الغربية الشعبية إلا على سبيل الندرة. بل على العكس نرى الاتجاه التام لتلك الثقافة، متمثلا فى أفلام هوليوود وبرامج التلفاز الغربية وألعاب الفيديو والموسيقى الشعبية والمسابقات الرياضية، ينحو منحى تمجيد العنف وتزيينه. ومن ثم فإن المعدلات النسبية لجرائم القتل (وبخاصة القتل العشوائى والقتل المسلسل) فى العالم الغربى (وبالذات فى الولايات المتحدة الأمريكية، بل حتى فى أوربا كلها بصفة عامة) أعلى من مثيلاتها فى العالم الإسلامى فى البلاد التى لا يوجد فيها حروب طائفية، وذلك على الرغم من أن الغرب يتمتع بثروة أضخم كثيرا. ترى هل قرعت سمعَ سوكْدِيو يومًا الكلماتُ التالية من إنجيل متى؟:
"7 1 لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا،2لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. 3وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ 4أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْنِي أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟ 5يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّداً أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ! ".
ومثل معظم الكتابات الجدلية المعادية للإسلام يشكل باقى مقالة سوكْدِيو خليطا من الحقائق والأوهام. فعلى سبيل المثال يزعم سوكْدِيو أن كثيرا من الآيات القرآنية التى تدعو إلى السلم قد نسختها الآيات التى نزلت بعدها. صحيح أن كثيرا من علماء المسلمين يقولون إن الآيات اللاحقة تنسخ الآيات السابقة، غير أن نطاق النسخ يختلف من عالِمٍ إلى آخَرَ اختلافا بعيدا: فبعض العلماء يرى أن الآيات المنسوخة لا تتجاوز خمس آيات، على حين يرى علماء آخرون أن عدد المنسوخ يتجاوز 150 آية. وعلى ذلك فزَعْم سوكْدِيو بأنه "متى وُجِد تعارض فى الآيات القرآنية كان اللاحق منها ناسخا للسابق" هو تبسيطٌ مُخِلّ. ذلك أن الادعاء بتأخر الآيات الداعية إلى السلم جميعها عن الآيات المحبّذة للحرب وانتساخها بها هو، بكل بساطةٍ، ادعاء زائف. فمثلا هناك آيات نزلت فى العامين الأخيرين من حياة محمد (عليه السلام) تنهى المسلمين عن الانتقام ممن أخرجوهم من بيوتهم: "وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة/ 2)، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" (المائدة/ 8).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن الصعوبة بمكان أن يتخيل الواحد منا رسالة أقوى من هذه الرسالة فى الدعوة إلى العدل والعفو والتصالح. وفضلا عن ذلك فكثير من علماء المسلمين يستشهدون بالآيات المبكرة التى تحض على السلام فى دعوتهم للشباب المسلم إلى نبذ تطرف المتطرفين، فهل يُؤْثِر سوكْدِيو أن يُصِيخ الشباب المسلم السمعَ لأولئك الذين يفسرون له تلك الآيات على أنها قد تم نسخها كما يقول؟
ومن اللافت للنظر أن سوكْدِيو، شأنه شأن من يفسرون القرآن من المتطرفين، يسىء الاستشهاد بالآيات القرآنية باقتطاعها عن سياقها الذى وردت فيه، قائلا إن الآيتين التاسعة والخمسين والستين من سورة "الأنفال" تحضان على الإرهاب، رغم أن الآية الأخيرة لا تدعو فى واقع الأمر إلى شىء من هذا، بل تشكل مع الآية التى تعقبها كلا واحدا، ونصها: "وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا". وبالمناسبة فهذه الآية هى أيضا من الآيات المتأخرة فى النزول. وفى هذا السياق نجد الآية الستين تأمر المسلمين بألا يقفوا موقفا سلبيا تجاه تهديدات عدوهم، ثم تأتى الآية الحادية والستون لرسم حدود هذا الأمر فى الواقع العملى. وعلى هذا فليس فى الآية على الإطلاق أية دعوة إلى الإرهاب. ولربما لو كان سوكْدِيو يلمّ بالعربية إلمامًا جيدًا لكان فهمه للقرآن أفضل، لكنه يفتقر إلى مثل هذا الإلمام المطلوب، وهو ما يجعل من الصعب علينا الاقتناع بما يقوله عن الإسلام وتعاليمه مهما يكن المنصب الذى يشغله أو اللقب الذى يتحلى به.
ويمضى سوكْدِيو قائلا إن الإنسان يمكنه الاختيار بين الآيات التى تحبّذ العنف وتلك التى تدعو إلى السلام. وهذا صحيح، إلا أنه سيكون فى هذه الحالة متسرعا تسرعا شديدا فى القول بأن القرآن يرحب بالعنف أكثر مما يرحب العهد القديم (كما هو الحال مثلا فى سفر "اللاويين" أو سفر "يوشع"). فإذا قلنا إن القرآن يحبذ العنف، فما القول إذن فى نصوص العهد القديم التى تأمر أمرا صريحا بالقتل وإبادة البشر؟ ففى الفقرة رقم 17 من الأصحاح الحادى والثلاثين من سفر "العدد" يقول موسى بشأن الأسرى المديانيين الذين قتل بنو إسرائيل أقاربهم: "فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ. وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا". كما أن الفقرات 1 - 9 من الأصحاح الخامس عشر من سفر صموئيل الأول تحكى لنا قصة النبى صموئيل حين أمر الملكَ شاول بمحو العمالقة من الوجود على النحو التالى: "3فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ، وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً، طِفْلاً وَرَضِيعًا، بَقَرًا وَغَنَمًا، جَمَلاً وَحِمَارًا". أما النبى محمد فقد نهى أتباعه عن مثل هذا التطرف قائلا كما جاء فى تفسير ابن كثير للآيات 190 - 193 من سورة "البقرة: " اغزوا فى سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله. اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الوليد ولا أصحاب الصوامع"، ومثله ما ورد فى "المغازى" للواقدى (3/ 117 - 118): "اغزوا ولا تغدروا، ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة، ولا تمنَّوْا لقاء العدو".
أما الزعم بأن الحرب التى حضت عليها بعض آيات القرآن تسوّغ الأعمال الحربية العدوانية فهو دليل على الجهل بأن المفسرين التقليديين قد ضيّقوا نطاق تلك الآيات. فمثلا هناك الآية الرابعة من سورة "التوبة" التى أسىء تفسيرها فى عصرنا، ونصها: "فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ". فمن ناحيةٍ نرى المتطرفين يستغلون هذه الآية فى إراقة الدماء البريئة، ومن الناحية الأخرى فإن أعداء الإسلام يستغلونها فى الزعم بأن القرآن إنما هو كتاب عدوانى يحض على شن الحرب دون توقف. لكنْ بالاستناد إلى الروايات التقليدية فإن هذه الآية لا يمكن اتخاذها صَكًّا على بياضٍ لقتال غير المسلمين، إذ لا تَصْدُق فى الواقع إلا على أولئك المشركين الذين ناهضوا المسلمين الأوائل وهددوا وجودهم ذاته تهديدا. وكما قال أحد كبار الفقهاء، وهو أبو بكر بن العربى (من أهل القرنين الحادى عشر والثانى عشر)، فـ"قَوْله تَعَالَى: "فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ" عَامٌّ
(يُتْبَعُ)
(/)
فِي كُلِّ مُشْرِكٍ، لَكِنَّ السُّنَّةَ خَصَّتْ مِنْهُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ قَبْلَ هَذَا مِنْ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَرَاهِبٍ وَحُشْوَةٍ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَبَقِيَ تَحْتَ اللَّفْظِ مَنْ كَانَ مُحَارِبًا أَوْ مُسْتَعِدًّا لِلْحِرَابَةِ وَالإِذَايَةِ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالآيَةِ: اُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يُحَارِبُونَكُمْ".
ويمكن المضىّ فى الاستشهاد بهذه التفسيرات إلى ما لا نهاية. ومنها يتبين بكل وضوح أن تسوية سوكْدِيو بين "المسلمين المتشددين" و"علماء المسلمين القدامى" الذين يقولون إن الإسلام هو دين السيف" ليست متهافتةً فقط بل تشويهًا مطلقًا للحقائق. وعلى هذا فإما أن سوكْدِيو غير مؤهل لتحليل التراث الإسلامى والمقارنة بينه وبين الانحرافات الحديثة، وإما أنه يحرّف على نحوٍ متعمدٍ تعاليم الإسلام، وهو فى الحالتين يبرهن على أنه غير جدير بالثقة بتةً". هذا، ويجد القارئ الأصل الإنجليزى لذلك المقال كاملا مع ترجمتى له إلى العربية فى كتابى: "مختارات استشراقية إنجليزية عن الإسلام" (ط. المنار للطباعة والنشر/ القاهرة/ 1430هـ- 2009م/ 233 - 269).
كذلك لا يكفّ النصارى أبدا عن الكلام فى الجزية وقسوة الجزية حتى ليخيَّل لمن لا يعرف الأمر أن المسلمين كانوا يصادرون أموال الأمم التى يفتحون بلادها مصادرة، مع أن المبلغ الخاص بالجزية لم يكن يزيد على بضعة دنانير فى العام عن الشخص الواحد، فضلا عن أنه لم تكن هناك جزية على الأطفال والنساء والشيوخ والرهبان. وفى المقابل كان غير المسلمين يُعْفَوْن من دفع الزكاة على عكس المسلم، كما كانوا يُعْفَوْن من الاشتراك فى الحرب. وبهذا يكون المسلمون قد سبقوا كالعادة، ودون شقشقة لفظية أيضا، إلى مبدإ الإعفاء من الحرب على أساس مما نسميه الآن: "تحرُّج الضمير"، إذ لمّا كان أهل البلاد المفتوحة غير مسلمين كانت الحرب تمثّل لهم عبئًا نفسيًّا وأخلاقيا أراد الإسلام أن يزيحه عن كاهلهم بطريقة واقعية سمحة. وفضلا عن هذا فإن المسلمين، فى الحالات التى لم يستطيعوا فيها أن يحموا أهل الذمة، كانوا يردون إليهم ما أخذوه منهم من جزية، إذ كانوا ينظرون إليها على أنها ضريبة يدفعها أهل الذمة لقاء قيامهم بالدفاع عنهم.
ومع ذلك كله يُبْدِئون ويُعِيدون فى مسألة الحروب الإسلامية مدَّعين بالباطل أن المسلمين كانوا يقتلون أهل البلاد التى يفتحونها إلا إذا دفعوا الجزية. والملاحظ أنهم يخلطون عن عمد بين القتال والقتل، فالآية التى وردت فيها لفظة "الجزية" تقول: "قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآَخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) " (لاحظ: "قاتلوا" لا "اقتلوا". والفرق واضح لا يحتاج إلى تدخل من جانبى). وقد نزلت فى حق الروم، الذين كانوا يتربصون بدولة الإسلام ويتآمرون عليها ويهددونها بجيوشهم الجرارة. لقد قتل الروم مثلا الرسل والدعاة المسلمين الذين أرسلهم النبي صلي الله عليه وسلم إليهم، وكانوا يُعِدّون العدة لمهاجمة الدولة الإسلامية في عقر دارها، فكان لابد من قتالهم هم ومن يعضدهم من قبائل العرب النصارى المتحالفين معهم. ومعنى الآية أنه ينبغى على المسلمين أن يهبوا لمقاتلة الروم، الذين شرعوا فى ذلك الحين يتجهزون لاجتياح الدولة الإسلامية الوليدة متصورين أنها لقمة سائغة سهلة الهضم لن تأخذ فى أيديهم وقتا، فكان لا بد من قطع هذه اليد النجسة، وإلا ضاع كل شىء. كما كان لا بد أيضا من أخذ الجزية منهم عن يدٍ وهم صاغرون جزاءً وفاقا على بغيهم واستهانتهم بالمسلمين وتخطيطهم لاكتساح دولتهم دون أن يَفْرُط منهم فى حقهم أى ذنب!
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى أية حال فإن النصارى مأمورون بحكم دينهم أن يدفعوا "الجزية" (هكذا بالنص) لأية حكومة يعيشون فى ظلها وأن يعطوا ما لقيصر لقيصر، وما لله لله، حسبما قال لهم المسيح حرفيا (متى/ 22/ 17– 21، و12/ 24– 25، ومرقس/ 12/ 14– 17). كما أن بولس، الذى يخالف فى غير قليل من أحكامه ما قاله نبيُّه، قد كرر هنا نفس ما قاله السيد المسيح فأمرهم بالخضوع لأية حكومة تبسط سلطانها عليهم وألا يحاولوا إثارة الفتن، لأن تسلط هذه الحكومات عليهم إنما هو بقَدَر من الله كما قال لهم، ومن ثم لا ينبغى التمرد على سلطانها، بل عليهم دفع الجزية والجبايات دون أى تذمر: "لِتَخْضَعْ كلُّ نفس للسلاطين العالية، فإنه لا سلطان إلا من الله، والسلاطين الكائنة إنما رتَّبها الله* فمن يقاوم السلطان فإنما يعاند ترتيب الله، والمعاندون يجلبون دينونة على أنفسهم* لأن خوف الرؤساء ليس على العمل الصالح بل على الشرير. أفتبتغى ألا تخاف من السلطان؟ افعل الخير فتكون لديه ممدوحا* لأنه خادمُ الله لك للخير. فأما إن فعلتَ الشر فَخَفْ فإنه لم يتقلد السيف عبثا لأنه خادمُ الله المنتقمُ الذى يُنْفِذ الغضب على من يفعل الشر* فلذلك يلزمكم الخضوع له لا من أجل الغضب فقط بل من أجل الضمير أيضا* فإنكم لأجل هذا تُوفُون الجزية أيضا، إذ هم خُدّام الله المواظبون على ذلك بعينه* أدُّوا لكلٍّ حقه: الجزية لمن يريد الجزية، والجباية لمن يريد الجباية، والمهابة لمن له المهابة، والكرامة لمن له الكرامة" (رسالة القديس بولس إلى أهل رومية/ 13/ 1– 7). وهذا الكلام خاص بخضوع النصارى للحكومات الوثنية، فما بالنا بالحكومات المسلمة المؤمنة الموحِّدة التى لم يسمع أحد أنها فعلت بالنصارى ولا واحدا على الألف مما كانت تلك الحكومات تفعله بهم؟
ولنعد الآن إلى ما كنا بصدده من قسوة النصارى فى معاملتها للأمم الأخرى التى تسلطت عيها. وهنا يثور السؤال التالى: ترى لماذا كان تعامل النصارى بهذه القسوة مع غيرهم رغم الكلام المعسول عن المحبة والتسامح وما إلى ذلك؟ والجواب أوَّلا هو أن هذا الكلام المعسول إنما يخص العلاقات الفردية لا الدولية، فالنصرانية لم يكن لها أية سلطة على عهد السيد المسيح، الذى رأيناه هو وحوارييه، على العكس من ذلك، يحاكَمون على يد أعدائهم وبمقتضى قوانين هؤلاء الأعداء. وحتى على المستوى الفردى قد وجدنا أن مثل هذه المبادئ لا تؤكِّل عيشا. وإلى جانب هذا فالنصرانية ديانة لا تقوم على العقل، بل تطلب من الشخص أن يؤمن دون مناقشة أو تفكير، وعلى ذلك فإنها فى الواقع تفتقر إلى هذا التسامح الذى تدّعيه. ومعروف أنه كلما بالغ الشخص فى الحديث عن مزاياه وأزعج الآخرين بها بداعٍ وبدون داعٍ كان ذلك دليلا على كذبه. ومن ثَمَّ فإنها حين وجدت نفسها ذات سيادة ودولة ورأت أنها لا تملك أية تشريعات تتعلق بالحكم والعلاقات الدولية انكفأت إلى العهد العتيق من الكتاب المقدس تستلهمه المشورة فلم تجد إلا الحروب والتشريعات اليهودية التى تتسم بالقسوة الوحشية المفرطة فى معاملة الأعداء فى الحرب وبعد الحرب على السواء دون التقيد بأية التزامات أخلاقية أو إنسانية.
ولسوف أقتصر هنا على نص واحد من النصوص التى وردت فى العهد العتيق خاصة بالحرب. جاء فى سفر "تثنية الاشتراع": "وإذا تقدَّمْتَ إلى مدينة لتقاتلها فادْعُها أولا إلى السلم* فإذا أجابتك إلى السلم وفتحت لك فجميع الشعب الذين فيها يكونون لك تحت الجزية ويتعبدون لك* وإن لم تسالمك بل حاربتك فحاصَرْتَها* وأسلمها الرب إلهك إلى يدك فاضرب كل ذَكَرٍ بحدّ السيف* وأما النساء والأطفال وذوات الأربع وجميع ما فى المدينة من غنيمة فاغتنمها لنفسك، وكُلْ غنيمةَ أعدائك التى أعطاكها الرب إلهك* هكذا تصنع بجميع المدن البعيدة منك جدا التى ليست من مدن أولئك الأمم هنا* وأما مدن أولئك الأمم التى يعطيها لك الرب إلهك ميراثًا فلا تستَبْقِ منها نسمة* بل أَبْسِلْهم إبسالا ... " (20/ 10– 17). هذا مثال من التشريعات التى وجدها النصارى تحت أيديهم فطبقوها بمنتهى الدقة والإخلاص متى واتتهم الظروف كما حدث فى أمريكا وأستراليا مثلا، وكما حدث فى الأندلس عندما سقطت فى أيديهم فنكَّلوا بالمسلمين تنكيلا رهيبا، وكما حدث كذلك فى فلسطين، التى امتلخوها من العرب والمسلمين وأعطَوْها لليهود.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكدَيْدَنِهم عملوا على أن يصبغوا هذه الجريمة بصبغة إنسانية فزعموا أنهم إنما يريدون أن يعوّضوا اليهودَ عما ذاقوه من ويلات. على يد من؟ على يد النصارى أنفسهم، وليس على أيدى العرب والفلسطينيين! لكن متى كان الإجرام والتوحش يبالى بمنطق أو عدل أو أخلاق؟ أما الحرب فى الإسلام فلا تُشَنّ إلا للدفاع عن النفس كما هو معلوم. أما عند هزيمة العدو فإننا نأسره ولا نقتله، ثم بعد انتهاء الأعمال القتالية فإما أطلقنا سراح الأسرى دون مقابل، وإما أخذنا منهم الفدية لقاء تركهم يعودون لذويهم. أما المحو والاستئصال الذى يأمر رب اليهود شعبه به فلا مجال له فى الإسلام! وفى النهاية أرجو أن يكون القارئ قد تنبه لحكاية "الجزية" فى النصوص السابقة المأخوذة من الكتاب المقدس بعهديه العتيق والجديد جميعا!
وهم أيضا يُزْرون على تعدد الزوجات! ألا يعرفون أن إبراهيم وموسى وسليمان وداود وغيرهم من أنبياء العهد القديم كانوا من أهل التعديد، بل كان فى حريم بعضهم عشرات النساء؟ ألا يعون أنهم بهذا يلوّثون عيسى نفسه، الذى ينتمى إلى داود وسليمان، وكانا من أهل التعديد كما ذكرنا؟ لقد كان جواز تعدد الزوجات هو تشريع الأنبياء، لكن مؤلف إنجيل متى عزا لعيسى كلاما فهم منه القوم أنه يحرم التعدد، مع أن الكلام لم يكن فى التعدد قط، بل فى الطلاق! يقول متى (19/ 3– 12): "ودنا إليه الفَرِّيسِيُّون ليجربوه قائلين: هل يحلّ للإنسان أن يطلِّق زوجته لأجل كل عِلَّة؟ * فأجابهم قائلا: أما قرأتم أن الذى خلق الإنسان فى البدء ذكرًا وأنثى خلقهم وقال:* لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلزم امرأته فيصيران كلاهما جسدا واحدا؟ * فليسا هما اثنين بعد، ولكنهما جسدٌ واحد. وما جمعه الله فلا يفرّقه إنسان* فقالوا له: فلماذا أوصى موسى أن تُعْطَى كتابَ طلاق وتُخَلَّى؟ * فقال لهم: إن موسى لأجل قساوة قلوبكم أذِن لكم أن تطلّقوا نساءكم، ولم يكن من البدء هكذا* وأنا أقول لكم: من طلَّق امرأته إلا لعلة زنى وأخذ أخرى فقد زنى* فقال له تلاميذه: إن كان هكذا حال الرجل مع امرأته فأجدرُ له ألا يتزوج* فقال لهم: ما كل أحد يحتمل هذا الكلام إلا الذين وُهِب لهم* لأن من الخصيان من وُلِدوا كذلك من بطون أمهاتهم، ومنهم من خصاهم الناس، ومنهم من خَصَوْا أنفسهم من أجل ملكوت السماوات. فمن استطاع أن يحتمل فلْيحتمل".
هذا هو نص الكلام الذى ذكروا أن عيسى عليه السلام قد قاله فى تعدد الزوجات وفهموا منه أنه يحرّم هذا النظام الذى أقره الأنبياء جميعا. ومن الواضح أن عيسى عليه السلام (إن كان هو فعلا قائل هذا النص) لم يتطرق لموضوع التعدد من قريب أو بعيد، إذ كان الكلام كله عن الطلاق. وإذا كان قد عرَّج على سبيل الاستطراد إلى موضوع الإضراب عن الزواج، فهذا أيضا لا علاقة له بالتعدد من قريب أو بعيد. أما قوله: "ذكرًا وأنثى خلقهم" فلا أدرى كيف يمكن أن يؤدى إلى إلغاء التعديد، إلا إذا كان الله سبحانه وتعالى قد خلق لكل رجلٍ زوجةً باسمه لا يتزوجها إلا هو، ولا تموت قبله أو يموت هو قبلها، وإلا إذا كان عدد الرجال فى كل المجتمعات مساويا تماما لعدد النساء فى كل العصور، وهذا عكس المشاهد للأسف فى هذه الدنيا الغريبة التى يريد بعض المتهوسين أن يصبّوها فى قوالب من حديد كما كان يفعل أهل الصين مع أقدام بناتهم الصغيرات قديما حتى لا تكبر بل تظل دقيقةً مُسَمْسَمَة، إذ إن النسبة المئوية لعدد من فى سن الزواج فى المجتمعات كلها تميل دائما لصالح المرأة كما تقول الإحصاءات السكانية. ولا ننس بالذات الحروب، التى يروح فيها من أرواح الرجال أكثر مما يذهب من أرواح النساء.
ثم جاء بولس، الذى قلب كيان النصرانية رأسًا على عقب، فقال فى رسالته الأولى إلى أهل كورِنْتُس (7/ 1– 2): "أما من جهة ما كتبتم به إلىَّ فحسَنٌ للرجل ألا يَمَسّ امرأة* ولكن لسبب الزنى فلتكن لكل واحدٍ امرأته، وليكن لكل واحدةٍ رجلها "، وإن فُهِمَ من حديثٍ آخَرَ له أن هذا الحظر إنما هو خاصّ بالشمامسة (تيموتاوس/ 1/ 12). وهذا كلام يدل أقوى دلالة على أن هذا الرجل لم يكن يتمتع بأى فهم للطبيعة البشرية: فالإنسان لا يتزوج فقط من أجل ألا يقع فى الزنى، بل لأن الحياة لا يمكن أن تستمر إلا عن طريق لقاء الذكر والأنثى، كما أن الحب وممارسة الجنس يشكلان متعةً من أحلى متع
(يُتْبَعُ)
(/)
الحياة الإنسانية وأعمقها، متعةً ينبغى على المؤمن أن يشكر المولى عليها لا أن ينظر إليها على أنها بلوى أقصى ما يمكنه تجاهها هو الصبر عليها فى مضض وتأفف. ولو أن نصائح بولس قد أُخِذ بها لكان فيها نهاية الحياة! إن هذه النصائح المتطرفة إنما تنبع فى الحقيقة من النظرة الدونيّة التى تنظر بها النصرانية إلى المرأة والجسد الإنسانى، وهذه النظرة قد ورثتها الكنيسة من العهد العتيق وما يقوله عن قصة الخلق وخروج آدم من الجنة بسبب إغراء حواء له بعصيان النهى الإلهى عن الأكل من الشجرة واستحقاق المرأة من ثَمّ ابتلاء الله لها بعبء الحمل والولادة وإيقاع العداوة بينها وبين الرجل (تكوين/ 3/ 6– 24)، وهو ما يختلف فيه الإسلام عن النصرانية اختلافًا جِذْرِيًّا، إذ عندنا أن الذنب الذى أخرج أبوينا من الجنة هو ذنبهما جميعا لا ذنب حواء فقط، كما أن العلاقة بين الرجل والمرأة هى علاقة السكن والمودة والرحمة كما يقول القرآن المجيد (الروم/ 21) لا علاقة العداوة والبغضاء.
ولقد كانت النتيجة، وهنا وجه المفارقة، هو هذا السعار الجنسى الذى اشتهرت به أمم الغرب بعد أن لم تعد تطيق قيود النصرانية التى تعمل على وَأْد التطلعات والغرائز البشرية. ذلك أن غرائز البشر وتطلعاتهم لا يمكن تجاهلها، فضلا عن قهرها أو إلغائها كما يحاول الأغبياء. لكن من الممكن، ومن المطلوب أيضا، ترويضها والسمو بها إلى أقصى قدر ممكن، وهذا ما يفعله الإسلام. ولقد كان رجال الدين النصارى على رأس المنفلتين من هذه القيود الخانقة، وفضائحهم معروفة للقاصى والدانى فى كل العصور. وهذا أحد الأسباب التى جعلت الأوربيين يكرهونهم ويرَوْن فيهم مثالا للنفاق البغيض! وما فضائح باباوات روما فى العصور الوسطى واصطحاب بعضهم لعشيقاتهم معهم فى جولاتهم فى أرجاء أوربا لمباركة جموع المؤمنين، ولا الصلات الجنسية الحرام التى كانت بين بعض آخر منهم وبين أخواتهم بمجهولةٍ لمن عنده أدنى فكرة عن أحوال رجال الدين هناك قبل عصر النهضة الذى تخلص فيه الأوربيون من قيود النصرانية المُعْنِتَة.
وحتى فى موضوع الطلاق لا يعدو الكلام أن يكون عبارات شاعرية ساذجة لا دلالة لها على شىء فى الواقع والحقيقة، إذ ما معنى أن ما جمعه الله لا يفرّقه إنسان؟ إن الزواج إنما هو اختيار إنسانى قام أيضا بتوثيقه كائن إنسانى، فشأنه إذن كشأن أى شىء آخر من شؤون الحياة. فلماذا أُفْرِد وحده بهذا الوضع دون سائر الأمور الإنسانية؟ أما إن قيل إن الله هو فى الحقيقة خالق كل شىء، فإن الرد هو أنه لا مُشَاحّة فى هذا، لكننا ضد إفراد الزواج بذلك الحكم، ونرى أن هذا الوضع ينطبق أيضا على عملية الطلاق، مَثَله مثَل أى شىء آخر. ثم ما الحكمة فى أن يُعْنِت الله سبحانه وتعالى عبادَه فلا يرضى أن يرحمهم من قيود الزواج إذا ثبت أنه لا أمل فى أن يجلب لطرفيه السعادة؟ إن كثيرا من البلاد النصرانية قد انتهت إلى أنْ تضرب بهذه الأحكام عُرْض الحائط، إذ وجدت أنها لا تؤدى إلا إلى التعاسة والشقاء. وفى بعض البلاد يُقْدِم الزوج أو الزوجة فى حالات كثيرة إلى ترك النصرانية جملةً والدخول فى الإسلام، الذى يجدانه أوفق للطبيعة الإنسانية. فإلى متى هذا الخنوع لبعض الألفاظ الشاعرية التى قد تدغدغ العواطف فى مجال التفاخر الكاذب بمثالية أخلاق دينٍ ما، لكنها لا تجلب للمتمسكين بها إلا العَنَت والإحباط؟
إن كثيرا من الأزواج فى المجتمعات النصرانية هم فى الواقع مطلَّقون، لكنْ طلاقًا غير رسمى، وهم يسمونه: "انفصالا". وفى هذه الأثناء التى قد تطول سنين، كثيرا ما يصعب على الزوج والزوجة، تحت ضغط الغرائز، أن يمتنعا عن ممارسة الجنس فى الحرام، فلماذا كل هذا الإعنات؟ وحَتَّامَ يستمر هذا العناد والنفاق؟ إن الطلاق شديد البغض إلى الله كما قال صادقا سيدنا رسول الله، لكن الظروف قد تضطر الواحد منا إلى فعل ما هو بغيض تجنبا لما هو أفدح وأنكى. ومن هنا كان الطلاق عندنا حلالا رغم كونه بغيضا، أى أن المسلم لا يُقْدِم عليه إلا إذا سُدَّت فى وجهه جميع السبل الأخرى حسبما يعرف كل من له أدنى إلمام بالشريعة الإسلامية.
* * *
(يُتْبَعُ)
(/)
والآن إلى محمد رحومة، عميد كلية الدراسات العربية بالمنيا سابقا، أو "البلبوص رقم 2" على ما سوف يتضح للقارئ بعد قليل. وبالمناسبة فقد قرأت تعليقا بتاريخ 26/ 8/ 2009م على مقال محمود سلطان: "مصطفى الفقي والضمير الوطني! " بجريدة "المصريون" الضوئية بعنوان "الدكتور محمد رحومة لم يكن أستاذا ولم يكن عميدا" يؤكد أن رحومة لم يكن عميدا بل لم يكن أستاذا أصلا، بل أستاذا مساعدا ليس إلا، ولم يتول من المناصب الإدارية فى كلية الدراسات العربية بجامعة المنيا إلا الوكالة فحسب. كتب هذا أحد أساتذة الكلية نفسها، وهو د. محمود مسعود، الذى أرفق بتعليقه رقم هاتفه المحمول. وهذا نص التعليق: "الإخوة الأعزاء في جريدة" المصريين"، الدكتور محمد رحومة لم يكن أستاذا ولم يكن عميدا لدار العلوم الحالية (الدراسات العربية سابقا). إنما كان أستاذا مساعدا للنقد الأدبي وقائما بأعمال وكيل تلك الكلية مدة قصيرة، ورئيس مركز سوزان مبارك للفنون والآداب بجامعة المنيا. أخوكم د. محمود مسعود عضو هيئة التدريس بقسم الفلسفة الإسلامية بكلية دار العلوم- جامعة المنيا. تلفون 0112533587".
وقد تصادف أن قرأتُ صبيحة اليوم (الأحد 23/ 8/ 2009م) بصحيفة "الرؤية" بتاريخ السبت 25/ 10/ 2008م فى نسختها المشباكية تحقيقا لأحمد يوسف عن "الانتقام الألكترونى" جاء فيه قوله: "ويحلل الدكتور مصري حنورة، أستاذ ورئيس قسم علم النفس بجامعة الكويت سابقا، ظاهرة الانتقام عبر الشبكة قائلا: ما المانع من الانتقام الإلكتروني طالما أن مواقع الانترنت أصبحت غير خاضعة للسيطرة؟ هذا وباء وطاعون غير قابل للسيطرة عليه، وبدأ مع بث رسائل "القاعدة" للانتقام من العالم. ويضيف الدكتور حنورة أن الانتقام الإلكتروني أضحى في أشكال استفزازية تمس بالثوابت، موضحا ذلك بقوله: لابد من ذكر قصة شهيرة تواترت منذ أقل من شهر بقيام شخص يدعى محمد رحومة، وهو أستاذ سابق في الفقه الإسلامي بكلية الدراسات الإسلامية بالمنيا، ببث موقع إنترنت من أميركا يسب الإسلام والمسلمين ويتطاول على الرسول صلى الله عليه وسلم. وجاء هذا الموقف بعد اتهامه بالاختلاس وفصله من عمله، فتنصر وهاجر لأميركا وانتقم من طرده من كليته بمحاولة خدش دينه، ولكن زوجته (التى فسخ عقدها شرعا) ردت عليه عبر الإنترنت لتوضح للعالم طبائعه: اختلاس، سرقة، زنى". وهذا هو رابط التحقيق المذكور: www.arrouiah.com/files/1224872140546814500.pdf.
أما مواقع الأقباط المهجريين فتتحدث عن زوجة أمريكية دخلت الإسلام عن طريق الخداع، ثم تبين لها أنه دين ضلال فارتدت هى وأولادها مع الزوج. إلا أن مقالا منشورا فى مجلة "أقلام الثقافية" الضوئية بتارخ 26/ 8/ 2009م يؤكد أن هذا كلام مُفَبْرَك، إذ نقرأ فيه تحت عنوان "وكسب النصارى مزورا مختلسا إلى دينهم" ما نَصُّه: "وتَكْذِب مواقع النصارى أيضا فيما يتعلق بزوجته، والتى كانت أصلا مسيحية أمريكية، بادعاء مفضوح بأنها عادت إلى دينها الأول، وهو الذى لم يحدث مطلقا".
ثم صادفتُ أيضا بعد ذلك بيوم تعليقا فى عدد السبت 22 أغسطس 2009م من جريدة "اليوم السابع" على مقال لجمال جرجس المزاحم عنوانه: "رحومة مؤسسها، ونجلاء الإمام رئيسة فرع مصر: "حرَّرَنى يسوع" أول مؤسسة تنصير "علنية" فى مصر"، وهو التعليق رقم 18، وكاتبه "واحد من الناس"، ونصه: "الأخ محمد رحومة ده كان مدرس لغة عربية، وكان بني ادم متسلق وبيلعب على كل الاجنحة. الباشا عمل دراسات عليا وبعدين راح اشتغل في كلية الدراسات العربية في جامعة المنيا، وتقريبا وصل لمنصب وكيل الكلية لأنهم عددهم قليل. الأخ رحومة مسك مركز سوزان مبارك للفنون والآداب، وبعدين قام بتبديد ميزانية المركز، وبعدين اتهم بالاختلاس. اتعملت له قضية كبيرة وهرب على أمريكا قبل ما ياخد حكم". كذلك نبّأنى أحد الأساتذة الجامعيين الكبار المتخصصين فى ميدان الأدب والنقد أنه سمع برحومة قبل إعلانه التنصر، وباستيلائه على مبلغ كبير من المال وهروبه إلى أمريكا. ولم يكن صديقى، حسبما أخبرنى، يتصور وقتها أن اللص سوف يعالج مسألة الاختلاس بالارتداد عن الإسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد استمعت، بعد هذا بعدة ساعات فى أحد المواقع القبطية المهجرية، إلى تسجيل صوتى (لا صورة فيه) لمحمد رحومة أو لمن يُفْتَرَض أنه محمد رحومة (ذلك أنه لا توجد صورة كما قلت)، وكان يتكلم بالعامية، وكان الصوت متلجلجا عاليا شديد الانفعال. ولفت نظرى تأكيده أنه ليس له فضل فى التنصر، فهو لم يختر المسيح بإرادته، بل المسيح هو الذى اختاره. ثم تحدث عن رؤيا سمع فيها صوتا قويا يدعوه إلى القيام والتبشير، وما أكثر الرُّؤَى فى حياته وفى حياة أمثاله من المرتدين عن الإسلام! ومعنى هذا أنه لم يستخدم عقله فى التحول من دين التوحيد إلى دين التثليث، وهذا أمر طبيعى جدا، إذ الإيمان عند النصارى لا صلة بينه وبين العقل. وقد نقلت كلامه هو، ولم آت بشىء من عندى. كما تكلم عن المرشدين الروحيين له فى دينه الجديد، وكأنه رجل عامى يحتاج إلى من يوجهه ويرشده، وليس أستاذا جامعيا. بل لقد ذكر فى هذا السياق أحدَ الفراشين فى الكنيسة بجلباب وشبشب بوصفه واحدا من أولئك المرشدين الروحيين الذين استفاد منهم، مما يدل على مدى التدهور النفسى والفكرى والعقيدى الذى تدهوره الرجل. وفى هذا السياق أعلن مدحه وتمجيده للمجرم زكريا بطرس قائلا إن الله قد أرسله لِدَكّ معاقل الكفر والطغيان. كذلك يقر بأنه، فى حياته الإسلامية، لم يكن متدينا فى يوم من الأيام، بالإضافة إلى ارتكابه الزنا الذى يستظرف كأى حشاش مسطول فيقول إنه كان يتبع فيه قوله تعالى: "وما ملكت أيمانكم"، فى الوقت الذى يزعم أنه كان كثير الصلاة وقراءة القرآن أيضا! وقد تطرق إلى واقعةٍ اتُّهِم فيها بالاعتداء على عِرْض فتاة منقبة، وهو ما يذكرنا بما قاله عنه الدكتور مصرى حنورة فى هذا الصدد.
ومما أقر به أيضا أنه كان يمنع الطالبات المنقبات من دخول الكلية خوفا أن تكون الواحدة منهن شابا إرهابيا يحمل متفجرات فى ثيابه كما يقول. ويقول عن السعوديين، الذين اشتغل فى بلادهم فترة، إن الغالبية العظمى منهم يكرهون أنفسهم كراهية بشعة، وإنهم شر ناس على وجه الأرض، داعيا لهم أن يهديهم الله إلى النصرانية. بل نسب إلى أحد الأمراء أو الشيوخ السعوديين قوله له على سبيل الإنكار والاستنكار إن ماء زمزم هو ماء مجارٍ، فكيف يغتسل به أو يشربه؟ وهو فى ذلك كذاب أشر، إذ إن هذا الكلام لا يمكن أن يقوله إنسان، فضلا عن أين يكون هذا الإنسان سعوديا يعرف أن ماء زمزم هو ماء طاهر نظيف لطيف المذاق لا علاقة له بماء المجارى بتاتا، ذلك الماء الذى يشرب منه عقل رحومة وأشباهه المعاتيه ممن يتخذون من فراشى الكنائس مرشدين روحيين لهم، فضلا عن أن يكون هذا القائل أميرا أو شيخا سعوديا. فرحومة يكذب هنا كذبا رخيصا. والعجيب أنه، فى مقالاته النقدية التى تعرض فيها لكتابات السعوديين حين كان معارا إلى السعودية، كان يقول عن هؤلاء الناس غير ذلك.
ومن ضلاله وعمى قلبه وضميره أنه يتخذ جانب الأمريكان ضد المسلمين. كيف لا، والكذاب القرارىّ يقول إنه قد رآهم وسمعهم، وهو فى أمريكا، يدعون عقب تفجير البرجين فى الحادى والعشرين من سبتمبر 2001م لأسامة بن لادن، وقد ملأ قلوبهم شعور المحبة للرجل الذى هدم برجيهم وقتل منهم عدة آلاف (يا سلام على هذه الحنية الأمريكية الملائكية التى لم يذكرها أحد قط سوى هذا الكذاب المنافق)، فى الوقت الذى كان المسلمون يدعون على الأمريكان أن يشتت الله شملهم وييتم أطفالهم؟ وهذا الكلام لا يصدر إلا عن شيطان لئيم. ترى هل عرف ذلك الخبيث على سبيل اليقين أن ابن لادن أو أى مسلم آخر هو الذى دمر البرجين؟ إن هناك لغطا كثيرا وكثيفا حتى بين الأمريكان أنفسهم يقول إن بوش وعصابته هم الذين تَوَلَّوْا كِبْر هذه المؤامرة حتى يتخذوها ذريعة للهجوم الشامل على العالم الإسلامى. ثم فلنفترض أن المسلمين هم الذين فعلوها، فماذا تكون تلك الفعلة إزاء الجرائم الوحشية المتلتلة التى اجترحها وما زال يجترحها الأمريكان فى حق العرب والمسلمين؟
(يُتْبَعُ)
(/)
نعم ماذا تكون لقاء اغتصاب فلسطين وإعطائها لليهود أيها الوغد؟ نعم ماذا تكون فى مقابل مئات الآلاف الذين قتلهم الأمريكان بالنووى وبالحصار والتجويع فى العراق، فضلا عن تدميرهم لذلك البلد وإعادته مئات السنين إلى الوراء؟ نعم ماذا تكون تلك الفعلة بالنسبة إلى الاستنزاف الاقتصادى الذى تقوم به أمريكا لبلاد العروبة والإسلام؟ نعم ماذا تكون تلك الفعلة مقارنة بانحياز أمريكا ضد مصالح الشعوب العربية والإسلامية، ووقوفها إلى جانب حكامها الجهلة المتخلفين الساديين الفاشلين الذين لا يعرفون سوى لغة السرقة والسجن والقتل والتنكيل بها؟ أوتدرى أيها القارئ لم تفعل أمريكا ذلك؟ إنها تفعله تمهيدا للمجىء الثانى للمسيح واستعجالا له. أى أن المسيح، الذين يصدعون لنا أدمغتنا بأنه هو ودينه رمز السلام والمحبة لا يمكن أن يهل على العالم من جديد إلا إذا دمَّروا المسلمون تدميرا لا يُبْقِى منهم دَيَّارًا. لعنة الله عليكَ وعلى أمريكا فى يوم واحد أيها الخنزير!
لكننى أعود وأقول إن شعوبنا تستحق ذلك وأكثر. ذلك أنها شعوب بليدة عاجزة ذليلة تستعذب ضرب الحذاء على وجهها وتستزيده، ولا تفكر ولو مرة واحدة فى الثورة لكرامتها وحقوقها، على حين لا يتردد أى فرد فيها أن يقتل أخاه المواطن من أجل رغيف عيش بشلن حقير مثله. إنها أمة تافهة سخيفة لم تر الدنيا لها، فى هذا الطور الحالى من أطوار تاريخها، مثيلا فى ذلتها ورضاها بالهوان وتراميها على حذاء مهينيها ومعذبيها فى الداخل والخارج تلعقه وتتبرك به. صحيح أن حكامها بوجه عام هم أغبى وأضل وأفشل حكام على وجه البسيطة، لكنها هى أيضا أغبى وأضل وأفشل وأذل شعوب على وجه البسيطة. وكما تكونوا يُوَلَّ عليكم، ولا عزاء للخانعين الجبناء! وما محمد رحومة ونجلاء الإمام وأشباههما إلا البثور التى تظهر على جسدها العليل. ولو كانت أمة قويّة عفيّة ما كان لهذه البثور القبيحة النتنة أن تظهر على جسدها!
وهنا ينبغى أن نشير إلى ما قاله هذا البلبوص الحقير فى حق الطلاب الذين كان يتعامل معهم يوم كان عميدا أو وكيلا للدراسات العربية فى المنيا، إذ ذكر أنه بوغت بأخلاقهم البشعة رغم أنه كان يعاملهم بوصفه أبا روحيا لهم، فقد وجدهم سيئى الأخلاق والتصرفات إلى حد شنيع، وهو ما أصابه بالصدمة وجعله ينفر من الإسلام والمسلمين. والحق أن هذا كلامُ أفاقٍ خسيسٍ، إذ يريد الوغد أن يُفْهِمنا أنه كان يعيش قبل ذلك فى قمقمٍ عيشة الملائكة الأطهار، فهو رجل لا يقارف الرذيلة ولا يعرف شيئا عن طبائع الناس من حوله، وهو الزناوى الخلبوص حسب اعترافه هو، والجاهز لأداء ما يريده المسؤولون منه مهما تكن قذارة ما يُرَاد ودَنَسُه، وإلا فلم اختاروه دون سائر الأساتيذ فى كليته ليكون عميدا أو وكيلا، ثم اختير مرة أخرى ليكون مشرفا على مركز سوزان مبارك رغم أنه كان من أصغر الأساتذة سنا حسبما قال هو نفسه، إن لم يكن أصغرهم بإطلاق؟ ثم هل يجوز أن نصدق كلام ذلك الزانى النصاب سارق مئات الآلاف من الجنيهات؟ وعلى أية حال ما دخل ذلك بنفوره من الإسلام؟ إن الإسلام ليَدِينُ المنتسبين إليه قبل غيره. وإننى لأكرر دائما أنه لو بُعِث النبى محمد صلى الله عليه وسلم فى أمة المسلمين الآن فلن يسلم من أذى الكثيرين منهم، إذ سوف يجد أشياء كثيرة تسير على عكس ما كان يقول، وعبثا سوف يحاول ردهم إلى السبيل المستقيمة. ذلك أن صلابة أمخاخهم وسخافة عقولهم وحبهم لما مردوا عليه من هوان وذل وقلة أدب وكراهيتهم للعمل والإتقان والإبداع والنظافة والجمال والاستقلال بالرأى سوف تدفعهم إلى مخالفته والسخرية منه، فإن لم يَرْعَوِ فربما تتحرج الأمور ويتآمرون عليه تآمرا من العيار الثقيل. ولسوف تدخل القوى الكبرى على الخط وتعمل بمعاونة الحكام المحليين على وضع العراقيل فى طريقه صلى الله عليه وسلم، بل على ما هو أفظع من ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو كان بلبوصنا رقم 2 يتمتع بشىء من العقل لعرف أن تخلف الشعوب العربية والإسلامية، بما فيها الشعب المصرى، إنما سببه إهمالهم لمبادئ دينهم رغم تمسكهم بالشكليات وغرامهم بها غراما قاتلا مما لا ينفع شَرْوَى نَقِيرٍ فى مضمار الحضارة والتقدم ما داموا قد تركوا العلم والعمل والإتقان وأَضْحَوْا نافدى الصبر لا طاقة لهم على أى عمل كريم يحتاج إلى تعب وطول نفس، وانحطت أذواقهم فلا يضيقون بقبح أو تشويه، ولعرف كذلك أن ما يشاهده فى أمريكا، التى كثرت أسفاره إليها منذ وقت بعيد، من نظافة ونظام وجمال وإقبال على العمل والإبداع واقتحام لمصاعب الحياة وطموحٍ إلى المعالى والسيادة وشَرَهٍ إلى شهوات الدنيا: الطيب منها والخبيث على السواء، إنما يرجع إلى ترك الأمريكان النصرانية ومبادئها، تلك المبادئ التى توجب على من يتبعها أن يزهد فى الدنيا والمال والنساء والطعام والشراب والسيادة، وأن ينزوى بعيدا عن تيارات الحياة. ذلك أن مملكة المسيح، الذى يقول البلبوص رقم 2 إنه يؤمن به ربًّا، ليست من هذا العالم، وأن الغَنِىّ لا يمكنه، طبقا لما فى الأناجيل، أن يدخل ملكوت السماوات إلا إن استطاع الجمل أن يمر من سَمّ الخِيَاط، أى من ثَقْب الإبرة، وهذا هو المستحيل بعينه، وأنه أحرى بالشخص أن يفقأ عينيه بدلا من أن ينظر إلى امرأة ... إلى آخر ما نعرف جميعا عن النصرانية.
والطريف أن كل ما يباهينا به البلبوص رقم 2 مما يراه فى أمريكا موجود فى ديننا: فالنظافة عندنا من الإيمان، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة، والله جميل يحب الجمال، والساعى على رزقه أفضل ألف مرة ممن يظل يعبد الله طول اليوم منتظرا أن يقوم بحاجته غيره، والإيمان دون عمل لا يصح ولا يُقْبَل، وإن الله يحب إذاعمل أحدنا عملا أن يتقنه، والله فى عون العبد ما كان العبد فى عون أخيه، ولا يجوز إكراه المرأة، ثيبا كانت أو بكرا، على الاقتران بمن لا تحب تحت أى ظرف من الظروف، وطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة من المهد إلى اللحد، وفضل العالم على العابد كفضل البدر على سائر الكواكب، ولا يمكن أن يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، وإنما أهلك الأمم من قبلنا أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ... إلى آخره إن كان لذلك من آخر.
وإنى لأتحداه هو أوغيره أن يأتى من الأناجيل بأى شىء يشبه هذه الدرر الحضارية النفيسة. فالحق أنه ليس فى الأناجيل إلا موعظة الجبل التى تنادى أنْ أحبوا اعداءكم، باركوا لاعنيكم، إذا ضربك أحد على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، مما لا يطبقه ولا يمكن أن يطبقه أى نصرانى أو غير نصرانى لتعارضه التام مع الطبيعة البشرية ومقتضيات الحضارة. أما النظافة والعمل مثلا فالأناجيل تصور السيد المسيح عليه السلام كارها لهما لا يطيقهما. لقد رأى عليه السلام اليهود يهتمون بغسل أيديهم قبل الطعام فعاب عليهم ذلك وعده نفاقا. كما أنه طلب من حوارييه أن يتركوا عملهم ويتبعوه حيث يمضى. أما من أين يأكلون فالحقول مفتوحة لهم يغيرون عليها متى جاعوا كالجراد المجتاح، أو ينتظرون أكلة فى هذا البيت أو ذاك. وهذا ما تقوله الأناجيل لا أنا. أما العلم فانْسَ هذا الموضوع واطرحه من ذهنك تَفُزْ وتَسْلَمْ. وبالنسبة إلى موضوع الأمراض والعلاج والتداوى فكل ما قدمه المسيح هو أنه ساعد بعض المرضى على الشفاء. ونحن لا ننكر أن هذه معجزة، لكن السؤال من الناحية الحضارية لا الاعتقادية هو: ولكن ماذا بعد مغادرة عيسى عليه السلام للدنيا؟ من سيشفى المرضى يا ترى؟ وهذا لو كان عيسى، أثناء وجوده على الأرض، يشفى كل الناس من كل الأمراض، وهو ما لم يحدث. أما النبى الأعظم فقد وضع القاعدة الذهبية، وهى أن لكل داء دواء، وحث الناس أن يبحثوا عن العلاج ويتحرَّوُا الدواء اللازم للتعافى من المرض. وهذا هو دور المصلح الذى يستمر مفعول توجيهه العلمى والأخلاقى والحضارى إلى أبد الآبدين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومعلوم أن النصارى فى أوربا لم يعرفوا التحضر إلا يوم تركوا النصرانية (المحرفة طبعا) وثاروا عليها وعلى كُبُولها التى كانت تقيدهم وتتعس حياتهم أيام كانوا أقذارا جهالا كسالى مرضى تعشش فى رؤوسهم الخرافات، وتمتلئ بيوتهم وشوراعهم بالقاذورات، ولا يستحمون إلا من العام للعام إن استحموا، ويئنون تحت وطأة رجال الكنيسة والملوك على السواء ولا يَرَوْن فى الآفاق بريق أمل. ولهذا حين ثار الفرنسيون مثلا على هذه الأوضاع الكريهة المستبشعة كان شعارهم: اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس! ولولا احتكاك النصارى بالمسلمين فلربما كانوا لا يزالون فى غطيطهم الثقيل، ذلك الاحتكاك الذى أطلعهم على لون من الحياة يختلف تماما عما كانوا يعيشونه من حياة آسنة منتنة. إلا أن المشكلة هى فى أن المسلمين كانوا فى ذلك الوقت قد بدأوا ينحدرون على السفح مبتعدين عن قمة الإسلام الشماء وظلوا فى انحدارهم مستمرين حتى وصلوا إلى ما هم فيه الآن، على حين تقدمت أوربا وظلت تتقدم، ونحن محلك سر.
أما بلبوصنا رقم 2 فقد ضرب الجهلُ والنفاقُ على عقله فهو يردد كلام المتخلفين ثم يظن أنه يحسن صنعا! والداهية الكبرى أن أستاذ جامعيا ينخبل فى عقله فيترك الوحدانية ويذهب إلى الاعتقاد، صدقا كان هذا الاعتقاد كما يزعم، أو كذبا ونفاقا فى الحقيقة، بأن الله قد ترك ألوهيته ونزل ليموت على الصليب وعرَّض نفسه للمهانة والشتائم والضرب على يد الأوباش من مخلوقاته، لا لشىء إلا ليسامح هؤلاء الأوباشَ أنفسهم على ما اجترحته أيديهم! خيبة الله عليك أيها البلبوص!
وهو يكرر ما قاله سيد القمنى (البلبوص رقم 1) فى تهديداته للمسؤولين فى مصر، قائلا إنه إذا تعرض له أحد فلسوف يصنع مثل القمنى، أى سيخلع هو أيضا "بلبوصا" (بنص الكلمة التى استخدمها بلبوصنا الجديد). ومما قاله أيضا أن السيدة حرم الرئيس هى التى عينته مديرا لمركز سوزان مبارك للفنون والآداب بجامعة المنيا لكى يحاربَ الإرهاب ويُرَقِّىَ الشباب بتعليمهم الفنون. وهو يتهور هنا داعيا لها بكل وقاحة وغباء أن يهديها الله إلى النصرانية، قائلا إنها "ست عظيمة"، وخسارة أن تبقى على ما هى عليه. وهذا كلام يتسم بالغشم وعدم التبصر، وبخاصة إذا سمعناه يقول إنه قد تولى عمادة (أم وكالة؟) كلية الدراسات العربية بالمنيا فى سن صغيرة نسبيا، وهو ما يعنى أن هناك من كان يدفعه إلى مناصب الصدارة والتأثير، إذ المعروف أن المناصب الجامعية لا تذهب إلى من يشغلونها بالانتخاب ولا اعتمادا على رضا الأساتيذ، بل على الاختيار من فوق! فكيف اختير مثله لمثل ذلك المنصب؟ كذلك يتحدث عن الله قائلا إنه كان يسأله دائما عن السر وراء أسفاره المتعددة والمتباعدة بحثا عن الهداية: ما الحكاية بالضبط؟ هل تضحك علىّ يا رب؟ ألم تقل لى: تعال إلى أمريكا، وأنا أهديك؟ فهأنذا قد أتيت إلى أمريكا، فلماذا لم تهدنى؟ وبدلا من ذلك تأخذنى هنا وهناك ثم لا أجد فى النهاية شيئا؟ (ألم تجد إلا أمريكا تبحث عن الهداية فيها يا كذاب، يا مفترى؟). ثم يصف البكاش صوتا لقسيس مصرى سمعه على الهاتف فى أمريكا، التى سافر إليها بحثا عن المسيح هناك (يا كبدى عليك!)، بأنه قد شعر أن هذا الصوت ليس صوت قسيس، بل هو صوت الله نفسه بحنانه واهتمامه به! وهنا آمن بالمسيح، الذى قُتِل من أجله وأصابه رشاش دمه كما يقول، وأخذه فى حضنه وجرى كثيرا حتى وصل إلى البيت ونام معه بعدما تغطى بالملاءة رغم حرارة الجو آنذاك، وإن فاته أن يقول لنا ماذا كان يصنع تحت الملاءة. كما يؤكد أنه سوف يأتى اليوم الذى يقوم فيه هو ونجلاء الإمام، مَثَله الأعلى، بتعميد المصريين فى نهر النيل ذاته. إن شاء الله سوف يعمّدهم بماء المجارى! وللعجب العاجب نرى هذا الذى يعلن فى كل مكان أنه يخطط لتنصير الملايين من المصريين يتباكى فى هذا الشريط تباكِىَ الثعالب قائلا إنه لا يريد من الآخرين شيئا سوى أن يتركوه يعيش مع الدين الذى أحب واختار، فهو لا يريد تنصير أحد. وهذا دليل على كذبه وخداعه ونفاقه وعلى أن دموعه التى يذرفها إنما هى دموع التماسيح. الحق أن من يستمع إلى الرجل فى هذا التسجيل ويرى توتر صوته وتشوش فكره واضطراب كلامه وشدة انفعاله وحَزْقه العنيف وإعلانه المستمر دون أدنى داع، ككل من على رأسه بطحة، أنه لم يذهب إلى أمريكا من أجل الدولارات،
(يُتْبَعُ)
(/)
يتبين له على الفور أنه ليس فى حالة فكرية أو نفسية سليمة!
وبعد، فقد كنت قد انتهيت من هذا المقال تماما يوم الاثنين 24 أغسطس 2009م، ومع هذا كنت أحس أننى سوف أقع على أشياء أعضد بها ما جاء فيه عن هذا الوغد. ولذلك لم أبادر إلى نشره، بل أخذت أسأل هنا وهناك عن شىء جديد عنه، لكن دون أن أقع على ما يشفى فضولى العلمى ... إلى أن اتصل بى الآن (الساعة الواحدة صباح الأربعاء 26 أغسطس) أحد الأصدقاء لافتا نظرى إلى ما نشرته جريدة "المصريون" الضوئية فى صدر عددها لذلك اليوم عن البلبوص رقم2. فإلى القارئ ما نشرته تلك الصحيفة عن بلبوصنا الجديد: "كشفت مصادر لصيقة بأسرة المتنصر محمد رحومة العميد السابق لكلية الدراسات العربية – جامعة المنيا أبعادا خطيرة عن عملية تحوله من الإسلام إلى المسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية فرارا من حكم قضائي أدانه بالسرقة والاختلاس والتزوير من جامعة المنيا. وكان رحومة، الذي يحيط نفسه بهالة مزعومة عن صلته بدوائر رسمية عليا نافذة، وصلته بحرم رئيس الجمهورية حيث كان يشغل منصب المدير السابق لمركز سوزان مبارك للفنون والآداب بجامعة المنيا، حيث استغل تلك الهالة في ممارسة عمليات فساد واسعة كان أهمها ما يتعلق بالحفل الذي نظمه في جامعة المنيا لصالح ضحايا الأورام، حيث شارك فيه العديد من الفنانين المعروفين بشكل تطوعي إسهاما منهم في دعم المشروع الخيري، خاصة وأنه كان ينتسب إلى رعاية ودعم السيدة سوزان مبارك، غير أن رحومة قام بتزوير إيصالات وشيكات تفيد أنه دفع لهؤلاء الفنانين حقوقا عن مشاركتهم في الحفل الخيري وصلت إلى مئات الآلاف من الجنيهات قام باختلاسها وتحويلها إلى حساباته البنكية. وكاد الأمر يمر لولا أن شخصية بالجامعة على صلة بأحد الفنانين المشاركين اطلع على إيصال من هذه الإيصالات فعاتب الفنان على ذلك بوصف العمل تطوعيا ولا يليق أن يتقاضى عليه مثل هذا الأجر الباهظ، فنفى الفنان المشار إليه صحة الإيصال وتقدم بشكوى إلى إدارة الجامعة يتهم فيه منظم الحفل بالتزوير. فقامت الجامعة بفتح تحقيق في الموضوع انتهى إلى إحالة الملف كله إلى النيابة العامة التي أثبتت تحقيقاتها عملية تزوير واسعة في واقعة حفل ضحايا الأورام واستيلاء محمد رحومة على مئات الآلاف من الجنيهات، فحولت النيابة ملف القضية إلى محكمة الجنايات.
في هذه الأثناء، وقبل النطق بالحكم في القضية، عندما استشعر رحومة أن وثائق الإدانة دامغة وأن مصيره السجن المؤكد، طلب من الجامعة تصريحا بالسفر إلى ألمانيا بدعوى المشاركة في مؤتمر علمي، ومن هناك تواصل مع منظمات حقوقية أمريكية زعم لها أنه مضطهد دينيا لأنه تحول من الإسلام إلى المسيحية وأنه يبحث عن اللجوء إلى الولايات المتحدة الأمريكية لحمايته من الاضطهاد الديني، وهو ما تم بالفعل حيث سافر إلى هناك وحصل على الجنسية الأمريكية بدعم من منظمات تنصيرية نافذة ورعاية من بعض قيادات أقباط المهجر بعد أن أعلن هناك تنصره، ثم حاول استقدام أسرته من مصر فرفضت زوجته وابنته بعد أن علموا بإعلانه التحول عن الإسلام، بينما سافر ابنه الصغير الطالب بالثانوية العامة وقتها إلى هناك حيث قام بتنصيره وألحقه بعد ذلك بالجيش الأمريكي كجندي عامل. الجدير بالذكر أن محكمة جنايات المنيا قضت في واقعة التزوير والاختلاس بالسجن الغيابي على محمد رحومة عشرين عاما عن مجموع القضايا التي قدمته النيابة بها إلى المحكمة".
لكن موقع "الأقباط الأحرار" نشر فى ذات الليلة هذا البيان: "سخر الدكتور محمد رحومة من الخبر الذى نشرته جريدة "المصريون" الإلكترونية التى إشتهرت بفبركة العديد من الأخبار التى تخص الكنيسة والأقباط، وكان آخرها الخبر الذى نشرته على صفحتها الأولى اليوم تلصق تهما بالدكتور محمد رحومة. وفى إتصال هاتفى مع الأقباط الأحرار نفى الدكتور رحومة ما نشرته هذه الجريدة وأعلن تحديه لأن يكون هناك قضية لما أسمته الصحيفة بحفل معهد الأورام بمحافظة المنيا. وأضاف بأن ما ورد به ليس الا أكاذيب. وقد أدلى لنا ببيان يقول فيه: "هذا الخبر ليس إلا فبركة، والدليل أنى عدت الى مصر يوم 16 أكتوبر عام 2001 ومكثت بها فترة قصيرة ثم سافرت مرة أخرى الى خارج مصر حين تعذر إظهار إيمانى المسيحى وحرص الأصدقاء المسيحيين علىَّ فخرجت رسميا
(يُتْبَعُ)
(/)
للمشاركة فى مؤتمر عن مقارنة الأديان فى واشنطن فى 15 نوفمبر عام 2001 ودفعت الجامعة حينها تكاليف السفر والإقامة، وكل ذلك بالوثائق تحت يدى. أما عن الخبر فهو ليس إلا فبركات إشترك فيها المتأسلمون مع أمن الدولة مع أسرتى التى تنكرت لى بعد تحولى للمسيحية".
ومع هذا فلا بد أن ننبه إلى أن تلك التهمة مصلتة على رقبة البلبوص رقم 2 منذ وقت طويل كما رأينا من كلام د. مصرى حنورة فى صحيفة "الرؤية" قبل أن يعلن رحومة ارتداده عن الإسلام، وجاء ذكر التهمة عَرَضًا وعلى نحو خاطف! كما أن موقع "نادى مستشارى هيئة قضايا الدولة: kdaiaeldwlaclub" قد نشر الخبر الذى نشرته "المصريون"، ووقع عليه المستشار عمرو الملاح بقوله: "مشكور، ويُنْقَل إلى قسم الحوادث" (يقصد قسم الحوادث بالموقع). وهذا هو الرابط: http://kdaiaeldwlaclub.com/ip/index.php?showtopic=10778&hl= رحومة.
وقبل أن نغادر ملف البلبوص الجديد لا بد من الإشارة إلى التظاهرة التى استقبل بها الأقباط المهجريون الخونة رئيس البلاد أمام البيت الأبيض يطلبون الحرية لنصارى مصر، وكأن أحدا يستطيع أن يدوس لهم على طرف مهما تجبروا وقذفوا رجال الشرطة بالطوب وجرّحوهم وأهانوا كبار الضباط وهتفوا فى الكاتدرائية لشارون أن يأتى ويحتل مصر وينقذهم، ومهما وضع الرهبان أيديهم عنوة وتجبرا واغتصابا على ما يشاؤون من أراضى الدولة واستعملوا الاسلحة النارية كأفراد العصابات وقتلوا المسلمين لهذا الغرض بدم بارد، وكأنهم لا يسيطرون على الجانب الأكبر من اقتصاديات "المحروسة" الموكوسة المنكوسة رغم أنهم لا يمثلون إلا ستة فى المائة من إجمالى السكان على أكبر تقدير، وكأن أحدا فى الدولة مهما كان مركزه ستطيع أن يقترب من كنائسهم أو يفكر فى دخولها، فضلا عن إغلاقها لأى سبب، فى حين تُغْلَق المساجد بأمر الحكومة المسلمة السنية بمجرد الانتهاء من صلاة الفرض، وكأن فى السجون عشرات الآلاف منهم كالمسلمين المتدينين لا يسأل عنهم ولا فيهم أحد، أو كأن للمسلمين مثلهم بابا أو حتى ماما ينظر إلى الحكومة نظرة نارية تيبّس مفاصلها وتخرس لسانها وتُشِلّ يدها فلا تستطيع حَرَاكًا ولا تَرْجِع قَوْلاً ولا تقدر أن ترفع عينيها من الأرض.
لقد ظهر قرب نهاية الشريط الذى سجل تلك التظاهرة وبثته بعض المواضع القبطية المهجرية ظهورا متفقا عليه مسبقا، إذ كان يتحدث وقتها فى المحمول، وكان صوته من الوضوح للمصور البعيد عنه والذى ركز مصوِّرته عليه خلال تلك المكالمة الطويلة (التى يفترض أنها مكالمة خاصة) بحيث سمعناه وكأنه واقف بجوارنا، وليس من تلك المسافة البعيدة التى تفصله عن المصور. ولو كان المنظر عفويا، وكان هناك شخص على الطرف الآخر فعلا، لسمعنا أيضا من يهاتفه، إذ المعروف أن أجهزة المحمول شديدة الحساسية بحيث يسمع جارُ المتحدث (كما فى حالتنا هذه) الشخص الذى معه على الطرف الآخر. لكنْ من الواضح أن من رتبوا له هذا المنظر، أو قل: هذه المنظرة، قد قصدوا أن يُسْمِعونا ما سيقوله هذا البلبوص الجديد، الذى كان حريصا أشد الحرص على أن يؤكد أنه يحترم رئيس الجمهورية ويحب بلده (بلده التى سرقها وهرب بالفلوس التى اختلسها من عَرَق أبنائها المساكين الجبناء الأذلاء الخانعين الذين يستحقون كل ما يجرى وسيجرى عليهم، والقادم مذهل أكثر!) وأنه لا علاقة له بموضوع التظاهرة، إذ إن له شأنا وغرضا مختلفا، ألا وهو المطالبة بالحرية للمتنصرين والشيعة والبهائيين. وقد كرر هذا المعنى مرات وبصوت واضح ومسموع جدا بما يدل على أنهم ركّبوا فى عروة قميصة لاقط صوت لهذا الغرض. وصلت الرسالة أيها البلبوص بِشَرْطَة! لكنك برغم ذلك ممثل فاشل!
* * *
وأخيرا نصل إلى حالة زينب، وهى مختلفة عن الحالتين السابقتين لأن صاحبتها، بعد أن ارتدت عن الإسلام، وكان ذلك منذ عدة أعوام، عادت مرة أخرى إلى رحابه الطاهرة كما هو معروف. إلا أن فى قصتها عِبَرًا كثيرة، وأهمها أن المسلمين، بما فيهم طلاب الجامعة، لا يقرأون ولا يبالون بتغذية عقولهم الثخينة، ولا يهتمون من الدنيا إلا بالطعام والشراب والتناسل، شأنهم فى ذلك شأن العجماوات، اللهم إلا القليلين الذين لا يقاس عليهم ولا ترتقى بهم أمة لقلة عددهم وضعف تأثيرهم على سائر شعوبهم، أولئك الذين يسهل التأثير عليهم من قِبَل المبشرين المتخلفين
(يُتْبَعُ)
(/)
مثلهم بخرافاتهم البلهاء التى لا تقنع قطة، لكنها تقنع الجهال الذين تخلصوا من أمخاخهم ووضعوا مكانها فردة حذاء قديم. ولنقرأ هذه الفقرات التى ليس لى من فضل فيها سوى أننى وجدتها فى أحد المواقع المشباكية فنقلتها لكم وأنا فى منتهى القرف. وهى بعنوان "بعد رحلة تنصير دامت أكثر من 188 يوما زينب تعود للإسلام من جديد": "أول فصول الحكاية بدأ في 13 ديسمبر 2004 عندما نشر الزميل مصطفي بكري تفاصيل مثيرة حملت عنوان "وقائع تنصير فتاة مسلم"، وروي قصة زينب الطالبة بالفرقة الثالثة بكلية الآداب جامعة حلوان والتي فوجئت أسرتها بخطابها بعد أن تركت المنزل لتخبرهم بأنها تنصرت ولن تعود، كان في الفصل الثاني من الحكاية استغاثات الأب لكي تعود ابنته التي تأكد أنها وقعت فريسة لحملات التنصير التي يقوم بها القمص زكريا بطرس بين الشباب المسلم عبر الانترنت. ثم نشرنا الخطاب الذي اعتقد الأب أن ابنته أرسلته من خارج مصر وأنها قد سافرت بالفعل. لم ييأس الأب، وكان لديه شعور قوي أن ابنته ستعود. وبعد مرور عدة أشهر وتحديدا في الثامن من مايو الماضي فوجئنا باتصال هاتفي بالجريدة من شخص رفض الافصاح عن هويته يخبرنا بأن زينب قد عادت لأسرتها وأنه ينتظر أن تنشر الجريدة حقيقة غيابها وأين كانت!
الغريب أن هذا الشخص اتصل في نفس الوقت والساعة التي عادت فيها زينب لأسرتها، وهذا ما عرفناه عندما اتصلنا بالأب لنتأكد من الخبر، وتعجب، فقد كان علي وشك الاتصال بنا لإخبارنا بعودتها بكامل إرادتها، مؤكدا أن ابنته عادت مشوشة وغير مستقرة، وفي رأسها العديد من الأسئلة التي تبحث عن إجابات لها، كما نبحث نحن عن إجابات لأسئلة كثيرة حول غياب زينب وكيف تم تنصيرها، وتفاصيل الفترة التي غابت فيها، وكيف عادت، ولماذا. أشار الأب إلى أنه لن يضغط عليها للإجابة عن هذه الأسئلة إلا بعد أن تستقر حالتها وتجد إجابات عن تساؤلاتها الحائرة حتي تستطيع أن تقول الحقيقة كاملة. احترمنا رغبته وسألناه عن تفاصيل اللقاء الأول وكيف استقبل ابنته بعد هذه الفترة، فقال: إنها عادت فلم تجد أحدا في المنزل وانتظرت عند أحد الجيران. وعندما اتصلوا به لإخباره بعودتها لم يصدق وأسرع إلي الجار لتقع عيناه مرة أخري علي ابنته، وقد اختلطت بداخله العديد من المشاعر المتناقضة، فزينب هي أقرب أبنائه إليه، ولكن ما حدث أقوي من احتمال أي أب. ولكن بمجرد أن وقعت عيناه عليها وجدها ترتجف خوفا ورعبا من رد فعله وتتشبث بيد والدتها التي وصلت قبله، ففتح ذراعيه لها لترتمي في حضنه وتبكي بشدة.
تابعنا أخبار زينب يوميا عن طريق الأب خلال تلك الفترة. عرفنا تفاصيل الجلسات التي التقت فيها زينب مع مجموعة من الشباب المتخصصين في الرد علي الافتراءات التي يحاول البعض إلصاقها بالدين الإسلامي لتشويش الشباب عبر الانترنت، والذين جندوا أنفسهم للرد علي كل الأسئلة التي طرحتها زينب. وعرفنا كذلك الكثير من المعلومات عن فترة غيابها، ولكننا لم نبادر بالنشر منتظرين أن تستقر حالتها وتجد كل الإجابات عن تساؤلاتها ... حتي اتصل بنا والدها صباح الخميس قبل الماضي الموافق 6 يونية ليخبرنا أن زينب قد نطقت بالشهادة بمحض إرادتها، وقامت بأداء صلاة الفجر وأنها ترغب في الكشف عن تفاصيل غيابها. وقد حدد لنا موعدا للقائها والحوار معها. وقبل أن يحل هذا الموعد فوجئنا وفوجئت زينب ووالدها بموضوع منشور علي أحد مواقع الإنترنت يشير إلي أن زينب قد عادت من أجل تنصير أسرتها، ويحوي معلومات خاطئة ومشوهة عنها، فبادرت زينب بسرعة بزيارة الجريدة لتعلن أنها تريد أن يعرف الناس الحقيقة الكاملة على صفحات "الأسبوع" وعلى لسانها لتكشف العديد من الحقائق حول الأسباب التي أدت إلي اختفائها، وتفاصيل ما يجري في جامعة حلوان من عمليات تنصير منظمة ومكثفة، ودور زكريا بطرس وأعوانه بالخارج وبعض القساوسة في مصر في اللعب بعقول الشباب والفتيات بما يهدد باشعال نيران الفتنة في أي لحظة. وتفاصيل أخري كشفت عنها زينب في حوارها لـ"الأسبوع".
(يُتْبَعُ)
(/)
تركنا زينب تتحدث، وقد كانت أكثر منا حرصا علي تسجيل كل كلمة تقولها. بدت واثقة من نفسها ومن كل كلمة تنطق بها. أكدت أنها تريد أن تنقل تجربتها لكل من يضعون أقدامهم علي بداية الطريق الذي مشت فيه، وكل من يمرون بنفس الضغوط والظروف التي مرت بها. بدأت حديثها قائلة: كنت أعيش حياة عادية داخل أسرة ملتزمة دينيا، أمارس بعض الأنشطة في المساجد من حولي حيث كنت أقوم بتحفيظ القرآن للأطفال وشرح بعض الدروس لأخواتي المسلمات. وكنت وقتها أعتمد على شريحة معينة وعدد محدود من المشايخ وأئمة المساجد من حولي في استقاء المعلومات الدينية وتوصيلها للأخوات. كانت تقف أمامي بعض الأسئلة التي لا أجد لها إجابات عندي، وكنت وقتها قد تعرفت علي اثنتين من زميلاتي بجامعة حلوان وهما ريهام وهبة. وعرفت فيما بعد أنهما متنصرتان.
وعندما كنت أتحدث معهما عن الأسئلة التي كانت تقف أمامي بدأتا تطرحان المزيد من الأسئلة التي تزيد من حيرتي وشكوكي. وكانت معظمها عن أمور غيبية وحول شخص الرسول الكريم والسنن النبوية. لجأت من جديد إلى أئمة المساجد فلم أجد لديهم إجابات مقنعة، بل ومنهم من نهرني واتهمني بالشرك والكفر، وأنه لا يصح أن اسأل مثل هذه الأسئلة. ازدادت علامات الاستفهام في رأسي. في الوقت نفسه عرفتني ريهام وهبة علي 3 شباب و4 فتيات في الجامعة عرفت أيضا فيما بعد أنهم متنصرون. حكوا لي عن مواقف مشابهة وطرحوا عليّ المزيد من الأسئلة التي طلبوا مني أن أسأل المشايخ عن إجابات لها.
سألناها: هل حاولت أن تطرحي هذه الأسئلة علي أحد من العلماء المتخصصين؟ أشارت إلي أنها اكتفت بالعدد المحدود الذي تعرفه من المشايخ وأئمة المساجد. واسترسلت قائلة: كنت في ذلك الوقت أقوم بزيارات لصديقتي هبة في منزلها، وفي إحدي المرات فوجئت بوجود أحد القساوسة وعرفت بعد ذلك أن أسرتها بأكملها قد تنصرت. بادرت هبة وأخبرت القس عني وعن حيرتي والأسئلة الكثيرة بداخلي. تحدث معي هذا القس، وهو راع لإحدي الكنائس القبطية عن الدين المسيحي وأعطاني مجموعة من الكتب. كنت أستمع إليه في البداية لأجادله وأناقشه لأثبت أنني الأقوي في الحجة. وبعد أن كنت قد انقطعت عن المساجد والمشايخ الذين عرفتهم عدت لأسألهم من جديد عما يقوله هذا القس، فنصحني أحدهم بالابتعاد عن الحديث في هذه الأمور والجدال حول الدين اتقاء لما يمكن أن يحدث من فتنة طائفية قائلا: "لكم دينكم ولي ديني". ولكنني وقتها لم أكن علي استعداد لقبول هذه النصيحة، واعتبرت أن هذا يعد انسحابا وتساءلت: لماذا يدعو هذا القس لدينه بكل هذه الجرأة دون أن يخشى شيئا؟ ولماذا نكتفي نحن المسلمين بالانسحاب من النقاش حول الاديان؟ وتعلق زينب قائلة: اعتبرتُ بفهمي المحدود والعاجز وقتها أن هذا الاختلاف يمثل ضعفا في العقيدة، وخاصة أن أحد هؤلاء المشايخ كان قد رفض مقابلتي بعد طرح هذه الأسئلة عليه قائلا: إن فكري شاذ، وإنه لن يضيع وقته معي. وفي الوقت نفسه كنت أجد هذا القس وقد فرَّغ نفسه تماما لمقابلتي، وأصبح يزور منزل هبة مرات عديدة تصل إلي أربع مرات في الأسبوع لمقابلتي ونصحي باعتناق المسيحية. وكنت وقتها قد عرفت أن زملائي التسعة قد تنصروا.
تستكمل زينب حديثها قائلة: وقتها ازداد الصراع بداخلي وساورني شك في وجود الله. تغيرت ملامحها وهي تتذكر هذه الفترة، وأضافت: كان خطئي أنني تكتمت الأمر عن أسرتي ولم ألجأ إلي أهل العلم والدين، وبعدها توقفت تماما عن الاستماع للمشايخ أو مقابلة هذا القس. وفي ذلك الوقت كان عدد من أصدقائي المتنصرين قد سافروا للخارج فاتصلت بي صديقتي ريهام تليفونيا من كندا لتحدثني عن حياتها الجديدة بعد أن سافرت وكيف أنها تعمل وتقوم بالتدريس في الجامعة كما أنها تلقي بعض الدروس علي أحد مواقع الشات علي الانترنت. وطلبت مني أن أدخل علي هذا الموقع للاتصال بها والتحدث معها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتضيف زينب: وقتها لم أكن أعرف استخدام برنامج "البال توك" جيدا، فطلبت من أحد أصدقائي أن يعلمني استخدامه. وبالفعل دخلت على " Room" بعنوان "إن كان الله معنا فمن علينا"، وأخري بعنوان "هل كان محمد أشرف الخلق؟ ". وهي غرف تنصيرية، وفيها يأتون بأحاديث وروايات عن الرسول الكريم لم أكن أسمع عنها من قبل ويأتون بتفسيرات وشروح محرفة لها. كان تركيزي واهتمامي هو أن أتاكد من وجود هذه الأحاديث أم لا، وعندما أتأكد من ذلك لا أبحث عن التفسيرات الحقيقية لها، وأكتفي بسماع التفسيرات التي يطرحونها على هذه المواقع فقط.
وتكمل زينب حديثها لتقول: 'دخلت علي برنامج باسم " Boosy 1882: بوسي 1982"، وجاء الدور عليَّ في الحديث فوجدت نفسي أقول: إنني أحب الله وأشتاق إليه، ولكنني لا أعرف أين هو وأين أجده وأين الحقيقة. وهنا يهتز جسد زينب وصوتها وهي تتذكر هذه اللحظات وتلك الكلمات لتقول: كنت بالفعل أعبر عما بداخلي من حيرة ورغبة في الوصول للحقيقة، فبكيت أثناء حديثي. ووقتها حدثتني الفتاة المسئولة عن الغرفة لتقول لي إن اسمها فرحة، وتخبرني بأنها تشعر بما أشعر به الآن، وأنها كانت مسلمة ولكنها تنصرت حينما عرفت أن الرب يقول: ائتوا إليَّ أيها المتعبون وأنا أريحكم.
وتكمل زينب حديثها لتقول: أخذت فرحة تتودد إليَّ في الحديث وتحدثني عن شعورها بالارتياح وتستخدم عبارات مثل "يسوع يحبك"، "لا تقلقي فيسوع يناديك". وهنا وجدت نفسي أرد عليها بقوة قائلة: ليس معني حديثي معك وبكائي أنني قد أصبحت مسيحية. فردت فرحة بكل ثقة ورقة ونعومة: أنا أريد فقط أن أكون صديقتك ونتحدث معا: وإما أن أقنعك بالحقيقة أو تقنعيني فيكون لك الأجر والثواب. توقفت زينب قليلا ثم عادت تقول والحسرة تملأ صوتها: للأسف وقتها رأيت كلامها منطقيا، وفي الوقت نفسه كنت أنا في منتهي السلبية لم أتحرك أو أحاول البحث عن إجابات لأسئلتي وحيرتي بطريقة صحيحة، وتركت نفسي أتلقي كل ما يريدون أن يبثوه في نفسي من شكوك. وللأسف أيضا أنني لم أكن متمكنة في البحث علي برنامج البال توك الذي عرفت فيما بعد أن هناك العديد من الغرف الإسلامية التي تردّ علي كل الافتراءات والادعاءات وتظهر ضعف من رأيتهم أقوياء في لحظة ضعفي، فلم أكن استطيع التعامل سوي مع هذه الغرف التنصيرية التي عرفتها.
وعن علاقتها بناهد متولي قالت زينب إنها كانت تتصل بها وتتحدث معها عن المسيحية وتشجعها علي اعتناق المسيحية واستمرت فترة حتى كان آخر اتصال سمعتْ خلاله صوت إذاعة القرآن الكريم فعنّفتها ولم تتصل من يومها. وتكمل زينب تفاصيل المؤامرة: فوجئت بعد هذا الاتصال بسيل من الاتصالات الدولية عبر الانترنت من أمريكا وغيرها من الدول من أشخاص لا أعرفهم يشجعونني علي الدخول في المسيحية بادعاء أنهم كانوا مسلمين وتنصروا بعد أن وصلوا للحقيقة. وبدأت ريهام في الاتصال بي علي النت. ووقتها أيضا عرفوني علي زعيمهم القمص زكريا بطرس، الذي يقيم في أمريكا وبدأ يتحدث معي باستمرار. كان عنده من الاستعداد والوقت ما يجعله يتصل بي في أي وقت ولفترات طويلة. وكنت أدخل علي النت باسم منى. وجدت منه اهتماما غير عادي وأخذ يزودني بشحنات مكثفة من الكراهية للإسلام والمسلمين، مدعيا أنه يأتي بهذه المعلومات من كتب السنة والقرآن، وأنه لا يستطيع أن يتحداه أو يقف أمامه أي شيخ من مشايخ المسلمين. وأصابني الضعف بعد كل هذا الحصار الفكري الذي استسلمت له فقررت أن أعتنق المسيحية وغيرت اسمي إلى " mona loves yasso3: منى تحب المسيح".
وتكمل وقد تغيرت ملامح وجهها لتقول: في هذا الوقت كنت قد تعرفت عن طريق النت علي فتاة أصبحت من الصديقات المقربات لي وأطلقت علي نفسها اسم "بنت السامرية"، وعرفت أنها طالبة بجامعة حلوان أيضا. وكانت تتصل بي علي تليفون المنزل والمحمول ولكني لم أتقابل معها. وكانت دائما تتحدث معي عن كيفية اعتناقها للمسيحية وأنها تركت بيت أسرتها وأنها بذلك تستطيع أن تتعايش أكثر مع المسيح. وأخذت تقنعني بضرورة تركي للمنزل حتي أحتفظ بالمسيح ولا أفقده وأستطيع أن استكمل الطقوس المسيحية وأزور الكنائس كما أريد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتستطرد لتقول: مؤخرا عرفت أن هذه الفتاة هي أسماء، التي نشرتم قصتها والتي أخبرت والدتها بعد أن تركت المنزل أنها تنصرت وتقوم بتنصير الفتيات المسلمات. كانت تشجعني وتعدني بأنها ستوفر لي المكان الذي أعيش فيه، وكان تعلقي بأسرتي ووالدي يمنعني من اتخاذ هذه الخطوة، ولكن استمرار حديثي معها وما دبرته مع باقي المجموعة من الإلحاح عليَّ لدفعي لترك المنزل حتي أنهم كانوا يستشهدون بآيات من الانجيل لتشجيعي علي هذه الخطوة مثل "من أحب أبا أو أما أكثر مني فلا يستحقني".
واتخذت القرار في نوفمبر 2004، ودون أن أخبر أحدا بهذه الخطوة قبل أن أقوم بها. وبمجرد خروجي اتصلتُ ببنت السامرية لأخبرها أنني تركت المنزل وأريد أن أعيش معها فقالت لي إن ظروفها لا تسمح في الوقت الحالي باستضافتي. فاتصلت بأحد خدام الكنيسة الذي كنت قد تعرفت عليه أيضا من خلال النت، فاستأجر لي شقة بحلوان لأعيش بها بمفردي لفترة حيث إنني خرجت وبحوزتي مبلغ كبير من المال. اتصلت بمعارفي من القساوسة الذين كنت قد تعرفت عليهم وتلقيت منهم الاهتمام والرعاية المادية والمعنوية، وتبادلت معهم الزيارات هم وأسرهم في منازلهم وفي الكنائس. وتعرفت من خلالهم علي عدد من الفتيات المتنصرات. ونصحني أحد الآباء الكهنة أنا ومجموعة من هؤلاء الفتيات، وعددهن أربع، باستئجار شقة كبيرة نعيش فيها سويا. وكنت أقمت فترة عند أحد القساوسة. وبالفعل استأجرنا شقة في المقطم. وكان هؤلاء القساوسة وزوجاتهم يزوروننا باستمرار للحديث في الدين والصلاة.
سألنا زينب عن فكرة السفر للخارج، وهل شجعها أحد عليها؟ فأكدت أن الفكرة كانت مرفوضة بالنسبة لها علي الرغم من أن كثيرا من أصدقائنا الذين سافروا أكدوا لها أن الحياة في مصر غير آمنة وأن حياتهم بالخارج أفضل. وتقول: كنت أرى أن السفر هروب، وأنني تركت المنزل لأبحث عن الله. وإن كانت هناك بعض الصعاب فلابد أن أتحملها.
فسألناها عن الخطاب الذي وصل لوالدها بخط يدها من الخارج،
فأجابت أنها كانت تريد أن تتصل بأسرتها بأي شكل لتطمئنهم عليها. ولكن لصعوبة ذلك ولخوفها من أن يكتشف والدها مكانها قررت أن ترسل الخطاب إلي إحدى صديقاتها في فرنسا داخل مظروفين لتقوم هذه الصديقة بإرسال الخطاب من الخارج لوالدها.
وتكمل زينب: كنت عن طريق البال توك قد تعرفت علي سيدة مسيحية اسمها شيرين وقابلتها أكثر من مرة هي وزوجها. وكانت هي حلقة الوصل بيني وبين زكريا بطرس والمجموعة بالخارج حيث لم يكن بإمكاني الاتصال بهم فلم يكن لدي كمبيوتر أو موبايل. وقد أعطتني شيرين أسماء بعض الآباء الكهنة الذين سيقدمون لي المساعدة، وبعدها انشغلت عني. وكانت جريدة "الأسبوع"وقتها قد نشرت موضوعا عني فامتنعتُ عن الاتصال بأحد منهم حتي لا ينكشف أمري. وفي يوم شم النسيم ذهبت مع صديقاتي إلي أديرة وادي النطرون، وهناك قمت بدق الصليب في دير مارجرجس الخطاطبة.
أما عن التعميد فتقول زينب: نصحني أحد المعاونين لزكريا بطرس بالتوجه إلي أحد القساوسة من آباء الكنيسة الإنجيلية والذي قام بتعميد عدد من الفتيات المتنصرات من صديقاتي وغيرهن، وله نشاط واضح في التنصير. وهو قمص بكنيسة مشهورة بوسط القاهرة واسمه (م. ع). ولكن ولأنني ذهبت إليه وطلبت مقابلته بمفردي رفض مقابلتي لشكه في أنني مدسوسة عليه من الأمن. وبعدها عرفتني زميلاتي بأحد القساوسة المشهورين بالكنيسة الأرثوذكسية (الكاتدرائية)، وهو القمص (م. ي). وقد قام بتعميد عدد منهن، وهو الذي أطلق عليَّ اسم كريستينا وأخذ يعطيني الدروس والكتب. وكان علي وشك تعميدي، وأعطاني موعدا لذلك، ولكن في ذلك الوقت تم القبض علي أحد أصدقائي المتنصرين وزوجته فتراجعت تماما عن مقابلته.
وعندما سألنا زينب عن إحساسها بأسرتها خلال تلك الفترة تنهدت وامتلأت عيناها بالدموع وقالت: كان يملؤني الحنين والشوق لأبي وأمي وإخوتي، وفكرت في الرجوع أكثر من مرة، ولكن حديث صديقاتي حول حد الردة وأن أهلي سوف يقتلونني إذا ما عدت إليهم كان يمنعني.
(يُتْبَعُ)
(/)
ظل هذا الصراع بداخلي حتي توفي العم ميخائيل، وهو رجل مسن قعيد كنت قد تعرفت عليه في الكنيسة وارتبطت به بشدة، فشعرت بهزة نفسية جعلتني أفكر في مصيره بعد الموت وهل سنتقابل معا في الآخرة؟ وأين؟ وإذا مت أنا أيضا هل أكون قد متُّ علي الحق أم أنني ضللت الطريق؟ ومن ناحية أخري ذكرني بأسرتي. ماذا لو توفي والدي لا قدر الله، وأنا بعيدة عنه وهو غير راض عني؟ وماذا لو حدث مكروه لأحد أفراد أسرتي؟ وماذا لو لقيت حتفي دون أن يروني أو يعرفوا مصيري؟ كل هذه التساؤلات أخذت تتصارع داخلي. بدأت أفكر: هل سرت في الطريق الصحيح؟ وأخذت هذه الأسئلة تلح عليَّ حتي قررت أن أعود لأسرتي وتوقعت أن أجد ردود فعل عنيفة تجاهي، بل وتوقعت أن يقتلني والدي وأن يكون يوم عودتي هو آخر يوم في عمري. ولكن ظل لديَّ الأمل في أن تتاح لي الفرصة وأن يسعني صدر أبي وأهلي.
وتكمل قائلة: لم أخبر أحدا ممن حولي باعتزامي العودة. جمعت أشيائي في الثامن من مايو الماضي. توجهت إلي منزل أسرتي وأنا أكاد أسمع دقات قلبي تعلو وتعلو خوفا واشتياقا. ذهبت لمنزلي فلم أجد أحدا، وانتظرت عند أحد جيراننا الذين أرتبط بهم ارتباطا قويا. انتظرت حتى اتصل جارنا بوالدي ليخبره بعودتي. مرت علي هذه اللحظات كالجبال، وعندما وقعت عيناي على أبي ارتعد جسدي كله. وهنا توقفت زينب وارتعشت الكلمات علي لسانها وانهمرت دموعها وقالت: فوجئت بأبي يفتح ذراعيه لي ويتجه نحوي، فانطلقت إليه احتضنه بشده وأبكي. كانت لحظة حاسمة في حياتي أعطتني القوة والثقة والشجاعة وشعرت أنني استرد جزءا من نفسي التي افتقدتها.
وبصوت يحمل الكثير من الخشوع والإحساس بالندم تكمل: تنامى بداخلي إحساس بأن الله الغفور الرحيم لا يريد لي أن أهلك أو أضيع بفعل هؤلاء الأشرار الذين يتلاعبون بالكلمات. وجدت كل أفراد أسرتي يتعاملون معي بحب واشتياق. اتسع لي صدر والدي عندما أخبرته بأنني تائهة ومشوشة، ولديَّ الكثير من الأسئلة التي تملأ رأسي. لم يضغط عليَّ والدي لمعرفة أي تفاصيل. وخلال هذه الفترة سخَّر لي الله مجموعة من الشباب المسلم علي دراية كبيرة بالدين وبالمداخل التي يتلاعب بها هؤلاء الشياطين، وعرفت أن هذه المجموعة تخصصت في الرد علي الافتراءات التي ينسبها زكريا بطرس وأمثاله للإسلام وللرسول من خلال عدد من الغرف الإسلامية علي البال توك والتي لم يكن لديَّ علم بوجودها في البداية، وتخيلت أن أسئلتي ليس لها إجابات. تعجبتُ، فقد كانت سنهم قريبة من سني: أكبرهم لا يكبرني سوي بسبع سنوات. جلسوا معي كثيرا وأجابوا علي العديد من الأسئلة التي دارت في ذهني حتى قبل أن أطرحها.
وتتوقف زينب لتقول: وقوف هؤلاء الشباب بجانبي خلال هذه الفترة ذكرني بقول رسولنا الكريم: "مثل المسلمين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". وقد كنت جزءا من هذا الجسد فجند لي الله هؤلاء الشباب دون أن أكون قد عرفتهم من قبل ودون أن يكون بيننا أية مصالح سوي الحب والأخوة في الله.
وتضيف: وقوفهم معي جعلني أشعر وأرى كيف أن المجتمع الإسلامي مجتمع جميل يعلمنا قيما جميلة إذا احتفظنا بها وطبقناها. وقد وفر لي هؤلاء الشباب الكثير من الكتب عن الإسلام والمسيحية كي يكون لي مطلق الاختيار. رأيت صورة لم أكن قد رأيتها قبل أن أسير في الطريق الذي مشيت فيه. فاجأتني شجاعتهم وحماسهم وجرأتهم لمناظرة زكريا بطرس أمامي لإثبات مدي ضعفه وخداعه. وكنت قد اتصلت به فور عودتي لإخباره بأنني قد عدت، فلم يرد بأي تعليق. بعدها اتصلت به مرة أخرى لأعرض عليه أن أحد أقاربي يريد أن يناظره أمامي. وبالفعل تحدد يوم المناظرة علي البال توك وكنت قد عرفت أنه كثيرا ما كان يتهرب من هذه المناظرات، وهذا ما حدث فعلا خلال هذه المناظرة.
وتصف زكريا بطرس لتقول: حاول الاختفاء مثل الحرباء التي تتلون لتختفي عن الأنظار. لقد كنت أعتبره الأب الروحي لي، وقد كنت أفهم نبرة صوته، فهرب من مناقشة العديد من النقاط التي استغل ضعفي فيها ليثبت قوة حجته. اختلفت لهجته تماما، وأصابه الارتباك والعصبية وامتنع عن الرد. صرخت فيه قائلة: إنك قد خذلتني، وعليك أن ترد. فأين حججك الآن؟ وتقول زينب إنها عادت تسأل هؤلاء الشباب: لماذا لا يقومون وباستمرار بدخول هذه الغرف للرد علي زكريا؟ فقالوا: هذه نسميها: "غرف المراحيض" لأنها تهدف فقط إلى سب الإسلام والرسول وغرس الكراهية ويمتنع عن دخولها حتى أغلبية المسيحيين.
بعدها فضلت أن أخلو بنفسي حتى أبحث بداخلي عن زينب وأجلس لمحاسبتها. شعرت بالخجل من نفسي أمام الله، فبأي ثمن بخس فرطت في ديني ودنياي؟ شعرت أنني لم أفهم ديني الفهم الصحيح وأنني اخترت الطريق السهل وتركت نفسي لمن يتلاعب بي بلا إرادة.
وبعد هذه الأيام الثلاثة قررت أن أنفض الغبار الذي علق بقلبي وأن أكون زينب المسلمة إسلاما صحيحا. كنت أرتعد عندما أتذكر قول الله تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" (النساء/ 116)، ولكني في نفس الوقت كنت أتذكر آية رائعة تفتح الباب أمامي، وهي قوله تعالي: "قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله" (الزمر/ 53) وآيات أخري من القرآن تقول: "يأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تُقَاته ولا تموتُنَّ إلا وأنتم مسلمون" (آل عمران/ 102). وتسيل الدموع من عيني زينب لتقول: وجدت قلبي يركض ركضا ويدفعني دفعا أن أصلي وأسجد لله رب العالمين الواحد الأحد وأبكي بكل خلايا جسدي وكياني لعله يغفر لي. وتستطرد قائلة: ولكنني مع ذلك أشعر أنني عدت أقوي بكثير مما كنت عليه من قبل، وأنني قد خرجت من هذه التجربة المريرة بفوائد كثيرة أهمها أنني لا بد وأن أرد الدَّيْن وأن أمد يدي لمن يسيرون في بداية الطريق الذي مشيت فيه".
Ibrahim_awad9@yahoo.com
http://awad.phpnet.us
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[30 Aug 2009, 03:39 ص]ـ
(هذا ما كتبته منذ عدة ليال ونشرت المقال كما هو فى عدة مواقع مشباكية، وتكفل بعض القراء الكرام بنشره فى عدد منها آخر. ورغم أننى موقن أن البلبوص حرامى وقح وكذاب فاجر وأن إنكاره التهمة لا يساوى مليما أحمر فقد اتصلت بأحد الأصدقاء وطلبت منه أن يكلم الأخوين سلطان فى جريدة "المصريون" وينبههما إلى ما كتبه خونة أقباط المهجر على لسان التعيس البئيس من أن المحكمة لم تَدِنْه فى أية قضية وأن كل كلام فى هذا الشأن هو فبركة من الجريدة ومن أمن الدولة، وأن يطلب منهما نشر صورة الحكم على اللص المجرم حتى يقطعا ألسنة الكَذَبة الفَجَرة من كل مجرم مارد، فعاد لى بعد يومين قائلا لى إن الأستاذ جمال سلطان قد أكد له أنهم سوف يصفعون رحومة على وجهه فى عدد السبت أو الأحد على أبعد تقدير. وها نحن الآن فى ليلة الأحد 30 أغسطس 2009م، وقد بَرَّ الرجل بما قاله لصديقى الشاب. وهذا ما نشرته الصحيفة تحت عنوان "المصريون تنفرد: حكم جنايات المنيا بمعاقبة محمد رحومة بالسجن المؤبد للاختلاس والتزوير": "أثار الخبر الذي نشرته "المصريون" في عدد الأربعاء الماضي عن فضيحة الاختلاس والتزوير التي تورط فيها الدكتور محمد رحومة رئيس مركز سوزان مبارك للثقافة والفنون والمدرس بجامعة المنيا سابقا، أثار ردود فعل واسعة داخل مصر وخارجها حيث كشف الغطاء عن عمليات متاجرة بقصة التحول إلى المسيحية والاضطهاد الديني للتستر على جرائم يرتكبها ضعاف النفوس ويهربون بها من وجه العدالة والقانون إلى خارج البلاد. وقد نزل الخبر كالصاعقة على المتهم الفارّ من العدالة محمد رحومة، الذي أعلن تنصره ليحظى بحماية المؤسسات الدينية الأمريكية والمتطرفين من أقباط المهجر، وروّج بينهم أن ما نشرته "المصريون" مجرد أكاذيب، وأن أسرتَه وجهاتٍ أمنيةً هي التي روجت هذا الخبر، وأنه يتحدى أن يثبت أحد وجود حكم بإدانته. واستجابةً لطلبه تنشر "المصريون" اليوم بيانات حكم محكمة جنايات المنيا في القضية التي حملت رقم 5314 لـ95، حيث صدر حكم محكمة جنايات المنيا في تاريخ 17/ 11/2001م ضد الدكتور محمد محمود محمد أحمد رحومة، وذلك غيابيا. وقضت المحكمة بمعاقبة الدكتور محمد محمود محمد أحمد رحومة بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه وسائر المتهمين معه في القضية مبلغ مائة وخمس وعشرين ألف جنيه وإلزامهم بأن يؤدوا إلى الجهة المجني عليها مبلغا مماثلا عما أسند إليهم. وقضت المحكمة بعزل الدكتور محمد محمود محمد أحمد رحومة من وظيفته، وألزمت المتهمين بالمصروفات الجنائية ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة. والجدير بالذكر أن الشؤون القانونية بجامعة المنيا قد رفعت تقريرها بناء على الحكم إلى رئيس الجامعة بالتوصية بعزله عن وظيفته بموجب منطوق الحكم رغم أنه غيابي. وقد صدَّق رئيس الجامعة على تقرير الشؤون القانونية الذي أعده الأستاذ طارق عبد المعز المحامي، وقرر عزل رحومة من منصبه في جامعة المنيا. وكان رحومة قد تسلل عائدا إلى البلاد قبل أسبوع من صدور الحكم، وبعد أن تيقن من خلال محاميه أن الجريمة ثابتة عليه وأن موقفه القانوني ضعيف وأن المحكمة قد حددت يوم 17 نوفمبر 2001 للنطق بالحكم عاد يجمع متعلقاته ثم غادر البلاد قبل موعد جلسة النطق بالحكم بيومين اثنين فقط".
كذلك كتب، فى نفس العدد وفى نفس الموضوع، الأستاذ جمال سلطان كلمة تحت عنوان "فضيحة رحومة أم فضيحة أقباط المهجر؟ " جاء فيها: "لم نكن نريد أن يأخذ موضوع اللص محمد رحومة الذي أدانته محكمة جنايات المنيا أكبر من حجمه، وكنا قد اكتفينا بنشر الخبر الموثق عن إدانته بالسجن المؤبد على خلفية قضية اختلاس وتزوير واسعة، ونحن والحمد لله في المصريون نحرص أشد الحرص على المصداقية التي عاهدنا قراءنا عليها فلا ننشر الخبر إلا بعد التيقن من صحته أو أن تكون مستنداته لدينا بالفعل، ولم ننشر خبر رحومة إلا بعد التيقن من صحة المعلومات وهي دامغة، غير أننا فوجئنا بهذا اللص الفار من وجه العدالة يروج عند أقباط المهجر أننا نفتري عليه الكذب وأنه لم تصدر ضده أي أحكام وشرق وغرب فشتم أهله وأسرته واتهمهم بأنهم يتآمرون عليه، وهذا من فرط نبله وتربيته وأخلاقه الرفيعة طبعا، ثم اتهم الأمن المصري بأنه روج هذه "الأكاذيب". والأغرب
(يُتْبَعُ)
(/)
من ذلك أنه تحدانا علنا أن نثبت صحة هذه القضية، فلم يكن لنا من حيلة سوى أن نعود مكرهين إلى الموضوع رغم أنه لا يستحق لكي ننشر له نص الحكم ورقم القضية وتفاصيل أكثر عنها، لكي نقطع لسانه ونفضحه على رؤوس الأشهاد، ولكي يعلم من يحمونه هناك ويحتضنونه وينفقون عليه أنهم إنما يحتضنون لصا محترفا ومزورا عريقا في الإجرام، وأنه عار على أي جهة أيا كانت، ناهيك عن أن تنسب نفسها إلى دين، أي دين، أن تحتضن مثل هذا اللص أو تروج له أو ترفع من شأنه أو أن تعتبره رمزا من رموزها. هذا عار حقيقي على من يفعل ذلك! والحقيقة أن معظم النماذج التي لعبت على وتر التحول الديني إلى المسيحية في الفترة الأخيرة كانت دوافعها واضحة في المتاجرة بالقضية والبحث عن المال أو الشهرة الرخيصة أو الهروب من جرائم، لأشخاص لم يعرف في سيرتهم الشخصية أي التزام ديني أصلا، لا بإسلام ولا بمسيحية ولا ببوذية، ثم يتحول الواحد منهم خلال أيام قليلة إلى مستودع وقود متحرك يحاول أن يشعل النيران في جنبات الوطن ليظهر نفسه بطلا جديدا مفتعلا وقائدا مغوارا. ويتحمل أقباط المهجر المسؤولية كاملة عن هذا الوضع المهترئ وجعل قضية التحول الديني بيزنس أو منبرا للتشهير والسباب للآخرين. والمثير للدهشة أن أقباط المهجر يقيمون الدنيا ولا يقعدونها إذا تحولت سيدة أو شخصية مرموقة من المسيحية إلى الإسلام، ويعتبرون ذلك اعتداء على المسيحية واضطهادا، ثم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها أيضا إذا تحولت سيدة أو شخصية من الإسلام إلى المسيحية معتبرين ذلك نصرا طائفيا ونقلة في معركة وهمية مع شركاء الوطن على الرغم من أن عمليات التحول التي تتم بالآلاف سنويا من المسيحية إلى الإسلام في مصر، قدرها الأنبا مكسيموس بخمسين ألف شخص سنويا، لا يكاد يسمع بها أحد ولا يشعر بها أحد ولا يذكرها المسلمون أصلا، لأنها في الغالب مسألة ضمير شخصي وحالات تتم بشكل فردي وخاص بحثا عن ما يعتقده الشخص الإيمان والخلاص الحقيقي دون أن يكون معنيا بأن يشهر بالآخرين أو يسب دينهم أو يعلن عليهم الحرب الموهومة، وفي بعض الحالات لا يمكن تبرئتها من صدورها عن خلفيات هرب من مشكلات اجتماعية أو تأثرا بعواطف الشباب. وأرجو أن يكون في فضيحة محمد رحومة درسا لأقباط المهجر لكي يراجعوا أنفسهم في عمليات التهييج الطائفي التي تتاجر بقصة المتحولين دينيا. هذا على الرغم من قناعتي الشخصية بأن هذا نداء في الفلاة، لأن لعبة غالبية منظمات أقباط المهجر هي في النهاية لعبة بيزنس طائفي. هم أشبه بحفاري القبور: عيدهم يوم يكثر الموتى، وليس في صالحهم أبدا أن يعيش الوطن في أمن وأمان وود وسلام").
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[31 Aug 2009, 12:50 م]ـ
جزاك الله الخير الكثير على هذا الجهد الكبير أستاذنا الفاضل ونفع بك!
ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[19 Sep 2009, 03:12 ص]ـ
كل عام وجميع الزملاء والأصدقاء بخير وسلام وسعادة ونجاح، مع شكرى للجميع(/)
التلاوة
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[28 Aug 2009, 06:28 ص]ـ
التلاوة
قال رحمه الله -تعالى-: التلاوة، تستحب تلاوة القرآن على أكمل الأحوال، والإكثار منها، وهو أفضل من سائر الذكر، والترتيل أفضل من السرعة مع تبيين الحروف وأشد تأثيرا في القلب، وينبغي إعطاء الحروف حقها وترتيبها، وتلطيف النطق بها، من غير إسراف ولا تعسف، ولا تكلف، ويسن تحسين الصوت والترنم بخشوع وحضور قلب وتفكر وتفهم، ينفذ اللفظ على الأسماع، والمعاني إلى القلوب.
قال الشيخ: في زينوا القرآن بأصواتكم هو التحسين والترنم بخشوع وحضور قلب، لا صرف الهمة إلى ما حجب به أكثر الناس من الوسوسة في خروج الحروف، وترقيقها وتفخيمها وإمالتها، والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط، وشغله بالوصل والفصل، والإضجاع والإرجاع، والتطريب وغير ذلك مما هو مفض إلى تغيير كتاب الله، والتلاعب به حائل للقلوب، قاطع لها عن فهم مراد الرب من كلامه ومن تأمل هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإقراره أهل كل لسان على قراءتهم، تبين له أن التنطع بالوسوسة في إخراج الحروف ليس من سنته.
وقال: يكره التلحين الذي يشبه الغناء، واستحب بعضهم القراءة في المصحف، ويستحب الختم كل أسبوع، والدعاء بعده، وتحسين كتابة المصحف، ولا يخالف خط مصحف عثمان في ياء أو واو أو ألف أو غير ذلك، ويحرم على المحدث مسه، وسفر به لدار حرب، ويجب احترامه.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
--------------------------------------------------------------------------------
ذكر المؤلف هنا مبحث التلاوة، والمراد بالتلاوة القراءة: قال المؤلف: تستحب، والمستحب هو ما يثاب العبد عليه عند فعله ولا يعاقب على تركه.
قوله هنا: تلاوة القرآن، يعني من غير الواجبات، أنتم تعلمون أن القراءة في الصلاة واجبة فهذه ليست مرادة هنا، تستحب تلاوة القرآن، ذلك لورود النصوص الشرعية المتكاثرة في بيان الأجر العظيم على قراءة القرآن، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه وقال -صلى الله عليه وسلم-: بكل حرف من القرآن حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف والنصوص في ذلك متتابعة متكاثرة.
قوله هنا: على أكمل الأحوال، وذلك لأن كلام الله -سبحانه وتعالى- كلام فاضل، فهو خير الكلام وأحسنه، وحينئذ فيستحب لنا أن نكمل أحوالنا عند قراءة القرآن، تقديرا لهذا الكتاب، وتعظيما لكلام الله سبحانه وتعالى.
ومن الأحوال التي يستحب إكمالها عند قراءة القرآن التطهر، ومراعاة سنن التلاوة وآدابها، ومراعاة أفضل الأوقات الذي لا يكون فيه اشتغال للبال واشتغال للذهن، كقراءة الليل وقراءة الفجر، وجمهور أهل العلم على استحباب الطهارة عند قراءة القرآن، وأما بالنسبة للجنب فالجماهير على تحريم قراءة الجنب للقرآن، وقد ورد في مسند أبي يعلى بسند جيد: فأما الجنب فلا ولا آية وكذلك عند الجماهير أن الحائض لا تقرأ القرآن، قياسا على الجنب، ولما في حديث عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ القرآن في حجرها وهي حائض فيأخذ من هذا الدليل بطريق دلالة الإشارة أن الحائض لا تقرأ القرآن، لأنها بينت أعلى أحوال الحائض بالنسبة للقرآن، وهو أن يُقرأ القرآن في حجرها.
وقد قال طائفة بمنع الكافر من قراءة القرآن، إلحاقا عليهما، وقال طائفة بأن الحائض تقرأ إذا خشيت نسيانها، لكن اليوم مع توفر وسائل إبعاد النسيان، كوجود المسجلات التي تسمع منها القرآن، فيبقى القرآن محفوظا لها بمجرد السماع، يكون خوف النسيان حينئذ بعيدا.
أما بالنسبة للكافر فقد قالت طائفة بأنه يمنع من قراءة القرآن، قياسا على الجنب والحائض، وقال طائفة بجواز قراءته للقرآن ولا يمنع منه، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد أرسل إلى ملوك زمانه آيات قرآنية، وكان الكفار في ذلك العهد يتناقلون آيات من القرآن، ولم يعرف عن أحد من الصحابة أنه نهاهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويؤخذ من هذا مسألة إلحاق بعض النصارى أبنائهم بمدارس المسلمين، فإن بعض النصارى لما رأى ما عليها مدارس أهل الإسلام من سمت، وما تؤدي إليه من أخلاق فاضلة، ومحافظة على مكارم الأخلاق، أدخل أبناءه في مدارس المسلمين، فمثل هذه المدارس يدرس فيها القرآن، وهذا منسوب إلى النصرانية، فهل يمكن من قراءة القرآن ومن تعلمه؟ مبني على المسألة السابقة، والأظهر جوازه.
قال: والإكثار منها، يعني أنه يستحب الإكثار من قراءة القرآن، وقد ورد في الحديث: أن الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة
قال: وهو أفضل من سائر الذكر، يعني أن قراءة القرآن أفضل من باقي أنواع الذكر، فقراءة القرآن نوع من أنواع الذكر لكنها أفضل الذكر، لما في الترمذي: فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه وبعض أنواع القرآن أفضل من بعض، فسورة الفاتحة وآية الكرسي لهما فضيلة ومزية.
ثم ذكر المؤلف بعد ذلك المقارنة بين ترتيل القرآن وبين السرعة، أيهما أفضل؟ بالسرعة نقرأ حروفا، أكثر وبالترتيل نتمكن من فهم القرآن وتدبره، قال المؤلف: الترتيل أفضل من السرعة مع تبيين الحروف، أما إذا كان هناك سرعة بدون تبيين للحروف فهذه مخالفة للشريعة، فتدور بين الكراهة والتحريم، فالترتيل أفضل، وكذلك الترتيل أشد تأثيرا في القلب، لأنه يحصل به التفكر والتدبر للقرآن، لكن بعض الناس إذا رتل لم يتمكن من القراءة، لكونه قد حفظ القراءة بطريقة الحدر، وأنتم تعلمون أن قراءة القرآن على ثلاثة أنواع:
قراءة التحقيق: بإعطاء الحروف حقها من المخارج، وكذلك بتكميل مدود القرآن، وقراءة الحدر: المراد به الإسراع بالحروف مما لا يخفى معه حرف ولا يسقط معه حرف، وهنا كقراءة متوسطة، بين هاتين القراءتين، وقد ورد أن الله -عز وجل- قد أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بترتيل القرآن، فقال: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا وهكذا كان دأب النبي -صلى الله عليه وسلم- والسلف من بعده.
قال المؤلف: وينبغي -يعني يستحب ويسن- إعطاء الحروف حقها، وإعطاء الحروف يعني إخراج الحرف من مخرجه، وإعطاءه حقه من التفخيم والترقيق والاستعلاء ونحو ذلك، وترتيبها يعني ينبغي ترتيب الحروف حالة النطق بها، بجعل الحرف خارجا من المرتبة التي يستحق الخروج منها، ففرق بين حروف اللسان حروف الحلق.
قال: وتلطيف النطق بها يعني يستحب أن يكون النطق بهذه الحروف لطيفا رقيقا بغير إسراف، ولا تعسف ولا تكلف، فإنه إذا أسرف الإنسان في الحرف جعل الحرف الواحد قائما مقام حرفين، فيكرر الراء مرتين، ولا تعسف في إخراج الحرف، ولا تكلف في إخراج الحرف، فإن المرء إذا تكلف في إخراج الحرف ثقله وشدده، فيكون زائد لشدة ليست موجودة في القرآن، ويسن تحسين الصوت بالقرآن، لحديث: زينوا القرآن بأصواتكم، وما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الترنم بالقرآن "ما أذن" يعني ما استمع الله بشيء، وفي الحديث: ليس منا من لم يتغنى بالقرآن والترنم يعني أنه يستحب كذلك الترنم بقراءة القرآن، فلا يقرأ القرآن بمثل ما يتكلم به الناس في عادة كلامهم، وإنما يقرأ بترنم.
وكذلك يكون بخشوع، فتخشع جوارحه عن الحركة، ويخشع قلبه عن التفكر، فإن ذلك أدعى إلى معرفة معاني القرآن والتدبر فيه، وحضور قلب وتفكر وتفهم، وقد وردت النصوص بالأمر بالتدبر: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ، لهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقرأ قراءة مترسلة، إذا مر بآية رحمة سأل، وإذا مر بآية عذاب تعوذ كما في حديث حذيفة، ولما قرأ ابن مسعود على النبي -صلى الله عليه وسلم- سورة النساء بكى -صلى الله عليه وسلم- وذرفت عيناه، فإن القراءة إذا كانت بتحسين بالصوت بترنم وخشوع وحضور قلب فإن تلفظ المرء بقراءة القرآن، وحينئذ تنفذ إلى الأسماع، وحينئذ تنفذ المعاني إلى القلوب، وتنفذ بمعنى تدخل، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: في تفسير قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: زينوا القرآن بأصواتكم أن تزيين القرآن بالصوت هو تحسين الصوت والترنم بخشوع، وحضور قلب.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليس المراد بهذا الحديث - زينوا القرآن بأصواتكم - صرف الهمة إلى أمور غير مشروعة تكون سببا في حجب الناس عن التفكر في معاني القرآن، لا صرف الهمة إلى ما حجب عنه أكثر الناس عن تدبر القرآن وتفهمه من الوسوسة في خروج الحروف، من مواضعها وظهورها وتميزها، فيفكر في طريقة إخراج الحرف ولا يفكر في معنى ما يقرأه، ويفكر في الترقيق والتفخيم، والإمالة ولا يفكر في المعاني، والترقيق ضد التفخيم، ويراد به إغلاق الفم قليلا بالحرف، بخلاف التفخيم فهو فتح الفم بالحرف وتحريك وسط الكلمة، وأما الإمالة فأن يجعل الفتحة قريبة من الكسرة، ويجعل الألف قريبا من الياء، فيقول مثلا في "موسى": "موسي".
قال: والنطق بالمد الطويل والقصير والمتوسط، يعني أن بعض الناس يصرف همته في هذه الأمور، ولا يفكر في معاني القرآن، وكذلك يشتغل بالوصل، هل هذا الموطن موطن وصل أو وقوف وفصل؟ ولا يشتغل في معاني القرآن، والأصل الذي نزل له القرآن التفكر في معانيه والعمل بها، وأما أن تلاحظ طريقة النطق بالقرآن ونغفل عن تدبر المعاني فهذا ليس بمستحسن، وإذا تعارض النظر في المعاني والتفكر فيها مع طريقة إخراج الحرف قدم التفكر في المعنى، وإن كان الجمع من الأمرين هو المستحسن، بأن نعطي مخارج الحروف حقها وأن نتفكر في معانيها.
قال المؤلف: والإضجاع يعني لا نصرف الهمة إلى الإضجاع بحيث نغفل عن التدبر والمعاني، والإضجاع قريب من الإمالة، قال: والإضجاع يعني ترديد الآية مرات عديدة بقراءات مختلفة أو بطرائق وهيئات متنوعة، ثم نغفل عن المعنى، كذلك لا نصرف الهمة إلى التطريب، تطريب الصوت، مما يفضي إلى تغيير كتاب الله، والتطريب مثل التمديد ونحوه، فإن التطريب قد يؤدي إلى تغيير كتاب الله، فتشبع الكسرة فتجعل حرفا جديدا بحرف الياء، ويفخم اللفظ يكون قريبا من الشدة، فيكون فيه إضافة شدة ليست في كتاب الله، وهذه الأمور تؤدي إلى التلاعب في كلام الله، وجعله ملعبة يتلاعب الناس فيها، وحينئذ إذا وجدت هذه الأمور واشتغل بها تكون سببا لعدم تفكر الناس في معاني القرآن، وحائلا للقلوب عن فهم معاني القرآن، ومن ثم لا نفهم مراد الله -سبحانه وتعالى- من كلامه، فحينئذ نعلم من هذا أن تحسين الصوت مطلوب، ولكن التكلف في ذلك مما يجعل المرء يشتغل عن فهم القرآن هذا أمر غير مشروع.
ولا زال الكلام من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية قال: ومن تأمل هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعني عند قراءته للقرآن وإقراره أهل كل لسان على قراءتهم، فأقر قبائل العرب على قراءتهم للقرآن مع اختلافهم وتباين طريقة إخراجهم للحروف، إذا تأمل الإنسان ذلك تبين له أن التشدد والتنطع والوساوس في إخراج الحرف من مخرجه وطريقته ليس من هدي ولا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المؤلف: وقال -يعني شيخ الإسلام ابن تيمية-: يكره التلحين الذي يشبه الغناء، وقد ورد ذلك عن جماعة من السلف -أهل القرون المتقدمة- كراهة التلحين، والمراد بالتلحين هنا القراءة التي تتضمن مد حرف مقصور، أو العكس قصر حرف الممدود، أو التلحين الذي يتضمن تسكين حرف متحرك أو العكس، فإن بعض الناس يفعل ذلك ليوافق نغمات الأغاني المطربة، فإذا حصل مع هذا التلحين تغيير لنظم القرآن كان حراما، وحصل من هذا التلحين قلب الحركات على حروف أو قلب الحروف إلى حركات فإنه يكون حراما، ثم هنا نقارن بين القراءة، هل الأفضل أن تكون في المصحف، أو تكون من الصدر؟ قال المؤلف: واستحب بعضهم القراءة في المصحف، لأن النظر إلى المصحف عبادة، ولأنه حينئذ يتفكر في معاني ما يقرؤه، وجعل كثير من الناس هذا الحكم فيما إذا لم يكن هناك فائدة من القراءة حفظا، فإن القراءة حفظا إذا كانت لبقاء المحفوظ في الصدر، أو لكون المرء يحضر قلبه ويخشع بالقراءة من صدره، فإن هذا أفضل في حقه.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال المؤلف: يستحب الختم يعني إكمال قراءة القرآن كل أسبوع، يعني في كل أسبوع مرة، وقد ورد في حديث ابن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: اقرأ القرآن كل أسبوع ولا تزد على ذلك قال في بعض الروايات: اقرأه في ثلاث واستثنى بعض العلماء من ذلك ما لو كان هناك مكان فاضل كمكة، أو زمان فاضل كرمضان، فإنه لا مانع من ختم القرآن في أقل من ذلك، ولا يجاوز الإنسان بختمه للقرآن للشهر، أقل ما يكون لختم القرآن في شهر، إذا ختمه في أقل من ذلك فهو أولى وأحسن.
قال: والدعاء بعده، يعني يستحب الدعاء بعد ختم القرآن، وقد ورد ذلك عن جماعة من السلف، أنس بن مالك وغيره، وقد قال طائفة بأن دعاء ختم القرآن يكون بعده مباشرة، ولو كان ذلك في صلاة التراويح، وهذا قول جماهير الفقهاء من المذاهب المعروفة، وقد قال الإمام أحمد: بأنني أدركت الناس بمكة والمدينة وغيرهما إذا أنهى القارئ في الصلاة قراءة الناس رفع يديه ودعا، فدل ذلك على أن هذا أمر مشهور مشتهر، وأنه وقع عليه اتفاق الأمة، ولم يوجد من ينكر مثل هذا الفعل في تلك العصور، والإجماع السكوتي مما يستدل به على الأحكام، ومنع منه طائفة، لأنه لم ينقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد أجيب عن ذلك بأن صلاة التراويح في جميع الشهر لم تنقل عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك لعلة وعذر وهو أنه خشي أن تفرض على الأمة.
قال المؤلف: وتحسين كتابة المصحف، فإنه يستحب أن يحسن المرء خطه بالمصحف، واليوم كفينا هذا بوجود هذه المطابع الحديثة بفضل الله -سبحانه وتعالى- ولا يخالف خط مصحف عثمان في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك، فلا يتبع الإنسان في كتابة المصحف الطريقة الإملائية، وإنما نأخذ بما ورد في مصحف عثمان، لأن الأمة أجمعت على ذلك، ولأن هذا المصحف بهذه الكتابة يجمع القراءات الواردة في الكتاب، فلوا عدلناها بقواعد الإملاء، لكان ذلك مؤديا إلى عدم دخول هذه القراءات في كتابة المصحف، ولكان في ذلك مخالفة لما عليه سلف الأمة.
قال المؤلف: ويحرم على المحدث مسه، يعني أن من كان محدثا -على غير طهارة- سواء كان محدثا حدثا أصغر بانتقاض الوضوء، أو كان محدثا حدثا أكبر بجنابة ونحوها، فإنه حينئذ يحرم عليه مس المصحف، وهذا مذهب الأئمة الأربعة يستدلون عليه مما ورد في حديث عمرو بن حزم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب: لا يمس القرآن إلا طاهر وقد قيل في قوله: لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ هو خبر بمعنى الأمر، وقيل بأن الكتاب الذي في اللوح المحفوظ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ وهو أصل هذا الكتاب الذي بين أيدينا، فيكون الفرع مماثلا له، ويستثنى من ذلك ما لو كتب مع القرآن تفسير فإن حينئذ لا يتمحض أن يكون مصحفا، ويستثنى من ذلك ما لو كان المصحف والقرآن في أشرطة، سواء أشرطة مسجل أو فيديو أو كومبيوتر، فإنه لا مانع من مسها، ولا يقال لها مصحفا، وهل يدخل في هذا مس المصحف بعلاقة ونحوها؟ مذهب أحمد أن المصحف إذا كان في علاقة منفصلة عن المصحف فإنه لا مانع من حمل العلاقة ومس هذه العلاقة، ولا يكون ماسا للمصحف، خلافا لطائفة من الفقهاء.
قال المؤلف: وسفر به لدار الحرب، يعني يحرم أن يسافر المسلم به لدار الحرب، لما ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، وعلة ذلك الخوف من تمكن العدو من تحريف القرآن وتبديله واستهانته، فحينئذ إذا كان سفر الإنسان بالقرآن لن يؤدي إلى هذه الأمور فهل ينتفي هذا المنع والتحريم؟ هذا مبني على قاعدة عند الأصوليين وهي أن العلة إذا عادت على أصلها بالتخصيص هل تعتبر، ويخصص بها اللفظ العام؟ والصواب في هذا التفريق بين العلة المنصوصة والعلة المستنبطة العلة، المنصوصة تخصص اللفظ العام، بخلاف المستنبطة.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال: ويجب احترامه، يعني ويجب احترام المصحف وصيانته عن كل أذى، فلا يدخل به بالقرآن، ولا يوضع في أماكن القاذورات والنجاسات، ولا يوضع في أمكنة الجلوس خشية من أن يجلس عليه، ولا يهان، ومن هنا قالت طائفة بأن القرآن لا يكتب على الجدران، لأن في ذلك امتهان له، وكذلك يصان القرآن عن الاستناد إليه أو جعله وسادة يستند عليه الإنسان، ويصان أيضا من الجلوس عليه والوقوف عليه، ومما يتعلق بهذا مد الرجلين إلى المصحف، فإنه مكروه إذا لم يقصد إهانة المصحف، أما إذا قصد إهانته فلا شك بأنه من العظائم، وقد قالت طائفة بأنه يكفر بذلك، وكذلك من عدم احترام القرآن إلقاؤه على الأرض بقوة، لأن هذا يؤدي إلى تمزقه.
هذا شيء مما يتعلق بأحكام المصحف، والمؤلف -غفر الله له ورحمه ورفع درجته- حاول استقصاء أحكام مقدمة التفسير، وقد استفاد من مقدمة تفسير شيخ الإسلام ابن تيمية كثيرا، وذكر مباحث ومواطن ذكرها غيره، وقد اختصر مقدمة التفسير اختصارا غير مخل، فجمع ووعى من جهة، وقلل اللفظ وسهله من جهة أخرى، وهناك علوم كثيرة متعلقة بالتفسير، علوم القرآن لم يذكرها المؤلف، وذلك لأنه يعتبر أن هذه المقدمة بمثابة الأمر المسهل اليسير، وحينئذ فعلينا بمعرفة ما يتعلق بعلوم القرآن وطرق التفسير وطرق الدلالات، دلالات الألفاظ من أجل أن نفهم كلام الله -عز وجل- وأن نعرف المراد به، لنتمكن من العمل به، ولنتمكن من إرضاء الله -سبحانه وتعالى- لتعلمه وتعليمه، وقد ورد في الصحيح من حديث عثمان -رضي الله عنه-: خيركم من تعلم القرآن وعلمه تعلم القرآن يدخل فيه تعليم حروفه، ويدخل فيه أيضا تعليم معانيه وتعلمها.
وحينئذ فأوصي الجميع بالتوجه لكتاب الله -سبحانه وتعالى- حفظا وتلاوة وتدبرا وعملا ودعوة، وأن نفهم هذا القرآن من خلال القواعد التي توضح مراد الله -سبحانه وتعالى- وتبينه، نسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا وإياكم فهم القرآن والعمل به، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، ويغفر لنا ولكم ولوالدينا ولجميع المسلمين، كما أسأله -سبحانه- أن يصلح أحوال الأمة، وأن يكفيهم شر أعدائهم، وأن يردهم إلى دينه ردا جميلا، كما أسأله -سبحانه- أن يوفق علماء الشريعة لبيان أحكامها، ولإرشاد جاهلها وتعليم كل فرد فيها، وأسأله أن يصلح ولاة أمور المسلمين، وأن يجعلهم محكمين لكتابه، عاملين بسنة نبيه -صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا- نسأل الله -عز وجل- أن يتقبل منا ومنكم.
كتاب: أصول التفسير
شرح: الشيخ سعد بن ناصر الشثري(/)
قاعدة في الإعذار ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[28 Aug 2009, 03:43 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد ..
نبدأ أولاً بتقرير معنى الإعذار: المراد بالإعذار هو القول بأن الذي ذهب إلى هذا المذهب الباطل = مخطيء لا يؤاخذ بخطئه ولا يأثم ولا يعاقب عليه في الآخرة ..
ثم نقول: الأصل المحكم أن كل من اجتهد في إرادة الحق من جهة الله والرسول فأخطأه فهو معذور.
ثم إنه يقع لهذا المجتهد تقصير إما في الاجتهاد وإما في إرادة الحق (فالأولى من الجهل والثانية من الهوى)،وهذا التقصير يُحاسب الله عليه العبد يوم القيامة فقد يغفره له وقد تمحوه الحسنات فيبقى العذر خالصاً،وقد يخدش هذا التقصير في صلاحية تلك الإرادة وذاك الاجتهاد للإعذار = فلا يُعذر أو يعذر من وجه دون وجه.
فإذا تقرر هذا،وتقرر أن ذلك الباب هو من الأحكام الباطنة الأخروية = امتنع أن يقطع الإنسان بأن رجلاً أو جماعة أو فرقة قد ارتفع عنهم العذر فلا يُعذرون عند الله أبداً. بل لا يكون هذا القطع والجزم إلا تألياً على الله عز وجل الرحيم الغفور الذي يحب العذر.
فإذا تقرر ما تقدم مما يتعلق بالأحكام الأخروية،نأتي للنظر فيما يتعلق بالأحكام الظاهرة الدنيوية .. فنقول:
1 - هل للمجتهد أن يحكم على رجل أو جماعة أو فرقة أنهم لا يعذرون-ومراده أي من جهة الظاهر أما أحكام الآخرة فقد يعذرهم الله.وقد لا يعذرهم لكن يغفر لهم خطأهم أو تَجُب الخطأ حسناتُهم- في مذهب قالوه؟
الجواب: نعم. له ذلك ..
2 - متى يجوز له ذلك؟
الجواب: إذا انتفى عن أصحاب هذا المذهب الجهل والتأويل السائغ،بحيث يكون كلامهم بهذا المذهب مبني على استدلال بالشرع لكن تأويلهم لما استدلوا به تأويل غير سائغ. فإن تكلموا بجهل بالشرع فيعذرون إن كانوا غير متمكنين من العلم. وإن تكلموا بتأويل لأدلة الشرع فيعذرون إن كان التأويل سائغاً.
3 - ما هو ضابط التأويل السائغ؟
الجواب: أن يُستدل بدليل يُستدل به في الشرع،وأن يحتمل هذا الدليل الفهم الذي فهموه منه احتمالاً تقبله العربية.
4 - هل هناك مثال على التأويل غير السائغ من جهة الاستدلال بما لا يستدل بجنسه في الشرع؟
الجواب: استدلال القبوريين بعشرات الأحاديث الموضوعة والتي لا أصل لها.
5 - هل هناك مثال على التأويل غير السائغ من جهة عدم احتمال الدليل لما فُهم منه عربية؟
الجواب: نعم. كاستدلالات الباطنية المعروفة. وكإثبات صفة اليد بقوله سبحانه: {والسماء بنيناها بأيد}.
6 - هل ضبط التأويل غير السائغ يدخله الاجتهاد؟
الجواب: نعم، فربما رأى فلان أن الإلهام مما لا يُستدل بجنسه في الشريعة ويذهب غيره إلى أن الإلهام مما يستدل بجنسه. وربما رأى فلان أن النص لا يحتمل هذا المعنى عربية ويرى غيره أن النص يحتمله.
7 - هل هناك صورة يكون التأويل فيه غير سائغ ومع ذلك نحكم بالعذر؟
الجواب: نعم. وذلك إذا كان كون الدليل ليس مما يستدل بجنسه محل اتفاق ولكن الإشكال في تحقيق المناط أو يكون هناك خطأ ظن به المخالف أن النص يحتمل المعنى عربية.
مثال الأولى: لا جدال في أن الحديث الموضوع لا يحتج بجنسه، وبالتالي فالأصل أن من بنى مذهبه على حديث موضوع أن تأويله غير سائغ وأنه لا يُعذر. إلا في حالة واحدة: وهي أن يكون قد ظن أنه حديث صحيح،فيبقى تأويله غير سائغ لكنه يعذر من جهة أنه قصد التأويل السائغ.
مثال آخر على الأولى: أن يستدل على مسألة بالرؤى أو المصالح وحدها،ولا شك أن المصالح وتواطؤ الرؤى مما يعتبر في الشرع ولكن لاشك أيضاً في أنه لا تعتبر وحدها بل لابد أن ينضم إليها غيرها.فإن استدل بها وحدها مستدل فلاشك أن هذا من جنس التأويل غير السائغ لأنه استدل بأدلة الشرع لكن على غير الوجه الذي يستدل به الشرع لكنه قد يعذر لاشتباه شروط الاستدلال تلك.
مثال الثانية: تفسير المتكلمين للاستواء بالاستيلاء. لاشك من جهة التحقيق في العربية أن لفظ الاستواء ليس من معانيه في اللغة الاستيلاء، وبالتالي فقد فسروا النص بما لا يحتمله عربية وبالتالي فتأويلهم غير سائغ ولا يعذرون. لكن الإشكال أنهم لما قالوا هذا ظنوا أن النص يحتمله عربية بدلالة بيت الأخطل،فيعذرون من هذه الجهة.
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن لابد من التنبه لمهمة: وهي أن ظنهم أن الحديث الموضوع صحيح أو ظنهم أن النص يحتمل معناهم عربية = لابد أن يُبنى على شيء من أسباب العلم يستدلون به كاتباع عالم في التصحيح أو بيت شعر موهوم كبيت الأخطل .. وبدون هذا لا يتم عذرهم وإلا فكل مخالف يظن أن تأويله سائغ.
8 - هل التأويل غير السائغ هو نفسه الخلاف غير السائغ؟
الجواب: لا بالطبع وهذا خطأ كبير يقع فيه بعض الناس.
فالخلاف غير السائغ هو ما خالف النص الصحيح قطعي الدلالة أو خالف إجماع السلف الصحيح القديم. ولو كان المخالف قد استدل على خلافه باستدلال سائغ يستدل بمثله في الشرع ويحتمله النص عربية.
فالخلاف غير السائغ قد يستدل عليه بتأويل سائغ وقد يستدل عليه بتأويل غير سائغ.
وكذا الخلاف السائغ قد يستدل على قول فيه بتأويل سائغ وتأويل غير سائغ.
بل قد رأينا أن مسألة هي من الصواب الظاهر كإثبات صفة اليد لله سبحانه قد استدل عليها بتأويل غير سائغ.
فالتأويل غير السائغ يكون في أدلة الأقوال،أما هل هذه الأقوال في النهاية سائغة أو غير سائغة = فتلك مسألة أخرى لها ضوابط أخرى.
فالخلاف السائغ وغير السائغ هي أوصاف للاجتهادات والمذاهب والأقوال.
أما التأويل السائغ وغير السائغ فهي أوصاف للأدلة ..
ولذا: فالحكم على الإعذار وعدم الإعذار ليس هو هل هذا الخلاف سائغ أو غير سائغ .. وإنما الحكم هو هل استدلال وتأويل قائل هذا القول سائغ أم غير سائغ.
ولذا: فالمخالفون في مسألة التحليل خلافهم غير سائغ ولكن منهم من يستدل باستدلالات سائغة فيعذر.
ومنهم من ليس له استدلال سائغ فلا يعذر. والمسألة واحدة وإنما الذي اختلف هو صورة التأويل والاستدلال.
9 - هل الحكم بأن الرجل أو الطائفة يُعذر يمنع العقوبة الدنيوية؟
الجواب لا لا يمنعها؛ولذا حد قدامة بن مظعون رغم كونه من المتأولين.
10 - ما هي العقوبات التي يمكن استعمالها في الخلاف غير السائغ بلا حرج رغم كون المخالف معذوراً تأويله سائغ؟
(أ) الرد عليه باسمه.
(ب) تشديد العبارة من غير بغي.
(ت) وصف قوله بالابتداع والضلالة.
(ث) وصفه بالبدعة والضلالة إن أمن ظن أنك تلازم بين هذا الوصف والتأثيم.
(ج) هجره.
(ح) تمييزه باسم فرقته.
(خ) التحذير منه ومن كتبه.
11 - هل تطبيق هذه العقوبات يتم خبط عشواء؟
الجواب: لا بل لابد من مجتهد يميز ما يستعمل منها وما لا يستعمل.
12 - هل قد تترك بعض هذه العقوبات لأجل مصلحة أعظم؟
الجواب: نعم وتقدير هذا للمجتهد.
13 - مع من يمكن التعاون الديني لإعلاء كلمة الله؟
الجواب: مع كل مسلم نختلف معه اختلافاً سائغاً أو غير سائغ،تأويله سائغ أو غير سائغ،وذلك بشرطين:
الأول: أن يكون التعاون في موارد الاتفاق.
الثاني: ألا يترتب على التعاون مفسدة أعظم.
14 - صاحب التأويل غير السائغ نحكم بإثمه في الظاهر؟
الجواب: نعم.
15 - هل يُسوغ لنا هذا البغي عليه وظلمه وإضاعة باقي حقوقه كمسلم؟
الجواب: لا .. بل لابد من العدل وعدم مجاوزة الحد وتقدير الخطأ قدره.
16 - هل فلان أو الجماعة الفلانية يعذروا؟
الجواب: هذا باب وعر لابد في التصدر له من علم وعدل وديانة وحلم ورفق وجمع للأدلة وجمع للمعلومات وفقه لقول المخالف وأدلته واعتبار للمقاصد والمآلات وبصيرة نافذة لا تنخدع بالظواهر ولا تتسور على البواطن. فإذا وصل لحكم فلا يقطع به قطعاً تاماً لما قدمنا في أول الموضوع.
17 - هل هناك باب هو أعسر من باب العذر وعدمه؟
الجواب: نعم. وهو باب الحكم العام على الشخص ووزن حسناته بسيئاته وأخطائه بإصاباته للخروج بحكم عام منصف عليه.
والحمد لله وحده ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 Jun 2010, 03:21 ص]ـ
للفائدة ..(/)
عن حاشية تفسير البيضاوي لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري أنا سائلكم
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[29 Aug 2009, 01:57 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
قال شيخ الإسلام القاضي زكريا الأنصاري في كتابه فتح الرحمن عند حديثه عن الحروف المقطعة:
( ... وعليه فقيل: معربة. وقيل: مبنية. وقيل: لا، ولا. وقد بينت ذلك في غير هذا الكتاب)
قال المحقق [عبدالسميع محمد أحمد حسنين]:
(ذكره رحمه الله تعالى في كتابه: فتح الجليل ببيان خفيِّ أنوار التنزيل، وهي حاشية قيمة على تفسير القاضي البيضاوي مخطوطة تحت رقم188 بالمكتبة التيمورية)
سؤالي:
هل طبعت هذه الحاشية؟ وإن يكن ففي أي دار؟
وفقكم الله لمرضاته ..
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[30 Aug 2009, 11:26 م]ـ
اخي ابا عبد العزيز
فيما يخص الحاشية المذكورة هناك من حققها من طلبة العلم/ وفي الاتي تفصيله
لجزء الأول من كتاب فتح الجليل ببيان خفي أنوار التنزيل لزكريا بن محمد الأنصاري: التحقيق من أول الكتاب إلى آخر سورة النساء ... القرآن - تحقيق كتب ... موكلي، الحسن ابن خلوي ... ماجستير ... عبد الله سلقيني ... الرياض/ السعودية ... أصول الدين: قسم القرآن وعلومه/ جامعة الإمام محمد بن سعود ... 1406هـ
اما القسم الثاني:
تحقيق القسم الثاني من كتاب فتح الجليل ببيان خفي أنوار التنزيل لزكريا الأنصاري ... القرآن - تحقيق كتب ... الحديثي، سليمان ابن إبراهيم ... ماجستير ... عبد الله سلقيني ... الرياض/ السعودية ... أصول الدين: قسم القرآن وعلومه/ جامعة الإمام محمد بن سعود ... 1406هـ
وقد وجدت ان كتاب الاعلام للزركلي قد وضع له اشارة ط
اي مطبوع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Aug 2009, 11:42 م]ـ
بارك الله فيكم يا دكتور عبدالله، فقد سبقتني للجواب كعادتك في السبق للمعروف والفضل.
فعلاً الكتاب حقق الجزء الأول منه أستاذي العزيز الأستاذ الدكتور الحسن بن خلوي موكلي الأستاذ بكلية الشريعة وأصول الدين بأبها في رسالته للماجستير، وأظنه تم إكمال مشروع تحقيق الكتاب بعد ذلك. لكنه للأسف لم يطبع بعدُ ككثير من الرسائل العلمية والتحقيقات التي تكون على هيئة مشروعات يشارك فيها عدد من الباحثين.
ولعل الطبعة التي أشار إليها الزركلي رحمه الله قديمة جداً إن كان مصيباً في قوله مطبوع.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[31 Aug 2009, 03:48 ص]ـ
كيف السبيل إلى الحصول عليه؟
وهل من مفيدٍ عن أهميتها ومكانتها بين حواشي تفسير البيضاوي؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Aug 2009, 03:56 ص]ـ
كيف السبيل إلى الحصول عليه؟
وهل من مفيدٍ عن أهميتها ومكانتها بين حواشي تفسير البيضاوي؟
عليك بمكتبة الرسائل الجامعية بجامعة الإمام وستجدها ضمن الرسائل المحفوظة هناك.
ولعلك تفيدنا بما كتبه المحققون عن قيمتها العلمية.(/)
لا قرآن بدون سنة
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Aug 2009, 08:08 م]ـ
الحمد الله رب العالمين
والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين
وبعد:
إن الله تعالى قد اصطفى نبيه محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي صلى الله وسلم وبارك عليه ليكون مبلغا لرسالة الله الخاتمة للبشرية جمعاء متمثلة في القرآن الكريم.
ولما كان القرآن خطابا للبشرية جمعاء بلسان عربي مبين فلا شك أن الذي أنزل عليه هذا القرآن أولى الناس بامتثال هذا الخطاب، قال تعالى:
(اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (الأنعام: 106)
وقال تعالى:
(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) (الجمعة: 2)
والتزكية والتعليم إنما كانت بترجمة أوامر القرآن ونواهيه وأحكامه وآدابه في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه الترجمة القولية والفعلية للقرآن هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أمرنا الله تعالى أن نقتدي برسوله صلى الله عليه وسلم فيها حيث قال:
(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب: 21)
وهذه الترجمة العملية والفعلية للقرآن من قبل النبي صلى الله عليه وسلم نقلت إلي البشرية قولاً وعملاً عن طريق أولئك الذين أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بتربيتهم وتزكيتهم وهم أصحابه الكرام الذين حفظ الله بهم ومن خلالهم تأريخ هذه الرسالة تلقياً وتبليغاً وتطبيقاً ومن ثم نقلها عنهم التابعون ثم تابعوهم وهكذا حتى وصلت إلينا نقية سليمة من كل شائبة.
أما الذين يريدون قرآناً من غير سنة فأقول لهم فلتجيبونا عن هذه الأسئلة المنطقية والمباشرة والتي يفترض أن يسألكموها كل من تدعونه إلى القرآن وهي:
على من أنزل هذا القرآن؟
ومتى أنزل؟
وكيف أنزل؟
وأين دارت فصول الأحداث المذكورة فيه؟
وما هو دليلكم على صدق ما تزعمون؟ .... ؟ ... ؟ ..... ؟
وأنتم أمام خيارين إما أن تقول لا نعلم، أو تقول عرفنا هذا من خلال الروايات التأريخية.
فإن قلتم لا نعلم فأنتم تفصلون القرآن عن خلفيته التأريخية وتريدون من الناس أن يتبعوا كتابا مجهول الهوية وهذا سخف لن يقبله العقلاء من الناس.
وإن قلتم عرفنا ذلك من خلال الروايات التأريخية وعندها ستطالبون بصدق هذه الروايات وهنا ستكونون في مأزق لا تحسدون عليه.
ولحديث بقية إن شاء الله تعالى.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[30 Aug 2009, 02:03 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الالتفاتة المهمة.
ولا شك أن من يدعو إلى الاكتفاء بالقرآن الكريم وحده وطرح السنة النبوية ضال مضل فالسنة هي الوحي الثاني والصحيح من أقوال أهل العلم أنها تدخل في قوله تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" وقد حفظها الله تعالى من كيد الكائدين فسخر لها علماء جهابذة غربلوها ونقحوها وخرجوها في أبهى حلة، وبينوها محجة بيضاء.
وأما الذين يقولون بالاكتفاء بالقرآن الكريم وحده فأنقل لكم بعض رد العلامة الشيخ عبد الرحمن الوكيل رحمه الله تعالى عليهم حين يقول: (وقد نبتت للشيطان فتنة جديدة دفعت بعض من ختم الله على قلوبهم إلى حمأة جديدة من الكفر إذ يفترون الكذب على الله؛ فيزعمون أن القرآن وحده هو مصدر التشريع، أما السنة فلا!! وهؤلاء أشد خطرا على الدين ممن ينابذونه العداوة جهارا، إذ يتراءون بالتقديس الخاشع لكتاب الله، فيحسبهم الغر المفتون من ذوي الفكر الثاقب الحر، والتجديد، ويكفرون به رسولا بين ما في القرآن؟ والأمين الذي ائتمنه الله على كتابه، فبلغه، وشهد الله له أنه بلغه، أليس هو الأمين الذي بين وفصل أحكام أمانة ربه؟ "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم" "وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون" ويقول صلى الله عليه وسلم " لا أعرفن الرجل منكم يأتيه الأمر من أمري إما أمرت به أو نهيت عنه، وهو متكئ على أريكته فيقول: ما ندري ما هذا!؟ عندنا كتاب الله وليس هذا فيه!! وما لرسول الله أن يقول ما يخالف القرآن، وبالقرآن هداه الله وإن هذا الحديث ليعد من أعلام النبوة؛ فما أخبر به واقع اليوم!!) دعوة الحق ص 137 - 138
تلك التساؤلات المحرجة المقنعة المفحمة صدرت من ذلك الشيخ، ولن يستطيع القائلون بتلك الشبهة أن يردوا عليها، ولو أعانهم شياطينهم من الإنس والجن، وكان بعضهم لبعض ظهيرا ..(/)
مركز تفسير يصدر العدد الأول من مشروع (راصد) رمضان 1430هـ
ـ[مركز تفسير]ــــــــ[30 Aug 2009, 11:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدر عن مركز تفسير للدراسات القرآنية العدد الأول من نشرته الدورية راصد القرآني - رمضان 1430هـ، والتي تعنى برصد جميع الأنشطة والبرامج المتعلقة بالدراسات القرآنية.
وهو أحد المشاريع المدرجة ضمن خطة مركز تفسير للدراسات القرآنية، وتقوم فكرة هذا المشروع على رصد ومتابعة جميع الأنشطة والبرامج المتعلقة بالقرآن الكريم، وإعداد تقارير مختصرة عنها كل أربعة أشهر، بهدف إطلاع الدارسين والمهتمين بكل جديد في مجال الدراسات القرآنية على مستوى العالم، على نحو يحقق التواصل ويعرف بالجهود المبذولة في خدمة كتاب الله، ويساعد في تنسيقها وتكاملها، ليكون هذا التقرير الدوري لبنة لمشروع أوسع منه وهو (التقرير الاستراتيجي للدراسات القرآنية) الذي يزمع المركز تنفيذه سنوياً على نحو يرصد مسيرة الدراسات والبرامج القرآنية، ويستشرف مستقبلها بإذن الله.
والقائمون على إعداد هذا التقرير يتطلعون إلى دعمكم وتواصلكم، بإطلاعنا على كل جديد يتصل بمجال الدراسات القرآنية، في أي مكان حول العالم.
وبعد،،
فهذا التقرير في نسخته الأولى، أردنا أن يرى النور بما فيه من نقص وقصور، راجين منكم تقديم الرأي الراشد، والنصيحة المخلصة، حتى يخرج هذا التقرير محققاً الأهداف وبالغاً الطموحات.
سائلين الله تعالى أن يسدد الخطى، ويبارك في الجهود.
وقد تم توزيع هذه النشرة في اللقاء الثالث الذي نظمه مركز تفسير للدراسات القرآنية في 4 رمضان 1430هـ.
وهاهو بين أيديكم في نسخته الإلكترونية للإفادة منه، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
للتواصل مع اللجنة المشرفة على راصد القرآني ..
بريد إلكتروني: rased@tafsir.net
هاتف: 0096612109620
فاكس: 0096612109713
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Aug 2009, 11:38 م]ـ
بداية موفقة وفقكم الله.
وقد اطلعتُ على النشرة وأعجبت بها كثيراً، وأشكر الزملاء في إدارة المركز وعلى رأسهم أخي الدكتور ناصر الماجد مدير المركز، والأستاذ عبدالملك سرور مسؤول العلاقات العامة في المركز على جهدهم في إخراج النشرة بهذه الحلة القشيبة التي أسعدت كل من اطلع عليها من الزملاء عندما تم توزيعها في اللقاء الثالث للمركز.
ونتطلع إلى تطوير هذا المشروع بإذن الله في القريب العاجل، والانتقال لخطوات أوسع في هذا المضمار الذي يوثق المسيرة، ويرصد التقدم، ويستشرف المستقبل.
وأدعو القراء الفضلاء كل في مكانه للتعاون في سبيل الارتقاء بهذه النشرة لتكون أدق رصداً لكل الأنشطة القرآنية حول العالم، وتوثيقها ضمن هذه النشرة.
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[31 Aug 2009, 12:06 ص]ـ
بارك الله في جهودكم
النشرة أكثرمن رائعة .... والجهود المبذولة واضحة ... وإلى المزيد من العطاء .. تحية إكبار للأخوة في المركز ..
وحبذا لو كانت بعض الإضافات: كما هو الحال فيما يخص اخبار الملتقيات والمؤتمرات
- لو وجدت اشارة إلى الرابط الذي فيه تفصيلات عنها ...
-ولو كان فصل بين ما انعقد وانتهى .... وبين ما لم يتم انعقاده بعد
-وامر ثالث لو وجدت اشارة إلى نوع الدعوة فبعض الملتقيات على ما يبدو تخص اقليما معينا، ,بعضها واضح ان الدعوة فيه عامة
- ولو كانت اشارة إلى ما انتهى فيه استقبال المشاركات في الملتقيات والمنتديات
وفصله عما زالت الدعوة فيه مفتوحة لاستقبال المشاركات لكانت الفائدة أعم
جهود مشكورة ... ونرجو أن نسهم بشيء في العدد القادم
ـ[عبدالملك سرور]ــــــــ[31 Aug 2009, 12:27 ص]ـ
بداية موفقة وفقكم الله.
وقد اطلعتُ على النشرة وأعجبت بها كثيراً، وأشكر الزملاء في إدارة المركز وعلى رأيهم أخي الدكتور ناصر الماجد مدير المركز، والأستاذ عبدالملك سرور مسؤول العلاقات العامة في المركز على جهدهم في إخراج النشرة بهذه الحلة القشيبة التي أسعدت كل من اطلع عليها من الزملاء عندما تم توزيعها في اللقاء الثالث للمركز.
