وقال سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} {البقرة91}
وقال ـ أيضا ـ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} {آل عمران21}
3] عداوتهم التي تخطت حدود كراهيتهم للبشر إلى ملائكة الله المقربين: قال تعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {97} مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ {98} {البقرة}
4] بل تخطوا في العداوة حدود الملائكة فطعنوا في الذات الإلهية المقدسة فوصفوه سبحانه بما لا يليق به قال تعالى: {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ {181} ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ {182} {آل عمران}.
وقوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً .... } {المائدة 64}
5] حبهم لإشعال الفتن وتعطشهم لسفك الدماء وإيقاد الحروب مع ما بينهم من إحن وعداوات قال تعالى: { ..... وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ ... } {المائدة 64}
6] الخصومة الأبدية بينهم وبين الصلاح الذي هو الأصل وحملهم لواء الإفساد في الأرض بشتى الوسائل من تخريب للعقائد وتدمير للأخلاق فضلا عن إهلاكهم للحرث والنسل قال تعالى: { .... وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} {المائدة64}
وقال تعالى فيمن هم على شاكلتهم {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ {205} {البقرة}
7] اتهامهم العفيفات كمريم البتول ـ عليها السلام ـ بارتكابها للفاحشة وحملها بولدها من سفاح، قال تعالى: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً {النساء 156}
وقال تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} {مريم} في حين أن القرآن أثبت لها الطهر والعفاف في قوله سبحانه على لسان الملائكة: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ {42} يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ {43} وتلك هي عقيدة المسلم.
8] تآمرهم على قتل نبي الله عيسى ـ عليه السلام ـ وادعاؤهم وقوع ذلك قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً {157} {بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً {158} {النساء}
(يُتْبَعُ)
(/)
9] كونهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، قال تعالى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ {78} كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ {79}
10] أكلهم الربا واستحلالهم أموال غيرهم بالباطل مع حرمة ذلك في شريعة موسى ـ عليه السلام ـ قال تعالى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} {النساء161}
وقال تعالى: {وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {62} {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ {63} {المائدة}
وقال تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} {آل عمران75}
وغير ذلك من خصالهم الذميمة التي فصلها القرآن تفصيلا في غير ما موضع منه، ولولا خشية الإطالة لبينا ذلك، وكذلك أتت السنّة المطهرة ببيان كثير من هذه الخصال ونترك المجال للقاريء الكريم بالرجوع إليها.
وهنا يثور في النفس سؤال مؤداه:
ما سر التطابق في الخصال التي سقناها بين بني إسرائيل حقيقة، وبين هؤلاء المعاصرين لنا وهم ليسوا من بني إسرائيل أصلا وإنما هم شتات تجمعوا من كل حدب وصوب؟
----------------------------------------------------------
ما تم ذكره كان ضمن أمسية تأملية في الواقع الذي نعيشه من أحداث مريرة تعيشها غزة المسلمة وشعبها المجاهد البطل بأرض الرباط في فلسطين، ضمت معي شيخنا الأستاذ الدكتور عبد الفتاح عبد الغني أستاذ التفسير بجامعة الأزهر الشريف كلية أصول الدين الأم بالقاهرة وأثمر هذا التأمل عن المقال السابق وما نتج عنه من تساؤل.
سلام الله عليكم و رحمته و بركاته
جزاكما الله خيراً - أَخَوَيَنا الفاضلين: د. عبد الفتاح خضر، و د. عبد الفتاح عبد الغني - على هذه المقالة، و تلك المدارسة، لتلك المسألة المهمة المعاصرة؛ استهداءً بآيات القرآن الكريم، و حديثه عن الأمم و الأقوام السابقة و المعاصرة لأمّة الإسلام؛ لنستخلص العِظةَ و العِبْرة، و لنتجنَّب عاقبتهم و سوء مصيرهم
قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}. [يوسف: 111]
- و بخصوص التطابق في الصفات بين هؤلاء المنحرفين من بني إسرائيل المذكورين في القرآن الكريم و بين اليهود المعاصرين:
1 - فلا شك في أن اليهود المعاصرين ليسوا كلّهم من سلالة بني إسرائيل؛ فمن الثابت علميا و تاريخيا دخول أقوام أخرى من أجناس أخرى في اليهودية، و من أشهرهم شعوب الخزر حول البحر الأسود؛ كتب الدكتور عبد الوهاب المسيري - رحمه الله - في " موسوعة اليهود و اليهودية و الصهيونية ": (نشر كوستلر [كاتب يهودي وُلد في المجر وتَعلَّم في النمسا وألمانيا] عام 1955 كتاباً بعنوان قافلة الديناصور يضم دراسة بعنوان «يهودا في مفترق الطرق» والتي أشار فيها إلى عدم صحة القول بوجود تراث حضاري يهودي مشترك. وفي كتابه القبيلة الثالثة عشرة: إمبراطورية الخزر وميراثها (1976) يناقش كوستلر ظهور إمبراطورية الخزر اليهودية وما يسميه «الشتات الخزري». وقد أثار الكتاب ضجة في الأوساط اليهودية والصهيونية عند صدوره. فالكتاب يذهب إلى أن يهود بولندا، الذين كانوا يشكلون أهم وأكبر تَجمُّع يهودي في العالم، هم من نسل الخزر وبالتالي فهم مختلفون عرْقياً وثقافياً عن بقية يهود العالم وعن العبرانيين القدامى). اهـ
2 - و لا شك في استمرار اجتماع اليهود قديما و حديثا على صفاتٍ مذمومة - كتلك المذكورة في القرآن الكريم؛ كما في المقالة و الاقتباس أعلاه -؛ قال تعالى: {وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا}. [المائدة: 13]، و قد قال عبد الله بن سلام - و كان من أشراف يهود المدينة و سادتهم -:: (إنَّ اليهود قومٌ بُهْت)، قالها عقب إسلامه؛ لَمّا كَذّبه اليهود بعد أن عرفوا بإسلامه، و كانوا قد مدحوه قبل ذلك و أَثنوا عليه.
3 - و لَمّا كان من المتعذَّر علمياً تعميم تعليل وجود تلك الصفات بالانتقال الوراثي عبر الأجيال؛ لم يَتَبَق سوى التعليل باشتراكهم و اجتماعهم على عقائد و أقاويل واحدة، يعتقدونها و يَدينون بها و يؤمنون؛ كالتوراة المُحَرَّفة، و التلمود، و كتب القبّالاه.
و الله أعلم(/)
هل هناك رسالة علمية للتفسير بالمثال دراسة تطبيقية؟
ـ[محمد الصاعدي]ــــــــ[15 Jan 2009, 09:15 م]ـ
التفسيربالمثال, هل طرق كرسالة علمية تطبيقية؟ فله أمثلة كثيرة تطبيقية, والعلم به من الأهمية بمكان.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jan 2009, 10:27 م]ـ
فكرة جيدة، ولا أعرف بحثاً مستقلاً في ذلك.
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[16 Jan 2009, 09:31 م]ـ
كيف هي طريقة البحث عن طريق المثال؟
لم تتبين لي ..
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[17 Jan 2009, 05:11 ص]ـ
الأخ محمد الصاعدي - أيده الله -
فكرة بحث التفسير بالمثال فكرة جيدة لكنها في نظري القاصر لا ينبغي أن تستقل برسالة علمية، فلو سجلت بحثك بعنوان: الطرق أو الأصول التي يدور عليها التفسير لكان هذا أنفع وأكثر فائدة، ستتناول فيه: التفسير بالمطابق، والتفسير باللازم، والتفسير بالمثال، والتفسير بالقياس، والتفسير بجزء المعنى.
وقد طرقت شيئا من هذا في رسالتي للماجستير: اختلاف السلف في التفسير
وفقك الله وأعانك
ـ[أبو المهند]ــــــــ[20 Jan 2009, 07:46 م]ـ
.
[ quote]: التفسير بالمطابق، والتفسير باللازم، والتفسير بالمثال، والتفسير بالقياس، والتفسير بجزء المعنى.
إيضاح جيد يا أبا صفوت يشهيني إتمام ما شرعت فيه من بحثك القيم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[21 Jan 2009, 05:16 م]ـ
الأخ محمد / ماذكره الاخ الكريم أبو صفوت قولةٌ من ممارس موفق، وأنا أوافقه عليها، مع علمي بأن أحد الباحثين يبحث التفسير باللازم، ولا أدري أين وصل به المطاف.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[21 Jan 2009, 05:51 م]ـ
د. مساعد في أي جامعة رسالة التفسير باللازم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[22 Jan 2009, 06:54 ص]ـ
الأخ أحمد
لا أدري، فقد اتصل بي أحد الطلاب وسألني عن الموضوع، وإن تمكنت من معرفة شيء عنها أخبرتك.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[22 Jan 2009, 02:07 م]ـ
د. مساعد: سألتك عن ذلك لأن الموضوع سجل في جامعتنا قريباً , فخشيت من تكرار الجهود , ولعل من استشارك هو صاحب الموضوع.(/)
تعريف بكتاب (منة الرحمن في تراجم أهل القران).
ـ[حامد الشهري]ــــــــ[15 Jan 2009, 11:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد الأمين وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد ..
فهذا تعريف بكتاب (منة الرحمن في تراجم أهل القران).
? المؤلف: د.إبراهيم محمد الجرمي.
? اسم الكتاب: منة الرحمن في تراجم أهل القران " قاموس تراجم لقراء القران ومقرئيه في القرنين الثالث عشر والرابع عشر ".
? يقع الكتاب في 296 صفحة.
? الناشر مكتبة الكوثر للنشر والتوزيع.
? الطبعة الأولى 1426 هـ.
يرى المؤلف – وفقه الله - أن كتابه هذا كان مساهمة منه في إبراز قراء القران ومقرئيه في القرنين الثالث عشروالرابع عشر وفاءً لهم ولجهودهم في خدمة هذا الكتاب العزيز.
مزايا الكتاب /
? اشتماله على تراجم لكثير من القراء من مختلف الأمصار، من بلاد الحرمين والشام ومصر وباكستان والمغرب وغيرها، وعدم اقتصاره على قطر معين.
? أنه ذكر في آخر الكتاب دليلاً لنماذج من تلاوات بعض القراء المترجم لهم.
? أنه خصص مساحة جيدة في كتابه للتعريف ببعض القراء الذين كان لهم أثر كبير في نهضة الحراك العلمي في وقتهم.
المآخذ على الكتاب /
? أنه كان بالإمكان الحصول على تراجم أوسع وأوفى للعديد من المترجم لهم، فالبعض منهم لهم موقع خاص عبر الإنترنت ..
? ذكره لبعض التراجم على علاتها كما وصلته، دون حذف أو تعقيب أو تعليق،، فالبعض منها تذكر أن الشيخ الفلاني كان مدعواً للقراءة في بعض المآتم فذهب إليها و ... الخ!! وغيرها ..
? أنه أحيانا قد يستخدم التاريخ الميلادي في جزء من الترجمة ويؤرخ في ذات الترجمة لأحداث أخرى بالتاريخ الهجري.
?بعض الأخطاء المطبعية في الترقيم ونحوه.(/)
تعريف بكتاب: (من الطبري إلى سيد قطب)
ـ[حامد الشهري]ــــــــ[16 Jan 2009, 12:13 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياءوالمرسلين وبعد ..
فهذا تعريف بكتاب:
من الطبري إلى سيد قطب
دراسات في مناهج التفسير ومذاهبه
المؤلف د: إبراهيم عوض.
طبعة دار الفكر العربي، القاهرة 1421هـ.
يقع الكتاب في 416 صفحة.
وهذه إطلالة سريعة على هذا الكتاب النفيس الذي ناقش فيه مؤلفه - حفظه الله – عددا من التفاسير القديمة والحديثة؛ والتي يمثل كل واحد منها منهجا شبه مستقل من مناهج تفسير القران، بيَن في كاتبه فضل كل واحد من هؤلاء المفسرين، والمنهج الذي سلكه في تفسيره، ثم بين رأيه تجاه عدد من المناهج والقضايا التي رآها المفسر ومآخذه على كل كتاب من هذه الكتب.
* يضم هذا الكتاب ثمانية فصول، يحتوي كل فصل منها على دراسة لواحد من أشهر كتب التفسير القراني؛ وهذه الكتب هي:
1 - جامع البيان في تفسير القران للطبري.
2 - لطائف الإشارات للقشيري.
3 - مجمع البيان للطبرسي.
4 - الكشاف للزمخشري.
5 - فتح القدير للشوكاني.
6 - في ظلال القران لسيد قطب.
7 - تفسير القران بالأنجليزية لملك غلام فريد.
8 - مختار تفسير الطبري لتوفيق الحكيم.
*حرِص المؤلف - وفقه الله - على بيان مكانة كل كتاب من هذه الكتب، ومنزلة مؤلفه، وما تميز به تفسيره، ومنهجه فيه،
ثم عرض عددا من الأمثلة من كل تفسير، ناقش فيها الأقوال التي رآها المفسرفي تفسيره، وبين موقفه تجاه عدد من القضايا الخلافية المنثورة في بعض هذه الكتب كمسألة المجاز وغيرها.
*أورد المؤلف بعض الأراء والأقوال الغريبة التي أوردها بعض المفسرين في كتبهم، ثم قام بمناقشتها والرد عليها.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[16 Jan 2009, 02:25 ص]ـ
بارك الله فيك(/)
تحميل ندوة الدراسات القرآنية عن موضوع الاستنباط من القرآن ..
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[16 Jan 2009, 04:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ..
فقد تشرفت بأن أكون ضيفاً في ندوة الدراسات القرآنية التي تبث في إذاعة القرآن الكريم والتي يديرها الدكتور الكريم يوسف بن صالح العقيل والتي كان الحديث فيها عن الاستنباط من القرآن الكريم، وقد وجدت هذا اللقاء مسجلاً في شبكة مسلمات ( http://www.muslimat.net/index.php?action=sec&id=225) بحجم صغير وهو 1.43 ميجا لكل لقاء ويمكن تحميله على الرابط:
الحلقة الأولى
16/ 11/1429هـ ( http://www.muslimat.net/upload/upload/deraasat-quran/16-11-1429.zip)
الحلقة الثانية
23/ 11/1429هـ ( http://www.muslimat.net/upload/upload/deraasat-quran/23-11-1429.zip)
والله الموفق ...
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[16 Jan 2009, 01:50 م]ـ
بارك الله فيكم شيخ فهد ...
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[16 Jan 2009, 02:20 م]ـ
أحسنتم، وبارك الله فيكم.
وليت إذاعة القرآن تكثر من أمثال هذه الموضوعات، ولا أزال ملتذذًا بحلقة كان ضيفها الشيخ الدكتور عبد الرحمن الشهري، وكانت عن الاستشهاد بالشعر في تفسير آيات القرآن.
جزاكم الله خيرًا.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[17 Jan 2009, 04:01 ص]ـ
أحسنتم، وبارك الله فيكم.
وليت إذاعة القرآن تكثر من أمثال هذه الموضوعات، ولا أزال ملتذذًا بحلقة كان ضيفها الشيخ الدكتور عبد الرحمن الشهري، وكانت عن الاستشهاد بالشعر في تفسير آيات القرآن.
جزاكم الله خيرًا.
وإياك وصدقت أخي الكريم فقد أفدنا منها بارك الله في الدكتور عبد الرحمن ونفع به ..
ـ[الخزرجية]ــــــــ[23 Jan 2009, 11:29 م]ـ
تم التحميل ..
أحسنتم، وبارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jan 2009, 10:05 ص]ـ
بارك الله فيكم أخي الكريم أبا مبارك على هذا الرابط
http://www.muslimat.net/index.php?action=sec&id=225
ففيه إلى الآن 25 حلقة من حلقات البرنامج، ونحن نطمح أن نوفرها جميعاً من الإذاعة ولكن للأسف أن الحصول عليها - حتى الآن - فيه مشقة وصعوبة بالغة.(/)
دراسات إسلامية باللغة الإنكليزية 1 - القرآن في سياقه التاريخي
ـ[أحمد الأشتر]ــــــــ[16 Jan 2009, 08:25 ص]ـ
سوف يضع الأخ سليم الحلبي سلسلة دراسات حول الإسلام باللغة الإنكليزية وهذه هي أول مشاركة له منقولة من منتديات الكتب المصورة:
"سأضع تباعا كتبا باللغة الإنكليزية وجدتها على الشبكة معظمها حديث جدا للتعرف على الدراسات الغربية للإسلام. بعض هذه الدراسات متحيزة وبعضها أكاديمية موضوعية. وأترك الكلام للمتخصصين للتعليق عليها والتمييز بين الغث والثمين. والسلام عليكم
1. -القرآن في سياقه التاريخي
The Qur'an in its Historical Con
Published: 2008
رابط أول:
http://rapidshare.com/files/14952747...iIHistCont.rar
رابط ثاني:
http://www.4shared.com/file/80859080...rical_Con.html
المصدر: http://www.pdfbooks.net/vb/showthread.php?t=15074
ـ[الشريفة فاطمة]ــــــــ[16 Jan 2009, 09:07 م]ـ
ماشاء الله. هذا سيفيدنا كثيرا بتقريب المهتمين من الاجانب بديننا الحنيف. ومعرفة مايدور حول ذلك ببلاد الغرب.
شكرا لك اخ سليم
شكرا لك اخ احمد(/)
ما تفسير (وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر ... الآية؟
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[16 Jan 2009, 07:05 م]ـ
ما تفسير قوله تعالى ((وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق))؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[19 Jan 2009, 10:44 م]ـ
ما المراد بالميثاق في سياق هذه الآية هل من مجيب؟؟؟؟؟؟؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Jan 2009, 11:50 م]ـ
ما المراد بالميثاق في سياق هذه الآية هل من مجيب؟؟؟؟؟؟؟
معناه واضح، وهو العهد الموثق
ومعنى الآية كما قال السعدي رحمه الله: (وقوله تعالى: {إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ} أي: عهد بترك القتال، فإنهم إذا أراد المؤمنون المتميزون الذين لم يهاجروا قتالهم، فلا تعينوهم عليهم، لأجل ما بينكم وبينهم من الميثاق.)
وفي أيسر التفاسير: (إذا طلبوا نصرة المؤمنين في دنيهم فإن على المؤمنين أن ينصروهم بشرط أن لا يكون الذي اعتدى عليهم وآذاهم فطلبوا النصرة لأجله أن لا يكون بينه وبين المؤمنين معاهدة سلم وترك الحرب؛ ففي هذه الحال على المؤمنين أن يوفوا بعهدهم ولا يغدروا فينصروا أولئك القاعدين عن الهجرة هذا ما دل عليه قوله تعالى {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير})
وفي تفسير ابن عاشور: (والاستثناء في قوله: {إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق} استثناء من متعلق النصر وهو المنصور عليهم، ووجه ذلك أن الميثاق يقتضي عدم قتالهم إلا إذا نكثوا عهدهم مع المسلمين، وعهدهم مع المسلمين لا يتعلق إلا بالمسلمين المتميزين بجماعة ووطن واحد، وهم يومئذ المهاجرون والأنصار، فأما المسلمون الذين أسلموا ولم يهاجروا من دار الشرك فلا يتحمل المسلمون تبعاتهم، ولا يدخلون فيما جروه لأنفسهم من عداوات وإحن، لأنهم لم يصدروا عن رأي جماعة المسلمين، فما ينشأ بين الكفار المعاهدين للمسلمين، وبين المسلمين الباقين في دار الكفر لا يعد نكثا من الكفار لعهد المسلمين، لأن من عذرهم أن يقولوا: لا نعلم حين عاهدناكم أن هؤلاء منكم، لأن الإيمان لا يطلع عليه إلا بمعاشرة، وهؤلاء ظاهر حالهم مع المشركين يساكنونهم ويعاملونهم.)
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[20 Jan 2009, 02:54 م]ـ
يلزم المسلمون بالانتصار لإخوانهم في حال تم اضطهادهم من قبل الكفار، ويستثنى من هذه الفريضة الحال التي لا يمكننا فيها نصرهم وذلك لوجود معاهدة تمنع مثل هذا الانتصار. أما إذا كانت المعاهدة لا تُنقض بوجه من وجوه النصر فيبقى الوجوب قائماً.
وغني عن البيان أن المواثيق يجب أن لا تخالف حكماً شرعياً. وغني عن البيان أيضاً أن المواثيق التي تعقدها الحكومات غير الشرعية لا تلزم جماهير المسلمين. وهذا يعني أنه يشترط أن يكون الحاكم شرعياً بمنظار الشرع الإسلامي وأن تكون المعاهدة لا تخالف حكماً شرعياً.(/)
شرح سورة القصص من المحرر الوجيز للشيخ مساعد
ـ[مندوبية العزيزية والعوالي بمكة]ــــــــ[17 Jan 2009, 09:04 ص]ـ
يسر مركز الدعوة والارشاد بمكة بالتعاون مع المكتب التعاوني للدعوة والارشاد وتوعية الجاليات بمكة دعوتكم لحضور الدرس الشهري في التفسير الذي تنظمه مندوبية الدعوة بالعزيزية والعوالي ضمن سلسلة
شرح المحرر الوجيز لابن عطية
بعنوان
دورة في شرح سورة القصص
لفضيلة الشيخ الدكتور
مساعد بن سليمان الطيار
الثلاثاء 23/ 1/1430هـ بعد صلاتي المغرب والعشاء
بجامع الأميرة نوف بالعزيزية
علماً أن الدرس يقام رابع ثلاثاء من كل شهر
*ستوزع المتون على المشاركين في الدورة
*ستكون هناك شهادة حضور معتمدة من الشيخ
*يوجد مكان للنساء
ينقل الدرس عبر موقع البث الاسلامي www.islamlive.net
* للتنسيق والتواصل 0553131107
الرجاء من الأخوة نشرها في المنتديات وعبر رسائل الجوال
ـ[نواف الحارثي]ــــــــ[20 Jan 2009, 10:46 ص]ـ
شكر الله للإخوة القائمين على مندوبية الدعوة بالعزيزية والعوالي، وإن كان عنوان الموضوع يحتاج إلى صياغة أدق وأكثر في وجة نظري، كما أن تكرار طرح الموضوع مرتين يضعف الاطلاع عليه، ولو كُلمت إدارة الموقع بتثبيت الموضوع لمدة يومين لكان أفضل من تكرار طرح الموضوع مرتين!!
وأريد أن انبه الإخوة بأن يصوروا سورة القصص من الطبعة القطرية وهي متوفرة بمكتبة إمام الدعوة بجوار المندوبية بحي العوالي
كما انبه بأن الطبعة المغربية والتي صورتها من المكتبة الجامعية تمتاز بعدم وضع أي علامة للترقيم إلا ما ندر!! وتمتاز بعدم ضبط أي نص مشكل بالشكل!! فلا أدري ما قيمة الوقت الذي مضى في التحقيق والطباعة إذا كانت الطبعة بهذا الوضع!!
وسنقرأ بإذن الله من الطبعة المغربية مع المقابلة بالطبعة القطرية كما قال لي شيخنا الشيخ مساعد الطيار،،،ولذا جرى التنويه،،،وفق الله الجميع(/)
صدور العدد الرابع من مجلة (البحوث والدراسات القرآنية) عن مجمع الملك فهد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Jan 2009, 10:59 م]ـ
صدر العدد الرابع من مجلة «البحوث والدراسات القرآنية»، التي يصدرها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة، وهي مجلة دورية محكمة.
وقد تضمن العدد خمسة أبحاث علمية باللغة العربية بأقلام لفيف من أساتذة الجامعات والباحثين،
- كتب البحث الأول: «تنزيل الآيات على الواقع عند ابن القيم» الدكتور يحيى بن محمد زمزمي.
وكتب البحث الثاني: «مشروع المصاحف الثاني في العصر الأموي» الأستاذ الدكتور عمر يوسف عبدالغني حمدان.
وكتب البحث الثالث: «أضواء على الإعجاز البلاغي في سورة الفاتحة» الدكتور صالح بن محمد آل أبو بكر الزهراني.
وكتبت البحث الرابع: «مسائل نحوية في سورة الحجرات المدنية» الدكتورة مها بنت عبدالعزيز العسكر.
وكتب البحث الخامس: «المصطلح الشرعي وترجمة معاني القرآن الكريم: دراسة تحليلية» الدكتور عبدالرزاق بن عبدالمجيد ألارو.
كما تضمن العدد بحثين باللغة الإنكليزية، كتب الأول الدكتور أحمد أكفات جابا بعنوان: «الطريق إلى ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة المجرية: مسح تاريخي وِراقي مختصر لمحاولات المجريين»،
وكتب الثاني الأستاذ ميخائيل يعقوبوفتش بعنوان: «ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغة الأكرانية: إشكالات وآفاق». بالإضافة إلى رصد طائفة من أخبار المجمع.
الجدير بالذكر أن مجلة البحوث والدراسات القرآنية مجلة علمية محكمة متخصصة بالقرآن الكريم وتصدر مرتين سنوياً، وتهدف المجلة إلى تنشيط البحث العلمي، والإسهام في نشر الدراسات والبحوث المعنية بالقرآن الكريم وعلومه، مما يثري مكتبة الدراسات القرآنية ويدعو إلى التوصل العلمي بين المختصين في هذا المضمار، وتحقيقاً لهذا المقصد فإن مجال النشر في المجلة يشمل: الدراسات والبحوث، وتحقيق المخطوطات، وقضايا ترجمة معاني القرآن الكريم.
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[17 Jan 2009, 11:22 م]ـ
شكر الله لكم هذه الإفادة القيمة، شيخنا الدكتور عبد الرحمن.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[19 Jan 2009, 10:22 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بارك الله لنا فيكم شيخنا عبد الرحمن.
لكن دوما الطلب نفسه أرفعه إليكم شيخنا: حاولوا قدر ما استطعتم تنزيل مثل هذه المجلات إلى الملتقى المبارك.
وبارك الله فيكم شيخنا.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[20 Jan 2009, 07:42 م]ـ
بارك الله فيكم يا دكتور عبد الرحمن ونفع بمجلة المجمع السخية بالعلم وفنون المعارف المتصلة بالقرآن.
ـ[الخزرجية]ــــــــ[23 Jan 2009, 11:26 م]ـ
بارك الله فيكم يا دكتور عبد الرحمن .. وجزاكم الله خيرا .. أجعله في صحائف أعمالكم
ونمنى عليكم أن تحاولوا قدر ما استطعتم تنزيل مثل هذه المجلات في ملتقاكم المبارك
مشكورين مأجورين
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jan 2009, 10:00 ص]ـ
شكر الله لكم دعواتكم.
وسيكون العدد متاحاً للجميع قريباً على موقع المجمع على هذا الرابط
http://www.qurancomplex.org/downloadscategories.asp?l=arb¬Menu=true
فترقبوه، وقد أبدى أخي العزيز رئيس التحرير د. وليد العمري استعداده لتزويد الباحثين الراغبين في الحصول على عدد المجلة بها. ويمكن التواصل معه على بريد المجلة
journal@qurancomplex.org
وفق الله الجميع لكل خير.
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[29 Jan 2009, 10:53 م]ـ
نفع الله بجهودهم أمة الإسلام وأهل القرآن
وشكر الله لكم حسن إفادتكم وطيب إطلالتكم يا شيخنا الدكتور عبد الرحمن
دوماً تتحفنا بالجديد والمفيد .. فبارك الله في مساعيكم
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[27 Feb 2009, 12:20 ص]ـ
جزاكم الله خيرا يا شيخ عبدالرحمن على المتابعة الدائمة والمستمرة للمجلات العلمية
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/187549a70729d31b5.jpg(/)
دعوة لحضور اللقاء العلمي للجنة الفرعية بالقصيم
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[19 Jan 2009, 12:14 م]ـ
يسر الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه
أن تدعوكم لحضور اللقاء العلمي للجنة الفرعية بالقصيم بعنوان:
معالم قرآنية حول القضية الفلسطينية
للأستاذ الدكتور: زيد عمر العيص، الأستاذ بجامعة الملك سعود يوم الثلاثاء الموافق 23/ 1/1430 هـ الساعة السابعة والنصف مساءً في قاعة المدرج الغربي في مبنى كلية الشريعة وأصول الدين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Jan 2009, 04:52 م]ـ
وفقكم الله وبارك فيكم.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[19 Jan 2009, 06:17 م]ـ
نعْمَ الضيفُ المحاضِرُ , ونرجو من الإخوة الذين سيشرفونَ بحضور هذا اللقاء الماتع ألا يحرموا مَن عجز عن الحضور مِنْ نقل الفوائد والحكَمِ والنكات العلمية التي يتفضلُ بها الضيفُ وغيرهُ من الحضور.
وأحب اتخاذَ هذا الموضوع فرصةً لطرح اقتراحٍ على الجمعية وهو:
التنسيقُ والإعدادُ -مُستقبلاً- لمشاركة أعضاء الملتقى عبر الملتقى في مثل هذه الندوات , خصوصاً لمن لم يكن في المملكة كالمشايخ في الشام والمغرب واليمن وغيرهم.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[20 Jan 2009, 11:42 ص]ـ
وفقكم الله ..
ـ[أبو المهند]ــــــــ[20 Jan 2009, 07:40 م]ـ
أسأل الله العظيم أن ينفع بكم ومنكم(/)
إخوانكم من الجن!
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[19 Jan 2009, 03:04 م]ـ
عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَفَقَدْنَاهُ، فَالْتَمَسْنَاهُ في الأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ، فَقُلْنَا اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ، - قَالَ - فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ - قَالَ - فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ. فَقَالَ: «أتاني دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ». قَالَ: فَانْطَلَقَ بِنَا، فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ، وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ: «لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا، وَكُلُّ بَعَرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «فَلاَ تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ». هذا لفظ مسلم. وفي لفظ الترمذي، والنسائي في الكبرى، وابن حبان: "فإنه زاد إخوانكم من الجن".
لقد استوقفتني الجملة الأخيرة من هذا الحديث الشريف كثيراً، وبقيت أتأمل في التعليل النبوي للنهي عن الاستنجاء بالعظم! وتردّدتْ في نفسي تساؤلات كثيرة: أين هؤلاء الإخوة الذين لا نكاد نعرفهم إلاّ بالاسم فقط؟! بل ولا يمكن أن نراهم في هذه الدنيا: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ). [الأعراف:27]! ثم .. هل انتهت الأطعمة التي على وجه الأرض مما يقتات منه إخواننا من الجن، ولم يبق إلاّ هذه العظام حتى ننهى عنها؟!
إن القصد من هذا كله ـ بلا ريب ـ أمور، من أعظمها: ترسيخُ هذا الأصل المتين بين المؤمنين، أصل الأخوة والشعور بالجسد الواحد، حتى وإن كان بعضهم قد لا يرى الآخر! بل حتى ولو كان لا يستفيد منه شيئاً يُذكر، اللهم إلاّ الدعاء والاستغفار. فإذا كان في من لا نراهم دائماً ـ وهم مؤمنو الجن ـ فكيف سيكون حق إخواننا المؤمنين من بني آدم؟! وهل انتهت قصة العلاقة الإيمانية عند هذا الحدّ؟ كلا .. بل لقد شمختْ وتسامتْ وارتفعتْ لتتصل بمؤمني أهل السماء!
تدبر معي ما ذكر الله تعالى عن طائفة من خواصّ ملائكة السماء، إنهم حملة العرش ومن حوله، حينما انطلقت دعواتهم ـ ولا تزال إلى يوم القيامة ـ لإخوانهم المؤمنين من أهل الأرض! يقول جل في علاه: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). [غافر: 7 - 8].ويقول تعالى: (وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ). [الشورى:5].
فتأمل في هذه الرابطة العظيمة التي ربطت بين حملة العرش ومن حوله، وبين بني آدم في الأرض حتى دعوا الله لهم هذا الدعاء الصالح العظيم! إن هذين النصين الكريمين يستحقان أن نقف معهما كثيراً؛ لنراجع أنفسنا في طريقة تعاملنا مع إخواننا الذين يجمعنا معهم وصف الإيمان! فكيف بمن تجمعنا معهم روابط أخرى غيرها؟!
تأمل في أثر هذه الرابطة الإيمانية في تنمية الحس الاجتماعي: "زاد إخوانكم من الجن"! وتأمل في أثرها الذي ظهر في هذا اللهج الدائم بالدعاء لإخوانهم، الذين لولا الوحي لما علمنا بهذه الدعوات الطيبات. فأين أثر هذه الرابطة على حياة المؤمنين؟ أين أثرها الاجتماعي؟ وأين أثرها الإيماني؟! في الميدان نماذج مشرقة ـ ولله الحمد ـ يسرّ بها المؤمن، ولكن فيه ـ أيضاً ـ نماذج محزنة، وهي كثيرة، مجانفة لما يقتضيه وصف الإيمان: من المحبة، والمودة، والتراحم، والتناصح، والدعاء الصادق لإخوانهم بالسداد والتوفيق، فهل من مدّكر؟!
ينظر: http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-43-105915.htm
ـ[نواف الحارثي]ــــــــ[19 Jan 2009, 04:03 م]ـ
شكر الله لكم ياشيخ عمر
الإسلام دين تكامل وتكافل حتى تعدى بالإحسان إلى الحيوان! ألم يخبر الرسول عليه الصلاة والسلام عن المرأة التي دخلت الجنة لما سقت كلبا؟ وأخبر عن المرأة التي حبست الهرة حتى ماتت فدخلت النار! (وفي كل كبد رطبة أجر) فهذه عجماوات فكيف بالمؤمنين عموما من الإنس والجن؟ وكيف بالأقربين خصوصا؟
بل ومن روابط هذا الدين (والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا) فالمؤمن يدعوا بهذه الدعوات للمؤمنين منذ آدم عليه السلام ... وكذلك الدعاء للميت ففيه دعوات لكل المؤمنين ..
إن التعامل الأمثل مع الجميع هو تطبيق حديث (وأن تأتي إلى الناس بما تحب أن يؤتى إليك) وحديث (وحتى يحب لأخيه وجاره ما يحب لنفسه) ولو سرنا على هذا النهج النبوي لتغيرت أمور كثيرة في حياة المسلمين.
والكل يعلم أن أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق كما جاء عن الحبيب عليه السلام
وبعض المسلمين يتعامل بمكيالين فهو يريد أن يعامله الناس بمعاملة لايعامل هو بها الناس!! فعسى ألا يكون داخلا في قوله تعالى (ويل للمطففين ...... ).
نسأل الله أن يرزقنا جميعا استشعار إخوة الدين كم اسأله أن يرزقنا حسن الخلق (اللهم كما أحسنت خلْقي فأحسن خلُقي)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نواف الحارثي]ــــــــ[19 Jan 2009, 04:04 م]ـ
يقول علي ابن أبي طالب:"ألا ما أكثر العبر وأقل الاعتبار)(/)
مقاصد السور: حلقة للنقاش (1)
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[20 Jan 2009, 12:11 م]ـ
لايخفى أن معرفة مقاصد السور من أهم مايعين على التدبر والفهم الصحيح لكتاب الله تعالى، قال الشاطبي رحمه الله: "قال تعالى {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء: 82]، التدبر إنما يكون لمن التفت إلى المقاصد" [الموافقات 3/ 383]. وقد طرحت - بحمد الله - في هذا الملتقى من قبل حلقات في الجانب النظري للمقاصد.
ورغبة في طرح دراسة تطبيقية من خلال المدارسة والتدبر في مقاصد سور القرآن بين أعضاء هذا الملتقى المبارك، فإنني سأطرح حلقات للنقاش حول الموضوع، رغبة في مشاركة الأخوة المتخصصين والمتدبرين تحقيقاً للمقصد الصحيح، وسأذكر أولاً رأيي في ذكر مقصد السورة ودلائله في السورة، وأترك المجال لمداخلات الأخوة تأكيداً أو تعقيباً، سائلاً الله تعالى أن يفتح لنا أبواب الفهم لكتابه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Jan 2009, 12:20 م]ـ
وفقك الله وسددك يا أبا عبدالله.
نحن متابعون، علماً أن أخي عصام العويد قد طرح مقاصد عدد من السور في مشاركة سابقة في الملتقى.
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[20 Jan 2009, 12:27 م]ـ
شكر الله لك أبا عبدالله
وقد كنت متابعاً لما كتبه أخي عصام وغيره في هذا الموضوع، لكنني أردت طرح الموضوع للمناقشة والمدارسة عبر سلسلة حلقات، مؤيداً ذلك بالدلائل من السورة. ليتبين المقصد ويتأكد.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[21 Jan 2009, 07:54 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الفاضل محمد على هذه المشاركة ونحن بانتظار ما تضعه بين أيدينا مما يفتح الله تعالى به لك ولغيرك من أهل هذا المنتدى المبارك لنستفيد من علمكم إن شاء الله تعالى.(/)
مقاصد السور: حلقة للنقاش (سورة المجادلة)
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[20 Jan 2009, 12:23 م]ـ
بالتأمل في اسم السورة وافتتاحيتها وآياتها وفواصلها وأسباب النزول فيها وموضوعاتها يظهر – والله أعلم - أن مقصدها
((إظهار دقة علم الله تعالى بالعباد وأعمالهم، بعثاً للنفوس على المراقبة، وتحذيراً من المخالفة والنفاق))
ويشهد لذلك في السورة أمور:
أولاً: افتتاحها بقوله {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} وختم الآية بقوله {إن الله سميع بصير}.
ثانياً: القصة التي نزلت فيها الآيات الأولى مرتكزة على إظهار علم الله وسمعه الدقيق، ولذلك قالت عائشة: (الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات. لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه و سلم وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها. وما أسمع ما تقول. فأنزل الله {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها}) أخرجه البخاري.
ثالثاً: تكرر آيات العلم والسمع في السورة ومنها:
1 - قوله تعالى {قد سمع الله}
2 - قوله تعالى {والله يسمع تحاوركما}
3 - قوله تعالى {فينبئهم بما عملوا أحصاه الله ونسوه}
4 - قوله تعالى {ألم تعلم أن الله يعلم مافي السموات وما في الأرض .... } الآية
رابعاً: تركيز السورة على موضوع النجوى، الآيات [7 - 13] وهي أكثر السورة، مما يؤكد أنها في توثيق علم الله تعالى وبعث النفوس على مراقبته في السر والنجوى.
وجاءت خلالها آية المجالس، ومناسبتها – والله أعلم _ أن المجالس هي موضع النجوى ومحلها.
خامساً: ذكر المنافقين الذين يخفون كفرهم ونفاقهم، ويحلفون على الكذب، ويوالون الكفار خفية. ففيه تحذير له وتخويف.
سادساً: ختم بعض الآيات بما يناسب مقصد السورة وهي:
1 - قوله تعالى {إن الله سميع بصير} [1]
2 - قوله تعالى {والله بما تعملون خبير} مرتين [3،11]
3 - قوله تعالى {والله على كل شيء شهيد} [6]
4 - قوله تعالى {إن الله بكل شيء عليم} [7]
5 - قوله تعالى {والله خبير بما تعملون} [13]
سابعاً: أن السورة هي الوحيدة التي ذكر فيها لفظ الجلالة في كل آية، وهذا يوحي – والله أعلم – ببعث الهيبة والخوف في النفس مع كل آية، كتكرار قوله تعالى {فبأي آلاء ربكما تكذبان} مما يدعو لمراقبة الله تعالى وتقواه.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[21 Jan 2009, 04:59 م]ـ
رجاء تصحيح الآية رقم 6 في السورة وهي:
قوله تعالى {والله على كل شيء شهيد} [6](/)
:: سؤالات وإشكالات في التفسير::
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[21 Jan 2009, 04:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من الله لأهله وخاصته , محبي القرآن الكريم والاشتغال به ..
هنا سأدرج بعض الأسئلة أو الإشكالات - وإن كنت اعتبر الإشكال سؤالاً - تباعاً علّ الله ينفع بها السائل ويجزي القارئ والمجيب خير ما عنده ..
السؤال الأول
هل الشيخ عبد الرحمن السعدي - طيب الله ثراه - يعتبر أن المسجد الأقصى حرماً؟ فقد ذكر ذلك في تفسيره لسورة الإسراء.
**
السؤال الثاني:
- يقول الله جل جلاله في سورة التحريم (ضرب الله مثلاً) ما السبب في كون الأمثلة كلها لنساء هل لذلك حكمة ذكرها أهل العلم أم لا؟ لأن فيها إشارة جيدة أود معرفة الإجابة قبل إدراجها.
- من المعلوم أن المثل يراد منه إيراد حالة غريبة يعرف بها حالة أخرى مماثلة لها في الغرابة كما ذكره الشوكاني فهل تفسير الآية: شبه الله المؤمنين بـ .... , صحيح؟
- ما القول الصحيح في قوله (فقد صغت قلوبكما) هل ما ذكره الشنقيطي أن جواب الشرط محذوف تقديره واجب عليكما أم ما يذكره بعض المفسرين أن (صغت) أي مالت إلى الحق؟
**
السؤال الثالث:
هل (لقد) في القرآن تعد قسماً من الرب جل جلاله؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Jan 2009, 11:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام من الله لأهله وخاصته , محبي القرآن الكريم والاشتغال به ..
هنا سأدرج بعض الأسئلة أو الإشكالات - وإن كنت اعتبر الإشكال سؤالاً - تباعاً علّ الله ينفع بها السائل ويجزي القارئ والمجيب خير ما عنده ..
السؤال الأول
هل الشيخ عبد الرحمن السعدي - طيب الله ثراه - يعتبر أن المسجد الأقصى حرماً؟ فقد ذكر ذلك في تفسيره لسورة الإسراء.
**
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وأسأل الله أن ينفعنا جميعاً بالعلم، وأن يوفقنا للعمل الصالح.
أما سؤالك عن اعتبار المسجد الأقصى حرماً عند الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله وغفر له، فقد رجعتُ لكتابه فلم أجده نصَّ على اعتباره حرماً، وإنما هو من المساجد الفاضلة التي ضاعف الله فيها أجر الصلاة كما في المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي بالمدينة. وإن تكرمت بنقل نص عبارته فلعلي لم أوفق للعثور عليها.
ولعل بقية الأسئلة تأتي قريباً إن شاء الله للفائدة.
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[22 Jan 2009, 11:37 ص]ـ
شكر الله لك شيخ عبد الرحمن سأوافيك بالنص بعد قليل ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Jan 2009, 11:44 ص]ـ
السؤال الثاني:
- يقول الله جل جلاله في سورة التحريم (ضرب الله مثلاً) ما السبب في كون الأمثلة كلها لنساء هل لذلك حكمة ذكرها أهل العلم أم لا؟ لأن فيها إشارة جيدة أود معرفة الإجابة قبل إدراجها.
- من المعلوم أن المثل يراد منه إيراد حالة غريبة يعرف بها حالة أخرى مماثلة لها في الغرابة كما ذكره الشوكاني فهل تفسير الآية: شبه الله المؤمنين بـ .... , صحيح؟
- ما القول الصحيح في قوله (فقد صغت قلوبكما) هل ما ذكره الشنقيطي أن جواب الشرط محذوف تقديره واجب عليكما أم ما يذكره بعض المفسرين أن (صغت) أي مالت إلى الحق؟
لعله - والله أعلم - لأن الحديث في أول السورة عن موضوع يمس المرأة في قضية تظاهر زوجتي النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ضرب المثل بالنساء في آخر السورة أليق. ولم اراجع في ذلك كتاباً للتفسير فلعلك تفيدنا رعاك الله.
وأما كون المثل يراد منه إيراد حالة غريبة يعرف بها حالة أخرى مماثلة لها في الغرابة كما ذكره الشوكاني فالشوكاني يقول: قد يراد به كذا .. ومعنى هذا أن المثل ليس دائماً هكذا وإنما قد يأتي على هذا الوجه.
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[22 Jan 2009, 11:50 ص]ـ
في قوله رحمه الله رحمة واسعة:
{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا} أي: أولى المرتين اللتين يفسدون فيهما. أي: إذا وقع منهم ذلك الفساد {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ} بعثا قدريا وسلطنا عليكم تسليطا كونيا جزائيا {عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} أي: ذوي شجاعة وعدد وعدة فنصرهم الله عليكم فقتلوكم وسبوا أولادكم ونهبوا أموالكم، وجاسوا خِلالَ دياركم فهتكوا الدور ودخلوا المسجد الحرام وأفسدوه. {وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا} لا بد من وقوعه لوجود سببه منهم.
.....
{لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} بانتصارهم عليكم وسبيكم وليدخلوا المسجد الحرام كما دخلوه أول مرة، والمراد بالمسجد مسجد بيت المقدس.
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[22 Jan 2009, 12:07 م]ـ
لعله - والله أعلم - لأن الحديث في أول السورة عن موضوع يمس المرأة في قضية تظاهر زوجتي النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ضرب المثل بالنساء في آخر السورة أليق. ولم اراجع في ذلك كتاباً للتفسير فلعلك تفيدنا رعاك الله.
ملحظ جيد؛ وليس مثلي من يقيمكم , قد يكون من الحكمة في ذلك:
أنه مهما بلغ المؤمن في ضعفه فإنه لا يمنعه من قبول الحق واتباعه فمعلوم أنه النساء فيهن ضعف جبلة , وفيها أيضاً أن الحق لا يمنع من نشره وبيانه صد وإعراض أقرب الناس للداعي كما أنه فيه تهوين لكيد الأعداء ولاسيما أن كيد النساء كيد عظيم.
ففيه توجيه للمؤمنين في حال الضعف وفي الأخذ بالحق.
وقد أكون مخطئاً؛ ويكون هناك ما هو أدق وأوضح وأبلغ .. والله أعلم.
وأما كون المثل يراد منه إيراد حالة غريبة يعرف بها حالة أخرى مماثلة لها في الغرابة كما ذكره الشوكاني فالشوكاني يقول: قد يراد به كذا .. ومعنى هذا أن المثل ليس دائماً هكذا وإنما قد يأتي على هذا الوجه.
بارك الله فيكم ونفع , على هذا يُعتبر قول بعض من فسر هذه الآيات كما في هذا الموضع بأن الله شبه المؤمنين بكذا ... صحيحاً؟
رزقنا الله وإياكم العلم النافع والعمل الصالح ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Jan 2009, 03:32 م]ـ
{لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} بانتصارهم عليكم وسبيكم وليدخلوا المسجد الحرام كما دخلوه أول مرة، والمراد بالمسجد مسجد بيت المقدس. [/ size][/B][/font]
لعلك اعتمدت على نسخة الكترونية لتفسير الشيخ السعدي رحمه الله. وقد رجعتُ للكتاب المطبوع فلم أجد هذه العبارة، ولو وُجِدَتْ فهي إِمَّا سبقُ قلمٍ، أو أنه يقصدُ بالحُرمةِ للمسجد الأقصى الحرمةَ التي لكل مسجدٍ من حيث تحريمُ إهانته والاعتداء عليه ووجوبُ تكريمه لا المعنى الخاص للحرمة التي في المسجد الحرام بمكة والله أعلم.
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[22 Jan 2009, 06:58 م]ـ
لعلك اعتمدت على نسخة الكترونية لتفسير الشيخ السعدي رحمه الله. وقد رجعتُ للكتاب المطبوع فلم أجد هذه العبارة، ولو وُجِدَتْ فهي إِمَّا سبقُ قلمٍ، أو أنه يقصدُ بالحُرمةِ للمسجد الأقصى الحرمةَ التي لكل مسجدٍ من حيث تحريمُ إهانته والاعتداء عليه ووجوبُ تكريمه لا المعنى الخاص للحرمة التي في المسجد الحرام بمكة والله أعلم.
شكر الله لكم؛ بل رجعتُ إلى كتابٍ بين يدي بتحقيق اللويحق , ويشكل على هذا لو قلنا به أنه ذكره في موضعين الأول هذه العبارة , والثاني ما سبق في قوله (وجاسوا خِلالَ دياركم فهتكوا الدور ودخلوا المسجد الحرام وأفسدوه)
**
بقي الكلام عن (صغت) و (لقد) ..
رُزقتَ البرَّ والبركة أيها الشيخ الفاضل .. وأجدها فرصة لامتثال أمر رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في القول " إني أحبك في الله " ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Jan 2009, 01:23 ص]ـ
أحبكم الله الذي أحببتنا فيه وجمعنا دوما على الخير والهدى وجميع إخواننا هنا.
أشكرك على هذه الفوائد.
راجعتُ مرة أخرى التفسير بتحقيق فواز الصميل ونشر دار ابن الجوزي ص521، فوجدت كلامك صحيحاً في موضع وهو قوله (وجاسوا خِلالَ دياركم فهتكوا الدور ودخلوا المسجد الحرام وأفسدوه).
وأما الموضع الآخر فليس فيه المسجد الحرام.
والذي يظهر لي هو أن المقصود بالحرمة في كلام العلامة السعدي رحمه الله هو ما كتبته في كلامي السابق. بدليل تفسيره لقوله تعالى: (الذي باركنا حوله) ... فهو لم يشر إلى حرمة المسجد الأقصى وإنما إلى فضله ومضاعفة الصلاة فيه كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[23 Jan 2009, 02:11 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نعم شيخنا الفاضل فقد رجعت إلى نسختي الشخصية فوجدت ما نقله أخونا محبرة الداعي مثبتا بها وهي نسخة: مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1423هـ. اعتنى بها تحقيقا ومقابلة الشيخ اللويحق.
ولعل قول الشيخ في الآية: {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} بانتصارهم عليكم وسبيكم وليدخلوا المسجد الحرام كما دخلوه أول مرة، والمراد بالمسجد مسجد بيت المقدس. فيه تأكيد كذلك على ما ذهب إليه أخونا الداعي حفظه الله.
ولهذا شيخنا الفاضل يطيب لي أن أسأل:
هل يمكن صرف الكلام عن ظاهره إلى غيره أو تأويله أو تخصيصه من غير قرينة صارفة أو مخصصة أو ...
لأن السياق الذي جاء فيه الحديث عن أفضلية بيت المقدس في السورة إنما هو لمزيد فضل خصه الله به. والله يؤتي فضله من يشاء. ولهذا خصه الله تعالى بالذكر بل بإفراد الذكر.
لكن إذا رجعنا إلى بداية السورة فسنجد الشيخ رحمه الله يقرر ما أقره الله تعالى حيث سمى المسجد الحرام والمسجد الأقصى.
ثم قال بعد المسجد الحرام: الذي هو أجل المساجد على الإطلاق.
وقال بعد المسجد الأقصى: الذي هو من المساجد الفاضلة، وهو محل الأنبياء.
ولو كان رحمه الله يرى أنه: حراما لزاد وأضاف ذلك في محل التعريف وأول ذكر.
لكنه اقتصر على ذكر: أفضليته وبأنه محل للأنبياء ليس إلا ... والله أعلم.
وألتمس من شيخنا عبد الرحمن أن يقوم ويصحح ويصوب ويسدد ... وهو أهل الفضل والعلم والتقوى وأستغفر الله.
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[24 Jan 2009, 10:33 م]ـ
أحبكم الله الذي أحببتنا فيه وجمعنا دوما على الخير والهدى وجميع إخواننا هنا.
أشكرك على هذه الفوائد.
راجعتُ مرة أخرى التفسير بتحقيق فواز الصميل ونشر دار ابن الجوزي ص521، فوجدت كلامك صحيحاً في موضع وهو قوله (وجاسوا خِلالَ دياركم فهتكوا الدور ودخلوا المسجد الحرام وأفسدوه).
وأما الموضع الآخر فليس فيه المسجد الحرام.
والذي يظهر لي هو أن المقصود بالحرمة في كلام العلامة السعدي رحمه الله هو ما كتبته في كلامي السابق. بدليل تفسيره لقوله تعالى: (الذي باركنا حوله) ... فهو لم يشر إلى حرمة المسجد الأقصى وإنما إلى فضله ومضاعفة الصلاة فيه كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
بارك الله فيك ونفع الله بك نفعاً يحبه ويرضاه .. أضيف التعليق إلى الكتاب ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[24 Jan 2009, 10:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نعم شيخنا الفاضل فقد رجعت إلى نسختي الشخصية فوجدت ما نقله أخونا محبرة الداعي مثبتا بها وهي نسخة: مؤسسة الرسالة الطبعة الأولى 1423هـ. اعتنى بها تحقيقا ومقابلة الشيخ اللويحق.
ولعل قول الشيخ في الآية: {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} بانتصارهم عليكم وسبيكم وليدخلوا المسجد الحرام كما دخلوه أول مرة، والمراد بالمسجد مسجد بيت المقدس. فيه تأكيد كذلك على ما ذهب إليه أخونا الداعي حفظه الله.
ولهذا شيخنا الفاضل يطيب لي أن أسأل:
هل يمكن صرف الكلام عن ظاهره إلى غيره أو تأويله أو تخصيصه من غير قرينة صارفة أو مخصصة أو ...
لأن السياق الذي جاء فيه الحديث عن أفضلية بيت المقدس في السورة إنما هو لمزيد فضل خصه الله به. والله يؤتي فضله من يشاء. ولهذا خصه الله تعالى بالذكر بل بإفراد الذكر.
لكن إذا رجعنا إلى بداية السورة فسنجد الشيخ رحمه الله يقرر ما أقره الله تعالى حيث سمى المسجد الحرام والمسجد الأقصى.
ثم قال بعد المسجد الحرام: الذي هو أجل المساجد على الإطلاق.
وقال بعد المسجد الأقصى: الذي هو من المساجد الفاضلة، وهو محل الأنبياء.
ولو كان رحمه الله يرى أنه: حراما لزاد وأضاف ذلك في محل التعريف وأول ذكر.
لكنه اقتصر على ذكر: أفضليته وبأنه محل للأنبياء ليس إلا ... والله أعلم.
وألتمس من شيخنا عبد الرحمن أن يقوم ويصحح ويصوب ويسدد ... وهو أهل الفضل والعلم والتقوى وأستغفر الله.
شكر الله مداخلتك أخي الفاضل , وبانتظار إفادة الشيخ حفظه الله .. بوركت ليلتك .. //
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[24 Jan 2009, 10:43 م]ـ
**
بقي الكلام عن (صغت) و (لقد) ..
...................
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[28 Jan 2009, 11:08 ص]ـ
...................
؟
ما القول الصحيح في سورة المطففين هل هي مدنية أم مكية؛ لأن بعض التفاسير تذكر أنها مدنية والأخرى أنها مكية .. ؟
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[28 Jan 2009, 07:51 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخي حتى تحصل تصوراشاملا أو أدنى أحيلك إلى رسالة جامعية تحت عنوان:
المكي والمدني في القرآن الكريم: دراسة تأصيلة نقدية للسور والآيات من أول القرآن الكريم إلى نهاية سور الإسراء.
تأليف عبد الرزاق حسين أحمد. مجلدين. طبعتها دار ابن عفان الطبعة الأولى: 1999/ 1420هـ.
ففيها مباحث علمية مفيدة للإستئناس في تحديد المكي والمدني. وخصوصا: المبحث السادس: القواعد التي يقوم عليها علم المكي والمدني.
وأريد أخي أن أذكرك بقاعدة جليلة في فقه الإختلاف أصل لها الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى رحمة واسعة في كنابه: العلم: إلزامك من اختلفت معه بأدلتك في مسألة خلافية بين أهل العلم المعتد بعلمهم حجة عليك لا لك. أو كما قال رحمه الله
فأسأل الله العلي العظيم أن ينفعنا جميعا. والله أعلم.
ـ[محبرة الداعي]ــــــــ[28 Jan 2009, 11:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخي حتى تحصل تصوراشاملا أو أدنى أحيلك إلى رسالة جامعية تحت عنوان:
المكي والمدني في القرآن الكريم: دراسة تأصيلة نقدية للسور والآيات من أول القرآن الكريم إلى نهاية سور الإسراء.
تأليف عبد الرزاق حسين أحمد. مجلدين. طبعتها دار ابن عفان الطبعة الأولى: 1999/ 1420هـ.
ففيها مباحث علمية مفيدة للإستئناس في تحديد المكي والمدني. وخصوصا: المبحث السادس: القواعد التي يقوم عليها علم المكي والمدني.
وأريد أخي أن أذكرك بقاعدة جليلة في فقه الإختلاف أصل لها الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى رحمة واسعة في كنابه: العلم: إلزامك من اختلفت معه بأدلتك في مسألة خلافية بين أهل العلم المعتد بعلمهم حجة عليك لا لك. أو كما قال رحمه الله
فأسأل الله العلي العظيم أن ينفعنا جميعا. والله أعلم.
جميل ما ذكرته أخي الكريم يوسف // لكن أخشى أن تكون فهمت أني أقصد بسؤالي الإلزام بشيء من هذا وخصوصاً في النقل عن ابن عثيمين رحمه الله والأمر ليس كذلك .. ولا يخفى على كريم نظركم أن المدني والمكي مختلف فيه بمعنى متى يطلق على هذه السورة مدنية أم مكية .. هل نزولها بمكة أم قبل الهجرة .. ونحو ذلك ..
إنما المراد أن تكون هناك نقولات وأدلة راجحة فتتضح هنا ولاسيما أن المنتدى يضم بعض المتمكنين في هذا الفن فيستفيد الإنسان من تعليقاتهم ليحتفظ بها ..
وفقك مولاك ونفع بك ..(/)
عبارة استوقفتني للذهبي في وصفه لتعدد أقوال المفسرين.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[21 Jan 2009, 07:39 م]ـ
.
استوقفتي عبارة تحتاج إلى تفهّم وتدبر في كتاب زغل العلم للذهبي نصها:
"
وأقوال السلف في التفسير مليحة، لكنها ثلاثة أقوال وأربعة أقوال فصاعدا فيضيع الحق بين ذلك، فإن الحق لا يكون في جهتين وربما احتمل اللفظ معنيين."
هل من شارح نستفيد منه؟
ـ[أبوسليمان المحمد]ــــــــ[21 Jan 2009, 08:03 م]ـ
سبحان الله كنت قبل يومين أتأمل كلام الذهبي هذا، والظاهر من كلامه هذا أنه فهم أن عامة اختلافاتهم هي من باب اختلاف التضاد.
-وهذا خلاف المشهور عند أهل العلم والذي يدل عليه تتبع أقوالهم المختلفة، بل نصوص بعضهم الصريحة [ومن أوضحها وألطفها نص كلام ابن عيينة الذي رواه سعيد بن منصور في سننه-قسم التفسير- والمروزي في السنة وغيرهما] على أن عامة اختلافهم من باب اختلاف التنوع [إما اختلاف عبارة أو اختلاف تمثيل].
-ولعل هذا يصلح دليلا [إضافة إلى الأدلة الأخرى القوية] على ماقرره غير واحد من العلماء من عدم صحة نسبة هذا الكتاب للذهبي. (وقد حدثني بعض المشايخ أنهم نصحوا محققه وانتقدوا عليه نسبته للذهبي)
ـ[عبدالفتاح عبدالغني]ــــــــ[21 Jan 2009, 09:52 م]ـ
قلت: إن صحَّت نسبة هذا الكلام للحافظ الذهبي ـ وأرجو ألا تصح ـ فإنه كلام غير متجه، فكثرة الأقوال عن السلف في تفسير كلمة من كلام الله تعالى لا يلزم منها التناقض ولا التعارض.
فإن كانت الأقوال المنقولة في معنى الكلمة القرآنية عن صحابي واحد ننظر أيّ أقواله هذه تصح نسبتها إليه، فما صحت نسبته من الأقوال إليه فهو المعتبر ولا يلتفت إلى خلافه من الأقوال التي لم تصح نسبتها إلى الصحابي نفسه صاحب القول المعتبر، ولا غرابة في ذلك، فكم من أقوال أوردها أمثال الحافظ الذهبي ونسبوها إلى الصحابة، وعند تمحيص سندها ونقد رجالها لم تثبت.
أما إن كانت هذه الأقوال واردة عن أكثر من صحابي ننظر:
إن أمكن الجمع بينها جمعنا، إذ في الجمع إعمال للقولين معاً.
وكما هو مقرر عند علماء الأصول أن الجمع بين الدليلين أولى من إعمال أحدهما وطرح الآخر بالكلية، وإن لم يمكن الجمع ذهبنا إلى الترجيح، فما ورد من هذه الأقوال في الصحيح قدم على غيره مما لم يرد في الصحيح.
وقوله:" إن الحق يضيع بين الأقوال المتعددة " قول غير سديد، فكثرة هذه الأقوال قد تقع من أصحابها بسبب نظرهم الثاقب إلى مدلول اللفظ ـ وهم عرب خلّص ـ فقد تكون هذه الكلمة القرآنية التي تعددت أقوالهم فيها من قبيل المشترك اللفظي، فكل ينظر إليها من جانب كالوارد من أقوالهم في تفسير " القرء " من قوله تعالى:" {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ ....... } البقرة228
فبعضهم فسر القرء بالطهر والبعض الآخر فسره بالحيض فكان في تعدد أقوالهم غنية لمنشأ اجتهاد الفقهاء من بعدهم، وهذا أمر لا يضيع بينه الحق، بل يتجلى غاية التجلي، بل هو الحق لمن تدبره، وإنكار مثله مكابرة، وقس على ذلك ما ورد من أقوال عن سلفنا الصالح في تفسير القرآن الكريم.
والله أعلم
وأشكر أخي الأستاذ الدكتور عبد الفتاح خضر لحرصه الشديد على إثارة مثل هذه القضايا العلمية التى تحتاج من المتخصصين مثله إلى إمعان النظر فيها فجزاه الله عن القرآن وخدمته خير الجزاء.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[22 Jan 2009, 04:20 م]ـ
ليسمَح لي المشايخُ الكرامُ بالقول: (إنَّ كتابَ زغلِ العلمِ زغلٌ) كما قال ذلك بعضُ العلماء.
وهذه العبارةُ التي استشكلَها شيخنا الكريم جاءت في سياقٍ أظنُّ من تأمَّله كاملاً ربما يستدفعُ بالتأمل ورودَ الشبهة على ذهنه , إذ يقول رحمه الله:
" قل من يعتني اليوم بالتفسير بل يطالع المدرسون تفسير الفخر الرازي وفيه إشكالات وتشكيكات لا ينبغي سماعها فإنها تحير وتمرض وتردي ولا تشفي عليلا نسأل الله العافية وأقوال السلف في التفسير مليحة لكنها ثلاثة أقوال وأربعة أقوال فصاعدا فيضيع الحق بين ذلك فإن الحق لا يكون في جهتين وربما احتمل اللفظ معنيين "
فهُوَ وصَفَ أقوالهم كُلَّها بالمليحَة , وهو وصْفُ استحسانٍ لا يُظَنُّ معهُ إبطالُ بعضِها أو إبطالها جميعاً والمُساواةُ بعدئذ بين الحق والباطل في الاستحسان.
وأذكرُ أنَّ هذا الإشكال طُرحَ على الشيخِ محمد الحسن ولد الددو حفظه الله , وقال كلاماً مَفادُه:
إنه يريد بذلك تفسير المفسرينَ بجزءٍ من المعنى كما نبه عليه شيخُ الإسلام ابنُ تيمية في المقدمة , وأنَّ الحق الذي وصفهُ الذهبي بالضياع إنما هو طالبُ الحق , وكأنَّ الكلام التام هو: فيضيعُ طالبُ الحق بين ذلك إنْ هوَ لم يفهم تفسير السلف للمعنى بجزء منهُ ولم يجد معلماً يرشده لذلك , لكونه يرى قولاً صحيحاً عن زيد بن أسلمَ وآخرَ عن مجاهد وثالثاً عن عكرمةَ ورابعاً عن الطبري وهكذا , مع أنَّ الجميعَ إنما فسروا بجزءِ من المعنى.
وربما يؤيدُ كلامَ الشيخ الددو قول الذهبي رحمه الله:
" فإن الحق لا يكون في جهتين وربما احتمل اللفظ معنيين "
فهو هنا كأنهُ يبينُ سببَ ضياع الحق أو طالبِ الحق حينَ يرى عدةَ أقوال وتفاسيرَ كلها صحيحةٌ , ويظنُّ هذا التعدد تضاداً , مع أن المقرر أن لا يكون الحق في جهتين , وربما احتمل اللفظُ معنيين فتعددت الأقول بسبب هذا الاحتمال. والله أعلم.
