بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف ظالم
الظالم هو الذي مد نفسه بحق غيره أو حوله إلى غيره، وعلى ذلك فقد ثبتت ألف ظالم في المواضع الخمسة التي ذكر فيها الظالم المفرد المذكر؛
في قوله تعالى: (وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا (75) النساء.
وفي قوله تعالى: (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) الكهف.
وفي قوله تعالى: (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27) الفرقان.
وفي قوله تعالى: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر.
وفي قوله تعالى: (وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113) الصافات.
أما القرى الظالمة فد وردت أربع مرات؛ أثبتت ألفها في ثلاث مواضع؛ وحذفت في موضع واحد؛
وفي قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (102) هود
وفي قوله تعالى: (وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا ءاخَرِينَ (11) الأنبياء
وفي قوله تعالى: (فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45) الحج
وفي قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48) الحج
وكم من قرية كانت ظالمة أي قائمة بالظلم وكأين من قرية أمليت لها أو أهلكناها وهي ظالمة أي كانت على الظلم فاعلة له أي هي مدت عبادتها إلى غير الله فأشركت به وعصت أمره فأهلكها لذلك ثبتت ألف المد فيها ولولا هذا المد في الظلم لما هلكت.
أما آية هود ففيها شرط إذا أخذ القرى وهي ظالمة فهذه القرى لم تتعين ولا تؤخذ بأخذ أليم شديد حتى تكون ظالمة فقيام الظلم فيها ليس محققًا وإنما هو تمثيل لما يكون بما قد كان فسقطت ألف المد منها في هذا الموضع فقط.
أما الظالمون بصيغة الجمع؛ فقد ورد (33) مرة مرفوعًا، و (91) مرة منصوبًا أو مجرورًا؛ وقد أسقطت الألف على قاعدة تساوي أفراد الجميع، إلا إذا وردت قرينة بخلاف ذلك؛
كما في قوله تعالى: (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ (51) البقرة
وفي قوله تعالى: (وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35) البقرة
وأثبتت ألف الظالمين في موضعين وحيدين مضافين؛
في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا (97) النساء.
وفي قوله تعالى: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (28) النحل.
والعلة في ثبات الألف؛ أن ظلم الظالمين الذين تتوفاهم الملائكة قائم فيهم وقت الوفاة، وأنه لم يكن هناك تساو بينهم في زمن الوفاة، ولا مكان الوفاة، فكل واحد منهم له زمنه ومكانه الذي يتوفى فيه. فهم متفرقون في أزمنة كثيرة، وأماكن متباعدة كثيرة، وعلى ذلك كان إثبات الألف في هذين الموضعين من صيغ الجمع فقط.
وحذفت الألف في اسم الفاعل بصيغة المبالغة (ظلاَّم) في أربع مواضع،
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (50) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (51) الأنفال.
وفي قوله تعالى: (ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (10) الحج.
وفي قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (46) فصلت.
وفي قوله تعالى: (قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (29) الحديد.
في هذه المواضع نفي بوقوع الظلم من الله عز وجل، والظلم إنقاص للحق وصرفه لغير صاحبه ومن لا يستحقه؛ لذلك سقطت ألف المد منها لأن هذه الصفة ساقطة من صفات الله تعالى، وجيء بها انفيها،
وكل هذه الآيات تعلقت بيوم القيامة؛ يوم يكون الحساب العظيم، وينتهي أمر حساب الناس فيه، ويعرف كل واحد ما له وما عليه، أي عند الانتهاء من الحساب وتقدير الأعمال، وبعد ذلك إما إلى جنة وإما إلى نار.
وأثبت ألفه في موضع واحد فقط؛
في قوله تعالى: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ (182) آل عمران.
أما ثباتها في آل عمران فلأن الحديث فيها في زمن الدنيا؛ فقد جاء قبلها (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181) آل عمران؛ فقد سمع الله قولهم ذلك في الدنيا، وكتابة قولهم في الدنيا، وقتلهم الأنبياء في الدنيا، ونقول ذوقوا عذاب الحريق هو انتقال إلى التهديد والوعيد، ثم كمل التهديد والوعيد بشدة ذلك بما قدمت يداك، وأن الله ليس بظلام للعبيد، فالنفي هنا تطلب نفيًا دائمًا مستمرًا؛ لأن الدنيا لم تنته بعد، للناس في الدنيا لم ينته وقيام الآخرة، وحساب الناس، وعقاب الله للكافرين لم يأت بعد؛ فثبتت لذلك ألف المد فيها؛ لأنه نفي للظلم في زمن من مضى، وزمن من حضر، وزمن من سيأتي بعد ذلك إلى قيامة الساعة.
ومن مادة ظلم؛ "ظلمات"؛ وقد وردت في (23) موضعًا، وجميعها بحذف الألف على قاعدة تساوي أفراد الجمع بينهم، ما لم ترد قرينة على خلاف ذلك؛
كما في قوله تعالى: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ (17) البقرة.
والله تعالى أعلم.
الكلمة الثامنة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف عال
في قوله تعالى: (فَمَا ءامَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلإيِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الْمُسْرِفِينَ (83) يونس.
وفي قوله تعالى: (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَاءِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنْ الْمُسْرِفِينَ (31) الدخان
العالي هو من زادت منزلته في قومه، وعلى من حوله؛ بسبب ملكه، أو قوته.
والعلو الفردي في الأرض غير المنضبط يدل على الإفساد فيها؛ كما كان عليه فرعون؛ لأنه يطمس كل من نازعه، أو خشي من منازعته له في ملكه، وعلى هذه الزيادة والامتداد في الملك والقوة لمن علا؛ ثبتت ألف عال.
وعلو المؤمنين على أهل الكفر هو من اجتماعهم على الإيمان بالله وطاعته، فينالون نصر الله ومعونته على أعدائهم؛
قال تعالى: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) آل عمران.
وأثبتت ألف عالية مع التأنيث في صفة الجنة؛
في قوله تعالى: (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) الحاقة.
وفي قوله تعالى: (فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) الغاشية.
(يُتْبَعُ)
(/)
والجنة عالية في منزلتها ومكانها، فهي أعلى من النار ومن موقف الحساب، غير الكرامة التي هي لأهلها بالأمن والتنعم بالخيرات التي فيها، ورضوان من الله أكبر، وفوق كل ذلك، فعلى ذلك كان ثبات الألف فيها.
وقد سقطت ألف عاليها؛
في قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ (82) هود.
وفي قوله تعالى: (فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ (74) الحجر.
وذلك أن عالي قرية قوم لوط عليه السلام تراجعت فأصبحت سافل القرية، وسافل القرية زاد وارتفع فصار عاليها؛ فما زاد ثبتت ألفه، وما تراجع وانخفض سقطت ألفه؛ وعلى ذلك كان سقوط ألف عاليها، وثبات ألف سافلها.
وحذفت كذلك ألف عاليهم؛
في قوله تعالى: (عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) الإنسان.
وقرأ نافع وأبو جعفر وحمزة: عالِيْهِم بتسكين الياء وكسر الهاء.
عاليهم بمعنى فوقهم، ولو كان القول عليهم؛ لأفاد الإخبار عما يلبسون، ولكن الله تعالى بقوله: عاليهم؛ بين أثر لباسهم عليهم، فجعله اسم فاعل لما أضاف لهم من جمال وهيئة، وهذا الأمر لهم وحدهم لا يمتد لغيرهم، وما غيرهم إلا في النار، وقد قطعت لهم ثياب من نار، ويصب من فوق رؤوسهم الحميم، نعوذ بالله من ذلك؛ فسقطت ألف عاليهم لأن هذا خاص بهم ولا يمتد إلى غيرهم، ولا يولد فيهم كبرياء ترفعهم على من معهم، وكل من معهم في الجنة مثلهم في الثياب والهيئة.
الكلمة التاسعة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف عامل وعاملة
ذكر عامل في أربعة مواضع؛ ثبتت ألف في موضع واحد فقط؛
في قوله تعالى: (قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) الأنعام.
والعامل هو صاحب العمل ومن قام به، والحساب يقدر على ما كان منه من عمل؛ فالعاقبة تكون لمن ثبت عمله، وقُبل عند الله تعالى، فأدى ذلك له امتدادًا في الآخرة، وعلى ذلك ثبتت ألفه.
وحذف ألف عامل في ثلاثة مواضع؛
في قوله تعالى: (وَيَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) هود.
وفي قوله تعالى: (قُلْ يَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (40) الزمر.
ويعود حذفها في هذين الموضعين؛ لإرادة التبليغ بثباته على العمل، وليس الامتداد فيه؛ لأن الامتداد فيه والزيادة عليه لا يعنيهم شيئًا، وأن أعمالهم لن تجلب لهم إلا الخزي والعذاب.
وحذفت في قوله تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ (195) آل عمران.
ويرجع الحذف إلى أن العمل يظل محفوظًا عند الله تعالى ولا يضيع منه شيء، بينما صاحب العمل ينساه في حياته من بُعد العهد به، أو بسبب كبر سنه، وسيفارقه بالموت، وعلى ذلك كان حذف ألفه.
وثبتت ألف عاملة بالتأنيث؛
في قوله تعالى: (عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) الغاشية.
النفس العاملة الناصبة هي التي قد أطالت السير والدأب في عملها، ناصبة نفسها من طول التطواف في النار بين نار وحميم آن، وصعود جبال فيها ونزول منها، ومحاولة دائمة للخروج من النار؛ على شدة ما تلاقي من التعب والإرهاق؛ فثبتت ألفها لعدم توقف العمل منها.
العامل هو من يقوم بعمل لجلب خير له، أو دفع شر عنه، لذلك لا يوصف الله سبحانه وتعالى بأنه يعمل، ولا يليق ذلك به عز وجل،.ويوصف بأنه يفعل؛ لأن الفعل هو من بالإرادة.
وحذفت ألف "عاملون" بالجمع في حالة الرفع في أربعة مواضع؛ على قاعدة عدم تمايز أفراد الجمع إلا بقرينة تدل على خلاف ذلك، لأن الجمع وحدهم وساوى بينهم؛
في قوله تعالى: (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) هود.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63) المؤمنون.
وفي قوله تعالى: (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ العَامِلُونَ (61) الصافات.
وفي قوله تعالى: (وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي ءاذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5) فصلت.
وكذلك كان حذف ألف "العاملين" في أربعة مواضع في حالة الجر؛
في قوله تعالى: (أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْاهَرُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136) آل عمران.
وفي قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ والْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) التوبة.
وفي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنْ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (58) العنكبوت.
وفي قوله تعالى: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنْ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) الزمر.
ومن هذه المادة؛ "أعمال" جمع "عمل"، وقد وردت (41) مرة بالإضافة إلى ضمير متصل ودون إضافة.
وقد حذفت الألف في الجميع على القاعدة أن الجمع يلغي تمايز أفراده ويوحدهم يلغي الفوارق بينهم بدخولهم في الجمع، أو الاندراج تحت حكم واحد، وعلى ذلك تسقط منه الألف؛
كما في قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ (9) محمد.
الكلمة العاشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف قادر
ورد وصف الله تعالى بأنه قادر في سبع مواضع؛ ثبتت ألف في أربعة منها؛
في قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ ءايَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ ءايَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (37) الأنعام.
وفي قوله تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) الأنعام.
وفي قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُورًا (99) الإسراء.
وفي قوله تعالى: (إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) الطارق.
في هذه المواضع الأربعة وصف تقريري من الله تعالى لنفسه؛
بأنه قادر على أن ينزل آية،
وأنه قادر على أن يبعث علينا عذابًا،
وأنه قادر على أن يخلق مثلنا،
وأنه قادر على أن يرجع الإنسان بعد موته؛
فقدرة الله تعالى مستمرة فيه وله، فمتى شاء فعل كل ذلك؛
فلقيام القدرة فيه سبحانه وتعالى ثبتت ألفه.
وحذفت ألف "قادر" في ثلاثة مواضع؛
في قوله تعالى: (أَوَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) يس.
وفي قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (33) الأحقاف.
وفي قوله تعالى: (أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40) القيامة.
في هذا المواضع تذكير من الله تعالى بقدرة له سابقة بخلقه للسموات والأرض اللتين هما أعظم من خلق الإنسان.
وتذكيرهم بأنه خلق الإنسان من نطفة ثم من علقة ثم سواه إنسانًا كاملاً
فكيف يعجز عن خلق مثلهم؟!، أو يعجز عن إحياء الموتى بعد أن أوجدهم من عدم؟!.
هذه التذكير بصفة لله ثابتة له سبحانه وتعالى، دل عليها ما قد عرفوه من خلق السموات والأرض، وخلق الإنسان من نطفة ثم من علقة، فالحديث هو عن أمر سابق
وكان الاستفهام في هذه المواضع استنكارًا وتقريعًا لمن أنكر قدرة الله تعالى على إحياء الموتى، أو خلق الله أمثالهم، وعلى المجيب أن يقرر.
والرد على هذا الإنكار؛ بلى هو الخلاق العليم، وبلى هو على كل شيء قدير، وبلى هو القادر على إحياء الموتى ... فمن السنة أن يقول القارئ والسامع بلى، أو سبحانك وبلى، أو سبحانك فبلي؛ جواب إقرار بقدرة الله؛
فلما كان السؤال فيه طلب الإقرار بما علموه من قدرة الله تعالى، وجعل تقرير ذلك إليهم؛ حذفت الألف، وفي ذلك إنكار شديدة عليهم، وأشد مما لو ثبتت الألف على ان الإقرار من الله تعالى سواء أقروا بذلك أم لم يقروا.
والله تعالى أعلم.(/)
حذف وإثبات الألف في الرسم القرآني (11 - 20)
ـ[العرابلي]ــــــــ[06 May 2009, 09:13 م]ـ
الكلمة الحادية عشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف قاسية
وردت قاسية ثلاث مرات؛ حذفت ألفها في موضعين؛
في قوله تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) المائدة.
فهؤلاء القاسية قلوبهم هم من لعنهم الله عز وجل من بني إسرائيل؛ فلن يدخلها بعد ذلك ما يليها من ذكر الله، فهم من شدة قساوة قلوبهم يحرفون كلامه تعالى بلا خوف منه سبحانه. فلأجل ذلك حذفت ألفها.
وحذفت في قوله تعالى: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (22) الزمر.
فويل لهؤلاء القاسية قلوبهم؛ فحال هؤلاء الذين كفروا بالإسلام كحال من كفر من أهل الكتاب من قبل؛ وقلوبهم مقفلة أمام ما يلينها من الإيمان وذكر الله تعالى؛ فعلى ذلك كان حذف ألفها.
وثبتت في قوله تعالى: (لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) الحج.
فهؤلاء القاسية قلوبهم هم من كفار مكة قبل إلقاء الشيطان فيها، وامتدت قساوتها بعد الإسلام، ولكنهم لم يلعنوا، ولم يهددوا بالويل لهم، والأمر ما زال ممدودًا لهم؛ فمنهم من مات أو قتل على الكفر، ومنهم من أصبح من حماة الإسلام والمدافعين عنه، والمجاهدين في سبيله، فثبتت ألفها؛ لأن منهم من دامت قساوة قلوبهم، ومنهم من لانت بعد ذلك بذكر الله.
الكلمة الثانية عشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف كاذب
الكذب صفة قبيحة مذمومة؛ وقد ورد ذكر الكاذب مرتين بالرفع، ومرتين بالنصب؛
في قوله تعالى: (وَيَاقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (93) هود
وفي قوله تعالى: (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) الزمر
وفي قوله تعالى: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ ءالِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) غافر
وفي قوله تعالى: (أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنْ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ (37) غافر
سقطت ألف "كاذب" لأنه يحمل صفة نقص؛ لما يقوم به من زيادة في الحديث لا أساس ولا واقع لها؛ مما ينشئه ويعده من القول الكاذب المخالف للحقيقة، ويعرف ذلك عندما ينكشف أمره ويظهر زيف قوله، وعلى ذلك كان حذف ألفه.
بينما ثبتت ألف صادقًا لأنه صدقه يدوم ولا يسقط.
أما "كاذبة" فقد وردت مرتين؛ واحدة بالإثبات؛
في قوله تعالى: (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) الواقعة.
فثباتها راجع إلى نفي امتداد الكذب بالآخرة، وقد عاينوا صدق وقوعها بأعينهم، فالنفي لامتداد ما كان قائمًا من قبل، وليس النفي لما هو منفي، وعلى ذلك ثبتت ألفها.
بينما ثبتت ألف الواقعة لأن وقوعها دائم مستمر متى وقعت.
وأما حذفها في قوله تعالى: (كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) العلق.
(يُتْبَعُ)
(/)
فلأن كذبها في الآخرة قد انتهى وانقطع،
بينما ثبتت ألف "ناصية"؛ لأن الناصية باقية لما سفع بها، وباقية من حيث بقاء قدرة التفكير فيها، فهي الموصوفة بخلق الكذب؛ فصاحبها يجادل الله تعالى يوم القيامة؛ فيقال لهم اخسؤوا ولا تكلمون، ويخاطبون أهل الجنة للإفاضة عليهم من الماء أو مما رزقهم الله، وغير ذلك مما يصدر منهم في سعيهم للخروج من النار، أو تخفيف العذاب عنهم.
بينما سقطت ألف نواصي بالجمع؛
في قوله تعالى: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ (41) الرحمن.
فلأجل أن النواصي؛ وهي مقدمة شعر الرأس الواقعة فوق مركز التفكير والتدبير من الدماغ، تذهب مع أول لفحة من نار جهنم وتبقى الأقدام التي ثبتت ألفها.
وأما ثبات ألف "خاطئة" فلأن خطأها ملازم لها، وعليه تعاقب، وتتحسر على فعله، ولن يكون هناك عمل يكفر عنه، وقد انقطع العمل يوم القيامة.
أما "كاذبون" جمع "كاذب" المرفوعة؛ فقد وردت ثلاث عشرة مرة، وحذفت ألفها على قاعدة في تساوي مفردات الجمع، وعدم تمايز بعضهم عن بعض إلا بقرينة؛
كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105) النحل.
ومثلها في الحكم "كاذبين" بالنصب أو الجر، والتي وردت ثلاث عشرة مرة كذلك؛
كما في قوله تعالى: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ (43) التوبة.
وفي قوله تعالى: (قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (27) النمل.
وقد ورد كاذب بصيغة المبالغة "كذَّاب" في خمسة مواضع ثبتت فيها الألف؛
في قوله تعالى: (وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) ص.
وفي قوله تعالى: (إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) غافر.
وفي قوله تعالى: (وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) غافر.
وفي قوله تعالى: (أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) القمر.
وفي قوله تعالى: (سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأَشِرُ (26) القمر.
وثبات ألف كذَّاب راجع أن صيغة المبالغة دالة على كثرة الفعل من الكاذب واستمراره عليه.
وكذلك ثبتت ألف "كذَّابًا" لمواصلة التكذيب لآيات الله تعالى؛
في قوله تعالى: (وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا (28) النبأ.
وسقطت ألف "كذَّابًا" لسقوط الكذب عند أهل الجنة كما تركوه في الدنيا؛
في قوله تعالى: (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا (35) النبأ.
والله تعالى أعلم.
الكلمة الثالثة عشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف كافر
ورد "كافر" بلفظ المذكر خمس مرات؛
في قوله تعالى: (وَءامِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) البقرة.
وفي قوله تعالى: (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة.
وفي قوله تعالى: (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا (55) الفرقان.
وفي قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2) التغابن.
وفي قوله تعالى: (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَالَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا (40) النبأ.
الكافر هو الذي استمر في إنكار نعمة الله عليه، وعبد غير الله عز وجل، ودام عليها؛ فثبتت ألفه لأجل ذلك.
وجاء لفظ "كافرة" بالتأنيث مرة واحدة؛
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى: (قَدْ كَانَ لَكُمْ ءايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ (13) آل عمران.
وهي فئة قائمة تقاتل فئة المؤمنين، وعلى ذلك كان ثبات ألفها.
وجاء اسم الفاعل: "كفَّار"؛ بصيغة المبالغة في خمسة مواضع؛
في قوله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَوا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) البقرة.
وفي قوله تعالى: (وَءاتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) إبراهيم.
وفي قوله تعالى: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) الزمر.
وفي قوله تعالى: (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) ق.
وفي قوله تعالى: (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا (27) نوح
فصيغة المبالغة دالة على كثرة الأخذ بالكفر والاستمرار عليه، حتى يلاقي الله تعالى بكفره، فثبتت ألفه لأجل ذلك.
و"فاجرًا" مثل كفار في ثبات ألفه؛ فهو باق على فجوره ومندفع فيه، ومستمر عليه.
أما "الكافرون" بصيغة جمع المذكر السالم المرفوع فقد ورد في ستة وثلاثين موضعًا؛
كما في قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) المائدة
و"الكافرين" بصيغة جمع المذكر السالم المنصوب أو المجرور في ثلاثة وتسعين موضعًا؛
كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) المائدة.
وفي قوله تعالى: (أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) البقرة.
وحذف الألف فيهما جارٍ على قاعدة تساوي أفراد الجمع، وعدم تميز بعضهم عن بعض يستوجب ثبات الألف إلا بقرينة تدل على ذلك، لأن الجمع يوحد بين أفراده، ويساوي بينهم.
وقد ذكر "كُفَّار" بصيغة جمع التكسير؛ في واحد وعشرين موضعًا؛ تسعة عشر بالرفع؛
كما في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) البقرة.
ومرة في حال النصب؛
في قوله تعالى: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ (109) البقرة.
ومرة في استفهام تقريعي؛
في قوله تعالى: (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43) القمر
الكُفَّار في كل المواضع التي ذكروا فيها؛ هم الذين داموا على كفرهم في الحياة الدنيا، أو ماتوا عليه، أو بعثوا لحسابهم على الكفر الذي كان منهم. وعلى ذلك ثبتت الألف فيها.
وحذفت ألف " الكُفَّار" في موضع واحد في حالة الرفع؛
في قوله تعالى: (وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42) الرعد.
سيعلم الكفار ذلك بعد انتهاء كفرهم، وسقوط أعمالهم وبطلانها؛ فلا أحد يكفر يوم القيامة، وقد عاينوا بأعينهم ما كفروا به من قبل، وعلى ذلك حذفت الألف في هذا الموضع الوحيد.
وردت "الكوافر" بصيغة جمع التكسير لكافرة مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ (10) الممتحنة
الكوافر؛ هن القائمات على الكفر، المستمرات عليه، فجاء النهي عن التمسك بهن؛ فثبتت ألفها لأجل هذا الاستمرار منهن.
أما "كفَّارة" بالتأنيث فقد وردت أربع مرات؛ ثبتت الألف في واحدة منها؛
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى: (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ (45) المائدة.
وذلك أن الآخذ بالقصاص يخرج منه لا مأجورًا ولا مأزورًا، ومن يعف ويتصدق فإن عمله يمتد له بما يكفر الله تعالى عنه بهذه الصدقة من الذنوب، ويكتب له من الأجر الممتد؛ وعلى ذلك ثبتت ألفها.
وحذفت ألف "كفارة" في موضعين؛
في قوله تعالى: (لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ (89) المائدة.
وذلك أن هذه الكفارة تسقط إثم عدم الوفاء بالأيمان، أو تعمد تركها إن حالت بين الخير وفعله، فسقطت ألفها؛ لأجل أن الكفارة لا تبقي الإثم يدوم على صاحبها.
وحذفت في قوله تعالى: (فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ (95) المائدة
وكان حذفها لنفس السبب السابق في إسقاط الكفارة لإثم المحرم المرتكب للصيد الذي حرم عليه، بعد إحرامه لأداء مناسك الحج أو العمرة.
الكلمة الرابعة عشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف هادٍ
الهادي هو من يقدم ويدل على ما فيه ثبات، وبقاء، وحفظ، واستمرار من قدم إليه هدايته، فعلى ذلك تثبت ألفه، وقد تكرر اسم "هادي" عشر مرات؛ ثبتت ألفه في ثمانية مواضع؛
في قوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ (7) الرعد.
وفي قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنْ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا (31) الفرقان.
وفي قوله تعالى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) الحج.
هذه المواضع الثلاثة في الإثبات؛ فلكل قوم هاد يهديهم ويثبتهم، والله تعالى هو المثبت لمن ينصره، وهو الهادي إلى صراط مستقيم.
والصراط وردت في القرآن خمسًا وأربعين مرة، وكلها بحذف الألف؛ لأن الألف هي للتفصيل، وصراط الله واحد فقط ليس معه ما يحتاج الأمر إلى التفريق بينها، وعلى ذلك سقطت ألفه.
وبقية المواضع في نفي الهادي والمثبت لمن يضلل الله عز وجل؛ لأن الضال هو من خرج عن الطريق المثبت له؛
في قوله تعالى: (بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنْ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) الرعد.
وفي قوله تعالى: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (36) الزمر.
وفي قوله تعالى: (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) غافر.
وفي قوله تعالى: (مَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23) الزمر.
وطغيان وردت في القرآن تسع مرات؛ وقد حذفت الألف في الجميع؛ لأن الطغيان صفة نكس ونقص، وموجبة لغضب الله وسخطه، وليست امتدادًا لصاحبها وزيادة له، وعلى ذلك كان حذفها.
(يُتْبَعُ)
(/)
والمتشابه ذكر في القرآن في ستة مواضع، وقد حذفت ألف فيها جميعًا؛ لأن التشابه يقتضي التساوي فيما يوصف به المتشابهون، وعلى ذلك تسقط ألفه.
وحذفت ألف هادي في موضعين؛
في قوله تعالى: (وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53) الروم.
وفي قوله تعالى: (وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81) النمل.
وذلك أن الضالين وُصِفوا بالعمى، والأعمى يقاد ولا يهدى؛ لأنه لا يبصر، فكيف تشير إليه، وتبين له الطريق، وتثبته عليه؟! وعلى ذلك كان حذف ألفه منه.
وقد ذكر "الضلال" في القرآن -الذي عرض في هذه الآيات- سبعًا وأربعين مرة؛ سقطت الألف فيها جميعًا؛ وذلك أن الضلال خروج عن طريق الحق والهدى والثبات، فهو صفة نقص ونكس لا زيادة وامتداد، وعلى ذلك كان حذف الألف منه.
وكذلك ذكرت "الآيات" في القرآن مائتان وخمسًا وتسعين مرة؛ سقطت الألف فيها جميعًا إلا في موضعين فقط من سورة يونس:
في قوله تعالى: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ ءَايَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ (15) يونس.
وفي قوله تعالى: (وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي ءَايَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) يونس.
وذلك أن الآيات جمع، والجمع تسقط ألف على قاعدة أن الجمع يتساوى أفراده فيه، وعدم تميز بعضهم عن بعض إلا إذا وجدت قرينة تبين خلاف ذلك.
وكذلك فإن الجمع يدل على أشياء ثابتة ومستقرة ومعلومة، فتسقط ألفه لذلك.
فثبات ألف آيات في الموضع الأول؛ لأن الحديث عن آيات مستمرة، ودائمة، وممتدة، ويتواصل نزولها، وتلاوتها؛ فطلب الكافرون تبديل الآيات أو تغييرها بغيرها مما يتلى ويلحق بها؛ فعلى ذلك كان ثبات الألف.
وفي الموضع الثاني؛ جاء في آية كان سبب نزولها؛ أن القحط سلط على أهل مكة سبع سنين، فلما نزلت عليهم رحمة من الله تعالى فيها حياة لهم؛ سخروا واستهزؤوا، فنزول المطر من آيات الله، ويستمر نزوله على فترات، فلا حياة للناس دونه، وإن تأخر عنهم أو أصابهم القحط سنوات عديدة؛ فعلى ذلك كان ثبات ألف آيات في هذا الموضع أيضًا.
الكلمة الخامسة عشرة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف واقع
ورد اسم الفاعل "واقع" بالتذكير ست مرات؛ ثبتت ألفه في ثلاث منها، وحذفت في ثلاث؛
في قوله تعالى: (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا ءاتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ (22) الشورى.
وفي قوله تعالى: (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ (1) لِلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ (2) المعارج.
وظنوا انه واقع بهم، وهو واقع بهم؛ علامة على قيامه وامتداده؛ فكان إثبات الألف على ذلك.
وعلى ذلك أيضًا كان ثبات الألف؛
في قوله تعالى: (وَرَءَا الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (53) الكهف.
وثبتت الألف في؛ سأل سائل بعذاب واقع؛ أي دعا بالعذاب الذي يُتَوَعَد به؛
كقوله تعالى: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ (47) الحج،
وقوله تعالى: (فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (29) العنكبوت، فالعذاب قادم لا محالة، وهو يسأل الاستعجال به.
وحذفت ألف "واقع" في ثلاثة مواضع مؤكدة بلام التوكيد؛
في قوله تعالى: (وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (6) الذاريات.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) الطور.
وفي قوله تعالى: (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ (7) المرسلات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وذلك أن الذي يحتاج إلى توكيد هو ما كان مشكوكًا فيه، وأن زمن العذاب والحساب في علم الغيب، وغير قائمين، ويتوعد بهما في زمن قادم؛ وعلى ذلك كان حذف الألف.
وحذفت الألف مع القسم؛
في قوله تعالى: (فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) الواقعة.
وذلك أن القسم هو لتوكيد ما هو مشكوك فيه، والله تعالى لا يقسم بلفظ القسم؛ لأن القسم دال على قِسْمَين مختلف فيهما، والتبس الحق فيهما، فيُحتاج القاضي إلى القسم من المتنازعين لتقوية أحدهما، والأشياء عند الله تعالى على حال واحدة لأنه سبحانه وتعالى عالم الغيب والشهادة، فقسم الله جاء في ثمانية مواضع بالنفي بلا، وعلى ذلك كان حذف الألف بالمقسوم به.
والقسم من الناس كان في ثمانية مواضع، وكانوا فيها من الكاذبين.
وقد تبين لنا بعد تقدم العلم، أن مواقع النجوم التي نراها هي مواقع قديمة قد تمتد إلى زمن مضى منذ ملايين السنين، وغير قائمة في الوقت الذي نراه في أيامنا هذه. فكان الحذف موافق لما عليه واقع النجوم التي نراها.
وثبتت الألف مع تأنيث "الواقعة"، حيث وردت مرتين؛
في قوله تعالى: (إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ (1) الواقعة.
وفي قوله تعالى: (فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ (15) الحاقة.
لأن الحديث في الآية عند تحقق وقوع الواقعة، أو وقت تحققها، وعند ذلك يثبت قدومها، ولا زوال لها، ولا انقطاع لها، أو انتهاء استمرارها؛ فثبتت لذلك ألف فيها.
ووردت في هذه الآيات؛ الظالمين، والكافرين، والصادقين؛ وهي جموع مذكر سالم، والقاعدة فيها، أن الجموع تحذف ألفاتها على قاعدة دخول الفرد في الجمع وتساويه مع أفراده، وعدم تميزه عن غيره إلا بقرينة.
ومثل ذلك" الصالحات؛ فالألف الأولى حذفت على نفس القاعدة؛ لدخول الفرد وتساويه مع أفراد الجمع، وحذفت الألف الثانية علامة الجمع لتساوي أفراد الجمع وعدم تميز بعضها عن بعض.
وتحذف ألف ضمير الجمع للمتكلم "نا"؛ إذا اتصل به ضمير المخاطب؛ كما في: ءاتَيْنَاكُمْ؛ لأن الضمير المتكلم هو فاعل، وما بعده مفعول به، ولا يقع فعل الفاعل على المفعول به إلا إذا كان بينما اتصال، وإثبات الألف قطع للاتصال، وحذفها يوصل بينهما، في صورة الكلمة، وما فعله الفاعل انقطع عن الفاعل، ووصل إلى المفعول به، وعلى ذلك كان حذف ألف الفاعل أينما وجدت في القرآن.
أما ثبات ألفي "روضات الجنات" فيرجع إلى الإضافة؛ فكل روضة مستقلة في ذاتها عن الروضات لأنها ملحقة بإحدى الجنات، وكل جنة لها الروضة الخاصة بها، وعلى ذلك ثبتت ألف كل منهما؛ لتميز كل روضة عن بقية الروضات، وكل جنة عن بقية الجنات.
وثبتت ألف "عذاب" أينما جاءت في القرآن؛ لأن العذاب أشكال وأنواع كثيرة ومتفاوتة.
وثبتت ألف "دافع"؛ لأنه في وضع النفي؛ والنفي هو نفي لقيامه، وعلى ذلك ثبتت ألفه.
والله تعالى أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة السادسة عشرة
حذف وإثبات ألف مبارك ومباركة
ورد لفظ "مبارك" في أربعة مواضع؛ ثبتت ألفه في الثلاثة الأولى، وحذفت في الرابعة؛
في قوله تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) الأنعام.
وصف الكتاب بأنه مبارك دلالة على ثراء هذا الكتاب بالإقامة عليه، والاستغناء عن البحث عن الخير في غيره، فهذا الوصف خاص بالقرآن الكريم، ولم يوصف كتاب في القرآن بأنه مبارك غير القرآن الكريم.
وكذلك الأرض المبارك؛ هي الأرض الكثيرة الخيرات التي يستقر فيها أهلها، ولا يرحلون عنها، استغناء عن الحاجة وطلب الخير في غيرها،
ومن ذلك البركة التي استقر الماء فيها بعد ذهاب السيل وانقطاع مائه.
وبروك الناقة هو قعودها عن الذهاب إلى المرعى، وملازمتها مكانها عن شبع فيها، فهو قعود لها مقيد بالشبع، وكانوا يقيمونها لحلبها، لتبرك في محلها بعد ذلك.
فوصف الكتاب بأن مصدق لما بين يديه، بإعادة ذكر ما ورد من السير والقصص في الكتب السابقة؛ ما أغنى عن الرجوع إليها، فمد بقاء هذه القصص،
وإنذاره لأم القرى هو إحياء لها، ومدها لتأخذ بالإيمان، والأعمال الصالحة وعلى رأسها الصلاة؛ فعلى ذلك كان ثبات ألف مبارك في الرسم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وثبتت ألفه في قوله تعالى: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155) الأنعام.
الطلب باتباع الكتاب المبارك بما نزل فيه من الأحكام في آيات يتوالى نزولها؛ هو رحمة وثبات واستمرار للمتبعين له، وحفظ واتقاء لهم، وعلى ذلك كان ثبات ألفه.
وثبتت ألفه في قوله تعالى: (وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ (50) الأنبياء.
وصف الكتاب بأنه ذكر مبارك؛ لأن التذكير هو حفظ للمذكر مما يلحقه بسبب الغفلة والنسيان، وعلى ذلك ثبتت ألفه، وقد كانت هذه الأمة هي الأطول عمرًا في تاريخ الأمم بسب بركة هذا الكتاب، ومده لها بأسباب القوة والحفظ، والتأييد بالنصر من الله عز وجل.
وحذفت ألفه في قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا ءَايَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (29) ص.
في الآيات السابقة كان الخطاب مباشرة لمن نزل عليهم الكتاب؛ (ولتنذر)، (فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون)، (وهذا ذكر ... أفأنتم له منكرون)، وكان نزول الآيات يتتابع، والخير يتواصل بهذا التتابع.
أما في هذا الموضع؛ فإن التدبر للكتاب المبارك لم يقيد بزمن نزوله، والتدبر يكون فيما استقر وضعه وثبتت حدوده، وذلك بعد تمام نزوله.
ونزول هذا الكتاب لأجل تذكر أولي الألباب، وهذا لم تقيد أيضًا بزمن النزول، مما دل على أن ذلك بعد تمام النزول، ومعرفة حدود ما نزل، وعلى ذلك كان حذف الألف فيه.
ولفظ "مباركاً" بالنصب ورد أربع مرات؛ ثبتت ألف في ثلاث منها، وحذفت في الرابعة؛
في قوله تعالى: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) آل عمران.
البيت الحرام هو أول بيت وضع للناس وأقدمها، وأدومها بقاء، وما يزال الناس يتوافدون إليه من أول يوم وضع فيه، ولم ينقطعوا عنه، وعلى ذلك ثبتت ألفه.
وثبتت الألف في قوله تعالى: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَواةِ وَالزَّكَواةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) مريم.
جعل الله تعالى عيسى عليه السلام مباركًا أين ما كان، وهذا القول منه وهو في المهد؛ فهي بركة قائمة ممتدة من يوم مولده ومستمرة معه في حياته، وعلى ذلك كان ثبات ألف "مباركًا" فيه.
وثبتت الألف في قوله تعالى: (وَقُلْ رَبِّ أَنزِلْنِي مُنْزَلاً مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ (29) المؤمنون.
طلب لنوح عليه السلام من ربه بأن ينزله بعد الطوفان مكانًا مباركًا تمتد فيه البركة؛ بما سبق من إغراء قومه بفضائل الاستغفار، من إرسال السماء مدرارًا، ويجعل الله لهم جنات وأنهارًا؛ فعلى ذلك كان ثبات ألفه.
وحذفت الألف في قوله تعالى: (وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) ق.
فأما حذف الألف في هذا الموضع؛ فلأن الجنات وحب الحصيد لا يكونان إلا بعد تام نزول الماء، واستقراره في الأرض، فعلى ذلك كان حذف ألفه منه؛ لأن وجوده بالقدر الكافي شرط سابق لتكون الجنات وحب الحصيد.
وردت "مباركة" أربع مرات، وقد حذفت الألف فيها جميعًا؛
في قوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَواةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) النور.
وفي قوله تعالى: ( ... فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61) النور.
وفي قوله تعالى: (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِنْ شَاطِئِ الْوَادِي الأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ أَنْ يَامُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (30) القصص.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) الدخان.
سقطت الألف في المواضع الأربعة جميعًا لأجل قدم البركة في الشيء الموصوف بالبركة، وانقطاعه بعد ذلك؛
فالشجرة في الموضع الأول مباركة قبل أن يوقد منها، والنار كانت كامنة فيها، وبركتها هي في النار التي فيها، وهذه محدودة تزول بانتهاء ونفاد النار منها.
والسلام الذي في الموضع الثاني؛ هو لفظ محدد يقال عند دخول البيوت، أو عند الانقطاع إليه؛ فتكون منه البركة، وينتهي أمره بما يكون من كلام وحديث بعده.
والبقعة في الموضع الثالث؛ مباركة قبل قدوم موسى عليه السلام إليها، والمجيء عندها، وهذه البركة لأجل الأمر الذي حدث في تلك الليلة، وانقضت بانقضاء هذا الأمر، ولن يظهر منها شيء ثانٍ لغير موسى عليه السلام، وآلت الشجرة بعد زمن كبقية الشجر إلى زوال.
وإنزال القرآن في ليلة محددة في الموضع الرابع؛ هي الليلة المباركة، والليلة مدة من الزمن تنقضي، وتنتهي بطلوع فجر اليوم التالي لها.
فالأربعة المذكورة هن من المحدودات الثوابت، غير الدائمات؛ الشجرة، ولفظ السلام، والبقعة، والليلة؛ فسقطت لأجل ذلك منهن الألف.
وردت "بركات" جمع "بركة" في موضعين بغير الإضافة؛ وقد حذفت الألف فيهما؛
في قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (96) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) الأعراف.
سقطت ألف بركات لأنها علامة جمع لا قيام له، أو لأن قيامه لا يدوم.
وبركات متفرقة على الزمان، وبين الأمم، وهذه البركات في الأولى موعود بها،
وفي الثانية ليست ممتدة للجميع؛ فستنقطع هذه البركات عن الذي سيمتعون بها، ثم يمسهم العذاب، وهي في موضع الوعد بها أيضًا.
ووردت "بركاته" بالإضافة في موضع واحد، وقد حذفت ألفها؛
في قوله تعالى: (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) هود.
وسقوط ألفها كذلك؛ لأن هذه البركات خاصة بأهل بيت إبراهيم عليه السلام، وفي حياتهم، ولا تمتد إلى غيرهم. ولذلك كان القول في الصلاة: وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم.
ورد لفظ "بارك" بصيغة الفعل الماضي مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) فصلت.
جعل الله تعالى في الأرض الرواسي، وبارك فيها، وقدر الأقوات فيها، وكل ذلك في الأيام الأربعة الأولى من خلق السموات والأرض، وهي أيام محددة في زمن سابق قد مضى، وخلفتها أيام كثيرة، وعلى ذلك كان حذف ألف بارك منه.
وورد لفظ "باركنا" متصلا بضمير الجمع في ستة مواضع؛
في قوله تعالى: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَاءِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ ءَايَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) الإسراء.
وفي قوله تعالى: (وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71) الأنبياء.
وفي قوله تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81) الأنبياء.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ (18) سبأ.
وفي قوله تعالى: (وبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113) الصافات.
البركة التي كانت من الله تعالى في المواضع الخمسة لأرض فلسطين وقراها، أو جزء من بلاد الشام أو عامته، أو وادي الأردن خاصة، والبركة حاصلة فيها قبل هجرة إبراهيم ولوط عليهم السلام إليها، وقبل توريث بني إسرائيل في فترة من الزمان لها، وقبل الارتحال إليها، وقبل تجارة أهل اليمن معها، ولم يكن المقصود بهذا الذكر لها بيان استمرار البركة فيها؛ فإن العلم السابق بالبركة الحاصلة فيها هو الدافع لاختيارها والمجيء إليها، وعلى ذلك كان حذف الألف من باركنا.
وأما المباركة على إبراهيم وإسحاق عليهما السلام فهي بركة عليهما خاصة، ولا تمتد لجميع ذريتهما، لأن منهم الذي يظلم نفسه، وعلى ذلك كان حذف الألف منه.
ورد لفظ "تبارك" تسع مرات؛ ثبتت ألفه في سبعة مواضع؛
في قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكُمْ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) الأعراف.
كل ما سخر هو بركة مستمرة وعلى ذلك ثبتت الألف.
وفي قوله تعالى: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) المؤمنون.
والبركة للمخلوق في رحم الأم تستمر بعد كسي العظام لحما، وبعد خروجه للحياة حتى يصير رجلا كاملاً، ولأجل ذلك جرى إثبات الألف.
وفي قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) الفرقان.
تنزيل الفرقان من الله تعالى ليكون بركة دائمة ومستمرة لكل من يخشى في عمله ما وصله من إنذار الله تعالى للناس عواقب أعمالهم، وعلى ذلك جرى تثبيت الألف.
وفي قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا (10) الفرقان.
ومن بيده البركة السابقة بجعل جنات تجري من تحتها النهار والقصور للناس بيده البركة اللاحقة، وقادر على أن يخص النبي عليه الصلاة والسلام ببعضها؛ فيجعل له جنات وأنهار وقصور إن نشاء. وعلى ذلك جرى تثبيت الألف.
وفي قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) الفرقان.
من صفات السماء أن ذاتها تشف عما فوقها، وما بعدها، وما يكون فيها، فيظهر من خلالها، وهي صفة دائمة مستمرة فيها، وبسبب هذه الصفة نرى النجوم والكواكب والشمس والقمر، ولو كانت السماء معتمة لما رأينا من ذلك شيء، وعلى ذلك كان ثبات تبارك فيها.
وفي قوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ الأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64) غافر.
جعل الله تعالى الأرض قرارا، والسماء بناء، وتصوير ما خلق من الناس، والذي سيخلق منهم، ورزقه بالطيبات لمن كان منهم، والذي سيكون بعد ذلك، كل ذلك قائم ومستمر، فعلى ذلك كان ثبات الألف.
وفي قوله تعالى: (وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (85) الزخرف.
مُلك الله تعالى للسموات والأرض وما بينهما هو ملك دائم ومستمر، وعليه كان ثبات الألف.
وحذفت ألف تبارك في موضعين آخرين؛
في قوله تعالى: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78) الرحمن.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الملك.
فأما إسقاط ألف تبارك في نهاية سورة الرحمن فقد كان بعد تمام تعداد نعم كثيرة لله تعالى لعلى خلقه، فكانت الخاتمة عن أمور مباركة سابقة الذكر، وعليه كان حذف الألف.
وأما إسقاطها ألفها في أول سورة الملك؛ فقد أشار الله تعالى على قدم ملكه مما عرف؛ بقوله تعالى: (وهو على كل شيء قدير) أي على تبديل ذلك وزواله وذهاب بركته، فعلم أن الحديث عن شيء سابق وبركة سابقة، وعليه كان حذف الألف.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة السابعة عشرة
حذف وإثبات ألف الأمثال
إن الله تعالى يضرب الأمثال للناس ليبين لهم أمورًا أخرى تفهم من ضرب هذه الأمثال، ولأخذ العبر منها، والاتعاظ بها، وقد نهي سبحانه وتعالى عن ضرب الأمثلة له؛ لأن الله عز وجل يعلم كل شيء على حقيقته، ولا يحتاج إلى من يبين له الأشياء حتى يعرفها ويعلمها، فالأمثال تضرب لتمد السامع بالفهم ولبيان وتوضيح أشياء أخرى غير الأمثال نفسها.
وقد ردت "الأمثال" بغير إضافة عشر مرات؛ ثبتت الألف في خمس منها، وحذفت في الخمس الأخرى؛
فثبتت في قوله تعالى: (أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ (17) الرعد.
هذه الأمثال المضروبة في تفصيل الأمور لبيان الحق من الباطل، وبيان ما فيه خير فيمكث في الأرض، وتمتد منفعته، وما هو زبد مآله إلى الزوال، فلأجل إرادة التفصيل بهذه الأمثال كان ثبات ألفها.
وفي قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) إبراهيم.
وهذه المثال في هذا الموضع لأجل التفصيل بين الحق والباطل، والطيب والخبيث، والنافع والضار، والثابت والزائل؛ وعلى ذلك كان ثبات ألف الأمثال لأجل هذا التفصيل والمقارنة.
وفي قوله تعالى: (وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) إبراهيم.
والأمثال في هذا الموضع في التذكير بالمساكن التي بقيت من بعد هلاك أهلها، فلا تكن مساكنهم شاهدة من بعدكم على ما يحل بكم من الهلاك، وعلى ذلك كان ثبات ألفها.
وفي قوله تعالى: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (74) النحل.
نهي دائم من الله عز وجل للناس بألا يضربوا له الأمثال؛ مما يخطر لهم ويستجد عندهم؛ فإن الله يعلم وهم لا يعلمون، فعلى هذا النهي الدائم المتعلق بالمستقبل كان ثبات ألفها.
وفي قوله تعالى: (انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (48) الإسراء.
وحذفت في مثلها: (انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً (9) الفرقان.
ويعود الحذف والإثبات في هذين الموضعين إلى معرفة تفاصيل الأمثال، فما سبق ذكره لا حاجة لإعادته، وما لم يذكر فالحاجة قائمة لمعرفته؛
فالأمثال في آيات الإسراء جاء بعد الآية؛
في قوله تعالى: (وَقَالُوا أَءِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) ...
(يُتْبَعُ)
(/)
(وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعًا (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَرًا رَسُولاً (93) الإسراء.
فكان لا بعد من معرفتها وتفصيلها بعد طلب للنظر فيها، وعلى ذلك ثبتت ألفها.
أما الأمثال التي طلب النظر فيها فقد جاءت قبل الآية؛
في قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ ءَاخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (5) قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6) وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا (7) أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَسْحُورًا (8) الفرقان.
فلا داعي لإعادتها وتكرارها فسقطت ألفها لأجل ذلك.
وحذفت الألف في قوله تعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَواةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35) النور.
ويضرب الله الأمثال للناس، ولا يضرب سبحانه وتعالى إلا حقًا وله وجود، فتمثيل نوره سبحانه وتعالى بشيء له وجود سابق مما انقطع علمنا به، وكان علمه عند الله تعالى، وإن كنا نعرف ما يشابهه، أو يقاس عليه، إلا أن الأمر أعظم من ذلك، فعلى ذلك كان حذف ألفها.
وحذفت في قوله تعالى: (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ ءَايَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلاًّ ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39) الفرقان.
ضربنا الله تعالى الأمثال لكل امة بمن هلك قبلها من الأمم السابقة، فلم يأخذوا العبرة بها؛ فتبرهم تتبيرا؛ فسقطت الألف لما كان في هذه الأمثال من الهلاك والانقطاع، وعدم الاعتبار.
وحذفت في قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (42) وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ (43) العنكبوت.
وهن بيت العنكبوت من الأمثال التي ضربها الله تعالى لمن وهن أمرهم، ويدعون من دون الله ما لا قيام له، ولا يعد شيئًا يذكر، فسقطت لذلك ألفها.
وحذفت في قوله تعالى: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) الحشر.
هذا المثال المضروب راجع إلى مشيئة الله إن أراد فعله، فهو واقع بعد لو الشرطية، فضربه للتفكر في ما هم عليه من قساوة القلب وعدم الخشية من الله تعالى، فسقطت ألفها لذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وسقطت ألف "أمثال" في موضع غير العشرة السابقة، وقد اتصلت بها كاف التشبيه؛
في قوله تعالى: (وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) الواقعة.
الحور العين ممثلات باللؤلؤ المحفوظ المصون الذي لا يدخل عليه شيء يغيره، فيبقى على حاله، وعلى ذلك كان حذف ألفها.
وردت [/ color]" أمثالكم" بالإضافة إلى ضمير الجمع للمخاطبين أربع مرات؛ حذفت في موضعين، وثبتت في موضعين؛
في قوله تعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائر يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ (38) الأنعام
أمم أمثالكم في الامتداد والتكاثر والاجتماع؛ فثبت لذلك ألف المد فيها.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (194) الأعراف.
أي أمثالكم في الاستمرار في العبودية لله ولا غنى لهم عن الله؛ فثبتت لذلك ألف المد فيها.
وحذفت في قوله تعالى: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد.
أي لا يكونون أمثالكم في توليكم وعصيانكم إن عصيتم وتوليتم، فتسقط أعمالهم عند الله كما تسقط أعمالكم؛ فعلى ذلك كان سقوط ألف المد منها.
وفي قوله تعالى: (نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (60) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لا تَعْلَمُونَ (61) الواقعة.
أي نبدل أمثالكم مكانكم، وهؤلاء الأمثال لا وجود لهم حتى يكون هناك إبدال؛ وعلى ذلك كان حذف الألف منها.
وردت "أمثالها" مضافة إلى ضمير المؤنث الغائب في موضعين؛ ثبتت ألفها في موضع، وحذفت في الموضع الثاني؛ فثبتت في قوله تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا (160) الأنعام.
فله عشر أمثالها في الآخرة؛ فهذا مدد وزيادة فيها، وعلى ذلك جرى إثبات ألفها.
وحذفت في قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا (10) محمد.
وللكافرين أمثالها من الدمار والهلاك، وقطع الاستمرار في الحياة، فوافق ذلك سقوط ألفها.
وردت "أمثالهم" بالإضافة إلى ضمير الجمع للغائبين في موضعين حذفت الألف فيهما؛
في قوله تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (1) وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وءَامَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2) ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (3) محمد.
كذلك يضرب للناس أمثالهم ممن تقرر مصيرهم في الآخرة، فما كان على الحق وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم كفر عنه سيئاتهم، وما كان على الباطل أحبط أعمالهم، فعلى ثبات مصير كل من الطرفين بلا جديد يغير حالهم في الآخرة سقطت ألفها.
وحذفت في قوله تعالى: (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً (28) الإنسان.
القول في سقوط الألف في (بدلنا أمثالهم) مثل القول في سقوط الألف؛
في قوله تعالى: (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38) محمد.
والذي قد أشرنا إليه في رقم (2) السالف الذكر.
وردت "المثلات" مرة واحدة محذوفة الألف؛
وفي قوله تعالى: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ الْمَثُلاتُ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ (6) الرعد.
المثلات العقوبات التي حلت بمن قبلهم فقطعت دابرهم وجعلتهم مثلا يذكر للعبرة؛ فسقطت لذلك ألفها. ا
وردت "التماثيل" في موضعين؛ الأول بإثبات الألف، والثاني بحذفها؛
(يُتْبَعُ)
(/)
فثبتت في قوله تعالى: (إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52) الأنبياء.
سؤال عن تماثيل قائمة، قد استمر المشركون على عبادتها؛ فثبتت لذلك ألفها.
وحذفت في قوله تعالى: (وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا ءَالَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) سبأ.
أما هذه التماثيل فهي من المصنوعات التي لم يحرمها الله تعالى، وحددها ماهيتها سليمان عليه السلام في طلبه منهم لصناعتها، وبعد الانتهاء من صناعة ما طلبه منهم، وانقطاع عملهم في صناعتها؛ أمر آل داوود بالشكر لله، وعلى ذلك كان حذف ألفها بالإضافة إلى كونها جمعًا لم يذكر اختلاف وتمايز بين أفراده.
بسم الله الرحمن الرحيم
[ color="darkorange"] الكلمة الثامنة عشرة
حذف وإثبات ألف عظام
وردت "العظام" معرفة بالألف واللام في ثلاثة مواضع؛ ثبتت في موضع، وحذفت في موضعين؛
في قوله تعالى: (وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا (259) البقرة.
العظام في هذا الموضع هي عظام حمار الذي مر على القرية، وأماته الله مائة عام ثم بعثه؛ فصاحبها معروف، وطال عمرها بإعادة إحياء صاحبها؛ فعلى ذلك كان إثبات ألفها.
وأما الموضعان اللذان حذفت فيها الألف فهي عظام لم يحدد صاحبها، فهي مجهولة؛
في قوله تعالى: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) يس.
وفي قوله تعالى: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) المؤمنون.
فهي عظام مجهولة غير معروف صاحبها لتتميز عن بقية العظام، وعلى ذلك كان حذف ألفها.
وثبتت الألف في قوله تعالى: (أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) القيامة.
أي عظامه هو وليست عظام غيره، فهي معروفة لديه ومحددة بنسبتها إليه، وهي قائمة فيه وهو يخاطب بهذه الآية؛ والحديث عن جمعها كما هي مجموعة اليوم فيه؛ فثبتت لذلك ألفها.
وقد جاءت العظام منصوبة في تسعة مواضع؛
في قوله تعالى: (وَقَالُوا أَءِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (49) الإسراء.
وفي قوله تعالى: (ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَءِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (98) الإسراء
وفي قوله تعالى: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا ءاخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) المؤمنون
وفي قوله تعالى: (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) المؤمنون
في قوله تعالى: (قَالُوا أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) المؤمنون
وفي قوله تعالى: (أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) الصافات
وفي قوله تعالى: (أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَدِينُونَ (53) الصافات
وفي قوله تعالى: (وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (47) الواقعة
وفي قوله تعالى: (أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً (11) النازعات
والعظام في جميع هذه المواضع؛ إما عظامًا بالية ونخرة، والقائلين جمع وليس أفراد، أو لأحد النطف المجهولة التي لم يحدد من هو صاحبها، وإن كانت صورة تتكرر مع خلق كل إنسان؛ فسقطت الألف فيها لذلك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة التاسعة عشرة
(يُتْبَعُ)
(/)
حذف وإثبات ألف أعناب
وردت "أعناب" تسع مرات؛ ثبتت ألفها في موضعين؛
في قوله تعالى: (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) البقرة
مجيء الإعصار والجنة مثمرة، وهو ينتظر إطعام أولاده منها؛ أوجع وآلم لصاحبها،
وكذلك الحرمان من عنب متعدد الألوان والطعم أشد وآلم من فقد عنب من نوع واحد فقط، وعلى ذلك كان إثبات الألف علامة على تعدد أنواع العنب في أطعمتها وألوانها، وأن هذه الأعناب قائمة على شجرها لم تقطف بعد.
وثبتت في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنْ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (99) الأنعام
طلب النظر إلى ثمر عنب وينعه وهو يتعدد في ألوانه وطعمه أعجب وأدل على قدرة الله من كونه نوعًا واحدًا وإن كثر عدده؛ فثبتت ألف علامة على تعدد وتنوعه بما يوافق طلب النظر إلى ثمر الأعناب وغيرها وهو قائم على شجره.
وحذفت ألف الأعناب في سبعة مواضع أخرى؛
في قوله تعالى (وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4) الرعد.
في قوله تعالى: (يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) النحل.
فقوله تعالى: ينبت لكم أي لأجل أكلكم، ولا منفعة منه إلا بعد الأكل.
وفي قوله تعالى: (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (67) النحل.
وفي قوله تعالى: (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ ءَاَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (33) الكهف.
وفي قوله تعالى: (فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (19) المؤمنون
وفي قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ (34) ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أًفَلا يَشْكُرُون (35) يس
ويرجع الحذف في هذا المواضع الست إلى ذكر الأكل لها، وتفضيل طعمها، وصنع المسكر منها؛ وهذا لا يكون إلا بعد قطفها عن شجرها؛ وعلى ذلك كان حذفها.
وحذفت في قوله تعالى: (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا (33) النبأ.
ما أعده الله تعالى من النعيم هو ثمر الأعناب وغيرها، والتنعم بها لا يكون إلا بعد قطفها، وقطعها عن شجرها، وناسب ذلك ذكر المفاز للمتقين قبلها، وهو ذكر لتعدي النار والانقطاع عنها، قبل الوصول إلى الجنة ونعيمها؛ فعلى ذلك كان سقوط الألف منها.
والله تعالى أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة العشرون
حذف وإثبات ألف كتاب
ورد لفظ كتاب في القرآن: (255) مرة، ولم تثبت الألف إلا في أربعة مواضع منها فقط.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقصد بالكتاب ما عند الله عز وجل، والتوراة والإنجيل اللذين نزلا على أهل الكتاب، والقرآن الكريم الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، والكتاب يطلق على كامل الكتاب، وعلى الجزء من الكتاب، ففي الكتاب كتب، ولذلك يسمى كل من التوراة والإنجيل والقرآن الكتاب، وكتب الله كلها محدودة التنزيل، ولتمامها أجل ينتهي فيه نزول كل واحد منها، فمتى بدأ نزوله يستمر النزول حتى يكتمل نزوله؛ وعلى ذلك كان حذف ألف الكتاب.
كما في قوله تعالى: (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) البقرة.
وأي كتاب يشار إليه إنما تكون الإشارة إلى كتاب محدود الكلمات والجمل، وإن لم يكن من عند الله سبحانه وتعالى، وعلى ذلك تحذف ألفه؛
كما في قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ (78) فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79) البقرة.
وكان إثبات الألف في المواضع الأربعة التالية؛
في قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) الرعد.
فالكتاب مكتوب والأجل ممدود، حتى يتحقق ميعاده الذي ينزل فيه على رسول من رسل الله تعالى، فلا يعرف الكتاب حتى يأتي أجله، وعلى ذلك كان ثبات الألف.
وفي قوله تعالى: (وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ (4) الحجر.
فكذلك لكل أمة هلكت كتاب لانتهاء أجلها، فيمتد زمنه حتى مجيء موعد إهلاكها؛ فلن تهلك أمة إلا في ميعاد هلاكها، ولا يعرف هذا الكتاب إلا بعد ذلك، وعلى ذلك كان ثبات ألف كتابها.
وفي قوله تعالى: (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) الكهف.
فلا يتلو النبي عليه الصلاة والسلام تنفيذًا لأمر الله تعالى إلا ما نزل، والتنزيل مستمر وممتد؛ فما بقي لا يدري عنه شيئًا حتى ينزل، والأمر له أن يتلو ما نزل من الكتاب، ويتلو الذي سينزل مع امتداد الأيام المقبلة، وعلى ذلك كان ثبات الألف.
وفي قوله تعالى: (طس تِلْكَ ءَايَتُ الْقُرْءانِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) النمل. وكتاب مبين، وهو القرآن الكريم، وبيانه لم يكتمل بعد، فسورة النمل سور مكية؛ وأكثر البيان كان بعد ذلك؛ أي بعد الهجرة في الفترة المدنية، فهذا الكتاب المبين ما زال نزوله ممتدًا لم ينته بعد؛ وعلى ذلك كان ثبات الألف.
أما قوله تعالى: (يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) المائدة.
فأهل الكتاب هم أهل كتاب قد عرف، وعليه حذف الألف في الموضع الأول والثاني من الآية، أما الموضع الثالث فالمقصود به القرآن، والحديث عن بيان ما سبق معرفته من أهل الكتاب وما كانوا يخفونه؛ وعلى ذلك كان حذف الألف.
أما قوله تعالى: (الر تِلْكَ ءَايَتُ الْكِتَابِ وَقُرْءَانٍ مُبِينٍ (1) الحجر؛
بتقديم الكتاب وتعريفه، وتنكير القرآن، خلاف آية النمل؛ أي أن هذه الآيات هي آيات الكتاب الذي عند الله تعالى، أو آيات الكتاب الذي سيكتمل نزوله عليكم، فهو محدد بذلك، وإن لم يكتمل نزول بعد؛ فسقطت ألف المد فيه لذلك.
والمقصود في "كتاب مبين" في مواضع خمسة أخرى؛ هو اللوح المحفوظ؛
كما في قوله تعالى: (وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75) النمل.
أما من حيث دلالة الألف على التفصيل؛
فلكل رسول كتاب غير كتب بقية الرسل،
ولكل أمة كتاب هلاكها غير كتب من هلك من بقية الأمم،
وفي الأمر في التلاوة تفصيل؛ تلاوة لما نزل، وأمر بالتلاوة لما سينزل،
وفي "النمل" إشارة لما نزل من القرآن وعرف؛ وهو يعد قرآنًا، وما لم ينزل بعد. وما بينه الكتاب هو بعض التبيين، ويكون تمامه بعد تمام التنزيل.
والله تعالى أعلم.(/)
حذف وإثبات الألف في الرسم القرآني (21 - 30)
ـ[العرابلي]ــــــــ[06 May 2009, 10:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الحادية والعشرون
حذف وإثبات ألف بنات
وردت "بنات" اثنتي عشرة مرة؛ ثبتت الألف في تسعة مواضع، وحذفت في ثلاثة أخرى؛
في قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ ... (23) النساء.
في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّاتِي ءاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ الَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ ... (50) الأحزاب.
"بنات" في هذه المواضع السبعة؛ بنات محددات من بين جنسهن، معرفات بالإضافة، ولهن في الوجود تعلق بالمخاطبين، وعلى ذلك ثبتت الألف فيها.
وعلى نفس الحكم ثبات ألف "بناتكم" في آية النساء السابقة؛ و"بناتك"و"بناتي" في الآيات التالية؛
في قوله تعالى: (قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) هود
في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ (95) الأحزاب.
في قوله تعالى: (قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي (78) هود.
في قوله تعالى: (قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (71) الحجر.
وثبتت ألف بنات في ثلاثة مواضع أخرى متعلقة بإدعاء المشركين؛ أن الملائكة هم بنات لله؛ أي منسوبون إليه كنسبة البنات إلى آبائهن؛
في قوله تعالى: (أَمْ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ (16) الزخرف.
وفي قوله تعالى: (فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمْ الْبَنُونَ (149) الصافات.
وفي قوله تعالى: (أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153) الصافات.
فبنات في هذه المواضع ألحقت في ادعاء المشركين بالله، وجاء استفهام استنكاري لهذا الإدعاء؛ (اتخذ بنات؟!)، (ألربك البنات؟!)، (أصطفى البنات؟!) والملائكة جنس قائم، ولهم ديمومة؛ والاستفهام يكون عن شيء موجود؛ والإجابة على من يوجه له السؤال، وعلى ذلك كان ثبات الألف.
وحذفت ألف "بنات" في ثلاثة مواضع؛
في قوله تعالى: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100) الأنعام.
وفي قوله تعالى: (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57) النحل.
وصف لهم بالكذب، وتنزيه لله من قولهم بما لا يصح نسبته إلى الله؛ هو قطع لهذا الإدعاء، وإنكار وإسقاط له؛ وعلى ذلك كان سقوط الألف منها.
وفي الموضع الثالث جاء الإنكار بشكل استفهام في جملة منفيات؛
في قوله تعالى: (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُسَيْطِرُونَ (37) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (38) أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمْ الْبَنُونَ (39) أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (40) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (41) الطور.
فحذفت الألف لأجل ذلك، وإسقاط نسبة البنات إلى الله؛ سواء أكانت من جنس الملائكة أو من غيرهم.
وقد نفى الله عز وجل ادعاء المشركين أن الملائكة هم إناث في آيات عديدة؛
في قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19) الزخرف.
وفي قوله تعالى: (أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (40) الإسراء.
وفي قوله تعالى: (أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) الصافات.
(يُتْبَعُ)
(/)
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الثانية والعشرون
حذف وإثبات ألف أضعافوردت "أضعافاً" مرتين؛ ثبتت الألف في إحداهما، وحذفت في الثانية؛
في قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) البقرة.
وفي قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) آل عمران.
في الأولى يزداد القرض الحسن زيادة كبيرة، وعلى ذلك ثبتت ألف المد فيها.
وفي الثانية يقطع مضاعفتها النهي عنها، وبيان حرمتها، وعدم فلاح صاحبها؛ وعلى ذلك كان حذف ألفها.
ولنفس السبب حذفت ألف مضاعفة كذلك.
ووردت "ضعافاً" مرة واحدة؛ حذفت فيها الألف؛
في قوله تعالى: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (9) النساء.
ضعافًا أي ضعفاء عن القيام بقضاء حاجاتهم، والإنفاق على أنفسهم، لعدم بلوغهم مبلغ الرجال، ووجود هؤلاء واقع تحت تحقق "لو" الشرطية؛ فعلى ذلك سقطت الألف منها.
ووردت "ضعفاء" في أربعة مواضع؛ حذفت الألف في موضعين، وثبتت في موضعين؛
في قوله تعالى: (وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ (266) البقرة.
في قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ (91) التوبة.
القاعدة في الرسم ألا تكتب ألفين متتالين لأن المدين المتتاليين يعدان مدًا واحدًا.
ولذلك جرى ترجيح الحذف لصورة الهمزة.
والقاعدة في رسم الكلمات أن يراعى كيفية الابتداء بها، والوقوف عليها.
والقاعدة في كتابة الهمزة المتطرفة في نهاية الكلمة التي يوقف عليها بالسكون؛ أن تكتب بحركة ما قبلها، فإن كان ما قبلها حرف مد، وهو ساكن سكونًا ميتًا؛ أن تكتب الهمزة على السطر، وهذه الهمزة التي تكتب على السطر، أو فوق حروف المد الثلاثة؛ هي من الإضافات على الرسم القرآني.
ولما كانت كتابة الكلمة على أصل الوقف والسكون، وهو يفيد الانقطاع؛ كان ضعف الضعفاء من النوع الذي ينقطع؛
ففي الموضع الأول ضعف الصغار ينقطع ببلوغ مبلغ الرجال، والقدرة على العمل والكسب.
وفي الموضع الثاني ينقطع ضعف الفقراء بحصول الغنى، وانقطاع الفاقة.
أما الضعف في الموضعين الثالث والرابع فهما من النوع الذي لا ينقطع؛
في قوله تعالى: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاؤا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا (21) إبراهيم.
وفي قوله تعالى: (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاؤا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنْ النَّارِ (47) غافر.
الهمزة المتطرفة لا تعرف حركتها إلا عند مواصلة القراءة، وهمزة الضعفاء مضمومة في هذين الموضعين، فكتبت الهمزة على الواو على وضعية الاستمرار؛ لأن هؤلاء كانوا ضعفاء في الدنيا، فاستمر ضعفهم في الدنيا والآخرة، وكان الوصف لهم بالضعفاء في الحديث الذي جرى بينهم في الآخرة.
وحذفت الألف الأولى على تساوي هؤلاء الضعفاء في المصير الذي انتهي بهم في نار جهنم،
وزيدت ألف بعد الهمزة علامة أن دركات هؤلاء الضعفاء غير متساوية؛ فكل واحد منهم على حسب أعماله في الدنيا، فقارون مثلاً؛ اقترف من الإثم أكثر بكثير من جنود فرعون، ومن تولى قتل الأطفال بأمر فرعون غير من كان عمله في حراسة فرعون فقط، أو كان يعد طعامه وشرابه.
ورد الفعل "يضاعف" في تسعة مواضع؛ وقد حذفت ألفه في الجميع؛
وكان منها بصيغة المبني للمعلوم (يُضَاعِفُ) في خمسة مواضع، وهي في مضاعفة الحسنات. لأن الخير ينسب إلى الله تعالى؛ وواحدة بصيغة المبني للمجهول للمصدقين الذي يخفون صدقاتهم ولا يجاهرون بها؛
في قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (245) البقرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) البقرة.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40) النساء.
وفي قوله تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) الحديد.
وفي قوله تعالى: (إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (17) التغابن.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ (18) الحديد.
وبصيغة المبني للمجهول (يُضَاعَفُ) في ثلاثة مواضع، وهي في مضاعفة السيئات، لأن السوء والشر لا ينسب في القول إلى الله عز وجل؛
في قوله تعالى: (أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ (20) هود.
وفي قوله تعالى: (يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) الفرقان.
وفي قوله تعالى: (يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) الأحزاب.
ويرجع حذف ألف "يضاعف" إلى أن هذا الفعل من الجذر "ضعف" وعلى استعمال هذا الجذر؛ فإن فعل يضاعف يفيد إزالة الضعف الذي يعتري الأنفس.
وذلك أن رغبات الإنسان لا تقف عند الحد الذي ينالها فيه، بل تتطلع نفسه إلى ما فوق ذلك؛ فإن نال ما يستحق من أجر وثواب؛ قال ذاك حقي فنلته، وقد يرى أنه يستحق أكثر من هذا، وظلت نفسه تتطلع إلى المزيد؛ فمضاعفة الخير والحسنات والعطاء له فوق ما يستحق من أجر وثواب، يرضي النفس ويطمئنها، ويقطع عنها السخط بوقوف العطاء على حد استحقاق العمل فقط.
وإن كان أخذ ما يستحقه من العقاب على أفعاله، فإن يجفف عن نفسه أنها لم تعاقب بأكثر من ذلك، وخاصة إذا كان يتوقع من العذاب فوق ذلك؛ فمضاعفة العذاب له يقطع عليه تهوين العذاب على نفسه ليخف عليها ألمها، وهذا الشعور بقلة العذاب لا يريده الله له أيضًا في الآخرة؛ فلا يكون منهم إلا السخط على أنفسهم، وعلى من كان سببًا في كفرهم وشركهم.
وفي كلتا الحالتين؛ أريد بمضاعفة الحسنات أو السيئات؛ القطع على المحسن استقلال الأجر والثواب، والقطع على المعذب استقلال ما ناله من عذاب؛ وعلى ذلك سقطت ألف المد منها.
والله تعالى أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الثالثة والعشرون
حذف وإثبات ألف أصنام
وردت "الأصنام" خمس مرات؛ ثبتت ألفها في أربعة مواضع، وحذفت في موضع واحد؛
في قوله تعالى: (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَاءِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَامُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَاهًا كَمَا لَهُمْ ءَالِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) الأعراف.
في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ ءَامِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) إبراهيم.
في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ ءازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا ءَالِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (74) الأنعام.
في قوله تعالى: (قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) الشعراء.
الأصنام هي أشكال مصنوعة من صخر، أو خشب، أو طين، أو غير ذلك؛ توضع لأجل عبادتها، أو الادعاء زورًا أن عبادتها تقرب إلى الله، ولذلك فهم يؤدون طقوسًا لها وحولها، والنحر لها، وإطعام الطعام لها ولمن يأتيها.
والحديث عن الأصنام في الآيات التي ثبتت بها الألف؛ حديث عن أصنام قائمة ومعظمة منهم، ومستمرين على عبادتها؛ وعلى ذلك كان إثبات ألفها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وحذفت في قوله تعالى: (وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57) الأنبياء.
الحذف في تهديد إبراهيم عليه السلام لأصنامهم بعد تركهم لها، لقطع وجودها وعبادتهم لها، فهو تهديد ممن لا يؤمن بها ولا يعظهما، وبينه وبينها قطيعة؛ فاختلف الموقف ... فسقطت ألفها في هذا الموضع الوحيد.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الرابعة والعشرون
حذف وإثبات ألف شعائر
وردت "شعائر" أربع مرات؛ ثبتت الألف في واحدة منها، وحذفت في الثلاثة الباقية؛
في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا ءآمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا (2) المائدة.
وفي قوله تعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32) الحج.
وفي قوله تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ (36) الحج.
شعائر الله هي المناسك الدائمة التي نسكها الله تعالى لعبادة، والحديث عنها يختلف من موضع لآخر؛ فإن كان الحديث عن وجودها وثباتها فقط؛ فإن ألفها تسقط.
ففي الموضع الأول: طلب بعدم التحلل من شعائر الله؛ (لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ).
وفي الموضع الثاني: طلب التعظيم لشعائر الله؛ (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ).
وفي الموضع الثالث: بيان بأن البدن من شعائر الله المعلومة؛ (وَالْبُدْنَ ... مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ).
وإن كان الحديث عن الشعائر؛ في وجوب القيام بها المتعلقة بها، والاستمرار عليها في زمن ممتد في المستقبل؛ فتثبت عند ذلك ألفها كما هو الحال؛
في قوله تعالى: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158) البقرة.
فالطواف بالصفا والمروة دائم ومستمر مع كل أداء لمناسك الحج والعمرة.
و"شاعر" من مادة "شعر" التي منها "شعائر"، وقد ورد أربع مرات بصيغة المفرد؛
في قوله تعالى: (بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ (5) الأنبياء.
وفي قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا ءَاَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37) الصافات.
وفي قوله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (31) الطور.
وفي قوله تعالى: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ (41) الحاقة.
الشعراء معظمون عند العرب، مقرين لهم بقدرتهم على العطاء بهذا النوع من البيان؛ بما يأتوا به من معان وتراكيب جديدة غير مسبوقة.
وكان وصف النبي عليه الصلاة والسلام بالشاعر؛ على أنه مقتدر على الإتيان بالبيان الجديد المبتكر؛
ففي الموضع الأول: أرادوا الإتيان بآية بدلا من القول الذي لا قبل لهم بمثله.
وفي الموضع الثاني: وأن قدرته شطت به إلى درجة وصفه بالجنون ليأمرهم بترك آلهتهم.
وفي الموضع الثالث: ليس عندهم طريقة لوقف إلا انتظار موته عليه الصلاة والسلام.
وفي الموضع الرابع: نفي من الله تعالى وصفهم الكاذب بأنه عليه الصلاة والسلام شاعرًا.
وعلى الوصف بالقدرة المستمر والنفي لصفة على أنها قائمة كان حذف ألف شاعر.
ولنفس امتداد الصفة في الشاعر، فإنها ألف "الشعراء" بصيغة الجمع تثبت كذلك؛
في قوله تعالى: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (224) الشعراء.
ومن نفس المادة اللغوية "أشعار" جمع "شَعَر"؛ وجاءت في موضع يعتنى بها بعد القطع والجز لها؛ بصناعة الأثاث، والمتاع منها، ومما ذكر معها من الأصواف والأوبار؛
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80) النحل.
وهذا الاتخاذ لها يمد من وجودها ومنفعتها، وبقائها بين أيدي الناس؛ وعلى ذلك كان ثبات ألفها.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الخامسة والعشرون
حذف وإثبات ألف فاه وأفواه
وردت "فاه" مرة واحدة ثابتة الألف؛
في قوله تعالى: (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلَالٍ (14) الرعد.
ليبلغ "فاه" القائم الموجود، وقيام وجود "فيه" دائم ومستمر ما دام صاحبه حيًا، وهو موضع إدخال ما يحتاجه الحي من الطعام والشراب، وعلى ذلك كان ثبات ألفه.
ووردت "أفواهكم" مرتين؛ مرة بالإثبات، ومرة بالحذف؛
فثبتت في قوله تعالى: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) النور.
هذا وصف لفعل وقت وقوعه من الذين شاركوا في حديث الإفك بحق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وخطاب موجه إليهم؛ وعلى ذلك كان ثبات الألف فيها.
وحذفت في قوله تعالى: (مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ الَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) الأحزاب.
الحديث في الآية عن أشياء لا حقيقة لها؛
فالولد الدعي لا يكون كالولد الذي من صلب والده.
ونساء الرجال لا يمكن أن يكن أمهاتهم اللاتي ولدنهم.
ولا يمكن أن يكون للإنسان في جوفه قلبان؛ قلب كافر، وقلب مؤمن.
ثم كان القول بصيغة الاستبعاد له؛ (ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ)، فعلى ذلك كان سقوط الألف منها.
وردت "أفواههم" بالإضافة إلى ضمير الغائبين في عشرة مواضع، وقد حذفت ألفها في الجميع؛
وذلك أن الأفواه ذكرت في الجميع بالذم بسبب الكفر والكذب الذي كان فيهم؛
في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118) آل عمران.
وفي قوله تعالى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) آل عمران.
وفي قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنْ الَّذِينَ قَالُوا ءامَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنْ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ ءاخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) المائدة.
وفي قوله تعالى: (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) التوبة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) التوبة.
وفي قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) التوبة.
وفي قوله تعالى: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللَّهُ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُوا إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (9) إبراهيم.
وفي قوله تعالى: (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا (5) الكهف.
وفي قوله تعالى: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65) يس.
وفي قوله تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) الصف.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة السادسة والعشرون
حذف وإثبات ألف حارب
ألف كل فعل على وزن تفاعل؛ يدل على اثنين أو طرفين أو شيئين يشتركان في الفعل.
وهذه ثلاثة أفعال فيها تصادم كبير وشديد بين طرفين أو فئتين؛ حارب وجاهد وقاتل،
نعرضها في ثلاثة أبحاث، وبينها اختلاف في أسباب المجابهة والصدام والمواجهة؛
فحارب؛ فعل يوصف به من تقصَّد العداء لغيره، وكان سببًا في إشعال الحرب معه.
وقاتل؛ فعل يوصف به من صد من عاداه وحاربه، وثبت له؛ فأحدث بصده له قتالاً معه.
وجاهد؛ فعل يوصف به من لم يجد سبيلا لوقف وكف شر من وقف في سبيل دعوته؛ إلا الدخول في القتال معه.
ورد الفعل "حارب" بصيغة الماضي في موضع واحد؛ ثابتة فيه ألفه؛
في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107) التوبة.
لقد قام المنافقون في المدينة في خطوة لتصعيد عداوتهم لله ولرسوله؛ بإنشاء مسجد يكون مركزًا للكيد بالإسلام، وعنوانًا لاستقبال رسل الروم إليهم، وفعلهم هذا شاهد على استمرارهم على الكفر؛ وحربهم المبطنة على الإسلام؛ وعلى ذلك كان ثبات الألف فيه.
وثبتت الألف في الفعل المضارع "يحاربون" الذي لم يرد إلا مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (32) المائدة.
القول في يحاربون مثل القول في حارب؛ لأن المحارب مد العداوة وأطالها بأفعال الحرب.
ومن جذر "حرب" "المحراب"؛ وقد ورد أربع مرات من غير حذف للألف؛
في قوله تعالى: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37) آل عمران.
وفي قوله تعالى: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ (39) آل عمران
وفي قوله تعالى: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنْ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11) مريم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (21) ص
والمحراب اسم مكان على غير قياس، من الفعل حارب، وهو كل مكان يحارب فيه الشيطان ويخصص للتفرغ فيه للعبادة؛ وقد جاء ذكره في هذه المواضع؛
عندما كانت مريم متفرغة للعبادة فيه، ودخل عليها زكريا عليه السلام.
وعندما كان زكريا يصلي فيه، وجاءته البشرى بيحيى عليهما السلام.
وعند خروجه لقومه منه، بعد أن قضى ليلته في العبادة فيه.
وعند تفرغ داود عليه السلام للعبادة فيه لما تسور الخصمان عليه المحراب.
وعلى ذلك كان ثبات ألف المد فيه.
ووردت "محاريب" بصيغة الجمع لمحراب مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا ءَالَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ (13) سبأ
الحديث في هذه الآية عن عمل المحاريب وليس العبادة فيها؛ وهي من الأماكن الثابتة التي لا تفارق مواضعها، وليست كالأدوات التي يتجدد العمل بها، والانتفاع بها، لذلك لم تثبت ألف المد فيها، فوق أن أفراد الجمع يتوحدون بالدخول فيه ولا يتميز بعضهم عن بعض.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة السابعة والعشرون
حذف وإثبات ألف جاهد
ألف كل فعل على وزن تفاعل؛ يدل على اثنين أو طرفين أو شيئين يشتركان في الفعل.
وهذه ثلاثة أفعال فيها تصادم كبير وشديد بين طرفين أو فئتين، نعرضها في ثلاثة أبحاث؛
حارب وجاهد وقاتل، وبينها اختلاف في أسباب المجابهة والصدام والمواجهة؛
فحارب؛ فعل يوصف به من تقصد العداء لغيره، وكان سببًا في إشعال الحرب معه.
وقاتل؛ فعل يوصف به من صد من عاداه وحاربه، وثبت له؛ فأحدث بصده له قتالاً معه.
وجاهد؛ فعل يوصف به من لم يجد سبيلا لوقف وكف شر من وقف في سبيل دعوته؛ إلا الدخول في القتال معه.
الجهاد عمل حربي يقوم به المسمون لنشر دين الله في الأرض، ولا يشرع بالقتال فيه إلا بعد أن يعرض على غير المسلمين الإسلام أولاً، ويكون لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين، فإن أبَوا فيطلب منهم دفع الجزية، ويدخلوا تحت حماية المسلمين، وهذا الفعل يراد تبليغ الإسلام للناس، وحماية من يدخل في الإسلام من الفتنة على دينه، ولا يؤخذ منهم مال الزكاة الذي هو حق للعامة في مال الفرد؛ لأنه عباده، وهم لم يدخلوا في الإسلام، فيؤخذ منهم ما يجزئ عنها وهي الجزية.
فإن أبَوا فعليهم الاستعداد للقتال بعد ثلاثة أيام، والله تعالى يحكم بينهم بعد ذلك.
ولذلك فالجهاد ليس لبسط مد مساحة دولة الإسلام بزيادة رقعة أرضها، ولا لملء خزينة الدولة بالأموال، أو استعباد الناس وإذلالهم، إنما هو لحماية المسلمين من وجود قوى بجانبهم تهددهم، أو تفتن من يسلم عن دينه؛ فالجهاد قطع للشر والأذى عن المسلمين، ومن يكون تحت رعايتهم؛ وعلى ذلك سقطت الألف في جميع أفعال الجهاد كما سنرى.
والفرق بين حارب وجاهد أن الحرب تطاول من طرف على طرف، والاستعلاء عليه، ومدى الأذى إليه، وعليه كان إثبات الألف.
والجهاد لا يكون إلا بعد إشعار العدو بالحرب والطلب منه الاستعداد لها بعد ثلاثة أيام، ولا يقاتلون على غرة منهم قبل عرض عليهم العرض الثلاثة، ولذلك يساوى الفريقين في العلم بالحرب والاستعداد لها، مع الهدف من الجهاد وقف الكفر والشرك واستمرار قيامه في الأرض إرضاءً لله، وعليه أيضًا سقوط الألف.
ورد فعل "جَاهَد" بصيغة الماضي مرتين؛ وحذفت الألف فيهما؛
في قوله تعالى: (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) التوبة.
وفي قوله تعالى: (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (6) العنكبوت
وورد فعل الماضي "جاهداك" المتصل بألف الاثنين في موضعين محذوفي الألف؛
في قوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) العنكبوت
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (15) لقمان
إثبات ألف الاثنين لاختلاف الأم والأب في أسلوب وطريقة التأثير عليه
وثبتت ألف الاثنين لاختلاف الوالدين في درجة الجهاد وقوته والأسلوب المتبع منهما مع ولدهما ولما كان الجهاد هو بذل الجهد في وقف الطرف الثاني صح؛ وصف الفعل للمؤمن والكافر.
وورد الفعل الماضي "وجاهدوا"متصلا بواو الجمع في أحد عشر موضعًا محذوف الألف فيها؛
في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218) البقرة
وفي قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) آل عمران
وفي قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72) الأنفال
وفي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ ءَاوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74) الأنفال
وفي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنْكُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75) الأنفال
وفي قوله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16) التوبة
وفي قوله تعالى: (الَّذِينَ ءَامَنُوا وَهَاجَرُوا وجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ (20) التوبة
وفي قوله تعالى: (لَكِنْ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (88) التوبة
وفي قوله تعالى: (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (110) النحل
وفي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) العنكبوت
وفي قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (15) الحجرات.
وورد فعل المضارع "يجاهد" المجرد في موضع واحد فقط؛
في قوله تعالى: (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (6) العنكبوت.
وورد الفعل المضارع "تجاهدون" للمخاطبين في موضع واحد فقط؛
في قوله تعالى: (تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) الصف
وورد فعل المضارع "يجاهدون" المتصل بواو الجماعة في حالتي النصب، وغير النصب في ثلاثة مواضع؛
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى: (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (44) التوبة
وفي قوله تعالى: (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ (81) التوبة
وفي قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) المائدة.
وورد فعل الأمر "جاهِد" في موضعين؛
في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) التحريم
وفي قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) التوبة.
وورد فعل الأمر "جاهدهم" المتصل بضمير الغائبين في موضع واحد؛
في قوله تعالى: (فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) الفرقان.
وورد فعل الأمر المتصل بواو الجماعة "جاهِدوا" في أربعة مواضع؛
وفي قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35) المائدة
وفي قوله تعالى: (انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاَّ وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (41) التوبة
وفي قوله تعالى: (وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) التوبة
وفي قوله تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) الحج.
وورد "المجاهدون" بصيغة جمع "مجاهد"؛ مرة في حالة الرفع، ومرتين في حالة النصب، وقد حذفت الألف منها جميعًا؛
في قوله تعالى: (لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ (95) النساء.
وفي قوله تعالى: (لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) النساء
وفي قوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) محمد
وهذه الألف هي ألف اسم الفاعل والقاعدة أن الدخول في الجمع يذهب خصائص الفرد، وعليه تحذف اسم الفاعل
ورد اسم المصدر "جهاد" أربع مرات؛ ثبتت ألفها في ثلاث منها، وحذفت في الرابعة؛
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ ءَابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24) التوبة
أي أحب إليكم شيء قائم، ومطلوب الاستمرار فيه؛ الجهاد في سبيل الله، فعلى ذلك ثبتت ألفه.
وثبتت في قوله تعالى: (فَلا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا (52) الفرقان
طلب بالجهاد فكان بحذف الألف في الأمر (وجاهِدهم) وذلك لوقف شرهم وأذاهم، فكان الرسم بحذف الألف، وأكد الأمر بالمصدر، ووصفه بالكبير؛ (جهادًا كبيرًا) ما يفيد امتداد أثره واتساعه، وعلى ذلك كان ثبات ألف المد فيه.
وفي قوله تعالى: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) الحج.
فقوله تعالى: (وجاهدوا في الله حق جهاد) أي اجعلوه جهادًا ممتدًا ومتسعًا، وعلى ذلك ثبتت ألفه.
وحذفت في قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (1) الممتحنة
اتخاذ الأعداء أولياء، وإلقاء المودة إليهم يقطع الاستمرار بالجهاد، والخروج للجهاد غير مباشرة الجهاد، فسقطت على ذلك ألفه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الثامنة والعشرون
حذف وإثبات ألف قاتل
ألف كل فعل على وزن تفاعل؛ يدل على اثنين أو طرفين أو شيئين يشتركان في الفعل.
وهذه ثلاثة أفعال فيها تصادم كبير وشديد بين طرفين أو فئتين، نعرضها في ثلاثة أبحاث؛
حارب وجاهد وقاتل، وبينها اختلاف في أسباب المجابهة والصدام والمواجهة؛
فحارب؛ فعل يوصف به من تقصد العداء لغيره، وكان سببًا في إشعال الحرب معه.
وقاتل؛ فعل يوصف به من صد من عاداه وحاربه، وثبت له؛ فأحدث بصده له قتالاً معه.
وجاهد؛ فعل يوصف به من لم يجد سبيلا لوقف وكف شر من وقف في سبيل دعوته؛ إلا الدخول في القتال معه.
ورد فعل "قاتل" في كل مواضعه بحذف ألفه، وذلك أن الألف الدالة على طرفي القتال قد استويا في اشتراكهما في القتال؛ فكل واحد منهما يطلب الآخر.
ولم تثبت الألف إلا في "قتال" مصدر "قاتل".
ورد فعل "قاتل" بصيغة الماضي في موضعين؛
في قوله تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) آل عمران.
وفي قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ أَِلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد.
وورد متصلاً بضمير المخاطبين "قاتلكم" مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (وَلَوْ قَاتَلَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوْا الأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (22) الفتح.
وورد متصلاً بضمير الغائبين "قاتلهم" مرتين؛
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى: (وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) التوبة
وفي قوله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمْ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4) المنافقون
القتال رد المعتدين ووقفهم، وأشده توقيفًا قتل المعتدي نفسه، وحبس فعله في الحياة، وذلك لله تعالى، وعليه حذفت ألفه.
وورد متصلاً بواو الجماعة "قاتَلوا" ثلاث مرات؛
في قوله تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195) آل عمران
وفي قوله تعالى: (يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنْبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُمْ مَا قَاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً (20) الأحزاب
وفي قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنْ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد.
وورد متصلاً بواو الجماعة وضمير المخاطبين "قاتلوكم" ثلاث مرات؛
في قوله تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) البقرة
وفي قوله تعالى: (إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90) النساء
وفي قوله تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9) الممتحنة.
ورد الفعل المضارع "تُقاتِل" مرة واحد؛
في قوله تعالى: (قَدْ كَانَ لَكُمْ ءَايَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ (13) آل عمران.
وورد متصلاً بواو الجماعة مع حذف النون "تُقاتِلوا" مرتين؛
في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَاءِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) البقرة
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ (83) التوبة.
وورد متصلاً بواو الجماعة مع ثبوت النون "تُقاتِلون" مرتين؛
في قوله تعالى: (وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) النساء.
وفي قوله تعالى: (أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) التوبة.
وورد متصلاً بواو الجماعة مع ضمير الغائبين وثبوت النون "تقاتلونهم" مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنْ الأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمْ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (16) الفتح.
وورد متصلاً بواو الجماعة مع ضمير الغائبين وحذف النون "تقاتلوهم" مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) البقرة.
وورد الفعل المضارع "نقاتل" مرتين؛
في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَاءِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) البقرة.
وورد الفعل المضارع "يقاتل" مرتين؛
في قوله تعالى: (فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74) النساء.
وورد متصلاً بواو الجماعة "يقاتلوا" مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90) النساء.
وورد متصلاً بواو الجماعة وضمير المخاطبين مع حذف النون "يقاتلوكم" خمس مرات؛
في قوله تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191) البقرة
وفي قوله تعالى: (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمْ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (111) آل عمران
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90) النساء
وفي قوله تعالى: (لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) الممتحنة
وورد متصلاً بواو الجماعة مع ثبات النون "يقاتلون" خمس مرات؛
في قوله تعالى: (الَّذِينَ ءَامَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) النساء
وفي قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التوبة
وفي قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ (4) الصف.
وفي قوله تعالى: (00وَءَاخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَءَاخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءاتُوا الزَّكَواةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا 00 (20) المزمل.
وورد متصلاً بواو الجماعة وضمير المخاطبين مع ثبات النون "يقاتلونكم" أربع مرات؛
في قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) البقرة.
وفي قوله تعالى: (00وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) التوبة.
وفي قوله تعالى: (لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلاَّ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (14) الحشر.
ورد فعل الأمر "قاتِل" مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلاً (84) النساء
وورد متصلا بألف الاثنين "فقاتلاَ" مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) المائدة.
وثبات ألف الاثنين لأن الطلب لكل واحد مهما بأن يذهبا للقتال، ولم يريدوا بقولهم هذا أنهم يقاتلان معًا، فماذا يغني اثنان مجتمعان أمام جيش كبير؟!
وورد متصلا واو الجماعة مع حذف النون "قاتِلوا" تسع مرات؛
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) البقرة
وفي قوله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244) البقرة
وفي قوله تعالى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) آل عمران
وفي قوله تعالى: (الَّذِينَ ءَامَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76) النساء
وفي قوله تعالى: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ (12) التوبة
وفي قوله تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29) التوبة
وفي قوله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36) التوبة
وفي قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنْ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123) التوبة
وفي قوله تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) الحجرات
وورد متصلا واو الجماعة وضمير الغائبين مع حذف النون "قاتلوهم" ثلاث مرات؛
في قوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193) البقرة
وفي قوله تعالى: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) الأنفال
وفي قوله تعالى: (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) التوبة.
ورد الفعل الضارع المبني للمجهول "يُقاتَلون" مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الحج
جميع أفعال مادة قاتل بإسقاط الألف وعدم قيامها لأنه فعل يراد به وقف الطرف الآخر
وورد الفعل المضارع المتصل بألف الاثنين "يقتتلان" مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (15) القصص
ثبتت ألف الاثنين لأن الرجلين مختلفان؛ أحدهما قريب من موسى، ومن شيعته من بني إسرائيل، وآخر هو من عدوهما من قوم فرعون، ولأجل ذلك كان إثبات الألف.
(يُتْبَعُ)
(/)
ورد اسم المصدر لقاتل "قتال" من غير نصب؛ اثنتي عشرة مرة؛
في قوله تعالى: (كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (216) البقرة
وفي قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ (217) البقرة
وفي قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِنْ بَنِي إِسْرَاءِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمْ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (246) البقرة
وفي قوله تعالى: (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121) آل عمران
وفي قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَواةَ وَءَاتُوا الزَّكَواةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77) النساء
وفي قوله تعالى: (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (16) الأنفال
وفي قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65) الأنفال
وفي قوله تعالى: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) الأحزاب
وفي قوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ ءَامَنُوا لَوْلا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) محمد.
وورد منصوبًا "قتالاً" مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167) آل عمران.
القتال مصدر غير مرتبط على حدث محدد وزمن محدد؛ ولذلك احتمالات حدوثه كثيرة، ويمتد في أزمنة طويلة، وعلى ذلك ثبتت ألفه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة التاسعة والعشرون
حذف وإثبات ألف الألواح
وردت "الألواح" أربع مرات؛ ثبتت ألفها في ثلاث منها، وحذفت في الموضع الرابع؛
في قوله تعالى: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ (145) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ (150) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154) الأعراف.
(يُتْبَعُ)
(/)
الألواح في هذه المواضع؛ هي الألواح التي كتب عليها موسى عليه السلام التوراة، لتحفظ التوراة لقومه، ويمتد وجود ما عليها بين أيديهم، وعلى ذلك كان ثبات ألف المد منها.
وحذفت الألف في قوله تعالى: (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) القمر.
وهذه الألواح هي التي صنع منها نوح عليه السلام السفينة، لأجل حدث طارئ ومؤقت، وانتهت الحاجة إليها بنهاية الطوفان، وهبوطهم منها، وتركها بعد ذلك، ولذلك سقطت ألف المد منها.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الثلاثون
حذف وإثبات ألف الغمام
ورد "الغمام" أربع مرات؛ ثبتت الألف في موضعين، وسقطت في موضعين؛
فثبتت في قوله تعالى: (وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمْ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57) البقرة.
وفي قوله تعالى: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنْ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (210) البقرة.
الغمام في هذه الموضعين غمام خاص؛
ففي الموضع الأول كان الغمام مدًا من الله تعالى للغمام العام في الشتاء، فكان تشكله في الصيف لحفظ بني إسرائيل في طريق سيرهم من الحر؛ فعلى ذلك ثبتت ألف المد فيه.
وفي الموضع الثاني هو غمام خاص بيوم القيامة، وفوق الناس في موقف الحساب، ولا علاقة له بالغمام الذي يظهر في أيام الدنيا، وهو يمد بعضه بعضًا؛ لأنه ظلل عديدة، وقد قضى الأمر، وعلى ذلك ثبتت ألف المد فيه.
وحذفت في قوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذْ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنْ اضْرِب بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمْ الْغَمَامَ (160) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلاً (25) الفرقان.
الغمام في الموضع الأول غمام عام لذكر الاستسقاء في الآية، والاستسقاء لا يطلب إلا إذا تأخر المطر عن النزول في الفصل الذي تحيى به الأرض، وينتفع به، ولا يطلب بعد ذهاب الشتاء، وانتهاء المنفعة من نزوله. وفي هذا الفصل يكون الغمام عامًا عليهم وعلى غيرهم، وعلى ذلك سقطت ألف مده.
والغمام في الموضع الثاني؛ غمام عام يعم السماء كلها، ويحيط بالأرض جميعها؛ في آخر أيام الدنيا، وأول قيام الآخرة، بتشقق هذه السماء الموجودة بالغمام. وعلى ذلك سقطت ألفه.
فما كان من الغمام عامًا سقطت ألفه؛ لأنه لا زيادة فيه على قوم دون قوم.
وما كان خاصًا ثبتت ألفه؛ لأنه الامتداد له جاء في غير وقته وزمنه.
والله تعالى أعلم.(/)
حذف وإثبات الألف في الرسم القرآني (31 - -)
ـ[العرابلي]ــــــــ[06 May 2009, 10:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الحادية والثلاثون
حذف وإثبات ألف القواعد
وردت "القواعد" ثلاث مرات؛ ثبتت الألف في اثنتين، وحذفت في الثالثة؛
فثبتت في قوله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِـ (ي) ـمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) البقرة.
وفي قوله تعالى: (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (26) النحل.
القواعد في هذين الموضعين هما قواعد بنيان، وعليها يزاد البنيان ويرتفع؛ وعلى ذلك ثبتت الألف فيهما.
فالقواعد في الموضع الأول لبيت الله الحرام، التي زاد عليها إبراهيم عليه السلام ورفعها بما زاد عليها من البناء.
والقواعد في الموضع الثاني هي للبنيان الذي هدم وهو قائم على تلك القواعد.
وحذفت في قوله تعالى: (وَالْقَوَاعِدُ مِنْ النِّسَاءِ الَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) النور.
والقواعد من النساء هن اللائي قعدن عن الزواج، وتراجعن عن الرغبة فيه؛ لكبر سنهن، وعلى ذلك كان سقوط ألف المد منها.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الثانية والثلاثون
حذف وإثبات ألف مناسك
وردت "مناسك" مرتين؛ حذفت في المناسك المضافة إلى ضمير المتكلمين؛
في قوله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ ءَابَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا (200) البقرة.
طلب من الله تعالى بذكره في هذه الآية بعد قضاء المناسك؛ أي بعد الانتهاء منها، فكان الاهتمام بالذكر بعد قضاء المناسك؛ فعلى ذلك كان سقوط الألف منها.
وحذفت في المناسك التي أضيف إلى ضمير للمتكلم بصيغة الجمع التعظيم؛
في قوله تعالى: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) البقرة.
دعاء إبراهيم عليه السلام "أرنا مناسكنا"؛ أي أعلمنا بها لنقوم بأدائها، ونستمر عليها.
وما زالت هذه المناسك قائمة إلى يومنا هذا؛ في شهر الحج كل عام، وعند أداء مناسك العمرة؛ فعلى ذلك كان ثبات الألف فيها.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الثالثة والثلاثون
حذف وإثبات ألف كبائر
وردت "كبائر" ثلاث مرات؛ حذفت الألف في موضعين، وثبت في موضع واحد؛
فثبتت في قوله تعالى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيمًا (31) النساء.
التكفير عن السيئات مشروط باجتناب الكبائر، وهذا ما يدل على أن هناك من يرتكب الكبائر، وأن الكبائر قائمة وممتدة، فعلى ذلك كان ثبات الألف فيها.
وحذفت في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) الشورى.
وفي قوله تعالى: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ (32) النجم.
المغفرة والجزاء الحسن من الله تعالى للذين اجتنبوا الكبائر، فهي ساقطة من صحف أعمالهم، ولم يكن لها امتداد عندهم؛ فسقطت على ذلك ألف المد منها.
وسقطت الألف من "أكابر" جمع أكبر؛
في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) الأنعام.
أكابر مجرمي كل قرية هم الذين يصدون عن سبيل الله، ويمكرون بالأنبياء والرسل والدعاة والمصلحين، لإفساد الناس وحبسهم عن الحق والهدى، وعلى ذلك كان سقوط الألف منها.
وأثبتت الألف في "كبراء"؛
في قوله تعالى: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا (67) الأحزاب.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقصدون بالذين لهم امتداد وزيادة علينا، فأطعناهم قدمناهم على أنفسنا، وجعلناهم مرجعًا لنا؛ وعلى ذلك ثبتت ألف المد فيها.
كما ثبتت ألف سادتنا لأن لهم نفس الامتداد عليهم المكانة من الطاعة فيهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الرابعة والثلاثون
حذف وإثبات ألف الأعداد
الأعداد موضوعة للدلالة على المجموعة بكاملها، كقولنا؛ ثلاثة، خمسة، ثمانية.
أو للدلالة على منزلة أحد أفردها بين المجموعة، الثالث، الخامس، الثامن.
وفي الأعداد الدالة على مجموعة؛ لا يحتفظ أي واحد من المجموعة بمنزلة خاصة،
فلو قلنا أن في البيت ثلاثة رجال؛
هم؛ أحمد ومحمد ومحمود،
أو نقول فيه؛ محمد ومحمود وأحمد،
أو نقول فيه؛ محمود، وأحمد، ومحمد،
فالعدد "ثلاثة" دل عليهم جميعًا، بأي واحد بدأت بذكره أو انتهيت إليه، فلا يدل ذلك على منزلة في المجموعة؛ وعلى ذلك فالألف تسقط منه.
وأما إذا قلت: أحمد هو الأول، ومحمد هو الثاني، ومحمود هو الثالث، فعند ذلك يحتفظ كل منهم بمنزلته، وعليه تثبت الألف فيه.
فكل من؛ "ثلاثة"، و"ثلاثون"، و"ثلاثين"، و"ثماني"، و"ثمانية"، و"ثمانين"، "آلاف" حذفت فيها الألف؛ لأنها دلت على جموع تساوت أفرادها.
وكل من؛ "ثاني"، "ثالث"، و"بثالث"، و"الثالثة"، و"رابعهم"، و"سادسهم" و"وثامنهم"، ثبتت فيها الألف؛ لأن كل واحد منها له المنزلة التي جاءت بعد منازل الذين من قبله.
والنظر إليها في الآيات الواردة فيها دال على ما أشرنا إليه وبيناه؛
في قوله تعالى: (إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا (40) التوبة.
وفي قوله تعالى: (إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14) يس.
وفي قوله تعالى: (وَمَنَواةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) النجم.
وفي قوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) المائدة.
وفي قوله تعالى: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ (7) المجادلة.
وفي قوله تعالى: (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ (22) الكهف.
وفي قوله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا (3) النساء.
وفي قوله تعالى: (الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) فاطر.
وفي قوله تعالى: (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ ءَالَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءَاَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125) آل عمران.
وفي قوله تعالى: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ (196) البقرة.
وفي قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ (228) البقرة.
وفي قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي ءَاَيَةً قَالَ ءَايَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا (41) آل عمران.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ (171) النساء.
وفي قوله تعالى: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ (89) المائدة.
وفي قوله تعالى: (وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) التوبة.
وفي قوله تعالى: (فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ (65) هود.
وفي قوله تعالى: (وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) الواقعة.
وفي قوله تعالى: (وَالَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَالَّائِي لَمْ يَحِضْنَ (4) الطلاق.
وفي قوله تعالى: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً (142) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا (15) الأحقاف.
وفي قوله تعالى: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ (143) الأنعام.
وفي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) النور.
وفي قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ (27) القصص.
وفي قوله تعالى: (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الأنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (6) الزمر.
وفي قوله تعالى: (سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) الحاقة.
وفي قوله تعالى: (وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) الحاقة.
وحذفت الألف في "الخامسة" في سورة النور، مع أن حقها أن تثبت على القاعدة،
في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) النور.
وفي قوله تعالى: (وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) النور.
وسبب حذفها؛ أن اللعنة لا تقع عليه من شهادته بالخامسة، بل بها، وبالشهادات الأربعة التي قبلها.
وأن غضب الله عليها لا يقع من شهادتها بالخامسة، بل بها، وبالشهادات الأربعة التي قبلها، وعلى ذلك كان حذف الألف منها.
وأثبتت ألف "المثاني"؛ لأن كل اثنين شكلا ثنائيًا خاصًا بهما، تميزا به عن البقية؛
في قوله تعالى: (وَلَقَدْ ءَاَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْءَاَنَ الْعَظِيمَ (87) الحجر.
وثبتت ألف الفعل "ثانيَ" لأن المعطوف غير المعطوف عليه، ومتفرد عنه؛
في قوله تعالى: (ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) الحج.
بسم الله الرحمن الرحيم
الكلمة الخامسة والثلاثون
حذف وإثبات ألف الأيام
(يُتْبَعُ)
(/)
وردت "الأيام" سبعًا وعشرين مرة؛ رفعت في موضع واحد، ونصبت في خمسة مواضع، وخفضت في واحد وعشرين موضعًا، وقد ثبتت ألف الأيام في الجميع إلا في واحدة؛
في قوله تعالى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5) إبراهيم.
المقصود بالأيام في هذا الموضع؛ وقائع الله عز وجل بالكفار من الأمم السابقة، فهذه الأيام قد قطعت حياة الكفار وأهلكتهم، ولنا الخيار في التحدث عنها بغير ترتيب؛ فنتحدث عن هلاك قوم نوح عليه السلام، ثم عن فرعون، ثم نعود إلى عاد وثمود، أو ثمود وعاد، غير ملتزمين بترتيبهم حسب التسلسل الزمني لمجيئهم، وعلى ذلك سقطت ألفها.
أما إثبات ألف الأيام؛ فراجع إلى أن للأيام منازل محفوظة؛ فالأيام التي نؤرخ بها هي أيام تتوالي باستمرار، مع حفظ كل يوم لمنزلته بين الأيام، فلا يتقدم فيها الأحد على السبت، ولا الجمعة على الخميس، فلا يجوز التقديم والتأخير في الأيام مطلقًا، فلأجل ذلك صلحت لحساب الزمن، وعلى ذلك جري تثبيت ألفها.
كما في قوله تعالى: (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (80) البقرة.
وفي قوله تعالى: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184) البقرة.
وفي قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) آل عمران.
وفي قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ (18) سبأ.(/)
وفينا بالوعد بأكثر من مائة بحث في مسائل الرسم القرآني
ـ[العرابلي]ــــــــ[06 May 2009, 10:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الوفاء بالوعد بأكثر من مائة بحث في أسرار الرسم القرآني
لقد تعهدنا بتقديم مائة بحث في كل علم من العلوم الثلاثة الجديدة التي أعلنا عن ميلادها في 18/ 8/2008م
بعنوان "ميلاد ثلاثة علوم جديدة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=31738)"
وقد فضلنا التركيز أولا على علم المعاني الذي قام عليه الرسم القرآني والذي به يعرف سر الرسم القرآني، ويكشف عنه.
وأظن هذا القدر من الأبحاث كافًا ليثبت أن الرسم القرآني قام على علم يفسر أسراره.
وقد نشرنا فيه مائة وخمسة عشر بحثًا
التاءات التي بسطت في القرآن ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=31816)
وفيها تسعة عشر بحثًا
1. بسط تاء جنت
2. بسط تاء شجرت
3. بسط تاء قرت
4. بسط تاء امرأت
5. بسط تاء ابنت
6. بسط تاء لعنت
7. بسط تاء معصيت
8. بسط تاء رحمت
9. بسط تاء نَِعمت
10. بسط تاء سنت
11. بسط تاء بقيت
12. بسط تاء فطرت
13. بسط تاء كلمت
14. بسط تاء بينت
15. بسط تاء آيت
16. بسط تاء جمالت
17. بسط تاء ثمرت
18. بسط تاء غرفت
19. بسط تاء غيابت
المقطوع والموصول
وفيه ستة وثلاثون بحثًا
20. قطع ووصل أن لا ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=43691)
21. قطع ووصل من ما ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=38762)
22. قطع ووصل إنَّ ما ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45099)
23. قطع ووصل عن من ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45100)
24. قطع ووصل عن ما
25. قطع ووصل إنْ ما
26. قطع ووصل إنْ لم
27. قطع ووصل أنْ لم
28. قطع ووصل أنّ ما
29. قطع ووصل أمْ من ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45192)
30. قطع ووصل لات حين
31. قطع ووصل لام الجر عن مجرورها
32. قطع ووصل حيث ما
33. قطع ووصل يوم هم
34. قطع ووصل ابنْ أم
35. قطع ووصل كل ما
36. قطع ووصل في ما ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45020)
37. قطع ووصل أنْ لو
38. قطع ووصل إنْ من
39. قطع ووصل أينْ ما
40. قطع ووصل بئسَ ما ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45020)
41. قطع ووصل كيْ لا ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45192)
42. قطع ووصل وي كأن
43. قطع ووصل أنْ لم
44. قطع ووصل ربَ ما
45. قطع ووصل من من
46. قطع ووصل في م (ـا)
47. قطع ووصل أم ما
48. قطع ووصل أم ماذا
49. قطع ووصل نعم ما
50. قطع ووصل عم م (ـا)
51. قطع ووصل كالو هم
52. قطع ووصل وزنو هم
53. قطع ووصل من م (ـا)
54. قطع ووصل كأنَّ ما
55. قطع ووصل مه ما
الياءات المحذوفة
وفيها اثنا عشر بحثًا
56. حذف ياء الأفعال الأصلية ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=35808)
57. حذف ياء الأسماء الأصلية ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=35808)
58. حذف ياء المتكلم الزائدة المتصلة في الأسماء ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=36931)
59. حذف ياء المتكلم الزائدة المتصلة في بالفعل الماضي ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=37190)
60. حذف ياء المتكلم الزائدة المتصلة في بالفعل المضارع ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=37649)
61. حذف ياء المتكلم الزائدة المتصلة في بأفعال الأمر ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=38232)
62. حذف ياء المتكلم الزائدة المتصلة في بأفعال النهي ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=38232)
63. حذف ياء إبراهيم في سورة البقرة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=39215)
64. حذف إحدى الياءين من المكررة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=40326)
65. حكم الياء المكررة وسطًا وإحداهما وقعت صورة للهمزة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=40326)
66. حكم ما تكررت فيه الياءان طرفًا وسكنت الثانية منهما ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=40804)
67. حكم ما اجتمع فيه الياءان طرفًا وتحرك ثانيهما ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=40804)
حذف وزيادة وإبدال الواو
وفيه تسعة أبحاث
(يُتْبَعُ)
(/)
68. حذف الواو آخر الأفعال والأسماء ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=34399)
69. حذف الواو صورة الهمزة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=34399)
70. حذف الواو الثانية المدية في الأسماء والأفعال ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=34399)
71. ثبوت واو الجمع التي سبقها فتح ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=34399)
72. ثبوت واو الجمع التي سبقها همز ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=34399)
73. ثبوت الواوين إذا فتح أحدهما ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=34399)
74. زيادة الواو في وسط الكلمة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=34399)
75. إبدال الواو في وسط الكلمة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=34399)
76. الهمزات التي كتبت على الواو مراعاة للوصل لا الوقف ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=35193)
حذف وإثبات الألفات
وفيه ثمان وثلاثون بحثًا
77. حذف وإثبات ألف باسط ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45021)
78. حذف وإثبات ألف ساحر ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45022)
79. حذف وإثبات ألف السامري ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45093)
80. حذف وإثبات ألف شاهد ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45104)
81. حذف وإثبات ألف صاحب وصاحبة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45144)
82. حذف وإثبات ألف طائف ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45156)
83. حذف وإثبات ألف ظالم ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45161)
84. حذف وإثبات ألف عال وعالية ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45191)
85. حذف وإثبات ألف عامل وعاملة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45285)
86. حذف وإثبات ألف قادر وبقادر ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45301)
87. حذف وإثبات ألف قاسية ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45368)
88. حذف وإثبات ألف كاذب وكاذبة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45393)
89. حذف وإثبات ألف كافر وكافرة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45449)
90. حذف وإثبات ألف هادٍ ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45504)
91. حذف وإثبات ألف واقع والواقعة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45760)
92. حذف وإثبات ألف مبارك ومباركة ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45885)
93. حذف وإثبات ألف أمثال وأمثالها ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=45938)
94. حذف وإثبات ألف العظام ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46111)
95. حذف وإثبات ألف الأعناب ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46126)
96. حذف وإثبات ألف كتاب ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46143)
97. حذف وإثبات ألف بنات ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46174)
98. حذف وإثبات ألف أضعاف ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46185)
99. حذف وإثبات ألف أصنام ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46228)
100. حذف وإثبات ألف شعائر ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46258)
101. حذف وإثبات ألف أفواه ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46298)
102. حذف وإثبات ألف حارب ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46339)
103. حذف وإثبات ألف جاهد ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46351)
104. حذف وإثبات ألف قاتل ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46437)
105. حذف وإثبات ألف الألواح ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46458)
106. حذف وإثبات ألف الغمام ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46478)
107. حذف وإثبات ألف القواعد ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46499)
108. حذف وإثبات ألف مناسك ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46501)
109. حذف وإثبات ألف كبائر ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46631)
110. حذف وإثبات ألف الأعداد ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=46636)
111. حذف وإثبات ألف الأيام ( http://www.wata.cc/forums/forumdisplay.php?f=329)
112 حذف وإثبات الألف في أسماء الله تعالى ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=32249)
113. حذف وإثبات الألف في أسماء الأنبياء وغيرهم ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=33914)
114. سر زيادة الألف في أنا وأخواتها ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=30584)
115. بحث في سر كتابة السين صادًا ( http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=30143)
وما زالت هناك عشرات الأبحاث في الرسم القرآني التي لم يتم إعدادها وتنسيقها للنشر
وسننشر بعضها كلما سنحت لنا الفرصة بذلك
لكننا سننتقل إن شاء الله تعالى إلى العلمين التاليين
فقه استعمال الجذور
استعمالات الحروف الهجائية
لنقدم إن شاء الله تعالى مائة بحث في كل واحد منها
فنسأل الله تعالى أن يعيننا على ما فيه خدمة كتابه ودينه
وألا يحرمنا أجر عملنا بما يكون منا من خطأ أو زلل أو نسيان
وأن يكتب لهذه العلوم القبول في الأرض
ويشرح صدور الناس لها ويصبرهم على الأخذ بها
ولا يحرمنا من متابعة الإخوان وتصويباتهم ونصائحهم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عصام العويد]ــــــــ[09 May 2009, 11:31 م]ـ
جزاك الله من الخير أوفاه وأتمه.
ـ[العرابلي]ــــــــ[09 May 2009, 11:46 م]ـ
جزاك الله من الخير أوفاه وأتمه.
وجزاكم الله بكل خير
وأحسن الله إليكم(/)
العدد 309 في القرآن الكريم، إعجاز أم تكلف؟
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[07 May 2009, 01:52 ص]ـ
إعجاز العدد 309:
الهدف من طرح هذه المشاركة بيان أن الإعجاز العددي في القرآن الكريم ليس كما يتخيله البعض، أنماطا من العلاقات العددية وفق ما يرونه مألوفا لديهم. وبالتالي قد يدفعهم هذا التصور إلى وصف عملية حسابية يقوم بها باحث بالتكلف وتسخيف فكرة الإعجاز العددي، وهو ما جاء تحديدا في تعليق أخينا الفاضل أبو الحارث العامودي على إحدى مشاركاتي.
وأود قبل كل شيء أن أشير إلى أن العدد 309 احتل حظا وافرا من أبحاث أخينا الفاضل الشيخ بسام جرار في كتابه ولتعلموا عدد السنين والحساب، والذي يصفه بدراسة تجلي بعض أسرار العدد 309. وهو العدد البارز في سورة الكهف (مدة لبث فتية الكهف) وعلاقته بالعدد 456 الميزان ...
(أرجو أن تلاحظوا جيدا العددين 309 و 456)
والآن إلى موضوع هذه المشاركة:
يتألف العدد 309 من العددين 9 و 30، ويمكننا أن نستنبط منهما العددين 39 (9 + 30) و 21 (30 – 9). (وكذلك 9 × 3)
بناء على وصف الأخ أبو الحارث لاستنباطي العدد 62 من مجموع العددين 13 و 49، بالمثال المثالي في التكلف، وتسخيف فكرة الإعجاز العددي فهذا الذي فعلته الآن (استنباط العددين 21 و 39 من العدد 309) هو أكثر تكلفا، وتسخيفا.
فهل هو فعلا كذلك؟
لماذا لا نؤجل الحكم قليلا، ونتأمل موقعي آخر آيتين في ترتيب آيات القرآن رقم ترتيبهما العددان 39 و 21؟ وهما العددان اللذان استخرجتهما من العدد 309.
آخر آية في ترتيب المصحف رقم ترتيبها 39:
عدد سور القرآن البالغة 114، يساوي 6 × 19، وهذا يعني أن سور القرآن – بهذا الاعتبار - ست مجموعات عدد كل منها 19 سورة.
والسؤال هنا: في أي مجموعة جاءت آخر آية رقم ترتيبها 39؟
لقد جاءت في المجموعة الخامسة (وهي مجموعة السور الـ 19من المرسلات إلى سورة التين، ومجموع آياتها 484) إنها الآية رقم 39 في سورة عبس.
ما وجه الإعجاز في موقع هذه الآية؟
إن مجموع أعداد الآيات التالية لها وحتى نهاية سور المجموعة هو 309.
فهل ما فعلناه كان تكلفا؟ إن مثل هذه النتيجة تدفع عن الباحث شبهة التكلف ..
قد يقول البعض إنها مصادفة ..
إذن تعالوا نتأمل موقع آخر آية رقم ترتيبها 21.
آخر آية رقم ترتيبها 21:
آخر آية رقم ترتيبها 21 هي الآية رقم 21 في سورة الليل، السورة رقم 92، في المجموعة نفسها.
ما وجه الإعجاز في موقع هذه الآية؟
إن عدد الآيات التالية لها وحتى نهاية سور المجموعة هو 27، وهذا العدد يساوي 9 × 3. ونلاحظ هنا رقمي العدد 39.
فأما الملاحظة اللافتة للانتباه فهي: إن مجموع الآيات السابقة لها هو 456، وهذا هو الميزان في أبحاث الأخ الكريم الشيخ بسام جرار .. إضافة إلى أن العدد 456 يساوي 4 × 114. إشارة واضحة إلى عدد سور القرآن الكريم.
السؤال الآن: هل كان استنباطنا للعددين 21 و 39 من العدد 309 تكلفا؟ وتسخيفا للإعجاز العددي؟ وكيف نفسر هذا الترابط بين موقعي الآيتين بالعددين 309 و 456؟
هل كل ما نجهله يصبح تكلفا؟ وما الذي عرفناه حتى الآن عن ترتيب سور القرآن وآياته؟ لماذا لا نقول: إن في ترتيب القرآن وأعداده الكثير مما زال مجهولا لدينا؟
لماذا لا يتوقف بعضنا عن قياس الترتيب القرآني على الترتيب البشري؟
لو كان ترتيب القرآن بشريا لجاء وفق المقاييس التي يألفها البشر، ترتيب القرآن شيء آخر مختلف تماما .. ولكنه قابل للفهم ..
ـ[أبو الحارث العامودي]ــــــــ[07 May 2009, 02:30 م]ـ
الأخ الفاضل عبد الله جلغوم
أرجو عدم الخلط بين أبحاث مركز نون وأبحاث الشيخ بسام وما تأتي به من أمور فيها تكلف، لأن ذلك يسيء إلى فكرة الإعجاز العددي.
أنت تسأل اين التكلف؟ وأنا هنا أجيبك:
لا علاقة للعدد 309 بالعدد 39 الذي إذا قلب أصبح 93 وإذا جمعت أرقامه أصبحت 12 والتي يستنبط منها 21 وإذا جمعت تصبح 3 والتي هي 1+2 وإذا أزيلت علامة الجمع تعود 21 والفرق بين الرقمين هو 1 والذي له علاقة بوحدانية الخالق ... !!! ما هذا يا أستاذ؟!! وإذا لم يكن هذا هو عين التكلّف والتمحّل فما هو التكلف إذن؟!
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[07 May 2009, 04:03 م]ـ
الأخ الفاضل عبد الله جلغوم
أرجو عدم الخلط بين أبحاث مركز نون وأبحاث الشيخ بسام وما تأتي به من أمور فيها تكلف، لأن ذلك يسيء إلى فكرة الإعجاز العددي.
أنت تسأل اين التكلف؟ وأنا هنا أجيبك:
لا علاقة للعدد 309 بالعدد 39 الذي إذا قلب أصبح 93 وإذا جمعت أرقامه أصبحت 12 والتي يستنبط منها 21 وإذا جمعت تصبح 3 والتي هي 1+2 وإذا أزيلت علامة الجمع تعود 21 والفرق بين الرقمين هو 1 والذي له علاقة بوحدانية الخالق ... !!! ما هذا يا أستاذ؟!! وإذا لم يكن هذا هو عين التكلّف والتمحّل فما هو التكلف إذن؟!
أولا: هذا الذي جئت به هو التكلف بعينه ولا علاقة له بالاعجاز العددي، ولا علاقة له بما جاء في مشاركتي. هو في واد ونحن في واد آخر.
كلامي واضح للجميع:
كيف نفسر هذا الترابط بين موقعي الآيتين (21 و 39) بالعددين 309 و 456؟
هل يظهر هذان العددان لو أخذنا غير هاتين الآيتين؟
ظهور العددين دليل على العلاقة بين رقمي الآيتين والعددين 309 و 456 ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ Amara] ــــــــ[07 May 2009, 08:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل أبو الحارث، جوابا على كلامك
الأخ الفاضل عبد الله جلغوم
أنت تسأل اين التكلف؟ وأنا هنا أجيبك:
لا علاقة للعدد 309 بالعدد 39 الذي إذا قلب أصبح 93 وإذا جمعت أرقامه أصبحت 12 والتي يستنبط منها 21 وإذا جمعت تصبح 3 والتي هي 1+2 وإذا أزيلت علامة الجمع تعود 21 والفرق بين الرقمين هو 1 والذي له علاقة بوحدانية الخالق ... !!! ما هذا يا أستاذ؟!! وإذا لم يكن هذا هو عين التكلّف والتمحّل فما هو التكلف إذن؟!
و هذه المرة سأجيبك رياضيا إن كنت تحب الرياضيات، لأني حقيقة لا أرى داع في أن نتكلم في علم دون أن نغوص فيه ..
رياضيا العلاقة واضحة بين العددين، فزيادة على أن مجموع مراتب كلا العددين 309 و 39 هو 12 .. فإنه ثمة من المزايا الرياضية الشيء الذي تدهش له ..
إن قواسم العدد 309 هي 1 و 3 و 103 و 309
و قواسم العدد 39 هي 1 و 3 و 13 و 39
لننظر إلى العددين ال13 و ال103
كلاهما عدد أولي
13 هو بلغة الرياضيات عدد توأم مع العدد 11
و 103 بلغة الرياضيات هو عدد توأم مع العدد 101
العدد 13 هو بلغة الرياضيات عدد مجاور للعدد 17
و تماما العدد 103 هو بلغة الرياضيات عدد مجاور للعدد 107
309 = 103. 3
و 39 = 13. 3
أظن أنك الآن ستعلم أن العلاقة بين العددين قائمة ..
أما قولك
الأخ الفاضل عبد الله جلغوم
أرجو عدم الخلط بين أبحاث مركز نون وأبحاث الشيخ بسام وما تأتي به من أمور فيها تكلف، لأن ذلك يسيء إلى فكرة الإعجاز العددي.!
فلا أرى أن الأخ عبد الله إذا اعتمد شيئا من ابحاث مركز نون سيسيء لذلك بل بالعكس سوف يثريه ..
ربما طريقة الاستاذ عبد الله تبدو صعبة و حقيقة أن بداية ما قرأت سألت نفسي هذا السؤال ..
ماذا يريد من وراء هذا؟
لكن ما إن أتممت قراءة المقال و فهمته .. و الله عجبت لما فيه ..
و صدقا سالت نفسي .. كيف لي لم انتبه غلى ما انتبه إليه الاستاذ؟ ..
و أنا أعلم انها منة خصها الله به .. فلنحمد الله له .. و لنغبطه و لنشجعه و لنصقل ما يكتب .. و نحاول تقديمه بصورة اسهل .. لا ان نبعثر اوراقه و نزرع الشوك أمامه ..
ثم جوابا على كلامك أخي عبد الله
هو في واد ونحن في واد آخر .. !
أقول .. نحن كلنا في واد واحد أخي عبد الله .. واد القرآن ..
و على مائدة واحدة هي مائدة القرآن .. و اخونا ابو الحارث اصاب لما أراد بيان عيوبنا، و نحن أجبناه .. و هو بالحب في الله أراد ذلك .. و هو يعلم أن الخليل من أهدى إلي عيوبي، و نعم المحب هو و نعم الخليل، ولعل أول الحب أننا التقينا على باب الله العظيم .. و على مدارسة كتابه ..
و لعلي أسالك، أن تحدثنا عن العدد 103
و جزاك الله خيرا ..
أنعم الله علي و عليكم
وفقني و وفقكم الله
يغفر الله لي و لكم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عنارة سعد شندول
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[08 May 2009, 03:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل أبو الحارث، جوابا على كلامك
فلا أرى أن الأخ عبد الله إذا اعتمد شيئا من ابحاث مركز نون سيسيء لذلك بل بالعكس سوف يثريه ..
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عنارة سعد شندول
أشكرك اخي الكريم عمارة على كل كلمة حق كتبتها.
فاما بشأن أبحاث نون فانا بحمد الله لا أستند ولا أعتمد لا إلى نون ولا إلى غيرها، ولم يسبق ان اعتمدت على أبحاث غيري. ليس هذا انتقاصا من أبحاث مركز نون، فأنا أكن للشيخ بسام وللأخ بهاء البكري وللأخ ابو عمرو البيراوي كل التقدير والاحترام .. ولكن أنا أفضل أن أعتمد على نفسي وما انا واثق منه. وذكري للعدد 456 كان لتعريف القاريء بما قيل في هذا العدد، أنا بالنسبة لي فلم يخرج العدد 456 عندي عن الإشارة إلى عدد سور القرآن (4 × 114).(/)
بشرى _أول جريدة نقدية في العالم الاسلامي
ـ[صهيب بن هاديء]ــــــــ[07 May 2009, 10:10 م]ـ
بسم الله والحمد لله، اللهم صلي وسلم وزد وبارك علي الحبيب المصطفي المشرف بالشفاعة المخصوص ببقاء شريعته الي قيام الساعة صلاة باقية ما تعاقب الليل والنهار.
تم إصدار أول عدد من الجريدة النقدية بفضل الله تعالي هذا الشهر 5/ 2009
http://www.sheekh-3arb.net/%7Elibrary/jc.jpg
(http://www.sheekh-3arb.net/%7Elibrary/jc.jpg)
والجريدة متعلقة بعلم النقد الكتابي للكتاب المقدس سواء النقد الاعلي الخاص بدراسة:
1_ قانونية السفر: اي اعتباره وحي من عند الله وقبوله من ضمن قائمة أسفار الكتاب المقدس.
2_ كاتب السفر: أي كاتب كل سفر من أسفار العهد القديم أو الجديد.
3_زمان كتابة السفر.
4_ مكان كتابة السفر.
5_لمن كتب السفر.
6 _ الظروف السياسية والادبية والثقافية حال كتابة السفر.
او النقد الادني ((النصي)) الخاص بدراسة لغة السفر الأصلية ومخطوطاته وترجماته ...
وهذه الجريدة تعتبر تكليل لدراسات وتحصيل شاق قام بهالدكتور/ حسام أبو البخاري المعروف علي المنتديات ب (- ANTI ) وهو طبيب بشري ومتخصص في علم النقد الكتابي
والاخ /أيمن التركي المعروف ب (أنا مسلم) وهو علي نفس الدرب ....
الجريدة برعاية دار الشيخ عرب لدراسة الكتب السماوية وهو موقع متخصص في تحليل مخطوطات الكتاب المقدس
موقع الجريدة النقدية
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net
من خلال هذا الموقع يمكن تصفح الجريدة و كذلك تحميل أو الإطلاع علي العدد كامل او محتوى العدد من أبحاث منفرده ...
مكن التواصل مع د. حسام أو الاخ أيمن أو الإدارة عن طريق
قسم اتصل بنا
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/main/mail.htm
محتويات الاصدار الأول:
1_ الجريدة النقدية وعظام ماعز
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/main/about-us.htm
2_ مقدمة تعريفية هامه في علم النقد النصي
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/articles/1.htm
3_ ماذا عن نص الاغلبية
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/articles/4.htm
4_ قصة الكتاب المقدس لكينون
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/articles/8.htm
5_ اختلاف نص الاغلبية عن النص المستلم
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/articles/7.htm
6_ عقلنة الفوضي: عدم الزيادات الغربية نموذج
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/articles/9.htm
7_ رسالة يهوذا في تاريخ النص المقدس المفقود
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/articles/6.htm
8_ لوقا3 - 22 و البنويين
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/articles/2.htm
9_ قانونية أسفار العهد الجديد
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/articles/3.htm
10_ النقد النصي واثره في الوحي والعصمة
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/articles/5.htm
الجريدة شهرية وستضم مقالات حديثة في الاصدارات القادمة للمتخصصين في علم النقد الكتابي ....
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 May 2009, 11:53 ص]ـ
بارك الله فيكم أخي صهيب على هذا الخبر. وبارك الله في القائمين على هذا الموقع الذي تنبع أهميته من كثرة الطعون التي يوجهها هؤلاء المخالفون وغيرهم للقرآن، ويتغافلون عن التحريف الرهيب فيما بين أيديهم من الكتب المقدسة عندهم. ومثل هذه الأبحاث والدراسات الرصينة تكشف حقيقة التحريف في هذه الكتب وتجلي الكثير من الحقائق التي لا يعلمها إلا قليل من الباحثين.
أرجو أن يوفق القائمون على الموقع إلى الإنصاف والتدقيق في كل ما يكتبون حتى تؤتي هذه الأبحاث ثمارها في بيان الحقيقة، وهداية من يريد الله هدايته.
ـ[صهيب بن هاديء]ــــــــ[08 May 2009, 10:26 م]ـ
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي خير خلق الله محمد بن عبد الله ....
جزاكم الله خيراً شيخنا عبدالرحمن الشهري علي جهدك واهتمامك .....
قلت _ نفع الله بكم _: أرجو أن يوفق القائمون على الموقع إلى الإنصاف والتدقيق في كل ما يكتبون حتى تؤتي هذه الأبحاث ثمارها في بيان الحقيقة، وهداية من يريد الله هدايته ...
هذه نصيحة رشد لا تخرج الا من مسلم،.فبخلاف أهل السنه لا تجد من يتحري الدقة والانصاف الا قليل ...
وهذه فرصة لابين منهجنا في تناول الكتاب المقدس من ناحية النقد .. ،
الدارس منا لعلم النقد الكتابي الذي سبق وعرفته تعريفاً سريعاً لا يعتمد الا مراجع مسيحية صرفه نشترط توافرها وعدم ندرتها ولا ننقل أو نقتبس الا من علماء لهم من الشهره والصيت الكثير في هذا المجال كبروس متزجر وبارت ايرمن ...
وننقل ايضاً من المراجع العربية المسيحية التي تنتمي لكل طائفة سواء الكاثوليكية او الارثوذكسية أو الانجيلية نقتنيها من مكتباتهم هم ولا يوجد اقتباس واحد نقبله أو ننقله من مرجع اسلامي بل ندرس مراجعهم وعلومهم كأننا من أهل الطائفة ولو تتبعت كل الابحاث التي عرضت في الجريده والابحاث التالية ان شاء الله ستجد هذا المنهج ظاهر ... بالاضافة الي هذا فمن الاخوة من درس اللغات الاصلية لمخطوطات الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وهي ((العبرية _اليونانية _السريانية _اللاتينية)) ويقوم بالتحليل المباشر للمخطوطات والتعليق عليها كموقع دار شيخ عرب الراعية للجريده ...... والجريده كما ذكرت ليست عمل أولي بل هو ثمرة جهد طويل شاق له رونق خاص يلمسه المتخصص في هذا المجال ومن له حرفه بحثية والنية والوعد ان يتم تفنيد الكتاب المقدس سفراً سفراً اصحاحاً اصحاحاً عدداَ عدداََ من مراجعهم وبأعترافتهم .... نسال الله التوفيق والسداد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[09 May 2009, 12:12 ص]ـ
موقع قيم وفكرة رائدة جداً ... وقد اطلعت على بعض البحوث المنجزة فوجدت علماً جماً، وجهداً ضخماً .. وفقكم الله وأيدكم وأعانكم ...
ـ[صهيب بن هاديء]ــــــــ[12 May 2009, 08:30 م]ـ
هذا رابط من خلاله يمكن تحميل العدد الاول كاملا ((جميع البحوث في هيئة كتاب))
http://www.tcjournal.sheekh-3arb.net/books/may-2009/tcj1.pdf
ـ[مرهف]ــــــــ[16 May 2009, 10:10 م]ـ
ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فكرة رائدة وعمل ضخم يشكرون عليه بارك الله بجهودكم ونفع بكم وكتب لكم التوفيق والقبول(/)
سلسلة محاضرات بعنوان نداءات ربانية بجامع القاضي بحي التعاون
ـ[ريان اللويمي]ــــــــ[08 May 2009, 04:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام الله عليكم ورحمة وبركاته ..
يسر جامع القاضي بحي التعاون بالرياض ..
أن يدعوكم إلى رياض من رياض الجنات ولقاءات مع العلماء وورثة الأنبياء ..
فإليكموها مع تمنياتنا للجميع بالتوفيق والسداد ..
http://www.epd3a.com/vb/uploaded/693_1241691453.jpg
[/INDENT][/INDENT] للاستفسار
0501667115
0555491370
*
[/ QUOTE]
ـ[ريان اللويمي]ــــــــ[24 May 2009, 09:40 م]ـ
السلام عليكم
نذكركم بمحاضرة الغد للشخ عصام العويد بجامع القاضي
" اصبروا وصابروا "
ترقبوا رابط جميع محاضرات سلسلة "نداءات ربانية "
ـ[ريان اللويمي]ــــــــ[25 May 2009, 08:14 م]ـ
غداً الثلاثاء
محاضرة الشيخ مساعد الطيار بعنوان "قصة يونس عليه السلام في القرآن الكريم"
المغرب بجامع القاضي
ـ[ريان اللويمي]ــــــــ[01 Jun 2009, 06:57 ص]ـ
السلام عليكم
نذكركم بأن محاضرة اليوم الأثنين 8/ 6 في جامع القاضي بحي التعاون
ضمن سلسلة نداءات ربانية
لفضيلة الشيخ عبدالرحمن معاضة الشهري
بعنوان "كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله "
الشيخ متميز بإطلالاته القرآنية
لننشر الخبر ونحضر قدر المستطاع وفيه دعم لإخوانكم القائمين على مثل
هذه المحاضرات(/)
إن الصنم لم يكن ينطق أو يسمع أو يبصر. . (وقفات مع سورة إبراهيم) عليه الصلاة والسلام
ـ[شاكر]ــــــــ[08 May 2009, 07:50 م]ـ
(هذا بلاغ للناس , ولينذروا به , وليعلموا أنما هو إله واحد , وليذكر أولو الألباب). إبراهيم:52
إن الغاية الأساسية من ذلك البلاغ وهذا الإنذار ,
هي أن يعلم الناس (أنما هو إله واحد). .
فهذه هي قاعدة دين الله التي يقوم عليها منهجه في الحياة.
وليس المقصود بطبيعة الحال مجرد العلم ,
إنما المقصود هو إقامة حياتهم على قاعدة هذا العلم. .
المقصود هو الدينونة لله وحده , ما دام أنه لا إله غيره.
فالإله هو الذي يستحق أن يكون ربا
- أي حاكما وسيدا ومتصرفا ومشرعا وموجها -
وقيام الحياة البشرية على هذه القاعدة يجعلها تختلف اختلافا جوهريا
عن كل حياة تقوم على قاعدة ربوبية العباد للعباد
- أي حاكمية العباد للعباد ودينونة العباد للعباد -
وهو اختلاف يتناول الاعتقاد والتصور ,
ويتناول الشعائر والمناسك ;
كما يتناول الأخلاق والسلوك , والقيم والموازين ;
وكما يتناول الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية ,
وكل جانب من جوانب الحياة الفردية والجماعية على السواء.
إن الاعتقاد بالألوهية الواحدة قاعدة لمنهج حياة متكامل ;
وليس مجرد عقيدة مستكنة في الضمائر.
وحدود العقيدة أبعد كثيرا من مجرد الاعتقاد الساكن. .
إن حدود العقيدة تتسع وتترامى حتى تتناول كل جانب من جوانب الحياة. .
وقضية الحاكمية بكل فروعها في الإسلام هي قضية عقيدة.
كما أن قضية الأخلاق بجملتها هي قضية عقيدة.
فمن العقيدة ينبثق منهج الحياة الذي يشتمل الأخلاق والقيم ;
كما يشتمل الأوضاع والشرائع سواء بسواء. .
ونحن لا ندرك مرامي هذا القرآن قبل أن ندرك حدود العقيدة في هذا الدين ,
وقبل أن ندرك مدلولات:"شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله"
على هذا المستوى الواسع البعيد الآماد.
وقبل أن نفهم مدلول: العبادة لله وحده ; ونحدده بأنه الدينونة لله وحده ;
لا في لحظات الصلاة , ولكن في كل شأن من شؤون الحياة!
إن عبادة الأصنام التي دعا إبراهيم - عليه السلام - ربه أن يجنبه هو وبنيه إياها ,
لا تتمثل فقط في تلك الصورة الساذجة التي كان يزاولها العرب في جاهليتهم ,
أو التي كانت تزاولها شتى الوثنيات في صور شتى ,
مجسمة في أحجار أو أشجار , أو حيوان أو طير , أو نجم أو نار ,
أو أرواح أو أشباح. . .
إن هذه الصور الساذجة كلها لا تستغرق كل صور الشرك بالله ,
ولا تستغرق كل صور العبادة للأصنام من دون الله.
والوقوف بمدلول الشرك عند هذه الصور الساذجة
يمنعنا من رؤية صور الشرك الأخرى التي لا نهاية لها ;
ويمنعنا من الرؤية الصحيحة لحقيقة ما يعتور البشرية من صور الشرك والجاهلية الجديدة!
ولا بد من التعمق في إدراك طبيعة الشرك وعلاقة الأصنام بها ;
كما أنه لا بد من التعمق في معنى الأصنام ,
وتمثل صورها المتجددة مع الجاهليات المستحدثة!
إن الشرك بالله - المخالف لشهادة أن لا إله إلا الله -
يتمثل في كل وضع وفي كل حالة لا تكون فيها الدينونة
في كل شأن من شؤون الحياة خالصة لله وحده.
ويكفي أن يدين العبد لله في جوانب من حياته ,
بينما هو يدين في جوانب أخرى لغير الله ,
حتى تتحقق صورة الشرك وحقيقته. .
وتقديم الشعائر ليس إلا صورة واحدة من صور الدينونة الكثيرة. .
والأمثلة الحاضرة في حياة البشر اليوم تعطينا المثال الواقعي للشرك في أعماق طبيعته. .
إن العبد الذي يتوجه لله بالاعتقاد في ألوهيته وحده ;
ثم يدين لله في الوضوء والطهارة والصلاة والصوم والحج وسائر الشعائر.
بينما هو في الوقت ذاته يدين في حياته الاقتصادية و السياسية والاجتماعيةلشرائع من عند غير الله.
ويدين في قيمه وموازينه الاجتماعية لتصورات واصطلاحات من صنع غير الله.
ويدين في أخلاقه وتقاليده وعاداته وأزيائه لأرباب من البشر تفرض عليه هذه الأخلاق والتقاليد والعادات والأزياء - مخالفة لشرع الله وأمره -
إن هذا العبد يزاول الشرك في أخص حقيقته ;
ويخالف عن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله في أخص حقيقتها. .
وهذا ما يغفل عنه الناس اليوم فيزاولونه في ترخص وتميع ,
وهم لايحسبونه الشرك الذي كان يزاوله المشركون في كل زمان ومكان!
والأصنام. .
(يُتْبَعُ)
(/)
ليس من الضروري أن تتمثل في تلك الصور الأولية الساذجة. .
فالأصنام ليست سوى شعارات للطاغوت ,
يتخفى وراءها لتعبيد الناس باسمها , وضمان دينونتهم له من خلالها. .
إن الصنم لم يكن ينطق أو يسمع أو يبصر. .
إنما كان السادن أو الكاهن أو الحاكم يقوم من ورائها ;
يتمتم حولها بالتعاويذ والرقي. .
ثم ينطق باسمها بما يريد هو أن ينطق لتعبيد الجماهير وتذليلها!
فإذا رفعت في أي أرض وفي أي وقت شعارات ينطق باسمها الحكام والكهان ,
ويقررون باسمها ما لم يأذن به الله من الشرائع والقوانين والقيم والموازين والتصرفات والأعمال. . .
فهذه هي الأصنام في طبيعتها وحقيقتها ووظيفتها!
إذا رفعت "القومية " شعارا , أو رفع "الوطن" شعارا ,
أو رفع "الشعب" شعارا , أو رفعت "الطبقة " شعارا. . .
ثم أريد الناس على عبادة هذه الشعارات من دون الله ;
وعلى التضحية لها بالنفوس والأموال والأخلاق والأعراض.
بحيث كلما تعارضت شريعة الله وقوانينه وتوجيهاته وتعليماته
مع مطالب تلك الشعارات ومقتضياتها , نحيت شريعة الله وقوانينه وتوجيهاته وتعاليمه ,
ونفذت إرادة تلك الشعارات - أو بالتعبير الصحيح الدقيق: إرادة الطواغيت الواقفة وراء هذه الشعارات -
كانت هذه هي عبادة الأصنام من دون الله. .
فالصنم ليس من الضروري أن يتمثل في حجر أو خشبة ;
ولقد يكون الصنم مذهبا أو شعارا!
إن الإسلام لم يجيء لمجرد تحطيم الأصنام الحجرية والخشبية!
ولم تبذل فيه تلك الجهود الموصولة , من موكب الرسل الموصول ;
ولم تقدم من أجله تلك التضحيات الجسام وتلك العذابات والآلام ,
لمجرد تحطيم الأصنام من الأحجار والأخشاب!
إنما جاء الإسلام
ليقيم مفرق الطريق بين الدينونة لله وحده في كل أمر وفي كل شأن ;
وبين الدينونة لغيره في كل هيئة وفي كل صورة. .
ولا بد من تتبع الهيئات والصور في كل وضع وفي كل وقت لإدراك طبيعة الأنظمة والمناهج القائمة ,
وتقرير ما إذا كانت توحيدا أم شركا؟
دينونة لله وحده أم دينونة لشتى الطواغيت والأرباب والأصنام!
(في ظلال القرآن)
ـ[شاكر]ــــــــ[10 May 2009, 08:42 م]ـ
فأما الحقيقتان اللتان تظللان جو السورة ,
وتتسقان مع ظل إبراهيم: أبي الأنبياء. الشكور الأواه المنيب ,
وهما حقيقة وحدة الرسالة والرسل , ووحدة دعوتهم , ووقفتهم أمة واحدة في مواجهة الجاهلية المكذبة.
وحقيقة نعمة الله على البشر كافة وعلى المختارين منهم بصفة خاصة. . فنفردهما هنا بالحديث.
فأما الحقيقة الأولى فيبرزها السياق في معرض فريد في طريقة الأداء.
لقد أبرزها سياق بعض السور الماضية في صورة توحيد الدعوة التي يجيء بها كل رسول ,
فيقول كلمته لقومه ويمضي , ثم يجيء رسول ورسول.
كلهم يقولون الكلمة ذاتها , ويلقون الرد ذاته ,
ويصيب المكذبين ما يصيبهم في الدنيا ,
وينظر بعضهم ويمهل إلى أجل في الأرض أو إلى أجل في يوم الحساب.
ولكن السياق هناك كان يعرض كل رسول في مشهد , كالشريط المتحرك منذ الرسالات الأولى.
وأقرب مثل لهذا النسق سورة الأعراف وسورة هود.
فأما سورة إبراهيم - أبي الأنبياء –
فتجمع الأنبياء كلهم في صف .. وتجمع الجاهليين كلهم في صف.
وتجري المعركة بينهم في الأرض , ثم لا تنتهي هنا , بل تتابع خطواتها كذلك في يوم الحساب!
ونبصر فنشهد أمة الرسل , وأمة الجاهلية , في صعيد واحد , على تباعد الزمان والمكان.
فالزمان والمكان عرضان زائلان ,
أما الحقيقة الكبرى في هذا الكون - حقيقة الإيمان والكفر - فهي أضخم وأبرز من عرضي الزمان والمكان.
...
فها هنا تتجمع الأجيال من لدن نوح وتتجمع الرسل ; ويتلاشى الزمان والمكان ; وتبرز الحقيقة الكبرى:
حقيقة الرسالة وهي واحدة.
واعتراضات الجاهليين عليها وهي واحدة.
وحقيقة نصر الله للمؤمنين وهي واحدة.
وحقيقة استخلاف الله للصالحين وهي واحدة.
وحقيقة الخيبة والخذلان للمتجبرين وهي واحدة.
وحقيقة العذاب الذي ينتظرهم هناك وهي واحدة. .
وذلك إلى التماثل بين قول الله لمحمد [صلى الله عليه وسلم]:
(كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور).
وحكاية قوله لموسى - عليه السلام -:
(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور).
ولا تنتهي المعركة بين الكفر والإيمان هنا بل يتابع السياق خطواته بها إلى ساحة الآخرة.
فتبرز معالمها في مشاهد القيامة المتنوعة التي تتضمنها السورة.
...
وهي كلها تشير إلى أنها معركة واحدة تبدأ في الدنيا وتنتهي في الآخرة ,
وتكمل إحداهما الأخرى بلا انقطاع ولا انفصال.
وتكمل الأمثال التي تبدأ في الدنيا وتنتهي في الآخرة كذلك إبراز معالم المعركة بين الفريقين ,
ونتائجها الأخيرة: مثل الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة: شجرة النبوة , وشجرة الإيمان , وشجرة الخير.
والكلمة الخبيثة: كالشجرة الخبيثة: شجرة الجاهلية والباطل والتكذيب والشر والطغيان.
وأما الحقيقة الثانية المتعلقة بالنعمة والشكر والبطر فتطبع جو السورة كله , وتتناثر في سياقها.
يعدد الله نعمه على البشر كافة , مؤمنهم وكافرهم , صالحهم وطالحهم , برهم وفاجرهم , طائعهم وعاصيهم.
وإنها لرحمة من الله وسماحة وفضل أن يتيح للكافر والفاجر والعاصي نعمة في هذه الأرض ,
كالمؤمن والبار والطائع: لعلهم يشكرون.
ويعرض هذه النعمة في أضخم مجالي الكون وأبرزها , ويضعها داخل إطار من مشاهد الوجود العظيمة:
(الله الذي خلق السماوات والأرض , وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم ; وسخر لكم الفلك لتجري في البحر بأمره , وسخر لكم الأنهار. وسخر لكم الشمس والقمر دائبين , وسخر لكم الليل والنهار. وآتاكم من كل ما سألتموه , وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها. إن الإنسان لظلوم كفار). .
وفي إرسال الرسل للناس نعمة تعدل تلك أو تربو عليها:
(كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور). .
نفس المصدر السابق بتصرف
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شاكر]ــــــــ[11 May 2009, 09:30 م]ـ
(وقال الذين كفروا لرسلهم: لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا)!
هنا تتجلى حقيقة المعركة وطبيعتها بين الإسلام والجاهلية. .
إن الجاهلية لا ترضى من الإسلام أن يكون له كيان مستقل عنها.
ولا تطيق أن يكون له وجود خارج عن وجودها.
وهي لا تسالم الإسلام حتى لو سالمها.
فالإسلام لا بد أن يبدو في صورة تجمع حركي مستقل بقيادة مستقلة وولاء مستقل , وهذا ما لا تطيقه الجاهلية.
لذلك لا يطلب الذين كفروا من رسلهم مجرد أن يكفوا عن دعوتهم ;
ولكن يطلبون منهم أن يعودوا في ملتهم ,
وأن يندمجوا في تجمعهم الجاهلي ,
وأن يذوبوا في مجتمعهم فلا يبقى لهم كيان مستقل.
وهذا ما تأباه طبيعة هذا الدين لأهله , وما يرفضه الرسل من ثم ويأبونه ,
فما ينبغي لمسلم أن يندمج في التجمع الجاهلي مرة أخرى. .
وعندما تسفر القوة الغاشمة عن وجهها الصلد لا يبقى مجال لدعوة , ولا يبقى مجال لحجة ;
ولا يسلم الله الرسل إلى الجاهلية. .
إن التجمع الجاهلي - بطبيعة تركيبه العضوي - لا يسمح لعنصر مسلم أن يعمل من داخله ,
إلا أن يكون عمل المسلم وجهده وطاقته لحساب التجمع الجاهلي , ولتوطيد جاهليته!
والذين يخيل إليهم أنهم قادرون على العمل لدينهم من خلال التسرب في المجتمع الجاهلي ,
والتميع في تشكيلاته وأجهزته هم ناس لا يدركون الطبيعة العضوية للمجتمع.
هذه الطبيعة التي ترغم كل فرد داخل المجتمع أن يعمل لحساب هذا المجتمع ولحساب منهجه وتصوره. .
لذلك يرفض الرسل الكرام أن يعودوا في ملة قومهم بعد إذ نجاهم الله منها. .
وهنا تتدخل القوة الكبرى فتضرب ضربتها المدمرة القاضية التي لا تقف لها قوة البشر المهازيل ,
وإن كانوا طغاة متجبرين:
(فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين. ولنسكننكم الأرض من بعدهم. ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد).
ولا بد أن ندرك أن تدخل القوة الكبرى للفصل بين الرسل وقومهم إنما يكون دائما بعد مفاصلة الرسل لقومهم. .
بعد أن يرفض المسلمون أن يعودوا إلى ملة قومهم بعد إذ نجاهم الله منها. .
وبعد أن يصروا على تميزهم بدينهم وبتجمعهم الإسلامي الخاص بقيادته الخاصة.
وبعد أن يفاصلوا قومهم على أساس العقيدة فينقسم القوم الواحد إلى أمتين مختلفتين عقيدة ومنهجا وقيادة وتجمعا. .
عندئذ تتدخل القوة الكبرى لتضرب ضربتها الفاصلة , ولتدمر على الطواغيت الذين يتهددون المؤمنين ,
ولتمكن للمؤمنين في الأرض , ولتحقق وعد الله لرسله بالنصر والتمكين. . .
ولا يكون هذا التدخل أبدا والمسلمون متميعون في المجتمع الجاهلي , عاملون من خلال أوضاعه وتشكيلاته ,
غير منفصلين عنه ولا متميزين بتجمع حركي مستقل وقيادة إسلامية مستقلة. .
(فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين). .
نون العظمة ونون التوكيد. . كلتاهما ذات ظل وإيقاع في هذا الموقف الشديد.
لنهلكن المتجبرين المهددين , المشركين الظالمين لأنفسهم وللحق وللرسل وللناس بهذا التهديد. .
(ولنسكننكم الأرض من بعدهم). .
لا محاباة ولا جزافا , إنما هي السنة الجارية العادلة:
(ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد). .
ذلك الإسكان والاستخلاف لمن خاف مقامي , فلم يتطاول ولم يتعال ولم يستكبر ولم يتجبر.
وخاف وعيد , فحسب حسابه , واتقى أسبابه , فلم يفسد في الأرض , ولم يظلم في الناس.
فهو من ثم يستحق الاستخلاف , ويناله باستحقاق.
وهكذا تلتقي القوة الصغيرة الهزيلة - قوة الطغاة الظالمين - بالقوة الجبارة الطامة - قوة الجبار المهيمن المتكبر –
فقد انتهت مهمة الرسل عند البلاغ المبين والمفاصلة التي تميز المؤمنين من المكذبين.
ووقف الطغاة المتجبرون بقوتهم الهزيلة الضئيلة في صف ,
ووقف الرسل الداعون المتواضعون ومعهم قوة الله - سبحانه - في صف.
ودعا كلاهما بالنصر والفتح. .
وكانت العاقبة كما يجب أن تكون:
(واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد. من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد. يتجرعه ولا يكاد يسيغه , ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت , ومن ورائه عذاب غليظ). .
والمشهد هنا عجيب. إنه مشهد الخيبة لكل جبار عنيد. مشهد الخيبة في هذه الأرض.
ولكنه يقف هذا الموقف , ومن ورائه تخايل جهنم وصورته فيها , وهو يسقى من الصديد السائل من الجسوم.
(يُتْبَعُ)
(/)
يسقاه بعنف فيتجرعه غصبا وكرها , ولا يكاد يسيغه , لقذارته ومرارته ,
والتقزز والتكره باديان نكاد نلمحها من خلال الكلمات!
ويأتيه الموت بأسبابه المحيطة به من كل مكان , ولكنه لا يموت , ليستكمل عذابه.
ومن ورائه عذاب غليظ. .
إنه مشهد عجيب , يرسم الجبار الخائب المهزوم ووراءه مصيره يخايل له على هذا النحو المروع الفظيع.
وتشترك كلمة (غليظ) في تفظيع المشهد , تنسيقا له مع القوة الغاشمة التي كانوا يهددون بها دعاة الحق والخير والصلاح واليقين.
ـ[شاكر]ــــــــ[13 May 2009, 10:32 م]ـ
وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (21) وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)
لقد انتقلت الرواية. . رواية الدعوة والدعاة , والمكذبين والطغاة. .
انتقلت من مسرح الدنيا إلى مسرح الآخرة:
(وبرزوا لله جميعا). .
الطغاة المكذبون وأتباعهم من الضعفاء المستذلين. ومعهم الشيطان. .
ثم الذين آمنوا بالرسل وعملوا الصالحات. .
برزوا (جميعا) مكشوفين. وهم مكشوفون لله دائما.
ولكنهم الساعة يعلمون ويحسون أنهم مكشوفون
لا يحجبهم حجاب , ولا يسترهم ساتر , ولا يقيهم واق. .
برزوا وامتلأت الساحة ورفع الستار , وبدأ الحوار:
(فقال الضعفاء للذين استكبروا: إنا كنا لكم تبعا. فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء؟). .
والضعفاء هم الضعفاء.
هم الذين تنازلوا عن أخص خصائص الإنسان الكريم على الله
حين تنازلوا عن حريتهم الشخصية في التفكير والاعتقاد والاتجاه ;
وجعلوا أنفسهم تبعا للمستكبرين والطغاة.
ودانوا لغير الله من عبيده واختاروها على الدينونة لله.
والضعف ليس عذرا , بل هو الجريمة ;
فما يريد الله لأحد أن يكون ضعيفا ,
وهو يدعو الناس كلهم إلى حماه يعتزون به والعزة لله.
وما يريد الله لأحد أن ينزل طائعا عن نصيبه في الحرية - التي هي ميزته ومناط تكريمه - أو أن ينزل كارها.
والقوة المادية - كائنة ما كانت - لا تملك أن تستعبد إنسانا يريد الحرية , ويستمسك بكرامته الآدمية.
فقصارى ما تملكه تلك القوة أن تملك الجسد , تؤذيه وتعذبه وتكبله وتحبسه.
اما الضمير. أما الروح. أما العقل.
فلا يملك أحد حبسها ولا استذلالها , إلا أن يسلمها صاحبها للحبس والإذلال!
من ذا الذي يملك أن يجعل أولئك الضعفاء تبعا للمستكبرين في العقيدة , وفي التفكير , وفي السلوك؟
من ذا الذي يملك أن يجعل أولئك الضعفاء يدينون لغير الله , والله هو خالقهم ورازقهم وكافلهم دون سواه؟
لا أحد. لا أحد إلا أنفسهم الضعيفة.
فهم ضعفاء لا لأنهم أقل قوة مادية من الطغاة , ولا لأنهم أقل جاها أو مالا أو منصبا أو مقاما. . كلا ,
إن هذه كلها أعراض خارجية لا تعد بذاتها ضعفا يلحق صفة الضعف بالضعفاء. .
إنما هم ضعفاء لأن الضعف في أرواحهم وفي قلوبهم وفي نخوتهم وفي اعتزازهم بأخص خصائص الإنسان!
إن المستضعفين كثرة , والطواغيت قلة.
فمن ذا الذي يخضع الكثرة للقلة؟ وماذا الذي يخضعها؟
إنما يخضعها ضعف الروح , وسقوط الهمة , وقلة النخوة ,
والتنازل الداخلي عن الكرامة التي وهبها الله لبني الإنسان!
إن الطغاة لا يملكون أن يستذلوا الجماهير إلا برغبة هذه الجماهير.
فهي دائما قادرة على الوقوف لهم لو أرادت. فالإرادة هي التي تنقص هذه القطعان!
إن الذل لا ينشأ إلا عن قابلية للذل في نفوس الأذلاء. . وهذه القابلية هي وحدها التي يعتمد عليها الطغاة!!
والأذلاء هنا على مسرح الآخرة في ضعفهم وتبعيتهم للذين استكبروا يسألونهم:
(إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء)؟. .
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد اتبعناكم فانتهينا إلى هذا المصير الأليم؟!
أم لعلهم وقد رأوا العذاب يهمون بتأنيب المستكبرين على قيادتهم لهم هذه القيادة , وتعريضهم إياهم للعذاب؟
إن السياق يحكي قولهم وعليه طابع الذلة على كل حال!
ويرد الذين استكبروا على ذلك السؤال:
(قالوا: لو هدانا الله لهديناكم! سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص!). .
وهو رد يبدو فيه البرم والضيق:
(لو هدانا الله لهديناكم). .
فعلام تلوموننا ونحن وإياكم في طريق واحد إلى مصير واحد؟ إننا لم نهتد ونضللكم.
ولو هدانا الله لقدناكم إلى الهدى معنا , كما قدناكم حين ضللنا إلى الضلال!
وهم ينسبون هداهم وضلالهم إلى الله. فيعترفون الساعة بقدرته وكانوا من قبل ينكرونه وينكرونها ,
ويستطيلون على الضعفاء استطالة من لا يحسب حسابا لقدرة القاهر الجبار.
وهم إنما يتهربون من تبعة الضلال والإضلال برجع الأمر لله. .
والله لا يأمر بالضلال كما قال سبحانه: إن الله لا يأمر بالفحشاء. .
ثم هم يؤنبون الضعفاء من طرف خفي , فيعلنونهم بأن لاجدوى من الجزع كما أنه لا فائدة من الصبر.
فقد حق العذاب , ولا راد له من صبر أو جزع ,
وفات الأوان الذي كان الجزع فيه من العذاب يجدي فيرد الضالين إلى الهدى ;
وكان الصبر فيه على الشدة يجدي فتدركهم رحمة الله. لقد انتهى كل شيء , ولم يعد هنالك مفر ولا محيص:
(سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص)!
لقد قضي الأمر , وانتهى الجدل , وسكت الحوار. . وهنا نرى على المسرح عجبا ونرى الشيطان. .
هاتف الغواية , وحادي الغواة. . نراه الساعة يلبس مسوح الكهان , أو مسوح الشيطان!
ويتشيطن على الضعفاء والمستكبرين سواء , بكلام ربما كان أقسى عليهم من العذاب:
(وقال الشيطان - لما قضي الأمر - إن الله وعدكم وعد الحق , ووعدتكم فأخلفتكم. وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي. فلا تلوموني ولوموا أنفسكم. ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي. إني كفرت بما أشركتمون من قبل. إن الظالمين لهم عذاب أليم.)
الله! الله!
أما إن الشيطان حقا لشيطان!
وإن شخصيته لتبدو هنا على أتمها كما بدت شخصية الضعفاء وشخصية المستكبرين في هذا الحوار. .
إنه الشيطان الذي وسوس في الصدور , وأغرى بالعصيان , وزين الكفر , وصدهم عن استماع الدعوة. .
هو هو الذي يقول لهم وهو يطعنهم طعنة أليمة نافذة ,
حيث لا يملكون أن يردوها عليه - وقد قضي الأمر - هو الذي يقول الآن , وبعد فوات الأوان:
(إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم)!
ثم يخزهم وخزة أخرى بتعييرهم بالاستجابة له , وليس له عليهم من سلطان ,
سوى أنهم تخلوا عن شخصياتهم , ونسوا ما بينهم وبين الشيطان من عداء قديم ,
فاستجابوا لدعوته الباطلة وتركوا دعوة الحق من الله:
(وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي)!
ثم يؤنبهم , ويدعوهم لتأنيب أنفسهم. يؤنبهم على أن أطاعوه!:
(فلا تلوموني ولوموا أنفسكم)!
ثم يخلي بهم , وينفض يده منهم , وهو الذي وعدهم من قبل ومناهم ,
ووسوس لهم أن لا غالب لهم ; فأما الساعة فما هو بملبيهم إذا صرخوا , كما أنهم لن ينجدوه إذا صرخ:
(ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي). .
وما بيننا من صلة ولا ولاء!
ثم يبرأ من إشراكهم به ويكفر بهذا الإشراك:
(إني كفرت بما أشركتمون من قبل)!
ثم ينهي خطبته الشيطانية بالقاصمة يصبها على أوليائه:
(إن الظالمين لهم عذاب أليم)!
فيا للشيطان!
ويا لهم من وليهم الذي هتف بهم إلى الغواية فأطاعوه , ودعاهم الرسل إلى الله فكذبوهم وجحدوه!
وقبل أن يسدل الستار نبصر على الضفة الأخرى بتلك الأمة المؤمنة , الأمة الفائزة , الأمة الناجية:
(وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار , خالدين فيها بإذن ربهم , تحيتهم فيها سلام). .(/)
كيف نقرأ القرآن مع علي عزت بيجوفيتش؟
ـ[يسري خضر]ــــــــ[09 May 2009, 01:08 ص]ـ
كم من المسلمين في هذا العالم لا يقرأون القرآن .. ؟ وكم منهم يقرؤه بدون محاولة لفهمه .. ؟ وكم منهم إذا فهم معاني الكلمات يقرأ القرآن ولكن بدون تدبّر حقيقي ولا استيعاب؟ وكم منهم قد يفهم ويعي ما يقرأ ويجتهد في الاستيعاب، ولكنه لا يحرك ساكناً نحو تطبيق القرآن في حياته .. ؟ عن هذه المشكلة المعقّدة يتحدث علي عزت بيجوفيتش من واقع خبرته الشخصية وتأمّلاته في القرآن ...
كانت مشكلة فهم معاني القرآن ومقاصده حاضرة في عقل العالم الشيخ محمد الغزالي وهو يضع كتاب " نحو تفسير موضوعي لسور القرآن الكريم " وكتابه " المحاور الخمسة للقرآن الكريم " و كتابه " نظرات في القرآن " كذلك كانت هذه المشكلة حاضرة في ذهن العالم الشيخ يوسف القرضاوي في كثير من كتبه .. ومنها: كتاب " كيف نتعامل مع القرآن العظيم" و كتاب " تفسير سورة الرعد "، وكتاب " العقل والعلم في القرآن "، وكتاب " المرجعية العليا في الإسلام للقرآن والسنة: ضوابط ومحاذير في الفهم والتفسير ".
لم يكن أيّ من هذه الكتب موجوداً أمام علي عزت بيجوفيتش عندما شرع يكتب عن هذه المشكلة في مايو سنة 1977، ولم تكن قد تم تأليفها ونشرها بعد .. ولكنه أدرك المشكلة وعاناها، وفكر فيها (بالتأكيد قبل هذا التاريخ) .. ولسنا نتوقع أن يأتي بشيء جديد يمكن أن يضاف إلى ما قاله كلّ من الشّيْخين الجليلين .. لكن الجديد فيها (ربما) هو أنه يكتب من واقع تجربته الشخصية .. وتأمّلاته الخاصة في القرآن الكريم .. فهو يعترف بأنه قرأ القرآن مرّات ومرّات .. ولكنه لم يتساءل من قبل: كيف ينبغي عليه أن يقرأ القرآن .. ؟ ولا بد أنه أدرك أن هذه ليست مشكلته وحده بل مشكلة الكثيرين من أمثاله ممن يتعاملون مع القرآن .. ومن ثم رأى أن يكتب ليشرك الآخرين فيما توصّل إليه من أفكار وخواطر حول هذا الموضوع .. وفي ذلك كتب مبتدئاً بتوجيه النظر إلى حقيقة محورية هي من أخصّ خصائص القرآن .. قال:
" يجب أن نضع نصب أعيننا، قبل كل شيء، أن القرآن الكريم كلًٌّ لا يتجزأ. وكل آية فيه إذا أُخذت منفردة أو مُنتزعة من السياق العام لا تقدّم حقاً كاملاً، بل تقدم جزءاً من الحق، فنحن لا يمكن أن نعرف الحق كاملاً إلا إذا أخذنا القرآن كاملاً .. أما سرد بعض الآيات منفردة (وهو أمر لا مفرّ منه في الدرس أو الاستشهاد أو في أي تعامل آخر مع القرآن)، فلا بد أن يُفهم على خلفية فهمنا الكامل لمجمل القرآن، فالأمر هنا شبيه بلوحة الفسيفساء، كل قطعة فيها يتوقف معناها وقيمتها الجمالية على ما تعنيه في انسجامها مع بقية قطع اللوحة الكاملة. أما إذا أخذنا كل قطعة بمفردها فإنها لا تقدم إلا جزءاً أو لا تقدم شيئاً حقيقياً من جمال اللوحة الكاملة ... ".