ونتطلع إلى تطوير هذا المشروع بإذن الله في القريب العاجل، والانتقال لخطوات أوسع في هذا المضمار الذي يوثق المسيرة، ويرصد التقدم، ويستشرف المستقبل.
وأدعو القراء الفضلاء كل في مكانه للتعاون في سبيل الارتقاء بهذه النشرة لتكون أدق رصداً لكل الأنشطة القرآنية حول العالم، وتوثيقها ضمن هذه النشرة.
السلام عليكم
أشكرك شيخنا د. عبدالرحمن على الثناء، واسأل الله أن أكون عند حسن الظن
كما أشكر جميع من ساهم في إخراج هذه النشرة، وآمل من الجميع التعاون معنا على بريد المشروع rased@tafsir.net
10/9/1430 هـ
ـ[محب القراءات]ــــــــ[31 Aug 2009, 01:19 ص]ـ
ماشاء الله تبارك الله .. جهد رائع .. وعمل موفق .. أسأل الله أن يبارك في جهودكم وينفع بكم.
والإخراج والطباعة متميزة وراقية , أسأل الله لكم مزيدا من التقدم والرقي في كل ما يخدم القرآن وأهله.
وأنا على استعداد للتعاون معكم لإنجاح هذا العمل النافع.
وأحسنتم على تزويدنا في هذا الملتقى بنسخة إلكترونية من هذا التقرير , وآمل أن توزعوا النسخ المطبوعة على الأقسام المتعلقة بالدراسات القرآنية في المملكة العربية السعودية وغيرها إن تيسر , وكذلك المعاهد القرآنية كمعهد الشاطبي وغيره , وحبذا لو سعيتم لنشر هذا العدد إلكترونيا من خلال المواقع التي تهتم بالدراسات القرآنية.
وجزاكم الله خيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب القراءات]ــــــــ[31 Aug 2009, 01:26 ص]ـ
أقترح أن تضمنوا العدد القادم أسماء هيئة تحرير هذه النشرة إن رأيتم ذلك.
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالملك سرور]ــــــــ[31 Aug 2009, 01:57 ص]ـ
بارك الله في جهودكم
النشرة أكثرمن رائعة .... والجهود المبذولة واضحة ... وإلى المزيد من العطاء .. تحية إكبار للأخوة في المركز ..
العفو أخي الكريم ونشكر لك ردك وملاحظاتكم القيمة
وحبذا لو كانت بعض الإضافات: كما هو الحال فيما يخص اخبار الملتقيات والمؤتمرات
- لو وجدت اشارة إلى الرابط الذي فيه تفصيلات عنها ...
المصادر نحتفظ بها في إرشيف المشروع، وأحببنا أن يكون العدد خفيفاً ومختصراً، ولعلنا في الأعداد القادمة نرى إن كان هناك من إمكانية لإضافة الروابط
-ولو كان فصل بين ما انعقد وانتهى .... وبين ما لم يتم انعقاده بعد
لعلنا نعمل بذلك في الأعداد القادمة وللعلم ففي قسم المؤتمرات ذكرنا التأريخ الهجري وما وافقه بالميلاد وكان ترتيب الأحداث ترتيباً تأريخياً
-وامر ثالث لو وجدت اشارة إلى نوع الدعوة فبعض الملتقيات على ما يبدو تخص اقليما معينا، ,بعضها واضح ان الدعوة فيه عامة
- ولو كانت اشارة إلى ما انتهى فيه استقبال المشاركات في الملتقيات والمنتديات
وفصله عما زالت الدعوة فيه مفتوحة لاستقبال المشاركات لكانت الفائدة أعم
جهود مشكورة ...
كما ذكرنا بأننا أردنا أن تكون النشرة مختصرة ولمن أراد المزيد فبإمكانه المراسلة وسيتم الرد عليه بإذن الله
ونرجو أن نسهم بشيء في العدد القادم
ونحن ننتظر تعاونكم بأحر من الجمر، فحفظكم الله وشكر سعيكم وملاحظاتكم محل اهتمامنا
الرد داخل الاقتباس
10/ 9/1430هـ
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[31 Aug 2009, 02:18 ص]ـ
ما شاء الله جهد مبارك ومشروع استراتيجي رائد أسأل الله أن ينفع به
جزى الله القائمين على المركز وعلى هذا المشروع خير الجزاء
ـ[عبدالملك سرور]ــــــــ[31 Aug 2009, 02:47 ص]ـ
ماشاء الله تبارك الله .. جهد رائع .. وعمل موفق .. أسأل الله أن يبارك في جهودكم وينفع بكم.
والإخراج والطباعة متميزة وراقية , أسأل الله لكم مزيدا من التقدم والرقي في كل ما يخدم القرآن وأهله.
وأنا على استعداد للتعاون معكم لإنجاح هذا العمل النافع.
وأحسنتم على تزويدنا في هذا الملتقى بنسخة إلكترونية من هذا التقرير , وآمل أن توزعوا النسخ المطبوعة على الأقسام المتعلقة بالدراسات القرآنية في المملكة العربية السعودية وغيرها إن تيسر , وكذلك المعاهد القرآنية كمعهد الشاطبي وغيره , وحبذا لو سعيتم لنشر هذا العدد إلكترونيا من خلال المواقع التي تهتم بالدراسات القرآنية.
وجزاكم الله خيرا.
حياك الله أخي محب القراءات واسأل الله لك مزيداً من التوفيق، ونشكر لك استعدادك للتعاون مع المشروع، والمشروع قائم بكم وهو لكم، وبخصوص التوزيع على الأقسام العلمية من الكليات و ... فهي في الحسبان، وكذلك سيتم نشرها إلكترونياً بإذن الله
10/ 9/1430هـ
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[31 Aug 2009, 09:45 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الله بداية موفقة
وحتما ستخدمنا هذه النشرة كثيرا بإذن الله في لم الشتات وتوحيد الجهود
وكم هو جميل اسمها اذ هو يوحي بمضمونها , وكنت أتمنى حقيقة أن أراه على أرض الواقع فجزاكم الله خير الجزاء وبارك في جهودكم
وأضم صوتي مع اخواني برغبتي في مساعدتكم ........
إقتراح إن تيسر لمشرفنا الفاضل
وهو أن يكون في واجهة الملتقى العلوية رابط بإسم *راصد* حيث تكون فيه هذه النسخة الالكترونية وجميع التقارير
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالملك سرور]ــــــــ[03 Sep 2009, 02:27 م]ـ
أقترح أن تضمنوا العدد القادم أسماء هيئة تحرير هذه النشرة إن رأيتم ذلك.
وجزاكم الله خيرا
اقتراحك محل اهتمامنا
13/ 9/1430هـ
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[04 Sep 2009, 01:55 ص]ـ
عمل مميز وجهد مبارك وأشكر الأخ عبد الملك سرور على حرصه ومتابعته.
لو وجدت اشارة إلى نوع الدعوة فبعض الملتقيات على ما يبدو تخص اقليما معينا، ,بعضها واضح ان الدعوة فيه عامة
وأضيف على ما سبق: لو تُذكر اللغة التي يقام بها المؤتمر أو الندوة وما شابه خاصة إذا كانت الجهة المنظمة تنتمي لدولة أجنبية أو لبلد اللغة الرسمية فيه غير العربية؛ لأن بعضها يقام بلغة البلد المنظم لها ولا يكون فيها ترجمة.
ـ[فرقان2]ــــــــ[11 Sep 2009, 10:12 م]ـ
السلام عليكم
جزاكم الله خير والله عمل متميز, نسال الله ان يوفق القائمين عليه
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[18 Sep 2009, 01:14 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الله .....
قمت بحفظ هذه النسخة، ولو تأذنوا لي أن أقوم بطباعتها، وتوزيعها في لبنان على المهتمين بعلم التفسير، وبارك الله بكم ....
أنتظر الرد من المركز .....
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[18 Sep 2009, 01:29 ص]ـ
بسم الله
أشكر الجميع
وأقول لأخي الكريم الشيخ محمود سمهون: إفعل ولا حرج، فمقصودنا أن ينتفع بها المهتمون بالدراسات القرآنية في كل مكان،،، وفق الله الجميع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود سمهون]ــــــــ[18 Sep 2009, 05:47 م]ـ
بارك الله بك أخي الكريم ...
إن شاء الله سأقوم بطباعتها وتوزيعها على الإخوة المهتمين بذلك .....(/)
يثبت الله الذين آمنوا
ـ[ Amara] ــــــــ[31 Aug 2009, 12:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
يوم نام ابراهيم ابن الرسول عليه الصلاة والسلام في حضن أمه مارية وكان عمره ستة عشر شهراً والموت يرفرف بأجنحته عليه والرسول عليه الصلاة والسلام ينظر إليه ويقول له:
يا إبراهيم أنا لا أملك لك من الله شيئاً ..
ومات إبراهيم وهو آخر أولاده فحمله الأب الرحيم ووضعهُ تحت أطباق التراب وقال له: يا إبراهيم إذا جاءتك الملائكة فقل لهم الله ربي ورسول الله أبي والإسلام ديني .. فنظر الرسول عليه الصلاة والسلام خلفهُ فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُنهنه بقلب صديع فقال له: ما يبكيك يا عمر؟
فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله .. إبنك لم يبلغ الحلم ولم يجر عليه القلم وليس في حاجة إلى تلقين فماذا يفعل ابن الخطاب!، وقد بلغ الحلم وجرى عليه القلم ولا يجد ملقناً مثلك يا رسول الله! وإذا بالإجابة تنزل من رب العالمين جل جلاله بقوله تعالى رداً على سؤال عمر:
{يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويُضلُّ الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء}
نسأل الله تعالى أن يثبتنا عند سؤال الملكين ويهون علينا وحده القبر ووحشته ويغفر لنا ويرحمنا انه على ما يشاء قدير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى اللهم وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[31 Aug 2009, 01:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
يوم نام ابراهيم ابن الرسول عليه الصلاة والسلام في حضن أمه مارية وكان عمره ستة عشر شهراً والموت يرفرف بأجنحته عليه والرسول عليه الصلاة والسلام ينظر إليه ويقول له:
يا إبراهيم أنا لا أملك لك من الله شيئاً ..
ومات إبراهيم وهو آخر أولاده فحمله الأب الرحيم ووضعهُ تحت أطباق التراب وقال له: يا إبراهيم إذا جاءتك الملائكة فقل لهم الله ربي ورسول الله أبي والإسلام ديني .. فنظر الرسول عليه الصلاة والسلام خلفهُ فسمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه يُنهنه بقلب صديع فقال له: ما يبكيك يا عمر؟
فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله .. إبنك لم يبلغ الحلم ولم يجر عليه القلم وليس في حاجة إلى تلقين فماذا يفعل ابن الخطاب!، وقد بلغ الحلم وجرى عليه القلم ولا يجد ملقناً مثلك يا رسول الله! وإذا بالإجابة تنزل من رب العالمين جل جلاله بقوله تعالى رداً على سؤال عمر:
{يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويُضلُّ الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء}
نسأل الله تعالى أن يثبتنا عند سؤال الملكين ويهون علينا وحده القبر ووحشته ويغفر لنا ويرحمنا انه على ما يشاء قدير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى اللهم وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله
الأخ الفاضل عمارة سعد
أسأل الله تعالى أن يثبتنا جميعاً بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
ثانيا هل تكرمت علينا بالمرجع الذي أستندت إليه في نسبة هذه الحادثة إلى النبي صلى الله وسلم وبارك عليه؟
وأظن أنه لا يخفى عليك أنه لا يجوز نسبة قول أو فعل إلى الرسول إلا بعد التثبت من صحة هذه النسبة إليه صلى الله وسلم وبارك عليه.
ـ[ Amara] ــــــــ[31 Aug 2009, 01:25 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الحبيب حجازي الهوى نبهك الله كما نبهتني(/)
تأمل شخصي في معنى "أن آتاه الله الملك" من خلال نافذة اللغة.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[31 Aug 2009, 01:13 ص]ـ
ما أحسن أن يؤصل الطالب علمه في علم اللغة فهي مفتاح عظيم من مفاتيح التأمل وكشف اسرار القرآن الحكيم وإني لموقن أن المعتني باللغة من مشايخنا مشايخ التفسير في هذا الملتقى أدرى مني بهذا وأخبر.
للفظة "الملك" معنى آخر غير معنى حيازة الشيء وهو معنى الشد والضبط، ومنه قول الشاعر:
ملكت بها يدي فأنهرت فتقها = = يرى قائمٌ من دونها ما وراءها.
وعندها تذكرت قول الله تعالى عن الذي حاج إبراهيم "أن آتاه الله الملك" فبالإضافة إلى معنى الحيازة المتبادر، يضيف معنى الشد والضبط بعداً آخر وهو شعور هذا الملك بأنه قادر على التحكم والسيطرة فيما يجري حوله من الأشياء والظواهر، ولذلك ادّعى أنه يستطيع أن يحيي، ولذلك تفطن أبونا إبراهيم عليه السلام لهذا المعنى فجاءه بشيء خارج نطاق "الشد والضبط" البشري، فطلب منه أن يأتي بالشمس من المغرب، وهنا سقط في يده، وبهت الذي كفر. من هنا يتبين أن المجيء بوصف "الملك" في الآية مقصود لما يضيفه من معنى بالتدبر، وأحسب هذا المعنى أقرب لما ذكرت من مجرد كونه مالكاً لخزائن الملوك المعتادة، فإن الشعور بالقدرة على التحكم الكامل والسيطرة التامة من عجب النفس البشرية واغترارها، ومنه المعنى الذي في قوله تعالى "وظن أهلها أنهم قادرون عليها"، الحاصل أن هذا تأمل انقدح في ذهني لما وقفت على هذا المعنى لكلمة الملك.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[31 Aug 2009, 02:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ..
كلامٌ لطيف، وأضيف تدبّراً آخر في الآية إلى تدبركم:
فقوله تعالى: (أن آتاه الله الملك) تعليل لمحاجّة الملك إبراهيمَ في ربه، قال الحق تعالى: (ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك .. )
والمشار إليه - والله أعلم - من جعل إيتاء الله المُلكَ لذلك المَلك سبباً في محاجة إبراهيم صلى الله على نبينا وعليه وسلم أنه لولا إيتاء الله له لما ذهب ولا أتى .. ولما كان ملكاً أصلاً!
إلا أن الله قد أعطاه المُلك وتمنّن عليه به من غير حولٍ منه ولا قوة، فما كان منه إلا أن عصى الله بما آتاه، وحاربه بما وهبه!! ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
ومثل هذا الموضع قوله تعالى في سورة براءة في الكلام عن إجرام المنافقين ونقمتهم على دين الله رسوله صلى الله عليه وسلم، حيث قال:
(وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله)
فما كان هؤلاء المنافقون إلا عالة فقراء، فلما أعطاهم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأغناهم بما أعطاهم؛ جعلوا ذلك سبباً في نقمتهم وعداوتهم لمن تفضّل عليهم وأحسن إليهم ..
وكذلك حال اللئام دائماً ..
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا (أو كما قال الشاعر)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[31 Aug 2009, 03:42 ص]ـ
وهنا سقط في يده
جزاك الله خيرا يا شيخ رأفت و نفعنا بعلمكم.
وتصويب العبارة "أسقط"، كما لا يخفى.
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[31 Aug 2009, 12:36 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي
ولي سؤال: لماذا لا يكون من آتاه الله الملك هو سيدنا إبراهيم عليه السلام؟! ألا تلاحظ أنه هو من يحاج إبراهيم وليس إبراهيم الذي يحاجه؟! كما أن الجملة وردت متصلة بإبراهيم , فلماذا ننزعها من سياقها ونجعلها للأول؟!
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[01 Sep 2009, 01:21 ص]ـ
لا أظن أحداً قط - حسَب علمي - قال بأنّ الضمير في قوله تعالى: (أن آتاه الله الملك) يعود على إبراهيم ..
وكيف يكون المعنى إذاً - أيها الحبيب -؟
وهل أوتي إبراهيم ملكاً؟؟ وملك ماذا أوتي؟
وإذا كان إبراهيم الملك فكيف يدّعي الآخر أنه يحيي ويميت - زعم - كما أن الله يحيي ويميت؟؟
لا يمكن بحال أن يكون الذي أوتي الملك في الآية إبراهيم عليه وعلى نبيّنا الصلاة والسلام!
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[01 Sep 2009, 02:34 ص]ـ
لا أظن أحداً قط - حسَب علمي - قال بأنّ الضمير في قوله تعالى: (أن آتاه الله الملك) يعود على إبراهيم ..
وكيف يكون المعنى إذاً - أيها الحبيب -؟
وهل أوتي إبراهيم ملكاً؟؟ وملك ماذا أوتي؟
وإذا كان إبراهيم الملك فكيف يدّعي الآخر أنه يحيي ويميت - زعم - كما أن الله يحيي ويميت؟؟
لا يمكن بحال أن يكون الذي أوتي الملك في الآية إبراهيم عليه وعلى نبيّنا الصلاة والسلام!
جزاك الله خيرا، واختيارك هو قول الجمهور كما نقل أبو حيان في البحر، مما يؤذن بوجود خلاف، وهو الحاصل ولكنه ضعيف بعيد لا يؤيده السياق، وهو قول المهدوي وقول للمعتزلة، قالوا الهاء تكنية عن إبراهيم وتعليلهم أن الله أخبر بأنه لا ينال عهده الظالمين، وأن الملك نوع عهد، قال أبو حيان: "ورُد قول المعتزلة بأن إبراهيم ما عرف بالملك، وبقول الكافر أنا أحيي وأميت ... ". (البحر المحيط: 2/ 298 - 299)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[01 Sep 2009, 03:34 ص]ـ
أفدتنا جزاك الله خيراً ..
وآنستنا بتأمّلاتك الطيبة ..
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[01 Sep 2009, 09:47 ص]ـ
بوركت أخي رأفت ولكن هناك من قال بهذا وعدم علمك به لا يعني عدم وجوده!
وقولك: لا يمكن بحال أن يكون الذي أوتي الملك في الآية إبراهيم عليه وعلى نبيّنا الصلاة والسلام!
قول عجيب فما الذي يمنع عقلا أن يكون إبراهيم هو الذي أوتي الملك؟! وإذا كان هناك بعض الأنبياء كانوا ملوكا فما الذي يمنع أن يكون الخليل منهم؟!
إن الآية واضحة في أن الآخر هو الذي يجادل إبراهيم! وأسألك أنت: هل الملك يجادل من يرى أنه أقل منه؟! المنطقي أن يجادل الداعية الملك لا العكس!!
أما بخصوص كيف يدعي الآخر أنه يحيى ويميت فبنفس الشكل الذي أوردته الروايات في حق النمروذ! فهو سيحضر اثنين فيقتل أحدهما ويترك الآخر! (مع أن هذا الفعل من النمروذ أو غيره ليس إحياءً أو إماتة!)
وبخصوص سؤالك: هل أوتي إبراهيم ملكا؟ أقول لك: الآية تقول بذلك, فالأولى أن يعود الضمير على أقرب مذكور! ولا مانع عقلا يمنع ذلك إلاالروايات التي قالت أن ذلك حدث بين النمروذ وإبراهيم عليه الصلاة وله السلام!
ـ[منصور مهران]ــــــــ[01 Sep 2009, 02:02 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ رأفت و نفعنا بعلمكم.
وتصويب العبارة "أسقط"، كما لا يخفى.
بل كان الصواب ما يؤيده قول ربنا عز وجل:
(وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[01 Sep 2009, 03:27 م]ـ
قولك بارك الله فيك:
بوركت أخي رأفت ولكن هناك من قال بهذا وعدم علمك به لا يعني عدم وجوده!
أقول:
نعم، عدم علمي لا يعني عدم الوجود، ولذلك قلت: - حسب علمي- في بداية الكلام ..
إلا أنه لا يعدو أن يكون قولاً شاذّا، وهذا واضح.
قولك:
فما الذي يمنع عقلا أن يكون إبراهيم هو الذي أوتي الملك؟! وإذا كان هناك بعض الأنبياء كانوا ملوكا فما الذي يمنع أن يكون الخليل منهم؟!
أقول:
ليس هناك موانع عقلية، وقد كان بعض الأنبياء ملوكاً، وليس إبراهيم عليه السلام منهم.
قولك:
إن الآية واضحة في أن الآخر هو الذي يجادل إبراهيم! وأسألك أنت: هل الملك يجادل من يرى أنه أقل منه؟! المنطقي أن يجادل الداعية الملك لا العكس!!
أقول:
نعم تماماً، هذا هو الذي أقوله: إن الداعية - إبراهيم عليه السلام - هو من يجادل الملك.
قولك:
أما بخصوص كيف يدعي الآخر أنه يحيى ويميت فبنفس الشكل الذي أوردته الروايات في حق النمروذ! فهو سيحضر اثنين فيقتل أحدهما ويترك الآخر! (مع أن هذا الفعل من النمروذ أو غيره ليس إحياءً أو إماتة!)
أقول:
نعم، فالروايات الإسرائيلية تفيد بأن هذا الملك الذي حاجّ إبراهيم في ربه هو النمرود أو النمروذ - كما قال المفسرون -.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[01 Sep 2009, 03:33 م]ـ
بل كان الصواب ما يؤيده قول ربنا عز وجل:
(وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
جزاك الله خيرا. صحيح، وما ذكرت هو من الصواب وليس الصواب الأوحد، فقد وردت "أسقط" وهي لغة نقلها الفراء والزجاج، وقراءة ابن أبي عبلة "ولما أسقط في أيديهم"، وإنما عولت على الدارج على الألسنة فإنه بحذف الألف.
(انظر: الدرالمصون: 5/ 461 - 464)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[01 Sep 2009, 03:37 م]ـ
ربما يستدل من يرى أن الضمير يعود على إبراهيم وأنه هو الذي أوتي الملك بقوله تعالى:"فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما".
ولكن يجاب عن ذلك بجواب الطبري رحمه الله. قال أبو جعفر ( ... وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية وهي قوله: "وآتيناهم ملكا عظيما " القول الذي روي عن ابن عباس أنه قال: يعني ملك سليمان).
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Sep 2009, 06:10 م]ـ
سياق الكلام ومعناه يمنع من عود الضمير على إبراهيم عليه السلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالسياق يوضح أن الماحجة بالباطل كانت من الملك وسبب ذلك أنه اغتر بملكه ودعاه إلى الطغيان وتجاوز الحد وهذا دأب الإنسان حين يشعر بالقوة إلا من يعصمه الله بالإيمان، ومثله قول الله تعالى:
(أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ (14) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15)) سورة القلم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Sep 2009, 06:53 م]ـ
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (البقرة: 258)
تحليل السياق:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ)
وهذا تعجيب من أمر هذا الذي حاج إبراهيم، ثم بين العلة وراء محاجتة بقوله:
(أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ)
ثم قال:
(إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ)
وهذه الجملة توحي بأحد أمرين:
أحدهما: إما أن يكون المحاج سأل إبراهيم عن صفات الله فأجابه إبراهيم.
والثاني: أن يكون قد هدد هذا المحاج إبراهيم بالقتل فأجابه إبراهيم بأن الحياة والموت بيد الله، حينها أدعى المحاج هذه الصفة بقوله:
(أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ)
وهذه الدعوى لا تصدر من ساذج، وإنما من مغرور ملبس.
ولهذا كان لزاما على إبراهيم أن يحقر هذا الغرور ويزيل التلبيس فقال:
(قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ)
وهذا الخطاب لا يوجه ممن يملك إلى السذج من الناس، وإنما يوجه إلى من يغتر بقوته وملكه، كما حكى الله عن فرعون قوله:
(ونَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (54))
ولو كانت المحاجة من ساذج لما كان لقول إبراهيم الأثر الذي بينه الحق تبارك وتعالى:
(فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ).
هذا والله أعلى وأعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.(/)
هل يفهم من هذا أن كتابة الوحي كانت توقيفية؟
ـ[ Amara] ــــــــ[31 Aug 2009, 09:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
جاء في كتاب " إعراب القراءات السبع و عللها ص 56 - 57":
و كان حمزة لا يهمز إذا وقف، و يهمز إذا أدرج و لا يبالي إذا كانت الهمزة ساكنة أو متحركة نحو قوله تعالى: (لن يجدوا من دونه موئلا) يقف (مولا) و (أصحب المشئمة) يقف (المشمة)، و إنما يفعل ذلك اتباعا للمصحف: لأن المشئمة كتبت في المصحف بغير ألف و موئلا بغير ياء، و الدليل على ذلك أنه يقف منهن جرا بغير واو. و يقف (هزوا) و (كفوا) بواو، لأنها كذلك كتبت في المصحف.
فكيف نفسر ذلك إذا كانت كتابة القرآن ليست بوحي و لا توقيف من النبي؟
أم أن هذا أحد الأدلة على كون كتابة الوحي كانت بالوحي .. و أن كلاما مثل كلام ابن خلدون عن كون الصحابة لم يكونوا يجيدون الكتابة كلام مردود و ليس له دليل!
يغفر الله لي و لكم
ـ[بديع الزمان الأزهري]ــــــــ[03 Sep 2009, 06:00 ص]ـ
اتباع المصحف هنا يقصد به والله أعلم المصحف الامام الذى كتبه عثمان رضى الله عنه، والصحابة رضوان الله عليهم وتلامذتهم ومن تلقى عنهم بعد نشره فى الأمصار كرهوا مخالفة رسمه وأحبوا اتباع الرسم المجمع عليه
ـ[ Amara] ــــــــ[03 Sep 2009, 11:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
أخي الحبيب إنما كرهوا مخالفة رسم المصحف الإمام لإجماع الصحابة عليه و ذلك يفسره كراهة كتابته بالرسم الإملائي مثلا عند بعض المتأخرين و تحريمه عند المتقدمين ..
و لكن السؤال كيف يكون رسم المصحف الإمام علة لقراءته؟
لأن البين أن الإتباع هنا في النطق لا في الرسم .. و الذي تحدثت عنه أنت هو رسم الكلمة ..
فإذا كان النطق بالكلمة بحسب ما كتبت في المصحف الإمام دارج عند القراء الذين أخذوه بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو مالم أر أحدا يقول بضده، فإن الرسم في حد ذاته سيكون وحيا، لا كما يذهب إليه المتأخرون كونه ناتج عن قلة دراية بفنون الكتابة.
فإن كان غير ذلك فمعنى ذلك أن نطق حمزة للكلمة ليس مأخوذا عن رسول الله و هو عين الباطل.
أرجو منكم التوضيح
جزاكم الله خيرا(/)
تداخل الآيات المكية والمدنية في السور
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[01 Sep 2009, 12:16 ص]ـ
لا شك أن تحديد مكية الآية أو مدنيتها يؤثر تأثيرا مباشرا في تفسيرها؛ إذ يختلف المعنى عند ربطه بالأحداث التي وقعت بمكة عن ذلك المعنى الذي يربط بأحداث المدينة، ولهذا حدد العلماء أمكنة نزول السور والآيات.
لكن هنالك سؤال بسيط: هل يمكن أن تنزل سورة كاملة بمكة إلا آيات قليلة منها تنزل بعد سنوات طويلة في المدينة فتضاف إلى السورة وربما تكون تلك الآيات في وسط هذه السورة؟
وهل يمكن أن تنزل آيات قليلة منفصلة ومنعزلة عن سورها بمكة ثم تضاف إلى سورها بعد نزول تلك السور بالمدينة لتبقى هذه الآيات منعزلة عن سورها تلك المدة الطويلة؟
الإجابة عند الباحث: أنه لا يستطيع تصور ذلك إطلاقا، إلا أن العلماء قالوا بإمكان ذلك، والعلماء لا يتكلمون من فراغ بل لهم أدلتهم
ولهذا لا يمكن أن يكون كلام الباحث مقبولا إلا إذا فحص الأدلة التي استند عليها العلماء، فتبين له أن الأمر خلاف ما يقولون، ولم يقل أحد باتباع العلماء في كل الأحوال، أما إذا تبين للباحث أن الأدلة تؤكد أقوال العلماء تأكيدا لا يمكن معه القول بخلاف تلك الأقوال كان ملزما بإتباع تلك الأدلة
ولهذا فإن هذا البحث يهدف إلى فحص آراء العلماء الذين ذهبوا إلى وجود آيات مدنية في السور المكية أو وجود آيات مكية في السور المدنية
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[01 Sep 2009, 12:18 ص]ـ
توطئة:
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم إذا قالوا إن هذه الآية نزلت في كذا فإنهم يريدون به تارة أنه السبب المباشر للنزول ويريدون به تارة أن هذا داخل في معنى الآية وإن لم يكن هو السبب، وإذا كان الأمر كذلك فقد كان من الأهمية بمكان تمييز السبب المباشر الذي نزلت بعض الآيات لأجله من السبب الذي هو المعنى دون أن تكون الآية نازلة لأجله بصورة مباشرة، وقد كان هذا عند الصحابة من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل، وما كان ذلك عند الصحابة كذلك إلا لأن أسباب النزول عندهم لا ترتبط بالأشخاص ولا بالأعيان وإنما بالصفات والأنواع؛ ولهذا قال ابن عاشور (وكثيراً ما حملوا نزول الآية على مُثل تنطبق عليها معانيها فعبروا عنها بأسباب نزول)، فإذا عرف ذلك كان كل حدث تناولته الآية ودخل فيها سببا عندهم، ومن هنا جاءت مقولة العلماء (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب) أي إذا ثبت أن الآية قد نزلت في سبب معين فإن الآية لا تقتصر على هذا السبب فحسب بل تتعداه لتشمل كل الأحداث التي هي من جنس السبب
وبذلك يمكن أن يفهم تعدد الأسباب عند الصحابة؛ فالأحداث التي ذهبوا إلى أنها أسباب قد تكون في بعض المواضع – وإن تكاثرت - كلها صحيحة مناسبة وإن اختلفت القصص والأحداث، ما دامت هذه القصص تجتمع في علة واحدة يتناولها الحكم أو الصفة التي في تلك الآية المعنية.
وإذا كان الأمر كما سبق فإنه يمكن تصور آية واحدة لها ستة أسباب مختلفة للنزول كما سيأتي، وهذه الأسباب إنما هي قصص متباينة وأحداث متفرقة تناولتها تلك الآية دون أن يقصد بذلك أنها نزلت بصورة جديدة عند كل حدث.
وليس ذلك فحسب بل ذهب ابن عاشور أيضا إلى أن بعض الصحابة أحيانا قد تشتبه التّلاوة عندهم بالنزول، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد يقرأ بعض الآيات متذكّراً لها فيظنّها أحدهم نازلة ساعتئذ حيث لم يكن سمعها قبلُ، فيطلق النزول على التلاوة؛ يقول ابن عاشور: (ولهذا نظائر كثيرة في المرويات في أسباب النزول كما علمته غير مرة)
وكل الذي ذكر يوثر تأثيرا مباشرة في تحديد مدنية الآية أو مكيتها عند العلماء هذا فضلا على الاعتماد على بعض الآراء التي انفرد بها أصحابها أو الاعتماد على الروايات الضعيفة الواهية مع وجود تلك الروايات الصحيحة التي هي أولى بالقبول كما أن تحديد مكية الآية أو مدنيتها قد يعتمد على تفسير معين للآية أو ربط هذه الآية بحدث معين رغم وجود أحداث أخرى أشد ثبوتا وأكثر صحة، أو قد تنزل الآية في أمر مستقبلي فيكون وقوع ذلك بعد نزول الآية داخلا في هذا السبب
وليس ذلك فحسب بل قد يتم الاعتماد على الاعتبار المكاني في تحديد المكي والمدني دون الاعتبار المكاني وربما حكت الآية حدث ماضيا في مكان مختلف فيتم التعويل على ذلك دون سواه، أو قد يقع حدث مكي فلا ينزل فيه شيء إلا بالمدينة فتعتبر الآية عند بعضهم مكية رغم أنها قد نزلت بعد الهجرة أو قد يكون ذلك بسبب الاعتداد الشديد بخصائص المكي والمدني المعروفة عند العلماء وهي قواعد قد جاءت على الغالب وهي غير مطردة
لكل هذه الأسباب فقد ذهب بعض العلماء إلى وجود آيات مدنية في السور المكية أو وجود آيات مكية في السور المدنية؛ وهذا يدل على أن بعض السور قد تنزل كاملة بمكة إلا آيات قليلة منها تنزل بعد سنوات في المدينة فتضاف إلى السورة، أو قد تنزل آيات منفصلة ومنعزلة عن سورها بمكة ثم تضاف إلى سورها بعد نزول تلك السور بالمدينة؛ إلا أن هذه النتيجة تحتاج إلى دراسة مدققة لفحص تلك الأدلة بصورة دقيقة؛ وتفصيل ذلك كالآتي:
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[01 Sep 2009, 12:30 ص]ـ
الآيات المختلف فيها بالسور المكية:
في سورة الأنعام:
ذهب السيوطي إلى أن سورة الأنعام نزلت بمكة جملة واحدة، وهي مكية إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة وهي قوله تعالى: (قُُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شيئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) وقد عُزي هذا القول لابن عباس، وهذا فيه نظر للآتي:
- ارتكز السيوطي على قول أبي جعفر النحاس في كتابه الناسخ والمنسوخ، وقد أورد النحاس ذلك وهو يناقش وجود الناسخ في سورة الأنعام ثم قال: (وإذا كانت السورة مكية فلا تكاد تكون فيها آية ناسخة)
- لم يرد عن ابن عباس في كتب الحديث أنه قال إن هذه الآيات الثلاث مدنية: وإنما قال إن قوله تعالى (مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) هي التي في الأنعام (قُُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ..... ) إلى آخر الثلاث الآيات
- روى البيهقي في شعب الإيمان والطبراني في المعجم الكبير والصغير أن الأنعام نزلت جملة بمكة، وإذا كان ذلك كذلك لم يصح أن تتجزأ السورة فينزل بعضها في المدينة
- الآيات المشار إليها نفسها في سورة الأنعام فيها نهي واضح عن ما كان يحدث بمكة من الكبائر نحو الشرك وقتل الأولاد أو وأد البنات وقتل النفس، ومن المناسب جدا أن تكون مكية كسائر سورتها.
سورة الأعراف:
نقل السيوطي وغيره عن قتادة أن الأعراف مكية إلا قوله تعالى: (واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ)، وهذا فيه نظر للآتي:
- قال الألوسي وأخرج غير واحد عن ابن عباس وابن الزبير أنها مكية ولم يستثنيا شيئا
- الذين قالوا إن تلك الآيات مدنية غرّهم أن الله يأمر فيها رسوله صلى الله عليه وسلم أن يسأل اليهود عن هذه الواقعة المعلومة لهم في تاريخ أسلافهم، لكن مثل ذلك قد ورد أيضا في آيات مكية كثيرة مما ينفي مدنية هذه الآيات؛ وقد ورد ذلك في سورة يونس المكية في قوله تعالى: (فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ) ولم يقل أحد بمدنيته، وفي النحل المكية في قوله: (فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) ولم يقل أحد بمدنيته، وفي الزخرف المكية قوله (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) ولم يقل بمدنيته أحد
في سورة هود:-
في سورة هود المكية قوله: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) الذي ذهب بعض العلماء إلى إنه مدني النزول، واستدلوا بما روى الترمذي وابن ماجة والبخاري من أن رجلاً بالمدينة أصاب قُبلة من امرأة وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كفارتها؛ فأنزل الله هذه الآية، لكن عند مراجعة هذه الأدلة يبدو أن في هذا الرأي نظر؛ وذلك للآتي:
- الإشكال داخل استدلال أولئك العلماء يكمن في لفظ (فأنزل الله) ولكن جاء في صحيح مسلم بعد أن ذكر القصة: (فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ شَيْئًا؛ فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ؛ فَأَتْبَعَهُ النَّبِيُّ رَجُلًا دَعَاهُ، وَتَلَا عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ "أَقِمْ الصَّلَاةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ) وفي الترمذي مثل ذلك، وفي مسند أحمد (فَقَالَ رُدُّوهُ عَلَيَّ فَرَدُّوهُ عَلَيْهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ: "وَأَقِمْ الصَّلَاةَ" .... )
(يُتْبَعُ)
(/)
- يقول ابن عاشور: (إنّ الآية نزلت في الأمر بإقامة الصّلوات وإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بها الذي سأله عن "القُبلة" الحرام وقد جاء تائباً ليعلمه بقوله: "إن الحسنات يذهبن السيّئات"، فيؤوّل قولُ الراوي: فـ"أنزلت عليه"، أنّه أنزل عليه شمول عموم الحسنات والسيئات لقضيّة السائل ولجميع ما يماثلها من إصابة الذنوب غير الفواحش، ويؤيّد ذلك ما في رواية الترمذي عن علقمة والأسود عن ابن مسعود قوله: فتلا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم "وأقم الصّلاة" ولم يقولا: (فَأنْزل عليه)؛ أي أن ابن عاشور قد جعل الإنزال للحكم لا للآية حتى يوفّق بين الروايات.
- قرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية في أحداث كثيرة مختلفة بالمدينة؛ حين قبّل رجل امرأة في بستان، وحين قبّل آخر امرأة جاءت تبتاع تمراً، وحين جاء رجل ثالث وقال "يا رسول الله أقم فيّ حد الله"، وحين أتى رجل رابع كل شي في امرأة غير أنه لم يجامعها، و حين وجد رجل خامس امرأة على غدير ماء تغتسل، و حين كان رجل سادس مع امرأة جاءت تشتري الدقيق، و حين ضرب رجل سابع على كفل امرأة "وهذه القصص يروى فيها كلها أنها نزلت تلك الآية، وقد طالع الباحث ذلك في كتب الحديث فوجد أنها أنزلت نحو سبع مرات في قصص مختلفة، مما يؤكد أن الروايات التي جاء فيها لفظ "فقرأ" أرجح؛ إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استشهد في هذه المواقف كلها بهذه الآية استشهاداً؛ ولهذا يقول ابن حجر: (ظاهر سياق هذه القصص يدل على أنها متأخرة عن نزول الآية)
في سورة النحل:-
في سورة النحل المكية ذهب بعض العلماء إلى أن قوله تعالى: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ) قد نزل بالمدينة عند أحد، ثم نزل أيضا يوم الفتح، ولكن ذلك أيضاً فيه نظر الآتي:
- هذه الآية مكية كسورتها إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استشهد بها في أحداث مدنية، وقد ارتبط ما حدث يوم الفتح مع ما حدث يوم أحد، وما حلف الأنصار وأقسموا على الانتقام إلا لما حدث في أحد؛ فلما كان يوم الفتح حان وقت التنفيذ، وقد جاءت روايات كثيرة تثبت هذا الارتباط، وقد نادى يوم الفتح بالانتقام "رجل لا يُعرَف" وقال: "لا قريش بعد اليوم "كما جاء في مسند الإمام أحمد وشعب الإيمان للبيهقي وسنن النسائي والمستدرك للحاكم فتم النهي عن الانتقام في الحال،مما ينفي نزولها عند ذلك، ولكن يبدو أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكّر المسلمين بالآية في الحالين.
- أما نزولها بعد أحد فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قرأها وهو واقف لم يبرح مكانه وبين يديه حمزة رضي الله عنه وهو مقتول وقد مثّل الكفار به؛ فقال: (والله لأمثلنّ بسبعين منهم مكانك) والحديث في المستدرك والبزار والطبراني في الكبير والبيهقي والواحدي في أسباب النزول، وجميعهم من طريق صالح بن بشير المري و هو ضعيف ورواه كذلك الدارقطني وفيه عبد العزيز بن عمران وهو أيضاً ضعيف، وقد عدّ الغساني والألباني هذا الحديث من الأحاديث الضعاف.
- الذي أقسم على الانتقام فقال عند ما أصيب بعض المسلمين ومنهم حمزة: "لئن أصبناهم يوماً مثل هذا لنربينّ عليهم" هم الأنصار وليس النبي صلى الله عليه وسلم، بل يبدو أن النبي صلى الله عليه وسلم - رغم حزنه الشديد - قد ذكّرهم بالآية.
- ذكر ابن عباس ما يدل على أن الآية قد نزلت في الاعتداءات الفردية التي كانت تقع بمكة حيث لا نظام للمجتمع ولا قانون، وقد تغير ذلك الوضع بالمدينة؛ يقول ابن عباس - في قوله: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) وقوله: (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ) وقوله: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ) وقوله: (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) - فهذا ونحوه نزل بمكة والمسلمون يومئذ قليل ليس لهم سلطان يقهر المشركين، وكان المشركون يتعاطونهم بالشتم والأذى؛ فأمر الله المسلمين من يجازى منهم أن يجازوا بمثل الذي أتى إليه أو يصبروا ويعفوا؛ فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأعز الله سلطانه - أمر المسلمين أن ينتهوا في مظالمهم إلى سلطانهم، ولا يعدو بعضهم
(يُتْبَعُ)
(/)
على بعض كأهل الجاهلية؛ ومن انتصر لنفسه دون السلطان فهو عاص مسرف قد عمل بحمية الجاهلية ولم يرض بحكم الله، وقد كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الآفاق: أن لا تقتلوا أحداً إلا بإذني
- هذه الآية بعموم لفظها يدخل فيها كل ظلم سواء كان في النفوس أو الأموال أو غيرها، وقد أورد البخاري الآية مع أحاديث في "باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه"، وحكى الطبري عن قوم أنهم قالوا: إنما نزلت هذه الآية فيمن أصيب بظلامة ألا ينال من ظالمه إذا تمكن إلا مثل ظلامته لا يتعداه إلى غيره وجاء في تفسير ابن أبي حاتم أن محمد بن سيرين فسر الآية بقوله: (إِن أخذ منك رجل شيئاً، فخذ منه مثله)، ولهذا ذهب بعض المفسرين إلى أن الآية عامة، وما ذِكر حمزة بأُحُد إلا على وجه المثال؛ وبهذا تكون الآية مكية كسائر السورة
- ذهب النحاس وابن عطية وفخر الدين الرازي وابن عاشور إلى أن هذه الآية متّصلة بما قبلها ومرتبطة به أشد الارتباط، وحسبك في ذلك وجود العاطف فيها، وهذا تدرّج في رتب المعاملة من معاملة الذين يُدعَون ويوعظون: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة) إلى معاملة الذين يجادلون: (وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) ثم إلى معاملة الذين يجازون على أفعالهم: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ)، وبذلك حصل حسن الترتيب في أسلوب الكلام
- يمكن أن يكون في هذه الآية إيماء وإشارة إلى أن الله سوف يُظهر المسلمين على المشركين ويجعلهم تحت رحمتهم، ولعلّ بعض الذين فتنهم المشركون سوف يبعثه الحنق على الإفراط في العقاب، ولذلك رغّبهم الله في الصبر على الأذى والمعنى: إن أظفركم الله – كما سيحدث مستقبلاً عند فتح مكة – فاعدلوا أو أحسنوا لأن الله - كما ذكر في هذه السورة – (يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ) والعدل هو المعاقبة بالمثل والإحسان هو الصبر والعفو، وكل هذه كانت أموراً مستقبلية في الغيب عند نزول الآية، ولهذا كان قوله: (عُوقِبْتُم) إشارة إلى ما وقع في أحد، وقوله (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ ... ) إشارة إلى تخييرهم عند الفتح، وقد اختار النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان بدلا عن العدل، وبهذا يمكن أن تتضمن الآية معنى ما حدث بأحد وما حدث يوم الفتح، وليس بالضرورة أن تكون مدنية أو نزلت مرتين أو ثلاث.
في سورة الإسراء:-
في سورة الإسراء المكية ذهب بعض العلماء إلى أن قوله: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) مدني النزول استناداً على بعض الأدلة كما سيأتي؛ إلا أن هذا فيه نظر؛ وذلك للآتي:
- هذه الآية مكية، ومن الممكن أن يستدل النبي صلى الله عليه وسلم على اليهود بقوله تعالى: (الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) في المدينة بعد أن نزلت الآية في مكة وفي سورة مكية، ومن الممكن أيضاً أن يُسأل مرتين، والسؤال صادر عن اليهود في الحالين؛ فيجيب دون حاجة إلى أن تنزل الآية مرة أخرى، وقد جاء في سنن الترمذي والمستدرك للحاكم وصحيح ابن حبان ومسند أحمد: (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِيَهُودَ: أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلُ هَذَا الرَّجُلَ، فَقَالوا: سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ، قَالَ: فَسَأَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) وصحيح أن ابن عباس قد سمع ذلك الأمر سماعاً؛ فهو لم يشهد النبي صلى الله عليه وسلم في مكة؛ إذ هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وعمره ثلاث سنوات ولكن يمكن أن يسأل من شهدوا ذلك ويتأكد، ومراسيل الصحابة حجة، وهي في حكم الموصول المسند لأن روايتهم عن بعضهم، وكلهم عدول رضي الله تعالى عنهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
- الذين قالوا بمدنية الآية ظهر لهم دليل قوي يؤكد مكيتها ولا يعزلها عن سورتها المكية ولهذا قالوا بتكرار نزولها في المدينة واستدلوا بما جاء في البخاري: عن عبد اللَّه بن مسعود قال: (بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي خَرِبِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ الْيَهُودِ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَسْأَلُوهُ لَا يَجِيءُ فِيهِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَنَسْأَلَنَّهُ؛ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا الرُّوحُ؟ فَسَكَتَ؛ فَقُلْتُ: إِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ؛ فَقُمْتُ فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهُ؛ قَالَ: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي (وكلام الراوي – أي عبد الله بن مسعود - في هذا الحديث غير جازم "فَقُلْتُ: إِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ " وأطلق "القول" هنا على ما يقع في النفس ثم قال ابن مسعود أيضاً: (قَالَ) ولم يقل: (فنزل)، وجاء في البخاري أيضاً ما يشير إلى أن ابن مسعود كان يخمّن تخميناً؛ وهو قوله: (فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ (أي: أنه ظن ذلك من خلال سكوته وعدم رده؛ ويمكن أن يكون سكوته على توقع مزيد بيان كما ذكر ابن حجر، وقد ذكر ابن مسعود في روايات أخرى بصورة صريحة أنه ظن هذا النزول ظناً ولم يتيقن؛ فقد جاء في صحيح البخاري أيضاً وفي مسند البزار ومسند الإمام أحمد بن حنبل في الواقعة نفسها أن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ" وقد جاء في مسند أحمد ما يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم تلاها تلاوة ولم تنزل: (فَسَكَتَ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ عَلَيْهِمْ (
- لما رأى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم – عندما سئل - قد قام وسكت وحنى من رأسه قال "فظننت أنه يوحى إليه" قال فتأخرت عنه أي أدباً معه لئلا يتشوش بقربي منه، فرواية ابن مسعود تدل على أنه رأى هيئة النبي صلى الله عليه وسلم هكذا فتأخر عنه ولم يرد نص يشير إلى أنه تأكد بسؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك.
- يبدو أن اليهود يعرفون إجابته صلى الله عليه وسلم التي وقعت بمكة من قبل؛ ولذلك قال بعضهم لبعض: " لَا تَسْأَلُوهُ، لَا يَجِيءُ فِيهِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ" وهم يكرهون سماع قوله تعالى: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) في آخر آية الروح هذه؛ ولذلك قال بعضهم بعد إجابة النبي صلى الله عليه وسلم التي يكرهون سماعها - كما روى أحمد - "قَدْ قُلْنَا لَا تَسْأَلُوهُ " وذهب ابن كثير أن قوله {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا} قد نزل بمكة فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، أتاه أحبار يهود. وقالوا يا محمد، ألم يبلغنا عنك أنك تقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا} أفَعَنَيْتَنَا أم عنيت قومك؟ فقال: "كلا قد عنيت". قالوا: إنك تتلو أنا أوتينا التوراة، وفيها تبيان كل شيء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هي في علم الله قليل، وقد آتاكم ما إن عملتم به استقمتم"
- إن رد فعل اليهود على قوله تعالى: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) قد كان سبباً لنزول آية مكية أخرى؛ إذ روى الترمذي عن ابن عباس قال: (قَالَتْ قُرَيْشٌ لِيَهُودَ: أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلُ هَذَا الرَّجُلَ؛ فَقَالوا: سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ، قَالَ: فَسَأَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا" قَالُوا: أُوتِينَا عِلْمًا كَثِيرًا، أُوتِينَا التَّوْرَاةَ، وَمَنْ أُوتِيَ التَّوْرَاةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا؛ فَأُنْزِلَتْ: "قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ) ويبدو واضحا أن أهل مكة - الذين لم يكونوا أهل علم - قد استعانوا باليهود أهل العلم؛ فلما ردّ الله على سؤال أهل مكة جهّل من حرضوهم على السؤال أيضاً، وهو ردّ مناسب
(يُتْبَعُ)
(/)
لهذه القضية المركبة؛ إذ فيه إفحام للطرفين، ومعلوم أن سورة الكهف التي نزل فيها الرد على رد اليهود قد نزلت بمكة؛ فلا يتصوَّر أن تكون آية الروح وما صاحبها من أحداث بالمدينة قد كانت سبباً في نزول آية مكية.
وبذلك يتضح أن رواية سؤال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم عن الروح في المدينة بحضور ابن مسعود رواية صحيحة؛ ولكنها لم تكن سبباً لنزول هذه الآية المكية بحال.
سورة مريم:
ذهب السيوطي إلى أن سورة مريم المكية استثني منها آية السجدة أي: أن آية السجدة في سورة مريم مدنية، وهذا فيه نظر للآتي:
- كون آية السجدة في سورة مريم مدنية هو قول مقاتل وآية السجدة المقصودة هي: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا) وقد بدأت الآية باسم الإشارة " أُوْلَئِكَ" وهي إشارة إلى الأنبياء المذكورين في السورة، ولا يمكن أن يكون الله قد أشار إليهم بالمدينة بعد ذكرهم بمكة؛ ولهذا يقول ابن عاشور عن قول مقاتل: (ولا يستقيم هذا القول لاتصال تلك الآية بالآيات قبلها إلا أن تكون ألحقت بها في النزول وهو بعيد).
- ذكر أبو حيان والألوسي أن مقاتل قد ذهب إلى أن آية السجدة مدنية لأنها نزلت بعد عودة مهاجرة المؤمنين إلى الحبشة وقول مقاتل لا دليل عليه، ولا معنى له ولو صح فرضا؛ إذ من المعلوم أن المهاجرين قد عادوا إلى الحبشة مرتين كليهما في الفترة المكية قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، ومعلوم أن جعفر بن أبي طالب قد قرأ على النجاشي هذه السورة كما هو ثابت، وقد راجع الباحث تفسير مقاتل ولم يجده ذكر هذا السبب في تفسيره للآية وإنما قال: (نزلت في مؤمني أهل التوراة عبد الله بن سلام وأصحابه) وهذا أيضا فيه نظر لأن الآية مكية نزلت قبل إسلام عبد الله بن سلام من ناحية ثم إن هذا الوصف كان للأنبياء المذكورين لا لغيرهم من ناحية أخرى.
سورة طه:
ذهب السيوطي إلى أن سورة طه استثني منها (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ) ويقصد أن سورة طه مكية إلا هذه الآية فهي مدنية، وهذا فيه نظر للآتي:
- لعل الذي حمل الذين قالوا بمدنية هذه الآية على هذا القول - هو بقية الآية: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى) وهي الصلوات المفروضة؛ ويدل على ذلك السياق: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ)، والصلوات المذكورة هي: الصبح قبل طلوع الشمس والعصر قبل غروبها وآناء الليل العشاء وصلاة الظهر والمغرب أطراف النهار.
- صحيح أنه بالمعراج - أي قبل الهجرة بسنة - فرض الله على الأمة خمسين صلاة ثم خففت كما جاء في الروايات الصحيحة؛ لكن ذلك لم يكن ابتداء للصلاة وإلا لزم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين لم يكونوا يصلون؛ وهذا غير صحيح، وقد جاء في سورة هود المكية (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) وجاء في الإسراء المكية (أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) وفي النمل المكية وصف المؤمنين بأنهم (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) وفي العنكبوت المكية: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ) وفي الروم المكية: (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)، وسورة المزمل التي هي من أوائل السور نزولا فيها قوله (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) بل وفي سورة العلق التي هي أول سورة نزلت قوله (عَبْدًا إِذَا صَلَّى)، ولهذا كان حديث المعراج لبيان رحمة الله على الأمة وليس لفرض الصلاة ابتداء
(يُتْبَعُ)
(/)
، وفي هذا الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم استحى عندما بلغت الصلوات خمسا، وكأنه استحى أن ينقص مما فرض عليه سابقا كما روى البخاري ومسلم والبيهقي وابن ماجة وأحمد وابن حبان (هي خمسٌ وهي خمسون لا يبدل القول لدي) كأنما قال: لا أنسخ ما افترضته أولا ومعنى الحديث خمس بثواب خمسين، وقد ورد في حديث المعراج أيضا أنه صلى بالأنبياء وذلك قبل فرض الصلاة في هذا المعراج فبأي صفة أوكيفية صلى؟! إذا لم يكن يعرف الصلاة.
سورة الأنبياء:
ذهب السيوطي إلى أن سورة الأنبياء قد استثني منها: (أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُون) ويقصد السيوطي -كما ذهب كثير من المفسرين - أن المراد بالأرض أرض قريش؛ وذلك لما غلبهم المسلمون ونقصوا من أرضهم التي كانت في تصرفهم، والأطراف هي مكة والمدينة فإنهما طرفا بلاد العرب، وهذا لم يحدث قبل الهجرة إطلاقا، ولكن ذلك فيه نظر للآتي:
- هذه الآية جاءت للإنذار بأنهم صائرون إلى زوال وأنهم مغلوبون زائلون والرؤية هنا كالرؤية في قوله: (أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ) وقوله: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ) أي فلينظروا إلى غيرهم من الأمم فيتعظوا.
- سياق آية الأنبياء هذه يدل على أن نقص الأرض هي خراب القرى وموت أهلها، وقوله تعالى -في هذا السياق - (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون) مع قوله: (بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاء وَآبَاءهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) أي مهما طال عليهم العمر فهم زائلون؛ فقد نقصنا أطراف الأرض بموت أهلها وفنائهم، شيئا فشيئا، حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فلو رأوا هذه الحالة لم يغتروا ويستمروا على ما هم عليه وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما
- هذه الآية المكية كقوله تعالى - في سورة الرعد المكية - (أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا)
سورة المؤمنين:
ذهب السيوطي إلى أن سورة المؤمنون استثني منها: (حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ) إلى قوله (حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) والسبب الذي جعل به السيوطي هذه الآية مدنية ما ذكره في "لباب النقول في أسباب النزول" من أنها نزلت يوم بدر وهذا فيه نظر وذلك للآتي:
- رد السيوطي على نفسه وضعف هذا القول فقال روى الطبراني في الأوسط بسند ضعيف
- سبب نزول الآية هو ما قال ابن عباس والضحاك من أنه يعني به الجوع الذي أصاب أهل مكة حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم أشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف) فابتلاهم الله بالقحط والجوع حتى أكلوا العظام والميتة والكلاب والجيف، وهلك الأموال والأولاد وهذا الجوع قد حلّ بقريش بُعيد الهجرة
- رواية الطبراني التي استند عليها السيوطي – على ضعفها – ليس فيها ما يدل أن الآية مدنية؛ إذ جعلت الرواية المذكور في الآية من الأمور المستقبلية؛ فهذا العذاب رغم ذكره بمكة إلا أنه وقع في بدر، وقد وردت في هذه الرواية آيات مكية مستقبلية أخرى كقوله (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) وقوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا)
سورة الفرقان:
ذهب السيوطي إلى أن سورة الفرقان استثني منها (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا) إلى قوله تعالى (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) أي أن هذه الآيات مدنية رغم أن سورتها مكية، ويقصد السيوطي بمدنية هذه الآية ما رواه البيهقي في الدلائل من أن وحشي قاتل حمزة: سأل هل لي من توبة وقد أشركت وقتلت وزنيت؟ فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله فيه هذه الآية وقد ضعف السيوطي نفسه هذه الرواية ووصف سندها بأنه (سند
(يُتْبَعُ)
(/)
لين) وزعم مقاتل أنها نزلت بعد سنتين من سؤال وحشي، وهذه القصة ليست كما رواها البيهقي أو كما زعم مقاتل بل إنها نزلت بمكة، وتعلقها بقصة وحشي إنما هو مجرد ذكر لها بالمدينة فحسب؛ إذ روى الطبراني هذا الحديث أيضا وبسند ضعيف أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى وحشي قاتل حمزة يدعوه إلى الإسلام فأرسل إليه: يا محمد كيف تدعوني إلى دينك وأنت تزعم أن من قتل أو أشرك أو زنا يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا وأنا قد صنعت ذلك؟) وتلك الروايات الضعيفة يرد بعضها بعضا، إلا أن الروايات الصحيحة تؤكد أن الآية مكية كسورتها؛ فقد روى البخاري أنها نزلت في أهل الشرك وروي البخاري أيضا أن أناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا وزنوا وأكثروا فأتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا إن الذين تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزل (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ........ )
سورة الشعراء:
ذهب السيوطي إلى أن سورة الشعراء استثنى ابن عباس منها: (وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) إلى آخر السورة ويقصد السيوطي ما في الآية من استثناء لبعض الشعراء وهم شعراء رسول الله صلى الله عليه وسلم حسّان بن ثابت وابن رَواحة وكعب بن مالك ولكن ذلك لا يدل على مدنية الآية للآتي:
- كان شعراء المدينة قد أسلموا قبل الهجرة، وكان في مكة شعراء مسلمون من الذين هاجروا إلى الحبشة أيضا كما ذكر ابن عاشور
-أما ما روى الحاكم من أن عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكيان حين نزلت (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمَ الْغَاوُونَ) فنزلت (إلاَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)؛ فالحق أن هولاء قد شكوا ذم القرآن للشعراء وهم منهم؛ فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الدليل السياقي في الآيات ليثبت لهم إخراجهم من دائرة الذم، وليس بالضرورة أن تكون الآيات قد نزلت آنذاك بالمدينة؛ وتؤيد رواية ابن أبي شيبة لهذا الحديث ما ذهبنا إليه: (عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْبَرَّادِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمَ الْغَاوُونَ) جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ يَبْكُونَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّا شُعَرَاءُ، فَقَالَ: اقَرَؤُوا مَا بَعْدَهَا: (إلاَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) أَنْتُمْ (وَانْتَصَرُوا) أَنْتُمْ)
سورة لقمان:
ذهب السيوطي إلى أن سورة لقمان استثنى منها ابن عباس: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) ويقصد السيوطي أن هذه الآية كقوله تعالى لليهود (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)؛ إذ قد وردت الآيتان في الرد على اليهود،وروي أن سبب الآية أن اليهود قالوا: قد أوتينا التوراة وفيها العلم كله فنزلت الآية؛ لتدل أن ما عندهم قليل من كثير، والمشهور أن الآية مكية كما أن آية الإسراء السابقة أيضا مكية كسورتها، وروي أن سبب نزول آية لقمان هذه أن قريشاً قالوا إن القرآن سينفد فنزلت الآية الأمر الذي يدل على مكيتها.
في سورة الزمر:-
(يُتْبَعُ)
(/)
في سورة الزمر المكية قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) قيل أنها نزلت في وحشي قاتل حمزة بأحد عندما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما في المدينة، وقد استدل من قال ذلك بما رواه الطبراني في المعجم الكبير، وذلك فيه نظر للآتي:
- من الممكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد تلاها تلاوة عند إسلام وحشي، أما أن تكون قد نزلت – وهي في سورة مكية - في هذه الحادثة فهو أمر مستبعد؛ خاصة وأن البخاري قد أورد في سبب نزولها قصة أخرى وقعت بمكة ولم يذكر فيها وحشي؛ ومعلوم أن وحشي قد أسلم بعد الهجرة بزمان؛ ورواية البخاري هي: (عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً فَنَزَلَ: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ) وَنَزَلَتْ: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) - يقول ابن عاشور: (ما نشأ القول بأنها مدنيّة إلا لما روي فيها من القصص الضعيفة)
في سورة الجاثية:-
في سورة الجاثية المكية قوله تعالى: (قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ) الذي قيل إنه آية مدنية ونزلت في فنحاص اليهودي أو عبد الله بن أبي المنافق؛ وذلك فيه نظر للآتي:
- هاتان الروايتان رغم ورودهما في التفاسير كثيراً إلا إنهما لم تردا في كتب الحديث.
- سورة الجاثية التي وردت فيها هذه الآية مكية؛ فكيف تنزل الآية بمكة قبل أسبابها التي وقعت بالمدينة
- أقرب الأسباب لنزول هذه الآية هي أن رجلاً من المشركين بمكة شتم عمر بن الخطاب فَهَمّ أن يبطش به، رغم أن هذه الرواية الأرجح نفسها- كما ذهب بعض العلماء- غير صحيحة
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[01 Sep 2009, 12:34 ص]ـ
الآيات المختلف فيها بالسور المدنية:
هنالك بعض الآيات التي ذهب بعض العلماء إلى أنها مكية رغم كونها في سور مدنية؛ ومن ذلك الآتي:
في سورة البقرة:
ذهب الماوردي إلى أن قوله تعالى: (وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) آية مكية، رغم كونها في سورة البقرة؛ فهي قد نزلت يوم النحر في حجة الوداع وهذا يدل على إعادة الترتيب، ولكن ذلك فيه نظر؛ إذ أخذ الماوردي بالاعتبار المكاني فحسب، وذلك غير صحيح؛ لأن المدني هو ما نزل بعد الهجرة، ونزول هذه الآية بمكة لا يخرجها عن القرآن المدني إطلاقا وما ذهب إليه الماوردي شاذ والعلماء على خلافه.
في سورة النساء:
ذهب الماوردي أيضاً إلى أن قوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) آية مكية؛ رغم ورودها في سورة النساء المدنية؛ إذ نزلت عندما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ مفاتيح الكعبة من عثمان بن طلحة ويعطيها العباس فنزلت و لهذا شذ النحاس فذهب إلى أن هذه السورة كلها مكية ونزول هذه الآية المتأخرة بمكة لا يخرجها عن القرآن المدني.
سورة الأنفال:
ذهب السيوطي إلى أن قوله تعالى في الأنفال المدنية: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) يعني به أهل مكة، وأنه لا يعذبهم حتى يخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم من بين أظهرهم، ولذلك فالآية عنده مكية ورغم أن الجزء الأول من كلام السيوطي صحيح؛ إلا أن قوله أن "الآية مكية" فيه نظر؛ وذلك للآتي:
- من الواضح جدا أن الآيات تحكي ما وقع في الماضي في مكة؛ وهي تبدأ بـ"إذ" التي تعني: واذكر إذ حدث كذا وكذا من كيد الكفار بمكة.
(يُتْبَعُ)
(/)
- هذه الآية فيها تذكّر نية الكفار في الماضي لإخراج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة، ولم يكن آنذاك قد خرج بعد: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)
- سورة الأنفال هذه نزلت في شأن بدر وهي تحرّض المؤمنين على قتال الكافرين مذكّرة بما حدث منهم في الماضي.
- القائل: (اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) هو أبو جهل كما روى البخاري ومسلم وأبو جهل قد قُتل في بدر قبل نزول هذه السورة التي تذكر أفعاله القبيحة وأقواله الشنيعة
- قوله تعالى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) هو رد على قول أبي جهل قبل الهجرة؛ ووجود النبي صلى الله عليه وسلم بينهم بمكة كان أمانا لهم، وقد عذبهم بعد ذلك.
سورة التوبة
ذكر السيوطي أن سورة التوبة مدنية غير آيتين: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) أي أن هاتين الآيتين مكيتين بخلاف سائر السورة، وهذا فيه نظر للآتي:
- هذا القول الذي نقله السيوطي هو قول ابن الغرس وابن الغرس استند فيه على قول مقاتل وهو قول شاذ وفيه نظر للآتي:
- دليل مقاتل على مكية الآيتين واه جدا؛ إذ ذهب إلى أن قوله "من أنفسكم" المخاطب به أهل مكة والحق أن الخطاب لكل الناس ولا يقتصر على أهل مكة أو العرب، والمعنى: من جنسكم أي البشر لتفهموا عنه وتأتموا به، ويفسر ذلك قوله: (ولو جعلناه رجلا) أي إنساناً يقول ابن كثير: (أنه يبعث إليهم الرسول من جنسهم، ليفقهوا عنه ويفهموا منه، لتمكنهم من مخاطبته ومكالمته، ولو بعث إلى البشر رسولا من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه) ولهذا علق القرطبي على قول مقاتل وقال إن فيه بعداً
- وردت أحاديث كثيرة تثبت أن هذه الآيات مدنية وأنها آخر آية نزلت إلى تلك الدرجة التي لم يكتبها كتاب الوحي الذين كانوا يكتبون للنبي، إذ لم يجدها زيد – بشروط لجنته – إلا مع خزيمة بن ثابت كما روى البخاري وابن حبان والترمذي والبيهقي
- من الأدلة التي تؤكد أنها مدنية وأنها آخر الآيات نزولا أن عددا قليلا من الصحابة كانوا يحفظونها عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم نحو خزيمة بن ثابت السابق ذكره وزيد بن ثابت كما روى البخاري ومسلم والترمذي وأحمد وابن حبان وأبي بن كعب كما روى أحمد وعمر بن الخطاب كما روى أحمد فلو كانت الآيتان مكيتين لكان كثير من الناس يحفظونها ويكتبونها ولما أجهد خزيمة بن ثابت نفسه في البحث عن شاهد
وذهب الواحدي والسيوطي وغيرهما إلى أن قوله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) في سورة التوبة المدنية قد نزل في أبي طالب وقد مات كافراً بمكة أي أن هذه مكية مما يدل على إعادة الترتيب، ولكن باستقصاء الراويات المتعددة في آية التوبة يمكن أن يقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
- كون هذه الآية مكية أمر مستبعد لتباعد الفترة بين نزولها وموت أبي طالب؛ يقول الحسن بن الفضل: (هذا بعيد؛ لأن السورة من آخر ما نزل من القرآن، ومات أبو طالب في عنفوان الإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة) لكن من الممكن أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وهو الوفي الذي لا ينسى المعروف قد ذكر عمه وإحسانه إليه فاستغفر له بالمدينة فنزلت الآية بهذا السبب.
- يبدو من خلال حديث البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بالاستغفار لعمه في مكة حتى نهي عن ذلك بالمدينة؛ ونص الحديث هو: (َلمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي طَالِبٍ: يَا عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةً أَشْهَدُ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ؛ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ! فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَعُودَانِ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ هُوَ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَمَا وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ .... )
- جاء في سنن الترمذي ومسند أحمد سبب آخر: (عَنْ عَلِيٍّ قَالَ سَمِعْتُ رَجُلًا يَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْهِ وَهُمَا مُشْرِكَانِ فَقُلْتُ لَهُ أَتَسْتَغْفِرُ لِأَبَوَيْكَ وَهُمَا مُشْرِكَانِ فَقَالَ أَوَلَيْسَ اسْتَغْفَرَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَهُوَ مُشْرِكٌ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ (ويبدو أن هذا السبب أكثر انسجاماً مع نص الآية لجمعه بين نهي النبي صلى الله عليه وسلم ونهي المؤمنين كما جمعتهما الآية (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا)
- يقول ابن حجر (نُزُول هذه الْآيَة الْمُتَعَلِّقَة بِالِاسْتِغْفَارِ فِي أَبِي طَالِب فِيهِ نَظَر ويَظْهَر أَنَّ الْمُرَاد أَنَّها نَزَلَتْ بَعْده بِمُدَّةٍ، وَلكنها عَامَّة فِي حَقّه وَفِي حَقّ غَيْره)
- هنالك سبب ثالث يعضد السبب السابق ويؤكد أن هذه الآية مدنية؛ فقد روى الحاكم والطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قد استأذن ربه في زيارة أمه والاستغفار لها؛ فأذن له بالزيارة ولم يأذن له بالاستغفار؛ فنزلت هذه الآية، وفي رواية الطبراني: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَقْبَلَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكٍ وَاعْتَمَرَ، فَلَمَّا هَبَطَ مِنْ ثَنِيَّةِ عُسْفَانَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَسْتَنِدُوا إِلَى الْعَقَبَةِ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكُمْ، فَذَهَبَ فَنَزَلَ عَلَى قَبْرِ أُمِّهِ ...... ) وفي رواية للطبراني: (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن زَيْدِ بن الْخَطَّابِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ نَحْوَ الْمَقَابِرِ فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى قَبْرٍ ...... ) وغزوة تبوك كانت سنة تسع من الهجرة وفتح مكة كان في السنة الثامنة وعلى الروايتين فالآية مدنية كسورتها، ثم إن رواية الطبراني عن ابن عباس ورواية البيهقي عن أبي هريرة وقد كان عمر ابن عباس عند الهجرة ثلاث سنوات وأبو هريرة أسلم سنة سبع للهجرة وهذا من الأمور المعضدة لكون الآية مدنية، ومعلوم أن قبر أم النبي صلى الله عليه وسلم بـ"الأبواء" في الطريق بين مكة والمدينة، يقول ابن حجر: (يحتمل أن يكون نزول الآية تأخر وإن كان سببها تقدم ويكون لنزولها سببان متقدم وهو أمر أبي طالب ومتأخر وهو أمر آمنة)
(يُتْبَعُ)
(/)
- يقول ابن عثيمين عن هذه الآية: (هي في سورة التوبة، وهي متأخرة مدنية، وقصة أبي طالب مكية، وهذا يدل على تأخر النهي عن الاستغفار للمشركين، ولهذا استأذن النبي صلى الله عليه وسلم للاستغفار لأمه وهو ذاهب للعمرة، ولا يمكن أن يستأذن بعد نزول النهي؛ فدل على تأخر الآية، وليس المعنى أنها نزلت في ذلك الوقت)
في سورة الحجرات:
ذهب بعض العلماء إلى أن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى) مكي استنادا على أن الخطاب فيه كان بـ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ)، وذلك فيه نظر للآتي:
- السور المدنية قد يأتي فيها الخطاب بـ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ) وقد وقع مثل ذلك في نحو سبع آيات مدنية.
- هذه السورة كلها مدنية نزلت بعد الهجرة باتفاق أهل التفسير
- القول بأنها مكية قول شاذ ولا يعرف قائله
- إن صح ما أورده الواحدي فإن نزول الآية بمكة يوم الفتح بعد الهجرة لا يخرجها من القرآن المدني، ولكن نزولها يوم الفتح نفسه فيه نظر؛ إذ جاء في سنن الترمذي وصحيح ابن حبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تلا هذه الآية تلاوة في خطبته يوم الفتح واستشهد بها استشهادا مما يدل على أن هذه الآية نزلت قبل ذلك؛ وعلى ذلك فليس هنالك من دليل على نزولها في ذلك اليوم.
- أقرب أسباب نزول هذه الآية إلى الصحة ما جاء في مراسيل أبي داود من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بني بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: نزوج بناتنا موالينا؟! فأنزل الله عز وجل هذه الآية وبنو بياضة بطن من الأنصار لا من أهل مكة، وحرة بني بياضة تبعد نحو ميل من المدينة.
في سورة المجادلة:
ذهب السيوطي إلى أن سورة المجادلة استثني منها (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ) وقد حكى ذلك ابن الغرس وغيره وهذا القول في أصله هو قول محمد بن السائب الكلبي ولم يستدل الكلبي على ذلك بشيء ثم إن الكلبي في نفسه مجروح لا يعتد بقوله، وملاحظ أن هذه الآية شديدة الارتباط بما قبلها وما بعدها ولو انفصمت من السياق لاختل النظم؛ قال تعالى (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاؤُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ)
سورة المزمل:
ذهب السيوطي إلى أن سورة المزمل استثني منها: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ...... ) إلى آخر السورة وقد نقل السيوطي ذلك من ابن الغرس ويؤيد قول ابن الغرس ما رواه الطبراني في مسند الشاميين عن ابن عباس أنه نزل قوله: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا) فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة نسختها هذه الآية (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ) لكن ذلك فيه نظر للآتي:
- الطريف أن السيوطي الذي أورد مسألة مدنية هذه الآية قد رد بنفسه على ذلك فقال (ويرده ما أخرجه الحاكم عن عائشة أنه نزل بعد نزول صدر السورة بسنة؛ وذلك حين فرض قيام الليل في أول الإسلام)
- لعل هنالك خلطا قد حدث؛ إذ ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يقوم الليل في رمضان بالمدينة فاجتمع إليه الناس فصلى بهم ثم أبى ذلك وقال (خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها) كما روى مسلم وابن حبان وابن خزيمة وهذه الرواية لا تتعرض لنزول تلك الآيات،وقد روى النسائي وأبو يعلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل بالمدينة كما ذكرت عائشة، وقد ظل قيام الليل فرضا للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة لم ينسخ؛ وإن كان قد نسخ بالنسبة لأمته أو صار مندوبا كما ذكر العلماء أي أن المسلمين لما أرادوا الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك نهاهم وتؤيد تلك الآية بطبيعة الحال هذا النهي ولكن ذلك لا يعني أنها نزلت عند هذا النهي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[01 Sep 2009, 02:20 م]ـ
خلاصة:
يتبين لي بما سبق أمران هما:
الأول: لا تتداخل الآيات المكية والمدنية في سورة واحدة، وقول العلماء "إن سورة كذا مكية أو مدنية إلا قوله تعالى ... " فيه نظر وينبغي أن يفحص فحصا جيدا كما سبق
الثاني: النزول لا يتكرر، والآية لا تنزل مرتين أو ثلاث، وإنما تنزل في سورتها مرة واحدة
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Sep 2009, 05:54 م]ـ
الآيات المختلف فيها بالسور المدنية:
هنالك بعض الآيات التي ذهب بعض العلماء إلى أنها مكية رغم كونها في سور مدنية؛ ومن ذلك الآتي:
سورة التوبة
ذكر السيوطي أن سورة التوبة مدنية غير آيتين: (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) أي أن هاتين الآيتين مكيتين بخلاف سائر السورة، وهذا فيه نظر للآتي:
- هذا القول الذي نقله السيوطي هو قول ابن الغرس وابن الغرس استند فيه على قول مقاتل وهو قول شاذ وفيه نظر للآتي:
- دليل مقاتل على مكية الآيتين واه جدا؛ إذ ذهب إلى أن قوله "من أنفسكم" المخاطب به أهل مكة والحق أن الخطاب لكل الناس ولا يقتصر على أهل مكة أو العرب، والمعنى: من جنسكم أي البشر لتفهموا عنه وتأتموا به، ويفسر ذلك قوله: (ولو جعلناه رجلا) أي إنساناً يقول ابن كثير: (أنه يبعث إليهم الرسول من جنسهم، ليفقهوا عنه ويفهموا منه، لتمكنهم من مخاطبته ومكالمته، ولو بعث إلى البشر رسولا من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه) ولهذا علق القرطبي على قول مقاتل وقال إن فيه بعداً
- وردت أحاديث كثيرة تثبت أن هذه الآيات مدنية وأنها آخر آية نزلت إلى تلك الدرجة التي لم يكتبها كتاب الوحي الذين كانوا يكتبون للنبي، إذ لم يجدها زيد – بشروط لجنته – إلا مع خزيمة بن ثابت كما روى البخاري وابن حبان والترمذي والبيهقي
- من الأدلة التي تؤكد أنها مدنية وأنها آخر الآيات نزولا أن عددا قليلا من الصحابة كانوا يحفظونها عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم نحو خزيمة بن ثابت السابق ذكره وزيد بن ثابت كما روى البخاري ومسلم والترمذي وأحمد وابن حبان وأبي بن كعب كما روى أحمد وعمر بن الخطاب كما روى أحمد فلو كانت الآيتان مكيتين لكان كثير من الناس يحفظونها ويكتبونها ولما أجهد خزيمة بن ثابت نفسه في البحث عن شاهد
.
أولاً: شكر الله لك يا دكتور جمال على هذا الموضوع القيم.
ثانياً: أظنك تقصد زيد بن ثابت وليس خزيمة فيما هو باللون الأحمر.
ثالثاً: لماذا لا تستقصي البحث في هذا الموضوع وتخرج فيه بنتيجة قطعية وتخرجه في كتاب.
رابعاً: وفقنا الله وإياك إلى كل خير وإلى مزيد من المواضيع النافعة.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[02 Sep 2009, 08:45 ص]ـ
قد حرر شيخنا العلامة فضل عباس هذه المسالة تحريرا جيدا في كتابه القيم اتقان البرهان في علوم القران فلينظر اليه تكرما لتحرر المسالة
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[03 Sep 2009, 02:14 ص]ـ
هذا جزء من كتابي جهود الشيخ ابن عثيمين وآراؤه في التفسير وعلوم القرآن متعلق بالموضوع لعل فيه ما يضيف جديداً على ما قاله الأخوة:
تَقدَّمَ تِقْسِيمُ السُّوَرِ إلى مكِّيَّةٍ ومدنيَّةٍ، وكَوْنُ السورةِ كُلِّها مكِّيَّةٍ أو مدنيَّةٍ إنّما هو الأغْلَبُ الأعَمُّ في سُوَرِ القرآن، ذلكَ أنّه قد وَرَدَتْ آياتٌ مدنيَّةٌ في سُوَرٍ مَكِّيَّةٍ والعكْسُ على وجه القِلَّةِ، وسبب ذلكَ ما تقرَّرَ بأنّ ترتيبَ الآياتِ تَوقِيفيٌّ بالإجماعِ كما تقدّمَ، قال ابن حجرٍ رحمه الله:" قد اعتنى بعضُ الأئمّةِ ببيانِ ما نَزَلَ مِن الآياتِ بالمدينةِ في السُّوَرِ المكِّيَّةِ " ... إلى أنْ قال:" وأمّا عَكْسُ ذلكَ وهو نُزولُ شيءٍ مِن سُورَةٍ بِمَكَّةَ، تأخَّرَ نُزولُ تلكَ
السُّورةِ إلى المدينةِ فلَمْ أَرَهُ إلاّ نادرًا ". ()
والاسْتِثْنَاءُ المذكورُ مَشْهُورٌ في كُتُبِ القُرَّاءِ ومُثْبَتٌ في المصاحِف، وثُبُوتُ وُقُوعِه دلَّتْ عليه الأدلَّةُ، لكنْ هل يُقْبَل كُلُّ ما يُذكر مِن الاستثناءِ؛ أمْ لا بُدَّ مِن النظرِ فيه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
يَرَى الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله أنّ الاستثناءَ لا يَصِحُّ إلاّ بدليلٍ لأنّه خِلافُ الأصْلِ؛ وعليه فقد قالَ عند تفسيره لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} (البقرة: من الآية21):" {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} النداءُ هُنَا وُجِّهَ لعمومُ الناسِ مع أنّ السُّورَةَ مَدنِيَّةٌ؛ والغالبُ في السُّوَرِ المدنيَّةِ أنّ النداءَ فيها يكونُ مُوَجَّهًا للمؤمنين. والله أعلم بما أرادَ في كِتَابِهِ؛ ولو قالَ قائلٌ: لعلَّ هذهِ آيةٌ مَكِّيَّةٌ جُعِلَتْ في السُّورَةِ المدنيَّةِ؟
فالجوابُ: أنّ الأَصْلَ عدمُ ذلكَ - أيْ عدمُ إدْخَالِ الآيةِ المكِّيَّةِ في السُّوَرِ المدنيَّةِ، أو العكْس؛ ولا يجوزُ العُدُولُ عن هذا الأَصْلِ إلا بدليلٍ صَحِيحٍ صَرِيحٍ؛ وعلى هذا فما نَرَاهُ في عناوينِ بعضِ السُّوَرِ أنّها مَدَنِيَّةٌ إلاّ آيةَ كَذَا، أو مَكِّيَّةٌ إلاّ آيةَ كَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ حتّى يَثْبُتَ ذلكَ بدليلٍ صَحِيحٍ صَرِيحٍ؛ وإلاّ فالأَصْلُ أنّ السُّورَةَ المدنيَّةَ جميعُ آياتِها مدنيَّةٌ، وأنّ السُّوَرَ المكِّيَّةَ جميعُ آياتِها مَكِّيَّةٌ إلا ّبدليلٍ ثابتْ ". ()
وقالَ في تفسيره لسورة الكهف: " سورةُ الكهفِ مَدَنِيَّةٌ، واستَثْنَى بعضُ المفسِّرينَ بعضَ الآياتِ: أَوَّلُهَا (1 – 8)، وآية رقم (28)، ومِن (107 – 110) على أنّها مَكِّيَّةٌ ()، ولكن هذا الاستثناءَ يحتاجُ إلى دليلٍ؛ لأنّ الأصْلَ أنّ السُّوَرَ المكِّيَّةَ مكِّيَّةٌ كُلُّهَا، وأنّ المدنيَّةَ مدنيَّةٌ كُلُّهَا، فإذا رأيْتَ استثناءً فلا بُدَّ مِن دليلٍ ". ()
ولِذا فينبغي تَتَبُّعُ المواضِع التي ذكَرَها المفسِّرُونَ فما دلَّ الدليلُ على الاستثناءِ يُثْبَتْ وما لَمْ يَدُلَّ دليلٌ عليه فالأَصْلُ عَدَمُهُ، وقد بيّنَ الشيخُ رحمه الله سبَبَ كَثْرةِ الاستثناءِ عند
المفسِّرِينَ فقال:" فبعضُ العلماءِ إذا نَظَرَ إلى أنّ المعنى يَلِيقُ بالسُّوَرِ المدنيَّةِ، أو بالأحْكامِ المدنيَّةِ ذَهَبَ يَسْتَثْنِي ويقول:" إلاّ آيةَ كَذَا، إلاّ آيةَ كَذَا " وهذا غَيْرُ مُسَلَّمٍ ".
قالَ ابنُ الحَصَّارِ في نَظْمِه للسُّوَرِ المكِّيَّةِ والمدنيَّةِ:"
وذا الذي اخْتَلَفَتْ فيهِ الرُّوَاةُ لَه وَرُبَّمَا اسْتُثْنِيَتْ آيٌ مِن السُّوَر
وما سِوَى ذاكَ مَكِّيٌّ تنزله فلا تَكُنْ مِن خِلافِ الناسِ في حَصَرِ
فليسَ كُلُّ خِلافٍ جاءِ مُعْتَبَرًا إلاّ خلافٌ لَهُ حظٌّ مِن النَّظَرِ
وقد تَتَبَّعَ السيوطيُّ رحمه الله ما قِيلَ باستثنائِه وذكَرَ الأدلَّةَ على ذلكَ مُختصرًا في كتابه: الإتقان. ()
وقد ذَكَرَ الشيخُ عبدُ الله الجديع أنّه قامَ بِتَتَبُّعِ أسانِيدِ ما قِيلَ فيه بالاستثناءِ وخَلُصَ إلى أنّ الذي ثَبَتَتْ به الرِّوايةُ مِن المدنيِّ في المكِّيِّ في تِسْعِ سُوَرٍ هي: سُورَةُ هُودٍ والنحْل والإسْرَاء والحَجّ (في ثلاثة مَواضِع) ويس والزمر (في مَوْضِعَين) والشورى والأحقاف والتغابن، ومَوْضِعُ مَجِيء المكِّيِّ في المدنيِّ في سُورَةِ الحديد فقط. ()
وإعْمالاً لِمَا ذَكَرَهُ الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله مِن أنّه لا بُدَّ لِصِحَّةِ الاستثناءِ مِن دليلٍ صَحِيحٍ صَرِيحٍ فإنّي سأذْكُرُ مَوْضِعَين نَبَّهَ الشيخُ على عَدَمِ صِحَّةِ الاستثناءِ؛ إلاّ أنّ الدليلَ دَلَّ على صِحَّتِهِ:
المَوْضِعُ الأول: ما ذَكَرَهُ عند تفسيره لسورةِ يس حيثُ ذكَرَ الخلافَ في نُزولِها ثُمَّ قال:"
والذي يَظْهَرُ أنّها مَكِّيَّةٌ؛ لأنّ أُسْلُوبَها أُسْلُوبٌ مَكِّيٌّ " ... إلى أنْ قالَ:" وإذا جعَلْنَاها مَكِّيَّةً فإنّنا لا نَقُولُ باستثناءِ شيءٍ مِنها؛ لأنّ الأَصْلَ أنّ السُّوَرَ المكِّيَّةَ كُلُّها مَكِّيَّةٌ، وأنّ السُّوَرَ المدنيَّةَ كُلُّها مدنيَّةٌ، فمِن ادَّعى استثناءَ آيةٍ، أو آيتينِ، أو أكثرَ فَعَلَيْهِ الدليل
(يُتْبَعُ)
(/)
قُلْتُ: قد دَلَّ الدليلُ على نُزولِ آيةٍ مِنها في المدينةِ، فلقد روَى الترمذيُّ مِن حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ ? قال:" كانت بنو سلمةَ في ناحيةِ المدينةِ فأرادوا النُّقْلَةَ إلى قُرْبِ المسجدِ، فنَزَلَتْ هذهِ الآيةُ {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} (يّس: من الآية12) فقالَ رسولُ الله ?: [إنَّ آثَاركُم تُكْتَبُ] فَلَمْ ينتقلوا ". ()
وقد أَوْرَدَ ابنُ كثيرٍ رحمه الله هذا الحديثَ ثُمَّ قالَ:" وفيه غَرابةٌ مِن حيثُ ذِكْرُ نُزولِ هذه الآيةِ، والسُّورَةُ بِكَمالِهَا مَكِّيَّةٌ ". ()
قُلْتُ: ولعلَّ الشيخَ رحمه الله يَرَى هذا الرأْيَ في عدمِ الاستثناءِ، والله أعلم.
المَوْضِعُ الثاني: عند تفسيره لسورةِ الزُّمَر قالَ:" قولهُ [مَكِّيَّةٌ إلاّ آيةَ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ}] () " علَّقَ عليه ابن عثيمين بقولهِ:" وهذا الاستثناءُ يحتاجُ إلى دليلٍ" ... إلى أنْ قالَ:" ولا أعلمُ لهذا الاستثناءِ الذي ذَكَرَهُ المؤلِّفُ دليلاً بل ظاهِرُهُ مِن حيثُ المعنى يَقْتضِي أنْ يكونَ مِن المَكِّيَّاتِ فَقَوْلُهُ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} يتعلَّقُ بالتوحيدِ والتوبةِ ". ()
قُلْتُ:لقد دَلَّ الدليلُ على كَوْنِها نَزَلَتْ في المدينةِ ولِذا فاعتبارُ المعنى الذي ذَكَرَهُ الشيخُ رحمه الله إنّما هو إعْمَالٌ لطريقةِ بعضِ المفسِّرينَ؛ والتي نَبَّهَ الشيخُ على عَدَمِ صِحَّتِهَا كما تقدّم.
ودليلُ نُزولِهَا في المدينةِ حديث ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما:" أنّ نَاسًا مِن أهلِ الشِّرْكِ كانوا قد قَتَلوا وأَكْثَرُوا، وزَنَوْا وأَكْثَرُوا، فَأَتَوْا محمّدًا ? فقالوا: إنّ الذي تقولُ وتدعوا إليه لَحَسَنٌ، لو تُخبرنا أنّ لِمَا عَمِلْنَا كفّارةٌ فَنَزَل: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} (الفرقان: من الآية68) ونَزَلَتْ {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (الزمر: من الآية53). ()
وهذه الروايةُ وإنْ كانت لا تَدُلُّ صَرَاحةً على نُزولِهَا في المدينةِ؛ إلاّ أنّ ابنَ حجرٍ رحمه الله بيّنَ أنّ السائلَ عن ذلكَ وحْشيُّ بن حَرْبٍ قَاتِلُ حمزةَ بن عبد المطّلب كما عندَ الطبرانيِّ () في بعضِ رواياتِ الحديث. () ()
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[03 Sep 2009, 04:23 ص]ـ
تعقيبا على ما أورده الدكتور أحمد أقول:
الأمثلة التي أوردتها ـ مع أن رواية البخاري حول سبب نزول آية الزمر ليست صريحة، وكذلك استغراب بن كثير رحمه الله حول سبب نزول آية سورة يس ـ ما الذي يترتب على إثبات صحة كون الآية مكية أو مدنية؟
هذا ما نريد أن نصل إليه من خلال تحقيق الروايات في هذا الباب وهذا ما جعلني أتمن على الدكتور جمال أن يقدم فيه دراسة وافية.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[05 Sep 2009, 01:08 ص]ـ
أخي الكريم حجازي الهوى عندما نظرت إلى سياقي حسب تنبيهك وجدته كأنما يشير إلى أنني قصدت زيد بن ثابت؛ إذ قلت " السابق ذكره " ولم أذكره سابقا، وهو خطأ في الكتابة، ولكني أقصد تحديدا خزيمة بن ثابت لا زيد بن ثابت، وهو خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأوسي البدري وهو المعروف بذي الشهادتين، وهو نفسه الذي جاء بآخر التوبة إلى لجنة زيد بن ثابت كما جاء في البخاري ومسلم وابن حبان والبيهقي وغيرهم
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[05 Sep 2009, 01:09 ص]ـ
جزاك الله أخي د. جمال أبو حسان فقد سمعت بكتاب العلامة عباس فضل وعلمت من الأخوة في هذا الملتقى إنه من أجمل وأفضل ما أؤلف في علوم القرآن في هذا العصر، وبحثت عنه عاما كاملا ولم أجده، فأرجو من الأخوة إيداع نسخة الكترونية منه في هذا الملتقى حتى نستفيد منه وجزاكم الله خيرا
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[05 Sep 2009, 01:19 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أخي الدكتور أحمد البريدي: جزاك الله تعالى خيرا على تعليقك القيم، وأنت من المهتمين بل من المتخصصين في جهود العلامة ابن عثيمين رحمه الله، وأذكر أنني قد قرأت لك في هذا الملتقى المبارك تعليقا قريبا من هذا التعليق الذي أوردته هنا، وذكرت ما ذكرته هنا من قول ابن عثيمين "أن استثناء بعض الآيات في السور يحتاج إلى دليل صحيح صريح "، ثم خالفته بقاعدته نفسها في آية سورة يس وآية سورة الزمر؛ إذ جئت بالأدلة على ثبوت الاستثناء في هذين الموضعين، ولكن لدي بعض التعليقات في هذين الموضعين أرجو النظر فيها حتى نصل إلى نقطة اتفاق فيها، والتعليقات هي:
أولا: آية سورة يس
* روى ابن ماجة في سبب نزول قوله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد. فأرادوا أن يقتربوا فنزلت - ونكتب ما قدموا وآثارهم - قال فثبتوا)
ورواية ابن ماجة هذه ضعيفة؛ وفيها سماك بن حرب قال عنه أحمد: (مضطرب الحديث) وقال ابن حبان (كان يخطىء كثيرا) وقال يحيى بن معين (أسند أحاديث لم يسندها غيره) وقال عبد الرحمن ين يوسف بن خراش (في حديثه لين) وقال أحمد بن عبد الله العجلي الحافظ (كان في حديثه عن عكرمة ربما وصل الشيء عن ابن عباس وربما قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) وقال يعقوب بن شيبة: (روايته عن عكرمة- خاصة- مضطربة، وروايته عن غيره صالحة).وهذا الحديث المعني بالدراسة هنا رواه عن عكرمة
* والحديث روى مثله الترمذي بإسناد آخر (عن أبي سعيد الخدري)
وحديث الترمذي هذا إسناده ضعيف؛ لضعف أبي سفيان وهو طريف بن شهاب السعدي قال عنه عبد الله بن أحمد بن حنبل: (السعدى ليس بشئ لا يكتب عنه) وقال يحيى بن معين (ضعيف الحديث) وقال النسائي (متروك الحديث) وقال الدارقطني (ضعيف) وقال ابن حبان (كان مغفلا يهم في الأخبار حتى يقلبها؛ يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات) وقال الذهبي (تركوه) وقال ابن المثنى: (كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه بشيء) وقال أبو داود (واهي الحديث).
* وروى مثل ذلك الحديث الطبراني أيضا ورواية الطبراني هذه في المعجم الكبير عن شيخه عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم وهو ضعيف قال عنه ابن عدي (إنه يحدث عن الفريابي وغيره بالأباطيل فإما ان يكون مغفلا لا يدري ما يخرج من رأسه أو متعمدا فإني رأيت له غير حديث غير محفوظ)
- أما الروايات الصحيحة في القصة نحو رواية البخاري ومسلم وابن حبان والبيهقي وابن خزيمة وأحمد ومالك وأبي يعلى وأبي عوانة - فليس فيها ذكر للآية إطلاقا، والملاحظ أن قول النبي صلى الله عليه وسلم في كل هذه الروايات يشبه الآية في بيان كتابة الآثار، ففي البخاري قوله صلى الله عليه وسلم (ألا تحتسبون آثاركم) وفي مسلم وابن حبان والبيهقي وابن خزيمة ومسند أحمد وموطأ مالك وأبي يعلى وأبي عوانة والطبراني في المعجم الأوسط (يَا بَنِى سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ)
- لابن ماجة رواية أخرى صحيحة غير التي ذكرنا (عن حميد عن أنس بن مالك) وليس فيها ذكر الآية بل فيها قوله صلى الله عليه وسلم (يا بني سلمة ألا تحتسبون آثاركم؟) فأقاموا).
- الآية عامة في كل الآثار سواء كانت في الخير أو الشر، وربطها بالمعنى الوارد في الحديث الضعيف مقيد للمعنى جدا، ومما يدل على عموم المعنى ما جاء فِي قوله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيءٌ. وَمَنْ سَنَّ سُنةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيءٌ.ثُمَّ تَلاَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الآيَةَ: وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ "). (رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ).
(يُتْبَعُ)
(/)
- معنى الآية " ما قدموا وآثارهم": أي ما عملوه من خير وشر لنحاسبهم، وآثارهم أي وما تركوا من أثر كالولد الصالح، والعلم النافع، والصدقة الجارية، ومن ذلك أيضا خطاهم إلى المساجد كما جاء في الحديث وسياق الآية لا يحتمل إلا المعنى العام غير المقيد بآثار الخطى إلى المساجد.
- رد أبو حيان على من استدل بحديث ابن ماجة أو الترمذي على أن الآية مدنية.وقال: ليس ذلك زعماً صحيحاً وانتصر له الخفاجي بأن الحديث الدال معارض بما في الصحيحين من أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ لهم هذه الآية ولم يذكر أنها نزلت فيهم وقراءته عليه الصلاة والسلام لا تنافي تقدم النزول
- رفض ابن كثير وابن عاشور الربط بين هذه الآية وحديث الترمذي؛ يقول ابن عاشور وتوهَّم راوي الحديث عن الترمذي أن هذه الآية نزلت في ذلك وسياق الآية يخالفه ومكيتها تنافيه، ويقول ابن كثير (وفيه غرابة من حيث ذكْرُ نزول هذه الآية، والسورة بكمالها مكية.)
ثانياً: آية سورة الزمر
- جاء في البخاري في سبب نزول قوله (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) - (أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا فَأَتَوْا مُحَمَّدًا ( r)) فـ"المشركون" فيها دلالة على أنهم أهل مكة لا أهل المدينة بل جاءت روايات تبين أنهم مكة صراحة ثم إن الآية في حديث البخاري قد ربطت بآيات مكية أخرى، وهذه أمور تؤكد مكية الآية
- هذه الآية فيها روايات عديدة تروى كل واحدة منها باعتبارها سببا للنزول؛ فقيل أنها نزلت في الآتي:
- في بعض المشركين ولم يعينوا
- في مشركي أهل مكة
- في أقوام أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذبوه
- في وحشي قاتل حمزة
- في عياش بن أبي ربيعة
وهذا يدل على أن حكم الآية قد أنزل في هذه الوقائع جميعا، وإنزال حكم الآية لا يعني إنزالها من السماء في كل مرة، وقد بينت في بداية البحث أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم إذا قالوا إن هذه الآية نزلت في كذا فإنهم يريدون به تارة أنه السبب المباشر للنزول ويريدون به تارة أن هذا داخل في معنى الآية وإن لم يكن هو السبب كما ذكر ابن تيمية، وهو من جنس الاستدلال على الحكم عندهم كما ذكر السيوطي؛ ولهذا يقول ابن عاشور عن الأسباب الواردة في الآية (وقد رويت أحاديث عدة في سبب نزول هذه الآية غير حديث البخاري وهي بين ضعيف ومجهول ويستخلص من مجموعها أنها جزئيات لعموم الآية)
- يقول ابن عاشور عن سورة الزمر (هي مكية كلّها عند الجمهور وعن ابن عباس أن قوله تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله (الزمر: 53) الآيات الثلاث. وقيل: إلى سبع آيات نزلت بالمدينة في قصة وحشيّ قاتل حمزة، وسنده ضعيف، وقصته عليها مخائل القصص وعن عمر بن الخطاب أن تلك الآيات نزلت بالمدينة في هشام بن العاصي بن وائل إذ تأخر عن الهجرة إلى المدينة بعد أن استعد لها. وفي رواية: أن معه عياش بن أبي ربيعة وكانا تواعدا على الهجرة إلى المدينة ففُتِنا فافتتنا، والأصحّ أنها نزلت في المشركين كما سيأتي عند تفسيرها، وما نشأ القول بأنها مدنيّة إلا لما روي فيها من القصص الضعيفة)
- ذهب ابن حجر كما ذكرت أخي د. أحمد البريدي إلى أنّ السائلَ عن ذلكَ وحْشيُّ بن حَرْبٍ قَاتِلُ حمزةَ بن عبد المطّلب كما عندَ الطبرانيِّ، ورواية الطبراني ضعيفة كما ذكر السيوطي، وقد بينت ذلك في أصل البحث، وقد قيد ابن حجر في "فتح الباري" المشركين في حديث البخاري بوحشي في حديث الطبراني لكن هل هذا الكلام مقنع؟ خاصة وأن السائلين في الآية وحديث البخاري جماعة، وفي رواية الطبراني الضعيفة السائل فرد وهو وحشي
- إذا كانت آية الزمر مدنية لزم من ذلك أن آية الفرقان كذلك أيضا، لأنهما ذكر معا في الحديث الصحيح الذي يبين أن السائل هم المشركون
لكن هنالك حول الموضوع أمور شديدة الأهمية لا يمكن إغفالها؛ وهي:
(يُتْبَعُ)
(/)
- جاء في شعب الإيمان للبيهقي ما يشير صراحة إلى أن الآية أنزلت فيمن أنزلت فيهم بالمدينة؛ فعن عبد الله بن عمر قال: كنا نقول: ما لمفتتن توبة وما الله بقابل منه شيئا فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة أنزل فيهم (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) فإما أن يكون الإنزال في الحديث بالمعنى الأول عند الصحابة أو بالمعنى الثاني وأميل لهذا الأخير لحديث البخاري
ولكن جاء هذا الحديث في المستدرك بسياق غريب جدا؛ فعن عمر: قال: كنا نقول ما لمفتتن توبة و ما الله بقابل منه شيئا فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة أنزل فيهم (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) و الآيات التي بعدها، قال عمر: فكتبتها فجلست على بعيري ثم طفت المدينة ثم أقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة ينتظر أن يأذن الله له في الهجرة و أصحابه من المهاجرين و قد أقام أبو بكر رضي الله عنه ينتظر أن يؤذن لرسول الله صلى الله عليه و سلم فيخرج معه)
وسياق حديث الحاكم هذا لا أستطيع فهمه (فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة أنزل فيهم "يا عبادي الذين أسرفوا" ........ ثم أقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة ينتظر أن يأذن الله له في الهجرة) فأول الكلام يشير صراحة إلى مدنية الآية "قدومه المدينة " وآخره يدل دلالة واضحة على مكيتها "إقامته بمكة" ولا أستطيع أن أفهم ذلك إلا أن يكون الإنزال إنزال على الواقعة وما يماثلها، وكثرة الروايات والوقائع في هذه الآية تدل على المعنى الثاني للنزول عند الصحابة، ولكن حتى لو كان الأمر كما ذكرت فما هو معنى الحديث؟! خاصة وأن "ثم" تفيد - في اللغة - الترتيب بمهلة، ولكن النبي صلى الله عليه و سلم كما هو معلوم قد أقام بمكة أولا ثم قدم المدينة. وبهذا يفيد الحديث معنى لا أستطيع فهمه، اللهم إلا إذا كانت "ثم " كما قال الفراء يقصد بها ترتيب الإخبار، لا ترتيب الشيء في نفسه،فيكون المعنى: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة أنزل فيهم وقد أقام رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة ينتظر أن يأذن الله له في الهجرة
هذا وقد ذكر أصحاب السير أن عمر بن الخطاب هاجر في عشرين رجلا بعد بلال وعمار بن ياسر، وذكر ابن سعد في الطبقات أنه عند هجرة النبي صلى الله عليه وسلم لم يبق من المسلمين بمكة إلا مفتون أو مريض أو ضعيف عدا أبو بكر وعلي رضي الله عنهما، وإذا صح ذلك فمن الممكن أن تكون آية الزمر هذه قد نزلت وعمر بالمدينة والنبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وبهذا تكون مكية
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[05 Sep 2009, 02:34 ص]ـ
أخي الكريم حجازي الهوى عندما نظرت إلى سياقي حسب تنبيهك وجدته كأنما يشير إلى أنني قصدت زيد بن ثابت؛ إذ قلت " السابق ذكره " ولم أذكره سابقا، وهو خطأ في الكتابة، ولكني أقصد تحديدا خزيمة بن ثابت لا زيد بن ثابت، وهو خزيمة بن ثابت بن الفاكه الأوسي البدري وهو المعروف بذي الشهادتين، وهو نفسه الذي جاء بآخر التوبة إلى لجنة زيد بن ثابت كما جاء في البخاري ومسلم وابن حبان والبيهقي وغيرهم
شيخنا الفاضل
أرجو التكرم بقراءة العبارة مرة أخرى، فالذي كان يبحث عن الشهود هو زيد بن ثابت وليس خزيمة بن ثابت.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[05 Sep 2009, 04:27 ص]ـ
أشكر الإخوة الأفاضل على هذه المدارسة النافعة ..
وأشكر على الخصوص "فارس الميدان" الدكتور جمال حفظه الله، فما ينقصُ هذه المسألة من البحث كان في تتبّع الروايات واحدة واحدة؛ كما فعل - أدام الله نعمته عليه وعلى جميع المسلمين -، فسدّ بذلك الثغرة.
ومن باب الكلام النظري البعيد عن التطبيق والتتبع أقول:
قد طال تفكيري حيناً من الزمان في هذه المسألة، وكنت أتساءل فأقول:
إن من المعقول المعهود أن تنزل سورةٌ في مكّة، ثم يهاجر النبيّ صلى الله عليه وسلم ولمّا تكتمل؛ فتكتمل في المدينة.
وهذا - وإن كان خلاف الأصل - إلا أنه معقول المعنى، ويفتقر في إثباته إلى دليلٍ صحيح صريح - كما تفضّل الأساتذة سابقاً.
لكن الاستشكال الحقيقيّ:
(يُتْبَعُ)
(/)
في أن تنزل آياتٌ في مكة، فتبقى هذه الآيات من غير سورة ولا اسم، ثم يهاجر النبيّ صلى الله عليه وسلم وهي كذلك، حتى تنزل السورة في المدينة؛ فتُضم الآيات إليها!!
هل يعتبر مثل هذا معهوداً في تاريخ القرآن؟
وهل يدلّ على وجود مثل هذه الصورة روايات تنهض للاحتجاج - باستثناء ما ورد في أصل الصورة المستَشكلة -؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[05 Sep 2009, 04:43 ص]ـ
أخي الكريم الدكتور جمال:
شكر الله هذا النقاش العلمي والتتبع الجاد , وجوابي هو:
الموضع الأول: وهو حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ ? قال:" كانت بنو سلمةَ في ناحيةِ المدينةِ فأرادوا النُّقْلَةَ إلى قُرْبِ المسجدِ، فنَزَلَتْ هذهِ الآيةُ {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ} (يّس: من الآية12) فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: [إنَّ آثَاركُم تُكْتَبُ] فَلَمْ ينتقلوا " رواه الترمذي في سننه كتاب: تفسير القرآن / باب: ومِن سورةِ يس (5/ 363) برقم (3226) وقالَ:" هذا حديثٌ حَسَنٌ غريب مِن حديث الثوري ". ورواه ابن جريرٍ في تفسيره (22/ 154)، والحاكم في المستدرك في كتاب: التفسير / باب: تفسير سورة يس (2/ 465).
والحديثُ صحَّحهُ الألبانيُّ في صحيح سنن الترمذي برقم (2578)، وذكر ابنُ جريرٍ لَهُ شاهدًا مِن حديثِ ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما في المَوْضِعِ المتقدّم.
ولذا فمن صحح الحديث اعتبره كذلك.
أما الموضع الثاني:فهو عندالمعجم الكبير للطبراني (11/ 197) برقم (11480). قال الهيثميُّ:" رواه الطبرانيُّ في الأوسطِ، وفيه أَبْيَنُ بن سفين ضعّفهُ الذهبيُّ " (مجمع الزوائد 7/ 101)، قُلْتُ: لم أجده في الأوسط؛ وإنّما وجدته في الكبير كما تقدّم وفي سنده أَبْيَنُ بن سفين.
وله شاهدٌ مِن حديث ابن عمر رضي الله عنهما رواهُ ابنُ جريرٍ في تفسيره (24/ 15) قال الهيثميُّ:" فيه ابن إسحاق وهو ثقةٌ لكنّه مُدلِّسٌ " (مجمع الزوائد 7/ 101).
ومِمَّنْ صرَّحَ باستثناءها أيضًا عطاءُ بن يسار رحمه الله، رواه ابنُ جريرٍ في تفسيره (24/ 14).
فكُلُّ هذهِ الأمور مِمَّا يُرجِّحُ نُزولَهَا في المدينةِ وصِحّةَ الاستثناء والله اعلم.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[07 Sep 2009, 12:26 ص]ـ
أخي حجازي الهوى
المطلوب منه الإتيان بالشاهد هو خزيمة بن ثابت، لأن الشاهد على القرآن يلزمه الإتيان بشاهد يشهد معه كما دل على ذلك حديث عمر بن الخطاب حيث قال للحارث بن خزمة (هل معك أحد يشهد على هذا) كما روى الإمام أحمد
ومن الممكن أيضا - حسب كلامك - أن يبحث زيد بن ثابت نفسه عن شاهد ليعضد شهادة أخرى
وما أردته من كلامي السابق قد بينته لك سابقا، وقد ظننت أنني لم أذكر خزيمة بن ثابت أولا وعندما رجعت إلى كلامي وجدت أنني قد ذكرته
وجزاك الله خيرا على تنبيهك
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[07 Sep 2009, 12:39 ص]ـ
أخي الفاضل رأفت المصري
في قولك
: (لكن الاستشكال الحقيقيّ: في أن تنزل آياتٌ في مكة، فتبقى هذه الآيات من غير سورة ولا اسم، ثم يهاجر النبيّ صلى الله عليه وسلم وهي كذلك، حتى تنزل السورة في المدينة؛ فتُضم الآيات إليها!! هل يعتبر مثل هذا معهوداً في تاريخ القرآن؟ وهل يدلّ على وجود مثل هذه الصورة روايات تنهض للاحتجاج - باستثناء ما ورد في أصل الصورة المستَشكلة -؟)
أقول:
- هذا ما دفعنا إلى البحث في هذا الموضوع وجزاك الله خيرا على هذه الملاحظة القيمة
- ما ذكرته أنا هنا في هذا البحث أظن أنه معظم الروايات إلا أن هنالك روايات أغفلتها عمدا في وجود المدني داخل المكي وعكسه، وسبب هذا الإغفال أن بعض العلماء الذي استدلوا بتلك الروايات قد حولوا السورة بكاملها من كونها مكية إلى كونها مدنية أو العكس بذلك الاستدلال فوقع الاختلاف في بعض تلك السور هل هي مدنية أم مكية، وقد أغفلت ذلك لأعالجه في موضوع آخر وهو "السور المختلف فيها "
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[07 Sep 2009, 12:47 ص]ـ
أخي الحبيب الدكتور أحمد البريدي
جزاك الله على تعليقاتك العلمية المفيدة
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد فهمت من كلامك السابق أن الاستثناء جائز عند يقول بصحة الحديثين، وأن لا أقول بذلك، ولكن حتى لو قلت بصحتهما فإنني حسب ما ذكرته في أصل البحث أقول بأن سبب النزول قد يأتي أحيانا عند الصحابة للتمثيل فحسب كما ذكر ابن تيمية وابن عاشور وغيرهما، ولكني دعني أنظر إلى الحديثين في ضوء تعليقاتي الآتية:
- قال الألباني في السلسلة الصحيحة - بعد أن ذكر من ضعفوا حديث ابن ماجة والترمذي بسبب طريف وسماك - (فالحديث بمجموع الطريقين صحيح، لا سيما وله شواهد أخرى مختصرة دون ذكر الآية) والشواهد التي لم تذكر فيها الآية نحو حديث البخاري وابن ماجه والبيهقي في «شعب الإيمان» وأحمد ومسلم وأبي عوانة وابن حبان
- ولكن الآية هي الموضع الذي نبحث فيه ها هنا، وما أظن الألباني قد صحح الروايتين إلا لوجود الشواهد الصحيحة لهما، وهذه الشواهد لا أثر فيها للآية إطلاقا
- وذكر الألباني قول الترمذي في الحديث: «حديث حسن غريب» ثم فسر الغرابة بما ذكره ابن كثير وهي أن السورة بكمالها مكية.
- الحديثان عندي ليسا صحيحين في نفسهما، بل صحيحان لغيرهما، ولكن هب أن الحديثين صحيحان تماما ولا إشكال فيهما ماذا يترتب على ذلك؟
وهل يمكنني أن أفسر الآثار في الآية الكريمة بـ (آثار الخطا) إلى المسجد فحسب دون غيرها؟
إذا فعلت ذلك خالفت الآتي:
- الأصل الذي جرت عليه السور
- السياق القرآني الذي هو أكبر الأدلة على المعنى.
- إطلاق المعنى الذي لا يمكن أن يقيد إلا بدليل واضح (وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)
فالذي أفهمه من الحديث – إن صح – هو إنزال معنى الآية على تلك الحادثة لتشمل آثار الخطا إلى المساجد مع غيرها من الآثار، وآثار الخطا هي أسرع الآثار محوا، وهذا دليل على أن الله لا يغفل شيئا؛ ولذلك قال قتادة وعمر بن عبد العزيز (لو كان الله مغفلا شيئا لأغفل ما تعفي الرياح من أثر قدم ابن آدم)
وبذلك يبدو لي واضحا أن معنى الحديث يدخل في الآية لا أن معنى يدخل في الحديث وقد علق القرطبي علي ذلك بأنه احتجاج بالآية
وفرق كبير بين دخول معنى الحديث في الآية ودخول معنى الآية في الحديث فالأول يفيد أن ما ذكره الحديث يندرج تحت الآية ويعدّ معنى من معانيها والثاني يفيد تقييد معنى الآية بالحديث،ولهذا وجب التفريق في قول الصحابة (هذه الآية نزلت في كذا) كما ذكر ابن تيمية، لأن عدم التفريق يُدِخل في الإشكالات، وقد وقع مثل ذلك لبعض العلماء أيضا حيث لم يفرقوا بين كون الحديث مفصل لبعض جزئيات المعنى المجمل في الآية (أي مثال) وبين كونه مقيد للمعنى المطلق في الآية؛ ففي قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى) في سورة الأعلى المكية ذهب هولاء العلماء إلى أنها قد نزلت في زكاة الفطر ولم يكن في مكة من زكاة ولا عيد فقيدوا معنى الآية بالحديث
وسبب الربط بين هذه الآية وبين زكاة الفطر أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقدمون زكاتهم بين يدي صلاة العيد؛ إذ إن من السنة أن تخرج صدقة الفطر قبل الصلاة وكانوا يستدلون بهذه الآية، والملاحظ أنه ليس هنالك من آية تقدمت فيها الزكاة على الصلاة حتى يستدلوا بها في مثل هذا الموضع إلا هذه؛ فكانت تزكية النفس بإخراج زكاة الفطر مثالاً من أمثلة تزكية النفس؛ إذ هي تزكى بإخراج المال وغيره من الطاعات، ومثل ذلك عند الصحابة كثير أما قصر معنى الآية على زكاة الفطر ففيه نظر للآتي:
- وردت ثلاث آيات مكية أخرى وهي تحمل هذا اللفظ " تزكى" أي: تتطهر من دنس الكفر، ولم يقل أحد أنها بالمعنى الشرعي للزكاة التي هي دفع مال مخصوص؛ ومن ذلك قوله تعالى: (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى) وقوله: (وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ)، وجاء على لسان موسى لفرعون: (فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى) وسورة الأعلى التي فيها الآية المعنية سبقت في النزول السور المكية الأخرى التي فيها لفظ " تزكى" وهي: فاطر وطه والنازعات.ولهذا ذهب الطبري لهذا المعنى الذي هو التطهر من دنس الكفر؛ يقول في معنى هذه الآية: (قد نجح وأدرك طلبته من تطهَّر من الكفر ومعاصي الله، وعمل بما أمره الله به، فأدّى فرائضه، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة من
(يُتْبَعُ)
(/)
أهل التأويل)
- من الأدلة التي تؤكد أن الزكاة هنا هي زكاة النفس لا المال أن قوله: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى) كقوله عن النفس في سورة مكية أخرى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) والتزكي في الآيتين واقع على النفس لا المال، ولهذا قال قتادة: " تزكى " أي:بعمل صالح
- إذا كانت الزكاة هنا هي زكاة المال لا النفس، فليس هذا دليلاً على أن المقصود زكاة الفطر التي جاءت بالمدينة، وقد جاء في مصنف عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: أرأيت قوله: (قد أفلح من تزكى) للفطر؟ قال: هي في الصدقة كلها (ويبدو واضحا أن الزكاة – وإن لم تحدد بالشكل المعلوم – قد كانت معروفة بمكة قبل الهجرة؛ وليس ذلك فحسب بل قد وردت في سورة المزمل؛ وهي من أوائل السور نزولاً؛ وذلك في قوله: (فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)، ولما كان الأمر كذلك فليس هنالك من مبرر لادعاء مدنية سبب تلك الآية التي يمكن أن يصرف فيها معنى التزكي بسهولة إلى تزكية النفس من ناحية، ثم إن ذكر الزكاة المتعلق بالمال لم يقتصر في السور المكية على المزمل فحسب من ناحية أخرى؛ بل وردت زكاة المال في آيات مكية كثيرة؛ وذلك نحو قوله: (فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) في سورة الأعراف، وقوله: (وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ) في سورة المؤمنون وقوله: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) في سورة النمل وقوله: (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) في سورة لقمان، وقوله: (وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ) في سورة فصلت، فلا يُتصوَّر أن تكون كل هذه الآيات آيات مدنية أو ذات أسباب مدنية وهي في سور مكية.
وأريد بهذه الأمثلة أن أقول أن تلك الأحاديث – رغم ما فيها – لا تدل على مدنية الآيات وإن صحت، وإنما تدل على أن الخطا إلى المساجد من الآثار التي تكتب وأن وحشي وإن - كان من الذي أسرفوا على أنفسهم - فينبغي أن لا يقنط من رحمة الله؛ فالآيات تنزل معانيها على هذه الحوادث وليس معنى ذلك أنها تنزل من السماء لأجلها مباشرة والفرق كبير.
أما الحديث الذي يروى فيه نزول آية الزمر بسبب وحشي فقد رواه البيهقي في شعب الإيمان والطبراني في المعجم الكبير، وحديث الطبراني ضعَّفه الذهبي وفيه أبْينُ بن سفيان كما ذكرت أخي د. أحمد البريدي، وقد قال البخاري عن أبين (لا يكتب حديثه) وقال ابن عدي (كل ما يرويه منكر) وقال ابن حبان (يجب تنكب أخباره). وحديث البيهقي فيه عبد الملك بن جريج وكان مشهورا بالتدليس مكثرا منه
ولكن حتى لو صح الحديث فرضا فإن قصة وحشي هي مجرد معنى تشمله الآية كما سبق، وقد أنزل معناها على هذه القصة التي هي إحدى الأمثلة التي يستدل بها على معنى الآية
ومعلوم أن آية يس وآية الزمر لا تختصان بأفراد معينين وإن صحت تلك الروايات فيها - وهي عندي غير صحيحة كما ذكرت - ومعلوم أن كثيرا من الحوادث التي تكثر أمثالها ولا تختص بشخص واحد تنزل في معناها الآية فيحدد الصحابي إحدى الحوادث التي يشتمل عليها معنى الآية فيقول "هذه الآية نزلت في كذا" ويقول صحابي آخر "نزلت في كذا" مما يشتمل عليه معنى الآية أيضا، يريدون بذلك أن من الأحوال التي تشير إليها تلك الآية تلك الحالة الخاصة فكأنهم يريدون التمثيل.
وقد تقع ثلاث قصص مختلفة فتكون سبباً لنزول آية واحدة؛ حيث تكون هذه القصص - رغم اختلافها - مشتركة في معنى واحد وصفة متفقة هي التي نزل فيها القرآن؛ وذلك نحو قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاء إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ) في سورة النور، وقد جاء في البخاري ومسلم أنها نزلت في هلال بن أمية وقد قذف امرأته بشريك بن سحماء وروى الشيخان أيضاً أن عويمر سأل عما إذا وجد رجلاً على امرأته وروى البزار عن أبي بكر الصديق أنه سأل مثل ذلك سؤالاً افتراضياً فهذه الأمثلة جميعا نزلت فيها تلك الآية حسب تعبير الصحابة
ومثال ذلك أيضا ما جاء في صحيح البخاري في باب قول الله تعالى (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) وقد روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال (من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ هو عليها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان). فأنزل الله تعالى (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا). الآية فجاء الأشعث فقال ما حدثكم أبو عبد الرحمن؟ فيّ أنزلت هذه الآية كانت لي بئر في أرض ابن عم لي فقال لي (شهودك). قلت ما لي شهود قال (فيمينه). قلت يا رسول الله إذا يحلف فذكر النبي صلى الله عليه و سلم هذا الحديث فأنزل الله ذلك تصديقا له
وكلا الأمرين صحيح حسب مفهوم الصحابة لأسباب النزول
فآية يس نزلت لبيان أحوال الموتى المنذرين عند إحيائهم ومحاسبتهم على أعمالهم وآثارهم، ومن ذلك أعمال وآثار الكافرين الذين لا يؤثر فيهم الإنذار (وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) وأعمال وآثار المؤمنين الذين اختصوا بتأثير الإنذار (إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ) ومن آثار المؤمنين الخطا إلى المساجد كما في الحديث
فلماذا نقيد المعنى بحديث معين خاصة وأن هنالك حديثا فيه المعنى المطلق؟
فالأولى الجمع بين الحدثين بدلا من تقييد المعنى
أما آية الزمر فنزلت في مشركي أهل مكة وفي وحشي قاتل حمزة وفي عياش بن أبي ربيعة وفي هشام بن العاص، ولا إشكال عندي في الجمع بين هذه الحوادث ما دام الصحابة يستخدمون عبارة (نزلت في كذا) للتمثيل، أما اعتراضي فعلى تقييد الآيات بحوادث معينة لتخرج من سياقها ومعناها العام ولتكون آية مدنية في سورة مكية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[13 Sep 2009, 11:07 م]ـ
أخي الدكتور جمال:
شكر الله ما تفضلت به , وأنا متفق معك في أن الأصل عدد التداخل في السور إلا بدليل ولذا قلت:ولِذا فينبغي تَتَبُّعُ المواضِع التي ذكَرَها المفسِّرُونَ فما دلَّ الدليلُ على الاستثناءِ يُثْبَتْ وما لَمْ يَدُلَّ دليلٌ عليه فالأَصْلُ عَدَمُهُ.
ولذا فخلافي معك ليس في الأصل وإنما في عدم الدليل من عدمه الدال على الاستثناء والأمر في ذلك واسع إن شاء الله , خاصة أنه لا يوجد ما يمنع ذلك في نظري إذا دل عليه الدليل, لكن ما أنكره هو المبالغة في ذلك بلا دليل بل بمجرد القياس وتناسب الآيات مع نظم السور المكية ومواضيعها أو العكس.(/)
وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ
ـ[أبو المهند]ــــــــ[02 Sep 2009, 07:02 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وبعد
أثناء مطالعتى لأحد البحوث التي أقوم بالحكم عليها والمتعلقة بمناهج المفسرين، ذكر الباحث أن أبا المظفر السمعاني المفسر عدل عن الاعتزال ومذهب الحنفية إلى أهل السنة ومذهب الشافعية ولم يعلل هذا العدول.
فوجدت ما نصه:" سمعت شهردار بن شيرويه، سمعت منصور بن أحمد، وسأله أبي، فقال: سمعت أبا المظفر السمعاني يقول: كنت حنفيا، فبدا لي، وحججت، فلما بلغت سميراء رأيت رب العزة في المنام، فقال لي: عد إلينا يا أبا المظفر، فانتبهت، وعلمت أنه يريد مذهب الشافعي، فرجعت إليه.
وقال الحسين بن أحمد الحاجي: خرجت مع أبي المظفر إلى الحج، فكلما دخلنا بلدة، نزل على الصوفية، وطلب الحديث، ولم يزل يقول في دعائه: اللهم بين لي الحق، فلما دخلنا مكة، نزل على أحمد بن علي بن أسد، وصحب سعدا الزنجاني حتى صار محدثا.
وقرأت بخط أبي جعفر الهمذاني الحافظ: سمعت أبا المظفر السمعاني يقول: كنت في الطواف، فوصلت إلى الملتزم، وإذا برجل قد أخذ بردائي، فإذا الإمام سعد، فتبسمت، فقال: أما ترى أين أنت؟! هذا مقام الأنبياء والأولياء، ثم رفع طرفه إلى السماء وقال: اللهم كما سقته إلى أعز مكان، فأعطه أشرف عز في كل مكان وزمان، ثم ضحك إلي، وقال: لا تخالفني في سِرِّك، وارفع يديك معي إلى ربك، ولا تقولن البتة شيئا، واجمع لي همتك حتى أدعو لك، وأمّن أنت، ولا يخالفني عهدك القديم، فبكيت، ورفعت معه يدي، وحرك شفتيه، وأمنت، ثم قال: مر في حفظ الله، فقد أجيب فيك صالح دعاء الأمة، فمضيت وما شيء أبغض إليَّ من مذهب المخالفين [أي المعتزلة].
هل نعتبر ذلك ثمرة من ثمرات إخلاص العلماء حيث اتقوا الله فعلمهم ووجههم؟
ـ[ Amara] ــــــــ[02 Sep 2009, 10:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
أخي الحبيب خضر،
لقد وقفت على أمر عظيم حقيق بالأمة كلها الوقوف عليه و التمعن فيه و التبصر به، و هو كيف يمكننا أن نتعلم.
إن هذا القرآن بين لنا كل جوانب الحياة و جوانب الفكر و جوانب العقيدة و الإيمان و جوانب التحدي أيضا ..
و ما من شيء إلا و لك في هذا القرآن منه نصيب ..
و من ذلك طرق العلم و البحث التي أولها القراءة، ثم النظر ثم الفكر و أسماها تدبر القرآن و أوفقها تقوى الله ..
و إن كنت لا أعرف حكم ما ذكرت أيكون منه أو لا، فإني أرى أنه باب عظيم نبهتنا إليه نبهك الله من الغفلة ..
وفقني و وفقك الله
يغفر الله لي و لكم
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[03 Sep 2009, 02:59 ص]ـ
على الهامش:
جاء في التسهيل لابن جزي رحمه الله عند قول الله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله) مانصه:
( ... وقيل معناه الوعد بأن من اتقى عَلَّمَه الله وألهمه وهذا المعنى صحيح ولكن لفظ الآية لا يعطيه لأنه لو كان كذلك لجزم يعلمكم في جواب اتقوا)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[03 Sep 2009, 03:53 ص]ـ
على الهامش:
جاء في التسهيل لابن جزي رحمه الله عند قول الله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله) مانصه:
( ... وقيل معناه الوعد بأن من اتقى عَلَّمَه الله وألهمه وهذا المعنى صحيح ولكن لفظ الآية لا يعطيه لأنه لو كان كذلك لجزم يعلمكم في جواب اتقوا)
إذا لم تكن التقوى علة استحقاق التعليم فما معنى العطف بالواو؟
وما الفرق بين نهاية آية البقرة ونهاية آية النساء:
(يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (النساء: 176)
ـ[مُتَّبِعَة]ــــــــ[04 Sep 2009, 03:03 ص]ـ
على الهامش:
جاء في التسهيل لابن جزي رحمه الله عند قول الله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله) مانصه:
( ... وقيل معناه الوعد بأن من اتقى عَلَّمَه الله وألهمه وهذا المعنى صحيح ولكن لفظ الآية لا يعطيه لأنه لو كان كذلك لجزم يعلمكم في جواب اتقوا)
في مرجع آخر لا يحضرني وجدتُ التقدير " واتقوا الله، ويعلمكم الله ما تتقون ".
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[05 Sep 2009, 03:20 ص]ـ
إذا لم تكن التقوى علة استحقاق التعليم فما معنى العطف بالواو؟
وما الفرق بين نهاية آية البقرة ونهاية آية النساء:
(يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِن لَّمْ يَكُن لَّهَا وَلَدٌ فَإِن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (النساء: 176)
لاأدري إن نص أحد على أن الواو قد تأتي تعليلية ..
والواو في هذه الآية استئنافية، كما نص على ذلك ابن هشام في المغني ..
وفرقٌ بين أن نبحث في معنى الآية، وبين أن نتلمس المناسبة بين جملها، فليُعلم ..
ولاأدري مامناسبة السؤال الآخر هاهنا ..
والله تعالى أعلم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[05 Sep 2009, 08:39 م]ـ
على الهامش:
جاء في التسهيل لابن جزي رحمه الله عند قول الله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله) مانصه:
( ... وقيل معناه الوعد بأن من اتقى عَلَّمَه الله وألهمه وهذا المعنى صحيح ولكن لفظ الآية لا يعطيه لأنه لو كان كذلك لجزم يعلمكم في جواب اتقوا)
مداخلة دقيقة لطيفة يا أبا عبد العزيز جزيت الجنة عليها وأقول:
فبالرغم من أن " ويعلمكم الله " ليست مرتبطة بـ " واتقوا الله " ارتباط الشرط بالجواب فإن أجلة العلماء ربطوا بينهما ربطا كاد يفوق الجزاء للشرط بل اسشهدوا بآيات من قبيل ما نحن فيه ارتبط فيها الشرط بالجزاء، ودونكم سردا لما تيسر من أقوال العلماء:
قال المفسر اللغوي البلاغي ابن عاشور: {واتقوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
أمر بالتّقوى لأنّها مِلاك الخير، وبها يكون ترك الفسوق. وقوله: {ويعلمكم الله} تذكير بنعمة الإسلام، الذي أخرجهم من الجهالة إلى العلم بالشريعة، ونظام العالم، وهو أكبر العلوم وأنفعها، ووعدٌ بدوام ذلك لأنّه جيء فيه بالمضارع، وفي عطفه على الأمر بالتقوى إيماء إلى أنّ التقوى سبب إفاضة العلوم، حتى قيل: إنّ الواو فيه للتعليل أي ليعلّمكم. وجعله بعضهم من معاني الواو، وليس بصحيح.
وقال ابن كثير:" وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} أي: خافوه وراقبوه، واتبعوا أمره {وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ} كقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29]، وكقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد: 28].وقال
وقال القرطبي: قوله تعالى: (واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شئ عليم) وعد من الله تعالى بأن من أتقاه علمه، أي: يجعل في قلبه نورا يفهم به ما يلقى إليه، وقد يجعل الله في قلبه ابتداء فرقانا، أي فيصلا يفصل به بين الحق والباطل، ومنه قوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ..... وقد قال صلى الله عليه وسلم: " من عمل بما علم علمه الله ما لم يعلم ".
وقال عمر بن عبد العزيز: إنما قصر بنا عن علم ما جهلنا تقصيرنا في العمل بما علمنا، ولو عملنا ببعض ما علمنا لأورثنا علما لا تقوم به أبداننا، قال الله تعالى: " واتقوا الله ويعلمكم الله ".
يقول البقاعي في تفسيره لقوله تعالى: فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ:" {وكنا} أي مع العلم الذي هيأنا الله له بما جعل في غرائزنا من النورانية {مسلمين} أي خاضعين لله تعالى عريقين في ذلك مقبلين على جميع أوامره بالفعل على حسب أمره كما أشار إليه قوله تعالى: {واتقوا الله ويعلمكم الله} [البقرة: 282]، {يهديهم ربهم بإيمانهم} [يونس: 9].
ويقول البقاعي في تفسير قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}
{وأقم الصلاة} أي: التي هي أحق العبادات، ثم علل ذلك بقوله دالاً بالتأكيد على فخامة أمرها، وأنه مما يخفى على غالب الناس: {إن الصلاة تنهى} أي توجد النهي وتجدده للمواظب على إقامتها بجميع حدودها {عن الفحشاء} أي الخصال التي بلغ قبحها {والمنكر} أي الذي فيه نوع قبح وإن دق، وأقل ما فيها من النهي النهي عن تركها الذي هو كفر، ومن انتهى عن ذلك انشرح صدره، واتسع فكره، فعلم من أسرار القرآن ما لا يعلمه غيره {واتقوا الله ويعلمكم الله} [البقرة: 282].
وقال الشنقيطي: وربما عمل الإنسان بما علم فعلمه ما لم يكن يعلم، كما يشير له قوله تعالى: {واتقوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله والله بِكُلِّ} [البقرة: 282] وقوله تعالى: {يِا أَيُّهَا الذين آمنوا إَن تَتَّقُواْ الله يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً} [الأنفال: 29] على القول بأن الفرقان هو العلم النافع الذي يفرق به بين الحق والباطل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقوله تعالى: {ياأيها الذين آمَنُواْ اتقوا الله وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} [الحديد: 28] الآية.
وهذه التقوى، التي دلت الآيات، على أن الله يعلم صاحبها، بسببها ما لم يكن يعلم، لا تزيد على عمله بما علم، من أمر الله وعليه فهي عمل ببعض ما علم زاده الله به علم ما لم يكن يعلم.
وقد بينت آيات عديدة آثار التقوى في العاجل والآجل.
منها في العاجل قوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق: 4]، وقوله: {وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3]، وقوله: {واتقوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله} [البقرة: 282]، وقوله {إِنَّ الله مَعَ الذين اتقوا والذين هُم مُّحْسِنُونَ} [النحل: 128].
أما في الآجل وفي الآخرة، فإنها تصحب صاحبها ابتداء إلى أبواب الجنة كما في قوله تعالى: {وَسِيقَ الذين اتقوا رَبَّهُمْ إِلَى الجنة زُمَراً حتى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فادخلوها خَالِدِينَ} [الزمر: 73]، فإذا ما دخلوها آخت بينهم وجددت روابطهم فيما بينهم وآنستهم من كل خوف، كما في قوله تعالى {الأخلاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ المتقين} [الزخرف: 67]، {ياعباد لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمُ اليوم وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ الذين آمَنُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ مُسْلِمِينَ ادخلوا الجنة أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ} [الزخرف: 68 - 70] إلى قوله: {لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِّنْهَا تَأْكُلُونَ} [الزخرف: 73] إلى أن تنتهي بهم إلى أعلى عليين، وتحلهم مقعد صدق، كما في قوله تعالى: {إِنَّ المتقين فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ} [القمر: 54 - 55].
فتبين بهذا كله منزلة التقوى من التشريع الإسلامي وفي كل شريعة سماوية، وأنها هنا في معرض الحث عليها وتكرارها، وقد جعلها الشاعر الساعادة كل السعادة كما في قول لجرير:
ولست أرى السعادة جمع مال ... ولكن التقي هو السعيد
فتقوى الله خير الزاد ذخرا ... وعند الله للأتقى مزيد
والتقوى دائماً هي الدافع على كل خير، الرادع عن كل شر
... يدعو المؤمنين إلى تقوى الله في النهاية؛ ويذكرهم بأن الله هو المتفضل عليهم، وهو الذي يعلمهم ويرشدهم، وأن تقواه تفتح قلوبهم للمعرفة وتهيىء أرواحهم للتعليم، ليقوموا بحق هذا الإنعام بالطاعة والرضى والإذعان:
وقل صاحب الوسيط: قال: {واتقوا الله وَيُعَلِّمُكُمُ الله والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
أي: واتقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، فهو - سبحانه - الذي يعلمكم ما يصلح لكم أمر دنياكم وما يصلح لكم أمر دينكم متى اتقيتموه واستجبتم له، وهو - سبحانه - بكل شيء عليم لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء.
قال السعدي: واستدل بقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} أن تقوى الله، وسيلة إلى حصول العلم، وأوضح من هذا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} أي: علما تفرقون به بين الحقائق، والحق والباطل. إن لم تكن جوابا فهي ظل للمعنى
ذكر السيوطي في الدر المنثور:"
عن سفيان قال: من عمل بما يعلم وفق لما لا يعلم.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم».
وأخرج الترمذي عن يزيد بن سلمة الجعفي أنه قال «يا رسول الله إني سمعت منك حديثاً كثيراً أخاف أن ينسيني أوّله آخره، فحدثني بكلمة تكون جماعاً قال: اتق الله فيما تعلم».
وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من معادن التقوى تعلمك إلى ما علمت ما لم تعلم والنقص والتقصير فيما علمت قلة الزيادة فيه، وإنما يزهّد الرجل في علم ما لم يعلم قلة الانتفاع بما قد علم».وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن زياد بن جدير قال: ما فقه قوم لم يبلغوا التقى.
وأخرج أبو الشيخ من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «العلم حياة الإِسلام وعماد الإِيمان، ومن علم علماً أنمى الله له أجره إلى يوم القيامة، ومن تعلم علماً فعمل به فإن حقاً على الله أن يعلمه ما لم يكن يعلم».
كل هذه مأثورات تعضد بعضها بعضا في ربط العلم بالتقوى
وعلى هذا أقول: ما تم تحريره يؤكد أن التقوى سبب رئيس لفيوضات علم الله على العبد التقي الصالح وإن كان ابن جزي ـ رحمه الله رفض ما تقدم صناعة، فإن غيره قبل عين ما رُفض من ناحية المضمون والمعنى.
ولا يفوتني أن اتقدم بشكرى للأخوة الفضلاء حسب الترتيب " عمارة وحجازي و متبعة ".
والموفق من وفقه الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[05 Sep 2009, 11:58 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته:
المداخلة الأولى في هذا الموضوع فيها لمحات صوفية منها ادعاء معرفة علم الغيب كقوله إنه أجيب فيه دعاء صالح الأمة.
وفيه دعوة للمذهب الشافعي وهو كغيره من المذاهب فيه ما هو موافق للسنة وما هو مخالف لها.
والواجب هو انتباه المشايخ الكبار لمثل هذه الأمور لخطورتها على العقيدة.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
ـ[مُتَّبِعَة]ــــــــ[06 Sep 2009, 02:13 ص]ـ
أحسن الله إليكم وشكر لكم شيخنا الفاضل الدكتور عبدالفتاح خضر.
ومن مزيد إثراء أو ثَراء ما على الهامش ما ورد في تفسير الشهرستاني (2/ 1041):
"وقال الضحاك ومجاهد: وإن تفعلوا غير الذي أمرتكم فإنه معصية وإثم (وَاتَّقُوا اللهَ) أن تخالفوا أمره. (وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ) أحكام دينكم (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)."ا. هـ
ـ[أبو المهند]ــــــــ[06 Sep 2009, 10:41 م]ـ
والواجب هو انتباه المشايخ الكبار لمثل هذه الأمور لخطورتها على العقيدة.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
رمضان كريم يا أبا خليل
والشكر موصول للأخت المتبعة زادها الله من فضله
ـ[منصور مهران]ــــــــ[06 Sep 2009, 11:44 م]ـ
وقد جعلها الشاعر الساعادة كل السعادة كما في قول لجرير:
ولست أرى السعادة جمع مال ... ولكن التقي هو السعيد
فتقوى الله خير الزاد ذخرا ... وعند الله للأتقى مزيد
[/ size][/color]
قلت:
هذان البيتان ومعهما ثالث تنسب إلى الحطيئة، ديوانه.
وهما ضمن قصيدة طويلة في شعر نابغة بني شيبان، ديوانه.
وقلت:
كان الشافعي -رحمه الله - يعزو نسيان العلم إلى المعصية، وقد قال:
شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سوءَ حِفظي ..... فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعاصي
و َأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ .......... وَ نورُ اللَهِ لا يُهدى لِعاصي
وبالله التوفيق
ـ[أبو المهند]ــــــــ[07 Sep 2009, 03:04 ص]ـ
[ QUOTE= منصور مهران;85968] قلت:
هذان البيتان ومعهما ثالث تنسب إلى الحطيئة، ديوانه.
وهما ضمن قصيدة طويلة في شعر نابغة بني شيبان، ديوانه.
قلت: إنه سبق قلم والعهدة على المصدر المنقول منه وما أبريء نفسي هذه واحدة أما الثانية فإنني ليس عندي كثير اهتمام بمجال الشعر وقرضه، اللهم إلا في حال الضرورة الملحة.
وقلت:
كان الشافعي -رحمه الله - يعزو نسيان العلم إلى المعصية، وقد قال:
شَكَوتُ إِلى وَكيعٍ سوءَ حِفظي ..... فَأَرشَدَني إِلى تَركِ المَعاصي
و َأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورٌ .......... وَ نورُ اللَهِ لا يُهدى لِعاصي
أسأل الله أن نكون جميعا من أهل نور الله تعالى
ـ[يسري خضر]ــــــــ[19 Oct 2009, 02:27 ص]ـ
التقوى سبب رئيس لفيوضات علم الله على العبد التقي الصالح وإن كان ابن جزي ـ رحمه الله رفض ما تقدم صناعة، فإن غيره قبل عين ما رُفض من ناحية المضمون والمعنى "تلخيص مفيد" جزاك الله خيرا يا أبا عمر0
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[19 Oct 2009, 08:45 ص]ـ
لقد سبق أن تكلم بعض أعضاء هذا الملتقى -القدماء- حول هذه الآية وخطّأ هذا الفهم، على هذا الرابط:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1126
ـ[أبو المهند]ــــــــ[22 Oct 2009, 09:43 م]ـ
لقد سبق أن تكلم بعض أعضاء هذا الملتقى -القدماء- حول هذه الآية وخطّأ هذا الفهم، على هذا الرابط:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1126
يا أخانا الفاضل حكيم منصور أما عن رفض القضية من حيث الصناعة الإعرابية فهذا لك وأما عن حكمك بالخطأ على ربط التقوى بالعلم فخطأ.
واستذكر ما كتب قديما وحديثا ووازن بين أقوال العلماء على رابطي الملتقى لتجد أن التعميم بالخطأ دون تفصيل خطأ.
والله الموفق
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[23 Oct 2009, 06:11 م]ـ
الحمد لله
بارك الله لك د. خضر تعيينك رئيسا لقسم التفسير وعلوم القرآن بالكلية بجامعة الأزهر،
ولست أنا خطأتك وحاشا
وإنما أردت إثراء الموضوع بما كتب في هذا الملتقى، ونقلت تخطئة غيري، ولذلك تجد فوق الطاء علامة الشدة (خطّأ)
ولو أنكم -جزاكم الله خيرا- صدّرتم استدلالكم بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا) آية سورة الحديد -كما تقدم نقلكم لهما في كلام المفسرين- لما كان فيه اعتراض إن شاء الله،
وبارك الله في جهودكم النافعة وزادكم توفيقا وسدادا.
وفي مجلة الإصلاح الجزائرية تخطئة لهذا الفهم لهذه الآية، وهي عبارة عن سلسلة في خطإ الاستشهاد ببعض الآيات، وذكر هذه منها، تجد المجلة على هذا الرابط
http://www.rayatalislah.com/tahmil-majelleh.htm
العدد الثاني عشر (12)
لعلي أنشط لتلخيص ما فيه، وهو من بحث الإمام والخطيب عز الدين رمضاني، أحد خطبائنا هنا بالجزائر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[23 Oct 2009, 07:44 م]ـ
أكرك الله يا حكيما في اسمك وقولك وأجزل الله لك المثوبة فلله درك من مهذب مؤدب.
والذي نؤكده ونكرره أننا لا نجيز المعنى من جهة الصناعة " من ناحية الإعراب " ونجيزه كما أجازه أساطين التفسير من غير هذه الجهة.
والله الموفق
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[24 Oct 2009, 01:26 ص]ـ
في معرض الحوار حول الموضوع المطروح للنقاش بعنوان؛ معنى مرجوح في تفسير قوله تعالى (واتقوا الله و يعلمكم الله) شاركت بمشاركتين على النحو الآتي:
مشاركة رقم 7
الإمام الشافعي رحمه الله
نور العلم يسطع بترك المعاصي
شكوت إلى وكيع سوء حفظي-------فأرشدني إلى ترك المعاصي
واخبرني بأن العلم نور-------ونور الله لا يهدى لعاصي
مشاركة رقم 11
لنسلم جدلا بأن معنى التعليم الإلهي لأهل التقى في الآية الكريمة مرجوح فكيف يمكن أن نفهم آخر الآية
(( ... وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) (البقرة: من الآية282)
فهذه الآية الكريمة تتحدث عن كتابة الدين دون إضرار يلحق الكاتب أو الشاهد أو إضرار في الشهادة منهما ... على نحو ما ذكرته كتب التفسير في معنى (يضار)
فإن وقع الضرر فإنه فسوق بمن أوقعه، ثم أمرنا أن نتقي الله سبحانه وتعالى، وإذا تم المعنى هنا، كيف نفهم باقي الآية الكريمة؟؟؟ وهل الابتداء بـ (ويعلمكم الله) تام؟؟؟
ثم ما الرابط بين قوله تعالى: ((وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)) وما سبقه من كلمات الآية؟؟؟ أم أن الكلام فيه انقطاع وانفصال؟؟؟
وفي حديث الداني في كتابه المكتفى في الوقف والابتدا بيّن أن الوقف على (فسوق بكم) شبيه بالتام ومثله على (ويعلمكم الله) ومثله (عليم)
وبما أن موضوع البحث واحد أعيد طرح نفس الأسئلة على من يقول بأن تعليم الله لا يترتب على التقى، راجيا أن أسمع إجابة تشفي العليل.(/)
إتحاف أهل الايمان بدروس شهر رمضان (1) .. للشيخ صالح الفوزان
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[02 Sep 2009, 10:01 م]ـ
بسم الله
الحمدلله الذي شرع لعباده صيام شهر رمضان وجعله أحد أركان الإسلام والصلاة والسلام على نبينا محمد أفضل من صلى وصام وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، وبعد،
فهذه دروس تتضمن التذكير بفضائل هذا الشهر المبارك والحث على الجد والاجتهاد فيه، واغتنام أيامه ولياليه مع الإشارة إلى بعض الأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام والقيام، قصدت بنقلها من أحد المواقع تذكير نفسي وإخواني سائلة الله أن ينفع بها من كتبها ومن قرأها ومن سمعها من المسلمين.
صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان
الدرس الأول
الدرس الأول في بيان متى فُرض صوم شهر رمضان على الأمة؟
الحمد لله ذي الفضل والإنعام، شرع الصيام لتطهير النفوس من الآثام، والصلاة والسلام على نبينا محمد، خير من صلى وصام، وداوم على الخير واستقام، وعلى آله وأصحابه زمن اقتدى به على الدوام،
أما بعد قال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " [البقرة 183]
والآيات بعدها، فقد ذكر الله سبحانه في هذه الآيات الكريمة أنه كتب الصيام على هذه الأمة كما كتب على من قبلها من الأمم وكتب بمعنى فرض فالصيام مفروض على هذه الأمة وعلى الأمم قبلها.
قال بعض العلماء في تفسير هذه الآية: عبادة الصيام مكتوبة على الأنبياء وعلى أممهم من آدم إلى آخر الدهر.
وقد ذكر الله ذلك لأن الشيء الشاق إذا عم سهل فعله على النفوس وكانت طمأنينتها به أكثر. فالصيام إذا فريضة على جميع الأمم، وإن اختلفت كيفيته ووقته،
قال سعيد بن جبير: كان صوم من قبلنا من العتمة إلى الليلة القابلة، كما كان في ابتداء الاسلام، وقال الحسن: كان صوم رمضان واجبا على اليهود، لكنهم تركوه وصاموا يوما في السنة زعموا أنه يوم غرق فرعون وكذبوا في ذلك، فإن ذلك اليوم يوم عاشوراء،
وكان الصوم أيضا واجبا على النصارى لكنهم بعد أن صاموا زمانا طويلا صادفوا فيه الحر الشديد فكان يشق عليهم في أسفارهم ومعايشهم، فاجتمع رأي علمائهم ورؤسائهم على أن يجعلوا صيامهم في فصل من السنة بين الشتاء والصيف فجعلوه في الربيع، وحولوه إلى وقت لا يتغير،ثم قالوا عند التحويل زيدوا فيه عشرة أيام كفارة لما صنعوا، فصار أربعين
وقوله تعالى " لعلكم تتقون " أي بسبب الصوم،
فالصوم يسبب التقوى لما فيه من قهر النفس وكسر الشهوات،وقوله تعالى " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن" قيل هي أيام من غير رمضان وكانت ثلاثة أيام، وقيل هي أيام رمضان، لأنه بينها في الآية التي بعدها بقوله " شهر رمضان ".
قالوا وكانوا في أول الإسلام مخيرين بين الصوم والفدية لقوله تعالى " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم " [البقرة 184]
ثم نسخ التخيير بايجاب الصوم عينا بقوله " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " [البقرة 185]،
وحكمة ذلك التدرج في التشريع والرفق بالأمة لأنهم لما لم يألفوا الصوم كان تعيينه عليهم ابتداء فيه مشقة، فخيروا بينه وبين الفدية أولا، ثم لما قوي يقينهم واطمأنت نفوسهم وألفوا الصوم وجب عليهم الصوم وحده، ولهذا نظائر في شرائع الإسلام الشاقة، فهي تشرع بالتدريج،
لكن الصحيح أن الآية منسوخة في في حق القادر على الصيام، وأما في حق العاجز عن الصيام لكبر أو مرض لا يرجى برؤه فالآية لم تنسخ في حقهم، فلهم أن يفطروا ويطعموا عن كل يوم مسكينا، وليس عليهم قضاء.
أما غيرهم فالواجب عليهم الصوم، فمن أفطر لمرض عارض أو سفر فإنه يجب عليه القضاء لقوله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " [البقرة 185]
وقد فرض صيام شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة وصام رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة رمضانات وصار صوم رمضان حتما وركنا من أركان الإسلام من جحد وجوبه كفر،ومن أفطر من غير عذر وهو مقر بوجوبه فقد فعل ذنبا عظيما يجب تعزيره وردعه وعليه التوبة إلى الله، وقضاء ما أفطر.
هذا وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[04 Sep 2009, 09:56 م]ـ
الدرس الثاني
في بيان ما يثبت به دخول شهر رمضان المبارك
الحمد لله الذي جعل الأهلة مواقيت للناس، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان ـ أما بعد
قال الله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " [البقرة 185] فقد أوجب الله سبحانه في هذه الآية على عباده صوم شهر رمضان كله من أوله إلى آخره، وأوله
يعرف بأحد أمرين
الأمر الأول رؤية هلاله
لما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فاقدروا له " [أخرجه البخاري رقم 1900، ومسلم رقم 1080/ 8] وروى الإمام أحمد والنسائي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه " [أخرجه البخاري رقم 1906، ومسلم رقم 1080/ 3، واللفظ لهما وفيه عندهما زيادة وهي الجملة الأخيرة في الحديث السابق وهي قوله "فإن غم عليكم فاقدروا له " كما في البخاري " فإن أغمى عليكم فاقدروا له " وهي عند مسلم]،
وروى الطبراني عن طلق بن علي رضي الله عنه: أن الله جعل هذه الأهلة مواقيت فإذا رأيتموه فصوموا وإذا وإذا رأيتموه فأفطروا " [أخرجه الطبراني في معجمه الكبير 8/ 397 رقم 8237] وروى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما " جعل الله الأهلة مواقيت للناس فصوما لرؤيته وأفطروا لرؤيته " [أخرجه الحاكم في المستدرك 1/ 423 وأحمد في المسند 4/ 23 والدارقطني في سننه 2/ 163 وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي]
ففي هذه الأحاديث الشريفة تعليق وجوب صوم رمضان برؤية هلاله، والنهي عن الصوم بدون رؤية الهلال، وأن الله جعل الأهلة مواقيت للناس بها بها يعرفون أوقات عبادتهم ومعاملاتهم، كما قال تعالى " يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج " [البقرة 189]
وهذا من رحمة الله بعباده وتيسيره لهم، حيث علق وجوب الصيام بأمر واضح وعلامة بارزة يرونها بأعينهم، وليس من شرط ذلك أن يرى الهلال كل الناس بل إذا رآه بعضهم ولو كان شخصا واحدا لزم الناس كلهم الصيام.