مع أنَّ زغل العلم كما يظهر لمن طالعَهُ يصعبُ - إن لم يستحلْ - الجزمُ بأنه للحافظ الذهبي رحمه الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[23 Jan 2009, 03:39 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا عبد الفتاح خضر، وكم سرني مشاركة شيخنا عبد الفتاح عبد الغني فمنكما نستفيد وبكما نفرح
أما ما نقلته عن الذهبي رحمه الله فالنفس تميل إلى ما قاله الشيخ الحسن ولعل استقامة العبارة هي كما تفضل الاخ الشنقيطي وفقه الله: فيضيع طالب الحق
أقول لعل هذا هو الصواب، وقد تتبعت أقوالا كثيرة وجدتها ترجح نسبة الكتاب للذهبي وترد التشكيك فيه
قال الحافظ ابن حجر في إنباء الغمر عند ترجمته لبهاء الدين العسقلاني:
"وقد بالغ الذهبي في الثناء عليه في كتابه بيان زغل العلم، وفي غيره قال: وكان شيئاً عجيباً في الزهد والانجماع وقول الحق "
ـ[الخزرجية]ــــــــ[23 Jan 2009, 11:19 م]ـ
ومثل ذلك في كتاب: شذرات الذهب؛ لابن العماد الحنبلي، في ترجمة:
(بهاء الدين عبد الله بن رضى الدين محمد بن أبي بكر بن خليل من ذرية عثمان ابن عفان العسقلاني)، حيث يقول:
((وفيها بهاء الدين عبد الله بن رضى الدين محمد بن أبي بكر بن خليل من ذرية عثمان ابن عفان العسقلاني ثم المالكي بالقاهرة ولد آخر سنة أربع وتسعين وستمائة وطلب العلم صغيراً بمكة فسمع من الصفي والرضى الطبريين والنوزري وغيرهم وارتحل إلى دمشق فأخذ عن مشايخها وتفقه بالعلاء القونوي والتبريزي والأصبهاني وأخذ عن أبي حيان وغيرهم وأخذ عن ابن الفركاح ورجع إلى مصر فاستوطنها وحفظ المحرر ومهر في الفقه واللغة والحديث وقد بالغ الذهبي في الثناء عليه في بيان زغل العلم وغيره وقال في معجمه الكبير: المحدث القدوة هو ثوب عجيب في الورع والدين والانقباض وحسن السمت وقال في المعجم المختص هو الإمام القدوة أتقن الحديث وعني به ورحل فيه وقال الشيخ شهاب الدين بن النقيب بمكة رجلان صالحان أحدهما بؤثر الخمول وهو ابن خليل والآخر بؤثر الظهور وهو اليافعي وكان ابن خليل ربما عرضت له جذبة فيقول فيها أشياء وتصدى للأسماع في أواخر زمانه ومع ذلك فلم يحدث بجميع مسموعاته لكثرتها توفي بالقاهرة في جمادى الأولى ودفن بتربة تاج الدين بن عطا بالقرافة وشهد جنازته ما لا يحصى كثره)).
ـ[ابن وهب]ــــــــ[25 Jan 2009, 12:46 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
قال شيخنا المفيد عبد الرحمن بن عمر الفقيه - نفعنا الله بعلمه -
بارك الله فيكم
أما كتاب زعل العلم فهو ثابت عن الإمام الذهبي رحمه الله، ولكن الذي لايصح عنه هو ما يسمى بالرسالة الذهبية التي نشرها الكوثري،وهي رسالة باطلة لاتثبت عن الإمام الذهبي رحمه الله، ومن أحسن من تكلم عليها وفندها أبو الفضل محمد بن عبدالله القونوي في رسالة له طبعت 1423 بعنوان (أضواء على الرسالة المنسوبة إلى الحافظ الذهبي:النصيحة الذهبية لابن تيمية وتحقيق في صاحبها))
وقد ذكر أدلة على أن مصنفها هو محمد بن السراج الدمشقي (وهو من أعداء ابن تيمية) وهي رسالة مفيدة وقيمة فجزى الله مؤلفها خيرا.
جزاكم الله خيرا
وأما بيان زغل العلم فهو ثابت عن الإمام الذهبي وأما النصيحة الذهبية فلا تثبت
فبيان زغل العلم ويسمى (رسالة فيما يذم ويعاب في كل طائفة) ذكره من ترجم للإمام الذهبي رحمه الله (ينظر مقدمة السير للذهبي (1/ 83) وغيرها.
وينظر هذا الموضوع
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=119568#post119568
ـ[أبو المهند]ــــــــ[25 Jan 2009, 09:36 م]ـ
حياكم الله جميعا وما تفضل به الشيخ الشنقيطي ـ نحييه عليه ـ لكونه يريد مخرجا يخرج عليه كلام الحافظ الذهبي وذلك بتقدير محذوف وتأويل يراه هو سائغاً، وهو قوله المقصود بالحق هو طالب الحق، ولكن عبارة الذهبي أعني التي ساقها بأسلوب الاستدراك ونصها " لكنها ثلاثة أقوال وأربعة أقوال فصاعدا فيضيع الحق بين ذلك " لاتساعد على هذا التأويل.
أما كون نسبة الكتاب للحافظ الذهبي ثابتة أو غير ثابتة فهذا أمر يسير.
والله الموفق
ـ[الخطيب]ــــــــ[26 Jan 2009, 06:26 م]ـ
الإخوة الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جميل طرح هذه الدقائق بهدف الكشف عنها وإزالة إشكالها
فالشكر محفوظ لصاحب الطرح فضيلة الأستاذ الدكتور عبد الفتاح خضر
(يُتْبَعُ)
(/)
ومع كامل احترامي لِمَن قالوا، وما قيل، ففهمي لعبارة الذهبي - وهو منْ هو - مختلف فأنا لا أرى في كلامه خطأً على وضعه هذا وبلا حاجة إلى تعليله بأنه خطأ ناسخ أو سقط كلام أو سوء فهم من قائله وبيان ذلك:
أننا إذا جئنا نُشرِّح كلام الذهبي رحمه الله، فسنجده يحتوي على ثلاثة عناصر رئيسة هي:
1 - وصفه لأقوال السلف بأنها مليحة، وهذه مقدمة يبنى عليها موقف الذهبي من تفسيرهم ولا يجوز إغفالها عند النقد.
2 - الاستدراك بأنها متعددة أي: ليست قولا واحدا، مبينا أن هذا التعدد في الأقوال من شأنه أن يضيع الحق بينه، معللا بأن الحق لا يكون في جهتين.
وهو بهذا يؤكد أن الحق حاصل في كلام السلف مع الاعتقاد بأنه عندما تختلف أقوالهم يصعب تعيين أيها هو الحق؟ أي: المراد في النص، ولا يعني هذا أنها أقوال غير صحيحة من جهة التفسير أو مليحة على حد تعبير الذهبي نفسه لكنه يرفض أن تكون كلها - حال كونها مختلفة - حقا أي مرادة وإن كانت على اختلافها من جهة التفسير مقبولة، وحجته أن الحق لا يكون في جهتين أي: مختلفتين.
والسؤال الآن: هل نفى الذهبي وجود الحق فيها جميعا؟
والجواب: أنه لم ينف ذلك بل أكد وجوده بينها لكن لا على التعيين فهو رحمه الله لم يقل: فيضيع الحق عنها فيكون قد نفى عنها الحق، ولكن قال: "فيضيع الحق بين ذلك" أي بين هذه الأقوال ومعنى هذا أنه موجود بينها لكن في أيها؟ هذا ما لا يستطيع الذهبي ولا غيره تعيينه.
وهذا معنى صحيح لكن بملحظ التفريق بين الحق والصحيح.
فالحق في أقوال التفسير هو ما يصيب عين المراد وهذا لا يدور مع معين إلا مع النبي صلى الله عليه وسلم وبعده صلى الله عليه وسلم يدور مع الإجماع، وعليه فما أجمع عليه السلف، هو الحق بلا مراء ولا يجوز لأحد أن يحيد عنه
لكن ما لم يجمعوا عليه – وقد ثبت عنهم – فالحق لا يخرج عن أقوالهم، لكن تعيين الحق فيها هو ما يدق عنا كشفه وعندئذ يضيع تعيينه مع الظن بأنه حاصل في أحدها على الشيوع لا على التعيين.
لكن هل رفض الذهبي مع ذلك كونها صحيحة من جهة التفسير؟
والجواب أنه لم يرفض، بل وصفها بأنها مليحة، وذكر لهذا الاختلاف تعليلا هو الآتي:
3 - قوله: "وربما احتمل اللفظ معنيين " وهذا من الذهبي تعليل لاختلاف أقوالهم وأنه قد يتعدد التفسير لسبب أن اللفظ من المشترك الذي يحتمل أكثر من معنى، ما إمكانية أن يتحمل النص الكريم هذا التعدد من جهة المعنى.
ومثال هذا ما أشار إليه فضيلة الدكتور عبد الفتاح عبد الغني في مداخلته وهو لفظ "القرء" الذي يحتمل الحيض والطهر فكلاهما من جهة التفسير صحيح لكن من جهة الحق لابد أن يكون أحدهما حقا، لكن أيهما؟ هذا ما يدق عن فهم البشر، لأن تعيين الحق – أي المراد – لا يتم باجتهاد بل بالنقل الصحيح الصريح عمن يملك تعيينه.
وأعني:
أولا- النبي صلى الله عليه وسلم وهو المعين الأوحد من البشر الذي يدور معه الحق.
وثانيا- إجماع السلف رضي الله عنهم على تفسيرٍ ما، إذ هو مظنة كونه نبوي المصدر.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Jan 2009, 06:41 م]ـ
ما شاء الله لا قوة إلا بالله , أحسن الله إليك وسدد فهمك وعلمك وعملك.
كلام في غاية النفاسة والوضوح والكمال , كثر الله أمثالك جزاك خيراً.
ـ[الخطيب]ــــــــ[27 Jan 2009, 09:08 م]ـ
شكر الله لك يا شيخ محمود ولك مثل ما دعوت به وأكثر
ـ[أبوسليمان المحمد]ــــــــ[20 Jun 2009, 11:18 م]ـ
-بعض الإخوة-وفقهم الله- لم ينتبهوا للفرق بين نسبة كتاب اسمه: (زغل العلم) للحافظ الذهبي، والقول بأن ما طبعه بعض المحققين-وفقهم الله-[وقد ذكرت سابقا أن بعض المشايخ عاتبوا محقق آخر طبعاته، (وهو نادم على إخراجه بعد أن بينا له ما عليه) -هذا هو نص رسالة أرسلها لي أحد المشايخ المعروفين قبل عدة سنوات-] بعنوان: (زغل العلم) هو كتاب (زغل العلم) الذي عزاه بعض مترجمي الذهبي له؛ ذاكرين [كابن حجر] أو آثرين [كابن العماد؛ ناقلا عن ابن حجر، كعادته في الاعتماد على غيره في كتابه الشذرات].
-وعلى هذا يكون النقل الذي ذكره أحد الإخوة-وفقه الله- دليلا من أدلة عدم ثبوت نسبة المطبوع للذهبي؛ لأن الثتاء الذي بالغ الذهبي فيه [كما يقول ابن حجر، وهي عبارة ظاهرها أنه ثناء غير عارض] على البهاء العسقلاني-عبدالله بن محمد بن عبدالله بن خليل- ليس في المطبوع، مع جزم ابن حجر أنه في كتاب: (بيان زغل العلم)!
-فعلى أقل تقدير يكون أصل الكتاب للذهبي لا كل المطبوع هو كل كتاب (بيان زغل العلم) الذي ذكره غير واحد [فيكون شبيها بكتاب العين (على أحد الأقوال فيه)؛أصله للخليل، والأقوال الضعيفة تلصق بالليث].
-وقد كتبت مقالا فيه كلام عن هذا الكتاب لإحدى الملحقات الإسلامية لإحدى الصحف المحلية، ولكنهم لم ينشروه؛ حصرت ضمنه المواضع الركيكة-لغويا وعلميا- مما لا يتصور صدور مثله عن الذهبي بل من دونه من أهل العلم [وممن أشار إلى نحو هذا أعلم المعاصرين بالمخطوطات: الشيخ حماد الأنصاري-رحمه الله-]،والكلام شبه المبتور مما يدل-على أقل تقدير- أن المخطوطة فيها خلل مغير للمعنى تغييرا واضحا.
-وأما كون بعض طلبة العلم يذكرون لها نسختين خطيتين؛ فكذلك النصيحة الذهبية ذكر صاحب كتاب (الذهبي ومنهجه) له نسختين خطيتين؛ فكان ماذا؟! [مع كون هؤلاء الإخوة-وفقهم الله- يقرون بإنكار نسبة النصيحة الذهبية للذهبي]
-وينبغي أن لا أغفل أيضا كون بعض طلبة العلم لا يفرقون بين الرسالة الذهبية وبيان زغل العلم، وهذا خطأ دون شك.(/)
سؤال حول الفواصل القرآنية: ...
ـ[النجدية]ــــــــ[22 Jan 2009, 11:51 ص]ـ
بسم الله ...
الإخوة الأفاضل
وقفت كثيرا من خلال قراءتي لتفسير الإمام أبي السعود العمادي على قوله: "مراعاة للفواصل ... "
وهذا مثال من سورة آل عمران، آية: 92؛ إذ علل تقديم الجار على المجرور في فاصلة الآية الكريمة: (فإن الله به عليم) -بقوله:
"وتقديم الجار على المجرور لرعاية الفواصل ... "
سؤالي:
كيف أفهم هذا في ظل ما عُرِف عن الإمام العمادي من اهتمام بالسياق القرآني، ومراعاة له، واعتماد عليه في تفسيره؟؟
ألا يتعارض هذا التعليل مع السياق القرآني، وتماسك المعاني؟
أرجو التوضيح
نفع الرحمن بكم طلبة العلم، وجزاكم خيرا!!
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[22 Jan 2009, 02:49 م]ـ
لا شك أن مثل هذا التعليل هو من الخطأ الذي لا ينبغي أن نقبله. وقد وقع في مثل هذا الخطأ عدد من الفضلاء من أهل التفسير.
يرجع مثل هذا الزعم إلى حقيقة عجز المفسر عن الربط ومراعاة السياق. فهو إذن إعلان واضح عن عدم إدراك الحكمة من ورود فاصلة بعينها.
لا شك أن الأمر يحتاج إلى توقف وتعمق في النظر.
كلام الله تعالى معجز في بلاغته وينبغي أن تكون هذه الحقيقة في ذهن المفسر وهو يتدبر النص الحكيم.
ـ[النجدية]ــــــــ[25 Jan 2009, 01:41 م]ـ
لا شك أن مثل هذا التعليل هو من الخطأ الذي لا ينبغي أن نقبله. وقد وقع في مثل هذا الخطأ عدد من الفضلاء من أهل التفسير.
يرجع مثل هذا الزعم إلى حقيقة عجز المفسر عن الربط ومراعاة السياق. فهو إذن إعلان واضح عن عدم إدراك الحكمة من ورود فاصلة بعينها.
لا شك أن الأمر يحتاج إلى توقف وتعمق في النظر.
كلام الله تعالى معجز في بلاغته وينبغي أن تكون هذه الحقيقة في ذهن المفسر وهو يتدبر النص الحكيم.
بسم الله ...
جزاكم الله خيرا
شيخنا الفاضل
قد يصدق هذا الكلام على غير الإمام أبي السعود؛ فلقد وجدته عَلَمٌ يقتدى به في ميدان الاعتماد على السياق القرآني، ومراعاته!
وجدته في كثير من الأحيان يعلل ورود الفواصل القرآنية بأروع التعليلات المرتكزة على السياق، ولكنه أحيانا يورد تلك العبارة التي لا أجد لها موقعا من منهجه الذي سار عليه، وعُرِفَ به.
لذلك سارعت لسؤال فضيلتكم؛ أعانكم الله على ما فيه نفع لطلاب العلم!
والله من وراء القصد!
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[26 Jan 2009, 09:56 م]ـ
الذين قالوا بهذه العلة لم يقولوها عجزا عن ادراك السياق كما ذهب اليه الفاضل السابق ولكنهم قالوا هذا عن قناعة بمذهب ادبي حمل مع المفسرين الى التفسير ولا شك ان هذا القول فاسد وقد رده الامام الجرجاني في دلائل الاعجاز وعرضت الى هذا في رسالتي للدكتوراه التي كانت بعنوان الدلالة المعنوية لفواصل الايات القرانية وهي غير مطبوعة للاسف وقد ردت هذا المذهب ايضا بنت الشاطيء في كتابها الاعجاز وكتابها التفسير البياني ولعل مما يفيد في ابطال هذه المذهب الادبي القراءة في كتب الاستاذين الفاضلين الاستاذ محمد ابي موسى والاستاذ فضل عباس ففي كتبهما ما يجريء الباحث الجريء على ابطال هذا المذهب والقول بغيره والله اعلم
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[26 Jan 2009, 10:45 م]ـ
الأخ الكريم جمال أبو حسان
لماذا الرسالة غير مطبوعة؟
ـ[محمد ليث]ــــــــ[28 Jan 2009, 11:29 ص]ـ
الدكتور الفاضل جمال ..
هل يمكنكم أن تزيدونا تفصيلاً وبياناً حول هذا المذهب الأدبي الذي اتبعه المفسرون الذين قالوا بمراعاة الفواصل.
وجزاك الله خيرا
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[28 Jan 2009, 10:38 م]ـ
اما كون الرسالة غير مطبوعة فلان دور النشل " هكذا سماها شيخنا" تريد لمن يطبع كتابا ليس من ضمن مقررات دراسية تريد منه ان يدفع ثمن الطباعة وهذا ليس في مقدوري لا الان ولا بعد سنوات واما ما طلبه الاخ التالي فاني الان مشغول بامتحانات الجامعة ولعلي ان شاء الله ابين هذا بعد الامتحانات ان انسا الله تعالى في الاجل
ـ[النجدية]ــــــــ[03 Feb 2009, 02:45 م]ـ
بسم الله ...
جزاكم الله الجنة!
وأعانكم الله على كل خير.
هلا بينتم لنا أي الكتب من كتب الأستاذين (أبو موسى) و (فضل عباس) التي تتناول الحديث عن هذا الموضوع؟؟
ودمتم في رضى الله
ـ[النجدية]ــــــــ[15 Jun 2009, 08:54 ص]ـ
اما كون الرسالة غير مطبوعة فلان دور النشل " هكذا سماها شيخنا" تريد لمن يطبع كتابا ليس من ضمن مقررات دراسية تريد منه ان يدفع ثمن الطباعة وهذا ليس في مقدوري لا الان ولا بعد سنوات وأما ما طلبه الأخ التالي فإني الآن مشغول بامتحانات الجامعة ولعلي إن شاء الله أبين هذا بعد الامتحانات إن أنسا الله تعالى في الأجل
بسم الله ...
نسأل الله تعالى أن يبارك في وقت فضيلتكم؛ لتتحفونا في عطلة الصيف هذه بما وعدتمونا به!
وفي رضى الله طبتم
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[23 Jun 2009, 05:47 ص]ـ
يا إخوان مع احترامي لآراء الجميع ورغم أني أميل إلى أن الفاصلة ليست علة بلاغية مستقلة- بمعنى أنه لا بد من وجود علة أخرى معنوية مع علة الفاصلة اللفظية - إلا أني أود التذكير بأن بعض أئمة التفسير يميلون إلى القول بأن مراعاة الفاصلة كافية في توجيه الأيات، ومنهم - فيما يحضرني -: الإمام الطبري والعلامة ابن عاشور الذي ينص على هذا بجلاء ويرى أن الحسن اللفظي الحاصل بمراعاة الفاصلة هو مما يراعيه البليغ وعليه فالخلاف في المسألة في ظني سائغ، خاصة مع عدم وجود الحجة القاطعة لأحد الفريقين وأن القول الآخر- محاولة القول بنكتة أخرى- قد يلجيء إلى التكلف؛ فلا أظن أن من المناسب أن يقال: " لا شك أن مثل هذا التعليل هو من الخطأ الذي لا ينبغي أن نقبله "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[23 Jun 2009, 05:50 ص]ـ
يا إخوان مع احترامي لآراء الجميع ورغم أني أميل إلى أن الفاصلة ليست علة بلاغية مستقلة- بمعنى أنه لا بد من وجود علة أخرى معنوية مع علة الفاصلة اللفظية - إلا أني أود التذكير بأن بعض أئمة التفسير يميلون إلى القول بأن مراعاة الفاصلة كافية في توجيه الأيات، ومنهم - فيما يحضرني-: الإمام الطبري والعلامة ابن عاشور الذي ينص على هذا بجلاء ويرى أن الحسن اللفظي الحاصل بمراعاة الفاصلة هو مما يراعيه البليغ وعليه فالخلاف في المسألة في ظني سائغ، خاصة مع عدم وجود الحجة القاطعة لأحد الفريقين وأن القول الآخر- محاولة القول بنكتة أخرى- قد يلجيء إلى التكلف؛ فلا أظن أن من المناسب أن يقال: " لا شك أن مثل هذا التعليل هو من الخطأ الذي لا ينبغي أن نقبله "
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[23 Jun 2009, 08:07 ص]ـ
هذا رابط لما تفضل به الدكتور فاضل صالح السامرائي بالحديث عنه في موضوع الفاصلة القرآنية في برنامج لمسات بيانية أرجو أن يكون نافعاً:
http://www.islamiyyat.com/lamasat/drfadel/lamasatfadel/1124-2009-01-24-12-40-41.html
وهذه أسئلة طُرحت على الدكتور في البرنامج وهو يتعلق بالتقديم والتأخير وأرى أن الإجابة يمكن أن نستفيد منها في سؤال الأخت النجدية
سؤال: يقول تعالى (بما تعملون بصير) وفي آية أخرى يقول (بصير بما تعملون) فهل للتقديم والتأخير لمسة بيانية؟
التقديم والتأخير يأتي لسبب والسياق قد يكون الحاكم والموضح للأمور. إذا كان سياق الكلام أو الآية في العمل يقدّم العمل وإذا لم يكن السياق في العمل أو إذا كان الكلام على الله سبحانه وتعالى وصفاته يقدّم صفته. من باب تقديم العمل على البصر: (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (110) البقرة) بهذا العمل بصير، إذا كان السياق عن العمل يقدم العمل على البصر وإذا كان الكلام ليس في السيقا عن العمل أو الكلام على الله تعالى وصفاته يقدم صفته. (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265) البقرة) هذا إنفاق، (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّآ آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (233) البقرة) (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237) البقرة) (وَإِنَّ كُلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111) هود) (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) هود) الكلام على العمل فقدم العمل (أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11) سبأ) قدم العمل، (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) فصلت) هذا في القرآن كله إذا كان الكلام ليس على العمل أو على الله تعالى (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ
(يُتْبَعُ)
(/)
أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96) البقرة) ليس فيها عمل، (وَحَسِبُواْ أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71) المائدة) لا يوجد عمل، (إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) الحجرات) يتكلم عن الله تعالى فيقدم صفة من صفات الله تعالى.
هذا في العِلم والخبرة والعمل وليس فقط في العلم والبصر وهذا خط عام في القرآن. (إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) البقرة) هذا عمل فقدم العمل على الخبرة، (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد) الإنفاق عمل فقدم العمل، (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) البقرة) هذا عمل فقدم العمل. بصير وخبير تستعمل بحسب السياق. (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) النمل) ليس في الآية عمل فقدم الخبرة لأن الكلام ليس على عمل الإنسان ولكن على صنع الله الذي أتقن كل شيء.
سؤال: ختمت الآية بقوله تعالى (والله بما تعملون خبير) فما اللمسة البيانية في تقديم العمل على الخبرة هنا علماً أني في آيات أخرى يقدم الخبرة على العمل (خبير بما تعملون)؟
بالنسبة لهذه الآية واضحة لأن الكلام على هؤلاء، على عمل هؤلاء من الإنفاق والقتال فقدم العمل لكن نقول أمراً في العمل والخبرة: يقدم العمل على الخبرة أو الخبرة على العمل بحسب ما يقتضيه المقام: فإذا كان السياق في عمل الإنسان وليس في الإنسان، في عمل الإنسان - وهناك فرق بين الكلام على الإنسان عموماً وعمل الإنسان - قدّم العمل، هذا أمر. وإذا كان السياق في غير العمل ويتكلم عن الإنسان في غير عمل كالقلب أو السياق في أمور قلبية أو في صفات الله عز وجل يقدم صفة الخبير على العمل، هذا خط عام. إذا كان السياق في عمل الإنسان يقدم العمل (والله بما تعملون خبير) يقدم العمل على الخبرة وإذا كان السياق في أمور قلبية أو عن الله سبحانه وتعالى يقول (خبير بما تعملون). نضرب أمثلة حتى تتضح الصورة: (إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) البقرة) هذا عمل فختم الآية (والله بما تعملون خبير)، (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد) الكلام على الانفاق والقتال فقدم العمل، (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) البقرة) الكلام على العمل
(يُتْبَعُ)
(/)
(فعلن)، (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير (8) التغابن) ذكر العمل فقدمه لأنه ذكر ما يتعلق بالإنسان وعمله فقدم العمل. في حين قال تعالى (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) النور) النفاق أمر قلبي وليست عملاً فقدم الخبرة، (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) النمل) يتكلم عن الله سبحانه وتعالى فقدم الخبرة، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) الحشر) التقوى أمر قلبي، هذه القاعدة العامة إذا كان الكلام عن عمل الإنسان يقدم العمل على الخبر وإذا كان الكلام ليس عن العمل وإنما في أمر قلبي أو الكلام على الله سبحانه وتعالى يقدم الخبرة.
سؤال: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) لقمان) بحسب القاعدة التي ذكرها الدكتور بالنسبة لتقديم خبير على العلم نجد في الآية أن هذا عمل الله تعالى فلماذا أخّر خبير على العمل ولم يقل خبير بما تعملون؟
نقرأ الآية (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) لقمان) مسألة خبير بما تعملون وبما تعملون خبير هنالك قانون في القرآن أن الكلام إذا كان على الإنسان أو على عمله يقدم عمله وإذا لم يكن الكلام على الإنسان أو كان الكلام على الله أو على الأمور القلبية يقدم الخبرة (خبير بما تعملون). (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ (88) النمل) الكلام عن الله وليس على الإنسان قال في ختامها (إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ)، (وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) النور) هذه أمور قلبية (قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (53) النور) هذا أمر يعرفه الله. بينما (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد) هذا كله عمل فقال (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) إذن هذه القاعدة العامة ظاهرة. الآن نأتي للآية موضع السؤال، أولاً السياق في الإنسان قبل هذه الآية مباشرة قال (مَّا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (28) لقمان) الكلام في الآية عن البشر ثم الخطاب في الآية موجه للإنسان (أَلَمْ تَرَ) وبعدها للإنسان (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (30) أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ
(يُتْبَعُ)
(/)
تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آَيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (32) لقمان) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَّا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ (33) لقمان) السياق قبلها وبعدها في الإنسان إذن من هذه الناحية ناسب تقديم عمل الإنسان. في الآية قال (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى (29) لقمان) ما هو هذا الأجل؟ يوم القيامة. وهذا موعد النظر في الأعمال فقد العمل لأنه موعد النظر في الأعمال فقدم عمل الإنسان على الخبير فمن كل ناحية ناسب تقديم عمل الإنسان (وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
سؤال: ختمت الآية (وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) فما دلالة تقديم العمل على الخبرة الإلهية؟
مر هذا السؤال معنا في سورة الحديد. هنالك قاعدة استنبطت مما ورد في القرآن الكريم: إذا كان السياق في عمل الإنسان قدم عمله (والله بما تعملون خبير) لو كان السياق في غير العمل أو كان في الأمور القلبية أو كان الكلام على الله سبحانه وتعالى قدّم صفة الله خبير (خبير بما تعملون). مثال: (إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271) البقرة) هذا عمل، لما ذكر عمل الإنسان قدّم عمله (بما تعملون خبير)، (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10) الحديد) هذا عمل، قتال وإنفاق ختمها (والله بما تعملون خبير) لما ذكر عمل الإنسان قدّم عمله. (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (234) البقرة) هذا عمل فقدّم (والله بما تعملون خبير). (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (7) فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (8) التغابن) هذا عمل أيضاً. (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ (88) النمل) هذا ليس عمل الإنسان فقدّم الخبرة على العمل وقال خبير بما تفعلون. أو لما يكون الأمر قلبياً غير ظاهر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) الحشر) فهذا على العموم أنه إذا كان الأمر في عمل الإنسان قدم العمل وإذا كان في غير عمل الإنسان أو في الأمور القلبية أو عن الكلام عن الله سبحانه وتعالى يقدم خبير. العرب كان تعي هذه المعاني والقواعد من حيث البلاغة، البليغ هو الذي يراعي، هذه أمور بلاغية فوق قصد الإفهام يتفنن في صوغ العبارة ومراعاة البلاغة. على سبيل المثال عندما تضيف إلى ياء المتكلم (هذا كتابي، أستاذي، قلمي) بدون نون، بالنسبة للفعل تقول أعطاني، أضاف نون الوقاية، عموم الكلمات نأتي بنون الوقاية مع الفعل مثل ضربني وظلمني أما مع الإسم فلا تأتي هذه قاعدة وعموم الناس يتكلمون بها دون أن يفطنوا إلى أن هذا إسم وهذا فعل، الناس يقولونها وهي قواعد أخذوها على السليقة. الناس يتفاوتون في البلاغة العرب كلهم كانوا يتكلمون كلاماً فصيحاً من حيث صحة الكلام ولذلك يؤخذ من كلام المجانين عندهم لأن المجانين يتكلمون بلغة قومهم ويستشهدون بأشعار المجانين لأن كلامهم يجري على نسق اللغة أما البلاغة فمتفاوتة ويقول ?: أنا أفصح من نطق بالضاد. صحة الكلام كل واحد يتكلم على لغة قومه أما من ناحية البلاغة فهناك تفاوت. الله تعالى تحداهم في البلاغة وفي طريقة النظم والتعبير وتحداهم بأن يأتوا بسورة والسورة تشمل قصار السور مثل العصر والكوثر سورة، الإخلاص سورة قبل التشريع وهناك إعجاز كثير في القرآن في الإخبار عن المغيبات والمستقبل وعندما تحداهم الله تعالى تحداهم بسورة ليس فيها تشريع وليس فيها إخبار عن الغائب أو عن الماضي.(/)
(من ترك شيئا لله في القرآن)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[23 Jan 2009, 12:02 م]ـ
(من ترك شيئا لله في القرآن).
________________________________________
_ قال الشيخ ابن سعدي, في كتابه (القواعد الحسان):
(القاعدة التاسعة والستون):
(من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه)
ثم قال: وهذه القاعدة وردت في القرآن في مواضع كثيرة: منها:
_
ماذكره الله عن المهاجرين الأولين الذين تركوا أوطانهم وأموالهم وأحبابهم لله, فعوضهم الله الرزق الواسع في الدنيا, والعز و التمكين.
_
إبراهيم لما اعتزل قومه وأباه وما يدعون من دون الله, وهب له إسحاق ويعقوب والذرية الصالحين.
_
سليمان لما ألهته الخيل عن ذكر ربه فأتلفها, عوضه الله الريح تجري بأمره والشياطين كل بناء وغواص.
_
أهل الكهف لما اعتزلوا قومهم وما يعبدون من دون الله, وهب لهم من رحمته, وهيأ لهم أسباب التوفيق والراحة, وجعلهم هداية للضالين.
_
والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين.
(ومن ترك ما تهواه نفسه من الشهوات لله تعالى, عوضه الله من محبته وعبادته والإنابة إليه ما يفوق جميع لذات الدنيا).ص:137:دار ابن الجوزي: إعتناء: خالد السبت.
هذه الفائدة نقلتها من موضوع لأخي الفاضل عبدالرحمن السبيعي في ملتقى أهل الحديث.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=156728
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[23 Jan 2009, 02:43 م]ـ
كله جميل وفي محله إلا واحدة:
لا نجد في القرآن الكريم ما ينص على أن الخيل قد ألهت سليمان عليه السلام عن ذكر الله، ولم يرد أنه أتلفها ولكنها استنباطات لا تصح لا عقلاً ولا شرعاً.
أما قول سليمان عليه السلام:"إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي"، فيرى الشيخ بسام جرار مدير مركز نون أن معنى (عن) هنا كمعناها عندما تقول:" فلان يتكلم عن علم" أي أن كلامه نابع ومنبثق عن علم. فحب الخير عند سليمان عليه السلام نابع عن ذكر الله، فذكر الله مقدمة وحب الخير نتيجة. ويقول الشيخ إن حب سليمان عليه السلام كان في أرقى صوره فهو يحب الخير بل ويحب حب الخير، وعندما يصل بنا الأمر أن نحب من يحب الصلاح مثلاً نكون قد بلغنا أعلى المراتب.
أما مسح السوق والأعناق فهو نوع من التحبب للخيل نجده في واقع عشاق الخيل، فكيف بنا عندما تكون الخيل معدة لنصرة الحق.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[23 Jan 2009, 09:29 م]ـ
كله جميل وفي محله إلا واحدة:
لا نجد في القرآن الكريم ما ينص على أن الخيل قد ألهت سليمان عليه السلام عن ذكر الله، ولم يرد أنه أتلفها ولكنها استنباطات لا تصح لا عقلاً ولا شرعاً.
.
قال تعالى: {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} (ص:32)
الواضح الذي لا جدال فيه، ما ذكره غير واحد من السلف والمفسرين أنه اشتغل بعرضها حتى فات وقت صلاة العصر أو وقت عبادة في شرعه، وهل شرعنا هو شرع لمن قبلنا في كل شيء، طبعا لا، وكما قال غير واحد من العلماء المحققين أن سليمان ذبح الخيول، وفي شرعنا:
حكم قتل الحيوان المتسبب بالأذى
تاريخ الفتوى: 13 جمادي الأولى 1429/ 19 - 05 - 2008
السؤال
ما حكم من قتل حيواناً (حماراً) , كان يدخل هذا الحيوان بين زرعه وثماره فيأكل منه فيتضرر الزرع وكلما أبعده عن زرعه وثماره إلى مكان بعيد يعود هذا الحيوان مرة أخرى إلى زرعه، فما حكم هذا الرجل القاتل؟ وهل لقتله هذا كفارة؟ وما كفارته؟
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز الاعتداء على الحيوان بأي نوع من الإيذاء، لأن ذلك من الظلم المحرم، إلا إذا ورد نص يبيحه، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم: خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية، والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحديا. رواه مسلم.
وقال أيضاً: لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها كل أسود بهيم. رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني.
وروى البيهقي والدارمي والنسائي والحاكم وصححه وحسنه الألباني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قتل عصفوراً فما فوقها بغير حقه سأله الله يوم القيامة عنه، قيل: وما حقه؟ قال: يذبحه فيأكله، ولا يقطع رأسه فيرمي به.
وأما إذا كان يتسبب عن حيوان ما - كالحمار في مسألتك - أذى ولا يستطيع الإنسان دفعه إلا بقتله فيجوز له قتله من باب دفع الصائل، مُشْتَقٌّ مِنْ الصِّيَالِ وَهُوَ الِاسْتِطَالَةُ، ولا كفارة في ذلك في غير الحرم ففي ذلك خلاف وتفصيل
http://www.islamweb.org/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=a&Id=108244&Option=FatwaId
ومن محاضرة للشيخ محمد المنجد:
فإذاً الهر لا يقتل، ومن أسمائه البس والسنور والقط، إلا إذا صار مؤذياً، بأكل الفراخ وكفء القدور، فإن بعضها قد يؤذي بأكل الفراخ وكفء القدور. وبعض الناس يقول: عندنا قطة تؤذينا أو عندنا بسٌ يؤذينا أو عندنا هر يدخل علينا فيؤذينا واحترنا معه وأخرجناه خارج البيت ورجع، ويلد عندنا ويؤذينا بنتنه وأولاده ونحو ذلك، فهذا يُؤخذ ويرمى بعيداً ولا يقتل، لكن لو لم يندفع شره إلا بالقتل، كأن يكون ممن يخدش ويفعل الأشياء المؤذية والضارة بالأطفال، وربما مات طفلٌ بسبب أن قطاً كبيراً جلس على وجهه حتى خنقه فمات، فإذاً قد يكون القط مؤذياً، ندفعه ونطرده، فإذا لم يكن دفعه ممكناً إلا بالقتل فيقتل في نهاية المطاف، وإن مُلكت، أي مُلك القط فاحظر: أي لا تقتله لأنه صار ملكاً للغير (إذاً غير مفسد) إذا كان غير مفسد فلا يقتل، فإذا كان مفسداً يقتل.
والله أعلم وأحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الخزرجية]ــــــــ[23 Jan 2009, 11:08 م]ـ
إنه بعد عشرات المئات من السنين و بعد أن تقدم العلم نجد أن الإنسان قد وصل في قطاع الطب البيطري إلى حقائق قاطعة تقرر أن ما فعله سيدنا سليمان و أوردته آيات القرآن الكريم في ألفاظ قصار هو أفضل طرق فحص و اختبار الخيل بل إن كل المراجع العلمية الحديثة فد أفردت لفحص و اختبار الخيل فصولاً طويلة أساسها كلها ما جاء في القرآن الكريم فنجد في كتاب:
" أصول الطب البيطري "، و تحت عنوان: " الاقتراب من الحيوانات " ما نصه ": للحيوانات الأهلية أمزجة متباينة، و طباع تتقلب بين الدعة و الشراسة لذلك يتطلب الاقتراب منها حرصاً و انتباهاً عظيمين خصوصاً للغريب الذي لم يسبق له معاملتها أو خدمتها، فينما يدخل فاحص البقرة عليها أو خدمتها ـ و هو سير من الجلد أو الخيط المجدول أو حبل من ليف يربط به رأس الحيوان ـ أو من رواستها ـ و هو حبل يربط حول قرنيها ـ أو يمسك الفاصل الأنفي بأصابع يده اليمنى ..
نجد أنه في الخيل يجب أن يظهر فاحص الحصان نحوه كثيراً من العطف و هو داخل عليه فيربت على رأسه و رقبته و ظهره فيطمئن إليه و يعلم أن القادم صديق فلا يتهيج أو يرفس ..
و لما كانت أهم أجزاء الحصان قوائمه فهي التي تجري عليها، والجري من أهم صفات الخيل الرئيسية، فإن أول ما يتجه إليه الإنسان عند فحص الخيل هو اختبار قوائمه و يجب رفع قائمة الحصان عند فحصه و في ذلك يقول نفس الكتاب:
(و لرفع القائمة الأمامية يمسك عامل بزمام الحصان و يقف الفاحص بجوار كتفه متجهاً للمؤخرة ثم يربت له على جانب رقبته و كتفه إلى أن يصل باليد إلى المرفق فالساعد فيصيب المسافة بين الركبة والرمانة وهنا يشعر الحصان باليد التي تمسك أوتار قائمته فيرفعها طائعاً مختاراً).
فسبحان من أوحى بالقرآن .. و صلى الله وسلم على من أوحى إليه به .. ولا إله إلا الله حقاً و صدقاً ....
(من بحث قيدته على حاسوبي)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[24 Jan 2009, 06:07 ص]ـ
إنه بعد عشرات المئات من السنين و بعد أن تقدم العلم نجد أن الإنسان قد وصل في قطاع الطب البيطري إلى حقائق قاطعة تقرر أن ما فعله سيدنا سليمان و أوردته آيات القرآن الكريم في ألفاظ قصار هو أفضل طرق فحص و اختبار الخيل بل إن كل المراجع العلمية الحديثة فد أفردت لفحص و اختبار الخيل فصولاً طويلة أساسها كلها ما جاء في القرآن الكريم فنجد في كتاب:
" أصول الطب البيطري "، و تحت عنوان: " الاقتراب من الحيوانات " ما نصه ": للحيوانات الأهلية أمزجة متباينة، و طباع تتقلب بين الدعة و الشراسة لذلك يتطلب الاقتراب منها حرصاً و انتباهاً عظيمين خصوصاً للغريب الذي لم يسبق له معاملتها أو خدمتها ................
(من بحث قيدته على حاسوبي)
سبحان الله أذكر أني ناقشت هذه المسألة في الملتقى هنا ولكن بحثت وبحثت ولا أثر ..
لكن سأعيد الفكرة على كل حال للفائدة ...
جميل أن نلاحظ أن نصوص الشريعة لا تناقض بينها وبين العلم الصحيح الثابت ..
لكن لابد أن لا نتسرع في وجهة نظري في الربط بين النتائج العلمية والنصوص الشرعية ....
مثلا هنا ..
إن المتأمل للآية تجبره ألفاظها على الشعور بالسرعة والقوة التي تناقض قضية الحنو والرفق.
قال تعالى:
{رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} (ص:33)
ورد الصحاح:
طفق:
طَفِقَ يفعل كذا يَطْفَقُ طَفَقاً، أي جعل يفعل. ومنه قوله تعالى: " وطَفِقا يَخْصِفانِ عليهما " قال الأخفش: وبعضهم يقول طَفَقَ بالفتح يَطْفقُ طُفوقاً.
وأيضا:
هَبَّ فلانُ يفعل كذا، كما تقول: طفِق يفعل كذا.
وفي لسان العرب:
ومنه قوله تعالى فطَفِقَ مَسْحاً بالسُّوقِ والأَعْناق أَراد طَفِق يمسَح مَسْحاً.
وللبيان أكثر
قال صاحب موضوع
داو قلبك بمسح رأس اليتيم
مسعود صبري **
04/ 04/2005
كثيرا حين يجيء ذكر اليتيم أقف أمام حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه، فقال: امسح رأس اليتيم، وأطعم المسكين. (رواه أحمد بإسناد حسن)، وأتساءل: ما العلاقة بين لين القلب، ومسح شعر اليتيم؟ ....
لين الجوارح لين لسيدها
وحين أقف عند هذا المشهد الثالث، وذلك الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو قسوة قلبه، فيرشده إلى أن يمسح على رأس اليتيم، إن قصد الإنسان بيت اليتيم، وسعيه، وكل خطوة يخطوها ابتغاء الأجر والثواب فيها ترقيق للقلوب، وإن سعي الجوارح للخير دائما فيه ما يلين ذلك القلب، وإن كان القلب هو ملاك الإنسان كله، فإن الجوارح العاملة بالخير تجعل سيدها في أحسن هيئة، وأفضل حال، بل تجبره على أن يكون حسنا كما الجوارح حسنة، فسعي القدم إلى بيت اليتيم، والجلوس معه، والحنو عليه، بمد اليد إلى رأسه، والمسح على شعره تعويضا له عن حنان الوالد الذي فقده، وأثر ذلك على قلب الطفل اليتيم من الراحة والطمأنينة والسكينة، فكان الجزاء من جنس العمل، راحة للبال، ولينا للقلب، وسعادة للنفس، وكما قال ربنا: (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان).
http://www.islamonline.net/Arabic/In_Depth/BackToAllah/Articles/2005/04/01.SHTML
وإذا فكرنا قليلا سنرى أن سرعة ذبح سليمان عليه السلام للخيول تستدعي هذه الطريقة في الذبح، فساق الخيل المكان الأنسب لشل حركتها ومن ثم ذبحها بسرعة.
وإذا كسرت ساق الخيل كما أذكر تعدم.
والله أعلم وأحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[24 Jan 2009, 05:09 م]ـ
رعاك الله يا أبا الأشبال:
نعلم ما عليه جمهور أهل التفسير مما لا يوافق ظاهر النص. ويسعنا ما نقله زاد المسير من قول ثان:"أنه جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حُبّاً لها، رواه عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال مجاهد: مسحها بيده، وهذا اختيار ابن جرير والقاضي أبي يعلى ". وإليك أيضاً ما يقوله ابن عاشور:"قد تردد المفسرون في المعنى الذي عنى بقوله: {فَطَفِق مسْحَاً بالسُّوققِ والأعناقِ} فعن ابن عباس والزهري وابن كيسان وقطرب: طفق يمسح أعراف الخيل وسوقها بيده حُبًّا لها. وهذا هو الجاري على المناسب لمقام نبيءٍ والأوفق بحقيقة المسح .... ".
المسح معروف، وسليمان عليه السلام نبي لا يلهيه شيء عن ذكر الله، وسياق الآيات كله مدح لهذا النبي الكريم، أما الاستغفار فشأن الأنبياء والصالحين لشعورهم الدائم بتقصيرهم في شكر نعم الله العظيمة، من هنا فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستغفر الله كل يوم مائة مرة.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[24 Jan 2009, 05:37 م]ـ
ولعلنا نستفيدُ جميعاً من هذا النقل القيم عن الشيخ السعدي رحمه الله وأسكنهُ فسيح جنانه , لنواصل -سويةً- الاستنباطَ والتمثيلَ لقاعدة من ترك شيئاً لله عوضهُ الله خيراً منه, ويكون هذا الموضوع شبيهاً بموضوع الشيخ الفاضل (عمر المقبل) قواعد قرآنية.
** أمُّ موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام حين تغلبت على حَدَبِها وألقت بابنها وهي تصارعُ عواطفَ الأمومة وتغالبُ مشاعرَ الرَّحمة والإشفاق امتثالاً لأمر الله تعالى عوَّضها اللهُ خيراً من تربيتِهَ في حجرها , حيثُ أرجعَهُ الله لأمِّهِ , وأقر عينها به , وصارتْ تُرضعُهُ وتأخذُ على إرضاعه أجراً ما كان لها أن تحصلَ عليه لو لم يلقه اليمُّ ويلتقطهُ آلُ فرعون , بل صارت العطايا ونفائس المنح تروح وتغدو عليها , مع أنها لم تقمْ إلا بواجب الشرعِ والعقلِ وهو إرضاعُ ابنها.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[24 Jan 2009, 10:20 م]ـ
رعاك الله يا أبا الأشبال:
نعلم ما عليه جمهور أهل التفسير مما لا يوافق ظاهر النص. ويسعنا ما نقله زاد المسير من قول ثان:"أنه جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها حُبّاً لها، رواه عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال مجاهد: مسحها بيده، وهذا اختيار ابن جرير والقاضي أبي يعلى ". وإليك أيضاً ما يقوله ابن عاشور:"قد تردد المفسرون في المعنى الذي عنى بقوله: {فَطَفِق مسْحَاً بالسُّوققِ والأعناقِ} فعن ابن عباس والزهري وابن كيسان وقطرب: طفق يمسح أعراف الخيل وسوقها بيده حُبًّا لها. وهذا هو الجاري على المناسب لمقام نبيءٍ والأوفق بحقيقة المسح .... ".
المسح معروف، وسليمان عليه السلام نبي لا يلهيه شيء عن ذكر الله، وسياق الآيات كله مدح لهذا النبي الكريم، أما الاستغفار فشأن الأنبياء والصالحين لشعورهم الدائم بتقصيرهم في شكر نعم الله العظيمة، من هنا فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستغفر الله كل يوم مائة مرة.
هدانا الله وإياك يا أبا عمرو.
قال تعالى:
{وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ {30} إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ {31} فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ {32} رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ {33} وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنَابَ {34} قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ {35} فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ {36} وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ {37} وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ {38} هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ {39} وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ {40}
هذه هي الآيات الكريمات من سورة: ص.
واضح أن سليمان عليه السلام انشغل بالخيل حبا لها، وبعد أن انشغل بها عن عبادته هل يعقل وبعد ما قاله أن يأمر بردها ليزيدها رفقا وحنوا، هذا ما يخص السياق.
أما ما يليق بالأنبياء فالنص هو الذي يحدد ما يليق بالأنبياء.
ربما ذبحت الخيل لتؤكل.
لا غضاضة.
وقال تعالى على لسان سليمان:
{لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} (النمل:21).
طبعا ما ورد هنا يليق بالأنبياء (متفقين).
والله أعلم وأحكم.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[24 Jan 2009, 10:22 م]ـ
ولعلنا نستفيدُ جميعاً من هذا النقل القيم عن الشيخ السعدي رحمه الله وأسكنهُ فسيح جنانه , لنواصل -سويةً- الاستنباطَ والتمثيلَ لقاعدة من ترك شيئاً لله عوضهُ الله خيراً منه, ويكون هذا الموضوع شبيهاً بموضوع الشيخ الفاضل (عمر المقبل) قواعد قرآنية.
** أمُّ موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام حين تغلبت على حَدَبِها وألقت بابنها وهي تصارعُ عواطفَ الأمومة وتغالبُ مشاعرَ الرَّحمة والإشفاق امتثالاً لأمر الله تعالى عوَّضها اللهُ خيراً من تربيتِهَ في حجرها , حيثُ أرجعَهُ الله لأمِّهِ , وأقر عينها به , وصارتْ تُرضعُهُ وتأخذُ على إرضاعه أجراً ما كان لها أن تحصلَ عليه لو لم يلقه اليمُّ ويلتقطهُ آلُ فرعون , بل صارت العطايا ونفائس المنح تروح وتغدو عليها , مع أنها لم تقمْ إلا بواجب الشرعِ والعقلِ وهو إرضاعُ ابنها.
جزاك الله كل خير أخي الفاضل محمود على هذه الزيادة الطيبة شجعتني على المضي في جمع مثل هذه الآيات المباركات والاخوة كما أظن وتفضل إن كنت ستزيد على الرحب والسعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[24 Jan 2009, 10:26 م]ـ
وهذه مشاركة سابقة لي في الملتقى أظنها تدخل تحت هذا الباب، والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
نبي الله يوسف عليه السلام، أليس لشباب الأمة فيه أسوة.
انظروا ماذا قال في هذا الموقف:
{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} (يوسف23).
قال: معاذ الله، رفع نفسة عن الدنايا، ليصعد للعلى دنيا ودين حين قال:
{قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} (يوسف55).
هناك أحجم وهنا بادر، ونعم الإحجام، ونعم المبادرة.
وأنعم بالكريم بن الكريم بن الكريم.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[24 Jan 2009, 10:47 م]ـ
الأخ الكريم أبو الأشبال:
الذي لا يليق بالأنبياء الالتهاء عن العبادة وعن ذكر الله وليس ذبح الخيل.
يبدو أن الإشكال يرجع إلى فهم قوله تعالى:" إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي .. " وهنا أرجو تدبر ما سبق أن قلته في مداخلة سابقة: ((أما قول سليمان عليه السلام:"إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي"، فيرى الشيخ بسام جرار مدير مركز نون أن معنى (عن) هنا كمعناها عندما تقول:" فلان يتكلم عن علم" أي أن كلامه نابع ومنبثق عن علم. فحب الخير عند سليمان عليه السلام نابع عن ذكر الله، فذكر الله مقدمة وحب الخير نتيجة. ويقول الشيخ إن حب سليمان عليه السلام كان في أرقى صوره فهو يحب الخير بل ويحب حب الخير، وعندما يصل بنا الأمر أن نحب من يحب الصلاح مثلاً نكون قد بلغنا أعلى المراتب)).
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[25 Jan 2009, 05:48 ص]ـ
الأخ الكريم أبو الأشبال:
الذي لا يليق بالأنبياء الالتهاء عن العبادة وعن ذكر الله وليس ذبح الخيل.
يبدو أن الإشكال يرجع إلى فهم قوله تعالى:" إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي .. " وهنا أرجو تدبر ما سبق أن قلته في مداخلة سابقة: ((أما قول سليمان عليه السلام:"إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي"، فيرى الشيخ بسام جرار مدير مركز نون أن معنى (عن) هنا كمعناها عندما تقول:" فلان يتكلم عن علم" أي أن كلامه نابع ومنبثق عن علم. فحب الخير عند سليمان عليه السلام نابع عن ذكر الله، فذكر الله مقدمة وحب الخير نتيجة. ويقول الشيخ إن حب سليمان عليه السلام كان في أرقى صوره فهو يحب الخير بل ويحب حب الخير، وعندما يصل بنا الأمر أن نحب من يحب الصلاح مثلاً نكون قد بلغنا أعلى المراتب)).
الأخ الكريم أبو عمرو
شغل سليمان عليه السلام بالخيل حبا لها، ولكن لم يكن متعمدا، أما عن حبه لها فهو يحبها لأنها ستساعده في نشر دعوته فهو من أنبياء الله وملك لمملكة هذا هدفها الأعظم، وهذا ما كان يشغل سليمان عليه السلام في الأساس، والدليل على ذلك قوله تعالى:
{فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ} [ص:36]
فأعطاه ربه تعالى ما لا يحتاج إلى الشغل بالعرض والتفقد:
{وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ الْغَائِبِينَ} (النمل:20)
فها هو سليمان عليه السلام يتفقد الهدهد، والخيل أهم من الهدهد فهي وسيلة النقل السريعة لجيش سليمان عليه السلام، فما كان حاله يا ترى مع الخيل.
ورد في تفسير ابن كثير:
" ذكر غير واحد من السلف والمفسرين أنه اشتغل بعرضها حتى فات وقت صلاة العصر والذي يقطع به أنه لم يتركها عمدا بل نسيانا كما شغل النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن صلاة العصر حتى صلاها بعد الغروب وذلك ثابت في الصحيحين من غير وجه، من ذلك عن جابر قال: جاء عمر، رضي الله عنه يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش، ويقول: يا رسول الله، والله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله ما صليتها" فقال: فقمنا إلى بُطْحَان فتوضأ للصلاة وتوضأنا لها فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب " [أخرجه البخاري ومسلم](/)
لو تكرمتم ... أين أجد هذه القراءة!!؟
ـ[الخزرجية]ــــــــ[24 Jan 2009, 07:00 ص]ـ
من يتقضل علينا مشكورا مأجورا، مع دعوة بظهر الغيب، ويدلنا على هذه القراءة في كتب القراءات
وهي في قوله تعالى:
(ثم لننزعن من كل شيعة أيَّهم أشد على الرحمن عتيا)؛
بنصب أيّهم قراءة لهارون القارئ، ومعاذ الهراء،ورواية عن يعقوب.
أين يمكنني العثور عليها!!!؟
علما أنني عجزت عن العثور عليها إلا في كتب النحاة!!
وجزى الله الجميع خيرا وبركة في العلم والمعرفة والفضل ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jan 2009, 09:14 ص]ـ
كما تفضلتم هي في كتب النحو وغيرها، ويحتاج الوقوف على مصادرها في كتب الدراسات القرآنية إلى استقصاء. لكن هذه بعض المصادر التي ذكرتها من كتب اللغة وكتب القراءات والتفسير على عجل، ولعله يكون لدى الزملاء مزيد إفادة لك إن شاء الله.
روى هذه القراءة من أهل النحو:
- سيبويه في الكتاب 2/ 399
- نقلها عنه النحاس في إعراب القرآن 3/ 23
- وأبو البركات الأنباري في الإنصاف في مسائل الخلاف ص 573 (تحقيق د. جودة مبروك)
- ابن الشجري في أماليه 3/ 41
ورواها من أهل القراءات والتفسير وإعراب القرآن:
- مكي بن أبي طالب في مشكل إعراب القرآن 1/ 458
- القرطبي في تفسيره 11/ 89
- مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه 89
- البحر المحيط لأبي حيان 7/ 288
- التبيان في إعراب القرآن للعكبري 2/ 115
ولو تتبعها متتبع لوجد مصادر أوسع لها، وهي منسوبة أيضاً للأعمش القارئ من طريق طلحة بن مصرف وزائدة، إضافة إلى ما ذكرتم في سؤالكم أختي الكريمة.
ـ[الخزرجية]ــــــــ[24 Jan 2009, 04:05 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل الدكتور عبدالرحمن الشهري
(ولعله يكون لدى الزملاء مزيد إفادة لك إن شاء الله)
وكما تفضلت شيخنا الفاضل:
لعل الأخوة الكرام عندهم مزيد من المعرفة عن هذه القراءة الشاذة
وننتظر أريحية أخوتنا الأفاضل والتكرم بما يجودون به علينا
وشكرا لكم .. ومزيد الشكر للمشرف العام على ما تفضل به
طالبة من الله أن يحسن إليه، ويغفر له ولوالديه
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[24 Jan 2009, 04:27 م]ـ
قرأ بهذه القراءة:
طلحة بن مصرف
معاذ بن مسلم الهرّاء
زائدة عن الأعمش
هارون الأعور عن الكوفيين
ورُويت عن يعقوب
ورُويت عن الأعرج (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 - تفسير الأوسي رحمه الله 12/ 39 , وتفسير البحر المحيط لأبي حيان رحمه الله 8/ 43 , والمحرر الوجيز لابن عطية رحمه الله 4/ 378 , معجم القراءات للدكتور عبد اللطيف الخطيب 5/ 383
ـ[د. يحيى الغوثاني]ــــــــ[24 Jan 2009, 04:41 م]ـ
طبعا هذه القراءة هي شاذة غير متواترة بل تسمى ما وراء الشاذ
فلا يجوز القراءة بها لا في الصلاة ولا غيرها(/)
آَنَسْتُ نَارًا
ـ[همس]ــــــــ[24 Jan 2009, 01:30 م]ـ
الحمد لله وبعد:
المشايخ الفضلاء والقراء الكرام وزوار المنتدى ..
السلام عليكم
اجو منكم التفضل بالجواب على هذا التساؤل ..
فمن فصول قصة موسى عليه السلام في القرآن وقد تكرر في أكثر من موضع قصته عندما كلمه الله في طوى عندما آنس نارا قال تعالى في طه:
{وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لأهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)}
وفي القصص:
فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آَنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29)
وفي النمل:
إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا سَآَتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آَتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (7)
والسؤال الذي أطرحه ما هو الراجح في تلك النار التي آنسها موسى عليه السلام هل هو نور الله - نور غير مخلوق - أم أنه نار فيها ضوء ولم يكن فيها حرارة. وإذا كان القول الأول هو الراحج فكيف جاء التعبير القرآني عن نور الله بالنار و ماالذي سوغ ذلك؟؟؟ ارجو الجواب السريع للأهمية وللجميع جزيل الشكر والدعاء بالتوفيق
ـ[أبو المهند]ــــــــ[24 Jan 2009, 03:29 م]ـ
بمراجعة ما قيدة الشيخ الشنقيطي حول قوله تعالى: {وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (مريم52) تهتدين ـ أو تهتدي ـ إلى الجواب بإذن الله تعالى.
ـ[همس]ــــــــ[24 Jan 2009, 05:20 م]ـ
جزاك الله خير ... رجعت لكلام الشيخ الشنقيطي .. ووجدته وافيا جدا وقد أبان المسألة غفر الله للجميع وشكر الله لك
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[24 Jan 2009, 05:29 م]ـ
أخي الكريم
أين الإشكال؟!! الآيات الكريمة تنص على أنها (نار) والنار تضيء وتنير. والعجب كل العجب ممن يريد أن ينفي أنها نار من غير مسوغ لغوي أو شرعي أو عقلي.
والراجح في قوله تعالى:" مَن في النار" أنهم الملائكة.(/)
مقاصد السور: حلقات للمدارسة (3): (سورة الحشر، ومناسبتها لهذا العصر)
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[26 Jan 2009, 05:00 م]ـ
بالتأمل في اسم السورة وافتتاحيتها وخاتمتها، وآياتها وموضوعاتها يظهر – والله أعلم - أن مقصدها:
((بيان قدرة الله وقوته في توهين الكافرين والمنافقين وإظهار خزيهم وتفرقهم، في مقابل تعظيم شأن المؤمنين وإظهار ترابطهم وتناصرهم، تقوية لقلوب المؤمنين وتوهيناً للكافرين والمنافقين)).
فهي تقوي في قلب المؤمن - حين يقرؤها بتدبر - الإيمان بالله تعالى واليقين به والثقة بقدرته في توهين كيد الكافرين والمنافقين، وتُطِلعه على أسرار تأييد الله للمؤمنين، وأنه تعالى معهم حين يكون شأنهم كالمهاجرين والأنصار في نصرة دينه والصدق مع الله، والترابط والمحبة فيما بينهم وصفاء قلوبهم من الغل والحسد.
وما أعظم مناسبتها في هذا الوقت الذي نعيشه وتعيشه الأمة في محنتها مع اليهود، إذ فيها بعث لليقين والثقة بالله وموعوده في توهين كيد اليهود والمنافقين، وإظهار شأن المؤمنين الصادقين المتناصرين
ويبرز هذا الغرض في السورة من وجوه:
1 - افتتاحية السورة واختتامها بالتسبيح والتعظيم لله تعالى وإظهار عزته وحكمته في تصريف الأمور، وتأمل كيف ختمت الآية الأولى والأخيرة بقوله {وهو العزيز الحكيم} إشارة للغرض الذي بنيت عليه السورة ولذلك جاءت الآية الثانية مباشرة في بيان صورة من قدرته في قوله {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم .. }.
2 - ذكر حال اليهود وأنصارهم المنافقين: فذكر أولاً حادثة يهود بني النظير وما كان من شأنهم في توهين أمرهم وخزيهم في قوله {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين} وقوله {وليخزي الفاسقين}. وذكر أيضاً حال قوم سابقين من اليهود وهم بنو قينقاع في قوله {كمثل الذين من قبلهم قريباً ذاقوا وبال أمرهم}، وذكر أيضاً قبل ذلك بيان حال المنافقين المناصرين لليهود وبيان جبنهم {لئن أخرجتم لا يخرجون معكم ولئن قوتلتم لاينصرونكم ولئن نصروكم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون .... } الآيات.
3 - ذكر حال المهاجرين والأنصار ومن بعدهم، وبيان عظم شأنهم في نصرة الدين وصدقهم وقوة ترابطهم، مقابل ذكر حال اليهود وأنصارهم المنافقين. في قوله {للفقراء المهاجرين ... } {والذين تبؤوا الدار والإيمان} {والذين جاؤا من بعدهم ... }، إشارة لأسباب تأييد الله لهم وتحفيزاً للمؤمنين في الاقتداء بهم.
4 - تذكير المؤمنين ووعظهم باليوم الآخر، تحذيراً من الغفلة ومشابهة أهل الكتاب والمنافقين الذين نسو الله فأنساهم أنفسهم.
5 - بيان الفرق بين الفريقين (لايستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة} وهي كالنتيجة للفريقين، ولذلك قال في ختامها {أصحاب الجنة هم الفائزون}
6 - ذكر عظمة القرآن في كونه سبباً لتصدع الجبال من خشية الله، وهو إشعار للمؤمنين والكافرين بأن هذا القرآن الذي بين لهم قدرة الله تعالى وأظهر عاقبة الفريقين حري بأن يكون موقظاً لهم ومحركاً لقلوبهم.
7 - ختم السورة بأسماء الله تعالى، التي تضاعف قوة الإيمان بالله في النفوس وتوثق اليقين به تعالى. وهو المقصود من السورة. والله أعلم.
(نأمل مشاركة الأخوة الأعضاء فيما لديهم من تأملات وتعقيبات حول مقصد السورة)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Jan 2009, 07:49 م]ـ
أشكرك يا أبا عبدالله على هذه السلسلة الموفقة، وأسأل الله أن يوفقك لإتمامها، وأن يسددك في فهمها.
إضافة إلى ما تفضلتم به مما يؤيد ما ظهر لكم في مقصد السورة، قوله تعالى إشارة إلى استبعاد المؤمنين لهزيمة اليهود والقدرة على إخراجهم بقوله: (ما ظننتم أن يخرجوا) لشدةِ تمكن اليهود في المدينة، ومَنَعَةِ حصونهم التي يتحصنون بها. وهذا أدخل اليأس في قلوب بعض المسلمين من القدرة على إخراجهم منها.
وقوله أيضاً عن اليهود (وظنوا أنهم مانعتهم حصونُهم من الله) وهذا فيه إشارة إلى شدة اعتداد اليهود بما هم فيه من القوة والحصون، والأسباب التي ترجح كفتهم في تلك المنازلة مع النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه.
ولكن النتجية والعاقبة هي ما أشرتم إليه من قدرة الله على توهين هذه الأسباب المادية (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب) وبقية القصة معروفة.
ومناسبة هذه المسألة في زماننا ظاهرة في معركتنا مع اليهود، فكثير من المسلمين في كل مكان حالهم كما قال الله (ما ظننتم أن يخرجوا). ففي يد اليهود مفاتيح مجلس الأمن، ولديهم من العتاد ما يدمر المنطقة - كما سمعتُ أحدهم يوماً - ثلاث مرات، بل سمتُ أحد المحللين الاستراتيجين - كما يوصفون في القنوات - يقول: إن لدى الولايات المتحدة ما يدمر الكرة الأرضية خمسين مرة، في عبارات مماثلة توهن عزيمة المؤمنين ولا أظن لها رصيداً من الواقع، فإسرائيل في معركتها غير المتكافئة الأخيرة قد استنفدت نسبة كبيرة من عتادها، مما اضطرها لطلب المدد من إسرائيل الكبرى مما يدل على كذب الدعاية للجيش الصهيوني.
وفي المقابل ظن اليهود أنهم مانعتهم حصونهم وأسلحتهم وقواعدهم من الله، ولكن نتيجة الصواريخ اليدوية والحجارة قد فتك بهم أمنياً واقتصادياً ونفسياً بشكل تظهر آثاره ولله الحمد، والنصر آتٍ بإذن الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[26 Jan 2009, 10:00 م]ـ
شكر الله لك أبا عبد الله.
وما ذكرته معنى عظيم، وهو أمر ظاهر الارتباط بالمقصد.
والحق أن هذا المعنى هو مانعيشه اليوم من تعظيم قوة اليهود وأنصارهم من الغرب.
ولعل من أعظم نتائج هذه المعركة غير المتكافئة، أنها أزالت من نفوسنا عقدة الوهم والوهن، الوهم بأن اليهود قوة لاتقهر، والوهن بأننا نعيش في رحمة الأمم المتحدة ومنظماتها، لقد قال لي أحد الأخوة بعد انتهاء الأحداث: كنت أعتقد بأننا لايمكن أن نقهر اليهود وهم بهذه القوة، بيدهم السلاح النووي، والتأييد العالمي، وبعد هذه الأحداث تلاشى هذا الظن في نفسي وعلمت أننا أمة يمكن أن نقر اليهود بإيماننا واستحضرت قول الله تعالى {قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين}
حقاً إن هذه الحداث غيرت مفاهيم ومعتقدات في نفوس الأمة بل العالم كله.
وحقاً إن كتاب الله معين لاينضب من الهدي الرباني الذي يبني في نفوسنا اليقين بربنا وبقدرته وقوته. فما أعظم هذه السورة - سورة الحشر - وهي تجدد لنا هذا المعنى في هذا الوقت، وكأنها نزل في ظل الأحداث.
ـ[هبة المنان]ــــــــ[26 Jan 2009, 10:19 م]ـ
بارك الله فيكم ونفعنا بعلمكم 000(/)
"تعريف بكتاب: منهج ابن كثير في التفسير "
ـ[حامد الشهري]ــــــــ[26 Jan 2009, 10:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين وبعد ..