ومن أجل مزيد من الإيضاح يضرب بيجوفيتش هذه الأمثلة:
آية قرآنية تشرّع للقصاص: {ياَ أيها الذين آمنوا كُتب عليكم القصاص في القتلى} (البقرة 178)، وآية أخرى تدعو إلى العفو والصفح: {وجزاءُ سيئةِ سيئةً مثلها، فمن عفا وأصلح فأجره علي الله، إنه لا يحب الظالمين} (الشورى 40)؛ أو آية تقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرّموا طيّبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} (المائدة 87) , وآية أخرى تقول: {ولا تمدّن عينيك إلى ما متّعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا ... } (طه 131)، إلى غير ذلك من الأمثلة .. يقول بيجوفيتش:
"إن من يقرأ القرآن قراءة عابرة قد يخيل إليه وجود تناقض فيه، بينما الأمر ليس كذلك قطعاً .. فحقيقة الأمر أن المسألة تتعلق بأبدع وأرفع ميزة يمتاز بها القرآن والإسلام بصفة عامة .. وهي التجانس التام بين الأمور التي تبدو متناقضة للناظر إليها لأول وهلة .. إذ يجب أن نلاحظ ونفهم أن القرآن لا يطالبنا هنا بأمر واحد .. بل يطالبنا بأمرين معاً .. فهو لا يريد منا القصاص فقط لأنه يطالبنا أيضا بالعفو .. والعكس بالعكس؛ كما لا يفرض علينا السعي للآخرة وحدها لأنه يريد منا السعي لهذه الدنيا أيضاً، أي لا يطالبنا أبداً بالسعي لحياة دون أخرى. لذلك لا يتحقق كمال الإسلام في المسلمين الذين لا يعرفون غير العقاب (ولو كانوا على الحق) لأنهم لم يعفوا .. كما لا يتحقق كمال الإيمان في
(يُتْبَعُ)
(/)
الذين لا يعلمون غير العفو ولا يجازون عن سيئة بسيئة مثلها .. ويمكن أن نستنتج هنا (ببساطة شديدة) أن المسلم الكامل هو الذي يعرف مقداراً معتدلاً للأمرين معاً .. هو الذي يذهب إلى القصاص ويطلبه في موضعه وهو الذي يسمح بالعفو ويمنحه في موضع استحقاقه ... ".
هذا الأسلوب عند بيجوفيتش هو الأسلوب الأمثل في فهم القرآن وتطبيقه .. وهو أفضل وسيلة يمكن أن نرتقي بها إلى مستوى الفهم الكامل لحقيقة الإسلام وجوهر رسالته .. وفي الزمن الذي نحن فيه اليوم هناك أناس بل مؤسسات إعلامية كبرى ومؤسسات دينية دعويّة وسياسية تجعل كل رسالتها و تكرّس كل جهدها للترويج لفكرة السلام والسماحة والتعاون على البر والتقوى مع الآخرين من غير المسلمين دون اعتبار لموقفهم منا .. وهل هو موقف سلام أو موقف حرب وعدوان .. إلى آخر هذه الدعاوى التي تصوّر الإسلام وكأنه الدين الذي يدعو الإنسان إلى أن يدير خده الأيمن لمن ضربه على خده الأيسر .. فإذا لم يشْفِه ذلك استدار ليسلّمه قفاه الذي اعتاد على الصفع واستمرأه .. ثم يدعو لضاربه بالهداية وطول العمر ... !!
وهناك قلّة من الناس لا يرون في الإسلام إلا العنف والسيف في التعامل مع الأعداء والمخالفين في العقيدة على السواء .. ويزعمون أن آية السيف (كما يسمونها) قد نسخت كل الآيات الأخرى التي تأمر بالبر والقسط للذين لم يقاتلوا ولم يعتدوا ولم يخرجوا المسلمين من ديارهم ... وفي مناخ التشدد والتنطّع من كلا الجانبين تضيع الحقيقة ويلتبس على الناس الأمر فيتساءلون: أين الحقيقة .. ولاشك أن الإسلام يدعو إلى السلام كأساس للتعامل بين البشر .. وهو دين تعاون وسماحة لا ترتقي إليها كل ما في هذا العالم من سماحة مُدّعاة .. هذا كله حق لا لبس فيه ولا جدال .. ولكنه ليس كل الحق ..
لأن الدين الذي يؤكد على هذه القيم الرفيعة يعلم مُوحيه سبحانه وتعالى أن هناك في هذا العالم أشراراً طامعين معتدين ومجرمين عتاة لا يرتدّون عن عدوانهم و لا يرتدعون إلا باستخدام العنف والقوة .. ومن ثمّ شرع القتال للدفاع عن النفس .. وشرع الاستعداد للقتال دائماً حتى يرتدع الطغاة الطامعين فلا يفكرون في العدوان على المسلمين مرة أخرى .. {أُذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظُُلِموا وإِن الله على نصرهم لقدير} (الحج 39) ... والذين يقاومون اليوم العدوان الظالم على أوطانهم في فلسطين والعراق ولبنان وأفغانستان، وغيرها من بلاد العالم المسلم .. يقفون في قلب الإسلام الصحيح ... أما أعداء المقاومة من أنصار (أُسلو) والذين يستجدون الإسرائيليين لمجرد الجلوس معهم على مائدة مفاوضات [للمنظرة] وأخذ الصور وتبادل القبلات ليقال إن هناك عملية سلام مستمرّة بينما القوات الصهيونية تواصل العدوان على الفلسطينيين واغتيال أرضهم بنشر المستوطنات وتهديد القدس العربية وفرض الحصار والتجويع وتمديد الجدار العازل في قلب فلسطين، فموقعهم في الإسلام مشكوك فيه، فليبحثوا لأنفسهم عن موقع آخر ... !!
(2)
ينتقل علي عزت بيجوفيتش إلى النقطة الثانية في تأمّلاته حول الطريقة المُثلى لقراءة القرآن حيث يوصي بالمداومة على التلاوة، مع فواصل زمنية لازمة للتفكير والتأمل فيما تمت قراءته من قبل .. ويرى أن هذا أضمن طريقة لاكتشاف ما يسميه هو (بإشعاع النور القرآني) .. إذ يكتشف القارئ المداوم على التلاوة أن هناك شيئاً جديداً في كل قراءة جديدة .. وهنا ينبّهنا بيجوفيتش إلى حقيقة أن القرآن نفسه لم يتغيّر ولكن شيئاً آخر هو الذي تغير على حدّ قوله: " تغيّرنا نحن .. أو تغيرت الظروف المحيطة بنا .. أو تغير العالم الذي نعيش فيه " فهو يرى أن هذه التغيّرات هي التي مكّنتنا من الغوص في أعماق جديدة كنّا قد غفلنا عنها أثناء قراءاتنا السابقة للقرآن الكريم .. ثم نشعر فجأة بأصداء تتردد في قلوبنا لآيات لم نركز على معانيها فيما سبق .. يقول علي عزت بهذا الصدد: " يمكن لكل واحد منا أن يتأكد بنفسه من هذا المعنى بمداومته على تلاوة القرآن" ثم يضرب أمثلة لتأكيد هذه الفكرة من تجربته الشخصية حيث يقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
"منذ زمن بعيد وأنا ما أزال في مقتبل عمري كنت أتوقف أثناء قراءة القرآن الكريم عند آيات تتحدث عن العمل والجهاد والعدالة. وكنت أسجل هذه الآيات في دفتر صغير (شاءت إرادة الله له أن ينجو من عبث رجال الأمن) وهم يفتشون في كتبي و دفاتري الأخرى ... أذكر جيدا أن آيات وجوب ردّ العدوان والظلم والاستبداد كانت قد ملكت عليّ عقلي. عندما يتحدث القرآن الكريم عن سِمات شخصية المسلم السوية يذكر (من بينها) {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} (الشورى 39). وكنت أنتهز كل فرصة للحديث عن هذه الآية. أما اليوم فتستحوذ علي الآيات التي تتحدث عن الله سبحانه وتعالى وعن زينة هذه الدنيا وسرعة زوالها .. أي الآيات التي تحثّ على التأمل وليس على الحركة .. و أذكر جيداً أن الآية التي تدل على زوال كل شيء ما عدا وجه الله عز وجل قد أثّرت في تفكيري تأثيراً بالغاً لأنه وحده سبحانه هو الحقيقة التي لا تنقضي {كلُّ من عليها فانْ، ويبقى وجهُ ربَّك ذو الجلال والإكرامْ} (الرحمن 26, 27) .. أي أن الله وحده كان قبل النجوم والكون كله وهو باق بعد زوال كل شيء .. فهو الحق وحده والحقيقة الوحيدة الباقية إلى الأبد ... وعندما انتقلت أمي إلى رحمة الله وكان قلبي يعتصر ألماً وحزناً كنت لا أفارق سورة الفجر .. وأقف دائماً عند هذه الآية البديعة {يا أيّتها النفسُ المطمئِنَّة ارْجِعي إلى ربك راضيةً مرضيّة، فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي} (الفجر 27 - 30) وفي كل مرة كانت عينيّ تذرف دمعاً ولكنني لم أجد من السلوى لنفسي خيراً من هذه الآية الكريمة .. وكنت أتساءل من يمكنه أن يقدّم للإنسان كلمة عزاء أبلغ من هذه الكلمات إذا قُدّر له أن يقبّل وجه ولده المتوفى؟
وهكذا يصل بيجوفيتش في مجال تأمّلاته القرآنية وتأثير آيات القرآن على حياته النفسية والعملية إلى حقيقة أن القرآن الكريم كما هو شريعة وتكبيرة جهاد في ظرف ما، هو أيضاً وفي ظروف أخرى سلوان لما لا مفر منه من نوائب الدهر .. والأمر يتوقف على حالتنا الشخصية والعقلية ففي موقفٍ معيّن يجذب القرآن انتباهنا إلى شيء ما .. وفي حالة أخرى أو موقف آخر يجذب انتباهنا إلى حقيقة أخرى ...
فإذا تركنا الجانب الفردي الشخصي من ناحية (زاوية الاهتمام) واتّجهنا إلى ما يتعلق بظروف تاريخية معينة على مستوى المجتمع .. حينئذ سوف تتركز أنظارنا على إبراز بعض الآيات القرآنية المتعلقة بهذا الظرف أو ذاك وفقاً للحالة القائمة .. ففي المجتمع الذي تمزقه التفرقة العنصرية تبرز الأولوية للآيات الدالة على مساواة جميع الناس و على النشأة المشتركة للإنسانية كالآية الأولى في سورة النساء: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منهما رجالا كثيراً ونساءً ... }.
وفي مجتمع تُنتهك فيه الحقوق الدينية .. أو تمزّقه أي نوع من التفرقة لا بد أن تبرز هذه القاعدة الصارمة المكونة من ثلاث كلمات فقط: {لا إكراه في الدين ... } (البقرة 256) .. وفي ذلك يقول علي عزت: " لا نفاضل نحن المسلمين بين الآيات القرآنية .. ولكن غير المسلمين يكادون يجمعون على أن هذه الآية القصيرة عن التسامح الديني هي أرفع وأبدع آية قرآنية، وهكذا يمكننا مواصلة التأمل في هذا الاتجاه ... ".
(3)
إذا كنا في معرض الحديث عن كيفية قراءة القرآن الكريم فإنه لا بد لنا أن نشير إلى ما يُعرف بترتيل القرآن أو الاستماع إلى تلاوة القرآن .. إذ يرى بعض الناس أن مثل هذا الترتيل المنُغّم قليل الفائدة أو غير جائز .. بزعم أن أغلبية المسلمين لا يفهمون ما يتلى عليهم ومن ثم فهم يركزون فقط على نغمات الترتيل وجمال الصوت فقط ..
يقول علي عزت: " أراني هنا ملزماً بالقول بأنني لا أوافق علي هذا الرأي .. ولا يسعني إلا أن أذكر حادثة لا أظنني سأنساها أبداً: فقد أتيحت لي فرصة المشاركة في مؤتمر دولي قبل عدة سنوات كان يناقش موضوع مشكلات وعوائق النهضة الإسلامية، وتم عقد هذا المؤتمر في مدينة كبيرة من مدن أوربا، حيث شارك فيه عدد كبير من العلماء والمفكرين الذين قدّموا بحوثاً وآراء عن تجديد الفكر الديني في العالم الإسلامي .. وكان كل يوم من أعمال المؤتمر يُفتتح ويُختتم بتلاوة من آيات القرآن الكريم .. كان يقوم بها واحد من أشهر قُُرّاء القرآن في العالم ... ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ويمضى علي عزت في وصف الأجواء التي كانت سائدة في المؤتمر فيقول: " كان الحاضرون يستمعون باهتمام إلى كلمات المحاضرين والعلماء، ولكننا كنا نشعر بوجود مئات الحاضرين في القاعة من خلال الهمسات والحركات فهذا يهمس إلى جاره وذاك يحرّك كرسيه وآخر يتصفح أوراقه، وهكذا ... ولكن بعد لحظات من شروع القارئ في تلاوة القرآن تتوقف كل الحركات والأصوات فجأة ويسيطر الهدوء الشامل .. حتى أثناء توقف القارئ للتنفس لم يكن يُسمع في القاعة صوت .. بل خُيّل إليّ أن جميع الحاضرين قد توقفوا عن التنفس أيضاً .. إنه الهدوء الذي يستطيع الناس فيه أن يستمعوا إلى خفقان قلوبهم بشكل منتظم .. كانت كلمات القرآن الكريم تنساب من فم هذا القارئ كنهر متدفّق .. يجرى هادئاً مترقرقاً حيناً ثم لا يلبث أن يتحول إلى شلالات هادرة لتأخذك وتحملك بعيداً .. ولكن قمة الحدث الذي لا يمكن وصفه بالكلمات كانت في اليوم الأخير، عندما اعتزم القارئ الشيخ أن يتحفنا بهدية خاصة قبل الفراق، لذلك اختار تلاوة سورة الرحمن .. هذه السورة بديعة رائعة متميّزة بجمال أسلوبها وتناسقها .. أظنني إلى الآن لا زلت عاجزاً عن وصف الحالة التي كنت فيها وأنا أنصت إلى التلاوة .. لم أكن قبل ذلك الوقت أفهم معنى آيات هذه السورة فهماً كاملاً سوى الآية المتكررة {فبأي آلاء ربكما تكذبان} ولكنني بتأثير قوة التعبير الصوتي وجماله شعرت بأني أفهم آياتها تماماً، أنا وجميع المستمعين ...
بعد الانتهاء من التلاوة في كل يوم من أيام المؤتمر كنت أجد نفسي أقترب شيئاً فشيئاً من الآخرين، وكنت أقرأ هذا الإحساس نفسه في وجوه الحاضرين، كأنهم يريدون أن يقولوا: ألا ترون .. ألسنا جميعاً أخوة في الإسلام .. !؟ " كان علي عزت وهو لا يزال شابّاً في العشرينات من عمره يعترض على الاهتمام المبالغ فيه بتلاوة القرآن بصوت رخيم وبدون فهم لمعانيه .. ويعتبر هذا عائقاً عن الاهتمام الواجب بتطبيق القرآن في حياة الناس ... ولذلك يقول: " بعد هذه الواقعة لن أجرؤ على تقليل أهمية الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم بدون فهم .. لأن قلوب جميع المسلمين تفهم القرآن بشكل أو بآخر من خلال التجويد المنضبط والتلاوة الجميلة المعبّرة عن المعاني .. وسيجد كل إنسان في القرآن من المعاني بقدر ما في عقله وقلبه من رحابة وبقدر إيمانه و قوة تعلّقه بالقرآن العظيم ... ".
(4)
ما لم يذكره بيجوفيتش في هذه المقالة فيما يتعلق بسورة الرحمن بالذات أنه كانت له ذكريات معها في طفولته المبكرة .. ففي مذكراته التي نُشرت له قبل وفاته ببضعة أشهر يتحدّث عن حبه لأمه .. ويصفها بأنها رقيقة عطوف .. وعلى جانب عظيم من التّديّن والتُّقى .. فقد كانت حريصة على قيام الليل وقراءة القرآن حتى يحين موعد صلاة الفجر فتوقظه ليذهبا معاً إلى صلاة الجماعة في المسجد القريب من منزلهم .. يقول: " كنت في ذلك الوقت صبيّاً بين الثانية عشرة والرابعة عشرة من عمري ولم يكن من السهل عليّ مغادرة فراشي الدافئ في ذلك الوقت المبكر، فكنت أقاوم في بادئ الأمر .. ولكني كنت أشعر بعد العودة من المسجد بانتعاش كبير وسعادة غامرة من هذه الخبرة المثيرة .. خصوصاً في فصل الربيع، حيث تكون الشمس قد أشرقت وغمرت المكان بأشعتها الدافئة، ولمّا تزلْ آيات القرآن حلوة نديّة تترقرق في مسامعي، فقد اعتاد الإمام الشيخ قراءة سورة الرحمن كاملة في الركعة الثانية بصوته العذب، وكان هو نفسه شخصية محبوبة من جميع أهل البلدة .. كنت أعود من المسجد دائماً سعيداً منشرح الصدر .. وقد استقر هذا الانطباع في أعماق نفسي قوياً مشرقاً في وسط ضباب كثيف من الخبرات الأليمة التي أحاطت بحياتي عبر السنين ... ".بقلم: محمد يوسف عدس
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 May 2009, 05:51 ص]ـ
.
خواطر إيمانية قيمة أسأل الله أن يفيض على صاحبها خير الثواب، وعلى كاتبها وناقلها كذا المطلع والمعلق عليها.
وصدق الله العظيم:" {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} الحشر21(/)
تنبيه رحمكم الله
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[09 May 2009, 01:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
هذه رسالة وصلتني عبر البريد وأحببت أن أطلعكم عليها لننتبه وننبه غيرنا وقد تأكدت فعلا من برنامج قالون المشار إليه فوجدت نفس الخطأ , وإليكم نص الرسالة:
0000 احذروا مصاحف الانترنت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احذروا مصاحف الانترنت
منقووووول للفائدة
إنتشرت في الفترة الأخيرة الكثير من المصاحف الإلكترونية، و أصبحت هذه البرامج مرجعاً أساسياً لكثير من المسلمين خاصة الدعاة و طلاب العلم و ذلك لسهولة «نسخ و لصق» الآية وكذلك لسهولة «البحث» ...
كلنا نبحث عن الاجر ولكن المصيبة
ان ننشر مواقع وبرامج تحرف كتاب الله على جهل منا
تلك البرامج الصادرة عن جهات غير معروفة و لا تخضع لأي مراجعة أو تدقيق من قبل مؤسسات معتمدة ... و قد تم اكتشاف أخطاء خطيرة فى بعض هذه البرامج ... و يا للأسف تم تداولها و تناقلها في المواقع و البحوث دون تدقيق ...
و كوني أقول «بعض البرامج» فهذا لا يعني أن الباقي سليم ... و لكن هذا يعنى أن هذا ما تم اكتشافه ليكون جرس إنذارٍ لنا. فلندقق و لنتثبت مما نكتب من البرامج التى ننقل عنها فالأمر جلل و ليس بالهين.
أرجو منكم إخواني الكرام تحري الدقة مع هذه البرامج مجهولة المصدر بل و مع المواقع الإسلامية أيضاً، فنحن لا نعرف من وراءها. بل و يجب التيقن من الملفات التى نقوم بتحمليها و يجب أن تكون لشيوخ معروفين ...
اللهم اجعل كيد من يريد النيل من الإسلام فى نحره ... و الله أكبر ...
من هذه البرامج» برنامج قالون «المنتشر كثيراً بين مستخدمي الإنترنت ... فمثلاً: في سورة القلم الآية (38) نص الآية الصحيح (إن لكم فيه لما تخيرون)
و لكنها وردت في (برنامج قالون) و الكثير من البرامج (إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا يَتَخَيَّرُونَ)
كما هو واضح تم إضافة حرف «الياء» لكلمة «تخيرون» ...
و كما ذكرت لكم فإن هذا التحذير يصدق أيضاً على المواقع الأخرى ...
فلو أننا أجرينا إختباراً بأن قمنا بالبحث عبر أي محرك بحث مثل: ( Google) عن (إنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا يَتَخَيَّرُونَ) و هى الآيه التى يوجد بها خطأ .... فستجدون إخوانى الكرام أن النتيجة مذهلة (سلم يا رب) ...
و ليس برنامج قالون هو البرنامج الوحيد الذى تم اكتشاف الأخطاء اللغوية فيه ..
و إنما أيضاً (برنامج الباحث) و هو أحد برامج البحث في القرآن الكريم ...
و للأسف فقد ساهمت فى نشر هذا البرنامج بنفسى ... أستغفر الله العظيم ..
إذ تم اكتشاف خطأ في الآية 190 في سورة البقرة ... و ها هو نص الآية الصحيح: (وَ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَ لاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِين).
و لكنها وردت في برنامج الباحث: (وَ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَ لاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ).
و كما هو واضح ... تم وضع كسرة على الباء بدلاً عن الضمة ...
و هذا ما تم الوقوف عليه و أتوقع أنه مليئ بمثل هذه الأخطاء ...
فضلاً عن ذلك ... فقد ذكر أحد الأخوه جزاه الله عنا خيراً و أكد على أنه وجد خطأ آخر في مصحف إلكتروني آخر و هو تكرار للكلمة الأخيرة من آية ما، مثلاً: (المسلمون المسلمون) لكنه و للأسف لم يتذكر السورة أو الآية أو الكلمة ... و الله المستعان.
كما ترون إخوانى الكرام فإن المشكلة كبيره ... و لا شك أن الله سبحانه و تعالى سيحفظ كتابه من الخطأ و التحريف و لكن لنبحث لنا عن دور لتصحيح هذا الخطأ أو التحريف أو على الأقل فليجتهد كل منا فيما يفعل ... و يدقق فيما ينقل عنه سواء كان برنامجاً أو موقعاً ... و أعيد و أكرر ... إننا لا نعرف من وراء هذه المواقع ... و أنا لا أشكك فى القائمين على المواقع ... فقد يكون ذلك خطأ غير مقصود و لذا يجب علينا نصحهم و إحاطتهم علماً بالأمر و تحذيرهم من هذا الخطأ ...
و لنحرص شخصياً على عدم النقل من أي برنامجٍ أو موقع إلا إذا كان موثوقاً ... و مع ذلك فلندقق و لنراجع صحة ما ننقل ... جزاكم الله كل الخير ...
و إنني ها هنا إذ أدعوكم جميعاً للإجتهاد في هذا الأمر بالبحث و التدقيق و التمحيص في البرامج و المواقع التي تعتبر مرجعاً للقرآن الكريم لكشف أي خطأ سواء أكان بقصد التحريف أو خطأ بشرياً، كما أنني أدعو الإخوة لنشر هذا الموضوع و إشراك المؤسسات و المنظمات و الهيئات المختصة عسى أن يكون القرآن شفيعاً لي و لكم يوم القيامة ....
قول قولي هذا و أسأل الله سبحانه و تعالى العفو و العافية لنا و لكم و أن يحمينا من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ... حياكم الله و جعل الجنة مثوانا و مثواكم .....
و أخيراً و ليس آخراً ... أوصيكم إخوانى الكرام بتقوى الله و بالعمل على نشر هذا الموضوع و كل ما يحبه الله سبحانه و تعالى و رسوله الكريم و إن اقتصر الأمر على نسخ الموضوع و لصقه و إرساله لكل الأصدقاء ...
جزاني الله و إياكم خيراً
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
وتتساءلوا ما الحل أقول وبالله التوفيق أن مصدرنا من الكتاب العزيز هو مصحف خادم الحرمين الشريفين غفرالله له فأي آية قبل نشرها او العودة لها عن طريق الإنترنت أو الجوال أرجو ان تراجعها لدقيقه من المصحف وبهذا تسلم من نشرها محرفه.
فإن كان من توجيه فأتحفونا به بارك الله فيكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 May 2009, 05:38 ص]ـ
وقد وجدت أخطاء في المصحف الرقمي كذلك.
شكر الله لك يا أختتنا وجزاك الله خيرا على النصح لكتاب الله تعالى.
وصدق الله العظيم: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} الحجر9
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[10 May 2009, 07:45 م]ـ
جزاك الله خيرا 000
لعل المشكلة أيضا هي من ذات المستفيد من هذه البرامج حيث أنه من المتحتم عليه أن يتأكد من صحة كتابة الأية قبل نسخها 0(/)
لفتة حول (في ظلال القرآن) ومؤلفه رحمه الله
ـ[حسين الخالدي]ــــــــ[09 May 2009, 06:32 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ,أما بعد:
فلا يخفى على رواد المنتدى الكرام أن سيد قطب رحمه الله كان علامة فارقة في تاريخ الدعوة المعاصر , وأن اسهاماته الدعوية وعلى رأسها كتاب (في ظلال القرآن) كانت ولا تزال محل أخذ ورد ... والحديث عن تاريخ الحملة على سيد والبحث في أسبابها وآثارها له موضع آخر لكن الذي سأتناوله باختصار شديد في هذا المنتدى هو تعبير شائع لدى كثير من الباحثين عندما يصفون سيد وكتبه بأنها أدخل في باب الأدب منها في العلوم الشرعية وبالأخص علم التفسير وأن سيدا كان أديبا وأن كتابه تناول التفسير بأسلوب أدبي .. هكذا وينتهي كل شيء .. وقد كنت إلى فترة قريبة أظن هذا الوصف صادقا على سيد وعلى مؤلفاته حتى أتاح الله لي قراءة ما تيسر من كتبه وعلى رأسها كتابه الكنز (في ظلال القرآن) .. وقد ظهر لي أنه من الظلم لفكر سيد أن يصنف في باب الأدب -بمفهومه الشائع- وأن يحصر نتاجه العلمي بروعة تعبيره وسمو قلمه فلقد وجدت نفسي وأنا أقرأ الظلال أمام عاصفة فكرية تقتلع الباطل من جذوره .. وجدت نفسي أمام وعي عميق وإدراك واسع للفرقان بين الحق و الباطل ورأيت كاتبا تتفجر الثقة بالله وبدينه من حروف قلمه وتنهال ضرباته القوية على الباطل كلما سنتحت له الفرصة .. رأيت شخصا قلما ترى مثله في دفاعه القوي عن دين الله وعزمه الأكيد على هزم الباطل في ملحمة فكرية يعز نظيرها .. ومع عمق فكره ووضوح رؤيته ثمة قوة وجدانية وطاقة شعورية هائلة تتراءى لقاريء الظلال حتى أن القاريء يشعر بشخص حي ماثل بين يديه يخاطبه شفاها وربما هزه بيديه أحيانا .. هذا مع تأملاته الخاصة في كتاب الله تعالى الجديرة بالإحترام والتقدير .. ووراء ذلك خبرته النادرة بالإنسان والتي تظهر جليا في (التحليلات الإنسانية) المودعة في الظلال والملاحظات الإجتماعية التي لا يمل من إبدائها وربطها بتشريعات الله واستنباط أصولها من تعبيرات القرآن الكريم .. أما القصص القرآني فهذا فنه الأصيل وله فيه مؤلف مستقل .. إلى هنا أتساءل أليس من الظلم أن يحصر سيد رحمه الله في لقب (الأديب) بينما هو في واقعه (مفكر عملاق)؟؟ ولو جاز لي التعبير لقلت (فيلسوف الإسلام)
أما ما في الظلال من زلات عقائدية - عفا الله عن سيد - فقد جمعها الشيخ عبدالله الدويش في مؤلف خاص فللشخص أن يعلقها على هامش نسخته من الظلال ثم يحلق مطمئنا في سماء الفكر ليستمد الرؤية الواضحة والإدراك العميق قبل أن يستمتع بالأدب وينعم بروعة القلم.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 May 2009, 11:43 ص]ـ
.. وقد ظهر لي أنه من الظلم لفكر سيد أن يصنف في باب الأدب -بمفهومه الشائع- وأن يحصر نتاجه العلمي بروعة تعبيره وسمو قلمه فلقد وجدت نفسي وأنا أقرأ الظلال أمام عاصفة فكرية تقتلع الباطل من جذوره .. وجدت نفسي أمام وعي عميق وإدراك واسع للفرقان بين الحق و الباطل ورأيت كاتبا تتفجر الثقة بالله وبدينه من حروف قلمه وتنهال ضرباته القوية على الباطل كلما سنتحت له الفرصة .. رأيت شخصا قلما ترى مثله في دفاعه القوي عن دين الله وعزمه الأكيد على هزم الباطل في ملحمة فكرية يعز نظيرها .. ومع عمق فكره ووضوح رؤيته ثمة قوة وجدانية وطاقة شعورية هائلة تتراءى لقاريء الظلال حتى أن القاريء يشعر بشخص حي ماثل بين يديه يخاطبه شفاها وربما هزه بيديه أحيانا .. .
هذا الأثر الذي يبدوا أنه هز كيانك وغير تفكيرك وأحكامك هو الذي أقض مضاجع أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين والذين في قلوبهم مرض ومن الحاسدين أيضا ومن متصيدي الهنات والعثرات والذين يصدق عليهم أنهم كالذباب يترك الشهد ويقع على الجرح.
هذا الأثر الذي وجدته من خلال قراءة الظلال وهو الذي دفع المفسدين في الأرض إلى حظر مؤلفات سيد رحمه الله تعالى، ولكن " الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون".
ـ[كريم البحيرى]ــــــــ[09 May 2009, 11:46 ص]ـ
لكن هل عندما يأتيك شخص عادى يسألك عن هذا التفسير هل تنصحة به
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 May 2009, 12:40 م]ـ
لكن هل عندما يأتيك شخص عادى يسألك عن هذا التفسير هل تنصحة به
من هو الشخص العادي في نظرك أخونا كريم؟
هل ممكن أن توضح أكثر؟
ـ[أبو الحارث العامودي]ــــــــ[09 May 2009, 12:48 م]ـ
أشكر للأخ الخالدي هذه اللفتة اللطيفة، وأنتهزها فرصة لأنبه إلى بعض الأمور:
هذا التفسير تلقاه أكثر العلماء بالقبول وكان الأكثر انتشاراً في القرن العشرين. وقد سبق لي أن قرأت كتاب الشيخ عبد الله الدويش (المورد الزلال) فدهشت من بعض مآخذه على الظلال، وعندما كنت أعرض بعض هذه المآخذ في بعض جلسات العلم كان الأخوة يصدمون ويقولون: هل يعقل أن تكون هذه مآخذ.
كلامي هذا لا يعني أنه لا يوجد مآخذ على ما كتب سيد رحمه الله، لأن هذا بدهي؛ فمن هو هذا العالم ــ عبر التاريخ الإسلامي كله ــ الذي ليس عليه مآخذ؟ بل إن أعظم عالم يأتيك أحياناً بما تضحك منه الأطفال. ولا شك أن الخطأ في الفرعيات الاجتهادية حتمي وقوعه. أما في الأساسيات فمستغرب ومستقبح.
ومن هنا نقول للأخ البحيري إذا لم ننصح بالظلال وغيره من التفاسير فأين نجد تفسيراً ينصح به الناس منزه عن الخلل؟! وفي ظني أن الإنسان المتواضع في ثقافته لا يسهل عليه التعامل مع الظلال. أما المتعلم والمثقف المتواضع في علمه الشرعي فالظلال خير له من كثير من التفاسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[09 May 2009, 06:12 م]ـ
... وهو الذي دفع المفسدين في الأرض إلى حظر مؤلفات سيد رحمه الله تعالى ....
لعلك تعيد صياغة ما كتبته هنا، فإن الشيخ الألباني رحمه الله ليس من المفسدين ولا غيره ممن نصحوا الأمة بترك قراءة كتب سيد رحمه الله، لما فيها من الخطإ العقدي الأصولي لا الفروعي كما ادعي، والأخطاء التي استخرجها الدويش ليست أخطاء هينة يمكن السكوت عنها وتجاوزها والتسامح فيها، بل هي أخطاء عقدية خطيرة.
ولو أن محبي تفسير سيد قطب رحمه الله قاموا بتلخيصه واختصاره، وتنقيته من كل مخالفة شرعية واضحة، مع الاحتفاظ بأسلوبه وحسن بيانه الموافق لتفاسير العلماء لكان ذلك عملا جيدا، ومشروعا دعويا ناجحا، ونصرة لسيد قطب رحمه الله الذي جعله كل تكفيري وخارجي شيخا له وإماما يتبعه،
وذلك كما فعل العلماء الناصحون بكتاب إحياء علوم الدين.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 May 2009, 08:06 م]ـ
لعلك تعيد صياغة ما كتبته هنا، فإن الشيخ الألباني رحمه الله ليس من المفسدين ولا غيره ممن نصحوا الأمة بترك قراءة كتب سيد رحمه الله، لما فيها من الخطإ العقدي الأصولي لا الفروعي كما ادعي، والأخطاء التي استخرجها الدويش ليست أخطاء هينة يمكن السكوت عنها وتجاوزها والتسامح فيها، بل هي أخطاء عقدية خطيرة.
ولو أن محبي تفسير سيد قطب رحمه الله قاموا بتلخيصه واختصاره، وتنقيته من كل مخالفة شرعية واضحة، مع الاحتفاظ بأسلوبه وحسن بيانه الموافق لتفاسير العلماء لكان ذلك عملا جيدا، ومشروعا دعويا ناجحا، ونصرة لسيد قطب رحمه الله الذي جعله كل تكفيري وخارجي شيخا له وإماما يتبعه،
وذلك كما فعل العلماء الناصحون بكتاب إحياء علوم الدين.
أظن أنني أكتب بالعربية فهناك فرق بين من نصح بعدم قراءة الكتاب وبين من منع الكتاب من التداول بل وسجن من وجد عنده نسخة منه.
أما كلام الشيخ الألباني رحمه الله فإليك زبدته:
يكفي أنه رجل مسلم، ورجل كاتب إسلامي- على حسب مفهومه للإسلام كما قلتُ أولاً-، [غير واضح] وأنه قُتل في سبيل دعوته للإسلام، والذين قتلوه هم أعداء الإسلام ..
أما أنه كان منحرفاً في كثير أو قليل عن الإسلام، فأنا في اعتقادي قبل ما تثور هذه الثورة ضده، أنا الذي قوطعت من جماعة الإخوان المسلمين هنا بزعم أنني كفّرت سيد قطب، وأنا الذي دللت بعض الناس على أنه يقول بوحدة الوجود، في بعض كتاباته في نفس التفسير .. لكن في الوقت نفسه أنا لا أُنكر عليه أنه كان مسلماً، وأنه كان غيوراً على الإسلام، وعلى الشباب المسلم، وأنه يريد إقامة الإسلام، ودولة الإسلام، لكن الحقيقة:
أوردها سعد وسعد مشتمل .. ما هكذا يا سعد تورد الإبل
فقال السائل: هل يُحذَّر من كتبه؟ فقال الشيخ الألباني- رحمه الله-: يُحذَّر من كتبه من الذين لا ثقافة إسلامية صحيحة عندهم .. .
فإن كنت من الذين لا ثقافة إسلامية صحيحة عندهم، فلا تقرأ كتب سيد رحمه الله تعالى.
أما التكفيريين والخوارج إذا كانوا جعلوه شيخا لهم فهذا ليس ذنب سيد وإنما ذنب التكفيريين والخوارج.
ثم إذا كان هذا سببا وجيها في نظرك لحظر كتب سيد رحمه الله، فعليك أن تحذر من القرآن لأن الخوارج والتكفيريين يستدلون به في جميع ما ذهبوا إليه.
وإليكم أيها الفضلاء ـ كلام أهل النصف كلام أهل العلم لا كلام الجهال وأذناب أعداء الإسلام ـ كلام سماحة مفتي السعودية:
السائل: أحسن الله إليكم يقول سماحة الشيخ مالفرق بين أحدية الوجود في تفسير الظلال وفكرة وحدة الوجود الضالة؟
المفتي: كيف؟ كيف؟ مالفرق بين؟
السائل: مالفرق بين أحدية الوجود في تفسير الظلال وفكرة وحدة الوجود الضالة؟
المفتي: يا إخواني تفسير سيد قطب في ظلال القرآن هو كتاب ليس تفسير لكنه قال تحت ظلال القرآن يعني كأنه يقول للمسلمين هذا القرآن نظام الأمة تعيش في ظلاله و استقوا من آدابه و انهلوا من معينه الصافي وأقبلوا بقلوبكم على القرآن لتجدوا فيه علاج لمشاكلكم و حل قضاياكم وتفريج همومكم إلى آخره.
(يُتْبَعُ)
(/)
والكتاب له أسلوب عال في السياق أسلوب عال، هذا الأسلوب الذي كتب به السيد كتابه قد يظن بعض الناس بادئ بدء من بعض العبارات أن فيها شركا أو أن فيها قدحا في الأنبياء أو أن وأن .. ، ولو أعاد النظر في العبارة لوجدها أسلوبا أدبيا راقيا عاليا لكن لا يفهم هذا الأسلوب إلا من تمرس في قراءة كتابه، والكتاب [كلمة غير واضحة] لايخلو من ملاحظات كغيره لا يخلو من ملاحظات و لا يخلو من أخطاء لكن في الجملة أن الكاتب كتبه منطلق غيرة وحمية للإسلام، والرجل هو صاحب تربية وعلوم ثقافية عامة وماحصل منه من هذا التفسير يعتبر شيئا كثير [الجملةالسابقة غير واضحة] فيؤخذ منه بعض المقاطع النافعة والمواقف الجيدة والأشياء التي أخطأ فيها يعلى [غير واضحة] عذره قلة العلم وأنه ليس من أهل التفسير لكنه صاحب ثقافة عامة وعباراته أحيانا يفهم منها البعض خطأ لأن أسلوبه فوق أسلوب من يقرأه، فلو أعاد النظر مرارا لم يجد هذه الاحتمالات الموجود وإنما هو أسلوب من الأساليب العالية التي يتقاصر عنه فهم بعض الناس فربما أساء الظن، والمسلم لا ينبغي [كلمة غير واضحة] على وجود المعايب، فليأخذ الحق ممن جاء به، ويعلم أن البشر جميعا محل التقصير والخطأ، [كلمة غير واضحة] والعصمة لكتاب الله و لقول محمد صلى الله عليه وسلم، ماسوى الكتاب والسنة فالخطأ محتمل فيه لاسيما من إنسان عاش في مجتمعات لها مالها وسافر للغرب سنين وإلى آخره، لكن كفانا منه ماوجد في هذا السفر من بعض المقاطع والكلمات النافعة التي لو قرأها الإنسان مرارا لرأى فيها خيرا كثير.
السائل: أحسن الله إليكم هذا يعقب على كلامكم قبل قليل عن تفسير سيد قطب وهل معناه الدعوة إلى قراءته من قبل المبتدئين في طلب العلم؟
المفتي: والله أنا أقول طالب العلم إن قرأ به يستفيد، الطالب بيميز [غير واضح]، طالب العلم إذا قرأ في بعض المواضع حقيقة بعض المواضع فيها كتابا جيدا، [غير واضح] الأخطاء ماأقول مايسلم من الخطأ، لكن ينبغي الإنصاف والاعتدال وأن لا نحمل ألفاظه فوق مايحتمله، مانحمل الألفاظ فوق ماتحتمله، ولانسيئ الظن.
والرجل له جهاد تعلمون أنه استشهد أو قتل شهيدا رحمه الله، وله كتب كان فيها أخطاء فتراجع عنها، لأن القرآن ربما كتابة تفسير القرآن عدلت منهجه السابق، والقرآن لاشك أن من اعتنى به وأكثر من قراءته ينقله من حال إلى حال.
ـ[حسين الخالدي]ــــــــ[10 May 2009, 05:32 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول , أما بعد:
فإن مسار الحديث أخذ ينحرف عن جادته التي رسمتها له في مقالي ... وهذا الإغراق في جانب الحكم على سيد - عقائديا - يبعدنا عن المقصود مع قلة فائدته وعزة الإنصاف فيه من الفريقين محبي سيد وشانئيه إلا من رحم الله .. أما ما ورد من مصطلح التكفيرين في بعض الردود فلعمرو الله إنه لمصطلح فضفاض يدخل فيه المحق والمبطل من غير تمييز .. وقد قرر ابن حزم وغيره أن أكثر نزاع الناس من جهة الإجمال في الألفاظ .. ولشيخ الإسلام كلام نفيس في تبعض الحق بين المتنازعين في أكثر الأحيان تجده في اقتضاء الصراط .. فكم من قول باطل قد تضمن بعض الحق أو دليلا يقتضي بعض الحق فيأتي المنازع فيرد الباطل ويرد معه ما فيه من حق إما غفلة وإما عصبية فيكون هذا مبطلا في الفرع كما كان ذاك مبطلا في الأصل ... ولا أعرف لماذا تستحضر كل خطيئات سيد تفصيلا بل وما تفرع عن فكره من توجهات مختلفة كلما مر ذكره بينما لا يفعل ذلك مع غيره من العلماء فهاهو الطاهر بن عاشور يقع في تفسيره في تأويلات باطلة ومع ذلك لا نجد الحرج نفسه عند الإشادة بتفسيره والرازي من قبله الذي كان أقرب للتجهم وقرر قانون التأويل في أكثر من موضع في تفسيره بل وقرر كل بدع الأشاعرة وأوجب تعلم السحر وشيخ الإسلام أشار لردته ولم يجزم برجوعه عنها ومع ذلك لانجد غضاضة من مدح تفسيره مع الاكتفاء بالإشارة المجملة لضلال معتقده .. وغير هؤلاء كثير .. بل الزمخشري الذي فض بكارة علم البلاغة القرآنية كان معتزليا متصلبا ولم يمنع ذلك كل من جاء بعده من الإفادة منه بل كتابه لعله أكثر الكتب تأثيرا في علم التفسير لمن جاء بعده .. أين ما وقع فيه سيد مما وقع فيه هؤلاء؟ ... أما مسألة وحدة الوجود فنسبتها لسيد من أعظم الظلم والإفتراء فله مواضع يصرح فيها ببطلان وحدة الوجود بالإسم .. وما فهمه بعضهم من كلامه في سورة الإخلاص فمحض تكلف يدركه كل من وقف على كلام سيد ولم يبتره من سياقه ... ولا أريد الإسهاب في الدفاع عن سيد لئلا يفهم مني تبرئة ساحته من كل خطأ بل له عبارات ما كنا نتمنى صدورها منه وكان له موقف من ذي النورين تمنينا لو تاب منه أو رجع عنه قبل فاته والله أعلم بحاله ومآله .. لكن الذي نجزم به وندركه إدراكا واعيا أنه كان طودا شامخا في مقاومة العلمنة - داء العصر - وكان خبيرا بالضلالات العصرية ضليعا في الرد عليها حتى دفع حياته ثمنا لقوله الحق فيها وله في تجلية أهداف الإسلام الدعوية ومراميه الإصلاحية مالم يتفق لغيره .. وإلى هنا أرى لزاما أن أطرح الحديث عن الحكم على سيد وأرجع لما قلت في البدء من أن حصره في لقب الأديب ظلمه وظلم تفسيره .. وكفى .. بارك الله في جميع المشاركين ونفعنا بما كتبوا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 May 2009, 06:34 ص]ـ
.. وإلى هنا أرى لزاما أن أطرح الحديث عن الحكم على سيد وأرجع لما قلت في البدء من أن حصره في لقب الأديب ظلمه وظلم تفسيره .. وكفى .. بارك الله في جميع المشاركين ونفعنا بما كتبوا
الأخ الفاضل حسين الخالدي
أشكرك على طرحك الجميل،وأتفق معك فيما ذكرت، وسبق لي أن كتبت مشاركة في هذه الجزئية ردا على بعض الأخوة حيث قلت:
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيد المرسلين
وبعد
الأخ الفاضل محمد رشيد
كم أحزنتني هذه الفقرة من جوابك على الدكتور عبد الرحمن
إن هذه الفقرة فيها تجني على الظلال وصاحبه، ولا أدري كيف صدرت منك وأنت كما أرى قد وضعت نفسك في جانب المدافعين عن الظلال، بل من المغالين في الدفاع عنه كما أحسبه رأي الدكتور عبدالرحمن في كتابتك.
" لقد كتب سيد الظلال بقلم المفكر الأديب" وهذه العبارة لا غبار عليها ولكن إذا أضيف إليها مثل قول بعضهم "فهو ليس بعالم ولا فقيه"
إن مثل هذه العبارات تعطي انطباعاً سلبيا عن الكتاب وعن كاتبه وبخاصة إذا أضيف إليها بعض الانتقادات المغرضة التي كتبت من أجل التشويه لا من أجل بيان الحق.
وكم كنت أتسأل حين أسمع مثل هذه العبارات ومن أناس أجلاء يشار إليهم بالبنان ويشهد لهم بالفضل فأقول هل قرأ هؤلاء الكتاب وأصدروا هذه الأحكام عن تصور دقيق لمضامين الكتاب؟
ولا زلت أكرر هذا التسأل وأتوجه به إليك وأنت المتخصص كما تقول في الفقه وفي الأصول:
هل هذا الحكم الذي صدرت به عن الظلال مبني على دراسة عميقة حاكمت فيها مضامين الكتاب إلى ما تعلمته من الفقه وأصوله وقواعده؟
أرجو أن أرى منك إجابة شافية.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=15043
ـ[شاكر]ــــــــ[10 May 2009, 09:06 م]ـ
أحسن الله إليك أستاذنا الفاضل حسين الخالدي
علم وأدب وأسلوب راق
فجزاك الله خيرا
تعقيب بسيط على قولك:
وكان له موقف من ذي النورين تمنينا لو تاب منه أو رجع عنه قبل فاته والله أعلم بحاله ومآله ..
فإليك هذا الرابط على ما جاء في الظلال
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=15267
إضافة على فصل "جيل قرآني فريد " في كتابه: معالم في الطريق.
والجدير بالذكر أن الشيخ الألباني رحمه الله نقل منه في مقدمة كتابه (مختصر العلو).
ـ[احب الصالحين]ــــــــ[19 May 2009, 09:45 م]ـ
فضيلة الأخ الشيخ / ربيع بن هادي المدخلي .. الموقر
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد
فأشير إلى رغبتكم قراءة الكتاب المرفق "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره" .. هل من ملاحظات عليه ثم هذه الملاحظات هل تقضي على هذا المشروع فيطوى ولا يروى، أم هي مما يمكن تعديلها فيترشح الكتاب بعد الطبع والنشر ويكون ذخيرة لكم في الأخرى، بصيرة لمن شاء الله من عباده في الدنيا، لهذا أبدي ما يلي ..
1 - نظرت في أول صفحة من فهرس الموضوعات فوجدتها عناوين قد جمعت في سيد قطب رحمه الله، أصول الكفر والإلحاد والزندقة، القول بوحدة الوجود، القول بخلق القرآن، يجوز لغير الله أن يشرع، غلوه في تعظيم صفات الله تعالى، لا يقبل الأحاديث المتواترة، يشكك في أمور العقيدة التي يجب الجزم بها، يكفر المجتمعات .. إلى أخر تلك العناوين التي تقشعر منها جلود المؤمنين .. وأسفت على أحوال علماء المسلمين في الأقطار الذين لم ينبهوا على هذه الموبقات .. وكيف الجمع بين هذا وبين انتشار كتبه في الآفاق انتشار الشمس، وعامتهم يستفيدون منها، حتى أنت في بعض ما كتبت، عند هذا أخذت بالمطابقة بين العنوان والموضوع، فوجدت الخبر يكذبه الخبر، ونهايتها بالجملة عناوين استفزازية تجذب القارئ العادي، إلى الوقيعة في سيد رحمه الله، وإني أكره لي ولكم ولكل مسلم مواطن الإثم والجناح، وإن من الغبن الفاحش إهداء الإنسان حسناته إلى من يعتقد بغضه وعداوته.
2 - نظرت فوجدت هذا الكتاب يفتقد:
أصول البحث العلمي، الحيدة العلمية، منهج النقد، أمانة النقل والعلم، عدم هضم الحق.
أما أدب الحوار وسمو الأسلوب ورصانة العرض فلا تمت إلى الكتاب بهاجس .. وإليك الدليل…
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً: رأيت الاعتماد في النقل من كتب سيد رحمه الله تعالى من طبعات سابقة مثل الظلال والعدالة الاجتماعية مع علمكم كما في حاشية ص 29 وغيرها، أن لها طبعات معدلة لاحقة، والواجب حسب أصول النقد والأمانة العلمية، تسليط النقد إن كان على النص من الطبعة الأخيرة لكل كتاب، لأن ما فيها من تعديل ينسخ ما في سابقتها وهذا غير خاف إن شاء الله تعالى على معلوماتكم الأولية، لكن لعلها غلطة طالب حضر لكم المعلومات ولما يعرف هذا؟؟، وغير خاف لما لهذا من نظائر لدى أهل اعلم، فمثلاً كتاب الروح لابن القيم لما رأى بعضهم فيما رأى قال: لعله في أول حياته وهكذا في مواطن لغيره، وكتاب العدالة الاجتماعية هو أول ما ألفه في الإسلاميات والله المستعان.
ثانيًا: لقد اقشعر جلدي حينما قرأت في فهرس هذا الكتاب قولكم (سيد قطب يجوز لغير الله أن يشرع)، فهرعت إليها قبل كل شيء فرأيت الكلام بمجموعه نقلاً واحدًا لسطور عديدة من كتابه العدالة الاجتماعية) وكلامه لا يفيد هذا العنوان الاستفزازي، ولنفرض أن فيه عبارة موهمة أو مطلقة، فكيف نحولها إلى مؤاخذة مكفرة، تنسف ما بنى عليه سيد رحمه الله حياته ووظف له قلمه من الدعوة إلى توحيد الله تعالى (في الحكم والتشريع) ورفض سن القوانين الوضعية والوقوف في وجوه الفعلة لذلك، إن الله يحب العدل والإنصاف في كل شيء ولا أراك إن شاء الله تعالى إلا في أوبة إلى العدل والإنصاف.
ثالثًا: ومن العناوين الاستفزازية قولكم (قول سيد قطب بوحدة الوجود).
إن سيدًا رحمه الله قال كلامًا متشابهًا حلق فيه بالأسلوب في تفسير سورتي الحديد والإخلاص وقد اعتمد عليه بنسبة القول بوحدة الوجود إليه، وأحسنتم حينما نقلتم قوله في تفسير سورة البقرة من رده الواضح الصريح لفكرة وحدة الوجود، ومنه قوله: ((ومن هنا تنتفي من التفكير الإسلامي الصحيح فكرة وحدة الوجود)) وأزيدكم أن في كتابه (مقومات التصور الإسلامي) ردًا شافيًا على القائلين بوحدة الوجود، لهذا فنحن نقول غفر الله لسيد كلامه المتشابه الذي جنح فيه بأسلوب وسع فيه العبارة .. والمتشابه لا يقاوم النص الصريح القاطع من كلامه، لهذا أرجو المبادرة إلى شطب هذا التكفير الضمني لسيد رحمه الله تعالى وإني مشفق عليكم.
رابعًا: وهنا أقول لجنابكم الكريم بكل وضوح إنك تحت هذه العناوين (مخالفته في تفسير لا إله إلا الله للعلماء وأهل اللغة وعدم وضوح الربوبية والألوهية عند سيد).
أقول أيها المحب الحبيب، لقد نسفت بلا تثبت جميع ما قرره سيد رحمه الله تعالى من معالم التوحيد ومقتضياته، ولوازمه التي تحتل السمة البارزة في حياته الطويلة فجميع ما ذكرته يلغيه كلمة واحدة، وهي أن توحيد الله في الحكم والتشريع من مقتضيات كلمة التوحيد، وسيد رحمه الله تعالى ركز على هذا كثيرًا لما رأى من هذه الجرأة الفاجرة على إلغاء تحكيم شرع الله من القضاء وغيره وحلال القوانين الوضعية بدلاً عنها ولا شك أن هذه جرأة عظيمة ما عاهدتها الأمة الإسلامية في مشوارها الطويل قبل عام (1342هـ).
خامسًا: ومن عناوين الفهرس (قول سيد بخلق القرآن وأن كلام الله عبارة عن الإرادة) .. لما رجعت إلى الصفحات المذكورة لم أجد حرفًا واحدًا يصرح فيه سيد رحمه الله تعالى بهذا اللفظ (القرآن مخلوق) كيف يكون هذا الاستسهال للرمي بهذه المكفرات، إن نهاية ما رأيت له تمدد في الأسلوب كقوله (ولكنهم لا يملكون أن يؤلفوا منها ـ أي الحروف المقطعة ـ مثل هذا الكتاب لأنه من صنع الله لا من صنع الناس) .. وهي عبارة لا شك في خطأها ولكن هل نحكم من خلالها أن سيدًا يقول بهذه المقولة الكفرية (خلق القرآن) اللهم إني لا أستطيع تحمل عهدة ذلك .. لقد ذكرني هذا بقول نحوه للشيخ محمد عبد الخالق عظيمة رحمه الله في مقدمة كتابه دراسات في أسلوب القرآن الكريم والذي طبعته مشكورة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فهل نرمي الجميع بالقول بخلق القرآن اللهم لا، واكتفي بهذا من الناحية الموضوعية وهي المهمة.
ومن جهات أخرى أبدي ما يلي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - مسودة هذا الكتاب تقع في 161 صفحة بقلم اليد، وهي خطوط مختلفة، ولا أعرف منه صفحة واحدة بقلمكم حسب المعتاد، إلا أن يكون اختلف خطكم، أو اختلط علي، أم أنه عُهد بكتب سيد قطب رحمه الله لعدد من الطلاب فاستخرج كل طالب ما بدا له تحت إشرافكم، أو بإملائكم. لهذا فلا أتحقق من نسبته إليكم إلا ما كتبته على طرته أنه من تأليفكم، وهذا عندي كاف في التوثيق بالنسبة لشخصكم الكريم.
2 - مع اختلاف الخطوط إلا أن الكتاب من أوله إلى أخره يجري على وتيرة واحدة وهي: أنه بنفس متوترة وتهيج مستمر، ووثبة تضغط على النص حتى يتولد منه الأخطاء الكبار، وتجعل محل الاحتمال ومشتبه الكلام محل قطع لا يقبل الجدال…وهذا نكث لمنهج النقد: الحيدة العلمية.
3 - من حيث الصيغة إذا كان قارنًا بينه وبين أسلوب سيد رحمه الله، فهو في نزول، سيد قد سَمَا، وإن اعتبرناه من جانبكم الكريم فهو أسلوب "إعدادي" لا يناسب إبرازه من طالب علم حاز على العالمية العالية، لا بد من تكافؤ القدرات في الذوق الأدبي، والقدرة على البلاغة والبيان، وحسن العرض، وإلا فليكسر القلم.
4 - لقد طغى أسلوب التهيج والفزع على المنهج العلمي النقدي…. ولهذا افتقد الرد أدب الحوار.
5 - في الكتاب من أوله إلى آخره تهجم وضيق عطن وتشنج في العبارات فلماذا هذا…؟
6 - هذا الكتاب ينشط الحزبية الجديدة التي أنشئت في نفوس الشبيبة جنوح الفكر بالتحريم تارة، والنقض تارة وأن هذا بدعة وذاك مبتدع، وهذا ضلال وذاك ضال .. ولا بينة كافية للإثبات، وولدت غرور التدين والاستعلاء حتى كأنما الواحد عند فعلته هذه يلقي حملاً عن ظهره قد استراح من عناء حمله، وأنه يأخذ بحجز الأمة عن الهاوية، وأنه في اعتبار الآخرين قد حلق في الورع والغيرة على حرمات الشرع المطهر، وهذا من غير تحقيق هو في الحقيقة هدم، وإن اعتبر بناء عالي الشرفات، فهو إلى التساقط، ثم التبرد في أدراج الرياح العاتية.
هذه سمات ست تمتع بها هذا الكتاب فآل غير ممتع، هذا ما بدا إلي حسب رغبتكم، وأعتذر عن تأخر الجواب، لأنني من قبل ليس لي عناية بقراءة كتب هذا الرجل وإن تداولها الناس، لكن هول ما ذكرتم دفعني إلى قراءات متعددة في عامة كتبه، فوجدت في كتبه خيرًا كثيرًا وإيمانًا مشرفًا وحقًا أبلج، وتشريحًا فاضحًا لمخططات العداء للإسلام، على عثرات في سياقاته واسترسال بعبرات ليته لم يفه بها، وكثير منها ينقضها قوله الحق في مكان أخر والكمال عزيز، والرجل كان أديبًا نقادة، ثم اتجه إلى خدمة الإسلام من خلال القرآن العظيم والسنة المشرفة، والسيرة النبوية العطرة، فكان ما كان من مواقف في قضايا عصره، وأصر على موقفه في سبيل الله تعالى، وكشف عن سالفته، وطلب منه أن يسطر بقلمه كلمات اعتذار وقال كلمته الإيمانية المشهورة، إن أصبعًا أرفعه للشهادة لن أكتب به كلمة تضارها ... أو كلمة نحو ذلك، فالواجب على الجميع … الدعاء له بالمغفرة … والاستفادة من علمه، وبيان ما تحققنا خطأه فيه، وأن خطأه لا يوجب حرماننا من علمه ولا هجر كتبه .. اعتبر رعاك الله حاله بحال أسلاف مضوا أمثال أبي إسماعيل الهروي والجيلاني كيف دافع عنهما شيخ الإسلام ابن تيمية مع ما لديهما من الطوا م لأن الأصل في مسلكهما نصرة الإسلام والسنة، وانظر منازل السائرين للهروي رحمه الله تعالى، ترى عجائب لا يمكن قبولها ومع ذلك فابن القيم رحمه الله يعتذر عنه أشد الاعتذار ولا يجرمه فيها، وذلك في شرحه مدارج السالكين، وقد بسطت في كتاب "تصنيف الناس بين الظن واليقين" ما تيسر لي من قواعد ضابطة في ذلك.
وفي الختام فأني أنصح فضيلة الأخ في الله بالعدول عن طبع هذا الكتاب "أضواء إسلامية" وأنه لا يجوز نشره ولا طبعه لما فيه من التحامل الشديد والتدريب القوي لشباب الأمة على الوقيعة في العلماء، وتشذيبهم، والحط من أقدارهم والانصراف عن فضائلهم ..
واسمح لي بارك الله فيك إن كنت قسوت في العبارة، فإنه بسبب ما رأيته من تحاملكم الشديد وشفقتي عليكم ورغبتكم الملحة بمعرفة ما لدي نحوه… جرى القلم بما تقدم سدد الله خطى الجميع ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم بكر عبدالله أبوزيد
http://www.islamgold.com/view.php?gid=7&rid=94
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[20 May 2009, 04:24 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
لا عطر بع عروس .. وليته يتيسر لي نشر ما كتبه
رئس مجمع الفقه الإسلامي الداعية الكبير فضيلة
العلامة الشيخ د: بكر أبو زيد في هذا المضمار
بعد أن اضطر لقراءة كتب الرجل ..
رحم الله كل من سبقنا من أمة الهادي البشير عليه الصلاة والسلام
إلى رحمته وتغمدهم فسيح جنته ..
ـ[أبو المهند]ــــــــ[20 May 2009, 05:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حوار مشبع بالعلم مزدان بالأدب متوج بالفائدة كل من شارك فيه فارسٌ صدر وكاتب عدل.
حوار أعتبره مرجعا لطلاب العلم وأهل المعرفة في بابه، حيث وضع النقاط على الحروف فنطقت، وقرر الحقائق الحقيقة بالقبول فنفعت ورفعت. فلله دركم جميعا.
وإذا كان لي من فرجة مع توافر دواعي التسديد، أو كلمة مع صدور الكلام المفيد فهي كلمة التلخيص والتطريز فأقول:
كل عمل بشري عرضة للصواب والخطأ، اللهم إلا إذا رفعنا بشرا فوق مرتبة البشر، وبما أن الكمال لله وحده والعصمة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فلا غرابة في أن نجد هنات وأخطاء.
إذ كلٌ يؤخذ منه ويرد إلا صاحب الروضة الشريفة ـ صلى الله عليه وسلم ـ أسأل الله أن يشفعه فينا.
وقد كتب أستاذ البلغاء القاضي الفاضل: عبد الرحيم البيساني إلى العماد الأصفهاني ما مؤداه:
رأيت أنه لا يكتب إنسان كتابه في يومه إلا قال في غده:
لو غُيِّر هذا لكان أحسن
ولو زِيد لكان يستحسن
ولو قُدِّم هذا لكان أفضل
ولو تُرك هذا لكان أجمل
وهذا من أعظم العبر وهو دليل على استيلاء النقص على جلة البشر. [انتهى من أبجد العلوم]
*************
وأبدأ بخلاصة مما تفضل به الإخوة الفضلاء: حسين الخالدي، محب القرآن، كريم البحيري، أبو الحارث العمودي، حكيم منصور، محب الصالحين:
أولا: الشهيد ـ إن شاء الله ـ الأستاذ سيد قطب علامة فارقة في تاريخ الدعوة المعاصر.
ثانيا: إن من الظلم الواقع على فكر الأستاذ سيد قطب تصنيفه في باب الأدب بمفهومه الفني مع تجريده من ثقله الديني الإسلامي الشرعي التفسيري إذ هو مفكر إسلامي استظل بظلال القرآن فأثر فيه، وتأثرنا به.
ثالثا: إثبات خبرة الأستاذ النادرة بالإنسان والتي تظهر جليا في (التحليلات الإنسانية) المودعة في الظلال والملاحظات الإجتماعية التي لا يمل من إبدائها وربطها بتشريعات الله واستنباط أصولها من تعبيرات القرآن الكريم.
رابعا: أقض الأستاذ مضاجع أعداء الإسلام من الكفار والمنافقين والذين في قلوبهم مرض ومن الحاسدين ـ أيضا ـ ومن متصيدي الهنات والعثرات والذين يصدق عليهم أنهم كالذباب يترك الشهد ويقع على الجرح.
خامسا: إفادتنا بما قاله الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ عن الأستاذ سيد قطب من أنه قُتل في سبيل دعوته للإسلام، والذين قتلوه هم أعداء الإسلام.
وأنه كان مسلماً، وأنه كان غيوراً على الإسلام وعلى الشباب المسلم، وأنه يريد إقامة الإسلام ودولة الإسلام، كما أنه حذَّر مَن لا ثقافة إسلامية صحيحة عنده من الاطلاع على ما فتح الله به عليه من مصنفات.
كما أن الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ نقل منه في مقدمة كتابه (مختصر العلو)
سادسا: إن كان من ذنب فإنه يعود على التكفيريين والخوارج إذا كانوا جعلوه شيخا لهم، لأنه بريء من التكفير.
سابعا: أسلوب الأستاذ أسلوب أدبي لا يفهمه إلا من تمرس في قراءة كتبه.كما أن المتعلم والمثقف يجد الظلال خيرا له من كثير من التفاسير التي لا تنتهج نهجه.
ثامنا: الرجل سافر إلى بلاد أمريكا ونصح وحذر ورغّب ورهب من أن يحل فينا ما حل بهم والسعيد من اتعظ بغيره.
تاسعا: كان الأستاذ طودا شامخا في مقاومة العلمنة - داء العصر - وكان خبيرا بالضلالات العصرية ضليعا في الرد عليها.
ردَّ العلامةُ بكر أبو زيد على الشيخ ربيع المدخلي بما مؤداه:
1ـ براءة الأستاذ سيد قطب من الكفر والإلحاد والزندقة، القول بوحدة الوجود، والقول بخلق القرآن.
2ـ اعتقاد أن العبارة الموهمة أو المطلقة، لا يمكن أن نحولها إلى مؤاخذة مكفرة.
3ـ لعل ما نُقل للشيخ ربيع غلطة من طالب حضَّر له المعلومات ولما يعرفها هو أو لم يطلع عليها.
4ـ كلام الأستاذ سيد قطب المتشابه لا يقاوم النص الصريح القاطع من كلامه.
(يُتْبَعُ)
(/)
5ـ أن توحيد الله في الحكم والتشريع من مقتضيات كلمة التوحيد، والأستاذ سيد ـ رحمه الله تعالى ـ ركز على هذا كثيرًا لما رأى من هذه الجرأة الفاجرة على إلغاء تحكيم شرع الله.
6ـ أن مسودة كتاب الشيخ ربيع يقع في 161 صفحة بقلم اليد، وهي خطوط مختلفة، ولم يعرف منها د. بكر صفحة واحدة بقلم الشيخ ربيع حسب المعتاد؟؟!!
7ـ كتاب الشيخ ربيع عن الأستاذ سيد قطب ينشط الحزبية الجديدة التي أنشئت في نفوس الشبيبة.
8ـ يجزم الدكتور بكر بأنه وجد في كتب الأستاذ سيد قطب خيرا كثيرا وإيمانًا مشرفًا وحقًا أبلج، وتشريحًا فاضحًا لمخططات العداء للإسلام.
9ـ ويعتقد الدكتور بأن الأستاذ كان أديبًا نقادة، خدم الإسلام من خلال القرآن العظيم والسنة المشرفة، والسيرة النبوية العطرة، فكان ما كان من مواقف في قضايا عصره، وأصر على موقفه في سبيل الله تعالى.
10ـ يري ـ أيضا ـ الاستفادة من علمه، وبيان ما تحققنا خطأه فيه، وأن خطأه لا يوجب حرماننا من علمه ولا هجر كتبه .. وقياس حال الأستاذ بحال من سبق أمثال أبي إسماعيل الهروي والجيلاني وكيف دافع عنهما شيخ الإسلام ابن تيمية لأن الأصل في مسلكهما نصرة الإسلام والسنة.
ويضيف: انظر منازل السائرين للهروي ـ رحمه الله تعالى ـ ترى عجائب لا يمكن قبولها ومع ذلك فابن القيم ـ رحمه الله ـ يعتذر عنه أشد الاعتذار ولا يجرمه فيها، وذلك في شرحه مدارج السالكين، ويضيف الدكتور بكر ـ رحمه الله ـ: قد بسطت في كتاب "تصنيف الناس بين الظن واليقين" ما تيسر لي من قواعد ضابطة في ذلك.
وختاما قَالَ الْإِمَامُ يَزِيد بن هَارُون رَحِمَهُ اللهُ: «لولا أَن َّالله أراد رفعة شعبة ما ارتفع هكذا "
ختاما: يقول تعالى {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} {يس12} وما حكمنا إلا بالظن أما الحكم الحقيق بالحق المطلق فهو حكم الله وقد أفضى من مات إلى ما قدم فلا علينا إلا أن نرفع أكف الضراعة أن يختم لهم ولنا بخاتمة السعادة والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
ـ[يسري خضر]ــــــــ[25 May 2009, 11:59 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وشكر الله للدكتور عبد الفتاح هذا التلخيص الرائع
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[13 Jun 2009, 08:03 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: الأستاذ الدكتور عبد الفتاح محمد خضر ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فقد اطلعت على العمل التركيبي الذي قمتم به، و اكتشفت من خلاله روح العالم المنصف، و المخلص، و الصادق، و الأمين. و الذي ينزل الناس منازلهم. وهي صفات أمسينا نفتقدها في أغلب الباحثين. حيث أصبح النقد معناه التعرض للمثالب إن وجدت، و إن لم توجد اصطنعت انتصارا للهوى و حبا في الظهور. و العياذ بالله.
وينسى بعضنا أنه واقف بعد حين بين يدي الله تعالى.
كما يتجاهل أن النقد في البحث العلمي هو مناقشة الأفكار و ليس التعرض لأصحاب الأفكار، مع بيان الإيجابيات والعمل على تنميتها، و بيان السلبيات و العمل على تجاوزها. و لا يعني وجود السلبيات أن هذه الأفكار أو الأعمال فاقدة للقيمة، بقدر ما تبين أن الكمال لله تعالى و أن سائر أعمال البشر يعتورها النقص، لتظل مسيرة العلم قائمة، و من ثم نفهم لماذا كان علماؤنا يذيلون أعمالهم ب " الله أعلم "، ليبينوا للعالمين أن المعرفة البشرية نسبية، و أن العلم الحق هو علم الله تعالى.
كما أنني أستغرب لمصلحة من نحن نعمل على النيل من تراثنا. و هو الميراث الذي ورثناه عن علمائنا، أعلام الهدى، و منارات الرشاد. حصن الأمة، و عنوان فرادتها؟! و لمصلحة من نقزم أعلامنا، وهم سبيلنا إلى العلم و المعرفة، التي بها ـ بعد توفيق الله تعالى ـ نحصن الذات، ونحافظ على الهوية؟!.
نسأل الله تعالى العفو و العافية، و نسأله سبحانه أن يوفقنا للحق و يرزقنا العمل به.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[خلوصي]ــــــــ[18 Jun 2009, 06:11 م]ـ
أتعجب - و التعجب من حقي -
ممن يستفتي علوم العلماء في تكوين مواقف السلبية من أحوال " العارفين " المجاهدين ... !؟!
و لا يستفتي أحوال هؤلاء العارفين المجاهدين في نظرته إلى " علوم " العلماء القاعدين!!؟
و الحال ..
و الحال أنه مفتقر إلى التربية بالأحوال أكثر بكثير و كثير و كثير من الاستفادة من دقائق المعلومات .. !
ترى؟
أيرجع ذاك إلى صدق الغيرة على الدين .. ؟
أم يرجع إلى الفراغ الروحي الذي يتسلى بما لا شأن له به إبعادا لنفسه عن تبعات المسؤولية عن العالمين؟!
سامحوني سادتي .. إنما أتكلم عن كثير ممن ينطبق كلامي عليه لا أن كل من تكلم ينطبق الكلام عليه!
و لكن!
على الغيورين من الناقدين أن ينتبهوا إلى الناس الذين يتلقون لا مجرد مادة النقد ... فالفرق التربوي كبير كبير كبير!؟!(/)
دورة علمية في التفسير
ـ[مندوبية العزيزية والعوالي بمكة]ــــــــ[09 May 2009, 11:26 ص]ـ
يسر مركز الدعوة والارشاد بمكة
بالتعاون مع المكتب التعاوني للدعوة والارشاد وتوعية الجاليات بمكة
دعوتكم لحضور لدورة الثانية في التفسير
والتي تنظمها مندوبية الدعوة بالعزيزية والعوالي ضمن سلسلة شرح كتاب
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان
للشيخ العلامة ابن سعدي
بعنوان
"دورة في شرح سورة المؤمنون"
يشرحه فضيلة الشيخ الدكتور/
أحمد بن عبدالله الفريح
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
ابتداءاً من اليوم السبت 14/ 5/1430هـ بعد صلاة المغرب بجامع ابن سعدي بالعوالي
علماً أن الدرس يقام أسبوعياً كل يوم سبت
* ستوزع شهادات للمشاركين في الدورة معتمدة من فضيلة الشيخ
* ستوزع المتون على المشاركين في الدورة
* للأخوات مكان
* للتنسيق والتواصل 0553131107
* لتصلك آخر أخبار ودروس ومحاضرات المندوبية أرسل رسالة من بريدك الالكتروني بعنوان "دروس" إلى البريد الالكتروني
mndobyah.az@gmail.com
الرجاء من الأخوة نشرها عبر المنتديات والبريد الالكتروني ورسائل الجوال حتى تعم الفائدة بإذن الله
==================
مندوبية الدعوة بالعزيزية والعوالي
من يحمل همَّ الإسلام؟؟(/)
مصدرية القرآن والسنة للمعرفة
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 May 2009, 04:13 م]ـ
"من كتاب مصادر المعرفة للدكتور جمال عبد العزيز شريف والبروفسير عبد الله محمد الأمين النعيم"
-أزمة المعرفة الغربية:
أ-الجذور التاريخية للأزمة:
ظلّت الكنيسة الغربية مهيمنة على كل مجالات الحياة في أوربا وكان أسلوبها في التفكير يتجه اتجاهاً معاكساً للحقيقة والواقع، حيث ظلّ موغلاً في تصور ديني مال إلى تأليه المسيح عيسى (عليه السلام) والقول بعقيدة التثليث والحلولية والتجسيد. ومن الثابت تاريخياً أنّ المجمع المسكوني الذي انعقد في مجمع نيقية عام 325م لم يحترم تصور الوحدانية الذي مثله آريوس وهو تصوٌُر سيدنا عيسى والحواريين الأوائل، فأصدر ذلك المجمع دستوراً ملزماً بشأن مسألة التثليث وصار ذلك عقيدة وأهمّ سر من أسرار المسيحية وقد مارست الكنيسة اضطهاداً للأسلوب العلمي في التفكير حيث احتكرت وحدها مجال التفكير وحرّمت كل تفكير يخالف تقاليد البابوية، وشدّدت من قبضتها بتحالفها مع السلطة السَّياسية " النظام الإقطاعي" وصار كلِ منهما يخدم الأخر، فالكنيسة تقدَّم الأبنية الفكرية التي تحتم على الناس أن يصوغوا وفقها سلوكهم وأساليب تفكيرهم والنظام الإقطاعي العسكري يقدَّم التغطية الأمنية اللازمة لتنفيذ قرارات الكنيسة.
ولقد أدرك المفكرون المناهضون للكنيسة أنّه لا بد من مناهضة هذين النظامين – الكنسي والإقطاعي ولقد تدخلت عوامل عديدة لتوجيه الصراع لصالح هؤلاء المفكرين كان من ضمنها دخول العلوم الإسلامية خلال القرنين "11 - 12م" إلى الدُّول الأوربية وقيام طبقة صناعية مناهضة للإقطاعيين. وكان من ضمن تلك العلوم الإسلامية، العلوم التجريبية القائمة على منهج الاستقراء والملاحظة.
ولقد أثّر دخول منهج البحث التجريبي لأوربا على أساليب التفكير اللاهوتي التي كانت غارقة في التفكير النظري والتجريد الغيبي "الميتافزيقي" وكانت هذه المرحلة التاريخية مرحلة تحوُّل حاسمة امتد أثرها إلى كل الدول الأوربية وشكّل نواة الثورة العلمية الغربية ووجّه العقول تجاه المعرفة العلمية الحقة
ومما سبق يتضح لنا أنّ السَّمة المميزة في تاريخ الفكر الغربي القديم - التي ما زالت آثارها باقية حتى الآن - هي وجود صراع بين العلم والديِّن وقد انتهى هذا الصراع بإقصاء الديِّن والتفكير الدَّيني عن مجالات الحياة وحصره داخل جدران المعابد وطرده من مجال النظر العقلي، وعندما حلّ القرن الثامن عشر كان الفكر الغربي قد قطع أعظم الأشواط في التحرُّر من الفكر الدَّيني حتى أُطلق على هذا القرن عصر التنوير.
ولم يكن يقصد بالتنوير سوى إبعاد الديِّن " الوحي" عن التوجيه، وأهمّ ميزة اختص بها عصر التنوير هي الإيمان بقدرة العقل على فهم الكون واستيعابه وإخضاعه لحاجات الإنسان، ونتج عن هذا مبادئ انطلقت منها النهضة الأوربية وانتهت إليها هي
1 - الإيمان العميق بالعالم الطبيعي على أنّه العالم الوحيد الذي يسعد فيه الإنسان ويجد فيه مطالبه ويلبي حاجياته المادية والرُّوحية.
2 - الإيمان العميق بالإنسان على أنه مركز الثقل في العالم والعامل الفعّال في التطور والإبداع.
3 - الإيمان بالعقل وحده على أنَّه الوسيلة الوحيدة التي تضمن السيطرة على العالم وتسخير إمكاناته بالاعتماد على العلم وحده، فالنظرة المادية إلى الكون والإنسان هي سمة الفكر الغربي، وهي السِّمة التي عملت الفلسفة الوضعية على ترسيخها بطريقة علمية للوصول إلى مشروعية التصورات المادية للعالم.
والإنسان الغربي الذي تشبَّع بهذه المنطلقات الفكرية يجب أن يبحث عن كل شيء في محيطه الاجتماعي؛ قيمه وأخلاقه التي يدين بها، وإنّ الإنسان ملتزم ومقيَّد بقواعد أخلاقه؛ ولكن صانع القيد هو وجوده المادي نفسه. وهكذا كانت ملامح العلمانية في القرن الثامن عشر الميلادي واضحة ومتغلبة على الاتجاهات الكنسية وبدأت تبسط سلطانها على المرافق التي تشغلها الكنيسة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والواقع أنّ الفكر في عصر النهضة الأوربية اتسم بنزعة شديدة العداء للسلطة الدِّينية كما اتسم برغبة جامحة في الخلاص بكل السُّبل من الخضوع للقيادة الفكرية والعلمية لتلك السُّلطة الدِّينية.ولهذا فلم يكن هناك مفر من البحث عن مصدر للحقيقة يكون بديلاً للسُّلطة الدِّينية، وكلما كان ذلك المصدر مناوئاً ونقيضاً للمصدر الدِّيني كلما كان ذلك أفضل، ولم يكن هناك من مصدر أفضل من التركيز على الخبرة الإنسانية واستخدام الحواس كأساس للمعرفة العلمية الحقة؛ فاعتماد الحواس يحرِّر الإنسان ويعطيه قيمته؛ والحس يقلِّل إلى أقصى حد من قيمة المصدر الدَّيني، ولقد كان للسير فرانسيس بيكون أثر بارز في توجيه العلم للاقتصار على الخبرة الحسِّية وتأسيس الاتجاه الحسي “ Empiricism” ويقابل هذا الاتجاه العقلاني “ Rationalism” الذي يقلِّل من شأن الحس وكان رينيه ديكارت مؤسساً له
وكان من نتائج هذا الصراع أن نشأت أزمة معرفية ظهرت واضحة للعيان في مناهج العلوم وأثّرت بدورها على مجمل أوجه ومجالات الحياة، ذلك أنّ إقصاء الوحي من توجيه المعرفة أدى لانحصار المعرفة في مجال العالم المشاهد، وطبع المعرفة بطابع الظنية والنسبية وما ذلك إلا لأنّ المعرفة كانت معرفة بشرية قاصرة عن إدراك ما وراء الحواس.
ب- جوهر الأزمة الغربية
ألمحنا فيما سبق لعموميات الأزمة وسوف نتحدث هنا بشيء من التفصيل، فقد كانت المعرفة الغربية في مرحلة سيادة الكنيسة معرفة مستمدة من الوحي رغم ما اعترى الوحي المسيحي من تشوهات
وكان من نتائج الصراع بين الكنيسة والعلماء أن تحولت المعرفة إلى معرفة بشرية محصورة في الواقع المشاهد، فالمحسوس والمشاهد الذي يخضع للاستقراء والتجربة والقياس الكمي وحده هو العلم وما عداه أي كل ما لا يخضع للاستقراء والتجربة والقياس الكمي- يعتبر لا علم وتعتبر قضاياه بلا معنى. وهذه هي الرُّوح العلمية التي بلورها بيكون؛ حيث الاقتصار على ما هو موضوع أمامنا في العالم الواقعي التجريبي والإنصات لشهادة الحواس كمصدر للمعرفة وأن الطبيعة هي مملكة المعرفة ويجب الحيلولة دون أن يتجاوزها العقل، وعلى مدار العصر الحديث تبارى الفلاسفة الإنجليز في تأكيد التجريبية والنظرية الحسية في المعرفة والعزوف عن الغيبيات "الميتافزيقيا".
وهكذا فإنّ الظروف التاريخية والثقافية والاجتماعية التي نشأ في ظلها العلم الأوربي الحديث وتطوّر قد أدت في النهاية إلى صياغة نظرية المعرفة “ Epistemlogy” التقليدية في اتجاهات تنأى بالعلم عن أن يكون له أدنى صلة بالتصورات الدَّينية: اتجاهات تحصر اهتمام العلم في الظواهر التي يمكن مشاهدتها بالحواس والتي تتوقف بالتالي عند دراسة ما هو كائن وواقع دون إعطاء أي مشروعية علمية لتقويم هذا الواقع
مما سبق يمكننا تلخيص جوهر الأزمة المعرفية الغربية في الآتي:
1 - إنّ مفهوم العلم كما بلورته الفلسفة الغربية صار ينظر إليه من زاوية أكثر محدودية حيث صار مفهوم العلم هو " المعرفة المصنفة التي تمّ التوصل إليها باتباع قواعد المنهج العلمي مصاغة في قوانين عامة للظواهر الفردية المتفرقة " وهذا العلم يقوم على الاستقراء الذي يعتمد على الملاحظة ووضع الفروض وإجراء التجارب للتحقق من صحة الفروض، وعلى هذا فقد أصبح العلم – عندهم – يقتصر على دراسة ما يعرف بالواقع المحسوس أو الواقع الامبيريقي أي الظواهر التي يمكن إدراكها بالحواس. أما عن المنهج فإنّه يركِّز بصفة أساسية على الاستقراء، ومعنى هذا أنّ موضوعات الدراسة التي تتصل بقطاعات أخرى من الظواهر تخرج عن نطاق المشاهدة الحسية مهما كانت أهميتها لسعادة الإنسان فإنّها مستبعدة تماماً عند علماء العصر الحديث من نطاق الدراسة العلمية وكأنّ عالم المحسوسات هو وحده الذي له وجود حقيقي
2 - إن اعتماد النموذج التطبيقي – القائم على منهج الاستقراء- في مناهج البحث قد حقّق نجاحاً باهراً في مجال العلوم الطبيعية وذلك بسبب تعامل هذه العلوم مع ظواهر ذات طبيعة بسيطة التكوين؛ حيث تقوم هذه العلوم على استقراء الظواهر الجزئية المحسوسة وصولاً إلى تعميمات تصدق في كل زمان ومكان بعد ثبوت مطابقتها للواقع المحسوس. وقد استبعدت هذه العلوم تماماً القيم الرُّوحية والدينية أي عدم وجود السياج الأخلاقي. وهو ما أدى إلى حدوث آثار هدّامة.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - اعتبر النموذج الطبيعي سلطة مرجعية للعلوم الإنسانية والاجتماعية؛ وذلك لتحقيق أكبر قدر من العلمية؛ على الرغم من أنّ الظواهر الإنسانية والاجتماعية ليست في واقعها وحقيقتها مظاهر حسية فهناك جوانب غير مادية في الإنسان بما في ذلك تفكيره وسلوكه وغاياته التي لا يمكن التعرُّف عليها عن طريق الملاحظة الداخلية أي بفهم المعاني التي تعبِّر عنها هذه التصرفات وهي معاني نابعة من شعور الإنسان وإحساسه الداخلي.
4 - استبعدت العوامل الرُّوحية والقيم من نطاق الدِّراسة؛ وهي قضايا تشكِّل جزءً مهماً من نشاط الإنسان في تفكيره وثقافته وعاداته وتؤثِّر في توجيه سلوكه وتصرفاته. وبالتالي تم استبعاد ما يتولد عن هذا النشاط الإنساني من علوم مرتبطة بقيم الإنسان، وهي العلوم العقدية.
5 - زعمت نظريات العلوم الإنسانية والاجتماعية لنفسها حياداً قيمياً لم تلتزم به في الواقع حيث كرست قيم الثقافة الغالبة وجعلتها المعيار الذي يقاس عليه كل تقييم إنساني، أو اتجهت إلى نسبية قيمية أضاعت كل تقييم، وهذا يؤكِّد وجود تحيز معرفي في تلك العلوم
6 - انتهت المنهجية “ Methedology” الوضعية إلى إنكار وجود إله خارج الشعور الجماعي لأفراد المجتمع أو خارج شعور أفراد الإنسانية جمعاء فضلاً عن الاعتراف بوجود موجودات عالم الغيب بما في ذلك اليوم الآخر.
7 - الأهم من ذلك كله هو عدم الاعتراف بالوحي مصدراً للمعرفة، وهو العامل الأهم في فساد الفلسفة الوضعية، لأنها بإبعادها الوحي حصرت نفسها في الوجود المادي ولم ترَ وجوداً وراء هذا الكون المحسوس، وكان من جراء ذلك انتفاء الإحساس بوجود سلطة عليا يكون الإنسان مسؤولاً لديها عن تصرُّفه. ولما كانت شهوات الإنسان وأمانيه لا حدود لها، وما تحويه البيئة في أي وقت من الأوقات ومكان من الأمكنة محدود بالنسبة إلى ما يتطلبه إشباع تلك الشهوات - فقد صار العلم هو السلاح الذي انتهكت به حرمة البيئة، وكانت التقنية هي سبيل هذا الإنسان الدنيوي لإحداث هذا الانتهاك حتى ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس .. لقد كان سوء استغلال العلوم الحديثة والتقنية التي أنجبتها وإفساد الأرض هو ثمرة طبيعية للفلسفة الوضعية التي لم تر للكون ولا للبيئة حرمة"
الخلاصة:
1 - نتيجة لانحصار الفلسفة الغربية في دراسة الواقع المحسوس أو عالم الشهادة فقد تمركزت حول الذات الإنسانية والطبيعة، وأدى هذا إلى تأليه الإنسان والطبيعة، حيث الإيمان العميق بالعالم الطبيعي على أنه العالم الوحيد الذي يسعد فيه الإنسان ويجد فيه مطالبه ويلبي حاجياته المادية والروحية، وإيمان عميق بالإنسان على أنه مركز الثقل في العالم، والإيمان بالعقل وحده على أنه الوسيلة الوحيدة التي تضمن السَّيطرة على العالم وتسخير إمكاناته بالاعتماد على العلم، والنتيجة هي شيوع العلمانية والإلحاد والفوضوية والشك والعدمية
2 - إنّ النجاحات التي حققها المنهج العلمي الوضعي قد انحصرت في مجال العلوم الطبيعية، غير أنّ هذا المنهج التقليدي قد فشل فشلاً ذريعاً في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية حيث سارت هذه العلوم في طريق مسدود لم تستطع تجاوزه في محاولاتها للتوصل إلى فهم واقعي للنفس الإنسانية، يشهد بذلك ما تعانيه تلك المجتمعات المتقدمة من مآسي إنسانية ومشكلات اجتماعية عميقة يبدو أن لا أمل في حلها من خلال المنظور السائد. وهذا سببه انحياز في النظرة التقليدية الغربية للعلم الذي حصر نفسه في عالم الشهادة وأهمل عالم الغيب بإهماله الوحي ومعارفه.
وقد احتج بعض العلماء الغربيين على مناهج المعرفة المعاصرة وذكروا أنه لا بد من طريقه جديدة للمعرفة، ولا بد من معنى أوسع للعلم؛ إذ أنّ ملحد القرن التاسع عشر الميلادي قد حرق البيت بدلاً من أن يعيد ترميمه حيث رمى بجميع الأسئلة التي طرحها الدَّين وأدار ظهره لكل مقررات الدِّين، لأنّ القائمين عليه قد أتوا بإجابات لا يستطيع قبولها ولكن اليوم وقد أصبح العالم أكثر معرفة واستنارة فقد أصبح واضحاً لديه أنّ موضوعات البحث الدَّينية ومباحث الدَّين والأسئلة التي يطرحها حول النشأة والوجود والمصير قضايا علمية تستحق الاحترام الكامل. وهي قضايا عميقة الجذور في الطبيعة البشرية ويمكن دراستها وتمحيصها بأسلوب علمي رصين، وأنّ الكنيسة كانت تحاول
(يُتْبَعُ)
(/)
الإجابة على أسئلة رفيعة، وهي - وإن أخطأت الإجابة- فإنّ الأسئلة نفسها كانت تستحق القبول والتبرير الكاملين
3 - على الرغم من رفض المنهج العلمي الغربي للمعرفة الدينية والغيبيات وما وراء الطبيعة إلاّ أن الوضعية ظلت غارقة في التأملات الغيبية التي لا تقل خطراً عن خطر الفكر اللاهوتي الذي حاربته، يقول كارل ما نهايم " إنّ الفلسفة الوضعية ألزمت نفسها بأحكام ميتافزيقية وانطلوجية بالرغم من ادعائها بأنها تقف موقفاً معارضاً ضد التحيُّزات والمزاعم الميتافزيقية " حيث أنّها في سعيها لتأكيد نزعتها الواقعية والحسية المفرطة غضّت الطرف عن إدراك حقائق الوجود كما هي. فالوضعية لم تنكر الجانب الوضعي للإنسان ولكنها رفضت الاعتراف بهذا الجانب كحقيقة موجودة مستقلة عن الواقع المادي الذي يمكن ملاحظته. كما أنها لا تنكر القيم الرُّوحية والمعنوية والدينية، ولكنها لا ترى لهذه القيم وجوداً خارج المجتمع الإنساني نفسه، فالعقل الوضعي لا يتصور وجود إله غير الإله الذي يظهر في صورة الإنسانية، وهذه هي النتيجة التي انتهت إليها الوضعية، حيث انتهت إلى معتقدات لا تختلف كثيراً عن المعتقد اللاهوتي بل تتبنى كل خصائصه وأفكاره ومُثله. ولم يشفع للوضعية بعد ذلك تعلُّقها بالعقائدية العلمية في مقابل العقائدية الدينية ما دامت النتيجة التي انتهت إليها واحدة
والآن وقد وضحت لنا معالم الفلسفة الغربية التي تسيَّر الحضارة العالمية اليوم من خلال المدخل المعرفي والذي يتحكم بدوره في كافة مناحي الحياة، فإنّ التساؤل المشروع هو هل هذه الفلسفة جديرة بالاحتذاء خاصة في العالم الإسلامي الذي لا يفتقر إلى العقيدة الموجَّهة له؟، لقد طُبقتِ قيم هذه الفلسفة الوضعية ومقولاتها في العالم الإسلامي فكانت سبباً من أسباب تخلفّه فكيف حدث هذا؟ هذا ما سوف نناقشه في المبحث التالي:
2 - أزمة المعرفة الإسلامية:
أ - المرتكزات المعرفية للتصور الإسلامي:
إنّ التَّصور هو الأساس الذي يقوم عليه البناء في كل عقيدة أو أي مذهب عقدي، وهذا التصور يعكس نظرة العقيدة أو المذهب للوجود كما يعكس النظرة العامة للحياة والإنسان والكون والمصير وتسمى هذه المكونات في الفلسفة بالأسئلة الكلية. أي التساؤلات عن الإله والإنسان والكون وعلاقة كلٍ منها بالآخر وعن المبدأ والمصير. وعند الحديث عن مرتكزات التصور الإسلامي يبرز لنا الآتي
1 - وحدانية الخالق
حيث أنّ وحدانية الله هي محور التصور الإسلامي، والإيمان بالله هو العامل الأهم في توجيه سلوك الإنسان، ووفقاً لهذا التصور فإنّ المسلم يؤمن بالله خالق هذا الوجود ومدبِّره ويعرف اتصافه بالكمال وإطلاق الإرادة والتصرف ? أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ? ويترتب على وحدانية الخالق وحدة الخلق، وأنّ الكون نظام واحد متكامل من صنعة خالق واحد، وأنّ النظام الكوني يتكون من قوانين الطبيعة التي ليست إلاّ سنن الله السارية في خلق الله المادي أو النفسي أو الاجتماعي أو الأخلاقي.
2 - وحدة الحقيقة ووحدة المعرفة
ويترتب على ما سبق أنّ العقل بما أودع الله فيه من قوة مدركة للمعاني والأسباب، "والوحي" الذي أرسل الله به رسله يتكاملان في فهم الغايات والأسباب وعلاقاتهما في هذا الوجود كما فطره الله وسخره ... فالوحي يوجِّه العقل لفهم كليات الكون على حقيقتها التي يعلمها الله ليقوم العقل بدوره في توجيه مدركات الحواس وإضفاء المعنى عليها. وبهذا يقوم في الإسلام نسق المعرفة الواحد لفهم الحقيقة الواحدة التي خلقها الله الواحد. وبهذا يتضح أنّ الوجود قائم على عالمين:
- عالم الغيب وهذا مصدره الوحي ومجال العقل فيه محدود.
- العالم الثاني هو عالم الشهادة وهذا يمكن فهمه عبر العقل. غير أنّ العقل لا بد له من الاستعانة بتوجيهات الوحي، وإلاّ كانت النتيجة هي العلمانية، ذلك أنّ الكون "عالم الشهادة" في التصور الإسلامي مخلوق لله، وخلق من أجل غاية، وقد سخره الله لهذا الإنسان المخلوق المكرم ليعينه على تحقيق العبودية لله، وواجب الإنسان عمارة هذا الكون وعبادة الله. فإذا تعامل العقل مع الكون بعيداً عن هذه الغائية فإنّ النتيجة حتماً هي الإفساد بدلاً عن الإصلاح والإعمار.
وتلخيصاً لمرتكزات التصور الإسلامي نقول الآتي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - التوحيد هو الدُّعامة الأساسية للتصور الإسلامي، وهذا التصور الذي يقوم عليه البناء الإسلامي كله، هو جوهر حضارة الإسلام فلا يمكن الحديث عن التصور الإسلامي بمعزل عن عقيدة التوحيد. فإذا تقرَّرت وحدانية الله فإنّ تأليه الإنسان وتأليه الطبيعة مرفوضان قطعاً في التصور، الإسلامي، ولا يمكن بناء أي نظرية إسلامية أو بناء مجتمع إسلامي وفقاً لعقائد الحلولية؛ إذ أنّ ذلك يعني فشل المشروع الإسلامي كما هو حاصل الآن؛ حيث أنّ فشل مشاريع الأمة وتخلُّفها راجع في الأساس لتبنِّيها النموذج العلماني ومقولاته ومقوماته المستندة إلى عقيدة الحلولية بما فيها من تأليه للإنسان والطبيعة.
2 - الإنسان والكون مخلوقان لله تعالى، والإنسان مطلوب منه عمارة هذا الكون ليعينه على تكاليف العبادة، والكون مسخر لهذا الإنسان، فعلاقة الإنسان بالله تعالى علاقة عبادة، وعلاقة الإنسان بالكون علاقة تسخير. وهذا الكون مصدر معرفة للإنسان؛ لذلك كانت الدَّعوة للتفكُّر والتدبُّر والتفقه والنظر في ملكوت الله باعتبار أن ذلك يمثِّل مدخلاً للإيمان بالله تعالى.
3 - إنّ الإنسان مكَّلف ومسؤول عن أعماله وإنه محاسب على أعماله الدنيوية في اليوم الآخر، وهذا الحساب يقتضيه العدل الإلهي. وعلى هذا فإنّ الوجود ليس محصوراً في عالم الشهادة وحده بل أنّ هناك عالماً آخر هو عالم الغيب، وإنّ عدم الاعتراف بعالم الغيب معناه نفي وجود الخالق. وإذا انتفى وجود الخالق فإنّ البديل هو الفوضوية والعبثية والعدمية كما هو ظاهر للعيان في الفلسفات الغربية التي لم تعترف بوجود إله غير الإنسان أو الطبيعة.
إنّ هذا التصور الإسلامي يعكس تمايزاً بين عالم التنزيه "الألوهية" وعالم الخلق "الكون وموجوداته" وهذا ما لم تنتبه له الفلسفات الغربية حيث لا يوجد هذا التمايز ومن ثمّ فقد حدث الخلل الذي أدى لأزمة الحضارة الغربية. ووجود هذا التمايز وفهم المسلمين الأوائل له هو الذي أدّى إلى سيادة الحضارة الإسلامية لقرون طويلة على العالم شرقيه وغربيه، بل ساهمت في بروز عصر النهضة الأوربية من خلال نزعتها التجريبية، وهي نزعة كرّسها مفهوم عمارة الكون. ولم يبدأ التحلُّل والتآكل في الحضارة الإسلامية إلاّ بعد أن انعدم أو كاد هذا التمايز حيث دخلت العقائد الحلولية وشوّهت عقيدة التوحيد الصافية فكان أن توقفت الحضارة الإسلامية عن العطاء.
ب- الجذور التاريخية للأزمة الفكرية:
إنّ عجز منهج المعرفة الإسلامية كما هو اليوم هو السبب في عجز فكر الأمة عن إصلاح حالها والتصدّي للتحديات التي تواجهها، فجوهر الأزمة هو أزمة في فكر الأمة الإسلامية، وهذه الأزمة تندرج تحتها سائر الأزمات السِّياسية والاقتصادية والاجتماعية
جـ- جوهر الأزمة:
إنّ جوهر الأزمة كما بدت ملامحها سابقاً قد تبلورت في نظام التعليم الإسلامي، وتتلخص في انكفاء جماعة من الأمة على التراث دون تطوير واجتهاد، والتراث - كما أسلفنا- فكر بشري محدود بحدود البيئة المنشئة له، وهذه الجماعة قد أهملت علوم الطبيعية أهمالاً واضحاً الأمر الذي أفضى إلى الإعراض عن عمارة الكون وكانت النتيجة هي هذا التخلف الحضاري الواضح.
أما باقي الأمة فقد رأى في المشروع التغريبي حلولاً لمشاكل الأمة فتبنته بحذافيره على الرغم من أنّ المشروع الغربي كان وليد ظروف تاريخية عايشت صراعاً بين الدين والعلم وهذه الظروف لا تنطبق على الدين الإسلامي ولا العقل المسلم الذي لا يعرف صراعاً بين العقل والدين "الوحي" فلكل منهما مجاله وحدوده وهما يتكاملان لفهم الحقيقة ولا يتناقضان.
إنّ الخلل في كلا المنظومتين السائدتين في العالم الإسلامي: المنظومة المعرفية المنكفئة على الذات والمهملة لعالم الشهادة والمنظومة المعرفية المنفتحة على عالم الشهادة والملغية لعالم الغيب قد أثر تأثيراً واضحاً على العلم في العالم الإسلامي فأوجد نوعين من العلم: علم ديني وعلم دنيوي. وعلى أساس هذا التقسيم توزعت المؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي ما بين المدارس الدينية والمدارس العلمانية
(يُتْبَعُ)
(/)
ومصدر الخلل يرجع في الأساس إلى أنّ الممارسة العملية أدت إلى عدم تكامل المصادر المعرفية في كلا النموذجين؛ إذ من المفترض نظرياً أن يحدث انسجام وتكامل بين المصادر المعرفية في التصور الإسلامي، ذلك أنّ معطيات الدِّين الإسلامي قائمة على العقل، والوحي دائم الحض للناس جميعاً على المشاهدة القائمة على الحواس وعلى التدبر العقلي المتسم بالإخلاص لله سبحانه في البحث عن الحقيقة. ويتجلى تكامل مصادر المعرفة ووسائلها بشكل مثالي في عالم الإسلام في أنّ الوحي يقدِّم للبشر أطراً تصورية يقينية تتصل بكل من:
أ-المعارف المتصلة بعالم الغيب.
ب - كليات عالم الشهادة.
وأنّ العقل المهتدي بالوحي يقوم بالربط بين معطيات الحواس لإضفاء المعنى عليها وبدلاً من الاعتماد على مجرد الخيال والتخمين يعتمد على ما يأتي به الوحي من أطر تصورية عامة
ونتيجة لهذا الخلل فقد كان الفشل والتخلُّف قرين العمل الإسلامي ومشاريع الإصلاح، فالمشروع الغربي في بلاد المسلمين قد فشل، لأنه نتاج ثقافة مغايرة لثقافة المجتمع، فضلاً عن تجاهله لمعادلة الأمة الثقافية والاجتماعية، وتناقضه مع كينونة الأمة، وتكريسه للهيمنة الثقافية، وترسيخه للكبرياء الغربية، وخصوصيته واعتماده على قواعد الصراع كما فشل المشروع التقليدي الذي أشاع فلسفة العزلة والنفور من الدُّنيا رغم أنّ الدنيا مزرعة للآخرة. ولهذا فقد تعالت الصيحات لأجل إصلاح الفكر الإسلامي وتجديده.
د- حلول لأزمة المعرفة الإسلامية:
انتهت النظريات الوضعية في العلوم الاجتماعية إلى نتائج سلبية فيما يتعلق بالأسس المنهجية التي قامت عليها، وكانت هذه الصورة التي انتهت إليها نتيجة طبيعية للبيئة الثقافية التاريخية التي نشأت فيها، وعندما دخلت هذه النظريات الاجتماعية إلى عالمنا الإسلامي نقلت معها أزمتها المعرفية القائمة على الصراع بين العلم والدين فجاءت الدراسات الاجتماعية والإنسانية في العالم الإسلامي لتعكس مثيلاتها في العالم الغربي. وعلى غرار التجربة الغربية التي قامت بالدعوة إلى معارضة الدين قامت محاولات مماثلة في العالم الإسلامي لتعكس هذه الخصومة وهدفت إلى جعل دين المنهجية الإسلام مجرد تراث ثقافي يدخل ضمن الإرث التاريخي للأمة وليس واقعاً حيّاً وفكراً حاضراً
ولهذا فإنّ هناك اتفاقاً يشبه الإجماع بين المهتمين بإصلاح العلوم وإعادة صياغتها وفق التصور الإسلامي الصحيح على ثلاثة أمور هي
1 - إنّ مناهج العلوم الاجتماعية الحديثة ونظرياتها والمسلمات الأساسية التي تقوم عليها تلك العلوم في صورتها الراهنة تتضمن كثيراً مما يتعارض ويتناقض مع التصور الإسلامي الصحيح للإنسان والمجتمع والوجود.
2 - أنّه قد ترتب على هذا القصور والاختلال المعرفي عجز تلك العلوم أو على الأقل قصورها حتى الآن عن التوصل إلى تفسيرات مرضية للسلوك الفردي أو للظواهر الاجتماعية لا في المجتمعات الإسلامية وحدها وإنما في غيرها من المجتمعات كذلك.
3 - أنّ هناك حاجة ماسة إلى إعادة النظر في تلك المناهج والنظريات والمسلمات بطريقة جذرية في ضوء التصور الإسلامي.
إنّ معالجة الإشكالية المنهجية للعلوم لا تتم إلاّ وفق التصور الإسلامي الصحيح حيث إنّ هذا التصور ينبثق من مصدر إلهي "الوحي" وهو يضع حلولاً لهذه الأزمة تتمثل في النقاط التالية:
1 - إنّ الظواهر الإنسانية ليست في واقعها وحقيقتها مظاهر حسية، وغياب هذا الإدراك الواعي جعل المنهجية الوضعية تقدَّس الطريقة التجريبية كأسلوب وحيد للمعرفة؛ والمذهبية الإسلامية تقرَّر أنّ الحقيقة العلمية ليست حكراً على التجربة وأنّ الوجود الواقعي ليس حكراً على الوجود المادي، وأنّ التزام الأسلوب العلمي في دراسة الظواهر الاجتماعية لا يتحول بالضرورة إلى الاعتقاد في التجريب كطريق وحيد مشروع ورفض ما عداه من الطرق، ومعنى هذا أنه ليس من الضروري أن نتحدث عن شكل واحد من أشكال العلمية، فالنموذج الطبيعي في العلوم الفيزيائية لا ينفي وجود أنواع أخرى من العلوم تتعلق بمواضيع ذات طبيعة مغايرة للطبيعة المادية، كما أنّ تأكيد العلم الطبيعي على الجوانب المادية في الحياة لا ينفي بالضرورة وجود جوانب غير مادية فيها
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - إنّ الوجود لا ينحصر في هذا العالم المشاهد وحده الذي تستطيع الحواس إدراكه، وإنما هناك وجود لعالم غيبي تخرج معرفته عن نطاق الحواس. ولمعرفة ذلك العالم لا بد من اعتماد الوحي الإلهي مصدراً معرفياً؛ إذ أنّ المعلومات التي يمدنا بها الوحي معلومات يقينية وقطعية، والمصادر الأخرى مهما كانت فائدتها فهي ليست مصادر يقينية ولا يمكن أن تقدَّم لنا إجابات واضحة ودقيقة للتساؤلات المطروحة. كما أنّ الوحي يستوعب في تفصيلاته حقيقة الإنسان في أصله وخلقه وتكوينه وحركته على الأرض ومصيره المستقبلي.
3 - إن الوحي المطلوب إضافته مصدراً معرفياً هو الوحي الإسلامي المرتكز إلى عقيدة التوحيد وذلك حتى تتمايز الفواصل بين عالم التنزيه "الإلهي" وعالم الخلق، فتتمايز تبعاً لذلك الحدود بين المعرفة الإلهية والمعرفة الإنسانية النسبية. ومن المعلوم أنّ الوحي في المسيحية قد لحقت به التشوهات فتعدّدت فيه الآلهة وصارت المعرفة البشرية وحياً مقدساً كما ذكرنا سابقاً.
4 - إنه لا بد من التكامل بين المصادر المعرفية ووسائلها، وبين عالمى الغيب والشهادة. وإنّ وجود أي تعارض أو تناقض لا بد أن يكون عجزاً في الأداة سواء كان ذلك في أدوات فهم معارف الوحي أو الاستنباط منها، أو في أدوات تحصيل معارف الكون والطبيعة والإنسان. فمعارف الوحي تتكامل مع معارف الكون والطبيعة والإنسان
هـ - نموذج لمحاولات الإصلاح المعرفي:
لقد اتضح لنا من خلال عرضنا السابق أنّ جوهر الإشكالية في النموذجين العلماني والإسلامي ينبع من المنهجية في المقام الأول، حيث أن التقدُّم في أي جانب هو رهين بتحقيق التقدَُم في مسألة المنهج ومن هنا ظهرت دعوى إسلامية المعرفة وإسلام العلوم باعتبارها قضية منهجية تقوم على اكتشاف العلاقة المنهجية بين الوحي والكون، وهي علاقة تداخل وتكامل تكشف عن استيعاب منهجية القرآن الكريم للكون وسننه وقوانين حركته، وتتلخص محاور إسلامية المعرفة في
1 - بناء النظام المعرفي الإسلامي:
ويتم ذلك بإعادة كشف وبناء النظام التوحيدي من حيث تفعيل العقيدة للإجابة على التساؤلات النهائية – وهي تلك التساؤلات المتعلقة بالإله والإنسان والكون والحياة والنشأة والمصير – وكشف النماذج المعرفية التي سادت في تاريخ الإسلام وذلك بغرض تقويم التراث الفكري وتبيين معالم النموذج المعرفي التراثي المستوحى من القرآن الكريم.
2 - بناء المنهجية المعرفية القرآنية:
الاختلال الذي أصاب العقل المسلم يجعل من إعادة بناء المنهجية المعرفية ضرورة ملحة، والمنهج هو سبيل للوصول إلى الحقيقة وهو أيضاً الطريق الطريقة التى تسلك في فهم الظواهر وتحليلها، وهذه المنهجية لا بد أن تكون نابعة من النموذج المعرفي الإسلامي وقائمة على مسلماته وقواعده المنطقية.
3 - بناء منهج للتعامل مع القرآن الكريم:
القرآن الكريم مصدر للمنهج والمعرفة ومقومات الشِّهود الحضاري والعمراني، وإنّ استدعاء القرآن الكريم في إطار واقع عالمي متغيِّر بوعي جديد أمر ضروري لا مفر منه، وهذه الضرورة تكمن أهميتها في محاولتها تصحيح كثير من المفاهيم المتعلقة بالتعامل مع القرآن الكريم في الموضوعات الإسلامية كخطوة أولى يؤسَّس بموجبها الوعي المنهجي الإسلامي المعاصر وإعادة التعامل مع القرآن كمصدر منهجي ومعرفي للعلوم الاجتماعية والطبيعية سيجعل هذه العلوم قادرة على مد الحياة الإنسانية بما يخرجها من أزماتها، وسيعيد الارتباط بين هذه العلوم والقيم ويربطها بمقاصد الحق وغائية الخلق.
4 - بناء مناهج التعامل مع السُّنة النبوية:
لا بد من الوعي بحقيقة السُّنة النبوية باعتبارها المصدر التفسيري الملزم للنص القرآني. والسُّنة النبوية هي المنهاج التفصيلي في حياة المجتمع والفرد المسلم، وهي تمثَّل القرآن مفسراً والإسلام مجسَّداً، ومن الصعب فهم كثير من قضاياها بمعزل عن الواقع الذي كان يتحرك فيه الرَّسول صلى الله عليه وسلم. ومن الصعب أيضاً تطبيق السُّنة وتحقيق واجب الاتباع والتأسي بالرسول من خلال تتبع الجزئيات دون استنباط منهج للتأسي يضم الجزئيات في إطار منهجي
5 - قراءة التراث الإسلامي قراءة سليمة:
(يُتْبَعُ)
(/)
المقصود بالتراث الإسلامي هنا هو تلك العلوم والمصنفات التي وضعها العلماء السابقون من المسلمين، ولا يدخل في هذا التراث الوحي كتاباً ولا سنة؛ وإنما يقتصر على أقوال العلماء التي لا قداسة لها؛ إذ أنها مجرد آراء نيرة لعلماء أصحاب عقول نيرة، وهذا التراث الإسلامي على عظمته ورفعة شأنه ليس ملزماً في الأخذ به، وليس المقصود بعدم الإلزام هنا إهماله وضرب الصفح عنه؛ وإنما المقصود أنه ليس كالقرآن والسنة في وجوب الالتزام به. ومهما يكن من أمر فان تراثنا الإسلامي العظيم رغم عدم قدسيته وإلزاميته- لا يمكن للعالم أو طالب العلم تجاوزه أو إهماله كما يفعل الكثيرون اليوم من أدعياء العلم والمعرفة.
ولما كان الأمر كذلك فقد اتضح أن هنالك أوجهاً مغلوطة للتعامل مع التراث الإسلامي العظيم وهي:-
أ - الرفض المطلق:
من الأمور الخاطئة في العصر الحاضر مسألة تجاوز التراث الإسلامي وإهماله بحجة أنّ العلماء السابقين "رجال ونحن رجال". وهذه القضية -إن استخدمت في هذا الجانب - فما هي إلا دعوى حق أريد بها الباطل، إذ ليس من المعقول إطلاقاً نبذ هذا التراث الإسلامي العظيم وجهود العلماء الفذة والبدء من جديد، إذ أن هنالك الكثير من القضايا قد طرحها علماؤنا الأقدمون بعمق شديد لا تجد له مثيلاً في وقتنا الحاضر؛ ولأجل ذلك كان رفض التراث الإسلامي أمراً خاطئاً لا يقول بصحته عاقل قط.
ومن الثابت أن علماءنا الأقدمين قد كانوا أكثر معرفة بالوحي وطرق الاستنباط الصحيح للمعاني- إلا أنه يمكن استدراك كثير من الأمور عليهم، إذ ما هم- في نهاية المطاف - إلا بشر، ومعلوم أن البشر مهما بلغوا من العلم والمعرفة فانهم يعتريهم الضعف والقصور؛ ولأجل ذلك صح قول الإمام مالك: "كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر" مشيراً إلى قبر الرسول ( e).
ب-القبول المطلق
عول علماؤنا الأقدمون على العقل وذموا التقليد ذماً شديداً، ولم يكن هنالك من شيء امقت لهم من هذا التقليد الذي هو إتباع للغير دون مطالبة له بالدليل. ولما كان الأمر كما سبق، فقد اتضح اتضاحاً لا يدع للشك مجالاً أنّ التقليد الأعمى للعلماء السابقين دون معرفة مناهجهم وأصول آرائهم يعتبر طريقاً خاطئاً؛ فلو أن العلماء السابقين قبلنا كانوا قد اكتفوا بما ورثوه من العلماء قبلهم لرأينا صرح العلم مختلاً وبنيانه متهدماً؛ ولما كان هنالك من تراث إسلامي عظيم نفخر به الآن.
ج- الانتقاء العشوائي:-
إنّ من أخطر الأمور في تعاملنا مع التراث الإسلامي وأقوال العلماء السابقين قضية الانتقاء العشوائي دون معرفة الرأي المتكامل. ومعلوم أنّ الفكر لا ينشأ من العدم ولا ينبثق من الفراغ بحال، بل لا بد للعالم من مؤثرات فكرية تشكل رأيه وتبلور أفكاره، كما أنّ لكل عالم منهجه الذي يحكم قضية الفكر عنده؛ فلو لم نراع جانب المنهج وجانب المؤثرات الفكرية للعلماء لأصبح انتقاؤنا لآراء لعلماء انتقاءً عشوائياً خاطئاً.
وهذا الانتقاء العشوائي من شأنه أن ينسب إلى العلماء آراء ليست بالصحيحة إذ أنّ الرأي قد يكون متعلقاً بأمر ما من جهة أو قد يكون العالم قد تراجع عنه في مصنف آخر له. ولأجل ذلك فقد اتضح أن التعامل المنهجي مع تراثنا العظيم ضرورة منهجية تقتضيها عملية إعادة بناء العلم واستئناف مسيرته.
6 - التعامل مع التراث الغربي
ما قيل عن التراث الإسلامي ينطبق على التراث الإنساني المعاصر. وهو ليس حكراً على الحضارة الغربية إذ إنّ الإسلام لا يقف موقف العداء من عطاء الآخرين بل هو يتقبل كل فكر يتماشى مع مبادئه ولذلك فإنّه يجعل البحث عن الحكمة ضالة المؤمن فأنَّى وجدها فهو أحق بها.
ولأجل ذلك لا يمكن رفض المعرفة التي عند الأمم غير المسلمة أصلاً، ولكن هذا الأمر ليس على إطلاقه؛ بل لا بد للمسلم من ضوابط يتم تكوينها من داخل عقيدته السامية؛ وهذه العقيدة إنما هي بمثابة المصفاة التي تحصنه من تلك الآراء الفاسدة التي من المحتمل وجودها في تراث الأمم غير المسلمة. ويشهد تراثنا الإسلامي اهتمام المسلمين القدماء بتراث الأمم الأخرى وترجمته إلى العربية للاستفادة منه؛ إذ ليس العلم -حسب رأيهم -حكراً على أحد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما كان الأمر كذلك فقد اتضح أن التراث الإنساني ليس مقبولاً عندنا قبولاً مطلقاً ولا مرفوضاً كذلك وإنما نأخذ منه ما يوافق عقيدتنا السامية ونطرح منه ما يخالفها.
ورغم كل ذلك فان الواقع الفكري لدينا اليوم يعكس اتجاهات غير مقبولة على الإطلاق وهي:
أ - الانكفاء على الذات:
نقصد بهذا الانكفاء: رفض كل المعارف والعلوم والأفكار بحجة أنها ليست صادرة من قبل علماء المسلمين، ثم العكوف على الذات عكوفاً يكون فيه من التجمد ما فيه؛ وهذا هو ما يهمش دور المسلمين بين أمم العالم ويجعلهم عرضة للانغلاق والانعزال. ولا شك أن عالمية الإسلام التي جاء بها الوحي الكريم تأبى الانكفاء على الذات دون محاولة إيصال نور الله تعالى الذي بين أيدينا إلى كافة الأمم؛ وذلك لا يتأتى إلا بالأخذ والعطاء والتحاور والمشاركة.
ب- الركون إلى تراث الآخر
إنّ من أسوأ الآثار التي ترتبت على ضعف المسلمين وعدم ثقتهم في أنفسهم اليوم- محاولة التقليد الأعمى وأخذ الأفكار الغربية دون تفحص ونظر ودون إعمال عقل وتقليب للأمور. وهذا الاتجاه أمر ملحوظ عند المسلمين اليوم، ولا شيء عند العاقل أقبح من التقليد الأعمى الذي يكون المقلد أول ضحاياه كما لا يخفي. وإذا كان علماؤنا الأقدمون قد رفضوا التقليد الأعمى لفكر العلماء المسلمين دون إعمال العقل فيه فما بالك بتقليد غير المسلمين.
وخلاصة القول هي أنّ الأزمة المعرفية قد نشأت بسبب مصادر المعرفة وأنّ المهمة التي ينبغي أن يقوم بها العلماء المسلمون لتصحيح الوضع تتمثل في التوصل إلى صيغة منهجية ملائمة يمكن بها الجمع بين معطيات الوحي من جهة وبين معطيات الحس والعقل من جهة أخرى في وحدة وتكامل يتبوأ كل منهما مكانه الصحيح دون مغالاة أو تعسُّف.
الخلاصة:
إنّ خلاصة القول في الأزمة المعرفية الغربية والإسلامية المعاصرة يمكن تلخيصها على النحو التالي:
أولاً: إنّ المعرفة الغربية المعاصرة سواء في نشأتها أو في تطورها جاءت وليدة للصراع المرير بين الكنسية والعلماء؛ إذ ظلت المعرفة لقرون عديدة حكراً على الكنيسة وحدها وكان للكشوفات الجغرافية ودخول المنهج التجريبي من العالم الإسلامي لأوربا أكبر الأثر في اضمحلال المعرفة الكنسية وبروز عصر التنوير والنهضة. ولم يكن يقصد بالتنوير سوى إبعاد الدين (الوحي) عن توجيه الحياة والمعرفة على حدٍ سواء.
ثانياً: كنتيجة لإبعاد الوحي عن التوجيه فإنّ المعرفة في عصر التنوير وما تلاه من عصور تميّزت بالإيمان العميق بالعالم الطبيعي على أنه العالم الوحيد الذي يسعد فيه الإنسان، والإيمان العميق بالإنسان على أنه مركز الثقل في العالم، والإيمان بالعقل وحده على أنه الوسيلة الوحيدة التي تضمن السيطرة على العالم وتسخير إمكاناته بالاعتماد على العلم وحده، فالنظرة المادية إلى الكون والإنسان هي سمة الفكر الغربي.
ثالثاً: انعكس ذلك الفهم على العلوم بشقيها الطبيعي والإنساني فتحولت المعرفة إلى معرفة بشرية محصورة في الواقع المحسوس والمشاهد؛ فالمحسوس الذي يخضع للاستقراء والتجربة والقياس هو وحده العلم وما عداه يعتبر هو اللاعلم. ومعنى هذا أنّ موضوعات الدراسة التي تتصل بقطاعات أخرى من الظواهر وتخرج عن نطاق المشاهدة الحسية مهما كانت أهميتها لسعادة الإنسان فهي مستبعدة تماماً عن نطاق الدراسة العلمية وكأنّ عالم المحسوسات هو وحده الذي له وجود حقيقي.
رابعاَ: اسُتبعدت العوامل الروحية والقيم من نطاق الدراسات الغربية وهي قضايا تشكِّل جزءً هاماً من نشاط الإنسان وتفكيره وعاداته وتؤثِّر في توجيه سلوكه، وبالتالي اسُتبعد ما يتولّد عن هذا النشاط الإنساني من علوم وهي علوم قيمية مرتبطة بقيم الإنسان وعقائده.
خامساً: انتهت المنهجية الغربية الوضعية إلى إنكار وجود إله خارج الشعور الجماعي لأفراد المجتمع أو خارج شعور أفراد الإنسانية جمعاء فضلاً عن الاعتراف بموجودات عالم الغيب بما في ذلك اليوم الآخر. وهذه نتيجة طبيعية لعدم الاعتراف بالوحي الإلهي مصدراً من مصادر المعرفة في النظرية المعرفية الغربية.
أما خلاصة القول في الأزمة المعرفية الإسلامية المعاصرة فيمكن إجمالها في الآتي:
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً: إنّ جوهر الأزمة الإسلامية هي أزمة فكرية وليست أزمة عقيدة فالعقيدة صاغتها نصوص الوحي وهي نصوص محفوظة بحفظ الله لها، وتبدو هذه الأزمة واضحة للعيان في انكفاء تيار من علماء الأمة على الذات؛وذلك بتقديس التراث والانصراف والعزلة عن الواقع وتحدياته وتقنياته وفي ذلك إهمال لعالم الشهادة وهو عالم مطلوب من الإنسان المسلم تسخيره وتطويعه وتعميره والاستفادة من إمكاناته ليعينه في أداء مهمة الاستخلاف والعبادة لله سبحانه وتعالى. كما تبدو الأزمة واضحة في انسياق التيار الآخر من علماء الأمة وراء مقولات النموذج الوضعي الغربي الغارق في الدنيوية والمهمل لعالم الغيب وهذا الانقسام أثر تأثيراً واضحاً على العلم الإسلامي وعلى واقع ومستقبل الأمة بأسره؛ ذلك أن التخلُّف بكافة أنماطه وأشكاله إنما هو وليد تبني نموذج معرفي خاطئ لا ينسجم مع عقيدة الأمة وتصوراتها، أو هو وليد الحركة بمنظومة معرفية منقوصة كالذي يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعضه الآخر.
ثانياً: إنّ مصدر الخلل الأساس هو أنّ الممارسة العملية في العالم الإسلامي المعاصر أدّت إلى عدم تكامل المصادر المعرفية، إذ من المفترض نظرياً أن يحدث الانسجام والتكامل بين المصادر المعرفية ذلك أنّ معطيات الإسلام قائمة على العقل، والوحي دائم الحض للناس جميعاً على المشاهدة القائمة على الحواس وعلى التدبر العقلي المتسم بالإخلاص لله في البحث عن الحقيقة. ويتجلى هذا التكامل في أنّ الوحي يقدِّم للبشر أطراً تصورية تتصل بالمعارف المتصلة بعالم الغيب والمعارف المتصلة بكليات عالم الشهادة، وأنّ العقل المهتدي بالوحي يقوم بالربط بين معطيات الحواس لإضفاء المعنى عليها معتمداً على ما يأتي به الوحي من أطر تصورية.
ثالثاً: إنّ التصور الإسلامي الصحيح يمتلك حلولاً لأزمة المعرفة التي تتضح ملامحها في النظام التعليمي، حيث يقرِّر التصور الإسلامي أنّ الوجود لا ينحصر في العالم المشاهد وحده وإنما هناك وجود لعالم غيبي تخرج معرفته عن نطاق الحواس. ولمعرفة ذلك العالم فلا بد من اعتماد الوحي الإلهي مصدراً معرفياً؛ إذ أن المعلومات التي يقدِّمها الوحي يقينية والمصادر الأخرى مهما كانت فائدتها فإنها ليست يقينية ولا تستطيع تقديم إجابات مقنعة للتساؤلات المطروحة. وأنه لابد من تكامل المصادر المعرفية في البحث عن الحقيقة كما ينبغي التكامل بين عالم الغيب وعالم الشهادة وهذه هي مهمة علماء المسلمين الذين يمتلكون عقيدة تؤهلهم لإحداث التكامل بين المصادر المعرفية ووسائلها.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 May 2009, 04:23 م]ـ
نظرية المعرفة بين النموذجين
الإسلامي والغربي
مقدمة:
إنّ البحث في نظرية المعرفة هو بحث في مبادئ المعرفة الإنسانية وطبيعتها ومصدرها وقيمتها وحدودها وفي الصلة بين الذات المدركة والموضوع المدرك، وبيان إلى أي مدى تكون تصوراتنا مطابقة لواقع الشيء المستقل عن الذهن الذي تناوله.
ولقد أصبح البحث في المعرفة – ماهية وقيمة ومصدراً – ضرورة علمية وفكرية لا يمكن تجاوزها بدعوى أنها مسألة نظرية، وذلك بسبب إسهامها الكبير في تشكيل المناخ الثقافي المنشود الذي يؤدي ما يتوافر فيه من صفاء عقدي ونقاء فكري - إلى تلاشي كثير من عوامل الخلل، لا سيما وأنّ مبحث مصادر المعرفة فيها يعتبر أساس فكر البشر ومنطلقه ومنبع كثير من تياراته ومذاهبه ونظرياته. وسوف نحاول في هذا الفصل إعطاء الخطوط العريضة لنظريتي المعرفة الإسلامية والغربية متكئين على ما أوردناه في الفصل الأول المتعلق بأزمة المعرفة في كلا النموذجين.
أ- مفهوم نظرية المعرفة:
1 - مفهوم النظرية
النظر هو التفكُّر الذي تطلب به المعرفة أي: أنه فعل صادر عن النفس للحصول على الأمور المجهولة من خلال الأمور المعلومة أما النظرية فهي بمثابة بناء معرفي للفكر الرابط بين الجزئيات و لها عدة معان منها:
1 - إنها موضوع تصور منهجي متناسق تابع في صورته لبعض الموضوعات العلمية التي يجهلها عامة الناس.
2 - إنها بناء فرضي ورأي لعالم أو فيلسوف حول مسألة أو مشكلة.
3 - إنها تركيب عقلي يتوسل به إلى تفسير عدد كبير من الجزئيات.
4 - تركيب عقلي مؤلَّف من تصورات منسقة تهدف إلى ربط النتائج بالمبادي.
(يُتْبَعُ)
(/)
5 - هي الإطار الفكري الصريح الذي يربط بين الوقائع والمفاهيم والفروض والقوانين ولا يصرح به إلا بعد تحققه بالشواهد التجريبية، ولكنها تظل فرضاً واسعاً متضمناً إن لم يتح لها هذا التحقُّق.
6 - هي بحكم اشتقاقها من اليونانية " Theoria " تعني التأمل، فليست – إذن- نتيجة مباشرة من معطيات الواقع؛ ولذلك فهي لا تنبثق من تلقاء ذاتها نتيجة للبحث التجريبي بل تأتي بوصفها حلولاً عقلية لمشكلات مثارة. كما أنّها تقدِّم من قبل ذلك الأساس الذي ينبغي أن تحدد بمقتضاه الأسئلة التي يجاب عنها. وتفترض حلول النظرية نسقاً متآزراً -من الوجهة المنطقية -من شأنه أن يجعل الوقائع العلمية وسائر العناصر والخطوات جزءاً من المعرفة العلمية المقبولة.ولهذا تعد النظرية لوناً من ألوان الخيال الملائم.
7 - من الفلاسفة من اعتبر النظرية مرادفاَ للفظ "نسق" الذي هو "مجموعة من القضايا المرتبة في نظام معيَّن بعضها مقدمات لا يبرهن عليها في النسق ذاته، وبعضها الآخر يكون نتائج مستنبطة من هذه المقدمات"
2 - مهمة النظرية:
تختلف نظرة العلماء وفلاسفة العلم إلى مهمة النظرية على النحو الآتي:
1 - من الفلاسفة من يقصِّر مهمتها على مجرد الوصف بينما التفسير-عندهم- شيء آخر لا تستهدفه النظرية.
2 - هناك من يرى أن تقدُّم المعرفة العلمية رهين بالتفسير لأنه يعين على التنبؤ بسلوك الأشياء التي عرفت من قبل.
غير أنه ما دامت النظرية مطلب المنهج العلمي فلابد أن تستوعب مهامه جميعاً من وصف أو تفسير أو تنبؤ أو تحكُّم"
3 - مفهوم المعرفة:
كان لعلماء الإسلام تعريفات متعددة للمعرفة تفرِّق بينها وبين العلم الذي يجتمع معها في أنّ كلا الأمرين إدراك للأشياء؛ إلا أن المعرفة –عندهم - إدراك مسبوق بجهل بخلاف العلم. "
1 - ويقول الراغب الأصفهاني " إنّ المعرفة تقال فيما تدرك آثاره وإن لم تدرك ذاته والعلم لا يقال إلا فيما يدرك ذاته ولهذا يقال فلان يعرف الله ولا يقال يعلم الله لما كانت معرفته تعالى ليست إلا بمعرفة آثاره دون معرفة ذاته. وأيضاً فالمعرفة تقال فيما يعلم وجوده وجنسه وكيفيته وعلته ولهذا يقال الله تعالى عالم بكذا ولا يقال عارف به لما كان العرفان يستعمل في العلم القاصر"
2 - ويعرَّف المعاصرون المعرفة بأنّها:كل اعتقاد جازم سواء طابق الواقع أم لم يطابقه. ويتضح من التعريف أنّ كل علم معرفة وليست كل معرفة علماً أي أنّ العلم جزء من المعرفة وليس العكس. و من هنا يظهر الفرق بين العلم الذي هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع، وبين المعرفة التي هي الاعتقاد الجازم سواء طابق الواقع أم لم يطابقه، وهكذا تترقى المعرفة عند متلقيها لتصبح علماَ عندما يقوم الدليل على مطابقة الاعتقاد الجازم للواقع الذي هو موضوع الاعتقاد
على ضوء تعريفنا لمعنى النظرية ومعنى المعرفة يتضح لنا أنّ مفهوم نظرية المعرفة يعني:" دراسة منهجية منظمة أو بحث في المعرفة من حيث أصلها وماهيتها وإمكانها وطرق الوصول إليها وطبيعتها وحدودها وقيمتها، أي بحث في المشكلات الناشئة عن العلاقة بين الذات العارفة "الإنسان" والموضوع المعروف "الأشياء". والبحث عن درجة التشابه بين التصور الذهني والواقع الخارجي. ومدى خدمة هذا التصور لنظرية الوجود ومن ثم فهي دراسة محورية لا مجرد دراسة وصفية "
ب- خلاصة لتاريخ نظرية المعرفة:
1 - تاريخ نظرية المعرفة في الفكر الإسلامي:
كان لعلماء المسلمين – فلاسفة ومتكلمين- السبق في إفراد بحث المعرفة بالدراسة بصورة مستقلة فكتبوا أبحاثاً في العلم والمعرفة نذكر منها: دراسة القاضي عبد الجبار بن أحمد "ت451هـ" الذي كتب في "النظر والمعارف" حيث تحدَّث عن حد النظر والعلم والمعرفة وطرقها وحقيقتها، وطرق معرفة صحة النظر ودرجات المعرفة من الشك إلى الظن إلى اليقين، وتحدّث عن الدليل العقلي أما الإمام الباقلاني "ت403" فقد قدَّم لكتابه "التمهيد" بـ "العلم وأقسامه وطرقه" وكذلك أفرد البغدادي الفصل الأول من كتابه " أصول الدين" لبيان الحقائق والعلوم وإثباتها وطرق تحصيلها وأقسامها. أما الرازي فإنه يجعله الركن الأول من كتابه " المحصل" في العلم والنظر" ويجعل الإيجي الموقف الأول من كتابه " المواقف" في العلم والنظر. وكذلك الأشعري في مقالاته وغيرهم. ومعنى هذا أنّ علماء المسلمين كانوا على
(يُتْبَعُ)
(/)
علم بها وإن لم يسموها باسمها المعاصر.
2 - تاريخ نظرية المعرفة في الفكر الغربي:
أما الفلاسفة الغربيون فقد كانت نظرية المعرفة مبثوثة لديهم في أبحاث الوجود إلى أن جاء جون لوك "1632 - 1704" فكتب " مقاله في الذهن البشري Essay Concerning Human Understanding” المطبوع عام 1690م ليكون أول محاولة لفهم المعرفة البشرية وتحليل الفكر الإنساني وعملياته" وإن كان قد سبقه " ديكارت في نظرية فطرية المعرفة. ثم جاءت محاولة فريير في القرن التاسع عشر ففصل بحث المعرفة عن بحث الوجود. ثم اتخذت نظرية المعرفة وضعها المستقل لتبحث في العلاقة بين الذات العارفة" الإنسان" والموضوع المدروس والنظر في حدود المعرفة البشرية وقيمتها وطبيعتها ومصادرها. فصارت نظرية المعرفة بذلك تخدم علمي الإنطلوجيا "نظرية الوجود" والإكسيولوجيا " نظرية القيم".
ج-الملامح العامة لنظريتي المعرفة الغربية والإسلامية:
هنالك ملامح عامة لكلا النظريتين الغربية والإسلامية حيث أنّ من الملاحظ أنّ لكل نظرية من هاتين النظريتين خصائص ومميزات تختلف اختلافاً جوهرياً عن خصائص ومميزات الأخرى.
أولاً: مميزات نظرية المعرفة الغربية:
تتميز نظرية المعرفة الغربية عموماً بمميزات هي:
1 - غلبة الفلسفة التجريبية الحسية:
انتهى الأمر في نهاية المطاف بعد صراع مرير بين الكنيسة والعلماء بغلبة العلم ثم انقسم العلماء بين تيارين فلسفيين هما:
- المادية التجريبية.
- المثالية العقلية.
وبعد تنافس التيارين انتهى الأمر بغلبة الفلسفة التجريبية وذلك للتطور الهائل في العلوم الطبيعية التي تخبر عن الواقع المشاهد وهي علوم الفيزياء والكيمياء وغيرها ثم لحقت بها العلوم الاجتماعية والإنسانية التي اقتفت أثرها في المنهج رغم الاختلاف الجوهري بين طبائع كل. وبذلك تم حصر المعرفة على عالم الشَّهادة الحسي دون عالم الغيب الذي طريق العلم به هو الوحي.
2 - تمحور المعرفة حول الإنسان:
أضحى الافتراض الأساس في نموذج المعرفة الغربية الحديثة هو أنه يمكن الوصول إلى الحقيقة النهائية من خلال المعرفة المتمحورة حول الإنسان فقط عن طريق التجربة؛ إذ أنّ المعرفة –عندهم- لا تتعدى عالم المادة والحس بعد أن صار الوحي بكافة معطياته الغيبية غير منظور إليه في العصر الحديث
3 - تبعية نظرية الوجود لنظرية المعرفة
أصبحت السِّمة الجوهرية للفلسفة الغربية بعد عصر النهضة هي إقامة دعائم الوجود على أسس معرفية محورها إنسانية المعرفة والمذهب التجريبي أو المذهب المادي، وهذه القضية قد خلقت علاقة إعتمادية بين علم الوجود ونظرية المعرفة، وصار علم الوجود تابعاً لنظرية المعرفة بمعنى أنّ الوجود هو ما يمكن معرفته بالحس دون سواه وذلك عكس نظرية المعرفة الإسلامية التي تتبع المعرفة فيها للوجود. وقد أدى هذا الاتجاه إلى تأليه الإنسان والطبيعة. كما أدى إلى عجز هذه الفلسفة عن الإجابة على التساؤلات الفلسفية النهائية المتعلقة بالإله والإنسان والحياة والمبدأ والمصير، وهي أسئلة عقيدية لا تستطيع أي معرفة بشرية الإجابة عليها بصفة نهائية وإنما الذي يستطيع تقديم الأجوبة هو الوحي الإلهي وقد تم إبعاده من صياغة نظرية المعرفة الغربية.
ثانياً: مميزات نظرية المعرفة الإسلامية:
إنّ لنظرية المعرفة الإسلامية مميزات تختلف بها اختلافاً جوهرياً عن نظرية المعرفة الغربية ولها ارتباطات متداخلة تكوَّن شبكة كلية ونظرة شاملة للوجود أو رؤية للعالم “ World View” وهذه المميزات هي:
1 - تبعية نظرية المعرفة لنظرية الوجود:
إنّ نظرية المعرفة الإسلامية تابعة لنظرية الوجود، ويمثِّل توحيد الإله محوراً لهذه النظرية، فهي تنطلق – إذن- من مبدأ التوحيد، والتفكير الإسلامي عموماً يعتمد على الربط بين الوجود والمعرفة من خلال النبوة التي هي الطريق الوحيد للمعرفة الغيبية. ولذا فإنّ ما هو موجود لا يتعلق وجوده بمعرفة الإنسان له أو عدمها وذلك خلافاً للنظربة الغربية ومن هنا كانت تبعية نظرية المعرفة في الإسلام لنظرية الوجود.
2 - محدودية العلم الإنساني:
(يُتْبَعُ)
(/)
إنّ في الإسلام اختلافاً شاسعاً في المستويات المعرفية بين العلم الإلهي وعلم الإنسان إذ لا يمكن المقارنة بينهما إطلاقاً، فالله تعالى في النظرية الإسلامية هو أصل العلم والمعرفة وهو وحده العالم المطلق العلم الذي وسع علمه كل شئ بينما علم الإنسان محدود ونسبي؛ وهذا الإقرار باختلاف المستويات المعرفية الذي يسنده الإيمان بالغيب من شأنه أن يمنع من ظهور قاعدة علمانية محورها الإنسان الذي لم يؤت من العلم إلا شيئاً قليلاً كما هو الشأن في النظرية الغربية
3 - تجانس المصادر المعرفية:
تتجانس المصادر المعرفية في النظرية الإسلامية لإنجاز وحدة الحقيقة، فالكون مصدر للحقيقة، والوحي مصدر للحقيقة المطلقة، والعقل وسيلة لتفسير كل منهما. وكامتداد لهذه الوحدة فإنّ احتمال التناقض بين الوحي والعقل الخالص والكون "عالم الحس" أمر يستحيل وجوده، إذ أنّ وحدة الحقيقة-في الفكر الإسلامي- تنبع من وحدة الألوهية المطلقة، فالعلاقة على هذا تكاملية لا تنافسية بين الوحي والكون والعقل الخالص، ذلك أنّ الوحي بوصفه منطلقاً للمعرفة يحتَّم التكامل والتطابق مع جوهر الكون والطبيعة والإنسان ويقوم بتوجيه تلك المعارف؛ وأي تعارض أو تناقض لا بد أن يكون عجزاً في الأداة، سواء كان ذلك في أدوات فهم معارف الوحي والاستنباط منها أو في أدوات تحصيل معارف الكون والطبيعة والإنسان؛ فمعارف الوحي تتكامل مع معارف الكون والطبيعة والإنسان.
د- مباحث نظرية المعرفة:
ومن المعلوم أنّ الدارس لنظرية المعرفة يجد أنّ أبحاث الفلاسفة في صياغتهم لهذه النظرية قد دارت في ثلاثة مباحث هي:
1 - مبحث إمكان المعرفة:
وهو مبحث يعني بالإجابة على تساؤل:"هل في وسع الإنسان أن يعرف شيئاً؟.
2 - مبحث طبيعة المعرفة:
وهو مبحث يهتم بتحديد العلاقة بين الإنسان والأشياء، كما يهتم ببيان وتفسير عملية المعرفة، وبيان علاقة المعرفة بالوجود، والمعرفة بين الفطرية والاكتساب، ومعايير صدق الحقيقة.
3 - مبحث مصادر المعرفة:
والمصادر هي ما تتولد وتستمد منه المعرفة معطياتها ويعتبر من أكثر المباحث أهمية في نظرية المعرفة للقائلين بإمكان المعرفة.
وفيما يلي نناقش هذه المباحث الفلسفية من خلال نظريتي المعرفة الإسلامية والغربية:-
أولاً:إمكان المعرفة بين نظرية المعرفة الإسلامية والغربية:
1 - إمكان المعرفة في نظرية المعرفة الغربية:
إنّ نظرية المعرفة الغربية في دراستها لإمكان المعرفة قد اختلفت باختلاف المنهج الفلسفي ورغم قولها بإمكان المعرفة ووجود الأشياء وجوداً حقيقياً وبقدرة الإنسان على معرفتها إلا أنها قد انقسمت إلى اتجاهين هما:
1 - 1 إمكان المعرفة عند أنصار الفلسفة العقلية والمثالية
من ملامح قضية إمكان المعرفة في الفلسفة العقلية والمثالية الآتي:
أ- اعترف المثاليون بالواقع الموضوعي للشيء المعروف إلاّ أنهم جعلوا الفعالية للذات العارفة أو العقل، أي جعلوا للإدراكات العقلية موضوعية أعلى من موضوعية الإدراكات الحسية.
ب- شك أنصار الفلسفة العقلية والمثالية –لصالح العقل- شكاً معرفياً في الوجود المادي الخارجي وهذا الشك – عندهم - وسيلة وطريق يوصل إلى اليقين وهذا المنهج سلكه ديكارت ودافيدهيوم اللذين أسمياه بالشك العلمي
1 - 2 إمكان المعرفة عند أنصار الفلسفة التجريبية:
من ملامح قضية إمكان المعرفة في الفلسفة التجريبية الآتي:
أ- تعترف الفلسفة التجريبية بوجود واقع خارجي هو مصدر للمعطيات الحسية بمعنى أنّ الذي يحدد حقيقة الأشياء هو واقع في الخارج وليس الذهن المدرك لها وذلك عكس الاتجاه السابق تماماً.
ب- ذهب جون لوك إلى أنّ المعرفة الإنسانية مأخوذة من التجربة الحسية والخبرة فحسب وترى الماركسية أيضاً أنّ معرفتنا بقوانين الطبيعة التي تبرهن على صحتها التجربة والتطبيق العلمي هي معرفة صحيحة لها معنى الحقيقة الموضوعية. والتطبيق العلمي عندها هو العمل
2 - إمكان المعرفة في نظرية المعرفة الإسلامية:
(يُتْبَعُ)
(/)
إنّ معرفة الموجودات في الإسلام ممكنة متهيئة لا سبيل إلى إنكارها وبذلك جاء القرآن والسُّنة وعلى هذا اتفق العلماء المسلمون أيضاً؛ حيث تحدث القرآن عن الوجود والمعرفة وجعلهما دائرين حول خلق الله عز وجل للإنسان وحول مخلوقية هذا الإنسان لله عز وجل التي تقتضي وجوب فهم هذا الإنسان لدوره في الحياة؛ وهذا الدور لا ينتظر منه بحثاً في إمكان المعرفة وعدم إمكانها؛ إذ أنّ الإنسان في إمكانه أن يعلم، وهذه قضية بديهية لا تحتاج إلى إثبات
ولأجل ذلك لم يحفل القرآن بمسألة إمكان المعرفة، وهل يعلم الإنسان شيئاً أو لا يعلم شيئاً؛ إذ أنّ التشكيك فيها أمر مخالف لطبيعة المنهج القرآني ولفطرة الإنسان نفسه لأنّ الله تعالى قد جعل العلم أو العقل أو القدرة على التمييز والتعلُّم ميزة الإنسان التي يتميز بها عن سائر المخلوقات ? وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ? ولهذا فإنّ لإمكان المعرفة في الإسلام خصائص هي:
أ- الوجود الواقعي المستقل للأشياء:
يقرر القرآن أنّ للأشياء وجوداً واقعياً مستقلاً عما في الذهن سواء أدركه الإنسان أم عجز عن إدراكه وذلك خلافاً للنظرة الغربية؛ ولهذا فإنّ عدم إدراك الإنسان للأشياء –حسب النظرة الإسلامية لا يقتضي عدمها
ب- إمكانية إدراك عالم الغيب:
تحدَّث القرآن عن نسبية المعرفة البشرية ?وما أوتيتم من العلم إلا قيلا ? إلا أنّ الوحي – المصدر المعصوم – هو الذي يسِّدد خطى الإنسان في سعيه لتحصيل المعرفة ومن الممكن للعقل البشري إدراك موجودات عالم الغيب والتسليم بوجودها عن طريق هداية الوحي وإرشاده لتتكامل بذلك دائرة المعرفة. ومعلوم أنّ الموجودات بالنسبة للإنسان عموما تنقسم إلى نوعين:
1 - موجودات عالم الطبيعة التي يسميها القرآن عالم الشهادة. وهذه الموجودات يستطيع الإنسان إدراكها بحواسه
2 - موجودات عالم ما وراء الطبيعة التي يسميها القرآن عالم الغيب. وهذه الموجودات لا يستطيع الإنسان إدراكها بالحواس وإنما يستطيع أن يعرفها عن طريق الوحي.
ج- قابلية الإنسان واستعداده للمعرفة:
جعل الله للإنسان القابلية والاستعداد للمعرفة وخلق له الوسائل التي يتم بها هذا الإدراك؛ قال تعالى?وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ?
د- ضرورة إعمال الفكر والنظر:
إنّ القرآن الكريم يقرَّر أنّ في إمكان الإنسان معرفة الكثير من الأشياء إذا ما سلك السُّبل المؤدية إلى المعرفة وقد جاءت آيات كثيرة تحث الإنسان على التفكُّر والتدبر والنظر من أجل هدفين هما:
1 - معرفة الأشياء المبثوثة في الكون من حوله حتى يستفيد منها في حياته المادية ويقوم بواجب الاستخلاف في الأرض.
2 - استشعار عظمة خالق هذه الأشياء ومدبرها ومجريها على سننها الثابتة.
ويتضح مما سبق أنّ المعرفة لو لم تكن ممكنة لكان الأمر القرآني بالنظر والتدبر والتفكُّر لغواً وباطلاً، والله تعالى منزه عن اللغو والعبث كما هو معلوم" وقد أثبت علماء الإسلام إمكانية تحصيل المعرفة، وجعل بعض العلماء مداخل كتبهم في "إثبات العلم والحقائق"؛ أو في إثبات العلوم الضرورية، أو في إثبات العلم وفي إبطال قول من ينفي الحقائق وهم بذلك يردون على السوفسطائية من جانب، ويسلمون بإمكان المعرفة من جانب آخر ليتسنى لهم البحث في طبيعتها ومصادرها؛ إذ أنّ من ينكر إمكان المعرفة لا يستطيع أن يتحدث عن طبيعتها ومصادرها.
وتتجلى يقينية المعرفة واضحة لدى فلاسفة المسلمين خاصة الفارابي وابن سينا؛ إذ لم يثيروا شكاً في إمكان المعرفة، ولهذا كان الرأي السائد في الفلسفة الإسلامية هو إمكانية تحصيل المعرفة؛ يقول النسفي " حقائق الأشياء ثابتة والعلم بها متحقق خلافاً للسوفسطائية"
وقد سبق أنّ المعرفة - حسب النظرة الإسلامية -تتوقف على الوجود ولا يتوقف الوجود عليها ولكن تنعكس هذه النظرة تماماً في الشك المنهجي وذلك لأنّ هذا الشَّك يقتضي طرح كل الأفكار السابقة حتى ولو كانت هذه الأفكار إيمانًا بوجود حقيقي للأشياء
(يُتْبَعُ)
(/)
ثانياً:طبيعة المعرفة بين نظرية المعرفة الإسلامية والغربية:
1 - طبيعة المعرفة في النظرية الغربية:
إنّ طبيعة المعرفة في الفلسفة الغربية تتمثل في مذهبين هما:
1 - 1 طبيعة المعرفة في الفلسفة المثالية:
يرد المذهب المثالي كل ما هو في الواقع إلى الفكر ومن ثم لا يعترف بوجود عالم مستقل للأشياء عن الفكر لأنّ ما هو خارج الفكر لا يمكن أن يكون معقولاً ولا موجوداً؛ فالموجود هو المدرك وما لا يدرك فلا وجود له
والمثالية تنكر وجوداً واقعياً مستقلاً للأشياء. كما أنّها تنفي أن تكون هناك ثنائية في المعرفة بين عالم الذات " الإنسان" وعالم الموضوع "الأشياء" بل تثبت التطابق بين العالمين الذاتي والخارجي ويذهب فيتشه إلى أن " الذات العارفة ليست فقط مجرد وسيلة تنتهي بالفرد إلى الاتصال بالعالم الخارجي بل هي الأصل في الإيجاد، إيجاد العالم الذي يستحيل أن يوجد في ذاته بمعنى أنّ كل ما هو موجود فهو من صنع الذات العارفة "العقل الإنساني" فلا يوجد إلا عالم واحد وهو العالم كما يبدو لنا ولا عالم في ذاته وانتهت المثالية بذلك إلى إنكار عالم الشهادة.
1 - 2 طبيعة المعرفة في الفلسفة الواقعية:
إنّ الوجود الواقعي- في الفلسفة الواقعية- هو ميدان المعرفة، وهو وجود مستقل عن الإنسان والمعرفة في طبيعتها مادية، وتجعل الواقعية من الحس أو التجربة مصدراً للأفكار أو المبادئ وليس العكس.
2 - طبيعة المعرفة: في نظرية المعرفة الإسلامية:
اهتم علماء المسلمين بإثبات وجود العالم الخارجي وإدراكه في آنٍ واحد ويتضح بذلك أن للفلسفة الإسلامية في هذا المضمار خصائصها وهي:
2 - 1 استقلال ووجود الواقع الخارجي:
تعترف الفلسفة الإسلامية بالمعرفة لدى الإنسان ودورها، كما تعترف في الوقت ذاته بالواقع الخارجي واستقلاله، ولهذا فإنّ للأشياء وجوداً خارجياً واقعياً مستقلاً عن الذات العارفة ووجود هذه الأشياء قائم سواء أدركها الإنسان أم لم يدركها.
2 - 2 المطابقة بين الوجود الذهني والواقعي:
إنّ المعرفة البشرية إنما هي ثمرة التقاء بين ذهن الإنسان وبين الموجودات الخارجية، ويؤمن علماء المسلمين بوحدة الحقيقة والمعرفة ومن ثمّ فإنهم يطابقون بين ما هو موجود في الأذهان وما هو موجود في الواقع، وهذا لا يعني التلازم التام بين الموجودات وذهن الإنسان. بمعنى أنه ليس كل موجود يمكن معرفته وليس كل تصور واقعاً على شئ خارجي. فهناك من الموجودات ما لا سبيل لوسائل المعرفة الإنسانية إلى معرفتها. كما أنه ليس كل تصور أو حكم واقعاً على حقيقة خارجية عن الذهن، إذ يمكن أن ترد إلى العقل البشري خيالات وصور لا وجود لها في الخارج
ثالثا:مصادر المعرفة بين نظرية المعرفة الإسلامية والغربية:
أ. مصادر المعرفة في نظرية المعرفة الغربية:
مصادر المعرفة في نظرية المعرفة الغربية بعد عصر النهضة وابتداءً من القرن السابع عشر هي وليدة للصراع بين الكنيسة والعلماء إذ احتكرت الكنيسة العلم وتفسير الحقيقة، وقد انتهى هذا الصراع لصالح العلم حيث كان للكشوف العلمية والاحتكاك بالعلوم الإسلامية الأثر البالغ في انهيار معارف الكنيسة. والواقع أنّ الفكر في عصر النهضة قد اتسم بنزعة شديدة العداء للسلطة الدينية كما اتسم برغبة جامحة في الخلاص بكل السُّبل من الخضوع للقيادة الفكرية والعلمية لتلك السُّلطة الدينية.
ولهذا فلم يكن هناك مفر من البحث عن مصدر للحقيقة يكون بديلاً للسُّلطة الدِّينية، وكلما كان ذلك المصدر مناوئاً ونقيضاً للمصدر الدِّيني كلما كان ذلك أفضل. ولم يكن هناك من مصدر أفضل من التركيز على الخبرة الإنسانية واستخدام الحواس كأساس للمعرفة العلمية الحقة، فاعتماد الحواس يحرِّر الناس ويعطيهم قيمتهم والحس يقلَّل إلى أقصى حد من قيمة المصدر الدَّيني – ولقد كان للسير فرانسيس بيكون أثر بارز في توجيه العلم للاقتصار على الخبرة الحسِّية وتأسيس الاتجاه الحسي “ Empiricism” ويقابل هذا الاتجاه العقلاني “ Rationalism” الذي يقلِّل من شأن الحس، وكان رينيه ديكارت مؤسِّساً لهذا الاتجاه وتبعاً لذلك فإنّ مصادر المعرفة انحصرت في مصدرين:
1 - المحسوس عن طريق الملاحظة والتجربة:
(يُتْبَعُ)
(/)
كان من نتائج الصراع بين الكنيسة والعلماء أن تحولت المعرفة إلى معرفة بشرية خالصة ومحصورة في الواقع المشاهد، فالمحسوس والمشاهد الذي يخضع للاستقراء والتجربة والقياس الكمي وحده العلم وماعداه – وكل ما لا يخضع للاستقراء والتجربة والقياس الكمي يعتبر لا علم وتعتبر قضاياه بلا معنى “ Meaning less” وهذه هي الروح العلمية التي بلورها بيكون حيث الاقتصار على ما هو موضوع أمامنا في العالم الواقعي التجريبي والإنصات لشهادة الحواس كمصدر للمعرفة، والطبيعة هي مملكة المعرفة ويجب الحيلولة دون أن يتجاوزها العقل، وعلى مدار العصر الحديث تبارى الفلاسفة الإنجليز في تأكيد التجريبية والنظرية الحسية في المعرفة والعزوف عن الميتافزيقيا. وبلغت الذروة مع جون لوك "1632 - 1704" الذي رفض الادعاء بوجود أفكار مفطورة في العقل البشري ترتكز عليها المذاهب العقلية المقابلة للتجربة. وأكّد لوك أنّ العقل يولد صفحة بيضاء ثم تخطها المعطيات الحسَّية والتجربة وهذا هو منطلق الفلسفة الوضعية “ Positivism” وأساسها المكين.
2 - العقل
تتلخص مصدرية العقل للمعرفة في القول بأنّ المعرفة البشرية قائمة على التصور والتصديق، فالتصور هو الإدراك البسيط لمعاني الأشياء كتصور معنى الحرارة والنور والتصديق هو الإدراك المنطوي على حكم كالحكم بأنّ النار محرقة. وهذا المذهب بدأ مع أفلاطون من خلال نظريته في التذكُّر التي تقوم على أساس أنّ التصورات كامنة في النفس البشرية وأنها تنبعث منها تباعاً فمصدرها النفس، ثم تطور القول بمصدرية العقل مع ديكارت، وخلاصة رأيه أنّ المبادئ الأولية تكمن في التصورات وأنّ هذه التصورات تمثَّل أفكاراً بسيطة " مطلقات المعرفة " وهي التي تتكون منها جميع العلوم بعد ذلك
إلا أن هذا الاتجاه الذي جعل العقل مصدراً للمعرفة قد بدأ يتلاشى نتيجة للنجاحات التي حققها المنهج التجريبي.
إنّ الدارس لكلام المذهبين الغربيين يلاحظ إبعاد الوحي نهائياً من مصادر المعرفة، مما يعني انحصار العلم في عالم الشهادة، الذي غدا المصدر الوحيد للمعرفة. نتيجة لانحصار الفلسفة الغربية في دراسة الواقع المحسوس أو عالم الشهادة، فقد تمركزت حول الذات الإنسانية والطبيعية، وأدى هذا إلى تأليه الإنسان والطبيعة حيث الإيمان العميق بالعالم الطبيعي على أنّه العالم الوحيد الذي يسعد فيه الإنسان ويجد فيه مطالبه ويلبي حاجياته المادية والروحية، والإيمان العميق بالإنسان على أنه مركز الثقل في العالم، والإيمان بالعقل وحده على أنّه الوسيلة الوحيدة التي تضمن السيطرة على العالم وتسخير إمكاناته بالاعتماد على العلم.
ب- مصادر المعرفة: في نظرية المعرفة الإسلامية:
مصادر المعرفة لدى علماء المسلمين تنحصر في الوحي والعقل والحس غير أنّ ثمة انتقادات وجِّهت لمصدرية العقل للمعرفة؛ وذلك لأنّ العقل والحواس هي وسائل إدراك للكون المحسوس، وعلى هذا يغدو الكون هو مصدر المعرفة الثاني بالإضافة إلى الوحي. وهذا ما تنبه إليه المعاصرون حيث اتفقت رؤيتهم مع الرؤية القرآنية؛ وذلك بجعلهم للوحي والكون مصدرين متناصرين للمعرفة. وبذلك يمكننا القول أنّ مصادر المعرفة في النظرية الإسلامية تنحصر في مصدرين هما: الوحي والكون.
1 - الوحي
حيث أنّ الوحي:
أ - يمدنا بالمعارف اليقينية حول ما وراء هذا الوجود وما يتجاوز أبعاد الزمان والمكان، فالمعلومات التي يقدَّمها الوحي صادقة ويقينية، والمصادر الأخرى مهما كانت فائدتها فهي ليست مصادر يقينية ولا يمكن أن تقدَّم إجابات واضحة ودقيقة للتساؤلات المطروحة.
ب - كما يمدنا الوحي بمعارف يقينية حول كليات السنن الإلهية السارية في هذا الوجود خصوصاً ما اتصل منها بالإنسان المكرَّم المستهدف بهداية الوحي.
ج- ويستوعب الوحي في تفصيلاته حقيقة الإنسان في أصله وخلقه وتكوينه وحركته على الأرض ومصيره المستقبلي.
2 - الكون
(يُتْبَعُ)
(/)
إنّ الكون بكل عناصره مصدر أساس من مصادر المعرفة الإسلامية، والدَّليل على ذلك هو تلك الآيات الكثيرة في القرآن والتي تحث على التأمل والتدبر والتفكُّر في خلق السماوات والأرض وما بث الله في ثناياها من آيات دالة على عظمة خالقها وانفراده بالتدبير. وما يجدر ملاحظته أنّ الكون هو منشأ الظواهر الطبيعية والاجتماعية وهي مجال دراسة الإنسان من خلال وسيلتي السمع والبصر ولكن لا بد من مدخل الوحي إلى الكون إذا أردنا أن نفهم الكون بالطريقة التي تنجم عنها عبادة الله ومفهوم الاستخلاف لأنّ الدخول علي بوابة الكون دون بوابة الوحي نتيجتة العلمانية التي أفسدت كل شيء
وإجمالاً فإنّ نظرية المعرفة الإسلامية لا تقوم على أساس رفض معطيات الحس والعقل لأنّ الإسلام كان أول الداعين له؛ ولكن نظرية المعرفة الإسلامية لا تقف عند معطيات الحس وحدها وإنما تضم إليها معطيات الوحي، وانعكس هذا الفهم على الافتراضات الأساسية التي يقوم عليها البحث العلمي في التصور الإسلامي.
الخلاصة:
سنحاول في هذه الخلاصة توضيح أهم النقاط والمرتكزات فيما أثرناه سابقاً فنوضح الآتي:
أولاً: إنّ النموذج الغربي الذي يعبَّر عن الرؤية الفلسفية الغربية قد عجز عن الإجابة على التساؤلات النهائية التي تتصل بالإنسان ووجوده ومصيره وموقفه من الوجود ككل، على الرغم من أنّ هذا النموذج يقدمُّ باعتباره النموذج العالمي الأرقى.
ثانياً: كنموذج للخلل في مدارس هذا النموذج الفلسفي فإنّ المثالية أحالت الوجود الموضوعي للأشياء إلى مجرد أفكار وخواطر واستخفت بعالم الشًّهادة بينما ألغت الواقعية قيمة الفكر في مقابل الوجود الخارجي. وجعلت الفكر مجرد انعكاس لذلك الوجود. يضاف إلى ذلك أنّ التمركز حول الذات أو الشخصية الإنسانية هو منطلق المثالية. فالحقيقة النهائية ليست ذات طبيعة خارجية مادية أو واقعية وإنما هي ذات طبيعة ذاتية.
ثالثاً: لقد برزت المدارس الفلسفية الغربية في أول أمرها داخل وسط لا يشجع على العلم والمعرفة نتيجة لاستحواذ المعرفة اللاهوتية الكنسية على المعرفة عموماً، ونتيجة لهذا فقد كان توجه الفلسفة توجها علمانياً معادياً للدين؛ فصارت قضايا الدين والغيب والأخلاق قضايا لا معنى لها لأنها غير قابلة للتحقق والاختبار التجريبي
رابعاً: إنّ العلم المعاصر- رغم المفهوم الغربي الضيق له- يقدَّم نفسه على أنه موضوعي تجريبي مبرأ من العيوب، إلا أنّ بعض العلماء قد احتجوا على مناهج المعرفة المعاصرة وذكروا أنّ هذه الأدوات التجريبية ليست كافية في الوصول إلى المعرفة، وأنه لا بد من طريقة جديدة للمعرفة ولا بد كذلك للعلم من معنى أوسع. إذ إنّ ملحد القرن التاسع عشر قد حرق البيت بدلاً من أنّ يعيد ترميمه. فلقد رمى بجميع الأسئلة التي طرحها الدين وبإجاباتها معاً، وأدار ظهره لكل مقررات الدين لأنّ القائمين على الدِّين قد خرجوا عليه بإجابات لا يستطيع قبولها. ولكن اليوم وقد أصبح العالم أكثر معرفة واستنارة فقد اتضح لديه أنّ موضوعات البحث الدِّينية ومباحث الدِّين والأسئلة التي يطرحها الدين حول النشأة والوجود والمصير هي قضايا علمية تستحق الاحترام الكامل. وهي قضايا عميقة الجذور في الطبيعة البشرية ويمكن دراستها وتمحيصها بأسلوب علمي رصين. وأنّ الكنيسة كانت تحاول الإجابة على أسئلة رفيعة صحيحة. وهي وإنّ أخطأت الإجابة فإنّ الأسئلة نفسها كانت تستحق القبول والتبرير الكاملين"
خامساً: إنّ الحديث عن اطراح الفلسفة الغربية للمعرفة اللاهوتية يوضح أنّ الوحي كمصدر معرفي لم يكن مقبولاً لدى المدارس الفلسفية الغربية مما جعل معرفتها تقتصر على عالم الشهادة، أي بمنظور القرآن اقتصر علمهم على "ظاهر الحياة الدنيا". ولما كان علمهم قاصراً على الحياة الدنيا فإنّ هذه الفلسفة عملت على تضخيم الذات العارفة بجعل الإنسان مركزاً للكون، وهذا يعني أنّ هذا العلم يسعى لتحقيق اللذة والمنفعة للإنسان أي إشباع غرائزه فظهر الخواء الروحي في العالم المعاصر وتعالت الصيحات المنذرة بالخطر.
سادساً: إنّ النموذج الإسلامي المنبثق من الوحي على عكس النموذج الغربي العلماني يقدِّم إجابات على الأسئلة النهائية، و يقدِّم الوجود على المعرفة ويجعلها تابعة له. ويؤمن بأنّ الله سبحانه وتعالى هو المحيط بكل شيء علماً، وأنّ الإنسان مخلوق لله تعالى وجزء من الوجود، لا الوجود ذاته مع كونه متميزاً بالعقل الذي هو مناط التكليف.
سابعاً: إنّ الوجود في المنظور الإسلامي شقان:
- وجود عالم الشهادة.
- وجود عالم الغيب.
وما لاشك فيه أنّ انغماس الفلسفة في دراسة جانب مع اطراح الجانب الآخر من شأنه توليد معرفة مبتورة، أما القرآن فإنّه يربط هذين العالمين بحيث لا ينفكان عن بعضهما وعلى ذلك فإنّ الحقيقة العلمية في النموذج الإسلامي ليست حكراً على التجربة. و الوجود الواقعي ليس حكراً على الوجود المادي أصلاً.
ثامناً: إنّ الوحي في النموذج الإسلامي مصدر مهم للمعرفة، ولقد انعكس ذلك على المعرفة ذاتها وطبعها بطابع الصدق واليقينية. وهذا ما يميز النموذج الإسلامي عن النموذج العلماني الذي رفض الوحي مصدراً للمعرفة فانعكس ذلك سلباً على المعرفة وطبعها بطابع الظنية والدنيوية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 May 2009, 04:45 م]ـ
مصدرية الوحي للمعرفةمقدمة:
إنّ المعضلة الكبرى في المعرفة الإنسانية تكمن في تلك الآثار التي خلَّفها استبعاد الوحي عن مضمار المعرفة؛ إذ أعقب ذلك مشكلات منهجية وعقبات معرفية ضخمة. ومن المعلوم أنّ الظروف التي تعرض لها الفكر الغربي فأفضت إلي إلقاء الوحي وراء الظهور إنما هي ظروف في غاية الخصوصية وشديدة التعلق بالفكر الغربي نفسه؛ إذ لم يتعرض العالم الإسلامي لمثل تلك الظروف العصيبة ولم يمر بتلك المحن المعرفية الصعبة أصلاً؛ حيث أنّ العلم والدين في الإسلام مرتبطان ببعضهما أشد ما يكون الارتباط وذلك بخلاف الفكر الغربي الذي شهد صراعاً رهيباً بين رجال الدين ورجال العلم فكانت عاقبة ذلك الصراع أن تم إقصاء الوحي عن مضمار المعرفة، فصار ما لله لله وما لقيصر لقيصر وانحسر الدين واقتصر على الكنسية دون أن يكون له دور فاعل في تشكيل حياة الناس ومعارفهم؛ وبذلك صار المصدر الوحيد للمعرفة-عندهم- هو عالم الشهادة الحسي.
ولما انحسر دور الدين وتم حصر المعرفة في عالم الحس دون عالم الغيب الذي طريق المعرفة به هو الوحي لا غيره - فقد أفضى ذلك إلى خلل منهجي واضح في بناء العلوم وصياغتها، ولم يقتصر هذا الخلل على علم دون علم أو تخصص دون آخر وانما عم جميع العلوم – كما سيأتي، وان كان أثره في العلوم الإنسانية والاجتماعية أكثر وضوحاً؛ حيث أن هذه العلوم قد احتلت المكانة التي كان يحتلها وحي السماء في إرشاد الناس وتوجههم، وهذه العلوم - كما هو معروف - تتعلق بكثير من الأمور الغيبية التي لا تستطيع فيها حيلة أو تهتدي سبيلاً، ولذلك أعلنت هذه العلوم أزمتها وعجزها ليس في عالمنا الإسلامي وإنما في العالم الغربي أيضاً.
والحق أنّ الوحي يفتح أبواب الغيب ويقدم حلولاً لا يمكن الوصول إليها دون الاستعانة به، ولأجل ذلك صارت إعادته إلى مضمار المعرفة ضرورة معرفية اقتضاها تطور العلوم من جهة وعجزها عن حل كثير من المشكلات المستعصية من جهة أخرى كما سيأتي.
وإذا علمنا إن إعادة الوحي إلى مضمار المعرفة ضرورة منهجية ومعرفية -فمن الأهمية بمكان توضيح خصائص هذا الوحي في الإسلام؛ حتى يمكن التعامل معه بصورة منهجية في إطار المعرفة.