قال ابن عباس: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال، يعني هلال رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أتشهد أن لا إله إلا الله " قال نعم، قال: يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غدا " رواه أبو داود.
وروى أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه " [أخرجه أبو داود رقم 2342]
الأمر الثاني
مما يثبت به دخول شهر رمضان إذا لم يُر الهلال إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما، قال عليه الصلاة والسلام " فإن غم عليكم فاقدروا له " متفق عليه، ومعنى "غم عليكم " أي إذا غطى الهلال شيء حال دون رؤيته ليلة الثلاثين من شعبان ـ من غيم أو قتر، فقدروا عدد شهر شعبان تاما بأن تكملوه ثلاثين يوما،
كما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر " فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين " متفق عليه،ومعنى هذا تحريم صوم يوم الشك وقد قال عمار بن ياسر رضي الله عنه " من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم " [أخرجه أبو داود رقم 2334 والترمذي 686 والنسائي 2190 وابن ماجه 1645 وقال أبو عيسى الترمذي حسن صحيح]
فالواجب على المسلم اتباع ما جاء عن الله ورسوله في صيامه وفي عبادته كلها، وقد حدد الله ورسوله معرفة دخول شهر رمضان بإحدى علامتين ظاهرتين يعرفهما العامي والمتعلم: رؤية الهلال أو إكمال عدة شعبان ثلاثين يوما، فمن جاء بشيء يزعم أنه يجب به الصوم غير ما بينه الشارع فقد عصى الله ورسوله [وزاد على ما شرعه الله ورسوله وابتدع في الدين ماليس منه " وكل بدعة ضلالة "] كالذي يقول إنه يجب العمل بالحساب الفلكي في دخول شهر رمضان، هذا مع أن الحساب عرضة للخطأ وهو أمر خفي لا يعرفه كل أحد،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
إني رأيت الناس في شهر صومهم وفي غيره أيضا منهم من يصغي إلى ما يقوله بعض الجهال أهل الحساب من أن الهلال يرى أو لا يرى، ويبني على ذلك إما في باطنه وإما في باطنه وظاهره حتى بلغني أن من القضاة من كان يرد شهادة العدد من العدول لقول الحاسب الجاهل الكاذب أنه يرى أو لا يرى فيكون ممن كذّب بالحق لما جاءه، إلى أن قال فإنا نعلم بالاضطرار من دين الاسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الايلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال بخبر الحاسب أنه يرى أو لا يرى لا يجوز، والنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون عليه ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلا ولا خلاف حديث ـ انتهى [فتاوى شيخ الاسلام 25/ 131، 132]
وفي هذا مشقة على الأمة وحرج، وقد قال الله تعالى " وما جعل عليكم في الدين من حرج " [الحج 78]
فالواجب على المسلمين الاقتصار على ما شرعه الله ورسوله، كما يجب على المسلمين الاقتصار على ما شرعه الله في غير شأن الهلال، والتعاون على البر والتقوى، والله ولي التوفيق.
يتبع ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[04 Sep 2009, 10:01 م]ـ
الدرس الثالث
في فضائل شهر رمضان وما ينبغي أن يستقبل به
الحمد لله أهل علينا شهر الصيام، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، كانوا يفرحون بحلول شهر الصيام والقيام، أما بعد
فإن الله سبحانه وتعالى اختص شهر رمضان من بين الشهور بفضائل عديدة، وميزه بميزات كثيرة، قال تعالى " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " [البقرة 185]
ففي هذه الآية الكريمة ذكر الله لشهر رمضان ميزتين عظيمتين
الميزة الأولى إنزال القرآن فيه، لأجل هداية الناس من الظلمات إلى النور وتبصيرهم بالحق من الباطل بهذا الكتاب العظيم، المتضمن لما فيه صلاح البشرية وفلاحها، وسعادتها في الدنيا والآخرة.
الميزة الثانية ايجاب صيامه على الأمة المحمدية حيث أمر الله بذلك في قوله " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " [البقرة 185]
وصيام رمضان هو أحد أركان الإسلام، وفرض من فروض الله معلوم من الدين بالضرورة وإجماع المسلمين، من أنكره فقد كفر، فمن كان حاضرا صحيحا وجب عليه صوم الشهر أداء، كما قال الله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " [البقرة 185]
فتبين أنه لا مناص من صيام الشهر، إما أداء وإما قضاء، إلا في حق الهرم الكبير، والمريض المزمن ـ اللذين لا يستطيعان الصيام قضاء ولا أداء فلهما حكم آخر سيأتي بيانه إن شاء الله.
ومن فضائل هذا الشهر ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا جاء رمضان فُتحت أبواب الجنة وغُلّقت أبواب النار وصُفدت الشياطين " [أخرجه البخاري 1898، 1899، ومسلم 1079]
فدل هذا الحديث على مزايا عظيمة لهذا الشهر المبارك
الأولى أنه تفتح فيه أبواب الجنة، وذلك لكثرة الأعمال الصالحة التي تشرع فيه، والتي تسبب دخول الجنة، كما قال تعالى " ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون " [النحل 32].
الثانية إغلاق أبواب النار في هذا الشهر، وذلك لقلة المعاصي التي تسبب دخولها، كما قال تعالى " فأما من طغى * وءاثر الحياة الدنيا * فإن الجحيم هي المأوى " [النازعات 37 ـ 39]
وقال تعالى " ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا " [الجن: 23]
الثالثة أنه تصفد فيه الشياطين، أي تغل وتوثق، فلا تستطيع إغواء المسلمين وإغراءهم بالمعاصي، وصرفهم عن العمل الصالح، كما كانت تفعل في غير هذا الشهر، ومنعها في هذا الشهر المبارك من مزاولة هذا العمل الخبيث إنما هو رحمة بالمسلمين لتتاح لهم الفرصة لفعل الخيرات وتكفير السيئات.
ومن فضائل هذا الشهر المبارك أنه تضاعف فيه الحسنات، فروي أن النافلة تعدل فيه أجر الفريضة، والفريضة تعدل فيه أجر سبعين فريضة، ومن فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار،
وكان له مثل أجر ذلك الصائم من غير أن ينقص من أجره شيء، وكل هذه خيرات وبركات ونفحات تحل على المسلمين بحلول هذا الشهر المبارك،
فينبغي للمسلم أن يستقبل هذا الشهر بالفرح والغبطة والسرور ويحمد الله على بلوغه ويسأله الإعانة على صيامه وتقديم الأعمال الصالحة فيه، إنه شهر عظيم، وموسم كريم،
ووافد مبارك على الأمة الإسلامية، نسأل الله أن يمنحنا من بركاته ونفحاته ..
إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين ..
يتبع بإذن الله تعالى ..(/)
فوائد تدبر كتاب الله تعالى
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[02 Sep 2009, 10:14 م]ـ
[فوائد تدبر كتاب الله تعالى
قال الشيخ السعدي -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى:
((أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)) [النساء: 82]
قال:
يأمر تعالى بتدبر كتابه؛ وهو التأمل في معانيه، وتحديق الفكر فيه، وفي مبادئه وعواقبه، ولوازم ذلك فإن تدبر كتاب الله:
- مفتاح للعلوم والمعارف،
- وبه يُستنتج كل خير، وتُستخرج منه جميع العلوم،
- وبه يزداد الإيمان في القلب وترسخ شجرته،
- فإنه يعرِّف بالرب المعبود، وما له من صفات الكمال; وما يُنزَّه عنه من سمات النقص،
- ويعرِّف الطريق الموصلة إليه وصفة أهلها، وما لهم عند القدوم عليه،
- ويعرِّف العدو الذي هو العدو على الحقيقة، والطريق الموصلة إلى العذاب، وصفة أهلها، وما لهم عند وجود أسباب العقاب.
وكلما ازداد العبد تأملاً فيه ازداد علمًا وعملاً وبصيرةً؛ لذلك أمر الله بذلك وحث عليه وأخبر أنه هو المقصود بإنزال القرآن؛ كما قال تعالى: {كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ} وقال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.
ومن فوائد التدبر لكتاب الله: أنه بذلك يصل العبد إلى درجة اليقين والعلم بأنه كلام الله؛ لأنه يراه يَصْدُق بعضه بعضًا، ويوافق بعضه بعضًا. فترى الحكم والقصة والإخبارات تعاد في القرآن في عدة مواضع، كلها متوافقة متصادقة، لا ينقض بعضها بعضًا، فبذلك يعلم كمال القرآن وأنه من عند من أحاط علمه بجميع الأمور؛ فلذلك قال تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا}؛ أي: فلما كان من عند الله لم يكن فيه اختلاف أصلاً.
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان
ـ[عدنان أجانة]ــــــــ[03 Sep 2009, 01:16 ص]ـ
جزاك الله خيرا حضرة الباحثة الكريمة، على النقل المفيد،
ثم إن حديث القرآن عن التدبر، جاء بصيغة الجمع [ليدبروا-يتدبرون-يدبروا] وهذه الصيغة توحي بأن التدبر المنشود، هو التدبر الذي يكون بالمدراسة والتأمل بين الأفراد، كل بحسب كفاءته ومعرفته. وكل بحسب تخصصه وفنه، فكأن دعوة القرآن للتدبر الجماعي، دعوة لمشروع تدبري كبير، يشارك فيه المسلمون، ويكون ميدانا لإبراز المكنون من آي الكتاب، وأسراره النيرة،
والتدبر الجماعي، سيكون بمعزل عن الخطأ في الفهم، والزيغ في التأويل. لأنه محكوم بفعل الجماعة المتدبرة،
إن التدبر المثمر هو نتاج مدارسة واعية، وتلاوة متأنية، تلتقي فيها جهود الأفراد، وتتكامل فيها تأملاتهم، وتبقى مع ذلك كله آي الكتاب، سامقة معانيها، ينداح أفقها اتساعا ورحابة كلما أعمل فيه الفكر، واستخرجت منها الحكم.
تزيدك آيه عبرا****إذا ما زدتها نظرا.
ـ[زمرلي]ــــــــ[16 Sep 2009, 12:12 ص]ـ
لي كتيب لطيف جعلته تذكرة لنفسي ولإخواني يرجى الاطلاع عليه وهو مطبوع بحمد الله تعالى باسم:" كيف نتدبر القرآن "
ويلاحظ أنَّ كثيراً من طلبة العلم يقصرون المراد بالتدبر على الفهم والغوص في التراكيب والألفاظ والأساليب، وهذا جزء من المراد بالتدبر(/)
توضيح حول التدبر
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[03 Sep 2009, 04:12 ص]ـ
- أولا: لا بد من بيان أن التدبر هو غير التفسير! هذا أمر مهم جدا! ونحن نعلم أن بعض العلماء المعاصرين قد استعملهما على سبيل الترادف. وهو غير صحيح!
فالتفسير بيان وشرح للمعنى، بينما التدبر اتعاظ بالمعنى واعتبار به وتذكر! وبينهما فرق كبير .. ! إن التفسير من الفَسْرِ، وهو: الكشف والبيان. ولذلك سمي بيان كتاب الله تفسيراً؛ لأنه يكشف اللثام عن معانيه اللغوية والسياقية والشرعية، باستعمال قواعد التفسير المعروفة عند أهله. وهذا هو علم التفسير.
أما التدبر - من التفعل – فهو: النظر إلى دُبُرِ الشيء، أي التأمل في دَوَابِرِ الأمور المتوقعة، بمعنى النظر إلى عاقبتها، وما يمكن أن تؤول إليه. كما يدخل فيه النظر في دوابر الأمور الواقعة من قبل؛ لمعرفة أسبابها ومقدماتها. وهذا لا يوجد في كتب التفسير إلا نادراً. لأنه - في الغالب - عمل قلبي شخصي، ونظر نفسي لا ينوب فيه أحد عن أحد. وهل يستطيع أحد أن ينوب عن غيره في الخوف والرجاء، أو في الكسل والنشاط؟ هذا ممتنع عقلاً وطبعاً وشرعاً! اللهم إلا ما تعلق بربط الأسباب بمسبباتها – على المستوى الخارجي - وما كان في معناه.
ثانيا: إن التدبر هو مرحلة ما بعد التفسير .. ! أي ما بعد الفهم للآية. لكن الفهم المطلوب لتحصيل التدبر إنما هو الفهم الكلي العام، أو بعبارة أخرى: الفهم البسيط. ولا يشترط في ذلك تحقيق أقوال المفسرين والغوص في دقائق كتب التفسير! وإلا صار القرآن موجها إلى طائفة محصورة فقط! ومن ثم يمكن لأي شخص أن يتدبر القرآن بعد التحقق من المعنى المشهور للآية، يقرؤها من أي تفسير أو يسمعها.
إن التدبر حركة نفسية باطنية! تنظر إلى صيرورة النفس في الزمان والمكان، بالنسبة إلى احتمالين: الأول احتمال متابعة القرآن والاستسلام لأحكامه وحكمه. والثاني: عكسه، وهو النكوص والتمرد والجحود والعصيان! ففي كلا الأمرين ينظر المتأمل إلى مآل الحال المحتمل! ذلك هو التدبر! ولذلك كان التدبر لغة – كما ذكرنا - نظراً إلى أدبار الحوادث ونتائجها، وربطا للأسباب بمسبباتها، فيما وقع وفيما يحتمل أن يقع، على المستوى النفسي والاجتماعي. في الخير والشر سواء! إنه إذن ضرب من المحاسبة للنفس في ضوء القرآن، والمراقبة لأحولها، في صيرورتها الذاتية والاجتماعية.
إن التدبر إذن هو نظر في الآية باعتبارها مبصاراً، يكشف عن أمراض النفس وعللها، ويقوم في الوقت نفسه بتهذيبها وتشذيبها. أي بتزكيتها وتربيتها.
ومن ثم فإنه يكفي المتدبر للقرآن أن يعلم المعنى العام للآية أو السورة، مما أُثِرَ عن جمهور السلف؛ ليدخل في مسلك التدبر.
ولا شك أن علم العالم وخبرة المفسر تعطيه فرصةً أكبر بكثير؛ لتعميق التدبر في الآيات، والوصول بها إلى أرقى منازل الإيمان! ولكن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال أن غير المختصين بالتفسير، أو حتى العوام محجوبون من التدبر! إن غير العالم لن يعجز عن تدبر آية "الحمد لله رب العالمين" مثلا، والنظر في مآلات فعل الحمد في نفسه وفي المجتمع – على قدر طاقته طبعاً - وكذا مآلات نقيضه من النكران والجحود كيف يكون؟
وإن غير العالم إذا فسرتَ له أن "الفَلَقَ" هو الفجر؛ أمكنه آنئذ أن يتدبر قوله تعالى: ?قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ? (الفلق: 1 - 2) وكذلك إذا علم أن "الْجُدَدَ" هي: الطرق والمسالك الجبلية، وأن "الغَرَابِيبَ" هي: الصخور السوداء؛ أمكنه أن ينطلق في آفاق تدبر قوله تعالى: ?أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ? (فاطر: 27). ولقد تعمدت أن أمثل بهذه الكلمات القرآنية الغريبة إلى حد ما، وإلا فجمهور المعجم القرآني من الميسور المعلوم، بل إن كثيراً منه متداول في اللهجات العامية العربية!
(يُتْبَعُ)
(/)
ولم لا يتدبر؟ أليس يرى القارئ للآية المذكورة مثلا، مشهدَ نزول الماء من السماء؟ أليس يرى بعينيه آثار الغيث كلَّ ربيع في الروابي، والجنات، والبساتين، وأشكال الفاكهة والثمار، والجداول، والأنهار، والأطيار، بل في الحياة كلها؟ أليس ينظر إلى الجبال الشاهقة المنتصبة بهيئتها العظيمة بين يديه؟ أليس يرى مسالكها من بعيد تتلوى حولها خطوطاً حمراء وبيضاء على حسب لون الصخور والتربة الناسجة لها؟ أليس يعجب من مشهد الحجارة الصماء السوداء، الراسية على قمم هذه الجبال أو تلك؟
فكل من أبصر عظمة الخالق في عظمة المخلوق، واتخذ آثار الصنعة مسلكا يسير به إلى معرفة الله فهو متدبر وهو متفكر! وهذا أمر ليس حكراً على المفسرين ولا على الجيولوجيين، وإن كان لهؤلاء وأولئك من العلم ما يجعلهم يتفوقون ويسبقون به غيرهم، إذا أخلصوا النظر لله! نعم، ولكن الله قد أتاح لكل ذي عينين، وأذنين، وقلب حي، أن يسلك إلى ربه عبر ما يسر الله له من التدبر والتفكر .. ولربما سبق القنفذُ الفرس! وإنما ذلك على حسب صفاء القلب وإخلاص السير!
وأنت ترى أن الله – جل جلاله - أمر الكفار بالتدبر لكتابه! كما في قوله تعالى: ?أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً? (النساء: 82) وقال سبحانه: ?أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا? (محمد: 24) فإذا كان الكافر – وهو المجرد قطعا من كل قواعد التفسير ومناهجه – مأموراً بالتدبر فالمسلم أولى وأحرى!
إن المسلم - أي مسلم – إنما عليه أن يصطحب مختصراً صغيراً من كتب التفسير، كتفسير الجلالين مثلا، أو أحد مختصرات ابن كثير، أو غيرهما؛ وذلك فقط حتى يضبط بوصلة الاتجاه العام لمعنى الآيات، ثم يشرع آنئذ في التدبر للقرآن، ولا حرج. لأن التدبر لكتاب الله لا ينبني عليه حلال ولا حرام، ولا تصدر عنه فتوى ولا قضاء! وإنما هو مسلك روحي يقود القلب إلى التوبة والإنابة، وإلى مجاهدة النفس من أجل الترقي بمراتب العلم بالله!
أما صناعة التفسير والاستنباط فهذا هو الذي يخص فئة محصورة من الناس وهم أهل الاجتهاد من العلماء، ممن يفتون ويقررون في القضايا والنوازل. وفي ذلك نزل قوله تعالى: ?وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً? (النساء: 83) وقوله سبحانه: ?وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ? (التوبة: 122). فذاك علم الخاصة.
وأما التدبر – بما هو تذكر واعتبار - فهو لعامة المسلمين. قال تعالى: ?وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ? (القمر: 17).
وعليه؛ فالمفسر عالم وفقيه، يقوم ببيان الحقائق القرآنية والأحكام الشرعية، والتصدر للفتوى. بينما المتدبر مجرد متعظ وواعظ. وقد يجمع الله للمرء بين الخيرين. والعالم الحق لا يصح له إلا ذلك! ومن ثم جاز لنا أن نقول: "كُلُّ عالِمٍ أو كلُّ مفسِّرٍ متدبرٌ، وليس كل متدبرٍ مفسِّراً! " فتأمل .. !
إن الذي يمتنع عن تدبر القرآن أو ينهى غيره عن ذلك؛ بدعوى أن التدبر أمر خاص بعلماء التفسير، إنما هو جاهل بهذا الفرق الجوهري الكبير بين التفسير والتدبر .. وأخشى أن يكون الشيطان قد لبَّس عليه تلبيساً؛ ليحرمه هو في نفسه من نور القرآن! أو يجعله أداة لقطع الطريق أمام السائرين إلى الله!
إن التدبر للقرآن مطلوب من العالِم، ومن المهندس، والطبيب، والأستاذ، والفلاح، والحداد، والنجار، والتاجر ... إلخ! بل إن التدبر مطلوب من الكافر الأعجمي، إنجليزيا كان أو فرنسيا أو صينيا، أو ما كان! نعم! نعم! لكن فقط بعد أن تترجم له المعاني العامة للآيات!
(يُتْبَعُ)
(/)
ومصطلح "التدبر" في القرآن قريب من مصطلح "التفكر" وإن لم يكونا مترادفين. فكأن "التدبر" ينصرف استعماله غالبا إلى تأمل القرآن، بينما "التفكر" ينصرف استعماله إلى تأمل الكون المنظور. قال تعالى: ?إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ! ? (آل عمران: 190 - 191). وإذا تأملت وجدت نتيجة كُلٍّ من التدبر والتفكر واحدة، ألاَ وهي: الاتعاظ والاعتبار! وهو ما حكاه الله عن الذاكرين المتفكرين: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ!)
إن هذا معناه أيضا أن النظر "التفكري" في الكون ليس عملا عقليا معقدا، خاصا بعلماء الفيزياء والكيمياء والفلك والرياضيات والبيولوجيا والطبيعيات ... إلخ! نعم هم مشمولون بأمره، بل هم أولى به! لكن "التفكر" كالتدبر، مطلوب أيضا من غير المتخصصين، بل حتى من العوام! كُلٌّ على قدر فكره! .. وما يدريك؟ لعل فلاحا بسيطاً، يصل إلى عِبَرٍ للقلب لا يتحقق بها المتخصص الخبير! لأن نتائج كُلٍّ من التدبر والتفكر محض هبة من الرحمن، ومجرد هُدًى منه تعالى!
إن التدبر والتفكر يؤولان معاً إلى مصطلح قرآني مركزي ثالث، ألا وهو "التَّذَكُّرُ" بالذال المعجمة، أو "الاِدِّكَارُ" بالدال المهملة، ومشتقاتهما وهما سواء (2). قال تعالى: ?كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ? (ص: 29) وقال سبحانه: ?وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ? (القمر: 17).
وإنما يختص "التدبر" بتحصيل الذكرى عن طريق النظر في الآيات القرآنية. بينما يختص "التفكر" بتحصيل الذكرى بالآيات الكونية. هذا هو الغالب، وربما وجدت هذا بمعنى ذاك. إذ بينهما علاقة جدلية؛ لأن أحدهما يؤدي إلى الآخر. فالتدبر للقرآن يقودك إلى التفكر في الوجود، والتفكر في الوجود يعود بك إلى القرآن. وهما معا في جميع الأحوال يثمران تَذَكُّراً للقلب وذكرى.
ولا يقول عاقل بأن التذكر والذكرى يحتاج فيها الإنسان إلى خبرة علمية وتخصص دقيق! سواء في الشرعيات أو في الكونيات. كلا! كلا! .. إنما هو عمل قلبي محض، مفتوح لكل ذي قلب! وبذلك قامت حجة الله على جميع الخلق عربهم وعجمهم، خاصتهم وعامتهم! قال تعالى: ?إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ? (ق: 37)
وبذلك يتبين ما لتعقيد الضوابط والشروط للتدبر أو للتفكر، من خروج عن منهاج القرآن! قال تعالى: ?هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ? (الجمعة: 2).
إن المتدبر أو المتفكر – كليهما - في حاجة إلى التحقق بأمرين اثنين:
الأول: الفهم العام للآية قراءةً، أو سماعاً إن كان أميا. ويحسن أن يكون ذلك بمجلس مدارسة، تعلما وتعليما، على منهاج رسول الله - معلم الأميين - صلى الله عليه وسلم.
الثاني: إخلاص النظر لله! وكلاهما بمقدور جميع الناس، إلا من رُفِعَ عنه القلم!
قال تعالى: ?قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ! ? (سبأ: 46)
وهذا خطاب موجه في الأصل للكفار، فتأمل!
وأحب قبل ختام هذه الكلمات أن أعززها بإيراد أمثلة عن تدبر النبي - صلى الله عليه وسلم – وتفكره. فالسنة هي البيان الرئيس للقرآن الكريم ومفاهيمه. وأمثلة أخرى عن تدبر الصحابة رضي الله عنهم، وكذا بعض التابعين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ففي مشهد من أَجَلِّ مَشَاهِدِ النبوة، لم يزل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يبكي في صلاته من تدبره وتفكره؛ إذْ أَرَاهُ اللهُ من أسرار مَلَكُوتِهِ ما أَرَاهُ؛ حتى بكت الأرض ببكائه عليه الصلاة والسلام! .. فقد سَأَلَ عُبَيْدٌ بْنُ عُمَيْرٍ عائشةَ رضي الله عنها، قَالَ: «أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِهِ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم! قالَ: فَسَكَتَتْ، ثُمَّ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي قَالَ صلى الله عليه وسلم: "يَا عَائِشَةُ! ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي! " قُلْتُ: وَاللهِ إنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ، وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ .. قَالَتْ: فَقَامَ فَتَطَهَّرَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَتْ: فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ! قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ! قَالَتْ: ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الأرْضَ! فَجَاءَ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ، فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلاَ أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً؟ .. لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا! ?إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ. رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ! ?» (آل عمران: 190 - 191) (2).
وقد ورد التدبر والتفكر ههنا بمعنى واحد كما أشرنا إليه من قبل، لارتباطهما الجدلي. فقوله صلى الله عليه وسلم: (وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا!) هو بمعنى: لم "يتدبرها" لأن تدبرها مُفْضٍ بالضرورة إلى التفكر في خلق السماوات والأرض؛ ولذلك عبر هنا بالتفكر. وأما وعيده - عليه الصلاة والسلام - للممتنع عن التفكر بالويل؛ فهو دليل قوي على وجوب التفكر والتدبر – إجمالاً - على جميع الناس! سواء منهم العالم والعامي، كُلٌّ على ما يسر الله له .. فتأمل!
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ذهب ثلث الليل، قام فقال: "يا أيها الناس! .. اذكروا الله! جاءتِ "الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ! " جاء الموت بما فيه! جاء الموت بما فيه! ... ) (3) ولا يخفى ما في الحديث من تضمين لآيتي النازعات: ?يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ. تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ? (النازعات: 6 - 7). وما في ذلك من تدبر عجيب لهذه الحقيقة الإيمانية في جوف الليل؛ وذلك لِشَبَهِ الليل بظلمة القبر من جهة، ولأن الليل – من جهة أخرى - هو موتٌ لحركة النهار! وفي ذلك أيضا إشارة إلى أن على المؤمن أن يجعل تفكره في الظواهر الكونية مرتبطا بتدبره للآيات القرآنية؛ بسبب ما ينتج عن ذلك من التشمير والجد والعمل! حيث تقع الآيات بعد ذلك على النفس الكسولة الغافلة، موقع السوط اللاهب على ظهر الدابة الخاملة! فتقفز مسرعة بصاحبها في الطريق إلى الله!
وكذلك كان تدبر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فعن التابعي العابد الزاهد ابن أبي مليكة رحمه الله، قال: «صَحِبْتُ ابنَ عباس - رضي الله عنهما - من مكة إلى المدينة، فكان إذا نزل قام شَطْرَ الليل! فَسُئِلَ: كيف كانت قِرَاءَتُهُ؟ قال: قرأ: ?وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ .. ? (ق: 19) فجَعلَ يُرَتِّلُ ويُكْثِرُ في ذلك النَّشِيجَ!» (4) والنَّشِيجُ: شدة البكاء، إذا هاج على صاحبه؛ فبكى بصوت مخنوق في صدره، فصار له أَزِيزٌ كأزيزِ القِدْرِ أو الْمِرْجَلِ!
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي تفسير الطبري: (أن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - قرأ هذه الآية: ?تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ? (المؤمنون: 104)، قال: ألم تر إلى الرأس الْمُشَيَّطِ بالنار، وقد قَلُصَتْ شفتَاه وبدت أسنانُه!) (5) يقصد التمثيل التدبري للمعنى برأس الكبش الْمُشَيَّطِ، أي بعد تشويطه بالنار. تقول: شَوَّطَ وشَيَّطَ، سواء. وهذا تدبر عجيب؛ لما فيه من ربطٍ للآيات القرآنية بالمشاهَدَات اليومية في الحياة الدنيا - رغم عظم الفرق - ولكن الاتعاظ بالصغير الحقير أدعى إلى الاتعاظ بالكبير الخطير!
وفي ترجمة عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما - في الإصابة لابن حجر، أنه: (كان – رضي الله عنه - إذا قرأ هذه الآية: ?أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ? .. الآية (الحديد: 16) يبكي حتى يغلبه البكاء .. !) (6)
وورد (أن أبا طلحة – رضي الله عنه - قرأ هذه الآية: ?انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً? .. الآية (التوبة: 41)، فقال: أرى ربي يستنفرنا شيوخَنا وشُبَّانَنَا! جهزوني أيْ بَنِيَّ! جهزوني! [يعني للجهاد! وكان يومها قد شاخ وكَبُرَ!] فقال بنوه: قد غزوتَ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - ونحن نغزو عنك! [أي بعدما عجزت] فقال: جهزوني! فركب البحر، فمات. فلم يجدوا له جزيرة [لدفنه] إلا بعد سبعة أيام! فدفنوه فيها ولم يتغير!) (7)
وعند تفسير قوله تعالى: ?وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا? (الكهف: 49)، قال الإمام القرطبي: (وكان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية يقول: يا ويلتاه .. ! ضَجُّوا إلى الله تعالى من الصغائر قبل الكبائر!) (8)
وروى الإمام البيهقي في شعب الإيمان بسنده عن الواعظ الكبير مالك بن دينار أنه رحمه الله: (قرأ هذه الآية: ?وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ? .. الآية: (هود: 88). قال: «فَأُسَمَّى في القيامةِ مَالِكاً الصَّادِقَ، أو مَالِكاً الكاذبَ!») (9) وهو بذلك يُنَزِّلُ مضمون الآية على نفسه – حيث كان واعظاً – فجعل يحاسب نفسه بميزان القرآن، ويتدبر الآية بالنظر إلى نفسه، مشفقاً من حالها ومآلها، وما قد يكون من مصيرها! قصد تهذيبها، وكسر شوكة غرورها، وتصفية مقاصدها، وتجريد إخلاصها لربها! وهو من أجل ضروب التدبر والتفكر!
وفي الزهد لأحمد بن حنبل - وغيره - أن مالكا بن دينار أيضا قرأ هذه الآية: ?لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ? .. الآية (الحشر: 21)) فبكى، وقال: «أقسم لكم! لا يؤمن عبدٌ بهذا القرآن إلا صدع قلبَه!») (10) الله أكبر .. ! ألا ما أجله من تدبر! وما أدقه من تفكر! لقد وضع مالك بن دينار – رحمه الله - قلبَه موضع الجبل! فكيف تراه يكون؟ أيكون أشد صلابةً من الجبل؟ كيف بقلب يتلقى القرآن حق التلقي، كيف به وهذا الجبل قد خشع له وتصدع!؟
ذلك هو التدبر .. وإن الأمثلة في مثل هذا لأكثر من أن تحصى!
وأنت تلاحظ أن هذه النصوص جميعا ليست من قبيل التفسير بمعناه الاصطلاحي الخاص، وإنما هي مجرد تعبير عن المشاعر الخاصة، والمواجيد الجياشة، الحاصلة في النفس عند تلاوة الآيات، وما يخالط القلب من الرَّغَبِ والرَّهَبِ، والخوف والرجاء، في طريق السير إلى الله! كما أن فيها تنزيلا للآيات على واقع النفس، أو واقع المجتمع، أو على أحوال الطبيعة حول الإنسان، ومشاهدةً لبروق الوعد والوعيد، من خلال تقلبات الليل والنهار. وفضحاً لغش النفس وضعفها؛ بتسليط كشافات القرآن عليها! كما أن فيها مشاهدةً للعزائم العالية التي طلبها الله عز وجل من العباد، وما ينتصب دونها من مشاق الطريق ومكارهها! ولذلك ترى المتدبرين للقرآن والمتفكرين في آياته الكونية، بين بَاكٍ مختنق بالأنين، أو مُطْرِقٍ مهموم حزين! ولا يخرج كلاهما من مجلسه أو خلوته إلا بعزيمة تهد الجبال! وإن الواحد من هذا الطراز البشري العظيم لهو بأمة!
(يُتْبَعُ)
(/)
ذلك هو التدبر، وذلك هو التفكر، وتلك هي الذكرى .. وإنما ثمرة ذلك كله هو تهييج النفس على العمل، وتنشيط القلب على السير، وتوثيق إرادة النفس على عزائم الأعمال! .. فكذلك كان تدبرهم للقرآن، وكذلك كان تفكرهم في الزمان .. فما بالنا نحن؟ إنما نحن في حاجة إلى قلوب مثل قلوبهم، وإخلاص مثل إخلاصهم!
وإنني لعلى يقين لو أن الناس اليوم يُحْيُونَ هذا المسلك في النفوس من جديد، ويتداولون القرآن في المجتمع على هذا الوِزَانِ؛ لتدفقت أنهار النور على الظلام! ولكان للأمة في هذا العصر شأن آخر .. ! وإنه لَيَكُونَنَّ إن شاء الله! وما ذلك ببعيد .. ! فإنني أرى عباداً لله خُلَّصاً قد بدؤوا يرفعون راية القرآن فوق تلال قلوبهم! .. وإن نصب راية القرآن على تلال القلوب لهو: ?نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ .. وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ! ? (الصف: 13).
اللهم ألهمنا مراشدنا، واسلك بنا سبيل الهدى، واجعلنا سببا لمن اهتدى!
المحب لكم: فريد الأنصاري، عفا الله عنه وعن المؤمنين.
__________________________________________________ __________________________
هوامش:
(1) قال الإمام الطبري – رحمه الله - في تفسير قوله تعالى من سورة القمر: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ): (وأصل "مُدَّكِر": مفتعل من ذَكر، اجتمعت فاء الفعل، وهي ذال، وتاءٌ وهي بعد الذال، فَصُيِّرَتَا دالا مشددة. وكذلك تفعل العرب فيما كان أوله ذالا يتبعها تاءُ الافتعال، يجعلونهما جميعاً دالا مشددة، فيقولون: اِدَّكَرْتُ ادِّكَاراً، وإنما هو: اِذْتَكَرْتُ اذْتِكَاراً.)
(2) الحديث رواه ابن حبان في صحيحه. وقال الشيخ الألباني: إسناده جيد، وحسنه في صحيح الترغيب.
(3) الحديث، رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وحسنه الألباني في الصحيحة وفي صحيح الترمذي وصحيح الجامع الصغير.
(4) سير أعلام النبلاء للذهبي: 3/ 342.
(5) ن. تفسير الطبري للآية: 104 من سورة المؤمنون.
(6) ن. ترجمته في: "من اسمه عبد الله" في "الإصابة في معرفة الصحابة" لابن حجر.
(7) الطبقات الكبرى لابن سعد: 3/ 507.
(8) ن. تفسير القرطبي للآية: 49 من سورة الكهف.
(9) شعب الإيمان رقم الأثر: 1802.
(10) الزهد لأحمد بن حنبل، رقم الأثر: 1878. والأثر أورده أيضا أبو نعيم في الحلية عند ترجمة مالك بن دينار، كما أورده السيوطي في الدر المنثور عند تفسير الآية: 21 من سورة الحشر.
ــــــــــانتهى.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[03 Sep 2009, 04:55 ص]ـ
ثانيا: إن التدبر هو مرحلة ما بعد التفسير .. ! أي ما بعد الفهم للآية. لكن الفهم المطلوب لتحصيل التدبر إنما هو الفهم الكلي العام، أو بعبارة أخرى: الفهم البسيط. ولا يشترط في ذلك تحقيق أقوال المفسرين والغوص في دقائق كتب التفسير! وإلا صار القرآن موجها إلى طائفة محصورة فقط! ومن ثم يمكن لأي شخص أن يتدبر القرآن بعد التحقق من المعنى المشهور للآية، يقرؤها من أي تفسير أو يسمعها.
أخالف الأخت الكريمة فأقول:
إن التدبر المقصود في القرآن مرحلة تسبق التفسير بل هي مرحلة أولية مطالب بها كل من خوطب بهذا القرآن وكذب به أو أعرض عنه، ولهذا أنكر الله تعالى على مشركي قريش بقوله:
(أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الْأَوَّلِينَ) (المؤمنون: 68)
وأنكر على المنافقين بقوله:
(أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) (النساء: 82)
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد: 24)
فالقول من الوضوح والظهور والبيان في صدق مدلوله بحيث لا يعذر معه المكذب أو المعرض.
وكون التدبر مرحلة تسبق التفسير هو مضمون كلام الأخت الكريمة التالي لقولها:
ثانيا: إن التدبر هو مرحلة ما بعد التفسير .. ! أي ما بعد الفهم للآية .........
وفق الله لجميع لفهم كتابه
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[04 Sep 2009, 02:05 ص]ـ
كيف يمكنُ للإنسان أن يتدبّر ما لا يفهمه؟؟
فهم المعنى - ولا شك - مقدَّمٌ على التدبّر من الناحية الواقعية المعقولة.
أما كفار قريش وسائر المخاطبين بالقرآن - إذ نزل - عربٌ أقحاح؛ فهمُ المعنى الإجمالي - على الأقل - حاصل عندهم على العموم.
ولذلك طولبوا بالتدبّر ..
ثم إن طلب التدبرّ والأمر به يتضمّنُ طلب الفهم والتفسير تضمّناً، فما لا يتمُّ الواجب إلا به فهو واجب - كما قد علمتم -.
والله يمنّ علينا وعليكم بكرمه ومنّه بفهم القرآن وتدبّره والعمل به والتحاكم إليه، إنه كريم رحيم ..
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[04 Sep 2009, 07:00 ص]ـ
حفظ الله الدكتور فريد الأنصاري وشفاه وجزى الله الناقلة لللموضوع خيرا
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[09 Sep 2009, 06:01 ص]ـ
شكر الله للأخت نقلها هذا الموضوع المهم
والدكتور فريد الأنصاري من علماء المغرب الذين لهم باع طويل في العناية بالقرآن وعلومه ودراساته، وله موقع الفطرية الذي يعد من المواقع القرآنية المتميزة.
والذي أراه أن ماأوضحه حول مفهوم التدبر هو الصحيح،
فالتدبر كما نعلم مراتب:
الأول: تدبر العامة وهو ما يحصل بالفهم العام للآيات الباعث على الإيمان والعمل، وهو الواجب على كل من قرأ القرآن.بل هو الذي خوطب به الكفار.
الثاني: تدبر العلماء، وهو مايكون بالفهم الدقيق والغوص في المعاني والدلالات والهدايات الباعثة على كمال الإيمان والعمل.
وهذا التقسيم هو الذي بينه وأوضحه الدكتور فريد في كلامه السابق في قوله:
(((إن التدبر هو نظر في الآية باعتبارها مبصاراً، يكشف عن أمراض النفس وعللها، ويقوم في الوقت نفسه بتهذيبها وتشذيبها. أي بتزكيتها وتربيتها.
ومن ثم فإنه يكفي المتدبر للقرآن أن يعلم المعنى العام للآية أو السورة، مما أُثِرَ عن جمهور السلف؛ ليدخل في مسلك التدبر.
ولا شك أن علم العالم وخبرة المفسر تعطيه فرصةً أكبر بكثير؛ لتعميق التدبر في الآيات، والوصول بها إلى أرقى منازل الإيمان!)))(/)
تحديثات وتطوير في ملتقى أهل التفسير ... هل تقترح شيئاً؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Sep 2009, 03:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نسعى دوماً معاً أيها الزملاء للارتقاء بهذا الملتقى علمياً وأدبياً وتقنياً، وقد تم تشكيل لجنة من أبرز أعضاء ملتقى أهل التفسير لدراسة عملية تطوير الملتقى من الجانب العلمي والجانب الفني. وقد خرجت اللجنة بعد عدة اجتماعات برؤية مفصلة للتطوير في الجانبين العلمي والفني.
فرأت إدارة مركز تفسير للدراسات القرآنية التعجيل بالتطوير للملتقى خصوصاً في الجانب الفني للحاجة العاجلة له، وسيصدر قريباً بيانٌ بالتنظيم الجديد للتطوير العلمي للملتقى ووضع الآلية المنظمة لعملية الإشراف العلمي والمتابعة العلمية المستمرة للملتقى.
وقد تم في الجانب التقني للملتقى عمل الآتي:
1 - ترقية نسخة الملتقى من النسخة القديمة 3,7,5 إلى النسخة الأحدث 3,8,4.
2 - تم نقل قسم (صدر حديثا) بشقيه إلى ملتقى الكتب والبحوث لمناسبته له، وسوف يضاف له قريباً قسم (أفضل الطبعات للكتب في الدراسات القرآنية)، وقسم (عرض كتب الدراسات القرآنية ونقدها).
3 - افتتاح قسم خاص بالبرامج الإعلامية القرآنية باسم (ملتقى البرامج الإعلامية القرآنية)، وجعل ملتقى (التفسير المباشر) فرعيا تحته، وسوف يخصص لكل برنامج قرآني جاد قسم تحت هذا القسم، ويطرح في هذا القسم كل ما يتعلق بالإعلام القرآني وسبل تطويره وتقويمه، وسوف يخصص للإشراف عليه من يجمع بين العناية بالإعلام والدراسات القرآنية ليكون قسماً مميزاً في الارتقاء بالإعلام القرآني، ولدى مركز تفسير للدراسات القرآنية خطة طموحة في هذا الباب نسأل الله أن يوفق لتنفيذها وتفعيلها.
4 - إنشاء ملتقى جديد باسم (ملتقى أسئلة الزوار) يتاح فيه لغير الأعضاء في الملتقى من الزوار أن يطرحوا أسئلتهم، ويتم فيها الإجابة على أسئلتهم، والغالب أن مثل هذه الأسئلة تكون باباً من التيسير للمستعجل الذي لا يرغب في التسجيل في الملتقى ويحتاج إلى سؤال عابر، وأما الحريص على الانضمام لأسرة الملتقى فله شأنٌ آخر.
5 - فتح باب التسجيل في الملتقى، بعد موافقة إدارة الملتقى على تسجيله، إذا وفى بشروط التسجيل من الاسم الصريح المناسب بالحروف العربية، وبعض الشروط التي ستظهر له أثناء التسجيل، ولعلها تضاف عاجلاً، وهي من وضع اللجنة العلمية للتطوير.
وهناك بعض الإضافات التقنية المعينة على الاستفادة القصوى من الملتقى، لعلها تضاف قريباً، والعمل ما زال جارياً في التطوير ... وبعد الانتهاء يشار إلى كل الإضافات بإذن الله.
وأشكر الزملاء في لجنة تطوير الموقع جزاهم الله خيراً وتقبل منهم هذا الجهد الرائع، وأرجو أن يظهر أثر تلك الدراسة في الملتقى والبوابة بعد ذلك بشكل واضح.
وأشكر أخي الكريم الأستاذ حاتم المشرف التقني على الموقع لجهوده في تنفيذ التطوير.
ظهر الخميس 13 رمضان 1430هـ
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[03 Sep 2009, 06:03 م]ـ
خطوات مباركة أعانكم الله وسدد خطاكم
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[04 Sep 2009, 01:32 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
اقترح ركن لأبحاث ودراسات القرآن باللغة الانجليزية - او اللغات الأجنبية - لأن عندي أبحاث وكتب وموسوعات تعنى بعلوم القرآن ولا أرى من المناسب إلا أن يفرد لها قسم خاص، وكذا من عنده شيء من هذه الأبحاث والدراسات يجد مكاناً مخصصاً يشجع على وضعها للراغبين فيها.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Sep 2009, 01:36 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
اقترح ركن لأبحاث ودراسات القرآن باللغة الانجليزية - او اللغات الأجنبية - لأن عندي أبحاث وكتب وموسوعات تعنى بعلوم القرآن ولا أرى من المناسب إلا أن يفرد لها قسم خاص، وكذا من عنده شيء من هذه الأبحاث والدراسات يجد مكاناً مخصصاً يشجع على وضعها للراغبين فيها.
ألا يناسب يا أبا ضياء وضعها تحت قسم (ملتقى الكتب والبحوث) مؤقتاً، ثم نفرد لها بعد اجتماع عدد صالح منها قسماً خاصاً.
ثم نشترط أن تتولى أنت الإشراف على هذا القسم باللغة الانجليزية وتتابعه حتى نفتحه.
ماذا تقول؟
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[04 Sep 2009, 02:51 ص]ـ
بالنسبة للشطر الأول فرأي مسدد كبداية أما بالنسبة لإشرافي فلا أطمع فيه ولكني لن أرد طلبكم في خدمة كتاب الله ثم موقعكم مع من ترون من الإخوة.
ـ[مصعب الجهني]ــــــــ[04 Sep 2009, 05:22 ص]ـ
شيخنا عبد الرحمن الشهري:
والله إنا نحبكم بالله أنت والشيخ مساعد الطيار؛ ولكني لاحظت أن لوحة الكتابة صعبة التعامل فلو بسطتموها مثل ملتقى أهل الحديث يكون أفضل.
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[04 Sep 2009, 06:04 ص]ـ
منتدى لتدبر القرآن وفهمه
ويكون الكتابة فيه للمتخصصين ولشيوخنا الكرام
وفقكم الله
وجزاكم الله خير
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[04 Sep 2009, 06:32 ص]ـ
جامعة أهل التفسير المفتوحة
الملتقى الحكيم ملتقى أهل التفسير كان لي اقتراح من قبل، لعل في غمرة هذا التطوير ينظر إليه.
فيه كم كبير من أعضاء الملتقى من دكاترة الجامعة لو نزلوا محاضراتهم هنا في الملتقى (كل على حسب تخصصه) فسيكون عندنا كجامعة مفتوحة نوعًا. وفي هذا زيادة علم حتى لأهل التخصص الواحد لأنه سيقرأ لدكتور في المغرب، ولدكتور في السعودية ولدكتور في مصر فيكون ابن الملتقى جمع بين تلك الثقافات.
ويفرد لذلك منتدى يسمى الجامعة المفتوحة ويقسم على حسب التخصصات على الأقل الموجودة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد السليمان]ــــــــ[04 Sep 2009, 06:47 ص]ـ
خطوات موفقه ومن باب المشاركة اقترح
1\ وضع باب للتدبر بحيث يحدد مثلا ربع حزب ويشارك المتخصصون بإستنباط وتدبر الآيات وتدوين مافيها من بلاغة وبيان وإعجاز ومن ثم ينتقل للربع التالي وهكذا.
2\ إرشيف لكل مايتعلق بالمحاضرات أو الندوات فيما يتعلق بالقرآن.
3\ باب الأعلام يعرض فيه في كل اسبوع علم من القراء أو المشائخ المتخصصين في القرآن وعلومه ليتعرف الزوار على أهل القرآن وينهلوا من علومهم.
نفع الله بجهودكم وسددكم.
ـ[ناصر المطيري]ــــــــ[04 Sep 2009, 08:03 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من باب المشاركة اقترح:
فتح صفحة لتفسير القرآن كاملا ويتم اختيار سبعة من المشايخ وليكن عن طريق التصويت مثلا كل يوم على شيخ ويكمل الآخر من حيث ينتهي صاحبه حتى لا نثقل على المشايخ ويحصل تنوع بالطرح وتنافس بالخير.
وتجرد هذه الصفحة للتفسير فقط وإن كان هناك نقاش او اعتراض وما اشبه ذلك فيكون في غيرها حتى لا يتعثر السير فيها.
في نظري سيحصل بهذا خيرا كثيرا
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[04 Sep 2009, 12:11 م]ـ
م شاء الله يا شيخ ناصر كنت أتمنى كتابة ذلك
ولي فكرة في هذه الجزئية وهي: -[[[[ملاحظة نعتبر أن الوحدة ربع قرآن]]]]-
يناول المتخصص في التفسير الشرح والتفسير لهذا الربع
ويتناول البلاغي موضوع من بلاغيات هذا الربع
ويتناول النحوي أوجه الإعراب في هذا الربع
ويناول الأديب أدبيات هذا الربع
ويتناول من هو متخصص في إعجاز القرآن (((لو الربع فيه إعجاز علمي)))
ويتناول مخرج الأحاديث الأحاديث التي بالربع
وكذا المحقق الحديثي
وكذا من هو متخصص في أسباب النزول
وكذا المتخصص في الناسخ والمنسوخ
وكذا
وكذا ....
كل حسب تخصصه.
فيجتمع عندنا عمل متكامل، يدخل هذا العمل فيما بعد في طور المراجعة والتنقيح ثم يطبع بالاسم الذي يرى ساعتها ويكون حسابه لتطوير الملتقى أو أعمال الخير.
أو السبعة الذين وقع عليهم الاختيار يطبعونه باسمهم فهو جهد - إذا لم يتدخل مهم أحد - ويكون هذا عمل جماعي نجح في أعضاء الملتقى
ـ[نايف السحيم]ــــــــ[04 Sep 2009, 01:16 م]ـ
بارك الله فيك شيخ عبدالرحمن
اقترح قسم صوتيات القران الكريم
ويكون قسم لتلاوات اعضاء الملتقى
ويتم اعطاء الملاحظات عليها من قبل المشرفين
وبارك الله فيكم
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[04 Sep 2009, 05:19 م]ـ
منتدى لتدبر القرآن وفهمه
ويكون الكتابة فيه للمتخصصين ولشيوخنا الكرام
وفقكم الله
وجزاكم الله خير
- في الحقيقة أنني كنت متوقع أنه موجود أثناء دخولي للموقع أول مرة!!!
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[05 Sep 2009, 05:14 ص]ـ
مشرفَنا الكريمَ أبا عبد الله
لا يخفى عليكمْ حاجةُ النَّفسِ لإجمام الخاطر وترويح الناظرِ , عند سآمتها من التنقل بين مسائل العلم وفرائده وشوارده , ولذلك أقترحُ إنشاء قسمٍ يُعنى بالأدب والشعرِ يكونُ مستقلاً ضمن أقسام الملتقى المفتوح , أو قائماً بنفسه بين الملتقيات.
سيَّما والمُلتقى يضمُّ في أغصان دوحته الغنَّاء ثلةً من الأدباء , ولا عجب فإذا كان ربُّ الملتقى بالشعرِ مائساً , فما حيلةٌ للأهل إلا اتِّباعُهُ
ـ[أم البررة]ــــــــ[05 Sep 2009, 11:34 م]ـ
"ملتقى البرامج القرآنية الإعلامية، أفضل الطبعات لكتب الدراسات القرآنيّة"
تطورات تسر الخاطر، وتبهج النفس كلّلها ربّي بالتوفيق والسداد
إن كان من ثمّة اقتراح، فهو للملتقى خارج أسواره:
بإنشاء صفحة للموقع على الفيس بوك Facebook على غرار كثيرٍ من المواقع(/)
ما معنى: و علم آدم الأسماء كلها؟
ـ[ Amara] ــــــــ[04 Sep 2009, 12:56 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
يقول الله تعالى:
و علم آدم الأسماء كلها ...
ما هي الأسماء كلها؟
و هل يتضمن القرآن هذه الاسماء؟
و هل يدخل في آدم ذريته أم أن الأمر خاص بشخص أبينا آدم؟
وفقني و وفقكم الله
ـ[يسعد صباحك]ــــــــ[04 Sep 2009, 01:35 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياك الله اخي الحبيب ...
إليك هذا التوضيح اليسير ان شاء الله للآيه
{وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا}
أي أسماء المسمّيات كلها، قال ابن عباس: علّمه اسم كل شيء حتى القصعة والمغرفة
أي علمه اسم كل شيء هذا جبل هذه نار هذا قلم هذا كتاب وهكذا والله أعلم
{ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ} أي عرض المسميات على الملائكة وسألهم على سبيل التبكيت {فَقَالَ أَنْبِئُونِي} أي أخبروني {بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء} أي بأسماء هذه المخلوقات التي ترونها {إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} أي في زعمكم أنكم أحق بالخلافة ممن استخلفته.
والحاصل أن الله تعالى أظهر فضل آدم للملائكة بتعليمه ما لم تعلمه الملائكة، وخصّه بالمعرفة التامة دونهم، من معرفة الأسماء والأشياء، والأجناس، واللغات، ولهذا اعترفوا بالعجز والقصور {قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا} أي ننزهك يا الله عن النقص ونحن لا علم لنا إِلا ما علمتنا إِياه {إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ} أي الذي لا تخفى عليه خافية {الْحَكِيمُ} الذي لا يفعل إِلا ما تقتضيه الحكمة.
عسى أن أكون قد أفدتك .. ,,
وفقني الله واياكم لكل خير
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[04 Sep 2009, 02:03 ص]ـ
على سبيل التبكيت {فَقَالَ أَنْبِئُونِي} أي أخبروني {بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء} أي بأسماء هذه المخلوقات التي ترونها {إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} أي في زعمكم أنكم أحق بالخلافة ممن استخلفته.
هذه الآية الكريمة من أعظم آيات القرآن العظيم وأدقها معان.
ولنبدأ بتنبيه الأخ الكريم بأن تفسيره لهذه الآية ـ التي لو ذكر مصدره فيها لكان أفضل ـ فيه نسبة ما لا يليق بالملائكة المعصومين بالإجماع من الصغائر فضلا عن الكبائر كالعُجب والتفاخر، وبهذا يتبين أن سؤال الملائكة عليهم السلام كان سؤال استفسار واستكشاف عن الحكمة المقتضية لاستخلاف ذرية آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام وترجيحهم عن غيرهم لذلك الاستخلاف، لا سؤال عُجب وتفاخر حتى يقتضي ذلك تبكيتهم ودحض زعمهم الأحقية بالاستخلاف. والله تعالى أعلم.
ـ[ Amara] ــــــــ[04 Sep 2009, 02:16 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
أخي الحبيب جزاك الله خيرا .. و وفقك إلى ما فيه الخير
أخي الحبيب، في معرض ردك اقتصرت على الجابة على السءال الأول فقط ..
و ربما حاولت أن استفسر منك أكثر:
فقد ذكرت أن تعليم آدم الأسماء كان رد من الله على زعم الملائكة أنهم أحق بالخلافة ممن آدم ..
فهل معنى ذلك ان الأسماء ترقى إلى العلم بأسرار المسميات أم أنها تقتصر على ذلك ..
يعني هل أن العلم بالأسماء هو علم باالمسميات و أفعالها أم علم بالمسميات فقط ..
مثل أن نقول هذا قلم فهل علمنا اسمه إذا قلنا أنه قلم أم اننا نعلم إسمه إذا قلنا أنه قلم و يستعمل للكتابة فأدركنا اسمه و فعله ..
و لماذا قال تعالى: علم و لم يقل مثلا حفظ ..
بارك الله لكم و فيكم أخي الحبيب
يغفر الله لي و لكم(/)
مشروعية القوة وغايتها فى الإسلام
ـ[ياسر عبد المؤمن معوض]ــــــــ[04 Sep 2009, 03:13 ص]ـ
لماذا يستخدم الإسلام القوَّة؟
سؤال تفصم إجابته - وإن كانت صحيحة - الحقيقة نصفين، ويقسم الرد عليه - وإن كان صائبًا - الحق شطرين، فما بالك بإجابة توغل عن الحق بعدًا، وردٍّ ينحرف عن الصَّواب ميلاً؟! إنَّ الفساد لا يكمن في السؤال نفسه، ولكن في قيامه منفردًا دون شقيق له، تبرز إجابته كمال الحقيقة جميلاً، وبَهاء وجهها متألِّقًا، ورفعة منزلتها علوًّا، وسمو قدْرِها شأنًا، هذا الشقيق هو: لماذا يؤْذَى المؤمنون بالله في الأرض؟
إنَّ تجاهل هذا السؤال يبتر كثيرًا من الحقيقة، ويشوِّه جمالها الأخَّاذ، ويطفئ بريقَها المتألق، كسحب تحجب شمس الحقيقة أن تسطع، وغيومٍ تَحول دون دفئها أن ينتشر.
فالإجابة الأولى: تبيِّن الغايات من وراء استِعمال القوَّة.
والثَّانية: توضِّح أسباب نشأَتِها، ومشروعيَّة بروزِها، ولا تقوم الغايات وحدها - وإن كانت نبيلة - بتبديد الشُّبهات في هذا السَّبيل؛ بل لا بدَّ من معرفة عدالة النَّشأة، وشرعيَّة البروز لتنقَشِع نهائيًّا كلُّ الظُّلمات، وتغرب إلى الأبد جميع الشُّبهات.
إنَّ هناك قوى لا تطمئِنُّ إلى ربوبيَّة الله في الأرض، ولا تسكن إلى ألوهيَّة الله لجميع المخْلوقات، فتراهم يسومون المؤمنين سوء العذاب، ويقْتلون أطْفالَهم، ويرمِّلون نساءهم، ويُخْرجونَهم من ديارِهم، ويدنِّسون مقدسَّاتهم، ويحتلُّون أراضيهم، ويستعبدون أحرارَهم، وينهبون ثروات بلادهم؛ لأنَّهم يقولون: ربُّنا الله، ولا يذكرون إلا الله؛ يقول الله - تعالى - في كتابه الكريم: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 39، 40].
وأمرنا الله - عزَّ وجلَّ - بإِعْداد القوَّة لإرهاب أعداء الله وأعدائنا في قولِه - تعالى -: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [الأنفال: 60]؛ لأنَّ إحسان الظَّنِّ بمستقبل الحقِّ العاري عن القوَّة وهْمٌ خدَّاع، يؤدي إلى الفشل والتنازُع بين أصحابه، والضَّعف والهوان أمام الآخرين، ويصل الأمر بالبغاث حينئذٍ أن يستنسِر بأرضهم، وبالجبناء أن يستَأْسِدوا على أحرارهم، وتصبح أمَّتهم في ذيل بقيَّة الأمم، لا ترى لها في أرْضِها مجدًا، ولا تسمع لها في بلاد غيرِها رِكْزًا.
فعندما يرى أعْداء الإسلام نورَه يبدِّد ظُلُماتٍ، بعضُها فوق بعض متكاثفة، ويمزق ضياؤه أستارًا حوْل القلوب غليظة متلاحِمة، يهيْمِن على نفوسِهم أحاسيس الخطر، وينبعِث من قلوبِهم مكامن اللأْواء؛ لكن يا تُرى: أي خطرٍ يكون من النُّور تنتشر أشعَّته في الآفاق؟! وأي لأواء تكون من الضِّياء يخرق الأستار ويُنير القلوب؟! إنَّه خطر يهدِّد حياة الخفافيش، وإنَّها لأواء تضرُّ بعيونِها الكليلة، هذه الخفافيش طالَما أحبَّت الظَّلام وحملتْ أثقاله، ولفَّها الظُّلم وأخرجت أشْواكه، وامتلأتْ بالجور وأرسلت سهامه.
إنَّ هذه الخفافيش تؤْذيها أشعَّة النور، ويضايِقُها مجيءُ النَّهار، ويبدد أمْنَها شروق الشَّمس، ويؤرِّق جفونَها اختفاء الظلام، فكانت منها الكراهية الغليظة لسفينة الحبِّ والإخاء، والهجوم العنيف على مركبة العدْل والسَّلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولَم يكُن للإسْلام من بُدٍّ إلاَّ أن يُهاجِم مَن هاجَمه، ويقاوِم مَن يُريد السَّطو على سفينتِه، وأن يسعى سعْيًا أكيدًا لقطْع رؤوس الظُّلم حيث برزتْ أنْيابُه، وردِّ سِهام الجوْر لما انطلقت من أوتار قوسه، وأن يعزم عزْمًا قويًّا على رفْع أثقال الظَّلام كلَّما ناء البشر بكلكله، ومَحو آثار الحيْف حين تقهر النَّاس قسوته.
فالإسلام حين يستَخْدِم القوَّة لا يفعل ذلك إلاَّ عن إدراك واقعي منه، بأنَّ السِّلاح إذا خرج إلى ساحة المصاولة، ورفعت أدواته في ميدان المحاربة، استعصى على العقل الاستماع، وسدَّت إليه منافذ النور، وجفت في النفس ينابيع رقَّتها، وتصلَّبت منها شرايين تسامُحها، وحينئذٍ لن يجدي نفعًا إلاَّ مواجهة القوَّة بقوَّة أخرى من جنسِها، تجدع أنفَها المتورِّم، وتحطِّم عنفوانَها المتغطرس، وتكسِر كبرياءَها المتعجرف، وتأتي على غرورها المستعلي.
فالقوَّة في الإسلام لا تُستخدم إلاَّ ضدَّ قوَّة أخرى برزتْ أشواكُها، ورفعت سنابكها، بغضِّ النَّظر عن دين صاحبِها وعقيدة حامِلِها، حتَّى إنَّ الإسلام يأمُر أتْباعَه المخْلِصين لتعاليمِه باستِخْدام القوَّة ضدَّ طائفةٍ من المؤمنين، إذا بغت واعتدتْ على طائفة أخرى منهم؛ لأنَّ البغيَ والظُّلْم والاعتِداء محظورات في شرْعة الإسلام، لا يتهاون أي قدر من التَّهاوُن مع مرتكبيها، ولا يتسامح أي نوْع من التَّسامُح مع المجترئين عليها، وتبلغ كراهية الإسلام للبغي حدًّا لا يَمنعه إيمان الطَّائفة الباغية من استِعْمال القوَّة الحاسمة ضدَّها، وتصِل مجافاته للاعتِداء مبلغًا لا يحول إسلام الطائفة المعتدية دون توجيه ضربةٍ موجعة لها، كلّ ذلك كي يرجع البغاة عن غيِّهم ويؤوب المعْتدون إلى رشدهم.
وهذا المعنى هو ما تجِدُه واضحًا صريحا في قول الله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9].
وهكذا يظهر موقِف الإسلام جليًّا من الأمر بالقوَّة، موقفًا يأمر فيه باستخدامِها ضدَّ بعْض أتباعه في حالة البغي يصدر عنهم، ويبيِّن تشريعه واضحًا لقمْع بعض المنتمين له في حالة الاعتِداء يقومون به، ومن ثمَّ لا يجب أن يُلام الإسلام قليلَ لوْمٍ ولا كثيرَه، إذا ارْتضى استِعْمال نفس القوَّة ضدَّ آخَرين من دون المسلمين سلكوا طريق البغي، وارتضَوا شرعة الظُّلم، وتسابقوا في مِضْمار الجَوْر، وهبُّوا مسرعين في ميادين الاعتِداء.
ولا شكَّ أنَّ السَّلام هو طبيعة الإسْلام الأصيلة، وجوْهر تعاليمِه النَّبيلة، ومدار رسالتِه السَّامية، إلاَّ أنَّ الإسلام في سِلْمِه وحرْبِه أشبهُ ما يكون بسفينةٍ تَمخر عباب البَحْر، وتشقُّ طريقَها عبر مياه المحيطات، فالنَّاظر لركَّاب السفينة، وهم يتمتَّعون بطمأنينة الجانب، وسلامة المقْصِد، وحسن النَّوايا، وجميل المعْشر، والتَّمسُّك بإقرار السَّلام، والحِرْص على إشاعة الأمن - يَحسَبُهم لا يعْرِفون طريقًا لارتِداء معاطف الحرب، ولا يهْتدون سبيلاً للبس أزْياء العراك، غير أنَّ ناظِرًا آخَر حين يراهم في ساحات الوغى رآبيل مقبلة، وفي ميادين القتال آسادًا مزَمْجِرة، وتبين له شدَّتُهم في منازلة المفسدين، وتتراءَى له صولتُهم في كسْر شوكة الظَّالمين - يَحسَبُهم رجالاً التصقتْ معاطف الحرْبِ بأجسادِهم، فأصبحوا لا يستطيعون خلعها، وصارت ملابس العراك كجُلُودهم، لا سبيل لسلخها والانفِصال عنها.
والحقُّ أنَّ الصَّواب قد فات كلا النَّاظرَيْن؛ لأنَّ الأوَّل ظنَّ السَّفينة ساكنةً مقصورةً على رجال بأيديهم ورودُ الجمال، والثاني حسبها تتحرك غازية معتدية لا تستقرُّ على جودي السَّلام.
والحقيقة وسط بين الأمرين، فسفينة الإسلام تتحرَّك لأنَّ السُّكون ممَّا يُخالف سنن الله في الكون، والركود الدَّائم لا يستقيم مع طبيعة الأشْياء، والوقوف المستمرُّ يتناقض وحقيقة هذه الحياة، إلاَّ أنَّ السَّفينة لما شرعت تتحرَّك وسط البحر تمخُر عبابه، أرادها من يكرهون السَّلام، ويعشقون الظلام - حطامًا وسط البحر تتلاعب به أمواجه، وابتغوا ركَّابها طعمة تلتهِمُها حيتانه، فدافع ركَّابُها المسلمون أشدَّ ما يكون الدفاع، وكان لا بدَّ أن يفعلوا، وهاجم ركَّابها المظلومون أقوى ما يكون الهجوم، وما كان لهم ممَّا فعلوا مهرب، أو ممَّا وقع فرار.
ولقد كان المسلِمون منصفِين أكمل ما يكون الإنْصاف حال دفاعهم، وعادلين أرْوع ما يكون العدْل في وضْع هجومهم، وكان شأنُهم عجيبًا في الحال الأوَّل، ومدهشًا في الوضْع الثاني، إلاَّ أن علامات العجب تبدأ في الزوال، وأمارات الدَّهشة تتحرَّك نحو الأفول، حينما نعلم أنَّ قائد السَّفينة هو خاتم الأنبِياء محمَّد - صلى الله عليه وسلَّم - لأنَّ النَّبيَّ - عليْه الصَّلاة والسَّلام - كان عجيبًا في جميع أحواله، ومدهشًا في كل أوضاعه.
وعلى الرَّغم من أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كان بشرًا مثلَنا، إلاَّ أنَّه كان متميِّزًا في جميع ما يأتي، فريدًا في كل ما يدع، فكان نبي الرَّحمة الذي تحرَّك حاملاً راية الحبِّ والسَّلام، رافعًا لواءَ الخير والعدالة، كما كان هو نفسه - صلَّى الله عليْه وسلَّم - نبيَّ الملحمة الذي قصم الله به ظهر الجبابرة، ووضَع به أقدار المتكبرين، وقضى به على طغْيان المتألِّهين، والله أعلم حيث يجعل رسالته، والحمد لله ربِّ العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الكوكب المنير]ــــــــ[08 Sep 2009, 06:30 م]ـ
بسم الله و الحمد و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد:
هذا المقال من جميل ماقرأت تبيانا لمشروعية استخدام القوة و أهدافها فى الإسلام، و إظهارا لتهافت التهم التى تلقى جزافا من العلمانيين الجاهلين و المستشرقين الحاقدين و الصليبيين المتعصبين بأن الإسلام دين إرهابى وأن نبيه - صلى الله عليه و سلم - متعطش لسفك الدماء ... و حاشاه
كذلك يصلح تفسيرا مو ضوعيا لآيات القوة فى القرآن.
فجزى الله صاحب المقال خيرا عما سطرت يراعه، و بارك فيه و نفع به.(/)
فرع الجمعية العلمية للقرآن وعلومه بأبها يعد مسابقة قرآنية رمضانية
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Sep 2009, 03:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قام فرع الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه بأبها بإعداد أسئلة المسابقة الرمضانية القرآنية الأسرية التي نظمها المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بأبها.
وهذا نص مقدمة المسابقة التي أعدها الفرع:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد:
فإن شهر رمضان هو شهر القرآن، ? شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ? [البقرة: 185]، وقد ذكر بعض أهل العلم أن في هذه الآية تنبيهاً على الحكمة من تخصيص رمضان بالصوم، وهي تذكير المؤمنين بالنعمة الجليلة عليهم بنزول القرآن الكريم، ليخرجهم به من الظلمات إلى النور.
فرمضان والقرآن متلازمان؛ إذا ذكر رمضان ذكر القرآن، وقد ثبت في الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما – ما يدل على قوة هذا التلازم، وعظيم أثره على العبد، حيث قال: «كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل. وكان يلقاه جبريلُ في كل ليلة من رمضان، فيُدارسه القرآن، فَلَرَسولُ الله حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة».
وفي هذا الحديث استحباب الإكثار من تلاوة القرآن الكريم ومدارسته في رمضان، ويؤخذ منه استحباب ختمه كذلك، لأن جبريل عليه السلام كان يعرض القرآن كاملاً على النبي صلى الله عليه وسلم.
ومع أن كثيراً من الصائمين يحرص على قراءة القرآن في رمضان كما هو مشاهد، إلا أنه لا يوفق للجمع بين القراءة والتدبر إلا قليل منهم، مع أن التدبر من أعظم مقاصد إنزال القرآن العظيم، كما قال الله تعالى: ?كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ? [ص: 29]. جاء في تفسير السعدي رحمه الله لهذه الآية: ({لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} أي: هذه الحكمة من إنزاله، ليتدبر الناس آياته، فيستخرجوا علمها ويتأملوا أسرارها وحكمها، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة، تدرك بركته وخيره، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن، وأنه من أفضل الأعمال، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود.)
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره للآية السابقة: (وفي هذا دليل على وجوب معرفة معاني القرآن، ودليل على أن الترتيل أفضل من الهذّ، إذ لا يصح التدبر مع الهذّ.) [والمقصود بالهذّ: سرعة القراءة.].
قال ابن القيم: (وبالجملة فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر؛ فإنه جامع لجميع منازل السائرين وأحوال العاملين ومقامات العارفين، وهو الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والإنابة والتوكل والرضا والتفويض والشكر والصبر وسائر الاحوال التي بها حياة القلب وكماله، وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة والتي بها فساد القلب وهلاكه.
فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها؛ فإذا قرأه بتفكر حتى مر بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة ولو ليلة؛ فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم، وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان، وذوق حلاوة القرآن .. ) مفتاح دار السعادة - (ج 1 / ص 187).
ومن أجل إعانة المسلم على الانتفاع بالقرآن في هذا الشهر الكريم جاءت هذه المسابقة القرآنية الرمضانية الأسرية، لتكون وسيلة من الوسائل التي تعين على تدبر القرآن العظيم.
وفكرة هذه المسابقة تقوم على ذكر فائدة أو حكم مستنبط من آية، ثم يُطلب من قارئ القرآن استخراج الآية التي دلت على ذلك. وقد اشتملت على ثلاثين سؤالاً، كل سؤال مخصص لجزء من أجزاء القرآن الثلاثين.
وهذا مثال يوضح فكرة المسابقة، والمطلوب من المشارك فيها:
السؤال: الخشوع في الصلاة يعين على أدائها، ويسهل على المصلي القيام بها؛ فلا تكون ثقيلة شاقة عليه. اذكر الآية التي تدل على ذلك.
الجواب: الآية رقم 45 من سورة البقرة.
والمطلوب من المشارك في هذه المسابقة أن يعمل فكره، ويجتهد في قراءة ورده اليومي بتدبر وتأمل، حتى يتمكن من معرفة الآية المسؤول عنها. ولا مانع من أن يشترك في الجواب عن السؤال أفراد كل أسرة.
والمرجع الرئيسي لهذه المسابقة هو تفسير السعدي رحمه الله "تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن".
وقد توّلت اللجنة الفرعية للجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه إعداد أسئلة هذه المسابقة، وقام بتنظيمها المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد.
وختاماً؛ نسأل الله تعالى أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال، وأن يجعلنا من أهل القرآن العاملين به، وأن يجعل هذه المسابقة نافعة مباركة.
وهذه المسابقة خاصة بقطاع مدينة أبها، وسأرفق ملفاً يحتوي على أسئلتها لمن أراد أن يفيد منها، ولكن لا يشارك في المسابقة إذا كان من خارج أبها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Sep 2009, 03:57 م]ـ
وهذا ملف آخر للأسئلة على هيئة ملف وورد لتسهيل التعامل معها لم أراد الإفادة منها.(/)
د. عبدالعزيز المبارك ينتقد تراجم معاني القرآن المتوفرة ويدعو للترجمة النصية للقرآن
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2009, 01:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
منذ سنتين تقريباً كنتُ في دورة علمية في الدمام مع فضيلة الدكتور مساعد الطيار وفقه الله، فدعينا لحضور دورية ثقافية في منزل الأستاذ عبدالرحمن العبيد - إن لم أكن مخطئاً - الرئيس السابق للنادي الأدبي في المنطقة الشرقية. وقد تكلم حينها الدكتور مساعد الطيار عن موضوع الإعجاز العلمي للقرآن، وفتح الحوار حول الموضوع.
وقد التقينا حينها بالدكتور عبدالعزيز المبارك، وتحدث عن مشروعه في ترجمة القرآن الكريم ترجمة نصية، واعتراضه على الترجمات المطبوعة للمعاني.
وأعطاني حينها عدة أوراق كتبها حول الموضوع، وهي معي منذ ذلك الوقت ولم أقرأها بعدُ، مع كونها على مكتبي.
وقد قرأتُ اليوم هذا الخبر في صحيفة سبق ( http://www.sabq.org/index.php?option=com_content&view=article&id=3407:2009-09-04-19-54-15&catid=81:local) :
أكد الباحث والمترجم السعودي عبد العزيز المبارك أن التراجم الموجودة للقرآن الكريم تفتقر إلى الدقة وهي لا تعدو كونها تفاسير وترجمة لبعض المعاني المحتملة للقرآن وليست ترجمة لنص القرآن الكريم.
وطالب المبارك بمزيد من الاهتمام بترجمة القرآن للغة الإنجليزية كونها اللغة السائدة في العالم طيلة القرون الثلاثة الماضية، داعياً العرب إلى أن يوجدوا ترجمة نصية صحيحة للقرآن الكريم والحديث الشريف.
وطالب المبارك كل من يستطيع المساهمة في نشر وإخراج ترجمته (النصية) التي وصفها بـ (الفريدة والتاريخية)، من البلد الذي احتضن الرسالة الإسلامية، لكيلا يضطر إلى الاتجاه إلى ناشرين من لبنان والولايات المتحدة الأمريكية.
جاء ذلك خلال كلمته في محاضرة "الترجمة النصية للقرآن الكريم" التي أقامها نادي المنطقة الشرقية الأدبي مساء الثلاثاء. ويقول المبارك: "الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أدى الأمانة وبلغ الرسالة على أكمل وجه، وهذه الرسالة يجب عند سماعها نقلها كما هي؛ لأن كلام الله موزون بمنتهى الدقة، والحركة في اللغة العربية تغير المعنى". مضيفاً أن القرآن الكريم لا يوجد به أي مترادف في حين تعتمد معظم التراجم على تحوير الكلمة إلى ما يرونه مرادفاً لها.
وأبدى المبارك استياءه من غياب الترجمة النصية للقرآن الكريم على الرغم من وجود المراكز العلمية الإسلامية والجامعات الإسلامية, مبيناً حجم المعاناة والألم اللذين وجدهما خلال عرضه لتفسيره النصي على المراكز العلمية العربية؛ إذ اكتشف غياب المختصين وضعفهم في معظم هذه المراكز.
ووصف المبارك معظم التراجم الموجودة بأنها أقرب للتفسير؛ لأنها أهملت النص والصيغة وسجلت زيادةً ونقصاناً وتحويراً لمعاني القرآن وجاء بعضها بعكس ما جاء به القرآن، مشيراً إلى أن الترجمة يجب أن تنقل كلاماً مقيداً مكتوباً من لغة إلى أخرى وأن تتقيد بالنص والصيغة فلا تنقص ولا تزيد ولا توجد كلمتين تطابقان النص الكريم.
وقال إنّ إنجاز ترجمته استغرق سبع سنوات وضع خلالها بعض القواعد والأساسيات التي ينبغي أن يلتزم بها المترجم في الترجمة، وأضاف أنه تواصل خلال عمله على الترجمة مع عشرات الأساتذة في الولايات المتحدة والمملكة وأوروبا، وأكّد على أنه حافظ على نص القرآن الكريم ونقل صيغه بمنتهى الدقة ليتلافى وجود أي اختلاف، مضيفاً أنه لا يزال ينتظر أي إنسان يثري هذه الترجمة.
فتذكرتُ الموضوع، ولعلي أعود للأوراق التي معي وأقرؤها، فإن وجدتُ فيها اختلافاً عما ذكر في الخبر أضفتها لاحقاً.
وأحببت نقل الخبر للنقاش هنا في صفحات الملتقى، ولعله يلفت انتباه المعنيين بالدراسات القرآنية وترجمة معاني القرآن.
وقد يكون الدكتور عبدالعزيز المبارك مصيباً فيما يطرحه، ولعله يتضح بعد التأمل ما يسعى إليه الدكتور المبارك وفقه الله. وأتذكر أنه متخصص في الكيمياء أو تخصص قريب من ذلك في جامعة الملك فيصل، وأرجو ألا أكون واهماً في ذلك.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[05 Sep 2009, 03:13 ص]ـ
مع أني لا "أتقن" إلا لغة واحدة، وعندي معرفة متوسطة في لغة أخرى هي اللغة الفرنسية إلا أني أكاد أجزم بما يلي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - أن ترجمة القرآن الكريم النصية أمر مستحيل - على الأقل إلى اللغة الفرنسية التي ألم ببعضها - فالأساليب القرآنية تستعصي على اللغات الأخرى.
2 - حتى ترجمة المعاني باللغة الفرنسية التي رأيت ففيها كثير من المعاني التي لا تمت إلى معاني كتاب الله تعالى من جهة، وعندي أمثلة من ذلك.
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[05 Sep 2009, 03:26 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
من خلال مقارنات أجريتها بين الترجمات الموجودة: ترجمة محسن خان وبيكتهول و يوسف علي وترجمة مؤسسة البيان، ومن خلال دراسة شخصية، اتضح لي أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تترجم القرآن ترجمة نصية يباركها جميع المهتمين، والسبب في هذا عائد إلى عدة اعتبارات منها:
- إعجاز القرآن في تراكيبه ولفظه.
- كيف نتعامل مع ترجمة القرآن ترجمه نصية مع وجود القراءات السبع المتواترة وماذا ستمثل هذه الترجمة النصية: هل ستمثل القرآن - الكتاب المبين - أم ستمثل قراءة حفص عن عاصم عن أبي عبدالرحمن السلمي، وبينهما فرق كبير؟
- ما مدى تعمق المترجم في لغة العرب وقانونها النحوي - فإني أجزم أنه لا يتأهل للترجمة العالية الجودة إلا من تصدى للغة العرب وهضمها. خذ مثلاً الألفاظ المشتركة ككلمة "قرء"، كيف سيترجمها فسواء ترجمها "طهر" او "حيض" فكلاهما ترجمة حرفية، وكذلك كلمة "مثابة"، قال ابن عطية هي من ثاب يثوب أي عاد ورجع أو من الثواب أي لمن زار البيت الأجر على قصده البيت، وكلاهما ترجمة حرفية إإلى آخر ذلك.
ولذلك استغرب هذا الجهر الواثق بالقدرة على ترجمة القرآن ترجمة حرفية "مسددة"، تغني الناس عن سائر الترجمات! استغرب هذا واعتبره مجازفة ولا ينبغي للباحث المتصدي لهذا الأمر بالذات أن يتكلم بلغة الواثق. ثم اعلم أن ترجمة القرآن ترجمة حرفية ستحوله إلى لغز من الألغاز العظيمة عند المتحدثين باللغة الإنجليزية، فإنه قليل عندهم استعمال "الحذف" و "الإضمار" و "التقدير"، مع ما يتبع ذلك من اختلاف المفسرين في تقدير المحذوفات، صحيح يوجد في النحو الإنجليزي ما يسمى elipses وهي ظاهرة الحذف ويعرفها النحويون عندهم ولكنها لا توجد بالصورة التي جاء بها القرآن. فحتى الترجمة لو اسميناها حرفية فهل هذا يخرجها عن كونها تفسيرية، أبداً، لأن معاني القرآن باللغة العربية لا يمكن أن تتطابق من كل وجه مع معانيها بعد الترجمة، ومن زعم ذلك فقد جاء بفرية كبيرة ونزع جلباب الكبرياء والإعجاز من كلام الله، إذاً فخاتمة الأمر أنه لا يعدو محاولة تفسيرية، ولكن بدقة أكبر ومجهود أكثر فقط لا غير.
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[05 Sep 2009, 09:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لست من المتخصصين في اللغات وما يخصها، لكني درست بعض النصوص المترجمة كمادة دراسية، من القرآن الكريم والسنة المشرفة، وبعض نصوص الفقه، وما أعرفه أن اللغة العربية لغة بليغة ومعبرة وهي أم اللغات كما يذكر أحد علماء عصرنا المتخصصين، وما أريد قوله:
سبحان الله منذ يومين وأنا أستمع لتلاوة من الحرم المكي على القناة السعودية الناطقة بالإنجليزية رحت أتابع الترجمة وأتذكر بعض ما درست من عبارات، وتمعنت في كلمة ( Lord ) :
وهذه مقارنة (منقولة) بين فكرين تخص معاني هذه الكلمة ودلالاتها تبين مستوى الثقافة والإدراك الذي يجب أن يتحلى به المفسر:
" معنى كلمة رب
[ربب] ر ب ب: رَبَّ كل شيء مالكه و الرَّبُ اسم من أسماء الله تعالى ولا يقال في غيره إلا بالإضافة (رب البيت , رب العمل , ...... ) وقد قالوه في الجاهلية للملك والرَّبَّانِيُّ المُتأله العارف بالله تعالى ومنه قوله تعالى {ولكن كونوا ربانيين} (مختار الصحاح للرازي .. باب ربب.)
ولا يختلف المفهوم المسيحي عما سبق, فقد كتب القس منيس عبد النور:
"إذا أُطلقت كلمة «رب» على غير الله أُضيفت، فيُقال «رب كذا». وأما بالألف واللام فهي مختصَّة بالله. ويُفهم هذا من قرائن الكلام، فإذا قيل «رب المشركين» كان المراد منه معبوداتهم الباطلة، وسمّوها بذلك لاعتقادهم أن العبادة تحقُّ لها، وأسماؤهم تتبع اعتقادهم لا ما عليه الشيء في نفسه.، بخلاف ما إذا قيل «رب المؤمنين» فإنه يُفسَّر بالإله الحقيقي المعبود. أما إذا قلنا: الله والرب فهي مختصَّة به تعالى لا يجوز إطلاقها على غير الله."
(القس منيس عبد النور - شبهات وهمية حول سفر الخروج)." أهـ
هذا أمر والأمر الآخر الذي يحضرني، كنت قبل مدة أقرأ نصا في كتاب لسان العرب، فانتبهت إلى أن الأسماء الواردة في اللغة قد تكون متعددة وكل لفظ يذكر مزايا للمسمى لا يشملها اللفظ الآخر الدال عليه، فلا بد من الانتباه لهذا عند ترجمة الأسماء، فالأسماء مهمة وقد لا ينتبه لهذا.
هل راجع أحدهم التراجم من هذه الناحية؟ هذا الذي لا أعرفه؟.
والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[05 Sep 2009, 11:47 ص]ـ
ليته يتم لنا وضع بعض الايات المترجمة نصيا مع موازنتها بما هو قائم في الترجمات المشهورة حتى يتمكن القاريء من تصور المسالة فان الحكم على الشيء فرع عن تصوره
وكيف تطرح القضية للنقاش دون ان تكون هناك نماذج يمكن من خلالها التفكير في الموضوع؟
وفقكم الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2009, 03:13 م]ـ
ليته يتم لنا وضع بعض الايات المترجمة نصيا مع موازنتها بما هو قائم في الترجمات المشهورة حتى يتمكن القاريء من تصور المسالة فان الحكم على الشيء فرع عن تصوره
وكيف تطرح القضية للنقاش دون ان تكون هناك نماذج يمكن من خلالها التفكير في الموضوع؟
وفقكم الله
أتفق معكم وأقترح على أخي الأستاذ عبدالله الشهري أن يتكرم علينا بذلك لخبرته ولكونه قد عمل موازنة من قبل.
وأرجو ألا يضيق وقته عن إفادتنا.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[05 Sep 2009, 09:52 م]ـ
أرى أني أتفق مع الأستاذ الكريم عبد الله الشهري في بعض ما أشار إليه، ولا يخفى أنَّ مِنْ شروط المترجم أن يكون متقنا للغتين، اللغة التي ينقل منها واللغة التي ينقل إليها ... ولعلي لا أكون مبالغا إنْ قلتُ إن الترجمة فنٌّ لا يحسنه إلا القليل!
ولستُ أدري كيف يُمكن أن يُتَرجم القرآن إلى الإنجليزية ترجمة حرفية صحيحة تستوعب لغة القرآن العالية ... فتقابل اللفظ باللفظ والمعنى بالمعنى حذو القذة بالقذة، دونَ أن تتحول الترجمة إلى ألغاز وأحاج توقع المتحدثين باللغة الإنجليزية في حيص بيص! وما أخبار النصوص الأدبية المترجمة عنا ببعيد.
شيخنا الكريم، هلا طلبتَ من الأستاذ الكريم عبد العزيز المبارك أن يُكرمنا بإرسال ترجمة نصية لسورة أو سورتين للاطلاع عليها وإفادة الباحث بما يظهر لنا ...
جزاكم الله خيرا.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[06 Sep 2009, 02:52 ص]ـ
الترجمة النصية للقرآن بكامله مستحيلة , وهذا هو رأي العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله , ومع أني مع القائل بوضع أمثلة إلا أني أقول تنزلاً: لو صحت في بعض الآيات واستطاع المنادي به أن يأتي لنا بمثال سليم فلن يتيسر له ذلك في كل القرآن وإنا منتظرون.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[06 Sep 2009, 05:44 ص]ـ
أيها الكرام
أعتذر أولاً لأبي عبد الله عبدالرحمن الشهري لعدم تجاوبي معه في مطالبته للعودة للمشاركة لأمرين:
الأول: إنشغالي ببرنامج علمي أقوم به الآن، وقد أخبرته به ليعذرني، ويعلم أبو عبدالله كم هوعزيز وأثير عندي.
الثاني: انقطاع الاتصال بالشبكة في البيت، فكان هذا ـ مع الانشغال بما قلت ـ سببا في التخلف قليلا عن المشاركة التي لا أتمكن منها إلا إذا كنت في مكان فيه اتصال بالشبكة.
أما هذا الموضوع الذي طرحه الدكتور الفاضل عبد العزيز المبارك، فكما قلتم: (الحكم على الشيء فرع عن تصوره).
لكن أحب أن ألفت النظر إلى أمر أراه مهمًا، وهو أن أي ترجمة بأي شكل كانت، وبأي اسم سميت، فإنما هي في الحقيقة تفسير.
ولا يمكن بحال أن يوجد ترجمة حرفية في اللغة ذاتها، فكيف بلغة غيرها.
وحينما يقوم المترجِم بالاجتهاد بالاقتراب من النص المترجَم (بفتح الجيم)، فإن هذا تفسير، وتسميته بالترجمة الحرفية اصطلاح فقط.
وشاهد ذلك الواقع، ولك أن تنظر في أي ترجمة كانت، فإنها في النهاية تقريب لمعاني القرآن بلغة أخرى.
ومن باب الفائدة: فإن كتب اليهود والنصارى لا يوجد منها نص بلغته الأصلية مطلقًا، بل كلها مترجمة، وكان هذا سببًا من أسباب التحريف التي وقعت عندهم، وكذا نجد أن هذا سبب من أسباب تحريف معاني كلام الله عند بعض من ترجم (معاني القرآن)، ومن نعمة الله علينا بقاء النصِّ واللغة التي نزل بها القرآن بلا تحريف ولا تبديل، فلله الحمد والمنة.
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[06 Sep 2009, 08:53 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
لا يوجد معنى للترجمة النصية فترجمة النص تمر على فهمه و عندما نتكلم عن فهم القرآن نتكلم عن معانيه و منه تسمية الترجمة بترجمة معاني القرآن صواب و الله أعلم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[06 Sep 2009, 11:27 م]ـ
الترجمة النصية ممكنة إذا كان المترجم ضليعا في كلا اللغتين، واللفظ المشترك في اللغة العربية يمكن ترجمته بالمعنيين كلفظ "القرء".
لكن المشكلة هي في قضية التراكيب وليس في قضية المفردات، هل التراكيب في اللغة العربية إذا تُرجمت إلى لغة أخرى ترجمة حرفية ستعطي نفس المعنى؟
هذا الإشكال الذي أراه.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[06 Sep 2009, 11:44 م]ـ
يجب أن يحدد أولا معنى الترجمة المقصود هنا.
فالعلماء يعرفون الترجمة بأنها التعبير عن لغة بلغة أخرى,
وهي بهذا التعريف تستحيل فيما يخص القرآن الكريم؛ بل إني لا أبالغ حين أقول إنه لا يمكن ترجمته حتى إلى اللغة العربية نفسها.
ولو أخذنا كلمات مرادفة لكلمات القرآن الكريم من اللغة العربية نفسها لتغير المعنى في حالتي الإفراد والتركيب ,
أما لو أخذنا بعين الاعتبار الصيغ العربية الواردة في القرآن الكريم من حيث الإجمال والاشتراك والمجاز عند من يقول به وغيرها لاتضحت الاستحالة المذكورة,
والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[06 Sep 2009, 11:44 م]ـ
جزاكم الله خيراً ..
مع اعتقاد ضرورة التمثيل - كما تفضل الأساتذة - إلا أنني أقول:
إن الجانب النظري المحض، والتفكير في واقع القرآن ليمنع صحّة أو إمكانية ما سمي بـ"الترجمة الحرفية" ..
إن هي إلا عملية تفسير - كما ذكر الدكتور مساعد ومن قَبله من الأساتذة الفضلاء -، ولا يمكن بحال تجاوز هذه الحقيقة لاقترانها بالواقع القرآني.
وللتمثيل على ضربٍ من ضروب ما ذكرتُ أقول:
لو وقف المترجِم على آية من الآيات فأراد ترجمتها، وكانت هذه الآيات - كما هي الكثير من آيات القرآن الكريم - قد وقع الخلاف في تفسيرها (كلفظ القروء في آيات العدة)، فإن المترجِم في هذه الحالة بين أمرين لا ثالث لهما:
الأول: أن يترجم الكلمة أو الجملة على معنى من المعاني المحتملة أو تفسير مما تحتمله الآية، فإن فعل ذلك فقد ترجم التفسير لا اللفظ الحرفي للقرآن.
الثاني: أن يدّعي ترك كلًّ من هذه التفاسير، ونقل الكلمة إلى اللغة الأخرى بدون أن يعرض لتفسيرها، وهذا محال، وبيانه:
أن عملية الترجمة تتعلق بالمعاني لا بالألفاظ المجرّدة عن معانيها، إذ إنها عملية نقلٍ من لغة إلى أخرى، وهذا يتعلَّقُ بالمعنى فحسب، فالألفاظ لا تنتقل؛ وإنما المعاني هي التي تنتقل.
فالحقيقة أن الترجمة الحرفيّة "دعوى" لا حقيقة لها، قبل أن تكون مسألة شرعية نتكلّم في أدلّة جوازها أو منعها.
إلا أنه لا بدّ من التنبّه إلى محذور خطير:
أن الخوفَ من أن يدّعيَ المترجِمُ أن النصّ المترجَم هو ذات القرآن، ويتعلّق بهذا أكثر من محذور كذلك، منها:
- أن يظنّ القارئ للنصّ المترجَم أنه يقرأ النص الرباني نفسه (كالحال في الكتب المتقدّمة) ثم إنه يقع في قلبه أن ما في هذا النصّ المترجَم من الهنات والرّكّة الناتجة عن عملية الترجمة هي من ذات كلام الله.
- أن المترجِم سيقصر معنى النص القرآني الواسع على فهمه القاصر، وذلك من ناحيتين:
* الأولى: أنه اختار معنى من معاني النص معيّنة دون غيرها، مما يصبغ هذا النص المترجَم باختيارات صاحب الترجمة - كما نبهتُ في نقطة سابقة -.
* الثاني: أن في القرآن من دلالات الألفاظ ما لا يمكن الإحاطة به في ترجمة من التراجم، كدلالة الإشارة والاقتضاء، والمعاني المجازية التي تحملها بعض الألفاظ والتراكيب، وما إلى ذلك مما تختصُّ به اللغة دون غيرها.
والله أعلم بكلّ ذلك.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Sep 2009, 12:11 ص]ـ
الذي يريد أن يعرف مدى الإشكالات في هذه القضية فليرجع إلى النقاشات التي دارت حول القرارات التي تصدر عن هيئة الأمم المتحدة وما هي اللغة المعتمدة في تفسير النص.
أما القرآن الكريم والآحاديث النبوية فما اتفق على معناه فهذا لا إشكال في نقله إلى لغة أخرى.
وأما ما اختلف فيه في الأصل فكذلك يمكن نقله كما هو ولا غضاضة في ذلك.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[07 Sep 2009, 01:38 ص]ـ
أتفق معكم وأقترح على أخي الأستاذ عبدالله الشهري أن يتكرم علينا بذلك لخبرته ولكونه قد عمل موازنة من قبل.
وأرجو ألا يضيق وقته عن إفادتنا.
جزاك الله خيرا على حسن ظنك بي.
لن يضيق إن شاء الله، وكذا سائر الإخوة المهتمين.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[07 Sep 2009, 01:49 ص]ـ
أرى أني أتفق مع الأستاذ الكريم عبد الله الشهري في بعض ما أشار إليه، ولا يخفى أنَّ مِنْ شروط المترجم أن يكون متقنا للغتين، اللغة التي ينقل منها واللغة التي ينقل إليها.
جزاك الله خيرا. بل لا بد أن يكون عالماً باختلاف المفسرين، ويعلم ماهو الأرجح، وفي حالة الترجيح هل يعد الراجح هو الترجمة الحرفية؟ فسيأتي آخر ويرجح مرجوح الأول ويصير عنده هو الترجمة الحرفية! أي المعنى الحرفي. فلو أخذنا مثلاً قوله تعالى (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)، هل البلاء هنا الإنعام أم ما يصيب الإنسان من مكروه؟ فهذه من الأضداد كما تلاحظ، ولايوجد في اللغة الإنجليزية على الإطلاق كلمة واحدة تحمل معنيين متضادين لتؤدي الوظيفة الحرفية لكلمة "بلاء"، عندها إن كان المترجم عالماً باختلافات المفسرين فإنه سيضطر لقدر من التفسير وهنا لم تعد حرفية كما ترى، وإن كان ليس عالماً بالخلاف فإنه سيقع في إشكال الترجيح بلا مرجح، أي التحكم بسبب الجهل. والمقام يطول في رد دعوى القدرة على الترجمة الحرفية الخالية من المعايب.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Sep 2009, 04:06 ص]ـ
جزاك الله خيرا. بل لا بد أن يكون عالماً باختلاف المفسرين، ويعلم ماهو الأرجح، وفي حالة الترجيح هل يعد الراجح هو الترجمة الحرفية؟ فسيأتي آخر ويرجح مرجوح الأول ويصير عنده هو الترجمة الحرفية! أي المعنى الحرفي. فلو أخذنا مثلاً قوله تعالى (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)، هل البلاء هنا الإنعام أم ما يصيب الإنسان من مكروه؟ فهذه من الأضداد كما تلاحظ، ولايوجد في اللغة الإنجليزية على الإطلاق كلمة واحدة تحمل معنيان متضادان لتؤدي الوظيفة الحرفية لكلمة "بلاء"، عندها إن كان المترجم عالماً باختلافات المفسرين فإنه سيضطر لقدر من التفسير وهنا لم تعد حرفية كما ترى، وإن كان ليس عالماً بالخلاف فإنه سيقع في إشكال الترجيح بلا مرجح، أي التحكم بسبب الجهل. والمقام يطول في رد دعوى القدرة على الترجمة الحرفية الخالية من المعايب.
الأخ الفاضل عبد الله
لا أعتقد أن هناك إشكالاً في المثال الذي ذكرت، فلفظ البلاء هنا بمعنى الاختبار، وهو يؤدي المعنى في كلا الحالين، إن كان المقصود البلاء بالنجاة من العذاب أو البلاء بالعذاب نفسه فكلاهما صحيح ويمكن ترجمته.
الإشكال أخي الكريم ليس في المفردات وإنما هو في التراكيب والمعنى العام الصحيح المراد من النص.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[07 Sep 2009, 09:55 ص]ـ
نعم. صحيح يمكن ترجمتها ولكن أيها هو المختار لأن الترجمة الحرفية لا تفصّل كما هو الحال في التفسيرية - وكلاهما تفسيرية في الحقيقة - أما إمكان الترجمة فلا إشكال فيه وإنما الإشكال في الاختيار، وهذه ليست المفردة الوحيدة لوجود أضداد ومشتركات أخرى في القرآن. و الإشكال في الحقيقة هو معاً في المفردات وفي التراكيب العام، ولذلك نبهت على ذلك بقولي "والمقام يطول في رد دعوى القدرة على الترجمة الحرفية الخالية من المعايب".
ـ[محمد الخضير]ــــــــ[11 Sep 2009, 01:45 م]ـ
الدكتور عبد العزيز المبارك التقيت به كثيرا متحمس لهذا المشروع لكنه بعيد عن العلم الشرعي
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[12 Sep 2009, 12:36 ص]ـ
الدكتور عبد العزيز المبارك التقيت به كثيرا متحمس لهذا المشروع لكنه بعيد عن العلم الشرعي
أسأل الله أن يكتب له الإتقان في ترجمته، ولكن ماذكرت نقص يعاني منه بعض الفضلاء، ألا وهو النقص في العلم الشرعي، ولو كان لي اقتراح لاقترحت الاعتماد المباشر على "التفسير الميسر" في ترجمة الآيات، لأنه معد للترجمة أصلاً، وأسلوبه بسيط ويقدم المعنى العام والأقرب للآيات، فكل ما على المتصدي لترجمة القرآن هو الإستعانة المباشرة بهذا التفسير على تفسير الآيات، وهذا سيسهل مهمة الترجمة بشكل كبير جداً.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Oct 2009, 08:51 م]ـ
وصلتني رسالة من الدكتور عبدالعزيز بن فهد المبارك وفقه الله بخصوص الموضوع، وقد أرفق مع الرسالة (نداءً إلى جميع المسلمين، خصوصاً العرب منهم). وقد أوضح فيه فكرته التي يدعو إليها، مع ضرب الأمثلة، والإحالة على موقع فيه عينة من العمل الذي يدعو إليه.
ولعل في هذا النداء ما يزيد الفكرة إيضاحاً. وهي فرصة للحوار مع الدكتور عبدالعزيز حول فكرته، حيث تم تسجيله في الملتقى.
وهذا نص النداء ... وفي المرفقات نسخة منه على صيغة word كما وردتني على بريدي.
بسم الله الرحمن الرحيم
نداء 2 إلى جميع المسلمين، خصوصاً العرب منهم
بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 و فوراكتشافي، الذي حقاً أذهلني آنذاك، والذي مفا ده أنّه لا توجد ترجمة نصيّة للقرآن المجيد في اللغة الأنكلنزية ولا في أي لغة أخرى البتة! بعد ترد د وتفكيرعميق قررت مستعيناً بالله و معتمداً عليه سبحانه أولاً، و ملتمساً العون ممن يستطيع بنفسه أوبمعرفته لغيره أن يعينني أو يتعاون معي في إيجا د ترجمة نصّية لكتاب الله في اللغة الأنكلنزية، لعل وعسى تلك الترجمة تكون المرجع و الأساس لترجمات أخرتتوالى تترى، في جميع اللغات، خصوصاً الحية منها، للناّس جميعاً؛ استيعاباً وتوافقاً لقوله تعالى:
" قل يا أيها النّا س إنّي رسول الله اليكم جميعاً" (158:الأعراف).
1. واضح من الآية الكريمة التي تخاطب الرسول صلى الله عليه وعلى آله و صحبه وسلم تسليماً كثيراً، أن هذا الرسول هو لجميع الناّ س! والناس لهم لغات مختلفة! والمسؤولية لايصال رسالته صلى الله عليه وسلم الى جميع النّاس، تقع عليه وعلى العرب المؤمنين، امتناناً واستجابتاً لقول الحق سبحانه وتعالى:
2."وإنّه لذكرٌ لك ولِقومك وسوف تسئلون" (44:الزخرف).
أنّ هذه الآية الكريمة من الحق سبحانه و تعالى تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم و قومه: "وإنّه لذكرٌ لك ولِقومك وسوف تسئلون"، وتقرر حقيقتين واضحتين كالشمس الساطعة: (أ) تأكيد صريح أن القرآن هو"ذكر" أي شرف و صيت وعزة للرسول صلى الله عليه وسلم ولقومه، "وسوف تسئلون" و (ب) أي قد أنيط بكم مسؤولية كبرى، جسيمة وعظمى! و (ج) أنه صلى الله عليه وسلم و قومه سوف يسأ لون! أماّ هو صلى الله عليه وسلم فقد أدى الأمانة و بلّغ الرسالة على أفضل وجه! أمّا قومه، فهذا شأن فيه أقوال وأقوال، أنظرالى الفقرة 9 فيما يلي! وهذا يقودنا إلى الحديث الشريف التّالي:
حديث صحيح. “نضّرالله امرءا سمع مقالتي فوعاها ثم نقلها كما سمعها، لربما ناقل فقه لمن هوأفقه منه”
3. "بلِّغوا عنّي و لو آية" حديث صحيح.
(يُتْبَعُ)
(/)
”فوعاها ثم نقلها كما سمعها ... “أي فهمها و استوعبها أي حفظها في وعيه أي عقله؛ " ثم نقلها كما سمعها"، أي بلا زيادة ولا إنقاص ولا تحوير (أي تغيير) لنصها وصيغتها! فإذا كان هذا لا بد أن يكون بالنسبة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهوحقّ كل الحق، فكلا م الله من باب أولى، اي لا بد من نقل كلا م الله الى الآخرين بلا زيادة ولا إنقاص ولا تحوير لنصه وصيغته! ذلك أنّ النّص والصيغة مقصودان لذاتهما!
4. خلال الثلاثة القرون الماضية صارت اللغة الأنكلنزية اكثرلغات العالم تداولاً في جميع القارات، وعليه كا ن لا بد من ترجمة القرآن والحديث الصحيح والحسن الى الأنكلنزية ترجمة نصية بلا زيادة ولا إنقاص ولا تحوير (أي تغيير) لنصوصها وصيغها! أنّ نص القرآن وصيغتة والمقصودان لذاتهما هما في منتهى البلاغة ودِّقة البيان، خصوصاً فيما يتعلّق في التعبير بما قل ودلّ! وكذلك الواقع بالنسبة للحديث الصحيح والحسن! وعليه فلا يحق لمن يتشرّف بترجمة أياً منهما، كائناً من كان، أن يزيد أوينقص أويحورأي جزئية منهما! الأمرالمشين أنّه لا توجد ترجمة نصية حتى الآن، أنظر فيما يلي الفقرة 14!
5. أ- كما يعلم الجميع أن "الترجمات" ألإنكلينزية المتداولة، المعروفة بـ "ترجمة معاني القرآن" جميعها، مع اجتهاد اصحابها، جزاهم الله خيراً، لا تصلح، جملة وتفصيلا! لما ذا؟ سأبيِّن بعد قليل إن شاء الله! انظر الفقرة 6 فيما يلي! الترجمة هي: النّقل المقيد لكلام منطوق أومكتوب من لغة إلى أخرى! النقل المقيد أي الملتزم بالنّص وصيغته أمانة للترجمة ولخطيرما يترتب عليها! وحيث أنّ تلك "التراجم" أهملت النّص الكريم وصيغته، و حتمياً لازم ذلك تعو يضاً بحذ ف كلمة أوكلمات مما جاء في القرآن وأضا فة كلمة أوكلمات بما لم يرد فيه، وتحوير كلمة أو كلمات بما لا يتلائم معه، بل أبعد من ذلك كله أتت بنقيض (ضد) ما يقوله القرآن! مثلا عند ما استبد لت (كلها جميعاً) كلمة "نعم" في محل كلمة "بلى"، أينما وجدت كلمة "بلى" في القرآن، وبذلك طبعاً دون قصد أفسدوا بل نقضوا المعنى المراد! مثلاً: الآية 172 من الأعراف: "ألست بربكم، قالوا بلى"! التراجم تلك تقول"ألست بربكم، قالوا نعم"! (نستغفرالله عن ذلك)! واضح أن "بلى" و"نعم" ليستا بنفس المعنى، ولا هما من المترادفات! علماً أنني من الذ ين يجزمون أن ليس في القرآن مترادف البتة!
ب - ومثلاً آخرا، ً ترجموا كلمة "آية" بـ" verse"! إنّ كلمة "آية"تعني: الجملة من القرآن، أو المعجزة، أو الشىء المبهرالذي لا يكاد له نظير، أو البرهان، أو العلامة! و كلمة " verse" تعني جملة من " الكتاب المقدس"، أو بيتاً من الشعر أو شطراً منه! فكيف يتأتى لعربي مسلم يعلم علم اليقين أن ّ الآية لا تمت لـ " الكتاب المقدس" بشىء، لا من قريب و لا من بعيد، و كذلك "الآية" ليست بشعر و لا بشطر منه! فكيف به ينجرف مع التّيّار و يقول كلمة " verse" قاصداً معنى "آية"، تا ركاً بذلك تلك المعاني الجميلة السّامية و المرامي العليّة و الموحية لكلمة "آية"؟
ج - أمّا التقيد بنصوص الأفعال والأسماء والأحرف والصفات في تلك "التراجم" كلها فحد ث ولا حرج! إنّ استعمال القرآن الكريم للأحرف بالذّات، له د قة ودلالات عظيمة! و"ترجماتهم" شىء يؤسف له حقا! فمثلا: "إلى شياطينهم" ترجمت: "مع شياطينهم" والبون شاسع بين هذه وتلك! وقس على ذلك الكثير، الكثير، بل الكل تقريبا! بما أنّ تلك "التراجم" لم تتقيد بالنّص ولا بصيغته، إذاً هي ليست تراجم، بل أقرب ما تكون إلى التفاسير! لا شك أن الذين قاموا بتلك "التراجم" اجتهد وا ما وسعهم إجتهادهم، جزاهم الله خيراً! وليس لنا إلاّ الدعاء لهم، وتصويب العمل بالنسبة لاقد س و أعظم كتب الأرض إطلاقاً!
6. أنك تكاد لا تجد في أي من تلك "التراجم" جملة واحدة من كلمتين فأكثرتطابق ترجمتها النص القرآني المجيد،من حيث: صيغة النّص، الفعل (المبني للمجهول\للمعلوم\المتعدي\اللازم)، الأسم، الحرف، الصفة، بل المعنى وحتى نقيضه، كما سأبين بعد قليل إن شاء الله، وقس على ذلك الكثيرالكثير!
(يُتْبَعُ)
(/)
7. وهذا الواقع المؤسف حقاًّ حد ث لأن جُلّ إن لم يكن كلّ أصحاب تلك "الترجمات" ليسوا من ذوى اللسان العربي ونهجوا نهجاً خاطئاً إن لم يكن فاسداً! والقليل، القليل منهم من ذوي اللسان العربي لم يوفق لأحسن من سواه لأنّهم نهجوا نهج من سبقهم؛ لذ لك تجد "ترجما تهم" ليست بنا قصة الدّ قة فحسب بل إنها كثيرا ما تحيد عن النّص الكريم؛ وذلك (طبعا) جهلا لا عمدا من المترجم؛ إذ لا يمكن أن يُتَصوّرأن يتعمد الخطأ من يتشرف بترجمة القرآن المجيد، مثلا أن يقول: "كتاب لا شك فيه" بدلا من "كتاب لا ريب فيه" أو أن يقول: "ربنا إقبل منا" بدلا من أن يقول: "ربنا تقبّل منا" أو أن يقول: "يَذ بَحُون أبنائكم" بدلا من أن يقول: "يُذَبِّحُون أبنائكم" أوأن يترجم"وأنتم ألأعلون"، بـ "ينبغي أن تكسبوا السيادة عليهم"! أو"وجعلنا بينهما زرعاً" بـ "أجلسنا بينهما حرثاً"، لا حظ التعبير "أجلسنا" وليس، "جعلنا"! بل أدهى من ذلك وأمر بـ "وضعنا بينهما حقول ذرة"! وكلهم لم يوفّق لأحسن مما ذ كر، عفا الله عنهم وأثابهم على اجتهادهم.
8. أ- أنه حقاً لمن المؤسف للإنسان، وصد قاً لمن المخجل للمسلم، و قطعاً لمن المعيب ً للعربي المسلم أن يعيش هذه الحقبة الزمنية الّتى نحن فيها، وخلال الثلاثة القرون الماضية حيث اللغة الإنكلينزية هي لغة التخاطب بين أكثرأهل المعمورة وإنّك لا تجد ترجمة نصية لكتاب الله المجيد بين "التراجم" المتداولة عند النّاس حتى الآن! (انظر الفقرة 14 فيما يلي).
ب – نعم مؤسف للإنسان أن يغيب عنه أضخم كنز فيه خير الدنيا والآخرة، لكل النّاس، ومخجل للمسلم أنه يعلم عن هذا الكنز وقد توانى في إظهاره ومشاركة غيرالمسلمين بما فيه من الخير؛ ومعيب كل العيب، إن لم يكن الإثم كل الإثم، للعربي المسلم الذي يقرأ في هذا الكتاب العظيم، خطاباً له وأمثاله: "لقد أنزلنا اليكم كتاباً فيه ذكركم أفلا تعقلون" (10:ألأنبياء)! أي فيه عزّكم، وشرفكم، ومقامكم بين الأمم! وجملة " أفلا تعقلون" أنكار توبيخي، كما يقول الإمام الألوسي رحمه الله، لحثهم على تد برالقرآن ومقتضيات هذا التدبر! أي كيف بكم أيها العرب الذين آمنوا بالإسلام لا تهبّون نشاطاً في نشركتاب الله وإفهام غيركم بكنوره وخيراته بلغاتهم وبما هم يعقلون ويثمِّنون؟
9. وهنا يبرز العديد من الأسئلة، منها: أين المسلمون في جميع أقطارالأرض من ترجمة نّصية لكتاب الله و أحا ديث رسوله صلى الله عليه وسلم؟ بل أخصّ من ذلك، أين العرب الذين آمنوا برسوله وقرآنه من قوله، سبحانه و تعالى: "وإنّه لذكرٌ لك ولِقومك، وسوف تسئلون" (44:الزخرف)، كما جاء في 2 آنفاً؟ هذا وعد و وعيد من الحق سبحانه وتعالى لهؤلاء المخاطبين! نعم وعد مكررالتأكيد منه سبحانه، ومن أصدق منه قيلا؛ وكذلك هو وعيد ينبغي أن يصكّ ناصية كل مخاطب ويهزفرائصه، ذلك لأنّ مخاطبه هوخالقه، ومسائله! كيف به لم يهبّ مسا رعاً لجعل القرآن نصاً وصيغة و دون [1] دَنِيّة وبمنتهى الدّ قة و الأمانة بين يدي مختلف الشعوب وبلغاتهم؟ و بما أنّ اللغة الانكلنزية هي اكثراللغات تداولاً بين النّاس خلال الثلاثة القرون الماضية، والحال كذلك بالنسبة للمستقبل المنظور، فكان جدير بالمخاطبين هؤلاء ان أوجدوا ترجمة نصيّة خالية الدّنية للقرآن المجيد منذ أمد طويل! ولكنهم لم يفعلوا حتى الآن! الآن فقط اصبحت ترجمة من هذا النوع في متناول الجميع، بإذن الله، انظر الفقرة 14 فيما يلي!
10. قبل أحداث سبتمبر2001 كنت منغمساً في موضوع كتابي: The Future World Order الذي يبحث في الفلسفة والدين والعلم. وبعد أحداث سبتمبر2001 و، كما ذكرت آنفاً، اكتشافي الذي حقاً أذهلني وخيب أملي وهوأنه لا توجد ترجمة نصيّة صحيحة لكتاب الله في أي لغة وبالذات الأنكلنزية! من هنا توكلت عل الله وعكفت على ترجمة نصية وخالية الدنيّة، أن شاء الله لكتاب الله! والحمد لله على الفلاح! انظر الفقرة 14!
(يُتْبَعُ)
(/)
11. أ - عند ما شرعت في مشروع "الترجمة النّصية" لكتاب الله، شعرت بأهمية هذه المهمة الكبرى والمسؤولية العظمى والفريدة الهُولَة! وعليه طبعاً بحثت جاداً، كما ذكرت آنفاً، ملتمساً العون من الله أولاً ثم مِمَّن يستطيع هو بنفسه أو بغيره، الإسهام في هذا المشروع الجليل! و قد نشرت ذلك في ألإنترنت، وغيرها وعليه ظننت أنّي سأغمر بسيل من "المساهمات" من الكثيرين، بالغثّ والسمين! واحتياطاً نوهت لمن أراد المساهمة أن يطّلع على مقالة وجيزة و ضعتها في الإنترنت، حيث قلت في تلك المقالة الآتي: "أخي المشارك أن كنتَ تميّزالفرق بين:
(11 - أ-1) الأب الوالد والأم والوالدة وألإبن والولد و يَذ بَحون و يُذ بِّحون و يقبل ويتقبّل!
(11 - أ-2) "إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِياً"! (11 - أ-3) "وَهَذا لِسَانٌ عَرَبِي"! (11 - أ-4) "وَكَذالِكَ أَنزَلناهُ حُكماً عَرَبِياً"!
(11 - أ-5) و طبعاً هنالك المعنى الشرعى للكلمة، فمثلا "الصلاة" لغة تعني الدعاء، بينما هي شرعاً تعني الوضؤ أوالإغتسال ثم الد خول في الصلاة بـ "الله أكبر" فأداء أركانها وواجباتها ثم الخروج منها بـ "السلأم عليكم و رحمة الله"!
ب - فإن كنتَ تميِّزالفروقات الدقيقة فيما ذكرأعلاه، فلا تبخل علينا بعلمك و فضلك!
إن كلَّ واحد من (11 - أ-1) و (11 - أ-2) و (11 - أ-3) و (11 - أ-4) و (11 - أ-5) يشكل مبدءاً بذاته لترجمة كتاب الله! فكل كلمة أو جملة في كتاب الله يجب أن تترجم في ضوء هذا المبدأ أو ذاك، أي هل الكلمة أوالجملة ينبغي أن تفهم على أنها: أوّلا "قرآناً عربياً"، أوثانياً "لسان عربي" أم ثالثاً "حكماً عربياً" أو رابعاً هناك حكم شرعي يحتم فهماً معيناً لتلك الكلمة أوذلك التعبير!
ج - وطبعاً للوصول الى الحكم الصحيح في هذا الصد د، لا بد من الرجوع الى كتب اللغة: الصرف والنحو، وإلى القواميس المختلفة، ومعاجم التراكيب والأمثال، وإعراب القرآن، وكذلك كتب تفاسيرالقرآن العديدة، كل واحد منها فيه تفسيرمن زاوية أو زوايا معينة، والقرآن الكريم يمد الكلّ غد قاً معيناً! والكل يغترف منه على حسب طاقته وبما آتاه الله من الفهم وقوة ألإستنباط وطاقة البيان!
12. أ- إذاً الترجمة النّصية، تحتم التقيد بما ذكر أعلاه، تقيداً دقيقاً! كيف لا، ونحن بصدد كتاب الله، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، والذي حفظه منزِّله، وفيه الأمروالنهي لشؤون الدنيا والآخرة على أسس علمية سليمة ومنطقية حكيمة، وفوق هذا وذاك، إنّه لشريعة ربّانية من لدن العزيزالحكيم، فلا يجوز الإنقاص ولا الزيادة و لا التحوير في نصوصه و صيغه، ولا حتى بالقليل، و لأنّ كل مفرداته و صيغه مقصودة بذاتها، فلا محيص من الإلتزام كل الإلتزام بذلك، أمانة للنقل، وحفاظاً على عظم المسؤولية، وبغية الحصول على معانيه ومراميه! ذلك لأننا بصد د كلام رب العالمين، ثابت النّص والصيغة و الحمّال لمختلف المعاني لكل العصور وتطور العلوم إلى يوم الدين!
ب - و لتحقيق ما ذكر أعلاه، هناك أربعة مبادىء رئيسة و فروع ثلاثة لها، هي بمثابة نتائج طبيعية و منطقية لتلك المبادىء، أيضاً لا بد من التقيد بتلك الفروع لترجمة القرآن المجيد أو الحديث الصحيح\الحسن! فالمبادىء ألأربعة هي:
(1). مبدأ “إنا جعلناه قرآنا عربيا” ـ (الزخرف:3). أي أنّ كل كلمة في القرآن الكريم لها مفهوم معين بالنسبة للعرب! فعند اللزوم ينبغي الرجوع إلى قواميس اللغة العربية للبت في هذه الكلمة أوتلك!
(2). مبدأ “وهذا لسان عربي” ـ (النحل:103). "اللسان العربي" هو أن تضع كلمة عربية مع أخرى عربية و المعنى يكون ليس هذه ولا تلك! فمثلا: "إبن السبيل"! فإبن السبيل ليس بإبن و ليس با لسبيل! "إبن السبيل" هو: المسافر! ومثلا آخراً: "يأكل لحم أخيه" يعني: يغتابه! فليس هنا ك أكل و لا لحم ولا أخ، بالمعنى الحرفي للكلمة! و هنا يرجع إلى معاجم التراكيب و العبارات والإصطلاحات! القرآن فيه الكثير والكثير من اللسان العربي!
(يُتْبَعُ)
(/)
(3). مبدأ “وكذلك أنزلناه حكما عربيا” ـ[2] (الرعد:37). "حكماً عربياً" أي أنّ نظم القرآن و سياقه يتطابق مع قوانين الصرف والنحو للغة العرب! فمثلاً: " و ما خلقت الجنّ و الإنس إلاّ ليعبد ون" (56:الذاريات)، "تلك الرسل" (253:البقرة)، "لعل الساعة قريب" (17:الشورى)! فبالنسبة لـ "يعبدون"، أين ضمير المتحدُّ ث، و هو الـ "ي"؟ الجواب هو: الـ "ن" في "يعبدون" تسمى نون الوقاية أو العماد، حيث لا يُستَغنى عنها، ووجودها يعني حذ ف الـ "ي" كضمير للمتكلّم! أمّا "تلك الرسل" فكلمة "تلك" هي إشارة للمؤنث، وكلمة "الرسل" مذكّر، فكيف بكلمة "تلك" يشار بها إلى المذكّر؟ الجواب: نعم، لأنّ كلمة "الرسل" هي جمع تكسير، فيشار للرسل بـ "تلك"! أمّا بالنسبة لـ "لعل الساعة قريب" بدلاً من "لعل الساعة قريبة" ذلك لأنّ المرمى المقصود هو: البعث أو وقت الساعة أو وقوع الساعة! و كل من البعث و الوقت و الوقوع مذكّر! و لمعرفة كل ما ذكر في هذا الصد د ينبغي الرجوع إلى كتب إعراب القرآن و أمثاله، كـ "الدّ ر المصون" لـ الحلبي!
(4). مبدأ المعنى الشرعي للكلمة، فمثلا:الصلاة لغة تعني الدعاء أما شرعاً فهي الاغتسال أوالوضوء والدخول فيها بتكبيرة الإحرام والخروج منها بـ “السلام عليكم ورحمة الله”. و طبعاً لا بد من الرجوع إلى جمع من التفاسير المعتمدة، كل يفسِّر من وجهة معينة، و لا ضير، إذ كل يفسّر بقدر ما آتاه الله من الفهم و العلم و قوة الإستنباط والبيان! و القرآن معين لا ينضب، يمد الكل غدقاً!
(5). أمّا الفروع الثلاثة، التي لا تنفك عن تلك المبادىء، حيث هي نتائج طبيعية و منطقية لها، فهي الآتي:
(5 - أ) أكلنزة الكلمة. اللغة العربية بطبيعتها بنائية منطقية، أي أنّك في الأغلب تبني الكلمة و مشتقاتها على أساس منطقي، على خلاف اللغة الإنكلينزية، التى في غالبها صمّاء، أي بلا جذ ور قابلة للتصريف و اشتقاق الفعل المناسب و الإسم المطلوب! ففي الإنكلينزية من الصعب إيجاد إسم الفاعل و من الأصعب جداً إيجاد إسم المفعول! أمّا في العربية فيسهل إشتقاق إسم المفعول به والمفعول فيه و المفعول معه و المفعول لأجله و قس على ذلك! كذلك فإن اللغة العربية غنية جداً بالمفردات الدقيقة، التي تصور المقصود بدقة متناهية، خصوصاً بالنسبة لمفردات القرآن، التي غير اللّبيب يرى بعضها من المترادف و ليس الإمر كذلك! فعند الترجمة، كثيراً ما يواجه المترجم صعوبة، إن لم تكن إستحالة إيجاد المفردة المنا سبة في الإنكلينزية لما يقابلها في العربية! ففي حلة الإستحالة لا بد من أكلنزة الكلمة، إي أن تكتَب الكلمة العربية بالأحرف الإنكلينزية معكوفة و بين قوسين يشرح المقصود! مثلاً كلمة "بعل"! لا توجد في الإنكلينزية كلمة مقابلة! فإذا أردت أن تترجم: "هذا بعلي"! تقول:
This (is) my ba’al (master/owner/husband)[3]
وكلمة " is" غير موجودة في النص القرآني، فمن أين جئنا بها؟ جئنا بها لأنّ الصيغة السّويّة للجملة بالإنكلينزية لا تستقيم إلاّ بها! و عليه فكلمة " is" وضعت بين قوسين و بأحرف معكوفة لتبيا ن أنّ كلّ ما بين قوسين هو ليس من النص القرآني، و لكن اقتضته سلامة النّص في اللغة الإنكلينزية فحسب!
(5ـ ب) تذكير و تأنيث الكلمة! في العربية كل كلمة إمّا مذكّر أو مؤنث! أمّا في الإنكلينزية فالكلمة حيادية، أي لا مذكّر و لا مؤنث، إلاّ ما ند ر بالنسبة لحفنة من الضمائر! فلتذكير و تأنيث الكلمة في الإنكلينزية كي تحاكي مقابلها في العربية لا بد من ترميز الكلمة الإنكلينزية! مثلا: الشجرة= tree w، و القلم= pen x. فكل كلمة إنكلينزية عليها رمز " w" تكون لتأنيث الكلمة المعنية، و تذكير الكلمة يتم برمز " x" عليها!
(يُتْبَعُ)
(/)
(5ـ ج) تحد يد الضمائر! كما ذكرنا آنفاً في الإنكلينزية الكلمة حيادية! مثلا كلمة: you، تصلح لأنت، و أنتم، و أنتِ، و أنتنّ! و الكلمة في القرآن، الضمير و غيره، محدد و بمنتهى الدّقة، أي لا يمكن اللبس فيه! فمن أجل ذلك رمّزت الضمائر لتحديد هويتها من أوّل نظرة! فمثلا: you s= أنت، و you f= أنتم، you y= أنتِ، you g= ضمير المخاطَب المتّصل، كأن تقول مثلا: إنّك= verily you g، أو الضمير المستتر، كما في: قل= let-say [you s]! و هكذا دواليك [4] لمجموعة أخرى (18) من مختلف الكلمات المرمّزة كفت لأكتناف كل ما يحتاج إليه لكامل ترجمة القرآن الكريم! وبما أنّ هذه الرموزتتكررعلى صفحات هذه الترجمة فسرعان ما يألفها، بل و يستحسنها القارىء، إن شاء الله، لجميل وظيفتها التي تزيل الإلتباس وتحد د بوضوح و من أول وهلة الأمرالمعني! فالحمد لله على هذا الإبتكارالذي سوّى نقصاً في اللغة الإنكلينزية، لتلائم وتحاكي النصوص القرآنية الكريمة! وهوأوّل قاموس من نوعه، فيما اعلم، يعتني بترميز الجنس و الضمائر، وذلك من فضل الله سبحانه وتعالى علي.
13. أ- من المعروف بالبداهة و التجربة أنه لونقل عن أحد ما قولا بالمعنى، لربما أقام الد نيا هذا الأحد ولم يقعدها، إذ أنّه لم يقل هذه الكلمة أوتلك! فكيف بنا أن نترجم كلام الله بـ "المعنى" ونقبل به؟ إنّ تعبير: "ترجمة معاني القرآن" فيه نظر، فكأن للقرآن معان عدة، وهذه ترجمة لها! نعم للقرآن من المعاني ما لا يكاد يُحصى، و لكن هل تلك "الترجمة" أو ما يماثلها ترجمة لتلك المعاني؟ الجواب كالشمس الساطعة! إذ كيف يكون لها ذلك وأسا ساً هي أهملت نصوصه وصيغه، وزادت فيه وأنقصت منه و حورته، بل أدهى من ذلك، دون قصد، جاءت بنقيض ما يقوله القرآن؟ (انطر الفقرة 5 أعلاه)!
ب. الترجمة بالمعنى، لوافترضنا جدلاً صوابها، فإنّها تضل عا لية النّقص وا لدنيّة! ذلك أنّ نصّ و صيغة القرآن حمّالان لمختلف المعاني على مرالعصور وتطورالعلوم إلى أبد الدهر! والترجمة بالمعنى تنقل واحداً من المعاني (على افتراض محالفة التوفيق) بالنسبة للزمن والتطورالعلمي حين وضعت تلك الترجمة بالمعنى! علماً أنّ افتراض التوفيق بعيد المنال في واقع الأمر في أي وقت من الأوقات! هذا أولاً، و ثانياً أين بقية المعاني المحتملة، بل الأكيدة لما يأتي من العصوروالعلوم؟ وثالثاً أين هذا مماّ جاء في حد يث الرسول صلى الله عليه وسلم، في 3 أعلاه؟ رابعاً اجد ربـ " الترجمة بالمعنى" أن تسمّى باسم آخر، مثلا تفسير لبعض معاني القرآن، أوأي تعبيرأخرغيركلمة "ترجمة" إذ أنّ هكذا ترجمة ليست حقاً ترجمة ولا لأحد معاني القرآن، و حتى لو"صدفة" إنطبقت صحة تلك "الترجمة" بالنسبة يسيراليسبر من كلمات القرآن!
ج. الترجمة بالمعنى كما ذكرنا آنفاً تهمل النص الكريم بعينه وتهمل صيغته المعنية لذاتها و هذا أمر مخل ولا يصلح! إنّ النّص والصيغة في القرآن فيهما البلاغة و البيان و الكناية و المجاز! فيهما ألإعجاز اللغوي المنقطع النّظير في كل زمان! وفيهما الإعجاز العلمي في مختلف المجالات و لكل التطوّرات! وهما حمّالان للمعاني المتعددة والمرامي الظاهرة و الخفية على مرالعصور و تطور العلوم! فالقرآن محكم البنيان في اجماله و دقيق الدلالات في تفصيله! و فيه التقديم و التأخير، الذي بدوره يؤدي الى اختلاف المعاني والمرامي، المستوخاة من ذوي الألباب! مثلا: "لا يقد رون على شىء مما كسبوا" (البقرة:264) و"لا يقد رون مما كسبوا على شىء" (إبراهيم:18). أو "مواخر فيه" (النّحل:14) و "فيه مواخر" (فاطر:12)! من كلما ته تؤخذ العقائد و تبنى الأحكام! نظمه فريد يدر بالمعاني و المزيد! ترجمته بـ "المعني" مخلّة بنصه المحفوظ ("و إنّا له لحافظون" الحجر:9)؛ ومفسدة لمعانيه المطلوبة و لمراميه المنشودة! وعليه ترجمته بـ "المعنى" ليست فقط لا تصلح بل ينبغي أن لا تكون أبداً!
(يُتْبَعُ)
(/)
14. الآن وبعد عمل دؤوب وابتكارات جديدة، وتجربة أصيلة، وفقني الله لتحقيقها، أحمد ه وأشكره على ذلك، استغرق كل ذلك حوالي سبعاً من السنين؛ تخلل ذلك اتصالات شخصية بالهاتف وبغيره لجمع غفيرمن الأساتذة "المتخصصين" في أماكن عدة من هذا البلد والعالم، بما في ذلك الكثيرمن المراكزالأسلامية في الولايات المتحدة الإمريكية وأوروبا؛ تبين لي أن ذاك الإحتياط الآنف الذكرلربّما كان هوأحد الموانع، إن لم يكن هوالمانع الرئيس، في عدم مساهمة أي إنسان البتّة، ألاّ أحد أصدقائى، كان معي منذ البداية، الى أوّل شروعي بالتنقيح الأول، جزاه الله خيراً! ومؤخراً أحد الأصدقاء، جزاه الله كل خير، أبدى بعض الملاحظات، التي كان لها طيِّب الأثر والإثراء على جزيئة هنا وهناك من هذه الترجمة!
15. بالإنكلينزية لا تستطيع أن تقول مباشرة بل لا بد من المداورة: صدق أو أحسن أو صبر أو استغفر! المداورة أن تقول: الذي قال الصدق، أو الذي أحسن، أوالذي مارس الصبر، أو الذي طلب الغفران! وأيضاً فإنّ اللغة الإنكلينزية فقيرة جداً في مفرداتها، بالنسبة للعربية، وعليه فدقة التصوير بالكلمة يكون فى غاية الصعوبة، و هذا على نقيض العربية الّتي تتفاقم مفرداتها وتتعاظم معاني تلك المفردات، و عليه د قة التصوير بالكلمة يكون سهل المنا ل، خصوصاً عند من آتاه الله قوة البيان!
16. الكلمة (أوالحرف) بالنسبة للعربية، علماً أنها كثيراً ما تشارك أخواتها فى المعاني العديدة، لكنّها هي وحدها و لا سواها الّتي ترسم و تؤدي المعنى والمرمى لما يراد. فمثلا:
أ. غاب = لم ير بالعين السويّة لأي سبب!
ب. إختفى = لم ير بالعين السويّة من حيث أنّه لا يعرف مكانه!
ج. تَوارى = غاب الى الخلف عن حياء أو خجل!
د. خنس = غاب عن ذِلَّة و هوان!
هـ. غرُب = غاب في مكان بعيد!
و. استتر = غاب و راء حجاب خوفاً أو خجلاً!
ز. وقب = دخل قليلأ قليلأ حتى حجب الرؤية بالظلام!
ح. أفَلَ = غاب لمعانه أو غابت شهرته أو شأنه!
17. وعليه فالكلمات (أوألأحرف) من الجملة هي بمثابة عناصراللوحة الفنية العجيبة المُعجِبة في أطار جميل! فلواستبد لت كلمة أو حرفاً بـ "مرادف" فلأحدثت خدشاً بليغاً في أحسن الأحوال، و الحقيقة أنّك لربّما غيّرت المبنى و طبعاً المعنى و المرمى لما يراد! فالحذرالحذر في هذا الصدد! لذلك فإن ترجمة القرآن بـ "المعنى" مرة أخرى أقول: " لا تصلح بل ينبغي أن لا تكون أبداً!
18. إنّ هذه الترجمة (بأحدث تنقيحاتها 4.1) تحافظ على نصوص القرآن السرمدية الصحة و تحاكيها أمانة ودقة وتوافقاً وحيطة! فلا زيادة ولا إنقاص ولا تحويرلأي كلمة أو جملة في القرآن المجيد، فالحمد لله على ذلك! نعم هذه الترجمة الجديدة للقرآن المجيد إلى اللغة الإنكلينزية هي حقاً، قطعاً و بلا جدالِِ، تا ريخية، وفريدة من نوعها، إذ لم يسبق لها مثيل أبداً، حيث أنها تختلف عن سواها جملة وتفصيلاً!
19. وبهذا فإنّني، مرة أخرى أجدد مطلبي لكل من لديه العلم والمقدرة بنفسه أو بغيره، أن يهب لمراجعة هذه الترجمة لإثرائها صحة ود قة قدرالإمكان، و أنا على أتم الإستعداد بأن أدعوله بخالص الدعاء و بتعويض جهده و وقته بجزيل من المال حسبما يرى هو، إلى عشرة آلاف دولارأمريكي (سبعة و ثلاثين الف و خمسمأة من الريلات السعودية) للساعة الواحدة من وقته، شريطة أن عمله يثري هذه الترجمة صحة ود قة، على أسس و براهين علمية، وليس من باب وجهات النّظر!
20. لقد آن أوان هذه الترجمة منذ أمد بعيد، لكن شاء الله أن لا تتم حتى الآن، و لكنّها تمت و الحمد لله وله الشكر والمنّه، للنشروالإنتشاربإذنه سبحانه و تعالى! وحيث أنّ القرآن الكريم انبثق أولاً من بلد مهبط الوحي، فإنّي أرجو إن شاء الله أن يتم نشروانتشارهذه الترجمة أولأ من بلد مهبط الوحي والقرآن وفي أقرب وقت! و حيث أنّ هذه الترجمة فريدة والأولى من نوعها ومن عمل رجل وفقه الله و أتمّها من بلد مهبط الوحي والقرآن ولغته لغة القرآن، فإنّي أدعو الله أن يتقبّلها و ييسرلها القبول والإستحسان عند أكثر النّاس، وينفع بها الإسلام و المسلمين ويحقق رجائي بخصوصها، بما في ذلك نشروانتشار أحدث تنقيحاتها، التنقيح 4.1، أيضاً من بلد مهبط الوحي والقرآن، وعلى الله التكلان، إنه سميع مجيب!
21. وأخيرأً أرجومن الله ثم ممن يستطيع أن يساهم بشكل أوبآخرفي نشروتوزيع هذه الترجمة خد مة لكتاب الله و خدمة للإسلام و المسلمين أن يسارع مساهماً في هذا الخير، بإذنه تعالى! والسّاعي في الخيركفاعله، كما هومعلوم لدى الجميع! فهبّوا أيها النّاس هبّوا للسعي في هذا العمل المجيد لعلّكم تفلحون!
و فقنا الله جميعاً لما فيه خيرالأسلام والمسلمين وإعلاء كلمة الحق، وعلى رأس ذلك نشروانتشار كتابه المجيد بكل اللغات وبتراجم نصية وصحيحة، والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
المترجم
حرر في: 29\ 08\1430هـ الموافق 20\ 08\2009م عبد العزيز بن فهد المبارك
ملاحظة
الرجاء الذهاب إلى الرابطة الإلكترونية التالية، التي فيها سورة الفاتحة و سورة البقرة كعينة من "الترجمة النصية للقرآن المجيد"! ومن إهم الأمور في هذا الصدد قراءة المقدمة= The Introduction و الـ Prelude الذي يحتوي على قاموس ترميز الجنس والضمائر، إذ بدون هذه القراءة المقترحة فإنّ القراءة المباشرة، سيكون القارىء غيرمهيأ التيئة الضرورية، اي التى لابد منها أولا!
www.qurantranslation.org
- الحواشي --------
[1] أي الخصلة المذ مومة، من كلمة قالها الفاروق عمر بن الخطّاب: "علام نعطي الد ّنَيَّةَ في ديننا"، حديث الحديبية. راجع لسان العرب
[2] انظر إلى القاموس الملحق بهذه الترجمة النّصية للقرآن المجيد لمزيد من التوضيح لمعنى "حكماً عربياً".
[3] تطلق على صنم كانت العرب تعبده في الجاهلية ba’al و أحياناً كلمة
[4] انظر صفحة الكلمات المرمّزة الملحقة بهذه الترجمة للإحاطة بجميع تلك الكلمات المرمّزة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[10 Oct 2009, 07:28 م]ـ
للدكتور كثير من الاستدراكات النافعة على الترجمات الحالية، ولكن مهما يكن من أمر الوصول إلى ترجمة حاسمة بعيد، ولكن الاجتهاد في تحسين دقة الترجمة أمر ممكن جداً وهو المطلوب. ولامناص كذلك من الترجيح في معاني كثير من المفردات، ومتى دخلنا في الترجيح - كما هو الحال مع الألفاظ المشتركة والأضداد (مثال: سامدون) والألفاظ المختلف في قراءتها وما يتبع ذلك من اختلاف في توجيه كل قراءة - دخلنا في عالم الاحتمالات وحسبك أن هذا لوحده يجعل الوصول إلى ترجمة حرفية مستوعبة أمر غير ممكن، أما الترجمة للمعنى فليس هو البديل فحسب بل لا مفر منه، ومن عظمة القرآن أنه امتاز بهذا الثراء على مستويات عدة، واللجوء للترميز صحيح أنه محاولة للإبقاء على النص قدر الإمكان - وقد قال الدكتور:" ... أن يهب لمراجعة هذه الترجمة لإثرائها صحة ود قة قدرالإمكان" - لكنه يضيف عند البعض أو ربما الأغلب شيئاً من الإلغاز، وبعض الناس يضيق ذرعاً بمعاجم اللغة التي تستعمل نظام IPA لكي تفسر النطق لأنه تتطلب إحالة مستمرة، فما بالك بالقرآن. لكن في نهاية المطاف ألمس من حماس الدكتور ومن ملاحظاته الدقيقة أن عنده شيئاً جديداً ومختلف يمكن أن ينقل الترجمة إلى مستويات متقدمة، وهذا ما يشكر عليه وأسأل الله أن يتم له ما أراد على أحسن صورة.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[10 Oct 2009, 08:18 م]ـ
... لذلك أشعر أن معاينة عمل الدكتور ستكشف المزيد حول الترجمة لا سيما إذا استجاب عدد من ذوي الاختصاص وقاموا بمراجعة ما أنجز. لا مانع لدي من مراجعة ما تيسر من الترجمة ودراستها ولكني لا أرغب في هذا إلا مع وجود اثنين آخرين - على الأقل - من أهل الاختصاص معي في هذا الأمر.
يظهر أن الدكتور قد بذل جهداً كبيراً و الحكم على هذا العمل الضخم يحتاج إلى دراسة وافية.
ـ[د. إسلام المازني]ــــــــ[10 Oct 2009, 09:09 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
بارك الله عليكم
هذا الموضوع هام
أعني أصله، وهو الرغبة في تحسين الترجمات المتوافرة
وقد عاينت أغلبها، بل ونتائجها على القراء إبان شرحي لتفسير القرءان الكريم -الفئات التي تعرضت لها البريطانيين والهنود والصينيين والفلبينيين والماليزيين والأمريكان- في مركز تابع لوزراة الأوقاف ولمؤسسة دينية أخرى وفي لقاءات، ومن خلال
تفاعلهم معي وجدت مشكلات كبيرة فقد بنوا عدة مفاهيم واصطلاحات بناء على الترجمات، ولم تربطهم بالقرءان ولم تشعرهم بالفارق بينه وبين جميع الكتب، إلا من حيث مضمون المعلومة في بعض الأحيان
هذا لا ينفي الجهود التي أعلم قدرها لكني أتكلم بالنسبة إلى النتيجة
وأعلم أن الأمثل هو توجههم لتعلم العربية كما كان الحال عبر الزمان
الحقيقة أن الترجمات كانت فقيرة في أحيان كثيرة وخاطئة بتعميمهم إياها في كل مرة يتكرر اللفظ
وعزوت ذلك لرغبتهم في الاختصار والله تعالى أعلم
ولكن تقليص المعني أضر به كثيرا وباتت بتعبير أحدهم
كأنه يقرأ قصيدة مكررة
وبعد الشرح للفاتحة في حلقات-بتوسع مقبول - كان في غاية السرور والأهم أنه شعر أنه يمكنه أن يكمل التحليل لو امتلك المصادر
وقد تواصلت عبر جمعية المترجمين العرب وعبر اتصالات مع بعض الصحفيين المهتمين مع من لهم صلة ببعض وزراء الأوقاف العرب لتمويل مشروع ترجمة موسوعية وليست مختصرة، ترجمة تفسيرية معقولة الحجم
تراعي الصواب والسعة التي تلقيها ظلال اللفظ! وحال المخاطب الغربي! وما جد من مكتشفات علمية في حدود المقبول، وتمزج بين العقل والقلب وبين التفسير الموضوعي الذي يظهر التناسق وبين الخواطر-ولم نجد متحمسا
وكان لدينا نموذج تفسير الفاتحة وجزء من سورة البقرة
ومن السهل تكراره لو تيسر إن شاء الله
وهذا الأمر يحتاج تفرغا بلا شك ونفسا طويلا من مجموعة وأفضل أن تكون على حلقات وليس جلسات
بمعنى أني- على سبيل المثال- أبحث في المظان وأجمع مادتي العربية ثم أترجم -وأتمنى أن يكون صوتيا وكتابيا-بعد بحثي ثم يكون هناك مراجع خبير، ثم مدقق من أهل اللغة التي نترجم إليها ثم جلسة تقييم، وهذا من خلال تجربتي للبدء في المشروع والتي لم يتيسر لها الاكتمال
هذا ولا يفوتني أن تجارب ترجمة تفسير ابن كثير وترجمة تهذيبه للمباركفوري أكرمه الله، وغيرها
(يُتْبَعُ)
(/)
لا تكفي ولا تلائم المخاطب الغربي أبدا
بل ربما تلائم المسلم الأسيوي طالب العلم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Nov 2009, 09:55 م]ـ
ما يزال الموضوع بحاجة إلى مزيد نقاش ومدارسة بين المعنيين بالأمر من الباحثين.
وفي المرفقات مختصر لورقة عمل بعنوان (لمحات حول الترجمة الدينية) للباحثة إيمان علي لاغا.
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[13 Nov 2009, 02:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
الإخوة الأحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت بعضا مما كتب في هذا الموضوع، والذي أؤمن به أن القرآن الكريم، كلام الله سبحانه وتعالى لا يمكن ترجمته إلى أي لغة أخرى لمن أدرك أسرار الألفاظ القرآنية، وشيئا من أسرار القرآن الكريم، فالكل يعلم يقينا بأن القرآن الكريم لم ترد فيه لفظة إلا لمعنى ودلاله، منه ما يدركه عامّة الناس ومنه ما يعلمه الراسخون في العلم؛
ومن أمعن النظر في سورة الفاتحة يجدها تخلو من سبعة أحرف وهي الفاء والجيم والشين والثاء الظاء والخاء والزاي، فكيف سيترجم ذلك إلى اللغات الأخرى، وكيف سيترجم احتواء بعض الآيات لجميع حروف المعجم ((وهذا الأمر في نظري لم يرد في القرآن عبثا))، وهناك أمور في تصوير مخارج الحروف للمعاني القرآنية ما لا يمكن أن تدرك في أي لغة من اللغات الأخرى، حتى في نفس اللغة العربية. فكل لفظ من ألفاظ القرآن الكريم معجز بذاته في موضعه من الآية الكريمة التي ذكر فيها، وهناك الكثير من الأمثلة التي لا يتسع المقال لذكرها هنا.
ثم إن أراد الأستاذ الفاضل ترجمة نص القرآن الكريم كيف سيترجم الآيات الكريمة الآتية نصا؛
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (المائدة:6)
ليس شرطا فيمن يذهب إلى الصلاة أن يكون جالسا ليقوم، ثم المجيء من الغائط معناء القدوم من المكان المنخفض، والتعبير بالملامسة فيه أدب جم والمقصود ليس ظاهر الملامسة ...
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (البقرة:187)
التعبير بالرفث فيه أدب لا تحويه المعاني الأخرى، وما هو الفارق في اللغة الإنجليزية بين الرفث والملامسة و ... ، ثم باشروهن كيف ستترجم حرفيا، والخيط لأبيض والخيط الأسود من الفجر؟؟؟ وهل للفجر خيوط .. وإتمام الصيام لليل هل المقصود به وقت محدد أم الليل مطلقا؟؟؟ تلك حدود الله، الحد لغة الطرف فهل هو المقصود وكيف سيترجم.
(وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً) (الفرقان:7)
هل الاعتراض على أكل الطعام؟؟ أم أن الاعتراض على خروجه؟؟؟ وكيف سيترجم ذلك؟
(وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) (الاسراء:29)
هل النهي عن حركة اليد إلى العنق وبسطها؟؟؟ وكيف سيترجم ذلك حرفيا؟؟؟
وحينما راجعت -وفق فهمي المتواضع للغة الإنجليزية- الرابط السابق لترجمة الحديث الشريف: نضر الله ...
وجدت أن المترجم استخدم العبارة Brightened Allah a [he-] human
وفق ترتيب الكلام في اللغة العربية نفسها.
وإذا اردنا أن نعيد هذه الترجمة إلى اللغة العربية نجد المعنى الآتي:
الله المُبهَج a [ هو] إنسان، وهذا أمر مخالف كل المخالفة للمعنى العربي. فترتيب الكلام في اللغة الإنجليزية ليس على نحو ترتيب الكلام في اللغة العربية، فيحنما نقول برايتند ألله، يكون وصف برايتند لله، وهذا غير صحيح.
ثم لفظة برايتند هي للتنوير أقرب منها للنضرة، والنضرة تحمل معنى الجمال والشباب أكثر منها الإنارة أو غيرها ...
وهذا الموضوع بعامة أقصد الترجمة الحرفية للقرآن الكريم ليس جديدا بل ألفت فيه العديد من المؤلفات التي تقضي بأن الترجمة الحرفية ممتنعة.
والله سبحانه وتعالى أعلم وهو من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد كالو]ــــــــ[13 Nov 2009, 06:20 م]ـ
الترجمة الحرفية للقرآن الكريم مستحيلة عرفاً وشرعاً، أي عدم إمكان وقوعها عرفاً، وحرمة محاولتها شرعاً.
أما استحالتها عرفاً فلها طريقان في الاستدلال:
الطريق الأول:
أن ترجمة القرآن بهذا المعنى تستلزم المحال، وكل ما يستلزم المحال محال، إذ لا بد في تحقيقها من الوفاء بجميع معاني القرآن الأولية (المعاني الأصلية) والثانوية (البلاغية)، وبجميع مقاصد القرآن الثلاثة.
وكل ذلك مفقود في غير العربية، وما كان لبشر أن يحيط بها فضلاً عن أن يحاكيها في كلام له.
الطريق الثاني:
أن ترجمة القرآن بهذا المعنى ادعاء لإمكان وجود مثل للقرآن، وكل مثل للقرآن مستحيل، وفيه تكذيب شنيع لقوله تبارك وتعالى:? قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْءَانِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ?سورة الإسراء: 88.
فنفى الله تعالى المثلية عن القرآن، وتحدى الثقلين، وقرر عجزهم على فرض معاونة بعضهم لبعض، واجتماع قواهم البيانية والعلمية عليها.
أما استحالتها شرعاً فمن عدة وجوه:
1 ـ إن طلب المستحيل العادي حرام، أياً كان هذا الطلب ولو بطريق الدعاء، وأياً كان هذا المستحيل ترجمة أو غير ترجمة، لأنه ضرب من العبث، وتضييع للوقت والمجهود في غير طائل، والله تبارك وتعالى يقول: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) سورة البقرة: 195، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا ضرر ولا ضرار)) رواه الحاكم وابن ماجه، ولقد يعذر بعض الجهلة إذا ظنوا أن بعض المحالات أمور ممكنة فطلبوها، ولكن الذي يحاول ترجمة القرآن بهذا المعنى لا يعذر بحال، لأن القرآن نفسه أعذر حين أنذر.
2 ـ إن محاولة الترجمة تشجع الناس على انصرافهم عن كتاب ربهم، مكتفين ببدل أو أبدال يزعمونها ترجمات له، وعلى مرّ الزمان سيذهب عن الترجمات اسم الترجمة، ويبقى اسم القرآن عَلَماً عليها، وسيقال: هذا قرآن بالإنكليزية، وذاك قرآن بالفارسية، وذلك قرآن بالفرنسية، وهكذا.
ثم إذا امتدّ الزمان، سيجتزئون ويحذفون هذا المتعلق بعد، ويطلقون لفظ (القرآن) على الترجمة، وما لنا نذهب بعيداً؟ فكل الناس يقولون هذه رواية " ماجدولين " لترجمتها العربية والأصل فرنسي، وهذا إنجيل " برنابا " أو إنجيل "مرقس " أو إنجيل " متى " نقول هذا لترجمتها العربية، والأصل غير عربي.
وجاء في ملحق لمجلة الأزهر:
(أن أهالي " جاوة " المسلمين، يقرؤون الترجمة الإفرنجية ويُقرئونها أولادهم، ويعتقدون أن ما يقرؤون هو القرآن الصحيح) (أنظر: مناهل العرفان: 2/ 165.
ولو ذهبنا إلى هذا القول بجواز الترجمة الحرفية، لأصبح لكل قطر من هذه الأقطار الإسلامية وغير الإسلامية قرآن من هذا الطراز، فهل نشك بعد هذا في حرمة كل ما يؤدي إلى صرف الناس عن كتاب الله عز وجل.
3 ـ لو جوّزنا هذه الترجمة، لاستغنى الناس عن القرآن بترجماته، ولتعرّض الأصل العربي للضياع، كما ضاع الأصل العبري للتوراة والإنجيل، وما دام الأصل العربي شاهد الحق قد ضاع، فإن ذلك نكبة كبرى تغري النفوس على التلاعب بدين الله تبارك
وتعالى تبديلاً وتغييراً وتحريفاً، ولا ريب أن كل ما يعرّض الدين للتغيير والتبديل والتحريف، وكل ما يعرّض القرآن للإهمال والضياع، حرام بإجماع المسلمين.
4 ـ إن القرآن الكريم قد اشتمل على نصوص تشريعية ذات طبيعة مرنة، يمكن تفسيرها بطرق مختلفة، وقد اختلفت الصحابة ومن جاء بعدهم في تفسير تلك النصوص، ولا زالت هذه النصوص قابلة للتفسير أيضاً.
ولا بدّ للمترجم عند ترجمته للقرآن أن يتخيّر معنى من المعاني التي يحتملها النص، ويتجاوز بقية المعاني، وبذلك تتعدد التراجم وتختلف، وإذا تعددت الترجمات المختلفة، فسينشأ خلاف حتمي بين صفوف الأمة، أشبه باختلاف اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل.
وهذا الخلاف يصدّع بناء المسلمين ويفرّق شملهم، ويهيئ لأعدائهم فرصة ذهبية للنيل منهم، ويوقظ فتنة عمياء بينهم، فيقول كل طائفة لأخرى: قرآننا خير من قرآنكم، وتقع الفتنة كقطع الليل المظلم، ويخرّون ضحايا هذه الترجمات، بعد أن كانوا إخواناً متحابين يوحّد بينهم القرآن، ويؤلف بينهم الإسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه الفتنة أوجس منها خيفة أمير المؤمنين " عثمان بن عفان " رضي الله عنه، فأمر بحرق جميع المصاحف الفردية، وجمع الأمة على مصحف واحد، هو المصحف العثماني، وأقرّه الصحابة فلم ينكر عليه أحد.