"تعريف بكتاب: منهج ابن كثير في التفسير "
?المؤلف: د. سليمان بن ابراهيم اللاحم حفظه الله.
?اسم الكتاب: " منهج ابن كثير في التفسير".
?يقع الكتاب في 500 صفحة.
?الناشر دار المسلم للنشر والتوزيع.
?الطبعة الأولى 1420 هـ.
?الكتاب في أصله رسالة علمية تقدم بها الباحث لنيل درجة الماجستير.
•اشتمل الكتاب على أربعة أبواب على النحو التالي:
** الباب الأول ذكر فيه الباحث ترجمة للحافظ ابن كثير رحمه الله، وآثاره العلمية، ثم عرَف بتفسيره، وطبعاته، وبعض الدراسات حوله.
** الباب الثاني ذكر فيه موارد ابن كثير في تفسيره، سواءً من كتب التفسير أو من غيرها من الكتب ككتب اللغة وغيرها.
** الباب الثالث ذكر فيه منهج ابن كثير في تفسيره من خلال اعتماده على التفسير بالمأثور:
تفسير القران بالقران.
تفسير القران بالسنة.
تفسير القران بأسباب النزول.
تفسير القران بأقوال الصحابة والتابعين.
تفسير القران بأقوال المجتهدين والفقهاء.
تفسير القران بالأخبار التاريخية والإسرائيلية.
كما ذكر في هذا الباب أيضا منهج ابن كثير في اعتماده على اللغة في تفسير القران، وأورد كثيرا من الشواهد
من تفسيره على هذا الأمر.
** الباب الرابع ذكر فيه أهم ما تميز به تفسير ابن كثير، وآراء العلماء فيه،
والمآخذ عليه بين القبول والرد،
وأثر هذا التفسير فيمن بعده، ومدى استفادة من جاء بعده من المفسرين
وغيرهم منه.
مزايا الكتاب /
?حسن تبويب هذا الكتاب.
?هذا الكتاب يُعد دراسة علمية محكمة استوفت كثيرا من الجوانب التي تستحق الدراسة في هذا التفسير العظيم.
?عنايته بدراسة موارد ابن كثير في تفسيره.
?الإنصاف والتجرد في بيان ما لهذا التفسير وما عليه دون مبالغة أو تحيز.
وبالجملة فالكتاب جدير بالقراءة والإقتناء، نسأل الله أن يجزي مؤلفه خير الجزاء على هذا الجهد الكبير في هذا الكتاب.
* وللفائدة فمنهج ابن كثير في تفسيره قد حظي بعدد من الدراسات العلمية منها /
1 - الحافظ ابن كثير ومنهجه في التفسير، اسماعيل سالم عبدالعال، رسالة ماجستير.
2 - منهج ابن كثير في نقد الروايات من خلال تفسيره للقران، ياسر بن اسماعيل راضي، رسالة ماجستير.
3 - دراسةعن منهج ابن كثير في التفسير، د. محمد الفالح.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
ـ[سيف التوحيد]ــــــــ[27 Jan 2009, 03:10 ص]ـ
جُزيت خيراً , ونفع الله بك وبالشيخ سليمان ..
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[30 Jan 2009, 12:03 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعا
وجزاكم الله الفردوس الأعلى من الجنة(/)
التقديم والتأخير في لفظتي (الضر والنفع)
ـ[نوري قرآني]ــــــــ[27 Jan 2009, 05:15 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..
الحمدلله الذي علم الإنسان مالم يعلم ..
الحمدلله الذي يسر القرآن لذكر ..
..
عندي بعض الإشكال في آيات النفع والضر من حيث التقديم والتأخير فيها ..
فمثلا تارة يتقدم الضر .. مثل
(قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا .. 49سورة يونس)
(ويعبدون مالا يضرهم ولا ينفعهم آية 18يونس)
ولا تدع من دون الله مالا ينفعك ولا يضرك .. آية 106من نفس السورة)
..
(قال افتعبدون من دون الله مالا ينفعكم شيئا ولا يضركم .. ) آية 66الأنبياء ..
..
والكثير مما لا يخفى عليكم .. من الأيات .. فهل هناك ضابط أعرف بها متى يتقدم احدهما على الآخر ..
وكذلك بالنسبة للفظة الناس والإنسان في آيات الرحمة والضر ..
..
نفع الله بعلمكم ..
ـ[نوري قرآني]ــــــــ[27 Jan 2009, 05:23 م]ـ
وايضا تشكل علي
تقديم السماوات والأرض
والليل والنهار ..
والأموال والأولاد ..
واللعب واللهو ..
..
افيدونا واذا كان هناك مرجع مناسب للمبتدئين امثالي افيدونا ..
بوركتم ..
ـ[نوري قرآني]ــــــــ[28 Jan 2009, 06:07 م]ـ
أي الرد يا أهل العلم ..
..
ما زلت أجهلها .. سأبقى انتظركم
ـ[نوري قرآني]ــــــــ[29 Jan 2009, 09:17 م]ـ
..
جزاكم الله خير أحد يرد
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[29 Jan 2009, 10:05 م]ـ
أخي الفاضل:
هذا موضوع كبير يسمى التقديم والتأخير في القرآن الكريم , ولمعرفته والانتفاع بما كُتبَ فيه تفضل بقراءة ما كتبه الزركشي رحمه الله في كتاب البرهان في علوم القرآن (3/ 233) وما بعدها فقد أطال فيه، وكذلك السيوطي رحمه الله السيوطي في معترك الأقران في إعجاز القرآن (ص 131) وما بعدها.
وهذا الموضوع كُتبت فيه عدة رسائل وبحوث منها:
1 - بلاغة التقديم والتأخير في القرآن الكريم علي أبو القاسم عون.
2 - التقديم والتأخير في القرآن للدكتور خلدون سعيد صبح.
3 - التقديم والتأخير في التعبير القرآني للدكتور رشاد محمد سالم نشر في مجلة كلية اللغة العربية في القاهرة العدد (8) سنة 2003م.
4 - التقديم والتأخير في القرآن الكريم، نشر في مجلة كلية الشريعة بالأحساء عام 1401هـ للدكتور عبد الفتاح بن أحمد الحموز.
5 - دلالات التقديم والتأخير في القرآن الكريم دراسة تحليلية للدكتور منير محمود المسيري (رسالة دكتوراه)
وتكلم عنه أيضا الدكتور فاضل السامرائي في كتابه التعبير القرآني.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[30 Jan 2009, 09:37 ص]ـ
التقديم والتأخير في القرآن الكريم
المفهوم الفعلي من حيث الدلالة اللغوية للتقديم والتأخير أنه إذا بدأنا بكلمة سابقة على غيرها فقد قدمناها في الكلام. والتقديم نوعان أو ثلاثة:
تقديم اللفظ على عامله نحو قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) وقوله تعالى (وربك فكبّر) وقولنا: زيداً أكل أو زيداً أكرمت. و بمحمد اقتديت.
تقديم الألفاظ بعضها على بعض في غير العامل وذلك نحو قوله تعالى (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) البقرة وقوله (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) المائدة
أولاً: تقديم اللفظ على عامله:
ومن هذا الباب تقديم المفعول به على فعله وتقديم الحال على فعله وتقديم الظرف والجار والمجرور على فعلهما وتقديم الخبر على المبتدأ ونحو ذلك. وهذا التقديم في الغالب يفيد الإختصاص فقولك (أنجدت خالداً) يفيد أنك أنجدت خالداً ولا يفيد أنك خصصت خالداً بالنجاة بل يجوز أنك أنجدت غيره أو لم تنجد أحداً معه. فإذا قلت: خالداً أنجدت أفاد ذلك أنك خصصت خالداً بالنجدة وأنك لم تنجد أحداً آخر.
ومثل هذا التقديم في القرآن كثير: فمن ذلك قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) في سورة الفاتحة، فقد قدّم المفعول به إياك على فعل العبادة وعلى فعل الإستعانة دون فعل الهداية قلم يقل إيانا اهد كما قال في الأوليين، وسبب ذلك أن العبادة والإستعانة مختصتان بالله تعالى فلا يعبد أحد غيره ولا يستعان به. وهذ نظير قوله تعالى (بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) الزمر) وقوله (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) البقرة) فقدم المفعول به على فعل العبادة في الموضعين وذلك لأن العبادة مختصة بالله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
** ومثل التقديم على فعل الإستعانة قوله تعالى (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (12) ابراهيم) وقوله (على الله توكلنا ربنا، الأعراف) وقوله (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) هود) فقدم الجار والمجرور للدلالة على الإختصاص وذلك لأن التوكّل لا يكون إلا على الله وحده والإنابة ليست إلا إليه وحده.
ولم يقدم مفعول الهداية على فعله قلم يقل: إيانا اهد كما قال إياك نعبد وذلك لأن طلب الهداية لا يصح فيه الإختصاص إذ لا يصح أن تقول اللهم اهدني وحدي ولا تهد أحداً غيري أو خُصني بالهداية من دون الناس وهو كما تقول اللهم ارزقني واشفني وعافني. فأنت تسأل لنفسك ذلك زلم تسأله أن يخصك وحدك بالرزق والشفاء والعافية فلا يرزق احداً غيرك ولا يشفيه ولا يعافيه.
** ومن هذا النوع من التقديم قوله تعالى (قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) الملك) فقدم الفعل آمنا على الجار والمجرور (به) وأخّر توكلنا عن الجار والمجرور (عليه) وذلك لأن الإيمان لما لم يكن منحصراً في الإيمان بالله بل لا بد معه من رسله وملائكته وكتبه واليوم الأخر وغيره مما يتوقف صحة الإيمان عليه، بخلاف التوكل فإنه لا يجوز إلا على الله وحده لتفرده بالقدرة والعلم القديمين الباقيين قدّم الجار والمجرور فيه ليؤذن باختصاص التوكل من العبد على الله دون غيره لأن غيره لا يملك ضراً ولا نفعاً فيتوكل عليه.
** ومن ذلك أيضاً قوله تعالى (أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ (53) الشورى) لأن المعنى هو أن الله مختص بصيرورة الأمور إليه دون غيره. ونحو قوله تعالى (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26) الغاشية). فإن الإياب لا يكون إلا إلى الله وهو نظير قوله تعالى (إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآَبِ (36) الرعد) وقوله (وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) القيامة) فالمساق إلى الله وحده لا إلى ذات أخرى وهذا ليس من التقديم من أجل مراعاة المشاكلة لرؤوس الآي كما ذهب بعضهم بل هو لقصد الإختصاص نظير قوله تعالى (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا (4) يونس) وقوله (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ (123) هود) وقوله (وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93) الأنبياء) وغير ذلك من الآيات.
** ومن هذا الباب قوله تعالى (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ (47) فصلت) فعلم الساعة مختص بالله وحده لا يعلمه أحد غيره ونحوه قوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ (34) لقمان) فقدم الظرف الذي هو الخبر على المبتدأ وهو نظير الآية السابقة.
** ونحو قوله (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ (59) الأنعام) فقدم الظرف الذي هو الخبر على المبتدأ (مفاتح الغيب) وذلك لاختصاصه سبحانه بعلم الغيب ألا ترى كيف أكد ذلك الإختصاص بأسلوب آخر هو أسلوب القصر فقال: لا يعلمها إلا هو؟
وقد يكون التقديم من هذا النوع لغرض آخر كالمدح والثناء والتعظيم والتحقير وغير ذلك من الأغراض، إلا أن الأكثر فيه أنه يفيد الإختصاص. ومن التقديم الذي لا يفيد الإختصاص قوله تعالى: (وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ (84) الأنعام) فهذا ليس من باب التخصيص إذ ليس معناه أننا ما هدينا إلا نوحاً وإنما هو من باب المدح والثناء. ونحو قوله (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10) الضحى) إذ ليس المقصود به جواز قهر غير اليتيم ونهر غير السائل وإنما هو من باب التوجيه فإن اليتيم ضعيف وكذلك السائل وهما مظنة القهر فقدمهما للاهتمام بشأنهما والتوجيه إلى عدم استضعافهما.
ثانياً: تقديم اللفظ وتأخيره على غير العامل:
(يُتْبَعُ)
(/)
إن تقديم الألفاظ بعضها على بعض له أسباب عديدة يقتضيها المقام وسياق القول، يجمعها قولهم: إن التقديم إنما يكون للعناية والإهتمام. فما كانت به عنايتك أكبر قدمته في الكلام. والعناية باللفظة لا تكون من حيث أنها لفظة معينة بل قد تكون العناية بحسب مقتضى الحال. ولذا كان علييك أن تقدم كلمة في موضع ثم تؤخرها في موضع آخر لأن مراعاة مقتضى الحال تقتضي ذاك. والقرآن أعلى مثل في ذلك فإنا نراه يقدم لفظة مرة ويؤخرها مرة أخرى على حسب المقام. فنراه مثلاً يقدم السماء على الأرض ومرة يقدم الأرض على السماء ومرة يقدم الإنس على الجن ومرة يقدم الجن على الإنس ومرة يقدم الضر على النفع ومرة يقدم النفع على الضر كل ذلك بحسب ما يقتضيه القول وسياق التعبير.
فإذا أردت أن تبين أسباب هذا التقديم أو ذاك فإنه لا يصح الإكتفاء بالقول إنه قدم هذه الكلم للعناية بها والإهتمام دون تبيين مواطن هذه العناية وسبب هذا التقديم.
فإذا قيل لك مثلاً: لماذا قدم السماء على الأرض هنا؟ قلت لأن الإهتمام بالسماء أكبر ثم إذا قيل لك ولماذا قدم الأرض على السماء في هذه الآية قلت لأن الإهتمام بالأرض هنا أكبر، فإذا قيل ولماذا كان الإهتمام بالسماء هناك أكبر وكان الإهتمام بالأرض هنا أكبر؟
وجب عليك أن تبين سبب ذلك وبيان الإختلاف بين الموطنين بحيث تبين أنه لا يصح أو لا يحسن تقديم الأرض على السماء فيما قدمت فيه السماء أو تقديم السماء على الأرض فيما قدمت فيه الأرض بياناً شافياً. وكذلك بقية المواطن الأخرى. أما أن تكتفي بعبارة أن هذه اللفظة قدمت للعناية والإهتمام بها فهذا وجه من وجوه الإبهام. والإكتفاء بها يضيع معرفة التمايز بين الأساليب فلا تعرف الأسلوب العالي الرفيع من الأسلوب المهلهل السخيف إذ كا واحد يقول لك: إن عنايتي بهذه اللفظة هنا أكبر دون البصر بما يستحقه المقام وما يقتضيه السياق.
إن فن التقديم والتأخير فن رفيع يعرفه أهل البصر بالتعبير والذين أوتوا حظاً من معرفة مواقع الكلم وليس ادعاء يدعى او كلمة تقال.
وقد بلغ القرآن الكريم في هذا الفن كما في غيره الذروة في وضع الكلمات الوضع الذي تستحقه في التعبير بحيث تستقر في مكانها المناسب. ولم يكتف القرآن الكريم الذي وضع اللفظة بمراعاة السياق الذي وردت فيه بل راعى جميع المواضع التي وردت فيها اللفظة ونظر إليها نظرة واحدة شاملة في القرآن الكريم كله. فنرى التعبير متسقاً متناسقاً مع غيره من العبيرات كأنه لوحة فنية واحدة مكتملة متكاملة.
إن القرآن الكريم دقيق في وضع الألفاظ ورصفها بجنب بعض دقة عجيبة فقد تكون له خطوط عامة في التقديم والتأخير وقد تكون هناك مواطن تقتضي تقديم هذه اللفطو أو تلك كا ذلك مرتعى فيه سياق الكلام والإتساق العام في التعبير على أكمل وجه وأبهى صورة. وسنوضح هذا القول المجمل ببيان شاف.
إن القرآن كما ذكرت يقدم الألفاظ ويؤخرها حسبما يقتضيه المقام فقد يكون سياق الكلام مثلاً متدرجاً حسب القدم والأولية في الوجود، فيرتب الكلمات على هذا الأساس فيبدأ بالأقدم ثم الذي يليه وهكذا وذلك نحو قوله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) فخلق الجن قبل خلق الإنس بدليل قوله تعالى (وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (27) الحجر) فذكر الجن أولاً ثم ذكر الإنس بعدهم.
** ونحو قوله تعالى (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ (255) البقرة) لأن السِّنة وهي النعاس تسبق النوم قبدأ بالسنة ثم النوم.
** ومن ذلك تقديم عاد على ثمود قال تعالى (وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ (38) العنكبوت) فإن عاداً أسبق من ثمود.
(يُتْبَعُ)
(/)
** وحعلوا من ذلك تقديم الليل على النهار والظلمات على النور قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33) الأنبياء) فقدم الليل لأنه أسبق من النهار وذلك لأنه قبل خلق الأجرام كانت الظلمة وقدم الشمس على القمر لأنها قبله في الوجود. وقال (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (44) النور) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة. ومثل تقديم الليل على النهار تقديم الظلمات على النور كما ذكرت. قال تعالى (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ (1) الأنعام) وذلك لأن الظلمة قبل النور لما مر في الليل.
قالوا: ومن ذلك تقديم العزيز على الحكيم حيث ورد في القرآن الكريم (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) الحشر) قالوا لأنه عزّ فحكم.
** ومنه تقديم القوة على العزة لأنه قوي فعزّ أي غلب بالقوة فالقوة أول قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) و (70) الحج) وقال (وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا (25) الأحزاب).
** وقد يكون التقديم بحسب الفضل والشرف منه تقديم الله سبحانه في الذكر كقوله تعالى (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) النساء). فقدم الله على الرسول ثم قدم السعداء من الخلق بحسب تفاضلهم فبدأ بالأفضلين وهم النبيون ثم ذكر من يعدهم بحسب تفاضلهم. كما تدرج من الفئة القليلة إلى الكثرة فبدأ بالنبيين وهو أقل الخلق ثم الصدّيقين وهم أكثر ثم الشهداء ثم الصالحين فكل صنف أكثر من الذي قبله فهو تدرج من القلة إلى الكثرة ومن الأفضل إلى الفاضل ولا شك أن أفضل الخلق هم أقل الخلق إذ كلما ترقى الناس في الفضل قلّ صنفهم.
** ومن ذلك قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (7) الأحزاب) فبدأ بالرسول لأنه أفضلهم.
** وجعلوا من ذلك تقديم السمع على البصر قال تعالى (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (11) الشورى* و (إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20) غافر) وقال (إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) و (هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (56) غافر) الإسراء) وقال تعالى (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) الإنسان) فقدم السمع على البصر. وقال (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا (73) الفرقان) فقدّم الصم وهم فاقدو السمع على العميان وهم فاقدو البصر. قالوا لأن السمع أفضل. قاولا والدليل على ذلك أن الله تعالى لم يبعث نياً أصم ولكن قد يكون النبي أعمى كيعقوب u فإنه عمي لفقد ولده.
والظاهر أن السمع بالنسبة إلى تلقي الرسالة أفضل من البصر ففاقد البصر يستطيع أن يفهم ويعي مقاصد الرسالة فإن مهمة الرسل التبليغ عن الله. والأعمى يمكن تبليغه بها وتيسير استيعابه لها كالبصير غير أن فاقد السمع لا يمكن تبليغه بسهولةز فالأصم أنأى عن الفهم من الأعمى ولذا كان العميان علماء كبار بخلاف الصم. فلكون متعلق ذلك التبليغ كان تقديم السمع أولى.
ويمكن أن يكون تقديم السمع على البصر لسبب آخر عدا الأفضلية وهو أن مدى السمع أقل من مدى الرؤية فقدم ذا المدى الأقل متدرجاً من القصر إلى الطول في المدى ولذا حين قال موسى في فرعون (قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) طه) قال الله تعالى (قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) طه) فقدم السمع لأنه يوحي بالقرب إذ الذي يسمعك يكون في العادة قريباً منك بخلاف الذي يراك فإنه قد يكون بعيداً وإن كان الله لا يند عن سمعه شيء.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يكون التقديم بحسب الرتبة وذلك كقوله تعالى (فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (8) وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ (9) وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) القلم) فإن الهمّاز هو العيّاب وذلك لا يفتقر إلى مشي بخلاف النميمة فإنها نقل للحديث من مكان إلى مكان عن شخص إلى شخص. فبدأ بالهماز وهو الذي يعيب الناس وهذا لا يفتقر إلى مشي ولا حركة، ثم انتقل إلى مرتبة أبعد في الإيذاء وهو المشي بالنميمة ثم انتقل إلى مرتبة أبعد في الإيذاء وهو أنه يمنع الخير عن الآخرين. وهذه مرتبة بعد في الإيذاء مما تقدمها. ثم انتقل إلى مرتبة أخرى أبعد مما قبلها وهو الإعتداء فإن منع الخير قد لا يصحبه اعتداء أما العدوان فهو مرتبة أشد في الإيذاء. ثم ختمها بقوله أثيم وهو وصف جامع لأنواع الشرور فهي مرتبة أخرى أشد إيذاءً. جاء في بدائع الفوائد: وأما تقدم همّاز على مشّاء بنميم فالرتبة لأن المشي مرتب على القعود في المكان. والهماز هو العيّاب وذلك لا يفتقر إلى حركة وانتقال من موضعه بخلاف النميم. وأما تقدم مناع للخير على معتد فبالرتبة أيضاً لأن المناع يمنع من نفسه والمعتدي يعتدي على غيره ونفسه قبل غيره.
** وجعلوا من تقدم السمع على العلم حيث وقع في القرآن الكريم كقوله تعالى (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137) البقرة) وقوله (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61) الأنفال) وذلك أنه خبر يتضمن التخويف والتهديد. فبدأ بالسمع لتعلقه كالأصوات وهمس الحركات فإن من سمع حسك وخفي صوتك أقرب إليك في العادة ممن يقال لك: إنه يعلم وإن كان علمه تعالى متعلقاً بما ظهر وبطن وواقعاً على ما قرب وشطن. ولكن ذكر السميع أوقع في باب التخويف من ذكر العليم فهو أولى بالتقديم.
ويمكن أن يقال: إن السمع من وسائل العلم فهو يسبقه.
** وجعلوا منه أيضاً تقديم المغفرة على الرحمة نحو قوله (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) البقرة) في آيات كثيرة وقوله (وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100) النساء) قالوا: وسبب تقديم الغفور على الرحيم أن المغفرة سلامة والرحمة غنيمة والسلامة مطلوبة قبل الغنيمة وإنما تأخرت في سورة سبأ في قوله (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ (2)) فالرحمة شملتهم جميعاً والمغفرة تخص بعضاً. والعموم قبل الخصوص بالرتبة. ولإيضاح ذلك أن جميع الخلائق من الإنس والجن والحيوان وغيرهم محتاجون إلى رحمته فهي برحمته تحيا وتعيش وبرحمته تتراحم وأما المغفرة فتخص المكلفين فالرحمة أعمّ.
** ومن التقديم بالرتبة أيضاً قوله تعالى في من يكنز الذهب والفضة (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) التوبة) فبدأ بالجباه ثم الجنوب ثم الظهور قيل: لأنهم كانوا إذا أبصروا الفقير عبسوا وإذا ضمهم وإياه مجلس ازوروا عنه وتولوا بأركانهم وولوه ظهورهم فتدرج حسب الرتبة.
وقد يكون التقديم بحسب الكثرة والقلة فقد يرتب المذكورات متدرجاً من القلة إلى الكثرة حسبما يقتضيه المقام وذلك نحو قوله (أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة) فكل طائفة هي أقل من التي بعدها فتدرج من القلة إلى الكثرة. فالطائفون أقل من العاكفين لأن الطواف لا يكون إلا حول الكعبة. والعكوف يكون في المساجد عموماً والعاكفون أقل من الراكعين لأن الركوع أي الصلاة تكون في كل أرض طاهرة أما العكوف فلا يكون إلا في المساجد. والراكعون أقل من الساجدين وذلك لأن لكل ركعة سجدتين ثم إن كل راكع لا بد أن يسجد وقد يكون سجود ليس فيه ركوع كسجود التلاوة وسجدو الشكر فهو هنا تدرج من القلة إلى الكثرة. ولهذا التدرج سبب اقتضاه المقام فإن الكلام على بيت الله الحرام. قال تعالى (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة) فالطائفون هم ألصق المذكورين
(يُتْبَعُ)
(/)
بالبيت لأنهم يطوفون حوله، فبدأ بهم ثم تدرج إلى العاكفين في هذا البيت أو في بيوت الله عموماً ثم الركع السجود الذين يتوجهون إلى هذا البيت في ركوعهم وسجودهم في كل الأرض.
ونحوه قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {س} (77) الحج) فبدأ بالركوع وهو أقل المذكورات ثم السجود وهو أكثر ثم عبادة الرب وهي أعمّ ثم فعل الخير.
وقد يكون الكلام بالعكس فيتدرج من الكثرة إلى القلة وذلك نحو قوله تعالى (يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) آل عمران) فبدأ بالقنوت وهو عموم العبادة ثم السجود وهو أخص وأقل ثم الركوع وهو أقل وأخص.
ومنه قوه تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2) التغابن) فبدأ بالكفار لأنهم أكثر قال تعالى (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) يوسف).
ونحوه قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) فاطر) فقدم الظالم لكثرته ثم المقتصد وهو أقل ممن قبله ثم السابقين وهم أقل. جاء في الكشاف في هذه الآية فإن قلت: لم قدم الظالم ثم المقتصد ثم السابق؟ قلت للإيذان بكثر الفاسقين وغلبتهم وإن المقتصدين قليل بالإضافة إليهم والسابقون أقل من القليل. ألا رى كيف قال الله تعالى في السابقين (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) الواقعة) إشارة إلى ندرة وقلة وجودهم؟
قالوا: ومن هذا النوع من القديم قوله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا (38) المائدة) قدم السارق على السارقة لأن السرقة في الذكور أكثر. وقد الزانية على الزاني في قوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ (2) النور) لأن الزنى فيهن أكثر. ألا ترى أن قسماً من النساء يحترفن هذه الفعلة الفاحشة؟ وجاء في حاشية ابن المنير على الكشاف قوله: وقدم الزانية على الزاني والسبب فيه أن الكلام الأول في حكم الزنى والأصل فيه المرأة لما يبدو من الإيماض والإطماع والكلام، ولأن مفسدته تتحقق بالإضافة إليها".
وقد يكون التقديم لملاحظ أخرى تتناسب مع السياق فنراه يقدم لفظة في موضع ويؤخرها في موضع آخر بحسب ما يقتضي السياق.
**فمن ذلك تقديم لفظ الضرر على النفع وبالعكس قاولا: إنه حيث تقدم لنفع على الضر فلتقدم ما يتضمن النفع. قال تعالى (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ (188) الأعراف) فقدم النفع على الضرر وذلك لأنه تقدمه في قوله (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178) الأعراف) فقدم الهداية على الضلال وبعد ذلك قال (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188)) فقدم الخير على السوء ولذا قدم النفع على الضرر إذ هو المناسب للسياق.
وقال: (قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ (49) يونس) فقدّم الضرر على النفع وقد قال قبل هذه الآية (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (11) يونس) وقال (وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (12) يونس). فقدم الضر على النفع في الآيتين. ويأتي بعد هذه الآية قوله: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ
(يُتْبَعُ)
(/)
(50)) فكان المناسب تقديم الضرر على النفع ههنا.
وقال: (قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا (16) الرعد) فقدّم النفع على الضرر، قالوا: وذلك لتقدم قوله تعالى (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ {س} (15) الرعد) فقدم الطوع على الكره. وقال: (فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا (42) سبأ) فقدم النفع على الضر قالوا: وذلك لتقدم قوله (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (39) سبأ) فقد البسط. وغير ذلك من مواضع هاتين اللفظتين.
**ومن ذلك تقديم الرحمة والعذاب فقد قيل إنه حيث ذكر الرحمة والعذاب بدأ بذكر الرحمة كقوله تعالى (يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ (18) المائدة) وقوله (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ (43) فصلت) وقوله (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) غافر)
وعلى هذا جاء قول النبي r حكاية عن الله تعالى:" إن رحمتي سبقت غضبي"
وقد خرج عن هذه القاعدة مواضع اقتضت الحكمة فيها تقديم ذكر العذاب ترهيباً وزجراً. من ذلك قوله تعالى في سورة المائدة (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40)) لأنها وردت في سياق ذكر قطاع الطرق والمحاربين والسرّاق كان المناسب تقديم ذكر العذاب وذلك أنها وردت بعد قوله تعالى (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32) المائدة) فقدم القتل على الإحياء ثم قال بعدها (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)) ثم جاء بعدها (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38)) ثم جاء بعدها قوله تعالى (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40)) فأنت ترى أن المناسب ههنا تقديم العذاب على المغفرة. جاء في (الكشاف) في قوله تعالى (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا) إلى قوله (ُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ) "فإن قلت لم قدم التعذيب على المفغرة؟ قلت لأنه قوبل بذلك تقديم السرقة على التوبة".
ومن ذلك قوله تعالى في سورة العنكبوت (يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ (21)) وذلك لأنها في سياق إنذار ابراهيم لقومه ومخاطبة نمرود وأصحابه وأن العذاب وقع بهم في الدنيا. فقد أنذر ابراهيم قومه قائلاً: (إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17) العنكبوت) ثم قال: (وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (18)) وهددهم بعد بقوله (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (23)) فأنت ترى أن السياق يقتضي تقديم العذاب هنا.
وقد يكون التقديم والتأخير على نمط غير الذي ذكرت من تقديم الضرر والنفع والعذاب والمغفرة وغيرها من الخطوط العامة. فقد يقدم لفظة في مكان ويؤخرها في مكان آخر حسبما يقتضيه السياق.
**فمن ذلك قوله تعالى (وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31) الأنبياء) وقوله (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20) نوح) فقدم الفجاج على السبل في الآية الأولى وأخرها عنها في آية نوح وذلك أن الفجّ في الأصل هو الطريق في الجبل أو بين الجبلين، فلما تقدم في آية الأنبياء ذكر الرواسي وهي الجبال قدم الفجاج لذلك بخلاف آية نوح فإنه لم يرد فيها ذكر للجبال فأخرها. فوضع كل لفظة في الموضع الذي تقتضيه.
**ومثل ذلك قوله تعالى (وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158) آل عمران) فقدم القتل على الموت في الآية الأولى وقدم الموت في الآية التي تليها وسبب ذلك والله أعلم أنه لما ذكر في الآية الأولى (في سبيل الله) وهو الجهاد قدم القتل إذ هو المناسب لأن الجهاد مظنّة القتل، ثم هو الأفضل أيضاً ولذا ختمها بقوله (لمغفرة من الله ورحمة) فهذا جزاء الشهيد ومن مات في سبيل الله. ولما لم يقل في الثانية (في سبيل الله) قدم الموت على القتل لأنه الحالة الطبيعية في غير الجهاد ثم ختمها بقوله (لإلى الله تحشرون) إذا الميت والمقتول كلاهما يحشره الله إليه. فشتان ما بين الخاتمتين. فلم يزد في غير الشهيد ومن مات في سبيل الله على أن يقول (لإلى الله تحشرون) وقال في خاتمة الشهيد (لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون) فوضع كل لفظة الموضع الذي يقتضيه السياق.
** وقال تعالى (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (27) السجدة) فقدم الأنعام على الناس. وقال في مكان آخر (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) عبس) فقدم الناس على الأنعام وذلك لأنه لما تقدم ذكر الزرع في آية السجدة ناسب تقديم الأنعام بخلاف آية عبس فإنها في طعام الإنسان قال تعالى (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32) عبس) ألا ترى كيف ذكر طعام الإنسان من الحب والفواكه أولاً ثم ذكر طعام الأنعام بعده وهو الأبّ أي التبن، فناسب تقديم الإنسان على الأنعام ههنا كما ناسب تقديم الأنعام على الناس ثمّ. فسبحان الله رب العالمين.
** ومن ذلك قوله تعالى (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ (151) الأنعام) وقوله (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) الإسراء) فقدم رزق الآباء في الآية الأولى على الأبناء، وفي الثانية قدم رزق الأبناء على الآباء وذلك لأن الكلام في الآية الأولى موجه إلى الفقراء دون الأغنياء فهم يقتلون أولادهم من الفقر الواقع بهم لا أنهم يخشونه فأوجبت البلاغة تقديم عِدتهم بالرزق تكميل العدة برزق الأولاد. وفي الآية الثانية الخطاب لغير الفقراء وهم الذين يقتلون أولادهم خشية الفقر لا أنهم مفتقرون في الحال وذلك أنهم يخافون أن تسلبهم كلف الأولاد ما بأيديهم من الغنى فوجب تقديم العدة برزق الأولاد فيأمنوا ما خافوا من الفقر. فقل: لا تقتلوهم فإنا نرزقهم وإياكم أي أن الله جعل معهم رزقهم فهم لا يشاركونكم في رزقكم فلا تخشوا الفقر.
(يُتْبَعُ)
(/)
** ومن ذلك قوله تعالى (خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) البقرة) وقوله (وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً (23) الجاثية) فقدم القلوب على السمع في البقرة وقدم السمع على القلب في الجاثية وذلك لأنه في البقرة ذكر القلوب المريضة فقال (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا (10)) فقدم القلوب لذلك. وفي الجاثية ذكر الأسماع المعطلة فقال (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) الجاثية) فقدم السمع. فوضع كل لفظة في المكان الذي يناسبها.
ثم إن آية البقرة ذكرت صنفين من أصناف الكافرين من هم أشد ضلالاً وكفراً ممن ذكرتهم آية الجاثية فقد جاء فيها قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) البقرة) وجاء في الجاثية قوله (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)) فقد ذكر في البقرة أن الإنذار وعدمه عليهم سواء وأنهم ميؤوس من إيمانهم ولم يقل مثل ذلك في الجاثية.
ثم كرر حرف الجر (على) مع القلوب والأسماع في آية البقرة مما يفيد توكيد الختم فقال (عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ) ولم يقل مثل ذلك في الجاثية بل انتظم الأسماع والقولب بحرف جر واحد فقال (وختم على سمعه وقلبه).
ثم قال في البقرة (وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ) بالجملة الإسمية والجملة الإسمية كما هو معلوم تفيد الدوام والثبات ومعنى ذلك أن هؤلاء لم يسبق لهم أن أبصروا وإنما هذا شأنهم وخلقتهم فلا أمل في إبصارهم في يوم من الأيام. في حين قال في الجاثية (وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً) بالجملة الفعلية التي تفيد الحدوث ومعلوم أن (جعل) فعل ماض ومعنى ذلك أن الغشاوة لم تكن قبل الجعل يدلك على ذلك قوله تعالى (وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ) مما يدل على أنه كان مبصراً قبل ترديه. ثم ختم آية البقرة بقوله (وله عذاب عظيم) ولم يقل مثل ذلك في آية الجاثية. فدل على أن صفات الكفر في البقرة أشد تمكناً فيهم. ولذا قدم ختم القلب على ما سواه لأنه هو الأهم فإن القلب هو محل الهدى والضلال وإذا ختم عليه فلا ينفع سمع ولا بصر قال تعالى (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) الحج).
وقال r: " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب"؟
فكان تقديم القلب في البقرة أولى وأنسب كما أن تقديم السمع في الجاثية أنسب.
** ومنه قوله تعالى (لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (68) النمل) وقوله (لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآَبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (83) المؤمنون) فقدم (هذا) في الآية الأولى وأخرها في آية المؤمنون وذلك أن ما قبل الأولى (أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآَبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (67) النمل) وما قبل الثانية (قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (82) المؤمنون) فالجهة المنظور فيها هناك كونهم أنفسهم وآباؤهم تراباً. والجهة المنظور فيها هنا كونهم تراباً وعظاماً. ولا شبهة أن الأولى أدخل عندهم في تبعيد البعث ذلك أن البلى في الحالة الأولى أكثر وأشد وذلك أنهم أصبحوا تراباً مع أبائهم. وأما في الآية الثانية فالبلى أقل وذلك أنهم تراب وعظام فلم يصبهم ما أصاب الأولين من البلى، ولذا قدّم (هذا) في الآية الأولى لأنه أدعى إلى العجب والتبعيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
** ومن ذلك قوله تعالى (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) الأنعام) وقوله (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62) غافر)
فأنت ترى أنه قدم في آية الأنعام (لَا إِلَهَ إِلَّا هُو) وأخّر (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) وفي غافر جاء بالعكس. وذلك أنه في سياق الإنكار على الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص ونفى الصاحبة والولد قال: (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ (100) بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) الأنعام). فأنت ترى أن الكلام على التوحيد ونفي الشرك والشركاء والصاحبة والولد ولذا قدّم كلمة التوحيد (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) على (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) وهو المناسب للمقام.
ثم انظر كيف قال (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) بعد قوله (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ) فأخّر الخلق بعد التوحيد وهو نظير تأخيره بعد قوله (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) فقال (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) وهو تناظر جميل.
أما في غافر فليس السياق كذلك وإنما هو في سياق الخلق وتعداد النعم قال تعالى (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (57)) إلى أن يقول (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (61) ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (62)) فالكلام كما ترى عل الخلق وعلى نعم الله وفضله على الناس لا على التوحيد فقدم الخلق لذلك فوضع كل تعبير في موطنه اللائق حسب السياق.
جاء في البرهان للكرماني قوله (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) في هذا السورة وفي المؤمن (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) لأن فيها قبله ذكر الشركاء والبنين والبنات فدمغ قول قائله بقوله (لَا إِلَهَ إِلَّا هُو) ثم قال (خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ). وفي المؤمن قبله ذكر الخلق وهو (لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) فخرج الكلام على إثبات خلق الناس لا على نفي الشريك فقدم في كل سورة ما يقتضيه قبله من الآيات.
** ومن ذلك قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (72) الأنفال) وقوله (الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) التوبة)
فقدم الأموال والأنفس على (في سبيل الله) في سورة الأنفال وقدم (في سبيل الله) على الأموال والأنفس في سورة التوبة، وذلك لأنه في سورة الأنفال تقدم ذكر المال والفداء والغنيمة من مثل قوله تعالى (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا (67) الأنفال) وهو المال الذى فدى به الأسرى أنفسهم وقوله (لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) الأنفال) أي من الفداء وقوله (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا (69) الأنفال) وغير ذلك فقدم المال ههنا، لأن المال كان مطلوباً لهم حتى عاتبهم الله في ذلك فطلب أن يبدأوا بالتضحية به.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما في سورة التوبة فقد تقدم ذكر الجهاد في سبيل الله من مثل قوله تعالى (قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14)) وقوله (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)) وقوله (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19)) فقدم ذكر (في سبيل الله) على الأموال والأنفس وهو المناسب ههنا للجهاد كما قدم الأموال والأنفس هناك لأنه المناسب للأموال.
**ومنه قوله تعالى (وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ (14) النحل) وقوله (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ (12) فاطر):
قّدم المواخر على الجار والمجرور في النحل وقدم (فيه) على مواخر في فاطر. وذلك أنه تقدم الكلام في النحل على وسائط النقل فذكر الأنعام وأنها تحمل الأثقال وذكر الخيل والبغال والحمير نركبها وزينة ثم ذكر الفلك وهي واسطة نقل أيضاً فقال (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) النحل) قدّم المواخر لأنه من صفات الفلك وهذا التقديم مناسب في سياق وسائط النقل. وليس السياق كذلك في سورة فاطر وإنما قال الله تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) فاطر) ثم قال (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)) فالكلام هنا على البحر وأنواعه وما أودع الله فيه من نعم. فلما كان الكلام على البحر قدم ضمير البحر على المخر فقال (وترى الفلك فيه مواخر). فانظر كيف أنه لما كان الكلام على وسائط النقل والفلك قدم حالة الفلك ولما كان الكلام على ابحر ذكر ما يتعلق به.
** ومن ذلك قوله تعالى (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89) الإسراء) وقوله (وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآَنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54) الكهف)
قدم (للناس) على (في هذا القرآن) في الإسراء وأخّرها في الكهف وذلك لأنه تقدم الكلام في الإسراء على الإنسان ونعم الله عليه ورحمته به فقال (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا (83)) إلى أن يقول (وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (86) إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (87) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88)) فناسب تقديم الناس في سورة الإسراء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولم يتقدم مثل ذلك في سورة الكهف. ثم انظر في افتتاح كل من السورتين فقد بدأ سورة الكهف بقوله (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2)) فقد بدأ السورة بالكلام على الكتاب وهو القرآن ثم ذكر بعده أصحاب الكهف وذكر موسى والرجل الصالح وذكر ذا القرنين وغيرهم من الناس، فبدأ بذكر القرآن ثم ذكر الناس فكان المناسب أن يتقدم ذكر القرآن على الناس في هذه الآية كما في البدء.
وأما في سورة الإسراء فقد بدأت بالكلام على الناس ثم القرآن فقد بدأت بقوله تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ (1)) ثم تكلم على بني إسرائيل ثم قال بعد ذلك: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)) فكان المناسب أن يتقدم ذكر الناس فيها على ذكر القرآن في هذه الآية وهذا تناسب عجيب بين الآية ومفتتح السورة في الموضعين.
ثم انظر خاتمة الآيتين فقد ختم آية الإسراء بقوله (فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا (89)) والكفور هو حجد النعم فناسب ذلك تقدم ذكر النعمة والرحمة والفضل ألا ترى مقابل الشكر الكفران ومقابل الشاكر الكفور قال تعالى (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) الإنسان) فكان ختام الآية مناسب لما تقدم من السياق. أما آية الكهف فقد ختمها بقوله (وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا (54)) لما ذكر قبلها وبعدها من المحاورات والجدل والمراء من مثل قوله تعالى (فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ (34)) وقوله (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ (37)) وبعدها (وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ (56)) وذكر محاورة موسى الرجل الصالح ومجادلته فيما كان يفعل. وقال (فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا (22)) ولم يرد لفظ الجدل ولا المحاورة في سورة الإسراء كلها. فما ألطف هذا التناسق وما أجمل هذا الكلام!.
** ومن ذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) البقرة) وقوله (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (18) ابراهيم)
فقال في آية البقرة (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) فقدم الشيء وأخّر الكسب. وقال في سورة ابراهيم (لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ) فقدم الكسب وأخر الشيء وذلك أن آية البقرة قي سياق الإنفاق والصدقة والمنفق معطٍ وليس كاسباً ولذلك أخّر الكسب فقال (لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) وأما الآية الثانية فهي في سياق العمل والعامل كاسب فقدّم الكسب.
** ومن ذلك قوله تعالى (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126) آل عمران) وقوله (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) الأنفال)
(يُتْبَعُ)
(/)
فقدّم القلب على الجار والمجرور في آل عمران فقال: (ولتطمئن قلوبكم به) وأخّرها عنه في الأنفال فقال (ولتطمئن به قلوبكم) علماً بأن الكلام على معركة بدر في الموطنين غير أن الموقف مختلف.
ففي آل عمران ذكر معركة بدر تمهيداً لذكر موقعة أحد وما أصابهم فيها من قرح وحزن والمقام مقام مسح على القلوب وطمأنة لها من مثل قوله تعالى: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139) إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140) آل عمران) إلى غير ذلك من آيات المواساة والتصبير فقال في هذا الموطن (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) فذكر أن البشرى (لهم) وقدم (قلوبهم) على الإمداد بالملائكة فقال (إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) كل ذلك من قبيل المواساة والتبشير والطمأنة.
ولما لم يكن المقام في الأنفال كذلك وإنما المقام ذكر موقعة بدر وانتصارهم فيها ودور الإمداد السماوي في هذا النصر وقد فصل في ذلك أكثر مما ذكر في آل عمران فقال (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ (11) إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ (12)) أقول لما كان المقام مختلفاً خالف في التعبير. أنه لما كان المقام في الأنفال مقام الإنتصار وإبراز دور الإمداد الرباني قدم (به) على القلوب والضمير يعود على الإمداد. ولما كان المقام في آل عمران هو الطمأنينة وتسكين القلوب قدمها على الإمداد فقال (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) وزاد كلمة (لكم) فقال (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ) زيادة في المواسة والمسح على القلوب فجعل كلاً في مقامه.
** ومن ذلك قوله تعالى (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) البقرة) وقوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ (3) المائدة) وقوله (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145) الأنعام)
(يُتْبَعُ)
(/)
فقد قال في آية البقرة: (وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) فقدم (به) على (لغير الله) ومعنى (ما أُهل به): ما رفع الصوت بذبحه وهو البهيمة. وقال في آيتي المائدة والأنعام: (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) فقدّم (لغير الله) على (به) وذلك أن المقام في آية الإنعام هو في الكلام على المفترين على الله ممن كانوا يشرعون للناس بإسم الله وهم يفترون عليه فقال (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (136) وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (137) وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (138) الأنعام) إلى غير ذلك من الآيات التي تبين أن ثمة ذوات غير الله تحلل وتحرم مفترية على الله، وذوات يزعمون أنها شركاء لله تعبد معه ونصيبها أكبر من نصيب الله في العبادة، ولذا قدم إبطال هذه المعبودات من غير الله على (ربه) فقال: (أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) لأنه هو مدار الإهتمام والكلام.
والكلام في المائدة أيضاً على التحليل والتجريم ومن بيده ذلك، ورفض أية جهة تحلل وتحرم من غير الله فإن الله هو يحكم ما يريد. قال (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3) يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4) المائدة) فهو يجعل التحليل والتحريم بيده ويرفض أية جهة أخرى تقوم بذلك، لأن ذلك من الشرك الذي أبطله الإسلام ولذا قدمه في البطلان فقال (وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ). ثم إنه جاء في الموطنين بذكر اسم الله على الذبائح فذكر في آية الأنعام أن المشركين لا يذكرون اسم الله على بعض ذبائحهم تعمداً فقال: (وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا). وأمر في آية المائدة بذكر اسم الله فقال: (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
عَلَيْهِ) فناسب ذلك تقديم بطلان ذكر غير الله.
وأما في البقرة فليس المقام كذلك فلم يذكر أن جهة أخرى تقوم بالتحليل والتحريم وإنما الكلام على ما رزق الله عباده من الطيبات فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا (168) البقرة). وقال بعدها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172) إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) البقرة) فلما كان المقام مقام الرزق والطعام بأكل الطيبات قدم (به) والضمير يعود على ما يذبح وهو طعام مناسبة للمقام والله أعلم.
**ومن ذلك قوله تعالى: (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17) الملك) وقوله (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65) الأنعام) فقدّم خسف الأرض على إرسال الحاصب في آية الملك وأخّر العذاب عما يأتي من السماء في آية الأنعام. وذلك أن آية الملك تقدّمها قوله تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) الملك) فكأن أنسب شيء في الموعظة تذكيره بخسفها من تحتهم. أما آية الأنعام فتقدمها قوله تعالى (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (61) الأنعام) فصرف هذا الخطاب تفكر النفس في عين الجهة التي ذكر منها القهر، وكان أنسب شيء ذكر منها القهر وكان أنسب شيء ذكر التخويف من تلك الجهة بخلاف آية الملك.
ومما زاد حسناً قوله تعالى (ويرسل عليكم حفظة) والحفظة: هم الملائكة، والملائكة مسكنهم في السماء، وربنا يرسلهم من فوق فناسب تقديم هذه الجهة على غيرها.
ونكتفي بهذا القدر من الأمثلة فإن فيها كفاية فيما أحسب فهي تدل دلالة واضحة على أن التعبير القرآني تعبير مقصود كل لفظ فيه وضع وضعاً فنياً مقصوداً وأنه لم يقدم لفظة على لفظة إلا لغرض يقتضيه السياق. وقد روعي في ذلك التعبير القرآني كله ونظر إليه نظرة واحدة شاملة. وأظن أن ما مر من الأمثلة تريك شيئاً من فخامة التعبير القرآني وعلوه وأن مثل هذا النظم لا يمكن أن يكون في طوق بشر فسبحان الله رب العالمين.
(من كتاب التعبير القرآني للدكتور فاضل السامرائي. من صفحة 49 - 74)
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[30 Jan 2009, 09:38 ص]ـ
أمثلة أخرى على التقديم والتأخير مما ورد في إجابات الدكتور فاضل على أسئلة المشاهدين:
تقديم وتأخير اللهو على اللعب في آية سورة العنكبوت
كل الآيات في القرآن جاء اللعب مقدّماً على اللهو إلا في هذه الآية من سورة العنكبوت (وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ {64}). ولو لاحظنا الآية التي سبقت هذه الآية في نفس السورة (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {62}) والرزق ليس من مدعاة اللعب وإنما اللهو كما في قوله تعالى في سورة المنافقون (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {9}).
تقديم وتأخير كلمة (شهيداً) في آية سورة العنكبوت وآية سورة الإسراء
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى في سورة العنكبوت (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ {52}) وقال في سورة الإسراء (قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً {96})
في آية سورة الإسراء ختم تعالى الآية بذكر صفاته (خبيراً بصيرا) لذا اقتضى أن يُقدّم صفته (شهيداً) على (بيني وبينكم)، أما في آية سورة العنكبوت فقد ختمت الآية بصفات البشر (أولئك هم الخاسرون) لذا اقتضى تقديم ما يتعلّق بالبشر (بيني وبينكم) على (شهيدا).
تقديم شبه الجملة (عليها زكريا) في قوله تعالى في سورة آل عمران (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ {37})
قاعدة نحوية: يقول سيبويه في التقديم والتأخير: يقدمون الذي هو أهمّ لهم وهم أعنى به.
والتقديم والتأخير في القرآن الكريم يقرره سياق الآيات فقد يتقدم المفضول وقد يتقدم الفاضل. والكلام في الآية في سورة آل عمران والآيات التي سبقتها في مريم عليها السلام وليس في زكريا ولا في المحراب لذا قدّم عليها لأن الكلام كله عن مريم عليها السلام.
تقديم وتأخير فوقكم والطور
وكذلك قوله تعالى في الكلام عن بني إسرائيل والطور فقد قال تعالى في سورة البقرة (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {63}) وقال في سورة النساء (وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً {154}) وقال في سورة الأعراف (وَإِذ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّواْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {171}).
من حيث التقديم والتأخير هو قائم على الإهتمام الذي يقتضيه سياق الآيات سواء كان ـفضل أو مفضول وإنما للأهمية. في سورة البقرة (ورفعنا فوقكم الطور) فوقكم أهمّ من الطور نفسه وكذلك في آية سورة النساء أما آية سورة الأعراف فالجبل أهم من فوقهم.
في آية سورة الأعراف وصف تعالى الجبل كأنه ظُلّة وذكر (وظنوا أنه واقع بهم) ومعنى واقع بهم أي أوقع بهم أو أهلكهم وهذا كله له علاقة بالجبل فالجبل في الأعراف أهمّ. ولم يذكر عن الطور شيئاً آخر في سورة البقرة أو النساء.
آية البقرة والنساء يستمر الكلام بعد الآيات على بني إسرائيل حوالي أربعين آية بعد الآية التي جاء فيها ذكر الطور لذا قدّم فوقهم في النساء وفوقهم في البقرة على الطور للأهمية. أما في سورة الأعراف فبعد الآية التي تحدث فيها عن الجبل انتهى الكلام عن بني إسرائيل ولم يذكر أي شيء عنهم بعد هذه الآية لذا قدّم الجبل.
والجبل هو إسم لما طال وعظُم من أوتاد الأرض والجبل أكبر وأهم من الطور من حيث التكوين. أما النتق فهو أشد وأقوى من الرفع الذي هو ضد الوضع. ومن الرفع أيضاً الجذب والإقتلاع وحمل الشيء والتهديد للرمي به وفيه إخافة وتهديد كبيرين ولذلك ذكر الجبل في آية سورة الأعراف لأن الجبل أعظم ويحتاج للزعزعة والإقتلاع وعادة ما تُذكر الجبال في القرآن في موتقع التهويل والتعظيم ولذا جاء في قوله تعالى (وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ {143}) ولم يقل الطور. إذن النتق والجبل أشد تهديداً وتهويلاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
تقديم وتأخير الأرض والسماء في قوله تعالى (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء) وقوله (لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ)
التقديم والتأخير في السماء والأرض: الكلام في سورة يونس عن أهل الأرض فناسب أن يقدم الأرض على السماء في قوله تعالى (وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء) أما في سورة سبأ فالكلام عن الساعة والساعة يأتي أمرها من السماء وتبدأ بأهل السماء (فصعق من في السموات والأرض) و (ففزع من في السموات ومن في الأرض) ولذلك قدّم السماء على الأرض في قوله تعالى (لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض).
واستخدمت السماء في سورة يونس لأن السياق في الإستغراق فجاء بأوسع حالة وهي السماء لأنها أوسع بكثير من السموات في بعض الأحيان. فالسماء واحدة وهي تعني السموات أو كل ما علا وفي سورة سبأ استخدم السموات حسب ما يقتضيه السياق.
تقديم الأكل على الشرب في سورة مريم (فكلي واشربي وقرّي عينا)
نلاحظ الآية قبلها في سورة مريم (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً {24} وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً {25} فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً {26}). فقد وردت كلمة السري وهي تعني السيّد وجمعها سُراة أي السادة (ولا سُراة إذا جُهّالهم سادوا)، وهي بمعنى أن الله تعالى قد جعلك تحتك سيّدا. أما التقديم والتأخير في الأكل والشرب فنلاحظ أنه في القرآن كله حيثما اجتمع الأكل والشرب قدّم تعالى الأكل على الشرب حتى في الجنّة (كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية) وقوله (كلوا واشربوا من رزق الله) وكذلك في آية سورة مريم (فكلي واشربي وقرّي عينا) والسبب في ذلك أن الحصول على الأكل أصعب من الحصول على الشرب.
ومثال آخر قوله تعالى سورة هود:
(قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ {28}) وقوله تعالى في سورة هود أيضاً (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ {63}). في الآية الأولى قدّم الرحمة على الجارّ والمجرور، والآية تتكلم عن الرحمة (فعمّيت، أنلزمكموها، وأنتم لها كارهون) كلها تعود على الرحمة لذا اقتضى السياق تقديم الرحمة على الجارّ والمجرور. أما في الآية الثانية فالآية تتكلم عن الله تعالى (ربي، الله، منه، الضمير في عصيته) كلها تعود على الله تعالى لذا اقتضى السياق تقديم (منه) على الرحمة
تقديم وتأخير الصابئين في آيتي سورة البقرة والمائدة
قال تعالى في سورة البقرة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {62}) وقال في سورة المائدة (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {69}) الآيتان فيهما تشابه واختلاف وزيادة في إحداها عن الأخرى.
(يُتْبَعُ)
(/)
في سورة البقرة قدّم النصارى على الصابئين (النصب جاء مع العطف لتوكيد العطف)، وفي آية سورة المائدة قدّم الصابئون على النصارى ورفعها بدل النصب. فمن حيث التقديم والتأخير ننظر في سياق السورتين الذي يعين على فهم التشابه والإختلاف، ففي آية سوة المائدة جاءت الآيات بعدها تتناول عقيدة النصارى والتثليث وعقيدتهم بالمسيح وكأن النصارى لم يؤمنوا بالتوحيد فيما تذكر الآيات في السورة (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ {72} لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {73}) ثم جاء التهديد (وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {73}) (مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ {75}) هذا السياق لم يذكر هذا الأمر في سورة البقرة وهكذا اقتضى تقديم الصابئين على النصارى في آية سورة المائدة. فلما كان الكلام في ذم معتقدات النصارى اقتضى تأخيرهم عن الصابئين.
ولا هم يحزنون: بتقديم (هم) الذين يحزن غيرهم وليس هم. نفي الفعل عن النفس ولكنه إثبات الفعل لشخص آخر كأن نقول (ما أنا ضربته) نفيته عن نفسي وأثبتّ وجود شخص آخر ضربه (يُسمّى التقديم للقصر) أما عندما نقول (ما ضربته) يعني لا أنا ولا غيري. نفى الحزن عنهم وأثبت أن غيهم يحزن (أهل الضلال في حزن دائم). ولم يقل لا خوف عليهم ولاحزن لهم لأنها لا تفيد التخصيص (نفى عنهم الحزن ولم يثبته لغيرهم) ولو قال ولا لهم حزن لانتفى التخصيص على الجنس أصلاً ولا ينفي التجدد وقوله تعالى (لا خوف ٌعليهم ولا هم يحزنون) لا يمكن أن يؤدي إلى حزن فنفى الخوف المتجدد والثابت ونفى الحزن المتجدد (لا هم يحزنون بمعنى لا يخافون) والثابت (لا خوف) ولا يمكن لعبارة أخرى أن تؤدي هذا المعنى المطلوب.
تقديم وتأخير اللهو على التجارة في آية سورة الجمعة
هذه الآية (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {11}) نزلت بينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخطب بعد صلاة الجمعة فجاءت العير بتجارة وكانت سنة شديدة فانفضّ الناس بسبب التجارة وليس بسبب اللهو لأنه كان هناك غلاء في الأسعار فعندما نودي أن القافلة وصلت انفضّ الناس عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولهذا قدّم التجارة في أول الآية (وإذا رأوا تجارة). ثم في نهاية الآية قدّم تعالى اللهو على التجارة لأنه ليس كل الناس ينشغلون بالتجارة عن الصلاة فكثير ينشغلون باللهو وما عند الله تعالى خيرٌ من اللهو ومن التجارة لذا قدّم اللهو على التجارة.
وقوله تعالى (والله خير الرازقين) لأن التجارة مظنّة الرزق فوضع التجارة بجانب قوله تعالى (والله خير الرازقين) فليس لائقاً ولا مناسباً أن يقول تعالى (الله خير الرازقين) بجانب اللهو وفي اللغة عادة تترقّى من الأدنى إلى الأعلى فذكر الأدنى (اللهو) ثم الأعلى (التجارة).
وهناك أمر آخر وهو تكرار (من) في قوله تعالى (من اللهو ومن التجارة) لأنه لو قال (من اللهو والتجارة) لأفاد أن الخيرية لا تكون إلا باجتماعهما أي اللهو والتجارة أما قوله تعالى (من اللهو ومن التجارة) فهي تفيد أن الخيرية من اللهو على جهة الإستقلال ومن التجارة على جهة الإستقلال أيضاً فإن اجتمعا زاد الأمر سوءاً.
تقديم الرحيم على الغفور في سورة سبأ وقد وردت في باقي القرآن الغفور الرحيم
(يُتْبَعُ)
(/)
لو قرأنا الآية في سورة سبأ (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ {1} يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ {2}) لم يتقدّم الآية ما يخصّ المكلَّفين أبداً والمغفرة لا تأتي إلا للمكلَّفين والمذنبين الذين يغفر الله تعالى لهم وإنما جاء ذكرهم بعد الأيتين الأولى والثانية لذا اقتضى تأخير الغفور لتأخر المغفور لهم في سياق الآية. أما في باقي سور القرآن الكريم فقد وردت الغفور الرحيم لأنه تقدّم ذكر المكلَّفين فيذنبون فيغفر الله تعالى لهم فتطلّب تقديم المغفرة على الرحمة.
تقديم الإنس على الجان في آية سورة الرحمن (لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان)
قال تعالى في سورة الرحمن (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ {56})، والإنسان عادة تعاف نفسه المرأة إذا طمثها إنسي لذلك تقدّم ذكر الإنس لكن إذا عاشرها جان ليس لها نفس الوقع كالإنسي.
تقديم (ما تسبق من أمة أجلها) على (ما يستأخرون) في آية سورة الحجر والمؤمنونقال تعالى في سورة الحجر (مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ {5}) وقال في سورة المؤمنون (مَا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ {43}) بتقديم (ما تسبق) على (ما يستأخرون) أما في سورة الأعراف فقد جاءت الآية بقوله (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ {34}) بتقديم (لا يستأخرون) على (لا يستقدمون). وإذا لاحظنا الآيات في القرآن نجد أن تقديم (ما تسبق من أمة إجلها) على (وما يستأخرون) لم تأت إلا في مقام الإهلاك والعقوبة.
تقديم وتأخير كلمة تخفوا في آية سورة البقرة وسورة آل عمران
قال تعالى في سورة البقرة (لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {284}) وقال في آل عمران (قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {29}). المحاسبة في سورة البقرة هي على ما يُبدي الإنسان وليس ما يُخفي ففي سياق المحاسبة قدّم الإبداء أما في سورة آل عمران فالآية في سياق العلم لذا قدّم الإخفاء لأنه سبحانه يعلم السر وأخفى.
تقديم الشتاء على الصيف والجوع على الخوف في سورة قريش
قال تعالى في سورة قريش (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ {1} إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ {2} فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ {3} الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ {4}) والمعروف أن حاجة الإنسان للطعام في الشتاء أكثر من الصيف والخوف في الصيف أكثر لأنه فيه يكثر قطّاع الطرق والزواحف لذا قدّم تعالى الشتاء والخوف على الصيف والجوع وقال أيضاً أطعمهم ولم يقل أشبعهم لأن الإطعام أفضل من الإشباع. ولقد جاءت سورة قريش بعد سورة الفيل للتركيز على الأمن في البيت الحرام بعد عام الفيل.
تقدّيم البصر على السمع في آية سورة الكهف وآية سورة السجدة
قال تعالى في سورة الكهف (قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً {26}) وقال في سورة السجدة (وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ {12}) والمعلوم أن الأكثر في القرآن تقديم السمع على البصر لأن السمع أهم من البصر في التكليف والتبليغ لأن فاقد البصر الذي يسمع يمكن تبليغه أما فاقد السمع فيصعب تبليغه ثم إن مدى السمع أقل من مدى البصر فمن نسمعه يكون عادة أقرب ممن نراه، بالإضافة إلى أن السمع ينشأ في الإنسان قبل البصر في التكوين.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما لماذا قدّم البصر على السمع في الآيتين المذكورتين فالسبب يعود إلى أنه في آية سورة الكهف الكلام عن أصحاب الكهف الذين فروا من قومهم لئلا يراهم أحد ولجأوا إلى ظلمة الكهف لكيلا يراهم أحد لكن الله تعالى يراهم في تقلبهم في ظلمة الكعف وكذلك طلبوا من صاحبهم أن يتلطف حتى لا يراه القوم إذن مسألة البصر هنا أهم من السمع فاقتضى تقديم البصر على السمع في الآية.
وكذلك في آية سورة السجدة، الكلام عن المجرمون الذين كانوا في الدنيا يسمعون عن القيامة وأحوالها ولا يبصرون لكن ما يسمعوه كان يدخل في مجال الشك والظنّ ولو تيقنوا لآمنوا أما في الآخرة فقد أبصروا ما كانوا يسمعون عنه لأنهم أصبحوا في مجال اليقين وهو ميدان البصر (عين اليقين) والآخرة ميدان الرؤية وليس ميدان السمع وكما يقال ليس الخبر كالمعاينة. فعندما رأوا في الآخرة ما كانوا يسمعونه ويشكون فيه تغير الحال ولذا اقتضى تقديم البصر على السمع.
تقديم وتأخير الجن والإنس في آيتي الإسراء والرحمن
قال تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) الإسراء) وقال عز وجل: (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) الرحمن)
قدم في الأولى الإنس وقدم في الثانية الجن
لأن مضمون الآية هو التحدي بالإتيان بمثل القرآن، ولا شك أن مدار التحدي على لغة القرآن ونظمه وبلاغته وحسن بيانه وفصاحته.
والإنس في هذا المجال هم المقدمون، وهم أصحاب البلاغة وأععدة الفصاحة وأساطين البيان، فإتيان ذلك من قبلهم أولى، ولذلك كان تقديمهم أولى ليناسب ما يتلاءم مع طبيعتهم.
أما الآية الثانية فإن الحديث فيها عن النفاذ من أقطار السموات والأرض، ولا شك أن هذا هو ميدان الجن لتنقلهم وسرعة حركتهم الطيفية وبلوغهم أن يتخذوا مقاعد في في السماء للاستماع، كما قال تعالى على لسانهم: " وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع " الجن 9
فقدم الجن على الإنس لأن النفاذ مما يناسب خواصهم وماهية أجسامهم أكثر من الإنس
************************************************** ********
ـ[نوري قرآني]ــــــــ[01 Feb 2009, 01:19 ص]ـ
جزاكم الله خير
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[01 Feb 2009, 03:21 م]ـ
الضابط - رعاك الله - لكي تضبط هذه المواضع:
الضر يأتي قبل النفع في الوجه الأيسر.
تأملي:
أيسر
ضر.
أيمن:
نفع.
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[02 Feb 2009, 11:00 م]ـ
بارك الله فيك أخت سمر على هذا النقل الطيب وبإذن الله سوف أقوم بطباعته وقراءته
والإستفادة منه
فجزاك الله خيرا
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[03 Feb 2009, 11:36 ص]ـ
وجزاك خيراً مثله أخي الكريم أبو هاجر ويسعدني نقل ما لدي من نصوص للدكتور فاضل للإفادة منها إن شاء الله تعالى
ـ[نوري قرآني]ــــــــ[04 Feb 2009, 02:48 م]ـ
جزيتم خيرا أجمعين ..(/)
طلبٌ من الأحبَّة المغاربة وغيرهم.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[27 Jan 2009, 08:22 م]ـ
يوجد بحث قيم للدكتور الكريم الفاضل / مصطفى فوضيل - الأستاذ بمعهد الدراسات المصطلحية - كلية الآداب - جامعة سيدي محمد بن عبد الله.
وعنوان البحث:
"ملامح الإبداع في تفسير مكي بن أبي طالب القيسي (ت 437هـ) "
وقد نشرتهُ مجلة (دعوة الحق) التي تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب.