أولاً: مفهوم الوحي:
معنى الوحي في اللغة:
الوحي في اللغة يعني الإشارة والكتابة والرسالة والإلهام والكلام الخفي؛ يقال: أوحيت إليه: إذا كلمته بكلام أخفيه
وقد جاء الوحي في القرآن العظيم بمعان لغوية متعددة لم يكن المقصود بها الوحي الإلهي المعروف وهي:
1 - الإشارة السريعة:
ومنها قوله تعالى عن زكريا عليه السلام عندما جعل آيته له هي عدم استطاعته الكلام} فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ ? أي أشار إليهم دون أن يتكلم.
2 - الإلهام الغريزي للحيوان:
ومنه قوله تعالى} وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ?
3 - الإلهام الفطري للبشر:
ومنه قوله تعالى} وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ?
4 - وسوسة الشياطين:
ومنه قوله تعالى} وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ?
5 - ما يلقيه الله تعالى للملائكة ومنه قوله تعالى} إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا ?
المعنى الاصطلاحي للوحي:
إنّ المعنى الاصطلاحي الذي نقصده ونهدف إليه في دراستنا هذه هو ما يلقيه الله إلى أحد أنبيائه ورسله؛ نحو إنزاله القرآن على سيدنا محمدصلى الله عليه وسلم وإنزاله الإنجيل على سيدنا عيسى عليه السلام وإنزاله التوراة على سيدنا موسى عليه السلام وإنزاله الزبور على سيدنا داود عليه السلام.
ولا شك أنّ الجانب الذي يهمنا في هذه الدراسة هو ذلك الوحي المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إذ أننا -وإن كنا نؤمن بكافة الكتب التي أنزلها الله على أنبيائه صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- إلا أننا نجد عملياً أن تلك الكتب قد تغيرت عن أصلها الأول الذي أنزلها الله بها واعتراه من التبديل والتغيير ما اعتراها؛ ولأجل ذلك لا يمكن الاعتماد عليها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا اقتصرنا على ما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فإننا نجد أنّ الوحي ينقسم إلى قسمين هما:
1 - القرآن الذي أنزل عليه بلفظه ومعناه كما سيأتي.
2 - السنة التي أوحيت إليه من الله بمعناها وإنّ كان اللفظ من قبله صلى الله عليه وسلم
ثانياً: مفهوم القرآن:
1 - معنى القرآن في اللغة:
كلمة "قرآن" في اللغة تشير إلى معنى الجمع والضم
وقد سمى القرآن بذلك عند العلماء لعدة أسباب منها:
1 - لأنه جامع لثمرة جميع العلوم
2 - لأنه جامع لثمرة الكتب السماوية التي أنزلها الله من قبل
3 - لأنه جامع للسور (1).
2 - المعنى الاصطلاحي للقرآن:
لعلماء الإسلام تعريفات متعددة للقرآن منها ما يلي:
1 - يقول الشوكاني " حد القرآن اصطلاحاً هو الكلام المنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف المنقول إلينا نقلاً متواتراً "
2 - عرف بعض العلماء القرآن بقولهم " هو اللفظ العربي المنزل للتدبر والتذكر الذي نقل بالتواتر "
3 - يقول الشوكاني"قيل في حد القرآن هو الكلام المنزل للإعجاز بسورة منه"
مفهوم السنة:
1 - تعريف السنة لغة:
لكلمة " سنة" في اللغة عدة معان منها:
1 - الطريق المسلوكة
2 - الدوام والطريقة المعتادة سواء كانت حسنة أو سيئة كما في الحديث " من سنَّ سنَّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سنَّ سنَّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة " وسنة كل أحد ما عهد منه المحافظة عليه والإكثار منه سواء كان ذلك من الأمور الحميدة أو غيرها وفي الأصل تطلق السُّنة على الطريقة المحمودة وقد تستعمل في الطريقة المذمومة وتأتي في هذه الحالة مقيدّة بالصفة فيقال سنة سيئة كما في الحديث السابق.
2 - معنى السُّنة في الاصطلاح:
للسنة معان اصطلاحية متعددة، وذلك كالآتي
1 - تطلق عند أهل الشرع ويراد بها قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره.
2 - تطلق عند أهل الحديث بالمعنى العام ويراد بها الواجب وغير الواجب.
3 - تطلق عند الفقهاء ويراد بها ما ليس بواجب وذلك في تقسيمهم للأحكام باعتبارها " واجب وسنة ومندوب ومكروه ومباح .... الخ".
4 - تطلق عند علماء العقيدة في معنى يقابل البدعة؛ إذ يقال فلان من أهل السنة.
والمعنى الذي نريده في هذا المضمار هو المعنى الأول الذي هو ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأدلة الشرعية في أقواله وأفعاله وتقريراته التي هي غير القرآن
رابعاً: الفرق بين القرآن والسنة:
ذهب كثير من العلماء المحققين إلى أن السنة وحي وإرسال الهي بالمعنى؛ لا باللفظ والمعنى معاً كالقرآن؛ ولأجل ذلك يذكر الإمام القرطبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوتى الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أوتى الوحي الظاهر المتلو وهو القرآن؛ فيكون الوحي الوارد في السنة واجب العمل به ولازم القبول كالقرآن تماماً.
ويقول الآمدى " إنّ الوحي منه ما يتلى ويسمى قرآناً ومنه ما لا يتلى ويسمى سنة"
ويذكر ابن حزم أنّ الوحي ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: متلو معجز النظام " أي البلاغة" وهو القرآن.
الثاني: مروي منقول غير مؤلف ولا معجز " أي في البلاغة أيضا"
ولأقوال هؤلاء العلماء التي ذكروها أدلة من القرآن والسنة أما الدليل من القرآن فهو قوله تعالى:} وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ?
و الدليل من السنة قوله صلى الله عليه وسلم:" ألا أني أوتيت القرآن ومثله معه"
وعن عبد الله بن عمر ? قال: كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه فنهتني قريش فقالوا: إنك تكتب كل شئ تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله بشر يتكلم في الرضا والغضب فأمسكت عن الكتابة فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق"
والحق أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر؛ ولكنه بشر موحى إليه؛ وهذا الاختلاف الجوهري بينه وبين سائر البشر يجعل كل كلامه وحياً؛ قال تعالى:} قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ ?
وإذا ثبت أن كل ما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحي- فإنه من الضرورة بمكان بيان الفرق بين كلامه وكلام الله تعالى المتحدى به؛ ويكمن هذا الفرق في الآتي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - إن القرآن العظيم صادر من الله تعالى بلفظه ومعناه؛ ولأجل ذلك ثبت له الإعجاز في الأمرين كما سيأتي.
2 - إن السنة الشريفة وحي صادر من الله بمعناه لا بلفظه؛ إذ أن الألفاظ صادرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأجل ذلك صح إعجاز السنة في الحقائق وصدقها؛ لا في البلاغة والنظم كما هو شأن القرآن وسيأتي الحديث عن ذلك.
خصائص الوحي:
إنّ للوحي خصائص ومميزات وهذه الخصائص تشمل نوعي الوحي جميعهما؛ إلا أنها من الدقة بحيث يمكن أن تختلف في كل من النوعين اختلافاً بيناً؛ وهذا أمر شديد الأهمية كما سيأتي؛ وهذه الفروق بين النوعين ليست بالكثيرة؛ ولكنها جوهرية على كل حال كما سيأتي.
والحق أنّ بيان الخصائص من أهم الأمور المنهجية في تعاملنا مع الوحي، وذلك لأن التعامل المطلوب والمنهج المنشود لا يتأتى دون بيان هذه الخصائص من جهة ودون معرفة المسالك التي ينبغي أن تسلك من جهة أخرى.
وهذه الخصائص والمميزات التي يتميز بها الوحي في الإسلام أمور لا بد من التعامل معها بفهم ودراية، إذ أن من شأن التدبر المصحوب بالفهم والدراية أن يهدي إلى الحق وإلى سواء السبيل، وتتمثل هذه الخصائص في الآتي:
1 - إلهية المصدر:
سبق أنّ كلاً من القرآن والسنة - باعتبارها وحياً - صادرين عن الله تعالى لا عن سواه؛ ولكن القرآن صادر من الله لفظاً ومعنى؛ بينما السنة صادرة من الله بالمعنى فحسب.
2 - الإعجاز:
الإعجاز هو نسبة العجز إلى البشر عند التحدي، ومعلوم أن القرآن العظيم قد تحدى البشر قاطبة في غير ما آية أن يأتوا بمثله فما استطاعوا، وقد بين الله تعالى استحالة الإتيان بمثل القرآن؛ وذلك كما في قوله تعالى:} قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً?
وقوله:} وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَن يُفْتَرَى مِن دُونِ اللّهِ ?
يقول الإمام القرطبي وذلك " لإعجازه ولوصفه ومعانيه وتأليفه"
ويقول ابن عطية " وجه التحدي في القرآن إنما هو بنظمه وصحة معانيه وتوالى فصاحة ألفاظه"
ويقول ابن كثير " القرآن معجز من وجوه كثيرة منها فصاحته وبلاغته ونظمه وتراكيبه وما تضمنه من الأخبار الماضية والمستقبلة وما اشتمل عليه من الأحكام المحكمة الجلية "
ويتضح مما سبق أنّ الإعجاز عند العلماء على ثلاثة أنواع:
1 - إعجاز الفصاحة وجودة اللفظ؛ وحسنه؛ بحيث لا يستطيع البشر الإتيان بمثله.
2 - إعجاز النظم والتراكيب؛ بحيث لا يستطيع أحد أن يأتي بسبك مثله سبكه ولا تركيب مثل تركيبه ونظمه.
3 - صحة المعاني؛ حيث إنّ القرآن قد نزل من الله الذي أحاط بكل شئ علماً؛ فجاء لذلك صادقاً في أخباره الماضية والمستقبلة كما جاء عادلاً في أحكامه متوخياً مصلحة العباد فيها.
إعجاز السنة:
لما كانت معاني السنة وحياً يوحى فإنّ المعاني والعلوم التي فيها أيضاً صادرة من الله تعالى؛ ومن هنا يمكن أن يقال أن السنة الصحيحة معجزة من حيث معناها؛ بما اشتملت عليه من صدق الأخبار وعدل الأخبار.
الفرق بين إعجاز القرآن وإعجاز السنة:
يجتمع القرآن والسنة والكتب السماوية في أصولها الصحيحة في كونها جميعاً معجزة المعنى لصدورها من الله تعالى كما ذكر كثير من العلماء، إلا أن إعجاز الفصاحة والنظم أمور تفرد بها القرآن دون غيره، ورغم أن ألفاظ السنة الشريفة صادرة من أفصح العرب صلى الله عليه وسلم وقد بلغت درجة عالية من الفصاحة وجودة النظم - إلا أنه لم يقل أحد من علماء المسلمين بإعجازها في هذا الجانب. ويشهد التاريخ ما لحق بالسنة من وضع وتدليس وتزوير، وهذا يدل دلالة واضحة على أن السنة ليست بالغة التميز في الفصاحة والنظم - كما هو شأن القرآن الذي لا يمكن حدوث التزوير فيه أبداً لإعجازه في هذين الجانبين وتفرده فيهما.
الفرق بين إعجاز القرآن والكتب السماوية:
إنّ الكتب السماوية - وإن تنوعت شرائعها واختلفت مناهجها - إلا أنها في حقيقة الأمر ذات دين واحد وهو التوحيد، ولكن من الناحية العملية فهناك فروق جوهرية بين القرآن وسائر الكتب ينبغي مراعاتها؛ حتى نتمكن من البناء المنهجي عليها؛ ومن هذه الفروق ما يأتي:
1 - يجتمع القرآن والسنة والكتب السماوية في كونها جميعها صادرة من الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - لما كانت الكتب السماوية بالإضافة إلى السنة صادرة من الله - فهي معجزة من حيث صدق الأخبار وعدل الأحكام.
3 - إن الكتب السماوية -وإن كانت في أصلها الأول معجزة المعنى- إلا أن هذا الأصل لم يعد بين أيدينا الآن؛ إذ حرفت هذه الكتب وبدلت؛ وهذا يدل على أن إعجاز المعاني أيضاً في الكتب السماوية الأخرى قد أصبح إدراكه والتسليم به الآن أمراً مستحيلاً.
4 - العالمية:
نزل الوحي في أرض العرب وعلى نبي عربي؛ إلا أن هذا الدين لم يكن كغيره من الأديان السماوية السابقة؛ إذ لم يقتصر على أمة دون أمة ولا على شعب دون شعب وإنما كان للناس جميعاً، قال تعالى:
} قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ?
وقال أيضا:} وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ ?
وقال صلى الله عليه وسلم:" بعثت إلى الأحمر والأسود " أي العرب وغيرهم.
ويدل على ذلك ما اشتهر من دعائه صلى الله عليه وسلم لطوائف الجبابرة من العرب وغيرهم
ومن هنا يظهر الفرق بين رسالة محمد وغيره من الأنبياء في العالمية والقومية؛ وذلك كالآتي:
1 - جاءت رسالة محمد صلى الله عليه وسلم للناس كافة عربيهم وعجميهم مشركهم والكتابي منهم.
2 - إن الرسالات السابقة كانت ذات طابع قومي، فشريعة الأنبياء السابقين لم تكن ملزمة لغير أقوالهم:
} لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ ?
4 - اللسان العربي:
نزل القرآن وجاءت السنة بلسان العرب؛ يقول الله تعالى:
} إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً ?
وتترتب على هذه الصفة أمور هي:
1 - إن المعاني لا تقوم بأنفسها دون وعاء يحملها؛ ومن المعلوم أن الوعاء العربي الذي يحمل المعاني الإلهية هو القانون الذي به تدرك معاني القرآن والسنة.
2 - ذهب العلماء إلى أن أي معنى مستنبط من القرآن ليس فيه مراعاة لهذه اللغة الشريفة ولا جريان على قانونها فهو فاسد؛ يقول الإمام الشاطبي: "كل معنى مستنبط من القرآن غير جار على اللسان العربي فليس من علوم القرآن في شئ لا مما يستفاد به ولا مما يستفاد منه ومن ادعى فيه ذلك فهو في دعواه مبطل "
1 - ما من أحد يهمل القانون العربي الذي جرى عليه القرآن والسنة إلا وفي طبعه هوى لتفسير القرآن بما يلوح له دون التحقق من مراد الله.
5 - الخلود:
أنزل الله تعالى القرآن وحفظه على مر الأيام وتقادم الدهور؛ قال تعالى:
} إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ?
وهذا الحفظ له سمات وخصائص أيضاً هي:
1 - أحكم الله تعالى نظم القرآن بحيث لا يمكن تغييره ولا تبديله.
2 - خص الله هذه الأمة الإسلامية بالرواية والإسناد المتواتر وجعل ميراث النبوة يحمله من كل جيل عدوله من أهل العلم ينفون عنه تحريف المنحرفين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.
3 - إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خاتم الرسل وليس بعده من نبي ينتظر ولا كتاب يرتقب؛ وهذا الكتاب الذي أنزله الله عليه مصدق لما بين يديه من الكتب ومهيمن عليها فلو دخل فيه التحريف لما بقى لله على وجه الأرض دين صحيح.
6 - الهيمنة:
إنّ القرآن لما كان آخر الكتب السماوية فقد صدق ما قبله الكتب لكونها جميعاً من مصدر واحد وهو الله تعالى؛ ولكن تأخيره في الزمان وخلوده مع تحريف تلك الكتب وتبديلها جعل منه كتاباً مهيمناً عليها؛ وتتمثل هذه الهيمنة في الآتي:
1 - إنّ القرآن شاهد بصدق تلك الكتب ومؤيداً للحقائق التي وردت فيها.
2 - إنّ القرآن شاهد بكذب اليهود والنصارى بما حرفوه من التوراة والإنجيل، إذ حرفوا ما أنزله الله فصحّحه القرآن وثبته.
3 - إنّ القرآن حاكم على تلك الكتب؛ وذلك بإقراره ما أقره الله ونسخ ما نسخه؛ فهو كما كان حاكماً في الأخبار فهو أيضاً حاكم في الأوامر والنواهي
4 - إنّ معجزات الأنبياء السابقة هي صدق كتبهم عند انطباقها على الواقع بالإضافة إلى المعجزات الحسية المصاحبة كانفلاق البحر وقلب العصا حية لموسى وإبراء المرضى وإحياء الموتى لعيسى , أما القرآن فيختلف في ذلك اختلافاً جوهرياً، إذ هو معجز في نفسه أولاً ثم معجز في صدق أخباره وعدل أحكامه عند انطباقها على الواقع الخارجي.
7 - الرحمة والمصلحة:
جاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وتلطفاً بهم؛ إذ هو يحقّق مصالحهم ويدفع عنهم المفاسد؛ قال تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
} وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ?
حيث أنه يحقق السعادة لهم
وتتمثل هذه الرحمة في الآتي:
1 - بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين وذلك بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، ولأجل ذلك كان كل ما أمر الله به فيه مصلحة راجحة للعباد وكل ما نهى عنه ففيه مفسدة وضرر راجحين لهم
2 - ذكر كثير من العلماء أن التكاليف في الإسلام بما فيها من أوامر ونواه مبنية أصلاً على المصالح والمفاسد لا على غير ذلك
3 - لما أكمل الله تعالى للمسلمين الدين وأتم عليهم النعمة فإنه لم يهمل في كتابه مصلحة دنيوية ولا أخروية إلا نبّه عليها.
4 - لم تبن التكاليف في الشرائع الإلهية السابقة - كما ذكر كثير من العلماء - على جلب المصالح ودرء المفاسد كما هو في شريعة الإسلام؛ وإنما ارتبط التحريم في بعض الأحيان بالعقوبة لا بالمصلحة والنعمة؛ ولأجل ذلك قال تعالى عن اليهود:} فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ?
ويذكر ابن تيمية أنه قد حُرمت على اليهود ثلاثمائة وستين نوعاً من الأطعمة الطيبة ومع تحريم الله تعالى عليهم كثيراً من الطيبات فإن بعض الخبائث قد حللها لهم. ولما جاءت شريعة عيسى حللت لهم قليلاً مما حرم عليهم؛ ولكن شريعة عيسى أيضاً لم تكن مبنية على المصالح
أما شريعة الإسلام فيقول الله عن نبيها صلى الله عليه وسلم:} وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ?
ويذهب ابن تيمية -مبيناً الأمور التي انبنى عليها التحليل والتحريم في الإسلام – إلى أن وصف الحلال بالطيب والحرام بالخبيث ليس لكونها حلالاً وحراماً؛ أي لم تكتسب صفة الطيب والخبث من أحكامها؛ وإنما بنيت هذه الأحكام أصلا على أوصاف تلك الأشياء في أنفسها لا العكس.
8 - موافقة الحس:
إن الوحي منزل من عند الله والكون مخلوق لله، والوحي مشتمل على وصف لعالم الغيب والشهادة، ولهذا فانه لا يمكن بحال أن يناقض الوحي عالم الشهادة والحس؛ يقول ابن تيمية " لا يجوز أن يكون في القرآن ما يخالف صريح العقل والحس"
إلا أن لهذا الأمر خصائص وهي:
1 - رغم أن القرآن وعالم الحس متوافقان كل التوافق إلا أن البشر – كما يذكر ابن تيمية – قد تخفى عليهم الألفاظ في القرآن والسنة.
2 - إن البشر رغم معرفتهم بالألفاظ في بعض الأحيان قد تخفى عليهم المعاني
ولما كان الأمر كذلك فإن إدراك أمر التوافق بين الحس والقرآن يحتاج إلى ضوابط وهي معرفة القرآن وأسلوبه ومعانيه من جهة ومعرفة الكون وعالم الحس وخصائصه من جهة أخرى؛ وسيأتي الحديث عن ذلك.
9 - موافقة العقل:
إنّ الوحي الإلهي موافق للعقل الصريح ولا تجوز المخالفة والتناقض بين الأمرين؛ يقول ابن تيمية " العقل الصريح مطابق للسمع الصحيح"
ولما كان الأمر كذلك فقد وجب إدراك التوافق بين العقل والوحي؛ وذلك حتى يتم استهداء العقل بالوحي؛ يقول ابن تيمية " لا يكفي مجرد العقل؛ بل كما أنّ نور العين لا يرى إلا مع ظهور نور قدامه - فكذلك نور العقل لا يهتدي إلا إذا طلعت عليه شمس الرسالة"
ولما كان العقل مطابقاً للوحي وموافقا له فقد وجب التعامل مع الأمرين دون عزل لأحدهما عن الآخر؛ ويذكر شيخ الإسلام أن هنالك نوعين من الناس في عزل الوحي عن العقل كلاهما مذموم وهما:
1 - الذين جعلوا العقل هو الأصل والقرآن والسنة تابعين له.
2 - الذي رأوا أنّ العقل ليس بشيء يعتد به في أمر الدين فتعاملوا مع الوحي والإيمان دون إعمال للعقل.
ومن الملاحظ أن الله تعالى سمى من يقرؤون الوحي دون فهم لمعانيه ومقاصده بالأميين قال:} وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ ?
وقد فسرّ العلماء "الأماني " بأنها "التلاوة" فهؤلاء الناس سماهم الله تعالى بالأميين؛ رغم أنهم يعرفون التلاوة والقراءة والكتابة؛ ويذهب ابن تيمية إلى أن من لا يفهم معاني القرآن فهو أمي وان كان يحفظ القرآن ويعرف المكتوب
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول ابن قيم الجوزية " نزل القرآن ليتدبر ويعمل به فاتخذوا تلاوته عملاً، فليس بشيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن وإطالة التأمل فيه وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرها وعلى طرقاتها وأسبابها وغاياتها وثمراتها ومآل أهلها وتنله في يده كنوز السعادة والعلوم النافعة وتثبت قواعد الإيمان في قلبه وتشيد بنيانه وتوطد أركانه وتريه صورة الدنيا والآخرة "
وخلاصة ما سبق من كلام عن موافقة الوحي للعقل الآتي:
أ- إن الوحي والعقل الصريح لا يمكن أن يتعارضا، فحقائق الوحي موافقة للعقل وإن خفيت عليه في بعض الأحيان.
ب- لا يمكن الاكتفاء بالعقل دون الوحي ولا بالوحي دون العقل؛ إذ أن الوحي مصدر للمعرفة والعقل وسيلة هذه المعرفة، فإذا عطلت ملكات العقل فإنه لا يمكن الاستفادة من الوحي، وكذلك الأمر إذا عزل الوحي عن العقل واعتد بهذا العقل دونه.
10 - التنجيم
ذكر العلماء أن القرآن قد نزل كله جملة واحدة في ليلة القدر إلى بيت العزة بالسماء الدنيا، ثم أخذ ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم أجزاء متفرقة خلال ثلاث وعشرين سنة
وقد كان هذا التنجيم والتفرق لعدة أسباب هي:
أ-تثبيت فؤاد النبي صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى:} وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً? ولا شك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مرّ بمحن كثيرة خلال دعوته؛ فأخذ القرآن ينزل عليه تسلية له وتذكيراً له بأحوال الرسل السابقين وإعانة له في مواصلة دعوته والصبر على الكفار الجاحدين.
ب-إنزاله على الواقع:
كان القرآن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم حلاً لكثير من المشكلات في الواقع سواء كانت هذه المشكلات أسئلة من الكفار والمشركين أو استفسارات من المؤمنين، وكان للنزول أسبابه التي تؤكد ارتباط القرآن الوثيق بواقع الناس وشئونهم ومشكلاتهم التي ساهم التنجيم في حلها حلاً مباشراً.
ج- تيسير الحفظ:
إن من حكم التنجيم الحفظ والخلود وتيسير الفهم على المؤمنين؛ فلو أن القرآن أنزل جملة واحدة لكان فهمه وتدبره على الجملة، ولكن نزوله منجماً قد ساهم مساهمة فاعلة في جودة فهمه وإنزاله إلى الواقع.
ومن المعلوم أنّ القرآن قد نزل على محمدصلى الله عليه وسلم فتلقاه تلقياً وحفظه في قلبه ولم ينزل مكتوباً كالتوراة؛ ولهذا كان اعتماد أهل الكتاب على ما هو مكتوب، أما المسلمون فقد حفظوا كتابهم حفظاً ولم يفرطوا في حرف منه؛ يقول ابن تيمية "أنزل القرآن مفرقاً ليحفظ فلا يحتاج إلى كتاب"
د- التدرج في الأحكام:
إن من الحكم التي تحققت بالتنجيم التدرج في الأحكام، ومن المعلوم أن بعض العادات الاجتماعية الذميمة قد تكون متأصلة في المجتمع؛ بحيث لا يمكن اقتلاعها مرة واحدة، ولهذا جاء الوحي متلطفاً بهم متدرجاً بهم في مصاعد الرقي شيئاً فشيئاً ومن الأمثلة على ذلك "تحريم الخمر " الذي مرّ بعدة مراحل يتلو بعضها بعضاً، وقد كان شرب الخمر من الأمور التي لم يكن يتصور العقل اقتلاعها مرة واحدة وهي من مفاخر العرب وعاداتهم؛ إلا أنّ الوحي قد اقتلع هذه العادة المتأصلة من جذورها؛ إذ أخذ يأتي بالآيات التي تزيد من حصار هذه الظاهرة حتى قضى عليها في نهاية المطاف قضاء تاماً، وذلك على مراحل متتالية هي:
المرحلة الأولى: مرحلة التلميح:
يمثل هذه المرحلة قوله تعالى:} وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً ? وقد أنزلت هذه الآية بمكة وهي كما هو واضح تلمح إلى ان السكر ليس رزقاً حسناًً.وقد أخذ المسلمون يشربون الخمر رغم التلميح الذي يقرر أن السكر ليس رزقاً حسناً؛ فأحس معاذ وعمر ونفر من الصحابة بذلك التلميح؛ فقالوا: يا رسول الله أفتنا في الخمر فإنها مذهبة للعقل مسلبة للمال.
المرحلة الثانية: مرحلة الترجيح:
(يُتْبَعُ)
(/)
لما قال الصحابة لرسول الله أفتنا في الخمر فإنها مذهبة للعقل مسلبة للمال نزل قوله تعالى:} يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ? وهذه الآية ترجح الضرر على المنفعة، فشربها من المسلمين قوم وتركها آخرون.
المرحلة الثالثة: مرحلة التوقيت:
دعا عبد الرحمن بن عوف ناساً من الصحابة فشربوا وسكروا فقرأ أحدهم "قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون" فنزل قوله تعالى:} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ? فصار المنع متعلقاً بأوقات الصلاة لا غير.
المرحلة الرابعة: مرحلة التحريم:
دعا عتبان بن مالك وسعد بن أبي وقاص نفراً من الصحابة فلما سكروا افتخروا وتناشدوا؛ فأنشد سعد شعراً فيه هجاء الأنصار فضربه أنصاري فجرحه؛ فشكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر: اللهم بيَّن لنا في الخمر بياناً شافياً فنزل قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ? فقال عمر انتهينا يا رب
10 - عمومية الأحكام وإلزاميتها:
جاء الوحي متضمناً الشَّريعة السمحاء التي تلزم المؤمنين وتخرج الناس من أهوائهم المتعددة إلى مراد الله تعالى الذي ينصلح به أمرهم في الدنيا والآخرة. وقد تساوى الناس في أحكام الشَّريعة التي لم تستثن أحداً، ومن المعلوم أن الأصل مشاركة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته في هذه الأحكام حيث يقول:" صلوا كما رأيتموني أصلي" "وخذوا عني مناسككم"
وغيره من الأدلة التي لا تخرج حتى الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الأحكام، إلا أن بعض الأحكام قد جاءت خاصة به دون غيره من المؤمنين،
11 - تفرد الأسلوب:
ويتميز أسلوب الوحي – قرآناً وسنة - بثلاث خصائص هي:
أ- الأسلوب التفصيلي:
المقصود بالأسلوب التفصيلي أو الهدى التفصيلي تلك الأمور التي حددها الوحي تحديداً وتفصيلاً من ناحية عددها أو كيفيتها أو تحديد زمانها أو مكانها، وهذا الهدى التفصيلي له خصائص هي:
- الأسلوب التفصيلي أكثر ما يكون في المواضع التعبدية التي يقل فيها الاجتهاد وإعمال العقل.
-الأسلوب التفصيلي يكون في السنة أكثر من القرآن؛ وما ذلك إلا لأنّ السنة مفسرة للقرآن مبينة ما غمض منه ومفصلة ما أجمل فيه.
- يكون التفصيل بأشكال متعددة منها:
أ- التفصيل الكيفي نحو تحديد كيفية العقوبات الحدية وغيرها.
ب- التفصيل الكمي نحو تحديد عدد الزوجات وعدد الصلوات وعدد الركعات فيها وغير ذلك.
ج- التحديد الزماني نحو تحديد زمن الصيام وأشهر الحج وغيرهما.
د- التحديد الوصفي نحو تحديد مصارف الزكاة كالفقراء والمساكين وغيرهما.
ب- الأسلوب الكلي:
المقصود بالأسلوب الكلي أو الهدى الكلي تلك الأمور التي حددها الوحي بصورة كلية ولم يحدد تفاصيلها ولا جعل لها أمكنة ولا أزماناً نحو أمره بالعدل والإحسان في قوله تعالى:} إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ?
فالعدل والإحسان ونحوهما معان كلية متروك للعقل تحديدها حسب ضوابط الشرع، ومن المعلوم أن هذه المعاني مفهومة؛ ولكنها كلية واسعة؛ وليست كالأسلوب التفصيلي المحدد تحديداً قاطعاً؛ فالعدل هو ذلك المعنى الذي هو ضد الجور والظلم , أما الإحسان فمشتق من الحسن وهو ضد القبح واتساع المعنى واضح لا خلاف فيه. ولهذا الأسلوب الكلي في الوحي خصائص وهي:
• الأسلوب الكلي يكون في القرآن أكثر من السنة.
• يكون الأسلوب الكلي في المعاملات بصورة أكثر من العبادات، وبذلك يكون المعنى في المعاملات وتصرف الإنسان واسعاً ليشمل كل أنواع المعنى المطلوبة؛ فإذا أمر الله بالعدل ونهى عن الظلم امتد هذا المعنى فشمل كافة أنواع العدل المأمور به وكافة أنواع الظلم المنهي عنه.
ج- الأسلوب المقصدي:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأسلوب المقصدي في الوحي أعم من الأسلوبين السابقين؛ لأنه أكثر كلية منهما، والمقصود بالأسلوب المقصدي هو ذلك الأسلوب الذي يحدد الهدف والمقصد بصورة كلية،وينقسم هذا الهدى المقصدي إلى قسمين هما:
أن تجتمع مجموعة من نصوص الوحي لتحدد هدفاً واحداً، وقد درس علماؤنا المتقدمون هذا الموضوع وجمعوا علل الأحكام وأسبابها فوجدوا أنّ الشَّريعة الإسلامية كلها تخدم خمسة مقاصد كلية هي:
• حفظ الدين.
• حفظ النفس.
• حفظ العقل.
• حفظ النسل.
• حفظ المال.
12 - شموله للعلوم:
إن القرآن كتاب إلهي شامل لكافة حاجات الإنسان الدنيوية والأخروية، ولهذا لا بد له من أن يكون كتابا جامعاً لكل شئ؛ سواء على الجملة أو التفصيل، قال تعالى:} وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ ?
وقال أيضاً:} مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ? وعن على رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" ستكون فتن كقطع الليل المظلم قلت يا رسول الله وما المخرج منها قال كتاب الله تبارك وتعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل"
ويقول عبد الله بن مسعود " قد بُين لنا في هذا القرآن كل علم وكل شئ "
والحق أن الوحي عموماً -سواء كان قرآناً أو حديثاً مفصلاً له – قد حوى كل العلوم إما على الجملة والعموم أو بالتفصيل.
ويذكر الإمام القرطبي: " أن دلالة القرآن على كل العلوم دلالة مبينة مشروحة أو مجملة"
ويقول أيضاً " صدق خبر الله بأنه ما فرط في الكتاب من شئ إلا ذكره إما تفصيلاً وإما تأصيلاً"
ويقول ابن كثير " إن القرآن قد اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق وعلم ما سيأتي وكل حلال وحرام وما الناس إلا محتاجون إليه في أمر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم "
13 - صلاحيته لكل زمان ومكان:
جاءت رسالة محمدصلى الله عليه وسلم خاتمه للرسالات؛ قال تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم:} وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ?
ولما كان الأمر كذلك فقد لزم أن يكون القرآن الذي نزل للناس كافة في كل زمان ومكان صالحاً إلى قيام الساعة؛ حيث أنه لا ينسخه كتاب سماوي آخر؛ بل هو الناسخ لكل ما سبقه.
وقد أنزلت آيات كثيرة في الصحابة رضوان الله عليهم فكانت وقائعهم سبباً في النزول؛ إلا أن العلماء قد اتفقوا على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ بمعنى أن الآيات لا تقتصر على أؤلئك الذين نزلت فيهم؛ بل تتعداهم إلى كل من انطبقت فيه الصفات في كل زمان وفي أي مكان، ومن الملاحظ أن القرآن لم يذكر من أسماء المعاصرين للنزول إلا اثنين؛ أحدهما: صحابي والآخر مشرك، وذلك في قوله تعالى:} فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا ? وقوله:} تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ ?
وذلك لتعم الآيات كل من صدقت فيه الصفات في كل زمان ومكان ولا تقتصر على أناس بأعينهم؛ إذ أن خطابه تعالى عام.
14 - توحيد الآراء:
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القرآن:" وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تتشعب معه الآراء "
ولما كان الأمر كذلك فإنّ من شأن الوحي أن يوحّد الآراء المختلفة ويقارب بينها ورغم أن العلماء قد يختلفون في بعض القضايا - إلا أنّ الوحي يجمعهم في الأصول والثوابت الكبرى ولا شك أنّ الناس إذا ما انفلتوا عن هدى الوحي وأعرضوا - اختلفت آراؤهم وتشعبت أفكارهم؛ ويبدو ذلك واضحاً في الفكر الغربي؛ حيث إنّ العلماء فيه - رغم انهم قد اتفقوا على العلمانية وإبعاد الدين واعتماد المادة - إلا انك تجد في العلوم الاجتماعية والإنسانية خاصة من الاختلافات وتعدد المدارس وتضارب الأفكار ما يتعجب المرء له؛ وليس ذلك الأمر بخافٍ.
15 - التكامل:
إن من أبرز خصائص الوحي التكامل والانسجام؛ يقول الله تعالى:
? وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً ?
ولكنه لما كان من عند الله فقد وجد فيه العلماء تناسقاً وانسجاماً وتكاملاً ليس له مثيل في سواه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما كان الأمر كذلك فقد ثبت أن الوحي وحدة متكاملة بحيث يفسرّ بعضه بعضاً ويخصّص مخصصه عامه ويقيدّ مقيده مطلقه وهو على اختلاف ما يتصرف فيه يجعل المختلف كالمؤتلف والمتباين كالمتقارب الأمر الذي تجد خلافه في كلام البشر. ولهذا التكامل أوجهاً متعددة منها.
أ- التكامل في التخصيص:
التخصيص يكون بأن يأتي في القرآن موضع عام المعنى يخصصه معني آخر في موضع آخر من القرآن أو السنة؛ والقرآن يخصص نفسه والسنة؛ و كذلك السنة تخصص القرآن ونفسها أيضاً؛ وما ذلك إلا لأنّ الوحي كله وحدة متكاملة لا تتجزأ؛ يقول الإمام الشوكاني " احتج العلماء بأن القرآن كالكلمة الواحدة في أنها لا تتناقض " وكما أن القرآن في نفسه كالكلمة الواحدة فهو أيضاً مع السنة كذلك؛ يقول ابن حزم " إن القرآن والحديث الصحيح متفقان لا تعارض بينهما ولا اختلاف "
وللإمام الآمدي فصلان في كتابه " الإحكام في أصول الأحكام" أحدهما:عن تخصيص عموم السنة بخصوص القرآن، والآخر: عن تخصيص عموم القرآن بخصوص السنة.
ومثال تخصيص القرآن بالسنة ما يأتي: قال تعالى:
} وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ ?
حيث تحلل الآية كل أصواف الأنعام وأو بارها وأشعارها، ولكن السنة خصصت ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم:
" ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت"
ومن الأمثلة أيضاً قوله تعالى:
} يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ ?
خصصته السنة باستثناء الابن الكافر أو القاتل.
ومن الأمثلة أيضاً قوله تعالى بعد أن ذكر عدداً من محرمات النساء:} وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ ? خصصته السنة بما رواهـ أبو هريرة:"لا تنكح المرأة على عمتها"
د- التكامل في المعنى:
لما كان الوحي وحدة متكاملة فقد لزم جمع الآيات والأحاديث ذات الموضوع الواحد عند محاولة دراسة ذلك الموضوع؛ حتى يمكن الخروج بمعنى متكامل لهذا الموضوع، ومن المعلوم أن التجزئة والتفريق والاعتماد على النصوص المفردة المنعزلة عن بعضها من أخطر الأمور في الدراسة.
وهذه الوحدة لا تقتصر على آيات القرآن وحده بل تتعداه إلى السنة أيضاً، إذ أنّ كلا الأمرين وحي كما سبق، ولهذا وجب الجمع بين القرآن والحديث؛ إذ أنهما يتكاملان ولا يتعارضان؛ يقول ابن حزم " إن القرآن والحديث الصحيح متفقان لا تعارض بينهما ولا اختلاف ويوفق الله لفهم ذلك من شاء من عباده ويحرمه من شاء كما يؤتي الفهم والذكاء من شاء ويؤتي البلادة وبعد الفهم من شاء .... وصح بما ذكرنا بطلان قول من يضرب القرآن بعضه ببعض أو يضرب الحديث بعضه ببعض"
سادساً: مصدرية الوحي للعلوم الطبيعية والاجتماعية
إنّ من الأمور الواضحة عندنا أن الوحي مصدر للمعرفة الحقة، وهذا أمر لا يجادل فيه مسلم قط؛ إلا أن الواقع العلمي والتعليمي الآن عندنا لا يعتمد الوحي عملياً مصدراً للمعرفة أصلاً، وهذه مفارقه كبرى.
ورغم ما سبق من خصائص الوحي المعروفة التي تجعله يمثل مركزاً متميزاً من مصادر المعرفة - إلا أنّ هنالك أموراً قد ساهمت مساهمة كبيرة في إقصاء هذا الوحي عن مضمار المعرفة، وهذه الأمور بعضها يتعلق بعوامل داخلية نحو نظم التعليم عندنا من جهة وكوننا متلقين للعلم عن الغرب دون فحص ولا تمحيص من جهة أخرى. أما العوامل الخارجية المتعلقة بالفكر الغربي نفسه فمنها سيادة العلمانية من جهة وتصور الفكر الغربي الضيق للعلم والوجود من جهة أخرى؛ وتفصيل ذلك كالآتي:
1 - العوامل الداخلية لإقصاء الوحي كمصدر معرفي:
أ-نظم التعليم:
إنّ النظام التعليمي الحالي في العالم الإسلامي قد أثر تأثيراً سالباً في تعامل المسلمين مع الوحي باعتباره مصدراً من مصادر العلوم والمعرفة، ويبدو ذلك في ازدواجية هذا التعليم الذي انقسم إلى: ما هو ديني وما هو دنيوي، وقد سبق أن من خصائص الوحي في الإسلام مراعاة مصالح الناس في دنياهم وأخراهم وارتباطه الشديد بواقعهم واهتمامه بإصلاح هذا الواقع؛ وهذا أمر يدحض هذه الازدواجية منذ البداية، ورغم ذلك إلا أن النظام التعليمي قد قسم التعليم إلى اتجاهين ولم يحسن التعامل مع أي منهما وهذان الاتجاهان هما:
1 - التعليم الديني:
(يُتْبَعُ)
(/)
انفصل التعليم الديني عن التعليم الدنيوي، وأخذ بمنهج التلقي والحفظ من جزئيات تراثنا العظيم وأقوال علمائنا الأجلاء دون أن يكون لهذا التعليم دور في تعريف المتعلمين بمناهج تفكير هؤلاء العلماء وأسس جهودهم؛فأدى ذلك إلى تخريج أجيال من حفظة الجزئيات - التي قد تنسى حال تخرجهم - دون أن يكون لهم دور واضح في التفكير والاجتهاد ومعرفة المناهج العلمية السديدة عند علمائنا الأقدمين.
2 - التعليم الدنيوي:
الحق أنه ليس هنالك من تعليم يسمى بالدنيوي في مقابل آخر يسمي بالديني في الفكر الإسلامي عندنا؛ إذ أن هذا التقسيم ليس بتقسيم منطقي تعضده المسوغات والدواعي، ولكننا نتعامل مع هذا الأمر كأمر واقع قد نشأ من تقليد المناهج الغربية. ومما يزيد الأمر سوءاً أن تعاملنا مع العلم الوافد من الغرب كمقلدين قد أفضى إلى أخذ جزئياته كمسلمات علمية لا تقبل النقاش دون النظر إلى مناهج التفكير فيها من جهة ودون النظر إلى ما ورائها من أطر فلسفية كلية من جهة أخرى.
3 - التبعية للغرب
انتقلت العلوم من الغرب إلى العالم الإسلامي في ظل تبعية شاملة غطت كل المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، ومع نقل الغرب لما هو مفيد نقل معه تراثه الفكري والعلمي بكل ما فيه حيث لم يستثن هو ولا نحن شيئاً؛ فكانت نتائج ذلك ما يأتي:
* أخذ العالم الإسلامي علوماً اجتماعية وإنسانية لم تنبع من ذاته؛ ولم تكن حلاً لمشاكله؛ وإنما كانت صدى لمشكلات الغرب الخاصة التي عمل على ترويج أنها مشكلات عالمية باعتبار أنه مركز العالم؛ ولأجل ذلك لم تنجح هذه العلوم في حل مشكلات العالم الإسلامي من جهة بينما ناقشت قضايا تعتبر جانبية في العالم الإسلامي من جهة أخرى.
* عملت العلوم الاجتماعية على تحقيق الأهداف الاستعمارية وفرض المعايير والأنماط الثقافية الغربية بكافة مناهجها وقيمتها مع خنق الثقافة المحلية المناهضة
* لما لم تكن العلوم الاجتماعية والإنسانية علوماً محايدة - فقد أدى اعتمادها في العالم الإسلامي إلى الجهل بالذات وعدم إدراك الفوارق الذاتية لكل من المجتمعات الإسلامية والغربية.
2 - العوامل الخارجية لإقصاء الوحي:
سبق أن الفكر الغربي قد مرّ بمشكلات معرفية لم يتعرض الفكر الإسلامي لمثلها طوال مسيرته الطويلة عبر التاريخ، ولكن رغم ذلك تبنى العالم الإسلامي تلك العلوم الوافدة من الغرب بكل مشاكلها الخاصة التي تمثلت في الآتي:
(أ) سيادة العلمانية:
سبق أنّ العلمانية وإبعاد الدين قد غلبا في الفكر الغربي على كل ما هو ديني لاهوتي، وربما كان للغرب عذره الموضوعي في ذلك؛ إلا أن العالم الإسلامي ليس له من عذر في إسقاط هذه المشكلة الخاصة على نفسه؛ وذلك لأسباب منها:
• إنّ هذه المشكلة - في الأساس- إنما هي مشكلة خاصة تتعلق بالفكر الغربي في نفسه؛ وليس للفكر الإسلامي بها من شأن إطلاقاً.
• إذا كانت النصرانية التي يدين بها الغرب قد حرفت وبدلت فناقضت معطيات الكون - فإنّ ما سبق من خصائص الوحي التي ذكرناها تؤكد أنّ الوحي الإلهي في الإسلام قد ظل محفوظاً على حاله الذي به نزل من جانب كما أنه لا يناقض معطيات الكون ولا يناهضها؛ بل هو العلم الأكبر الذي يؤيد العلم الحق ويهديه إلي سواء السبيل.
ب- التصور الغربي الضيق للعلم والوجود:
سبق أنّ العالم الإسلامي قد استمد في العصر الحاضر من الغرب علومه ومعارفه بكافة أبعادها رغم ما فيها؛ فأثر ذلك في رؤيتنا للعلم الذي تم تحديد مفهومه وفق أطر فكرية واجتماعية معينة لم يشهدها العالم الإسلامي؛ ولم يكن له من شأن بها، ولأجل ذلك تم استبعاد الوحي عن علومنا المعاصرة كما استبعده الغرب تماماً؛ إذ لم نعد – للأسف - إلا تابعين ومقلدين له في كل شيء حتى ولو دخل جحر ضب - كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - لدخلناه.
ومعلوم – كما سبق – أنّ النظرة العلمانية التي استبعدت الوحي عن مضمار المعرفة قد مرت بأطوار عديدة؛ ثم استقرت على هذه المرحلة الأخيرة التي حددت مفهوم العلم وفق ما تبلور في حلقة "فينا" في الثلاثينات من القرن العشرين، وقد تم ذلك استبعاد الغيبيات التي يحويها الوحي، وتم حصر الحقائق العلمية في جانبين لا تتعداهما إلى سواهما وذلك كالآتي:
(يُتْبَعُ)
(/)
• إنّ الحقائق العلمية يجب أن تكون تجريبية يعتمد صدقها على مطابقة العالم الخارجي
• إنّ لم تكن الحقائق العلمية تجريبية فيجب أن تكون تحليلية يعتمد صدقها على العقل الأولي
ولما تم حصر الحقائق العلمية في الحقائق التجريبية والتحليلية - فقد استبعد أنصار حلقة فينا حقائق الوحي ولم يعتبروها كاذبة فحسب؛ بل اعتبروها بلا معنى “ meanigless”
وهذه النظرة الضيقة للعلم لم تمر بسلام؛بل إنها قد أثرت في هذه العلوم نفسها وأدخلتها في أزمة منهجية كبرى اشتكى منها حتى الغربيون أنفسهم.
سابعاً: حاجة العلوم المعاصرة إلى الوحي:
ذكر علماؤنا الأقدمون - كما سبق - أنّ الوحي يشتمل على كافة العلوم إما تفصيلاً أو تأصيلاً؛ أي: إما بتفاصيلها أو على الإجمال، ولا زال الوحي يؤكد أن عجائبه لا تنقضي؛ وإنّ العلماء كلما أمعنوا النظر فيه خرجوا بحقائق علمية في غاية الدقة.
ولما كان الأمر كذلك فقد فقدت المعرفة - باستبعاد الوحي - رافداً من أهم روافدها فدخلت في أزمة خانقة؛ ولم تقتصر هذه الأزمة على العلوم الاجتماعية والإنسانية التي باتت هذه الأزمة فيها واضحة ظاهرة؛ وإنما تعدتها إلى العلوم الطبيعية التي يتوهم الكثيرون أنها بمعزل عن هذه الأزمة من جهة وأن علاقتها بالدين والوحي ليست بالمباشرة كعلاقة العلوم الاجتماعية والإنسانية من جهة أخرى.
أ. حاجة العلوم الطبيعية للوحي:
يتوهم الكثيرون – كما سبق – أنّ العلوم الطبيعية كالطب والهندسة والزراعة والكيمياء والفيزياء وغيرها من العلوم الطبيعية لا حاجة لها بالوحي وذلك للآتي:
• الارتباط الشديد بين هذه العلوم وبين الواقع المادي، إذ أن طبيعة معطيات تلك العلوم مادية يعتمد إدراكها على التجريب والقياس الذي يمكن به دراسة الواقع المادي بصورة ممتازة. وهذا أمر لا خلاف عليه.
• تشهد هذه العلوم يوماً بعد يوم تطوراً هائلاً وتقدماً ممتازاً؛ الأمر الذي يدل دلالة واضحة على أنها لا تعاني أزمة منهجية ولا معرفية. ولكن هذه الأمور مع كونها صحيحة في النظر الجزئي - إلا أنها قاصرة قصوراً شديداً عن التصور الكلي الصحيح؛ والحق أن من يقول ذلك إنما يتوهم أن هذه العلوم حرفاً يدوية ومهناً لا تختلف عن غيرها من المهن العمالية التي لا تقتضي عند العامل تصوراً كلياً للأشياء؛ ويقول البروفسير محجوب عبيد عالم الفيزياء الشهير " هذا التصور قد يكون مقبولاً حين كان العلم في بداياته يتدرج نحو صقل طرق القياس وتطوير سبل الاستنباط والاستدلال والبرهان حين كان هذا العلم أقرب إلى حنكة الحرفة منه إلى عمق الفكر والمبدأ، ولكن التطورات المعاصرة في الفيزياء النظرية وعلم الكون والهندسة الوراثية قد تجاوزت ذلك الموقف الشكلي وقربت تطوراتها قضايا هذه العلوم من موضوعات البداية والنهاية وأطلت به على مشارف قضايا كبيرة في العقيدة والفلسفة، وهذه التطورات قد أحرجت الموقف الشكلي البسيط الذي يفصل بين الحقائق العلمية والمذاهب الفكرية وفضحت ضعفه أمام الأبواب المفتوحة نحو إشباع طموح الإنسان في الوقوف على أسرار الخليقة وطبيعة الأشياء
ولما كان الأمر على الوجه الذي ذكرناه فقد اتضح أنّ بالعلوم الطبيعية حاجة ماسة إلى الوحي ومعطياته وإن كانت حاجة العلوم الاجتماعية والإنسانية أقوى وأكبر كما سيأتي، وتتمثل حاجة العلوم الطبيعية للوحي في أمور منها:
*عندما يتحول المرء من الطبيعة المادية في هذه العلوم إلى الأطر الكلية الفلسفية يجد أنّ هذه العلوم تدخل بصورة مباشرة في أسئلة لا يمكن إيجاد حل لها إلا في وحي السماء.
*يؤكد علماء الطبيعيات أنه ليس هنالك من برهان تجريبي قط على صدق أي نظرية علمية تتعلق بالعلوم الطبيعية؛ فهذه النظريات - وانّ كانت مبنية على الملاحظات والحقائق التجريبية - إلا أنّ تشكيل النظريات يقتضي مفاهيم مترابطة ونسقاً متماسكاً؛ وهنا يدخل التصور الذهني الافتراضي الذي لا يمكن التحقق منه تجريبياً
(يُتْبَعُ)
(/)
*رغم أنّ الفكر الغربي قد استبعد المعرفة الغيبية التي مصدرها الوحي وحدد مفهوم العلم تحديداً صارماً - إلا أنّ علماء الطبيعيات في تشكيل نظرياتهم قد وقعوا في مفارقات منهجية؛ حين لم يتحرجوا من اللجوء إلى غيبيات متخيلة تساعد على فهم المشاهد والمحسوس، وقد مثّل البروفسير محجوب عبيد لاستعانة علماء الطبيعيات بغيبيات متخيلة بفرضية وجود جسيم النيوترون التي لوحظ فيها أن قدراً معيناً من الطاقة يختفي في بعض التفاعلات النووية دون سبب معلوم وللاحتفاظ بمبدأ "حفظ الطاقة" قدمت فرضية بوجود شيء غيبي ما يظهر عند حدوث هذه التفاعلات يختفي حاملاً معه الطاقة المفقودة وبتكرار التجارب حددت له خصائص عديدة توضح متى يتوقع ظهوره ومتى لا يتوقع وأصبحت هذه الفرضية متسقة مع كل التجارب وتوخذ في الاعتبار على أنها حقيقة لمدة عشرين عاماً قبل اكتشاف النيوترون تجريبياً وقد مثل البروفسير بأمور غيبية كثيرة يقتضيها التوفيق بين التجربة والمبدأ النظري
ولما كان الأمر كما سبق فليس من المعقول إطلاقاً أن ترفض الحقائق الغيبية التي جاء بها الوحي وكانت من الصدق بحيث لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها؛ ثم تقبل خيالات العلماء وتصوراتهم التي لا يمكن التحقق من صدقها تجريبياً.
ب. حاجة العلوم الاجتماعية والإنسانية للوحي:
إذا كانت العلوم الطبيعية - رغم طبيعتها المادية ورغم دقتها وصحة جزئياتها - قد احتيج فيها إلى معطيات الوحي؛ فإنّ العلوم الاجتماعية والإنسانية لهي أكثر حاجة للوحي من تلك العلوم الطبيعية؛ وتتمثل هذه الحاجة في أمور كثيرة منها:
• إنّ العلوم الإنسانية والاجتماعية ذات طبيعة تختلف كل الاختلاف عن تلك العلوم الطبيعية؛ ولأجل ذلك يكثر فيها من التنظير ما لا يكثر في العلوم الطبيعية الأمر الذي يجعل الإنسان أكثر تدخلاً فيها وأكثر تثبيتاً للأمور الذاتية
• إنّ الصفة العلمية – حسب المفهوم الغربي – في العلوم الاجتماعية والإنسانية مهتزة إلى حد كبير إذ أن موادها غير قابلة للتجريب والتحقق العلمي الأمر الذي يتيح تدخل الأهواء والخيالات البشرية في تفسير الظواهر تدخلاً مباشراً.
• إنّ العلوم الاجتماعية والإنسانية لما كانت ذات طبيعة قيمية فقد احتلت المكانة السامية التي كان يحتلها وحي السماء في إرشاد الناس وتوجيههم لما يصلحهم دون الاستعانة بمعطيات هذا الوحي الأمر الذي جعلها تتخبط تخبطاً شديداً دون أن تصل إلى شيء مقبول.
• إذا كان الوحي يساهم مساهمة فاعلة في تشكيل الرؤى الكلية للعلوم الطبيعية وإذا افترضنا أنه لا يمكن دخوله في جزئيات هذه العلوم ذات الطبيعة المادية؛ حيث يمكن إدراك هذه الجزئيات من الواقع المادي المحسوس مباشرة في أكثر الأحيان - فإن هذا الافتراض في العلوم الاجتماعية والإنسانية غير مقبول ابتداء؛ إذ أن هذه العلوم تحتاج إلى الوحي ليس في تشكيل الرؤى الكلية ولا في بلورة النظريات فحسب بل يتعدى الأمر ذلك إلى جزئيات هذه العلوم وتفاصيلها الدقيقة أيضاً، إذ أن طبيعة بنائها يقتضي ذلك.
• لما لم تجد العلوم الاجتماعية والإنسانية بعد استبعاد الوحي من سلطة مرجعية ترتكز عليها فقد اتخذت هذه العلوم – من العلوم الطبيعية سلطة مرجعية تحاول تقليدها في كل شيء؛ رغم الاختلاف الكبير بين الطبائع في كلا النوعين من العلوم، ولأجل ذلك ظهرت المفارقة الكبرى في نظريات هذه العلوم، الأمر الذي يستوجب إعادة الوحي إلى مضمار المعرفة حتى يخرج هذه العلوم من مآزقها المعرفية.
• لما احتلت هذه العلوم الاجتماعية والإنسانية المكانة العالية التي كان يحتلها الوحي في توجيه الناس وإرشادهم وأصبحت بديلاً له رغم عدم اعترافها بمعطياته - كانت ثمرة ذلك أنها لم تبن نفسها بناء صحيحاً ولا اتخذت سلطة مرجعية مناسبة ولا قدمت حلولاً معقولة للمشكلات خاصة مشكلات العالم الإسلامي المعاصر.
الخلاصة:
- إنّ الوحي يشمل القرءان والسنة.
- إلهية المصدر من أهم خصائص الوحي.
- من خصائص الوحي الإعجاز ويتعلق إعجاز القرءان باللفظ والمعنى والنظم بينما يتعلق إعجاز السنة بالمعنى فقط.
- الكتب السماوية تشارك القرءان في كونها جميعاً صادرة من الله ومعجزة في أخبارها عن الغيوب.
- الوحي الإلهي موافق لأحكام العقل الصريح.
- جاء الوحي بأسلوب متفرد لا يشابهه فيه أسلوب آخر.
- جاء الوحي صالحاً لكل الأزمنة والأمكنة.
- إنّ نظام التعليم عندنا اليوم باعتبار أننا متلقين للعلم من الغرب قد ساهم مساهمة فاعلة في إبعاد الوحي كمصدر للمعرفة؟.
- الوحي مصدر للمعرفة عند المسلمين إلا أنهم لا يتعاملون مع هذه الحقيقة علمياً وواقعياً.
- إنّ نظام التعليم الديني عندنا اليوم يعتمد على التلقي وحفظ الجزئيات دون التعرف على أسس جهود العلماء السابقين ومناهجهم.
- إنّ نظام التعليم الدنيوي قد نشأ من تقليد مناهج الغرب فأصبح المتعلمون يتعاملون مع معطيات العلوم الوافدة كمسلَّمات لا تقبل النقاش دون معرفة بخلفيات هذه المعطيات.
- أخذ العالم الإسلامي من الغرب علوماً اجتماعية وإنسانية لم تنبع من ذاته ولم تنشأ حلاً لمشكلاته الخاصة.
- إذا كان الغرب قد استبعد الدين لأنه خالف معطيات العلم وعالم الحس لكون الأصل الصحيح للمسيحية قد حرف، فإن الوحي في الإسلام قد ظل محفوظاً كما نزل من جهة، ثم أنه لا يناقض عالم الحس ولا يعارضه من جهة أخرى، بل إن الأمرين في الإسلام متوافقان كل التوافق.
- فقد العلم باستبعاده للوحي أهم مصدر من مصادره ولهذا دخلت العلوم الخاصة الاجتماعية والإنسانية منها في أزمة خانقة.
- تحتاج العلوم الطبيعية إلي الوحي في بلورة الرؤى الكلية فضلاً عن المرامي والأهداف وصياغة الفروض.
- إذا كانت العلوم الطبيعية تحتاج إلي الوحي فإنّ العلوم الإنسانية والاجتماعية أكثر حاجة للوحي، إذ إنّ طبيعة العلوم الإنسانية والاجتماعية قيمية ولهذا يكثر فيها التنظير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 May 2009, 05:04 م]ـ
تكامل الكون والوحي في مصدريةً المعرفة
مقدمة
كان خلق الكون دلالة على بديع صنع الله تعالى وعظيم قدرته وقد جعل الله للإنسان من الحواس المدركة ما يمكنه من معرفة هذا الكون المحسوس، ولهذا قال تعالى:? قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ ? أي جعل لكم من الوسائل ما تدركون به المسموعات والمبصرات والمعقولات.
ولما كان الأمر كذلك فقد كان الكون مصدراً للمعرفة ماثلاً بين يدي الناس تناله بالمعرفة حواسهم التي لا يتفاوتون فيها ولا يتفاضلون، ولهذا لم ينازع في مصدريته للمعرفة مسلم ولا كافر ولا علماني؛ اللهم إلا بعض النزعات الطفيفة في الفكر الغربي دحضتها النزعة المادة التجريبية كما سبق.
وقد دعا القرآن العظيم للسير في الأرض والنظر في الكون والتفكر في المخلوقات سواء كانت هذه المخلوقات في الأرض أو في السماء قال تعالى:? قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ?
ولما كان الأمر كذلك فقد كانت مصادر المعرفة في الإسلام منحصرة في أمرين هما:
1 - مصدر تشارك في الاعتراف به المعرفة العلمانية؛ وهو الكون الذي لا نزاع في مصدريته.
2 - مصدر تفرد به الإسلام عن المعرفة العلمانية وهو وحي السماء الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ولأجل ذلك ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن مصادر العلم أمران هما:
الحس "وهو المعنى الذي يشار به إلى إدراك الكون المحسوس ".
الخبر " ويقصد به وحي السماء"
وقبل التوغل في خصائص هذا الكون ينبغي النظر في مفهومه عند العلماء وهو على النحو التالي:
أولاً: مفهوم الكون:
1 - المعنى اللغوي للكون:
الكون مشتق من الفعل " كان" في حالة كونه فعلاً تاماً، تقول أعرفه منذ كان أي منذ خلق وبهذا المعنى يكون المقصود بالكون هو كل ما خلق الله تعالى وأحدث
2 - المعنى الاصطلاحي للكون:
مفهوم الكون عند علماء التأصيل باعتباره مصدراً للمعرفة يطلق على عالم الحس الذي يمكن إدراكه بالحواس البشرية الخمس وقد أطلق على الكون أسماء متعددة منها:
أ - عالم الحس:
ويراد به الكون الذي يمكن إدراكه بالحواس- كما سبق- ويطلق هذا المعنى في مقابل المعنوي والغيبي.
ب - عالم التجربة "المختبر" أو العالم التجريبي:
العالم التجريبي منسوب إلى التجربة التي هي ملاحظة العلماء الحسية للظواهر الطبيعية في شروط معينة، ويسمى المنهج الذي يدرك به هذا العالم بالمنهج التجريبي الذي يراد به الطريقة المشتملة على الملاحظة والتصنيف والتجريب والتحقيق؛ ويطلق اسم عالم المختبر في مقابل عالم الخبر الذي هو الوحي.
جـ- عالم الشهادة:
يطلق على الكون عالم الشهادة؛ وذلك لأنّ البصر المشاهد أقوى الحواس؛ ولهذا غلب عليها في هذه التسمية، وعالم الشهادة مقابل لعالم الغيب وهي تسمية قرآنية كما هو معروف؛ يقول تعالى عن نفسه:
"عالم الغيب والشهادة" وذلك في عشرة مواضع من القرآن العظيم
د- كتاب الله المنظور:
ويطلق هذا الاسم على الكون في مقابل كتاب الله المسطور الذي هو الوحي يقول تعالى: ? وَالطُّورِ * وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ * فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ * وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ * وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ ?
فيكون الأمر في ذلك على قسمين كما هو واضح؛ هما:
• كتاب الله المنظور "الكون".
• كتاب الله المسطور "الوحي".
ثانياً: خصائص الكون:
إنّ للكون الذي هو مصدر أصيل للمعرفة سواء في النظرة الإسلامية أو العلمانية خصائص؛ وهذه الخصائص منها ما تتفق فيه النظرتان ومنها ما تنفرد به النظرة الإسلامية، ولأجل ذلك يجب بيان الرؤية الإسلامية في هذه الخصائص مع مقارنة النظرة العلمانية بها، وتفصيل ذلك كالأتي:
1 - مخلوقية الكون:
من الأمور الثابتة عند الناس جميعهم مؤمنهم وكافرهم أنّ الله تعالى هو خالق الكون بكل ما فيه؛وليس هنالك من شيء لا يتعلق به خلقه؛ لأن كمال قدرته وعزته يبطل ذلك
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما كان خلق الله تعالى للكون أمر ثابت والناس عليه مفطورون - فقد أقر بذلك الكفار أيضاً؛ يقول تعالى عنهم: ? وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ? وقال أيضاً عنهم: ?وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ?
ولا شك أن السبب في إقرار الناس جميعهم بذلك هو الفطرة التي تدفع الناس دفعاً إلى الإقرار بأن الله هو خالقهم.ويذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن قيم الجوزية إلى أن الفطرة أمر آخر غير الإسلام، يقول ابن تيمية " إنهم كانوا يعلمون جميع ذلك ولم يكونوا بذلك مسلمين"
ورغم أنّ خلق الله للكون أمر ثابت في العقيدة الإسلامية ورغم إثبات القرآن لكون البشر جميعهم مقرين - في أنفسهم- بخلق الله للكون سواء كانوا مؤمنين أو كفاراً. إلا أن الغربيين قد انقسموا إلى قسمين هما:
أ- قسم عاند الفطرة وقال بعدم وجود الله أصلاً وعزى كل أفعال الله للطبيعة وهم أصحاب المعسكر الشرقي.
ب- قسم أقر بخلق الله للكون ولكنه أنكر دوره في تدبير وتسييره وهو القسم الثاني من الفكر الغربي كما سيأتي.
3 - التدبير الكوني:
يقر المسلمون حسب عقيدتهم السامية أن الله مدبر للكون ومتصرف فيه وفقاً لحكمته؛ يقول الله تعالى:
? إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ? (3).
ويقول أيضاً: ? قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ ?
وقال أيضاً: ? اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ ?
ولما كان الله تعالى كما جاء في القرآن هو المدبر لشؤون الكون فقد كان الإيمان بالقضاء والقدر ركناً أساسياً في عقيدة المؤمن، إذ أنّ الله تعالى متصرف في هذا الكون تصرفاً ثابتاً لا ينازع فيه مؤمن.
ورغم كل ما سبق إلا أنّ الفكر الغربي قد انقسم في هذا الأمر إلى تيارين هما:
1 - التيار المعاند:
أنكر هذا التيار وجود الله أصلاً، وإذا كان هذا التيار قد أنكر الوجود - فمن الطبيعي أن ينكر التدبير أيضاً، وقد ذهب أنصار هذا التيار إيغالاً في العناد إلى أنّ الكون قد تشكَّل بالصدفة لا عن طريق القصد والإرادة؛ وزعموا أن عناصر الذرة قد تلاءمت وتناسبت بمرور السنين، وقد وجدت الحياة في شكل خلية أولية تنامت على مرّ السنين؛ وليس وراء ذلك من إرادة هادفة؛ وإنما هي صدف وموافقات ومنهم من ذهب إلى أن التنوعات الحادثة إنما حصلت بطريق الضرورة في البيئات المختلفة؛ وليس وراء ذلك تدبير أو إرادة هادفة، ولكن من مفارقات هذا التيار أن الحارس الشخصي لستالين ذكر أنه رغم كراهيته للقساوسة والرهبان إلا أنه متدينا متعبدا في السر بحيث لا يراه أحد وكان يدعو الله الذي تنكر وجوده فلسفتهم
2 - التيار المعتدل مقارنة بغيره:
رغم أن التيار المعتدل في الفكر الغربي قد أقر بوجود الخالق - إلا أنه أنكر أن يكون له دور في تدبير الكون وتصريفه، إذ أن الله تعالى عندهم قد وضع في الأشياء قوانين ذاتية طبيعية تسير بها أنفسها دون حاجة إلى تدبيره وتصرفه المباشر؛ إذ أن الله تعالى عندهم ليس إلا كالمهندس الذي صنع الساعة ابتداء ثم تركها تدور وفق قانون معين وضع أساسه هو؛ وليس له بعد ذلك من دور في تسيير هذه الساعة أو مواصلتها لعملها الدائب.
وخلاصة القول في هذا المضمار أن العقل يكشف عن خلل كبير في الرؤية الكلية التي انبتت عليها العلوم الحديثة؛ فإذا كان الله تعالى بقدرته العظيمة قد خلق هذا الكون البديع أفليس من السهل عليه وهو الذي خلق الكون بهذه الدقة الفائقة – أن يكون مدبراً عالماً بما يجري فيه يقول تعالى:? أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ?
(يُتْبَعُ)
(/)
أما التيار الثاني في الفكر الغربي فقد ألغى التمايز بين عالم التنزيه الإلهي وعالم الخلق؛ إذ أنكر العالم الإلهي وعزى كل شيء إلى الطبيعة، وهذا الرأي الإلحادي قد شابه رأياً قديماً في وحدة الوجود وإلغاء الفوارق بين الخالق وخلقه وجعل الكون والطبيعة هي بعينها الخالق العظيم، وقد ناهض علماؤنا الأقدمون هذا الاتجاه الإلحادي وهاجموه بشدة إذ ليس من المعقول في حكم العقل أن يخلق أحد شيئاً ثم يتحد معه في الذات؛ والله من صفاته أنه متكبر متعال عن جميع خلقه كما وضح القرآن وجاءت السنة.
3 - المصلحة والرحمة:
خلق الله تعالى الكون رحمة للبشر وتلطفاً بهم ومن أجل منافعهم ومصالحهم؛ قال تعالى: ? هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً?
أي جعل لكم وتفضل عليكم وأنعم بكل ما في الأرض، وهذه الآية دليل على أنّ الأصل في الأشياء الإباحة حتى يقوم الدليل على الحظر بمعنى أنّ الله قد خلق كل الأشياء لمصلحة العباد ومنفعتهم، إلا أنه إذا بينّ حرمة بعض الأشياء فإنها تصبح محرمة مع بقاء غيرها على الحلية والإباحة.
وقد خلق الله كل هذه الأشياء مع إمكان أن لا تخلق؛ ولكنه لما راعى مصلحة العباد؛ فقد خلقها لهم وهو الغني المستغني عن كل شيء وهذا الأصل قد عول عليه كثير من علماء الإسلام؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية " إنّ الأصل في جميع الأعيان الموجودة على اختلاف أصنافها وتباين أوصافها أن تكون حلالاً مطلقاً للآدميين وأن تكون طاهرة لا يحرم عليهم ملابستها ولا مباشرتها ومماستها، وهذه كلمة جامعة ومقالة عامة وقضية فاضلة عظيمة المنفعة واسعة البركة يفزع إليها حملة الشريعة فيما لا يحصى من الأعمال وحوادث الناس"
ورغم أنّ كل الأشياء قد خلقها الله لمصلحة عباده إلا أنه ينبغي مراعاة الضوابط الشرعية حتى يمنع الإنسان -من شهوات نفسه - ما منعه الله تعالى وحتى تسير اللذات والشهوات الإنسانية في هذا الكون وفق ما أراده الله؛ ولكن الفكر الغربي قد استباح كل شيء حتى ظهر الفساد في البر والبحر ولم يعد لإشباع رغبات الإنسان وشهوات نفسه من حدود ولا ضوابط، إذ تعدى الإنسان- مراعاة لمصالحه -على مصالح الآخرين، أما الإسلام فقد كان على خلاف ذلك؛ إذ جعل اللذات والشهوات في هذه الدنيا على قسمين:
1 - شهوات ولذات أنكرها الشرع الحنيف وجعلها محرمة وهي تلك الشهوات التي لا ضابط لها.
2 - شهوات ولذات ومصالح أقرها الشرع وجعل قضاءها عملاً صالحاً وهي تلك السائرة وفق حدوده وضوابطه، يقول ابن تيمية " إنما خلق الله سبحانه اللذات والشهوات في الأصل لتمام مصلحة الخلق فإنهم بذلك يجتلبون ما ينفعهم كما خلق الغضب مثلاً ليدفعوا به ما يضرهم وحرم من الشهوات ما يضر تناوله وذم من اقتصر عليها؛ أما من استعان بالمباح الجميل؛ فهذا من الأعمال الصالحة"
4 - التوازن:
خلق الله الكون وجعله متوازناً بحيث لا يختل نظامه ولا يفسد؛ وهذا التوازن من شأنه أن يكون وفق قوانين إلهية كونية ضابطة، قال الله تعالى:? وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً? أي أعطى كل شيء هداه وصلاحه
ويقول الإمام القرطبي " قدر الله كل شيء على ما أراد لا عن سهوة وغفلة؛ بل جرت المقادير على ما خلق الله إلى يوم القيامة "
وقد اقتضت حكمة الله أن يكون الخلق متوازناً، إذ خلق كل شيء بقدر وحكمة مرادة، وهذا التوازن يشير إلى وحدانية الخالق جل وعلا قال تعالى عن السموات والأرض ? لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ?
ولكن لما يكن من إله غير الله - فقد صار الكون في توازن ونظام بديع، ويتجلى هذا التوازن في الكون في كلا الصعيدين: الطبيعي والإنساني؛ وتفصيل ذلك كالآتي:
1 - التوازن الطبيعي:
لما كان الكون مخلوقاً لأجل الإنسان ومرتبطاً بمصلحته ارتباطاً وثيقاً- فقد ذهب علماؤنا الأقدمون إلى مناقشة قضية خلق الله للمؤذيات كالحيات والعقارب وغيرها ويذهب ابن تيمية إلى أن " جميع المخلوقات قد خلقت لغاية مقصودة ... وهذا مما يبين أن الله قد خلق الأشياء لحكمة"
(يُتْبَعُ)
(/)
والحق أن كل شيء فيه مصلحة وحكمة سواء خفيت هذه الحكمة أو ظهرت وكلها تشير في نهاية المطاف إلى التوازن والمصلحة الكونيين. ومن المعلوم أنّ للصين تجربة في قتل الطيور التي عندما تم القضاء المبرم عليها من جهة تكاثرت الفئران من جهة أخرى فأحدثت فساداً أكبر مما كانوا يخشونه، وهذا يدل دلالة واضحة على التوازن الكوني.
2 - التوازن الاجتماعي والإنساني:
ذكر الله تعالى في كتابه العزيز أنه قد جعل الكون متوازناً ومنع عنه الفساد بدفع قوة بعض الناس بقوة الآخرين؛ يقول تعالى:
? وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ?
فالعالم ليس مسيراً بأهواء الناس وشهواتهم؛ وإلا وقع الفساد والإفساد؛ وإنما هو مسير بقدرة الله تعالى وتدبيره قال تعالى
? وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ?
ومعلوم أنّ تدخل الإنسان بغروره وطموح شهواته التي ليس لها حد ولا ضابط - في كل شيء في الكون سوف يقلب الكون عليه جحيماً لا يطاق.
5 - الغائية وعدم العبث:
ذكر الله تعالى في كتابه العزيز أنه ما خلق هذا الكون لاعباً أو عابثاً؛ وإنما خلقه لغاية وهدف وحكمة؛ قال تعالى:? أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً ? وقال أيضاً: ? وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ?
وقال أيضاً:? وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ?
وقال أيضاً: ? وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ?
ولا شك أنّ الإنسان إذا اقتصر على الكون المادي دون تجاوز ذلك بالنظر فإنه لا يمكن أن يدرك عظمة الله ولا قدرته ولا حكمته من خلال هذا الكون؛ ويكون علمه بذلك علماً بظاهر الحياة الدنيا بصورة سطحية لا تعمق فيها ولا تفكر ولا نظر.
ومعلوم أن الحس وحده لا يدرك أمراً كلياً؛ وإنما يدرك الجزئيات؛ والذي يدرك الكليات - كما ذكر العلماء هو العقل لا الحواس، كما أن العقل ينفرد عن الحس بأنه يدرك العواقب والمآلات وما وراء هذه الأمور الحسية
ولأجل ذلك يجب إعمال العقل حتى يتمكن الإنسان من إدراك الحكمة الإلهية وراء خلق الله للكون. ومن الجدير بالذكر في هذا المضمار أنّ العقل - وإن كان يمكنه الوصول إلى الله ومعرفة حكمته من خلال الكون - إلا أنّ الله تعالى قد أنزل للبشر من النور ما به يمكن للعقل أن يرى الأشياء بوضوح؛ ولأجل ذلك كان العقل وحده ليس سبباً في السعادة والوصول إلى الله؛ يقول ابن تيمية " الذكاء والفطنة لا يوجبان السعادة ولا ينفع الإنسان ذلك شيئاً إلا أن يعبد الله وحده لا شريك له ويؤمن برسله واليوم الآخر"
6 - محدودية الأجل:
خلق الله الكون من العدم؛ فكانت لحظة الخلق هي البداية، ولما كان الكون حادثاً بعد أن لم يكن - فقد كان من الطبيعي أن تكون له نهاية يفنى فيها؛ وبهذا المعنى جاء القرآن وتكلمت السنة.ورغم أن ذلك أمر ثابت في عقيدة المسلمين إلا أن العلم الطبيعى قد ساد فيه حتى منتصف القرن العشرين أن الكون أزلي دائم لا بداية له ولا نهاية ولكن تكَّشف لهذا العلم أخيراً ما يوافق ما جاء به القرآن.
7 - محدودية علم الإنسان بالكون:
من الثابت في الإسلام أنّ الإنسان مهما بلغ من العلم والمعرفة فإن علمه يبقى محدوداً قاصراً؛ قال تعالى:? وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ?
إلا أن الإنسان - لغروره الكبير- قد قيد الوجود بمعرفته فما عرفه فهو موجود وما لم يعرفه فهو غير موجود؛ ولأجل ذلك كانت نظرية الوجود في الفكر الغربي تابعة لنظرية المعرفة وهذه مشكلة كبرى، يقول ابن تيمية متحدثاً عن اتجاه قديم شبيه بذلك "إنهم يظنون أن لا موجود إلا ما علموه هم ... فإنّ عدم العلم ليس علماً بالعدم؛ ولكن نفيهم كنفي الطبيب للجن لأنه ليس في صناعة الطب ما يدل على ثبوت الجن؛ وإلا فليس في علم الطب ما ينفى وجود الجن، وهكذا تجد من عرف نوعاً من العلم وامتاز به على العامة الذين لا يعرفونه فيبقى بجهله نافياً لما لا يعلمه، وبنو آدم ضلا لهم فيما جحدوه ونفوه بغير علم أكثر من ضلالهم فيما أثبتوه
(يُتْبَعُ)
(/)
وصدقوا به، قال تعالى: ? بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ ? "وهذا لأنّ الغالب على الآدميين صحة الحس"
ولا يقتصر الأمر على الغيبيات المتعلقة بالكون؛ بل إن الإنسان قد يعجز عن إدراك ما تدركه الحواس؛ كما أن الحس نفسه قد يعرض له ما يوجب غلطهومن الأمثلة على ذلك قضية تطور الجنين في بطن أمه وهى مسألة مادية حسية - زعم العلم المادي في أول أمره فيها: أن الإنسان يتكون من دم الحيض؛ ثم غير رأيه ليقول إن الإنسان يخلق كاملاً "قزماً " في الحيوان المنوي على صورته الإنسانية الكاملة، وفي القرن العشرين دحض التصوير كافة أراء العلماء وجاءت النتيجة كما قررها القرآن
? وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ?
وإذا كان الوحي الإلهي العظيم يمكنه مد المعرفة الحسية بأمور حسية من صميم اهتمامها فمن باب أولى أن يمدها بما لا يمكن إدراكه إطلاقاً بالحواس من الغيبيات.
7 - ارتباط العلم الكوني بالعقل:
سبق أنّ الحواس يمكنها إدراك عناصر الكون المادية - إلا أنها تدرك الجزئيات لا الكليات والعواقب والمآلات؛ أي: أنّ الحكم على المدركات الحسية يرجع في نهاية المطاف إلى العقل؛ خاصة وأن الأمور الحسية لا تقدم التفسيرات بنفسها؛ كما أن علاقة التشابه والتقارب والسببية بين الأشياء ليس بذات صدق داخلي؛ وإنما هي أمور ترجع إلى العقل البشرى الذي يدرك هذه الأمور
ولما كان الأمر كذلك فإنّ النظريات العلمية إنما هي أمور عقلية وليس هنالك من دليل تجريبي واحد على صحة أي نظرية علمية- كما ذكر البروفسير محجوب عبيد فيما سبق- ولأجل ذلك فإنّ النظريات العلمية إنما هي مجرد فروض وخيالات ملائمة لتفسير الظواهر الطبيعية، ولكن إذا كان الوحي العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إلهي المصدر وموافقا لعالم الحس أيضاً؛ إذ أن كلا الأمرين صادر من الله تعالى ألا يجدر بنا صياغة الفرض العلمي “ Hypothesis” - على الأقل - من معطيات الوحي الكريم بدلاً من خيالات العلماء وأوهامهم التي ليس لها من دليل تجريبي واحد.
8 - ارتباط العلم الكوني بالغيبيات:
إنّ الجانب المدرك بالحس من الوجود ليس هو كل شئ؛ بل إنّ هذا الواقع المادي يرتبط ارتباطاً عميقاً بأمور غيبية ليس هنالك من طريق لمعرفتها إلا عن طريق الوحي العظيم، وقد أدرك الغربيون أخيراً أنّ الطريقة المادية التجريبية ما هي إلا طريقة واحدة فقط من بين عدد من التصورات الممكنة، وقد نظر مؤرخو العلم في بداية الأمر إلى العلم الحديث باعتبار أنه سلسلة مترابطة ومتراكمة من الانتصارات على الجهل والخرافة، ولكن التطبيق العملي جعلهم يعيدون النظر في الطريقة الحسية التي اعتمدوها دون سواها وذلك للآتي:
• إنّ العلم الآن يواجه مشكلات أخلاقية كبرى.
• هناك قوى خارجية كثيرة تضغط على العلم وتؤثر عليه دون أن يكون هنالك سبيل إلى إدراكها.
• أنّ التطور التكنولوجي الهائل الذي لا ضابط له ولا أخلاق قد نجمت عنه مخاطر جمة يعود ضررها على الإنسان نفسه.
9 - توافق الكون والوحي:
سبق أنّ الكون مخلوق لله والوحي منزل من عنده كذلك؛ولأجل ذلك فمن الطبيعي أن يكون هنالك توافق بينهما ما دام الاثنان من مصدر واحد، وقد سيطرت فكرة التوافق بين الوحي والكون على علمائنا الأقدمين فصرحوا بها كما سبق، وليس ذلك فحسب بل إنّ العلماء الذين قاموا بنقد المتن في الحديث قد اشترطوا فيه أن لا يكون مناقضاً للأمور الظاهرة في الكون وإلا ردوه، ولا شك أنّ الوحي -كما سبق- إنما جاء لإصلاح حال البشرية في الدنيا والآخرة، ولاشك أنّ ارتباط الدين بالدنيا وواقع الناس من شأنه أن يجعل الرابطة بين الوحي والكون الذي يعيش فيه الناس حياتهم الدنيا – قوية ووثيقة، وقد اشترط الفقهاء المعرفة بالواقع المعيش وسموا ذلك بـ"تحقيق المناط " وذلك لأنّ الواقع الكوني سواء كان طبيعياً أو اجتماعياً له تداعيات ومآلات ومتغيرات لو لم يعرفها الفقيه
(يُتْبَعُ)
(/)
خيف على الأحكام أن تنزل على غير ما وضعت له أو أكثر مما وضعت له أو أقل.
وخلاصة القول في هذا المضمار أنّ الوحي العظيم موافق لعالم الحس تمام التوافق بحيث لا يتناقصان ولا يتعارضان، وهذه القضية قد جرَّت بعض الباحثين المعاصرين إلى مأزق كبير وهو محاولة التوفيق بين معطيات الوحي ومعطيات العلوم الحديثة؛ ومعلوم أنّ الوحي كلام إلهي مطلق الصدق والصحة؛ والعلوم الحديثة ليست كذلك؛ بل منها ما ثبت صدقه ومنها ما لم يتكشف سره انكشافاً تاماً ومنها النظريات التي لا دليل على صدقها ولا سبيل إلى تكذيبها بواسطة المنهج التجريبي حتى الآن على أقل تقدير، ولهذا فإننا نقول بشكل لا يقبل التنازل أن العلوم يجب أن تكون ثمرة من ثمرات القرآن وليس مجرد شاهد على صحته، إذ أن محاولة البحث عن الشواهد العلمية المثبتة لصحة القرآن تقود مباشرة إلى التوفيق والتلفيق كما سيأتى.
10 - تفاوت الخلق:
ذكر الله تعالى أن الأشياء الكونية متفاوتة الخلق حيث أن بعض المخلوقات أعظم من الأخر وهذا التفاوت ليس متعلقاً بقدرة الله تعالى، إذ أن خلقها لديه واحد، ولكن هذا التفاوت يتعلق بالمخلوقات في أنفسها، وليس الإنسان بأعظم خلقاً مما سواه، يقول الله تعالى:
? فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ ?
وقال أيضاً: ? أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا ?
وهذا الأمر يدل دلالة واضحة على أنّ الإنسان ليس أعظم المخلوقات خلقاً؛ وإنما هنالك من المخلوقات ما هو أعظم وأعقد، ولكن الإنسان ينظر إلى نفسه ويجهل لغروره قدرة الله تعالى التي لا تحدها حدود. ورغم هذا التفاوت الواضح بين المخلوقات إلا أنها جميعاً -كما سبق عند الله - يسيرة وعلى درجة واحدة؛ وما خلق واحد من الناس عنده إلا كخلق الناس كلهم.؛ قال تعالى:
? مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ ?
11 - استخلاف الإنسان في الكون:
جعل الله تعالى الإنسان خليفة له يحكم بالعدل بين خلقه، والمقصود بالخليفة الحق هنا الإنسان الذي يقوم بطاعة الله لا الذي يفسد في الأرض ويسفك الدماء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله في أرضه"
وقد علق الإمام القرطبي على ذلك بقوله: " هذه منقبة عظيمة وفضيلة كريمة شريفة " ولا شك أنّ الاستخلاف في الأرض يقتضي الإعمار وتسخير الكون قال تعالى:?هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ?
وقال أيضاً: ?هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ?
ولما كان الأمر كذلك فيجب على الإنسان أن يراعي أوامر من جعله خليفة له ويجتنب نواهيه في تعامله مع الكون؛ وإلا فإنّ سعي الإنسان للفساد في الكون وسفك الدماء جرياناً وراء طموحه الذي لا ينتهي سوف يعود بالضرر على الإنسانية جمعاء كما هو حادث في الحضارة الغربية السائدة الآن.
12 - إمكانية إدراك عناصر الكون:
من الأمور الثابتة عند المسلمين كما سبق أنّ المعرفة ممكنة؛ وليس هنالك من شيء يمنع الإنسان عن هذه المعرفة، وقد أمر الله تعالى في كتابه العزيز بالسير في الأرض والتفكر في خلق السماوات والأرض قال تعالى: ? قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ?
وقال أيضاً: ? أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ?
فهذه الآيات الكريمة تدعو للنظر والتفكر فيما خلق الله من شيء، ولو لم تكن المعرفة ممكنة ومتاحة لما كان لهذا الأمر الإلهي من معنى.
والحق أنّ المسلمين الأوائل قد تعاملوا مع هذه الأوامر تعاملاً جاداً فأتوا بالمنهج التجريبي فترجموا هذه الأوامر الإلهية إلى منهج عملي. وقد أصبح المنهج التجريبي معلماً واضحاً من معالم الحضارة الإسلامية حيث استخدم في التعامل مع الطبيعة. ومن الذي طبقوا هذا المنهج التجريبي من الأطباء ابن الهيثم الذي استقرأ وتصفح وخرج بالنتائج، ومن علماء النبات ابن البيطار الذي ذهب إلى إثبات ما صح عنده بالمشاهدة والنظر والخبرة وغيرهما كثيرون.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا شك أنّ المنهج الإستقرائي “ Induction” الذي يقوم بتصفح الجزئيات للخروج بالقاعدة الكلية التي تستند على العلية والاطراد قد كان أكبر خدمة قدمت من علماء المسلمين للبشرية جمعاء يقول بريفولت " إن ما نسميه بالعلوم قد جاء نتيجة لمناهج في التجربة والملاحظة والقياس أدخلت إلى أوربا بواسطة العرب. إن العلم الحديث هو أكبر إسهامات الحضارة الإسلامية"
وتقول زيغريد هونكة "إن المسلمين قد أسسوا الطرق التجريبية في أنواع العلوم وقدموا اكتشافات كثيرة في فروع المعرفة وبالإضافة إلى هذا قدموا للغرب أثمن هدية وهي طريقة البحث العلمي الصحيح التي مهدت أمام الغرب طريقه لمعرفة أسرار الطبيعة"
ولم يكن هذا المنهج الذي تفرد به المسلمون وأصبح فيما بعد أهم أساس من أسس التقدم العلمي في الغرب – قد أتى من فراغ أو نشأ من العدم؛ وإنما كان ذلك بتأثير من الوحي الكريم، يقول الدكتور الزنيدي " كان المسلمون هم الذين أقاموا المنهج التجريبي وأحدثوا التميز في طرائق البحث العلمي وكان ذلك بتأثير مباشر من القرآن والسنة"
ثالثاً: مصدرية الكون للعلوم:
لما كان الكون مسخراً لمصلحة الإنسان ومهيأ له- فقد كان إدراك عناصره وجزئياته واستغلاله والاستفادة منه أمراً ضرورياً لا غنى عنه لكل البشر. ولأجل ذلك اتفقت النظرتان الإسلامية والعلمانية في هذا الجانب من المعرفة دون سواه؛ إذ عدّت كلا النظرتين الكون مصدراً أصيلاً للمعرفة، وقد سبق أنّ النظرة الإسلامية في المعرفة أكثر اتساعاً من تلك العلمانية التي أبعدت الوحي إبعاداً تاماً عن مضمار المعرفة، بينما النظرة الإسلامية قد آخت بين الكون والوحي الذي يتيح للعقل البشري رؤية أكثر وضوحاً وثبوتاً، وهذه هو جوهر الخلاف بين النظريتين الإسلامية والعلمانية.
1 - مصدرية الكون للعلوم الطبيعية:
إنّ من خصائص العلوم الطبيعية أنها ذات سمة مادية وصفة حسية وترتكز على القياس والتجربة الحسية؛ ولما كان الأمر كذلك فإنّ طبيعة هذه العلوم قد ساهمت مساهمة فاعلة في توافق هذه العلوم وانسجامها مع المنهج التجريبي الذي عمل فيها بنجاح واضح خلافاً لتلك العلوم الاجتماعية والإنسانية التي تعثر فيها هذا المنهج تعثراً واضحاً.
ولا شك أنّ الحواس – وإن كانت تقوم بعملية الإدراك الحسي إلا أنها؛ كما سبق لا تستقل بتحصيل المعرفة؛ إذ أنها غير كافية في إدراكها ولهذا فإنّ العقل البشري يتدخل بصورة مباشرة ليقوم بالترتيب والتنظيم و الاستنتاج ومن ثم تحصل المعرفة.
ولا يقتصر دور العقل على ذلك فحسب بل أنه يقوم بالفروض اللازمة لتفسير المادة من جهة وبناء النظريات العلمية التي هي خيال ملائم من جهة أخرى.
وإذا كانت الفروض العلمية والأطر الأخلاقية الموجهة لتلك العلوم تحتاج إلى هدى الوحي بصورة لا تخفى - فإنّ إدراك الجزئيات ومعرفة خصائصها من خلال الكون باعتباره المصدر المادي للمعرفة أمر تتفق فيه البشرية. ولما كان الكون مصدراً للمعرفة حيث استعين به في معرفة جزئيات المادة وخصائصها وكيفية استغلالها والاستفادة منها، فإنّ ذلك قد منح العلوم الطبيعية قوة وجعلها في تقدم مستمر وازدهار متنام- إلا أنّ الأطر الأخلاقية لهذه العلوم قد ظل خاضعاً للأهواء والنزعات الإنسانية الفوضوية.
ولا شك أنّ هذه العلوم إذا تم ضبطها وتأطيرها بالوحي العاصم من الزلل - فإنّ ذلك من شأنه أن يعود بالسعادة على البشرية جمعاء.
2 - مصدرية الكون للعلوم الاجتماعية:
إنّ العلوم الاجتماعية والإنسانية تختلف اختلافاً واضحاً عن تلك العلوم الطبيعية وذلك لأنّ معطيات العلوم الاجتماعية والإنسانية غير قابلة للتجريب كمعطيات العلوم الطبيعية، ولهذا تعثر تطبيق المنهج التجريبي فيها إلى حد كبير.
وإذا كان الكون مصدراً أصيلاً للمعرفة لا خلاف عليه فإنّ الخلل المنهجي ليس في اعتماد الكون مصدراً للمعرفة؛وإنما هو في الاقتصار عليه وإبعاد الوحي، إذ ليس من المعقول إطلاقاً أن يستبعد الهدى الرباني في علوم تحاول توجيه الإنسان وتضبط سلوكه من ناحية بينما طبيعة هذه العلوم من ناحية أخرى ليست مادية بحيث تخضع للفحص في طاولة التشريح؛ بل إنّ طبيعتها قيمية بالدرجة الأولى.
خلاصة القول:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - الكون مصدر للمعرفة ماثل بين أيدي الناس لا يكاد يشك في ذلك أحد. ولهذا اتفقت النظرة الإسلامية والنظرة الغربية في عده مصدراً للمعرفة.
2 - من خصائص الكون أنه مخلوق لله تعالى وهذه حقيقة أقر بها المؤمنون والكفار على السواء كما ذكر القرآن. وإن كان هنالك اتجاه في الفكر الغربي قد عاند فأنكر وجود الله وخلقه للكون.
3 - إنّ الله مدير لهذا الكون ومصرف لشؤونه وهذه فكره ثابتة عند المسلمين إلا أن.الغربيين قد أنكروا تدبير الله تعالى للكون فانقسموا فريقين فريق أقر بالخلق وأنكر التدبير وفريق أنكر الخلق والتدبير معاً.
4 - خلق الله الكون لمصلحة عباده ولهذا وجب التعامل مع هذه المصالح وفق ما أراد الله.كما خلق الله الكون متوازناً غير مختل؛ وحفظ له هذا التوازن ومعلوم أن الله قد خلق هذا الكون لهدف وغاية ولم يخلقه عبثاً ولعباً. كما إن هذا الكون ليس أزلياً خالداً وإنما له أجل محدود ينتهي به، وهذه حقيقة ذكرها الله في القرآن واكتشفها العلم حديثاً بعد أن ظل طويلاً يظن أن الكون أزلي خالد.
5 - إنّ علم الإنسان بالكون محدود ولهذا يجب على هذا الإنسان أن لا يعد العدم ما لم يعرفه والوجود ما عرفه بل إنّ في الوجود أشياء كثيرة يجهلها الإنسان.
6 - يرتبط الكون بأمور غيبية كثيرة وقد أحس الغربيون أنفسهم بذلك ولهذا يطالب بعضهم بتغيير مفهوم العلم الضيق.
7 - الكون موافق للوحي بحيث لا يتعارضان ولا يتناقضان وموافقة الكون التامة للقرآن ليست هي بالضرورة موافقة القرآن للعلوم الحديثة، إذ ان القرآن ذو صدق مطلق والعلوم الحديثة ليست كذلك بل هي لا زالت قاصرة عن إدراك الكون حسب ما يرى العلماء أنفسهم.
8 - خلق الله الأشياء في الكون خلقاً متفاوتاً وهذا التفاوت يتعلق بالأشياء في أنفسها ولا يتعلق بقدرة الله تعالى، إذ أن خلفها جميعاً تحت قدرته واحد.
9 - أقام المسلمون المنهج التجريبي الذي عليه قامت الحضارة الغربية وهذا أكبر دليل على إحسان المسلمين التعامل مع الكون.
10 - أنّ كل العلوم سواء كانت طبيعية أو اجتماعية وإنسانية في حاجة ماسة إلى هدى الوحي وإرشاده وإن كانت حاجة العلوم الاجتماعية أكبر وأعظم.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 May 2009, 05:16 م]ـ
"من كتاب مصادر المعرفة للدكتور جمال عبد العزيز شريف والبروفسير عبد الله محمد الأمين النعيم"
إنّ عجز منهج المعرفة الإسلامية كما هو اليوم هو السبب في عجز فكر الأمة عن إصلاح حالها والتصدّي للتحديات التي تواجهها، فجوهر الأزمة هو أزمة في فكر الأمة الإسلامية، وهذه الأزمة تندرج تحتها سائر الأزمات السِّياسية والاقتصادية والاجتماعية
جـ- جوهر الأزمة:
إنّ جوهر الأزمة كما بدت ملامحها سابقاً قد تبلورت في نظام التعليم الإسلامي، وتتلخص في انكفاء جماعة من الأمة على التراث دون تطوير واجتهاد، والتراث - كما أسلفنا- فكر بشري محدود بحدود البيئة المنشئة له، وهذه الجماعة قد أهملت علوم الطبيعية أهمالاً واضحاً الأمر الذي أفضى إلى الإعراض عن عمارة الكون وكانت النتيجة هي هذا التخلف الحضاري الواضح.
أما باقي الأمة فقد رأى في المشروع التغريبي حلولاً لمشاكل الأمة فتبنته بحذافيره على الرغم من أنّ المشروع الغربي كان وليد ظروف تاريخية عايشت صراعاً بين الدين والعلم وهذه الظروف لا تنطبق على الدين الإسلامي ولا العقل المسلم الذي لا يعرف صراعاً بين العقل والدين "الوحي" فلكل منهما مجاله وحدوده وهما يتكاملان لفهم الحقيقة ولا يتناقضان.
.
هذا في نظري تسطيح كما يقولون للأمور.
إن جوهر الأزمة في الأمة ليست أزمة فكر، فبين هذين الخطين المذكورين تحت عنوان جوهر الأزمة خط ثالث يؤمن بأن قوة الأمة ونهوضها يقوم على المزاوجة بين الإيمان والحياة، وكان هذا هو طابع الأمة منذ نشأتها وفي عصور ازدهارها.
ولكن هذا الخط الثالث ـ وهو فكر الأغلبية ـ لا يراد له أن يظهر فضلا عن أن يقود أو يسود.
إن مشكلة الأمة في القرار السياسي، الذي لا يزال يتمسك بالطريقة المسكونية في تسييس الدين،فيستخدم المنكفئين تارة والتغريبيين أخرى، ولا يهمه من شأنهما إلا ما يحقق مصالحه فقط لا غير.
أما الخط الثالث فلن يكون له أثر في الأمة حتى يكون القرار السياسي جزء منه وإليه ينتمي.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[09 May 2009, 05:54 م]ـ
قولك أن هنالك خطا ثالثا يؤمن بأن قوة الأمة ونهوضها يقوم على المزاوجة بين الإيمان والحياة، وكان هذا هو طابع الأمة منذ نشأتها وفي عصور ازدهارها. فهذا ما نريد بالضبط وهذا ما نبتغيه من كل هذا الكلام ومن هذا البحث
أما قولك إن هذا التيار هم الغالبية فيا ليت
وما دمت تقول أنهم الغالبية فإن الأزمة من الطبيعي عندك أن لا تكون أزمة فكر
وصحيح أن الأزمة متعلقة بشكل كبير بالسياسة لكنها لا تقتصر على هذا الجانب فحسب فهي أزمة معرفية في المقام الأول
شكر الله لك أخي محب القرآن ملاحظاتك القيمة(/)
الداء والدواء في القرآن
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[10 May 2009, 08:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هي فكرة00
لا شك أن القرآن الكريم كلام رب العالمين في الداء والدواء لجميع الأمراض (الروحية والقلبية والبدنية والنفسية والأخلاقية والإجتماعية و000)
فمعنا لندوّن الأدواء وأدويتها من القرآن 000
ولعلي أبدأ بذلك 0
قال تعالى ((ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)) 0
فالداء (يضيق صدرك بما يقولون)
والدواء (فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك00)
وقال تعالى ((وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم))
فالداء (ينزغنك من الشيطان نزغ)
والدواء (فاستعذ بالله)
وقال تعالى ((ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما))
فالداء (لهمت طائفة منهم أن يضلوك)
والدواء (وأنزل الله عليك الكاتب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلم) 0
وعليكم ما غبر 0
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[10 May 2009, 09:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هي فكرة00
لا شك أن القرآن الكريم كلام رب العالمين في الداء والدواء لجميع الأمراض (الروحية والقلبية والبدنية والنفسية والأخلاقية والإجتماعية و000)
فمعنا لندوّن الأدواء وأدويتها من القرآن 000
ولعلي أبدأ بذلك 0
قال تعالى ((ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)) 0
فالداء (يضيق صدرك بما يقولون)
والدواء (فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك00)
وقال تعالى ((وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم))
فالداء (ينزغنك من الشيطان نزغ)
والدواء (فاستعذ بالله)
وقال تعالى ((ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما))
فالداء (لهمت طائفة منهم أن يضلوك)
والدواء (وأنزل الله عليك الكاتب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلم) 0
وعليكم ما غبر 0
تصغير الخط داء ودواءه:
بسم الله الرحمن الرحيم
هي فكرة00
لا شك أن القرآن الكريم كلام رب العالمين في الداء والدواء لجميع الأمراض (الروحية والقلبية والبدنية والنفسية والأخلاقية والإجتماعية و000)
فمعنا لندوّن الأدواء وأدويتها من القرآن 000
ولعلي أبدأ بذلك 0
قال تعالى ((ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)) 0
فالداء (يضيق صدرك بما يقولون)
والدواء (فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك00)
وقال تعالى ((وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم))
فالداء (ينزغنك من الشيطان نزغ)
والدواء (فاستعذ بالله)
وقال تعالى ((ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما))
فالداء (لهمت طائفة منهم أن يضلوك)
والدواء (وأنزل الله عليك الكاتب والحكمة وعلمك مالم تكن تعلم) 0
وعليكم ما غبر
وجزاك الله خيرا
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[20 May 2009, 06:01 م]ـ
ومن ذلك قوله تعالى ((يا أيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسقٌ بنباءٍ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين))
فالداء: (إن جاءكم فاسق بنباءٍ).
والدواء: (فتبينوا).
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[28 May 2009, 11:55 ص]ـ
ومن ذلك قول الله عز وجل:
((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً)) النساء34
فالداء: (تخافون نشوزهن) 0
والدواء: (فعظوهن واهجورهن في المضاجع واضربوهن) 0
وقوله تعالى: ((الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)) البقرة156
فالداء: (أصابتهم مصيبة) 0
والدواء: (قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) 0
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[29 May 2009, 10:00 م]ـ
ومن ذلك قول الله ((أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويلٌ للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين *الله نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم دلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هو هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد)).
الداء: (فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله)
والدواء: (الله نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد العزيز حامد]ــــــــ[03 Jun 2009, 08:24 م]ـ
((وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما))
الداء: (طائفتان من المؤمنين اقتتلوا))
الدواء: (فأصحلوا بينهما)
..
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[08 Jun 2009, 11:46 م]ـ
ومن ذلك قول الله تعالى ((والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون))
الداء: (إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم) 0
الدواء: (ذكروا الله فاستفغروا لذنوبهم) 0
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[23 Jun 2009, 10:17 م]ـ
ومن ذلك قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}
فالداء: (إذا لقيتم فئة) 0
والدواء: (فاثبتوا واذكروالله كثيرا000 وأطيعوا الله ورسوله ولاتنازعوا000 واصبروا) 0
ـ[عبد العزيز حامد]ــــــــ[24 Jun 2009, 07:59 م]ـ
(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وإنا إليه راجعون)
الداء: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات)
الدواء:وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وإنا إليه راجعون
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[24 Jun 2009, 11:08 م]ـ
(ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وإنا إليه راجعون)
الداء: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات)
الدواء:وبشر الصابرين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وإنا إليه راجعون
سبقك بها (عكّاشة) 00 راجع الرد رقم (3)
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[21 Jul 2009, 10:02 م]ـ
ومن ذلك قول الله تعالى:
{وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً} الإسراء53
فالداء: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً) 0
والدواء: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) 0
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[26 Jul 2009, 11:12 م]ـ
ومن ذلك قول الحق تبارك وتعالى:
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} محمد24
فالداء: (أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) 0
والدواء: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) 0
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[03 Aug 2009, 12:24 ص]ـ
ومن ذلك قول الحق تعالى:
((إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ {76} وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ {77})) 0
الداء: (وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) 0
والدواء: (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا 000)) 0
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[18 Aug 2009, 10:02 م]ـ
ومن ذلك قوله تعالى:
((قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين 0 إلا عبادك منهم المخلصين)) 0 الحجر آية 39 - 40
فالداء: (لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم) 0
والدواء: (إلا عبادك منهم المخلصين) 0
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[01 Sep 2009, 06:19 م]ـ
ومن ذلك قوله تعالى:
((يا أيها الذين ءامنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر 000)) النور أية 21 0
مع قوله تعالى:
((اْتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر 000)) 0 العنكبوت أية 45 0
فالداء: (فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر) 0
والدواء: (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) 0
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[31 Jan 2010, 07:27 ص]ـ
ومن ذلك قول الله تعالى:
((وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ))
((وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ))
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً))
فالداء: (وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ)
والدواء: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ)
وقوله (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[05 Feb 2010, 02:15 م]ـ
ومن ذلك قول الله تعالى:
((000وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)) (169)
((000كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)) (24)
فالداء: (إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ)
والدواء: (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ)
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[18 Feb 2010, 10:10 م]ـ
ومن ذلك قول الله تعالى:
((وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً))
فالداء: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ) 0
والدواء: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) 0
وقول عمر رضي الله عنه: فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر 0
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[04 May 2010, 05:48 م]ـ
ومن ذلك
قوله تعالى: ((وإذا مرضت فهو يشفين))
فالداء: (مرضت)
والدواء: (فهو يشفين)
ومن ذلك
قوله تعالى: ((إن الشيطان لكم عدوا فاتخذوه عدوا000))
فالداء: (الشيطان لكم عدوا)
والدواء: (فاتخذوه عدوا)
ومن ذلك قوله تعالى: ((وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِالرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (37))) الزخرف
((فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43))) الزخرف
فالداء: (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (36) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ)
والدواء: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ)(/)
الإبداع الحقيقي وحدود الجرأة العلمية في عالم التفسير.
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[11 May 2009, 05:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
الإبداع الحقيقي وحدود الجرأة العلمية في عالم التفسير.
نسمع أو نقرأ بين الآونة والأخرى حديثا لمن يقلل من قيمة الكتب القديمة في التفسير، أو يشير إلى أنها ينقصها الإبداع وينقص مدونها الجرأة العلمية!
إننا عندما نقتحم هذا العالم، ونقرر أن نصدر أحكاما على مجهود أي إنسان، لابد أن ندرس الموضوع بدقة قبل أن نتحدث.
وليكن شعارنا:
(كان هذا أيام الحداثة أما الآن فلا). لا للتسرع.
لكل عصر يا إخوتي ما يميزه وما يجبر المؤلف والعالم على طريقة معينة في التأليف، فلابد أن يقدم الأهم على المهم، ويعرف جيدا ما هو المطلوب منه أمام ربه، فربه يعلم السر وأخفى، لا بد أن تكون عنده الجرأة على تقديم ما يستحق التقديم.
فنحن نرى التابعين، - ومن هنا بدأ التأليف في علم التفسير -، يغلب عليهم أسلوب وهو نقل الروايات، وهم معذورين، في وقتهم لابد من حفظ الأصول، فالمبين وهو القرآن يحتاج إلى المبين وهي السنة، وتفاسير الصحابة لابد من حفظها لأنها من الأهمية بمكان كما هو معروف، فأنت أيها الفاضل لو كنت مكانهم ماذا ستقدم؟
ومع ذلك بدأ المؤلف مذ ذاك العصر، بالتطرق لعلوم التفسير، فنرى اهتماما بعلم غريب القرآن، أو آيات الأحكام فنرى استنباطات لبعض الأحكام ,وغير ذلك مما كان نواة للتوسع الذي حصل فيما بعد.
والذي لا شك فيه أن العلماء الأوائل كان اهتمامهم بزرع هذا العلم في القلوب أكبر مما نظن، فترى عالم التفسير يلتف الطلاب حوله يستقون من علمه، وهو أيضا ملم بباقي العلوم، فهو يزرع رجال ويعدهم لحمل الأمانة، فالأمر عظيم والخطب جليل والوقت قصير والأمانة عظيمة.
فيكفينا أن نرى حال الأمة في عصرهم لنعرف بكل وضوح حالهم وما أهمهم، وهم يعرفون بكل دقة أنه:
(رب مبلغ أوعى من سامع)
فقل كلامهم وكثرت إشارتهم، شحذا لهمم الطلاب، وطلبا لإبداعهم وإعدادهم، وأفضل مثال على ذلك الإمام البخاري، أنظروا إلى تراجمه كم هي للكسل راجمه، كم شحذت أذهان العلماء، واحتار فيها الألباء، كنز من الفوائد، وعلم رائد، لقد كان القرآن مربيا للأوائل، هذا الكتاب العظيم فيه من الإيجاز والإعجاز، ما يدعوا أهله إلى أن يكون مثالهم الأعلى، وكذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كلامه رأس البلاغه والحكمة، وقد شك نقاد الحديث في صحة أحاديث لطولها، فقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يوصل المعلومة بأقصر العبارات الرائعة المفهومة.
أما ما حدث للأمة في العصور المعروفة، وهي ما سمِّي في التاريخ الإسلامي بمرحلة الإنحطاط، والتي يقوم فيها الكاتب بالنقل بلا فائدة، فهي حالة بلورتها حال الأمة في ذاك الزمان، ومع ذلك ظهرت بعض التآليف الجليلة في عصور الظلام، أما الكتب الأخرى فقد اندثرت وبقي ما ينفع الناس يتداول بين الناس.
والله أعلم وأحكم.(/)
سؤال في غريب القرآن وتأصيله
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[11 May 2009, 10:22 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكل على أخيكم مشايخي الكرام
هل يوجد رسالة أو مصنف شامل لدراسة علم غريب القرآن
يتناول (مراحله ومناهجه وضوابطه)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 May 2009, 04:56 م]ـ
الذين حققوا بعض كتب غريب القرآن تحدثوا في مقدماتهم الدراسية عن الغريب حديثاً جيداً.
ومن أجود من رأيته كتب في ذلك الدكتورة خولة تقي الدين الهلالي في كتابها (دراسة لغوية في أراجيز رؤبة والعجَّاج)، الناشر وزارة الثقافة والإعلام العراقية، الطبعة الأولى 1982م.
والدكتور ضاحي عبدالباقي في تحقيقه لكتاب (التبيان في غريب القرآن).
وهناك دراسات قيمة هذا الموضوع لعلي أضيفها لاحقاً، فقد كنت عنيت بهذا الموضوع مدة من الزمن وجمعت كتبه والدراسات التي درات حوله، ولكنني مشغول الذهن الآن وأكتب من الذاكرة، فأحببت المشاركة بهذا الآن على أمل التفصيل لاحقاً يا أبا أيوب بإذن الله.
وهذا الموضوع لغوي بالدرجة الأولى، وللباحثين في كليات اللغة العربية باع في المشاركة فيه، فلا بد من سؤالهم عن هذا.
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[15 May 2009, 10:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا جزيلا لشيخي الفاضل د. عبدالرحمن الشهري
والسؤال جاءني من أحد طلاب الماجستير لهذا العام
ولأنه جمع فيه ويريد الإشارة أحلتها على الملتقى العلمي المبارك
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[17 May 2009, 05:11 م]ـ
أخي الكريم
ليتك ترجع إلى هذا الرابط؛ ففيه مايفيدك ـ إن شاء الله ـ:
كتب الغريب: (غريب القرآن)، (غريب الحديث) ... (غريب اللغة) بين حقيقة معنى (الغريب) و واقع التأليف ـــ د. محمد كشّاش ..
http://awu-dam.org/trath/71-72/turath71-72-015.htm
( مجلة التراث العربي - مجلة فصلية؛ تصدرعن اتحاد الكتاب العرب - دمشق / العددان 71 - 72 - السنة 18 - تموز "يوليو" 1998 م - ربيع الأول 1418 هـ).
وعلى الرحب والسعة(/)
ثقافة الشائعات كيف عالجها القرآن؟ اليوم للشيخ عصام العويد
ـ[ابو عبدالله المكي]ــــــــ[11 May 2009, 01:14 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليوم الاثنين في جامع الشيخ صالح آل عبد القادر بحي سلطانة محاضرة
لفضيلة الشيخ / عصام بن صالح العويد
عضو الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم
بعنوان: وتحسبونه هيناً
بين المغرب والعشاء تاريخ 16/ 05/1430هـ
http://www.benaa.com/Read.asp?PID=1327693&Sec=0(/)
قاعدة في التفسير للإمام أحمد رحمه الله مع شواهدها
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[11 May 2009, 03:30 م]ـ
ذكر الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه الرد على الزنادقة والجهمية في ثنايا حديثه ورده على شبه الجهمي قال:
اعلم أن الشيئين إذا اجتمعا في اسم يجمعهما فكان أحدهما أعلى من الآخر ثم جرى عليهما اسم مدح فكان أعلاهما أولى بالمدح وأغلب عليه وإن جرى عليهما اسم ذم أو اسمٌ دنيء فأدناهما أولى به.
ومن ذلك قول الله تبارك وتعالى في كتابه (إن الله بالناس لرءوف رحيم) و (عينا يشرب بها عباد الله) فإذا اجتمعوا في اسم الإنسان واسم العباد فالمعني في قوله تعالى (عينا يشرب بها عباد الله) يعني الأبرار دون الفجار لقوله إذا انفرد الأبرار (إن الأبرار لفي نعيم) وإذا انفرد الكفار (وإن الفجار لفي جحيم)
وقوله (إن الله بالناس لرءوف رحيم) فالمؤمن أولى به وإن اجتمعا في اسم الناس لأن المؤمن إذا انفرد أعطي المدحة لقوله تعالى (وإن الله بكم لرءوف رحيم) (وكان بالمؤمنين رحيما) وإذا انفرد الكفار جرى عليهم اسم الذم في قوله: (ألا لعنة الله على الظالمين) وقوله (أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون) فهؤلاء لا يدخلون في الرحمة.
وفي قوله (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) فاجتمع الكفار والمؤمنون في اسم العباد ,فالكفار أولى بالبغي من المؤمنين لأن المؤمنين انفردوا ومدحوا فيما بسط الله لهم من الرزق وهو قوله تعالى (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) وقوله (ومما رزقناهم ينفقون)
وقد بسط الله الرزق لداود وسليمان بن داود عليهما السلام ولذي القرنين وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ومن كان على مثالهم ممن بسط الله له فلم يبغ.
وإذا انفرد اسم الكافر وقع عليه اسم البغي في قوله لقارون (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم) ونمرود بن كنعان حين آتاه الله الملك فحاج في ربه وفرعون حين قال موسى (ربنا إنك ءاتيت فرعون وملأه زينة في الحياة الدنيا) الآية.
فلما اجتمعوا في اسم واحد فجرى عليهم اسم البغي كان الكافر أولى به كما أن المؤمن أولى بالمدحة
ثم شرع في تطبيق هذه القاعدة على الشبهة التي أراد الرد عليها فرحمه الله رحمة واسعة , وفي الكتاب بالجملة فقه عجيب من الإمام لكتاب الله وتدبر عميق ظهرت ثمرته في رده على الجهمية وشبهاتهم ..
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[11 May 2009, 07:57 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذا القنص المبارك
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[11 May 2009, 10:06 م]ـ
جزاك الله خيراً
وبارك فيك
وحبذا لو تكمل المسيرة باستخلاص قواعد التفسير من كتب الإمام أحمد فقد يكون ذلك في رسالة لطيفة أرجو أن ينتفع بها طلاب العلم.
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[12 May 2009, 06:05 ص]ـ
جزاكما الله خيرا وبارك فيكما ..
فكرة رائعة أخي عبد العزيز وأتمنى أن ييسرها الله تعالى لنا أو لغيرنا من الإخوة
حفظكم الله ونفع بكم ..
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[13 May 2009, 08:57 م]ـ
وهذه قاعدة أخرى من نفس الكتاب وبعضهم يعبر عنها بطريقة أخرى ..
يقول رحمه الله:
وذلك أن الله جل ثناؤه إذا سمى الشيء الواحد باسمين أو ثلاثة أسامي فهو مرسل غير منفصل وإذا سمى شيئين مختلفين لا يدعهما مرسلين حتى يفصل بينهما ,
ومن ذلك قوله عز وجل: ((يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً)) فهذا شيء واحد سماها بثلاثة أسام وهو مرسل ولم يقل إن له أبا وشيخا وكبيرا.
وقال ((عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ)) ثم قال ((ثيبات)) فهذا اسم شيء واحد فهو مرسل فلما ذكر شيئين مختلفين فصل بينهما فذلك قوله ((ثَيِّبَاتٍ)) ثم قال ((وأبكارا)) فلما كانت البكر غير الثيب لم يدعه مرسلا حتى فصل بينهما , فذلك قوله ((وأبكارا))
وقال ((وما يستوي الأعمى)) ثم قال ((والبصير)) فلما كان البصير غير الأعمى فصل بينهما ثم قال ((ولا الظلمات ولا النور * ولا الظل ولا الحرور)) فلما كان كل واحد من هذا الشيء غير الشيء الآخر فصل بينهما.
ثم قال: ((الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ)) , ((الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ.)) فهذا كله اسم شيء واحد فهو مرسل ليس بمنفصل.
وكذلك إذا قال الله (ألا له الخلق)) ثم قال: (والأمر) لأن الخلق غير الأمر فهو منفصل.
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[07 Oct 2009, 11:04 ص]ـ
إذا تكرم الإخوة هل بالإمكان إفادتي بمؤلفات الإمام أحمد التي فيها كلامه ونقاشاته واستدلالاته؟(/)
سؤال
ـ[أفانين القرآن]ــــــــ[11 May 2009, 07:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا أحبة
ماهي كتب التفسير التي تذكر فيها القراءات؟؟
وشوووكرن لكم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[11 May 2009, 07:43 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا أحبة
ماهي كتب التفسير التي تذكر فيها القراءات؟؟
وشوووكرن لكم
كثير من التفاسير
ولكن أقربها تناولا حسب علمي " فتح القدير " للشوكاني رحمه الله تعالى.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[11 May 2009, 07:48 م]ـ
أخذ بعض المتخصصين على الشوكاني صاحبِ فتح القدير عدم الدقّة في عزو القراءات، فمن أراد الدقة فليتركه باحثاً عن غيره، والأمر كما ّكر أخي محب القرآن فيه سعة، ومَن عرض له من المفسرين كثير:
ابن جرير الطبري، وهو من هو في القراءات، إلّا أنهم نقدروا عنده مسألة منهجية في الترجيح بين القراءات.
الإمام القرطبي، وأبو حيان الأندلسي، ومن قبلهما: الفخر الرازي، وغيرهم.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[11 May 2009, 10:02 م]ـ
تختلف مناهج المفسرين في إيراد القراءات
فمنهم من جمع بين علمه بالتفسير وعلمه بالقراءات كالبغوي والنيسابوري، وقبلهما: ابن جرير ولكنه قبل استقرار الاختيار على الأئمة السبعة
وأما من له عناية ما بإيراد القراءات فكثير: منهم ابن عطية وابن الجوزي والزمخشري والقرطبي وابن عادل وأبو حيان والسمين الحلبي والشوكاني والألوسي
وعند تعلق القراءة بمسألة لغوية فالزجاج والنحاس وأضرابهما
ومن أجمعهم لذكر القراءات الشاذة: الكرماني في عجائب التأويل
وأجمع الكتب في ذكر القراءات الواردة في التفاسير: معجم القراءات للخطيب
والغالب على المفسرين أنهم إذا ذكروا القراءات فإنما يذكرونها لفائدة تتعلق بالتفسير ولا يحققون أمر النسبة ولا طريقة الأداء، ويقع في ذلك أوهام وأغلاط.
فلذلك ينبغي لطالب العلم أن يأخذ كل علم عن أهله، فيأخذ علم القراءات عن علماء الإقراء، ويأخذ علم التفسير عن أهل التفسير، ومن جمع بين الحسنيين فذلك نور على نور.
نسأل الله من فضله
ـ[أبو المهند]ــــــــ[12 May 2009, 12:45 ص]ـ
انتفعت بأجوبة الأساتذة جميعا محب القرآن والمصري وزادني نفعا الأخ الأستاذ عبد العزيز الداخل فلله دره.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[12 May 2009, 01:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اضافة إلى ما سبق لا ينبغي أن نهمل الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله ومنهجه في إيراد القراءات وخصوصا توجيهاته المباركة للجمع أو الترجيح بحسب ما يخدم التفسير(/)
عرض كتاب: مناهج الاستمداد من الوحي (مجموعة من المؤلفين)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[11 May 2009, 08:04 م]ـ
- الكتاب: "مناهج الاستمداد من الوحي"
- الطبعة الأولى 2008
- دار النشر: دار أبي رقراق للطباعة والنشر، الرباط،
- عدد الصفحات 649 صفحة من القطع الكبير.
الاستمداد من الوحي .. رؤية من أجل التجديد
حسن الأشرف
صحفي مغربي
المصدر: شبكة إسلام أون لاين ( http://mdarik.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1239888139000&pagename=Zone-Arabic-MDarik%2FMDALayout&ref=body)
تضمن الكتاب الصادر حديثًا عن الرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب والموسوم بعنوان "مناهج الاستمداد من الوحي" دراسات متنوعة لمفكرين وباحثين في العلوم الشرعية والدراسات الإسلامية من المغرب وخارجه من الدول العربية والإسلامية، وكلها رامت ضبط معالم الرؤية والتمثل الموجودين في الوحي للإنسان والكون وللفرد والجماعة وللذات والآخر وغيرها، ومحاولة تصويب المعارف الإسلامية بسبب بعدها عن النص المؤسس من خلال الوحي، الأمر الذي يستدعي ضبطًا وتجديدًا، وهو ما عكفت عليه مداخلات ومحاضرات الباحثين والعلماء، والتي انتقينا منها ما وافق محور مناهج الاستمداد من الوحي ومعالم بناء منهاج قرآني تجديدي للفكر والعلوم الإسلامية.
* إشكالات أمام العلوم الإسلامية:
أكد الدكتور سعيد شبار، أستاذ الفكر الإسلامي والحضارة والعقيدة والأديان المقارنة بجامعة بني ملال، في مداخلته بعنوان "من أجل منهاج قرآني تجديدي في الفكر والعلوم الإسلامية، رؤية منهاجية" أن العلوم الإسلامية تهدف بصفة عامة إلى أن تحقق الهداية والصلة بالله تعالى وأن تُخرج الإنسان المستخلف، وأن تبني مجتمعها وتسهم في إعمار الكون من حولها، مضيفًا أن هذه الأهداف كانت مجتمعة في صدر الإسلام، توجه علوم الأمة في بنائها الذاتي وفي ساحة التدافع والتعارف الكوني، لكن واقعها الراهن لا يسر ولا يفرح، مما يطرح تساؤلات عدة حول حاجة هذه العلوم إلى إعادة بناء أو استئناف من داخل الأصول المُؤسسة لها لا من خارجها".
وأبرز المفكر المغربي ثلاث قضايا وإشكالات رئيسة تفرض الحاجة إلى استئناف تجديدي شامل للعلوم الإسلامية وبناء أصول فكرية؛ أولها أن الأصل في العلوم الإسلامية هو أن يكون بينها وحدة عضوية موضوعية لوحدة الأصل والمصدر، وأن الخيط الكلي الناظم لها ينبغي أن يعكس تكاملها ودورانها مع الأصل حيث دار، غير أن الواقع بعيد عن هذا الأصل، حيث إن كلا من هذه العلوم يكاد يدور في فلك خاص وأطر مرجعية ومنهجية خاصة كأنها جزر منفصلة عن بعضها البعض.
وعدم تفاعلها الإيجابي مع السنن الكونية والاجتماعية أدى إلى نتيجتين: الأولى تعطل جبهة العلوم الكونية والمادية؛ وهو ما أدى إلى العجز الشامل عن بناء النماذج الحضارية الذاتية، والنتيجة الثانية تعطل جبهة العلوم الإنسانية فكان العجز عن بناء نموذج الإنسان المسلم السوي، علما أن العلوم المادية والإنسانية يعدان أهم مداخل استضعاف الأمة واستلابها لنماذج الغرب المهيمنة والغالبة.
والإشكال الثاني، وفق الدكتور شبار، يرتبط بتصنيف هذه العلوم وترتيبها المنهجي والمدرسي التعليمي، مثل التمييز بين العقيدة والشريعة والعادات والعبادات ومدرسة الرأي ومدرسة الأثر والعقل والنقل، فقد تطور الأمر إلى صيغ معاصرة تعكس الصراع نفسه مثل الأصالة والمعاصرة والحداثة والتقليد والعقلانية والشرعانية.
أما الإشكال الثالث فيتعلق بالتحديات التي تواجه الأمة حاليا، فهي جماعية أكثر منها فردية وميدانية أكثر منها نظرية، لكن العلوم الإسلامية الراهنة بطابعها النوازلي الفردي والنظري التجريدي الغالب، مادة ومنهجًا، لا تسعف في مواجهة هذه التحديات وتقديم الإجابات اللازمة.
ودعا شبار إلى بناء هذه العلوم ليس من خلال تشكلاتها التاريخية بل من خلال الأصل الذي انطلقت منه كتابا وسنة نبوية بالشكل الذي تبرز فيه وحدتها وتكاملها وتنتفي كل أشكال التعارض والانفصال الزائف فيها وتبرز أيضا تكاليفها وأحكامها الجماعية مثلما برزت الفردية.
* معالم منهاج قرآني تجديدي:
(يُتْبَعُ)
(/)
وتحدث الباحث المغربي عن كون مقولات رائجة الآن يراد منها صوغ فكر كوني نمطي مثل حوار الحضارات والثقافات وحوار الأديان أو عكسها من أفكار تنذر بالصدام، تطرح على الفكر الإسلامي باعتباره ممثل حضارة وثقافة ودين أن يكون له إسهام فيها وترشيدها وتصويبها للخير والنفع العام، فضلا عن قضايا عاجلة من قبيل البطالة والأمية وحقوق الإنسان ومشكلات البيئة والحروب وغيرها كلها تستدعي اجتهادًا وتجديدًا غير منقطع في الفكر الإسلامي المعاصر بما يحقق راهنيته.
بعد ذلك، تطرق شبار في مداخلته إلى رؤيته لبعض المعالم الرئيسة لمنهاج قرآني بنائي وتجديدي للفكر والعلوم الإسلامية يمكنه إذا ما تم تنزيله جزئيا على مختلف العلوم والمعارف الإسلامية أن يحدث تغييرات جذرية فيها، وهذه المعالم كما حددها المفكر المغربي هي كالتالي: ـ
ـ أن ينطلق هذا المنهاج من مصادر المعرفة في تكاملها (الوحي والعقل والواقع) حيث يتكامل عالم الغيب مع عالم الشهادة وتُقرأ آيات الكون كما تُقرأ آيات النص، فلا يطغى جانب على جانب آخر.
ـ أن يستصحب المنهاج القرآني التجديدي قيم الهداية والرحمة واستشعار مسئولية الاختلاف والتعمير وحمل الأمانة مما يجعل المعرفة المُنتَجة شعارا للهداية والأمن والجدال بالتي هي أحسن.
ـ وأن ينبني المنهاج على خصائص: التوحيدية والعالمية والوسطية والإنسانية والواقعية تنفي عنه الانغلاق والتحيز والغلو والتشدد والإفراط والتفريط والصورية والتجريد.
ـ ثم أن تكون للمنهاج البنائي التجديد محددات مثل ختم النبوة والهيمنة والتصديق والوحدة البنائية للنص حتى لا تتسرب إليه الخرافات والشوائب التاريخية.
* بناء منهج للاستمداد من الوحي:
وارتأى من جانبه الأستاذ عبد السلام الأحمر، عضو الرابطة المحمدية للعلماء، أن ينطلق في محاضرته من أصول المعارف المُستمدة من الوحي التي حددها في سبع نقاط:
ـ معرفة الله تعالى بصفاته العلا وأسمائه الحسنى، وأنه سبحانه لا حد لكلماته، ومعرفة ملائكته المقربين ورسله المصطفين لتبليغ رسالاته للناس.
ـ معرفة علاقة المخلوقات بالخالق، وأنها إما عبودية مفروضة أو عبودية مختارة.
ـ معرفة خصوصيات آدميين باعتبارهم مستخلفين في الأرض، ومسخر لهم ما فيها وما للكون، ومسئولين عن أعمالهم بين يدي الله تعالى يوم القيامة.
ـ معرفة حقيقة الحياة الدنيا باعتبارها مجال استخلاف الإنسان وممارساته للتكليف.
ـ معرفة شرع الله "موضوع المسئولية الإنسانية"، ونهجه المرتضى اعتقادا وعبادة وسلوكا لنيل السعادة في الدنيا والآخرة ..
ـ معرفة جانب الغيب المرتبط بمهمة الاستخلاف وتبعاتها: مثل البعث والحساب والثواب في الجنة والعقاب في جهنم.
ـ معرفة أحكام الشريعة الأصلية واستنباط حكم الله للقضايا المستجدة في واقع الإنسان المتغير على امتداد الزمان والمكان.
ثم بين الأحمر في عرض مداخلته للمحددات الرئيسة لبناء منهج سديد للاستمداد من الوحي متمثلة في:
ـ إخلاص القصد لله والتزام النزاهة العلمية، ذلك أن كل عملية استمداد من الوحي تؤطرها خلفية فكرية وعقدية ومذهبية معينة توجهها في قناعاتها ويدافع عنها وينسجم مع توجهات تلك الخلفية ولا يتعارض معها.
ـ العلم بالعربية وعلوم الوحيين الفقه واستنباط المعاني والحكم والأحكام، والوعي بالتوجهات الفكرية العالمية وأزمة الحضارة المعاصرة.
ـ استخلاص مقاصد الوحي الأساسية باستقراء توجيهاته وأحكامه ومضامينه، لكون المقاصد بكل مراتبها من أهم ما يتعين استحضاره في عملية الاستمداد من القرآن والسنة، ويكون للمقاصد دور حاسم في توجيه نتائج الاستمداد وتقويم المناهج المتبعة فيه.
ـ إدماج المقاصد الأساسية في مقصد أساسي عام، واختبار مدى شمولية هذا المقصد العام وتسديده لعملية الاستمداد بالاحتكام إلى معايير منهجية منها استيعابه لكليات الدين وغاياته الكبرى وامتداد حضوره في جميع توجيهات الشرع وأحكامه التفصيلية، وإثبات قدرته على تيسير فهم نصوص الوحي وطبيعة الحياة وتفسير معضلاتها وحل مشاكلها.
* تحقيق الشهود الحضاري:
أما الدكتور المصطفى الهند، أستاذ الفكر الإسلامي وعضو الرابطة المحمدية للعلماء، فقد أورد بدوره ما يراه مقدمات منهجية رئيسية اعتمدها الفكر المعاصر للإسهام في تحقيق الشهود الحضاري للأمة الإسلامية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتتمثل المنهجية الأولى في شمولية الرؤية الحضارية في كون الأمة الإسلامية ما دامت قد استطاعت في الماضي إنشاء حضارة رائعة في عصور التخلف، فإنها أقدر على إقامة مثل تلك الحضارة في عصور التقدم العلمي، أخذا بعين الاعتبار أن المنطقة العربية تحتل موقعا وسطا وتتبوأ القلب النابض للعالم، فهي منطقة تفاعل لا تجاهل.
أما المقدمة الثانية -حسب الهند- فهي التي تتعلق بربط عملية التحضير بعلم السنن، وهي مقدمة يمكن اعتبارها نقطة الارتكاز للشهود الحضاري للأمة الإسلامية التي تأتي بعد شمولية الحضارة، وعلم السنن لم يجد الاهتمام المطلوب من طرف العلماء والباحثين، فهو علم مؤثر ذلك لأن السنن حيادية لا تحابي أحدًا، وهي رحى كل بناء حضاري، كما أنها مبنية على منظومة عقدية يجب مراعاتها.
وأردف الباحث المغربي مجموعة دلائل لإبراز أهمية قضية السنن، حيث اعتبر أبو الأعلى المودودي أن الأمم تسقط بعوامل داخلية وأسباب ذاتية، وأن أي حضارة تنشأ تجمل فناءها في داخلها، واهتم بهذه المسألة مالك بن نبي الذي تبنى منهج ابن خلدون في التأصيل السنني لقيام الحضارات، لكنه أضاف سنة "التغيير" كمقوم أساسي يجب إيلاؤه الاهتمام والاعتبار ..
وتتمثل المقدمة المنهجية الثالثة في إحياء القيم الحضارية الإسلامية من قبيل القيم الروحية والقيم العلمية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وذلك بعد أن خضعت الأمة لهيمنة الفكر الغربي وحضارته في شتى المجالات الحياتية، في حين ترمي المقدمة المنهجية الرابعة إلى تجديد الفقه الحضاري .. ولعل هذا المبحث يلتقي فيه مصطفى الهند مع سعيد شبار، حيث يرى أستاذ الفكر الإسلامي أنه يمكن تحقيق هذا المبتغى إذا ما تمت مراعاة تنوع الواقع الإسلامي ووحداته المكونة له، وفتح أبواب الاجتهاد والحوار بما يستوعب الآراء والتصورات التي ستضبط مسألة التغيير الحضاري المنشود وتُقلص هامش الخطأ ما أمكن.(/)
نسقية السورة القرآنية.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[12 May 2009, 02:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
أما بعد، فيسعدني أن أجدد التواصل معكم، للحديث عن موضوع يتصل بوحدة الخطاب القرآني، التي تعتبر خاصية من خواص القرآن الكريم، و مظهرا من مظاهر إعجازه، إذ إنها تبرز اتساق الخطاب القرآني و انسجامه، مما يجعله يشكل وحدة نسقية، ذلك أن القرآن الكريم نظام فكري مطلق، صيغ صياغة لغوية عربية محكمة، مما يجعله عالمي الثقافة، عربي اللسان.
وهذا الموضوع ظل يشغلني منذ أكثر من اثنين و عشرين سنة، حيث عرضت له في دراستي للماجستير " أثر الواقع الثقافي في أهم التفاسير الحديثة للقرآن الكريم" التي ناقشتها بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة 1407هـ /1987م.
وكلما سنحت الفرصة عرضتها في ملتقيات علمية يحضرها باحثون متخصصون لمناقشتها وتطويرها، ولعل الفرصة اليوم مواتية لعرضها على جمهور أوسع من الباحثين للدرس و المناقشة، علما أنني لم أجرأ إلى الآن على دراستها من خلال القرآن الكريم، و إنما عن طريق دراسة تفسير " في ظلال القرآن " لسيد قطب ـ رحمه الله ـ، و في ذلك مآرب علمية و تعليمية.
نسأل الله تعالى أن يعلمنا التأويل، و أن يفقهنا في الدين، و أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
وتجدون رفقته نص البحث الذي شاركت به في الندوة الدولية التي عقدت برحاب كلية الآداب و العلوم الإنسانية، بالجديدة، بعنوان: " التفسير الأدبي للقرآن الكريم " وذلك سنة 1426هـ / 2005م.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[14 May 2009, 08:36 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا دكتور وسنحاول بإذن الله تعالى أن نتدارس الموضوع للإستفادة ليس إلا
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[14 May 2009, 01:36 م]ـ
الأستاذ الكريم أحمد بزوي الضاوي حفظه الله،
أرجو أن تتكرم بالرد على طلب الأخوة في مركز نون حول إمكانية قيامهم بطباعة تفسير ابن برجان وفق ما ترونه مناسباً. وقد سبق لهم أن أرسلوا إلى فضيلتكم برسالة على العنوان المدون في هذا المنتدى.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[14 May 2009, 05:54 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
أما بعد، فيسعدني أن أجدد التواصل معكم، للحديث عن موضوع يتصل بوحدة الخطاب القرآني، التي تعتبر خاصية من خواص القرآن الكريم، و مظهرا من مظاهر إعجازه، إذ إنها تبرز اتساق الخطاب القرآني و انسجامه، مما يجعله يشكل وحدة نسقية، ذلك أن القرآن الكريم نظام فكري مطلق، صيغ صياغة لغوية عربية محكمة، مما يجعله عالمي الثقافة، عربي اللسان.
وهذا الموضوع ظل يشغلني منذ أكثر من اثنين و عشرين سنة، حيث عرضت له في دراستي للماجستير " أثر الواقع الثقافي في أهم التفاسير الحديثة للقرآن الكريم" التي ناقشتها بكلية دار العلوم، جامعة القاهرة 1407هـ /1987م.
وكلما سنحت الفرصة عرضتها في ملتقيات علمية يحضرها باحثون متخصصون لمناقشتها وتطويرها، ولعل الفرصة اليوم مواتية لعرضها على جمهور أوسع من الباحثين للدرس و المناقشة، علما أنني لم أجرأ إلى الآن على دراستها من خلال القرآن الكريم، و إنما عن طريق دراسة تفسير " في ظلال القرآن " لسيد قطب ـ رحمه الله ـ، و في ذلك مآرب علمية و تعليمية.
نسأل الله تعالى أن يعلمنا التأويل، و أن يفقهنا في الدين، و أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
وتجدون رفقته نص البحث الذي شاركت به في الندوة الدولية التي عقدت برحاب كلية الآداب و العلوم الإنسانية، بالجديدة، بعنوان: " التفسير الأدبي للقرآن الكريم " وذلك سنة 1426هـ / 2005م.
جزاكم الله خيرا على هذا البحث القيم
وقد قرأته واستمتعت بقرءاته، ولكني كنت أتمنى لو أنك تناولت العنوان" نسقية السورة" بشيء من التفصيل حيث إن مثل هذه المصطلحات أحيانا قد تشكل على القارىء إذا لم يعرف المقصود منها بدقة.
وأتمنى لو سمح وقتكم بزيادة بيان حول ما ذكرتموه من فرق بين الوحدة النسقية والوحدة الموضوعية والعضوية.
والذي فهمته من كلامكم أن السورة مكونة من موضاعات مختلفة جاءت في نسق واحد الرابط بينها هو مقصد عام وليس موضوعا محددا، بحيث لو تناولنا كل مقطع على حده لم يؤثر ذلك على فهم المقصد العام للسورة , وفهم المقطع لا يتوقف على فهم المقطع الذي قبله أو بعده.
إذا كان فهمي هذا صحيحاً فأقول إن هذا من أعظم الأمور التي تميز بها القرآن عن غيره من الكلام أو الكتب، فهو ينتقل بك من موضوع إلى آخر دون أن تشعر بفجوة أو انفصال في سياق أو نسق الكلام.
وأخيرا دكتورنا الفاضل لو سمحتم بسؤال:
هل ما كتبتَه يدخل تحت ما تناوله الأقدمون فيما يعرف بتناسب الايات والسور؟
وسؤال آخر لو تكرمتم:
عن مصطلح: "التفسير الأدبي للقرآن الكريم" ما حقيقته ومن أول من كتب فيه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 May 2009, 02:25 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا البحث القيم
وقد قرأته واستمتعت بقرءاته، ولكني كنت أتمنى لو أنك تناولت العنوان" نسقية السورة" بشيء من التفصيل حيث إن مثل هذه المصطلحات أحيانا قد تشكل على القارىء إذا لم يعرف المقصود منها بدقة.
وأتمنى لو سمح وقتكم بزيادة بيان حول ما ذكرتموه من فرق بين الوحدة النسقية والوحدة الموضوعية والعضوية.
والذي فهمته من كلامكم أن السورة مكونة من موضاعات مختلفة جاءت في نسق واحد الرابط بينها هو مقصد عام وليس موضوعا محددا، بحيث لو تناولنا كل مقطع على حده لم يؤثر ذلك على فهم المقصد العام للسورة , وفهم المقطع لا يتوقف على فهم المقطع الذي قبله أو بعده.
إذا كان فهمي هذا صحيحاً فأقول إن هذا من أعظم الأمور التي تميز بها القرآن عن غيره من الكلام أو الكتب، فهو ينتقل بك من موضوع إلى آخر دون أن تشعر بفجوة أو انفصال في سياق أو نسق الكلام.
وأخيرا دكتورنا الفاضل لو سمحتم بسؤال:
هل ما كتبتَه يدخل تحت ما تناوله الأقدمون فيما يعرف بتناسب الايات والسور؟
وسؤال آخر لو تكرمتم:
عن مصطلح: "التفسير الأدبي للقرآن الكريم" ما حقيقته ومن أول من كتب فيه؟
للتذكير
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[24 May 2009, 03:12 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الإخوة الأفاضل: يوسف مازي، و أبو عمرو البيراوي، و محب القرآن ـ حفظهم الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أحمد الله إليكم على تواصلكم و اهتمامكم، و أشكرلكم تقديركم.
وفي انتظار الوفاء بما يطلبه الإخوة الكرام أحب أن أشير إلى موضوع له صلة بالتفسير الأدبي و بسيد قطب ـ رحمه الله ـ، وقد سبق لي نشره على هذا الموقع، وتجدونه على الرابط التالي:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=8064
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[25 Jun 2009, 11:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: الأستاذ محب القرآن ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإنه كما يقال: السؤال مفتاح العلم. فقد جعلتني أسئلتكم أكتشف أن بعض الأمور ـ بحكم التخصص ـ نعتبرها بديهية، و نظن أن الكل على معرفة بها، فهي من باب ما لا يعذر أحد بجهله. و لكننا عندما ندقق النظر فيها نكتشف أنها بحاجة إلى البيان و التفصيل، كما أننا نفاجأ بعدم وجود تحديد دقيق لمفهومها من حيث اللغة و الاصطلاح.
فمثلا سؤالكم عن مفهوم النسق جعلني في البداية أرجع إلى المعاجم الاصطلاحية في الأدب واللسانيات، و الفلسفة:
1 - معجم مصطلحات الأدب: مجدي وهبة.
2 - معجم المصطلحات العربية في اللغة و الأدب: مجدي وهبة، و كامل المهندس.
4 - المعجم الفلسفي: جميل صليبا.
5 - معجم اللسانيات: فرنسي عربي: بسام بركة.
لمحاولة الاستجابة لطلبكم، ظنا مني أن الأمر ميسر، فما علي إلا نقله إليكم، و هو أسهل و أدق من أن أحدده لكم بناء على ما تعلمناه في درس اللسانيات.
لأفاجأ بأنها لم تحدد مفهوم النسق، مما جعلني أعمل على الرجوع إلى المعاجم اللغوية العربية، بغية الوقوف على أساس المعنى:
1 - معجم مقاييس اللغة لابن فارس (ت 395هـ):
النون و السين و القاف أصل صحيح يدل على تتابع في الشيء.
وكلام نَسَقٌ: جاء على نظام واحد، قد عطف بعضه على بعض.
وأصله قولهم: ثَغْرٌ نَسَقٌ، إذا كانت الأسنان متناسقة متساوية.
وخَرَزٌ نَسَقٌ: مُنَظَّمُ.
معجم مقاييس اللغة: أبو الحسين أحمد بن فارس (ت395هـ)، مادة (نسق)،
كتاب النون، باب النون و السين و ما يماثلهما، ج5، ص420.
2 - لسان العرب لابن منظور (ت 711هـ):
النسق من كل شيء: ما كان على طريقة نظام واحد، عام في الأشياء.
النحويون يسمون حروف العطف حروف النسق، لأن الشيء إذا عطفت عليه شيئا بعده جرى مجرى واحدا.
و ثغر نسق إذا كانت الأسنان مستوية.
و نسق الأسنان: انتظامها في النِّبْتَةِ، وحسن تركيبها.
و التنسيق: التنظيم.
و النسق: ما جاء من الكلام على نظام واحد.
و يقال: رأيت نسقا من الرجال و المتاع، أي بعضها إلى جنب بعض.
لسان العرب لابن منظور (ت 711هـ)، باب النون، مادة (ن س ق)، ج6، ص 4412، طبعة دار المعارف، القاهرة.
و يستفاد من المعنى اللغوي للنسق ما يلي:
1) النظام.
2) التتابع.
3) الترتيب.
4) التناسق.
5) الجمع.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 Jun 2009, 09:08 م]ـ
أستاذنا الفاضل أحمد
بارك الله فيكم وفي علمكم ورفع الله قدركم.
دائما نتعلم منكم من علمكم وأدبكم الجم وأرجو أن لا أكون من المداحين ولكن أرجو أن يكون ما نشعر به ونضطر إلى تسطيره في حق أهل العلم والفضل من باب عاجل بشرى المؤمن.
وفقكم الله لكل خير وزادكم من فضله.
محبكم " محب القرآن الكريم"
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[27 Jun 2009, 10:50 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: حجازي الهوى " محب القرآن الكريم "، أشكر فضيلتكم على تواصلكم و تقديركم، أحبكم الله الذي أحببتمونا فيه.
و ها نحن أخي الكريم نتابع الاستجابة لطلبكم، وذلك بالعمل على تحديد معنى النسق لغة من خلال المعجم الفرنسي:
1 - مجموعة منظمة من الأفكار.
2 - مجموع منظم من الأفكار العلمية و الفلسفية (نسق نيوتن).
3 - تركيب لعناصر مجمعة بشكل معين لتكوين مجموع (النظام الشمسي).
4 - مجموعة أعضاء، أو نسيج ذو طبيعة متماثلة، موجه لأداء وظائف متشابهة (الجهاز العصبي).
5 - ترتيب منهجي.
6 - بنية (نظام عائلي).
7 - تجميع العناصر لتكوين مجموع.
8 - شكل من أشكال تنظيم المجتمع (نظام رأسمالي، نظام انتخابي ... ).
9 - كل جهاز يؤدي وظيفة محددة.
Encyclopédie Universalis 2004
Le Petit Larousse 2007
ويستفاد مما سبق أن النسق:
1 - مجموع أو مجموعة.
2 - التركيب.
3 - الترتيب.
4 - النظام.
5 - الوظيفة.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[04 Jul 2009, 12:55 ص]ـ
النسق هو مجموعة من المكونات المنظمة، والمرتبة، والمختلفة من حيث التكوين، والشكل، والوظيفة. والتي تعمل بشكل منسجم، وقد يشكل كل واحد منها نسقا أصغر. حيث يكون هو بدوره مكونا من مجموعة من المكونات المختلفة من حيث الشكل، والتكوين، والوظيفة. والتي يعمل بعضها مع بعض بشكل منسجم ومتسق لبناء النسق الكبير.
فالنسق مكتف بذاته، ومستغن عن غيره، و له القدرة على إصلاح أي خلل يعترضه بشكل ذاتي و تلقائي.
و يمكننا أن نحصر خصائص النسق في ما يلي:
أ. مجموع " كل ".
ب. النظام.
ت. الترتيب.
ث. التوازن.
ج. التكامل.
ح. الانسجام.
خ. الاستقلالية.
د. الشمولية.
ذ. الضبط الذاتي: Autoregulation .
ر. الوظيفة.(/)
هداية القرآن في مواجهة مصاعب الحياة
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[12 May 2009, 05:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هداية القرآن في مواجهة مصاعب الحياة
ما من أحد إلا وتمر به أيام عصيبة تضيق فيها عليه الأرض بما رحبت و تضيق عليه نفسه التي بين جنبيه.
وكثير من الناس يسير في هذه الحياة مكدودا متبرما بما يواجهه في حياته اليومية من مشاكل الحياة فلا يهنأ له عيش ولا تصفو له نفس.
وفي القرآن شفاء ورحمة، وفي القرآن هداية للتي هي أقوم.
وأول العلاج القرآني هو بيان أن هذه هي طبيعة الحياة:
(يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ) سورة الانشقاق (6)
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) سور الأنبياء (35)
(لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) سورة آل عمران من الآية (186)
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ) سورة البقرة من الآية (155)
ولله در الشاعر حين ألتقط هذا الحقيقة القرآنية وصاغها في جملة واحدة ثم صور حال الغافلين عن هذه الحقيقة فقال:
طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأَنتَ تُريدُها = صَفواً مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ
وَمُكَلِّف الأَيامِ ضِدَّ طِباعِها = مُتَطَّلِب في الماءِ جَذوة نارِ
وَإِذا رَجَوتَ المُستَحيل فَإِنَّما = تَبني الرَجاءَ عَلى شَفيرٍ هارِ
ومع أن هذه هي طبيعة الحياة التي يشترك فيها المؤمن والكافر، فإن المؤمن هو المعني أكثر من غيره بكدر الحياة وصفوها، وهذا ما أشارت إليه الآيات القرآنية، وكذلك ما أشار إليه الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله:
"مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ الْخَامَةِ مِنْ الزَّرْعِ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ كَفَأَتْهَا فَإِذَا اعْتَدَلَتْ تَكَفَّأُ بِالْبَلَاءِ وَالْفَاجِرُ كَالْأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ" رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وحتى لا تستغرق اللحظة صاحبها وتقعد به عن البحث عن المخرج أو الأفضل في الأوقات الصعبة نجد أن القرآن يبعث الأمل في النفس وذلك بتقرير قاعدة وحقيقة قرآنية:
(سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) سورة الطلاق من الآية (7)
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)) سورة الشرح
ثم يوجه القرآن الكريم إلى الأسباب المعينة على المواجهة والصمود ومنها:
أولاً: الإيمان:
إذا علم المسلم وآمن أن الأمور في هذه الحياة تجري بقدر الله تعالى وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، كان ذلك سببا لأن يرضى ويطمئن قلبه، وإذا ما أصابه أمر من الأمور التي تكرهها النفس لم يقعد به الحزن والأسى عن مواصلة الحياة والتطلع إلى الأمام والأمل فيما هو أفضل.
قال تعالى:
(مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) سورة التغابن (11)
ثانياً: التوكل على الله:
(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) سورة الطلاق من الآية (3)
والتوكل على الله من أعظم أسباب التغلب على مصاعب الحياة ومكدراتها، وبخاصة في باب طلب الرزق، وهذه حقيقة يؤكدها الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله:
"لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا" رواه الترمذي وغيره وصححه الألباني رحمه الله من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ثالثاً: الصبر والصلاة:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) سورة البقرة (153)
وكفى بمعية الله سببا.
وروى أبو داود وحسنه الألباني من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى.
رابعاً: تلمس الجوانب الإيجابية في الحياة.
خامساً: العمل الصالح وخاصة في باب الإحسان إلى الغير.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتعالوا نستشهد على هذين السببين من خلال توجيهات القرآن للحبيب صلى الله عليه وسلم وهو يمر بأحد المواقف الصعبة في حياته.
جاء في الصحيحين من حديث جندب بن سفيان رضي الله عنه قال:
"اشْتَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً أَوْ لَيْلَتَيْنِ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا مُحَمَّدُ مَا أُرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
{وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
وفي هذه السورة بعد أن أقسم الله تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم على نفي زعم المشركين من أن الله تعالى قد تخلى عن رسوله صلى الله عليه وسلم وأكد له أن الآخرة خير له من الأولى وأنه سيعطيه حتى يرضى، ذكَّره بعدها بالنعم السابقة عليه فقال:
(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8))
ثم ذكَّره في سورة الشرح بثلاث نعم أخرى فقال:
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (4))
وهذه دعوة لكل مسلم أن يتلمس ويستشعر الجوانب الإيجابية والمشرقة في حياته، وهذه من أعظم وأنفع الأسباب المعينة على التغلب على مصاعب الحياة ومن أعظم أسباب النجاح والسير إلى الأمام.
ثم إن الله تعالى بعد أن ذكَّر َنبيه صلى الله عليه وسلم بهذه النعم أعطاه بعض التوجيهات فقال:
(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11))
وكأنه يقول أحسن كما أحسن الله إليك، ونفس عن الآخرين ينفس الله عنك.
واليتم حالة من الضعف والبؤس لا يعرف شدتها إلا من ذاق مرارتها وأول مراحل الإحسان إلى اليتيم أن تكف عنه أذاك.
والحاجة سواء إلى المال أو العلم تدفع إلى السؤال، والسؤال يذهب بماء الوجه ويذل أعناق الرجال فالتلطف بالسائلين أول مراحل الإحسان إليهم.
والحديث عن النعمة من باب الشكر، والشكر سبب لحفظ النعمة ومؤذن بالزيادة قال تعالى:
(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ) سورة إبراهيم من الآية (7)
سادساً: الدعاء:
من أعظم أسباب جلب النفع ودفع الضر وتسهيل أمور الحياة الدعاء، قال تعالى:
(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) سورة غافر من الآية (60)
ولقد ضرب الله لنا الأمثلة في هذا الباب بالصفوة من خلقه فقال عن نوح عليه السلام:
(وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (75) وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76)) سورة الصافات.
وقال عن أيوب عليه السلام:
(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)) سورة الأنبياء.
وقال عن يونس عليه السلام:
وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)) سورة الأنبياء.
وقال عن زكريا عليه السلام:
(وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) سورة الأنبياء.
هذا بعض ما فتح الله به من هداية القرآن في مواجهة مصاعب الحياة وملخصه:
أولاً: فهم طبيعة الحياة.
ثانياً: الأخذ بالأسباب المعينة على التوافق مع هذه الحياة ومن ذلك:
أولاً: الإيمان.
ثانياً: التوكل.
ثالثاً: الصبر والصلاة.
رابعاً: تلمس الجوانب الإيجابية في الحياة.
خامساً: العمل الصالح وخاصة في باب الإحسان إلى الغير.
سادساً: الدعاء.
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم وبار ك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.
كتبه: أخوكم
محب القرآن الكريم
ومن لديه إضافة في هذا الباب فلا يبخل علينا وشكر الله للجميع(/)
ضوابط الإعجاز العلمي
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:38 م]ـ
مقدمة:-
إن التعامل مع القرآن سواء كان ذلك في التفسير أو الاستدلال أو الإعجاز أو غير ذلك يرتكز على عنصرين في غاية الأهمية؛ هما:
أ/ مراد الله تعالى الذي عبر عنه من خلال النص القرآني.
ب/ فهم المتلقي للمعاني الإلهية، وهذا المتلقي له إطاره المعرفي والحضاري والاجتماعي والثقافي الخاص.
وهذا الإطار الذي يحيط بالمتلقي له دوره السلبي أو الإيجابي في فهم مراد الله تعالى، ومعلوم أنه لا عبرة بفهم هذا المتلقي إطلاقاً إذا اتضحت مخالفته لمراد الله تعالى ومقاصده، وإنما تكتسب اجتهادات البشر وفهومهم قيمتها وتحظى بالقبول بقدر نهوض الأدلة التي تؤكد مطابقتها لمراد الله تعالى.
ولا شك أن اختلاف الدارسين للإعجاز وتنوع بيئاتهم الفكرية والثقافية والاجتماعية ـ من شأنه أن يؤثر في دراساتهم؛ وما ذلك إلا لأن الفكر لا ينبثق من العدم ولا ينشأ من الفراغ بحال، ومعلوم أن الواقع الفكري له تأثير عظيم في الأفكار؛ إذ أن الأفكار غالباً ما تكون طرحاً منظماً مدروساً مبنياً على الواقع بما فيه من ملابسات وتركيبات.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:39 م]ـ
أثر الواقع الفكري على الدراسات الإعجازية:
إذا كان الأمر كما سبق فإن كل الدراسات للإعجاز القرآني إنما تأثرت بالواقع الفكري للدارسين وما يحيط بهم من عوامل فكرية وثقافية واجتماعية، ومعلوم أن إبراهيم بن سيار النظام الذي كان أول من ألف في الإعجاز القرآني قد أثرت فيه روح عصره؛ إذ واجه واقعاً مريجاً اختلفت فيه الآراء والملل، وكان منتصراً لدين الله في وجه كل مخالف مستعيناً بكل ما استعان به هولاء المخالفون من منطق وبراهين، ورجل هذا شأنه ـ إزاء أعداء ذوى فكر معقد ـ لابد أن يكون فيه غير قليل من الغرابة؛ إذ أنكر النظام الإعجاز البلاغي وذهب إلى أن معجزة القرآن في صدق حقائقه؛ وما ذاك إلا لأنه قد نازل عدواً كثير الحيل معقد الأفكار في معركة شديدة التعقيد؛ ولهذا كان مقيداً بشروط القتال وتقلّب أحواله وملاحقة عدوه في حركاته وسكناته، وربما أثرت فيه روح العدو بكثرة الملابسة وتشكلت طريقته بحسب حيله ومكره وردود أفعاله إزاء ذلك؛ ولهذا تراه أنكر وجهاً من الإعجاز وثبّت الآخر رغم أن القرآن معجز من جميع الوجوه
وإذا كان النظام قد عوّل على المعاني غير معتد بالبلاغة ولا جاعلاً إياها معجزة فإن تلميذه الجاحظ الذي واجه الشعوبية ـ الذين هاجموا بلاغة العرب ـ قد نظر وبحث؛ ملابساً الواقع الأدبي والنقدي في عصره؛ حتى أقام الدليل الساطع على الإعجاز البلاغي بما بسط فيه من القول؛ راداً على النظام من جهة وعلى من هاجم بلاغة القرآن من الشعوبية والملاحدة وغيرهم.
ولما امتلأ الأفق الفكري بآراء الزنادقة والملاحدة الذين حاولوا تشويه صورة القرآن واعترضوا فيه بالطعن ولغوا فيه وهجروا وزعموا فيه التناقض واللحن وفساد النظم ـ ألف ابن قتيبة كتابه (تأويل مشكل القرآن) للرد عليهم.
ولما ظهر البديع وزخرفت به الأشعار وزعم أهل ذلك العصر أن هذه الصنعة قد ميزتهم عن من سبقهم وسمت بأدبهم إلى مرتبة لم يبلغها العرب الأقدمون، واتخذ ذلك أداة للهجوم على أسلوب القرآن العظيم، إذ جعل ذلك البديع مقياساً للبلاغة ـ عاب الإمام الباقلاني على اللغويين والنحاة انشغالهم بالجزء ودقيق الكلام وغامض الإعراب مع أن الانشغال بالإعجاز أوجب والحاجة إليه أمسّ؛ فألف كتابه (إعجاز القرآن) رافضاً فيه أن يكون الإعجاز من جهة ما يتضمنه القرآن من البديع؛ وذلك لأن البديع عنده ليس فيه ما يخرق العادة أو يخرج عن العرف بل إنه يمكن استدراكه بالتعلّم والتصنّع له، كما حمل على بعض الآراء المخالفة لإعجاز القرآن في عصره.
ولما اشتد الصراع بين الأشاعرة والمعتزلة، والنحويين والمناطقة، وتم التعصب للأفكار وأشيعت العموميات غير الدقيقة في الإعجاز وفشا التمسّك باللفظ المجرد وسهولته وغرابته وأوزانه ـ أنشأ عبد القاهر الجرجاني نظريته العظيمة في الإعجاز وهي "نظرية النظم" مستنداً فيها على النحو ومفسّراً للإعجاز به.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا شك أن المعالجات الجيدة في الإعجاز هي التي تستوعب عصرها وتتجاوز ما تسببه مؤثرات هذا العصر من مشكلات؛ فتصبح حينئذ هذه المعالجات موضوعية صالحة لما يأت بعدها من عصور
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:40 م]ـ
أثر الواقع الفكري على دراسة الإعجاز العلمي:
إن الإعجاز العلمي ليس بدعاً من المناهج التي تناولت أحد الوجوه في دراسة الإعجاز؛ إذ كانت له مؤثراته الفكرية كما كانت لغيره من المناهج؛ فالإعجاز العلمي لم ينشأ من فراغ فكرى ولا في فضاء ثقافي منعزل عن الحياة المعاصرة ومعطياتها؛ بل نشأ هذا الإعجاز في واقع فكري وثقافي واجتماعي وحضاري معين، ولهذا فإن شأنه كشأن سائر قضايا الواقع المعاصر ولابد أن يوثر فيه هذا الواقع الفكري بشكل من الأشكال ولا مناص له من ذلك إطلاقاً، وسواء كانت تيارات الواقع الفكري ومذاهبه واتجاهاته ذات توجه موافق أو مخالف أو مناقض أو معضد لتوجه الإعجاز العلمي فلابد من إلقاء ظلالها على هذه القضية سواء كان ذلك بالسلب أو الإيجاب أو التأثير أو رد الفعل أو التأييد أو الرفض أو نحوها، ومعلوم أن طبيعة العصر قد كان لها أثر في معالجات الإعجاز العلمي بشكل من الأشكال، كما أن التيارات الفكرية في هذا الواقع قد كان لها صداها الايجابي أو المعاكس في هذه القضية.
ورغم أن للإعجاز العلمي مؤثرات فكرية كثيرة إلا أن أبرز المؤثرات تقريباً ـ هيمنة العلمانية الغربية ومحاولات إسباغ معطياتها على كافة مجالات الحياة، وهذه العلمانية كما تبلورت في الفكر الغربي تفصل بين العلم والدين؛ وتعدهما أمرين لا يمكن أن يلتقيا أبداً، وقد كان سبب ذلك أن الكنيسة الغربية ظلّت مهيمنة على كل مجالات الحياة في أوربا، وكان أسلوبها في التفكير يتجه اتجاهاً معاكساً للحقيقة والواقع، وقد سفكت الكنيسة دماء العلماء الطبيعيين؛ لأن بعض الحقائق التي اكتشفوها تعارض الكتاب المقدس , وقد عانى العالم غليليو ـ كما هو معروف ـ من ذلك وحوكم، وأول القضايا التي أثيرت ضده هي قوله "إن الكواكب السيارة أكثر من سبعة " مما أثار رجال الكنيسة ووصفوه بالخروج عن الدين، واستشهدوا ضده بعدد أيام الأسبوع وفتحات وجه الإنسان؛ وقد وصفوه أيضاً بالهرطقة والزندقة عندما أعلن عام 1616م تأييده لفكرة كوبرنيكوس القائلة بأن الشمس هي مركز الكون وليس الأرض؛ ومن ثم فالأرض تدور حول الشمس وليس العكس، ولما كانت الكنيسة تؤمن بآراء بطليموس التي ترى أن الأرض ثابتة وكل شيء يدور حولها، فإن غليليو بآرائه ومكتشفاته هذه يخطيء الكنيسة، والكنيسة ـ عندهم ـ لا يمكن أن تخطيْ؛ ولذلك ففد استدعي غليليو أمام المجلس البابوي وأجبر إجباراً على أن يعلن على الملأ أن الأرض لا تدور حول الشمس وأنه قد أقلع عن هذه فكرته الخاطئة التي أثبتها علمياً وأقر بأنه لن يتمسك بها أو يعلّمها أو يدافع عنها بوجه من الوجوه؛ وبعد ذلك كله حكمت المحكمة بإدانته بارتكابه إثماً في حق الكنيسة وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة؛ ثم خفف الحكم إلى إقامة جبرية في منزله حتى مات؛ مع أن العلم قد أيد آراء كوبرنيكوس وغليليو وأثبت صحتها منذ زمن بعيد، إلا أن الحكم بالزندقة على غليليو قد بقي محفوظاً في أضابير وسجلات الفاتيكان؛ حتى رأى البابا يوحنا بولس الثاني سنة 1992م رفع هذا الحكم وإسقاطه، أي أن الحكم ببراءة غليليو من التهم الموجهة إليه قد صدر بعد وفاته بنحو ثلاثمائة وخمسين عاماً
وقد أدرك المفكرون قبيل النهضة الأوربية أنه لا بد من مناهضة أفكار الكنيسة، وقد تدخلت عوامل عديدة لتوجيه الصراع لصالح هؤلاء المفكرين كان من ضمنها دخول العلوم الإسلامية، وكان من ضمن تلك العلوم الإسلامية العلوم التجريبية القائمة على منهج الاستقراء والملاحظة.وقد اجتاح منهج البحث التجريبي في أوربا أساليب التفكير اللاهوتي التي كانت غارقة في التفكير النظري والتجريد الميتافزيقي؛ يقول مايرهرف ماكس: “كانت العلوم الإسلامية وهي في أوج عظمتها تضيء كما يضيء القمر فتبدد غياهب الظلام الذي كان يلف أوروبا في القرون الوسطى .... ولما كان لتلك العلوم العربية سهمها الأوفى في توجيه هذا العهد الجديد وحث خطواته، فعلينا أن نقر بأن التراث العربي الإسلامي ما زال يعيش في علومنا حتى الآن"ومما سبق يتضح أنّ
(يُتْبَعُ)
(/)
السَّمة المميزة في تاريخ الفكر الغربي - التي ما زالت آثارها باقية حتى الآن - هي وجود صراع بين العلم والديِّن، وقد انتهى هذا الصراع بطرد الدين من مجال النظر والعلم والمعرفة، وعندما حلّ القرن الثامن عشر كان الفكر الغربي قد قطع أعظم الأشواط في التحرُّر من الفكر الدَّيني وسيطرته؛ حتى أُطلق على هذا القرن عصر التنوير، ولم يكن يقصد بالتنوير سوى إبعاد الديِّن، وكان من نتائج الصراع بين الكنيسة والعلماء أن تحولت المعرفة إلى معرفة بشرية محصورة في الواقع المشاهد بعيداً عن الدين الذي هو عدو العلم الأكبر، فانحصر مفهوم العلم في جانبين هما الحقائق التجريبية والحقائق التحليلية، أما حقائق الدين فقد اعتبرت بلا معنى “ meaningless” ولهذا فإن الدين والعلم في الفكر الغربي لا يجتمعان أبداً فما يكون علمياً لا يكون دينياً وما يكون دينياً لا يكون علمياً.
ورغم أن العلم والدين في الإسلام لا يمكن أن يتناقضا؛ إذ أن الكون والوحي مصدران متكاملان متناصران للمعرفة؛ إلا أن بعض المفكرين المسلمين قد تبنوا المشروع التغريبي بكل ما فيه؛ فنادوا بعزل الدين عن العلم وكافة شئون الحياة والأخذ بالحضارة الغربية بكافة جوانبها؛ إذ أن النهضة والتقدم – عندهم – لا يمكن أن تتم إلا بذلك، وقد كان أبرز أنصار هذا الاتجاه الدكتور طه حسين، وقد نادي بالفصل بين الديني والعلمي؛ ولهذا ذهب ـ مؤكداً علمانيته – إلى القول بأن: (للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي) وعند استجوابه صرح الدكتور بأنه بوصفه مسلماً يقر بذلك، إلا أنه بوصفه عالماً لا يفعل أي أنه يفصل بين العلم والإيمان.
وفي الواقع الفكري المعاصر ظهر كذلك تيار الإصلاح الذي رأى أنصاره عدم التناقض بين الأخذ بالدين والأخذ بأسباب العلم، وإذا كانت تجربة الفكر الغربي ـ عندهم ـ قد وقع فيها هذا التناقض فإن تلك التجربة إنما هي تجربة مختلفة كل الاختلاف عن تجربة الفكر الإسلامي الذي لا يمكن أن يقع فيه هذا التناقض أصلاً، وإذا كان الوحي المسيحي قد أصابته التشوهات والتغييرات واعتراه التحريف والتزييف فليس كذلك الوحي في الإسلام، وكان أبرز أنصار هذا التيار الشيخ عبد الرحمن الكواكبي والإمام محمد عبده والشيخ طنطاوي جوهري، وقد نادى هولاء الإصلاحيون بإصلاح حال الأمة وتبنوا فكرة الإعجاز العلمي والتوفيق بين معطيات القرآن ومعطيات العلم الحديث.