5 ـ إن الأمة الإسلامية قد أجمعت على عدم جواز رواية القرآن بالمعنى، وترجمة القرآن تساوي روايته بالمعنى، ولا فرق بينهما إلا في القشرة اللفظية، فالرواية بالمعنى لغتها لغة الأصل، وهذه الترجمة لغتها غير لغة الأصل، وإذا كانت رواية القرآن بالمعنى غير جائزة إجماعاً، فهذه الترجمة ممنوعة أيضاً قياساً على هذا المجمع عليه.
6 ـ الناس جميعاً على اختلاف أجناسهم وشرائعهم، مسلمين وغير مسلمين، أجمعوا على أن الأعلام لا يمكن ترجمتها، سواء كانت موضوعة لأشخاص من بني آدم أم لأفراد من الحيوان، أم لبلاد وأقاليم، أم لكتب ومؤلفات، فالعلَم أثناء الترجمة ثابت لا يتغيّر، متمتعاً بحصانته العلمية، لا ترزؤه الترجمة شيئاً، وما ذاك إلا لأن واضعي هذه الأعلام قصدوا ألفاظها بذاتها، واختاروها دون سواها للدلالة على مسمياتها.
وفي القرآن الكريم كثير من ذلك، فمنها أسماء السور، وأسماء الأنبياء، وأسماء الأماكن.
7 ـ حلول هذه الترجمات بين المسلمين، يذهب بمقوّم كبير من مقوّمات الأمة، كأمة عزيزة الجانب قوية المنعة.
ولذلك يقول المستشرق " ريسلر ":
(ولما كانت روعة القرآن في أسلوبه، فقد كُتب ليُقرأ ويُتلى بصوت عال، ولا تستطيع أية ترجمة أن تعبر عن فروقه الدقيقة المشبعة بالحساسية الشرقية، ويجب أن نقرأه في لغته التي كتب بها، لنتمكن من تذوّق جمله وقوته وسمو صياغته، ويخلق نثره الموسيقي المسجوع، سحراً مؤثراً في النفس، حيث تزخر الأفكار قوة، وتتوهج الصور نضارة، فلا يستطيع أحد أن ينكر أن سلطانه السحري، وسموه الروحي، يسهمان في إشعارنا بأن محمداً صلى الله عليه وسلم كان ملهماً بجلال الله وعظمته) (أنظر: الحضارة العربية، ريسلر: 13.
ويقول " جيب ":
(لا شك أن تأويل كلمات القرآن إلى لغة أخرى لا يمكن إلا أن يشوهها ويحول الذهب إلى فخّار) (أنظر: الاتجاهات الحديثة في الإسلام، تعريب جماعة من الأساتذة الجامعيين: 30.
ـ[ضياء الرحمن بن صغير أحمد]ــــــــ[13 Nov 2009, 08:44 م]ـ
إلى الإخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الحقيقة أن الترجمة النصية أمر يكاد أن يستحال لعدة أسباب منها أن اللغات الأخرى لا تبلغ مقام العربية في البلاغة والمعاني والتشبيهات وغيرها ومنها عدم وجود الكفاءات العلمية بحيث أن الشخص الذي يجيد العربية شعوراً ومعنى لا يجيد اللغة الأخرى إلا معنى فقط فيقتصر على تعابير معينة
وأنا ولله الحمد والمنة أجيد لغات عدة وأعلم أن الترجمة النصية مستحيلة إلى حد ما لعدم وجود ألفاظ تساوي الألفاظ العربية فمثلاً اللغة الفارسية هي من أبلغ اللغات بعد العربية ومع هذا لا نجد لبعض الألفاظ في القرآن ما نترجم به بالفارسية فنأخذ بالأقرب وبما ما يدل على المقصود أو المعنى ....
وفي الحقيقة هذا الموضوع يحتاج إلى بحث عن حل له ونقاش لما له من أهمية ولما ترتب على عدم الإهتمام به من اختلافات بين علماء المذاهب الأربعة والشعوب أقصد في بلاد العجم على حد علمي فمثلاً أحدهم ترجم كلمة يقصد بها معنى معين لكن نفس الكلمة تحتمل معنى آخر فيأتي آخر من طلبة العلم ويفهمها بالمعنى الثاني فيردّ على هذا المترجم وربما المعنى الآخر يخالف مقصد القرآن وهكذا حصلت إختلافات شنيعة إلى حد أن البعض منهم كفر الآخر مما جعل الشعوب تحتار أمام كثرة الآراء والتعابير على مقصود واحد
والله أنني عندما رأيت هذا النقاش سرني كثيراً وأسأل الله أن يوفقنا إلى خير ولكل مجتهد نصيب والله لا يضيع أجر المحسنين
ـ[ابن مسعود]ــــــــ[13 Nov 2009, 10:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد
فشكر الله للإخوة المشاركين على هذا الموضوع (الترجمة النصية) , وحتى يكون النقاش علميا ومفيدا, أود أن أشير إلى نقاط تكون منطلقا لهذا الموضوع وهي كالتالي:
أولا: ماذا يقصد الدكتور المبارك - ومن يرى برأيه - بمصطلح الترجمة النصية؟
ثانيا: وما الفرق بين الترجمة النصية والحرفية؟
ثالثا: ومن سيقوم بالترجمة النصية التي يراها فضيلة الدكتور؟ وعلى أي شيء سيعتمدون في الترجمة؟
رابعا: ما المرجع الذي يتحاكمون إليه عند الاختلاف في الترجمة؟
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[14 Nov 2009, 01:30 ص]ـ
هذا مثال من ترجمة (ادوارد مونتيه) للقرآن الكريم الى اللغة الفرنسية، نسوقه لبيان استحالة ترجمة النص الكريم ترجمة وافية ودقيقة
فمثلا الآية الأولى من سورة الانشراح: " ألم نشرح لك صدرك " يترجمها الى الفرنسية هكذا:
? N،avans nous pas ouvert ta poitrine
وترجمتها الحرفية: ألم نفتح لك قفصك الصدرى؟!
وهذا لأن معنى الأنشراح لا مقابل له فى الفرنسية
وهذا غيض من فيض، والا فالأمثلة كثيرة على قصور الترجمة وعجزها عن الوفاء بمعنى اللفظ فى العربية
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[14 Nov 2009, 01:33 ص]ـ
لا شك أن الترجمة المتوفرة الآن لا تمت بصلة إلى المعاني الواردة في القرآن الكريم ..
وعندما فتحت الآن كتاب تفسير العشر الأخير من القرآن الكريم المترجم باللغة الفرنسية وفتحت أول صفحة منه وجدته ترجم مثلا قول الله تعالى: "إن الله سميع بصير" هكذا: car Allah entend et voit tout ومن له أدنى إلمام باللغة الفرنسية يعرف الفرق بين المعنيين فترجمة العبارة الفرنسية هي: إن الله يسمع ويرى كل شيء أو الكل.
وهكذا في كثير من الأمثلة في نفس الكتاب ..
والمهم أن ترجمة المعاني لا إشكال فيها، أما ترجمة الألفاظ إلى أي لغة أخرى فلا يحتاج إلى فتوى لأنه مستحيل، ومن يقول بإمكانه فليأت بترجمة آية واحدة إلى أي لغة أخرى بشرط أن تؤدي نفس المعنى إفرادا وتركيبا.
والله تعالى أعلم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jun 2010, 12:57 ص]ـ
أجري مع الأستاذ عبدالعزيز المبارك لقاء في برنامج الشاهد على قناة دليل الفضائية قبل مدة شاهدتُ جزءاً منه، وليت أحد الإخوة يحاول البحث عنه فقد يكون متوفراً على موقع القناة. وأذكره قبل شهر من اليوم أو ما يقارب ذلك.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Jun 2010, 04:32 ص]ـ
أجري مع الأستاذ عبدالعزيز المبارك لقاء في برنامج الشاهد على قناة دليل الفضائية قبل مدة شاهدتُ جزءاً منه، وليت أحد الإخوة يحاول البحث عنه فقد يكون متوفراً على موقع القناة. وأذكره قبل شهر من اليوم أو ما يقارب ذلك.
هذا هو الرابط:
http://www.youtube.com/results?search_query=%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9+%D8% AF%D9%84%D9%8A%D9%84+%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%8 7%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83&aq=f
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Jun 2010, 05:30 ص]ـ
ومن الأمثلة التي انتقدها الأستاذ المبارك قوله تعالى:
(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ) سورة الأعراف (172)
ترجمها يوسف علي كالتالي:
When thy Lord drew forth from the Children of Adam - from their loins - their descendants, and made them testify concerning themselves, (saying): "Am I not your Lord (who cherishes and sustains you)?"- They said: "Yea! We do testify!" (This), lest ye should say on the Day of Judgment: "Of this we were never mindful":
ومأخذ الأستاذ المبارك على ترجمة يوسف علي أنه هنا استخدم "نعم" مكان "بلى" فأثبت النفي وهذا غير المعنى في نظره. وعزا هذا الخطأ إلى قصور عند المترجم في فهم النص الأصلي لأنه غير عربي.
ولقد وجدت الدكتور محمد تقي الدين الهلالي مع الدكتور محسن خان ترجما الآية بنفس الطريقة:
. And (remember) when your Lord brought forth from the Children of Adam, from their loins, their seed (or from Adam's loin his offspring) and made them testify as to themselves (saying): "Am I not your Lord?" They said: "Yes! We testify," lest you should say on the Day of Resurrection: "Verily, we have been unaware of this."
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[07 Jun 2010, 06:46 ص]ـ
لقد استمعت إلى الأستاذ المبارك
وأرى أنه مصيب في ما ذهب إليه
أن الترجمة النصية " الحرفية" أي كلمة كلمة ممكنه.
ومشكلة المفردات التي تحتمل أكثر من معنى حلها هو بذكر الترجمة لكل معنى في اللغة المقابلة.
أما التراكيب أو المصطلح القرآني مثل " الخيط الأبيض" و " الخيط الأسود" ونحو ذلك فيمكن بيان المراد منها.
أما ترجمة النص بالمعنى فهناك إشكالية كبيرة وهي الحاجة إلى اتفاق أهل اللغة الأصلية على معنى واحد وهذا من المستحيل.
إذا ليس هناك إلا الترجمة الحرفية الدقيقة مع ترجمة التفاسير وأعتقد أن هذا هو الأنسب وأيضا هو الواقع، وها نحن نرى كثيرا من معتنقي الإسلام من غير الناطقين بالعربية يفهمون القرآن والدين الإسلامي وأحكامه بصورة صحيحة ولله الحمد.
مسألة هل الترجمة الحرفية قرآن؟
نقول لا ليست قرآنا وإنما هي ترجمة يفهم منها المراد.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[07 Jun 2010, 07:15 ص]ـ
جزاكم الله خيرا موضوع مهم عله يشجع القائمين على الترجمة الى توخي الدقة في ذلك.
واشبه طلب د. عبد العزيز بمن يطلب تفسير موحد ,كيف والمفسرين مختلفين؟
مشكلة الترجمة متعلقة بعناصر رئيسية وهي:
المترجم:ويجب أن يكون ملما باللسان العربي واللسان الأعجمي لما يترجم له, ثم يجب أن يكون على دراية كافية فيما يترجم له , وأن يختار اللفظ المقابل الي يؤدي المعنى بأتم وجه.
النص: وذلك يتعلق بتوفر المعاني المقابلة في اللسان الأخر ,والتي تؤدي نفس المعنى, بحيث لو قام بإعادة الترجمة عكسيا أعطت نفس المعنى
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ [النحل/103] فلو كانت مجرد ترجمة للمعاني لما كانت حجية اللسان عليهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم خالد البراهيم]ــــــــ[19 Jun 2010, 04:52 م]ـ
من خلال خبرة لا بأس بها في اللغة الانجليزيَّة: لا يمكن ترجمة نص القرآن إلى هذه اللغة، والله أعلم.
ـ[موفق محمد دخل الله]ــــــــ[19 Jun 2010, 09:46 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 Jun 2010, 01:45 ص]ـ
رأيتُ حلقة الشاهد،وألخص رأيي في نقطتين:
الأولى: أن أصل فكرة الدكتور هي فكرة شريفة جداً وهي أوسع من المجال الذي أثارها فيه وهي جزء من الخلل الواقع في منهجية تفسير النصوص أعني: خطأ الاعتماد في تفسير اللفظة المفردة على ذكر لفظة أخرى يُظن أنها تساويها أو تقاربها مقاربة تصلح لإبراز معنى اللفظة المفسرة ..
هذه الطريقة طريقة غير صالحة وهي من أسباب الخلل في تفسير النصوص سواء كان التفسير من لغة للغة أو داخل اللغة نفسها ..
الثانية: أن الدكتور يغلو كثيراً في توصيف خطأ الترجمات وأثره، فالذي أراه أن هذا الخطأ المبني على الخلل في منهجية الترجمة وموازاة الألفاظ = ليس بالمحل الذي يكون خطراً على الدين والدعوة بل الأمر ما دام داخل دائرة الأمثلة المذكورة=فهو أهون من ذلك، وإن كان يحتاج لتصحيح ..
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[21 Jun 2010, 11:45 ص]ـ
لقد استمعت إلى الأستاذ المبارك
وأرى أنه مصيب في ما ذهب إليه
أن الترجمة النصية " الحرفية" أي كلمة كلمة ممكنه.
ومشكلة المفردات التي تحتمل أكثر من معنى حلها هو بذكر الترجمة لكل معنى في اللغة المقابلة.
أما التراكيب أو المصطلح القرآني مثل " الخيط الأبيض" و " الخيط الأسود" ونحو ذلك فيمكن بيان المراد منها.
أما ترجمة النص بالمعنى فهناك إشكالية كبيرة وهي الحاجة إلى اتفاق أهل اللغة الأصلية على معنى واحد وهذا من المستحيل.
إذا ليس هناك إلا الترجمة الحرفية الدقيقة مع ترجمة التفاسير وأعتقد أن هذا هو الأنسب وأيضا هو الواقع، وها نحن نرى كثيرا من معتنقي الإسلام من غير الناطقين بالعربية يفهمون القرآن والدين الإسلامي وأحكامه بصورة صحيحة ولله الحمد.
مسألة هل الترجمة الحرفية قرآن؟
نقول لا ليست قرآنا وإنما هي ترجمة يفهم منها المراد.
هل حقا يفهم من المراد من الترجمة الحرفية!!!!!!!!!!! أعتقد أن هذا بعيد.
والقرآن كما هو معلوم لفظ ومعني ولا بد من فهم التركيب لفهم المعني.
رأيتُ حلقة الشاهد،وألخص رأيي في نقطتين:
الأولى: أن أصل فكرة الدكتور هي فكرة شريفة جداً وهي أوسع من المجال الذي أثارها فيه وهي جزء من الخلل الواقع في منهجية تفسير النصوص أعني: خطأ الاعتماد في تفسير اللفظة المفردة على ذكر لفظة أخرى يُظن أنها تساويها أو تقاربها مقاربة تصلح لإبراز معنى اللفظة المفسرة ..
هذه الطريقة طريقة غير صالحة وهي من أسباب الخلل في تفسير النصوص سواء كان التفسير من لغة للغة أو داخل اللغة نفسها ..
الثانية: أن الدكتور يغلو كثيراً في توصيف خطأ الترجمات وأثره، فالذي أراه أن هذا الخطأ المبني على الخلل في منهجية الترجمة وموازاة الألفاظ = ليس بالمحل الذي يكون خطراً على الدين والدعوة بل الأمر ما دام داخل دائرة الأمثلة المذكورة=فهو أهون من ذلك، وإن كان يحتاج لتصحيح ..
كلام حسن.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[21 Jun 2010, 12:52 م]ـ
هل حقا يفهم من المراد من الترجمة الحرفية!!!!!!!!!!! أعتقد أن هذا بعيد.
والقرآن كما هو معلوم لفظ ومعني ولا بد من فهم التركيب لفهم المعني.
.
النقاش:
هل الترجمة الحرفية ممكنة؟
الجواب: نعم
هل تودي الغرض؟
نقول ربما أدت الغرض ـ وهو ترجمة معاني مفردات القرآن ـ إذا كانت الترجمة دقيقة بحيث تكون المفردة في اللغة المترجم إليها تعبر عن المعنى المراد للمفردة في القرآن الكريم.
أما ترجمة القرآن بالمعنى فهي ليست ترجمة للنص القرآني وإنما هي ترجمة فهم المترجم أو المفسر للقرآن وليس ترجمة لمفردات القرآن وتراكيبه، وبينهما فرق.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[22 Jun 2010, 09:37 م]ـ
بعد قراءتي لكتاب "تقويم اللسانين" للشيخ تقي الدين الهلالي رح1 ورفع درجته، وجدته أشار في بعض مقالاته إلى نماذج من الأخطاء التي وقعت لبعض المترجمين لمعاني القرآن في بعض اللغات، وهو بصير باللغة الإنجليزية والفرنسية والجرمانية (كما يسميها الشيخ ويرى أنها الصواب وأن قولنا: الألمانية خطأ)، فمن أراد أن يستقرئ ذلك، فلعله يستفيد مما سطرته يراعة الشيخ رح1.
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[25 Jun 2010, 05:46 م]ـ
النقاش:
هل الترجمة الحرفية ممكنة؟
الجواب: نعم
هل تودي الغرض؟
نقول ربما أدت الغرض ـ وهو ترجمة معاني مفردات القرآن ـ إذا كانت الترجمة دقيقة بحيث تكون المفردة في اللغة المترجم إليها تعبر عن المعنى المراد للمفردة في القرآن الكريم.
أقصد هل يفهم مراد الله سبحانه وتعالي من خلال الترجمة الحرفية، وفهم المراد هو المقصود من إنزال
القرآن؟!!!!!!!!!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمرو الشرقاوي]ــــــــ[25 Jun 2010, 05:50 م]ـ
أما ترجمة القرآن بالمعنى فهي ليست ترجمة للنص القرآني وإنما هي ترجمة فهم المترجم أو المفسر للقرآن وليس ترجمة لمفردات القرآن وتراكيبه، وبينهما فرق.
كلام أكثر من رائع.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[20 Jul 2010, 06:50 ص]ـ
موضوع مهم حقاً.
هل من نتيجة نهائية للموضوع بالنسبة للدكتور المبارك؟
لماذا لا يدرس الموضوع دراسة علمية من طرف المتخصصين في القرآن وعلومه مع الدكتور المبارك ثم يخرج برأي علمي إما بصلاحيته أو عدمها. لأنني لاحظت أنه في لقاءه هذا ذهب إلى غير معنيين بالموضوع بشكل دقيق.
في انتظار جواب المشايخ(/)
(أحسن القصص) ما المراد بها؟؟؟
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[05 Sep 2009, 07:44 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
إخواني الفضلاء
كنت اقرأ سورة يوسف وفي فهمي القاصر أنها أحسن القصص القرآني على الإطلاق ولكنني قرأت كلاما لشيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله يخالف هذا!!!!!
أرجو من الفضلاء توضيح الأمر المشكل علي
جزاكم الله خيرا
قال شيخ الإسلام ابن تيمة في الجزء السابع عشر:
((والذين يجعلون قصة يوسف أحسن القصص منهم من يعلم أن [القَصَصَ]ـ بالفتح ـ هو النبأ والخبر، ويقولون: هي أحسن الأخبار والأنباء، وكثير منهم يظن أن المراد: أحسن القِصَص ـ بالكسر ـ وهؤلاء جهال بالعربية، وكلا القولين خطأ، وليس المراد بقوله: {أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: 3]، قصة يوسف وحدها، بل هي مما قصه الله، ومما يدخل في أحسن القصص؛/ولهذا قال تعالى في آخر السورة {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إليهم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأولى الأَلْباب مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 109: 111] فبين أن العبرة في قصص المرسلين، وأمر بالنظر في عاقبة من كذبهم، وعاقبتهم بالنصر.
ومن المعلوم أن قصة موسى وما جري له مع فرعون وغيره، أعظم وأشرف من قصة يوسف بكثير كثير؛ ولهذا هي أعظم قصص الأنبياء التي تذكر في القرآن، ثناها الله أكثر من غيرها، وبسطها وطولها أكثر من غيرها، بل قصص سائر الأنبياء ـ كنوح وهود وصالح وشعيب وغيرهم من المرسلين ـ أعظم من قصة يوسف؛ ولهذا ثني الله تلك القصص في القرآن ولم يثن قصة يوسف؛ وذلك لأن الذين عادوا يوسف لما يعادوه على الدين، بل عادوه عداوة دنيوية، وحسدوه على محبة أبيه له وظلموه، فصبر واتقي الله، وابتلي ـ صلوات الله عليه ـ بمن ظلمه وبمن دعاه إلى الفاحشة، فصبر واتقي الله في هذا وفي هذا، وابتلي أيضًا بالملك، فابتلي بالسراء والضراء فصبر واتقي الله في هذا وهذا، فكانت قصته من أحسن القصص، وهي/أحسن من القصص التي لم تقص في القرآن، فإن الناس قد يظلمون ويحسدون ويدعون إلى الفاحشة ويبتلون بالملك، لكن ليس من لم يذكر في القرآن ممن اتقي الله وصبر مثل يوسف، ولا فيهم من كانت عاقبته أحسن العواقب في الدنيا والآخرة مثل يوسف.
وهذا كما أن قصة أهل الكهف وقصة ذي القرنين كل منهما هي في جنسها أحسن من غيرها. فقصة ذي القرنين أحسن قصص الملوك، وقصة أهل الكهف أحسن قصص أولياء الله الذين كانوا في زمن الْفِتْرَةِ.
فقوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عليكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: 3] يتناول كل ما قصه في كتابه، فهو أحسن مما لم يقصه، ليس المراد أن قصة يوسف أحسن ما قص في القرآن. وأين ما جري ليوسف مما جري لموسى ونوح وإبراهيم وغيرهم من الرسل؟! وأين ما عودي أولئك مما عودي فيه يوسف؟! وأين فضل أولئك عند الله وعلو درجتهم من يوسف ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ؟ وأين نصر أولئك من نصر يوسف؟ فإن يوسف كما قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 56]، وأذل الله الذين ظلموه ثم تابوا، فكان فيها من العبرة أن المظلوم المحسود إذا صبر واتقي الله، كانت له العاقبة، وأن الظالم الحاسد قد/ يتوب الله عليه ويعفو عنه، وأن المظلوم ينبغي له العفو عن ظالمه إذا قدر عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبهذا اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة لما قام على باب الكعبة وقد أذل الله له الذين عادوه وحاربوه من الطلقاء ـ فقال: (ماذا أنتم قائلون؟) فقالوا: نقول: أخ كريم، وابن عم كريم. فقال: (إني قائل لكم كما قال يوسف لإخوته: {لاَ تَثْرَيبَ عليكُمُ اليوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف: 92]). وكذلك عائشة لما ظُلِمَتْ وافْتُري عليها وقيل لها: إن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه، فقالت في كلامها: أقول كما قال أبو يوسف: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18]. ففي قصة يوسف أنواع من العبرة للمظلوم والمحسود والمبتلي بدواعي الفواحش والذنوب وغير ذلك.
لكن أين قصة نوح وإبراهيم وموسى والمسيح ونحوهم ممن كانت قصته أنه دعا الخلق إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فكذبوه وآذوه وآذوا من آمن به؟! فإن هؤلاء أوذوا اختيارًا منهم لعبادة الله فعودوا، وأوذوا في محبة الله وعبادته باختيارهم، فإنهم لولا إيمانهم ودعوتهم الخلق إلى عبادة الله لما أوذوا، وهذا بخلاف من أوذي بغير اختياره، كما أُخِذ يوسف من أبيه بغير اختياره؛ ولهذا كانت محنة يوسف بالنسوة وامرأة العزيز، واختياره السجن على معصية الله، /أعظم من إيمانه، ودرجته عند الله وأجره من صبره على ظلم إخوته له؛ ولهذا يعظم يوسف بهذا أعظم مما يعظم بذلك؛ ولهذا قال تعالى فيه: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24].
وهذا كالصبر عن المعاصي مع الصبر على المصائب، فالأول أعظم وهو صبر المتقين أولياء الله. قال سهل بن عبد الله التُّسْتَري: أفعال البر يفعلها البر والفاجر، ولن يصبر عن المعاصي إلا صِدِّيق، ويوسف ـ صلوات الله عليه ـ كان صديقًا نبيًا. وأما من يظلم بغير اختياره ويصبر فهذا كثير، ومن لم يصبر صَبْر الكرام سَلا سَلْوَ البهائم، وكذلك إذا مكن المظلوم وقهر ظالمه فتاب الظالم وخضع له، فعفوه عنه من المحاسن والفضائل، لكن هذا يفعله خلق كثير من أهل الدين وعقلاء الدنيا، فإن حلم الملوك والولاة أجمع لأمرهم وطاعة الناس لهم وتاليفهم لقلوب الناس، وكان معاوية من أحلم الناس، وكان المأمون حليمًا حتى كان يقول: لو علم الناس محبتي في العفو تقربوا إلى بالذنوب؛ ولهذا لما قدر على من نازعه في الملك ـ وهو عمه إبراهيم بن المهدي ـ عفا عنه.
وأما الصبر عن الشهوات والهوى الغالب لله، لا رجاء لمخلوق ولا خوفًا منه، مع كثرة الدواعي إلى فعل الفاحشة. واختياره الحبس الطويل على ذلك كما قال يوسف: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إلى مِمَّا يَدْعُونَنِي إليه} [يوسف: 33]، فهذا لا يوجد نظيره إلا في خيار عباد الله الصالحين، وأوليائه/المتقين، كما قال تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24]، فهذا من عباد الله المخلصين الذين قال الله تعالى فيهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عليهمْ سُلْطَانٌ} [الحجر: 42]؛ ولهذا لم يصدر من يوسف ـ الصديق ـ ذنب أصلاً، بل الهم الذي هَمَّ به لما تركه لله كتب له به حسنة؛ ولهذا لم يذكر عنه سبحانه توبة واستغفارًا، كما ذكر توبة الأنبياء كآدم وداود ونوح وغيرهم، وإن لم يذكر عن أولئك الأنبياء فاحشة ولله الحمد، وإنما كانت توباتهم من أمور أخر هي حسنات بالنسبة إلى غيرهم؛ ولهذا لا يعرف ليوسف نظير فيما ابتلي به من دواعي الفاحشة وتقواه وصبره في ذلك، وإنما يعرف لغيره ما هو دون ذلك، كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (سبعة يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل مُعَلَّق قلبه بالمسجد إذا خرج حتى يعود إليه، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كان الصبر على الأذي لئلا يفعل الفاحشة أعظم من صبره على ظلم إخوته، فكيف بصبر الرسل على أذي المكذبين لئلا يتركوا ما أمروا به من دعوتهم إلى عبادة الله وحده، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن/ المنكر؟! فهذا الصبر هو من جنس الجهاد في سبيل الله، إذ كان الجهاد مقصودًا به: أن تكون كلمة الله هي العليا وأن الدين كله لله، فالجهاد والصبر فيه أفضل الأعمال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) وهو حديث صحيح رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه، وهو من حديث معاذ بن جبل الطويل، وهو أحب الأعمال إلى الله. فالصبر على تلك المعصية صبر المهاجر الذي هجر ما نهي عنه، وصبر المجاهد الذي جاهد نفسه في الله وجاهد عدو الله الظاهر والباطن، والمهاجر الصابر على ترك الذنب إنما جاهد نفسه وشيطانه، ثم يجاهد عدو الله الظاهر؛ لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله، صبر المظلوم وصبر المصاب.
لكن المصاب بمصيبة سماوية تصبر نفسه ما لا تصبر نفس من ظلمه الناس، فإن ذاك يستشعر أن الله هو الذي فعل به هذا، فتيأس نفسه من الدفع والمعاقبة وأخذ الثأر، بخلاف المظلوم الذي ظلمه الناس، فإن نفسه تستشعر أن ظالمه يمكن دفعه وعقوبته وأخذ ثأره منه، فالصبر على هذه المصيبة أفضل وأعظم كصبر يوسف ـ صلوات الله عليه وسلامه ـ وهذا يكون لأن صاحبه يعلم أن الله قدر ذلك فيصبر على ذلك كالمصائب السماوية، ويكون أيضًا لينال ثواب الكاظمين الغيظ والعافين عن/الناس والله يحب المحسنين، وليسلم قلبه من الغل للناس، وكلا النوعين يشترك في أن صاحبه يستشعر أن ذلك بذنوبه، وهو مما يكفر الله به سيئاته ويستغفر ويتوب، وأيضًا فيري أن ذلك الصبر واجب عليه، وأن الجزع مما يعاقب عليه، وإن ارتقي إلى الرضا، رأي أن الرضا جنة الدنيا، ومستراح العابدين، وباب الله الأعظم، وإن رأي ذلك نعمة لما فيه من صلاح قلبه ودينه وقربه إلى الله، وتكفير سيئاته وصونه عن ذنوب تدعوه إليها شياطين الإنس والجن شكر الله على هذه النعم.
فالمصائب السماوية والآدمية تشترك في هذه الأمور، ومعرفة الناس بهذه الأمور وعلمهم بها، هو من فضل الله يمن به على من يشاء من عباده؛ ولهذا كانت أحوال الناس في المصائب وغيرها متباينة تباينًا عظيمًا، ثم إذا شهد العبد القدر وأن هذا أمرًا قدره الله وقضاه وهو الخالق له، فهو مع الصبر يسلم للرب القادر المالك الذي يفعل ما يشاء وهذا حال الصابر، وقد يسلم تسليمه للرب المحسن المدبر له بحسن اختياره الذي: (لا يقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له: إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له) كما رواه مسلم في صحيحه عن صهيب عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا تسليم راض لعلمه بحسن اختيار الله له، وهذا يورث الشكر. وقد يسلم تسليمه للرب المحسن إليه المتفضل عليه بنعم عظيمة، وإن لم/ ير هذا نعمة، فيكون تسليمه تسليم راض غير شاكر، وقد يسلم تسليمه لله الذي لا إله إلا هو المستحق لأن يعبد لذاته، وهو محمود على كل ما يفعله، فإنه عليم حكيم رحيم، لا يفعل شيئًا إلا لحكمة، وهو مستحق لمحبته وعبادته وحمده على كل ما خلقه، فهذا تسليمُ عبدٍ عابدٍ حامدٍ، وهذا من الحمادين الذين هم أول من يُدْعَى إلى الجنة، ومن بينهم صاحب لواء الحمد، وآدم فمن دونه تحت لوائه، وهذا يكون القضاء خيرًا له ونعمة من الله عليه.
لكن يكون حمده لله ورضاه بقضائه من حيث عرف الله وأحبه وعبده، لاستحقاقه الألوهية وحده لا شريك له، فيكون صبره ورضاه وحمده من عبادته الصادرة عن هذه المعرفة والشهادة، وهذا يشهد بقلبه أنه لا إله إلا الله، والإله عنده هو المستحق للعبادة، بخلاف من لم يشهد إلا مجرد ربوبيته ومشيئته وقدرته، أو مجرد إحسانه ونعمته، فإنهما مشهدان ناقصان قاصران، وإنما يقتصر عليهما من نقص علمه بالله وبدينه الذي بعث به رسله وأنزل به كتبه؛ كأهل البدع من الجهمية والقدرية الجبرية والقدرية المعتزلة، فإن الأول مشهد أولئك، والثاني مشهد هؤلاء، وشهود ربوبيته وقدرته ومشيئته مع شهود رحمته وإحسانه وفضله مع شهود إلهيته ومحبته ورضاه وحمده والثناء عليه ومجده، هو مشهد أهل العلم والإيمان من أهل السنة والجماعة التابعين بإحسان/
(يُتْبَعُ)
(/)
للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار. وهذه الأمور لبسطها موضع آخر.
والمقصود هنا أن هذا يكون للمؤمن في عموم المصائب، وما يكون بأفعال المؤمنين فله فيه كظم الغيظ والعفو عن الناس. ويوسف ـ الصديق صلوات الله عليه ـ كان له هذا، وأعلى من ذلك الصبر عن الفاحشة مع قوة الداعي إليها، فهذا الصبر أعظم من ذلك الصبر، بل وأعظم من الصبر على الطاعة؛ ولهذا قال سبحانه في وصف المتقين الذين أعد لهم الجنة: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران 133: 136].
فوصفهم بالكرم والحلم وبالإنفاق وكظم الغيظ والعفو عن الناس، ثم لما جاءت الشهوات المحرمات وصفهم بالتوبة منها فقال: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ} [آل عمران: 135]، فوصفهم بالتوبة منها وترك الإصرار عليها لا بترك ذلك بالكلية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: (كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فالعينان تزنيان وزناهما النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واللسان يزني وزناه المنطق، واليد تزني وزناها البطش، والرِّجْلُ تزني وزناها المشي، والقلب يتمنى ويشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه). وفي الحديث: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون). فلابد للإنسان من مقدمات الكبيرة، وكثير منهم يقع في الكبيرة فيؤمر بالتوبة، ويؤمرون ألا يصروا على صغيرة، فإنه [لا صغيرة مع إصرار، ولا كبيرة مع استغفار].
ويوسف صلى الله عليه وسلم صبر على الذنب مطلقًا، ولم يوجد منه إلا هَمٌّ تركه لله كتب له به حسنة. وقد ذكر طائفة من المفسرين أنه وجد منه بعض المقدمات، مثل حل السراويل والجلوس مجلس الخاتن ونحو ذلك، لكن ليس هذا منقولاً نقلاً يصدق به، فإن هذا لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومثل هذه الإسرائيليات إذا لم تنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعرف صدقها؛ ولهذا لا يجوز تصديقها ولا تكذيبها إلا بدليل، والله تعالى يقول في القرآن: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء} [يوسف: 24]، فدل القرآن على أنه صرف عنه السوء /والفحشاء مطلقًا، ولو كان قد فعل صغيرة لتاب منها. والقرآن ليس فيه ذكر توبته. ومن وقع منه بعض أنواع السوء والفحشاء لم يكن ذلك قد صرف عنه، بل يكون قد وقع وتاب الله عليه منه، والقرآن يدل على خلاف هذا. وقد شهدت النسوة له أنهن ما علمن عليه من سوء، ولو كان قد بدت منه هذه المقدمات، لكانت المرأة قد رأت ذلك، وهي من النسوة اللاتي شهدن وقلن: {مَا عَلِمْنَا عليه مِن سُوءٍ} [يوسف: 51]، وقالت مع ذلك: {وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ فَاسَتَعْصَمَ} [يوسف: 32]، وقالت {أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف: 51]، وقوله: [سوء] نكرة في سياق النفي، فدل ذلك على أن المرأة لم تر منه سوءًا، فإن الهم في القلب لم تطلع عليه، ولو اطلعت عليه، فإنه إذا تركه لله كان حسنة، ولو تركه مطلقًا لم يكن حسنة ولا سيئة، فإنه لا إثم فيه إلا مع القول أو العمل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما قصة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم ـ صلوات الله عليهم ـ فتلك أعظم، والواقع فيها من الجانبين، فما فعلته الأنبياء من الدعوة إلى توحيد الله وعبادته ودينه وإظهار آياته وأمره ونهيه ووعده ووعيده ومجاهدة المكذبين لهم والصبر على أذاهم هو أعظم عند الله؛ ولهذا كانوا أفضل من يوسف ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ وما صبروا عليه وعنه أعظم من الذي صبر يوسف عليه وعنه، وعبادتهم لله/وطاعتهم وتقواهم وصبرهم بما فعلوه، أعظم من طاعة يوسف وعبادته وتقواه، أولئك أولو العزم الذين خصهم الله بالذكر في قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} [الأحزاب: 7]، وقال تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إليكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13]، وهم يوم القيامة الذين تطلب منهم الأمم الشفاعة، وبهم أمر خاتم الرسل أن يقتدي في الصبر، فقيل له: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ} [الأحقاف: 35]، فقصصهم أحسن من قصة يوسف؛ ولهذا ثناها الله في القرآن، لا سيما قصة موسى. قال الإمام أحمد بن حنبل: أحسن أحاديث الأنبياء حديث تكليم الله لموسى. ....................
والمقصود هنا أن قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عليك أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: 3]، المراد: الكلام الذي هو أحسن القصص، وهو عام في كل ما قصه اللّه، لم يخص به سورة يوسف؛ ولهذا قال: {بِمَا أَوْحَيْنَا إليكَ هَذَا الْقُرْآنَ} [يوسف: 3]، ولم يقل: بما أوحينا إليك هذه السورة، والآثار المأثورة في ذلك عن السلف تدل كلها على ذلك، وعلى أنهم كانوا يعتقدون أن القرآن أفضل من سائر الكتب، وهو المراد. والمراد من هذا حاصل على كل تقدير، فسواء كان أحسن القصص مصدرًا أو مفعولاً أو جامعًا للأمرين، فهو يدل على أن القرآن وما في القرآن من القصص أحسن من غيره، فإنا قد ذكرنا أنهما متلازمان، فأيهما كان أحسن، كان الآخر أحسن. فتبين أن قوله تعالى: {أَحْسَنَ الْقَصَصِ} كقوله: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} [الزمر: 23]، والآثار السلفية تدل على ذلك.
والسلف كانوا مقرين بأن القرآن أحسن الحديث، وأحسن القصص، كما أنه المهيمن على ما بين يديه من كتب السماء، فكيف يقال: إن كلام اللّه كله لا فضل لبعضه على بعض؟! روي ابن أبي حاتم، عن المسعودي، عن القاسم أن أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ملوا ملة فقالوا: حدثنا يارسول اللّه، فأنزل اللّه: {نَحْنُ نَقُصُّ عليك أَحْسَنَ الْقَصَصِ}، /ثم ملوا ملة فقالوا: حدثنا يارسول اللّه، فنزلت: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} [الزمر: 23]، ثم ملوا ملة فقالوا: حدثنا يارسول اللّه، فأنزل اللّه: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: 16].
وقد روى أبو عبيد في [فضائل القرآن] عن بعض التابعين فقال: حدثنا حجاج، عن المسعودي، عن عون بن عبد اللّه بن عتبة قال: مل أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يارسول اللّه، حدثنا، فأنزل اللّه تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} قال: ثم نعته فقال: {كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ اللَّهِ} إلى آخر الآية [الزمر: 23]، قال: ثم ملوا ملة أخرى فقالوا: يارسول اللّه، حدثنا شيئا فوق الحديث ودون القرآن - يعنون القصص - فأنزل اللّه: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} ـ إلى قوله ـ {نَحْنُ نَقُصُّ عليك أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إليكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} [يوسف: 1: 3]، قال: فإن أرادوا الحديث دلهم على أحسن الحديث، وإن أرادوا القصص دلهم على أحسن القصص. ورواه ابن أبي حاتم بإسناد حسن مرفوعا عن مصعب بن سعد، عن سعد قال: نزل على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم القرآن فتلاه عليهم زمانًا، فقالوا: يارسول اللّه، لو قصصت علينا. فأنزل اللّه تعالى: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ. . . . نَحْنُ نَقُصُّ عليك أَحْسَنَ الْقَصَصِ} [يوسف: 1: 3]، /فتلاه عليهم زمانًا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Sep 2009, 07:18 م]ـ
بارك الله فيكم أخي الكريم أحمد على هذا النقل القيم عن ابن تيمية رحمه الله.
وقد اتضح لك الصواب في فهم الآية بما أفاض فيه ابن تيمية في جوابه عن سؤالك، وهو الذي عليه المفسرون من أن المقصود أحسن القصص من حيث الأسلوب والعرض، وليس المقصود أن سورة يوسف هي أحسن القصص القرآني على الإطلاق كما تبادر إلى فمهك حفظك الله.
علماً أن ورود الآية في مطلع سورة يوسف يوحي بما فهمتم منها، لولا التدبر في معناها الذي يكشف لك أن المقصود الحديث عن جنس القصص القرآني، وأنه أحسن القصص من حيث النوعية مطلقاً، وأنه أحسن مما لم يقصه الله في القرآن.
ولعلك تتكرم بمراجعة كتاب للدكتور أحمد نوفل بعنوان (مناهج البحث و التأليف في القصص القرآني: دراسة تحليلية نقدية) لعلك تجد تفاصيل أوفى حول هذه الفكرة.
وفقك الله ونفع بك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[06 Sep 2009, 08:44 م]ـ
بارك الله فيكم أخي الكريم أحمد على هذا النقل القيم عن ابن تيمية رحمه الله.
وقد اتضح لك الصواب في فهم الآية بما أفاض فيه ابن تيمية في جوابه عن سؤالك، وهو الذي عليه المفسرون من أن المقصود أحسن القصص من حيث الأسلوب والعرض، وليس المقصود أن سورة يوسف هي أحسن القصص القرآني على الإطلاق كما تبادر إلى فمهك حفظك الله.
علماً أن ورود الآية في مطلع سورة يوسف يوحي بما فهمتم منها، لولا التدبر في معناها الذي يكشف لك أن المقصود الحديث عن جنس القصص القرآني، وأنه أحسن القصص من حيث النوعية مطلقاً، وأنه أحسن مما لم يقصه الله في القرآن.
ولعلك تتكرم بمراجعة كتاب للدكتور أحمد نوفل بعنوان (مناهج البحث و التأليف في القصص القرآني: دراسة تحليلية نقدية) لعلك تجد تفاصيل أوفى حول هذه الفكرة.
وفقك الله ونفع بك.
جزاك ربي خيرا شيخنا الفاضل فقد أفدتنا وأمتعتنا بجوابكم(/)
حكم النسبة إلى القرآن (نسبة الأفعال - الأوصاف - الأساليب)
ـ[أبو عبد الله ابن اليسر]ــــــــ[06 Sep 2009, 02:03 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هذه أول مشاركة لي ..
ولذا اقتضت مني الاهتمام بهذا الموضوع المهم الذي
ألح علي منذ فترة ..
وقد أثاره أحد الأفاضل يومًا في ذهني دون تفصيل
وأخذ يلح علي يومًا إثر يوم ..
ومن نعمة الله علي
أن تمكنت من التسجيل في هذا الموقع المبارك ليحظى هذا الموضوع الملح باهتمام أهل الاختصاص .. جهابذة التفسير وعلوم القرآن
سؤالي أحسن الله إليكم ..
ما حكم النسبة إلى القرآن من حيث الجواز أوعدمه؟
مثل:
(تحدث القرآنُ/ يتحدث القرآنُ/ أوضح - وضح القرآنُ/ يوضح القرآنُ/ يبرز القرآنُ/ أبرز القرآنُ/ أثار القرآنُ/ يثير القرآنُ/ بينَ القرآنُ/ يبينُ القرآنُ/ ناقش القرآنُ/ يناقش القرآنُ/ يَلفِتُ القرآنُ، شنّع القرآنُ، وصف القرآنُ، تساءل القرآنُ/ يتساءل القرآنُ/ أعلن القرآنُ/ أشاد القرآنُ/ يشيد القرآنُ/ رسم القرآنُ/ يرسم القرآنُ/ أثنى القرآنُ/ مدح القرآنُ/ أراد القرآنُ/ يريد القرآنُ/ شبه القرآنُ/ يشبه القرآنُ/ استعار القرآنُ/ راعى القرآنُ/ اختار القرآنُ .. )
ونحوها ...
المطلوب: تحرير الموقف الشرعي من النسبة إلى القرآن ..
المسألة بحاجة إلى طرح إثرائي متضامن ..
لا تدخروا وسعًا أحسن الله إليكم ..
جزاكم الله خيرًا وشكر سعيكم ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Sep 2009, 07:26 م]ـ
أولاً: حياكم الله أخي الكريم أبا عبدالله بين إخوانك في ملتقى أهل التفسير، وأسأل الله أن يوفقك لنفع إخوانك والانتفاع بهم.
ثانياً: مشاركة في الإجابة عن سؤالك أخي الكريم عن حكم النسبة إلى القرآن بالألفاظ التي ذكرتم، يحضرني كلام العلامة الجليل ابن عطية الأندلسي في مقدمات تفسيره (المحرر الوجيز) 1/ 47 (الطبعة القطرية الثانية) [تجد نسختها الإلكترونية هنا ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=17246)] ، حيث خصص باباً مختصراً بعنوان:
باب في ألالفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى
قال فيه:
(اعلم أن القصد إلى إيجاز العبارة قد يسوق المتكلم في التفسير إلى أن يقول: خاطب الله بهذه الآية المؤمنين، وشرَّف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون، وحكى الله تعالى عن أم موسى أنها قالت: قصيه، ووقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله: (ألستُ بربكم)؟ ونحو هذا من إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع.
وقد استعمل هذه الطريقة المفسرون والمحدثون والفقهاء، واستعملها أبو المعالي في الإرشاد، وذكر بعض الأصوليين أنه لا يجوز أن يقال: حكى الله، ولا ما جرى مجراه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله (وهو ابن عطية): وهذا على تقرير هذه الصفة له، وثبوتها مستعملةً كسائر أوصافه تبارك وتعالى، وأما إذا استعمل ذلك في سياق الكلام، والمراد منه: حكت الآية أو اللفظ، فذلك استعمالٌ عربيٌ شائعٌ، وعليه مشى الناس، وأنا أتحفظ منه في هذا التعليق جهدي، لكنِّي قدمتُ هذا الباب لما عسى أن أقع فيه نادراً، واعتذاراً عمَّأ وقع فيه المفسرون من ذلك .... )
ثم أورد عدداً من شواهد الشعر تدل على استخدام العرب لهذا الأسلوب في التعبير.
وكأن ابن عطية بكلامه هذا يعتذر عن النسبة لله تعالى، ويرى أنها تخرج على النسبة إلى القرآن، وهي النسبة التي سألتم عنها يا أبا عبدالله في سؤالكم، فكأن ابن عطية يفتيك بجواز استخدامها مع التحفظ قدر الاستطاعة من ذلك.
ولو نظرنا في المحذور الشرعي من استعمال مثل هذه العبارات بقولنا: ذكر القرآن قصة أصحاب الجنة، وحكى الله في القرآن كذا ... لما ظهر لنا محذورٌ شرعي معتبرٌ يحملنا على تحريم هذا الاستعمال.
وإن كان قد نَقَلَ محققُ المحرر الوجيز عبارة نقلها عن أبي عبدالله محمد بن عباد في رسائله الكبرى، وهي قوله: (وقد رأيتُ في مواضع من كتبكم شيئاً أردتُ أن أنبهكم عليه، وهو أنكم تقولون فيها: حكى الله عن فلان، وحكى عن فلان كذا، وقد يقع مثل هذا في كلام الأئمة، وهذا عندي ليس بصواب من القول؛ لأن كلام الله تعالى صفة من صفاته، وصفاته تعالى قديمة، فإذا سمعنا الله تعالى يقول كلاماً عن موسى عليه السلام مثلاً، وعن فرعون، أو أمة من الأمم، فلا يقال: حكى عنهم كذا؛ لأن الحكاية تؤذن بتأخرها عن المحكي، وإنما يقال في مثل هذا: أخبر الله تعالى، أو أنبأ، أو كلام معناه هذا مما لا يفهم من مقتضاه تقدم ولا تأخر) أ. هـ.
ولعل كلام ابن عباد هنا يكون دليلاً على كراهة مثل هذا الاستعمال ربما.
ولعل النقاش بيننا في هذا الموضوع يدفع الزملاء إلى إيراد ما يرونه في هذه المسألة العلميَّة الطريفة، ولا تخلو كتب أهل العلم المتقدمين من كلام في هذه المسألة أو قريب منها، كما تعرض لها ابن عطية في كلامه الآنف، لعلنا نخرج بفائدة ساقها إلينا أخونا الكريم أبو عبدالله ابن اليسر بارك الله فيه.(/)
لِم لم يستطع أيوب عليه السلام الصبر عليه، وأثنى عليه ربه تعالى (وجدناه صابرا)؟
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[06 Sep 2009, 06:11 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
لم لم يستطع أيوب عليه السلام الصبر عليه، وأثنى عليه ربه تعالى (وجدناه صابرا)؟
وقد ورد السبب في حديث شريف سأنقله فيما يلي، لكن ما أريده معنى شعوره الذي دعاه للدعاء، ومن ثم ظفر بالإجابة ورضى الرب، قال تعالى:
{إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (ص:44)
وهل هذا الشعور معتبر في شرعنا؟
ورد في تفسير ابن كثير:
وقد رواه ابن أبي حاتم من وجه آخر مرفوعًا بنحو هذا فقال: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهب أخبرني نافع بن يزيد، عن عُقَيل، عن الزهري، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد، إلا رجلين من إخوانه، كانا من أخص إخوانه، كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه: تَعَلَّم -والله-لقد أذنب أيوب ذنبًا ما أذنبه أحد من العالمين. فقال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به. فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له، فقال أيوب، عليه السلام: ما أدري ما تقول، غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله، فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما، كراهة أن يذكرا الله إلا في حق. قال: وكان يخرج في حاجته، فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ، فلما كان ذات يوم أبطأت عليه، فأوحى إلى أيوب في مكانه: أن اركض برجلك، هذا مغتسل بارد وشراب".
وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه.
وصححه الألباني.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Sep 2009, 07:22 م]ـ
لم يتضح لي معنى السؤال وفقكم الله، فهل تتكرم بشئ من البيان؟
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[06 Sep 2009, 08:57 م]ـ
لم يتضح لي معنى السؤال وفقكم الله، فهل تتكرم بشئ من البيان؟
وفقكم الله خير، ما قصدته هو:
هل شعر أيوب عليه السلام بالظلم،
هل ظلمه اخوانه فزادوا همه.
هل ظلموه لأن كلامهم كان نوعا من الشماتة.
هل ظلموه لأنهم ظنوا فيه ظن السوء.
أم أنه لم يتحمل أن يظن الناس أن ربه عاقبه لمعصية.
أفكر في ذلك فأتعجب وأحتار،
ونيجة هذا الشعو إذا افترضنا أنه شعور بالظلم، هل يصح للمؤمن إذا ظلم من الناس الذين يحبهم لقرابة أو أخوة، أن يدعو الله أن ينزل بركاته عليه ويعفو عنه بدل أن يدعو بضرهم فيستجيب الله تعالى لدعواه في شريعتنتا؟
وهل ينافي هذا الصبر؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[06 Sep 2009, 11:22 م]ـ
الأخ الفاضل أبا الأشبال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم أتبين قصدك ولعله من قصور فهمي، ولكن الذي أعرفه أن الدعاء بكشف الضر لا ينافي االصبر، وإنما الذي ينافي الصبر هو التشكي المشعر بعدم الرضى.
أما أيوب عليه السلام فقد أمتدحه الله تعالى بأنه كان من المتضرعين إليه في وقت الضر وجعله قدوة للعابدين:
(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (الأنبياء:83 - 84)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[07 Sep 2009, 05:35 ص]ـ
الأخ الفاضل أبا الأشبال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم أتبين قصدك ولعله من قصور فهمي، ولكن الذي أعرفه أن الدعاء بكشف الضر لا ينافي االصبر، وإنما الذي ينافي الصبر هو التشكي المشعر بعدم الرضى.
أما أيوب عليه السلام فقد أمتدحه الله تعالى بأنه كان من المتضرعين إليه في وقت الضر وجعله قدوة للعابدين:
(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (الأنبياء:83 - 84)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نقطة مهمة الأخ الكريم حجازي.
بالتأكيد ما قام به أيوب عليه السلام لا ينافي الصبر.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالله تعالى رحيم بعباده لا يكلفهم بما هو فوق طاقتهم من البلاء والامتحان.
والذي يقرأ قصة أيوب عليه السلام يجد أنه لم يدعو قبل ذلك، فهو لم يصبر عندما شمت به من شمت أو ظنوا فيه الظن السالف الذكر فدعا، وهذا حقه ولا ينافي الصبر.
ويلاحظ أنه لم يدعو عليهم بل دعا يطلب الرحمة من الله تعالى.
وهذه نقول مفيدة كما أظن والله أعلم:
ورد في تفسير الطبري:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) ... إلى آخر الآيتين، فإنه لما مسه الشيطان بنصب وعذاب، أنساه الله الدعاء أن يدعوه فيكشف ما به من ضرّ، غير أنه كان يذكر الله كثيرا، ولا يزيده البلاء في الله إلا رغبة وحسن إيمان، فلما انتهى الأجل، وقضى الله أنه كاشف ما به من ضرّ أذن له في الدعاء، ويسرَّه له، وكان قبل ذلك يقول تبارك وتعالى: لا ينبغي لعبدي أيوب أن يدعوني، ثم لا أستجيب له، فلما دعا استجاب له، وأبدله بكل شيء ذهب له ضعفين، ردّ إليه أهله ومثلهم معهم، وأثنى عليه فقال: (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ).
قال القرطبي:
... أن معنى: " مسني الضر " من شماتة الأعداء، ولهذا قيل له: ما كان أشد عليك في بلائك؟ قال شماتة الاعداء.
قال ابن العربي: وهذا ممكن فإن الكليم قد سأله أخوه العافية من ذلك فقال: " إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء " [الأعراف: 150] ...
قال العلماء: ولم يكن قوله " مسني الضر " جزعا، لان الله تعالى قال: " إنا وجدناه صابرا " [ص: 44] بل كان ذلك دعاء منه، والجزع في الشكوى إلى الخلق لا إلى الله تعالى، والدعاء لا ينافي الرضا.
قال الثعلبي: سمعت أستاذنا أبا القاسم ابن حبيب يقول حضرت مجلسا غاصا بالفقهاء والأدباء في دار السلطان، فسألت عن هذه الآية بعد إجماعهم على أن قول أيوب كان شكاية قد قال الله تعالى: " إنا وجدناه صابرا " [ص: 44]
فقلت: ليس هذا شكاية وإنما كان دعاء، بيانه (فاستجبنا له) والإجابة تتعقب الدعاء لا الاشتكاء.
فاستحسنوه وارتضوه." أهـ
وورد في صحيح مسلم:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
"أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ مِنْ سُوءِ الْقَضَاءِ وَمِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ وَمِنْ شَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ وَمِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ "
وسبحان الله قال هارون لموسى:
{ ... فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (الأعرا: ف150)
فدعا موسى قائلا:
{قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (الأعراف:151)
ورد في تفسير الجلالين:
" (قال رب اغفر لي) ما صنعت بأخي (ولأخي) أشركه الدعاء إرضاء له ودفعا للشماتة به (وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين) " أهـ
وذكرني بدعاء أيوب حيث قال أيضا فيه {وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (الأنبياء:83).
فكما يظهر أن الشماتة فيها نوع من عدم الرحمة بالمبتلى.
وقد ورد في سنن الترمذي:
عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ:
" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُظْهِرْ الشَّمَاتَةَ لِأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ "
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[08 Sep 2009, 01:26 ص]ـ
هذه النقولات مفيدة في الموضوع، والحديث صححه جمع من أهل العلم، ولكن ما فهمت من كلامك يا أبا الأشبال أنك تريد أن تقول إن سبب دعاء أيوب هو عدم تحمله لشماتة الأعداء وخاصة من الأقارب فهل هذا هو قصدك أخي الكريم؟
ـ[عذب الشجن]ــــــــ[08 Sep 2009, 02:32 ص]ـ
عجبا ثم عجبا
يصف الله النبي الكريم بأنه كان صابرا ثم نقول لِم لم يستطع الصبر؟
وهل الدعاء بكشف الكرب ورفع الضر ماينافي خلة الصبر أو يقدح في مقام الصابرين؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[08 Sep 2009, 05:02 ص]ـ
هذه النقولات مفيدة في الموضوع، والحديث صححه جمع من أهل العلم، ولكن ما فهمت من كلامك يا أبا الأشبال أنك تريد أن تقول إن سبب دعاء أيوب هو عدم تحمله لشماتة الأعداء وخاصة من الأقارب فهل هذا هو قصدك أخي الكريم؟
الأخ الكريم إبراهيم
لا أقصد الأقارب بالمعنى المفهوم، بل كل من هو قريب مثل الأخوة الذين لا يتوقع الإنسان منهم مثل ما حصل مع أيوب عليه السلام.
فقد يكون الأخوة في الله أقرب إلى الإنسان من أقاربه.
والمقصود أن يعقوب عليه السلام صبر عن الدعاء ولم يدعو، وبعد ما حدث دعا ربه:
* ورد في تفسير ابن كثير:
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، حدثنا أبو عمران الجوني، عن نَوْف البِكَالي؛ أن الشيطان الذي عرج في أيوب كان يقال له: "سوط"، قال: وكانت امرأة أيوب تقول: "ادع الله فيشفيك"، فجعل لا يدعو، حتى مر به نفر من بني إسرائيل، فقال بعضهم لبعض: ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه، فعند ذلك قال: "رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين".
وهنا ملاحظة الأمر للمناقشة والمدارسة والاستفادة ولست مقررا لأمر بل أشرت في البداية إلى أني أسأل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[08 Sep 2009, 05:08 ص]ـ
عجبا ثم عجبا
يصف الله النبي الكريم بأنه كان صابرا ثم نقول لِم لم يستطع الصبر؟
وهل الدعاء بكشف الكرب ورفع الضر ماينافي خلة الصبر أو يقدح في مقام الصابرين؟
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لم يصبر عن الدعاء، وليس المقصود لم يصبر على البلاء، - راجع إذا تكرمت ما نقلته من تفسير القرطبي-، والله أعلم.
وما زال الأمر مطروحا للمناقشة والمدارسة.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[08 Sep 2009, 05:28 ص]ـ
سبحان الله وأنا أفكر في وضع أيوب تأملت حاله،
عند الدعاء،
تحول أعز اخوانه إلى أعداء،
ألم يظلموه وشمتوا به في نفس الوقت.
أليس كذلك؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[08 Sep 2009, 05:09 م]ـ
سبحان الله وأنا أفكر في وضع أيوب تأملت حاله،
عند الدعاء،
تحول أعز اخوانه إلى أعداء،
ألم يظلموه وشمتوا به في نفس الوقت.
أليس كذلك؟
أخي الفاضل أبا الأشبال
إذا صحت الرواية في سبب دفع أيوب إلى الدعاء فإنها ليست من باب الشماته وإنما يمكن حمله على محاولة واجتهاد لكشف سر هذا البلاء الذي حل بأيوب عليه السلام، فهؤلاء النفر من بني إسرائيل لم يستوعبوا أن يعاني أيوب عليه السلام هذه المعانة الشديدة وهذا البلاء المستمر مع صلاحه وعبادته وقربه من ربه ومن ثم فسروا هذا على أنها عقوبة حلت به بسبب ذنب ارتكبه، ولو أنهم علموا أن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل كما هو في الحديث الشريف لربما لم يتكلموا بما تكلموا به.
والله أعلى وأعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[08 Sep 2009, 10:08 م]ـ
أخي الفاضل أبا الأشبال
إذا صحت الرواية في سبب دفع أيوب إلى الدعاء فإنها ليست من باب الشماته وإنما يمكن حمله على محاولة واجتهاد لكشف سر هذا البلاء الذي حل بأيوب عليه السلام، فهؤلاء النفر من بني إسرائيل لم يستوعبوا أن يعاني أيوب عليه السلام هذه المعانة الشديدة وهذا البلاء المستمر مع صلاحه وعبادته وقربه من ربه ومن ثم فسروا هذا على أنها عقوبة حلت به بسبب ذنب ارتكبه، ولو أنهم علموا أن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل كما هو في الحديث الشريف لربما لم يتكلموا بما تكلموا به.
والله أعلى وأعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
أخي الفاضل حجازي توجيه مهم جزاك الله خيرا.
ويبقى رب العالمين أقرب لعبده من كل أحد وأدرى بعبده من كل أحد،
ويبقى كتاب الله هدى ونور، ما أجمل الحياة وفيها كتاب الله تعالى القرآن الكريم.(/)
حقيقة [تبيان]
ـ[تبيان]ــــــــ[07 Sep 2009, 04:24 ص]ـ
الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه تطلق اسم [تبيان] على الجمعية اختصاراً مع الإبقاء على الاسم الرسمي تيمناً بقوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ولعلَّهم يَتَفَكَّرونَ} [سورة النحل 44]
وقوله {ونَزَّلْنَا عَلِيكَ الكتابَ تِبياناً لكلِّ شَيءٍ وهُدَىً ورحمةً وبُشْرَىْ لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل 89].
قال مجاهد - رحمه الله – " المراد بهذا التبيين: تفسير المجمل وشرح ما أشكل " وهذا معنى من المعاني السامية والمقاصد العظيمة التي تسعى الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه لتحقيقه – بعون الله – أولاً ثم بجهودكم ومشاركتكم ومقترحاتكم يا أهل القرآن ثانياً.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[07 Sep 2009, 05:09 ص]ـ
جميلٌ هذا الأسم، وقد وفقتم إن شاء الله في اختياره.
أسأل الله تعالى أن يمدكم بعونه وتوفيقه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2009, 05:13 ص]ـ
هذه خطوة مباركة موفقة، وأسأل الله أن يسدد مجلس إدارة الجمعية في أعماله ومشروعاته لخدمة منسوبي هذه الجمعية وخدمة كتاب الله تعالى.(/)
الخطة الإستراتيجية لعمل [تبيان] في المرحلة المقبلة
ـ[تبيان]ــــــــ[07 Sep 2009, 04:34 ص]ـ
أنهت الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه "تبيان" صياغة الخطة الإستراتيجية لعمل الجمعية، في المرحلة المقبلة. وقال رئيس مجلس إدارة الجمعية الدكتور محمد السريّع: إن الخطة التي قام عليها عدد من الخبراء والإستراتيجيين والأكاديميين المختصين، خطة طموحة تشتمل على عدد من المحاور، مثل إقامة المؤتمرات والندوات و اللقاءات, وإعداد الموسوعات وطباعتها, وتأهيل معلمي القرآن الكريم وتدريبهم, والسعي لرفع مستوى المؤسسات العاملة في خدمة القرآن, عبر إقامة شراكات علمية وتدريبية مع كافة الجهات المعنية. وأضاف السريّع: كما تشمل الخطة أيضاً عدداً من الجوائز التي يقصد منها رفع مستوى العمل القرآني والنهوض به, مثل جائزة الرسالة العلمية المتميزة في الدراسات القرآنية (ماجستير، دكتوراه) وهي الجائزة الوحيدة من نوعها في الجهات العلمية التي تمنح للباحثين والباحثات المتخصصين, كما أن هناك العديد من الجوائز التي سيعلن عنها في حينه. وأشار السريّع أن الجمعية تعتزم إقامة ملتقى تنسيقي للمؤسسات العاملة في خدمة القرآن في المملكة العربية السعودية، هو الأول من نوعه، ويهدف إلى توحيد الجهود, وتبادل الخبرات, ورفع مستوى الأداء.
يذكر أن الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه "تبيان" حظيت بموافقة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض على ترأس أعضاء شرفها, مما كان له أبلغ الأثر في دعم مسيرة الجمعية, كما انضم لعضوية الشرف أكثر من (60) عضو شرف من أصحاب السمو الملكي والأمراء والمعالي والوزراء وأعضاء هيئة كبار العلماء وأئمة الحرمين ومديري الجامعات وغيرهم, وانتسب للجمعية أكثر من (600) عضو من الرجال والنساء غالبهم من حملة الشهادات العليا.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[07 Sep 2009, 04:57 ص]ـ
وفقكم الله.
ونحن نتطلع لمزيد من إنجازاتكم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[07 Sep 2009, 06:32 ص]ـ
خطة موفقة إن شاء الله، وكم يسرني أن أرى الإخوة في إدارة المجلس الجديد يقومون بمثل هذا التجديد، ومن هذه الخطوات الجديدة الاسم الجميل المختصر (تبيان)، ولعلهم يأتون على الشعار بالتغيير أيضًا، فهو بحاجة ماسة ـ في نظري ـ لذلك.
وأسأل الله لهم التوفيق والسداد،فالخطوات المباركة التي يقوم بها المجلس الجديد حثيثة وسريعة، وأسأل الله أن يبارك في جهودهم، وأن يبلغهم فوق ما يتمنون.
وهذه ـ في الحقيقة ـ فائدة التغيير في مجالس الإدارة، فهنيئنا لنا بهذا المجلس الجديد الذي لا يفتأ يعمل لإنجاح هذه الجمعية.
عضو مجلس إدارة سابق.
ـ[تبيان]ــــــــ[07 Sep 2009, 06:09 م]ـ
خطة موفقة إن شاء الله، وكم يسرني أن أرى الإخوة في إدارة المجلس الجديد يقومون بمثل هذا التجديد، ومن هذه الخطوات الجديدة الاسم الجميل المختصر (تبيان)، ولعلهم يأتون على الشعار بالتغيير أيضًا، فهو بحاجة ماسة ـ في نظري ـ لذلك.
وأسأل الله لهم التوفيق والسداد،فالخطوات المباركة التي يقوم بها المجلس الجديد حثيثة وسريعة، وأسأل الله أن يبارك في جهودهم، وأن يبلغهم فوق ما يتمنون.
وهذه ـ في الحقيقة ـ فائدة التغيير في مجالس الإدارة، فهنيئنا لنا بهذا المجلس الجديد الذي لا يفتأ يعمل لإنجاح هذه الجمعية.
عضو مجلس إدارة سابق.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
حياك الله يا دكتور مساعد والإخوة الكرام وجعلنا وإياكم من أهل القرآن
وشكر الله لك هذا التعليق والدعاء.
وأما بخصوص الشعار فقد تم إعداد عدة شعارات، وتم اختيار أحدها، ونحن في انتظار رد أعضاء مجلس الإدارة لإقراره، وسيرسل على إيميلك للإفادة من آرائك المباركة
وقد ذيلت تعليقك يا شيخنا الفاضل: بعضو مجلس إدارة سابق، وهذا من حيث الانتخاب والجلسات الرسمية؛ لكن الجمعية بكم وعليكم سابقاً ولاحقاً.
كما أن الجمعية لا تستغني عن أي تصميم ومشاركة من جميع المحبين للجمعية وقبل ذلك للقرآن الكريم الذي نشرف جميعاً بانتسابنا إلى جمعية تسعى لخدمته وتحتسب لتبيينه، ونشر هديه.
محبكم: متحدث تبيان: عضو مجلس الإدارة
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[07 Sep 2009, 09:36 م]ـ
إنما ذكرت (عضو مجلس إدارة سابق) لأبين فضل اللاحق على السابق، وأظهر اغتباطي بهذا التقدم بالجمعية، وأن تجديد الأعضاء فيه بركة ونفع، وقد لمسناه سريعا من جهودكم المباركة، وأنا معكم دومًا، وفقكم الله للسير إلى الأمام على الدوام.
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[09 Sep 2009, 06:08 ص]ـ
بوركتم على هذا التجديد والفاعلية، وكم نتمنى أن تكون المؤسسات والجمعيات القرآنية هي الرائدة في العمل والتطوير.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[09 Sep 2009, 06:35 ص]ـ
عمل موفق وتميز واضح في أعمال مجلس إدارة الجمعية الجديد، وفي الحقيقة لقد كان لدي وبعض الإخوة تخوف من حصول ركود في عمل الجمعية بعد حل المجلس السابق وسرعان ما زال هذا التخوف.
وما أن بدأت الأعمال بالظهور حتى ظهر وبرز تميز المجلس الجديد عن سابقه في الرؤية والتخطيط مع وحدة الأهداف بينهما، ولقد رأيت في د. محمد السريع نشاطا واضحا يسعى به للارتقاء بالجمعية كماً وكيفاً، وهو جهد مبارك من د. محمد السريع وبقية الإخوة الفضلاء في مجلس إدارة الجمعية الجديد. اسأل الله لهم الإعانة والتسديد في الأمر كله.(/)
هل التسبيح التنزيه فقط، وهل يصح قولنا: سبحانك بعد ذكر الثناء على الله
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[07 Sep 2009, 06:23 ص]ـ
سألني أحدهم: هل التسبيح في القرآن لا يعني إلا التنزيه؟!
وهل يصح أن نقول بعد دعاء الإمام في التراويح؛ إذا أثنى على الله: (سبحانك)؟
فقلت: إنه قد شاع عند كثيرين أن التسبيح بمعنى التنزيه، وهذا ليس بدقيق، بل التسبيح فيه جانبان: التنزيه والتعظيم، ويُقدِّم أحد المعنيين على الآخر بحسب السياق.
ومن أدلة كون التسبيح تعظيمًا تفسيره في مواطن بالصلاة، والصلاة فيها جانب التعظيم للمعبود كما هو ظاهر.
ولو تأملت قول الملائكة: (قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) فإنك ستجد أنه لم يقع سوء يُنزَّه الله عنه كما في قوله تعالى: (وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه) والفرق بين الموضعين ظاهر.
ومن ثَمَّ، فجانب التعظيم في هذا السياق أظهر من جانب التنزيه، وإن كان بعض السلف قد فسَّر التقديس بالتطهير والتعظيم أيضًا، غير أن جانب التطهير في التقديس أولى.
وانظر أيضًا إلى قوله تعالى: (سبحان الذي أسرى بعده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) فأين جانب النقص المزعوم ليكون المراد بالتسبيح هاهنا التنزيه، إن جانب التعظيم في هذا الموطن هو الأظهر، والله أعلم.
وإذا كان في التسبيح معنى التعظيم = جاز قولنا ـ بعد ثناء الإمام على الله: (سبحانك).
وهاأنذا أنقل لك بعض نصوص العلماء في كون التسبيح يعني التَّنْزيه والتعظيم:
1 ـ في قوله تعالى: (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رِزَقَكْم ثمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِكُمْ هَلْ منْ شُرَكائِكْم مَن يَّفْعَلُ مِنْ ذلِكم مِّنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه مجاز القرآن: (ومجاز " سبحانه " مجاز موضع التنزيه والتعظيم والتبرؤ قال الأعشى:
أقول لمّا جاءني فخرهُ ... سُبْحاَن مِن عَلْقَمة الفاخرِ
يتبرؤ من ذلك له).
2 ـ وفي كتاب مسألة في (سبحان) لنفطوية، قال: (ومعنى «سبحان»: التنزيه، والتعظيم، والتكبير، والإبعاد)، ثم ذكر جملة من الآيات التي ورد فيها التسبيح بمعنى التنزيه عنده، ثم أتبعها بما يأتي: (وكل ما كان في القرآن من قوله: فسبح بحمد ربك، و سبح اسم ربك، فمعناه كله: نزهه، وعظمه من غير ما وصف الله به نفسه. وقوله في سورة الرعد: ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته (5)، أي كل ينزهه ويعظمه بأسمائه، وأسماء الله صفات له، وصفات الله مدح. وكل من ذكر الله باسم من أسمائه فقد أطاعه، إذا وصفه بصفته التي رضيها لنفسه ونفى سواها عنه. وكذلك قوله في الحجر: فسبح بحمد ربك، وقوله في سورة النمل: سبحان الله عما يشركون (6)، أي تعظيما له، وتنزيها عن إشراكهم به. ولست ترى ذكر سبحان (7) في سائر القرآن إلا ومعها إثبات ونفي، فالإثبات لأسمائه التي هي صفاته، والنفي فيما سوى ذلك، فتأمله تجده في سائر القرآن. كذلك قوله: ويجعلون لله البنات سبحانه (8)، وقوله: سبحان الذي أسرى بعبده، أي تنزيها له، وتعظيما عن قول المكذبين بأنبائه على ألسنة أنبيائه).
3 ـ في قوله تعالى: (سبح اسم ربك الأعلى)، قال ابن تيمية (ت: 728):، قال (والأمر بتسبيحه يقتضي ـ أيضًا ـ تنزيهه عن كل عيب وسوء وإثبات صفات الكمال له، فإن التسبيح يقتضي التنزيه والتعظيم، والتعظيم يستلزم إثبات المحامد التي يحمد عليها. فيقتضي ذلك تنزيهه، وتحميده، وتكبيره، وتوحيده) الفتاوى 16: 125.
4 ـ في قوله تعالى: (ألم تر أن الله يسبح له من في السموات ومن في الأرض) قال ابن جزي: (الرؤية هنا بمعنى العلم والتسبيح التنزيه والتعظيم).
5 ـ وفي قوله تعالى: (يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا) قال الطاهر بن عاشور: (وعطفت {ويقولون سبحان ربنا} على {يخرون} للإشارة إلى أنهم يجمعون بين الفعل الدال على الخضوع والقول الدال على التنزيه والتعظيم).
والله أعلم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2009, 06:42 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
بارك الله فيكم يا أبا عبدالملك على هذه الفائدة. وجزى الله الأخ أحدهم (1) خيراً على استثارتك بسؤاله.
وللفائدة هناك كتاب قيم نشرته دار المنهاج بالرياض بعنوان: (التسبيح في الكتاب والسنة والرد على المفاهيم الخاطئة فيه) لمؤلفه الأستاذ محمد بن إسحاق كندو وفقه الله.
وقد تناول فيه ما أشرتم إليه بالتفصيل، وكان الباب الأول من الكتاب في معاني التسبيح وأنواعه، ففي معانيه بين المؤلف بناء لفظ (التسبيح)، ومعناه في اللغة، وأصله اللغوي، وطريقة تعديه، كما بيَّن ماهية (سبحان) في اللغة، وطريقة استعماله في الكلام، وإعرابه.
- ثم بينَ المعنى الأصلي للتسبيح في الشرع، ودلالته على التعظيم في حق الله تعالى، وأنه جاء في الشرع بمعنى الصلاة، وبمعنى الذكر عمومًا، وبمعنى الاستثناء وبمعنى العبادة، وأنه سمي دعاء مع بيان المناسبة لاستعماله في هذه المعاني كلها.
- كما بين المؤلف الألفاظ التي ترادف التسبيح في الدلالة على تنزيه الله تعالى، وهي: التقديس _منه اسم الله (القدوس) _، والسلام من أسماء الله تعالى، وتعالى مسندًا إلى الله عز وجل_ وكلمة (حاش لله)، والنفي الوارد في حق الله تعالى في الكتاب والسنة.
والكتاب مفيد في بابه، ويمكن الاطلاع عليه، وقراءته مصوراً على هيئة PDF من هذه الروابط، جزى الله من رفعه خير الجزاء.
http://www.archive.org/download/tkstks/tks0.pdf
http://www.archive.org/download/tkstks/tks1.pdf
http://www.archive.org/download/tkstks/tks2.pdf
وهذه خاتمة الكتاب بقلم المؤلف، كما وجدتها في موقع الدرر السنية:
الخاتمة
انتهى _بعون الله تعالى وتوفيقه_ البحث في موضوع (التسبيح في الكتاب والسنة والرد على المفاهيم الخاطئة فيه)، ومن المفيد الإشارة هنا إلى ملخص عام لهذا البحث:
- فقد تناولت في مقدمته _ بعد الافتتاحية _ فكرة الموضوع، وأهميته، وأسباب اختياره، مع بيان خطته والمنهج المتبع في كتابته، والشكر والتقدير لمن يستحق ذلك.
- وكان الباب الأول في معاني التسبيح وأنواعه، ففي معانيه بينت بناء لفظ (التسبيح)، ومعناه في اللغة، وأصله اللغوي، وطريقة تعديه، كما بينت ماهية (سبحان) في اللغة، وطريقة استعماله في الكلام، وإعرابه.
- ثم بينت المعنى الأصلي للتسبيح في الشرع، ودلالته على التعظيم في حق الله تعالى، وأنه جاء في الشرع بمعنى الصلاة، وبمعنى الذكر عمومًا، وبمعنى الاستثناء وبمعنى العبادة، وأنه سمي دعاء مع بيان المناسبة لاستعماله في هذه المعاني كلها.
- كما بينت الألفاظ التي ترادف التسبيح في الدلالة على تنزيه الله تعالى، وهي: التقديس _منه اسم الله (القدوس) _، والسلام من أسماء الله تعالى، وتعالى مسندًا إلى الله عز وجل_ وكلمة (حاش لله)، والنفي الوارد في حق الله تعالى في الكتاب والسنة.
- وفي أنواع التسبيح بينت أنواعه باعتبار معناه، وأنه _بهذا الاعتبار _ نوعان:
- أحدهما: تسبيح الله عن النقائص والعيوب.
- والثاني: تسبيح الله عن التمثيل والتشبيه.
- وبينت أن هذين النوعين متلازمان.
- ثم بينت أنواعه باعتبار صيغه، وأنه _ بهذا الاعتبار_ نوعان أيضًا:
- أحدهما: صيغة الإفراد. والثاني: صيغة القران.
- وبينت _ في صيغة القرآن_ أنها تنوعت بحسب ما قرن به من لفظ التسبيح من الألفاظ الأخرى، إلى سبعة أنواع، وهي:
- قرن التسبيح بالتحميد، وقرنه بالتهليل، وقرنه بالتكبير، وقرنه بأسماء الله وصفاته، وقرنه بالاستغفار، وقرنه بالدعاء، وقرنه بالسلام على المرسلين.
- كما بينت أنواع التسبيح باعتبار فاعله، وأنه _ بهذا الاعتبار_ خمسة أنواع، وهي:
1 - تسبيح الله تعالى لنفسه المقدسة.
2 - وتسبيح الملائكة لله تعالى.
3 - وتسبيح صالحي البشر _ من الأنبياء وأتباعهم _ لله تعالى.
4 - وتسبيح الكائنات كلها لله تعالى.
5 - وتسبيح أهل الجنة فيها لله تعالى.
- وكان الباب الثاني في حكم التسبيح وفضله ومنزلته في العقيدة، ففي حكمه بينت حكم تسبيح الله تعالى من حيث القول، وحكم تسبيحه من حيث الاعتقاد. كما بينت حكم تسبيح غير الله تعالى من حيث القول، ومن حيث الاعتقاد كذلك.
- وفي فضل التسبيح بينت الفضل المختص به، ببيان ما ورد في ذلك في كتاب الله تعالى، وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما بينت أفضل صيغ التسبيح.
(يُتْبَعُ)
(/)
- ثم بينت الفضل المشترك للتسبيح، وهو ما ورد في الكتاب والسنة دالاً على فضل التسبيح مقرونًا مع التحميد، والتهليل، والتكبير، وغير ذلك من الذكر والدعاء.
- ثم تكلمت على المفاضلة بين التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير في ضوء الأدلة الواردة في ذلك.
- وفي منزلة التسبيح في العقيدة بينت أن التسبيح دال على وصف لله تعالى، وأنه قد اشتق منه اسم من أسماء الله الحسنى، وهو اسمه (السّبّوح)، وبينت أن التسبيح من شواهد الإيمان بالله تعالى، وأنه كذلك من أصول توحيد الله تعالى، كما أنه من دلائل حسن العقيدة الإسلامية.
- وكان الباب الثالث في المواضع التي يشرع فيه التسبيح، وقد تضمن هذا الباب المواضع التي يشرع فيها التسبيح في الصلاة خاصة وهي ستة مواضع:
1 - التسبيح في افتتاح الصلاة.
2 - التسبيح عند قراءة آية فيها تنزيه الله تعالى.
3 - والتسبيح بدلاً من القراءة لمن لا يحسن شيئًا من القرآن.
4 - والتسبيح في الركوع والسجود.
5 - والتسبيح في الصلاة لأمر طارئ.
6 - والتسبيح في دبر الصلاة.
كما تضمن هذا الباب المواضع التي يشرع فيها التسبيح مفردًا في غير الصلاة، وهي تسعة مواضع:
1 - التسبيح عند الهبوط في الأماكن المنخفضة.
2 - والتسبيح عند سماع الرعد.
3 - والتسبيح عند التعجب مما ينافي الاعتقاد الصحيح في الله تعالى.
4 - والتسبيح عند التعجب من المنكر.
5 - والتسبيح عند العجائب الدالة على عظمة الله تعالى.
6 - والتسبيح عند التعجب من الأشياء المهولة.
7 - والتسبيح عند مطلق التعجب.
8 - والتسبيح في الأوقات المخصوصة.
9 - والتسبيح مطلقًا في الأحوال والأوقات.
10 - وتضمن هذا الباب كذلك المواضع التي يشرع فيها التسبيح مقرونًا بغيره من ألفاظ الذكر والدعاء، وهي عشرة مواضع:
1 - عند النوم.
2 - عند الانتباه من النوم.
3 - عند الفراغ من الوضوء.
4 - عند الاستواء على المركوب.
5 - عند الإهلال بحج أو عمرة.
6 - في داخل الكعبة في نواحيها.
7 - قبل الدعاء.
8 - عند الكسوف.
9 - عند الكرب.
10 - في ختم المجلس.
- وكان الباب الرابع في بيان المفهوم الصحيح في تسبيح الله تعالى، وقد تناولت فيه طريقة الكتاب والسنة في تسبيح الله تعالى، وبينت أن طريقتهما تتجلى في أربعة أمور:
1 - الإجمال في التنزيه غالبًا.
2 - والتفصيل في الإثبات، بذكر الأسماء والصفات الدالة على التنزيه.
3 - التفصيل في التنزيه _ أحيانًا _ لأسباب.
4 - إثبات المثل الأعلى لله تعالى.
ثم تناولت تسبيح الله تعالى في أسمائه وصفاته، وبينت أن أسس هذا التسبيح هي:
1 - الإثبات مع التنزيه.
2 - النفي مع إثبات كمال الضد.
3 - والسكوت عما لم يعلم في الكتاب والسنة إثباته أو نفيه.
4 - ومراعاة ما يقتضي التنزيه مراعاته في حق الله تعالى إثباتًا ونفيًا، وهي:
أ - التفريق بين ما تسمى الله به مفردًا، وما تسمى به مقرونًا بما يقابله.
ب - والتفريق بين ما أطلق على الله تعالى في الكتاب والسنة مطلقًا وما أطلق عليه مقيدًا.
ت - والتفريق بين ما يطلق على الله في باب الأسماء والصفات، وما يطلق عليه في باب الإخبار.
ث - والتوقير والتعظيم لأسماء الله تعالى وصفاته لفظًا ومعنى، وظاهرًا وباطنًا.
وتناولت _بعد ذلك_ تسبيح الله تعالى في أقواله وأفعاله، وبينت أن أسس هذا التسبيح ثلاثة، وهي:
1 - تسبيح الله تعالى عن العبث في أقواله وأفعاله باعتقاد أنها صادرة عن حكم عليا.
2 - تسبيح الله عن الظلم في أقواله وأفعاله.
3 - وتسبيح الله تعالى عن نسبة الشر إليه.
- وكان الباب الخامس في الرد على المفاهيم الخاطئة في التسبيح، فذكرت فيها التسبيح الذي ادعاه المشركون بالله تعالى في العبادة، والتسبيح الذي ادعاه الممثلة، والمعطلة، والقدرية، والجبرية، والوعيدية، والصوفية. ورددت على هذه المفاهيم الخاطئة في التسبيح لدى هذه الفرق والطوائف في ضوء الكتاب والسنة واعتقاد أهل السنة والجماعة.
- بهذا يكون هذا البحث قد استوفى الأبواب والفصول والمباحث التي وضعت في خطة البحث.
- وأما الموضوع نفسه فأرجو أن أكون قد وفقت في عرضه وإخراجه على الوجه المطلوب، أما الوفاء بحقه من البحث والدراسة فمما يقصر عنه مثلي، لكن حسبي أني بذلت جهدي بحسب ما أتيح لي من الوقت لتناول هذا الموضوع، وأسأل الله تعالى أن يجعل فيما قدمته فائدة ونفعًا لي وللمسلمين، وأن يعفو عن زلاتي وأخطائي، وأن يلهمني الصواب، وأن يعينني على ذكره وشكره وحسن عبادته.
- والحمد لله أولاً وآخرًا وظاهرًا وباطنًا، و (سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)
ــــــــــــ حاشية ـــ
(1) كنتُ وأنا في الثالث الابتدائي أدرس مقرر الحساب قبل أن تقرر مقررات الرياضيات،و كان يكثر فيها في أثناء التمارين التي في الدروس عبارة: اشترى أحدهم كذا وكذا، أو قام أحدهم بكذا .. فانطبع في ذهني أن أحدهم هذا اسم لشخص معين، وبقي هذا الظن في ذهني إلى وقتٍ قريب، عرفتُ فيه أن أحدهم تعني شخص غير معين لمجرد التمثيل!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[07 Sep 2009, 10:39 م]ـ
أكرمك الله شيخنا أبا عبد الملك على هذ الفائدة النفيسة .. والتنبيه المهم ..
فإن ربط التسبيح بمعنى التنزيه ونفي النقص فقط ـ على ما يتضمنه من كمال وحسن ـ لكنه ـ في ظني ـ لا يفي بتلك المعاني المتكاثرة التي تليق بكثرة ذكره وتكراره في القرآن العظيم وما يلقيه في روع القارئ من معاني التعظيم والإجلال وشهود الكمال ..
فكيف إذا اقترن بالحمد ..
فلعل الله يفتح عليك ـ شيخنا ـ لتبين لنا ما يتولد من معاني الكمال إاذ اقترن التسبيح بالحمد ..
رفع الله قدركم وزادكم علما وعملا ..
وهنا يمكنك أن تقول (أحدهم) ويكون شخصا معينا عند شيخنا الحبيب أبي عبد الله .. فتنالني دعوته بإذن الله ..
شكرا لله لكم جميعا
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[10 Sep 2009, 12:22 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه الفائدة الطيبة
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 Sep 2009, 02:34 ص]ـ
ليسمح لي الفضلاء بالمشاركة في الموضوع:
أقول ورد لفظ "سبحان" دون إضافة إلى الضمير ستة عشرة مرة وهي حسب ترتيب المصحف كالتالي:
1. سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (الإسراء: 1)
2. أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً (الإسراء: 93)
3. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (الإسراء: 108)
4. لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (الأنبياء: 22)
5. مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (المؤمنون: 91)
6. وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (القصص: 68)
7. فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (الروم: 17)
8. سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (يس: 36)
9. فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (يس: 83)
10. سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (الصافات: 159)
11. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (الصافات: 180)
12. لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (الزخرف: 13)
13. سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (الزخرف: 82)
14. أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (الطور: 43)
15. هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (الحشر: 23)
16. قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (القلم: 29)
ولو تأملنا الآيات السابقة لوجدنا ثمان منها قد ورد لفظ "سبحان" فيها بمعنى التنزيه لوجود ما يدل على ذلك في الآية، وهي كالتالي:
1. لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (الأنبياء: 22)
2. مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (المؤمنون: 91)
(يُتْبَعُ)
(/)
3. وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (القصص: 68)
4. سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (الصافات: 159)
5. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (الصافات: 180)
6. سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (الزخرف: 82)
7. أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (الطور: 43)
8. هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (الحشر: 23)
************************************************** ****************
بينما نلاحظ أن الثمان الباقية لم يقترن بلفظ التسبيح فيها قرينة ظاهرة تدل أن المراد التنزيه، ولكن المتأمل في سياقات السور والآيات أنه لا يمكن جعل هذا اللفظ في مكان للتعظيم دون التنزيه، فكل تعظيم لله تعالى متضمن للتنزيه، ويمكن التأكد من ذلك من خلال مراجعة الآيات ومواردها وتفسيرها وهي على النحو اتالي:
1. سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ (الإسراء: 1)
2. أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً (الإسراء: 93)
3. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً (الإسراء: 108)
4. فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (الروم: 17)
5. سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (يس: 36)
6. فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (يس: 83)
7. لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (الزخرف: 13)
8. قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (القلم: 29)
وورد لفظ " سبحان" مضاف إلى ضمير المخاطب "الكاف" في تسع مواضع معنى التنزيه جلي في بعضها لوجود القرينة، والبعض الآخر حمل اللفظ على معنى التنزيه يحتاج إلى تأمل لتظهر المناسبة، والمواضع هي كالتالي:
1. قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (البقرة: 32)
2. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (آل عمران: 191).
3. وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (المائدة: 116)
4. وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ (الأعراف: 143)
5. دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (يونس: 10)
(يُتْبَعُ)
(/)
6. وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (الأنبياء: 87)
7. وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (النور: 16)
8. قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاء وَلَكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْماً بُوراً (الفرقان: 18)
9. قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ (سبأ: 41)
********
أما لفظ "سبحان" فقد ورد مضاف إلى ضمير الغائب أربعة عشر مرة كلها في سياق التنزيه لظهور القرينة، وهي كالتالي:
1. وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (البقرة: 116)
2. يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً (النساء: 171)
3. وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (الأنعام: 100)
4. اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (التوبة: 31)
5. وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (يونس: 18)
6. قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (يونس: 68)
7. أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (النحل: 1)
8. وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ (النحل: 57)
9. سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوّاً كَبِيراً (الإسراء: 43)
10. مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (مريم: 35)
11. وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ (الأنبياء: 26)
12. اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُم مِّن شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (الروم: 40)
13. لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (الزمر: 4)
14. وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (الزمر: 67)
********
أما الفعل الماضي " سَبَّحَ " فقد ورد ثلاث مرات كالتالي:
1. سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (الحديد: 1)
(يُتْبَعُ)
(/)
2. سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (الحشر: 1)
3. سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (الصف: 1)
*********
أما الفعل " يُسَبِّحُ " فقد ورد اثنتي عشرة مرة و" تُسَبِّحُ " ورد مرة واحده وهي كالتالي:
1. تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً (الإسراء: 44)
2. فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (النور: 36)
3. أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (النور: 41)
4. هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (الحشر: 24)
5. يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (الجمعة: 1)
6. يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (التغابن: 1)
7. إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ (الأعراف: 206)
8. يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (الأنبياء: 20)
9. وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الزمر: 75)
10. الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (غافر: 7)
11. فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (فصلت: 38)
12. تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الشورى: 5)
***********
أما فعل الأمر " سبح" فقد ورد عشر مرات وهي كالتالي:
1. قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ (آل عمران: 41).
2. فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (طه: 130)
3. وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً (الفرقان: 58)
4. فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (غافر: 55)
5. فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (قـ: 39)
6. وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (الطور: 48)
7. سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (الأعلى: 1)
8. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (قـ: 40)
9. وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (الطور: 49)
*********
وفي الختام أرجو من الإخوة الكرام التأمل في هذه الصيغ الواردة والفرق بينها:
"سَبَّحَ لِلَّهِ"
"تُسَبِّحُ لَهُ"
" يُسَبِّحُ لَهُ"
"يُسَبِّحُ لِلَّهِ"
****
"يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ"
****
"وَيُسَبِّحُونَهُ"
"سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ"
"فَسَبِّحْهُ"
*****
فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (الروم: 17)
وكذلك تأمل قول الله تعالى:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) (النور: 41)
وفق الله الجميع لما فيه الخير.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بنت الشرقيه]ــــــــ[13 Sep 2009, 07:40 ص]ـ
السسلام عليكم ورحمة الله وبركآته
بآرك الله فيكم
ونفع بعلمكم الاسلآم والمسلمين
لاحرمتم الاجر
بوركتم ووفقتم ~
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[22 Sep 2009, 02:21 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ونفع بكما
وهنا نقاش مفيد في الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=63244
ـ[حادي الحجيج]ــــــــ[22 Sep 2009, 08:39 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جعل الله فقهي في هذا الباب في موازين حسناتكم
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[23 Sep 2009, 04:47 ص]ـ
أحسن الله إليك شيخنا الفاضل أبا عبدالملك ..
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[23 Sep 2009, 12:55 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ولشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رسالة:
قاعدة حسنة في الباقيات الصالحات وبيان اقتران التهليل بالتكبير والتسبيح وبالتحميد
ـ[الحاتمي]ــــــــ[23 Sep 2009, 07:30 م]ـ
الاصل التوقف في الصلاة حتى يثبت دليلا واضحا ..
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[24 Sep 2009, 01:51 م]ـ
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
فالتسبيح يتضمن التنزيه المستلزم للتعظيم
والحمد يتضمن إثبات المحامد المتضمن لنفي نقائصها
ـ[أبو محمد التميمي]ــــــــ[27 May 2010, 11:28 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , جاء في التحرير والتنوير (وأنقل من الشاملة):
(الافتتاح بكلمة التسبيح من دون سبق كلام مُتضمّنٍ ما يَجب تنزيه الله عنه يؤذن بأن خبراً عجيباً يستقبله السامعون دالاً على عظيم القدرة من المتكلم ورفيع منزلة المتحدَّث عنه. فإن جملة التسبيح في الكلام الذي لم يقع فيه ما يوهم تشبيهاً أو تنقيصاً لا يليقان بجلال الله تعالى مثل {سبحان ربك رب العزة عما يصفون} [الصافّات: 180] يتعين أن تكون مستعملة في أكثر من التنزيه،وذلك هو التعجيب من الخبر المتحدث به كقوله {قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم} [النور: 16]، وقول الأعشى: ... قد قلتُ لما جاءني فخرُه سُبْحَان من علقمَةَ الفاخِرِ ............ ووجه هذا الاستعمال أن الأصل أن يكون التسبيح عند ظهور ما يدل على إبطال ما لا يليق بالله تعالى. ولما كان ظهور ما يدل على عظيم القدرة مزيلاً للشك في قدرة الله وللإشراك به كان من شأنه أن ينطق المتأمل بتسبيح الله تعالى، أي تنزيهه عن العجز.) وهذا يفهم منه أنه لا يلزم لاستعمال لفظ التسبيح أن يكون النقص مذكورا مصرحا به في السياق , وإنما يكفي أن يكون السياق أو الخبر المذكور لعظمته يقتضي نفي نقص , وقد يكون هذا النقص مما يُتوهم أو يرد في الأذهان , كما لا يُغفل عن الجانب الذي أشار إليه ابن عاشور من إيراد لفظ التسبيح في مقام التعجب , مع التنبه إلى أن إرادة هذا المقصد (التعجب) يجتمع مع إرداة معنى (التنزيه).
وألفت النظر أيضا إلى النص الذي نقله الأخ الفاضل في المشاركة السابقة عن ابن تيمية: (فـ"التسبيح" يتضمن: التنزيه المستلزم للتعظيم.) ففرق بين ما يدل عليه اللفظ بالمطابقة و التضمن وما يدل عليه بطريق الالتزام , فالتسبيح بحسب ما ظهر لي بالرجوع إلى كلام أهل اللغة معناه التنزيه عن النقص (وهذه دلالة مطابقة أو تضمن) , وليس هو تنزيها مجردا , بل هو تنزيه يستلزم إثبات كمال الضد =التعظيم (وهذه دلالة التزام) , لأن المتقرر عند أهل السنة أن الله لا يوصف بالنفي المحض الذي لا يستلزم الكمال وإنما يوصف بالنفي المستلزم لإثبات كمال الضد كما قرره ابن تيمية كثيرا في مصنفاته, هذا ما ظهر لي على عجل , أطرحه للمناقشة بين الإخوة, والأمر يحتاج إلى مزيد تأمل , وفق الله الجميع ,,(/)
التفسير العقدي لجزء عم (سورة التكوير)
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[07 Sep 2009, 08:52 م]ـ
بسم اله الرحمن الرحيم
التفسير العقدي لجزء عم
سورة التكوير
(المقطع الأول)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم.
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (6) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (10) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (11) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (13) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (14) فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)) هذه السورة العظيمة تهدف إلى ثلاثة أمور:
الأمر الأول: تقرير عقيدة اليوم الآخر.
الأمر الثاني: تقرير أن القرآن كلام الله.
الأمر الثالث: تقرير المسؤولية البشرية.
يسمي العلماء هذه السورة (سورة التكوير) , وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم، بأول جملة فيها (إذا الشمس كورت) , فقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي:} من سره أن ينظر إلى القيامة رأي العين فليقرأ: (إذا الشمس كورت)، و (إذا السماء انفطرت)، و (إذا السماء انشقت) {. وهذه السور الثلاث متشابهة في مقاصدها، وفي نظمها.
(إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ): استهلّ الله سبحانه وتعالى هذه السورة بأداة الشرط (إذا)، واتبعها بعدة جمل للوصول إلى جواب الشرط. وقد لفت الله تعالى انتباه المخاطبين، من المشركين، الذين يعانون من بلادة التفكير، وعدم الاعتبار بالآيات الكونية، إلى آية باهرة، يرونها كل يوم؛ وهي الشمس التي تطلع عليهم كل صباح، وتغيب عنهم كل مساء. لقد بات هذا المشهد العظيم في حس كثير من الناس منظراً مألوفاً, ولكن الله سبحانه وتعالى يبين أن هذه الصورة المتكررة، وهذا المنظر المألوف، لن يدوم، وأنه سيأتي عليه وقت يختلف عما هو عليه! ولا ريب أن هذا من دواعي هز النفس من أركانها؛ أن يقال إن هذه الشمس، التي تراها صبيحة كل يوم، يطلع قرنها من جهة المشرق، ثم تراها عشية كل يوم، يسقط قرنها في المغرب، أنها في يوم من الأيام تكور! فقال: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ). ومعنى (كورت): لهذه اللفظة أربعة معاني عند المفسرين: فمنهم من قال: " كورت " ذهبت، وزالت. فهذه الشمس المرئية التي لا تخطئها العين، والتي يحال عليها في تحقيق الخبر، كما في الأثر:} على مثلها فاشهد أو دع {, ويقول الناس: " كالشمس في رابعة النهار "، هذه الشمس التي يضرب بها المثل في الوضوح، والتحقق، تذهب. وقيل في معنى " كورت ": أي ذهب ضوئها، يعني خُطف بريقها، وأظلمت، بعد أن كانت نيرة مشعة. وقيل: رميت، وألقيت. ويشهد لهذا المعنى ما جاء في الحديث:} أن الشمس والقمر ثوران عقيران مكوران في النار {فهي تلقى في النار يوم القيامة. وقيل: جمعت، ولفت، كما تكور العمامة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه المعاني الأربعة لا تعارض بينها؛ وذلك أن الشمس مخلوق عظيم، كالجبال، والسماء، والأرض، يعتريها يوم القيامة من الحوادث أحوال عديدة, فمثلاً: يبتدئ الحال بأن تجمع هذه الشمس بعضها على بعض، وتلف, وبعد لفها يذهب ضوئها, وينقبض، وينحسر، ثم بعد ذلك، يذهب بها، فتزال عن موضعها, ثم يرمى بها، فيكون مستقرها أن تلقى في النار، إذ أنها من طبيعة النار؛ فإن الشمس، كما هو معروف عند علماء الفلك، جسم ناري، ملتهب، حتى إن الفلكين يقولون إنه يجري على سطح الشمس من الانفجارات الهائلة، ما يعادل ملايين الانفجارات النووية. فهي جسم ملتهب، متقد، ولذلك يصلنا القدر الذي يكفينا من ضوئها، ودفئها. وبهذا تجتمع المعاني الأربعة للفظ النكوير، دون تعارض.
هذا هو المشهد الأول، يسرح الفكر في تصور هذا المخلوق العظيم، وما يطرأ عليه يوم القيامة من التغيرات الهائلة! ولا شك أن تحول المناظر المألوفة، مما يبعث على الفزع, فإن الشيء المستقر الراتب إذا تغير يبعث على الفزع، ويحرك القلوب الراكدة.
(وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ): النجوم هي هذه النقاط التي نراها في قبة السماء، ليلاً، تبعث الضوء، وتبدو لنا صغيرة, وإن كان أهل الفلك يقولون إنها شموس كبيرة، جبارة، ولكن لبعد مسافاتها، التي تقاس بالسنين الضوئية، تبدو لنا كالنقط. وللمفسرين في معنى (انكدرت) أقوال: فمنهم من قال: إن معنى (انكدرت) تناثرت، وتساقطت، وتهافتت, شذر مذر، وتقع على الأرض من عليائها. وهذا أيضاً أمر يدعو للفزع؛ فإن الإنسان إذا رأى الشهب، والنيازك، تتقاذف في السماء أصابه روع, ولو وقع شيء منها على شيء من الأرض، أحرقه، أوترك فيها أثراً، وحفراً، يجده الناس في الصحاري، أحياناً , فكيف إذا كانت هذه النجوم، التي تعد بالملايين، يجري لها هذا الأمر؟! ويشهد لهذا المعنى قول الله تعالى في السورة التالية: (إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ , وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ) فهذا من الانتثار. وقيل في معنى (انكدرت): تغير لونها , فإن الكدرة هي تغير اللون، بحيث يخبو البريق، ويذهب الوهج. وهذا أيضاً حاصل؛ فإنها تسلب لمعانها، وبريقها الذي هي عليه في الدنيا. إذاً هذا مظهر آخر من مظاهر القيامة.
(وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ): هذه الجبال الرواسي، الشامخات، التي يضرب بها المثل في الثبات، تزول عن أماكنها، ويسيُّرها الله عز وجل، كما قال في الآية الأخرى: (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ). وهذا هو أحد أحوال الجبال يوم القيامة، وهو حال التسيير؛ بأن تزول من أماكنها، التي كانت قد ثبتت، وأرسيت فيها، فتسير سيراً عجيباً. ثم يتلو هذا التسيير مرحلة النسف، كما قال الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا). ويتلو هذا الحال مرحلة البس، والدق، حتى تعود هباءً منبثاً، كما قال الله عز وجل: (وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا. فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا). وهكذا ينبغي أن تجمع الآيات في القضية الواحدة، ليكتمل فهمها , فلا يقال إن هذا يعارض هذا , بل يقال: إن يوم القيامة يوم طويل، تحصل فيه هذه الأحداث المتنوعة، وتتوالى.
(وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ): والعشار هي النوق العشراء، أي التي بلغت الشهر العاشر في حملها، وصارت على وشك الوضع. والنوق كانت، ولا تزال، أنفس أموال العرب, فكيف إذا كانت هذه النوق على وشك الولادة؟ لا شك أن ثمنها يعلو؛ لأن الذي يملكها يطمع في الاستيلاد، والنتاج. ومعنى (عطلت): أهملت، وتركت بلا راعٍ يرعاها، ولا موالٍ يواليها. دفع إلى ذلك هول الموقف.
(وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ): الوحش هو الحيوان غير المستأنس، الذي يعيش في الفلوات. قيل في معنى (حشرت): ماتت، وقيل، وهو الأقرب، أي جمعت؛ لأن الحشر هو الجمع الذي يصاحبه ضيق، واكتظاظ، وازدحام، كما قال الله عز وجل: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) , فهذه الوحوش التي عاشت على وجه الأرض، مما نرى، ومما لا نرى، ومما انقرض، كلها يوم القيامة تحشر، وتجمع. ويمكن الجمع بين القولين بأنها تجمع أولاً، ثم تموت، بعد ذلك؛ فإنه يقال لها: كوني تراباً.
(يُتْبَعُ)
(/)
(وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ): البحار تشمل ما نسميه الآن البحار، والمحيطات، والأنهار, فإن هذا كله يشمله اسم البحر, قال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) , فالبحر يطلق على مجتمع الماء الكثير. وقد وردت قراءة بالتشديد، يعني بالتضعيف (سُجِّرت) , ووردت بالتخفيف (سُجِرَت). والتسجير له عدة معاني , فقيل إن معنى (سجرت) أي أوقدت، وأشعلت , وقيل: امتلأت، وفاضت , وقيل: يبست.
وكما قلنا في أمر الجبال، وفي أمر الشمس، نقول أيضاً في أمر البحار: إن هذه البحار يعتريها أحوال يوم القيامة, فلعل أول ما يعتريها أنها تفجر، كما في السورة التالية: (وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ) أي فاضت، وامتلأت، فاختلط الماء العذب، بالماء الحلو، وفاضت عن حدها، ووعائها الذي كان يحفظها, فإن الله سبحانه وتعالى قال: (وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا) فهذا البرزخ يكسر يوم القيامة، ويقع امتلاء وفيضان. ثم يقع بعد ذلك التسجير، بمعنى الإيقاد، والإشعال، كما قال في السورة الأخرى: (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) يعني: الموقد المضطرم ناراً, فيجري إيقاد، وينشأ عن هذا الإيقاد أن يتبخر هذا الماء، فتيبس البحار. فتكون هذه المعاني محمولةً على أحوال مختلفة، فلا يكون هذا من باب التعارض والتناقض, وإنما من باب التنوع. فهذه الألفاظ ألفاظ مشتركة تستعملها العرب على معانٍ متعددة. ومن بلاغة القرآن أن المعنى يحمل هذه الألفاظ على وجه لا تعارض فيه.
هذه الأمور الستة، روي عن أبي ابن كعب، رضي الله عنه، أنها تقع يوم القيامة، قبل البعث، مقارنة لنفخة الصعق, وأما ما بعدها، مما سيأتي، فيقع بعد البعث. وإذا أطلق (يوم القيامة) فقد يراد به ما يصاحب نفخة الصعق، وقد يراد به ما يتلو نفخة البعث؛ لأن النفخ نفختان، كما قال الله عز وجل: (ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى) , نفخة للصعق، ونفخة للبعث. وأضاف بعض العلماء نفخة ثالثة، وهى نفخة الفزع! لكن الذي تدل عليه الأدلة أنهما نفختان. فهذه الأمور الستة التي ذكر الله تعالى في مطلع السورة (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (1) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (2) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (3) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (4) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (5) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ) تكون مصاحبة لنفخة الصعق، بين يديها، فيبصرها الناس، ويقع من جراء ذلك فزع عظيم لهذا التغير الكوني.
(وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ): هذا يكون بعد البعث. ومعنى (زُوِّجَتْ) أي: قرنت النفوس بالأبدان، أو بالأجساد التي كانت تعمرها في الدنيا. وقيل: أي قرن الأشباه، والنظائر، بعضها ببعض؛ فاليهودي مع اليهودي، والنصراني مع النصراني، كما قال الله تعالى: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ) يعني أشكالهم وأشباههم , فيكون معنى "زوجت" يعني قرنت بأشباهها، وأشكالها. ولعل هذا المعنى أرجح؛ وذلك أن الله، سبحانه وتعالى، دوماً ينبه على هذا، كما في قوله: (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) , وقال: (فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ. وَأَصْحَابُ الْمَشَْمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ. وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) , فهذا التصنيف، والتوزيع، والقرن، هو التزويج المراد بقوله: (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ).
(وَإِذَا الْمَوْؤدَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ): الموؤدة: البنت التي يقتلها أبوها في صغرها، إما خشية العار، وإما خشية الحاجة، أو خشية الأمرين معاً. فقد كان أهل الجاهلية، والعياذ بالله، يئدون البنات, قال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيم ,ٌ يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب) , روى الإمام الدارمي رحمه الله في مطلع سننه أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ، صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ وَعِبَادَةِ أَوْثَانٍ، فَكُنَّا نَقْتُلُ الأَوْلاَدَ، وَكَانَتْ عِنْدِى بِنْتٌ لِى، فَلَمَّا أَجَابَتْ عِبَادَةَ الأَوْثَانِ، وَكَانَتْ مَسْرُورَةً
(يُتْبَعُ)
(/)
بِدُعَائِى إِذَا دَعَوْتُهَا، فَدَعَوْتُهَا يَوْماً فَاتَّبَعَتْنِى، فَمَرَرْتُ حَتَّى أَتَيْتُ بِئْراً مِنْ أَهْلِى غَيْرَ بَعِيدٍ، فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا فَرَدَّيْتُ بِهَا فِى الْبِئْرِ، وَكَانَ آخِرَ عَهْدِى بِهَا أَنْ تَقُولَ: يَا أَبَتَاهُ يَا أَبَتَاهُ. فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى وَكَفَ دَمْعُ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: أَحْزَنْتَ رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُ: «كُفَّ، فَإِنَّهُ يَسْأَلُ عَمَّا أَهَمَّهُ». ثُمَّ قَالَ لَهُ: «أَعِدْ عَلَىَّ حَدِيثَكَ». فَأَعَادَهُ، فَبَكَى حَتَّى وَكَفَ الدَّمْعُ مِنْ عَيْنَيْهِ عَلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ عَنِ الْجَاهِلِيَّةِ مَا عَمِلُوا، فَاسْتَأْنِفْ عَمَلَكَ».
كان هذا حالهم، والعياذ بالله، يئدون البنات؛ لأنهم يخشون العار؛ لما يقع بينهم من الغزو، والسلب، والنهب، فيخشون أن تؤسر، فتقع في يد عدوه، فيكون عاراً عليه, أو يفعلون ذلك بسبب الفقر، أو الخوف منه. ولهذا نهاهم الله عز وجل: (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ) , (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ).
(بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ): هذا السؤال من الله عز وجل في ذلك اليوم، ما أثقله، وما أعظمه على ذلك الوائد! وماذا يكون جواب هذه الموءودة؟ وقد جاء في قراءة (بأي ذنب قُتِلْتِ) على سبيل الخطاب. ولا شك أنه لا ذنب لها, وإنما الذنب يتحمله هذا الوائد، القاطع. وهذا مما أكرم الله تعالى به المرأة في هذه الشريعة العظيمة، أن حفظها من هذا الهوان وهذا القتل.
(وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ): المراد بالصحف: صحائف الأعمال، التي يقيد بها الكرام الكاتبون ما يخرج من الإنسان من خير، أو شر. ومعنى (نشرت): أي فتحت، وأبرزت, فلا خفاء، ولا سر , بل عدل ظاهر, وحق بين. وهذا من كمال عدل الله عز وجل, واعتبار الشارع بالتوثيق, فكل إنسان يقيد عليه ما طار منه من عمل، كما قال الله عز وجل: (وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا) يعني ما طار منه من عمل, لأن ما يبدر منك من فعل، أو قول، كالطائر الذي فر منك، لا سبيل إلى رده, فلذلك سمي طائراً, ومعنى (منشوراً): أي مفتوحاً.
(وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ): هذا مظهر عجيب! هذه السماء التي يُسَرِّح الإنسان فيها طرفه، ويجول في أرجائها، ويبحث عن موضع ثقب، ولو كجب الإبرة، فلا يجده! كما قال الله تعالى: (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ) , فهي سماء محكمة، مسمتة , لا يوجد فيها أدنى خلل, في يوم القيامة تكشط، أي: تسلخ كما يسلخ الجلد من الذبيحة, حين يضع الجزار عليها قدمه، أو فيها يده، ويكشط الجلد! هكذا تكشط السماء. قال الله تعالى في الآية الأخرى: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) السجل: هو ما تحفظ فيه الكتب، والمواثيق، يدار، فتسل فيه الورقة. فهذه السماء تطوى طياً، وعبر هاهنا بالكشط وهو الإزالة. ومن شواهد ذلك، أن الله تعالى عبر بالتشقق، حيث قال: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ) فكل سماء تنفرج وتنشق عن السماء التي فوقها.
ولا ريب أن هذه الأمور أمور غيبية، نفهم منها المعنى العام، المشترك، الذي دلت عليه اللغة, لكننا لا نحيط بالكيفية. فما دل عليه القرآن من أحوال يوم القيامة، ومن صفات الرب سبحانه وتعالى، وسط بين طرفين؛ لا هو كلام أعجمي غير مفهوم، ولا هو حكاية كيفية تتخيلها الأذهان, بل هو إدراك للمعنى، دون إدراك للكيفية. فنحن إذا قرأنا هذه الآيات المتعلقة باليوم الآخر , أو الآيات المتعلقة بصفات الرب سبحانه وتعالى، ندرك منها بمقتضى الوضع العربي معاني معينة, لكننا لا ندرك الحقائق، والكنه، والكيفيات, ولا شك أن إدراكنا للمعاني كافٍ في حصول الموعظة، والعبرة، والتأثير.
(يُتْبَعُ)
(/)
(وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ): الجحيم: اسم من أسماء النار, وهي تدل على الجهامة، والظلمة, فهي سوداء، مظلمة، يحطم بعضها بعضاً. ومعنى قوله: (سُعِّرَتْ) أي: زيد في إيقادها، وتسعيرها, وإلا فإنها مخلوقة، موجودة، وهذا هو الذي دلت عليه النصوص, لكنها يوم القيامة تَهيُئ لأضيافها، وبئس الأضياف، وبئس النزل.
(وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ): روي عن بعض السلف أن الآيتين (وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (12) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ)، هما مجرى الخطاب، يعني أن كل ما سبق، ذكر للوصول إلى هذا الأمر، أي إلى جحيم تسعر، أو جنة تزلف. ومعنى (أزلفت): أي: قربت، وأدنيت. ولهذا كان من شأن الجنة، أنها تفتح أبوابها تلقائياً, وأن النار، والعياذ بالله، تفتح فجأة, كما ذكر الله ذلك في آخر سورة الزمر (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) وفي هذا صدمة وهول, بينما قال في الجنة: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) كأنما هناك تهيؤٌ، واستقبال، وحفاوة مسبقة. نسأل الله من واسع فضله.
(عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ): هذا جواب الشرط, ذكر بعد ثلاثة عشر جملة من قوله: (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) إلى قوله: (وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ) , و (نَفْسٌ): اسم جنس، يعني نفس من النفوس, كما قال الله تعالى: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا). ولا ريب أن من مرت به هذه المواقف المقارنة لقيام الساعة, والمواقف والأحوال التي تتلو البعث، يدرك يقيناً ما هو عليه. وهذا الشوط من الآيات شوط مهول, شوط يهز القلب من أركانه، وترتجف له النفوس الحية. وتأمل وقع هذه الآيات على قوم ينكرون البعث! فإذا كان المؤمن الذي علم مسبقاً بهذا الأمر، وتلا السورة، وأمثالها، مراراً، يتأثر قلبه لتكرارها, فما بالك بهذا الذي قد أعفى نفسه من التفكير في هذه الأمور، وقيل له سيقع كذا وكذا. فلا ريب أن هذا يهزه هزاً عظيماً، ويجعله أمام مفترق طرق, فإما أن يتبع هذا النبي الذي جاء بهذا الحق, وإما أن يختار الأخرى. وهذه مجازفة، ومغامرة، تجعله أمام خيار صعب.
الفوائد المستنبطة
الفائدة الأولى: بيان هول يوم القيامة.
الفائدة الثانية: بيان عظيم قدرة الله تعالى؛ فهذا الكون المنتظم، الرتيب، بأفلاكه العلوية، ومخلوقاته السفلية، يخلفه الله عز وجل، ويغير نمطه.
الفائدة الثالثة: شناعة جريمة الوئد، حيث خصها الله بالذكر في هذا السياق المليء بالآيات الكونية، والأحداث الكبرى.
الفائدة الرابعة: بيان كمال عدل الله.
الفائدة الخامسة: إثبات الجنة والنار، وأنهما مخلوقتان.
الفائدة السادسة: إقرار المرء بعمله يوم القيامة
بقلم الشيخ:د. أحمد بن عبد الرحمن القاضي حفظه الله تعالى.
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[10 Oct 2009, 04:49 م]ـ
العقيدة والقرآن» التفسير العقدي لجزء عم (سورة التكوير) المقطع الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
التفسير العقدي لجزء (عم)
سورة التكوير
(المقطع الثاني)
فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16) وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (17) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (23) وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ (24) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (26) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29)) (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ): (فلا أقسم) هذا التعبير كثير في كتاب الله عز وجل , كقول الله تعالى: (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) , (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ) , وقد اختلف المفسرون في توجيهه , فقال
(يُتْبَعُ)
(/)
بعضهم إن " لا " زائدة , والمراد: " أقسم " , وإنما نفى القسم، لكون الأمر من الوضوح والبيان، لدرجة لا يحتاج فيها إلى القسم. وهذا أبلغ. وقال بعضهم: إن معنى قوله (لَا أُقْسِمُ) أو (فَلَا أُقْسِم ُ) على تقدير محذوف, أي: ليس الأمر كما تظنون، (أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) , ولا الأمر كما تظنون (أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ). فالمنفي هو ذلك الباطل الذي يعتقدون. وبعضهم قال إن "لا" زائدة لفظاً لا معنىً؛ يعني أنه لا يراد بها حقيقة النفي، وإنما يراد بها التأكيد.
واختلف العلماء في المرادبـ (الخنس الجوار الكنس) على ثلاثة أقوال: فقيل: المراد بها النجوم السيارة, وقيل الكواكب المعروفة, وقيل: الظباء، أو بقر الوحش. ومعنى (الخنس) التي تغيب وتطلع. ومعنى (الْجَوَار) النجوم التي تجري في فلكها، أو الظباء في فلاواتها. ومعنى (الْكُنَّسِ): المكان الذي تختفي فيه الظباء والوحوش، أي المكانس، وهي الحجر التي تأوي إليها. وأرجح هذه الأقوال الثلاثة النجوم, وإن كان ابن جرير، رحمه الله، رجح بأن المراد كل ما يخنس، ويجري، ويدخل في كناسه، وأن كل ذلك يصلح محلاً للقسم. لكن يؤيد كونها النجوم أن النجوم أبين، وأظهر؛ يراها الناس جميعاً، وتؤيدها آية الواقعة (فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ).
(إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ): (إنه) أي القرآن, (رسول كريم) المراد به جبريل عليه السلام. وهذا لا يعني أن القرآن من كلام جبريل, وإنما المراد أنه مبلغ عن مرسله، فوظيفته في هذا الأمر النقل، والتبليغ. ولهذا عرفه بأنه رسول
(ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ): (ذي العرش) هو الله سبحانه وتعالى, (مَكِينٍ) يعني: ذي مكانة، ومنزلة.
(مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) (مطاع) يعني أن جبريل، عليه السلام، تطيعه الملائكة, (ثَمَّ أَمِينٍ) يعني أنه مؤتمن على الوحي. وكل هذا توثيق للرسالة.
(وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ): المراد بالصاحب محمد صلى الله عليه وسلم. وإنما نفى عنه الجنون، لأنهم كانوا ينبزونه به، فبرأه الله من ذلك.
(وَلَقَدْ رَآَهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ):أي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام، بالأفق المبين، وهو مطلع الشمس، أو مغربها، مكان التقاء الأرض بالسماء.
(وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ): (ضنين) أي لا يبخل بالوحي، ولا يأخذ عليه أجراً. وفي قراءة أخرى (ظنين) يعني من الظِّنة، أي ليس محلاً للتهمة، والظنة. فليس بمتهم في تبليغ رسالات ربه، وفي هذا أعظم التزكية.
(وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (25) فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ): مما برأ الله تعالى به كلامه، أنه ليس بقول شيطان رجيم. فقد فكان من مزاعم كفار مكة أن الشياطين هي التي تلقي إلى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام، وأن له رئي من الجن، يعني صاحب من الجن. والحملة الإعلامية التي كانوا يشوهون بها دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يزعمون أن للنبي صلى الله عليه وسلم رئي من الجن يلقنه هذه الكلمات، كما يلقن الجن السجع للكهان. فكلام الله بريء من ذلك. وكلمة " شيطان " مشتقة من الشطن، وهو البعد وذلك، لإبعاد الله تعالى له , ومعنى (رجيم): أي مرجوم، وملعون، ومطرود عن رحمة الله. وفي هذا أيضاً تبرئة، وتوثيق للقرآن العظيم، من أن يكون التبس به شيء، أو خالطه شيء من إلقاء الشياطين. يقول ربنا عز وجل: (وَمَاأَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) يعني أن الشياطين تحاول التلبيس على الوحي، والتأثير على النبي، بأن تدخل فيه ما ليس منه. ووجه دلالة الآية , من قوله: (تمنى) يعني تلا, وليس المراد تمنى من الأماني , وإنما من الأمنية وهي، التلاوة، كما قال الشاعر:
تمنى كتاب الله أول ليلة وآخرها لاقى حمام المقادر
(يُتْبَعُ)
(/)
ومعنى (أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ): يعني أدخل الشيطان لفظاً في تلاوته. لكن الله عز وجل قد تكفل بعصمة الوحي، قال: (فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). وقد روي في سبب نزولها عن سعيد بن جُبَيْر، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة "النجم" فلما بلغ هذا الموضع: (أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى) قال: فألقى الشيطان على لسانه: "تلك الغَرَانيق العلى. وإن شفاعتهن ترتجى". قالوا: ما ذكر آلهَتنا بخير قبل اليوم. فسجَدَ وسجدوا، فأنزل الله عز وجل هذه الآية: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) رواه ابن أبي حاتم، وابن جرير. وقال ابن كثير: (ولكنها من طرق كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح، والله أعلم)
وقد صنف فيها الشيخ ناصر الدين الألباني، رحمه الله، رسالة بعنوان " نصب المجانيق في نسف قصة الغرانيق " والمجانيق: جمع منجنيق: هو آلة حربية، يوضع في كفتها ثقل، ويرمى به القلاع، والحصون، فتهدم الجدران. والرسالة المذكورة، اسم على مسمى، فقد نسف هذه القصة من الناحية الحديثية. وعلى أي حال، لو قدرنا أن شيئاً مثل هذا قد وقع، بدلالة آية الحج (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ) فنقول: لو قدر أن وقع شيء من ذلك، وأدخل الشيطان في الآيات ما ليس منها، فإن الله سبحانه وتعالى يبطل هذا الدخيل، ويبقي كلامه الأصيل، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فلم يبق محذور.
(وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ): هذا ردٌّ على القدرية الذين ينكرون القدر السابق. ورد على الجبرية الذين ينكرون مشيئة العبد. فقد أثبت الله للعباد مشيئة حقيقية، داخلة تحت مشيئته، خاضعة لإرادته.
وبهذا كانت هذه السورة العظيمة قد حققت مقاصدها الجليلة. ومن هذه المقاصد:
1. الإيمان بالساعة واليوم الآخر.
2. الإيمان بالقرآن وأنه كلام الله المنزل من عنده.
3. الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.
4. إثبات مشيئة العباد وأفعالهم التي يتعلق بها الثواب والعقاب.
وهذه المقاصد العظيمة أسس الاعتقاد , تحفر في عقول المخاطبين، وتقر في قلوبهم، أن يؤمنوا بالبعث وما يجري يوم القيامة, وأن يؤمنوا بهذا القرآن الذي يتلى عليهم، وأنه ليس كلاماً كسائر الكلام, ليس من سجع الكهان، وليس من شعر الشعراء، ولا غير ذلك من كلام البشر, بل هو كلام كريم، من رب العالمين. كذلك هذا الشخص المبلغ له مزية, فهو وإن كان بشراً، يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق, لكنه يوحى إليه. (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يوحى إلي). هذه كلها مفاصل الاعتقاد , ثم ما يترتب على هذه الجمل الإيمانية، والأصول العقدية، من الأثر البالغ، وهو تعليقهم بمسئوليتهم، التي مكنهم الله تعالى فيها؛ من الأدوات، والآلات، فأثبت لهم مشيئة، وفعلاً، وقدرة، واختياراً , على أساسه يترتب الثواب، والعقاب. فيا للعجب هذه السورة على قصر آياتها، كيف احتوت هذه الأصول العقدية العظيمة!
الفوائد المستنبطة:
الفائدة الأولى: بلاغة القرآن، وقوة تأثيره, تأمل قول الله تعالى: (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ. الْجَوَارِ الْكُنَّسِ. وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ. وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ) , لا تفي العبارات لتصوير الأثر الذي ينقدح بالنفس، من هذه الجمل الرصينة المؤثرة , فهذا مظهر لبلاغة القرآن وجزالته، لاسيما القرآن المكي.
الفائدة الثانية: إقسام الله بما شاء من مخلوقاته, فلله عز وجل أن يقسم بما شاء من مخلوقاته , لكن ليس للمخلوق أن يقسم إلا بالله عز وجل , فمن حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك.
الفائدة الثالثة: التنبيه على أن مهمة جبريل، عليه السلام، هي البلاغ، أخذاً من قوله: (رسول).
(يُتْبَعُ)
(/)
الفائدة الرابعة: شرف جبريل، عليه السلام، وفضله على سائر الملائكة, حيث وصفه الله بأنه " كريم " وأنه " مطاع " وأنه " أمين ".الفائدة الخامسة: تبرئة النبي صلى الله عليه وسلم مما نبزه به المشركون بالجنون.
الفائدة السادسة: وفور عقل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن نفي الله تعالى عن نبيه الجنون يتضمن إثبات كمال ضده , فليس المقصود فقط أنه ليس بمجنون، وحسب, بل ليس بمجنون، وفوق ذلك هو وافر العقل، والرأي، والرشد.الفائدة السابعة: ثبوت اللقيا بين النبي صلى الله عليه وسلم، وبين جبريل، عليه السلام، واتصال سنده برب العالمين، لقوله: (ولقد رآه بالأفق المبين). الفائدة الثامنة: الشهادة الربانية للنبي صلى الله عليه وسلم، بكمال البلاغ, لقوله تعالى: (وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ).
الفائدة التاسعة: عصمة الوحي من إلقاء الشياطين، وتلبيسهم, لقول الله تعالى: (وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ).
الفائدة العاشرة: عموم دين الإسلام للعالمين, لقوله تعالى: (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ).الفائدة الحادية عشرة: كون القرآن ذكراً، يرفع الجهل والغفلة, لقوله: (إن هو إلا ذكر للعالمين).
الفائدة الثانية عشرة: إثبات مشيئة العباد وأفعالهم , لقوله تعالى: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ).الفائدة الثالثة عشرة: الرد على الجبرية الذين ينكرون مشيئة العباد.
الفائدة الرابعة عشرة: أن التزام الدين استقامة، وتركه اعوجاج , لقوله تعالى: (لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) , فالمعيار في الاستقامة: موافقة الشرع، والوحي, والمعيار في الوسطية موافقة الشرع والوحي. وتجد بعض الناس يصنف الآخرين على ما يحلو له؛ فيقول: فلان متشدد، وفلان متساهل، وفلان متوسط بناءً على معيار غير دقيق, فإذا رأى من يلتزم بالسنن، ويحافظ على هدي النبي صلى الله عليه وسلم قال عنه: فلان متشدد, سبحان الله! هذا ليس معياراً صحيحاً؟ بل هذا انحراف, فالمستقيم حقاً, والمتوسط حقاً، هو من وافق هدي النبي صلى الله عليه وسلم فإن زاد فهو متشدد , وإن نقص فهو مفرط.
الفائدة الخامسة عشرة: إثبات عموم مشيئة الله تعالى, لقوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ).
الفائدة السادسة عشرة: الرد على القدرية, فإن غلاة القدرية، ينكرون مراتب القدر الأربع كلها، فيقولون لم يعلم، ولم يكتب، ولم يشأ، ولم يخلق أفعال العباد! ومقتصدوهم، وهم المعتزلة، قالوا: علم، وكتب, لكن لم يشأ، ولم يخلق! الفائدة السابعة عشرة: أنه لا تنافي بين إثبات المشيئتين , لأن مشيئة الله شاملة لمشيئة العبد. والدليل على ذلك، أن العبد إذا شاء، والرب لم يشأ، لم تقع مشيئة العبد, لقوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) , لكن في نفس الوقت العبد له مشيئة حقيقية , ليس مضطراً, ولا مكرهاً، ولا مجبوراً, على أفعاله الاختيارية، بل يأتي الأشياء، ويذرها بمحض اختياره، وسبق إصراره. وهذا أمر مدرك؛ كل إنسان يجده من نفسه، ويفرق بين أعماله الاضطرارية، وأعماله الاختيارية, ولا ينازع في هذا إلا مخبول. فأنت تفرق بين أن تنزل من السطح إلى الأرض درجة درجة, وبين أن تتدحرج حتى تصل القاع. الأولى اختيارية , والثانية اضطرارية.
الفائدة الثامنة عشرة: كمال عدل الله، وعلمه؛ لأن إثبات مشيئة الله العامة، تدل على إثبات علمه، لوقوع الأشياء وفق معلومه. وكونه سبحانه أعطى العبد مشيئة، وفعلاً، واختياراً، رتب عليه الثواب، والعقاب، يدل على كمال عدله. والله أعلم.(/)
في ما يسمى بالقراءة التفسيرية
ـ[ناصر المطيري]ــــــــ[08 Sep 2009, 10:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بحث مختصر يفتقر الى تقييم الاخوة.
اولا سبب هذه التسمية:
سببها والعلم عند الله هو عدم اثبات قرءانيتها وانها خرجت على انها تفسير وليست قراءة.
الامر الآخر مخالفتها مصحف الامام فلذلك وجهها بعض العلماء هذا التوجيه.
وهذا فيه نظر من وجوه:
1_ ورود بعض الآثار وثبوت بعضها بالقراءة بها في الصلاة وعلى انها قراءة وليست تفسير وإليك بعضها:
أ- ما اخرجهابو عبيد في الفضائل عن ابن عباس ان عمر رضي الله عنهما سأله هل كانت جاهلية غير واحدة فقال له ابن عباس يا امير المؤمنين أوما سمعت اولى إلا لها آخرة فقال هات من كتاب الله ما يصدق ذلك فقال ابن عباس ان الله يقول (وجاهدوا في الله حق جهاده) كما جاهدتم اول مرة <الحج 78>.
ب- ما اخرجه ابو عبيد في الفضائل عن جتثمة بن رئاب قال سألت سلمان عن هذه الآية (ذلك بإن منهم قسيسين ورهبانا) فقال دع القسيسين في الصوامع والخرب اقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (ذلك بإن منهم صديقين ورهبانا).
ج- ما اخرجه ابو عبيد عن ابي الدرداء رضي الله عنه اها قرأ (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والانثى) وقال هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها.
وهذا الحديث خاصة نص لا يحتمل التأويل.
(وانظر المصاحف لابن ابي داود 1_286 ط دار البشائر)
= وذكر ابن عبد البر في التمهيد <3 - 488 ط دار احياء التراث)
عن ابن وهب انه ذكر في كتاب الترغيب في جامعه قال قيل لمالك اترى ان يقرأ بمثل ما قرأ عمر فامضوا الى ذكر الله (انظر جعلها قراءة ولم يجعلها من قبيل التفسير) فقال كل ذلك جائز
وهذه رواية عن الامام احمد واختارها ابو العباس واحد القولين لاصحاب الشافعي وابي حنيفة رحم الله الجميع
ونختم بكلام لابن عثيمين رحمه الله (الممتع 3 - 82) قال رحمه الله
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في هذه القراءة الشاذة
واصح الاقوال انه اذا صحت هذه القراءة عمن قرأ بها من الصحابة فإنها مرفوعة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكون حجة وتصح القراءة بها في الصلاة وخارج الصلاة
لكن لا نقرأ بها امام العامة لاننا اذا قرأنا بها امام العامة حصل بذلك فتنة وتشويش وفلة اطمئنان الى القرآن وقلة ثقة به.
والله اعلم
وننتظر من الاخوة تعليقاتهم ومشاركاتهم والافادة منهم وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[08 Sep 2009, 04:21 م]ـ
لقد أنعقد الاجماع على أن القراءة المعتد بها هي ما توفر فيها ثلاثة شروط:
السند الصحيح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
موافقة خط المصحف
موافقة وجه في اللغة
وبهذا تبقى القراءة الشاذة كغيرها من الأخبار المختلف فيها يمكن الاجتهاد في فهمها لكن لا يجوز أن يعارض بها المجمع عليه.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[ناصر المطيري]ــــــــ[08 Sep 2009, 07:17 م]ـ
نشكر مرورك اخي الكريم
وقولك انعقد الاجماع
فأين تذهب بهذه الاقوال
وهل ينعقد اجماع بعد خلاف
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[08 Sep 2009, 11:06 م]ـ
نشكر مرورك اخي الكريم
وقولك انعقد الاجماع
فأين تذهب بهذه الاقوال
وهل ينعقد اجماع بعد خلاف
الإجماع منعقد على ما في المصحف وما هو خارج المصحف فهو المختلف عليه، فلا يعارض المجمع عليه بما هو مختلف فيه.
أما الأقوال التي ذكرت فيكفي أنها تدور حول ما سمي بالقراءة الشاذة، والشاذ لا عبرة به.
أما قولك هل ينعقد إجماع بعد خلاف؟
فأقول:
ارجع إلى المباحث الأصولية وستجد ما يروي غليلك.
وفقك الله وسدد خطاك
ـ[ناصر المطيري]ــــــــ[08 Sep 2009, 11:30 م]ـ
انا اسألك لتجيب بارك الله فيك
لا لتحيلني فأنا اعرف ما فيها بفضل الله
اما الاصطلاح بتسميتها شاذة فلا يعدوا ان يكون اصطلاح متأخرا دهرا طويلا لا يحاكم عليه ما ثبت وصح سنده خصوصا عن الصحابة رضي الله عنهم
اما لو قلت الاولى المنع من قرائتها لوافقتك
اما قولك فلا يعارض المجمع عليه المختلف فيه
فليتك تبين لنا وجه المعارضة
وهل الاولى الجمع ام الترجيح
وفقك الله وسدد خطاك
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 Sep 2009, 12:01 ص]ـ
انا اسألك لتجيب بارك الله فيك
لا لتحيلني فأنا اعرف ما فيها بفضل الله
اما الاصطلاح بتسميتها شاذة فلا يعدوا ان يكون اصطلاح متأخرا دهرا طويلا لا يحاكم عليه ما ثبت وصح سنده خصوصا عن الصحابة رضي الله عنهم
اما لو قلت الاولى المنع من قرائتها لوافقتك
اما قولك فلا يعارض المجمع عليه المختلف فيه
فليتك تبين لنا وجه المعارضة
وهل الاولى الجمع ام الترجيح
وفقك الله وسدد خطاك
أما أنا فقد أجبتك
وما دام أنك تعرف ما فيها فليتك تؤيد اختيارك في هذه المسألة بما تقرر عند أهل الأصول.
أما تأخر استخدام المصطلح فليس بمؤثر في المسألة فالعبرة بالحقيقة وهي أن هذه الأقوال شاذة.
أما المعارضة فالمثال يوضح المسألة:
قراءة بن مسعود " ثلاثة أيام متاتبعات"
فهل نعد لفظ" متابعات "من القرآن؟
وإذا قلنا إنها قرآن أليس هذا معارض لما في المصحف وهو المجمع عليه؟
وإذا ترى يمكن الجمع فتفضل علينا:كيف نفعل ذلك؟
تذكر أنا أتكلم عن قرآنية اللفظة من عدمها، وليس عن حكم الصوم هل يجب فيه التتابع أم لا.(/)
ندوة علمية عن الإعجاز العلمي ببرنامج (الأجر والأجران) على قناة دليل الفضائية
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[08 Sep 2009, 04:56 م]ـ
تقيم قناة دليل ندوة علمية مباشرة عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، وذلك في برنامج (الأجر والأجران) الحواري الذي يقدمه مدير قناة دليل الشيخ عبدالله بن مرزوق القرشي. وسيشارك في هذه الندوة:
1 - د. مساعد بن سليمان الطيار، الأستاذ المشارك بجامعة الملك سعود.
2 - د. عبد الرحمن بن معاضة الشهري،الأستاذ المساعد بجامعة الملك سعود.
3 - الشيخ محمد حسن الددو، مدير مركز تكوين العلماء بموريتانيا.
4 - د. إسماعيل القريشي (من الهيئة العالمية للإعجاز العلمي)
وستبث الحلقة يومي الثلاثاء والأربعاء (18/ 19 رمضان 1430) في تمام الساعة 12 ليلاً بإذن الله ..
نسأل الله للمشاركين التوفيق والسداد في القول والعمل ...
ـ[محب القراءات]ــــــــ[08 Sep 2009, 07:38 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا مبارك , وآمل من الإخوة تسجيل الحلقة , وتنزيلها في الملتقى.
أسأل الله أن يبارك في هذه الندوة وينفع بها.
ـ[نايف السحيم]ــــــــ[08 Sep 2009, 08:10 م]ـ
بارك الله فيك شيخ فهد
كنت بنزل الاخبر لكن سبقتني:)
جزاك الله خير
ـ[محب القراءات]ــــــــ[09 Sep 2009, 02:42 م]ـ
الحلقة الأولى كانت شيقة ورائعة , ومن فاتته فليحرص على متابعة الجزء الثاني.
وهنا تلخيص لأهم ماورد في الجزء الأول من الندوة: تلخيص مقتضب لمحاور حلقة الإعجاز العلمي على قناة دليل .. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=86195#post86195)(/)
تلخيص مقتضب لمحاور حلقة الإعجاز العلمي على قناة دليل ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 01:49 ص]ـ
دارت الحلقة في عدة محاور أهمها:
1 - تقرير عن تاريخ الإعجاز العلمي وتطوره،وفيه قصور.
2 - حديث عن معاقد الإجماع [عدم تعارض الحقائق مع القرآن-عصمة القرآن- ضرورة اعتماد ضوابط التفسير والعلم- وجود أدعياء-عموم الشريعة وشمولها-تعظيم أقوال السلف-تعظيم القول في تفسير القرآن بغير علم وآداة-لا يُفسر القرآن بما يخالف اللسان الأول-كلام الله المعجز بكل وجه-القرآن حمال وجوه]
3 - موارد النزاع: [تسميته إعجاز علمي-
4 - سؤال للقريشي: لماذا أطلقتم اسم الإعجاز العلمي؟
5 - جوابه: لا مشاحة في الاصطلاح ..
6 - الشيخ مساعد يجعل من وجوه رفضه للمصطلح الخلفية التغريبية.
7 - قول الددو أن إطلاق العلم على التجريبي من إطلاق الاسم على جزء معناه= قلت:وهذا خطأ لأنه يتم لو كانوا يجعلون العلوم الإنسانية = علماً .. وهذا غير صحيح.
8 - أين التحدي بالإعجاز العلمي؟
9 - الذي ذكره الددو هو حث على النظر والحث على النظر شيء والتحدي شيء .. فالله في الإعجاز البياني طلب منهم أن يأتوا بمثل بيانه .. فهل طلب سبحانه منهم أن يَدلوا على الحقائق العلمية بمثل دلالته؟؟ .. اللهم لا.
10 - مداخلة من الدكتور أحمد حمدان.
11 - سؤال من الطيار: ما هو تعريف الإعجاز العلمي.
12 - المذيع فاقد للسيطرة تماماً على استطرادات الددو وأظن من أسباب ذلك كونه يشارك (بالوندو) وأرى عدم مناسبة هذه المشاركات لهذا النوع من الحوارات.
13 - قال الددو إن الذرة تستعمل في الدلالة على أتفه شيء وقال الشهري هذا يحتاج لنقل وليس الإشكال هنا وإنما الإشكال: هل من (أصغر شيء) في لسان العرب الأول الذي نزل به القرآن=الذرة الفيزيائية.
14 - قال إن ذلك-أي الاعتراض على الأصل الإنجليزي للفظة العلمي- من الذرائع المسكوت عنها وهذا خطأ لأنه نبه عليه في أدلة رعاية مخالفة الألفاظ وهذا يخرجها عن حيز السكوت.
15 - كلام الشيخ مساعد في أدنى الأرض ورده على الددو وهو مبني على أن الأشهر هو الأقرب لا الأخفض وهذا رد ضعيف.
حديث الشهري عن خطر استخدام الإعجاز في الدعوة.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Sep 2009, 05:19 ص]ـ
ما شاء الله عليك يا أبا فهر متابعة جيده، وهي مقتضبة ومفيدة يستفيد منها من سمع الحوار، وأسأل الله أن يهدينا للحق أينما كان.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 05:33 ص]ـ
بارك الله فيك أبا عبد الملك وبالفعل لا يستفيد من هذا سوى من يريد تجميع أفكاره بعد مشاهدته للحلقة ...
رجاء: نسق مع الشيخ عبد الرحمن واشترطا أن تعرضا حجتكما كاملة لا منجمة .. لا تحفظ عنكما وهو تنجي لا فائدة منه إلا لمجرد دوران بالحوار ... وحب تجزئة الأفكار ..
وأخرى مهمة: رأيي يا مولانا أن الإشكال في إثبات كل إعجاز غير إعجاز البيان ..
وأخوك العبد الفقير يرى أن الله سبحانه لم يتحدى العرب سوى بشيء واحد وهو أن يأتوا بمثله بياناً ..
أما التشريعي والتاريخي ونحوها فهي عندي دلائل صدق وآيات إحكام صنعة ..
وأخوك يفرق بين ما هو آية ...
وما هو موضع تحدي
ولا أثبت موضع التحدي سوى في البيان فحسب ...
وأسقط لفظ الإعجاز كله ولا أعتبره ...
وجعل لفظ الإعجاز مرادفاً للفظ الآية هو ما أوقع في البلاء ...
ـ[وليد الزامل]ــــــــ[09 Sep 2009, 06:01 ص]ـ
ما اسم البرنامج الذي عرضت فيه الحلقة
علنا نجدها مرفوعة على النت
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[09 Sep 2009, 06:54 ص]ـ
قال أحد الباحثين في قضايا الإعجاز العلمي:
"يقول الله جل وعلا في سورة الرعد:" وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل" صدق الله العظيم
جاءت هذه الآيات لتبين طبيعة الاستصلاح الزراعي وترسم الملامح العامة لنظام زراعي شامل ومتكامل خاص بالبيئة الصحراوية حيث العوامل جد قاسية، فأقرت هذه الآيات بأن هذا النظام يتكون من ثلاثة عوامل أساسية النخيل، الزرع، الأعناب. في الآن نفسه تمثل هذه الزراعات نسيج ايكولوجي رائع متكون من ثلاثة طبقات نباتية مختلفة: ... "
http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show_det&id=1685&select_page=7
والسؤال هل استدلاله صحيح!
عندما تصل المناقشة لمرحلة التطبيق، ربما تحسم قضية المصطلحات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محب القراءات]ــــــــ[09 Sep 2009, 02:35 م]ـ
حلقة شيقة ورائعة , ومن فاته الجزء الأول , فليحرص على متابعة الجزء الثاني اليوم 19 رمضان , وآمل أن تسجل هذه الحلقات وتوضع هنا في الملتقى.
وجزى الله الأخ أبو فهر السلفي خيرا على هذا التلخيص , وأحب أن أضيف بعض النقاط:
أولا: كان الحديث في البداية عن مواطن الاتفاق بين العلماء في قضية الإعجاز:
وأوردوا 13 نقطة متفقون عليها , منها:
1. أن الحقيقة الكونية لا تتعارض مع الوحي (القرآن الكريم , والصحيح من السنة)
2.أن القرآن معصوم من التغيير والتبديل.
3. وجود ضوابط للبحث في الإعجاز العلمي.
4.وجود مدعين للإعجاز العلمي ممن يخالفون هذه الضوابط.
5.عموم الشريعة وشمولها.
6.تقدير أقوال السلف وتقديمها , وعدم مخالفة إجماعهم.
7. تعظيم القول في تفسير القرآن , وأنه ليس أمرا سهلا يتحدث فيه كل أحد.
8.ضرورة الالتزام التام بأصول وضوابط التفسير.
9. أن كل ما يتعلق بدراسات الاعجاز متأخرة , فهي محل اجتهاد ونقاش.
10. أن القرآن نزل بلسان عربي مبين , وفيه أساليب متنوعة , ولايمكن أن نحصر تفسير القرآن بقول واحد أو جيل واحد.
(هذا ما تيسر لي تلخيصه من مواطن الاتفاق _ حسب فهمي _)
ثم تناقشوا حول مصطلح الإعجاز العلمي
وبعض تطبيقاته.
ولي بعض الملاحظات , آمل أن يتيس للمشايخ في الحلقة القادمة توضيحها:
1. ذكر الشيخ د / عبد الرحمن الشهري في بداية اللقاء أن هناك فرقا بين الاعجاز العلمي والتفسير العلمي , آمل أن يوضحه للمشاهدين.
2. أتفق مع الأخ أبو فهر على هذه النقطة
رجاء: نسق مع الشيخ عبد الرحمن واشترطا أن تعرضا حجتكما كاملة لا منجمة .. لا تحفظ عنكما وهو تنجي لا فائدة منه إلا لمجرد دوران بالحوار ... وحب تجزئة الأفكار ..
3. حبذا لوأورد شيخنا الدكتور مساعد مثالا أقوى من مثاله السابق حين استشهد بقوله تعالى: (في أدنى الأرض).
4. ما التفسير الصحيح لقوله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبن لهم أنه الحق) وهل يصح أن نستشهد بها على قضايا الإعجاز التي يطلقون عليها (الإعجاز العلمي).
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 Sep 2009, 05:33 م]ـ
عندما تصل المناقشة لمرحلة التطبيق، ربما تحسم قضية المصطلحات.
أحسنتم ..
ففي كثير من الأحيان يتفق الأطراف على ضوابط قبول القول الجديد في تفسير الآية مما يسمى بـ (الإعجاز العلمي) أو غيره، لكن الاختلاف بعدها يكون في تطبيق هذه الضوابط وتنزيلها على هذا القول الجديد، وعليه لا يُثرَّب على من أخذ بقول دون آخر في مسألة تدخل في حيز (الأجر والأجرين) .. والله أعلم.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[09 Sep 2009, 05:38 م]ـ
تعبت من مسألة عدم إعطاء الفرصة لصاحب الكلام حتى يذكر حجته بكل وضوح ..
آمل من الشيخ عبدالله القرشي أن يستدرك ذلك في حلقة الليلة
ومع عظيم إعجابي بتمكن الشيخ الددو إلا إني لا أوافقه في بعض حججه، كما أرجو من المقدم عدم زيادة الوقت بالنسبة له، ماشاء الله تبارك الله (إذا مسك خط من يوقفه)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 Sep 2009, 05:43 م]ـ
6.تقدير أقوال السلف وتقديمها , وعدم مخالفة إجماعهم.
أتمنى أن تأخذ هذه المسألة حقها من النقاش ..
فما هو الضابط الواضح الذي يمكن من خلاله معرفة مخالفة إجماع السلف؟
بمعنى:
متى ننسب إلى قول أنه يناقض قول السلف؟
لأن الحقيقة هي أن كثيرا من الأقوال الجديدة في تفسير الآية التي يُدعى فيها مناقضة أقوال السلف =لا يظهر فيها وجه المناقضة، بل يمكن أن يُجعل لفظ الآية محتملا للمعنيين كليهما.
ولعل هذا مما يدخل فيما ذكر سابقا من اختلاف التنظير عن التطبيق ..
فأرجو -مرة أخرى- أن يُتطرق لهذا الجانب بوضوح لأنه مما يحل كثير من الإشكالات، ويقرب كثيرا من وجهات النظر ..
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 05:46 م]ـ
[بل يمكن أن يُجعل لفظ الآية محتملا للمعنيين كليهما.]
بشرط أن يكون اللفظ في لسان القرن الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم يَحتمل هذا المعنى .. أي: أنهم تكلموا بهذا اللفظ يريدون هذا المعنى وهذا ما يُحاول الفرار منه الشيخ الددو وكلامه فيه غير محقق بالمرة وبعيد تماماً عن فقه الألسنة ... والخلل بهذا الباب هو من أعظم مداخل البدع والضلالة ..
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 Sep 2009, 05:54 م]ـ
أولا: أشكرك أخي الفاضل أبا فهر على هذا التلخيص المفيد .. فأجزل الله لك المثوبة، وقد أغفلني النقاش عن أن هذا الشكر الذي حقه التقدم.
ثانيا: ما تفضلت به سألت عنه في هذا الرابط هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=16738)
وأرجو أن يدور فيه النقاش حقا لتتضح الرؤية ويحصل المقصود ..
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 Sep 2009, 05:58 م]ـ
وكمثال على قضية الاختلاف بين التنظير والتطبيق ينظر هذا الرابط:
هل قوله تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة ... ) في الدنيا أم في الآخرة؟ أرجو التعليق ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1938)
فالمشاركون من أهل العلم المتفقين على ضوابط التفسير والعارفين بأصوله، ومع هذا تختلف وجهات النظر فيما تحتمله الآية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو يوسف الثبيتي]ــــــــ[09 Sep 2009, 08:18 م]ـ
أين أجد الحلقة مسجلة؟
وهل بالإمكان أن يسجل لنا أحد الإخوة حلقة اليوم؟
ـ[الجكني]ــــــــ[09 Sep 2009, 08:36 م]ـ
لفت انتباهي القاصر أن الندوة عن " الإعجاز العلمي "، وأن المشايخ المشاركين فيها - ماعدا الشيخ القرشي -هم من أهل الاختصاص الشرعي، وهذا يجعل فيها بعض القصور، ولو كان فيها أحد المهتمين بالموضوع من أهل الاختصاص " العلمي " لربما كانت الندوة أكثر فائدة، ولقلّت هذه الملحوظات والاطروحات المدونة أعلاه، إذ لا يلزم أن يكون الشيخ الشرعي متمكناً ومستوعباً قضايا الإعجاز العلمي تطبيقياً كتمكنه منه نظرياً.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 09:16 م]ـ
شيخنا الجكني ...
مشايخنا الشيخ مساعد والشهري تخصصهم التفسير وأصوله ومناهجه فهم طرف النزاع الأول ..
والطرف الثاني: القريشي وهو متخصص كما تفضلت .. والشيخ الددو = رشحته للحلقة هيئة الإعجاز العلمي وأظن غرضهم مكافأة من ينقد نظرية الإعجاز العلمي من جهة أدلة الشرع .. وهو اختيار موفق لولا استطرادات الشيخ وتطويلاته غير المفيدة ...