وقد أعجزني العثور عليه فهل من يتكرمُ برفعه لنا في الملتقى تعميماً لفائدته , وجزى الله فاعل ذلك والساعي فيه خيراً.
ـ[مها]ــــــــ[28 Jan 2009, 12:10 ص]ـ
أخي الفاضل، إليك طلبك من موقع مجلة دعوة الحق ( http://www.daouatalhaq.ma/default.aspx) العدد 319
ملامح الإبداع في التفسير عند مكي بن أبي طالب.
مصطفى فوضيل
اشتهر مكي أبي طالب القيسي (1) (تـ: 437) عند كثير من الباحثين بكونه مشتغلا بالقراءات والنحو أكثر منه مشتغلا بالتفسير، ولئن كان بعض المفسرين كابن عطية والقرطبي ينقلون عنه أقوالا في التفسير، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لاعتباره من لمفسرين الذين اشتغلوا بالتفسير درسا وتأليفا، حتى قيض الله لهذا الأمر الدكتور أحمد حسن فرحات – حفظه الله – ليؤلف كتابا خاصا عن جهود مكي في التفسير، (2)، وخلص إلى أن لمكي تفسيرا كاملا لكتاب الله عز وجل، موجودا غير مفقود، تحتفظ بنسخ منه مخطوطة، عدة خزائن مغربية وقد قدر لصاحب هذا المقال أن يسهم – مع ثلة من الباحثين – في تحقيق هذا التفسير، ونسأل الله تعالى أن ييسر في إخراجه وطبعه حتى يأخذ مكانه اللائق في المكتبة القرآنية ليستفيد منه المسلمون عموما، والباحثون علة وجه الخصوص.
ونريد في هذا المقال أن نشرك القارئ معنا في التعرف على جانب من هذا التفسير بما يبرز قيمته، ويكشف عن جانب آخر من شخصية هذا العالم الفذ الذي كرس حياته لخدمة كتاب الله عز وجل، قراءة وتجويدا وإعرابا وتفسيرا. (3)
قال مكي رحمه الله: «جمعت أكثر هذا الكتاب من كتاب شيخنا أبي بكر الأدفوي – رحمه الله – وهو الكتاب المسمى «بكتاب الاستغناء» المشتمل على نحو ثلاثمائة جزء في علوم القرآن، اقتضبت من هذا الكتاب نوادره وغرائبه ومكنون علومه مع ما أضفت إلى ذلك من الكتاب الجامع في تفسير القرآن، تأليف أبي جعفر الطبري، وما تخيرته من كتب النحاس، (4) وكتاب أبي إسحاق الزجاج، (5) وتفسير ابن العباس، (6) وابن السلام، (7) ومن كتاب الفراء .. (8) ومن غير ذلك من الكتب في علوم القرآن والتفسير والمعاني والغرائب والمشكل، انتخبته من نحو ألف جزء أو أكثر، مؤلفه في علوم القرآن، مشهورة مروية». (9)
ثم قال مكي: «واجتهدت في تلخيصه وبيانه واختصاره». وقال أيضا: «وجعلته هداية إلى بلوغ النهاية في كشف علم ما بلغ إلي من علم، طيب الله تعالى ذكره، مما وفقت إلى فهمه، ووصل إلي علمه من ألفاظ العلماء ... ».
وفي خاتمة تفسيره يقول: « ... ولسنا ننكر أن يغيب عنا من فهمه وعلمه كثير مما وصل إلى غيرنا، وأن يكون قد غاب عن هذا الغير الكثير مما وصل إلى فهمنا وعلمنا». (10)
ويمكن أن نستخلص مما سبق ما يلي:
1 - أن مكيا اعتمد في تفسيره على مصادر أساسية جمع منها أكثره، وأخرى ثانوية كان يصطفي منها ويتخير.
2 - أن مكيا استعمل في وصف جهده في التفسير عبارات تدل على أنه اجتهد في طريقتي الجمع والفهم، أي إنه كان عالما بما يجمع، واعيا بما ينقل، متفاعلا مع النص القرآني، مما يدل إلى أن إسهامه في التفسير لم يقتصر على حفظ آراء السابقين بل أضاف إليها مما فتح الله عليه به.
وهذا الأمر يتبين من خلال معرفة كيفية تعامل نكي مع مصادره ترتيبت واصطفاء واختيارا، وكيفية تعامله مع الأقوال التي أوردها نقدا وجمعا وتريحا وانتصارا.
أولا: بالنسبة للمصادر سوف نركز – أساسا – على المصدرين الأساسين وهما: «الاستغناء» للأدفوي و «جامع البيان» للطبري.
أ - كتاب الاستغناء لأبي بكر الأدفوي:
يقول الدكتور أحمد حسن فرحات:
(يُتْبَعُ)
(/)
«إن هذا الكتاب يعتبر من أوسع ما كتب في التفسير، حيث بلغت مجلداته مائة وعشرين مجلدا، ولم يزد عليهفي عظم التأليف إلا عبد السلام القزويني شيخ المعتزلة ببغداد المتوفى سنة 483هـ، فإنه ألف تفسيرا في ثلاثمائة مجلد، منها سبعة مجلدات في الفاتحة، وقد ألف الأدفوي هذا الكتاب في اثنتي عشرة سنة، ويبدو أنه فقد، ولا يوجد منه الآن أية نسخة فيما أعلم من فهارس المخطوطات التي اطلعت عليها»، ثم استدرك الدكتور في الهامش فقال: «وجد من كتاب الاستغناء جزء صغير في المكتبة الوطنية التونسية، كما يوجد نسخة كاملة من الكتاب في تركية، ويعمل أحد طلابنا في تحقيقه». (11)
والظاهر مما ذكره الدكتور فرحات، أن هذا الكتاب قصد مؤلفه إلى أن يستغني القارئ به عن غيره، كما يدل عليه العنوان، وكأنه كان يهدف إلى جمع حصيلة الفهوم والعلوم التي حامت حول كتاب الله عز وجل.
ولم أعثر لحد الآن على ذكر الأدفوي داخل «الهداية» باستثناء ما جاء في تفسير الآية 164 من سورة الأنعام أن الأدفوي روى بسنده عن ورش أنه اختار من نفسه الفتح في (محياه). قال محقق الجزء الذي يضم هذه الآية: «ولا ندري – على التحقيق – أأخذ هذا الإسناد من كتاب» الاستغناء «وهو الظاهر، لما ورد في مقدمة مكي، أم أخذه من غيره من مؤلفات الأدفوي شيخه، أم حفظه مكي عنه». (12)
ويمكن تفسير غياب الأدفوي في لهداية أن مكيا اكتفى بالإحالة العامة في المقدمة، إلا أنه لا ريب في أن من فوائد العلم والمنهج أن مكيا لو ذكر شيخه في موطن الاستشهاد أو نقل عنه نصوصا مع نسبتها إليه لتبين لنا نوع ما نقله من كتاب الاستغناء، ولأمكننا ذلك – من خلال المقارنة مع المصادر الأخرى – من تبين ملامح المنهج الذي سلكه في اعتماد هذا الكتاب.
إن بقاء هذا الكتاب مخطوطا حتى الآن يضعنا أمام مشكل، وذلك أن عبارة مكي في المقدمة صريحة في أن عمدة «الهداية» كتاب «الاستغناء»، مع أن الذي يدل عليه حال «الهداية» من خلال مقابلته بجامع البيان للطبري – هو أن الطبري حاضر بقوة في «الهداية»، سواء أتعلق الأمر بالنقول والحاديث والقوال المأثورة، أم بالمعاني التي يردف بها الآيات مباشرة، أي إن الطبري حاضر بما يقوله وبما ينقله ويرويه.
والحق أننا لا نستطيع أن نجزم بشيء في هذه المسألة ما دام كتاب الاستغناء ليس بين أيدينا، لاحتمال أن يكون مكي قد نقل عن الطبري بواسطة الأدفوي، فيزول حينئذ ذلك الإشكال، غير أنا نحتاج حينئذ أيضا إلى التمييز بين طريقة نقل الأدفوي عن الطبري وبين طريقة نقل مكي عن الطبري، وذلك من أجل تحديد المادة المنقولة عن كل مصدر من مصادر مكي في التفسير، وفي غياب ذلك لا يبقى لنا إلا أن نستند إلى كلام مكي في تقديمه لكتاب الاستغناء على كتاب جامع البيان.
ب - «جامع البيان» لأبي جعفر الطبري (تـ:310):
ذكر مكي في المقدمة أنه أضاف إلى ذلك الكثير المجموع من «الاستغناء» ما أخذه من «جامع البيان»، وهذا يعني أن مكيا قد تنبه إلى فوائد في جامع البيان لم ينتبه إليها شيخه الأدفوي، أو أنه تنبه إليها، غير أنه أهملها لعدم انسجامها مع مقصده في كتابه وخطته في تأليفه، ويقال نفس الشيء في المصادر السابقة على الأدفوي، التي رجع إليها مكي: ككتب النحاس، والفراء والزجاج وغيرهم، وهذا يدل على جانب من شخصية مكي في الاختيار والاختصار والجمع والترجيح وبناء كل ذلك في نسق متماسك.
وقد نهج مكي – في تعامله مع كتاب الطبري – نهجا خاصا يدل على ملاحم من شخصيته وإبداعه، ويمكن إجمال هذا المنهج في النقاط التالية:
• قد يذكر معنى منقولا عن السلف بلفظ الطبري، وذلك أن من عادة الطبري في تفسيره أن يذكر معنى الآية بلفظه، ثم يستدل عبارة مطردة عنده وهي قوله: «ذكر من قال ذلك»، إشارة من الطبري إلى أن كلاه الأول إنما هو ترجمة عن كلام السلف – فيما بعد – وتفصيل لأقوالهم، ولعل هذا هو ما دفع مكيا – في كثير من الأحيان – إلى ذكر أقوال السلف بعبارة الطبري، فمن ذلك مثلا ما جاء في تفسير قوله تعالى: "والمرسلات عرفا" (المرسلات:1) قال ابن عباس وابن مشعود ومجاهد أبو صلاح وقتادة: «والمرسلات» الرياح، «عرفا»: يتبع بعضها بعضا. (13)
(يُتْبَعُ)
(/)
فالظاهر أن مكيا – بمقارنة مع الطبري – قد جمع في هذا القول بين من يفسر المرسلات بأنها «الريح» هكذا بالمفرد – كما في الدر المنثور (14) – أيضا – منسوبا إلى من ذكرهم مكي، وبين من يفسر قوله:
«عرفا»: أنه «يتبع بعضها بعضا» وهذا قول صالح بن بريدة.
فأما الطبري فقد جمع المعنى الكلي لهذه الأقوال، فذكره أولا ثم أتبعه بنص الأقوال مسندة إلى أصحابها، وأما المكي، فغنه اكتفى بذكر المعنى الكلي عند الطبري ونسبته هو نفسه إلى أولئك، ومما يدل عليه أن «الرياح» مذكورة بالجمع أيضا في كلام الطبري.
• وقد يذكر كلام الطبري لكن مع التصرف فيه إما بالاختصار وإما ببعض الإضافات التي قد تكون في بعض الأحيان مقدار كلمة أو كلمتين، إلا أن لها دلالة خاصة فمن ذلك ما قال الطبري في قوله تعالى: "إن الله لا يهدي القوم الفاسقين" (المنافقون:6) «إن الله لا يوفق للإيمان القوم الكاذبين عليه، الكافرين به، الخارجين عن طاعته».
ووقال مكي: «أي لا يوفق القوم الذين خرجوا عن طاعته» (15) فهذا اختصار جيد، لأنه يحمل من المعاني أكثر مما يحمله كلام الطبري، وذلك أنه – من جهة – ترك التوفيق على عمومه ولم يقيده بالهداية إلى الإيمان، ومن جهة أخرى ذكر الخروج عن الطاعة وحده غير مقترن بالكفر، وتركه على عمومه ايضا بحيث يحتمل دخول غير الكافرين في الخطاب، وذلك لاحتمال وقوع المسلم في الفسق بالخروج عن طاعة الله عز وجل، فيحرم بذلك من التوفيق.
قال الراغب: «الفسق أعم من الكفر، والفسق يقع بالقليل من الذنوب وبالكثير، لكن تعورف فيما كان كثيرا، وأكثر ما يقال الفاسق لمن التزم حكم الشرع وأقر به ثم أخل بجميع أحكامه أو ببعضه، وغذا قيل للكافر الأصلي فاسق فلأنه أخل بحكم ما ألزمه العقل واقتضته الفطرة»، (16)
ومن هذا الباب أيضا ما قال الطبري في قوله تعالى:"ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر" ح (الطلاق:2): يقول تعالى جل ذكره: هذا الذي أمرتكم به، وعرفتم من أمر الطلاق، والواجب لبعضكم على بعض عند الفراق والإمساك، عظة منا لكم نعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فيصدق به».
وقال مكي: «أي هذا الذي عرفتكم به من أمر الطلاق عظة لمن يؤمن بالله واليوم الآخر فيتبعه ويعمل به». (17)
فقوله: «يتبعه ويعمل به». إضافة جيدة ليست عند الطبري، وهي تفسير لنوع الإيمان المراد في الآية، وهو الإيمان الدافع على العمل، وفيه إشارة إلى أنه لا يمكن أن يتحقق اتعاظ بغير عمل كما لا يمكن أن يحدث اتعاظ بدون إيمان.
ومن هذا الباب أيضا ما قال مكي في قوله تعالى: "ووجوه يومئذ ناضرة" (القيامة:21) أي حسنة ناعمة جميلة من السرور والغبطة، هذا قول جميع أهل التفسير «.
فقد جمع مكي في هذا النص بين أقوال مما اعتبره الطبري مختلفا، حيث ميز بين ما دل منها على النعومة والجمال وما دل على السرور والغبطة. (18)
وقد أجاد مكي في الجمع، نظرا لسعة لفظ النضارة والنضرة، واحتماله لكل تلك المعاني، وأيضا فإن عبارة مكي تدل على نوع التلازم بين تلك الصفات.
وهذا الكلام في وصف كيفية توظيف مكي لتفسير الطبري إنما هو خاص بالمواضع التي رجع فيها مكي فيه من غير أن يذكره أو يحيل عليه.
أما المواضع التي ذكر فيها الطبري تصريحا أو تلميحا، فيظهر أنه إنما يفعل ذلك لهدف خاص، كأن ذكر اختياره في موضع الخلاف فيفهم من ذلك ميله إلى تلك الاختيار، مع أن مكيا قد اكتفى في كثير من المواضع حكاية الخلاف ولم يلتفت إلى اختيارات الطبري على الرغم من وجودها وقوتها.
ومن الماذج في الميل إلى اختيار الطبري ما جاء في «الهداية» في معنى «الثجاج» المذكور في قوله تعالى: "وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا" (النبأ:14) قال: أكثرهم على أنه المنصب وهو اختيار الطبري «. (19)
وقد يذكره في موضع الرد كما جاء في تفسيره لقوله تعالى: "إنه على رجعه لقادر" (الطارق: 8) حيث ذهب الطبري إلى أن الهاء في «رجعه» للإنسان، قال مكي: «وهذا التأويل، فيه بعد في العربية، لأن العامل – على هذا التفسير – في «يوم» «رجعه» فهو داخل في صلته، وقد فرق بين الصلة والموصول بخبر «إن» وهو «لقادر»، وذلك لا يحسن». (20)
وهكذا تعرفنا على نماذج من التعامل المبدع مع المصادر ظهر فيه تفرده واجتهاده وهو ما يتأكد بما يلي:
ثانيا: في كيفية تعامل مكي مع أقوال السابقين:
(يُتْبَعُ)
(/)
يستعمل مكي ألفاظا وتعابير تدل على شخصيته في الجمع بين الأقوال والترجيح بين الآراء، ولاختيار في موضع الخلاف، والرد القوي بل لعنيف أحيانا.
وفيما يلي نظرة موجزة عن منهجه في الجمع والترجيح.
1 - قد يجمع بين قولين مختلفين مستدلا لكل واحد منها بتوجيه لغوي يجعل منه وجها محتملا في الآية، من ذلك قوله في تفسير قوله تعالى: "وقيل: من راق" القيامة:25): «أي: وقال أهله ومن حوله، من يرقيه فيشفيه لما به، وطلبوا له الطب فلم يغنوا عنه من أمر الله شيئا، هذا معنى قول عكرمة وابن زيد، وقال أبو قلابة: «من راق»: «من طبيب وشاف» وهو قول الضحاك وقتادة، وعن ابن عباس أن معناه: وقالت الملائكة – يعني أعوان ملك الموت – من يرقى بنفسه فيصعدها، ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟
قال مكي: يقال رقى يرقي من الرقية، ورقي يرقى من الصعود، واسم الفاعل فيهما راق «. (21)
2 - وقد يميل إلى بعض القوال اعتبارا بسياق الكلام، قال: «وقوله» "فإذا برق البصر"، من فتح الراء فمعناه لمع عند الموت، ومن كسر فمعناه حار وفزع عند الموت، قال قتادة: «برق البصر»: شخص، يعني عند الموت، وقيل: ذلك يوم القيامة عند المبعث، وسياق الكلام يدل على ذلك، لأن بعده: "وخسف القمر، وجمع الشمس والقمر، يقول الإنسان يومئذ أين المفر". فهذا كله يوم القيامة يكون، فكذلك"برق البصر" وقيل: الفتح في الراء والكسر لغتان بمعنى لمع وشخص، ويدل على صحة ذلك قوله: "لا يريد إليهم طرفهم" (إبراهيم:43) فهذا هو الشخوص، لا تطرق أعينهم، وذلك من شدة هول يوم القيامة». (22)
3 - وقد يستدل على تصحيحه لرأي ما بآية ما موضع آخر من كتاب الله عز وجل كما في المثال السابق.
4 - الإسناد والاهتمام بالأشهر دون الشاذ.
قال مكي: «وحكى الفراء: «ليخرجن الأعز منها الأذل» بنصب «الأذل» على الحال وفتح الياء وضم الراء من «ليخرجن» وهو بعيد، وقد أجاز يونس: «مررت به المسكين» بالنصب على الحال، وكى سيبويه: «دخلوا فالأول» بالنصب على الحال، وهذه أشياء شادة لا يقاس عليها القرآن. (23)
5 - ظاهر الخطاب: قال مكي «في رده على الفراء بعدما حكى أن المراد بقوله تعالى. "إذا ابعث أشقاها". (الشمس: 12) اثنان هما ققدر بن سالف، وآخر-: وفي هذا بعد، لأن ظاهر الخطاب لا يخرج عن حده إلا بدليل، ولا دليل في الآية يدل على أنهما اثنان». (24)
6 - كثيرا ما ترد عند مكي عبارات مثل: «أكثر المفسدين» و «أكثر الفقهاء»، «وأكثر العلماء». و «أكثر الناس». ودلالتها الترجيحية واضحة.
وهكذا يتبين أن مكيا رحمه الله تعالى لم يكن جامعا فحسب، بل أضاف إلى مكتبة التفسير مصنفا جديرا بالاهتمام، وربما يكفي في الدلالة على ذلك ما قاله الإمام ابن حزم: «وأما القرآن فمن أجل ما صنف فيه تفسير الهداية». (25)
ونحن نريد هذه الشهادة تأكيدا بما يلي:
- أن هذا التفسير حفظ فهوما كثيرة نشأت حول كتاب الله عز وجل، ولا شك أنها نالت حظا وافرا من نوره، وصارت لها قيمة تاريخية تفيد كثيرا في قراءتنا لكتاب الله عز وجل وامتلاك القدرة على استنباط منه والاجتهاد تحت ظلاله.
- أن هذا التفسير يمثل نموذجا طيبا للاختصار الجيد للمؤلفات المطولة كما تبين ذلك من خلال الحديث عن المصادر.
- أنه سيساعدنا في قراءة مجموعة من النصوص القديمة التي لم تعط حقها من التحقيق الجيد. ومن ذلك مثلا: ما نقله عن الفراء أنه حكى: «ليخرجن الأعز منها الأذل» بنصب «الأذل» على الحال وفتح الياء وضم الراء من «ليخرجن» (26) وقد شكل محقق معاني القرآن الفراء الياء من «ليخرجن» بالضم، وهو اجتهاد منه أو من الناسخ.
وكذلك فعل محقق إعراب القرآن النحاس، (28) الذي حكى عن الفراء «ليخرجن» إلا أنه زاد على ضم الياء كسر الراء.
والفراء لم يفصل العلامات، غير أنه قدر المعنى كأنك قلت:
«ليخرجن العزيز منها ذليل». ويكون ذليلا منصوبا على الحال كما نص عليه مكي وكما يفهم من كلام النحاس.
وتقدير الفراء محتمل في كل هذه الأشكال، باستثناء كسر الراء، فإنه لا يناسب الحال.
والمراد هنا هو تبين الشكل الذي حكاه الفراء في الأصل. والظاهر أنه كما ذكره مكي، وقد ذكرها كذلك وردها في كتابه (مشكل إعراب القرآن)، (29) إلا أنه لم يذكر الفراء، وذكرها ابن عطية في (المحرر)، (30) وأبو حيان في (البحر) (31) ببيان الشكل نصا، ذكرا ذلك عن الفراء والكسائي فيما يحكيانه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما ما شكلت به هذه الكلمة في إعراب القرآن للنحاس، «ليخرجن» بضم الياء وكسر الراء وفتح الجيم، فلا شك أنه لا يتحقق به الغرض هنا، لأن هذه هي قراءة الجمهور وليست في حاجة إلى أن يحكيها الفراء.
- أن هذا التفسير حفظ علينا مجموعة من القراءات الشاذة التي لا تخفى قيمتها التاريخية والعلمية والأدبية.
- أن هذا التفسير يظهر فيه الحرص على الالتزام بمنهج علمي، وهو – وإن كان يميل – في الآراء الفقهية – إلى مذهب الإمام مالك، إلا أنك لا تلمس في ميله ذلك أي تعصب أو انتصار أعمى، بل إن طريقته في عرض آراء المذاهب الأخرى لتدل على سعة في الصدر وتقدير لأهل العلم، بل إن مكيا رحمه الله قد يميل إلى رأي الجمهور إذا كان بخلاف رأي مالك، ومن ذلك مثلا: مذهب الجمهور في المطلقة ثلاثا أنها لا نفقة لها ولا سكنى، وهو مذهب الإمام أحمد، وقد ذكره مكي في بداية حكاية الخلاف، وأخر قول مالك وغيره أن لها السكنى ولا نفقة لها. وسياق الكلام يدل على ميله إلى رأي الجمهور، حيث إنه – زيادة على تقديمه – استدل له بأنه مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم. (32)
أما عن المعركة الفكرية التي شنها على أصحاب المذاهب المخافة لمنهج أهل السنة والجماعة في مسائل العقيدة، فلا نزنها تقدح في قيمة منهج مكي، وذلك أنه في ردوده كان يستند إلى أصول نقلية وعقلية، غير مكتف باستدلاله على صحة رأيه، بل يزيد على ذلك بنظره في أدلة المخالفين والاستدلال على بطلانها، كما أن الشدة التي صبغت ودوده، لها ما يبررها، فقد اعتمد أصحاب الاعتزال في نصرة مذهبهم صنوفا من الإرهاب والتهديد، خلفت جراحا عميقة في شعور الأمة وقلوب علمائها. كما أن الأمر في العقيدة يختلف عنه في الفقه، ومكي كان ينافح عن اساس الإسلام، ولا شك أن العقيدة أساس بنيته.
وفي نهاية هذا البحث لا بد من الإشارة إلى أنه لم يكن يهدف إلى استقصاء عناصر المنهج التفسيري عند مكي بقدر ما كان يهدف إلى التنبيه على بعض محاسن هذا التفسير، لعله ينال من الباحثين ما هو أهل له من التقدير والاهتمام، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
1) أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي، ولد بالقيروان سنة 355هـ، ورحل في طلب العلم إلى الحجاز ومصر، ثم استقر في قرطبة من سنة 393هـ إلى أن توفي فيها سنة 437هـ (أنظر غاية النهاية في طبقات القراء 2/ 31).
2) مكي بن أبي طالب وتفسير القرآن: الدكتور أحمد فرحات، الطبعة الأولى، دار الفرقان، الأردن، (1404هـ / 1983م).
3) ألف مكي في القراءات كتاب: «الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها»، حققه د. محيي الدين رمضان. مؤسسة الرسالة بيروت، الطبعة الثالثة. 1404هـ / 1984م. وفي التجويد كتاب: «الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة» / حققه د. أحمد حسن فرحات، دار المعارف للطباعة، دمشق (1393هـ 1973م).
وفي الإعراب: كتاب «مشكل إعراب القرآن»، حققه، د. حاتم صالح الضامن. مؤسسة الرسالة، بيروت. الطبعة الثانية (1405هـ/ 1984م).
وفي التفسير كتاب: «الهداية إلى بلوغ النهاية في معاني القرآن وتفسيره وأنواع علومه»، وقد اقترب ثلة من الباحثين في المغرب من نهاية تحقيقه، نسأل الله تعالى أن ييسر في إخراجه وطبعه في أقرب وقت وعلى أحسن وجه. ولمكي مؤلفات أخرى كثيرة.
أنظر: إنباه الرواة في أنباه النحاة للقفطي: (3/ 315 – 319) وكتاب مكي بن أبي طالب وتفسير القرآن، للدكتور حسن فرحات.
4) أبو جعفر النحاس (تـ:338) ومن كتبه التي رجع إليها مكي: «إعراب القرآن». و «القطع والائتناف»، وهما مطبوعان.
5) ابو إسحاق الزجاج: ومن كتبه «معاني القرآن وإعرابه» مطبوع.
6) لم أعثر في الهداية على شيء يشير إلى تفسير ابن العباس باعتباره تأليفا مستقلا. بل غالب ما فيه من أقوال ابن العباس قد أخرجه الطبري في جامع البيان، وقد استبعد د. فرحات أن يكون المقصود بهذا الكتاب ذلك التفسير المنسوب إلى ابن عباس، والذي حمل عنوان: «تنوير المقياس من تفسير ابن العباس»، ثم خلص إلى أنه يحتمل أن يكون مكي قد اطلع على كتاب خاص في التفسير يجمع أقوال ابن العباس، وصل إليه ولم يصل إلينا، وذلك أن عبارة مكي في تقديمه لهذا المصدر صريحة في اعتباره مؤلفا مستقلا. انظر: «مكي بن أبي طالب وتفسير القرآن» (ص:184 –
(يُتْبَعُ)
(/)
185).
7) الظاهر أنه يقصد تفسير يحيى بن سلام التميمي البصري الإفريقي (تـ: 200هـ) / وهو تفسير يقع في ثلاثين جزءا من التجزئة القديمة أي في ثلاث مجلدات ضخمة.
قال الفاضل أبو عاشور، «وتوجد من هذا التفسير ببلادنا التونسية نسخة عظيمة القدر، موزعة الأجزاء، نسخت منذ ألف عام تقريبا، منها: مجلد يشتمل على سبعة أجزاء بالمكتب العبدلية بجامع الزيتونة الأعظم، وآخر يشتمل على عشرة أجزاء بمكتبة جامع القيروان، ومن مجموعها يتكون نحو الثلثين من جملة الكتاب، ويوجد جزء آخر لعله يتمم بعض نقص النسخة هو من المقتنيات الخاصة لبعض العلماء الأفاضل». التفسير ورجاله (ص: 27 - 28).
وقد اطلعت على مختصر لتفسير ابن سلام. ألفه ابن أبي زمنين (تـ: 399هـ)، وهو مخطوط بخزانة القرويين بفاس تحت رقم: 34 واستفدت منه في تحقيق بعض النصوص وتوثيقها.
8) كتاب معاني القرآن. لأبي زكريا يحيى الفراء تـ 207هـ.
9) أنظر مقدمة التفسير في الجزء الذي حققه ذ. صالح زارة 1/ 91.
10) أنظر خاتمة التفسير في الجزء الذي حققه صاحب المقال 3/ 888.
11) مكي بن أبي طالب وتفسير القرآن، ص: 171.
12) انظر الجزء الذي حققه ذ. الحسن بوقسيمي 2/ 8.
13) انظر الجزء الذي حققه صاحب المقال 2/ 394 وقارن بجامع البيان.
وانظر أمثلة أخرى في: 2/ 437 و 452 وغيرهما وهو كثير ظاهر.
14) نظر الدر المنثور: 8/ 381.
15) انظر الجزء الذي حققه صاحب المقال: 1/ 27 وقارن بجامع البيان 29/ 111.
16) انظر معجم مفردات القرآن (فسق).
17) أنظر الجزء السابق 1/ 63 وقارن بجامع البيان 29/ 137.
(18انظر الجزء السابق 2/ 333 وقارن بجامع البيان 29/ 191 – 192.
(19انظر الجزء السابق 2/ 422.
(20انظر الجزء السابق 3/ 597.
(21انظر الجزء السابق 2/ 345 – 346.
22) انظر الجزء السابق 2/ 322 – 323.
23) انظر الجزء السابق 1/ 29 – 30.
24) انظر الجزء السابق 3/ 690 ومثال آخر 1/ 146.
25) نفح الطيب 3/ 197.
26) انظر الجزء السابق: 1/ 29.
27) انظر معاني القرآن للفراء:3/ 160.
28) انظر إعراب القرآن للنحاس 4/ 435.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[28 Jan 2009, 03:17 م]ـ
بارك الله فيك يا أختاه وجزاك عني خيراً , وليتك تضعين رابط المجلة أو الجامعة.
ـ[مصطفى فوضيل]ــــــــ[28 Jan 2009, 05:03 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر الاخ محمود شنقيطي على اجتهاده في طلب العلم، وأسأل الله تعالى أن ينفعني وإياه وجميع المشاركين والمشرفين في هذا الموقع المبارك.
كما أشكر الأخت الفاضلة مها على مسارعتها في الإجابة لطلب أخينا. وأسأل الله تعالى أن يجزيها بأفضل الجزاء.
غير أن لي رجاء وهو أن يجتهد من يريد نشر أي مقالة هنا بمراجعتها ومقابلتها مع الأصل قبل نشرها، حتى يتم النفع.
وحرصا على ذلك فإني أرفق هذا الشكر والرجاء بنسخة صححتها بعد نقلها من الموقع، مع التنبيه على الأخطاء باللون الأخضر.
ودمتم في رعاية الله تعالى وحفظه
أخوكم مصطفى فوضيل
ـ[مها]ــــــــ[28 Jan 2009, 06:18 م]ـ
بارك الله فيك يا أختاه وجزاك عني خيراً , وليتك تضعين رابط المجلة أو الجامعة.
ولك بمثل. الرابط وضعته سابقا في أول سطر من مشاركتي، وإليك إياه مرة أخرى: مجلة دعوة الحق ( http://www.daouatalhaq.ma/default.aspx)
غير أن لي رجاء وهو أن يجتهد من يريد نشر أي مقالة هنا بمراجعتها ومقابلتها مع الأصل قبل نشرها، حتى يتم النفع.
الشكر موصول لك، فأنت كاتب المقال ومصححه، وأما ماذكرت من أمر المراجعة والمقابلة فحق، لكني لا أملك الأصل، فنسخت المقال من موقع المجلة ثم لصقته هنا.
ـ[مصطفى فوضيل]ــــــــ[28 Jan 2009, 08:05 م]ـ
صدقتِ أختي الفاضلة
والواقع أنه قد مضت عليّ مدة لم أزر فيها موقع وزارة الأوقاف، والذي رأيته في الماضي هو أعداد مجلة دعوة الحق مصورة في شكل pdf ، فظننت أن المقال منقول منها.
وعلى كل حال أجدد لك شكري، وأسجل اعتذاري.
وبالمناسبة فإني أحول رجائي إلى إدارة موقع مجلة دعوة الحق لمراجعة المقالات قبل إشاعتها في الناس، ففيها أخطاء كثيرة ناتجة عن السرعة في الكتابة، وقد أحصيت ما يزيد على خمسين خطأ في المقالة المعنية، منها أخطاء تحرف الكلام بشكل مزعج مثل: "المفسرين" التي أصبحت "المفسدين". ومثل تحريف "ابن عباس" التي أصبحت: "ابن العباس" في عدة مواضع، ومنها سقوط عدد من الكلمات والعبارات، وغير ذلك.
غفر الله لنا ولهم.(/)
إطلاق (قاعدة البيانات الوصفية لأوعية المعلومات القرآنية) من معهد الإمام الشاطبي بجدة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Jan 2009, 09:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تم يوم أمس الثلاثاء 1/ 2/1430هـ إطلاق (قاعدة البيانات الوصفية لأوعية المعلومات القرآنية) التي قام ببناءها مركز الدراسات والمعلومات القرآنية التابع لمعهد الإمام الشاطبي بجدة، وذلك أثناء تدشين المقر الجديد لمعهد الإمام الشاطبي بحي الرحاب بجدة.
وتعتبر هذه القاعدة من المشروعات الرائدة التي ينفذها المركز نسأل الله أن يوفقهم ويسدد خطاهم، وأخص أخي الدكتور نوح بن يحيى الشهري مدير المعهد والأستاذ سالم بن صالح العماري مدير المركز والزملاء الكرام العاملين معهم.
وهذه معلومات مفصلة عن قاعدة البيانات الوصفية لأوعية المعلومات القرآنية.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6497ff35dada58.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6497ff35e19d02.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6497ff35e9fa75.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6497ff35ee40bd.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6497ff35f31f1b.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6497ff35f73a22.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6497ff35fb60dc.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6497ff36000f2f.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6497ff3c8909ac.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6497ff3c8d0174.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6497ff3c918fc3.jpg
ويمكن الاطلاع على القاعدة وتفاصيل أوسع على موقعها على الانترنت ...
قاعدة البيانات الوصفية لأوعية المعلومات القرآنية ( http://www.quran-c.com/)
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[28 Jan 2009, 10:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما شاء الله، فكرة سديدة بارك الله في القائمين على تلك الأعمال النافعة وتقبل منهم.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[28 Jan 2009, 04:23 م]ـ
ما شاء الله.
جهد يبدو عليه الإتقان، ومبارك بإذن الله.
ولي ملاحظة حول حقول قاعدة البيانات التي تم عرضها في الصفحة التالية:
http://qsc.org.sa/modules/news/article.php?storyid=4
الفهرسة (أو تصنيف الحقول) دقيق ومستوعب لكل التفاصيل. غير أنه يهم فقط زاوية نظر (الأرشفة)، ولا يعتني بزاوية نظر الباحثين، أي الفهرسة الموضوعية من وجهة نظر المفسر، والفقيه، والأصولي، والمؤرخ، والللغوي، والباحث في علوم القرآن، إلى آخر ذلك من أوجه التعامل مع القرآن الكريم.
وأرجو أن يتم الاهتمام بهذا الموضوع كي تكتمل الفائدة، وإلا فسيكون العمل قاصرا.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[28 Jan 2009, 04:38 م]ـ
قرأت في صفحة أخرى من الموقع أن من بين مشاريع المركز: إعداد تصنيف شامل لموضوعات علوم القرآن.
ولعل هذا هو ما أشرت إليه.
وفقهم الله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Jan 2009, 08:35 م]ـ
قرأت في صفحة أخرى من الموقع أن من بين مشاريع المركز: إعداد تصنيف شامل لموضوعات علوم القرآن.
ولعل هذا هو ما أشرت إليه.
وفقهم الله.
حمِّلْ من هنا (تصنيف علوم القرآن) من معهد الإمام الشاطبي. ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=14541)
ـ[جمال السبني]ــــــــ[28 Jan 2009, 08:54 م]ـ
فرحتي كبيرة بهذا المشروع القرآني المبارك. أرجو أن يكون عونا كبيرا للباحثين في علوم القرآن.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[30 Jan 2009, 05:05 م]ـ
فكرة عملاقة ..
أسأل الله السداد والتوفيق لجميع القائمين عليها.
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[31 Jan 2009, 01:46 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
تلبية لدعوة الإخوة القائمين على مركز الدراسات والمعلومات القرآنية التابع لمعهد الإمام الشاطبي بجدة، إلى تقويم هذا التصنيف الأساسي لقاعدة البيانات الوصفية لأوعية المعلومات القرآنية، و تقييمه و إبداء الملحوظات عليه من حيث التفريع و من حيث الشمول، و خاصة المستوى الثالث من التفريع ... و بعد أن اطلعت على تفريعات هذا التصنيف و على جميع مستويات تفريعاته، أقول:
لا يسع المرء إلا أن يثمن و يزكي مثل هذا العمل الرائد و يتمنى له كل النجاح في أداء مهمته النبيلة و هي خدمة كتاب الله و تيسير طلب هذه العلوم الشريفة و العمل على توثيق موضوعاتها و غربلة معلوماتها، و تسهيل الوصول إليها قصد استغلالها في الدراسات و الأبحاث القرآنية ...
و لي ملاحظة استوقفتني كثيرا في هذا التصنيف، و تخص {علم عدد الآي}، هذا العلم الذي نال كل اهتمام من عهد الصحابة رضوان الله عليهم و إلى يومنا هذا، و الف فيه جل أئمة القراءات عبر العصور، أقول أن هذا العلم لم يظهر على حقيقته في هذا التصنيف الذي يقدمه على شكل فرع ثانوي ضمن أسماء القرءان و تجزئته، و كفرع في دراسة الآيات، و لم يذكر من فروع ما سمي في التصنيف ب [عد الآي] سوى عدد الحروف و الكلمات، مع أن المادة الأولى و الأساسية في هذا العلم كما لا يخفى على الإخوة القائمين على هذا المشروع، هي الأعداد الستة المشهورة، و المذكورة في كل كتب العدد ...
و يكفي أن أشير هنا إلى قصيدة " ناظمة الزهر " للإمام الشاطبي الذي يتشرف هذا المعهد بحمل اسمه، أنها جعلت من الأعداد الستة مادتها الأساسية ... و لم تتطرق لعدد الحروف و الكلمات، لأن الإعتماد في ترقيم آي مصاحف الأمصار عبر العصور، هو تحديد الفواصل الخلافية في كل عدد ... ثم يأتي بعدها ذكر عدد الحروف و الكلمات ...
قال الإمام الداني رحمه الله:
" ... {إعلم أيدك الله بتوفيقه أن الأعداد التي يتداولها الناس بالنقل و يعدون بها في الآفاق قديماً و حديثاً ستة: عدد أهل المدينة الأول و الأخير، و عدد أهل مكة، و عدد أهل الكوفة، و عدد أهل البصرة، و عدد أهل الشام} /اهـ[البيان في عد آي القرآن ـ ص 67].
و هذه صورة عن وضعية علم عدد الآي ضمن تفريعات التصنيف، و التي أرجو أن تتغير بإضافة أسماء الأعداد الستة ضمن عناوين موادها.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6335498372ac17dd2.jpg(/)
حمل من هنا (تصنيف علوم القرآن) من معهد الإمام الشاطبي.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Jan 2009, 08:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قام الإخوة في مركز الدراسات والمعلومات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي بعمل تصنيف موضوعي مختصر لموضوعات علوم القرآن على غرار تصنيف ديوي ومكنز الفيصل وذلك لاعتماده في تنظيم وفهرسة الأوعية المعلوماتية في مجال علوم القرآن الكريم، والتي يهدف المركز إلى رصدها في قاعدة البيانات الوصفية لأوعية المعلومات القرآنية التي سبق أن ذكرتها في موضوع سابق بعنوان:
إطلاق (قاعدة البيانات الوصفية لأوعية المعلومات القرآنية) من معهد الإمام الشاطبي ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=14536)
ويرجو القائمون على المركز من المتخصصين في مجال علوم القرآن الكريم والمكتبات والمعلومات تقويم هذا التصنيف وتقييمه وإبداء الملحوظات عليه من حيث التفريع والعلاقات، ومن حيث الشمول خاصة إلى المستوى الثالث من التفريع.
والتصنيف مرفق مع هذه المشاركة في ملف PDF .
وأحب أن أشكر أخي الأستاذ سالم العماري مدير مركز الدراسات والمعلومات القرآنية على جهوده الملموسة في ظهور مثل هذه المشروعات الموفقة من حيث الأفكار والتنفيذ وفقه الله ومن معه.
الأربعاء 2/ 2/1430هـ.
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[29 Jan 2009, 10:49 م]ـ
بارك الله في جهوهم ونفع الله بها ..
وشكر الله لك يا شيخ عبد الرحمن حسن إيرادك لها هنا!!
ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[01 Feb 2009, 08:03 م]ـ
جزاكم الله خيرا و بارك فيكم و نفع بكم
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[02 Feb 2009, 12:48 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
كل الشكر و التقدير لمشرفنا الجليل الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشهري حفظك الله و رعاك، و نفع بك و بعلمك. آمين آمين يا رب العالمين.
يسعدني و يشرفني أن أعيد نشر هذه الملاحظة في هذا الملف، خدمة لكتاب الله عامة و لعلم عد آي القرآن خاصة. و الله أسأل أن ينفع بها ... قأقول:
تلبية لدعوة الإخوة القائمين على مركز الدراسات والمعلومات القرآنية التابع لمعهد الإمام الشاطبي بجدة، و استجابة لطلبهم تقويم هذا التصنيف الأساسي لقاعدة البيانات الوصفية لأوعية المعلومات القرآنية، و تقييمه و إبداء الملحوظات عليه من حيث التفريع و من حيث الشمول، و خاصة المستوى الثالث من التفريع ... و بعد أن اطلعت على تفريعات هذا التصنيف و على جميع مستويات تفريعاته، أقول:
لا يسع المرء إلا أن يثمن و يزكي مثل هذا العمل الرائد و يتمنى له كل النجاح في أداء مهمته النبيلة و هي خدمة كتاب الله و تيسير طلب هذه العلوم الشريفة و العمل على توثيق موضوعاتها و غربلة معلوماتها، و تسهيل الوصول إليها قصد استغلالها في الدراسات و الأبحاث القرآنية ...
و لي ملاحظة استوقفتني كثيرا في هذا التصنيف، و تخص {علم عدد الآي}، هذا العلم الذي نال كل اهتمام من عهد الصحابة رضوان الله عليهم و إلى يومنا هذا، و الف فيه جل أئمة القراءات عبر العصور، أقول أن هذا العلم لم يظهر على حقيقته في هذا التصنيف الذي يقدمه على شكل فرع ثانوي ضمن أسماء القرءان و تجزئته، و كفرع في دراسة الآيات، و لم يذكر من فروع ما سمي في التصنيف ب [عد الآي] سوى عدد الحروف و الكلمات [1]، مع أن المادة الأولى و الأساسية في هذا العلم كما لا يخفى على الإخوة القائمين على هذا المشروع، هي الأعداد الستة المشهورة، و المذكورة في كل كتب العدد …
و يكفي أن أشير هنا إلى قصيدة " ناظمة الزهر " للإمام الشاطبي الذي يتشرف هذا المعهد بحمل اسمه، أنها جعلت من الأعداد الستة مادتها الأساسية ... و لم تتطرق لعدد الحروف و الكلمات، لأن الإعتماد في ترقيم آي مصاحف الأمصار عبر العصور، هو تحديد الفواصل الخلافية في كل عدد من الأعداد الستة المشهورة المتواترة و المعتمدة ... ثم يأتي بعدها ذكر عدد الحروف و الكلمات، و قد يُستغنى في بعض كتب علم {عد الآي} ـ أو علم الفواصل ـ عن ذكر عدد الحروف و الكلمات و لا يُستغنى فيها عن ذكر الأعداد و فواصلها الخلافية …
قال الإمام الداني رحمه الله:
» … {إعلم أيدك الله بتوفيقه أن الأعداد التي يتداولها الناس بالنقل و يعدون بها في الآفاق قديماً و حديثاً ستة: عدد أهل المدينة الأول و الأخير، و عدد أهل مكة، و عدد أهل الكوفة، و عدد أهل البصرة، و عدد أهل الشام
} /اهـ[البيان في عد آي القرآن ـ ص 67].
و هذه صورة عن وضعية علم عدد الآي ضمن تفريعات التصنيف، و التي أرجو أن تتغير بإضافة أسماء الأعداد الستة ضمن عناوين موادها.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6335498372ac17dd2.jpg
ـــــــــ
[1]: موضع علم {عد الآي} في هذا التصنيف و كما يظهر بالصورة أعلاه، و غياب تفريعاته الأساسية، يغني عن كل تعليق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محبة الرسول]ــــــــ[02 Feb 2009, 07:15 ص]ـ
جهود مباركة
http://www.4shbab.net/vb/imagehosting/51274983d724d9150.bmp
ـ[النجدية]ــــــــ[03 Feb 2009, 03:00 م]ـ
بسم الله ...
جزاكم الله خيرا؛ في ميزان حسناتكم إن شاء الله!
فهذا مخطط محكم؛ لطالما تمنيت أن أرى مخططا تترتب فيه علوم التفسير بهذا الشكل!
الحمد الله
ـ[أمين الغنام]ــــــــ[15 Mar 2009, 04:21 ص]ـ
رفع الله قدركم ياشخنا الفاضل
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Mar 2009, 10:08 م]ـ
بعث لي أخي مدير مركز الدراسات والمعلومات القرآنية الأستاذ سالم العماري وفقه الله نسخة مصححة من التصنيف، حيث كان فيه تكرار غير مقصود لعبارة (إعجاز القرآن) في موضع من التصنيف.
ويمكن تحميله من المرفقات على هيئة ملف PDF(/)
حطة وحنطة!؟
ـ[جمال السبني]ــــــــ[28 Jan 2009, 09:55 م]ـ
في قوله تعالى (و ادخلوا الباب سجداً و قولوا "حطة" نغفر لكم خطاياكم).
ما المقصود بـ (حِطَّةٌ)؟
التفسير الشائع يقول: إن المراد: أمرنا ـ أو مطلوبنا ـ حَطُّ الذنوب عنّا.
فهو من حَط بمعنى أسقط.
ثم قال تعالى: (فبدّل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم).
فما هو هذا القول الذي نشأ من التبديل؟
بعض المفسّرين قالوا إن بني إسرائيل لما دخلوا الباب قالوا (حنطةٌ)! استخفافا بما أمروا به أي قول (حِطّة).
فهل هذا يصحّ؟
ما هو التفسير الأكثر نجاحا لـ (حطّة) و (فبدّل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم)؟
هل من الممكن أن تكون كلمة (حطّة) معرَّبةً من شيء ما؟
أفيدوني، أجزل الله ثوابكم، فأنا لم أفهم الموضوع حتى الآن، رغم مطالعتي لأكثر التفاسير في هذه النقطة.
ـ[سلطان العمري]ــــــــ[29 Jan 2009, 04:10 ص]ـ
وقوله (وقولوا حطة) الحطة فعلة من الحط وهو الخفض وأصل الصيغة أن تدل على الهيئة ولكنها هنا مراد بها مطلق المصدر والظاهر أن هذا القول كان معروفا في ذلك المكان للدلالة على العجز أو هو من أقوال السؤال والشحاذين كيلا يحسب لهم أهل القرية حسابا ولا يأخذوا حذرا منهم فيكون القول الذي أمروا به قولا يخاطبون به أهل القرية. وقيل المراد من الحطة سؤال غفران الذنوب أي حط عنا ذنوبنا أي اسألوا الله غفران ذنوبكم إن دخلتم القرية. وقيل من الحط بمعنى حط الرحال أي إقامة أي ادخلوا قائلين إنكم ناوون الإقامة بها إذ الحرب ودخول ديار العدو يكون فتحا ويكون صلحا ويكون للغنيمة ثم الإياب. وهذان التأويلان بعيدان ولأن القراءة بالرفع وهي المشهورة تنافي القول بأنها طلب المغفرة لأن المصدر المراد به الدعاء لا يرتفع على معنى الإخبار نحو سقيا ورعيا وإنما يرتفع إذا قصد به المدح أو التعجب لقربهما من الخبر دون الدعاء ولا يستعمل الخبر في الدعاء إلا بصيغة الفعل
منقول من كتاب التحرير والتنوير
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[29 Jan 2009, 12:12 م]ـ
هذا ما ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره، وهو أمر واضح في لفظه ودلالته:
قال البخاري: حدثني محمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن ابن المبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قيل لبني اسرائيل: ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة، فدخلوا يزحفون على أستاههم، فبدلوا، وقالوا: حبة في شعرة " ورواه النسائي عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن عبد الرحمن به موقوفاً، وعن محمد بن عبيد بن محمد عن ابن المبارك ببعضه مسنداً في قوله تعالى: {حِطَّةٌ} قال: فبدلوا، وقالوا: حبة، وقال عبد الرزاق: أنبأنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" قال الله لبني إسرائيل: {وَ?دْخُلُواْ ?لْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَـ?يَـ?كُمْ} فبدلوا، ودخلوا الباب يزحفون على أستاههم، فقالوا: حبة في شعرة " وهذا حديث صحيح رواه البخاري عن إسحاق بن نصر، ومسلم عن محمد بن رافع، والترمذي عن عبد الرحمن ابن حميد، كلهم عن عبد الرازق به، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال محمد بن إسحاق: كان تبديلهم كما حدثني صالح بن كيسان عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة وعمن لا أتهم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " دخلوا الباب - الذي أمروا أن يدخلوا فيه سجداً - يزحفون على أستاههم، وهم يقولون: حنطة في شعيرة " وقال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح. وحدثنا سليمان بن داود، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " قال الله لبني إسرائيل: {وَ?دْخُلُواْ ?لْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَـ?يَـ?كُمْ} " ثم قال أبو داود: حدثنا جعفر بن مسافر حدثنا ابن أبي فديك عن هشام بمثله، هكذا رواه منفرداً به في كتاب الحروف مختصراً. وقال ابن مردويه: حدثنا عبد الله بن جعفر حدثنا إبراهيم بن مهدي حدثنا أحمد بن المنذر القزاز حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري، قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه
(يُتْبَعُ)
(/)
وسلم حتى إذا كان من آخر الليل، أجزنا في ثنية يقال لها: ذات الحنظل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما مثل هذه الثنية الليلة إلا كمثل الباب الذي قال الله لبني إسرائيل: ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم "
ـ[جمال السبني]ــــــــ[29 Jan 2009, 08:54 م]ـ
جزاكما الله عنّي خيرا.
لفت نظري قولُ ابن عاشور (رحمه الله) بأن تفسير (حطة) بـ (حطّ الذنوب) أو (حطّ الرِّحال) لا يتوافق مع القراءة المشهورة التي هي برفع (حطة)، فإنه إذا كان المقصود حطّ الذنوب أو حطّ الرحال كانت الكلمة بالنصب على أنها مفعول مطلق، كما هو يقول ما نصه: "وهذان التأويلان بعيدان ولأن القراءة بالرفع وهي المشهورة تنافي القول بأنها طلب المغفرة لأن المصدر المراد به الدعاء لا يرتفع على معنى الإخبار نحو سقيا ورعيا وإنما يرتفع إذا قصد به المدح أو التعجب لقربهما من الخبر دون الدعاء ولا يستعمل الخبر في الدعاء إلا بصيغة الفعل". هذ يعني أن ابن عاشور إنما صوّب القول الأول، أي تفسير قولهم (حطّة) بالدلالة على العجز كنوع من التعبير عن السؤال والشحاذة وإظهار الذلّ.
وأما عن (القول المبدّل) فقد قطعت الروايات في ذلك، إذ تدلّ الروايات التي أوردها ابن كثير (رحمه الله) ـ كما نقلها لنا الأخ الكريم فاضل الشهري ـ على أنهم بدّلوا السجود وقول (حطة) كليهما، فدخلوا على أستاههم بدلا من السجود وقالوا (حبة) أو (حبة في شعرة) أو (حنطة في شعيرة)، كنوع من التحريف والتبديل لما أمروا بقوله، واستهزاءً به.
ولكن أتساءل: ماذا كانت الكلمة التي أُمِر بنو إسرائيل بقولها وبأي لغة كانت؟ هل كانت كلمةَ (حطة) العربية نفسَها؟ وماذا كان القول المبدّل في لغتهم؟ هل كان كلمةَ (حبة) أو (حنطة) العربية نفسَها؟
يلزمنا أن نسأل: هل جرى حديثٌ عن هذا الموضوع في أسفار اليهود وكتبهم؟ هل يمكن مقارنة القصة القرآنية هذه بقصة أخرى عرفها اليهود؟
وأوجّه سؤالي هذا إلى الإخوة المهتمّين بمقارنة الأديان. ولعلّ الاطلاع على أسفار اليهود أنفسهم عن الموضوع نفسه يُلقي ضوءا على المعنى. وهذا ما كان يفعله ابن عباس (رضي الله عنهما)، فقد كان يهمّه الاطلاع على ما لدى أهل الكتاب ليستعين به على تفسير بعض المبهمات.
ـ[أبو الحسن السكندري]ــــــــ[26 Oct 2010, 03:46 ص]ـ
سبحان الله، بينما كنت أبحث في هذا الأمر وصلت إلى هنا.
وإليكم ما وصلت إليه حتى الآن، بحثت عن ترجمة كلمة حنطة في اللغة العبرية، فوجدتها تكتب هكذا ???? وتنطق "خيتا" أو "خيطا".
والدور الآن على البحث في كلمة حطة، بمعانيها العربية المختلفة، فربما كانت عندهم مثلاً حيتا فبدلوها هم خيتا، أو ما شابه.
ـ[أبوغنام]ــــــــ[30 Nov 2010, 01:10 م]ـ
كيف يغيرون حطة الى حنطة وهم لايتكلمون العربية
وكيف يغيرون حطة الى حبة في شعيرة ومامعانها
ـ[رصين الرصين]ــــــــ[02 Dec 2010, 09:22 ص]ـ
هذا ما ذكره ابن كثير رحمه الله في تفسيره، وهو أمر واضح في لفظه ودلالته
المسألة ليست بهذه البساطة يا دكتور
أظنك والإخوة تسلمون معي أن لغة بني إسرائيل لم تكن العربية
فلا يبقى إلا ثلاثة احتمالات:
1 - أن هذا اللفظ ليس عربيا، لكنه من لغة بني إسرائيل التي هي الآرامية غالبا، وقد تكون العبرية القديمة.
2 - أن هذا اللفظ من المشترك السامي بين العربية ولغة بني إسرائيل، وهذا وارد، لكنه لا يكفي لزعم أن اللفظ عربي.
3 - أن هذا اللفظ عربي أصلا، ثم أخذته لغة بني إسرائيل. وهذا وفق نظرية أن العربية (أم جميع اللغات وأصلها)
وسؤالنا حينئذ: أين الدليل؟
وأما عن (القول المبدّل) فقد قطعت الروايات في ذلك
في مثل هذا، نحن نعلم أن الصحابة لم يكونوا يعرفون سوى العربية. فيبقى تفسيرهم مجرد رأي ووجهة نظر
فإذ لم يتفق على اللفظ، فعدم الاتفاق على المعنى أولى وأقرب
فلا قطع في هذا أيضا
بحثت عن ترجمة كلمة حنطة في اللغة العبرية، فوجدتها تكتب هكذا ???? وتنطق "خيتا" أو "خيطا".
دعك من النطق؛
فإن اليهود الأوربيين غير الساميين (الإشكنازيم) لا يحسنون نطق صوتي الحلق (الحاء والعين) فأصبحوا ينطقون الحاء خاء
مثال: كلمة (آح: أخ) في العبرية تنطق بالخاء كالعربية، وإلا فهي في العبرية بالحاء المهملة ومثلها (حيطا)
ويبقى التفسير اللغوي، لسبب اختيار (حنطة) وهو
أن الحرف المضعف إذا فك إدغامه - ومنه النون - عُوض عن فك الإدغام حرف ذلقي مائع (ل م ن ر)
وهذي ظاهرة معروفة في اللغات السامية؛ فإن "أت" في العبرية يقابلها "أنت" في العربية
وكذا "سسلة" في اليمنية (السبئية) يقابله "سلسلة"
وهكذا "حطا" إذا فك إدغام طائها أصبحت "حنطة"
وهذا مجرد تشابه لفظي لا أكثر جعل المفسرين يربطونها ب "حط الرحال" العربي
وإلا فإن المعنى مختلف
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[02 Dec 2010, 11:35 ص]ـ
نحن نعلم أن الصحابة لم يكونوا يعرفون سوى العربية
1. زيد بن ثابت يعرف العبرانية أو السريانية
2. المغيرة بن شعبة: السريانية
3. سلمان الفارسي: عالم لغات
4. المهاجرون إلى الحبشة: الحبشية
5. مارية القبطية: لغة القبط
6. صهيب الرومي
7. عبدالله بن سلام: العبرانية
...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[02 Dec 2010, 11:42 ص]ـ
مسألة تغيير اليهود للكلم لفظاً معنى معروفة في القرآن
ومنه قولهم: سام عليكم، في إلقاء السلام.
وقولهم راعينا فيما نهى الله عنه في قوله: (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا).
فليس بغريب أن يبدلوا قولا غير الذي قيل لهم: حطة بحنطة أو حبة ...
ولا ريب أن حطة عريبة، أو مشتركة الاستعمال بين اللسانين العربي والعبري، فهي عربية.
ـ[أبو الحسن السكندري]ــــــــ[21 Dec 2010, 07:38 م]ـ
كيف يغيرون حطة الى حنطة وهم لايتكلمون العربية
وكيف يغيرون حطة الى حبة في شعيرة ومامعانها
دخلت اليوم على موقع مجمع اللغة العربية بالقاهرة فوجدتهم قد بدأوا في طرح مطبوعاتهم مصورة منذ شهرين تقريباً، ومنها المعجم الكبير، ووجدت فيه ما يلي:
في مادة حطط ذكر المعجم أنها بالعبرية (حاطط)
http://tafsir.net/mlffat/files/563.jpg (http://tafsir.net/mlffat/index.php?action=viewfile&id=563)
وفي مادة حنط، ذكر المعجم أنها بالعبرية (حانط)
http://tafsir.net/mlffat/files/562.jpg (http://tafsir.net/mlffat/index.php?action=viewfile&id=562)
فمن الوارد من قوم كهؤلاء لا يعظمون معظماً أن يبدلوا الكلمة التي أمرهم الله بها، استهزاءً، وبدلاً من أن يقولوا حاطط قالوا حانط.
ولو تتبعت أخي الكريم بقية الكلمات لوجدت تشابها كبيراً في النطق والمعنى بين العربية والعبرية.
والله أعلم.
ـ[أبو الحسن السكندري]ــــــــ[21 Dec 2010, 07:42 م]ـ
ولمن أراد الانتفاع بمطبوعات المجمع، فمن هنا:
http://www.arabicacademy.org.eg/FrontEnd/PrintingType.aspx(/)
رسائل جوال تدبر. . شهر محرم 1430هـ
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[28 Jan 2009, 11:42 م]ـ
أعزائي أعضاء وزوار ملتقى أهل التفسير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما وعدتكم إليكم رسائل جوال تدبر (محرم 1430 هـ)
ولاتنسوني من صالح دعائكم. . ودمتم مباركين أينما كنتم.
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[29 Jan 2009, 02:05 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم فهذا يتيح للمشتركين في غير شركة الجوال - مثلي - للإستفادة من هذه الخدمة الهادفة جزى الله القائمين عليها خيراً
أكرر شكري لك أخي الكريم
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[29 Jan 2009, 07:04 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم فهذا يتيح للمشتركين في غير شركة الجوال - مثلي - للإستفادة من هذه الخدمة الهادفة جزى الله القائمين عليها خيراً
أكرر شكري لك أخي الكريم
يعني إذا فتحت الخدمة مع موبايلي ـ إن شاء الله ـ ستشترك في الخدمة؟ أم أنك ستبقى شهراً كاملاً تنتظر ملف الأخ عبدالله؟! (ابتسامة)
ـ[أفانين القرآن]ــــــــ[29 Jan 2009, 08:55 م]ـ
.
.
.
شكر الله لك ..
ـ[معيوض الحارثي]ــــــــ[29 Jan 2009, 10:35 م]ـ
جزاك الله خيراً
وبارك فيك
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[30 Jan 2009, 07:06 ص]ـ
يعني إذا فتحت الخدمة مع موبايلي ـ إن شاء الله ـ ستشترك في الخدمة؟ أم أنك ستبقى شهراً كاملاً تنتظر ملف الأخ عبدالله؟! (ابتسامة)
سأنتقل إلى شركة زين وأعتذر بنفس العذر وهكذا مع كل شركة (ابتسامة)
ـ[جمانة السديري]ــــــــ[31 Jan 2009, 03:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا
لأننا نحن خارج المملكة لا نملك هذه الخدمة!
ياليت تجعلوها في دول الخليج كلها
ـ[المربي المغمور]ــــــــ[03 Feb 2009, 07:52 م]ـ
جزاك الله خيراً
وبارك فيك
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[07 Feb 2009, 10:35 م]ـ
الإخوة والأخوات:
مجاهد الشهري. . أنا في الخدمة وين ما رحت.
الشيخ عمر المقبل. . شكرا لمرورك.
أفانين القرآن. . ولك.
معيوض الحارثي. . وإياك , وفيك بارك.
جمانة السديري. . طلبك للرفع.
المربي المغمور. . وإياك , وفيك.
أتشرف بخدمة إخواني وأخواتي أعضاء وزوار هذا الملتقى المبارك. .
ودمتم مباركين أينما كنتم.
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[11 Feb 2009, 01:26 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ...
ـ[خالد البكري]ــــــــ[12 Feb 2009, 11:42 م]ـ
جزاك الله خير يا أبا صالح على هذه الرسائل ونفع الله بك وبعلمك ..(/)
هل اكتمل هذا المشروع حول القراءات في تفسير الطبري رحمه الله.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[29 Jan 2009, 08:42 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه , وبعد:
ففي أثناء تصفحي لدليل الرسائل العلمية المتعلقة بالقراءات وجدتُّ بينها رسالةً بعنوان:
القراءات المتواترة التي أنكرها ابن جرير الطبري والرد عليه، من الفاتحة إلى آخر التوبة , وهي رسالةٌ علميةٌ للباحث: محمد عارف عثمان موسى.
ولم أجد أحداً واصل الجمعَ والبحثَ في القراءات المتواترة التي أنكرها الإمامُ الطبري رحمه الله , فأحببتُ طرحَ التساؤل بين أيدي الباحثين الكرام في الملتقى , وأرجو ممن لديه علمٌ بذلك أن يدلي به مشكوراً.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[01 Apr 2010, 12:09 م]ـ
للرفع
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[01 Apr 2010, 05:03 م]ـ
رفع الله قدرك.
أصل الموضوع منتقد، واعتبره بعض الباحثين خطأ، وذبوا عن الطبري ـ رحمه الله ـ هذه التهمة، وأظن أن ذلك هو السبب في عدم إكمال المشروع.
ـ[يزيد العمار]ــــــــ[01 Apr 2010, 08:26 م]ـ
ولو رأى المختصون تعديل العنوان لتتم الفائدة لكان أولى, كأن يقال:
القراءات المتواترة التي أنكرها ابن جرير الطبري جمعاً ودراسة. أو يزاد عليه: وعلته في ذلك.
ونحو هذا مما يثري البحث ويقويه.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[02 Apr 2010, 03:59 م]ـ
ولو رأى المختصون تعديل العنوان لتتم الفائدة لكان أولى, كأن يقال:
القراءات المتواترة التي أنكرها ابن جرير الطبري جمعاً ودراسة. أو يزاد عليه: وعلته في ذلك.
ونحو هذا مما يثري البحث ويقويه.
نعم صحيح
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 Apr 2010, 09:02 م]ـ
[ color=#0000FF] القراءات المتواترة التي أنكرها ابن جرير الطبري والرد عليه
العنوان الأدق الذي يستحق أن يبنى عليه:
القراءات التي أنكرها ابن جرير الطبري - جمعاً ودراسة.
ـ[الجكني]ــــــــ[02 Apr 2010, 10:52 م]ـ
الإمام الطبري بريئ من تهمة إنكار القراءات المتواترة، وكيف ينكر شيئاً هو لا يعرفه وليس من مصطلحاته ولا مصطلحات قومه وعصره؟؟
من ألصق التهمة بالطبري فهو جاهل بلسان العرب قبل أن يكون جاهلاً بتاريخ المصطلحات العلمية.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[03 Apr 2010, 12:52 ص]ـ
يبدو لي أنَّ العُنوانَ لا يلزمُ منهُ كل ما توحي به لفظةُ الإنكار بمفهومها المُستبشع وإلصاقِ ذلك بالإمام الطبري رحمه الله تعالى , والطبري رحمه الله إمامٌ في القراءةِ كما هو في غير فنٍّ , وقد كتب بعضُ الباحثينَ رسالةً علميةً في أصول الطبري في اختيار القراءات ٍ تعزيزاً لذلك , كما كُتب بحثٌ في ظاهرة نقد القراءات عنده ومنهجه في النقد.
ـ[يحيى بن عبدربه الزهراني]ــــــــ[03 Apr 2010, 12:55 ص]ـ
(الاختيار في القراءات منشؤه ومشروعيته , وتبرئة الإمام الطبري من تهمة إنكار القراءات المتواترة)
ذلكم عنوان بحث من إعداد الدكتور عبدالفتاح إسماعيل شلبي , وطبعه معهد البحوث العلمية والتراث الإسلامي بجامعة أم القرى عام 1417هـ , وهو بحث قيم , يقول في خاتمته:
(وقد استطعت بنعمة من الله وفضل أن أفند هذه التهم , وأثبت أن الإمام الطبري له معايير في اختيار القراءة , وأنها لا تخرج عن: قوة وجهها في العربية , وصحة سندها , وموافقتها رسم المصحف , وهي معايير اعترف بها أئمة القراء منذ القرون الأولى إلى القرن العاشر الهجري (عصر السيوطي ومن لف لفه).