ويذهب طنطاوي جوهري إلى أن من أسباب تأخر الأمة اهتمامها بعلم دون آخر؛ إذ اكتفت بالفقه وأهملت علوم الكون والحياة؛ مع أن اهتمام القرآن بالكون والحياة أكثر من اهتمامه بالفقهيات بصورة واضحة لا لبس فيها ولا خفاء؛ ولذلك يقول: (علم الفقه ليس له في القرآن إلا آيات قلائل لا تصل مائة وخمسين آية؛ فلماذا كثر التأليف في علم الفقه وقلّ في علوم الكائنات التي لا تخلو منها سورة؛ بل هي تبلغ (750) آية صريحة؛ وهنالك آيات أخرى تقرب من الصراحة، فهل يجوز في عقل أو شرع أن يبرع المسلمون في علم آياته قليلة ويجهلون علماً آياته كثيرة جداً)
ولا شك أن من خصائص الوحي " القرآن والسنة " التي لا مراء فيها أنه تناول بعض القضايا الكونية المتعلقة بعالم الحس الذي تعمل في إطاره العلوم الطبيعية، ولما كان الوحي منزلاً من عند الله والكون مخلوقاً لله فلا يمكن أن يناقض كلامه خلقه، بل لابد من التطابق بين الأمرين؛ يقول ابن تيمية: (ولا يجوز أن يكون في القرآن ما يخالف صريح العقل والحس) ولكن ليس معنى موافقة الحقائق القرآنية لعالم الحس موافقتها بالضرورة لمعطيات العلوم الطبيعية التي ما زالت تتدرج في إدراكها لعالم الحس نحو اليقين.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:42 م]ـ
بيان ضوابط الإعجاز العلمي:
إذا كان الإعجاز العلمي يستند بصورة مباشرة على الوحي والعلم فإن من شأن دراسات هذا الإعجاز أن تتأثر بطبيعة كلا الأمرين وخصائصهما، ومعلوم أن للعلم مشكلاته، ولا شك أن لهذه المشكلات أثرها البيّن على كيفيات معالجة الإعجاز العلمي. وليس ذلك فحسب بل إن التعامل مع القرآن أيضاً في مضمار الإعجاز العلمي دون إدراك الخصائص الدقيقة له يفضي بدوره إلى مشكلات أيضاً، ولذلك كله أثره المباشر على كيفيات المعالجة، وهذا الأمر يفضي بصورة مباشرة إلى تحديد الأطر وتعيين الضوابط والمعايير. والحق أن الضوابط والمعايير التي يتناولها هذا البحث فيما سيأتي لم تكن بناء ذهنياً مفترضاً؛ وإنما تأتت بتصفح واقع التعامل مع هذا النوع من الإعجاز، ومن هذه الضوابط مراعاة قانون العربية في معرفة معاني المفردات والنحو والصرف وغير ذلك، وكذلك معرفة التناسب القرآني سواء كان هذا التناسب تناسباً داخلياً "يكمن في مراعاة النظم والسياق أو مراعاة ترابط القرآن ببعضه أو عدم المخالفة لمقاصده العامة " أو كان تناسباً خارجياً يكمن في مراعاة الأحوال والمقامات أو دقة الربط بين الحقائق العلمية والمعاني القرآنية، ومن الضوابط أيضاً مراعاة المستوى الإلهي للقرآن تجنب القضايا الغيبية التي لا يمكن أن ينالها العلم إلا إذا كانت هنالك مداخل حسية مقبولة لذلك، ومن مراعاة المستوى الإلهي للقرآن أيضاً عدم الربط بين حقائق القرآن وظنون البشر وتخميناتهم وفروضهم ونظرياتهم التي ليست لها أدلة حسية تثبتها إثباتاً قاطعاً وكذلك عدم التكلف وتقويل القرآن ما لم يقله، ومن الضوابط أيضاً عدم الاعتماد على الأحاديث الموضوعة أو روايات القصاص والإخباريين الواهية أو الإسرائيليات ونحوها، وتفصيل ذلك كالآتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:43 م]ـ
أولاً: مراعاة قانون العرب:-
من خصائص القرآن أنه عربي الأسلوب؛ قال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وقال: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وقال: (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا) وقال: (بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ) وقال: (قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) وقال: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) وقال: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا) وقال: (وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا)، ولهذا لا يجوز إطلاقاً تجاوز هذه الصفة عند التعامل مع القرآن بأي شكل من أشكال التعامل؛ سواء في الإعجاز العلمي أو في التفسير عموماً أو غير ذلك؛ ولهذا يقول الإمام الشاطبي: (كلّ معنى مستنبط من القران غير جار على اللسان العربي ـ فليس من علوم القران في شيء لا مما يستفاد منه ولا مما يستفاد به؛ ومن ادعى فيه ذلك فهو في دعواه مبطل) ويقول الإمام مالك: (لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر القرآن إلا جعلته نكالاً) فإذا تجاوز الإنسان هذه الصفة ولم يراع أحكامها ـ لم يكن ما يستخرجه من القرآن شيئاً ولا يعدّ علماً، فهذه الأحكام العربية تشكل معياراً عاماً يعرف به صحة الاستنباط أو عدمها، وبذلك تغدو هذه الأحكام إطاراً يؤمّن من الخطأ في تناول معاني القرآن، وعلي ذلك يجب على العالم الذي يتناول القرآن – أياً كان تخصصه – أن يكون عارفاً بهذه الأحكام العربية، ولا يمنع ذلك إطلاقاً من ظهور عمق جديد في المعنى لم يكن العربي القديم يعرفه؛ وهو أمر طبيعي؛ إذ أن أسلوب القرآن فيه من السعة والمرونة ما يجعل عجائبه دائمة مستمرة لا تنقضي، وهذا كله يقتضي مراعاة قانون هذه اللغة سواء في معرفة مفرداتها أو بلاغتها ونحوها؛ وتفصيل ذلك كالأتي:-
أ/ معرفة مفردات اللغة:-
نزل القرآن العظيم بلغة العرب؛ فاستخدم من المفردات ما يستخدمون وبمعانيها التي يعرفون، ولما كانت مفردات هذه اللغة الشريفة شديدة الدقة فقد اختار القرآن من المفردات ما هو أدل على المقصد الإلهي؛ ولهذا لا يمكن التعامل مع الإعجاز العلمي إلا بمعرفة معاني المفردات القرآنية بصورة دقيقة. إلا أن بعض الباحثين في الإعجاز العلمي لم يراع هذا القانون الشديد الأهمية؛ فذهب بعضهم إلى تفسير لفظ "قطر" في قوله تعالى: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ) بأنه هو الخط الموصل بين نقطتين على المحيط ماراً بمركز الدائرة، وأن الأقطار لا تكون إلا على الدوائر؛ وهذا يدل ـ عنده ـ على كروية الأرض، ومثل ذلك أيضاً "السلطان" في الآية نفسها بأنه هو "العلم".
والحق أن كروية الأرض تثبته آيات أخرى، وقد أدرك الأقدمون ذلك كما سيأتي فلا داعي لإقحام هذه الآية التي لا تدل على الكروية من قريب ولا بعيد. لكن الكاتب تجاهل المعنى المقصود الذي تعرفه العرب وأخذ معنى القطر من الاصطلاح الهندسي الحادث الذي لا تعرفه العرب؛ والقطر ـ عند العرب ـ هو الجهة والناحية لا الخط المذكور الذي لا مبرر إطلاقاً لتفسير القطر به، قال تعالى: (وَلَوْ دُخِلَتْ عليهم مِّنْ أَقْطَارِهَا) أي: لو دخل عليهم الأعداء من كل جانب من جوانب المدينة ولهذا فإن معنى آية سورة الرحمن السابقة: إن استطعتم أن تجوزوا أطراف السموات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا، وقيل بل معنى ذلك: إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفدوا هاربين من الموت فإن الموت مدرككم ولا ينفعكم هربكم منه وأينما كنتم فإنكم لا تخرجون من سلطان الله أي: ملكه، فأنتم أينما نفذتم نفذتم في هذا السلطان الذي لا تستطيعون أن تنفذوا منه والمعنى أنكم لا تخرجون من ملك الله إلا إلى ملك الله
(يُتْبَعُ)
(/)
والحق أن كروية الأرض أمر معروف عند علماء الإسلام المتقدمين، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن هنالك إجماعاً بين العلماء على هذه المسألة، وكذلك ذكر ابن حزم وابن الجوزي وغيرهم، وذكر العلماء أيضاً أن هذا الأمر يدل عليه القرآن والسنة والإجماع والحس والعقل ولا ينكره إلا العامة، ودليل هذه الكروية من القرآن قوله تعالى (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ) وقد ذكر المقدسي في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) والشريف الإدريسي أن الأرض كرة غير صادقة الاستدارة، وقد ذكر ذلك أيضاً ابن خلكان في كتابه (وفيات الأعيان) وابن الجوزي في المنتظم وغيرهم.
ب/ مراعاة الأحكام النحوية:-
من أهم الضوابط في معالجة قضايا الإعجاز العلمي مراعاة الأحكام النحوية التي هي قواعد توضح طريقة استنباط المعاني من الكلام العربي بصورة صحيحة، ولما كان الأمر كذلك فلابد لمن أراد تناول القرآن بالتفسير أن يراعي هذه القواعد حتى يتم استنباط المعاني بالطريقة السليمة، ولعل الذي يشتغل بالإعجاز العلمي إزاء هذه القواعد على خمس حالات هي:-
أ - أن يأخذ القاعدة المشهورة والإعراب المعروف الذي أخذ به معظم العلماء والمفسرين فيدقق في هذا المعنى ويعمقه بالاكتشافات العلمية الحديثة؛ وهذا وجه متقبّل بلا شك.
ب - أن يأتي بمعنى جديد لم يقل به أحد من قبل، ويكون لهذا المعنى تخريج آخر مشهور في النحو ولا يحالف ضوابط الإعجاز العلمي الأخرى ولا يصادم القواعد الكلية المعروفة وينسجم مع السياق ويوافق المقاصد العامة؛ فهذا أيضاً وجه متقبل وجانب من الاجتهاد ممكن.
ج/ أن يأتي بمعنى جديد له تخريج بعيد شاذ في النحو ولا يخالف الضوابط العلمية الأخرى، فهذا يجب التوقف فيه لينظر في تفاصيله؛ وإن كان إلى الرفض أقرب.
د/ أن يأتي بمعنى جديد له تخريج بعيد شاذ في النحو ويخالف الضوابط العلمية الأخرى؛ فهذا وجه مرفوض تماماً.
هـ / أن يأتي بمعنى جديد يخالف القواعد النحوية؛ وهذا الوجه يُرفض ابتداء ولا يُنظر في مخالفته لبقية الضوابط أو موافقته لها.
ولا شك أن النحو يفتح المعاني المغلقة عند الاستنباط، وهو المعيار الذي لا يُعرف صحيح المعنى المستنبط من سقيمه حتى يرجع إليه، وهو الذي يؤمّن من الخطأ إذا خاض الإنسان في التفسير وتعاطى التأويل كما ذكر الجرجاني واستنادا على علم النحو هذا فليس صحيحا ما يردده بعض الناس من أن القرآن جعل من العسل شفاء لكل الأمراض؛ إذ أنّ "التعريف" يراد به الكلية والإحاطة والعهدية؛ أما التنكير فيفيد في حكم العقل البعضية، والله تعالى قد قال عن العسل: (فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ) فنكَّر لفظ "شفاء" ولم يقل "الشفاء" حتى يدل على أن الشفاء ضروب وأنواع؛ وهو في العسل وغيره؛ وليس منحصراً بكليته فيه، وإنما العسل - كما دلت الآية - فيه بعض الشفاء لبعض العلل دون بعض، ولو قال فيه "الشفاء" لكان المعنى الذي يقتضيه العقل هو: إفادة الشمول والإحاطة؛ وليس الأمر كذلك بحال، وقد ذكر المفسرون أن لفظ (شفاء) ليس فيه عموم؛ يقول القرطبي: (ومما يدل على أنه ليس على العموم أن شفاء نكرة في سياق الإثبات ولا عموم فيها باتفاق أهل اللسان ومحققي أهل العلم ومختلفي أهل الأصول) فالعسل ليس شفاءً من كلّ داء كما فهم البعض من الآية؛ إذ أنه تعالى قد نكَّر لفظ (شفاء) ولم يعرفه؛ يقول ابن كثير: (قال بعض من تكلّم على الطب النبوي لو قال: فيه الشفاء للناس؛ لكان دواء لكل داء ولكن قال فيه شفاء للناس) والحق أن العسل ـ وإن لم يكن علاجا لكل الأمراض بل وقد يضر أصحاب بعضها ـ إلا أنه علاج ناجع جداً لكثير من الأمراض والعلل؛ وقد أكدت الأبحاث العلمية الحديثة فوائده في عدد من المجالات، ومن أحدث هذه الأبحاث تلك التي قام بها البروفيسور (بيتر مولان) في نيوزيلندة، وقد قضى وزملاؤه في مخابر البحث عشرين عامًا في تجاربهم العلمية وفق شروط البحث العلمي السليم ـ على العسل، وخرجوا بعشرات الأبحاث العلمية التي نشرت في أشهر المجلات الطبية في العالم، ولم يكن هو الباحث الوحيد في هذا المجال؛ فقد قام عشرات الباحثين بنشر أبحاثهم أيضًا في مجال العسل. وقد تبين أن في العسل من المواد ما يقتل الجراثيم الفتاكة وبه مقو للمناعة ويشفي بعض أمراض العيون والجلد والأسنان، وهو كذلك عامل مهم لالتئام الجروح، كما أنه غني بمضادات الأكسدة ويعالج التهاب المعدة والأمعاء.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:44 م]ـ
ثانياً: ضابط التناسب:-
من أهم خصائص القرآن تناسبه وانسجامه وارتباط بعضه ببعض، إذ ليس فيه من تضاد أو تنافر أو اضطراب أو تناقض، وهذا التناسب الذي هو سمة جوهرية للقرآن لا بد من مراعاته عند التعامل مع القرآن سواء في الإعجاز العلمي أو في غيره، ولا شك أن كل تعامل مع القرآن وأغفل هذا التناسب فإنه لا يأمن الزلل والغلط إطلاقاً، ولأجل ذلك كانت مراعاة هذا التناسب بأشكاله المختلفة من الضوابط المهمة جداً في تناول الإعجاز العلمي؛ وتفصيل ذلك كالآتي:-
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:45 م]ـ
أ- التناسب الداخلي:-
هذا النوع من التناسب شديد الأهمية في مضمار الإعجاز العلمي، إذ به تدرك المعاني بشكل سليم وبه ينضبط الاستنباط من القرآن، وينقسم هذا النوع من التناسب إلى تناسب المعاني الجزئية مع المقاصد العامة من جانب وإلى تناسب المعاني القرآنية مع بعضها من جانب آخر وإلى تناسب المعنى المستنبط من القرآن في الإعجاز العلمي مع النظم والسياق من جانب ثالث، وهذه الأشكال من التناسب منها ما يشكل إطاراً عاماً ومنها ما هو أقل عمومية، وكلها شديدة الأهمية في تناول الإعجاز العلمي؛ إذ أن إهمالها يؤدي – وبشكل مباشر – إلى الخطأ في الاستنباط والاستدلال، ولا شك أن الخطأ الناشئ من عدم مراعاة هذا التناسب من شأنه أن يجهض قضية الإعجاز العلمي في ذلك الموضع ويهدمها من أساسها، ولهذا كان هذا التناسب - بأشكاله المختلفة – من الأهمية بمكان في مضمار دراسة الإعجاز العلمي، وتفصيل ذلك كالآتي:-
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:46 م]ـ
1/مراعاة النظم والسياق:-
إن من أهم الأمور في دراسة الإعجاز العلمي النظر إلى السياقات والنظوم؛ إذ أن للسياق دوراً كبيراً وأثراً واضحاً في تحديد الدلالات ومعرفة المعاني وإدراك المقاصد، وقد ذكر العلماء أن القرآن قد نظمت مفرداته نظماً محكماً لا يلحقه معه خلل، ولهذا فإن هذا الترابط يشير وبصورة واضحة إلى المعاني الخفية، إذ أن أكثر أسرار القرآن مودعة في الترتيبات والروابط كما ذكر الرازي، وقد اعتني الصحابة والتابعون بهذه السياقات عناية كبيرة؛ فعن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه قال: (إذا حدثت عن الله حديثا فقف حتى تنظر ما قبله وما بعده) وقال ابن مسعود: (إذا سأل أحدكم صاحبه: كيف يقرا آية كذا وكذا؟ فليسأله عما قبلها وعما بعدها) ويقول الشيخ ولي الدين الملوي: (والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة، ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها؛ ففي ذلك علم جم) وذكر الجاحظ أن أعرابياً سمع رجلاً - في زمان عمر بن الخطاب - يقرأ خطأ: "فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله غفور رحيم"فقال الأعرابي: لا يكون؛ وذلك لعدم المناسبة بين الجملة الأولى والثانية؛ إذ أن الضلال بعد معرفة الهدى لا يقابل بالغفران والرحمة، والصحيح في القرآن هو:) فَإِن زَلَلْتُمْ مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (
ولما كان الأمر كذلك فقد اتضح أن السياق من أهم الضوابط في قبول الإعجاز العلمي وغيره، ومعلوم أن المعنى المستنبط من القرآن في الإعجاز العلمي إذا لم يحتمله السياق فإنه يصبح باطلاً وإن كانت الحقيقة العلمية صحيحة؛ وما ذلك إلا لأن السياق لا يدل عليها؛ ومن أمثلة ذلك ما ذهب إليه بعضهم من أن قوله تعالى: (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ) يدل على تنبؤ القرآن بوسائل الاتصال الحديثة؛ إذ صار الإنسان يتصل مع غيره من مكان بعيد بواسطة الهاتف وأن يسمع الإذاعة والتلفاز من دولة بعيدة، وهذا الادعاء يكذبه سياق الآية؛ إذ أنها معطوفة على ما قبلها؛ وهو قوله تعالى: (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِن قَبْلُ) فهو كلام عن الكفار يوم الفزع الأكبر، وتوضح ذلك الآيتان اللتان قبلها؛ قال تعالى (وَلَوْ تَرَى إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ) إذن معنى القذف بالغيب ليس وسائل الاتصال الحديثة؛ وإنما معناه الرمي بالظن؛ ومثله قوله تعالى في سورة الكهف: (رَجْمًا بِالْغَيْبِ) وقد كان الكفار يرمون بالظن في الدنيا؛ فيقولون: لا بعث ولا نشور
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ذلك أيضاً ادعاء بعضهم أن قوله تعالى: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) يدلّ على ما هو مقرر في علم النيات من دور الرياح في تلقيح النبات؛ إذ تحمل هذه الرياح مادة الذكورة حيث تلتقي بمادة الأنوثة فيكون الإخصاب، وهذه حقيقة علمية صحيحة، ولكن هل الآية تدل عليها؟ لا، لأن السياق لا يتناول النبات وإنما يتحدث عن السحاب وتلقيحه؛ لا تلقيح النبات؛ ولهذا ذكر الله تعالى إنزال الماء بعد وصف الرياح بأنها (لَوَاقِحَ) فقال: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) وصحيح أن هنالك علاقة وطيدة بين إنزال الماء والنبات؛ إلا أن الآية ذكرت سقي هذا الماء للناس لا إنبات النبات به. ولما كان السياق يشير وبصورة مباشرة إلى تلقيح السحاب فإن هذا المعنى تعضده آيات أخرى تم فيها ربط الرياح بالمطر؛ نحو قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) وقوله: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا) وقوله: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ) وقوله (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)، وهذا التلقيح المذكور في الآية والذي تقوم به الرياح بين السحب على ثلاثة أنواع هي: تلقيح السحب الحارة بالباردة الأمر الذي يزيد التكاثف؛ فينتج عند ذلك نزول المطر، أما النوع الثاني فهو: تلقيح السحب ذات الشحنة الموجبة بالسحب ذات الشحنة السالبة؛ فيحدث التفريغ الذي ينتج الشرر الكهربائي أو الرعد، ويتمدد الهواء من جراء هذا التفريغ فينتج صوت الرعد،؛ وفي هذه الحالة يكون المطر مصحوباً بالبرق والرعد، أما النوع الثالث فهو: تلقيح الرياح للسحاب بنويات مكونة من الأملاح والاكاسيد والأتربة، وهذه النويات ضرورية في التكاثف؛ إذ يتجمع عليها جزئيات بخار الماء؛ فتصير نقطاً نامية داخل السحب، وهذا النوع الأخير أخذت منه فكرة (المطر الصناعي)؛ إذ تقوم بعض الطائرات برش السحب المكونة أصلاً ببعض المواد التي تعمل كنويات يتكاثف حولها المطر فينزل.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:47 م]ـ
2/ مراعاة الترابط القرآني:-
إن القرآن شديد الترابط والانسجام؛ فمقيده يقيد مطلقه وخاصه يخصص عامه، وليس ذلك فحسب بل إنه يفسر بعضه بعضاً؛ فربّ مفردة أو عبارة لم يُفهم معناها فلما رُجع إلى ما يفسرها من آيات أخرى _ اتضح المعنى وفهم المقصود؛ ومن ذلك على سبيل المثال أن الصحابة رضوان الله عليهم قد أشكل عليهم لفظ (الظلم) في قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ) فقالوا: أينا لم يلبث إيمانه بظلم فأرجعهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوله تعالى: (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) ففسر الظلم بالشرك، وقد أورد البخاري ذلك في (باب ظلم دون ظلم) ولهذا فإنه قد اتضح أن المقصود بالظلم في الآيتين هو الشرك وذلك بخلاف الظلم في مواضع كثيرة أخرى من القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ذلك أيضاً في مضمار الإعجاز العلمي لفظ " الضلال " في قوله تعالى -في آية الدين -: (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) ومن الملاحظ أن الآية الكريمة قد عدلت إلى (الضلال) كمقابل للتذّكر (تَضِلَّ ... فَتُذَكِّرَ) بدلاً عن (النسيان)؛ ليفيد معنى دقيقا خاصا؛ ومعلوم أن مفهوم (الضلال) في القرآن مفهوم واسع؛ فهو يكون أحياناً ضد الرشاد والهدى؛ ومنه قوله تعالى: (قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَاء بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ)، والضلال عن الشيء: الذهاب عنهومنه قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُواْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا) و الضَلال: موت الإنسان فيدفن حتى يصير تراباً ويختلط بالأرض فلا يتبيَّن شيء من خَلْقه؛ ومنه قوله تعالى: (وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)؛ ومعناه أَإِذا متنا وصرنا ترابا وعظاما في الأَرض فلم يتبين شيء من خَلقنا أما الضلال في الشهادة فهو حالة مختلفة نوعا ما عن النسيان وإن كان بقاربه؛ يقول القرطبي: (الضلال عن الشهادة إنما هو نسيان جزء منها وذكر جزء ويبقى المرء حيران بين ذلك ضالا، ومن نسي الشهادة جملة فليس يقال: ضل فيها) وهذا الضلال المقارب في معناه للنسيان هو بمعنى الالتباس الذهني؛ ومنه قوله تعالى: (لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى)؛والألفاظ لا تترادف، وسياق الآية يثبت أن الضلال الذهني غير النسيان؛ وقد أجرى أحد الباحثين بجامعة الجزيرة دراسة سيكولوجية مطولة في قوله تعالى (أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى) فأثبتت الدراسة الآتي:
1 - هنالك فروق جوهرية بين الذكر والأنثى في عملية التذكر؛ فربما فاق الرجل المرأة في بعض الحالات وفاقته في أخرى.
2 - في الأرقام بالذات (والدين أرقام) إما أن يتذكر الرجل الأرقام بدقة أو يعترف بالنسيان، وليس هنالك من موقف ثالث كما هو عند المرأة التي قد تستبدل رقماً بآخر في بعض الأحيان ثم تصر عليه؛ وهي حالة الالتباس والاختلاط الذهني التي وصفها القرآن بـ"الضلال"؛ وهي ليست تذكرا ولا نسيانا؛ وقد أرجع الباحث ذلك إلى فروق في الخلايا الدماغية لدى كل من الرجل والمرأة
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:48 م]ـ
3/ عدم مخالفة المقاصد العامة:
جاء القرآن الكريم والسنة المطهرة بأحكام وأوامر جليلة؛ وقد عكف الفقهاء والأصوليون على دراسة هذه الأحكام قروناً طويلة؛ فتبين لهم _ بعد طول دراسة _ أن هذه الأحكام مبنية على أسباب وعلل ومصالح؛ فقاموا باستقراء علل الأحكام هذه؛ فتجلّت لهم المقاصد العامة للشريعة الإسلامية؛ وهي على الأشهر كالتالي: "حفظ الدين وحفظ النفس وحفظ العقل وحفظ النسل وحفظ المال"ولهذا فإن كل حكم تم استخراجه بالقياس أو الاجتهاد فخالف هذه الأصول الكلية فهو مردود، إذ أن هذه الأصول الكلية تمثل الإطار العام للشريعة؛ فما خرج عن ذلك الإطار فليس جزءً من هذه الشريعة.
وقد وجد العلماء أن هنالك أحاديث موضوعة مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم تخالف مقاصد الشريعة؛ ولعل أظهر دليل على كونها موضوعة مكذوبة هو هذه المخالفة؛ وهي مخالفة لأكثرية أحكام القرآن والسنة؛ ومن ذلك على سبيل المثال ما جاء عن الزهد الشديد في البنين ببعض الأزمنة؛ نحو: (لو ربى أحدكم جرو كلب خير له من أن يربي ولداً) الذي ذهب بدر الدين العيني إلى أنه لا التفات إليه لأنه موضوع، فلا يمكن مثلاً أن يحاول أحد من الباحثين في الإعجاز العلمي أن يأخذ شيئاً من هذه الأحاديث؛ فيربط مثلاً بينها وبين نظرية مالتوس أو أن يفهم قوله تعالى: (وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ) وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) فهماً جزئياً مغلوطاً فيزهّد في البنين كما زهّد مالتوس، وكل ذلك مردود؛ فالحديث موضوع باطل وفهمه للآيات
(يُتْبَعُ)
(/)
مغلوط والنظرية متهافتة، وكل ذلك مخالف لعموم القرآن والسنة. وقد ذهب توماس روبرت مالتوس في نظريته هذه إلى أن النمو السكاني يتم بموجب متوالية هندسية، بينما يتزايد معدل إنتاج الغذاء -المعبر عنه اقتصاديا بالناتج المحلي الإجمالي– بموجب متوالية عددية، وقد ذهب مالتوس إلى أنه طالما أن الموارد الاقتصادية بطبيعتها نادرة ومحدودة مهما أدخلت عليها من تحسينات وإضافات رأسية أو أفقية _ فإن من الطبيعي أن يأتي وقت ما لا تجد فيه الأعداد المتزايدة والمتكاثرة من البشر كفايتها الحدية من إنتاج الموارد الاقتصادية طالما تعدت نسبة النمو السكاني نسبة النمو في الناتج المحلي السنوي، ومعنى ذلك أن سبب الفقر هو البشر الذين يتكاثرون بسرعة كبيرة جداً؛ ولأجل ذلك اقترح مالتوس تخفيض الولادات أو العقم كوسيلة لتحسين أوضاع الفقراء. وقد حاول علماء اجتماع غربيون متعددون؛ أمثال”فوفت” - بناء على المالتوسية - إثبات أن الحروب والكوارث والأوبئة هي الوسيلة المثلى لتحسين الظروف البشرية؛ لأنها تقضي على فائض السكان؛ وبذلك تؤدي الحروب والأوبئة وظيفة اجتماعية ممتازة، وذهب آدم مورد ( Adam Moord) إلى وجوب حرمان الفقراء من المسكن؛ لإيقاف عملية تزايدهم، ولكن رغم كل ذلك إلا أن نظرية تحديد النسل هذه إنما هي نظرية أحادية الجانب تبحث في جزء ضيق من الواقع وتغفل عوامل أساسية كثيرة فيه؛ ولهذا واجهت هذه النظرية العديد من الحجج التي تدخضها ونهدم أبنيتها؛ ومن ذلك رد (ميشيل توماس سادلر) الذي نشر مؤلفاً من مجلدين تحت عنوان (قانون السكان)، وفد جاء ثلث هذا المؤلف لمعارضة هذه النظرية التي تغفل الجانب العمري للسكان؛ فالعلاقة التي حددتها نظرية مالتوس قائمة على حركة نمو المجتمع وثبات إنتاج الغلة، وهذه علاقة غير حقيقية؛ إذ أن إنتاج الغلة قائم على عدة عناصر متحركة وليست ثابتة، هذا فضلا عن التوسع في استغلال الأراضي والمياه والبذور وقوة الإنتاج وساعات العمل.كما أن للتطور العلمي في وسائل الإنتاج دوره الواضح في تحسين الغلة والإنتاجية. وقد رأى البعض أنّ التزايد السكاني ظاهرة إيجابية في الإنتاج؛ إذ أن زيادة عدد السكان هي التي تخلق زيادة في الإنتاج وليس العكس، ولهذا فإنّ تحديد النسل يعدّ بداية لمشكلة الإنتاج، وليس حلاً لها؛ ولذلك ذهبوا إلى رفض فكرة تحديد النسل رفضاً قاطعاً. وقد جاء في القرآن أن على الله رزق كل إنسان أو حيوان؛ فالموارد غير نادرة، والرزق ليس بضيق؛ إذ أن الله لما خلق الأرض ـ بارك فيها وقدّر فيها أقواتها وخلق للإنسان ما فيها جميعا وسخره له وسخر له الأنهار والبحار التي هي ثلاثة أرباع الكرة الأرضية وما فيها من أشياء وأحياء، وعلى أساس هذا الضمان كانت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى التكاثر: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم) وكان صلى الله عليه وسلم ينهى عن التبتل وعدم الزواج نهيا شديدا؛ لأن كثرة النسل تقوي الأمة، والحق أن تجارب الدول الغربية تؤكد بطلان نظرية مالتوس؛ إذ تضاعف سكان أوربا منذ أن صدع (مالتوس) بنظريته هذه عدة مرات، ولم يسبب ذلك المسغبة أو المجاعات التي كان ينذر بها، بل على العكس من ذلك تماما؛ إذ زاد الإنتاج حتى بلغ الفائض من الطعام حدا جعل الحكومات تقوم بحرق الفائض منه أو تنبذه في البحر حتى لا ينخفض السعر في السوق العالمي، ولأجل ذلك أصبحت دول كثيرة تدعو إلى زيادة النسل. وفكرة مالتوس المتهافتة هذه والتي تدعو إلى تخفيض الكثافة السكانية بالإجهاض والعقم بل وبالحروب أيضاً كما هو الأمر عند ”فوفت” لا يوافقها إلا تلك الفكرة البدائية التي عابها القرآن على أهل الجاهلية فقال: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا) بل من الواضح جداً أن المالتوسية لهي أكثر شناعة من الفكرة الجاهلية نفسها.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:49 م]ـ
ب- التناسب الخارجي:-
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا التناسب يختلف عن التناسب الداخلي، إذ أن التناسب الداخلي إنما هو تناسب عناصر معينة داخل القرآن، أما هذا النوع من التناسب فيقصد به في هذا المضمار تناسب المعاني القرآنية مع عناصر أخرى خارج النص القرآني نحو الحوادث التي نزلت فيها الآيات أو الحقائق الواقعية التي يراد إثبات انطباق المعاني القرآنية عليها، وهذا التناسب الخارجي شديد الأهمية في دراسة الإعجاز العلمي؛ إذ أن إغفاله يودي أيضاً إلى الخطأ في إثبات هذا الإعجاز، وتفصيل ذلك كالآتي:-
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:49 م]ـ
/ مراعاة مقتضي الحال وأسباب النزول:-
من الأمور المهمة جداً في محاولة إدراك المعاني القرآنية ـ عند معالجة الإعجاز العلمي ـ مراعاة الحال الذي لا يمكن فهم الكلام فهماً سليماً بدونه، وما ذاك إلا لأن الكلام يختلف اختلافاً بيناً بحسب الأحوال والوقائع، واستحضار المقام يتم بأمور؛ منها معرفة أسباب النزول؛ يقول ابن تيمية: (معرفة أسباب النزول تعين على فهم الآية؛ فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب) ويقول ابن دقيق العيد: (بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني القرآن) ويقول الواحدي: (لا يمكن تفسير الآية دون الوقوف على قصتها وبيان سبب نزولها) ويقول السيوطي عن هذا العلم: (من فوائده الوقوف على المعنى و إزالة الإشكال) ويقول أيضاً: (وقد أشكل على جماعة من السلف معاني آيات حتى وقفوا على أسباب نزولها فزال عنهم الإشكال)
وليس معنى التركيز على أسباب النزول قصر الآية على الواقعة التي نزلت بها؛ إذ أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ أي أن المعنى يتعدى إلى الوقائع المشابهة، إلا أن معرفة أسباب النزول تعصم عن تعدي المعنى إلى الوقائع غير المشابهة؛ ولهذا كانت شديدة الأهمية في هذا المضمار؛ فمعرفة أسباب النزول تمنع من إقحام المعنى غير المناسب في الآية؛ ومن ذلك تفسير الكواكبي لقوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ) بأنه يشير إلى أن القمر قد انشق وانفتق من الأرض كما أثبت العلم الحديث، ولكن سبب النزول ينفي ما ذهب إليه الكواكبي من معنى، كما أن الآية التي تلي تلك الآية التي استشهد بها مباشرة تؤكد أن الكافرين قد رأوا هذه الحادثة رأي العين ولم ينفوها؛ بل زعموا أنها ضرب من ضروب السحر؛ لئلا يعترفوا لمحمد صلى الله عليه وسلم بالنبوة وبما أتى به من معجزات؛ قال تعالى: (وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرّ) ٌ؛ أي: سحر مطرد كغيره من الأمور التي جاء بها من قبيل السحر
وعن عبد الله بن مسعود أنه قال ـ في هذه الآية ـ: (بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى إذا انفلق القمر فلقتين؛ فكانت فلقة وراء الجبل وفلقة دونه؛ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهدوا)
ويقول ابن كثير: (قد اتفق العلماء مع بقية الأئمة على أن انشقاق القمر كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وردت الأحاديث بذلك من طرق تفيد القطع عند الأمة) وبعد هذا الانشقاق ـ الذي هو معجزة ظاهرة لم يختص بها أهل مكة بل جميع أهل الآفاق ـ قال الكفار: لئن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم؛ فاسألوا من يأتيكم من بلد آخر هل رأوا هذا؛ فسألوهم فأخبروهم أنهم رأوا مثل ذلك، وليس ذلك فحسب بل هنالك من الأدلة العلمية ما يؤكد وقوع هذه المعجزة
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:50 م]ـ
2/ دقة الربط بين الحقائق العلمية والمعاني القرآنية:-
سبق أن القرآن وعالم الحس متوافقان كل التوافق ولا يمكن أن يتناقضا إطلاقا؛ إذ أن القرآن كلام الله والكون خلق الله؛ ولا يمكن أن يناقض كلام الله تعالى خلقه؛ وليس معنى موافقة القرآن لعالم الحس موافقته بالضرورة لمعطيات العلوم الطبيعية التي لا زالت تتدرج في إدراكها لعالم الحس نحو اليقين، ولما كان الأمر كذلك _ فإنه يجب التعويل في هذا المضمار على الحقائق الثابتة يقيناً لا على معطيات العلم التي لم تثبت ولا على الفرضيات والنظريات، وإذا وجب الاعتماد على الحقائق الثابتة فإن ذلك الأمر أيضاً تكتنفه عدة أمور وهي:-
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ يجب أن يكون الاستنباط من القرآن صحيحاً؛ إذ أن فهم الإنسان للقرآن قد يكون قاصراً في بعض الأحيان، والفهم الصحيح كما هو معلوم له شروطه وضوابطه وأدواته
ـ يجب أن تكون الحقيقة العلمية التي يُعتمد عليها في الإعجاز العلمي ثابتة لا يتطرق إليها الشك وليست مبنية على الفرضيات كما يجب على الباحث في هذا الشأن أن يكون عالماً بطبيعة هذه الحقائق ومتعمقاً في التخصص.
ـ إذا صحت الحقيقة وصحّ الاستنباط من القرآن فهنالك عنصر ثالث وهو دقة الربط بين المعنى القرآني والحقيقة العلمية؛ وهذا يجب أن يتم بصورة صحيحة
ومن الملاحظ أن بعض الباحثين في الإعجاز العلمي يستنبط معنى صحيحاً من القرآن ثم يأتي بحقيقة علمية صحيحة أيضاً، إلا أنه بعد ذلك كله لا يحسن الربط بينهما؛ حيث لا رابط منطقي مباشر بين الأمرين الصحيحين؛ فيجنح الباحث عندئذ إلى الإسهاب والتطويل وتمطيط معنى الآية حتى يدخل في إطار الحقيقة العلمية؛ فيتفقان حيث لا اتفاق ويرتبطان حيث لا ارتباط؛ فيظهر التكلف الواضح ويتعب الذهن في إدراك هذا الربط الذي لم يتأت إلا بمجهود كبير ومشقة بالغة من قبل الباحث أيضاً؛ فيكون هذا الربط مجرد إشارة بعيدة، وربما ذهب بعض الباحثين إلى التقاط مفردة وردت في آية من آيات القرآن وهذه المفردة تدخل في تخصصه؛ فيطيل الحديث ويورد كل ما يعرفه من حقائق علمية عن هذه المفردة؛ فيتحول البحث إلى بحث علمي مجرد لا علاقة له بالقرآن إلا من حيث ورود هذه المفردة في جملة من جمله أو عبارة من عباراته، وهذا ليس من الإعجاز العلمي في شيء؛ إذ أن القرآن العظيم لم يشر إلى تلك الحقائق التي أوردها إطلاقا، ومعلوم أن الإعجاز العلمي يسعي إلى إثبات صدق الحقائق القرآنية بالنظر إلى تحقق معنى هذه الحقائق في عالم الحس بواسطة هذه العلوم، وذلك المسعى الذي أشرنا إليه لا يدخل في هذا الإطار إطلاقا، ولا شك أن طغيان المادة العلمية على الإشارة القرآنية _ بمفردة واحدة _ يعدّ إظهاراً للحقائق العلمية المجردة لا إظهارا للإعجاز القرآني؛ كما يعدّ هذا التفسير تفسيراً للظواهر الكونية لا تفسيراً للقرآن أو بياناً لمعناه حيث يراعي تفاصيل الحقائق العلمية ولا يراعي معنى الآية ودلالاتها.
ومن أمثلة الربط المتكلّف بين معنى من معاني القرآن وبعض الحقائق العلمية ما فعله صاحب الجواهر الذي استدل بقوله تعالى: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) ثم انطلق في بيان ما لحاستي السمع والبصر من دقة في التركيب وتكامل في الوظائف؛ الأمر الذي يؤكد – عنده – أن هذه الآية معجزة في دلالاتها، والحق أن هذه الآية لم تتناول حاستي السمع والبصر؛ ولم تشر لهما ولا أشارت لذلك الآية التي قبلها ولا التي بعدها أيضاً، وإنما جاءت هذه العبارة بعد الحديث عن مراحل تطور الجنين، وتمام الآيات كالآتي: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) ولا علاقة لذلك بحاستي السمع والبصر إلا بصورة بعيدة لم تتطرق إليها الآية الكريمة أصلا، وعبارة (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) شديدة الارتباط بما ذكر من مراحل تطور الجنين، ويسمى ذلك في البلاغة بالتوشيح؛ وهو أن يكون أول الكلام نفسه يدل على آخره ويُعلم هذا الآخر قبل ذكره؛ فينزل المعنى عندئذ منزلة الوشاح ويسمى أيضا بالمطمع؛ لأن أوله مطمع في آخره؛ انظر إلى عبارات (الخلق) في الآية: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا ... ثُمَّ خَلَقْنَا ...... فَخَلَقْنَا ..... فَخَلَقْنَا ........ خَلْقًا ........ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)؛ ولهذا يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لما سمع صدر الآية إلى قوله: (خَلْقًا آخَرَ) قال: (فتبارك الله أحسن الخالقين) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا أنزلت.
وأغلب الظن أن الشيخ طنطاوي جوهري _ لما ربط بين هذه العبارة وبين السمع والبصر _ لم ينظر إلى هذه الآية ولا إلى سياقها ونظمها؛ وإنما انصرف ذهنه إلى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند سجوده في الصلاة: (اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، أنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين)؛ إذ أن هذا الدعاء هو النص الوحيد الذي يربط بين تلك العبارة وبين السمع والبصر، ولو استدل جوهري بذلك لكان استدلاله مقبولاً.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:51 م]ـ
ثالثاً:مراعاة المستويات:-
إن القرآن – وإن كان إلهي المصدر – إلا أن الله تعالى يسره للبشر فخاطب جميع الناس على اختلاف مستوياتهم وثقافاتهم وعلومهم ومعارفهم، فكان بذلك إدراكه على وجوه، ومعلوم أن إدراك العلماء نفسه على درجات يعلو بعضها فوق بعض، وكلما زاد علم الإنسان انفتح له من آفاق القرآن ما لم يكن منفتحاً، إلا أن هذا الإنسان مهما أوتي من العلم فإن علمه يظل محدوداً بطاقاته وقدراته، والعلم المعاصر يكتفي بالوقوف على الوصف الخارجي للظاهرة؛ فما يهم العلم هو كيفية حدوثها لا كنهها، ولهذا فإن هذا العلم يقوم بالتصنيف الصحيح والوصف الظاهري الدقيق،؛ أي: أنهم لا يريدون أن يعلموا إلا ظاهراً من الحسيات في هذه الحياة، ولهذا ذهب فلاسفة العلم إلى أن العلم لا يحرز حقائق يقينية قاطعة وإنما يكفيه رجحان الصدق، فعبارة (حقائق علمية) لا تعني أنها تمثل واقعاً موضوعياً يصف العالم وإنما هي في نظر العلم كذلك فحسب، ومن هنا يبرز نوعان من المستويات يجب مراعاتهما عند دراسة الإعجاز العلمي؛ وهما:-
أ/ المستوى القرآني
ب/ مستوى العلوم البشرية
وتفصيل ذلك كالآتي:-
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:52 م]ـ
أ - المستوى القرآني:-
معلوم أن القرآن العظيم فائق لملكات البشر ومقدراتهم ومهاراتهم وعلومهم ومعارفهم وأفكارهم، ولو لم يكن الأمر كذلك لم يكن لادعاء الإعجاز بوجوهه كلها من معنى، ولهذا كان من شأن مراعاة المستوى القرآني أن تعصم من الزلل في معالجة الإعجاز العلمي، ومعلوم أن هنالك في القرآن أموراً غيبية لا يمكن للعلم الراهن بأدواته الحسية أن ينالها، إذ أن هذا العلم البشري قاصر عن إدراك مثل هذه العناصر، وليس ذلك فحسب بل هنالك أمور حسية أيضاً ذكرها القرآن وهي رغم حسيتها بعيدة المنال ويصعب على العلم الراهن إدراكها، ولأجل ذلك فإن العلم القرآني المعجز يبقي دائماً فوق العلم البشري مهما تطورت أدواته وتوسعت آفاقه، وتفصيل ذلك كالآتي:-
1/ تجنب القضايا التي لا يمكن أن ينالها العلم:-
تناول القرآن العظيم قضايا تتعلق بعالم الشهادة وأخرى تتعلق بعالم الغيب، فالقضايا التي تتعلق بعالم الشهادة والحس يمكن أن يتناولها العلم فتثبت بصورة يقينية في بعض الأحيان فيكون إثباتها إعجازاً علمياً وبياناً لصدق الحقائق القرآنية، أما القضايا التي تتعلق بعالم الغيب كالأمور المتعلقة بالله واليوم الآخر مما لا مدخل لعالم الحس فيه فلا يمكن محاولة إقحام الإعجاز العلمي فيها، وذلك نحو محاولة بعضهم حساب القيامة حساباً فلكياً ونحو تفسير مظاهر يوم القيامة بالمقاييس الفلكية ونحو تفسير العرش والكرسي ببعض الأجرام السماوية وغير ذلك.
ولا يعترف العلم المعاصر إلا بما تدركه الحواس أما أمور الغيب ونحوها مما تحفل به الأديان فهي بلا معنى في نظره، وقديماً ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى مناقشة الفلاسفة الطبيعيين في هذا الأمر؛ فذكر أن كلامهم في الأمور الحسية جيد في الغالب، أما الغيبيات والكليات والإلهيات فكلامهم فيها قاصر جداً وفيه تخليط كثير إذ أنهم لا يعرفون إلا الحسيات وبعض لوازمها وما لا يشهده الإنسان من الموجودات أعظم قدراً مما يشاهده؛ ولهذا كان هولاء: (إذا سمعوا إخبار الأنبياء بالملائكة والعرش والكرسي ـ وهم يظنون أن لا موجود إلا ما علموه ـ نفوه؛ وليس لهم بهذا النفي علم؛ فإن عدم العلم ليس علماً بالعدم، ولكن نفيهم هذا كنفي الطبيب للجن؛ لأنه ليس في صناعة الطب ما يدل على ثبوت الجن؛ وإلا فليس في علم الطب ما ينفي وجود الجن، وبنو آدم ضلالهم فيما نفوه وجحدوه بغير علم أكثر من ضلالهم فيما أثبتوه وصدقوا به قال تعالى: "بَلْ كَذَّبُواْ بِمَا لَمْ يُحِيطُواْ بِعِلْمِهِ"؛ وهذا لأن الغالب على الآدميين صحة الحس والعقل؛ فإذا أثبتوا شيئاً وصدقوا به كان حقاً عندهم)
ورغم أن العلم المعاصر يتقاصر عن إدراك الحقائق الغيبية التي ذكرها القرآن إلا أن بعض القضايا الغيبية لها مداخل حسية تثبتها؛ ولذلك يمكن للإعجاز العلمي تناول هذه المداخل الحسية دون تناول القضايا الغيبية في ذاتها، ومعلوم أن وجود الله تعالى وهو أكبر حقيقة غيبية تثبتها _ ضرورة _ حقائق حسية كثيرة جداً، ويمكن للعلم تناول هذه الحقائق الحسية لإثبات وجود الله تعالى بلا خلاف.
ومن القضايا الغيبية التي لها مداخل حسية تثبتها فتناولها الإعجاز العلمي قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم أصوات الديكة فإنها رأت ملكا فاسألوا الله وارغبوا إليه، وإذا سمعتم نهاق الحمير فإنها رأت شيطانا فاستعيذوا بالله من شر ما رأت) وذكر بعض المشتغلين بالإعجاز العلمي أن هذا الحديث الصحيح تؤيده حقائق علمية؛ إذ ثبت الاختلاف الشديد بين رؤية الديك و رؤية الحمار؛ فالديك يرى (الأشعة البنفسجية) والحمار يرى (الأشعة تحت الحمراء). والملك مخلوق من نور (الأشعة البنفسجية) وتركيب عين الديك تمكنه من رؤية هذه الأشعة كما ثبت علمياً، أما الجان فمخلوق من نار (الأشعة تحت الحمراء) وتركيب عين الحمار تمكنه من رؤية هذه الأشعة.
2/ مراعاة السقوف المعرفية:-
(يُتْبَعُ)
(/)
معلوم أن القرآن قد جاء ميسراً لكل الناس، فهو سهل التناول من جهة وبعيد الغور من جهة أخرى؛ فهو لذلك يخاطب كل الناس على اختلاف مستوياتهم، ولهذا يفهمه العامي كما يفهمه العالم؛ إلا أن فهم العالم _ بطبيعة الحال _ أعمق بكثير من فهم العامي كما هو معروف؛ وما ذاك إلا لأن المعاني القرآنية في نفسها سهلة عميقة جداً؛ وهذا سر من أسرار القرآن.
والحق أن اختلاف العصر وتنوع الأدوات التفسيرية ذات أثر بيّن في فهم معاني القرآن؛ ولهذا يقول الزركشي: (من كان حظه في العلوم أوفر كان نصيبه من علم القرآن أكثر)، ويقول ابن حزم: (على من قصد التفقه في الدين أن يستعين على ذلك من سائر العلوم، وحاجته إليها في فهم كلام ربه تعالى وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم) وما ذاك إلا لأن القرآن شديد العمق ويتعلق بكافة العلوم، والقرآن كما ذكرنا سابقاً يتعلق فهمه بكل الناس؛ وإن كان فهم العلماء أكثر عمقاً، ولهذا ذهب ابن عباس إلى تقسيم هذا الفهم على أربعة أنواع:
ـ وجه لا يعذر أحد فيه بجهالته
ـ وجه تعرفه العرب من كلامها
ـ وجه يعلمه العلماء
ـ وجه لا يعلمه إلا الله
ففهم العلماء _ بناء على هذا التصنيف _ يشتمل على فهم العرب المبني على قانون كلامهم وأساليبهم كما يشتمل على فهم الكافة البسيط؛ ثم أن فهم العلماء هذا يتجاوز فهم هذين النوعين بإضافة عمق آخر، ومن الملاحظ أن كل فهم من هذه الفهوم يشتمل على الفهوم السابقة ويتجاوزها، وسوف نركز في هذا المضمار على فهم العلماء.
ومعلوم أن فهم العلماء مقيد بقانون اللغة وقواعد العرب، ولهذا فإن من شروط هذا الفهم أنه يجري على قانون اللغة ويحتمله النظم والسياق، وفهم العلماء نفسه يتطور بتطور العلوم ويزداد المعنى القرآني وضوحاً بقدر زيادة العلوم والأدوات التفسيرية؛ ولهذا كان فهم العلماء نفسه على درجات، وتنقسم هذه الدرجات بحسب اختلاف السقوف المعرفية لدي العلماء، ومعلوم أن المتخصص في علم من العلوم يتنبه إلى ما لا يتنبه إليه غير المتخصص من الحقائق القرآنية التي تدخل في إطار ذلك التخصص، وبذلك يزداد المعنى القرآني وضوحاً ويزداد الفهم عمقاً ويزداد ذلك العمق كلما تطور العلم، فليس الفهم متوقفاً على القدماء أو المعاصرين؛ بل سوف يأتي بلا شك من هو أبعد سقفاً من المعاصرين في المستقبل؛ ولهذا لا يجوز لمن علم وجهاً من وجوه التفسير أن يزدري الفهوم السابقة، وليعلم أن اكتشافه هذا ما هو إلا درجة من درجات الفهم،
ومعلوم أن وجوه التفسير _ عند العلماء الأقدمين _ مختلفة متباينة، ويجوز للمعاصر أن يأخذ منها ما يرجحه، ويجوز له أيضا أن يخالفها جميعاً إن التزم بالضوابط والمعايير. أما ما أجمع عليه المفسرون فيجب أن لا يُسارَع في نقضه وبيان بطلانه، والحق أن إجماع العلماء والمفسرين غالباً ما يكون هو دلالة القرآن الواضحة، وما دل عليه القرآن بصورة قاطعة لا تقبل التأويل لا يمكن تكذيبه بمعطيات العلوم الطبيعية ولا بغيرها، ومن المعلوم أن هنالك حقائق قرآنية لم يصل إليها العلم؛ وذلك نحو السموات السبع والأرضيين السبع التي قال تعالى فيها: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) فلا يمكن قبول رأي العلم في هذه السماوات التي يتعسر عليه إدراكها، حيث يذهب العلم الحديث إلى أن هنالك فضاء لا نهائي وليس وراءه إلا الفضاء أيضاً؛ ولهذا ذهب بعض من نظر في الإعجاز العلمي إلى السماء في قوله تعالى: (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ) فقال هي المجموعة الشمسية كلها والتي يجمعها الله تعالى يوم القيامة؛ وهذا وجه من التفسير مرفوض، لأن الآية لم تتناول المجموعة الشمسية؛ وإنما تناولت السماء التي تطوي طياً حسياً يوم القيامة.والسماء بهذا المعنى _ لفرط اتساعها وبعدها وسموها _ من الاستحالة بمكان أن يدركها العلم إلا تنظيراً ورجماً بالغيب والظن، ويلاحظ الباحث أن هذه الآية الوحيدة التي ذكر فيها الأرضون السبع _ وذكر فيها السماوات السبع التي ذكرت في مواضع أخرى أيضا _ قد ختمت بإشارة لطيفة وهي: (وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا) ليعلم الناس مدى قدرة الله وأن علمه محيط بهذه السماوات السبع والأرضين السبع وكل ما فيهن؛ كأنما يشير إلى أن علمهم مهما بلغ فلا يمكن أن يحيط بذلك؛ وليس ذلك فحسب بل إن التصور المعتاد للبشر لا يرقى إليه؛ ولهذا قال ابن عباس عن هده الآية: (لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم؛ وكفركم: تكذيبكم بها) وقد سأل رجل ابن عباس أيضا عنها فقال: (ما يؤمنك إن أخبرتك بها فتكفر) وإذا كانت هذه هي السماء فكيف ما فوقها؛ يقول ابن مسعود: (ما السماوات السبع وما فيهن وما بينهن والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:54 م]ـ
ب/ مراعاة مستوى العلم البشري:-
إن العلم البشري مهما تطورت أدواته وتوسعت آفاقه – فإن العلم القرآني فوقه على كل حال، ولأجل ذلك لا يمكن في مضمار الإعجاز العلمي إنزال درجة مستوى العلم القرآني حتى يناسب العلم البشري الأدنى في كل الأحوال، وإلا أدى ذلك إلى الزلل والخطأ، وأدى إلى التكلف في حمل معطيات القرآن ومعانيه على حقائق العلم البشري الأدنى، ولهذا يجب عدم تقويل القرآن من معارف البشر ما لم يقله وعدم تحميله من خبراتهم الحسية ما لم يحتمله وعدم حمله على فرضياتهم ونظرياتهم المختلفة وإن تدثرت تلك الفرضيات والنظريات بدثار العلم، وتفصيل ذلك كالآتي:-
1/ عدم التكلف في إثبات الإعجاز العلمي:-
من الثابت في العقول أن القرآن ليس في حاجة للدفاع عنه بالباطل؛ إذ أن الحق لا يدافع عنه إلا بالحق، وسواء تضمن القرآن حقائق علمية أو لم يتضمنها فهو كلام الله وهو الحق المطلق والصدق التام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولهذا فإنه لا يقبل في مضمار الإعجاز العلمي ما جاء بالتعسف والتكلف والتلفيق.
ومن أمثلة هذا التكلف ما ذهب إليه الشيخ طنطاوي جوهري في تفسيره من أن عبارة (وما بينهما) في قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى) يدخل ضمنها عوالم السحاب والكهرباء وما يتصل بها من علوم طبيعية.
ومن أمثلة ذلك أيضاً تفسير الإمام محمد عبده والشيخ عبد الرحمن الكواكبي للسجيل الذي تحمله الطير الأبابيل بأنه نوع من جراثيم الجدري أو الحصبة؛ وأن هذه الطيور من جنس البعوض والذباب.
ومن ذلك أيضاً تفسير الإمام محمد عبده للملائكة بأنها هي النواميس والأسباب الطبيعية أو القوى الطبيعية، وسجود الملائكة لآدم (الإنسان) عبارة عن تسخير هذه القُوَى له حيث أنه ينتفع في ترقية الكون بمعرفة سنن الله تعالى في ذلك. أما إبليس واستكباره عن السجود ـ عند الإمام محمد عبده ـ فهو تمثيل لعجز الإنسان عن إخضاع روح الشر.
ويُفسِّر الإمام محمد عبده (النفَّاثات) في قوله تعالى: (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) بأنها النمامون المقطِّعون لروابط الألفة المُحرقون لها بما يلقون عليها من ضرام نمائمهم، وإنما جاءت العبارة كما في الآية، لأن الله جَلَّ شأنه أراد أن يشبههم بأولئك السحرة المشعوذين، الذين إذا أرادوا أن يحلوا عقدة المحبة بين المرء وزوجه - مثلاً - فيما يُوهمون به العامة عقدوا عقدة ثم نفثوا فيها وحَلُّوها؛ ليكون ذلك حلاً للعقد التي بين الزوجين. والنميمة تشبه أن تكون ضرباً من السحر؛ لأنها تحوِّل ما بين الصديقين من محبة إلى عداوة بوسيلة خفية كاذبة، والنميمة تُضَلِّل وجدان الصديقين كما يضلل الليل مَن يسير فيه بظلمته، ولهذا ذكر (النفَّاثات) عقب ذكر الغاسق. ومن أجل هذا المعنى العجيب ذهب الإمام محمد عبده إلى إنكار الأحاديث الصحيحة التي جاء فيها سحر لبيد بن الأعصم للنبي صلى الله عليه وسلم.
ومن أمثلة ذلك أيضاً تفسير الكواكبي لقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاء لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا) بأنه هو طريقة إمساك الظل أو التصوير الشمسي.
ومن ذلك أيضاً ما ذهب إليه طنطاوي جوهري من أن قوله تعالى: (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا) بأنه فيه إشارة إلى استخراج الفحم والبترول من الأرض وما كُشِف في مصر من آثار قدمائها.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:55 م]ـ
2/ عدم تقويل القرآن ما لم يقله:-
(يُتْبَعُ)
(/)
إن القرآن العظيم كتاب شامل لكافة حاجات الإنسان الدنيوية والأخروية، ولهذا لا بد أن يكون كتاباً جامعاً لكل شيء سواء على الجملة أو التفصيل؛ يقول عبد الله بن مسعود: (قد بُيِّن لنا في هذا القرآن كلّ علم وكلّ شيء) ويقول الإمام القرطبي: (إن دلالة القرآن على كل العلوم دلالة مبيّنة مشروحة أو مجملة) ويقول أيضاً: (صدق خبر الله بأنه ما فرّط في الكتاب من شيء إلا ذكره إما تفصيلاً وإما تأصيلاً) ويقول ابن كثير: (إن القرآن مشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق وعلم ما سيأتي وكل حلال وحرام؛ وما الناس إلا محتاجون إليه في أمر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم) ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية (القرآن فيه ما لو جمع إليه علوم جميع العلماء لم يكن ما عندهم إلا بعض ما في القرآن، ومن تأمل ما تكلم به الأولون والآخرون - لم يجد عند الأولين والآخرين من أهل النبوات ومن أهل الرأي كالمتفلسفة وغيرهم إلا بعض ما جاء به القرآن، ولهذا لم تحتج الأمة مع رسولها وكتابها إلى نبي آخر وكتاب آخر)؛ ولأجل ذلك قال صلى الله عليه وسلم ـ عن القرآن ـ: (لا يشبع منه العلماء ولا يملّه الأتقياء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه)
ولما كان الأمر كما سبق فإن القرآن العظيم قد اشتمل على كل علم، وليس معنى ذلك أنه اشتمل على تفاصيل العلوم ودقائقها بالصورة التي يؤخذ ذلك منه بصورة مباشرة في كل الأحوال، بل المقصود أنه تناول تفاصيل بعض العلوم وتناول الأطر العامة لبعض العلوم أيضاً، فهذا الاشتمال يكون على الإجمال أحياناً وعلى التفصيل أحياناً، إلا أن البعض قد فهم ذلك فهماً غريباً فحاول تحميل العبارات القرآنية كل معنى في العلم يلوح له؛ فتم بذلك تقويل القرآن ما لم يقله
وقد سبق أن القرآن مشتمل على كل علم، إلا أن ذلك لا يعني احتواؤه على كافة تفاصيل العلوم ودقائقها؛ إلا أن هذا الأمر قد اختلف فيه المعاصرون اختلافاً كبيراً؛ فكان ذلك على النحو التالي:-
ـ ذهب بعضهم إلى أن القرآن كتاب هداية بصورة عامة؛ وليس كتاب علم؛ ولا يحتوي على تفاصيل علم الكيمياء أو الطب أو الفلك، والحق أن هؤلاء قد قصروا العلم على العلوم الطبيعية دون سواها من ناحية ثم أنهم لما رأوا أن القرآن لم يشتمل على تفاصيل هذه العلوم _ رفضوا كونه كتاب علم، ولكن العلم _ بمفهومه الإسلامي الشامل _ يشمل هذه العلوم وغيرها؛ وبذلك تغدو مفاهيم الهداية والعلم متداخلة إلى حد كبير، وصحيح أن القرآن لم يشتمل على تفاصيل تلك العلوم؛ لكنه أشار لبعضها وحدد أطراً كلية لبعضها؛ فكونه كتاب هداية لا ينفي كونه كتاب علم؛ وإن لم يحدد التفاصيل.
ـ بالغ بعضهم لما رأى أن القرآن قد اشتمل على كل علم؛ فحاولوا البحث عن تفاصيل تلك العلوم فحمّلوا القرآن ما لا يحتمل وقوّلوه ما لم يقله.
وقد ذهب الشيخ طنطاوي جوهري إلى أن سبعمائة آية من كتاب الله قد اشتملت على عجائب الدنيا كلها؛ وأن آيات محدودة منه قد احتلت فرعاً كاملاً من علم الرياضيات، ولا يتردد الشيخ جوهري في الاستشهاد بعالم الأرواح واستحضارها في الولايات المتحدة وبمسائل في علوم الطب والكيمياء والجيولوجيا، ويذهب إلى أنها علوم مكنونة في النص القرآني تنتظر من يرفع الحجب عنها، ولا يقتصر الشيخ جوهري على ذلك بل يتناول عبارات ومفاهيم في غاية الغرابة نحو الأسرار الكيمائية في الحروف الهجائية ونحو ذلك. ويسعي الشيخ إلى بيان أنه ما من علم من العلوم المعاصرة إلا وقد وجد في القرآن؛ فذكر الميكروبات والكهرباء والذرة والصواريخ والطائرات وغيرها؛ فخالف قانون اللغة والسياق والنظم حتى حمّل القرآن ما لا يحتمله.
ولما كان الأمر كذلك فإنه يجب عدم التلفيق وتقويل القرآن ما لم يقله بحمل الألفاظ القرآنية على تفاصيل العلوم الكونية بصورة متكلّفة، وصحيح أن القرآن قد تناول العلوم الكونية إلا أنه يجب أن لا يُهتم بهذا الأمر في مضمار الإعجاز العلمي إلا بقدر ما اهتم القرآن به حتى يتبين بذلك مقصود الله تعالى من التعبير القرآني بالقدر المناسب الذي ليس فيه تكلف ولا تسرع.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:56 م]ـ
3/ عدم التعويل على الفرضيات والنظريات العلمية:-
(يُتْبَعُ)
(/)
إن ما يظهر في الكتب العلمية من معلومات ليس على شاكلة واحدة؛ بل هو أمور تختلف اختلافاً بيناً فيما بينها؛ ومنها الآتي:-
1 - الحقائق التجريبية التي ثبتت ثبوتاً قاطعاً واستبانت أبعادها وعرفت أسرارها.
2 - الحقائق التجريبية التي لم تثبت ثبوتاً قاطعاً وإنما هي قيد البحث والنظر.
3 - النظريات العلمية التي هي بناء ذهني يفسر أموراً طبيعية وليست لها أدلة تجريبية تثبتها أو تنفيها.
4 - الفرضيات التي هي تخمينات ممكنة عقلاً، ويراد تصديقها تجريبياً أو تكذيبها.
وهذه أمور يعرفها المتخصصون ويفرّقون بينها، وهي إزاء الإعجاز العلمي ليست على شاكلة واحدة؛ بل إن بعض هذه الأنواع مرفوض في معالجة الإعجاز العلمي؛ أما المقبول منها فهو الحقائق الثابتة ثبوتاً قاطعاً ولا يتطرق إليها الشك ولا يزحزحها الارتياب.
ولما كانت الحقائق القرآنية حقائق قاطعة ونهائية _ فإنه لا يمكن مقابلتها بغير الحقائق الثابتة في العلوم الطبيعية، ولا يقبل في ذلك الحقائق غير الثابتة ولا الفرضيات والنظريات، فالنظريات والفرضيات العلمية معرضة للتغيير والتبديل؛ فإذا ربط بها تفسير الآيات القرآنية كان ذلك مما يثير البلبلة، ولهذا يقول العقاد: (نحن لا نحب أن نقحم الكتاب في تفسير المذاهب العلمية والنظريات الطبيعية، كلما ظهر منها مذهب قابل للمناقشة والتعديل أو ظهرت منها نظرية يقول بها أناس ويرفضها آخرون، ومهما يكن ثبوت النظريات المنسوبة إلى العلم - فهو ثبوت إلى حين لا يلبث أن يتطرّق إليه الشكّ؛ ويتحيّفه التعديل والتصحيح. وقريباً رأينا من فضلائنا من يفسّر السموات السبع بالسيارات السبع في المنظومة الشمسية، ثم تبيّن أن السيارات أكثر من عشر، وأن الصغار منها تعد بالمئات؛ ولا يحصرها الإحصاء)
ومن أمثلة حمل المعاني القرآنية على النظريات التي ثبت فشلها علمياً حمل قوله تعالى: (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا) على نظرية دارون في النشوء والارتقاء؛ تلك النظرية التي ليس لها من أساس وتخالف أخبار القرآن والتوراة والإنجيل في بدء خلق الإنسان، وهي نظرية إلحادية لا تقوم على برهان ولا تنهض الأدلة لتأييدها؛ وإنما تقوم على فلسفة افتراضية تحاول إثبات معطياتها بواسطة العلوم، وقد فشلت في ذلك فشلاً تاماً وأخفقت أيما إخفاق في ذلك، وهذه النظرية تفترض أن الحياة قد بدأت بكائن ذي خلية واحدة ثم تم تطوره على مراحل حتى جاءت الأسماك التي تكونت لها فيما بعد أقدام بدلاً عن الزعانف وخرجت للبر؛ لتكوّن البرمائيات ثم الزواحف ثم الطيور ثم الثدييات التي تطورت بدورها حتى وصلت مرحلة القرد الغوريلا أو الشمبانزي ثم تطورت هذه القرود إلى الإنسان.
وهذه النظرية رغم تهافتها الواضح – لها أهميتها الكبرى في الفكر الغربي _ ولذلك تعصّب لها أنصارها؛ رغم أن العلم ما زال يحطم معطياتها تحطيماً، وتتمثل أهمية هذه النظرية داخل الفكر الغربي في أنها تعضد الفلسفات الغربية العامة؛ وهي فلسفات مادية إلحادية؛ كما تفترض هذه النظرية وجود صراع قاس من أجل البقاء، وهذا الصراع تزول معه الأشكال الأخرى الضعيفة غير الصالحة للبقاء وتبقى الأشكال الأخرى التي نجحت الصدفة في إبداعها بطريقة أكثر إحكاماً، وقد اتخذ ذلك ذريعة في تبرير الاستعمار والتمييز العنصري بصورة علمية زائفة، وقد ذكر دارون أن نظريته تواجه مصاعب عديدة وفيها من الثغرات ما يتمنى أن يجد له العلم حلاً؛ إلا أن العلم خيّب ظنه؛ إذ وجّه علم الوراثة وعلم التقسيم ضربة عنيفة لنظريته.
والحق أن تلك الآية لا تشير إلى نظرية دارون من قريب ولا بعيد، ومعلوم أن القرآن والإنجيل والتوراة تثبت حلق الله الفجائي للإنسان (آدم) بكافة خصائصه التكوينية من الطين الجماد لا من كائن حي آخر، والنظرية تنفي ذلك؛ ولو صح توافق الآية مع النظرية لتناقض كلام الله تعالى، وهذا هو المستحيل بعينه. وخلق الله للإنسان _ بعد آدم _ أطواراً يعني: من نطفة ثم علقة ثم مضغة أي طوراً بعد طور إلى تمام الخلق؛ وهذا تفسير ابن عباس وعكرمة وقتادة ويحيى بن رافع والسدي ومجاهد والضحاك وابن زيد، وليس من علماء الأمة الكبار من فسرها بغير ذلك
(يُتْبَعُ)
(/)
وخلق الإنسان طوراً بعد طور من نطفة ثم علقة ثم مضغة أمر قد ذكره القرآن وأثبته العلم أخيراً، وقد زعم العلم المادي في أول أمره أن الإنسان يتكون من دم الحيض؛ ثم غيّر رأيه ليقول إن الإنسان يخلق كاملاً "قزماً " في الحيوان المنوي على صورته الإنسانية الكاملة، وفي القرن العشرين دحض التصوير كافة آراء العلماء وجاءت النتيجة كما قررها القرآن؛ يقول الله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ).وتبين هذه الآية كما يبين العلم أخيراً أن الإنسان يتكون على مراحل وأطوار هي: "مرحلة السلالة" والسلالة في اللغة هي انتزاع الشيء وإخراجه في رفق؛ وقد تطلق في اللغة أيضاً على نوع من السمك طويل الذيل يشبه الحيوان المنوي إلى حد كبير ثم " مرحلة النطفة"والنطفة في اللغة هي القطرة ويتكون الجنين من قطرة ماء الرجل- بعد خروجها- وقطرة من ماء المرأة، ثم " مرحلة العلقة"وتطلق العلقة في اللغة على دودة في الماء تمتص دم الحيوانات التي تلتصق بأجسامها، وهذا الوصف والشكل منطبقان تماماً على الجنين في هذه المرحلة ثم "مرحلة المضغة"وتطلق المضغة في اللغة على شيء لاكته الأسنان وظهرت عليه آثارها؛ وهذا الشكل يظهر في الجنين في اليوم الثالث عشر والرابع عشر وتظهر على هذا الجنين الفلقات ٍ“ Somites” ومن المعلوم في العلم الحديث أن الجنين في هذه المرحلة تتشكل بعض أجهزته ويبقى البعض الأخر ليتشكل لاحقاً؛ ولهذا قال تعالى: (مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) ثم تأتي "مرحلة العظام" وفي هذه المرحلة يبدأ الجنين في أخذ المظهر الإنساني ثم "مرحلة الكساء باللحم" وفي الأسبوع الثامن تأتى هذه المرحلة التي تتناسق فيها الأعضاء بصورة أدق
وبذلك أثبت القرآن أن الإنسان قد خلق منذ أول خلقه إنساناً لا حيواناً، وأن التفضيل البشري لا يقوم على التطور واللون والجنس كما تدعي نظرية دارون؛ وإنما يقوم على العمل والتقوى المكتسبة؛ قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:57 م]ـ
رابعاً: عدم التعويل على الأخبار الواهية:-
معلوم أن في ثقافة البشر ـ مهما ارتقت حضارتهم ـ كثير من الأباطيل والأساطير والخرافات، ولا تكاد تنجو من ذلك أمة أو يسلم شعب، ففي التراث الإسلامي خاصة والتراث العالمي عامة بعض الأخبار التي لا توافق حقائق القرآن والسنة ولا أحكام العقل ومعطيات الحس والواقع وطبائع الأشياء، ولهذا يجب التنبه وبشدة في مضمار الإعجاز العلمي لمثل هذه الأمور التي يمكن لبعض الباحثين الاستشهاد بها دون فحصها وتمحيصها ونقدها، وينبغي للمشتغل بالإعجاز العلمي أن يكون دائم النقد فلا يقبل من معطيات التراث الإسلامي أو العالمي إلا ما قام دليله ونهضت حجته، ولا يجوز أخذ الأخبار الواهية أو الأساطير والأباطيل والخرافات، ولما كان مجال الإعجاز عموماً مجال تحدٍ وإثبات فإن من شأن إقحام هذه الأمور فيه أن تشوه هذا المجال تشويهاً شديداً، ولما كان الأمر كذلك فإن الأخبار التي يمكن أن تدخل على المتعامل مع القرآن في مضمار الإعجاز العلمي على قسمين هما:-
أ - الأخبار الواهية الداخلية
ب - الأخبار الواهية الخارجية
وتفصيل ذلك كالآتي:-
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 09:58 م]ـ
أ/ الأخبار الواهية الداخلية:-
نقصد بالأخبار الداخلية الواهية تلك الأخبار التي لا أصل لها في تراث الأمة، وهذه الأخبار شديدة الخطورة في الإعجاز العلمي وغيره إذا تم أخذها والاستشهاد بها، وتنقسم هذه الأخبار في هذه الدراسة على قسمين هما:-
1/ روايات القصّاص والإخباريين الواهية
2/ الأحاديث الموضوعة
وتفصيل ذلك كالآتي:-
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 10:02 م]ـ
/ عدم الاعتماد على روايات القصّاص الواهية:-
كان لعلمائنا الأقدمين مناهجهم في كتبهم، وقد يجنح المؤلف منهم في تأليفه إلى منهج الرواية فيعزو الأقوال إلى قائليها والآراء لأصحابها دون تعليق؛ وإن لم يكن مقتنعاً بهذه الأقوال
ولاشك أن الأخبار التي لا يراعى فيها الموضوعية وأحكام العقل وطبائع الأشياء وكيفية وقوع الحوادث إنما هي أخبار مرفوضة؛ ولا يجوز الاعتماد عليها؛ ولهذا لا يمكن للعلماء أن ينقلوا الأقوال الشاذة من التفاسير وكتب التراث دون نقدها وبيان زيفها.
ومن ذلك ما ذكره ابن كثير عن القصّاص المبالغين الذين ذكروا أن ذا القرنين تجاوز الشمس نفسها وصار يمشي في الظلام؛ يقول ابن كثير: (من زعم من القصاصين أن ذا القرنين جاوز مغرب الشمس وصار يمشي بجيوشه في الظلمات مدداً طويلة فقد أخطأ بعد النجعة وقال ما يخالف العقل والنقل) وما ذلك إلا لاعتقاد هولاء القصاصين أن ذا القرنين قد بلغ المكان الذي تغرب فيه الشمس نفسه، فلما اعتقدوا ذلك زادوا فيه فبالغوا، وليس الأمر كذلك بحال.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 10:02 م]ـ
2/ تجنب الأحاديث الموضوعة:
الأحاديث الموضوعة التي وضعها بعض الناس ولم تثبت نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بوجه من الوجوه لا يعول عليها في الإعجاز العلمي ولا في غيره، ولهذا فإنها لا تصلح دليلاً ولا يجوز البناء عليها، وقد ألف علماء الإسلام كتباً جمعوا فيها هذه الأحاديث ليحذرها الناس
وهذا النوع من الحديث لا يجوز الاستدلال به في مضمار الإعجاز العلمي ولو ثبتت صحة ما فيه بالتجريب فرضاً وهو أمر بعيد في الغالب، فلا يمكن لباحث في الإعجاز العلمي مثلاً أن يستعين بحديث (عليكم بالعدس فإنه مبارك يرقق القلب ويكثر الدمع) و (الباذنجان لما أكل له) و (والباذنجان شفاء من كل داء)، و مثله: (الجوز دواء والجبن داء فإذا صار في الجوف صار شفاء) و: (بئس البقلة الجرجير من أكل منها ليلاً بات ونفسه تنازعه ويضرب عرق الجذام في أنفه)
أما الحديث الضعيف ـ كما هو معروف ـ فهو أقوى بكثير من الحديث الموضوع؛ إذ أن هنالك احتمال في نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن لم تقو أدلة أهل العلم في نسبته إليه، ولما كان مجال الإعجاز العلمي مجال تحد فإنه من الخطورة بمكان الاستشهاد فيه بغير الثابت، ولهذا لا يجوز البناء على الأحاديث الضعيفة أيضاً إلا كأدلة معضدة لأدلة أخرى؛ وإلا انفتح هذا الباب وجاء الناس بكل ضعيف وغريب فأنشئوا أسساً مهددة بالهدم والانهيار.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 10:04 م]ـ
ب ـ الأخبار الخارجية الواهية:-
نقصد بالأخبار الخارجية الواهية تلك الأخبار والأساطير التي جاءت إلى الأمة الإسلامية من خارجها ودخلت في كتب تراثهم العلمي الثرّ سواء كان ذلك من أهل الكتاب أو من غيرهم، فهذه الأخبار شديدة الخطورة في مجال الإعجاز العلمي إذا تم أخذها فيه، وتنقسم هذه الأخبار الخارجية في هذه الدراسة إلى قسمين هما:-
1/ الإسرائيليات التي لا أساس لها
2/ أقوال الأمم الأخرى كاليونان والفرس والروم والغربيين المعاصرين مما لا أصل له ولا دليل عليه
وتفصيل ذلك كالآتي:-
1/ عدم التعويل على الإسرائيليات:-
انتقلت الإسرائيليات إلى القصاص ورواة الأخبار حتى دخلت في كتب تفسير القرآن أيضاً، وهي – حسب تعريفها-: الأخبار المنقولة من أهل الكتاب التي تسربت إلينا منهم، وقد ذكر العلماء أنها ليست لها ثبات ولا يعوّل عليها
ومن ذلك أيضا أن (ق) في قوله تعالى: (ق وَالقُرْآنِ المَجِيدِ) اسم جبل من زبرجدة خضراء يحيط بالأرض كلها؛ قال كعب الأحبار: (قاف جبل أخضر محيط بالخلائق) وكلام كعب ليس صحيحاً؛ إذ أن "ق" حرف كبقية الحروف في أوائل السور نحو " ص، ن، الم، ألمر "وغيرها. وأما من حيث السياق فقد قال الفراء: (إن كان "ق" اسم وليس حرف هجاء كان يجب أن يظهر فيه الإعراب) أي لكان "قافٌ" بضمتين لا (ق) بالسكون؛ لأنه مبتدأ؛ يقول ابن كثير: (هذا من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس .... وعندي أن هذا وأمثاله وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم يلبسون به على الناس أمر دينهم)
وهذه الأخبار الواهية من هذه الإسرائيليات الواردة في كتب التفسير لا يجوز نقلها في مضمار الإعجاز العلمي ولا غيره؛ فلا يجوز لأحد أن يبحث عن شيء محيط بالأرض ليحمل عليه جبل (ق) الذي لا أصل له ولا أساس
والحق أن بعض زنادقة أهل الكتاب قد كانوا بعيدي النظر في الطعن على القرآن وإظهاره بالمظهر الخرافي؛ فوضعوا أقوالاً في الكونيات تخالف الطبيعة من جهة ولم يقل بها القرآن من جهة أخرى، فالتقطها القصاص ورواة الأخبار _ وهم حطاب ليل_ فدخلت إلى التفسير، وهذا يكشف عن عظم الكيد والخبث، وقد تسرب هذا السم إلى التفسير والحديث؛ فحاربه العلماء حتى لا يتلوث هذا الدين الطاهر، ومن هذه الإسرائيليات في هذا المضمار ما يتعلق بعمر الدنيا وبدء الخلق وأسرار الوجود وأسباب الكائنات وتعليل بعض الظواهر الكونية تعليلاً خرافياً باطلاً، ومن ذلك: ابتلاع الحوت للشمس عندها غروبها، وأن الشمس قد وكل بها تسعة أملاك يرمونها بالثلج ولولا ذلك ما أتت على شيء إلا أحرقته، وأن الأرض على الماء والماء على صخرة والصخرة على ظهر حوت يلتقي طرفاه بالعرش، وأن المجرة التي في السماء هي لعاب حية تحت
(يُتْبَعُ)
(/)
العرش، وغير ذلك من هذه الخرافات التي لا أصل لها، ومن المفارقات العجيبة أن هنالك كثيراً من المواقع في الانترنت التابعة لأهل الكتاب تحاول التقاط هذه الإسرائيليات من التفاسير فإذا وجدتها احتفت بها احتفاء عظيماً وحذفت وأضافت ثم نسبتها إلى المفسر أولاً ثم حاولت وتحايلت حتى نسبتها إلى القرآن العظيم نفسه؛ وهم أحق بها لأنها منهم اجتلبت وعنهم أخذت.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 10:05 م]ـ
2/ عدم التعويل على الأقوال الواهية للأمم الأخرى:-:
سبق الحديث عن دخول الإسرائيليات إلى الفكر الإسلامي والتحذير من محاولة تفسير القرآن بها، وفي هذا المضمار أيضاً يتناول الباحث مشكلة من المشكلات الخارجية التي لها أثر بالغ السوء عند محاولة فهم القرآن بها؛ وهي التأثر بأقوال الأمم الأخرى التي لا دليل عليها؛ وذلك نحو التأثر بأقوال فلاسفة اليونان نحو أفلاطون وأرسطو وسقراط وفيثاغورس وغيرهم ومحاولة قرن ذلك بمعاني القرآن ومضامينه الإلهية. وقد مال بعض الفلاسفة الإسلاميين إلى التأويل ولي أعناق المعاني حتى توافق آراءهم الفلسفية؛ وقد حكَّم هولاء الفلاسفة النظريات الفلسفية في القرآن حتى ذهبوا إلى أن كل ما خالف تلك النظريات من القرآن والسنة فهو قابل للتأويل؛ ولم يزل بعض هولاء الفلاسفة يؤولون حتى زعموا ـ استناداً على رأي أفلاطون ـ أن الحقائق التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم إنما هي أمثال خيالية ورموز وإيماءات ومَن لم يقف على معاني رموز الرسل ـ عندهم ـ لم ينل الملكوت الإلهي، و محمد صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يوقف الأعراب الجفاة على أسرار العلم، ولما كانت حقائق الدين ـ عند هولاء الفلاسفة ـ أمثالاً خيالية ورموزاً وإيماءات فقد ذهب ابن سينا والفارابي وغيرهما إلى تأويل ما جاء به القرآن حتى يوافق معطيات الفلسفة اليونانية.
وقد فسر ابن سينا قوله تعالى: (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ) بأن العرش هو الفلك التاسع الذي هو فلك الأفلاك، والملائكة الثمانية هي الأفلاك الثمانية التي تحت الفلك التاسع.
ومثل ما كان الأخذ من فلاسفة اليونان خطراً فكذلك الأخذ من المنظرين والفلاسفة المعاصرين مما لا دليل عليه من آرائهم وكذلك علماء الإنسانيات والاجتماعيات؛ إلا إذا ثبت قولهم يقيناً، ولا يقف الأمر على ذلك بل يتعداه إلى علماء الطبيعيات أيضاً في فرضياتهم ونظرياتهم، أما ما ثبت حساً من أقوال علماء الطبيعيات وعلماء الإنسانيات والاجتماعيات فإنه يؤخذ بلا ريب.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 10:07 م]ـ
أخيرا أرى أن المشكلة ليست في جزئيات العلم بالمنظور الغربي فحسب بل هنالك مشاكل أكثر ضخامة تتعلق بفلسفة هذا العلم ومنهجيته ونحو ذلك ولأجل ذلك كان له العلم طبيعته التي يجب بيانها قبل بناء الإعجاز العلمي على معطياته الجاهزة ومن ذلك الآتي:
العلم في الغرب تم بناؤه بعيدا عن الوحي ابتداء:-
سبق أنه تم إقصاء الدين والتفكير الديني عن مجالات العلم تماما فنشأ العلم بناء على هذا الأساس في كافة جوانبه ولذلك تم فيه تعميق النزعة المادية وجُعل الإنسان هو مركز الثقل في العالم. ومعلوم أن الحس مصدر للمعرفة، ولكنه ليس المصدر الوحيد الذي تستبعد له المصادر الأخرى، ولكن لما سادت الوضعية انحصر العلم في دراسة المادة، ثم عمم ذلك على كل شيء
الوجود تابع لنظرية المعرفة وليس العكس في الفكر الغربي:-
جعل الفكر الغربي الوجود تابعاً للمعرفة؛ ولذلك ينحصر الوجود لديهم في هذا العالم المشاهد الذي تستطيع الحواس إدراكه ولذلك ذهب بعضهم إلى أن العالم يوجد فقط عندما نتعامل معه
والحق أن الوجود أكبر بكثير من إدراك الإنسان، ولهذا أقسم تعالى بما نبصر وما لا نبصر أي بهذا المحسوس لدينا وما لا نحس من الوجود فهم لا يدركون إلا القليل.
القاعدة المادية لمفاهيم العلم في المنظور الغربي:-
(يُتْبَعُ)
(/)
النظرة العلمانية التي استبعدت الوحي قد مرت بأطوار عديدة ثم استقرت على المرحلة الأخيرة التي حددت مفهوم العلم وفق ما تبلور في حلقة (قينا) في الثلاثينيات من القرن العشرين؛ فتم بذلك حصر الحقائق العلمية في الحقائق التجريبية والحقائق التحليلية، أما حقائق الوحي فهي ليست ذات معنى إطلاقاً، مفهوم العلم نفسه – عندهم - يقوم على افتراضات فلسفية لا تستند على أي إثبات أو برهان؛ وإنما هي قناعات لفلاسفة العلم المعاصرين
العلم ليس بحثاً عن الحقيقة في المنظور الغربي:-
يكتفي العلم بفلسفته الغربية بالوقوف على الوصف الخارجي للظاهرة؛ فما يهم العلم هو كيفية حدوثها لا كنهها، ولهذا فإن العلم حسب المفهوم الغربي يقوم بالتصنيف الصحيح والوصف الظاهري الدقيق، أما الانشغال بالتأكد من مدى مطابقة العلم للواقع والحقيقة من حيث هي لا من حيث النتائج فهو أمر لا يعني العلم إطلاقاً؛ أي: أنهم لا يريدون أن يعلموا إلا ظاهراً من الحسيات في هذه الحياة، ولهذا ذهب فلاسفة العلم إلى أن العلم لا يحرز حقائق يقينية قاطعة وإنما يكفيه رجحان الصدق، فعبارة (حقائق علمية) لا تعني أنها تمثل واقعاً موضوعياً يصف العالم وإنما هي في نظر كذلك فقط
وليس ذلك فحسب بل إن الحقائق المختبرية نفسها لا تعطي العلم بها بنفسها؛ وإنما يدركها الإنسان؛ ولهذا قد تتأثر بالإنسان وخياله وأوهامه ومدى بعده أو قربه من الدقة في الملاحظات والتوصيف والاستنتاج؛ فنتائج العلوم – حتى الحسية – إنما هي نتائج تقريبية وعرضة للأخطاء المحتملة في القياسات والمقاربات، وإذا كانت هذه العلوم تقوم على رصد الكمية في الوصف والتنبؤ فهي تقوم على الاحتمالات وتنتهي بها.
وهنالك بعض الحقائق العلمية قد دحضها العلم نفسه ولكن تم الاحتفاظ بها وتدريسها والعناية بها لأسباب أخرى لا تقوم على الحقيقة والواقع؛ ومن ذلك على سبيل المثال (قانون الجاذبية)
والحق أن كل النظريات لا يوجد لها برهان تجريبي؛ وإنما تؤخذ حسب بساطة التصور ومعقولية الافتراض وعمق الفكرة
العلم مجرد أداة في المنظور الغربي:-
يذهب أنصار المذهب البراغماتي إلى أن العلم مجرد أداة للاستنباط والتنبؤ؛ وليس خبراً أو وصفاً للواقع، ووظيفة العلم عندهم ليس وصف الواقع والأحداث أو مظاهر الطبيعة الغامضة؛ وإنما الاكتشاف ثم استخدام هذا الاكتشاف وتسخيره من أجل الرفاهية والسيطرة على الطبيعة.
فالتطابق بين الواقع والفكرة ليس صفة جوهرية للعلم؛ بل يقوم معيار الصدق فيه على الاتساق الداخلي والخلو من التناقض ثم الخصوبة؛ بمعني: أن تكون المقولة العلمية خصبة بحيث تتولد عنها النظريات داخل ذلك النسق ولأجل ذلك ارتضوا القياس؛ وهي الوسيلة التي يصل بها الإنسان إلى نتيجة ثم يعمم هذه النتيجة التي يصل إليها، والحق أن هذا القياس ـ وباعتراف فلاسفة العلم أنفسهم- إنما هو وسيلة تؤدي إلى نتيجة ظنية غير قاطعة.
العلم لا يحسم الأسئلة الكلية:-
إن غايات العلم وأهدافه لم تعد هي تلك الأهداف التقليدية؛ ولذلك ضرب هذا العلم عن الحقيقة صفحاً ومال إلى تحقيق المنفعة والرفاهية للإنسان؛ ولذلك ابتعد عن الإجابة على الأسئلة الكلية التي تقود إلى الإيمان؛ وإن كانت طبيعة العلم – أياً كان – أن ترمي بهذا الإنسان إلى تلك الأسئلة. فالمنهج العلمي المعاصر قد قطع الصلة بين الكون وخالقه، رغم أن هذا الكون طريق موصل وكتاب للحق مفتوح يُقرأ بكل اللغات والوسائل، ولا شك أن هذا الأصل يربط الحقائق المفردة ببعضها ليردها إلى الحقائق الكلية الكبرى
والحق أن هذا العلم بالمنظور الغربي رغم ما فيه قد أحرجت تطوراته الموقف الشكلي البسيط الذي يفصل بين الحقائق العلمية والمذاهب الفكرية وفضحت ضعفه أمام الأبواب المفتوحة نحو إشباع طموح الإنسان في الوقوف على أسرار الخليقة وطبيعة الأشياء
ذلك ما يتعلق بالعلوم الطبيعية أم العلوم الإنسانية فالأمر فيها أدهى وأمر؛ إذ إن ما يعتري العلوم الاجتماعية والإنسانية من المشكلات أكثر
(يُتْبَعُ)
(/)
والحق أن القرآن العظيم الذي جاء لهداية البشر قد عالج بناء الإنسان وقضاياه أكثر مما عالج جزئيات العلوم الطبيعية؛ فأنشأ لهذا الإنسان تصوراً خاصاً ونظاماً خاصاً؛ فمادة القرآن هي الإنسان وتصوره واعتقاده وسلوكه وأعماله وروابطه وعلاقاته، أما العلوم المادية فإن الإنسان يمكن أن ينالها بعقله وحواسه وتجاربه وكشوفه؛ إذ أنها أساس خلافته في الأرض فهو لذلك مهيأ لها بطبيعة تكوينه، والقرآن قد اهتم بهذا الإنسان ذاته أكثر مما اهتم بجزئيات تلك العلوم؛ لأن الإنسان هو الذي يكشف تلك المعلومات وينتفع بها.
ولما استبعد العلم الحديث الوحي عن مضمارهـ، واحتلت العلوم الاجتماعية والإنسانية تلك المكانة الرفيعة التي كان يحتلها هذا الوحي في توجيه الإنسان وإرشاده ـ فقد أصبحت مشكلات هذه العلوم أكبر من مشكلات تلك الطبيعة بكثير؛ إذ أريد منها أكثر مما تستطيع تقديمه؛ فغاية ما تفعله هذه العلوم أنها تدرس سلوكيات الإنسان وتصوغها في قوانين ونظريات عامة، إلا أنها ـ رغم كل ذلك ـ لم تبن نفسها بناء صحيحة من جهة ولا اتخذت سلطة مرجعية مناسبة من جهة أخرى؛ ولأجل ذلك يجب في هذا المضمار بيان بعض خصائص هذه العلوم؛ وتفصيل ذلك كالآتي:-
معاملة العلوم الاجتماعية بصورة مادية:-
لما كان الإطار المادي مسيطراً على العلوم المعاصرة سيطرة تامة فقد عوملت العلوم الاجتماعية بصورة مادية؛ شأنها في ذلك شأن العلوم الطبيعية، رغم اختلاف طبائع كل نوع من هذه العلوم؛ فالظواهر الإنسانية ليست في واقعها وحقيقة أمرها مظاهر حسية، إلا أن المنهجية الوضعية قد قدست التجريب وجعلت الحقيقة العلمية حكراً على التجربة، وذلك يتنافى تماماً مع طبيعة تلك العلوم، وقد اعتبرت هذه العلوم الإنسان جزءً لا يتجزأ من الوجود الطبيعي، إذ ليس له – حسب هذه النظرة – كيان أو خصوصية غير مادية؛ فعقله ووعيه ونفسه وروحه كلها مادة شأنها في ذلك شأن كل مواد الطبيعة المحسوسة، وبناء على هذا الافتراض فقد نشأ فصل حاد بين المعارف الإنسانية وبين العلم التجريبي؛ فاصطدم هذا العلم بالوجود الروحي والقيم؛ وهي أمور لا يمكن قياسها كمياً، ولما كانت هذه العناصر الأساسية غير قابلة للتجريب والقياس الكمي فقد اعتبر البعض هذه العلوم ليست علوماً بالمعنى الصارم
فهذه العلوم لم تتجاوز الفرضيات ولم ترق نتائجها إلى مستوى الحقائق العلمية كالعلوم المادية؛ ولهذا لم تصل إلى درجة (علم)؛ وما ذلك إلا لاعتمادها على نفس المناهج التي استعيرت لها من تلك العلوم؛ رغم الاختلاف الكبير. وقد لاقت الدراسات الاجتماعية صعوبة كبيرة؛ إذ ليس بها حقائق على النحو الذي يوجد في العلوم التجريبية، وحقائقها لا يمكن أن تقاس بوحدات نمطية؛ إذ لا توجد علاقات نمطية بين هذه الوحدات.
الأهداف غير العلمية للعلوم الاجتماعية:-
إن من أخطر الأمور وأكبر العقبات في العلوم الاجتماعية ـ سيادة الأهداف الأيديولوجية؛ إذ أن هذه الأهداف تفقد هذه العلوم علميتها بصورة مباشرة؛ وما ذلك إلا لأن هذه الأهداف قد حوّلت المشتغلين بالعلوم الاجتماعية في بعض الأحيان من علماء محايدين إلى موظفين فقدوا الموضوعية والأمانة والحياد، فتحوّل العلم بتحوّل هولاء المشتغلين به – من أداة معرفية إلى أداة أيديولوجية لا تبحث عن الحقائق في ذاتها وإنما تبحث عن ما يثبت هذه الإيديولوجية ويحقق مصالحها
الاختلافات الحادة بين علماء الاجتماعيات:-
لما كانت الأسس التي تقوم عليها دراسة العلوم الاجتماعية مختلفة وليس فيها اتفاق بين أنصار المدارس ـ فقد اختلفت النتائج باختلاف الأسس والمعالجات؛ فالمفاهيم والقيم والعناصر غير متفق عليها؛ وبذلك ظهر التناقض الحاد، ولهذا ذهب ديكارت إلى أنه ليس في مضمار فلسفة العلوم الاجتماعية والإنسانية أمر واحد ليس موضع خلاف
أبعد هذا كله أما آن للإعجاز العلمي أن يغير منهجيته تغييرا كليا بدلا من تلمس الضوابط فحسب
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[12 May 2009, 10:08 م]ـ
المصادر والمراجع:
ـ أحمد بن حنبل الشيباني: مسند الإمام أحمد ط/ مؤسسة قرطبة
ـ امزيان: محمد محمد: منهج البحث الاجتماعي بين الوضعية والمعيارية، المعهد العالمي للفكر الإسلامي 1991م.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ البخاري: محمد بن إسماعيل الجعفي: صحيح البخاري، تحقيق مصطفى ديب البغا ط/ دار ابن كثير بيروت 1987م
ـ الترمذي: محمد بن عيسى: الجامع الصحيح، تحقيق أحمد محمد شاكر ط/دار إحياء التراث العربي بيروت
ـ ابن تيمية:
(أ) العقيدة الأصفهانية: تحقيق إبراهيم سعيداي: ط/ 1 مكتبة الرشد الرياض 1415هـ
(ب) منهاج السنة النبوية في نقض الشيعة القدرية ط/ القاهرة
(ج) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ط/ مكة 1404هـ.
(د) النبوات تحقيق محمد عبد الرحمن عوض ط /أ دار الكتاب العربية بيروت 1985م
ـ الجاحظ: عمرو بن بحر: البيان والتبيين تحقيق عبد السلام هارون ط الخانجي القاهرة 1985م
ـ الجرجاني: عبد القاهر بن عبد الرحمن: دلائل إعجاز: محمود محمد شاكر ط / الثالثة مكتبة القاهرة 1992م
ـ الجمال: حمد صادق، اتجاهات الفكر الإسلامي المعاصر في مصر ط / دار الكتب للطباعة والنشر عام 1994م
ـ جوهري: طنطاوي، الجواهر في تفسير القرآن الكريم، ط/2 مصطفي البابي الحلبي سنة 1350هـ
ـ ابن حبان: محمد بن حبان:صحيح ابن حبان، تحقيق شعيب أرناؤوط ط/ 2 مؤسسة الرسالة 1993م
ـ ابن حزم: الأحكام في أصول الأحكام ط/ دار الحديث القاهرة
ـ أبو داود: سليمان بن الأشعث السحستاني: سنن أبي داود: تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد.
ـ الزركشي: بدر الدين: محمد بن بهادر: البرهان في علوم القرآن: تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ط / دار الجيل بيروت 1988م،
السيوطي: الإتقان: تحقيق خليل محمد العربي، ط/ دار الفاروق الحديثة القاهرة 1415هـ
الشاطبي:أبو إسحاق: الموافقات تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد 1969م
الصنعاني: أبو بكر عبد الرزاق بن همام: مصنف عبد الرزاق / تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، ط، / 2 المكتب الإسلامي بيروت، سنة 1403هـ
ـ الإمام الطبري:محمد بن جرير:
أ ـ جامع البيان: ط/ دار الفكر بيروت سنة 1405
ب ـ تاريخ الأمم والملوك، ط/ دار إحياء التراث العربي بيروت 1/ 1
ـ ابن قتيبة:تأويل مشكل القرآن: تحقيق أحمد صقر ط/ دار إحياء الكتب العربية
-القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: تحقيق أحمد عبد العليم البردوني ط/3 دار الكتب المصرية
-ابن كثير: إسماعيل بن عمر:
(أ) تفسير القرآن العظيم: دار الفكر 1981م
(ب) البداية و النهاية ط/ مكتبة المعارف بيروت
ـ المجذوب: مبارك محمد على، خلق الإنسان في القرآن ط/ معهد إسلام المعرفة جامعة الجزيرة
-الإمام مسلم: مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري: صحيح مسلم، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ط/ دار التراث العربي بيروت
-المصلح:عبد الله بن عبد العزيز: الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، ط/ جدة مطبوعات الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
-النسائي:أحمد بن شعيب: المجتبى من السنن، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ط/ 2 مكتبة المطبوعات الإسلامية حلب 1986م
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[12 May 2009, 11:24 م]ـ
1 ومن ذلك أيضاً ادعاء بعضهم أن قوله تعالى: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ) يدلّ على ما هو مقرر في علم النيات من دور الرياح في تلقيح النبات؛ إذ تحمل هذه الرياح مادة الذكورة حيث تلتقي بمادة الأنوثة فيكون الإخصاب، وهذه حقيقة علمية صحيحة، ولكن هل الآية تدل عليها؟ لا، لأن السياق لا يتناول النبات وإنما يتحدث عن السحاب وتلقيحه؛ لا تلقيح النبات؛ ولهذا ذكر الله تعالى إنزال الماء بعد وصف الرياح بأنها (لَوَاقِحَ) فقال: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ) وصحيح أن هنالك علاقة وطيدة بين إنزال الماء والنبات؛ إلا أن الآية ذكرت سقي هذا الماء للناس لا إنبات النبات به. ولما كان السياق يشير وبصورة مباشرة إلى تلقيح السحاب فإن هذا المعنى تعضده آيات أخرى تم فيها ربط الرياح بالمطر؛ نحو قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) وقوله: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا
(يُتْبَعُ)
(/)
بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا) وقوله: (اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ) وقوله (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)، وهذا التلقيح المذكور في الآية والذي تقوم به الرياح بين السحب على ثلاثة أنواع هي: تلقيح السحب الحارة بالباردة الأمر الذي يزيد التكاثف؛ فينتج عند ذلك نزول المطر، أما النوع الثاني فهو: تلقيح السحب ذات الشحنة الموجبة بالسحب ذات الشحنة السالبة؛ فيحدث التفريغ الذي ينتج الشرر الكهربائي أو الرعد، ويتمدد الهواء من جراء هذا التفريغ فينتج صوت الرعد،؛ وفي هذه الحالة يكون المطر مصحوباً بالبرق والرعد، أما النوع الثالث فهو: تلقيح الرياح للسحاب بنويات مكونة من الأملاح والاكاسيد والأتربة، وهذه النويات ضرورية في التكاثف؛ إذ يتجمع عليها جزئيات بخار الماء؛ فتصير نقطاً نامية داخل السحب، وهذا النوع الأخير أخذت منه فكرة (المطر الصناعي)؛ إذ تقوم بعض الطائرات برش السحب المكونة أصلاً ببعض المواد التي تعمل كنويات يتكاثف حولها المطر فينزل.
دكتور جمال الدين
السياق لا يخصص عموم ما دل عليه اللفظ فقوله " الرياح لواقح " هي كذلك في السحاب والنبات، ثم أيضا إن العواصف الممطرة تحمل في مائها الكثير من اللقحات بل ما هو أكثر من ذلك.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[12 May 2009, 11:41 م]ـ
2/ دقة الربط بين الحقائق العلمية والمعاني القرآنية:-
ومن أمثلة الربط المتكلّف بين معنى من معاني القرآن وبعض الحقائق العلمية ما فعله صاحب الجواهر الذي استدل بقوله تعالى: (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) ثم انطلق في بيان ما لحاستي السمع والبصر من دقة في التركيب وتكامل في الوظائف؛ الأمر الذي يؤكد – عنده – أن هذه الآية معجزة في دلالاتها، والحق أن هذه الآية لم تتناول حاستي السمع والبصر؛ ولم تشر لهما ولا أشارت لذلك الآية التي قبلها ولا التي بعدها أيضاً، وإنما جاءت هذه العبارة بعد الحديث عن مراحل تطور الجنين، وتمام الآيات كالآتي: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) ولا علاقة لذلك بحاستي السمع والبصر إلا بصورة بعيدة لم تتطرق إليها الآية الكريمة أصلا، وعبارة (فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) شديدة الارتباط بما ذكر من مراحل تطور الجنين، ويسمى ذلك في البلاغة بالتوشيح؛ وهو أن يكون أول الكلام نفسه يدل على آخره ويُعلم هذا الآخر قبل ذكره؛ فينزل المعنى عندئذ منزلة الوشاح ويسمى أيضا بالمطمع؛ لأن أوله مطمع في آخره؛ انظر إلى عبارات (الخلق) في الآية: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا ... ثُمَّ خَلَقْنَا ...... فَخَلَقْنَا ..... فَخَلَقْنَا ........ خَلْقًا ........ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)؛ ولهذا يروى أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه لما سمع صدر الآية إلى قوله: (خَلْقًا آخَرَ) قال: (فتبارك الله أحسن الخالقين) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا أنزلت.
وأغلب الظن أن الشيخ طنطاوي جوهري _ لما ربط بين هذه العبارة وبين السمع والبصر _ لم ينظر إلى هذه الآية ولا إلى سياقها ونظمها؛ وإنما انصرف ذهنه إلى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم عند سجوده في الصلاة: (اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، أنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين)؛ إذ أن هذا الدعاء هو النص الوحيد الذي يربط بين تلك العبارة وبين السمع والبصر، ولو استدل جوهري بذلك لكان استدلاله مقبولاً.
اسمح لي أن أخالفك مرة أخرى يا دكتور جمال
فالربط هنا ليس متكلفاً فقوله تعالى"ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ" رابط قوي جداً فهو إشارة إلى تكوين الإنسان بصورته الكاملة، وأظهر مافيه من دقة الصنع وعجيبه هو السمع والبصر، وتأمل قول الله تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) سورة الإنسان (2).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[13 May 2009, 12:01 ص]ـ
بارك الله فيكم.
الموضوع مهم. ولكنه كأنه يتكلم عن التفسير وضوابطه أكثر مما يتكلم عن ضوابط الإعجاز العلمي, حقيقة أن يكون التفسير وفقا للأمر الأول وهو "ان يكون مراد الله " هذا صعب في بعض الآيات وخصوصا فيما يتعلق بالإعجاز العلمي.
فلا يمكن ان نجزم أن هذا مراد الله الا في:
- القطعي , والقران قطعي الثبوت , ولكن ما يتعلق بالاعجاز العلمي فأغلبه ظني الدلالة على الموضوع "الاعجاز العلمي"
-الظني المحفوف بقرينة قطعية: وبما أن القران قطعي الثبوت فالظنية هنا تبعا للدلالة , فلا يعتبر باحتمال اللفظ أكثر من معنى إذا اتفق على معنا مقصود , او دلة قرينة على ذالك المعنى دون سواه.
الأمر الآخر وهو مهم: لماذا لا يتطرق دائما عن الضوابط فيما يتعلق بالعلم الطبيعي , وخصوصا أن العديد ممن يتكلم عن الإعجاز العلمي يدلل على الآيات يتكلم عن تفسير محتمل للآية.وما يستدل به هو نظرية وليست قطعية.فكيف يستدل بها؟!!
سألت مرة دكتور فاضل أيام الدراسة ,كيف نستدل به وقد يأتي وقت يتبين فيها فساد النظرية؟ , فأجابني: نغير التفسير!
وهذا خطأ لأن ذلك قد يستدل به عند اعداء الاسلام على عدم صحة الإعجاز ,بل وقد يضر ببعض العوام خصوصا عند الكلام عن الاعجاز الذي يتكلم به من أجل تثبيت الناس على دينهم.
وفقكم الله وارجوا ان تأخذ ملاحظتي عن الشق الآخر من الموضوع وهو خصوصية ما يستدل به من امور علمية.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[13 May 2009, 12:14 ص]ـ
1/ تجنب القضايا التي لا يمكن أن ينالها العلم:-
ورغم أن العلم المعاصر يتقاصر عن إدراك الحقائق الغيبية التي ذكرها القرآن إلا أن بعض القضايا الغيبية لها مداخل حسية تثبتها؛ ولذلك يمكن للإعجاز العلمي تناول هذه المداخل الحسية دون تناول القضايا الغيبية في ذاتها، ومعلوم أن وجود الله تعالى وهو أكبر حقيقة غيبية تثبتها _ ضرورة _ حقائق حسية كثيرة جداً، ويمكن للعلم تناول هذه الحقائق الحسية لإثبات وجود الله تعالى بلا خلاف.
ومن القضايا الغيبية التي لها مداخل حسية تثبتها فتناولها الإعجاز العلمي قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سمعتم أصوات الديكة فإنها رأت ملكا فاسألوا الله وارغبوا إليه، وإذا سمعتم نهاق الحمير فإنها رأت شيطانا فاستعيذوا بالله من شر ما رأت) وذكر بعض المشتغلين بالإعجاز العلمي أن هذا الحديث الصحيح تؤيده حقائق علمية؛ إذ ثبت الاختلاف الشديد بين رؤية الديك و رؤية الحمار؛ فالديك يرى (الأشعة البنفسجية) والحمار يرى (الأشعة تحت الحمراء). والملك مخلوق من نور (الأشعة البنفسجية) وتركيب عين الديك تمكنه من رؤية هذه الأشعة كما ثبت علمياً، أما الجان فمخلوق من نار (الأشعة تحت الحمراء) وتركيب عين الحمار تمكنه من رؤية هذه الأشعة.
هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانًا"
فكون الحديث صحيح وثابت لا يحتاج إلى تأييد الاكتشافات العلمية وإنما العلم فسر لنا السر لماذا الحمار يرى ما لا يرى الديك والديك يرى ما لايرى الحمار.
ومثله حديث سماع أصوات المعذبين في القبور:
"وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوْ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَّا الثَّقَلَيْن" رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه.
قال شيخ الإسلام في الفتاوى:
وَفِي صَحِيحِ أَبِي حَاتِمٍ البستي عَنْ {أُمِّ مُبَشِّرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي حَائِطٍ وَهُوَ يَقُولُ: تَعَوَّذُوا بِاَللَّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِلْقَبْرِ عَذَابٌ؟ فَقَالَ: إنَّهُمْ لَيُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ عَذَابًا تَسْمَعُهُ الْبَهَائِمُ}. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلِهَذَا السَّبَبِ يَذْهَبُ النَّاسُ بِدَوَابِّهِمْ إذَا مَغَلَتْ إلَى قُبُورِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُنَافِقِينَ؛ كالإسماعيليةِ والنصيرية وَسَائِرِ الْقَرَامِطَةِ: مِنْ بَنِي عُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ الَّذِينَ بِأَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَغَيْرِهِمَا؛ فَإِنَّ أَهْلَ الْخَيْلِ يَقْصِدُونَ قُبُورَهُمْ لِذَلِكَ كَمَا يَقْصِدُونَ قُبُورَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. وَالْجُهَّالُ تَظُنُّ أَنَّهُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ فَاطِمَةَ وَأَنَّهُمْ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ. فَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْخَيْلَ إذَا سَمِعَتْ عَذَابَ الْقَبْرِ حَصَلَتْ لَهَا مِنْ الْحَرَارَةِ مَا يُذْهِبْ بِالْمَغْلِ." انتهى كلامه رحمه الله
وقد أثبت العلم والتجربه أن الحيوانات لها من القدرات السمعية ما ليس للإنسان وبخاصة الخيل.
فالعلم يفسر لنا لماذا تسمع الحيوانت أصوات المعذبين والإنسان لا يسمع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[13 May 2009, 12:32 ص]ـ
ب ـ الأخبار الخارجية الواهية:-
والحق أن بعض زنادقة أهل الكتاب قد كانوا بعيدي النظر في الطعن على القرآن وإظهاره بالمظهر الخرافي؛ فوضعوا أقوالاً في الكونيات تخالف الطبيعة من جهة ولم يقل بها القرآن من جهة أخرى، فالتقطها القصاص ورواة الأخبار _ وهم حطاب ليل_ فدخلت إلى التفسير، وهذا يكشف عن عظم الكيد والخبث، وقد تسرب هذا السم إلى التفسير والحديث؛ فحاربه العلماء حتى لا يتلوث هذا الدين الطاهر، ومن هذه الإسرائيليات في هذا المضمار ما يتعلق بعمر الدنيا وبدء الخلق وأسرار الوجود وأسباب الكائنات وتعليل بعض الظواهر الكونية تعليلاً خرافياً باطلاً، ومن ذلك: ابتلاع الحوت للشمس عندها غروبها، وأن الشمس قد وكل بها تسعة أملاك يرمونها بالثلج ولولا ذلك ما أتت على شيء إلا أحرقته، وأن الأرض على الماء والماء على صخرة والصخرة على ظهر حوت يلتقي طرفاه بالعرش، وأن المجرة التي في السماء هي لعاب حية تحت العرش، وغير ذلك من هذه الخرافات التي لا أصل لها، ومن المفارقات العجيبة أن هنالك كثيراً من المواقع في الانترنت التابعة لأهل الكتاب تحاول التقاط هذه الإسرائيليات من التفاسير فإذا وجدتها احتفت بها احتفاء عظيماً وحذفت وأضافت ثم نسبتها إلى المفسر أولاً ثم حاولت وتحايلت حتى نسبتها إلى القرآن العظيم نفسه؛ وهم أحق بها لأنها منهم اجتلبت وعنهم أخذت.
ولا أستبعد أن هذا الأسلوب لا يزال قائماً إلى اليوم،وما الذي يمنع أن بعض محبي الشهرة ممن ينتسبون إلى العلم في الغرب يلتقط بعض الإشارات القرآنية ثم يخرج علينا بنظرية ثم نلهث نحن خلفها ونقول هذا ما دل عليه القرآن منذ زمن ....
ولا أظن نظرية الانفجار العظيم إلا مستوحاة من القرآن الكريم.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[13 May 2009, 12:45 ص]ـ
جزاك الله خيرا دكتور جمال الدين على هذا البحث القيم وجعله في موازين حسناتك.
وأرجو أن لا يضيق صدرك بملاحظاتي وقد لا تكون صحيحة.
ويكفي أني برهنت على أنني قد قرأت البحث كله،لأن مثله في الغالب تصعب قرأته على النت لطوله.
ولعل لي وقفات أخرى مع هذا البحث الذي أرجو الله أن ينفع به كاتبه وقارئه.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[13 May 2009, 01:48 م]ـ
[ QUOTE= د. جمال الدين عبد العزيز;79065] ب/ مراعاة مستوى العلم البشري:
ومن أمثلة ذلك أيضاً تفسير الإمام محمد عبده والشيخ عبد الرحمن الكواكبي للسجيل الذي تحمله الطير الأبابيل بأنه نوع من جراثيم الجدري أو الحصبة؛ وأن هذه الطيور من جنس البعوض والذباب.
ومن ذلك أيضاً تفسير الإمام محمد عبده للملائكة بأنها هي النواميس والأسباب الطبيعية أو القوى الطبيعية، وسجود الملائكة لآدم (الإنسان) عبارة عن تسخير هذه القُوَى له حيث أنه ينتفع في ترقية الكون بمعرفة سنن الله تعالى في ذلك. أما إبليس واستكباره عن السجود ـ عند الإمام محمد عبده ـ فهو تمثيل لعجز الإنسان عن إخضاع روح الشر.
ويُفسِّر الإمام محمد عبده (النفَّاثات) في قوله تعالى: (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ) بأنها النمامون المقطِّعون لروابط الألفة المُحرقون لها بما يلقون عليها من ضرام نمائمهم، وإنما جاءت العبارة كما في الآية، لأن الله جَلَّ شأنه أراد أن يشبههم بأولئك السحرة المشعوذين، الذين إذا أرادوا أن يحلوا عقدة المحبة بين المرء وزوجه - مثلاً - فيما يُوهمون به العامة عقدوا عقدة ثم نفثوا فيها وحَلُّوها؛ ليكون ذلك حلاً للعقد التي بين الزوجين. والنميمة تشبه أن تكون ضرباً من السحر؛ لأنها تحوِّل ما بين الصديقين من محبة إلى عداوة بوسيلة خفية كاذبة، والنميمة تُضَلِّل وجدان الصديقين كما يضلل الليل مَن يسير فيه بظلمته، ولهذا ذكر (النفَّاثات) عقب ذكر الغاسق. ومن أجل هذا المعنى العجيب ذهب الإمام محمد عبده إلى إنكار الأحاديث الصحيحة التي جاء فيها سحر لبيد بن الأعصم للنبي صلى الله عليه وسلم.
QUOTE]
وفقك الله يا شيخنا الفاضل على هذا الطرح القرآني الجميل، والذي تتضح من خلاله العلمية وسلامة المنهج ووضوحه، وفقك الله لكل خير.
ولكن عندي استفسار: لماذا نسمي من ينكر الأحاديث الصحيحة الثابتة عن عمد دون طعن في أسانيدها أو متونها، ودون معارضة لها بأدلة أخرى، لماذا نسميه بعد كل ذلك إماما؟.
هل من ينكر الثوابت الأساسية عند الأمة الإسلامية من سجود الملائكة لأدم السجود المعروف عند العرب، والذي ورد في كتاب الله تعالى في غير ما آية بلفظ السجود هل يستحق مثل ذلك أن يسمى مأموما فضلا عن إمام؟
لا أفهم ممن حسنت نيته واتضح له الحق كشيخنا الفاضل أن يذكر مثل هذه الأمور الخطيرة عن شخص ثم يسميه إماما؟
إن الاختلاف في التفسير - كغيره من العلوم - أمر وارد، ولا يشنع على المخالف فيه لكن ليس في القطعيات، والمحكمات، والمتفق عليه.
حفظكم الله وجزاكم عنا خيرا بهذه المعلومات القيمة والمفيدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[14 May 2009, 05:38 م]ـ
أخي محب القرآن زادك الله وإيانا للقرآن حبا
لا يمكن إطلاقا أن يضيق صدري بملاحظاتك القيمة
فأنا أستفيد منها في الحالين سواء كانت صحيحة أو غير ذلك
إذ أستفيد منها حال صحتها بتصحيح ما عندي
وإن لم تكن كذلك فأنا استفيد منها في توضيح الغامض والمشكل والملتبس
فأرجو أن لا تتوقف كلما ظهر لك شيء وأنا سعيد كل السعادة بهذه الملاحظات القيمة وفقك الله
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[14 May 2009, 06:00 م]ـ
قولك أخي محب القرآن:
السياق لا يخصص عموم ما دل عليه اللفظ فقوله " الرياح لواقح " هي كذلك في السحاب والنبات، ثم أيضا إن العواصف الممطرة تحمل في مائها الكثير من اللقحات بل ما هو أكثر من ذلك. إليك فيه بعض التوضيحات:
1 - كون الرياح تلقح النبات هذه حقيقة علمية مسلّم بها، ولكن الآية لم تذكرها، ولا شك أن سلخ الآية من سياقها غير جائز؛ لأن ذلك يقوَّل به القرآن ما لم يقله
2 - السياق يخصّص عموم المعنى فإنه لما قال (وأرسلنا الرياح لواقح) قال (فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء) والفاء لها معنى دقيق يقيّد هذا التلقيح؛ فيحصره في نزول الماء، ولاحظ أيضا التعبير عن السرعة في (فَأَنزَلْنَا) و (فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ)، وجملة إرسال الرياح وجملة إنزال الماء شديدا الارتباط ببعضهما، وقد عطف بينهما بـ (الفاء)، ولو عطف بالواو لانتفت السرعة واختلف المعنى، ولكان من الممكن أن تعد جملة مستأنفة منفصلة المعنى؛ وحينئذ فقط يمكن أن يكون تلقيح النبات سائغا
3 - روى الطبراني أن ابن مسعود رضي الله عنه قد ذكر أن الرياح تلقح السحاب
وهنالك أمر أخير أذكره هنا للفائدة فحسب
في القرآن تأتي الريح مفردة في موضع الشر والهلاك
كما في قوله تعالى: (كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ)
وقوله: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ)
وقوله: (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ)
وقوله: (وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ)
وقوله: (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ)
وقوله: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ)
وتأتي الرياح جمعا في موضع الخير:
كما في قوله تعالى: (وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ)
وقوله: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ)
وقوله: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء)
وقوله: (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا)
وقوله: (أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)
وقوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ)
وقوله: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ)
ولهذا قال ابن عباس (ما هبت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وقال: اللهم: اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم: اجعلها رياحا، ولا تجعلها ريحا)
يقول السيوطي (إن رياح الرحمة مختلفة الصفات والماهيات والمنافع وإذا هاجت منها ريح أثير لها من مقابلها ما يكسر سورتها فينشأ من بينهما ريح لطيفة تنفع الحيوان والنبات)
وإذا كان ذلك في البحر فإن الأمر يختلف فتكون الريح نعمة، ويبدو أن السبب – والله أعلم – أن الريح (المفردة) التي تأتي من اتجاه واحد شديد الخطورة على الأبنية الثابتة والأشجار الثابتة، أما هذه الريح فيحتاج إليها لتحريك السفن في البحر من اتجاه واحد ولهذا ذكر نعمة الريح (المفردة) في البحر فقال (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ)
وقال: (حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ)
يقول السيوطي (إن تمام الرحمة هناك إنما تحصل بوحدة الريح لا باختلافها فإن السفينة لا تسير إلا بريح واحدة من وجه واحد فإن اختلفت عليها الرياح وتصادمت كان سبب الهلاك والغرق فالمطلوب هناك ريح واحدة ولهذا أكد هذا المعنى فوصفها بالطيب دفعا لتوهم أن تكون عاصفة بل هي ريح يفرح بطيبها ومنها قوله تعالى "إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ" وهذا أورده ابن المنير في كتابه على الزمخشري قال الريح رحمة ونعمة وسكونها شدة على أصحاب السفن)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[14 May 2009, 06:05 م]ـ
قولك أخي محب القرآن
(الربط هنا ليس متكلفاً فقوله تعالى"ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ" رابط قوي جداً فهو إشارة إلى تكوين الإنسان بصورته الكاملة، وأظهر مافيه من دقة الصنع وعجيبه هو السمع والبصر، وتأمل قول الله تعالى: (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا)
لكن الأمر هنا أمر سياق وكلامك هذا يصح في آية سورة الإنسان إذ توضح هذه الآية كيف كان الإنسان نطفة مذرة ثم أصبح بعد خروجه مبصرا سامعا
أما آية سورة المؤمنون فتتكلم عن أطوار الجنين (داخل البطن) حتى أصبح طفلا مكتملا لكنه (داخل هذه البطن) لا يبصر إلا بعد مدة من خروجه وهذا معروف
ومعنى ("ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ) " أي خلقا مباينا للخلق الأول مباينة ما أبعدها كما فال كثير من المفسرين
وربطك الجيد – الذي هو خلاف كلامي السابق – قد ذكره بعض المفسرين فذهبوا إلى أن قوله تعالى "ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ" بعد خروج هذا الإنسان (من البطن) إلى أن يموت، ولرأيك وجاهته بلا شك وإن كنت أرى غيره
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[14 May 2009, 06:08 م]ـ
كلامك أخي محب القرآن عن سمع الحيوانات كله جيد مقبول، لكن ما المشكلة في تأييد الاكتشافات العلمية لبعض حقائق القرآن والسنة، إذ لم يكن ذلك عندنا مهما فعند غيرنا ليس كذلك؛ والعلم اليوم قاسم مشترك بين الناس لاقتناعهم به وليس كذلك القرآن، أما إذا كنت تقصد أن حقائق القرآن يقينية ثابتة وحقائق العلم ليس كذلك أو أن القرآن يتجاوز العلم أو أنه يجب أن يكون مصدر معرفتنا ومشيد حضارتنا كما كان، بدلا عن أن تكتشف الاكتشافات فنسارع إلى القرآن لنقول إن القرآن قد ذكر ذلك قبل أربعة عشر قرنا فأنا أؤيدك كل التأييد
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[14 May 2009, 06:29 م]ـ
كلامك أخي محب القرآن عن سمع الحيوانات كله جيد مقبول، لكن ما المشكلة في تأييد الاكتشافات العلمية لبعض حقائق القرآن والسنة، إذ لم يكن ذلك عندنا مهما فعند غيرنا ليس كذلك؛ والعلم اليوم قاسم مشترك بين الناس لاقتناعهم به وليس كذلك القرآن، أما إذا كنت تقصد أن حقائق القرآن يقينية ثابتة وحقائق العلم ليس كذلك أو أن القرآن يتجاوز العلم أو أنه يجب أن يكون مصدر معرفتنا ومشيد حضارتنا كما كان، بدلا عن أن تكتشف الاكتشافات فنسارع إلى القرآن لنقول إن القرآن قد ذكر ذلك قبل أربعة عشر قرنا فأنا أؤيدك كل التأييد
جزاك الله خيرا وبارك فيك.
وما ذكرت حول آية "الحجر" وآية "المؤمنون" مما قد تختلف فيه وجهات النظر زادنا الله وإياك فهما وإيمانا وعملا.
أما تأييد الاكتشافات العلمية لما جاء في القرآن فليس عندي مشكلة في ذلك، وإنما قلت إن ثبوت صحة القرآن أنه وحي من عند الله والآحاديث الصحيحة عن رسوله صلى الله عليه وسلم لا يتوقف على موافقة الكشوف العلمية.
بارك الله فيكم ونفع بعلمكم.
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[15 May 2009, 10:14 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا جزيلا د. جمال الدين عبد العزيز شريف
والقرآن حاكم على العلم مهما كان وليس العكس
فجزاك الله خيرا على طرحك المبارك
ومتى ترى النور مثل هذه الدراسات النقدية الهادفة
فقد علقوا بالقرآن حتى مجرد النظريات
وتقولوا على الله فيه بلا علم
وهناك بحث ماتع للشيخ د. مساعد الطيار منشور في مجلة معهد الشاطبي ماتع ومفيد جدا في هذا الباب
وللشيخ د. خالد السبت محاضرات صوتية ممتازة وهي مفرغة على الشبكة أيضا
وللإخوة جميعا
فليس الشيخ د. جمال الدين عبد العزيز شريف ولا مؤيدوه ينكرون الإعجاز العلمي بحال فقد أثبته الله وتكلم عنه أهل العلم منذ أكثر من ألف عام فقد نقل شيخ الإسلام إجماعات حكاها عن ابن المنادي فمن هذا الباب لابد من ضبط الكلام على كلام ربنا.
وشكرا لكم شيخنا نفع الله بكم وبعلمكم
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[16 May 2009, 10:15 م]ـ
وللإخوة جميعا
فليس الشيخ د. جمال الدين عبد العزيز شريف ولا مؤيدوه ينكرون الإعجاز العلمي بحال فقد أثبته الله وتكلم عنه أهل العلم منذ أكثر من ألف عام فقد نقل شيخ الإسلام إجماعات حكاها عن ابن المنادي فمن هذا الباب لابد من ضبط الكلام على كلام ربنا.
وشكرا لكم شيخنا نفع الله بكم وبعلمكم
كلام جيد لا فض فوك(/)
سؤالٌ حول الالتفاتِ في القرآن الكريم
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[13 May 2009, 12:28 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلامُ على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين.
لديَّ سؤالٌ للأساتذة الباحثين حول أسلوب الالتفات في القرآن الكريم , هل هناك من جمع كل مواضعه في القرآن وحصرها , وقسَّمها على حسب التقسيم المعروف لأنواع الالتفات عند البلاغيين.؟
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 May 2009, 01:01 م]ـ
يقترب من ذهني كتابان في موضوع الالتفات، وكلاهما يتجه في الدراسة اتجاها نحويا أو بلاغيا، وليس من وكد المؤلِّفَيْن استقصاء مواضع الالتفات في القرآن الكريم، ولكن لا بأس من النظر في كتابيهما لعل فائدة تعرض فيهما هنا أو هناك.
والكتابان هما:
1 - أسْلوبُ الالتفات في القرْآن الكريم
وجهود أشهَر اللغويّين والنحَاة في درَاسَته
د. عدنان عبد الكريم خليفات
2 - الالتفات نحويا في القراءات القرآنية
د. شوكت علي عبد الرحمن درويش
والكتابان صدرا في عمَّان بالأردن، ولا أتذكر أسماء دور النشر.
وبالله التوفيق.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[15 May 2009, 12:10 م]ـ
وهذا رابط الكتاب الأول للتحميل
www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=46069&d=1174793366
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 May 2009, 03:01 م]ـ
في العدد الثاني أو الثالث من مجلة الدراسات القرآنية التي تصدرها الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه بحث بعنوان (الالتفات في القرآن الكريم) للدكتور يوسف الشبل وفقه الله. وقد أشار إلى شيء مما ذكر الأخ محمود، وذكر الأقسام الرئيسية للالتفات وأمثلة على كل قسم منها، حيث إن الاستقصاء والتصنيف عمل معجمي لا يتسع له مثل هذا البحث.
وهناك دراسات متفرقة للالتفات في القرآن فات علي العنوان الدقيق لها وللباحثين، ولو راجعت المكتبة قليلاً لعثرت عليها إن كانت حاجتك إليها ماسة.(/)
توزيع 279988 نسخة من المصاحف والتسجيلات والترجمات والكتب
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 May 2009, 06:47 ص]ـ
واس الرياض: ضمن الجهود المباركة التي يقوم بها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة فقد قام المجمع خلال شهر ربيع الآخر 1430هـ بتوزيع إصداراته من مصاحف وترجمات، وكتب دينية، وشرائط تسجيلية، وأقراص مدمجة على العديد من الجهات الحكومية، والأهلية، والخيرية، (279.988) نسخة من المصاحف والأجزاء والتسجيلات والترجمات والكتب الإسلامية.
وأوضح تقرير صادر عن المجمع للشهر الماضي أنه تم توزيع (169.856) نسخة من المصحف الشريف من مختلف الأحجام، و (45.500) نسخة من أجزاء القرآن الكريم، و (5.064) نسخة من التسجيلات الصوتية لقراءات وتلاوات بعض المقرئين للمصحف الشريف، و (56.814) نسخة من ترجمات معاني القرآن الكريم بمختلف اللغات الأجنبية، و (2.745) نسخة من الكتب الدينية.
جاء ذلك في الإحصاءات التي تضمنها التقرير الصادر عن المجمع لشهر ربيع الآخر الماضي والذي تضمن أيضاً توضيحاً بأن المجمع وزع منذ بداية توزيعه لإصداراته في الثالث والعشرين من شهر جمادى الأولى من عام 1405هـ وحتى الثلاثين من شهر ربيع الآخر الماضي ما مجموعه (221.306.399) نسخة من مختلف الإصدارات.
وأفاد التقرير أن الكتب التي تم توزيعها شملت كتاب (فتاوى بن تيمية)، وكتاب (ندوة عناية المملكة بالقرآن الكريم)، وكتاب (الإتقان في علوم القرآن)، وكتاب (كتابة المصحف وطباعته تاريخها وأطوارها)، وكتاب (المجتبي من مشكل إعراب القرآن)، وكتاب (أحكام الجنائز) بالإضافة لكتاب (الإعجاز البياني في ضوء القراءات القرآنية المتواترة)، وكتاب (أصول الضبط وكيفيته على جهة الاختصار)، وكتاب (المتشابه اللفظي في القرآن وأسراره البلاغية)، وكتاب (مختصر التبيين لهجاء التنزيل)، وكتاب (فهرست مصنفات القرآن الكريم).
وقد بلغ عدد اللغات الأجنبية التي تم صرف ترجمات معاني القرآن الكريم والكتب الدينية بها (33) لغة هي: التغالوغ الفليبينة، والأوردية، والأسبانية، والإندونيسية، والروسية، والصينية، والفرنسية، والمليبيارية، والهوسا، والغجرية، والتركية، والإنجليزية، والقازاقية، والصومالية، والمندرية، والبرتغالية، والفيتنامية، والبوسنية، والإيغورية، والكورية، واليونانية، واليوربا، والمقدونية، والزولو، والكشميرية، والفرنسية، والبراهوائية، والتاميلية، والألبانية، والبورمية، والتايلاندية، والألمانية.
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[16 May 2009, 07:06 ص]ـ
شكر الله لك شيخنا الكريم
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[16 May 2009, 10:05 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الله
جهود جبارة تستحق الدعاء والثناء.
جزى الله جميع القائمين على هذا المجمع خير الجزاء فكم نفعوا بعملهم الأمة، ولمثل هذا فليتنافس المتنافسون.
وشكر الله لك شيخنا الفاضل.
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[16 May 2009, 06:54 م]ـ
مازلنا نحتاج للمزيد اخي الفجر الباسم
فما يوزعه النصارى سنويًا من كتب الأنجيل المحرفة أضعاف ماذكره الشيخ عبدالرحمن.
ومن الجهود التي يشكر عليها أصحابها مشروع سهم النور الوقفي
وهو عبارة عن 450 ريال تدفعها لهم فيطبعوا عنك مصحف كل سنة مدى الحياة
وبالإمكان زيادة عدد الأسهم إلا عشرة وعشرين أو أكثر فيكون لك سنويًا عشرين مصحفًا أو أكثر حسب عدد أسهمك يطبع ويوزع مجانًا في أقطار الأرض وأنت جالسٌ في بيتك تحتسي كوبًا من الشاي والصدقات والحسنات تصب في ميزانك إن شاء الله
والجهة موثوقه يتم يسمح لهم بجمع التبرعات في السعودية وتحت رقابة ومن أعضائها الشيخ سلمان العودة وغيره
وإليك رابطهم / http://www.sahmalnour.org/
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[16 May 2009, 06:59 م]ـ
جهد مبارك ..
ـ[محب القراءات]ــــــــ[16 May 2009, 08:16 م]ـ
وأفاد التقرير أن الكتب التي تم توزيعها شملت كتاب (فتاوى بن تيمية)، وكتاب (ندوة عناية المملكة بالقرآن الكريم)، وكتاب (الإتقان في علوم القرآن)، وكتاب (كتابة المصحف وطباعته تاريخها وأطوارها)، وكتاب (المجتبي من مشكل إعراب القرآن)، وكتاب (أحكام الجنائز) بالإضافة لكتاب (الإعجاز البياني في ضوء القراءات القرآنية المتواترة)، وكتاب (أصول الضبط وكيفيته على جهة الاختصار)، وكتاب (المتشابه اللفظي في القرآن وأسراره البلاغية)، وكتاب (مختصر التبيين لهجاء التنزيل)، وكتاب (فهرست مصنفات القرآن الكريم).
بفضل الله تعالى وزرعت علينا نحن طلاب الدراسات العليا في كلية القرآن , وأعضاء هيئة التدريس هذه الكتب كلها , فنشكر المجمع على هذه الجهود المباركة , ونسأل الله أن يجزي القائمين عليه خير الجزاء.
ـ[ابوهبة الله]ــــــــ[16 May 2009, 10:56 م]ـ
وماذا عن الذين يسكنون خارج المملكة العربيَّة السّعوديَّة , أما يكن لهم نصيب؟!!!
جزاكم الله جميعاً وسدَّد خطاكم ونفع بكم , فعلاً جهود جبارة تستحق الدعاء والشكر والثناء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[16 May 2009, 11:49 م]ـ
جزاك الله خيرا وبشرك بما يسرك في الدنيا والآخرة
بفضل الله تعالى وزرعت علينا نحن طلاب الدراسات العليا في كلية القرآن , وأعضاء هيئة التدريس هذه الكتب كلها , فنشكر المجمع على هذه الجهود المباركة , ونسأل الله أن يجزي القائمين عليه خير الجزاء.
حبذا أن تزود جميع الجامعات والكليات بهذه النسخ وبالأخص أصحاب التخصص
بارك الله في الجهود وجعلها خالصة ونفعنا بما نقول ونقرأ ونسمع
ـ[ضياء الرحمن بن صغير أحمد]ــــــــ[20 May 2009, 08:32 م]ـ
فضيلة الشيخ:
ماذا يفعل من يريد الحصول على الكتب والتفاسير أو الكتب العلمية والمتون ...
كيفية الإجراءات وبالأخص للأجانب فالبعض يعاني من عدم وجودها في كل مكان والبعض لا يستطيع شراءاها لأن بعض الكتب العلمية أغلى من الذهب في بعض الأحيان
أفيدونا جزاكم الله خيرا
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[22 May 2009, 05:59 ص]ـ
فضيلة الشيخ:
ماذا يفعل من يريد الحصول على الكتب والتفاسير أو الكتب العلمية والمتون ...
كيفية الإجراءات وبالأخص للأجانب فالبعض يعاني من عدم وجودها في كل مكان والبعض لا يستطيع شراءاها لأن بعض الكتب العلمية أغلى من الذهب في بعض الأحيان
أفيدونا جزاكم الله خيرا
تفضل أخي
في هذا الرابط موقع اسمه سوق الكتبيين يوفر لك أي كتاب ويرسله لك إلى أي مدينة في العالم وبسعر مناسب , أرجو من الله أن ينفعك به.
موقع سوق الكتبيين لبيع وشراء واستبدال الكتب ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=122149)(/)
الاجازات القرانية ضوابط وأحكام
ـ[عيسى الدريبي]ــــــــ[16 May 2009, 08:39 ص]ـ
دعوة لحضور محاضرة متخصصة في الدراسات القرانية اليوم السبت 21/ 5/1430بعد صلاة المغرب بعنوان: الاجازات القرانية ضوابط واحكام، لاخينا فضيلة الدكتور/ محمدبن فوزان العمر -رئيس قسم الدراسات القرانية بكلية المعلمين بجامعة الملك سعود
والدكتور محمد من المعنيين بهذا الامر تأليفا وإقراء،وله كتاب طبعته الجمعية العلمية السعودية للقران وعلومه هوإقراء القران شروطه وضوابطه
الموقع: جامع الامير سلطان بحي القدس بالرياض
للاستفسار جوال 0553414102
اخوكم عيسى الدريبي -امام وخطيب جامع الاميرسلطان بحي القدس
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[16 May 2009, 06:34 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا الإعلام ..
ووددتُ لو أنكم تلخّصون لنا ما يتفضّل به الشيخ في محاضرته، حتى تعمّ الفائدة، فأكثر أعضاء الملتقى ما هم من الرياض.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[16 May 2009, 06:58 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[محب القراءات]ــــــــ[16 May 2009, 08:02 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وآمل أن تسجل وتوضع هنا في الملتقى ليستفاد منها.
ولعلكم تلخصون أبرز العناصر لنقارن بينها وبين كتاب الشيخ , وهل سيزيد في المحاضرة عناصر أخرى لم يذكرها في كتابه (إجازات القراء).
انظر هذا الرابط:بحث (إجازات القراء) للدكتور محمد فوزان العمر .. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5887)
ـ[أبو إسحاق الحضرمي]ــــــــ[17 May 2009, 12:15 ص]ـ
الدكتور محمد بن فوزان العمر هو أحد رجالات الإقراء بالرياض، ولقد يسَّر الله لي زيارته بمسجده والجلوس معه، وأنا متتبع لكتاباته التي من آخرها تحقيق شرح الشاطبية للسيوطي، وأما كتابه (الإجازات القرآنية) فقد أبدع فيه جداً.
فأرجو من الإخوان أن يرفعوا لنا هذه المحاضرة صوتاً أو تلخيصاً لها، فإذا لم يحصل فلا بأس من أهم المسائل فيها أن تذكر لنا - شكر الله سعي من يقوم بذلك -.(/)
التركيز على ديمومة الخير والعقاب في سورة طه؟
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[16 May 2009, 02:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لاحظت تكرار الإشارة إلى قضية بقاء العذاب أو بقاء الخير في سورة طه في أربعة مواضع
فمرة جاء على لسان فرعون (ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى) وفي رد السحرة الشهداء على فرعون (والله خير وأبقى) , وجاء كذلك قوله تعالى (وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)
وقوله تعالى (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى)
فما سر التأكيد على هذه القضية في هذه السورة تحديدا؟ أتمنى التفاعل
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[17 May 2009, 07:11 م]ـ
مما لاحظته في هذه السورة المباركة ..
أن العمل الدعوي وإن كان مبنيا على الاحتساب غالبا إلا أنه يجب أن يكون مبنيا على المحاسبة والمراجعة الإدارية بعد معرفة الصلاحيات وتحديدها جيدا .. تلمست ذلك من الحوار بين موسى وهارون عليهما السلام ,,
قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)
والله أعلم ..
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[17 May 2009, 07:17 م]ـ
هل يمكن أن يقال الدعاء أعم من السؤال؟
ففي سورة طه لما دعا موسى عليه السلام وحده قال الله تعالى ((قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى [طه: 36]))
ولما دعا موسى عليه السلام وهارون عليه السلام يؤمن على دعائه قال الله تعالى ((قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ [يونس: 89]))
فهل ما لاح لي صحيح أم يمكن توضيح الأمر بصورة أخرى؟ الموضوع مفتوح للتصحيح والتعقيب من قبلكم حفظكم الله
ـ[أبو المهند]ــــــــ[18 May 2009, 09:39 ص]ـ
[ quote] هل يمكن أن يقال الدعاء أعم من السؤال؟
الجواب أخي الكريم: نعم الدعاء سؤال وزيادة إذ الدعاء يتضمن العبادة كلها الطلب والضراعة والتقرب .....
ففي سورة طه لما دعا موسى عليه السلام وحده قال الله تعالى ((قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى [طه: 36]))
قال سبحانه قد أوتيت سؤلك يا موسى لأنه ـ عليه السلام طلب من الله تعالى مطالب منها: شرح الصدر، وتيسير الأمر، وطلاقة اللسان، ومعونة أخيه هارون ـ عليه السلام ـ لأمور متعددة ........ فكان الجواب: "قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى .. " وأظن أنه يعبر عن الجواب بعد تحققه بـ " الإيتاء " فقد قال تعالى في مثل هذا المقام من تحقق المراد للسائل:" وآتاكم من كل ما سألتموه .. "
ولما دعا موسى عليه السلام وهارون عليه السلام يؤمن على دعائه قال الله تعالى ((قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ [يونس: 89]))
الأغلب ـ أيضا ـ في مقابل الدعاء " الإجابة " يحضرني قوله تعالى: " قد اجيبت دعوتكما " " أجيب دعوة الداع إذا دعان " " أمن يجيب المضطر إذا دعاه " وهكذا دواليك.
فمع السؤال "إيتاء" ومع الدعاء " إجابة " ... هذا ما يحضرني الآن والله الموفق.
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[18 May 2009, 03:44 م]ـ
جزاك الله خيرا دكتور خضر ورفع قدرك وزادك علما ..
هل يمكن اعتبار مباشرة المسألة , فمن يباشر المسألة يسمى سائلا (مثالنا موسى عليه السلام) وأما الذي يؤمن على المسألة فهو داع وليس سائل (هارون عليه السلام)(/)
بمناسبة هذا النتاج الهائل العظيم للمجمّع المبارك
ـ[أبو المهند]ــــــــ[16 May 2009, 07:56 م]ـ
بهذه المناسبة المليونينة لعدد المصاحف والمترجمات ـ نشرا وتوزيعا في المملكة وفي أقطار الأرض أطرح سؤالا:
هل لاح في الأفق طبع المجمع الشريف بعض التفاسير بعد تحقيقها كما صُنع بالإتقان؟
أمل نرجوه فهل من مبشر؟.
ومن أراد معرفة السعادة والإفادة لمثل هذا المشروع " تحقيق كتب التفسير وطبعها بالمجمع" فلينظر إلى كمِّ التلهف والترقب والسعادة للطبعة الجديدة من التفسير الميسر.(/)
كلمة للمشتغلين بأبحاث الإعجاز العلمي والتفسير العلمي للقرآن الكريم
ـ[مرهف]ــــــــ[16 May 2009, 10:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن قضية الإعجاز القرآني من أهم مباحث علوم القرآن وأدقها وأعظمها، بل إن علوم القرآن لو دققنا الفكرة لوجدناها في النهاية تخدم الإعجاز القرآني، ومن المقرر لدى علماء التفسير أن الأصل في إعجاز القرآن هو الإعجاز البياني والبلاغي، ومنه تتفرع أنواع الإعجاز من إعجاز تشريعي وإعجاز غيبي وإعجاز علمي وغير ذلك مما عدده العلماء في مصنفات علوم القرآن، لأنها من دلالات الإعجاز البياني للقرآن الكريم.
وإن قضية الإعجاز العلمي في عصرنا أخذت شهرة عظيمة ورواجاً واسعاً نظراً لما يتسم به العصر الحديث من تسارع في الاكتشافات العلمية والابتكارات المذهلة، ولعل بعضهم يقوم بذلك لوجود إشارات في القرآن الكريم لما يستجد من علوم ومحاولة آخرين ربط كل جديد بالقرآن ولذلك نجد كثيرين يخوضون فيه ويتسارعون للبحث عن جديد.
وأثناء بحثي عن الجديد في مؤلفات الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والتفسير العلمي للقرآن الكريم سواء في المكتبات أو المواقع على الشبكة العنكبوتية ذهلت لكثرة المؤلفات والمقالات المكتوبة في هذه القضية العلمية، ولكن ما أذهلني في هذه المؤلفات أكثر هو ثلاثة أمور:
أحدها: الاختصاص العلمي للمؤلف والكاتب، إذ وجدت أن جُلَّ الكاتبين في الإعجاز العلمي هم من غير المتخصصين بالتفسير وعلوم القرآن أو علوم الشريعة الإسلامية، فهم إما مهندسون أو أطباء أو ما يقارب ذلك من اختصاصات أخرى غير شرعية، والعجيب في هؤلاء المؤلفين أنهم يكتبون فيما يتعلق بتخصصهم العلمي وما لا يتعلق فيه، فتجد كاتباً مهندساً معمارياً أو ميكانيكياً أو محامياً أو طبيباً أو غير ذلك يكتب في خلق الجنين وعلم الفضاء وعلم الفلك والفيزياء و .. الخ، ويستدل على ذلك كله من القرآن، بل إنك تجده بعد حين أصدر موسوعة في الإعجاز العلمي وتصدر الشاشات والإعلام يصوب رأي المفسرين ويخطؤهم ويزاحمهم الأكتاف، فهل يعقل أن يكون متبحراً في كل هذه العلوم وبالأخص علوم القرآن وتأهل للكتابة بهذا الكم وهو لم يفتح كتاباً في أصول التفسير وعلوم القرآن ولم يدرس أصول الاستنباط ناهيك عن دراسة باقي العلوم التي يكتب فيها، فأين احترام التخصص العلمي.
أما الثاني: فهو التكرار لمواضيع "الإعجاز العلمي" واتسم هذا التكرار عند بعضهم بأخذ موضوع من مؤلف سابق ونشره باسمه دون الإشارة لذلك مع إضافات طفيفة في بعض المعلومات التطبيقية وقد لا تكون ثمة إضافات، أو يكون سبب التكرار هو إعادة نشر البحث نفسه من المؤلف نفسه ولكن بعنوان آخر وفي موقع غير الموقع الأول.
أما الثالث: فهو تمييع مصطلح الإعجاز ونقله من سدة التحدي والسبق المضبوط، إلى فوضى العبث العلمي والترهل الفضفاض، إذ صارت كل لائحة في الخيال إعجازاً، وصار كل ما يخطر ببال هؤلاء الكتاب إعجازاً علمياً، حتى تحكم هؤلاء في صياغة هذا المصطلح الشرعي بعيداً عن ضوابط صياغة المصطلحات وقواعدها، ثم يريدون من العلماء أن يسلموا لهم هذه الفوضى العلمية.
ومما يؤسف في هذا المجال قلة الكتاب المتخصصين في علوم القرآن والتفسير في مجال التفسير العلمي والإعجاز العلمي للقرآن الكريم، فعلى سبيل المثال بحثت في موقع معرض الكتاب الدولي في الرياض – على النت - عن مادة "الإعجاز العلمي" فوجدت 116 عنواناً لم يتجاوز عدد المؤلفين في هذا الشأن من المختصين في التفسير وعلوم القرآن عدد أصابع اليد الواحدة.
ثم إنك تجد في الجهة المقابلة آخرين جعلوا من قضية الإعجاز العلمي عدواً لدوداً وبارزوا بالمحاربة كل من يشتغل به، تراه يتكئ على أخطاء من تكلمنا عنهم في البداية ليطعن في هذا اللون من الإعجاز القرآني، وإذا امتدحت بحثاً في الإعجاز العلمي بأنه سليم علمياً ولا يخالف الأصول الشرعية صنفك هؤلاء في قسم "الإعجازيين"، أو المبتدعين أو غير ذلك من الألقاب المتداولة لديهم بكثرة.
والحقيقة أننا نفتقد أحياناً للإنصاف العلمي كما أنه يلزمنا التخلي عن الأحكام المسبقة في القضايا العلمية حتى لا نفقد التوازن العلمي الهادئ في مثل هذه القضايا الحساسة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى كل حال فإني أذكر نفسي والأخوة الكاتبين في أبحاث الإعجاز العلمي بتقوى الله في كتابه وكلامه، وأن ينظروا في أنفسهم بإنصاف ملتزمين قوله تعالى ((ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً))، وأختم مقالي بما ينبغي على المشتغل بكتاب الله تعالى مراعاته والتزامه وبيان مراتب الناس في الاشتغال ببيان كتاب الله تعالى كما في كتاب علوم القرآن لشيخنا الدكتور نور الدين عتر حفظه الله إذ يقول:
((التحفظ من القول في كتاب الله تعالى إلا على بينة: باستيفاء العلوم التي ذكرناها فإن الناس في العلم بالأدوات المحتاج إليها في التفسير على ثلاث طبقات:
إحداها: من بلغ في ذلك مبلغ الراسخين كالصحابة والتابعين ومن يليهم، وهؤلاء قالوا في التفسير برأيهم مع التوقي والتحفظ، والهيبة والخوف من الهجوم، فنحن أولى منهم إن ظننا بأنفسنا أنا في العلم والفهم مثلهم.
الثانية [أي من طبقات الناس]: من علم من نفسه أنه لم يبلغ مبالغهم ولا داناهم، فهذا طرف لا إشكال في تحريم ذلك عليه، وسبيله أن يأخذ تفسيراً يدرسه بمراجعة العلماء.
الثالثة: من شك في بلوغه مبلغ أهل الاجتهاد أو ظن ذلك في بعض علومه دون بعض، فهذا أيضا داخل تحت حكم المنع من القول فيه، لأن الأصل عدم العلم، فعندما يبقى له شك أو تردد في الدخول مدخل العلماء الراسخين فانسحاب الحكم الأول عليه باق بلا إشكال، وكل أحد فقيه نفسه في هذا المجال، وربما تعدى بعض أصحاب هذه الطبقة طوره، فحسن ظنه بنفسه، ودخل في الكلام فيه مع الراسخين، ومن هنا افترقت الفرق، وتباينت النحل، وظهر في تفسير القرآن الخلل)) ا. هـ
ثم أكمل الشيخ الدكتور نور الدين باقي شروط المفسر ألخصها بالآتي:
"منها أن يعتمد المفسر على من تقدمه في التفسير وله في ذلك سعة، ومنها أن يكون على بال من الناظر والمفسر والمتكلم على القرآن أن ما يقوله من التفسير هو قول بلسان بيانه: هذا مراد الله تعالى من هذا الكلام، فليثبت أن يسأله الله تعالى: من أين قلت عني هذا؟ فلا يصح له ذلك إلا ببيان الشواهد وإلا كان باطلاً، ومنها أن يلاحظ المفسر في كلامه المنهجية في البيان وأن يتحرى في التفسير مطابقة المفسر ومنها أن يبين المفسر خطة تفسيره".
أقول: فهؤلاء الذين يرتجلون التفسير ويتعجلون المعاني دون تفكير ويتلقفون ما هب ودرج من النقول والنظريات دون تمحيص ولا تحقيق ثم يصدرونها في ما يسمى بأبحاث في التفسير و الإعجاز العلمي أين هم في هذا التصنيف، وأين أمانتهم في بيان كتاب الله تعالى، نعم لا أحد يستطيع أن يحجر على العقول التدبر بكتاب الله تعالى ولا أن يحجر على المتدبر فهم معاني القرآن الكريم بشكل صحيح، ولكن كلامنا هنا في الذين يكتبون ويشرقون ويغربون في كتاب الله بما يدخل وما لا يدخل في معانيه، ثم بعد ذلك يقال: إياك أن تعترض علينا لأنك إن فعلت فسنصفك بالمتزمت والمتحجر وبأنك تمنع حرية الرأي وأنك تحتكر فهم القرآن على الناس.
وأختم مقالتي بما ورد عن سلفنا الصالح في المهابة والحذر من الخوض في كتاب الله دون علم، ومن ذلك ما ورد عن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن تفسير آية من القرآن قال: "أنا لا أقول في القرآن شيئا"، وكان سعيد إذا سئل عن الحلال والحرام تكلم، وإذا سئل عن تفسير آية من القرآن سكت، كأن لم يسمع شيئا.
ومنه: ما روي عن الشعبي أنه قال: "ثلاث لا أقول فيهن حتى أموت: القرآن، والروح، والرؤى"، وما روي عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة: يعني السلماني -وهو تابعي جليل- عن آية من القرآن فقال: "ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل القرآن، فاتق الله وعليك بالسداد"، وروي عن مسروق: أنه قال: اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله". إلى نحو ذلك من النقول، والله أعلم.
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[16 May 2009, 10:10 م]ـ
بارك الله فيك أخي مرهف السقا على هذه الكلمة الجيدة
ـ[ Amara] ــــــــ[23 May 2009, 01:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا أخي الحبيب
و لعلي أسألك عن قولك أن المقرر لدى علماء التفسير أن الأصل في إعجاز القرآن هو الإعجاز البياني والبلاغي ..
على أي شيئ كان اعتمادهم في تقرير ذلك؟ ..
ثم إنك أخي الحبيب نسيت التنبيه إلى أقوال بعض المفسرين باللغة الخاطئة .. من ذلك من فسر "و إلى الارض كيف سطحت " أنها مسطحة .. و لعلك تجد في بعض التفاسير ردودا على من سبقها من التفاسير .. و إنما كان الخطأ لأنهم لم يثوروا آيات الله تعالى و أخذوها بظاهر ظنهم بها ..
و على كل فإني أرى أن لا يقال في القرآن إلا بعلم .. و لا أحسب عالما من تعلم اللغة و غفل عن غيرها و لا من تعلم بقية العلوم و غفل عن اللغة .. لأن القرآن من أين أخذته معجز .. و كل علم هو بالنسبة لمتدبر القرآن معين ..
و فقني و وفقكم الله
عمارة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 May 2009, 06:53 م]ـ
وفقك الله يادكتور مرهف على هذا التعليق الموفق.
وكلامكم كلام متخصص في علوم التفسير، بله الإعجاز العلمي الذي قدمتم فيه رسالة عليمة، وإذا لم نستفد من مثلكم ممن حنى ظهره سنين على هذا الموضوع، فممن نستفيد؟!
وكم أتمنى من الإخوة الذين يعلقون أن يتنبهوا لأمور مهمة:
الأولى: أننا حينما ننتقد بعض كتاباتهم فإننا لا نحجر عليهم التفكير، لكن المشكلة التي يقعون فيها أنهم يرون أنفسهم جديرين بمقارعة المتخصصين، وكأن فحوى كلامهم أن المتخصصين قد وضعوا أنفسهم في صندوق مغلق، وأنهم لا يعرفون كيف يتعاملون مع العلوم التي ينسبها غيرهم إلى القرآن، أو أنهم يخافون من كل جديد يُنسب إلى القرآن، فكم أتمنى منهم رعاية التخصص، وأن يعلموا أن المتخصصين حينما يتشددون في قبول مثل هذه الأمور، فإن في هذا ممدحة لهم، وهو رعاية كتاب الله، والخوف عليه من التحريف، سواءٌ أكان التحريف مقصودًا أم كان غير مقصود؛ لأن بعض الباحثين يذكر ما توصل إليه، وهو حسن النية، لكنه يفقد جانبًا من العلم بالقرآن فيقع في التحريف، وهو لا يدري.
ثانيًا: ياحبذا لو أن من أراد الحديث والتعليق في أمر ما أن يشبعه بحثًا، وأن لا يعلق بحسب الخاطر أو العلم القاصر، وكلنا خطاؤون، لكن علينا أن نلين لإخواننا، فكيف إذا كانوا ممن أفنوا أعمارهم في تخصص ما، وكتبوا فيه، وعرفوا ظاهره وباطنه؟!
ثالثًا: إننا قد نتفق في كليات، ونختلف في جزيئات، فعلينا حينما ننتقد أو نعلق نتبه لهذا، فقد نكون نتكلم في أمر نتفق عليه، أو نتكلم في أمر الجهة فيه منفكة، أو نتجادل في أمر جزئي لا يؤثر على الأصل الكلي، وكل هذا من عيوب المناظرة والجدل، فياحبذا لو تنبهنا لمثل هذا.
أسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يؤلف بين قلوبنا، وأن لا يجعل اختلافنا نقمة، بل رحمة، وأن يؤول أمرنا إلى ما يحبه الله ورسوله منا، فأسأله لنا جميعًا سلامة الجنان، وعفَّة اللسان، وحسن البيان.
ـ[مرهف]ــــــــ[23 May 2009, 09:46 م]ـ
أشكر لك مرورك يا أخ جمال وأسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه.
أخي الحبيب عمارة
أشكرك على تعليقك ومرورك، ولكني أسجل استغرابي من سؤالك عن أصل اعتماد العلماء في أن الأصل في تقرير الإعجاز هو الإعجاز البياني والبلاغي، ولا أعلم إن كان السؤال هو للاعتراض أم للاستفسار؟!، وفيما أعلم - والله أعلم - أن هذه القضية من البدهيات والضروريات ولا تحتاج لكثرة شرح وبيان، فالمثلية التي تحدى بها القرآن أفصح عرب مروا على التاريخ كانت في الدرجة الأولى في أساليب العرب وطرق كلامهم وتفننهم في الكلام.
كما أن ما تفضلت به عن اللغة الخاطئة وأن بعض المفسرين تكلم بظنه ثم ضربك المثل بالآية (وإلى الأرض كيف سطحت)، والاستدلال بها على كون الأرض مسطحة، فأقول:
أولاً: إن هذه الكلمة المسطرة أمامك ليست لمناقشة أبحاث أو أمثلة وإنما هي كلمة عامة لعموم المشتغلين في مثل هذه الأبحاث، وكل مفسر مجتهد في ضمن إطار الأصول العلمية التي اتفق عليها العلماء وما دام هذا الاجتهاد كذلك فهو مأجور، سواء أصاب الحق أم لا، أما الذي يجتهد ويتكلم بالظن دون دراية ولا علم ولا قواعد فهذا آثم سواء أصاب الحق أم لا، ويدل لذلك حديث أبي داود والترمذي وأبي يعلى والطبراني مرفوعاً: (من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)، وقد تكلم بعض أهل العلم في هذا الحديث ولكن يشهد له أحاديث أخرى وآثار كثيرة موقوفة ومقطوعة وعلى معناه عمل أهل العلم.
ثانياً: أما المثال الذي ضربته يا أخي عمارة ليتك ذكرت قائله من المفسرين المعتمدين وعند ذلك يناقش حسب الأصول العلمية أما أن تتخذ من هذا المثال مطعناً في المفسرين وأنهم لم يثوروا آيات الذكر الحكيم، وأنهم قالوا بظاهر ظنهم فأحسبك يا أخي الودود تعجلت في هذا.
والله ولي التوفيق
ـ[مرهف]ــــــــ[23 May 2009, 09:59 م]ـ
ما زالت كتاباتك تأتي بالمفيد أخانا الأستاذ الدكتور مساعد وفقكم الله ونفع بكم، فأسأل الله أن يستجيب دعاءك ويرفع قدرك، ولي تعليق على المسألة الأولى التي طرحتها، وهذا التعليق للزيادة وهو أن نقد قضية ما لا يعني بالضرورة رفضها وتركها، فالذي ينتقد ما يطرح من أبحاث الإعجاز العلمي والتفسير العلمي لا يعني بالضرورة أنه معارض لأصل القضية، كما أن نقد بحث معين لا يعني تسفيه صاحبه أو انتقاص قدره وإنما تقويم لمساره وللأسف فإن بعض الأخوة يعتبرون أشخاصهم فوق النقد ويربطون أفكارهم وأبحاثهم بذواتهم، وبذلك يكون كل من ينتقد أبحاثهم فإنه بنتقد شخصهم بالذات، فيقابلون هذا النقد بألسنة حداد وبالتسفيه فيخرجون عن أصل الموضوع، وبدل أن يكون الانتصار للحق يصبح الانتصار للذات.
فأسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ولا يجعله مختلفاً علينا فنتبع الهوى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طارق عبدالله]ــــــــ[04 Feb 2010, 06:44 م]ـ
أحبتي في الله بارك الله تعالى بكم ... واسمحوا لي أن أنقل لكم بعضاً من حوار أجرته مجلة الفرقان الأردنية مع شيخنا وأستاذنا الدكتور عدنان محمد زرزور- حفظه الله - أنقل منه ما يتعلق بالموضوع فقط في هذا المكان ... وآثرت أن أنقل كلامه بدلاً مما وقر في ذهني سماعاً منه أيام تلقينا عنه في جامعة دمشق أو مما هو موجود في بعض كتبه حول الموضوع لأنه الأحدث زمناً والأيسر عرضاً ... علها تعزز بعضاً مما سطرتموه أو تضفي على بعض جوانبه شيئاً من البيان
((قضية الإعجاز العلمي))
الفرقان: ثمة جدل في قضية الإعجاز العلمي في القرآن وخلاف حول التسمية والمضمون، ولقد بحثتم في هذا الموضوع. نرجو منكم جلاء هذا الأمر.
أ. د. زرزور: أتت فكرة الإعجاز العلمي من أن القرآن أشار إلى مجموعة من الحقائق المتصلة ببناء الكون وبعلوم خلق الإنسان والنبات والبحار والجنين وغير ذلك، وأن تفسير الآيات التي حملت هذه الإشارات بما انتهى إليه العلم الحديث يسمى إعجازاً. أنا لا أسميه إعجازاً إطلاقاً، لأن الإعجاز أساساً هو ثمرة التحدي كما يقول العلماء القدامى {فأتوا بعشر سور مثله مفتريات}، فعجزوا فثبت أن القرآن معجز. كما أن الحقائق العلمية التي تضمنها القرآن في آيات عدة إنما جاءت في سياق الاستدلال على الله تعالى لا في سياق التحدي أساساً. فمثلاً: آيات الطبيعة والإنسان وردت في سياقين: سياق الانتفاع والتسخير، وسياق التأمل والتدبر والانتقال من المخلوق إلى الخالق بمعنى الدلالة على الصنعة الإلهية.
أنا أريد أن أفرّق بين ثلاثة مصطلحات: إعجاز القرآن، والتفسير العلمي للقرآن، والمنهج العلمي في القرآن. فإعجاز القرآن هو القضية الأساسية القديمة التاريخية، التي كتب فيها العلماء وتداولوا فيها وكُتبت فيها نظريات كثيرة أبرزها نظرية (النظم) لعبد القاهر الجرجاني في القرن الخامس الهجري وما زال الناس حتى الآن يقتبسون من نوره أو يسرجون مصابيحهم من زيته، لأن كلامه في غاية العمق، وهو قدّم النظرية الهيكلية لإعجاز القرآن إن صح التعبير، ثم جاء على هذا المنوال من بعده الرافعي وسيد قطب وآخرون.
أما التفسير العلمي للقرآن فمعناه الانتفاع بحقائق العلم التجريبي في شرح الآيات، مثل: {يكوّر الليل على النهار ويكوّر النهار على الليل} أو خلق الجنين أو غير ذلك. وفي هذا التفسير قد نضلّ أو نخطئ، أو قد يتبين لنا فيما بعد أنّ كلامنا حول ذلك غير صحيح ولذلك لا يمكن أن يقال عنه إنه إعجاز. دعنا نقول إن (موريس بوكاي) هو أصح ذهناً من كثير من المسلمين المعاصرين. وهنا أشير إلى أن (مراد هوفمان) نصّ في كتابه (الإسلام كبديل) على أن بوكاي أسلم، وهو أمر تؤيده بعض أفكاره في كتبه وبالذات كتابه: ما الإنسان؟ - يقول بوكاي: لا يمكن إدراك هذه الحقائق العلمية خارج النص العربي أي خارج القرآن باللغة التي نزل بها التي يسمى معها قرآناً، لأن الترجمة لا تسمى قرآناً، يريد القول إن الترجمة ستضيّع المعاني. ويقول: أنا لا أريد المجازفة، لا يفسَّر القرآن بأية نظرية إنما يفسَّر بالفعل القائم الواقع. فمثلاً: دوران الأرض حول الشمس فعل واقع وليس نظرية، لكن المدار الذي تدور فيه نظرية، وقد تأتي نظرية فتحدد المدار بشكل أفضل. وهذا تنزيه للنص القرآني عن أن يكون كلاماً في الطب أو الفلك أو الرياضيات أو غير ذلك.
ما أريد قوله: إن هذه الحقائق أو الأدلة العلمية تصب في خانة أن القرآن وحي يوحى. لكن هل هذه الأدلة تسمى إعجازاً؟ لا، إنها تدل على أن القرآن من كلام الله مثله في ذلك مثل التوراة والإنجيل قبل أن يدخلهما التحريف. لكن القرآن ينفرد عنهما بوصف آخر، وهو أن هذا الوحي معجز، فالإعجاز وصف زائد على كونه وحياً، ومن ثم فالأدلة التي يسوقها الباحثون في الإعجاز العلمي على أن القرآن وحي لا تدخل في باب الاستدلال على أن القرآن معجز.
الفرقان: الدكتور زغلول النجار لا يتكلم في الإعجاز من باب التحدي، وإنما من باب الاستدلال على أن هذا القرآن من عند الله.
أ. د. زرزور: نعم هذا لا بأس به، لكن يجب أن يتم إخراجه من باب المصطلحات.
الفرقان: ولماذا يحدث خلط في هذا الموضوع إذن؟
(يُتْبَعُ)
(/)
أ. د. زرزور: أنا أقول: إن القرآن معجز بنفسه وليس بتفسيرنا له. وكأن الدكتور النجار وغيره يتحدثون عن إعجاز التفسير العلمي وليس عن إعجاز القرآن، علماً بأن الإعجاز وصف للقرآن نفسه، بمعنى أن النص نفسه معجز، سواء فهمنا معناه أم لم نفهم، أو أدركنا المدلول العلمي له أم لم ندركه.
وهناك قضية مهمة: قد نقول إن القرآن تحدّانا بهذه العلوم فعرفناها. فهل إذا عرفناها انتهى إعجاز القرآن، أم ماذا؟ هذه قضية خطيرة حقّاً، القرآن لم يتحدَّ بموضوع معين، لقد تحدَّى بالنظم، تحدَّى بالسور، تحدَّى بسورة، لأن السورة هي عبارة عن نظام بياني يعجز عنه الإنسان، لم يتحدَّ القرآن بعشر آيات في موضوع معيّن.