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Sep 2009, 10:37 م]ـ
من أكثر ما يعيبُ مثل هذه البرامج الهامَّة والمفيدة شُحُّ القنوات الفضائية التي تتبنَّاها وبخلهم بإعطاء الوقت المناسب لحجم موضوع النَّدوة والحوار , في الوقت الذي نشاهدُ فيه إسهاباً في كثير من برامج تقرير البدهيَّات والاستدلال لها - إن صحَّ التعبير - كبرامج التفكير والذكريات وغيرها , وهذا أمرٌ يسلبُ الموضوعَ المناقَشَ حقهُ من المعالجة والتحاور فيه.
ولا ينبغي قياسُ برامج كهذه في أهميتها على الدراسات التي تثبتُ أن المشاهد يفقد تركيزهُ بعد كذا دقيقةٍ وعليه فلا بدَّ من ترويحه بالفواصل وتحديد مدة قصوى لكل حلقة , فهذه برامجُ لا يتابعها إلا المتخصصون والمهتمُّون بالمسائل العلمية الذين يجمعون الساعات إلى الساعات بل والأيام إلى الأيام قراءةً وبحثاً ومقارنةً فكيف بالمشاهدة.؟
وأتمنى أن لو وصلت هذه الرسالةُ للقائمين على قناة دليل وغيرها من قنواتنا الفضائية المعنيَّة بأمور الندوات والتحاور , بأن يجعلوا الموضوع المطروحَ للندوة والحوار هو الحاكم على وقت البرنامج لا العكس.
لأنَّ إهمال الموضوع وعدم طرحه قد يكونُ في كثير من البرامج أفضل وخيراً من طرحه مبتوراً ناقصاً غير متضح المعالم ولا مكتمل الأفكار بسبب استعجال المخرج وإرباكه من يدير الحوار.
والحل لمثل ذلك في نظري هو أن تكونَ هذه البرامجُ كبرامج تغطية الفعاليات المباشرة التي يقدرُ وقتها الحدثُ لا المُخرِج.
ومن رأى الدكتور عبد الرحمن البارحة وما نال من حظه في الندوة علم الحاجة إلى الوقت , فقد كان المقدمُ أكثر حظا في الندوة من أبي عبد الله الذي كان طرفاً فيها , وقد صرَّح بذلك آخرَ اللقاء
ـ[عبدالرحمن الجنوبي]ــــــــ[21 Sep 2009, 08:15 ص]ـ
ما إسم البرنامج؟
وأين نجد روابطه؟
ـ[عماد الجيزى]ــــــــ[16 May 2010, 01:22 ص]ـ
نفعكم الله.(/)
أقوال وفتاوى أهل العلم حول ما يسمى بالإعجاز العلمي للقرآن
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[09 Sep 2009, 02:12 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وببسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
فهذه أقوال وفتاوى أهل العلم حول ما يسمى بـ:
((الإعجاز العلمي في القرآن))
أسأل الله عز وجل أن ينفع بها الإسلام والمسلمين وأن يجزي العلماء خير الجزاء على مايقدمون من خدمة الإسلام والمسلمين , وأن يرحم من مات منهم وأن يرزقهم الفردوس الأعلى ..
1 - ) الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:
ـ سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله-:
هل يجوز تفسير القرآن الكريم بالنظريات العلمية الحديثة؟
فأجاب -رحمه الله -بقوله:
تفسير القرآن بالنظريات العلمية له خطورته، وذلك إننا إذا فسرنا القرآن بتلك النظريات ثم جاءت نظريات أخرى بخلافها فمقتضى ذلك أن القرآن صار غير صحيح في نظر أعداء الإسلام؛ أما في نظر المسلمين فإنهم يقولون إن الخطأ من تصور هذا الذي فسر القرآن بذلك، لكن أعداء الإسلام يتربصون به الدوائر، ولهذا أنا أحذر غاية التحذير من التسرع في تفسير القرآن بهذه الأمور العلمية ولندع هذا الأمر للواقع، إذا ثبت في الواقع فلا حاجة إلى أن نقول القرآن قد أثبته، فالقرآن نزل للعبادة والأخلاق، والتدبر، يقول الله ـ عز وجل:
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}
وليس لمثل هذه الأمور التي تدرك بالتجارب ويدركها الناس بعلومهم، ثم إنه قد يكون خطراً عظيماً فادحاً في تنزل القرآن عليها، أضرب لهذا مثلاً قوله تعالى:
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}
[الرحمن:33]
لما حصل صعود الناس إلى القمر ذهب بعض الناس ليفسر هذه الآية ونزلها على ما حدث وقال: إن المراد بالسلطان العلم، وأنهم بعلمهم نفذوا من أقطار الأرض وتعدوا الجاذبية وهذا خطأ ولا يجوز أن يفسر القرآن به وذلك لأنك إذا فسرت القرآن بمعنى فمقتضى ذلك أنك شهدت بأن الله أراده وهذه شهادة عظيمة ستسأل عنها. ومن تدبر الآية وجد أن هذا التفسير باطل لأن الآية سيقت في بيان أحوال الناس وما يؤول إليه أمرهم، اقرأ سورة الرحمن تجد أن هذه الآية ذُكرت بعد قوله تعالى::
{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والإكرام* فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
[الرحمن الآيات 26 - 28]
فلنسأل هل هؤلاء القوم نفذوا من أقطار السموات؟ الجواب: لا، والله يقول:
{إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض}
ثانياً: هل أرسل عليهم شواظ من نار ونحاس؟ والجواب: لا. إذن فالآية لا يصح أن تفسر بما فسر به هؤلاء، ونقول: إن وصول هؤلاء إلى ما وصولوا إليه هو من العلوم التجريبية التي أدركوها بتجاربهم، أما أن نُحرِّف القرآن لنخضعه للدلالة على هذا فهذا ليس بصحيح ولا يجوز.
_______
((كتاب العلم للشيخ محمد بن صالح العثيمين))
_______
2 - ) اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
السؤال:
ماحكم الشرع في التفاسير التي تسمى بالتفاسير العلمية؟ وما مدى مشروعية ربط آيات القرآن ببعض الأمور العلمية التجريبية فقد كثر الجدل حول هذه المسائل؟؟
الجواب:
إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسر قوله تعالى:
{أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي}
بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءً منها ومن شدة دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ثم برد سطحها وبقي جوفها حاراً وصارت من الكواكب التي تدور حول الشمس – إذا كانت التفاسير من هذا النوع فلا ينبغي التعويل ولا الاعتماد عليها. وكذلك التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى:
{وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب}
على دوران الأرض وذلك أن هذه التفاسير تحرف الكلم عن مواضعه وتخضع القران الكريم لما يسمونه نظريات علمية وإنما هي ظنيات أو وهميات وخيالات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها أصل في الكتاب والسنة ولا في كلام سلف الأمة لما فيها من القول على الله بلا علم.
و بالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
عضو عضو نائب رئيس اللجنة رئيس اللجنة
عبد الله بن قعود
عبد الله بن غديان
عبد الرزاق عفيفي
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
________
((فتاوى اللجنة: 145/ 4))
________
3 - الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في خطبة له بعنوان:
" الحث على تعلم العلم النافع "
(( .. بل بلغ الأمر ببعضهم أن يفسر القرآن بالنظريات الحديثة ومنجزات الَّتقنية المعاصرة ويعتبر هذا فخراً للقرآن حيث وافق في رأيه هذه النظريات ويسمي هذا " الإعجاز العلمي " وهذا خطأ كبير لأنه لا يجوز تفسير القرآن بمثل هذه النظريات والأفكار لأنها تتغير و تتناقض ويكذب بعضها بعضا والقرآن حق ومعانيه حق لا تناقض فيه ولا تغير في معانيه مع مرور الزمن أما أفكار البشر ومعلوماتهم فهي قابلة للخطأ والصواب، وخطؤها أكثر من صوابها وكم من نظرية مسلمة اليوم تحدث نظرية تكذبها غدا فلا يجوز أن تربط القرآن بنظريات البشر وعلومهم الظنية والوهمية المتضاربة المتناقضة.
و تفسير القرآن الكريم له قواعد معروفة لدى علماء الشريعة لا يجوز تجاوزها وتفسير القرآن بغير مقتضاها وهذه القواعد هي:
أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أُجمل في موضع منه فُصِّل في موضع آخر، وما أطلق في موضع قيد في موضع،
وما لم يوجد في القرآن تفسيره فإنه يفسر بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأن السنة شارحة للقرآن ومبينة له قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}
[النحل:44]
وما لم يوجد تفسيره في السنة فإنه يُرجع فيه إلى تفسير الصحابة لأنهم أدرى بذلك لمصاحبتهم رسول الله صلى الله عليه وعل آله وسلم وتعلمهم على يديه وتلقيهم القرآن وتفسيره منه حتى قال أحدهم: ما كنا نتجاوز عشر آيات حتى نعرف معانيهن والعمل بهن.
وما لم يوجد له تفسير عن الصحابة فكثير من الأئمة يرجع فيه إلى قول التابعين لتلقيهم العلم عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتعلمهم القرآن ومعانيه على أيديهم فما أجمعوا عليه فهو حجة وما اختلفوا فيه فإنه يرجع فيه إلى لغة العرب التي نزل بها القرآن.
وتفسير القرآن بغير هذه الأنواع الأربعة لا يجوز، فتفسيره بالنظريات الحديثة من أقوال الأطباء والجغرافيين والفلكيين وأصحاب المركبات الفضائية باطل لا يجوز لأن هذا تفسير للقرآن بالرأي وهو حرام شديد التحريم لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار" رواه ابن جرير والترمذي والنسائي و في لفظ " من قال في كتاب الله فأصاب فقد أخطأ .. ))
________
((الخطب المنبرية))
________
وسئل حفظه الله:
أ-) هل الإعجاز العلمي الذي ظهر يعد تفسيرا مخالفا لتفسير السلف؟
فأجاب حفظه الله:
بلا شك هذا قول على الله بغير علم والنظريات تختلف ويظهر منها كذب كثير وكل نظرية تكذب التي قبلها , فهي تخرص ليست من العلم وإنما هي تخرص فقط فلا يجوز الإعتماد عليها ويقال هذا معنى الآية أو هذا معنى الحديث ما يجوز هذا.
((رقم الفتوى:5301))
________
ب-) كثر في الآونة الأخيرة كتب وأشرطة تتحدث عن الإعجاز القرآني وموافقة هذه النظريات للآيات البينات فما هو الضابط في ذلك وما هو واجب طالب العلم تجاه ذلك؟
تفسير القرآن متقن ومضبوط وله طرق ذكرها أئمة التفسير لا يفسر بغيرها يفسر القرآن بالقرآن , يفسر القرآن بالسنة , يفسر القرآن بتفسير الصحابة , يفسر القرآن بتفسير التابعين ,يفسر القرآن باللغة التي نزل بها وهي اللغة العربية هذه هي وجوه التفسير أما من زاد على هذا جاء بوجه غير هذه الوجوه جاء بشيء مبتكر ولا أصل له ولا يجوز تفسير القرآن بالرأي ذكر الحافظ ابن كثير في أول تفسيره الحديث وجوده ((من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم أن فليتبوأ مقعده من النار وأخطأ ولو أصاب.
((رقم الفتوى: 2255))
________
(يُتْبَعُ)
(/)
ج-) ما حكم ما يسمونه بالإعجاز العلمي في القرآن أو ما يسمى بالإعجاز العددي، وهل لهذا أصل؟
الإعجاز العلمي الذي يقولون الآن هذا تفسير للقرآن بغير علم , بغير قواعد التفسير المعروفة التي هي تفسير القرآن بالقرآن , أو تفسير القرآن بالسنة , أو تفسير القرآن بأقوال الصحابة أو تفسير القرآن بأقوال التابعين أو تفسير القرآن بقواعد اللغة التي نزل بها , هذه زيادة الآن زادوها الإعجاز العلمي يريدون بها النظريات, نظريات الطب والفلك و غير ذلك هذه تخرصات بشر , تخطئ وتصيب فلا تُجعَل تفسيرا للقرآن , ويقال هذا مراد الله عز وجل ثم بعدين يقولون لا النظرية ما هي بصحيح ويصير تلاعب في كلام الله عز وجل لا النظريات ما تجعل تفسيرا للقرآن , ما تجعل تفسيرا للقرآن أبدا ,وهذا من القول على الله بلا علم , وهي محل للنقض ومحل للإبطال ولذلك تجدهم يثبتون اليوم شيء وبعد يوم ينفونه تبين لهم خلافه لأنها نظريات بشرية.
((رقم الفتوى: 8607))
________
د-) هل يدخل في إعجاز القرآن ما يسمى الآن بالإعجاز العلمي؟
ما أدري الإعجاز العلمي هذا من عمل البشر , يخطئ ويصيب , نظريات طبية أو فلكية قالها ناس , قد يخطئون ويصيبون فلا نجعلها تفسيرا للقرآن الكريم , ثم يأتي ما ينقضها وما يكذبها ويبطلها ثم يقول: القرآن ما هو بصحيح , لأن هذه ما صارت صحيحة هذا من كلام البشر وعمل البشر والقرآن لا يفسر إلا بوجوه التفسير المعروفة:
أولا: يفسر القرآن بالقرآن.
ثانيا: يفسر القرآن بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثا: يفسر القرآن بأقوال الصحابة الذين تتلمذوا على الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفوا تفسير القرآن من الرسول صلى الله عليه وسلم.
رابعا: يفسر القرآن بأقوال التابعين الذين تتلمذوا على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وتلقوا التفسير عنهم وهم تلقوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما كلام الناس وما يسمونه بالإعجاز العلمي كل هذه تخرصات لا دليل عليها , هذه مثل الإسرائيليات لا تجعل تفسيرا لكلام الله عز وجل.
((رقم الفتوى: 8888))
________
((مصدر الفتاوى: موقع الشيخ -حفظه الله-/أرشيف الفتاوى))
________
4 - ) الشيخ محمد عمر بازمول -حفظه الله-:
قال الشيخ –حفظه الله -في شرحه لمقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية في أصول التفسير تحت قول شيخ الإسلام ابن تيمة –رحمه الله -:
((ولا تنقضي عجائبه))
(( .. وبعض الناس يتوسع في هذه القضية فإنه يتجرأ في تحميل القرآن ما لا يحتمل من قضايا العلم الحديث مرتكزاً في ذلك على قضية (لا تنقضي عجائبه أو لا تفنى عجائبه)، والتفسير العلمي للقرآن: هو من باب التفسير بالرأي لا يُقبَل إلا إذا توفرت فيه الشروط الخمسة السابقة [ص:13]، فبعض الناس يأتي ويُدْخِلُ في تفسير الآية ويُحَمِّلُها من المعاني العلمية ما يتنافى مع السياق والسباق أو ما يخالف مخالفة تضاد ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة أو ما يَخْرُج باللفظ عن دلالته اللغوية، فهذا تفسير بالرأي المذموم و لا يغير واقعه شيئاً أن يقال: إن القرآن (لا تنقضي عجائبه) لأني أقول: نعم لا تنقضي عجائبه ولكنه ليس كتاب علم وليس كتاب جغرافيا ولا كتاب هندسة ولا كتاب طب ولا كتاب جيولوجيا ولا كتاب فلك ولا كتاب أحياء، هو قرآن كتاب هداية وإعجاز لا تجد فيه خللاً، واستنباط ما فيه بالرأي يشترط في قبوله الشروط السابقة في قبول التفسير بالرأي، ومنه التفسير العلمي! وتناول القرآن على هذا الأساس بهذه الحيثية لا بأس به؛
مثلاً قوله تعالى:
{بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ}
[الرحمن: 20]،
هذا إشارة إلى حقيقة علمية: أن في ملتقى الأنهار مع البحار برزخ أي: حاجز وفاصل – يقولون في العقيدة: الحياة البرزخية يعني التي تفصل بين الدنيا والآخرة – نقول: هنا حقيقة علمية أشار الله إليها أن ما بين مصب ماء النهر وماء البحر برزخ فاصل بين المائين، نعم الآن العلم الحديث أثبت هذا الحمد لله، هذه قضية أوردها الله عز وجل في ثنايا الآية من باب الامتنان وإنعامه على الناس وبأنه وحده مستحق أن يُعبد دون سواه. وليس باللازم أن كل حقيقة علمية أو كل معلومة علمية تجد لها في القرآن أصلاً، لا، القرآن لم يوضع لهذا.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذاً قضية (لا تفنى عجائبه أو لا تنقضي عجائبه) هذه القضية مضبوطة في التفسير العلمي بشروط قبول التفسير بالرأي الخمسة، إن لم تتوفر يكون هذا التفسير تفسير بالرأي الباطل المذموم، إذاً (لا تنقضي عجائبه) لمن استعمله على الأصول العلمية المعتبرة عند أهل العلم. هذا هو المقصود بقوله: "لا تنقضي عجائبه"، فليست القضية متروكة هكذا بدون قواعد وبدون ضوابط، يأتي الإنسان ويُحمِّل القرآن أموراً وأشياء ومعان هي ليست من دلالة لفظه أو هي ليست مما يناسب سياق الآية أو هي مما يخالف ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة مخالفة تضاد، هذا خطأ ولا يصح الارتكاز على قضية "ولا تنقضي عجائبه".
وصلّى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
رابط الموضوع الأصلي
ارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
فهذه أقوال وفتاوى أهل العلم حول ما يسمى بـ:
((الإعجاز العلمي في القرآن))
أسأل الله عز وجل أن ينفع بها الإسلام والمسلمين وأن يجزي العلماء خير الجزاء على مايقدمون من خدمة الإسلام والمسلمين , وأن يرحم من مات منهم وأن يرزقهم الفردوس الأعلى ..
1 - ) الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-:
ـ سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله-:
هل يجوز تفسير القرآن الكريم بالنظريات العلمية الحديثة؟
فأجاب -رحمه الله -بقوله:
تفسير القرآن بالنظريات العلمية له خطورته، وذلك إننا إذا فسرنا القرآن بتلك النظريات ثم جاءت نظريات أخرى بخلافها فمقتضى ذلك أن القرآن صار غير صحيح في نظر أعداء الإسلام؛ أما في نظر المسلمين فإنهم يقولون إن الخطأ من تصور هذا الذي فسر القرآن بذلك، لكن أعداء الإسلام يتربصون به الدوائر، ولهذا أنا أحذر غاية التحذير من التسرع في تفسير القرآن بهذه الأمور العلمية ولندع هذا الأمر للواقع، إذا ثبت في الواقع فلا حاجة إلى أن نقول القرآن قد أثبته، فالقرآن نزل للعبادة والأخلاق، والتدبر، يقول الله ـ عز وجل:
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}
وليس لمثل هذه الأمور التي تدرك بالتجارب ويدركها الناس بعلومهم، ثم إنه قد يكون خطراً عظيماً فادحاً في تنزل القرآن عليها، أضرب لهذا مثلاً قوله تعالى:
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}
[الرحمن:33]
لما حصل صعود الناس إلى القمر ذهب بعض الناس ليفسر هذه الآية ونزلها على ما حدث وقال: إن المراد بالسلطان العلم، وأنهم بعلمهم نفذوا من أقطار الأرض وتعدوا الجاذبية وهذا خطأ ولا يجوز أن يفسر القرآن به وذلك لأنك إذا فسرت القرآن بمعنى فمقتضى ذلك أنك شهدت بأن الله أراده وهذه شهادة عظيمة ستسأل عنها. ومن تدبر الآية وجد أن هذا التفسير باطل لأن الآية سيقت في بيان أحوال الناس وما يؤول إليه أمرهم، اقرأ سورة الرحمن تجد أن هذه الآية ذُكرت بعد قوله تعالى::
{كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والإكرام* فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}
[الرحمن الآيات 26 - 28]
فلنسأل هل هؤلاء القوم نفذوا من أقطار السموات؟ الجواب: لا، والله يقول:
{إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض}
ثانياً: هل أرسل عليهم شواظ من نار ونحاس؟ والجواب: لا. إذن فالآية لا يصح أن تفسر بما فسر به هؤلاء، ونقول: إن وصول هؤلاء إلى ما وصولوا إليه هو من العلوم التجريبية التي أدركوها بتجاربهم، أما أن نُحرِّف القرآن لنخضعه للدلالة على هذا فهذا ليس بصحيح ولا يجوز.
_______
((كتاب العلم للشيخ محمد بن صالح العثيمين))
_______
2 - ) اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
السؤال:
ماحكم الشرع في التفاسير التي تسمى بالتفاسير العلمية؟ وما مدى مشروعية ربط آيات القرآن ببعض الأمور العلمية التجريبية فقد كثر الجدل حول هذه المسائل؟؟
الجواب:
إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسر قوله تعالى:
{أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي}
(يُتْبَعُ)
(/)
بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءً منها ومن شدة دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ثم برد سطحها وبقي جوفها حاراً وصارت من الكواكب التي تدور حول الشمس – إذا كانت التفاسير من هذا النوع فلا ينبغي التعويل ولا الاعتماد عليها. وكذلك التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى:
{وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب}
على دوران الأرض وذلك أن هذه التفاسير تحرف الكلم عن مواضعه وتخضع القران الكريم لما يسمونه نظريات علمية وإنما هي ظنيات أو وهميات وخيالات.
وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها أصل في الكتاب والسنة ولا في كلام سلف الأمة لما فيها من القول على الله بلا علم.
و بالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
عضو عضو نائب رئيس اللجنة رئيس اللجنة
عبد الله بن قعود
عبد الله بن غديان
عبد الرزاق عفيفي
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
________
((فتاوى اللجنة: 145/ 4))
________
3 - الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله-
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في خطبة له بعنوان:
" الحث على تعلم العلم النافع "
(( .. بل بلغ الأمر ببعضهم أن يفسر القرآن بالنظريات الحديثة ومنجزات الَّتقنية المعاصرة ويعتبر هذا فخراً للقرآن حيث وافق في رأيه هذه النظريات ويسمي هذا " الإعجاز العلمي " وهذا خطأ كبير لأنه لا يجوز تفسير القرآن بمثل هذه النظريات والأفكار لأنها تتغير و تتناقض ويكذب بعضها بعضا والقرآن حق ومعانيه حق لا تناقض فيه ولا تغير في معانيه مع مرور الزمن أما أفكار البشر ومعلوماتهم فهي قابلة للخطأ والصواب، وخطؤها أكثر من صوابها وكم من نظرية مسلمة اليوم تحدث نظرية تكذبها غدا فلا يجوز أن تربط القرآن بنظريات البشر وعلومهم الظنية والوهمية المتضاربة المتناقضة.
و تفسير القرآن الكريم له قواعد معروفة لدى علماء الشريعة لا يجوز تجاوزها وتفسير القرآن بغير مقتضاها وهذه القواعد هي:
أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أُجمل في موضع منه فُصِّل في موضع آخر، وما أطلق في موضع قيد في موضع،
وما لم يوجد في القرآن تفسيره فإنه يفسر بسنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأن السنة شارحة للقرآن ومبينة له قال تعالى لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
{وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}
[النحل:44]
وما لم يوجد تفسيره في السنة فإنه يُرجع فيه إلى تفسير الصحابة لأنهم أدرى بذلك لمصاحبتهم رسول الله صلى الله عليه وعل آله وسلم وتعلمهم على يديه وتلقيهم القرآن وتفسيره منه حتى قال أحدهم: ما كنا نتجاوز عشر آيات حتى نعرف معانيهن والعمل بهن.
وما لم يوجد له تفسير عن الصحابة فكثير من الأئمة يرجع فيه إلى قول التابعين لتلقيهم العلم عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وتعلمهم القرآن ومعانيه على أيديهم فما أجمعوا عليه فهو حجة وما اختلفوا فيه فإنه يرجع فيه إلى لغة العرب التي نزل بها القرآن.
وتفسير القرآن بغير هذه الأنواع الأربعة لا يجوز، فتفسيره بالنظريات الحديثة من أقوال الأطباء والجغرافيين والفلكيين وأصحاب المركبات الفضائية باطل لا يجوز لأن هذا تفسير للقرآن بالرأي وهو حرام شديد التحريم لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم فليتبوأ مقعده من النار" رواه ابن جرير والترمذي والنسائي و في لفظ " من قال في كتاب الله فأصاب فقد أخطأ .. ))
________
((الخطب المنبرية))
________
وسئل حفظه الله:
أ-) هل الإعجاز العلمي الذي ظهر يعد تفسيرا مخالفا لتفسير السلف؟
فأجاب حفظه الله:
بلا شك هذا قول على الله بغير علم والنظريات تختلف ويظهر منها كذب كثير وكل نظرية تكذب التي قبلها , فهي تخرص ليست من العلم وإنما هي تخرص فقط فلا يجوز الإعتماد عليها ويقال هذا معنى الآية أو هذا معنى الحديث ما يجوز هذا.
((رقم الفتوى:5301))
________
ب-) كثر في الآونة الأخيرة كتب وأشرطة تتحدث عن الإعجاز القرآني وموافقة هذه النظريات للآيات البينات فما هو الضابط في ذلك وما هو واجب طالب العلم تجاه ذلك؟
(يُتْبَعُ)
(/)
تفسير القرآن متقن ومضبوط وله طرق ذكرها أئمة التفسير لا يفسر بغيرها يفسر القرآن بالقرآن , يفسر القرآن بالسنة , يفسر القرآن بتفسير الصحابة , يفسر القرآن بتفسير التابعين ,يفسر القرآن باللغة التي نزل بها وهي اللغة العربية هذه هي وجوه التفسير أما من زاد على هذا جاء بوجه غير هذه الوجوه جاء بشيء مبتكر ولا أصل له ولا يجوز تفسير القرآن بالرأي ذكر الحافظ ابن كثير في أول تفسيره الحديث وجوده ((من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم أن فليتبوأ مقعده من النار وأخطأ ولو أصاب.
((رقم الفتوى: 2255))
________
ج-) ما حكم ما يسمونه بالإعجاز العلمي في القرآن أو ما يسمى بالإعجاز العددي، وهل لهذا أصل؟
الإعجاز العلمي الذي يقولون الآن هذا تفسير للقرآن بغير علم , بغير قواعد التفسير المعروفة التي هي تفسير القرآن بالقرآن , أو تفسير القرآن بالسنة , أو تفسير القرآن بأقوال الصحابة أو تفسير القرآن بأقوال التابعين أو تفسير القرآن بقواعد اللغة التي نزل بها , هذه زيادة الآن زادوها الإعجاز العلمي يريدون بها النظريات, نظريات الطب والفلك و غير ذلك هذه تخرصات بشر , تخطئ وتصيب فلا تُجعَل تفسيرا للقرآن , ويقال هذا مراد الله عز وجل ثم بعدين يقولون لا النظرية ما هي بصحيح ويصير تلاعب في كلام الله عز وجل لا النظريات ما تجعل تفسيرا للقرآن , ما تجعل تفسيرا للقرآن أبدا ,وهذا من القول على الله بلا علم , وهي محل للنقض ومحل للإبطال ولذلك تجدهم يثبتون اليوم شيء وبعد يوم ينفونه تبين لهم خلافه لأنها نظريات بشرية.
((رقم الفتوى: 8607))
________
د-) هل يدخل في إعجاز القرآن ما يسمى الآن بالإعجاز العلمي؟
ما أدري الإعجاز العلمي هذا من عمل البشر , يخطئ ويصيب , نظريات طبية أو فلكية قالها ناس , قد يخطئون ويصيبون فلا نجعلها تفسيرا للقرآن الكريم , ثم يأتي ما ينقضها وما يكذبها ويبطلها ثم يقول: القرآن ما هو بصحيح , لأن هذه ما صارت صحيحة هذا من كلام البشر وعمل البشر والقرآن لا يفسر إلا بوجوه التفسير المعروفة:
أولا: يفسر القرآن بالقرآن.
ثانيا: يفسر القرآن بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثالثا: يفسر القرآن بأقوال الصحابة الذين تتلمذوا على الرسول صلى الله عليه وسلم وعرفوا تفسير القرآن من الرسول صلى الله عليه وسلم.
رابعا: يفسر القرآن بأقوال التابعين الذين تتلمذوا على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وتلقوا التفسير عنهم وهم تلقوه عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
أما كلام الناس وما يسمونه بالإعجاز العلمي كل هذه تخرصات لا دليل عليها , هذه مثل الإسرائيليات لا تجعل تفسيرا لكلام الله عز وجل.
((رقم الفتوى: 8888))
________
((مصدر الفتاوى: موقع الشيخ -حفظه الله-/أرشيف الفتاوى))
________
4 - ) الشيخ محمد عمر بازمول -حفظه الله-:
قال الشيخ –حفظه الله -في شرحه لمقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية في أصول التفسير تحت قول شيخ الإسلام ابن تيمة –رحمه الله -:
((ولا تنقضي عجائبه))
(( .. وبعض الناس يتوسع في هذه القضية فإنه يتجرأ في تحميل القرآن ما لا يحتمل من قضايا العلم الحديث مرتكزاً في ذلك على قضية (لا تنقضي عجائبه أو لا تفنى عجائبه)، والتفسير العلمي للقرآن: هو من باب التفسير بالرأي لا يُقبَل إلا إذا توفرت فيه الشروط الخمسة السابقة [ص:13]، فبعض الناس يأتي ويُدْخِلُ في تفسير الآية ويُحَمِّلُها من المعاني العلمية ما يتنافى مع السياق والسباق أو ما يخالف مخالفة تضاد ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة أو ما يَخْرُج باللفظ عن دلالته اللغوية، فهذا تفسير بالرأي المذموم و لا يغير واقعه شيئاً أن يقال: إن القرآن (لا تنقضي عجائبه) لأني أقول: نعم لا تنقضي عجائبه ولكنه ليس كتاب علم وليس كتاب جغرافيا ولا كتاب هندسة ولا كتاب طب ولا كتاب جيولوجيا ولا كتاب فلك ولا كتاب أحياء، هو قرآن كتاب هداية وإعجاز لا تجد فيه خللاً، واستنباط ما فيه بالرأي يشترط في قبوله الشروط السابقة في قبول التفسير بالرأي، ومنه التفسير العلمي! وتناول القرآن على هذا الأساس بهذه الحيثية لا بأس به؛
مثلاً قوله تعالى:
{بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ}
[الرحمن: 20]،
هذا إشارة إلى حقيقة علمية: أن في ملتقى الأنهار مع البحار برزخ أي: حاجز وفاصل – يقولون في العقيدة: الحياة البرزخية يعني التي تفصل بين الدنيا والآخرة – نقول: هنا حقيقة علمية أشار الله إليها أن ما بين مصب ماء النهر وماء البحر برزخ فاصل بين المائين، نعم الآن العلم الحديث أثبت هذا الحمد لله، هذه قضية أوردها الله عز وجل في ثنايا الآية من باب الامتنان وإنعامه على الناس وبأنه وحده مستحق أن يُعبد دون سواه. وليس باللازم أن كل حقيقة علمية أو كل معلومة علمية تجد لها في القرآن أصلاً، لا، القرآن لم يوضع لهذا.
إذاً قضية (لا تفنى عجائبه أو لا تنقضي عجائبه) هذه القضية مضبوطة في التفسير العلمي بشروط قبول التفسير بالرأي الخمسة، إن لم تتوفر يكون هذا التفسير تفسير بالرأي الباطل المذموم، إذاً (لا تنقضي عجائبه) لمن استعمله على الأصول العلمية المعتبرة عند أهل العلم. هذا هو المقصود بقوله: "لا تنقضي عجائبه"، فليست القضية متروكة هكذا بدون قواعد وبدون ضوابط، يأتي الإنسان ويُحمِّل القرآن أموراً وأشياء ومعان هي ليست من دلالة لفظه أو هي ليست مما يناسب سياق الآية أو هي مما يخالف ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة مخالفة تضاد، هذا خطأ ولا يصح الارتكاز على قضية "ولا تنقضي عجائبه".
وصلّى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
رابط الموضوع الأصلي
http://www.manhjalsalf.org/vb/showthread.php?t=89
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[09 Sep 2009, 08:07 م]ـ
إذا كان النص القرآني قطعي الدلالة وكان العلم في مستوى الحقيقة فإننا نقول:
توافق المعلومة القرآنية مع الحقيقة العلمية هو ما يسميه الناس اليوم بالإعجاز العلمي.
أما الذين لا يقولون بالإعجاز العلمي فهم يصرون على القول بالتناقض الذي يعني الحكم على القرآن الكريم بأنه بشري المصدر.
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[10 Sep 2009, 04:50 م]ـ
إذا كان النص القرآني قطعي الدلالة وكان العلم في مستوى الحقيقة فإننا نقول:
توافق المعلومة القرآنية مع الحقيقة العلمية هو ما يسميه الناس اليوم بالإعجاز العلمي.
أما الذين لا يقولون بالإعجاز العلمي فهم يصرون على القول بالتناقض الذي يعني الحكم على القرآن الكريم بأنه بشري المصدر.
فرق كبير بين ثبوت الحقيقة التجريبية في نفسها، وبين دلالة القرآن عليها.
ليس لنا أن ننكر الحقائق التجريبية (العلمية) إذا ما ثبتت، ولسنا ضدها، وإنما ننكر أن يكون القرآن دل على ما لم تكن العرب تعهده وتعرفه حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 Sep 2009, 06:36 م]ـ
فرق كبير بين ثبوت الحقيقة التجريبية في نفسها، وبين دلالة القرآن عليها.
ليس لنا أن ننكر الحقائق التجريبية (العلمية) إذا ما ثبتت، ولسنا ضدها، وإنما ننكر أن يكون القرآن دل على ما لم تكن العرب تعهده وتعرفه حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.
إن العرب لم تكن تعرف مراحل تطور الجنين في بطن أمه، بل إن العلم الحديث في هذا الباب كان يعتقد أن اللحم يتكون قبل العظم، ثم بعد البحث الدقيق توصل إلى الحقيقة القرآنية وهي أن العظام قبل اللحم.
إن العرب لا تعرف حقيقة " ما تغيض الأرحام وما تزداد" ولو كان يعرفون الحقيقة لما اختلفت أقوال المفسرين في أمر معلوم.
صحيح يعلمون معاني المفردات: الغيض، الأرحام، تزداد. لكن حقيقة المراد بالجملة هذا ما لم يكونوا يعلمونه.
فلا مانع أن تأتي الكشوف العلمية ويظهر الله من أسراره في خلقه ما يجلي لهم فهم كتابه فهما أدق.
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[11 Sep 2009, 06:50 م]ـ
إن العرب لم تكن تعرف مراحل تطور الجنين في بطن أمه، بل إن العلم الحديث في هذا الباب كان يعتقد أن اللحم يتكون قبل العظم، ثم بعد البحث الدقيق توصل إلى الحقيقة القرآنية وهي أن العظام قبل اللحم.
إن العرب لا تعرف حقيقة " ما تغيض الأرحام وما تزداد" ولو كان يعرفون الحقيقة لما اختلفت أقوال المفسرين في أمر معلوم.
صحيح يعلمون معاني المفردات: الغيض، الأرحام، تزداد. لكن حقيقة المراد بالجملة هذا ما لم يكونوا يعلمونه.
فلا مانع أن تأتي الكشوف العلمية ويظهر الله من أسراره في خلقه ما يجلي لهم فهم كتابه فهما أدق.
هذه دعوى لا دليل عليها أيها الحجازي، بل العرب كانت تعرف مراحل تطور الجنين، وكانت تعرف معنى غيض الأرحام وازديادها، وما عليك إلا أن تنظر في أمهات كتب التفسير للقرطبي والشوكاني، وستدرك عندها صدق ما أقول لك.
ودمت موفقاً ...
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[11 Sep 2009, 10:23 م]ـ
هذه دعوى لا دليل عليها أيها الحجازي، بل العرب كانت تعرف مراحل تطور الجنين، وكانت تعرف معنى غيض الأرحام وازديادها، وما عليك إلا أن تنظر في أمهات كتب التفسير للقرطبي والشوكاني، وستدرك عندها صدق ما أقول لك.
ودمت موفقاً ...
بما أنك تقول إن كلامي دعوى بلا دليل، فهات الدليل على قولك أن العرب كانت تعرف مراحل تطور الجنين.
ثم هات أقوال المفسرين التي تقول أن العرب كانت تعرف حقيقة غيض الأرحام وإزديادها.
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[12 Sep 2009, 05:14 م]ـ
أما أن العرب عرفت مراحل تطور الجنين فأحيلك فيها على تفسير القرطبي أو الشوكاني. والوصول إلى ذلك سهل ميسور.
وإن شيت أخي انتظرتني، فقد كنت كتبت في هذا ما أحسبه يقطع بالحجة.
بارك الله فيك.(/)
بدائع المعاني، كتابٌ جديد للشيخ د. عبدالمحسن العسكر -وفقه الله-
ـ[أبوعبدالملك التميمي]ــــــــ[09 Sep 2009, 02:31 ص]ـ
صدر عن مركز تدبر للاستشارات التربوية والتعليمية الكتاب الآتي:
http://img102.herosh.com/2009/09/08/126155585.jpg
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Sep 2009, 01:00 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله.
أسأل الله للمركز والمؤلف التوفيق والسداد، وأرجو أن نستمتع بقراءته قريباً إن شاء الله.
ـ[فيوض]ــــــــ[09 Sep 2009, 01:52 م]ـ
جزاكم الله خيرآ
هل تقطفون لنا من ثماره اليانعه؟؟
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[10 Sep 2009, 03:55 ص]ـ
وفق الله الدكتور لكل خير، وكذا الإخوة في مركز "تدبر".
ـ[أبو محمد البدري]ــــــــ[17 Sep 2009, 11:26 م]ـ
نفع الله به.
ـ[محمد براء]ــــــــ[19 Sep 2009, 11:18 م]ـ
هل في الكتاب زيادة على ما في المحاضرات الصوتية المنشورة للمؤلف في تفسير آيات الصيام؟
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[23 Sep 2009, 04:07 ص]ـ
هل في الكتاب زيادة على ما في المحاضرات الصوتية المنشورة للمؤلف في تفسير آيات الصيام؟
به تنقيحات وزيادات.
ـ[أبو محمد البدري]ــــــــ[06 Aug 2010, 07:56 م]ـ
بلغنا الله وإياكم رمضان.(/)
سؤال عن الفرق بين عدة المطلقة وعدة المتوفى عنها زوجها؟ معاني الآيات
ـ[سالمين]ــــــــ[09 Sep 2009, 07:26 م]ـ
السلام عليكم
ما الفرق بين عدة المرأة المتوفى عنها زوجها في قوله تعالى:
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234)
فهي هنا أربعة أشهر وعشرة أيام.
وعدة المطلقة في قوله تعالى:
(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228)
فهي ثلاثة قروء سواء قلنا هي الطهر أم الحيض.
أليس الفراق واحداً في شأن المطلقة والمتوفى عنها زوجها؟
هل هناك حكمة ذكرها العلماء؟
في انتظار جواب مشايخنا نفع الله بهم.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[09 Sep 2009, 10:05 م]ـ
عدة المتوفى عنها زوجها حددت في الآية وهي محل إجماع بالنسبة للحرة غير الحامل وهي أربعة أشهر قمرية وعشرة أيام.
أما عدة المطلقة الحرة غير الحامل فهي ثلاثة قروء، وهو لفظ مشترك بين القرء والحيص، وقد اختلف فيه أهل العلم، ولكل منهم أدلته.
وعلى كلا القولين فهناك فرق كبير بي عدتها وعدة المتوفى عنها لأن المتوفى عنها كما بينت عدتها ثابتة، والمطلقة غير ثابتة فقد تكمل عدتها في ثلاثة أشهر وقد تكملها في شهر وأيام.
أما الحكمة في ذلك فالله تعالى أعلم.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:03 م]ـ
أخي الكريم،
شتان بين فراق المطلقة وفراق المتوفى عنها زوجها؛ فالأولى لا يتوقع منها أن تكون وفيّة لمن طلقها فيكفي في حقها المدة التي تُبرء الرحم.
هناك بحث علمي خلاصته أن جسم المرأة يتعرف على منويات الزوج، وأن مدة العدة كافية لتجعل الجسم يتقبل منويات زوج جديد. وفي حال الوفاة يزيد حزن المرأة على زوجها المدة اللازمة لنسيان الأول وتقبل الثاني.(/)
تفضلوا بحثي"الأمن الفكري في ضوء القرآن" والمقدم للملتقى الرابع بالمملكة
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 Sep 2009, 10:45 م]ـ
أهل الملتقى الكريم:
هذه هديتي الرمضانية أهديها إليكم عبارة عن بحثي المتواضع الذي تم قبوله ونشره بعد التحكيم في مجلد الملتقى الرابع للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية بالمنطقة الشرقية بالدمام وهو بعنوان " الأمن الفكري في ضوء القرآن الكريم ".
توخيت في إعداده الربط المباشر بين موضوع الورقة وأهداف الملتقى.
كما تم المزج بين الأمور النظرية والجوانب العملية التطبيقية، وذلك من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
كما راعيت تنوع ثقافة المستهدفين وتفاوت مستوياتهم العلمية فهو ليس للمتخصصين فحسب.
قسمت هذا البحث إلى أربعة مطالب، وخاتمة وتوصيات:
المطلب الأول: غرس العقيدة الصحيحة في نفس حافظ القرآن الكريم.
المطلب الثاني: التطبيق العملي للدعوة المتكررة المنبعثة من القرآن التي تدور حول: التفكر، والتعقل، والتدبر.
المطلب الثالث: قصص القرآن والأمن الفكر ي.
المطلب الرابع: دور معلمي الحلقات في المحافظة على فكر الطلاب.
الخاتمة وقد تضمنت أهم النتائج والتوصيات
والله الموفق والمستعان والشكر الجزيل على التسديد والنصح.
.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 Sep 2009, 10:48 م]ـ
أو تفضلوه بطريقة: pdf : الأمن الفكري وبحوث المؤتمر المجازة كاملة ( http://http://www.quran-er.org/papers.php)
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[10 Sep 2009, 01:30 ص]ـ
ما زلنا نجني من بركاتك وما تتفضل به علينا
اه كم تشتاق لك ابها ومكتبك الى اليوم، لقد زهدنا في المكتب بعدك، وما يعزينا في بعدك أنت ومن رحل عنا من العلماء أنكم ترحلتم عنا وارتحلت قلوبنا معكم، عزاؤنا أن الفراق تم بيننا - وهذه حال الدنيا - والعبرات تسبق العبارات، ويعلم الله أن موت والدتي - رحمها الله - سبق سفركم بأيام، ومازلت المم ما تشتت مني بسبب وفاتها وإذ بي أبتلى بفراقكم
هذا عنوان لما في نفسي فتأمل
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[10 Sep 2009, 03:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور عبد الفتاح محمد خضر ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
تلقينا هديتكم القيمة في هذه الأجواء الرمضانية بسرور. سائلا الله تعالى دوام التوفيق.
جزاكم الله خيرا.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[صدام المصعبي]ــــــــ[10 Sep 2009, 06:47 م]ـ
جزاكم الله خيرا أستاذنا الكريم على هذه الهدية الرمضانية المميزة وإلى مزيد من التقدم الفكري والرقي لفضيلتكم على طريق القرآن وهديه.
ودمتم للعلم أهلا
ـ[رائد أمين]ــــــــ[10 Sep 2009, 08:38 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
جزاكم الله خيرا، و بارك فيكم و حفظكم الله كنزا ثرا للعلم و أهله، و تقبل الله منا و منكم الأعمال.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[11 Sep 2009, 02:28 م]ـ
جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم.
ـ[عبد اللطيف نصر]ــــــــ[13 Sep 2009, 07:21 م]ـ
شكر الله لكم يا أستاذنا الكريم ونفع بعلمكم.(/)
آخر ما نزل من القرآن
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:36 م]ـ
ذهب بعض العلماء إلى أن آخر ما نزل من القرآن آيات معينة، وهذه الآيات التي حددوها في أوساط السور لا أواخرها؛ وذلك نحو قوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) أو قوله: (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) أو قوله: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين) أو قوله: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل) أو قوله: (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) ولكن الآيات التي حددوها كانت آخر ما نزل في أبواب معينة لا آخر ما نزل من القرآن على إطلاقه؛ وتفصيل ذلك كالآتي:
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:37 م]ـ
توبة القاتل:
روى البخاري ومسلم والبيهقي قال سعيد بن جبير آية اختلف فيها أهل الكوفة فرحلت فيها إلى ابن عباس فسألته عنها فقال نزلت هذه الآية (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) هي آخر ما نزل وما نسخها شيء وعبارة "ما نسخها شيء" تدل على أنها آخر ما جاء من الأحكام في باب معين؛ وهو باب قتل النفس، يقول ابن حجر (أي آخر ما نزل في شأن قتل المؤمن عمدا بالنسبة لآية الفرقان) ويبدو واضحا جدا في الحديث أن أهل الكوفة قد اختلفوا في توبة القاتل لا في القرآن.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:38 م]ـ
باب الربا:
روى البخاري في كتاب البيوع بباب موكل الربا قال ابن عباس آخر آية نزلت على النبي ( r): ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون. واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون وواضح أن المقصود أنها آخر آية في باب الربا
والملاحظ أن ابن عباس في حديث البخاري هذا قال "آخر آية" ثم ذكر أربع آيات؛ لهذا روي أن آخر ما نزل أيضا هو الآية الرابعة "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" وهي الآية الأخيرة في الحديث عن الربا كما روى النسائي، والطبراني وابن أبي شيبة، وواضح أيضا أن المقصود أنها آخر آية في باب الربا
أما ما أورده الفريابي في تفسيره من أن النبي ( r) عاش بعدها أحد وثمانون يوما، أو تسع ليال كما أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير؛ فالرواية الأولى عن الكلبي عن ابن صالح عن ابن عباس وهذا الطريق أوهى الطرق عن ابن عباس وهو ما يسمى عند العلماء بسلسلة الكذب، أما الرواية الثانية التي ذكرها ابن أبي حاتم في تفسيره والواحدي في أسباب النزول؛ فهي عن ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير، وعبد الله بن لهيعة ضعيف لا يحتج به، وقد تجنب العلماء الرواية عنه، وقال ابن معين والنسائي: ضعيف لا يحتج به وكان يحيى بن سعيد لا يراه شيئا وقال ابن مهدى: لا أحمل عن ابن لهيعة شيئا. وقال ابن معين عنه: ليس بقوى وقال يحيى بن سعيد لو رأيت ابن لهيعة فلا تحمل عنه حرفا. وقال أبو حاتم: أخبار ابن لهيعة فيها التخليط وما لا أصل له، ويقول ابن أبى مريم: روايات ابن لهيعة رواها وجادة (أي من الدفاتر).وقال أبو زرعة، وأبو حاتم: أمره مضطرب،.وقال الجوزجانى: لا نور على حديثه، ولا ينبغى أن يحتج به. وقال أبو حاتم: كان ابن لهيعة يقرأ ما يدفع إليه، وكان يكنى أبا خريطة.؛إذ كانت له خريطة معلقة في عنقه فكان يدور بمصر. فكلما قدم قوم كان يدور عليهم، فكان إذا رأى شيخا سأله، من لقيته وعمن كتبت. فإذا وجد عنده شيئا كتب عنه، ثم إن عطاء بن دينار – في هذا الحديث - لم يسمع من سعيد بن جبير
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:39 م]ـ
باب التفضيل في الرجال والنساء:
يقول السيوطي أخرج ابن مردويه من طريق مجاهد عن أم سلمة قالت آخر آية نزلت هذه الآية (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل إلى آخرها)، وقد تنبه السيوطي إلى أنها كانت آخر ما نزل في بابها، وهذا صحيح، وتفصيل ذلك كالآتي:
- روى الترمذي والبيهقي وأحمد عن أم سلمة أنها قالت: يغزو الرجال ولا يغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله "ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجل نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن"
- ثم قالت أم سلمة للنبي ( r) يا نبي الله ما لي أسمع الرجال يذكرون في القرآن والنساء لا يذكرون فأنزل الله عز وجل (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات) كما روى الترمذي والنسائي وأحمد
- قالت أم سلمة رضي الله عنها أنها: يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله عز و جل {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض} كما روى الحاكم والترمذي
وهذه الآية الأخيرة كانت آخر ما نزل في هذا الباب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:40 م]ـ
باب المحرم من المأكولات:
يقول السيوطي (وفي البرهان لإمام الحرمين إن قوله تعالى قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما الآية من آخر ما نزل)، وهذا فيه نظر للآتي:
- هذه الآية في سورة الأنعام المكية فلا يمكن إطلاقا أن تكون آخر ما نزل من القرآن
-لا أدري لماذا أورد السيوطي قول الجويني هنا حيث لم يزد ما كان يناقشه وهو "آخر ما نزل من القرآن " إلا تشويشا على القارئ الذي لم يطلع على قول الجويني؛ حيث كان الجويني يناقش الخلاف بين مالك والشافعي في المحرم من المأكولات؛ فمالك كان يرى أن القصر في قوله تعالى: (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ) قصر حقيقي ولا محرم من المأكولات إلا ما ورد في الآية، وذهب الشافعي إلى أنه قصر إضافي والمعنى: لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم وغيره، وقال الجويني (وهذه الآية من آخر ما نزل ولا خلاف أنها ليست منسوخة وقد تعلق مالك رحمه الله بموجبها ونزل مذهبه عليها فحرم ما اقتضت الآية تحريمه وأحل ما عداه) ثم وضح الجويني ما اعتمد عليه الشافعي من سبب النزول والسياق وبعض الأخبار ثم رجح قول الشافعي، وبذلك يصبح قول الجويني واضحا وهو أن الآية لم ينزل بعدها في بابها ما ينسخها
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:42 م]ـ
الترجيح بين آية النساء وآية التوبة:-
لم يبق في الترجيح إلا موضعين هما آخر النساء وآخر التوبة وكلا الموضعين قد وردت فيه أحاديث صحيحة، وكلا الموضعين يصلح لأن يكون آخر ما نزل من القرآن؛ لأنهما أواخر في سورتيهما عند التلاوة، وترتيب الآيات هو الأصل في النزول كما ذكر ابن عاشور، ولكن اعتبار آخر النساء هو آخر ما نزل فيه نظر للآتي:
- آخر النساء كان آخر ما نزل في الميراث، وقد روى البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي وأبو داود قال البراء بن عازب: (آخِرُ آيَةٍ أُنْزِلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِى الْكَلاَلَةِ) وهذا الحديث أورده البخاري في كتاب الفرائض"المواريث" ومسلم في كتاب الفرائض، والبيهقي في السنن الصغرى في باب المواريث وفي السنن الكبرى في كتاب الفرائض، والنسائي في كتاب الفرائض، وأبو داود في كتاب الفرائض، وتنبه السيوطي إلى أن قول البراء آخر ما نزل "يستفتونك" أي في شأن الفرائض، وذهب الزمخشري أنها آخر ما نزل في الأحكام، وما ذهب إليه الزمخشري فيه نظر ولو قال آخر ما نزل في أحكام الميراث لكان صحيحا، ثم إن الحديث الذي أورده الزمخشري في هذا الشأن من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وهي سلسلة الكذب.
- هذه الآية نزلت في جابر بن عبد الله حين مرض كما روى مسلم وأحمد والنسائي والترمذي والبيهقي فقال له النبي: (مَا أُرَاكَ مَيِّتًا مِنْ هَذَا الْوَجَعِ وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِى أَخَوَاتِكَ فَبَيَّنَ فَجَعَلَ لَهُنَّ الثُّلُثَيْنِ) ولم يكن لجابر حينئذ ولد ولا والد وإنما كان يورث كلالة، وأبوه قد قتل في أحد، وله تسع أخوات، ثم ولد له بعد ذلك عبد الرحمن وعبد الله وعقيل ومحمد
إذن الراجح هو أن آخر ما نزل هو آخر التوبة؛ وذلك للآتي:
- هي آخر آيات في ترتيب السورة وليس في وسطها، خلافا لبعض الآيات الأخرى التي قيل إنها آخر ما نزل وهي في أوساط السور، كما أن هذه الآية أيضا تختلف عن آية الكلالة التي في آخر سورة النساء في أن آية الكلالة آخر آية في أحكام الميراث، وهذه الآية ليست من آيات الأحكام ولا باب لها في الأحكام لتندرج تحته
- روى الحاكم في المستدرك وأحمد والطبراني في المعجم الكبير عن أبي بن كعب قال آخر آية نزلت: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخر السورة)
- يؤيد أنها آخر ما نزل ما أخرج ابن مردويه من أنها آخر القرآن بالسماء عهدا
- كأنما أراد الله تعالى بالآية الأخيرة في التوبة أن يذكر المؤمنين بصفات نبيهم العظيمة عند اقتراب موته وانقطاع صحبته؛ فذكر أنه في غاية الشفقة عليهم وشاق وشديد على نفسه عنتهم ومشقتهم ولقاؤهم المكروه في دينهم ودنياهم حريص على سعادتهم وصلاح شأنهم كثير الرأفة والرحمة بهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد حاول العلامة الزرقاني رد كون هذه الآية آخر ما نزل بقوله (ويمكن نقضه بأنها آخر ما نزل من سورة براءة لا آخر مطلق ويؤيده ما قيل من أن هاتين الآيتين مكيتان بخلاف سائر السورة، ولعل قوله سبحانه: "فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ ..... الخ " يشير إلى ذلك من حيث عدم الأمر فيه بالجهاد عند تولي الأعداء وإعراضهم)، وقد ارتكز الزرقاني في رده على أمرين ليسا صحيحين عند الباحث هما:
الأول: وجود المكي داخل السور المدنية؛ وهذا غير صحيح.
الثاني:نسخ آية السيف لكل ما يدعو للصفح والإعراض ونحوه تقليدا لهبة الله بن سلامة الذي ذهب إلى أن كل آية جاء فيها العفو والصفح وتخلية السبيل والإعراض عن المشركين فهي منسوخة بآية السيف، وهذه الآيات المعنية قد بلغت مائة وأربع عشرة آية، وهو أمر غير متصور؛ ولهذا قال ابن الجوزي عن بن سلامة: (ومن قرأ كتاب هبة الله المفسر رأى العظائم)
أما ما ذهب إليه الزرقاني من أن هاتين الآيتين مكيتان بخلاف سائر السورة فهو قد ارتكز فيه على زعم ابن الغرس الذي ذهب إلى أن التوبة مدنية إلا آيتين "لقد جاءكم رسول" إلى آخرها، وابن الغرس استند فيه على قول مقاتل وهو قول شاذ؛ وفيه نظر للآتي:
- علق القرطبي على ذلك بقوله (وهذا فيه بعد لأن السورة مدنية)
- دليل مقاتل على مكية الآيتين واه جدا؛ إذ ذهب إلى أن قوله "من أنفسكم" المخاطب به أهل مكة، والحق أن الخطاب لكل الناس ولا يقتصر على أهل مكة أو العرب، والمعنى: من جنسكم أي البشر؛ لتفهموا عنه وتأتموا به، ويفسر ذلك قوله: (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا) أي إنساناً يقول ابن كثير: (أنه يبعث إليهم الرسول من جنسهم، ليفقهوا عنه ويفهموا منه، لتمكنهم من مخاطبته ومكالمته، ولو بعث إلى البشر رسولا من الملائكة لما استطاعوا مواجهته ولا الأخذ عنه)
- مقاتل بن سليمان للعلماء فيه رأي كبير؛ إذ هو كذاب كما قال النسائي وابن حبان، يقول عنه وكيع: سمعنا منه والله المستعان، وقال الجوزجانى: كان دجالا جسورا، وقال العباس بن مصعب: كان مقاتل لا يضبط الإسناد، وقال البخاري: سكتوا عنه، وقد كان مقاتل يروى عن الضحاك بن مزاحم وهو قد ولد بعد وفاة الضحاك بأربع سنوات
- وردت أحاديث كثيرة تثبت أنها مدنية وأنها آخر آية نزلت خاصة و أن عددا قليلا من الصحابة كانوا يحفظونها عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كانت الآيتان مكيتين لكان كثير من الناس يحفظونها ويكتبونها.
- أكد ابن شهاب الزهري في كتابه "تنزيل القرآن" أن آخر ما نزل هو قوله تعالى (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)(/)
تلخيص مقتضب لمحاورالحلقة الثانية للإعجاز العلمي على قناة دليل ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[10 Sep 2009, 02:00 ص]ـ
دارت الحلقة في عدة محاور أهمها:
1 - أخذ الشهري فرصة خمس دقائق لعرض فكرته كاملة.وخلاصتها:
أ) عدم وجود التحدي في غير البلاغي.
ب) فتاوى كبار العلماء كلها ترد ما يمى بالإعجاز العلمي لأنه يفتح أبواب لا يمكن التنبؤ بمستقبلها.
ت) هناك دراسات منشورة في التفسير العلمي فيها مجازفات كثيرة منها كلام مصطفى محمود وردود بنت الشاطيء عليها.
ث) ادعاء السبق للقرآن منقوض لأن التوراة والإنجيل فيها سبق علمي.
ج) لابد من إعادة النظر في التسمية بأن يمى دلائل صدق القرآن.
ح) هناك خلاف داخل النظريات العلمية فأين الحقيقة علمية؟
خ) نحن نقول ونؤكد أن حب قول الجديد يؤدي للقول بغير علم وإلا تضييع كثير من الثابت عن السلف.
2 - سؤال للقريشي: هل توافق على ما طرحه الشيخ؟
3 - فأجاب: أوافق على بعض وأرفض بعضاً ..
4 - فطلب منه طرح رأيه: طرح مواطن الاختلاف:
أ) التسوية بين العلمية في القرآن وغيره من الكتب. وهذا يتوافق مع النصارة والعلمانيين.
ب) فهم السلف.
ت) تناقضهم بالثناء على الإعجاز تارة ونفيه تارة.
ث) لا مشاحة في الاصطلاح.
ج) لا نلزم بمشاركات مصطفى محمود.
ح) الرتق مبني على ابن عباس وزدنا نحن فقط: الانفجار.
خ) لغة العرب هي لغة العرب والعرب اليوم يفهمونها كما كان يفهمها العرب السابقون.
د) إذا اختلف العلماء = فليست حقيقة.
5 - حديث الشيخ مساعد وخلاصته:
(أ) نقل كلام شيخ الإسلام عن حمل ألفاظ القرآن على المعاني التي في نفس المفسر وتنزيل الشيخ لذلك على المتكلمين في الإعجاز.
(ب) قال الإعجازيون: ادعاء معرفة الرسول بالعلم التجريبي .. مثال كلام الزنداني عن الحديد وكلام الطبيعيين عن نشأته خارج الأرض .. ثم قال الزنداني: من أخبر محمداً بهذه الحقيقة؟
(ت) غلبت الروم في أدنى الأرض (من أعلم محمداً؟).
(ث) قضية كون النبي يعلم .. تألي على النبي الذي لم ينقل لنا إباره بهذا العلم ولم لم يُعلمه للصحابة؟
(ج) جواب بعضهم أشار له الشهري .. لن يتحمل الصحابة.
(ح) زغلول النجار: الحقائق كانت خافية على الناس زمن الوحي فأشير إليها لعدم الصدمة!!
6 - كلام الددو وخلاصته:
أ) كل ما في القرآن معجز من كل الوجوه.
ب) تجمع المعاني في صدره وقد يخبر أصحابه وقد لا يخبر.
ت) قد يفتن الناس بالمعجزة فلا تخبر لهم.
ث) لا يجب عليه بيان شرحه جميعاً إلا ما يحتاجون له .. قلت: أوليس من البلاغ المبين تبليغ وتعليم هذا الباب المهم من إعجاز القرآن؟؟!! وإذا لم يُعلمه النبي أصحابه فأي خير منه يُرجى للدين من جهة الإعجاز؟!! أو يضيع النبي فرصة إيمان أهل العلوم من الفلاسفة الذين كانوا معاصرين له صلى الله عليه وسلم؟!!
ج) خطأ بعض المتعرضين لللإعجاز ليس حجة على بطلان هذا العلم.
ح) عدم ذكر الصحابة ليس حجة فهم لم يرزقوا إلا بقدر زمانهم.
7 - تقرير المذيع: اتفق الجميع على وقوع الخطأ في التطبيقات .. سؤال للشهري ومساعد .. هل الأخطاء في التطبيقات صادرة عن خلل منهجي؟
8 - الشهري: نعم .. ومنه [ربط القرآن بالمتغيرات العلمية-
9 - سؤال من الددو: هل تقرون بأصل وجود الحقائق العلمية؟
10 - الشهري: لا أنكر وجود حقائق وإنما أنكر القول بأن هذا هو معنى الآية.
11 - الشهري: إذا كانت نظرية الانفجار مختلف فيها فكيف تجعل من إعجاز القرآن؟
12 - رد القريشي بأنه قول الجمهور.ولذا هو من التفسير العلمي وليس من الإعجاز العلمي.
13 - الددو: الخبر نفسه معجز وإنما ظهوره علمياً = زيادة إيمان. وهذه غفلة عن محل النزاع فالنزاع هو هل هذا (النظرية) هو الظهور العلمي المستيقن لهذا الخبر القديم؟
14 - مداخلة من مرهف السقا حث فيها على التعاون بين المفسرين وأهل الإعجاز. وتحدث عن منهجية الاحتجاج بأقوال الصحابة ووجوب ادخال تفسير من بعدهم من أهل عصور الاحتجاج.
15 - سؤال لمساعد من المذيع: أليس كل علم في تطبيقاته خلل؟
16 - حديث من مساعد عن الخلل المنهجي ورجوعه لقضية الضوابط .. ومنها [عدم العودة لأهل العلم-خلو الهيئة الاستشارية لهيئة الإعجاز من العلماء].
17 - موافقة الشيخ اللدو للشيخ مساعد لوجوب وجود مختصين بالتفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
18 - كلام الددو عن اعتماد ولاة الأمر للمصطلح وقال إن هذا يرفع خلافنا في المصطلح.قلت: وهذا خطأ فقرار أولياء الأمور –على الراجح-يرفع الخلاف قضاء فقط ولسنا في مسألة قضائية.
19 - كلام القريشي عن وجود المختصين.
20 - الشهري: نحن نتحدث عن أخطاء كثيرة وليس مجرد شذوذ.
21 - المذيع: الجمهور الواعي سيرد .. ورأيي أن هذا خطأ وهذا الجمهور الواعي لا وجود له.
22 - المذيع: وتتولى الهيئة الرد والتصحيح. وهذا حق.
23 - عرض الشهري لفتوى اللجنة الدائمة. في إبطال الإعجاز العلمي.
24 - القريشي يرى أن الأمثلة في فتوى اللجنة لا تخالف ما هم عليه.
25 - مداخلة من محمد موسى الشريف وهو يرى أن ضوابط الإعجاز وضعت ولا حرج فيه. بل هو مفخرة من مفاخر العصر. وأهل الذكر يُبينون الباطل. ولكنه أقر بأن هناك قصور في نشر ردودهم وتمحيصاتهم.
26 - مساعد: استخدام اليقيني من هذا الباب في الدعوة لا خلاف فيه. لكن تبليغ هذا الإعجاز وأثره الدعوي على الغرب ضعيف وليس هو الطريق الأمثل.
27 - سؤال للددو: ألا يقيد نشر الإعجاز من جهة النشر العام؟
28 - جوابه: لا مانع من نشر الحقائق المتفق عليها. ويربى الناس بصغار العلم قبل كباره.
29 - الددو: الإشارة لا تقتضي أن هذا معنى الآية جزماً.
30 - مساعد: آية سنريهم آياتنا ليست عامة ولو قلنا بأنها عامة للزم القول بظهورها لجميع طوائف الكفر بينما تحقيق الآية في أهل مكة لأنهم فيؤمنوا. فهي من العام الذي أريد به الخصوص.
31 - تمسك من القريشي بالعموم.
32 - مداخلة من السعيدي .. قال: إن الإعجاز هو الخوارق التي تأتي لإثبات الرسالة ولا يصح إثبات الرسالة بالظن والوهم.العلم التجريبي ولا يوجد فيه حقائق بل كله نظريات.
33 - الددو: الأصل عدم الخصوص.وهناك آيات أخرى. والآية وعد يحصل ببعض الناس دون بعض. وصيغة الآية صيغة عموم. قلت: وهذه فوت من الددو عن محل النزاع فلا نزاع في أن صيغتها صيغة عموم وإنما النزاع في أنها أريد بها الخصوص.
34 - .فوائد الحلقة من كلام الشهري. وقوله إن الضوابط لا تغني من انتشار الفساد.
35 - لم لشعث الحلقة وتلخيص لها من المذيع بعرض لموارد الاتفاق وعرض للتوصيات العلمية.
36 - ليس هناك تعادل في المداخلات ولا حتى تقارب بل الجميع سوى السعيدي مخالفون لمساعد والشهري.
ـ[النجم الثاقب]ــــــــ[10 Sep 2009, 02:38 ص]ـ
بارك الله فيك يا شيخ عبدالرحمن وحلوه الضربة اللي بالشاص
بارك الله فيك يا شيخ مساعد ولو لم تقل شئ انت ولا ابو عبدالله لان المذيع مرة يكون
مذيع وتارة يكون مشاهد.
لو اقسمت عند الملتزم ارجو اني لا ن اكون حانثا ان المذيع تكلم اكثر من الشيخين
وهو يمجد الشيخ الددو وكذلك يبدو ان المذيع مع اصحاب القول الاخر.
الم شعث النقاش ان المذيع لم يفلح و خيل ببالي اني اشاهد برنامج الكيمرة الخفيه
و المقلب يدور على الشيخين.
بارك الله بالجميع
ـ[أبو يوسف الثبيتي]ــــــــ[10 Sep 2009, 04:05 ص]ـ
وهو يمجد الشيخ الددو
وهل المطلوب أن يضع من قدره - هذا عالم بالفنون حفظك الله , كما أن الشيخين مساعد وعبدالرحمن علماء في التفسير ..
الشيخ أبا فهر واضح تتبعه لكلام العلامة الددو في الحلقتين!!
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[10 Sep 2009, 04:10 ص]ـ
هذا طبيعي يا مولانا؛فأنا أخالفه الرأي ... ومع هذا فلم يمنعني ذلك من تخطئة أبي عبد الملك في أحد ردوده على الددو ..
ـ[جمان]ــــــــ[10 Sep 2009, 06:33 ص]ـ
في نفسي كلمة تعقيبا ًعلى تلك الحلقة المثيرة والمفيدة:
الموضوع كبير ومتشعب , ولابد من إعادة النظر في تأصيله , وإعادة النظر في ضوابطه وشروط المؤهلين له , وحقيقة ً أقولها:
إن التفريط الحاصل في مجال مايسمى بالإعجاز العلمي يثير حفيظة أي مسلم له أدنى علم بكتاب الله , وهذا إن دل على شيء فهو يدل على التقصير الحاصل في حق كتاب الله , وإلا فسد الباب أولى لأن التفريط فيه تجاوز الحد.
يجب على هيئة الإعجاز العلمي أن تتحرك وتضاعف من جهودها وتفصل في الأمر فهي المسؤولة عن كل ماسمي إعجازاً علمياً وهو ليس من التفسير أصلا ً في شيء.
- لما لا يكون لها قنوات فضائية متخصصة ترد وتناقش وتتابع وتدين كل من تعدى على حمى تفسير كتاب الله باسم الإعجاز العلمي , بأن يبقى في أذهان العالم أن كل كلام في هذا المجال يبقى معلقاً غير قابل للنشرولا للاطلاع حتى يقرر من قبلها ويوافق عليه!
- لم لا ترتب على كل من تعداها ونشر اكتشافاته دون الحصول على إقرارها والرجوع إليها عقوبة ًجزائية ً كبيرة , ردعاً لهم , وحفاظاً على قدسية هذا الكتاب العظيم من العبث والخوض والتقول على الله , وضبطاً لهذا المجال المفتووووح في ظل عصر تسارعت فيه الاكتشافات من كل حدب وصوب!
ـ[النجم الثاقب]ــــــــ[10 Sep 2009, 06:56 ص]ـ
اقصد يالغالي ان المذيع لم يوفق في ادارة الحوار وكونه يعظم الشيخ الددو لا يحق له ان يعطيه من الوقت اكثر من غيره
عجيب يقاطع الشيخ الطيار والشيخ الشهري ولا يقاطع الشيخ الددو وقد انتهى وقته؟!
هذا قصدي ولم اقصد بقولي انه يعظم الددو انه اخطأ والمفروض ان يذمه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[10 Sep 2009, 08:40 ص]ـ
لم أشاهد الحلقة مع أهمية مثل هذه الاجتماعات العلمية، لكن على ضوء ما ذكره الاخوة، اقترح:
أن يأتي اليوم الشيخ الددو، إلى الاستديو، فاليوم إجازة.
ـ[علي أبو عائشة]ــــــــ[10 Sep 2009, 12:36 م]ـ
كلمة حق:
على قناة دليل وفقها الله أن تنصح المذيع بتقليل التدخلات واحترام وقت المشاركين، فلقد أصبح من الظاهر أنه يتكلم أكثر من جميع المشاركين، ويقاطع بلا تردد، وأحيانا تتم المقاطعة عند الاقتراب إلى لب الفكرة، وهذا فيه ظلم للمشاركين.
وليس من صفات المذيع الناجح أبدا أن يتكلم أكثر من المشاركين مجتمعين، ولا من صفته بحيث يجعل المشاهدين يتذمرون من كثرة مقاطعاته ومداخلاته.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[10 Sep 2009, 12:37 م]ـ
لم أشاهد الحلقة مع أهمية مثل هذه الاجتماعات العلمية، لكن على ضوء ما ذكره الاخوة، اقترح:
أن يأتي اليوم الشيخ الددو، إلى الاستديو، فاليوم إجازة.
شاهدت بعضا من الحلقة في الإعادة لأعرف أنه لا حلقة اليوم الخميس، على عكس ما ذكر المقدم خلال الحلقة الأولى وعلى عادة البرنامج يستضيف الضيوف 3 أيام على ما أذكر، وكنت أتوقع أن حضور الشيخ الددو إلى الاستديو مع اخوانه سيحل الإشكال، وبما أن اليوم الخميس وهو إجازة في المملكة، فسيكون الأمر ميسر بالنسبة له.
فعفوا.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[10 Sep 2009, 03:47 م]ـ
، وبما أن اليوم الخميس وهو إجازة في المملكة، فسيكون الأمر ميسر بالنسبة له.
فعفوا.
انتهت جميع حلقات برنامج الأجر والأجران، والليلة هي 21 أول ليلة في العشر الأواخر
ـ[محمد براء]ــــــــ[10 Sep 2009, 04:31 م]ـ
أين نجد رابط الحلقة؟
ـ[وليد الزامل]ــــــــ[10 Sep 2009, 10:08 م]ـ
كم عدد الحلقات التي بثت من حلقات الإعجاز العلمي؟
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[11 Sep 2009, 12:37 ص]ـ
كم عدد الحلقات التي بثت من حلقات الإعجاز العلمي؟
حلقتان فقط
ـ[ Amara] ــــــــ[11 Sep 2009, 06:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
اخوتي الأفاضل السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
و أنا اتجول بين صفحات هذا المنتدى أجد كلاما يرمى به الإعجاز العلمي في القرآن الكريم لا أجد له صلا منطقيا .. و سأتكلم عن ما ورد في هذا الملخص مع أني لم أطلع على هذه الحلقات، و ساوجه كلامي إلى هؤلاء العلماء الأفاضل الذين و إ كنت آنس إليهم غير أن في كلامهم نظر.
و سابدأ بكلام الاخ الحبيب الشهري الذي ملخص كلامه الآتي
1 - أخذ الشهري فرصة خمس دقائق لعرض فكرته كاملة.وخلاصتها:
أ) عدم وجود التحدي في غير البلاغي.
ب) فتاوى كبار العلماء كلها ترد ما يمى بالإعجاز العلمي لأنه يفتح أبواب لا يمكن التنبؤ بمستقبلها.
ت) هناك دراسات منشورة في التفسير العلمي فيها مجازفات كثيرة منها كلام مصطفى محمود وردود بنت الشاطيء عليها.
ث) ادعاء السبق للقرآن منقوض لأن التوراة والإنجيل فيها سبق علمي.
ج) لابد من إعادة النظر في التسمية بأن يمى دلائل صدق القرآن.
ح) هناك خلاف داخل النظريات العلمية فأين الحقيقة علمية؟
خ) نحن نقول ونؤكد أن حب قول الجديد يؤدي للقول بغير علم وإلا تضييع كثير من الثابت عن السلف.
.
أ) فأما القول عن عدم وجود تحدي في غير البلاغي فكلام ليس له ما يؤيده .. لأن النفي يجب أن أن تكون له قاعدة إثبات .. والأولى في كل ذلك أن نتحدث عن ما هو ثابت لدينا .. أما نفي غيره فلابدمن إقامة الدليل عليه، إن وجد.
و لعل القائلين بهذا الرأي لم يقفوا على التحدي المباشر بالحقيقة العلمية و الفكرية مثلا كما جاء بالتحدي بالسورة، فتوهموا أن التحدي كان بلاغيا فقط، فحصروه بذلك، و هذا الرأي نعارضه بأمور نذكر منها:
1 - أن التحدي بهذه الصفة يكون تحدى للعرب فقط إذ هم أصحاب هذه البلاغة ..
2 - أن ما نجه من اتفاق بين الحقائق العلمية اليقينية و الحقائق القرآنية ليس سوى محض اتفاق عرضي .. و ليس هو مقصود في حد ذاته ..
و لو دققنا النظر في القرآن لوجدنا أن أمر التحدي كان في أكثر من ذلك و مثال ذلك:
- التحدي البلاغي (بالكتاب المسطور)
- التحدي التكويني (بالكتاب المنظور)
- التحدي الفكري (بتقديم البرهان)
و سأحاول سريعا شرح ذلك،
(يُتْبَعُ)
(/)
فأما الأول فمعلوم للجميع و ما من ناظر في القرآن إلا ويقف عليه.
و أما الثاني فمثاله قوله تعالى:
وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
و قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ
و أما الثالث فماله قوله تعالى:
قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
فأما عن كون هذين البابين الأخيرين يلم بهما القرآن ففي قوله تعالى:
وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
و قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا
فهذه بعض وجوه التحدي الواردة في القرآن ...
ب) أن فتاوي العلماء يجب أن تأخذ بكيفية طرح القضية عليهم .. و مثال ذلك إن أفتى
الشيوخ بتحريم (أو كراهة) الحج و العمرة هذا العام على من يزيد عمره على ال65 سنة (و حرماني مثلا من أفضل ما يستطيع امرئ أن يهدي لأبويه) فليس معنى ذلك
حرمة الحج على من تفوق أعمارهم ذلك و لكن تحت أطر دقيقة أفتى العلماء بذلك ..
و التالي لا يجوز الاستئناس بحمل فتوى إطار معين على إطار آخر ..
ثم إن المفتين في الأغلب ليس لهم عميق دراية بالعلوم التجريبية و النظرية إنما عندهم دراية بالعلم الشرعي و هذا النقص يجعلهم يأنسون لكلام دون معرفة الدقيق منه .. و ربما حملهم على التركيز على مخالفات الدارسين فيخطئون الفتوى .. و إنما حملهم
على ذلك حبهم للقرآن لا نشك في ذلك أبدا فأرادوا قطع الطريق عن هذا الباب .. و
لو علموه ما أراهم جنحوا عنه إنما أرشدوا إليه ...
ت) وجود دراسات تعتبر مجازفات ليس هو الغالب فلماذا نحمل النادر على الغالب و نضرب الكثير بالقليل .. و أنتم تعلمون أن أهل هذا العلم مثلكم لا يسكتون على المخالفات
و يردون عليها و يوضحونها ..
ث) السبق العلمي في القرآن أكثر بيانا و أكثر دقة و المخالفات العلمية و المنطقية في غيره واضحة و لا حصر لها ..
القرآن الوحيد في العالم لا تجد فيه ما يناقض العلم .. و هو الوحيد الذي نص على ذلك
في قوله تعالى:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا
و قوله تعالى:
قُرْآَنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
ج) التسمية هي مجرد اصطلاح و ربما ينقصه بعض الدقة بالفعل.
ح) اعلم أنه لو وجد خلاف في النظرات اليقينية فإنما هو خلاف تكامل لا تضاد .. أما النظريات التي تقوم على الفلسفة و الظن فليس ذلك مما يدرس به القرآن ..
و لعلك تقف على ذلك في تفاسير السلف .. فليس هذه الاختلافات اختلافات تضاد و لكنها تكامل ..
خ) الذي أراه أن النظرة بمنظار العلم الدقيق هو ما يزيد ول السلف من الصحابة و التابعين تفسيرا و إيضاحا و لا غنية عن كلامهم ...
يغفر الله لي و لكم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 Sep 2009, 06:31 م]ـ
أما كون التحدي لم يكن سوى بالبيان = فهذا هو الحق الذي لا محيد عنه وأدلته:
1 - أن التحدي تم ووقع ولزم بأول ما نزل بالقرآن،وكان بأقصر سورة بالقرآن ولم يُعلق التحدي إلا بنفس السور والآيات،والقدر المشترك بين أقصر سورة وبين أول ما نزل وبين ما قرأه النبي على الوليد فبهره = هو البيان لا غير.
2 - لا يوجد موضع واحد في القرآن فيه التحدي بالعلم ولا بنحوه وما ذكره الأخ صاحب المشاركة السابقة ليس فيه موضع واحد يدل على التحدي بالأشياء المدعى التحدي بها،والمقارنة بين صيغها وصيغ آيات التحدي تُظهر ذلك بوضوح وإنما هو تمحل في الاستدلال. وفيها خلط عجيب كالخلط بين طلب الحجة وبين التحدي بالقرآن وبين عدم القدرة على الخلق وبين التحدي بالقرآن وحديثنا عن أنه سبحانه تحداهم بالقرآن ومحل النزاع ما هو وجه التحدي .. وهذه الأشياء التي ذكرها أجنبية عن محل النزاع.
3 - إنما يكون التحدي المستلزم لصدق النبوة من جنس ما يُحسن المبعوث لهم الإتيان به وهذا ظاهر في آيات الأنبياء وليست العلوم ونحوها من جنس ما يُحسنه العرب وصناعتهم البيان.
4 - فَقِه العرب الذين بعث لهم النبي صلى الله عليه وسلم موضع التحدي .. صحابته وغيرهم وكان هو ما نقول بدلالة معارضة مسيلمة لبيان القرآن.
5 - إثبات التحدي بالعلوم التجريبية يستلزم أن الله أراد بنصوص القرآن معاني اجتمع الصحابة على عدم فهمها فلم يفهمها منهم أحد وهذا باطل لاستلزامه اجتماعهم على عدم معرفة بعض الحق ولمخالفته لنصوصهم بأن النبي علمهم من القرآن كل شيء.
6 - وهو مهم جداً: الحجة في نص القرآن على الحقائق العلمية هي أنه تكلم بها محمد وهو رجل أمي لا يحسن تلك العلوم فوجب أن يكون المخبر له رب خالق. وهذه الحجة دليل لنا على أن الله لم يتحدى بالعلوم التجريبية؛وأن نصوص التحدي لا تشتمل على العلوم التجريبية بل هي خاصة بالبيان؛لأن الله تحداهم أن يأتوا بمثله وليست المشكلة أنهم -أي أهل عصرنا وغيرهم الذين تزعمون أنهم متحدون-لم يأتوا بمثله فقد أتوا ببيان لتلك الحقائق،ولكن موضع الحجة هو أن النبي تكلم بها رغم زمانه وأميته .. وهذه بينة ظاهرة على أن تلك الحجة ليست من جنس التحدي بل هي من جنس آيات الصدق والتصديق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ Amara] ــــــــ[11 Sep 2009, 08:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
أخي الحبيب أبو فهر السلفي وفقني و وفقك الله لما يحب و يرضى
جوابا على كلامك
أما كون التحدي لم يكن سوى بالبيان = فهذا هو الحق الذي لا محيد عنه وأدلته:
1 - أن التحدي تم ووقع ولزم بأول ما نزل بالقرآن،وكان بأقصر سورة بالقرآن ولم يُعلق التحدي إلا بنفس السور والآيات،والقدر المشترك بين أقصر سورة وبين أول ما نزل وبين ما قرأه النبي على الوليد فبهره = هو البيان لا غير.
.
هل هذا يستوجب ان لا ينبهر بما فيه من غزير العلم غير الوليد .. ثم ماذا فعل الوليد بعد ان انبهر اصر على كفره، و أنت تعلم أن كثيرا ممن انبهر بحقائقه العلمية فأشهر اسلامه .. فهل يعني انبهار الوليد بالبيان برهان على كون تحدي القرآن واقع به قصرا ..
فكيف نفسر علماء الغرب الذين أسلموا لما انبهروا بواقع العلم فيه؟
2 - لا يوجد موضع واحد في القرآن فيه التحدي بالعلم ولا بنحوه وما ذكره الأخ صاحب المشاركة السابقة ليس فيه موضع واحد يدل على التحدي بالأشياء المدعى التحدي بها،والمقارنة بين صيغها وصيغ آيات التحدي تُظهر ذلك بوضوح وإنما هو تمحل في الاستدلال. وفيها خلط عجيب كالخلط بين طلب الحجة وبين التحدي بالقرآن وبين عدم القدرة على الخلق وبين التحدي بالقرآن وحديثنا عن أنه سبحانه تحداهم بالقرآن ومحل النزاع ما هو وجه التحدي .. وهذه الأشياء التي ذكرها أجنبية عن محل النزاع.
.
أما قولك فيظهر منه انك ما فهمت ما كتبت فوقع في ذهنك أنه خلط عجيب و ماهو كذلك
فإن الدليل الأول قال فيه تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ
فانظر فيه و في قوله:
قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا
فإن كنت تفهم من الآية الثانية تحديا كيف تصر على كون الأولى ليست كذلك .. ثم إن كنت تستبعد ذلك عن ذهن الإنسان فإنه قد ادعى السابقون قدرتهم على الإحياء و هذا واقع لا تجحده أبدا .. و يطمح المعاصرون إلى معلرفة سر الخلق .. و هذا تحدى لهم جميعا ..
أما عن قوله تعالى:
قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
فهو تحدى صريح ان ياتوا ببرهان ما يذهبون إليه ..
و الواقع إما أن يكونوا بلا برهان إما أن لا يخرج برهانهم عنا نطق به القرآن،
إذ البرهان المبني على المنطق و الحق لن يخرج عن ما جاء به القرآن كما في قوله تعالى:
وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ
و لو نظرت في القرآن لوقفت على جميع طرق الاستدلال و الحجة المنطقية التي تبنى عليها علومنا، و هو أمر يطول شرحه أدعوك إلى تدبره ..
3 - إنما يكون التحدي المستلزم لصدق النبوة من جنس ما يُحسن المبعوث لهم الإتيان به وهذا ظاهر في آيات الأنبياء وليست العلوم ونحوها من جنس ما يُحسنه العرب وصناعتهم البيان.
.
أنت هنا تجيب على نفسك بنفسك .. إنما يكون التحدي المستلزم لصدق النبوة من جنس ما يُحسن المبعوث إليهم ..
من هم هؤلاء المبعوث إليهم؟
هل بعث الرسول محمد صلى الله عليه و سلم للعرب خاصة؟
أم للإنسانية عامة؟
هل بعث للشعراء و البلغاء خاصة أم لعلماء التاريخ و الرياضيات و العرفين بفنون
الاصوات و الفلاسفة و أصحاب العقائد أيضا؟
فغن كان العرب لم يحسنوا العلوم قبل الإسلام فقد أحسنوه بعد الاسلام و اصاب كثير منهم عجمة في الكلام .. فهل يعني ذلك أن نحدد التحدي بتلك الفترة التي أحسن فيها
العرب البلاغة كما قصرنا التحدي على البيان؟
4 - فَقِه العرب الذين بعث لهم النبي صلى الله عليه وسلم موضع التحدي .. صحابته وغيرهم وكان هو ما نقول بدلالة معارضة مسيلمة لبيان القرآن.
.
بل ظن مسيلمة أن التحدي مقصور على مافي القرآن من بلاغة و سجع فأراد أن يسجع
هو الثاني .. غير أن مافي القرآن كان أعظم من اللغة و أعظم مما ينطق به البشر .. إنه المنطوق الذي به روح تسري في القلوب .. فيه العلم و المنطق .. و راجع مادمت تكلمت عن الوليد كلام الوليد ..
5 - إثبات التحدي بالعلوم التجريبية يستلزم أن الله أراد بنصوص القرآن معاني اجتمع الصحابة على عدم فهمها فلم يفهمها منهم أحد وهذا باطل لاستلزامه اجتماعهم على عدم معرفة بعض الحق ولمخالفته لنصوصهم بأن النبي علمهم من القرآن كل شيء.
.
انا أعجب كيف تفسر كلام الصحابة انهم تعلموا من القرآن كل شيء .. و لا تقف بنفس الفهم على الآية الكريمة:
وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
ثم كيف تفسر كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
سيظل القرآن بكرا الى يوم القيامة
6 - وهو مهم جداً: الحجة في نص القرآن على الحقائق العلمية هي أنه تكلم بها محمد وهو رجل أمي لا يحسن تلك العلوم فوجب أن يكون المخبر له رب خالق. وهذه الحجة دليل لنا على أن الله لم يتحدى بالعلوم التجريبية؛وأن نصوص التحدي لا تشتمل على العلوم التجريبية بل هي خاصة بالبيان؛لأن الله تحداهم أن يأتوا بمثله وليست المشكلة أنهم -أي أهل عصرنا وغيرهم الذين تزعمون أنهم متحدون-لم يأتوا بمثله فقد أتوا ببيان لتلك الحقائق،ولكن موضع الحجة هو أن النبي تكلم بها رغم زمانه وأميته .. وهذه بينة ظاهرة على أن تلك الحجة ليست من جنس التحدي بل هي من جنس آيات الصدق والتصديق.
و أعيد التاكيد أنه تحداهم أن ياتوا بمثله و تحداهم أن يظهروا البرهان أيضا .. فلما فسروا تلك الحقائق و أظهروا براهينهم سطع البرهان بالحق و بصدق الرسالة و هو
ما أحجمت عن ذكره لانك لا تعلمه ..
يغفر الله لي و لكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[11 Sep 2009, 09:02 م]ـ
أما كون التحدي لم يكن سوى بالبيان = فهذا هو الحق الذي لا محيد عنه.
لا يا أخى الكريم
قد جانبك الصواب فى هذا القول
وأدعوك أن تتأمل جيدا قوله تعالى:
" قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا "
فهذه الآية الكريمة تعد كافية جدا لرد قولك هذا، لأن التحدى هنا موجه للانس جميعا وعلى اختلاف ألسنتهم، أى أنه يعم العرب والعجم جميعا، فضلا عن كونه يعم الجن كذلك، مما يقطع بأن اعجاز القرآن العظيم يتحقق على أى وجه وعلى وجه الاطلاق والعموم دون تخصيص ولا حصر
هذا، والله عز وجل هو أعلى وأعلم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 Sep 2009, 10:41 م]ـ
بارك الله فيك ..
أخي العليمي ..
الله تبارك وتعالى تحداهم أن يأتوا بمثله وقولنا أن موضع التحدي هو البيان .. ليس تخصيصاً ولا حصرا من عندنا .. ً بل هو تعيين لمراد المتكلم بالحجة والبرهان ... فالله تبارك وتعالى لم يُرد بكل وجه؛لأن هذا يُخرج التحدي عن بابه أصلاً؛لأن من تلك الوجوه المزعومة ما لا يُحسنه ولا يعرفه ولا حتى الصحابة الذين آمنوا،ومنه ما ليس موجوداً في السورة وأقصر آية المتحدى بهم .. والقدر الثابت المشترك بين القرآن كله المتحدى به وبين أقصر آية المتحدى بها وبين ما يُحسنه العرب ويفضلون به الحديث الذي قال الله لهم فبأي حديث بعده يؤمنون = هو البيان لا غير ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 Sep 2009, 10:47 م]ـ
أما قولك فيظهر منه انك ما فهمت ما كتبت فوقع في ذهنك أنه خلط عجيب و ماهو كذلك
فإن الدليل الأول قال فيه تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ
فانظر فيه و في قوله:
قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا
فإن كنت تفهم من الآية الثانية تحديا كيف تصر على كون الأولى ليست كذلك .. ثم إن كنت تستبعد ذلك عن ذهن الإنسان فإنه قد ادعى السابقون قدرتهم على الإحياء و هذا واقع لا تجحده أبدا .. و يطمح المعاصرون إلى معلرفة سر الخلق .. و هذا تحدى لهم جميعا ..
أما عن قوله تعالى:
قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ
فهو تحدى صريح ان ياتوا ببرهان ما يذهبون إليه ..
و الواقع إما أن يكونوا بلا برهان إما أن لا يخرج برهانهم عنا نطق به القرآن،
إذ البرهان المبني على المنطق و الحق لن يخرج عن ما جاء به القرآن كما في قوله تعالى:
وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ
و لو نظرت في القرآن لوقفت على جميع طرق الاستدلال و الحجة المنطقية التي تبنى عليها علومنا، و هو أمر يطول شرحه أدعوك إلى تدبره ..
كل هذا لا موضع له ولا صلة له بما نحن فيه ... فالله يتحداهم أن يخلقوا ذباباً ويتحداهم أن يأتوا ببرهانهم .. كل هذا شيء وموضع نزاعنا في مسألة أخرى: وهي لما تحداهم أن يأتوا بمثل القرآن = ما كان موضع التحدي،وهذا ظاهر جداً فقط لو تأملته ..
هل هذا يستوجب ان لا ينبهر بما فيه من غزير العلم غير الوليد .. ثم ماذا فعل الوليد بعد ان انبهر اصر على كفره، و أنت تعلم أن كثيرا ممن انبهر بحقائقه العلمية فأشهر اسلامه .. فهل يعني انبهار الوليد بالبيان برهان على كون تحدي القرآن واقع به قصرا ..
فكيف نفسر علماء الغرب الذين أسلموا لما انبهروا بواقع العلم فيه؟
كلامنا ليس في ما ينبهر به الناس من القرآن ... كلامنا في القدر المشترك بين أقصر آبة وسورة وعشر سور وما يعرفه العرب في زمانهم ويعرفه الصحابة = وهو البيان لا غير ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 Sep 2009, 10:50 م]ـ
أنت هنا تجيب على نفسك بنفسك .. إنما يكون التحدي المستلزم لصدق النبوة من جنس ما يُحسن المبعوث إليهم ..
من هم هؤلاء المبعوث إليهم؟
هل بعث الرسول محمد صلى الله عليه و سلم للعرب خاصة؟
أم للإنسانية عامة؟
هل بعث للشعراء و البلغاء خاصة أم لعلماء التاريخ و الرياضيات و العرفين بفنون
الاصوات و الفلاسفة و أصحاب العقائد أيضا؟
فغن كان العرب لم يحسنوا العلوم قبل الإسلام فقد أحسنوه بعد الاسلام و اصاب كثير منهم عجمة في الكلام .. فهل يعني ذلك أن نحدد التحدي بتلك الفترة التي أحسن فيها
العرب البلاغة كما قصرنا التحدي على البيان؟
بل بعث للناس كافة .. والقدر المشترك الذي لا يستطيعه الناس جميعاً ولو حاولوه والقدر المشترك الذي يمكن تعلمه والقدر المشترك الذي كانت تعرفه العرب الأولى وهم أول أمة الدعوة والذين بعث النبي بلسانهم والقدر المشترك الذي وجد في أقصر آية تم التحدي بها والقدر المشترك الذي يقال تحدى الله به العرب الأولى وتحدى الله به الناس إلى يوم القيامة من غير أن تنتقض عبارتنا وهو القدر المتوفرة أدواته عند كل مُتحدى = هو البيان لا غير ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[12 Sep 2009, 12:59 ص]ـ
بارك الله فيك ..
أخي العليمي ..
الله تبارك وتعالى تحداهم أن يأتوا بمثله وقولنا أن موضع التحدي هو البيان .. ليس تخصيصاً ولا حصرا من عندنا .. ً بل هو تعيين لمراد المتكلم بالحجة والبرهان ... فالله تبارك وتعالى لم يُرد بكل وجه؛لأن هذا يُخرج التحدي عن بابه أصلاً؛لأن من تلك الوجوه المزعومة ما لا يُحسنه ولا يعرفه ولا حتى الصحابة الذين آمنوا،ومنه ما ليس موجوداً في السورة وأقصر آية المتحدى بهم .. والقدر الثابت المشترك بين القرآن كله المتحدى به وبين أقصر آية المتحدى بها وبين ما يُحسنه العرب ويفضلون به الحديث الذي قال الله لهم فبأي حديث بعده يؤمنون = هو البيان لا غير ..
بسم الله الرحمن الرحيم
وبارك الله فى أخى الكريم أبا فهر
ولكن ائذن لى بأن أصحح لك بعض ما التبس عليك
ذلك أن موضع التحدى ليس هو - كما تقول - أقصر آية من القرآن، وانما التحدى كان بأقصر سورة منه، وشتان بين الموضعين، هذا أولا
أما ثانيا فان آيات التحدى تتفاوت ما بين التحدى بسورة من مثله (أى القرآن) وما بين عشر سور مثله، ثم أخيرا جاء التحدى بالقرآن كله، وهذا الأمر الأخير هو مربط الفرس كما يقولون
فالآية الكريمة التى ذكرتها لك ودعوتك أن تتأملها جيدا نجد أنها تتحدى الانس والجن جميعا أن يأتوا بمثل القرآن كله
فالله عز وجل لما وسع دائرة التحدى (الانس والجن مجتمعين ومتظاهرين) فانه قد وسع بالمثل دائرة المتحدى به (القرآن كله)
وعلى هذا يكون التحدى فيها موجها لا الى العرب وحدهم، وانما الى الأعجمين كذلك، أى الى من لا يحسنون العربية، بل ولا يفقهون منها شيئا بالمرة، وعليه فلا يصح أن يكون الوجه الذى يتحداهم به هو البيان فحسب كما ذهبتم، والدليل على هذا انه قد جعل دائرة التحدى القرآن كله ولم يحصره فى قدر مشترك كما قلت، بما يعنى أن وجه التحدى هنا فيه اطلاق و تعميم ليناسب أحوال المتحدين جميعا على اختلاف فنونهم ومعارفهم، هذا والا لو كان المراد هنا هو البيان فحسب فكيف يصح تحدى الأعجمين به وهو خارج نطاق قدرتهم أصلا ?!
هذا ما هدانى الله اليه، فان أصبت فمنه تعالى، وان أخطئت فمن نفسى والشيطان
ويبقى الله جل وعلا هو أعلى وأعلم
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 Sep 2009, 01:19 ص]ـ
بارك الله فيك ..
من قال إن التحدي بالبيان خارج عن قدرة الأعجمين؟؟!!
بل هو داخل تحت حد قدرة كل إنسان؛لأن الله تبارك وتعالى علم الإنسان البيان ..
وهذا هو ما نقوله:
أن البيان قدر مشترك بين كل من وجهت إليهم الدعوة وكل منهم قادر إذا أراد المعارضة = أن يتعلم ويُعارض،ولا يخدش في التحدي قعود المُتحدى عن التعلم ....
أما مخاطبة أمة الدعوة والطلب منهم أن يُخبروا عن حقائق من العلم التجريبي أو الإنباء بالغيب أو نحوه فهذا ما لا يُحسنه إلا أفراد في أزمنة مختلفة،ويكون الزمان بأسره والطبقة كلها وليس معها شيء من العلم التجريبي ولا من القدرة على تحصيل أدواته وتعلمه ...
وهذا ما يُبطل دعوى التحدي بأولئك ...
والله تبارك وتعالى طلب الإيمان وتحدى بسورة بل تحدى بأول ما نزل من القرآن وليس فيه شيء سوى البيان ...
وكما قلت آنفاً: الحجة في نص القرآن على الحقائق العلمية هي أنه تكلم بها محمد وهو رجل أمي لا يحسن تلك العلوم فوجب أن يكون المخبر له رب خالق. وهذه الحجة دليل لنا على أن الله لم يتحدى بالعلوم التجريبية؛وأن نصوص التحدي لا تشتمل على العلوم التجريبية بل هي خاصة بالبيان؛لأن الله تحداهم أن يأتوا بمثله وليست المشكلة أنهم -أي أهل عصرنا وغيرهم الذين تزعمون أنهم متحدون-لم يأتوا بمثله فقد أتوا ببيان لتلك الحقائق،ولكن موضع الحجة هو أن النبي تكلم بها رغم زمانه وأميته .. وهذه بينة ظاهرة على أن تلك الحجة ليست من جنس التحدي بل هي من جنس آيات الصدق والتصديق.
وقد أخبر أرسطو بأشياء قبل عصره وفي التوراة والإنجيل إخبار ببعض الحقائق الكونية ففيهم بقية من نور الوحي .. وقد سبق الفراعنة إلى حقائق علمية لا يستطيعها أهل زماننا إلى الآن ...
وكانت تلك الكتب بين يدي نصارى الشام ونجران وكان نصارى الإسكندرية مشتغلون بالعلوم التجريبيبة ولم يرد في نص واحد تحديهم بمثل هذا ...
فالله تبارك وتعالى الحكيم الخبير = تحدى بشيء واحد وهو أن كلامه وبيانه هو بيان الإله الذي يُفارق بيان البشر إلى يوم القيامة والحجة في التحدي بالبيان باق لا ينخرم إلى يوم القيامة وهو الحجة التي لم يستطع الملحدون العبث بها ولا إنزالها عن منزلتها على الرغم من محاولاتهم في إسقاط الشعر الجاهلي ..
فالتحدي بالبيان قدر ثابت مشترك هو موضع الحجة والتحدي من العرب أمة الدعوة الأولى وإلى يوم القيامة ومن انتصب للمعارضة = فليُرنا صنعه ..
أم غيرها من وجوه التحدي فهي مُدعاة لا أصل لها ولا هي مراد الله بالتحدي ولا وقع بها نص التحدي في موضع ولا أشار لها صحابي ولا إمام وقد اجتمعت الأمة في قرون متتالية -على زعمكم- على الجهل بهذا الباب من أبواب مراد الله من خلقه ...
قال الله: {فبأي حديث بعده يؤمنون} ..
وقال الله: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ}
فهذا حديث الله وهذا القرآن وهذا بيانه = فمالكم لا تؤمنون؟؟!!
هذا خطاب الله وتحديه أيها الباحثون الأفاضل ... وهو وجه التحدي الذي لم تعرف القرون المفضلة غيره .. وهو وجه التحدي الذي خوطبت به أمة الدعوة الأولى وغيرها من الأمم تبع لها ...
وقد خاطب الله الأعاجم وأغتام النصارى وفلاسفتهم المشتغلين بالطبيعة والعلوم التجريبية فلم يُحاججهم بغير البيان ..
والله أعلى وأعلم ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علي أبو عائشة]ــــــــ[12 Sep 2009, 01:23 ص]ـ
أحسنتم أخي العليمي في هذه المداخلة
وزيادة على تفضلتم نشير إلى أن المختار عند جمهور أهل السنة أن بلاغة القرآن هو وجه التحدي الأول، وهذا لا يقصي أبدا الوجوه الأخرى التي منها الإعلام بالمغيبات التي وعد الله بإراءتها شيئا فشيئا إلى البشرية وجميع المكلفين حتى يعلموا أن هذا القرآن حق وأن النبي حق وأن الدين حقٌّ، سواء آمنوا أو لم يؤمنوا، قال الله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) وقد أرى الله تعالى جميع البشرية على سبيل المثال كيف يطور الجنين في بطن أمه، وكيف أن القرآن العظيم ببلاغته وصف بدقة تلك الأطوار قبل ظهور آلات رؤيتها، فلا يمتنع أن تكون البلاغة الوجه البارز من الإعجاز ومعها أيضا وجوه أخرى كهذه، وهو ما يصطلح عليه الآن بالإعجاز العلمي، فأهل العلم الحديث رأوا وعلموا أن ما أخبر به نبينا صلى الله عليه وسلم حق، مع أنه أمر غيبي قبل 14 قرن، فآمن البعض وكفر البعض، وتلك سنة الله تعالى في خلقه.
ـ[علي أبو عائشة]ــــــــ[12 Sep 2009, 01:32 ص]ـ
من قال إن التحدي بالبيان خارج عن قدرة الأعجمين؟؟!!
بل هو داخل تحت حد قدرة كل إنسان؛لأن الله تبارك وتعالى علم الإنسان البيان ..
وهذا هو ما نقوله:
أن البيان قدر مشترك بين كل من وجهت إليهم الدعوة وكل منهم قادر إذا أراد المعارضة = أن يتعلم ويُعارض،ولا يخدش في التحدي قعود المُتحدى عن التعلم .......
استفسار:
قول أبي فهر: (وكل منهم قادر إذا أراد المعارضة) يفيد أنهم إذن مصروفون عن المعارضة لا غير، مع قدرتهم على مثل بيان القرآن، كالعرب الذين يعلمون لغة القرآن وبيان العربية، فحقيقة قولك هنا أن وجه الإعجاز هو الصرفة عن المعارضة حيث إنك تقول بأنه قادرون على المعارضة إذا أرادوها، وهو قول المعتزلة فيما أعلم، وهذا مناقض في ظاهره لقولك بأن وجه التحدي هو البيان.
فهل هذا التحليل في محله؟
ثم رجاء: ما هو تعريفك للبيان الذي وقع به الإعجاز؟ مع الإحالة إلى المرجع مشكورا.
ـ[علي أبو عائشة]ــــــــ[12 Sep 2009, 01:36 ص]ـ
نكتة تغيب على كثير من الناس:
الله تعالى لم يتحد الأعجميين أصالة أن يأتوا بمثل هذا القرآن في البلاغة والبيان؛ فذلك خارج عن قدرتهم بحكم العادة؛ إذ لا يصلون إلى تعلم العربية إلا بعد جهد عظيم ومع ذلك لن يصلوا أبدا إلى السليقة العربية، ولكن وجه إدراكهم إعجاز القرآن ببلاغته أن يتأملوا في حال العرب الأقحاح كيف عجزوا عن الإتيان بمثل هذا القرآن مع أنهم أهل صناعة البلاغة والبيان. فعجزهم يكون من باب أولى. فتأمل أخي القارئ.
ـ[علي أبو عائشة]ــــــــ[12 Sep 2009, 01:47 ص]ـ
وقال الله: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} ...
الأخ السلفي:
استشهادك بالآية الكريمة في غير محله، وبيان ذلك أن البيان في الآية الكريمة كما فسره السلف الصالح هو الحلال والحرام، أو الخير والشر، أو ما يأتي ويدع، أو مجرد النطق والكلام، وراجع تفسير الإمام الطبري تقف على تلك الوجوه.
أما البيان الذي تجعله وجه التحدي في القرآن هو أرقى مراتب التعبير عن المعاني بأفضل السبل بحيث يكون بيانا معجزا، وليس هذا هو المراد بالبيان الوارد في الآية الكريمة بحسب تفسير السلف الصالح.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[12 Sep 2009, 01:59 ص]ـ
أحسنتم أخي العليمي في هذه المداخلة
وزيادة على تفضلتم نشير إلى أن المختار عند جمهور أهل السنة أن بلاغة القرآن هو وجه التحدي الأول، وهذا لا يقصي أبدا الوجوه الأخرى التي منها الإعلام بالمغيبات التي وعد الله بإراءتها شيئا فشيئا إلى البشرية وجميع المكلفين حتى يعلموا أن هذا القرآن حق وأن النبي حق وأن الدين حقٌّ، سواء آمنوا أو لم يؤمنوا، قال الله تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ) وقد أرى الله تعالى جميع البشرية على سبيل المثال كيف يطور الجنين في بطن أمه، وكيف أن القرآن العظيم ببلاغته وصف بدقة تلك الأطوار قبل ظهور آلات رؤيتها، فلا يمتنع أن تكون البلاغة الوجه البارز من الإعجاز ومعها أيضا وجوه أخرى كهذه، وهو ما يصطلح عليه الآن بالإعجاز العلمي، فأهل العلم الحديث رأوا وعلموا أن ما أخبر به نبينا صلى الله عليه وسلم حق، مع أنه أمر غيبي قبل 14 قرن، فآمن البعض وكفر البعض، وتلك سنة الله تعالى في خلقه.
جزاكم الله خيرا أخى الكريم
وما تفضلتم به هو عين مذهبى فى اعجاز القرآن العظيم
والله يهدي الجميع فيما اختلفوا فيه الى الحق باذنه
انه ولى ذلك والقادر عليه
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 Sep 2009, 02:11 ص]ـ
الأخ السلفي:
استشهادك بالآية الكريمة في غير محله، وبيان ذلك أن البيان في الآية الكريمة كما فسره السلف الصالح هو الحلال والحرام، أو الخير والشر، أو ما يأتي ويدع، أو مجرد النطق والكلام، وراجع تفسير الإمام الطبري تقف على تلك الوجوه.
أما البيان الذي تجعله وجه التحدي في القرآن هو أرقى مراتب التعبير عن المعاني بأفضل السبل بحيث يكون بيانا معجزا، وليس هذا هو المراد بالبيان الوارد في الآية الكريمة بحسب تفسير السلف الصالح.
أخطأت بارك الله فيك ..
فأنا لم أقل إن البيان في الآية هو أرقى معاني التعبير .. وإنما أزعم أنه هو مجرد القدرةعلى العبارة عما في النفس هذا شيء علمه الله للإنسان وهو القدر المشترك ..
ثم أتى بيان الله كأعلى ما يكون من البيان متحدى به جميع الخلق أن يعبر واحد منهم عما يريد ببيان كهذا البيان الذي علمه الله لنبيه وبعثه به ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 Sep 2009, 02:24 ص]ـ
نكتة تغيب على كثير من الناس:
الله تعالى لم يتحد الأعجميين أصالة أن يأتوا بمثل هذا القرآن في البلاغة والبيان؛ فذلك خارج عن قدرتهم بحكم العادة؛ إذ لا يصلون إلى تعلم العربية إلا بعد جهد عظيم ومع ذلك لن يصلوا أبدا إلى السليقة العربية، ولكن وجه إدراكهم إعجاز القرآن ببلاغته أن يتأملوا في حال العرب الأقحاح كيف عجزوا عن الإتيان بمثل هذا القرآن مع أنهم أهل صناعة البلاغة والبيان. فعجزهم يكون من باب أولى. فتأمل أخي القارئ.
وهذا أيضاً خطأ ...
بل التحدي بالإتيان بمثل القرآن ثابت موجه لجميع خلق الله إلى يوم القيامة .. لأنهم جميعاً مشتركون في القدرة على البيان ..
فمن ادعى منه القدرة على المعارضة = طلبناها منه ..
ومن قال لا أستطيع؛لأني لست من أهل العربية = قلنا تعلمها وعارض ..
وقد حاول أقوام المعارضة فكان دليل كذبهم عدم رقي معارضتهم وعجزهم ولم يك موضع كذبهم هو أن العرب لم تُعارض ..
والله سبحانه وتعالى لا يجعل الحجة القائمة بالتحدي موقوفة على تأملهم وعدمه وربما كذبوا أخبارنا عن عجز العرب وزعمومها حكايات وسمادير .. ومن تأمل بحوثهم في إبطال الشعر الجاهلي وجدها تدور على إبطال المفضول الذي نزعم أن القرآن فضله؛ليبطلوا أن العرب كانوا أصحاب بيان ليبطلوا كون البيان يصلح موطناً للتحدي = فهل سيسلم هؤلاء بعجز العرب؟؟!!
وإنما الحجة هي في نفس هذا القرآن القائم إلى يوم يرفعه الله .. أن هاتوا بمثله بياناً ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 Sep 2009, 02:31 ص]ـ
تنبيه: أريد منك أن تذكر لي موضع توهمك للقول بالصرفة في كلامي مع وجه دلالة ذلك الموضع ...
لأن الذي تذكر أنه موضع ذلك = لا صلة له بالصرفة أبداً لا من قريب ولا من بعيد ...
فرجاء اصبر نفسك على فقه كلام محدثك ..
فكلهم قادر على البيان أي أصل العبارة عن المراد .. وهذا قدر لازم في كل موضع تحدي .. وهو ما نبطل به كون الإعجاز العلمي موضع تحدي؛لأنه أصل أداته وأصل القدرة عليه خارج عن قدرة الجم الأعظم الغفير من الخلق بل يخلو من المكنة منه طبقات ..
فموضع التحدي: أنتك تبينوان وتفتخرون بالقدرة على البيان وتزنون بياناً ببيان وتفضلون حديثاً على حديث ... ويزعم الواحد منكم أنه أتى ببيان أحسن من بيان أخيه
=
فائتونا ببيان خير من هذا أو مثله ..
ـ[علي أبو عائشة]ــــــــ[12 Sep 2009, 02:45 ص]ـ
سأحاول تفهيمك أخي السلفي حبة حبة كما نقول في مصر:
لقد فسرت البيان بأنه أصل التعبير عن المراد، وقلت بأن القرآن تحدى الناس بالبيان، أي بأصل التعبير عن المراد بحسب تفسيرك للبيان، وقلت بأن الناس قادرون على البيان، أي أنهم قادرون على أصل التعبير عن المراد، فما الذي منعهم من هذا الأمر السهل سوى الصرفة؟؟ لم يبق لك إلا أن تقول بأن الذي منعهم من الإتيان بالبيان الذي هو أصل التعبير عن المراد بحسب تفسيرك إلا الصرفة؛ إذ التعبير عن المراد لا يعجز عنه العرب كما علم من أشعارهم البليغة والفصيحة.
أمر آخر: لماذا لم تناقش تفسير السلف للبيان في سورة الرحمن؟ ذلك أن البيان في تلك السورة ليس هو البيان المتحدى به في القرآن، بينما أنت جعلته المتحدى به واستشهدت على ذلك بالآية، فالآية لا تصلح دليلا لدعواك، مع أنك اعتمدت عليها، أما إذا البيان في الآية يراد به كما قلت أنت أصل التعبير عن المراد فليس هذا بحال من الأحوال هو مناط التحدي القرآني، وهو واضح للجميع، إذ القرآن يتحدى بالبلاغة، وهي أمر أعظم بكثير من أصل التعبير عن المراد الذي لا يعجز عنه أحد.
أرجو أن تكون فهمت كلامي هذه المرة.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 Sep 2009, 03:49 ص]ـ
تفهمني إيه بس يا مولانا ...
من لا يُحسن هذا القدر من فقه كلام محدثه = أي تفهيم سيُحسنه؟؟
الله علم الإنسان البيان أي أصل القدرة على التعبير عن مراده ..
ثم تحداه أن يبين عن مراده إبانة بييان كالبيان الذي أبانه الله في القرآن وبالقرآن ...
ومهما حاول البشر ذلك فلن يستطيعوا؛لأن الله ليس كمثله شيء في ذاته أو أسماءه أو أفعاله ...
فالله سبحانه علم الإنسان البيان وأعطاه القدرة على البيان كما أعطاه القلب الذي يعقل به وكما هداه النجدين ..
وبعد أن أعطاه الأداة التي هي البيان تحداه أن يبين إبانة كالتي أتى بها محمد وزعم أنها من عند الله فإن لم يستطيعوا = ثبت أنه بيان الله الذي بعث محمدا بالنبوة ..
ولا ترتفع هذه القدرة على البيان إلا من الإنسان الذي لا يعقل؛ولذا كان غير مكلف مرفوع عنه القلم ...
وعليه: فلا يرتفع التحدي إلا عن المجنون ونحوه ...
وهل أقول أنا: تحدى الله البشر أن يعبروا عن مراداتهم فلم يستطيعوا؟؟!!
ما هذا العبث في فهم الكلام؟!!!
يا مولانا تلك مباحث دقيقة فاصبر على فقه كلام مخالفك فقهاً ينفعك وينفعه فإن لم تكن بك طاقة = فجاوز ..
ومن تأمل هذا الموضع = تبين له سقوط دعوى التحدي بما يفترق البشر في وجود أداته كالعلمي والإنباء بالغيب ونحوه .. وبان له أن الموضع الصالح للتحدي للبشر جميعاً وبأول القرآن وآخره وبأكبر سورة وأصغر سورة ولأول أمة الدعوة ولآخرها .. والموضع الذي فقه الصحابة ومن بعدهم ومن آمن ومن كفر = هو البيان لا غير ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علي أبو عائشة]ــــــــ[12 Sep 2009, 12:42 م]ـ
فتبين من كلامك أن البيان لفظ مجمل:
ـ يراد به: أصل التعبير عن المراد.
ـ يراد به: تعبير كمثل تعبير القرآن.
ولكنك تجعلهما بمعنى واحد وهذا محل الخلل في كلامك.
إذ لا يلزم من القدرة على الأول القدرة على الثاني، وهذا في غاية الوضوح.
وأما إذا كان المكلف قادرا على الثاني ولم يفعل فقد صرف عن ذلك، وهو عود إلى القول بالصرفة.
والذي تحرر من أقوال العلماء أن الإنسان قادر على أصل التعبير لكنه عاجز عن التعبير كمثل تعبير القرآن.
ملاحظة: إن كان كلامك صعبا فهذا خلل في تعبيرك لأني ليس الوحيد الذي يستشكل كلامك، كما أني لست الوحيد الذي اتهمته بعدم فهم كلامك، فهل تتكلم بلسان خاص؟ أم هل توافق الكثيرون على عدم فهم كلامك لصعوبته؟ وإذا فرضنا الخلل من فهم غيرك فهلا تواضعت وسهلت علينا فهم كلامك؟
ـ[ Amara] ــــــــ[12 Sep 2009, 12:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
أخي السلفي، قلت أن الله تعالى إنما علم الإنسان البيان و هذا يعني ان التحدي بالبيان على تفصيل ذكرته ..
فهل أن قوله تعالى: علم الإنسان مالم يعلم، يريد به البيان أيضا؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 Sep 2009, 06:27 م]ـ
أن الله تعالى إنما علم الإنسان البيان و هذا يعني ان التحدي بالبيان على تفصيل ذكرته ..
بارك الله فيك .. بل استدلالي بأن الله علم الإنسان البيان استدلال على أن الله علم بني آدم جميعاً الأداة الأولى التي تؤلهم لخوض التحدي بالإتيان بمثل القرآن بياناً ...
ولم أستدل بأن الله علم الإنسان البيان على أن التحدي كان بالبيان فلا وجه للدلالة في مجرد تعليم الله للإنسان البيان على أن التحدي كان بالبيان ... وحجة أن التحدي كان بالبيان سبق عرضها .. ..
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[13 Sep 2009, 12:05 ص]ـ
استدلالي بأن الله علم الإنسان البيان استدلال على أن الله علم بني آدم جميعاً الأداة الأولى التي تؤهلهم لخوض التحدي بالإتيان بمثل القرآن بياناً. ..
بسم الله الرحمن الرحيم
أخى الفاضل / أبو فهر السلفى
سلام الله عليك ورحمته وبركاته
أما بعد
فبرغم كل ما ذكرته لك فى مداخلاتى السابقة لا زلت أجدك متمسكا بقولك: ان وجه التحدى الالهى للعالمين جميعا فى الايتاء بمثل القرآن انما ينحصر فى (البيان) فحسب وليس ثمة شىء سواه!!
كما أجدك تجادلنى فى أن التحدى بالبيان وحده والموجه للناس جميعا - ويدخل فيهم العجم بطبيعة الحال - لا يقدح فيه جهل هؤلاء بالعربية جهلا مطبقا، وأن الواجب يقتضيهم - كما تقول - أن يتعلموا البيان العربى أولا ثم يعارضوا به بيان القرآن!!
ولا أدرى أتعنى ما تقول حقا ومطمئن اليه قلبك؟!
حيث أن كلامك هذا يتعارض تماما مع قولك المذكور فى الاقتباس أعلاه والذى ذهبت فيه الى أن الله عز وجل قد مكن بنى آدم جميعا من أداة التحدى ألا وهى البيان
ولكن هذه مغالطة منك أخى الكريم، هذا لأن أداة التحدى ليست هى مطلق البيان: العربى أو الانجليزى أو الفرنسى أو الصينى ... الى آخره، وانما أداة التحدى الحقة هى (البيان العربى المبين) على وجه القطع والتحديد، وما أكثر الآيات القرآنية التى تنص على انزال القرآن بلسان عربى مبين، أو على وصف القرآن بأنه (قرآنا عربيا)
فبحسب كلامك ينبغى أن يكون الآعاجم متمكنين من هذه الأداة حتى يتحداهم الله بها لأنها هى أداة التحدى الحقة، وهذا أمر غير متحقق فى الواقع، كما أن محاولة اكتساب هذه الأداة نجدها غير متيسرة لأغلبهم، فضلا عن كونها فى غاية المشقة والعنت وهذا أمر لا يليق بالعدل الالهى ولطفه بالناس، ومن هنا يظهر لك تهافت هذا الرأى، وكونه غير المراد فى مسألة التحدى
تلك هى المغالطة الأولى فى كلامك، وفى مداخلات قادمة ان شاء الله قد أبين لك مغالطات أخرى
وأرجو أن تتقبل كلامى بصدر رحب لأنى آتيك به من باب " وتواصوا بالحق "، ولا أبتغى لك الا النصح والخير أخى الكريم
ـ[ Amara] ــــــــ[13 Sep 2009, 02:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
هل معنى البيان في القرآن اللهجة و اللغة؟
أم أن العلم بالأشياء و أسبابها و أوضاعها أيضا من البيان؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[13 Sep 2009, 04:13 ص]ـ
أخانا العليمي .. صدري رحب تماماً وأنا منتظر ما تبدون ..
ولا زلت على رأيي ولا أكذب على ربي فأزعم أنه لم يتحدى جميع الخلق بالقرآن .. أن يأتوا بمثله ...
والقدرة على البيان هي الأداة المعلمة والباقي من عربية وتمكن منها ونحوه = يُطالب بتحصيله من يريد التحدي ..
وقد تعلمها أعاجم وعارضوا بها القرآن بالفعل فمالنا ننفي ما قد وقع؟؟!!!
وهل كان عجز العرب المتمكنين أقل من العجم وهل كان المعارضون من العرب كثبرة لما كانت معهم العربية؟؟
أبداً ..
الكل تحداه ربه ..
والكل عجز ... والمُعارضون من العجم ربما كانوا مساوين للمعارضين من العرب ومن تتبع تاريخ المعارضة ظهر له هذا ..
ومع الجميع القدرة على الكسب والتحصيل = فلا حجة لهم ...
كما أن أعجميتهم لا تُنجيهم من وجوب الإيمان ... ولا تكون حجة لهم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[13 Sep 2009, 09:02 ص]ـ
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك ..
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[13 Sep 2009, 11:41 م]ـ
أخانا العليمي .. صدري رحب تماماً وأنا منتظر ما تبدون
بارك الله فيك أخى الكريم
ولقد أعددت بالفعل ردا مفصلا تعقيبا على كلامك
ولكنى وجدتك فى مداخلتك الأخيرة تقول:
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك ..
وهذا كما لا يخفى هو دعاء فض المجلس
فان كنت راغبا عن استئناف الحوار فلك هذا
وان كنت قلته تراجعا عن رأيك ورجوعا الى ما رأيت انه الحق فهنيئا لك رجوعك الى الحق، ولا أملك حينذاك الا أن أشد على يدك مرددا معك دعاءك هذا
أما ان كنت تعنى به شيئا آخر غير هذا وذاك فانبئنى به
فانى لا أعلم ما فى نفسك، ويبقى المعنى فى بطن الشاعر كما يقولون
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[14 Sep 2009, 01:57 ص]ـ
بل هو دعاء فض المجلس من جهتي؛ فقد أبديت ما عندي وقد جد لي شغل يمنعني من مواصلة الحوار .. ويبقى لكل منا وجهة نظره وليست مسألتنا مما لا يُتصور فيها الخلاف فلك ولغيرك وجهة نظره ولي وجهة نظري .. وقد سمعت حججاً كثيرة في هذا الباب عبر عشر سنوات وكان بعضها أحسن وأقوى مما هاهنا .. وأبديت حججي في مواطن كثيرة ربما كان بعضها أحسن مما هاهنا .. والله يهدينا للحق بإذنه ..
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[14 Sep 2009, 02:52 ص]ـ
بل هو دعاء فض المجلس من جهتي؛ فقد أبديت ما عندي وقد جد لي شغل يمنعني من مواصلة الحوار .. ويبقى لكل منا وجهة نظره وليست مسألتنا مما لا يُتصور فيها الخلاف فلك ولغيرك وجهة نظره ولي وجهة نظري .. وقد سمعت حججاً كثيرة في هذا الباب عبر عشر سنوات وكان بعضها أحسن وأقوى مما هاهنا .. وأبديت حججي في مواطن كثيرة ربما كان بعضها أحسن مما هاهنا .. والله يهدينا للحق بإذنه ..
ومن جهتى كذلك أخى الكريم، فلست بأقل انشغالا منك
فليعينك الله واياى على مشاغلنا، وسعدت بالحوار معك
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا اله الا أنت، نستغفرك ونتوب اليك(/)
الوحي بين ما يتلى و ما يخط اليمين
ـ[ Amara] ــــــــ[10 Sep 2009, 02:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
يقول الله سبحانه و تعالى:
.. {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} ..
هل الكتاب ما تلي أو ما خطه اليمين؟ و هل كان نزوله نزول مبنى أو نزول معنى؟
ربما يختلف الأمر عند بعضنا .. و لا يجد كثير لذلك جوابا .. عدا ما يدفع به الإيمان الذي في قلوبهم، و هو أن الكتاب منزل من عند الله و أن ما نقرأ من قرآن هو كلام الله .. و أن فعل {اقرأ} الذي هو أول ما نزل من القرآن كان بالنسبة للنبي فعل أمر و إرادة من الله و بالنسبة إلينا فعل أمر .. و أن الكتاب، الذي نعني به القرآن، هو وحي الله إلى عبده محمد صلى الله عليه و سلم، و هو النور الذي نعرف به سبيل الحق و طريق الرشاد ..
لذلك سأبدأ بالسؤال أولا:
ما هو الوحي؟ و ما هو القرآن؟ و هل أن كل وحي قرآن؟
و جوابا على هذه الأسئلة نقول إن للوحي معنيين معنى لغويا و هو الإخبار الخفي، و معنى شرعيا حد له في لسان الشرع، حتى لا يدعيه المدعون و لا يلتبس على الناس هويته، و هو إعلام الله تعالى و إبلاغه من اصطفاه من عباده، عما يريده جل شأنه لهم من الهداية، و ما يرتضيه لهم من الدين، و ما يفتح لهم من فنون العلوم و أسرارها، بطريقة خفية غيبية، لا يدركها البشر، بيد أن لها مؤشرات تدل على صاحبها.
و على المعنى الأول يأتي الوحي بطرق متعددة، فالله تعالى يوحي إلى الملائكة و هو قوله: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}. و يوحي إلى الرسل و الأنبياء، و منه قوله عز و جل: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}. و قوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. و يوحي لغير الرسل من المصطفين (و هو ما فسره البعض بإلهام الخواطر)، كما في قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ}. و يوحي إلى الصالحين من عباده من اتباع الرسل (و هو ما يفيد عند البعض معنى الأمر الإلاهي)، و هو قوله تعالى: {وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ}. و يوحي إلى الحشرات (و هو ما فسره البعض بالإلهام الغريزي)، كما في قوله تعالى: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ}. و يوحي إلى الأرض، و هو قوله تعالى {وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا}. و يوحي جل شأنه في السماء، كما في قوله: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}.
و قد يوحي بعض الخلق إلى بعض، كأن يوحي نبي إلى قومه، كما في قوله تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} ().
(يُتْبَعُ)
(/)
و قد يوحي شياطين الإنس و الجن (و هو ما فسره البعض بوسوسة الشيطان)، بعضهم لبعض، و هو قوله جل جلاله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ}. أو يوحون لأوليائهم، و هو قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}.
فهذه جل أنواع الوحي في اللغة، و هي كما تبينها الآيات إما الإعلام و الإخبار الخفي، أو الإلهام، أو الأمر، أو الإشارة و الإيماء و الإيحاء.
و من معانيه أيضا الرسم، يقال: وحَيْتُ إِليه و أَوْحَيْتُ. و قد يأتي فعل أوحى بمعنى كتب كما جاء في ذلك شعرا (العجاج):
حتى نَحَاهُمْ جَدُّنا والنَّاحِي لقَدَرٍ كانَ وحَاه الوَاحِي
بِثَرْمَداء جَهْرَةَ الفِضاحِ
فيأخذ الوحي معنى الكتابة و الرِّسالة وكلُّ ما أَلقيته إِلى غيرك، و يكون مرادفا للمكتوب و الكتاب، و على ذلك جمعوا فقالوا وُحِيٌّ مثل حَلْيٍ وحُلِيٍّ، قال لبيد:
فمَدافِعُ الرَّيّانِ عُرِّيَ رَسْمُها
خَلَقاً، كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلامُها
أَراد ما يُكتب في الحجارة ويُنقش عليها. وفي حديث الحرث الأَعْوَر: قال علقمة قرأْتُ القُرآن في سنتين، فقال الحرثُ: القرآن هَيِّنٌ، الوَحْيُ أَشدُّ منه، أَراد بالقرآن القِراءة وبالوَحْي الكِتابة والخَطَّ.
فالوحي كما هو واضح من معانيه لغة الكتابة و الخط و الرسم.
و أما الوحي الشرعي فهو، كما بينا، إعلام من الله وحده إلى نبي من أنبيائه. و فيه قال الجويني:
(كلام الله المنزل قسمان:
- قسم قال الله لجبريل:
قل للنبي الذي أنت مرسل إليه: إن الله يقول: افعل كذا و كذا، ففهم جبريل ما قاله ربه، ثم نزل على ذلك النبي، و قال له ما قاله ربه، و لم تكن العبارة تلك العبارة، كما يقول الملك لمن يثق به: قل لفلان، يقول لك الملك: اجتهد في الخدمة، و اجمع جندك للقتال. فإن قال الرسول: يقول الملك: لا تتهاون في خدمتي، و لا تترك الجند تتفرق، و حثهم على المقاتلة، لا ينسب إلى كذب و لا تقصير في أداء الرسالة.
- و قسم آخر، قال الله لجبريل:
اقرأ على هذا النبي الكتاب، فنزل جبريل بكلمة من الله من غير تغيير، كما يكتب الملك كتابا و يسلمه إلى أمين، و يقول: اقرأه على فلان، فهو لا يغير منه كلمة و لا حرفا) (). قلنا و لله المثل الأعلى.
قال السيوطي:
(القرآن هو القسم الثاني، و القسم الأول هو السنة، كما ورد أن جبريل كان ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن، لأن جبريل أداه باللفظ و لم يبح له إيحاءه بالمعنى، و السر في ذلك أن المقصود منه التعبد بلفظه و الإعجاز به - فلا يقدر أحد أن يأتي بلفظ يقوم مقامه، و أن تحت كل حرف منه معاني لا يحاط بها كثرة فلا يقدر أحد أن يأتي بدله بما يشتمل عليه – و التخفيف على الأمة، حيث جعل المنزل إليهم على قسمين: قسم يروونه بلفظه الموحى به، و قسم يروونه بالمعنى، و لو جعل كله مما يروى باللفظ، لشق، أو بالمعنى، لم يؤمن التبديل و التحريف.
... و في ما أخرج ابن أبي حاتم من طريق عقيل عن الزهري ما يعضد كلام الجويني، فعنه أنه سئل عن الوحي، فقال: الوحي ما يوحي الله إلى نبي من الأنبياء، فيثبته في قلبه، فيتكلم به و يكتبه، و هو كلام الله و منه ما لا يتكلم به، و لا يكتبه لأحد، و لا يؤمر بكتابته، و لكنه يحدث به الناس حديثا، و يبين لهم أن الله أمره أن يبينه للناس، و يبلغهم إياه).
و من ثم فالوحي، الذي هو رسالة النبي الخاتم محمد صلى الله عليه و سلم التي تحدى الله تعالى بها العلمين، هو ما يلفظ و يكتب معا. و لسنا هنا نختلف عما قاله الأولون في هذه المسألة، ممن تكلموا فيها، و إنما نكمله و نوضحه .. و ربما كان نوعا من الزيادة الرقيقة على ما تكلم به البعض منهم حيث أنهم تكلموا عن الوحي من حيث هو النقل الشفوي و غفلوا عن مسألة الكتابة مع أن من سبقهم، كما توضح، قد تكلم في هذا، و حتى القرآن قد أجزل في توضيحه و تفسيره ..
(يُتْبَعُ)
(/)
أما عن سبب غفلة البعض عن هذه الرقيقة فربما رجع إلى أن المسألة لم تمثل موضوعا ذا بال .. و بعد هذه العهود أثيرت هذه المسألة للتشكيك في هذا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه .. فنحن الآن نرد كيد المشككين ..
فالوحي الذي نعنيه و الذي هو كلام الله المنزل على النبي محمد صلى الله عليه و سلم، هو عندنا قرآن و كتاب و قد وصل إلينا على نحويه ..
و لعل بعض من كتب في هذا الباب نصب جهده على الحفظ و غفل عن الكتابة .. فلما غفلوا عن ذلك ذهب نظر البعض إلى أن القرآن إنما أخذ شفويا ووصل إلينا عن طريق الحفظ فوصلوا بذلك تفصيل الآي و ترتيب السور إلى السماع لا إلى ما كتب و عرض على النبي صلى الله عليه و سلم فقرره بوحي الله تعالى إليه .. ثم إنهم أوردوا ذلك في كتبهم حتى ذهب في ظن أكثر الأمة - ممن يأخذون العلم مما يقال و لا يرجعونه إلى أصوله - أن القرآن قد جمع في زمن عثمان وهو إنما نسخ في زمنه و لم يجمع لأنه قد كان جمع زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتابة في اللخاف و الجلد و العظام و الحجارة و حفظا في صدور القوم لا يخالف في ذلك أحد .. ثم بعدها قرئ مؤلفا في مصحف واحد زمن الصديق أبي بكر رضي الله عنه .. و عنه نسخ بعدها زمن ذي النورين عثمان رضي الله عنه و قبل منهم أجمعين .. و سيأتي الكلام عن هذا في موضعه.
و القول عندنا أن الوحي - الذي نعني به ما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم- هو وحي النطق و الرسم معا .. فإن قيل لنا أن الوحي إنما هو ما نطق، و ما أخذ سماعا، لا ما كتب قلنا إن كان الوحي هو ما نطق لا ما كتب ماذا نقول في قوله سبحانه و تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}، و قوله تعالى: {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ}، و قد مضى ما أوردناه أن الوحي يأتي بمعنى الكتابة، فإن قيل لنا أن الوحي يأتي بمعنى النطق أيضا من قبيل الإشارة و الإيماء و الإيحاء، فكيف نحمله على معنى الكتابة و نرغب به عن معنى اللفظ، قلنا فكيف نفسر قوله تعالى: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا}، فهو مرة يقول وحي الكتاب و مرة يقول وحي القرآن .. و الأصل في الكتاب، كما نعلم، ما ألفت حروفه و كتبت كلماته و ضبط رسمه .. (وهو الحفظ في السطور، فالكتاب في الأصل مصدر، ثم سمي المكتوب فيه كتابا)، قال الدكتور محمد دراز: (روعي في تسميته- أي الوحي- قرآنا كونه متلوا بالألسن، كما روعي في تسميته كتابا كونه مدونا بالأقلام، فكلتا التسميتين من تسمية الشيء بالمعنى الواقع عليه.
وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعا ... فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب، المنقول إلينا جيلا بعد جيل، على هيئته التي وضع عليها أول مرة، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر). و الذي نقوله أدق و ألطف، و هو أن هذا المنقول حفظا و رسما هو الوحي الذي يشهد الله به في قوله تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}.
ثم ماذا؟ لماذا كان النبي صلى الله عليه و سلم سلم يدعو الكتبة لكتابة الوحي حين نزوله؟ أخرج ابن أبي داود أن زيد بن ثابت قال: {كنت جار رسول الله صلى الله عليه و سلم فكان إذا نزل الوحي أرسل إليَّ فكتبت الوحي}، و أخرج الإمام أحمد والترمذي وأبو داود والحاكم من حديث عبد الله بن عباس عن عثمان بن عفان رضي الله عنهم قال: {كان رسول الله صلى الله عليه و سلم مما يأتي عليه الزمان، ينزل عليه من السور ذوات العدد، فكان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده فيقول: "ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذا. وينزل عليه الآية فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا وينزل عليه الآيات فيقول: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا}.
فإن قيل كيف يكون ما كتب وحيا و محمد أمي لا يعرف كتابة .. قلنا إنه لا يعرف قراءة فلماذا أمره ربه أن {اقرأ} .. فإن قيل لنا إنما قرأ بسم ربه قلنا فإن كانت القراءة بسم الله فما الذي يخالف في أن يتعلم رسم الكتاب ممن علم بالقلم الذي هو الله .. و ليس قولنا هنا أنه تعلم الكتابة فكتب إنما تعلم كلمات القرآن فراجع ما كتب كتابه منه بوحي من عند الله و إلا فكيف نفسر قوله صلى الله عليه و سلم لكاتبه معاوية رضي الله عنه: {ألق الدواة و حرف القلم و انصب الباء و فرق السين و لا تعور الميم و حسن الله و مد الرحمن و جود الرحيم}، و في ذلك لطيفة يجب الانتباه إليها لم يقل انصب الباء و مد الألف فدل ذلك على أن بسم البسملة تكتب بدون ألف .. كما أن الرحمن تكتب بدونها و يعضده أيضا قوله صلى الله عليه و سلم: {إذا كتب أحدكم بسم الله الرحمن الرحيم فليمد الرحمن}، و قوله: {إذا كتبت بسم الله الرحمن الرحيم فبين السين فيه}، فهو يعلم الكتبة الكتابة و يعلمنا من بعدهم رسم الوحي كما أنزل إليه، و هو عين ما أخرجه الطبراني عن زيد بن ثابت، قال: {كنت أكتب الوحي عند رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يملي عليَّ، فإذا فرغت، قال: اقرأه، فأقرأه، فإن كان فيه سقط أقامه}، فدل ذلك على مراجعته كتابه و إقامة ما يكتبون، و لا اعتراض لأحد هنا لأن الرسم في القرآن لا يتفق دائما مع ما ينطق، فإن لم يكن بوحي الله تعالى إليه كيف له أن يراجعهم فيما كتبوا فيقيمه لهم أو يقرهم عليه، فالله تعالى بمنه قد أوحى إلى النبي هذا القرآن و نقش حروفه على قلبه كما يرسم الكتاب فوعاها و كلماته فأداها و آياته فتلاها و كان في البدإ تعجل، فلما تعجل قال له سبحانه: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}، فتلقى ما أنزل الله عليه، كتابا مبين الحروف، مفصل الآيات، مرتب السور .. جمع الصحابة على آيه، و غزير حكمته، و عميق أسراره، و بحار علومه، حتى رأو من خلاله العوالم، فبصروا به ما لم نبصره اليوم بالآلات .. و هو حق لا يرثه إلا أهل الحق، و لا يألفه إلا ولاة الصدق، نور للبصائر، و روح للحائر، لا يشتكي جليسه من ملل إذا فهمه، و لا يتعب الفكر من كلل إذا ملئ به.
فإن قيل لماذا اختلفت المصاحف؟ قلنا إنما القرآن ما أثر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم نقلا و كتابة و عرض عليه و راجع رسمه و لفظه بوحي الله تعالى .. أما غيره مما قيل عن المصاحف فيرجع إلى أصحابها لا إلى الوحي المنزل، لذلك تختلف .. ثم إنه لم يؤثر عن أصحاب هذه المصاحف أن أعادوا مصاحفهم إلى النبي صلى الله عليه و سلم، و لا قيل أن رسول الله صلى الله عليه و سلم راجع أحدا منهم فيه و لا أكده له .. إنما كان كل واحد من هؤلاء يكتب لنفسه ليرتله و يتعلمه و يحفظه .. فلما قرئ في الكتاب على الهيأة التي بين أيدينا كما حفظها الله بعهده و أثرت على النبي بوحيه، اجتمعت الأفهام عليها و هبت، و زأرت القلوب إليها و لبت.
و قد أخطأ ابن خلدون عظيم الخطإ حين أشار إلى أن الاختلاف في كتابة المصاحف بظواهره المتقدمة كان ناشئا عن جهل الصحابة رضي الله عنهم بقواعد الخط و بعدهم عن الصنائع، يقول ابن خلدون: ( ... فكان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى غاية الإحكام و الإتقان و الإجادة، و لا إلى التوسط، لمكان العرب من البداوة و التوحش، و بعدهم عن الصنائع، و انظر ما وقع لأجل ذلك من رسمهم المصحف، حيث رسمه الصحابة بخطوطهم، و كانت غير مستحكمة في الإجادة، فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته رسوم صناعة الخط عند أهلها، ثم اقتفى التابعون من السلف رسمهم فيها، تبركا بما رسمه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم و خير الخلق من بعده، المتلقون لوحيه من كتاب الله و كلامه، كما يقتفي لهذا العهد خط ولي أو عالم تبركا، و يتبع رسمه خطأ أو صوابا، و أين نسبة ذلك من الصحابة فيما كتبوه، فاتبع ذلك و أثبت رسما، و نبه العلماء بالرسم على مواضعه .. و لا تلتفتن في ذلك إلى ما يزعمه بعض المغفلين من أنهم كانوا محكمين لصناعة الخط، و أن ما يتخيل من مخالفة خطوطهم لأصول الرسم ليس كما يتخيل، بل
(يُتْبَعُ)
(/)
لكل وجه، و يقولون في مثل زيادة الالف في {لأأذبحنه}، أنه تنبيه على أن الذبح لم يقع، و في زيادة الياء في {بأييد}، تنبيه على كمال القدرة الربانية، و أمثال ذلك مما لا أصل له إلا التحكم المحض، و ما حملهم على ذلك غلا اعتقادهم أن في ذلك تنزيها للصحابة عن توهم النقص في قلة إجادة الخط، و حسبوا أن الخظ كمال، فنزهوهم عن نقصه، و نسبوا إليهم الكمال بإجادته، و طلبوا تعليل ما خالف الإجادة من رسمه، و ذلك ليس بصحيح). و مثله من قال بالزوائد، و قولنا أن لا زيادة في القرآن في حرف و لكن الزيادة في أجر قارئه و العامل به و المتدبر فيه بأمر يعلمه الله و يقدره، و قد جاء على لسان رسوله كلاما يوضح ذلك و يعضده، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: {مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترُجَّة، ريحها طيِّب وطعمها طيِّب. ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة، لا ريح لها وطعمها حلو. ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة، ريحها طيِّب وطعهما مر. ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة، ليس لها ريح وطعمها مر}، مثل الماهر بالقرآن ... الحديث، و يقول الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ}، فدل ذلك على أن كل شيء موزون في القرآن و كل شيء مرتب.
ثم إن الكلام عن الزوائد في القرآن أمر لا يعلمون دقته و لا يفهمون بواطنه، لأنهم جهلوه، و ما عرفوا عنه، و لا دققوا فيه، {حدثنا صدقة بن الفضل: أخبرنا ابن عيينة: حدثنا مطرِّف قال: سمعت الشعبي قال: سمعت أبا جحيفة قال: سألت علياً رضي الله عنه: هل عندكم شيء ما ليس في القرآن؟ وقال مرة: ما ليس عند الناس؟ فقال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما عندنا إلا ما في القرآن، إلا فهماً يعطى رجل في كتابه، وما في الصحيفة. قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر}، و مثله من يحمل القرآن على علم من العلوم الحديثة، كالقول في الرتق و الإنفجار العظيم ... و إنما قالوا هذا الكلام لأنهم يحملون القرآن على علم جاء بعده و ربما استنبط منه كعلم النحو و الإملاء ... و هو ربما عين ما فعله ابن خلدون حين أراد تحميل القرآن على ضوابط الخط و قواعده و هو يجهل أن الضوابط و القواعد التي يعتمد عليها في تخطيء الصحابة رضوان الله عليهم إنما جاءت بعد نزول الوحي و منه أخذ و على رسمه استند و بني، و ربما كان غفلة منه، و التالي فحجته في محاججتنا بما قال في حق الصحابة هنا كحجة أهل الكتاب حين كانوا يحاجون في إبراهيم و بجواب الله لهم نجيب جمعهم، يقول تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}.
و جوابا عن وصفهم بالبداوة و التوحش نقول إن التوحش ليس فيمن جاءهم كتاب الله فحفظوه و تعلموه و التزموا به و عملوا، و لكن التوحش فيمن جاءهم كتاب الله فما علموه و لا دققوا فيه بل شككوا .. ثم لنرجع إلى ما قاله رسول الله صلى الله عليه و سلم فهو ألزم لنا و أفيد، يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: {خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا}، و قد فقهوا لأنهم من مدرسة محمد صلى الله عليه و سلم تعلموا و تخرجوا فعلموا العالم و سطروا التاريخ .. و لست أفهم ما قاله أنهم حفظوه تبركا و لا أصدقه، لأنهم ما كانوا يتبركون بمحمد صلى الله و سلم و هو نبيهم حتى يتبركوا بأصحابه، لا بل نهاهم عن ذلك فقال عليه الصلاة و السلام: {لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم}، و الحق أن كلامه من أين أخذته عاطل و أمره من أين عالجته باطل .. و كنت تمنيت انه ما أتى بمثال حين قال ( ... و يقولون في مثل زيادة الالف في {لأأذبحنه}، أنه تنبيه على أن الذبح لم يقع، و في زيادة الياء في {بأييد}، تنبيه على كمال القدرة الربانية، و أمثال ذلك مما لا أصل له إلا التحكم المحض ... )، و عن ذلك نجيب بما يلي: إنه لو سأل قارئ القرآن عن معنى الزيادة هنا لكان أصوب .. و التالي أن تتدبروا معناها و خرجوا الحكمة من كتابتها على النحو الذي كتبت به زمن النبي بالوحي .. و لربما يعجز عن إدراك معناها أهل اللغة لأن القرآن لا يقيد و هم يحاولون تقييده بما وضعوا من قواعد اللغة .. لأنه هنا و في مواضع كثيرة قد تجاوز اللغة .. و ربما أشار إلى نوع من العلوم الحديثة التي منها علوم العدد و علوم التشفير .. و اقتضى وحي الله تعالى أن يكون مخصوص الشفرة لا يستطيع أحد أن يأتي بمثله أبدا ..
و قد كتب القرآن في عهده صلى الله عليه و سلم برسم الوحي، و هو ما نذهب إليه، فالرسم العثماني الذي ينسبه البعض إلى عثمان رضي الله عنه- لظنهم أن القرآن جمع في عهده و قد أشرنا لغير ذلك- هو عينه رسم الوحي، و إنها لنعمة آتاها الله تعالى عثمان رضي الله تعالى عنه أن جمع الأمة فقرنت اسم هذا الصحابي برسم كتابه و خط وحيه .. و إن هذه من النعم الكثيرة التي خص الله تعالى بها صحابة رسوله صلى الله عليه و سلم الذين هم حماة دينه و دعاة الناس إلى شريعته .. و الناظر في حقهم رضوان الله عليهم أجمعين يجد أن منهم من نزل فيه قرآنا باسمه يتلى .. و منهم من وافق القرآن كلامه .. و منهم من ذكر رمزا ..(/)
أقوال بعض المفسري في قوله: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم .. )
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[10 Sep 2009, 07:06 ص]ـ
قال الطبري-رحمه الله- في تفسيره:القول في تأويل قوله تعالى: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (53)) [ص: 493]
يقول - تعالى ذكره -: سنري هؤلاء المكذبين، ما أنزلنا على محمد عبدنا من الذكر، آياتنا في الآفاق.
واختلف أهل التأويل في معنى الآيات التي وعد الله هؤلاء القوم أن يريهم، فقال بعضهم: عنى بالآيات في الآفاق وقائع النبي - صلى الله عليه وسلم - بنواحي بلد المشركين من أهل مكة وأطرافها، وبقوله: (وفي أنفسهم) فتح مكة.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبوكريب قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عمرو بن أبي قيس، عن المنهال، في قوله: (سنريهم آياتنا في الآفاق) قال: ظهور محمد - صلى الله عليه وسلم - على الناس.
حدثنا محمد قال: ثنا أحمد قال: ثنا أسباط، عن السدي (سنريهم آياتنا في الآفاق) يقول: ما نفتح لك يا محمد من الآفاق (وفي أنفسهم) في أهل مكة، يقول: نفتح لك مكة.
وقال آخرون: عنى بذلك أنه يريهم نجوم الليل وقمره، وشمس النهار، وذلك ما وعدهم أنه يريهم في الآفاق. وقالوا: عنى بالآفاق: آفاق السماء، وبقوله: (وفي أنفسهم) سبيل الغائط والبول.
ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) قال: آفاق السموات: نجومها وشمسها وقمرها اللاتي يجرين، وآيات فى أنفسهم أيضا.
وأولى القولين في ذلك بالصواب القول الأول، وهو ما قاله السدي، وذلك أن الله عز وجل وعد نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يري هؤلاء المشركين الذين كانوا به مكذبين آيات في الآفاق، وغير معقول أن يكون تهددهم بأن [ص: 494] يريهم ما هم رأوه، بل الواجب أن يكون ذلك وعدا منه لهم أن يريهم ما لم يكونوا رأوه قبل من ظهور نبي الله - صلى الله عليه وسلم - على أطراف بلدهم وعلى بلدهم، فأما النجوم والشمس والقمر، فقد كانوا يرونها كثيرا قبل وبعد ولا وجه لتهددهم بأنه يريهم ذلك.
وقوله: (حتى يتبين لهم أنه الحق) يقول - جل ثناؤه -: أري هؤلاء المشركين وقائعنا بأطرافهم وبهم حتى يعلموا حقيقة ما أنزلنا إلى محمد، وأوحينا إليه من الوعد له بأنا مظهرو ما بعثناه به من الدين على الأديان كلها، ولو كره المشركون.
____________________________________________
وقال البغوي-رحمه الله- في تفسيره: سنريهم آياتنا في الآفاق) قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: يعني منازل الأمم الخالية. (وفي أنفسهم) بالبلاء والأمراض.
وقال قتادة: في الآفاق يعني: وقائع الله في الأمم، وفي أنفسهم يوم بدر.
وقال مجاهد، والحسن، والسدي: " في الآفاق ": ما يفتح من القرى على محمد - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، " وفي أنفسهم ": فتح مكة. (حتى يتبين لهم أنه الحق) يعني: دين الإسلام. وقيل: القرآن يتبين لهم أنه من عند الله. وقيل: محمد - صلى الله عليه وسلم - يتبين لهم أنه مؤيد من قبل الله تعالى.
وقال عطاء وابن زيد: " في الآفاق " يعني: أقطار السماء والأرض من الشمس والقمر والنجوم والنبات والأشجار والأنهار. " وفي أنفسهم " من لطيف الصنعة وبديع الحكمة، حتى يتبين لهم أنه الحق.
_______________________________
وقال القرطبي- رحمه الله -في تفسيره: قوله تعالى: قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط.
قوله تعالى: قل أرأيتم أي قل لهم يا محمد أرأيتم يا معشر المشركين إن كان هذا القرآن من عند الله ثم كفرتم به من أضل أي فأي الناس أضل، أي: لا أحد أضل [ص: 334] منكم لفرط شقاقكم وعداوتكم. وقيل: قوله: إن كان من عند الله يرجع إلى الكتاب المذكور في قوله: آتينا موسى الكتاب والأول أظهر، وهو قول ابن عباس.
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم أي علامات وحدانيتنا وقدرتنا في الآفاق يعني خراب منازل الأمم الخالية وفي أنفسهم بالبلايا والأمراض. وقال ابن زيد: " في الآفاق " آيات السماء " وفي أنفسهم " حوادث الأرض. وقال مجاهد: في الآفاق فتح القرى، فيسر الله - عز وجل - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وللخلفاء من بعده وأنصار دينه في آفاق الدنيا وبلاد المشرق والمغرب عموما، وفي ناحية المغرب خصوصا من الفتوح التي لم يتيسر أمثالها لأحد من خلفاء الأرض قبلهم، ومن الإظهار على الجبابرة والأكاسرة وتغليب قليلهم على كثيرهم، وتسليط ضعفائهم على أقويائهم، وإجرائه على أيديهم أمورا خارجة عن المعهود خارقة للعادات " وفي أنفسهم " فتح مكة. وهذا اختيار الطبري. وقاله المنهال بن عمرو والسدي. وقال قتادة والضحاك: " في الآفاق " وقائع الله في الأمم " وفي أنفسهم " يوم بدر. وقال عطاء وابن زيد أيضا في الآفاق يعني أقطار السماوات والأرض من الشمس والقمر والنجوم والليل والنهار والرياح والأمطار والرعد والبرق والصواعق والنبات والأشجار والجبال والبحار وغيرها. وفي الصحاح: الآفاق النواحي، واحدها أفق، وأفق مثل عسر وعسر، ورجل أفقي بفتح الهمزة والفاء: إذا كان من آفاق الأرض. حكاه أبو نصر. وبعضهم يقول: أفقي بضمها وهو القياس. وأنشد غير الجوهري:
أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قمراها والنجوم الطوالع
وفي أنفسهم من لطيف الصنعة وبديع الحكمة حتى سبيل الغائط والبول، فإن الرجل يشرب ويأكل من مكان واحد ويتميز ذلك من مكانين، وبديع صنعة الله وحكمته في عينيه اللتين هما قطرة ماء ينظر بهما من السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام، وفي أذنيه اللتين يفرق بهما بين الأصوات المختلفة. وغير ذلك من بديع حكمة الله فيه. وقيل: وفي أنفسهم من كونهم نطفا إلى غير ذلك من انتقال أحوالهم كما تقدم في (المؤمنون) بيانه. وقيل: المعنى سيرون ما أخبرهم به النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفتن وأخبار الغيوب
حتى يتبين لهم أنه الحق فيه أربعة أوجه: [أحدها] أنه القرآن. [الثاني] الإسلام جاءهم به الرسول ودعاهم إليه. [الثالث] أن ما يريهم الله ويفعل من ذلك هو الحق. [الرابع] أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - هو الرسول الحق.