وأثبتُ بالدليل والبرهان أن القراءات قائمة على الاختيار وتفضيل بعضها على بعض , وبينت أن هذه المفاضلة تكون في جوانب ثلاثة:
أ. مفاضلة بين وجه وآخر في الكمة الواحدة.
ب. مفاضلة بين إمام فأكثر وآخرين.
ج. مفاضلة بين القراءات جملة.
أوردت الشواهد على ذلك , وضربت له الأمثال , وفي حديث مركز بينت أن كثيراً من الأئمة القراء كانوا يرجعون عن بعض قراءاتهم , واتخذت ذلك دليلاً على تفضيل القراءة التي صاروا إليها عن القراءة التي رجعوا عنها.
وما أنكره الطبري من القراءات أنكره لضعف سنده , وهو رجل فقه وحديث , أو لضعف لغته وهو اللغوي البارع , أو لمخالفته رسم المصحف
وأوردت الشواهد المؤيدة لهذه الاتجاهات.
وما أروع كلمة الإمام المهدوي , إذ فسر المفاضلة بين القراءات بأنها ليست مفاضلة في ذات القراءات - فإن ذلك لا يكون إلا في المخلوقات - وإنما المفاضلة في الإجر والثواب).(/)
المباحث (9 - 10) في سر حذف إحدى الياءين
ـ[العرابلي]ــــــــ[30 Jan 2009, 12:51 ص]ـ
المبحث التاسع
بسم الله الرحمن الرحيم
المبحث التاسع في سر حذف إحدى الياءين
قبل الدخول في النوع الأول يجب التنبيه إلى سر استخدام حرف الياء في جمع المذكر السالم:
أولاً: الياء حرف مد، والمد زيادة في الأصل، والجمع زيادة في الواحد الذي هو أقل الأعداد وأصلها؛ لذلك صلحت الياء لتكون علامة للجمع.
وثانيًا: أن استعمال الياء هو لبيان وجود تحول، والتحول يكون في الغالب في الصفات، ولذلك استعملت علامة لجمع المذكر السالم الذي هو جمع لأصحاب الصفات.
وثالثًا: أن الرفع هو الأصل، والنصب والجر هو تحول عن الأصل، ولذلك كانت الياء علامة على هذا التحول في حالتي النصب والجر في جمع المذكر السالم.
ورابعًا: أن الياء لما كانت تفيد التحول، والتحول الأخير يلغي التحول السابق له إذا كان هناك أكثر من تحول؛ كتحول بعض الخضار أو الفاكهة الخضراء إلى صفراء أولاً، ثم إلى حمراء بعد ذلك، فالحمرة طمست ما قبلها من التحولات السابقة، فبقاء صورتين لياءين متتاليين تفيد بقاء تحولين متتاليين، خلافًا للواقع، مما يوجب حذف أحدهما، والمثال ضربناه لتوضيح المعاني بما يمكن إحساسه في الواقع، وليس المثال هو المقصود.
وخامسًا: أن الجمع يوحد أفراده على صفة واحدة؛ يتساوون في حملها، دون الإشارة إلى الفوارق بينهم، ودرجات حملهم لهذه الصفات، ولذلك كانت علامة اسم الفاعل هي التي تحذف للدلالة على تساوي أقراد الجمع في جمع المذكر السالم والمؤنث السالم، اللذان سنأتي عليهما في أبحاث قادمة إن شاء الله تعالى عند الحديث عن حذف الألف.
والياء في بحثنا هذا؛ هي علامة اسم الفاعل في الأمثلة اللاحقة التي سنأتي عليها، فهي الأحق في الحذف، وتبقى الياء التي هي علامة الجمع، والأولى أن ترسم ياء فارسية (ےّ) وعليها شدة للدلالة على الياء المحذوفة قيل الياء، وليس بعدها، لأن هذا هو الذي يوافق المعاني التي بني عليها الرسم القرآني، وإن كان الرسم لا يؤثر في القراءة ما دام هناك إشارة تدل على المحذوف.
النوع الثالث: حكم الياء المكررة وتنقسم إلى أربعة أقسام هي:
1 - حكم الياء المكررة وسطًا ولم تكن إحداهما صورة للهمزة؛
تكررت الياء في أسماء وأفعال؛
وقد جاءت الياء المكررة في خمسة أسماء؛ (ربانيين، حواريين، أميين، نبيين، عليين)
وحذفت الياء في أربعة منها؛ (ربانيين، الحواريين، الأميين، والنبيين)؛
ربانيين؛ ذكرت مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّـ (ي) ـنَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79) آل عمران.
حواريين؛ ذكرت مرتين؛
في قوله تعالى: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّـ (ي) ـنَ أَنْ ءَامِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا ءامَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111) المائدة.
وفي قوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّـ (ي) ـن مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ (14) الصف.
أميين؛ ذكرت ثلاث مرات؛
في قوله تعالى: (وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّـ (ي) ـنَ ءَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدْ اهْتَدَوا (20) آل عمران.
وفي قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّـ (ي) ـنَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) آل عمران.
وفي قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّـ (ي) ـنَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءَايَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ (2) الجمعة.
ونبيِّين: ذكرت ثلاث عشرة مرة؛ نذكر منها مثلا واحدًا؛
في قوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّـ (ي) ـنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ (213) البقرة.
حذفت الياء لئلا تجتمع صورتان لياءين متتاليين، وأن هذه الجمع تساوى أفراده فيما ذكروا به،
فكل الحواريين؛ حواريون لعيسى عليه السلام.
والعرب الجاهليون كلهم أميون لم ينزل عليهم كتاب من الله تعالى قبل القرآن.
وكل الأنبياء هم نبيُّون من عند الله.
وكذلك كل الربانيين ربانيون لرب واحد.
(يُتْبَعُ)
(/)
لذلك كان حذف الياء رسماً لا لفظًا؛ فبقاء لفظها دل على الجمع، وحذف رسمها دل على تساوي أفراد هذا الجمع، وأغنت صورة الياء المرسومة عن صورة الياء المحذوفة لئلا تكون هناك صورتان لتحولين لا يصبح قيامهما معًا.
أما إثبات الياء في عليين؛
في قوله تعالى: (كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ (18) المطففين.
فمعنى الأبرار في عليين؛ أي أنه مكتوب لهم في عليين، أو مصيرهم في عليين، أي في درجات الجنة ومنازلها العالية، ودرجات الجنة متفاوتة في نعيمها، وأصحاب الجنة كلٌ في درجته حسب عمله في الدنيا، والأبرار يتحولون بارتقاء إلى المنازل الأعلى فيها.
ولما كانت منازل الجنة ودرجاتها كلها ثابتة، وعالية في مكانها عن النار وموقف الحساب؛ أثبتت الياءان في عليين، فمنازل الأبرار لم تطمس المنازل التي مروا عليها وتحولوا عنها إلى أن وصلوا أعالي الجنة، فلكل منزلة أصحابها، نسأل الله تعالى الفردوس الأعلى فيها.
وقد جاء كذر تكرار الياء في الأفعال التالية؛
في قوله تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ (122) الأنعام.
وفي قوله تعالى: (وَءَايَةٌ لَهُمْ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (33) يس.
وفي قوله تعالى: (وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ (9) فاطر.
وفي قوله تعالى: (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11) غافر
وفي قوله تعالى: (رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) ق.
وفي قوله تعالى: (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) ق.
الأفعال في الأمثلة السابقة هي ماضية؛ (فأحييناه، أحييناها، فأحيينا، وأحيينا، أفعيينا)، والماضي منقطع الاستمرار، فناسب معها إثبات الياء فيها الدالة على التحول، والياء ياء لين وليست ياء مدية، كما كانت في الأسماء السابقة، وهي ساكنة بعد ياء متحركة فلا يجوز إدغامها فيها.
وأثبتت الياء كذلك في قوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَواةً طَيِّبَةً (97) النحل.
وفي قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ (66) الحج.
وردت (5) مرات
وفي قوله تعالى: (وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (ي) (81) الشعراء.
وفي قوله تعالى: (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) يس
وفي قوله تعالى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) النساء.
فهذه الأفعال: (ثم يحييكم، قل يحييها، وإذا حييتم، ثم يحييني، فلنحيينه)؛ متعلقة بالمستقبل، ولم يتم البدء فيها بعد، فهي بحاجة إلى توكيد وقوعها، لا توكيد استمرارها؛ لأن الاستمرار تبع للحدوث أولا، والحدث لم يقع بعد، فلا محل للحديث عن الاستمرار، فناسب ذلك إثبات الياء لا حذفها.
وقد اتصلت الأفعال في الأمثلة السابقة بضمائر متصلة فأصبحت الياء وسطًا، ولم تعد طرفًا كما حال الياء الأصلية والزائدة في النوع الأول والثاني؛ لذلك تم إفرادها في أبحاث خاصة بها.
وكان إثباتها في الأنواع السابقة يجعل الكلمة تنتهي بساكن؛ ومع السكون الإثبات وعدم الاستمرار، وحذفها يجعل الكلمة تنتهي بحركة؛ ومع الحركة الاستمرار وتبقى الكسرة دالة على الياء المحذوفة، والأطراف محل التغيير أكثر من الوسط.
أبو مُسْلِم/ عبْد المَجِيد العَرَابْلِي
المبحث العاشر
بسم الله الرحمن الرحيم
سر حذف الياء صورة الهمزة
2 - حكم الياء المكررة وسطًا وإحداهما وقعت صورة للهمزة. متكئين: وردت (7) مرات؛
(يُتْبَعُ)
(/)
كما في قوله تعالى: (مُتَّكِـ (ءِ) ـينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا (13) الإنسان. وفي الآيات؛ (31) الكهف، (51) ص، (20) الطور، (54)، (76) الرحمن، (16) الواقعة.
خاسئين: وردت مرتان؛
في قوله تعالى: (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِـ (ءِ) ـِينَ (166) الأعراف. وفي الآية (65) البقرة.
خاطئين: وردت (4) مرات؛
في قوله تعالى: (قَالُوا يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِـ (ءِ) ـينَ (97) يوسف.
وتكررت كذلك في الآيات؛ (29و91) يوسف، و (8) القصص.
المستهزئين: وردت مرة واحدة؛
في قوله تعالى: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِ (ءِ) ـينَ (95) الحجر.
الصابئين: وردت مرتان؛
في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِـ (ء) ـينَ .. (62) البقرة. وفي الآية: (17) الحج.
اجتمعت ياءان في كلٍ من الكلمات الخمس؛ (الصابئين، متكئين، خاسئين، خاطئين، المستهزئين)؛ وكانت الأولى منهما صورة للهمزة،
وقد حذفت إحداهما في الرسم، وكان الترجيح على أن الياء الأولى صورة الهمزة هي التي حذفت، لأن قراءة أبي جعفر كانت بتسهيل الهمزة ثم حذفها لوجود ياءين مديتين متتاليتين؛ فأصبحن في القراءة؛ الصابين، متكين، خاسين، خاطين، المستهزين
وعلى القاعدة العامة التي تمنع رسم ياءين متتالين؛ لأن صورة الياء هي صورة لتحول قائم، ولا يمكن قيام تحولين في شيء واحد معًا، فالأخير منهما يطمس أثر السابق، فإن ظل السابق قائمًا محافظًا على وضعه؛ تثبت الياءان عند ذلك كما ثبتتا في عليين.
وإذا نظرنا أن الياء علامة الجمع في حالة النصب والجر هي من مد كسرة الهمزة، ولما سهلت الهمزة ذهبت حركتها، وعلى ذلك تذهب الياء التي تولد منها، وتكون الياء الثانية بذلك هي التي حذفت.
ولو عمل بهذا الرأي لكانت صورة الكلمات على الشكل التالي (الصابئـ (ي) ـن، متكئـ (ي) ـن، خاسئـ (ي) ـن، خاطئـ (ي) ـن، المستهزئـ (ي) ـن)
وأي رأي يؤخذ فلن يؤثر على صورة الكلمة، ولا التلاوة لوجود ما يعرف القارئ بالمحذوف.
أبو مُسْلِم/ عبْد المَجِيد العَرَابْلِي(/)
المباحث (11 - 12) في سر حذف إحدى الياءين
ـ[العرابلي]ــــــــ[30 Jan 2009, 12:56 ص]ـ
المبحث الحادي عشر
بسم الله الرحمن الرحيم 3 - حكم ما تكررت فيه الياءان طرفًا وسكنت الثانية منهما
في القسمين السابقين جاءت الياء الثانية وسطًا، أي لا يصح الوقوف عليها، وما بعدها يكون متحركًا وجوبًا؛ لأنه لا يمكن نطق ساكنين متتاليين في وسط الكلمة، وعلى ذلك كان حذفها رسمًا، وبقاء لفظها نطقًا.
أما في هذا القسم؛ فقد جاءت الياء الثانية طرفًا، فيمكن الوقوف عليها بالسكون، وهي ساكنة سكونًا ميتًا، وما قبلها ياء مكسورة؛ لذلك تم حذفها رسمًا ولفظًا لإمكان الوقوف عليها، وكان الإجماع على حذف الياء الثانية، ولئلا تكون صورتان لتحولين يتعذر قيامهما معًا في آن واحد، وهذه الياء هي ياء أصلية من حروف الجذر (حيي)، وليست زائدة؛ كما في الآيات التالية:
قال تعالى: (وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِ (*) الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ (49) آل عمران.
قال تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ (*) الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَءَاثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (12) يس.
قال تعالى: (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ (*) اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ ءايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73) البقرة.
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِـ (يْ) ـمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ (*) الْمَوْتَى (260) البقرة.
قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ (*) الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) الحج.
قال تعالى: (أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ (*) المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (9) الشورى.
قال تعالى: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَيُحْيِ (*) الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19) الروم.
قال تعالى: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ (*) الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) يس.
قال تعالى: (فَانظُرْ إِلَى ءَاثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ (*) الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا (50) الروم.
قال تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ (*) الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا (17) الحديد.
قال تعالى: (فَانظُرْ إِلَى ءَاثَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ (*) الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ (*) الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) الروم.
قال تعالى: (إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ (*) الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) فصلت.
وكان فعل الله تعالى في الآيات السابقة؛ هو إحياء أشياء معينة محددة بعينها؛ وهي: (الموتى، الأرض، العظام)، وجاء بعد الياء لام التعريف ساكنة، فالتقى ساكنين، فكان إسقاط الياء رسمًا ولفظًا، ووقفًا ووصلاً.
أما الأمثلة التالية فقد جاء فيها بعد الياء حرف متحرك؛ فحذفت الياء رسمًا، وثبتت لفظًا في الوصل لا الوقف، ووضعت ياء فارسية (ے) للدلالة على الياء المحذوفة، وتسمى هذه الياء في التجويد: ياء الصلة، وهي صلة صغرى في جميع الأمثلة؛
قال تعالى: (إِذْ قَالَ إِبْرَاهِـ (يْ) ـمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِ (ے) وَأُمِيتُ (258) البقرة.
وفي قوله تعالى: (وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِ (ے) وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) الحجر.
وفي قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ (ے) وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) ق.
وفي قوله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِ (ے) هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا (259) البقرة.
وفي قوله تعالى: (وَاللَّهُ يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) آل عمران.
وفي قوله تعالى: (لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ (158) الأعراف.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَااتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (116) التوبة.
وفي قوله تعالى: (هُوَ يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (56) يونس.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (80) المؤمنون.
وفي قوله تعالى: (وَمِنْ ءَايَاتِهِ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِ (ے) بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا (24) الروم.
وفي قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68) غافر.
وفي قوله تعالى: (لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمْ الأَوَّلِينَ (8) الدخان.
وفي قوله تعالى: (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) الحديد.
حَذْفُ ياء التحول الساكنة، يفيد الاستمرار، وتحرك ما قبلها دعم هذا الاستمرار.
ففي الأمثلة الأخيرة وافق الحذف صفة الله تعالى الدائمة بأنه يحيي ويميت، متى شاء ولأي شيء شاء. وأن قدرة الله عز وجل مستمرة في الإحياء والإماتة.
وأن الأشياء التي أحياءها الله تعالى؛ الموتى، والعظام، والأرض؛ حدث له انقطاع بالموت، وكان في الإحياء استمرار لها.
وكان الإحياء كله عمل لله تعالى، وعمل عيسى عليه السلام كان بإذن الله عز وجل؛ (وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ).
وقد قدم الإحياء على الإماتة؛ (يحيي ويميت)؛ لأنه الله تعالى لا يميت شيئًا قبل أن يحييه أولاً، فأُثبت اللفظ بالياء؛ لإثبات الصفة لله عز وجل، وحذف رسمها؛ ليدل على استمرار هذه الصفة بتكرار الفعل لله؛ بالإحياء الثاني للناس يوم القيامة، أو إحياء الأرض مرة بعد مرة بإنزال المطر، وإنبات النبات فيها.
وكذلك كان حذف ياء يستحيي، وهي من نفس الجذر (حيي)، فلم يأت بعدها ساكن؛ فثبتت لفظًا عند وصل القراءة، ووضعت ياء فارسية للدلالة على ثباتها وصلاً في التلاوة لا وقفًا؛
في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِ (ے) أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا (26) البقرة.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ (ے) مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ (ے) مِنْ الْحَقِّ (53) الأحزاب.
وفي قوله تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ (ے) نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (4) القصص.
وفي قوله تعالى: (قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ (ے) نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) الأعراف.
ومعنى الاستحياء الامتناع، فالله لا يمتنع من ضرب الأمثلة بأقل المخلوقات؛ كالبعوضة فما فوقها.
والنبي يمتنع من إخراج الجالس في بيته، وإن لحق من طول بقاء جليسه، مشقة عليه وأذى.
والله لا يمنعه مانع من قول الحق، وتنبيه المؤمنين لما يتأذى منه النبي صلى الله عليه وسلم.
وفرعون كان يقتل الأطفال الذكور من أبناء بني إسرائيل، ويمتنع عن قتل النساء.
وقد كان حملهم لهذه الصفات حملا دائمًا مستمرين عليه.
ولنفس الأسباب حذفت ياء وليِّي رسمًا، وثبتت لفظًا في الوصل لا الوقف؛
قال تعالى: (رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ (ے) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف.
ويقال في (وليي) مثل القول في (يحيي) أُثبت اللفظ بالياء لإثبات الصفة لله وحذف رسمها ليدل على استمرار هذه الصفة (أَنْتَ وَلِيِّ (يْ) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)
أبو مُسْلِم/ عبْد المَجِيد العَرَابْلِي
المبحث الثاني عشر
بسم الله الرحمن الرحيم 4 - حكم ما اجتمع فيه الياءان طرفًا وتحرك ثانيهما
قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْـ (ي) ـِيَ الْمَوْتَى (33) الأحقاف.
قال تعالى: (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْـ (يِ) ـِيَ الْمَوْتَى (40) القيامة.
قال تعالى: (لِنُحْـ (يِ) ـِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) الفرقان.
ياء يُحْيِيَ حركت بالفتح لأنها نصبت بأن، ونُحْيِيَ نصبت بلام التعليل، والياءان في هذا النوع مختلفتان عن بقية الأنواع الأخرى من حيث أنهما متحركتان، ولم تكن إحداهما ساكنة، وحذفت إحداهما في الرسم، والمتفق عليه هو حذف الياء الأولى؛ لأن الثانية حملت علامة النصب، ولأن الأولى قابلة للإدغام في الثانية إذا سكنت. ما عدا وليّي الآتية لأنها مشددة.
أما (حَيَّ) في قوله تعالى: (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيََّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) الأنفال. فقد قرأ قنبل، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص، وحمزة، والكسائي؛ (حَيََّ)، بالتشديد، وقرأ الباقون: (حَـ (يِ) ـيَ) بتحريك الياءين.
وحيِيَ فعل ماضي مبني على الفتح، وفي مذهب الخليل يجوز في مثلها الإدغام مع التشديد؛ كما وردت في الآية، وعدم الإدغام وهو الأصل.
وأما (وليِّيَ) في قوله تعالى: (إِنَّ وَلِـ (يِّ) ـيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) الأعراف.
فقد نصبت وليِّيَ بإنّ؛ فكانت الياء الأولى المشددة محركة بالكسر، والثانية بالفتح، ولها نفس حكم وتعليل تحرك الياء الثانية في (يُحيِيَ).
فإثبات لفظ الياء وحذف رسمها في المواضع الثلاثة الأولى إثبات الصفة لله تعالى، واستمرار القدرة له عز وجل على الإحياء مرة أخرى.
وكذلك من حيَّ الإيمان حياة يستمر عليها، ولا يكون كمن هلك على الكفر.
وكذلك من جعل وليه الله تعالى؛ فالمقصود بولاية الله الدائمة له، ودعمت بـ (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) ولم يخرج نفسه من الصالحين.
بهذا انتهت بفضل الله تعالى الأبحاث الأربعة في حذف إحدى الياءين من المكررة.
أبو مُسْلِم/ عبْد المَجِيد العَرَابْلِي(/)
أنواع الماء كما وردت في القرآن الكريم
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[30 Jan 2009, 08:51 ص]ـ
ذكر القرآن الكريم 23 نوعا من المياه لكل منها طبيعته الخاصة وهي
1 - الماء المغيض وهو الذي نزل في الأرض وغاب فيها
غاض الماء: قل ونقص
قال تعالى
(وغيض الماء وقضى الأمر) هود44 .......
2 - الماء الصديد وهو شراب أهل جهنم
قال تعالى
........... (من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد) إبراهيم16
3 - ماء المهل القطران ومذاب من معادن أو زيت مغلي
قال تعالى
(وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) الكهف29 ......
4 - ماء الأرض الذي خلق مع خلق الأرض ويظل في دوره ثابتة حتى قيام الساعة
قال تعالى
....... (وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض) المؤمنون18
5 - الماء الطهور وهو العذب الطيب
قال تعالى
(وأنزلنا من السماء ماء طهورا) الفرقان48 .....
6 - ماء الشرب
قال تعالى
......... (هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب) النحل10
7 - الماء الأجاج شديد الملوحة وهو غير مستساغ للشراب
قال تعالى) مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج (الفرقان53
وقال تعالى) هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج) فاطر12
وقال تعالى) لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون (الواقعة70 ......
8 - الماء المهين هو الضعيف والحقير ويقصد به مني الرجل لضعف تحمل مكوناته للعوامل الخارجية
قال تعالى (ثم جعل نسله من سلاله من ماء مهين) السجدة8
.......... وقال تعالى (ألم نخلقكم من ماء مهين) المرسلات20
9 - الماء غير الآسن معنى الآسن: غير متغير الرائحة، والآسن من الماء مثل الآجن، وقد أسن الماء يأسن أسناً وأسوناً إذا تغيرت رائحته
وهو الماء الجاري المتجدد الخالي من الملوثات
قال تعالى واصفا أنهار الجنة
(فيها أنهار من ماء غير آسن (محمد15 ........
10 - الماء الحميم حم الماء: أي سخن والماء الحميم: شديد السخونة والغليان
قال تعالى
........ (وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم) محمد15
11 - الماء المبارك الذي يحي الأرض وينبت الزرع وينشر الخير
قال تعالى
(ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد) ق9 .....
12 - الماء المنهمر المتدفق بغزاره ولفتراتطويلة من السماء فيهلك الزرع والحرث
قال تعالى
........ ) ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر (القمر11
13 - الماء المسكوب الملطف للأرض ويعطى الإحساس بالراحة للعين
قال تعالى
(وظل ممدود * وماء مسكوب) الواقعة30_31 ............
14 - الماء الغور الذي يذهب في الأرض ويغيب فيها فلا ينتفع منه
قال تعالى
......... (أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا) الكهف41
15 - الماء المعين الذي يسيل ويسهل الحصول عليه والانتفاع به
قال تعالى
(فمن يأتيكم بماء معين (الملك30 ..........
16 - الماء الغدق الوفير
قال تعالى
......... (و ألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا (الجن16
17 - الماء الفرات الشديد العذوبة
قال تعالى
(و أسقيناكم ماء فراتا) المرسلات27 .........
18 - الماء الثجاج وهو السيل
قال تعالى
........ (وأنزلنا من المعصرات ماءا ثجاجا) النبأ14
19 - الماء الدافق وهو منى الرجل يخرج في دفقات
قال تعالى
(خلق من ماء دافق (الطارق16 ......
20 - ماء مدين قال تعالى
......... (ولما ورد ماء مدين) القصص231
21 - الماء السراب ما تراه العين نصف النهار كأنه ماء
قال تعالى
(والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء) النور39 .....
22 - ماء الأنهار و الينابيع الذي يسقط من السحاب فيجرى في مسالك معروفه
قال تعالى
....... (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض) الزمر21
23 - الماء السلسبيل وهو ماء في غاية من السلاسة وسهوله المرور في الحلق من شده العذوبة وينبع في الجنة من عين تسمى سلسبيلا لآن ماءها على هذه الصفة
قال تعالى
(عينا فيها تسمى سلسبيلا) الإنسان18
ـ[أبوحمزه المدني]ــــــــ[20 Mar 2009, 04:22 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[محمد زكريا مقبول أحمد]ــــــــ[21 Mar 2009, 03:19 ص]ـ
جهد طيب يشكر عليه صاحبه لكن يا حبذا لو كان مرتبا مقسما لكان أفضل وأحسن
ـ[أبو المهند]ــــــــ[21 Mar 2009, 06:33 ص]ـ
.
جهد طيب يحتاج إلى نظر وترتيب وضم النظير إلى النظير.
ـ[عبير ال جعال]ــــــــ[19 Jul 2010, 05:49 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
( http://www.bezaat.com/) بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر القرآن الكريم 23 نوعا من المياه لكل منها طبيعتها الخاصة وهى:
الماء المغيض
وهو الذي نزل في الأرض وغاب فيها وغاض الماء: قل ونقص
يقول تعالى (وغيض الماء وقضى الآمر) هود44
*********
الماء الصديد
وهو شراب أهل جهنم
يقول تعالى (من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد) ابراهيم16
********
ماء المهل
القطران ومذاب من معادن أو زيت مغلي
يقول تعالى (وأن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه) الكهف
29
********
ماء الأرض
الذي خلق مع خلق الأرض , ويظل في دوره ثابتة حتى قيام الساعة
يقول تعالى (وأنزلنا من السماء ماء بقدر
فأسكناه في الأرض) المؤمنون 18
*********
الماء الطهور
وهو العذب الطيب
يقول تعالى (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) الفرقان48
********
ماء الشرب
يقول تعالى (هو الذي انزل من السماء ماء لكم منه شراب) النحل 10
********
الماء الأجاج
شديد الملوحة وهو غير مستساغ للشراب
يقول تعالى (مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج
) الفرقان
53 ويقول تعالى (هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج) فاطر12
ويقول تعالى (لو نشاء جلعناه أجاجا فلولا تشكرون) الواقعه70
*********
الماء المهين
هو الضعيف والحقيرويقصدبه منى الرجل لضعف تحمل مكوناته للعوامل الخارجية
يقول تعالى (ثم جعل نسله من
سلاله من ماء مهين) السجده8
ويقول تعالى (الم نخلقكم من ماء مهين) المرسلات20
**********
غير الآسن
وهو الماء الجاري المتجدد الخالي من الملوثات
يقول تعالى واصفا أنها الجنة (فيها انهار من ماء غير أسن
) محمد15
*********
الماء الحميم
حم الماء: أي سخن والماء الحميم: شديد السخونة والغليان
ويقول تعالى (وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم) محمد15
*********
الماء المبارك
الذي يحيى الأرض وينبت الزرع وينشر الخير
يقول تعالى (ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد) ق9
*******
الماء المنهمر
المتدفق بغزاره ولفترات طويلة من السماء فيهلك الزرع والحرث
ويقول تعالى (ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر) القمر11
**********
الماء المسكوب
الملطف للأرض ويعطى الإحساس بالراحة للعين
يقول تعالى (وظل ممدود وماء مسكوب
) الواقعه30_31
************
الماء الغور
الذي يذهب في الأرض ويغيب فيها فلا ينتفع منه
يقول تعالى (قل أرأيتم أن أصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا) الكهف41
********
الماء المعين
الذي يسيل ويسهل الحصول عليه والانتفاع به
يقول تعالى (فمن يأتيكم بماء معين) الملك30
***********
الماء الغدق
الوفير
يقول تعالى
(ولو استقاموا على الطريقة لاستقيناهم ماء غدقا) الجن16
************
الماء الفرات
الشديد العذوبة
يقول تعالى (واسقينا كم ماء فراتا) المرسلات27
***********
الماء الثجاج
وهو السيل
يقول تعالى (وأنزلنا من المعصرات ماءا ثجاجا) النبأ14
************
الماء الدافق
وهو منى الرجل يخرج في دفقات
يقول تعالى (خلق من ماء دافق) الطارق16
***************
الماء المدين
يقول تعالى (ولما ورد ماء مدين) القصص 23
*************
الماء السراب
ما تراه العين نصف النهار كأنه ماء
يقول تعالى (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعه يحسبه الظمأ ن ماء) النور39
*****************
الأنهار والينابيع
الذي يسقط من السحاب فيجرى في مسالك معروفه
يقول تعالى (الم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض) الزمر 21
*********
الماء السلسبيل
وهو ماء في غاية من السلاسة وسهوله المرور في الحلق من شده العذوبة وينبع في الجنة من عين تسمى سلسبيلا لآن ماءها على هذه الصفة
يقول تعالى (عينا فيها تسمى سلسبيلا) الإنسان
ـ[فجر الأمة]ــــــــ[19 Jul 2010, 07:34 م]ـ
سمر الأرناؤوط
المعتزه بالله
جزاكما الله خيرا،، ونفع بكما الأمة
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[19 Jul 2010, 08:08 م]ـ
بارك الله بالأستاذة عبير على هذه المعلومة الثجاجة الزلال. ونتمنى عليها المزيد منها. وأضيف الى تلك الأنواع من المياه: نوع شفا الله تعالى به أيوب عليه السلام بالماء البارد الذي فيه شفاء باطني وخارجي حينما اغتسل منه وشرب وذلك بقوله تعالى:
ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ.
وهذه إضافة يا دكتورة سمر ليست أيضاً في مشاركتك. ففي التكرار أحياناً تذكار وإقرار وإصرار.
ـ[محمد قاسم اليعربي]ــــــــ[20 Jul 2010, 03:31 م]ـ
( http://www.bezaat.com/)
الماء المدين
يقول تعالى (ولما ورد ماء مدين) القصص 23
أشكرك على ما ذكرت ولكن .....
قول الله تعالى (ولما ورد ماء مدين)
ليست مدين صفة للماء وإنما هي مضاف إليه والمعنى ولما جاء موسى إلى بئر مدينة مدين
وبناء عليه لا يعتبر ماء مدين من أنواع الماء المذكور في القرآن.
والله أعلم
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[20 Jul 2010, 03:37 م]ـ
أشكرك على ما ذكرت ولكن .....
قول الله تعالى (ولما ورد ماء مدين)
ليست مدين صفة للماء وإنما هي مضاف إليه والمعنى ولما جاء موسى إلى بئر مدينة مدين
وبناء عليه لا يعتبر ماء مدين من أنواع الماء المذكور في القرآن.
والله أعلم
أخي الحبيب المقصود هنا ماء الآبار وهي نوع مهم من أنواع المياه وبئر مدين من أحدها. وماء البئر له طعم لذيذ بارد. هل جربته يوماً؟؟؟ صحتين وعافية
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد قاسم اليعربي]ــــــــ[20 Jul 2010, 04:38 م]ـ
في رأيي أنه لا يوجد في القرآن غير أربعة أنواع من الماء وهي:
-ماء المطر
-الماء العذب
-الماء المالح
- ماء المني
وبقية الأنواع المذكورة ما هي إلا أحوال وكيفيات للماء
والله أعلم.
ـ[عاطف الفيومي]ــــــــ[20 Jul 2010, 05:18 م]ـ
جزاك الله خيرا معلومات طيبة وجهد موفق ..
ولكن كما ذكر الإخوة هذه الأنواع في إضافتها إلى أنها أنواع الماء فيه نظر ويحتاج إلى مزيد بحث ..
وقد ذكر الفقهاء في كتبهم أن الماء الذي ينسحب عيه كلمة نوع من حيث مصدره كماء السماء سواء الثجاج أو غيره وماء الآبار والعيون والأنهار وماء البحر .. ثم تكلموا على أنها ينبني عليها أحكام فقيه متعلقة بالطهارة وغيرها ..
أما الحال في المشاركة أن الماء هنا ما هو إلا بحسب حاله أو صفاته كماء الصديد وماء الثجاج وماء الغيض فهذه ليست أنواع إنما هي أحوال وصفات للماء ..
وكذلك:
الماء المدين
يقول تعالى (ولما ورد ماء مدين) القصص 23
*************
الماء السراب
ما تراه العين نصف النهار كأنه ماء
يقول تعالى (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعه يحسبه الظمأ ن ماء) النور39
*****************
فهذا سراب لا ماء بالأصل فينبغي ألا نحمل نصوص القرآن أكثر مما تحتمل حتى لا نذهب الحكمة من ذكرها في القرآن بهذه الصفات والأحوال والأنوع .. وأعتقد أنه يجب علينا أن نضبط مثل هذا الإطلاقات حتى لا نقع في تناقضات وملاحظات ..
وأشكر الأخ الكريم مرة أخرى وفقنا الله لكل خير .. ورزقنا ماء سلسبيلًا
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[20 Jul 2010, 05:28 م]ـ
ذكر الدكتور أحمد الكبيسي حفظه الله في برنامج الكلمة وأخواتها وهو يتحدث عن منظومة حياض الماء، ذكر وظائف الماء وهذا نص ما جاء في تلك الحلقة المفرّغة:
نتكلم عن وظائف الماء التي جاءت في القرآن والقرآن تكلم عن الماء بشيء عجيب. وهناك من بحث وكتب كتاباً عن الماء والقرآن الكريم ويجب على أصحاب العلم بالماء أن يكتبوا أكثر من هذا الموضوع ويبينوا الإعجاز العلمي في الماء وخاصة ماء زمزم الماء المعين.
الماء الحميم: (وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ (15) محمد) ماء شديد الحرارة لكنه يُشرَب، أنت الآن لو غليت ماء يمكن أن تشربها. يوم القيامة ماء حميم يشربه أهل النار ثم لما يصل إلى بطونهم تتقطع أمعاؤهم.
الماء العذب: (هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ (53) الفرقان) العذب هو طيب المذاق فيه حلاوة وهناك حالات معينة تكون أنت عليها بعد عطش شديد تشعر أن الماء فيه حلاوة.
الماء السائغ: سهل الإنحدار إلى جوفك. أحياناً إذا كان مثلجاً جداً بحيث لا يمكن أن تشربه من شدة برودته وتغص به وكذلك إذا كان حاراً لكن عندما يكون بوزن معين يسوغ كما يقول الشاعر:
وساغ لي الشراب وكنت قبلاً أكاد أغص بالماء الفرات
فالماء السائغ هو الذي يكون سهل الإبتلاع وسهل الإنحدار إلى جوفك (هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ (12) فاطر).
الماء الصديد: (مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ (16) إبراهيم) الماء المتعفن بين الجلد واللحم، كل من يُجرح يخرج من جرحه صديد بين جلده وعظمه، كل مخلوق حيواني بين جلده وعظمه ماء، هذا الماء لانحساره وانحباسه يصبح متعفناً وهذا بعض شرابات أهل النار والعياذ بالله هناك شرابات أخرى ومن شراباتهم ماء الصديد.
ماء الدمع: ماء جميل وهذا ماء له لغة. الدمع لغة وهناك من تسيل دموعه محبة أو فرحاً أو حزناً أو لفراق حبيب أو لقاء حبيب (وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) المائدة) وإلى الآن هناك من يسمع آية قرآنية معينة أو حديثاً في حالة معينة تسيل دموعه فرحاً أو حزناً أو اعتباراً وهناك من يحزن لفوات خير (وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ (92) التوبة). الفقهاء كان لهم مع الدمع حديث طويل الإمام عبد الرزاق صاحب كتاب المصنف يقول:
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ورأيت كيف نوزع التوديعا
(يُتْبَعُ)
(/)
لعلمت أن من الدموع محدثاً وشهدت أن من الحديث دموعا
وما من شاعر تحدث عن الحب أوالفراق إلا وفيه دمع فالدمع أساس لكل مشاعر الإنسان من فرح أو ترح، دموع الفرح ودموع الحزن من اللغة المشتركة للإنسان ويقال أن بعض الحيوانات تبكي. قال أحدهم:
إني رأيت دموع العين ساقطة يا ليتها سقطت في ذلك الكأس
لأمزج الدمع بالماء وأشربه فالدمع يخبرني عن كل إحساس
الماء الثجاج: (وَأَنزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا (14) النبأ) المتلاطم كالموج الهائج.
الماء الطاغي (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ (11) الحاقة) الماء المخرِّب، الفيضان. الثجاج يسير ببطء، لما ينزل المطر في البداية يسيل ببطء ثم يتجمع حتى يصير موجاً.
الماء الدافق: بقوة كالبئر المتفجرة (خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ (6) الطارق).
الماء الجاري: الذي لايتوقف (تجري من تحتهم الأنهار)
الماء المعين: من العين التي لا تنضب كماء زمزم، وهناك ماء جاري الذي لا يتوقف هناك أشياء تجري مثل السيل لكن ينتهي بيوم أو يومين أو ساعة أو ساعات فإذا كان مستمراً يقال جرى (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (51) الزخرف) وهو النيل وماء النيل لا يتوقف.
الماء الوهن: الماء السراب (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء (39) النور)
الماء الغدق: (لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا (16) الجن) الغزير. يقال فلان يغدق عليك الهبات أي بشيء كبير متواصل. الغدق هو الماء الوفير الكثير الذي أكثر ما تحتاجه.
الماء الملح الأجاج: شديد الملوحة (وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ (53) الفرقان).
الماء الفرات: شديد العذوبة. الماء العذب هو الحلو فإذا كان شديد العذوبة يقال له فرات، ودرجات العذوبة تتفاوت (وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتًا (27) المرسلات) لذا يقال النيل والفرات ينبعان من الجنة والرسول صلى الله عليه وسلم تحدث عن هذا كثيراً. الماء الأجاج شديد الملوحة (وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ)، وهناك عذب كثير إذا كان العذب عذباً بشكل شديد يسمى فراتاً. قال شوقي في نهر دجلة:
يا شراعاً وراء دجلة يجري في دموعي تجنبتك العوادي
هذه دعوة ما استجيبت للأسف اجتمعت العداوي على الفرات وإن شاء الله تعالى سيزول هذا الظلم.
الماء المعين: (فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاء مَّعِينٍ (30) الملك) العين التي لا تنضب مثل ماء زمزم وهناك من العيون في العالم كله لا تنضب وفي الإمارات بعض العيون تمتد إلى إفريقيا ولا تنضب.
الماء المهين: (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ (8) السجدة) المفسرون لم يدركوا أن (مِن) هذه تبعيضية وقالوا أن الإنسان خلق من ماء مهين، كيف تكون مهيناً وهذا خلق الله عز وجل؟ الذي يحصل أن الخصيتين تقومان بإنتاج 300 مليون حيوان منوي (حيمن) في اليوم فقط واحد منها يلقح والباقي يذهب فضلات والله تعالى يقول أن هذا الإنسان خُلِق بهذا الحيمن الواحد من مجموعة كبيرة التي ذهبت فضلات (مهين)، الحيمن الواحد هذا مقدّس (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ (70) الإسراء). أنت تستخرج الذهب من التراب والتراب تافه، واللؤلؤ يستخرج من الشعب المرجانية والوحل البحري، أعظم مضاد حيوي وهو البنسيلين مستخرج من عفن الخبز. رب العالمين قال (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12) المؤمنون) السلالة إنفصال البويضة إلى أن أصبحت نطفة التي هي خلق الله عز وجل. السائل المنوي الذي فيه بالملايين تذهب إلى الفضلات وتأخذ الحيمن الواحد هذا ليس مهيناً وإنما نشأت وسط جو مهين أما هي فليست مهينة، الدُرّة ليست مهينة ولكن الوحل الذي كانت فيه مهين.
الماء الرحمة: هذا من الماء الجميل كما يسمونه أهل الإمارات (مطر الرحمة) ويسبشرون به (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) الشورى) فالمطر الذي يحيي موات الأرض والشجر الذي لم يكن حياً يسمى رحمة (فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا (50) الروم).
(يُتْبَعُ)
(/)
الماء المطر: هو المؤذي (وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ (173) الشعراء) القرآن يستعمل المطر بالعذاب والغيث عندما ييأس الناس ويستمطرون ثم يمطر الله عز وجل السماء فيسمى غيثاً (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا) نقول اللهم أغثنا ولا نقول اللهم أمطرنا. المطر عذاب والغيث رحمة.
القرآن يحدثنا عن ماء لا يأسن. في الأرض أي ماء يتغير طعمه أما في يوم القيامة فالماء غير آسن (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ (15) محمد) في الجنة.
الماء الوابل: هو ماء ثقيل. هناك مطر غزير لكنه ممتع وهناك مطر ثقيل إلى حد لا يمكنك أن تدخل تحته ويؤدي إلى كوارث (كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا (264) البقرة) الوابل يعني من قوته وثقله يحفر الأرض تماماً وعكسه الطلّ (فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ (265) البقرة).
الماء المُهل: (وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ (29) الكهف)
الماء المنهمر: (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ (11) القمر) هو الذي يبدأ شيئاً خفيفاً ثم يشتد إلى يصبح الماء مستمر النزول بقوة يسمى إنهماراً. أول الغيث قطر ثم ينهمر. إذا كان ينهمر ويتقطع يسمى صبّاً (أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا (25) عبس) (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) الفجر) ليس مستمراً وإنما متقطعاً وإذا إستمر فهو إنهمار (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ). (يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19) الحج) فالصب متقطع والإنهمار مستمر.
الماء الدافق: (خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ (6) الطارق) الخصيتين تنتجان 300 مليون حيمن والذي يلقح واحد فقط. هذا الحيمن ينبغي أن يصل إلى البويضة خلال عشرين دقيقة والمسافة من بداية الجماع إلى البويضة تساوي نسبياً 100 كيلومتر فإذا مرت عشرون دقيقة فأكثر فلا يكون هناك تلقيح. خلق الله تعالى الماء الدافق لكي ينطلق بقوة ليصل الحيمن إلى البويضة بعشرين دقيقة ولهذا الإنسان كبير السن ولم يعد الماء دافقاً عنده فلا يصل الحيمن لذا لا يعود هناك حمل.
أهمها وأعلاها الماء الطهور (وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا (48) الفرقان) وهو أشرف صفات الماء في الدنيا طاهر في نفسه مطهر لغيره، الماء طاهر مطهِّر لذا قال تعالى (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) البقرة) (وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) التوبة) المتطهر هو الذي كلما أحدث توضأ فإذا إستمر على الطُهر طيلة النهار فهو مطهّر والله تعالى يحب هذا ويحب هذا وهذا فيه كلام كثير لأنه من المتشابه والمتشابه يحتمل معاني كثيرة.
**********************
إنتهى نص ما جاء في الحلقة.
**************
أما ما ورد في المشاركات السابقة عن ماء مدين فهو كما ذكر الإخوة ليس نوعاً من الماء ولا وظيفة للماء وإنما هو ماء قوم مدين أو قبيلة مدين أو ديار مدين والله أعلم.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[20 Jul 2010, 05:59 م]ـ
أبحاث عن الماء في القرآن:
1 - الماء النازل من السماء في ضوء القرآن الكريم لـ د. تركي الهويمل، منشور في مجلة الدراسات القرآنية للجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه العدد السادس.
2 - أسباب أَمْن الماء في القرآن الكريم، لـ أ. د عبد العزيز العبيد، منشور في مجلة الجامعة الإسلامية العدد 139
3 - البحر في القرآن الكريم آيات ودلالات، لـ د. عبدالله الرومي، منشور في مجلة الدراسات القرآنية للجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه العددالخامس.
ـ[عبير ال جعال]ــــــــ[22 Jul 2010, 03:55 م]ـ
أولاأ شكر الأخوة الذين علقو على الموضوع وهذا هوالهدف من طرحي للمو ضوع لانني قد رأيته في كثير من الملتقيات بهذه الصورة وأنا أعلم ببعض ماقام الأخوة بعرضه لكنني قد مررت بوعكة صحية فلما استطع الدخول والرد
نهاية وفقكم الله هذا ما أحببت أن أظفر به من التصحيح فهذا هو الأصل بأن نضيف كل شيء حول هذا الموضوع
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[22 Jul 2010, 04:27 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
مرحباً بعودتك أختي الفاضلة المعتزة بالله وشفاك الله وعافاك من كل وعكة. طهور إن شاء الله.
ـ[عبير ال جعال]ــــــــ[22 Jul 2010, 05:05 م]ـ
لكن يبقى السؤال؟ ما صِحة ما يُقال عن أنواع المياه في القرآن الكريم؟ ( http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=81105)
لا يصحّ اعتبار كل ما ذُكِر مِن أنواع المياه؛ لأن بعضها أوصاف وليست أنواعا، كما أنه تم التفريق بين المتماثلات، وهي تدخل تحت مُسمّى واحد، أو تحت نوع واحد.
وخذ على سبيل المثال:
(الماء المغيض) لا يصح اعتباره ماء، ومثله (الماء الغور)، وإنما هي حال مآل الماء إلى باطن الأرض.
(ماء المهل) لا يصح اعتباره ماء؛ لأن الله عَزّ وَجلّ شبّه الماء بالْمُهْل، فقال: (بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ) أي: مثل الْمُهْل؛ لأن الكاف حَرْف تشبيه.
قال الجوهري في " الصحاح ": وقوله تعالى: (يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ) يُقال: هو النحاسُ المُذابُ. وقال أبو عمرٍو: المُهْلُ: دُرْدِيُّ الزَيْتِ. قال: والمُهْلُ أيضا: القَيْحُ والصَديدُ. اهـ.
وما اعتُبِر (ماء الأرض) هو ما اعُتبِر (الماء الطهور) وهو (ماء الشُّرب) وهو (الماء المبارك)؛ لأن كل ذلك مما أنَزله الله مِن السماء، وامْتَنّ به على عباده، فهو شيء واحد.
وكذلك (الماء الغدق) ولا (الماء الفرات) ولا (الماء الثجاج) لا يصح اعتبارها أنواعا مُتغايرة؛ لأنها ترجِع إلى أصل واحد، مثل التي قبلها.
ولا يصح اعتبار ماء الرجل ولا ماء المرأة مِن أنواع المياه!
وكذلك ما يتعلّق بالسراب؛ لأنه ليس ماء في الحقيقة، وإنما يُخيّل إلى الناظِر أنه ماء!
واخْتُلِف في: (سلسبيل) هل هو اسم عَيْن في الجنة، أو هو وصْف؟.
قال ابن منظور في " لسان العرب ": يجوز أَن يكون السَّلْسَبيل اسْمًا للعَين فنُوِّن، وحَقُّه أَن لا يُجْرى لتعريفه وتأْنيثه، ليكون موافقاً رؤوس الآيات المُنوَّنة ... ويجوز أَن يكون سَلْسَبيل صفة للعين ونعتًا له، فإِذا كان وصفًا زال عنه ثِقَلُ التعريف واسْتَحَقَّ الإِجراء. اهـ.
وقال البغوي في تفسيره: ومعنى قوله: " تسمى" أي تُوصَف؛ لأن أكثر العلماء على أن سلسبيلا صِفة لا اسْم. اهـ.
وما مدْيَن: نِسبة إلى المكان، الذي نُسِب إلى مدين، وليس نوعا من أنواع المياه، بل هي بئر معروفة، يَرِدها الناس للسقيا.
والماء المنهمر: وصْف أيضا.
ولو قيل: مواطِن ذِكْر الماء في القرآن، لكان التعبير صحيحا.
والله تعالى أعلم.
منقول من هنا
http://www.almeshkat.net/vb/showthread.php?t=81105(/)
معالم الاستنباط في علم التفسير
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[30 Jan 2009, 02:08 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين , أما بعد:
فهذا بحث: (مَعَالِمُ اَلاسْتِنْبَاطِ فِي عِلْمِ الْتَّفْسِيرِ) , والمنشور في العدد الرابع من مجلة معهد الإمام الشاطبي , أحببتُ تقريبه بين يدي إخواني في الملتقى ليَكمُلَ على أيديهم تحريراً وتعقيباً , وبالله تعالى التوفيق.
أخوكم أبو بيان نايف بن سعيد الزهراني
صباح الخميس 3/ 2/1430هـ
* * * *
(ملخص البحث)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
فهذا بحث بعنوان (معالم الاستنباط في علم التفسير) , يكشف عن جوانب من علمٍ جليلٍ من علوم القرآن الكريم, تأتي مرتبته بعد معرفة ألفاظ القرآن الظاهرة, ومعانيه المباشرة, ويختصُّ بمعاني المعاني, وما وراء الألفاظ من المعاني المتصلة بالآية من غير لفظها المتبادر ومعناها المباشر.
ويهدفُ هذا البحث إلى تأصيل مسائل ومعارف علم الاستنباط في فَنِّ التفسير, من خلال نصوص العلماء وأئمة المفسرين وتطبيقاتهم, مع إبراز مناهجهم في عرض المعاني المستنبطة, وشروط الاستنباط, وآداب المستَنبِط.
وقد تناول البحثُ هذا الموضوع من جانبٍ تمهيدي نظري, ثم تطبيقي عملي؛ وذلك بعرض نموذج تطبيقي من استنباطات الصحابة رضي الله عنهم في التفسير, ثم إبراز مسائل علم الاستنباط منه وتطبيقها عليه من خلال منهج تحليلي نقدي؛ يتناول هذا النموذج بالتحليل ودراسة الأقوال وما بُنيت عليه, ثُمَّ الحكم عليها, وبيان الراجح في موضع الخلاف, مع التعرض لعدد من المسائل الواردة في الرواية, ممَّا له علاقة بعلم التفسير وأصوله.
وقد أبرز البحث عِدَّةَ نتائج تتعلق بفروع من علم التفسير, يُرجَى لها أن تعود بفوائد حسنة - إن شاء الله تعالى - في جانب الدراسات التفسيرية بعامَّة.
(المقدمة)
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين, أما بعد:
فموضوع هذا البحث يرصد جانباً هاماً من جوانب علوم القرآن الكريم, هو من ألصق علومه بعلم التفسير, ويحاول إبراز أصوله وقواعده المبثوثة في كتب التفسير وعلومه, ويتجاوز ألفاظ القرآن ومعانيه المباشرة إلى ما وراءها من معاني وأحكام, فإن الناظر في موضوعات كتب التفسير يجدها قائمة على ثلاثة أنحاء: بيان الألفاظ والمعاني – وهذا صلب التفسير وحَدُّه -, وبيان معاني المعاني – وهذا مجال الاستنباط -, ولا يخرج حديث مفسر ما عن هذه الأنحاء, وقد اهتم العلماء كثيراً ببيان وتحرير الجانب الأول من هذه الموضوعات: ألفاظ القرآن ومفرداته, فظهرت كتب غريب القرآن, وإعراب القرآن, ومتشابه الألفاظ, والوجوه والنظائر, ونحوها ممَّا تناول الألفاظ القرآنية مفردة.
كما ظهر اهتمام العلماء بجانب المعاني في كتب معاني القرآن, ومشكلات القرآن, ومتشابه المعاني, وأحكام القرآن, ومبهمات القرآن, وغيرها من الكتب القائمة على معاني الآيات وأساليبها درساً وإيضاحاً.
أما جانب معاني المعاني, ومستتبعات التراكيب, والاستنباطات القرآنية, فهو بابٌ جليل, لم يأخذ حظَّه من التحرير والتأصيل, مع كون هذا العلم من ألصق العلوم بعلم التفسير, بل هو شطر موضوع كتب التفسير كما سيأتي بيانه.
ومع قيامِ عدد من كتب العلماء على الاستنباط جمعاً وتطبيقاً - كما سيأتي ذكره إن شاء الله - إلا أنها تكاد تكون خالية من حديث مباشر عن هذا العلم؛ يرتقي به إلى أن يكون من علوم القرآن الظاهرة المشهورة, ذات القواعد الثابتة الجامعة لأشتات أفرادها وجزئياتها تحت نظام واحد.
وفي سبيل الوصول إلى هذه الغاية الجليلة, رأيت أقرب طريق يحقق المراد منها: تصفح تفاسير السلف في القرون الثلاثة الأولى المفضلة في كل علم وخير وهدى؛ الذين أدركوا مَنْزلة علم التفسير من الدين فنَزل منهم أشرفَ منْزل وأعلاه, وتفرَّغ له طائفةٌ منهم, فأفنوا فيه أعمارهم تحصيلاً وتأصيلاً, وسلكوا لنشره وتبيينه للناس كُلَّ سبيل, فكان بيانهم أحسن بيان, وجاء استنباطهم أدَقَّ استنباطٍ وألطفه, ولا غرو؛ فهم خير هذه الأمة وأفضلها بشهادة خير البرية صلى الله عليه وسلم (1).
(يُتْبَعُ)
(/)
وعمدت من تفاسير السلف إلى تفاسير الصحابة على الخصوص؛ وإن الناظر ليعجب من فقه الصحابة في تفاسيرهم, ودقة استنباطهم رضي الله عنهم, فقد بلغوا في هذا الباب درجة لا تكاد تجد مثلها لمن بعدهم, وليس هذا بمستغرب من مثلهم؛ فباب الاستنباط مبنيٌ على زكاء نفس, وقوة نظر, وجودة قريحة, وصحة فهم, وحسن بيان, وقد جاؤوا من ذلك باللُّبَاب. ومن خلال دراسة بعض أقوالهم في التفسير ظهر لعمر بن الخطاب, وعلي بن أبي طالب, وعبد الله بن عباس رضي الله عنه تميزاً ظاهراً عن غيرهم من الصحابة في هذا الباب؛ ولعل ذلك سببَ عَدِّهم من أعلم الصحابة بالتفسير (2) , ولا يبعد ذلك؛ فإذا تساوى كثيرٌ من الصحابة في العلم بمعاني ألفاظ القرآن وأساليبه, تقدم هؤلاء الثلاثة على غيرهم في التقاط الدرر من معاني المعاني, في بديهة تعجب منها الصحابة في مواقف كثيرة.
وإن تميُّز السلف في تناول هذا النوع الدقيق من البيان لَيُبْرِزُ حرصهم على توفيةِ الآيات حَقَّها من المعاني, واستيعاب كُلِّ حقٍّ أشار إليه لفظ الآية, ودَلَّ عليه معناها, وذاك هو علم الاستنباط.
وتتلخَّصُ الغاية المرجوة من دراسة هذا الموضوع في تجلية هذا العلم من علوم القرآن الكريم, وإعلاء معالم يهتدي بها شُداة علم التفسير وقاصدي فهمه, وقد اجتهدت في إبراز ذلك من خلال مقدمات وتمهيدات في المبحث الأول, ثم بعرض نموذج تطبيقي من استنباطات الصحابة في المبحث الثاني, وبالله تعالى التوفيق, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المبحث الأول:
الاستنباطُ تعريفٌ وبيان
أولاً: تعريف الاستنباط:
النون والباء والطاء في لغة العرب كلمةٌ تدلُّ على استخراج الشيء والانتهاء إليه (3) , واستنبط الفقيه: إذا استخرج الفقه الباطن باجتهاده وفهمه (4) , قال الزجاج (ت:311): (معنى يستنبطونه في اللغة: يستخرجونه) (5) , وقال ابن جرير (ت:310): (وكلُّ من أخرج شيئاً كان مُستَرَّاً عن إبصار العيون, أو عن معارف القلوب = فهو مستنبطٌ له, يقالُ: استنبطتُ الرَّكِيَّةَ (6): إذا استخرجتُ ماءَها, والنَّبَطُ: الماء المستنبطُ من الأرض, ومنه قول الشاعر:
قريبٌ ثَرَاهُ, ما يَنَالُ عَدُوُّه == لَه نَبَطَاً, آبِي الهوانِ, قَطُوبُ) (7).
ويستفادُ من هذه المعاني اللغوية ما يأتي:
أولاً: الاستنباط هو الاستخراج باتفاق أهل اللغة, وهو المعنى المطابق للَّفظ.
ثانياً: أن في الاستنباط نوعُ اجتهادٍ ومعاناةٍ, دلَّ عليه صيغة اللفظ المفتتحة بحروف الطلب (ا, س, ت) , وعبارة صاحب «العين»: (والانتهاء إليه)؛ المفيدة لبعده عن طالبه, ثمَّ هذا الاجتهاد والعناء في نيل المستَنبَط واضحٌ في ما يبذله مستنبطُ الماء من البئر, قال ابن القيم (ت:751): (الاستنباط هو: استخراج الشيء الثابت الخفي الذي لا يعثر عليه كل أحد) (8).
ثالثاً: أن الاستنباط أقرب إلى باطن الكلام منه إلى ظاهره, وأقرب إلى المعاني منه إلى الألفاظ, كما قال الأزهري (ت:370): (استنبط الفقيه: إذا استخرج الفقه الباطن باجتهاده وفهمه) , وهو معنى الاستتار والتواري الذي ذكره ابن جرير (ت:310) , وقال البغوي (ت:516): (من العِلم ما يُدرَكُ بالتلاوة والرواية, وهو: النصُّ, ومنه ما يُدرَكُ بالاستنباط, وهو: القياس على المعاني المودعةِ في النصوص) (9) والقياس نوعٌ من الاستنباط, وقال ابن القيم (ت:751): (الاستنباط استخراج الأمر الذي من شأنه أن يخفي على غير مستنبطه) (10).
أمَّا الاستنباط في استعمال المفسرين فهو: استخراج ما وراء ظواهر معاني الألفاظ من الآيات القرآنية.
والمُرادُ بظواهر معاني الألفاظ: ما يتوقف فهم القرآن عليها من المعاني المباشرة.
ثانياً: مقدمات وقواعد في علم الاستنباط:
:: مكانةُ علم الاستنباط من علم التفسير:
(يُتْبَعُ)
(/)
وَصَفَ ابنُ عاشور (ت:1393) علم التفسير بأنه: (تفسير ألفاظٍ, أو استنباطُ معانٍ) (11) , وقال: (موضوع التفسير: ألفاظ القرآن من حيث البحث عن معانيه, وما يُستَنبَطُ منه) (12) , فالاستنباط بهذه المثابة قسيمٌ لبيان المعاني؛ وذلك بالنظر إلى جمهرة معلومات كتب التفسير التي يذكرها المفسر, وإلا فإن الاستنباط من علوم الآية التي تأتي بعد تمام التفسير - الذي هو بيان المعنى-, ولكن لشدَّة ارتباط هذا العلم بعلم التفسير نظريةً وتطبيقاً, ولكثرة ما أُثيرَ في كتب التفسير, أُلحِق به في بيان علم التفسير وموضوعاته, وربما توسع بعض العلماء فسمَّاه تفسيراً (13)؛ وذلك حين يرتقي هذا المعنى المستنبط الباطن في شدة قربه وظهوره من المعنى الظاهر, وربما أُرِيدَ معه - على ما سيتبين -, فمن هنا يتوجه تسميته تفسيراً لارتباطه بمعنى الآية من هذا الجانب. وقد كان الحالُ كذلك منذ أوَّلِ نشأةِ علم التفسير وظهوره, ولا تكاد تخرج تفاسير السلف عن هذين الوجهين في الأعم الأغلب.
ومن ثَمَّ يتفقُ علم الاستنباط مع التفسير في أنهما بيانٌ للمعنى, ثم يفترقان في المعنى المُبَيَّن في كلٍّ منهما؛ فللتفسير المعنى الظاهر المباشر اللازم لِلَّفظ, وللاستنباط ما وراءه من المعاني الزائدة, وكلاهما من أجلِّ علوم القرآن الكريم, وألصقها بألفاظه.
:: سمَّى الله تعالى الاستنباط علماً, فقال سبحانه: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (النساء 83) , ولولا أن الاستنباط علمٌ معتبَرٌ, وحُجَّةٌ في الشرع, لَمَا أمر اللهُ تعالى عبادَه برَدِّ ما لم يدركوا علمه نَصَّاً إلى من يدركونه بالاستنباط من أهل العلم (14) , فالاستنباط من أهمِّ أسباب دَرَكِ العلوم؛ وله من الأصولِ والضوابط التي تجمع جزئياته, وتَلُمُّ متفرِّقاته, ما يجدر معه بأهل العلم إبرازها وتحديدها, بعد جمعها ودرسها.
:: يجب إعطاءُ ألفاظ القرآن حقَّها, وتوفيتها ما لَهَا من المعاني, وحُسنُ الاستنباط وصحته سبيلٌ إلى ذلك, قال ابن القيم (ت:751): (الواجب فيما علَّقَ عليه الشارعُ الأحكامَ من الألفاظ والمعاني = أن لا يُتَجَاوَز بألفاظها ومعانيها, ولا يُقْصَر بِها, ويعطي اللفظَ حقَّه والمعنى حقَّه, وقد مدح الله تعالى أهل الاستنباط في كتابه, وأخبر أنهم أهل العلم) (15) , ومن حقِّ اللفظ والمعنى استيعاب المعاني الصحيحة المتعلقة بهما من جهة نِدِّ المعنى ولوازمه وأشباهه ونظائره.
:: للقرآن ظاهرٌ وباطن (16)؛ أمَّا ظاهره فهو: ظاهر المعنى, والمتبادر من اللفظ. وأمَّا باطنه فهو: المعاني الصحيحة المتَّصِلة بالآية من غير دلالة اللفظ المباشرة (17) , وهذا مجال الاستنباط في هذا العلم, وقد يرتفع المعنى الباطن البعيد فيكون مراداً مع المعنى الظاهر القريب لاشتراكهما في الصحة والقبول والدلالة - كما سيأتي في مبحث التطبيق بإذن الله -, لكن لا يصل المعنى الباطن بحالٍ إلى أن يكون مراداً دون المعنى الظاهر, وهذا ما يميز هذا التقسيم عن استعمال الباطنية له؛ فإنهم يؤَصِّلون لهذا التقسيم مع رَدِّهم وإلغائهم للظاهر, والإغراق في معاني باطنة باطلة لا يقبلها نقلٌ صحيح ولا عقلٌ صريح, فيؤول تفسيرهم إلى دعاوى ليست من الظاهر, ولا من الباطن الصحيح في شيء.
:: المعاني المأخوذة بالاستنباط - بطبيعتها - أكثر وأغنى من معاني الألفاظ المباشرة, بل إن من أحكام الحوادث ما لا يُعرَفُ بالنصِّ وإنما بالاستنباط, وكم من سِرٍّ وحُكمٍ نَبَّهت عليهما الإشارة, ولم تبينهما العبارة (18) , قال السهيلي (ت:581): (ليس كل حكم يؤخذ من اللفظ, بل أكثرها تؤخذ من جهة المعاني والاستنباط من النصوص) (19)؛ إذ الألفاظ محصورة, ومعانيها محددة, والوقائع والمناسبات متجددة, وقد أنْزل الله تعالى كتابه الكريم صالحاً لكُلِّ زمان ومكان, وتبياناً لِكُلِّ شيء يتوقف عليه التكليف والتعبد, وتستقيم به حياة الناس؛ من العلوم الشرعية, والحقائق العقلية (20) , وقد أبان عن هذا ابنُ عاشور (ت:1393) في حديثه عن المقصد الأول من مقاصد القرآن الكريم: (كونه
(يُتْبَعُ)
(/)
شريعة دائمة, وذلك يقتضي فتح أبواب عباراته لمختلف استنباط المستنبطين؛ لتؤخذ منه أحكام الأولين والآخرين) (21).
:: العلمُ المستَنبَطُ على وجهه أقرب إلى علم النبوة وأعلى درجةً من غيره, قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (النساء 83) , فَخَصَّ الله تعالى رسولَه صلى الله عليه وسلم بعلم حقيقة الأمر من الأمن أو الخوف, وما يُنشَر منه وما لا ينشر, كما خَصَّ بعلمِه أهلَ الاستنباطِ من أولي الأمر – وهم العلماء - دون غيرهم من أهل العلم (22) , (والله سبحانه ذمَّ من سمع ظاهراً مجرَّداً فأذاعه وأفشاه, وحَمِدَ من استنبط من أولى العلم حقيقته ومعناه) (23).