الفرقان: ولكن الإعجاز العلمي –كما يرى الدكتور زغلول النجار– يفيدنا في دخول غير المسلمين في الإسلام؟
أ. د. زرزور: أنا أعتبر أن أثر هذا الأمر ضعيف. وقد أشرت إلى هذا في المؤتمر القرآني. وأقول: إن دعوة للقرآن بمبادئه وأخلاقه وأحكامه تحقق نتائج أضعاف أضعاف ما تحققه الفكرة التي أشرتَ إليها. من الذي يدخل في الإسلام الآن؟ إنه الذي يعاني من أزمة عقائدية أو أزمة فكرية أو أخلاقية أو روحية. إذن الإعجاز لم ينته بالتحدي ولن ينتهي، الإعجاز ليس بالسبق (1400 عام أو أكثر) إنما بالتفرد، بمعنى أن أحداً لا يستطيع أن يأتي بمثله من حيث النظم ومن حيث النظام؛ نظام وحدة السورة التي فيها ترابط وبلاغة. والجاحظ يشير إلى أنه لم يجر التحدي بأقل من سورة. وعبد القاهر الجرجاني في معرض حديثه عن (عشر سور مفتريات) يقول: "إن الافتراء في المعاني وليس في النظم". فالقرآن لم يتحدَّ بالمضامين إطلاقاً بدليل (مفتريات)، وهذا من أعظم أنواع التسهيل على العرب وغيرهم أن يتحداهم القرآن بأي موضوع شاءوا. ونضرب مثالاً بالقصص القرآني؛ فالقصة القرآنية ملتزمة بواقع معين، ومع ذلك عُرضت عرضاً فنيّاً رائعاً بلغ حدّ الإعجاز. القرآن يقول لك: تحدّث بالقصة التي تريدها، ولكن بشرط أنك إذا عرضتها أن يكون لها مثل رواء النظم القرآني وبهائه وأناقة أسلوبه ... إلخ. هذا تسهيل لأن الخيال أقوى من الحقيقة ... وأنا إذا كنت فناناً أو قصاصاً وأردت مثلاً أن أكتب قصة وألتزم فيها بالوقائع سأصير مؤرخاً، وإذا أردت الخروج عن النص لم أعد مؤرخاً.
لذلك أقول: إن الإعجاز هو بياني في الأساس، لكن الآيات التي موضوعها علمي فيها مسحة بيانية إضافية، وجاء التعبير عن هذه الموضوعات على وجه لا يعجز عن خطاب الإنسان في أي عصر ولا يحمّله كذلك أكثر مما يطيق. وهذا أمر لا يستطيعه أحد من خلق الله. فأنا لا أستطيع – مثلاً – أن أنشئ جملة فيها حقيقة علمية يكتشفها الناس بعد (1000) عام، والذي نزلت عليه يفهمهما ويتعامل معها، والذين يقرؤها بعد (2000) عام يرى فيها أمراً آخر. هذا يدل على أن الإنسان ابن عصره وزمانه، لذا أنا أرجعت الإعجاز العلمي إلى التفسير البياني من هذه الزاوية؛ من زاوية التعبير عن هذه الحقائق العلمية على نحو لا يعجز عن خطاب الإنسان في عصر التنزيل ولا في العصور اللاحقة، ولا يحمّله كذلك أكثر مما يطيق. تصوّر الآن، لو نزلت في القرآن آية تتحدث عن كروية الأرض في عصر التنزيل لكُذّب النبي صلى الله عليه وسلم، هو أساساً – عليه الصلاة والسلام – لم يأت بما يخالف الناس وكذّبوه! فجاء التعبير {يكوّر الليل على النهار ويكوّر النهار على الليل}، {رب المشارق والمغارب}، {رب المشرقين ورب المغربين} ففهمنا هذا – كما يقول موريس بوكاي – في عصر متأخر ولا غبار علينا ولا حرج.
الفرقان: فهمت من كلامك أنه يمكن أن يكون هناك إعجاز فيما يخص القضايا العلمية الثابتة، وهذا يدعو إلى ضرورة وجود ضوابط منهجية لترشيد البحث في الإعجاز العلمي. أليس كذلك؟
أ. د. زرزور: نعم، أنا بحثت هذا الموضوع تحت اسم (شروط التفسير العلمي) وليس الإعجاز العلمي، بمعنى أنه لا يُفسَّر القرآن إلا باليقينيات العلمية. واليقينيات هي التي ارتقت من درجة الفروض إلى مقام الحقائق التي لا يتطرق إليها شك. يقول موريس بوكاي: يجب أن نرتقي بها إلى درجة الفعل القائم المشاهد أو المحسوس. وهناك نقطة مهمة وهي أن التفسير العلمي لا تفسَّر به المعجزات لأن المعجزات ثبتت على خلاف القضية العلمية، فهي استثناء من قضايا العلم؛ لأن العلم بمعنى القانون أو السنة، فالمعجزات لإيقاف السنة أو إبطال عملها أو لإيقاف الدلالة على أن الذي يأتي بها نبي أو موحى إليه، فعندما يأتي البعض – تحت عنوان الدفاع عن القرآن وبيان أن القرآن لا يتعارض مع العلم – ويفسر المعجزات بأنها قضايا علمية، فهذا عكس الموضوع تماماً. وهذا (علي فكري) فسَّر أن العصر السليماني كان يعرف الحروب الهوائية والطيران الشرعي، لأنه كان فيه سفر هوائي منظم، وأن الجنود التي تهبط بالمظلات ليس قضية جديدة، لأن يوم بدر هبطت فيه الملائكة .. هذا الكلام سخيف في الحقيقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[04 Feb 2010, 08:11 م]ـ
للشيخ زرزور كل تقدير واحترام،
هذه فرصة لنبين الآتي:
1. نحن على استعداد أن نتنازل عن اصطلاح إعجاز إذا استبدل باصطلاح يشير إلى أن القرآن الكريم من الله، وأن محمد عليه السلام رسول. فلو قيل دلائل نبوة لكان جميلاً.
2. نحن لا نسلّم أن الإعجاز لا يكون إلا مقترناً بالتحدي، وإنما الإعجاز يقيم الحجة أن المرسِل هو الله تعالى، وعجز البشر دليل على ذلك.
3. عندما تكلم المسيح عليه السلام في المهد كان ذلك معجزة غير مقترنة بالتحدي، وإنما قصد منها أمور مثل إثبات براءة مريم عليها السلام. وكون المسيح عليه السلام قادر على الكلام بعد سنين لا يلغي كون كلامه في المهد من الإعجاز، لأن كلام المسيح في الكبر جاء وفق السنة، أما كلامه في المهد فخارق للسنة ومعهود البشر. وكذلك الأمر في كلام الناس اليوم في العلوم الكونية فقد جاء وفق المعهود، أي وفق التطور العلمي المتدرج، كما هو الكلام. أما الإخبار العلمي المتعدد والمتنوع في عصور التخلف فهو على خلاف المعهود، أي معجز من هذا الوجه.
4. جمهور أهل العلم على أن الإعجاز لا يقتصر على الإعجاز البياني، ولكن هذا الوجه مجمع عليه، وإنما الاختلاف في ما زاد من وجوه. وإذا كان الإعجاز البياني نجده في كل نص كريم فإن ذلك لا يعني أن الإعجاز العلمي يجب أن يكون في كل نص. ولكن لا يمكن ان يوجد نص كريم يتناقض مع حقيقة علمية، وهذا على خلاف مألوف البشر، فلا يعقل أن يمضي أكثر من 1400 سنة ثم لا نجد تناقضاً واحداً. وهذا ما أقر به موريس بوكاي عندما حاول أن يجد تناقضاً واحداً بين حقيقة علمية وحقيقة قرآنية.
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[05 Feb 2010, 12:40 ص]ـ
بارك الله فيك أخي مرهف لكن لدي إشكال هوهل نأخذ بتفسير السلف رضوان الله عليهم في بعض الآيات لانهم هو عاصروا التنزيل وتفسيرهم أقرب الى الحق أم نأخذ بالحقائق العلمية لتفسير هذه الايات أم بالاثنين معا مع الاختلاف بينهم ولنضرب مثلا قال المولى سبحانه وتعالى في سورة الرعد (اولم يروا أنا نأتي الارض ننقصها من أطرافها 000) الاية فسر السلف رضوان الله عليهم النقص بموت العلماء وفسر بعض العلماء المعاصرين أن النقص حقيقة وأن الارض تنقص من أطرافها كل مدة بمقدار معين بناء على النظريات الحديثة علما بوجود أيات أخر ينطبق عليها مثل هذا الاشكال
ارجو التوضيح من الاخوة الاعزاء بشكل مفصل حتى يزول هذا الاشكال
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[05 Feb 2010, 09:24 ص]ـ
بارك الله فيك أخي مرهف لكن لدي إشكال هوهل نأخذ بتفسير السلف رضوان الله عليهم في بعض الآيات لانهم هو عاصروا التنزيل وتفسيرهم أقرب الى الحق أم نأخذ بالحقائق العلمية لتفسير هذه الايات أم بالاثنين معا مع الاختلاف بينهم ولنضرب مثلا قال المولى سبحانه وتعالى في سورة الرعد (اولم يروا أنا نأتي الارض ننقصها من أطرافها 000) الاية فسر السلف رضوان الله عليهم النقص بموت العلماء وفسر بعض العلماء المعاصرين أن النقص حقيقة وأن الارض تنقص من أطرافها كل مدة بمقدار معين بناء على النظريات الحديثة علما بوجود أيات أخر ينطبق عليها مثل هذا الاشكال
ارجو التوضيح من الاخوة الاعزاء بشكل مفصل حتى يزول هذا الاشكال
الأخ الفاضل الريس عبد الرحمن
يقول بن كثير رحمه الله تعالى:
"وقوله: (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) قال ابن عباس: أو لم يروا أنا نفتح لمحمد الأرض بعد الأرض؟
وقال في رواية: أو لم يروا إلى القرية تخرب، حتى يكون العمران في ناحية؟
وقال مجاهد وعكرمة: (ننقصها من أطرافها) قال: خرابها.
وقال الحسن والضحاك: هو ظهور المسلمين على المشركين.
وقال العوفي عن ابن عباس: نقصان أهلها وبركتها.
وقال مجاهد: نقصان الأنفس والثمرات وخراب الأرض.
وقال الشعبي: لو كانت الأرض تنقص لضاق عليك حشك، ولكن تنقص الأنفس والثمرات. وكذا قال عكرمة: لو كانت الأرض تنقص لم تجد مكانا تقعد فيه، ولكن هو الموت.
وقال ابن عباس في رواية: خرابها بموت فقهائها وعلمائها وأهل الخير منها. وكذا قال مجاهد أيضا: هو موت العلماء.
وفي هذا المعنى روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أحمد بن عبد العزيز أبي القاسم المصري الواعظ سكن أصبهان، حدثنا أبو محمد طلحة بن أسد المرئي بدمشق، أنشدنا أبو بكر الآجرى بمكة قال: أنشدنا أحمد بن غزال لنفسه:
الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها،،،،،،،،متى يمت عالم منها يمت طرف
كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بها،،،،،وإن أبى عاد في أكنافها التلف
والقول الأول أولى، وهو ظهور الإسلام على الشرك قرية بعد قرية، [وكفرا بعد كفر، كما قال تعالى: (ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى) [الأحقاف: 27] الآية، وهذا اختيار ابن جرير، رحمه الله] "
والذي نلحظه أخانا الكريم هو:
أن السلف رضي الله عنهم ورحمهم فسروا الآية بأكثر من معنى ولا نعرف لهم مستنداً غير فهمهم للغة القرآن ودلالة السياق وواقع سير دعوة النبي صلى الله عليه وسلم والجزم بأن واحدا منها هو الصحيح وما عداه باطل وراءه خرط القتاد.
ولكن النظر في الاية والأقوال نرى أنها يمكن أن تحمل على كل المعاني لأنها صالحة لتحمل عليها ولاشك أنه يمكن لطالب العلم أو المفسر أن يرى أن هناك قولا أرجح من قول كما فعل بن كثير والطبري من قبله.
وعليه نقول إذا ثبت علمياً أن الأرض بمعناها العام" الكرة الأرضية" تنقص من أطرافها بسبب عوامل التعرية فما المانع أن يدخل تحت عموم دلالة الآية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[05 Feb 2010, 02:17 م]ـ
جزاك الله خير أخي حجازي ان شاء الله ان الاشكال قد زال 0
ـ[مرهف]ــــــــ[05 Feb 2010, 06:25 م]ـ
السلام عليكم أيها الأخوة الأكارم:
أشكرك أخي طارق على نقلك كلام الأستاذ الدكتور محمد، الذي حوى درراً من المعلومات، ونسأل الله أن يطيل في عمره ويزيد به النفع، والكلام حول هذه النقاط المثار في كلام فضيتله ذو شجون ويحتاج لوقت ليس محله هنا، ولكني أميل إلى أن يكون للإعجاز العلمي في القرآن مصطلحاً خاصاً يصاغ على طريقة العلماء المتقدمين في صياغة المصطلحات الشرعية بالقيود والمحترزات، ولكن للأسف أكثر من يشتغل في هذا الاتجاه لا دراية له في ذلك.
والأمر الآخر هو تأكيد ارتباط التفسير العلمي بالللغة وعلم البيان وهذا في غاية الأهمية.
وقد ناقشت هاتين القضيتين في رسالتي الدكتوراه، وهي الآن قيد الطبع وقريبا جداًستنتهي إن شاء الله.
أما المثال الذي أورده الأخ الريس ورد عليه مشكوراً الأخ الغامدي فأضيف أيضاً:
إن منهج التعامل مع تفسير سلفنا الصالح في اتجاه التفسير العلمي له تفصيل يطول شرحه وقد فصلته في رسالتي الدكتوراه ولعلي إن أذن الله أختصره في مناسبة قادمة. والمثال الذي ضربته حول تفسير المعاصرين لنقصان الأرض مخالف لتفسير السلف كما هو وارد في السرد الذي نقله الغامدي، ومخالف لسياق الآية وللغة، فإن سياق الآية جاء بالتهديد للكافرين، والقرآن فرق بين البر والأرض، وما يقوله "المعاصرون" من نقصان الأرض ينطبق على طرفين (قطبي الأرض) ولا ينطبق على أطرافها بالجمع.
ـ[الريس عبد الرحمن]ــــــــ[05 Feb 2010, 09:28 م]ـ
لذلك أقول: إن الإعجاز هو بياني في الأساس، لكن الآيات التي موضوعها علمي فيها مسحة بيانية إضافية، وجاء التعبير عن هذه الموضوعات على وجه لا يعجز عن خطاب الإنسان في أي عصر ولا يحمّله كذلك أكثر مما يطيق. وهذا أمر لا يستطيعه أحد من خلق الله. فأنا لا أستطيع – مثلاً – أن أنشئ جملة فيها حقيقة علمية يكتشفها الناس بعد (1000) عام، والذي نزلت عليه يفهمهما ويتعامل معها، والذين يقرؤها بعد (2000) عام يرى فيها أمراً آخر. هذا يدل على أن الإنسان ابن عصره وزمانه، لذا أنا أرجعت الإعجاز العلمي إلى التفسير البياني من هذه الزاوية؛ من زاوية التعبير عن هذه الحقائق العلمية على نحو لا يعجز عن خطاب الإنسان في عصر التنزيل ولا في العصور اللاحقة، ولا يحمّله كذلك أكثر مما يطيق. تصوّر الآن، لو نزلت في القرآن آية تتحدث عن كروية الأرض في عصر التنزيل لكُذّب النبي صلى الله عليه وسلم، هو أساساً – عليه الصلاة والسلام – لم يأت بما يخالف الناس وكذّبوه! فجاء التعبير {يكوّر الليل على النهار ويكوّر النهار على الليل}، {رب المشارق والمغارب}، {رب المشرقين ورب المغربين} ففهمنا هذا – كما يقول موريس بوكاي – في عصر متأخر ولا غبار علينا ولا حرج.
[/ QUOTE]
شكرا أخي مرهف على التعليق على مداخلتي و أود منك و من الاخوة التعليق والتوضيح لهذا المقطع من كلام الدكتور زرزور فهو كلام نفيس جدا و يحتاج الى توضيح أكثر
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[06 Feb 2010, 12:33 ص]ـ
أخانا الفاضل الريس عبد الرحمن
لو عدنا إلى تفسير السلف لفهم الآية ونظرنا فيما قاله الطبري رحمه الله تعالى حيث فسر الآية بقوله:
"القول في تأويل قوله تعالى: (خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ألا هو العزيز الغفار (5))
يقول - تعالى ذكره - واصفا نفسه بصفتها: (خلق السماوات والأرض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) يقول: يغشي هذا على هذا، وهذا على هذا، كما قال (يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل) وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل:
ذكر من قال ذلك:
حدثني علي قال: ثنا أبو صالح قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) يقول: يحمل الليل على النهار.
حدثني محمد بن عمرو قال: ثنا أبو عاصم قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث قال: ثنا الحسن قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله: (يكور الليل على النهار) قال: يدهوره.
(يُتْبَعُ)
(/)
حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) قال: يغشى هذا هذا، ويغشى هذا هذا.
حدثنا محمد قال: ثنا أحمد قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله: [ص: 254] (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) قال: يجيء بالنهار ويذهب بالليل، ويجيء بالليل، ويذهب بالنهار.
حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد فى قوله: (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل) حين يذهب بالليل ويكور النهار عليه، ويذهب بالنهار ويكور الليل عليه.
فهذا الطبري رحمه الله فسر التكوير بالغشيان وبالحمل وبالمجيء والذهاب وقريب من هذه المعاني جاء تفسير القرطبي حيث قال:
"قوله تعالى: يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل قال الضحاك: أي: يلقي هذا على هذا وهذا على هذا. وهذا على معنى التكوير في اللغة، وهو طرح الشيء بعضه على بعض، يقال كور المتاع أي: ألقى بعضه على بعض، ومنه كور العمامة. وقد روي عن ابن عباس هذا في معنى الآية. قال: ما نقص من الليل دخل في النهار، وما نقص من النهار دخل في الليل. وهو معنى قوله تعالى: يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل [ص: 210] وقيل: تكوير الليل على النهار تغشيته إياه حتى يذهب ضوءه، ويغشي النهار على الليل فيذهب ظلمته، وهذا قول قتادة. وهو معنى قوله تعالى: يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا."
وهذا التفسير نرى أنه يتماشى مع ثقافة العصر ومعارفه، وأقصد الثقافة العامة وليس ما قد يفهمه الخواص، وأقول هذا لأن العلماء قد تقرر عندهم كروية الأرض، ولهذا نرى شيخ الإسلام صرح بمعنى الآية بما يتناسب مع ثقافة عصره كما جاء في الفتاوى:
"سُئِلَ:
عَنْ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي " كَيْفِيَّةِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ " هَلْ هُمَا " جِسْمَانِ كُرِّيَّانِ "؟ فَقَالَ أَحَدُهُمَا كُرِّيَّانِ؛ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ وَقَالَ: لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ وَرَدَّهَا فَمَا الصَّوَابُ؟.
فَأَجَابَ:
السَّمَوَاتُ مُسْتَدِيرَةٌ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ حَكَى إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ: مِثْلُ أَبِي الْحُسَيْنِ أَحْمَد بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْمُنَادِي أَحَدِ الْأَعْيَانِ الْكِبَارِ مِنْ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَلَهُ نَحْوُ أَرْبَعِمِائَةِ مُصَنَّفٍ. وَحَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ وَأَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ وَرَوَى الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ الْمَعْرُوفَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَذَكَرُوا ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ بِالدَّلَائِلِ السَّمْعِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ قَدْ أُقِيمَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا دَلَائِلُ حِسَابِيَّةٌ. وَلَا أَعْلَمُ فِي عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ الْمَعْرُوفِينَ مَنْ أَنْكَرَ ذَلِكَ؛ إلَّا فِرْقَةٌ يَسِيرَةٌ مَنْ أَهْلِ الْجَدَلِ لَمَّا نَاظَرُوا الْمُنَجِّمِينَ فَأَفْسَدُوا عَلَيْهِمْ فَاسِدَ مَذْهَبِهِمْ فِي الْأَحْوَالِ وَالتَّأْثِيرِ خَلَطُوا الْكَلَامَ مَعَهُمْ بِالْمُنَاظَرَةِ فِي الْحِسَابِ وَقَالُوا عَلَى سَبِيلِ التَّجْوِيزِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُرَبَّعَةً أَوْ مُسَدَّسَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ؛ وَلَمْ يَنْفُوا أَنْ تَكُونَ مُسْتَدِيرَةً لَكِنْ جَوَّزُوا ضِدَّ ذَلِكَ. وَمَا عَلِمْت مَنْ قَالَ إنَّهَا غَيْرُ مُسْتَدِيرَةٍ - وَجَزَمَ بِذَلِكَ - إلَّا مَنْ لَا يُؤْبَهُ لَهُ مِنْ الْجُهَّالِ. وَمِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} وَقَالَ تَعَالَى: {لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ مِنْ السَّلَفِ: فِي فَلْكَةٍ مِثْلِ فَلْكَةِ الْمِغْزَلِ. وَهَذَا صَرِيحٌ
(يُتْبَعُ)
(/)
بِالِاسْتِدَارَةِ وَالدَّوَرَانِ وَأَصْلُ ذَلِكَ: أَنَّ " الْفَلَكَ فِي اللُّغَةِ " هُوَ الشَّيْءُ الْمُسْتَدِيرُ يُقَالُ تَفَلَّكَ ثَدْيُ الْجَارِيَةِ إذَا اسْتَدَارَ وَيُقَالُ لِفَلْكَةِ الْمِغْزَلِ الْمُسْتَدِيرَةِ فَلْكَةٌ؛ لِاسْتِدَارَتِهَا. فَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ وَاللُّغَةِ عَلَى أَنَّ " الْفَلَكَ " هُوَ الْمُسْتَدِيرُ وَالْمَعْرِفَةُ لِمَعَانِي كِتَابِ اللَّهِ إنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ: مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ الْمَوْثُوقِ بِهِمْ مِنْ السَّلَفِ وَمِنْ اللُّغَةِ: الَّتِي نَزَلَ الْقُرْآنُ بِهَا وَهِيَ لُغَةُ الْعَرَبِ. وَقَالَ تَعَالَى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ} قَالُوا: وَ " التَّكْوِيرُ " التَّدْوِيرُ يُقَالُ: كَوَّرْت الْعِمَامَةَ وَكَوَّرْتهَا: إذَا دَوَّرْتهَا وَيُقَالُ: لِلْمُسْتَدِيرِ كَارَةٌ وَأَصْلُهُ " كورة " تَحَرَّكَتْ الْوَاوُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا."
ولما أصبحت كروية الأرض من الأمور التي يمكن أن يدركها عامة الناس وأصبحت ثقافة عندهم جاءت التفاسير صريحة في بيان دلالة الآية على ذلك المعنى الذي ربما أنكره الكثير في زمن سابق لا لأن اللفظ لا يدل عليه وإنما لأنه يتعارض مع مدركات الناس وثقافتهم العامة.
يقول الطاهر بن عاشور:
"والتكوير حقيقته: اللف واللي، يقال: كور العمامة على رأسه إذا لواها ولفها، ومثلت به هنا هيئة غشيان الليل على النهار في جزء من سطح الأرض وعكس ذلك على التعاقب بهيئة كور العمامة إذ تغشى اللية اللية التي قبلها.
وهو تمثيل بديع قابل للتجزئة بأن تشبه الأرض بالرأس، ويشبه تعاور الليل والنهار عليها بلف طيات العمامة، ومما يزيده إبداعا إيثار مادة التكوير الذي هو معجزة علمية من معجزات القرآن المشار إليها في المقدمة الرابعة والموضحة في المقدمة العاشرة فإن مادة التكوير جائية من اسم الكرة، وهي الجسم المستدير من جميع جهاته على التساوي، والأرض كروية الشكل في الواقع وذلك كان يجهله العرب وجمهور البشر يومئذ فأومأ القرآن إليه بوصف العرضين اللذين يعتريان الأرض على التعاقب وهما النور والظلمة، أو الليل والنهار، إذ جعل تعاورهما تكويرا لأن عرض الكرة يكون كرويا تبعا لذاتها، فلما كان سياق هذه الآية للاستدلال على الإلهية الحق بإنشاء السماوات والأرض اختير للاستدلال على ما يتبع ذلك الإنشاء من خلق العرضين العظيمين للأرض مادة التكوير دون غيرها من نحو الغشيان الذي عبر به في قوله تعالى يغشي الليل النهار في سورة الأعراف، لأن تلك الآية مسوقة للدلالة على سعة التصرف في المخلوقات لأن أولها إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش فكان تصوير ذلك بإغشاء الليل والنهار خاصة لأنه دل على قوة التمكن من تغييره أعراض مخلوقاته، ولذلك اقتصر على تغيير أعظم عرض وهو النور بتسليط الظلمة عليه، لتكون هاته الآية لمن يأتي من المسلمين الذين يطلعون على علم الهيئة فتكون معجزة عندهم".
ـ[مرهف]ــــــــ[06 Feb 2010, 02:51 م]ـ
من الأمور التي استوقفتني في كلام العلامة الأستاذ الدكتور محمد قوله: (تصوّر الآن، لو نزلت في القرآن آية تتحدث عن كروية الأرض في عصر التنزيل لكُذّب النبي صلى الله عليه وسلم، هو أساساً – عليه الصلاة والسلام – لم يأت بما يخالف الناس وكذّبوه! فجاء التعبير {يكوّر الليل على النهار ويكوّر النهار على الليل}، {رب المشارق والمغارب}، {رب المشرقين ورب المغربين} ففهمنا هذا – كما يقول موريس بوكاي – في عصر متأخر ولا غبار علينا ولا حرج).
فهذه العبارة لا أراه تليق في مقام تصديق الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم، فقد أخبرهم عليه الصلاة والسلام بما هو أعجب من ذلك وأعظم كإخبارهم بالإسراء والمعراج وفتح قصور كسرى وفتوح غيرها من البلدان واستهزأ به المنافقون في المدينة والمشركون في مكة، ولم يكن ذلك سبباً لسكوته صلى الله عليه وسلم.
كما أن منهج موريس بوكاي ليس حجة على الباحثين في طريقة البحث، فبوكاي جعل العلوم منطلق بحثه وهو معذور في فعله بحكم البيئة المادية التي ترفض الدين أصلاً وتعتقد بتعارض الدين مع العلم، وهذا منفي في ثقافة المسلمين وعقيدتهم، فالآيات التي استشهد بها على كروية الأرض إنما أفادت ذلك بإشارة النص وباستخدام أدوات التفسير العلمية وكذلك فهمها علماء المسلمين سلفاً وخلفاً، ولابن حزم كلام طويل في ذلك في كتابه الملل.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[06 Feb 2010, 03:53 م]ـ
ما قاله الدكتور مرهف صحيح
وهنا يجب أن ننظر إلى المسألة من وجه آخر ونقول:
لماذا جاءت هذه الإشارات التي لا يمكن أن يستوعبها العامة ـ وأقول يستوعبها لأنه فرق بين أن أومن بالشيء وبين أن أدرك حقيقته ـ في ذلك العصر؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مرهف]ــــــــ[06 Feb 2010, 09:06 م]ـ
نعم يا أخي الكريم أبا سعد الغامدي، الحكمة في ذلك أن دلالات الآيات القرآنية تستوعب كل ما يستجد من العلوم لتصبح هذه العلوم شارحة ومبينة للقرآن إما تصريحا أو تلويحا بحسب طرق الاستدلال، وسعة مدارك العقل المبنية على العلم، فالقرآن الكريم - كما يقول الدكتور فتحي الدريني -: (جم المدارك عميق الدلالات يبلغ العقل الإنساني المتفهم منها ما تسعفه طاقته العلمية والثقافية التي بلغها عصره بما يدبر أمر الأمة في شتى مناحي حياتها، ... وقد جرى على لسان السلف الصالح قولهم: "لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوهاً" ليحمل النص القرآني اجتهاداً بالرأي إبان تطبيقه على الوجه الذي يحقق للأمة مصالحها الجدية الحقيقية المعتبرة مما يكون للخبرة العلمية مكان في تقويمها شريطة أن لا يكون ذلك النص قداستكره النص القرآني على حمله عليه) [انظر: منهج الطبري في التفسير د. فتحي الدريني مجلة التراث العربي.].
فلو جاء النص القرآني دالاً على قضية بعينها مباشرة لجمد النص عليها ولم يستوعب غيرها وما يستجد فيها، ولما وجدنا له هذه اللذة من التدبر والاستنباط والحركة العلمية التي تميز بها المسلمون من المرونة والجدة والجدية والله أعلم.
ـ[طارق عبدالله]ــــــــ[06 Feb 2010, 10:19 م]ـ
شكراً لكم أخي الدكتور مرهف وأسأل الله لكم التوفيق فيما توصلتم إليه بنظركم العلمي التخصصي ولعلي أميل إلى ماذهبتم إليه ... وفعلا أرى ضرورة تحديد دلالة مصطلح الإعجاز العلمي في القرآن .. تحديدا علمياً بحيث يكون جامعاً لجميع النصوص الدالة على الحقائق العلمية في الكون ومشتملاته ووضعها في الإطار الذي دل عليه السياق وعدم بترها عن مسار ورودها وما سيقت له وأن يكون عاصماً من دخول ماليس منه فيه حقيقة مراعيا للاحترازات التي شكلت مانعا من اعتباره لدى الجمهور من المانعين له كقسيم للاعجاز البياني المشتمل عليه في الحقيقة وشريطة أن يكون الحاكمون فيه هم أهل الاختصاص في الدراسات القرآنية وعلوم القرآن والأصول
كما نحن بشوق لرؤية ما توصلتم إليه في رسالتكم والتي أرجو أن تكون قد أضافت جديدا أو أسهمت تحقيقا في هذا المجال الهام من علوم القرآن والشريعة الإسلامية وإن شاء الله سأعرض لكم دراستي في هذا المجال إذ وضعتها كدلالات شاهدة على ربانية هذا الكتاب وظواهرها في البيان الرباني وموجبات تلك الربانية ((منهج القرآن الكريم في بيان حقيقة ربانيته وأثرها في بناء شخصية المسلم وتحديد معالمها))
ملحوظة اسم الدكتور عدنان محمد زرزور وليس ((محمد))
أما العبارة التي استوقفتكم أخي الكريم من كلام الدكتور عدنان ... فليس سياقها المؤمنين به ((صحابته الكرام)) وإنما المدعون للإيمان به ((من أرسل لدعوتهم)) من باب حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون أتريدون أن يكذب الله ورسوله ومن باب مأنت مبلغا مقالة لاتدركها عقولهم إلا كانت لبعضهم فتنة إذ لايمكن أن تكون البراهين ودلالاتها لديهم من خارج المألوف والمعروف وحاشا أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم- من ذلك، ومن البدهي أن أستاذنا مما لايخفى عليه ذلك بدلالة أن مقتضيات الإيمان التصديق بالغيب أدركوا كنههه أم لم يدركوا حيثياته المادية
ـ[مرهف]ــــــــ[08 Feb 2010, 12:05 ص]ـ
أخي الحبيب طارق نفع الله بك:
أعتذر عن الخطأ في كتابة اسم العلامة الفاضل الدكتور عدنان محمد زرزور ولعل سبب ذلك انشغالي بكلامه النافع وسبق الكتابة في الاسم، وأشكرك على هذا التنبيه، وكم سعدت بما تفضلتم به عن بحثكم وبانتظار الانتفاع بما فيه.
أما بخصوص العبارة التي تعقبتم بها عليَّ فحاشا الدكتور أن ينتقص في سلف الأمة شيئاً ولكني وجدت هذا التعليل من عدد ممن يكتب في هذا الاتجاه ويتكرر كثيرا في مناسبات متعددة ولا أجده مقنعاً، فهل كان الإسراء والمعراج مما يعقله المشركون، وهل كان الإخبار بفتوح البلدان في وقت حصار الأحزاب مما يعقله المنافقون، وهل ذكر أيام خلق السموات والأرض مما يعقله هؤلاء وهؤلاء ...
إن أثر علي رضي الله عنه (حدثوا الناس بما يعقلون أتريدون أن يكذب الله ورسوله) الموقف عليه كما أورده البخاري في (باب من خص قوما بعلم دون قوم كراهية أن لا يفهموه) قاعدة عامة لا تنطبق على كل كلام وحال، والذي أراه بفهمي القاصرأن هذا ليس محله في أمور العقائد وتصحيح التصورات التي تبني عقلية المسلم وعقيدته وشخصيته، كما أنه ليس محلها في بيان الأحكام الشرعية، وإنما محلها في المتشابه كما قال العيني في شرح البخاري، أو يكون محلها في الأمور الغيبية المستقبلية التي قد يخشى من ذكرها افتتان بعض ضعاف النفوس والعقول، كما صح عن أبي هريرة حفظت عن النبي وعائين فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا البلعوم)، ولذلك كان ابن عباس يخفي أشياء لا يحدثها لعامة الناس وكان يحدث بها أهل العلم كما ذكر ذلك الإمام السخاوي في المقاصد الحسنة، وكان هذا ما يفعله ابن مسعود رضي الله عنه كما في مقدمة صحيح مسلم عن ابن مسعود قال: (ما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة).
وأما ما يتعلق بكروية الأرض وما شابه ذلك فإنها ليس من أصول العقائد، وليست من الأحكام الشرعية، ولا من المتشابه وليس في التصريح بها -بالنص- فائدة عظيمة، ولكن فيها تحريك لعقول المسلمين وفتح مدارك العقول والحث على الاستكشاف، كما فتح لهم القرآن أفاق التفكر في قوله تعالى ((والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون))،وغيرها من الآيات الكونية ولكن في خلق الإنسان من نظفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاماً ثم كسا العظام لحماً ثم أنشأه خلقاً آخر، فقد فصل فيه القرآن وكان من الغيب الذي لا يدركه العقل وقتها وصدق به المسلمون، وكذلك صرح القرآن بأن اللبن يخرج من بين فرث ودم وكان مما لا يتصوره المسلمون ولا غيرهم والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[08 Feb 2010, 09:47 ص]ـ
الإخوة الكرام السلام عليكم
أشكل علي مما قرأت هنا أمور .. وهي:
أخرج الدكتور عدنان زرزور العلميات (المضامين) من مناط الإعجاز .. أو كاد .. لأنه لم يقع به التحدي إبان نزول الوحي.
ودفع الشيخ الكريم أبو عمرو البيروني بأن التحدي ليس شرطاً لازماً لإثبات الإعجاز.
وهذان النظران مشكلان؛ الأول (الدكتور عدنان حفظه الله) أخرج نوعاً من أنواع الإعجاز مرجعا القول بالإعجاز إلى البيان، وأراه أرجعه إلى البيان بمعنى ضيق.
والثاني (أبو عمرو حفظه الله) أخرج شرطاً من شرائطه .. وهو التحدي، وهو شرط مدرسي ألفناه في الإعجاز كما تؤلف فاتحة الكتاب ..
هل شرط أن يُصرّح المُعجز بالتحدي مع كل آية أو سورة أو تأويل؟ ..
وهل البيان الإعجازي محدود بالتركيب اللغوي للقرآن فقط دون (مضامينه)؟ ..
وهل الإسراء والمعراج ليس أمراً معجزاً، ولا يصح أن يطلق على كل منهما أنه معجزة؟ .. وهو الذي بلغ فيه صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى .. وخرق فيه قانون الجذب والضوء والسرعة والكتلة؟ ..
وهل أفعال الله تعالى خارجة عن دائرة الإعجاز التي تصرح بها أقواله في كتابه؟.
فأرجو البيان .. وزيادة البيان من الإخوة الأفاضل .. وأخص منهم أبا عمرو البيراوي.
والله الموفق.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[11 Feb 2010, 10:21 ص]ـ
الإخوة الكرام السلام عليكم
أشكل علي مما قرأت هنا أمور .. وهي:
أخرج الدكتور عدنان زرزور العلميات (المضامين) من مناط الإعجاز .. أو كاد .. لأنه لم يقع به التحدي إبان نزول الوحي.
ودفع الشيخ الكريم أبو عمرو البيروني بأن التحدي ليس شرطاً لازماً لإثبات الإعجاز.
وهذان النظران مشكلان؛ الأول (الدكتور عدنان حفظه الله) أخرج نوعاً من أنواع الإعجاز مرجعا القول بالإعجاز إلى البيان، وأراه أرجعه إلى البيان بمعنى ضيق.
والثاني (أبو عمرو حفظه الله) أخرج شرطاً من شرائطه .. وهو التحدي، وهو شرط مدرسي ألفناه في الإعجاز كما تؤلف فاتحة الكتاب ..
هل شرط أن يُصرّح المُعجز بالتحدي مع كل آية أو سورة أو تأويل؟ ..
وهل البيان الإعجازي محدود بالتركيب اللغوي للقرآن فقط دون (مضامينه)؟ ..
وهل الإسراء والمعراج ليس أمراً معجزاً، ولا يصح أن يطلق على كل منهما أنه معجزة؟ .. وهو الذي بلغ فيه صلى الله عليه وسلم إلى سدرة المنتهى .. وخرق فيه قانون الجذب والضوء والسرعة والكتلة؟ ..
وهل أفعال الله تعالى خارجة عن دائرة الإعجاز التي تصرح بها أقواله في كتابه؟.
فأرجو البيان .. وزيادة البيان من الإخوة الأفاضل .. وأخص منهم أبا عمرو البيراوي.
والله الموفق.
تذكير
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[11 Feb 2010, 01:59 م]ـ
الأخوة الكرام،
1. إذا كان تعريف المعجزة بأنها: "خرق للعادة يُظهره الله على يد النبي تصديقاً له"، قبلنا ذلك ولا إشكال. أما إضافة شرط التحدّي ليصح التعريف فغير مُسلّم، لأنه لا دليل عليه سوى التحكُّم من قِبل من وضع التعريف والتقليد من قِبل الكثيرين. ثم إن التكذيب أوعدم الإيمان هو نوع من التحدي ولو كان صامتاً.
2. لا يزال الدين الإسلامي يواجه التحديات، بل مكر المنكرين اليوم أشد من الماضي. فالتحدي قائم إلى يوم القيامة والمعجزة مستمرة في اثبات النبوة. نقول هذا على فرض تسليمنا بشرط التحدي.
3. ثم إن المعجزات تزيد في يقين المؤمنين. ومعظم المعجزات الحسية التي جرت على يد الرسول صلى الله عليه وسلم كانت في مواجهة المؤمنين مثل: حنين الجذع، تكثير الطعام، الإخبار بالغيوب ..... ألخ.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[11 Feb 2010, 04:38 م]ـ
ظهرت لي أمور في إخراج المضامين من دائرة الإعجاز التي قد تُفهم من كلام الدكتور عدنان حفظه الله تعالى .. أوردها هنا:
1) الإعجاز يقتضي التحدي .. وإن لم يُنصّ عليه .. فلماذا سمي إعجازاً إذا لم يصاحبه حال مغالبة، تنتهي بغلبة جهة وبعجز عن مجاراته والإتيان بمثله من الجهة الثانية .. وهو بهذا الوصف إعجاز مستمر ببقاء القرآن .. وعجز ظاهر في الناس معاً مدفوع بحب المنافسة والمغالبة وإظهار العوار والنقص .. والله غالب على أمره .. وهذا دليل من واقع المعجزة نفسه.
(يُتْبَعُ)
(/)
بل التحدي واقع على البشرية منذ أول آية من القرآن؛ لأن بني إسرائيل تحكموا في أمر الرسالات وأشاعوا بأن الله لا يبعث رسولاً من بعد أنبئائهم ومن ذلك: (فلما هلك قلتم لن يبعث الله من بعده رسولاً)، وأن لا يكون رسول بعد عيسى المسيح، وأن لا يكون النبيء مبعوثاً من العرب .. أليس هذا تحدياً يقابل بتحد مثله؟؟ .. وهذا دليل من التاريخ.
2) العجز الحاصل من رؤية المعجزة (من حيث هي معجزة خارقة) أو سماعها = شيء .. واكتشاف وجه الإعجاز أو تفسيره = شيء آخر .. الأول قطعي الثبوب متواتر الأثر مدرك في كل زمان .. أما اكتشاف وجه الإعجاز أو تفسيره فأمر اجتهادي يدور بين الصواب والخطأ .. والحجة مع الدليل الكاشف لوجه الإعجاز .. وما زالت العلوم البشرية في تطور في البحث والاكتشاف (سنريهم آياتنا) .. ومازال كتاب الله كما هو.
وهل الوجوه البلاغية التي اكتشفت في القرآن هي الحق في تفسير المعجزة البيانية العالمية أم هي اجتهاد يدور صاحبه بين الأجر إن أخطأ في وصف مظاهر العجز والأجرين إن أحسن في وصف ذلك العجز؟ ..
ثم المعجزة أمر خارق للعادة والقانون .. ومدارك الإنسان وتفسيراته رهن بالاعتياد على جريان القانون .. فهو يصفها بالنسبة لمداركه المختلفة .. وما عليه من سبيل في تأمل تلك القدرة الهائلة التي خرقت القوانين ومحاولة تفسيرها بما يرى من فرق بين الاعتياد الذي يعرفه والخرق الذي يشاهده .. (وذلك إذا انعدم النص الصحيح الصريح الذي يفسر) ..
3) لا يصح إخراج المعاني (المضامين) من مناط الإعجاز؛ لأن دخولها فيه من باب الأولى .. وأظن أن هذا قول نشأ عن الفصام بين علوم العربية وآدابها وعلوم الحياة، وتضييق معنى البيان بالبيان اللغوي المجرد المفصول عن معانيه الموصولة بالحياة = أمر حادث على السليقة العربية، فالبيان إظهار ما في النفس، وهو بذلك يكون متعدد الأوجه.
4) انبنت الآيات القرآنية على مفهوم التحدي الملازم للآية (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا) .. وهي آيات تستغرق بمفهومها القرآن كله وتمتد مع الزمان كله .. حتى كان العجز عن إتيان البشر بأسرهم بمثله هو الأصل وغيره هو الفرع، ولا دعوى! .. (قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين).
5) من أوجه دخول المعاني (المضامين) في محل الإعجاز أن الإتيان بها أبعد منالاً من الإتيان بألفاظه المجردة، ووقوع العجز عن الإتيان باللفظ يفضي إلى العجز عن الإتيان بمعانيه، كما يفضي العجز عن القريب إلى العجز عن البعيد.
وقوله تعالى: (فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) لا دلالة فيه على ان الإعجاز المعنوي (المضامين) خارج عن دائرة التحدي؛ لأسباب:
أ- أن هذه الآية جاءت رداً على من زعم أن القرآن قول افتراه النبي الأمين عليه الصلاة والسلام: (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) .. فورودها ههنا من قبيل المقابلة أو التنزل .. وهي من التحدي .. ولكنها ليست كل التحدي.
ب- أن هذه الآية - وإن كانت مكية - ليست وحدها في هذا الموضوع .. بدليل مجيئ التحدي - في القرآن المكي - بسورة منه (سورة يونس) أو حديث مثله (سورة الطور) .. فضلاً عن القرآن المدنيّ (سورة البقرة).
ج- عدد السور المفتريات المتحدى بها عشر سور، وهو لا ينطبق مع الآيات التي تتحدى الناس بسورة من مثله .. فدل ذلك على أن المضامين الحقة المنظومة في كلمات في سورة واحدة داخلة مثل السور المفتراة التي لا تقبل إلا إذا كانت عَشراً.
النتيجة أن هذه الآية ليست نصاً في إخراج المعاني (المضامين) من محل الإعجاز المتحدى به.
والله أعلم
ـ[مرهف]ــــــــ[11 Feb 2010, 08:38 م]ـ
إن كان مناط معرفة الإعجاز هو التمكن بأساليب العرب في الكلام ليدرك الإعجاز القرآني، فهل يستطيع أحد أن يأتي بشعر من معلقات الشعر العربي يقول بأن هذا الشعر بليغ ويشرح ذلك بدون أن يتطرق إلى المعنى والمضمون، وهل يستطيع أديب أن يكتب مقالاً قويا في البناء والسبك دون أن يعطي للمعنى اعتباراً وللعلوم مكاناً، فإذا كان هذا غير مقبول في حق البشر، فكيف يقبل أن يكون إعجاز القرآن في النظم والبناء دون اعتبار المعنى والمضمون، وهو كلام خالق كل شيء، والله أعلم.(/)
"من سبل الابتكار في البحث العلمي" لقاء علمي ينظمه فرع الجمعية في أبها
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 May 2009, 09:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ينظم فرع الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه في أبها بالتعاون مع جامعة الملك خالد لقاء علمياً بعنوان:
"من سبل الابتكار في البحث العلمي - الدراسات القرآنية نموذجاً"
يلقي هذا الموضوع الأستاذ الدكتور حكمت بن بشير ياسين عضو مجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه.
وسيعقد اللقاء مساء الثلاثاء 24/ 5 / 1430هـ في مبنى المدرجات في مقر الجامعة الجديد بقريقر، في القاعة رقم 6.
ويسعد فرع الجمعية بحضور كل من له عناية بهذا الموضوع المهم للباحثين وطلاب العلم.
نسأل الله تعالى أن ييسر عقد هذا اللقاء، وأن يبارك في الجهود.
ونشكر جامعة الملك خالد - ممثلة في كلية الشريعة وأصول الدين التي رعت هذا اللقاء.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 May 2009, 07:18 م]ـ
بشرى طيبة يا أبا مجاهد سدد الله خطاكم، وكلل هذه الجهود بالنجاح.
هذا فأل حسن لفرع الجمعية في أبها أن يبادر إلى عقد أول نشاط في دورة الجمعية الثالثة، وأرجو أن يسجل هذا اللقاء ويبث هنا وفي موقع الجمعية لينتفع به. ولا سيما أن الموضوع فيه طرافة وجدة.
ونؤمل أن يعقد مؤتمر موسع ينظمه فرع الجمعية في أبها، يكون قريباً من الصيف في فندق قصر أبها إن شاء الله. حتى نجمع بين الفائدة والمتعة في أجواء أبها الصيفية.
ـ[محب القراءات]ــــــــ[17 May 2009, 08:40 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا مجاهد , وقد شوقتنا للاستفادة من هذا الموضوع المهم , فآمل أن تسعوا للبث المباشر لهذا اللقاء إن تيسر أو على الأقل التسجيل , وتلخيص أهم الأفكار , ولعلكم تكلفون من يقوم بذلك من طلابكم , وفقكم الله وسدد خطاكم.
وأسأل الله أن ينفع بشيخنا أ. د / حكمت بشير , ويبارك فيه فقد استفدنا منه كثيرا حيث درسنا مادة مناهج البحث في منهجية الماجستير بقسم القراءات , وطرح علينا كثيرا من الأفكار للكتابة في موضوعات مهمة وجديدة في الدراسات القرآنية.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[17 May 2009, 11:34 م]ـ
ونؤمل أن يعقد مؤتمر موسع ينظمه فرع الجمعية في أبها، يكون قريباً من الصيف في فندق قصر أبها إن شاء الله. حتى نجمع بين الفائدة والمتعة في أجواء أبها الصيفية. [/ size][/quote]
وأنا أويد هذا المقترح الذي تفضل به أخي الدكتور عبد الرحمن، لكن تكون (ندوة) بدل (مؤتمر)؛ لأن المؤتمر يحتاج إلى وقت وجهد كبير فيتعذر تنفيذه هذا العام.
ولعله يكون على هامش هذه الندوة الصيفية المقترحة دورة علمية قرآنية، ودورة أخرى تدريبية.
ولعل الدكتور أبا مجاهد وزملاءه في اللجنة الفرعية يكاتبون بعض الشركات التي يمكن أن ترعى ذلك مادياً، ونحن نتعاون معهم في التخطيط والاستعداد لهذه الندوة وملحقاتها، وقبل ذلك نتشرف بحضورها إن شاء الله.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 May 2009, 07:42 ص]ـ
أشكر الإخوة الكرام على التعليق والتشجيع والاقتراحات المفيدة ...
وستكون عناصر هذا الموضوع كالتالي:
أولاً - أهداف طرح الموضوع
ثانياً - هندسة التفكير
ثالثاً - الاستقراء
رابعاً - القياس
خامساً - الاستنباط
سادساً - العرض
سابعاً - ربط العلوم بالدراسات القرآنية.
نسأل الله أن يجعل هذا اللقاء مباركاً، وسنجتهد في تغطية اللقاء إعلامياً، وعسى الله أن ييسر ويعين.
ـ[عبد الحي محمد]ــــــــ[18 May 2009, 09:14 م]ـ
أسأل الله أن ييسر لهذه المحاضرة تسجيلاً صوتياً لكي نتمكن من الاستفادة منه.
كما أسأل الله لكم التوفيق والسداد.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[19 May 2009, 01:10 ص]ـ
جهد مبارك يا أبا مجاهد نتمنى لكم التوفيق والسداد ..
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[19 May 2009, 01:44 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم د. محمد القحطاني
وأود سؤالك أثابك الله هل هناك مكان مخصص للنساء لأننا بحاجة لحضور مثل هذه اللقاءات العلمية الهادفة , وإن كان كذلك فأين سيكون مكانها أثابك الله؟!
وإن تيسر لي الحضور فسأعرض لكم ما كان في اللقاء هاهنا كتابة بإذن الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 May 2009, 06:46 ص]ـ
نعم يوجد مكان للنساء في مبنى الجامعة، وسيكون البث عن طريق الشبكة التلفزيونية
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[19 May 2009, 11:57 ص]ـ
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه .... وأضم صوتي إلى صوت المشايخ الكرام بالحاجة الماسة إلى المادة الصوتية للاستفادة منها.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 May 2009, 01:07 م]ـ
تم اللقاء بحمد الله تعالى
وقد كان لقاء ثرياً
وتم توثيقه إعلامياً بالصوت والصورة.
ونعتذر من الأخوات اللاتي حضرن بسبب خلل حدث في شبكة الاتصال أدى إلى قطع التواصل بالكامل بين القاعتين.
وقد وعدني المهندس المشرف على القاعات بإرسال نسخ مسجلة من اللقاء إلى كل من حضر من الأخوات.
وأما مادة الموضوع فهي عندي كاملة، وسأنشرها تباعاً إن شاء الله.
وشكر الله لمن حضر من المشايخ الكرام، ولكل من شارك في إنجاح اللقاء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[20 May 2009, 05:12 م]ـ
جزاكم الله خيرا، ونحن في انتظار اللقاء صوتيا.
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[20 May 2009, 06:10 م]ـ
لاننكر كان الإعداد واضحا
ولكن آلمنا ماحصل في الشبكة ووعدنا خيرا بتوفير المادة
وننتظر ماوعدنا به
وطلبي لك استاذنا الفاضل د. محمد القحطاني أن تتكرر مثل هذه اللقاءات في المنطقة لحاجتنا اليها
وأن يكون الاعلان عنها جليا واضحا لاني لم اعلم به الا من خلال هذا الملتقى المبارك
جزاكم الله خيرا
ـ[ضياء الرحمن بن صغير أحمد]ــــــــ[20 May 2009, 08:24 م]ـ
حبذا لو يوجد هذا اللقاء محفوظاً في مواقع الإنترنت أو السيديات لكي يستفيد من لم يستطع الحضور لأسباب ...
وجزاكم الله خيراً
أفيدونا بارك الله فيكم بموقع الجمعية السعودية ....
ـ[أبو المهند]ــــــــ[21 May 2009, 01:49 ص]ـ
أشهد أن الله أجرى على لسان الشيخ العلامة أ. د. حكمت بشير يسن علما نافعا أفدنا منه، وكانت أمسية بُلت منها العروق وشنفت بها الأسماع ونصح فيها لله ولرسوله، وبعثت الأمل في نفوسنا للابتكار والاسنباط والرقي المعرفي ليس فقط في التفسير وعلوم القرآن فحسب بل في علوم كثيرة، فلله در الشيخ الأستاذ الدكتورمن معلم فاضل ناصح أمين.
جزاه الله عنا خير الجزاء، وشكر الله للجمعية ما تفضلت به في إنجاح هذا اللقاء الرائع وأخص بالشكر والتقدير الأخ الأكبر الدكتور قاسم القثردي رئيس فرع أبها، وأثني بزميلنا الفاضل أمين الفرع النشط الدكتور محمد القحطاني كذا كل الزملاء الذين شاركوا وأبدعوا في نقاشهم.
كما أمتعنا فضيلة الدكتور بلقاء خاص في قصر أبها دار حول قصة رسالته من ناحية، ومناقشات حرة من ناحية أخرى فزادنا من علمه زاده الله من فضله.
مدينة أبها ـ صباح الخميس 26/ 5/1429هـ 21ـ 5ـ 2009م
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[22 May 2009, 06:35 ص]ـ
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، نسأل الله تعالى أن يبارك في جهودكم ويوفقكم لما يحبه ويرضاه
وكم نتمنى أن تبث مثل هذه اللقاءات العلمية على موقع الجمعية أو على موقع البث الإسلامي المباشر لكي يتسنى للجميع الإستفادة منها.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2009, 11:57 ص]ـ
الحمد لله الوهاب الذي كرم الإنسان بالعقل والنقل، وحث على التفكر والتدبر، والصلاة والسلام على نبي الحكمة والرحمة، القائل: (لا تزال هذه الأُمة بخير ما عظمت حرمتها).وعلى من اهتدى بهديه وأخذ بحكمته إلى يوم الدين.
أما بعد فإن التخطيط لتجديد المعرفة إلى الأفضل من أهم أسباب الارتقاء الحضاري، وسنام ذلك التخطيط هو هندسة التفكير في الارتقاء بالبحث العلمي، بتجديد خططه، وتسديد موضوعاته، وترشيد مناهجه، وتعريب علومه، للتيسير على طلب العلم، وترسيخ الفهم، وإيجاد محترفين لريادة البحث العلمي باستخدام التقنية الحديثة المتطورة، والاستفادة من الخبراء السابقين والمعاصرين، لتحقيق معالم الخير ودفع أوكار الشر، ومواكبة المستجدات، ومواجهة التحديات لإنقاذ البشرية من الظلم والتيه بنشر السلام والوئام، وهذا السلام كلما دعم بالطاقات المتنوعة توافرت القدرة على مواجهة التحديات ومعالجة المشكلات، ويساعد ذلك على جلب المصالح ودرء المفاسد، وقد بشرنا النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:" ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه ".
قال الإمام ابن القيم: "أصل الخير والشر من قبل التفكر ". (الفوائد ص 241)
ومن هذا الصرح العلمي الذي سبق الجامعات بكرسي الملك خالد يرحمه الله للبحث العلمي أحاول أن أضفى لبنة جديدة من خلال هذه المحاضرة التي نشد منها الأهداف التالية:
1 - تحرير الأبحاث من التكرار.
2 - الاقتصاد بالمال والجهد والوقت.
3 - الاستفادة من التقنية الحديثة.
4 - المشاركة في الخطة الوطنية لتنمية البحث العلمى.
5 - التنظير للإبتكار في البحث العلمي.
6 - تبادل الخبرات بين الباحثين الحضور ومهمات الكرسي.
7 - تنمية الابتكار في البحث العلمي.
8 - تلقيح العلوم بالعلوم لاستثمار نتاج مبتكر.
9 - المشاركة في إيجاد رواد ابتكار في البحث العلمي.
وتحقيق هذه الأهداف تحتاج إلى بذل الجهد، وكلما بذلت الجهود في تطبيق الطرق زادت الابتكارات وازدانت بالاستثمارات، وهذا لايعني تأليف المجلدات، لا بل بعض الابتكارات نصل إليها ببضع ورقات بل في ورقة واحدة، المهم أن نصل إلى نتيجة جديدة نافعة، ورحم الله المتنبي القائل:
بقدر الكد تكتسب المعالي ومن طلب العلا سهر الليالي
تروم المجد ثم تنام ليلا يغوص البحر من طلب اللآلي
والآن نغوص في بحار هندسة التفكير:
إن العقل الذي حبانا الله به لا يقل قوة وسعة من العقول المبتكِرة في عصرنا وفي العصور السابقة فهو مركز التفكير وفيه (14) بليون خلية عصبية متعددة الوظائف، ومن أهمها خلايا التفكير التي لها القدرة على الإبداع والابتكار والتفكر والتأمل، وكل خلية من تلك الخلايا تستوعب علوما ومجلدات، فكم من الخلايا عبأنا؟ وكم من الخلايا شغلنا؟
ويقول العلامة الغزالي فى الإحياء: (إن ثمرة الفكر هي العلم واستجلاب معرفة ليست حاصلة، وإذا حصل العلم في القلب تغير القلب، وإذا تغير حال القلب تغيرت أعمال الجوارح، فالفكر إذا هو المبدأ والمفتاح للخيرات كلها لأنه الذى ينقل من المكاره إلى المحاب ويهدي إلى استثمار العلوم ونتائج المعارف والفوائد) (بغية الطالبين 410).
ولهذا فإن سبل الابتكار فى البحث العلمي تحوم كلها حول محور التفكير، وذلك في العلوم كلها: الإنسانية والتطبيقية.
ومحور التفكير يندرج تحت لوائه القضايا التالية:
1 - الاستقراء
2 - المقارنة
3 - لإختصار
4 - الشرح
5 - الإستدراك
6 - التحليل
7 - لقياس
8 - العرض
9 - استشراف المستقبل
10 - الفراسة
11 - النقد
12 - التخطيط
13 - التجديد
14 - الإستنباط
15 - التنظير
تعريف التفكير: جولان العقل في طريق إستفادة علم صحيح (ابن عاشور: التحرير 7/ 244).
ومن هندسة التفكير ينطلق الابتكار في البحث العلمي درجات تبدأ من الاستقراء وتنتهي بالتنظير.
وفي التعليق التالي أنقل لكم خلاصة الأفكار والعناصر المتعلقة بالاستقراء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضياء الرحمن بن صغير أحمد]ــــــــ[23 May 2009, 01:42 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم الإسلام والمسلمين ......
هل لقاء اللجنة مسجل صوتياً يا شيخ .... ؟
وشكرا
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2009, 02:21 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء ونفع بكم الإسلام والمسلمين ......
هل لقاء اللجنة مسجل صوتياً يا شيخ .... ؟
وشكرا
نعم
مسجل صوتا وصورة
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 May 2009, 06:21 ص]ـ
تعريف الاستقراء: لغة هو التتبع،واصطلاحا: جمع الجزئيات للوصول إلى الكليات. فينبغي على الباحث المختص الاطلاع على النتاج العلمي في تخصصه -ولكل علم رجاله-.
واستقراء أعمالهم ومؤلفاتهم يعطى المختص ثروة كبيرة بمعرفة المؤلفات في ذلك العلم وكلما زاد الاستقراء زادت الفوائد حتى يبلغ علما نفيساً يشكل دائرة معارف في ذلك العلم والاستقراء درجات نبدأ بالأصغر ثم الأكبر كما يلي:
درجات الإستقراء:
1 - استقراء عناوين الكتب كما تقدم. (المكتبات، المجمع، الفهرس الشامل، فهرس مكتبات العالم، الإنترنت).
2 - استقراء العناوين مع فهارس تلك الكتب.
3 - استقراء العناوين والفهارس والمقدمات لمعرفة المنهج، فبعضهم يأتي بعنوان وعندما نقارنه بالمضمون نجده قد تناول جزءا يسيرا من الموضوع ومن المقدمات النفيسة: (تفسير الثعلبي / مقدمة العجاب).
4 - استقراء ما تقدم مع استقراء بعض موضوعاته (الإتقان)
5 - استقراء كامل النتاج العلمي في مجال تخصصه. (وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم)
وهذه الدرجات غذاء للعقول ورصيد للذاكرة.
مصادرالاستقراء:
1 - الببليوغرافيات
2 - المعاجم
3 - موارد المصنفين
4 - الفهارس الجامعة للكتب
5 - فهارس المكتبات
6 - كتب الإجازات
7 - كتب التراجم
8 - الدوريات المتخصصة
9 - دوائر المعارف
10 - البرامج الحاسوبية
11 - لإنترنت
من فوائد استقراء كتب الإجازات:
ومن كتب الفرائض وما يتصل بها: كتاب الفرائض لزيد بن ثابت رحمه الله حدثني به أبو بكر محمد بن أحمد بن طاهر رحمه الله عن أبي علي الغساني عن أبي شاكر عبد الواحد محمد بن موهب عن أبي محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي قال: أنا أبو علي بن الصواف عن بشير بن موسى عن سعيد بن منصور عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت رضي الله عنه.
الفرائض لأبي جعفر الطبري مختصرة على مذهب زيد بن ثابت رضي الله عنه وهو مذهب مالك بن أنس رحمه الله لا يخالفه في شيء منها إلا في فريضة واحدة وهو مذهب الشافعي أيضا.
فوائد الاستقراء:
إن التعرف على الإنتاج العلمي السابق يساعد على الابتكار وذلك من وجوه كثيرة:
1 - أن الباحث الذي ينشد الابتكار لابد أن يتعرف على المصنفات السابقة لتحاشى التكرار، ومنها نتمكن من الوصول إلى غير المطروق من الموضوعات.
2 - أن الاطلاع على الإنتاج السابق ومعرفة عناوينه يفتح آفاقا جديدة مثل الفرائض والثنائيات.
3 - تمييز المفقود من الموجود، والمطبوع من المخطوط فى هذا الفن.
4 - معرفة الاستدراكات والردود التي تثري هذا الفن مثل: الترجمات و إنكار الوحي، استدراكات ابن عطية على ابن جرير الطبري، الاستدراكات على تاريخ التراث العربي في ثمانية أجزاء.
5 - معرفة حجم ونوع إضافة المتأخر على المتقدم ومعرفة تطور ذلك العلم أو الموضوع من خلال ترتيب المؤلفات فيه زمنيا، فعلى سبيل المثال: في اللغة: كتاب العين ثم الجيم ثم الكتاب ثم الصحاح ثم الجمهرة ثم فقه اللغة ثم مختار الصحاح ثم القاموس ثم اللسان ثم التاج.
6. الوقوف على عناوين يمكن القياس عليها مثل: الثنائيات في الموطأ. صحيح التاريخ، وسيأتي تفصيله في القياس.
7. معرفة إتمام الموضوع الذي صنف فيه وهل يحتاج إلى إتمام.
8. . معرفة بداية نشأة العلم.
9. إمكانية اكتشاف أسماء مؤلفي الكتب مجهولة المؤلفين.
10. معرفة ضخامة النتاج العلمي في الموضوع المنشود والوقوف على الجهود التي بذلت في ذلك الفن أو الموضوع.
11. معرفة اهتمام العلماء بذلك العلم بالرغم من الخلاف المذهبي الفقهي والعقدي.
12. التعرف على السمو الحضاري للأمة الإسلامية من خلال نتاجها العلمي، الذي يفصح عن تاريخ الأفكار والابتكار.
تطبيقات الإستقراء:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - تطبيق الاستقراء فى التخصص أو في موضوع منشود. (التفسير الصحيح، عناية السنة النبوية بحقوق الانسان).
2 - تطبيق الاستقراء فى جزئيات الموضوع المنشود
كيف أستفيد من الاستقراء الموجود؟
كيف أبدع فى إيجاد الاستقراء التام فى موضوع ما؟
(تفسير القرآن بالقرآن)
أمثلة من الببليوغرافيا
المثال الأول من ببليوغرافيا غريب القرآن من أبحاث الكرسي:
- شرح مفردات القرآن: لابن الزقاق:علي بن القاسم بن يونس، أبو الحسن الأشبيلي
- شرح مفردات القرآن الكريم: المؤلف مجهول، مخطوط توجد منه نسخة في الخزانة الملكية (الحسنية) في المغرب ـ الرباط
المثال الثاني: من ببليوغرافيا إعراب القرآن من أبحاث الكرسي:
- إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم.
ابن خالويه: الحسين بن أحمد ابن خالويه, أبو عبد الله (ت 370هـ) , طبع دائرة المعارف العثمانية.- إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم. ابن خالويه: الحسين بن أحمد ابن خالويه, أبو عبد الله (ت 370هـ) , طبع دائرة المعارف العثمانية حيدر أباد الدكن.
- إعراب ثلاثين سورة من القرآن.
البصروي: محمد بن خليل بن محمد , أبو عبد الله محب الدين الشافعي (نحو 889 هـ) , منه نسخة خطية في المكتبة المركزية , برقم حفظ [4837] (عن شستربيتي) , الرياض - المملكة العربية السعودية , الفهرس الشامل (علوم القرآن) 506.
- إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم.
ابن خالويه: الحسين بن أحمد ابن خالويه, أبو عبد الله (ت 370هـ) , طبع دائرة المعارف العثمانية حيدر أباد الدكن.
- إعراب ثلاثين سورة من القرآن.
البصروي: محمد بن خليل بن محمد , أبو عبد الله محب الدين الشافعي (نحو 889 هـ) , منه نسخة خطية في المكتبة المركزية , برقم حفظ [4837] (عن شستربيتي) , الرياض - المملكة العربية السعودية, ونسخة أخرى في مكتبة المخطوطات في الكويت برقم حفظ [3334 م ك مج 1 عن شستربيتي 4837/ 1] ونسخة أخرى في مكتبة شستربيتي , أيرلندة - دبلن برقم حفظ 6/ 113 [(1) 4837] وهي بخط المؤلف , الفهرس الشامل (علوم القرآن) 506.
- إعراب ثلاثين سوره من القرآن الكريم.
لم يذكر له مؤلف , منه نسخة خطية في المكتبة المركزية ,بالرياض - المملكة العربية السعودية , برقم [7464] , هكذا ذكر الكتاب مجهول المؤلف في برنامج خزانة التراث الصادر عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية, ولعله لابن خالويه أو للبصروي محمد بن خليل المتقدم ذكرهما.
ـ[محب القراءات]ــــــــ[26 May 2009, 06:56 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا مجاهد , ونحن نتابع بشوق عناصر هذا الموضوع الشيق الممتع , ونأمل أن تسعوا لتنزيل المحاضرة بالصوت والصورة.
بارك الله فيكم ونفع بجهودكم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[28 May 2009, 02:03 م]ـ
من خلال الإطلاع على أسماء الكتب التى ذكرت فى الاستقراء نتعرف على أسماء كتب فى عدة موضوعات نستطيع أن نقيس عليها فنخرج بابتكار جديد لعناوين أبحاث جديدة تتضمن فوائد فريدة.
فوائد القياس:
1 - إنتاج جديد، الكشاف للزمخشري، طبقات القراء للذهبي، معجم المفسرين.
2 - الاستفادة من تجارب السابقين، استكمال ـ تذييل
3 - صياغة العلوم الجديدة، مثل علم المستقبل في القرآن والحديث، ويقاس على علم المستقبل في العلوم كلها
4 - صياغة تقنية جديدة مثل: برنامج A.E.OCR
5- الاستفادة من استنباطات العلماء
6 - الاستفادة من قياس العلماء
7 - الاستفادة من عناوين كتب العلماء
8 - تشغيل العقل.
9 - الاستفادة من ثمرات الأعمال السابقة
10 - تطوير البحث العلمي.
11 - تحسين مستوى التفكير.
نماذج من تطبيقات القياس
قاعدة اليقين لايزول بالشك وتطبيقاتها الطبية.
قاعدة العادة محكمة وتطبيقاتها الطبية.
القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المعاملات المالية المعاصرة.
قاعدة لاضرر ولاضرار وتطبيقاتها الطبية والزراعية والهندسية.
قاعدة الأمور بمقاصدها وتطبيقاتها الطبية، ويمكن القياس عليه في كثير من العلوم التطبيقية والنظرية، ومثاله طرق الاستفادة من القواعد الفقهية في علم الإدارة، من أعمال سمو الأمير الدكتور عبد العزيز بن سطام.
أسباب الخطأ في التفسير ويقاس عليها في العلوم كلها.
معرفة المخطوط المجهول من خط المؤلف، ويقاس عليها في العلوم كلها.
[/ list]
(يُتْبَعُ)
(/)
تنبيه: التسجيل موجود، ولكنه كبير، ولا أدري كيف أرفعه؟
ـ[عبد الحي محمد]ــــــــ[23 Jul 2009, 12:01 م]ـ
ماذا فعل الله بالتسجيل؟؟
ـ[هشام الشويكي]ــــــــ[13 Aug 2009, 11:03 ص]ـ
تعريف الاستقراء: لغة هو التتبع،واصطلاحا: جمع الجزئيات للوصول إلى الكليات. فينبغي على الباحث المختص الاطلاع على النتاج العلمي في تخصصه -ولكل علم رجاله-.
واستقراء أعمالهم ومؤلفاتهم يعطى المختص ثروة كبيرة بمعرفة المؤلفات في ذلك العلم وكلما زاد الاستقراء زادت الفوائد حتى يبلغ علما نفيساً يشكل دائرة معارف في ذلك العلم والاستقراء درجات نبدأ بالأصغر ثم الأكبر كما يلي:
درجات الإستقراء:
1 - استقراء عناوين الكتب كما تقدم. (المكتبات، المجمع، الفهرس الشامل، فهرس مكتبات العالم، الإنترنت).
2 - استقراء العناوين مع فهارس تلك الكتب.
3 - استقراء العناوين والفهارس والمقدمات لمعرفة المنهج، فبعضهم يأتي بعنوان وعندما نقارنه بالمضمون نجده قد تناول جزءا يسيرا من الموضوع ومن المقدمات النفيسة: (تفسير الثعلبي / مقدمة العجاب).
4 - استقراء ما تقدم مع استقراء بعض موضوعاته (الإتقان)
5 - استقراء كامل النتاج العلمي في مجال تخصصه. (وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم)
وهذه الدرجات غذاء للعقول ورصيد للذاكرة.
مصادرالاستقراء:
1 - الببليوغرافيات
2 - المعاجم
3 - موارد المصنفين
4 - الفهارس الجامعة للكتب
5 - فهارس المكتبات
6 - كتب الإجازات
7 - كتب التراجم
8 - الدوريات المتخصصة
9 - دوائر المعارف
10 - البرامج الحاسوبية
11 - لإنترنت
من فوائد استقراء كتب الإجازات:
ومن كتب الفرائض وما يتصل بها: كتاب الفرائض لزيد بن ثابت رحمه الله حدثني به أبو بكر محمد بن أحمد بن طاهر رحمه الله عن أبي علي الغساني عن أبي شاكر عبد الواحد محمد بن موهب عن أبي محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي قال: أنا أبو علي بن الصواف عن بشير بن موسى عن سعيد بن منصور عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت رضي الله عنه.
الفرائض لأبي جعفر الطبري مختصرة على مذهب زيد بن ثابت رضي الله عنه وهو مذهب مالك بن أنس رحمه الله لا يخالفه في شيء منها إلا في فريضة واحدة وهو مذهب الشافعي أيضا.
فوائد الاستقراء:
إن التعرف على الإنتاج العلمي السابق يساعد على الابتكار وذلك من وجوه كثيرة:
1 - أن الباحث الذي ينشد الابتكار لابد أن يتعرف على المصنفات السابقة لتحاشى التكرار، ومنها نتمكن من الوصول إلى غير المطروق من الموضوعات.
2 - أن الاطلاع على الإنتاج السابق ومعرفة عناوينه يفتح آفاقا جديدة مثل الفرائض والثنائيات.
3 - تمييز المفقود من الموجود، والمطبوع من المخطوط فى هذا الفن.
4 - معرفة الاستدراكات والردود التي تثري هذا الفن مثل: الترجمات و إنكار الوحي، استدراكات ابن عطية على ابن جرير الطبري، الاستدراكات على تاريخ التراث العربي في ثمانية أجزاء.
5 - معرفة حجم ونوع إضافة المتأخر على المتقدم ومعرفة تطور ذلك العلم أو الموضوع من خلال ترتيب المؤلفات فيه زمنيا، فعلى سبيل المثال: في اللغة: كتاب العين ثم الجيم ثم الكتاب ثم الصحاح ثم الجمهرة ثم فقه اللغة ثم مختار الصحاح ثم القاموس ثم اللسان ثم التاج.
6. الوقوف على عناوين يمكن القياس عليها مثل: الثنائيات في الموطأ. صحيح التاريخ، وسيأتي تفصيله في القياس.
7. معرفة إتمام الموضوع الذي صنف فيه وهل يحتاج إلى إتمام.
8. . معرفة بداية نشأة العلم.
9. إمكانية اكتشاف أسماء مؤلفي الكتب مجهولة المؤلفين.
10. معرفة ضخامة النتاج العلمي في الموضوع المنشود والوقوف على الجهود التي بذلت في ذلك الفن أو الموضوع.
11. معرفة اهتمام العلماء بذلك العلم بالرغم من الخلاف المذهبي الفقهي والعقدي.
12. التعرف على السمو الحضاري للأمة الإسلامية من خلال نتاجها العلمي، الذي يفصح عن تاريخ الأفكار والابتكار.
تطبيقات الإستقراء:
1 - تطبيق الاستقراء فى التخصص أو في موضوع منشود. (التفسير الصحيح، عناية السنة النبوية بحقوق الانسان).
2 - تطبيق الاستقراء فى جزئيات الموضوع المنشود
كيف أستفيد من الاستقراء الموجود؟
كيف أبدع فى إيجاد الاستقراء التام فى موضوع ما؟
(تفسير القرآن بالقرآن)
أمثلة من الببليوغرافيا
(يُتْبَعُ)
(/)
المثال الأول من ببليوغرافيا غريب القرآن من أبحاث الكرسي:- شرح مفردات القرآن: لابن الزقاق:علي بن القاسم بن يونس، أبو الحسن الأشبيلي- شرح مفردات القرآن الكريم: المؤلف مجهول، مخطوط توجد منه نسخة في الخزانة الملكية (الحسنية) في المغرب ـ الرباط
المثال الثاني: من ببليوغرافيا إعراب القرآن من أبحاث الكرسي:
- إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم.
ابن خالويه: الحسين بن أحمد ابن خالويه, أبو عبد الله (ت 370هـ) , طبع دائرة المعارف العثمانية.- إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم. ابن خالويه: الحسين بن أحمد ابن خالويه, أبو عبد الله (ت 370هـ) , طبع دائرة المعارف العثمانية حيدر أباد الدكن.
- إعراب ثلاثين سورة من القرآن.
البصروي: محمد بن خليل بن محمد , أبو عبد الله محب الدين الشافعي (نحو 889 هـ) , منه نسخة خطية في المكتبة المركزية , برقم حفظ [4837] (عن شستربيتي) , الرياض - المملكة العربية السعودية , الفهرس الشامل (علوم القرآن) 506.
- إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم.
ابن خالويه: الحسين بن أحمد ابن خالويه, أبو عبد الله (ت 370هـ) , طبع دائرة المعارف العثمانية حيدر أباد الدكن.
- إعراب ثلاثين سورة من القرآن.
البصروي: محمد بن خليل بن محمد , أبو عبد الله محب الدين الشافعي (نحو 889 هـ) , منه نسخة خطية في المكتبة المركزية , برقم حفظ [4837] (عن شستربيتي) , الرياض - المملكة العربية السعودية, ونسخة أخرى في مكتبة المخطوطات في الكويت برقم حفظ [3334 م ك مج 1 عن شستربيتي 4837/ 1] ونسخة أخرى في مكتبة شستربيتي , أيرلندة - دبلن برقم حفظ 6/ 113 [(1) 4837] وهي بخط المؤلف , الفهرس الشامل (علوم القرآن) 506.
- إعراب ثلاثين سوره من القرآن الكريم.
لم يذكر له مؤلف , منه نسخة خطية في المكتبة المركزية ,بالرياض - المملكة العربية السعودية , برقم [7464] , هكذا ذكر الكتاب مجهول المؤلف في برنامج خزانة التراث الصادر عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية, ولعله لابن خالويه أو للبصروي محمد بن خليل المتقدم ذكرهما.
لمحمد بن خليل مؤلفات منها
تعليق لطيف على قواعد الإعراب (محقق)
إعراب ثلاثين سورة من القرآن (محقق)
ـ[هشام الشويكي]ــــــــ[13 Aug 2009, 11:07 ص]ـ
إعراب ثلاثين سورة من القرآن
لمحمد بن خليل البصروي (ت 889هـ) محقق في جامعة الخليل ـ فلسطين ـ تحقيق:صالح الشعرواي
من مصادر البصروي في هذا الكتاب هو كتاب الفريد في إعراب القرآن المجيد للمنتجب الهمداني .....
ـ[هشام الشويكي]ــــــــ[13 Aug 2009, 11:11 ص]ـ
إعراب ثلاثين سورة من القرآن.
البصروي: محمد بن خليل بن محمد , أبو عبد الله محب الدين الشافعي (نحو 889 هـ) , منه نسخة خطية في المكتبة المركزية , برقم حفظ [4837] (عن شستربيتي) , الرياض - المملكة العربية السعودية , الفهرس الشامل (علوم القرآن) 506.
محقق في جامعة الخليل ـ فلسطين
تحقيق صالح الشعرواي
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Nov 2009, 10:37 ص]ـ
للتوسع في بعض الموضوعات ذات الصلة بهذا الموضوع، يمكن الرجوع إلى موقع كرسي المعلم محمد عوض بن لادن للدراسات القرآنية، والذي يشرف عليه فضيلة الأستاذ الدكتور حكمت بن بشير ياسين على هذا الرابط:
كرسي المعلم محمد عوض بن لادن للدراسات القرآنية ( http://binladenchair-qs.kau.edu.sa/Default.aspx?Site_ID=3203203&lng=AR)(/)
أليس فيما أذهب الحزن بشرى؟
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[17 May 2009, 10:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
سورة يوسف سورة مكية، نزلت في وقت أشتدت فيه أذية قريش للرسول صلوات ربي وسلامه عليه، فقد عانى الحبيب صلى الله عليه وسلم أصناف القسوة من عشيرته والمقربين، وفقد زوجه المحبة الكريمة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وغير ذلك من الشدائد، فنزلت السورة لتثبيته عليه الصلاة والسلام ...
أليس في هذه السورة بشرى له صلى الله عليه وسلم؟
حيث أنه عليه الصلاة والسلام فتح مكة بعد أن هاجر إلى المدينة
وقد فعل رسولنا الحبيب صلى الله عليه وسلم ما فعله يوسف عليه السلام فقد عفى عنهم.
ورد في الإتقان:
"أنها اختصت بحصول الفرج بعد الشدة""
ويقول ابن العربي:
" سُورَةُ يُوسُفَ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ: الْمُسْتَعَانُ، الْقَاهِرُ، الْحَافِظُ."
يقول الشيخ محمد حسان:
"وسورة يوسف سورةٌ مكيةٌ باتفاق العلماء، ونزلت على المصطفى صلى الله عليه وسلم في فترةٍ من أحرج فترات الدعوة، فلقد نزلت سورة يوسف على النبي صلى الله عليه وسلم في مكة - شرفها الله - بعد موت أبي طالب وخديجة رضي الله عنها، وأنتم تعلمون جميعاً دور أبي طالب ودور خديجة في نصرة الإسلام، والوقوف إلى جوار النبي عليه الصلاة والسلام، علماً بأن أبا طالب كان على الشرك وعلى دين قومه حينئذٍ، ومات على ذلك .. نزلت سورة يوسف في هذه الظروف الحرجة، والنبي صلى الله عليه وسلم يتعرض لأشد أصناف العذاب والبلاء والاضطهاد من أهل مكة، وهنا أنزل الله جل وعلا عليه سورة يوسف ليقص عليه ربه جل وعلا قصة أخٍ كريمٍ تعرض لجميع أصناف المحن والفتن والابتلاءات؛ ليثبت الله بهذه القصص قلب حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم." أهـ
من محاضرة تفسير سورة يوسف:
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=6649#6649
والله أعلم وأحكم.(/)
" يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً {18} "
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[17 May 2009, 01:13 م]ـ
قوله تعالى:
"يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً {18} "
قال الأشموني في منار الهدى في بيان الوقف والابتدا. ط: 1973م/1393هـ ما نصه:
وقرئ في الصور بفتح الواو ...
فجزاكم الله خيرا من قرأ بهذه القراءة التي تحتمل جمع: صور كما تحتمل الصور جمع صورة؟؟؟
لأني لم أجدها في القراءات الأربع عشر؟
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[17 May 2009, 01:23 م]ـ
قرأ بالصور بفتح الواو كل من ابن عباس والحسن البصري والأعرج وقتادة وزيد بن علي ومعاذ القارئ وأبو مجلز وأبو المتوكل.
وقرأ أبو رزين بكسر الصاد وفتح الواو.
وهذه القراآت يستأنس بها للتفسير ولا تذكر إلا بصيغة التمريض.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[18 May 2009, 05:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا أخي إبراهيم.
هل بإمكانكم إرشادي إلى مصدر الجواب حفظكم الله
ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[18 May 2009, 06:00 م]ـ
أخوي الكريمين .. يوسف & إبراهيم ..
فائدة عزيزة، أفادتني في بعض البحوث ..
فجزاكما الله خيرا كثيرا ..
وسدد الله خطاكما الى خير ..
ولا تنسى المرجع أخ ابراهيم. فهو ضروري.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[18 May 2009, 07:55 م]ـ
لعلك تنظر في كتاب الدكتور عبد اللطيف الخطيب (معجم القراءات 264/ 10 - 265).
وفقكم الله.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[19 May 2009, 12:14 ص]ـ
وتفضلوا أيضاً
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ): (وقَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: فِي الصُّوَرِ بفتحِ الواوِ). [المحرر الوجيز: 15/ 282]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ الكِرْمَانِيُّ (ت:570 هـ): (وعنِ ابْنِ عِيَاضٍ وَعَدِيٍّ عن أَبِي عَمْرٍو (الصُّوَرِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ). [شواذ القراءات:501]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ الكِرْمَانِيُّ (ت:570 هـ): (وعَنِ ابْنِ يَعْمَرَ (لِيَخْرُجَ) بِالْيَاءِ وَفَتْحِهِ وَضَمِّ الرَّاءِ.
وَعَنْهُ (يَوْمَ يَنْفُخُ) بِالْيَاءِ وَفَتْحِهِ). [شواذ القراءات:500]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي نَصْرٍ الكِرْمَانِيُّ (ت:570 هـ): (وعنِ ابْنِ عِيَاضٍ وَعَدِيٍّ عن أَبِي عَمْرٍو (الصُّوَرِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ). [شواذ القراءات:501]
قالَ أَبُو حَيَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الأندَلُسِيُّ (ت:745هـ): (وقرأَ أبو عياضٍ: (فِي الصُّوَرِ) بفتحِ الواوِ جمعُ صورةٍ؛ أيْ: يَرُدُّ اللَّهُ الأرواحَ إلى الأبدانِ. والجمهورُ بسكونِ الواوِ فَتَأْتُونَ من القبورِ إلى الموقفِ أُمَماً، كلُّ أُمَّةٍ بإِمَامِهَا). [البحر المحيط: 8/ 574]
قالَ السَّمِينُ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ الحَلَبِيُّ (ت:756هـ): (وقَرَأَ أبو عِيَاضٍ: (فِي الصُّوَرِ) بفتحِ الواوِ، وتقدَّمَ مِثْلُهُ). [الدر المصون: 10/ 654]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيلٍ القبَاقِبِيُّ (ت:849هـ): (وَتَقَّدَمَ فَتْحُ الْوَاوِ في (الصُّوَرِ) لِلْحَسَنِ في الأنْعَامِ). [إيضاح الرموز:720]
قالَ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بْنِ عَادِلٍ الدِّمَشْقِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت:880هـ): (وقَرَأَ أَبُو عِيَاضٍ: (فِي الصُّوَرِ) بفتحِ الواوِ وتقدَّمَ مِثْلُهُ). [اللباب في علوم الكتاب: 20/ 100]
قالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيمِ الأَشْمُونِيُّ (ت: ق11هـ): (وقُرِئَ في {الصُّورِ} بفتحِ الواوِ). [منار الهدى:296]
قالَ أبو الثَّناءِ مَحْمُود بن عبد الله الأَلُوسِيُّ (ت: 1270هـ): (وقَرَأَ أبو عِياضٍ: في الصُّوَرِ، بفتْحِ الواوِ، جَمْعُ صُورةٍ، وقد مَرَّ الكلامُ في ذلك أيضًا). [روح المعاني: 29/ 12]
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[19 May 2009, 12:30 ص]ـ
سبقني بها الأخ عبد العزيز الداخل ..
ولم أذكر المصادر لكونها متفرقة وكثيرة ولا شك أنه خطأ منهجي فالمعذرة.
وجزى الله الداخل في مداخلته المفيدة.(/)
(وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ) هل صح أن خازن الجنة رضوان؟
ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[18 May 2009, 02:36 ص]ـ
(وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ) هل صح أن خازن الجنة رضوان؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين .. وبعد:
- ففي حديث الشفاعة في الصحيحين: آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بلى .. أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك.
- وفي حديث أبي هريرة في الصحيح: " من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة كل خزنة باب، هلم .. ".
- وكذلك حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أول زُمْرَةٍ تدخل الجنة من أمتي فقراء المهاجرين يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون فيقول لهم الخَزَنَةُ أوقد حُوسِبْتُم قالوا بأي شيء نحاسب وإنما كانت أسيافُنا على عواتقنا في سبيل الله حتى مِتْنا على ذلك فيفتح لهم فيَقِيلُون فيها أربعين عامًا قبل أن يدخلها الناس ".
أخرجه الحاكم (2/ 80) وقال صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. ورواه البيهقى في شعب الإيمان (4/ 28) وصححه الألباني في الصحيحة.
- هكذا جاء ذكره مبهما " الخازن" و " الخزنة " على الإفراد والجمع ..
وما اشتهر من أن خازن الجنة اسمه رضوان - كما هو مشهور - غير صحيح لعدم وجود الدليل الشرعي الصحيح عليه ..
وقد اشتهر على ألسنة كثير من العلماء في تفاسيرهم وشروحهم لكتب الحديث ..
- قال الإمام ابن القيم في حادي الأرواح (1/ 76):
قد سمى الله سبحانه وتعالى كبير هذه الخزنة رضوان وهو اسم مشتق من الرضا وسمى خازن النار مالكا وهو اسم مشتق من الملك وهو القوة والشدة حيث تصرفت حروفه. اهـ
- قال المناوي في فيض القدير (1/ 50):
سمي الموكل بحفظ الجنة خازنا لأنها خزانة الله تعالى أعدها لعباده، والـ فيه عهدية والمعهود رضوان، وظاهره أن الخازن واحد وهو غير مراد، بدليل خبر أبي هريرة: " من أنفق زوجين في سبيل الله دعاه خزنة الجنة كل خزنة باب هلم ".
فهذا وغيره من الأحاديث صريح في تعدد الخزنة، إلا أن رضوان أعظمهم ومقدمهم، وعظيم الرسل إنما يتلقاه عظيم الحفظة .. اهـ
- وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (1/ 53) عند ذكر خلق الملائكة:
ومنهم الموكلون بالجنان وإعداد الكرامة لأهلها وتهيئة الضيافة لساكنيها من ملابس ومصاغ ومساكن ومآكل ومشارب وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وخازن الجنة ملك يقال له رضوان جاء مصرحا به في بعض الأحاديث. اهـ
- وفي تفسير الرازي (5/ 313): أن قوله تعالى: {وَسِيقَ الذين اتقوا رَبَّهُمْ إِلَى الجنة زُمَراً} جاء على لسان رضوان خازن الجنة.
- وفي تفسير اللباب لابن عادل الحنبلي (3/ 474): في تفسير قوله تعالى {وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ} قال: أن المكسور اسم، ومنه رِضوان: خازن الجنة صلّى الله على نبينا وعلى أنبيائه وملائكته. اهـ
- ويقرره كثير من الأخوة الكرام الأفاضل ضمن أصل اعتقاد أهل السنة في الملائكة، كما في الوجيز في عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة (1/ 53) قال مؤلفه:
فأَهل السُنّة والجماعة: يؤمنون بهم إِجمالا، وأَمَّا تفصيلا فما صح به الدليل، ومَن سمّاه الله ورسوله- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- منهم كجبريل الموكل بالوحي، وميكائيل الموكل بالمطر، وإسرافيل الموكل بالنفخ في الصور، وملك الموت الموكل بقبض الأَرواح، ومالك خازن النَّار، ورضوان خازن الجنة، وملكي القبر منكر ونكير. اهـ
- وقال الدكتور ياسر برهامي في منة الرحمن في نصيحة الأخوان (1/ 17) عن الملائكة: وهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون: منهم: جبريل الموكل بالوحي, وميكائيل الموكل بالقطر, وإسرافيل الموكل بالنفخ في الصور, ومنهم ملك الموت وأعوانه, ومنكر نكير الموكلين بسؤال القبر وعذابه, ومالك خازن النار, ورضوان خازن الجنة, والكرام الكاتبين الذين يحصون على العباد أعمالهم وغيرهم كثير. اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
- وذكر الشيخ عطية سالم – رحمه الله - في شرح الأربعين النووية في الشفاعة الثالثة والرابعة: فيأتي صلى الله عليه وسلم ويطرق الباب ويجيبه رضوان خازن الجنة، فيقول: أنا محمد، فيقول: أمرت أن أبدأ بك، لا أفتح لأحد قبلك، فيدخل أهل الجنة الجنة. اهـ
وهو في كتب التفسير وشروح الحديث كثير جداً ..
وقد جاء ذكره في أحاديث ضعيفة غير ثابتة
- منها: ما رواه الواحدي في أسباب النزول (1/ 224) من طريق إسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحّاك عن ابن عبّاس مرفوعا قال في حديثه:
قال جبريل يا محمد أبشر، هذا رضوان خازن الجنة، فأقبل رضوان حتى سلم ثم قال: يا محمد رب العزة يقرئك السلام ومعه سفط من نور يتلألأ ويقول لك ربك: هذه مفاتيح خزائن الدنيا مع ما لا ينتقص لك مما عندي في الآخرة مثل جناح بعوضة، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كالمستشير له، فضرب جبريل بيديه إلى الأرض فقال: تواضع لله فقال: يا رضوان، لا حاجة لي في الدنيا، فقال رضوان: أصبت أصاب الله بك.
وإسناده مظلم، فيه إسحاق بن بشر متهم بالوضع، وجويبر متهم، والضحاك لم يلق ابن عباس، وهي أوهى طرق ابن عباس.
- ومنها: ما رواه البيهقي في شعب الإيمان (3/ 353) عن ابن عباس مرفوعا: إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نادي الجليل رضوان خازن الجنة فيقول: لبيك وسعديك ... وفيه أمره بفتح الجنة وأمر مالك بتغليق النار.
حكم عليه بالوضع: ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 187) والسيوطي في اللآليء (22/ 98 - 99) والشوكاني في الفوائد المجموعة (ص 87 حديث رقم 253) والألباني في ضعيف الترغيب والترهيب رقم 594.
- ومنها ما رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق (30/ 156):
من طريق سفيان الثوري أخبرنا فضل بن مرزوق عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إذا كان يوم القيامة ينصب منبران، فيجئ ملك من الملائكة فيرتقي على أحدهما فيقول معشر الخلائق من كان لا يعرفني فليعرفني فأنا رضوان خازن الجنة وهذه مفاتيحها أمرني ربي أن أدفعها إلى محمد وأمرني محمد أن أدفعها إلى أبي بكر ليدخل الجنة محبيه ومحبي عائشة بغير حساب، قال ثم يجئ ملك آخر فيرتقي على المنبر الآخر فيقول معشر الخلائق من كان لا يعرفني فليعرفني فأنا مالك خازن جهنم وهذه مفاتيحها أمرني ربي أن أدفعها إلى محمد وأمرني محمد أن أدفعها إلى أبي بكر ليدخل النار مبغضه ومبغض عائشة بغير حساب ..
قال أنا أبو بكر الدينوري لم يرو هذا الحديث عن فضيل بن مرزوق غير الحسين بن عبيد الله العجلي. اهـ
وعطية العوفي ضعيف باتفاق، والراوي عنه فضيل بن مرزوق وثقه الذهبي وضعفه النسائي وقال ابن حجر صدوق رمي بالتشيع، وقال ابن حبان في الضعفاء: كان يخطىء على الثقات، ويروى عن عطية الموضوعات.
ورواه عن فضيل الحسين بن عبيد الله العجلي أبو علي قال سبط ابن العجمي قي الكشف الحثيث (1/ 99): قال الدارقطني كان يضع، وقال ابن عدي يشبه أن يكون ممن يضع الحديث.
- وفي حديث عكس هذا، يرويه الشيعة في فضائل علي من طريق أبي حفص العبدي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا ..
وفيه أن رضوان أعطى مفاتيح الجنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاها لعلي، وأن مالك خازن النار أعطاه مفاتيح النار فأعطاها لعلي ..
إلى كذب وبهتان وزور .. وكيف لا، وراويه أبو حفص العبدي متروك وأبي هارون العبدي كذاب.
- ومنها: ما رواه القضاعي في مسند الشهاب (رقم 1036) عند فضائل سورة يس من حديث أبي بن كعب مرفوعا:
من قرأ يس وهو في سكرات الموت جاء رضوان خازن الجنة بشربة من شراب الجنة حتى يسقيه وهو على فراشه حتى يموت رياناً، ويبعث رياناً.
وهو حديث منكر جداً في سنده مخلد بن عبد الواحد قال ابن حبان عنه في المجروحين: منكر الحديث جداً، وحكم بوضعه ابن الجوزي في الموضوعات (1/ 247) والألباني في الضعيفة (5870).
- ومنها: ما جاء في حديث خيثمة بن سليمان القرشي (1/ 121) عن مجاورة النبي أصحابه في الجنة وكلام رضوان على قصر عمر ..
(يُتْبَعُ)
(/)
فروى بسنده عن عبد الله بن أبي أوفى قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فقال يا عمر، لقد رأيت في الجنة قصرا من درة بيضاء، شرفه لؤلؤ أبيض مشيد بالياقوت، فأعجبني حسنه فقلت: يا رضوان، لمن هذا؟ فقال: هذا لفتى من قريش، فظننت أنه لي، فذهبت لأدخله، فقال لي: يا محمد، هذا لعمر بن الخطاب. اهـ
وهو حديث منكر في سنده عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن عمّار بن سيف وهما كما في ترجمتيهما يرويان المناكير.
وحديث قصر عمر في الصحيحين ثابت بدون ذكر رضوان.
- وروى الداراقطني في حديث الرؤيا رواية قتادة عن أنس مرفوعا وفيه:
فينادي رب العزة تبارك وتعالى رضوان وهو خازن الجنة فيقول يا رضوان ارفع الحجب بيني وبين عبادي وزواري، فإذا رفع الحجب بينه وبينهم فرأوا بهاءه ونوره هموا له بالسجود، فيناديهم تبارك وتعالى بصوته: ارفعوا رؤوسكم فإنما كانت العبادة في الدنيا وأنتم اليوم في دار الجزاء، سلوني ما شئتم .. الحديث
رواه بسنده الدارقطني في كتاب رؤية الله (1/ 82 رقم: 75)، ورواه العقيلي في الضعفاء (2/ 340) في ترجمة حمزة بن واصل المنقري وقال عنه: بصري عن قتادة مجهول في الرواية وحديثه غير محفوظ من حديث قتادة .. ثم رواه بسنده إليه ثم قال عقب الحديث: ليس له من حديث قتادة أصل. اهـ
وذكره ابن القيم في الحادي (1/ 270) مستشهدا به .. وزاد من رواية ابن أبي شيبة وابن خزيمة وابن بطة في الإبانة ..
- ويروى عن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
رأيت ليلة اسري بي إلى السماء .... ورأيت رضوان خازن الجنة فلما رآني فرح بي ورحب بى وأدخلني الجنة وأراني فيها من العجائب ما وعد الله فيها لأوليائه مما لا عين رأيت ولا أذن سمعت ورأيت فيها درجات أصحابي ورأيت فيها الأنهار والعيون وسمعت فيها صوتا وهو يقول آمنا برب العالمين فقلت ما هذا الصوت يا رضوان قال هم سحرة فرعون وأزواجهم وسمعت آخر وهو يقول لبيك اللهم فقلت من هو قال أرواح الحجاج وسمعت التكبير فقال هؤلاء الغزاة في الأرض السابعة فإذا على بابها مكتوب وان جهنم لموعدهم أجمعين.
رواه بعضه ابن ماجة وهذا الحديث بهذا اللفظ ظاهر الوضع وليس له إسناد.
- وقد روي أن خواتم سورة البقرة نزل بها رضوان خازن الجنة .. ومن ذكره لم يأت بدليل عليه ولا دلنا على مخرجه وسنده.
أما ما ذكر في تراجم العلماء أو من كلماتهم فكثير ..
- كما في الحلية لأبي نعيم في ترجمة داود الطائي 7/ 353 وترجمة الخواص 10/ 331.
وذكره الذهبي في السير 11/ 226 ترجمة 2613 في قصة رحلة الحسن بن سفيان.
وذكرها ابن كثير في البداية في ترجمته وقصة جوعه هو ورفاقه فجاء رضوان كالفارس إلى الأمير طولون وطعنه في خاصرته وقال له: قم فأدرك الحسن بن سفيان وأصحابه، قم فأدركهم، قم فأدركهم، فإنهم منذ ثلاث جياع في المسجد الفلاني. فقال له: من أنت؟ فقال أنا رضوان خازن الجنة. فاستيقظ الأمير وخاصرته تؤلمه ألما شديدا، فبعث بالنفقة في الحال إليكم. ثم جاء لزيارتهم واشترى ما حول ذلك المجلس ووقفه على الواردين عليه من أهل الحديث، جزاه الله خيرا. اهـ
- وجاء في الإصابة في تمييز الصحابة (7/ 663) في ترجمة زائدة مولاة عمر بن الخطاب قال: وقع ذكرها في كتاب شرف المصطفى لأبي سعد النيسابوري وأورد حديثها أبو موسى في الذيل فسماها زيدة وكذا أوردها المستغفري فأخرجا من طريق الفضل بن يزيد بن الفضل عن بشر بن بكر عن الأوزاعي عن واصل زاد في رواية المستغفري مولى أبي عتبة عن أبي نجيح وأيضا في رواية المستغفري أم يحيى قالت قالت عائشة كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت زيدة جارية عمر بن الخطاب وكانت من المجتهدات في العبادة وكان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا فقالت كنت عجنت لأهلي فخرجت لأحتطب فإذا برجل نقى الثياب طيب الريح كأن وجهه دارة القمر على فرس أغر محجل فقال هل أنت مبلغة عني ما أقول؟ قلت نعم إن شاء الله قال إذا لقيت محمدا فقولي له إن الخضر يقرئك السلام ويقول لك ما فرحت بمبعث نبي ما فرحت بمبعثك لأن الله أعطاك الأمة المرحومة والدعوة المقبولة وأعطاك نهرا في الجنة .. الحديث ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ووقع في رواية أبي سعد أن اسمها زائدة وأن الذي لقيها رضوان خازن الجنة قال أبو موسى واصل مولى أبي عتبة لا سماع له عن أم يحيى وقال الذهبي في الذيل أظنه موضوعا، قلت وهو كما ظن.
- ومن الشعر المشهور في ذلك البيت المنسوب لعلي وهو:
فاعمل لدار البقاء رضوان خازنها ** الجار أحمد والرحمن بانيها.
- وذكر الذهبي في السير 16/ 70 ترجمة رقم 5424 ومحمد بن طاهر القيسراني في تذكرة الحفاظ له في ترجمة ربيعة بن الحسن رقم 120 فنقلا عنه قوله:
ببيت لهيا بساتين مزخرفة كأنها سرقت من دار رضوان
أجرت جداولها ذوب اللجين على حصى من الدر مخلوط بعقيان
والطير تهتف في الأغصان صادحة كضاربات مزامير وعيدان
وبعد هذا لسان الحال قائلة ما أطيب العيش في أمن وإيمان.
- ومن التنطع ما جاء في تعطير الأنام في تفسير الأحلام للنابلسي، قال:
وإن رأى (أي: صاحب الرؤيا) رضوان خازن الجنة، نال سرورا ونعمة وطيب عيش ما دام حيا وسلم من البلاء. اهـ
وهو كثير في كتب الأدب والتراجم ولا حاجة للإطالة بذكرها ..
أصل هذه التسمية
وقد يكون - والله أعلم – أن الأصل في هذه التسمية راجعة إلى أن الجنة دار رضا الله عن المؤمنين كما قال تعالى: (فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة-72
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول الله ?:
إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول هل رضيتم؟ فيقولون وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك، فيقول أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا يا رب وأي شيء أفضل من ذلك؟
فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً.
متفق عليه رواه البخاري 6549 مسلم 2829.
- قال المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح الترمذي:
رضواني: أي دوام رضواني .. فإنه لا يلزم من كثرة العطاء دوام الرضا ولذا قال: فلا أسخط عليكم أبداً .. أي لا أغضب.
- وقال الطيبي: الحديث مأخوذ من قوله تعالى: {وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} التوبة-72.
- وقال الحافظ: فيه تلميح بقوله تعالى " وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ " لأن رضاه سبب كل فوز وسعادة وكل من علم أن سيده راض عنه كان أقر لعينه وأطيب لقلبه من كل نعيم لما في ذلك من التعظيم والتكريم.
- وقال شيخنا مصطفى العدوي في سلسلة التفسير: أما ما جاء أن رضوان خازن الجنة فلا أعلم فيه خبراً صحيحاً عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. اهـ
- وفي فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية - (2/ 353):
س: هل رضوان خازن الجنة وأين ورد اسمه؟
ج: المشهور عند العلماء: أن اسم خازن الجنة رضوان، وجاء ذكره في بعض الأحاديث التي في ثبوتها نظر. والله أعلم.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... الرئيس
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ.
فإن قيل: إذا جمعنا الأحاديث الضعيفة فيه مع ما اشتهر عن كثير من السلف، نقول بالاحتمال لأنه دلالة على أن له أصلا، فالأمر في الأسماء هين ..
فنقول: هذه المسألة من المسائل الغيبية والتي لا يقال فيها بالرأي، وإنما إذا صح النص فيه فلا عدول عنه، وهو هنا معدوم الصحة بل والحسن، وما وجد فإنما هو أحاديث ضعيفة غير ثابتة أو موضوعة ..
فالصحيح أن ينسب كما جاء به الحديث الصحيح فيقال: خازن الجنة أو خزنتها، كما يقال ملك الموت لأنه لم يتعين اسمه كذلك في دليل صحيح.
والله أعلم.
....................
ـ[أبو المهند]ــــــــ[18 May 2009, 08:59 ص]ـ
أثابك الله ـ تعالى ـ على هذا التدقيق العلمي، وجزاك خيرا.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[18 May 2009, 05:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تدقيق علمي وطرح رزين ومنهجية عجيبة.
اذ بدأ أخونا عادل بإشكال لا بحكم لينتهي بعد العرض والتحليل إلى تقرير وإثبات
جواب الإشكال بقوله:
" فالصحيح أن ينسب كما جاء به الحديث الصحيح فيقال: خازن الجنة أو خزنتها، كما يقال ملك الموت لأنه لم يتعين اسمه كذلك في دليل صحيح.
والله أعلم "
جزاه الله خيرا على الفائدة وطريقة طرحها.
ـ[أبو عمر القصيمي]ــــــــ[18 May 2009, 06:52 م]ـ
بارك الله فيكم على هذه الفوائد.
إضافة:
قال الشيخ المحدث عبدالله السعد ـ حفظه الله ـ في شرح الأصول الثلاثة: " لم يثبت أن خازن الجنة اسمه رضوان "
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الفتاوى (3/ 161): " وأما رضوان فموكل بالجنة واسمه هذا ليس ثابتاً ثبوتاً واضحاً كثبوت مالك لكنه مشهور عند أهل العلم بهذا الإسم والله أعلم ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[18 May 2009, 08:14 م]ـ
جزاكم الله خيراً على مروركم الطيب ..
وبارك الله فيكم ..(/)
الدرس الشهري لفضيلة الشيخ الدكتور مساعد الطيار في شرح المحرر الوجيز
ـ[مندوبية العزيزية والعوالي بمكة]ــــــــ[18 May 2009, 11:00 ص]ـ
الإخوة الكرام
يسعدنا أن نذكركم بدرس شيخنا الدكتور
مساعد بن سليمان الطيار
في تفسير (المحرر الوجيز لابن عطية)
وذلك يوم الثلاثاء 24/ 5/1430هـ بعد صلاتي المغرب والعشاء -بإذن الله تعالى -
علما بأنه الدرس العلمي الخامس.
الموقع / جامع الأميرة نوف -طريق الطائف - جوار مستشفى علوي تونسي.
**ينقل الدرس عبر موقع البث الاسلامي www.islamlive.net
* للتنسيق والتواصل/ 0553131107 - 0553350721
**يوجد مكان للأخوات
أرجو من الأخوة إرسالها ونشرها في المنتديات
==============================
الرجاء إرسال هذه الرسالة إلى جميع من لديك في قائمة الإتصال في البريد الالكتروني
أو نشرها في المنتديات وغيرها حتى تعم الفائدة وينتشر الخير بإذن الله
==============================
لتصلك جميع أخبار ودروس ومحاضرات مندوبية الدعوة بالعزيزية والعوالي بمكة المكرمة , أرسل كلمة دروس إلى البريد الالكتروني
mndobyah.az@gmail.com
==============================
مندوبية الدعوة بالعزيزية والعوالي
من يحمل همَّ الإسلام؟؟(/)
كتاب: بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز للفيروزابادى في حلقات
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[18 May 2009, 12:05 م]ـ
بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز
للفيروزابادى
ملاحظة: كُتب الكتاب على الطريقة المصرية في حذف نقطتي الياء المتطرفة، مما يسبب الخلط بينها وبين الألف المقصورة.
كتاب يبحث في بعض علوم القرآن، يحتوي على مقدمة فيها فضل القرآن وشئ من المباحث العامة المتعلقة به كالنسخ ووجوه المخاطبات، ثم يأخذ في ذكر مباحث تتعلق بالقرآن: سورة سورة على ترتيبها المعروف في المصحف، فيذكر في كل سورة مباحث تسعة موضع النزول - عدد الآيات والحروف والكلمات - اختلاف القراء في عدد الآيات - مجموع فواصل السورة - اسم السورة او اسماؤها - مقصود السورة وما هي متضمنة له - الناسخ والمنسوخ - المتشابه منها - فضل السورة
(1)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب بصائر ذوي التمييز فى لطائف الكتاب العزيز للعلامة الفيروزابادى
/ النصوص الواردة في (بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى) ضمن الموضوع (مقدمة المحقق)
ترجمة المؤلف. وآثاره وتآليفه
النصوص الواردة في (بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى) ضمن الموضوع (مقدمة المحقق) ضمن العنوان (مولد المؤلف ونشأته العلمية)
إقليم فارس من أَقاليم إِيران، يقع فى جنوبيِّها الغربىّ. ومن هذا الإِقليم كورة أَرْدَ شِير خُرَّة، وقصبتها شِيراز، وهى مدينة إِسلاميَّة مصَّرها العرب فى سنة 64 هـ. وكانت قَصَبة الإِقليم كلِّه. وفى جنوبيّ شيراز تقع مدينة كارزين، وكانت من قبيل قصبة كُورة قُباذ خُرَّة. ويقل فيها ياقوت: "كارزين بفتح الراء وكسر الزاى وياء ونون" وفى التاج أَن المشهور فيه كسر الراء، كما هو عند الصاغانى، وأَن السمعانىَّ ضبطها بالفتح. وبذلك يعلم سند ياقوت فى ضبطه.
فى هذه المدينة (كارِزين) وُلد مجد الدين الفيروز آبادى محمد ابن يعقوب. وقد صرَّح بذلك فى مادة (كرز) من القاموس، ففيها: "وكارزين: د (بلد) بفارس، منه محمد بن الحسن مقرئ الحرم. وبه وُلدت. وإِليه ينسب محدِّثون وعلماء" وقد وقع عند كثير من المترجمين له أَنه ولد بكازَرون. ويذكر صاحب التاج أَن هذا الوهم وقع فيه بعض الخاصَّة. ومصدر هذا الوهم أَن كازرون أَيضا قريبة من شيراز، وإِن كانت من كورة سابور.
وكانت ولادة المجد فى ربيع الآخر - وقيل: فى جمادى الآخرة - سنة 729هـ (سنة 1329م). ولا يعرف من أَخبار أُسرته إِلا أَن أباه كان من علماء اللغة والأَدب فى شيراز. وقد توجّه إِلى حفظ القرآن فحفظه وهو ابن سبع سنين. وكان سريع الحفظ، واستمرَّ له ذلك فى حياته. وكان يقول: لا أَنام حتى أَحفظ مائتى سطر.
وقد بدا ميله إِلى اللغة فى زمن مبكِّر. فيذكر السخاويُّ أَنه نقل إِذ ذاك كتابين من كتب اللغة، والظار أَن هذا بتوجيه أَبيه.
وقد انتقل فى السنة الثامنة من حياته إِلى شيراز فى طلب العلم. فأَخذ عن أَبيه اللغة والأَدب. ويدخل فى ذلك النحو والصرف وعلوم البلاغة، وأَخذ عن القوام عبد الله بن محمود بن النجم. وتلقَّى الحديث عن محمد بن يوسف الزَّرَنْدىّ الحنفىّ المدنىّ وكانت وفاته سنة بضع وخمسين وسبعمائة كما فى الدرر الكامنة. ونجد أَن اتجاهه لعلوم المنقول، ولا نراه يتَّجه لعلوم المعقول كالمنطق والكلام، كما نرى ذلك فى علاَّمتى المعقول فى عصره وبيئته: سعد الدين التفتازانى المتوفى فى علاَّمتى المعقول فى عصره وبيئته: سعد الدين التفتازانى المتوفى سنة 792هـ، والسيد الشريف الجرجانى المتوفى سنة 816هـ.
ويفارق شيراز فى سنة 745هـ إلى العراق، فيدخل واسطا، ويقرأُ بها القراءات العشر على الشهاب أَحمد بن علىّ الديوانىّ. ويدخل بغداد فيأْخذ عن التاج محمد بن السبّاك، والسراج عمر بن علىّ القزوينىّ، وعليه سمع الصحيح (الظاهر أَنه صحيح البخارى) ومشارق الأَنوار للصاغانىّ فى الحديث، ويذكر ابن حجر فى الدرر الكامنة هذا الرجل، فيصفه بأَنه محدّث العراق، ويقول: "ومات سنة 750. ورى عنه جماعة من آخرهم شيخنا مجد الدين محمد بن يعقوب الشيرازى صاحب القاموس" ويختصّ فيها بقاضى بغداد الشرف عبد الله بن بكتاش. وكان مدرّس النظاميّة، فيعمل مُعيدا عنده. ويمكثُ هكذا فى بغداد سنين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد هذا يدخل دمشق سنة 755هـ، فيأخذ عن علمائها ومحدِّثيها، كقاضى القضاة التقىّ السبكِّى المتوفى سنة 756، وابنه التاج عبد الوهاب المتوفى سنة 771هـ، ومحمد بن إِسماعيل المعروف بابن الخبَّاز مسِند دمشق المتوفى سنة 756هـ، وابن قيِّم الضيائيَّة عبد الله بن محمد ابن إِبراهيم المتوفى سنة 761هـ.
وطاف فى بلاد الشام يأخذ عن علمائها. واستقرَّ به المقام حينا من الدهر فى بيت المقدس. فأَخذ عن صلاح الدين خليل بن كَيْكَلدِى العلائى، وكان مدرس المدرسة الصلاحية بالقدس من سنة 731هـ، وكانت وفاته سنة 761هـ بالقدس.
النصوص الواردة في (بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى) ضمن الموضوع (مقدمة المحقق) ضمن العنوان (أستاذية المجد)
ولى المجد فى بيت المقدس عدّة تداريس. ومعنى ذلك أَنه كان مدرّسا فى عدّة مدارس، يتقاضى من كل مدرسة نصيبه المخصَّص لدرسه فى الوقف. وهنا تبدأُ أُستاذيَّته، فيأْخذ عنه الناس, وممن أَخذ عنه الصلاح الصفَدى المتوفى بدمشق سنة 764، وأَخذ هو أَيضاً عن الصلاح. وفى الضوءِ اللامع أضنه بقى فى القُدس عشر سنوات أَى إِلى سنة 765هـ. ولكنَّا نراه فى خلال هذه المدّة مرَّة فى القاهرة، كما يأْتى، فلا بدَّ أَنه فى أَثناءِ هذه المدّة كان يرحل إِلى جهات أَخرى، ويعود إِلى القدس.
ولا يقنع المجد بمكانه فى القدس وتداريسه، فيرحل إِلى القاهرة، ويلقى علماءَها، كبهاءِ الدين عبد الله بن عبد الرحمن المشهور بابن عقيل شارح الأَلفيَّة المتوفى سنة 769، وجمال الدين عبد الريح الإِسنوىّ المتوفَّى سنة 772هـ، وابن هشام عبد الله بن يوسف النحوىّ المشهور، المتوفَّى سنة 761، ونرى من هذا أَنه جاءَ مصر قبل سنة 765، فإِذا صحّ أَنه استقرّ فى القدس عشر سنوات منذ سنة 755 فإِنه كان يحضر مصر فى رحلات ثم يعود إِلى القدس.
ونرى فى العقد الثمين أَنه قدم مكَّة قبل سنة 760. وعلى حسب كلام السخاوىّ يكون قدومه إِلى مكة من بيت المقدس. ثم يقول: إِنه قدمها بعد ذلك سنة 770هـ، وإِنه فى هذه المرة أَقام بها خمس سنين متوالية، أَو ست سنين - يشكُّ الفاسىُّ صاحب الكتاب - ثم رحل عنها أَى فى سنة 775، أَو سنة 776، ولا يذكر الفاسىُّ إِلى أَين رحل. ثم يذكر أَنه عاد إِلى مكة غير مرَّة بعد التسعين، وكان بها مجاوراً سنة 792، ومجاورة الحرم أَن يظل فى مكة بعد الحجّ، ولا يعود إِلى بلده مع العائدين. ولا أَدرى لمَ لمْ يجعله مجاورا فى السنين الخمس المتوالية أَو السنين الست التى أَقامها بمكة. وقد رحل فى هذه المرة من مكة إِلى الطائف، واشترى فيها بستاناً كان لجدِّ الفاسىّ من جهة أُمِّه. ولا بدّ أَنه فى مكة كان يدرّس فى مدارس، ويتقاضى منها مرتبات يعيش بها. وقد أَخذ عنه الفاسىّ، ويلقبه بشيخنا.
النصوص الواردة في (بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى) ضمن الموضوع (مقدمة المحقق) ضمن العنوان (رحلات المجد ووفادته على الملوك)
تبيَّن القارئُ مما سبق كثرةُ رحلاته فى طلب العلم. وقد كان أَيضاً كثير الوفادة على الملوك والأُمراءِ لعهده. ويُذكر أَنه كان له حُظوة عندهم، فلم يدخل بلدا إِلا وأَكرمه متوليها.
فنراه اتصل بالأَشرف سلطان مصر. والظاهر أَنه الأَشرف شعبان ابن حسين من ملوك المماليك الترك، وقد ولى ملك مصر سنة 764، وقتل سنة 778 وقد أَجازه الأَشرف ووصله، وفى النجوم الزاهرة: "كانت أيام الملك الأَشرف شعبان المذكور بَهجة، وأَحوال الناس فى أَيامه هادئة مطمئنَّة، والخيرات كثيرات .... ومَشَى سوق أَرباب الكمالات فى زمانه من كل علم وفنّ، ونفقت فى أَيامه البضائع الكاسدة من الفنون والمُلَح، وقصدته أَربابها من الأَقطار، وهو لا يكلّ من الإِحسان إِليهم فى شىء يريده، وشئ لا يريده، حتى كلَّمه بعض خواصّه، فقال - رحمه الله -: أَفعلُ هذا لئلا تموت الفنون فى دولتى وأَيَّامى".
وفى سنة 792 كان المجد بمكة، فاستدعاه ملك بغداد أَحمد بن أُويس إِليها بكتاب "كتبه إِليه، وفيه ثناء عظيم عليه، من جملته:
*القائل القولَ لو فاه الزمان به * كانت لياليه أَياما بلا ظُلَم*
*والفاعل الفعلَة الغرَّاء لو مُزِجت * بالنار لم يك ما بالنار من حُمَم*
وفيه بعد ذكر هديَّة من مستدعيه:
*ولو نطيق لَنهدى الفرقدين لكم * والشمسَ والبدر والعيُّوق والفلكا*
(يُتْبَعُ)
(/)
وصدور هذا من سلطان لعالم منقبة كبيرة له، وقد ذهب إِلى بغداد مع الركب العراقىّ بعد الحجّ، ونال برَّه وخيره.
ويليه الحلقة الثانية إن شاء الله تعالى
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[18 May 2009, 12:06 م]ـ
الحلقة الثانية
وقد رحل إِلى الهند، ووصل إِلى دِهْلى. وف العقد الثمين أَن دخوله لليمن من بلاد الهند، وقد دخل اليمن سنة 796، فيكون رحلته إِلى الهند، متَّصلة بهذا التاريخ، وكان هذا فى عهد السلطان سكندر شاه الأَول الذى ولى السلطان فى سنة 795، فإِن كان فى الهند قبل هذا التاريخ فإِنه يكون اتصل أَيضاً بالسلطان محمد شاه سلف هذا السلطان، وهما من بنى تغلق شاه.
وذهب إِلى بلاد الروم (الأَناضول) ولقى فيها حُظوة عند السلطان بايزيد بن مراد الذى ولى السلطنة سنة 791؛ ومات سنة 804، وكانت حاضرة ملكة بُرُسَّا، إِذ لم تكن القسطنطينيَّة قد فتحت بعد.
ووفد على تيمور لنك فى شيراز. ووصله تيمور بنحو مائة أَلف درهم. وقد تغلَّب تيمور على فارس والعراق وممكلة التتار، وقصد الشام وغلب عليها حيناً. وكان ظالماً غشوماً. ومع هذا كان يقرِّب العلماءَ والأَشراف وينزلهم منازلهم. وكان يجمع العلماء فى مجلسه ويأمرهم بالمناظرة ويسأَلهم ويعنِّتهم بالمسائل. وكانت وفاته سنة 807هـ.
ووفد على شاه شجاع بن محمد بن مظفَّر اليزدى صاحب عراق العجم الذى يعرف بالجبال. وفى الدرر الكامنة فى ترجمته: "وقد اشتغل بالعلم واشتهر بحسن الفهم ومحبَّة العلماءِ. وكان ينظم الشعر ويحبُّ الأُدباءَ، ويجيز على المدائح، وقُصد من البلاد. ويقال: إِنه كان يقرئ الكشاف وكتب منه نسخة بخطِّه الفائق، ورأَيت خطه وهو فى غاية الجودة ... وله أَشعار كثيرة بالفارسية" وكانت وفاته سنة 787. وفى الضوءِ أَن وفادته كانت على شاه منصور بن شاه شجاع هذا. وشاه منصور ليس ابن شاه شجاع بل هو ابن أَخيه، كما يتبين من معجم الأَنساب والأُسرات الحاكمة ص 379، فالرواية الأُولى أَثبت وهى رواية ابن حجر العسقلانى.
النصوص الواردة في (بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى) ضمن الموضوع (مقدمة المحقق) ضمن العنوان (مكانة المجد العلمية والثقافية)
كان المجد واسع المعرفة، كثير الاستحضار للمستحسَن من الشعر والْحكايات، وقد أَعانه على ذلك قوَّة حفظه، وكان ذلك من أَسباب سعادته عند الملوك والأُمراءِ. وكان يحسن اللسان الفارسىّ إِذ نشأَ فى بلاد فارس، وكان ينظم الشعر فى هذا اللسان، كما كان ينظم الشعر العربىّ. ومن شعره الذى مال فيه إِلى التجنيس قوله:
*أَحبتنا الأَماجد إِن رحلتم * ولم ترعَوا لنا عهدا وإِلاَّ*
*نودِّعْكم ونودعْكم قلوباً * لعلَّ الله يجمعنا، وإِلاَّ*
فقوله::إِلا" فى آخر البيت الأَول يريد به الحرمة والذِّمام، وقوله: "إِلاَّ" فى آخر البيت الثانى مركَّبة من إِن الشرطية ولا النافية، وفعل الشرط محذوف، أَى: وإِلا ترحلوا تمتعنا ببقائكم. ويحتمل أَن يكون المراد: وإِلاَّ يجمعنا الله أَضرّ بنا الوجدُ، أَو نحو ذلك. ويقول الفاسىُّ فى العقد الثمين: "وسمعت من ينتقد عليه قوله فى آخر البيت الثانى: (وإِلا) بما حاصله: أَنه لم يتقدَّم له ما يوطِّئ له وأَن مثل هذا لا يحسن إِلا مع تقديم توطئة للمقصود".
وقد ساعده على سعة ثقافته كثرة كتبه "حتى نقل الجمال الخيَّاط أَنه سمع الناصر أَحمد بن إِماعيل يقول: إِنه سمعه يقول: اشتريت بخمسين أَلف مثقال ذهباً كتباً. وكان لا يسافر إِلاَّ وصحبته منها عدَّة أَحمال، ويخرج أَكثرها فى كل منزلة فينظر فيها ثم يعيدها إِذا ارتحل". ويذكِّرنا هذا بالصاحب إِماعيل بن عبَّاد، فقد ذكر عنه أَنه كان يحتاج فى نقل كتبه إِلى أَربعمائة جمل. على أَنه قد يمدّ يده إِلى كتبه فيبيع منها، فقد ذكروا عنه أَنه كان مسرِفاً، وكان مع كثرة ثروته يمحقها بالإِسراف.
وقد علمت مما مرَّ بك ميل المجد إِلى علوم الرواية، وتَطوافه فى البلاد للأَخذ عن علمائها، فكانت له مشيخة كثيرة، وقد كتب جمال الدين محمد بن موسى المراكشى المكىُّ كتابا ذكر فيه مشيخته، على عادة العلماءِ فى ذلك العهد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد قام برواية الحديث ونشره حين استوسق أَمره. وقد علمت عنايته باللغة منذ نعومة أَظفاره، وظل يجدُّ فيها، حتى كانت له اليد الطولى فى مباحثتها. ويدلُّ ثبت كتبه الذى سيمر بك على تضلعه فى كل ما يتَّصل بالرواية.
وكان على سعة معارفه تعوزه الدقَّة فى بعض تآليفه. فقد أَخذ عليه التقى الفاسىّ فى العقد الثمين أَنه أَلَّف كتابا فى فضل الحَجُون - وهو جبل بأَعلى مكَّة فيه مقبرة - فذكر من دُفن فيه من الصحابة. ويقول الفاسى: "ولم أَر فى تراجمهم فى كتب الصحابة التصريح بأنهم دُفنوا جميعا بالحجون، بل ولا أَن كلهم مات بمكَّة. فإِن كان اعتمد فى دفنهم أَجمع بالحجون على من قال: إِنهم نزلوا بمكَّة فلا يلزم من نزولهم بها أَن يكون جميعهم دُفن بالحجون، فإِن الناس كانوا يدفنون بمقبرة المهاجرين، بأَسفل مكة، وبالمقبرة العليا بأَعلاها، وربما دفنوا فى دورهم".
ومن ذلك أَنه كان يتساهل فى رواية الأَحاديث الضعيفة والموضوعة، على علمه بوضعها وضعفها. وقد أَلَّف هو مجموعا فى الأَحاديث الضعيفة. وتراه فى كتاب البصائ يذكر فى فضائل السور حديث أُبَىّ بن كعب الطويل، فيذكر فى كل سورة ما يخصّها من هذا الحديث، وهو حديث موضوع تحاشاه المفسّرون إِلا الزمخشرى والبيضاوى فقد يأْتيان ببعضه، وأُخذ عليهما هذا. وكذلك حديث على المتناول لكل سورة، وفيه: يا على إِذا قرأْت سورة كذا كان لك كذا، فهو يوردُه مع التنبيه عليه فى بعض الأَحيان بأَنه واهٍ أَو ساقط. والمتحرِّى للدقة ينأَى عن هذا السبيل، وقد شدَّد العلماء فى رواية الموضوعات ووجوب تجنُّبها.
ومن هذا أَنه جمع ما يروى فى التفسير عن ابن عباس، واعتمد على رواية محمد بن مروان عن الكلبى عن أَبى صالح عن ابن عباس. ويقول السيوطى فى الإِتقان فى النوع الثمانين الذى عقده لطبقات المفسرين، إِن أَوْهى الطرق عن ابن عباس طريق الكلبى عن أَبى صالح عنه، فإِن انضم إِلى ذلك رواية محمد بن مَرْوان السُدِّى الصغير فهى سِلسلة الكذب.
وقد عابه النقَّاد بإِيمانه برَتن الهندىّ. وهو رجل ظهر بعد الستمائة من الهجرة، أَو ادَّعى ظهوره، وادَّعى صحبته للرسول عليه الصلاة والسلام، بل زعم أَنه أَسنّ منه، وروى عنه أَحاديث وأَحوالا. وقد ردّ هذه الدعوى الجهابذة. ويذكر الذهبىّ أَن هذه فرية مختلقة، وأَنه لا وجود له. ولكن المجد يصدّق بوجوده وصحبته وبقائه هذه المدة الطويلة، وينكر على الذهبىّ إِنكاره له. ويقول ابن حجر فى الإِصابة: "ولمّا اجتمعت بشيخنا مجد الدين الشيرازىّ شيخ اللغة بزَبيد فى اليمن - وهو إِذ ذاك قاضى القضاة ببلاد اليمن - رأَيته ينكر على الذهبىّ إشنكار وجود رَتَن. وذكر لى أَنه دخل ضَيْعته لمَّا دخل بلاد الهند، ووجد فيها من لا يُحصى كثرة ينقلون عن آبائهم وأَسلافهم قِصَّة رَتَن ويثبتون وجوده".
على أَنه فى الرواية البَحْت كان عَلَما مشهودا له. ويقول الخزرجىّ فيه حين كان يلقى دَرس البخارىّ فى زبيد: "وكان من الحفَّاظ المشهورين، والعلماء المذكورين. وهو أَحقّ الناس بقول أَبى الطيِّب المتنبى حيث يقول:
*أَدِيب رسَتْ للعمل فى أَرض صدره * جبالٌ جبالُ الأَرض فى جنْبها قُفُّ*
وأَعود إِلى الحديث عن تبريزه فى اللغة. فيذكر صاحب الشقائق النعمانيّة أَن المجد آخر من مات من الرؤساء الذين انفرد كل منهم بفنّ فاق فيه أَقرانه على رأْس القرن الثامن الهجرى. وهم سوى الفيرو ابادى:
1 - الشيخ سراج الدين البُلقينى، فى الفقه على مذهب الشافعى. وهو عمر بن رسلان مجتهد عصره. له تصنيف فى الفقه والحديث والتفسير، منها حواشى الروضة، وشرح البخارىّ، وشرح الترمذى. وولى تدريس التفسير بالجامع الطولونى. وكانت وفاته سنة 805.
2 - والشيخ زَين الدين العراقىّ فى الحديث. وهو عبد الرحيم بن الحسين، حافظ العصر، وله الأَلفيَّة فى مصطلح الحديث وشرحها، وتخريج أَحاديث الإِحياء، وغيرها. مات سنة 806.
3 - والشيخ سراد الدين بن الملقّن فى كثرة التصانيف فى فنّ الفقه والحديث. وهو عمر بن علىّ. اشتغل بالتصنيف وهو شابّ، حتى كان أَكثر أَهل العصر تصنيفا. ومن تصانيفه شرح البخارىّ، وشرح العمدة، وشرحان على المنهاج فى الفقه، وشرح الحاوى، وشرح التنبيه، وشرح منهاج البيضاوىّ فى الأُصول، والأَشباه والنظائر. وكانت وفاته سنة 804.
(يُتْبَعُ)
(/)
4 - والشيخ شمس الدين الفنارىّ فى الاطلاع على كلّ العلوم العقليَّة والنقليَّة والعربية. وهو محمد بن حمزة من علماء الروم فى أَيام السلطان بايزيد بن مراد. وكانت وفاته سنة 834، وبهذا لا يكون المجد آخر من مات، كما يذكر صاحب الشقائق. وقد أَبدى هذا النقد اللكنوى فى كتابه "الفوائد البهيَّة فى تراجم الحنفية".
5 - والشيخ ابن عرفة فى فقه المالكية بالمغرب. وهو محمد بن محمد ابن عرفة. توفى سنة 803.
ويستدرك المقرّى فى أَزهار الرياض على صاحب الشقائق، فيقول: "قيل: ولو زاد ولىّ الدين بن خلدون فى التاريخ وطبائع العالَم لحسن". وابن خلدون أَشهر من أَن يعرَّف به. وكانت وفاته سنة 808.
النصوص الواردة في (بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى) ضمن الموضوع (مقدمة المحقق) ضمن العنوان (مذهبه الفقهى وتصوفه)
كان المجد شافعىّ المذهب، كأَكثر أَهل شيراز. ويذكر الفاسىّ أَن عنايته بالفقه غير قويَّة. وهو مع ذلك ولى قضاءَ الأقضية باليمن، وكان سلفه جمال الدين الرَّيمى من جِلَّة الفقهاء، وله شرح كبير على التنبيه لأَبى إِسحق الشيرازى. وفى الحقّ أَنا لا نكاد نرى له تأليف فى الفقه خاصَّة. ونراه فى سفر السعادة يعرض لأحكام العبادات، ويذكر أَنه يعتمِد فيها على الأحاديث الصحيحة، فيذهب مذهب أَهل الحديث لا مذهب الفقهاءِ.
وكانت له نزعة قويِّة إِلى التصوف، واسع الاطلاع على كتب الصوفيَّة ومقاماتهم وأَحوالهم. يبدو ذلك حين يعرض فى البصائر لنحو التوكل والإِخلاص والتوبة، فتراه ينحو نحو الصوفية، وينقل عنهم الشىء الكثير ونراه فى صدر سفر السعادة يتحدَّث عن الخَلْوة عند الصوفيَّة لمناسبة ذكر خلوة الرسول عليه الصلاة والسلام فى غار حراء.
وحين كان فى اليمن انتشرت مقالة محيى الدين بن عربى فى وحدة الوجود وما إِليها فى زبيد. وكان يدعو إِليها الشيخ اسماعيل الجبرتى الذى استوطن زبيد، وأَحرز مكانة عند السلطان؛ إّذ ناصره عند حصار الإِمام الزيدىّ للمدينة، فمال المجد إِلى هذه العقيدة. ويذكر ابن حجر فى إِنباءِ الغُمر أَنه كان يُدخل فى شرح صحيح البخارى من كلام ابن عربى فى الفتوحات المكية ما كان سببا لشَين الكتاب، ويقول: "ولم أَكن أَتَّهم الشيخ المذكور بمقالته (أَى بمقالة ابن عربى)، إِلا أَنه كان يحبُّ المداراة. ولما اجتمعت بالشيخ مجد الدين أَظهر لى إِنكار مقالة ابن العربى وغضَّ منها" وكان اجتماع ابن حجر به فى زبيد عام 800.
ولكنا نرى أَنه يمجّد ابن عربى، ويثنى على كتبه بما ينبئ عن صدق اعتقاده فيه، وأَنه أَدنى إِلى أَن يدارى ابن حجر الذى كان شديد الإِنكار على ابن عربى.
فقد أَلَّف كتاباً بسبب سؤال رفع إِليه فى شأْن ابن عربى، وفى هذا الكتاب: "الذى أَعتقده فى حال المسئول عنه، وأَدين الله تعالى به أَنه كان شيخ الطريقة حالاً وعلما، وإِمام الحقيقة حقيقة ورسماً، ومحيى رسوم المعارف فعلاً واسماً.
*إِذا تغلغل فكر المرءِ فى طَرَف * من بحره عرِقت فيه خواطره*
ثم يقول بعد الثناءِ الكثير:
*ومع علىَّ إِذا ما قلت معتقدى * دع الجهول يظنّ العدل عدوانا*
*والله والله والله العظيم ومَن * أَقامه حجَّة للدين برهانا*
*إِن الذى قلت بعض من مناقبه * ما زدت إِلا لعلى زدت نقصانا*
ويليه الحلقة الثالثة إن شاء الله تعالى وفيها
النصوص الواردة في (بصائر ذوي التمييز / الفيروزابادى) ضمن الموضوع (مقدمة المحقق) ضمن العنوان (استقراره في اليمن)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 May 2009, 04:16 م]ـ
أخونا أبو الخير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخونا الفاضل لو اقتصرت على المواضيع المميزة في الكتاب، والمواضيع التي تحتاج إلى نقاش لكان أفضل، وأيضا أن تكون قصيرة وإذا كان الموضوع في الأصل طويل ممكن تنزيله على أجزاء.
هذا مجرد اقتراح.
وجزاك الله خيرا.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[18 May 2009, 05:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزى الله عنا خيرا أخانا كرنبة
أخي محب القرآن أرى والله أعلم أن هذا الملتقى إنما هو ملتقى أهل الشأن والتخصص ولهذا فالأفضل والله تعالى أعلم أن تكون طريقة تناول المواضيع شمولية ليكتمل التصور عند المشايخ والأساتذة فيكون الحكم بإذن الله أشمل وأدق وأصوب ...
لأن الطريقة التجزيئية في كل شيء جنت على البحث العلمي ...
وأرى والله أعلم أن الأفضل في كل بحث:
" تقليص مساحة البحث لا تقزيم الموضوع"
وليس كل ما يعلم يقال كما أنه ليس كل ما يقال يناقش ...
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[18 May 2009, 06:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزى الله عنا خيرا أخانا كرنبة
أخي محب القرآن أرى والله أعلم أن هذا الملتقى إنما هو ملتقى أهل الشأن والتخصص ولهذا فالأفضل والله تعالى أعلم أن تكون طريقة تناول المواضيع شمولية ليكتمل التصور عند المشايخ والأساتذة فيكون الحكم بإذن الله أشمل وأدق وأصوب ...
لأن الطريقة التجزيئية في كل شيء جنت على البحث العلمي ...
وأرى والله أعلم أن الأفضل في كل بحث:
" تقليص مساحة البحث لا تقزيم الموضوع"
وليس كل ما يعلم يقال كما أنه ليس كل ما يقال يناقش ...
الأخ الفاضل يوسف
الكتاب موجود على النت، وأظن أن كثيرا من الأخوة المتخصصين يمتلكون الكتاب في مكتباتهم أو عندهم في مكتبات جامعتهم.
فمجرد عرض الكتاب على صفحات المنتدى لا أرى فيه فائدة، وبدل من ذلك يمكن وضع الرابط الموجود عليه الكتاب ومن يرغب في قراءته يقوم بتنزيله.
والكتاب عندي على الجهاز وفي مكتبتي وفيه مواضيع مميزه تحتاج إلى تأمل، وفيه مواضيع عادية جداً، وفيه مواضيع هي من فضول العلم وبعضها ليست صحيحة ومتكلفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[18 May 2009, 11:19 م]ـ
اخواني الكرام .. أعتذر عن تطفلي عليكم ..
ولكن الكتاب برغم ما فيه من خير، ففيه طامات وأوابد ..
ومن طالع الجزء الأخير وما ذكره عن الأنبياء .. من قصص فارغة وحكايات باطلة، أيقن أن مؤلفه - رحمه الله - بعيد كل البعد عن علم الحديث، وقد ذكر اسماءً للنبي صلى الله عليه وسلم يذهل لها العقل ..
كما أن فيه كذلك ما لابد من مناقشته في آيات الصفات ..
والكتاب عندي منذ سنوات خمس أو يزيد ..
واستفدت منه في اللغة في المقام الأول، كمعاني كلمات القرآن وعدد وأوجه ورودها في القرآن ..
أما علوم القرآن وقصصه وأسباب النزول .. فهو أقل بكثير من الكتب المتخصصة ..
فياحبذا لو استفدنا من مناقشة بعض مواضيعه الهامة ..
كشيء فتح الله عليه فيه، أو غيره شذ فيه عن العلماء ..
فتتفرق الفوائد بين طلبة العلم ..
والأخ مشكورا ..
لا يفهم مني تقليل جهده، كلا وحاشا، والله عليم بما أقول ..
فأنا على يقين بنيته الطيبة، لنفع إخوانه ..
لكن الكتاب كبير .. وطرحه كله لن يفيد الكثير ..
وهذا اقتراحي .. وقد أكون مخطئاً ..
فالتمسوا لي العذر وسامحوني بارك الله فيكم ..
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[19 May 2009, 12:18 ص]ـ
اخواني الكرام .. أعتذر عن تطفلي عليكم ..
فياحبذا لو استفدنا من مناقشة بعض مواضيعه الهامة ..
كشيء فتح الله عليه فيه، أو غيره شذ فيه عن العلماء ..
فتتفرق الفوائد بين طلبة العلم ..
والأخ مشكورا ..
لا يفهم مني تقليل جهده، كلا وحاشا، والله عليم بما أقول ..
فأنا على يقين بنيته الطيبة، لنفع إخوانه ..
لكن الكتاب كبير .. وطرحه كله لن يفيد الكثير ..
وهذا اقتراحي .. وقد أكون مخطئاً ..
فالتمسوا لي العذر وسامحوني بارك الله فيكم ..
بل كلامك مفيد وهو اقتراح من يبحث عن الفائدة، وأنا معك فيه لكن باختصار شديد فبعض المسائل الواردة في الكتاب قد أشبعت نقاشا من قبل في هذا الملتقى وفي غيره؛ فالأولى هو الاقتصار على ما ورد في الكتاب مما لم يبحث من قبل بحثا علميا مستقيما.
وجزاك الله خيرا على هذا الطرح المفيد، وجزى الله خيرا صاحب الموضوع كذلك ووفق الجميع لما يحبه ويرضاه.(/)
إعجاز الترتيب القرآني في سورتي الشعراء والغاشية
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[18 May 2009, 10:11 م]ـ
إعجاز الترتيب القرآني في سورتي الشعراء والغاشية
اللافت للانتباه في سورتي الشعراء والغاشية اشتراكهما في العدد 26 (2 × 13)، فهو رقم ترتيب سورة الشعراء، وهو عدد آيات سورة الغاشية ..
ما وجه الإعجاز في هذا الترتيب؟
بعبارة أكثر وضوحا وصراحة:
ما الحكمة من ترتيب سورة الشعراء في موقع الترتيب 26؟ ومجيئها من 227 آية؟
ما الحكمة من ترتيب سورة الغاشية في موقع الترتيب 88، ومجيئها مؤلفة من 26 آية؟
1 - أول ما نلاحظه أن مجموع رقمي ترتيب السورتين هو 114، وهذا هو عدد سور القرآن. هذه الإشارة معناها: إحصاء قرآني لسور القرآن وآياته مخزن في هاتين السورتين .. وهو ما تؤكده الملاحظات التالية.
2 - عدد آيات سورة الغاشية 26. والعجيب هنا أن عدد سور القرآن التي جاء ترتيبها في المصحف بعد سورة الغاشية هو أيضا: 26 (2 × 13).
3 - إذا أحصينا أعداد الآيات في السور المرتبة بعد سورة الغاشية وعددها 26 سورة (الفجر- الناس) سنجدها 243 آية.
4 - سورة الشعراء هي السورة رقم 26 في ترتيب المصحف، فإذا أحصينا أعداد الآيات في السور الـ 26 الأولى في ترتيب سور النصف الأول من القرآن، أي من سورة الفاتحة – سورة الشعراء، سنجدها: 3159. المفاجأة البديعة أمامنا أن العدد 3159 هو حاصل ضرب: 243 × 13.
أي، إن مجموع آيات السور الـ 26 الأولى في ترتيب المصحف، هو 13 ضعف مجموع الآيات في السور الـ 26 الأخيرة في ترتيب المصحف.
علاقة رائعة بديعة في غاية الإحكام والإتقان .. تؤكد أن أعداد الآيات في سور القرآن محسوبة آية آية ..
5 - ونستنتج هنا، أن عدد السور المحصورة بين سورتي الشعراء والغاشية هو 62 سورة، أي 2 × 31 (أولها سورة النمل: 93 آية (3×31) – وآخرها سورة الغاشية: آية 26 (2×13)).
6 - فإذا أحصينا أعداد الآيات في هذه السور الـ 62، سنجدها: 2834. هذا العدد هو من مضاعفات الرقم 13. فهو حاصل ضرب 218 في 13.
(المصدر: النظام العددي في القرآن الكريم: كتاب مخطوط - عبد الله جلغوم
نرحب بمن يهمه نشر هذا الكتاب وطباعته)
ـ[ Amara] ــــــــ[19 May 2009, 01:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا أخي الحبيب عبد الله
وفقني و وفقك الله(/)
مقال " روايات أسباب نزول تحريم الخمر مراجعة نقدية "
ـ[الغزالي]ــــــــ[19 May 2009, 09:41 ص]ـ
قال كاتب المقال - في مقال تالي لمقال سابق بعنوان أسباب النزول تحريم الخمر نموذجا -:
" أوردنا في المقال السابق جملة من الروايات التي ذكرها المفسرون حول "أسباب نزول آيات تحريم الخمر". وقد حرصنا هناك على إيرادها دون تعليق، منبهين إلى أننا سنعود إليها لإلقاء نظرة فاحصة عليها، الشيء الذي سنفعله هذا المقال. سنبدأ بذكر رواية تستغني عنها جميعاً. فقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: اللهم بَيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً فنزل: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا" (البقرة 219). ولما قرئت عليه هذه الآية، فقال: "اللهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً"، (يقصد حكماً واضحاً جازماً، إما بالتحليل وإما بالتحريم)، فنزل قوله تعالى: "يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَقرَبوا الصَلاةَ وَأَنتُم سُكارى" (النساء 43)، ولما قرئت عليه فقال: "اللهم بين لنا في الخمر بياناً شافياً"، فنزلت هذه الآية "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ... " (المائدة 90)، فدُعي عمر فقرئت عليه فلما بلغ القارئ: "فَهَل أَنتُم مُّنتَهونَ"؟ قال عمر: انتهينا".
ما يلفت الانتباه في هذه الرواية أنها تجعل الروايات التي أوردناها في المقال السابق غير ذات موضوع. ومع ذلك فهذه الرواية كسابقاتها تقيم تطابقاً زمنياً ومنطقياً بين ما تذكره كـ"أسباب نزول"، وبين الترتيب الذي وردت به الآيات التي تحدثت عن الخمر. ومثل هذا التطابق يثير بعض الشكوك، على الأقل من حيث إن منطق الواقع لا يتماشى دائماً مع منطق العقل. أما إقحام ردود فعل الذين طلبوا السماح لهم بمواصلة شربها في المرة الأولى من أجل النفع الذي فيها، ليطلبوا في المرة الثانية السماح لهم بشربها قبل اقتراب موعد الصلوات، وليثيروا في المرة الثالثة منزلة من مات مؤمناً وكان يشربها قبل تحريمها، ثم قيام بعضهم، في رواية أخرى، بربط جميع مراحل تحريم الخمر بردود فعل عمر بن الخطاب ... أقول إن ذلك التطابق المزعُوم، يشكل اعتداءً على بنية الآيات التي كانت ردود الفعل المذكورة سبباً في نزولها، حسب زعمهم، فضلاً عن تمزيق السياق العام الذي تندرج تحته تلك الآيات.
إن الترتيب الذي وردت عليه تلك الردود لا يستقيم إلا إذا كانت تلك الآيات تنتمي جميعاً إلى "لحظة" واحدة. هذا في حين أن سورة البقرة التي تضم الآية الأولى نزلت ما بين السنة الأولى والثانية. وما ذكروه حول سبب نزول تلك الآية من كونها نزلت بعد الهجرة، وأن السؤال عن حكم الخمر كان نتيجة ملاحظة تفشي شرب الخمر بالمدينة، يوحي بأن تلك الآية نزلت في أوائل الهجرة، في السنة الثالثة على أكبر تقدير. أما سورة النساء التي تضم الآية الثانية (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) فقد نزلت بعد ذلك بسنوات، ما بين الخامسة والسابعة. وأما سورة المائدة فهي من أواخر السور، وهناك من يعتبرها آخر ما نزل. لكن المرجَّح أنها نزلت حوالي السنة الثامنة.
السياق العام يدل على أن آيات تحريم الخمر جزء من كل، وما حكي من روايات كـ"أسباب لنزولها" لا تستقيم معها.
وإذا نحن وضعنا بين قوسين روايات "أسباب النزول" واتجهنا إلى الآيات التي تتعلق بالخمر وسياقاتها فإننا سنلاحظ ما يلي:
1 - وردت الآية الأولى ضمن جملة أسئلة طرحت على النبي عليه الصلاة والسلام بصورة متتابعة وفي سياق واحد فجاء الجواب على كل منها في حينه، وبصيغة "قلْ". قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، قُلْ ... "، "وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ؟ قُلِ الْعَفْوَ ... "، "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى، قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ ... "، "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ، قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ... " (البقرة 222)، يلي ذلك حكم الأيْمان (القسَم) والطلاق والرضاعة ... الخ. وهذه الآيات التي وردت متتابعة تنتمي إلى سياق عام واحد موضوعه التشريع في عدة أمور، يبتدئ من
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ... " (البقرة 168) إلى آيات "يسألونك ... قل" والتي تليها. إلى قوله تعالى: "كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" (242). وواضح أن معنى آياته هنا: شريعته. وهكذا نرى أن ما ذكر من أسباب لنزول قوله تعالى: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ"، لا يتوافق مع السياق من حيث إن "الأسباب" لا يكون لها تأثير ولا فائدة إلا إذا عزلنا هذه الآية عن سياقها واعتبرناها مستقلة بنفسها. أما إذا اعتبرنا السياق واكتفينا به فإن المعنى سيكون أوضح، وخالياً من أي تشويش. والشيء نفسه يمكن قوله بشأن الآية الثانية.
2 - ذلك أن جميع الروايات التي اطلعنا عليها والتي تقدم "أسباباً" لنزول قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ... "، لا تستقيم إلا إذا سلخنا هذا المقطع من جملة الآية التي يقع ضمنها، واعتبرناه مستقلاً ومنفصلاً عما بعده. ذلك أن نص الآية كاملة هو: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً" (النساء 43). وواضح أن سياق هذه الآية متصل متلاحم وأنه لا يمكن عزل "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ... "، وإلا استحال فهم ما بعدها. إن شرح معنى الآية كاملة يقتضي عبارة واحدة متصلة كقولنا: يأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا تقربوا الصلاة وأنتم على جنابة ولا تقربوا المصلى (المسجد) حتى تغتسلوا إلا إذا كنتم مارِّين به مجرد مرور، وفي حالة ما إذا كان بكم مرض يتضرر بالماء (كالجرح)، أو كنتم على سفر، أو جاء أحدكم من الغائط، أو جامعتم زوجاتكم، ولم تجدوا الماء لتغتسلوا، فتيمموا حجراً نظيفاً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ... ثم صلُّوا. وواضح أنه لا مكان هنا لروايات أسباب النزول المذكورة.
3 - أما الآية الثالثة، وهي قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (المائدة 90). فهي تقع، هي الأخرى، ضمن سياق تستقل به عن "أسباب النزول" التي رويت في شأنها، وهو سياق تشريعي واحد وطويل يبدأ بقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (المائدة 87)، يلي ذلك ما يتعلق بالأيْمان (جمع يمين) والكفارة الواجبة فيها، ثم الحكم على الخمر والميسر والأنصاب والأزلام بأنها "رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ" يجب اجتنابه، خصوصاً والخمر والميسر يبعثان على الشجار والعداوة والبغضاء ويصرفان عن الصلاة، يلي ذلك "لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآَمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا" (المائدة 93). وهذا استثناء يخص من شرِبها من المسلمين قبل تحريمها. وهذا النوع من الاستثناء يعم جميع الأحكام التي وردت في السياق العام الذي تندرج تحته آية تحريم الخمر والذي يبدأ من الآية 87 إلى آخر السورة (آية 120)، ويشتمل على عدة أحكام نتبين في كل حكم منها جانبين: الأول التحليل أو التحريم أو ما في معناهما، والثاني استثناء أو استدراك وتوضيح، تماماً كما هو الحال في الخمر: تحريمها ثم مباشرة بيان حكم من كان يشربها من المؤمنين ومات قبل التحريم، الشيء الذي لا يدع مجالاً للبس ولا يترك زماناً لردود فعل ولا لطرح أسئلة من النوع الذي ذكرته روايات "أسباب النزول". إن هذا السياق الذي حددناه كإطار للآية التي أمرت باجتناب الخمر والميسر والأزلام ... الخ، والذي قلنا إنه يبدأ بالآية 87، أي بقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ"، وينتهي مع انتهاء السورة، يدل على أن المسلمين، أو بعضهم، كانوا يحرمون على أنفسهم "الطيبات" كالزينة ولذات الأكل والشرب والجماع مما لم يحرمه الله. وهذا يدل على أن آيات تحريم الخمر جزء من كل، وبالتالي فما حكي من روايات كـ"أسباب لنزولها" لا تستقيم معها. يبقى بعد ذلك تحديد فائدة روايات أسباب النزول عموماً. "
انتهى المقال
ويتضح منه أن عمدة الكاتب في الكلام على مرويات سبب النزول بناء على السياق القرآني للآي، وأن الحكم بسبب نزول قطع للآية عن سياقها، فهل يُسلم للكاتب فيما يقال؟ وما الجواب - بارك الله فيكم -؟
نقلته للاستفادة من كلام أهل العلم بالمنتدى تعليقاً على هذا المقال لا اتباعاً لرأي الكاتب ولا إعجاباً به، ولم أذكر كاتب المقال ومصدره كي يكون النقد موضوعياً دون النظر إلى كاتب المقال.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[19 May 2009, 11:51 ص]ـ
نقلته للاستفادة من كلام أهل العلم بالمنتدى تعليقاً على هذا المقال لا اتباعاً لرأي الكاتب ولا إعجاباً به، ولم أذكر كاتب المقال ومصدره كي يكون النقد موضوعياً دون النظر إلى كاتب المقال.
معرفة كاتب المقال ضرورة لمعرفة المنطلق الذي يكتب منه حتى يكون النقد موضوعياً.
والكاتب هو محمد عابد الجابري والمقال منشور بجريدة الاتحاد الأمارتيه.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[19 May 2009, 01:52 م]ـ
الأخوة الكرام .... السلام عليكم،
1. تعبير (سبب النزول) لا يُقصد به السبب بالمفهوم الأصولي، أي ما يترتب على وجوده الوجود وعلى عدمه العدم. وإنما هو في حقيقته من قبيل التناسب. وسبق أن طرح مقال في هذا المنتدى يقترح تعبير (مناسبة النزول).
2. القرآن الكريم في اللوح المحفوظ قبل نزوله، وبالتالي لا علاقة لسبب النزول بالسياق، لأن السياق موجود قبل حصول الحادثة. ونزول آيات لمناسبة معينة فيه معاني تربوية عدديدة.
3. لم تكن الآيات تنزل متتالية. ومن هنا نجد على سبيل المثال أنّ الآية 281 من سورة البقرة نزلت قبل الآيات 282 ــ 286. والسياق لم يكتمل ولم يتم إلا بعد اكتمال نزول القرآن الكريم. بل إن بعضَ آية قد ينزل بعد حين، كما في الآية 3 من سورة المائدة؛ فقد نزلت الآية الكريم ثم نزل ــ بعد حين ــ بعضها وهو:"الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ ديناً". ومن هنا لم يوفّق الكاتب في نظرته النقدية لأنه لم يلتفت إلى تاريخ نزول القرآن الكريم.
4. قول الله تعالى: يسئلونك ... قل .. " يؤكد وجود مثل هذه التساؤلات التي تنتظر الجواب. أما الجواب فكان ينزل وفق الحكمة الربانية. وقد يأتي الجواب سريعاً وقد يتأخر.
5. السور القرآنية أيضاً لم تنزل وفق ترتيب المصحف، ولم تكن السورة تنزل دفعة واحدة ــ مع وجود سور نزلت دفعة واحدة ــ بل قد تمضي سنوات قبل أن يكتمل نزول سورة بعينها؛ فالبقرة مثلاً من أوائل ما نزل في المدينة وآخر ما اكتمل من السور.
6. نزول آية لسبب بعينه لا يُحتّم أن يكون كل ما ورد في الآية له نسب بسبب النزول. وسبب النزول يساعد على الفهم والسياق أيضاً يساعد على الفهم. فلماذا يُصر الكاتب على تمزيق النص ليجعل الآية مقتصرة في الإجابة على السؤال المطروح أو السبب المناسب؟!!
وأخيراً نلاحظ أن الكاتب ــ ولا يهمني معرفة اسمه ــ في واد والعلم بنزول القرآن الكريم في واد آخر. ولم أرَ تهافتاً في النقد كهذا (لا بل رأيت).
ـ[الغزالي]ــــــــ[19 May 2009, 03:43 م]ـ
أخي عمرو - بارك الله فيكم على الرد الجميل -
هل لديكم مثال يوضح النقطة السادسة؟
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[19 May 2009, 07:31 م]ـ
الأخ الكريم الغزالي،
النقاط التي أوردتها هي رد على ما ورد في المقال، بما في ذلك النقطة السادسة، والتي تردّ على ما أورده الكاتب من مثال في النقطة الثانية في مقاله.
ـ[الغزالي]ــــــــ[19 May 2009, 07:54 م]ـ
أقصد - حفظكم الله - هل يوجد مثال لمناسبة نزول لآية؛ المناسبة لأولها وليس لآخرها مناسبة؟
وفيما يتعلق بمناسبة نزول آيات تحريم الخمر، فلم أقف - بحسب علمي القاصر - على حديث صحيح في مناسبة النزول إلا لآية المائدة، فهل صح شيء سواها؟
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[19 May 2009, 08:38 م]ـ
الأخ الكريم الغزالي حفظه الله،
أعذرني أخي يبدو أننا لم نفهم بعضنا البعض، فإليك الإجابة كما فهمت:
الآية التي ذكرها كاتب المقال، وهي في سورة النساء:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا"، فالسبب المنصوص عليه يتعلق ببداية الآية ولا يتعلق بباقي المذكورات. وقد نص الترمذي على حسن الحديث وصححه الحاكم.
وردّنا على كاتب المقال لا علاقة له بما صح أو لم يصح، وإنما نناقشه في المنهج الذي سلكه في طرحه.
ـ[الغزالي]ــــــــ[19 May 2009, 10:02 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخي عمرو
الحديث الوارد في مناسبة نزول هذه الآية فيه مقال؛ ومداره على عطاء بن السائب
وقد اختلط، واختلف عليه ثم متن الحديث مضطرب فتارة أمّهم علي وتارة ابن عوف
وتارة رجل إلخ، لذا لم يورده الشيخ مقبل الوادعي في كتابه (الصحيح المسند من أسباب النزول) ونبّه على هذا الشيخ مصطفى العدوي في كتابه التسهيل في تأويل سورة النساء.
وحديث متفق على الاحتجاج به أولى من حديث مختلف في الاحتجاج به كما لا يخفى على شريف علمكم - بارك الله فيكم -.(/)
من درر الشيخ صالح آل الشيخ في منهجية المفسر،،
ـ[عصام العويد]ــــــــ[20 May 2009, 02:43 ص]ـ
(رأيته كلاما متينا فأحببت أن أشرككم به)
من محاضرة بعنوان " المنهجية في قراءة كتب أهل العلم "
لمعالي الشيخ / صالح بن عبد العزيز آل الشيخ يقول فيها:
" .. من المهم لطالب العلم، قبل أنْ يقرأ في كتب التفسير بالرأي المحمود، مثل تفسير القرطبي، أو تفسير الألوسي أو تفسير كذا وكذا من الكتب،
سواء كانت من مدرسة التفاسير الفقهية أو الموسوعية، قبل أنْ يقرأها لابدّ أنْ يطالع قول السلف في التفسير، لمَ؟
لأنّه من المتقرر عند أهل العلم بعامة أنّه لا يجوز أنْ يعتقد أنّ صوابا في مسألة من مسائل التفسير يحجب عن الصحابة والتابعين، ويُدْرِكُ هذا الصواب من بعدهم؛
لأنّهم هم الذين نزل عليهم التنزيل، أعني الصحابة، فنقوله إلى من بعدهم، فكل تفسير يُضاد، - والحظ أنني أقول يُضاد ولا أقول يخالف - تفسير السلف فإنه قطعًا غلط؛
لأنّه لا يجوز أنْ يُعتقدَ أو يظنّ أنّ ثمة صوابا في التفسير يُحجب عن سلف هذه الأمة لأنه لا يجوز أنْ نقول أو نظن أنّ كلمة من القرآن جهلها الصحابة وأدركها من بعدهم،
فسرها الصحابة بتفسير ويأتي المتأخر فيفسرها بتفسير مضاد له ويكون الصواب مع المتأخر هذا قطعا ممتنع.
ولهذا نقول من أساسيات قراءة كتب التفسير؛ أنْ تبدأ بقراءة التفسير بالمأثور، قبل التفسير بالرأي،
أنْ تطالع آثار السلف في الآية، قبل أنْ تنظر في اجتهادات المتأخرين التي تكون مبنية على العلوم المختلفة، النحو ومفردات اللغة وأصول الفقه إلى غير ذلك ".
وهذا ما ندين الله به، سددني وسددكم الله،،
ـ[سيف التوحيد]ــــــــ[20 May 2009, 05:11 ص]ـ
نفع الله بكم وبالشيخ صالح.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[21 May 2009, 06:02 م]ـ
كلام مهم نحتاجه جميعاً، وخصوصاً أولئك الفضلاء الذين أغرقوا كثيراً في ما يسمى بالإعجاز العلملي، وغفلوا عن تفهّم كلام السلف.
رزقنا الله إتيان الأمور من أبوابها، والفهم الصحيح للوحيين.
ـ[أمل السويلم]ــــــــ[21 May 2009, 07:59 م]ـ
لأنّه لا يجوز أنْ يُعتقدَ أو يظنّ أنّ ثمة صوابا في التفسير يُحجب عن سلف هذه الأمة لأنه لا يجوز أنْ نقول أو نظن أنّ كلمة من القرآن جهلها الصحابة وأدركها من بعدهم،
تساءل يرد لذهني عندما أقرأ مثل هذا الكلام ..
قول الرسول صلى الله عليه وسلم (رب مبلغ أوعى من سامع)، يدل على أن المبلّغ قد يصله علم لم يصل للسامع، والمبلّغ قد يكون من الخلف ويصله علم لم يصل للسلف، فتنكشف للمبلغ بعض الأمور التي خفيت على الصحابة.
ـ[البهوتي]ــــــــ[22 May 2009, 10:50 ص]ـ
قال الشيخ صالح (فكل تفسير يُضاد، - والحظ أنني أقول يُضاد ولا أقول يخالف)
ما الفرق بين التضاد والمخالفة عند الشيخ صالح؟؟؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 May 2009, 01:01 م]ـ
قال الشيخ صالح (فكل تفسير يُضاد، - والحظ أنني أقول يُضاد ولا أقول يخالف)
ما الفرق بين التضاد والمخالفة عند الشيخ صالح؟؟؟
التضاد مثل أن يقول هذا حلال ويقول آخر هذا حرام فالقولان متضادان
وأما المخالف فكأن يقول أحدهم هذا واجب ويقول الآخر هذا مندوب فهذا يخالف لكنه لا يضاد فهما متفقان في المشروعية ولكنهما اختلفا في الدرجة.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[22 May 2009, 01:52 م]ـ
لأنّه لا يجوز أنْ يُعتقدَ أو يظنّ أنّ ثمة صوابا في التفسير يُحجب عن سلف هذه الأمة لأنه لا يجوز أنْ نقول أو نظن أنّ كلمة من القرآن جهلها الصحابة وأدركها من بعدهم،
تساءل يرد لذهني عندما أقرأ مثل هذا الكلام ..
قول الرسول صلى الله عليه وسلم (رب مبلغ أوعى من سامع)، يدل على أن المبلّغ قد يصله علم لم يصل للسامع، والمبلّغ قد يكون من الخلف ويصله علم لم يصل للسلف، فتنكشف للمبلغ بعض الأمور التي خفيت على الصحابة.
هذا التساؤل غير وارد ولا يخالف ما قرره الشيخ صالح؛ لأن ما يصل إليه المتأخر لا يخلو من أمرين:
1 ـ إما أن يأتي بمعنى جديد وفيه مضادة لما فهمه السلف، فهذا مردود جملةً وتفصيلاً؛ للسبب الذي ذكره الشيخ ـ وفقه الله ـ.
2 ـ أن يكون المتأخر فهم من الآية معنى لم يسبق إليه، فهذا الفهم لا يخلو أيضاً من حالين:
الأولى:
أن يكون لتقرير معنى هو في نفسه متقرر بأدلة شرعية أخرى، لكن فُتح على المتأخر ففهم من الآية أنها تدل على هذا المعنى أو ذاك ـ والمعنى متقرر أصلاً ـ، فهذا هو الذي عناه علي رضي الله عنه بقوله: (أو فهماً يؤتيه الله أحداً في كتابه) والله أعلم.
الثانية:
أو يكون فهماً متعلقاً بشيء جدّ في واقع الناس كالاكتشافات الحديثة ونحوها، وهو ما يسمى بـ (الإعجاز العلمي)، فهذا فيه الضوابط المعروفة، والتي بث منها أخونا المحقق د. مساعد الطيار ـ وفقه الله ـ وغيره من الفضلاء الذين تحدثوا عن هذا الباب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عصام العويد]ــــــــ[22 May 2009, 05:01 م]ـ
كنت سأجيب على الإشكال الذي أوردته الأخت وفقها الله،
فلما قرأت جواب شقيق الروح د. عمر المقبل؛
فإذ به جاء بما في نفسي وزاد، فشكر الله له ولكم.
،،،
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[22 May 2009, 06:48 م]ـ
قال الشيخ العلامة عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي -رحمه الله تعالى-: التفاسير. أحسن التفاسير مثل تفسير عبد الرزاق، ووكيع وعبد بن حميد، ودحيم، وتفسير أحمد وإسحاق وبقي بن مخلد، وابن المنذر وسفيان بن عيينة وسنيد، وتفسير ابن جرير وابن أبي حاتم، وأبي سعيد الأشج، وابن ماجه، وابن ماردويه، والبغوي، وابن كثير.
وحدَث طوائف من أهل البدع تأولوا كلام الله على آرائهم، تارة يستدلون بآيات الله على مذهبهم، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم، كالخوارج، والرافضة، والجهمية والمعتزلة، والقدرية، والمرجئة وغيرهم.
قال الشيخ: وأعظمهم جدالا المعتزلة، وقد صنفوا تفاسير على أصول مذهبهم، مثل: تفسير ابن كيسان الأصم، والجبائي، وعبد الجبار الهمداني، والرماني، والكشاف. ووافقهم متأخرو الشيعة: كالمفيد، وأبي جعفر الطوسي، اعتقدوا رأيا ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه، ومنهم حسن العبارة يدس البدع في كلامه، كصاحب الكشاف، حتى إنه يروج على خلق كثير.
وذكر أن تفسير ابن عطية وأمثاله، وإن كان أسلم من تفسير الزمخشري، لكنه يذكر ما يزعم أنه من قول المحققين، وإنما يعني طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة.
وذكر الذين أخطئوا في الدليل، مثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء وغيرهم، يفسرون القرآن بمعان صحيحة، لكن القرآن لا يدل عليها، مثل كثير مما ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في حقائق التفسير، وإن كان فيما ذكره ما هو معان باطلة، فإن ذلك يدخل في الخطأ في الدليل والمدلول جميعا، حيث يكون المعنى الذي قصدوه فاسدا.
وبالجملة: مَن عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئًا في ذلك، بل مبتدعا، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤه، فالمقصود بيان طرق العلم وأدلته وطرق الصواب.
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[27 May 2009, 10:03 ص]ـ
وماذا نقول في الآيات العلمية المتعلقة بالطبيعة , فلقد فسرها السلف حسب علومهم والتي لا تقارن بعلوم زماننا هذا, فهل نعد هذه الآيات استثناء أم يجب أن نقدم تفسير السلف على علماء عصرنا؟!
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[27 May 2009, 07:29 م]ـ
وماذا نقول في الآيات العلمية المتعلقة بالطبيعة , فلقد فسرها السلف حسب علومهم والتي لا تقارن بعلوم زماننا هذا, فهل نعد هذه الآيات استثناء أم يجب أن نقدم تفسير السلف على علماء عصرنا؟!
أخي الكريم مذ مدة وأنا أتابع بعض النقاشات حول هذه المقارنة، فما هو المثال الذي دفعك لاعتقاد التضاد إن كنت تقصده، فبالمثال يتضح المقال، إذا أمكن.
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[28 May 2009, 12:31 ص]ـ
نفع الله بك أيها الشيخ الجليل ..
ـ[يسعد صباحك]ــــــــ[04 Jun 2009, 03:16 م]ـ
كلام جميل ونفيس جزاك الله خير
ـ[أمل السويلم]ــــــــ[08 Jun 2009, 10:57 م]ـ
هذا التساؤل غير وارد ولا يخالف ما قرره الشيخ صالح؛ لأن ما يصل إليه المتأخر لا يخلو من أمرين:
1 ـ إما أن يأتي بمعنى جديد وفيه مضادة لما فهمه السلف، فهذا مردود جملةً وتفصيلاً؛ للسبب الذي ذكره الشيخ ـ وفقه الله ـ.
2 ـ أن يكون المتأخر فهم من الآية معنى لم يسبق إليه، فهذا الفهم لا يخلو أيضاً من حالين:
الأولى:
أن يكون لتقرير معنى هو في نفسه متقرر بأدلة شرعية أخرى، لكن فُتح على المتأخر ففهم من الآية أنها تدل على هذا المعنى أو ذاك ـ والمعنى متقرر أصلاً ـ، فهذا هو الذي عناه علي رضي الله عنه بقوله: (أو فهماً يؤتيه الله أحداً في كتابه) والله أعلم.