________________________________________
وقال ابن كثير- رحمه الله -في تفسيره: (قل أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد (52) سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد (53) ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شيء محيط (54))
يقول تعالى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين المكذبين بالقرآن: (أرأيتم إن كان) هذا القرآن (من عند الله ثم كفرتم به) أي: كيف ترون حالكم عند الذي أنزله على رسوله؟ ولهذا قال: (من أضل ممن هو في شقاق بعيد)؟ [ص: 187] أي: في كفر وعناد ومشاقة للحق، ومسلك بعيد من الهدى.
ثم قال: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم) أي: سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقا منزلا من عند الله، عز وجل، على رسوله - صلى الله عليه وسلم - بدلائل خارجية (في الآفاق)، من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم وسائر الأديان.
قال مجاهد، والحسن، والسدي: ودلائل في أنفسهم، قالوا: وقعة بدر، وفتح مكة، ونحو ذلك من الوقائع التي حلت بهم، نصر الله فيها محمدا وصحبه، وخذل فيها الباطل وحزبه.
ويحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة، كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى. وكذلك ما هو مجبول عليه من الأخلاق المتباينة، من حسن وقبيح وبين ذلك، وما هو متصرف فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله، وقوته، وحيله، وحذره أن يجوزها، ولا يتعداها، كما أنشده ابن أبي الدنيا في كتابه " التفكر والاعتبار "، عن شيخه أبي جعفر القرشي:
وإذا نظرت تريد معتبرا فانظر إليك ففيك معتبر أنت الذي يمسي ويصبح في
الدنيا وكل أموره عبر أنت المصرف كان في صغر
ثم استقل بشخصك الكبر أنت الذي تنعاه خلقته
(يُتْبَعُ)
(/)
ينعاه منه الشعر والبشر أنت الذي تعطى وتسلب لا
ينجيه من أن يسلب الحذر أنت الذي لا شيء منه له
وأحق منه بماله القدر
وقوله تعالى: (حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد)؟ أي: كفى بالله شهيدا على أفعال عباده وأقوالهم، وهو يشهد أن محمدا صادق فيما أخبر به عنه، كما قال: (لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون) [النساء: 166].
______________________________________
قال ابن جرير-رحمه الله: يقول تعالى ذكره: سنري هؤلاء المكذّبين، ما أنزلنا على محمد عبدنا من الذكر، آياتنا في الآفاق.
واختلف أهل التأويل في معنى الآيات التي وعد الله هؤلاء القوم أن يريهم، فقال بعضهم: عني بالآيات في الآفاق وقائع النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بنواحي بلد المشركين من أهل مكة وأطرافها، وبقوله: (وَفِي أَنْفُسِهِمْ) فتح مكة.
______________________________
وقال ابن عاشور-رحمه الله- في كتابه التحرير والتنوير:
[ص: 18] سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق.
أعقب الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين ما فيه تخويفهم من عواقب الشقاق على تقدير أن يكون القرآن من عند الله وهم قد كفروا به إلى آخر ما قرر آنفا، بأن وعد رسوله صلى الله عليه وسلم على سبيل التسلية والبشارة بأن الله سيغمر المشركين بطائفة من آياته ما يتبينون به أن القرآن من عند الله حقا فلا يسعهم إلا الإيمان به، أي أن القرآن حق بين غير محتاج إلى اعترافهم بحقيته، وستظهر دلائل حقيته في الآفاق البعيدة عنهم وفي قبيلتهم وأنفسهم فتتظاهر الدلائل على أنه الحق فلا يجدوا إلى إنكارها سبيلا، والمراد: أنهم يؤمنون به يومئذ مع جميع من يؤمن به.
وفي هذا الوعد للرسول صلى الله عليه وسلم تعريض بهم إذ يسمعونه على طريقة: فاسمعي يا جارة.
فموقع هذه الجملة بصريحها وتعريضها من الجملة التي قبلها موقع التعليل لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم ما أمر به، والتعليل راجع إلى إحالتهم على تشكيكهم في موقفهم للطعن في القرآن.
وقد سكت عما يترتب على ظهور الآيات في الآفاق وفي أنفسهم المبينة أن القرآن حق لأن ما قبله من قوله: أرأيتم إن كان من عند الله ثم كفرتم به من أضل ممن هو في شقاق بعيد ينبئ عن تقديره، أي لا يسعهم إلا الإيمان بأنه حق فمن كان منهم شاكا من قبل عن قلة تبصر حصل له العلم بعد ذلك، ومن كان إنما يكفر عنادا واحتفاظا بالسيادة افتضح بهتانه وسفهه جيرانه. وكلاهما قد أفات بتأخير الإيمان خيرا عظيما من خير الآخرة بما أضاعه من تزود ثواب في مدة كفره ومن خير الدنيا بما فاته من شرف السبق بالإيمان والهجرة كما قال تعالى: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى.
______________________________________
وقال السعدي- رحمه الله -في تفسير (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن): أي {قُل} لهؤلاء المكذبين بالقرآن المسارعين إلى الكفران {أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ} هذا القرآن {مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} من غير شك ولا ارتياب، {ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} أي: معاندة للّه ولرسوله، لأنه تبين لكم الحق والصواب، ثم عدلتم عنه، لا إلى حق، بل إلى باطل وجهل، فإذا تكونون أضل الناس وأظلمهم.
فإن قلتم، أو شككتم بصحته وحقيقته، فسيقيم اللّه لكم، ويريكم من آياته في الآفاق كالآيات التي في السماء وفي الأرض، وما يحدثه اللّه تعالى من الحوادث العظيمة، الدالة للمستبصر على الحق.
{وَفِي أَنْفُسِهِم} مما اشتملت عليه أبدانهم، من بديع آيات اللّه وعجائب صنعته، وباهر قدرته، وفي حلول العقوبات والمثلات في المكذبين، ونصر المؤمنين. {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُم} من تلك الآيات، بيانًا لا يقبل الشك {أَنَّهُ الْحَقُّ} وما اشتمل عليه حق.
وقد فعل تعالى، فإنه أرى عباده من الآيات، ما به تبين لهم أنه الحق، ولكن اللّه هو الموفق للإيمان من شاء، والخاذل لمن يشاء.
________________________________________
قال الثعالبي-رحمه الله:
ثم أمر تعالى نبيَّهُ أنْ يوقِّف قريشاً على هذا الاحتجاج، وموضع تغريرهم بأنفسهِم، فقال: {قُلْ أَرَءَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله}، وخالفتموه ألستم على هلكة؟ فمن أَضَلَّ مِمَّنْ يبقى على مِثْلِ هذا الغَرَرِ مَعَ اللَّهِ؛ وهذا هو الشِّقَاقُ؛ ثم وعد تعالى نَبِيَّهُ عليه السلام بأَنَّهُ سَيُرِي الكُفَّارَ آياته، واختلف في معنى قوله سبحانه: {فِى الأفاق وَفِى أَنفُسِهِمْ} فقال المِنْهَالُ والسُّدِّيُّ وجماعةٌ: هو وَعْدٌ بما يفتحه اللَّه على رسوله من الأقطارِ حَوْلَ مَكَّةَ، وفي غيرِ ذَلِكَ مِنَ الأَرْضِ؛ كخَيْبَرَ ونحوها {وَفِى أَنفُسِهِمْ}: أراد به فَتْحَ مَكَّةَ؛ قال * ع *: وهذا تأويلٌ حَسَنٌ، يتضمَّن الإعلام بِغَيْبٍ ظَهَرَ بَعْدَ ذلك، وقال قتادةُ والضَّحَّاكُ {سَنُرِيهِمْ ءاياتنا فِى الأفاق}: هو ما أصاب الأُمَمَ المُكَذِّبَةَ في أقطار الأرض قديماً، {وَفِى أَنفُسِهِمْ}: يوم بدر، والتأويلُ الأَوَّلُ أرْجَحُ، واللَّه أعلم، والضمير في قوله تعالى: {أَنَّهُ الحق} عائد على الشرع والقرآن فبإظهار اللَّهِ نَبِيَّهُ وفتحِ البلاد عليه يتبيَّن لهم أَنَّه الحَقُّ.
____________________________________
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[علي أبو عائشة]ــــــــ[10 Sep 2009, 11:59 ص]ـ
لقد تابعت ما قاله الشيخ الفاضل مساعد الطيار بخصوص هذه الآية الكريمة
والذي أراه حقا أن هذه الآية عامة كما ذكر الشيخ الددو، وأن الذي خصصها بأهل مكة مطالب بدليل التخصيص، والسياق على حد علمي ليس من أدلة التخصيص التي قررها العلماء في أصول الفقه، وقول ابن عطاء وابن زيد يدل على عمومها، وهو ما ذهب إليه ابن كثير أيضا وجملة من كبار المفسرين. والله أعلم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[10 Sep 2009, 01:25 م]ـ
أشكر محبة القرآن على متابعاتها الجيدة التي تثري بها الملتقى.
الأخ علي، حفظه الله، أرجو أن تتأمل العموم والخصوص في هذه الآيات:
1 ـ (الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم)، فالناس في الموضعين من العام الذي أريد به الخصوص، فلماذا كان كذلك؟
2 ـ (قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا)، فالناس هنا عام وليس من العام الذي أريد به الخصوص ولا من العام الذي دخله التخصيص.
3 ـ (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ... )، هل وقع هذا لجميع الكفار بعد محمد صلى الله عليه وسلم، هل وقع ـ مثلاً ـ لمن بالصين منذ أن جاءت دعوة محمد صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، هل وقع أنهم (كلهم) أرُوا الآيات حتى تبين لهم أنه الحق؟
وقس على ذلك غيرهم من أمم الكفر في أفريقا وأوربا ووآسيا.
فإذا كان لم يقع، فالعقل يدل على أن الآية من قبيل الآية الآولى (أي العام المراد به الخصوص)، وأن الذين تحقق فيهم الخطاب (وهو وعيد لهم) فقط هم أهل مكة، فرأوا أنه الحق، ولذا وقع الإيمان منهم، فلم يتوف النبي صلى الله عليه وسلم إلا وأهل مكة كلهم قد عرفوا الحق وآمنوا به، فتحقق وعد الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهذا لم يتحقق في غيرهم من الأمم الكافرة بعدهم، وهذا سبب قولي بأنه من العام الذي أريد به الخصوص.
ـ[علي أبو عائشة]ــــــــ[10 Sep 2009, 02:10 م]ـ
شكرا على توجيه وجهة نظركم.
إذا مشينا على أن آية سورة آل عمران نزلت في غزوة بدر الصغرى فدليل إرادة الخصوص هو ما روي مما دار بين أبي سفيان ونعيم الأشجعي، فتكون اللام في (الناس) الأولى عهدية أريد بها نُعيم كما نقل عن مجاهد وعكرمة، ولا يخلو ذلك من المجاز، و (الناس) الثانية أريد بها أبا سفيان وأصحابه. فدليل إرادة الخصوص واضح على هذا القول.
وإذا مشينا على أنه لا عبرة بخصوص السبب وإنما بعموم اللفظ فلا يمتنع إجراء هذه الآية في ما يستقبل من حروب المسلمين مع الكافرين، وهذا من إعجاز القرآن وبلاغته، ولهذا عبر بلفظ الناس بلا تعيين.
أما آية سورة فصلت، فلقائل أن يقول: المراد بالإراءة: التوقيف على دلائل وآيات التوحيد وصدق النبي صلى الله عليه وسلم في دعوى النبوة ودلائل حقية القرآن العظيم وكونه من عند الله، وهذا وقع من قبل وواقع في يومنا هذا وسيستمر وقوعه إلى يوم القيامة.
وعليه يكون تفسير عطاء وابن زيد هو الراجح، والآية باقية على عمومها لفظا ومعنى، وليست تلك الإراءة مخصوصة بأهل مكة، ولا شك أن من بالصين اليوم قد وقف على الدلائل والآيات التي توصل إلى العلم بحقية الرسول وحقية القرآن والتوحيد، ولا يلزم من إراءة الآيات في الآفاق والأنفس وتبيين الحق حصول الإيمان؛ على حد قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) فهم يرون الآيات ويتبين لهم منها أنه الحق لكنهم يعرضون ولا يذعنون، ويكفي أن تكون تلك الإراءة سببا لهداية من أراد الله هدايته، وإقامة للحجة على من ضل وغوى.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 Sep 2009, 05:21 م]ـ
إذا مشينا على أن آية سورة آل عمران نزلت في غزوة بدر الصغرى فدليل إرادة الخصوص هو ما روي مما دار بين أبي سفيان ونعيم الأشجعي، فتكون اللام في (الناس) الأولى عهدية أريد بها نُعيم كما نقل عن مجاهد وعكرمة، ولا يخلو ذلك من المجاز، و (الناس) الثانية أريد بها أبا سفيان وأصحابه. فدليل إرادة الخصوص واضح على هذا القول.
وإذا مشينا على أنه لا عبرة بخصوص السبب وإنما بعموم اللفظ فلا يمتنع إجراء هذه الآية في ما يستقبل من حروب المسلمين مع الكافرين، وهذا من إعجاز القرآن وبلاغته، ولهذا عبر بلفظ الناس بلا تعيين ..
الأخ الفاضل علي
الصحيح أن الآيات نزلت في غزوة حمراء الأسد وليس بدر الصغرى.
أما السياق فهو يدل على الخصوص وعموم الألفاظ في الآيات لا يلغي دلالة السياق القوية على الخصوص، فالأفعال في الآيات تدل على حدث مضى وانتهى:
(الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم (172) الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل (173) فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم (174)
وتنزيلها على غيرهم من الناس لا يصح لأن الراجح أن الآيات نزلت في شهداء أحد وهم الذين يستبشرون بمن لم يلحق بهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممن شهدوا معه أحدا ثم شهدوا معه حمراء الأسد فكان هذا الثناء عليهم من الله تعالى حيث استجابوا لله والرسول على ما بهم من الجراح البليغة.
صحيح أن المؤمنين مطالبون بالتأسي بهم في التضحية والصبر والتوكل على الله في المواقف المشابهة ويرجى لهم أن ينالوا من الأجر ما نال أولئك.
أما القول إنها عامة في كل فئة مؤمنة تتعرض لموقف مشابه فهذا لا يصح.
والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد(/)
تدبرات قرآنية لسورة القدر
ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[10 Sep 2009, 01:23 م]ـ
تدبرات قرآنية
سورة القدر
م. عبد اللطيف البريجاوي
عندما تضعف الهمم وتكثر المشاغل يتضاءل حجم الدين عند الناس ويصبح الدين عندهم مختزلا في كثير من الأمور وقد كان من كرم الله سبحنه وتعالى ورحمته أن جعل في القرآن الكريم سورا قصارا وأخر طوالا حتى تستوعب هذه السور القصير والطويلة مختلف الهمم في سائر العصور وحتى لا يتثاقل أهل الهمم الصغرى عن الإلتزام بالقرآن الكريم
وحقيقة فإن القصار المفصل من السور هو المحطة الأهم في حياة أغلب المسلمين فسواد المسلمين لا يحفظون غيرها ولا يقرؤون في الصلاة غيرها فكان لزاما تدبر هذه السور وتوضيح مراميها وأبعادها المختلفة للأسباب التالية:
1 – التصاق أغلب المسلمين بها.
2 - الكشف عن الأسرار العظيمة الموجودة في هذه السور
3 - الارتقاء لفهم القرآن الكريم و والانتقال بعد ذلك إلى القرآن كافة.
وفي واقع الأمر فإن كثيرا من هذه السور تحمل بشكل أو بآخر مقاصد القرآن الكريم كله فهي تحوي التوحيد والتربية والقصص والسلوك وسنحاول إن شاء الله إلقاء بعض الضوء على بعض التدبرات القرآنية في قصار السور
سورة القدر
" إنا أنزلناه في ليلة القدر (1) وما أدراك ما ليلة القدر (2) ليلة القدر خير من ألف شهر (3) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر (4) سلام هي حتى مطلع الفجر (5) "
سورة القدر مكية في أرجح الأقوال وترتيب نزولها الخامسة والعشرون
وسبب نزولها أنه ذكر أمام النبي رجل من بني اسرائيل حمل السلاح ألف شهر في سبيل الله فاستقل النبي عليه السلام أعمار أمته فنزلت هذه السورة رواه مجاهد
والحقيقة إن هذه السورة تحمل في طياتها الكثير من الأفكار الهامة والتي نبين بعضها:
1 – معنى كلمة القدر: القدر الحكم والتقدير التدبير وجذر الكلمة يدور حول مقادير الأشياء فيصبح معنى الكلمة هي ليلة الحكم والتدبير والقضاء ". فيها يفرق كل أمر حكيم .. " الدخان يفرق يقضى ويفصل وقال ابن عباس والحسن رضي الله عنهما " في ليلة القدر يقضي الله كل أجل وخلق ورزق إلى مثلها في العام القادم.
2 - ليلة القدر خير من ألف شهر فبها ثلاث فوائد:
1 - الاختصاص بيد الله سبحانه وتعالى فهو الذي فضل بعض النبيين عن بعض وفضل بعض الشهور عن بعض وفضل بعض الأوقات عن بعض وحتى فضل بعضل المأكولات عن بعض " وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون (4) " الرعد
2 - ليلة القدر هي في حقيقتها فرصة لإطالة العمر فألف شهر تعادل تقريبيا اثنان وثمانون عاما فمن يدرك ليلة القدر عشر مرات فكأنما عاش عشرين وثمانمائة عاما ومن أدركها عشرين مرة فكأنما عاش أربعون وستمائة وألف من الأعوام وهكذا وأي نعمة أكبر من ذلك
3 - ليست العبرة بطول الأعمار إنما بحسن الأعمال فليس المهم أن تمتد الحياة ولكن المهم أن تمتلئ ورب لحظة واحدة هي في جوهرها خير من الحياة كلها فليلة القدر تعادل اثنان وثمانون عاما ولحظة واحدة من الصحابة مع رسول الله تساوي الكثير ةتدخلهم تحت قوله تعالى " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم (100) التوبة
وهذا ما يجعلنا نتعرض لنفحات الله ونتعرض لمواسم الخير.
3 – سلام هي حتى مطلع الفجر:ورد في الحديث أن الله هو السلام والسلام هو اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى وكون ليلة القدر هي ليلة سلام وهي أول ليلة نزل فيها القرآن فالله يريد للعالم السلام والأمان ويريد سلام المجتمع من الرذيلة وسلامة القلوب والنفوس من الأحقاد ويريد سلامة العلاقات من الانحراف وغيرها من أنواع السلام في الأمة بل في العالم (مع التأكيد على أن السلام لا يمكن أن يتحقق في كل ذلك إذا لم يكن برعاية الإسلام)
4 – ليلة القدر ولادة للإسلام على وجه الأرض فهي يجب أن تكون نقطة بداية في حياة المسلم لا نقطة عابرة ويجب أن تكون نقطة تحول في حياته لا أن تكون مجرد ذكر لها طقوس معينة
5_ أن كثيرا من الناس ليفهمون الحديث في قيام ليلة القدر فهما مجتزءا فليس معنى من قام ليلة القدر هي فقط العبادات المختلفة ولكن معنى القيام يضاف له معنى آخر هو أن نعمل بمقتضيات ليلة القدر بعد انتهائها وهذا هو القيام الأمثل لليلة القدر.
والله ولي التوفيق
م. عبد اللطيف البريجاوي
من رؤى في قصار السور
منقول من www.saaid.net(/)
تهافت القول بالإعجاز العلمي في قوله تعالى (كأنما يصعد في السماء)
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[10 Sep 2009, 05:05 م]ـ
قرأت جواباً ماتعاً للدكتور مساعد الطيار - وفقه الله- بخصوص الإعجاز العلمي، أورده الدكتور عبد الرحمن الشهري على هذا الرابط:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=384
ومما كتبه الدكتور الطيار تفسير قوله تعالى (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) وبيان الفرق بين فهم السلف وفهم القائلين بالإعجاز العلمي.
وكنت كتبت في تفسير هذه الآية مبحثاً طويلاً فندتُ فيه رأي القائلين بالإعجاز العلمي في تفسير هذه الآية، وهو من جملة أبحاث مطولة لي في هذا الباب. فأحببت أن أورده ها هنا في رابط مستقل، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن ينفع به، وأرجو ألا يبخل علينا الدكتور الطيار والإخوة الأفاضل بملاحظاتهم وتصويباتهم ...
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[10 Sep 2009, 05:17 م]ـ
(1)
قولُه تعالى ?فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ? (الأنعام:125)
يدَّعي أربابُ التفسيرِ العِلميِّ أنَّ في هذه الآيةِ دلالةً على ظاهرةٍ علميَّةٍ لم تكن معهودةً ولا معروفةً للعربِ، حتى جاءَ العلمُ الحديثُ فَكََشَفَ عنها، ألا وهي نقصانُ الأكسجينِ كلَّما صعدنا في طبقاتِ الجوِّ العُليا، ونقصانُه يؤدّي إلى حَرَجِ الصَّدرِ وضيقِه، فمَثَلُ الكافرِ - في ضيقِ صدرِه بالإسلامِ، وتَبَرُّمِه بدعوةِ محمّدٍ صلى الله عليه وسلم مَثَلُ الذي يَصَّعدُ في السّماءِ، فيضيقُ صدرُه بنقصانِ الأكسجينِ في طبقاتِ الجوِّ العُليا، وهذه حقيقةٌ لم يُدرِكْها الإنسانُ إلاّ في العُقودِ المُتَأَخِّرَةِ من القرنِ العشرين، وإن بدأ يَتَحَسَّسُها منذ نهايةِ القرنِ الثامنَ عشرَ، وورودُها في كتابِ اللهِ الذي أُنزِلَ قبلَ أربعةَ عشرَ قرناً علي نبيٍّ أمِّيٍّ - صلى الله وسلم وبارك عليه-، في أمَّةٍ كانت غالبيَّتُها الساحقةُ من الأمّيين، مما يؤكِّدُ أنَّ القرآنَ الكريمَ هو كلامُ اللهِ الخالقِ، وأنَّ هذا النبيَّ الخاتمَ، والرَّسولَ الخاتمَ، كان موصولاً بالوحيِ ومُعَلَّماً من قِبَلِ خالقِ السّماواتِ والأرضِ (1).
وقبلَ أن ننقلَ تفسيرَ هذه الآيةِ من أمُّهاتِ كتبِ التفسيرِ، لنُبَيِّنَ أنَّ العربَ الأوَّلين قد فهموها حقَّ الفهمِ، ووَعَوها حقَّ الوعيِ، نرى أن نُوَجِّهَ للقائلين بهذا التفسيرِ العلميِّ سؤالاً في أحكامِ التَّشبيهِ، الذي هو فنٌّ من فنونِ البلاغةِ، وضربٌ من ضروبِ البيانِ، أبدعَ الشُّعَراءُ والأُدَباءُ فيه أيَّما إبداعٍ.
التَّشبيهُ في اصطِلاحِ البلاغيِّين له أكثرُ من تعريفٍ يورِدُها الدُّكتورُ عبدُ العزيزِ عتيقٌ نقلاً عن عُلَماءِ سابقين:
(فابنُ رشيقِ مثلاً يُعَرِّفُه بقولِه: التَّشبيهُ صفةُ الشَّيءِ بما قارَبَه وشاكَلَه من جِهَةٍ واحِدةٍ أو جِهاتٍ كثيرةٍ، لا من جميعِ جهاتِه، لأنَّه لو ناسَبَه مُنَاسَبَةً كليَّةً لكانَ إيّاه. ألا ترى أنَّ قولهم "خَدٌّ كالوردِ" إنما أرادوا حمرةَ أوراقِ الوردِ وطراوتها، لا ما سوى ذلك من صُفرَةِ وسطِه، وخضرةِ كمائمِه؟
وأبو الخطيبِ القَزوينيُّ بقولِه: هو الدَّلالةُ على مشاركةِ أمرٍ لأمرٍ في معنىً) (2).
فهو إذن يَرِدُ للدلالةِ على مُشارَكَةِ أمرٍ لأمرٍ في معنىً ما، ويدَّعي فيه المُشَبِّهُ أنَّ هذا الشَّيءَ يُقارِبُ ذلك الشَّيءَ ويُشاكِلُه من جِهَةٍ ما، واحدةً كانت أو أكثرَ، ولا تكونُ هذه المُشابهةُ والمشاكَلَةُ من جميعِ الجهاتِ، أو بيانِ أنَّ شيئاً أو أشياءَ شاركت غيرَها في صِفَةٍ أو أكثَرَ. وهذا يقتضي أن تكونَ الجهةُ التي يكون فيها الشَّبهُ والمُشارَكَةُ بين الشَّيئينِ أو ما يُسَمَّى بـ"وجهِ الشَّبَهِ" معلوماً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن المعلومِ –أيضاً- أنَّ فَنَّ التَّشبيهِ يَقْصَِدُ بِه المُشَبِّهُ أن يُقَرِّرَ المعنى، ويُمَكِّنَه ويُثَبِّتَه في نفسِ المُخاطَبِ، ويُقَرِّبَه إلى فهمِه، فإن قلتَ: زيدٌ كالأسَدِ، أو ليلى كالبدرِ، فهو لتثبيتِ معنى شجاعةِ زيدٍ وجمالِ ليلى، وتمكينِه وتقريرِه في نفسِ السّامعِ أو المُخاطَبِ. وهذا يقتضي أن يكونَ هناك مُشَبَّهٌ، ومُشَبَّهٌ به، ووَجْهُ شَبَهٍ، أو علاقةٌ شَبَهِيَّةٌ، فعندما نقولُ: زيدٌ كالأسدِ، فالمُشَبَّهُ زيدٌ، والمُشَبَّهُ به هو الأسدُ، ووَجْهُ الشَّبَهِ هو الشَّجاعةُ المعروفةُ في الأسدِ، والتي هي لازمٌ من لوازمِه، وزيدٌ هذا قد أشبَهَ الأسدَ في شجاعتِه وقُوَّةِ قلبِه، وأنَّه يُقْدِمُ فلا يخشى شيئاً. وعندما نقولُ: ليلى كالبدرِ، فالمُشَبَّهُ ليلى، والمُشَبَّهُ به هو البَدْرُ، ووَجْهُ الشَّبَهِ هو جمالُ القَمَرِ في ليلةِ البدرِ، وأُنسُ النُّفوسِ به، وليلى في جمالها وأُنسِ النَّفسِ بها قد أشْبَهَت البَدرَ.
وفَنُّ التَّشبيهِ يقتضي أوَّلاً أن يكونَ وجهُ الشَّبهِ معروفاً ومعهوداً، وثانياً أن يكونَ وَجْهُ الشَّبَهِ في المُشَبَّهِ به أعْرَفَ منه في المُشَبَّهِ، أي يَنبَغِي أن يكونَ وجهُ الشَّبَهِ في الأسدِ معروفاً بين المخاطَبين بأنَّه الشَّجاعَةُ، وأن تكونَ الشَّجاعةُ في الأسدِ أعْرَفَ منها في زيدٍ، وفي ليلى والبَدْرِ يقتضي أن يكونَ وَجْهُ الشَّبَهِ - عند التَّشبيهِ بالبَدْرِ- معروفاً بين المخاطبين بأنَّه الجَمالُ، ويقتضي أن يكونَ الجَمالُ في البَدرِ أَعْرَفَ منه في ليلى، وإلاّ فلا فائدةَ تُرجى من التَّشبيهِ.
فإذا قُلتَ في مخاطَبَةِ بَدَوِيٍّ لا يَعرِفُ السَّيَّارَةِ، لم يَسْمَعْ بها ولم يَرَها، إذا قلتَ له في وصفِ رَجُلٍ سريعٍ: فلانٌ يمشِي مَشْيَ السَّيَّارَةِ، فلن يُدْرِكَ وَجْهَ الشَّبَهِ، ولا الغَرَضَ من التَّشبيهِ، لأنَّ المُشَبَّهَ به غيرُ معروفٍ لديه، والأجدى أن تقولَ له: فلانٌ يمشي كَالغَزالِ، أو كَالفَهدِ أو كالأرنَبِ، ممّا هو مَعهودٌ بِسُرْعَتِه لدى البَدَوِيِّ،. بل رُبَّما يَفْهَمُ أنَّ السَّيَّارَةَ هي القَافِلَةُ، فيكونُ هذا دليلاً على بُطءِ الرَّجُلِ في مَشْيِهِ لا على سُرْعَتِه، لأنَّ المَعهودَ من كَلِمَةِ "سَيَّارَةٍ" عند هذا الأعرابيِّ هو القافِلَةُ وليس السَّيَّارَةَ المعروفةَ، فيفهمُ منك نقيضَ مقصودِك ...
ولو قلتَ في وَصْفِ رَجُلٍ ثقيلِ الظِّلِّ، باردٍ سمجٍ، لو قلتَ في وصفِه: فلانٌ كالغازِ السَّائلِ، فلن يفهمَ هذا إلاّ أهلُ الكيمياءِ، والأجدى والأنفعُ أن تقولَ: فلانٌ كالثَّلجِ ممّا هو معهودٌ بِبُرودَتِه لدى المُخاطَبِ ...
حتى التَّشبيهُ المَقلوبُ - والذي هو أن يُجْعَلَ ما كانَ الأصلُ فيه أن يكونَ مُشَبَّهاً مُشَبَّهاً بِه، وما كانَ الأصلُ فيه أن يكونَ مُشَبَّهاً بِه مُشَبَّهاً- لا بُدَّ فيه من مَعرِفَةِ المُشَبَّهِ والمُشَبَّهِ به ووَجْهِ الشَّبَهِ، إلاّ أنَّ المُشَبِّهَ يَدَّعي فيه أنَّ وجهَ الشَّبَهِ فيما كانَ في الأصلِ مُشَبَّهاً أعرفُ منه فيما كان في الأصلِ مُشَبَّهاً به، وهذا من بابِ المُبالَغةِ في المعنى.
فقولُنا في التشبيهِ المُعتادِ: زيدٌ كالأسدِ، وليلى كالبدرِ، يُصبحُ في التشبيهِ المقلوبِ: هذا الأسدُ كَزيدٍ، وهذا البدرُ كَليلى، وكأنَّ زيداً أصبح مشهوراً بشجاعتِه أكثرَ من الأسدِ، وحتّى صار مضربَ المَثَلِ فيها، وليلى أشهرَ وأعرفَ في جمالها من البدرِ. ومنه قولُ الشاعرِ:
وَ بَدَا الصّباحُ كأنّ غُرَّتَهُ ... وَجْهُ الخليفةِ حِينَ يُمْتَدَحُ
فالأصلُ فيه أن يقولَ إنَّ وجهَ الخليفةِ في بهائه وبهجتِه كَغُرَّةِ الصباحِ، فََقَلَبَ التشبيهَ، وادَّعى أنَّ غُرَّةَ الصباحِ في حُسنِها وبهائها وبهجتِها كوجهِ الخليفةِ، وكأنَّ الحسنَ والبهاءَ والبهجةَ التي تراها في وجهِ الخليفةِ أعرفُ وأشهرُ من غرَّةِ الصباحِ حتى صارَ وجهُ الخليفةِ مضربَ المَثَلِ في هذا المعنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك الأمرُ فيما يُسَمَّى بالتشبيهِ الوهميِّ، وهو التشبيهُ بما لا يُدرَكُ بالحواسِّ الخمسِ الظاهرةِ، كقولِه تعالى ?أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ?لزَّقُّومِ. إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ. إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي? أَصْلِ ?لْجَحِيمِ. طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ?لشَّيَاطِينِ? (الصافات:62 - 65)، فإنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قد بيَّنَ لهم شجرةَ الزَّقُّومِ وعرَّفَهم بها، وأخبرَهم بأنها شجرةٌ تخرجُ في أصلِ الجحيمِ، فأصبحت بهذا معهودةً ومعروفةً لهم، ثمَّ بعد ذلك شبَّه اللهُ لهم ثمرَها برؤوسِ الشياطينِ، وذلك أنَّ للشيطانِ صورةً ذهنيَّةً عند العربِ، وهي ما كان في مُنتهى القُبحِ والشناعةِ، فيقولون: كأنَّ هذا وجهُ شيطانٍ، في الدلالةِ على قبحِ منظرِه، وتناهيه إلى الغايةِ في السوءِ والشرِّ. يقولُ الزمخشريُّ في تفسيرِ هذه الآيات:
(وشبَّه برؤوسِ الشياطينِ دلالةً على تناهيهِ في الكراهيَةِ وقبحِ المنظرِ؛ لأنّ الشيطانَ مكروهٌ مستقبحٌ في طباعِ الناسِ، لاعتقادِهم أنَّه شرّ محضٌ لا يخلِطه خيرٌ، فيقولون في القبيحِ الصورةِ: كأنَّه وجهُ شيطانٍ، كأنَّه رأسُ شيطانٍ، وإذا صوَّرَه المُصَوِّرون: جاؤوا بصورتِه على أقبحِ ما يُقَدَّرُ وأهولِه؛ كما أنهم اعتقدوا في المَلَكِ أنَّه خيرٌ محضٌ لا شرّ فيه، فشبَّهوا به الصورةَ الحسنةَ. قالَ اللهُ تعالى ?مَا هَـ?ذَا بَشَرًا إِنْ هَـ?ذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ? (يوسف: 31) وهذا تشبيهٌ تخييلِيٌّ. وقيلَ: الشّيطانُ حيَّةٌ عرفاءُ لها صورةٌ قبيحةُ المنظرِ هائلةٌ جدّاً. وقيلَ: إنّ شَجَراً يقالُ له الأَسْتَنُ خَشِناً مُنتِناً مرّاً مُنكَرَ الصورةِ، يُسَمَّى ثمرُه رؤوسَ الشياطينِ. وما سمَّت العربُ هذا الثَّمَرَ رؤوسَ الشياطينِ إلاّ قصداً إلى أحدِ التشبيهينِ) (3).
ويقولُ الشّوكانيُّ في تفسيرِها:
(ثمَّ بيَّنَ سبحانَه أوصافَ هذه الشَّجَرَةِ ردًّا على مُنكريها، فقالَ ?إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ ?لْجَحِيمِ? أي: في قعرِها، قال الحَسَنُ: أصلُها في قعرِ جهنَّمَ، وأغصانها تُرفَعُ إلى دَرَكاتها، ثمّ قالَ ?طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءوسُ ?لشَّيَـ?طِينِ? أي: ثمرُها، وما تحمِلُه كأنَّه في تناهي قُبحِه، وشناعةِ منظرِه رؤوسُ الشياطينِ، فشبَّهَ المحسوسَ بالمُتَخَيَّلِ، وإن كان غيرَ مرئيٍّ، للدلالةِ على أنَّه غايةٌ في القُبحِ، كما تقولُ في تشبيهِ من يستقبحونه: كأنَّه شيطانٌ، وفي تشبيهِ من يستحسنونه: كأنَّه مَلَكٌ، كما في قولِه ?مَا هَـ?ذَا بَشَرًا إِنْ هَـ?ذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ? (يوسف: 31)، ومنه قول امريءِ القَيسِ:
أيقتُلُني والمَشرَِفِيُّ مُضاجِعِي ... ومَسنونَةٌ زُرْقٌ كَأنيابِ أغوالِ
وقالَ الزَّجَّاجُ، والفَرَّاءُ: الشياطينُ: حيّاتٌ لها رءوسٌ، وأعرافٌ، وهي من أقبحِ الحيَّاتِ، وأخبثِها، وأخَفِّها جِسماً. وقيلَ: إنَّ رؤوسَ الشياطينِ اسمٌ لنبتٍ قبيحٍ معروفٍ باليمنِ يقالُ له: الأَسْتَنُ، ويقالُ له: الشيطانُ. قال النَّحَّاسُ: وليس ذلك معروفاً عند العَرَبِ. وقيلَ: هو شَجَرٌ خَشِنٌ مُنتِنٌ مُرٌّ مُنكَرُ الصورةِ، يُسَمَّى ثمرُه رؤوسَ الشياطينِ) (4).
فالشيطانُ عند العَرَبِ لمَّا كانَ الغايةَ في القُبحِ، والمَلَكُ والمَلاكُ لمَّا كانَ الغايةَ في الجمالِ والحُسْنِ والأخلاقِ، والغُولُ لمّا كانَ غايةً في إدخالِ الرَّهبةِ والهَلَعِ والخوفِ إلى القلوبِ، كانت لهذه الألفاظِ معانٍ مُتَصَوَّرَةٌ في أذهانهم ومُتَخَيَّلَةٌ، لذلك تجدُ أنَّ من يريدُ أن يرسِمَ الشيطانَ أو يُصَوِّرَه جاءَ به على أقبحِ ما يكونُ، وأشدِّ ما يكونُ شناعةٍ ممّا يَتَخَيَّلُه في ذهنِه، بخلافِ من أرادَ رسمَ المَلاكِ أو تصويرَه، فإنَّه يأتي به على أحسنِ ما يَتَخَيَّلُه ويَتَصَوَّرُه في ذهنِه، وكذلك الأمرُ في الغولِ، يأتي به من يريدُ تصويرَه ورسمَه على أشدِّ ما يكونُ تخويفاً في ذهنِه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وسُمِِّيَّ هذا التشبيهُ وهميّاً لأنَّ هذه الصُّوَرَ الذِّهنيَّةَ موجودةٌ في أوهامِهم وتخيُّلِهم، بغضِّ النَّظَرِ عن وجودِها في الخارجِ أو عدمِه. وقد ذكرنا فيما سبقَ أنَّ الألفاظَ موضوعةٌ بإزاءِ الصُّورِ الذِّهنيَّةِ، فهي إذن مُتصوَّرةٌ في الوهمِ ومُتخيَّلَةٌ ومُدركةٌ، سواءٌ أكانَ لها وجودٌ في الخارجِ أم لم يكن لها وجودٌ.
وقولُك في وصفِ رجلٍ غنيٍّ "هو جبلٌ من ذهبٍ" أو في وصفِ حصانٍ سريعٍ "هذا حصانٌ يطيرُ بجناحين" أمرٌ مُتَخَيَّلٌ موهومٌ لا وجودَ له في الواقعِ الخارجيِّ أو الواقعِ الموضوعيِّ، ومع ذلك فهو مُتصوَّرٌ في الذِّهنِ ومعهودٌ له، لما في العقلِ من قدرةٍ على التَّركيبِ والتَّجزئةِ والتخييلِ. فالجبلُ والذهبُ والحصانُ والأجنحةُ مفرداتٌ مدركةٌ معروفةٌ معانيها، ولها وجودٌ في الذهنِ والخارجِ، أمّا "جبلٌ من ذهبٍ" و "حصانٌ بجناحين" فصورةٌ مُرَكَّبَةٌ لا وجودَ لها إلا في الذهنِ فقط، وقد يضعُ لها الإنسانُ لفظاً خاصّاً بها ويدُلُّ عليها مع أنَّه لا وجودَ لهذه الصُّوَرِ إلاّ في الذِّهنِ فقط.
وعليه فإنَّ هذه الألفاظَ ومعانِيَها معهودةٌ للعَرَبِ ومعروفةٌ لهم، فلا يقالُ إنَّ القرآنَ خاطبَهم بما لا يعرفون، وجاءهم بتشبيهاتٍ لا عهدَ لهم بها.
وهكذا نرى أنَّه في كلِّ الأحوالِ، وفي كلِّ أضربِ التشبيهِ، لا بدَّ أن تكونَ أركانُه معروفةً معهودةً، وأن تََتَحَقَّقَ شروطُه حتى يؤدِّيَ غرضَه عند المُخاطَبِ، ومن المعروفِ عند النُّقّادِ والأدباءِ أنَّ من عيوبِ التشبيهِ خَفاءَ وجهِ الشَّبَهِ وبُعدَه، وتَكَلُّفَ الأذهانِ والعُقولِ في طَلَبِه، ولا يكونُ ذكرُ التشبيهِ للإلغازِ، أو لِتَعمِيَةِ المعنى على السامعِ، وإدخالِ الوهمِ إلى نفسِه إلاّ في الطَّرائفِ والمُمازحاتِ، كقولِك لرجلٍ "أنت كالحمارِ" في الدلالةِ على وفورِ صحَّتِه، وصبرِه ...
قال أبو العباسِ المبرّدُ في هذا المعنى:
(والعربُ تشبِّهُ على أربعةِ أضربٍ: فتشبيهٌ مفرطٌ، وتشبيهٌ مصيبٌ، وتشبيهٌ مقاربٌ، وتشبيهٌ بعيدٌ يحتاجُ إلى التفسيرِ ولا يقومُ بنفسِه، وهو أخشنُ الكلامِ) (5). ثم قال في بيانِ التشبيهِ البعيدِ:
(وأمّا التشبيهُ البعيدُ الذي لا يقومُ بنفسِه، فكقولِه:
بل لو رأتني أختُ جيرانِنا ... إذ أنا في الدّارِ كأني حمار
فإنما أرادَ الصحَّةِ، فهذا بعيد، لأنَّ السامعَ إنما يستدلُّ عليه بغيره. وقال اللهُ عزَّ وجلَّ – وهو من البَيِّنِ الواضحِ- ?مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً? (الجمعة:5) في أنهم قد تعامَوا عنها، وأضربوا عن حدودِها، وأمرِها ونهيِها، حتى صاروا كالحمارِ الذي يحملُ الكتبَ، ولا يعلمُ ما فيها) (6)، فاستخدامُ لفظِ الحمارِ في الدلالةِ على وفورِ الصحَّةِ بعيدٌ قبيحٌ، بخلافِ استخدامِه في الدلالةِ على الغباءِ وبلادةِ الحسِّ.
ونرى – أيضاً- أنَّ التشبيهَ مهما كان مُوغِلاً في الغرابةِ -وسواءٌ أكانَ وجهُ الشبهِ قريباً أم بعيداً بشرطِ ألاّ يمجَه الذَّوقُ- لا يجوزُ بحالٍ ألاّ يكونَ مفهوماً ومعهوداً، أو مُنَزَّلاً منزلِةَ المعهودِ والمعروفِ بين الناسِ، وإلا نُسِبَ الشاعرُ أو الأديبُ إلى العِيِّ والعَجْزِ، وعدمِ الوفاءِ بحقِّ المعنى.
نعودُ لمُدارسةِ الآيةِ على حسبِ ما يدَّعيه أصحابُ التفسيرِ العِلميِّ، فنقولُ بناءً على تفسيرِهم: يقولُ اللهُ في هذه الآيةِ إنَّه إذا أرادَ إضلالَ من كََتَبَ عليه الضَّلالَ يجعلُ صدرَه ضيِّقاً حَرَجاً، وحتى يُقَرِّرَ معنى الضِّيقِ والحَرَجِ عند المُخاطَبِ، ويُقَرِّبَه إلى الأذهانِ، ويمكِّنَه في نفسِه، يُشبِّهُ ضيقَ الصَّدرِ وحرجَه في الكافرِ – على رأيهم - بضيقِ الصَّدرِ الذي يكونُ من رجلٍ يَصَّعَّدُ في السَّماءِ!
فإن سألناهم: ما وجهُ الشَّبَهِ؟
قالوأ: وجهُ الشَّبهِ أنَّ الأكسجينَ يقلُّ في طبقاتِ الجوِّ العليا، فيؤدّي هذا إلى ضيقِ الصَّدرِ وحَرَجِه!!!
فإن قلنا لهم: فهل فهمَ العربُ هذا المعنى آنذاك؟
قالوا: لا ... لأنَّه لم يكن معهوداً لهم ولا معروفاً عندهم ...
(يُتْبَعُ)
(/)
فلنا أن نقولَ عندها: فكيف إذن يخبرُهم القرآنُ بحالِ الكافرِ، وما يكونُ منه من ضيقِ صدرِه وحَرَجِه بالإسلامِ، ثم إذا أرادَ أن يُقَرِّرَ هذا المعنى في نفوسِهم، ويُقَرِّبَه إلى أذهانِهم، جاءَهم بتشبيهٍ لا عهدَ لهم به؟؟!!! ومنذ متى كانَ التشبيهُ في القرآنِ للإلغازِ والإبهامِ، أولتعميةِ المعنى على السامعِ، لا لتقريبِ المعنى وتقريرِه في نفسِه؟؟!!
أليس في تفسيرِ الآيةِ على ما يدّعونه من إشارةٍ إلى الحقيقةِ العلميَّةِ خروجٌ على أصولِ البلاغةِ وحسنِ الإفهامِ، من حيث إبهامُ معنى التَّصَعُّدِ في السماءِ على العربِ ومن جاءَ بعدهم، حتى جاء العلمُ الحديثُ فَكَشَفَ عنها! مع أنَّ واقعَ التشبيهِ والغرضَ المقصودَ به إنما هو لِتقريبِ المعنى للسّامعِ، وتثبيتِه وتمكينِه في نفسِه؟
لو كانَ يَصِحُّ هذا في الدَّلالةِ على الحقيقةِ العِلمِيَّةِ، لكانَ الأصلُ قلبَ التشبيهِ في الآيةِ، فيُقالُ (من يصّعَّدُ في السَّماءِ يضيقُ صدرُه كما يضيقُ صدرُ الكافرِ بالإسلامِ)، أو تشبيهُ من يصّعَّد في السَّماءِ – في ضيق صدرِه وحرجِه الذي لم يعهدْه العربُ- بشيءٍ عهدوه وعرفوه، كمن يختنقُ، أو كمن يُغمَرُ رأسُه بالماءِ، فينقطعُ نَفَسُه، ذلك أنَّ حَرَجَ الصَّدرِ عند من يصّعَّدُ في السَّماءِ بسببِ قِلَّةِ الأكسجينِ غيرُ معروفٍ ولا معهودٍ للعَرَبِ الأقدمين، فكان لا بدَّ من تعريفِه، وبيانِ أنَّه مُشابِهٌ في حالِه لحالِ من يختنقُ، فإذا ماجاءَ العلمُ الحديثُ كَشَفَ عن صِحَّةِ هذه الدَّعوى، أو هذا الخَبَرِ الذي وَرَدَ في القرآنِ، أمّا أن يُشَبِّهَ الكافرَ في ضيقِ صدرِه بالإسلامِ بأمرٍ لم يعهَدْه العربُ فلا، وهو أمرٌ يحيلُه المنطقُ وواقعُ اللغةُ، وتأباه البلاغةُ، ويخرجُ الآيةَ عن سياقِها إلى معنىً غثٍّ ركيكٍ لا يُستَساغُ عند أهلِ الذَّوقِ.
يكفي أن نورِدَ هذا الاعتِراضَ لبيانِ زيفِ دعواهم، وبُعدِهم عن الصوابِ في تفسيرِ هذه الآية، التي يدعون أنها قاطعةٌ في الدلالةِ على الحقيقةِ العلميَّةِ!!!
الحواشي:
(1) مقالة في جريدة الأهرامِ للدُّكتور زغلول النجار، منشورة بتاريخ 21 رجب 1422 هـ، 8 أكتوبر 2001 للميلاد، السنة 126، العدد 41944، وانظر الموقع الرسمي للدكتور زغلول النجار على الإنترنت:
http://www.elnaggarzr.com/index.php?l=ar&id=92&p=2&cat=6
(2) علم البيان، الدكتور عبد العزيز عتيق ص 61 - 62.
(3) الكشّاف للزمخشري، ج 4، ص 44.
(4) فتح القدير للشوكاني، ج 4، ص 498.
(5) الكامل في اللغة والأدب للمبرد، ج 2 ص 104.
(6) الكامل في اللغة والأدب للمبرد، ج2 ص 107.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 Sep 2009, 06:15 م]ـ
الأخ الفاضل بكر الجازي
سلام الله عليك
تهافات .. سقوط ..... عبارات أقول إنها طنانة كما يقولون.
ليتنا أخي الكريم نتخلى عن مثل هذه العبارات التي ليس لها أثر في تقرير المسائل العلمية وبخاصة إذا كانت فارغة من المضمون وأيضا موجهة إلى علماء لهم مكانتهم وجهودهم في خدمة الإسلام ولا أدعي لأحد العصمة فكلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
ما ذكرته بخصوص الآية فإن الله تبارك وتعالى أخبر أنه يجعل صدر الكافر الذي كتب الله عليه الضلالة " ضيقا حرجا" وهذه صورة معقولة يفهمها السامع ثم شبهها بصورة متخيلة ولكنها معقولة وهي قوله" كأنما يصعد في السماء"، والتصعد أو الصعود إلى السماء هو الصعود إلى العلو، والمخاطبون بهذا القرآن ابتداء هم أهل مكة
وإدراك هذا التشبيه أمر ممكن وميسور لهم بسبب طبيعة بلدهم الجبلية، فإن الصاعد في الجبل كلما ارتفع كلما ضاق صدره وصعب تنفسه وزادت ضربات قلبه، لكن هل كان أهل مكة يدركون سر هذا الضيق والحرج عند صعود الجبال وأن ذلك بسبب نقص الأكسجين؟ بالتأكيد لا.
فلما ظهرت الكشوف العلمية وتبين أن حياة الإنسان تتوقف على وجود غاز الأكسجين في الهواء ,وأن الإنسان كلما ارتفع إلى طبقات الجو العليا كلما قل غاز الأكسجين ويصبح تنفس الإنسان بصعوبة حتى يصل إلى مرحلة ينعدم فيه الأكسجين ومن ثم يحصل الاختناق.
وبهذا تبين أن الآية تخفي في ثنايها دلالة على آية كونية لم تكن معروفة للإنسان وهي شاهد على صدق هذا القرآن وأنه من عند الله تعالى الذي اتقن كل شيء.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[11 Sep 2009, 07:04 م]ـ
الأخ الفاضل بكر الجازي
سلام الله عليك
تهافات .. سقوط ..... عبارات أقول إنها طنانة كما يقولون.
ليتنا أخي الكريم نتخلى عن مثل هذه العبارات التي ليس لها أثر في تقرير المسائل العلمية وبخاصة إذا كانت فارغة من المضمون وأيضا موجهة إلى علماء لهم مكانتهم وجهودهم في خدمة الإسلام ولا أدعي لأحد العصمة فكلٌ يؤخذ من قوله ويرد إلا كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم.
شكر الله لك نصحك أخي الحجازي، ويعلم الله أني لم أرد بهذا الانتقاص من أحد، ولا الزراية به، وإنما أقرر حقيقة كل ما يسمى بالتفسير العلمي (التجريبي) بعد أن درستها دراسة أحسب أنها مستفيضة. ولا بأس في استخدام هذه الكلمة (تهافت) وأنا أزعم أنها أدق ما يوصف به التفسير العلمي والإعجاز العلمي (التجريبي)، فإنك لو تأملت ما يأتي به أرباب الإعجاز العلمي (التجريبي)، وعرضته على شيء من فقه اللغة وأصول الفقه، عرفت أنه ليس إلا تهافتاً.
ثم اعلم أن في المنكرين للإعجاز العلمي، والتفسير العلمي (التجريبي) علماء أجلاء حسبنا منهم الإمام الشاطبي رحمه الله.
ما ذكرته بخصوص الآية فإن الله تبارك وتعالى أخبر أنه يجعل صدر الكافر الذي كتب الله عليه الضلالة " ضيقا حرجا" وهذه صورة معقولة يفهمها السامع ثم شبهها بصورة متخيلة ولكنها معقولة وهي قوله" كأنما يصعد في السماء"، والتصعد أو الصعود إلى السماء هو الصعود إلى العلو، والمخاطبون بهذا القرآن ابتداء هم أهل مكة
وإدراك هذا التشبيه أمر ممكن وميسور لهم بسبب طبيعة بلدهم الجبلية، فإن الصاعد في الجبل كلما ارتفع كلما ضاق صدره وصعب تنفسه وزادت ضربات قلبه، لكن هل كان أهل مكة يدركون سر هذا الضيق والحرج عند صعود الجبال وأن ذلك بسبب نقص الأكسجين؟ بالتأكيد لا.
فلما ظهرت الكشوف العلمية وتبين أن حياة الإنسان تتوقف على وجود غاز الأكسجين في الهواء ,وأن الإنسان كلما ارتفع إلى طبقات الجو العليا كلما قل غاز الأكسجين ويصبح تنفس الإنسان بصعوبة حتى يصل إلى مرحلة ينعدم فيه الأكسجين ومن ثم يحصل الاختناق.
وبهذا تبين أن الآية تخفي في ثنايها دلالة على آية كونية لم تكن معروفة للإنسان وهي شاهد على صدق هذا القرآن وأنه من عند الله تعالى الذي اتقن كل شيء.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ولو سلمنا لك هذا الوجه في تفسير الآية، فإنه حجة عليك، بيان ذلك أن أهل مكة - على الوجه الذي ذكرتَه- كانوا يعرفون أن الصاعد في الجبل كلما ارتفع ضاق صدره، وصعب تنفسه، وكان لهم عهد بهذا المعنى، وما أتت به الآية لا يزيد على هذا!
إذ ليس في الآية ذكر للأكسجين ولا للهواء، وليس فيها بيان أن السبب في ضيق الصدر هو نقصان الأكسجين، فكيف تزعم أن هذا هو المقصود بالآية؟ أو أن الآية دلت عليه أو أشارت إليه؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[11 Sep 2009, 08:11 م]ـ
ولو سلمنا لك هذا الوجه في تفسير الآية، فإنه حجة عليك، بيان ذلك أن أهل مكة - على الوجه الذي ذكرتَه- كانوا يعرفون أن الصاعد في الجبل كلما ارتفع ضاق صدره، وصعب تنفسه، وكان لهم عهد بهذا المعنى، وما أتت به الآية لا يزيد على هذا!
إذ ليس في الآية ذكر للأكسجين ولا للهواء، وليس فيها بيان أن السبب في ضيق الصدر هو نقصان الأكسجين، فكيف تزعم أن هذا هو المقصود بالآية؟ أو أن الآية دلت عليه أو أشارت إليه؟
الأخ الفاضل بكر
هذه خلاصة كلام المفسرين كما أوردها بن كثير رحمه الله تعالى:
"وقال مجاهد والسدي: (ضيقا حرجا) شاكا. وقال عطاء الخراساني: (ضيقا حرجا) ليس للخير فيه منفذ. وقال ابن المبارك، عن ابن جريج (ضيقا حرجا) بلا إله إلا الله، حتى لا تستطيع أن تدخله، كأنما يصعد في السماء من شدة ذلك عليه.
وقال سعيد بن جبير: يجعل صدره (ضيقا حرجا) قال: لا يجد فيه مسلكا إلا صعدا.
وقال السدي: (كأنما يصعد في السماء) من ضيق صدره.
وقال عطاء الخراساني: (كأنما يصعد في السماء) يقول: مثله كمثل الذي لا يستطيع أن يصعد [ص: 337] في السماء. وقال الحكم بن أبان عن عكرمة، عن ابن عباس: (كأنما يصعد في السماء) يقول: فكما لا يستطيع ابن آدم أن يبلغ السماء، فكذلك لا يستطيع أن يدخل التوحيد والإيمان قلبه، حتى يدخله الله في قلبه.
وقال الأوزاعي: (كأنما يصعد في السماء) كيف يستطيع من جعل الله صدره ضيقا أن يكون مسلما.
وقال الإمام أبو جعفر بن جرير: وهذا مثل ضربه الله لقلب هذا الكافر في شدة تضييقه إياه عن وصول الإيمان إليه. يقول: فمثله في امتناعه من قبول الإيمان وضيقه عن وصوله إليه، مثل امتناعه من الصعود إلى السماء وعجزه عنه; لأنه ليس في وسعه وطاقته. "
وأنت ترى أن جميع الأقوال لم تأت بما يشفي الغليل في بيان العلاقة بين المشبه والمشبه به، والعلم الحديث كشف لنا ما يمكن أن نفهم من خلاله هذا التشبيه على وجهه الصحيح.
والذي يرفض هذا التفسير الذي تتوافق فيه سنن الله المحكمة في الكون وآيات كتابه الحكيم، فليأت بقول في الآية يقبله العقل وتطمئن له النفس.
وفق الله الجميع لفهم كتابه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد التويجري]ــــــــ[11 Sep 2009, 09:18 م]ـ
لعل في هذين الرابطين فائدة لكما:
http://www.55a.net/firas/arabic/?page=show_det&id=1371&select_page=23
http://www.nooran.org/O/10/10-1.htm
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[11 Sep 2009, 11:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
" ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين "
الأخ الكريم / بكر الجازى
الأخ الكريم / حجازى الهوى
السلام عليكما ورحمة الله وبركاته
وبعد
لا تعجبا ان قلت لكما: كلاكما على حق فيما ذهبتما اليه برغم ما يبدو بينكما من تناقض فى التوجه والرؤية!!
والسر فى هذا أن كليكما قد نظر الى المسألة من زاوية واحدة فحسب مع أن المسألة تتسع لوجهتى نظركما معا
ذلك أن البيان القرآنى المعجز - وقد يكون هذا سر اعجازه - لا يقتصر على معنى واحد قطعى الدلالة رافضا ما عداه من معانى تجود بها القرائح على مر العصور، وانما هو يختزن من المعانى ما يناسب كل العصور وما يتفق مع تقدم المعارف والعلوم بحيث يفهم منه أهل كل عصر ما يتناسب مع مبلغهم من العلم، وبذلك يدرك اللاحقون من معانيه ما لم يدركه السابقون جريا مع سنة التطور والتقدم العلمى
وعلى ذلك فلا تناقض فى أن نفهم الآية الكريمة المذكورة فهما عصريا طالما أنه لا يتعارض مع فهم الرعيل الأول من السلف الصالح تعارضا جذريا
فالبيان القرآنى المعجز له ايحاءاته التى لا ينضب معينها والتى يأخذ منها أهل كل عصر على قدر مبلغهم من العلم وحظهم من المعرفة
تلك هى خلاصة المسألة، وكلاكما على حق وصواب اذا لم يزعم كل منكما أن الحق معه وحده
وفقكما الله الى ما يحبه ويرضاه
والله هو الهادى الى سواء السبيل
ـ[محمد الأمين بن محمد المختار]ــــــــ[12 Sep 2009, 01:43 ص]ـ
شكرا لك أستاذنا الفاضل بكراً
واقبل منا أن نخالفك في ما ذهبت إليه: (1)
فإن سألناهم: ما وجهُ الشَّبَهِ؟
قالوأ: وجهُ الشَّبهِ أنَّ الأكسجينَ يقلُّ في طبقاتِ الجوِّ العليا، فيؤدّي هذا إلى ضيقِ الصَّدرِ وحَرَجِه!!!
فإن قلنا لهم: فهل فهمَ العربُ هذا المعنى آنذاك؟
قالوا: لا ... لأنَّه لم يكن معهوداً لهم ولا معروفاً عندهم ...
فلنا أن نقولَ عندها: فكيف إذن يخبرُهم القرآنُ بحالِ الكافرِ، وما يكونُ منه من ضيقِ صدرِه وحَرَجِه بالإسلامِ، ثم إذا أرادَ أن يُقَرِّرَ هذا المعنى في نفوسِهم، ويُقَرِّبَه إلى أذهانِهم، جاءَهم بتشبيهٍ لا عهدَ لهم به؟؟!!! ومنذ متى كانَ التشبيهُ في القرآنِ للإلغازِ والإبهامِ، أولتعميةِ المعنى على السامعِ، لا لتقريبِ المعنى وتقريرِه في نفسِه؟؟!!
يكفي أن نورِدَ هذا الاعتِراضَ لبيانِ زيفِ دعواهم، وبُعدِهم عن الصوابِ في تفسيرِ هذه الآية، التي يدعون أنها قاطعةٌ في الدلالةِ على الحقيقةِ العلميَّةِ!!!
[
لا نقول إن ذلك هو وجه الشبه، بل وجهه هو ضيق صدر من يرتفع عن الأرض شيئاً فشيئاً، وقد أدرك المخاطبون حينَها ما كان في زمانهم من ذلك، وكان يسيرا، ً، وأدركنا نحن الآن منه ما كان أكثر، ومع التفاوت فنحن وهم متفقون في إدراك مطلق حقيقة وجه الشبه، التي تصدق بأقل ما تطلق عليه.
ويبدو أن هذا هو الاعتراض الواحد الذي دار عليه بحثكم القيم، وهو - كما ظهر - مبني على مقدمة غير منتِجة منطقياًّ، فإذا كان لديكم اعتراض غيره أقوى فأفيدونا به.
لا يخفى أن منطلقكم هو الاحتياط والحرص على أن لا يجد المشككون في القرآن مطعنا.
ولكن أظن أن المشكلة الأساسية لدى منكري الإعجاز العلمي هي تصورهم أنه يقتضي القول بأن القرآن جاء ليبلغ للناس حقائق علمية، بينما الواقع أنه كتاب هداية وليس معجماً في العلوم، وأرى أن المهتمين بالإعجاز العلمي - من أهل التحري والبحث - لا يقولون بذلك، وإنما يرون أن مكمن الإعجاز أن تكون الآية ظاهرة في معناها الأساسي الشرعي بكل بلاغة ووضوح، وهي مع ذلك تحمل إشارة لا تناقض ذلك المعنى سيكتشفها أقوام آخرون متأخرون فيزدادوا إيمانا مع إيمانهم.
كما أنه كان كل نبي سابق يأتي لأمته بما يعجزهم في ما هم بارعون فيه
فكان القرآن الخاتم متحديا لكل من يأتي من بعدُ، من العصر العلمي إلى العصر الرقمي إلى ما شاء الله
ونعم ما كتب أستاذنا الفاضل / العليمي المصري، فقد حز في المفصل
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[12 Sep 2009, 02:43 م]ـ
وأنت ترى أن جميع الأقوال لم تأت بما يشفي الغليل في بيان العلاقة بين المشبه والمشبه به، والعلم الحديث كشف لنا ما يمكن أن نفهم من خلاله هذا التشبيه على وجهه الصحيح.
والذي يرفض هذا التفسير الذي تتوافق فيه سنن الله المحكمة في الكون وآيات كتابه الحكيم، فليأت بقول في الآية يقبله العقل وتطمئن له النفس.
وفق الله الجميع لفهم كتابه.
الأخ الفاضل الحجازي:
محل النزاع هو في دلالة الآية على ما كشف عنه العلم الحديث، وليس في ثبوت الحقيقة العلمية في نفسها. أي أن العلم التجريبي إذا أثبت أن الأكسجين ينقص في طبقات الجو العليا، فليس لنا أن ننكر هذا، وليس هذا محل نزاع، محل النزاع إنما هو في دلالة الآية على هذه الحقيقة العلمية، وهذا ما أنكره.
إذا كنت تزعم أن العلم الحديث كشف عن معنى الآية بعد أن لم يكن معلوماً، ففي هذا خروج القرآن على أصول البلاغة وحسن الإفهام، من حيث إنه يكون بهذا قد أتى العرب الأولين بتشبيه لا يعرفونه، وهو خلاف قول تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر).
وقد بينت لك في أصول التشبيه أن وجه الشبه لا بد أن يكون معروفاً، ودعوى أرباب الإعجاز العلمي تنفي أن يكون معروفاً للعرب، ومعهوداَ لهم، فكيف يستقيم هذا؟
أما أن أقوال المفسرين لم تشف الغليل فهذه دعوى أخالفك فيها، وسأبين لك في الجزء الثاني من مبحثي إن شاء الله أقوال المفسرين أو بعضهم في أمهات الكتب مفصلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[12 Sep 2009, 02:48 م]ـ
بارك الله فيك أخي المصري وشكر لك ...
ذلك أن البيان القرآنى المعجز - وقد يكون هذا سر اعجازه - لا يقتصر على معنى واحد قطعى الدلالة رافضا ما عداه من معانى تجود بها القرائح على مر العصور، وانما هو يختزن من المعانى ما يناسب كل العصور وما يتفق مع تقدم المعارف والعلوم بحيث يفهم منه أهل كل عصر ما يتناسب مع مبلغهم من العلم، وبذلك يدرك اللاحقون من معانيه ما لم يدركه السابقون جريا مع سنة التطور والتقدم العلمى
وعلى ذلك فلا تناقض فى أن نفهم الآية الكريمة المذكورة فهما عصريا طالما أنه لا يتعارض مع فهم الرعيل الأول من السلف الصالح تعارضا جذريا
فالبيان القرآنى المعجز له ايحاءاته التى لا ينضب معينها والتى يأخذ منها أهل كل عصر على قدر مبلغهم من العلم وحظهم من المعرفة
تلك هى خلاصة المسألة، وكلاكما على حق وصواب اذا لم يزعم كل منكما أن الحق معه وحده
وفقكما الله الى ما يحبه ويرضاه
والله هو الهادى الى سواء السبيل
من آيات القرآن ما هو قطعي الدلالة، ومنها ما هو ظني، أو من آيات القرآن ما هو من المحكم، ومنها ما هو من المتشابه، وفهمنا للقرآن للقرآن الكريم لا بد أن يكون بحسب معهود العرب الأولين أهل اللغة، فإنما نزل بلسانهم، سواء في ذلك محكمه ومتشابهه.
ولست أرفض تفاسير المحدثين إن كان لها شاهد من معهود العرب الأولين.
على كل حال لعلني أضيف الجزء الثاني من المبحث، فإن فيه مزيد تفصيل ...
وبارك الله فيك أخي الكريم ...
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[12 Sep 2009, 03:14 م]ـ
بارك الله فيك أخي:
شكرا لك أستاذنا الفاضل بكراً
لا نقول إن ذلك هو وجه الشبه، بل وجهه هو ضيق صدر من يرتفع عن الأرض شيئاً فشيئاً، وقد أدرك المخاطبون حينَها ما كان في زمانهم من ذلك، وكان يسيرا، ً، وأدركنا نحن الآن منه ما كان أكثر، ومع التفاوت فنحن وهم متفقون في إدراك مطلق حقيقة وجه الشبه، التي تصدق بأقل ما تطلق عليه.
والسلام عليكم ورحمة الله
إذا كان مطلق الشبه مدركاً، فلم تزد الآية على هذا ...
إذا كان العرب الأولون يدركون ضيق صدر من يرتفع عن الأرض، فهذا حسبنا، وليس في الآية ما يزيد على هذا. أما أن هذا الضيق يحص بسبب قلة الأكسجين أو غيره، فهذا أمر لم تعرض له الآية من قريب أو بعيد.
الله سبحانه وتعالى يبين أنه إذا أراد إضلال عبد جعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء، فإذا كان يعرفون أن من يصعد في السماء يضيق صدره، فأين الإعجاز العلمي في ذلك؟
ما فعله العلماء التجريبيون هو تفسير ظاهرة ضيق الصدر التي كانت مدركة لهم، وأن هذا كان بسبب قلة الأكسجين، أما مطلق الظاهرة فكان مدركاً، هذا على تسليم هذا الوجه من التفسير.
مثال ذلك أنك إن قلت في وصف رجل سريع، هو كالسيارة، فليس يلزم أن تكون عالماً بالأسباب التي كانت بها السيارة سريعة (المحرك، والجير، ومحور الدفع الخلفي ... إلخ)، بل يكفيك إحساسك بأن هذه الآلة سريعة، وأدراكك لذلك يكفيك في التشبيه، وإذا ذهبت تشرح آلية عمل السيارة، وكيف يكون انتقال الحركة فيها، فقد حملت الكلام ما لا يحتمل، وما لا طاقة له به.
وكذلك الأمر في التصعد في السماء، إذا كان الأولون يعرفون أن الصعود في السماء يضيق الصدر ويسبب الحرج فهذا كاف في التشبيه، وليس في الآية ما يزيد على هذا، أما السبب الكامن وراء ضيق الصدر كلما صعدت في السماء فليس في الآية إشارة إليه من قريب ولا بعيد حتى نزعم أن الآية دلت عليه، وهو تحميل لكتاب الله ما لا يحتمل، وهذه دقيقة شريفة في الاعتراض على أرباب الإعجاز العلمي.
وأرى أن المهتمين بالإعجاز العلمي - من أهل التحري والبحث - لا يقولون بذلك، وإنما يرون أن مكمن الإعجاز أن تكون الآية ظاهرة في معناها الأساسي الشرعي بكل بلاغة ووضوح، وهي مع ذلك تحمل إشارة لا تناقض ذلك المعنى سيكتشفها أقوام آخرون متأخرون فيزدادوا إيمانا مع إيمانهم.
أرى والله أعلم أن الحق خلاف هذا ...
إذا كان ضيق الصدر عند الصعود في السماء معهوداً لدى العرب الأولين، فليس عند العلماء التجريبيين إلا تفسير هذه الظاهرة، وتفسير الظاهرة بأنه عائد إلى نقصان الأكسجين في طبقات الجو العليا، أمر لم تعرض له الآية، بل اكتفت بوصف الظاهرة على ما هي عليه دون تفاصيل.
وإذا لم يكن هذا المعنى معهوداً للعرب الأولين، وحملنا الآية عليه، لزم من هذا أن القرآن خاطبهم بما لا يعرفون، وفي هذا خروج على أصول البلاغة وحسن الإفهام كماس سبق بيانه في أصول التشبيه، تعالى الله عن ذلك.
وشكر الله لك أخي الكريم ...
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[12 Sep 2009, 03:57 م]ـ
الأخ الكريم بكر،
1. واضح في الآية الكريمة أن التشبيه يقصد به بيان ضيق الصدر. وواضح أن الآية تُصرّح بأن من يصعد في السماء يضيق صدره.
2. إذا صح أن يشبه الناس على ضوء صورة وهمية قد لا تطابق الواقع فإن ذلك لا يصح في حق العليم الخبير. ومن هنا ننتقل من الوهم إلى الحقيقة.
3. الصعود في الجبل شيء والتصعّد في السماء شيء آخر، وكان الأولى عندها أن يقال كأنما يصعد في جبل.
4. لم يسبق للبشر أن صعدوا في السماء في حدود علمنا، ومن هنا لا مجال لمعرفة ذلك إلا عن طريق علوم كونية لم تكن متيسرة للبشر إلا حديثاً.
5. ليس كل تشبيه يفهمه كل واحد، ولو كان ذلك شرطاً لما صح أن نشبّه إلا بما كان متصوراً ومعلوماً لكل البشر دون استثناء. ومن هنا لا يصح أن تنقضي الدنيا قبل أن يفهم البشر حقيقة هذا التشبيه. فوجود من يفهم التشبيه ويتصوره يكفي للإجابة على اعتراضك. وإلا قل لي: هل كل البشر قديماً يعرفون الأسد وشجاعته أو الجمل وصبره.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الأمين بن محمد المختار]ــــــــ[12 Sep 2009, 04:36 م]ـ
إذا كان مطلق الشبه مدركاً، فلم تزد الآية على هذا ...
سلَّمتَ معنا أخي العزيز بأن هذا وجهُ الشبه، مع أن المفسرين القدماء لم يذكروه، وإنما جعلوا وجه الشبه هو "امتناع الحصول"، فيمتنع حصول الهداية كما يمتنع على الإنسان الصعود إلى السماء.
ومع ذلك فما قاله القدماء لا يخالف ما قاله أهل الإعجاز العلمي، وكلاهما تتحمله اللغة، وتقبله العادة، وما كان كذلك فلا وجه لإنكاره.
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[12 Sep 2009, 05:03 م]ـ
الأخ الفاضل أبا عمرو:
الأخ الكريم بكر،
1. واضح في الآية الكريمة أن التشبيه يقصد به بيان ضيق الصدر. وواضح أن الآية تُصرّح بأن من يصعد في السماء يضيق صدره.
هذا من حيث المعنى المفرد لكل كلمة، وحمل الكلام على هذا الوجه من التفسير بعيد عن التحقيق، على سبيل المثال: هناك مثال في عاميتنا المحكية في الأردن وفلسطين تقوله لمن يتهددك "روح بلط البحر"، ومعناها الإفرادي أن تجمع من البلاط ما يكفي لتبليط البحار، فهل هذا هو المقصود من المثل؟ بالطبع لا ...
وكذلك الأمر هنا، المعنى الإفرادي هو الصعود في السماء على الحقيقة، ولكننا نعلم أن العرب كانت تضربه مثالاً لك ما يشق على النفس ويصعب عليها، فجرى التمثيل به.
2. إذا صح أن يشبه الناس على ضوء صورة وهمية قد لا تطابق الواقع فإن ذلك لا يصح في حق العليم الخبير. ومن هنا ننتقل من الوهم إلى الحقيقة.
والله سبحانه وتعالى أنزل كتابه على معهود العرب الأولين في الكلام وتصرفهم فيه، فلا يجوز في حقه سبحانه أن يخاطبهم بما لا يعهدون في الوقت الذي قال فيه (ولقد يسرنا القرآن للذكر).
3. الصعود في الجبل شيء والتصعّد في السماء شيء آخر، وكان الأولى عندها أن يقال كأنما يصعد في جبل.
إنما قلتُ هذا من باب التسليم الجدلي، أي لو سلمنا أن العرب كانت تعرف أن الصاعد في السماء يضيق صدره، من حيث طبيعة مكة الجبلية، وأن الصاعد من مكة إلى الطائف مثلاً يجد حرج الصدر، لو أنا سلمنا أن هذا هو المقصود في الآية، فليس هناك أي إعجاز علمي، لأن القرآن يكون بهذا قد أشار إلى ظاهرة معروفة للعرب، معهودة لهم، وجرى في التشبيه على وفقها. أما أن السبب في هذا هو نقصان الأكسجين فليس في الآية أي دلالة عليه، وهذا هو محل النزاع.
4. لم يسبق للبشر أن صعدوا في السماء في حدود علمنا، ومن هنا لا مجال لمعرفة ذلك إلا عن طريق علوم كونية لم تكن متيسرة للبشر إلا حديثاً.
محل النزاع ليس في ثبوت هذه الحقيقة، بل هو في دلالة الآية عليها، وعليه فكون البشر صعدوا أم لم يصعدوا ليس مما يعنينا في شيء، ما يعنينا هو هل دلت الآية على شيء لم يكن معروفاً للعرب الأولين؟
لا أظن ذلك، وسأوافيك إن شاء الله بأقوال المفسرين فيها.
5. ليس كل تشبيه يفهمه كل واحد، ولو كان ذلك شرطاً لما صح أن نشبّه إلا بما كان متصوراً ومعلوماً لكل البشر دون استثناء. ومن هنا لا يصح أن تنقضي الدنيا قبل أن يفهم البشر حقيقة هذا التشبيه. فوجود من يفهم التشبيه ويتصوره يكفي للإجابة على اعتراضك. وإلا قل لي: هل كل البشر قديماً يعرفون الأسد وشجاعته أو الجمل وصبره.
ليس شرطاً أن يكون التشبيه مفهوماً لكل عربي في ذلك الوقت، بل يكفي أن يفهمه الأكثرون، أو الثلة المتذوقة.
إذا لم يكن التشبيه مفهوماً للعرب الأولين، فمعنى ذلك أن الله خاطب العرب بغير ما يفهمون، وهذا أمر ننزه عنه منصب الشارع سبحانه وتعالى.
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[12 Sep 2009, 05:11 م]ـ
سلَّمتَ معنا أخي العزيز بأن هذا وجهُ الشبه، مع أن المفسرين القدماء لم يذكروه، وإنما جعلوا وجه الشبه هو "امتناع الحصول"، فيمتنع حصول الهداية كما يمتنع على الإنسان الصعود إلى السماء.
ومع ذلك فما قاله القدماء لا يخالف ما قاله أهل الإعجاز العلمي، وكلاهما تتحمله اللغة، وتقبله العادة، وما كان كذلك فلا وجه لإنكاره.
إنما سلمت بهذا جدلاً، في حوار الأخ حجازي الهوى، وإلا فأنا أقول بما قال به المفسرون القدامى.
ومع هذا فإن ما كشف عنه العلم الحديث لا ينبغي أن يكون وجهاً في تفسير الآية لا راجحاً ولا مرجوحاً، وسأوافيك بتفصيل هذا في الجزء الثاني من المبحث فقد كنت عرضت لها.
وبارك الله فيك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[12 Sep 2009, 05:24 م]ـ
الأخ الفاضل الحجازي:
محل النزاع هو في دلالة الآية على ما كشف عنه العلم الحديث، وليس في ثبوت الحقيقة العلمية في نفسها. أي أن العلم التجريبي إذا أثبت أن الأكسجين ينقص في طبقات الجو العليا، فليس لنا أن ننكر هذا، وليس هذا محل نزاع، محل النزاع إنما هو في دلالة الآية على هذه الحقيقة العلمية، وهذا ما أنكره.
إذا كنت تزعم أن العلم الحديث كشف عن معنى الآية بعد أن لم يكن معلوماً، ففي هذا خروج القرآن على أصول البلاغة وحسن الإفهام، من حيث إنه يكون بهذا قد أتى العرب الأولين بتشبيه لا يعرفونه، وهو خلاف قول تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر).
وقد بينت لك في أصول التشبيه أن وجه الشبه لا بد أن يكون معروفاً، ودعوى أرباب الإعجاز العلمي تنفي أن يكون معروفاً للعرب، ومعهوداَ لهم، فكيف يستقيم هذا؟
أما أن أقوال المفسرين لم تشف الغليل فهذه دعوى أخالفك فيها، وسأبين لك في الجزء الثاني من مبحثي إن شاء الله أقوال المفسرين أو بعضهم في أمهات الكتب مفصلة.
يا أخانا الكريم
دلالة الآية على ما كشفه العلم الحديث واضحة جلية لكل من يريد أن يفهم.
وأما قولك:
"إذا كنت تزعم أن العلم الحديث كشف عن معنى الآية بعد أن لم يكن معلوماً، ففي هذا خروج القرآن على أصول البلاغة وحسن الإفهام، من حيث إنه يكون بهذا قد أتى العرب الأولين بتشبيه لا يعرفونه، وهو خلاف قول تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر)."
.
فهذا كلام مجمل يحتاج إلى تفصيل:
فأما معنى الآية العام فهو مفهوم لك عربي،والضيق والحرج في الصدر يعرفه من يصاب بسببه، وأسبابه كثيرة منها ماهو معنوي ومنها ما هو حسي، ولكن الذي لم يكن معلوما هو لماذا يضيق صدر المصعد في السماء ويصبح حرجا والدليل اختلاف أقوال المفسرين في معنى التصعد في السماء.
والتصعد في السماء صورة ذهنية متخلية ومعقولة للسامعين ولكنها غير ممكنة لهم في ذلك الوقت وهذا لا يخرج القرآن عن أصول البلاغة وحسن الإفاهم وليس بمخالف لقول الله تعالى:" ولقد يسرنا القرآن للذكر".
أما أقوال المفسرين فالكل يعرفها وسبق أن نقلت لك خلاصة أقوالهم من تفسير بن كثير رحمه الله تعالى وليس فيها ما تستريح له النفس في معنى التصعد في السماء.
وفق الله الجميع لما يرضيه
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[12 Sep 2009, 06:00 م]ـ
أخي الكريم:
يا أخانا الكريم
دلالة الآية على ما كشفه العلم الحديث واضحة جلية لكل من يريد أن يفهم.
وفي هذا النزاع ...
فنحن نقول إنها لا تدل على ما كشف عنه العلم الحديث ...
فأما معنى الآية العام فهو مفهوم لك عربي،والضيق والحرج في الصدر يعرفه من يصاب بسببه، وأسبابه كثيرة منها ماهو معنوي ومنها ما هو حسي، ولكن الذي لم يكن معلوما هو لماذا يضيق صدر المصعد في السماء ويصبح حرجا والدليل اختلاف أقوال المفسرين في معنى التصعد في السماء.
قلت لك في مشاركة سابقة: إذا كان حرج الصدر بسبب صعود الجبال (السماء) مدركاً للعرب، فليس في الآية ما يزيد على هذا، والزعم بأنها دلت على أن هذا بسبب نقص الأكسجين من تحميل الآية ما لا تحتمل. أنت تقول: إن الذي لم يكن معلوماً هو لماذا يضيق صدر المصعد في السماء ويصبح حرجا؟
فإذا كان العلم الحديث كشف عن أن هذا بسبب نقصان الأكسجين فليس في الآية دلالة على ذلك، بل الآية دلت فقط على حرج الصدر عند صعود الجبال (السماء)، ولم تعرض لسبب هذا، وإذا كان حرج الصدر معروفاً عند العرب الأولين عند صعود الجبال فليس هناك أي إعجاز علمي.
وهذا بالطبع بناء على تسليم هذا الوجه في تفسير الآية، وأن المقصود بها هو حرج الصدر عند صعود الجبال. مع أن أقول المفسرين غير هذا ...
والتصعد في السماء صورة ذهنية متخلية ومعقولة للسامعين ولكنها غير ممكنة لهم في ذلك الوقت وهذا لا يخرج القرآن عن أصول البلاغة وحسن الإفاهم وليس بمخالف لقول الله تعالى:" ولقد يسرنا القرآن للذكر".
لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم (لو صعد أحدكم في السماء انقطع نفسه) على هذا الوجه من التصريح لقبلنا ذلك منك، أو من أرباب الإعجاز العلمي، ويكون هذا منزلاً منزلة الأخبار الصادقة التي أخبر بها الحبيب المصطفى، وانكشفت لنا من بعده، كما أخبر بفتح القسطنطينية صلى الله عليه وسلم.
أما أن يكون هذا في سياق التشبيه، وفي معرض تقرير القدر فيمن كتب الله عليه الهداية وفيمن كتب عليه الضلال، فلا ...
ومثل هذا كمثل من يقرأ:
أدميت باللحظات وجنته ... فاقتص ناظره من القلب
ثم بعد أن يستوفي الكلام على هذا المعنى الغزلي الرائع، يذهب بنا إلى ما يمكن أن يكشف عنه العلماء في هذا الباب من أن حمرة الخجل تكون بسبب كثرة ضخ الدم إلى الوجنتين، وأن الخلايا الفلانية تتحسس الخجل الحاصل عند المرء، فترسل إشارة إلى مركز ما في الدماغ، فيرسل الدماغ إشارة إلى القلب بزيادة ضخ الدم إلى الوجنتين، ثم يستطرد في تفصيل هذا!!!
أفليس هذا خروجاً عن الموضوع بالكلية!!!
أما أقوال المفسرين فالكل يعرفها وسبق أن نقلت لك خلاصة أقوالهم من تفسير بن كثير رحمه الله تعالى وليس فيها ما تستريح له النفس في معنى التصعد في السماء
أمهلني آتك بأقوالهم، أو بأقول ثلاثة منهم كنت قد دونتها عندي وعلقت عليها ...
وفيها ما تستريح له النفس ...
وإن كنت ألتمس العذر لكل من لا تستريح نفسه بأقوال المفسرين الأولين، ذلك أن دعوى الإعجاز العلمي باتت أشهر من أن تعرف، والمواضيع التي يطرحونها في كل محفل، وما يرافقها من تغطية إعلامية، تجعل ذهنك ينصرف عند قراءة القرآن إلى كل ما يدعونه في تفسير الآيات من دلالة على كشوف تجريبية ...
والحق يا أخي تجده في بطون الكتب من أمهات كتب التفسير، فإن أضفت إليه شيئاً من فقه اللغة انكشفت لك الإشكالات وتبين لك فساد دعوى الإعجاز العلمي، وتهافتها وأنها ليست بشيء ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[12 Sep 2009, 06:27 م]ـ
(2)
نعودُ إلى تفسيرِ هذه الآيةِ عند المفسرين الأوَّلين ...
يقولُ الإمامُ القُرطبيُّ في تفسيرِها:
قولُه تعالى: ?كأنما يَصَّعَّدُ في السَّماءِ?: قَرَأه ابنُ كثيرٍ بإسكانِ الصادِ مخفَّفاً من الصُّعودِ، وهو الطُّلوعُ. شبَّهَ اللهُ الكافرَ في نفورِه من الإيمانِ وثقلِه عليه بمنزلةِ من تَكَلَّفَ ما لا يُطيقُه، كما أنَّ صعودَ السَّماءِ لا يُطاقُ. (1)
وقال الإمامُ الزمخشريُّ:
?كأنما يصعد في السماء?: كأنما يُزاوِلُ أمراً غيرَ ممكنٍ. لأنَّ صعودَ السَّماءِ مَثَلٌ فيما يمتَنِعُ ويبعُدُ من الاستطاعةِ، وتضيقُ عنه المقدرة. (2)
وقال الإمامُ الشوكانيُّ في تفسيرِها:
قولُه ?كأنما يَصَّعَّدُ في السَّماءِ?: قرأ ابن كثيرٍ بالتخفيفِ من الصعودِ، شبَّهَ الكافرَ في ثقلِ الإيمانِ عليه بمن يتكلَّفُ ما لا يطيقه كصعود السماءِ. وقرأ النخعيُّ "يصّاعدُ" وأصلُه "يتصاعدُ". وقرأ الباقون "يَصَّعَّدُ" بالتشديدِ، وأصلُه "يَتَصَعَّدُ"، ومعناه: يتكلَّفُ ما لا يُطيقُ مرَّةً بعدَ مرَّةٍ، كما يتكلَّفُ من يريدُ الصعودَ إلى السماءِ. وقيلَ: المعنى على جميعِ القراءاتِ: كادَ قلبُه يصعدُ إلى السماءِ نبوّاً على الإسلامِ (3) ...
وقال الإمامُ الرّازيُّ:
أمّا قولُه تعالى: ?كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى ?لسَّمَاءِ? ففيه بحثان:
البحثُ الأوَّلُ: قرأ ابنُ كثيرٍ ?يَصْعَدُ? ساكنةَ الصادِ، وقرأ أبو بكرٍ عن عاصمٍ ?يصّاعَدُ? بالألفِ وتشديدِ الصادِ، بمعنى يتصاعدُ، والباقون ?يَصَّعَّدُ? بتشديدِ الصادِ والعينِ بغيرِ ألفٍ، أمّا قراءةُ ابنِ كثيرٍ ?يَصْعَدُ? فهي من الصُّعودِ، والمعنى: أنَّه في نفورِه عن الإسلامِ وثقلِه عليه بمنزلةِ من تكلَّفَ الصعودَ إلى السماءِ، فكما أنَّ ذلك التكليفَ ثقيلٌ على القلبِ، فكذلك الإيمانُ ثقيلٌ على قلبِ الكافرِ، وأمّا قراءةُ أبي بكرٍ ?يصّاعد? فهو مثلُ يتصاعدُ. وأمّا قراءةُ الباقين ?يَصْعَدُ? فهي بمعنى يَتَصَعَّدُ، فأدغمت التاءُ في الصادِ، ومعنى "يَتَصَعَّدُ": يتكلَّفُ ما يثقلُ عليه.
البحث الثاني: في كيفيَّةِ هذا التشبيهِ وجهان:
الأول: كما أنَّ الإنسانَ إذا كُلِّفَ الصعودَ إلى السماءِ ثَقُلَ ذلك التكليفُ عليه، وعظُمَ وصعُبَ عليه، وقويت نفرتُه عنه، فكذلك الكافرُ يثقلُ عليه الإيمانُ، وتعظم نفرتُه عنه.
والثاني: أن يكونَ التقديرُ أنَّ قلبَه ينبو عن الإسلامِ ويتباعدُ عن قبولِ الإيمانِ، فشبَّه ذلك البعدَ ببعدِ من يصعدُ من الأرضِ إلى السماءِ .... انتهى (4).
ومن هذا البابِ أن تقولَ: هذا أمرٌ أهونُ منه نقلُ الجبالِ وتحريكُها، في الدلالةِ على صعوبتِه واستحالتِه، وأنَّه تكليفٌ بما لا يُطاقُ، كما قالَ الشاعرُ:
نقلُ الجبالِ الرَّواسي عن أماكِنِها ... أخفُّ من نقلِ قلبٍ حين ينصرفُ
وأشارَ إمامُ البلاغةِ وعَلَمُها القاضي عبدُ القاهرِ الجرجانيُّ في كتابِه "دلائلُ الإعجازِ" إلى هذه المعاني وأنها من بابِ التكليفِ بما لا يطاقُ، فقالَ في موضعٍ من كتابِه:
(كقولهم أتصعدُ إلى السّماءِ؟ أتستطيعُ أن تنقلَ الجبالَ؟ أإلى ردِّ ما مضى سبيل؟) (5) في الدلالةِ على استحالةِ الأمرِ وصعوبتِه وأنَّه ليس في وُسعِ بشرٍ ولا مقدورِه ...
ونظيرُ هذا في لهجتِنا المحكيَّةِ أن تقولَ للرجلِ يطلبُ أمراً صعباً ليس في الوسعِ تحقيقُه، أو يتعنَّتُ في رأيِه فلا يرجعُ عنه "روح بلِّطِ البحر"، لِما في تبليطِ البحرِ من تكليفٍ بما لا يُطاقُ، أو لأنَّ الأمرَ الذي تطلبُه أهونُ منه تبليطُ البحرِ. فهل لنا أن نذهبَ فنجريَ دراسةً علميَّةً لأرضيَّةِ البحرِ، وإثباتِ أنها لا تصلحُ للبلاطِ، أو أنَّ تبليطَها أو تجهيزَها لتكونَ صالحةً لِلتبليطِ أمرٌ شاقٌّ مُكْلِفٌ من ناحيةٍ علميَّةٍ، أو أنَّ تبليطَ البحارِ يحتاجُ إلى كَمٍّ هائلٍ من البلاطِ ليس في حدودِ القُوى البشريَّةِ؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ذلك أيضاً ما نقولُه – في لهجتِنا المحكيَّةِ- "هذا يريدُ إقامةَ الدِّين في مالطا"، أو "بدّو يقيم الدين في مالطا"، للرَّجلِ يتكلَّفُ ما لا يُطيقُ، أو يدَّعي القدرةَ على المستحيلِ، وكأنَّ إقامةَ الدينِ في مالطا شيءٌ عسيرُ المنالِ، أو كالمستحيلِ، ودعواك أنَّك تريدُ أن تفعلَ كذا وكذا أمرٌ أهونُ منه إقامةُ الدينِ في مالطا، والتي هي مطلبٌ عسيرٌ لا يمكن حصولُه. فترانا نضربُ الأمثالَ في الدلالةِ على صعوبةِ الأمرِ بإقامةِ الدينِ في مالطا، مع أنَّ إقامةَ الدينِ في أمريكا أو أوروبّا الآنَ أصعبُ منها في مالطا. ولكنَّه لمّا كان هذا مثلاً معهوداً عندنا في الدلالةِ على طلبِ المستحيلِ، والتكليفِ بما لا يطاقُ، جازَ لنا أن نضربَه مَثَلاً، ولا تجدُ الواحدُ منا يبحثُ في أصلِ هذه المقولةِ، ولا في الواقعِ الفِعليِّ لاستحالةِ إقامةِ الدينِ في مالطا.
فأين هذا من تفسيرِ أربابِ الإعجازِ العلميِّ الذي يَتَضَمَّنُ خروجاً على قواعدِ البلاغةِ والذَّوقِ، وحسنِ الإفهامِ، ومخاطبةَ العربِ بغيرِ ما يعهدون؟!
ومن هذا البابِ - أيضاً- قولُه تعالى ?وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ? (يونس:42)، وقولُه ?إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلاَ تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ? (الروم:52)، وقوله ?أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَن كَانَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ? (الزخرف:40) في الدلالةِ على أنَّ مَثَلَ هؤلاء الكُفّارِ في عدمِ الانتفاعِ بما يُتلى عليهم، وعدمِ تدبُّرِهم كلامَ اللهِ، ونَظَرِهم في صدقِ دعوةِ رسولِ اللهِ r مَثَلُ الصُّمِّ الذين لا يسمعون ما يقالُ لهم، وفي عدمِ بصيرتهم بالحقِّ كالعُمي الذي لا يرون ما شأنُه أن يُرى. أي أنَّ اللهَ أصمَّهم عن الحقِّ، وأعماهم عنه، فكيف يسمعون أو يبصرون؟ والمقصودُ هنا أنَّك يا محمّدُ – في سعيِك لهدايةِ من كَتَبَ اللهُ عليه الضَّلالَ- بمنزلةِ من يدَّعي أمراً مستحيلاً في العادةِ، وهو القدرةُ على إسماعِ الصُّمِّ، أو هديِ العُمْيِ. ولم أسمع أحداً من أربابِ الإعجازِ العلميِّ يذهبُ إلى دراسةِ حاسَّةِ السمعِ أو حاسَّة البصرِ، والدلائلِ العلميةِ لهذه الآياتِ، والسببِ الذي بعدمِه تنعدمُ حاسَّةُ السمعِ أو البصرِ، فلا يمكنُ في العادةِ إعادتُها إلى الأصمِّ أو الأعمى، وأنَّ العلمَ الحديثَ يقولُ – مثلاً- بأنَّ هناك أجهزةً معيَّنَةً في السمعِ أو البصرِ، إذا تلفت استحال أن يستعيدَ الأصمُّ سمعَه، أو الأعمى بصرَه، أو أنَّ الإنسانَ إذا ابتعد عن فكرةٍ ما، وانصرفَ ذهنُه عنها، يحدثُ في أجهزةِ السمعِ والبصرِ عنده شيءٌ ما يحولُ علميّاً بينه وبين سماعِ هذه الفكرةِ وما هو منها بسبيلٍ. إذا كان هذا في السمعِ والبصرِ بمنزلةِ التكليفِ بما لا يُطاقُ، أو ادعِّاءِ ما لا يكون من بَشَرٍ، فليكن صعودُ السماءِ – في استحالتِه وفي أنَّه تكليفٌ بما لا يُطاقُ كمن يريدُ إسماعَ الصمِّ أو هديَ العميِ، ومن العبثِ وسوءِ الفهمِ أن نذهبَ في تأويلِ الآيةِ أو تفسيرِها بمقتضى العلمِ الحديثِ.
فلا يجوزُ – إذن- أن يقالَ: إنَّ العربَ لم يفهموها، ولم يدركوا المرادَ بها حتى جاء العلمُ الحديثُ فكشف الغطاءَ عن المرادِ بهذه الآيةِ، لا يقالُ هذا لأنَّ الواقعَ والمعروفَ - في أمُّهاتِ كتبِ التفسيرِ القديمةِ- أنَّ العربَ والمفسرين الأوَّلين قد فهِموها وفسَّروها على معهودِهم، ولم تكن عندهم غيرَ ذاتِ معنىً، وما فهموه من الآياتِ على معهودِهم وتصرُّفِهم في الكلامِ حجَّةٌ علينا، ولنا فيه كفايةٌ، فلا نزيدُ فيه بلا دليلٍ أو أثارةٍ من علمٍ، فكيف ونحن ندّعي أنهم لم يفهموها حتى كشفَ العلمُ الحديثُ عن معناها؟ وكيف وقد بيَّنَّا بما لا يدعُ موقعاً للشكِّ أنَّ هذه التأويلَ العلميَّ فيه ما فيه من إخلالٍ بأصولِ البلاغةِ وفنِّ التشبيهِ، وأنَّ المقصودَ من التشبيهِ في القرآنِ كما هو في لغةِ العربِ أنَّه لتقريبِ المعاني للأذهان، وإفهامِهم إياها، وليس للإلغازِ أو لتعميةِ المعاني وكتمانِها، وتركِها للأجيالِ القادمةِ! وهذا خلافُ النُّصوصِ التي تدُلُّ قطعاً على أنَّ القرآنَ نزلَ بلسانِ العربِ، وأنَّه مُيسَّرٌ للذِّكرِ،
(يُتْبَعُ)
(/)
وأنَّه أُنزِلَ بلسانٍ عربيٍّ مُبينٍ، فكيف يكون مُبيناً وفيه معانٍ لم تعهدها العرب إلى أن جاء العلمُ الحديثُ فكشفَ النِّقابَ عنها؟؟!! وإذا كان أبو العباس المبرّدُ يعدُّ التشبيهَ البعيدَ الذي لا يقومُ بنفسِه، والذي يحتاجُ إلى تفسيرٍ من أخشنِ الكلامِ، فكيف بمن يدَّعي أنَّ العربَ الأوّلين، ومن جاء بعدهم، ولقرونٍ متطاولةٍ لم يفهموا المرادَ بالآيةِ؟! إنَّ تفسيرَ الآيةِ بما كشف عنه العلمُ الحديثُ يكون من أخشنِ الكلامِ إذن، وهو أبعدُ ما يكونُ عن البلاغةِ وحسنِ الإفهامِ.
يقولُ الإمامُ عبد القاهر الجُرجانيُّ في هذا المعنى: (وكذلك كانَ من حقِّ الطائفةِ الأخرى (6) أن تعلمَ أنَّه عزَّ وجلَّ لم يرضَ لنظمِ كتابِه الذي سمّاه هدىً وشفاءً، ونوراً وضياءً، وحياةً تحيا بها القلوبُ، وروحاً تنشرحُ عنه الصّدورُ، ما هو عندَ القومِ الذين خوطبوا به خلافُ البيانِ، وفي حدِّ الإغلاقِ والبُعدِ من التِّبيانِ، وأنَّه تعالى لم يكن ليُعْجِزَ بكتابِه من طريقِ الإلباسِ والتَّعميةِ، كما يتعاطاه المُلغِزُ من الشُّعراءِ والمُحاجي من النّاسِ، كيفَ وقد وصفَه بأنَّه عربيٌّ مبينٌ) (7).
وما من شكٍّ أن تأويلَ الآيةِ على ما يدّعيه أربابُ الإعجازِ العلميِّ تأويلٌ على خلافِ البيان، وفي حدِّ الإغلاقِ والبُعدِ من التِّبيانِ، وأنَّه أولى بأن يكونَ إلباساً وتعميةً وإلغازاً، فكيف وهو عربيٌّ مُبينٌ؟
الحواشي:
ـــــــــــــــ
(1) الجامع لأحكام القرآن، تفسير القرطبي، ج 7 ص 54.
(2) الكشاف للزمخشري، ج 2 ص 61.
(3) فتح القدير للشوكاني، ج 2 ص 201.
(4) التفسير الكبير "مفاتيح الغيب" للإمام الرازي، ج 13 ص 183.
(5) دلائل الإعجاز، ص 120.
(6) المقصود بالطائفة الأخرى الطائفة المُفرطةُ في التّأويلِ، ذلك أن الإمامَ الجرجانيَّ يتحدثُ عن طائفتين، طائفةٍ مُفَرِّطَةٍ تحملُ كلَّ الألفاظَ على ظواهرها دون تأويلٍ والمقامُ مقامُ تأويلٍ، وطائفةٍ مُفْرِطَةٍ تتعاطى غرائب التأويل، وتستكره الألفاظ على ما لا تحتمل من المعاني، والمقامُ مقام الأخذ بالظاهر. وحديثنا هنا عن الطائفة الثانية التي تبحث في غرائب التأويل مع أن الفائدة بادية ظاهرة، إما حباً للتشوُّف، أو قصداً للتمويهِ والزيغ.
(7) أسرار البلاغة، ص 394.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[12 Sep 2009, 06:34 م]ـ
لو أن الرسول صلى الله عليه وسلم (لو صعد أحدكم في السماء انقطع نفسه) على هذا الوجه من التصريح لقبلنا ذلك منك، أو من أرباب الإعجاز العلمي، ويكون هذا منزلاً منزلة الأخبار الصادقة التي أخبر بها الحبيب المصطفى، وانكشفت لنا من بعده، كما أخبر بفتح القسطنطينية صلى الله عليه وسلم.
الله تعالى أخبرنا أن الذي يصعد في السماء يضيق صدره ويكون حرجا، ومن خوطب بهذا القرآن بل البشرية كلها لم تكن تعرف التصعد في السماء كيف يكون لأكثر من ألف سنة ونيف، حتى عرف الطيران وتبين أن الإنسان بحاجة إلى أجهزة تساعده على التنفس كلما صعد إلى طبقات الجو العليا.
وبهذا ظهر شاهد على صدق هذا القرآن أنه من عند الله تعالى، وإلا فمن أين للرسول صلى الله عليه وسلم لو كان هذا القرآن من كلامه في ذلك الزمن أن يعرف أن الذي يصعد في السماء يضيق صدره ويصبح حرجا؟
فلا داعي أخي الكريم للمكابرة وإنكار الحقائق، وأنت لو تأملت قوله تعالى " ضيقا حرجا" وعرفت حال من يفقد القدرة على التنفس لفقد الأكسجين لعرفت ما في الآية من إعجاز.
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[12 Sep 2009, 06:50 م]ـ
الله تعالى أخبرنا أن الذي يصعد في السماء يضيق صدره ويكون حرجا، ومن خوطب بهذا القرآن بل البشرية كلها لم تكن تعرف التصعد في السماء كيف يكون لأكثر من ألف سنة ونيف، حتى عرف الطيران وتبين أن الإنسان بحاجة إلى أجهزة تساعده على التنفس كلما صعد إلى طبقات الجو العليا.
عجباً لك أخي ...
في أول مشاركاتك هنا قلتَ إن العرب كانت تعرف هذا، والآن تقول إنها لم تكن تعرفه لأكثر من ألف سنة ونيف!!
فكيف يستقيم هذا؟!
ألست أنت القائل:
ما ذكرته بخصوص الآية فإن الله تبارك وتعالى أخبر أنه يجعل صدر الكافر الذي كتب الله عليه الضلالة " ضيقا حرجا" وهذه صورة معقولة يفهمها السامع ثم شبهها بصورة متخيلة ولكنها معقولة وهي قوله" كأنما يصعد في السماء"، والتصعد أو الصعود إلى السماء هو الصعود إلى العلو، والمخاطبون بهذا القرآن ابتداء هم أهل مكة
وإدراك هذا التشبيه أمر ممكن وميسور لهم بسبب طبيعة بلدهم الجبلية، فإن الصاعد في الجبل كلما ارتفع كلما ضاق صدره وصعب تنفسه وزادت ضربات قلبه، لكن هل كان أهل مكة يدركون سر هذا الضيق والحرج عند صعود الجبال وأن ذلك بسبب نقص الأكسجين؟ بالتأكيد لا. فلما ظهرت الكشوف العلمية وتبين أن حياة الإنسان تتوقف على وجود غاز الأكسجين في الهواء ,وأن الإنسان كلما ارتفع إلى طبقات الجو العليا كلما قل غاز الأكسجين ويصبح تنفس الإنسان بصعوبة حتى يصل إلى مرحلة ينعدم فيه الأكسجين ومن ثم يحصل الاختناق.
.
وقلت لك عندها إنني لو سلمت لك هذا الوجه من التشبيه فليس فيه أي دلالة على ما يدعى من إعجاز علمي، ذلك أن ضيق الصدر بسبب صعود الجبال شيء، وكون هذا بسبب نقصان الأكسجين شيء آخر، والقرآن ذكر ضيق الصدر عند صعود (الجبال) على رأيك ولم يذكر لنا أن هذا بسبب نقصان الأكسجين ...
وبهذا ظهر شاهد على صدق هذا القرآن أنه من عند الله تعالى، وإلا فمن أين للرسول صلى الله عليه وسلم لو كان هذا القرآن من كلامه في ذلك الزمن أن يعرف أن الذي يصعد في السماء يضيق صدره ويصبح حرجا؟
هذا لو سلمنا لك أن هذا هو معنى الآية، أما وهذا محل نزاع، فهذه مصادرة على المطلوب ...
فلا داعي أخي الكريم للمكابرة وإنكار الحقائق، وأنت لو تأملت قوله تعالى " ضيقا حرجا" وعرفت حال من يفقد القدرة على التنفس لفقد الأكسجين لعرفت ما في الآية من إعجاز.
ليست هذه مكابرة، ونعوذ بالله من ذلك ...
وقد جيتك بأقوال المفسرين فتأملها، وانظر فيها ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[12 Sep 2009, 08:24 م]ـ
عجباً لك أخي ...
في أول مشاركاتك هنا قلتَ إن العرب كانت تعرف هذا، والآن تقول إنها لم تكن تعرفه لأكثر من ألف سنة ونيف!!
فكيف يستقيم هذا؟!
العرب لم تكن تدرك التصعد في السماء على الصورة التي نعرفها اليوم، ,وإنما أنا ذكرت لك صورة من صور هذا التصعد في السماء الذي كان بإمكان العرب إدركه ومع هذا فأنت رفضت حمل معنى الآية عليه، ولم تأتنا بالمعنى الصحيح حتى الآن ونحن في الانتظار.
وقد جيتك بأقوال المفسرين فتأملها، وانظر فيها ...
أين أقوال المفسرين؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[12 Sep 2009, 08:37 م]ـ
معذرة يا بكر
رأيت ما أوردته من أقوال المفسرين وكما سبق وذكرت لك ليس فيها ما يشفي الغليل في معنى التصعد في السماء:
القرطبي: "كما أنَّ صعودَ السَّماءِ لا يُطاقُ."
الزمخشري:
"لأنَّ صعودَ السَّماءِ مَثَلٌ فيما يمتَنِعُ ويبعُدُ من الاستطاعةِ، وتضيقُ عنه المقدرة "
الشوكاني:
"شبَّهَ الكافرَ في ثقلِ الإيمانِ عليه بمن يتكلَّفُ ما لا يطيقه كصعود السماءِ"
الرازي:
"أنَّه في نفورِه عن الإسلامِ وثقلِه عليه بمنزلةِ من تكلَّفَ الصعودَ إلى السماءِ"
وأنا أسأللك هل كانت العرب تعرف من يحاول صعود السماء ويتكلفه ومن ثم يصبح صدره ضيقا حرجا؟
وأما قول القرطبي الشوكاني الزمخشري: فكيف نوجهه إذا علمنا أن صعود السماء أصبح من الأمور السهلة واليسيرة؟
وأما بقية الكلام الذي سطرته وميزته بخط أسفله فهو كلام إنشائي، لأن قلنا وكررنا أن ألاية مفهومة المعنى وفيه إشارة إلى سنة كونية كانت خافية على البشرية حتى ظهرت في أعقاب الزمن.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[13 Sep 2009, 01:24 ص]ـ
الأخ الكريم بكر،
1. العرب فهموا أن الله يخبرهم أن الذي يصعد في السماء يضيق صدره. وعليه لا نقول إن العرب لم تفهم النص.
2. عندما يمثل الله تعالى لا بد أن يكون المثال مطابقاً للواقع. فعندما وجدنا أن من يصعد في السماء يضيق صدره تنبهنا إلى صدقية المثال، وبعد أن كان إيماناً وتسليما أصبح معلومة محسوسة. ولا يهمني هنا السبب في ضيق الصدر. وبالمناسبة فإن سبب ضيق الصدر ليس فقط لقلة الأوكسجين بل أيضاً لقلة الضغط المسبب لارتفاع الحجاب الحاجز وضغطه على الأحشاء في الصدر.
3. نزل القرآن بلسان عربي مبين ولم ينزل للعرب، بل للبشرية إلى يوم القيامة. وكم من عربي عاش ومات وهو يجهل معاني القرآن الكريم. وكم من أعجمي سبق في الفهم.
4. ما نقلته من أقوال المفسرين لا علاقة له بالعربية وإنما هم قاموا بتأويل النص لعدم إمكانية أن يدركوا المرمى الحقيقي للمثال. وجهل البعض لبعض دلالات النص لا يجعل منه خطاباً بما لا يعقل، لأننا والملايين غيرنا نعقله اليوم من غير تأويل. نعم، نحن أخذنا بظاهر النص وهم أولوه. أما ظاهره فيقول: من يصعد في السماء يضيق صدره. وهم أضافوا إلى النص ما ليس من دلالة ألفاظه.
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[13 Sep 2009, 04:12 م]ـ
معذرة يا بكر
رأيت ما أوردته من أقوال المفسرين وكما سبق وذكرت لك ليس فيها ما يشفي الغليل في معنى التصعد في السماء:
أما أنها لا تشفي الغليل، فذلك لأن بدعة الإعجاز العلمي قد انتشرت، وكثر المروجون لها، بحيث صرنا نستبعد أقوال العلماء المحققين في أمهات كتب التفسير، ونتعاهد كل جديد عند أرباب الإعجاز العلمي. المسألة بحاجة إلى شيء من تعاهد أمهات الكتب، والإقبال عليها بالدراسة، حتى نرتوي منها ونشفي الغليل.
معذرة يا بكر
رأيت ما أوردته من أقوال المفسرين وكما سبق وذكرت لك ليس فيها ما يشفي الغليل في معنى التصعد في السماء:
[ color=#0000FF] وأنا أسأللك هل كانت العرب تعرف من يحاول صعود السماء ويتكلفه ومن ثم يصبح صدره ضيقا حرجا؟
الأمر ليس حسياً، بل هو معنوي، وهو بمعنى التكليف بما لا يطاق، كما أننا في عاميتنا المحكية في بلاد الشام نقول مثلا للرجل "روح بلط البحر"، أو "أعلى ما في خيلك اركبه" في الدلالة على عدم الاكتراث به، وليس معنى هذا أن تذهب لجمع البلاط من أجل تبليط البحر، ولا معنى هذا أن تنظر أي خيولك أعلى فتركبه.
وأما قول القرطبي الشوكاني الزمخشري: فكيف نوجهه إذا علمنا أن صعود السماء أصبح من الأمور السهلة واليسيرة؟
إذا عرفنا أن عماد الأمر التمثيل للتكليف بما لا يطاق، وأن مثل الكافر في نبو قلبه عن الإسلام كمثل من يطلب إليه الصعود في السماء، وأن هذا الأمر كان من التكليف بما لا يطاق عند العرب الأولين، فليس يضيرنا أن يكون الصعود إلى السماء سهلاُ ويسيراً في زماننا هذا. فالعبرة بالأمثال وباللغات بمعهود أصحابها، والأصل أن تفهم القرآن على معهود العرب الأولين، لا على معهودك الآن.
وأما بقية الكلام الذي سطرته وميزته بخط أسفله فهو كلام إنشائي، لأن قلنا وكررنا أن ألاية مفهومة المعنى وفيه إشارة إلى سنة كونية كانت خافية على البشرية حتى ظهرت في أعقاب الزمن.
إما أن يكون وجه التشبيه معلوماً أم مجهولاً ...
فإن كان معلوماً فهو بمعنى التكليف بما لا يطاق كما فهمه العرب الأولون، وإن كان وجه الشبه مجهولاً لهم، ولم يتبين إلا في زماننا هذا، فمعناه أن الله سبحانه وتعالى خاطب العرب بما لا يعهدون، وجاءهم بما لا عهد لهم به. وهذا ما ننزه منصب الشارع سبحانه وتعالى عنه، إذ مثل القرآن في هذا كما لو قلت لصاحبك فلان كالأغشية اللمفاوية، في الدلالة على ميوعته، وهو لا يعرف الأغشية اللمفاوية، ولا تركيب الجسم، ولا شيء من هذا ...
فهل يستقيم هذا التشبيه؟
وبارك الله فيك ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[13 Sep 2009, 05:10 م]ـ
الأخ الكريم أبا عمرو:
الأخ الكريم بكر،
1. العرب فهموا أن الله يخبرهم أن الذي يصعد في السماء يضيق صدره. وعليه لا نقول إن العرب لم تفهم النص.
2. عندما يمثل الله تعالى لا بد أن يكون المثال مطابقاً للواقع. فعندما وجدنا أن من يصعد في السماء يضيق صدره تنبهنا إلى صدقية المثال، وبعد أن كان إيماناً وتسليما أصبح معلومة محسوسة. ولا يهمني هنا السبب في ضيق الصدر. وبالمناسبة فإن سبب ضيق الصدر ليس فقط لقلة الأوكسجين بل أيضاً لقلة الضغط المسبب لارتفاع الحجاب الحاجز وضغطه على الأحشاء في الصدر.
العرب لم يفهموا هذا، بل فهموا أن المراد هو تشبيه الكافر في نبو قلبه عن الإسلام وضيقه بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم كمن يحاول الصعود في السماء، أو كمن يتكلف الصعود في السماء، دليل هذا:
1. أداة التشبيه "كأنما" وفيها تشبيه صدر الكافر في ضيقه بالإسلام، بضيق الصدر والحرج الذي يجده من يتكلف الصعود إلى السماء.
2. وهذا الفهم مطابق للواقع، وعليه شواهد من أمهات كتب التفسير، بل إننا أخذنا هذا المعنى من أمهات كتب التفسير، والذي هو فهم العرب الأولين لهذه الآية،
3. ولما علمنا أن "الصعود إلى السماء" مثل يضرب للتكليف بما لا يطاق، فلا يهمنا أن يكون العلم الحديث أثبت أن الصعود "الحقيقي" في السماء يسبب ضيق الصدر أم لا، ذلك أن المقصود ضرب المثل، بغض النظر عن الحقيقة التجريبية التي كشف العلم عنها.
4. نحن هنا لا ننكر الحقيقة التجريبية التي كشف عنها العلم الحديث، فليس لنا أن ننكرها إذا ما ثبتت، وإنما ننكر أن يكون هذا هو معنى الآية، وفرق ما بين الأمرين بيِّن.
5. ولذلك فإن الاعتراض لا يزال قائماً على أرباب الإعجاز العلمي، وخلاصته:
من المعروف أن الغرض البلاغي من التشبيه إنما هو تقريب المعنى إلى السامع، وتثبيته في نفسه، وتمكينه فيها، وهذا يقتضي أن يكون وجه الشبه معروفاً ومعهوداً، كقولك: زيد كالإسد، فوجه الشبه الذي هو الشجاعة معهود معروف في الإسد، فهل كان وجه الشبه معروفاً في "التصعد في السماء"؟
إذا قلنا: نعم، فقد أبطلنا الإعجاز العلمي المدعى.
وإن قلنا: لا، بطل التشبيه، ولم تحصل فائدته، وأخرجنا القرآن من حيز الإفهام إلى حيز الإبهام، ومن الإعجاز إلى الإلغاز، ومن تقريب المعنى إلى السامع إلى تعمية المعنى عليه، وهذا مما لا قائل به.
وأحبذ أن نبقي البحث في هذه النقطة ...
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[13 Sep 2009, 05:56 م]ـ
أما أنها لا تشفي الغليل، فذلك لأن بدعة الإعجاز العلمي قد انتشرت، وكثر المروجون لها، بحيث صرنا نستبعد أقوال العلماء المحققين في أمهات كتب التفسير، ونتعاهد كل جديد عند أرباب الإعجاز العلمي. المسألة بحاجة إلى شيء من تعاهد أمهات الكتب، والإقبال عليها بالدراسة، حتى نرتوي منها ونشفي الغليل ....
يا رجل القرآن عربي وأقوال المفسرين بلغة العرب وهم عرضة للخطاء والصواب والحجة ليست أقوالهم وإنما الحجة الدليل على صحة أقوالهم.
وعجيب أمرك أخي الكريم حين تخاطب أعضاء ملتقى أهل التفسير وكأن لا علاقة لهم بأمهات كتب التفسير.
أخي الكريم لو كان في أقوال أهل التفسير ما يشفي الغليل في تفسير هذا التشبيه لما وقع النزاع.
ثم اعلم أن كثيرا من أصحاب الإعجاز العلمي أصحاب عقول تحليلية لها القدرة على تحليل الألفاظ ومعرفة مدلولتها أكثر من أولئك الذين يظنون أنهم مرجعية في اللغة والشريعة، فعلينا أن نحترم عقول الآخرين.
الأمر ليس حسياً، بل هو معنوي، وهو بمعنى التكليف بما لا يطاق، كما أننا في عاميتنا المحكية في بلاد الشام نقول مثلا للرجل "روح بلط البحر"، أو "أعلى ما في خيلك اركبه" في الدلالة على عدم الاكتراث به، وليس معنى هذا أن تذهب لجمع البلاط من أجل تبليط البحر، ولا معنى هذا أن تنظر أي خيولك أعلى فتركبه. ...
أما كلامك لا يصلح للنقاش العلمي إطلاقاً ‘ فالله سبحانه وتعالى شبه ضيق صدر الكافر وحرجه بضيق صدر المصعد في السماء وحرجه، فالقرآن الكريم يتكلم عن حقائق ولا يتكلم عن خيالات وأوهام فتنبه لذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذا عرفنا أن عماد الأمر التمثيل للتكليف بما لا يطاق، وأن مثل الكافر في نبو قلبه عن الإسلام كمثل من يطلب إليه الصعود في السماء، وأن هذا الأمر كان من التكليف بما لا يطاق عند العرب الأولين، فليس يضيرنا أن يكون الصعود إلى السماء سهلاُ ويسيراً في زماننا هذا. فالعبرة بالأمثال وباللغات بمعهود أصحابها، والأصل أن تفهم القرآن على معهود العرب الأولين، لا على معهودك الآن ....
أنت تعطى مثالا أخر للتمسك بالأقوال غير المقنعة فيؤدى إلى أقوال عجيبة غريبة مثل قولك هذا.
أنا أفهم القرآن لأنه لسان عربي مبين واضح وقول المفسر هو الذي يحتاج إلى بيان، فقول المفسر إذا عرضناه على منطوق الآية نجده يبهم الواضح.
الله تعالى شبه ضيق صدر الكافر وحرجه بضيق صدر المصعد وحرجه ثم يأتي المفسر ليقول المتكلف الصعود!!!!!
إما أن يكون وجه التشبيه معلوماً أم مجهولاً ...
فإن كان معلوماً فهو بمعنى التكليف بما لا يطاق كما فهمه العرب الأولون، وإن كان وجه الشبه مجهولاً لهم، ولم يتبين إلا في زماننا هذا، فمعناه أن الله سبحانه وتعالى خاطب العرب بما لا يعهدون، وجاءهم بما لا عهد لهم به. وهذا ما ننزه منصب الشارع سبحانه وتعالى عنه، إذ مثل القرآن في هذا كما لو قلت لصاحبك فلان كالأغشية اللمفاوية، في الدلالة على ميوعته، وهو لا يعرف الأغشية اللمفاوية، ولا تركيب الجسم، ولا شيء من هذا ...
فهل يستقيم هذا التشبيه؟
وبارك الله فيك ...
يا رجل القرآن واضح المشبه هو ضيق وحرج صدر الكافر، والكافر نعرفه من هو، والمشبه به ضيق وحرج صدر المصعد إلى السماء، والعرب لم تكن تعرف المصعد إلى السماء وماذا يحدث له إلا عن طريق الإيمان بأن هذا النص من عند الله ويجب الإيمان والتصديق به، إلا ما ذكرت لك من الصورة التي كان يمكن أن يدركه العرب صور التصعد في السماء.
أما اليوم فالبشرية جميعها عرفت صورة التصعد في السماء على الحقيقة فأي ضير أن يجعل الله في كتابه من الأسرار ما يدعو الناس إلى التصديق بأنه من عند الله تعالى.
عجبا لكم يا منكري الإعجاز العلمي ......... هل لأنكم سبقتم إلى ما لم يكتب الله أن يظهر على أيديكم فأنكرتموه؟
أم هو حب المخالفة فقط؟
أم هو العجز عن إدراك الحقائق مع وضوحها ووضوح براهينها؟
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[14 Sep 2009, 12:58 م]ـ
الأخ الكريم الحجازي:
باختصار شديد، وبعيداً عن المطولات ...
إذا حملت الآية على معنى ضيق الصدر عند التصعد في السماء بسبب نقصان الأكسجين، فهذا أمر لم تعهده العرب، ولم تعرفه، وبهذا يفقد التشبيه غرضه البلاغي، ويكون الكلام من باب الألغاز والأحاجي، مع أن الغرض البلاغي من التشبيه إنما هو تقريب المعنى إلى السامع وتثبيته في نفسه. هذا من بديهيات علم البلاغة التي لا يسوغ منك تجاهلها.
وإن كانت العرب تعرف معنى معيناً للتصعد في السماء "أياً كان هذا المعنى"، فهذا ما ينبغي أن نحمل الآية عليه، لا على غيره، لأن القرآن نزل بلسانهم، وعلى معهودهم في الألفاظ والتراكيب.
وأما أننا سُبقنا إلى ما لم يكتب الله أن يظهر على أيدينا فأنكرناه، فاعلم أن أصحاب التفسيرات الباطنية، وغلاة الصوفية، قد سبقوا إلى أشياء باطلة في التفسير لم يفطن إليها من قبلهم ولا من بعدهم، والحمد لله أننا ننكرها لفسادها وتهافتها.
وكذلك الأمر هنا، العبرة بالحق لا بالسبق ...
فتنبه بارك الله فيك، وتأمل وجه الاعتراض على أرباب الإعجاز التجريبي في تفسير هذه الآية.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[14 Sep 2009, 11:39 م]ـ
الأخ الكريم الحجازي:
باختصار شديد، وبعيداً عن المطولات ...
إذا حملت الآية على معنى ضيق الصدر عند التصعد في السماء بسبب نقصان الأكسجين، فهذا أمر لم تعهده العرب، ولم تعرفه، وبهذا يفقد التشبيه غرضه البلاغي، ويكون الكلام من باب الألغاز والأحاجي، مع أن الغرض البلاغي من التشبيه إنما هو تقريب المعنى إلى السامع وتثبيته في نفسه. هذا من بديهيات علم البلاغة التي لا يسوغ منك تجاهلها.
وإن كانت العرب تعرف معنى معيناً للتصعد في السماء "أياً كان هذا المعنى"، فهذا ما ينبغي أن نحمل الآية عليه، لا على غيره، لأن القرآن نزل بلسانهم، وعلى معهودهم في الألفاظ والتراكيب.
.
أخي الكريم أظن الآية واضحة وكلامي واضح وكلام العقلاء واضح
وأعيده وأكرره: الآية شبهت ضيق وحرج صدر الكافر بضيق وحرج صدر المصعد في السماء، وهذا معنى مفهوم ومعروف لكل أحد، فالأمر المشترك بين الكافر والمصعد في السماء هو ضيق الصدر وحرجه.
والنقاش هو حول: ما هي حقيقة التصعد في السماء؟ وهل كانت تعرفها العرب؟
هذا مالم تجب عليه أقوال المفسرين، ولا أظنك أنت ومن يقول بمثل قولك يستطيع أن يذكر لنا حقيقة المصعد إلى السماء ولماذا يضيق ويحرج صدره، إلا إذا رجعت للحقائق والسنن التي أودعها الله في الكون وكشف عنها العلم الحديث.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[14 Sep 2009, 11:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ / حجازى الهوى
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد
بالرغم من اننى أشارككم فى التوجه والرؤية، ولا أستبعد التفسير العلمى للآية محل النقاش وكما هو واضح من مداخلتى السابقة فى هذا الموضوع
أقول: بالرغم من هذا فاننى أخالفكم فى انكاركم على الأخ بكر فهمه للآية على غرار فهم قدامى المفسرين، وقولكم أنهم قد أخفقوا فى فهم مدلولها الحقيقى
والصواب فيما أرى أن فهمهم لها يلتقى مع أحد مستويات النص القرآنى، حيث تكون (السماء) فيه مرادا بها (الجبال) أو الأماكن شاهقة الارتفاع
ولعل خير برهان على صحة هذا المعنى أن الاستقراء البيانى لألفاظ القرآن الكريم يهدينا الى أن لفظ (السماء) لا يأتى دائما بمعناه الشائع المعروف، وانما قد يأتى أحيانا على معان مختلفة تماما
وقد يعجب كثير من الناس من أن لفظ (السماء) قد جاء فى القرآن ذات مرة بمعنى (سقف البيت)!!
نعم، هذا ما نجده فى قوله تعالى:
" من كان يظن أن لن ينصره الله فى الدنيا والآخرة فليمدد بسبب الى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ " 15 من سورة الحج
فهنا نجد أن معنى الآية كالتالى:
من كان - من الكفار - يظن أن الله لن ينصر رسوله فليمدد بحبل الى سقف بيته (ليصنع منه مشنقة) ثم ليشنق بها نفسه (بقطع ذلك الحبل) فلينظر: هل فعله ذاك يذهب بغيظه من نصر الله لرسوله؟!
بل وفى نفس السورة (الحج) نجد لفظ (السماء) قد أتى كذلك بمعنى (الجبل) الشاهق، وكان ذلك فى قوله تعالى:
" ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير، أو تهوى به الريح فى مكان سحيق " الآية 31
فالآية ترسم صورة أخرى من صور الانتحار بالقاء النفس من مكان شاهق وصفته بالسماء (والمراد به الجبل وما شابهه فى العلو)
وهذا يعضد ويؤيد فهم الأخ بكر ومن شايعه فى آية الأنعام: " كأنما يصعد فى السماء " بأن المراد بها كذلك: المكان المرتفع بحيث يكون المعنى المقصود من التصعد فى السماء هو: ارتقاء الجبال
فهذا الفهم لا غبار عليه، وهو يمثل كما ذكرت من قبل أحد مستويات النص القرآنى
أما الفهم العصرى لها والذى يتبناه مؤيدو الاعجاز العلمى فانه يمثل مستوى أخر من فهم النص، وهو كذلك لا غبار عليه طالما أنه لا يتعارض مع الفهم الأول وانما يزيده ثراءا فى المعنى دون أن يلغيه أو يستبدله وينسخه
وهذا هو ما كنت قد ذكرته اجمالا فى مداخلتى السابقة، وكنت أرجو به أن يزول ويرتفع الخلاف بينكما، ولهذا قلت فى ختام حديثى:
كلاكما على صواب اذا لم يزعم كل منكما أن الحق معه وحده
هدانا الله جميعا الى الحق باذنه
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[15 Sep 2009, 02:02 ص]ـ
الأخ الكريم العليمي،
عجبت كثيراً من قولك إن لفظة السماء يقصد بها أحياناً الجبل. بل هذا فهم من عجز عن إدراك المراد من القول.
الأخ الكريم بكر،
قال تعالى: "فلما رآها تهتز كأنها جان": فهل رأى الناس الجان يهتز؟ مع ملاحظة أن قول البعض أن الجان هنا نوع من الحيات لم نقتنع به. والذي نراه أن من مقاصد هذا التشبيه أن ندرك أن الجان يهتز بشدة، لأن موسى عليه السلام ولى مدبراً.
من قال إن العرب قد فهموا كل معاني القرآن الكريم. والذي نراه أن القرآن يخاطب البشرية في كل العصور إلى يوم القيامة، وأن معانيه ستتجلى حيناً بعد حين:" ثم إن علينا بيانه".
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[15 Sep 2009, 04:18 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ / حجازى الهوى
السلام عليكم ورحمة الله، وبعد
بالرغم من اننى أشارككم فى التوجه والرؤية، ولا أستبعد التفسير العلمى للآية محل النقاش وكما هو واضح من مداخلتى السابقة فى هذا الموضوع
أقول: بالرغم من هذا فاننى أخالفكم فى انكاركم على الأخ بكر فهمه للآية على غرار فهم قدامى المفسرين، وقولكم أنهم قد أخفقوا فى فهم مدلولها الحقيقى
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أنا لا أنكر أن المفسرين فهموا الآية، فالآية مفهومة المعنى للمفسرين ولمن سبق المفسرين، وهو كما ذكرت سابقاً وأعيده هنا: الآية شبهت ضيق صدر الكافر وحرجه بصدر وحرج المصعد في السماء، وصورة المصعد في السماء صورة ذهنية معقولة للعرب، لكن الخلافة في حقيقة التصعد في السماء ما هي؟ ما هي صورته؟
فالتصعد في السماء لا يساوي أبدا ولا يعني البته محاولة الصعود. هل سبق أن رأيتم أحدا يحاول أن يصعد في السماء دون وسيلة؟
لو رأينا رجل يقفز ويكرر القفز وسألناه ماذا تفعل؟ فيجيبنا أريد أن أصعد إلى السماء فماذا ترون يقول عنه الناس؟
يا أخي الكريم الأمر واضح ولا إشكال فيه ولله الحمد.
كثير من الذين هداهم الله كان سبب هدايتهم ما تكشف لهم من إعجاز هذا الكتاب فلا أدري لماذا تضيق صدور بعض الناس بمثل هذا؟
أنا معك أن هذا الباب، أي: باب الإعجاز العلمي يجب أن يكون بضوابط ومن أهل الاختصاص وليس كلاء مباح لكل أحد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[15 Sep 2009, 04:35 ص]ـ
[ quote] الأخ الكريم العليمي،
عجبت كثيراً من قولك إن لفظة السماء يقصد بها أحياناً الجبل. بل هذا فهم من عجز عن إدراك المراد من القول.
أما أنا فكان عجبى أكثر من عجبكم
فقد عجبت أنك لم تعجب مما هو أكثر مدعاة للعجب!
حيث لم تعجب من قولى أن لفظة السماء يقصد بها أحيانا: سقف البيت!!
أولم يك هذا أولى بعجبك أخى الكريم؟!
علما بأن لا هذا ولا ذاك هو قولى كما تقول، وانما هى أقوال جمهور المفسرين
وكنت أتمنى - وأنت أحد العلماء الذين أقدرهم وأجلهم فى هذا المنتدى المبارك - أن تتأمل كلامى جيدا فى مستويات النص القرآنى، وكيف أنها تلائم كل الأفهام وتناسب كل العصور
من قال إن العرب قد فهموا كل معاني القرآن الكريم. والذي نراه أن القرآن يخاطب البشرية في كل العصور إلى يوم القيامة، وأن معانيه ستتجلى حيناً بعد حين:" ثم إن علينا بيانه".
ها أنت تقول بنفسك أن القرآن يخاطب البشرية فى كل العصور
فلماذا تسقط من حسابك العصر الأول (عصر البعثة النبوية الشريفة)؟!
أوليس هذا العصر هو أيضا واحد من بين (كل العصور)؟؟!!!
ثم من قال اننى أرفض تفسير الآية وفقا للمعطيات العلمية الحديثة؟
يبدو يا أخى الكريم انك كنت فى عجلة من أمرك ولم تتأمل كلامى جيدا
مع بالغ احترامى وتقديرى
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[15 Sep 2009, 05:05 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أنا لا أنكر أن المفسرين فهموا الآية، فالآية مفهومة المعنى للمفسرين ولمن سبق المفسرين، وهو كما ذكرت سابقاً وأعيده هنا: الآية شبهت ضيق صدر الكافر وحرجه بصدر وحرج المصعد في السماء، وصورة المصعد في السماء صورة ذهنية معقولة للعرب، لكن الخلافة في حقيقة التصعد في السماء ما هي؟ ما هي صورته؟
فالتصعد في السماء لا يساوي أبدا ولا يعني البته محاولة الصعود. هل سبق أن رأيتم أحدا يحاول أن يصعد في السماء دون وسيلة؟
لو رأينا رجل يقفز ويكرر القفز وسألناه ماذا تفعل؟ فيجيبنا أريد أن أصعد إلى السماء فماذا ترون يقول عنه الناس؟
يا أخي الكريم الأمر واضح ولا إشكال فيه ولله الحمد.
كثير من الذين هداهم الله كان سبب هدايتهم ما تكشف لهم من إعجاز هذا الكتاب فلا أدري لماذا تضيق صدور بعض الناس بمثل هذا؟
أنا معك أن هذا الباب، أي: باب الإعجاز العلمي يجب أن يكون بضوابط ومن أهل الاختصاص وليس كلاء مباح لكل أحد.
الخلاف بينى وبينك يسير جدا أخى الكريم
ونحن متفقون فى الخطوط العريضة فيما عدا احدى التفاصيل
فأنا أرى أن لفظة السماء قد فهمها القدماء بمعنى الجبل فى ذلك الوقت وقدمت الأدلة على ذلك من سورة الحج
وأنت تقول أن السماء هى السماء فى كل وقت
ولكن ماذا تقول فى الآية الخامسة عشر من سورة الحج؟
ماذا تعنى السماء فيها بالنسبة اليك؟
أعتقد أن معناها يختلف كليا عن السماء المعهودة
وهذا يكفى لاثبات أن لفظة السماء يمكن أن تؤول الى معانى أخرى
وهذا هو بيت القصيد، فهل أدركت قصدى؟
بارك الله فيكم، والسلام عليكم
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[15 Sep 2009, 06:18 م]ـ
قال تعالى: "فلما رآها تهتز كأنها جان": فهل رأى الناس الجان يهتز؟ مع ملاحظة أن قول البعض أن الجان هنا نوع من الحيات لم نقتنع به. والذي نراه أن من مقاصد هذا التشبيه أن ندرك أن الجان يهتز بشدة، لأن موسى عليه السلام ولى مدبراً.
من قال إن العرب قد فهموا كل معاني القرآن الكريم. والذي نراه أن القرآن يخاطب البشرية في كل العصور إلى يوم القيامة، وأن معانيه ستتجلى حيناً بعد حين:" ثم إن علينا بيانه".
القول بأن الجان هنا نوع من الحيات، هو ما تشهد له اللغة أي الكريم، وتجد هذا جلياً في لسان العرب، والقاموس المحيط، ولولا ضيق الوقت نقلت لك النقول في هذا ...
وعليه فإن التشبيه هنا أدى الغرض، من حيث تشبيه اهتزاز عصا موسى عليه السلام بالحية، وفيه تقريب المعنى للسامع، بخلاف آية التصعد في السماء، والتي لو أخذناها على ما يقول به أرباب الإعجاز العلمي أبطلنا الغرض من التشبيه.
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[15 Sep 2009, 06:48 م]ـ
أخي العليمي المصري:
بارك الله فيك وأحسن إليك، وشكر لك ما تفضلت به.
وأحب أن أزيد في بيان هذا الأمر، وتحرير محل النزاع على وجه يحقق الفائدة:
(يُتْبَعُ)
(/)
1. أنا لا أنكر الحقائق التي يتوصل إليها العلم التجريبي، وما يصل إلينا من كشوف ومخترعات، بل إن هذه الكشوف والمخترعات في الطب والهندسة والزراعة والصناعة آية من آيات الله الدالة على أنه مسبب الأسباب، سبحانه.
2. نزاعنا ليس في أصل الحقائق التجريبية (العلمية) ولا في ثبوتها، بل في زعم القائلين بالإعجاز العلمي أن القرآن دل عليها، وأشار إليها على وجه لم يكن معهوداً للعرب الأولين حتى كشف عنها العلم الحديث في عصرنا هذا، فنحن لا ننكر الحقائق، بل ننكر أن تكون آيات القرآن دالة على هذه الحقائق التي يكشف عنها العلم الحديث على وجه لم يكن معهوداً للأولين، وفي جعلهم هذا السبق القرآني "المزعوم" وجهاً من وجوه الإعجاز.
3. القول بأن العرب الأولين لم يفهموا المقصود بآية التصعد في السماء، ولم يعرفوا مرماها قول بعيد عن التحقيق، بل إن أمهات كتب التفسير مبينة لمعناها، وقد جئت بأقوال المفسرين الأولين لهذه الآية، وهذا أمر توافقنا عليه والحمد لله.
4. بقي أمر واحد تفضلت بذكره في قولك:
بسم الله الرحمن الرحيم
فهذا الفهم لا غبار عليه، وهو يمثل كما ذكرت من قبل أحد مستويات النص القرآنى
أما الفهم العصرى لها والذى يتبناه مؤيدو الاعجاز العلمى فانه يمثل مستوى أخر من فهم النص، وهو كذلك لا غبار عليه طالما أنه لا يتعارض مع الفهم الأول وانما يزيده ثراءا فى المعنى دون أن يلغيه أو يستبدله وينسخه
وقد أشار أخونا محمد الأمين في مشاركة له سابقة إلى هذا في قوله:
ومع ذلك فما قاله القدماء لا يخالف ما قاله أهل الإعجاز العلمي، وكلاهما تتحمله اللغة، وتقبله العادة، وما كان كذلك فلا وجه لإنكاره.
وكأنك يا أخي تقول، وكذلك الأخ محمد الأمين:
ما المانعُ من أن يكونَ العربُ قد فهموها على معروفِهم ومعهودِهم، أو فهموا منها ما قدروا على فهمِه، من أنها بمعنى التكليفِ بما لا يُطاقُ، أو بعدِ الكافرِ من الإسلامِ كبعدِ الأرضِ عن السماءِ، أو نُبُوِّ الكافر عن قبول الإسلام وضجره به حتى كأنه يتصعد في السماء، ثمَّ لمّا جاءَ العلمُ الحديثُ كشفَ لنا عن معنىً آخرَ في تفسيرِ هذه الآيةِ، والذي هو ضيقُ الصَّدرِ وحرجُه بسَبَبِ نقصانِ الأكسجينِ عند الصُّعودِ إلى طبقاتِ الجوِّ العُليا. وبالتالي يكونُ لدينا وجهانِ محتملانِ في تفسيرِ الآيةِ:
الوجهُ القديمُ الذي فَهِمَه العَرَبُ على معهودِهم.
والوجهُ الجديدُ الذي كَشَفَ عنه العلمُ الحديثُ.
وبهذا يكونُ العربُ قد فهموها على معهودِهم على ما يقتضيه فنُّ التشبيهِ من تقريبِ المعنى إلى السامعِ، وبما يجري على أصولِ البلاغةِ وحسنِ الإفهامِ ولا يُصادِمُها، ويكونُ لنا – بعد ذلك- أن نضيفَ إليها وجهاً جديداً كشفَ عنه العلمُ الحديثُ بما لا يخالفُ أصولَ البلاغةِ بعد أن أصبحَ نقصانُ الإكسجينِ عند الصعودِ في السماءِ معنىً معهوداً لنا في هذا العصرِ، وحقيقةً علميَّةً لا جدالَ فيها، وهذا الوجه الجديد تحتمله اللغة، وتقبله العادة.
هذا ما أفهمه من كلامك ومن كلام الأخ الأمين، وكنت قد وعدتُه بالجواب على هذا الاعتراض، إلا أنه ما زال عندي بحاجة إلى شيءٍ من ترتيب وتنسيق لم يسعفني فيه الوقت، وكثرة المشاغل.
ولكن أجبني - أحسن الله إليك- إن كنت توافقني في تحرير محل النزاع، وفي فهمي لكلامك.
وبارك الله فيك.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[15 Sep 2009, 11:44 م]ـ
الخلاف بينى وبينك يسير جدا أخى الكريم
ونحن متفقون فى الخطوط العريضة فيما عدا احدى التفاصيل
فأنا أرى أن لفظة السماء قد فهمها القدماء بمعنى الجبل فى ذلك الوقت وقدمت الأدلة على ذلك من سورة الحج
وأنت تقول أن السماء هى السماء فى كل وقت
ولكن ماذا تقول فى الآية الخامسة عشر من سورة الحج؟
ماذا تعنى السماء فيها بالنسبة اليك؟
أعتقد أن معناها يختلف كليا عن السماء المعهودة
وهذا يكفى لاثبات أن لفظة السماء يمكن أن تؤول الى معانى أخرى
وهذا هو بيت القصيد، فهل أدركت قصدى؟
بارك الله فيكم، والسلام عليكم
يا أخانا الكريم
أنا لم أختلف معك في دلالة لفظ"السماء"، فالسماء في لغة العرب تطلق على العلو، فكل ما علاك فهو سماء، وعليه حمل أهل العلم السماء في قوله تعالى " فليمدد بسب إلى السماء " على السقف، وقد يحتمل غير هذا المعنى.
وأما آية سورة الحج فقوله تعالى "فكأنما خر من السماء" أي من العلو، من رأس جبل من أعلى منه المهم أنه من علو، لكن لا يمكن أن تقول إن السماء يعني الجبل هذا لم نعهده في لغة العرب.
وآية الحج فيها صور تشبيهية يجدر بنا الوقوف عندها، فالله تعالى يقول:
"فكأنما خر من السماء، فتخطفه الطير، أو تهوي به الريح في مكان سحيق"
فهنا صورتان لمن يخر من السماء:
الأولى: تخطفه الطير.
الثانية تهوي به الريح في مكان سحيق.
وهتان الصورتان صورتان ذهنيتان معقولاتان تصور شناعة الهلاك الذي يحل بالمشرك
والصورة الثانية متصورة ذهنيا وربما رأى البشر حقيقتها.
أما الأولى: فهي صورة ذهنية متخيلة ومعقولة، لكن لا أظن أن أحد من البشر قد رأى مثل هذه الصورة، فهل تخبي لنا سنن الله في الكون حقيقة هذه الصورة ربما كشف عنها الزمن يوما ما؟
الله أعلى وأعلمز
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[16 Sep 2009, 10:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أعتذر منكم اخوانى الكرام لتأخرى فى الرد
ولكن عسى أن يأتى هذا التأخير بالخير الكثير ان شاء الله تعالى
فقد وجدت أن المسألة لا تزال بحاجة لمزيد من البحث والتمحيص
وقضيت الأمس كله فى مراجعة ما يربو على أربعين تفسيرا للقرآن الكريم فى الآية محل النقاش، وفى مراجعة الأمر جيدا ومن كافة الوجوه
وقد انتهيت بالفعل الى بلورة رؤية جديدة فى المسألة المطروحة، وسأوافيكم بها قريبا جدا ان شاء الله، فأمهلونى قليلا من الوقت
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[16 Sep 2009, 02:42 م]ـ
بارك الله فيك أخي المصري ...
سأكون بانتظارك ...
ونسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ...
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[17 Sep 2009, 01:37 ص]ـ
(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
بعد أن درست موضوعنا هذا دراسة أحسبها وافية مستفيضة، وبعد أن رجعت الى كافة كتب التفسير التى أمكننى الوصول اليها (وقد بلغ عددها أربعين ونيف) فانه يمكننى الآن أن أوجز أركان القضية على النحو التالى:
التشبيه القرآنى " كأنما يصعد فى السماء " يتنازع فيه طرفان:
الطرف الأول: يولى عنايته القصوى بالبلاغة والبيان ويقدمهما على أى توجه آخر، ويمثل حد التطرف فيه الأخ الفاضل بكر الجازى
الطرف الثانى: يهتم باعجاز القرآن بمعناه الشامل ويولى عناية خاصة بالاشارات العلمية الاعجازية، ويمثل حد التطرف فيه الأخ الفاضل أبو عمرو البيراوى، ثم يليه بدرجة أقل حدة وتطرفا أخونا الفاضل حجازى الهوى
وقد حاولت أنا أن أنشىء تيارا متوسطا بين هذين الاتجاهين المتطرفين، وكذلك حاول معى أخونا الفاضل محمد الأمين بارك الله فيه
أما لماذا وضعت أخى الأستاذ البيراوى فى جهة التطرف بالفريق الثانى فلأنه - على العكس من أخينا حجازى - ينطلق من فهم خاص لقوله تعالى: "ثم ان علينا بيانه " بحيث يظل البيان القرآنى بنظره ينكشف شيئا فشيئا على مر الزمان وبما يعنى أن بعض معانى القرآن تبقى مستترة وتظل غامضة حقبا متطاولة وقرونا كثيرة قبل أن تبوح بأسرارها ومعانيها الحقة حين يصل الناس الى درجة من العلم تؤهلهم لفهمها على وجهها الصحيح والأوحد
كان هذا تلخيصا - أرجو أن يكون أمينا - لمواقف المشاركين فى هذا النقاش بوجه عام
وفى المداخلة القادمة ان شاء الله سوف أبين مواطن القصور والضعف لدى كل فريق، فانتظرونى
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[17 Sep 2009, 01:43 ص]ـ
(2)
والآن ابدأ فى توجيه النقد الموضوعى لطرفى النزاع
وأتوجه أولا الى فريق أخى البيراوى قائلا:
ادعاء أن بعض معانى القرآن تظل مستترة وخافية بالكلية الى أن يأتى أوان ظهورها هو ادعاء مرفوض
ويأتى هذا الرفض من منطلق أن القرآن يخاطب البشرية فى كل العصور، بمعنى أنه يجب أن يكون مفهوما لكل عصر على نحو من الأنحاء، وعلينا فحسب توصيف ورصد تطور هذا الفهم وتتبع مراحله
أما انكاره بالكلية فى عصر (أو عصور) كاملة فذلك أمر يتنزه عنه كلام الله
فحتى الحروف المتقطعة التى يضرب بها المثل فى غموض المعنى قد خاضت فيها الأفهام وتعددت فيها الآراء بما يعنى قابليتها للفهم والتفسير
فتلك القابلية هى السمة المميزة للنص القرآنى فى كل العصور بصرف النظر عن بلوغ المراد وادراك المعنى الحقيقى للنص
فالمهم أن النص القرآنى يكون قابلا للفهم على نحو من الأنحاء، ولا يكون أبدا ملغزا ومستعصيا على كل الأفهام كل الاستعصاء، ومن يقول بهذا يعد متطرفا فى الرأى
وبتنزيل هذا الكلام على الآية محل النقاش أتوجه لأخى البيراوى متسائلا:
ما هو حظ ونصيب العصور القديمة من فهم مدلول هذه الآية؟
أنت تقول أنهم لم يدركوا معناها الحقيقى
وأنا أرى أنهم قد أدركوا لها معنى ما، وهذا يكفى
فلماذا يكفى؟
لأن المعنى الذى أدركوه يسمح به (البيان القرآنى) ولا يتعارض مع المعنى الذى كشف عنه العلم الحديث
أما ان كان يتعارض ويتصادم معه، فعندها نقول: الحق معك، والنص القرآنى كان ملغزا لهم
وأعتقد انك لا تقول بذلك، وكذلك أخى حجازى
(يتبع فى المداخلة القادمة)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[17 Sep 2009, 01:47 ص]ـ
(3)
(يُتْبَعُ)
(/)
تم أتوجه الآن الى الفريق الآخر الذى يمثله الأخ بكر فأقول له:
انك يا أخى تتبنى دعوى متطرفة باقصائك التام للمدلول العلمى فى تفسير الآية واستبعادك له بالكلية
ودعنى أصارحك القول:
لقد طالعت أنا ما يزيد عن أربعين تفسيرا للآية محل النقاش، وبامكانى الآن أن أؤكد لك ما سبق أن قاله من قبل أخى حجازى من أن أقوال قدامى المفسرين فيها لا تشفى غليلا، بل وأزيد على قوله بأنها لا تسمن ولا تغنى من جوع
اننى يمكن أن أقبل أن القدماء قد فهموا (التصعد فى السماء) على أنه يعنى (ارتقاء الجبل الوعر) مثلا، وهذا فهم سديد ولا غبار عليه كما قلت من قبل، أما ما قدمه المفسرون من أقوال قد ذكرت أنت بعضها وطالعت أنا بقيتها فى عشرات التفاسير فاننى لا أستطيع أن أقبل بها الآن بعد أن علمت مدلول الآية على ضوء العلم الحديث، فهذا المدلول يبدو لى أكثر اقناعا وأوضح بيانا مما قالوه
ولكنى أقول: نعم، كان يمكننى أن أقبل بأقوالهم لو كنت أعيش عصورهم تلك
بل وكان من الممكن أن أقتنع بأن هذا هو ما تعنيه الآية حقا وبكل تأكيد، هذا لو كنت معاصرا لهم، أما الآن فأقول:
سبحان من كان هذا كلامه!!!
ثم انك أخى الكريم لم تنتبه الانتباه الكافى الى نكتة لطيفة فى النص القرآنى
فقد كان من الممكن أن يقول البيان القرآنى عن ذى الصدر الضيق الحرج: " كأنما يرتقى جبلا " وتصبح القضية محسومة لصالحك
ولكنه عدل عن هذا التعبير المباشر الى نص أكثر اعجازا: " كأنما يصعد فى السماء "
فانظر أخى رعاك الله الى اختياره لفظ (السماء) عن عمد وقصد، وعدوله عن لفظ (الجبل) أو (الطور)
فأرجو أن تنتبه أخى الكريم الى دقة القرآن فى اختيار ألفاظه، وكيف لا يكون بمثل تلك الدقة وهو كلام الله عز وجل؟!
انه يختار الألفاظ بحيث تسع معانى متعددة على مر العصور والأزمنة، والتى منها عصرنا هذا ويجب عليك أن تضعه فى اعتبارك أيضا
فلولا أن القرآن الكريم قد اختار هذا اللفظ عمدا (السماء) ما كنا نتناقش الآن فى مدلول هذه الآية كل هذا النقاش الطويل
ويمكننى الآن أن أقرر وأنا مطمئن ومستريح:
ان هذه الآية الكريمة تعد شاهدا قويا من شواهد الاعجاز العلمى للقرآن الكريم
هذا، والله عز وجل هو أعلى وأعلم
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[17 Sep 2009, 03:26 م]ـ
الأخ الكريم العليمي حفظه الله
1. عندما يعجز القدماء عن تصور المعنى يذهبون إلى توليد المعاني، وما نقلته أنت عنهم في معنى السماء أوضح مثال على ذلك؛ فأين نجد في اللغة العربية أن السماء تعني الجبل. ونقلك هذا هو ما جعلني أعجب لعلمي أنك لا تفسر الآية الكريمة كما فسرها بعض القدماء رحمهم الله.
2. يكون سقف البيت سماء للبيت وهذا لا غبار عليه فلماذا أعجب؟!