ولمَّا كانت مراتب العلماء في فهم المراد متفاوتة؛ كان لأهل العلم بالاستنباط اختصاصٌ بجُملَةِ فضائل لا يشركهم فيها غيرهم من العلماء النَّقَلة الحفظة - على فضلهم - (24) , ويوضح منازلَ العلماء تلك حديثُ أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مرفوعاً: (مثلُ ما بعثني الله تعالى به من الهدى والعلم, كمثلِ غيثٍ أصابَ أرضاً فكان منها طائفةٌ طيبةٌ, قبلت الماءَ فأنبتت الكلأَ والعشبَ الكثير, وكان منها طائفةٌ أجادبَ, أمسكت الماءَ فسقى الناسُ وزرعوا, وأصابَ منها طائفةً أخرى إنما هي قيعانٌ؛ لا تُمسِك ماءً, ولا تُنبِتُ كلأً, فذلك مثلُ من فقه في دين الله تعالى, ونفعه ما بعثني الله به؛ فعَلِمَ وعَلَّم, ومثل من لم يرفع بذلك رأساً, ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به) (25) , ففي هذا الحديث إشارةٌ ظاهرةٌ إلى تفاوت العلماء في ما معهم من الهدى والعلم حملاً وفهماً واستنباطاً, قال ابن القيم (ت:751): (قُسِمَ الناسُ إلى ثلاثةِ أقسام بحسب قبولهم واستعدادهم لحفظه, وفهم معانيه, واستنباط أحكامه, واستخراج حِكَمِه وفوائده:
أحدها: أهل الحفظ والفهم الذين حفظوه وعقلوه, وفهموا معانيه, واستنبطوا وجوه الأحكام والحِكَم والفوائد منه, فهؤلاء بمنْزلة الأرض التي قبلت الماء- وهذا بمنْزلة الحفظ-, فأنبتت الكلأ والعشب الكثير- وهذا هو الفهم فيه والمعرفة والاستنباط؛ فإنه بمنْزلة إنبات الكلأ والعشب بالماء-, فهذا مثلُ الحفاظ الفقهاء أهل الرواية والدراية.
القسم الثاني: أهل الحفظ الذين رُزِقُوا حفظه ونقله وضبطه, ولم يرزقوا تفقهاً في معانيه, ولا استنباطاً ولا استخراجاً لوجوه الحِكَم والفوائد منه, فهم بمنْزلة من يقرأ القرآن ويحفظه ويراعي حروفه وإعرابه, ولم يُرْزَق فيه فهماً خاصاً عن الله, كما قال على ابن أبي طالب رضي الله عنه: (إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه) (26) , والناس متفاوتون في الفهم عن الله ورسوله أعظم تفاوت, فَرُبَّ شخصٍ يفهم من النص حكماً أو حكمين, ويفهم منه الآخرُ مئةً أو مئتين, فهؤلاء بمنْزلة الأرض التي أمسكت الماء للناس, فانتفعوا به؛ هذا يشرب منه, وهذا يسقى, وهذا يزرع.
فهؤلاء القسمان هم السعداء, والأوَّلون أرفع درجةً, وأعلى قدراً, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء, والله ذو الفضل العظيم) (27).
فعلمُ الاستنباط علمٌ مبارك, يفيضُ على الأمَّة في كل زمان بكلِّ ما تحتاجه من معرفة الحَقِّ المطابق لوقائعها, والمستمَدِّ من خيرِ بيان وأصدق كلام؛ كتاب الله تعالى.
:: الاستنباط قدرٌ زائدٌ على مجرد إدراك المعنى الظاهر؛ ومن ثَمَّ عزَّ وجوده, وصَعُبَ إدراكه, ولا يؤتاهُ كلُّ أحدٍ, بل هو من مواهب الله تعالى التي يُنعِمُ بِها على من شاء من عباده, وقد امتَنَّ الله تعالى به على المؤمنين, وعصمهم به من اتِّباع غير الحق؛ فقال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (النساء 83) , والاجتهاد في نيل العلم المُستَنبَط نوعٌ من الجهاد في سبيل الله, قال الزمخشري (ت:538) عند قوله تعالى {مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} (غافر 4): (فأما الجدال في آيات الله لإيضاح ملتبسها, وحَلِّ مشكلها, ومقادحة أهل العلم في استنباط معانيها, ورَدِّ أهل الزيغ بها وعنها,
(يُتْبَعُ)
(/)
فأعظم جهاد في سبيل الله) (28) , كما أنه ميدان تنافس العلماء, وميزان تفاضلهم, قال البيضاوي (ت:685) في قوله تعالى: {وأُخَرُ متشابهات} (آل عمران 7): (محتملات لا يتضح مقصودها - لإجمال أو مخالفة الظاهر - إلا بالفحص و النظر؛ ليظهر فيها فضل العلماء, ويزداد حرصهم على أن يجتهدوا في تدبرها, وتحصيل العلوم المتوقف عليها استنباط المراد بها, فينالوا بها - وبإتعاب القرائح في استخراج معانيها, والتوفيق بينها وبين المحكمات - معالي الدرجات) (29).
وقد اجتهد الصحابة رضي الله عنهم في نيل تلك الفضائل والمنازل, وأصاب كلٌّ منهم ما قُسِمَ له؛ فمستَقِلٌّ ومستكثرٌ, وحين تُوُفِّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لم يكن شيءٌ من كتاب الله خَفِيَّ المعنى عنهم, بل كُلُّ كتاب الله تعالى - ألفاظه ومعانيه - معلوم المعنى عند مجموع الصحابة رضي الله عنهم, ثُمَّ يتفاوت علم أفرادهم به بحسب ما اختصَّ الله تعالى كُلاًّ منهم, ولمَّا قيل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيءٌ سوى القرآن؟ قال: (لا والذي فلَقَ الحبَّةَ وبَرَأَ النَّسمَة, إلا أن يُعطِي اللهُ عز وجل عبداً فهماً في كتابه) (30) , ومنه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه: (اللهم فَقِّهُ في الدين, وعلِّمهُ التأويل) (31) , ولو كان المراد بهذا الدعاء معرفة معاني الألفاظ الظاهرة لَمَا كان لاختصاص ابن عباس بهذه الدعوة مزيَّة؛ فإنه ممَّا يشترك فيه كثيرٌ من الصحابة, وإنما المراد ما ذكره علي رضي الله عنه مِن الفهم في كتاب الله الذي يفتح الله تعالى به على من شاء من عباده, وقد وصف عليٌّ ابنَ عباس رضي الله عنهما بقوله: (كأنما ينظر إلى الغيب من سترٍ رقيقٍ) (32) , ولمَّا بلغَه رأيَ ابن عباس في حادثةِ تحريق من غلو فيه قال: (ويح ابن أم الفضل؛ إنه لغوَّاص) (33) , وكان عمر يأذن له مع المهاجرين, ويسأله ويقول: (غُصْ غَوَّاص) (34) , وأمَّا عمر رضي الله عنه فهو المُحَدَّثُ المُلهَم (35) , وحسبه أنه ممَّن عُنِيَ بقوله تعالى {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (النساء 83) , حيثُ قال في سبب نزولها: (فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر) (36).
قال ابن تيمية (ت:728) مبيناً تفاوت الصحابة في الفهم والاستنباط: (وهذا عبد الله بن عباس حبر الأمة, وترجمان القرآن, مقدار ما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم لم يبلغ نحو العشرين حديثاً الذي يقول فيه: (سمعت, ورأيت) , وسمع الكثيرَ من الصحابة, وبورك في فهمه والاستنباط منه, حتى ملأ الدنيا علماً وفقهاً, قال أبو محمد بن حزم: وجُمِعَت فتاويه في سبعة أسفار كبار. وهي بحسب ما بلغ جامعها, وإلا فعلم ابن عباس كالبحر, وفقهه واستنباطه وفهمه في القرآن بالموضع الذي فاق به الناس, وقد سمع كما سمعوا, وحفظ القرآن كما حفظوا, ولكن أرضه كانت من أطيب الأراضي, وأقبلها للزرع, فبذر فيها النصوص, فأنبتت من كل زوج كريم, {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} (الجمعة:4) , وأين تقع فتاوي ابن عباس وتفسيره واستنباطه من فتاوي أبي هريرة وتفسيره, وأبو هريرة أحفظ منه, بل هو حافظ الأمة على الإطلاق؛ يؤدي الحديث كما سمعه, ويدرسه بالليل درساً, فكانت همته مصروفة إلى الحفظ وتبليغ ما حفظه كما سمعه, وهمة ابن عباس مصروفة إلى التفقه, والاستنباط, وتفجير النصوص, وشقِّ الأنهار منها, واستخراج كنوزها) (37).
ومن ثَمَّ يشتدُّ حبور العالم وسروره حين يظفر بشيء من فرائد المعاني المستنبطة؛ مستشعراً نعمة الله تعالى وفضله عليه, ومن ذلك قول الشافعي (ت:204) رحمه الله: (استنبطتُ البارحةَ آيتين, فما أشتهي باستنباطهما الدنيا وما فيها) (38).
:: موضوع علم الاستنباط:
(يُتْبَعُ)
(/)
إن المعاني المباشرة, وموضوعات الألفاظ ليست غَرَضاً للمستَنبِط, وإنما غرضه ما وراء ظاهر معنى اللفظ, ويسميه بعض العلماء: المعنى الباطن (39) , وهو موضوع علم الاستنباط, قال الرازي (ت:604): (والتمسك بالنص لا يسمى استنباطاً) (40). ولبيان: ما الذي يُستَنبَط؟ يقول ابن العربي (ت:543): (ومن علم الباطن – أي: المعاني المستنبطة – أن تستدلَّ من مدلول اللفظ على نظير المعنى, وهذا بابٌ جرى في كتب التفسير كثيراً) (41) , ويقول ابن القيم (ت:751): (معلوم أن الاستنباط إنما هو استنباط المعاني والعلل, ونسبة بعضها إلى بعض, فيعتبرُ ما يصح منها بصحة مثله ومشْبِهِه ونظيره, ويُلغَى ما لا يصح, هذا الذي يعقله الناس من الاستنباط) (42) , وقال: (الاستنباط كالاستخراج, ومعلومٌ أن ذلك قدرٌ زائدٌ على مجرد فهم اللفظ, فإن ذلك ليس طريقهُ الاستنباط؛ إذ موضوعات الألفاظ لا تنال بالاستنباط, وإنما تنال به العللُ, والمعانيُ, والأشباه والنظائر, ومقاصد المتكلم. يوَضِّحُه أن الاستنباط استخراج الأمر الذي من شأنه أن يخفي على غير مستَنْبِطِه .. , ومعلوم أن هذا الفهم قدرٌ زائدٌ على معرفة موضوع اللفظ وعمومه أو خصوصه, فإن هذا قدرٌ مشترك بين سائر من يعرف لغة العرب, وإنما هذا فهم لوازم المعنى, ونظائره, ومراد المتكلم بكلامه, ومعرفة حدود كلامه بحيث لا يُدخِل فيها غيرَ المراد, ولا يُخرِج منها شيءٌ من المراد) (43) , ويقول الشاطبي (ت:790) معلِّلاً لِصِحَّة وجهٍ من المعاني المستنبطة: (ولكن أتى بما هو نِدٌّ في الاعتبار الشرعي الذي شهد له القرآن) (44).
فيتلخَّصُ من مجموع ذلك أن ما يُستَنبَطُ هو:
نِدُّ المعنى الظاهر ونظيره؛ الذي يوافقه في القصد أو يقاربه, ولوازم المعنى, وعلله؛ ليُلحَق به أشباهه ونظائره, وتتبين معه نسبةُ الألفاظ بعضها إلى بعض, ثُمَّ مقاصد المتكلم ومراده, بحيث لا يُزادُ عليها ولا يُنقَصُ منها.
وهذه أمثلة من استنباطات العلماء؛ جليلةُ المعاني, دقيقةُ المآخذ, توضح هذه الأنحاءَ المستنبطةَ بجلاء:
- قال ابن عباس رضي الله عنه: (الرجم في كتاب الله لا يغوص عليه إلا غواص, وهو قوله تعالى: {يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيراً مما كنتم تخفون من الكتاب} (المائدة 15)) (45) , ومأخذ ابن عباس في ذلك أن أهل الكتاب أخفَوا حكم الرجم في كتابهم, فبيَّنه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (46) , فطابق وصف الآية حالهم ذلك, فكان حكم الرجم مما جاء به كتاب الله تعالى بهذا الاعتبار. وهذا الاستنباط من ابن عباس رضي الله عنه نِدٌّ للمعنى الظاهر للآية, ويوافقه في القصد والعِلَّة. وقد استنبط الزهري (ت:124) نحواً من ذلك فقال: (فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم {إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا} (المائدة 44) كان النبي صلى الله عليه وسلم منهم) (47).
- قال سفيان بن عيينة (48) (ت:198) في قوله تعالى: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (الأنعام 38): (ما في الأرض آدمي إلا وفيه شبه من البهائم؛ فمنهم من يهتصر اهتصار الأسد, ومنهم من يعدو عدو الذئب, ومنهم من ينبح نباح الكلب, ومنهم من يتطَوَّس كفعل الطاووس, ومنهم من يشبه الخنازير التي لو أُلقِيَ إليها الطعام عافته, فإذا قام الرجل عن رجيعه ولغت فيه؛ فلذلك تجد من الآدميين من لو سمع خمسين حكمةً لم يحفظ واحدة منها, وان أخطأ رجلٌ تَرَوَّاهُ وحفظه) (49). وهذا الاستنباط قريبُ المأخذِ من وجه استنباط ابن عباس السابق؛ قال الخطابي (ت:388): (ما أحسن ما تأوَّل سفيان هذه الآية واستنبط منها هذه الحكمة؛ وذلك أن الكلام إذا لم يكن حكمُهُ مطاوعاً لظاهره وجبَ المصيرُ إلى باطنه (50) , وقد أخبر الله عن وجود المماثلةِ بين الإنسان وبين كلِّ طائرٍ ودابةٍ, وذلك ممتنع من جهةِ الخِلْقَة والصورَة, وعُدِمَ من جهة النطق والمعرفة, فوجب أن يكون منصرفاً إلى المماثلةِ في الطباع والأخلاق, وإذا كان الأمر كذلك فاعلم أنك إنما تعاشر البهائم والسباع, فليكن حذرك منهم, ومباعدتك إياهم على حسب ذلك) (51).
(يُتْبَعُ)
(/)
- قال السُّهَيلي (ت:581) عند قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ} (النساء 11): (وانتبه أيها التالي لكتاب الله المأمور بتدبره كيف قال: {يوصيكم الله في أولادكم} بلفظ الأولاد دون لفظ الأبناء, ثم أضاف الأولاد إليهم بقوله: {أولادكم} , ومعلوم أن الولد فلذة الكبد, وذلك موجب للرحمة الشديدة, فمع أنه أضاف الأولاد إليهم جعل الوصية لنفسه دونهم؛ ليدل على أنه أرأف وأرحم بالأولاد من آبائهم, ألا ترى أنه لا يحسن أن يقول العبد لأخيه: أوصيك في أولادك. لأن أبا الولد أرحم بهم فكيف يوصي غيره بهم؟ وإنما المعروف أن يقول: أوصيك بولدي خيراً. فلما قال الله تبارك وتعالى: {يوصيكم الله في أولادكم} عُلِمَ أن رب الأولاد أرحم بالأولاد من الوالِدِين لهم حيث أوصى بهم وفيهم, وحسبك بقوله سبحانه: {وهو أرحم الراحمين} (يوسف 64) , فالأبوان من الراحمين, فالله تعالى أرحم منهما؛ فلذلك أوصى الآباء بأولادهم) (52) , وهذا استنباطٌ حسنٌ أثنى عليه ابن كثير (ت:774) وقال: (وقد استنبط بعض الأذكياء .. ) ثم ذكره. (53)
- قال القاضي أبو يعلى (ت:458) في قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة 29): (وفي هذا دلالة على أن هؤلاء النصارى الذين يتولون أعمال السلطان, ويظهر منهم الظلم والاستعلاء على المسلمين, وأخذ الضرائب = لا ذمة لهم, وأن دماءهم مباحة؛ لأن الله تعالى وصفهم بإعطاء الجزية على وجه الصغار والذل) (54) , قال ابن القيم (ت:751): (وهذا الذي استنبطه القاضي من أصح الاستنباط؛ فإن الله سبحانه وتعالى مد القتال إلى غاية وهي إعطاء الجزية مع الصغار, فإذا كانت حالة النصراني وغيره من أهل الجزية منافية للذل والصغار فلا عصمة لدمه, ولا ماله, وليست له ذمة, ومن ها هنا اشترط عليهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تلك الشروط التي فيها صغارهم وإذلالهم, وأنهم متى خرجوا عن شيء منها فلا عهد لهم ولا ذمة, وقد حَلَّ للمسلمين منهم ما يحل من أهل الشقاق والمعاندة) (55).
:: علاقةُ علم الاستنباط بعلم التفسير:
الاستنباط على ما سبق تعريفه من أشد علوم القرآن ارتباطاً بعلم التفسير, ولا يتوصل إليه إلا بعد بناء التفسير وتمامه, وقد قَسَمَ ابنُ القيم (ت:751) التفسيرَ إلى ثلاثةِ أقسام, فقال: (وتفسير الناس يدور على ثلاثة أصول (56):
1 - تفسير على اللفظ, وهو الذي ينحُو إليه المتأخرون.
2 - وتفسير على المعنى, وهو الذي يذكره السلف.
3 - وتفسير على الإشارة والقياس, وهو الذي ينحُو إليه كثير من الصوفية وغيرهم) (57).
والقسم الثالث من هذه الأقسام داخلٌ في علم الاستنباط من معاني الآيات, إذ ليس هو بتفسير على اللفظ ولا على المعنى؛ فإنهما ظاهران مباشران, ويبقى الاجتهاد والتأمُّل في هذا القسم. والاستنباط أعمُّ من القياس, وإنما القياس أحد صوره وأشهرها (58) , وعَدُّ هذا القسم من التفسير نوعُ تَوَسُّعٍ سبقت الإشارة إليه (59).
قال ابن تيمية (ت:728) عن هذا الوجه من التفسير: (أما أرباب الإشارات الذين يثبتون ما دلَّ اللفظ عليه, ويجعلون المعنى المُشار إليه مفهوماً من جهة القياس والاعتبار, فحالهم كحال الفقهاء العالمين بالقياس والاعتبار, وهذا حقٌّ إذا كان قياساً صحيحاً لا فاسداً, واعتباراً مستقيماً لا منحرفاً) (60) , وقال في طرق دلالة اللفظ على المعنى الصحيح: (القسم الثاني: أن يُجعَل ذلك من باب الاعتبار والقياس, لا من باب دلالة اللفظ, فهذا من نوع القياس, فالذي تسميه الفقهاء قياساً, هو الذي تسميه الصوفية إشارة, وهذا ينقسم إلى صحيح وباطل, كانقسام القياس إلى ذلك) (61) , فالإشارات من باب الاعتبار والقياس, واختصَّ بها في الغالب أرباب السلوك وتزكية النفوس, ومنها صحيحٌ مستقيمٌ, وفاسدٌ منحرفٌ.
:: شروط الاستنباط:
(يُتْبَعُ)
(/)
لصِحَّة الاستنباط شروطٌ تعرض لها عددٌ من الأئمة كابن تيمية (ت:728) وابن القيم (ت:751) والشاطبي (ت:790) في مقامات وعبارات متشابهة, وهي تتطابق مع شروط التفسير على الإشارة والقياس التي ذكرها ابن القيم (ت:751) فقال: (وهذا – أي التفسير على الإشارة والقياس - لا بأس به بأربعة شرائط: 1 - أن لا يناقض معنى الآية, 2 - وأن يكون معنى صحيحاً في نفسه, 3 - وأن يكون في اللفظ إشعار به, 4 - وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم. فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطاً حسناً) (62) , وقال الشاطبي (ت:790): (كون الباطن هو المراد من الخطاب يشترط فيه شرطان, أحدهما: أن يصح على مقتضى الظاهر المقرر في لسان العرب, ويجري على المقاصد العربية. والثاني: أن يكون له شاهدٌ نصَّاً أو ظاهراً في محل آخر يشهد لصحته من غير معارض) (63) , وهذان الشرطان يلتقيان مع الشرط الثاني والثالث عند ابن القيم (ت:751) , وهذا بيان جميعها:
أولاً: أن لا يناقض المعنى المُستَنبَط معنى الآية: لأنه تابعٌ لها؛ مبنيٌّ عليها, فإذا عاد على معنى الآية بالنقض لم يعد استنباطاً منها, وانقطعت صلته بها, قال ابن القيم (ت:751): (والمقصود بالأقيسة والاستنباطات فهم المنقول لا تخطئته) (64)؛ لأنها كالشواهد على المعاني, ولا يصح أن يأتي الشاهد بتجريح ولا تكذيب. (65)
ثانياً: وأن يكون معنىً صحيحاً في نفسه: وهذا شرطٌ لقبوله, وما ليس كذلك لا يَصِحُّ منفرداً بنفسه, فضلاً عن أن يُزعَم ارتباطه بآيٍ من كتاب الله تعالى, قال القرطبي (ت:671): (من قال في القرآن بما سنح في وهمه وخطر على باله من غير استدلال عليه بالأصول فهو مخطئ, ومن استنبط معناه بحمله على الأصول المحكمة المتفق على معناها فهو ممدوح) (66).
وصدقُ القضية, ومطابقة المعنى للواقع, وعدم تناقضه واستحالته, وعدم مخالفته لنصوص الشرع وقواعده = من شروط صحة التفسير به مباشرةً أو استنباطاً, ولهذا الشرط أمثلةٌ كثيرة في تفاسير السلف. (67)
ويتبع هذا الشرط: العناية بتحرير معنى الاستنباط وإيضاحه, ورَدِّ الشُّبَه والإيرادات الواردة عليه, واستفراغ الوُسعِ في الاستدلال عليه وتأصيله. (68)
ثالثاً: وأن يكون في اللفظ إشعارٌ به: فيدخل في تنبيهه وإشارته ومعاني معانيه, ويتبع هذا موافقة المعنى المستنبَط للعربية, وعدمُ خروجه عن لسان العرب وسَنَنِها في كلامها, قال الشاطبي (ت:790): (الاجتهاد إن تعلق بالاستنباط من النصوص فلا بد من اشتراط العلم بالعربية) (69) , وقال: (كلُّ معنىً مستنبط من القرآن غيرِ جارٍ على اللسان العربي = فليس من علوم القرآن في شيء؛ لا مِمَّا يُستَفاد منه, ولا مِمَّا يُستَفاد به, ومن ادَّعى فيه ذلك فهو في دعواه مبطل) (70)؛ وذلك الاشتراط ليتمكن المفسر من علم وجه دلالة اللفظ وإشارته على المعنى المستنبَط منه؛ إذ اللفظ كالمدخل لهذه المعاني التابعة.
رابعاً: وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم: وهي العلاقة بينهما؛ ليَصِحَّ كونه مستنبطاً منها, وإلا بَقِيَ الاستنباطُ بمعزلٍ عن معنى الآية, ولا علاقة تربطه بها. وهذه العلاقة بين المعنيين هي نسبة المعنى إلى المعنى التي سبق ذكرها في موضوع علم الاستنباط.
ويُضاف إلى تلك الشروط:
خامساً: أن يكون المعنى المستنبَطُ مفيداً, إذ ينبغي صيانةُ كلام الله تعالى عمَّا لا فائدةَ فيه من المعاني تفسيراً أو استنباطاً (71) , وما لا فائدة فيه من المعاني يشملُ كُلَّ معنىً أبطل معنى الآية الظاهر, أو نزل ببيان القرآن العالي, أو حَطَّ من إجلاله وتعظيمه الواجب, أو ارتبط بعلوم فاسدة, أو لا فائدة فيها شرعية أو دنيوية (72) , قال الرازي (ت:606) في تعليله لأحد المعاني: (ومعلومٌ أن حمل الآية على محملٍ تبقى الآية معه مفيدة, أولى من حملها على محملٍ تبقى الآية معه مجملة) (73) , وهذا مُطَّردٌ في عامَّة المعاني المباشرة والمُستَنبَطة.
(يُتْبَعُ)
(/)
سادساً: ألاَّ يكون المعنى المستنبَطُ مُتَكَلَّفاً, وهذا شرطُ كمالٍ يصون هذا العلم عن الابتذال (74)؛ إذ المعاني المستنبطة لا تُحَدُّ, ومراتبها في القرب والبعد والظهور والخفاء متفاوتة, فلزمَ ضبط كُلِّ ذلك بصيانة المعنى من التكلف, قال ابن تيمية (ت:728): (إن اللسان له موقع من الدين, والعبارة المَرضِيَّة مندوبٌ إليها, كما أن التعَمُّقَ منهيٌّ عنه) (75) , ويعيبُ ابنُ العربي (ت:543) على بعض من وقع في ذلك بقوله: (ومن أحسن ما أُلِّفَ فيه– أي: كتب التفسير القائمة على الاستنباطات– كتاب: «اللطائف والإشارات» للقشيري رضي الله عنه, وإنَّ فيه لَتَكَلُّفاً أوقعه فيه ما سلكه من مقاصد الصوفية) (76).
سابعاً: ألاَّ يَعُدَّ استنباطه من الآية تفسيراً لها بإطلاق, بل يتعيَّن عليه اعتقاده من المعاني التابعة للمعنى الأصلي الظاهر للآية الذي هو تفسيرها, كما يتعيَّن عليه تقييد وصفه لتلك الاستنباطات بالتفسير؛ فيسميها: بالتفسير الإشاري, أو نكت القرآن, أو غيرها ممَّا ميَّز به العلماء هذه الاستنباطات عن غيرها من مؤلفات التفسير الاصطلاحي؛ وذلك لصيانة معاني كتاب الله من التحريف؛ حين يعتقد القارئ مطابقة الاستنباط للفظ الآية.
وهذا ما عبَّر عنه الشاطبي (ت:790) بقوله عن إشارة تفسيرية لأحد المفسرين؛ مُشكِلَةٍ في الظاهر, بعيدةٍ عن السياق: (ولكن له وجهٌ جارٍ على الصِّحَّةِ، وذلك أنه لم يقل إن هذا هو تفسير الآية) (77) , ولَمَّا فاتَ أبا عبد الرحمن السلمي (78) (ت:412) الإشارةَ صراحةً إلى هذا الشرط في تفسيره «حقائق التفسير» شَنَّع عليه جماعةٌ من العلماء, حتى قال بعضهم: (إن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر) (79) , قال ابن الصلاح (ت:643): (وأنا أقول: الظنُّ بمن يوثق به منهم أنه إذا قال شيئاً من أمثال ذلك أنه لم يذكره تفسيراً, ولا ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة من القرآن العظيم؛ فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية, وإنما ذلك منهم لنظير ما ورد به القرآن؛ فإن النظير يُذكَر بالنظير) (80).
ثامناً: ألاَّ يَقصُرَ معنى الآية عليه؛ لأنه تابع ومترتب على المعنى الأصلي للآية كما سيأتي.
فبهذه الشروط يكمل الاستنباط ويحسن, وباختلالها يؤول الحال إلى ما ذكره ابن القيم (ت:751) عن استنباطٍ لبعض الصوفية اختلت فيه بعض هذه الشروط: (والاستشهاد بهذا من جنس الألغاز) (81) , وهكذا هو الاستنباط حين تتخلف فيه هذه الشروط أو بعضها, ينقلب من حق وعلم إلى باطل وجهل؛ لا تصح نسبته إلى كتاب الله تعالى بوجه من الوجوه.
:: بيان معنى اللفظ سابق للاستنباط منه, ولا يصح استنباطٌ إلا على معنىً صحيحٍ ثابتٍ لِلَّفظ, فاللفظ بمنْزلة الأساس, والاستنباط بمنْزلة البنيان, و (لا يطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر, ومن ادعى فهم أسرار القرآن ولم يُحكِم التفسير الظاهر فهو كمن ادعى البلوغ إلى صدر البيت قبل أن يجاوز الباب) (82) , قال القرطبي (ت:671): (والنقل والسماع لا بد منه في ظاهر التفسير أولاً؛ ليتَّقي به مواضع الغلط, ثم بعد ذلك يتَّسعُ الفهم والاستنباط, ولا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر) (83).
:: تتفاوت المعاني المستنبطة في القرب والبعد من معنى الآية, كما تتفاوت في الظهور والخفاء, وكُلُّ ذلك بحسب المعنى المستنبط, ووجه اتصاله بالمعنى الظاهر, وباستعراض أيٍّ من الكتب المفردة في الاستنباطات القرآنية يتضح ذلك بلا خفاء؛ فبينما ترى استنباطاً على التمام, إذ يتلوه آخرُ موغلاً في الإبهام, ثم يمر بك استنباطٌ في القرب والظهور كأنه المعنى المباشر للَّفظ, ويتبعه آخر في البعد والخفاء بما لا يكاد يسفر لك عن وجه اتصاله بالآية.
وهذا التفاوت في المعاني المستنبطة يستلزم التنبيه على أنه لا يمكن عَدُّ الاستنباط معنىً للآية على الاستقلال مهما اشتد قربه وظهوره من المعنى المباشر؛ لأنه تابعٌ للمعنى الأصلي ومترتب عليه كما سبق بيانه, والتفسير شرطٌ في وجوده ولا عكس.
(يُتْبَعُ)
(/)
:: يُعَبَّرُ عن المعاني المستنبطة في كلام العلماء بألفاظ عديدة, من نحو: باطن الآية, ما وراء اللفظ, إشارات الآيات, لطائفُ ومُلح ونُكَتُ الآيات, حقائق المعاني, معاني المعاني, روح المعاني, رموز المعاني, مستَتْبَعات التراكيب, دقائق التفسير, أسرار التأويل, تأملات قرآنية, ظِلالُ الآيات, هداية الآيات, فوائد الآيات .. وغيرها, وبعضها أعمُّ من بعض في الاستعمال.
:: المنهج المُتَّبع لبلوغ درجة الاستنباط المحمودة شرعاً:
إن هذا العلم عزيز, وليس في مقدور عامَّة الناس ولا أكثر علمائهم الخوض فيه, وإنما هو شأن القلَّة التي تمكنت منه بعد جَهدٍ واجتهاد وفتحٍ وتوفيق من الله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (النساء 83) , قال شمس الدين الأصفهاني (ت:749): (كُلُّ من كان حَظُّه في العلوم أوفر, كان نصيبه من علم القرآن أكثر) (84) , وقال ابن القيم (ت:751) في معنى {يَسْتَنبِطُونَهُ}: (أي يستخرجون حقيقته وتدبيره بفطنتهم, وذكائهم, وإيمانهم, ومعرفتهم بمواطن الأمن والخوف) (85) , وقال: (ولو رُزِقَ العبدُ تضَلُّعاً من كتاب الله وسنة رسوله, وفهماً تامَّاً في النصوص ولوازمها, لاستغنى بذلك عن كلِّ كلامٍ سواه, ولاستنبط جميع العلوم الصحيحة منه) (86).
ومن رامَ بلوغ شيءٍ من مدارج هذا العلم فلْيُحكِم أولاً الطريق إليه, وهو: العلم بحدود ألفاظ الآيات, وفهم وجوه معانيها, وتصرُّفاتِ أساليبها, ثُمَّ يستظهر بعد ذلك - بآلةٍ راسخة في علوم اللسان والبيان, وأصول الشرع ومقاصده, وبتحقُّقٍ تامٍّ فيما هو بصدد استنباط مسائِله من العلوم – ما تقع عليه بصيرته من دقائق المعاني, ومحاسن الإشارات؛ الأقرب منها فالأقرب إلى معنى الآية, ثمَّ الأقوى منها فالأقوى في الدلالة على مقصده ومُراده, قال ابن جرير (ت:310): (أولى العبارات أن يُعَبَّر بها عن معاني القرآن أقربها إلى فهم سامعيه) (87) , وقال الراغب الأصفهاني (ت: بعد500): (إن المائل إلى دقيق المحاجَّة هو العاجز عن إقامة الحُجَّة بالجَليِّ من الكلام؛ فإنَّ من استطاع أن يُفهِمَ بالأوضح الذي يفهمه الكثيرون, لم ينحط إلى الأغمض الذي لا يعرفه إلا الأقلون, وقد أخرج الله تعالى مخاطباته في أجلى صورة تشتمل على أدقِّ دقيق؛ لتفهم العامَّة من جَلِيِّها ما يقنعهم ويلزمهم الحجة, ويفهم الخواص من أسرارها ودقائقها) (88) , وقال ابن القيم (ت:751): (وإذا دعاك اللفظ إلى المعنى من مكان قريب, فلا تُجِب من دعاك إليه من مكان بعيد) (89).
وإنَّ بذلَ غاية الوُسعِ والاجتهاد في تفحُّصِ معاني الآيات, وتقليب وجوهها, والغوص في مدلولات ألفاظها ومقاصدها وعللها = لهو أعظم شرطٍ لنيلِ المرادِ في هذا البابِ, ولتحقيق ذلك عانى العلماء ما عانوه, ولحِقَهم فيه من المشقَّة والجَهدِ ما لَحِقَهم, وهذه صورة من ذلك يرويها محمد بن سعيد الفاريابي, عن الإمام المُزَنيُّ (ت:264) أو الرَّبيع (ت:270) قال: (كنَّا يوماً عند الشافعي بين الظهر والعصر عند الصحن في الصُّفَّة, والشافعي قد استند – إما قال: إلى اصطوانة, وإما قال إلى غيرها -, إذ جاء شيخ عليه جبة صوف, وعمامة صوف, وإزار صوف, وفي يده عُكَّاز, قال: فقام الشافعي, وسوى عليه ثيابه, واستوى جالساً, قال: وسَلَّمَ الشيخُ وجلس, وأخذ الشافعيُ ينظر إلى الشيخ هيبةً له, إذ قال له الشيخ: أسأل؟ فقال: سل. قال: أيشٍ الحُجَّةُ في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله. قال: وماذا؟ قال: وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة. قال: من أين قلت: اتفاق الأمة من كتاب الله؟ قال: فتدبر الشافعي ساعةً, فقال للشافعي: يا شيخ, قد أَجَّلْتُك ثلاثةَ أيام ولياليها, فإن جئت بالحُجَّةِ من كتاب الله في الاتفاق وإلا تُبْ إلى الله عز وجل. قال: فتغَيَّرَ لون الشافعي, ثم إنه ذهب فلم يخرج ثلاثةَ أيامٍ ولياليهن, قال: فخرج إلينا اليوم الثالث في ذلك الوقت - يعني بين الظهر والعصر -, وقد انتفخ وجهه ويداه ورجلاه, وهو مِسْقَام, فجلس, قال: فلم يكن بأسرعَ أن جاء الشيخُ فسلم وجلس, فقال: حاجتي. فقال الشافعي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, بسم الله الرحمن الرحيم, قال الله عز وجل: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ
(يُتْبَعُ)
(/)
مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} (النساء 115) , لا يُصلِيه على خلافِ المؤمنين إلا وهو فرضٌ. قال: فقال: صدقت. وقام وذهب. قال الفاريابي: قال المزنيُّ أو الربيعُ: قال الشافعي: لما ذهب الرجلُ قرأتُ القرآنَ في كلِّ يومٍ وليلةٍ ثلاثَ مراتٍ حتى وقفتُ عليه) (90). وقد كان هذا الاجتهاد دأبُ الشافعي رحمه الله, ومنه قوله: (لَمَّا أردتُ إملاءَ تصنيف أحكام القرآن قرأتُ القرآنَ مائةَ مَرَّة) (91).
وبالتأمُّل في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه السابق: (مثلُ ما بعثني الله تعالى به من الهدى والعلم كمثلِ غيثٍ أصابَ أرضاً فكان منها طائفةٌ طيبةٌ, قبلت الماءَ فأنبتت الكلأَ والعشبَ الكثير) (92) , ترى جملةً ظاهرةً من أوصاف أهل العلم بالاستنباط احتواها هذا المثل النبوي الجليل, وبيانها: أن قلوبَ هؤلاء العلماء أرضٌ طيبةٌ, قبلت الوحي, واستقر في أعماقها, ثمَّ أنبت الوحي في جوارحهم العمل الصالح الكثير؛ الذي يتعدَّى نفعه أنفسَهم إلى غيرهم. فهم أهل إيمانٍ راسخ, وعملٍ بالعلم ملازم, ونفعٍ للناس دائم.
وهذا يؤكد أنَّ لطهارة الباطن, وزكاء النفس, وعمارة القلب بالتقوى أثرٌ ظاهرٌ في باب الاستنباط, ولهذا المعنى نصيبٌ من قول الله تعالى {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (البقرة 282)؛ ووجه ذلك أن انشغال القلب بمعاني العبودية والتقوى يُقَرِّبه من إشاراتها ودلالاتها في الآيات؛ ذلك أنَّ من اهتَمَّ بشيءٍ غلبَ على تفكيره, وتراءى له في كُلِّ ما يقصده, وقد دَلَّ قوله تعالى {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ (69) لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّا} (يس 69 - 70) على أنَّ فهم المراد من القرآن والانتفاع به إنما يحصل لمن هو حيُّ القلب. كما أن هذه الاستنباطات من نِعَمِ الله تعالى على العبد, ولا تُنَال نِعمةُ الله تعالى بغير طاعته وتقواه, وقد أشارت النصوص الشرعية إلى أن أهل هذه الصفات – من الطاعة والتقوى وحياة القلب - أولى بإصابة الحق من غيرهم؛ إذ معهم من أسباب الهداية والإصابة ما يدنيهم من الحقِّ ويُجَلِّيه لهم؛ قال صلى الله عليه وسلم: (الصلاة نور, والصدقة برهان, والصبر ضياء) (93) , قال ابن تيمية (ت:728): (ومن كان معه نورٌ وبرهانٌ وضياءٌ كيف لا يعرف حقائق الأشياء من فحوى كلام أصحابها؟! , وفي الحديث الصحيح: (لا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه, فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, ويده التي يبطش بها, ورجله التي يمشي بها) (94) , ومن كان توفيق الله له كذلك فكيف لا يكون ذا بصيرةٍ نافذةٍ, ونَفْسٍ فَعَّالَة, وإذا كان القلب معموراً بالتقوى انجلت له الأمور وانكشفت, بخلاف القلب الخراب المُظلم, وكُلَّما قويَ الإيمانُ في القلب قويَ انكشافُ الأمور له, وعرف حقائقها من بواطلها) (95).
وممَّا يُعين المفسِّر على حسن الاستنباط: تفريغ القلب من الشواغل, وجمعه على ما هو بصدده من تأمُّل دقائق المعاني ولطائفها, قال الرازي (ت:606) مبيناً أثر انشغال القلب على الاستنباط: (فهذا جملة الكلام في المسائل الفقهية المستنبطة من هذه الآية, وهي مئةُ مسألة, وقد كتبناها في موضع ما كان معنا شيء من الكتب الفقهية المعتبرة, وكان القلب مشوَّشاً بسبب استيلاء الكفار على بلاد المسلمين, فنسأل الله تعالى أن يكفينا شرَّهم, وأن يجعل كَدَّنا في استنباط أحكام الله من نَصِّ الله سبباً لرجحان الحسنات على السيئات, إنه أعزُّ مأمول, وأكرم مسؤول) (96).
ولاعتياد الاستنباط والدربة عليه أثرٌ ظاهرٌ في التمكُّن منه وإتقانه, شأنه في هذا شأن سائر العلوم التي لا يتحقق العالم وترسخ فيها قدمه إلا بمعاناتها وإدمان النظر فيها, ومن أحسن الشواهد على هذا في علم الاستنباط حال الإمام الرازي (ت:606) رحمه الله؛ الذي قصد إلى تحقيق استنباط عشرة آلاف مسألة من سورة الفاتحة, فشرع في تفسيره الجليل: التفسير الكبير, ومَلَأَهُ بعجائب العلوم والاستنباطات (97). فيقول شاهداً على أثر معاناة الاستنباط واعتياده, بعد ذكره لطائفة من دقائق المسائل والاستنباطات في قوله تعالى {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
وَالرَّسُولِ} (النساء 59): (فهذه المسائل الأصولية استنبطناها من هذه الآية في أقلِّ من ساعتين, ولعل الإنسان إذا استعمل الفكر على الاستقصاء أمكنه استنباط أكثر مسائل أصول الفقه من هذه الآية) (98).
وقد ذكر بعضُ العلماء لزوم المسارعة إلى تقييد ما يسنح بالخاطر من هذه الإشارات واللطائف والمستنبطات؛ فإنها عزيزة الورود, سريعة الزوال, نادرة الرجوع, وفي شرح حديث علي رضي الله عنه: (ما عندنا إلا ما في القرآن, أو فهماً يعطيه الله رجلاً في كتابه, أو ما في هذه الصحيفة) (99) , قال ابن حجر (ت:852): (ومراد علي أن الذي عندَه زائداً على القرآن مِمَّا كَتَبَ عنه: الصحيفة المذكورة, وما استنبط من القرآن. كأنه كان يكتب ما يقع له من ذلك لئلا ينساه, بخلاف ما حفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحكام فإنه يتعاهدها بالفعل والإفتاء بها فلم يخش عليها من النسيان) (100) , ولمَّا كانت هذه الاستنباطات من نعم الله على العبد وفضله عليه وجب عليه إكرامها وشكرها؛ ومن ذلك تقييدها وحفظها, وقد تمثل ذلك الإمام الرازي (ت:606) رحمه الله فقال عن إحدى لطائف استنباطاته: (ثم إن ههنا لطيفةٌ فقهية لاحت لهذا الضعيف حالَ تفكُّره في تفسير هذه الآية, فأراد تقييدها هنا؛ فإنها من فضل الله, فيجب عليَّ إكرامها بالتقييد بالكتاب) (101).
:: الاستنباط في كتب التفسير:
لا يكاد يخلو كتابٌ من كتب التفسير الموَسَّعة والمتوسطة من استنباط من الآيات, بل أفردَ بعضهم علم الاستنباط في مصنفات مستقلة عن التفسير, وهذه أمثلةٌ من أشهر هذه المصنفات في خصوص هذا العلم:
- تفسير التستري (ت:283) , و (لطائف الإشارات) , لأبي القاسم القشيري (ت:465) , و (حقائق التفسير) , لأبي عبد الرحمن السلمي (ت:412) , وموضوعها الإشارات الصوفية, واستنباطات المعاني الإيمانية. (102)
- (نكت القرآن الدالَّة على البيان في أنواع العلوم والأحكام) , للقصاب الكرجي (103) (ت:360) , وموضوعه استنباطاتٌ في عامة العلوم الشرعية, ويغلب عليها الاستنباطات الفقهية, والعقدية. (104)
- (حُجَجُ القرآن) , لأبي الفضائل أحمد بن محمد بن مظفر الرازي (ت:631) , استنبط فيه الحُجج الاعتقادية لعامة الفرق الإسلامية من جميع القرآن الكريم. (105)
- (الإكليل في استنباط التنْزيل) , للسيوطي (ت:911) , وموضوعه استنباطاتٌ فقهية, وأصولية, واعتقادية, وبعضاً ممَّا سوى ذلك, وقرن فيه الاستنباط بتفسير الآية حيث توقف فهم الاستنباط عليها. (106)
ويكاد يكون الاستنباط من الآيات غرض الرازي (ت:602) في تفسيره (التفسير الكبير) (107) , فيكون من هذا القبيل من الكتب, لولا ما فيه من التفسير, وقد قيل عنه: (فيه كُلُّ شيء إلا التفسير) (107) , ومثله في اعتماد الاستنباط وقصده بجلاء: ابنُ العربي (ت:543) في: (أنوار الفجر في مجالس الذكر) (108) , والكرماني (ت: بعد500) في: (غرائب التفسير وعجائب التأويل) (109) , والطوفي (ت:716) في: (الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية) (110) , على تنوعٍ في الموضوعات المستنبطة؛ ما بين عقيدة, وفقه, ولغة, وأصول, وتزكية, وآداب, وغيرها.
:: علاقة علم الاستنباط بعلوم القرآن:
أثَّرَ علمُ الاستنباط في طائفةٍ من علوم القرآن؛ بعضها قائمٌ بأصله عليه, وبعضها آخِذٌ منه بقليلٍ أو كثير, ومن هذه العلوم:
1 - أمثالُ القرآن: وهي أفسحُ مجال تتزاحم فيه الاستنباطات والاجتهادات, كما أنها أشبه العلوم بعلم الاستنباط, قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (العنكبوت 43)؛ (إذ ليس كُلُّ أحدٍ يدرك حقيقة الأمثال, ولا يُصغِي إليها كُلُّ نفور القلب نَكُودِ الحال, والذي تضمَّنَت من الحكمة كثير) (111) , ومن حِكَمِ ضرب الأمثال: (أنَّ الله أراد أن يَعَلِّم الخلق كيف يتجاوزون في العِبْرَة من المُشَاهَدَةِ إلى الغيب) (112) , وهذا من غايات الاستنباط كما لا يخفى.
2 - المناسبات بين السور والآيات: وهو علمٌ استنباطي اجتهادي, تتفاوت فيه مدارك العلماء وأنظارهم دِقَّةً وخفاءً, ووضوحاً وجلاءً, وتكاد تتطابق شروطه مع شروط الاستنباط المذكورة سلفاً, قال السيوطي (ت:911) بعد أن عدَّد وجوهاً من المناسبات: (وجميع هذه الوجوه التي استنبطتها من المناسبات بالنسبة إلى أسرار القرآن كنقطة من بحر) (113).
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - المتشابه المعنوي في الآيات: وهو مرتبطٌ بالاستنباط من جهة أن غالب وجوه التوفيق بين المعاني المتشابهات ورَدّ دعاوى التخالف عنها = راجعةٌ إلى استنباط المجتهد لتلك الوجوه, وإبداء خفيَّات المعاني التي يأتلف بها ظاهر الكلام في تلك المواطن (114). وفي قوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (النساء 82) إشارةٌ ظاهرةٌ إلى سبيل إزالة الاختلاف الموهوم في القرآن, وهو: تدبر القرآن, فإذا حصل التدبر لم يجد الناظر في القرآن اختلاف ألبَتَّة. وهذا التدبر هو باب الاستنباط الأعظم الذي لا بد منه لكل مستنبط.
* * * *
المبحث الثاني:
نموذج تطبيقي من استنباطات الصحابة رضي الله عنهم
* هذه دراسةٌ تطبيقيةٌ على أشهر أمثلة الاستنباط والتفسير على الإشارة في عهد الصحابة رضي الله عنهم (115):
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر, فكأن بعضهم وجدَ في نفسه, فقال (116): لِمَ تُدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه مَنْ حيثُ علمتم. فدعاه ذات يومٍ, فأدخله معهم, فما رأيت أنه دعاني يومئذ إلا ليُرِيهم, قال: ما تقولون في قول الله تعالى {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر 1]؟ فقال بعضهم: أُمِرنَا نحمدُ اللهَ ونستغفِرُه إذا نَصَرَنَا وفَتَحَ علينا. وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً, فقال لي: أكذاك تقول يا ابنَ عباس؟ فقلت: لا. قال: فما تقول؟ قلت: هو أجَلُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَه له؛ قال: {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر 1] , وذلك علامةُ أَجَلِك {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر 3]. فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تقول) (117).
* دراسةٌ وتحليل:
لَمَّا سأل عمرُ رضي الله عنه الصحابةَ عن معنى قوله تعالى {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر1] سكت بعضهم, وفَسَّر بعضهم الآية بقوله: (أُمِرنَا نحمدُ اللهَ ونستغفِرُه إذا نَصَرَنَا وفَتَحَ علينا) , وهذا المعنى مأخوذ من ظاهر الآية, وهو المتبادر منها, قال ابن تيمية (ت:728): (وقد كان عمر يسألُ ويسألُ عن معاني الآيات الدقيقة, وقد سألَ أصحابه عن قوله {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر 1] , فذكروا ظاهر لفظها) (118) , وقال الشاطبي (ت:790): (فظاهر هذه السورة أن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسبِّح بحمد ربِّه ويستغفره إذ نَصَره الله وفتح عليه) (119).
ثمَّ لَمَّا توجَّه السؤال لابن عباس رضي الله عنه قال بأنَّه: (أجَلُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أَعْلَمَه له) , وهذا خلوصٌ من الظاهر إلى لازم المعنى؛ وذلك أن الله تعالى عَلَّقَ الاستغفار بنعمةٍ يُحدِثها سبحانه وهي: الفتح على رسوله صلى الله عليه وسلم, ودخول الناس في دينه. وهذا ليس بسببٍ للاستغفار, فَعُلِمَ أن سببَ الاستغفار غيرُه, (وهو حضور الأجل؛ الذي من تمام نعمة الله على عبده توفيقه للتوبة النصوح والاستغفار بين يديه؛ ليلقى ربه طاهراً مُطَهَّراً من كل ذنب, فيقدم عليه مسروراً راضياً مرضياً عنه) (120).
كما أنه قد استقرّ في الشرع وموارد النصوص تشريعُ الاستغفار والتوبة عند تمام الأعمال ونهايتها (121) , قال ابن تيمية (ت:728) عن قول ابن عباس في الآية: (وهذا باطن الآية الموافق لظاهرها, فإنه لمَّا أمر بالاستغفار عند ظهور الدين, والاستغفار يؤمر به عند ختام الأعمال, وبظهور الدين حصل مقصود الرسالة؛ علموا أنه إعلام بقرب الأجل مع أمور أُخَر, وفوق كل ذي علم عليم) (122) , وقال ابن القيم (ت:751): (يدل عليه أيضاً أنه سبحانه شرع التوبة والاستغفار في خواتيم الأعمال, فشرعها في خاتمة الحج وقيام الليل, وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سَلَّمَ من الصلاة استغفر ثلاثاً, وشرع للمُتَوَضِّئ بعد كمال وضوءه أن يقول: (اللهم اجعلني من التَّوَّابين, واجعلني من المتطهِّرين) (123) , فعُلِمَ أن التوبة مشروعة عقيب الأعمال الصالحة, فأمر رسوله بالاستغفار عقيب توفيته ما عليه من تبليغ الرسالة والجهاد في سبيله حين دخل الناس في دين الله أفواجاً, فكأنَّ التبليغ عبادة قد أكملها وأدَّاها, فشُرِعَ له الاستغفار عقيبها) (124) , وقال أيضاً: (ويدل عليه أيضاً قوله
(يُتْبَعُ)
(/)
{فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر 3] وهو صلى الله عليه وسلم كان يُسَبِّح بحمده دائماً, فعُلِمَ أنَّ المأمور به من ذلك التسبيح بعد الفتح ودخول الناس في هذا الدين أمرٌ أكبَر من ذلك المُتَقَدِّم, وذلك مُقَدِّمةٌ بين يدي انتقاله إلى الرفيق الأعلى, وأنه قد بقيت عليه من عبودية التسبيح والاستغفار التي تُرَقِّيه إلى ذلك المقام بقيَّةٌ, فأُمِرَ بتَوْفِيَتِها) (125).
وممَّا أكَّدَ المعنى عند ابن عباس رضي الله عنه اجتهادُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه السورة كأشَدِّ ما يكون اجتهاداً في أمرِ الآخرة (126) , وكذلك كونها آخر سورة نزلت جميعاً من القرآن (127).
* حاصلُ الرواية ونتيجتها:
ما فهمه الصحابة من جلساء عمر رضي الله عنه من الآية هو ظاهرها, وهو المعنى المطابق للفظ الآية, وهو معنى مليحٌ صحيح, سواء أُريد به الحمد والاستغفار باللسان, أو بالصلاة والدعاء, قال ابن كثير (ت:774): (فالذي فسر به بعض الصحابة من جلساء عمر رضي الله عنهم أجمعين, من أنه: قد أُمِرنا إذا فتح الله علينا المدائنَ والحصونَ أن نحمد اللهَ ونشكرَه ونسبحَه؛ يعني: نصلي له ونستغفره؛ معنى مليحٌ صحيحٌ, وقد ثبت له شاهد من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقتَ الضُّحى ثماني ركعات, فقال قائلون: هي صلاة الضحى, وأُجيبوا بأنه لم يكن يواظب عليها, فكيف صلاها ذلك اليوم وقد كان مسافراً لم ينو الإقامة بمكة؟ ولهذا أقام فيها إلى آخر شهر رمضان قريباً من تسع عشرة يوماً يقصر الصلاة, ويفطر هو وجميع الجيش, وكانوا نحواً من عشرة آلاف. قال هؤلاء: وإنما كانت صلاة الفتح, قالوا: فيستحب لأمير الجيش إذا فتح بلداً أن يصلي فيه أول ما يدخله ثماني ركعات, وهكذا فعل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يوم فتح المدائن) (128).
وأمَّا تفسير ابن عباس رضي الله عنه فهو استنباطٌ جليل, من أدقِّ الفهم وألطفه, مُنتَزَعٌ من لفظ الآية, ومُتَبَصِّرٌ بلوازمها ومقاصدها, ولا يُدركه كلُّ أحد, قال ابن حجر (ت:852): (وفيه جواز تأويل القرآن بما يُفهَم من الإشارات, وإنما يتمكن من ذلك من رسخت قدمُهُ في العلم؛ ولهذا قال علي رضي الله عنه: (أو فَهماً يؤتيه الله رجلاً في القرآن)) (129) , ولذا وافقه عليه عمر رضي الله عنه, وهو ما تأوَّلَه رسول الله صلى الله عليه وسلم منها بفعله؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاةً بعد أن نزلت عليه {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر 1] إلا يقول فيها: (سبحانك ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي) , يتأَوَّلُ القرآن) (130). كما تأوَّلها عدد من الصحابة بأنه حضور أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم (131) , قال ابن عطية (ت:546): (وهذا المنْزع الذي ذكره ابن عباس, ذكره ابن مسعود وأصحابه, ومجاهد وقتادة والضحاك, وروت معناه عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم .. , وقال لها مَرَّة: (ما أراه إلا حضور أجلي) (132) , وتأوَّلَه عمر والعباس بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فصَدَّقَهما) (133).
وعليه جمهور المفسرين (134) , كمقاتل (ت:150) , وابن جرير (ت:310) , والواحدي (ت:468) , وابن عطية (ت:546) , والرازي (ت:604) , وابن تيمية (ت:728) , وابن القيم (ت:751) , والشاطبي (ت:790). (135)
* من مسائل هذا الأثر في التفسير:
أولاً: اشتمل تفسير الصحابة رضي الله عنهم لهذه الآية على معنيين:
- أحدهما: ظاهرٌ قريبٌ صحيح, وهو المعنى الذي ذكره من حضر من أشياخ بدرٍ من الصحابة رضي الله عنهم.
- والآخرُ باطِنٌ بعيدٌ أصحّ, وهو المعنى الذي ذكره ابن عباس ووافقه عليه عمر رضي الله عنه, وتأوَّله طائفة من الصحابة.
وقد يترجَّح المعنى الباطن البعيد, على المعنى الظاهر القريب, مع اشتراكهما في الصحة والقبول؛ لتفاوتهما في الدلالة على المراد, وكم من إشارةٍ أَغنَتْ عن عبارة. (136)
ثانياً: استكمل استنباطُ ابن عباس رضي الله عنه من هذه الآية شروطَ الاستنباطِ الصحيح, فجاء صحيحاً في نفسه, موافقاً لمقاصد القرآن, مرتبطاً بمعنى الآية غيرَ مناقض لها, مفيداً غير متكَلَّف, ولم يقصر معنى الآية عليه. فكان تفسيره بذلك خيرَ مثالٍ على استيفاء المعنى, وحُسن الاستنباط.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثاً: أن ابن عباس رضي الله عنه لم يتجاوز ظاهر اللفظ إلى ما يستنبط منه إلا بعد معرفة المعنى الظاهر واستقراره, وظهوره في تفسير الصحابة رضي الله عنهم, وقوله: (لا) في جوابه على سؤال عمر: (أكذاك تقول يا ابن عباس؟) ليس نفياً لتفسير الصحابة بالظاهر, وإنما نفياً لاقتصاره عليه دون مراده وما يستنبط منه, وهو تفسيره بدُنُوِّ أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رابعاً: أنه قد يقوى المعنى الخَفيّ في الآية عند المفَسِّر حتى يغيب معه المعنى الظاهر منها أو يكاد, ففي قول عمر لابن عباس رضي الله عنهما: (ما أعلم منها إلا ما تقول) نفيٌ لما فهمه جلساؤه من الآية وهو ظاهرها, وهذا مُشكِل؛ فإن ما ذكره الصحابة رضي الله عنهم معنى صحيح لا شك فيه, والأخذ بالظاهر أصلٌ جرى عليه التفسير النبوي وتفسير الصحابة رضي الله عنهم - ومنهم عمر وابن عباس - في غيرما موضع. ويُجَاب عنه بأنه ليس في قول عمر رضي الله عنه هنا إبطال لما فهمه الصحابة, أو عدم اعتبار للظاهر, وإنما ذلك منه مبالغة في تصحيح قول ابن عباس, وتأكيد له في مقابل قول جميع من حضر من الصحابة, وفيهم كبارهم من أشياخ بدر, ويشهد له سياق القصة؛ فإن عمر رضي الله عنه قصدَ من ذلك إظهار فضل ابن عباس وعقله وعلمه لَمَّا قالوا له: (لِمَ تُدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنه مَنْ حيثُ علمتم) , فكان أن وافقه أشد الموافقة بتلك الصيغة, وقد تكررت هذه العبارة من عمر لابن عباس رضي الله عنهما في غير هذا المقام, على نحو هذا المعنى, قال ابن عباس رضي الله عنه: (كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعوني مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويقول لي: لا تتكلم حتى يتكلموا. قال: فدعاهم وسألهم عن ليلة القدر, قال: أرأيتم قول رسول الله: (التمسوها في العشر الأواخر) , أيُّ ليلةٍ ترونَها؟ قال: فقال بعضهم: ليلة إحدى. وقال بعضهم: ليلة ثلاث. وقال آخر: خمس. وأنا ساكت, فقال: ما لك لا تتكلم؟! فقلت: إن أذنت لي يا أمير المؤمنين تكلمت. قال: فقال: ما أرسلت إليك إلا لتتكلم. قال: فقلت: أُحدِّثُكُم برأيي. قال: عن ذلك نسألك. قال: فقلت: السبع؛ رأيت اللهَ ذكر سبع سماوات, ومن الأرضين سبعاً, وخلق الإنسان من سبع, وبرز نبت الأرض من سبع. قال: فقال: هذا أخبرتني ما أعلم, أرأيت ما لا أعلم؟ ما قولك: نبت الأرض من سبع؟ قال: فقلت: إن الله يقول: {ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} [عبس 26] , إلى قوله: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} [عبس 31] , والأبُّ: نبت الأرض مما يأكله الدواب ولا يأكله الناس. قال: فقال عمر: أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم تجتمع شؤون رأسه بعد؟! إني والله ما أرى القول إلا كما قُلتَ, وقال: قد كنت أمرتك أن لا تتكلم حتى يتكلموا, وإني آمرك أن تتكلم معهم) (137).
خامساً: ما فهمه عمر رضي الله عنه من هذه الآية استنباطاً, يُطابِقُ ما فهمه من قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (المائدة 3)؛ فإنه لَمَّا نزلت هذه الآيةُ فرح الصحابةُ رضي الله عنهم بهذا التمام, وبكى عمر رضي الله عنه مستشعراً نعيَهُ صلى الله عليه وسلم, وقال: (لم يكمُل شيءٌ إلا نقص) (138) , وما عاش بعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إحدى وثمانين يوماً (139). وظاهرٌ اعتماد عمر رضي الله عنه في هذا الاستنباط على لازم معنى اللفظ, قال ابن كثير (ت:774): (ويشهد لهذا المعنى الحديث الثابت: (بدأ الإسلام غريباً, وسيعود غريباً كما بدأ, فطوبى للغرباء) (140)) (141).
سادساً: أن الذي مَيَّزَ ابن عباس رضي الله عنه عن غيره من الصحابة في هذا المقام وأمثاله من مقامات التفسير والبيان: دقَّةُ الفهم, وجودة الاستنباط, كما سبقت الإشارة إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
سابعاً: الحَثُّ على التأمُّل في معاني المعاني, ولوازمها, وربط الوحي- كتاباً وسُنَّةً- بعضَه ببعض, والغوص فيما وراء الألفاظ؛ للوقوف على مُرادات الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, قال الغزالي (ت:505): (من زعم أنه لا معنى للقرآن إلا ما ترجمه ظاهر التفسير فهو مُخبرٌ عن حَدِّ نفسه, وهو مُصيبٌ في الإخبار عن نفسه, مُخطِئٌ في الحكم بردِّ كافَّة الخلق إلى درجته التي هي حَدُّه ومَحَطُّه, بل الأخبار والآثار تدل على أن في القرآن مُتَّسعاً لأرباب الفهم؛ ففيه رموزٌ وإشارات, ومعانٍ وعبارات, وتلويحٌ ودلالات, يختَصُّ بدَرْكها أهلُ الفهم من ذوي العنايات) (142) , وقال ابن القيم (ت:751): (والعلم بمُراد المتكلم يُعرَف تارةً من عموم لفظه, وتارةً من عموم عِلَّته, والحَوالَةُ على الأوَّل أوضح لأرباب الألفاظ, وعلى الثاني أوضح لأرباب المعاني والفهم والتدبر) (143) , (وإن شِئتَ أدخلتَ هذا في باب معنى المعنى, أي المعاني التي وراء المعاني, ولا ضيرَ أن تكون وراءها بمسافةٍ أبعد, أو أن تكون من باب مُستَتبَعات التراكيب, وهو بابٌ جليلٌ غَيَّبَه غُبارُ العُجمَة) (144).
هذه أبرز مسائل هذا الأثر التفسيري الجليل, وبه يتم ما قصدتُ إليه من هذا البحث, وأختمه بمقالة الإمام الشافعي (ت:204) رحمه الله في الوصية بهذا العلم إذ يقول: (فحَقٌّ على طَلَبة العلم بلوغُ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه, والصبر على كل عارضٍ دون طلبه, وإخلاص النية لله في استدراكِ علمه: نَصَّاً واستنباطاً, والرَّغبةُ إلى الله في العون عليه, فإنه لا يُدرَكُ خيرٌ إلا بعونه) (145).
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* * * *
(خاتمة البحث)
الحمد لله على إتْمام النعمة, واكتمال مباحث هذا البحث, وأسأله تعالى المزيد من فضله وتوفيقه, وبعد:
فهذا آخرُ هذا البحث وخاتِمَتُه, والتي أعرضُ فيها - بإذن الله - أبرزَ النتائج, وأهمَّ التوصيات, موضِّحاً فيها جُملَةً من القضايا التي تبيَّنَت وتأكَّدَت من خلال معايشة هذا البحث. وتتلخَّصُ هذه النتائج فيما يأتي:
أولاً: قامت موضوعات كتب التفسير على ثلاثة أنحاء: بيان الألفاظ والمعاني, وبيان معاني المعاني. وقد اهتم العلماء كثيراً ببيان وتحرير جانب ألفاظ القرآن ومعانيه, أما جانب معاني المعاني, ومستتبعات التراكيب, والاستنباطات القرآنية, فهو بابٌ جليل, لم يأخذ حظَّه من التحرير والتأصيل, مع كون هذا العلم من ألصق العلوم بعلم التفسير.
ثانياً: لَمَّا كان بيان السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم لمعاني القرآن في الذروة من الإصابة والبيان, كان استنباطهم أدَقَّ استنباطٍ وأصَحَّه وألطفه, وهذا التَّميُّز في تفاسير السلف واستنباطاتهم جزءٌ من مقتضى خيريَّتِهم وتفضيلهم الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: إن تميُّز السلف في تناول هذا النوع الدقيق من البيان, لَيُبْرِزُ حرصهم على توفيةِ الآيات حَقَّها من المعاني, واستيعاب كُلِّ حقٍّ أشار إليه لفظ الآية, ودَلَّ عليه معناها, وذاك هو علم الاستنباط.
رابعاً: أن الاستنباط علمٌ معتبَرٌ, وحُجَّةٌ في الشرع, دَلَّت على اعتباره وتقديمه جملةٌ من أدلة الكتاب والسنة.
خامساً: من حقِّ اللفظ والمعنى في التفسير استيعاب المعاني الصحيحة المتعلقة بهما من جهة نِدِّ المعنى ولوازمه وأشباهه ونظائره.
سادساً: المعاني المأخوذة بالاستنباط - بطبيعتها - أكثر وأغنى من معاني الألفاظ المباشرة, بل إن من أحكام الحوادث ما لا يُعرَفُ بالنصِّ وإنما بالاستنباط, وكم من سِرٍّ وحُكمٍ نَبَّهت عليهما الإشارة, ولم تبينهما العبارة.
سابعاً: الاستنباط قدرٌ زائدٌ على مجرد إدراك المعنى الظاهر؛ ومن ثَمَّ عزَّ وجوده, وصَعُبَ إدراكه, ولا يؤتاهُ كلُّ أحدٍ, بل هو من مواهب الله تعالى التي ينعِمُ بِها على من شاء من عباده.
ثامناً: موضوع علم الاستنباط: نِدُّ المعنى الظاهر ونظيره؛ الذي يوافقه في القصد أو يقاربه, ولوازم المعنى, وعلله؛ ليُلحَق به أشباهه ونظائره, وتتبين معه نسبةُ الألفاظ بعضها إلى بعض, ثُمَّ مقاصد المتكلم ومراده, بحيث لا يُزادُ عليها ولا يُنقَصُ منها.
(يُتْبَعُ)
(/)
تاسعاً: بيان معنى اللفظ سابق للاستنباط منه, ولا يصح استنباطٌ إلا على معنىً صحيحٍ ثابتٍ لِلَّفظ, فاللفظ بمنْزلة الأساس, والاستنباط بمنْزلة البنيان, ولا يطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر.
عاشراً: علمُ الاستنباط علمٌ مبارك, يفيضُ على الأمَّة في كل زمان بكلِّ ما تحتاجه من معرفة الحَقِّ المطابق لوقائعها, والمستمَدِّ من خيرِ بيان وأصدق كلام؛ كتاب الله تعالى.
هذه أبرز نتائج هذا البحث, وقد اشتمل إلى ذلك على بعض التوصيات الهادفة إلى رفع مستوى التأصيل والإيضاح لهذا العلم, وأُجمِلُ جميع ذلك فيما يأتي:
أولاً: الاستنباط من أهمِّ أسباب دَرَكِ العلوم؛ وله من الأصولِ والضوابط التي تجمع جزئياته, وتَلُمُّ متفرِّقاته, ما يجدر معه بأهل العلم إبرازها وتحديدها, بعد جمعها ودرسها.