الثانية:
أو يكون فهماً متعلقاً بشيء جدّ في واقع الناس كالاكتشافات الحديثة ونحوها، وهو ما يسمى بـ (الإعجاز العلمي)، فهذا فيه الضوابط المعروفة، والتي بث منها أخونا المحقق د. مساعد الطيار ـ وفقه الله ـ وغيره من الفضلاء الذين تحدثوا عن هذا الباب.
بارك الله فيكم ونفع بكم.
ـ[رشا الدغيثر]ــــــــ[09 Aug 2010, 10:13 ص]ـ
أين قال هذا الشيخ عبد الرحمن ابن قاسم، هل له كتاب في التفسير؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رشا الدغيثر]ــــــــ[09 Aug 2010, 10:16 ص]ـ
ومن باب الفائدة، فإن الشيخ صالح آل الشيخ وفقه الله له أشرطة اسمها (محاضرات في التفسير) قيمة جدا، أصدرتها دار الراية ..
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Aug 2010, 10:48 ص]ـ
مما يؤسف عليه أن بعض المشاركات في مثل هذا الموضوع المتعلق بالقول الجديد في التفسير (أي: القول الحادث بعد السلف) يحصل فيه خلط عظيم، وهو يدل على عدم فهم منهجية التفسير عند بعض من يخوضون فيه، والعجيب من بعضهم عدم التسليم للمحققين من المفسرين الذين ألفوا فيه تأليفًا متينًا، كالطبري وابن عطية وابن كثير والطاهر بن عاشور والشنقيطي وغيرهم.
وتجد عندهم خلط في بعض دقائق المسائل ـ أيضًا ـ بسبب عدم تفهُّمهم لمنهجية التفسير.
وأما بالنسبة للفرق بين التضاد ومطلق الاختلاف أو التغاير، فهو واضح في كتب التفسير، ويدرك المتأمل بلا عناء، لكن بعض من يجهل أصول التفسير يجعل مطلق اختلاف التغاير من التخليط والتضاد، وهذا من جهله هو بمنهجية التفسير.
ومن أشهر أمثلة التضاد:
1 ـ تفسير القرء بالحيض والطهر.
2 ـ تعيين المفدَّى بأنه إسماعيل أو إسحاق.
وقاعدة التضاد أنه الذي لا يمكن حمل الآية على معنييه بأي صورة من صور الحملِ، فإذا قيل بأحدهما سقط الآخر، ولم يحتمله النص مع القول الأول من أي وجه من وجوه الاحتمالات، وهذا يُعبَّر به بـ (إما، وإما)، فنقول: القرء: إما الحيض وإما الطهر.
أما اختلاف التغاير، فإنه كثير جدًا في تفسير السلف، ومن أمثلته:
1 ـ تفسير البيت العتيق بالمعتق من الجبابرة أو القديم.
2 ـ تفسير (مستمر) بأنه ذاهب زائل، أو قوي.
وهذا يمكن أن يعبر عنه بالواو أو بأو على حسب نوع اختلاف التغاير أوالتنوع في المثال؛ أي أن كل مثال بحسبه.
وهذا النوع هو الذي يمكن الإضافة عليه بالقول الجديد، بشرط أن لا يبطل أقوال السلف؛ لأن في إبطال أقوال السلف لازمًا باطلاً، وهو أن الله أنزل في كتابه ألغازًا لم يفهمها أولئك العرب الذي نزل بلغتهم القرآن، وانتظرنا إلى وقتنا هذا ليفهمناها فلان أو علاَّن، وهذا ـ بلا ريب ـ منهج باطل، وقد نبَّه عليه جماعة من أهل العلم، والله المستعان.
ـ[عمر جاكيتي]ــــــــ[09 Aug 2010, 01:36 م]ـ
قال الشيخ العلامة عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي -رحمه الله تعالى-: التفاسير. أحسن التفاسير مثل تفسير عبد الرزاق، ووكيع وعبد بن حميد، ودحيم، وتفسير أحمد وإسحاق وبقي بن مخلد، وابن المنذر وسفيان بن عيينة وسنيد، وتفسير ابن جرير وابن أبي حاتم، وأبي سعيد الأشج، وابن ماجه، وابن ماردويه، والبغوي، وابن كثير.
... الخ
أين قال هذا الشيخ عبد الرحمن ابن قاسم، هل له كتاب في التفسير؟
قاله - رحمه الله - في كتابه: مقدمة التفسير.
وهو كتاب مشهور شرحه عدد من العلماء في دورات علمية.
يمكنك تحميله مصورا مع حاشيته للمؤلف نفسه من هنا ( http://www.4shared.com/file/102782598/aafe718/___-________2__.html)
وقد حاولت إرفاقه هنا فلم أتمكن ... والحمد لله على كل حال.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Aug 2010, 05:51 م]ـ
المنقول من كتاب الشيخ القاسم هو من كتابه (مقدمة التفسير)، وهو قد نقله من مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[10 Aug 2010, 05:34 ص]ـ
مما يؤسف عليه أن بعض المشاركات في مثل هذا الموضوع المتعلق بالقول الجديد في التفسير (أي: القول الحادث بعد السلف) يحصل فيه خلط عظيم، وهو يدل على عدم فهم منهجية التفسير عند بعض من يخوضون فيه، والعجيب من بعضهم عدم التسليم للمحققين من المفسرين الذين ألفوا فيه تأليفًا متينًا، كالطبري وابن عطية وابن كثير والطاهر بن عاشور والشنقيطي وغيرهم.
وتجد عندهم خلط في بعض دقائق المسائل ـ أيضًا ـ بسبب عدم تفهُّمهم لمنهجية التفسير.
وأما بالنسبة للفرق بين التضاد ومطلق الاختلاف أو التغاير، فهو واضح في كتب التفسير، ويدرك المتأمل بلا عناء، لكن بعض من يجهل أصول التفسير يجعل مطلق اختلاف التغاير من التخليط والتضاد، وهذا من جهله هو بمنهجية التفسير.
ومن أشهر أمثلة التضاد:
1 ـ تفسير القرء بالحيض والطهر.
2 ـ تعيين المفدَّى بأنه إسماعيل أو إسحاق.
وقاعدة التضاد أنه الذي لا يمكن حمل الآية على معنييه بأي صورة من صور الحملِ، فإذا قيل بأحدهما سقط الآخر، ولم يحتمله النص مع القول الأول من أي وجه من وجوه الاحتمالات، وهذا يُعبَّر به بـ (إما، وإما)، فنقول: القرء: إما الحيض وإما الطهر.
أما اختلاف التغاير، فإنه كثير جدًا في تفسير السلف، ومن أمثلته:
1 ـ تفسير البيت العتيق بالمعتق من الجبابرة أو القديم.
2 ـ تفسير (مستمر) بأنه ذاهب زائل، أو قوي.
وهذا يمكن أن يعبر عنه بالواو أو بأو على حسب نوع اختلاف التغاير أوالتنوع في المثال؛ أي أن كل مثال بحسبه.
وهذا النوع هو الذي يمكن الإضافة عليه بالقول الجديد، بشرط أن لا يبطل أقوال السلف؛ لأن في إبطال أقوال السلف لازمًا باطلاً، وهو أن الله أنزل في كتابه ألغازًا لم يفهمها أولئك العرب الذي نزل بلغتهم القرآن، وانتظرنا إلى وقتنا هذا ليفهمناها فلان أو علاَّن، وهذا ـ بلا ريب ـ منهج باطل، وقد نبَّه عليه جماعة من أهل العلم، والله المستعان.
جزاكم الله خيرا كلام في غاية التحرير،
لكن من يحسن فهم كلام السلف، في كثير من الأحيان يرى الجميع كم أن البحوث الحديثة خاصة تغفل عن تحرير أقوالهم وفهم مرادهم، ولهذا أصول وقواعد لا يجهلها أهل العلم، وليست فقط تخص مسألة أن اختلافهم هل هو اختلاف تضاد أم اختلاف تنوع.والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[10 Aug 2010, 06:44 ص]ـ
1. ما رأي الشيخ مساعد ـ حفظه الله ـ في إفراد هذه المسألة ببحث مستقل؛ لأهميتها، وكثرة الخلط فيها.
2. الشيخ عبد الرحمن بن قاسم له متن أسماه: "مقدمة التفسير"، وحشَّى عليه بـ (حاشية مقدمة التفسير)، كعادته ـ رحمه الله ـ في مؤلفاته، فجلها حواشٍ إما على متون منثورة، وهو الأكثر، كحاشية كتاب التوحيد، أو منظومة، كحاشية الدرة المضيئة، أو شروح، كحاشية الروض المربع، وكلها نفيسة تستحق الاقتناء والقراءة، وليس فيها حشو، بل كل كلمة في موضعها.
وليس للشيخ عبد الرحمن بن قاسم حاشية على مقدمة شيخ الإسلام ابن تيمية في التفسير كما يظن بعض طلبة العلم.
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[11 Aug 2010, 01:23 ص]ـ
بمناسبة درر الشيخ صالح آل الشيخ أبشر المعتنين بعلمه بأنه قد طبع عام 1425هـ كتاب بعنوان:
"الطريقة المثلى في تحصيل العلم وطلبه وتبليغه"
محاضرات ألقاها الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله.
جمع وإعداد: سعود بن عبد الله المطيري.
قدم لها: الشيخ صالح آل الشيخ.
وتشمل ست محاضرات:
1. ثمرات العلم.
2. التأصيل والمنهجية في طلب العلم.
3. طالب العلم والبحث.
4. المنهجية في قراءة كتب العلم.
5. كيفية دراسة الفقه.
6. العوائق عن طلب العلم.
ويقع الكتاب في 134 صفحة من الحجم العادي، وطبعته دار إيلاف الدولية بالكويت.(/)
بابٌ: في الزلازل.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[20 May 2009, 06:49 ص]ـ
الحمد لله وحده الذي جعل الأرض مهادًا، وجعل الجبال لها أوتادًا، وذللها لتكون للإنسان أفضل موطن، وأهنأ مسكن.
وبعدُ:
فهذا بابٌ أكتبه لنثر ماييسره الله تعالى من كلامه وكلام رسوله، وكلام أئمتنا -جزاهم الله خيرًا-، حول الزلازل، وذلك لما تشهده قرى المدينة المنورة من الهزات المتتالية.
وعسى أن يكون هذا الباب عبرة لمن أراد الاعتبار، وذكرى لمن أراد التذكر، وعلى الله قصدُ السبيل.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[20 May 2009, 06:55 ص]ـ
قال تعالى: "وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا" [الرعد 3].
وقال: "والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون" [الحجر 19].
وقال: "وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارًا وسبلا لعلكم تهتدون" [النحل 15].
وقال: "وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجلعنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون" [الأنبياء 31].
وقال:" أمن جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أءِله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون" [النمل 61].
وقال: "وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم" [لقمان 10].
وقال: "الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء" [غافر 64].
وقال:" وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها" [فصلت 10].
وقال:" والأرض مددنها وألقينا فيها رواسي" [ق 7].
وقال: "ألم نجعل الأرض مهادا* والجبال أوتادا" [النبأ 6،7].
وقال:" والجبال أرساها" [النازعات 32].
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[20 May 2009, 07:00 ص]ـ
قال تعالى: (أَمَّنْ جَعَلَ الأرْضَ قَرَارًا) " أي: قارة ساكنة ثابتة، لا تميد ولا تتحرك بأهلها ولا ترجف بهم، فإنها لو كانت كذلك لما طاب عليها العيش والحياة، بل جعلها من فضله ورحمته مهادًا بساطًا ثابتة لا تتزلزل ولا تتحرك، كما قال في الآية الأخرى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً) [غافر: 64]." تفسير ابن كثير (6/ 203).
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[20 May 2009, 07:02 ص]ـ
قال ابن القيم رحمه الله: " فصل:
ثم تأمل خلق الأرض على ما هي عليه حين خلقت واقفة ساكنة؛ لتكون مهادا ومستقرا للحيوان والنبات والأمتعة، ويتمكن الحيوان والناس من السعي عليها في مآربهم، والجلوس لراحاتهم، والنوم لهدوهم، والتمكن من أعمالهم، ولو كان رجراجة منكفئة لم يستطيعوا على ظهرها قرارا، ولا هدوءًا، ولا ثبت لهم عليها بناء، ولا أمكنهم عليها صناعة، ولا تجارة، ولا حراثة، ولا مصلحة، وكيف كانوا يتهنون بالعيش والأرض ترتج من تحتهم واعتبر ذلك بما يصيبهم من الزلازل على قلة مكثها كيف تصيرهم إلى ترك منازلهم والهرب عنها" [مفتاح دار السعادة (2/ 81)].
ـ[سفير الغرباء]ــــــــ[20 May 2009, 10:11 ص]ـ
كتب الله أجرك ..
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[20 May 2009, 05:41 م]ـ
اخي الكريم: أبو الوليد
جزاك الله خيرا
للاستزادة راجع هذا الرابط: الكوارث والطوفان آية من آيات الله ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=79628#post79628)
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[20 May 2009, 06:50 م]ـ
إن انتشار المعاصي على اختلاف أنواعها ... لم يكن يوما إلا سببا من أسباب عقاب الله تعالى، والعاقل هو الذي إذا رأى تلك الآيات جأر إلى الله تعالى بالاستغفار والدعاء وذلك كفيل برفع العذاب بإذن الله تعالى كما حصل لقوم يونس، أما أن يتمادى مع ما يرى من حبس المطر وانتشار الزلازل، وقلة البركة في المال، وتسلط الأعداء، وغير ذلك؛ ثم يبدأ يفسر تلك الأمور تفسيرا طبيعيا ويحللها على أساس أنها كتل صخرية بدأت تتحرك، وكذا وكذا من الكلام الفاضي، فذلك أمر عجيب، وأذكر هنا بتفسير العلماء لهذه الايات، وأنقل لكم هنا قول الشنقيطي رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى "قل إن الله قادر على أن ينزل آية"
قال رحمه الله تعالى: (قوله تعالى: {قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}، ذكر في هذه الآية الكريمة: أنه قادر على تنزيل الآية التي اقترحها الكفار على رسوله، وأشار لحكمة عدم إنزالها بقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [6/ 37]، وبين في موضع آخر أن حكمة عدم إنزالها أنها لو أنزلت ولم يؤمنوا بها، لنزل بهم العذاب العاجل كما وقع بقوم صالح لما اقترحوا عليه إخراج ناقة عشراء، وبراء، جوفاء، من صخرة صماء، فأخرجها الله لهم منها بقدرته ومشيئته، فعقروها: {وَقَالُوا يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} [7/ 77]، فأهلكهم الله دفعة واحدة بعذاب استئصال، وذلك في قوله: {وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً} [17/ 59]، وبين في مواضع أخر أنه لا داعي إلى ما اقترحوا من الآيات، لأنه أنزل عليهم آية أعظم من جميع الآيات التي اقترحوها وغيرها، وتلك الآية هي في هذا القرآن العظيم. وذلك في قوله: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ} [29/ 51]، فإنكاره جل وعلا عليهم عدم الاكتفاء بهذا الكتاب عن الآيات المقترحة يدل على أنه أعظم وأفخم من كل آية، وهو كذلك ألا ترى أنه آية واضحة، ومعجزة باهرة، أعجزت جميع أهل الأرض، وهي باقية تتردد في آذان الخلق غضة طرية حتى يأتي أمر الله. بخلاف غيره من معجزات الرسل صلوات الله عليهم وسلامه فإنها كلها مضت وانقضت).أضواء البيان - (1/ 477)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الصاعدي]ــــــــ[21 May 2009, 03:17 م]ـ
الزلازل والبراكين من آيات الله التي يخوف الله بها عباده: (ومانرسل بالآيات إلا تخوبفا).
فالرحيم نصّ على الحكمة من ابتلاء الناس بالبأساء والضراء في كتابه الكريم فقال سبحانه: (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلكم فأخذناهم بالبأساء والضراء) ما الحكمة في ذلك وماذا يريد من عباده (لعلهم يتضرعون) يتذللون له ويقلعوا عما هم فيه من العصيان.
ثم يرشد الله سبحانه عباده إلى التضرع عند نزول البلايا والرزايا (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا) ومن التضرع إليه سبحانه ترك الذنوب والمعاصي ولزوم الاستغفار والطاعة:ثم بيّن تعالى أن عدم الرجوع إليه في البلايا سببه قسوة القلب وتزيين الشيطان المعاصي لهم (ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون)
وعندما ظهرت النار في المدينة في القرن السابع، ذكر ابن كثير رحمه الله حال الناس وأنهم لجأوا إلى التوبة والاستغفار ودخلوا المسجد النبوي النساء والأطفال والصغار والكبار حتى انجلت الغمة.
فالأسباب الكونية للزلازل والخسوف وغيرها تحت الأسباب الشرعية فإنه لما خسفت الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده).
إذا كنت في نعمة فارعها ........ فإن المعاصي تزيل النعم.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[22 May 2009, 05:47 ص]ـ
بارك الله فيكم.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[22 May 2009, 05:50 ص]ـ
مشاركة الأخ علي الفضلي من ملتقى أهل الحديث:
----
بارك الله فيكم.
فائدة:
في شرح المنهاج للأسنوي: في الصلاة في الأوقات المكروهة: إن الزلازل كالاستسقاء من ذوات السبب المقارن، فيجوز في أوقات الكراهة الصلاة لها.
فائدة:
قال السيوطي:
(الجاري على قواعد مذهبنا فواتها بسكون الزلزلة كفوات صلاة الكسوف بالانجلاء، لكن تقدم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- خلافه، وأنه صلاها من الغد بعدما زلزلت ليلا، فلعل قاعدته أن ذوات السبب تُقضى كما هو مذهب جمع من العلماء) اهـ.
فائدة:
هل تكون الزلزلة عذرا في ترك الجماعة والجمعة قياسا على الظلمة، والريح العاصف بالليل، أوْ لا كالكسوف؟
لم أر في كلام أحد التعرض لذلك، وفيه للبحث مجال.
فائدة:
رأيت في فتاوى قاضيخان من الحنفية ما نصه:
الرجل إذا كان في بيت، فأخذته الزلزلة، لا يكره له أن ينتقل إلى الفضاء، ويفر خلافا لما قاله بعض الناس، ويستحب الفرار لما روى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - مرَّ على هدف مائل، فأسرع المشي، قيل له: أتفر من قضاء الله؟! فقال: فراري من قضاء الله أيضا (1)، هذا لفظه ......
______________________
(1) هذه الفوائد للعلامة السيوطي من كتابه (كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة).
و أشار السيوطي إلى ضعف هذا الحديث.
---
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[22 May 2009, 05:55 ص]ـ
«يحزنك أن بعض المتحدثين في الإعلام يسعى لتهوين أمر الزلازل بربطه بعوامل جيلوجية وأسباب مادية، في تهميش غريب للسبب الشرعي الذي دل عليه قول مرسل هذه الآيات: (ومانرسل بالآيات إلا تخويفا).
إنها آية لم يشهد بلدنا [بلاد الحرمين] مثلها، حيث بلغت الهزة 5.7 درجات، وأوقفت الدراسة في عدد من المدارس، ومؤشرات عن ثوران بركان جبل أبو نار، فمتى نعتبر؟».
جوال تدبر.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[22 May 2009, 06:23 ص]ـ
قال تعالى: (وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجلعنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون) [الأنبياء 31].
«فيقرر أن هذه الجبال الرواسي تحفظ توازن الأرض فلا تميد بهم ولا تضطرب، وحفظ التوازن يتحقق في صور شتى: فقد يكون توازناً بين الضغط الخارجي على الأرض والضغط الداخلي في جوفها، وهو يختلف من بقعة إلى بقعة، وقد يكون بروز الجبال في موضع معادلاً لانخفاض الأرض في موضع آخر، وعلى أية حال فهذا النص يثبت أن للجبال علاقة بتوازن الأرض واستقرارها». [في ظلال القرآن (5/ 156)].
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[22 May 2009, 06:29 ص]ـ
روى البخاري من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل القتل حتى يكثر فيكم المال فيفيض» (1036).
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[22 May 2009, 06:44 ص]ـ
«وروي عن عمر بن عبدالعزيز، أنه كتب إلى أهل الأمصار: إن هذه الرجفة شيء يعاتب الله به العباد، وقد كنت كتبت إلى أهل بلد كذا وكذاأن يخرجوا يوم كذا وكذا، فمن استطاع أن يتصدق فليفعل؛ فإن الله يقول: (قد أفلح من تزكى)، وقولوا كما قال أبوكم آدم: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم غفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)،وقولوا كما قال نوح: (إلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين)، وقولوا كما قال موسى: (رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي)، وقولوا كما قال ذو النون: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)» [فتح الباري لابن رجب (9/ 251)].
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[22 May 2009, 04:05 م]ـ
إن من سنن الله عز وجل في هذا الكون أن لا يعاقب عند أول خطأ، بل يملي للظام ويتركه ويمهله ولكنه سبحانه وتعالى لا يهمل؛ فإذا أخذ الظالم لم يفلته ..
وإن من السنن المعروفة أن الذنوب والمعاصي تبدأ - عادة - في العوام والرعاع، ثم تتسلسل حتى تصل في نهاية المطاف "للطبقة العليا" من الناحية الدنيوية طبعا، ثم تتكاثر المعاصي حتى تصل "للعلماء" أو من يدعون أو يدعى لهم العلم؛ فإذا وصلت لهذه المرحلة؛ يرسل سبحانه وتعالى آياته ليخوف الطبقة العليا في العلم؛ ومن المفروض أن تتنبه وتنبه البقية حتى لا تغرق السفينة ..
ولكن ما بالكم إذا كان كثير من "علماء الأمة" يبررون ويدافعون عن كثير من المعاصي الخطيرة، ويجدون لها من الشبه "الشرعية" والعقلية ما يجعل طالب العلم في حيرة من أمره ناهيك بالعامي الذي لا يفقه شيئا ..
لا شك أن العلماء هم صمام الأمان للأمة وهم حراسها؛ فمن الواجب عليهم أن يجهروا بكلمة الحق، وأن لا يخافوا في الله لومة لائم، فإن عجزوا لخوف ونحوه فالواجب هو السكوت والعزلة، وليس تبرير الباطل والتفاني في الدفاع عنه.
نسأل الله تعالى أن يهدي علماء الأمة وجميع أفرادها إلى التوبة.(/)
فرع الجمعية بأبها ينظم قصة رسالة 3 "مع الأستاذ الدكتور حكمت بن بشير ياسين"
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 May 2009, 04:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عُقد اللقاء الثالث من البرنامج العلمي الدوري " قصة رسالة" يوم الأربعاء 25/ 5 / 1430هـ في فندق قصر أبها بعد المغرب، واستمر إلى الساعة العاشرة مساء.
وكان ضيف هذا اللقاء الأستاذ الدكتور حكمت بن بشير ياسين، حيث تحدث عن قصته مع رسالته للدكتوراه: تحقيق تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم.
وكان لقاء علمياً حافلاً بالفوائد والدرر، أبدع فيه الضيف، وبث في أثناء حديثه دررا جمة وفوائد نفيسة وتنبيهات مفيدة وتوجيهات سديدة.
وقد حضر اللقاء أعضاء الجمعية بفرع أبها، وجمع من أساتذة قسم السنة، وقسم الفقه وأصوله، وقسم العقيدة، وكذلك الدكتور حسين بن علي الحربي من جازان الذي كان ضيف اللقاء الأول من لقاءات "قصة رسالة".
وبعد اللقاء تناول الجميع طعام العشاء.
واللقاء مسجل موثق.
وعسى الله أن ييسر من يقوم بتفريغه لأهميته.
وكتبه: أبومجاهد
عصر الخميس 26/ 5 / 1430هـ.
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[21 May 2009, 11:56 م]ـ
جزاكم الله خيرا
واللقاء مسجل موثق.
وعسى الله أن ييسر من يقوم بتفريغه لأهميته.
أين نجد تسجيل اللقاء
ـ[أبوإبراهيم الأشقر]ــــــــ[22 May 2009, 02:40 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
لو أتحفتمونا بتسجيل لهذا اللقاء المبارك
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[22 May 2009, 06:22 ص]ـ
[بارك الله فيكم ونفع بكم
لو أتحفتمونا بتسجيل لهذا اللقاء المبارك]
أشارك الأخوة في هذا الطلب.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2009, 12:05 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
لو أتحفتمونا بتسجيل لهذا اللقاء المبارك
نفعل إن شاء الله
لكن انتظرونا قليلاً
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[23 May 2009, 08:20 م]ـ
عفا الله عنكم استاذنا الفاضل
هل كان هناك مكان خاص بالنساء؟
ووالله إن نفوسنا تتشوف لمثل هذه اللقاءات لنستفيد ممن سبقنا وهي عزيزة في أوساط النساء
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Jun 2009, 08:58 ص]ـ
وهذا رابط للجزء الأول من اللقاء:
http://www.mediafire.com/?sharekey=5380d544ca9e71ffe62ea590dc5e5dbb276d2c38 91b261cdce018c8114394287
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Jul 2009, 07:52 ص]ـ
وهذا رابط الجزء الثاني من اللقاء
http://www.mediafire.com/download.php?jczxytmmm2i
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[22 Jul 2009, 02:17 م]ـ
وعسى الله أن ييسر من يقوم بتفريغه لأهميته.
قريبا بإذن الله تعالى سيكون اللقاء موجود في ملتقى أهل التفسير (تفريغا)
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[22 Jul 2009, 04:53 م]ـ
جزاكما الله خير الجزاء
د. محمد , فجر الأمة
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[09 Aug 2009, 06:13 م]ـ
قامت أخت في الله بتفريغ الجزء الأول من اللقاء فجزاه الله خير الجزاء، ولا تنسوها من صالح الدعاء.
وإليكم التفريغ في المرفقات.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
ـ[شمس الدين]ــــــــ[30 Aug 2009, 11:46 م]ـ
الدكتور الفاضل والعالم الجليل الشيخ حكمت بن بشير ياسين يعتبر كنزا من كنوز الأمة الإسلامية في علم التفسير، نسأل الله أن يمد في عمره على طاعته، وأن ينفعنا بعلمه، وأن يجمعنا به في الفردوس الأعلى، إنه أكرم مسؤول وأجود مأمول.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Apr 2010, 08:52 ص]ـ
قامت أخت في الله بتفريغ الجزء الأول من اللقاء فجزاه الله خير الجزاء، ولا تنسوها من صالح الدعاء.
وإليكم التفريغ في المرفقات.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
وفقها الله وإياك
ولعلكم تقومون بتفريغ الجزء الثاني لتعم الفائدة.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[13 Apr 2010, 05:19 م]ـ
وهل رسالته هذه في تحقيق الكتاب مطبوعة؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[13 Apr 2010, 05:58 م]ـ
وهل رسالته هذه في تحقيق الكتاب مطبوعة؟
نعم
مطبوعة منذ سنوات عديدة، وعندي نسخة منه طبعت سنة 1408هـ.
ـ[مها]ــــــــ[14 Apr 2010, 12:24 ص]ـ
وهل حقق كل الموجود من التفسير؟ أم جزءا منه؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Apr 2010, 01:15 ص]ـ
وهل حقق كل الموجود من التفسير؟ أم جزءا منه؟
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=14928#post14928(/)
إعجاز الترتيب القرآني في سورتي مريم والبينة
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[21 May 2009, 09:29 م]ـ
سورة مريم هي السورة رقم 19 في ترتيب المصحف، وقد جاءت مؤلفة من 98 آية. ما وجه الإعجاز في موقع سورة مريم، وما وجه الإعجاز في عدد آياتها؟
ليس هذا هو موضوع هذه المشاركة ... ونعتذر للذين يهمهم أن يعرفوا ما وجه الإعجاز في تخصيص هذين العددين لسورة مريم ..
موضوعنا هو ما العلاقة العددية بين سورة مريم السورة المؤلفة من 98 آية، وسورة البينة السورة رقم 98 في ترتيب المصحف؟
أم أن البعض يظن هذا من التكلف ولا علاقة بين السورتين؟
إذن لنحتكم إلى المصحف، لا أظن أن أحدا يرفض هذا الحكم ..
1 - يقول المصحف: إن أعداد الآيات في السور التي جاءت في ترتيب المصحف، بعد سورة البينة السورة رقم 98 .. هو 98 آية لا غير.
2 - لماذا سورة البينة؟ عدد آيات سورة البينة 8، وهناك أربع سور أخرى عدد آيات كل منها 8، وهي سور الشرح والتين والزلزلة والتكاثر .. فلماذا سورة البينة جاءت في رقم الترتيب 98؟ هل يختلف الأمر لو وضعنا مكانها إحدى السور الأربع التي تشترك معها في نفس العدد من الآيات؟
الجواب نعم. لماذا؟ لأن قيمة (البينة) بحساب الجمّل، هو 98 .. فلا ينفع أن نضع مكانها سورة التين.
(هذه المعلومة تفيد المتعاملين بحساب الجمّل، وبصراحة بدأت أقتنع به).
3 - إذا أحصينا أعداد الآيات ابتداء من البسملة وحتى نهاية سورة البينة، فعددها هو 6138. هذا العدد يساوي 198 × 31.
ماذا ترون في العدد 198؟ أنا أرى العدد 98 عدد آيات سورة مريم، وأرى العدد 19 رقم ترتيب سورة مريم .. كما أرى رقم ترتيب سورة البينة.
هل بقي ما يؤكد هذه الحقائق؟ نعم.
ـ[ Amara] ــــــــ[22 May 2009, 07:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أعزك الله أخي الحبيب
جزاك الله خيرا
لاحظت أن ترتيب السور و أعدادها يتميز بعلاقات عميقة و عجيبة ذكرت منها الكثير فلو خصصت لها بحثا مفصلا عنها ..
وفقني و وفقك الله
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[22 May 2009, 09:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أعزك الله أخي الحبيب
جزاك الله خيرا
لاحظت أن ترتيب السور و أعدادها يتميز بعلاقات عميقة و عجيبة ذكرت منها الكثير فلو خصصت لها بحثا مفصلا عنها ..
وفقني و وفقك الله
بارك الله فيك أخي عمارة، وأكثر من أمثالك. أسأل الله أن يوفقني إلى تحقيق اقتراحك هذا ..
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[23 May 2009, 06:03 م]ـ
عدد آيات القرآن 6236 آية.
يتألف هذا العدد من العددين 36 و 62 .. ومجموعهما 98 ..
هل هي مصادفة أم أن وراء ذلك أسرارا؟(/)
ما أفضل نظم لغريب القرآن
ـ[محمد بن عبد الرحمن]ــــــــ[21 May 2009, 11:28 م]ـ
ما أفضل نظم لغريب القرآن, لا يبالغ في بيان المعاني حتى الواضح منها.
وأرجو ذكر عدد أبياته
وجزاكم الله خيرا.
ـ[أبوإبراهيم الأشقر]ــــــــ[22 May 2009, 03:00 ص]ـ
أفضل نظم لغريب القرآن الكريم _والعلم عند الله تعالى_
هو كتاب "التيسير العجيب في تفسير الغريب"
للإمام ناصر الدين أبي العباس أحمد بن محمد المالكي الإسكندراني المعروف
بابن المنير. المتوفي سنة 683هـ. _رحمه الله تعالى_
لكنه توسع نوعاً ما في نظني. قال المحقق: سليمان ملا إبراهيم "فقد شرح فيه ألفاظ القرآن الغريبة من سورة الفاتحة إلى سورة الناس في 2482بيتاً، وجمع فيه الرواية والدراية وأورد الآراء المختلفة في شرح الألفاظ دون التنيه على قائلها، وطّبق فيه طريقته الخاصة التي اختارها لنفسه في هذا التأليف، واهتم بالقراءات والإعراب والناسخ والمنسوخ وأسباب النزول وغير ذلك من علوم القرآن".
هذا وإن الكتاب من إصدار دار الغرب الإسلامي _بيروت عام 1994م
ـ[معاذ محمد عبدالله]ــــــــ[22 May 2009, 03:58 ص]ـ
ألفية العراقي الذي نظم فيها كتاب أبي حيان
وأنصحك أن تحفظ مسائل الأزرق لابن عباس بمعنى أن تحفظ شواهدها لعدة أسباب:
1_تحصيل المطلوب من فهم المعنى
2_زيادة الحصيلة اللغوية لمفردات العربية
3_إثراء الملكة اللغوية بحفظ أبيات من الشعر الجاهلي
وغيرها كثير
ـ[محمد بن عبد الرحمن]ــــــــ[09 Jun 2009, 08:34 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Jun 2009, 04:21 م]ـ
وهناك نظم رجزيٌّ وضعهُ الحافظ العراقي - في عودته من رحلة الحج - وهو عبارة عن ألفيَّةٍ استودعها كتاب تحفة الأريب لأبي حيَّان وأضاف عليها , وهي - على قلة النظم في علوم القرآن - أظنها الوحيدة في علم الغريب.
وقد طبعت طبعةً قديمة جداً بهامش كتاب التيسير في علوم التفسير لكنها كثيرةُ الأخطاء والإخلال بالوزن , والمنظومةُ بحاجةٍ إلى التحقيق وتوجد منها نسخة بمركز الملك فيصل بالرياض.
ـ[إبراهيم عبدالرحيم]ــــــــ[10 Jun 2009, 02:08 م]ـ
جزاك الله خيرا أيها الأخ والصديق القديم محمود كابر الجكني
وأنا أضم صوتي إلى صوتك بتحقيق منظومة الحافظ العراقي
وأنا في وجهة نظري القاصرة
أرى أن حفظ منظومة في هذا المجال ليس بالمقدم أو المعتمد
وإنما حفظ كتاب في الغريب أفضل من ذلك
وأرشح لك ثلاثة كتب
وهي كتاب تفسير غريب القرآن لابن قتيبة
وكتاب تذكرة الأريب في تفسير الغريب لابن الجوزي
وكتاب العمدة لمكي بن أبي طالب
وإذا أردت المزيد فعليك بهذا الرابط
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=80945#post80945
وإذا كانت عندك همة عالية للحفظ
فعندك كتاب المفردات للراغب الأصفهاني
إن حفظته نلت علما كبيرا جدا في مجالات عدة
وعمدة الكتب في هذا المجال كتاب
عمدة الحفاظ بتفسير أشرف الألفاظ
فهو عمدة هذا الباب كما سماه صاحبه
وبإذن الله أكتب لك المزيد عن هذه الكتب(/)
سؤال عن قوله تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا ... )
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[22 May 2009, 04:01 م]ـ
سؤالي حفظكم الله هل يوجد تقدير بعد
قوله تعالى (قل) حيث انتقلت الجملة إلى خطاب مباشر من الله تعالى لعباده
أشكل علي هذا الأمر أتمنى أن أجد عندكم إجابة ..
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[26 May 2009, 05:50 م]ـ
أين أهل اللغة؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[26 May 2009, 06:28 م]ـ
أين أهل اللغة؟
أخي الكريم هذا أسلوب معروف في اللغة العربية ولو تأملت بعض كلامك ستجد أنك تستخدم مثل هذا الأسلوب.
يقول بن عاشور رحمه الله تعالى:
"فهذا كلام ينحل إلى استئنافين فجملة {قُل} استئناف لبيان ما ترقَّبَه أفضلُ النبيئين صلى الله عليه وسلم أي بلغ عني هذا القول.
وجملةُ {ياعبادي} استئناف ابتدائي من خطاب الله لهم."
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[26 May 2009, 06:39 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم
فهمت من نقلكم حفظكم الله لقول الطاهر بن عاشور رحمه الله أن (قل) جملة مستقلة عما بعدها وهي تامة تعطي المعنى الذي ذكرته.هل فهمي صحيح؟(/)
أثر العلوم على المصنفين في علوم القرآن.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 May 2009, 06:29 م]ـ
لعلي لست بحاجة إلى تقرير تداخل بعض أنواع العلوم ـ أو مسائلها ـ في علوم متعددة، وإذا كانت هذه حقيقة لا غبار عليها، فإنه مما لا شكَّ فيه أن من سبق بالتصنيف والتأليف، فإنه سيكون له أثر على من سيصنف في علم آخر يشترك مع علم هذا المصنِّف.
وانظر ـ على سبيل المثال ـ ما كتبه سيبويه (ت: تقريبًا: 175) في (باب الإدغام)، فهو أصل لكل من بعده في هذا الباب، خصوصًا من كتب في باب المخارج والصفات من علماء القراءة والتجويد، سواءٌ في ذلك من اطَّلع على كلامه مباشرة أو من نقل ممن تقدمه من المقرئين والمجودين.
وهذه الاستفادة ممن سبق في التأليف لا يخرج عنها علم من العلوم، لكن قد يحصل تهذيب وتطوير لتلك المسائل ذلك العلم المنقول منه ليتناسب مع مادة العلم المنقول إليه.
وإذا كانت بعض أنواع العلوم تكون مشتركةً بين العلوم، فلا يقال: إنها أصل في هذا العلم، وهي دخيلة على هذا العلم؛ كما هو الحال في ملاحظة بعض العلماء أن علم المنطق دخيل على علم أصول الفقه.
وإنما يقال ـ في مثل هذه الحال ـ: إن الفضل للمتقدِّم في التأليف، ثم ننظر في المتأخِّر ـ إذا كتب في هذا النوع من العلم المشترك الذي قد سُبق إليه ـ لأمور:
1 ـ هل أدخل من هذا النوع ما لا يدخل في علمه أو لا؟
مثال ذلك: إننا نجد في كتب التجويد في صفات الحروف (الذلاقة، وضدها الإصمات)، وهاتان الصفتان لا علاقة لهما بالتجويد، ودليل ذلك قول الخليل بن أحمد (ت: 170 تقريبَا) في مقدمة كتابه (العين)، قال الليث: (قال الخليل: فإن وَرَدَتْ عليك كلمة رباعيَّة أو خماسيَّة معرَّاة من حروف الذَلَق أو الشفوية ولا يكون في تلك الكلمة من هذه الحروف حرف واحد أو اثنان أو فوق ذلك فاعلم أنَّ تلك الكلمة مُحْدَثة مُبْتَدَعة، ليست من كلام العرب لأنك لست واجداً من يسمع من كلام العرب كلمة واحدة رباعيَّة أو خماسيَّة إلاَّ وفيها من حروف الذَلَق والشفوية واحد أو اثنان أو أكثر.
قال الليث: قلت: فكيف تكون الكلمة المولدة المبتدعة غير مشوبة بشيء من هذه الحروف؟ فقال: نحو الكَشَعْثج والخَضَعْثَج والكَشَعْطَج وأشباهِهِنَّ، فهذه مولَّدات لا تجوز في كلام العرب، لأنه ليس فيهن شيء من حروف الذَلَق والشفوية فلا تَقْبَلنَّ منها شيئاً، وإنْ أشبَهَ لفظهم وتأليفهم، فإن النحارير منهم ربَّما ادخلوا على الناس ما ليس من كلام العرب إرادة اللَّبس والتَعنُّيت).
وإذا تأملت كلامه؛ ظهر لك أن هاتين الصفتين لهما علاقة بمعرفة العربي من الأعجمي، ولا علاقة له بالتجويد، وذكرهما فيه فضلة لا تدعو الحاجة إليه.
2 ـ هل أضاف ما يحتاجه إليه علمه أو لا؟
ومن أمثلة السلبية في هذا أننا لا نجد المصنفين في علو م القرآن يذكرون في علم الناسخ والمنسوخ مصطلح النسخ عند المتقدمين، ومن أسباب ذلك أنهم إنما نقلوا مادة بحثهم في الناسخ والمنسوخ من كتب علماء أصول الفقه، وعلماء أصول الفقه لم يُعنوا بهذا، فأغفلوه، فأغفله من كتب في علوم القرآن.
وإضافة ما يتعلق بمبحث مفهوم النسخ عند السلف، وما يترتب عليه من أهم موضوعات الناسخ والمنسوخ في كتب علوم القرآن لوقوع تطبيقات كثيرة جدًا في هذه المسألة.
ومن باب الفائدة، فإن الشاطبي (ت: 790) قد تنبه لهذا، وعقد لهذا الموضوع المسألة الثالثة من (الفصل الثاني: في الإحكام والنسخ)، فقال: (المسألة الثالثة: وذلك أن الذي يظهر من كلام المتقدمين أن النسخ عندهم في الإطلاق أعم منه في كلام الأصوليين فقد يطلقون على تقييد المطلق نسخا وعلى تخصيص العموم بدليل متصل أو منفصل نسخا وعلى بيان المبهم والمجمل نسخا كما يطلقون على رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر نسخا لأن جميع ذلك مشترك في معنى واحد)، ثم ذكر تفصيل هذه المسألة، والأمثلة الواردة فيها، وبينها بيانًا شافيًا.
والموضوع في هذا يطول، لكن لعلي أنقل ثلاثة نصوص يتبين منها أصل الموضوع الذي ذكرته لك، ثم أبين من خلال النقل ما وقع من تأثُّرٍ بتقسيم ذلك العلم على علوم القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الزركشي (ت: 794): (لما كانت علوم القرآن لا تحصى، ومعانيه لا تستقصى، وجبت العناية بالقدر الممكن، ومما فات المتقدمين وضع كتاب يشتمل على أنواع علومه كما وضع الناس ذلك بالنسبة إلى علم الحديث، فاستخرت الله تعالى وله الحمد في وضع كتاب في ذلك جامع، ولما تكلم الناس في فنونه وخاضوا في نكته وعيونه، وضمنته من المعاني الأنيقة والحكم الرشيقة، ما بهر القلوب عجباً ليكون مفتاحاً لأبوابه، عنواناً في كتابه، معيناً للمفسر على حقائقه، مطلعاً على بعض أسراره ودقائقه، وسميته البرهان في علوم القرآن).
وقال البلقيني (ت: 824) في مواقع العلوم من مواقع النجوم: (قد اشتهرت عن الإمام الشافعي رضي الله عنه مخاطبة لبعض خلفاء بني العباس فيها ذكر بعض أنواع القرآن يحصل منها لمقصدنا الاقتباس، وقد صنف في علوم الحديث جماعة في القديم والحديث وتلك الأنواع في سنده دون متنه، أوفي مسنديه وأهل فنه وأنواع القرآن شاملة وعلومه كاملة، فأردت أن أذكر في هذا التصنيف ما وصل إلى علمي مما حواه القرآن الشريف من أنواع علمه المنيف)
وقال السيوطي (ت: 911) في الإتقان: (ولقد كنت في زمان الطلب أتعجب من المتقدمين إذ لم يدونوا كتاباً في أنواع علوم القرآن كما وضعوا ذلك بالنسبة إلى علم الحديث).
فهؤلاء العلماء الثلاثة نظروا إلى علوم الحديث، وهم يؤلفون في علوم القرآن، لذا أثَّر عليهم هذا النظر، ومن ذلك ما ورد في أسانيد القراءات:
قال البلقيني (ت: 824): (الأمر الثاني: السند، وهوستة أنواع: المتوتر، الآحاد، الشاذ، قراءات النبي صلى الله عليه وسلم، الرواة، الحفاظ).
وقال السيوطي (ت: 911): (الثاني والعشرون: معرفة المتواتر. الثالث والعشرون: في المشهور. الرابع والعشرون: في الآحاد. الخامس والعشرون: في الشاذ. السادس والعشرون: الموضوع. السابع والعشرون: المدرج).
والقراءات لا تخرج عن وصفين: متواترة أو شاذة، وهذا بغض النظر عن المصطلحات العلمية التي يطلقها العلماء على القراءة المقبولة (مستفيضة، مشهورة، قراءة العامة ... الخ).
وما تراه من الآحاد، والموضوع، والمدرج، فإنه من أثر تقسيمات علماء الحديث، ولا فائدة علمية أو عملية له في علم القراءة.
وإنا إذ أطرح هذه الفكرة بإيجاز؛ أحب أن ألفت نظر إخواني إلى هذه المسألة، وهي تداخل معلومات العلوم فيما بينها، متى تتفق في العلمين، ومتى تتمايز عن بعضهما، وكيف يمكننا أن نخلص من هذا التداخل بالتعرف على ما نحتاج في هذا العلم وذاك، وما لا نحتاج لكي نًلمَّ بأصول كلِّ علم، ويكون عندنا القدرة على الاستيعاب.
ـ[ Amara] ــــــــ[22 May 2009, 08:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شيخي الحبيب مساعد الطيار ..
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ..
هي نعمة من الله تعالى علي و عليك أغبط بها نفسي و أغبطك بها أن أتعلم منك و لا أجلس إليك فتثاب لعلمك التي تبثه و أثاب في العلم الذي أبحث عنه ..
فجزاك الله خيرا ..
و لعلي أسألك في ما كتبت بعض الاسئلة فاصبر علي ..
فقد قلت
قال الزركشي (ت: 794): (لما كانت علوم القرآن لا تحصى، ومعانيه لا تستقصى، وجبت العناية بالقدر الممكن، ومما فات المتقدمين وضع كتاب يشتمل على أنواع علومه كما وضع الناس ذلك بالنسبة إلى علم الحديث، فاستخرت الله تعالى وله الحمد في وضع كتاب في ذلك جامع، ولما تكلم الناس في فنونه وخاضوا في نكته وعيونه، وضمنته من المعاني الأنيقة والحكم الرشيقة، ما بهر القلوب عجباً ليكون مفتاحاً لأبوابه، عنواناً في كتابه، معيناً للمفسر على حقائقه، مطلعاً على بعض أسراره ودقائقه، وسميته البرهان في علوم القرآن).
.
-هل أحصيت علوم القرآن و استقصيت؟ فإني أفهم من كلام الزركشي أن علوم القرآن في زمنه لم يؤتى عليها .. فإن كان كذلك .. هل يجوز الحديث عن علم العدد في القرآن؟
- ما المقصود بالمتقدمين؟ و هل أن الصحابة من هؤلاء المتقدمين الذين تحدث عنهم الزركشي؟
هل الكلام عن الاعجاز في القرآن مرادف للتفسير؟ أم أنهم ضربين من علوم القرآن؟
كل واحد هو معين للثاني؟ فإني أرى أن فهم الناس لعلم الاعجاز أنه نوع من التفسير بالرأي .. أرجو توضيحا أثابنا و أثابكم الله
وقال البلقيني (ت: 824) في مواقع العلوم من مواقع النجوم: (قد اشتهرت عن الإمام الشافعي رضي الله عنه مخاطبة لبعض خلفاء بني العباس فيها ذكر بعض أنواع القرآن يحصل منها لمقصدنا الاقتباس، وقد صنف في علوم الحديث جماعة في القديم والحديث وتلك الأنواع في سنده دون متنه، أوفي مسنديه وأهل فنه وأنواع القرآن شاملة وعلومه كاملة، فأردت أن أذكر في هذا التصنيف ما وصل إلى علمي مما حواه القرآن الشريف من أنواع علمه المنيف)
.
قد ذكر البلقيني أنه ألف فيما وصل إلى علمه مما حواه القرآن من علوم .. فهل ثمة علوم لم تصل إلى علمه و لم تصل إلى علم معاصريه؟
وقال السيوطي (ت: 911) في الإتقان: (ولقد كنت في زمان الطلب أتعجب من المتقدمين إذ لم يدونوا كتاباً في أنواع علوم القرآن كما وضعوا ذلك بالنسبة إلى علم الحديث).
.
لماذا تعجب السيوطي من المتقدمين كونهم لم يؤلفوا في علوم القرآن كتبا؟
و لماذا رأى أن يؤلف فيه؟
و هل أصاب السيوطي في ذلك؟
فهؤلاء العلماء الثلاثة نظروا إلى علوم الحديث، وهم يؤلفون في علوم القرآن، لذا أثَّر عليهم هذا النظر
.
قد ذكرتها أن كل من تعلم علما أثر فيه .. و أرى أن من اختص بعلوم الطبيعة و الرياضيات إذا تدبر القرآن فإن أثر علمه سيظهر عليه .. و ربما يظهر ذلك في من كتب عن الاعجاز العلمي و العددي في القرآن .. فهل يلام أؤلئك على ذلك؟ أم يوجهوا؟
وفقني و وفقكم الله
و السلام عليكم و رحمة الله و بركته
يغفر الله لي و لكم
عمارة سعد شندول
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[22 May 2009, 09:04 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
لقد استفدت مما كتب جزاكم الله خيرا.
والقراءات لا تخرج عن وصفين: متواترة أو شاذة، وهذا بغض النظر عن المصطلحات العلمية التي يطلقها العلماء على القراءة المقبولة (مستفيضة، مشهورة، قراءة العامة ... الخ).
وما تراه من الآحاد، والموضوع، والمدرج، فإنه من أثر تقسيمات علماء الحديث، ولا فائدة علمية أو عملية له في علم القراءة.
وإنا إذ أطرح هذه الفكرة بإيجاز؛ أحب أن ألفت نظر إخواني إلى هذه المسألة، وهي تداخل معلومات العلوم فيما بينها، متى تتفق في العلمين، ومتى تتمايز عن بعضهما، وكيف يمكننا أن نخلص من هذا التداخل بالتعرف على ما نحتاج في هذا العلم وذاك، وما لا نحتاج لكي نًلمَّ بأصول كلِّ علم، ويكون عندنا القدرة على الاستيعاب.
إن التقسيم الذي تبناه العلماء وشابه تقاسيم علم الحديث،
قد نعلم به الرواية التي يجوز أن نقرأ بها في الصلاة.
وقد نعلم به الرواية التي يجوز العمل بها (الأحكام)
فالرواية الشاذة لايجوز القراءة بها في الصلاة، لكن استدل بها العلماء عند استنباطهم للأحكام.
فهذا التقسيم لا يخلو من فائدة.
وقد فكرت في أمر لا أدري هل حصل أم لا قبلا وهو أنه لو وجدت قراءات للفظة مشورة وآحاد وشاذة، وكانت المشهورة دالة على حكم والشاذة على آخر فمن نقدم، طبعا هذا أمر على وجه الافتراض.
إن العلماء عندما دونوا العلوم في السابق راعوا في وجهة نظري التكامل بين العلوم وسعوا لخدمة الهدف الأسمى وهو خدمة الدين وحماية بيضته والدفاع عنه، وهذا معلوم، ويظهر أنهم راعوا هذا الضابط، وعلم الحديث من علوم الآلة وضعه العلماء لخدمة علوم الشريعة وحفظ الدين، فلا ضير إن استفاد منه أهل العلم كل في موقعه متى احتاج.
والله أعلم وأحكم.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[23 May 2009, 07:13 ص]ـ
أحسن الله إليكم يا شيخ، ونفعنا بعلمكم.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[24 May 2009, 05:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
وقد فكرت في أمر لا أدري هل حصل أم لا قبلا وهو أنه لو وجدت قراءات للفظة مشورة وآحاد وشاذة، وكانت المشهورة دالة على حكم والشاذة على آخر فمن نقدم، طبعا هذا أمر على وجه الافتراض.
والله أعلم وأحكم.
للفائدة:
المرء يقول كلمة تبقى في ذمته، وقد بحثت لأجد التالي:
إن الرأي الراجح والله أعلم – هو جواز صحة الاحتجاج بالقراءات الشاذة وذلك لأن ما يرويه الصحابي إما أن يكون قرآنًا أو يكون خبرًا وهذا الأخير إما سمعه من الرسول عليه الصلاة والسلام أو هو قول له فإن كان قرآنًا صُير إليه.
إن الفروق بين القراءات المتواترة والشاذة تكون في التعدد في الصور اللفظية ووجوه المعاني وغيرهما.
يقول ابن عبدالبر (الاحتجاج بما ليس في مصحف عثمان قال به جمهور العلماء ويجري عندهم مجرى خبر الواحد في العمل به دون القطع".
ويفهم من كلام هذا الإمام أن الشافعية يقبلون القراءة البيانية ويعملون بها إذا صح سندها ولم يكن لها خبر يعارضها أو قياس.
مثال:
قوله تعالى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، في قراءة عائشة وابن عباس وجماعة: ((والصلاة الوسطى هي صلاة العصر)) [65، ص15] و [25، ج2 ص240].
وبناء على ورود القراءة الشاذة في الآية اختلف العلماء في المعنى المراد بالصلاة الوسطى، فذهب الجمهور إلى أنها صلاة العصر مستندين إلى القراءة الشاذة والبعض الآخر منهم ذهب كذلك إلا أنه لم يستند إلى القراءة بل استند إلى الأحاديث الصحيحة التي جاءت ببيان ذلك كالأحناف والشافعية كقوله عليه الصلاة والسلام "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارًا".
وذهب المالكية إلى أنها صلاة الصبح واحتجوا بما جاء بعدها من نهاية الآية "وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" فقالوا كونها قرنت بالقنوت ولم يثبت إلا لصلاة الفجر فدل على أن المراد بها صلاة الصبح، ولم يحتجوا بالقراءة الشاذة، فدل هذا على أن للقراءة الشاذة أثر على الأحكام الفقهية.
وروي أنها جاءت في مصحف عائشة " والصلاة الوسطى وصلاة العصر "
فقال أهل العلم أن العطف هنا عطف صفة، لا عطف ذات، وهذا التأويل لابد منه لوقوع هذه القراءة المحتملة في مقابل النصوص الصريحة الصحيحة من السنة النبوية.
فهذه القراءة من المتشابه.
وقد اتفق العلماء على أن الصلاة الوسطى آكد الصلوات الخمس، واختلفوا في تعيننها.
فالقراءة المتواترة مطلقة لا تحدد صلاة معينة.
والقراءة الشاذة دلت على أنها صلاة العصر.
واجتهد العلماء للتوفيق بين الأحاديث والقراءات.
وقد ذهب جمهور العلماء من الصحابة ومن بعدهم إلى أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
وقد قدمت الآية الشاذة على المتواترة، لأنها وضحت المعنى، مع ملاحظة أنة لا تضاد بين القراءتين.
ينظر:
أثر اختلاف القراءات في الأحكام الفقهية. د. عبدالله الدوسري.
القراءات الشاذة: أحكامها وآثارها.
د. إدريس حامد محمد
المصدر: جامعة الملك سعود، عمادة البحث العلمي، مركز بحوث كلية التربية، رقم (201)، 1424هـ-2003م
http://www.alukah.net/articles/1/51.aspx
والله أعلم وأحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مهدي المشولي]ــــــــ[25 May 2009, 04:04 م]ـ
... وهذه الاستفادة ممن سبق في التأليف لا يخرج عنها علم من العلوم، لكن قد يحصل تهذيب وتطوير لتلك المسائل ذلك العلم المنقول منه ليتناسب مع مادة العلم المنقول إليه.
وإذا كانت بعض أنواع العلوم تكون مشتركةً بين العلوم، فلا يقال: إنها أصل في هذا العلم، وهي دخيلة على هذا العلم؛ كما هو الحال في ملاحظة بعض العلماء أن علم المنطق دخيل على علم أصول الفقه ....
2 ـ هل أضاف ما يحتاجه إليه علمه أو لا؟ ...
وإنا إذ أطرح هذه الفكرة بإيجاز؛ أحب أن ألفت نظر إخواني إلى هذه المسألة، وهي تداخل معلومات العلوم فيما بينها، متى تتفق في العلمين، ومتى تتمايز عن بعضهما، وكيف يمكننا أن نخلص من هذا التداخل بالتعرف على ما نحتاج في هذا العلم وذاك، وما لا نحتاج لكي نًلمَّ بأصول كلِّ علم، ويكون عندنا القدرة على الاستيعاب.
حفظكم الله شيخنا الفاضل ونفع بكم وبارك فيكم،
ما شاء الله فوائد نفسية أسأل الله أن ينفعنا بكم وبعلمكم،
وبعد، فهناك أمور:
الأول: ذكر الزركشي (794هـ) كلاماً ماتعاً في بداية كتابه الأصولي "البحر المحيط"،
ذكره في معرض رده على من قال إن علم الأصول مأخوذ من غيره فلا حاجة إليه وفيه إشارة إلى ما ذكرتم شيخنا من حصول التهذيب والتطوير للمسائل المنقولة من فن إلى فن.
وكذلك أشار إلى قولكم فيمن أخذ من علم آخر: هل أضاف ما يحتاجه إليه علمه؟ فقد ذكر ما أضافه الأصوليون في المباحث النحوية واللغوية.
فما أشرتم إليه حفظكم الله يبدو أنه قد حصل فيه كلام قديم وأن بعض من يمارس فناً إذا رأى مسائل في فن آخر تشبه مسائل فنه قد يتوهم أو يقول إن هذا مأخوذ من فني مع أنه لو نظر ودقق قد يجد فروقاً.
وسأسوق كلام الزركشي هنا لنفاسته قال رحمه الله:
" .... فإن قيل هل أصول الفقه إلا نبذ جمعت من علوم متفرقة نبذة من النحو كالكلام على معاني الحروف التي يحتاج الفقيه إليها والكلام في الاستثناء وعود الضمير للبعض وعطف الخاص على العام ونحوه ونبذة من علم الكلام كالكلام في الحسن والقبح وكون الحكم قديما والكلام على إثبات النسخ وعلى الأفعال ونحوه ونبذة من اللغة كالكلام في موضوع الأمر والنهي وصيغ العموم والمجمل والمبين والمطلق والمقيد ونبذة من علم الحديث كالكلام في الأخبار فالعارف بهذه العلوم لا يحتاج إلى أصول الفقه في شيء من ذلك وغير العارف بها لا يغنيه أصول الفقه في الإحاطة بها فلم يبق من أصول الفقه إلا الكلام في الإجماع والقياس والتعارض والاجتهاد وبعض الكلام في الإجماع من أصول الدين أيضا وبعض الكلام في القياس والتعارض مما يستقل به الفقيه ففائدة أصول الفقه بالذات حينئذ قليلة؛
فالجواب منع ذلك فإن الأصوليين دققوا النظر في فهم أشياء من كلام العرب لم تصل إليها النحاة ولا اللغويون فإن كلام العرب متسع والنظر فيه متشعب فكتب اللغة تضبط الألفاظ ومعانيها الظاهرة دون المعاني الدقيقة التي تحتاج إلى نظر الأصولي باستقراء زائد على استقراء اللغوي مثاله دلالة صيغة افعل على الوجوب ولا تفعل على التحريم وكون كل وأخواتها للعموم ونحوه مما نص هذا السؤال على كونه من اللغة لو فتشت لم تجد فيها شيئا من ذلك غالبا وكذلك في كتب النحاة في الاستثناء من أن الإخراج قبل الحكم أو بعده وغير ذلك من الدقائق التي تعرض لها الأصوليون وأخذوها من كلام العرب باستقراء خاص وأدلة خاصة لا تقتضيها صناعة النحو وسيمر بك منه في هذا الكتاب العجب العجاب"
الثاني: سعت الشيخ محمد عمر بازمول مرةً ذكر أنه بحث بحثا يتعلق بطريقة أو خصائص تناول العلوم أو قريب من هذا العنوان لأني فهمت الفكرة ولكني لم أضبط العنوان، وفهمت أنه يريد أن أصحاب الفنون يختلفون في تناول الموضوع الواحد حسب ما يقتضيه فنهم قال ولو لم يكن كذلك لم يكن لأخذهم لها ودراستها في فنهم فائدة،
وذكر أن دراسة مباحث النحو في علوم القرآن ينبغي أن تدرس بناء على تقرير أصحاب علوم القرآن،
وقد مثل بحروف العطف فلها في القرآن أحكام خاصة غير ما عند النحاة قال: مثلاً الواو في القرآن تقتضي الترتيب وفي اللغة لا تقتضيه.
كذلك إذا أتيت إلى مباحث السنة في الأصول فلا تدرسه على نظرة المحدثين فلكل أصحاب فن نظرة.
وذكر الشيخ بازمول أيضاً:أن شيخ الإسلام أشار إلى هذا في مقدمة أصول التفسير لما ذكر أن بعض المفسرين قد يصحح قول ابن عباس أو ابن مسعود وإن كان ضعيفاً لشهرته عند تلاميذه ولكونه روي عنهم ذلك - فهذا تصحيح للمعنى - وقد ذكر الشيخ بازمول أن أحكام المحدث ينظر فيها إلى المعنى وإلى النسبة بخلاف الأصولي فينظر إلى المعنى.
هذا الذي فهمتُ من كلام الشيخ وإن شاء الله أكون أصبت الفهم لأني لم أطلع على بحثه وإنما سمته ذكره وذكر الأفكار السابقة في محاضرة في الجامعة الإسلامية بتاريخ2/ 4/1429هـ وعنوان المحاضرة: "اختلاف القراآت وأثره في التفسير" فمن عنده عن البحث علم عن طبعه أو وجوده فليفدنا.
الثالث: قولكم حفظكم الله:" كما هو الحال في ملاحظة بعض العلماء أن علم المنطق دخيل على علم أصول الفقه" جزاكم الله خيراً، علم المنطق كما تعلمون متقدم على أصول الفقه لأنه علم يوناني وإنما ترجم في عهد المأمون،
فهل اعتبار هؤلاء العلماء له دخيلاً لعدم الفائدة من إدخاله في علم الأصول أو لأمر آخر وكما تعلمون أن الأصوليين هم الآخذون من المناطقة،
وقد سبق كلام الزركشي لما قال:"ونبذة من علم الكلام كالكلام في الحسن والقبح وكون الحكم قديما والكلام على إثبات النسخ وعلى الأفعال ونحوه"
ففيه أن الأصوليين أخذو من المناطقة.
وأشار أبو زرعة العراقي أيضاً أن الأصوليين أخذوا من المناطقة لما ذكر الدلالات وهل يشترط في اللزوم أن يكون ذهنياً قال:" بل هو - أي الأصولي - كالمنطقي في ذلك وعنه تلقى هذه الدلالات والله أعلم" كما في الغيث الهامع شرح جمع الجوامع (1/ 114).
جزاكم الله خيراً ونفع بكم(/)
أحتاج إلى رد من علمائنا الافاضل!!!
ـ[تامر المظالي]ــــــــ[23 May 2009, 02:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده وصلاة وسلاما على من لا نبي بعده وبعد:
فأود من إخواني وأساتذتي الكرام إعطائي إجابة شافية عن هذين السؤالين؟
ما الطريق المثلى التي يمكن من خلالها دراسة منهج مفسر من المفسرين أو مجموعة من المفسرين؟
هل ابن جرير الطبري يمكن عده من السلف في اصطلاح المفسرين على اعتبار أنه توفي سنة 310؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 May 2009, 02:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أما الطريقة المثلى في دراسة منهج مفسر من المفسرين فتقوم أساساً على قراءة تفسيره قراءة مركزة تحليلية، ثم اكتشاف منهجه في العناصر المحددة سلفاً، وقد تظهر للباحث بعض العناصر التي لا بد من إضافتها.
فمثلاً؛ يحدد الباحث العناصر التالية:
منهج المفسر في الإفادة ممن قبله.
منهجه في تفسير القرآن بالقرآن.
منهجه في تفسير القرآن بالسنة.
منهجه في تفسير القرآن بأقوال الصحابة.
منهجه في عرض الأقوال التفسيرية والتعامل معها.
منهجه في ذكر أسباب النزول والتعامل معها.
منهجه في ذكر المناسبات بين السور والآيات.
منهجه في ذكر القراءات.
منهجه في تقرير مسائل الإعتقاد.
منهجه في تقرير المسائل الفقهية وتفسير آيات الأحكام.
منهجه في تناول المسائل اللغوية. (بيان معاني المفردات والرجوع إلى الشعر - الإعراب والنحو - البلاغة بعلومه الثلاثة.)
منهجه في الرد على مخالفيه.
منهجه في ربط التفسير بالواقع الذي عاش فيه.
منهجه العام في كتابة التفسير (من حيث الاختصار والتطويل، ومن حيث الاقتصار على مسائل التفسير والتوسع والاستطراد، ومن حيث أسلوبه في الكتابة ... ).
ومن المهم جدا في هذا الباب أن يبني الباحث نتائجه على ما يستنبطه من تفسير المفسر، ويجتهد في تحري العدل والإنصاف.
وأما السؤال الثاني؛ فابن جرير يعد من السلف من حيث المنهج، وأما الزمن فمصطلح السلف الصالح إذ أطلق فالمراد به القرون الثلاثة المفضلة، وهي قرن الصحابة وتابعيهم وتابعي تابعيهم.
والله تعالى أعلم.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[23 May 2009, 03:37 م]ـ
وأما السؤال الثاني؛ فابن جرير يعد من السلف من حيث المنهج، وأما الزمن فمصطلح السلف الصالح إذ أطلق فالمراد به القرون الثلاثة المفضلة، وهي قرن الصحابة وتابعيهم وتابعي تابعيهم ..
الأخ الموفق الدكتور محمد أليس بعين الضابط الذي تفضلتم به يكون ابن جرير من السلف منهجا وزمانا إذ هو ما بين [224 - 310 هـ]؟ والله الموفق
ـ[تامر المظالي]ــــــــ[23 May 2009, 05:27 م]ـ
جزاكم الله خيرا أستاذي الكريمين الاستاذ الدكتور محمد القحطاني والاستاذ الدكتور عبدالفتاح خضر ونفع الله بعلمكما وزادكم الله علما وفقها في دينه
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[24 May 2009, 02:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: تامر المظالي ـ حفظه الله ـ.
أما بعد فإنه قد سبق لي الكتابة في هذا الموقع عن الدراسة العلمية للتفاسير، و التي تتبع منهجا علميا يتكون من خطوات ثلاث:
1 - الدراسة الوصفية.
2 - الدراسة التحليلية.
3 - الدراسة المقارنة.
وتجدون هذه الدراسة على الرابط التالي:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6497
و لا يفوتني بهذه المناسبة توجيه تحية خاصة للأخوين الكريمين:
1 - الأستاذ الدكتور عبد الفتاح خضر.
2 - الأستاذ الدكتور محمد القحطاني.
حفظهما الله.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[تامر المظالي]ــــــــ[01 Jun 2009, 07:52 م]ـ
جزاك الله خيرا أستاذنا الفضيل دكتور أحمد وأدعو الله أن ينفع بعلمك جزاء ما فتحت به علي وأطلب من فضيلتكم الدعاء بظهر الغيب.(/)
البرهان والدليل في خواص سور القرآن لأبي بكر بن منظور ت.750هـ
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[23 May 2009, 06:59 م]ـ
من يعرف
البرهان والدليل في خواص سور القرآن لأبي بكر بن منظور ت.750هـ
وهل طبع؟
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[24 May 2009, 02:14 ص]ـ
المقصود هو أبو بكر محمد بن عبيد الله ابن منظور القيسي الأندلسي ت.750هـ المترجم في الإحاطة في أخبار غرناطة لابن الخطيب ج2/ 170 ... والمرقبة العليا للنباهي فيمن يستحق القضاء والفتيا, وفي الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة لابن حجر العسقلاني.
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[25 May 2009, 01:26 م]ـ
كتاب البرهان والدليل في خواص سور القرآن وما في قراءتها في النوم من بديع التأويل لأبي بكر ابن منظور القيسي الأندلسي, كتاب اختصره المؤلف من كتاب كبير موسوم بـ: البرق اللامع والغيث الهامع في فضائل القرآن العظيم والفرقان الحكيم تأليف المقرئ المالكي: أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد الغساني الوادياشي الأندلسي المتوفى عام 694هـ الذي لخص فيه زبدة ما في كتب فضائل القرآن العظيم وخواصها وعدد الآيات والحروف [كشف الظنون 1/ 239+ هدية العارفين 2/ 137]
أما كتاب البرهان فمخطوطاته كثيرة جدا [أحصيت منها 14 نسخة] جلها بالمغرب واثنتان منها في اسبانيا وإيطاليا, وأما البرق اللامع فلم أتحقق بعد من وجود نسخ منه مخطوطة.
وقيل لي إن كتاب البرهان قد طبع, فعلى من له علم بطبعه أن يفيدنا مشكورا
وقد لخص أحمد بن الحسن بن يوسف بن عرضون الزجلي الموسوي الصالحي [992هـ/1584م] في كتاب له سماه مختصر فضائل القرآن وخواصه اتكأ فيه على كتاب البرهان لابن منظور ومنه نسخة مغايرة فيها زيادات نقلها عن ابن منظور وتلقى بعضها عن شيخه ابن عسكر [لعله الشفشاوني مؤلف كتاب دوحة الناشر فيمن لقيناه من علماء وصلحاء القرن العاشر] وقد صرح أنه اختصره من كتاب القاضي أبي بكر الوادآشي المسمى بالدر النظيم في خواص القرآن العظيم.
وهناك تفسير اسمه البيان في تفسير القرآن لمحمد بن أحمد الغساني الأندلسي المتوفى عام 741هـ[معجم المؤلفين 9/ 11].(/)
باب وعيد من قال في القرآن برأيه وبما لا يعلم
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[23 May 2009, 07:49 م]ـ
وقول الله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ إلى قوله: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ.
وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في القرآن برأيه - وفي رواية: من غير علم - فليتبوأ مقعده من النار رواه الترمذي وحسنه.
وعن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في القرآن بِرَأْيِهِ فأصاب فقد أخطأ رواه أبو داود والترمذي وقال: غريب.
--------------------------------------------------------------------------------
نعم هذا الباب ذكر فيه المؤلف الوعيد الشديد على من تجرأ في القول على الله بلا علم ثم صدر هذا الباب بهذه الآية العظيمة في سورة الأعراف يأمر الله تعالى فيها نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يقول للناس: إن ربي حرم كذا وكذا قال: "إنما" وإنما هذه من أدوات الحصر، فحصر المحرمات في خمسة أشياء أو أربعة أشياء: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ أو نقول وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ هذه واحدة فتكون أربعا، وهذه الآية جمعت أصول المحرمات في القرآن الكريم، جمعت أصول المحرمات في القرآن الكريم، وابتدأ الله تعالى فيها بالأسهل ثم الأشد ثم الأخطر والأعظم من ذلك، ولا يعني الترتيب البداية من الترتيب أنه أعظم، بدأ الله تعالى فيها بالأسهل ثم ترقى إلى الأشد فالأشد فالأعظم خطورة، فأول شيء حرمه الله تعالى على العباد، كما قال تعالى في هذه الآية إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.
فالفواحش كلها محرمة الفواحش القولية والفواحش الفعلية، هذه محرمة ظاهرا وباطنا، ودخل في هذا التحريم في الفواحش كل فاحشة قالها الإنسان أو عملها الإنسان، وقد ذكر الله تعالى في آية أخرى هذا التحريم: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ فيها الفواحش هذه؟ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ نهى عن قربان الفواحش، ثم في القرآن الكريم جاء تفصيل لبعض الفواحش التي فيها خطورة شديدة على المجتمع منها أيضا الزنا قال: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا خص بعض الفواحش بالذكر لشناعتها وبشاعتها وخطورتها بين الناس، وإلا فإن الله تعالى قد حرم الفواحش ودخل في هذا التحريم الفواحش الظاهرة والباطنة القولية والفعلية، ثم بعد ذلك قال: وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ الإثم هو الخطايا والمعاصي التي يرتكبها العباد ويقعون فيها بما تدعوه إليهم شهواتهم، ويقول تعالى: وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ سورة الأنعام وَذَرُوا يعني: اتركوا وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ يعني الشيء الخفي والشيء الظاهر الذي في العلن والذي في السر حتى حديث النفس ابتعدوا عنه وإن كان الإنسان لا يؤاخذ عليه لكن لا يحدث نفسه بفعل معصية وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ.
جاء التأكيد على النهي أيضا في هذه الآية، فالإثم هو الخطايا والمعاصي والذنوب التي يرتكبها الناس في حياتهم، والبغي هو الاعتداء على الناس في أموالهم ودمائهم وأعراضهم وديارهم -أيضا- الاعتداء عليهم في ديارهم في ديارهم وأموالهم وأعراضهم ودمائهم، ودخل في هذا البغي كل شيء حرمه الله تعالى من الاعتداء، وجاءت آيات أخرى أيضا تحذر من ذلك وتنذر فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ وقال: فَبَغَى عَلَيْهِمْ هذا عن قارون، يعني: تطاول عليهم وربما سلب أموالهم واعتدى عليهم، ومن ذلك أيضا ما يقع من الحوادث فهي داخلة في البغي، والله تعالى قد قال: وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ الفساد في الأرض هو تعطيل السبل والمنافع على الناس وقطع مصالحهم أو إراقة دمائهم وسلب أموالهم وَلَا تَبْغِ
(يُتْبَعُ)
(/)
الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ فنهى الله تعالى عن البغي في هذه الآية وحرمه، وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وقيده بغير الحق، وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ وهذا هو الثالث.
حذر أيضا من الشرك بالله وأدخله في دائرة التحريم، وأن من مات على الشرك بالله فإنه من أهل النار، قال تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ أي: ومات على الشرك فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ودخل في هذه الكلمة وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ كل أنواع الشرك صغيرها وكبيرها، فكلها محرمة حرمها الله تعالى، وختم هذا التحريم بأعظم محرم حرمه الله وهو القول على الله بلا علم، الذي هو الكذب والافتراء واختلاق الكلام، ولأن أيضا، فما هو أعظم إذا الشرك بالله أو القول على الله بلا علم؟
القول كما قال أهل العلم؛ لأن الشرك بالله هو فرد من أفراد القول على الله بلا علم؛ لأن الشرك أيضا هو كذب، الشرك هو نسبة شيء إلى الله ما لا يجوز، وهو داخل في أنواع الكذب، والقول على الله بلا علم أعم أعم من ذلك فقال تعالى: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ الإنسان لا يقول شيئا في أحكام الشريعة أو في القرآن والسنة إلا وهو يعلم، ومن تكلم أو أفتى الناس بما لا يعلم فهو داخل في هذا الوعيد الشديد، وقد تشبه بالمشركين الذين يقولون على الله ما لا يعلمون، قال الله تعالى: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ قال تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ وقال تعالى: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ فهؤلاء كلهم داخلون في الوعيد، قال تعالى في سورة البقرة أيضا: وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ هذا في حق المشركين، فالشاهد وأن هذه الآية أيها الإخوة فيها بيان عقوبات مغلظة ومحرمات كبيرة على الإنسان أن يتأملها.
وكما قال أهل العلم: هذه الآية جمعت أصول المحرمات، والإنسان لا يقول في دين الله إلا بما يعلم ولا يجوز أن يفتي الناس بما يخالف الكتاب أو السنة أو ما عليه إجماع الأئمة؛ لأن هذا من المشاقة في ما عليه أهل الإسلام، وقد قال تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى يقول أنا سوف أخالف إجماع الأمة وأفتي بهذه المسألة بين الناس، هو إما أن يريد أن يضل الناس أو يريد أن يشتهر بين الناس، وأن يعلم باسمه وأنه فلان، وهذا ربما يكون داخلا في مثل هذا الوعيد الشديد وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ.
وفي الحديثين التاليين أيضا تحذير شديد في تفسير القرآن بغير علم، وأن الإنسان المسلم لا يقول في القرآن برأيه، وإنما يقول بما علمه وأنه الحق الموافق لما في الكتاب وفي السنة.
ويحسن بنا أيضا أن نبين في هذا المقام على وجه السرعة التفسير وأنه على نوعين: تفسير بالمأثور، وتفسير بالرأي.
فالتفسير بالمأثور: هو الذي يعتمد على المنقول الصحيح من تفسير القرآن بالقرآن أو تفسير القرآن بالسنة أو تفسير القرآن بأقوال الصحابة أو تفسير القرآن بأقوال التابعين، هذا هو القسم الأول من التفسير، فهذا التفسير يدور على الرواية والنقل، وهذا هو الذي يجب اتباعه والأخذ به؛ لأنه الطريق الصحيح الذي فيه النجاة، وهو آمن سبيل للحفظ من الزيغ والزلل في كتاب الله تعالى والتفسير.
القسم الثاني: التفسير بالرأي، وهو قسمان أيضا: قسم مذموم وقسم ممدوح:
فأما القسم المذموم: الذي يعتمد فيه المفسر على فهمه الخاص واستنباطه بالرأي المجرد الذي لا يستند على أصول شرعية، فهذا ولا شك مدعاة للشطط والوقوع في الزيغ والضلل والضلال، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا وهذا المعنى هو المقصود في الحديث الذي هو التفسير بالرأي المذموم، هذا الذي جاء النهي عنه في الحديثين من قال في القرآن برأيه - وفي رواية من غير علم - فليتبوأ مقعده من النار وفي الحديث الآخر قال: من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ أي: أنه كان لا يتحرى الصواب يقول قولا ووافق الصواب، فلم يجتهد في الصواب الصحيح، وإنما وافق مع الأخطاء التي وقع فيها وافق الصواب أيضا، وهذا داخل في الآية السابقة، وهو في القول على الله بلا علم.
والنوع الثاني: وهو التفسير بالرأي الممدوح، وهو ما يستند على أصول شرعية وضوابط علمية، ذكر أهل العلم منها: صحة الاعتقاد، والتجرد عن الهوى، والعلم بالعلوم الأخرى المساندة، والعلم باللغة العربية، وأن يسعى في طلب التفسير من طرقه وضوابطه الصحيحة، هذا تفسير ممدوح؛ ولهذا جمع بين التفسير بالرأي الممدوح والتفسير بالأثر أئمة من العلماء؛ منهم الطبري، ومنهم ابن كثير، ومنهم البغوي، هؤلاء جمعوا بين الأمرين بين النقل وبين بين الأثر والرأي الرأي الصحيح.
أما بعض التفاسير فإنها سلكت مسلك الرأي المذموم؛ كتفاسير المعتزلة، وتفاسير الرافضة، وبعض تفاسير الأشاعرة، تفسير الزمخشري تفسير معتزلي فيه ضلالات كثيرة، وإن كان فيه معاني كبيرة من اللغة لكنه سلك مسلك الرأي المذموم، وهذا القول على الله تعالى بلا علم في القرآن الكريم داخل في هذا الوعيد الشديد، نعم. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من شرح فضائل القرآن.
للشيخ:محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى.
شرح: د. عبد الله بن عبد الرحمن الشثري.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شاكر]ــــــــ[24 May 2009, 07:50 م]ـ
رحم الله الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب وجزاه عن أمة الإسلام خير الجزاء
وأثاب الله الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن وأحسن إليه
ولا حرمك الأجر أختنا الفاضلة وجعل ما نقلت في ميزان أعمالك.
قال تعالى:
(يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتكُمْ فَوْق صَوْت النَّبِيّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَط أَعْمَالكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) الحجرات:2
قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين عند هذه الآية:
"فإذا كان رفع أصواتهم فوق صوته سببا لحبوط أعمالهم فكيف تقديم أرائهم وعقولهم وأذواقهم وسياساتهم ومعارفهم على ما جاء به ورفعها عليه؟ أليس هذا أولى أن يكون محبطا لأعمالهم؟ "
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[25 May 2009, 03:32 ص]ـ
جزى الله الجميع خير الجزاء، وخاصة أختنا الفاضلة على مبادرتها في طرق هذا الموضوع ..
ولا شك أن الأمة عامة، وأعضاء هذا الملتقى المبارك خاصة بحاجة لمثل هذا الموضوع، وخاصة بعد أن كثرت المشاركات في هذا الملتقى حول ما يسميه البعض بالإعجاز العددي، وآخرون في الإعجاز الموضوعي، وجماعة في الإعجاز الجغرافي .. إلخ ..
وأصبح كتاب الله تعالى - والحالة هذه - مسرحا - وحاشاه من ذلك - لكل من هب ودب يفسره بلا مستند من حديث صحيح، أو قول في لغة العرب معروف، أو فهم عالم من علماء السلف ممدوح ..
وكأن كثيرا ممن يتغافلون عن تحريم القول في كتاب الله بالرأي يطبقون ما يسميه الغرب بحرية التعبير، وينسون أو يتناسون أن الإسلام قيد كل عضو في الإنسان، فاللسان مقيد، والعين مقيدة، واليد كذلك؛ بل حتى مجرد التفكير مقيد ...
والمسلم لا يرتاب في أن كل تلك القيود وضعها الشارع من أجل مصلحة الإنسان وصونا له عن الوقوع فيما لا يفيد ..
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ..
والله تعالى أعلم وأحكم.
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[27 May 2009, 09:59 م]ـ
هذه الآيات والأحاديث العظيمة التي استفتحت بها الأخت المباركة مشاركتها، تبعث في القلوب المؤمنة التعظيم لكلام الله تعالى وعدم الاجتراء عليه إلا بعلم، لعظم الكلام والمتكلم به.
وهذا مما يجعل المسلم يتوقف كثيراً في الجزم بمراد الله تعالى إلا بعلم بالأصول الشرعية واللغوية ورجوع لكلام أهل العلم والمفسرين.
وإن كان اجتهاد المسلم في فهم كتاب الله مع الاستعانة بكتب التفسير وأهل التفسير، أمر لاتثريب عليه فيه وهو خارج عن المنهي عنه في الآيات، لأن المسلم مأمور بتدبر القرآن وفهم معانيه للعمل به، فكونه يتأمل الآية ويتدبرها ثم يرجع لكتب التفسير أو يسأل أهل العلم فذلك المطلوب.
كما أن المدارسة لكلام الله تعالى والسؤال عن معنى آية في الدروس العلمية وفصول التعليم بقصد الوصول للمعنى المراد في الآية مع وجود من لديه علم لاحرج فيه، لأن الغرض هو المدارسة للوصول للمعنى الصحيح.
وإنما المحذور هو الجزم بالمعنى المراد من غير علم بالأصول الشرعية واللغوية، ورجوع لأهل العلم وكتب التفسير. والله أعلم(/)
حركة التأليف المعجمي في مفردات القرآن ـــ أحمد حسن الخميسي -
ـ[مرهف]ــــــــ[24 May 2009, 12:26 ص]ـ
حركة التأليف المعجمي في مفردات القرآن ـــ أحمد حسن الخميسي*
منقول: المصدر مجلة التراث العربي:
http://www.awu-dam.org/trath/93-94/turath93-94-002.htm
مقدمة:
أقبل المسلمون على القرآن الكريم بشغف منذ صدر الإسلام، يتدبرون آياته، ويتفهمون معانيه التي تحتويها ألفاظه، فحفظوه عن ظهر قلب، وجمعوه في مصحف، وكتبوا في تفسيره وإعجازه وبلاغته وآداب حمله الكثير. وعكف العلماء على تبيان معاني غريب مفرداته، ووضعوا فهارس ومعاجم لألفاظه، ولا تزال مسيرة التأليف والإعداد في هذا المجال مستمرة حتى أيامنا هذه، لأن كلمات الله تعالى لا تنفد معانيها، ولأن عطاءات القرآن متعددة ومتجددة، وسيظل الإنسان يجد في آياته معيناً لا ينضُب لبحثه وفكره وعقله وحياته.
وسنقف في دراستنا هذه عند الكلمة القرآنية التي شغلت العلماء، فصنّفوا الكتب في مفردات غريب القرآن، ووضعوا لألفاظه الفهارس والمعاجم، وسنتحدث عن أهميتها ومنهج إعدادها والأهداف التي وضعت من أجلها، وعن وجهة أولئك العلماء في أعمالهم، ونقارن بين مفردات الغريب ومعاجم الألفاظ، ونتحدث أيضاً عن دور الحاسوب في تقديم فهارس ومعاجم الألفاظ القرآنية وعلاقة الحاسوب بالمكتوب على الورق.
اهتمام المسلمين بالألفاظ القرآنية:
للألفاظ أهمية في حياة الإنسان لأنها تعبر عما في فؤاده، وتترجم المعاني والمشاعر التي بداخله، وهي إلى جانب ذلك وسيلة لمخاطبة الآخرين، وكلما أتقن الخطيب أو المتحدث ألفاظه واختارها بدقة كان تأثيره في المتلقين أبلغ.
إن الألفاظ هي أوعية المعاني والخازن لها، والمقدَّمة على المعاني، فقد ذكر الإمام مجد الدين ابن الأثير عند حديثه عما يلزم لمعرفة علم الحديث فقال: "أحدهما معرفة الألفاظ، والثاني معرفة معانيه، ولا شك أن معرفة ألفاظه مقدَمةٌ في الرتبة، لأنها الأصل في الخطاب، وبها يحصل التفاهم، فإذا عُرِفتْ، تَرَتَّبَتِ المعاني عليها، فكان الاهتمام ببيانها أولى" ([1]).
ولأهمية الألفاظ العربية اشترط الأئمة في الفقيه معرفتها والإلمام بها، نقل عنهم قولهم: "إن العلم بلغة العرب واجب على كل متعلق من العلم بالقرآن والسنة والفتيا بسبب، حتى لاغنى لأحد منهم عنه، وذلك أن القرآن نازل بلغة العرب، ورسول الله ( e) عربي، فمن أراد معرفة ما في كتاب الله عز وجل وما في سنة رسوله ( e) من كل كلمة عربية أو نظم عجيب، لم يجد من العلم باللغة بدّاً" ([2]).
وجعل العلماء تعلم اللغة فرض كفاية. قال ابن حزم: وأما النحو ففرض على الكفاية ... لأن الله يقول) وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضلّ الله من يشاء، ويَهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم (إبراهيم الآية/4/ ولأهمية الألفاظ أمر الله المؤمنين باختيارها والعدول عن المحرف منها إلى ما هو أفضل، قال تعالى) يا أيُّها الذين آمنوا لا تقولوا راعِنا وقولوا انظُرنا وللكافرين عذابٌ مهين (البقرة الآية 104.
إن لفظة (راعِنا) من المراعاة وهي الإنظار والإمهال وأصلها من الرعاية وهي النظر في مصالح الإنسان، وقد حرفها اليهود فجعلوها كلمة مسبة مشتقة من الرعونة وهي الحمق، ولذلك نهى سبحانه وتعالى عنها المؤمنين، وأمرهم بإبدالها بلفظة (انظرنا) من النظر والانتظار ([3]).
وكره رسول الله ( e) بعض الألفاظ، فأمر المسلمين باستبدالها، وقال: [لا يقولنّ أحدكم "خَبُثَتْ نفسي" ولكن ليقل: "لَقِسَتْ نفسي"] متفق عليه.
قال العلماء: معنى خبثت: غثّت وهو معنى "لَقِستْ" ولكن كره لفظ الخبث للنفس ([4]).
وحثنا رسول الله ( e) على الدقة في الألفاظ فقال: [لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان] رواه أبو داود بإسناد صحيح.
ونظراً إلى ما للقرآن من أهمية عند المسلمين، راحوا يعتنون بألفاظه وآياته ويتدبرونها لأنها تحمل معانيه، قال تعالى) كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدّبّروا آياتِه وليتذكّرَ أُلوا الألباب (سورة ص الآية 29.
وكانوا يسألون الرسول الكريم إذا ما أشكل عليهم لفظ أو غمض عليهم معنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد ذكر القرطبي في تفسيره (الجامع 7/ 30) نقلاً عن الصحيحين عن ابن مسعود، لما نزل قول الله تعالى) الذين آمنوا ولم يَلْبِسوا إيمانَهم بظُلْم (الأنعام الآية /82/ شق ذلك على أصحاب رسول الله، وقالوا أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله ( e): ليس هو كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه:) يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم (لقمان الآية 13 وبعد أن انتقل الرسول الكريم إلى الرفيق الأعلى، كان المسلمون يتجهون إلى كبار الصحابة والتابعين يستفسرون عن ألفاظ القرآن.
وكان بعضهم يمتنع عن القول برأيه في معاني المفردات القرآنية، فقد سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن معنى (أبَّا) في قوله تعالى) وفاكهةً وأبَّا (فقال: "أيُّ سماء تُظِلّني؟ وأيُّ أرضٍ تُقِلُّني؟ إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم" ([5]) وتعمق الصحابة في فهم القرآن، وكان ينظر إلى عبد الله بن عباس على أنه الرائد في تفسير القرآن والبحث عن معانيه والكشف عن غريبه والاستشهاد عليه بالأشعار، مما جعل الناس تقبل عليه تسأله وتستمع إليه وهو يرد على أسئلتهم بسعة علم ورحابة صدر وكأنه يغرف من بحر، وهذا ما جعلهم يلقبونه (حَبْر الأمة وترجمان القرآن). وقد حاول نافع بن الأزرق، أن يسأل ابن عباس، فذهب مع صاحبه نجدة بن عويمر إليه فقال: "إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسرها لنا وتأتينا بمصداقها من كلام العرب، فإن الله إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين. فقال ابن عباس: سلاني عما بدا لكما ... ".
وكان من جملة ما سأله عنه نافع أن قال: "أخبرني عن قوله تعالى) جَدُّ رَبِّنا (قال: عَظَمةُ ربنا، قال وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت:
لك الحمدُ والنعماءُ والمُلْكُ ربَّنا
فلا شيءَ أعلى منك جدّاً وأمجدُ ([6])
وهكذا راح نافع بن الأزرق يسأل وابن عباس يجيب مفسراً ومستشهداً على ما يقوله بأشعار العرب، حتى بلغت المسائل أكثر من ثمانين مسألة، سميت فيما بعد (مسائل نافع بن الأزرق).
أولاً ـ مفردات غريب القرآن:
الغريب من الكلام إنما هو الغامض والبعيد عن الفهم، أما غريب القرآن فقد قال عنه أبو حيان الأندلسي المتوفى سنة (745) هـ في مقدمة كتابه "تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب":
"لغات القرآن العزيز على قسمين: قسم يكاد يشترك في فهم معناه عامة المستعربة وخاصتهم، كمدلول السماء والأرض وفوق وتحت، وقسم يختص بمعرفته من له اطلاع وتبحر في اللغة العربية، وهو الذي صنف أكثر الناس فيه وسموه غريب القرآن".
ويلاحظ على هذه المصنفات، أنها لم تكتف بالألفاظ الغريبة، بل تعدتها إلى بعض الألفاظ المعروفة لدى عامة الناس مثل كلمة "الغَنَم" التي أثبتها الراغب الأصفهاني المتوفى سنة /502/ هـ في كتابه "المفردات في غريب القرآن". فقال: الغنم معروف، قال تعالى) ومن البقَر والغَنَمِ حَرمنا عليهم شُحومهما (الأنعام الآية 146 ([7]).
ومثل كلمة "الشجر" التي وردت في غريب القرآن لأبي حيان الأندلسي قال: الشجر في الآية
) ومن الشَّجَر ومما يَعْرِشون (النحل الآية /68/ ما قام على ساق.
ووردت كلمات أخرى معروفة مثل قمر، زوج، صيد، .... لهذا يمكن تسمية كتب غريب القرآن بأنها تفسير لجملة من مفردات القرآن وكلماته لأنها لم تقتصر على الغريب فقط.
تطور التأليف في غريب القرآن:
أول من قال بغريب القرآن هو ابن عباس، وطبع له كتاب في غريب القرآن ([8]).
كما أن مسائل نافع بن الأزرق المتوفى سنة /65/ هـ قد أُثبتت في الإتقان للسيوطي وهي مطبوعة في "شواهد القرآن" لأبي تراب الظاهري وفي "إعجاز القرآن" لعائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) ونشرها محمد فؤاد عبد الباقي ضمن "معجم غريب القرآن مستخرجاً من صحيح البخاري" كما ذكرت هذه المسائل في كتب تراثية أخرى، والمؤلَّفُ الثاني في غريب القرآن هو لأبي سعيد أبان بن تغلب بن رباح البكري المتوفى /141/ هـ ودوَّن شواهده من الشعر.
وهذا ما يجعلنا نقول: إن بداية تدوين غريب القرآن في النصف الأول من القرن الثاني للهجرة، واستمرّ إلى العصر الحاضر، وسنكتفي بذكر نماذج للتطور في تأليف كتب الغريب.
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد وضع العلماء مؤلفات في غريب القرآن في القرنين الثاني والثالث الهجريين، ولكن معظم هذه الكتب فُقد، ومن الكتب التي وصلت إلينا (غريب القرآن) لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفى سنة (276) ([9]).
وفي القرن الرابع تابع العلماء التأليف في غريب القرآن فأعد أبو بكر محمد بن عزيز بن أحمد السجستاني المتوفى سنة /330/ هـ كتاب (نزهة القلوب في تفسير علام الغيوب) ([10]).
وفي القرن الخامس وضع الراغب الأصفهاني المتوفى /502/ هـ كتابه المسمى "المفردات في غريب القرآن" ([11]) وقد أتقن مؤلفه ترتيبه على حروف المعجم مراعياً أوائل الكلمات.
وألف في الغريب من أهل القرن السادس الهجري أبو الفرج بن الجوزي /510ـ 597/ هـ وسمّى كتابه /تذكرة الأريب/ ([12]).
ومن الكتب المشهورة في القرن الثامن الهجري "تحفة الأريب، بما في القرآن من الغريب" تأليف الشيخ أثير الدين أبي حيان الأندلسي المتوفى /745/ هـ ([13]) وكتاب (عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ) للسّمين الحلبي المتوفى (756) هـ جمع فيه ألفاظ القرآن وفسرها ([14]).
واستمر التأليف في الغريب بعد ذلك، ففي القرن الثالث الهجري وضع مصطفى بن حنفي بن حسن الذهبي المتوفى (1280) هـ كتاب "تفسير غريب القرآن".
وفي العصر الحديث وضع الشيخ نديم الجسر مفتي طرابلس ـ لبنان ـ وصاحب كتاب "قصة الإيمان" كتاباً اسمه (غريب القرآن ومتشابهه) وقد طبع مراراً.
طريقة إعداد كتب الغريب:
إن التأليف في غريب القرآن كان في مراحله الأولى، يعتمد في تفسير كلماته على الشعر وخاصة الجاهلي منه، كما رأينا في مسائل نافع بن الأزرق، وقد فعل ذلك ابن قتيبة في "غريب القرآن" إذ إنه استشهد بالأشعار والأحاديث وأقوال العرب، ولقد وجه عمر بن الخطاب رضي الله عنه المسلمين إلى ذلك فقال: "يا أيها الناس عليكم بديوانكم شعر الجاهلية، فإن فيه تفسير كتابكم ومعاني كلامكم" ([15]).
ولجأ بعضهم إلى كتب التفسير وكتب اللغة في تفسير مفرداتهم، وهذا ما فعله الراغب الأصفهاني في "المفردات في غريب القرآن".
إن كتب الغريب ألّفت نثراً، إلا أن بعض العلماء نظمها شعراً كما فعل زين الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الرحمن الكردي المعروف بالحافظ العراقي المتوفى سنة /806/ هـ وسمّى كتابه "ألفية غريب القرآن" ([16]).
أما من حيث ترتيب الألفاظ، فإن كتب الغريب، كانت في جملتها تفتقر للدقة والمنهجية المنظمة على اختلاف طرائقه، ففي كتاب (تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب) لأبي حيان الأندلسي المتوفى سنة (745) هـ اعتمد المؤلف على الحرف الأول فقط من المادة وجمعها اعتباطاً في كل حرف، فجاء المحققون ورتبوا المفردات ترتيباً جديداً، ورتب بعض المؤلفين مفرداته بحسب ترتيب السور القرآنية، كما في غريب القرآن لابن قتيبة المتوفى /276/ هـ، إذ جعل كتابه أقساماً وفقاً للسور، وسار فيه على ترتيب تلك السور في المصحف، ورتب الراغب الأصفهاني، كتابه ترتيباً ألفبائياً، فقال في مقدمته موضحاً منهجه "وقد استخرت الله تعالى في إملاء كتاب مستوفياً فيه مفردات ألفاظ القرآن على حروف التهجي، فنقدم ما أوله الألف ثم الباء على ترتيب حروف المعجم ... " ولكنه لم يراع الحرف الثاني تماماً.
ونهج أكثر الذين ألفوا في الغريب فيما بعد هذا المنهج، واستفاد العلماء بعضهم من بعض، فهذا صاحب "عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ" الشيخ أحمد بن يوسف بن عبد الدائم الحلبي المعروف بالسمين المتوفى /756/ هـ قد اتبع في ترتيبه منهج المعاجم معززاً شرح الألفاظ بالشواهد القرآنية وبالحديث والأمثال والشعر، وقد اعتمد أصل الكلمة مجردة من الزوائد، وقام بتحليل اللفظة مجردة من المزيد، وتعرض لأصولها واشتقاقاتها وتطور معناها، واختلاف هذا المعنى من حيث الاستعمال، أي أن المؤلف كان يتابع اللفظ صرفياً وأصولياً فهو يفوق كتاب "المفردات" للأصفهاني، وقد أكمل في كتابه "عمدة الحفاظ" النواقص الواردة في القراءات، وسدد المآخذ التي أخذها على الأصفهاني ([17]). وما لبث النظام الهجائي المعجمي أن استقر في القرون الأخيرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد كان المؤلفون في هذا العلم، يستفيد اللاحق فيهم من السابق، ويتلافى تقصيره، ويختصر أشياء أسهب فيها غيره، كما يسهب في أمورٍ أجملها، ويضيف أشياء جديدة، مما يجعل المؤَلَّفَ الجديد أكثر دقة وجودة وفائدة من سابقه، وهذا يدل على التطور الملحوظ في هذا المجال.
ومما يدل على ذلك ما قاله ابن قتيبة في كتابه "غريب القرآن":
"وغرضنا الذي امتثلناه في كتابنا أن نختصر، ونكمل، وأن نوضح ونجمل وألا نستشهد على اللفظ المبتذل في كتابنا، ولا نكثر الدلالة على الحرف المستعمل، وألا نحشو كتابنا بالنحو والحديث والأسانيد، فإنا لو جعلنا ذلك في نقل الحديث لاحتجنا أن نأتي بتفسير السلف ـ رحمة الله عليهم ـ بعينه، ولو أتينا بتلك الألفاظ كان كتابنا كسائر الكتب التي ألفها نقلة الحديث".
ومن طرق التأليف التي اتبعها المعاصرون جمع العديد من كتب الغريب وترتيب ألفاظها في كتاب واحد، وهذا ما فعله الشيخ عبد العزيز عز الدين السيروان الذي قام بإعداد "المعجم الجامع لغريب مفردات القرآن الكريم" انتقى فيها أهم مصادر غريب القرآن، وجمعها في هذا الكتاب وهي:
1ـ تفسير غريب القرآن لابن قتيبة. 2ـ تحفة الأريب بما في القرآن من الغريب لأبي حيان الغرناطي. 3ـ معجم غريب القرآن لابن عباس. 4ـ كتاب العمدة في غريب القرآن لمكي بن أبي طالب.
ورتب ذلك كله بحسب المعجم بإعادة كل كلمة إلى جذرها اللغوي ([18]).
الهدف من مفردات غريب القرآن:
أما الهدف من وضع غريب القرآن، فهو تقديم معاني المفردات القرآنية الغريبة للعلماء والأدباء وطلاب العلم. قال الراغب الأصفهاني في مقدمة مفرداته: "إن أول ما يُحتاج أن يُشتَغَل به من علوم القرآن، العلومُ اللفظية، ومن العلوم اللفظية تحقيقُ الألفاظ المفردة فتحصيلُ معاني مفردات ألفاظ القرآن في كونه من أوائل المُعاون لمن يريد أن يدرك معانيه ... وليس ذلك نافعاً في علم القرآن فقط، بل هو نافع في كل علمٍ من علوم الشرع، فألفاظ القرآن: هي لبّ كلام العرب وزبدتُه وواسطته وكرائمُه، وعليها اعتماد الفقهاء والحكماء في أحكامهم وحِكَمِهم، وإليها مَفزعُ الشعراء والبلغاء في نظمهم ونثرهم ... "
ولقد ذكر شمس الدين محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي المتوفى نحو سنة /666/ هـ في كتابه "غريب القرآن" أن طلبة العلم وحملة القرآن سألوه أن يجمع لهم تفسير غريب القرآن فأجاب .... " ([19]).
وكان العلماء يقصدون من تأليفهم وجه الله تعالى، إذ يبدأ كل واحد منهم غالباً بحمد الله والصلاة على رسول الله وصحبه وآله، ويذكر أنه يريد بعمله وجه الله تعالى.
وعلى سبيل المثال، نذكر ما قاله الحافظ العراقي في مقدمة "ألفية غريب القرآن":
الحمد لله أَتمَّ الحمد
على أيادٍ عظمتْ عن عدِّ
وبعدُ فالعبدُ نوى أن يَنْظِما
غريبَ ألفاظ القُران عظما
ثم يقول:
وأرتجي النفعَ به في عاجلِ
وآجلٍ واللهُ ذُخر الآملِ
ويقول في نهاية الألفية:
وكملت عند السويس عائدا
من سفري لفضل ربي حامدا
مصلياً على نبيّ الرحمةِ
فهو شفيعي وهولي وسيلتي ([20])
وهكذا رأينا أهمية كتب غريب القرآن في تفسير ما أشكل من مفردات القرآن، وتقديمها للعلماء والباحثين، كما أننا لاحظنا تطور إعدادها ومنهجها، واهتمام المسلمين بها وتحقيقها وطبعها حتى بلغت طبعات بعضها العشرات، وتجلت لنا وجهة العلماء من تآليفهم، وصدقهم في عملهم، وإتقانهم له.
ثانياً ـ فهارس ألفاظ القرآن ومعاجمها
بعد أن رأينا ما بذله العلماء في الماضي من جهود في تصنيف مفردات غريب القرآن، فإننا سنقف عند جهود العلماء المعاصرين الذين تابعوا الاهتمام بالألفاظ القرآنية، بعد أن طوروا المنهج، وجدَّدوا في الطريقة والغرض، فوضعوا فهارس لألفاظ القرآن، ترشد الطالب إلى مكان الكلمات في آيات القرآن وسوره، ثم وضعوا معاجم لشرح معاني هذه الألفاظ بعد أن تذكر الآيات التي وردت فيها، وأعد بعض العلماء معاجم تخصصية، يتضمن كل معجم منها مفردات ذات موضوع واحد.
لقد تطورت معاجم ألفاظ القرآن في القرن العشرين ومرت بمراحل ثلاث:
1ـ فهارس لألفاظ القرآن وأطراف آياته.
2ـ معاجم لألفاظ القرآن.
3ـ معاجم تخصصية لألفاظ القرآن.
المرحلة الأولى: فهارس ألفاظ القرآن الكريم:
(يُتْبَعُ)
(/)
ثمة فارق بين الفهرس والمعجم: فالفهرس يرتب الألفاظ، ويدلك على مكان ورودها، أما المعجم فيرتبها ويشرحها.
ولقد دعت الحاجة إلى وضع فهارس لألفاظ القرآن، تسهل للباحثين الوصول إلى كلمات القرآن بيسر، فاتجهت عناية المسلمين والمستشرقين في الثلث الأول من القرن العشرين إلى وضع فهارس لألفاظ القرآن وأطراف آياته.
ومن المؤلفات الرائدة في هذا المجال:
1ـ نجوم الفرقان في أطراف القرآن: للمستشرق الألماني (فلوجل).
2ـ فتح الرحمن: تأليف علي زاده فيض الله الحسني.
3ـ مفتاح كنوز الرحمن: لكاظم بك.
4ـ كتاب ترتيب زيبا: لحافظ محمود الورداري.
5ـ معجم آيات القرآن: حسين نصار.
6ـ المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: للأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي.
وكان أهم هذه الفهارس فهرس الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي الذي استفاد من تجربة المستشرق (فلوجل) حين اطلع على كتابه (نجوم الفرقان في أطراف القرآن) فأعجب به، لكنه وجد فيه بعض الهنات والنواقص، فشمر عن ساعد الجد، وسهر الليالي فترجم هذا السفر وأكمل نواقصه، وأخرجه إخراجاً جديداً، وأضاف إليه، وسمّاه (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم) ورتب مواد هذا المعجم ترتيباً هجائياً، بعد تجريد اللفظة من أحرف الزيادة، وجاءت على حسب أوائلها فثوانيها فثوالثها، وبدأ معجمه المفهرس بمادة (أ ب ب) وأنهاه بمادة (ي و م) ويكفي أن تعرف كلمة من الآية حتى يدلك على موضعها من السورة، ويذكر لك نصّ الآية أيضاً.
إن الطريقة التي اتبعت في ذكر مفردات (المادة) هي الابتداء بالفعل المجرد المبني للمعلوم: ماضيه فمضارعه فأمره، ثم المبني للمجهول من الماضي والمضارع، ثم المزيد بالتضعيف فالمزيد بحرف ... إلخ، ثم الأسماء كالمصدر والمشتقات كاسم الفاعل واسم المفعول وباقي الأسماء ....
ومنهجه في كل لفظة أن يذكر: عدد مرات اللفظة في القرآن، والآيات التي وردت فيها اللفظة، ويثبت أمام كل آية رقمها في السورة ويرمز بـ /ك/ للآية المكية و بـ/م/ للآية المدنية، ثم يذكر اسم السورة ورقمها في المصحف. انتهى المؤلف من إعداد فهرسه هذا في عام 1945 ثم طبعه وأصدره وكانت أرقام آياته تطابق ما ورد في المصحف الذي تولّت الحكومة المصرية ـ آنذاك ـ طبعه، ثم صدر المعجم بطبعات متعددة في بلاد عربية وإسلامية، وتولت دار الفكر بدمشق عام /1407/ هـ نشره وطبعه على هامش القرآن الكريم نفسه ليسهل الرجوع إلى السور والآيات مباشرة، ومن طبعاته الجيدة المميزة الطبعة التركية الصادرة عن المكتبة الإسلامية في إستنبول في تركية عام 1982م.
وأقبل الناس والباحثون والعلماء عليه يستفيدون منه أيّما استفادة.
والناظر في هذا المعجم يجده يحوي ألفاظ القرآن ما عدا الضمائر والأدوات مما دفع الدكتور (إسماعيل أحمد عمايرة) إلى إعداد (معجم الأدوات والضمائر في القرآن الكريم) فَهْرَسَ فيه الأدوات والضمائر في القرآن، بحيث ييسر هذا الأمر لمن يَدْرُس أدوات الشرط أو النفي أو الاستفهام أو الحصر أو الضمائر المنفصلة أو ما شابه ذلك من أبواب الدرس الأسلوبي أو النحوي أو البلاغي في القرآن الكريم. وهذا المعجم يقسم إلى قسمين كبيرين، يستقل أحدهما عن الآخر. القسم الأول: الأدوات. والقسم الثاني: الضمائر ([21]).
وثمة محاولات أخرى جاءت بعد الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، فقد أعد الدكتور (محمد حسن الحمصي) فهرساً لألفاظ القرآن طبعه مع القرآن الكريم الذي ذيله بأسباب النزول للسيوطي مع بعض الأحاديث المفسرة للآيات وأضاف لفهرس الألفاظ فهرساً لمواضيع القرآن، فجمع عدة كتب في سفر واحد.
أما فهرس الألفاظ الذي يعنينا في بحثنا هذا، فقد وضعه الدكتور الحمصي بصورة مختصرة ومكثفة تساعد في الكشف عن مكان اللفظة المطلوبة في السور والآية، إلا أنه لم يذكر النص الكامل للآية.
لقد رتب الدكتور الحمصي الألفاظ ترتيباً هجائياً بعد تجريدها من أحرف الزيادة وذكر أمام كل لفظة رقم السورة ورقم الآية، ولكي يميز الطالب بين السورة والآية جعل رقم السورة بلون ورقم الآية بلون مغاير، وأغفل المؤلف تبويب جميع الحروف وغالب الظروف وأسماء الإشارة وأدوات الشرط والأسماء الموصولة، ولم يذكر بعض الألفاظ التي وردت فيها كل لفظة في القرآن ([22]).
(يُتْبَعُ)
(/)
إن هذه الفهارس وفَّرت الجهد والزمن للعلماء والباحثين، وقدمت خدمة جليلة لهم، ومهدت الطريق لوضع معاجم أكثر سعة وشمولية وفائدة.
المرحلة الثانية: معاجم لألفاظ القرآن:
إن فهارس ألفاظ القرآن توصل الباحث إلى موقع اللفظة في القرآن، وبعد ذلك عليه أن يبحث عن معناها في كتب اللغة وتفسير القرآن، لذا دعت الحاجة لوضع معاجم تدل على الألفاظ وتشرحها لتخفف على الباحث مشقّة البحث وتسهل عليه جمع المادة اللازمة للدراسة والتأليف، وكان العمل في هذا الاتجاه جماعياً، إذ اقترح الدكتور (محمد حسين هيكل) عضو مجمع اللغة العربية في القاهرة، وضع معجم خاص بألفاظ القرآن، وكان ذلك في دورة المجمع السابقة في الجلسة الثانية لمؤتمر المجمع في /6/ محرم ـ 1360هـ ـ الموافق 2 فبراير سنة 1941م.
وبعد بضع دورات وجلسات وفي عام 1949م، تشكلت لجنة من المجمع وبدؤوا بإعداد المعجم ضمن مراحل متعددة:
1ـ إذا كانت الكلمة القرآنية ترد في القرآن بمعنى واحد:
أ ـ تشرح شرحاً لغوياً.
ب ـ يبيّن أن الكلمة وردت في القرآن في مواضع متعددة، وأنها جاءت في كل هذه المواضع بالمعنى الذي ذُكر آنفاً.
2ـ إذا كان لها معان لغوية مختلفة:
أ ـ ينص على المعاني اللغوية كلها.
ب ـ يؤخذ أولاً أكثر المعاني دوراناً في القرآن، وينص على أن الكلمة وردت بهذا المعنى في كذا وكذا موضعاً، ويُذكر مثالان من الآيات مع اسم السورة ورقم الآية، ثم يُكتفى بعد ذلك بما جاء في هذا المعنى بذكر السورة ورقم الآية.
ج ـ تذكر المعاني الأخرى معنى بعد آخر، ويذكر بعد ذلك عدد الآيات التي جاءت فيها الكلمة بهذا المعنى، ويُكتفى بمثال، ثم تُذكر السور وأرقام الآيات الأخرى.
3ـ إذا كان للكلمة أكثر من معنى يُبدأ بالمعاني التي وردت في قليل من الآيات ثم يذكر المعنى الذي ورد به في كثير من الآيات.
4ـ إذا كان للكلمة معنى لغوي واحد ولكنها استعملت في القرآن الكريم بألوان مختلفة بسبب المجاز ونحوه، نص على المعنى اللغوي البحت ([23]).
لقد رتبت ألفاظ القرآن في هذا المعجم بحسب ترتيب حروف الهجاء، مسترشدة بالمعجم المفهرس لألفاظ القرآن لمحمد فؤاد عبد الباقي ـ رحمه الله ـ وإن الآيات التي أحال إليها المعجم هي أرقام المصحف المتداول، وَوُضِعَ رقم يبيّن عدد مرات كل لفظ من الألفاظ في القرآن. مثال ذلك: لفظة الأب تحتها رقم (1) واحد.
وبعد هذا المعجم الذي وضعه مجمع اللغة بالقاهرة، أُعِدَّت معاجم أخرى تشرح الألفاظ القرآنية وتشير إلى مكانها، وكان لكل معجم خصائص تميزه عن غيره.
لقد رتبت هذه المعاجم ترتيباً هجائياً، ولكن قسماً منها جاءت فيه الكلمات مجردة وقد ردّت إلى أصلها الثلاثي، نذكر من هذه المعاجم ـ على سبيل المثال ـ معجم الألفاظ والأعلام في القرآن الكريم للأستاذ (محمد إسماعيل إبراهيم) وهو موجَزٌ لما سبقه من معاجم ألفاظ القرآن، وألحق به ما جاء في القرآن من أعلام تاريخية وجغرافية، ونذكر معجماً آخر وضعه الفريق يحيى عبد الله المعلمي وعنوانه (مفردات القرآن). يقول المعلمي في مقدمته "أخذت مادة المفردات من القرآن، وشرحت معانيها في اللغة بدءاً ببيان أصل المعنى ثم ما طرأ عليها من تطورات، ثم أبرزت المعنى الذي وردت الكلمة به في القرآن الكريم، وتوجت بعد ذلك بالآيات الكريمات التي وردت فيها هذه الكلمة، وقد رتبتها ترتيباً هجائياً على طريقة المعاجم العربية، وذلك بإرجاع الكلمة إلى أصلها المجرد، واخترت أن يكون البدء بالحرف الأول في الكلمة المجردة، ثم الذي يليه، وهكذا، ورجعت في ذكر المعاني اللغوية للكلمات إلى أمهات كتب العربية"
أما القسم الآخر من هذه المعاجم التي تشرح الألفاظ، فقد أخذت الكلمة كما وردت في القرآن دون أن تجردها من أحرف الزيادة، وأشارت إلى مكانها وشرحتها لغوياً وبينت معانيها في الآيات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا ما فعله المرحوم الأستاذ (حامد عبد القادر) عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة في (معجم ألفاظ القرآن الكريم) الذي طبع أول مرة عام 1389هـ ـ 1969م. حيث رتب فيه الكلمات وفق ترتيب الأحرف الأبجدية دون تجريدها، ثم شرح معناها اللغوي وبعدها أتى بمعانيها في الآيات مع ذكر الآية، ووُضع بهذا الترتيب أيضاً (معجم القرآن) وهو قاموس مفردات القرآن وغريبه: فيه تفسير ولغة وأدب وعلم واجتماع وفلسفة، أعده المحامي عبد الرؤوف المصري ([24]).
وعن ترتيبه وإعداده قال المؤلف في المقدمة: "أخذت الكلمة من القرآن بحالها من غير نظر إلى ذكر أصلها المشتقة منه، وذكرت الكلمة دون أن أعير الحروف الداخلة عليها التفاتاً مثل (الأيَامى) أوردتها (أيامى)، ورتبت الكلمات ترتيباً ألف بائياً، ووضعت بجانب كل لفظة السورة ورقم الآية فيها، وفي هامش الصفحات عرَّفت بالأعلام والأديان وغيرها".
بالإضافة إلى كل ذلك نجد المؤلف يورد أحياناً أبياتاً من الشعر أو أقوال بعض العلماء حول المعنى، وقد يورد آراء المفسرين وهكذا ...
وعلى هذا الترتيب والمنهج وضعت بضعة معاجم، ولا يزال العلماء يمخرون عباب هذا المجال ويتفننون فيه، وهذا ما سنراه في المرحلة الثالثة.
المرحلة الثالثة: معاجم تخصصية لألفاظ القرآن:
إن المعاجم السابقة هي فهارس عامة تشمل معظم ألفاظ القرآن ـ إن لم نقل جميعها ـ فإذا ما أراد باحث أن يكتب عن النبات في القرآن، فما عليه إلا أن يتتبّع أسماء النبات وصفاته في القرآن، ويكتب بحثه مستعيناً بفهارس القرآن ومعاجمه، مما حدا ببعض العلماء والباحثين إلى أن يصنفوا معاجم تخصصية تجمع ألفاظ القرآن في موضوع واحد، وكان من الرواد في هذا المجال الأستاذ الباحث (مختار فوزي النعال) الذي صدر له (معجم ألفاظ النبات في القرآن) ([25]).
ثم ألف عدة معاجم تخصصية أخرى منها: معجم ألفاظ الإنسان في القرآن، ومعجم ألفاظ الحيوان في القرآن، ومعجم ألفاظ الزمان في القرآن، ومعجم ألفاظ الكون الواردة في القرآن، ومعجم ألفاظ المصنوعات في القرآن، ومعجم ألفاظ المكان في القرآن، ومعجم ألفاظ القبائل والأمم والشعوب في القرآن، ومعجم ألفاظ الأخلاق في القرآن، ومعجم الألفاظ التجارية والمالية في القرآن.
وجمع المعاجم السابقة في (موسوعة الألفاظ القرآنية) بعد أن اختصر بعض الشروح ([26]).
وأصدرت مؤسسة الكويت للتقدم العلمي تباعاً معاجم تخصصية أخرى تحت عنوان (قاموس القرآن الكريم) كان أولها (معجم النبات في القرآن) طبع لأول مرة عام 1992، ورتبت هذه المعاجم هجائياً.
وهكذا لاحظنا أن عمل المعاجم قام على جهد فردي أو على جهد جماعي صادر عن مؤسسات علمية أو مجامع اللغة العربية، وقد يلتقي الجهدان، فيتعاون الأفراد مع المعاهد ودور النشر لإصدار معجم تخصصي، كما فعل الأستاذ (محيي الدين عطية) الذي أعد (الكشاف الاقتصادي) لآيات القرآن الكريم، بالتعاون مع الدار العالمية للكتاب الإسلامي في المملكة العربية السعودية والمعهد العالي للفكر الإسلامي في الولايات المتحدة الأمريكية، وصدرت طبعته الثانية عام 1413ه ـ 1992م، وبلغ عدد مفردات الكشاف فيه /550/ مفردة وعدد صفحاته /598/ صفحة، ورتبت ألفاظه حسب ترتيب الحروف الهجائية، وذكرت الآيات وما جاء في تفسيرها مع ذكر المراجع ومصادر النقول، وفي نهايته فهرس تحليلي للكشاف يذكر فيه اللفظة والسورة والآيات التي وردت فيها. وهذا الكشاف يعين الباحث في علوم الاقتصاد الإسلامي.
وفطن الأستاذ (محمد السيد الداودي) الموجه السابق للغة العربية ـ القاهرة ـ إلى الأرقام في القرآن الكريم فأعد (معجم الأرقام في القرآن) وهو بحث يستوعب كل ما ورد في القرآن من أرقام مع إحاطة كل رقم بما يتطلبه من لغة وفقه وتاريخ وأسباب نزول وأهدافه، ورتبه حسب الأعداد الواردة في القرآن تصاعدياً: أي بدءاً بالأصغر فالأكبر ([27]).
ولم ينس العلماء اللغة في القرآن فأصدروا بالإضافة إلى ما ذكرنا من قبل معجم مفردات الإبدال والإعلال في القرآن للدكتور (أحمد محمد الخراط) الأستاذ المشارك في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ([28]).
(يُتْبَعُ)
(/)
قسم هذا المعجم إلى قسمين: قسم الأسماء وقسم الأفعال، وهو يرصد المفردات التي وقع فيها إبدال أو إعلال على نحو يفصل مراحل التوجيه الصرفي للكلمة، ويسعى المعجم كذلك إلى تعليل الظاهرة الصرفية على نحو يُفصِّل في مراحل التوجيه الصرفي للكلمة، ويسعى المعجم كذلك إلى تحرير تعليل الظاهرة الصرفية على نحو ميسر مرتب ... أضيف إليه فهارس للأسماء والأفعال ليسهل الرجوع إليها. وفي الجانب اللغوي ألف أيضاً الأستاذ (محمد حسن الشريف) (معجم حروف المعاني في القرآن) ([29]). وينوي المؤلف إصدار عدة معاجم أخرى في هذا المنحى مثل: ـ معجم التحولات الصوتية في حروف القرآن الكريم، ومعجم الصيغ الصرفية في حروف القرآن، ومعجم الضمائر في القرآن الكريم ([30]).
بالإضافة لما سبق وضع العلماء معاجم تشمل موضوعات تخصصية أخرى مثل الناحية العسكرية، فقد استخرج اللواء محمود شيت خطاب عضو مجمع اللغة العربية في العراق مفردات عسكرية من القرآن وجمعها في معجم سمّاه (المصطلحات العسكرية في القرآن) وأصدره في الستينيّات من القرن العشرين، فَصَّلَ فيه كل مصطلح عسكري ورد في الذكر الحكيم في ثلاث مواد: جعل العنوان العسكري بصيغة الفعل الماضي وأورد في المادة الأولى بعض الآيات أمثلة لاستعماله، وذكر في المادة الثانية مشتقاته ومعانيها اللغوية، كما وردت في المعجمات اللغوية، وسجل في المادة الثالثة استعمالات المصطلح العسكري الوارد في القرآن الكريم ومشتقاته في المصطلحات العسكرية الحديثة في الجيوش العربية لعله ينير لهم الطريق في تذليل مهمتهم الشاقة.
المعاجم القرآنية والحاسوب
إن تنوع المعاجم التخصصية يؤكد أن هذا القرآن الكريم فيه علوم جمة ويدل على أنه كتاب لا تنتهي عجائبه، فهو كتاب الله الذي أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم عليم.
وعندما دخل الحاسوب إلى حياة الناس، أحدث ثورة في المعلومات، فأقبل أهل الاختصاصات العلمية يستفيدون منه أيّما فائدة، وسارع العلماء المسلمون إلى الحاسوب يسخِّرونه لخدمة القرآن الكريم، فسجلوا فيه القرآن الكريم، وأصبح الحاسوب بهذه الحالة (فهرساً لألفاظ القرآن) ممتازاً، فإذا طلبوا منه لفظة قرآنية دل على مكانها في السورة والآية بدقة وسرعة، وقدم عدد مرات ورودها في القرآن، ثم غذوه ببعض معاجم الألفاظ القرآنية وبتفاسير القرآن، فإذا ما طلبوا منه معنى كلمة أو تفسيرها وجدوا الجواب الصحيح جاهزاً مع الإشارة إلى المصدر، بحيث نستطيع أن نقول: إن الحاسوب بات بديلاً عن فهارس ومعاجم القرآن ولكنه يبقى عالة عليها، فلا يمكن للحاسوب أن يفسر لذاته، ولا يمكن أن يجمع المصطلحات العسكرية أو الألفاظ الإنسانية أو النحوية من القرآن دون أن تغذيه بالمعلومات اللازمة.
إن عمل الحاسوب في هذا المجال يعتمد على السهولة والدقة والسرعة، بعد أن نغذيه بما نريد، وله فائدة أخرى هي أنه يوفر المكان الذي يحتاج إليه عشرات المجلدات في المكتبة، فالحاسوب يخزنها بقرص واحد.
وقبل أن ننهي كلامنا على المعاجم نود أن نشير إلى أن هذه المعاجم القرآنية لاقت عناية بالغة من كل الجهات فبالإضافة إلى ما ذكرناه في الدراسة من اهتمام مجامع اللغة والمعاهد والمؤسسات العلمية ودور النشر بها، فإن بعض الباحثين أعدوا معاجم تعرّف هذه المعاجم القرآنية، من هذه المعاجم ما كان خاصاً بمصنفات القرآن ومعاجمه مثل (معجم مصنفات القرآن الكريم) جمع وترتيب الدكتور علي شواخ إسحاق الشعيبي إصدار مركز المخطوطات والتراث والوثائق في الكويت، وهو يشتمل على كل ما عثر عليه من المصنفات التي كتبت عن القرآن الكريم المطبوع منها والمخطوط في جميع بلاد العالم وفي كل اللغات. وهناك مصنفات معجمية تعنى بتقصي المعاجم القرآنية، "فمعجم المعاجم" الذي أعده أحمد الشرقاوي يعرف بنحو ألف وخمسمائة من المعاجم العربية ذكر فيها معاجم مفردات غريب القرآن ([31]).
ومعجم المعجمات العربية لمصنفه وجدي رزق غالي، رصد فيه المعاجم العربية المطبوعة، العامة والمتخصصة، مع تعريف مختصر بكلٍ منها.
وفيه إلى جانب ذلك ذكر معاجم لألفاظ القرآن ([32]).
(يُتْبَعُ)
(/)
نلاحظ من كل ما سبق أن علماءنا منذ فجر الإسلام حتى اليوم، اعتنوا بالقرآن ومفرداته وألفاظه، بطرائق شتى، ثم شرحوا تلك المفردات والألفاظ في معاجم أخرى وألحقوا ذلك بمعاجم تخصصية كان لها أهداف واضحة ومحددة، وبذلك خدموا الكتاب الكريم أجلَّ خدمةٍ، فجزاهم الله خيراً.
المراجع
1ـ المراجع المعجمية العربية. سفر سعيد البشيتي ـ مكتبة لبنان عام 1989م.
2ـ معجم ألفاظ القرآن الكريم. مجمع اللغة العربية. القاهرة.
3ـ المعجم العربي. نشأته وتطوره. د. حسين نصار. مطابع الكتاب العربي مصر 1375هـ.
4ـ معجم مصنفات القرآن. د. علي شواخ إسحاق الشعيبي. مركز المخطوطات ـ الكويت.
5ـ معجم المعاجم. أحمد الشرقاوي. دار المغرب الإسلامي ـ الجمعية المغربية للتأليف.
6ـ معجم المعجمات العربية. وجدي رزق غالي. مكتبة لبنان عام 1993م.
* باحث من سورية ..
([1]) النهاية في غريب الحديث والأثر. مجد الدين بن الأثير. تحقيق طاهر أحمد الزاوي. المكتبة العلمية بيروت ج1 ص3.
([2]) الصاحبي في فقه اللغة. أحمد بن فارس. تحقيق مصطفى الشويمي مؤسسة بدران ـ بيروت ـ 1964م ص 64.
([3]) صفوة التفاسير. محمد علي الصابوني. دار القلم العربي. حلب. ط1، 1994 ج1 ص85.
([4]) رياض الصالحين. الإمام النووي. راجعه شعيب الأرناؤوط. دار المأمون للتراث. دمشق 1981 ط4 ص658.
([5]) الجامع الصغير. الإمام السيوطي ج1 ص317.
([6]) أورد السيوطي حكاية المقابلة والأسئلة والأجوبة في الإتقان ج1 ص 120.
([7]) المفردات في غريب القرآن. الراغب الأصفهاني: ت: محمد سيد كيلاني. دار المعرفة ـ بيروت.
([8]) طبع عدة مرات منها طبعة مكتبة القرآن عام 1988 وعدد صفحاتها 125 تحقيق محمد إبراهيم سليم. القاهرة.
([9]) طبعته دار إحياء الكتب العربية بالقاهرة سنة 1958 بتحقيق أحمد صقر.
([10]) طبع مراراً ومن هذه الطبعات طبعة 1936 بإشراف الأستاذ مصطفى عناني.
([11]) طبع بالمطبعة الميمنية عام 1304هـ ثم أعيد طبعه عدة مرات.
([12]) حققه د. علي حسين الغرب ونشرته مكتبة المعارف ـ الرياض ـ ط1 عام 1986.
([13]) نشرة محمد بن سعيد بن مصطفى الوردي النعساني بحماة عام 1926 ثم طبع ببغداد عام 1977.
([14]) حققه د. عبد السلام ألتونجي. صدر عن مكتب الإعلام والبحث والنشر لجمعية الدعوة ـ ليبيا. بأربعة مجلدات.
([15]) الإتقان. الإمام السيوطي. ج1 ص 113.
([16]) طبع على هامش تفسير الجلالين بمطبعة دار إحياء الكتب العربية بمصر سنة 1924هـ.
([17]) انظر مقدمة عمدة الحفاظ تحقيق عبد السلام أحمد ألتونجي. ج1.
([18]) طبعته دار العلم للملايين ط1 ك2/ 1986/م.
([19]) معجم المعاجم. أحمد الشرقاوي. دار الغرب الإسلامي ط1، 1407هـ، 1987م، ص15.
([20]) المرجع السابق ص 15.
([21]) صدر المعجم في طبعته الأولى عن مؤسسة الرسالة بيروت ـ لبنان عام 1986م في 816 صفحة.
([22]) طبع هذا الفهرس تحت عنوان (تفسير وبيان) في دمشق عام 1405هـ 1984م.
([23]) انظر مقدمة معجم ألفاظ القرآن الذي أعده مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
([24]) صدرت الطبعة الثانية منه عام 1367 هـ ـ 1948م في مطبعة حجازي القاهرة.
([25]) طبعة نادي جدة الأدبي في المملكة العربية السعودية عام 1993م وهو يحوي /72/ لفظة.
([26]) طبعت في دار التراث. حلب عام 2003م.
([27]) طبع في دار الكتاب المصري لأول مرة عام 1986م عدد صفحاته /134/ صفحة.
([28]) نشرته دار القلم. دمشق ط1، 1409ه ـ 1989م.
([29]) مؤسسة الرسالة في بيروت عام 1996م. ثلاثة مجلدات.
([30]) انظر مقدمة معجم حروف المعاني في القرآن. محمد حسن الشريف.
([31]) طبع في دار المغرب الإسلامي بالتعاون مع الجمعية المغربية للتأليف والنشر والترجمة.
([32]) صدر عن مكتبة لبنان عام 1993م.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[25 May 2009, 12:40 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء وأحسن إليك على هذه الفوائد القيمة(/)
من عجائب الترتيب القرآني
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[24 May 2009, 11:15 ص]ـ
19 سورة في ترتيب عجيب
1 - سورة آل عمران. رقم الترتيب 3، عدد الآيات 200.
+5 ............. (3 + 5 = 8، إشارة إلى ترتيب السورة التالية وهكذا)
2 - سورة الأنفال. رقم الترتيب 8، عدد الآيات 75.
+7
3 - سورة الحجر. رقم الترتيب 15، عدد الآيات 99.
+5
4 - سورة طه. رقم الترتيب 20، عدد الآيات 135.
+7
5 - سورة النمل. رقم الترتيب 27، عدد الآيات 93.
+5
6 - سورة السجدة. رقم الترتيب 32، عدد الآيات 30.
+7
7 - سورة الزمر. رقم الترتيب 39، عدد الآيات 75.
+5
8 - سورة الدخان. رقم الترتيب 44، عدد الآيات 59.
+7
9 - سورة الذاريات. رقم الترتيب 51، عدد الآيات 60.
+5
10 - سورة الواقعة. رقم الترتيب 56، عدد الآيات 96.
+7
11 - سورة المنافقون. رقم الترتيب 63، عدد الآيات 11.
+5
12 - سورة القلم. رقم الترتيب 68، عدد الآيات 52.
+5؟
13 - سورة المزمل. رقم الترتيب 73، عدد الآيات 20.
+5
14 - سورة النبأ. رقم الترتيب 78، عدد الآيات 40.
+7
15 - سورة البروج. رقم الترتيب 85، عدد الآيات 22.
+5
16 - سورة البلد. رقم الترتيب 90، عدد الآيات 20.
+7
17 - سورة القدر. رقم الترتيب 97، عدد الآيات 5.
+5
18 - سورة التكاثر. رقم الترتيب 102، عدد الآيات 8.
+7
19 - سورة الكافرون. رقم الترتيب 109، عدد الآيات 6.
المجموع: 1060 + 1106 = 2166 = 19 × 114
توضيح:
1 - الفوارق في ترتيب السور الـ 19 كانت على التوالي:
5 - 7 - 5 - 7 - 5 - 7 - 5 - 7 - 5 - 7 - 5 - 5 - 5 - 7 - 5 - 7 - 5 - 7
2 - الفرق رقم 12 جاء 5 وليس 7 ..
لاحظت أنه جاء قبل سورة القلم وهي السورة الوحيدة من بين سور الفواتح في المجموعة.
3 - العدد 2166 يتكرر في ترتيب القرآن بصورة مميزة ولافتة للانتباه.
ـ[ Amara] ــــــــ[25 May 2009, 01:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما أفهمه أن كل ما في القرآن مقصود
أخي الحبيب عبد الله جلغوم .. لعل أخانا المحب قد كان سألك عن إيجاد علاقة طردية تفسر ترتيب السور و عدد آياتها .. و لعل هذه بداية إيجاد مثل تلك العلاقة .. فاجعل هذا نصب عينيك أخي الحبيب ..
وفقني و وفقك الله
عمارة سعد شندول
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[25 May 2009, 08:15 م]ـ
في الحقيقة لم أستوعب شيئًا جديدًا!!!!!
ما هي الـ (5) أو الـ (7) التي تضعها ولماذا لم يكن العدد غيرها رغم أنه يؤدي إلى أية سورة أخرى و هكذا؟؟؟
ـ[علي محمد علي]ــــــــ[03 Dec 2010, 04:55 ص]ـ
وأنا أيضا للأسف لم أفهم شيئا(/)
(الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم , الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون)
ـ[شاكر]ــــــــ[24 May 2009, 08:00 م]ـ
(الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم , الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون)
لقد تكرر في القرآن الكريم ذكر معرفة أهل الكتاب - وهم اليهود والنصارى - لهذا القرآن ;
أو لصحة رساله محمد [صلى الله عليه وسلم] وتنزيل هذا القرآن عليه من عند الله. .
تكرر ذكر هذه الحقيقة سواء في مواجهة أهل الكتاب أنفسهم ,
عندما كانوا يقفون من النبى [صلى الله عليه وسلم] ومن هذا الدين وقفة المعارضة والإنكار والحرب والعداء
[وكان هذا غالبا في المدينة] أو في مواجهة المشركين من العرب ;
لتعريفهم أن أهل الكتاب , الذين يعرفون طبيعة الوحي والكتب السماوية , يعرفون هذا القرآن ,
ويعرفون صدق رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في أنه وحي أوحى به ربه إليه كما أوحى إلى الرسل من قبله.
وهذا الآية - كما رجحنا - مكية.
وذكر أهل الكتاب فيها على هذا النحو - إذن - يفيد أنها كانت مواجهة للمشركين بأن هذا القرآن الذي ينكرونه ,
يعرفه أهل الكتاب كما يعرفون أبناءهم ;
وإذا كانت كثرتهم لم تؤمن به فذلك لأنهم خسروا أنفسهم , فهم لا يؤمنون.
شأنهم في هذا شأن المشركين , الذين خسروا أنفسهم , فلم يدخلوا في هذا الدين!
والسياق قبل هذه الآية وبعدها كله عن المشركين. مما يرجح مكيتها كما قلنا من قبل في التعريف بالسورة. .
وقد جرى المفسرون على تفسير مثل هذا التقرير: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم). .
على أنهم يعرفون أنه منزل من عند الله حقا ;
أو على أن النبى [صلى الله عليه وسلم] رسول من عندالله حقا , يوحى إليه بهذا القرآن. .
وهذا جانب من مدلول النص فعلا
ولكنا نلمح - باستصحاب الواقع التاريخي وموقف أهل الكتاب من هذاالدين فيه –
أن هناك جانبا آخر من مدلول النص ;
لعل الله - سبحانه - أراد أن يعلمه للجماعة المسلمة ,
ليستقر في وعيها على مدار التاريخ , وهي تواجه أهل الكتاب بهذا الدين. .
إن أهل الكتاب يعرفون أن هذا الكتاب حق من عند الله ;
ويعرفون - من ثم - ما فيه من سلطان وقوة ; ومن خير وصلاح ;
ومن طاقة دافعة للأمة التي تدين بالعقيدة التي جاء بها ; وبالأخلاق التي تنبثق منها ; وبالنظام الذي يقوم عليها.
ويحسبون كل حساب لهذا الكتاب وأهله ; ويعلمون جيدا أن الأرض لا تسعهم وتسع أهل الدين!. .
إنهم يعرفون ما فيه من حق , ويعرفون ما هم فيه من باطل. .
ويعرفون أن الجاهلية التي صاروا إليها , وصارت إليها أوضاع قومهم وأخلاقهم وأنظمتهم ,
لا يمكن أن يهادنها هذا الدين , أو يبقى عليها. .
وأنها - من ثم - معركة لا تهدأ حتى تجلو الجاهلية عن هذه الأرض , ويستعلي هذا الدين , ويكون الدين كله لله. .
أي أن يكون السلطان في الأرض كله لله ; وأن يطارد المعتدون على سلطان الله في الأرض كلها. وبذلك وحده يكون الدين كله لله. .
إن أهل الكتاب يعلمون جيدا هذه الحقيقة في هذا الدين. . ويعرفونه بها كما يعرفون أبناءهم. .
وهم جيلا بعد جيل يدرسون هذا الدين دراسة دقيقة عميقة ; وينقبون عن أسرار قوته ;
وعن مداخلة إلى النفوس ومساربه فيها ;
ويبحثون بجد:
كيف يستطيعون أن يفسدوا القوة الموجهة في هذا الدين؟
كيف يلقون بالريب والشكوك في قلوب أهله؟
كيف يحرفون الكلم فيه عن مواضعه؟
كيف يصدون أهله عن العلم الحقيقي به؟
كيف يحولونه من حركة دافعة تحطم الباطل والجاهلية
وتسترد سلطان الله في الأرض وتطارد المعتدين على هذا السلطان , وتجعل الدين كله لله. .
إلى حركة ثقافية بارده , وإلى بحوث نظرية ميتة , وإلى جدل لاهوتي أو فقهي أو طائفي فارغ؟
كيف يفرغون مفهوماته في اوضاع وأنظمة وتصورات غريبة عنه مدمرة له ,
مع إيهام أهله أن عقيدتهم محترمة مصونة؟!
كيف في النهاية يملأون فراغ العقيدة بتصورات أخرى ومفهومات أخرى واهتمامات أخرى ,
ليجهزوا على الجذور العاطفية الباقية من العقيدة الباهتة؟!
إن أهل الكتاب يدرسون هذا الدين دراسة جادة عميقة فاحصة ;
لا لأنهم يبحثون عن الحقيقية - كما يتوهم السذج من أهل هذا الدين!
- ولا لينصفوا هذا الدين وأصله –
(يُتْبَعُ)
(/)
كما يتصور بعض المخدوعين حينما يرون اعترافا من باحث أو مستشرق بجانب طيب في هذا الدين! –
كلا!
إنما هم يقومون بهذه الدراسة الجادة العميقة الفاحصة , لأنهم يبحثون عن مقتل لهذا الدين!
لأنهم يبحثون عن منافذه ومساربه إلى الفطرة ليسدوها أو يميعوها!
لأنهم يبحثون عن أسرار قوته ليقاوموه منها!
لأنهم يريدون أن يعرفوا كيف يبني نفسه في النفوس
ليبنوا على غراره التصورات المضادة التي يريدون ملء فراغ الناس بها!
وهم من أجل هذه الأهداف والملابسات كلها يعرفونه كما يعرفون أبناءهم!
ومن واجبنا نحن أن نعرف ذلك. . وأن نعرف معه أننا نحن الأولى بأن نعرف ديننا كما نعرف أباءنا!
إن الواقع التاريخي من خلال أربعة عشر قرنا ينطق بحقيقة واحدة. .
هي هذه الحقيقة التي يقررها القرآن الكريم في هذه الآية: (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم). .
ولكن هذه الحقيقة تتضح في هذه الفترة وتتجلى بصورة خاصة. .
إن البحوث التي تكتب عن الإسلام في هذه الفترة تصدر بمعدل كتاب كل أسبوع ; بلغة من اللغات الأجنبية. .
وتنطق هذه البحوث بمدى معرفة أهل الكتاب بكل صغيرة وكبيرة عن طبيعة هذا الدين وتاريخه ,
ومصادر قوته , ووسائل مقاومته , وطرق إفساد توجيهه!
ومعظمهم - بطبيعة الحال - لا يفصح عن نيته هذه ;
فهم يعلمون أن الهجوم الصريح على هذا الدين كان يثير حماسة الدفاع والمقاومة ;
وأن الحركات التي قامت لطرد الهجوم المسلح على هذا الدين - الممثل في الاستعمار –
إنما كانت ترتكز على قاعدة من الوعي الديني أو على الأقل العاطفة الدينية ;
وأن استمرار الهجوم على الإسلام - ولو في الصورة الفكرية - سيظل يثير حماسة الدفاع والمقاومة!
لذلك يلجأ معظمهم إلى طريقة أخبث. .
يلجأ إلى إزجاء الثناء لهذا الدين , حتى ينوم المشاعر المتوفزة , ويخدر الحماسة المتحفزة ,
وينال ثقة القارى ء واطمئنانه. .
ثم يضع السم في الكأس ويقدمها مترعة. . هذا الدين نعم عظيم. .
ولكنه ينبغي أن يتطور بمفهوماته ويتطور كذلك بتنظيماته ليجاري الحضارة "الإنسانية " الحديثة!
وينبغي ألا يقف موقف المعارضة للتطورات التي وقعت في أوضاع المجتمع , وفي أشكال الحكم , وفي قيم الأخلاق!
وينبغي - في النهاية - أن يتمثل في صورة عقيدة في القلوب ,
ويدع الحياة الواقعية تنظمها نظريات وتجارب وأساليب الحضارة "الإنسانية " الحديثة!
ويقف فقط ليبارك ما تقرره الأرباب الأرضية من هذه التجارب والأساليب. . وبذلك يظل دينا عظيما. .!!!
وفي أثناء عرض مواضع القوة والعمق في هذا الدين - وهي ظاهريا تبدو في صورة الإنصاف الخادع والثناء المخدر –
يقصد المؤلف قومه من أهل الكتاب ; لينبههم إلى خطورة هذا الدين , وإلى أسرار قوته ;
ويسير أمام الأجهزة المدمرة بهذا الضوء الكشاف , ليسددوا ضرباتهم على الهدف.
وليعرفوا هذا الدين كما يعرفون أبناءهم!
إن أسرار هذا القرآن ستظل تتكشف لأصحابه ; جديده دائما ; كلما عاشوا في ظلاله ;
وهم يخوضون معركة العقيدة ; ويتدبرون بوعي أحداث التاريخ ; ويطالعون بوعي أحداث الحاضر.
ويرون بنور الله. الذي يكشف الحق , وينير الطريق. .
(في ظلال القرآن)(/)
العلاقة بين ما يسمى بالكوارث الطبيعية وذنوب العباد
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[24 May 2009, 10:29 م]ـ
الإخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تطرح على وسائل الإعلام الآن وقد طرحت في السابق بعض الكتابات التي تستغرب أو تستنكر ربط العلماء والمشايخ وطلبة العلم والخطباء والدعاة بين ما يحدث في الأرض من كوارث كالزلازل والفيضانات والأعاصير وبين ذنوب العباد، وبعض هذه الكتابات تلقى رواجا عند الكثيرين من العامة ومن المتعلمين الذين ليس لديهم خلفية شرعية صحيحة.
وأرى أنه من واجب أهل العلم أن يقوموا بالبيان وإزالة الإشكال وخاصة أن كثيرا من الذين يكتبون منتقدين الخطاب الشرعي يكتبون بسوء نية وقصد تشويه صورة علماء الشريعة.
فهل نرى في هذا المنتدى المبارك من يتطرق إلى تجلية هذا الموضوع من خلال آيات القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[25 May 2009, 12:14 ص]ـ
يكفي رداً عليهم قوله تعالى " ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس لنذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون ".
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 May 2009, 01:34 ص]ـ
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) سورة الروم (41)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[25 May 2009, 12:24 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
يتعرض المؤمن للابتلاء والمحن مما يكفر عنه ذنوبه أو يرفع درجته.
ويتعرض العاصي لما يشده للتوبة والرجوع.
ولمعرفة أهل الإيمان بأضرار انتشار الخبث، يحسن بهم أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر، حتى لا يحل غضب الله.
وقد يكون ما في ظاهره ابتلاء باطنه خير ورحمة.
والله أعلم وأحكم.
عنوان الفتوى حديث عائشة و الكوارث الطبيعية
المفتي د. محمد بن عبدالله القناص
رقم الفتوى 20747
تاريخ الفتوى 23/ 5/1428 هـ -- 2007 - 06 - 09
تصنيف الفتوى كتاب الحديث وعلومه->شروح حديثية
السؤال أرجو أن تذكروا لي حديث عائشة (رضي الله عنها) بخصوص الكوارث الطبيعية. وأرجو التحديد هل ذكر أن الزلازل تكون بسبب ذنوب بعينها والفيضانات بسبب ذنوب أخرى معينة، ونحو ذلك. جزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
الحديث الذي يشير إليه السائل – وفقه الله – لعله حديث عائشة – رضي الله عنها – قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَكُونُ فِي آخِرِ الْأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ نَعَمْ إِذَا ظَهَرَ الْخُبْثُ، أخرجه الترمذي، وقال: حديث غريب، أو يكون المقصود حديثها الآخر قالت: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ الرِّيحِ وَالْغَيْمِ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ وَذَهَبَ عَنْهُ ذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي وَيَقُولُ إِذَا رَأَى الْمَطَرَ رَحْمَةٌ " [أخرجه البخاري، ومسلم، واللفظ له] والزلازل وغيرها من الآيات: كالبراكين والخسوف والكسوف والكوارث الطبيعية لها حِكَم شرعية وهي تخويف العباد واستعتابهم، قال الله جل ثناؤه: (وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَكْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّهُمَا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ فَإِذَا رَأَيْتُمْ كُسُوفًا فَاذْكُرُوا اللَّهَ حَتَّى يَنْجَلِيَا " [أخرجه البخاري، ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها]، ولا ينافي هذا أن يكون للزلازل أسباب طبيعية يعرفها العلماء المختصون بعلوم الأرض، قال شيخ الإسلام ابن تيمية لما سئل عن الزلازل: " الزلازل من الآيات التي يخوف الله بها عباده كما يخوفهم بالكسوف وغيره من الآيات والحوادث، لها أسباب وحكم، فكونها آية يخوف الله بها عباده هي من حكمة ذلك، وأما أسبابه فمن أسبابه
(يُتْبَعُ)
(/)
انضغاط البخار في جوف الأرض كما ينضغط الريح والماء في المكان الضيق فإذا انضغط طلب مخرجا فيشق ويزلزل ما قرب منه من الأرض. " [مجموع الفتاوى (24/ 264)]، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه ومسلم ما يدل على أن تكاثر الزلازل مرتبط بتفشي المعاصي، وظهور المنكرات، والفتن وكثرة القتل، وقبض العلم، ففي صحيح البخاري، ومسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ. "، ولا ريب أن للذنوب والمعاصي آثار سيئة على الأمم والشعوب، فهي سبب في زوال النعم، ومحو البركات، وزوال الأمن، وكانت سبباً في هلال الأمم والشعوب السابقة، قال عز وجل: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ)، وقال تعالي: (وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)، وقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ)، وقال تعالى: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ)، وقال تعالى: (ولَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وأَخَذَتِ الَذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ * كَأَن لَّمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلا بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ)، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وقد دلت هذه النصوص على شؤم المعاصي والذنوب وأنها سبب في حلول المصائب والفتن والعقوبات المتنوعة، قال الله عز وجل: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، وقال عز وجل: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)، نسأل الله تبارك وتعالى أن يدفع عنا الزنا والربا والزلازل والمحن وسواء الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يفتح علينا من بركات السماء والأرض إنه سميع مجيب.(/)
سؤال عن الرسائل العلمية التي اعتنت باستدراكات ابن كثير على الطبري؟
ـ[فيصل الغامدي]ــــــــ[24 May 2009, 10:38 م]ـ
الأخوه الكرام ..
سمعت أن هناك رسالتان في استدراكات ابن كثير على ابن جرير الرجاء اخباري بمعلومات عن هاتين الرسالتين وأين نوقشت.
ولكم جزيل الشكر والعرفان
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[24 May 2009, 11:23 م]ـ
أخي الكريم:
انظر هذا الرابط:
الحواشي والاختصارات والدراسات حول تفسير ابن كثير
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=8579
وهلا وغلا
وعلى الرحب والسعة
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[25 May 2009, 12:11 ص]ـ
نوقشت في الجامعة الإسلامية منذ زمن بعيد.
ـ[فيصل الغامدي]ــــــــ[25 May 2009, 05:37 م]ـ
جزاكم الله خيرا والأخرى اين ناقشت؟(/)
ما هي الحياة الطيبة؟؟
ـ[أبو يحيى بن يحيى]ــــــــ[24 May 2009, 11:41 م]ـ
ما هي الحياة الطيبة؟؟
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
يقول رب العالمين في كتابه:
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وقد ذكر شيخ المفسرين الطبري رحمه الله اختلاف أهل التأويل من السلف في معنى الحياة الطيبة:
فقال أن منهم من قال: هي الرزق الحلال ..
ومنهم من قال: هي القناعة ..
ومنهم من قال: هي السعادة في الدنيا ..
ومنهم من قال: هي الجنة ..
ثم رجح وقال:
وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: تأويل ذلك: فلنحيينه حياة طيبة بالقناعة، وذلك أن من قنعه الله بما قسم له من رزق لم يكثر للدنيا تعبه، ولم يعظم فيها نَصَبه ولم يتكدّر فيها عيشه باتباعه بغية ما فاته منها وحرصه على ما لعله لا يدركه فيها.
قلت: قال الإمام ابن القيم في "المدارج":
وقد جعل الله الحياة الطيبة لأهل معرفته ومحبته وعبادته فقال تعالى:
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
وقد فسرت الحياة الطيبة بالقناعة والرضى والرزق الحسن وغير ذلك والصواب أنها حياة القلب ونعيمه وبهجته وسروره بالإيمان ومعرفة الله ومحبته والإنابة إليه والتوكل عليه فإنه لا حياة أطيب من حياة صاحبها ولا نعيم فوق نعيمه إلا نعيم الجنة كما كان بعض العارفين يقول إنه لتمر بي أوقات أقول فيها إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب وقال غيره إنه ليمر بالقلب أوقات يرقص فيها طربا
وإذا كانت حياة القلب حياة طيبة تبعته حياة الجوارح فإنه ملكها ولهذا جعل الله المعيشة الضنك لمن أعرض عن ذكره وهي عكس الحياة الطيبة
وهذه الحياة الطيبة تكون في الدور الثلاث أعني دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار والمعيشة الضنك أيضا تكون في الدور الثلاث فالأبرار في النعيم هنا وهنالك والفجار في الجحيم هنا وهنالك
وقال رحمه الله في "الوابل الصيب"
فمن نسي الله تعالى أنساه نفسه في الدنيا ونسيه في العذاب يوم القيامة قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} أي تنسى في العذاب كما نسيت آياتي فلم تذكرها ولم تعمل بها وإعراضه عن ذكره يتناول إعراضه عن الذكر الذي أنزله وهو أن يذكر الذي أنزله في كتابه وهو المراد بتناول إعراضه عن أن يذكر ربه بكتابه وأسمائه وصفاته وأوامره وآلائه ونعمه فإن هذه كلها توابع إعراضه عن كتاب ربه تعالى فإن الذكر في الآية إما مصدر مضاف إلى الفاعل أو مضاف إضافة الأسماء المحضة أعرض عن كتابي ولم يتله ولم يتدبره ولم يعمل به ولا فهمه فإن حياته ومعيشته لا تكون إلا مضيقة عليه منكدة معذبا فيها
والضنك الضيق والشدة والبلاء ووصف المعيشة نفسها بالضنك مبالغة وفسرت هذه المعيشة بعذاب البرزخ والصحيح أنها تتناول معيشته في الدنيا وحاله في البرزخ فإنه يكون في ضنك في الدارين وهو شدة وجهد وضيق وفي الآخرة تنسى في العذاب وهذا عكس أهل السعادة والفلاح فإن حياتهم في الدنيا أطيب الحياة ولهم في البرزخ وفي الآخرة أفضل الثواب
قال تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} فهذا في الدنيا ثم قال: {ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} فهذا في البرزخ والآخرة
قلت (أبو يحيى): وليس ثمة كلام يقال بعد كلام الأئمة العظام عليهم رحمة الله لكن ثمة ملاحظة إن كانت صوابا فمن الله و إن كانت خطأ فمن نفسي ومن الشيطان ...
أقول ذكر الله هو أطيب ما في الدنيا
ففيم أخرج الترمذي عن أبي هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ألا الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب
قال الشيخ الألباني: حسن
بل هو رياض الجنة في الدنيا
كما في الترمذي أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا قال وما رياض الجنة؟ قال حلق الذكر
قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث ثابت عن أنس
قال الشيخ الألباني: حسن
والقرآن ذكر كما في قوله تعالى
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ
وأيضا
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ
بل هو خير الذكر
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ
فبالنظر إلى الآية التالية لقوله تعالى
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
لوجدناها:
فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
فقراءة القرآن هي الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة
وإنما ينغص هذه الحياة الشيطان وأمانيه ووساوسه وهمزه ونفخه ونفثه
لذا كانت الاستعاذة بالله منه من لوازم نيل تلك الحياة الطيبة
نسأل الله تعالى الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة
والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[25 May 2009, 12:10 ص]ـ
الموضوع لطيف ويصلح للبحث كرسالة علمية بعنوان: الحياة الطيبة في القرآن.
ـ[أبو يحيى بن يحيى]ــــــــ[25 May 2009, 08:08 م]ـ
الموضوع لطيف ويصلح للبحث كرسالة علمية بعنوان: الحياة الطيبة في القرآن.
بارك الله فيك أستاذنا الفاضل
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[25 May 2009, 09:37 م]ـ
محاضرة في نفس الموضوع
الشيخ: نبيل العوضي
العنوان: الحياة الطيبة ... أحلى حياة
http://emanway.com/play_droos.php?cid=44&id=1725
ـ[أبو يحيى بن يحيى]ــــــــ[28 May 2009, 02:53 ص]ـ
محاضرة في نفس الموضوع
الشيخ: نبيل العوضي
العنوان: الحياة الطيبة ... أحلى حياة
http://emanway.com/play_droos.php?cid=44&id=1725
جزاكم الله خيرا(/)
أرجو إفادتنا بخصوص إتجاه هذه الدراسة
ـ[أشرف الملاحمي]ــــــــ[25 May 2009, 02:46 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة الأعزاء أعضاء المنتدى الكرام هل يعتبر موضوع (حوار الحضارات من منظور قرآني) أقرب الى الدراسة الموضوعية أم التحليلية ولماذا، علما أنه يعتمد النصوص القرآنية وتفاسيرها كمادة رئيسية للبحث ولا أريد ان أدلي بتفاصيل أكثر لكي لايكون سؤالي سؤال إيحائي يستنطق القارئ بالجاب الذي يريده، علما أن هذا هو موضوع رسالة الدكتوراه التي أوشكت على تسليمها لغرض المناقشة، ربما مطلع الشهر القادم باذن الله، أجوبتكم قد تفيدني في المناقشة، كما أرجوكم الدعاء. والسلام عليكم
ـ[ Amara] ــــــــ[25 May 2009, 03:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب وفقك الله و سدد خطاك ..
أما عن ما يسمى حوار الحضارات .. فإني أرى أن فيه دعوة للمسلمين للرضا بالباطل الذي يعيشه غيرهم و معايشة ذلك الباطل دون السعي إلى تغييره ..
يعني هو بالضبط ما دعي إليه الرسول صلى الله عليه و سلم أن نعبد ربك عاما و تعبد آلهتنا عاما .. و يعيش الناس في سلام .. و هذا عين الباطل إذ كيف يعيشون السلام و هم يخالفون الله تعالى ..
ثم أن تركيز الناس على حوار الحضارات فيه نوع من الانزلاق لأن الدين أعظم من الحضارة فكيف يساوى الدين بالحضارة؟
إنما الحوار في الاسلام يتم على جانبين .. إما مع المسلمين و هو الشورى أو مع غيرهم و هو الجدال بالتي هي أحسن و الغاية من كلا الجانبين اظهار الحق و اتباعه لا الرضا بالباطل ..
و الله تعالى أعلم و أحكم
و فقني و وفقكم الله
ـ[أشرف الملاحمي]ــــــــ[26 May 2009, 07:08 ص]ـ
شكرا لمساهمتك اخي عمار لكنني يا أخي الكريم راجعت عددا من العلماء من ذوي الخبرة والشأن والإختصاص قبل إعتماد الموضوع، وقد بينت في هذه الدراسة نظرة القرآن وبالتالي الإسلام لهذا الموضوع ليس بالرفض أو القبول إنما بالجواز إن توافرت له الشروط الشرعية الكاملة بإعتباره باباً للدعوة وأن لايكون من موقع الضعف، أخي الحبيب أفهم قصدك لكنك لو قرأت الدراسة لأتضخت لك الكثير كمن الأمور وليس في صمت الأمة المسلمة عن مواضيع الساعة لاسيما الحساسة منها حل لمشكلات العالم أو خدمة لهذا الدين وجزاك الله خيرا
ـ[ Amara] ــــــــ[26 May 2009, 03:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله عليه و سلم تسليما
ما أفهمه من كلامك أنك فهمت قصدي ..
أولا ليس قصدي أن أناقش العلماء فيما يعلمون و لكن القصد عندي دائما أن أتعلم من علمهم و جزاهم الله خيرا ..
و الذي أردت أن أشير إليه هو أن لا تهمل الفهم العام للموضوع ..
لأن كل موضوع له فهم عام و فهم خاص .. فهم العامة من رعاع الناس الذي قد لا يخدم الحق .. و فهم الخاصة من العلماء الذي قد لا يسمع و لا ينتبه إليه ..
لأني كثيرا ما أقرأ و أسمع حتى من بعض الدعاة خلطا بين بعض الأمور و ربطها بما هو واقع .. و محاولة مقارنة المنهج الرباني الذي هو منهج الحق و اليقين بمنهج المفكرين و الفلاسفة الذي هو وضعي و حتى إن بلغ شيئا من الحق فإنه لا يبلغ الحق كله .. و لعلي أدرج هنا موضوع الديمقراطية التي ما فتئ بعض العلماء أن يربطوها بالإسلام و هي تسوي بين صوت الجاهل و العالم و الصادق و الكاذب و بين صوت المرتشي و الأمين و الوفي و الخائن و الله تعالى يقول قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون .. فهذا أمر .. و الأمر الثاني أن الاهتمام بأمر الديمقراطية مثلا جعلنا ننسى منهج الحق الذي هو الشورى .. و لسنا نأخذ مبادئ الشورى من منتسكيو و لكن من القرآن و من تطبيق الصحابة لما فيه و في ذاك التاريخ ما يغنينا عن كل شيء .. ثم أن هذه الشورى تحكم المسلمين و من ينضوي تحتهم .. أما عن غيرهم فالحكم للجدال بالتي هي أحسن ..
و تماما أتمنى أن لا يخرج الحديث عن موضوع حوار الحضارات عن إطاره فلسنا هنا في إطار مقارنة حضارات لأن الدين الذي هو الاسلام لا يقارن بحضارات مبنية على هتك الأخلاق و الظلم .. و لا على ما يعيشه المسلمون من ضعف .. فالدين لا يضعف بضعف أحدنا إنما يضعف من ضعف الدين عنده .. و الدين لا يحتاج لمن يقويه إنما نحتاج إليه لنقوى به .. لذلك ينبغي القول في الدين بما في الدين و ما هو منه ..
اخي الحبيب .. الذي أتمناه أن تطلعني على الدراسة و جزاك الله خيرا
أخي الحبيب .. لا أقول لك الآن .. فالآن حاول أن تهتم بما بين يديك .. و لكن بعد أن تقدمها بتوفيق الله تعالى و تناقشها أرجو منك أن تطلعني على فحواها و أن ترسل إلي نسخة منها ..
سلمك الله أخي و بارك لك في علمك و بارك الله لنا بك ..
وفقني و وفقكم الله
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[26 May 2009, 04:29 م]ـ
الأخ الفاضل أشرف الملاحمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
"حوار الحضارات"
عنوان الحكم عليه فرع عن ما ينطوي عليه والغرض من الدعوة إليه.
ومن حيث المبدأ فالقرآن الكريم حاور كل أصحاب الملل" الحضارات" لكنه متمسك بثوابته.
ولا أرى مانعا من الحوار مع أيٍّ كان بشرط التمسك بثوابت الإسلام.
واستطيع أن أقول إن الإسلام لم يستخدم مع الآخرين إلا لغة الحوار سواء في إقناع الناس بمبادئه أو في الدفاع عن نفسه.
وأما القتال فقد فرضته الضرورة ولم يختط الإسلام لغة القتال حتى تقرر لأتباعه أن لغة القتال ضرورة ستبقى إلى جانب لغة الحوار، وأن إحدهما لا تغني عن الأخرى.
أتمنى لك التوفيق وأن ترى رسالتك النور قريباً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[26 May 2009, 05:09 م]ـ
بالنسبة إلى سؤالكم أخي أشرف وفّقكم الله ورعاكم ..
لا شكّ أن دراستك دراسةٌ موضوعية بحتة، وكونُك قد عرضتَ لشيءٍ من التّفسير التحليليّ؛ فهذا ما لا يتناقض مع كونِ الدراسة موضوعيّة، بل لا بدّ عند الدراسات الموضوعية من المُرور بالتفسير التحليلي.
فالتفسير الموضوعيّ خطوةٌ متقدّمةٌ على التفسير التحليلي، من حيث إنه يمرّ به، ثم يتجاوزه ليوظّف مُخرجاته في تنسيقٍ موضوعيٍّ، يصوّرُ الموضوعَ تصويراً قرآنيّاً شاملاً.
أسأل الله أن يُيسّر لك العسر، ويُسهّل عليك الصعب، إنه أكرم مسؤول.
ـ[أشرف الملاحمي]ــــــــ[27 May 2009, 03:32 ص]ـ
السلام عليكم أخي الكريم الأستاذ عمار وبعدين معاك يعني كل هذا الإهتماكم من جنابكم ومع ذلك لم تجيب على سؤالي هل الدراسة برأيك تصلح أن تكون تحليلية أم موضوعية وجزاك الله خيرا
ـ[أشرف الملاحمي]ــــــــ[27 May 2009, 03:35 ص]ـ
الشكر الجزيل و الإمتنان البالغ للأستاذ رافت المصري ومن دياركم ينبع العلم باشيخ شكرا لإهتماتك وتوصيفك الدقيق هل تعلم أن نظرة المسلمين من غير العرب تفيد بأن العلم في بلاد العرب يرتكز الى بلدين أحدهما مصر.
ـ[أشرف الملاحمي]ــــــــ[27 May 2009, 03:35 ص]ـ
الشكر الجزيل و الإمتنان البالغ للأستاذ رافت المصري ومن دياركم ينبع العلم ياشيخ شكرا لإهتماتك وتوصيفك الدقيق هل تعلم أن نظرة المسلمين من غير العرب تفيد بأن العلم في بلاد العرب يرتكز الى بلدين أحدهما مصر.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[27 May 2009, 12:58 م]ـ
أخي الحبيب أشرف حفظك الله وسدّدك، هذا من خلقك الرفيع، وأدبك الجمّ.
وللمعلوميّة، فإني لست مصرياً، وإنّما أنا أردنيٌّ من أصل فلسطيني، أدرّس في السعوديّة، وأتمّ دراستي لمرحلة الدكتوراه في الأزهر في مصر: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا).
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 May 2009, 01:26 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخوة الأعزاء أعضاء المنتدى الكرام هل يعتبر موضوع (حوار الحضارات من منظور قرآني) أقرب الى الدراسة الموضوعية أم التحليلية ولماذا
الأخ الفاضل أشرف
يبدو أنك لا تتفاعل إلا مع المشاركة التي تجيب على سؤالك، أما ما يثره عنوان بحثك مما يتعلق بالواقع الإسلامي وما نسمعه من دعوات إلى الحوار والتي ظاهرها خدمة الإسلام وباطنها تمييع ثوابته والقفز على مسلماته وترويضه حتى يصبح كالحمل الوديع .......... !
أما سؤالك فما كان ينبغي طرحه لأن عنوانه يدل عليه.
لأن التفسير للقرآن الأصل فيه أن يكون تفسيرا تحليلياً، يتناوله آية بعد أخرى حتى النهاية.
أما دراسة موضع والحكم عليه من خلال القرآن كما هو عنوان بحثك فلا يمكن أن تقول عنه إنه تحليلي إلا إذا غيرت العنوان كأن تقول:
"آيات الحوار في القرآن دراسة تحليلية" فهذا ممكن، وإذا وقفت عند ذلك فيمكن أن يقال عن عملك هذا "تفسير آيات الحوار" كما يقال " تفسير آيات الأحكام".
أما عنوانك" حوار الحضارت من منظور قرآني" لا يمكن إلا أن يكون دراسة موضوعية ولا يمكن أن يطلق عليها تفسيرا لا موضوعيا ولا تحليلاً.
وإنما يمكن أن تسلك فيه طريقين:
الأولى: أن تقوم بدراسة الآيات المتعلقة بالحواردراسة تفسيرية تحليلية ثم تخرج بعد ذلك بنتائج تصل من خلالها إلى الحكم، وهذا تطويل قد لا يخدم غرض الرسالة.
والثانية: هو التوصل مباشرة إلى قواعد عامة في الحوار وما يجوز وما لايجوز في هذا الموضوع من خلال النظر في الآيات ذات العلاقة مستنداً في ذلك إلى أقوال المفسرين.
وعلى أي حال لن نستطيع الجواب على سؤالك حتى نقرأ رسالتك حينها نقول إنك قد سلكت مسلك التحليل أو مسلكا آخر.
ـ[ Amara] ــــــــ[28 May 2009, 04:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب
وفقني و وفقك الله تعالى لكل ماهو خير ..
(يُتْبَعُ)
(/)
أنا يا سيدي إذا نبهتك إلى بعض الأمور حول الموضوع لا يعني أني ضد محاولة فهمه .. بالعكس أنا أبارك لك اهتمامك به لتوضيحه و بيانه للناس .. غير أني نبهتك حتى لا يكون كلامك مطية لمن قل فهمه يناظر بها الاسلام .. لأننا أخذنا من مفاهيم الغرب أشياء كبيرة ربطناها بالاسلام و ما هي من الاسلام .. و ظننا أنها الحق و ماهي من الحق .. و لعلك ترى فيما ترى من حرية التعبير و ضماناتها لكل انسان كيف عالجها الاسلام و كيف يطرحها الغرب .. و كنا في كل مرة مشدوهين أن يخرج مواطن غربي فيقول في رئيسه قولا عنيفا .. و لأننا مساكين و بعد لم نفهم ديننا نقف مبهوتين قائلين: انظر العدل ماشاء الله هاهي أخلاق الاسلام .. حتى قال بعضنا ذهبت إلى الغرب فوجدت الاسلام بدون مسلمين و جئت إلى بلاد الاسلام فوجدت مسلمين بلا اسلام .. و لا أظنه أصاب في رأيه ابدا ..