3. أما آية الحج:" فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع ... " فكل كلمة منها مفهومة للعربي، ولكن يبدو أنهم لم يدركوا المراد حتى الآن، ومن هنا ذهبوا إلى أن السبب هنا هو الحبل ويبدو أن الذي دعاهم إلى ذلك هو كلمة يقطع. وعليه فصحيح كلامك أنهم فهموا النص بصورة من الصور ولكن ليس بالضرورة أن يكون هو الفهم الصحيح.
4. نحن نأخذ من القرآن الكريم بقدر وعينا وخبراتنا، وهذا أمر بدهي لا يتعلق بالنص القرآني فقط بل أيضاً بكل نص.
5. من المنطق السليم أن تقول إنه يجب أن يكون النص قابلاً للفهم بالنسبة للمكلفين. ولكن ليس من المقبول القول إن قابيلية النص للفهم تعني حصول الفهم من كل أحد.
وأخيراً لك كل حب وتقدير وإعجاب
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[17 Sep 2009, 04:21 م]ـ
أخي الكريم المصري:
قرأت مداخلاتك الثلاث الأخيرة، وبارك الله فيك على ما تفضلتَ به.
أحسب يا أخي أنني حرَّرتُ موطن النزاع في مداخلتي رقم 35. وأحب أن أعيدها على مسامعك هنا لننظر في مواطن الاتفاق والاختلاف، ثم نبني عليها:
1. أنا لا أنكر الحقائق التي يتوصل إليها العلم التجريبي، وما يصل إلينا من كشوف ومخترعات، بل إن هذه الكشوف والمخترعات في الطب والهندسة والزراعة والصناعة آية من آيات الله الدالة على أنه مسبب الأسباب، سبحانه.
(يُتْبَعُ)
(/)
2. ونزاعنا مع أرباب الإعجاز العلمي ليس في أصل الحقائق التجريبية (العلمية) ولا في ثبوتها، بل في زعمهم ودعواهم أن القرآن دل عليها، وأشار إليها على وجه لم يكن معهوداً للعرب الأولين حتى كشف عنها العلم الحديث في عصرنا هذا، فنحن لا ننكر الحقائق، بل ننكر أن تكون آيات القرآن دالة على هذه الحقائق التي يكشف عنها العلم الحديث على وجه لم يكن معهوداً للأولين، وفي جعلهم هذا السبق القرآني "المزعوم" وجهاً من وجوه الإعجاز.
3. القول بأن العرب الأولين لم يفهموا المقصود بآية التصعد في السماء، ولم يعرفوا مرماها قول بعيد عن التحقيق، بل إن أمهات كتب التفسير مبينة لمعناها، وقد جئت بأقوال المفسرين الأولين لهذه الآية، فنحن الآن متفقان على أن هذه الآية كانت مفهومة للعرب الأولين، سواء كان على معنى التكليف بما لا يطاق، أو على معنى صعود الجبل أو غير ذلك. ما يهمنا أن هذه الآية كانت مفهومة للعرب الأولين على وجه ما، ولا يجوز بحال ألا تكون مفهومة لهم.
أظن أن النقاط الثلاث السابقة ليست محل نزاع بيننا.
4. فيبقى محل النزاع فيما ذكرتَه في قولك:
بسم الله الرحمن الرحيم
أما الفهم العصرى لها والذى يتبناه مؤيدو الاعجاز العلمى فانه يمثل مستوى أخر من فهم النص، وهو كذلك لا غبار عليه طالما أنه لا يتعارض مع الفهم الأول وانما يزيده ثراءا فى المعنى دون أن يلغيه أو يستبدله وينسخه
والذي أشار الأخ الأمين إلى معناه ...
حيث تقول ما يمنع أن يكون هناك مستويان في فهم النص؟:
أ. فهم قديم للعرب الأولين بحيث يجري على أصول البلاغة وحسن الإفهام.
ب. وفهم حديث بحسب ما كشفت عنه العلوم الحديثة بحيث يزيد في ثراء المعنى ولا يلغيه.
وبهذا يكونُ العربُ الأولون قد فهموها على معهودِهم على ما يقتضيه فنُّ التشبيهِ من تقريبِ المعنى إلى السامعِ، وبما يجري على أصولِ البلاغةِ وحسنِ الإفهامِ ولا يُصادِمُها، ويكونُ لنا – بعد ذلك- أن نضيفَ إليها وجهاً جديداً كشفَ عنه العلمُ الحديثُ بحيث لا يعارض الفهم القديم، ولا يخالفُ أصولَ البلاغةِ بعد أن أصبحَ نقصانُ الإكسجينِ عند الصعودِ في السماءِ معنىً معهوداً لنا في هذا العصرِ، وحقيقةً علميَّةً لا جدالَ فيها، وهذا الوجه الجديد تحتمله اللغة، وتقبله العادة.
أظن أن الخلاف بيننا الآن محصور في النقطة الرابعة؟
أليس كذلك أخي؟
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[17 Sep 2009, 11:42 م]ـ
أخى الأستاذ / البيراوى، حفظه الله
أسعدنى ردكم الكريم
ويعلم الله أنى أبادلكم ما ذكرتموه من مشاعر الحب والاعجاب والتقدير
كما أنى أكن نفس المشاعر تجاه شيخكم الكريم / بسام جرار، حفظه الله
وقد كان بينى وبينه مراسلات عديدة، لكنها توقفت منذ عام تقريبا
وأرجو أن أتعرف منكم على أخباره، لأنى وجدت موقعه (نون) متوقفا عن النشاط منذ مطلع هذا العام (2009) وحتى اليوم
فأرجو أن يكون بخير ان شاء الله، وأرجو أن تبلغه تحياتى وسلامى
فى حفظ الله، ودمتم بخير
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[18 Sep 2009, 12:02 ص]ـ
[ quote] أظن أن الخلاف بيننا الآن محصور في النقطة الرابعة؟
أليس كذلك أخي؟
فى الواقع لقد احترت - أخى الكريم - فى تحديد موقفك بدقة
ذلك أن نصف كلامك يوحى بأنك لا تعترض على تفسير أنصار الاعجاز العلمى للآية محل النقاش
بينما نصفه الآخر يوحى بعكس ذلك!!
عليك اخى الفاضل أن تحسم أمرك وتحدد موقفك بوضوح
فان كنت لا تعترض على تفسيرهم ففيما اذا وجه الخلاف بينك وبينهم؟
ثم ان كنت لا تعترض عليهم فما معنى قولك:
فنحن لا ننكر الحقائق، بل ننكر أن تكون آيات القرآن دالة على هذه الحقائق التي يكشف عنها العلم الحديث على وجه لم يكن معهوداً للأولين، وفي جعلهم هذا السبق القرآني "المزعوم" وجهاً من وجوه الإعجاز.
وأخيرا ان كنت لا تعترض عليهم فلماذا جعلت عنوان موضوعك هذا يقول:
" تهافت القول بالاعجاز العلمى. . . "؟!
كما أخبرتك: حدد موقفك بوضوح أكثر رفعا للالتباس وقطعا للأمر
وعلى كل حال فانى أرى أن نقاط الاتفاق فيما بيننا هى أكثر من نقاط الاختلاف باذن الله تعالى
وفقك الله لما يحبه ويرضاه
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[18 Sep 2009, 12:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأفاضل سلام الله ورحمته وبركاته عليكم أجمعين
أعتقد أنه لا يخفى على أحد منكم أن معنى التفسير: هو الكشف عن المراد الإلهي في آيات كتابه الكريم وفق الطاقة البشرية، وهذا الأخير شرط لابد منه فما من مخلوق يحيط بكلام الخالق تعالى.
ولا شك أن الناس تتفاوت مشاربهم ومذاهبهم فأهل اللغة يصفون عذوبة وروعة الجمال البياني ودقة الألفاظ والمعاني، وهذا ما يضفي على النص وقارا وتقديرا، وأهل التفسير والتأويل يبحثون عن الكشف عن دقائق المعاني وأساليب بيانها، وأهل العلم يكشفون عن الحقائق العلمية والنواميس التي خلقها الله في هذا الكون وأشار إليها في كتابه الكريم، وهذه الأساليب كلها تُجَلّي قداسة الآيات القرآنية.
فلا يعاب على أحد جهده في الكشف عن المراد الإلهي على أن لا يخرج عن الحقيقة الظاهر ويخالف ظاهر الآية فيأتي بتأويلات ليس لها أصل أو دلالات علميه ليس له عليها برهان.
وإذا كان الأمر كذلك فإننا نعلم أن الناس تتفاوت علومهم ومعارفهم من زمان إلى آخر
ومن بديع حكمة الله تعالى أننا نجد القرآن الكريم لم تتغير حاله مهما تغيرت أحوالنا.
فقل في هذا الزمان من يصف القرآن الكريم بعد أن يتذوق عذوبته وحلاوته كوصف الوليد بن المغيرة ولا يخفى قوله على أحد حين قال: والله إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمثمر ... وما هو بكلام بشر.
لكننا اليوم نجد جوانب تبهر العقول فلا مانع لأي أحد أن يجتهد مشكورا ولا ننكر على أحد علما آتاه الله إياه.
وأنصح في هذا الباب قراءة كتاب الله يتجلى في عصر العلم
وهذا الكتاب موضوعات متنوعة في العلوم كتبها علماء كل وفق اختصاصه، ولا أظن أحدا يقرأ هذا الكتاب إلا وقد قوي وشحذ إيمانه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الرحمن الداخل]ــــــــ[18 Sep 2009, 10:12 ص]ـ
أنا أرى أنها (ولّعت) في هذا النقاش فنسأل الله أن يأجر الجميع
والحقيقة أنا مع الاخ الحجازي فلا مجال لإنكار القول بالاعجاز العلمي في القرآن بالطبع دون تكلف أو تحميل الآيات ما لا تحتمل هذا أمر مفهوم ....
والقرآن معجز للعرب وغيرهم ووجوه الاعجاز فيه متعددة لأنها لأكثر من جهة ...
فهو معجز للعرب ببلوغة الغاية في البلاغة والنظم ولذلك عجزوا عن الاتيان بمثله ..
وهو معجز للعجم كذلك ولكن بماذا؟ فإن قلت ببلاغته فلا معنى لأن يتحدى القرآن ببلاغت قوماً لا يفهمون لغته فاي فضل في هذا؟ تصور أن يأتي رجل مفتول العضلات ويتحدى فتاة رقيقة ناعمة في رفع صخرة فاي فضل له في ذلك؟ إذن لزم أن يكون التحدي لهم وإعجازهم بوجه آخر ... ولو قلت يستدلون بإعجازه -يعني هؤلاء العجم- بعجز العرب عن الاتيان بمثله فهذا لا معنى له كذلك؟
فما الوجه المعجز في القرآن لغير العرب الذين لا يفهمون لغته؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[18 Sep 2009, 02:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد:
شهدنا في معجزات الرسل السابقين عليهم وعلى نبينا أفضل الصلوات والتسليم أنها كانت منفصلة عن الكتب التوجيهات والتشريعات الإلهية التي يؤمرون بتبليغها لأقوامهم فالمقصود من المعجزة بيان عجز البشر عن الإتيان بمثل ما يأتي به الرسول، ليسلم البشر للرسل في دعواهم الحق.
أما القرآن الكريم فليس الإعجاز فيه مقصود لذات الإعجاز، فبأي وجه ظهر الإعجاز قامت الحجة على الناس، بل المقصود التثبت اليقيني بأن هذا الكلام ليس كلام بشر، فينبغي أن نؤمن به فنتّبع ما يأمرنا به ونجتنب ما ينهانا عنه، وهذه الغاية من هذا الكتاب الكريم.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[18 Sep 2009, 04:32 م]ـ
الأخ الكريم العليمي حفظه الله
بلغت تحيتك الشيخ وسر بها، ويسأل الله لكم ولكل الأخوة في الملتقى أن يؤيدكم بروحٍ منه. وهو شغوف بمطالعة ما يكتب في صفحات الملتقى.
مركز نون مغلق بأمر عسكري إسرائيلي لمدة سنتين تنتهي في منتصف نيسان القادم.
أما نشاط الصفحة الإلكترونية لمركز نون فمن المتوقع استئنافه بعد عيد الفطر إن شاء الله تعالى.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[18 Sep 2009, 04:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وبعد:
شهدنا في معجزات الرسل السابقين عليهم وعلى نبينا أفضل الصلوات والتسليم أنها كانت منفصلة عن الكتب التوجيهات والتشريعات الإلهية التي يؤمرون بتبليغها لأقوامهم فالمقصود من المعجزة بيان عجز البشر عن الإتيان بمثل ما يأتي به الرسول، ليسلم البشر للرسل في دعواهم الحق.
أما القرآن الكريم فليس الإعجاز فيه مقصود لذات الإعجاز، فبأي وجه ظهر الإعجاز قامت الحجة على الناس، بل المقصود التثبت اليقيني بأن هذا الكلام ليس كلام بشر، فينبغي أن نؤمن به فنتّبع ما يأمرنا به ونجتنب ما ينهانا عنه، وهذه الغاية من هذا الكتاب الكريم.
ذكرنى هذا الكلام الطيب لحضرتكم بكلمة شهيرة لأستاذنا الامام / محمد متولى الشعراوى - عليه رحمة الله حيث قال:
فى الرسالات السابقة على الاسلام كانت المعجزة منفصلة عن المنهج لدى كل رسول
أما فى الاسلام فنجد أن المعجزة هى عين المنهج (يعنى بذلك القرآن العظيم)
وربما نجد نفس هذا المعنى فى حديث شريف لحضرة النبى - اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين - أورده الامام البخارى فى صحيحه حيث قال صلى الله عليه وسلم:
" ما من الأنبياء الا أعطى ما مثله آمن عليه البشر، وانما كان الذى أوتيته وحيا أوحاه الله الي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة "
ومن هنا فاعجاز القرآن لا يحصره حد، ولا يعده عاد، بارك الله فيكم
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[18 Sep 2009, 05:16 م]ـ
بارك الله فيكم أخي العليمي وأشكرك على هذه اللفتات الجميلة
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[18 Sep 2009, 05:35 م]ـ
الأخ الكريم العليمي حفظه الله
بلغت تحيتك الشيخ وسر بها، ويسأل الله لكم ولكل الأخوة في الملتقى أن يؤيدكم بروحٍ منه. وهو شغوف بمطالعة ما يكتب في صفحات الملتقى.
مركز نون مغلق بأمر عسكري إسرائيلي لمدة سنتين تنتهي في منتصف نيسان القادم.
أما نشاط الصفحة الإلكترونية لمركز نون فمن المتوقع استئنافه بعد عيد الفطر إن شاء الله تعالى.
حياه الله وحياكم
وأحمد الله تعالى على كونه بخير وسلام، فقد ذهبت بى الظنون الى كونه معتقلا فى سجون الاحتلال، وعزز هذا الظن عندى أن نشاط صفحته الالكترونية ظل متوقفا طيلة تسعة أشهر حتى الآن
بارك الله فيكم أخى البيراوى وجزاكم خيرا
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[18 Sep 2009, 06:05 م]ـ
بارك الله فيكم أخي العليمي وأشكرك على هذه اللفتات الجميلة
عفوا أستاذنا الفاضل
لفتاتكم هى الأكثر جمالا
وندعوه سبحانه بأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[19 Sep 2009, 02:22 م]ـ
أخي العليمي:
إنما كنت أهدف في مشاركتي السابقة إلى بيان نقاط الاتفاق والخلاف بين منكري الإعجاز العلمي ومثبتيه، وتحرير محل النزاع، وكنت أظن أنها بيّنة بما فيه الكفاية:
فى الواقع لقد احترت - أخى الكريم - فى تحديد موقفك بدقة
ذلك أن نصف كلامك يوحى بأنك لا تعترض على تفسير أنصار الاعجاز العلمى للآية محل النقاش
بينما نصفه الآخر يوحى بعكس ذلك!!
عليك اخى الفاضل أن تحسم أمرك وتحدد موقفك بوضوح
فان كنت لا تعترض على تفسيرهم ففيما اذا وجه الخلاف بينك وبينهم؟
ثم ان كنت لا تعترض عليهم فما معنى قولك:
[/ size]
لا عليك ...
هناك فرق أخي الكريم بين ثبوت الحقيقة العلمية في نفسها، فإذا ثبت لنا –مثلاً- أن الأكسجين يقل في طبقات الجو العليا، وأن بصمات بني الإنسان تختلف من شخص لآخر، وأنه لا توجد بصمتان متشابهتان، وإذا ثبت لنا أن الجبال لها جذور ضاربة في أعماق الأرض، فلسنا – نحن منكري الإعجاز العلمي- ننكر هذا، وليس موضوعنا ابتداء، وإنما ننكر ونشدد النكير على من يقول بأن الآيات القرآنية كشفت عن هذه الحقائق العلمية، وبينتها قبل 1400 سنة، ثم يجعل هذا وجهاً من وجوه الإعجاز، فنحن لا ننكر حقائق هذا الكون إذا ما ثبتت، ولا ننكر أن العرب الأولين لم يكونوا يعرفون هذه المكتشفات والمخترعات، وإنما ننكر أن تكون آيات القرآن دلت على هذه الحقائق.
فنحن نعترض على تفسير القرآن بالعلم الحديث، أي ننكر أن يكون التفسير العلمي للآية هو معنى الآية، أو وجهاً من الوجوه المحتملة في معنى الآية، والأنكى من ذلك جعل هذا التفسير إعجازاً ...
ولا أدري كيف فهمت من كلامي أنني لا أعترض على تفسيرهم؟
كيف وعنوان الموضوع هو "تهافت القول بالإعجاز العلمي"؟
وإنما ذكرت النقاط الأولى لأبين أن لا بد من التفريق بين ثبوت الحقائق العلمية (التجريبية)، وبين دلالة القرآن عليها، ومحل نزاعنا في الثانية لا في الأولى.
وأخيرا ان كنت لا تعترض عليهم فلماذا جعلت عنوان موضوعك هذا يقول:
" تهافت القول بالاعجاز العلمى. . . "؟!
كما أخبرتك: حدد موقفك بوضوح أكثر رفعا للالتباس وقطعا للأمر
وعلى كل حال فانى أرى أن نقاط الاتفاق فيما بيننا هى أكثر من نقاط الاختلاف باذن الله تعالى
وفقك الله لما يحبه ويرضاه
أرجو أن أكون حددته لك.
أنا لا أنكر حقيقة أن الأكسجين يقل ويضمحل في طبقات الجو العليا، ولكن أنكر وأشدد النكير على من يقول إن هذا هو معنى قوله تعالى (كأنما يصعد في السماء).
وهذه مرحلة أظننا تجاوزناها إلى ما بعدها، وكان محل النزاع بيننا هو في النقطة الرابعة:
حيث تقول ما يمنع أن يكون هناك مستويان في فهم النص؟:
أ. فهم قديم للعرب الأولين بحيث يجري على أصول البلاغة وحسن الإفهام.
ب. وفهم حديث بحسب ما كشفت عنه العلوم الحديثة بحيث يزيد في ثراء المعنى ولا يلغيه.
وبهذا يكونُ العربُ الأولون قد فهموها على معهودِهم على ما يقتضيه فنُّ التشبيهِ من تقريبِ المعنى إلى السامعِ، وبما يجري على أصولِ البلاغةِ وحسنِ الإفهامِ ولا يُصادِمُها، ويكونُ لنا – بعد ذلك- أن نضيفَ إليها وجهاً جديداً كشفَ عنه العلمُ الحديثُ بحيث لا يعارض الفهم القديم، ولا يخالفُ أصولَ البلاغةِ بعد أن أصبحَ نقصانُ الإكسجينِ عند الصعودِ في السماءِ معنىً معهوداً لنا في هذا العصرِ، وحقيقةً علميَّةً لا جدالَ فيها، وهذا الوجه الجديد تحتمله اللغة، وتقبله العادة.
أظن أن الخلاف بيننا الآن محصور في النقطة الرابعة؟
أليس كذلك أخي؟
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[19 Sep 2009, 02:30 م]ـ
فلا يعاب على أحد جهده في الكشف عن المراد الإلهي على أن لا يخرج عن الحقيقة الظاهر ويخالف ظاهر الآية فيأتي بتأويلات ليس لها أصل أو دلالات علميه ليس له عليها برهان.
بارك الله فيك أخي حسن ...
وقد بينت في هذا المبحث أننا لو أخذنا بالتفسير العلمي لهذه الآية أخرجنا الآية عن كونها مفهومة للعرب الأولين، وهذا مخالف لأصول البلاغة وحسن الإفهام.
فيكون التفسير العلمي مردوداً ...
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[19 Sep 2009, 02:35 م]ـ
وهو معجز للعجم كذلك ولكن بماذا؟ فإن قلت ببلاغته فلا معنى لأن يتحدى القرآن ببلاغت قوماً لا يفهمون لغته فاي فضل في هذا؟ تصور أن يأتي رجل مفتول العضلات ويتحدى فتاة رقيقة ناعمة في رفع صخرة فاي فضل له في ذلك؟ إذن لزم أن يكون التحدي لهم وإعجازهم بوجه آخر ... ولو قلت يستدلون بإعجازه -يعني هؤلاء العجم- بعجز العرب عن الاتيان بمثله فهذا لا معنى له كذلك؟
فما الوجه المعجز في القرآن لغير العرب الذين لا يفهمون لغته؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يلزم على ذلك أن التحدي باطل في حق الفرس والروم والبربر والقوط في ذلك الوقت الذي نزل فيه القرآن. ذلك أنهم لا يعرفون لغة القرآن ولا يفهمونها، ولم تكن الحقائق العلمية قد انكشفت آنذاك. فكيف قاتلهم المسلمون وفتحوا بلادهم ولما تقم عليهم الحجة بعد؟
وإذا بطل هذا بطل قولك أخي الكريم ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[19 Sep 2009, 04:06 م]ـ
أخي العليمي:
وإنما ننكر ونشدد النكير على من يقول بأن الآيات القرآنية كشفت عن هذه الحقائق العلمية، وبينتها قبل 1400 سنة، ثم يجعل هذا وجهاً من وجوه الإعجاز، فنحن لا ننكر حقائق هذا الكون إذا ما ثبتت، ولا ننكر أن العرب الأولين لم يكونوا يعرفون هذه المكتشفات والمخترعات، وإنما ننكر أن تكون آيات القرآن دلت على هذه الحقائق.
فنحن نعترض على تفسير القرآن بالعلم الحديث، أي ننكر أن يكون التفسير العلمي للآية هو معنى الآية، أو وجهاً من الوجوه المحتملة في معنى الآية، والأنكى من ذلك جعل هذا التفسير إعجازاً ..
هذا كلام فى غاية العجب يا أخ بكر!!!
فأنت تتكلم عن (حقائق الكون) اذا ما ثبتت، أى بعد التحقق والتيقن التام من صحتها وصدقها
ومع ذلك كله تقول أنه حتى تلك الحقائق الثابثة والمتيقنة ليس لها وزن عندك!!!
بل انك - وهذا هو الأشد عجبا - ترفض أن تتفضل عليها ولو بأقل القليل، فترفض أن تقبل بها حتى ولو على سبيل كونها أحد الوجوه المحتملة فى معنى الآية!!!
أى انك ترفض ما ثبت (يقينا) ولا تقبل به ولو على وجه (الاحتمال)!!
فان لم يك هذا هو التطرف والغلو بعينه، فكيف يكون التطرف والغلو اذا؟!!
والآن دعنى اسألك هذا السؤال البسيط:
ألا تؤمن معنا بأن الذى أنزل القرآن بعلمه هو أيضا الذى خلق الكون بنواميسه؟
أليس القرآن هو كتاب الله المقرؤ، والكون هو كتاب الله المنظور؟
فهل ترى من تعارض بين هذين الكتابين (القرآن والكون)؟
أود أخى الفاضل أن تراجع نفسك وتخفف من غلوائك، لأنى أود لك الخير
وليس عيبا أن نتراجع عن آرائنا اذا ما ثبت خطؤها
ولكن العيب الحقيقى أن نتمادى فى الخطأ وأن نتشبث برأينا بعد أن ظهر عواره
وفقك الله الى ما فيه الخير
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[19 Sep 2009, 04:08 م]ـ
أخي بكر الجازي
سلام الله عليكم وتحياته وبعد
لم أقصد من قولي أنني أنكر الإعجاز العلمي جملة وتفصيلا، لكنني لا أقبل أن يلوي أحد أعناق النصوص ليستدل على أمر علمي غير ثابت، فمعلوم أن المسائل العلمية تقسم إلى قسمين
القسم الأول: هو الحقائق العلمية التي ظهرت والتي لا تقبل مجالا للشك نحو أن الأرض جرم كروي الشكل يسير في الفضاء وهي التي تدور حول الشمس وبدورانها حول نفسها يتعاقب الليل والنهار، وبدورانها حول الشمس تتعاقب الفصول الأربع
فلا مانع أن نفسر الآيات الكريمة بهذه الأمور التي لا مجال لأي خطأ فيها
وهذا التفسير يكون من باب أن الله سبحانه وتعالى الذي خلق هذا الكون وأوجد فيه هذه النواميس، هو الذي أخبر عنها في كتابه الكريم، فمحال أن يصف الخالق خلقه إلا بالكمال، ولا يقدر أحد أن يصف هذا الخلق بأدق الأوصاف وتناهيها إلا الذي أوجدها.
وبهذا يستدل الإنسان على أن القرآن الكريم من عند الله تعالى، ويجب عليه إن قام عنده هذا الدليل أن يهتدي بهدي القرآن الكريم وهذه هي الغاية.
القسم الثاني: وهو النظريات العلمية التي فيها جدال واختلاف فهذا ما لا ينبغي أن نفسر آيات الكتاب الكريم وفقه.
ونحاول أن نقحم بكل آية فيه، ليتبين بعد حين خطأ هذه النظرية أو تلك، فلا يكون مجال للطعن في القرآن الكريم، وإنما يكون الخطأ من قصر نظر الذي يفسر مثل هذا التفسير.
والله سبحانه الموفق والهادي إلى سواء السبيل
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[19 Sep 2009, 05:01 م]ـ
أخي العليمي:
أنت تحمل كلامي ما لا يحتمل، ولو دققت فيه انكشفت لك الإشكالات في محل النزاع:
فأنت تتكلم عن (حقائق الكون) اذا ما ثبتت، أى بعد التحقق والتيقن التام من صحتها وصدقها
ومع ذلك كله تقول أنه حتى تلك الحقائق الثابثة والمتيقنة ليس لها وزن عندك!!!
لا أدري كيف تفهم هذا من كلامي!!!
أنا فرقتُ لك بين أن ثبوت الحقائق، وبين دلالة القرآن على هذه الحقائق.
ومعنى ذلك أن ثبوت الحقائق العلمية أو التجريبية من حيث هو ليس محل بحث عندي، أي أن العلم الحديث إذا كشف عن شيء جديد، فليس لي أن أنكر ذلك، وليس هذا محل النزاع.
محل النزاع هو في دلالة آيات القرآن على هذه الحقائق الثابتة.
فدقق في فهم الكلام بارك الله فيك ...
(يُتْبَعُ)
(/)
بل انك - وهذا هو الأشد عجبا - ترفض أن تتفضل عليها ولو بأقل القليل، فترفض أن تقبل بها حتى ولو على سبيل كونها أحد الوجوه المحتملة فى معنى الآية!!!
ذلك أن ثبوت الحقيقة شيء، ودلالة القرآن عليها شيء آخر.
ونزاعنا مع أرباب الإعجاز العلمي ليس في أصل الحقائق العلمية (التجريبية) ولا في ثبوتها، بل في زعمهم ودعواهم أن القرآن دل عليها.
مثال:
إذا كشف العلم الحديث أن بصمات الأصابع بين بني البشر لا تتشابه، فلست أنكر هذا، ولا أنازعك فيه ...
أما أن تقول إن هذا هو معنى قوله تعالى (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) فهذا ما أنازع فيه، وأزعم أن أرباب الإعجاز العلمي جانبوا الصواب فيه الصواب ...
فتأمل محل النزاع أخي الكريم ...
أى انك ترفض ما ثبت (يقينا) ولا تقبل به ولو على وجه (الاحتمال)!!
فان لم يك هذا هو التطرف والغلو بعينه، فكيف يكون التطرف والغلو اذا؟!!
ما الذي ثبت يقيناً عندك؟!
إن كنت تقصد الحقيقة العلمية (التجريبية) فهذا لا أنازعك فيه.
وإن كنت تقصد أن القرآن دل عليها، وأشار إليها فهذا محل نزاع وليس يقينياً، وقد نبهت إلى هذا في مداخلاتي السابقة، فتنبه بارك الله فيك.
والآن دعنى اسألك هذا السؤال البسيط:
ألا تؤمن معنا بأن الذى أنزل القرآن بعلمه هو أيضا الذى خلق الكون بنواميسه؟
أليس القرآن هو كتاب الله المقرؤ، والكون هو كتاب الله المنظور؟
فهل ترى من تعارض بين هذين الكتابين (القرآن والكون)؟
الخير
1. نؤمن أن الله أنزل القرآن بعلمه، وأنه سبحانه خلق الكون بنواميسه.
2. ونومن أن القرآن هو الكتاب المقروء، والكون هو الكتاب المنظور، لا حرج في هذا ...
ولا يجوز أن يكون هناك تعارض بين العقل والنقل.
ولكن أين هذا من موضوعنا؟
فرق بين الحديث عن درء التعارض بين العقل والنقل، وبين الحديث عن دلالة القرآن على الحقائق التجريبية التي كشف عنها العلماء حديثاً.
تأمل جيداً: قولنا بعدم التعارض لا يعني بالضرورة أن يكون القرآن دالاً على أسرار العلوم التي كشف عنها العلماء حديثاً.
فتنبه لمحل النزاع أخي الكريم، ولا تحمل كلامي ما لا يحتمل ...
أراك بعد العيد ...
وكل عام وأنتم بخير ....
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[19 Sep 2009, 05:23 م]ـ
أخي بكر الجازي
سلام الله عليكم وتحياته وبعد
لم أقصد من قولي أنني أنكر الإعجاز العلمي جملة وتفصيلا، لكنني لا أقبل أن يلوي أحد أعناق النصوص ليستدل على أمر علمي غير ثابت ل
أخي الكريم:
لم أفهم من كلامك أنك تنكر الإعجاز العلمي، ولكن كنت أعلق على قولك:
(فلا يعاب على أحد جهده في الكشف عن المراد الإلهي على أن لا يخرج عن الحقيقة الظاهر ويخالف ظاهر الآية فيأتي بتأويلات ليس لها أصل أو دلالات علميه ليس له عليها برهان.)
والمقصود أن التفسير العلمي لهذه الآية فيه مخالفة للغة، من حيث إن التشبيه يرد لتقريب المعنى إلى السامع، فكيف يكون هذا والأخذ بالتفسير العلمي لهذه الآية يخرج التشبيه عن مقصوده البلاغي، إلى ضرب من الإلغاز.
أسلم لك أن لا بد من بذل الوسع في تحصيل المراد الإلهي عند تفسير الآيات، ويكون هذا بحسب معهود العرب في لسانهم وتصرفهم فيه، وبناء على هذا أدعي أن التفسير العلمي تأباه اللغة ولا تقبله.
ولعلك أستاذي الكريم تنظر في الموضوع من أوله، وتنظر في الإشكالات والاعتراضات التي تتوجه على القائلين بالتفسير العلمي في هذه الآية التي يعدونها قاطعة في الدلالة على الحقيقة العلمية، ثم تثري مشكوراً هذا الموضوع بما آتاك الله من علم ...
بارك الله فيك أخي وكل عام وأنت بخير ...
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[23 Sep 2009, 06:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
كل عام وأنتم بخير، وتقبل الله الطاعات، وبعد:
فقد بقي مما أضيفه إلى هذا الموضوع جواب ما أورده الأخ الكريم محمد الأمين حيث يقول:
سلَّمتَ معنا أخي العزيز بأن هذا وجهُ الشبه، مع أن المفسرين القدماء لم يذكروه، وإنما جعلوا وجه الشبه هو "امتناع الحصول"، فيمتنع حصول الهداية كما يمتنع على الإنسان الصعود إلى السماء.
ومع ذلك فما قاله القدماء لا يخالف ما قاله أهل الإعجاز العلمي، وكلاهما تتحمله اللغة، وتقبله العادة، وما كان كذلك فلا وجه لإنكاره
حيث سأبين - إن شاء الله- أن القول بالإعجاز العلمي لا تحتمله اللغة، ولا تقبله العادة، مع تفصيل يفي بالغرض ...
والله الموفق ...
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[23 Sep 2009, 07:53 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
حياك الله أخي الكريم بكر
وتقبل الله منا ومنك ...
ما زلنا نتابع باهتمام ما تفضلت به أنت والإخوة الأكارم، وأهنيك على روحك العلمية الراقية التي ظهرت بها على المستويين العلمي والحواري.
وننتظر بقية كلامك الذي أرجو أن تتضح بها كثير من الإشكالات ..
كما أود أن تضمنه الإجابة على الأسئلة التالية:
- ألا تعتقد أن هناك اختلافا بين مرحلتي التنظير والتطبيق في مثل هذه القضايا؟
حيث نجد أن كثيرا ممن يطرح هذا الموضوع من المتخصصين يتفقون على الأصول، لكن يختلف الأمر عندما يأتي دور تطبيق هذه الأصول على آية بعينها، حيث يُعمل كل شخص اجتهاده في الاستنباط من الآية وقد يصيب وقد يخطئ في هذا الاستنباط، ويبقى أن الجميع انطلق من أصول راسخة، وكمثال هذا يراجع النقاش في قوله تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ... ) هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1938).
فكل من طرح وجهة نظره هم من المتخصصين المنطلقين من أصول التفسير وضوابط الاستنباط، ومع هذا اختلف اجتهاد كلٍ فيما تحتمله الآية.
فما وجهة نظرك في مثل هذا حفظك الله؟
- بالنسبة للآية التي نحن بصددها الآن، ألا يمكن أن نعتبر ما ذكره أرباب الإعجاز العلمي من باب الإشارة لا من باب التفسير؟
وجزاكم الله خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[24 Sep 2009, 12:08 ص]ـ
كما أود أن أسألك أخي عن قولك:
إذا كان العرب الأولون يدركون ضيق صدر من يرتفع عن الأرض، فهذا حسبنا، وليس في الآية ما يزيد على هذا. أما أن هذا الضيق يحص بسبب قلة الأكسجين أو غيره، فهذا أمر لم تعرض له الآية من قريب أو بعيد.
الله سبحانه وتعالى يبين أنه إذا أراد إضلال عبد جعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء، فإذا كان يعرفون أن من يصعد في السماء يضيق صدره، فأين الإعجاز العلمي في ذلك؟
ما فعله العلماء التجريبيون هو تفسير ظاهرة ضيق الصدر التي كانت مدركة لهم، وأن هذا كان بسبب قلة الأكسجين، أما مطلق الظاهرة فكان مدركاً، هذا على تسليم هذا الوجه من التفسير.
وكذلك الأمر في التصعد في السماء، إذا كان الأولون يعرفون أن الصعود في السماء يضيق الصدر ويسبب الحرج فهذا كاف في التشبيه، وليس في الآية ما يزيد على هذا، أما السبب الكامن وراء ضيق الصدر كلما صعدت في السماء فليس في الآية إشارة إليه من قريب ولا بعيد حتى نزعم أن الآية دلت عليه، وهو تحميل لكتاب الله ما لا يحتمل، وهذه دقيقة شريفة في الاعتراض على أرباب الإعجاز العلمي.
إذا كان ضيق الصدر عند الصعود في السماء معهوداً لدى العرب الأولين، فليس عند العلماء التجريبيين إلا تفسير هذه الظاهرة، وتفسير الظاهرة بأنه عائد إلى نقصان الأكسجين في طبقات الجو العليا، أمر لم تعرض له الآية، بل اكتفت بوصف الظاهرة على ما هي عليه دون تفاصيل.
أراك أخي الفاضل قد ذكرت هذا القول على سبيل التنزل مع المناقش، فهل تعتبره وجها يمكن حمل الآية عليه -بغض النظر عن قوته أو ضعفه-؟
إذا اعتبرته كذلك فأنا أخالفك في اعتراضك الذي ذكرته عليه، لأن التفصيل الذي يذكره العلم الحديث لما أشار إليه القرآن الكريم من حقائق علمية لا يعد خروجا عن مدلول الآية، بل هو من صميم علومها، ومثاله قوله تعالى: (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) فما تدل عليه الآية وما فهمه السلف منها هو أن الله تعالى قد جعل بين البحرين برزخا يمنع كلا منهما من الدخول على الآخر. وما ذكره العلم الحديث من تفصيل حقيقة هذا البرزخ لا يمكن الاعتراض عليه بأن الآية لم تدل عليه، بل الآية دلت على أصله والعلم الحديث زاده بيانا، وأعتقد أن هذا من أصح الأمثلة على التفسير العلمي.
فلو قسنا الآية التي نحن بصددها على ما سبق فإن ما ذكره أرباب الإعجاز العلمي من تفصيل ما يحدث للصاعد في السماء لا يعد خروجا بالآية عما تدل عليه.
وعليه:
إما أن نرد هذا الوجه التفسيري ونقول إن الآية لا تدل عليه أصلا، كما لم يذكره أحد من المفسرين، فالتفصيل الذي ذكره أرباب الإعجاز العلمي هو تفصيل فيما لم تدل عليه الآية.
أو أن نقبل هذا الوجه التفسيري، فنقبل عندها التفصيل المذكور فيه مما يذكرونه.
أما أن نقبل هذا الوجه من التفسير ثم نرد ما ذكروه فلا أظن هذا صحيحا ..
والله تعالى أعلم.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[24 Sep 2009, 12:39 ص]ـ
وكمثال هذا يراجع النقاش في قوله تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ... ) هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1938).
فكل من طرح وجهة نظره هم من المتخصصين المنطلقين من أصول التفسير وضوابط الاستنباط، ومع هذا اختلف اجتهاد كلٍ فيما تحتمله الآية.
أشكرك أخى العبادى على أن نبهتنا الى هذا الموضوع (وترى الجبال. .)
وقد طالعته جيدا وأبديت فيه وجهة نظرى
بالنسبة للآية التي نحن بصددها الآن، ألا يمكن أن نعتبر ما ذكره أرباب الإعجاز العلمي
من باب الإشارة لا من باب التفسير؟
بلى، يمكن هذا جدا وهذا أضعف الايمان، ولكن حتى هذا القول اليسيرلا يحظى فيما يبدو بتأييد الأخ الفاضل بكر وهذا هو سبب خلافنا معه
ولا أعرف لماذا يقيم البعض منا انفصاما حادا بين القرآن والعلم الحديث؟!
أليس القرآن الكريم يخاطب كل العصور والى يوم القيامة؟
ثم أليس عصرنا هذا هو أحد تلك العصور؟
هدانا الله جميعا الى الحق باذنه
ـ[الحاتمي]ــــــــ[24 Sep 2009, 12:40 ص]ـ
جزى الله الشيخ مساعد كل خير على هذا الطرح.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[24 Sep 2009, 01:40 ص]ـ
قال الطبري في تفسير قوله تعالى من سورة الرحمن:"مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان":
(يُتْبَعُ)
(/)
"وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله وصف البحرين اللذين ذكرهما في هذه الآية أنهما لا يبغيان، ولم يخصص وصفهما في شيء دون شيء، بل عم الخبر عنهما بذلك، فالصواب أن يعم كما عم - جل ثناؤه - فيقال: إنهما لا يبغيان على شيء، ولا يبغي أحدهما على صاحبه، ولا يتجاوزان حد الله الذي حده لهما".
وقال في تفسير قول الله تعالى من سورة الفرقان ": وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا ":
"وإنما عنى بذلك أنه من نعمته على خلقه، وعظيم سلطانه، يخلط ماء البحر العذب بماء البحر الملح الأجاج، ثم يمنع الملح من تغيير العذب عن عذوبته، وإفساده إياه بقضائه وقدرته، لئلا يضر إفساده إياه بركبان الملح منهما، فلا يجدوا ماء يشربونه عند حاجتهم إلى الماء، فقال جل ثناؤه: (وجعل بينهما برزخا) يعني حاجزا يمنع كل واحد منهما من إفساد الآخر (وحجرا محجورا) يقول: وجعل كل واحد منهما حراما محرما على صاحبه أن يغيره ويفسده."
ثم قال:
"قال أبو جعفر: وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في معنى قوله): وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا) دون القول الذي قاله من قال معناه: إنه جعل بينهما حاجزا من الأرض أو من اليبس، لأن الله تعالى ذكره أخبر في أول الآية أنه مرج البحرين، والمرج: هو الخلط في كلام العرب على ما بينت قبل، فلو كان البرزخ الذي بين العذب الفرات من البحرين، والملح الأجاج أرضا أو يبسا لم يكن هناك مرج للبحرين، وقد أخبر جل ثناؤه أنه مرجهما، وإنما عرفنا قدرته بحجزه هذا الملح الأجاج عن إفساد هذا العذب الفرات، مع اختلاط كل واحد منهما بصاحبه. فأما إذا كان كل واحد منهما في حيز عن حيز صاحبه، فليس هناك مرج، ولا هناك من الأعجوبة ما ينبه عليه أهل الجهل به من الناس، ويذكرون به، وإن كان كل ما ابتدعه ربنا عجيبا، وفيه أعظم العبر والمواعظ والحجج البوالغ".
والذي نلاحظه هنا أن المفسرين اختلفوا في المراد بالبحرين وليس هناك نص من قرآن أو سنة يفصل في المسألة، ولكن المعنى العام للآيات يبقى مفهوما للجميع.
وإذا كان المسلم بالنظر والتأمل في أقوال المفسرين وفي الواقع يدرك أن الله جعل الماء نوعين عذب فرات وملح أجاج ولكنه لم يكن يدرك حقيقة البرزخ والحجر المحجور إلا أنه يؤمن بقول الله تعالى وخبره حيث قامت الحجة عنده أن هذا كلام الله.
فإذا جاء العلم الحديث وكشف للبشرية المؤمن منهم بالقرآن والكافر به أن مياه البحار والأنهار تتنوع في خصائصها وأنها تلتقي وتتداخل لكن لا يغلب أحدهما على الآخر فيكسبه خصائصه، بل وأن هناك منطقة تتكون في منطقة الالتقاء تختلف في خصائصها عن البحرين، فإذا وقف غير المؤمن عند هذه الحقيقة والكشف العلمي الذي لم يكن معروفا للبشرية قبل امتلاكها لأدوات الكشف من مختبرات وغيرها ودعاه هذا إلى التساؤل كيف لمحمد صلى الله عليه وسلم أن يعرف هذه الحقائق لو لم يكن هذا القرآن وحي من عند الله تعالى خالق هذا الكون ومن ثم يدفعه هذا إلى الإيمان. فهل لنا أن ننكر ذلك ونرده بزعم أن هذا تفسير للقرآن بالرأي؟ أو أن السلف لم يدركوه؟
لا أعتقد أن عاقلاً يفعل هذا.
ثم إن هذا ليس تفسيرا، بل هي حقائق أشار إليها القرآن فلماذا نرفضها؟
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[24 Sep 2009, 01:48 ص]ـ
الشكر لك أخي الفاضل (العليمي المصري) على ما تبذله خدمة لكتاب الله الكريم ..
واسمح لي أن أعاتبك -عتاب أحبة- على قولك:
ولا أعرف لماذا يقيم البعض منا انفصاما حادا بين القرآن والعلم الحديث؟!
أليس القرآن الكريم يخاطب كل العصور والى يوم القيامة؟
ثم أليس عصرنا هذا هو أحد تلك العصور؟
هدانا الله جميعا الى الحق باذنه
فالأخ بكر وغيره هم من أهل العلم والفضل أمثالك الذين لا يتكلمون إلا بهدى وميزان، ويضعون الأمور في نصابها، فلا ينبغي أن نحمل كلامهم ما لا يحتمل.
ووجهة النظر التي ذكروها لا تدل على ما ذهبت إليه -حفظك الله- فالكل مجمع على أن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة، وإنما مقصود كلامهم هو بيان وتمييز ما يصح أن يحمل عليه كلام الله مما لا يصح ..
وأنت أخي قد عودتنا على جميل الأخلاق، وكريم الشمائل ..
وفقك الله لكل خير ..
وسدد أقوالنا أجمعين.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[24 Sep 2009, 02:08 ص]ـ
الشكر لك أخي الفاضل (العليمي المصري) على ما تبذله خدمة لكتاب الله الكريم ..
واسمح لي أن أعاتبك -عتاب أحبة- على قولك:
فالأخ بكر وغيره هم من أهل العلم والفضل أمثالك الذين لا يتكلمون إلا بهدى وميزان، ويضعون الأمور في نصابها، فلا ينبغي أن نحمل كلامهم ما لا يحتمل.
ووجهة النظر التي ذكروها لا تدل على ما ذهبت إليه -حفظك الله- فالكل مجمع على أن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة، وإنما مقصود كلامهم هو بيان وتمييز ما يصح أن يحمل عليه كلام الله مما لا يصح ..
وأنت أخي قد عودتنا على جميل الأخلاق، وكريم الشمائل ..
وفقك الله لكل خير ..
وسدد أقوالنا أجمعين.
لا والله الذى لا اله الا هو ما كنت أعنى بكلامى أخى الحبيب بكر
معاذ الله أن أكون أعنيه بذلك على وجه الخصوص
وانما كان حديثى على وجه العموم
ويعلم الله اننى أحبه - بل وأحبكم جميعا - فى الله عز وجل
ومعذرة ان كان التعبير قد خاننى قليلا
ونحن أولا وأخيرا أخوة فى الله تعالى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[24 Sep 2009, 07:39 م]ـ
بارك الله فيك أخي العبادي، وشكر لك مرورك ...
ولعلي إن شاء الله أضيف الجزء الأخير من المبحث المتعلق بهذه الآية، وأسأل الله أن ينفع به، وأن تنكشف به الإشكالات ...
واسمح لي أن أمر مروراً سريعاً على أسئلتك، على أن نوفيها حقها من البحث والمدراسة بعد إضافة الجزء الأخير ...
- ألا تعتقد أن هناك اختلافا بين مرحلتي التنظير والتطبيق في مثل هذه القضايا؟
حيث نجد أن كثيرا ممن يطرح هذا الموضوع من المتخصصين يتفقون على الأصول، لكن يختلف الأمر عندما يأتي دور تطبيق هذه الأصول على آية بعينها، حيث يُعمل كل شخص اجتهاده في الاستنباط من الآية وقد يصيب وقد يخطئ في هذا الاستنباط، ويبقى أن الجميع انطلق من أصول فكل من طرح وجهة نظره هم من المتخصصين المنطلقين من أصول التفسير وضوابط الاستنباط، ومع هذا اختلف اجتهاد كلٍ فيما تحتمله الآية.
أرى يا أخي أن الحق - والله أعلم- أنه ليس للإعجاز العلمي المدعى حظ من الصواب، فأنا ضد ما يسمى بالإعجاز العلمي من حيث المبدأ، هذا ما أراه منذ وقت طويل، وحتى هذه اللحظة، فإن جدَّ شيء في هذا الباب تطمئن إليه النفس، ويذعن له القلب، فأسأل الله أن أكون من الوقافين على الحق، المذعنين له، ولا يضير هذا المسلم في شيء، بل هو مفخرة له أي مفخرة.
ولذلك أقول أخي: إن الإعجاز العلمي باطل من حيث المبدأ تنظيراً وتطبيقاً، والله أعلم.
- بالنسبة للآية التي نحن بصددها الآن، ألا يمكن أن نعتبر ما ذكره أرباب الإعجاز العلمي من باب الإشارة لا من باب التفسير؟
وجزاكم الله خيرا
لقد سبق أن حررتُ محل النزاعِ في هذه المسألة على الوجه التالي:
1. نحن لا ننازع في أصل الحقائق العلمية، ولا في ثبوتها، بل ننازع في دلالة القرآن عليها، فلسنا ننكر شيئاً أثبته العلم الحديث إذا ما تبينه أهل الاختصاص، وتحققوا منه، كنقصان الأكسجين في طبقات الجو العليا، وأن للنجوم أصواتاً، أو أن للجبال جذوراً ضاربة في أعماق الأرض، أو أن البصمات تختلف بين بني البشر .... إلخ. نحن لا ننكر شيئاً من هذا إذا ثبت عند أهل الاختصاص، وليس هذا محل النزاع، بل نحن ننازع في دلالة القرآن على هذه الحقائق العلمية المكتشفة، وهذا أمر آخر لا علاقة له بثبوت الحقيقة من حيث هي.
2. آية (كأنما يصعد في السماء) لا نستطيع - جرياً على أصول البلاغة وحسن الإفهام- أن نقول بالتفسير العلمي فيها، ذلك أن هذا يعني أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يبين كيف يكون ضيق صدر الكافر بالإسلام، ثم لما أراد أن يقرب المعنى لهم جاءهم بتشبيه لا عهد لهم به، وهذا يخرج القرآن من البيان الإبهام، ومن الإعجاز إلى الإلغاز، ومن تقريب المعنى إلى السامع وتمكينه من نفسه - والذي هو الغرض من التشبيه- إلى تعمية المعنى على السامع وإدخال الحيرة إلى قلبه. كما أنك لو أردت أن تبالغ في وصف سرعة الرجل فتقول: هو كالبرق، أو هو كالريح، لأن التشبيه بالبرق تشبه بشيء معهود معروف للناس، على النقيض مما لو قلت في وصف سرعته: هو كالإلكترون، تشبيهاً له بالإلكترونات التي تدور حول النواة بسرعة فائقة كما هو معروف في الكيمياء، بل إنك تجدنا نشبه الرجل السريع بالضوء مثلاً بعد أن استقر لدينا أن الضوء ذو سرعة فائقة، أي بعد أن عرفنا هذا الحقيقة لا قبل أن نعرفها، وتشبيه السرعة بالضوء قبل معرفة هذه الحقيقة من باب الإلغاز والتعمية لا من باب البيان وحسن الإفهام. وهذا اعتراض متجه اتجاها شديداً، وعلى من يقول بخلافه أن يأتي بتشبيه يكون فيه المشبَّه به غير معروف ولا معهود.
2. ويبقى تخريج أشار إليه أول من أشار الأخ محمد الأمين، والذي سبق أن ذكرته، وسأوافيكم إن شاء الله بالجواب في الجزء الثالث والأخير من المبحث غداً إن شاء الله.
ولا يفسد هذا الخلاف للود قضية، فليس مقصودنا هاهنا التعرض لأحد بشخصه، ولا الإزراء به أو الانتقاص من قدره، فما نحن إلا طلاب حق أولا وآخرا، ولكم علي فضل المشاركة في هذا الموضوع بما يثريه فأستفيد منه إما بالإحسان في بيان الحجة، أو تحرير محل النزاع على وجه يبعد عنه الشبهة، أو لعلي أتبين بأخرةٍ خطأ ما أنا عليه، فأرجع عنه، ونسأل الله سبحانه أن يكون هذا خالصاً لوجهه.
أوافيكم غداً بالجزء الأخير، ثم نتدارس إن شاء الله الجوانب الأخرى في هذا الباب ...
وبارك الله فيكم جميعاً ....
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[24 Sep 2009, 08:55 م]ـ
ولذلك أقول أخي: إن الإعجاز العلمي باطل من حيث المبدأ تنظيراً وتطبيقاً، والله أعلم.
أنا أخي لا أقصد التنظير والتطبيق للإعجاز العلمي، بل التنظير لمسألة ضوابط قبول القول الجديد في التفسير ثم تطبيق وتنزيل هذه الضوابط على الآيات القرآنية، فهي مسألة من أصول التفسير كما لا يخفاك، وللتوضيح ضربت عليها آية (وترى الجبال) مثالاً.
لقد سبق أن حررتُ محل النزاعِ في هذه المسألة على الوجه التالي:
...
استوعبت كلامك من أوله أخي الكريم ولم يفتني منه شيء، والذي أقصده هو ما يذكره أهل العلم من قبول بعض الأقوال في الآية لا على سبيل التفسير بل على سبيل الإشارة، ومثاله أيضا في المشاركة المحال عليها.
ولكم علي فضل المشاركة في هذا الموضوع بما يثريه فأستفيد منه إما بالإحسان في بيان الحجة، أو تحرير محل النزاع على وجه يبعد عنه الشبهة، أو لعلي أتبين بأخرةٍ خطأ ما أنا عليه، فأرجع عنه، ونسأل الله سبحانه أن يكون هذا خالصاً لوجهه.
كلامك هذا نبراس وعنوان لكل طالب علم ... زادك الله هدى وتوفيقا.
واسمح لي أن أمر مروراً سريعاً على أسئلتك، على أن نوفيها حقها من البحث والمدراسة بعد إضافة الجزء الأخير ...
بالانتظار وفقك الله وسددك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[25 Sep 2009, 01:54 ص]ـ
(1)
قولُه تعالى ?فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ? (الأنعام:125)
وفَنُّ التَّشبيهِ يقتضي أوَّلاً أن يكونَ وجهُ الشَّبهِ معروفاً ومعهوداً، وثانياً أن يكونَ وَجْهُ الشَّبَهِ في المُشَبَّهِ به أعْرَفَ منه في المُشَبَّهِ،
ولو قلتَ في وَصْفِ رَجُلٍ ثقيلِ الظِّلِّ، باردٍ سمجٍ، لو قلتَ في وصفِه: فلانٌ كالغازِ السَّائلِ، فلن يفهمَ هذا إلاّ أهلُ الكيمياءِ، والأجدى والأنفعُ أن تقولَ: فلانٌ كالثَّلجِ ممّا هو معهودٌ بِبُرودَتِه لدى المُخاطَبِ ...
وكذلك الأمرُ فيما يُسَمَّى بالتشبيهِ الوهميِّ، وهو التشبيهُ بما لا يُدرَكُ بالحواسِّ الخمسِ الظاهرةِ، كقولِه تعالى ?أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلاً أَمْ شَجَرَةُ ?لزَّقُّومِ. إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ. إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي? أَصْلِ ?لْجَحِيمِ. طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ?لشَّيَاطِينِ? (الصافات:62 - 65)، فإنَّ اللهَ سبحانه وتعالى قد بيَّنَ لهم شجرةَ الزَّقُّومِ وعرَّفَهم بها، وأخبرَهم بأنها شجرةٌ تخرجُ في أصلِ الجحيمِ، فأصبحت بهذا معهودةً ومعروفةً لهم، ثمَّ بعد ذلك شبَّه اللهُ لهم ثمرَها برؤوسِ الشياطينِ، وذلك أنَّ للشيطانِ صورةً ذهنيَّةً عند العربِ، وهي ما كان في مُنتهى القُبحِ والشناعةِ، فيقولون: كأنَّ هذا وجهُ شيطانٍ، في الدلالةِ على قبحِ منظرِه، وتناهيه إلى الغايةِ في السوءِ والشرِّ. ...
وقيلَ: الشّيطانُ حيَّةٌ عرفاءُ لها صورةٌ قبيحةُ المنظرِ هائلةٌ جدّاً. وقيلَ: إنّ شَجَراً يقالُ له الأَسْتَنُ خَشِناً مُنتِناً مرّاً مُنكَرَ الصورةِ، يُسَمَّى ثمرُه رؤوسَ الشياطينِ ...
وقالَ الزَّجَّاجُ، والفَرَّاءُ: الشياطينُ: حيّاتٌ لها رءوسٌ، وأعرافٌ، وهي من أقبحِ الحيَّاتِ، وأخبثِها، وأخَفِّها جِسماً. وقيلَ: إنَّ رؤوسَ الشياطينِ اسمٌ لنبتٍ قبيحٍ معروفٍ باليمنِ يقالُ له: الأَسْتَنُ، ويقالُ له: الشيطانُ. قال النَّحَّاسُ: وليس ذلك معروفاً عند العَرَبِ.
وقيلَ: هو شَجَرٌ خَشِنٌ مُنتِنٌ مُرٌّ مُنكَرُ الصورةِ، يُسَمَّى ثمرُه رؤوسَ الشياطينِ) (4).
فالشيطانُ عند العَرَبِ لمَّا كانَ الغايةَ في القُبحِ، والمَلَكُ والمَلاكُ لمَّا كانَ الغايةَ في الجمالِ والحُسْنِ والأخلاقِ، والغُولُ لمّا كانَ غايةً في إدخالِ الرَّهبةِ والهَلَعِ والخوفِ إلى القلوبِ، كانت لهذه الألفاظِ معانٍ مُتَصَوَّرَةٌ في أذهانهم ومُتَخَيَّلَةٌ، لذلك تجدُ أنَّ من يريدُ أن يرسِمَ الشيطانَ أو يُصَوِّرَه جاءَ به على أقبحِ ما يكونُ، وأشدِّ ما يكونُ شناعةٍ ممّا يَتَخَيَّلُه في ذهنِه، بخلافِ من أرادَ رسمَ المَلاكِ أو تصويرَه، فإنَّه يأتي به على أحسنِ ما يَتَخَيَّلُه ويَتَصَوَّرُه في ذهنِه، وكذلك الأمرُ في الغولِ، يأتي به من يريدُ تصويرَه ورسمَه على أشدِّ ما يكونُ تخويفاً في ذهنِه.
وسُمِِّيَّ هذا التشبيهُ وهميّاً لأنَّ هذه الصُّوَرَ الذِّهنيَّةَ موجودةٌ في أوهامِهم وتخيُّلِهم، بغضِّ النَّظَرِ عن وجودِها في الخارجِ أو عدمِه. وقد ذكرنا فيما سبقَ أنَّ الألفاظَ موضوعةٌ بإزاءِ الصُّورِ الذِّهنيَّةِ، فهي إذن مُتصوَّرةٌ في الوهمِ ومُتخيَّلَةٌ ومُدركةٌ، سواءٌ أكانَ لها وجودٌ في الخارجِ أم لم يكن لها وجودٌ.
وعليه فإنَّ هذه الألفاظَ ومعانِيَها معهودةٌ للعَرَبِ ومعروفةٌ لهم، فلا يقالُ إنَّ القرآنَ خاطبَهم بما لا يعرفون، وجاءهم بتشبيهاتٍ لا عهدَ لهم بها.
وهكذا نرى أنَّه في كلِّ الأحوالِ، وفي كلِّ أضربِ التشبيهِ، لا بدَّ أن تكونَ أركانُه معروفةً معهودةً، وأن تََتَحَقَّقَ شروطُه حتى يؤدِّيَ غرضَه عند المُخاطَبِ، ومن المعروفِ عند النُّقّادِ والأدباءِ أنَّ من عيوبِ التشبيهِ خَفاءَ وجهِ الشَّبَهِ وبُعدَه، وتَكَلُّفَ الأذهانِ والعُقولِ في طَلَبِه، ولا يكونُ ذكرُ التشبيهِ للإلغازِ، أو لِتَعمِيَةِ المعنى على السامعِ، وإدخالِ الوهمِ إلى نفسِه إلاّ في الطَّرائفِ
(يُتْبَعُ)
(/)
نعودُ لمُدارسةِ الآيةِ على حسبِ ما يدَّعيه أصحابُ التفسيرِ العِلميِّ، فنقولُ بناءً على تفسيرِهم: يقولُ اللهُ في هذه الآيةِ إنَّه إذا أرادَ إضلالَ من كََتَبَ عليه الضَّلالَ يجعلُ صدرَه ضيِّقاً حَرَجاً، وحتى يُقَرِّرَ معنى الضِّيقِ والحَرَجِ عند المُخاطَبِ، ويُقَرِّبَه إلى الأذهانِ، ويمكِّنَه في نفسِه، يُشبِّهُ ضيقَ الصَّدرِ وحرجَه في الكافرِ – على رأيهم - بضيقِ الصَّدرِ الذي يكونُ من رجلٍ يَصَّعَّدُ في السَّماءِ!
فإن سألناهم: ما وجهُ الشَّبَهِ؟
قالوأ: وجهُ الشَّبهِ أنَّ الأكسجينَ يقلُّ في طبقاتِ الجوِّ العليا، فيؤدّي هذا إلى ضيقِ الصَّدرِ وحَرَجِه!!! فإن قلنا لهم: فهل فهمَ العربُ هذا المعنى آنذاك؟
قالوا: لا ... لأنَّه لم يكن معهوداً لهم ولا معروفاً عندهم ...
فلنا أن نقولَ عندها: فكيف إذن يخبرُهم القرآنُ بحالِ الكافرِ، وما يكونُ منه من ضيقِ صدرِه وحَرَجِه بالإسلامِ، ثم إذا أرادَ أن يُقَرِّرَ هذا المعنى في نفوسِهم، ويُقَرِّبَه إلى أذهانِهم، جاءَهم بتشبيهٍ لا عهدَ لهم به؟؟!!! ومنذ متى كانَ التشبيهُ في القرآنِ للإلغازِ والإبهامِ، أولتعميةِ المعنى على السامعِ، لا لتقريبِ المعنى وتقريرِه في نفسِه؟؟!!
أليس في تفسيرِ الآيةِ على ما يدّعونه من إشارةٍ إلى الحقيقةِ العلميَّةِ خروجٌ على أصولِ البلاغةِ وحسنِ الإفهامِ، ...
أخي الكريم
القرآن الكريم كتاب هداية، ومع ذلك فقد احتوى على الكثير من أوجه الإعجاز التي لم تخطر على قلب بشر، لكن الله يظهرها للناس، وفقا لوعده الكريم ((سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ)) (فصلت:53)، ليتحقق لهم أن هذا الكتاب الكريم هو معجز للخلائق وفي جميع جوانب الحياة كل حسب تخصصه لابد أن يجد في آيات القرآن الكريم ما يقيم عنده الحجة بأن هذا كتاب الله لا محالة.
وأنا واثق بأنني لو تحدثت لك عن أمور من الإعجاز في آيات القرآن الكريم التي لم يتحدث عنها أحد ممن سبق من العلماء لأخذتك الدهشة.
ولقد ألزمت نفسك بأمور لا طائل تحتها، فكيف عرف العرب صورة هذه الشجرة التي تخرج من أصل الجحيم، بإشارة القرآن الكريم لها؟؟؟ فأصبحت كالمشاهدة؟ فأقول لك أحسبني عربي ولا أستطيع أن أرسم في ذهني أية صورة لهذه الشجرة. ألست مخاطبا بهذه الآية الكريمة. أستعيذ بوجهه الكريم مما هو أعلم به مني.
وليس المراد من هذا التشبيه لشجرة الزقوم هو أن يقف الناس على صورة لها بل الغاية أن لا يقف السامع على هذه الصورة فيكون خوفه وهلعه أكبر، فهو خوف مبني على خوف وظلمات على ظلمات، ليستقر في فؤاد القارئ هلع من تلك الشجرة. على نحو أن أدخل رجل في غرفة شديدة الظلام وأقول له ستلطم فيها، فيكون خوفه من جهتين أولا من عدم إدراكه لشيء في هذه الغرفة، وثانيا من عدم إحاطته بجهة اللطمة، ولله سبحانه وتعالى وكلامه المثل الأعلى.
وهذا معهود في كلام العرب، فهل العرب تعرف الغول؟؟؟؟ هل الغول حقيقة؟؟؟ ما هي أوصاف أسنانه؟؟؟ هل شاهدها أحد؟؟؟؟
ثم تتحدث عن المجاز العقلي بأسلوب فهمته أنت من دراستك وضيقت واسعا؟؟؟ ثم تأتي بهذا التضييق لتطبقه على تفسير الآية الكريمة؟؟؟
من قال أن وجه الشبه (الذي قصدته أنت حسب فهمك بأنه لابد أن يكون مدركا) يجب أن يكون معلوما وأظهر في المشبه منه؟؟؟
أرجو التكرم بقراءة هذه النصوص ثم التعليق عليها:
ثمار القلوب في المضاف والمنسوب الثعالبي - (1/ 23)
... حدث الصولي، بإسناد له عن أبي عبيدة، قال: لما قدمت من البصرة، وصلت إلى الفضل بن الربيع، فسلمت عليه بالوزارة، فضحك إلي واستدناني، حتى جلست بين يدي فرشه، ثم لاطفني واستنشدني، فأنشدته عيون أشعارٍ أحفظها جاهليةً؛ فقال: قد عرفت أكثر هذه، وأريد من ملح الشعر، فأنشدته منها، فطرب لها وضحك، وزاد نشاطه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم دخل رجل في زي الكتاب، له هيئة، فأقعده إلى جانبي، وقال له: أتعرف هذا؟ قال: لا قال: هذا علامة أهل البصرة، أبو عبيدة؛ احضرناه لنستفيد من علمه. فدعا له الرجل وقرظه لفعله هذا، وقال لي: والله إني كنت مشتاقاً إليك؛ وقد سئلت عن مسألةٍ، أفتأذن أن أعرفك إياها؟ قلت: هات. قال: قال الله عز وجل: " طلعها كأنه رؤوس الشياطين "؛ وإنما يقع الوعد وإلا يعاد بما عرف مثله، وهذا لم يعرف!.
فقلت: إنما كلمهم الله تعالى بما يعرفون، وعلى كلام العرب؛ أما سمعت قول امرئ القيس:
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال
وهم لم يروا الغول، ولكن لما كان أمر الغول يهولهم أوعدوا به. فاستحسن الفضل ذلك، واستحسنه السائل، فاعتقدت منذ ذلك الوقت أن أضع كتاباً لمثل هذا وأشباهه.
فلما رجعت إلى البصرة علمت كتابي الذي سميته كتاب المجاز.
جواهر البلاغة في المعاني والبيان والبديع أحمد الهاشمي - (1/ 187)
في تقسيم طرفي التشبيه إلى حسِّي، وعقلي
طرفا التشبيه «المشبه، والمشبه به»
(1) إمَّا حسيَّان (1)
__________
(1) اعلم أن من الحسي: ما لا تدركه الحواس الخمس التي هي (البصر والسمع والشم والذوق واللمس) ولكن تدرك مادته فقط ويسمى هذا التشبيه (بالخيالي) الذي ركبته المخيلة من أمور موجودة، كل واحد منها يدرك بالحس - كقوله
كأن الحباب المستدير برأسها كواكب در في سما عقيق
فان كواكب در، وسماه عقيق، لا يدركها الحس، لأنها غير موجودة - ولكن يدرك مادتها التي هي الدر والعقيق، على انفراد - والمراد بالحباب ما يعلو الماء من الفقاقيع والضمير للخمر - ومنه أيضا قول الآخر.
وكان محمر الشقيـ ... ... ق إذا تصوب أو تصعد
أعلام ياقوت نشر ... ... ن على رماح من زبرجد
فان الأعلام والياقوت والزبرجد والرماح موجودة - لكن المشبه الذي مادته هذه، ليس موجوداً ولا محسوساً، والمراد بالعقلي ما لا يدرك هو ولا مادته باحدى الحواس الظاهرة - بل إدراكه عقلا، فيدخل فيه الوهمي وهو مالا يدرك هو ولا مادته باحدى الحواس، لكن لو وجد في الخارج لكان مدركا بها -
ويسمى هذا التشبيه (بالوهمي) الذي لا وجود له ولا لأجزائه كلها أو بعضها في الخارج، ولو وجد لكان مدركا باحدى الحواس كقوله تعالى (طلعها كأنه رؤوس الشياطين) - وكقوله
أيقتلني والمشرفي مضاجعي ومسنونة زرق كأنياب أغوال
فان أنياب الأغوال لم توجد هي ولا مادتها، وانما اخترعها الوهم، لكن لو وجدت لأدركت بالحواس، والمشرفي السيف، والمسنونة السهام، والأغوال يزعمون أنها وحوش هائلة المنظر، ولا أصل لها، والوجدانيات كالجوع والعطش ونحوهما ملحقة بالعقلي ثم التضاد بين الطرفين قد ينزل منزلة التناسب، ويجعل وجه الشبه على وجه الظرافة أو الاستهزاء كما في تشبيه شخص ألكن (بقس بن ساعدة) - أو رجل بخيل (بحاتم) - والفرق بين الظرافة والاستهزاء يعرف بالقرائن، فان كان الغرض مجرد الظرافة فظرافة - وإلا فاستهزاء
وأخيرا لا يعني فهم أهل العلم لهذه الآية الكريمة بأوجه العلوم المحققة في هذا العصر وبيان الإعجاز العلمي فيها من عدّة أوجه أن ذلك ينافي الإعجاز البياني وبلاغة القرآن الكريم التي لم يدرك شأوها مخلوق.
فلم يقل الله تعالى يصعد بل يصّعّد ??? فهل هناك فرق؟؟؟ ولماذا يلبس الطيارون العسكريون هذه البدلات والخوذ التي تكلف الواحدة منها آلاف الدولارات، وما الذي تحتويه كل بدلة وخوذة.
أخي الحبيب إسأل عن تفجر شعيرات الدماغ عند الطيارين العسكريين، وإن عرفت أحدهم فلا تتأخر بسؤاله.
فليس التصعّد مقصورا على قلّة الأكسجين فقط
والله سبحانه وتعالى أعلم وهو من وراء القصد
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[26 Sep 2009, 10:37 ص]ـ
الإخوة الكرام:
بارك الله فيكم جميعاً وأحسن إليكم ...
سأضيف إن شاء الله الجزء الثالث والأخير من هذا المبحث ...
ولعلنا إن شاء الله نتدارس هذه الآية وغيرها من الجوانب المتعلقة بالإعجاز العلمي ...
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[26 Sep 2009, 10:40 ص]ـ
(3)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
(يُتْبَعُ)
(/)
فهذا الجزء الثالث والأخير مما كنتُ كتبتُ في بيان تهافت القول بالإعجاز العلمي في تفسير هذه الآية (فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) (الأنعام:125)، سائلاً الله أن ينفع به، وسآتي فيه بإذن الله بالجواب عن سؤال الأخ محمد الأمين، كما وعدتُ، وقبل هذا أحب أن أشير إلى أمرين هما بسبيلٍ مما نحن فيه، فأقول:
1. أقَرِّرُ مَرَّةً أخرى أمراً نكون فيه على بيِّنةٍ: نحنُ هنا لا نُنكِرُ الحقائقَ العِلميَّةَ، وما وصلَ إليه العِلم الحديثُ من مُكتشفاتٍ ومخترعات، وليس لنا أن نُنكرَها إذا ما ثَبَتَتْ، بل نقولُ إنَّ وجودَ الحقائقِ العِلْمِيَّةِ شيءٌ، وادعاءَ أنَّ القرآنَ دل عليها وأشارَ إليها بتفصيلِها - على وجهٍ لم يكنْ معهوداً للعربِ ولا معروفاً لهم حتَّى جاءِ العِلمُ الحديثُ فَكَشَفَ عنها وعن المعنى المقصودِ بها، أي أنَّ آيات ِالقرآنِ بهذا تُفسِّرُ هذه الظواهرَ العِلميَّةَ وتذكرُ الأسبابَ الكامنةَ وراءَها- شيءٌ آخرُ. ونزاعُنا معَ أربابِ الإعجازِ العِلميِّ ليس في أصلِ الحقائقِ العِلميَّةِ، ولا في ثبوتِها، بل في زعمِهم ودعواهُم أنَّ القُرآنَ دلَّ عليها وأشارَ إليها على وجهٍ تفصيليٍّ لم يكن معروفاً للعربِ، ولا معهوداً لهم، وأنَّ معاني الآياتِ لم تكن مفهومةً لهم حقَّ الفهمِ، أو كانت من المُتشابِهِ الذي لا يُعرفُ معناهُ، حتَّى جاءَ العِلمُ الحديثُ فكشفَ عنها، أو أنَّ هذه الآياتِ بمفرداتها وتراكيبِها كانت لها معانٍ معيَّنَةٌ عند العربِ آنذاك بحسبِ معهودِهم في الكلامِ وتصرُّفِهم فيه، ثمَّ لمّا جاءَ العلمُ الحديثُ أضافَ إليها معاني أخرى جديدةً لم تكن معروفةً لدى العربِ الأوَّلين، ويجعلون من هذا التفسيرِ العِلميِّ، ومن سبقِ القرآنِ في الإشارةِ إلى هذه الحقائقِ العلميَّةِ والطبيعيَّةِ وجهاً جديداً من وجوهِ الإعجازِ القرآنيِّ!!! هذا ما ننازعُ فيهِ، ونُشَدِّدُ النَّكيرَ على القائلِ به.
2. كثيراً ما يعترض أنصار الإعجاز العلمي على منكري الإعجاز العلمي بأنهم ليسوا متخصصين في العلوم الحديثة، من طب وهندسة، وفيزياء وكيمياء وجيولوجيا وفلك .... إلخ، وأنهم لهذا لا يستطيعون أن يتصوروا الإعجاز العلمي حق تصوره، ولا أن يقدروه حق قدره، وهذا وهمٌ لا حظَّ له من التحقيق، والصوابُ الذي لا شك فيه أن نتبيَّن الفرقَ بين:
أ. دراسة العلوم الحديثة، والتعمق فيها، وسبر أغوارها، ونيل أعلى الدرجات في التخصصات المختلفة.
ب. وبين دلالة القرآن على ما كشفت عنه العلوم الحديثة من أسرار وخفايا في هذا الكون.
فمحل الأول التجربة والملاحظة، والاستنتاج المبني عليهما، محل الطب ما كشفت عنه التجارب والملاحظاتُ من أدوية وعقارات، وما وصلت إليه الآلات الطبية من قدرة على إجراء أدق العمليات الجراحية، ومحل الهندسة الرياضيات، وما فيها من تفاضل وتكامل ودوال مثلثية وديكارتية، والمباني وإنشاؤها، والآلات بمختلف أنواعها وأغراضها من حيث تصميمها وتصنيعها على وجه يؤدي الغرض منها، ومحل الزراعة التربة والنبات ..... إلخ. أما معرفة إن كان في القرآن دلالةٌ على شيءٍ من أسرار الطب أو الصيدلة أو الهندسة أو الزراعة والصناعة أوالفلك والفيزياء والجيولوجيا فمحلُّها فقهُ اللغةِ وأصولُ الفقهِ، والأصولُ التي يجب أن نسير عليها في فهم الكلام، والنظر في دلالاتِ الألفاظ على معانيها في النصوص الشرعية من قرآن وسنة إنما تكون بحسْبِ ما قَرَّرَه أَهلُ هذا الفَنِّ من عُلَمَاءِ الشَّرْعِ، فننظرُ في الأَمْرِ والنَّهْيِ، والعَامِّ والخاصِّ، والمُطلَقِ والمُقيَّدِ، والمجمَلِ والمُبَيَّنِ، والنّاسِخِ والمَنسوخِ، والحقيقةِ والمجازِ، والاشتراكِ والإِضمارِ، والمنطوقِ والمفهومِ، وفي الأدلَّةِ الإجماليَّةِ من كتابٍ وسنَّةٍ وإجماعٍ وقياسٍ، وفي التَّعارُضِ والتَّراجيحِ، وأَحكامِ الاجتهادِ والتَّقليدِ، وفي مُصطلحِ الحديثِ والنَّحوِ والصَّرفِ واللغةِ، وفنونِ البلاغةِ والبيانِ، وغيرِ ذلك ممَّا قرَّرَه أهلُ هذه الفَنونِ، وفصَّلوا القولَ فيه، والتي لا تمتُّ إلى العلومِ
(يُتْبَعُ)
(/)
الحديثةِ وما أَحرَزَه فيها أَصحَابُها بِصِلَةٍ، والأطباءُ والمهندسون والفيزيائيون في هذا عيالٌ على الفقهاء وعلماء الدين. وإذا كان الكلام في العلوم الحديثة لا يكون إلا لمتخصص فيها، فكذلك علوم الشرع، واللغة، لا يجوز أن يتصدر لها إلا من ألم بشيء من فقه اللغة وأصول الفقه يُمكِّنُه من الخوضِ فيها. بل إنَّ الحقَّ الذي لا ريبَ فيه أنَّ هذه العلومَ الشرعيَّةَ من فقهٍ وحديثٍ وتفسيرٍ وكلامٍ هي أَجَلُّ المَعارفِ وأَعْظَمُها، وأَرْفَعُها دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ، وأنَّ أهلَها وأرْبابَها العُلَماءَ من المُتَكَلِّمين والفُقَهاءِ والمُحَدِّثين والمُفَسِّرين وأهلِ العربيَّةِ هم أعلى النَّاسِ مَنْزِلةً بما استُحفِظوا من كتابِ اللهِ، وأَخَصُّ العُلماءِ في هذا الفُقَهاءُ.
هذان أمران تمسُّ إليهما الحاجة، في مبحثنا هذا، فأحببت أن أقدمَّ بهما، لندرك مكمن الخلل في كثير من اعتراضات القائلين بالإعجاز العلمي وأنصاره، ونكونَ منها على بينة.
وأعود إلى ما كان بيننا من مدارسة بخصوص هذه الآية المذكورة، فقد بيَّنَّا في السابق أن القول بالتفسير العلمي لهذه الآية فيه مخالفة لأصول البلاغة وحسن الإفهام من حيث إن الغرض من التشبيه إنما هو تقريب المعنى إلى السامع، وتمكينه وتثبيته في نفسه، والله سبحانه وتعالى يقول إنه إذا أراد إضلال عبدٍ من عبادِه جعل صدره ضيقاً حرجاً، فكيف يقرِّبُ معنى ضيق الصدر إلى المخاطبِ ويمكنه في نفسه بقولِه (كأنما يصَّعدُ في السماء) على تأويل أن الآية تشير إلى نقصان الأكسجين في طبقات الجو بالصعود فيه، والعرب لا تعرف شيئاً من هذا ولا تعهده؟ فلا بد إذن أن يكون للتصعد في السماء معنى معهود عند العرب الأولين، فيؤدي التشبيه مقصوده والغرض منه، وإلا كان في الكلام خروج على أصول البلاغة وحسن الإفهام ينزَّه عنه منصب الشارع.
ثم جينا بأقوال المفسرين الأولين لهذه الآية، والذي هو تفسير العرب الأولين وفهمهم لها، مما يبين أن هذه الآية كانت مفهومة لهم حق الفهم، ولم يكن فيها شيء غير ذي معنى، فمنهم من قال إنها مثل يضرب في التكليف بما لا يطاق، ومنهم من قال إن الكافر يكاد لضيق صدره وضجره بالإسلام لا يجد إلا أن يصعد في السماء نفوراً من الإسلام، وزيغاً عن الحق. كما أن الكثير منا إذا غشيه ما يكره، وجاءته المصايب من كل جهة أحس كأنما هو يختنق، فيقول: أحسن أنني أختنق، والخنق المحسوس الذي هو انقطاع النفس غير مقصود قطعاً. ولهذا نظائر كثيرة حتى في لهجتنا المحكية، نقول نحن في الأردن: فلان يريد أن يقيم الدين في مالطا، دلالة على صعوبة ما يطلب، وأنه ليس في الوسع، وليس المقصود بهذا المعنى الحرفي لهذه الألفاظ، وإنما هو مثل يضرب في التكليف بما لا يطاق، وتقول: فلان يمشي على بيض، وهو مثل يضرب في الدلالة على البطء الشديد وثقل الحركة، وليس المقصود وجود بيض حقيقي يمشي عليه، وكذلك التصعد في السماء ليس المقصود به التصعد في السماء على الحقيقة، وإنما هو مثل يضرب في التكليف بما لا يطاق، والأمثلة على هذا كثيرة في الكلام القديم، منها على سبيل المثال لا الحصر، قوله تعالى ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ? (آل عمران:102)، فإنها تدلُّ بالمطابقةِ على النَّهيِ عن الموتِ، مع أنَّ الموتَ ليس مقدوراً للمكلَّفِ، فلا يكونُ مقصوداً بالآيةِ، وتُصرَفُ دلالتُها من النَّهيِ عن الموتِ الذي لا يُتَصَوَّرُ أن يكونَ مراداً - إذ هو غير مقدورٍ للمكلَّف- إلى النَّهيِِ عن مفارقةِ الإسلامِ حتى المماتِ، كقولِك (لا تمت كافراً)، أو (لا تمت ظالماً) أو (مُتْ شهيداً)، فإنَّ معناها المطابقيّ هو النَّهيُ عن الموتِ على حالِ الكفرِ أو حالِ الظلمِ، أو الأمرُ بالموتِ قتلاً بيدِ الأعداءِ، فلمّا عرفنا أنَّ الموتَ ليس فعلاً للمكلّفِ ولا مقدوراً له، عرفنا – بدلالةِ الالتزامِ- أنَّ المقصودَ بالنَّهيِ ليس النهيَ عن الموتِ حالَ الكفرِ، أو حالَ الظُّلمِ، وإنما النهيُ عن الكفرِ – الذي هو مقدورٌ للمكلَّفِ- حتى يأتيَه الموتُ، وعن الظلمِ – الذي هو أيضاً مقدورٌ للمكلّفِ- حتى يأتيَه الموتُ، وعرفنا بدلالةِ الالتزامِ أيضاً أنَّ الأمرَ ليس بالموتِ، بل بقتالِ الكفّارِ إلى أن
(يُتْبَعُ)
(/)
يُدركَكَ الموتُ أو تُقتَلَ بيد الأعداءِ.
ومنها الدعاء المأثور (الله متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبداً ما أحييتنا، واجعل الوارث منا)، فقوله: واجعله الوارث منا لا يُتَصَوَّرُ وقوعُه، إذ لا يعقل أن يرثك سمعك وبصرك، ولكن المقصود ألا يفارقك سمعك ولا بصرك ولا شيء من قوتك حياتَك كلها. فهو مثل يضرب في الدعوة بديمومة الحواس والقوات، فتدعو لنفسك بأن ترثك.
هكذا إذن نفهمُ قولَه تعالى ?كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء? على معهود العربِ الأوَّلين الذين نزل القرآنُ بلسانهم، فنقولُ: لمّا كانَ الصُّعودُ إلى السَّماءِ غيرَ مقدورٍ لِلمُكَلَّفِ، وتكليفاً بما لا يُطاقُ، شبّهَ القرآنُ ضيقَ صدرِ الكافرِ، وحَرَجَه بالإسلامِ، وبدعوةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بمن يصَّعَّدُ في السماءِ، أي بمن يَتَكَلَّفُ ما لا طاقةَ له به، أي إنَّك إذ تطلبُ إلى الكافرِ أن يؤمنَ باللهِ وبالإسلامِ تُكَلِّفُه ما لا طاقةَ له به، فكأنّما هو يَتَرَقَّى في السماءِ نبوّاً عن قبولِ الإسلامِ، واستكباراً، أو نفهمُها على الوجهِ الثاني الذي أشارَ إليه الإمامُ الرازيُّ بمعنى بعدِ الكافرِ عن الإسلامِ كبعدِ الأرضِ عن السماءِ، فهو يضيقُ صدرُه بالإسلامِ، وينبو عن قبولِه، ويَتَحَرَّجُ به، إذ ليس في صدرِه مكان للإسلامِ، فمثلُه في تَكَلُّفِه ما لا يطاقُ مثلُ الذي يُكلَّفُ الصعودَ في السماءِ.
وهذا كافٍ في بيان معنى الآية على معهود العرب الأولين، ويكون زعم من زعم أن الأولين لم يعرفوا لها معنىً، أو لجؤوا إلى تأويلِها لأنهم عجزوا عن تصوُّرِ ما جاءت به زعماً عارياً عن الصحة، ولا نصيب له من الحق.
ويبقى أن نتدارس ما أشار إليه الأخ محمد الأمين من أن الوجه القديم في تفسير الآية كان على معهود العرب الأولين، وما كشف عنه العلم الحديث لا يعارضُ الوجه القديم، وقال إنَّ هذا الوجه الجديد مما تحتمله اللغة، وتقبلُه العادة، وما كان كذلك فلا مجال لإنكاره، وللأخ العليمي المصري كلام على هذا المعنى، ولعلي أصوغ ما أشار إليه الأخوان محمد الأمين والعليمي بأن يقال: ما المانعُ من أن يكونَ العربُ قد فهموها على معروفِهم ومعهودِهم، أو فهموا منها ما قدروا على فهمِه، من أنها بمعنى التكليفِ بما لا يُطاقُ، أو بعدِ الكافرِ من الإسلامِ كبعدِ الأرضِ عن السماءِ، أو نُبُوِّ الكافر عن قبول الإسلام وضجره به حتى كأنه يتصعد في السماء، ثمَّ لمّا جاءَ العلمُ الحديثُ كشفَ لنا عن معنىً آخرَ في تفسيرِ هذه الآيةِ، والذي هو ضيقُ الصَّدرِ وحرجُه بسَبَبِ نقصانِ الأكسجينِ عند الصُّعودِ إلى طبقاتِ الجوِّ العُليا. وبالتالي يكونُ لدينا وجهانِ محتملانِ في تفسيرِ الآيةِ:
1. الوجهُ القديمُ الذي فَهِمَه العَرَبُ على معهودِهم بمعنى التكليف بما لا يطاق، أو كأن الكافر يصعد في السماء لشدة ضيقه بدعوة الإسلام.
2. والوجهُ الجديدُ الذي كَشَفَ عنه العلمُ الحديثُ، وهو أن الأكسجين يتناقص في طبقات الجو العليا، فيؤدي إلى ضيق الصدر والحرج.
وبهذا يكونُ العربُ قد فهموها على معهودِهم، على ما يقتضيه فنُّ التشبيهِ من تقريبِ المعنى إلى السامعِ، وبما يجري على أصولِ البلاغةِ وحسنِ الإفهامِ ولا يُصادِمُها، ويكونُ لنا – بعد ذلك- أن نضيفَ إليها وجهاً جديداً كشفَ عنه العلمُ الحديثُ بما لا يخالفُ أصولَ البلاغةِ بعد أن أصبحَ نقصانُ الإكسجينِ عند الصعودِ في السماءِ معنىً معهوداً لنا في هذا العصرِ، وحقيقةً علميَّةً لا جدالَ فيها، وهذا وجه تحتمله اللغة، وتقبله العادة، أما احتمال اللغة فإن الصعود إلى السماء على ما كشف عنه العلم الحديث يؤدي إلى ضيق الصدر وحرجه، وإذا استقر هذا الكشف الجديد في أذهان الناس وعاداتهم كان التشبيه به مفيداً من حيث إن المعنى الجديد بات معهوداً فلا محذور؟
(يُتْبَعُ)
(/)
فأقول وبالله التوفيق: ونحنُ ندَّعي في مقابل ذلك أنَّه لا بدَّ عندَ تفسيرِ كلامِ العربِ الأولين، أو الكلامِ الذي نزلَ بلسانهم من اتِّباعِ معهودِهم – أي معهودِ العربِ الأوَّلين- وتصرُّفِهم في الكلامِ آنذاك، ولا يجوز حمل الكلام على ما يستجد عند الناس من معانٍ ودلالاتٍ للألفاظ على مرِّ الزمن، ذلك أنَّ القرآنَ نزل بلسانِ العربِ الأولين، ولغتهم هم، وعلى معهودِهم واصطِلاحِهم هم في هذه الألفاظِ ومعانيها ولوازمِها، لا على معهودِنا نحن، ولا على اصطِلاحِنا نحن. والأصلُ أن يكونَ العربُ فهموها على معنىً ما معيِّن على معهودِهم في الكلامِ وتصرُّفِهم فيه آنذاك، فيكونُ هذا هو الوجهَ المقصودَ بالآيةِ، ويكونُ شافياً لِلغليلِ، لأنَّ فهمَ المفسِّرين الأوَّلين، كان هو فهم العربِ الأوَّلين أهلِ اللغة.
على سبيل المثال، أُثرَ عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنَّه قال لبعض نِسائه: أسرعُكُن لحوقاً بي أطولُكن يداً، والمقصود بطول اليد في معهود العرب الأولين هو البذل والعطاء والصدقة، أما في معهودنا الآن فالمقصود بطول اليد إذا وصفتَ بها رجلاً أنَّه سارق تمتد يدُه إلى ما لا يملكُ. فلا يجوز عند بيان كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أن ننظر إن كان يمكن حمل كلامه على المعنى الجديد لـ "طول اليد"، والذي نعهدُه في كلامنا، بل ننظر في معهودِ أهل اللسانِ في ذلك الوقتِ الذي قيلَ فيه.
مثال آخر: "جيب الثوب" أو "جيب القميص" كان عند العرب الأولين بمعنى طوقِه وفرجتِه، فأصبحت الآن على معنى الجيب المعروف "المخباة" الجانبي أو مما يلي الصدر.
مثال آخر: لفظ "انصرف" يتضمَّنُ في عرفِنا معنى الإهانة، ولم يكن كذلك عند العربِ الأوَّلين. فلا يشفع لك إن قلتَ لأحدِهم: انصرف، أن تقول لا أعني بهذا إهانتك، ذلك أن العبرة بما يعهده الناس الآن من هذا المعنى، أما إن وردت في كلام العرب الأوَّلين، فلا تفهمُ منها معنى الإهانة.
وقس على هذا كلامَ العربِ الأوَّلين في شعرهم ونثرهم، فلا يجوز أن تكون دلالات هذه الألفاظِ ومعانيها متجددةً متطورةً فيما بلغنا من أشعارِهم. بل نفهمها على ما كانوا يعهدونه في الألفاظ ومعانيها ولوازمها، ولا نحملها بأي حال من الأحوال على ما استجد عندنا من معانٍ ولوازم.
ولذلك فإنَّ إبطالَ الوجه الذي أشار إليه أخونا محمد الأمين يكفي فيه أن ننظرَ إلى واقع اللغة من حيثُ هي لغةٌ، أي من حيثُ هي ألفاظٌ دالَّةٌ على معانٍ، وأنّ هذه الألفاظَ والأصواتَ حتى تكونَ لغةً شائعةً بين الناس لا بدَّ فيها من المواضعةِ والمصالحةِ، أي لا بدَّ من اشتراكِ الناسِ في معرفةِ هذه الألفاظِ ومعانيها والمقصودِ بها واتفاقِهم على ذلك، وأنَّ مخاطبتَك لشخصٍ ما - إذا لم تكن على معهودِ الكلامِ، وعرفِ اللغةِ، من حيث الألفاظُ والتراكيبُ ودلالاتُها على المعاني- لا تعدو أن تكون ضرباً من ضروبِ الهذيانِ.
وعليه نقول: إنَّ اللهَ لو خاطبَ العربَ الأقحاحَ بمفرداتِهم وتراكيبِهم، ثم لم يفهموا المرادَ من هذه الجملِ والتراكيبِ في ذلك الوقتِ، لكانَ هذا ضرباً من ضروبِ الهذيانِ الذي يُنَزَّهُ عنه منصبُ الشارع.
ونقولُ أيضاً: إنَّه لا يجوزُ أن تكونَ دلالاتُ آياتِ القرآنِ ومفرداتِه مُتَجَدِّدَةً مُتَطَوِّرَةً على مَرِّ العصورِ، يفهمُها أهلُ كلِّ عصرٍ بحسبِ ما يشيعُ في عصرِهم من معاني المُفرداتِ، وما وصل إليه من علومٍ كونيَّةٍ أو طبيعيَّةٍ، أو عَثَرَ عليه خيالُه من إشاراتٍ بعيدةٍ، لأنَّ العبرةَ إنما هي بالألفاظِ ومعانيها عند العربِ الأولين أهلِ اللسانِ، كيف كانت العربُ تعقِلُها وتفهمُها وقتَ نزولِ القرآنِ، وليس في كلِّ عصرٍ.
لا نعني بهذا أنَّه لا يجوزُ استعمالُ كلمةٍ عربيةٍ في معنىً غيرِ الذي وُضِعت له ابتداءً، بل يجوزُ وضعُها أو استعمالُها بإزاءِ معنىً غيرِ المعنى الذي وَضَعها له العربُ الأوَّلون أهلُ اللغةِ، لعلاقةٍ بين المعنى الأصيلِ والمعنى الجديدِ، على ضربٍ من التجوُّزِ والاستعارةِ المعهودةِ في كلامِ العربِ، كأن نضعَ مثلاً كلمةَ "ذَرَّة" للدلالةِ على مقصودِ التجريبيين المقابلِ لكلمةِ " atom" الإنجليزيةِ، مع أنها بأصلِ الوضعِ تدلُّ على صغارِ النَّملِ، ولفظَ "طائرةٍ أو طيّارةٍ" في الدلالةِ على معنى الطائرةِ المعروفِ، لأنَّها تشتركُ مع الطيورِ
(يُتْبَعُ)
(/)
الحيوانيةِ في أصلِ الطيرانِ، أو كلمةَ "سيّارةٍ" للدلالةِ على معنى السيّارةِ المعروفِ، لأنَّها تسيرُ على الأرضِ وتشتركُ مع الدوابِّ الأرضيّةِ في أصلِ السَّيرِ، وإنَّه وإن كانت صفةُ الطيرانِ والمشيِ موجودةً في أكثرَ من فردٍ أو ماهيّةٍ كالطيرانِ في سائرِ الطيور، وصِفَةِ السَّيرِ عندَ الدَّوابِّ كافَّةً، إلاّ أنَّ الناسَ في - عرفِها- قد تُخَصِّصُ أحدَ هذه الأفرادِ أو الماهيّاتِ بتلك الصفةِ - دون غيرِها ممن يتَّصِفون بها وتَتَحَقَّقُ فيهم- لغلبتِها عليه، أو لكثرةِ استعمالِها في كلامِهم خاصّةً بذلك الفردِ دون غيرِه، أو تلك الماهيَّةِ دون غيرِها، فيشيعُ عندهم تسميةُ هذا الفردِ أو ذاك بهذه الصِّفةِ، حتى تكونَ أغلبَ وأدلَّ عليه من اسمِه الأصيلِ، كتسميةِ "المسكِ" عند العربِ بـ"المشمومِ"، مع أنَّ الأشياءَ المشمومةَ لا تُعَدُّ ولا تحصى، ولكن لمّا غَلَبَ استعمالُ كلمةِ "المشمومِ" عند العربِ في "المسكِ"، كانت أخصَّ به من غيرِه من المشموماتِ. ومن ذلك أنَّ لفظَ "السخّانِ" أو "البرّادِ" صارَ أولى بالحوافظِ الحراريَّةِ المعروفةِ باسمِ "الثيرموس" من النارِ أو الثلاّجة، مع أنَّ هذه الحوافظَ الحراريةَ لا فعلَ لها في أصلِ التسخينِ أو التبريدِ، إلاّ في الحفاظِ على برودةِ السائلِ أو سخونتِه داخلَها! فإذا بالناسِ تُسمّيها بغيرِ صفتِها التي هي عليها!!! وهذا أمرٌ جائزٌ لا مشاحّةَ فيه، وقد يُنقلُ اللفظُ إلى معنىً آخرَ جديدٍ لغيرِ علاقةٍ، أي يُرتجلُ ارتجالاً في المعنى الجديدِ، وما دام الناسُ قد اصطلحوا وتواضعوا على تسميتِها بهذا الاسمِ - أيّاً كانت صفتُها- فلا مكانَ للاعتراضِ، وهو عرفٌ بين الناس قد فشا وغلبَ في كلامِهم، فلا يُنازَعون فيه.
فتجدد الدلالات وتطورها وتغيرها على مرِّ الزمن سنَّةُ الله في كلِّ لغة، وكلِّ لسان، فلا مشاحةَ فيه، ولكنَّ المحذور هوأن نُفَسِّرَ آياتِ القرآنِ الكريمِ ونصوصَ السُّنَّةِ المُطَهَّرَةِ، وكذلك نصوصَ الأوَّلين وأقوالَهم، وما أُثِرَ عنهم من شعرٍ أو نثرٍ أوخُطَبٍ، بما جدَّ عندنا وتبدَّلَ من معاني هذه الألفاظِ ولوازمِها، كأن نُفَسِّرَ قولَه تعالى ?وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ? (يونس:61) بأنَّ المقصودَ به هو الذَّرَّةُ المعروفةُ في العِلمِ التجريبيِّ أو العلمِ الحديثِ، أو أن نفسرَ قولَه تعالى ?وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ? (الأنعام:38) بأنَّ المقصودَ بها الطيورُ الحيوانيةُ والطائراتُ المعروفةُ الآن، وأنها كلَّها حيوانَها وحديدَها أممٌ أمثالُنا، وأن نزعم أن التصعد في السماء الوارد في الآية فيه إشارة إلى نقصان الأكسجين، وأن نزعم مثلاً أن الشاعر إذ يقول:
أدميت باللحظات وجنته ... فاقتص ناظره من القلب
إنما يشير إلى ازدياد ضخ الدم إلى الوجنتين عند الخجل، وأن العرب عندما قالت في وصف الصانع الحاذق: إن له عليها إصبعاً، إنما أشاروا إلى حقيقة البصمات التي تختلف بين بني البشر ... إلخ. فهذا كلُّه من تحميل الكلامِ ما لا يحتمل، والذي هو ضرب من ضروب الهذيان الذي لا حظ من البلاغة وحسن الإفهام، وإنما الحقُّ أن نتَّبعَ في تفسيرِ هذه النصوصِ معهودَ أهلِ اللغةِ في ذلك العصرِ الذي نزل فيه القرآنُ، في معنى الذَّرَّةِ والسيَّارَةِ والطائرةِ، وعلى معهود الناس في الألفاظ ومعانيها في العصر الذي قيل فيه ذلك الشعر، أو ذلك المثل.
المقصودُ هنا أن نُقَرِّرَ أنَّ النصوصَ التي وردت في عصرٍ ما أيّاً كانت هذه النصوصُ، لا بدَّ أن تُفسَّرَ على معهودِ الناسِ في الألفاظِ ومعانيها ولوازمِها في ذلك العصرِ – فقط- لا بما يعهدُه الناسُ في معانيها في كلِّ عصرٍ، وإلاّ كان هذا ضرباً من ضروبِ الهذيانِ، وتحميلاً للألفاظِ وأقوالِ الناسِ، وما أُثِرَ عنهم من شعرٍ أو نثرٍ ما لا تحتملُ، وما لا طاقةَ لها به.
(يُتْبَعُ)
(/)
والقرآن - الذي هو كلامُ الله سبحانه وتعالى، والذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم، والذي هو معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم الخالدة على وجه الدهر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها- هو من جنس كلام العرب في ألفاظه وتراكيبه ومعانيها، فلا نفهمه ولا نعقله إلى على ما كانت العرب تفهمه وتعقله. لهذا تجد المفسرين إذا ما حملوا آيةً ما على معنىً من المعاني، أو على وجهٍ من وجوهِ التأويل، جاؤوا من كلامِ العرب الأولين وأشعارهم بما يؤيد ما ذهبوا إليه، وتجدهم قد تكلموا فيما يحتج به وما لا يحتج من كلام العرب، وما يسمى بعصر الاحتجاج، كل هذا لأجل أن يفهموا القرآن على معهود العرب الأولين أهل اللسان الذي نزل به القرآن.
وفي هذا جواب الأخ محمد المختار، الذي قال إن التفسير الجديد تحتمله اللغة وتقبله العادة، فالحق أن اللغة لا تقبله من حيث إننا لا ننظر إلى معاني الألفاظ مجردة، وما يمكن أن تحتمله في كل عصر من العصور، بل نقول إن الأصل أن ننظر في معاني الكلام عند أهل ذلك العصر الذين نزل القرآن بلسانهم، لا في كل عصر.
وعلى هذا نقول: لمّا كانت أذهانَ العربِ الأوَّلين الذين نزلَ القرآن بلسانهم لا تنصرفُ إلى هذا المعنى الجديد للتصعد في السماء، عند النطقِ باللفظِ، ولمّا كان هذا اللازمُ غيرَ معهودٍ للعربِ الأوّلين الذين نزلَ القرآنُ بلسانهم فإن هذا كافٍ في ردِّ هذا الوجهِ المُدَّعى في تفسيرِ الآيةِ من حيث اللغة، إذ لا يجوزُ لنا أن نُفسِّرَه بغير ما كانت تعهده العربُ، ولا يجوز أن نذهب في تأويله على معهودِنا في الألفاظِ ولوازمِها، التي جدَّتْ وتغيرت في عصرنا هذا.
إذن ...
فلا يجوزُ بحالٍ أن يكونَ ما كشف عنه العلم الحديث وجهاً من وجوهِ تفسيرِ الآيةِ وتأويلِها، حتى ولو مرجوحاً، ذلك أنَّ الراجحَ والمرجوحَ في التأويلِ إنما يكونُ فيما تحتمِلُه الألفاظُ من معانٍ على معهودِ العربِ الأوّلين وتصرُّفِهم في الكلامِ آنذاك، وليس فيما يمكنُ أن تحتملَه هذه الألفاظُ من وجوهٍ على الإطلاقِ، وفي أيِّ عصرٍ من العصورِ. فلفظُ "اللمسِ" في قولِه تعالى ?أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء? (النساء:43) مُتَرَدِّدٌ عند العربِ - وعلى معهودِهم آنذاك في الكلامِ وتصرُّفِهم فيه- بين اللمسِ والوطءِ، أي لفظُ "اللمسِ" عندهم محتمِلٌ للمعنيين، فهو في حقيقتِه – عندهم- لمجرَّدِ المُلامسةِ والتماسِّ، ويُستعمَلُ بمعنى الوطءِ والجماعِ على ضربٍ من التَّوسُّعِ والمجازِ، والراجحُ والمرجوحُ في هذين المعنيين يعرفُ عند المجتهدين كلٌ بدليلِه، فالمعنيان كلاهما معهودان للعربِ، ومعروفان لهم، وهما محتَمَلان في الآيةِ على معهودِهم آنذاك، وكذلك لفظ "القرء" في تردده بين الحيض والطهر، وتردد النكاحِ بين العقد والوطء. أما تردُّدُ لفظِ "التصعُّد في السماءِ" بين إفادةِ التكليفِ بما لا يطاقُ، وإفادةِ نقصانِ الأكسجينِ في طبقاتِ الجوِّ العليا، فليس بصحيحٍ، إذ هو في المعنى الأوَّلِ معروفٌ معهودٌ للعربِ نأخذُ به في تفسيرِ الآيةِ، وهو في المعنى الثاني غيرُ معهودٍ ولا معروفٍ، فلا يكونُ مقصوداً في الآيةِ، ولا يجوزُ بحالٍ أن يكونَ محتَملاً ولو احتمالاً مرجوحاً.
وبما أنَّ هذا المعنى الجديدَ للتصعُّدِ في السماءِ - الذي يدّعون أنَّ العلمَ قد كشفَ عنه- لم يكن معهوداً للعربِ، ولا معروفاً لهم، فلا يجوزُ – على هذا- أن يكونَ وجهاً من وجوهِ تفسيرِ الآيةِ، لا راجحاً ولا مرجوجاً.
فلا ينبغي أن يُقالَ بهذا الوجهِ في تفسيرِ الآيةِ، لِما فيه من مُخالفةِ اللغةِ، وخروجٍ على أصولِ البلاغةِ وحُسنِ الإفهامِ. ثم إنَّ لنا أن نُلزمَ أنصارَ الإعجازِ العلمي والقائلين به على هذا أن يقبلوا بالتفسيرِ العلميِّ لكلامِ العربِ وأشعارِها، وما يمكنُ أن يدّعى من أنَّ الشعراءَ أشاروا في أشعارِهم وقصائدِهم، وأن العرب أشارت في أمثالها إلى حقائقَ علميَّةٍ كشفَ عنها العلمُ الحديثُ كما في مثال حمرة الخجل التي أشار إليها الشاعر، بصمة الإصبع في المثل الذي ضربته العرب للحذق والمهارة.
وبعد أيها الإخوة ...
فأحسب أنني بهذا قد استوفيتُ الحديث حول هذه الآية، وبيَّنتُ تهافتَ القول بالإعجازِ العلمي (التجريبي) المدَّعى في هذه الآية، من حيث بيان أن القول بالإعجاز العلمي فيها يبطل الغرض من التشبيه ويتضمن خروجاً على أصول البلاغة وحسن الإفهام، ومن حيث إن العرب الأولين قد فهموها وأدركوا معناها، فلا يجوز أن يُقالَ إن العرب الأولين لم يفهموها حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها، ومن حيث إبطال قول من يريد أن يجعل ما كشف عنه العلم الحديث وجهاً جديداً من وجوه تفسير الآية، ذلك أن هذا يأباه فقه اللغة.
فإن أحسنت فمن الله، وإن أسأتُ فمن نفسي ومن الشيطان.
وإن كان فيما أوردتُه آنفاً شيء لم أوفه حقَّه من البيان والتفصيل، فلعل هذا خشية الإطالة، على أن يتضح ما كان منه خافياً بمدارسة الإخوة بارك الله فيهم.
هذا والله أعلم، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلِّم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[26 Sep 2009, 01:41 م]ـ
(3)
وبعد أيها الإخوة ...
فأحسب أنني بهذا قد استوفيتُ الحديث حول هذه الآية، وبيَّنتُ تهافتَ القول بالإعجازِ العلمي (التجريبي) المدَّعى في هذه الآية، من حيث بيان أن القول بالإعجاز العلمي فيها يبطل الغرض من التشبيه ويتضمن خروجاً على أصول البلاغة وحسن الإفهام، ومن حيث إن العرب الأولين قد فهموها وأدركوا معناها، فلا يجوز أن يُقالَ إن العرب الأولين لم يفهموها حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها، ومن حيث إبطال قول من يريد أن يجعل ما كشف عنه العلم الحديث وجهاً جديداً من وجوه تفسير الآية، ذلك أن هذا يأباه فقه اللغة.
فإن أحسنت فمن الله، وإن أسأتُ فمن نفسي ومن الشيطان.
وإن كان فيما أوردتُه آنفاً شيء لم أوفه حقَّه من البيان والتفصيل، فلعل هذا خشية الإطالة، على أن يتضح ما كان منه خافياً بمدارسة الإخوة بارك الله فيهم.
هذا والله أعلم، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلِّم.
أخانا الكريم
هذا ما تحسبه أنه بيان هو ما كنت تكرره منذ البداية ولم تأت بجديد إطلاقا،وهذا التكرار هو الأجدر بين يوصف بأنه خارج عن أصول البلاغة وحسن الإفهام.
ومادام أن الأمر كذلك فدعني أشاركك هذا التكرار الممل وأقول:
إن الله تعالى شبه ضيق وحرج صدر الكافر بضيق وحرج صدر المصعد في السماء.
والتشبيه في معناه المجمل مفهوم، لكن المفسرين اختلفوا في تفسيرهم لحقيقة المصعد في السماء وجاءوا بأقوال هي أقوالهم ومحاولة منهم لتفسير العبارة ولكن دون طائل بل إن بعض أقوالهم لا يمكن قبولها بحال، والسبب في ذلك أن هذه الصورة المشبه بها صورة عقلية ذهنية ممكن تصورها لكنها لم تكن تعرف في واقعهم، لكنها اليوم في زمن الصعود إلى الفضاء أصبحت حقيقة واقعة ملموسة ومن خلالها أدركنا مالم يدركه الأولون من معنى العبارة، وهذا لا يخرج بالقرآن عن أصول البلاغة وحسن الإفهام، ولا ينتقص من مقام السابقين وليس للآخرين فيه إلا أنهم أدركوا شاهدا على صدق هذا القرآن لم يدركه من سبقهم.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على رسوله محمد.
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[26 Sep 2009, 03:55 م]ـ
أخي الكريم لا أراك جئت بجديد تستوفه في هذا المقال
وما من تهافت في الإعجاز العلمي، لكن هنالك أهداف بعيدة من إنكار الإعجاز العلمي، وهي أسباب وراء تفريق جماعة المسلمين.
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[26 Sep 2009, 07:55 م]ـ
أخي الكريم حجازي الهوى:
أخانا الكريم
هذا ما تحسبه أنه بيان هو ما كنت تكرره منذ البداية ولم تأت بجديد إطلاقا،وهذا التكرار هو الأجدر بين يوصف بأنه خارج عن أصول البلاغة وحسن الإفهام.
ألاّ آتي بجديد خير من أن آتي بجديد باطل متهافت لا أصل له، ولا ضير علي إن كرّرتُ فأمللتُ وكان كلامي حقاً في جنب من أطال وكرر باطلاً ...
فدع عنك هذه الخطابيات ...
ومادام أن الأمر كذلك فدعني أشاركك هذا التكرار الممل وأقول:
إن الله تعالى شبه ضيق وحرج صدر الكافر بضيق وحرج صدر المصعد في السماء.
والتشبيه في معناه المجمل مفهوم، لكن المفسرين اختلفوا في تفسيرهم لحقيقة المصعد في السماء وجاءوا بأقوال هي أقوالهم ومحاولة منهم لتفسير العبارة ولكن دون طائل بل إن بعض أقوالهم لا يمكن قبولها بحال، والسبب في ذلك أن هذه الصورة المشبه بها صورة عقلية ذهنية ممكن تصورها لكنها لم تكن تعرف في واقعهم، لكنها اليوم في زمن الصعود إلى الفضاء أصبحت حقيقة واقعة ملموسة ومن خلالها أدركنا مالم يدركه الأولون من معنى العبارة، وهذا لا يخرج بالقرآن عن أصول البلاغة وحسن الإفهام، ولا ينتقص من مقام السابقين وليس للآخرين فيه إلا أنهم أدركوا شاهدا على صدق هذا القرآن لم يدركه من سبقهم.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على رسوله محمد.
وقد سبق لك أن ذكرتَ هذا الردَّ، وها أنت ذا تكرره!!
والحق أن ما تورده من توجيه لأقوال أرباب الإعجاز العلمي ضعيف لا يشتغل بالرد عليه، كأنما هي أجنحة هرم مرسلة.
وبارك الله فيك ...
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[26 Sep 2009, 08:15 م]ـ
أخي الكريم:
أخي الكريم لا أراك جئت بجديد تستوفه في هذا المقال
(يُتْبَعُ)
(/)
وما من تهافت في الإعجاز العلمي، لكن هنالك أهداف بعيدة من إنكار الإعجاز العلمي، وهي أسباب وراء تفريق جماعة المسلمين.
لا بأس ...
خلاصة ما أريد قوله أن الإعجاز العلمي المدَّعى في هذه الآية باطل متهافت، أوجز للإخوة الاعتراض عليه بما يتبين به بطلانه في ثلاث نقاط:
1. الغرض البلاغي من التشبيه هو تقريب المعنى إلى السامع، وتثبيت المعنى وتوكيد وتقريره في نفس المخاطب، كأن تقول ليلى كالبدر، أو زيد كالأسد.
فإن قلت: يجعل الله صدر الكافر ضيقاً حرجاً بالإسلام، ثم أردت أن توكد هذا المعنى في نفس المخاطب فالأولى أن تأتيه بتشبيه يعهده كأن تقول: كأنما هو يختنق، أو كأنما على صدره صخرة. أما أن تقول: كأنما يصعد في السماء، ثم ينتظر هذا المخاطب 1400 سنة حتى يتبين دقة التشبيه فلا شك أن هذا خروج على أصول البلاغة وحسن الإفهام.
2. جئنا بأقول المفسرين من أمهات كتب التفسير كتفسير القرطبي والزمخشري والشوكاني، وإن شئت فانظر أيضاً تفسير الطبري الذي قد يكون أقدم التفاسير، والتي تبين أن الأولين فهموها ووعوها بما لا مزيد عليه، أو على الأقل بما يبين فساد دعوى أرباب الإعجاز العلمي بأن الآية لم تكون مفهومة، وأن العرب لم يدركوا المراد بها حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.
3. إذا أردنا أن نفسر مقولة ما، أو أثراً، أو نصاً نُقِل إلينا، فلا بد من النظر في معهود أهل اللسان في ذلك الوقت الذي قيل فيه، وليس في كل عصر من العصور. وإلا فبإمكاننا أن نزعم أن الشعراء الأولين جاؤوا في أشعارهم بكلام يشير إلى حقائق علمية لم تكن معروفة في ذلك العصر، فيكون هذا دليلاً على نبوة هؤلاء الشعراء!!
وصدقني إن الأمر بسيط، فما عليك إلا أن تقرأ عن حقيقة علمية ثابتة راسخة، ثم تنظر في شعر العرب بما يمكن أن يتناول هذه الظاهرة من قريب أو بعيد وتدعي أن الشاعر قصد الإشارة إلى هذه الحقيقة العلمية.
مثال ذلك قول الشاعر الذي أوردته:
أدميت باللحظات وجنته ... فاقتص ناظره من القلب
عندما نظر الشاعر إلى محبوبته احمرت وجنتاها خجلاً، فاقتصت منه بأن أنفذت سهام عينيها في قلبه. فكنى بالإدماء عن احمرار الوجنتين.
الآن ما عليك إلا أن تبحث في الإنترنت، أو أن تسأل الأطباء عن سبب حمرة الخجل، ولعل السبب فيها ازدياد ضخ الدم إلى الوجنتين عند وصل إشارة من الدماغ مثلاً .... إلخ.
وطبعاً هذه الحقائق لم تكن معهودة في الزمان الأول ...
فيكون الشاعر قد جاء بإعجاز علمي، ولعله كان نبياً!!!
هذه نقاط ثلاث، لم أجد عنها رداً شافياً عند مثبتتة الإعجاز العلمي ...
فانظر بارك الله فيك إلى هذه الإلزامات الموجهة إلى كل من يقول بالإعجاز العلمي ...
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[26 Sep 2009, 09:52 م]ـ
أخي الكريم:
لا بأس ...
خلاصة ما أريد قوله أن الإعجاز العلمي المدَّعى في هذه الآية باطل متهافت، أوجز للإخوة الاعتراض عليه بما يتبين به بطلانه في ثلاث نقاط:
1. الغرض البلاغي من التشبيه هو تقريب المعنى إلى السامع، وتثبيت المعنى وتوكيد وتقريره في نفس المخاطب، كأن تقول ليلى كالبدر، أو زيد كالأسد.
فإن قلت: يجعل الله صدر الكافر ضيقاً حرجاً بالإسلام، ثم أردت أن توكد هذا المعنى في نفس المخاطب فالأولى أن تأتيه بتشبيه يعهده كأن تقول: كأنما هو يختنق، أو كأنما على صدره صخرة. أما أن تقول: كأنما يصعد في السماء، ثم ينتظر هذا المخاطب 1400 سنة حتى يتبين دقة التشبيه فلا شك أن هذا خروج على أصول البلاغة وحسن الإفهام.
2. جئنا بأقول المفسرين من أمهات كتب التفسير كتفسير القرطبي والزمخشري والشوكاني، وإن شئت فانظر أيضاً تفسير الطبري الذي قد يكون أقدم التفاسير، والتي تبين أن الأولين فهموها ووعوها بما لا مزيد عليه، أو على الأقل بما يبين فساد دعوى أرباب الإعجاز العلمي بأن الآية لم تكون مفهومة، وأن العرب لم يدركوا المراد بها حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.
...
كلام مكرور ولا تعليق غير هذا.
3. إذا أردنا أن نفسر مقولة ما، أو أثراً، أو نصاً نُقِل إلينا، فلا بد من النظر في معهود أهل اللسان في ذلك الوقت الذي قيل فيه، وليس في كل عصر من العصور. وإلا فبإمكاننا أن نزعم أن الشعراء الأولين جاؤوا في أشعارهم بكلام يشير إلى حقائق علمية لم تكن معروفة في ذلك العصر، فيكون هذا دليلاً على نبوة هؤلاء الشعراء!!
وصدقني إن الأمر بسيط، فما عليك إلا أن تقرأ عن حقيقة علمية ثابتة راسخة، ثم تنظر في شعر العرب بما يمكن أن يتناول هذه الظاهرة من قريب أو بعيد وتدعي أن الشاعر قصد الإشارة إلى هذه الحقيقة العلمية.
مثال ذلك قول الشاعر الذي أوردته:
أدميت باللحظات وجنته ... فاقتص ناظره من القلب
عندما نظر الشاعر إلى محبوبته احمرت وجنتاها خجلاً، فاقتصت منه بأن أنفذت سهام عينيها في قلبه. فكنى بالإدماء عن احمرار الوجنتين.
الآن ما عليك إلا أن تبحث في الإنترنت، أو أن تسأل الأطباء عن سبب حمرة الخجل، ولعل السبب فيها ازدياد ضخ الدم إلى الوجنتين عند وصل إشارة من الدماغ مثلاً .... إلخ.
وطبعاً هذه الحقائق لم تكن معهودة في الزمان الأول ...
فيكون الشاعر قد جاء بإعجاز علمي، ولعله كان نبياً!!!
هذه نقاط ثلاث، لم أجد عنها رداً شافياً عند مثبتتة الإعجاز العلمي ...
فانظر بارك الله فيك إلى هذه الإلزامات الموجهة إلى كل من يقول بالإعجاز العلمي ...
وأما هذه فهي تهافت التهافت فإذا كنت تسوي بين قول الشاعر:
"أدميت باللحظات وجنته" وهو تعبير مجازي مفهوم عند الأولين والآخرين، وبين قول الله تعالى " كأنما يصعد في السماء" وهو تشبيه بصورة ذهنية عقلية في حق السامع ولكنها حقيقة لها تفاصيلها في علم المتكلم بها، إذا كنت تفعل هذا وتظن أنها إلزمات فنصيحة لك أن تسأل أهل الذكر كما أمرك الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[26 Sep 2009, 10:44 م]ـ
خلاصة ما أريد قوله أن الإعجاز العلمي المدَّعى في هذه الآية باطل متهافت، أوجز للإخوة الاعتراض عليه بما يتبين به بطلانه في ثلاث نقاط:
1. الغرض البلاغي من التشبيه هو تقريب المعنى إلى السامع، ... كأن تقول: كأنما هو يختنق، أو كأنما على صدره صخرة. أما أن تقول: كأنما يصعد في السماء، ثم ينتظر هذا المخاطب 1400 سنة حتى يتبين دقة التشبيه فلا شك أن هذا خروج على أصول البلاغة وحسن الإفهام.
2. جئنا بأقول المفسرين من أمهات كتب ... والتي تبين أن الأولين فهموها ووعوها ... بما يبين فساد دعوى أرباب الإعجاز العلمي بأن الآية لم تكون مفهومة، وأن العرب لم يدركوا المراد بها حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.
3. إذا أردنا أن نفسر مقولة ما، أو أثراً، أو نصاً نُقِل إلينا، فلا بد من النظر في معهود أهل اللسان في ذلك الوقت الذي قيل فيه، وليس في كل عصر من العصور .... وإلا فبإمكاننا أن نزعم أن الشعراء الأولين جاؤوا في أشعارهم بكلام يشير إلى حقائق علمية لم تكن معروفة في ذلك العصر، فيكون هذا دليلاً على نبوة هؤلاء الشعراء!!
... مثال ذلك قول الشاعر الذي أوردته:
أدميت باللحظات وجنته ... فاقتص ناظره من القلب
عندما نظر الشاعر إلى محبوبته احمرت وجنتاها خجلاً، فاقتصت منه بأن أنفذت سهام عينيها في قلبه. فكنى بالإدماء عن احمرار الوجنتين.
الآن ما عليك إلا أن تبحث في الإنترنت، أو أن تسأل الأطباء عن سبب حمرة الخجل، ولعل السبب فيها ازدياد ضخ الدم إلى الوجنتين عند وصل إشارة من الدماغ مثلاً .... إلخ.
وطبعاً هذه الحقائق لم تكن معهودة في الزمان الأول ...
فيكون الشاعر قد جاء بإعجاز علمي، ولعله كان نبياً!!!
هذه نقاط ثلاث، لم أجد عنها رداً شافياً عند مثبتتة الإعجاز العلمي ...
...
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد:
من العجيب أخي الكريم أنك لم تجد ردّا شافيا عن هذه المسائل الثلاث، وأقول:
- أما القصد من التشبيه فهو تعميق المعنى، وتعظيم الأمر في نفس السامع. هذه الغاية المنشودة من التشبيه.
أما المعنى البلاغي والدلالي لآيات القرآن الكريم، والمعاني التي فهمها العرب حين نزول القرآن الكريم فيما نقلوه عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن أحد من المسلمين لا يقول بتركه، فالمعنى البلاغي والغاية الأساسية من القرآن الكريم (هداية الناس) تبقى قائمة في كل كلمة وحرف من حروف القرآن الكريم لا تفارقه. سواء استدل البعض بالآيات الكريمة على أوجه من الإعجاز العلمي أم لم يستدل،
فالذي أوجد هذا الكون وأوجد نواميسه هو الذي أنزل القرآن الكريم، فإن أظهر بعض آيات قدرته في كتابه فلا تناقض البتّة.
وما من عاقل يقول بأن العرب انتظروا أكثر من 1400سنة حتى يفهموا كلام الله إن قلنا بالإعجاز العلي، فالعرب فهموا من كتاب الله تعالى ما يقيم به الحجة عندهم، فما فسّره النبي صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه فإنه المعتمد في التفسير، أما ما يتناقل من اجتهادات لبعض المفسرين، فهذه إن خالفت اللغة العربية، وحقائق العلم الثابتة فإننا لا نعطيها صفة العصمة فما من معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل يؤخذ منه ويرد إلا نبي الرحمة.
فإن فسّر أحد المفسرين آية فقال فيها ما يخالف حقائق العلم، فإننا نقول له في تفسيرك خطأ، لأن خالق الكون هو الذي أنزل القرآن فيستحيل أن يحدث خلاف فيما وجد من نواميس الكون وبين كلام الله تعالى.
والتشبيه في الآية الكريمة من البلاغة بمكان بحيث لا يدرك شأوه مخلوق، وانظر إلى تشبيهك بقولك كان على صدره صخرة، كيف يمجه السامع فأين هذا الكلام الذي تحاول أن تتدارك به الآيات الكريمة من كتاب رب العالمين، فهل يجوز أن تحدد مراد الله بقولك، لو أراد كذا لقال كذا؟؟؟؟؟؟
وأقوال المفسرين التي نقلتها، ليس فيها ما يفيد بحصر الفهم عليه، بل أنت من يحاول حصر الأفهام فيها دون غيرها. ولم يقل أحد منهم بما تزعم، من أن الذي يستدل بالآية على جوانب وحقائق علمية ثابتة يخرج عن الفهم الصحيح ويحكم على السابقين بالجهل.
(يُتْبَعُ)
(/)
- أما تفسير القرآن وفق الزمان الذي أنزل فيه على قلب حبيبي رسول الله صلى الله عليه ووفق لغة أصحابه فهذا القسم من كلامك جيد، لأنه اصل فهم كتاب الله تعالى، لكن الأمر ليس محصور ذلك العصر، فالقرآن الكريم رسالة الله لجميع البشر، العربي وغير العربي، العالم والجاهل، الشرقي والغربي، وفي كل مراحل الزمان.
لذلك فإننا نرى كتب التفسير ما زالت تؤلّف لهذا اليوم، فإذا كانت كلها نسخة واحدة فما الفائدة من التأليف إذا.
ثم أخي الحبيب هل وصلت أنت أو وصل أحد من الناس إلى إدراك الوليد بن المغيرة للدلالات البيانية والبلاغية لآيات الكتاب الحكيم، إقرأ السورة التي قرأها عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فانظر هل تصف القرآن الكريم بمثل وصفه، وهل يقع في قلبك ما تناشد لأجله النبي بالله والرحم أن يكف؟؟؟؟ حينما قرأ صلى الله عليه وسلم آيات العذاب؟؟؟ هل فهمك للقرآن في هذا العصر على مستوى هؤلاء من الفهم؟؟؟
فهؤلاء وصلوا إلى اليقين بأن القرآن الكريم كلام الله من رفعتهم في البلاغة وفنون القول، فكيف تصل أنت إلى مثل هذا اليقين؟؟ وكيف يصل من لا يتحدث بالعربية إلى مثل هذا اليقين؟؟؟؟؟ إذا لا بد من أوجه جديدة تدل على أن القرآن الكريم هو كلام الله، فيتيقن من يطلع على هذه الأوجه بصدق كلام الله، وأنه يستحيل أن يكون من قبل البشر؟؟؟؟ وليس في هذا الفهم نفي لبلاغة القرآن الكريم.
ثم هل القائلين بالإعجاز العلمي أربابا، وكيف فندت قولهم؟؟؟؟
- أما المسألة الثالثة فإنني أشكرك على إيرادها لأنها تدل صراحة على أنك تُقِرُّ بوجود المجاز في القرآن الكريم. هذا من وجه، ومن وجه آخر فما هذا المثال الذي ضربت؛ هل إحمرار الوجنتين فيه سبق علمي، ما هو السبق العلمي في ذلك؟؟؟؟ وهل يعقل بأن نقرّ لمن يقول بمثل هذا القول بأنه نبي؟؟؟؟؟؟؟
بالمقابل إنظر أخي الكريم إلى قول الله تعالى ((والسماء والطارق)) ما هو الطارق، ولم سمي بهذا الاسم، وكيف وصف بأنه نجم ثاقب .... هذه أمور لم يكن لأحد أن يعلم حقيقتها قط إلا بالوسائل العلمية الحديثة، مثل هذه الأمور نقول للعلماء الذين توصلوا إلى مثل هذا السبق العلمي وحصلوا به على أعلى درجات التقدير، أن الله الذي ندين بدينه ونؤمن بصدق رسوله أخبرنا عن ذلك في كتابه الكريم قبل أكثر من 1400 عام ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده من الأجهزة ليدلل على قول ربّه كما عندكم،فإن ما توصلتم إليه يؤكد لنا من جديد بأن رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هي الأحق بالاتباع.
هذا بالنسبة لردي على أقوالك، لكن بالنسبة إلى حقيقة مسألة البحث في أوجه الإعجاز العلمي فسأورد لك بعض النصوص، لتتأكد أخي الكريم أن المسألة ليست مقصودة لذاتها، بل المقصود منها مسائل تبني عليها بعض المذاهب أصول عقائدهم، وهم لا يريدون أن يظهر خلاف ما يقولون، وهذا يقال أيضا في البحث في مجاز القرآن الكريم أيضا.
(( ... وإنما أهدرت في المقال دم من قال إن الشمس ثابتة لا جارية بعد استتابته , وما ذلك إلا لأن إنكار جري الشمس تكذيب لله سبحانه وتكذيب لكتابه العظيم وتكذيب لرسوله الكريم ... )) مجموع فتاوى ابن باز م/30 - (3/ 157)
هل هذه الحكمة والموعظة الحسنة التي أمر بها الله تعالى:
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل:125)
فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم آل الشيخ - (13/ 96 - 97)
(4454 - كروية الأرض صحيح - ودورانها باطل)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم علي العبد العزيز المشاري.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
إجابة على كتابكم تاريخ 21/ 8/1374هـ نقول:
الحمد لله- إنما يدرس في المعاهد والمدارس بنجد والحجاز وما يتبعهما هذه السنوات مما يسمى بتقويم البلدان أو جعرافية الأرض هو من الجائز؛ لأنه ليس أكثر من معرفة الأقاليم والبحار والخلجان والقارات والجبال والأودية وغير ذلك مما اشتملت عليه الأرض؛ فإنه في الحقيقة فرع من فروع التاريخ، وفيه من الفائدة جنس ما في علم التاريخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
نعم: في هذا الفن أبحث مثل كروية الأرض ودورانها والكلام في الشمس والقمر بالنسبة إلى بحث دوران الأرض فهذه غير مقررة ولا مدروسة في المعاهد والمدارس. والبحث في كروية الأرض وعدمها مفهوم معروف وعلماء الهيئة مجمعون على القول بكرويتها، ومن هؤلاء جماعة من محققي العلماء، والأمر في ذلك سهل، وأما دوران الأرض وبحثهم في الشمس والقمر المقررون بالبحث في دوران الأرض فباطل، لمخالفته لظواهر النصوص، والقائلون به ليس معهم حجة عقلية أصلا، كما أنه ليس معهم حجة سمعية أبدا، ولا يعرف بذلك قائل من قدماء الفلاسفة، ولا من ينتسب إلى الإسلام منهم، حتى نبغ في بعض القرون الوسطى -هجرياً- من قال بذلك من الفلاسفة وبعض علماء الملة فصيح بهم من كل جانب، وخمدت تلك المقالة، ونسيت. ثم إنه في القرون الأخيرة فاه بذلك من فاه من الفلاسفة واتبعه من اتبعه على هذا القول منهم ممن ينتسب للإسلام حتى فشا القول بذلك، وأقيمت عليه دلائل عقلية فيما يزعمون، وليست في الحقيقة إلا شبها واهية، وخيالات ساقطة، يعرف ذلك كل من وقف عليها ممن له تصور، وصلى الله على محمد. (ص/م 17 في 7/ 9/1374هـ)
(4455 - ترك تدريس كروية الأرض وأوجه القمر)
من محمد بن إبراهيم إلى حضرة المكرم الأستاذ عبد البديع صقر المحترم. سلمه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
ثم وصل إلي كتابكم المؤرخ في 25/ 9/1375هـ وعلمت ما ذكرتم حول اعتراض البعض على بعض النظريات التي أردتم وضعها في منهج الدراسة مثل: كروية الأرض، وأوجه القمر.
وأفيدكم أنني أرى ترك التعليم فيما يتعلق بكروية الأرض وأوجه القمر، لأمرين: الأول أن هذا لا منفعة فيه، الثاني: أن في ذلك من تشويش عقائد الناس وبالأخص النشء وبلبلة أفكار الجهال ما لا يخفى، وحسب المسلمين تعلم ما ينفعهم في أمر دينهم ودنياهم ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(ص/م 2679 في 11/ 10/1375هـ)
ابن عثيمين - (شرح الواسطية القسم الثالث / 37)
وشيخ الإسلام رحمه الله في " الرسالة العرشية " يقول: أنه لا يخلو منه العرش، لأن أدلة استوائه على العرش محكمة، والحديث هذا محكم، والله عز وجل لا تقاس صفاته بصفات الخلق، فيجب علينا أن نبقي نصوص الاستواء على إحكامها، ونص النزول على إحكامه، ونقول: هو مستو على عرشه، نازل إلى السماء الدنيا، والله أعلم بكيفية ذلك، وعقولنا أقصر وأدنى وأحقر من أن تحيط بالله عز وجل.
القول الثاني: التوقف، يقولون: لا نقول: يخلو، ولا: لا يخلو.
والثالث: أنه يخلو منه العرش.
وأورد المتأخرون الذين عرفوا أن الأرض كروية وأن الشمس تدور على الأرض إشكالاً، قالوا: كيف ينزل في ثلث الليل؟ وثلث الليل إذا أنتقل عن المملكة العربية السعودية ذهب إلى أوربا وما قاربها،؟! أفيكون نازلاً دائماً؟!
فنقول: آمن بأن الله ينزل في هذا الوقت المعين، وإذا آمنت ليس عليك شيء، وراء ذلك، لا تقل: كيف؟! بل قل: إذا كان ثلث الليل في السعودية فالله نازل، وإذا كان في أمريكيا ثلث الليل، يكون نزول الله أيضاً، وإذا طلع الفجر انتهى وقت النزول بكل مكان بحسبه.
ابن عثيمين - (كروية الأرض/ 16)
... وأكدوا أن الأرض كروية أما العرش فهو فوق السماوات كالقبة، لكنه غير كروي؛ لأن له قوائم
ابن عثيمين - (/ 12) شرح العقيدة السفارينية
وإذا طالعت كتب هؤلاء المحرفين خصوصًا أهل التحريف الذين يسمون أنفسهم (أهل التأويل) عجبت من التقديرات التي يقدّرونها ويفصِّلون فيها ويجادلون فيها في أمر لا يمكنهم إدراكه بالنسبة لما يتعلق بصفات الله عز وجل، وجعلوا الحكم راجعًا إلى ما تقتضيه عقولهم لا إلى ما يقتضيه الكتاب والسنة، فضلّوا في ذلك ضلالاً بيِّناً وصاروا يتخبطون خبط عشواء لا يعرفون من الحق شيئًا،
ما سبب إقحام البحث في كروية الأرض، مع صفات الله تعالى؟؟؟؟؟
هل تأكدت أخي الحبيب بأن المسألة التي تطرح حول إنكار القول على الذين يقولون بالإعجاز العلمي ليست مجرّدة عن الهوى وليست لمجرد البحث في الإعجاز العلمي، أو المجاز، أو البيان، أو ..... فوراء الأكمة ما وراءها.
هدانا الله تعالى وإياكم إلى سواء السبيل، هوعدتي وسندي، وبه اعتصامي، وعليه توكلي، اللهم إنك الرقيب القريب فطهر نفوسنا وقلوبنا وبصائرنا لنفقه عليك، ونقوم بأمرك، ونعبدك حق عبادتك.
د. حسن عبد الجليل العبادلة - المملكة الأردنية الهاشمية
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[27 Sep 2009, 04:17 م]ـ
أشكرك جزيل الشكر أخي الفاضل بكر على ما أكدَّ خاطرك وأتعب بنانك، وأسأل الله أن يجعله لك ذخرا في الأولى والأخرى.
كما أشكرك على طول نفسك في مناقشة الموضوع وإيضاحه، ومواصلتك المداخلة والتعليق بوتيرة هادئة متزنة منذ بداية النقاش، لأننا نعاني من مشكلة (بتر الموضوعات) حيث يطرح عدد من القضايا التي تحتاج نقاشا وتبادلا للرأي، ثم يتوقف أحد الطرفين تاركا وراءه عددا من الثغرات المهمة التي لم تُسد.
كلامك جميل كله، وقد أحسنت فيه وأجدت وأفدت، ولا أخالفك في شيء منه، بل كلامي هو عين كلامك حيال ما يطرح من الأقوال والآراء الممجوجة.
وأرجو ألا يفهم من كلامي غير هذا، فأنا أخي أنطلق معك من الأصول ذاتها، ولكني أنتظر منك أن تتفضل بما وعدت من العود على الأسئلة التي ذكرتُها سلفا، وأخص منها ما يتعلق باختلافنا عند تطبيق هذه الأصول،
ورأيك فيما دار حول الآية المشار إليها كمثال لهذا الاختلاف بين التأصيل والتطبيق
وسبب هذا الاختلاف،
وهل يقاس عليه غيره من الآيات المماثلة في الدلالة؟
وما هو سبيل القول الفصل الجامع للكلمة في مثل هذا؟
وفقك الله ورعاك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[27 Sep 2009, 04:53 م]ـ
أستاذنا الكريم حسن عبد الجليل ...
بارك الله فيك وشكر لك ...
نعلم أخي أن كلأً يؤخذ من كلامه ويرد، إلا صاحب القبر صلى الله عليه وسلم ...
وإن كان مشايخنا - رحمهم الله- أو بعضهم أخطأ في هذا الباب فالخطأ مردود، وسأوافيك برد مفصل حول هذا الأمر في الرابط الآخر (أسئلة إلى منكري الإعجاز العلمي)، وكل هذا لا يشفع لنا في الذهاب إلى المقاصد والنيات، فلننظر في الأمر على هدىً سائلين الله سبحانه وتعالى أن يرحم مشايخنا ويتجاوز عنهم، وأن يجزيهم عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
أما بالنسبة للنقاط الثلاث، فأتمنى منك - مشكوراً- أن توجز ردك عليها:
1. التشبيه إنما هو لتعميق المعنى وتثبيته في نفس المخاطب، فكيف يثبت الله تعالى في نفس المخاطب بأن يذكر للعرب الأولين تشبيها لا عهد لهم به.
2. جاء في أمهات كتب التفسير ما فيه مقنع في تفسير الآية، فكان الزعم بأن العرب لم يدركوا المقصود منها زعماً باطلاً لا دليل عليه.
3. لا بد عند إرادتنا تعيين مراد المتكلم من تنزيل الكلام على معهود العرب الأولين أهل اللسان الذي نزل به القرآن. ويلزم من هذا بطلان القول بالتفسير العلمي والإعجاز العلمي لمّا كانا غير معهودين للعرب الأولين. وإلا كان لنا أن ندعي الإعجاز العلمي في أشعار العرب وأمثلتها. وسآتيك بمثال يوضح المقصود:
قال تعالى (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) جعل منها أرباب الإعجاز العلمي دليلاً على بصمات الأصابع. وأن هذه الحقيقة لم تكن مكتشفة منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقرون متطاولة من بعده، حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.
ونحن عندنا في مقابل هذا مثل للعرب الأولين أورد الجرجاني في كتابه أسرار البلاغة أن العرب تقول في وصف الحاذق الماهر في صنعته:
إن له عليها إصبعا
أي إن له على ما يصنع أثر حذق ومهارة فدلوا عليه بالإصبع.
فما يمنع من حيث دلالة الألفاظ أن يكون قائل هذا المثل قبل أكثر من ألف سنة أراد أن يشير إلى هذه الحقيقة التي كشف عنها العلماء حديثاً؟؟
أنتظر الجواب ...
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[27 Sep 2009, 04:58 م]ـ
أخي الكريم العبادي بارك الله فيه وأحسن إليه، وشكر له:
أشكرك جزيل الشكر أخي الفاضل بكر على ما أكدَّ خاطرك وأتعب بنانك، وأسأل الله أن يجعله لك ذخرا في الأولى والأخرى.
كما أشكرك على طول نفسك في مناقشة الموضوع وإيضاحه، ومواصلتك المداخلة والتعليق بوتيرة هادئة متزنة منذ بداية النقاش، لأننا نعاني من مشكلة (بتر الموضوعات) حيث يطرح عدد من القضايا التي تحتاج نقاشا وتبادلا للرأي، ثم يتوقف أحد الطرفين تاركا وراءه عددا من الثغرات المهمة التي لم تُسد.
كلامك جميل كله، وقد أحسنت فيه وأجدت وأفدت، ولا أخالفك في شيء منه، بل كلامي هو عين كلامك حيال ما يطرح من الأقوال والآراء الممجوجة.
وأرجو ألا يفهم من كلامي غير هذا، فأنا أخي أنطلق معك من الأصول ذاتها، ولكني أنتظر منك أن تتفضل بما وعدت من العود على الأسئلة التي ذكرتُها سلفا، وأخص منها ما يتعلق باختلافنا عند تطبيق هذه الأصول،
ورأيك فيما دار حول الآية المشار إليها كمثال لهذا الاختلاف بين التأصيل والتطبيق
وسبب هذا الاختلاف،
وهل يقاس عليه غيره من الآيات المماثلة في الدلالة؟
وما هو سبيل القول الفصل الجامع للكلمة في مثل هذا؟
وفقك الله ورعاك.
أرجو أن تعذر أخاك، فقد كثرت المواضيع في هذا الباب بما شتت ذهني شيئاً ما، فلم أستطع تحديد مراد بالضبط، وأطلب إليك أن تتكرم مشكوراً بتحرير أسئلتك فيما يتعلق بالآية الكريمة موضوع البحث ...
واصبر علي إن تأخرت في الرد، فأنا أدخل المنتدى من مقر عملي، إذ ليس عندي إنترنت في البيت، ولذلك استرق الوقت استراقاً ...
وبارك الله فيك ...
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[28 Sep 2009, 12:40 ص]ـ
نعلم أخي أن كلأً يؤخذ من كلامه ويرد، إلا صاحب القبر صلى الله عليه وسلم ...
وإن كان مشايخنا - رحمهم الله- أو بعضهم أخطأ في هذا الباب فالخطأ مردود ... سائلين الله سبحانه وتعالى أن يرحم مشايخنا ويتجاوز عنهم، وأن يجزيهم عنا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
أما بالنسبة للنقاط الثلاث، فأتمنى منك - مشكوراً- أن توجز ردك عليها:
(يُتْبَعُ)
(/)
1. التشبيه إنما هو لتعميق المعنى وتثبيته في نفس المخاطب، فكيف يثبت الله تعالى في نفس المخاطب بأن يذكر للعرب الأولين تشبيها لا عهد لهم به.
2. جاء في أمهات كتب التفسير ما فيه مقنع في تفسير الآية، فكان الزعم بأن العرب لم يدركوا المقصود منها زعماً باطلاً لا دليل عليه.
3. لا بد عند إرادتنا تعيين مراد المتكلم من تنزيل الكلام على معهود العرب الأولين أهل اللسان الذي نزل به القرآن. ويلزم من هذا بطلان القول بالتفسير العلمي والإعجاز العلمي لمّا كانا غير معهودين للعرب الأولين. وإلا كان لنا أن ندعي الإعجاز العلمي في أشعار العرب وأمثلتها. وسآتيك بمثال يوضح المقصود:
قال تعالى (بلى قادرين على أن نسوي بنانه) جعل منها أرباب الإعجاز العلمي دليلاً على بصمات الأصابع. وأن هذه الحقيقة لم تكن مكتشفة منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولقرون متطاولة من بعده، حتى جاء العلم الحديث فكشف عنها.
ونحن عندنا في مقابل هذا مثل للعرب الأولين أورد الجرجاني في كتابه أسرار البلاغة أن العرب تقول في وصف الحاذق الماهر في صنعته:
إن له عليها إصبعا
أي إن له على ما يصنع أثر حذق ومهارة فدلوا عليه بالإصبع.
فما يمنع من حيث دلالة الألفاظ أن يكون قائل هذا المثل قبل أكثر من ألف سنة أراد أن يشير إلى هذه الحقيقة التي كشف عنها العلماء حديثاً؟؟
أنتظر الجواب ...
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه الطاهرين المهتدين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
بداية أشكرك على هذا الموقف الذي يدل على طلب الحق، وأشكر فيك عدم تعصبك، ونقول رحمة الله تعالى على جميع العلماء المسلمين الذين بذلوا وسعهم في الذٍَّب عن حياض هذا الدين.
وهذا إجابة ماسألت:
أولا: أقول خاطب الله سبحانه وتعالى العرب بلسانهم، ولا يقول أحد أو يدّعي بأن الله تعالى ضرب لهم تشبيها أو مثالا من غير ما يفهمون. وجميع هذه المسائل أقام عليها سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما الدليل من كلام العرب وأشعارهم في مسائل نافع بن الأزرق له، حينما كان يحاول التشكيك في القرآن الكريم.
لكن كلمات القرآن الكريم وألفاظه فياضة بالمعاني، وليس من الحكمة أن نقول بقصر فهم معانيها على زمن من الأزمان دون غيره، فإذا عرض أمر جديد لم يظهر زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نستدل نجتهد في ردّ هذه الأمور إلى كتاب الله تعالى لنعرف الحكم، وفي هذا الرد بحث عن فهم من كتاب الله لم يكن زمن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، فهل منهم من أظهر حكم تعاطي المخدّرات ... إذا لا بد من رد المسائل إلى أصولها من الكتاب الكريم والسنّة المشرّفة يقول تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء:83) فهذه الألفاظ القرآنية صالحة لكل زمان ومكان.
وليس من الحكمة مخاطبة الناس على خلاف مستوى ما يعقلون، فتخيل أخي الحبيب لو أن ألنبي صلى الله عليه وسلم قال لقريش إنه سيأتي زمان يطير الناس فيه في السماء في الحديد، أو أن الحديد سينقل الصوت والصورة .... وسيسير الحديد بسرع هائلة .... ماذا ستكون ردّة فعل أهل قريش حين ذاك.
فانظر إلى حكمة النبي صلى الله عليه وسلم الذي أوتي جوامع الكلم حين جواب عن أمارات الساعة: أن تلد الأمة ربتها، .... يتطاولون في البنيان) لكنه لم يخبر عن كيفية هذا التطاول هل هو ببناء الحديد أو الإسمنت ....
فحديث النبي صلى الله عليه وسلم تحقق وصدق وفق فهم الصحابة بتمامه، ولم يختلف فهم الحديث من ذلك الزمان عن هذا الزمان فالتطاول في البنيان هو نفسه، لكننا الآن نعلم كيفية حقيقة هذا التطاول الذي يقوم على أسس هندسية دقيقة، ومواد صناعية ذات كفاءات محددة ...
فدقة هذا الفهم لم تنف فهم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانيا: زعمك بأن الذين يقولون بالإعجاز العلمي يزعمون بأن العرب لم يدركوا المقصود منها هو بعينه (أقصد قولك) زعم باطل. فمن الذين يقولون بأن العرب لم يدركوا المقصود منها؟؟؟؟ بل الذي نقوله أن العرب فهموا من معاني الآيات الكريمة ما يقيم عندهم الدليل على أن القرآن الكريم كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ونحن في هذا العصر تبيّنت لنا من معاني نفس هذه الآيات الكريمة دلائل جديدة ما يقيم لدينا الحجّة والبرهان الظاهر على أن هذا الكتاب هو من عند الله تعالى.
ولا نعيب على السابقين فهمهم، لكن ما ورد في بعض التفاسير على المسائل العلمية التي ظهر بالدليل القطعي بطلانها، فإننا نردها، نحو ما نجده في بعض التفاسير أن للأرض حدا نهائيا وطرفا بعده تنزل الشمس لتغيب في عين من صلصال آسن ... ويقول البعض أن الخضر عليه السلام وصل إلى حد الأرض ووجد عندها عين الحياة ... فهذا كله نردّه ... أو أن الشمس تغيب عن جميع الأرض لتسجد عند العرش ... فما ثبت من ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نفهمه وفق اللسان العربي بالمجاز لأن الأرض والشمس تدوران تعاقب الليل والنهار فيكون المقصود معاني السجود الأخرى ...
ثالثا: أما النقطة الثالثة فأنت ألزمت نفسك بما لا يلزم؛ صحيح أنه يجب أن نعلم بدلالة ألفاظ القرآن الكريم ومعانيها وقت نزوله، لكن هذا لا يلزم منه بطلان القول بالإعجاز العلمي.
وبإمعان قليل للمثل الذي ضرته أثناء كلامك أخي الحبيب يبتبين لنا وجه الحق بإذنه تعالى:
يقول الله سبحانه وتعالى مظهرا آيات قدرته على إعادة الخلق:
(أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) (القيامة:3 - 4)
فما من شك بأن هذه الآية الكريمة تظهر عظيم قدرة الله تعالى على إعادة الخلق بعد فنائه على أكمل وجه وأكبر دقّة، فلو فهم الصحابة وغيرهم أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يسوي أي جزء من أجزاء الإنسان مهما صَغر، حتى أصبعه وطرف أصبعه؟ لا يعيب أحد عليه فهمه، لكن أخي الكريم
الأتجد أن آيات القدرة والعظمة الإلهية تتجلى لنا بصورة أكبر إذا علمنا بأن هذا الأصبع وطرفه يحوي من الأمور والعلامات التي تفرّقه عن جميع البشر، فيصبح فهمنا للآية الكريمة، أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يعيد خلق الإنسان بأدق تفاصيله، فلا يغيب عليه من إعادة الخلق شيء حتى تلك العلامات الموجودة في بنانه والتي لا يتماثل فيها أحد من البشر فالله تعالى يعيد الإنسان بذاته فلا تتداخل في إعادة الخلق أدق الأمور. فيتحقق الإنسان بأن الله تعالى عالم بأدق مما يعلم الإنسان عن نفسه قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) (الحاقة:18)
فالمثال القرآني أعظم وأبلغ وأرفع وأجل من المثال الذي أوردته في كلامك السابق حيث تقول: ((أن العرب تقول في وصف الحاذق الماهر في صنعته: إن له عليها إصبعا
أي إن له على ما يصنع أثر حذق ومهارة فدلوا عليه بالإصبع. فما يمنع من حيث دلالة الألفاظ أن يكون قائل هذا المثل قبل أكثر من ألف سنة أراد أن يشير إلى هذه الحقيقة التي كشف عنها العلماء حديثاً؟؟))
والمانع كبير جدا، فهذا الكلام الذي أوردته دليل على جانب من جوانب اللغة وهو المجاز، ومن هذا الوجه (أنه دليل على المجاز في لغة العرب) أسلم لك به.
لكن ما من وجه لمقارنته بما ورد في الآية الكريمة، فكلام القائل يشير به إلى أنه استخدم هذا الأصبع بدقة أظهرت جودة صناعته. وليس هناك من دليل قريب أو بعيد ما يشير إلى أن القائل يدلل على قدرته وعلمه بخلق هذا الأصبع وبمحتواه، وكلامه ليس في محل الاستشهاد على دقة الخلق لنقول بأنه يحتج به في أنه سابق لعصره، فهذه العبارة تستخدم لهذا اليوم وإن اختلفت أوجهها؛ (ألا نقول لمن تحسن صناعة الطعام، إن لها نَفَسا في طبيخها) وبهذا تنتفي الحجة في هذا المثل.
وغاية القول: إن التفسير العلمي لا يؤخذ بمنأى عن اللغة العربية وفهم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، ولا يلزم منه القول بأن الله خاطب الصحابة بما لا يفهمون.
(يُتْبَعُ)
(/)
وما هو إلا أدلة وبراهين وحقائق علمية ظهرت وتظهر مستقبلا تتعمق بها الاستدلالات والبراهين على أن كتاب الله سبحانه وتعالى هو الكتاب الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، قال تعالى: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42)
والله سبحانه وتعالى الموفق والهادي إلى سواء السبيل
د. حسن عبد الجليل العبادلة
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[29 Sep 2009, 12:02 م]ـ
أخي الكريم:
لكن كلمات القرآن الكريم وألفاظه فياضة بالمعاني، وليس من الحكمة أن نقول بقصر فهم معانيها على زمن من الأزمان دون غيره، فإذا عرض أمر جديد لم يظهر زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نستدل نجتهد في ردّ هذه الأمور إلى كتاب الله تعالى لنعرف الحكم، وفي هذا الرد بحث عن فهم من كتاب الله لم يكن زمن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، فهل منهم من أظهر حكم تعاطي المخدّرات ... إذا لا بد من رد المسائل إلى أصولها من الكتاب الكريم والسنّة المشرّفة يقول تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء:83) فهذه الألفاظ القرآنية صالحة لكل زمان ومكان.