ثانياً: يلزم العناية بآثار السلف في علم التفسير, مع إبراز أنواع العلوم والمعارف التفسيرية منها, ثمَّ تأصيل علوم التفسير على نَهجها.
ثالثاً: وجوب العناية بتقريب معاني الآيات وتسهيلها للناس, وربط الحوادث المستجدَّة لديهم بمعاني صحيحة من آيات القرآن الكريم, واستثمار علم الاستنباط في نيل هدايات القرآن في كل زمان ومكان.
هذه أبرز النتائج والتوصيات, وبالله تعالى التوفيق, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
* * * *
(قائمة المراجع)
- الإتقان في علوم القرآن, لجلال الدين السيوطي, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1421.
- أحكام أهل الذمة, لابن القيم, ت: يوسف بن أحمد البكري, وشاكر بن توفيق العاروري, رمادي للنشر, الدمام, ط1, 1418.
- أحكام القرآن, للشافعي, جمعه البيهقي, ت: عبد الغني عبد الخالق, دار الكتب العلمية, بيروت, 1412.
- أحكام القرآن, للجصاص, ت: عبد السلام شاهين, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1415.
- إحياء علوم الدين, لأبي حامد الغزالي, دار المعرفة, بيروت.
- الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية, للطوفي, ت: حسن بن عباس قطب, الفاروق الحديثة, القاهرة, ط2, 1424.
- الإصابة في تمييز الصحابة, لابن حجر, ت: عادل عبد الموجود, وعلي معوض, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1415.
- إعلام الموقعين عن رب العالمين, لابن القيم, ت: مشهور بن حسن آل سلمان, دار ابن الجوزي, ط1, 1423.
- إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان, لابن القيم, ت: حسان عبد المنان, وعصام الحرستاني, مؤسسة الرسالة, ط1, 1414.
- الأقوال الشاذَّة في التفسير, لعبد الرحمن بن صالح الدهش, نشر مجلة الحكمة, بريطانيا, ط1, 1425.
- الإكليل في استنباط التنْزيل, للسيوطي, ت: عامر بن علي العرابي, دار الأندلس الخضراء, جدة, ط1, 1422.
- أمالي ابن الشجري, ت: محمود محمد الطناحي, مكتبة الخانجي, القاهرة.
- أنوار التنْزيل وأسرار التأويل, للبيضاوي, تقديم: محمود الأرناؤوط, دار صادر, بيروت, ط1, 2001م.
- البحر المحيط, لأبي حيان الأندلسي, ت: عادل عبد الموجود, وعلي معوض, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1422.
- البحر المحيط في أصول الفقه, للزركشي, ت: محمد محمد تامر, دار الكتب العلمية, ط1, 1421.
- بدائع الفوائد, لابن القيم, ت: علي بن محمد العمران, دار عالم الفوائد, مكة المكرمة, ط1, 1425.
- تاريخ دمشق, لابن عساكر, ت: عمر بن غرامة العمري, دار الفكر, بيروت, 1995م.
- التبيان في أقسام القرآن, لابن القيم, ت: عصام فارس الحرستاني, ومحمد الزغلي, مؤسسة الرسالة, ط1, 1414.
- التحرير والتنوير, للطاهر ابن عاشور, نشر الدار التونسية.
- تحفة الأبرار بنكت الأذكار, لابن حجر العسقلاني, مطبوع بذيل الأذكار, للنووي, ت: بشير محمد عيون, مكتبة المؤيد, الطائف, ط1, 1408.
- التسهيل لعلوم التنْزيل, لابن جزي الغرناطي, ت: رضا فرج الهمامي, المكتبة العصرية, صيدا, ط1, 1423.
- تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء, لابن تيمية, ت: عبد العزيز بن محمد الخليفة, مكتبة الرشد, الرياض, ط1, 1417.
- تفسير التستري, لسهل بن عبد الله التستري, ت: محمد باسل عيون السود, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1423.
- تفسير سفيان الثوري, ت: امتياز علي عريشي, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1403.
- تفسير سفيان بن عيينة, لأحمد صالح محايري, المكتب الإسلامي, ط1, 1403.
(يُتْبَعُ)
(/)
- تفسير عبد الرزاق بن همام الصنعاني, ت: محمود محمد عبده, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1419.
- تفسير القرآن العظيم, لابن أبي حاتم, ت: أسعد محمد الطيب, مكتبة نزار الباز, مكة المكرمة, ط3, 1424.
- تفسير القرآن العظيم, لابن كثير, ت: محمد إبراهيم البنا, دار ابن حزم, ط1, 1419.
- التفسير الكبير, لفخر الدين الرازي, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1421.
- تفسير مقاتل, لمقاتل بن سليمان البلخي, ت: أحمد فريد, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 2003م.
- التكميل في أصول التأويل, ضمن: رسائل الإمام الفراهي, لعبد الرحمن الفراهي, الدائرة الحميدية, أعظم كره, الهند, ط2, 1411.
- تناسق الدرر في تناسب السور, للسيوطي, ت: عبد الله محمد الدرويش, عالم الكتب, بيروت, ط2, 1408.
- تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل, لابن تيمية, ت: علي محمد العمران, ومحمد عزير شمس, دار عالم الفوائد, مكة المكرمة, ط1, 1425.
- تهذيب اللغة, للأزهري, دار إحياء التراث العربي, بيروت, ط1, 1421.
- التيسير في قواعد علم التفسير, للكافيجي, ت: ناصر بن محمد المطرودي, دار القلم, دمشق, ط1, 1410.
- جامع البيان عن تأويل آي القرآن, لابن جرير الطبري, ت: مصطفى السقا, وآخرون, دار الفكر, بيروت, 1415, (مصورة عن طبعة مكتبة البابي الحلبي عام 1373). وطبعة: دار هجر, القاهرة, ط1, 1422, ت: عبد المحسن التركي.
- جامع الترمذي, ت: أحمد محمد شاكر, دار إحياء التراث العربي.
- الجامع لأحكام القرآن, للقرطبي, ت: عبد الله بن عبد المحسن التركي, وآخرون, مؤسسة الرسالة, ط1, 1427.
- اجتماع الجيوش الإسلامية, لابن القيم, ت: د. عواد عبد الله المعتق, مكتبة الرشد, الرياض, ط2, 1415.
- جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام, لابن القيم, ت: زائد بن أحمد النشيري, دار عالم الفوائد, مكة المكرمة, ط1, 1425.
- حاشية ابن القيم على سنن أبي داود, بهامش مختصر سنن أبي داود, للمنذري, ت: محمد حامد الفقي, دار المعرفة, بيروت, لبنان.
- حقائق التفسير (تفسير السلمي) , لأبي عبد الرحمن السلمي, ت: سيد عمران, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1421.
- الدر المنثور, الدر المنثور في التفسير بالمأثور, للسيوطي, ت: نجدت نجيب, دار إحياء التراث العربي, ط1, 1421.
- درء تعارض العقل والنقل, لابن تيمية, ت: محمد رشاد سالم, دار الكنوز الأدبية, الرياض, 1391.
- الرسالة, للشافعي, ت: أحمد محمد شاكر, المكتبة العلمية, بيروت.
- روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني, للآلوسي, ت: محمد الأمد, وعمر عبد السلام, إحياء التراث العربي, بيروت, ط1, 1420.
- زاد المسير في علم التفسير, لابن الجوزي, المكتب الإسلامي, بيروت, ط1, 1423.
- زاد المعاد, لابن القيم, ت: شعيب الأرناؤوط, وعبد القادر الأرناؤوط, مؤسسة الرسالة, بيروت, ط3, 1419.
- سرُّ الاستغفار, للقاسمي, ضمن مجموع: لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام, رسالة رقم (8) , دار البشائر الإسلامية, ط1, 1421.
- سنن أبي داود, ت: محمد محي الدين عبد الحميد, دار الفكر, بيروت.
- السنن الكبرى, للبيهقي, ت: عبد السلام بن محمد علوش, مكتبة الرشد, الرياض, ط1, 1425.
- سنن النسائي الكبرى, للنسائي, ت: عبد الغفار البنداري, وسيد كسروي, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1411.
- سير أعلام النبلاء, للذهبي, ت: شعيب الأرناؤوط, مؤسسة الرسالة, ط11, 1417.
- شذرات الذهب في أخبار من ذهب, ت: عبد القادر الأرناؤوط, ومحمود الأرناؤوط, دار ابن كثير, دمشق, ط1, 1406.
- شرح الكوكب المنير, لابن النجار, ت: محمد الزحيلي, ونزيه حماد, مكتبة العبيكان, 1418.
- شفاء الصدور (المقدمة) , لأبي بكر النقاش محمد بن الحسن بن محمد (ت:351) , مخطوط برقم 3389 ف.
- شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل, لابن القيم, ت: محمد بدر الدين الحلبي, دار الفكر, بيروت, 1398.
- صحيح البخاري, لأبي عبد الله إسماعيل بن إبراهيم, مطبوع مع شرحه فتح الباري, ت: محمد فؤاد عبد الباقي, المكتبة السلفية, القاهرة, ط3, 1407.
- صحيح ابن خزيمة, ت: محمد مصطفى الأعظمي, المكتب الإسلامي, بيروت, 1390.
- صحيح مسلم, لأبي الحجاج مسلم بن الحجاج, مطبوع مع شرحه للنووي دار الخير, بيروت, ط3, 1416.
(يُتْبَعُ)
(/)
- الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة, لابن القيم, ت: علي بن محمد الدخيل الله, دار العاصمة, الرياض, ط3, 1418.
- طبقات الشافعية الكبرى, للسبكي, ت: محمود الطناحي, وعبد الفتاح الحلو, نشر هجر, مصر, ط2, 1413.
- طبقات المفسرين, للسيوطي, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1403.
- طريق الهجرتين وباب السعادتين, لابن القيم, ت: عمر بن محمود أبو عمر, دار ابن القيم, الدمام, ط2, 1414.
- العين, للخليل بن أحمد, ت: عبد الحميد هنداوي, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1424.
- غرائب التفسير وعجائب التأويل, للكرماني, ت: شمران سركال العجلي, دار القبلة للثقافة الإسلامية, جدة, ط1, 1408.
- فضائل الصحابة, لأحمد بن حنبل, ت: وصي الله عباس, مؤسسة الرسالة, بيروت, ط1, 1403.
- فتح الباري بشرح صحيح الإمام البخاري, لابن حجر, ت: محمد فؤاد عبد الباقي, المكتبة السلفية, القاهرة, ط3, 1407.
- الفتح السماوي بتخريج أحاديث تفسير القاضي البيضاوي, للمناوي, ت: أحمد مجتبى بن نذير عالم السلفي, دار العاصمة, الرياض, ط1, 1409.
- الفوائد, لابن القيم, ت: بشير محمد عيون, مكتبة المؤيد, ط2, 1408.
- القاموس المحيط, للفيروزابادي, ت: يوسف الشيخ محمد البقاعي, دار الفكر, بيروت, 1415.
- قانون التأويل, لابن العربي, ت: محمد السليماني, دار الغرب الإسلامي, بيروت, ط2, 1990م.
- قراءة في الأدب القديم, لمحمد محمد أبو موسى, مكتبة وهبة, القاهرة, ط2, 1419.
- كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية, للسهيلي, ت: د. محمد إبراهيم البنا, المكتبة الفيصلية, مكة المكرمة, ط2, 1405.
- الكشاف عن حقائق غوامض التنْزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل, للزمخشري, ت: محمد عبد السلام شاهين, دار الكتب العلمية, بيروت, طط1, 1415.
- كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون, لحاجي خليفة, دار إحياء التراث العربي, بيروت.
- الكشف والبيان, للثعلبي, ت: أبو محمد بن عاشور, دار إحياء التراث العربي, بيروت, ط1, 1422.
- الكلمات البيِّنات, لمرعي الكرمي, ضمن لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام, رسالة رقم (62) , دار البشائر الإسلامية, ط1, 1421.
- مجالس في تفسير قوله تعالى {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ} (آل عمران 164) , لابن ناصر الدين الدمشقي, ت: محمد عوامة, دار القبلة للثقافة الإسلامية, جدة, ط1, 1421.
- المجالسة وجواهر العلم, للدينوري, ت: يوسف أحمد, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1421.
- مجموع الفتاوى, لابن تيمية, ت: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم, 1418.
- المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث, لأبي موسى المديني الأصفهاني, ت: عبد الكريم العزباوي, نشر مركز البحث العلمي وإحياء التراث بجامعة أم القرى, مكة المكرمة, ط1, 1406.
- المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز, لابن عطية, ت: عبد السلام عبد الشافي, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1422.
- مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين, لابن القيم, ت: عبد العزيز ناصر الجليل, دار طيبة, الرياض, ط1, 1423.
- مذكرة أصول الفقه, لمحمد الأمين الشنقيطي, دار عالم الفوائد, ط1, 1426.
- المستدرك على الصحيحين, للحاكم النيسابوري, ت: مصطفى عبد القادر عطا, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1411.
- مسند ابن راهويه, ت: عبد الغفور عبد الحق البلوشي, مكتبة الإيمان, المدينة المنورة, ط1, 1412.
- مسند أحمد بن حنبل, مؤسسة قرطبة, القاهرة. وطبعة: دار المعارف, القاهرة, ط1, ت: أحمد شاكر.
- المسودة في أصول الفقه, لآل تيمية, ت: أحمد بن إبراهيم الذروي, دار الفضيلة, ط1, 1422.
- المصنف, لابن أبي شيبة, ت: كمال يوسف الحوت, مكتبة الرشد, الرياض, ط1, 1409.
- المصنف, لعبد الرزاق الصنعاني, ت: حبيب الرحمن الأعظمي, المكتب الإسلامي, بيروت, ط2, 1403.
- معالم التنْزيل, لمحيي السنة البغوي, ت: محمد عبد الله النمر, وزميلاه, دار طيبة, الرياض, ط4, 1417.
- معاني القرآن وإعرابه, للزجاج أبي إسحاق ابن السري, ت: عبد الجليل عبده شلبي, عالم الكتب, بيروت, ط1, 1408.
- معجم المفسرين من صدر الإسلام حتى العصر الحاضر, عادل نويهض, مؤسسة نويهض الثقافية, ط3, 1409.
- معجم الطبراني الكبير, ت: حمدي عبد المجيد السلفي, مكتبة العلوم والحكم, المدينة المنورة, ط2, 1404.
(يُتْبَعُ)
(/)
- معجم الطبراني الأوسط, ت: طارق عوض الله محمد, وعبد المحسن الحسيني, دار الحرمين, القاهرة, 1415.
- معجم مقاييس اللغة, لابن فارس, ت: إبراهيم شمس الدين, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1420.
- مفتاح دار السعادة, لابن القيم, دار الكتب العلمية, بيروت, ط1, 1413.
- مقدمات تفسير الأصفهاني (ت:749) دراسة وتحقيق, لإبراهيم بن سليمان الهويمل, بحث أكاديمي, نسخة المحقق, 1420.
- مقدمة جامع التفاسير مع تفسير الفاتحة ومطالع البقرة, للراغب الأصفهاني, ت: أحمد حسن فرحات, دار الدعوة, الكويت, ط1, 1405.
- ملاك التأويل القاطع بذوي الإلحاد والتعطيل في توجيه المتشابه اللفظ من آي التنْزيل, لابن الزبير الغرناطي, ت: سعيد الفلاّح, دار الغرب الإسلامي, بيروت, ط1, 1403.
- منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية, لابن تيمية, ت: محمد رشاد سالم, ط1, 1406.
- الموافقات, للشاطبي, ت: مشهور حسن آل سلمان, دار ابن عفان, الخبر, ط1, 1417.
- نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام, لمحمد بن علي القصاب, ت: علي بن غازي التويجري, وآخرون, دار ابن القيم, الدمام, ط1, 1424.
- الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب, لابن القيم, ت: عبد الرحمن بن حسن بن قائد, دار عالم الفوائد, مكة المكرمة, ط1, 1425.
- الوافي بالوفيات, للصفدي, ت: س. ديدرينغ, نشر فرانز شتايز, فيسبادن, 1394.
- الوجيز في تفسير الكتاب العزيز, للواحدي, ت: صفوان داوودي, دار القلم, دمشق, ط1, 1415.
(1) ينظر: مجموع الفتاوى 4/ 157, وإعلام الموقعين 2/ 150.
(2) ينظر: شفاء الصدور (مخطوط, لوحة:17, 18) , ومقدمات تفسير الأصفهاني (ص:271) , والتيسير في قواعد علم التفسير (ص:246).
(3) ينظر: العين 4/ 184, ومقاييس اللغة 2/ 537.
(4) ينظر: تهذيب اللغة 13/ 250.
(5) معاني القرآن وإعرابه 2/ 83.
(6) الرَّكِيَّة هي: البئر. ينظر: القاموس المحيط (ص:1161).
(7) جامع البيان 7/ 255, وتبعه في تعريفه ابن الشجري (ت:542) في أماليه 1/ 220.
(8) مفتاح دار السعادة (ص:423).
(9) معالم التنْزيل 2/ 255.
(10) إعلام الموقعين 1/ 397.
(11) التحرير والتنوير 1/ 12, وسبقه ابن العربي (ت:543) إلى قريب من ذلك في «قانون التأويل» (ص:367).
(12) المرجع السابق, وينظر: معالم التنْزيل 2/ 255.
(13) كما فعل ابن القيم في تقسيمه لما يذكره الناس من التفسير في كتابه (التبيان في أقسام القرآن) (ص:84) , ومثله عبارة الطاهر ابن عاشور هذه في وصف علم التفسير. وبنحو هذا التصرُّف في مصطلح الاستنباط عند بعض المفسرين تصَرَّف جمهرةٌ من الأصوليين؛ فتناولوا هذا العلم محصوراً في طرف منه هو: (القياس) , ومباحث العلة فيه على الخصوص. ينظر: أصول السرخسي 1/ 241, و2/ 140, والبحر المحيط في الأصول 4/ 9, 21, ومذكرة في أصول الفقه (ص:392).
(14) ينظر: أحكام القرآن, للجصاص 2/ 270, والتفسير الكبير 10/ 159, ومجموع الفتاوى 5/ 163.
(15) إعلام الموقعين 1/ 397, وينظر: أحكام القرآن, للشافعي 1/ 21, والإتقان في علوم القرآن 2/ 368.
(16) قَرَّرَ ذلك وفصَّله طائفة من العلماء, كما في: قانون التأويل (ص:191, 196 - 207) , ومجموع الفتاوى 13/ 230 - 248, وشفاء العليل 1/ 77, والموافقات 4/ 208 - 255. وورد فيه حديث مرفوع عن ابن مسعود رضي الله عنه, أخرجه أبو يعلى في مسنده 9/ 80 (5149) , وابن جرير في تفسيره 1/ 22 طبعة التركي, والطبراني في الكبير 10/ 105 (10107) , وإسناده حسن, وله متابعات وشواهد تُنظَر في: الأقوال الشاذَّة في التفسير (ص:30 - 33).
(17) عَرَّف ابن العربي (ت:543) الظاهر والباطن فقال: (نعني بالظاهر: ما تبادر إلى الأفهام من الألفاظ, ونعني بالباطن: ما يفتقر إلى نظر) قانون التأويل (ص:191) , ويلاحظ في تعريفه للباطن أنه تعريف بالوصف لا بالحدِّ؛ فإنه ذكر طريق الوصول إلى المعنى الباطن ولم يزد عليه. كما عَرَّفهما الشاطبيُّ (ت:790) بقوله: (المراد بالظاهر هو: المفهوم العربي, والباطن هو: مراد الله تعالى من كلامه وخطابه) الموافقات 4/ 210, والملاحظ هنا تخصيصه للباطن بأنه مراد الله تعالى من خطابه. وهذا التخصيص لا يتطابق مع طائفة من الأمثلة التي ذكرها في هذا الموضع, كما لا يتوافق مع تفصيله للباطن بعد ذلك (ص:231)؛ إذ ذكر شرطي قبول المعنى الباطن وهما: موافقة اللغة, وشهادة الشرع.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليس فيهما أنه مراد الله تعالى, ولا يلزم منهما ذلك.
(18) ينظر: التفسير الكبير 10/ 159, والموافقات 4/ 202, وروح المعاني 6/ 489.
(19) كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية (ص:77).
(20) ينظر: قانون التأويل (ص:196) , والموافقات 2/ 127 - 131.
(21) التحرير والتنوير 3/ 158.
(22) ينظر: أحكام القرآن, للجصاص 2/ 270, والتفسير الكبير 10/ 159, والتحرير والتنوير 23/ 252 - 253.
(23) إعلام الموقعين 1/ 397.
(24) ينظر: التيسير في قواعد علم التفسير (ص:222).
(25) رواه البخاري في صحيحه 1/ 211 (79) , ومسلم في صحيحه 5/ 445 (2282).
(26) رواه البخاري في صحيحه 6/ 193 (3047) , ومسلم في صحيحه 3/ 497 (1370) , وسيأتي بتمامه.
(27) مفتاح دار السعادة (ص:60) , وينظر: درء تعارض العقل والنقل 4/ 98, ومقدمات تفسير الأصفهاني (ص:263) , واجتماع الجيوش الإسلامية (ص:72) , والوابل الصيب (ص:135).
(28) الكشاف 4/ 146.
(29) أنوار التنْزيل 1/ 154.
(30) رواه البخاري في صحيحه 6/ 193 (3047) , ومسلم في صحيحه 3/ 497 (1370).
(31) رواه ابن راهويه في مسنده 4/ 230 (2038) , وأحمد في المسند 1/ 314 (2881) , وسنده صحيح. وينظر: قانون التأويل (ص:367).
(32) المجالسة وجواهر العلم 1/ 254, وينظر: شفاء الصدور, للنقاش (مخطوط, لوحة:20) , ومقدمات تفسير الأصفهاني (ص:272).
(33) الإصابة 4/ 146.
(34) شفاء الصدور, للنقاش (مخطوط, لوحة:20) , وينظر: مختصر تاريخ دمشق 1/ 1735.
(35) ينظر: صحيح البخاري 6/ 591 (3469).
(36) رواه مسلم في صحيحه 4/ 66 (1479).
(37) مجموع الفتاوى 4/ 94, ونقله عنه ابن القيم في الوابل الصيب (ص:138) , وينظر: الجامع لأحكام القرآن 1/ 58, ومفتاح دار السعادة (ص:60) , والمقدمة الثالثة من مقدمات التحرير والتنوير.
(38) أحكام القرآن 2/ 180.
(39) ينظر: قانون التأويل (ص:191) , والموافقات 4/ 208 - 214.
(40) التفسير الكبير 10/ 160, وينظر: البحر المحيط في الأصول 4/ 488.
(41) قانون التأويل (ص:207) , وأكَّدَ ذلك ابن ناصر الدين الدمشقي (ت:842) في كتابه: مجالس في تفسير قوله تعالى {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ} , (ص:367).
(42) إعلام الموقعين 1/ 397.
(43) المرجع السابق.
(44) الموافقات 4/ 242 - 245, بتصرف يسير.
(45) زاد المعاد 5/ 32 - 34.
(46) جاء ذلك من حديث ابن عمر في صحيحي البخاري 12/ 131 (6819) , ومسلم 4/ 351 (1699).
(47) سنن أبي داود 2/ 560 (4450) , وينظر: زاد المعاد 5/ 34.
(48) اشتهر ابن عيينة (ت:198) رحمه الله بالاستنباطات الحسنة, والمَنَازِع المستَحسَنَة من الآيات, وله فيها نماذج عديدة, ينظر منها: جامع البيان 9/ 96 (11766) , وتفسير ابن أبي حاتم 5/ 1571 (9008) , والمجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث 2/ 562, وسير أعلام النبلاء 8/ 458, والفوائد (ص:159) , وتفسير ابن عيينة (ص:356).
(49) شفاء العليل 1/ 77, وينظر: التفسير الكبير 12/ 177, والبحر المحيط 4/ 125.
(50) هذا صحيحٌ في غير هذا المقام؛ إذ حُكمُ الكلام هنا مُطَاوِعٌ لظاهره؛ وذلك أنَّ دوابَّ الأرض أُمَمٌ أمثالنا: في الخلق والإيجاد, والتسبيح والعبادة, والحشر والبعث. وهو الوارد عن السلف في معناها, واستنباط ابن عيينة مبنيٌّ على هذا المعنى الظاهر الصحيح. ينظر: جامع البيان 9/ 232, ومعالم التنْزيل 3/ 141, والمحرر الوجيز 2/ 289.
(51) شفاء العليل 1/ 77.
(52) كتاب الفرائض وشرح آيات الوصية (ص:30) بتصرف يسير.
(53) تفسير القرآن العظيم 2/ 859.
(54) أحكام أهل الذمة 1/ 122.
(55) المرجع السابق.
(56) ذكر قريباً منها ابن عاشور في حديثه عن طرائق المفسرين, في المقدمة الرابعة لتفسيره التحرير والتنوير 1/ 42, وينظر: تفسير آيات أشكلت 1/ 149.
(57) التبيان في أقسام القرآن (ص:84) , وينظر: مدارج السالكين 3/ 273.
(58) ينظر: قانون التأويل (ص:223) , والتفسير الكبير 10/ 159, والمُسَوَّدة في أصول الفقه 2/ 830, ومذكرة أصول الفقه (ص:225).
(59) ينظر (ص:7) , وابن القيم هنا يصف حال تفاسير الناس ولا يؤصل لأقسام علم التفسير, فلا إشكال في تقسيمه وتوسعه في الإطلاق.
(60) مجموع الفتاوى 2/ 28, وينظر منه: 6/ 377.
(61) مجموع الفتاوى 13/ 341, وينظر: قانون التأويل (ص:191, 196, 207).
(62) التبيان في أقسام القرآن (ص:84) , وينظر: مدارج السالكين 3/ 248, والوابل الصيب (ص:179).
(يُتْبَعُ)
(/)
(63) الموافقات 4/ 231 - 232.
(64) بدائع الفوائد 4/ 985.
(65) ينظر: قانون التأويل 351, والبحر المحيط في الأصول 2/ 509, وشرح الكوكب المنير 3/ 465.
(66) الجامع لأحكام القرآن 1/ 58, وينظر: أحكام القرآن, للجصاص 2/ 112, والكشف والبيان 1/ 87.
(67) ينظر: تفسير الثوري (ص:83) (173) , وتفسير عبد الرزاق 2/ 220 (1329) , وصحيح البخاري 8/ 426 (4818) , وتفسير ابن أبي حاتم 2/ 355 (1869) , ومنهاج السنة النبوية 7/ 17.
(68) ينظر في التمثيل لذلك: نكت القرآن 1/ 204, والتفسير الكبير 29/ 168.
(69) الموافقات 5/ 124, وينظر منه: 3/ 250, والتسهيل لعلوم التنْزيل 1/ 18.
(70) الموافقات 4/ 224.
(71) إغاثة اللهفان 1/ 92.
(72) وأكثر الخلل الواقع في استنباطات ما يسمى (الإعجاز العلمي أو العددي في القرآن) راجعٌ إلى الإخلال بهذا الشرط.
(73) التفسير الكبير 11/ 127.
(74) ينظر: قانون التأويل (ص:207, 367 - 368) , والتكميل في أصول التأويل, للفراهي (ص:270).
(75) تنبيه الرجل العاقل 1/ 271.
(76) قانون التأويل (ص:207).
(77) الموافقات 4/ 242 - 243, 247. وينظر: الإتقان 2/ 367.
(78) محمد بن الحسين بن موسى الأزدي, أبو عبد الرحمن السلمي, شيخ الصوفية وعالمهم بخراسان, صنف: حقائق التفسير, وغيره, توفي سنة (412). ينظر: طبقات الشافعية الكبرى 4/ 143, وطبقات المفسرين, للسيوطي (ص:85) , وشذرات الذهب 5/ 67.
(79) فتاوى ابن الصلاح 1/ 196, وينظر: الإتقان في علوم القرآن 2/ 365.
(80) المرجع السابق, وينظر: روح المعاني 1/ 11.
(81) طريق الهجرتين (ص:507) , وفي التمثيل لبعض الاستنباطات المردودة وأسباب ردِّها ينظر: الجامع لأحكام القرآن 7/ 289, وبدائع الفوائد 2/ 151, وحاشية ابن القيم على سنن أبي داود 8/ 75 - 76, وطبقات الشافعية الكبرى 4/ 147, وفتح الباري 12/ 395. وقد أطال الشاطبي (ت:790) في عرض نماذج من استنباطات مردودة مع التعليق عليها في كتابه الموافقات 4/ 235.
(82) الإتقان في علوم القرآن 2/ 367.
(83) الجامع لأحكام القرآن 1/ 59.
(84) مقدمات تفسير الأصفهاني (ص:264).
(85) مفتاح دار السعادة (ص:423).
(86) زاد المعاد 4/ 379.
(87) جامع البيان 17/ 16.
(88) مقدمة جامع التفاسير (ص:75) بتصرف يسير, ونقل هذا النص كاملاً عن الراغب: شمسُ الدين الأصفهاني (ت:749) في مقدمات تفسيره (ص:264) , والكافيجي (ت:879) في التيسير في قواعد علم التفسير (ص:218).
(89) التبيان في أقسام القرآن (ص:216).
(90) مجالس في تفسير قوله تعالى {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ} , (ص:366) , وينظر: تاريخ دمشق 51/ 362, وسير أعلام النبلاء 10/ 83.
(91) تاريخ دمشق 51/ 363.
(92) سبق تخريجه.
(93) رواه مسلم في صحيحه 1/ 455 (223).
(94) رواه البخاري في صحيحه 11/ 348 (6502).
(95) مجموع الفتاوى 20/ 43 - 45 بتصرف.
(96) التفسير الكبير 11/ 138.
(97) ينظر: التفسير الكبير 1/ 15.
(98) التفسير الكبير 1/ 122, وينظر: التحرير والتنوير 3/ 158.
(99) سبق تخريجه.
(100) فتح الباري 12/ 257.
(101) التفسير الكبير 29/ 168.
(102) ينظر: تفسير التستري (ص:15 - 17) , وحقائق التفسير 1/ 20, وكشف الظنون 2/ 1551.
(103) محمد بن علي بن محمد الكَرَجيّ, أبو أحمد القَصَّاب؛ لكثرة ما قتل في مغازيه, إمام حافظ, صَنَّفَ: نكت القرآن, والسنة, وغيرها, مات في حدود (360). ينظر: السير 16/ 213, والوافي بالوفيات 4/ 114.
(104) ينظر: نكت القرآن 1/ 59, 77.
(105) ينظر: معجم المفسرين 1/ 65.
(106) ينظر: الإكليل في استنباط التنْزيل 1/ 282, ويطابقه في موضوعه: (فصلٌ في معان مستنبطة من سورة النور) , لابن تيمية في مجموع الفتاوى 15/ 281, وكتابَيْ: (فتح الرحيم الملك العلام في علم العقائد والتوحيد والأحكام المستنبطة من القرآن) , لعبد الرحمن السعدي – وهو من أبرز المعاصرين المعتنين بهذا العلم-, و (المعاني المستنبطة من سورة الفاتحة) , لأبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري.
(107) ينظر: التفسير الكبير 1/ 15, 22 - 23.
(108) نقل هذه العبارة غيرُ واحدٍ من المصنفين, وأعلى من نُسِبَت إليه: شيخ الإسلام ابن تيمية (ت:728) رحمه الله. ينظر: البحر المحيط 1/ 511, والوافي بالوفيات 4/ 254.
(يُتْبَعُ)
(/)
(109) قال ابن العربي في باب (ذكر الباطن من علوم القرآن): (وقد كنت في إملاء «أنوار الفجر في مجالس الذكر» أسلك هذا الباب كثيراً – أي: باب استنباط المعاني الباطنة – وأورِدُ فيه عظيماً). قانون التأويل (ص:206).
(110) ينظر: غرائب التفسير وعجائب التأويل 1/ 88.
(111) ينظر: الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية 1/ 204.
(112) قانون التأويل (ص:261).
(113) المرجع السابق (ص:262) , وينظر: إعلام الموقعين 1/ 329.
(114) تناسق الدرر في تناسب السور (ص:69).
(115) ينظر: قانون التأويل (ص:198 - 205) , وملاك التأويل 1/ 146 - 147.
(116) ينظر: الموافقات 4/ 210.
(117) القائل هو: عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه, كما في رواية الترمذي في الجامع 5/ 450 (3362).
(118) رواه البخاري في صحيحه 8/ 606 (كتاب 65 - التفسير, باب 110 - قوله {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر 3] , برقم: 4970).
(119) مجموع الفتاوى 16/ 417.
(120) الموافقات 4/ 211, وينظر: المحرر الوجيز 5/ 532.
(121) إعلام الموقعين 3/ 124. وينظر: جلاء الأفهام (ص:164).
(122) ينظر: مدارج السالكين 3/ 263, وطريق الهجرتين (ص:429) , وسرُّ الاستغفار (ص:27) , ضمن مجموع: لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام, رسالة رقم (8).
(123) مجموع الفتاوى 16/ 418, وينظر: الموافقات 4/ 211.
(124) رواه الترمذي 1/ 78 (55) , والطبراني في الأوسط 5/ 140 (4895) , وعبد الرزاق في المصنف 1/ 186 (731) , وكذا ابن أبي شيبة 1/ 13 (20) , عن عمر مرفوعاً, وعن علي موقوفاً, وأصله في مسلم 1/ 471 (234) , وذكر الترمذي فيه اضطراباً, وله شواهد يرتقي بها إلى القبول, ذكرها ابن حجر في تحفة الأبرار (ص:41).
(125) إعلام الموقعين 3/ 126, وينظر: مدارج السالكين 1/ 260, 328, والصواعق المرسلة 2/ 507, وفتح الباري 8/ 606.
(126) إعلام الموقعين 3/ 124.
(127) صَحَّ ذلك برواية ابن عباس في سنن النسائي الكبرى 6/ 525 (11712).
(128) عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: قال لي ابن عباس: (يا ابن عتبة: أتعلم آخر سورة من القرآن نزلت جميعاً؟ قلت نعم, {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}. قال: صدقت). رواه مسلم في صحيحه 6/ 441 (3024). وينظر في بقية الأدلة على هذا الوجه من التأويل: التفسير الكبير 32/ 151.
(129) تفسير القرآن العظيم 8/ 3885.
(130) فتح الباري 8/ 608, وينظر: إعلام الموقعين 3/ 124, والوابل الصيب (ص:137) , والتيسير في قواعد علم التفسير (ص:222).
(131) رواه البخاري في صحيحه 8/ 605 (4968) , ومسلم في صحيحه 2/ 150 (484). وينظر: التسهيل 4/ 430.
(132) كأبي بكر, وعلي, وعائشة, وأبي هريرة, وابن عباس, وابن عمر رضي الله عنهم. ينظر: فتح الباري 8/ 608, والدر المنثور 8/ 601, ونقل الرازي اتفاق الصحابة على دلالة هذه السورة على نعي الرسول صلى الله عليه وسلم. التفسير الكبير 32/ 151.
(133) رواه البخاري في صحيحه 8/ 658 مُعَلَّقاً بصيغة الجزم.
(134) المحرر الوجيز 5/ 532, وينظر: الفتح السماوي 3/ 1133.
(135) زاد المسير (ص:1599).
(136) ينظر: تفسير مقاتل 3/ 530, وجامع البيان 30/ 433, والوجيز 2/ 1238, والمحرر الوجيز 5/ 532, والتفسير الكبير 32/ 151, ومجموع الفتاوى 16/ 418, وإعلام الموقعين 3/ 124, والصواعق المرسلة 2/ 509, ومدارج السالكين1/ 328, والموافقات 4/ 210.
(137) ينظر: الموافقات 4/ 202.
(138) رواه أحمد في فضائل الصحابة 2/ 970 (1904) , وابن جرير في تفسيره 30/ 75 (28188) , وابن خزيمة في صحيحه 3/ 322 (2172) , والحاكم في مستدركه 1/ 604 (1597) , والبيهقي في السنن 4/ 313 (8342) , وإسناده صحيح, وصححه الحاكم, وابن حجر في الفتح 13/ 285.
(139) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 7/ 88 (34408) , وابن جرير في تفسيره 8/ 81 طبعة: التركي.
(140) ينظر: جامع البيان 8/ 81 طبعة: التركي, وتفسير ابن كثير 3/ 1101, والموافقات 4/ 211.
(141) رواه مسلم 1/ 333 (145).
(142) تفسير القرآن العظيم 3/ 1101.
(143) إحياء علوم الدين 1/ 289 باختصار وتصرُّف, وينظر: الكلمات البيِّنات, لمرعي الكرمي, ضمن لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام, رسالة رقم: 62, (ص: 22).
(144) إعلام الموقعين 2/ 387.
(145) قراءة في الأدب القديم, للدكتور محمد أبو موسى (ص:34) , وينظر: التحرير والتنوير 1/ 42.
(146) الرسالة (ص:19).
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[30 Jan 2009, 02:35 م]ـ
وهذا رابط حفظ البحث: معالم الاستنباط في علم التفسير. ( http://www.shatiby.edu.sa/mag/file1227420661.pdf)
ـ[جمال القرش]ــــــــ[30 Jan 2009, 05:06 م]ـ
وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[03 Feb 2009, 01:04 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع الله بكم
ـ[عبد الله العمر]ــــــــ[03 Feb 2009, 10:56 م]ـ
بارك الله فيك مجهود كبير تشكر عليه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[06 Feb 2009, 12:50 ص]ـ
إخواني الكرام: جمال وسلمان وعبد الله العمر , شكر الله لكم إطلاعكم , ونفع بكم , وغفر لي ولكم.
ـ[العيدان]ــــــــ[06 Feb 2009, 09:47 ص]ـ
نفع الله بك ..
ولدي استفسار:
ماهي الكتب التي عنيت بالاستنباط والإبداع فيه؟
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[27 Apr 2009, 05:11 م]ـ
جزاك الله خيرا استاذنا الفاضل ونفع بك وبارك في جهودكم
نفع الله بك ..
ولدي استفسار:
ماهي الكتب التي عنيت بالاستنباط ..... ؟
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[27 Apr 2009, 09:48 م]ـ
ها هنا سلمك الله:
:: الاستنباط في كتب التفسير:
لا يكاد يخلو كتابٌ من كتب التفسير الموَسَّعة والمتوسطة من استنباط من الآيات, بل أفردَ بعضهم علم الاستنباط في مصنفات مستقلة عن التفسير, وهذه أمثلةٌ من أشهر هذه المصنفات في خصوص هذا العلم:
- تفسير التستري (ت:283) , و (لطائف الإشارات) , لأبي القاسم القشيري (ت:465) , و (حقائق التفسير) , لأبي عبد الرحمن السلمي (ت:412) , وموضوعها الإشارات الصوفية, واستنباطات المعاني الإيمانية. (102)
- (نكت القرآن الدالَّة على البيان في أنواع العلوم والأحكام) , للقصاب الكرجي (103) (ت:360) , وموضوعه استنباطاتٌ في عامة العلوم الشرعية, ويغلب عليها الاستنباطات الفقهية, والعقدية. (104)
- (حُجَجُ القرآن) , لأبي الفضائل أحمد بن محمد بن مظفر الرازي (ت:631) , استنبط فيه الحُجج الاعتقادية لعامة الفرق الإسلامية من جميع القرآن الكريم. (105)
- (الإكليل في استنباط التنْزيل) , للسيوطي (ت:911) , وموضوعه استنباطاتٌ فقهية, وأصولية, واعتقادية, وبعضاً ممَّا سوى ذلك, وقرن فيه الاستنباط بتفسير الآية حيث توقف فهم الاستنباط عليها. (106)
ويكاد يكون الاستنباط من الآيات غرض الرازي (ت:602) في تفسيره (التفسير الكبير) (107) , فيكون من هذا القبيل من الكتب, لولا ما فيه من التفسير, وقد قيل عنه: (فيه كُلُّ شيء إلا التفسير) (107) , ومثله في اعتماد الاستنباط وقصده بجلاء: ابنُ العربي (ت:543) في: (أنوار الفجر في مجالس الذكر) (108) , والكرماني (ت: بعد500) في: (غرائب التفسير وعجائب التأويل) (109) , والطوفي (ت:716) في: (الإشارات الإلهية إلى المباحث الأصولية) (110) , على تنوعٍ في الموضوعات المستنبطة؛ ما بين عقيدة, وفقه, ولغة, وأصول, وتزكية, وآداب, وغيرها.
:: علاقة علم الاستنباط بعلوم القرآن:
أثَّرَ علمُ الاستنباط في طائفةٍ من علوم القرآن؛ بعضها قائمٌ بأصله عليه, وبعضها آخِذٌ منه بقليلٍ أو كثير, ومن هذه العلوم:
1 - أمثالُ القرآن: وهي أفسحُ مجال تتزاحم فيه الاستنباطات والاجتهادات, كما أنها أشبه العلوم بعلم الاستنباط, قال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} (العنكبوت 43)؛ (إذ ليس كُلُّ أحدٍ يدرك حقيقة الأمثال, ولا يُصغِي إليها كُلُّ نفور القلب نَكُودِ الحال, والذي تضمَّنَت من الحكمة كثير) (111) , ومن حِكَمِ ضرب الأمثال: (أنَّ الله أراد أن يَعَلِّم الخلق كيف يتجاوزون في العِبْرَة من المُشَاهَدَةِ إلى الغيب) (112) , وهذا من غايات الاستنباط كما لا يخفى.
2 - المناسبات بين السور والآيات: وهو علمٌ استنباطي اجتهادي, تتفاوت فيه مدارك العلماء وأنظارهم دِقَّةً وخفاءً, ووضوحاً وجلاءً, وتكاد تتطابق شروطه مع شروط الاستنباط المذكورة سلفاً, قال السيوطي (ت:911) بعد أن عدَّد وجوهاً من المناسبات: (وجميع هذه الوجوه التي استنبطتها من المناسبات بالنسبة إلى أسرار القرآن كنقطة من بحر) (113).
3 - المتشابه المعنوي في الآيات: وهو مرتبطٌ بالاستنباط من جهة أن غالب وجوه التوفيق بين المعاني المتشابهات ورَدّ دعاوى التخالف عنها = راجعةٌ إلى استنباط المجتهد لتلك الوجوه, وإبداء خفيَّات المعاني التي يأتلف بها ظاهر الكلام في تلك المواطن (114). وفي قوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (النساء 82) إشارةٌ ظاهرةٌ إلى سبيل إزالة الاختلاف الموهوم في القرآن, وهو: تدبر القرآن, فإذا حصل التدبر لم يجد الناظر في القرآن اختلاف ألبَتَّة. وهذا التدبر هو باب الاستنباط الأعظم الذي لا بد منه لكل مستنبط.
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[27 Apr 2009, 10:15 م]ـ
جزاك الله خيرا لأنه لم يتسنى لي قراءاته بداية
نفع الله بك وبارك في علمكم وعملكم
وأود حقيقة نصيحتك استاذي الفاضل
المادة العلمية الآن ولله الحمد كثيرة في جهازي فما هوالأفضل طباعتها وقراءتها أم قراءتها مباشرة من الجهاز
رغم اني أجد صعوبة في الوضع الثاني لأنه يتقطع علي كثيرا وقد يصيبني النسيان ويصعب علي الرجوع اليه
فما هي نصيحتك أثابك الله
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[27 Apr 2009, 10:28 م]ـ
اجمعي بين الأمرين , فالمقالات والأخبار والتعليقات اليسيرة تقرأينها من الجهاز مباشرة وفي وقتها بلا تأخير حتى لا تكثر فتصعب بعد ذلك , أما الأبحاث الطويلة والتي تحتاج إلى تركيز فاأحسن طباعتها وتقرأ خارج الجهاز.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[27 Apr 2009, 10:33 م]ـ
جزاك الله خيرا
لا عدمنا نصحكم
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[13 Feb 2010, 01:09 م]ـ
أخي الكريم أبا بيان
جزاك الله خيراً على ما سطرت في هذا البحث القيم .. الذي يدل على سعة اطلاع ودقة نقل.
أما رابط البحث المرفق فلا يعمل .. أرجو أن تتفضل بإعادة رفعه للفائدة.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[13 Feb 2010, 01:46 م]ـ
وفيك بارك أخي عصام , وإليك البحث على رسيفر الملتقى.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[13 Feb 2010, 01:53 م]ـ
أخي الدكتور الشيخ أبا بيان حفظه الله
شكر الله لك وأحسن إليك وبارك لك في وقتك وعلمك.(/)
تفسير صوتي، أسمعتم به؟
ـ[الأديب البلاغي]ــــــــ[30 Jan 2009, 05:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حفظكم الله يا أهل القرآن، لكم أغبطكم لأني تأخرت، ولكن ما دام أني وصلت فالحمد لله،
فالسير كالسلحفاة في الطريق الصحيح خير من المشي كالنمر في الطريق الخاطئ.
أكتب إليكم وكلي أمل في أن أجد ما أطلبه لأعكف عليه الفترة المقبلة، وأنتم أفضل
من محرك البحث في البحث والسبب باختصار لأنكم أنتم تدرون - عما تقولونه - بعقل وهو يدري بلا عقل
فلا خير مما لا عقل له، وعنده الكل سيان.
إخوتي الكرام الفضلاء:
أريد تفسيرا للقرآن صوتيا للشيخ: محمد محمد الشنقيطي،،،
وللشيخ محمد الحسن ولد الددو.
وقد وجدت للأخير سورة الشمس فقط وما أروعه فيها.
من يعرف مكان وجودهما يضع لي الروابط، ولينظر كم سيأتيه من الأجر حين أستمعها
وأجعلها منهج حياة.
في الحقيقة لا أدري إن كان لهما تفسير من عدمه، ولكني أتمنى أنه موجود.
بانتظار ما تجودون به.
وفقكم الله لكل خير.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[30 Jan 2009, 06:54 م]ـ
هذا رابط تفسير سورة النور للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله
اضغط هنا ( http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=45)
ـ[الأديب البلاغي]ــــــــ[30 Jan 2009, 07:03 م]ـ
بارك الله فيك وحفظك من كل مكروه وكتب لك به الأجر.
أما من سور أخرى أيها الإخوة، فأنا متعطش فأروا عطشي.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[30 Jan 2009, 07:48 م]ـ
مرحبا بك أخي بين أهلك وإخوانك ..
وأسأل الله أن يجعل في مقدمك الخير والبركة ..
فكم نحب الأدب والبلاغة!
بالنسبة للعلامة الددو فيوجد على موقعه تفسير لمجموعة من السور منها سورة الشمس، تجده على هذا الرابط: هنا ( http://www.dedew.net/index.php?A__=1&parent_id=8&end_tree=1&type=1&cat__=8&page=1)
وأما العلامة محمد بن محمد المختار فلا أعلم له تفسيرا لغير سور النور.
وبما أنك تسأل عن تفسير صوتي فأنا أنصحك أخي بالاستماع لدروس الشيخ محمد راتب النابلسي في التفسير، حيث فسر القرآن كاملا مرتين، ولسماع دروسه عذوبة عجيبة ولذة خاصة تشعرك بحلاوة القرآن وجمال تدبره، وهذا رابط لهذه الدروس:
التفسير المطوّل ( http://www.nabulsi.com/text/03quran/1friday/tafseer.php)
ـ[الأديب البلاغي]ــــــــ[30 Jan 2009, 09:06 م]ـ
بارك الله فيك أخي العبادي، ورزقك من واسع فضله.
كنت قد سمعت للشيخ النابلسي محاضرة فأعجبني كثيرا كثيرا، فالحمد لله أن عدت للشيخ من جديد لأصحب معه خير كتاب على وجه الأرض.
أسأل الله الإعانة، في السر والإبانة.
أكرر شكري لك أخي الكريم.(/)
بعض صفات الأنبياء تتجلى في بعض قصة موسى عليه السلام
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[30 Jan 2009, 07:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ومن سار على آثارهم وسلم تسليما كثيرا
وبعد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد الله الذي منّ علي بالتسجيل في الملتقى المبارك جزى الله القائمين عليه خير الجزاء
هذه أول مشاركة لي000 ولم آتي بها لتستفيودوا منها - فهي من بضاعة مزجاة- ولكن لأستفيد أنا من ردودكم وتعليقكم عليها000
في عصر يوم ٍمبارك وفي أثناء قراءتي لكلام الله المعجز المبين
أستوقفتني آية من سورة القصص وذلك في معرض كلام الله عن قصة موسى عليه السلام وهي قوله سبحانه ((فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون)) آية 29
فتزاحمت في الخروج منها فوائد فآثرت تدوينها في زمن أصبحت فيه النساء بين صادر وورد فألفيتها نصيحة تبغي الخروج للعفيفة ..
فإليكموها مسلسلة
1 - في قوله سبحانه (وسار بأهله) -ولم يقل (مع أهله) دليلٌ أن الرجل هو القائد في رحلة الحياة الزوجية التي تتطلب صفات الرجل لا صفات المرأة وهذه هي القوامة التي أخبر بها الله كما في سورة النساء.
2 - في قوله سبحانه (وسار بأهله) أن الزوجة تسمى أهلاً وقد تسمى زوجاً كما في قوله عزوجل (اسكن أنت وزوجك الجنة) وبعض الناس يسمي الزوجة بأسماء لم تأت في القرآن والخطب في ذلك يسير والأمر فيه سعة ولكن التعبير بألفاظ جاء بها القرآن هو الأفضل والأليق والله المستعان.
3 - ومما يؤخذ من فوائد الأية: أن الرجل لايُعَرّض بزوجته لمواضع هي مظنة لوجود الرجال فيها مااستطاع إلى ذلك سبيلاً يؤخذ هذا من قوله (امكثوا إني آنست نارا) فلما علم موسى عليه السلام أن النار مظنة لوجود الرجال عليها قال لأهله امكثوا وذهب وحده إلى مصدر النار فانظروا إلى غيرة موسى عليه السلام وهكذا كان الأنبياء وهكذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم حين قال للصحابة رضي الله عنهم (أتعجبون من غيرة سعد والله إني لأغير منه والله أغير مني).
4 - ومن فوائد الأية تطييب خاطر الزوجة عند تركها في الوحدة بذكر الأسباب التي دعته لتركها وحدها فإن ذلك أطيب لخاطرها وأسكن لنفسها , يؤخذ هذا من قوله (لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون) فلم يكتفِ موسى عليه السلام بالأمر في قوله (امكثوا) بل ذكر أسباب ذلك كما في الأية.
5 - إظهار الزوج لزوجته حرصه على نفعها وإدخال الراحة عليها يؤخذ هذا من قوله (لعلكم تصطلون) فلم يكتف عليه السلام بذكر الأسباب المتقدمة بل ذكر العلة والفائدة من ذلك وهي الإصطلاء بالنار لأن الليلة كانت باردة ثم تأملوا في قوله (لعلكم تصطلون) ولم يقل (لعلنا نصطلي) كأن لسان حاله يقول أن هذا من أجلك فانظروا كيف أظهر الشفقة والرحمة بها عليه السلام.
هذا ماتيسر على عجل مني وإن كان بعض هذه الفوائد يحتاج إلى شرح وإطناب وعرض وإسهاب والله من وراء القصد وصلى الله على المبعوث بالقرآن وسلم تسليما كثيرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Jan 2009, 07:32 ص]ـ
أحسنتم يا أبا هاجر وفقكم الله وزادكم فقهاً وتوفيقاً.
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[31 Jan 2009, 09:53 م]ـ
آمين آمين وإياكم شيخنا وزادكم من واسع فضله إنه جواد كريم
ـ[خلوصي]ــــــــ[01 Feb 2009, 06:00 م]ـ
عندما رأيت العنوان تذكرت ما يقولونه في التبليغ من أنه حتى الأنبياء عليهم السلام!! احتاجوا التدرب على اليقين قبل البدء بالدعوة كما في قصة الثعبان و الأربعة من الطير!؟!
فما رأيكم بهذا التخريج و الاستنباط؟!
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[05 Feb 2009, 03:47 م]ـ
بارك الله فيكم أخي/ أبو هاجر ونفع الله بكم
ـ[سالم بن عمر]ــــــــ[05 Feb 2009, 05:52 م]ـ
بارك الله لكم أبو مهاجر ونفع الله بكم الأمة
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[05 Feb 2009, 08:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخوتي في الله وجعلنا الله وإياكم من أهل القرآن أهل الله خاصته
ـ[تسنيم]ــــــــ[08 Feb 2009, 02:56 م]ـ
بارك الله لكم في هذه التأملات وزادكم تبصرآ وفهمآ
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[08 Feb 2009, 04:50 م]ـ
وإياكم وبارك فيكم
ـ[مفسر]ــــــــ[19 Feb 2009, 12:34 م]ـ
عندما رأيت العنوان تذكرت ما يقولونه في التبليغ من أنه حتى الأنبياء عليهم السلام!! احتاجوا التدرب على اليقين قبل البدء بالدعوة كما في قصة الثعبان و الأربعة من الطير!؟!
فما رأيكم بهذا التخريج و الاستنباط؟!
التدرب على اليقين؟؟؟!!!!
إذا كنت تعني باليقين الطمأنينة كما في قوله تعالى: (ولكن ليطمئن قلبي) فنعم ,,, وإن كنت تعني به ماهو ضد الشك فلا! لأن الأنبياء لا يشكون في الله قال تعالى: (قالت رسلهم أفي الله شك)!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلوصي]ــــــــ[10 Apr 2009, 08:15 م]ـ
التدرب على اليقين؟؟؟!!!!
إذا كنت تعني باليقين الطمأنينة كما في قوله تعالى: (ولكن ليطمئن قلبي) فنعم!
نعم نعم أيها العزيز ..(/)
هل قوله تعالى: ((والذين في أموالهم حق معلوم)) وارد في غير الزكاة أيضاً؟
ـ[حمد]ــــــــ[30 Jan 2009, 09:04 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
تفسير الطبري ج29/ص80
حدثني بن المثنى قال ثنا عبد الرحمن عن شعبة عن أبي يونس عن رياح بن عبيدة عن قزعة: أن بن عمر سئل عن قوله: ((في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم)) أهي الزكاة؟
فقال: إن عليك حقوقا سوى ذلك.
على تفسير ابن عمر - رضي الله عنهما -:
ما معنى (معلوم) في الآية حينئذ؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jun 2010, 04:31 ص]ـ
كأَنَّ ابن عمر رضي الله عنه أراد أن يزيد السائل في الجواب، فأراد أن يوصل له أن الآية وإن كانت وردت في سياق الحديث عن الزكاة المفروضة وهي معلومة النصاب، ومحددة القدر، إلا أن في المال حقاً سوى ذلك وهي ما أمر به العبدُ من النوافل والصدقة في ماله. وهذا من مراعاة حال السائل في الفتوى والجواب والله أعلم. وإلا فالعلماء يبينون سبب وصف الحق بكونه معلوماً في سورة المعارج وعدم وصفه بذلك في سورة الذاريات بأن سياق الآيات في المعارج يتحدث عن الزكاة المفروضة، وفي الذاريات عن النافلة، ويرون هذا توجيهاً وجيهاً.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[08 Jun 2010, 11:15 م]ـ
روي قول ابن عمر مجردا مرفواعا الى النبي صلى الله عليه وسلم بسند ضعيف .. (إن في المال لحقا سوى الزكاة ثم تلا هذه الآية التي في [البقرة]: [ليس البر أن تولوا وجوهكم] الآية السلسلة الضعيفة - مختصرة - (ج 9 / ص 385)
وروي عكسه أيضا بسند ضعيف " ليس في المال حق سوى الزكاة ".صحيح وضعيف سنن ابن ماجة - (ج 4 / ص 289)(/)
شرح منظومة التفسير وكنوز أخرى
ـ[الأديب البلاغي]ــــــــ[30 Jan 2009, 09:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنطلق من باب " حب لأخيك ما تحبه لنفسك " ومن باب " من دل على خير فله مثل أجر فاعله ... "
ومن هنا فإني قبل فترة سمعت " لمنظومة التفسير " شرحا جميلا لشيخ موسوعي، قد فتح الله له من بركاته وخيراته، فإلى جانب هذا التفسير قد شرح العديد والعديد من المتون ولا زال مستمرا - زاده الله من فضله - فما رأيكم بدروس في:
العقيدة، أصول الفقه، المنطق، الحديث، النحو، الإعراب، القواعد الفقهية، الفرائض، البلاغة ...
وبداخل كل فن شرح العديد من المتون فمثلا في:
العقيدة شرح:
الأصول الثلاثة، القواعد الأربعة، كشف الشبهات، كتاب التوحيد، لمعة الاعتقاد.
وهناك بث يومي مباشر لدروسه في مسجده على موقعه كل يوم بعد صلاة العشاء.
وأعتذر عن الإطالة لأدعكم تقلبوا في الموقع كما تشاؤون، وهذا هو الرابط:
http://www.alhazmy.net/articles.aspx?article_no=16
فمن لم يرد السماع ليدخل ويقلب فيه ليرى فقط، ومن أراد فعليه أن يبدأ.
وفقكم الله ورعاكم، وسدد على طريق الخير خطاكم.
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[31 Jan 2009, 12:25 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته
بارك الله فيك أخي الكريم على هذه الهدية ...
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[31 Jan 2009, 07:35 م]ـ
من أنفس شروح منظومة الزمزمي في التفسير (مادة مسموعة) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=13938)(/)
كتاب فن التدبر
ـ[خالد المقبل]ــــــــ[31 Jan 2009, 07:19 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يسر موقع حلقات أن يقدم لكم كتاب (فن التدبر)
لفضيلة الشيخ الدكتور / عصام بن صالح العويد
وهو كتاب قيِّم ونفيس جداً، ينشر على الإنترنت لأول مرة
وهو إهداء من الشيخ لموقع حلقات
ونحن بهذه المناسبة نتقدم للشيخ الدكتور / عصام العويد بالشكر الجزيل بعد شكر الله عز وجل لمشاركته الفاعلة معنا في الموقع
مقدمة الكتاب:
(رسالة " فن التدبر "، وهي الرسالة الأولى ضمن مشروع
(تقريب فهم القرآن)، كتبتها لعموم المسلمين،
لكل قارئ للقرآن يلتمس منه الحياة والهداية، والعلم والنور،
والانشراح والسعادةَ، والمفاز في الدنيا والآخرة،
وهي تمثل (المستوى الأول) لمن أراد أن يكون من أهل القرآن
الذين هم أهل الله وخاصته،
وقد توخيتُ فيها الوضوح ما استطعت إلى ذلك سبيلا.
(د: عصام العويد)
رابط تحميل الكتاب
http://www.halqat.com/Book-362.html
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Jan 2009, 07:26 ص]ـ
أحسنتم وفقكم الله، وأسأل الله لكم وللشيخ عصام التوفيق والسداد دوماً.
ويمكن تحميلها أيضاً من مكتبة صيد الفوائد ( http://saaid.net/book/open.php?cat=&book=5119) .
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[31 Jan 2009, 08:04 ص]ـ
كتاب طالما انتظرنا خروجه.
وأخي الشيخ عصام من أبرز من اعتنى بهذا الفن العظيم وأحياه.
فشكر الله لك أبا عبد الرحمن هذا الجهد، وأتمنى أن يتحقق مضمون هذا الكتاب واقعاً مشاهداً، أو يكون محور نقاش في ورشة عمل لترجمته في إحدى المدارس القرآنية.
ـ[معلمة]ــــــــ[24 Mar 2009, 05:33 م]ـ
جزاك الله خيرا طالماسمعت عنه
الحمدلله الذي يسره لي(/)
طلب مساعدة حول أسماء المؤلفات في الإعجاز العلمي للقرآن؟
ـ[الحبيب]ــــــــ[31 Jan 2009, 02:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
{لا يشكر الله من لا يشكر الناس}
أتقدم بالشكر الجزيل إلى الأخوة المشايخ القائمين على هذا المنتدى الرائع فلهم خالص الشكر والتقدير وإلى الأخوة أعضاء المنتدى وكل من ساهم في إثراء المنتدى.
أول مشاركة وأرجو مساعدتي فانتم أهل فضل ولم تبخلوا على أعضاء المنتدى بالمساعدة.
1 - تزويدي بكل ما كتب في التفسير العلمي للقرآن الكريم.
2 - أتمنى الحصول على التفسير العلمي للقرآن جذوره والموقف منه للشيخ الدكتور/عادل بن علي بن أحمد الشدّي
مع خالص شكري
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Jan 2009, 05:40 م]ـ
مرحباً بكم أيها الحبيب، وقد قرأتُ موضوعك هنا بعد أن أجبت على رسالتك في بريدي الالكتروني بنفس المضمون، والجواب ما ذكرته لكم في الرسالة.
ويبقى الباب مفتوحاً بخصوص المؤلفات في التفسير العلمي، فالإحصاء لها فيه عسرٌ، ولكن ليذكر كلُّ مَنْ يمرُّ من هنا بعضَ ما يعرفه أو ينتخبه لكم وستجد خيراً بإذن الله.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[31 Jan 2009, 08:22 م]ـ
من المؤلفات في التفسير العلمي:
1– الجواهر في تفسير القرآن الكريم، لطنطاوي جوهري.
2 – كشف الأسرار النورانية القرآنية، محمد أحمد الاسكندراني.
3 – الكون والإعجاز العلمي للقرآن، الدكتور منصور حسب النبي.
4 – الإعجاز العددي للقرآن الكريم، عبد الرزاق نوفل.
5 – مع الطب في القرآن الكريم، عبد الحميد دياب والدكتور أحمد قرقر.
6 – التفسير العلمي للآيات الكونية في القرآن، حنفي أحمد.
7 – علم الأجنة في ضوء الكتاب والسنة، أبحاث نشرتها هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
8 – من آيات الإعجاز العلمي في القرآن، د. زغلول النجار.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[31 Jan 2009, 08:32 م]ـ
من المؤلفات في التفسير العلمي:
1 – الجواهر في تفسير القرآن الكريم، لطنطاوي جوهري.
2 – كشف الأسرار النورانية القرآنية، محمد أحمد الإسكندراني.
3 – الكون والإعجاز العلمي للقرآن، الدكتور منصور حسب النبي.
4 – الإعجاز العددي للقرآن الكريم، عبد الرزاق نوفل.
5 – مع الطب في القرآن الكريم، عبد الحميد دياب والدكتور أحمد قرقر.
6 – التفسير العلمي للآيات الكونية في القرآن، حنفي أحمد.
7 – علم الأجنة في ضوء الكتاب والسنة، أبحاث نشرتها هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
8 – من آيات الإعجاز العلمي في القرآن، د. زغلول النجار.
وتجدون مرفقا لكتاب الأستاذ عادل بن علي الشدي.
ـ[الحبيب]ــــــــ[01 Feb 2009, 11:06 م]ـ
الأخ الشيخ / د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري
لقد سررت بردك وسرعته والحقيقة أنك أحرجتني بأخلاقك وكرمك
بارك الله فيك وبعلمك وأخلاقك وجعل ذلك في ميزان حسناتك.
تم إرسال أميل إليكم.
دمتم لفعل الخير وجعلت أعمالك في ميزان حسناتكم
ـ[الحبيب]ــــــــ[01 Feb 2009, 11:26 م]ـ
قطرة المسك
أشكرك على تفعالك وذكر بعض المؤلفات
وللفائدة الملف المرفق غير مكتمل
بارك الله فيكم وجزاكم الله خير
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[02 Feb 2009, 03:51 ص]ـ
أخي الفاضل،
الخلل من أصل الكتاب، وفيه بعض السقط والأخطاء، لكن لم أجد على الشبكة غيره، وقد نقلته لكم من هذه المشاركة للشيخ الفاضل عبدالرحمن الشهري:
حمل من هنا بعض أبحاث الزميل عادل الشدي وفقه الله ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=67378)
ويمكنك التواصل مع الأستاذ مباشرة عن طريق هذا الرابط:
عادل بن علي الشدي ( http://faculty.ksu.edu.sa/adelalshddy/default.aspx)
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[الحبيب]ــــــــ[03 Feb 2009, 08:46 م]ـ
قطرة مسك
شكرا لك
وجزاك الله خيرا(/)
دعوة للتأمل (وسقاهم ربهم/ويسقى /وسقوا)
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[31 Jan 2009, 10:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل علينا كتابه وحفظه لنا من التبديل والتحريف ومنّ علينا بتلاوته000
أحبتي في الله تعالوا نقف مع هذه الآيات لينطلق من خلالهما إلى هذا الكتاب العظيم الذي لا ساحل لمعاني آياته00 فنتدبر آياته ونقف عند عجائبه ونحرك بها هذه القلوب عسى نفحة من بركات الولي الحميد أن تدركها فتسعد سعادة لا شقاء بعدها00 والله المستعان
مع المقصود00
يقول الله سبحانه ((وسقاهم ربهم شرابا طهورا)) آية 21 الإنسان ويقول سبحانه ((ويسقى من ماء صديد)) آية 16 إبراهيم ويقول عز وجل ((وسقوا ماء حميما 000))
فتأملوا في الآية الأولى كيف ذكر الله الفاعل صريحا للفعل (سقى) ولم يذكر في الآياتين الأخيرتين مع أن الكل بأمر الله سبحانه
فظهر لي أنه في الأية الأولى كانت السقاية سقاية تكريم وتنعيم فناسب أن يذكر الله سبحانه الفاعل وهو - الله - زيادة في التشريف والإكرام
وأما في الآيتين الأخيرتين فإن السقاية سقاية عذاب إهانة وإذلال فناسب أن يُحْذف الفاعل زيادة في الإذلال والإهانة00
فإن الله يحب عباده المؤمنين ولا يحب الكافرين
والله تعالى أعلم 0
ـ[أبو حسان]ــــــــ[31 Jan 2009, 10:40 م]ـ
أحسنت بارك الله فيك وليتك تكثر من هذه الفوائد وحبذا لو استمريت بتأمل مثل هذه الأفعال ستجد فوائد جليلة
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[01 Feb 2009, 05:22 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبا حسان وإن شاء الله سأستمر فيما ذكرت ونسأل الله الإعانة(/)
هل للسكت على " كن " وفصل "فيكون " .... وجه؟
ـ[أبو المهند]ــــــــ[01 Feb 2009, 12:30 ص]ـ
..