و لعلي هنا أراجعك التاريخ في أحداث مضت و أحداث تقع .. أراجعك منظر الرئيس الفرنسي و هو يقذف بالمرطبات على وجهه .. منظر بعض البرلمانات الاروبية و قد وقع بينهم أمر فضرب بعضهم بعضا بالكراسي .. تلك الكراسي نفسها التي زعموا بديمقراطيتهم أنها موطئ الشعب الذي يحكم .. و متى حكم الشعب؟
أما أنا فأقول لك متى حكم الشعب .. حكم يوم أن كان النبي يشاور أصحابه في كل صغيرة و كبيرة .. عندها حكم ..
حين كان الصديق يأمرهم و يتمنى منهم أن يقيموه ..
حين كان أمير المؤمنين ينام في ظل شجرة .. حين كان يفكر في بغلة بالعراق لم يمهد لها الطريق .. حين كان ينادي ليت أم عمر لم تلد عمرا .. حين يسأل امرأة من رعيته .. و ماذنب الأمير إذا كان لا يعلم فيصعق بجوابها الذي يحكمه .. يتأمر علينا و لا يعلم شأننا ..
نحن هكذا الآن فتنا في ديننا .. و ابتعدنا عنه ..
نسينا الحق و فتنا بالباطل .. و لعل بعض الباطل أهون من بعض ..
ثم هم يخدعوننا بهذه الكلمة حوار الحضارات .. و أنا أسألك .. أي الحضارات نحاورها ..
هل حضارات الاستعمار و الخداع .. حضارات المنافقين .. هل حاور النبي صلى الله عليه و سلم المنافقين .. و كيف حاورهم؟ و متى حاورهم؟ لعلك تقول أهل الكتاب .. و أين هم أهل الكتاب؟ اذهب إلى أوروبا لتعلم أن معظم الناس هناك لا تؤمن بالله و لا باليوم الآخر ..
و حوارها يقوم على اطلاق الحرية لهم و تقييد حريتنا ..
لهم الحرية في الفسق و الفجور و في حرية التعبير، أعني في سبك و سب اسلامك و نبيك .. و لنا القيد .. يجب أن لا نستحي .. نترك الصلاة في كل وقت .. نترك بعض آي القرآن و لا نحتكم لها لأنها بزعمهم تدعوا إلى الكراهية .. ثم نقف لنحاورهم .. و كيف نحاورهم؟
لعلك أخي الحبيب تنظر تلك المؤتمرات مؤتمرات حوار الحضارات .. حول ماذا؟ و عن أي المواضيع نتحاور؟
هل نتحاور عن الدين .. اه ما تعلمته من سنين الدين يسر لا عسر .. الدين سلام .. كم جميل هذا الكلام فهل أخذوا يسره و سلامه؟
و كيف ينعمون بسلامه و هم يحاربونه .. و كيف ينعمون بيسره و هم لا يعرفونه؟
كيف ذلك و من يشارك في تلك الحوارات معظمهم رجال سياسة .. و رجال الدين منهم تحضره الصلاة فيقول أنا في حكم المسافر لنقصر و نجمع ..
و ماذا سيفعل السياسي إذا رأى العارفين بالدين يفعلون ذلك ..
أنا أسألك هذا السؤال و أتمنى أن تدرجه في رسالتك ..
من المؤهل للحوار؟
كيف نحاور الآخرين؟
ماهي المواضيع التي تصلح أن نحاور حولها؟
و لعلي هنا أشير إلى أن النبي كان أمر بالدعوة إلى الله .. و لم يؤمر بحوار الملل الكافرة إنما أمر بجدالهم إظهارا للحق و حتى يحاصرهم به .. و ليس الجدال كالحوار فالجدال هو إظهار الحق الذي نحن عليه و الحوار هو الرضى بالباطل الذي هم عليه .. و الرضا بالباطل باطل ..
هو بالضبط ما يسعى إليه الغرب اليوم .. أن نرضى أن تزنى نساءنا و يفسد رجالنا .. أن تؤجل الصلاة .. و لا يحكم بآي القرآن التي تحكم شهواتنا ..
أن نضمن للآخرين أن يأتوا لمعصية الله على أرضنا ..
أما نحن فلأننا مسلمون فننظر إليهم بعيوننا و ربما شاهدنا أفلامهم على الشاشة و لا نفعل ذلك .. أستغفر الله فنحن مسلمون و ذلك محرم علينا ..
الخمر حرام .. لكن أي ضير إذا جلسنا لمن يشرب خمرا نحاوره .. لا شيء في ذلك فهو محرم علينا نحن .. و التالي لا شيء إذا ضربت كأسي بكأسه تعبيرا عن الحب بمنظارهم إذا كان كأسي كأس ماء؟ حتى لو كانت كأس الآخر مملوءة خمرا ..
و لا شيء أيضا أن تأتي بناتنا لترقص أمام الغريب تعبيرا عن فرحنا بالضيف .. فنحن عرب و مشهورون بالكرم و الفرح بالضيف .. عرب و مشهورون بحفظ أعراض نسائهم أيضا .. لا ذاك في الزمن البعيد .. اليوم أصبحت البنت تسوق الطائرة .. تسوق الطائرة نعم .. لكنها تحفظ عرضها و تؤمن بذاك الشرف الغالي ..
لقد قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يعاد من يأتي إليه مسلما من الرجال في الحديبية .. لكنه رفض أن تعاد النساء .. و جاء أمر الله بالرفض ..
إذن ثمة أمور لا يتنازل عنها أبدا .. و لا يجوز فيها الحوار ..
ثم ماذا أنا أطرح اشكالا آخر .. إذا كان جائزا أن نحاور الآخرين من بقية (الحضارات)
فهل يجوز أن نحاور بعضنا ..
هنا ثمة تسميات اسلامية للامور .. ثمة الجدال .. ثمة الشورى .. ثمة النصيحة .. ثمة الدعوة ..
الحوار ليس هو أحد هذه المعاني ..
هل لنا أن نستوضح منكم ذلك ..
لعلي الآن قد أجبتك عن سؤالك
هل الدراسة برأيك تصلح أن تكون تحليلية أم موضوعية
فظاهر المسألة موضوعي لكنه يحمل جانبا تحليليا لا يجوز أن نهمله ..
وفقني و وفقك الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أشرف الملاحمي]ــــــــ[30 May 2009, 03:13 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد سُررتُ حقيقةً بهذا التفاعل الطيب من أخويَّ محب القرآن والأخ الأستاذ عمار، وبقية الأحبّة، حقيقة يا أخوتي كأنكم في فؤادي تنطقون بما صرّحت ُبه في أطروحتي للدكتوراه والتي أرجوا أن تقرأوا ما سأنشره من مقتطفاتها على الموقع قريباً باذن الله، المهم أحبتي يجب أن نثق ببعضنها كأمة مسلمة تغار على عقيدتها ويمتلك أبناءها من الحصانة الفكرية ما يؤهلهم لمثل هذه التجارب التي تبين نظرة الإسلام لموضوعات من هذا النوع.
لقد بينتُ ما طرحتم من طروحات وفرقت ُبين حوار الأديان وحوار الحضارات وبينتُ أن الحوار فرعٌ من فروع الدعوة وما ينعقد منه على غير نية الدعوة فلا طائل من ورائه، وأشياء أخرى بالدليل والحجة والبينة المُهم أخوتي أرغب في تحديد وجهة الرسالة لأستفيد من آرائكم في معاضدة ما طرحت من وجهتها وجزاكم الله عني كل خير
ـ[ Amara] ــــــــ[30 May 2009, 04:31 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب أشرف الملاحمي، شكر الله همتك و علمك و سعيك ..
و وفقني و وفقك و جميع الاخوة لما يحب و يرضى ..
أريد تعقيبا على آخر مداخلة و هو الفرق بين الحوار و الجدال ..
فلعل البعض يستشهد بقوله تعالى "قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير" ليسوي الحوار بالجدال .. و الذي أفهمه من الآية غير ذلك ..
و لعلي أطرح موضوع هذه الآية لمن يفيدنا فنستفيد منه ..
وفقني و وفقكم الله
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 May 2009, 01:48 م]ـ
المُهم أخوتي أرغب في تحديد وجهة الرسالة لأستفيد من آرائكم في معاضدة ما طرحت من وجهتها وجزاكم الله عني كل خير
الأخ الفاضل أشرف
أنت سألت:
"هل يعتبر موضوع (حوار الحضارات من منظور قرآني) أقرب الى الدراسة الموضوعية أم التحليلية ولماذا، علما أنه يعتمد النصوص القرآنية وتفاسيرها كمادة رئيسية للبحث "
وأجبناك:
وقلنا إن عنوان موضوعك دال عليه فأنت تريد الحكم على حوار الحضارت من خلال آيات القرآن الكريم، وهذه دراسة موضوعية.
أما المنهج الذي سلكته في الدراسة فكيف لنا أن نحكم عليه ونحن لم نطلع على الدراسة؟
فقد تكون سلكت منهجا تحليلياً وقد تكون سلكت منهجا إجمالياً وقد تكون جمعت بينهما أو غير ذلك.
أتمنى لك التوفيق.(/)
الصحفيون يستدركون على العلماء والدعاة
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 May 2009, 04:32 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتب الصحفي عبده خال في جريدة عكاظ يوم أمس الأحد 29/ 5/1430 هـ مقالا تحت عنوان " ذنوب أهل العيص"
وقد قمت بالرد على مقاله في منتديات أهل العيص تحت عنوان " عبده خال لم ينصح لأهل العيص".
وهذا هو الرد أعيد نشره هنا بعد أن أصلحت بعض الأخطاء:
عبده خال أضحك الناس على نفسه وما نصح لأهل العيص.
وهذا ردي عليه:
يقول عبده خال:
"يردما يحدث في العيص وبعض المدن والقرى المجاورة للتمدد الزلزالي حرك بعض الخطباء والدعاة على تأكيد أن مايحدث من زلازل متتالية إنما هو بفعل ارتكاب الذنوب والمجاهرة بها ولهذا السبب أراد الله أن يذكر عباده بقدرته فزلزل الأرض من تحت أهل العيص وماجاورهم.
هذا المنطق أراه عجيبا وتغييبا للمعارف العلمية التي غدت من بديهيات علم الجولوجيا، ذلك العلم القادر على معرفة مواقع الزلازل ورصد قوتها وتمددها وتوقع البؤر التي يمكن لها أن تثور ثورتها البركانية توقيتا دقيقا من خلال دراسة الصفائح الأرضية المتحركة واتجاه تحركاتها وعليه يمكن حساب المدى الذي يمكن أن تصل إليه قوة الزلزال أو الوقت الذي يمكن لبركان خامد أن يثور.
هذه المعرفة العلمية هي محصلة معارف متراكمة وصل إليها الإنسان من خلال الدراسة وبواسطة أجهزة علمية متقدمة وخبرات متراكمة."
أولاً: هذا الكلام من الناحية العلمية غير دقيق، فالزلزال يأتي فجأة، وكل ما توصل إليه العلم الحديث هو رصد الزلازل حال وقوعها أما قبل الوقوع فلا أحد يستطيع أن يتوقع شيئا لا بتوقيت دقيق ولا غير دقيق. والشاهد هو ما يقوله المختصون المتابعون لزلزال العيص فلو كانوا يعرفون ما سيحدث بالدقة التي تكلم عنها الكاتب لما اضطروا إلى إجلاء أهل العيص ثم بعد ذلك تراجعت حدة الزلزال من حيث القوة والعدد.
ثم ليس هناك تعارض بين المعارف الإنسانية في معرفة بعض الأحداث المتكررة الخارجة عن المألوف وبين كون هذه الأحداث بسبب ذنوب الخلق.
ويقول عبده خال:
"وأن تقرن الزلازل أو البراكين أو ثورة الأعاصير بالذنوب والخطايا في بلد دون سواه هو قصور في المعرفة، ولو سايرنا هؤلاء الخطباء بأن أهل العيص أذنبوا فنزل بهم عقاب الله، فإن هذا العقاب كان من المفترض أن يصيب مواقع أخرى من العالم لكثرة الذنوب والمعاصي في المدن مثلا، فلماذا العيص بالتحديد؟ ومن ذا الذي قام بمعرفة حال الناس وما هم عليه من معصية حتى تزلزل الأرض تحت أقدامهم؟ "
ومن قال إن البراكين والزلازل مقرونة بالذنوب في بلد دون آخر؟ هذا لم يقل به إلا كاتب المقال فقط، أما أهل العلم فيقولون إن سبب الكوارث في الأرض في كل مكان هي ذنوب العباد، استنادا إلى قول الذي قدر هذه الكوارث كما وكيفا وزمنا، قال تعالى:
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) سورة الروم (41)
أما قوله من المفترض ........ فهذا أمره إلى الله فهو أعلم بعباده، والذي نؤمن به أن الله أراد بأهل العيص خيرا بهذا الحدث فهو تذكير ليتوبوا، وتكفير لذنوبهم ليتطهروا، وابتلاء ليرفع درجاتهم، وربما رحمة لكثير منهم في جوانب مختلفة من الحياة قد لا ندركها كلها ومنها أن تتلفت إليهم الدولة ويحصل لهم منها مزيد عناية في جميع جوانب حياتهم وكم في المحن من منح.
أما الذين يمهلهم الله ثم يأخذهم بذنوبهم فأولئك هم شر الناس وهذا حال كثير من الأمم الكافرة، ويصدق فيهم قول ربنا تبارك وتعالى:
(فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44) فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (45)) سورة الأنعام
وقوله تبارك وتعالى:
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ) سورة الحج (48)
ويقول صلى الله عليه وسلم:
"إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ قَالَ ثُمَّ قَرَأَ
(يُتْبَعُ)
(/)
{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} "
رواه البخاري رحمه الله تعالى من حديث أبي موسى الأشعري.
ويقول عبده خال:
"كما أن الادعاء هذا سوف يسقط عندما نعلم أن المنطقة تعرضت (وكان المركز المدينة المنورة) لزلزال في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ونتذكر اهتزاز جبل أحد حينما خاطبه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (قر أحد فإن عليك نبيا وشهيدين) أو بما معناه .. فهل كان أهل المدينة في ذلك الزمان هم أشر أهل الأرض في الجزيرة العربية حتى يقع الزلزال بأرضهم؟ "
وهذا جهل فاضح من الكاتب بالعقل وبالشرع، وهكذا حين يتكلم الإنسان فيما لا يحسنه يأتي بالعجائب.
روى البخاري من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال صلى الله عليه وسلم"
أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُمْ
" اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ"
فهذه الهزة من قال إنها هزة زلزالية؟ هل عند الكاتب بينة؟
إنما كانت هزة لتظهر كرامة نبينا صلى الله عليه وسلم فاهتز أحد اهتزاز المحب فهو الجبل الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم "أحد جبل يحبنا ونحبه" ثم ذكر صلى الله عليه وسلم هذه النبوة التي وقعت بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فقتل عمر شهيدا وقتل عثمان شهيدا رضي الله عن الصحابة أجمعين.
ثم إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أصيبوا يوم أحد وقتل منهم سبعون رجلا فماذا قال الله عنهم وهم أفضل الخلق بعد الرسل؟
قال تبارك وتعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) سورة آل عمران (155)
وقال تبارك وتعالى:
(أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) سورة آل عمران (165)
فالله يقرر أن ما أصابهم هو بسبب كسبهم وهو من عند أنفسهم.
فمن نصدق عبده خال أم نصدق رب العالمين؟
ويقول عبده خال:
"وحدث الزلزال في عهد عمر بن الخطاب، ثم حدث زلزال في عام (في نفس المدينة المنورة) 654 للهجرة"
ليت الكاتب ذكر لنا ماذا قال عمر رضي الله عنه حين اهتزات من المصدر الذي نقل منه اهتزاز المدينة.
قال بن الجوزي في المنتظم:
"وفي هذه السنة: زلزلت المدينة. أخبرنا أحمد بن علي المجلي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قالت: أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال: أخبرنا ابن صفوان قال: أخبرنا عبد الله بن محمد القرشي قال: حدَّثني عبد الرحمن بن عبد اللّه الباهلي قال: حدَثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن صفية قالت: زلزلت المدينة على عهد عمر رضي اللّه عنه، فقال: أيها الناس ما أسرع ما أحدثتم، لئن عادت لا أساكنكم فيها." المنتظم - (ج 2 / ص 34)
فهذا عمر رضي الله عنه ينسب الهزة إلى ما أحدثه الناس من ذنوب. فهل الكاتب أفقه من عمر رضي الله عنه؟
وهل عمر يتألى على الله؟ أم أنه فهم ذلك من نصوص الشريعة وما تعلمه على يدي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؟
ويقول عبده خال:
"وحدثت زلازل قبل هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم،هذا التعاقب الزلزالي في المنطقة هو تعاقب جيولوجي في حركة صفائح الأرض في تلك المنطقة التي تعرف بالحرة، والحرة أو الحرات هي مناطق براكين وزلازل بسبب تكوينات صخورها، ولهذا السبب تعاود الزلازل المنطقة عبر فترات زمنية مختلفة"
وهنا نسأل الكاتب من وراء هذا التعاقب الجيولوجي؟ ولماذا تقع في الوقت الذي وقعت فيه لماذا لا يكون قبل أو بعد؟ ولماذا لا تهتز؟ لماذا لا تبقى ثابته؟
أسئلة لا يدري الكاتب عن إجابتها شيئا لأنه فقط يردد ما يسمع ليس إلا. حتى أصحاب الاختصاص من غير الذين رزقهم الله العلم الشرعي إلى جانب الاختصاص لا يعرفون إجابات. لكن هناك من يعرف ممن جمع بين الأمرين العلم الشرعي وعلم دراسة الظواهر الكونية.
ويقول عبده خال:
(يُتْبَعُ)
(/)
"ليس لأن أهل العيص أو المدينة قد ملأوا الأرض فسادا وخطايا وإلا لو كان الأمر متعلقا بالخطايا والذنوب فكثير من مدن العالم وما يفعل بها من منكرات تستوجب الخسف والمحو من على وجه الأرض.
الله وضع قوانين الأشياء من الأزل ومايحدث هو وفق القوانين الطبيعية التي وضعها الله فيما خلق.
فالأشياء مرتبطة بالقانون الكوني وليست مرتبطة بالذنوب والخطايا، فإذا كان الله يسخر الأرض وماعليها للملحدين به، فكيف لايسخرها لمن يوحده".
وهذا جهل فاضح جدا فالله يقول:
(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) سورة النحل (61)
(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا) سورة فاطر (45)
طيب لماذا هذه الكوارث ياربنا؟
الجواب:
(كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) سورة الأنبياء (35)
وغيره؟
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ) سورة ألأنعام (42)
وغيره؟
(وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) سورة المؤمنون (76)
وغيره؟
(وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) سورة الأعراف (168)
وغيره؟
(وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) سورة السجدة (21)
(وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آَيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) سورة الزخرف (48)
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) سورة الأحقاف (27)
ويقول عبده خال:
"ولهذا نجد أن الخطباء والدعاة يفرطون ويفرطون في الحكم على الأشياء من منظور الثواب والعقاب من غير الرجوع إلى القانون الأزلي الذي وضعه الله.
وهذا دليل على أننا لانتدبر لما يحدث في الكون من معادلات وقوانين تحدث وتقع متى ماتوفر ظرفها أو شرطها، ويصبح وقوعها جالبا للخوف والتذكر والتدبر في قدرة الله على جعل ماهو ساكن متحركا وماهو متحرك ساكنا.
فقليل من العقل والتدبر أيها الدعاة ولا داعي للتنبؤ بالمفسدين والصالحين على وجه هذه الأرض".
سبحان الله!!!!!!!!
علماء الأمة ودعاتها بلا عقل وأنت وحدك صاحب العقل يا عبده خال.؟
صحيح إن شر البلية ما يضحك.
ختاماً أقول:
يا أهلنا في العيص اتهموا أنفسكم وأحسنوا الظن بربكم، واعلموا أن ما أصابكم هو بما كسبت أيديكم، ولا تقولوا غيرنا أكثر منا ذنوبا ومعاصي، فهذه لا تليق إلا بأهل الجهل والكفر وقد قال الله تعالى عنهم:
(وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (94) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آَبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (95)) سورة الأعراف.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[26 May 2009, 08:34 ص]ـ
أصبحت الصحف تعبأ بأي شيء والكثير منها لا يسمن ولا يغني من جوع، وليس أدل على هذا من خطابات هذا الصحفي وغيره ممن يسفه بأراء أهل الدين ويتصيد الأخطاء منهم بمقالات لا أدري بما أصفها؟
وأفضل ما وجدته من علاج لنفسي حيال هذا أن أعرض عن مقالاتهم بل وعن صحفهم فنحن أحوج للوقت من إضاعته في قراءة غثاء مثل هذه الصحف.
وأذكر تعليقاً لأحدهم على مثل هؤلاء الصحفيين:" ليت شعري ممن هم مستأجرين "
وليت أصحاب الهمم والغيرة ينشؤون جهة متخصصة للرد على هؤلاء فقد زاد شرهم وخطرهم وتمادى سخف أفكارهم وأقلامهم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[26 May 2009, 03:00 م]ـ
عبده خال الذي اظهر اغرب واوقح انواع الفجور والمجون في رواياته يعطى زاوية في صحيفة سعودية لكمل مسيرته التنموية!!
واليوم ياتي ليستدرك على العلماء والمشائخ كما استدركوا عليه في رواياته المنتته
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[26 May 2009, 06:54 م]ـ
وليت أصحاب الهمم والغيرة ينشؤون جهة متخصصة للرد على هؤلاء فقد زاد شرهم وخطرهم وتمادى سخف أفكارهم وأقلامهم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ياليت يكون هناك جريدة متخصصة في هذا الأمر كل أمرها وشغلها الشاغل الرد على هؤلاء الذين " قرفونا " بكتاباتهم البعيدة كل البعد عن العلم وأهله
سبحان الله من كاتب لروايات ماجنة إلى الإستدراك على العلماء
وما معرض الكتاب السابق بالرياض عنكم ببعيد
ياليته يقرأ هذا الرد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الصاعدي]ــــــــ[26 May 2009, 10:10 م]ـ
أكثر قراء الصحف من العامة، وعقول العوام مناخ من سبق، فإذا تقاعس أهل العلم عن بيان الموقف الشرعي الصحيح القائم على الدليل والتقصي لا على الهوى والتشهي،فلا يلام العوام في عدم اتضاح الرؤية لهم.
وأما ردُّ الصحفيين على العلماء فأقول كما قال الأول:
ولو كان سهما واحدا لاتقيتهُ ... ولكنَّهُ سهمٌ وثانٍ وثالثُ.
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[26 May 2009, 10:41 م]ـ
جزاك الله خيرا000
لكن ليكن في الحسبان أن هؤلاء الطغام وأوباش الصحف والمجلات لهم مقاصد قد لاتكون ظاهرة منها:
- شغل طلبة العلم والدعاة عما هم فيه من الخير للرد عليهم 0
- الصعود للشهرة على أكتاف العلماء وطلبة العلم والدعاة 0
- إثراء منابرهم وهي الصحف التي ينعقون منها 0
وقد قرأت اعتراف أحد اللذين يكتبون في هذه الصحف -وقد رجع - أن رئيس التحرير يجتمع بهم ويؤكد عليهم طرح مواضيع ذات علاقة دينية كموضوع الهيئة وقيادة المرأة و000
لذلك ينبغي للمتصدي لهم أن يقدر الأمور فليس كل موضوع يستحق الرد وليس كل كاتب يستحق الرد عليه 0
لو كل كلب عوى ألقمته حجرا ... لأصبح الضخر مثقالأ بدينار
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[27 May 2009, 01:05 ص]ـ
الأخ الفاضل أبو هاجر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرد مهم جدا لأن هؤلاء يشيعون فكرا يلاقي رواجا عند العامة وعند أنصاف المتعلمين
وبل وعند كثير من أهل الصلاح الذين لا يملكون خلفية شرعية كافية.
وإذا لم يذب أهل العلم عن الدين شبهات المبطلين فمن يذب عنه؟
أخي الفاضل:
غاية الكاتب من وراء كتابته ليس مهما وإنما المهم أثر هذه الكتابة على الناس، والرد عليهم أحسبه من الجهاد في سبيل الله.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[27 May 2009, 01:54 ص]ـ
أولا: أشكر جميع الإخوة المشاركين في هذا الموضوع، وكل مداخلاتهم لا تخلو من فائدة.
ثانيا: لا شك أن مثل هؤلاء العمي من الصحفيين الناعقين وراء كل جديد يحتاج أحيانا إلى رد، ليس لأهمية كلامه؛ فكلامه لا يساوي - من الناحية العلمية فضلا عن الشرعية - الحبر الذي كتب به، ولكن بما أنهم مكنوا من وسائل الإعلام، وصار لهم ضعاف يستمعون إلى كلامهم، ويتخنثون تخنثهم؛ فالرد هو فقط من أجل تدارك ما يمكن تداركه، وقد رد الله عز وجل على أمثالهم.
ثالثا: هؤلاء الناعقون لم يأتوا بحديد؛ فتكذيبهم لسنن الله تعالى في الأولين والآخرين ليس جديدا، وكفرهم بالأسباب الشرعية مقلدون فيه لسابقيهم "أتواصوا به"
ولا يرجى من كثير منهم إلا مثل هذه الأقاويل؛ لأنه سوف يلقى عليها دعما ماديا من الغرب، وسوف يدعم به مركزه الإعلامي، ونظرتهم لحياتهم قاصرة على هذه "المنافع الدنيوية" "ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون"
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[27 May 2009, 04:25 م]ـ
وعقول العوام مناخ من سبق.
أضحك الله سنَّك يا محمد , وأين هؤلاء من القرآن المتظافر المتواتر بأنَّ كل ما يحلُّ بالناس من مصيبةٍ ليس إلا بما عملوه , ولا يعني أن يؤاخَذ أقوامٌ دون آخرين أنهم أفجر أو أفظع جرماً بل العكس أقرب للحق , فقد يعجل الله لعبده العقوبة إكراماً له وحمايةً من عذاب الآخرة الذي هو أكبر وأعظم وأبقى , ولكنَّ أكثر الناس لا يعلمون ولا يعلقون , أفي قلوبهم مرضٌ أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم.!!
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[28 May 2009, 12:52 م]ـ
ارغب في ان اضيف ان من يتابع سفهاء الليبرالية يجد بكل وضوح انهم يمدون بعضهم في الغي فمقالة عبده خال التي كانت بمعنوان (ذنوب اهل العيص) في صحيفة عكاظ توازيها مقالة لخبير الجماعات الاسلامية المزعوم فارس حزام في صحيفة الرياض والتي كانت بعنوان (معاصي اهل العيص) والتي وصف فيها تذكر العلماء والدعاة بالرجوع إلى الله بانها (إنها عملية تسويقية غير موفقة للالتزام بتعاليم الدين) وهذا رابط المقال المنتن
http://www.alriyadh.com/2009/05/26/article432404.html
اتمنى ان يتعاون العلماء والدعاة والمراكز والاسلامية كما يتعاون اهل الباطل فيما بينهم
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 May 2009, 03:37 م]ـ
ويشاركهم أيضا الكاتبة
أمل زاهد
في الوطن
ولا أدري هل هي على نفس المذهب
أم هو تأثر أو جهل منها الله أعلم
وإنما هي خلطت بين الحق والباطل
http://www.alwatan.com.sa/news/writerdetail.asp?issueno=3163&id=11617
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[28 May 2009, 05:01 م]ـ
الشيخ محب القران الكريم الله اعلم بحال هذه المراه ولكن من خبرتي في صحافتنا الغراء انها لا تجند إلا من ترى انه كفؤ للمهمة التي تتبناها الصحيفة ومن يقف خلفها كما ان هؤلاء الكتاب بينهم تعاون وتنظيم ولقاءات وفوق هذا فان السفارات لها دور كبير في ذلك
ـ[بلفاع]ــــــــ[28 May 2009, 09:53 م]ـ
حقا لقد إستفدنا كثيرا من خلال ردودكم القيمة حول ما يقال و يحاك في الظلام لمحاربة كلام الله ..
غير أنه لدي مداخلة بسيطة جدا و هي من الواجب علينا الرد على كل الشبهات و على كل من رأى منكرا .. و لكني اعتقد و الله أعلم ... يجب أن تكون ردودنا بالحجة و الدليل القاطع من خلال كلام الله .. و أن نتجنب إطلاق النعوت و الأوصاف على الأشخاص و نحاول الرد عليهم بالآيات و الأحاديث الصحيحة ونتركه في عراك مع هذه الحجج، ولا أعطي له الفرصة في الرد على النعوت السيئة التي أطلقتها عليه و الدخول معه في جدال عقيم .. و هذا ما كان يفعله رسولنا الكريم مع جميع الناس من كفار ونصارى ... إلخ ............ و الله أعلم
و جزاكم الله خيرا(/)
روائع الظلال
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[25 May 2009, 09:01 م]ـ
روائع الظلال
كتاب صدر عن دار ابن حزم بطبعة فاخرة 360 صفحة
أعده: رامي عمر باعطية
نتيجة قراءته لمدة سنتين في (في ظلال القرآن)
وقد قسم الكتاب إلى سبعة ملامح:
الملمح الأول: حقيقة الإسلام وتحته سبعة مواضيع
الملمح الثاني: سنن التاريخ وتحته موضوعان
الملمح الثالث: المواجهة وتحته خمسة مواضيع
الملمح الرابع: بيده ملكوت كل شيء وتحته موضوعان
الملمح الخامس: طلائع الدعوة وتحته ثلاثة مواضيع
الملمح السادس: صياغة القيم والمباديء وتحته سبعة مواضيع
الملمح السابع: نسائم الروح وتحته موضوعان
الكتاب يحتوي على أكثر من 500 رائعة. . ومن هذه الروائع:
الإسلام عقيدة التسامح ولكنه ليس عقيدة التميع إنه تصور جاد ونظام جاد , الجد لاينافي التسامح ولكنه ينافي التميع.
سيبقى القرآن كتابا مفتوحا للأجيال يهتدي به من هم بعد في ضمير الغيب وقد يكون منهم من هو أشد إيمانا وأصلح عملا وأنفع للإسلام من كثير سبقوه.
إن العاقبة للمتقين طال الزمن أم قصر فلا يخالج قلوب الداعين إلى رب العالمين قلق على المصير ولا يخايل لهم تقلب الذين كفروا في البلاد فيحسبونهم باقين.
لقد قامت كل عقيدة بالصفوة المختارة لا بالزبد الذي يذهب جفاءا ولا بالهشيم الذي تذروه الرياح.
الإنسان لايعلم والله وحده يعلم فماذا على الإنسان لو يستسلم.
الدعوة أقدم من الداعية.
وغيرها كثير. . كلمات من نور ترقى بذائقة القاريء الأدبية وتتسلل إلى قلبه , اكتفيت بما ذكرت حتى لا أحرق عليكم متعة اقتناء هذا الكتاب وقراءته.
للمعلومية. . الكتاب اشتريته من مكتبة الرشد. . وفق الله من أعده ودل عليه , ,
ودمتم مباركين أينما كنتم.(/)
إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا!!
ـ[ضياء الرحمن بن صغير أحمد]ــــــــ[26 May 2009, 02:01 ص]ـ
(منقول)
إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا!!
سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن أخلاق النبي صلى الله عيه وسلم، فقالت: كان خلقه القرآن. [صحيح / صحيح الجامع الصغير وزيادته للألباني، 4811]. قال المناوي في فيض القدير: أي ما دل عليه القرآن من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده إلى غير ذلك. وقال القاضي: أي خلقه كان جميع ما حصل في القرآن. فإن كل ما استحسنه وأثنى عليه ودعا إليه فقد تحلى به، وكل ما استهجنه ونهى ع! نه تجنبه وتخلى عنه. فكان القرآن بيان خلقه. انتهى. وقال في الديباج: معناه العمل به والوقوف عند حدوده والتأدب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبره وحسن تلاوته.
وروى مسلم في صحيحه أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة. فقال: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزي. قال: ومن ابن أبزي؟ قال: مولى من موالينا. قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل، وإنه عالم بالفرائض. قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين.] صحيح مسلم، 817 (269) [. قال السندي في شرحه على سنن ابن ماجه: (قال عمر): تقريرا لاستحقاقه الاستخلاف. وقوله (بهذا الكتاب): أي بقراءته، أي بالعمل به. وقوله (أقواما): أي: منهم مولاك. (ويضع به): أي بالإعراض عنه وترك العمل بمقتضاه.
وهكذا كان توقير الرعيل الأول لكتاب ربهم في صدورهم. وكان السلف ينشئون أطفالهم على حفظ القرآن، ثم يحفظونهم الكتب الستة (أي صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن الترمذي، وسنن أبي داود، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجه). وبعد أن يتمون ذلك يقومون بتحفيظهم مغازي الرسول صلى الله عليه وسلم. وبذلك يشب الطفل المسلم على وعي بكتاب ربه وسنة نبيه صلوات ربي وسلامه عليه. وهكذا حقق الإسلام تقدمه وتفرده، وازدهرت حضارة الإسلام على جميع الحضارات التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وتفوقت عليها؛ وذلك بحفظ كتابها والعمل بمقتضاه.
ثم خلف من بعد ذلك خلف أضاعوا هذه القيم، ولم يهتموا بكتاب ربهم. هان الله في نفوسهم، فأهانهم الله بما اقترفوه من ذنوب. وقد ضرب لنا القرآن المثل على الأمة التي تضيع العمل بكتابها، فقال تعالى مخبرا عن بني إسرائيل، والخطاب للتذكرة والتحذير: ? فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا اْلأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ َلا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إَِّلا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ اْلآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفََلا تَعْقِلُونَ ?] الأعراف: 169 [. قال الشيخ أبو بكر الجزائري في تفسيره لهذه الآية: يحكي الله تعالى عن اليهود أنه قد خلفهم خلف سوء، ورثوا التوراة عن أسلافهم، ولم يلتزموا بما أُخذ عليهم فيها من عهود، على الرغم من قراءتهم لها. فقد آثروا الدنيا على الآخرة، فاستباحوا الربا والرشا وسائر المحرمات، ويدّعون أنهم سيغفر لهم. وكلما أتاهم مال حرام أخذوه، ومنوا أنفسهم بالمغفرة كذبا على الله تعالى. وقد قرأوا في كتابهم ألا يقولوا على الله إلا الحق وفهموه، ومع! هذا يجترئون على الله ويكذبون عليه بأنه سيغفر لهم.
وقال القرطبي في تفسيره: وهذا الوصف الذي ذم الله تعالى به هؤلاء موجود فينا. فقد روى الدارمي في سننه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سيبلى القرآن في صدور أقوام كما يبلى الثوب، فيتهافت, يقرءونه لا يجدون له شهوة ولا لذة, يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب, أعمالهم طمع لا يخالطه خوف, إن قصروا قالوا سنبلغ, وإن أساءوا قالوا سيغفر لنا, إنا لا نشرك بالله شيئا.
(يُتْبَعُ)
(/)
واستمر خط الابتعاد عن كتاب الله يمضي قدما، بطيئا وبشكل يخفى عن العامة في أول الأمر، ثم بخطى متسارعة وبصورة سافرة بعد ذلك. فبعد أن كانت الأمة مجمعة الكلمة على العمل بكتاب ربها، وتستمد تشريعاتها من أحكامه، بدأت في التخلي عنه شيئا فشيئا، فعاقبها الله بأن سلبه من يدها، إلى أن أصبحت لا تعمل به. وبالطبع كان هناك دورا رئيسيا لأعداء الأمة في الوصول إلى هذه الحالة التي أصبحنا عليها.
فقد جاء الاحتلال الفرنسي فتعامل بقسوة مع الأمة، وحاول إجبار الأمة على التخلي عن تعاليم الدين بالحديد والنار. وبسبب إتباع هذا المنهج السافر، فلم تزدد الأمة إلا تمسكا بدينها وبتعاليم كتاب ربها. ورغم أنه لم يكن قد بقي من الإسلام إلا طلاسم وذكريات إلا أن الأمة وقفت صفا واحدا في وجه من حاولوا تشويه صورة دستورها. ولذلك تعامل الإنجليز الذين أعقبوا الفرنسيين بصورة أكثر دهاء ومكرا ولكن بنفس المنطق والحزم في زحزحة الأمة عن دينها.
فيقف جلادستون رئيس وزراء بريطانيا الأسبق في مجلس العموم البريطاني يحث قومه على زعزعة الأمة عن دينها فيقول: " مادام هذا القرآن موجوداً في أيدي المسلمين فلن تستطيع أوروبا السيطرة علي الشرق ولا أن تكون هي نفسها في أمان ". ويقول الحاكم الفرنسي في الجزائر في ذكرى مرور مائة سنة على استعمار الجزائر: " إننا لن ننتصر على الجزائريين ما داموا يقرأون القرآن ويتكلمون العربية، فيجب أن نزيل القرآن العربي من وجودهم ونقتلع اللسان العربي من ألسنتهم ".
ويسير المنصرون الذين رافقوا هذه الحملات على نفس الخط. فيقول المنصر وليم جيفورد بالكراف، في كتاب جذور البلاء: " متى توارى القرآن ومدينة مكة عن بلاد العرب، يمكننا حينئذ أن نرى العربي يتدرج في طريق الحضارة الغربية بعيداُ عن محمد (صلى الله عليه وسلم) وكتابه ". ويقول المنصر تاكلي، في كتاب التبشير والاستعمار: " يجب أن نستخدم القرآن، وهو أمضى سلاح في الإسلام، ضد الإسلام نفسه، حتى نقضي عليه تماماً. يجب أن نبين للمسلمين أن الصحيح في القرآن ليس جديداُ، وأن الجديد فيه ليس صحيحاً ". ويقول المنصر ذاته " تاكلي "، في كتاب الغارة على العالم الإسلامي: " يجب أن نشجع إنشاء المدارس على النمط الغربي العلماني، لأن كثيراً من المسلمين قد تزعزع اعتقادهم بالإسلام والقرآن حينما درسوا الكتب المدرسية الغربية وتعلموا اللغات الأجنبية ".
واستدعى ذلك الأمر العمل على عدة محاور وفي نفس الوقت. فتم إلغاء الكتاتيب والحد من تأثيرها وإضعاف مكانتها في النفوس. وبالطبع لا يختلف أحد في أن الكتاتيب كان قد أصابها شيء من القصور، ولكن كان يجب العمل على علاج تلك الأخطاء الناجمة والتي تراكمت عبر الزمن وليس إلغائها تماما. وتزامن هذا مع الإبقاء على الأزهر - كمؤسسة دينية - قائما مع إضعاف مكانته وزعزعة ثقة الناس فيه بإنشاء المدارس الأجنبية اللادينية إلى جانبه، والمسارعة إلى تعيين خريجي هذه المدارس في مختلف الوظائف المرموقة وبأجور مرتفعة للغاية، مع عدم توفير فرص عمل لخريجي الأزهر (وبالأخص حملة القرآن منهم)، وإن وجدت فهي ضعيفة الأجر.
وهكذا بدأت النظرة إلى القرآن واللغة العربية تتغير في نفوس الناس! ومع رثاثة حال حملة القرآن وخريجي المدارس الدينية، ووجاهة خريجي المدارس اللادينية، بدأت هذه النظرة الجديدة تتغلغل في النفوس، ليتجه المجتمع بأكمله نحو هجران القرآن!! ولم يعد فخرا للأسر أن ترتبط بمن يحمل مؤهل ديني، لضعف منزلته الاجتماعية في المجتمع. مع ما تركه هذا من آثار عميقة في نفوس هؤلاء الأفراد، الذين شعروا أنهم ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بسبب اتجاههم للدين، فكان أن مقتوه في داخل نفوسهم، وسعوا بكل الطرق إلى عدم تكرار تجاربهم. وصار طموح أي فرد في المجتمع أن يصبح طبيبا أو مهندسا أو ضابطا. ولم تعد تجد من يحلم أو تحلم له أسرته بأن يكون " عالم دين " أو " دارس فقه " أو حامل للقرآن ". وتواكب مع هذا صناعة نجوم في المجتمع يشار إليها بالبنان تبتعد تماما عن الإسلام وقيمه. وغُيبت عن عمد نماذج رجال الدين أو رموزنا الدينية من صفحات! الجرائد أو المجلات أو وسائل الإعلام الأخرى حتى يستقر هذا الاتجاه في النفوس.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبدأ المخطط بتحويل كتاب الله من قوة حاكمة دافعة للمجتمع إلى مجرد كتاب يحمل ذكريات. تُغير عليه قوى الشر ولا يتحرك المسلمون للدفاع عنه. وتنتشر من حوله الخرافات. وهكذا يصبح القرآن الذي هو حياة الأمة، رمزا للموت فيها، فلا يقرأ إلا في سرادقات العزاء، ولا تكاد تسمع القرآن في مكان حتى تسأل عمن توفى!!! وجعلوا من فاتحة الكتاب - التي هي دستور حياة المسلمين، والتي كان حرص الشارع على قراءتها سبع عشرة مرة على الأقل يوميا في كل ركعة من الصلوات المفروضة - وسيلة لجلب الرحمة على الأموات، فلا تذكر ميتا حتى يقال " اقرءوا له الفاتحة "!!!
وصدق فيهم قول ربي عز وجل: ? وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ?] الفرقان: 30 [. قال ابن القيم في كتابه القيم " الفوائد ": وهجر القرآن أنواع: أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه. والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به. والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، واعتقاد أنه لا يفيد اليقين، وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم. والرابع: هجر تدبره وتفهمه، ومعرفة ما أراد المتكلم به منه. والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره، ويهجر التداوي به ... وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.
وجميع هذه الأنواع من هجر القرآن واقعة بيننا ومتفشية فينا الآن. ومن صور هذا الهجران ما يلي:
- عدم قراءته. فمن منا يقرأ القرآن يوميا؟! إن القرآن مقسم إلى ثلاثين جزء، ومتوسط كل جزء عشرون صفحة. فهل من الصعب قراءة عشرين صفحة يوميا؟ إنه أمر لا يستغرق منك سوى نصف ساعة. إن قراءة الصحف اليومية تستغرق من المرء أكثر من ساعة يوميا، فهل قراءة تلك الصحف أهم من قراءة القرآن؟!!
- وسماع القرآن ... لقد استبدلناه بسماع الأغاني ومشاهدة الأفلام والتمثيليات ومتابعة المباريات.
- وأخلاقنا الآن في وادٍ وما ينادي به القرآن من التحلي بقويم الأخلاق في وادٍ آخر.
- ونعرف حلاله وحرامه ولا نقف عندهما، بل نتفاخر بالتملص منهما، ونصم من يلتزم بهما بالسذاجة وقلة الخبرة.
- وتعلمنا كيف نجادل لا لإثبات تعاليم ربنا ولكن لكي نتفلت منها، ونعمل بغيرها. ظننا أن التقدم الخادع الذي أحدثته الأمم من حولنا إنما مرجعه للتخلي عن الدين، فلما تخلينا عن ديننا انحرفنا وزغنا عن طريق التمكين.
- التخلي عن التحاكم إليه في حياتنا وفي معاملاتنا.
- تركنا فهم معانيه ومن ثم تدبر آياته، وأصبح معظم ما نعرفه عنه عكس المراد به.
- تركنا تعلم لغته ولجأنا إلى لغات المستعمر، وأصبح تجنب الحديث باللغة العربية والرطانة بهذه اللغات مصدر فخر وإعزاز بيننا.
- تركنا التداوي به ولجأنا إلى الاعتماد على الأسباب المادية فقط.
إني لأعجب من أمة تهجر كتاب ربها وتُعرض عن سنة نبيها، ثم بعد ذلك تتوقع أن ينصرها ربها؟ إن هذا مخالف لسنن الله في الأرض. إن التمكين الذي وعد به الله، والذي تحقق من قبل لهذه الأمة، كان بفضل التمسك بكتاب الله عز وجل، الدستور الرباني الذي فيه النجاة مما أصابنا الآن. إن الذين يحلمون بنزول النصر من الله لمجرد أننا مسلمون لواهمين. ذلك أن تحقق النصر له شروط. قال تعالى: ? وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي اْلأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُ! دُونَنِي َلا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ?] النور: 55 [. كما أن ما بعد النصر له شروط. قال الله تعالى: ? الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي اْلأَرْضِ أَقَامُوا الصََّلاةَ وَآتَو! ْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ اْلأُمُورِ ?] الحج: 41 [. فعودوا إلى كتاب ربكم تنالوا نصره في الدنيا وتدخلوا جنته في الآخرة.
ـ[بلفاع]ــــــــ[28 May 2009, 09:24 م]ـ
بارك الله فيكم اخي العزيز ضياء على الموضوع ..
غير انه لدي مداخلة حول ما ورد حول موضوعك ..
و لقد وضعتم عنوانا عريضا لمقالكم و هي الآية الكريمة التي نصت على دعوة الرسول الكريم لربه حول هجران الناس لكتاب الله ..
غير أن ما جاء في مداخلتكم أو معالجتكم كان نوعا ما و ليس الكل طبعا .. هو استشهادكم بهجران لسنن الترمذي و ما شابه ذلك .. و إلى أحاديث البخاري من طرف الناس .. و هل الآية الكريمة أشارت إلى هذا النوع من الهجران .. و الآية واضحة جدا ..
إذا لماذا لا نركز في كلامنا على معنى الآية .. ؟؟
كما انه لدي ملاحظة و الله أعلم .. و فيما أعتقد أنه لا داعي في وقتنا الحاضر التركيز على اللإستعمار و الدول الغربية واتخاذهم كذريعة و حجة في هجران الناس لكلام الله .. و القرآن يحارب في المنابر و في سدة الحكم و من طرف أبناء جلدتنا ..
تقبلوا منا جزيل الشكر
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضياء الرحمن بن صغير أحمد]ــــــــ[02 Jun 2009, 04:25 ص]ـ
شكراً جزيلاً ....(/)
عبارة (نسخ منها)
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[26 May 2009, 05:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا حظت وأنا أقرأ في كتاب الناسخ والمنسوخ للإمام الزهري أنه إذا عبر بقوله (نسخ منها) فإن الأمر ينصرف إلى تخصيص العام في عرف الفقهاء بخلاف ما إذا قال نسختها كذا ..
فهل اطلعتم على عبارة السلف في هذا الأمر؟(/)
دعوة لحضور اللقاء الثاني لديوانية الدراسات القرآنية بمحافظة الطائف
ـ[عبدالله القرشي]ــــــــ[26 May 2009, 11:35 م]ـ
يسر ديوانية الدراسات القرآنية بمحافظة الطائف دعوتكم لحضور اللقاء الثاني بعنوان (آداب القراء وأخلاقهم) لفضيلة أ. د. مصطفى أبو طالب.
ليلة الثلاثاء الموافق 9/ 6 / 1430. بعد صلاة العشاء الساعة التاسعة والربع بتوقيت مكة المكرمة
سينقل اللقاء على الهواء مباشرة على موقع البث الإسلامي: www.liveislam.net
وعلى موقع آفاق القراءات على الرابط:
http://alq10com.s.roomsserver.net
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[27 May 2009, 04:21 ص]ـ
وفقكم الله موضوع مهم نتمنى لكم السداد
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[27 May 2009, 10:09 م]ـ
نشكر للدكتور عبد الله جهودة المتميزة فهي تبشر بمستقبل واعد للدراسات القرآنية في الطائف.
علماً أنه قد وُفق في اختيار الشخصية المستضافة لهذا الشهر فهي شخصية قد امتازت بالتأصيل العلمي المتين والتفنن في عدة مجالات، اسأل الله للجميع التوفيق والسداد.(/)
طلب
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[28 May 2009, 12:00 ص]ـ
السلام عليكم ايها الاحباب
من يعرف احدا من الاحياء اليوم أخذ التفسير بالاسناد الى مؤلفه
الرجاء ممن يعرف ان لا يبخل(/)
القرآن ... من تفسير النص إلى تحليل الخطاب
ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[28 May 2009, 09:55 ص]ـ
القرآن ... من تفسير النص إلى تحليل الخطاب
عبدالرحمن الحاج
26 - 03 - 2009
بدت الدراسات التفسيرية والتحليلية للقرآن وخطابه في يوم من الأيام كما لو أنها نضجت واحترقت وأشبعت بحثا، فالمدونة التفسيرية للقرآن الكريم تشكل أكبر إنتاج علمي في تاريخ الإسلام، وعلى الرغم من التنويعات المنهجية المحدودة (لغوية وتراثية) فإن الباحثين في التفسير يجدون أنفسهم أمام هذا الكم الهائل من كتب التفسير عاجزين عن تقديم الجديد.
وكانعكاس لهذا التصور فإن الدراسات القرآنية في المعاهد والكليات الشرعية تحتل مراتب دنيا من الاهتمام، فيما تأخذ الدراسات الفقهية والحديثية جل الاهتمام، وذلك على الرغم من أن الدراسات القرآنية في العقود الستة الأخيرة أثبتت خِصبَ البحث الدلالي في القرآن إلى درجة يبدو فيها القرآن كما لو أنه حقل بكر تماما.
ذلك يجعلنا نرى أن المشكلة ليست قائمة في الاهتمام بالدراسات القرآنية عموما فحسب، بل إن المشكلة أساسا قائمة أيضا في مسألة المنهج؛ إذ لم يحظ المنهج في التفسير (بالمعنى العلمي لمفهوم المنهج) بالدراسة الكافية في حقل الدارسات القرآنية، صحيح أنه كتبت مؤلفات كثيرة حول مناهج المفسرين، غير أنها لا تخرج في المحصلة عن فكرة المنهجين التقليديين (التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي)، ولم يأخذ الخلاف حول البحث مفهوم "المنهج" ومرجعياته وتقنياته في أصول دراسة القرآن المساحة العلمية اللازمة، الأمر الذي جعل المعرفة الإسلامية اليوم تفتقد إلى علم مستقر لأصول التفسير على غرار علم أصول الفقه ومناهجه. ([1])
رخاوة مفهومية
وعلى الرغم من أن مفهوم الخطاب يعاني - مثل كثير من المصطلحات المتداولة في منظومة الفكر الإسلامي الحديث - من رخاوة مفهومية، بحيث إنه تسرب إلى هذه المنظومة من خلال الاحتكاك بالفكر الحداثي، وتم تداوله دون ضبط عميق له، بل إن تدواله تجاوز العادة في الفكر الإسلامي الحديث، ونعني بها "التأصيل" بأثر رجعي بالتراث الإسلامي، على الرغم من أننا نرى في التأصيل ممارسة فكرية خطيرة وبالغة الضرر على الفكر الإسلامي نفسه، إلا أن هذه العادة لم تمارس فيما يخص هذا المصطلح الذي أصبح مفتاحيا في الكتابات الإسلامية، وإنه لمن الضروري أن يتم دراسة هذا المصطلح وفهمه من مصادره الأصلية الغربية.
والواقع أن مصطلح الخطاب، كما يتم تداوله اليوم بوصفه تصورات حول قضية ما مستفادة من النص أو مجموعة نصوص يرجع أساسا إلى الفيلسوف الفرنسي "ميشيل فوكو"، الذي تأثرت به الدراسات اللسانية والاجتماعية والفلسفية في الربع الأخير من القرن العشرين على نحو عميق.
وعلى الرغم من أن مفهوم الخطاب مرتبط بشكل وثيق بالنصوص من خلال ارتباطه بمعاينها، إلا أن الخطاب من جهة أولى ليس هو المعنى الحرفي والمباشر للنص، وليس النص من مشمولاته، إنما هو قائم في المعنى الذي يستقى من المعنى المباشر والحرفي للنص، فمستوى المعنى التفسيري الحرفي والمباشر جزء من مفهوم النص ذاته، أما مستوى الخطاب - حيث النص هو وسيلة - فإن فهم مغزى النص وتأويله ومنطوقه ومسكوته (مفهومه) هو مشمولات مفهوم الخطاب.
ومن جهة ثانية فإن الخطاب دوما يمثل فعلا اجتماعيا بحيث لا يمكن فهمه بمعزل عن تأثيره وتداخله في العلاقات الاجتماعية في الفاعلين، ومن جهة ثالثة فإن ارتباطه بالنسق الاجتماعي يحيلنا إلى موضوع السلطة، وموضوع رؤية العالم ( World View / Weltanschauung) ( بمعناها الفردي وليس الأنثربولوجي الاجتماعي).
إن الخطاب بهذا المعنى يمكن أن يكون في عدة نصوص على أن يكون الربط بينها أنها جميعا صادرة عن جهة واحدة (حقيقية أو اعتبارية)، وموجهة لجهة واحدة محددة (حقيقية أو اعتبارية)، وعندما نقول "جهة" فإننا نعني أن المخاطِب أو المخاطَب يمكن أن يكون شخصا، ويمكن أن يكون جهة اعتبارية (مثل المؤسسة أو غير ذلك).
إن هذا التعريف للخطاب يقتضي أن النص بقدر ما هو مفارق لمفهوم الخطاب هو في الوقت نفسه جزء منه، كما يقتضي أنه لا بد أن يكون هناك سياق ما للخطاب ليمارس فيه فعله ويؤسس سلطته؛ إذ لا يمكن أن يكون هناك خطاب بدون سياق (أو مناسبة) عام أو خاص.
(يُتْبَعُ)
(/)
والسياق في الواقع نوعان، سياق لورود الخطاب، وسياق لتلقيه، ولكل منهما دوره في التأثير على فهم الخطاب، وإن كلا من طرفي الخطاب (المخاطِب والمخاطَب) وسياقي الخطاب (الورود والتلقي) ووسيلة الخطاب (النص) تؤلف ما يسمى "عناصر الخطاب" الستة، وهي مجموعة العناصر التي تعتبر من لوازم مفهوم الخطاب، وهي بالنسبة للقرآن الكريم: المخاطِب (الله U)، والمخاطَب (المخلوقات العاقلة ذات الإرادة المستقلة)، والخطاب (موضوع الخطاب ومحتوى الخطاب)، ووسيلة الخطاب (القرآن)، وسياق نزول الخطاب (عصر الرسول r)، وسياق تلقي الخطاب (عصر متلقي الخطاب).
وإذا كانت مقاربات المقارنة النصية لنصوص القرآن في المنهج الفيلولوجي الاستشراقي قد أثمرت في خمسينيات القرن المنصرم منهج التفسير الموضوعي، فإن دراسات المنهج البياني لمدرسة الأمناء في أربعينيات القرن المنصرم المتأثرة بالتأوُّليَّة الألمانية ( Hermeneutics) بجوار دراسات توشيهيكو إيزوتسو ( Toshihiko Izutsu) المعتمدة على مزيج من البحث اللساني ( Linguistic) والأناسي (الأنثربولوجي Anthropological) قد فتح أفقا جديدا لدراسات القرآن، وقد عكست تلك الدراسات خطورة وأهمية المناهج الحديثة في تطوير الدراسات القرآنية.
من التفسير إلى التحليل
يمكن القول إن القرن العشرين شهد انتقالا في دراسة القرآن من مستوى التفسير النصي إلى مستوى تحليل الخطاب، (وفي مقدمة مؤشرات هذا الانتقال في عالمنا الإسلامي انتشار ما يُعرف بالتفسير الموضوعي)، وعلى الرغم من هذا الانتقال سهل لنا تقديم الخطاب القرآني في مواجهة قضايا العصر وتحدياته، وفتح أفقا جديدا للقرآن، إلا أن إهمال تطوير البحث المنهجي في الدراسات القرآنية وإغراء المعارك الأيديولوجية فسح الفرصة أمام من يريد تغيير عقائد المؤمنين بالتقدم نحو القرآن ومحاولة زعزعة إيمانهم من خلال زعم "فهم" جديد للقرآن اعتمادا على المناهج الحديثة.
غير أن الدراسات القرآنية الحديثة في تحليل الخطاب تتجه في الغرب نحو الدراسات الأنثروبولوجية أكثر من الدراسات اللسانية، بل تكاد لا تحظى الدراسات اللسانية للقرآن باهتمام يذكر، والمقلق في الأمر أن هذه الدراسات الأنثربولوجية للخطاب القرآني تزايدت بدواعي الظروف السياسية العالمية، وأعني تحديدا مناخ ما سمي بـ"الإرهاب" و"الأصولية الإسلامية"، واتجهت في العموم لإثبات أن العنف ظاهرة أصيلة في بنية الخطاب القرآني، ومهما تدثرت بأوشحة العلم تبقى الدوافع السياسية الأيديولوجية ظاهرة للعيان دون كثير جهد، ولا نذهب بعيدا عندما نقول إن كثيرا من هذه الدراسات لا تختلف عن رؤية البرلماني الهولندي في فيلمه الوثائقي البائس "الفتنة" إلا بمزاعم الآلة العلمية وألبسة المعرفة الحيادية.
لا بد أن نشعر بالقلق ونحن نرى محاولات موازية تصدر بنفس الدوافع ومن جهات مشابهة للغاية التي تنفي عن القرآن كل ما يتعلق بالعنف والجهاد، وحقيقة الأمر أن هذا العمل متلبس بالعلم ليس إلا محاولة لمحاربة ما يوصف بأنه "العنف الإسلامي" وأفكار "الجهاد"، الأمر - كما أشرت من قبل - هو الجمع بين الشيء ونقيضه باسم المعرفة، والمعرفة والعلم في كلا الحالتين مظلومان.
ثمة محاولات قديمة تجمع البحث الأنثروبولوجي بالبحث اللساني، هذا أكيد، وهذه المحاولات تتسم عموما بالعلمية إلى حد كبير، غير أن هذه المحاولات العلمية ذاتها كان لها "الفضل" في إضفاء مسحة العلمية على البحوث الأنثربولوجية من حيث لم تقصد.
وفي مقدمة هذه البحوث دراسة توشيهيكو إيزوتسو "المفاهيم الدينية الأخلاقية في القرآن" (1958) و"الله والإنسان في القرآن: دراسة في دلاليات التصور القرآني للعالم" (1963)، وتعتبر دراسة دانيال ماديغان "صورة القرآن عن نفسه" (2000) شكلا من أشكال دمج المعرفة اللسانية بالأنثروبولوجيا، لكن دراسة ماديغان تبدو كما لو أنها تحايل على البحث اللساني من أجل الوصول إلى تصورات أيديولوجية مدعومة بالأنثربولوجيا التي تتضخم فيها المركزية الغربية على نحو بارز، بالإضافة إلى المقولات الاستشراقية الكلاسيكية.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدراسات القرآنية الحديثة ستبقى مشغولة إلى أمد غير قليل بمسألة تاريخية القرآن والتحليل الكلي له، وكلا الموضوعين في الواقع هما تعبير عن مركز تحديات الإسلام في معركته مع الحداثة، فالعلمانية (بمنظورها الفلسفي) تقتضي أنسنة كل شيء وَوَضْعَنَتَهُ.
والتعامل مع العصر يحتاج إلى مفاهيم وتأويلات جديدة سيكون التفسير الكلي بابها، وجديد الجديد فيما يخص الدارسات الكلية الغربية والعربية الحداثية للقرآن أنها بدأت تقرأ القرآن قراءة متربصة بحثا عن "العفريت"؛ أعني الإرهاب (مثل دراسة كريستوف لوكسمبورج)، أو محاربة للتصورات الدينية المقاومة تحت مسمى الإرهاب (مثل الدراسة الإسرائيلية التربوية "قرآن نت: مشروع اجتماعي").
وهذا مؤشر خطير على اتجاه لتفسير القرآن بالشيء ونقيضه لأغراض سياسية بحتة، وهو اتجاه يقتات على الدراسات العلمية للقرآن ويزرع بذور الانحياز فيها، وسيكون بمقدور دراسات الخطاب القرآني فيما إذا بدأت بالفعل في عالمنا الإسلامي من قبل المتخصصين في الدراسات الإسلامية أن تقوم بالتصدي لهذه الانحيازات الأيديولوجية وكشف التلاعبات السياسية بتأويلات القرآن الكريم تحت دثار العلم.
إن مهمة تطوير الدراسات القرآنية هي مسئولية علماء القرآن والباحثين المعاصرين في الجامعات والأكاديميات الإسلامية، وفي هذا الإطار فإن الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا أدخلت في مفردات مناهجها مقرر "الخطاب القرآني" ( Qur'anic Discourse)، ويعتبر هذا المقرر فريدا من نوعه؛ إذ لا يوجد شبيه له في الجامعات الأخرى، الغاية منه مواكبة التطورات الحاصلة في دراسة القرآن الكريم التي نقلت دراسة القرآن من النص إلى الخطاب وفتحت مجالات جديدة للبحث في الدراسات القرآنية.
نحن ما زلنا بحاجة لتعريف الخطاب القرآني، لكن هذا التعريف لا يمكن أن يتم بصورة علمية دون معرفة عميقة ودقيقة بموضوع الخطاب ومفهومه في الدراسات اللسانية والاجتماعية الحديثة ومناهج تحليله، وهذه عقبة سيتم تجاوزها بلا شك مع تزايد النزوع الأكاديمي للدراسات العربي، وتراجع الرهاب من العلوم اللسانية والاجتماعية الغربية في حقل الدراسات الإسلامية الذي بدأنا نشهد ملامحه في السنوات الأخيرة، وإذا ما تم تجاوز هذه العقبة، فإننا مقبلون ولا شك على تطور نوعي في الدراسات القرآنية، عنوانها تحليل الخطاب والانتقال من التفسير التقليدي التحليلي إلى مستوى تحليل الخطاب.
--------------------------
{1} انظر للباحث: تأسيس أصول التفسير وصلته بالبحث الأصولي، مجلة إسلامية المعرفة ( http://www.eiiit.org/eiiit/eiiit_article_read.asp?articleID=392&catID=17&adad=34)، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، واشنطن، العدد 37، 2005.
عن موقع إسلام أونلاين
على الوصلة:
http://mdarik.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1237705429576&pagename=Zone-Arabic-MDarik/MDALayout&ref=body
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[28 May 2009, 11:12 ص]ـ
حياك الله أستاذ عبد الرحمن،
ولعلي سبقت المشرفين في الترحيب بك في المنتدى.
ويسعدني استمرار التواصل.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 May 2009, 11:36 ص]ـ
أرحب بأخي العزيز الأستاذ عبدالرحمن الحاج في ملتقى أهل التفسير، وأشكره على هذه المقالة.
ونحن في مدارسنا العلمية السلفية خصوصاً تعودنا على نبذ هذه المناهج في دراسة القرآن الكريم والسنة النبوية مطلقاً لما ظهر لنا من سوء استخدامها من قبل فئام من الكتاب المعاصرين الذين اتخذوها ذريعة للطعن في القرآن والسنة، والذهاب بعيداً في تأويلها دون ضابط علمي معتبر.
في حين أن هذه المناهج لا تعدو كونها أدواتٍ منهجية في الدرس، يمكن الإفادة منها في تجديد مناهجنا الدراسية في النظر إلى القرآن الكريم وعلومه.
غير أننا في حاجة إلى أمور:
أولاً: دراسة هذه المناهج دراسة علمية من باب التعرف على ما فيها من الحق والصواب، وتقدير قيمة ما يمكن أن تؤدي إليه من النتائج العلمية المفيدة لنا في حقل الدرس القرآني خصوصاً.
ثانياً: الاطلاع على نماذج منجزة من هذه الدراسات تكشف لنا شيئاً من فوائد تطبيق هذه المناهج في الدراسة.
ثالثاً: ما هي الطريقة المقترحة برأيكم - والخطاب للأستاذ عبدالرحمن الحاج - للبدء في الإفادة من هذه المناهج في الجامعات الإسلامية أسوة بالجامعة الإسلامية العالمية في ماليزيا التي قررت درس (الخطاب القرآني) في مناهجها، وليتكم تكشفون لنا عن مفردات هذا المقرر، وكيفية الإفادة من هذه التجربة ولو على المستوى الفردي في بقية أنحاء العالم الإسلامي.
وأؤكد على أن الخطاب النقدي للحداثة ومناهجها لدينا ما يزال يأخذ بُعداً تحذيرياً أكثر منه بُعداً علمياً يكشف حقيقة هذه المناهج وتحليلها بعيداً عن الذين أساءوا استخدامها، وهذه مهمة لم أجد من تصدى لها حسب علمي بشكل مقنع يسهل فهمه للقارئ العربي البسيط من أمثالي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[28 May 2009, 12:51 م]ـ
تحياتي لكم جميعا
جواباً لما تفضلتم به د. الشهري، المشكلة من وجهة نظري قائمة في أن الخطاب السائد في الأوساط العلمية هو خطاب هوية، وأعني بخطاب الهوية أن الخطاب الإسلامي الفكري معني بالدرجة الأولى بالدفاع ومتحفز للهجوم على "أعدائه" وحتى "ناقديه" فهو عموماً متوتر للغاية، لديه حساسية أكثر من اللازم من المختلف معه، ويفكر بمنطق المقاتل، لا بمنطق المحاور .. لا أدعو بتوصفي هذا للخطاب التوقف عن الدفاع عن الهوية، إنما أدعو أن يتحرر العقل العلمي في العالم الإسلامي من خطاب الهوية، وليس من الدفاع عن الهوية؛ لأنه خطاب أيديولوجي يصيب بالعماء.
أول خطوات الإفادة من العلوم الحديثة ـ وفقاً لما يبدو لي ـ أن نخرج العلوم من المعارك الأيديولوجية، ذلك أن فهمه فهماً دقيقاً وعميقاً من أجل الإفادة منه يتوقف على تحررنا من هاجس "مخالفة أصحاب الجحيم" وحسب.
تجربة تدريس الخطاب القرآني ما تزال جديدة في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، وقد عُهد إلي تطوير تطوير مفرداتها. وقد يسر الله تعالى لي ذلك
ـ[مرهف]ــــــــ[28 May 2009, 07:22 م]ـ
تحياتي الحارة للأستاذ عبد الرحمن الحاج وإفادة طيبة ومثيرة.
في بداية مقالك أشرت إلى أنه لا بد من فهم المصطلحات الغربية كما وضعها الغرب والتعامل معها وفق هذا الوضع، ثم من خلال مقالك ذكرت في مواطن متعددة بعض هذه المصطلحات عارضاً بعض مفاهيمها وترابطها، ثم ختمت مقالك بالدعوة لتبني الجامعات الأكاديمية مقرر الخطاب القرآني وفق ما تقدم عرضه في مقالك وحفزت لذلك بعمل الجامعة الإسلامية في ماليزيا، وبحكم درايتك باللسانيات ومتعلقاتها وانطلاقاً من مقالك ثمة أسئلة أود الإجابة عنها منك متفضلاً ولو اقتضى الأمر تفصيلاً:
- ما هي الفلسفة التي انبثق عنها علم اللسانيات في أوربا، وهل كانت منفصلة عن العقل الإيدلوجي، وهل نشوء هذا العلم وأسلوب تعامله مع اللغة التي نشأ فيها تتوافق مع أساليب العربية ومفاهيمها ومصطلحاتها وتصلح لأن يعالج بها خطاب القرآن.
- ألا ترى أن التعامل مع القرآن بهذه المفاهيم هو نوع من أنواع الأنسنة وجعل الخطاب بالسياق التاريخي الذي نزل هو نوع من أنواع الاختصاص، وأنت تعلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
- هلا طرحت لنا مثالاً تطبيقياً للخطاب القرآني وفق الطرح الذي تطرحه لتتجلى الصورة بشكل أوضح.
وأرجو أن لا يسبقك القلم في القول أن هذه أسئلة ممن يعادون منهج اللسانيات ويتهمون المشتغلين به بكذا وكذا .... ، بل هذه أسئلة مشروعة ممن يريد فهم المنطلق والسياق والمنهج والنتيجة التي يطرحها كثير ممن يجدون في "خطاب القرآن" هذا اضطراباً وتجاذباً بين عمل المستشرقين وعمل العصرانيين ومقصد المتخصصين في التفسير وعلوم القرآن.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[28 May 2009, 08:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
حاولت فهم مصطلح (تحليل الخطاب) فوجدت:
"يرى (فان ديك) أن عملية تحليل الخطاب تصب في إطار دراسة استخدام المتكلمين الحقيقيين استخداماً فعلياً للغة في مواقف حقيقية، فتحليل الخطاب إذن يتمظهر لنا كمجال أو تخصص يهتم بدراسة اللغة كنشاط متجذر في سياق معين، وهذا السياق يكون منتجاً لوحدات تركيبية للجملة (ويمكن أن ندرج في هذا المنحى استعمال اللغة لغايات اجتماعية، تعبيرية، مرجعية). وفي هذه الحالة يتحتم على محلل الخطاب الاستعانة بمقاربات متنوعة "كالتحليل الحواري" أو "التحليل المحادثاتي" مثلما يحلو للبعض أن يسميه (اثنوغرافيا التواصل)، علم اللغة الاجتماعي التفاعلي. لقد أصبح لمصطلح "تحليل الخطاب"-على حد تعبير (براون) استعمالات عديدة تشمل مجالات واسعة من الأنشطة. فهو يستعمل مثلاً للحديث عن أنشطة تقع على خط التماس بين دراسات مختلفة كاللسانيات الاجتماعية واللسانيات النفسية واللسانيات الفلسفية واللسانيات الإحصائية. والمهتمون بمثل هذه الدراسات المختلفة يركزون بحثهم جميعاً على جوانب شتى من الخطاب. "أهـ
وهذا الكلام يذكرني بكلام الدكتور الفاضل مساعد الطيار، فقد تحدث عن اللغة العربية الفصيحة وتراكيبها التي كانت في عصر الرسالة، ومن ثم تحدث عن الدراسات التي تقوم على دراسة التطور الدلالي للغة العربية حيث يقوم الباحث بقياس مدى فصاحتها على المقياس الثابت وهي النصوص وفي مقدمتها لا شك القرآن الكريم، على ما أذكر هذه هي الفكرة، ولمن أراد الاستماع للمحاضرة فهي في آخر محاضرة من شرحه لكتاب الإتقان على ضوء تفسير الطبري على ما أذكر.
وما أريد قوله، إذا أراد الباحث الكريم الحاج الاستفادة من هذا المنهج، فلابد له من الرجوع إلى الأساس، والذي ضبط من أهل العلم، فالدراسة الجادة لابد أن تقوم على النتاج التراكمي، مستفيدة ممن سبقها، أما إهمال القواعد والفوائد والثروة العلمية التي تركها أهل العلم، فلا أعتقد أن الباحث الكريم يقصدها، وفي الحقيقة إن تحليل النصوص ودراستها وتمحيصها قد قام به القدماء هنا وهناك، ولهم منهج مهم كما أظن، عموما ما أريد قوله أن البناء على ما سبق هو المطلوب مع مراعاة قواعد البناء السابق، هذا هو الأمر العقلاني المنطقي، فالخطاب القرآني قد قام بدوره في توجيه الأمة وهدايتها وقد تصدى لحمل المهمة بفضل الله من أراد الله لهم حملها، فإذن مجهودهم مهم مشكور فيه من الدقة والإتقان ما يجعله قواعد صلبة للباحث الباحث عن الهداية والنور في هذا الزمان ممن حقه الحفظ في الصدور بكل وسيلة ثابتة لا تعارض ما سبق وتسعد أهل الإسلام.
والله الموفق.
والله أعلم وأحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الخطيب]ــــــــ[28 May 2009, 09:50 م]ـ
نرحب بالأستاذ الفاضل عبد الرحمن الحاج وكنا ننتظر تواجده معنا في الملتقى منذ أمد وأؤكد على طلب أخينا الكريم الدكتور عبد الرحمن الشهري بأن يمدنا الأستاذ الحاج بفكرة منهج الخطاب القرآني ومفرداته وما المأمول من دراسته؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 May 2009, 10:38 م]ـ
تحياتي لكم جميعا
جواباً لما تفضلتم به د. الشهري، المشكلة من وجهة نظري قائمة في أن الخطاب السائد في الأوساط العلمية هو خطاب هوية، وأعني بخطاب الهوية أن الخطاب الإسلامي الفكري معني بالدرجة الأولى بالدفاع ومتحفز للهجوم على "أعدائه" وحتى "ناقديه" فهو عموماً متوتر للغاية، لديه حساسية أكثر من اللازم من المختلف معه، ويفكر بمنطق المقاتل، لا بمنطق المحاور ..
هذا الحكم غير صحيح يا أخ عبد الرحمن
وإذا تصر عليه فنحن نطالبك بالدليل
لا أدعو بتوصفي هذا للخطاب التوقف عن الدفاع عن الهوية، إنما أدعو أن يتحرر العقل العلمي في العالم الإسلامي من خطاب الهوية، وليس من الدفاع عن الهوية؛ لأنه خطاب أيديولوجي يصيب بالعماء.
وهذه أشد من الأولى.
الخطاب الإسلامي خطاب قرآني والخطاب القرآني خطاب عقدي ولا غضاضة في ذلك.
فلماذا وصفته بأنه يصيب بالعماء؟
أول خطوات الإفادة من العلوم الحديثة ـ وفقاً لما يبدو لي ـ أن نخرج العلوم من المعارك الأيديولوجية، ذلك أن فهمه فهماً دقيقاً وعميقاً من أجل الإفادة منه يتوقف على تحررنا من هاجس "مخالفة أصحاب الجحيم" وحسب.
تجربة تدريس الخطاب القرآني ما تزال جديدة في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، وقد عُهد إلي تطوير تطوير مفرداتها. وقد يسر الله تعالى لي ذلك
وهذه أشد وأنكى من سابقتيها
وما هي فائدة فهم القرآن فهما دقيقا إذا لم توصلنا إلى مخالفة أصحاب الجحيم.
ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[29 May 2009, 02:06 ص]ـ
حياكم الله
مادة "الخطاب القرآني" في الجامعة الماليزية الآن أقرب إلى مدخل لتحليل الخطاب القرآني، فغايتها مساعدة الطالب على فهم المحتوى القرآني بشكل كلي (وليس تجزيئي) كخطاب عالمي، أما مفردات المادة فهي مستمدة من الإشكاليات المتولدة من عناصر الخطاب الستة وتأثيرها في فهم الخطاب.
وأود لفت الانتباه إلى ان الانتقال إلى تحليل الخطاب لا يعني البتة إهدار التفسير التحليلي وجهود العلماء الهائل فيه، فالمعرفة بالفعل تراكمية، فتحليل الخطاب مستوى أعلى من التفسير، ولكنه لا يمكن الاستغناء عن التفسير للوصول إلى تحليل الخطاب.
وأشير أيضاً إلى ان (فان ديك) هو من مؤسسي مفهوم الخطاب التداولي بمعناه البسيط: اللغة في سياق الاستخدام (المحادثة)، مقابل اللغة المكتوبة، وهو ما يعتمده (جورج يول وجوليان بروان) في كتابهما (تحليل الخطاب)، غير أن مفهوم الخطاب خضع لتطورات عديدة، أهمها التطور الكبير الذي أحدثه ميشيل فوكو (1972) الذي أصبح مفهومه للخطاب الأكثر شهرة وتداولاً، وخصوصاً في العلوم الاجتماعية، وقد نقل المفكرون العرب هذا المفهوم، وهو الشائع اليوم في نصوص الكتاب العرب (كما أشرت باختصار في المقال أعلاه)، والآن أحدث مفهوم للخطاب هو ما يقدمه اتجاه ( Critical Discourse Analaysis). وللاطلاع بشكل مختصر على تاريخ تطور مفهوم الخطاب يمكن الرجوع مثلاً إلى كتاب:
Sara Milse .Discourse: the new Critical Idom (2004), Scond Eddition, London
وأتفهم تماماً مع الأسئلة التي طرحها الدكتور مرهف، وجوابها كان موضوع مقال سبق ونشرته في صحيفة الحياة (الطبعة الدولية) وسأعيد نشره ههنا في وقت قريب إن شاء الله، غير أني أشير إلى أنه لا رابط بين اللسانيات وبين ضرورة فهم النص فهماً تاريخياً، اللسانيات تدرس قوانين عامة للغات الإنسانية، الربط بالسياق السياق أو عدمه مسألة منهجية وليس لها علاقة ضررورية باللسانيات، على سبيل المثال المدرسة البنيوية تهدر السياق كلياً، وتعتمد النص ذاته كإطار وحيد للفهم والتحليل، فيما تذهب التداولية ( Pragmatics) وعموماً الاتجاهات اللسانية الوظيفية وكذلك اللسانيات الاجتماعية إلى اعتماد السياق كجزء من الجملة والنص ذاتهما. وبالتالي فإني أؤكد بأن السؤال: "ألا ترى أن التعامل مع القرآن بهذه المفاهيم هو نوع من أنواع الأنسنة وجعل الخطاب بالسياق التاريخي الذي نزل هو نوع من
(يُتْبَعُ)
(/)
أنواع الاختصاص، وأنت تعلم أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؟ " لا يصح من الناحية العلمية.
ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[29 May 2009, 02:24 ص]ـ
تصحيح
Sara Mills .Discourse: The New Critical Idom (2004), Second Eddition, London
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[29 May 2009, 05:40 م]ـ
حياكم الله
مادة "الخطاب القرآني" في الجامعة الماليزية الآن أقرب إلى مدخل لتحليل الخطاب القرآني، فغايتها مساعدة الطالب على فهم المحتوى القرآني بشكل كلي (وليس تجزيئي) كخطاب عالمي، أما مفردات المادة فهي مستمدة من الإشكاليات المتولدة من عناصر الخطاب الستة وتأثيرها في فهم الخطاب.
وأود لفت الانتباه إلى ان الانتقال إلى تحليل الخطاب لا يعني البتة إهدار التفسير التحليلي وجهود العلماء الهائل فيه، فالمعرفة بالفعل تراكمية، فتحليل الخطاب مستوى أعلى من التفسير، ولكنه لا يمكن الاستغناء عن التفسير للوصول إلى تحليل الخطاب.
.
الله يحيك
الأستاذ الفاضل إن الخطاب القرآني خطاب عالمي ولا شك، ولا بد أن لا ننسى أنه خطاب خاطب الفطرة، وقد أنزل على العرب لأنهم الأقرب لها في ذلك الوقت، لظروف لا يجهلها أمثالكم، واللغة لغتهم لغة القرآن أم اللغات، لابد أن هذا الأمر على بالكم وفي محط أنظاركم، وقد شغل بالي بحثكم وإشارتكم إلى كون هذه الفكرة قد تكون منهجا يدرسه الطلبة الكرام عندكم، ويا له من هم في زمان زادت همومنا فيه.
تذكرت بحثكم اليوم وأنا أسمع كلمة للدكتور سلمان العودة حفظه الله، "فقد ذكر أن بعض الناس يعمل حفريات في كلمة وينسى الكلمات التي بجانبها " أو كما قال، أرجو أن تحرصوا كما أكدتم فيما سبق على أن لا يكون منهجكم كما ذكر د. سلمان، والأمر الذي لابد أن تحرصوا عليه هو ألا تقعوا فيما يلي بسبب منهجكم الذي لا يزال مبهما بعض الشيء:
قال تعالى:
{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ} (المائدة13).(/)
رسائل جوال تدبر. . شهر جمادى الأولى1430هـ. . وغيرها
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[28 May 2009, 11:30 ص]ـ
أعزائي أعضاء وزوار ملتقى أهل التفسير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما وعدتكم إليكم رسائل جوال تدبر (جمادى الأولى1430 هـ)
مرفق بالملف: تدبر الكافرون والإخلاص
ولاتنسوني من صالح دعائكم. . ودمتم مباركين أينما كنتم.(/)
سؤال عن "إِذَا قَضَى "
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[29 May 2009, 01:03 ص]ـ
السلام عليكم
قوله تعالى " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ?للَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ?لْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ?للَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً " الأحزاب 36
جاء فى سياق مسألة التبنى مما قد يدل على أن قضى فى الآية تعنى حكم؛
فهل يستدل بالآية عند الكلام عن الغيب الذى لم يقض بعد.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[31 May 2009, 07:41 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
القضاء يطلق في النصوص ويراد به تارة القضاء الشرعي الديني الذي هو الأمر والنهي
ويطلق تارة أخرى ويراد به القضاء الكوني الذي هو نافذ الوقوع
فالقضاء الشرعي الذي هو الأمر والنهي يجب على العبد فيه الطاعة والتسليم وليس له خيرة في المخالفة كما هو مدلول هذه الآية الكريمة.
وأما القضاء الكوني فهو كائن لا محالة، ولا اختيار للعبد فيه
ولا يعلم العبد بذلك إلا من طريقين:
الطريق الأول: طريق الوحي فإذا صح الخبر بوقوع أمر آمنا بذلك وصدقنا كالأخبار عن علامات الساعة والفتن والملاحم ونحو ذلك مما صح في النصوص أنه سيقع، وقد وقع شيء من ذلك هو من دلائل صدق الوحي وأنه حق.
الطريق الثاني: ما وقع فعلاً، فكل أمر وقع فهو بقضاء وقدر، حتى الشوكة يشاكها العبد، وحتى تساقط الأوراق من الأشجار كل في كتاب مبين.
وعليه فإن كان المراد بالغيب في السؤال هو ما قضى الله عز وجل أنه سيكون مما لا علم لنا به فهذا لا يتعلق به حكم على المكلف إلا الإيمان بأن الله فعال لما يريد وأنه الملك الحق الحكيم.
وأما القضاء الشرعي فقد اكتمل باكتمال شريعة الإسلام ويتفاوت علم الناس بأحكام الشريعة بحسب ما تبلغه علومهم وفهومهم والواجب في حقهم أنهم متى ما علموا حكم الله عز وجل وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم في مسألة من المسائل أن يقولوا: سمعنا وأطعنا.
فهذا جواب سؤالك إن أحسنتُ فهمه.
فائدة:
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (اختيار الرب تعالى لعبده نوعان:
أحدهما: اختيار ديني شرعي فالواجب على العبد أن لا يختار في هذا النوع غير ما اختاره له سيده قال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} فاختيار العبد خلاف ذلك مناف لإيمانه وتسليمه ورضاه بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً
النوع الثاني: اختيار كوني قدري لا يسخطه الرب كالمصائب التي يبتلى الله بها عبده فهذا لا يضره فراره منها إلى القدر الذي يرفعها عنه ويدفعها ويكشفها، وليس في ذلك منازعة للربوبية، وإن كان فيه منازعة للقدر بالقدر.
فهذا يكون تارة واجباً، وتارة يكون مستحباً، وتارة يكون مباحاً مستوى الطرفين، وتارة يكون مكروهاً، وتارة يكون حراماً.
وأما القَدَر الذي لا يحبه ولا يرضاه مثل قَدَرِ المعائب والذنوب فالعبد مأمور بسخطها ومنهي عن الرضى بها.
وهذا هو التفصيل الواجب في الرضى بالقضاء وقد اضطرب الناس في ذلك اضطراباً عظيماً ونجا منه أصحاب الفرق والتفصيل).
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[01 Jun 2009, 01:22 ص]ـ
السلام عليكم
بارك الله بك؛ لقد أفدت وبينت
وأما القضاء الشرعي فقد اكتمل باكتمال شريعة الإسلام ويتفاوت علم الناس بأحكام الشريعة بحسب ما تبلغه علومهم وفهومهم والواجب في حقهم أنهم متى ما علموا حكم الله عز وجل وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم في مسألة من المسائل أن يقولوا: سمعنا وأطعنا.
والسؤال عن المسائل التى اختلف فيها العلماء هل لطرف أن يؤيد كلامه بمنطوق الآية
وخاصة فى الخبر بوقوع أمر ما
كنا نتحاور فى سماع الموتى؛ ووضع محاورى نص الآية فتساءلت لأننى رأيت أن موضوع حوارنا ليس موضع استدلال بالآية؛
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[01 Jun 2009, 08:01 ص]ـ
السلام عليكم
بارك الله بك؛ لقد أفدت وبينت
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك ونفع بك
والسؤال عن المسائل التى اختلف فيها العلماء هل لطرف أن يؤيد كلامه بمنطوق الآية
وخاصة فى الخبر بوقوع أمر ماكنا نتحاور فى سماع الموتى؛ ووضع محاورى نص الآية فتساءلت لأننى رأيت أن موضوع حوارنا ليس موضع استدلال بالآية؛
جزاكم الله خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
مسألة سماع الموتى من المسائل الغيبية، ولأهل السنة فيها ثلاثة أقوال
والتحقيق في هذه المسألة أنها مرتبطة بالمشيئة فمن شاء الله أن يسمعه من الموتى أسمعه، ومن لم يشأ الله أن يسمعه فلن يستطيع أحد إسماعه كما قال تعالى: (إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من القبور)
فالله تعالى يسمع من يشاء من الموتى وغيرهم فدلت الآية على ربط هذا الإسماع بالمشيئة.
وهذه المسألة لها نظائر كثيرة تبينها
منها: حديث الأرواح في المنام، فإن النوم موتة صغرى، فمن شاء الله أن يبلغه في منامه حديث روح أخرى من عالم الأحياء أو الأموات أبلغه
وليس للعبد في ذلك مشيئة ولا اختيار، ولذلك كان القول الصحيح في وصية الميت إذا رؤي في المنام بشيء يتعلق بذمته بعد موته من إقرار بدين أو دلالة على مال ونحو ذلك أنها معتبرة بالتحري كما أجاز أبو بكر رضي الله عنه العمل بوصية ثابت بن قيس بعد موته
وكذلك ما يبلغ بعض الأحياء في منامهم من أحوال بعض الأموات إنما هو بإبلاغ الله تعالى فيسرون بما يكونون عليه من حال حسنة
وليس هذا في مقدور الرائي واختياره وإنما هو من إبلاغ الله تعالى له
وكان عبد الله بن عمر يسأل الله تعالى أن يريه والده في المنام بعد مقتله
ولا يلزم منه أن الرائي يعلم جميع أحوال الميت، فكذلك مسألة السماع لا يلزم ثبوت السماع في مسائل أن يسمع الميت سماعاً كاملاً، وإنما يسمع بمقدار ما يسمعه الله
ولذلك كان قول أكثر أهل السنة أن الأصل عدم سماع الموتى وأن ما يكون من سماع دلت عليه النصوص مخصوص من النفي العام وهذه طريقة في الاستدلال يغني عنها ما تقدم من التقرير وإن كان المؤدى واحداً.
ومن نظائرها أيضاً: قول الله تعالى: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) فالرمي المثبت غير الرمي المنفي
وكذلك قوله تعالى: (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم)
فاختلاف جهة الإثبات عن جهة النفي تفيدك بحقيقة المعنى المراد
فالذي يسلم على الميت ويخاطبه لا يسمعه بذلك، وإنما الذي يسمعه هو الله
وأما كيف يكون ذلك الإسماع فهو أمر غيبي لا نعلم كيفيته.
والله تعالى أعلم(/)
أبحث عن بحث تفسير السلف، وكتاب (دراسة الطبري للمعنى)
ـ[تامر المظالي]ــــــــ[29 May 2009, 10:48 ص]ـ
إخواني الأعزاء أعضاء هذا الملتقى المبارك أين أجد هذين البحثين؟ البحث الأول بعنوان " تفسير السلف مصادره ومنهجه وحجيته"
والبحث الآخر بعنوان " دراسة الطبري للمعنى "
وجزاكم الله خير الجزاء
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[29 May 2009, 01:53 م]ـ
دراسة الطبري للمعنى من خلال تفسيره جامع البيان عن تأويل آي القرآن
إعداد: الأستاذ محمد المالكي
من منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية
طبع سنة 1417/ 1996.
وهو كتاب نفيس جدًا.
ولا أدري، هل هو موجود على الشبكة بأي صيغة كانت؟
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[29 May 2009, 10:38 م]ـ
ابا عبد الملك اكرمك الله لاتكفي هذه الاشارة فهذا كتاب نادر فان كان بحوزتكم فتكرم علينا في الملتقى وضعه عند من يتكرم بتصويره ووضعه على الشبكة
وبوركتم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 May 2009, 05:33 م]ـ
أبشر أبا محمد، سأجتهد في ذلك إن شاء الله.(/)
" هذا ربي "
ـ[أبو المنذر]ــــــــ[29 May 2009, 01:45 م]ـ
هل يوجد قول لأهل التفسير يرى ان ابراهيم عليه السلام عندما قال عن الكواكب " هذا ربي " أنه كان صغيراً وما تفسير الآيات - جُزيتم خيرا -.؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 May 2009, 02:39 م]ـ
هل يوجد قول لأهل التفسير يرى ان ابراهيم عليه السلام عندما قال عن الكواكب " هذا ربي " أنه كان صغيراً وما تفسير الآيات - جُزيتم خيرا -.؟
إبراهيم عليه الصلاة والسلام
وكلمة صغير تحتمل أكثر من معنى فقد يكون المراد طفلاً صغيرا لم يبلغ الحلم، وقد يكون فتى راشداً لم يبلغ سن الكهولة.
فأيهما تقصد؟
أما تفسير الآيات فإبراهيم عليه الصلاة والسلام كان يناظر قومه ليثبت لهم أن الكواكب التي يعبدونها من دون الله لا تصلح أن تكون هي الخالقة لهذا الكون والمدبرة لأمره حتى تعبد.
فلما أقام عليهم الحجة تبرأ منهم ومما يعبدون وأخبرهم عن من يعبد ولماذا يعبده.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[29 May 2009, 08:56 م]ـ
السلام عليكم
إن القوم كانوا يعبدون الأصنام ويعكفون لتماثيل
وكونه صغيرا أى فتى حديث السن لايحتاج لقول من أهل التفسير لأنه ثابت " قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ "
و ابراهيم لما بلغ الحلم أنكر على أبيه وقومه عبادة الأصنام فقال لأبيه " أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً "
ولأنه أنكر الباطل الذي عليه أباه وقومه منّ الله عليه "وَكَذَلِكَ نُرِي? إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ?لسَّمَ?وَ?تِ وَ?لأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ ?لْمُوقِنِينَ "
ولم يكن يناظر القوم فهو لم يكن يعلم -فى ذلك الحين -من ربه " ... قَالَ هَـ?ذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ?لْقَوْمِ ?لضَّالِّينَ "فقوله هذا يعنى أنه لم يعلم ربه بعد
ومجىء الكواكب فى الآية كان من اراءة ملكوت السموات والأرض؛ فلما رأى كوكب ثم القمر ثم الشمس أدرك أن ربه هو من خلق هذا كله "قَالَ ي?قَوْمِ إِنِّي بَرِي?ءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ *إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ?لسَّمَ?وَ?تِ وَ?لأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ?لْمُشْرِكِينَ "
فهو عليه الصلاة والسلام سلك طريق الاستدلال بآيات الخلق التى أراه الله اياها؛ وكان يستقرئها ويتدبرها
ثم اتاه الله رشده
والمناظرة والمحاجة كانت بعد ذلك " وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَ?جُّو?نِّي فِي ?للَّهِ وَقَدْ هَدَانِ .. "
وفى هذه الآيات دليل على من قال:إن الصبى يولد لأبوين يعبدون الأصنام أو .... ؛وبالطبع يكون مثلهم فلما يحاسب؟!
إنه يجب أن يفكر بما فيه من فطرة وبما يرى من آيات الخلق ليوجه وجهه للذى فطر السموات والأرض
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[29 May 2009, 09:41 م]ـ
السلام عليكم
ولم يكن يناظر القوم فهو لم يكن يعلم -فى ذلك الحين -من ربه " ... قَالَ هَـ?ذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ?لْقَوْمِ ?لضَّالِّينَ "فقوله هذا يعنى أنه لم يعلم ربه بعد
ومجىء الكواكب فى الآية كان من اراءة ملكوت السموات والأرض؛ فلما رأى كوكب ثم القمر ثم الشمس أدرك أن ربه هو من خلق هذا كله "قَالَ ي?قَوْمِ إِنِّي بَرِي?ءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ *إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ ?لسَّمَ?وَ?تِ وَ?لأَرْضَ حَنِيفاً وَمَآ أَنَاْ مِنَ ?لْمُشْرِكِينَ "
فهو عليه الصلاة والسلام سلك طريق الاستدلال بآيات الخلق التى أراه الله اياها؛ وكان يستقرئها ويتدبرها
ثم اتاه الله رشده
والمناظرة والمحاجة كانت بعد ذلك " وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَ?جُّو?نِّي فِي ?للَّهِ وَقَدْ هَدَانِ .. "
أخونا مصطفى
معرفة الله في فطرة الخلق جميعا
فقولك إن إبراهيم لم يكن يعرف ربه غير صحيح لأنه لا دليل عليه.
ثم إن قوله:
... قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79) سورة الأنعام
وتأمل الآيات وبخاصة قوله " إني بريء مما تشركون" فهم يعرفون معنى هذه العبارة جيدا فتأمل هذا فإنه يرد قولك.
ويرده قوله:
قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)
وهذه هداية وحي ونبوة، فالبشرية لاتزال ـ وإن انحرفت في فترة من الفترات ـ على صلة بالسماء.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[30 May 2009, 06:33 ص]ـ
السلام عليكم
ابراهيم يرى أباه وقومه فى ضلال مبين , مجرد رؤية؛ أين الوحى فى هذا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 May 2009, 10:41 ص]ـ
السلام عليكم
ابراهيم يرى أباه وقومه فى ضلال مبين , مجرد رؤية؛ أين الوحى فى هذا؟
وهذا دليل آخر
ما دام أنه حكم عليهم بأنهم في ضلال مبين "واضح لا لبس فيه" فمعنى ذلك أن الطريق الصحيح كان معروفا على الأقل عنده هو.
وإذا عدت إلى قصة إبراهيم في سورة الأنبياء اتضح لك الأمر، فإن قصته مع قومه هناك شبيهة بقصته هنا.
وكذلك حواره مع أبيه في سورة مريم وحواره مع أبيه وقومه في الشعراء يتضح لك الأمر بجلاء.
إن إبراهيم كان يعرف ربه بل وحتى قومه الذين يعبدون الأصنام كان يعرفون ربهم الخالق.
ـ[شاكر]ــــــــ[30 May 2009, 09:25 م]ـ
ولم يكن يناظر القوم فهو لم يكن يعلم -فى ذلك الحين -من ربه " ... قَالَ هَـ?ذَا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ ?لْقَوْمِ ?لضَّالِّينَ "فقوله هذا يعنى أنه لم يعلم ربه بعد
أخي الفاضل،
كيف لم يكن يعرف ربه وهو القائل في الآية التي استدللت بها: (قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين)
وكم من مرة نفى الله تبارك وتعالى عنه الشرك فلا تكاد تجد ذكر الحنيفية أو حنيفا إلا وهي مقترنة بنفي الشرك (وما كان من المشركين)؟
فهو عليه الصلاة والسلام لم يكن مشركا.
وكذلك ما أشرك في قوله " هذا ربي " في مناظرته لقومه ..
فقوله هذا هو من باب متابعتهم في قولهم لإلزامهم وإفحامهم.
ذلك لاعتقادهم أن الشمس ملك الفلك ورب الأرباب.
فقوله "هذا ربي" هو موافقة لهم على سبيل إلزام الخصم وهو من أبلغ طرق المناظرة.
(فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين)
وهي أيضا شبيهة بقوله: " بل فعله كبيرهم هذا"
فهي إلزام وإفحام لهم.
فهم مع إقرارهم أن أصنامهم لا تنطق ولا تسمع .. لكنهم كانوا يؤمنون أنها قادرة على الفعل ولهذا يعبدونها ويرجون منها الخير ويتقون منها الشر.
فها هو هنا يوافقهم ـ على سبيل الإلزام ـ أنها تفعل
فيقول لهم: أن كبير أصنامهم فعل هذا.
ثم يسخر منهم فيقول: فاسألوهم إن كانوا ينطقون
مع أنهم هم وهو عليه السلام يقرون أن أصنامهم لا ينطقون.
وهذا الإفحام ظاهر في سياق الآية:
(فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم فقالوا من فعل هذا بآلهتنا قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون) الأنبياء 58 ـ 65
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[31 May 2009, 01:46 ص]ـ
السلام عيكم
هو يعلم أن له رب؛ولكن لايعلم من هو
أبوه وقومه اتخذوا أصناما آلهة؛رأي هو أن الأصنام لا تصلح فحكم بالضلال عليهم
لابد أن يحكم أنهم على خطأ لكى يلتمس الحق وإلا سيكون منهم؛ فدافعه للبحث هو انكاره ما هم فيه
كيف لم يكن يعرف ربه وهو القائل في الآية التي استدللت بها: (قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين) بل هى دليل أنه لايعلم من ربه؛ قال أن القمر ربه فلما أفل أيقن أن القمر لايصلح أن يكون ربا؛ فسأل: إذن من ربى؛إنى لا أستطيع أن أعلم من ربى باجتهادى؛ لئن لم يهدنى ربى ويخبرنى عن نفسه لأكونن من القوم الضالين
أخى الكريم
مادليل المناظرة فى هذه الآيات؛ ومن حدد الطرق البليغة للمناظرة؛ واذكر لى مناظرة تؤيد قولك فقوله "هذا ربي" هو موافقة لهم على سبيل إلزام الخصم وهو من أبلغ طرق المناظرة. لقد حاجه قومه بعد هذا؛ بعد أن أعلن أنه برئ مما يشركون
ـ[شاكر]ــــــــ[31 May 2009, 09:12 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي الكريم،
1.طلب إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ الهداية في قوله (لئن لم يهدني ربي) ليست لأنه لا يعرفه. كيف لا يعرفه وقد أراه الله عز وجل ملكوت السماوات والأرض ليكون من الموقنين؟ (َكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)
إنما طلبه للهداية هنا هو للتثبيت على الهدى وقيل طلب الهداية لكيف يُعبد الله ويوحد. ومثله دعاء الأنبياء للتثبيت على الهدى .. ومثله قولنا في صلاتنا (اهدنا الصراط المستقيم)
قال القرطبي رحمه الله:
(لئن لم يهدني ربي) (أَيْ لَمْ يُثَبِّتنِي عَلَى الْهِدَايَة. وَقَدْ كَانَ مُهْتَدِيًا)
وقال أيضا:
(يُتْبَعُ)
(/)
" وقال النحاس: ومن أحسن ما قيل في هذا ما صح عن ابن عباس أنه قال في قول الله عز وجل: " نور على نور " [النور: 35] قال: كذلك قلب المؤمن يعرف الله عز وجل ويستدل عليه بقلبه , فإذا عرفه ازداد نورا على نور ; وكذا إبراهيم عليه السلام عرف الله عز وجل بقلبه واستدل عليه بدلائله , فعلم أن له ربا وخالقا. فلما عرفه الله عز وجل بنفسه ازداد معرفة فقال: " أتحاجوني في الله وقد هدان "
قلت (شاكر) ويكفيك أخي الكريم قول العليم الحكيم (وما كان من المشركين) فهي نافية أن يكون إبراهيم قد وقع في الشرك لا في طفولته ولا بعدها. ومن زعم غير ذلك فعليه بالدليل.
2. قولك "مادليل المناظرة فى هذه الآيات؛ ومن حدد الطرق البليغة للمناظرة؛ واذكر لى مناظرة تؤيد قولك"
فالجواب: لو عدت لأقوال المفسرين لوجدت الكثير من هذا. وقد كنت ذكرت لك مثالا كيف تابعهم ابراهيم عليه السلام على أن الأصنام تفعل مع يقينه وإيمانه أنها لا تقدر على الفعل. ولا بأس بمثال آخر ذكره القرطبي رحمه الله عن الزجاج:
". قال: والجواب عندي أنه قال " هذا ربي " على قولكم ; لأنهم كانوا يعبدون الأصنام والشمس والقمر ; ونظير هذا قوله تعالى: " أين شركائي " [النحل: 27] وهو جل وعلا واحد لا شريك له. والمعنى: أين شركائي على قولكم." [/ U[.
3. قولك أخي الكريم (لقد حاجه قومه بعد هذا؛ بعد أن أعلن أنه برئ مما يشركون) خطأ.
فالمحاجة والمناظرة بدأت قبل هذا وهي ظاهرة في السياق.
لاحظ ـ بارك الله فيك ـ ترتيب السياق في هذه الآيات من سورة الأنعام:
(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (74) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (80)
قال البغوي رحمه الله في التفسير:
" ثم قالوا: فيه أربعة أوجه من التأويل:
أحدها: أن إبراهيم عليه السلام أراد أن يستدرج القوم بهذا القول ويعرفهم خطأهم وجهلهم في تعظيم ما عظموه, وكانوا يعظمون النجوم ويعبدونها, ويرون أن الأمور كلها إليها فأراهم أنه معظم ما عظموه وملتمس الهدى من حيث ما التمسوه, فلما أفل أراهم النقص الداخل على النجوم ليثبت خطأ ما يدّعون, ومثل هذا مثل الحواري الذي ورد على قوم يعبدون الصنم, فأظهر تعظيمه فأكرموه حتى صدروا في كثير من الأمور عن رأيه إلى أن دهمهم عدو فشاوروه في أمره, فقال: الرأي أن ندعو هذا الصنم حتى يكشف عنا ما قد أظلنا, فاجتمعوا حوله يتضرعون فلما تبين لهم أنه لا ينفع ولا يدفع دعاهم إلى أن يدعوا الله فدعوه فصرف عنهم ما كانوا يحذرون, فأسلموا.
والوجه الثاني من التأويل: أنه قاله على وجه الاستفهام تقديره: أهذا ربي؟ كقوله تعالى: أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (الأنبياء: 34)؟ أي: أفهم الخالدون؟ وذكره على وجه التوبيخ منكرا لفعلهم, يعني: ومثل هذا يكون ربا, أي: ليس هذا ربي.
والوجه الثالث: أنه على وجه الاحتجاج عليهم, يقول: هذا ربي بزعمكم؟ فلما غاب قال: لو كان إلها لما غاب, كما قال: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (الدخان: 49) , أي: عند نفسك وبزعمك, وكما أخبر عن موسى أنه قال: وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ (طه:97) يريد إلهك بزعمك.
(يُتْبَعُ)
(/)
والوجه الرابع: فيه إضمار وتقديره يقولون هذا ربي, كقوله وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا , (البقرة: 127) أي: يقولون ربنا تقبل منا. (فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ) وما لا يدوم.
**
[ U] وهذا مختصر مفيد من تفسير السعدي رحمه الله:
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (74) وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) إلى آخر القصة.
يقول تعالى: واذكر قصة إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، مثنيا عليه ومعظما في حال دعوته إلى التوحيد، ونهيه عن الشرك،
وإذ قال لأبيه (آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً)
أي: لا تنفع ولا تضر وليس لها من الأمر شيء،
(إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)
حيث عبدتم من لا يستحق من العبادة شيئا، وتركتم عبادة خالقكم، ورازقكم، ومدبركم.
(وَكَذَلِكَ) حين وفقناه للتوحيد والدعوة إليه
(نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ)
أي: ليرى ببصيرته، ما اشتملت عليه من الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة
(وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)
فإنه بحسب قيام الأدلة، يحصل له الإيقان والعلم التام بجميع المطالب.
فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ
أي: أظلم رَأَى كَوْكَبًا لعله من الكواكب المضيئة، لأن تخصيصه بالذكر، يدل على زيادته عن غيره، ولهذا -والله أعلم- قال من قال: إنه الزهرة.
قَالَ هَذَا رَبِّي أي: على وجه التنزل مع الخصم
أي: هذا ربي، فهلم ننظر، هل يستحق الربوبية؟
وهل يقوم لنا دليل على ذلك؟ فإنه لا ينبغي لعاقل أن يتخذ إلهه هواه، بغير حجة ولا برهان.
فَلَمَّا أَفَلَ أي: غاب ذلك الكوكب
قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ
أي: الذي يغيب ويختفي عمن عبده، فإن المعبود لا بد أن يكون قائما بمصالح من عبده، ومدبرا له في جميع شئونه، فأما الذي يمضي وقت كثير وهو غائب، فمن أين يستحق العبادة؟! وهل اتخاذه إلها إلا من أسفه السفه، وأبطل الباطل؟!
فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا
أي: طالعا، رأى زيادته على نور الكواكب ومخالفته لها
قَالَ هَذَا رَبِّي تنزلا.
فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ
فافتقر غاية الافتقار إلى هداية ربه، وعلم أنه إن لم يهده الله فلا هادي له، وإن لم يعنه على طاعته، فلا معين له.
فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ
من الكوكب ومن القمر.
فَلَمَّا أَفَلَتْ تقرر حينئذ الهدى، واضمحل الردى فـ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ حيث قام البرهان الصادق الواضح، على بطلانه.
إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا
أي: لله وحده، مقبلا عليه، معرضا عن من سواه.
وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
فتبرأ من الشرك، وأذعن بالتوحيد، وأقام على ذلك البرهان [وهذا الذي ذكرنا في تفسير هذه الآيات، هو الصواب، وهو أن المقام مقام مناظرة، من إبراهيم لقومه، وبيان بطلان إلهية هذه الأجرام العلوية وغيرها. وأما من قال: إنه مقام نظر في حال طفوليته، فليس عليه دليل].
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ
أيُّ فائدة لمحاجة من لم يتبين له الهدى؟
فأما من هداه الله، ووصل إلى أعلى درجات اليقين، فإنه –هو بنفسه- يدعو الناس إلى ما هو عليه.
وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ
فإنها لن تضرني، ولن تمنع عني من النفع شيئا.
إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ
فتعلمون أنه وحده المعبود المستحق للعبودية.
وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ
وحالها حال العجز، وعدم النفع،
وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا
أي: إلا بمجرد اتباع الهوى.
فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[01 Jun 2009, 02:39 ص]ـ
السلام عليكم
(يُتْبَعُ)
(/)
أنقل ما نقلت عن النحاس وكذا إبراهيم عليه السلام عرف الله عز وجل بقلبه واستدل عليه بدلائله , فعلم أن له ربا وخالقا. فلما عرفه الله عز وجل بنفسه ازداد معرفة فقال: " أتحاجوني في الله وقد هدان "إذن نقر أن هناك مرحلتان؛مرحلة الاستدلال ومرحلة أن يعرفه الله بنفسه؛ هذا ما أقوله!! وزدت أن فى مرحلة الاستدلال كان لا يعلم اسم ربه فعرفه الله بعد أن أراه ملكوت السموات والأرض
ولادلالة فى القول -هذا ربى - على الشرك الذى أنكره عليهم لاتخاذهم آلهة متعددة ولكونها أصناما لاتنفع ولا تضر؛ فهو يسعى للتوحيد ويتساءل من هو الاله الواحد
؛هو يقول -هذا ربى -على سبيل التفكر والاستدلال والتساؤل:هل يكون هذا ربى
وجاء فى اللباب
وأما الاحتمال الثاني: فهو أنه - عليه الصَّلاة والسَّلام - ذكر هذا الكلامَ قبل البلوغ، وتقريره أن يقال: كان قَدْ خُصَّ إبراهيم - عليه السلام - بالعقل الكامل، والقَريحةِ الصَّافية، فخطر ببالِهِ قبل بلوغه إثبات الصانع - تعالى - فتفكَّرَ فرأى النجوم، فقال: " هَذّا رَبِّي " فلمَّا شاهد حَرَكاتِهِ قال: {لا أحِبُّ الآفلين} ثم إنه - تعالى - أكمل بلوغه في قوله تعالى:
{قَالَ يَ?قَوْمِ إِنِّي بَرِي?ءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ}
[الأنعام:78].
والاحتمال الأول أوْلَى بالقبول؛ لما ذكرنا من الدلائل.
يقصد احتمال أنها مناظرة؛ ولكن الاحتمال الثانى له وجاهته للأسباب الآتية:
1 - نُرى فى الحال والاستقبال؛ ولماذا نريه؟ .. ل ... وليكون من الموقنين؛ وهل لو أعلمناه وحيا يختلف الأمر؟ ... نعم والأفضل ما اختاره الله وقضاه؛وقد أراه الله - بعد أن قال لأبيه ما قال -الكوكب ثم القمر ثم الشمس؛ والاراءة كانت بأن أبصر وتفكر فلم يصعد إلى السماء أو حتى على جبل
2 - حرف الفاء فى -فلما - أفاد ترتيبا لأحداث عاينها وتفكر فيها
3 - اعلان البراءة مما يشركون كان بعد أفول الشمس؛فقد أيقن أنه على حق أنه يجب ألا يكون هناك شرك
4 - وجه وجهه للذي فطر السموات والأرض ولم يقل أنه وجهها لله فلم يكن عرف الاسم بعد
والسؤال
-هل كانت اراءته ملكوت السموات والأرض بعد أن ءاتاه الله رشده أم كانت سببا
-هل يمكن أن يتكرر هذا السؤال من آحاد البشر أم هو خاص بابراهيم
-هل أمرهم فى الآيات بعبادة الله
-هل قال -ياأبت اتبعنى - فى نفس الموقف أم بعد أن عرفه الله ثم نُبأ ثم كُلف بالدعوة
-هل مناظرته لهم فى سورة الأنبياء فيها تنزل منه؟ .. لا؛ كانت بعد أن عرف الله فقال لهم " بل ربكم رب السموات والأرض ... "وأعلن " وأنا على ذلكم من الشاهدين "
-هل ذكرت آيات الأنعام -قالوا-؟ .. لا .. ؛ فكيف تسمى مناظرة ولم يذكر لهم رد؟
ـ[شاكر]ــــــــ[01 Jun 2009, 07:31 ص]ـ
مع كل احتراماتي أخي العزيز إلا أن ردك الأخير غريب وعجيب!
وأبدأ بما انتهيت فيه بقولك: "هل ذكرت آيات الأنعام -قالوا-؟ .. لا .. ؛ فكيف تسمى مناظرة ولم يذكر لهم رد؟ "
الجواب: الآيات لا زالت ماثلة أمامك وفيها (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ) 80
وفيها أيضا يذكر اسم الله بالإسم
وقبلها يقول "ربي"
ثم بعدها يصفه (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79))
فكيف بعد هذا كله تقول:
" 4 - وجه وجهه للذي فطر السموات والأرض ولم يقل أنه وجهها لله فلم يكن عرف الاسم بعد"
فأقول:كيف يوجه وجههه لمن لا يعرفه ثم يقول (حنيفا وما أنا من المشركين) .. ما أنا مشرك بمن؟؟
وأي فرق بينها وبين الآية في الأنبياء (بل ربكم رب السموات والأرض)؟؟ فهنا أيضا لا يذكر الله بالإسم .. !!
والعجيب أنك عدت لتقول: "هل مناظرته لهم فى سورة الأنبياء فيها تنزل منه؟ .. لا؛ كانت بعد أن عرف الله فقال لهم " بل ربكم رب السموات والأرض ... "وأعلن " وأنا على ذلكم من الشاهدين "
وسؤالي لك:هل الذي فطر السموات والأرض (في الأنبياء) .. غير رب السموات والأرض (في الأنعام) .. غير الله ـ تعالى الله ـ؟!
لماذا وجه وجهه لله تبارك وتعالى؟!!
(إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) 79
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الطبري:" ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنَّ تَوْجِيهه وَجْهه لِعِبَادَتِهِ بِإِخْلَاصِ الْعِبَادَة لَهُ وَالِاسْتِقَامَة فِي ذَلِكَ لِرَبِّهِ عَلَى مَا يَجِب مِنْ التَّوْحِيد , لَا عَلَى الْوَجْه الَّذِي يُوَجِّه لَهُ وَجْهه مَنْ لَيْسَ بِحَنِيفٍ , وَلَكِنَّهُ بِهِ مُشْرِك."
وقال القرطبي:
أيْ قَصَدْت بِعِبَادَتِي وَتَوْحِيدِي لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحْده. وَذَكَرَ الْوَجْه لِأَنَّهُ أَظْهَر مَا يَعْرِف بِهِ الْإِنْسَان صَاحِبه. " حَنِيفًا " مَائِلًا إِلَى الْحَقّ.
(وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ)
قال القرطبي:
دَلِيل عَلَى الْحِجَاج وَالْجِدَال؟ حَاجُّوهُ فِي تَوْحِيد اللَّه.
إلى أن قال تعالى:
(وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) 83
قال القرطبي:
تِلْكَ إِشَارَة إِلَى جَمِيع اِحْتِجَاجَاته حَتَّى خَاصَمَهُمْ وَغَلَبَهُمْ بِالْحُجَّةِ.
وأستغرب أخي منك إستغرابك أن يكون إبراهيم عليه السلام لايعرف ربه أوأنه لا يعرف التوحيد بطفولته، فإذا كان عوام البشر يعرفون ربهم بالفطرة فكيف بالمعصومين من الأنبياء والرسل؟
قال تعالى:
{وَإِذْ أَخَذَ رَبّك مِنْ بَنِي آدَم مِنْ ظُهُورهمْ ذُرِّيَّاتهمْ وَأَشْهَدهُمْ عَلَى أَنْفُسهمْ أَلَسْت بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} الأعراف:172
قال الطبري رحمه الله:
قَالَ: قَالَ اِبْن عَبَّاس: خَلَقَ اللَّه آدَم , ثُمَّ أَخْرَجَ ذُرِّيَّته مِنْ ظَهْره , فَكَلَّمَهُمْ اللَّه وَأَنْطَقَهُمْ , فَقَالَ: أَلَسْت بِرَبِّكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى , ثُمَّ أَعَادَهُمْ فِي صُلْبه , فَلَيْسَ أَحَد مِنْ الْخَلْق إِلَّا قَدْ تَكَلَّمَ فَقَالَ رَبِّيَ اللَّه , وَإِنَّ الْقِيَامَة لَنْ تَقُوم حَتَّى يُولَد مَنْ كَانَ يَوْمئِذٍ أُشْهِدَ عَلَى نَفْسه.
ثم نقل عن أُبي بن كعب:
وَخَصَّ الْأَنْبِيَاء بِمِيثَاقٍ آخَر , قَالَ اللَّه: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنْ النَّبِيِّينَ مِيثَاقهمْ وَمِنْك وَمِنْ نُوح وَإِبْرَاهِيم وَمُوسَى وَعِيسَى اِبْن مَرْيَم وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} 33 7 وَهُوَ الَّذِي يَقُول تَعَالَى ذِكْره: {فَأَقِمْ وَجْهك لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَة اللَّه الَّتِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهَا لَا تَبْدِيل لِخَلْقِ اللَّه} 30 30
قلت (شاكر) وإذا كان مشركو العرب ـ قبل بعثة نبينا ـ يعرفون الله تبارك وتعالى بالإسم:
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) العنكبوت:61
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) العنكبوت:63
فهل نستغرب بعد هذا على أبي الأنبياء وإمام الحنفاء الذي {جاء ربه بقلب سليم} [الصافات: 84] قال الزجاج:أي لم يشرك به قط؟
والذي آتاه الله الرشد؟
{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيم رُشْده مِنْ قَبْل} الأنبياء:51
نقل الطبري عن مجاهد: قَالَ: هَدَيْنَاهُ صَغِيرًا
{وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ}
يَقُول: وَكُنَّا عَالِمِينَ بِهِ أَنَّهُ ذُو يَقِين وَإِيمَان بِاَللَّهِ وَتَوْحِيد لَهُ , لَا يُشْرِك بِهِ شَيْئًا.
وقال القرطبي:
وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ
قَالَ الْفَرَّاء: أَيْ أَعْطَيَاهُ هُدَاهُ.
مِنْ قَبْلُ
أَيْ مِنْ قَبْل النُّبُوَّة ; أَيْ وَفَّقْنَاهُ لِلنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَال , لَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْل فَرَأَى النَّجْم وَالشَّمْس وَالْقَمَر. وَقِيلَ: " مِنْ قَبْل " أَيْ مِنْ قَبْل مُوسَى وَهَارُون. وَالرُّشْد عَلَى هَذَا النُّبُوَّة. وَعَلَى الْأَوَّل أَكْثَر أَهْل التَّفْسِير ; كَمَا قَالَ لِيَحْيَى: " وَآتَيْنَاهُ الْحُكْم صَبِيًّا " [مَرْيَم: 12]. وَقَالَ الْقَرَظِيّ: رُشْده صَلَاحه.
وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ
أَيْ إِنَّهُ أَهْل لِإِيتَاءِ الرُّشْد وَصَالِح لِلنُّبُوَّةِ.
.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[02 Jun 2009, 02:53 ص]ـ
السلام عليكم
(يُتْبَعُ)
(/)
الآيات لا زالت ماثلة أمامك وفيها (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ) 80
هذا بعد ما عرف وقال لهم إنى برىء مما تشركون؛ فهل فى "فلما جن عليه الليل ... " محاجة؟
المحاجة بدأت بعدما عرف وهى كالتى فى الأنبياء ابتداءا من هنا
وفيها أيضا يذكر اسم الله بالإسم
نعم فقد هداه الله وعلم
وقبلها يقول "ربي"
أشار للكوكب ,أشار للقمر أشار للشمس قائلا هذا ربى؛ثم تيقن أن أي منها ليس ربه
ثم قال لئن لم يهدنى ربى لأعرفه فلن أعرفه وأكون من الضالين
ولقد قلت فى المداخلة السابقة
ولادلالة فى القول -هذا ربى - على الشرك الذى أنكره عليهم لاتخاذهم آلهة متعددة ولكونها أصناما لاتنفع ولا تضر؛ فهو يسعى للتوحيد ويتساءل من هو الاله الواحد
؛هو يقول -هذا ربى -على سبيل التفكر والاستدلال والتساؤل:هل يكون هذا ربى
والعجيب أنك عدت لتقول: "هل مناظرته لهم فى سورة الأنبياء فيها تنزل منه؟ .. لا
ياأخى إن القول أن قوله هذا ربى كان تنزلا منه مردود بدليل أنه فى سورة الأنبياء ناظرهم فلم يتنزل ولايجب أن يتنزل؛ بل قال الحق؛؛ فكيف تقول أنه فى الأنعام قال هذا ربى تنزلا؟
وسؤالي لك:هل الذي فطر السموات والأرض (في الأنبياء) .. غير رب السموات والأرض (في الأنعام) .. غير الله ـ تعالى الله ـ؟!
تعالى الله
وكأنك تتفترض أن كل مؤمن من لحظة دخوله الاسلام أحصى أسماء الله وصفاته
وأستغرب أخي منك إستغرابك أن يكون إبراهيم عليه السلام لايعرف ربه أوأنه لا يعرف التوحيد بطفولته،
وكأنك تفترض أن أخذ الميثاق على النبيين كان وهم أجنة أو أطفالا
قلت (شاكر) وإذا كان مشركو العرب ـ قبل بعثة نبينا ـ يعرفون الله تبارك وتعالى بالإسم:
نعم
ومنهم من لايعلم اسم الله الرحمن "وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ?سْجُدُواْ لِلرَّحْمَـ?نِ قَالُواْ وَمَا ?لرَّحْمَـ?نُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً "
مِنْ قَبْلُ
أَيْ مِنْ قَبْل النُّبُوَّة ; أَيْ وَفَّقْنَاهُ لِلنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَال , لَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْل فَرَأَى النَّجْم وَالشَّمْس وَالْقَمَر.
وهل قلت إلا هذا؛ لم يكن نبيا حين نظر وتفكر واستدل
فهل هو استدلال ليبنى عليه معتقد؛ أم ليصحح معتقد؛ أم عودة لمناقشة ما اعتقد؟
وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ
أَيْ إِنَّهُ أَهْل لِإِيتَاءِ الرُّشْد وَصَالِح لِلنُّبُوَّةِ.
نعم
ولم لم تعلق على الأسئلة؟
-هل كانت اراءته ملكوت السموات والأرض بعد أن ءاتاه الله رشده أم كانت سببا
-هل يمكن أن يتكرر هذا السؤال من آحاد البشر أم هو خاص بابراهيم
-هل أمرهم فى الآيات بعبادة الله
-هل قال -ياأبت اتبعنى - فى نفس الموقف أم بعد أن عرفه الله ثم نُبأ ثم كُلف بالدعوة
وأضيف
إن استدلال ابراهيم له علاقة بموضوع سورة الأنعام
إن كل انسان بالفطرة يعلم أن له ربا؛ فليستدل بآيات ربه؛ وليقاوم دعوات الشياطين أن يتخذ أربابا باطلة؛ فمن صح استدلاله وصدق عزمه هداه الله إليه وعرفه عن نفسه
فقد رغب ابراهيم عن الآلهة الباطلة وتساءل عن الحق فهداه الله وأتاه حجته وزاده هدى
والحجة هل أوتيها جملة واحدة أم متدرجة كما فى محاجته للنمرود
" نرفع درجات من نشاء " أليست درجة درجة بعدما ابتلى بكلمات أم تقول أنه وصل للامامة والنبوة والرسالة درجة واحدة
إن القول أن استدلاله بما أراه الله من ملكوت السموات والأرض كان بعد أن نُبأ -علاوة على أنه لادليل عليه - فإنه يصرف متدبر القرآن عن المغزى من استدلال ابراهيم؛وعن لماذا أمرنا باتباع ملة ابراهيم
ـ[شاكر]ــــــــ[03 Jun 2009, 06:44 م]ـ
أيها الأخ الفاضل الكريم،
حتى لا يطول الحوار ويتشعب أو لكي لا يتحول إلى مراء لا فائدة منه ـ وعندها رحم الله من تركه ولو كان محقا ـ فأقول:
1. ليتك تدعم ما تُقرره من مسائل بالأدلة أو بأقوال أهل التفسير.
2. على أي أساس قررت أن المناظرة في الأنعام بدأت كما تقول (لقد حاجه قومه بعد هذا؛ بعد أن أعلن أنه برئ مما يشركون) فالسياق القرآني متتابع وابتدأ بـ (إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) على أي أساس فصلت بينهما وقسمتها إلى ما قبل وما بعد المناظرة؟
3. تعال معي نتابع السياق وهو أن الله تبارك وتعالى أراه ملكوت السموات والأرض ليكون من الموقنين .. موقن بماذا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
4. أيعقل بعد أن رأى ملكوت السموات والأرض وصار من الموقنين يبدأ من جديد مرحلة الاستدلال ـ على قولك ـ فيتحزر ـ حاشاه ـ ساعة يقول الكوكب ربي .. وساعة القمر ربي .. وأخرى الشمس ربي؟ أيعقل هذا يا أخي؟!! ثم لماذا بهذا الموقف بالذات بدأ يستكشفهم ويظن أنهم أرباب ـ على قولك ـ؟ ألم يكن قبلها يرى كل يوم وليلة الكواكب والقمر والشمس وهم يأفلون؟!
5. ثم نتابع السياق فنجد أنه لما رأى القمر قد أفل .. طلب الهداية (فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) ـ زيادة هداية وتثبيت .. ليست ليعرفه الله بنفسه ـ والسؤال: ألم يستجب الله تعالى لدعائه؟، والجواب: نعم بكل تأكيد، وكيف لا وقد جعله قبلها من الموقنين!!
6. أيعقل بعد هذا كله (اليقين والهداية) أن يقول عن الشمس هذا ربي هذا أكبر كما تابع السياق؟!!
7. هل من المعقول أن رجلا يقول لقومه أنتم في ضلال مبين وأنا على الحق .. ثم يتحزر أمامهم عن ماهية هذا الحق؟!
8. أنت إلى هنا أخي الكريم تقول أن المناظرة لم تبدأ بعد .. !! وأنها بدأت: بعد أن أعلن أنه برئ مما يُشركون وعندها حاجه قومه .. وسؤالي لك:حاجوه على أي شئ؟ وأي فائدة تُرجى من المناظرة بعدها وقد أعلن برائته منهم؟! وبعد أن أعلمهم أنه وجه وجهه لله مجردا التوحيد له حنيفا وأنه ليس بمشرك؟
9. وحاجه قومه .. الحجاج هنا لا زال على أن الكواكب والقمر والشمس أرباب تضر وتنفع!
10. فيتحداهم (وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ) بينما أنتم (لا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا) ثم يسألهم (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ.)؟؟!!
11. ثم يقرر تعالى أن الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ـ أي بشرك ـ (أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ)
12. ثم يختم السياق هذه المناظرة بقوله (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ) فما هي بظنك الحجة التي أعطاها تعالى لإبراهيم على قومه؟ إن لم تكن استدراجهم أنها أرباب ثم إشهداهم أنها تأفل وأنها لا تضر ولا تنفع وعليه فهو لا يخافها وأنه أحق بالأمن .. أقول إن لم تكن هذا كله .. فما تكون؟؟
13. ألا نخلص من هذا أن قول إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ قال " هذا ربي " تنزلا واستدراجا لإفحامهم وهو ما يتوافق مع عصمة الرسل؟ أي أنه قالها من باب المناظرة .. لا من باب النظر والاستدلال؟!
14. فهذا أخي الفاضل ما أراه صوابا وهو ليس قولا لي وإنما أراه الأرجح من أقوال أهل العلم والتفسير. وأختم بما قاله ابن كثير رحمه الله في التفسير لآيات سورة الأنعام، وفيه إجابة على أكثر أسئلتك.
"والحق أن إبراهيم، عليه الصلاة والسلام، كان في هذا المقام مناظرا لقومه، مبينا لهم بطلان ما كانوا عليه من عبادة الهياكل والأصنام، فبين في المقام الأول مع أبيه خطأهم في عبادة الأصنام الأرضية، التي هي على صورة الملائكة السماوية، ليشفعوا لهم إلى الخالق العظيم الذين هم عند أنفسهم أحقر من أن يعبدوه، وإنما يتوسلون إليه بعبادة ملائكته، ليشفعوا لهم عنده في الرزق والنصر، وغير ذلك مما يحتاجون إليه. وبين في هذا المقام خطأهم وضلالهم في عبادة الهياكل، وهي الكواكب السيارة السبعة المتحيرة، وهي: القمر، وعطارد، والزهرة، والشمس، والمريخ، والمشترى، وزحل، وأشدهن إضاءة وأشرقهن عندهم الشمس، ثم القمر، ثم الزهرة. فبين أولا أن هذه الزهرة لا تصلح للإلهية؛ لأنها مسخرة مقدرة بسير معين، لا تزيغ عنه يمينًا ولا شمالا ولا تملك لنفسها تصرفا، بل هي جرم من الأجرام خلقها الله منيرة، لما له في ذلك من الحكم العظيمة، وهي تطلع من المشرق، ثم تسير فيما بينه وبين المغرب حتى تغيب عن الأبصار فيه، ثم تبدو في الليلة القابلة على هذا المنوال. ومثل هذه لا تصلح للإلهية. ثم انتقل إلى القمر. فبين فيه مثل ما تقدم في النجم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم انتقل إلى الشمس كذلك. فلما انتفت الإلهية عن هذه الأجرام الثلاثة التي هي أنور ما تقع عليه الأبصار، وتحقق ذلك بالدليل القاطع، (قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) أي: أنا بريء من عبادتهن وموالاتهن، فإن كانت آلهة، فكيدوني بها جميعا ثم لا تنظرون، (إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي: إنما أعبد خالق هذه الأشياء ومخترعها ومسخرها ومقدرها ومدبرها، الذي بيده ملكوت كل شيء، وخالق كل شيء وربه ومليكه وإلهه، كما قال تعالى: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف: 54] وكيف يجوز أن يكون إبراهيم [الخليل] ناظرا في هذا المقام، وهو الذي قال الله في حقه: وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ * إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ الآيات [الأنبياء: 51، 52]، وقال تعالى: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: 120 - 123]، وقال تعالى: قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الأنعام: 161].
وقد ثبت في الصحيحين، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل مولود يولد على < 3 - 293 > الفطرة" وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله: إني خلقت عبادي حنفاء" وقال الله في كتابه العزيز: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ [الروم: 30]، وقال تعالى: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى [الأعراف: 172] ومعناه على أحد القولين، كقوله: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا كما سيأتي بيانه.
فإذا كان هذا في حق سائر الخليقة، فكيف يكون إبراهيم الخليل -الذي جعله الله أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [النحل: 120] ناظرا في هذا المقام؟! بل هو أولى الناس بالفطرة السليمة، والسجية المستقيمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك ولا ريب. ومما يؤيد أنه كان في هذا المقام مناظرًا لقومه فيما كانوا فيه من الشرك لا ناظرا قوله تعالى
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81)
يقول تعالى: وجادله قومه فيما ذهب إليه من التوحيد، وناظروه بشبه من القول، قال (قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ) أي: تجادلونني في أمر الله وأنه لا إله إلا هو، وقد بصرني وهداني إلى الحق وأنا على بينة منه؟ فكيف ألتفت إلى أقوالكم الفاسدة وشبهكم الباطلة؟! اه
ـ[أبو المنذر]ــــــــ[04 Jun 2009, 02:34 م]ـ
شكر الله لشاكر الخير على ما أتحفتنا به من عرض للموضوع بصورة سلسة وحجة
واضحه مدعما بأقوال المفسرين والشكر موصول للإستاذ مصطفى سعيد أسأل الله أن
يصطفي له الجنة وان يسعده في الدارين وكذا المحب أحبه الله
ومحور كلام الشيخ شاكر تبرئة سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام من ان يكون
داخلة شئ من الشرك بأي صورة كانت ويستعظم قول من خالفة لأنه يراه تنقصة
لإمام الحنيفية -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام- ويراه نوعا من المحاجة لإثبات خطأ
قومه كما أثبتها في ألأصنام بيد ان هناك كان الأمر جليأ لا إلتباس به، بينما
الأستاذ مصطفى انه لا منقصة في ذلك ولا غضاضة إن قلنا ان إبراهيم لم يكن يعرف
كما ينبغي وإن عرفه بفطرته وان هذه الفطرة التي ركبها سبحانه في البشر من معرفته
والإقرار بوحيده - سبحانه وتعالى - لا تستلزم معرفة ما لله من صفات الكمال والجلال
وأسمائه إنما هو شعور بوجود الله تعالى لا يترتب عليه عذاب مصداقا لقوله تعالى (
وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) وان الامر راجع في ابراهيم عليه الصلاة
والسلام للترقي في درجات الكمال.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شاكر]ــــــــ[05 Jun 2009, 05:16 م]ـ
وشكر الله لك أخانا الفاضل أبا المنذر على هذا الملخص المفيد،
وكذلك طرحك هذا الموضوع للبحث والحوار،
وأيضا حسن ضيافتك لنا فيه .. فكنت خير مضياف.
والشكر موصول لأخينا المفضال محب القرآن بما أوجز وأفاد.
والعذر والسموحة من أخينا الفاضل مصطفى سعيد ـ أسأل الله تعالى له ولوالديه السعادة في الدنيا والآخرة ـ إن كان قد صدر مني شيئا أساء لشخصه الكريم.
سبحانك اللهم نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك،
وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آل نبينا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وآل سيدنا إبراهيم
في العالمين إنك حميد مجيد.(/)
(وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ)
ـ[شاكر]ــــــــ[29 May 2009, 08:45 م]ـ
(جنات تجري من تحتها الأنهار). . (خالدين فيها). . (نزلا من عند الله). . (وما عند الله خير للأبرار). .
آل عمران:198
إن الله - سبحانه - في موضع التربية ,
وفي مجال إقرار القيم الأساسية في التصور الإسلامي لا يعد المؤمنين هنا بالنصر ,
ولا يعدهم بقهر الأعداء ,
ولا يعدهم بالتمكين في الأرض ,
ولا يعدهم شيئا من الأشياء في هذه الحياة. .
مما يعدهم به في مواضع أخرى , ومما يكتبه على نفسه لأوليائه في صراعهم مع أعدائه.
إنه يعدهم هنا شيئا واحدا. هو (ما عند الله).
فهذا هو الأصل في هذه الدعوة.
وهذه هي نقطة الانطلاق في هذه العقيدة:
التجرد المطلق من كل هدف ومن كل غاية ,
ومن كل مطمع
- حتى رغبة المؤمن في غلبة عقيدته وانتصار كلمة الله وقهر أعداء الله -
حتى هذه الرغبة يريد الله أن يتجرد منها المؤمنون , ويكلوا أمرها إليه ,
وتتخلص قلوبهم من أن تكون هذه شهوة لها ولو كانت لا تخصها!
هذه العقيدة:
عطاء ووفاء وأداء. . فقط.
وبلا مقابل من أعراض هذه الأرض ,
وبلا مقابل كذلك من نصر وغلبة وتمكين واستعلاء. .
ثم انتظار كل شيء هناك!
ثم يقع النصر , ويقع التمكين , ويقع الاستعلاء. .
ولكن هذا ليس داخلا في البيعة.
ليس جزءا من الصفقة.
ليس في الصفقة مقابل في هذه الدنيا.
وليس فيها إلا الأداء والوفاء والعطاء. . والابتلاء. .
على هذا كانت البيعة والدعوة مطاردة في مكة ;
وعلى هذا كان البيع والشراء.
ولم يمنح الله المسلمين النصر والتمكين والاستعلاء ;
ولم يسلمهم مقاليد الأرض وقيادة البشرية ,
إلا حين تجردوا هذا التجرد , ووفوا هذا الوفاء:
قال محمد بن كعب القرظي وغيره:
قال عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]
يعني ليلة العقبة ونقباء الأوس والخزرج يبايعونه [صلى الله عليه وسلم] على الهجرة إليهم:
اشترط لربك ولنفسك ما شئت.
فقال:" أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا. وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأموالكم ".
قال: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟
قال:" الجنة ". .
قالوا: ربح البيع. ولا نقيل ولا نستقيل. .
هكذا. . "الجنة ". . والجنة فقط!
لم يقل. . النصر والعز والوحدة. والقوة. والتمكين. والقيادة.
والمال. والرخاء - مما منحهم الله وأجراه على أيديهم -
فذلك كله خارج عن الصفقة!
وهكذا. . ربح البيع ولا نقيل ولا نستقيل. .
لقد أخذوها صفقة بين متبايعين ;
أنهي أمرها , وأمضي عقدها.
ولم تعد هناك مساومة حولها!
وهكذا ربى الله الجماعة التي قدر أن يضع في يدها مقاليد الأرض ,وزمام القيادة ,
وسلمها الأمانة الكبرى بعد أن تجردت من كل أطماعها , وكل رغباتها , وكل شهواتها ,
حتى ما يختص منها بالدعوة التي تحملها , والمنهج الذي تحققه , والعقيدة التي تموت من أجلها.
فما يصلح لحمل هذه الأمانة الكبرى من بقي له أرب لنفسه في نفسه ,
أو بقيت فيه بقية لم تدخل في السلم كافة.
(في ظلال القرآن)(/)
حمل (الفهرس اليسير لكتب التفسير) pdf
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[30 May 2009, 12:36 ص]ـ
أعزائي أعضاء وزوار ملتقى أهل التفسير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرني أن أهديكم من تصويري هذا الفهرس المفيد. .
ولا أستغن عن تقييمكم لهذه التجربة الأولى , ,
لاتنسون من صالح دعائكم. .
ودمتم مباركين أينما كنتم.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[30 May 2009, 12:56 ص]ـ
جاري التحميل
أحسن الله إليك
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[06 Jun 2009, 12:19 م]ـ
الفجر الباسم
وإليك
شكرا لمرورك. .
ـ[مسعد الشايب]ــــــــ[06 Jun 2009, 02:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا وبارك الله فيكم
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[07 Jun 2009, 04:31 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد أما بعد.
الملف لا يعمل أخي الكريم جزاكم الله خيرا، ولقد حاولت مرتين ولا فائدة.
ـ[النجدية]ــــــــ[15 Jun 2009, 09:04 ص]ـ
بسم الله ...
جزيتم الجنة حضرة الأخ الفاضل.
ولكن بعد أن جرى التحميل؛ فوجئت بعدم قدرتي على فتح الملف؛ فهلا تفضلتم بتعديل الرابط؟
وفي رضى الله دمتم
ـ[المربي المغمور]ــــــــ[15 Jun 2009, 06:56 م]ـ
جاري التحميل
أحسن الله إليك
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[15 Jun 2009, 07:18 م]ـ
الحمد لله حصلت على الكتيب النافع.
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[15 Jun 2009, 08:55 م]ـ
أحسنت أحسن الله إليك(/)
إمكانية تطبيق البحث اللساني في الدراسات القرآنية
ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[30 May 2009, 11:37 ص]ـ
هل يمكن تطبيق البحث اللساني في الدراسات القرآنية؟
عبد الرحمن الحاج
الحياة
2006 - 12 - 15
المسوِّغ المعرفي الذي يمكِّننا من اتخاذ البحث اللساني أداة مساعدة لتحليل واستنباط الدلالة القرآنية، يستند إلى الإجابة عن الإشكالات التي تعترض تطبيق اللسانيات في مجال القرآن الكريم، تلك تفرض نفسها من جراء التطبيقات التي أجريت عليه باسم اللسانيات، ومن سؤال الكفاية والحاجة للمناهج العربية الإسلامية التي حِيكت ونسجت بالتعايش مع النص ومن أجله بأيدي علماء المسلمين.
الإشكال الأساسي هو النزعة الوضعية في اللسانيات مقابل النص الديني الإلهي المصدر، وإذا كنا نعني بالوضعية المذهب البحثي في العلوم الاجتماعية فإن هذا ينطبق بشكل كامل على اللسانيات، التي قامت - كما ذكرنا آنفاً- وسط تأثيرات العلم التجريبي والسعي نحو ضبط العلوم الإنسانية وفقاً لمناهج العلوم الطبيعية، لكن ذلك يعني من جهة أولى أن العلوم اللسانية قائمة على المحسوس الخاضع للتجربة، أي العلامة اللغوية بشكلها الفيزيائي (الشفاهي والمكتوب)، ويعني من جهة ثانية التعامل مع اللغة واستعمالاتها: (المفردة، الجملة، النص) بوصفها إنتاجاً بشرياً يخضع للمنطق البشري في الإنتاج والتلقي للكلام.
وعلى رغم اعتبار بعض الباحثين أن الدرس اللغوي العربي كان معيارياً، إلاّ أن الجهود الأصولية واللغوية عموماً تثبت أنه عندما تمّ تفحص إشكالية الكلام واستكناه مقوماته العضوية «استطاع أن يتجاوز موضوع بحثه - وهو الكلام- من دون أن ينفصل عنه، فكانت الرؤية لديه ذات بناء تجريبي اختباري، وكان مسارها المعرفي نابعاً من اللغة، «مُطِلاً من خلالها على آفاق النظر المجرّد» (على حد تعبير اللساني عبد السلام المسدي)؛ ذلك أن التراث العربي اللغوي وفَّر لنا أدلة غزيرةً على هذا الاستخلاص الجوهري. فلقد اعتمد البحث العربي على المنطق الاستقرائي، وهو المنطق الذي يحكم البحث التجريبي، واستمد نتائجه في شكل برهاني قائم على الاستدلال بما هو «حادث في اللغة» وليس بما «يجب أن يحدث أو يكون»، ذلك ما أضفى على البحث اللغوي العربي سمته «الموضوعية»، وهو الأمر نفسه الذي حصل في اللسانيات وأدى إلى انطلاقها، بل ودخولها في كل العلوم الاجتماعية.
إن كون النص القرآني نصاً لغوياً لا يعني تقديس اللغة وتجاوز التعامل معها بوصفها موضوعاً يخضع لشروط البحث العلمي، فاللغة وسيلة اتصال، وتقديس الرسالة لا يعني تقديس أداة الاتصال ذاتها؛ فثمة اتفاق بين العلماء على هذا المنظور الوظيفي للغة، وهذا يعني نفي أن تكون اللغة قيمة مطلقةً في حدِّ ذاتها يسلبها طابع القداسة وسمة التعالي، بل لقد جعل هذا المنطق في النظر إلى اللغة التفسيرَ والتحليلَ موسومَيْن بالموضوعية أيضاً؛ ذلك أن ذات المفسّر ابتداءً يجب ألا تؤثر في استنباطه، إذ يتحدد دوره في «استكشاف المعنى» وليس إنتاجه وتأليفه كما يشير الشاطبي في مقدماته.
بهذا المعنى يمكن القول إن البحث الدلالي في تفسير القرآن عموماً حسِّي، بمعنى أنه يستند إلى الدليل المادي اللغوي فيتصف بالموضوعية (مقابل الذاتية)، أوَليست مقولة «التمسك بالظاهر» هي مقولة عموم المسلمين؟، ثم ألا يشترط العلماء في التفسير موافقة اللغة؟ كل هذا يعود إلى أن القرآن - بحسب اعتقاد المسلمين - هو من عند الله «لفظاً ومعنى»، الأمر الذي حفَّز العقل المسلم للبحث اللغوي وطَبَعَه بهذا الطابع الموضوعي إلى الحد الذي أصبح من غير الممكن «الفصل - على أي مستوى - بين الإسلام واللغة» (على حد تعبير الشاعر أدونيس).
ثمة انسجام إذاً بين اللسانيات والبحث الدلالي في القرآن الكريم من زاوية اعتماد الدليل اللغوي المادي المحسوس، لكن مسألة الوضعية - كما أشرنا - لا تتوقف عند هذه الحدود في اللسانيات؛ فاللسانيات نشأت وتعاملت مع النصوص اللغوية ضمن المناخ العلماني، فمجال عملها كان الاستخدام الإنساني للغة.
الإشكال الثاني - الذي يطرح عادة - هو: كيف يمكن تطبيق قواعد ومناهج أنتجت للكلام والنصوص الإنسانية على النّص الإلهي المصدر، المفارق للوضعية البشرية؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لا بد من القول أولاً إن المناهج الإسلامية العربيّة لم تفرّق بين النّصين من جهة دلالتهما اللغوية، أقصد بين النّص البشري والقرآن الكريم، وإذا قيل إن المناهج العربية أُسست على محورية النص القرآني، وبه بدأت انطلاقها وذلك يعني أن المناهج العربية قامت أساساً لدراسة النص الإلهي المصدر، فإن هذا القول سيؤدي بنا لاعتبار أن مناهج اللغة العربية هي مناهج أنشئت لدراسة نص إلهي المصدر وطبقت على نصوص بشرية! إلاّ أن أحداً لا يقول بذلك؛ إذ لا يوجد تفريق في الدراسات اللغوية ولا حتى الأصولية يشير إلى الفرق بين الاثنين في المناهج، لكن هل يعني ذلك أنه لا يوجد تمييز في البحوث الدلالية العربية بين النص البشري والنص الإلهي؟ إنها في الواقع تميّز بشكل صارم ولكن على المستوى التأويلي، وليس على المستوى التفسيري اللغوي المباشر. إن الفارق بين نسبة النص إلى الله (سبحانه وتعالى) ونسبته إلى الإنسان يتوضَّع في نقطتين أساسيتين:
نسبية المعنى والقصد في النص البشري وارتباطها بالسياق الثقافي والتاريخي، في حين يمتلك النص (المفترض أنه إلهي المصدر) القدرة على التعالي فوق المعطى التاريخي مع وصفه «فاعلاً آنياً يؤسس التاريخ ويؤثر فيه، ويصنع الثقافة ويتجاوزها دائماً إلى أصلٍ قائمٍ فيه، غائب عن الثقافة، أي لم تقله ولم تفكر فيه بعد» (على حد تعبير اللساني منذر عياشي)، وهذا ينسجم مع الإيمان بعالميّة الرسالة وأبديتها باعتبارها أمراً ممكناً ومعقولاً، وهذا بالطبع يقتضي عدداً من اللوازم ليس هنا مجال شرحها.
ثم إنه بينما يمكن للنص الإنساني أن يكون ذاتياً لا يحمل رسالةً سوى التعبير عن الذات؛ كما هو الحال في النص الإبداعي الأدبي الشعري، إلاّ أنه بالنسبة نصٍ منسوب إلى الإله المطلق (كما هو متصور في العقيدة الإسلامية) المستغني عن الغير يعني بالضرورة هدفاً وغايةً ليست ذاتية، وإنما تتعلق بالمفارق (المرسل إليه)؛ ذلك أن الله أيضاً منزه عن العبث، وغير محتاج لأن يعبر عن ذاته لغيره؛ لأجل ذلك ما كان من الممكن للقرآن أن يكون شعراً.
وإذا كان النص القرآني من إحدى زوايا النظر إليه يتمتع بجانب عظيم من الأدبية - وهو أمرٌ يشترك فيه مع النص الإنساني - فإن التركيز على الأدبية واعتبارها الوجه الأوحد للنص يمكن أن يفضي إلى إخضاعه للمعايير الإنسانية؛ لأجل ذلك يمكن القول إن القرآن يتداخل في بنيته مع كل أنواع النصوص الأدبية والإنشائية والخبرية، لكنه في اللحظة ذاتها مفارق لها جميعاً؛ كما توصل الباقلاني في دراسته عن إعجاز القرآن.
--------------------------------------
المقال منشور في صحيفة الحياة (الطبعة الدولية) بتاريخ 15 - 12 - 2006 [/ font]
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[30 May 2009, 07:54 م]ـ
الأستاذ الفاضل أعتقد أنك أشرت في فكرة بحثك إلى أمور قد فكرت بها سابقا، فكتبت بحثا صغيرا بمعرفي في ملتقى أهل الحديث منذ زمن يدور حول بعض النقاط التي أردت إبرازها:
العربية في أرقى معانيها
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
1 - قال عمر بن الخطاب:
"كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه – فجاء الإسلام، فتشاغلت عنه العرب بالجهاد وغزو فارس والروم، وغفلت عن الشعر وروايته:
فلما كثر الإسلام وجاءت الفتوح، واطمأنت العرب في الأمصار – راجعوا رواية الشعر فلم يؤولوا فيه إلى ديوان مدون، ولا كتاب مكتوب، وقد هلك من العرب من هلك، فحفظوا أقل ذلك، وذهب عنهم أكثرة"
وهذا يوحي للمتأمل على أن المندثر ليس بذي أهمية في فهم النصوص الشرعية،حيث انه لو كان مهما لفهم النصوص الشرعية لحفظ.
2 - قال تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (إبراهيم:4)
وهذه الآية الكريمة تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل بلسان قومه الذي كانوا عليه في ذلك العصر؛ لأن اللغة العربية كانت تتطور وتتغير على مر العصور، ولغة العرب في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لها طابعها المميز.
وتغير الأحوال بلغة العرب أقر به علماء العربية:
حيث قال ابن العلاء:
(يُتْبَعُ)
(/)
"ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله، ولوجاءكم وافراً: لجاءكم علم وشعر كثير"
لذلك قال ابن جني:
"وذلك يدل على تنقل الأحوال بهذه اللغة، واعتراض الأحداث عليها، وكثرة تغيرها"
وهذا الأمر قد يوحي بأنه يكفينا لإثبات دلالة الألفاظ ما وصل إلينا من استعمالات الشرع لها، وأعني بذلك ألفاظ القرآن والسنة، وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم.
3 - وهنا لابد من ذكر ملاحظة ألا وهي أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعرفون العرف السائد في حقبتهم فهم أولى من غيرهم في ما يخص معرفة معاني الألفاظ العرفية في ذلك الوقت،وأقصد أن نفضل توجيههم للمعاني فلا نقدم قول غيرهم عليهم.
4 - وإذا أقر علماء العربية بأن كثيرا مما قالته العرب قد اندثر، فلا نستطيع إلا أن نقول أن القرآن الكريم والسنة النبوية حفظا اللغة العربية في أرقى معانيها.
قال تعالى:
{قُرآناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (الزمر:28)
وهذه الأفكار ماهي إلا ملاحظات دونتها في دفتري الصغير الذي اتخده رفيقا لي، منذ أن سمعت الشيخ ابن عثيمين يحث طلبة العلم على ذلك، وأردت أن أعرضها لتعم الفائدة لألقى التوجيه أو النصح ممن يرى أن هذه الأفكار يشوبها الخطأ.
والله أعلم وأحكم.
دليل:1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول:
" بعثت بجوامع الكلم ... "
قال أبوعبدالله " البخاري ": وبلغني أن جوامع الكلم: أن الله يجمع الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين ونحو ذلك.
وفي ذلك من البلاغة ما الله به عليم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال صلى الله عليه وسلم:
(( ... لا تنتقب المرأة المحرمة .. ))
أخرجه البخاري، الصحيح، كتاب: جزاء الصيد، باب: ما ينهي من الطيب للمحرم والمحرمة: 5/ 484، ومسلم، كتاب: الحج، باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة: 4/ 330.
النقاب: هو ما تنتقب به المرأة، وهو القناع على مارن الأنف، أي: مالان من الأنف، والنقاب له أشكال أو وجوه:
[1]- فإذا أدنت المرأة نقابها إلى عينها فتلك الوصوصة.
[2]- فإن أنزلته دون ذلك إلى المحجر، فهو النقاب.
[3]- فإن كان على طرف الأنف فهو اللفام.
[4]- أما إذا كان على الفم فهو اللثام.
[5]- فإذا كان فيه فتحتان للعينين فهو البرقع.
[6]- وهناك نوع من الأنقبة يكون لاحقاً بالعين وتبدو منه إحدى العينين والأخرى مستورة.
وهذا الأمر يبين لنا شدة فصاحة الرسول (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) وبلاغته فقد جمع كل أشكال أغطية الوجه في كلمة واحدة وهي (النقاب)، والأهم أن ذلك يزيدنا إيماناً وتصديقاً بأنه (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) كما قال تعالى: ((وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)) [النجم:3 و4]؛ فكل تلك الأنواع لا يجوز للمرأة المحرمة أن تغطي بها وجهها كما ذهب العلماء قياساً على النقاب مع أن الحقيقة اللغوية والعرفية للفظ (النقاب) الذي قاله (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) يغنيهم عن هذا القياس. فهو يشمل كل هذه الأنواع. والله أعلم وأحكم.
ينظر: لسان العرب، لابن منظور: 14/ 251، 13/ 87، و 1/ 386، و 12/ 235، وتاج العروس، للزبيدي، 2/ 447، و6/ 366، 11/ 13 و17/ 638، والنهاية، لابن الأثير: 936.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=91753(/)
صدور جزء من تفسير أبي الحسن الرماني (الجامع لعلم القرآن)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 May 2009, 11:43 ص]ـ
صدور جزء من تفسير أبي الحسن الرماني (الجامع لعلم القرآن)
صدر حديثاً ضمن موسوعة تفاسير المعتزلة، جزء من كتاب:
تفسير أبي الحسن الرماني
علي بن عيسى بن علي المتوفى سنة 384هـ.
المسمى (الجامع لعلم القرآن). بتحقيق الدكتور خضر محمد نبها.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/74244a20926f1b198.jpg
وتشتمل هذه القطعة من التفسير على تفسير سورة الفاتحة،
وهو مخطوط فريد محفوظ في معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية بالقاهرة برقم 29 زرقم الفيلم 16/ 49، وأصل هذا المخطوط في المسجد الأقصى وتاريخ نسخه القرن السادس الهجري.
وهو الجزء الثاني عشر من التفسير، ويتضمن تفسير خمس سور وهي:
- من الآية رقم 17 من سورة إبراهيم.
- سورة الحجر.
- سورة النحل.
- سورة الإسراء.
- جزء من الآيات 35 و 36 و 37 من سورة الكهف.
غير أن المحقق قد جمع ما وجده من تفسير للرماني من خلال كتاب التبيان للطوسي الشيعي الذي أكثر من النقل عن تفسير الرماني، وأضافه للكتاب.
وقد قدم له الدكتور رضوان السيد الأستاذ بالجامعة اللبنانية.
والكتاب يعدُّ إضافة علمية لكتب التفسير التي صنفت قديماً، ولا سيما لما للرماني من مكانة علمية في زمنه.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[30 May 2009, 02:04 م]ـ
غير أن المحقق قد جمع ما وجده من تفسير للرماني من خلال كتاب التبيان للطوسي الشيعي الذي أكثر من النقل عن تفسير الرماني، وأضافه للكتاب.
وقد قدم له الدكتور رضوان السيد الأستاذ بالجامعة اللبنانية.
والكتاب يعدُّ إضافة علمية لكتب التفسير التي صنفت قديماً، ولا سيما لما للرماني من مكانة علمية في زمنه.
الأخ الفاضل الدكتور عبد الرحمن
هل ما نقله المحقق عن الطوسي من كلام الرماني موجود في الكتاب الأصل؟
فإن كان موجودا في الكتاب الأصل فما الغرض من النقل عن الطوسي؟
وإذا لم يكن موجودا في الكتاب الأصل فما مدى الثقة في كتاب الطوسي لا سيما وأنه قد قيل إنه كتبه للمخالفين على وجه التقية؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 May 2009, 04:48 م]ـ
المحقق نقل كلام الرماني على السور التي ليست ضمن المخطوط قبل سورة إبراهيم وبعد سورة الكهف.
والطوسي ينقل معظم كلام الرماني بنصه، وهو يشبه من حيث الأسلوب ما في المخطوط.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[30 May 2009, 05:51 م]ـ
يمكن الاستفادة من تفسير الماوردي (النكت والعيون)، فهو ينقل أقوال الرماني باسم (علي بن عيسى)، وأغلب الفروق اللغوية التي يذكرها الماوردي هي من كتاب الرماني هذا.(/)
دورة " تقريب فهم القرآن " في مدينة جدة.
ـ[عصام العويد]ــــــــ[31 May 2009, 12:38 ص]ـ
(دفعاً لعتاب تكرر سابقا من الأحبة لعدم إخبارهم)
يسر قسم الدعوة والإرشاد بالمكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بحي السلامة
أن يدعوكم لحضور الدورة
" تقريب فهم القرآن "
لفضيلة الشيخ عصام بن صالح العويد
عضو هئية التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض
موعد الدورة: الثلاثاء 9 والاربعاء 10 والخميس 11 شهر جماد الثاني
بعد صلاة العشاء إلى الساعة 10.30 مساءً
مكان الدورة: جامع الكوثر بحي النزلة خلف متاجر السروات بجدة
وللنساء مكان
هنالك شهادات للحضور
تبث الدورة على الموقع
www.Alkawther.org
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 May 2009, 01:21 ص]ـ
بارك الله فيكم يا أبا عبدالرحمن ونفع بعلمكم وجهودكم.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[31 May 2009, 02:03 ص]ـ
وفقكم الله يا دكتور عصام ونفع بكم
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[31 May 2009, 06:20 ص]ـ
يا أهل جدَّة ..
اللهَ .. اللهَ في الحضور ..
فالشيخُ - وفَّقه الله - ينثر الدُرَّ المرصَّع.
وقد فتحَ الله عليَّ بأمورٍ أحمده عليها، كان الفضل بعد الله، للشيخ العِصاميِّ / عصام العويد - وفقه الله -.
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[31 May 2009, 04:21 م]ـ
أسأل الله تعالى أن يفتح عليكم من بركاته
ـ[ابو عبدالله المكي]ــــــــ[02 Jun 2009, 01:32 م]ـ
للتذكير: الليلة موعدنا مع الدورة.
ـ[الغزالي]ــــــــ[02 Jun 2009, 08:53 م]ـ
بسبب خلل في سيرفر البث لن تنقل المحاضرة الليلة
رابط البث:
http://www.jadded.org/live/3057.html(/)
من جمال البيان في كلمات القرآن
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[31 May 2009, 10:13 ص]ـ
هذه محاضرة علمية بعنوان (من جمال البيان في كلمات القرآن) كنت قد ألقيتها في كلية الآداب والعلوم بوادي الدواسر ضمن النشاط العلمي والثقافي في الكلية
ملف صوتي
http://www.uploadline.com/308224941280/__________________________________________________ _____.mp3
ملف فيديو
http://www.uploadline.com/573638364887/1.mp4
http://www.uploadline.com/982606347999/2.mp4
http://www.uploadline.com/014715372859/3.mp4
ـ[أبو المهند]ــــــــ[31 May 2009, 03:43 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفعنا بعلمكم.
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[31 May 2009, 04:22 م]ـ
جزاكم الله خيرا
الروابط لاتعمل عندي
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[31 May 2009, 05:19 م]ـ
الروابط لا تعمل
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[31 May 2009, 08:31 م]ـ
لم أتمكن من رفعه على رسيفر الموقع ولعلي أحاول رفعه على موقع مناسب إن شاء الله
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[24 Jan 2010, 09:04 ص]ـ
http://uploading.com/files/done/m63439f1/
http://uploading.com/files/done/3am8484a/(/)
أجوبة العلماء على قول من قال لم يأت للعرب نذير على ظاهر بعض الآيات
ـ[جاسم آل إسحاق]ــــــــ[31 May 2009, 11:59 ص]ـ
قال تعالى في سورة يس (لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون)
وسورة القصص (لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك)
وسورة السجدة (لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك)
وسورة سبأ (وما آتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير)
استدل خاتمة المفسرين الشيخ محمد الأمين الشنقيطي بهذه الآيات على أنه لم يأت للعرب نذير ولم تقم عليهم الحجة، وهم من أهل الفترة.
وللعلماء أجوبة، وهي:
الأول:
أن النفي لأن الدعوة لم تباشر الذين بعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأتهم نذير يشافههم بالنذارة، فيكون النفي عن القوم المعاصرين له، وهذا قال به ابن عادل الحنبلي وابن عطية الأندلسي، وأبو حيان، والرازي، وابن جزي، و البقاعي، والألوسي، وهذه سياق أقوالهم:
قال ابن عادل الحنبلي10/ 345:
لا يوجب أن يكون الرَّسُول حاضراً مع القوم؛ لأنَّ تقدم الرسول لا يمنع من كونه رسُولاً إليهم، كما لا يمنع تقدُّم رسولنا، من كونه مبعوثاً إلينا إلى آخر الأبد.
وقال أيضا15/ 472:
وقوله: (وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ) أي إلى هؤلاء المحاضرين لك لم ترسل إليهم أي لم يأت العرب قبْلك نبي ولا نزل عليهم كتاب ولا أتاهم نذير يشافههم بالنّذارة غيرك، فلا تعارض بينه وبين قوله: (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ) إذ المراد هناك آثار النذير،ولا شك أن هذا كان موجوداً يذهب النبي وتبقى شريعته.
وقال ابن عطية في المحرر الوجيز 4/ 412:
وقوله (ما أتاهم من نذير) أي لم يباشرهم ولا رأوه هم ولا آباؤهم العرب وقوله تعالى: (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) يعم من بوشر من النذر ومن سمع به فالعرب من الأمم التي خلت فيها النذر على هذا الوجه لأنها علمت بإبراهيم وبنيه ودعوتهم وهم ممن لم يأتهم نذير مباشر لهم سوى محمد صلى الله عليه وسلم وقال ابن عباس ومقاتل المعنى لم يأتهم نذير في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم.
وقال أيضا 4/ 501:
وقوله تعالى (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) معناه أن دعوة الله تعالى قد عمت جميع الخلق وإن كان فيهم من لم تباشره النذارة فهو ممن بلغته لأن آدم بعث إلى نبيه ثم لم تنقطع النذارة إلى وقت محمد صلى الله عليه وسلم والآيات التي تتضمن أن قريشا لم يأتهم نذير معناه نذير مباشر وما ذكره المتكلمون من فرض أصحاب الفترات ونحوهم فإنما ذلك بالفرض لا أنه توجد أمة لم تعلم أن في الأرض دعوة إلى عبادة الله.
قال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط 7/ 192:
والنذير ليس مخصوصاً بمن باشر، بل يكون نذيراً لمن باشره، ولغير من باشره بالقرب ممن سبق لها نذير، ولم يباشرهم نذير غير محمد صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عباس، ومقاتل: المعنى لم يأتهم في الفترة بين عيس ومحمد، عليهما السلام.
وأبو حيان يختار أن ما موصولة حيث قال: (مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ) أن ما نافية، وعندي أن ما موصولة، والمعنى: لتنذر قوماً العقاب الذي أتاهم.
قال الرازي17/ 261:
لأن تقدم الرسول لا يمنع من كونه رسولاً إليهم، كما لا يمنع تقدم رسولنا من كونه مبعوثاً إلينا إلى آخر الأبد. وتحمل الفترة على ضعف دعوة الأنبياء ووقوع موجبات التخليط فيها.
قال ابن جزي في التسهيل3/ 157:
كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله: (لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ)؟ فالجواب: أنهم لم يأتهم نذير معاصر لهم، فلا يعارض ذلك من تقدم قبل عصرهم، وأيضاً فإن المراد بقوله: (وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ) أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ليست ببدع فلا ينبغي أن تنكر، لأن الله أرسله كما أرسل من قبله والمراد بقوله: (لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ) أنهم محتاجون إلى الإنذار، لكونهم لم يتقدم من ينذرهم فاختلف سياق الكلام فلا تعارض بينهما.
ونقل عنه البقاعي في نظم الدرر4/ 368.
قال الألوسي في تفسيره 15/ 145:
واختار البعض أن المراد بهؤلاء القوم العرب المعاصرون له صلى الله عليه وسلم إذ هم الذين يتصور إنذاره عليه الصلاة والسلام إياهم دون أسلافهم الماضين ولعله الأظهر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما ذكر القول بأن نبوة إسماعيل انقطعت بموته، ذكر توجيه الآية على القول بأن النبوة لم تنقطع، قال: فالمراد بعدم إتيان النذير إياهم عدم وصول ما أتى به على الحقيقة إليهم ولا يمكن أن يراد بهؤلاء القوم العرب مطلقاً ويقال: بأنهم لم يرسل إليهم قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أصلاً لظهور بطلانه ومنافاته لقوله تعالى: (وَإِن مّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ) والعرب أعظم أمة وكذا لقوله تعالى: (لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ) بناء على أن ما فيه ليست نافية وهو على القول بأن ما فيه نافية مؤول بحمل الآباء على الآباء الأقربين.
الثاني:
أن النفي لأجل تطاول المدة بين إسماعيل وبين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولانقطاع رسالة إسماعيل بعد موته. حكاه الألوسي، ولم ينسبه لأحد،15/ 145.
الثالث:
أن النفي معناه: أنه ما أتاهم نذير منهم، وتحمل آية (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) بأنه أتاها نذير منها أو من غيرها. ذكره الألوسي.
الرابع:
أن المراد بالأمة في الآيات المثبتة: الأمة العظيمة المعتنى بشأنها، لذلك وردت في جميع الآيات منونة دلالة على هذا، والآيات التي فيها نفي النذير ورد النفي فيها على قوم وهم أقل من الأمة، حكاه الألوسي عن بعضهم حيث قال:
وأظن أنك تجعل التنوين في أمة للتعظيم أي وإن من أمة جليلة معتنى بأمرها إلا خلا فيها نذير ولقد بعثنا في كل أمة جليلة معتنى بأمرها رسولاً أو تعتبر العرب أمة وبني إسرائيل أمة ونحو ذلك أمة دون أهل عصر واحد وتحمل من لم يأتهم نذير على جماعة من أمة لم يأتهم بخصوصهم نذير، ومما يستأنس به في ذلك أنه حين ينفي إتيان النذير ينفي عن قوم ونحوه لا عن أمة فليتأمل.
الخامس:
أنه لم يأتهم نذير وهو زمان فترة من الرسل لكن قامت عليهم الحجة، فالشرائع اندرست لكن تبقى أصول الدين.
قال شيخ الاسلام في جامع المسائل ـ طبعة عالم الفوائد ـ 5/ 52: وأخبرَ سبحانَه أنَّ الرسالةَ عمَّتِ الأممَ كلَّهم بقوله سبحانَه وتعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) وقال سبحانَه: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ). وكما أخبرَ سبحانَه أنه لم يكن معذِّبًا أحدًا في الدنيا ولا في الآخرة حتى يبعث رسولا، أخبر سبحانَه أنه بعثَ في كل أمة رسولاً، لكن قد كان يَحصُلُ في بعض الأوقاتِ فَتَرات من الرسُل، كالفترةِ التي بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلَّم، كما قال سبحانه وتعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ والله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). وزمان الفَترةِ زمان دَرَسَتْ فيه شريعةُ الرسول وأكثرُ الدُّعاةِ إليها إلاّ القليل، ولم يَدْرُسْ فيها علمُ أصولِ دينِ المرسلين، بل يَبقَى في الفترةِ من الدُّعاةِ من تقومُ به الحجةُ، كما قال الإمام أحمد رحمه الله: "الحمد لله الذي جعل في كلِّ زمانِ فَتْرَةٍ من الرسلِ بَقَايَا من أهل العلم، يُحيُون بكتاب الله الموتَى، ويُبصِّرونَ بها أهل العَمَى". وكما قال علي بن أبي طالَب -رضي الله عنه- في حديث كُمَيْل بن زياد: "لن تَخلُوَ الأرضُ مِن قائمٍ لله بحجةٍ، لئلاَّ تَبْطُلَ حُجَجُ الله وبيِّناتُه، أولئك الأقلون عددًا والأعظمون عند الله قدرًا". فمن قامت عليه الحجةُ في الإيمان والشريعة التي جاء بها الرسولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجبَ عليه اتباعُ ذلك، ومَن دَرَسَتْ عنه شرائعُ الرسُلِ أو لم يكن رسولُه جاء بشريعة سوى القدر المشترك بين المرسلين ففرضُه ما تواطأتْ عليه دعوة المرسلين، من الإيمان بالله وباليوم الآخر والعمل الصالح، دونَ ما تميَّزَت به شريعةٌ عن شريعة. وهؤلاء -والله أعلم- هم الصابئون المحمودون في قوله سبحانه وتعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى
(يُتْبَعُ)
(/)
وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بالله وَالْيَوْمِ الآخر وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ.
ولعل الجواب الأول أقوى الأجوبة، وكذا الجواب الرابع، والله تعالى أعلم
ومن عنده فائدة فليضفها هنا تكميلا للنفع.