القول بأن كلمات القرآن الكريم فياضة بالمعاني، وإنه ليس من الحكمة أن نقول بقصر فهم معانيها على زمن من الأزمان دون غيره ليس له ما يسنده، وهي دعوى منك لا دليل عليها ...
ولنا أن نقول في مقابلها: بل كلمات القرآن معانيها مقصورة على ما كان يعهده العرب الأولون، ومن الحكمة قصر فهم معاني الآيات على زمن العرب الأولين الذين نزل بلسانهم، وذلك حتى لا يأتي زمان يُقوِّلُ فيه الباطنية وغلاة الصوفية، وضُلاّلُ القاديانيةِ اللهَ ورسولَه ما لم يقولاه، وما يدريك أخي الكريم أن أرباب الإعجاز العلمي بهذا الفهم الذي جاؤوا به، والذي لم يكن زمن الصحابة يقوِّلون اللهَ ورسولَه ما لم يقولاه، فإن كان هناك دليل على الإعجاز العلمي فهذا ما لا نزال نطالبكم به، وإلا فقولك (وليس من الحكمة أن نقول بقصر فهم معانيها على زمن من الأزمان دون غيره) دعوى ذكرنا لك ما يقابلها عندنا.
فلا بد من دليل من القرآن أو ومن السنة المطهرة، أو من كلام العرب الأولين يثبت لنا به أرباب الإعجاز العلمي صواب ما ذهبوا إليه من تفسير القرآن بالعلم الحديث، وأن الإعجاز العلمي حقيقة واقعة.
وليس من الحكمة مخاطبة الناس على خلاف مستوى ما يعقلون، فتخيل أخي الحبيب لو أن ألنبي صلى الله عليه وسلم قال لقريش إنه سيأتي زمان يطير الناس فيه في السماء في الحديد، أو أن الحديد سينقل الصوت والصورة .... وسيسير الحديد بسرع هائلة .... ماذا ستكون ردّة فعل أهل قريش حين ذاك.
وهل من الحكمة أن يقولَ لسراقة: ارجع ولك سوارا كسرى؟ وهو في طريق هجرته إلى المدينة.
أم هل من الحكمة أن يخبر صحابته بفتح فارس والروم في حرب الأحزاب، ولم يكن أحدهم يأمن أن يخرج لقضاء حاجته خوفاً؟
أم يخبر بفتح القسطنطينية؟
ألم يكن هذا على خلاف مستوى ما يعقلون من حيث إنهم كانوا مستضعفين في الأرض؟
وإن كان هذا من الحكمة حتى يشد من أزر أصحابه، ويخفف عنهم، فلنا أن نقول: ومن الحكمة أيضاً أن يخبرهم بهذه الحقائق عن الكون والحياة والمعادن، تصريحاً لا تلميحاً، وعلى وجه قاطع لا يحتمل التأويل، حتى لو كانت على خلاف ما يعقلون، حتى تكون أقطع في الدلالة على الحقيقة العلمية، ولو جاء بها صراحةً لكان أبلغ من الإشارة، أو التلويح، ولا سيما أنك تنظر في الإعجاز والتحدي الذي به تثبت أن القرآن كلام الله وليس كلام بشر، فذكر الحقائق صراحة أبلغ من الإشارة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا نعيب على السابقين فهمهم، لكن ما ورد في بعض التفاسير على المسائل العلمية التي ظهر بالدليل القطعي بطلانها، فإننا نردها، نحو ما نجده في بعض التفاسير أن للأرض حدا نهائيا وطرفا بعده تنزل الشمس لتغيب في عين من صلصال آسن ... ويقول البعض أن الخضر عليه السلام وصل إلى حد الأرض ووجد عندها عين الحياة ... فهذا كله نردّه ... أو أن الشمس تغيب عن جميع الأرض لتسجد عند العرش ... فما ثبت من ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نفهمه وفق اللسان العربي بالمجاز لأن الأرض والشمس تدوران تعاقب الليل والنهار فيكون المقصود معاني السجود الأخرى ...
أن نتأول القرآن على وجه سائغ جارٍ على لسان العرب إذا ما خالف ظاهره أدلة العقل مما لا خلاف فيه.
وإنما الاعتراض على من جعل من هذا التأويل إعجازاً ...
وهذا من عجائب أنصار الإعجاز العلمي ...
وبإمعان قليل للمثل الذي ضرته أثناء كلامك أخي الحبيب يبتبين لنا وجه الحق بإذنه تعالى:
يقول الله سبحانه وتعالى مظهرا آيات قدرته على إعادة الخلق:
(أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) (القيامة:3 - 4)
فما من شك بأن هذه الآية الكريمة تظهر عظيم قدرة الله تعالى على إعادة الخلق بعد فنائه على أكمل وجه وأكبر دقّة، فلو فهم الصحابة وغيرهم أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يسوي أي جزء من أجزاء الإنسان مهما صَغر، حتى أصبعه وطرف أصبعه؟ لا يعيب أحد عليه فهمه، لكن أخي الكريم
الأتجد أن آيات القدرة والعظمة الإلهية تتجلى لنا بصورة أكبر إذا علمنا بأن هذا الأصبع وطرفه يحوي من الأمور والعلامات التي تفرّقه عن جميع البشر، فيصبح فهمنا للآية الكريمة، أن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يعيد خلق الإنسان بأدق تفاصيله، فلا يغيب عليه من إعادة الخلق شيء حتى تلك العلامات الموجودة في بنانه والتي لا يتماثل فيها أحد من البشر فالله تعالى يعيد الإنسان بذاته فلا تتداخل في إعادة الخلق أدق الأمور. فيتحقق الإنسان بأن الله تعالى عالم بأدق مما يعلم الإنسان عن نفسه قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) (الحاقة:18)
محل النزاع ليس في قدرة الله سبحانه وتعالى على البعث، وليس في قدرة الله على إحياء العظام وهي رميم ...
نحن لا ننازع في شيء من هذا ...
محل نزاعنا أن أنصار الإعجاز العلمي يدعون أن هذه الآية دالة على بصمة الإصبع، فأين تجد الدلالة على هذا في قوله تعالى (بلى قادرين على أن نسوي بنانه)،
أبالمطابقة أم بالتضمن أم بالالتزام؟
أم بالاقتضاء أم بالإشارة أم بالإيماء والتعليل؟
أن تقول إن الله قادر على جمع العظام وإعادتها وتسوية أصابع اليد بما فيها من عروق وجلد وشعر وحتى البصمات التي كشف عنها العلماء حديثاً مما لا ننازع فيه.
إما أن تقول إن هذه الآية تكشف عن حقيقة البصمات التي لم تكن معروفة وقت نزول القرآن، فليس هذا من الحق في شيء، بل هو تحميل لآيات القرآن ما لا تحتمل.
فالمثال القرآني أعظم وأبلغ وأرفع وأجل من المثال الذي أوردته في كلامك السابق حيث تقول: ((أن العرب تقول في وصف الحاذق الماهر في صنعته: إن له عليها إصبعا
أي إن له على ما يصنع أثر حذق ومهارة فدلوا عليه بالإصبع. فما يمنع من حيث دلالة الألفاظ أن يكون قائل هذا المثل قبل أكثر من ألف سنة أراد أن يشير إلى هذه الحقيقة التي كشف عنها العلماء حديثاً؟؟))
والمانع كبير جدا، فهذا الكلام الذي أوردته دليل على جانب من جوانب اللغة وهو المجاز، ومن هذا الوجه (أنه دليل على المجاز في لغة العرب) أسلم لك به.
لكن ما من وجه لمقارنته بما ورد في الآية الكريمة، فكلام القائل يشير به إلى أنه استخدم هذا الأصبع بدقة أظهرت جودة صناعته. وليس هناك من دليل قريب أو بعيد ما يشير إلى أن القائل يدلل على قدرته وعلمه بخلق هذا الأصبع وبمحتواه، وكلامه ليس في محل الاستشهاد على دقة الخلق لنقول بأنه يحتج به في أنه سابق لعصره، فهذه العبارة تستخدم لهذا اليوم وإن اختلفت أوجهها؛ (ألا نقول لمن تحسن صناعة الطعام، إن لها نَفَسا في طبيخها) وبهذا تنتفي الحجة في هذا المثل.
كلامك ها هنا خارج عن محل النزاع ...
لا شك أن سياق الكلام في الآية إنما هو لإثبات قدرة الله على إحياء الموتى في الرد على منكري البعث، وكذلك سياق الكلام في المثال العربي إنما هو لبيان أثر الحذق والمهارة ...
لكن بحثنا ها هنا في الدلالات، إذا كان أرباب الإعجاز العلمي يدعون أن هذه الآية تكشف عن حقيقة البصمات قبل 1400 سنة، فلنا أن نزعم في مقابل هذا أن المثل العربي دال على البصمات.
وليست الآية بأدل على البصمات من المثل العربي.
وغاية القول: إن التفسير العلمي لا يؤخذ بمنأى عن اللغة العربية وفهم الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، ولا يلزم منه القول بأن الله خاطب الصحابة بما لا يفهمون.
بل يلزم من التفسير العلمي للتصعد في السماء أن الله خاطب العرب بما لا يعهدون، وجاءهم بتشبيه لا يعرفون من وجه الشبه فيه شيئاً ...
وهذا خروج على اللغة، وعلى أصول البلاغة وحسن الإفهام.
وهذه النقطة بالذات لم يأت الإخوة عليها برد شاف ...
ولا أظنني أبالغ إذ أقول - وقد سبق لي أن قلت- إن اعتراضات أنصار الإعجاز العلمي في هذه الآية أشبه بجناح هرم مرسل.
وصدقني: ليس وصفي للردود بهذا من باب المبالغة، أو المكابرة، بل إني أراه في محله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[29 Sep 2009, 05:01 م]ـ
يعني خلاصة ما تريد أن تقوله إن كلام ابن عثيمين بأن الشمس هي التي تدور حول الأرض هو ما تدل عليه آيات القرآن الكريم، فهو الأبصر بدلائل القرآن وكل من في هذا الوجود لا يعلمون من القرآن شيء، ولا يعلم حقيقة تفسيره إلا الوهابية فقط؟؟؟؟
الواضح من كلامك ليس مجرد المثل المطروح في بعض النقاشات بل أشد من ذلك
كأنك تقول: عنزة وسوف تطير خاوة.
أما وصفك الأخير فأنت تراه في محله على حسب مقدرتك العلمية على تفهّم نصوص اللغة والأدب العربي، وقواعد هذا اللسان. وصدقني العلم ليس عنادا لتقول بل يدل على كذا، بل أفهم منه كذا ....
تريد أن تستدرك على الله تعالى، بأننا إذا فهمنا معاني علمية تظهر دقة الآيات الكريمة، بأنه لم يخاطب العرب على قدر عقولهم ... أنت حرّ في رأيك، لكن الله تعالى هو الرقيب والحسيب والحكم العدل، وإن غدا لناظره قريب، وفيه ستتبين لك جميع الحقائق.
يقول تعالى: (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (قّ:22)، ولا تفهمن أخي الحبيب الحديد على ظاهره في نص الآية الكريمة، وتقول هو الأقرب لظاهر النص، معنى الحديد هنا القوة والشدّة.
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[29 Sep 2009, 05:21 م]ـ
بماذا تفسر قول الله تعالى:
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53 (
ما معنى سنريهم، وما أثر دخول السين على الفعل؟؟؟؟ ما معنى حتى؟؟؟؟ يتبيّن لهم؟؟؟؟ هل الرسالة خاصة بالصحابة أم نحن مشمولون بها فيتبين لنا أيضا؟؟ الحق هل هو نفس الآيات أم نتيجتها؟؟؟؟
(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف:105)
ما هي الآيات التي في السموات والأرض؟؟؟؟؟ ما دلالة السموات وما الفرق بينها وبين السماء؟؟؟؟؟
ما معنى الآية؟؟؟؟ وما الغاية من هذه الآيات؟؟؟ آية على ماذا؟؟؟؟ من هؤلاء الذين يمرون على هذه الآيات التي في السموات والأرض ويعرضون عنها؟؟؟؟؟؟؟ ولم ورد الفعل يمرون، وليس مرّوا؟؟؟؟
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[29 Sep 2009, 06:13 م]ـ
يعني خلاصة ما تريد أن تقوله إن كلام ابن عثيمين بأن الشمس هي التي تدور حول الأرض هو ما تدل عليه آيات القرآن الكريم، فهو الأبصر بدلائل القرآن وكل من في هذا الوجود لا يعلمون من القرآن شيء، ولا يعلم حقيقة تفسيره إلا الوهابية فقط؟؟؟؟
الكلام في قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ليس هنا ...
والحديث عن دوران الشمس أو الأرض ليس ها هنا ...
فأورده في مكانه بارك الله فيك حتى لا تختلط الأمور
الواضح من كلامك ليس مجرد المثل المطروح في بعض النقاشات بل أشد من ذلك
كأنك تقول: عنزة وسوف تطير خاوة.
ولي أن أرد عليك بمثل ما جئت به، وكأنك أنت من يقول عنزة ولو طارت ...
أما وصفك الأخير فأنت تراه في محله على حسب مقدرتك العلمية على تفهّم نصوص اللغة والأدب العربي، وقواعد هذا اللسان. وصدقني العلم ليس عنادا لتقول بل يدل على كذا، بل أفهم منه كذا ....
تريد أن تستدرك على الله تعالى، بأننا إذا فهمنا معاني علمية تظهر دقة الآيات الكريمة، بأنه لم يخاطب العرب على قدر عقولهم ... أنت حرّ في رأيك، لكن الله تعالى هو الرقيب والحسيب والحكم العدل، وإن غدا لناظره قريب، وفيه ستتبين لك جميع الحقائق.
يقول تعالى: (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (قّ:22)، ولا تفهمن أخي الحبيب الحديد على ظاهره في نص الآية الكريمة، وتقول هو الأقرب لظاهر النص، معنى الحديد هنا القوة والشدّة.
وهذا أيضاً كأجنحة هرم مرسلة ...
وقد رددت على كل ما جئتنا به، دون أن نجد منك رداً شافياً ...
فهل ستجيب عن محل النزاع في أن القول بالتفسير العلمي في قوله تعالى (كأنما يصعد في السماء) فيه خروج على اللغة، وأصول البلاغة وحسن الإفهام، أم ستظل أجوبتك كأجنحة الهرم المرسلة.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 Sep 2009, 06:41 م]ـ
التعالم
مرض
عضال
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[29 Sep 2009, 07:03 م]ـ
" كأنما يصعد في السماء "
تختزن هذه الآية دعوة قرآنية إلى علم الفضاء والطيران، فقول الله سبحانه تعالى " يصعد في السماء " يعني أن عملية الصعود في السماء ممكنة، وليست مستحيلة (دون تحديد زمني) 0 وأرى أن الآية كانت تستدعي عددا من التساؤلات – حين نزولها - عند التدبر فيها تتجاوز الناحية البلاغية:
1 - هل يمكن الصعود في السماء، وكيف؟ (التدبر)
2 - ما الذي يجعلنا نلتصق بالأرض؟ هل يمكننا أن نرتفع في الفضاء كالطيور مثلا؟ (التدبر سيقودنا إلى اكتشاف الجاذبية)
3 - ماذا علينا أن نفعل لتحقيق هذا الهدف؟ (التصنيع – اختراع الآلة)
لو تم التفكير في الآية على هذا النحو لربما قادت المسلمين إلى السبق في اختراع الطائرة، وتطبيق الإشارة العلمية الواردة في الآية. ولكن أنى لهم ذلك وهناك دائما من يحجر على عقولهم ويحرم عليها التفكير.
هذه الآية بإشارتها العلمية كانت توجهنا إلى المستقبل وتختصر علينا الطريق في تطور العلوم، لكننا لم نستجب لتلك الدعوة، وتوقفنا في تفكيرنا عند المشبه والمشبه به وما زلنا نصر على وجوب وجودهما معا.أليس المشبه به معلوما عند المتكلم سبحانه وتعالى؟ ألا يكفي هذا؟ لو أن القرآن نزل اليوم لكان المشبه به معلوما لدينا ولما وجد المعترضون ما يعترضون عليه؟ ألا يعني هذا صلاحية القرآن لكل زمان ولكل جيل وإلى أن تقوم الساعة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[29 Sep 2009, 10:22 م]ـ
فقول الله سبحانه تعالى " يصعد في السماء " يعني أن عملية الصعود في السماء ممكنة، وليست مستحيلة (دون تحديد زمني)
وتوقفنا في تفكيرنا عند المشبه والمشبه به وما زلنا نصر على وجوب وجودهما معا.أليس المشبه به معلوما عند المتكلم سبحانه وتعالى؟ ألا يكفي هذا؟ لو أن القرآن نزل اليوم لكان المشبه به معلوما لدينا ولما وجد المعترضون ما يعترضون عليه؟ ألا يعني هذا صلاحية القرآن لكل زمان ولكل جيل وإلى أن تقوم الساعة؟
تلك لفتة جميلة منك يا أستاذ جلغوم، أحييك عليها
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[29 Sep 2009, 10:54 م]ـ
بماذا تفسر قول الله تعالى:
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53 (
ما معنى سنريهم، وما أثر دخول السين على الفعل؟؟؟؟ ما معنى حتى؟؟؟؟ يتبيّن لهم؟؟؟؟ هل الرسالة خاصة بالصحابة أم نحن مشمولون بها فيتبين لنا أيضا؟؟ الحق هل هو نفس الآيات أم نتيجتها؟؟؟؟
أوجه نظركم الكريم الى أنه يوجد موضوع مخصص لهذه الآية الكريمة، ويمكنكم المشاركة فيه برأيكم، وهذا هو رابط المشاركة الأولى فيه:
http://tafsir.org/vb/showpost.php?p=86336&postcount=1
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[30 Sep 2009, 06:25 م]ـ
التعالم مرض عضال
بارك الله فيك أخي الكريم فهذا عين الصواب، نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما يعلمنا، وأن لا يجعلنا ممن تسعر به النار. إنه نعم المولى ونعم النصير
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[30 Sep 2009, 06:39 م]ـ
" كأنما يصعد في السماء "
تختزن هذه الآية دعوة قرآنية إلى علم الفضاء والطيران، فقول الله سبحانه تعالى " يصعد في السماء " يعني أن عملية الصعود في السماء ممكنة، وليست مستحيلة (دون تحديد زمني) 0 وأرى أن الآية كانت تستدعي عددا من التساؤلات – حين نزولها - عند التدبر فيها تتجاوز الناحية البلاغية:
1 - هل يمكن الصعود في السماء، وكيف؟ وهل يمكن الاتصال بين الأرض والفضاء؟ (التدبر)
2 - ما الذي يجعلنا نلتصق بالأرض؟ هل يمكننا أن نرتفع في الفضاء كالطيور مثلا؟ (التدبر سيقودنا إلى اكتشاف الجاذبية والموجات الكهرومغناطيسية)
3 - ماذا علينا أن نفعل لتحقيق هذا الهدف؟ (التصنيع – اختراع الآلة)
لو تم التفكير في الآية على هذا النحو لربما قادت المسلمين إلى السبق في اختراع الطائرة، وتطبيق الإشارة العلمية الواردة في الآية. ولكن أنى لهم ذلك وهناك دائما من يحجر على عقولهم ويحرم عليها التفكير.
هذه الآية بإشارتها العلمية كانت توجهنا إلى المستقبل وتختصر علينا الطريق في تطور العلوم، لكننا لم نستجب لتلك الدعوة، وتوقفنا في تفكيرنا عند المشبه والمشبه به وما زلنا نصر على وجوب وجودهما معا.أليس المشبه به معلوما عند المتكلم سبحانه وتعالى؟ ألا يكفي هذا؟ لو أن القرآن نزل اليوم لكان المشبه به معلوما لدينا ولما وجد المعترضون ما يعترضون عليه؟ ألا يعني هذا صلاحية القرآن لكل زمان ولكل جيل وإلى أن تقوم الساعة؟
يقول المتنبي في وصف جيش العدو:
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم
تجمع فيه كل لسن وأمة ... فلا يفهم الحداث إلا التراجم
يختزن البيت الأول دعوة شعرية إلى علم الفضاء والطيران، فقول الشاعر "وفي أذن الجوزاء منه زمازم" يعني أن عملية سماع الأصوات من الأرض لرجل في الفضاء ممكنة (وهو إشارة إلى الاتصالات اللاسلكية)، وهو يتضمن أيضاً أن الصعود إلى الفضاء ممكن، وليس مستحيلاً (دون تحديد زمني)، وأرى أن بيت المتنبي الأول كان يستدعي عدداً من التساؤلات – عندما قاله المتنبي- عند التدبر فيها تتجاوز الناحية البلاغية:
1. هل يمكن الصعود إلى الفضاء، والذي عبر عنه الشاعر بالجوزاء؟ وكيف؟ (التدبر)
2. ما الذي يجعلنا نلتصق بالأرض؟ هل يمكننا أن نرتفع في الفضاء كالطيور مثلاً؟ (التدبر سيقودنا إلى اكتشاف الجاذبية)
3. ماذا علينا أن نفعل لتحقيق هذا الهدف؟ (التصنيع – اختراع الآلة)
لو تم التفكير في بيت المتنبي على هذا النحو لربما قادت المسلمين إلى السبق في اختراع الاتصالات اللاسلكية وليس الطائرات والصواريخ فحسب، وتطبيق الإشارة العلمية الواردة في بيت الشعر. ولكن أنى لهم ذلك وهناك دائما من يحجر على عقولهم ويحرم عليها التفكير.
هذه البيت بإشارته العلمية كان يوجهنا إلى المستقبل ويختصر علينا الطريق في تطور العلوم، لكننا لم نستجب لتلك الدعوة، وتوقفنا في تفكيرنا عند المشبه والمشبه به وما زلنا نصر على وجوب وجودهما معا.ألا يمكن أن يكون المشبه والمشبه به معلوما عند المتنبي الذي ادعى النبوة؟ وهذا البيت بإشاراته العلمية وإعجازه العلمي دليل على نبوة المتنبي!!!!
ألا يكفي هذا؟ لو أن بيت الشعر نزل اليوم (على اعتبار أن المتنبي يوحى إليه) لكان المشبه به معلوما لدينا ولما وجد المعترضون ما يعترضون عليه؟ ألا يعني هذا صلاحية شعر المتنبي لكل زمان ولكل جيل وإلى أن تقوم الساعة؟
كيف ترى هذا يا أستاذ جلغوم؟
كما أنكم تبحثون في القرآن لتظفروا بآية تدعون فيها إعجازاً علمياً، وتشرقون في تأويلها وتغربون، فلنا أن نبحث في شعر العرب عن أبيات يسهل أن ندعي فيها إعجازاً علمياً، ثم نثبت بعد ذلك نبوة الشعراء بما سبقوا إليه من إشارات علمية؟!
أوليس فيما قلته لفتة كريمة تستحق التحية أيها العليمي؟
وما يدريكم؟
لعل المتنبي إذ ادعى النبوة كان صادقاً، وهذه الإشارات العلمية خير دليل على ذلك ....
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[30 Sep 2009, 07:19 م]ـ
يقول المتنبي في وصف جيش العدو:
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم
تجمع فيه كل لسن وأمة ... فلا يفهم الحداث إلا التراجم
يختزن البيت الأول دعوة شعرية إلى علم الفضاء والطيران، فقول الشاعر "وفي أذن الجوزاء منه زمازم" يعني أن عملية سماع الأصوات من الأرض لرجل في الفضاء ممكنة (وهو إشارة إلى الاتصالات اللاسلكية)، وهو يتضمن أيضاً أن الصعود إلى الفضاء ممكن، وليس مستحيلاً (دون تحديد زمني)، وأرى أن بيت المتنبي الأول كان يستدعي عدداً من التساؤلات – عندما قاله المتنبي- عند التدبر فيها تتجاوز الناحية البلاغية:
1. هل يمكن الصعود إلى الفضاء، والذي عبر عنه الشاعر بالجوزاء؟ وكيف؟ (التدبر)
2. ما الذي يجعلنا نلتصق بالأرض؟ هل يمكننا أن نرتفع في الفضاء كالطيور مثلاً؟ (التدبر سيقودنا إلى اكتشاف الجاذبية)
3. ماذا علينا أن نفعل لتحقيق هذا الهدف؟ (التصنيع – اختراع الآلة)
لو تم التفكير في بيت المتنبي على هذا النحو لربما قادت المسلمين إلى السبق في اختراع الاتصالات اللاسلكية وليس الطائرات والصواريخ فحسب، ....................
كيف ترى هذا يا أستاذ جلغوم؟
لعل المتنبي إذ ادعى النبوة كان صادقاً، وهذه الإشارات العلمية خير دليل على ذلك ....
أراك قد شطحت بعيدا في خيالك، أتقارن كلام المتنبي بكلام الله سبحانه وتعالى؟ وهل تصف كلام الله بما تصف به كلام الشعراء؟ لقد أخطأت خطأ فاحشا فاستغفر الله إنه هو التواب الرحيم.
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[30 Sep 2009, 09:33 م]ـ
يقول المتنبي في وصف جيش العدو:
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم
كما أنكم تبحثون في القرآن لتظفروا بآية تدعون فيها إعجازاً علمياً، وتشرقون في تأويلها وتغربون، فلنا أن نبحث في شعر العرب عن أبيات يسهل أن ندعي فيها إعجازاً علمياً، ثم نثبت بعد ذلك نبوة الشعراء بما سبقوا إليه من إشارات علمية؟!
أوليس فيما قلته لفتة كريمة تستحق التحية أيها العليمي؟
وما يدريكم؟
لعل المتنبي إذ ادعى النبوة كان صادقاً، وهذه الإشارات العلمية خير دليل على ذلك ....
لن أعاملك بالمثل وأقول لك: لا أيها الجازى (وقطعا أنت تجهل قدر سيدى العليمى، فحذارى من التعرض لأولياء الله لأن هذا يغضبه سبحانه)
بل أقول: لا يا أخى الكريم، لا أجد فى كلامك ما يستحق الاشادة به
فكيف تقارن كلام المتنبى - حتى مع الاعتراف بنبوغه وعبقريته - بكلام رب العالمين؟!!
هل هذا قول يستحق أن أحييك عليه؟!!
ان المتنبى قد قال ما قال من باب الخيال، وجاء به من أودية الشعر
أما القرآن فانه ينطق بالحق، ويطابق مقتضى الحال، وشتان بين الأمرين
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 Sep 2009, 10:03 م]ـ
يقول المتنبي في وصف جيش العدو:
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم
تجمع فيه كل لسن وأمة ... فلا يفهم الحداث إلا التراجم
يختزن البيت الأول دعوة شعرية إلى علم الفضاء والطيران، فقول الشاعر "وفي أذن الجوزاء منه زمازم" يعني أن عملية سماع الأصوات من الأرض لرجل في الفضاء ممكنة (وهو إشارة إلى الاتصالات اللاسلكية)، وهو يتضمن أيضاً أن الصعود إلى الفضاء ممكن، وليس مستحيلاً (دون تحديد زمني)، وأرى أن بيت المتنبي الأول كان يستدعي عدداً من التساؤلات – عندما قاله المتنبي- عند التدبر فيها تتجاوز الناحية البلاغية:
1. هل يمكن الصعود إلى الفضاء، والذي عبر عنه الشاعر بالجوزاء؟ وكيف؟ (التدبر)
2. ما الذي يجعلنا نلتصق بالأرض؟ هل يمكننا أن نرتفع في الفضاء كالطيور مثلاً؟ (التدبر سيقودنا إلى اكتشاف الجاذبية)
3. ماذا علينا أن نفعل لتحقيق هذا الهدف؟ (التصنيع – اختراع الآلة)
لو تم التفكير في بيت المتنبي على هذا النحو لربما قادت المسلمين إلى السبق في اختراع الاتصالات اللاسلكية وليس الطائرات والصواريخ فحسب، وتطبيق الإشارة العلمية الواردة في بيت الشعر. ولكن أنى لهم ذلك وهناك دائما من يحجر على عقولهم ويحرم عليها التفكير.
هذه البيت بإشارته العلمية كان يوجهنا إلى المستقبل ويختصر علينا الطريق في تطور العلوم، لكننا لم نستجب لتلك الدعوة، وتوقفنا في تفكيرنا عند المشبه والمشبه به وما زلنا نصر على وجوب وجودهما معا.ألا يمكن أن يكون المشبه والمشبه به معلوما عند المتنبي الذي ادعى النبوة؟ وهذا البيت بإشاراته العلمية وإعجازه العلمي دليل على نبوة المتنبي!!!!
ألا يكفي هذا؟ لو أن بيت الشعر نزل اليوم (على اعتبار أن المتنبي يوحى إليه) لكان المشبه به معلوما لدينا ولما وجد المعترضون ما يعترضون عليه؟ ألا يعني هذا صلاحية شعر المتنبي لكل زمان ولكل جيل وإلى أن تقوم الساعة؟
كيف ترى هذا يا أستاذ جلغوم؟
كما أنكم تبحثون في القرآن لتظفروا بآية تدعون فيها إعجازاً علمياً، وتشرقون في تأويلها وتغربون، فلنا أن نبحث في شعر العرب عن أبيات يسهل أن ندعي فيها إعجازاً علمياً، ثم نثبت بعد ذلك نبوة الشعراء بما سبقوا إليه من إشارات علمية؟!
أوليس فيما قلته لفتة كريمة تستحق التحية أيها العليمي؟
وما يدريكم؟
لعل المتنبي إذ ادعى النبوة كان صادقاً، وهذه الإشارات العلمية خير دليل على ذلك ....
هذه نهاية التعالم يا بكر
فنصيحتي لك لا تزر بنفسك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[30 Sep 2009, 10:27 م]ـ
يقول المتنبي في وصف جيش العدو:
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم
تجمع فيه كل لسن وأمة ... فلا يفهم الحداث إلا التراجم
وما يدريكم؟
لعل المتنبي إذ ادعى النبوة كان صادقاً، وهذه الإشارات العلمية خير دليل على ذلك ....
ما شاء الله، وحياك من حياك على هذا الفهم الثاقب، والبصيرة النافذة، والحجة الدامغة، والبرهان اليقين، سبحان الله لو علم أهل الجاهلية ما علمته أنت من حال المتنبي ما تركوه وذهبوا إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. فهنيئا لك هذا الفهم الحاذق، وهذه اللفتات البيانية التي ينأسر لها اللب والعقل.
صحيح لقد أسقط في يد كل من يحاول الحديث عن أوجه بيان القرآن الكريم وإظهار علو شأنه، وقامت عليه الحجة، فأين كلامه من القرآن الكريم؟؟؟ فهل تنوي أن تدعو الناس لاتباع المتنبي في تعاليمه؟؟؟ ولا يهمنا بعد هذا الفهم تاريخ حياة المتنبي.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[01 Oct 2009, 12:31 ص]ـ
نقاش ممتع جداً ... وأرى أن المدافعين عن الإعجاز العلمي قد جاؤوا بما يقنع المخالفين والمعترضين .... جزاكم الله خيراً جميعاً ....
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[01 Oct 2009, 06:21 م]ـ
على رسلكم أيها الإخوة جلغوم والعليمي والأستاذ حسن عبد الجليل…
وتأملوا الإلزامات الموجهة إليكم والتي تلزم مذهبكم لزوماً لا ينفك عنه…
هذه الردود المرتجلة لا تسعفكم في الحجاج، ويمكن بأدنى تأمل وتدبر منكم أن تتبينوا المصادرة على المطلوب التي تتضمنها ردودكم…
الأخ جلغوم زعم أن في الآية دلالات على أن الصعود في السماء ممكن، وأن هذا يقودنا إلى اكتشاف الجاذبية، وإلى اختراع الآلة، ويزعم أنه لو تم التفكير في الآية على هذا النحو فلربما قادت المسلمين إلى السبق في اختراع الطائرة!!!
كل هذا يزعم أنه مستنبط من قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء))!!!
فأين يجد الدلالة على هذا كله في الآية؟!
فلجأت من باب إلزام المناظر إلى بيت المتنبي، وأعدتُ كلامه كلامه حرفاً حرفاً ...
فإن سألتني: من أين لك أن تفهم هذا من شعر المتنبي؟
قلت لك: من حيث فهمت هذا من قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء)).
فإن كنت ترى أن الآية دالة على كل هذا الذي تزعمه، فليس بيت المتنبي بأقل دلالة عليه، بل وفيه دلالة على اختراع الاتصالات اللاسلكية ....
وإن كنت تراني شطحت بعيداً في خيالي، فلستُ بأولى في هذا منك، وأنت الذي حملت الآية ما لا تحتمل من المعاني.
أما دعواكم: كيف أقارن كلام المتنبي بكلام رب العالمين؟
والذي تضمنته ردود الإخوة، فهذا مكمن المصادرة، ومحل المغالطة.
ذلك أن الغرض من مبحث الإعجاز وإثباته، أن نقيم الدليل على أن هذا الكلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم قبل 1400 سنة هو كلام الله وليس كلام بشر.
هذا هو الهدف من مبحث الإعجاز.
والبحث في إعجاز القرآن العلمي – على فرض وجوده- معناه عند القائلين به أن القرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم قبل 1400 سنة سبق إلى بيان حقائق وأسرار في العلوم التجريبية كشف عنها العلماء حديثاً، ثم تجعلون من سبق القرآن إلى هذا دليلاً على أن القرآن كلام الله.
فإذا سألكم الكافر المعاند - وليس أنا- عن الدليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، قلتم له: الدليل على ذلك أن القرآن سبق إلى تقرير حقائق علمية لم يكتشفها العلماء إلا في العصور المتأخرة، وهذه آية أن القرآن من عند الله.
فإن طلب إليكم مثالاً على هذا السبق العلمي، قلتم له: قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء)) يعني أن الصعود إلى السماء ممكن، ويؤدي إلى اكتشاف قانون الجاذبية، واختراع الطائرة!!! ... إلى آخر ما استطرد في بيانه الأخ جلغوم.
فماذا لو جاءكم الكافر المعاند –وليس أنا- ببيت المتنبي، وقال: وهذا البيت يمكن أن أفهم منه ما فهمتم من الآية ...
فماذا ستقولون له؟
هل ستقولون له ما قلتموه لي: لقد شطحت بعيداً في خيالك، وقارنت كلام الله بكلام الشعراء؟!
كيف تجيبونه بهذا وهو لا يسلم لكم ابتداء أنه كلام الله ...
أفليست هذه مصادرة؟؟!!
أنتم بهذا أجدر أن تكونوا ممن يريدونها عنزة ولو طارت ...
فتأملوا قليلاً فيما وقعتم فيه من مصادرة أيها الإخوة، وإليكم عن هذه الردود المرتجلة ...
بارك الله فيكم وشكر لكم ...
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[01 Oct 2009, 06:26 م]ـ
نقاش ممتع جداً ... وأرى أن المدافعين عن الإعجاز العلمي قد جاؤوا بما يقنع المخالفين والمعترضين .... جزاكم الله خيراً جميعاً ....
شكر الله لك مرورك يا أستاذ أحمد ...
وحبذا لو أعدتَ قراءة الموضوع من أوله، والنظر في الالزامات التي تترتب على القول بالإعجاز العلمي ...
وبارك الله فيك ...
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[01 Oct 2009, 07:39 م]ـ
نقاش ممتع جداً ... وأرى أن المدافعين عن الإعجاز العلمي قد جاؤوا بما يقنع المخالفين والمعترضين .... جزاكم الله خيراً جميعاً ....
وجزاكم بمثله أخي الكريم ...
كما ندعوكم حفظكم الله للمشاركة برأيكم المبارك على هذا الرابط بوركتم:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=17454
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[01 Oct 2009, 10:10 م]ـ
أخي الحبيب الجدل البيزنطي العقيم الذي لا يوصل إلى الحق لا فائدة ترجى منه، وما الغاية التي يرتجيها الإخوة في هذا النقاش إلى الوصول إلى الحق، ونسأل الله تعالى أن لا يجعلنا وإياكم من الذين تصدق عليهم الآية (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (الكهف:103 - 104)
، وقد رأيت البعض في النقاش يتجاوز عن الكثير من الأدلة، ليحول النقاش إلى مسائل أخرى تشتيتا للقارئ، وتهربا من الإجابة، وهذا لا يوصل إلى نتيجة. بل كل ما فيه انتصار للمذهب فقط، فالنتق الله ونستعيذ به أن يتحقق فينا قول الله تعالى:
1 - (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) (الكهف:57)
2 - (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ) (لأعراف:198)
3 - (وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لا يُبْصِرُونَ) (يونس:43)
وليس الأعمى من كُفّ بصره فحسب، بل الأشد عمى من ذلك من أطفأ الله نور هدايته من قلبه.
ومن أراد أن يدعو إلى الله فعليه أن يكون على بصيرة، ليحقق اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم:
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[01 Oct 2009, 11:03 م]ـ
على رسلكم أيها الإخوة جلغوم والعليمي والأستاذ حسن عبد الجليل…
فإذا سألكم الكافر المعاند - وليس أنا- عن الدليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، قلتم له: الدليل على ذلك أن القرآن سبق إلى تقرير حقائق علمية لم يكتشفها العلماء إلا في العصور المتأخرة، وهذه آية أن القرآن من عند الله.
فإن طلب إليكم مثالاً على هذا السبق العلمي، قلتم له: قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء)) يعني أن الصعود إلى السماء ممكن، ويؤدي إلى اكتشاف قانون الجاذبية، واختراع الطائرة!!! ... إلى آخر ما استطرد في بيانه الأخ جلغوم.
فماذا لو جاءكم الكافر المعاند –وليس أنا- ببيت المتنبي، وقال: وهذا البيت يمكن أن أفهم منه ما فهمتم من الآية ...
فماذا ستقولون له؟
هل ستقولون له ما قلتموه لي: لقد شطحت بعيداً في خيالك، وقارنت كلام الله بكلام الشعراء؟!
كيف تجيبونه بهذا وهو لا يسلم لكم ابتداء أنه كلام الله ...
...
أتظن لو أننا قلنا له أن هذه الآية قمة في البيان والبلاغة سيسلم لنا؟ ويعترف بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟
سيقول أنا لا أفهم العربية ولا بلاغتها. فهل سينفي قوله هذا عدم وجود الاعجاز البلاغي، والدليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟
فإن كان لا ينفيه، فكذلك عدم تسليمه في الأولى لا ينفي الاعجاز العلمي ودلالاته على النبوة ..
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[02 Oct 2009, 12:19 ص]ـ
على رسلكم أيها الإخوة جلغوم والعليمي والأستاذ حسن عبد الجليل
وتأملوا الإلزامات الموجهة إليكم والتي تلزم مذهبكم لزوماً لا ينفك عنه…
فماذا لو جاءكم الكافر المعاند –وليس أنا- ببيت المتنبي، وقال: وهذا البيت يمكن أن أفهم منه ما فهمتم من الآية. فماذا ستقولون له؟
هل ستقولون له ما قلتموه لي: لقد شطحت بعيداً في خيالك، وقارنت كلام الله بكلام الشعراء؟!
كيف تجيبونه بهذا وهو لا يسلم لكم ابتداء أنه كلام الله. أفليست هذه مصادرة؟؟!!
فتأملوا قليلاً فيما وقعتم فيه من مصادرة أيها الإخوة، وإليكم عن هذه الردود المرتجلة ....
مرة أخرى أقول: ليس فيما ذكرته - يا أخى بكر - أى الزام للقائلين بالاعجاز العلمى على الاطلاق
واليك الأسباب:
أولا: ما قاله المتنبى كان شعرا، والشعر - كما لا يخفى عليك - يقوم فى جانب كبير منه على الخيال
(يُتْبَعُ)
(/)
أما اسلوب القرآن الكريم - وكما لا يخفى عليك أيضا - فما هو بشعر وما هو بنثر، وانما هو نسيج وحده من القول
ومن هنا فلا وجه للمقارنة بين ضربين مختلفين من القول وأحدهما يعتمد على الخيال بينما ثانيهما يقرر حقائق ويقول الحق
ثانيا: لم يزعم المتنبى أو غيره من الشعراء أنه يتلقى وحيا من الملأ الأعلى، أما محمد صلى الله عليه وسلم فانه قد ادعى ذلك صادقا
وأنت تعلم أن البينة تلزم المدعى وحده، وعلى هذا الأساس يقدم أنصار الاعجاز العلمى البينات العلمية على صدق هذه الدعوى
وهم غير ملزمين بالنظر فى أقوال الشعراء لأن الشعراء أنفسهم لم يدعوا لأنفسهم شيئا
ثالثا: الشخص الملحد الذى تخيلته وقد جاء مستشهدا ببيت المتنبى الذى ذكرته، هذا الشخص الوهمى لن يكون له وجود ذات يوم فى الواقع، لأنه لن يوجد شخص بمثل تلك السذاجة التى تدفع صاحبها أن يتطوع ومن تلقاء نفسه الى رفع قدر انسان عادى مثله الى مصاف الأنبياء لمجرد أن وجده قد تخيل شيئا فى شعره، ثم تحقق خياله الشعرى اتفاقا
ولو أجزنا ذلك لكان المتنبىء الشهير (نوستراداموس) فى رباعياته الشعرية هو الأولى والأحق بادعاء الوحى والنبوة، ولكن حتى هذا المذكور لم يدعيهما، ولم يتطوع أحد ليدعيهما له بالنيابة عنه
رابعا: حتى تسلم لك دعواك فيجب - علاوة على ما سبق - أن يكون هذا الخيال الذى تحقق فى بيت شعر للمتنبى متحققا وشائعا فى الكثير من أشعاره، وألا يقتصر ذلك على مثال وحيد من شعره، أى يجب أن تكون تلك قاعدة لا شذوذا، أو أن تمثل ظاهرة لا حالة وحيدة
أما دعوى القائلين بالاعجاز العلمى فيتحقق فيها هذا الشرط، فانهم لا يكتفون بمثال وحيد على نحو ما فعلت، وانما يأتون بالعديد من الشواهد التى لا يمكن اعتبارها شذوذا، بل ظاهرة ملحوظة ومن الصعب تجاهلها
أرأيت أخانا الفاضل الى عدد الالزامات التى تحاصرك وتلزمك أنت فيما تصورته الزامات لنا، وفيما ادعيته علينا من مصادرة على المطلوب
ندعو لك صادقين بأن ينجلى لك الحق ولا تستبد بك شهوة الجدل
وفقك الله لكل خير، وغفر الله لنا ولكم
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[03 Oct 2009, 01:51 م]ـ
الأستاذ حسن عبد الجليل ...
بارك الله فيك وشكر لك ...
أخي الحبيب الجدل البيزنطي العقيم الذي لا يوصل إلى الحق لا فائدة ترجى منه، وما الغاية التي يرتجيها الإخوة في هذا النقاش إلى الوصول إلى الحق
لعلك اطلعت أخي على مداخلتي الأخيرة، والتي بينت فيها المصادرة على المطلوب التي وقع فيها الإخوة:
1. الأخ جلغوم ادعى أن الآية دالة على إمكان الصعود في الفضاء، وأن التدبر في هذه الآية يمكن أن يقودنا إلى صنع الطائرة، وأيده في ذلك الأخ العليمي ...
ولست أدري كيف يُفهم كل هذا من قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء)).
2. لم نزد على أن جينا بمثال من كلام العرب للمتنبي يمكن لنا أن ندعي فيه دلالته على كل ما استرسل الأخ جلغوم في بيانه مما يزعم أن الآية دالة عليه أو مشيرة إليه.
3. فلا يجوز أن يكون الرد: إن هذا كلام الله وليس كلام بشر، وإنك لم تفرق بين قول الشعراء وقول الله، لأن الكافر المعاند لا يسلم لنا ابتداء أنه كلام الله.
فما جاء به الإخوة في جوابي باطل مردود لتضمنه مصادرة على المطلوب، على ما هو معروف في أصول الجدل ومراسمه.
هذا إذا كنا نبغي الوصول إلى الحق من جدالنا هذا ...
فإن لم يعترف الإخوة بوجود المصادرة، ولم ينفصلوا عنها بجواب آخر، فهم أحرص على الجدل البيزنطي، وأجدر أن يكونوا ممن يريدونها عنزة ولو طارت.
للأسف أخي أنكم تريدون أن تقولوا بوجود الإعجاز العلمي في هذه الآية، سواء كان ما تحتجون به في إثبات ذلك صحيحاً أم باطلاً، وأجدر بمن كانت هذه حاله أن يكون هو أولى بالحرص على الجدل البيزنطي، فلا يعترف بالحق بعد وضوحه.
ولي أن أعتب عليكم أخي في هذا مع وضوح الحجة في بطلان ما جاء به الأخ جلغوم مما يزعمه مدلولاً عليه بالآية، أو مشاراً إليه فيها.
فإن أضفت إلى هذا خطأ ما ذهبتَ إليه في آية ((وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين، وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال)) من أنها دالة على دوران الأرض حول محورها، تبيَّنَ لك أنكم لم تستطيعوا حتى الآن الانفصال عن الإلزامات الموجهة إليكم.
ودمت موفقاً ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[03 Oct 2009, 02:42 م]ـ
الأخ الكريم العليمي:
مرة أخرى أقول: ليس فيما ذكرته - يا أخى بكر - أى الزام للقائلين بالاعجاز العلمى على الاطلاق
واليك الأسباب:
بل لا تزال الإلزامات موجهة إليكم أخي، ولم تستطيعوا حتى اللحظة أن تنفصلوا عنها، وإليك البيان:
أولا: ما قاله المتنبى كان شعرا، والشعر - كما لا يخفى عليك - يقوم فى جانب كبير منه على الخيال
أما اسلوب القرآن الكريم - وكما لا يخفى عليك أيضا - فما هو بشعر وما هو بنثر، وانما هو نسيج وحده من القول
ومن هنا فلا وجه للمقارنة بين ضربين مختلفين من القول وأحدهما يعتمد على الخيال بينما ثانيهما يقرر حقائق ويقول الحق
فليكن شعراً أو نثراً، ليس هذا مما يجدي في محل النزاع ...
وليس لك أن تقول إن الشعر يقوم على الخيال، والقرآن الكريم ليس بشعر ولا نثر، وأنه نسيج وحده، ذلك أن الغاية من مبحث الإعجاز إثبات أن الكلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم قبل 1400 سنة ليس كلام بشر، وإنما هو كلام الله، ويكون هذا بأن تبتديء مع المناظر فتقول إن رجلاً من قريش هو محمد جاء بكلام قبل ما يزيد على 1400 سنة، وهذا الكلام يحتوي على حقائق علمية اكتشفها العلماء حديثاً، وسبق محمد إلى هذه الحقائق دليل على أن ما جاء به ليس من كلامه، ولا من كلام أحد من البشر، فيكون هو كلام الله، ويكون دليلاً على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
فإذا جاءك المناظر بشيء من كلام العرب يزعم أن فيه دلالة على حقائق علمية كشف عنها العلماء حديثاً، لم يكن لك أن تنفصل عنه بأن تقول: القرآن كلام الله، وأما كلام العرب فهو شعر قائم على الخيال؟!!
كيف وأنت بعد لم تثبت للمناظر أنه كلام الله؟!
هذه مصادرة لا تجوز في مراسم الجدل، ولي أن أرد دليلك هذا لوجود المصادرة فيه ...
ثانيا: لم يزعم المتنبى أو غيره من الشعراء أنه يتلقى وحيا من الملأ الأعلى، أما محمد صلى الله عليه وسلم فانه قد ادعى ذلك صادقا
ليس موضوعنا ها هنا أنه ادعى ذلك أو لم يدعه ...
الموضوع هو في دلالة ألفاظ الآية ((كأنما يصعد في السماء)) على ما ادعاه الأخ جلغوم من حقائق، وليس شعر المتنبي الذي أوردته بأقل دلالة على ذلك.
ثم إنك تقول إن محمداً صلى الله عليه وسلم ادعى النبوة صادقاً، وهذه مصادرة أخرى على المطلوب، فإنك لا تستطيع حتى الآن أن تبين لنا صدق هذا الادعاء بواسطة الإعجاز العلمي، لأنك لم تأت حتى الآن، ولا أحد من الإخوة بشيء يصفو لكم في تفسير ((كأنما يصعد في السماء)) ...
ادعى الأخ جلغوم أنها تقودنا لصنع الطائرات!!!
فمن أين له بهذا؟؟
وإذا سلمنا له ذلك، فكيف الجواب على بيت المتنبي الذي ليس هو بأقل دلالة على ما تزعمون الآية دلت عليه؟!
وأنت تعلم أن البينة تلزم المدعى وحده، وعلى هذا الأساس يقدم أنصار الاعجاز العلمى البينات العلمية على صدق هذه الدعوى
وهم غير ملزمين بالنظر فى أقوال الشعراء لأن الشعراء أنفسهم لم يدعوا لأنفسهم شيئا
وما نريده من أنصار الإعجاز العلمي أن يبينوا لنا كيف تدل آية ((كأنما يصعد في السماء)) على اختراع الطائرة وقانون الجاذبية، وكيف أن بيت المتنبي لا يدل عليها ...
وأنتم بهذا ملزمون حتى تستقيم لكم ما تدعون من الإعجاز العلمي، والبينة تلزم المدعي ...
ثالثا: الشخص الملحد الذى تخيلته وقد جاء مستشهدا ببيت المتنبى الذى ذكرته، هذا الشخص الوهمى لن يكون له وجود ذات يوم فى الواقع، لأنه لن يوجد شخص بمثل تلك السذاجة التى تدفع صاحبها أن يتطوع ومن تلقاء نفسه الى رفع قدر انسان عادى مثله الى مصاف الأنبياء لمجرد أن وجده قد تخيل شيئا فى شعره، ثم تحقق خياله الشعرى اتفاقا
أن يكون حقيقياً أم وهمياً مما لا يجديك، فإن أصل السؤال قائم ...
ثم لو فرضنا أن الملحد لا يريد أن يرفع قدر المتنبي إلى مصاف الأنبياء، فإنه يكفيه بسؤاله هذا أن يكذبك فيما تدعيه من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يرتفع - عند الملحد- إلى مصاف الأنبياء، وهذا ما لا تستطيع أن تثبته حتى الآن من حيث الإعجاز العلمي ...
وبعبارة أخرى: يكفيه أن يقول إن ما تدعيه من إعجاز علمي لا أصل له، وبالتالي لا يثبت عنده أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول.
فكيف السبيل في هذا؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
رابعا: حتى تسلم لك دعواك فيجب - علاوة على ما سبق - أن يكون هذا الخيال الذى تحقق فى بيت شعر للمتنبى متحققا وشائعا فى الكثير من أشعاره، وألا يقتصر ذلك على مثال وحيد من شعره، أى يجب أن تكون تلك قاعدة لا شذوذا، أو أن تمثل ظاهرة لا حالة وحيدة
أما دعوى القائلين بالاعجاز العلمى فيتحقق فيها هذا الشرط، فانهم لا يكتفون بمثال وحيد على نحو ما فعلت، وانما يأتون بالعديد من الشواهد التى لا يمكن اعتبارها شذوذا، بل ظاهرة ملحوظة ومن الصعب تجاهلها
وهذا مما لا يغنيك، فإننا نبحث في أصل الدلالة بغض النظر عن كثرة الشواهد، إذا كنت تزعم أن في قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء)) دلالة على قانون الجاذبية، وعلى اختراع الطائرة على وجه ما، فإننا على هذا الوجه نستطيع أن ندعي هذا كله في بيت المتنبي، وأن نحمله هذا المعاني من ذات الوجه الذي حملت فيه هذه الآية ما تزعمه من المعاني ...
وهاك بيتاً آخر للمتنبي:
إذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
وفي هذا دليل على أن الصعود في الفضاء ممكن، لأنه يصرح بقوله (لا تقنع بما دون النجوم)، بل إنه يقول إن بالإمكان الذهاب إلى ما هو أبعد من النجوم!!
وما يدريك، لعله يأتي زمان نكون فيه قادرين على الصعود إلى ما وراء النجوم، وليس إلى القمر فحسب؟!
فيكون المتنبي ها هنا يكشف لنا عن أشياء لم يصل إليها العلم الحديث بعد!!!
أرأيت أخانا الفاضل الى عدد الالزامات التى تحاصرك وتلزمك أنت فيما تصورته الزامات لنا، وفيما ادعيته علينا من مصادرة على المطلوب
ندعو لك صادقين بأن ينجلى لك الحق ولا تستبد بك شهوة الجدل
وفقك الله لكل خير، وغفر الله لنا ولكم
بل أرى يا أخي أنك تأتون بأجوبة مرتجلة، شاعرية، خطابية ...
وأعجب أنكم تصادرون على المطلوب، ثم تصرون على ذلك ...
نسأل الله أن يهدينا وإياكم سبيل الرشاد، وألا تصرفكم شهوة الجدل عن البصر بالحق ...
وبارك الله فيك ...
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[03 Oct 2009, 02:55 م]ـ
أتظن لو أننا قلنا له أن هذه الآية قمة في البيان والبلاغة سيسلم لنا؟ ويعترف بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟
سيقول أنا لا أفهم العربية ولا بلاغتها. فهل سينفي قوله هذا عدم وجود الاعجاز البلاغي، والدليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم؟
فإن كان لا ينفيه، فكذلك عدم تسليمه في الأولى لا ينفي الاعجاز العلمي ودلالاته على النبوة ..
هذا خارج عن محل النزاع ...
أريد منك ومن الإخوة أن تنفصلوا بجواب لا مصادرة فيه ...
أنت ادعيت - وناصرك الإخوة- أن الآية دالة على قانون الجاذبية، ولو تأملناها حقاً لوصلنا إلى اختراع الطائرة ...
ولست أدري من أين لك هذا ...
فجيتك ببيت للمتنبي:
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه ... وفي أذن الجوزاء منه زمازم
وهاك بيتاً آخر:
إذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
والمطلوب منك أن تبين لي كيف أن هذين البيتين لا يدلان على المعاني التي تزعم أن الآية تدل عليها؟!
لا تقل لي: الآية من كلام الله، وأما الشعر فهو كلام بشر؟
فهذا مما لا يغنيك إن كنت تطلب في جدالك الحق ...
ذلك أنك حتى هذه اللحظة لم تقم دليلاً على أن القرآن كلام الله من حيث وجود الإعجاز العلمي فيه ...
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[03 Oct 2009, 07:16 م]ـ
هذا خارج عن محل النزاع ...
أريد منك ومن الإخوة أن تنفصلوا بجواب لا مصادرة فيه ...
أنت ادعيت - وناصرك الإخوة- أن الآية دالة على قانون الجاذبية، ولو تأملناها حقاً لوصلنا إلى اختراع الطائرة ...
ولست أدري من أين لك هذا ...
...
هذا ما فهمته من الفعل (يَََصَّعَّد) فعملية الصعود تلقى مقاومة (التي هي الجاذبية).
كما أفهم أنها ستتم وتتدرج وفق مراحل مرتبطة بتطور العلوم والمعارف.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[03 Oct 2009, 07:18 م]ـ
نقاش ممتع جداً ... وأرى أن المدافعين عن الإعجاز العلمي قد جاؤوا بما يقنع المخالفين والمعترضين .... جزاكم الله خيراً جميعاً ....
إلا بكرا الجازي
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[03 Oct 2009, 09:16 م]ـ
فإذا جاءك المناظر بشيء من كلام العرب يزعم أن فيه دلالة على حقائق علمية كشف عنها العلماء حديثاً، لم يكن لك أن تنفصل عنه بأن تقول: القرآن كلام الله، وأما كلام العرب فهو شعر قائم على الخيال؟!!
(يُتْبَعُ)
(/)
كيف وأنت بعد لم تثبت للمناظر أنه كلام الله؟!
هذه مصادرة لا تجوز في مراسم الجدل، ولي أن أرد دليلك هذا لوجود المصادرة فيه ...
سبحان ربى العظيم!!
لم أتوقع أن يصل الأمر بك الى هذا الحد؟!!
الى حد أن تحرف الكلام الذى قلته وتتقول عليى ما لم أقله!!
فهل أنا قلت أن ردى على المناظر المزعوم هو:
" القرآن كلام الله، وأما كلام العرب فهو شعر قائم على الخيال "
أهذا ما قلته؟!
أم أن الصحيح اننى قلت ما معناه:
القرآن ليس بشعر وانه يقرر الحقائق كما هى فى الواقع، بينما الشعر يقوم على الخيال (وقد قالوا أن أجمل الشعر أكذبه، فكيف نقارن بين كلام يكمن جماله فى الكذب وكلام يكمن اعجازه فى الصدق المطلق؟)
وكذلك قلت لك:
القرآن نزل على بشر أعلن أنه رسول من عند الله وأنه يتلقى وحيا من الملأ الأعلى، أما الشعراء فلم يدعوا شيئا من ذلك، وأنه لهذا لا يصح أن نستشهد بأقوالهم على أن فيها اعجاز، لأنهم هم أنفسهم لم يقولوا بذلك ولم يدعوه، أما القرآن فقال ذلك صراحة بل وتحدى الانس والجن جميعا على أن يأتوا بمثله
أليس هذا هو فحوى كلامى يا أخ بكر؟
فأين هى المصادرة المدعاة فى هذا الكلام؟
كذلك نسبت اليى ما لم أقله مرة أخرى بقولك:
إذا كنت تزعم أن في قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء)) دلالة على قانون الجاذبية، وعلى اختراع الطائرة على وجه ما، فإننا على هذا الوجه نستطيع أن ندعي هذا كله في بيت المتنبي،
فهل أنا قلت شيئا من هذا؟!
هات لى من كلامى اقتباسا واحدا فحسب قلت فيه صراحة ألفاظا من قبيل: قانون الجاذبية، أو اختراع الطائرة
ان غاية ما قلته هو أن الآية تفيد أن الصعود الى السماء يعد أمرا ممكنا وليس هو بالمستحيل
فلماذا يا أخى تتقول عليى ما لم أقله؟!
ثم تقول كلاما عجيبا للغاية، تقول:
ثم لو فرضنا أن الملحد لا يريد أن يرفع قدر المتنبي إلى مصاف الأنبياء، فإنه يكفيه بسؤاله هذا أن يكذبك فيما تدعيه من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يرتفع - عند الملحد- إلى مصاف الأنبياء، وهذا ما لا تستطيع أن تثبته حتى الآن من حيث الإعجاز العلمي ...
وبعبارة أخرى: يكفيه أن يقول إن ما تدعيه من إعجاز علمي لا أصل له، وبالتالي لا يثبت عنده أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول.
فكيف السبيل في هذا؟؟؟
وأقول لك: عجبا، و أى عجب!!
فكيف يكفيه أن يقول: ان ما تدعيه من اعجاز علمى لا أصل له؟!
ان ألفاظ الآية واضحة كل الوضوح ولا لبس فيها: " كأنما يصعد فى السماء " فهل ترى فيها لبسا أو غموضا؟
اننا نفهم منها بوضوح أن التصعد فى السماء هو أمر ممكن، وقد أصبح أمرا متحققا وحدث بالفعل فى عصر الطيران ثم فى عصر سفن الفضاء، فكيف تزعم أن المناظر الذى تخيلته سوف ينكر هذا كله؟!
هل أقول أنا لك: كيف ينكره؟
لأنه لا يبتغى بجداله وجه الحق ولا يبحث عنه أصلا، وانما هو المراء واللجاجة والجدال بالباطل لا غير
ومثل هذا الشخص لا ننتظر منه ايمانا ولا نرجو منه خيرا
أليس كذلك يا أخى؟
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[03 Oct 2009, 10:49 م]ـ
بارك الله فيما قلتم ورزقنا وإياكم الاخلاص، وفي ظني القاصر أن مراد من تكلم في الاعجاز العلمي عند هذه الاية هو التنبيه على ما يحصل لمن صعد في السماء من ضيق في النفس كما بينت الاية والواقع يثبت هذا، وما اظن احدا منكم ينكر ما يصيبه عند صعود جبل فضلا عن صعود ما هو اعظم من ذلك كما يحصل لمن صعد للفضاء
واليكم ما قاله الشعراوي رحمه الله تعالى عند تفسيره لهذه الاية
والسماء هي كل ما علاك فأظلك، فالجو الذي يعلوك هو سماء، وكذلك السحابة، وأوضح لنا ربنا أنه أقام السم?وات السبع، وهنا أراد بعض العلماء الذين يحبون أن يظهروا آيات القرآن كمعجزات كونية إلى أن تقوم الساعة، أرادوا أن يأخذوا من هذا القول دليلاً جديداً على صدق القرآن، وتساءلوا: من الذي كان يدرك أن الذي يصعد في الجو يتعب ويحتاج إلى مجهودين: الأول للعمل والثاني لمناهضة الجاذبية ولذلك يضيق صدره لأنه لا يجد الهواء الكافي لإمداده بطاقة تولد وقوداً.
ونقول لهؤلاء العلماء: لا يوجد ما يمنع استنباط ما يتفق في القضية الكونية مع القضية القرآنية بصدق، ولكن لنحبس شهوتنا في أن نربط القرآن بكل أحداث الكون حتى لا نتهافت فنجعل من تفسيرنا لآية من آيات القرآن دليلاً على تصديق نظرية قائمة، وقد نجد من بعد ذلك من يثبت خطأ النظرية.
إنه يجب على المخلصين الذي يريدون أن يربطوا بين القرآن لما فيه من معجزات قرأنية مع معجزات الكون أن يمتلكوا اليقظة فلا يربطوا آيات القرآن إلا بالحقائق العلمية، وهناك فرق بين النظرية وبين الحقيقة؛ فالنظرية افتراضية وقد تخيب.
لذلك نقول: أنبعد القرآن عن هذه حتى لا تعرضه للذبذبة. ولا تربطوا القرآن إلا بالحقائق العلمية التي أثبتت التجارب صدقها.
وقائل القرآن هو خالق الكون، لذلك لا تتناقض الحقيقة القرآنية مع الحقيقة الكونية؛ لذلك لا تحدد أنت الحقيقة القرآنية وتحصرها في شيء وهي غير محصورة فيه. وتنبه جيداً إلى أن تكون الحقيقة القرآنية حقيقة قرآنية صافية، وكذلك الحقيقة الكونية. { .. كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ?لسَّمَآءِ كَذ?لِكَ يَجْعَلُ ?للَّهُ ?لرِّجْسَ عَلَى ?لَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[03 Oct 2009, 11:27 م]ـ
بارك الله فيما قلتم ورزقنا وإياكم الاخلاص، وفي ظني القاصر أن مراد من تكلم في الاعجاز العلمي عند هذه الاية هو التنبيه على ما يحصل لمن صعد في السماء من ضيق في النفس كما بينت الاية والواقع يثبت هذا، وما اظن احدا منكم ينكر ما يصيبه عند صعود جبل فضلا عن صعود ما هو اعظم من ذلك كما يحصل لمن صعد للفضاء
واليكم ما قاله الشعراوي رحمه الله تعالى عند تفسيره لهذه الاية
والسماء هي كل ما علاك فأظلك، فالجو الذي يعلوك هو سماء، وكذلك السحابة، وأوضح لنا ربنا أنه أقام السم?وات السبع، وهنا أراد بعض العلماء الذين يحبون أن يظهروا آيات القرآن كمعجزات كونية إلى أن تقوم الساعة، أرادوا أن يأخذوا من هذا القول دليلاً جديداً على صدق القرآن، وتساءلوا: من الذي كان يدرك أن الذي يصعد في الجو يتعب ويحتاج إلى مجهودين: الأول للعمل والثاني لمناهضة الجاذبية ولذلك يضيق صدره لأنه لا يجد الهواء الكافي لإمداده بطاقة تولد وقوداً.
ونقول لهؤلاء العلماء: لا يوجد ما يمنع استنباط ما يتفق في القضية الكونية مع القضية القرآنية بصدق، ولكن لنحبس شهوتنا في أن نربط القرآن بكل أحداث الكون حتى لا نتهافت فنجعل من تفسيرنا لآية من آيات القرآن دليلاً على تصديق نظرية قائمة، وقد نجد من بعد ذلك من يثبت خطأ النظرية.
إنه يجب على المخلصين الذي يريدون أن يربطوا بين القرآن لما فيه من معجزات قرأنية مع معجزات الكون أن يمتلكوا اليقظة فلا يربطوا آيات القرآن إلا بالحقائق العلمية، وهناك فرق بين النظرية وبين الحقيقة؛ فالنظرية افتراضية وقد تخيب.
لذلك نقول: أنبعد القرآن عن هذه حتى لا تعرضه للذبذبة. ولا تربطوا القرآن إلا بالحقائق العلمية التي أثبتت التجارب صدقها.
وقائل القرآن هو خالق الكون، لذلك لا تتناقض الحقيقة القرآنية مع الحقيقة الكونية؛ لذلك لا تحدد أنت الحقيقة القرآنية وتحصرها في شيء وهي غير محصورة فيه. وتنبه جيداً إلى أن تكون الحقيقة القرآنية حقيقة قرآنية صافية، وكذلك الحقيقة الكونية. { .. كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي ?لسَّمَآءِ كَذ?لِكَ يَجْعَلُ ?للَّهُ ?لرِّجْسَ عَلَى ?لَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125]
وبارك فيكم أخى الكريم
والحق ما قلته ونوافقك عليه تمام الموافقة
ولكن ينبغى التنبيه على أن كلام شيخنا الامام الشعراوى - رحمة الله عليه - قد قاله على وجه التعميم، وعلى سبيل التقعيد والتنظير لقضية الاعجاز العلمى بوجه عام، وأنه لم يقصد بكلامه كله هذه الآية وحدها وعلى وجه خاص، وهذا واضح من كلامه لمن تأمله جيدا
هذا ما أردت التنبيه عليه حتى لا يفهم من كلامه - يرحمه الله - غير ما أراد
وشكرا على المتابعة، وعلى هذه الاضافة القيمة
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[04 Oct 2009, 09:10 ص]ـ
كلام الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى كلام صحيح لا غبار عليه ولا أحد يخالفه وهو القول الوسط بين رفض القول بالإعجاز وبين الخوض فيه بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.
والشيخ الشعراوى رحمه الله تعالى قد تكلم عن بعض الآيات التي يعتقد أن فيها إشارة إلى سنة كونية كانت خافية على البشرية ثم ظهرت للناس بعد الكشوف العلمية ومنها مسألة دوران الأرض وقد تكلم الشيخ عنها في تناوله لآية سورة النمل.
وإلى الإخوة منكري الإشارات العلمية أقول هناك أمور لا أدري كيف ينكرها طالب علم فضلا عن عالم ومن ذلك ما جاء في قوله تعالى:
(وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (8)) سورة النحل
إن الله تعالى أشار في هذه الآية إلى ما أمتن به على خلقه من وسائل النقل المعروفة في زمن نزول القرآن ثم قال " ويخلق ما لاتعلمون".
أليس في هذا إشارة إلى ما هدى الله الإنسانية إليه من وسائل النقل الحديثة التي لم تكن معروفة من قبل؟
بلى.
يقول الطاهر بن عاشور رحمه الله:
"فالذي يظهر لي أن هذه الآية من معجزات القرآن الغيبية العلمية، وأنها إيماء إلى أن الله سيلهم البشر اختراع مراكب هي أجدى عليهم من الخيل والبغال والحمير، وتلك العجلات التي يركبها الواحد ويحركها برجليه وتسمى (بسكلات)، وأرتال السكك الحديدية، والسيارات المسيرة بمصفى النفط وتسمى أطوموبيل، ثم الطائرات التي تسير بالنفط المصفى في الهواء، فكل هذه مخلوقات نشأت في عصور متتابعة لم يكن يعلمها من كانوا قبل عصر وجود كل منها.
وإلهام الله الناس لاختراعها هو ملحق بخلق الله، فالله هو الذي ألهم المخترعين من البشر بما فطرهم عليه من الذكاء والعلم وبما تدرجوا في سلم الحضارة، واقتباس بعضهم من بعض إلى اختراعها، فهي بذلك مخلوقة لله تعالى ; لأن الكل من نعمته."
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[04 Oct 2009, 10:18 ص]ـ
الأخ الكريم جلغوم:
هذا ما فهمته من الفعل (يَََصَّعَّد) فعملية الصعود تلقى مقاومة (التي هي الجاذبية).
كما أفهم أنها ستتم وتتدرج وفق مراحل مرتبطة بتطور العلوم والمعارف.
وقول المتنبي:
إذا غامرت في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
يُستفاد منه ما استفدته أنت من الآية الكريمة، فلا وجه للقول بالإعجاز العلمي.
فإن عدتَ فقلتَ: أراك قد شطحت بعيدا في خيالك، أتقارن كلام المتنبي بكلام الله سبحانه وتعالى؟ وهل تصف كلام الله بما تصف به كلام الشعراء؟
قلتُ لك: هذه مصادرة على المطلوب لا يجوز أن تقع فيها ...
ولي أن أقول إن شطحت بعيداً في خيالك، وحملت الآية ما لا تحتمل ...
وبانتظار أن تنفصل عن هذه المصادرة بجواب آخر، ولا أظنك تستطيع أخي الكريم.
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[04 Oct 2009, 10:40 ص]ـ
الأخ الكريم العليمي:
سبحان ربى العظيم!!
لم أتوقع أن يصل الأمر بك الى هذا الحد؟!!
الى حد أن تحرف الكلام الذى قلته وتتقول عليى ما لم أقله!!
هون عليك، فلا أظنني أخطأت في فهم كلامك ...
إن لم تكن قلتَه تصريحاً، فتلميحاً، وإن لم تقله أنت فتأييدك لمن قاله بمثابة قولك أنت ...
أولستم تأخذون بالتلميح والتلويح في فهم القرآن تستدلون به على الحقائق العلمية، فما يمنع أن ناخذ ما يشير إليه كلامكم ويلوح به؟
فهل أنا قلت أن ردى على المناظر المزعوم هو:
" القرآن كلام الله، وأما كلام العرب فهو شعر قائم على الخيال "
أهذا ما قلته؟!
أم أن الصحيح اننى قلت ما معناه:
القرآن ليس بشعر وانه يقرر الحقائق كما هى فى الواقع، بينما الشعر يقوم على الخيال (وقد قالوا أن أجمل الشعر أكذبه، فكيف نقارن بين كلام يكمن جماله فى الكذب وكلام يكمن اعجازه فى الصدق المطلق؟)
فهمي ليس بعيداً عما قلتَه ...
قولك إن القرآن يقرر الحقائق كما هي في الواقع، بينما الشعر يقوم على الخيال مبني على تثبيتك أن هذا القرآن من عند الله أولاً.
ثم ما يدريك أن المتنبي لم يكن يقصد التخييل والمبالغة، وأنه كان يرمي إلى تقرير الحقيقة.
وما يدريك أن القرآن يقرر حقائق العلم الحديث؟
هذه دعوى منك لا دليل عليها
ونحن نقول في مقابلها: إن القرآن ومبعث الرسول صلى الله عليه وسلم يقرران ما يتعلق به التكليف والتعبد لله، فإن أشار إلى شيء مما حولنا من شمس أو قمر أو دواب أو إبل، فليس على سبيل تقرير حقائق لم يكشف عنها إلا حديثاً، بل لتقرير حقائق هي من جنس ما كانت العرب تعرفه.
وكذلك قلت لك:
القرآن نزل على بشر أعلن أنه رسول من عند الله وأنه يتلقى وحيا من الملأ الأعلى، أما الشعراء فلم يدعوا شيئا من ذلك، وأنه لهذا لا يصح أن نستشهد بأقوالهم على أن فيها اعجاز، لأنهم هم أنفسهم لم يقولوا بذلك ولم يدعوه، أما القرآن فقال ذلك صراحة بل وتحدى الانس والجن جميعا على أن يأتوا بمثله
أليس هذا هو فحوى كلامى يا أخ بكر؟
فأين هى المصادرة المدعاة فى هذا الكلام؟
أصل السؤال قائم سواء ادعى الشعراء النبوة أم لم يدعوها، لأن الحديث هنا عن الدلالات التي يحملها الكلام بغض النظر عن قائله.
وكلام المتنبي أو غير ليس بأقل دلالة على ما تدعون أن القرآن دل عليه.
ثم إن المتنبي قيل إنه سمي بذلك لادعائه النبوة! فما يدريك؟ لعله كان صادقاً!!!
[ size=4] فهل أنا قلت شيئا من هذا؟!
هات لى من كلامى اقتباسا واحدا فحسب قلت فيه صراحة ألفاظا من قبيل: قانون الجاذبية، أو اختراع الطائرة
ان غاية ما قلته هو أن الآية تفيد أن الصعود الى السماء يعد أمرا ممكنا وليس هو بالمستحيل
فلماذا يا أخى تتقول عليى ما لم أقله؟!
ثم تقول كلاما عجيبا للغاية
ونحن قلنا إنه قد يفهم من أبيات المتنبي ما زعمتم أن الآية تفيده ...
فهل لكم أن تنفصلوا عن هذا بجواب آخر غير قولكم: القرآن كلام الله، والمتنبي شاعر؟! فهذا جواب مردود عليكم لوجود المصادرة فيه.
[ size=4] وأقول لك: عجبا، و أى عجب!!
فكيف يكفيه أن يقول: ان ما تدعيه من اعجاز علمى لا أصل له؟!
ان ألفاظ الآية واضحة كل الوضوح ولا لبس فيها: " كأنما يصعد فى السماء " فهل ترى فيها لبسا أو غموضا؟
اننا نفهم منها بوضوح أن التصعد فى السماء هو أمر ممكن، وقد أصبح أمرا متحققا وحدث بالفعل فى عصر الطيران ثم فى عصر سفن الفضاء، فكيف تزعم أن المناظر الذى تخيلته سوف ينكر هذا كله؟!
هل أقول أنا لك: كيف ينكره؟
لأنه لا يبتغى بجداله وجه الحق ولا يبحث عنه أصلا، وانما هو المراء واللجاجة والجدال بالباطل لا غير
ومثل هذا الشخص لا ننتظر منه ايمانا ولا نرجو منه خيرا
أليس كذلك يا أخى؟
وللملحد أن يفهم من كلام المتنبي ما فهمته من الآية بلا فرق ...
فإما أن تنفصل بجواب لا مصادرة فيه على اعتراض الملحد، وإما أن نحكم للملحد بإفحامك، وإفحام الإخوة الذين حملوا الآية ما لا تحتمل ...
ذلك أننا طلاب حق أولاً وآخراً، ولا نراكم في باب الإعجاز العلمي جيتم بشيء يستحق الذكر فيما يخص آية ((كأنما يصعد في السماء)) ...
ونحن بانتظار أن تأتونا بجواب لا مصادرة فيه، ولا أظنكم تستطيعون أخي الكريم ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[04 Oct 2009, 11:45 ص]ـ
الأخ الفاضل فاضل الشهري:
بارك الله فيما قلتم ورزقنا وإياكم الاخلاص، وفي ظني القاصر أن مراد من تكلم في الاعجاز العلمي عند هذه الاية هو التنبيه على ما يحصل لمن صعد في السماء من ضيق في النفس كما بينت الاية والواقع يثبت هذا، وما اظن احدا منكم ينكر ما يصيبه عند صعود جبل فضلا عن صعود ما هو اعظم من ذلك كما يحصل لمن صعد للفضاء
لو حملنا الآية على صعود الجبل، وقد وجدت هذا التفسير عند الثعالبي، فليس هناك أي إعجاز علمي في الآية، لأن الآية تصف من يضيق صدره بالإسلام بمن يصعد في السماء (أو يصعد جبلا)، وهذا جارٍ على معهود الكلام، ولكن لا يجوز أن يدعى في الآية إعجاز علمي كشف عنه العلماء بعد 1400 سنة من نزول القرآن، لأن صعود الجبال وما فيه من تعب ونصب كان معروفاً للأولين، وكان يكفيهم أن يصعدوا من مكة إلى الطائف.
أما أن يكون المقصود من الآية الدلالة على أن الأكسجين يقل في طبقات الجو العليا، فلا ...
ذلك أن هذا لم يكن معهوداً للعرب، ولا معروفاً لهم، فلا يكون مراداً ...
ولأن في الأخذ به خروجاً على أصول البلاغة وحسن الإفهام ...
ونقول لهؤلاء العلماء: لا يوجد ما يمنع استنباط ما يتفق في القضية الكونية مع القضية القرآنية بصدق، ولكن لنحبس شهوتنا في أن نربط القرآن بكل أحداث الكون حتى لا نتهافت فنجعل من تفسيرنا لآية من آيات القرآن دليلاً على تصديق نظرية قائمة، وقد نجد من بعد ذلك من يثبت خطأ النظرية.
الأمر هنا متعلق بحمل معنى الآية الكريمة على ما لا يخالف أدلة العقل، فكيف نجعل من هذا إعجازاً؟!
إنه يجب على المخلصين الذي يريدون أن يربطوا بين القرآن لما فيه من معجزات قرأنية مع معجزات الكون أن يمتلكوا اليقظة فلا يربطوا آيات القرآن إلا بالحقائق العلمية، وهناك فرق بين النظرية وبين الحقيقة؛ فالنظرية افتراضية وقد تخيب.
لذلك نقول: أنبعد القرآن عن هذه حتى لا تعرضه للذبذبة. ولا تربطوا القرآن إلا بالحقائق العلمية التي أثبتت التجارب صدقها.
تأمل أخي الكريم ما في هذا الكلام:
1. إذا كان المقصود ربط آيات القرآن بالحقائق العلمية الثابتة، فلا شك في ذلك، إذ لا يجوز حمل القرآن على ما يخالف أدلة العقل. فلو كان هناك فهم عند الناس أن الشمس تدور حول الأرض، فيتعاقب الليل والنهار، ثم ثبت لدينا أن الأرض تدور حول محورها فيتعاقب الليل والنهار، حملنا معنى آية ((وترى الشمس إذا طلعت ... الآية)) على حركة الشمس الظاهرية، وليس المقصود أن الشمس متحركة على الحقيقة. فنحن نصحح فهمنا للقرآن، ولا نصحح القرآن، لما ثبت لدينا أنه من عند الله.
2. فلا يجوز لنا بعد هذا أن نجعل من فهمنا لآيات القرآن على ما لا يعارض أدلة العقل إعجازاً علمياً ...
3. ثم إن القول بضرورة ربط القرآن بحقائق العلم الثابتة دون النظريات الموهومة معناه أن ثبوت الحقيقة كان بنفسها، وبما أرشدت إليه أدلة العقل، لا أن القرآن دل عليها وأشار إليها، وهذا يعني إمكان أن يفهم من ظاهر القرآن معانٍ على خلاف أدلة العقل، فنصير إلى التوفيق بما لا يعارض أدلة العقل، أما أن نجعل من هذا الفهم والتوفيق إعجازاً، ففيه دور ومصادرة على المطلوب
والله أعلم ...
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[04 Oct 2009, 12:50 م]ـ
أما أن يكون المقصود من الآية الدلالة على أن الأكسجين يقل في طبقات الجو العليا، فلا ...
ذلك أن هذا لم يكن معهوداً للعرب، ولا معروفاً لهم، فلا يكون مراداً ...
ولأن في الأخذ به خروجاً على أصول البلاغة وحسن الإفهام ...
...
لم يقل أحد أن الآية نص على أن الأكسجين يقل في طبقات الجو العليا ... ولكن أغلقت عينيك وصميت أذنيك وجمدت عقلك ولهذا بقيت تكرر علينا ما فهمناه وعقلناه، وقلنا لك مرارا وتكرارا إن الله تعالى قد ضرب لنا مثلاً لصدر الكافر وضيقه وحرجه وهو ضيق وحرج صدر المصعد إلى السماء والعرب والمفسرون من بعدهم لم يعرفوا حقيقة التصعد في السماء والدليل اختلاف عبارة المفسرين في توجيه العبارة.
ولم يكن العرب الذين خوطبوا بهذا القرآن يفهمون كل ما ورد فيه على وجه التفصيل، وإنما فهموا منه ما قامت عليهم به الحجة أنه كلام الله وأنه كلام لا يستطيعه بشر، وعدم فهم بعض الناس في وقت من الأوقات لبعض المراد من آيات الله لا يخرج بالقرآن على أصول البلاغة وحسن الإفهام كما تزعم.
والآية كما قلنا في قوله تعالى" كأنما يصعد في السماء" إعجاز أدركه الكثير من العقلاء من المسلمين وغير المسلمين، وعجزك عن إدراك ما أدركوه لن غير من الحقيقة شيئاً فأرح نفسك وأرحنا معك.
وختاما أرجو أن تتأمل قول الله تعالى:
" طائر يطير بجناحية"
وقوله:
" يصعد في السماء"
فالصورة الأولى العربي في زمن التنزيل كان يفهم منها ما نفهم منها نحن اليوم ويتصورها كما نتصورها نحن اليوم.
أما الصورة الثانية وهي صورة المصعد في السماء فليتك تأتينا بفهم وتصور العربي لها زمن التنزيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[04 Oct 2009, 03:58 م]ـ
الأخ الكريم حجازي الهوى:
سبق أن ذكرت فهم العرب الأولين بما فيه مقنع ...
وسبق أن قلت لك إن ردودك هذه كجناح هرم مرسل.
ولا أظنك إلا تعرف ما أعنيه بقولي هذا ...
ثم إني طلبتُ إليكم ملاحظاتكم حول ما كتبت في هذا الباب، وتفضلتم مشكورين ببيان ما عندكم، ولك بعد هذا أن تقبل ما قلت أو تتركه.
فلك أن ترتاح مشكوراً فما أريد أن أثقل عليك، وأرجو ألا أكون أثقلت على الإخوة، وإنما هو جدل للوصول إلى الحق نسأل الله عليه حسن الثواب.
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[04 Oct 2009, 05:57 م]ـ
للأسف أخي أنكم تريدون أن تقولوا بوجود الإعجاز العلمي في هذه الآية، سواء كان ما تحتجون به في إثبات ذلك صحيحاً أم باطلاً ...
ولي أن أعتب عليكم أخي في هذا مع وضوح الحجة في بطلان ما جاء به الأخ جلغوم مما يزعمه مدلولاً عليه بالآية، أو مشاراً إليه فيها.
فإن أضفت إلى هذا خطأ ما ذهبتَ إليه في آية ((وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين، وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال)) من أنها دالة على دوران الأرض حول محورها، تبيَّنَ لك أنكم لم تستطيعوا حتى الآن الانفصال عن الإلزامات الموجهة إليكم ....
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه المهديين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب بكر الجازي حفظك الله
بداية معاذ الله أن نتقول على الله بغير علم، لكن الأمر الذي نتحدث عنه إنما أشرنا إليه لرسوخ الدليل الظاهر النقلي والعقلي وهذا كلّه إنما يصبّ في بوتقة حفظ الله تعالى لكتابه الكريم ليكون هذا كلّه شهادة على أن القرآن الكريم هو كتاب الله وأن ما فيه هو كلامه فيجب الاحتكام بحكم الله فيه.
وهذا الأمر لا يخفى على أحد من المتخصصين في العلوم الذين تنكشف لهم أدق المسائل بصورة جليّة، وبعد أن يصلون فيها إلى جانب من العلوم يظنون بأنفسهم أنهم جاءوا بأمر لم يأت به غيرهم بسبب الجهد والتكنولوجيا التي اعتمدوا عليها للتوصل إلى ما توصلوا إليه. يجدون في القرآن الكريم ما يدل على وجود هذا الأمر، فإن ذلك إنما يكون دليلا وبرهانا على صدق كلام الله تعالى وصدق كتابه الكريم. والبحوث العلمية المتخصصة في هذا الجانب كثيرة جدا وفي الكلام العلمي والتفسير العلمي لايات القرآن الكريم ما هو في القرون المتقدمة فالأمر ليس جديدا، لكن هذا العصر تميز عن باقي العصور بانكشاف أمور من العلوم لم تكن معروفة للمتقدمين، لذلك فإننا في كل مسألة نجد أن القرآن الكريم إنما جاءت آياته بالغة في الدقة متناهية في الدلالة الصادقة على حقائق الأمور.
ويكفي لتقعيد مسألة الإعجاز العلمي وجود آية واحدة دالة على هذا الأمر، فالمسألة ليست بالكثرة، وسوف أعطيك مثالا ظاهرا على هذه المسألة بعد أن أجيبك عن سؤالك الذي اعترض عليه حيث استدليت بقول الله تعالى: ((وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً)) (الكهف:17) على أن الشمس هي التي تدور حول الأرض وليست الأرض هي التي تدور حول محورها. وهذا استدلال في غير محلّه.
فتأمّل أخي الحبيب أوّل كلمة في هذه الآية الكريمة وتأمّل بلاغة القرآن الكريم في الوصف، فهذه الآية بليغة جدا في التعبير حتى أنه يمكن أن تدخل في أعماق فهمها إلى الكثير الكثير من الأدلة البلاغية والعلمية.
فالآية الكريمة تتحدث عن الشخص الذي يرى الشمس، وليس عن حكم دوران الشمس، وما من أحد على وجه الأرض إلا ويرى أن الشمس هي التي تدور؛ ذلك لأنه محكوم بقوانين الأرض والجاذبية وصغر حجمه بالنسبة للأرض وبعد الشمس عن الأرض حتى يراها الإنسان بحجم صغير كل ذلك يهيء للإنسان الظن بأن الشمس هي التي تدور حول الأرض، لذلك نقول جيمعا أشرقت الشمس ولا نقول بأن الأرض أكملت دورة من الغرب إلى الشرق فظهرت الشمس.
فلا يقوم لك بالاستشهاد بهذه الآية دليل أو حجّة على نفي قول من قال بالإعجاز العلمي.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأنظر أخي الكريم إلى المثل الذي وعدتك به، وأذكرك بقولي السابق: يكفي لتقعيد مسألة الإعجاز العلمي وجود دليل واحد عليه في القرآن الكريم
تأمّل أخي الحبيب قول الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (الحج:73) فهل لو سلبت الذبابة شيئا من الإنسان واستخدم الوسائل المتطورة في قتل الذباب يستطيع أن يسترجعه منه، ولو حصل ذلك لانتفى الدين بكلّيته، وهذا لن يكون بفضل الله تعالى.
تأمّل أخي الحبيب بلاغة البيان في هذه الآية الكريمة، في هذا العصر وبعد تطور أساليب الجراحة المكرسكوبية توصّل العلماء إلى البرهان الجلي والحجّة البالغة في دقة وصف الآية الكريمة.
فالذباب لا يملك معدة يهضم بها طعامه، بل يخرج العصارة الهاضمة إلى خارج جسده فيضعها على الطعام الذي يأكله، ثم يهضم الطعام خارج جسم الذباب، وبعد ذلك يمتصّه الذباب مهضوما جاهزا ليتوجه هذا الطعام إلى كافة أنحاء الجسم، وهذا أمر يستحيل على البشر أو أي مخلوق أن يعيد الشيء المهضوم الذي امتصّه الذباب فتحول جزء منه إلى طاقة لتحريك الجناحين ....
فحينما يتوصل العلماء بالبحث إلى هذه النتيجة في أن الذباب ليست له معدة لهضم الطعام وأنه يهضمه خارج جسده ثم يمتصّه، ألا نقول له بأن القرآن الكريم أشار صراحة إلى أن الذباب إذا سلب من الإنسان شيئا لا يمكن لمخلوق أن يرجعه. ألا يكون ذلك دليل على أن القرآن الكريم يتكلم بالصدق والحق.
سمّه ما شئت إعجاز علمي، أو بيان علمي، أو أوجه العلوم في القرآن الكريم، أو الأدلة العلمية على صدق كتاب رب العالمين ..... لكن لا تأخذ على أحد سمّاه إعجازا علميا، لأن الله سبحانه وتعالى تحدى الجن والإنس (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الاسراء:88)، والمثلية كاملة أي بكل محتواه من بلاغة وتشريع وعلوم وإخبار بالغيب .... وتحداهم الله بأن يأتوا ببعض ما في القرآن الكريم (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:23) فقوله تعالى: (من مثله) تدل على التبعيض أي لا يستطيعون أن يأتوا بشيء مما يحويه القرآن الكريم، ومن هذه الأمور الدلالات العلمية، لذلك لا أرى ما نعا من تسميته بالإعجاز العلمي.
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه واهدنا إلى سواء السبيل
والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وقرة أعيننا ونبض قلوبنا محمد صلى الله عليه وسلم
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[04 Oct 2009, 07:15 م]ـ
لقد أعطي الموضوع أكثر مما ينبغي، وربما أخطأ بعضنا في حق بعض، ولا يليق هذا بأهل القرآن، كما لا يليق بهذا الملتقى المبارك، والكثير مما قيل هنا تكرار سود ت به الصفحات ولا جديد فيه، ونسال الله تعالى أن يغفر للجميع الزلل، وأن يبصرنا بعيوب أنفسنا، فكم من كاتب يغفل عن مراده من كتابته لمقال أو رد، وهل أراد بذلك وجه الله تعالى، أو أراد الانتصار لنفسه وإظهارحجته
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[04 Oct 2009, 07:22 م]ـ
الأخ الكريم الأستاذ حسن عبد الجليل:
بداية معاذ الله أن نتقول على الله بغير علم، لكن الأمر الذي نتحدث عنه إنما أشرنا إليه لرسوخ الدليل الظاهر النقلي والعقلي وهذا كلّه إنما يصبّ في بوتقة حفظ الله تعالى لكتابه الكريم ليكون هذا كلّه شهادة على أن القرآن الكريم هو كتاب الله وأن ما فيه هو كلامه فيجب الاحتكام بحكم الله فيه.
لقد قلت في بداية الكلام في هذا الموضوع إننا لا نهدف إلى التعرض لأحد بشخصه، أو الزرياة به والانتقاص من قدره، وإنما نبين بدورنا يا أخي الكريم ما نراه صواباً وحقاً، وندين الله به، ومنطلقنا في هذا هو ما تنطلق منه من الحرص على كتاب الله أن يداخله ما ليس منه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا الأمر لا يخفى على أحد من المتخصصين في العلوم الذين تنكشف لهم أدق المسائل بصورة جليّة، وبعد أن يصلون فيها إلى جانب من العلوم يظنون بأنفسهم أنهم جاءوا بأمر لم يأت به غيرهم بسبب الجهد والتكنولوجيا التي اعتمدوا عليها للتوصل إلى ما توصلوا إليه. يجدون في القرآن الكريم ما يدل على وجود هذا الأمر، فإن ذلك إنما يكون دليلا وبرهانا على صدق كلام الله تعالى وصدق كتابه الكريم. والبحوث العلمية المتخصصة في هذا الجانب كثيرة جدا وفي الكلام العلمي والتفسير العلمي لايات القرآن الكريم ما هو في القرون المتقدمة فالأمر ليس جديدا، لكن هذا العصر تميز عن باقي العصور بانكشاف أمور من العلوم لم تكن معروفة للمتقدمين، لذلك فإننا في كل مسألة نجد أن القرآن الكريم إنما جاءت آياته بالغة في الدقة متناهية في الدلالة الصادقة على حقائق الأمور.
هذا ما ننازع فيه أخي الكريم، فنحن نزعم أن القرآن لم ينزل ليبين لنا بعد قرون متطاولة أسرار العلوم التجريبية.
والذي أراه أن هذه البحوث الكثيرة في التفسير العلمي والإعجاز العلمي تغفل أمراً مهماً، هو فقه اللغة، ولو تظرنا إلى ما يزعمونه إعجازاً علمياً وعرضناه على شيء من فقه اللغة كما هي عند علماء أصول الفقه أدركنا مكمن المغالطة التي يقع فيها أرباب الإعجاز العلمي، والتي يكفي فيها أن نقول: إن فهمنا للقرآن يجب أن يكون على معهود العرب الأولين في كلامهم وتصرفهم فيه، وقد أشار إلى هذا الأمر الإمام الشاطبي في موافقاته.
فأين نجد هذا عند أرباب الإعجاز العلمي؟
كل أبحاثهم في هذا الباب، أو ما أعرفه منها يتضمن خروجاً على اللغة، فكيف يستقيم هذا؟
وفي آية ((كأنما يصعد في السماء)) والتي يزعمونها قاطعة في الدلالة على الحقيقة العلمية خير شاهد على ذلك.
حيث استدليت بقول الله تعالى: ((وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُرْشِداً)) (الكهف:17) على أن الشمس هي التي تدور حول الأرض وليست الأرض هي التي تدور حول محورها. وهذا استدلال في غير محلّه.
لم أستدل بها على أن الشمس تدور حول الأرض، ولكن قلت إنها ظاهرة في هذا المعنى، ولذلك نلتمس العذر للعلماء إذا ما فهموا هذا من لفظ الآية، لأنها ظاهرة فيه.
أما وقد ثبت لدينا بأدلة العقل أن الأرض هي التي تدور حول محورنا، فإننا نحمل كلام الله الوارد في الآية على حركة الشمس الظاهرية، وليس يلزم من هذا أن تكون متحركة على الحقيقة.
ولذلك عجبتُ من قولك أخي الكريم إنك لم تفهم منها إلا معنى واحداً هو دوران الأرض حول محورها فيتعاقب الليل والنهار! وكان سؤالي لك:
أين تجد هذا في الآية؟
فتأمّل أخي الحبيب أوّل كلمة في هذه الآية الكريمة وتأمّل بلاغة القرآن الكريم في الوصف، فهذه الآية بليغة جدا في التعبير حتى أنه يمكن أن تدخل في أعماق فهمها إلى الكثير الكثير من الأدلة البلاغية والعلمية.
فالآية الكريمة تتحدث عن الشخص الذي يرى الشمس، وليس عن حكم دوران الشمس، وما من أحد على وجه الأرض إلا ويرى أن الشمس هي التي تدور؛ ذلك لأنه محكوم بقوانين الأرض والجاذبية وصغر حجمه بالنسبة للأرض وبعد الشمس عن الأرض حتى يراها الإنسان بحجم صغير كل ذلك يهيء للإنسان الظن بأن الشمس هي التي تدور حول الأرض، لذلك نقول جيمعا أشرقت الشمس ولا نقول بأن الأرض أكملت دورة من الغرب إلى الشرق فظهرت الشمس.
فلا يقوم لك بالاستشهاد بهذه الآية دليل أو حجّة على نفي قول من قال بالإعجاز العلمي.
1. إسناد الطلوع والغروب إلى الشمس في الآية يفيده ظاهره أن الشمس هي التي تتحرك.
2. تعاقب الليل والنهار يمكن أن يحصل إما بدوران الأرض حول محورها، وإما بدوران الشمس حول الأرض. (هذا نظرياً).
3. الترجيح بأن تعاقب الليل والنهار سببه دوران الأرض حول محورها، وليس دوران الشمس حول الأرض لا يمكن أن يفهم من الآية، ومن ادعى أنه مفهوم من الآية فقد حمل الآية ما لا تحتمل.
(يُتْبَعُ)
(/)
4. نحن عرفنا أن تعاقب الليل والنهار بسبب دوران الأرض حول محورها، لا بسبب دوران الشمس حول الأرض بأدلة العقل، وليس من الآية.
والحديث يا أستاذ حسن لم يكن على الإعجاز العلمي أو غيره، وإنما هو من باب التماس العذر للشيخ ابن عثيمين أو القرطبي رحمهما الله، فإن ما يفهم من ظاهر الآية أن الشمس هي التي تتحرك، ونحن إنما صرفنا الآية عن ظاهرها لمعارضة ما ظهر لأدلة العقل.
وأنظر أخي الكريم إلى المثل الذي وعدتك به، وأذكرك بقولي السابق: يكفي لتقعيد مسألة الإعجاز العلمي وجود دليل واحد عليه في القرآن الكريم
تأمّل أخي الحبيب قول الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (الحج:73) فهل لو سلبت الذبابة شيئا من الإنسان واستخدم الوسائل المتطورة في قتل الذباب يستطيع أن يسترجعه منه، ولو حصل ذلك لانتفى الدين بكلّيته، وهذا لن يكون بفضل الله تعالى.
تأمّل أخي الحبيب بلاغة البيان في هذه الآية الكريمة، في هذا العصر وبعد تطور أساليب الجراحة المكرسكوبية توصّل العلماء إلى البرهان الجلي والحجّة البالغة في دقة وصف الآية الكريمة.
فالذباب لا يملك معدة يهضم بها طعامه، بل يخرج العصارة الهاضمة إلى خارج جسده فيضعها على الطعام الذي يأكله، ثم يهضم الطعام خارج جسم الذباب، وبعد ذلك يمتصّه الذباب مهضوما جاهزا ليتوجه هذا الطعام إلى كافة أنحاء الجسم، وهذا أمر يستحيل على البشر أو أي مخلوق أن يعيد الشيء المهضوم الذي امتصّه الذباب فتحول جزء منه إلى طاقة لتحريك الجناحين ....
فحينما يتوصل العلماء بالبحث إلى هذه النتيجة في أن الذباب ليست له معدة لهضم الطعام وأنه يهضمه خارج جسده ثم يمتصّه، ألا نقول له بأن القرآن الكريم أشار صراحة إلى أن الذباب إذا سلب من الإنسان شيئا لا يمكن لمخلوق أن يرجعه. ألا يكون ذلك دليل على أن القرآن الكريم يتكلم بالصدق والحق.
سمّه ما شئت إعجاز علمي، أو بيان علمي، أو أوجه العلوم في القرآن الكريم، أو الأدلة العلمية على صدق كتاب رب العالمين ..... لكن لا تأخذ على أحد سمّاه إعجازا علميا، لأن الله سبحانه وتعالى تحدى الجن والإنس (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (الاسراء:88)، والمثلية كاملة أي بكل محتواه من بلاغة وتشريع وعلوم وإخبار بالغيب .... وتحداهم الله بأن يأتوا ببعض ما في القرآن الكريم (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:23) فقوله تعالى: (من مثله) تدل على التبعيض أي لا يستطيعون أن يأتوا بشيء مما يحويه القرآن الكريم، ومن هذه الأمور الدلالات العلمية، لذلك لا أرى ما نعا من تسميته بالإعجاز العلمي.
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتّبعون أحسنه واهدنا إلى سواء السبيل
والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وقرة أعيننا ونبض قلوبنا محمد صلى الله عليه وسلم
بل نفهم منها ما فهم العرب الأولون من أن الذباب لو سلبهم شيئاً مما يعلق به لم يستطيعوا أن يستنقذوه منه، وهذا من باب ضرب المثل حتى يكون أقرب لأفهام العرب الأولين، ولا يعنينا بعد ذلك إن كان للذباب معدة أم لا ...
للعلماء المحدثين أن يكتشفوا ما استطاعوا من أسرار الذباب والعنكبوت والبعوض والنحل وغيرها ...
أما أن يقولوا إن الآيات دالة على هذه الحقائق فهذا ما لا نزال نطالبهم به ...
هذا يا أخي تكلف في تحميل الآية ما لا تحتمل.
ولي أن أقول - على سبيل المعارضة- إن في قول الشاعر:
فدع الوعيد فما وعيدك ضائري ... أطنين أجنحة الذباب يضير
أشارة إلى دور الأصوات في إرهاب الخصم، وأن الصوت العالي مما يدخل الرعب في قلب الخصوم، ثم ندخل في دراسة لعلوم الصوتيات، ونزعم أن كل ما توصل إليه العلم الحديث في باب الصوتيات مختصر في هذا البيت من الشعر، ثم نبين مقدار مستوى صوت الطنين في أجنحة الذباب ( DECIBEL)، ونبين أنه خافت جداً بحيث لا يكاد يسمع فكيف يخيف؟
هذه الحقائق – طبعاً – لم تكن معروفة للناس عندما سمعوا البيت ...
فيكون هذا إعجازاً علمياً!!!
ولعل في قول عنترة العبسي:
وخلا الذباب بها فليس ببارح ... هزجاً كفعل الشارب المترنم
هزجاً يحك ذراعه بذراعه ... فعل المكب على الزناد الأجذم
إشارة إلى ارتباط حك الذباب ذراعه بذراعه بحالة من الهزح عند الذباب، ولا مانع من إجراء دراسة لإثبات صدق هذا، وأصدقك إذ أقول إن هذا ليس بالأمر العسير ...
وهكذا نتوسع في فهم الكلام كما يحلو لنا ونحمله ما لا يحتمل ...
فانظر ماذا جنينا على اللغة وعلى البلاغة إذا ما قبلنا بتوهمات كهذه في كتاب الله ....
أفليس من الأولى إذن تنزيه القرآن عن مثل هذه التوهمات والتحكمات؟؟؟!!!
وبارك الله فيك ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[04 Oct 2009, 10:26 م]ـ
الأخ الكريم العليمي:
قولك إن القرآن يقرر الحقائق كما هي في الواقع، بينما الشعر يقوم على الخيال مبني على تثبيتك أن هذا القرآن من عند الله أولاً ...
(1)
سبحان الله!!
فهل تشك أنت أن القرآن من عند الله؟!!
أم انك لا زلت تتقمص دور الملحد الممارى الذى نسجه خيالك؟!
فلتعلم اذن أن ملحدك هذا لا يعنينا فى شىء
وأننا لا نتوجه بالاعجاز العلمى للقرآن الى أمثاله من الملحدين
بل نتجه به الى المؤمنين ليزدادوا ايمانا على ايمانهم
وأظنك لن تستطيع أن تمارينا فى أن الايمان يزداد، أو أنه قابل للزيادة، أليس كذلك؟
ثم هل الاعجاز العلمى يصير باطلا اذا لم نتوجه به الى الملحدين الذين يحلو لك أن تتخيلهم؟؟
ليتك تجيبنى عن هذا السؤال يا أخ بكر، وأعيده على مسامعك بصيغة أخرى:
هل الاعجاز العلمى للقرآن لا يخاطب الا الملحدين؟
(يتبع)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[04 Oct 2009, 10:27 م]ـ
والذي أراه أن هذه البحوث الكثيرة في التفسير العلمي والإعجاز العلمي تغفل أمراً مهماً، هو فقه اللغة، ولو تظرنا إلى ما يزعمونه إعجازاً علمياً وعرضناه على شيء من فقه اللغة كما هي عند علماء أصول الفقه أدركنا مكمن المغالطة التي يقع فيها أرباب الإعجاز العلمي، والتي يكفي فيها أن نقول: إن فهمنا للقرآن يجب أن يكون على معهود العرب الأولين في كلامهم وتصرفهم فيه، وقد أشار إلى هذا الأمر الإمام الشاطبي في موافقاته.
فأين نجد هذا عند أرباب الإعجاز العلمي؟
كل أبحاثهم في هذا الباب، أو ما أعرفه منها يتضمن خروجاً على اللغة، فكيف يستقيم هذا؟
وفي آية ((كأنما يصعد في السماء)) والتي يزعمونها قاطعة في الدلالة على الحقيقة العلمية خير شاهد على ذلك.
يا رجل لماذا هذا التجني؟
وكيف نصبت نفسك حكما على أبحاث القوم وجعلت من نفسك إماما في اللغة؟
ألم يكن الشعراوي وقبله الإمام الطاهر بن عاشور إمامين جليلين في اللغة والأصول؟
وليتك أتيت بمثال يمكنك أن تجد فيها مدخلا على المتكلمين في باب الإعجاز، ولكنك لم تجد إلا قول الله تعالى " كأنما يصعد في السماء" الذي لم يأت فيه المفسرون بطائل ولكنك تصر على أنها عنز ولو طارت.
1. إسناد الطلوع والغروب إلى الشمس في الآية يفيده ظاهره أن الشمس هي التي تتحرك.
2. تعاقب الليل والنهار يمكن أن يحصل إما بدوران الأرض حول محورها، وإما بدوران الشمس حول الأرض. (هذا نظرياً).
3. الترجيح بأن تعاقب الليل والنهار سببه دوران الأرض حول محورها، وليس دوران الشمس حول الأرض لا يمكن أن يفهم من الآية، ومن ادعى أنه مفهوم من الآية فقد حمل الآية ما لا تحتمل.
4. نحن عرفنا أن تعاقب الليل والنهار بسبب دوران الأرض حول محورها، لا بسبب دوران الشمس حول الأرض بأدلة العقل، وليس من الآية.
والحديث يا أستاذ حسن لم يكن على الإعجاز العلمي أو غيره، وإنما هو من باب التماس العذر للشيخ ابن عثيمين أو القرطبي رحمهما الله، فإن ما يفهم من ظاهر الآية أن الشمس هي التي تتحرك، ونحن إنما صرفنا الآية عن ظاهرها لمعارضة ما ظهر لأدلة العقل.
ما أعجب أمرك أيها الجازي
تنكر الإعجاز العلمي وتتهم القائلين بالجهل وعدم الفهم، ثم تأت إلى مسألة مازالت محل خلاف حتى عند الغربيين الذين هم أساطين الكشوف العلمية الحديثة وهي مسألة حركة الشمس، ثم تستدرك على عالمين جليلين وتتهمهما بعدم إدراك الأدلة العقلية التي أدركتها أنت!!!!!!!
بل نفهم منها ما فهم العرب الأولون من أن الذباب لو سلبهم شيئاً مما يعلق به لم يستطيعوا أن يستنقذوه منه، وهذا من باب ضرب المثل حتى يكون أقرب لأفهام العرب الأولين، ولا يعنينا بعد ذلك إن كان للذباب معدة أم لا ...
للعلماء المحدثين أن يكتشفوا ما استطاعوا من أسرار الذباب والعنكبوت والبعوض والنحل وغيرها ...
أما أن يقولوا إن الآيات دالة على هذه الحقائق فهذا ما لا نزال نطالبهم به ...
هذا يا أخي تكلف في تحميل الآية ما لا تحتمل.
ولي أن أقول - على سبيل المعارضة- إن في قول الشاعر:
فدع الوعيد فما وعيدك ضائري ... أطنين أجنحة الذباب يضير
أشارة إلى دور الأصوات في إرهاب الخصم، وأن الصوت العالي مما يدخل الرعب في قلب الخصوم، ثم ندخل في دراسة لعلوم الصوتيات، ونزعم أن كل ما توصل إليه العلم الحديث في باب الصوتيات مختصر في هذا البيت من الشعر، ثم نبين مقدار مستوى صوت الطنين في أجنحة الذباب ( DECIBEL)، ونبين أنه خافت جداً بحيث لا يكاد يسمع فكيف يخيف؟
هذه الحقائق – طبعاً – لم تكن معروفة للناس عندما سمعوا البيت ...
فيكون هذا إعجازاً علمياً!!!
ولعل في قول عنترة العبسي:
وخلا الذباب بها فليس ببارح ... هزجاً كفعل الشارب المترنم
هزجاً يحك ذراعه بذراعه ... فعل المكب على الزناد الأجذم
إشارة إلى ارتباط حك الذباب ذراعه بذراعه بحالة من الهزح عند الذباب، ولا مانع من إجراء دراسة لإثبات صدق هذا، وأصدقك إذ أقول إن هذا ليس بالأمر العسير ...
وهكذا نتوسع في فهم الكلام كما يحلو لنا ونحمله ما لا يحتمل ...
فانظر ماذا جنينا على اللغة وعلى البلاغة إذا ما قبلنا بتوهمات كهذه في كتاب الله ....
أفليس من الأولى إذن تنزيه القرآن عن مثل هذه التوهمات والتحكمات؟؟؟!!!
وبارك الله فيك ...
باختصار هذا الهراء الذي تقول ليس فيه تنزيه لكتاب الله، بل هو تعطيل للعقول والأفهام عن فهم كتاب الله الذي خاطب فيه البشرية جمعاء ودعاهم إلى تدبره وفهم أسراره.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[04 Oct 2009, 10:32 م]ـ
الأخ الكريم العليمي:
ثم ما يدريك أن المتنبي لم يكن يقصد التخييل والمبالغة، وأنه كان يرمي إلى تقرير الحقيقة ...
(2)
بالله عليك: هل هذا سؤال؟!
ألا تعلم أن المتنبى الذى صدعتنا به كان شاعرا؟ وأن ما تشبثت به من قوله لم يك الا شعرا؟
ثم أى حقيقة تلك التى كان المتنبى يرمى الى تقريرها؟!
فهل وجدته قد اطلع الغيب فعلم أن الانسان سوف يرتقى فى السماء؟!
عجبا لك يا أخى!!
ان كلامك هذا لا يصح، حتى ولو كان على سبيل المعارضة والجدل
(يتبع)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[04 Oct 2009, 10:38 م]ـ
الأخ الكريم العليمي:
ونحن نقول في مقابلها: إن القرآن ومبعث الرسول صلى الله عليه وسلم يقرران ما يتعلق به التكليف والتعبد لله، فإن أشار إلى شيء مما حولنا من شمس أو قمر أو دواب أو إبل، فليس على سبيل تقرير حقائق لم يكشف عنها إلا حديثاً، بل لتقرير حقائق هي من جنس ما كانت العرب تعرفه ...
(3)
اذن فالقرآن لا يقرر الا ما كان العرب الأولون يعرفونه فحسب!!
و اذن فالقرآن لم ينزل الا اليهم (الى العرب الأولين) فحسب
للأسف هذا ما يؤدى اليه كلامك اذا ما طبقنا عليه المقولات المنطقية التى تظن أنك وحدك البارع فيها من دون الناس
(يتبع)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[04 Oct 2009, 10:44 م]ـ
الأخ الكريم العليمي:
وكلام المتنبي أو غير ليس بأقل دلالة على ما تدعون أن القرآن دل عليه.
ثم إن المتنبي قيل إنه سمي بذلك لادعائه النبوة! فما يدريك؟ لعله كان صادقاً!!!
.
(4)
لا أدرى كيف طاوعك قلمك على أن تكتب العبارة السابقة؟!
وحقا، ما أدرانى؟!!!!!
فلعله كان نبيا هو الآخر؟!!
وبذلك لا يكون محمد - صلى الله عليه وسلم - هو (خاتم النبيين)!!
ويكون القرآن قد أخطأ فى هذا!!!
ما هذا الكلام يا خى؟!!!
كيف تجاسرت على قوله؟!!!
(يتبع)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[04 Oct 2009, 10:49 م]ـ
الأخ الكريم العليمي:
فهل لكم أن تنفصلوا عن هذا بجواب آخر غير قولكم: القرآن كلام الله، والمتنبي شاعر؟! فهذا جواب مردود عليكم لوجود المصادرة فيه ...
(5)
سبحان الله!!
لا زلت تكرر زعمك القديم وتدعى اننى قلت مثل هذا الكلام!!
مع اننى قد أبنت لك (فى فاتحة المشاركة رقم 110) عن خطأك فى هذا
ولكن يبدو أنك لا تجد جديدا لترد به علينا
(يتبع)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[04 Oct 2009, 10:54 م]ـ
الأخ الكريم العليمي:
وللملحد أن يفهم من كلام المتنبي ما فهمته من الآية بلا فرق ...
(6)
فليذهب ملحدك هذا الى الجحيم
فكما أخبرتك من قبل: هو لا يعنينا فى شىء
ونحن - كما أخبرتك أيضا - لا نتوجه بالاعجاز العلمى للقرآن الى أمثاله من الذين ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة
وهنا دعنى أذكرك - كيلا تنسى - بأن تجيبنى عن سؤالى القائل:
هل الاعجاز العلمى لا يخاطب الا الملحدين فحسب؟
وهل تمارينا فى أن الايمان قابل للأزدياد أم لا؟
(يتبع)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[04 Oct 2009, 11:15 م]ـ
الأخ الكريم العليمي:
فإما أن تنفصل بجواب لا مصادرة فيه على اعتراض الملحد، وإما أن نحكم للملحد بإفحامك، وإفحام الإخوة الذين حملوا الآية ما لا تحتمل ...
(7)
تقول أن ملحدك أفحمنا جميعا!!
و ردى تجده فى المداخلة السابقة، فعد اليها وطالعها من جديد
ورحم الله الامام الشافعى حين قال:
ما ناظرت عالما الا غلبته
وما ناظرت جاهلا الا غلبنى!!
وأظنك قد علمت الآن الى أى فريق ينتمى ملحدك المزعوم!!
ثم تقول:
ونحن بانتظار أن تأتونا بجواب لا مصادرة فيه، ولا أظنكم تستطيعون أخى الكريم
فما تلك الثقة المفرطة يا أخى؟!
أواثق أنت هكذا فى أننا لن نستطيع أن نأتيك بجواب واحد؟!
على كل: لقد صدقت، فاننا قد أتيناك بسبعة أجوبة جملة واحدة، وليس بجواب واحد فحسب
هداك الله وأنار بصيرتك
وغفرلنا ولكم
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[05 Oct 2009, 02:01 ص]ـ
بكر الجازي
هذا ما ننازع فيه أخي الكريم، فنحن نزعم أن القرآن لم ينزل ليبين لنا بعد قرون
متطاولة أسرار العلوم التجريبية
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[05 Oct 2009, 02:01 ص]ـ
بكر الجازي
(يُتْبَعُ)
(/)
ولذلك نلتمس العذر للعلماء إذا ما فهموا هذا من لفظ الآية، لأنها ظاهرة فيه ... فإن ما يفهم من ظاهر الآية أن الشمس هي التي تتحرك، ونحن إنما صرفنا الآية عن ظاهرها لمعارضة ما ظهر لأدلة العقل
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[05 Oct 2009, 02:02 ص]ـ
هذا ما ننازع فيه أخي الكريم، فنحن نزعم أن القرآن لم ينزل ليبين لنا بعد قرون متطاولة أسرار العلوم التجريبية
قال تعالى: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (فصلت:53) وقال سبحانه وتعالى: (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل:89)
وقال جل جلاله: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) (العنكبوت:43)
والذي أراه أن هذه البحوث الكثيرة في التفسير العلمي والإعجاز العلمي تغفل أمراً مهماً، هو فقه اللغة، ولو تظرنا إلى ما يزعمونه إعجازاً علمياً وعرضناه على شيء من فقه اللغة كما هي عند علماء أصول الفقه أدركنا مكمن المغالطة التي يقع فيها أرباب الإعجاز العلمي، والتي يكفي فيها أن نقول: إن فهمنا للقرآن يجب أن يكون على معهود العرب الأولين في كلامهم وتصرفهم فيه،
صحيح أن الله سبحانه وتعالى أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا فقال سبحانه وتعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:78) لكن الله سبحانه وتعالى وهبنا السمع والأبصار والأفئدة لنرتقي بها ونعلم مراده، وندرك آياته في خلقه، وأوجب علينا أن نعمل العقل ونتفكر لا أن نبقى على حالنا حين خروجنا من بطون أمهاتنا، قال سبحانه وتعالى:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (البقرة:164)
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (آل عمران:190)
(الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران:191)
وأمرنا سبحانه وتعالى بأن لا نمر على آياته ونحن معرضون، قال سبحانه:
(وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) (يوسف:105)
ولذلك نلتمس العذر للعلماء إذا ما فهموا هذا من لفظ الآية، لأنها ظاهرة فيه ... والحديث يا أستاذ حسن لم يكن على الإعجاز العلمي أو غيره، وإنما هو من باب التماس العذر للشيخ ابن عثيمين أو القرطبي رحمهما الله، فإن ما يفهم من ظاهر الآية أن الشمس هي التي تتحرك، ونحن إنما صرفنا الآية عن ظاهرها لمعارضة ما ظهر لأدلة العقل
أخي الحبيب أنا لا أتهم أحدا من العلماء، لكنني أستغرب كل الاستغراب ممن ينتسب إلى العلم الشرعي ويمثل الدين الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي بعث رحمة للعالمين قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الانبياء:107)، ثم يأتي باجتهاده الخاطئ ليستبيح دم من يقول بأن الأرض تدور حول الشمس، وهو يعلم بأن المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.
هذا إن كان اجتهاده لمجرد الاجتهاد، أما إن كان اجتهاده ليبرر أمرا عقديا يريد أن يبنيه ويصوّره للناس، ويأخذ عليهم بالسيف أن يتبعوا مقالته فالأمر مختلف.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما وقد ثبت لدينا بأدلة العقل أن الأرض هي التي تدور حول محورنا، فإننا نحمل كلام الله الوارد في الآية على حركة الشمس الظاهرية، وليس يلزم من هذا أن تكون متحركة على الحقيقة ..
هذا أمر خطير لأن كلام الله سبحانه وتعالى هو الحق والفيصل وهو الحجّة الدامغة، أما ما يراه البعض اختلافا فهو من سؤ فهم النص القرآني، ولا ينبغي أن نقول إنه لثبوت أدلّة العقل نحمل كلام الله ...
بل نقول إن كلام الله حق، وفي آيات الوجود دلالة وشهود على مصداقية القرآن الكريم.
ولذلك عجبتُ من قولك أخي الكريم إنك لم تفهم منها إلا معنى واحداً هو دوران الأرض حول محورها فيتعاقب الليل والنهار! وكان سؤالي لك:
أين تجد هذا في الآية؟.
أخي الحبيب لا يخفى عليك أن تفسير القرآن الكريم لا يؤخذ منفصلا، بل لا بد من تتبع الأمر الذي نبغ أن نفسّره في آيات الكتاب الكريم، لذلك حين فهمت من الآية الكريمة هذا الفهم، لم يكن فهمي لها بمعزل عن فهمي لباقي آيات الكتاب الكريم التي تتحدث في هذا الجانب.
1. إسناد الطلوع والغروب إلى الشمس في الآية يفيده ظاهره أن الشمس هي التي تتحرك.
2. تعاقب الليل والنهار يمكن أن يحصل إما بدوران الأرض حول محورها، وإما بدوران الشمس حول الأرض. (هذا نظرياً).
3. الترجيح بأن تعاقب الليل والنهار سببه دوران الأرض حول محورها، وليس دوران الشمس حول الأرض لا يمكن أن يفهم من الآية، ومن ادعى أنه مفهوم من الآية فقد حمل الآية ما لا تحتمل.
4. نحن عرفنا أن تعاقب الليل والنهار بسبب دوران الأرض حول محورها، لا بسبب دوران الشمس حول الأرض بأدلة العقل، وليس من الآية ..
أولا: هذا الآية تدل صراحة على ما يراه المخاطب فقال سبحانه:? (وَتَرَى الشَّمْسَ)
ثانيا: النقطة الثانية لا تقوم على أساس علمي صحيح إذ لو دارت الشمس حول الأرض لاستغرقها هذا الدوران سنة كاملة أي لكان اليوم والليلة يعادلان 365يوما. فهذا إحتمال لا يُسَلّم لك.
ثالثا: الترجيح لا يؤخذ من آية دون فهم باقي آيات الكتاب الكريم.
رابعا: لا يمكن أن يحدث خلاف بين القرآن الكريم والعقل السليم، فإن ظهر لأحد خلاف فهو لسقم استدلاله العقلي وليس مرجعه للقرآن الكريم الذي: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42)
بل نفهم منها ما فهم العرب الأولون من أن الذباب لو سلبهم شيئاً مما يعلق به لم يستطيعوا أن يستنقذوه منه، وهذا من باب ضرب المثل حتى يكون أقرب لأفهام العرب الأولين، ولا يعنينا بعد ذلك إن كان للذباب معدة أم لا ...
للعلماء المحدثين أن يكتشفوا ما استطاعوا من أسرار الذباب والعنكبوت والبعوض والنحل وغيرها ...
أما أن يقولوا إن الآيات دالة على هذه الحقائق فهذا ما لا نزال نطالبهم به ...
هذا يا أخي تكلف في تحميل الآية ما لا تحتمل ..
وهل فهمنا مخالف للفهم الأول، أم نبقى كما خرجنا من بطون أمهاتنا؟
ولي أن أقول - على سبيل المعارضة- إن في قول الشاعر:
فدع الوعيد فما وعيدك ضائري ... أطنين أجنحة الذباب يضير
أشارة إلى دور الأصوات في إرهاب الخصم، وأن الصوت العالي مما يدخل الرعب في قلب الخصوم، ثم ندخل في دراسة لعلوم الصوتيات، ونزعم أن كل ما توصل إليه العلم الحديث في باب الصوتيات مختصر في هذا البيت من الشعر، ثم نبين مقدار مستوى صوت الطنين في أجنحة الذباب ( DECIBEL)، ونبين أنه خافت جداً بحيث لا يكاد يسمع فكيف يخيف؟
هذه الحقائق – طبعاً – لم تكن معروفة للناس عندما سمعوا البيت ... فيكون هذا إعجازاً علمياً!!! ..
أنت فهمت قول الشاعر على غير مراده، فهو يشير إلى أن صوت أجنحة الذباب لا يضير، لكن ما تتحدث به بأن الصوت له أثر في فزع الناس وإلقاء الرعب في قلوبهم فهو موجود في القرآن الكريم أيضا:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ) (النمل:87) (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ) (البقرة:19) وهذا أمر لا يخفى على الطفل الصغير، وليس فيه من السبق العلمي أيّ شيء، لذلك نجد الجيوش يصنّعون القنابل الصوتية، ويستخدمونها لتفريق الحشود ... لما لها من أثر كبير في إيقاع الرعب في الأنفس ....
ولا أعرف كيف تحمّل هذا النص الشعري ليحوي أوجه إعجاز علمي؟؟ فما هو مفهوم الإعجاز؟؟ وما هي أركانه وشروطه؟؟؟
. ولعل في قول عنترة العبسي:
وخلا الذباب بها فليس ببارح ... هزجاً كفعل الشارب المترنم
هزجاً يحك ذراعه بذراعه ... فعل المكب على الزناد الأجذم
إشارة إلى ارتباط حك الذباب ذراعه بذراعه بحالة من الهزح عند الذباب، ولا مانع من إجراء دراسة لإثبات صدق هذا، وأصدقك إذ أقول إن هذا ليس بالأمر العسير ...
وهكذا نتوسع في فهم الكلام كما يحلو لنا ونحمله ما لا يحتمل ...
فانظر ماذا جنينا على اللغة وعلى البلاغة إذا ما قبلنا بتوهمات كهذه في كتاب الله. .
هذا ما أراك تجنيه أنت بأسلوبك الذي يخرج البلاغة القرآنية عن أصولها، وتحمّل المسائل فوق طاقاتها الكثير الكثير، فما الذي ترمي إليه بحك الذباب في جسد هذه الفتاة؟؟؟ وإلى أين سيوصلنا هذا الفهم؟؟؟ وماهو هذا الأمر العظيم في هذه المسألة؟؟
هل من وجه للمقارنة بين فهمك وفهم النص القرآني؟؟ قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) (البقرة:26)
أفليس من الأولى إذن تنزيه القرآن عن مثل هذه التوهمات والتحكمات؟؟؟!!!.
أولا القرآن الكريم منزّه ولا يحتاج منا إلى تنزيه، والذي نقوله: أليس من الأولى أن ننزه عقولنا عن التحجّر والانطواء على أمور أكل الدهر عليها وشرب، ونتفكر في خلق السموات والأرض، ونتبع ديننا حق اتباعه؟؟؟؟
وأنا على يقين أنه من أعجز الإعجاز تفسير المُفَسَّر؛ فكيف لأحد أن يفسّر الماء لمن ينكره، سيفسر الماء بعد جهد بالماء؟؟؟؟ ليس لعجزه عن التفسير، بل لأن من أنكر معرفة الماء الظاهر لن يتّبع أيّة حجّة في بيانه.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[05 Oct 2009, 04:56 م]ـ
الإخوة الكرام العليمي وحجازي الهوى وحسن عبد الجليل:
أرجو أن تتركوا عنكم هذه التهويلات، وتنظروا في الإلزامات الموجهة إليكم، والتي تتبين للناظر بأدنى نظر. واعلموا أن الأمر ليس بكثرة القائلين بالإعجاز العلمي وأنصاره، وإنما بالحجة والبرهان الذي تقدمونه على صدق دعواكم، والذي لم نَرَ منكم فيه حتى هذه اللحظة، إلا تهويلات ومصادرات لا ينبغي أن تكون ممن يطلب في جداله الحق:
1. نحن - منكري الإعجاز العلمي- نومن بأن القرآن من عند الله، وبأنه أعجز ببلاغته وفصاحته وبيانه العرب، فكان دليلاً على صدق محمد صلى الله عليه وسلم في دعواه النبوة، فلا تذهبوا إلى التشكيك والتهويل ...
2. غاية ما في الأمر أنكم يا أرباب الإعجاز العلمي وأنصاره والقائلين به تدعون أن بإمكانكم إقامة الدليل على أن القرآن من عند الله من وجه آخر، هو أنكم تدعون سبق القرآن في الدلالة على أسرار وخفايا في علوم الكون كشف عنها العلم الحديث، وتجعلون من هذا وجهاً من وجوه إعجاز القرآن الكريم، ويدعي أرباب الإعجاز العلمي والداعون له أن هذا الوجه المدعى من إعجاز القرآن بات أقرب إلى أفهام الناس، وأجدر أن يُنبهوا إليه في ظل هذه الانفجار العلمي والمعرفي الذي ظهر في العصور الأخيرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
3. ونحن نقول لكم إن هذا الوجه المدعى لا أصل له، وليس بإمكانكم أن تقيموا الدليل على أن القرآن كلام الله بواسطة هذا الذي تدعونه من إعجاز علمي. نحن نومن بأن القرآن من عند الله، ونقول لكم إنكم لن تستطيعوا إثبات أن القرآن من عند الله في مدعاكم هذا.
الاعتراض هنا على ما تزعمونه دليلاً، لا على أن القرآن من عند الله. فدعوا عنكم هذه التهويلات التي لا تغني من الحق شيئاً.
4. وأثبتوا لنا هذا الذي تزعمونه وتدعونه وجهاً من وجوه إعجاز القرآن.
5. وقد جيتكم بمثال على بطلان القول بالإعجاز العلمي وتهافته في قوله تعالى ((كأنما يصعد في السماء))، وبينا أن القول بالإعجاز العلمي يبطل الغرض البلاغي من التشبيه، وذكرنا من أقوال المفسرين ما يدل على أن العرب فهموها، ثم بينا أنه لا يجوز من حيث فقه اللغة أن يفهم كلام ما في أي عصر من العصور إلا بحسب معهود أهل ذلك العصر في الألفاظ ومعانيها، ولم نجد منكم رداً على هذه النقاط الثلاث.
6. ادعى الأخ عبد الله جلغوم أن آية ((كأنما يصعد في السماء)) لو فهمناها حق الفهم لقادتنا إلى معرفة قانون الجاذبية، وربما قادتنا إلى اختراع الطائرة!!!
وأيد هذا الأخ العليمي ...
ولم أسمع من حجازي الهوى ولا من الأستاذ عبد الجليل ما يعارض به فهم الأخ عبد الله جلغوم.
فجئيناكم ببيتين للمتنبي يمكن أن نفهم منهما ما فهمتم أنتم من الآية.
وحدث نفس الشيء في آية الذباب التي ساقها الأستاذ حسن عبد الجليل زاعماً أنها تدل على الحقيقة العلمية!
جئناه ببيتين للعرب في الذباب يمكن أن نحملها على نظريات علمية، أو يمكن أن نجري دراسة علمية ليتحقق قول الشاعر ...
فلم تنفصلوا عن هذا بجواب ترتضونه أنتم إلا مصادرة على المطلوب.
تقولون هذا كلام الله وليس شعراً!!!
فكيف يستقيم هذا وأنتم لم تثبتوا بعد أنه كلام الله؟!
أفلستم تريدون أن تثبتوا للناس وللملحدين وللغربيين أن القرآن كلام الله بواسطة الإعجاز العلمي؟!
فهذه العرب لم تعجز ...
إذ يمكن لنا أن نحمل أقوال شعرائها وأدبائها على أحدث النظريات العلمية القطعية.
فأين تذهبون ...
نريد أجوبة محققة أيها الإخوة، وإقراراً منكم بوجود المصادرة في كلامكم جميعاً، والتي هي من الضروريات التي لا يسوغ جحدها عند العقلاء ...
فمن منكم يرجع إلى الحق ويعترف بوجود المصادرة؟!
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[05 Oct 2009, 11:08 م]ـ
الإخوة الكرام العليمي وحجازي الهوى وحسن عبد الجليل:
أرجو أن تتركوا عنكم هذه التهويلات، وتنظروا في الإلزامات الموجهة إليكم. . . . أفلستم تريدون أن تثبتوا للناس وللملحدين وللغربيين أن القرآن كلام الله بواسطة الإعجاز العلمي؟!
فهذه العرب لم تعجز .. إذ يمكن لنا أن نحمل أقوال شعرائها وأدبائها على أحدث النظريات العلمية القطعية.فأين تذهبون ... نريد أجوبة محققة أيها الأخوة
سبحانك ربى!!
هل تعى ما تقول يا أخى؟!
هل أنت مدرك تماما لمعنى كلامك هذا؟!
أشك فى ذلك، وأرى أنك قد كتبت ما كتبت تحت تأثير ما يسمى (ميكانزمات الدفاع)
أى لمجرد أن ترد علينا وحتى لا يقال أنك قد عجزت عن أن ترد، مع أننا جميعا - وبحسب قولك أنت - طلاب حق، أو هكذا يفترض أن نكون
فهل تدرى لماذا أقول هذا؟
لأن مؤدى كلامك لا يمكن أن يقبله عقل
بل انه يتعارض تماما مع العقل والمنطق والواقع والتاريخ
وهذا لأن مؤدى كلامك ونتيجته المنطقية الوحيدة أن شعراء العرب وادباءهم كانوا يتلقون وحيا من السماء، وحيا ينبئهم بما سوف تكون عليه أحوال الناس والدنيا بعد قرون كثيرة وحقبا طويلة!!!
كانوا يتلقون وحيا من السماء ينبئهم - وبحسب قولك أنت - بأحدث النظريات العلمية القاطعة!!
فاذا قال المثل العربى القديم - مثلا - عن الحاذق الماهر فى صنعته: " ان له عليها اصبعا " فهمت كلامه على أنه سبق علمى عن البصمات التى يتفرد كل انسان بها ولا يشاركه فيها غيره!!!
وكذلك اذا قال المتنبى - مثلا - عن الطموح الجامح: " لا تقنع بما دون النجوم " فانك تفهم كلامه على أنه سبق علمى عن غزوالانسان للفضاء الخارجى!!
بالله عليك هل هذا كلام يقال يا أخى الفاضل؟!
ولا تقل لى أنك تقول هذا الكلام على سبيل المعارضة والجدل، لا تقل لى هذا لأنه حتى الجدل له حدود لا يجوز أن يتخطاها، فانك لن تجد انسانا واحدا أيا كان - مؤمنا كان أم ملحدا كما تفضله - يمكن أن يقرك على مثل هذا الكلام؟
ثم بعد هذا كله تتوجه الينا نحن سائلا مستنكرا بقولك لنا: فأين تذهبون؟!
بل الصواب أن نسألك نحن:
انظر أخانا الفاضل الى أين يذهب بك هذا الكلام العجيب؟
فلتراجع نفسك يا أخى، فان الحق أبلج، والباطل لجلج، ولن يشاد الحق أحدا الا غلبه
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[05 Oct 2009, 11:28 م]ـ
لا أظن إلا أن هذا الجازي ينقل ما يردده النصارى في نفي الإعجاز عن كتاب الله وذلك أنهم يرددون نفس كلامه ويضربون نفس الأمثلة ................ ولا أريد أن أقول أكثر من ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[06 Oct 2009, 01:21 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أخي الحبيب بكر الجازي ما رأيك بأن توضّح لنا أوجه الإعجاز البياني والبلاغة العربية في السورة القرآنية الآتيه: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً) بما لايدع مجالا للشك في أن هذا القرآن هو كتاب الله تعالى.
وأقصد أن تعطينا تفسيرك لهذه السورة ليكون كل من يستمع إليك لا يسعه إلا أن يتّبع هذا الدين الحنيف.
لنجد لك الحجّة والبرهان على ما تدعيه في الإعجاز العلمي
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[06 Oct 2009, 01:38 ص]ـ
نحن - منكري الإعجاز العلمي- نومن بأن القرآن من عند الله، وبأنه أعجز ببلاغته وفصاحته وبيانه العرب، فكان دليلاً على صدق محمد صلى الله عليه وسلم في دعواه النبوة، فلا تذهبوا إلى التشكيك والتهويل ...
فمن منكم يرجع إلى الحق ويعترف بوجود المصادرة؟!
كأنك لم تقرأ شيئا مما كتبه جميع الإخوة، ومع ذلك أرجو من حضرتك أن تضرب لنا مثلا على إعجاز القرآن الكريم ببلاغته وفصاحته وبيانه، بحيث يكون حجّة نواجه بها العالم؟؟؟
ولا أقول ذلك لأن أحدا ينكر الإعجاز البياني والبلاغي للقرآن الكريم، بل لنعلم حقيقة الأمر الذي تدّعيه، هل تقوله وأنت متحقق بحقيقته؟؟؟ أم مجرد نقل لكلام العلماء دون تحقيق؟
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[06 Oct 2009, 05:10 ص]ـ
السلام عليكم
كطبيب أعرض عليكم باختصار تأثير الصعود فى طبقات الجو العليا على جسم الانسان وذلك لكى نعود لمناقشة الموضوع الأصلى
المشاهد أنه إذا صعد شخص ما من أرض سهل إلى قمة جبل-2000 - 3000 متر فوق سطح البحر - فإنه يشعر بأن نفسه لايكفيه
وبالبحث عن سبب هذه الظاهرة وجد الباحثون أنها ليست المشقة هى ما يشعره بهذا لأنه قد يكون على ظهر حصان أو على متن طائرة ولم يبذل مجهودا يذكر فى الارتفاع؛ ثم أنه إن بذل مجهودا فى الصعود وشعر بعدم كفاءة التنفس فتوقف ليستريح فلا يُذهب هذا شعوره بقصور الوظائف التنفسية مما يدل على وجود عامل آخر
وكذلك ليست بسبب مرض تنفسى سابق؛لأنها تحدث للصحيح الصاعد
لقد اكتشف الأطباء أن السبب هو نقص الضغط الجوى ونقص ضغط الأكسجين فى هواء المرتفعات
فإذا ما تسلق أحدهم جبلا فعند مستوى ارتفاع معين نتيجة لقلة الأكسجين تحدث ردود فعل فسيولوجية فى آليات حركة التنفس
تؤدى إلى زيادة فى عمق التنفس ومعدله
وزيادة نبض القلب وسرعة دوران الدم
وزيادة كفاءة انتشار الأكسجين عبر جدار الحويصلات الهوائية
ورغم هذا يبقى الحرج لأن هذه الآليات لاتفى باحتياجات الجسم
*فى الصعود الفجائى السريع قد يحدث مضاعفات مرضية خطيرة مثل الارتشاح الرئوى أو الخلل الدماغى نتيجة النقص الشديد والسريع الأكسجين وهذا هو مرض المرتفعات الحاد
أما على المدى البعيد والبطيء يحدث التكيف حيث يحدث زيادة فى الهيموجلوبين وتنمو أوعية دموية جديدة فى الرئة ويترقق جدار الحويصلات؛ وقد تزيد آليات التكيف هذه عن المطلوب فتؤدى إلى مرض يعرف بمرض المرتفعات أو الجبال المزمن
هل توجد صورة مرض الجبال فى أى وضع آخر كمريض الربو أو مرض الغطاسين
لا ليس تماما إلا فى النتيجة النهائية وهى قصور التنفس فالخنق والغرق والالتهاب الرئوى و .. و .. كلها تؤدى إلى قصور أو فشل التنفس ولكن لكل منها سبب وآلية خاصة ومختلفة عن الأسباب الأخرى
فمثلا فى مريض الربو يمكن أن يوصف الصدر أنه ضيقا حرجا مثل حالة مرض الجبال ولكن فى الأول تنقبض عضلات الصدر بشدة ولايدخل إلا هواء قليل لانسداد الشعيبات بينما فى مرض الجبال تنقبض العضلات وتنفتح الشعيبات والهواء الداخل أيضا قليل ولكن لأنه قليل فى الجو المحيط
هذا من الناحية الطبية ونلخصه كما يلى
ليس الجهد المبذول هو المحدد ولكن الارتفاع وسرعة الصعود
قصور وظائف التنفس ليس لمرض سابق فى أي من أجهزة الجسم ولكنه بسبب نقص كمية الهواء عامة والأكسجين خاصة والذى يزداد بزيادة الارتفاع
ويتم علاجه بمجرد النزول
ويمكن الوقاية من باستخدام أنبوب الأكسجين
من ناحية التفسير
(يُتْبَعُ)
(/)
العربى رأى الصورة فظنها من المشقة؛ وربما كان محقا حينها؛أما الآن فنحن نفهم كيف تحدث لمن لم يبذل جهدا؛
هل إذا أخبر القرآن أنك إذا صعدت فى طبقات الجو العليا لن تجد هواء كاف تتنفسه لايكون ذلك اعجازا
لابد من حكمة فى اختيار هذا التشبيه من دون الحالات الأخرى التى يكون فيها الصدر ضيقا حرجا
ما الفرق بين الضيق والحرج
كيف ينطبق المثل على الكافر فى الواقع؛أنراه كالمريض بمرض الجبال أم أنه شعور داخلى لديه
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[06 Oct 2009, 04:46 م]ـ
الأخ الكريم مصطفى سعيد:
بارك الله فيك ...
الاعتراض ليس على الحقائق والكشوفات التي أوردتها، فهذا ليس موضوعنا، وكما قلنا سابقاً: نحن لا ننكر الحقائق العلمية، وليس لنا أن ننكرها إذا ما ثبتت، وإنما ننكر أن يكون القرآن دل على شيء منها، أو دل على ما لم يكن معهوداً للعرب الأولين.
من ناحية التفسير
العربى رأى الصورة فظنها من المشقة؛ وربما كان محقا حينها؛أما الآن فنحن نفهم كيف تحدث لمن لم يبذل جهدا؛
أن نعرف كيف تكون المشقة، وما هو السبب فيها لم يُذكر في القرآن ...
لو سلمنا أن المقصود بالصعود في السماء هو الصعود على الجبال، فإن العرب الأولين كانوا يدركون، والبشرية كلها تدرك أن الصعود في الجبال يسبب حرجاً في الصدر، بسبب بذل جهد مضاعف، والقرآن ذكر هذه الظاهرة وضرب بها المثل، ولم يتحدث عن السبب الكامن وراء الظاهرة، فكيف نزعم أن القرآن كشف عنها؟
ثم إذا كان العربي قد فهم أنها من باب المشقة، ففي فهم العربي كفاية، والقرآن إنما نزل بلسان العرب الأولين، وهو الصواب.
هل إذا أخبر القرآن أنك إذا صعدت فى طبقات الجو العليا لن تجد هواء كاف تتنفسه لايكون ذلك اعجازا
لابد من حكمة فى اختيار هذا التشبيه من دون الحالات الأخرى التى يكون فيها الصدر ضيقا حرجا
ما الفرق بين الضيق والحرج
كيف ينطبق المثل على الكافر فى الواقع؛أنراه كالمريض بمرض الجبال أم أنه شعور داخلى لديه
نحن لا نسلم أن القرآن أخبر بأنك إذا صعدت إلى السماء فلن تجد هواء تتنفسه، بل نقول إن هذا هو فهم المحدثين في ظل الكشوفات الحديثة، وهذا الفهم ليس بصحيح.
تأمل أخي: نحن لا ننكر الحقيقة العلمية، ولكن ننكر دعوى القائل بأن القرآن دل عليها.
وبارك الله فيك ...
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[06 Oct 2009, 04:55 م]ـ
نحن لا نسلم أن القرآن أخبر بأنك إذا صعدت إلى السماء فلن تجد هواء تتنفسه، بل نقول إن هذا هو فهم المحدثين في ظل الكشوفات الحديثة، وهذا الفهم ليس بصحيح.
تأمل أخي: نحن لا ننكر الحقيقة العلمية، ولكن ننكر دعوى القائل بأن القرآن دل عليها.
وبارك الله فيك ...
ومن أنتموا حتى يكون لكم فهمُ!!!
إن كان لك فهم فقل لنا كما سألك بعض الأخوة: كيف استنبط بن عباس رضي الله عنهما قرب أجل النبي صلى الله عليه وسلم من سورة النصر؟
ـ[بكر الجازي]ــــــــ[06 Oct 2009, 05:37 م]ـ
الأخوة العليمي وحجازي الهوى والأستاذ حسن:
لا زلتم تقعون في نفس المصادرة، وقد سبق لي أكثر من مرة أن حررت محل النزاع وبينت لكم مغالطاتكم، ومصادرتكم، التي لا تجوز ممن يطلب في جداله الحق.
ولا أظنني بالغت عندما قلت لكم بأن ردودكم كأنما هي أجنحة هرم مرسلة.
بل لعل هذا أبلغ ما يقال في ردودكم، ولو وجدت أبلغ منه أتيتكم به ...
وأنتم تعرفون ما أعني ...
والله أعلم ...
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[06 Oct 2009, 09:29 م]ـ
السلام عليكم
الأخ بكر
قولك:
نحن لا ننكر الحقيقة العلمية، ولكن ننكر دعوى القائل بأن القرآن دل عليها.
إما أن نقول القرآن ليس تبيانا لهذا الأمر أو هذه الحقيقة العلمية؛بالرغم من أنها حاضرة بقوة!!!
وإما أن نقول كما لم يقل هذه فلم يقل بالمشقة
وإن قيل أن المشقة تستنبط من صيغة يتفعل فهذه الصيغة تدل على الاستمرار سواء بمشقة أو بغير مشقة
وإن قيل أن المشقة مستنبطة لكون الصعود ضد الجاذبية؛فسنقول دلت الآية على الجاذبية ضمنا وهو ما ترفضه
وبناءا على هذا إما أن نقول أنه ليست فىالآية دلالة على المشقة ولا الجاذبية ولا نقص الأكسجين فنبحث عن تفسير آخر للمثل؛ وإما أن نقول أنها تدل عليها جميعا حيث إذا تصعد فإنه يكابد مشقة لكون الصعود ضد الجاذبية ولكونه تصعد مستمر لايستقر به المقام عند مستوى ثابت فإنه لامحالة سيصل إلى مستوى فيه انخفاض الضغط الجوى مما يزيد من ضيق صدره وحرجه ورغم ذلك لايتوقف بل يظل يصعد فى السماء.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[06 Oct 2009, 09:43 م]ـ
الأخوة العليمي وحجازي الهوى والأستاذ حسن:
لا زلتم تقعون في نفس المصادرة، وقد سبق لي أكثر من مرة أن حررت محل النزاع وبينت لكم مغالطاتكم، ومصادرتكم، التي لا تجوز ممن يطلب في جداله الحق.
ولا أظنني بالغت عندما قلت لكم بأن ردودكم كأنما هي أجنحة هرم مرسلة.
بل لعل هذا أبلغ ما يقال في ردودكم، ولو وجدت أبلغ منه أتيتكم به ...
وأنتم تعرفون ما أعني ...
والله أعلم ...
هل رأيت!
هذا ما كنت أتوقعه، إنك تردد عبارات وقد تكون لا تفهم معناها.
وأنت من البداية لم تفقه ما تنقل فضلا عن أن تحرر.
ونصيحتي لك مرة أخرى إن كنت طالب علم فكف عن التعالم هدانا الله وإياك إلى الحق.
وإن كنت من الذين يتسترون من أجل التشكيك وبث الشبه فأقول لك إن ما تحاوله إنما هي شنشنة أعرفها من أخزم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[06 Oct 2009, 10:25 م]ـ
السلام عليكم
من ناحية التفسير
العربى رأى الصورة فظنها من المشقة؛ وربما كان محقا حينها؛أما الآن فنحن نفهم كيف تحدث لمن لم يبذل جهدا؛
هل إذا أخبر القرآن أنك إذا صعدت فى طبقات الجو العليا لن تجد هواء كاف تتنفسه لايكون ذلك اعجازا
لابد من حكمة فى اختيار هذا التشبيه من دون الحالات الأخرى التى يكون فيها الصدر ضيقا حرجا
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك يا دكتور مصطفى
اضافة قيمة بلا شك، وتأتى من رجل متخصص وله خلفية علمية ينطلق منها فى كلامه
وقد أعجبنى قولكم: " أما الآن فنحن نفهم كيف تحدث لمن لم يبذل جهدا "
فالأمر لا يقتصر بالفعل على المشقة التى يكابدها من يتسلق جبلا كما يظن البعض
وقد ألهمنى كلامك فكرة أخرى:
ان التصعد فى السماء بالمعنى الوحيد الذى أراه سائغا لفهمى لو كنت أعيش فى العصور القديمة هو ارتقاء الهضاب أو الجبال، ولكن حتى هذا الارتقاء يمكن أن أفعله وأنا ممتطيا صهوة جواد، ولا شك أنهم قديما كانوا يصعدون الأعالى على ظهور الخيل ومع ذلك كانوا يشعرون بضيق التنفس وحرج الصدر، وهذا بحد ذاته يؤكد أن القرآن يشير بطرف خفى الى أن المسألة لا تقتصر على المشقة أو المجهود (لأن الراكب لا يبذل مجهودا فى التصعد)، فبقى أن يكون لهذا الضيق والحرج أسبابا أخرى، هى تلك التى كشف عنها العلم الحديث وألمح القرآن الى وجودها، وأرى أن هذا الوجه مما تحتمله الآية
هذا، والله أعلم
ملحوظة: القول الذى يفسر التصعد فى السماء بأنه لا يشير الى حالة واقعية وانما هو مثل يضرب للتكليف بما لا يطاق على غرار قول البعض (روح بلط بحر)، هذا القول هو فيما أرى بعيد كل البعد عن الصواب، لأنه فى هذه الحالة لا يكون لوجه التشبيه أى فائدة تذكر، كما أن حمل اللفظ على الظاهر - كلما كان ذلك ممكنا - هو الأولى من اللجؤ الى التأويل
ثم كيف يكون التصعد فى السماء مثلا يضرب للمستحيل بعد أن تحقق بالفعل، فهل نجعل حقائق العصر مكذبة لكلام الله فنقول أن ما ضربه القرآن مثلا للمستحيل لم يعد مستحيلا!!
لكل تلك الأسباب أرفض هذا التفسير، وليت الذين لا يزالون يتمسكون به يتأملون تلك الأسباب
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[06 Oct 2009, 10:35 م]ـ
تأمل أخي: نحن لا ننكر الحقيقة العلمية، ولكن ننكر دعوى القائل بأن القرآن دل عليها.
تأملنا كم أردت، وخرجنا بالآتى:
أنت تريد أن تضع القرآن فى متحف التراث حتى يعلوه غبار التاريخ!!
تريد أن تقطع صلته تماما بغير العصر الذى نزل فيه!
تريد أن تغلق باب الاجتهاد تماما فى فهم القرآن!!!!
تريد أن تسد منافذ الفهم عن تدبره!
تريد أن تجعل هذا القرآن مهجورا
هذا بعض ما خرجنا به من تأملاتنا فى كلامك
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[06 Oct 2009, 10:41 م]ـ
نحن لا ننكر الحقيقة العلمية، ولكن ننكر دعوى القائل بأن القرآن دل عليه ..
وماذا يضيرك اذا كان القرآن دل عليها؟!!
لماذا تقيم انفصاما حادا بين القرآن وحقائق العلم الراسخة الثابتة؟!
ماذا يضيرك من العلم الحديث؟
لماذا تكرهه الى هذا الحد؟!
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[06 Oct 2009, 10:57 م]ـ
الأخوة العليمي وحجازي الهوى والأستاذ حسن:
لا زلتم تقعون في نفس المصادرة، وقد سبق لي أكثر من مرة أن حررت محل النزاع وبينت لكم مغالطاتكم، ومصادرتكم، التي لا تجوز ممن يطلب في جداله الحق ....
نفس الجملة المكررة فى كلامك هى هى!!
تتهرب من الجواب عن اسئلتنا وتكتفى بتكرار تلك الجملة الأثيرة لديك!
هل تعرف كم مرة ذكرتها؟
بعدد الأسئلة التى طرحناها عليك وتنصلت من الجواب عنها
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[06 Oct 2009, 11:18 م]ـ
ثم إذا كان العربي قد فهم أنها من باب المشقة، ففي فهم العربي كفاية، والقرآن إنما نزل بلسان العرب الأولين، وهو الصواب ...
تقول انه ما علينا الا أن نكتفى فى فهم القرآن بفهم العرب الأولين فحسب!
وتحجر علينا حق التدبر والفهم!
حسنا، أخبرنى بالله عليك:
ما معنى الحروف المقطعة فى فواتح السور؟
وماذا كان فهم العرب الأولين لها؟
أليس فهمهم هو الفهم الأمثل؟
اذن نبئنا بعلم يا أخ بكر
أجبنى ولو لمرة واحدة عن سؤال واحد وجهته اليك
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[07 Oct 2009, 02:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام علي سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أخي الحبيب بكر الجازي ما رأيك بأن توضّح لنا أوجه الإعجاز البياني والبلاغة العربية في السورة القرآنية الآتيه: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً) بما لايدع مجالا للشك في أن هذا القرآن هو كتاب الله تعالى.
وأقصد أن تعطينا تفسيرك لهذه السورة ليكون كل من يستمع إليك لا يسعه إلا أن يتّبع هذا الدين الحنيف.
لنجد لك الحجّة والبرهان على ما تدعيه في الإعجاز العلمي
أنا في انتظار إجابتك لسؤالي دون أن تتهرب بأي كلام آخر، وإذا أقنعتني بقولك سأكون لك من المتّبعين
(يُتْبَعُ)
(/)