ـ[محمد براء]ــــــــ[06 Jun 2009, 05:40 م]ـ
أحسن الله إليك.
هناك جواب ذكره الدكتور أحمد الزهراني في كتابه نقض مسالك السيوطي في والدي المصطفى صلى الله عليه وسلم: " وقداستدلّ السّيوطي في مكان آخر وغيره على أنّ أهل الجاهليّة لم تبلغهم الدّعوة بنصوص من القرآن والسّنّة، كقوله تعالى: [القصص:46]، وقوله: [السجدة:3]، وقوله: [يس:6].
وهذه النّصوص لا حجّة فيها للسّيوطي، ولا من معه في عدّهم أهل الجاهليّة من أصحاب الفترة الّذين يُمتحنون يوم القيامة،وذلك لملحظ غفل عنه السيوطي ومن معه، ألا وهو: إنّ نفي الإنذار لا يلزم منه عدم قيام الحجّة، بل الحجّة تقوم بأدنى علم نبوي يصل للسامع، خصوصاً دعوة التّوحيد ونفي الشّرك الّتي نجا به بعض أهل الجاهليّة وينجو بها آخر الزّمان من لا يعلمون من الدّين إلاّ الكلمة كما في حديث حذيفة.
ونحن نعلم أنّ العرب وخصوصاً أهل الجاهليّة الّذين بُعث فيهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يأتهم نذير ولم يُرسل الله إليهم رسولاً، ولكن قيام الحجّة عليهم واقع.
ومما يؤكّد هذا أنّه من المعلوم أنّ فائدة المنذرين من الرّسل وغيرهم ليست البلاغ فقط، بل بنو إسرائيل كان يُرسل إليهم رسل وأنبياء لإنذارهم عذاب الله، مع أنّ الحجّة قائمة عليهم، ولهذا نجد أنّ التّعبير القرآني أحياناً يشير إلى هذا المعنى حين يعلل الرسالة بقوله: لعلّهم يتذكرون، أي لما نسوه ببعدهم عن دين الله، ولم يقل مثلاً: لعلهم بمعنى الغفلة عن حقيقة الشيء والجهل بعاقبة العمل، كما في قوله تعالى: [الأعراف:179] وقوله: يعلمون.
والتّعبير بالغفلة لا يلزم منه أنّهم غافلون عن الحق فيُعذرون بل وصف الله تعالى من أعرض عن الآيات بالغفلة: فالغفلة مثل الجهالة: قد تكون بمعنى عدم العلم والبلاغ، وقد تكون بمعنى الغفلة عن حقيقة الشيء والجهل بعاقبة العمل، كما في قوله تعالى: [الأعراف:179] وقوله: [النحل:108] ".
قلت: قوله: " بل الحجّة تقوم بأدنى علم نبوي يصل للسامع " لا شك أن هذا العلم النبوي نوع من الإنذار، فعاد الإشكال.
فتبين أن هذا جواب متناقض، إلا أن يكون مراده بالإنذار في قوله: " إنّ نفي الإنذار لا يلزم منه عدم قيام الحجّة "، الإنذار المباشر، فيكون جوابه هو الجواب الأول عينه من الأجوبة المذكورة.
أما المعنى المذكور في الجواب الرابع الذي ذكرته أخي الفاضل فهو مما يثبته الشيخ الشنقيطي، قال في دفع الإيهام: " قوله: {وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ} وقوله: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ} لا إشكال فيه، لحصر الأمم في سبعين،كما بين في الحديث. فآباء القوم الذين لم ينذروا مثلاً، المذكورون في قوله: {لتنذر قوماً ما أنذر آباؤءهم} ليسوا أمة مستقلة، حتى يرد الإشكال في عدم إنذارهم، مع قوله: {وإن من أمة إلا خلا فيها نذير} بل هم بعض أمة ".
وأن تترى أن هذا لا يدفع الإشكال.
أما الجواب الخامس فلا يصح إفراده، وقولك في تقريره: " أنه لم يأتهم نذير وهو زمان فترة من الرسل لكن قامت عليهم الحجة " أقول: هل المراد نذير مباشر أو مطلق النذير؟ إن قلت: الأول - ولا شك أنك تعني ذلك - فهو الجواب الأول عينه، وإن قلت: الثاني، ففي قول شيخ الإسلام الذي ذكرته وهو قوله: " وزمان الفَترةِ زمان دَرَسَتْ فيه شريعةُ الرسول وأكثرُ الدُّعاةِ إليها إلاّ القليل، ولم يَدْرُسْ فيها علمُ أصولِ دينِ المرسلين، بل يَبقَى في الفترةِ من الدُّعاةِ من تقومُ به الحجةُ " إثبات لوجود الدعوة والنذارة، وهذا يمنع من القول بأنهم لم يجئهم نذير مطلقاَ.
فالحاصل أن الجواب الصحيح هو الجواب الأول، والله أعلم.
ـ[جاسم آل إسحاق]ــــــــ[11 Jun 2009, 12:32 ص]ـ
أثابك الله أخي أبا الحسنات
وقد قلت أنا في ختام ما ذكرته أن الجواب الأول أقوى الأجوبة
وأحببت منكم ومن المشايخ تصويبي إن كان ثم خطأ.
وأما الجواب الخامس فلا أدري لماذا لا يصح إفراده، لأن كلام شيخ الاسلام فيه إثبات وجود دعاة إلى الحق وقائمين به، لكن لا يوجد رسل أو أنبياء،
فيصح النفي إذا قيل: لم يأتهم نذير (أي رسول أو نبي) على هذا، وتكون الحجة قامت عليهم بما عند أتباع الرسل من الحق.
والله تعالى أعلم
ـ[محمد براء]ــــــــ[11 Jun 2009, 11:51 ص]ـ
هؤلاء الدعاة لا بد أن يكونوا حاملين لدعوة نبي سبقهم، فيكون القوم الذين وجد فيهم هؤلاء الدعاة لم يأتهم نذير مباشر، فرجع هذا القول إلى الأول.(/)
الحاجة إلى اللسانيات في الدراسات القرآنية الجديدة
ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[31 May 2009, 06:56 م]ـ
ما الحاجة إلى اللسانيات في قراءات القرآن الجديدة اليوم؟
عبد الرحمن الحاج
الحياة (الطبعة الدولية)
29 - 7 - 2006
يشير المستشرق الفرنسي المعروف روجيه أرنالديز ( Roger Arnaldez) إلى أن العلماء المسلمين كانوا استطاعوا بمفاهيمهم "تحريك النصوص القرآنية وإنعاشها بتفاسيرهم" إلى درجة "يصعب علينا اليوم حتى باسم العلوم الإنسانية أن نجد فيها شيئاً آخر جديداً غير الذي وجدوه"! وبالتالي فإن "المسلمين المحدثين الذي يستعيرون المناهج الغربية كان أحرى بهم أن يكتفوا بمناهج أسلافهم من القدماء، فهي توصلهم بالدقة نفسها. لأن يستخلصوا من الآيات القرآنية ما توصلهم إليه هذه المناهج التابعة للعلوم الإنسانية". كلام أرنالديز جاء في معرض رده على محمد أركون. من هذا المنطلق فإن السؤال عن الحاجة إلى اللسانيات اليوم هو سؤال مشروع، وهو الأكثر جذريّة فيما يتعلق باستثمار المعارف اللغوية الجديدة في دراسة القرآن الكريم.
يثبت الواقع التاريخي أن المناهج التي اعتمدت في تفسير القرآن حتى الآن في الإطار الإسلامي إلى ما قبل المدرسة الإصلاحية وعصر النهضة نهاية القرن التاسع عشر لم تعد تنتج من التفسير إلاّ تكراراً لما قيل في القرون الستة الهجرية الأولى، وتتوقف الفروقات على نكاتٍ بلاغية ولغوية تقريباً، ولم تعد هذه التفسيرات تلبي التطلعات والتساؤلات التي يطرحها الإنسان المعاصر؛ لهذا السبب برزت الحاجة لابتكار مناهج في التفسير، الأمر الذي ولَّد في منتصف القرن الماضي منهج التفسير الموضوعي، وحيث إيمان المسلمين بأن الزمن أهم مفسّر للقرآن (كما أثر عن ابن مسعود رضي الله عنه)، فهو نصٌّ يتجاوز دوماً المنهج بقدر ما يفتح للمنهج آفاقاً لقراءته، فالقول بإحاطة الإنسان بمعاني القرآن قولٌ لا يمكن الجزم به، فكل ما يحيط به الإنسان من المعرفة القرآنية سيكون إحاطة مرتبطة بحدود معارفه وتصوراته التاريخية، ففي الحين الذي نجد فيه النص لم يعد يتفسّر أكثر مما فسر به، ولم يعد يُقرأ إلاّ بما فُسّر به وقُرِئ، فإن ذلك مؤشر على نفاد طاقة المنهج؛ إذاً فالبحث عن منهج جديدٍ وتطوير المنهج في دراسة النص القرآني يمثل حاجة تاريخية ودينية معاً؛ إذ يمثل القرآن الرسالة الخاتمة للعالمين.
لكن ذلك لا يعني بالضرورة – أيضاً- القطيعة مع المناهج القديمة، ذلك أن المناهج التي بنيت في التراث الإسلامي قامت على ضوء معايشتها للنص القرآني، وعلى وعي حقيقي بموقعه بوصفه نصَّاً إلهياً، والفهوم التي ولدتها تلك المناهج إذا كانت تختلف في الجزئيات فإنها في المجموع لا تتناقض، بل تتكامل، بحيث يُعد تجاوز أو تجاهل ذلك الإرث العلمي الضخم في تفسير القرآن ومناهجه خسارة جسيمة في حق مناهج البحث والتأويل المعاصر للقرآن، وبتراً لتراكم المعرفة من ناحية ثانية.
وبالرغم من أن التفكير اللساني العربي أفرز درساً شمولياً كونياً عن اللغة يتجاوز الخصوصية العربية، بل و"قادهم النظر أيضاً إلى الكشف عن كثير من أسرار الظاهرة اللسانية مما لم تهتد إليه البشرية إلاّ مؤخراً" وذلك - على حد تعبير اللساني التونسي عبد السلام المسدي- فليس هذا مثار استغراب؛ إذ أن يهتدي العرب المسلمون "إلى أخص خصائص الكلام بعدما تجمعت لديهم مصادر المنهج العقلاني، وطرق البحث الأصولي فذلك أمر طبيعي، بل لعله يكون عجيباً أن تكفَّ حضارة من الحضارات تدرَّعت بسلطان العلم على ظاهرة اللسان في ذاتها، فلا تهتدي إلى نفس المحصول من الحضارة والأسرار"، حيث كان النص القرآني مركز علومها، ويندرج في صلب التفكير اللغوي، لكن بالرغم من ذلك كله فإن اللسانيات قدمت نظريات وابتكرت مناهج وكشفت قوانين وعلوماً ما كان الفكر العربي يفكر بها، وهو أمرٌ طبيعي؛ ذلك أنها وليدة المنظومة الثقافية الغربية في ظل حضارة مختلفة المقومات، إن هذا الإنجاز الذي قدمته اللسانيات الحديثة - بالرغم من أنه يطرح إشكالية إبستمولوجية حقيقية - هو ما يفرض علينا استثماره وتطويعه بالقدر الممكن لخدمة المعرفة القرآنية، فنحن أمام الأسئلة التي يمكن أن يفرضها هذا الاستثمار والتطويع يجب أن ننطلق من استخدام ما تم إنجازه في المعرفة اللسانية في الغرب مع وعيٍ بهذه الأسئلة
(يُتْبَعُ)
(/)
والمشكلات؛ لنتجنب نهاياتها الفلسفية باستمرار، ذلك أن النص القرآني بوصفه رسالة عالميةً تستمر في العطاء لكل العصور يتطلب الإيمان بقدرته على التفاعل مع مختلف الأنساق الحضارية والمناهج المعرفية.
وبقدر ما تبدو هذه التجربة فرصة لتطوير البحث العلمي في دراسة القرآن وتفسيره، فإنها أيضاً فرصة مهمة لاختبار جديّ لهذه العلوم عندما تنتقل إلى مجال النص الديني، واللغة العربية على وجه الخصوص (كما يشير أركون)، وبالتالي فإن هذه التجربة في أقل درجاتها تكشف عن الحدود الممكنة لاستخدام هذه العلوم ونتائج استخدامها، فبالإضافة إلى ما يجب أن يقوم به الباحث من استخدام اللسانيات لبناء قواعد وأسس لتحليل النص القرآني وتفسيره، فإن الباحث يجري أيضاً نقداً لمجموع التجارب التي درست القرآن الكريم باستخدام اللسانيات - على قلتها - في الفصل الأخير، للكشف عن العيوب التي حكمت تلك التطبيقات، أو استكشاف مدى دقتها العلمية وملاحظاتها المنهجية.
وفضلاً عن ذلك كله فإنه من حيث المبدأ يجب - ولا أقول "يجوز" فقط - على المسلمين استغلال كل ما توفره المعرفة الإنسانية (واللغوية منها على وجه الخصوص) لفهم كتابهم الكريم؛ ذلك أن تحقيق المعاصرة والشهادة على العصر يقتضي الاستفادة مما وصل إليه العصر نفسه، وإن كانت هذه الاستفادة محكومة - كما أسلفنا - بخصائص القرآن الكريم (باعتباره "إلهيَّ المصدر"، و"عربي اللغة"، و"رسالة هدي للعالمين")، ولا ينبغي أن نستغرب ما سيؤول إليه هذا الاستخدام للمعارف الحديثة، فثمة نتيجتان حتميتان لذلك تنتظراننا:
أولاهما: الاهتداء إلى معان لم يكن قد فُكِّر بها من قبل.
وثانيهما: الكشف عن عيوب في الفهوم السالفة والجهود التفسيرية التراثية على وجه العموم، وهي بطبيعة الحال جهود بشرية مهما قلنا عن ضرورة احترامها فإن هذا الاحترام الكبير لن يرقى إلى التقديس بالتأكيد.
بهذا المعنى فإن حاجتنا إلى اللسانيات اليوم في دراسة القرآن الكريم هي حاجة لتعاملنا مع العصر الحديث وإنجازاته المعرفية وهي في الوقت ذاته رهاننا لدخول هذا العصر بقوة معرفتنا لا بعنادنا على مواجهته وحسب.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[31 May 2009, 08:37 م]ـ
نسمع جعجعة ولا نرى طحينا
أين النظريات والمناهج المبتكرة والقوانين والعلوم المكتشفة التي ما كان الفكر العربي يفكر فيها وماذا قدمت للبشرية؟
إن المشكلة ليست في الإيمان بقدرة القرآن على التفاعل مع مختلف الأنساق الحضارية والمناهج المعرفية، وإنما المشكلة في عدم الإيمان بأن القرآن سابق لهذه الأنساق والمناهج، وأن هذه الأنساق والمناهج هي في حاجة لأن تلحق بالقرآن وتتفاعل معه.
المشكلة في أن في الأمة أناس يشعرون بالعجز أمام الحضارة الغربية نتيجة للقراءة الخاطئة لهذه الحضارة ونتيجة القراءة الخاطئة للواقع الإسلامي.
وأن أسأل الأستاذ عبد الرحمن:
هل المعاني التي فهمتها الأمة على مدى أربعة عشرا قرنا غير صالحة لأن يكون القرآن شاهدا على العصر؟
وهل العيوب في الفهوم السالفة والجهود التفسيرية التراثية تمنع من تعاملنا مع العصر الحديث وإنجازاته المعرفية؟
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[01 Jun 2009, 01:34 ص]ـ
نسمع جعجعة ولا نرى طحينا
يا محب القرآن الكريم،
أرجو أن ترينا طحينك، لأن الجعجعة الحقيقية هي ما ينطبق على تعقيباتك ومشاركاتك في المنتدى.
فأنت منذ اشتراكك في المنتدى لم تفعل سوى تتبع مشاركات الآخرين والتعليق عليها بسوء أدب، وتعريض بالكتاب، بما ينافي الحب الحقيقي للقرآن الكريم الذي يستوجب أسلوبا أفضل في الكتابة.
هلا كتبت موضوعا من الموضوعات التي تحسنها حتى نقرأها ونستفيد؟
لقد شاركتَ لحد الآن 463 مرة في المنتدى، ولم تكتب منها سوى 23 موضوعا كان أغلبها نقلا لأقوال آخرين، وأما الباقي فأغلبه تتبع سلبي لمشاركات الآخرين.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[01 Jun 2009, 02:14 ص]ـ
المشكلة في أن في الأمة أناس يشعرون بالعجز أمام الحضارة الغربية نتيجة للقراءة الخاطئة لهذه الحضارة ونتيجة القراءة الخاطئة للواقع الإسلامي.
(يُتْبَعُ)
(/)
بل المشكلة الأخطر تتمثل في وجود كثرة كثيرة في الأمة (وأنت منهم) تعيش حالة من الوثوقية الغافلة في صوابية الفهم والممارسة للدين، دون أن تحاول أن تفهم أسباب التخلف والاستخذاء الذين يصبغان حياة الأمة، وتعتبر أي محاولة للاستفادة من الإنتاج المعرفي لغير المسلمين سببه الانبهار بالحضارة الغربية.
ألا تشعر بالتناقض بين هذا الوهم (أو النيرفانا) التي تعيش فيها، وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم: ""الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها"؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Jun 2009, 12:11 م]ـ
بل المشكلة الأخطر تتمثل في وجود كثرة كثيرة في الأمة (وأنت منهم) تعيش حالة من الوثوقية الغافلة في صوابية الفهم والممارسة للدين، دون أن تحاول أن تفهم أسباب التخلف والاستخذاء الذين يصبغان حياة الأمة، وتعتبر أي محاولة للاستفادة من الإنتاج المعرفي لغير المسلمين سببه الانبهار بالحضارة الغربية.
ألا تشعر بالتناقض بين هذا الوهم (أو النيرفانا) التي تعيش فيها، وبين قول النبي صلى الله عليه وسلم: ""الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها"؟
أولاً: أعصابك يا أستاذ محمد
ثانياً: أنت ترى أن تخلف واستخذاء الأمة يعود لعدم صوابية الفهم والممارسة للدين، وتريد منها أن تبحث عن الصوابية والفهم عند غير المسلمين.
وأنا أقول: إن شر البلية ما يضحك.
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم وحال الأمة، فيجب أن تفهمه على النحو التالي:
أن الأمة تركت الحكمة وذهبت تبحث عن الضلالة والوهم، ويصدق عليها قول الشاعر:
كالعيس في البيداءِ يقتلها الظما ***** والماءُ فوق ظهورها محمولُ
أما قولك:
"لم تفعل سوى تتبع مشاركات الآخرين والتعليق عليها بسوء أدب"
فلن أنتصر لنفسي.
ولكن ما رأيك بسوء الأدب مع الأمة كلها في كلام الأستاذ عبدالرحمن:
"تحياتي لكم جميعا
جواباً لما تفضلتم به د. الشهري، المشكلة من وجهة نظري قائمة في أن الخطاب السائد في الأوساط العلمية هو خطاب هوية، وأعني بخطاب الهوية أن الخطاب الإسلامي الفكري معني بالدرجة الأولى بالدفاع ومتحفز للهجوم على "أعدائه" وحتى "ناقديه" فهو عموماً متوتر للغاية، لديه حساسية أكثر من اللازم من المختلف معه، ويفكر بمنطق المقاتل، لا بمنطق المحاور .. لا أدعو بتوصفي هذا للخطاب التوقف عن الدفاع عن الهوية، إنما أدعو أن يتحرر العقل العلمي في العالم الإسلامي من خطاب الهوية، وليس من الدفاع عن الهوية؛ لأنه خطاب أيديولوجي يصيب بالعماء.
أول خطوات الإفادة من العلوم الحديثة ـ وفقاً لما يبدو لي ـ أن نخرج العلوم من المعارك الأيديولوجية، ذلك أن فهمه فهماً دقيقاً وعميقاً من أجل الإفادة منه يتوقف على تحررنا من هاجس "مخالفة أصحاب الجحيم" وحسب"
وأما قولك:
"هلا كتبت موضوعا من الموضوعات التي تحسنها حتى نقرأها ونستفيد؟ "
فأقول مواضيعي التي أحسنها لأن تفهمها وتستفيد منها وأنت تحمل هذه الروح المنهزمة التي تبحث عن السراب في زبالة الفكر الغربي.
والسلام.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Jun 2009, 01:53 م]ـ
الأخوين الكريمين محمد بن جماعة ومحب القرآن الكريم وفقكما الله.
خففا حدة النقاش، ودعونا في محور المقال الذي طرحه الأستاذ عبدالرحمن. ولعلي أتأمل المقال وأعود إليه مرة أخرى.
تقبلوا تحياتي واعتذاري.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[01 Jun 2009, 02:39 م]ـ
أولاً: أعصابك يا أستاذ محمد
ثانياً: أنت ترى أن تخلف واستخذاء الأمة يعود لعدم صوابية الفهم والممارسة للدين، وتريد منها أن تبحث عن الصوابية والفهم عند غير المسلمين.
وأنا أقول: إن شر البلية ما يضحك.
أولا: أبشر، فأعصابي في أهدأ ما تكون حين أكتب، لأنني أخشى أن أظلم أو أزل أو أضل. ولا أرسل ما أكتبه إلا بعد أن أديره في عقلي عدة مرات.
ثانيا: لم يعد شر البلية ما يضحك. بل شر البلية في وهم المعرفة. ودليله القريب ما تظن أنني أراه وأريده في نقطتك الثانية، في حين أنه ليس قصدي ولا ما يؤدي إليه كلامي.(/)
ما قيل في التناسب بين فاتحة المصحف وخاتمته
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[01 Jun 2009, 06:34 ص]ـ
التناسب بين فاتحة المصحف وخاتمته
هذا مبحث لطيف في بابه حريٌّ أن يحتفى به، ولعله يكون فاتحة للطائف من العلم مخبوءة في صدور الذين أوتوا العلم فيبدونها على منهاج التدبر القويم المتحلي بالنظر الثاقب والفهم الصائب المتخلي عن التكلف المذموم والتعسف المشؤوم.
فكم من كلمة أثارت فكرة، وفكرة أورثت تفكراً، وتفكر أحدث تذكراً، وتذكر أثمر خشية ويقيناً وإخباتاً وتسليماً
سيذكر من يخشى، وإنما يتذكر من ينيب، وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
قالَ عَطِيَّةُ مُحَمَّد سَالِم (ت: 1420هـ): (وإذا كانَ الشيخُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَد نَبَّهَ على مُراعاةِ خاتِمَةِ الْمُصْحَفِ، فإنا لو رَجَعْنا إلى أوَّلِ الْمُصْحَفِ وآخِرِه لوَجَدْنَا رَبْطاً بَدِيعاً؛ إذ تلك الصفاتُ الثلاثُ في سُورَةِ الناسِ مَوجودةٌ في سُورَةِ الفاتِحَةِ، فاتَّفَقَتِ الخاتِمَةُ معَ الفاتِحَةِ في هذا المعنى العظيمِ؛ إذ في الفاتِحَةِ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} و (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، فجاءَتْ صِفةُ
الرُّبوبيَّةِ والْمُلْكِ والأُلُوهِيَّةِ في لَفْظِ الْجَلالةِ.
وتكونُ الخاتِمَةُ الشريفةُ مِن بابِ عَوْدٍ على بَدْءٍ، وأنَّ القرآنَ كلَّه فيما بينَ ذلك شرْحٌ وبيانٌ لتقديرِ هذا المعنى الكبيرِ.
وسيأتي لذلك زيادةُ إيضاحٍ في النهايةِ إنْ شاءَ اللَّهُ تعالى). [تتمة أضواء البيان: 9/ 358 - 359]
وقالَ أيضاً: (أمَّا الوِجهتانِ اللتانِ نَوَّهْنَا عنهما، فالأُولَى بينَ السورتيْنِ، وهي مما أَوْرَدَهُ أبو حَيَّانَ؛ إذ في سُورَةِ الفلَقِ قالَ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1] ورَبُّ الفَلَقِ تُعَادِلُ قولَه: {رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2]؛ لأنه ما مِن مَوجودٍ في هذا الكونِ إلاَّ وهو مَفلوقٌ عن غيرِه.
ففي الزرْعِ: {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} [الأنعام: 95].
وفي الزمنِ: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ} [الأنعام: 96].
وفي الحيوانات: {الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً} [النساء: 1].
وفي الْجَماداتِ يُشِيرُ إليه قَوْلُهُ تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ} [الأنبياء: 30 - 31].
فرَبُّ الفلَقِ تُعَادِلُ ربَّ العالَمِينَ، فقابَلَها في الاستعاذةِ بعُمومِ الْمُستعاذِ منه مِن شَرِّ ما خَلَقَ.
ثم جاءَ ذِكْرُ الْخَاصِّ بعْدَ العامِّ للاهتمامِ به، وهو مِن شَرِّ غاسِقٍ إذا وَقَبَ والنفَّاثاتِ في العُقَدِ وحاسِدٍ إذا حَسَدَ.
فالمُستعاذُ به صِفَةٌ واحدةٌ، والْمُستعاذُ منه عُمومُ ما خَلَقَ جُملةً وتَفصيلاً، بينَما في السُّورَةِ الثانيةِ جاءَ بالْمُستعاذِ به ثلاثَ صفاتٍ، هي صِفاتُ العَظَمَةِ للهِ تعالى: الربُّ والْمَلِكُ والإلهُ.
فقابَلَ الْمُستعاذَ منه، وهو شيءٌ واحدٌ فقط، وهو الوَسواسُ الْخَنَّاسُ، وهذا يَدُلُّ على شِدَّةِ خُطورةِ الْمُستعاذِ منه.
وهو كذلك؛ لأننا لو نَظَرْنَا في واقِعِ الأمْرِ لوَجَدْنَا مَبْعَثَ كلِّ فِتنةٍ ومُنْطَلَقَ كُلِّ شَرٍّ عاجِلاً أو آجِلاً لوَجَدْنَاهُ بسَبَبِ الوَسواسِ الْخَنَّاسِ، وهو مُرْتَبِطٌ بتاريخِ وُجودِ الإنسانِ.
وأوَّلُ جِنايةٍ وَقَعَتْ على الإنسانِ الأَوَّلِ، إنما هي مِن هذا الوَسواسِ الْخَنَّاسِ، وذلك أنَّ اللَّهَ تعالى لَمَّا كَرَّمَ آدَمَ فخَلَقَه بيَدِهِ وأَسْجَدَ الملائكةَ له وأَسْكَنَه الْجَنَّةَ هو وزَوْجُه لا يَجُوعُ فيها ولا يَعْرَى ولا يَظْمَأُ فيها ولا يَضْحَى، يَأكلانِ منها رَغَداً حيثُ ما شاءَا إلاَّ مِن الشجرةِ الْمَمنوعةِ، فوَسْوَسَ إليهما الشيطانُ حتَّى أَكلاَ مِنها ودَلاَّهُمَا بغُرورٍ، حتى أُهْبِطُوا منها جميعاً بعضُهم لبعْضٍ عَدُوٌّ.
وبَعْدَ سُكْنَاهُما الأَرْضَ أَتَى ابْنَيْهِمَا قابيلُ وهابيلُ فلاَحَقَهُما أيضاً بالوَسوسةِ، حتَّى طَوَّعَتْ نفْسُ أحَدِهما قَتْلَ أخِيهِ فأَصْبَحَ مِن النادمينَ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهكذا بسَائِرِ الإنسانِ في حياتِه بالوَسوسةِ حتى يُرْبِكَه في الدنيا، ويُهْلِكَهُ في الآخِرَةِ، ولقدِ اتَّخَذَ مِن المرأةِ جِسْراً لكلِّ ما يُريدُ، وها هو يُعِيدُ الكَرَّةَ في نَزْعِ اللِّبَاسِ عن أبَوَيْنَا في الْجَنَّةِ، فيَنْتَزِعُه عنهما في ظِلِّ بيتِ اللَّهِ الحرامِ في طوافِهم قَبْلَ البَعْثَةِ، ولا يَزالُ يُغْوِيهِ، وعن طريقِ المرأةِ في كُلِّ زمانٍ ومكانٍ؛ ليُخْرِجَه عن الاستقامةِ كما أَخْرَجَ أَبَوَيْهِ مِن الْجَنَّةِ.
ولا يَزالُ يُجْلِبُ على الإنسانِ بِخَيْلِه ورَجِلِه بارًّا بقَسَمِه بينَ يَدَيِ اللَّهِ بعِزَّتِه ليُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ.
وإنَّ أَخْطَرَ أبوابِ الفَسادِ في الْمُجْتَمَعَاتِ لَهِيَ عن المالِ أوالدَّمِ أو العِرْضِ، كما في الحديثِ في حَجَّةِ الوَداعِ: ((أَلاَ إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ؛ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا)) إلى آخِرِه.
وهل وُجِدَتْ جِنايةٌ على واحِدٍ منها، إلاَّ مِن تَأثيرِ الوَسواسِ الْخَنَّاسِ؟ اللَّهُمَّ لا.
وهكذا في الآخِرَةِ.
وقد بَيَّنَ تعالَى الموْقِفَ جَلِيًّا في مَقالةِ الشيطانِ البليغةِ الصريحةِ: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ} [إبراهيم: 22] الآيةَ.
ولقَدْ عَلِمَ عَدُوُّ الْمُسْلِمِينَ أنَّ أَخْطَرَ سِلاحٍ على الإنسانِ هو الشَّكُّ، ولا طَريقَ إليه إلاَّ بالوَسوسةِ، فأَخَذَ عن إبليسَ مُهِمَّتَه ورَاحَ يُوَسْوِسُ للمسْلِمِينَ في دِينِهم وفي دُنْيَاهُم، ويُشَكِّكُهم في قُدْرَتِهم على الحياةِ الكريمةِ مُسْتَقِلِّينَ عنه، ويُشَكِّكُهم في قُدرتِهم على التَّقَدُّمِ والاستقلالِ الحقيقيِّ، بل وفي استطاعتِهم على الإبداعِ والاختراعِ؛ ليَظَلُّوا في فَلَكِه ودائرةِ نُفُوذِه، فيَبْقَى المسلِمُونَ يَدُورُونَ في حَلْقَةٍ مُفْرَغَةٍ يُقَدِّمُونَ رِجْلاً ويُؤَخِّرُونَ أُخْرَى.
والْمُتَشَكِّكُ في نتيجةِ عَمَلٍ لا يُقْدِمُ عليه أبَداً، بل ما يَبْنِيهِ اليومَ يَهْدِمُه غداً، وقد أَعْلَنَ عن هذه النتيجةِ الخطيرةِ رَئيسُ مؤتَمَرِ الْمُسْتَشْرِقينَ في الشرْقِ الأوسَطِ منذُ أكثَرَ مِن ثلاثينَ عاماً، حينَما انْعَقَدَ المؤتمرُ في بيروتَ لعَرْضِ نتائجِ أعمالِهم ودِراسةِ أساليبِ تَبشيرِهم.
فتَشَكَّى الْمُؤْتَمِرُونَ مِن أنَّ لهم زُهاءَ أربعينَ سَنَةً مِن عَمَلِهم الْمُتَوَاصِلِ لم يَستطيعوا أنْ يُنَصِّرُوا مُسْلِماً واحداً، فقالَ رئيسُ الْمُؤْتَمَرِ: إذا لم نَسْتَطِعْ أنْ نُنَصِّرَ مُسْلِماً، ولكن استَطَعْنَا أنْ نُوجِدَ ذَبْذَبَةً في الرأيِ فقد نَجَحْنَا في عَمَلِنا.
وهكذا مَنْهَجُ العدُوِّ؛ تَشكيكٌ في قضايا الإسلامِ ليُوجِدَ ذَبذبةً في عَقيدةِ الْمُسْلِمينَ، فعنْ طريقِ الْمِيراثِ تارَةً، وعن طريقِ تَعَدُّدِ الزوجاتِ أُخْرَى، وعن دوافعِ القتالِ، وعن استرقاقِ الرَّقِيقِ، وعن وعن.
حتى وُجِدَ مِن أبناءِ الْمُسْلِمينَ مَن يَتَخَطَّى حُدودَ الشكِّ إلى التصديقِ، وأَخَذَ يَدْعُو إلى ما يَدْعُو إليه العَدُوُّ، وما ذاك كُلُّه إلاَّ حَصَادُ ونتائجُ الوَسواسِ الْخَنَّاسِ.
فلا غَرْوَ إذنْ أنْ تُجْمَعَ الصفاتُ الْجَليلةُ الثلاثُ: ربُّ الناسِ، مَلِكُ الناسِ، إِلَهُ الناسِ.
هذه وِجهةُ النظَرِ الأُولَى بينَ سُورَتَيِ الفَلَقِ والناسِ.
أمَّا الوِجهةُ الثانيةُ وهي بينَ سُورَةِ الناسِ ونَسَقِ الْمُصْحَفِ الشريفِ بقَوْلِه تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ (1) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 1 - 7].
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي هذه البدايةِ الكريمةِ بَثُّ الطُّمأنينةِ في القلْبِ الْمُعَبَّرِ عنها بالْحَمْدِ؛ عُنوانِ الرِّضَا والسعادةِ والإقرارِ للهِ بالرُّبوبيَّةِ، ثم الإيمانِ بالبعْثِ والإقرارِ للهِ بِمِلْكِ يومِ الدِّينِ، ثم الالتزامِ بالعِبادةِ للهِ وَحْدَه والالتجاءِ إليه مُستعيناً به، مُستهدياً الصراطَ المستقيمَ، سائلاً صُحْبَةَ الذين أَنْعَمَ عليهم.
ثم يأتي بعدَها مباشَرَةً في أوَّلِ سُورَةِ البَقرةِ: {ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2]؛ أي: إنَّ الْهُدَى الذي تَنْشُدُه إلى الصراطِ المستقيمِ فهو في هذا الكتابِ لا رَيْبَ فيه، ثم بَيَّنَ الْمُتَّقِينَ الذينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عليهم بقولِه: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: 3 - 4].
ومَرَّةً أُخْرَى للتأكيدِ أولئكَ لا سِوَاهُم على هُدًى مِن رَبِّكَ وأولئكَ هم الْمُفْلِحُونَ.
ثم تَتَرَسَّلُ السُّورَةُ في تقسيمِ الناسِ إلى الأقسامِ الثلاثةِ: مؤمنينَ وكافرينَ ومُذَبْذَبِينَ بينَ بينَ، وهم الْمُنافِقونَ.
ثم يأتي النداءُ الصريحُ، وهو أوَّلُ نداءٍ في الْمُصْحَفِ لعُمومِ الناسِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} [البقرة: 21] ويُقيمُ البراهينَ على استحقاقِه للعِبادةِ، وعلى إمكانِ البَعْثِ بقولِه: {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 21 - 22].
وبعدَ تقريرِ الأصْلِ، وهي العقيدةُ، تَمْضِي السُّورَةُ في ذِكْرِ فُروعِ الإسلامِ، فتَشْتَمِلُ على أركانِ الإسلامِ كلِّها وعلى كثيرٍ مِن مَسائلِ الْمُعَامَلاتِ والْجِهادِ، وقَلَّ بابٌ مِن أبوابِ الفِقْهِ إلاَّ وله ذِكْرٌ في هذه السُّورَةِ، ويأتي ما بعدَها مُبَيِّناً لِمَا أُجْمِلَ فيها أو لِمَا يُذْكَرُ ضِمْنَها، وهكذا حتى يَنْتَهِيَ القرآنُ بكَمَالِ الشريعةِ وتَمَامِ الدِّينِ.
ولِمَا جاءَ في وَصْفِ الْمُتَّقِينَ الْمُهْتَدِينَ في أوَّلِ الْمُصْحَفِ أنهم يُؤْمِنُونَ بالغَيْبِ، ومنه الإيمانُ باليومِ الآخِرِ وما فيه مِن حِسابٍ وعِقابٍ وثوابٍ، أمورُ الغَيْبِ تَستلزِمُ اليَقينَ لتَرَتُّبِ الجزاءِ عليه ثَواباً أو عِقَاباً.
والثوابُ والعقابُ هما نَتيجةُ الفِعْلِ والترْكِ.
والفعْلُ والتَّرْكُ: هما مَنَاطُ التكليفِ؛ لأنَّ الإنسانَ يَمْتَثِلُ الأمْرَ رَجاءَ الثوابِ، ويَكُفُّ عن مُتَعَلِّقِ النهْيِ مَخَافَةَ العِقابِ.
فلَكَأَنَّ نَسَقَ الْمُصْحَفِ الشريفِ يُشيرُ إلى ضَرورةِ ما يَجِبُ الانتباهُ إليه، مِن أنَّ القرآنَ بَدَأَ بالْحَمْدِ ثَناءً على اللَّهِ بما أَنْعَمَ على الإنسانِ بإنزالِه، وإرسالِ الرسولِ صاحبِه به، ثم نَقَلَه مِن عالَمِ الدنيا إلى عالَمِ الآخِرَةِ، وهو الأَعْظَمُ قَدْراً وخَطَراً، ثم رَسَمَ له الطريقَ الذي سَلَكَه الْمُهْتَدُونَ أهْلُ الإنعامِ والرِّضَا، ثم أَوْقَفَه عليه ليَسْلُكَ سبيلَهم.
وهكذا إلى أنْ جاءَ به بعْدَ كمالِ البيانِ والإرشادِ والْهِدايةِ، جاءَ به إلى نِهايةِ هذا الصراطِ المستقيمِ، فاسْتَوْقَفَهُ ليقولَ له: إذا اطْمَأْنَنْتَ لهذا الدِّينِ، وآمَنْتَ باللَّهِ ربِّ العالَمِينَ، واعْتَقَدْتَ مَجِيءَ يَوْمِ الدِّينِ، وعَرَفْتَ طريقَ الْمُهْتَدينَ، ورأيتَ أقسامَ الناسِ الثلاثَةَ: مُؤمنينَ وكافرينَ ومُنافقينَ، ونِهايةَ كلٍّ منهم، فالْزَمْ هذا الكتابَ وسِرْ على هذا الصراطِ، ورَافِقْ أهلَ الإنعامِ، وجانِبِ المغضوبَ عليهم والضالِّينَ، واحْذَرْ مِن مَسْلَكِ المنافقينَ الْمُتَشَكِّكِينَ، وحاذِرْ كُلَّ الْحَذَرِ مِن مُوجِبِ ذلك كلِّه، وهو الوَسْوَاسُ الْخَنَّاسُ، أنْ يُشَكِّكَ في مُتَعَلَّقَاتِ الإيمانِ أو في استواءِ طَرِيقِكَ واستقامتِه، أو في عِصْمَةِ كتابِكَ وكمالِه، وكُنْ على يَقينٍ مِمَّا أنتَ عليه، ولا تَنْسَ
(يُتْبَعُ)
(/)
خَطَرَه على أبَوَيْكَ مِن قَبْلُ، إذ هما في الْجَنَّةِ دارِ السلامِ ولم يَسْلَمَا منه ودَلاَّهما بغُرُورٍ، فحاذِرْ منه ولُذْ بِي كلَّمَا ألَمَّ بكَ أو مَسَّكَ طائفٌ منه، وكُنْ كسَلَفِكَ الصالِحِ إذا مَسَّهُمْ طائفٌ مِن الشيطانِ تَذَكَّرُوا فإذا هُمْ مُبْصِرونَ.
وقد عَلِمْتَ عَداوتَه لكَ مِن بَعْدُ، وعداوتُه ناشئةٌ عن الْحَسَدِ.
ولَكَأنَّ ارتباطَ السورتيْنِ لَيُشِيرُ إلى مَنْشَأِ تلكَ العَداوةِ وارتباطِها بِهَا التحذيرِ؛ إذ في الأُولَى: ومِن شَرِّ حاسِدٍ إذا حَسَدَ، فحَسَدَ الشيطانُ آدَمَ على إكرامِ اللَّهِ إيَّاه كما أَسْلَفْنَا.
والعدُوُّ الحاسِدُ لا يُرْضِيهِ إلاَّ زَوَالُ النِّعمةِ عن المحسودِ، ولَئِنْ كانَتْ توبةُ آدَمَ هي سَبيلَ نَجَاتِه؛ كما في قَوْلِه تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [البقرة: 37].
فنجاتُكَ أيضاً في كَلِمَاتٍ تَستعِيذُ بها مِن عَدُوِّكَ برَبِّ الناسِ مَلِكِ الناسِ إلهِ الناسِ؛ لأنَّ الربَّ هو الذي يَرْحَمُ عِبادَه، ومَلِكَ الناسِ هو الذي يَحْمِيهِم ويَحْفَظُهم ويَحْرُسُهم، وإِلَهَ الناسِ الذي يَتَأَلَّهُونَ إليه ويَتَضَرَّعُونَ ويَلُوذُونَ به سُبحانَه). [تتمة أضواء البيان: 9/ 364 - 368]
قَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمُ بنُ عُمَرَ البِِقَاعِيُّ (ت: 885هـ) في تفسير سورة الناس: (مَقْصُودُهَا الاعتصامُ بالإِلَهِ الحقِّ مِنْ شَرِّ الخلقِ الباطنِ، وَاسْمُهَا دالٌّ على ذلكَ؛ لأنَّ الإِنسانَ مَطْبُوعٌ على الشَّرِّ، وَأَكْثَرُ شَرِّهِ بالمَكْرِ وَالخِدَاعِ، وَأَحْسَنُ مِنْ هذا أنَّها للاستعاذةِ مِنَ الشَّرِّ البَاطِنِ المَأْنُوسِ بهِ المُسْتَرْوَحِ إِليهِ، فَإِنَّ الوسوسةَ لا تَكُونُ إِلاَّ بِمَا يُشْتَهَى، وَالناسُ مُشْتَقٌّ مِنَ الأَنَسِ فَإِنَّ أَصْلَهُ أُنَاسٌ، وَهوَ أيضاً اضْطِرَابُ الباطنِ المُشِيرُ إِليهِ الاشتقاقُ مِنَ النَّوْسِ.
فَطَابَقَ حينئذٍ الاسمُ المُسَمَّى، وَمَقْصُودُ هذهِ السورةِ مَعْلُولٌ لمقصودِ الفاتحةِ الذي هوَ المُرَاقَبَةُ، وَهيَ شَامِلَةٌ لجميعِ عُلُومِ القرآنِ التي هيَ مُصَادَقَةُ اللَّهِ وَمُعَادَاةُ الشيطانِ بِبَرَاعَةِ الختامِ وَفَذْلَكَةِ النِّظَامِ، كَمَا أنَّ الفاتحةَ شَامِلَةٌ لذلكَ؛ لأنَّها بَرَاعَةُ الاستهلالِ وَرِعَايَةُ الجلالِ وَالجمالِ، فقد اتَّصَلَ الآخرُ بالأوَّلِ اتِّصَالَ العِلَّةِ بالمعلولِ وَالدليلِ بالمدلولِ وَالمثلِ بالمَمْثُولِ، وَاللَّهُ المَسْؤُولُ في تَيْسِيرِ السُّؤْلِ وَتَحْقِيقِ المَأْمُولِ، فإِنَّهُ الجَوَادُ ذو الطَّوْلِ، وَبهِ يُسْتَعَانُ، وَعليهِ التُّكْلانُ). [نظم الدرر: 8/ 611]
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[01 Jun 2009, 11:55 م]ـ
ولعلها الحكمة الإلهية أن يتم تخزين أسرار ترتيب سور القرآن وآياته في هاتين السورتين. وهذا - باعتقادي - وجه من وجوه إعجاز القرآن؛ لأن ذلك يعني أن القرآن قد اخبر عن أسرار ترتيبه قبل ان يكتمل نزوله .. ولعل تضارب الآراء في مسألة ترتيب سور القرآن، والاختلاف في عدد آياته تبعا للروايات قد حال دون اكتشاف تلك الحقيقة ..
فالاختلاف في آية البسملة - مثلا - قد حال دون اكتشاف أروع واعظم أسرار
الترتيب القرآني المخزن في هذه الآية ..
كذلك الحال في سورة الفاتحة ..
كذلك الحال في سورة الناس. إن مجيء سورة الناس آخرسور القرآن مؤلفة من 6 آيات هو معجزة قرآنية ..
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[02 Jun 2009, 12:24 ص]ـ
كذلك الحال في سورة الناس. إن مجيء سورة الناس آخرسور القرآن مؤلفة من 6 آيات هو معجزة قرآنية ..
أولاً: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأرجو أن تكون بصحة وعافية.
ثانياً:
ما هو وجه الإعجاز في كون سورة الناس مؤلفة من 6 آيات؟
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[02 Jun 2009, 12:32 م]ـ
أولاً: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأرجو أن تكون بصحة وعافية.
ثانياً:
ما هو وجه الإعجاز في كون سورة الناس مؤلفة من 6 آيات؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. الحمد لله.
1 - ذكرت سابقا أنه قد تم تخزين إشارات واضحة إلى محاور النظام العددي في القرآن في سورتي الفاتحة والناس، وهي أربعة أعداد: 19 و 13 و 7 و 6.
19: عدد حروف الآية الأولى
(يُتْبَعُ)
(/)
13: عدد حروف الآية الأخيرة
7: عدد آيات السورة الأولى
6: عدد آيات السورة الأخيرة
ومن هنا نفهم الحكمة من مجيء سورة الناس مؤلفة من 6 آيات، ومجيء الآية السادسة فيها مؤلفة من 13 حرفا.
(حول هذه العلاقة يدور كتابي المخطوط - النظام العددي في القرآن - 425
صفحة).
2 - أساس هذه المحاور الأربعة هو العدد 114 العدد الذي اختاره الله عددا لسور كتابه الكريم.
3 - ترتبط سورة الناس بعدد آياتها المحدد بـ 6، بعلاقات عددية - كثيرة متشابكة متصلة - محكمة مع سور القرآن، وآياته ..
يمكن إفراد تلك العلاقات بكتاب مستقل ..
4 - الآية الأخيرة في سورة الناس تمثل نظاما عدديا في القرآن. كما أن الآية الأولى تمثل نظاما عدديا آخر. (بما يكفي من الأدلة والبراهين).
5 - فيما يلي مثال واضح - بعيدا عن التفاصيل - على الحكمة من مجيء سورة الناس مؤلفة من 6 آيات:
سور النصف الثاني من القرآن هي السور من المجادلة - إلى سورة الناس (58 - 114).
هذه الحقيقة لا مجال للتشكيك فيها او الجدال حولها ..
1 - أول هذه السور هي سورة المجادلة المؤلفة من 22 آية، وآخرها سورة الناس المؤلفة من 6 آيات ..
لاحظ العددين 6 و 22 .. ما السر في هذين العددين؟
2 - عدد الأعداد ابتداء من العدد 6 وانتهاء بالعدد 22 هو 17.
3 - مجموع العددين 6 و 22 هو 28.
4 - هذه الملاحظة توجهنا إلى أين؟ أليس القرآن يدعونا إلى التدبر والتفكير؟ وكيف نعرف إن لم نتدبر ونفكر؟
إذا تدبرنا ترتيب سور النصف الثاني من القرآن، نلاحظ أن سورة الطارق هي السورة التي تتوسط سور النصف الثاني من القرآن، أي أن عدد السور قبلها 28 (6+22) وأن عدد السور بعدها 28 (6+22) وانها السورة الوحيدة المؤلفة من 17 آية .. أي عدد الأعداد ابتداء من العدد 6 وانتهاء بالعدد 22 ..
5 - ما مدى صحة هذا التحليل؟
إذا أحصينا أعداد الآيات في جميع سور النصف الثاني من القرآن، فنتائج الإحصاءات ستكون:
المجموعة الأولى:
عدد السور السابقة لسورة الطارق ترتيبا 28 سورة، وباعتبار أعداد الآيات فهي:
1 - 22 سورة عدد الآيات في كل منها يزيد على 17 آية.
2 - 6 سور عدد الآيات في كل منها أقل من 17 آية.
لاأظن أن دلالات هذا الإحصاء صعبة التدبر والفهم ..
أعداد الآيات في هذه السور محددة وفق نظام واضح، وقد تمت الإشارة إليه في سورتي المجادلة والناس ..
المجموعة الثانية:
عدد السور التالية لسورة الطارق في ترتيب المصحف 28 سورة (6 + 22) وهي:
1 - 22 سورة عدد الآيات في كل منها أقل من 17 آية.
2 - 6 سور عدد الآيات في كل منها أكثر من 17.
هذه الحقيقة تؤكد السابقة. وتقوم دليلا على صحتها.
من الواضح أن أعداد الآيات في سور النصف الثاني محسوبة سورة سورة وآية آية، وأنها جميعا تخضع لنظام محوره العددان 6 و 22، وقد تمت الإشارة إليهما في أول وآخر سور النصف الثاني من القرآن (المجادلة والناس) ..
وفي وسعنا القول: ليست مصادفة أن يكون عدد آيات سورة المجادلة 22، هذا العدد دون سواه .. وليست مصادفة أن يكون عدد الآيات في سورة الناس 6 آيات ..
لقد جاءت هاتان السورتان من هذين العددين، تنبيها للمتدبرين .. لكأنهما تبوحان بأعداد الآيات في جميع سور النصف الثاني من القرآن .. وتقيمان الدليل على صحة أعداد الآيات في تلك السور ..
بعد إقامة هذا الدليل، لا حجة لمن يزعم أن ترتيب سور القرآن اجتهادي ....... إن عليه ان يعود إلى الصواب، وإلى الحق، هذا إذا كان الحق هدفه الأول.
وإن كان يصر على رأيه، فليفسر لنا هذا الإحكام في ترتيب هذه السور وأعداد آياتها .. علما أن لدينا المزيد من الأدلة. (هذه العلاقة هي واحدة من العلاقات العددية المحكمة الرابطة بين سور النصف الثاني من القرآن. ويبدو لنا - كبشر - أن ترتيب هذه السور وأعداد آياتها قد جاء هكذا لإثبات ان عدد آيات سورة الطارق 17. فإذا تناولنا ترتيب هذه السورة من زاوية أخرى نلاحظ نظاما عدديا جاء لإثبات أن عدد آيات سورة الهمزة هو 9 .. وهكذا، ... وهذا رد على من يزعم أن ما يتم اكتشافه هو مما يقع في متناول البشر .. الذين يزعمون ذلك لا صلة لهم بترتيب القرآن، ويحسبون أنهم المدافعون عنه وهم المفترون عليه.)
الأخ الفاضل محب القرآن:
هذا مثال واحد، وفيه الكفاية .. وأرجو أن يكون واضحا. وأؤكد ثانية أن في ترتيب كل سورة في القرآن دليلا على إعجاز الترتيب القرآني .. ليس هذا كلاما إنشائيا ولا حماسيا وإنما هي الحقيقة. وإذا كانت هذه الحقيقة تهم احدا، فعليه المبادرة للبحث عنها والتعاون معنا.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[03 Jun 2009, 11:39 ص]ـ
الأخ الفاضل محب القرآن:
يهمني أن تبدي رأيك في المثال الذي ذكرته لك .. بصدق وصراحة. أترى فيه ما أرى؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[03 Jun 2009, 01:24 م]ـ
الأخ الفاضل محب القرآن:
يهمني أن تبدي رأيك في المثال الذي ذكرته لك .. بصدق وصراحة. أترى فيه ما أرى؟
الأخ الفاضل عبد الله جلغوم
أنت تعرف من تعليقاتي السابقة أنني أتحفظ على قضية الإعجاز العددي في القرآن، لا لأني أنفي أن يكون هناك إعجازاً عددياً في القرآن ـ لأن النفي يحتاج إلى دليل وكذلك الإثبات يحتاج إلى دليل ـ لكن لم أرى فيما طرح في هذا الباب شيئاً مقنعاً، وهذا قد يكون راجع إلى قصور في فهمي أنا.
أما ما كتبته أنت فمن البداية كنت أرى فيه ما يستحق التوقف عنده، وسبق وأن قلت لك إذا كنت واثقا مما تكتب فامض ولا تلتفت.
وأما المثال الذي ذكرته فهو جدير بالتأمل،ولكني لا أستطيع أن أعطيك فيه حكما جازما، ولعل نظرتي المسبقة وشبه مستقرة في عدم جدوى الكتابة في هذا المضمار حالت بيني وبين إدراك ما في كتابتك من أوجه الصحة.
ولكني أعدك أني إذا توصلت إلى شيء ما بخصوص ما تكتب إيجابا أو سلباً فلن أتردد في إطلاعك عليه.
أرجو لك السداد والتوفيق فيما تكتب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[03 Jun 2009, 07:14 م]ـ
ومن أوجه التناسب بين سورتي الفاتحة والناس:
علاقات محورها الرقم 7:
1 - تتألف سورة الفاتحة من 7 آيات، وسورة الناس من 6 آيات. المجموع 13.
إذا استثنيا العدد 13 من عدد آيات القرآن البالغة 6236 آية، فالباقي هو 6223، عدد من مضاعفات الرقم 49، فهو يساوي 127 × 49. (كما أنه يساوي 127 × 7 × 7).
2 - عدد كلمات سورة الفاتحة 29، وعدد كلمات سورة الناس 20. المجموع 49 (7 × 7).
3 - مجموع أرقام الآيات السبع في سورة الفاتحة 28 (1+2+3+4+5+6+7=28)، ومجموع أرقام الآيات الست في سورة الناس هو 21 (1+2+3+4+5+6=21). هذا يعني أن مجموع أرقام الآيات في السورتين هو 49، أي مماثلا لمجموع كلماتهما.
4 - رقم الآية الأولى في القرآن (البسملة) هو 1، ورقم الآية الأخيرة هو 6 (سورة الناس). المجموع 7.
عدد كلمات الآية الأولى هو 4، وعدد كلمات الآية الأخيرة هو 3، المجموع 7.
.. ما ذكرناه حتى الآن يمثل أبسط العلاقات بين السورتين .. ويبقى ما هو أكبر:
ما هو النظام العددي المخزن في الآية الأولى البسملة؟
ما هو النظام العددي المخزن في الآية الأخيرة (6 سورة الناس)؟
ما هو النظام العددي المخزن في الآيتين؟
ما هو النظام العددي المخزن في السورتين؟
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[04 Jun 2009, 02:52 ص]ـ
أحيي الأخوين الفاضلين - بارك الله فيهما
وأنا من المتحفظين على ما يسمى بالإعجاز العددي لعدم وضوح أصوله وقواعده وما يمكن أن يميز به بين الاجتهاد المقبول والتكلف والتمحل غير المقبول
ولم أجد إجابة شافية للمتحمسين للإعجاز العددي على عدد من المسائل الأصول التي ينبني عليها صحة القول بالأمثلة التي يوردونها من عدمه
وآمل - إن كان ولا بد من توجههم هذا - أن يكثفوا من دراستهم للمسائل الأصول التي هي أسس تقوم عليها تلك الدراسات
ومن أهم هذه الأصول:
1) الموقف الصحيح من اختلاف العدد، فههنا مثلاً سورة الناس سبع آيات في العدد المكي والشامي، وست آيات فيما سواهما؛ فهل ستتأثر تلك الدراسات بهذا الخلاف أم إنه خلاف لا يؤثر، والأمر انتقائي فحسب.
2) الموقف من اختلاف القراءات.
3) المنهج الصحيح في العد، والفرقان بين المنهج الصحيح المعتبر وغيره.
4) القواعد التي يميز بها القارئ بين الاجتهادات المقبولة وغير المقبولة.
5) توافق النظائر، وهي مسألة مهمة، لأن المسائل التفصيلية التي تندرج تحت مسائل عامة ينبغي أن يكون للنظير فيها حكم نظيره لئلا يقع الباحث في تهمة التحكم والانتقاء المجرد المبني على توافق النتائج سلفاً
فمثلاً من خلال المثال المذكور آنفاً في سورة الطارق وهو عرض عجيب فعلاً يدل على كثرة عنايتك بهذا الجانب لكن هل يمكن القول بنظيره في سور النصف الأول حتى لا يكون الاختيار مبنياً على الانتقائية المجردة؟
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[04 Jun 2009, 03:38 م]ـ
أحيي الأخوين الفاضلين - بارك الله فيهما
وأنا من المتحفظين على ما يسمى بالإعجاز العددي لعدم وضوح أصوله وقواعده وما يمكن أن يميز به بين الاجتهاد المقبول والتكلف والتمحل غير المقبول ...............
فمثلاً من خلال المثال المذكور آنفاً في سورة الطارق وهو عرض عجيب فعلاً يدل على كثرة عنايتك بهذا الجانب لكن هل يمكن القول بنظيره في سور النصف الأول حتى لا يكون الاختيار مبنياً على الانتقائية المجردة؟
الأخ الفاضل:
بالنسبة للشق الأول: يتم تحقيق ذلك من خلال عمل مؤسسي، وجهود فريق من العاملين، وهو ليس بالأمر الصعب ..
بالنسبة للشق الثاني:
الجواب نعم. سورة العنكبوت هي السورة التي تتوسط سور النصف الأول من القرآن، وتختزن مفتاح الترتيب في هذه المجموعة من السور، مع مراعاة أن سورة العنكبوت هي إحدى سور الفواتح، وبذلك فهي مختلفة عن سورة الطارق، وهذا ينعكس على نظام الترتيب المخزن في السورة. حيث سيكون باتجاهين.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[14 Aug 2009, 10:45 ص]ـ
ومن غريب ما قرأت في هذا الموضوع ما ذكره أبو الثناء الآلوسي في تفسيره بقوله: (ثم إنه قيلَ: إنَّ حُروفَ هذه السورةِ غيرَ الْمُكَرَّرِ اثنان وعشرون حَرْفًا، وكذا حروفُ الفاتحةِ، وذلك بعددِ السنينَ التي أُنْزِلَ فيها القرآنُ فلْيُرَاجَعْ.
وبعدَ أن يُوجَدَ الأمرُ كما ذُكِرَ لا يَخْفَى كونُ سِنِي النزولِ اثنتَيْن وعشرينَ سنةً قولاً لبعضِهم، والمشهورُ أنها ثلاثٌ وعشرون ا. هـ.
ومثلُ هذا الرمزِ ما قيلَ: إنَّ أوَّلَ حُروفِه الباءُ وآخرَها السينُ، فكأنه قيلَ بس أي حَسْبَ، ففيه إشارةٌ إلى أنه كافٍ عمَّا سِواهُ، ورُمِزَ إلى قولِه تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} وقد نَظَمَ ذلك بعضُ الفُرْسِ فقالَ:
أوَّلُ وآخِرُ قرآنٍ زجه با آمد وسين = يعني اندرد وجهان رهبر ما قرآن بس
ومثلُه مِن الرموزِ كثيرٌ.
لكن قيلَ: لا يَنبغِي أن يُقالَ: إنَّ مُرادَ اللهِ عزَّ وجلَّ في هذه السورةِ إلى الاستعانةِ به تعالى شأنُه كما أَرْشَدَ جَلَّ وعلا إليها في الفاتحةِ، بل لا يَبْعُدُ أن يكونَ مُرادُه تعالى على القولِ بأنَّ ترتيبَ السوَرِ بوَحْيِه سُبحانَه مِن خَتْمِ كتابِه الكريمِ بالاستعاذةِ به تعالى مِن شَرِّ الوَسواسِ الإشارةَ كما في الفاتحةِ إلى جلالةِ شأنِ التقوى والرمزِ إلى أنها مِلاكُ الأمرِ كلِّه وبها يَحْصُلُ حُسْنُ الخاتِمَةِ، فسُبحانَه مِن مَلِكٍ جَليلٍ ما أَجَلَّ كَلِمَتَه، وللهِ دَرُّ التنزيلِ ما أَحْسَنَ فاتحتَه وخاتمتَه). [روح المعاني: 29/ 287 - 288]
وهذا يصلح مثالاً لما يؤول إليه التكلف
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[14 Aug 2009, 12:46 م]ـ
وهذا يصلح مثالاً لما يؤول إليه التكلف
هذا صحيح. بل وأسوأ من التكلف.
ثم إن عدد حروف الفاتحة غير المكرر21 حرفا (3 × 7) وقد خلت من (7) أحرف ..(/)
حمل (االدكتوراه) في البلاغة د. ابراهيم السماعيل
ـ[يوسف الحوشان]ــــــــ[01 Jun 2009, 05:51 م]ـ
تكرم الاخ الدكتور: إبراهيم بن عبد الله بن غانم السماعيل
باهداء رسالته في الدكتوراه لاخوانه في المنتدى ويرغب من الجميع
ابداء الملحوظات التي تثري البحث
(الدرر الحسان شرح عقود الجمان في المعاني والبيان
للعلامة عبد الرحمن بن عيسى المرشدي
(975 – 1037 هـ)
(من أول الكتاب إلى نهاية علم المعاني)
دراسة وتحقيقاً
رسالة مقدمة لنيل درجة (الدكتوراه) في البلاغة
إشراف
أ. د. محمد بن علي الصامل
الأستاذ في قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي
العام الجامعي: 1428/ 1429 هـ
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[01 Jun 2009, 07:39 م]ـ
جزاك الله خيراً أستاذي الفاضل د. يوسف على هذه الهدية وجزى شيخنا الفاضل الدكتور إبراهيم السماعيل خير الجزاء على هذه اللفتة الكريمة أسأله تعالى أن لا يحرمكم الأجر ويزيدكم علماً وينفعنا وإياكم بما علمنا اللهم آمين.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[01 Jun 2009, 07:58 م]ـ
جزاك الله خيراً أستاذي الفاضل د. يوسف على هذه الهدية وجزى شيخنا الفاضل الدكتور إبراهيم السماعيل خير الجزاء على هذه اللفتة الكريمة أسأله تعالى أن لا يحرمكم الأجر ويزيدكم علماً وينفعنا وإياكم بما علمنا اللهم آمين.
اللهم آمين.
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
لقد اطلعت على ما يسر الله لي أن أطلع عليه من هذه الدراسة المفيدة.
ولقد لا حظت أن صاحب الكتاب المرشدي ماتريدي، وكنت أتمنى أن أرى بحثا في الدراسة يبين مدى تأثر المرشدي بالمذهب الماتريدي في شرحه للكتاب، فالسيوطي منهجه يخالف المرشدي كما أعلم، وليت صاحب الدراسة الدكتور إسماعيل يكمل تحقيقه للكتاب وأسأل الله أن ييسر له ذلك.
وقد ذكرني هذا الكتاب وقد بدأت بقراءته لا أدري لماذا بأصحاب البحوث اللسانية والدرس اللغوي في طريقته، وسأدرس أمرا شدني في كتاب المرشدي بشكل مبسط يبين فكرتي ربما أطرحه هنا في الملتقى.
والله أعلم وأحكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Jun 2009, 11:02 م]ـ
شكر الله لكم يا أبا عبدالله وللدكتور إبراهيم السماعيل هذه الهدية القيمة.
الغريب أنني برغم قربي من الدكتور إبراهيم رعاه الله ونفع به لم أسأله يوماً عن موضوع رسالته للدكتوراه، ولو علمت بأنه في تحقيق هذا الكتاب لسارعت منذ زمن لطلب نسختي منه، لاهتمامي الشديد بألفية السيوطي (عقود الجمان) وشروحها.
أكرر شكري لكما وفقكما الله وبارك فيكما.
ـ[يوسف الحوشان]ــــــــ[02 Jun 2009, 12:56 ص]ـ
شكر الله لكم يا أبا عبدالله وللدكتور إبراهيم السماعيل هذه الهدية القيمة.
الغريب أنني برغم قربي من الدكتور إبراهيم رعاه الله ونفع به لم أسأله يوماً عن موضوع رسالته للدكتوراه، ولو علمت بأنه في تحقيق هذا الكتاب لسارعت منذ زمن لطلب نسختي منه، لاهتمامي الشديد بألفية السيوطي (عقود الجمان) وشروحها.
أكرر شكري لكما وفقكما الله وبارك فيكما.
غفر الله للجميع مرورهم
ولك شيخنا دائما فضل السبق .. وقريبا ارفع رسالته في الماجستير
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[02 Jun 2009, 01:09 ص]ـ
شكر الله صنيعكم، وبارك في جهودكم.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[02 Jun 2009, 05:26 ص]ـ
اللهم آمين.
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
لقد اطلعت على ما يسر الله لي أن أطلع عليه من هذه الدراسة المفيدة.
ولقد لا حظت أن صاحب الكتاب المرشدي ماتريدي، وكنت أتمنى أن أرى بحثا في الدراسة يبين مدى تأثر المرشدي بالمذهب الماتريدي في شرحه للكتاب، فالسيوطي منهجه يخالف المرشدي كما أعلم، وليت صاحب الدراسة الدكتور إسماعيل يكمل تحقيقه للكتاب وأسأل الله أن ييسر له ذلك.
عفوا لقد وجدت إشارة من الدكتور الفاضل في دراسته للأمر الذي أشرت إليه وأتمنى أن ينمي الدكتور هذا البحث أكثر كأمر مستغل، ومن الكتب المفيدة للمقارنة،دراسات في البيان النبوي .. من خلال شرح الإمام الحسن الطيبي 743هـ على مشكاة المصابيح، للدكتور محمد رفعت أحمد.
وهنا سأنقل ما وجدته في الدراسة:
المبحث الرابع: أثر معتقده، ومذهبه في منهجه.
(يُتْبَعُ)
(/)
1) كان المرشدي ـ ’ ــ ماتريديَّ المذهب كما مرَّ في ترجمته ()، وقد ظهر لهذا المعتقد أثر في منهجه، ومنه ما جاء خلال دراسته قوله تعالى: {وَجَاء رَبُّكَ}، حيث قال: " أي أمره وعذابه، فإنّ العقل يدلّ على امتناع مجيء الرب نفسه " ().
2) ومما يمكن ذِكره في جانب المعتقد رده على المعتزلة من خلال وصفه فساد مذهب الزمخشري، وهذا ما جاء في قوله: " قيل ومن الوجوه التي فارقت (لن) فيها
(لا): أن لن موضوعة للتأبيد أي تأبيد النفي، ذكره الزمخشري في الكشاف، ومثَّله بقوله تعالى: {لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً} {وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ}، وبنى عليه مذهبه الفاسد من عدم إمكان الرؤية مطلقاً، مستدلاً بقوله تعالى: {لَن تَرَانِي}. فهي تفيد التأبيد عنده، لكن هذا القول ... متروك، مردود " ().
ومن ذلك حديثه عن الحقيقة العقلية، عندما ذكر مثّل لطريقة المعتزلي في اعتقاده مع أن الناظم وأصله التلخيص لم يمثّلا بهذا المثال، حيث قال: " والثالث: ـ وهو أحد قسمي ما لا يطابق الاعتقاد ـ ما يطابق الواقع فقط؛ كقول المعتزلي ـ لمن لا يعرف حاله، وهو يخفيها منه ـ: خلق الله الأفعال كلَّها.ولمْ يمثل الناظم لهذا القسم ـ تبعاً لصاحب الأصل " ().
ومن ذلك ردّه مذهب المعتزلة، وبيان فساده، وذلك في معرض تعليقه على نقل الخطيبي رأي السكاكي في أسماء الله تعالى، حيث قال: " وأما قول الخطيبي: " إنّ السكاكيّ لا يرى أن أسماء الله توقيفية "، وأخذ ذلك من كلامه على نحو: أنبت الربيع البقل، فضعيفٌ؛ لأنّ مثل ذلك كلامٌ مستطردٌ لا يؤخذ منه قاعدة كلية تقضي بأنْ مذهبه أنّ أسماء الله اصطلاحية؛ لكونه معتزلياً. والظاهر أنّ المعتزلة يرون ذلك. ولو ذهب إليه، فهو مذهبٌ، فاسدٌ، مردودٌ " ().
2) وأما مذهبه الفقهي فهو المذهب الحنفي، وهذا ما ذكره مترجموه ().
وهو ما نصَّ عليه نفسه في هذا الكتاب بقوله في معرض الحديث عن تنكير المسند إليه حيث قال: "أئمتنا الحنفية" ().
) ومن أثر مذهبه الفقهي في بحثه البلاغي ما أفاض الحديث فيه من تقرير القاعدة المشهورة في إعادة النكرة مكررة، حيث قال قبل عرضها: " وهذه القاعدة تتعلق بالتعريف والتنكير كثيرة النفع في كلّ علم، وقد استعملها أئمتنا الحنفية في كتبهم كثيراً، وذكروها في كتب الأصول وقرروها وفرّعوا عليها فروعاً متعددة، منها ما قاله في الهداية: " من قال: سدس مالي لفلان، ثم قال ـ في مجلسه ذلك، أو غيره ـ: سدس مالي لفلان ذلك. فله سدس واحد؛ لأنّ السدس ذُكِر معرّفا بالإضافة. والمعرفة متى أُعيدت معرفة، يراد بالثانية عين الأولى. هذا هو المعهود في اللغة ". ومنها ما قاله في النهاية: " لو قال: أنت طالق نصف طلقة، وربع طلقة. طلقت طلقتين؛ لأنّ المنكّر إذا أعيد منكّراً كان غير الأول. ولو قال: أنت طالق نصف تطليقة، وثلثها، وسدسها.لم تطلق إلا واحدة"؛ للإضافة، وفي التوضيح الأصولي لصدر الشريعة ما نصه: " وإنْ أقرَّ بألف مقيّد بصكّ مرتين. يجب ألف. وإنْ أقرَّ به منكّرا، يجب ألفان، عند أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ إلا أنْ يتحد المجلس ". قال في التلويح: " وهذا بناء على أنّ الثاني غير الأول " انتهى. ومثْل هذا في كتبهم كثيرٌ. " ().
ومن المبحث السادس:
1) خالف المرشدي -عفا الله عنا وعنه- منهج أهل السنة والجماعة عندما أوّل صفة مجيء الله تعالى الواردة في قوله تعالى: {وَجَاء رَبُّكَ}، حيث قال في معرض حديثه عن إيجاز الحذف، حيث قال: " نَعَمْ، قدْ يدلّ العقل على التعيين لخصوص المحذوف أيضاً في بعض المواضع، كقوله تعالى: {وَجَاء رَبُّكَ} أي أمره وعذابه، فإنّ العقل يدلّ على امتناع مجيء الرب نفسه " ().
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[02 Jun 2009, 07:32 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[03 Jun 2009, 05:58 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[03 Jun 2009, 06:02 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
وبارك الله فيكم
وأحسن إليكم(/)
[أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ]
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[01 Jun 2009, 06:36 م]ـ
[أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ]
هذا العنوان جزء من آية من سورة الأنعام، وهي قول الله _تعالى_: [الَّذِيْنَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ].
وهذه الآية فَصَل الله بها القضاء بين إبراهيم وقومه، وقد سبقها قوله _تعالى_: عن إبراهيم _عليه السلام_ لما حاج قومه: [فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ].
ففصل الله بين الفريقين، وحكم لإبراهيم _عليه السلام_.
والظلم في قوله _تعالى_: [بِظُلْمٍ]: هو الشرك، وما دونه من سائر المظالم؛ فالشرك هو أظلم الظلم، ويليه ظلم الإنسان للعباد، ثم ظلمه لنفسه بما دون الشرك.
فمن سلم من أجناس الظلم الثلاثة كان له الأمن التام، والهداية التامة في الدنيا، وفي البرزخ، وفي الآخرة.
ومن أشرك بالله _عز وجل_ لم يكن له أمن، ولا اهتداء على الإطلاق؛ لأن الشرك _أظلم الظلم_ فهو الظلم الرافع للأمن والهداية.
وأما ما دون الشرك من الذنوب فيحصل للعبد أمن بقدر ما معه من الإيمان، وينتفي عنه من الأمن بقدر ما فعل من الذنوب، فيحصل له أصل الأمن، وأصل الهداية دون أن يحصل له كمالها.
والأمن ههنا شامل للأمن في الدنيا، والبرزخ، والآخرة _كما مر_.
كما أنه شامل لأمن الأديان، وأمن الأفكار، وأمن الأبدان، وأمن الأوطان، وأمن القلوب.
وهذا حاصل لمن لم يلبسوا إيمانهم بشرك ولا معاصٍ.
وإذا تأملت هذا تبين لك سببُ النقص الذي يعترينا من هذا الناحية، وتبين الجواب لمن يقول: لماذا لا نشعر بالأمن التام، والطمأنينةِ في قلوبنا مع أننا لا نشرك بالله، وهل ذلك الأمن والطمأنينة في الآخرة فحسب؟
ويجاب عن ذلك _كما مر_ بأن يقال: إن سبب ذلك هو التفريط ببعض أفراد الإيمان وشعبه؛ فقد يكون سبب ذلك الخوفِ، وقلةِ الأمن _ ارتكابَ بعض الذنوب كالفواحش، والقطيعة، والعقوق، والظلم ونحو ذلك؛ فيعاقب الفرد والجماعة على ذلك، بحيث يشيع القلق، والخوف، وسوء الظن، ويشعر الإنسان بالاضطراب، وقلة الطمأنينة.
وإذا شاع في المجتمع توحيدُ الله، والتواصي بالصبر وبالمرحمة، وساد فيه العدل، والإحسان، والتكافل، والوفاء، والسماحة، وحسن الظن _ حلت فيه الراحة، والطمأنينة، ورفرفت على أجوائه السعادة، والأمن.
وهكذا الحال للأفراد، فَمَنْ تَمَثَّل تلك المعاني عاش في سرور، وراحة، وأمن نفسي.
فحقيق علينا أن نشيع في أوساطنا معنى الأمن بمفهومه الشامل: أمن الفكر، وأمن الأبدان، وأمن القلوب.
وأن نستشعر أن التفريط في ذلك أو شيء منه _ خسارة يتحملها كل مَنْ شارك فيها، أو لم يكن له يدٌ في درئها وهو قادر على ذلك.
وأن ندرك أن الأمن والنعيم يدرك في الدنيا كما يدرك في الآخرة مع عظم التفاوت في ذلك، بخلاف من يظن أن ذلك إنما يكون في الآخرة، وأن نعيم الدنيا إنما هو للكفار؛ خصوصاً إذا رأى ما هم عليه في الدنيا من الرياسة والمال؛ فيعتقد _كما يقول ابن تيمية_ أن النعيم في الدنيا لا يكون إلا لأهل الكفر والفجور، وأن المؤمنين ليس لهم ما يتنعمون به في الدنيا إلا قليلاً.
فهذا خطأ وجهل، بل العكس هو الصحيح، فأهل الإيمان حقاً هم أسعد الناس وأشرحهم صدراً في هذه الدنيا، وأهل الكفر والفجور أشد الناس قلقاً وهماً وكدراً.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله_ مقرراً هذا المعنى: "وكل هذا محسوس مجرَّب، وإنما يقع غلط أكثر الناس أنه قد أحس بظاهرٍ من لذات أهل الفجور وذاقها، ولم يذق لذَّات أهل البرِّ ولم يخبرها".
قال ابن الجوزي –رحمه الله-: في حال من يتطلع، ويمد طرفه إلى أرباب الدنيا: "فإياك أن تنظر إلى صورة نعيمهم؛ فإنك تستطيبه؛ لبعده عنك، ولو قد بلغته كرهته، ثم في ضمنه من محن الدنيا والآخرة ما لا يوصف؛ فعليك بالقناعة مهما أمكن ففيها سلامة الدنيا والدين".
وقد قيل لبعض الزهاد_وعنده خبز يابس_: كيف تشتهي هذا؟ فقال: "أتركه حتى أشتهيه".
قال الحسن –رحمه الله- في العصاة: "إنهم _ وإن طقطقت بهم البغال، وهملجت بهم البراذين _ إن ذل المعصية لا يفارق قلوبهم؛ أبى الله إلا أن يُذلَّ من عصاه".
فأهل المعصية يجدون في أنفسهم الذلة، والشقاء، والخوف، حتى وإن رآهم الناس بخلاف ذلك، ولو تظاهروا بالسعادة والسرور، ولو كانوا من الشهرة وبعد الصيت بمكان عال، ولو كانت الدنيا طوع أيمانهم وشمائلهم؛ فالذل والضنك لا يفارقهم، بل يزيد كلما زادوا بعداً عن ربهم.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-: "ولهذا تجد القوم الظالمين أعظم الناس فجوراً، وفساداً، وطلباً لما يروِّحون به أنفسهم من مسموع، ومنظور، ومشموم، ومأكول، ومشروب.
ومع هذا فلا تطمئن قلوبهم بشيء من ذلك.
هذا فيما ينالونه من اللذة، وأما ما يخافونه من الأعداء فهم أعظم الناس خوفاً، ولا عيشة لخائف.
وأما العاجز منهم فهو في عذاب عظيم، لا يزال في أسف على ما فاته، وعلى ما أصابه.
أما المؤمن فهو مع مقدرته له من الإرادة الصالحة، والعلوم النافعة ما يوجب طمأنينة قلبه، وانشراح صدره بما يفعله من الأعمال الصالحة، وله من الطمأنينة وقرة العين ما لا يمكن وصفه.
وهو مع عجزه_أيضاً_له من أنواع الإرادات الصالحة، والعلوم النافعة التي يتنعم بها_ما لا يمكن وصفه".(/)
القراءة الجديدة للنص الديني
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Jun 2009, 06:39 م]ـ
القراءة الجديدة للنص الديني
(الباطنيون الجدد والقراءة المتهافتة للنص الديني)
تأليف: الدكتور عبد المجيد النجار
عرض: محمد العواودة
يرصد الدكتور عبد المجيد النجار في كتابه القيم " القراءة الجديدة للنص الديني " (إصدار مركز الراية للتنمية الفكرية، 2006) أفكار أبرز رواد المدرسة التأويلية الجديدة، أو " الباطنيون الجدد " كما يحب أن يسميهم وهم: نصر حامد أبو زيد، جمال البنا، عبد المجيد الشرفي، محمد الشرفي، محمد سعيد العشماوي، محمد محمود طه، محمد شحرور، محمد أركون.
والمدرسة التأويلية الجديدة التي يقدم لها النجار - الذي بات متخصصا قصريا في التصدي لهذه المدرسة في مجمل كتبه ورسائلة وتعليقاته- ليست جديدة بمعنى أنها بدعا من بنات أفكار هؤلاء الرواد؛ وإنما هي امتداد لأفكار بعض الليبراليين العرب في بواكير القرن الماضي أمثال قاسم أمين اللذين تبنوا خطاب الإصلاح الديني الغربي، وصولا إلى محمد عبده الذي يعتبر المؤسس لهذا الخطاب وداعيته في العصر الحديث.
إلا أن ما يميز هذه المدرسة التي يعرض لها النجار خطابها الفج وجرأتها على الدين الإسلامي بشكل غير مسبوق، وتبنيها منهجية وأدوات التحليل الاستشراقي الغربي في تفسير النصوص الدينية بالقراءة التفكيكية من زاوية العلوم الأدبية والإنسانية للطعن في قدسية النص الديني مثل: التاريخية، والهرمنيوطيقا، والنسبية، والرمزية، وإدخال بعض المعادلات والقوانين الرياضية، حتى يغدو النص الديني بهذا التفسير مجموعة من النصوص الوضعية تمكن من قراءته وبناءه من جديد من خلال جملة من المقاصد والمعاني ذاتية القراءة.
ومع أن النجار اكتفى بذكر هؤلاء الرواد كونهم أهم المؤسسين المعاصرين لهذا الخطاب إلا أن هذه المدرسة لا تقف عند حدودهم بل تمتد لتشمل الكثيرين من أتباعها والمتساوقين بفكرها من المثقفين والاكادميين والكتاب العرب المعاصرين، الذين لا تسع هذه العجالة عرض آرائهم ومناقشة كتبهم أمثال: صادق بلعيد، حسن حنفي، صادق جلال العظم، الطيب التيزيني، تركي علي ربيعو، سيد القمني، عبد الهادي عبد الرحمن، أنور خلوف ......
فخلاصة آراء هذه المدرسة تقدم الدين الإسلامي على أنه ليس هو هذا الدين الذي تدينت به الأمة طيلة أربعة عشر قرنا، وإنما هو شيء آخر ما تزال النصوص متضمنة إياه بافهام أخرى تنتظر من يستخرجها، معتمدين في ذلك على عدة عوامل لتحقيق هذه الغاية أهما إهدار التراث الإسلامي كونه منافيا لمفاهيم العدل والمساواة وحقوق الإنسان، ما تطلب عندهم إحالة تأويل النص لذاتية مطلقة من حق كل فرد أن يمارسها باحتمالات غير متناهية من المعاني يتحكم في أساسها الضمير الإنساني.
في سياق رده على هذه القراءة الجديدة، فإن النجار يبين تهافتها وعدم أصالتها من عدة وجوه تجتمع على أنها تعاملت مع النص الديني كما لو كان نصاً بشريا، مهدرة بذلك أو تكاد طبيعة كونه وحيا من الله، ومتجاوزة في كثير من الأحيان طبيعتة اللغوية وما تقتضيه قوانين اللغة العربية من وجوه الدلالة على المعاني بحجة أن الألفاظ هي ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم أو إن لم تكن كذلك فقد طالها التغيير البشري لأن مقصود كلام الله عندهم خاص بالمعاني دون الألفاظ.
وحينما حُددت طبيعة النص الديني في هذا الاتجاه من الوصف بالبشرية والتاريخية والظنية فإن القراءة التي مورست عليه كانت في طابعها العام قراءة اسقاطية بما هو حاضر سلفا في الأذهان بمقتضى انتماءات مذهبية ومواقف أيديولوجية باعتبارها أحد الاحتمالات الممكنة لهذا النص مادام نصا مفتوحا على احتمالات غير متناهية.
فقد كان أغلب هؤلاء القراء الجدد للنص الديني ممن تكونوا ثقافيا على الفكر العلماني - بشقيه اليساري والرأسمالي - حتى أصبحت كبرى قضاياه مسلمات بالنسبة إليهم وعلى اعتبارها مدلولا من مدلولات النص واحتمالا من احتمالاته، فقد كان من تلك المسلمات على سبيل المثال: فكرة التغيير المطلق التي انبنت عليها الفلسفة العلمانية في تقديرها للطبيعة كما بدا في نظرية التطور، وفي تقديرها للقيم الإنسانية كما بدا في المذهب الأخلاقي الاجتماعي، وفي تقديرها للماهية الإنسانية ذاتها كما بدا في الفلسفة الوجودية، وشخصنة الدين
(يُتْبَعُ)
(/)
وفصله عن الحياة العامة كما في فكرة العلمانية وإسقاط القانون الوضعي فيما يتعلق بالعقوبات والأحوال الشخصية على النص الديني، منتهين إلى أن هذه الإسقاطات التي يسموها قراءة جديدة لا تحمل صفة موضوعية ثابتة في النص وإنما هي قيم متغيرة بتغير الظروف والأوضاع ينبغي التأول فيما يناسبها من المعاني والأحكام.
إن ما أثاره هؤلاء المؤولة من مطاعن في موثوقية النص الديني يكاد يكون كله مستصحبا لما أثاره المستشرقون من شبهات متعلقة بالقرآن والحديث منذ ما يزيد على قرنين، فالاستدلال على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو ذاته الذي منع تدوين الحديث، فيه ضحالة فكرية كبيرة عند الوعي أن المنع كان تحوطا لكي لا يختلط ما هو قرآن بما هو حديث وهو ما ينافي أيضا قوله تعالى " وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " (الحشر، 7) وقوله " يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " (الأعراف، 58) " فهذا خطاب عام يدلل بوضوح على موثوقية السنة وديمومتها، ولا يمكن فهمه على أنه خطاب محصور بالزمان والمكان وإلا كانت الرسالة نفسها لا تتجاوز ذلك الزمان وذلك المكان، كما أن الأمر قد اقتضى المنع من التدوين ولم يقتضي المنع من الحفظ ولم يقتضي المنع من العمل بالسنة والفرق جلي واضح بيهما، ولئن كان الحديث النبوي قد داخله الوضع حقا فإن هذا النص النبوي قد حظي من العلوم المنهجية التي تميز صحيحة من سقيمه بما لم يكن له سابقة أو لاحقة في التاريخ الثقافي الإنساني وهي تلك العلوم التي تتحرى الصادق من غيره في الرواية المنقولة.
أما ما اعتمدته هذه القراءة من تشكيك في موثوقية القرآن من حيث انتقاله من النبي صلى الله عليه وسلم مقروءا إلى المسلمين بعد ذلك مكتوبا فليس من غاية لهذا التشكيك إلا أن يكون مدخلا لبعض تأويلاتهم الباطلة للنص القرآني، فإن الفيصل في ذلك ما يقدمه القران نفسه للناس فيما إذا كانت لغته نبوية بشرية أو إلهية، فالمعاني وحدها لو كانت هي النازلة في قوله تعلى " إنا أنزلناه قرآنا عربيا " (يوسف، 2) فإنها لا توصف بأنها عربية إذ هي من المشترك بين جميع أهل اللغات، وإنما الألفاظ من حيث ذاتها ومن حيث نظمها ودلالتها على معانيها هي التي توصف بذلك.
أما القول: إن القران قد زيد فيه في عصر التدوين بعد وفاة النبي فهذا أيضا قول متهافت، فما جمع في عهد عثمان لم يكن سوى جمع لما دون في السطور متفرقاً بما يماثل ما هو محفوظ متواتراً في الصدور، والادعاء بحصول تغير في القرآن بتدوينه على ترتيب غير ترتيبه الزمني لا يخضع لأي أساس منطقي، وهو ادعاء مردود أيضا لأن الترتيب التوقيفي للقرآن الذي هو مدون به الآن في المصحف كان ترتيبا مصاحبا لنزوله فما من آية نزلت على النبي عليه السلام إلا أمر كتّابه أن يضعوها في مكانه التوقيفي من سورته فعندما اكتمل النزول كان الترتيب التوقيفي مكتملا، وعلى حد زعم هؤلاء الباطنية لن يكون الدين والتاريخ الإسلامي كله إلا أكذوبة كبرى صنفها رجال متواطئون على الباطل، وهذه النتيجة لا يقبلها عقل سليم حينما يتعلق الأمر بجهود أمه بأكملها في فهم دينها من مصدره المحفوظ.
ومما وقعت فيه هذه القراءة من مزالق خطرة؛ تقدير العلاقة بين النص فيما يتضمنه من حكم شرعي وبين المقصد الذي من أجله شرع ذلك الحكم، وكذلك تقدير العلاقة بين ذلك النص وبين ما يجري به واقع الحياة الانسانيه، فهذه العلاقة المزدوجة أقيمت في القراءة الجديدة على خلل كبير في كل من طرفيها، لأن النص الديني إذا كان قد حدد مقاصد ما يتضمنه من أحكام فإنه أيضا قد حدد أحكاما تفضي إلى تلك المقاصد وجعل هذا مرتبطا بذاك وملازما له ولم يوجه هذا النص بأي حال من الأحوال إلى أن تلك المقاصد إذا ما أمكن تحقيقها بغير الأحكام الموضوعة لها فإنه يمكن إهدار تلك الأحكام، فبأي مبرر إذن تلغى الأحكام إذا ما تحققت مقاصدها بطريق غيرها؟
إن المقصد من أي حكم محدد يتضمنه النص الديني إذا كان باديا في تحقيق مصلحة أو درء مفسدة جراء تطبيق ذلك الحكم فان ذلك المقصد يتضمن بصفة أساسية إيقاع الحكم نفسه، فإذا ما أهدر ذلك الحكم فقد أهدر المقصد أو شطر كبير منه وذلك أيما حكم من أحكام الدين في المفهوم الإسلامي عبادة كان أو معاملة فان مقاصده الأساسية عبادة الله تعالى وطاعته في تطبيق ذلك الحكم مهما يكن له من مقصد يتعلق بالمصلحة الدنيوية.
ولكن يبقى أخطر ما يعتمده هؤلاء المفكرون في قراءتهم الجديدة - كما يرى النجار- معادلة النص والواقع بحيث تجعل ما يجري به الواقع من قيم ثفافيه وحضارية وحقوقية هي الحكم الذي يحتكم إليه في تبين دلالة النص الديني وفي استبدال الأحكام المستفادة من النص بمقتضى تلك الأدلة بما يقتضيه الواقع الجاري بأوضاعه المتغيرة على الدوام، فلا يكون بحسب هذه القراءة للنص الديني مضمون موضوعي ثابت، فإذا ما كان هذا الواقع هو القيم على النص الديني بحيث يقع تأويله بحسب ما ينقلب إليه الواقع من أوضاع لتكون مضمونا له، فإن ذلك سيفضي لا محالة إلى أن يكون هذا النص متضمنا في بعض الأزمان الأمر باعتقاد الباطل وفعل الشرور باعتباره دينا!! وتصوره يكفي في رده وبطلانه.
ولنا أن نتصور فظاعة هذا المآل الذي تنتهي إليه القراءة الجديدة بهذا التأويل الواقعي، ٍ فتصبح القيم والقوانين السائدة في هذا الواقع هي التي يؤول على أساسها النص القرآني، لتبقى مهمة النص الديني مقصورة على التوجيه الروحي دون محددات الأحكام.
http://www.alrased.net/show_topic.php?topic_id=808
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[01 Jun 2009, 07:13 م]ـ
جزاك الله خيرا.
مقالة مفيدة، وإن كان كاتبها لم يلتزم بحدود العرض، وإنما جعل كلام د. النجار منطلقا للحديث برأيه الخاص في الموضوع.
والفرق كبير بين أن تعرض كتابا، وبين أن تتخذه مدخلا لإبداء الرأي، وأن تقول على لسان الآخر ما لم يقله بفمه أو قلمه. ومن ذلك: إضافة أسماء كتاب آخرين لم يذكرهم د. النجار في معرض النقد، وادعاء أن نقد النجار ينطبق عليهم بنفس الدرجة.(/)
طه عبد الرحمن والقراءة الجديدة للقرآن بـ"روح الحداثة"
ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[01 Jun 2009, 07:12 م]ـ
"روح الحداثة" في قراءة القرآن ... الابداع والتقليد وتقليد الإبداع!
الحياة
2006 - 04 - 01
عبد الرحمن الحاج
تذكرنا فكرة «روح الحداثة» التي يتحدث عنها طه عبدالرحمن – في كتابه الاخير «روح الحداثة: المدخل الى تأسيس الحداثة الاسلامية» (المركز الثقافي العربي 2006) – بفكرة الفيلسوف الألماني يورغن هابرماز في كتابه الشهير «القول الفلسفي للحداثة»، فكلاهما يجرد الحداثة من «واقعها» وتجلياتها التاريخية، غير ان طه عبدالرحمن يسعى اكثر من ذلك الى ايجاد تجل تاريخي خاص بالنسق الثقافي والتاريخي الاسلامي، على أساس ان كل التطبيقات الحداثية التي جرت حتى اليوم على الاسلام هي تطبيقات حداثية منقولة مقلّدة، منسوجة على منوال التاريخ والثقافة الغربية، أي على «واقع الحداثة» لا روحها.
وبالطبع فإن أي تطبيق للقراءة الحداثية يتركز على «النصوص المؤسسة»، والقرآن الكريم بوجه خاص، وانطلاقاً من ذلك فإن القراءة الحداثية المقلدة للغرب هي قراءة مبدعة في كثير من الاحوال، لكن ما «أبدع» منها فإبداعه «مفصول»، اما «الابداع الموصول» – بحسب طه عبدالرحمن – فهو «التطبيق الاسلامي» لروح الحداثة، وعلى هذا الاساس فإن مساعي القراءات المقلدة تقوم على اصول وخطط واستراتيجيا تقود جميعها الى مآل واحد: أنسنة النص وأزخنته ورفع غيبيته.
يدخل المؤلف في تفاصيل «الخطط الحداثية المقلدة» الثلاث:
خطة التأنيس او الانسنة، التي تستهدف اساساً رفع عائق القدسية بنقل النظر الى الآيات القرآنية الكريمة من الوضع الالهي الى الوضع البشري، عبر ادوات لغوية واصطلاحية مفهومية، تعتمد حذف العبارات «التبجيلية» التقديسية (مثل: القرآن الكريم، الآية الكريمة، قال الله تعالى ... الخ)، واستبدال مصطلحات جديدة ذات أبعاد مادية بما كان يتداول من مصطلحات ذات ابعاد ايمانية (مثل: «الظاهرة القرآنية» بدل «نزول القرآن»، و «المدونة القرآنية» بدل «القرآن الكريم» أو «المصحف الشريف»)، والتسوية في رتبة الاستشهاد بين الكلام الالهي والكلام الانساني، ليؤدي ذلك كله الى التركيز على السياق الثقافي للنص القرآني، وإشكالية فهمه وتأويله، وعدم استقلالية النص القرآني عن مصدره (محمد – صلى الله عليه وسلم – وبيئته)، وعدم اكتمال النص القرآني.
في خطة العقلنة (في القراءة الحداثية المقلدة) التي تستهدف رفع الغيبية بوصفه عائقاً امام القراءة الحداثية التاريخانية يتم نقد علوم القرآن، واعادة تعريف النص القرآني ذاته من خلالها، والتوسل بالمناهج المقررة في علوم الاديان، والعلوم الاجتماعية، وخصوصاً «اللسانيات» و «السيميائيات» و «علم التاريخ» و «علم الاجتماع» و «علم النفس» و «التحليل النفسي»، ومآل ذلك كله: تغيير مفهوم «الوحي»، والتأكيد على ان «ما ثبت من الاوصاف والاحكام والحقائق بصدد «التوراة» و «الانجيل» يثبت ايضاً بصدد القرآن، لان ما ثبت للشيء ثبت لمثله»، وتقديم النص القرآني نصاً غير متماسك ولا متسق، وغلبة الاستعارة والرمزية والأسطرة ولاعقلانية الايمان الذي يريد القرآن تقديمه.
أما خطة الأرخنة التي تستهدف اطلاقية القرآن، وتحويلها الى نسبية ظرفية مرتبطة بمكانها وبيئتها وزمنها فهي تحاول ان تستند الى توظيف المسائل التاريخية العامة واسباب النزول، والتقسيمات الكلاسيكية في علوم القرآن: «المكي» و «المدني» في آيات القرآن الكريم، والتقليل من دور الآيات التي تقدم احكاماً الزامية، والتفريق بين القانوني والتشريعي الديني. ويستمر تعميم الأرخنة على هذا المنوال ليشمل العقائد ذاتها.
وتتوج هذه العملية الواسعة بالدعوة – عموماً – الى «تحديث الدين»، اذ تدعو هذه القراءات الى «ان نستخلص من النص القرآني تديناً ينسجم مع فلسفة الحداثة».
(يُتْبَعُ)
(/)
ينتقد طه عبدالرحمن هذه القراءات المقلدة بانها غير مبدعة في حقيقتها، فهي مستمدة من «واقع الصراع الذي خاضه «الأنواريون» في أوروبا مع رجال الكنيسة، والذي افضى بهم الى تقرير مبادئ ثلاثة أنزلت منزلة قوام الواقع الحداثي الغربي» وهي مركزة الانسان مكان الإله، والعقلانية، والدنيوة، وهذه العملية الاسقاطية للقراءات الحداثية على القرآن لا تتحقق من دون ايجاد مناسبة بين الوسيلة وموضوعها، ولا مناسبة، كما ان كثيراً من المنهجيات والنظريات التي نقلها هؤلاء لم يتمكنوا عموماً منها، ولا بأصولها الفلسفية والنظرية، اضافة الى ذلك فإن الآليات والادوات التي اعتمدت تجاوزها البحث العلمي، ووقعت في فخ التاريخانية ذاته!
هذا التقليد «الصريح» لما أنتجه واقع الحداثة الغربية كما يراه بالمؤلف، يدفعه الى البحث عن «قراءة حديثة مبدعة»، انطلاقاً من فكرته عن «روح الحداثة» التي توظف ضمن قناعة بأنه «بموجب الحقيقة التاريخية الاولى ان الفعل الحداثي الاسلامي لا يقوم الا على اصل التفاعل مع الدين» أي ما يسميه «الابداع الموصول» أي الذي يصل مع الدين ولا يقطع معه، وتأسيساً على ذلك فإن شرط الابداع في «القراءة الحداثية الموصولة» للقرآن تتوضع في ترشيد التفاعل الديني، وتجديد الفعل الحداثي لا نقله.
اما خطط هذه القراءة الثلاثية فهي تبدو نوعاً من المواجهة الايديولوجية لخطط «القراءات الحداثية المقطوعة» الثلاثية ايضاً، اكثر منها تأسيساً معرفياً للقراءة القرآنية، فالخطة تشمل ما سماه «التأنيس المبدع» الذي يعيد «مركزة الإله» في المشهد الكوني القرآني ولكنه يتقدم باتجاه «تكريم الانسان» كما لو ان غاية القرآن هي الانسان! وهذه الخطة (المواجهة) تحافظ على مكسبين الاول: لا تضعف التفاعل الديني، والثاني انها لا تحدث «أي اخلال بالفعل الحداثي»! وتؤدي غايتها في «تحقيق الابداع الموصول»، العنصر الثاني في الخطة «التعقيل المبدع». والتعقيل المبدع هذا ليس الا توسع العقل عبر استثمار كل الوسائل والمنهجيات الحديثة، وبه يتحقق – بحسب فيلسوفنا – ان لا يكون التعامل العلمي مع القرآن الكريم مؤدياً الى ضعف التفاعل الديني معه.
العنصر الثالث في خطته فهو «التأريخ المبدع»، فهو بدل محو الاطلاقية يستند الى السياقات التاريخية باعتبارها دلالة زائدة على النص ومفيدة في ترسيخ قيمه، وذلك استناداً الى مبدأي «التدبر» و «الاعتبار» القرآنيين، وبذلك فإن التاريخانية لن تضر بالفعل الحداثي بقدر ما ستكون مفيدة له، وهي «أكثر تغلغلاً في الحداثة» القراءات المقلدة.
وبهذه العناصر الثلاث «تتقوض» القراءة الحداثية المقلدة.
«لا دخول للمسلمين الى الحداثة الا بحصول قراءة جديدة للقرآن الكريم» كما يقول المؤلف، هذا صحيح الى حد كبير، ولكن ما قدمه في خطته «للقراءة المبدعة» – فضلاً عن انه مسكون في مواجهة ايديولوجية مع الآخر – يعتمد على بلاغة لفظة «الابداع» كما لو ان سحر اللفظ يفي بالغرض، ويفتقر الى جانب عملي على الاقل في موازاة ما شرحه من آليات وأدوات ووسائل للقراءات الحداثية المقلدة.
ثم ان ما يشرحه عبدالرحمن حول ما سماه «القراءات الحداثية المقلدة» مفهوم واضح، لكنه عندما يستند الى مفهوم الحداثة ذاته فإنه يقوم بالنقل والتقليد، ومبرراته في مطلع الكتاب لا تقنع، اذ يبقى المصطلح مأخوذاً من مجال تداولي أفرزه «واقع الحداثة» الغربي (على حد اصطلاحه)، ولا ينفك عنه، ألن يكون أكثر اتساقاً مع نفسه لو أنه لجأ مثلاً الى مفهوم «روح الحضارة الاسلامية» الذي سكه محمد الفاضل بن عاشور بدلاً عن «روح الحداثة»؟
--------------------------------------------
انظر المقال في صحيفة الحياة (الطبعة الدولية) على الوصلة:
http://www.daralhayat.com/archivearticle/101933
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Jun 2009, 08:35 م]ـ
"روح الحداثة" في قراءة القرآن ... الابداع والتقليد وتقليد الإبداع!
«لا دخول للمسلمين الى الحداثة الا بحصول قراءة جديدة للقرآن الكريم» كما يقول المؤلف، هذا صحيح الى حد كبير، ولكن ما قدمه في خطته «للقراءة المبدعة» – فضلاً عن انه مسكون في مواجهة ايديولوجية مع الآخر – يعتمد على بلاغة لفظة «الابداع» كما لو ان سحر اللفظ يفي بالغرض، ويفتقر الى جانب عملي على الاقل في موازاة ما شرحه من آليات وأدوات ووسائل للقراءات الحداثية المقلدة.
[/ url]/color]33
سؤال أرجو أن يجيب عليه الأستاذ عبد الرحمن:
حين وافقت المؤلف على عبارته: «لا دخول للمسلمين الى الحداثة الا بحصول قراءة جديدة للقرآن الكريم» وقلت هذا صحيح إلى حد كبير، هل هذه موافقة على الوسيلة والغاية؟
بمعنى آخر هل أنت مع المؤلف بأن المسلمين بحاجة إلى الدخول إلى الحداثة؟
إذا كان الجواب بنعم، فهل ممكن أن تذكر لنا لماذا؟
ومهي الأسس التي تقوم عليها القراءة الجديدة للقرآن؟
وأرجو أن يتفاعل الأستاذ عبد الرحمن مع ما يطرحه الأعضاء من استفسارات، حتى يكون للمواضيع التي يطرحها ثمره.
مع تقديري للجميع(/)
لسانيات الخطاب القرآني: مظاهر الاتساق و الانسجام. للأستاذة الدكتورة خديجة إيكر.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[02 Jun 2009, 03:29 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الإخوة الأفاضل:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
بمناسبة طرح موضوع توظيف اللسانيات في دراسة الخطاب القرآني، فإنه يسعدني أن أعيد تقديم تقرير عن أطروحة جامعية في الموضوع، تقدمت بها الأستاذة الدكتورة خديجة إيكر، ماجستير تخصص لسانيات، و دكتوراه الدولة تخصص علوم القرآن والتفسير، وأستاذة اللسانيات وعلوم اللغة، و علوم القرآن بكلية الآداب و العلوم الإنسانية، جامعة شعيب الدكالي، الجديدة، المغرب.
أمضت الباحثة سنوات طوال في إعداد هذه الدراسة تجاوزت خمسة عشر سنة، وأجيزت أطروحتها من قبل لجنة المناقشة بأعلى ميزة: ممتاز.
و عالجت الباحثة القضية بموضوعية، وباحترافية عالية، مكنتها من الكشف عن أمر نذهل عنه ـ غالبا ـ نتيجة عدم الاطلاع الكافي على تراثنا التفسيري، ونتاجنا المعرفي في مجالي اللغة و علوم القرآن من جهة، وعدم الانفتاح على الدراسات العلمية الرصينة في اللسانيات، و مناهج تحليل الخطاب من جهة أخرى، مما يفوت علينا فهم تراثنا واستيعابه كمدخل أساسي للإبداع. وعدم القدرة على التواصل الإيجابي مع الآخر بغية إبراز عبقرية حضارتنا الإسلامية، و نبوغ علمائنا الأجلاء.
إن المفسرين هم لسانيون بامتياز، و المشكل يكمن في أن أغلبنا لا يمتلك الأدوات المعرفية والمنهجية اللازمة للكشف عن ذلك. وهذا الأمر ليس من باب المزايدة، أو أنه نتيجة عقدة الآخر، فادعينا أنهم لم يسبقونا إلى شيء جديد، و أن كل ما وصلوا إليه قد سبقناهم إليه.الأمر ليس كذلك، و لكنها الحقيقة العلمية، القائمة على البرهان العلمي، و المنطلقة من أن العلم ليس حكرا على أحد، فقد أسهمت فيه كل شعوب الأرض بالقليل أو الكثير، و أنه نتاج تراكم، و أن لا أحد يمكن أن يزعم أنه أنتج العلم و المعرفة من الصفر و لوحده، فالعلم ميراث البشرية جمعاء، و من هنا نحن نتجاوز عقدة الآخر، دون تضخيم الأنا، أو التفريط في الهوية.
الغريب أن النتيجة التي توصلت إليها الأستاذة الدكتورة خديجة إيكر، هي النتيجة نفسها التي توصلت إليها في أطروحتي لنيل دكتوراه الدولة، و التي نوقشت في السنة نفسها التي نوقشت فيها أطروحة الأستاذة إيكر، رغم أنها بحثت في الخطاب القرآني من حيث انسجامه و اتساقه. و أنا بحثت في الخطاب التفسيري " منهج لغويي القرن الثالث الهجري في دراسة الخطاب القرآني، و التي أمضيت فيها سبعة عشر سنة، حيث درست معاني القرآن للفراء، و معاني القرآن للأخفش، و مجاز القرآن لأبي عبيدة، وتأويل مشكل القرآن لابن قتيبة، حيث اكتشفت أن هؤلاء الأعلام هم لسانيون بامتياز، ذلك أنهم كانوا يميزون بين الخطاب، و صاحب الخطاب، و متلقي الخطاب، كما أنهم كانوا على وعي بأن فهم الخطاب لا يتم باستحضار المستويات اللغوية الشكلية:
فالأصوات و الصرف و التركيب لا تفيد المعنى بالضرورة، بل لا بد من استحضار السياق اللغوي، و المقام ـ السياق غير اللغوي ـ أي أسباب النزول و ملابسات النزول باعتبارهما عاملين أساسيين من عوامل تحديد المعنى.
بل أكثر من ذلك تجدهم يميزون بين مقصد المتكلم، و مقصد الخطاب، و مقصد المُخاطَب، كما كانوا واعين بوحدة الخطاب القرآني: دلالة السياق ـ القرآن يفسر بعضه بعضا ـ، وعلم المناسبة، والتناسب الصوتي و المعجمي، والتركيبي والدلالي، و السياقي والمقامي. واعتمادهم نظرية العامل، و نظرية النظم، للبرهنة على أن الخطاب القرآني خطاب رباني معجز، تنتظمه وحدة خاصة، و أنه نظام فكري و نظام لغوي، يمتاز بالاتساق ـ الترابط الشكلي ـ و الانسجام ـ الترابط المعنوي ـ.
ألسنا هنا أمام لسانيين بامتياز؟، لسانيون من الطراز الرفيع؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
لذلك عندما نفتقد المعرفة بعلوم اللغة العربية صوتا و معجما و صرفا و تركيبا، مع الانفتاح على اللسانيات الحديثة و مناهج تحليل الخطاب فإننا نكون عاجزين عن فهم أعمالهم، و من ثم فإننا في كثير من الأحيان نتخذ موقفين غير علميين، و مخالفين للموضوعية التي يقتضيها البحث العلمي، ذلك أننا إما أن نكون مستلبين تاريخيا فنمجد التراث و نعلي من شأنه ونعيد إنتاجه من غير فهمه، مما يكون عائقا أما م الإبداع والإضافة العلمية لمجال التخصص، و أننا نورث أجيالا تراثا فهم فهما خاطئا، مما يجعلنا غير قادرين على الإبداع كما بينت سابقا، ويجعل الأخر يتخذ موقفا سلبيا من التراث، خاصة عندما يكتشف هذه الأخطاء المروعة التي ننسبها للتراث ظلما وعدوانا، كما أننا نكون غير قادرين على حمل التراث إلى أبناء عصرنا و التبشير به، لأننا لا نفهمه فلا نستطيع التعبير عنه لإيصاله إليهم بأمانة.
لذلك كنا نرشد الباحثين من ناقدي التراث إلى الرجوع إلى التراث في مظانه، لا أن يتخذوا منه موقفا نتيجة قراءاتنا الخاطئة ـ و يتعين ألآ يحمل الكلام على إطلاقه، فهناك من العلماء الأجلاء الذين فهموا التراث فهما جيدا وورثونا علم الأولين بأمانة علمية و اقتدار منقطع النظير، لأنهم كانوا يملكون العدة العلمية و المنهجية ـ جزاهم الله خيرا ـ.
والموقف الثاني يتمثل في الاستلاب المكاني حيث الحط من التراث، و المغالاة في تقدير الآخر و الرفع من شأنه، مع ضعف المعرفة بالتراث، و عدم التأهيل العلمي والمنهجي لقراءته، فيغطي ـ في الغالب الأعم ـ عن ذلك الهزال المعرفي، و الضعف المنهجي بالهروب إلى الأمام و ركوب موجة اللسانيات و مناهج تحليل الخطاب الحديثة، التي يتباهى بها دون أن يكون متمكنا منها.
الدليل على ذلك أنك تجد خليطا من النظريات و المناهج ركبت بعضها إلى بعض بشكل هجين، و دون تأصيل معرفي ومنهجي، فأغلبهم يسقط هذالنظريات اللسانية و المناهج دون وعي بخلفياتها العقدية، و بمعزل عن سياقها التاريخي والحضاري، ويأخذها من الجانب التطبيقي ليسقطها على تراثنا دون مراعاة خصوصيته، و من هنا نكون أمام إسقاط قلما ينتبه إليه الباحثون وهو الإسقاط المنهجي، فنحن نتحدث عن الإسقاط المعرفي، و نتجاهل الإسقاط المنهجي، و هو مقاربة الظواهر موضوع الدراسة بمناهج و أدوات معرفية غير ملائمة، و من ثم تكون الدراسة غير علمية.
إن ديننا علمنا أن نكون عشاقا للحقيقة، القائمة على البرهان: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين). ومن هذا المنطلق نقول إن أعمال المفسرين، وعلماء التفسير وعلوم القرآن، وعلماء الأصول، و اللغويين تندرج ضمن اللسانيات و مناهج تحليل الخطاب، الفارق الوحيد بينهما، و هو فارق مهم جدا، خاصة عندما نتحدث عن أعمال المفسرين، أنها ظلت أعمالا تطبيقية و لم ترق إلى مستوى التنظير. و لذلك نحن إلى يومنا هذا لا نتملك نظرية في التفسير متكاملة الجوانب، رغم بعض الأعمال التي قاربت الموضوع من بعض جوانبه، لكنها لم ترق ـ للأسف ـ إلى تكوين نظرية تفسيرية شاملة. في حين أن اللسانيات الحديثة، و مناهج تحليال الخطاب المعاصرة، هي تجاوزت التطبيق إلى التنظير، و كلنا يعرف أن العلم يبدأ تطبيقيا ثم يرقى إلى التنظير، وأن العلم الحقيقي هو التنظير، هذه حقيقة ينبغي الاعتراف بها، ذلك أن مسيرة التفسير لم يكتب لها التطور الذي عرفه الفقه حيث ارتقينا إلى أصول الفقه: منهج الفقيه في استنباط الأحكام.أما التفسير فقد ظلت أعمال المفسرين تطبيقية و لم يكتب لها الارتقاء إلى مستوى التنظير، لنبدع نظرية شاملة في التفسير، يمكننا الاصطلاح عليها بالمذهبية الإسلامية في التفسير، و قد حاولت و حاول غيري فعل ذلك بطريقة جزئية ـ حسب ما أعرف ـ و الله أعلم.
مما سبق يتبين أننا في حاجة إلى اللسانيات و مناهج تحليل الخطاب في المرحلة الحالية لفهم التراث التفسيري، و ليس كما يدعي البعض الإتيان بالجديد، إذ لا يمكننا أن نبد ع بمعنى الإضافة العلمية إلى مجال التفسير، و نحن لم نفهم بعد هذا التراث التفسيري، ولم نستوعبه، و لم نستبطنه، فكيف يمكننا الإتيان بلجديد، إنه ادعاء عار من الصحة، و مجاف للواقع.
(يُتْبَعُ)
(/)
كما أحب أن أبين أننا في المغرب ـ ولله الحمد و المنة ـ لدينا من الرجال من لهم بعد نظر، ورؤية مستقبلية، و لذلك فإنهم يسبقون زمانهم، و لكننا نتيجة عبقريتهم ونبوغهم لا نستطيع مجاراتهم، و بالتالي نتجاهلهم أو ننساهم، رغم أنهم أكبر من أن نتجاهلهم أو ننساهم، فالله تعالى صان أقدارهم.
إنني أشيد برجل عمل بصبر وثبات و عزيمة، وصدق و إخلاص، ونصح لله ورسوله وعامة المسلمين و خاصتهم، إنه الأستاذ الدكتور محمد بلبشير الحسني ـ حفظه الله ـ مؤسس شعبة الدراسات الإسلامية بالجامعات المغربية سنة 1980م /1401هـ، الذي حاول المزاوجة في هذه الشعبة بين العلوم الشرعية والعلوم اللغوية والعلوم الإنسانية، وهذا في اعتقادي هو ما نحتاج إلى الاستفادة منه و تطويره في جامعاتنا الإسلامية، لا أن نضيف وحدة تتعلق بالخطاب القرآني، لأن الأمر يتعلق بمسار تكويني، لا بوحدة أو مجزوءة. لأننا اليوم أمام صنفين من الباحثين:
1 - باحثون متمكنون من العلوم الشرعية، و لكن صلتهم مقطوعة أو ضعيفة بالعلوم اللغوية، والعلوم الإنسانية، ومناهج تحليل الخطاب واللسانيات.
2 - باحثون متمكنون من العلوم الإنسانية و اللسانيات و مناهج تحليل الخطاب، و لكن معرفتهم باللغة العربية و علومها معدومة أو ضعيفة.
و هذا هو ما يؤجج الصراع بيننا لأننا نتكلم بمنهجين و بمعرفتين مختلفتين، نحن في حاجة إلى جيل من الباحثين متمكن من العلوم الشرعية، و اللغة العربية و علومها، والعلوم الإنسانية، و اللسانيات و مناهج تحليل الخطاب، إن هذا التمكن المزدوج هو الذي يمكننا من الخروج من النفق الذي نحن فيه.
وإلى أن نصل إلى تكوين مثل هؤلاء الباحثين يمكننا أن نعمل في إطار فريق عمل مختلف التخصصات، متكامل من حيث التصور و المنهج، و الأهداف.
فتحية عطرة لأستاذنا الكبير الدكتور محمد بلبشير الحسني ـ حفظه الله ـ، ومتعه بالصحة والعافية، وجزاه الله عنا كل خير. فأياديه البيضاء نذكرها ما حيينا، وإن تنكر له القوم اليوم، فما عند الله خير و أبقى.
و لعل عمل الأستاذة الدكتورة خديجة إيكر يبين صدق ما ألمحنا إليه، حيث جمعت الأستاذة المحترمة بين المعرفة المؤصلة باللغة العربية وعلومها، واللسانيات ومناهج تحليل الخطاب، كما اتصلت بعلوم القرآن و التفسير، دراسة و تدريسا، مما يجعل إسهاماتها في مجال توظيف اللسانيات و مناهج تحليل الخطاب في دراسة الخطاب القرآني، خطوة مهمة نحو تأصيل لسانيات الخطاب القرآني.
لسانيات الخطاب القرآني: الاتساق و الانسجام.
أطروحة البحث: تنتظم القرآن الكريم وحدة نسقية يتطلب الكشف عنها البحث في الأبعاد القرآنية التالية:
1. البعد المعرفي: ويتضمن المبادئ العقدية التي تشكل مرجعية الإنسان المسلم في الوجود، فتحدد علاقته بالله تعالى، وبأخيه الإنسان وبالكون من حوله، كما يتضمن العبادات والمعاملات، والأخلاق والسلوك.
2. البعد اللغوي: إن القرآن الكريم عمل على صياغة مبادئه وتعاليمه الربانية صياغة لغوية عربية، و قد نص على ذلك أحد عشر مرة في القرآن الكريم.
وانطلاقا من هذين البعدين يمكننا القول إن القرآن الكريم عربي اللسان، عالمي الثقافة انطلاقا من قوله تعالى: (بلسان عربي مبين).
3. البعد التواصلي: عمل القرآن الكريم على ابتكار أساليب تواصلية فعالة، حيث نجده ينوع هذه الأساليب بحسب المقام والسياق، مما يجعله يتجاوب مع النفس البشرية في أبعادها المختلفة والمتنوعة، فمرة يخاطب فيه العقل، ويرشده إلى إعمال الفكر والنظر، والتفكر في الخلق، واستنباط السنن الكونية، ومرة يخاطب فيه الروح بأشواقها وتطلعاتها، وآمالها وآلامها. ومرة يرشده إلى الاستدلال المنطقي، و مرة يفتح عينيه على البديهيات. ويستعمل أسلوب الترغيب والترهيب، والقصة والمثل. مما جعل من القرآن الكريم منظومة تواصلية بالغة التأثير في المتلقي.
4. البعد الجمالي: لقد صيغ البناء المعرفي القرآني صياغة لغوية توفرت لها مقومات الجمال، وذلك بمراعاة القرآن الكريم التناسب بين أبعاده الأربعة بحيث لا يطغى بعضها على بعض، وإنما جعل بعضها يكمل الآخر، إنه البناء القرآني المتميز بالجلال والجمال.
(يُتْبَعُ)
(/)
عند قراءتنا القرآن الكريم قراءة تدبر تستعمل الأدوات اللسانية الحديثة، نفاجأ بهذه الأبعاد القرآنية السالفة الذكر تحملني على الدراسة والبحث بغية اكتشاف أسرارها حيث يكمن جزء كبير من الإعجاز القرآني. خاصة عندما يصبح الأمر متصلا بالبيان وإقامة الحجة والتدافع الحضاري. بعد أن تعالت أصوات هنا وهناك داعية لقراءة القرآن الكريم قراءة حرة مطلقة، ونادى آخرون بدمقرطة التفسير و أنه حق لكل إنسان. وظهرت قراءات جديدة للقرآن الكريم تتدثر في الغالب بمناهج لسانية، وسوسيولوجية، وتاريخية، وإنتروبولوجية، أدت إلى تحريف المعاني القرآنية، وإخراج النصوص عما هو مجمع عليه، فضلا عن تناقضها مع الحقائق الشرعية، وتعارضها مع مقاصد الشريعة الإسلامية، ومرد ذلك لعدم احترامها لخصوصيات القرآن الكريم، ومعاملته كسائر النصوص البشرية.
وليس معنى ذلك أننا نريد حجب هذه المناهج عن مقاربة الخطاب القرآني، بقدر ما نريد بيان حقيقة أساسية تتعلق بالقراءة الإيجابية للقرآن الكريم، وهي القراءة المقاصدية، التي تحفظ للقرآن الكريم خصوصياته، وتحقق مقاصده، ككتاب هداية، يبين للناس ما يحقق صلاحهم في الحال والفلاح في المآل.
إن كل منهج من المناهج المذكورة آنفا ـ متى احترم خصوصيات القرآن الكريم ـ يمكننا من الوقوف على مراد الله تعالى من الخطاب القرآني بحسب القدرة البشرية، حيث سينتهي بنا إلى قراءة ثلاثية الأبعاد:
أ. التلاوة.
ب. التدبر.
ت. التطبيق.
مما سبق يتبين لنا ضرورة البحث في لسانيات القرآن الكريم و مظاهر اتساقه وانسجامه، في محاولة جادة لنبرز للعالمين أن القرآن الكريم خلاف ما يوحي به ظاهره للبعض بأنه مفكك لا تنتظمه أية وحدة، وأنه عبارة عن تعاليم و طقوس لا وجود لخيط ناظم يجمع بينها، إن القرآن على العكس من ذلك تنتظمه وحدة من نوع خاص تمثل فرادته و إعجازه، إنها الوحدة النسقية.
إن عدم استحضار المقصد من قراءة القرآن الكريم يوقعنا في خطأ اعتبار القراءات المقترحة ـ والتي لا تأخذ بخصوصيات القرآن الكريم، ولا تعتد بقواعد وأصول التفسير ـ قراءات علمية، والنظر إلى القراءة المقاصدية التي اعتمدها جل المفسرين من أهل السنة والجماعة على أنها قراءة غير علمية وغير موضوعية، مما يعتبر في نظرنا قلبا للحقائق، وتسويغا لمشاريع أيديولوجية بركوب موجة تعدد القراءات.
والواقع إن القراءة العلمية الرصينة، المتبنية لمناهج تحليل الخطاب، والمعتمدة للقراءة المقاصدية، القائمة على احترام خصوصيات القرآن الكريم، واعتماد قواعد التفسير وأصوله، من شأنها أن تبرز تميز القرآن الكريم وفرادته، فهو كلام الله المعجز، الخارج عن معهود كتابات البشر، والذي لا يخضع لمعهود الوحدة التي يتعارف عليها البشر في الكتابة و التأليف، ومن ثم فإنه يتفرد بوحدة خاصة تتمثل في وحدة الأهداف والمقاصد، من حيث البناء الدلالي والمفاهيمي (الانسجام)، ومن حيث بناؤه التركيبي فإنه يتماسك بدمج الأدوات التركيبية مع الأساليب الفنية (الاتساق) هذه الخاصية التعبيرية و التواصلية و الجمالية التي يمتاز بها القرآن الكريم تجعل الإنسان في حيرة من أمره، إذ إنها ألغت ما تعارفنا عليه في عالم المعرفة اللسانية، ومناهج تحليل الخطاب من تفريق بين المستويات الصوتية والصرفية والتركيبية، والدلالية والأسلوبية والتداولية، ليتم تماسك النص / الخطاب القرآني على غير معهود البشر، و بطريقة مضمرة لا يمكن الكشف عنها إلا بعد إعمال العقل و النظر، وذلك سيرا على المنهج القرآني في التربية العلمية والفكرية.
إن ما نروم الكشف عنه في هذه الأطروحة هو الكيفية التي تم بها إبراز ذلكم الجهاز المفاهيمي المتمثل في العقيدة والشريعة، والأخلاق والسلوك، والمبادئ والقيم عبر قناة اللغة / النص / الخطاب، وما هي العلاقة القائمة بين هذه المضامين والأشكال اللغوية والتعبيرية التي حملتها إلى العالمين، و بمعنى آخر هل كلما انتقلنا من تصور أو مفهوم إلى تصور آخر كلما تغيرت معه اللغة / الأداة؟ و نقصد باللغة هنا جميع مستوياتها بدءا بالمستوى الصوتي، و مرورا بالمستوى التركيبي والجمالي / الأسلوبي، وانتهاء بالمستوى الدلالي و التداولي.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن هذه التساؤلات كلها تولد سؤالا مركزيا هو محور هذه الأطروحة ألا و هو كيف يتم تحقيق التوازن بين مكونات النص / الخطاب القرآني و المخاطبين به؟ ثم كيف يتماسك النص، وكيف يحدث فيه الانسجام و الاتساق؟
إن الخطاب القرآني باعتباره نصا / خطابا لغويا يهدف إلى مخاطبة كل الناس، و حامل الخطاب هو الرسول الكريم ـ صلى الله عليه و سلم ـ، وهكذا فإن مرسل الخطاب هو الله تعالى، والمرسل إليهم هم الناس جميعا، و الرسالة هي القرآن الكريم، و أخيرا فإن الأداة التي صيغ بها الخطاب هي اللغة العربية، أما القناة التي مر عبرها الخطاب إلى العالمين فهو الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ.
و يُطرح إشكال تبعا لما ذكرناه يتمثل في أن الرسالة لكي تكون قد وصلت فعلا إلى المرسل إليهم يتعين أن يقفوا على مضمونها، و أن يعرفوا محتواها معرفة تامة. و ما لم يتم ذلك فإن المرسل إليهم يكونون في حكم من لم يتوصل بالرسالة، وهنا يواجهنا مشكل النص / الخطاب القرآني و كونه أعلن بأنه ميسر مفسر لا يحتاج إلى بيان، يقول تعالى: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر)
إذن لماذا نجد تراثا تفسيريا هائلا، و هل هناك تناقض بين النص / الخطاب القرآني والواقع؟.
إن القرآن ميسر لا يحتاج إلى وسائط بينه وبين متلقيه من حيث التفاعل الوجداني، أما من حيث استنباط الأحكام النظرية والعملية، واستخلاص المفاهيم والتصورات، و المبادئ و القيم فإنه يحتاج إلى تدبر وتفكر وتأمل. والتدبر هو الفهم الذي يسهل التواصل بين المرسل و المرسل إليه، و هو الأداة التي تمكن من استخلاص الجهاز المفاهيمي الذي يكون مقومات الذات، و يثبت الهوية، و يقيم الحضارة.
ورغم وجود دراسات وأبحاث تتعلق بالتناسب وتقارب بشكل أو بآخر قضية لسانيات الخطاب القرآني بصفة عامة، فقد ظلت الحاجة ملحة لدراسة تحيط بمكونات النص / الخطاب القرآني، و تبرز العلاقات التي تربط بينها سواء على المستوى التركيبي أم الدلالي أم الأسلوبي الجمالي، ولا تغفل دراسة الجانب التداولي الذي يشكل هو الآخر عاملا هاما من عوامل تماسك النص / الخطاب القرآني.
إن الرغبة في إنجاز وتحقيق هذه الدراسة المتكاملة التي تستشرف مقاربة النص / الخطاب القرآني بأدوات منهجية حديثة مستقاة من اللسانيات ومناهج تحليل الخطاب، مع مراعاة خصوصيات القرآن الكريم، ومحاولة استخلاص نظرية متكاملة في التفسير، هي التي دفعتني إلى اختيار هذا الموضوع لإعداد أطروحة الدولة، فضلا عن الكشف عن مظاهر اتساق الخطاب القرآني و انسجامه مع تحديد المعالم الكبرى للسانيات تصلح لمقاربة الخطاب القرآني يجوز لنا أن نصطلح عليها بلسانيات الخطاب القرآني.
أما عن الصعوبات التي واجهتني في هذا البحث فيمكنني إجمالها في ما يلي:
1 - اتساع مجال البحث، و تشعب قضاياه و دقتها.
2 - قلة المصادر و المراجع التي قاربت القرآن الكريم مقاربة لسانية بصفة عامة، و مقاربته بلسانيات النص بصفة خاصة، مع التأصيل لهذه المقاربة.
المنهج المتبع في البحث:
قبل تحديد الخطوط العامة لمنهج البحث الذي اتبعته في دراستي لموضوع أطروحتي، لا بد لي أن أبين أن هذا البحث يتبنى نظرية " نحو النص " أو ما يصطلح عليه ب" أنحاء النص " التي جاءت بديلا عن النحو الجملي الذي يعتبر الجملة أكبر وحدة لسانية يمكن دراستها. و معنى هذا أن البحث ينظر إلى النص / الخطاب القرآني كنص وخطاب متكامل لا يمكن استيعاب جزئية منه، و إدراك قضية من قضاياه الصوتية أو الصرفية أو التركيبية أو الدلالية أو الأسلوبية أو التداولية إلا في إطاره الشمولي الكلي. ذلك أنني أعتقد أن القرآن الكريم يشكل وحدة نسقية، وهذا ما ما حاولت الدراسة البرهنة عليه.
إن تطبيق نظرية نحو النص اقتضت مني التزود بمجموعة من الأدوات المعرفية حتى أتمكن من مقاربة النص / الخطاب القرآني من جهة الاتساق والانسجام، ومعنى ذلك أن البحث استفاد من تراثنا المرتبط بالقرآن، كعلوم القرآن، والتفسير، والدراسات الإعجازية، ومن الكتب النحوية والبلاغية، ومن نظرية النظم وعلم المناسبة بصفة خاصة. مع الاستفادة من الدراسات التي أنجزت من الناحية النظرية والتطبيقية في إطار ما يعرف بالنحو النسقي، الذي يحاول تمثل النص في نواحيه التركيبية والدلالية والتداولية.
(يُتْبَعُ)
(/)
و لتحقيق هذا العمل بهذه الطريقة الشمولية اتبع البحث ثلاث خطوات منهجية:
1 - تبني المنهج الوصفي: و قد عملت من خلال ذلك على تحديد مكونات النص / الخطاب القرآني:
أ - الصوتية.
ب - الصرفية.
ت - التركيبية.
دون أن نتجاهل المستوى الدلالي، والمستوى الأسلوبي، والمستوى التداولي، وقد عملت على إدماجها في المستويات السابقة، علما أن اللغة عندما تعمل تكون كل هذه المستويات مندمجة، وما نقوم به من تقسيمات إنما هو لدواع علمية صرفة.
كما عملت الدراسة على حصر مظاهر الانسجام والاتساق في النص القرآني، وتصنيفها إلى:
1 - عناصر الانسجام الصوتية.
2 - عناصر الانسجام الصرفية.
3 - عناصر الانسجام التركيبية.
2 - تبني المنهج التحليلي: حيث عملت على دراسة كل مكونات النص / الخطاب القرآني السالفة الذكر، وكل عنصر من عناصر الانسجام دراسة تحليلية بهدف الكشف عن آليات الترابط النصي ووظائفه، مع تحديد أدوات الاتساق وكيفية اشتغالها.
3 - الدراسة المقارنة: وأثناء هذه الخطوة المنهجية الثالثة حاولت دراسة المكونات السالفة الذكر دراسة مقارنة بهدف تحديد القيم الخلافية بينها، وقد عززت ذلك ببعض الرسوم البيانية.
- الخطة العامة للبحث:
قسمت بحثي إلى:
مقدمة: وقد تناولت فيها دوافع اختيار البحث، والصعوبات التي واجهتني، مع عرض للأطروحة التي دافعت عنها، والمنهج الذي اتبعته في البحث والخطة العامة للبحث، وقد ذيلتها بشكر وتقدير.
الباب الأول: القرآن الكريم نظام معرفي ولغوي: ويتضمن فصلين:
الفصل الأول: القرآن الكريم نظام معرفي وقد درست فيه الأبعاد التالية: العقدي والتشريعي و الأخلاقي و العلمي و المنهجي.
أما الفصل الثاني فقد عنونته ب: القرآن الكريم نظام لغوي وخصصته لدراسة مفهومي الخطاب والنص، كما عرضت فيه للغة القرآن الكريم وإشكالية تلقيه، وقد ذيلته ببيان للمقاربة اللغوية التي ننشد من خلالها دراسة الخطاب القرآني.
الباب الثاني عنوانه: المستوى الصوتي ويتضمن ثلاثة فصول هي:
الفصل الأول: الإظهار في القرآن الكريم وعرفت فيه الإظهار مع بيان موجباته ومظاهره ووظيفته في القرآن الكريم، مع إفراد مبحث خاص لظاهرة الإظهار عند القراء السبعة.
أما الفصل الثاني فقد خصصته لدراسة الإدغام فقمت بتعريف الإدغام وبيان موانعه واهتمام العلماء به، مع التركيز على وظائفه اللغوية.
أما الفصل الثالث فقد عنونته ب: الانسجام والاتساق الصوتي في القرآن الكريم وقد تركز الاهتمام فيه على عناية القرآن الكريم بالمستوى الصوتي، ومظاهر الاتساق والانسجام الصوتي في القرآن الكريم، وآليات تحقق الإيقاع في الخطاب القرآني.
أما الباب الثالث فقد خصصته لدراسة المستوى الصرفي، وقد قسمته إلى ثلاثة فصول:
الفصل الأول وعنوانه: صيغ الفعل ودلالاتها في القرآن الكريم وقد قمت فيه بتعريف الفعل مع دراسة الصيغ التالية:
1 - صيغة فعَل في القرآن الكريم.
2 - صيغة فعِل في القرآن الكريم.
3 - صيغة فعُل في القرآن الكريم.
أما الفصل الثاني فعنوانه دلالات الفعل الزمنية في القرآن الكريم وقد تم التركيز فيه على دراسة دلالات الدوام والأبدية و المستقبل والدلالة الأصلية.
أما الفصل الثالث فعنوانه: التأنيث والتذكير في القرآن الكريم وعرضت فيه بالدراسة والتحليل للتذكير والتأنيث في اللغة العربية. وموافقة القرآن الكريم في هذه الظاهرة للنموذج اللغوي العربي تارة وخرقه تارة أخرى وذلك بحسب السياق و المقام.
أما الباب الرابع و الأخير فقد عنونته ب: الاتساق التركيبي للخطاب القرآني، وقسمته لفصلين:
الفصل الأول وعنوانه: الصلة والاتساق التركيبي للخطاب القرآني، وقد خصصته لدراسة مظاهر جملة الصلة في القرآن الكريم، والعلاقات التركيبية القائمة بين مكونات جملة الصلة.
أما الفصل الثاني فعنوانه: دور الصلة في تماسك الخطاب القرآني، وقد تضمن مبحثين، خصصت الأول لدراسة الأبعاد الدلالية لجملة الصلة في القرآن الكريم. وأما الثاني فقد عرضت فيه للأبعاد التداولية لجملة الصلة في القرآن الكريم.
الخاتمة وأبرز النتائج:
أما خاتمة البحث فقد عرضت فيها أهم النتائج التي انتهيت إليها والتي يمكن إجمالها في ما يلي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - القرآن الكريم منهج رباني متكامل، عقيدة وشريعة، وأخلاقا وسلوكا، ومنهجا وتصورا، وعلما ومعرفة، ودينا ودنيا. فهو كلام الله تعالى الذي أحاط بكل شيء علما، وهو نسيج وحده.
2 - إن العلوم اللغوية في الثقافة العربية الإسلامية لا يمكن فصلها عن الرؤية العقدية الإسلامية، ومن ثم فإن هذه العلوم نشأت لخدمة الإنسان شأنها شأن كل العلوم، بل شأن الدين نفسه.
3 - إن مصطلحي الخطاب والنص مصطلحان متداولان في الثقافة العربية الإسلامية، ومتصلان بحقول معرفية متعددة كعلوم القرآن والتفسير، والحديث وأصول الدين، والفقه وأصوله، واللغة وعلومها. و تكتسب العلاقات الإسنادية أهمية خاصة في تشكيل الخطاب. فلا يكون النص نصا، ولا الخطاب خطابا، ما لم يكن متسقا ومنسجما، بحيث يشكل منظومة متكاملة، مكونة من بنيات وعناصر تربط بينها آليات الربط الشكلية والدلالية.
4 - يمتاز القرآن الكريم بكونه نصا وخطابا إلهيا مطلقا غير قابل للمحاكاة، وله ترتيبان ترتيب التلاوة وترتيب النزول، وموافق للنظام العام الذي يحكم اللغة العربية. كما أنه يعدل عن معهود العرب في الكلام، ومن ثم فهو بناء فكري ولغوي محكم ومتفرد. فالقرآن الكريم خطاب ملفوظ، ونص مكتوب، تتحقق فيه مكونات العملية التواصلية وشروطها:
أ. المرسل.
ب. المتلقي.
ت. الخطاب ذاته.
ث. الحضور أي: حضور صاحب النص قراءة وكتابة، فحيثما قرئ القرآن أو تلي فثم وجه الله. مما يجعل القرآن الكريم يستبطن كل المقامات الممكنة. كما أنه يمتاز عن معهود النصوص والخطابات البشرية بكون مقاله سابقا لمقامه، فالله تعالى أنشأه ابتداء.
5 - إن القرآن الكريم ليس مشرعا أمام مطلق القراءات، لذلك فهو لا يحتمل من القراءات إلا ما كان محققا لمقصد الوقوف على مضمون الرسالة أي على مراد الله تعالى من الخطاب القرآني. ومن ثم فإن القراءة الموافقة للخطاب القرآني، والموصلة إلى مراد الله تعالى هي القراءة المقاصدية، التي تتوفر فيها أسس التلقي الإيجابي، والمراعية لخصوصيات القرآن الكريم، والتي تظل نسبية محدودة في الزمان والمكان باعتبارها مجهودا بشريا.
6 - يقوم البناء الصوتي للقرآن الكريم على الإظهار باعتباره الأصل المحقق للتواصل وجمالية التعبير بالظهور. أما الإدغام فهو عارض يهدف إلى اقتصاد المجهود، وتحقيق الانسجام الصوتي ووضوح المعنى. وللإدغام وظيفة صرفية لأنه يعنى ببنية الكلمة بشكل جزئي، كما أن له وظيفة تركيبية ودلالية، و يعمل على تحقيق الانسجام بين الأصوات. مما يبين تعالق المستويات اللغوية، وأن الفصل بينها ليس حقيقة لغوية، بقدر ما تلجئ إليه الإكراهات التعليمية والعلمية.
7 - يفرض الانسجام الصوتي تحقيق توازنات صوتية في مواقف تعبيرية معينة، مع تحقيق مبدأ اقتصاد المجهود، والتأثير في المتلقي ببراعة وروعة الجرس الموسيقي الذي يتحقق بالأصل وما يطرأ عليه من عوارض تمشيا مع الموقف والمقام، رغبة ورهبة، وبيانا وهداية.
8 - يقوم الإيقاع الوزني بوظيفة الاتساق، المتمثل في الربط بين مكونات النص/ الخطاب القرآني، وبوظيفة الانسجام بما يشيعه من توازن صوتي ـ تام وغير تام ـ يسهم في تشكيل الإيقاع القرآني، مع مناسبة الإيقاع للمقام و السياق. وقد وظف البيان القرآني آليات متعددة لتحقيق التوازنات الصوتية، كالتكرير والتوقع، والإضافة والفاصلة، والحركات والإتباع، والتقديم والتأخير، والحذف والجناس والطباق.
9 - استخدم البيان القرآني المكون الصرفي لتحقيق الاتساق والانسجام بين مكوناته، ليجعل من القرآن الكريم منظومة متكاملة، لا يمكن فهم إحدى جزئياته إلا في إطاره الكلي، و مما تجدر الإشارة إليه وجود علاقة تكامل بين الصيغة والسياق والمقام في الدلالة على زمن الفعل. كما أن الصيغ تم اختيارها بدقة متناهية لتناسب السياق والمقام، وتحقق الإيجاز، وجمالية العرض، فضلا عن الربط المحكم بين مكونات الخطاب القرآني.
10 - إن الفعل القرآني مستقبلي وأبدي معجز، حيث يدل على الزمن المطلق، فالماضي يستعمل للدلالة على المستقبل الذي لم يحدث بعد، كالأفعال التي تتحدث بصيغة الماضي عن مشاهد يوم القيامة.
(يُتْبَعُ)
(/)
11 - عندما يتحدث الخطاب القرآني عن أمر فيه شدة وقوة، أو بعضه أشد من الآخر، فإن الأمر الشديد أو الأشد يأتي بصيغة التذكير. وهناك أبعاد تداولية تتمثل في المقاصد التربوية، هي التي تحدد الصيغة المناسبة من حيث التذكير والتأنيث. مما يبين أن القرآن الكريم لم يتقيد بالقواعد الصرفية والتركيبية في المطابقة من حيث التذكير والتأنيث، وإنما سلك نهجا مقاصديا، يهدف إلى التبليغ والبيان والإقناع، وحمل المتلقي على التجاوب مع الخطاب القرآني، وهذا عنصر مهم يمثل جانبا من جوانب تميز القرآن الكريم وفرادته، والمتمثل في موافقة النموذج العربي وخرقه في الآن نفسه.
12 - إن المدخل لتدبر القرآن الكريم هو البنية التركيبية، فالقرآن الكريم يحتمل من المعاني بقدر ما يحتمل من المباني، ولذلك اتجهت عناية المفسرين إلى تحديد الإعرابات الممكنة للآيات القرآنية، لأنهم بصنيعهم ذلك يقيدون المعاني المطلقة للقرآن الكريم بطريقة علمية وموضوعية. ويشكل المستوى التركيبي عاملا مهما من عوامل تماسك الخطاب القرآني، فالعلاقات التركبية هي وشائج شكلية ناظمة لكل مكونات الخطاب القرآني من جهة، ومحددة معانيه من جهة أخرى، باعتبار المعنى الأساس يكمن في البنية التركيبية العميقة، التي يمكن الوصول إليها عن طريق دراسة البنية السطحية وما طرأ عليها من تحويلات، حيث الانتقال من المستوى الوصفي إلى المستوى التأويلي، بغية فهم الخطاب القرآني، واكتشاف آليات اتساقه وانسجامه. وقد استعمل المفسرون هذه التقنية منذ التفاسير الأولى لتحديد مراد الله تعالى من الخطاب القرآني من جهة، ولإدراك مظاهر الإعجاز في القرآن الكريم من جهة أخرى.
13 - إن الظاهرة القرآنية ظاهرة مركبة لا تجد تأويلها في التعليلات الأحادية الجانب، مما يتطلب اللجوء إلى نظرة شمولية تستحضر كل العوامل الفاعلة في اتساق الخطاب القرآني وانسجامه، بحيث يشكل منظومة متكاملة، حيث تتماسك الآيات والسور القرآنية بروابط لغوية، وموضوعية، ودلالية.
وقبل أن أختم تقريري هذا أحب أن أشير إلى أنني اقتصرت في بحثي هذا على دراسة ثلاثة مستويات من مستويات التحليل اللغوي متمثلة في الأصوات والصرف والتركيب، باعتبارها الأساس في الدرس اللغوي الذي يفضي إلى المستويات الأعلى كالدلالة والأسلوب والتداول، فضلا عن أن اللغة عندما تشتغل فإنها توظف كل المستويات اللغوية، وذلك هو ما حاولت رصده وتتبعه في سعي حثيث لفهم الظواهر اللغوية القرآنية فهما جيدا، مع المحافظة على انسجام الدراسة واتساقها.
كما أنني ركزت على بعض الظواهر اللسانية عند دراستي لمستويات التحليل اللغوي على سبيل التمثيل فقط، ذلك أن مجال البحث لا يمكنني من دراسة كل الظواهر على سبيل الاستقراء، فذلك ما آمل تحققه في مستقبل الدراسات التي سأحاول القيام بها، أو يقوم بها غيري من الباحثين.
وقد ذيلت بحثي بقائمة للمصادر والمراجع، وفهرسة للموضوعات.
والله تعالى من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[02 Jun 2009, 05:32 ص]ـ
بحث قيم وفي وقته جزاكم الله خيرا أستاذنا الفاضل.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[02 Jun 2009, 02:02 م]ـ
الدكتور الفاضل أحمد
جزاك الله خيرا على هذا الطرح المتوازن والذي كما يقولون يضع النقاط على الحروف.
وأحسب أن كل مسلم يبحث في القرآن وعلومه ينطلق من رسالة هذه الأمة التي بينها القرآن غاية ووسيلة، حيث يقول تعالى:
(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) سورة آل عمران (104)
ويقول تبارك وتعالى:
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) سورة يوسف (108)
فكل دراسة لا يظهر عليها أنها تنطلق من هذه الثوابت فلا يستغرب أصحابها حين تواجه هذه الدراست أو الطروحات بالنقد الشديد واللاذع.
ومثال هذه الدراسات والطروحات الدعوة إلى قراءة جديدة للقرآن حين يواجه أصحابها ببعض الأسئلة وفي مقدمتها:
ماهي الغاية من الدعوة إلى قراءة جديدة للقرآن؟
وما هي الأسس التي تقوم عليها هذه القراءة؟
ثم لا نجد إلا الصمت فهنا ليس أمامنا إلا أن نضع أصحابها في دائرة الاتهام وسوء الظن.
إن الإسلام لا يحجر على الفكر ولا يضيق مجال البحث، بل إنه يدعو إلى التفكر والبحث والدراسة والأخذ بكل ما هو مفيد بشرط أن يحقق الغاية التي أنزل من أجلها هذا الكتاب.
والوصول إلى غاية صالحة لا تحققها وسيلة فاسدة.
وأعجب حين أرى أغلب الدعوات إلى قراءة جديدة للقرآن تقرن بدعوة إلى تجاهل
القراءات السابقة بل والحكم عليها بعدم الصلاحية.
وهذا في نظري يعد أول مؤشرات فساد الوسيلة وأيضا هو مؤشر على سوء القصد.
وأعجب من هذا أنا لم نر الدعوة إلى تطبيق هذا المنهج في بقية العلوم كالطب والهندسة وغيرها من العلوم.
فلماذا مع القرآن والسنة فقط؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jun 2009, 08:32 م]ـ
أشكر أستاذنا العزيز الدكتور أحمد بزوي الضاوي على هذا العرض الموفق لرسالة الأستاذة الدكتورة خديجة إيكر وفقها الله عن (لسانيات الخطاب القرآني: الاتساق و الانسجام) التي أوضحت الكثير من الخلط الذي يقع في مثل هذه الدراسات. ولعل معرفة الدكتورة خديجة بالعلمين جعلتها تنظر للبحث بدقة أكثر ممن ينظر بعين واحدة.
وسؤالي: هل طبعت هذه الرسالة يا أبا معاذ أو هناك سعي لطباعتها ونشرها للإفادة منها؟
أنتظر الجواب وفقكم الله.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[06 Jun 2009, 03:05 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الإخوة الأفاضل: الأستاذان الجليلان: أبو الأشبال عبد الجبار، ومحب القرآن، والأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشهري ـ حفظكم الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته. أشكر لفضيلتكم تواصلكم و اهتمامكم. سائلا الله تعالى أن يلهمنا الصواب، ويرزقنا اتباعه. وأن يفتح علينا فتحا من عنده ينير به الطريق الذي يرضاه لنا، و أن يرزقنا فهم القرآن و العمل به.
أما عن سؤال الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشهري ـ حفظه الله ـ فإن الأستاذة الدكتورة خديجة إيكر عازمة على طبع رسالتها في أقرب الآجال ـ إن شاء الله تعالى ـ.
وقد كانت هناك بعض المحاولات من داخل المغرب و خارجه لطبع الرسالة و لكنها لم تكلل بالنجاح.
نسأل الله تعالى التيسير و التوفيق.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Jun 2009, 05:08 ص]ـ
أما عن سؤال الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشهري ـ حفظه الله ـ فإن الأستاذة الدكتورة خديجة إيكر عازمة على طبع رسالتها في أقرب الآجال ـ إن شاء الله تعالى ـ.
وقد كانت هناك بعض المحاولات من داخل المغرب و خارجه لطبع الرسالة و لكنها لم تكلل بالنجاح.
نسأل الله تعالى التيسير و التوفيق.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
بشرك الله بكل خير يا أبا معاذ.
ونحن بالأشواق لصدور هذه الأطروحة العلمية مطبوعة قريباً بإذن الله.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[06 Jun 2009, 10:22 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الله رب العالمين.
دراسة مميزة وطرح رائع.
أسأل الله تعالى أن ينفع بها صاحبتها والناس.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[07 Jun 2009, 08:43 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخوان الكريمان الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشهري ـ حفظه الله ـ، و الأستاذ الفجر الباسم ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكر لكما اهتمامكما و تقديركما. و أبشركما أنني أعمل بتنسيق مع الأستاذة الدكتورة خديجة إيكر ـ حفظها الله ـ، و الأستاذ الدكتور أحمد زحاف ـ حفظه الله ـ أستاذ اللسانيات بشعبة اللغة الفرنسية، بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالجديدة، كما تم الاتصال بأساتذة آخرين من شعبتي اللغة العربية و الإنجليزية، تخصص لسانيات و مناهج تحليل الخطاب للتعاون مع مجموعة البحث في الدراسات القرآنية بالجامعة نفسها، و ذلك قصد إنجاز مشروع: لسانيات الخطاب القرآني، يساهم فيه أساتذة متخصصون في علوم القرآن و التفسير، وأساتذة متخصصون في اللسانيات و مناهج تحليل الخطاب، كما أننا نجري اتصالات مع بعض الأساتذة المتخصصين في العلوم الإنسانية لإشراكهم في المشروع، وعيا منا أن مثل هذه الأعمال تحتاج إلى فريق بحث متعدد التخصصات للوفاء بمتطلباته العلمية، و المنهجية. حتى نقطع الطريق على المتطفلين على المجال، والساعين بوعي أو بغير وعي لخدمة (الاستعمار الجديد) المستكبرين في الأرض، وإنجاز ما عجز المستشرقون، و الطابور الخامس عن إنجازه، نتيجة الحفظ الرباني: (إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون).
وإن المؤمن لا ينتصر لنفسه ولايسعى إلى الظهور والشهرة، أو المنصب والجاه، أو اتباع الهوى، لا يبيع دينه بدنياه. ولكنه بعد أن يتسلح بالعلم والمعرفة، يعملهما لاكتشاف الحقيقة، مع دعاء الله تعالى بالتوفيق، و بعد اكتشافها يعلنها و يعمل بها، فذلكم هو العلم، و هذا هو العالم، فالعلم مطلق، و نحن ندرك بعضه، ولذلك كان سلفنا الصالح يذيل أعماله العلمية ب " الله أعلم " إشارة منهم إلى نسبية العلم.
ومن أجل ذلك علينا بدعاء رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم لسيدنا عبد الله بن عباس ـ رضي الله ـ: اللهم فقهنا في الدين و علمنا التأويل.
اللهم ارزقنا فهما من عندك، واجعلنا نتبع الحق حيث كان، و ارزقنا الإخلاص في السر و العلن، و اجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم، و لا تجعل فيها حظا لأحد سواك، يارب العالمين.
اللهم اعصمنا من الخطأ و الزلل، فإن الكتاب كتابك، و التنزيل تنزيلك.
اللهم آتنا الحكمة، وارزقنا العمل بما علمتنا.
آمين.
نقول ذلك و نحن نستحضر الآية الكريمة: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا و كانوا عنها غافلين). نسأل الله العافية.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jun 2009, 05:36 ص]ـ
وأبشركما أنني أعمل بتنسيق مع الأستاذة الدكتورة خديجة إيكر ـ حفظها الله ـ، والأستاذ الدكتور أحمد زحاف ـ حفظه الله ـ أستاذ اللسانيات بشعبة اللغة الفرنسية، بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالجديدة، كما تم الاتصال بأساتذة آخرين من شعبتي اللغة العربية و الإنجليزية، تخصص لسانيات و مناهج تحليل الخطاب للتعاون مع مجموعة البحث في الدراسات القرآنية بالجامعة نفسها، و ذلك قصد إنجاز مشروع: لسانيات الخطاب القرآني.
يساهم فيه أساتذة متخصصون في علوم القرآن و التفسير، وأساتذة متخصصون في اللسانيات و مناهج تحليل الخطاب، كما أننا نجري اتصالات مع بعض الأساتذة المتخصصين في العلوم الإنسانية لإشراكهم في المشروع، وعيا منا أن مثل هذه الأعمال تحتاج إلى فريق بحث متعدد التخصصات للوفاء بمتطلباته العلمية، و المنهجية. حتى نقطع الطريق على المتطفلين على المجال، والساعين بوعي أو بغير وعي لخدمة (الاستعمار الجديد) المستكبرين في الأرض، وإنجاز ما عجز المستشرقون، و الطابور الخامس عن إنجازه، نتيجة الحفظ الرباني: (إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون).
وإن المؤمن لا ينتصر لنفسه ولايسعى إلى الظهور والشهرة، أو المنصب والجاه، أو اتباع الهوى، لا يبيع دينه بدنياه. ولكنه بعد أن يتسلح بالعلم والمعرفة، يعملهما لاكتشاف الحقيقة، مع دعاء الله تعالى بالتوفيق، و بعد اكتشافها يعلنها و يعمل بها، فذلكم هو العلم، و هذا هو العالم، فالعلم مطلق، و نحن ندرك بعضه، ولذلك كان سلفنا الصالح يذيل أعماله العلمية ب " الله أعلم " إشارة منهم إلى نسبية العلم.
ومن أجل ذلك علينا بدعاء رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم لسيدنا عبد الله بن عباس ـ رضي الله ـ: اللهم فقهنا في الدين و علمنا التأويل.
اللهم ارزقنا فهما من عندك، واجعلنا نتبع الحق حيث كان، و ارزقنا الإخلاص في السر و العلن، و اجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم، و لا تجعل فيها حظا لأحد سواك، يارب العالمين.
اللهم اعصمنا من الخطأ و الزلل، فإن الكتاب كتابك، و التنزيل تنزيلك.
اللهم آتنا الحكمة، وارزقنا العمل بما علمتنا.
آمين.
نقول ذلك و نحن نستحضر الآية الكريمة: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا و كانوا عنها غافلين). نسأل الله العافية.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أشكركم يا أبا معاذ على هذه اللفتة الكريمة لخدمة هذا الموضوع المهم، ونحن في مركز تفسير يسعدنا أن نتعاون معكم في هذا الفريق لإناجز هذا المشروع وتقريبه للجميع من خلال المركز وملتقى أهل التفسير. ويسعدني التنسيق معكم فيما يمكننا عمله بهذا الشأن.
وبالمناسبة أود إبلاغ شكري ودعواتي بالتوفيق للأستاذة الدكتورة خديجة وفقها الله.
والدكتور أحمد زحاف الذي سعدت بمقابلته في منزلكم أثناء زيارتي للمغرب، وهو باحث متضلع من العلم في تخصصه ومعرفته باللغة الفرنسية،حتى إنني سألته مداعباً: ما بلغ علمك وخبرتك بالفرنسية يا دكتور أحمد؟ فقال: لدرجة أنني أرى الرؤى في المنام بالفرنسية!
أرجو أن يكلل الله هذه الجهود بالنجاح والتوفيق.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jun 2009, 05:36 ص]ـ
وأبشركما أنني أعمل بتنسيق مع الأستاذة الدكتورة خديجة إيكر ـ حفظها الله ـ، والأستاذ الدكتور أحمد زحاف ـ حفظه الله ـ أستاذ اللسانيات بشعبة اللغة الفرنسية، بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بالجديدة، كما تم الاتصال بأساتذة آخرين من شعبتي اللغة العربية و الإنجليزية، تخصص لسانيات و مناهج تحليل الخطاب للتعاون مع مجموعة البحث في الدراسات القرآنية بالجامعة نفسها، و ذلك قصد إنجاز مشروع: لسانيات الخطاب القرآني.
(يُتْبَعُ)
(/)
يساهم فيه أساتذة متخصصون في علوم القرآن و التفسير، وأساتذة متخصصون في اللسانيات و مناهج تحليل الخطاب، كما أننا نجري اتصالات مع بعض الأساتذة المتخصصين في العلوم الإنسانية لإشراكهم في المشروع، وعيا منا أن مثل هذه الأعمال تحتاج إلى فريق بحث متعدد التخصصات للوفاء بمتطلباته العلمية، و المنهجية. حتى نقطع الطريق على المتطفلين على المجال، والساعين بوعي أو بغير وعي لخدمة (الاستعمار الجديد) المستكبرين في الأرض، وإنجاز ما عجز المستشرقون، و الطابور الخامس عن إنجازه، نتيجة الحفظ الرباني: (إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون).
وإن المؤمن لا ينتصر لنفسه ولايسعى إلى الظهور والشهرة، أو المنصب والجاه، أو اتباع الهوى، لا يبيع دينه بدنياه. ولكنه بعد أن يتسلح بالعلم والمعرفة، يعملهما لاكتشاف الحقيقة، مع دعاء الله تعالى بالتوفيق، و بعد اكتشافها يعلنها و يعمل بها، فذلكم هو العلم، و هذا هو العالم، فالعلم مطلق، و نحن ندرك بعضه، ولذلك كان سلفنا الصالح يذيل أعماله العلمية ب " الله أعلم " إشارة منهم إلى نسبية العلم.
ومن أجل ذلك علينا بدعاء رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم لسيدنا عبد الله بن عباس ـ رضي الله ـ: اللهم فقهنا في الدين و علمنا التأويل.
اللهم ارزقنا فهما من عندك، واجعلنا نتبع الحق حيث كان، و ارزقنا الإخلاص في السر و العلن، و اجعل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم، و لا تجعل فيها حظا لأحد سواك، يارب العالمين.
اللهم اعصمنا من الخطأ و الزلل، فإن الكتاب كتابك، و التنزيل تنزيلك.
اللهم آتنا الحكمة، وارزقنا العمل بما علمتنا.
آمين.
نقول ذلك و نحن نستحضر الآية الكريمة: (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا و كانوا عنها غافلين). نسأل الله العافية.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أشكركم يا أبا معاذ على هذه اللفتة الكريمة لخدمة هذا الموضوع المهم، ونحن في مركز تفسير يسعدنا أن نتعاون معكم في هذا الفريق لإناجز هذا المشروع وتقريبه للجميع من خلال المركز وملتقى أهل التفسير. ويسعدني التنسيق معكم فيما يمكننا عمله بهذا الشأن.
وبالمناسبة أود إبلاغ شكري ودعواتي بالتوفيق للأستاذة الدكتورة خديجة وفقها الله.
وكذلك للدكتور أحمد زحاف الذي سعدت بمقابلته في منزلكم أثناء زيارتي للمغرب، وهو باحث متضلع من العلم في تخصصه ومعرفته باللغة الفرنسية،حتى إنني سألته مداعباً: ما بلغ علمك وخبرتك بالفرنسية يا دكتور أحمد؟ فقال: لدرجة أنني أرى الرؤى في المنام بالفرنسية!
أرجو أن يكلل الله هذه الجهود بالنجاح والتوفيق.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[08 Jun 2009, 11:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
أخي الفاضل: الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشهري ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، لقد أسعدتني باقتراحكم التنسيق معنا لإنجاز هذا المشروع، كما نبهتني إلى توجيه الدعوة عبر موقعكم هذا لكل الباحثين المهتمين بالموضوع للمساهمة في إنجاز هذا العمل العلمي، الذي نتوخى من خلاله الانفتاح على علوم العصر، ومدى الإفادة منها في مجال الدراسات القرآنية و تفسير القرآن الكريم.
ويذكرني هذا الأمر بمشروع كنا قد بدأناه في أوائل تسعينيات القرن الماضي، ونظمنا حوله ندوة وطنية جمعت خيرة الباحثين في العلوم الشرعية و العلوم الإنسانية، وأسفر عن نتائج طيبة جدا، لكنه للأسف الشديد لم يجد الدعم المادي و المعنوي من قبل المسؤولين فأهمل كما أهملت مشاريع رائدة أخرى. إنه يتعلق ب: " العلوم الشرعية و صلتها بالعلوم الإنسانية ".
نسأل الله تعالى التوفيق.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.(/)
الوصول لنسخة الطبري المطبوعة؟ أفدني بارك الله فيك
ـ[أبو العالية]ــــــــ[02 Jun 2009, 08:56 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
أحبتي في الله، أين أجد تفسير الطبري طبعة د. التركي في المدينة أو مكة؟
للضرورة؟
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[02 Jun 2009, 09:25 ص]ـ
هذه أرقام بعض المكتبات في مكة لعلك تجدها عند إحداها:
مكتبة المؤيد
5542114
مكتبة الرشد
5585401
مكتبة الفوائد
5505305
مكتبة الأسدي
5273037
وهذا رقم رابطة العالم الإسلامي فحسب علمي كان يوزع لديهم لطلبة العلم
5600919
وإن كنت تريد استعارتها لابد أن تجدها إن شاء الله في مكتبة جامعة أم القرى
ـ[ابو معاذ يوسف الحربي]ــــــــ[02 Jun 2009, 09:33 ص]ـ
أنا عندي نسخة زائدة و هي طبعة دار هجر, تحقيق التركي, النسخة جيدة في الجملة لكن طبعة دار عالم الكتب أفضل منها, و النسخة التي عندي فيها بياض في بعض الصفحات في أحد المجلدات
و قد عرضتها للبيع ب 250 ريال. فما رايك؟
ـ[أبو العالية]ــــــــ[02 Jun 2009, 09:35 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
جزاك الله خيراً أخي الفجر الباسم، وجعل الله حياتك كلها بسمة وراحة في ظل طاعة الرحمن.
ولكني سآتي من بعيد، للشراء لا للإعارة، جزاك الله خيراً.
وسأتصل بالدور.
ولا زالت بحاجة لخرِّيت متيقن.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[21 Jun 2009, 12:04 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
الحمد لله فقد وفقنا الله تعالى بعد نصح أهل العلم الثقات جزاهم الله خيراً للوصول لها، وهي موجوده في مكتبة الشنقيطي في جدة ولكن سعرها نوعاً ما مرتفع (650) ريال.
ط: عالم الكتب.
وهناك مركز الشيخ عبد الله بصفر طبعة هجر بسعر: 620
فمن رغب فعليه بهما.
والله نسأل أن يوفقنا للإفادة منها.(/)
هل يصلح علم المعاني و البيان حكما على الخطاب القرآني؟
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[02 Jun 2009, 09:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
هل يصلح علم المعاني و البيان حكما على الخطاب القرآني؟
قال الشاطبي موضحاً فائدة أسباب النزول بمعناها العام المرتبط بالسياق وتلازم الصلة بين السياق وأحوال التنزيل: "معرفة أسباب التنزيل لازمة لمن أراد علم القرآن، والدليل على ذلك أمران:
أحدهما: أن علم المعاني والبيان الذي يعرف به إعجاز نظم القرآن فضلاً عن معرفة مقاصد كلام العرب، إنما مداره على معرفة مقتضيات الأحوال: حال الخطاب من جهة نفس الخطاب، أو المخاطِب، أو المخاطَب، أو الجميع؛ إذ الكلام الواحد يختلف فهمه بحسب حاله، وبحسب مخاطبيه، وبحسب غير ذلك .. ومعرفة الأسباب رافعة كل مشكل في هذا النمط، فهي من المهمات في فهم الكتاب ولا بد، ومعنى معرفة السبب هو معنى معرفة مقتضى الحال. (1)
واستثنى الشوكاني من علوم اللغة علم البلاغة، فلم ير ضرورة الإحاطة به لفهم كتاب الله تعالى، لأنها ليست لازمة لاستخراج الأحكام، وإنما هي لمعرفة بلاغة القرآن الكريم وما عليه من إعجاز. (2)
بارك الله فيكم.
ــــــــــ
1 - http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=7576
2- http://majles.alukah.net/showthread.php?t=30882
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[02 Jun 2009, 02:23 م]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالذي أراه أن السؤال ابتداء فيه نوعُ مغالطة، من حيث إن علمي البيان والمعاني ولا غيرهما من العلوم التي يُفهم بها القرآن يصلح أن يُقال فيه: إنه حَكَمٌ على القرآن، إذ ليست العلاقة بين القرآن الكريم وهذه العلوم علاقة حاكم ومحكوم، وإنما نفهمُ القرآن الكريم في ضوء هذه العلوم، ونستعين بها على فهمه.
فالقرآن الكريم إنما نزل بلسان العرب، وعلما البيان والمعاني من أسس لغتهم، وركائزها العامّة، والله تعالى يقول: (قرآناً عربياً .. )، ويقول: (بلسان عربيٍّ مبين)، وغير ذلك من النصوص الدالة على عربيّة القرآن الصرفة، وإذا كان كذلك فإن فهمه ينبغي أن يكون في ضوء أساليب العرب وطرائقهم في الكلام والتعبير.
أما ما نُقل عن الإمام الشوكانيّ، فليس قبوله بلازم من جهة؛ إذ قد خالف الكثير من المفسرين وأهل العلم، ثم على فرض قبوله، فإنه يوجّه بمعنيين:
الأول: أنه لا تُشترط الإحاطة التامّة بهذه العلوم، ودقائق فروعها ومسائلها، إذ ليس كلّ ما في هذه العلوم بلازم في دراسة كتاب الله، وعليه؛ فإنه لم يقصد الاستغناء عنهما بالكليّة.
الثاني: أن المعاني العامّة في القرآن، قد يفهمها الناظر أو الدارس من غير غوصه في علمي البلاغة: البيان والمعاني، وهذا المعنى لا إشكال فيه، إلّا أن القرآن فيه من المعاني الدقيقة ما لا يُتوصّل إليه إلا بالنظر في هذه العلوم، وقد تكون هذه المعاني الدقيقة لها أوثق الصّلة بترجيح قول على آخر، أو له تعلّق بمسائل في العقيدة والفقه وغيرهما.
والحاصل: أن هذه العلوم من علوم لغة العرب مما ينبغي أن يُفهم القرآن في ضوئه، وأن الاستغناء عنها انتقاص من مدى الفهم العميق للنص القرآني، وتفريط بألذّ اللطائف والمعاني الدقيقة التي تُختزن في تعابير هذا الخطاب المعجز.
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[03 Jun 2009, 05:38 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
أشكرك أخي الفاضل د. رأفت على ما تقدمت به من نصح وتوجيه.
وأود أن أفسر وجهة نظري أكثر، فربما لم أحسن توضيحها قبلا:
أتخذ بعض البلاغيين البلاغة العربية حجة في استنباط الأحكام حتى لو خالف الحكم المستنبط عن طريق علم البلاغة رأي جمهور أهل العلم المتخصصين، مثال ذلك:
فالطيبي مثلا صاحب مشكاة المصابيح (الكاشف عن حقائق السنن) استنبط حكما يخالف به جمهور شراح الحديث النبوي، معتمدا على البلاغة، وهذا الحكم هو أن الحج يكفر كل الذنوب.
وقد انتقدة العلامة علي القاري، لأنه قال " أما المرزبة المحدثون يشددون الباء والصواب تخفيفه " مع أن بعض اللغويين وافقوا جميع المحدثين فيه، وأتى القاري بالأدلة على تصويب رأي المحدثين من اللغة.
[ينطر: دراسات في البيان النبوي: ص 39، وص: 50]
ويقول العلامة علي القاري صاحب مرقاة المفاتيح:
" وأغرب من ذلك طعن بعض علماء العربية في القراءات المتواترة حيث لم تكن وفق مسموعهم"أهـ
وأما النصوص السابقة للعلماء الأفاضل فقد أتيت بها لأنها في وجهة نظري أكدت على هذه القضية.
والله أعلم.
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[03 Jun 2009, 05:51 ص]ـ
وتذكرت أمرا آخر أتمنى أن أنجح في تفسيره:
وقال العلامة المرشدي:
"نَعَمْ، قدْ يدلّ العقل على التعيين لخصوص المحذوف أيضاً في بعض المواضع، كقوله تعالى: {وَجَاء رَبُّكَ} () أي أمره وعذابه، فإنّ العقل يدلّ على امتناع مجيء الرب نفسه، ويدلّ على تعيين خصوص المحذوف أنه الأمر أو العذاب أو ما يناسبهما، كذا قاله التفتازاني، وغيره، فعلى هذا ففي دلالة العقل على تعيين خصوص المحذوف نظر." أهـ
(ص:573.من كتاب الدرر الحسان، تحقيق د. إبراهيم السماعيل.)
فالمرشدي يعزو استنباط بعض العلماء ورأيهم إلى علم البلاغة، مع أنهم يخالفون جمهور أهل العلم، ومع أني لا أعتقد أن هذا الاستنباط يدخل تحت الدلالة البلاغية أصلا.
والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)