... منَّ الله عليّ بعمرة أسأل الله أن يتقبلها، وعندما كنت أصلي المغرب يوم الخميس الثالث من شهر صفر لعام 1430هـ الموافق 29/ يناير 2009م سمعت تلاوة الشيخ الفاضل الذي أمّنا في المسجد الحرام بمكة المكرمة، وسعدت غاية السعادة بقراءته لخواتيم سورة يسن، ولكن لفت نظري واسترعى انتباهي سكوته على " كن " في قوله تعالى {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} {يس82} وبعد برهة من الزمن استأنف القراءة قائلا:" فيكون ".
وبعد فراغي من الصلاة وختمها طرحت تساؤلا بين يدي زميلى الدكتور عبد الفتاح عبد الغني أستاذ التفسير، مفاده ما سر وقوف الشيخ أو سكوته على هذا الموضع؟
هل من القراء العشرة من قرأ بذلك؟
أو هل هذه رواية عن أحد رواتهم؟
فأجابني قد تكون قراءة أو رواية، فلا أقطع بذلك إلا بالرجوع لكتب القراءات.
ثم ذكرت له قصة أسمعنى إياها أستاذنا أ. د. إبراهيم أبو بكر الديب أستاذ التفسير بجامعة الأزهر إبَّان الطلب منذ أكثر من عشرين سنة مؤداها:
أن الشيخ البهتيمي ـ رحمه الله ـ قرأ في محفل من العلماء ما سمعته من إمام الحرم وبيَّن لنا أن هذا الوقف لا يجوز وعلل ذلك بأنه يترتب عليه التراخي بين أمر الله سبحانه وتعالى وبين إنفاذه حالا بدون مَهَلَة، وقال لنا: إن العلماء أنكروا على الشيخ البهتيمي صنيعه وبينوا له وجه الإنكار وعلته فامتثل الشيخ للعلماء.
وبعد رجوعي إلي أبها قمت باستقراء أمهات كتب القراءات في مواطن أوجه السكت ومذاهب القراء في ذلك تبين لي أن هذا الموضع ليس من المواضع التي ورد فيها عن القراء وجه للسكت لا عن حفص الذي جرى الشيخ في تلاوته على روايته، ولا عن غير حفص.
وبرجوعي إلى كتب أئمة التفسير وبيان ماكتبوه وجدت وجها وجيها لإنكار العلماء على الشيخ البهتيمي ـ رحمه الله ـ إذ كلهم نصوا على أن قوله تعالى: "كُنْ فَيَكُونُ" يقتضي سرعة وسهولة تأتي المقدورات حسب تعلق مشيئة الله تعالى وطاعة المأمور المطيع للآمر القوي المطاع.
والوقوف أو السكت على " كن " والبدء بـ " فيكون " لا يتأتى عليه هذا المعنى.
وإن رمت دليلا على ذلك فتتبع ما أوردوه حول هذه الآية الكريمة من أمثال ابن جرير الطبري، والفخر الرازي وأبي حيان، وأبي السعود والآلوسي وغيرهم.
وقصدي ـ ويعلم الله ـ هو النصح لله ولكتابه وفق الله الجميع لما فيه خدمة كتاب الله تعالى.
والله أعلم.
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[03 Feb 2009, 09:48 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا عبد الفتاح000
أجدت وأفدت بارك الله فيك
ـ[أبو المهند]ــــــــ[04 Feb 2009, 03:51 ص]ـ
وفيكم أخي الكريم
ولا أدري ما السبب في اهمال مثل هذا الملحظ الذي اعتبره من صميم ما يجب تأييده أو معارضته في ملتقانا ........... الله أعلم
ـ[هانى الدمياطى]ــــــــ[04 Feb 2009, 04:39 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
لابد من الرجوع إلى كتب الوقف والابتداء مثل كتاب المكتفى للإمام أبى عمرو الدانى وكتاب القطع والائتناف لأبى جعفر النحاس وكتاب ايضاح الوقف والابتداء للأنبارى وكتاب منار الهدى للأشمونى عند الكلام على الايه رقم 117 من سورة البقرة
والله الموفق
ـ[أفانين القرآن]ــــــــ[04 Feb 2009, 06:36 ص]ـ
.
.
.
شكر الله لك ..
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Feb 2009, 08:49 ص]ـ
الذي يظهر لي أن سبب الوقوف أو السكت على "كن" هو بيان أن جملة "فيكون" ليس من مقول القول؛ القول: "كن"، والجواب: "فيكون".
وهذا الذي تدل عليه قراءة "فيكونُ" بالرفع، وهي قراءة الجمهور، وتقديرها: فهو يكون.
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[04 Feb 2009, 08:59 ص]ـ
جزاك الله خيرا دكتور ونفع بك وبعلمك ..
بخصوص المعنى الوقوف على كن يجعل السامع يستحضر الأمر أكثر مما لو وصلنا لأن الناس اعتادت سماعها موصولة فالوقف ينبه ..
حديثي عن تأثير الوقف على السامع فقط
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[04 Feb 2009, 12:40 م]ـ
شكر الله لشيخنا هذه الفوائد التي أتحف بها الجميع , وليسمح لي إضافة قول ابن الأنباري رحمه الله إذ يقول:
" وقوله (فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) على معنيين:
* إن شئت جعلت (فَيَكُونُ) نسقاً على (يَقُولُ) كأنه قال:فإنما يقولُ فيكونُ.
* والوجهُ الآخَرُ أن تجعل (فَيَكُونُ) مرفوعاً على الاستئناف.
فعلى الوجه الثاني يكونُ الوقفُ على (كن) أحسنَ منهُ على المذهب الأول ... " ا/530 - 531
ـ[أبو المهند]ــــــــ[04 Feb 2009, 07:52 م]ـ
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
لابد من الرجوع إلى كتب الوقف والابتداء مثل كتاب المكتفى للإمام أبى عمرو الدانى وكتاب القطع والائتناف لأبى جعفر النحاس وكتاب ايضاح الوقف والابتداء للأنبارى وكتاب منار الهدى للأشمونى عند الكلام على الايه رقم 117 من سورة البقرة
والله الموفق
ننتظر منك يا أخ هاني ـ بوركت ـ أن تتفضل بفتح هذه الكتب التي ليست بأيدينا الآن وإفادة أهل علم هذا الملتقى بما يخص حديثنا والله الموفق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال القرش]ــــــــ[04 Feb 2009, 10:00 م]ـ
فضيلة الدكتور / خضر - حفظه الله- جزاكم الله خيرا على إثارة السؤال، الممتع، وإن أذنتم بهذه المشاركة.
أولا: بالنسبة لمن سكت على [كن] من قوله: " وَإِذَا قَضَىَ أَمْراً فَإِنّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" {البقرة:117}، أو الموضوع المذكور، فلم يثبت لدى القراء العشرة شيء من ذلك، وولفائدة نوضح الفرق بين السكت والوقف: كما يلي:
السكت: قطع الصوت على حرف ساكن مقدار حركتين بدون تنفس، مع نية وصل القراءة في الحال.
أما الوقف: فهو قطع الصوت عند آخر الكلمة زمنًا ما، فيتنفس فيه عادة بنية استئناف القراءة.
إذا الفرق بين الوقف والسكت، أن الأول مع أخذ نفس والثاني بدون نفس. والسكتات المثبتة لحفص هي [ستة مواضع] أربعة واجبة واثنان اختيارية
أولاً: السكتات الواجبة: في أربعة مواضع:
الموضع الأول: قوله تعالى: ?وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا? {الكهف:2} (1). حتى لا يوهم أن: ?قَيِّمًا? نعت لـ: ?عِوَجَا?
الموضع الثاني: قوله تعالى: ? قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا * هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ? {يس:52}. لبيان أن كلام الكفار قد انقضى، وما بعده ليس من كلامهم بل هو من كلام الملائكة أو المؤمنين.
الموضع الثالث: قوله تعالى: ?وَقِيلَ مَنْ * رَاقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ? {القيامة:27 - 28}. لأن الوصل يوهم معنى "المُروق" وهي صيغة مبالغة، وهو غير مراد.
الموضع الرابع: قوله تعالى: ?كَلا بَلْ * رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ? {المطففين:14}. لأن وصل "بل" بـ "ران" يوهم أن الكلمتين كلمة واحدة على صيغة فعال.
ثانيًا: السكتات الاختيارية: في موضعين:
الموضع الأول:
قوله تعالى: ?مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ ? {الحاقة: 28 - 29}.
فالقارئ مخير بين إدغام هاء مَالِيَهْ " بـ هاء " هَلَكَ " إدغام متماثلين،
وبين الإتيان بالسكت على " مَالِيَهْ " ووصلها بـ"هلك".، أو قطع ?مَالِيَهْ? والابتداء? هَلَكَ?.
الموضع الثاني:
وصل آخر سورة الأنفال: قوله تعالى: ?إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ? {الأنفال: 75}.
والابتداء بأول سورة براءة: من قوله تعالى: ?بَرَاءةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ? {التوبة:1}.
فالقارئ مخير بين ثلاثة أمور:
الأول: وصل الجميع: ?عَلِيمٌ ? بـ: ?بَرَاءةٌ مِنَ اللَّهِ …. ?.
الثاني: قطع الجميع: ?عَلِيمٌ ? عن: ?بَرَاءةٌ مِنَ اللَّهِ …. ?.
الثالث: السكت على: ?عَلِيمٌ ? ووصلها بـ: ? بَرَاءةٌ مِنَ اللَّهِ .. ?.
وهذه الأوجه جائزة كذلك بين نهاية كل سورة قبل براءة وأول براءة.
[من كتاب علم التجويد للمتقدمين، لـ جمال القرش]
والله الموفق.
ثانيًا: بالنسبة لحكم الوقف أتكلم عنه لاحقا بمشيئة الله تعالى.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[04 Feb 2009, 11:30 م]ـ
من قوله: " وَإِذَا قَضَىَ أَمْراً فَإِنّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ" {البقرة:117}، أو الموضوع المذكور، فلم يثبت لدى القراء العشرة شيء من ذلك
شكر الله للأحبة جميعا على هذه التعقيبات التي أتحفونا بها، وقد أثروا الموضوع بحق.
غاية ما هنالك ان ما أورتُه من تعقيب على تلاوة الشيخ التي جرى فيها على رواية حفص عن عاصم ليس لحفص عن عاصم فيها لا من طريق الشاطبية ولا الطيّبة السكت على كن والاستئناف على فيكون، ولا لغيره.
وجزى الله الجميع خير
ـ[هانى الدمياطى]ــــــــ[05 Feb 2009, 03:46 ص]ـ
أيها الأحبة هل نحن نتكلم على الوقف على (كن) أم السكت عليها
أرجوا الإفادة
والله الموفق
ـ[هانى الدمياطى]ــــــــ[05 Feb 2009, 05:05 ص]ـ
أيها الأحبة الكرام سأنقل إن شاء الله ماذكره العلماء عليهم رحمة الله فيما تيسر لى من مراجع
1 - كتاب القطع والائتناف لأبى جعفر النحاس
قال أبو حاتم: (وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن) وقف جيد قال وأجود منه (فيكون) قال أبو جعفر:
إن جعلت (فيكون) معطوفا على (يقول) فالوقف (فيكون) ,وإن جعلته مستأنفا وقفت على (كن)
قال الشاعر:*يريد أن يعربه فيعجمه * انتهى كلامه
2 - كتاب المكتفى فى الوقف والابتدا لأبى عمرو الدانى
(فإنما يقول له كن) كاف إذا رفع (فيكون) على الاستئناف بتقدير:فهو يكون ولم ينسق على (يقول)
ومن قرأ (فيكون) بالنصب على جواب الأمر بالفاء لم يقف على (كن) لتعلق مابعده به من حيث كان جوابا له وكذلك فى الموضع الأول من ءال عمران والذى فى مريم والمؤمن وكذلك الموضع الذى فى النحل ويسن لأن النصب فيهما بالعطف على ما عملت فيه (أن) من قوله (أن يقول) فلا يقطعان من ذلك
(فيكون) تام على القراءتين انتهى كلامه
3 - كتاب إيضاح الوقف والابتداء لابن الأنبارى
وقوله (فإنما يقول له كن فيكون) على معنيين:إن شئت جعلت (فيكون) نسقا على (يقول) كأنه قال:
فإنما يقول فيكون
والوجه الاخر:أن تجعل (فيكون) مرفوعا على الاستئناف فعلى المذهب الثانى يكون الوقف على (كن) أحسن منه على المذهب الأول والوقف على (فيكون) تام انتهى كلامه
4 - كتاب منار الهدى فى الوقف والابتدا للأشمونى
(كن) جائز إن رفع فيكون خبر مبتدأ محذوف تقديره فهو وليس بوقف لمن نصب يكون على جواب الأمر أو عطفا على يقول فعلى هذين الوجهين لا يوقف على كن لتعلق ما بعده به من حيث كونه جوابا له (فيكون) تام على القراءتين انتهى كلا مه
هذا إذا كنا نتكلم على الوقف وهذا ما فعله القارىء كما سمعناه فى الصلاة والله الموفق والهادى إلى سواء السبيل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال القرش]ــــــــ[05 Feb 2009, 02:03 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ هاني: وقد أحسنت فيما نقلت،وهذه إضافة بعضها مما ذكرت:
حكم الوقف على: (كُنْ) من قوله تعالى: (وَإِذَا قَضَىَ أَمْراً فَإِنّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (2) [البقرة:117].
أكثر أهل الوقف واللغة على جواز الوقف على الاستئناف إن رفع (فيكون) خبر مبتدأ محذوف تقديره: فهو يكون.
وإن اعتبر أنه معطوف على (يقول) فلا وقف
وإليك بيان ذلك:
قال ابن جرير هـ 310: وأما رفع من رفع ذلك، يقصد [فيكونُ] (3) فإنه رأى أن الخبر قد تم عند قوله: (إذا أردناه أن نقول له كن). إذ كان معلوما أن الله إذا حتم قضاءه على شيء كان المحتوم عليه موجودا، ثم ابتدأ بقوله: فيكون، كما قال جل ثناؤه: (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ)، [سورة الحج: 5]
[الطبري: 2/ 549].
قال ابن الأنباري: 328 هـ: وقوله: (فَإِنّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، على معنين:
إن شئت جعلت (فيكون) نسقا على (يقول) كأنه قال: فَإِنّمَا يَقُولُ فَيَكُون.
والوجه الآخر أن تجعل (فيكون) مرفوعا على الاستئئناف فعلى المذهب الثاني يكون الوقف على (كن) أحسن منه على المذهب الأول [إيضاح الوقف والابتداء: 529]
وقال أبو جعفر النحاس: 338 هـ وقف جيد، قال: وأجود منه (فيكون)، قال أبو جعفر: إن جعلت (فيكون) معطوفا على (يقول) فالوقف (فيكون)، وإن جعلته مستأنفا وقفت على (كن)، قال الشاعر: من الرجز (يريد أن يعربَه فيُعجمُه) [القطع والإتناف: 80].
وقال - رحمه الله – في كتابه إعراب القرآن: [فيكون] عطف على يقول ويجوز أن يكون منقطعا أي فهو يكون وقد تكلم العلماء في معناه فقيل هو بمنزلة الموجود المخاطب لأنه لا بد أن يكون ما أراد جل وعز فعلى هذا خوطب وقيل أخبر الله جل وعز بسرعة ما يريد أنه على هذا وقيل علامته لما يريد كما كان نفخ عيسى عليه السلام في الطائر علامة لخلق الله جل وعز إياه وقيل أي يخرجه من العدم إلى الوجود فخوطب العباد على ما يعرفون وقيل له أي من أجله كما تقول أنا أكرم فلانا لك أي من أجلك
إعراب القرآن للنحاس/ 1/ 278.
قال الإمام الداني 444 هـ: الوقف كاف: إذا رفع " فَيَكُونُ " على الاستئناف بتقدير: " فهو يكون "، ولم ينسق على (يقول).
ومن قرأ فيكون بالنصب على جواب الأمر بالفاء لم يقف على (كن) لتعلق ما بعده من حيث كان جوابا له وكذلك في الموضع الأول من (آل عمران)، والذي في (مريم)، و (المؤمن)، وكذلك الموضع الذين في (النحل) و (يس) لأن النصب فيهما بالعطف على ما عملت فيه (أن) من قوله: (أن يقول) فلا يقطعان من ذلك.
وذكر في نسخة أخرى، ولا يقف على (كن) لقول أهل البدع والأهواء، أفيكون قوله الحق، أي يكون القرآن مخلوقا تعالى الله عن قولهم وافترائهم من أن يكون القرآن مخلوقا، بل هو قوله عز وجل غير مخلوق. [المكتفى: 172]
أما الإمام السجاوندي / 560 هـ فلم يذكر تعليقا عليها.
قال السمين الحلبي [756 هـ] في الدر المصون: قوله: {فَيَكُونُ} الجمهورُ على رفعه، وفيه ثلاثةُ أوجه،
أحدُها: أن يكونَ مستأنفاً أي خَبَراً لمبتدأ محذوفٍ أي: فهو يكونُ، ويُعزْى لسيبويه، وبه قال الزجاج في أحدِ قولَيْه.
والثاني: أَنْ يكونَ معطوفاً على «يقولُ» وهو قول الزجاج والطبري.
وردَّ ابن عطية هذا القولَ وجعله خطأً من جهةِ المعنى؛ لأنَّه يَقْتضي أنَّ القولَ مع التكوينِ والوجودِ «انتهى. يعني أنَّ الأمرَ قديمٌ والتكوينَ حادثُ فكيف يُعْطَفُ عليه بما يقتضي تعقيبَه له؟ وهذا الردُّ إنما يلزم إذا قيل بأنَّ الأمرَ حقيقةٌ، أمَّا إذا قيل بأنَّه على سبيلِ التمثيل - وهو الأصحُّ - فلا، ومثلُه قولُ أبي النجم: إذا قالَتِ الأَنْسَاعُ للبَطْنِ الحَقي ...
الثالث: أن يكونَ معطوفاً على» كُنْ «من حيثُ المعنى، وهو قولُ الفارسي، وضَعَّفَ أن يكونَ عطفاً على» يقولُ «، لأنَّ من المواضعِ ما ليس فيه» يقولُ «كالموضع الثاني في آل عمران، وهو: {ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [آل عمران: 59]
[الدر المصون: ج/1/ 301، 302]
قال الأنصاري: 926 هـ (كن) جائز [هامش منار الهدى: 110]
قال الأشموني: 111 هـ كن (جائز) إن رفع فيكون خبر مبتدأ محذوف تقديره فهو ليس بوقف لمن نصب يكون على جواب الأمر أو عطفاً على يقول فعلى هذين الوجهين لا يوقف على كن لتعلق ما بعده به من حيث كونه جواباً له [منار الهدى: 110، 111].
قال ابن عثيمين: {فإنما يقول له كن}؛ أي لا يقول له إلا «كن» مرة واحدة بدون تكرار؛ و {كن} هنا تامة من «كان» بمعنى حدث؛ {فيكون} أي فيحدث كما أمره الله سبحانه وتعالى على ما أراد الله عز وجل. وفي قوله تعالى: {فيكون} قراءتان؛ هما النصب، والرفع؛ فعلى قراءة النصب تكون جواباً للأمر: {كن} أي فبسبب ذلك يكون؛ وتكون الفاء للسببية؛ وعلى قراءة الرفع تكون للاستئناف؛ أي فهو يكون. [تفسير ابن عثيمين: آية 116، 117]
رموز المصاحف: عموم المصاحف لم تشر بعلامة وقف، إشارة إلى ترجيح العطف.
والراجح في المسألة: من خلال التأمل بين أقوال المفسرين , وأهل الوقف، واللغة يتضح أن الوقف على قوله [كن] وقف كاف، باعتبار أن (فيكون) خبر لمبتدأ محذوف تقديره: فهو يكون، وأن الأولى في علامات المصاحف وضع علامة (صلى) على أقل تقدير إشارة إلى جواز الاستئناف مع كون الوصل أولى عند من يرى ذلك أو علامة (ج) عند من يرى جواز الوجهان دون ترجيح. والله تعالى أعلى وأعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[هانى الدمياطى]ــــــــ[06 Feb 2009, 01:08 ص]ـ
جزاكم الله خيرا يا أستاذنا العزيز ووفقك الله وسدد خطاك ونفع بك وتقبل منك
ـ[أبو المهند]ــــــــ[08 Feb 2009, 01:02 ص]ـ
أيها الأحبة هل نحن نتكلم على الوقف على (كن) أم السكت عليها أرجوا الإفادة والله الموفق
الأخ هاني الدمياطي ـ حفظه الله ـ قضيتنا تدور حول الاستفهام عما إذا كان السكت ورد عن حفص أو غيره في قوله تعالى " كن فيكون " حسب موارده المتعددة في سور القرآن الكريم أم لم يرد، لا عن الوقف الذي اتحفتمونا فيه بكلام أئمته وقد أفدنا منه غاية الإفادة فجزاكم الله أنتم ومن سبقكم من المشاركين خير الجزاء.
والوارد في أصيل كتب القراء فيما يخص حديث بابنا هو:
ما نص عليه الإمام الشاطبي ـ عليه سحائب الرضوان ـ في قوله:
وسكتة حفص دون قطع لطيفة ******* على ألف التنوين في عوجا بلا
وفي نون من راق ومرقدنا ولا ****** مِ بل ران والباقون لا سكت موصلا
ففي هذين البيتين بيان لسكت حفص على ألف عوجا، وألف مرقدنا، وعلى نون من راق، ولام بل ران سكتة لطيفة من دون قطع نفس في حال وصل هذه الكلمات بما بعدها، وترك بقية القراء السكت على هذه الكلمات في حال الوصل أ. هـ.
فأين قول الله تعالى" كن فيكون " من هذا كله؟
بل إن الذي نقلناه لكم من حرز الأماني للشاطبي ونظم طيبة النشر لابن الجزري نص عليه غير واحد من أئمة القراءة كما جاء في التيسير والهادي والهداية والتذكرة والتبصرة وغيرها.
فما نص عليه أئمة القراءة كما في النقل الآنف يمثل زبدة الحق الحقيق بالاعتبار في هذه القضية.
والله يعلم أن مقصودنا من وراء ذلك هو تجلية الحق والوصول إليه نصحا لله ولكتابه.(/)
سؤال عاجل
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[01 Feb 2009, 08:43 م]ـ
الاخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله
هل كتب احد رسالة علمية تحت عنوان اثر حروف العطف على اختلاف المفسرين الفقهاء في استنباط الاحكام
او ما يقرب من هذا العنوان لموضوع العطف نفسه
ـ[محمد ليث]ــــــــ[02 Feb 2009, 12:32 م]ـ
هناك رسالة ماجستير، بعنوان: (حروف المعاني عند الأصوليين وأثرها في استنباط الأحكام الفقهية)، زاهر فؤاد محمد أبو السباع، إشراف الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحيم محمد، كلية دار العلوم، جامعة المينا، مصر، 1999.(/)
جواب لسؤال عن المجاز للشيخ الدكتور فلاح بن إسماعيل مَنْدِكار (للمُدارَسَةِ فقط)
ـ[مُتَّبِعَة]ــــــــ[02 Feb 2009, 04:50 ص]ـ
شيوخنا الأفاضل
هي دعوة للمدارسة دون تعصب، وللتذاكر العلمي دون تنقص لقول أو قائل، ومن منطلق هذه الدعوة أعرض – من خلال مادة سمعية – جوابا لشيخي الشيخ الدكتور فلاح بن إسماعيل مَنْدِكار – حفظه الله – لما سئل: هل في القرآن وفي اللغة مجاز؟
فأرجو التكرم شيوخنا الأفاضل بالمُدارسة المثمرة الخالية من الشِّدَّةِ والناظرة في عَين المسألة ومَدارِها والمُتَجَرِّدَة بحثًا ومَقصدًا، والله المؤمَّل ألا تنقلب المُدارَسةُ مُفارَسَة.
والله من وراء القصد.
رابط التسجيل ( http://max.mlfnt.net/856555)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Feb 2009, 11:49 ص]ـ
الملف لا يفتح
ـ[مُتَّبِعَة]ــــــــ[02 Feb 2009, 02:52 م]ـ
جزاكم الله خيرا للتنبيه
رابط آخر ( http://max.mlfnt.net/231317)(/)
قصة رسالة "قواعد الترجيح عند المفسرين - دراسة نظرية تطبيقية"
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Feb 2009, 10:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض للقاء العلمي الأول لفرع الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه في أبها
عنوان اللقاء: قصة رسالة
الرسالة التي تم عرضها: "قواعد الترجيح عند المفسرين – دراسة نظرية تطبيقية" للدكتور حسين بن علي الحربي
موعد اللقاء: يوم الخميس 25/ 1 / 1430هـ.
ملخص ما تم طرحه في هذا اللقاء:
بدأ هذا اللقاء بكلمة مقدم اللقاء: محمد بن عبدالله بن جابر، رحّب فيها بالحضور، وأشار إلى أهمية مثل هذه اللقاءات العلمية التخصصية، وأنها من أبواب مذاكرة العلم ومدارسته مع أهله، كما أنها تعرّف المتخصصين والدارسين بالرسائل العلمية المهمة التي يحتاجونها ويحسن بهم الاطلاع عليها، ومعرفة مضمونها، والإفادة منها.
وبعد ذلك ألقى فضيلة الشيخ الدكتور قاسم القثردي رئيس اللجنة الفرعية للجمعية بأبها كلمة ترحيبية، شكر فيها منظمي اللقاء والمعدين له والحاضرين، ورحّب فيها بالدكتور حسين الحربي، وشكره على قبوله الدعوة ومشاركته في هذا اللقاء، وعرّف فيها بالجمعية العلمية للقرآن وعلومه، وبيّن أهم أهدافها وبرامجها.
ثم دعا الدكتور حسين الحربي لإلقاء موضوعه، والتحدث عن قصته مع رسالته.
وقبل ذكر الشيخ الدكتور حسين الحربي لقصة رسالته "قواعد الترجيح عند المفسرين" ذكر مقدم اللقاء – كاتب هذه الأسطر - قصته المختصرة مع هذه الرسالة، وهي:
(أثناء دراستنا للسنة التحضيرية للماجستير عام 1415هـ كان يدرسنا فضيلة الشيخ الأستاذ الكبير مناع القطان رحمه الله، وكان عضوا في لجنة مناقشة أكثر من 150 رسالة علمية – بين مشرف ومناقش -؛ فسألناه عن أفضل رسالة أشرف عليها أو ناقشها، فأجابنا بداية بأنها رسالة الدكتور عبدالله الطيار "البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق"، ثم قمنا بعد ذلك بزيارة لشيخنا مناع القطان في بيته، فأخبرنا بأن هناك رسالة أخرى يشرف عليها، وقد اقترب موعد مناقشتها، وهي بحق أفضل رسالة أشرف عليها، وهي رسالة: "قواعد الترجيح عند المفسرين" التي نجتمع الليلة لسماع قصتها.)
ثم قرأ المقدم بعض ما كتبه الشيخ مناع القطان في تقريظه لهذه الرسالة، ومما قاله في هذا التقريظ: (والرسالة التي بين يدي القارئ "قواعد الترجيح عند المفسرين - دراسة نظرية تطبيقية" التي أعدها الأخ الشيخ حسين بن علي بن حسين الحربي ونال بها درجة الماجستير بامتياز مع التوصية بطباعتها وتداولها لدى الجامعات. هذه الرسالة تتميز بالجدة والأصالة والإبداع وعمق البحث والتوثيق العلمي، وكم كنت أود أن تجيز لائحة الدراسات العليا بجامعتنا - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - تحويل رسالة الماجستير المتميزة إلى رسالة دكتوراه كما في بعض لوائح الجامعات الغربية، فتكون هذه الرسالة جديرة بذلك. .....
وهذا العمل المضني الشاق بما فيه من عبقرية فذة يعد نموذجا للرسائل الجامعية التي تثري المكتبة الإسلامية بعامة والتفسيرية منها بخاصة.)
ثم ترك المجال بعد ذلك لضيف اللقاء الدكتور حسين الحربي، وهذا ملخص ما ذكره في عرضه لقصة رسالته:
المقدمة:
بدأ بحمد الله تعالى وشكره على أن يسر هذا اللقاء، ثم شكر الجمعية السعودية للقرآن وعلومه وفرعها في أبها على دعوة لهذا اللقاء.
قصة اختيار قواعد الترجيح:
ولد هذا الموضوع نتيجة لعدد من المعطيات التي يسرها الله تعالى في فترة الطلب والبحث، من أهمها:
1. توفيق الله عز وجل وإعانته.
2. القراءة الطويلة السردية لبعض كتب التفسير، المصحوبة بتقييد الفوائد. ولهذه القراءة قصة؛ حيث كنتُ أقرأ تفسير ابن كثير قبل النوم بنصف ساعة يومياً، وصاحب ذلك حضور لدرس في تفسير ابن كثير للإمام عبدالعزيز بن باز رحمه الله. وقد ولدت فكرة هذا الموضوع من خلال تعامل ابن كثير مع الأقوال التفسيرية من حيث ذكره لها وموازنته بينها وترجيحاته لم يراه راجحا منها ومناقشته لغيره من المفسرين.
(يُتْبَعُ)
(/)
[وهنا نبّه الشيخ إلى قضية مهمة للباحثين، ولمن أراد أن يسجل موضوعاً على وجه الخصوص؛ وهي أن يختار كتاباً مهما في تخصصه أو أكثر، ثم يقرأ قراءة مركزة، ومن خلال هذه القراءة يخرج بكثير من الفوائد، ويكتشف عدة موضوعات تحتاج إلى بحث. وهذا أفضل وأحسن من أن يختار موضوعاً ابتداءً، ثم يحاول أن يبحث فيه.]
3 - أثر أعضاء هيئة التدريس المتميزين على طلابهم؛ فلا زلت أذكر الفتوحات الإلهية على بعضهم في قاعة الدرس التي قد يغير الواحد منها مسار الطالب في طريقة تحصيله وبحثه.
4. المناقشات العلمية مع الزملاء في قاعة الدرس وفي مجال العمل؛ فقد كان لهم أثر كبير في تقويم الأفكار وتحسينها. ومن هؤلاء الزملاء في قسم الدراسات القرآنية في كلية المعلمين في الرياض: الشيخ محمد الفوزان رئيس القسم آنذاك، والإخوة: مساعد الطيار، ومحمد الخضيري، ومحمد المسند، وعيسى الدريبي.
5. التفرغ العلمي الفعلي لا الاصطلاحي؛ فقد انقطعت للدراسة -خاصة في مرحلة إعداد الأبحاث- انقطاعاً كلياً وجدت أثره واضحاً.
6. وبعد اختيار الموضوع كان للمشرف دور كبير، فقد أشرف على هذا البحث الشيخ مناع القطان الذي تميّز بالموسوعية؛ فالمشرف الموسوعي يفتح آفاقاً للباحث لم تكن في خلده. وقد أعانت هذه الموسوعية على تجاوز الكثير من العقبات التي واجهت هذا البحث؛ فقد كانت مادة البحث قائمة على علوم أخرى، كعلم أصول الفقه، وأصول اللغة، وعلم البلاغة، وغيرها. وقد كان المشرف يلزمني بقراءة بعض الكتب في تلك العلوم، ومن ذلك أنه ألزمني بقراءة المزهر في علوم اللغة، والصاحبي. وكان يحيلني في مسائل أصول الفقه على الدكتور أحمد سير مباركي.
* الصعوبات:1.
1 - عدم اتضاح محددات البحث ابتداءً، وعدم توفر دراسات سابقة.
2. تعلق الموضوع بشكل دقيق بعدد من العلوم خارج التخصص: كعلم الأصول، والقواعد الفقهية، وأصول اللغة؛ مما احتاج معه دراسة هذه العلوم بشكل تخصصي.
3. اعتماد البحث بشكل كامل على الاستقراء، ويكتنف ذلك تعرض الاستقراء لعدم الاستقصاء، وطلب الكمال فيه.
* اختيار عينة الدراسة:
بعد أن تم تحديد الموضوع وفكرته؛ فكرت في تحديد الكتب التي يتم استقراؤها لتكون عينة الدراسة؛ فرأيت كتب التفسير لا تخرج عن ثلاثة أقسام:
• القسم الأول: كتب مختصرة لا تذكر الخلاف، قصد مؤلفوها إلى الاختصار، وجعلوه منهجاً لهم.
• القسم الثاني: مَنْ يذكر الخلاف؛ غير أنه سارد له دون أن يكون من منهجه تحقيق الراجح، وبيان الضعيف من الأقوال. كالماوردي وابن الجوزي.
• القسم الثالث: من جمع بين ذكر الخلاف والترجيح فيه؛ فاهتممت بهذا القسم، واخترت ثلاثة من أهم كتب هذا القسم؛ لاستقرائها استقراءً كاملاً، واستخراج القواعد التي اعتمدوا عليها؛ في اختيار الأقوال والترجيح بينها:
* فكان تفسير ابن جرير: إمام أهل التفسير بحق؛ لم يترك خلافاً إلا وبيّنه، واختار ما يراه راجحاً، مع تنصيصه على الأقوال الضعيفة والشاذة.
* وتفسير ابن عطية: بما يمثله من مدرسة الأندلس، ومدرسة الرأي؛ مع ميزة مناقشاته لابن جرير الطبري واستدراكاته عليه، وما يثريه هذا الخلاف في تحليل المسائل، وتنازع القواعد.
* والثالث تفسير الشنقيطي بما يمثله من المدرسة الأثرية، والمدرسة الأصولية المتميزة، والنفس الماتع في تحرير المسائل، وتخريج الفروع على الأصول.
وقد وفقني الله لقراءة تفسير الطبري كاملاً، وقراءة تفسير الشنقيطي كاملاً، وقراءة أكثر تفسير ابن عطية قبل البداية في البحث، ثم أكملته بعد ذلك. وقد استغرق مني ذلك أربعة عشر شهراً، كانت أفضل أيام عمري –فالحمد لله على توفيقه-. والحمد لله أن البرامج الحاسوبية لم تكن موجودة، إذ إنها مع فائدتها تحرم الباحث من كثير من الفوائد والملكات التي لا يمكن أن يحصلها إلا بالقراءة من الكتب مباشرة، وبالرجوع إلى المصادر حقيقة.
... وبعد اجتماع الأمثلة في كامل تفسير القرآن، تم مراجعة ومقارنة أقوال هؤلاء بعامة المفسرين الذين استطعت جمع كتبهم، من أجل النظر في تحليلهم للخلاف، واعتماد القواعد التي رجحوا بها؛ ليصدق نسبة هذه القواعد إلى المفسرين، عموماً لا إلى هؤلاء الثلاثة.
وأفدت كثيراً من نفس شيخي الإسلام: ابن تيمية وابن القيم على الجميع رحمة الله ...
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد هذا الاستقراء، والدراسة، والمقارنة، وجدت أن بعض هذه القواعد: منصوص عليه بلفظه في كتبهم، وبعضها: اعتمدوا مضمون القاعدة في الترجيح دون أن ينصوا على لفظها في أقوالهم؛ فاجتهدت في صياغتها في ضوء عباراتهم.
وقد حرصت في الأمثلة التطبيقية على الأمثلة التي لها أثر عملي أو عقدي؛ حتى تتضح أهمية القاعدة. [وقد نصحني بذلك كل من الدكتور أحمد سير مباركي، والدكتور جبريل البصيلي.]
* تصنيف القواعد في الكتاب:
قواعد الترجيح المتعلقة بالنص القرآني:
• القراءات والرسم.
• السياق.
قواعد الترجيح المتعلقة بالسنة النبوية والآثار:
• قواعد السنة النبوية.
• قواعد الآثار.
• المتعلقة بقرائن في السياق أو خارجية.
قواعد الترجيح المتعلقة بلغة العرب:
• قواعد تتعلق باستعمال العرب للألفاظ والمعاني.
• قواعد تتعلق بمرجع الضمير.
• قواعد تتعلق بالإعراب.
* أنواع قواعد الترجيح التي تضمنها البحث:
1. القواعد التي ترجح بعض الأقوال في تفسير الآية، دون أن تتعرض لبقية الأقوال بتضعيف أو ردّ، سوى القوال الراجح، وهي أكثر قواعد البحث.
2. القواعد التي تضعف بعض الأقوال أو تبطلها، وإن لم تتعرض إلى ما سواها بترجيح، وصلة هذا النوع بالترجيح؛ أنها تحصر الصواب، والراجح فيما عدا الوجه أو الأوجه التي ضعفتها، مثل: «كل تفسير خالف القرآن أو السنة أو إجماع الأمة فهو رد».
3. القواعد العامة التي تضبط النظر في الأقوال المختلفة في تفسير الآية مثل: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وكقاعدة: «ليس كل ما ثبت في اللغة صح حمل آيات التنزيل عليه».
... فمجموع قواعد البحث: منها ما يشير إلى الرجحان، ومنها ما يشير إلى البطلان، ومنها ما يشير إلي تضعيف بعض الأقوال، ومنها قواعد عامة للنظر في الأقوال المختلفة في التفسير.
* تنازع القواعد:
من أهم المباحث التي يجب على طالب العلم ضبطه، بعد ضبط القواعد العامة.? إما أن تكون هذه القواعد يؤيد بعضها بعضاً، في ترجيح قول، وهذا لا إشكال فيه؛ فهو من تعاضد الأدلة.
? وإما أن يكون بعضها يرجح قولاً، وأخرى ترجح آخر .... ويُرجح في هذه الحالة من القواعد ما حقق غلبة الظن ...
قال الزركشي: واعلم أن التراجيح كثيرة، ومناطها ما كان إفادته للظن أكثر .. فهو الأرجح، وقد تتعارض هذه المرجحات، فيَعتمِد المجتهد في ذلك على ما غلب على ظنه. اهـ
? فقاعدة التفسير النبوي؛ مقدمة على ما سواها من القواعد.
? وقواعد السنة النبوية، وإجماع السلف، وجماهيرهم مقدمة على قواعد السياق وقواعد اللغة.
? وقواعد العموم؛ مقدمة على قواعد السياق وغيرها؛ فقواعد العموم أقوى من قواعد السياق، فتخصيص العام يكون بالقرآن أو السنة أو الإجماع لا السياق.
? قاعدة المحدث عنه في الضمائر مقدمة على غيرها من قواعد الضمائر عند التعارض.
• ويجب مراعاة السياق دائماً؛ فهو المقصود بهذه القواعد، حتى يُفهم على وجهه، مع مراعاة حمل القرآن على عموم ألفاظه، ما لم يرد دليل بالتخصيص.
[* تنبيه على مسألة مهمة، وهي: القراءة الناقدة تفتقر لها كثير من الأبحاث ... ]
فأحياناً تمر على الباحثين بعض المصطلحات والمسائل؛ التي يتوارد فيها كلام أهل العلم بشهرة وكثرة نقل، غير أنه عند التأمل يجد للنظر فيها مجال.
مثال: مسألة متى يكون لقول صحابي حكم الرفع؟
مثال: مصطلح المفسر، من هو المفسر؟
* من أهم النتائج:
1) أن علم أصول التفسير وقواعده لم يخدم خدمة توازي مكانته، كما خدمت علوم أخرى كالفقه بأصوله وقواعده، والحديث بعلوم الحديث ومصطلحه.
2) مشكلة المثال في كتب علوم القرآن؛ حيث يتكرر ذكر المثال الواحد على المسألة، من السابق إلى اللاحق دون إثراء المسألة بأمثلة أخرى، وهذا كثير جداً في كتب علوم القرآن ...... لذا كم تمنيت أن تجمع أمثلة كل نوع من علوم القرآن، من كامل القرآن وتفسيره، وحبذا لو كان هنا عمل موسوعي أو بلغرافي لحصر الأمثلة على كل نوع.
3) كثرة وتيرة النقل الحرفي في جملة من كتب التفسير، وفي ظني _ وأرجو أن لا أكون مجازفاً _ أنه لم تم تتبع بعض كتب التفسير، وإعادة كل نص تم نقله إلى مصدره، وحصر ما جادت به قريحة صاحب التصنيف؛ لاجتمع لنا من جملة مجلدات نزر يسير ... ولهذا أمثلة كثيرة.
4) أن كتاب رسالة قواعد الترجيح كانت بداية على طريق غير مسلوك، فيحصل فيه من العثرات ما تستوجب إقالة الكرام أمثالكم لها، إذ كل أمر في أوله يبدأ قليلاً ثم يكثر.
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد.
هذا ما تيسر عرضه في هذا اللقاء، وبقي بعض التنبيهات، والإجابات على بعض الأسئلة التي وُجهت للشيخ أثناء اللقاء، لعلي أذكر أهما في التعليقات على هذا الموضوع.
وكتبه: أبومجاهد محمد القحطاني
الإثنين 7/ 2/1430هـ
أبها
********************************
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 Feb 2009, 07:20 م]ـ
أحسنتم أبا مجاهد , نفع الله بكم , فواصلوا ما بدأتم وفقكم الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[03 Feb 2009, 01:47 ص]ـ
كنت اتمنى ان الشيخ أسهب في قصته مع الرسالة لأن فيها فوائد جمة وأظن الشيخ منعه من ذلك ورعه فليته أطال في سرد قصته بشيء من التفصيل
ـ[أفانين القرآن]ــــــــ[03 Feb 2009, 06:31 ص]ـ
بارك الله فيك يا أبا مجاهد ونفع بك
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Feb 2009, 07:05 ص]ـ
أحسن الله إليكم وبارك فيكم.
أشكر الصديقين الكريمين الدكتور حسين الحربي والدكتور أبا مجاهد العبيدي على هذه الفوائد وأسأل الله أن يبارك في جهودهما.
ننتظر القصة القادمة لرسالة جديدة فلا تتأخر يا أبا مجاهد رعاك الله في عَقْدِها، فقد أحسنت البدء، أحسن الله العاقبة لنا جميعاً.
أقترح استضافة الدكتور خالد السبت في اللقاء القادم ليكون ذلك توسيعاً للموضوع الأول من قواعد الترجيح إلى قواعد التفسير.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[06 Feb 2009, 11:02 م]ـ
واضح من هذا العرض الموجز أن اللقاء كان ثرياً ..
وما ذكره الدكتور في الأثر الإيجابي لعدم وجود الحواسيب حقٌّ لا مرية فيه، ويدركه كلُّ من عانى البحوث قبل ظهور هذه الحواسيب، والتي مهما كان فيها من فوائد فإن الاعتماد عليها يفوت الإنسان مصالح كثيرة يعرفها من جرب البحث قراءةً في الكتب، ومن جربه بحثاً في الحواسيب.
وأكرر طلبي أخي وصديقي د. عبدالرحمن بالإسراع في الاستضافة الثانية.
وفقكم الله أبا مجاهد، ونفع بكم وبجهودكم ..
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Feb 2009, 06:38 م]ـ
من الأسئلة التي وجهت للدكتور حسين الحربي سؤال عن الجمع بين العموم الذي ورد في عنوان الرسالة، وهو"قواعد الترجيح عند المفسرين" مع أنه ذكر أنه اعتمد في استقراء هذه القواعد على ثلاثة تفاسير فقط، وهي: تفاسير ابن جرير وابن عطية والشنقيطي، وقد أجاب عن ذلك بما حاصله: أنه جعل هذه التفاسير عينة للبحث ابتداء حتى يحصل الاستقراء الكامل من خلالها، ثم رجع بعد ذلك إلى التفاسير الأخرى، وقد تبين له من خلال بحثه أن القواعد التي استخرجها من هذه التفاسير الثلاثة تكاد تكون هي المذكورة والمعتمدة عند غيرهم، ولا يكاد يخرج عنها إلا عدد قليل جدا لا يؤثر في إطلاق العموم المذكور في العنوان.
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[14 Nov 2009, 02:07 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
هل من قصة رسالة آخرى متميزة كهذه؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Nov 2009, 09:50 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
هل من قصة رسالة آخرى متميزة كهذه؟
قريبا إن شاء الله سيعقد اللقاء الرابع من سلسلة "قصة رسالة"، وسيكون عرضاً لقصة رسالة الماجستير للأستاذ الدكتور شايع بن عبده الأسمري، وهي تحقيق كتاب مهم من كتب الاستنباط، وعنونه: "نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام" للإمام القصاب، وقد سبق التعريف به هنا:
كتاب نفيس في الأسواق (نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2661)
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[14 Nov 2009, 02:34 م]ـ
جزاكم الله خيراً أخانا الحبيب أبا مجاهد ..
هل هذه الرسالة مطبوعة؟
فإن كانت كذلك - وأنا أظنها - فعن أي دار؟
ـ[مها]ــــــــ[14 Nov 2009, 03:43 م]ـ
هل هذه الرسالة مطبوعة؟
فإن كانت كذلك - وأنا أظنها - فعن أي دار؟
نعم. طبعتها دار القاسم مرتين.
دار القاسم - الرياض - ت 4775311/ 4092000
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[14 Nov 2009, 04:03 م]ـ
دراسة متميزة بحق، وكانت مناقشتها متميِّزة أيضًا، وأسأل الله لأخي الشيخ الدكتور حسين الحربي أن ينشر علمه بعد تفرغه من العمل الإداري الذي شغله فترة من الزمن.
وقد طبع مؤخَّرًا (مختصر قواعد الترجيح) عند دار ابن الجوزي، وهو مفيد في الاطلاع على القواعد الترجيحية بوقت وجيز، ثم من أرد الاستزادة منها رجع إلى الكتاب الأصل.
كما يفيد هذا المختصر من أراد تدريس قواعد الترجيح في الجامعات، والدوارات العلمية، والمدارسات والمناقشات العلمية.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[15 Nov 2009, 02:00 ص]ـ
كذلك كتاب قواعد التفسير للشيخ الدكتور: خالد السبت حبذا لو كان له مختصرا ليسهل
الانتفاع به في الجامعات والمعاهد القرآنية وغيرها وياليت من يستطيع الوصول للشيخ أن
يوصل له هذه الفكرة.
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[25 Nov 2009, 03:32 ص]ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إقتراح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما رأيكم في عمل برنامج شهري في احدى القنوات الإسلامية بهذا العنوان (قصة رسالة)
يتحدث فيها صاحب الرسالة عن رسالته وقصته معها
فكم من الفوائد التي سنجنيها من هذا البرنامج إن يسره الله!!!
وفقنا الله وإياكم لكل خير.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[25 Nov 2009, 03:40 ص]ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إقتراح ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما رأيكم في عمل برنامج شهري في احدى القنوات الإسلامية بهذا العنوان (قصة رسالة)
يتحدث فيها صاحب الرسالة عن رسالته وقصته معها
فكم من الفوائد التي سنجنيها من هذا البرنامج إن يسره الله!!!
وفقنا الله وإياكن لكل خير.
اقتراح ممتاز وليته يتم في إحدى القنوات ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Nov 2009, 02:08 م]ـ
اقتراح ممتاز وليته يتم في إحدى القنوات ...
مع مراعاة حقوق التسمية!!
ـ[مهدي المشولي]ــــــــ[25 Nov 2009, 05:57 م]ـ
كذلك كتاب قواعد التفسير للشيخ الدكتور: خالد السبت حبذا لو كان له مختصرا ليسهل
الانتفاع به في الجامعات والمعاهد القرآنية وغيرها وياليت من يستطيع الوصول للشيخ أن
يوصل له هذه الفكرة.
قد وضع الشيخ خالد السبت - حفظه الله - مختصراً لرسالته، ولكنه اكتفى بسرد القواعد؛ فمختصره أصغر حجماً من مختصر الشيخ حسين، حفظه الله ....
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[25 Nov 2009, 06:47 م]ـ
مع مراعاة حقوق التسمية!!
مع مراعاة حقوق التسمية.
وليتكم أنتم من تتولونها أو توصلون فكرتها فأنتم أصحاب السبق
وأظن قناة المجد تتمنى أمثال هذه البرامج
وإن شئتم أن أشارككم في كتابة المقترح وأهدافه وطريقة عرضه فلا مانع عندي بل يسعدني
وفقنا الله وإياكم لكل خير
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[25 Nov 2009, 06:48 م]ـ
مع مراعاة حقوق التسمية.
وليتكم أنتم من تتولونها أو توصلون فكرتها فأنتم أصحاب السبق
وأظن قناة المجد تتمنى أمثال هذه البرامج
وإن شئتم أن أشارككم في كتابة المقترح وأهدافه وطريقة عرضه فلا مانع عندي بل يسعدني
وفقنا الله وإياكم لكل خير
ابدأي على بركة الله تعالى ...
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[25 Nov 2009, 06:52 م]ـ
سأبدأ بإذن الله وأوافيكم بما كتبته.
نسأل الله الهدى والسداد.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[26 Nov 2009, 10:32 ص]ـ
سأبدأ بإذن الله وأوافيكم بما كتبته.
نسأل الله الهدى والسداد.
بارك الله جهودك أختنا الفاضلة، وأحسب الفائدة كبيرة لطلبة الدرسات العليا خاصة أو المقبلين عليها، وحبذا أن يوضع في الحسبان - إن تم التفيذ بعون الله- مرعاة التسجيل بقناة لها حضورها الفضائي كقناة (المجد العامة) ومثيلاتها، إذ أن بعض القنوات الإسلامية تغيب في بعض الدول، والله الموفق.
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[29 Nov 2009, 10:27 م]ـ
بدأت بكتابة الفكرة وخطة عملها
وأرجو من كل من لديه فكرة أو إقتراح أن يتحفنا بها ليعم النفع الجميع
وفقنا الله وإياكم لكل خير
ـ[سمير الملحم]ــــــــ[30 Nov 2009, 01:06 م]ـ
بوركت أخي أبي مجاهد على هذا العرض الطيب
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[21 Feb 2010, 09:06 ص]ـ
بدأت بكتابة الفكرة وخطة عملها
وأرجو من كل من لديه فكرة أو إقتراح أن يتحفنا بها ليعم النفع الجميع
وفقنا الله وإياكم لكل خير
أين وصلت في كتابة الفكرة؟
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[22 Feb 2010, 03:41 م]ـ
أين وصلت في كتابة الفكرة؟
قريبا سأرسلها على بريدكم الخاص ان شاء الله
وقد أنهيتها منذ فترة ولكن تأخري كان بسبب رغبة اخراجها كبرنامج تلفزيوني.
بارك الله فيكم ونفع بكم
ـ[نهاية الأرب]ــــــــ[24 Feb 2010, 02:46 ص]ـ
في قناة الأسرة برنامج بعنوان: رحلة كتاب
يتحدث فيه في كل حلقة عن كتاب من كتب السلف،
ويكون الضيف محقق الكتاب أو من له عناية به، وقد بثت منه أربع حلقات
كالطرق الحكمية والصعقة الغضبية وتفسير البغوي ونونية ابن القيم.
ومن كان لديه اقتراح للضيف والكتاب فليتحفنا به.
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[25 Feb 2010, 06:33 م]ـ
أين وصلت في كتابة الفكرة؟
بارك الله فيكم
تم ارسالة الفكرة على البريد
أرجو الإطلاع
ـ[عادل التركي]ــــــــ[10 Apr 2010, 09:53 م]ـ
هذا ما تيسر عرضه في هذا اللقاء، وبقي بعض التنبيهات، والإجابات على بعض الأسئلة التي وُجهت للشيخ أثناء اللقاء، لعلي أذكر أهما في التعليقات على هذا الموضوع.
طرح مميز
مختصر مفيد, جزاكم الله خيرا
ومازلنا بانتظار باقي الأسئلة والمداخلات(/)
واقع بعض دروس التفسير المعاصرة
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[02 Feb 2009, 05:02 م]ـ
إن مما لا يخفى على من نظر في الساحة العلمية المعاصرة ما تحظى به من تعدد الملقين من الشيوخ وطلاب العلم الكبار، ومن المشاركين لهم في بعض فنون العلم ممن لهم في العلم شيء لا بأس به.
وإنني بصدد الحديث عن مشكلة تتكرر، وهي أن بعض من تخصَّص في علم ما تراه فجأة ممن صار يُعنى بالتفسير، وإذا به يفتح فيه حلقة أو ينشر فيه برنامجًا.
وترى آخر يأخذ كتابًا في أحد مجالات علوم القرآن فيشرحه للطلاب، وإذا به ينحو به إلى العلم الذي برع فيه، ولا ترى فيه تحقيقًا في أصل مسائل العلم التي عُني بها مؤلف الكتاب.
وآخر لا تراه إلا مرددًا عبارة: (فيه قولان)، حتى صارت كل مسألة عنده لا تخرج عن كونها فيها قولان مكتفيًا بعرضهما، ومعرضًا عن تحريرهما.
إن الذين يمكنهم الجمع بين العلوم قلَّة، وإن من احترام الإنسان لذاته، ومن احترامه لطلابه أن لا يذهب بهم كل مذهب في العلوم بدعوى التفنن.
وإن الساحة العلمية اليوم ـ ولله الحمد ـ مليئة بالمتخصصين، وإن علينا أن نبعث فيهم روح تدريس هذا العلم الذي تخصصوا فيه، وأن يكونوا مقصدًا للطلاب بدل أن نراهم منشغلون في غير ما تخصصوا فيه.
وأعود إلى من بدأت حديثي فيهم، فأقول:
إن مما يؤسف عليه أن يخرج من له شعبية وقبول بدرس تفسير، وتجد عليه ملاحظات من الجهة العلمية، وذلك لأسباب متعددة، منها:
ـ ضعف التحضير، وعدم اكتمال المعلومة التي يريد المتحدث أن يبسط الحديث فيها، فتراها تخرج هزيلة مفككة لا روح فيها.
ومنها الاعتداد بالنفس بالقدرة على الإلقاء، والاكتفاء بذلك في تزيين الدرس بهذه القدرة، حتى لا تكاد ترى ما يفيد في درس يستمر ساعة تلو أخرى.
ـ وإن من أكبرها عدم معرفة منهجية التفسير، وعدم التمييز بين القول المقبول والقول المرذول، وبين القول الصحيح والقول الشاذ الضعيف.
ـ ومنها الاعتراض على قول سائر معروف، قال به كبار الصحابة والتابعين وأتباعهم، وصار قولاً لجمهور الخالفين، حتى لا يكاد يُذكر غيره.
ومنها الاستطراد العجيب في ذكر مسائل ثقافية لا علاقة للآية بها من قريب ولا من بعيد، اللهم إلاَّ أنه ذُكِر فيها ذلك اللفظ، فترى هذا الذي تعرض للتفسير يجر الكلام إلى أمور تتعلق بهذه اللفظة، وهو كلام ثقافي وليس كلامًا في معنى الآية وتحرير اللفظة فيها.
وإن هذا الخلط العجيب الذي أراه بدأ يبرز في الساحة العلمية يحتاج منا إلى وقفات:
الأولى: إلى أولئك الذين منَّ الله عليهم بالجمهور المحبِّ لهم، المتقبِّل منهم، أقول: اتقوا الله في التفسير، فإنما هو الرواية عن الله.
وأقول: إن الإعداد الجيد للدرس، وعدم الذهاب إلى المخالفات والشذوذات، وعدم الاستطرادات الغريبة التي لا علاقة للآية بها هو من أكبر سبل نجاح الدرس.
ولا يكن في حسِّك أن تقدم ما لم يأت به الأوائل، فإن وجود هذا في حسِّ العالم وطالب العلم يشغله عن فهم العلم إلى البحث والتنقيب عن الغريب، حتى يقع في شذوذات ومخالفات، والجادة الجادة تسلموا.
إن من الخسارة العظيمة أن ترى هذا الجمهور العريض يستمع إلى أخطاء علمية لا يمكن تقويمها عندهم لثقتهم بمن يلقيها إليهم، وإن من الخسارة أيضًا أن تتجه بوصلة بعض الفضلاء إلى ما لا يحسنون، ويتركون ما يحسنون، ولهم فيه أثر ظاهر، فالله الله في أن يعرف كل واحد منَّا ما يحسن، ويجتهد فيه ليفد أمته.
إن التخبط الذي يُنعى على المبتدئين في طلب العلم، والذين يعبِّر عنهم بعض العلماء بأنهم ذوَّاقون كثيرو التنقل قد يقع عند بعض الدعاة والوعاظ والبارعون في علم ما، فتراهم يتجهون إلى تدريس علم من العلوم بدعوى: أريد أن أستفيد!
إن التدريس في الهواء الطلق أمام جمهور الناس ليس هو مجال الاستفادة، وإنما مجالها المدارسة الخاصة مع بعض الطلاب.
وإذا كان هؤلاء قد انصبوا إلى هذا الشأن، وفتحوا دروس التفسير، فما بال من يُعدُّ من المتخصصين يقصِّر في أداء هذه المهمة، ولا ترى له أي نشاطٍ علمي في مجال تخصصه؟!
الثانية: إلى المتخصصين، فأقول: إن من أسباب بروز مثل هذه الظاهرة عزوف كثير من المتخصصين عن التصدي للعامة، وإقامة الدروس والمحاضرات والدورات والندوات.
إننا أمام مشكلة تحتاج إلى دراسة ومدارسة، وتستدعي النظر والتفكير في كثير من الدروس التي تقام في العلم الشرعي سواء أكان في التفسير أم في غيره.
وللحديث بقية في شأن آخر من هموم المتخصصين، والله الموفق والمعين.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 Feb 2009, 07:37 م]ـ
سلمت يمينك أبا عبد الملك , ولا أدري لم هذه الجرأة على هذا العلم على الخصوص , بينما لا ترى متكلماً يجازف في الحديث عن مسألة عقدية أو حديثية متخصصة ليس هو من أهل تحقيقها!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أفانين القرآن]ــــــــ[02 Feb 2009, 08:09 م]ـ
.
.
.
شكر الله لك شيخنا المبارك ..
ـ[يزيد العمار]ــــــــ[02 Feb 2009, 08:56 م]ـ
شكر الله لكم شيخنا الكريم, والدعوة الآن للمختصين ليملكوا الميدان وينهل الناس من المنبع الأصيل, وفقكم الله وبارك في جهودكم
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[02 Feb 2009, 10:11 م]ـ
حقيقةُ الأمر يا أبا عبد الملك سلمك الله وباختصار شديد هي: (المُجاملة).
خصوصاً في ظل وفرة قنوات الإعلام الإسلامي , وفي ظل ارتجال الكثير من القائمين عليها في الإعداد والتنفيذ والاستضافة , الأمرُ الذي حدا بكثيرين إلى استضافة كل من تمتلئ به الشاشة , والمقدمُ عندهم في ذلك ذو الشعبية وإن كانت المادةُ التي سيتناولها البرنامجُ لا تعنيه في التخصص.
واللومُ هنا يتوجهُ بشكل أولي إلى السادة الكرام المتخصصين في القرآن والقراءات وعلومه , إذ لو امتلأ بهم الفراغُ وتظافرت منهم الجهودُ لتوقف كثيرون من مقتحمي هذه الحياض الطاهرة.
وحتى من كانَ عُذرُهُ منهم قناعتُهُ بحرمة التصوير , وهي وجهةٌ شرعيةٌ معتبرةٌ , فبالإمكانِ التنسيقُ معهُ للمشاركة وأداء الواجبِ عبر اتصاله الهاتفي على القناة أو اتصال القنوات عليه ولو استغرق مدة البرنامجِ كاملةً كما هو الشأنُ في بعض برامج الفتاوى في إذاعة القرآن , والتي يفتي الضيوفُ فيها من بيوتهم , ويستقبلونَ أسئلة الناس والحمد لله.
وأنا شخصياً أعرفُ نفراً من أولئك السادة العلماء بكتاب الله تعالى , وهذا نداءٌ لأرباب القنوات ومعدي برامجها بطرح هذه الفكرة وإعمالها لتحل محل الخواء العلمي الذي أفرز هذه الفئة التي تحدث عنها شيخنا أبو عبد الملك.
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[03 Feb 2009, 12:56 ص]ـ
بارك الله فيكم يا مشائخنا الأفاضل ..
ـ[المنصور]ــــــــ[03 Feb 2009, 09:19 ص]ـ
الحمد لله
طرح موفق يدور في خلد كثير من المتخصصين.
فنحن نسمع بعض مجالس التفسير وبودنا لو أن هذا الشيخ الذي يلقي الدرس لم يقل هذا الكلام.
وأقترح على الجمعية استقبال طلبات الدورات العلمية المقامة في المساجد في مناطق المملكة أو خارج المملكة، واستقبال طلبات القنوات الفضائية كذلك، ثم تقوم الجمعية بترشيح المشايخ المتخصصين لها من أعضاء الجمعية أو حتى من غير أعضاء الجمعية.
وتكون هذه الخدمة تعاونية فقط.
ما رأي فضيلة الشيخ مساعد الطيار، وحبذا لو أدلى شيخنا عبد الرحمن الشهري بدلوه في هذا الموضوع.
ـ[الخطيب]ــــــــ[04 Feb 2009, 10:16 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ الدكتور مساعد الطيار
وما ذكرتموه نقد جدي لواقع مردي
مداخلتي ذات شقين:
الأول:
أنه قد أشكلت عليّ هذه العبارة "أقول: اتقوا الله في التفسير، فإنما هو الرواية عن الله " فأرجو -فضلا- توضيحها
والثاني:
أنكم -أحسن الله إليكم- قد ذكرتمونا بمحاضرة جمعتني وبعض الزملاء ممن تخصصوا في بعض فروع العلم الشرعي الممزوج بأقوال الفلاسفة ............... وكانت محاضرة عامة دعينا لإلقائها على طلاب بعض الجامعات وكان لافتا حضور عدد كبير جدا من الأكاديميين والطلاب
وزميلنا هذا -شفاه الله- ممن النوع النرجسي أو السفياني - اختر أيهما شئت- أي يحب دائما أن يكون صاحب الكلمة العليا في المحاضرات التي تجمعه بالناس ويشاركه فيها بعض زملائه: rolleyes:
وما أن انتهت كلمته وكلمتي حتى انهمر سيل من الأسئلة على المحاضرَين هو أولهما وكاتب هذه السطور ثانيهما
لكنّ صاحبي أبى إلا أن يستأثر بالإجابة عن كل الأسئلة، وراح يجيب عن كل سؤال بطريقة هي أقرب إلى الثقافة العامة التي يحسنها الكثيرون -كما أشرتم- لا بطريقة العلماء المحررين.
جلست بجواره وأنا أشعر بتقلص تتلوى معه أمعائي وأنظر إليه نظر استعطاف ;)
أي اترك لي الإجابة حتى عن سؤال واحد، لكنه يمضي على طريقته مهرولا لا يترك شاردة ولا واردة إلا أدلى فيها بدلوه.
ظل هكذا حتى ألقي علينا سؤال علمي من الطراز الأول وهو هذا السؤال:
ما الفرق بين الحديث الصحيح والضعيف؟ وكيف أميِّز هذا عن ذاك؟
فأشرت إليه أن اترك لي الإجابة عن هذا السؤال، ثم ارتقيت في الطلب فهمست في أذنه مستجديا أن يمنّ عليّ بما طلبت، لأنني أعلم أن بضاعته في الحديث مزجاة، لكنه كان قد امتطى جوادا قد شق طريقه حتى بدا عصيًّا على القياد، فلا هو نظر إلى إشارتي، ولا أصغى إلى همسي
وأجاب عن السؤال بهذه الطريقة:
الحديث الصحيح هو الذي يوافق القرآن.
والحديث الضعيف هو الذي لا يوافق القرآن
بعدها قام أحد الجالسين -وكان أكثر شجاعة مني- مقتحما كلام صاحبنا وصوّب له خطأه
وكان موقفا محرجا جدا
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[04 Feb 2009, 11:51 ص]ـ
بوركت تلك الأنامل ونفع الله بعلمك.
فالشكر والثناء لأبي عبد الملك على هذا النقد البناء، ولقد تناثرت الفوائد في مثاني كلامه وهي كثيرة. فجزاك الله خيرا.
ولي مداخلة ارجو أن يكون فيها المفيد:
إن جوهر موضوع د. مساعد – في نظري - يتمثل في نقطتين:
1 – دخول غير المتخصص في تدريس التفسير، وما نتج عن ذلك.
2 – إحجام المتخصصين عن تدريس التفسير.
فالثانية تحتاج لحديث تُحفز فيه الهمم أو لتقنين يُخرجهم من غياباتهم!
ولكن المعضلة هي اقتحام ميدان علم التفسير من غير المتخصص علمياً فيه المُلِم بأدواته – وليس التخصص الأكاديمي فحسب –، وحينها يُسمَع ما لا قبل للمرء به.
وفي نظري أن العوامل الداعمة لهذه المعضلة هي من زاويتين:
الزاوية الأولى: الشخص نفسه.
والزاوية الثانية: المنابر الإعلامية.
ومجمل ذلك في:
– إعجاب البعض بما يقرأ من سيرة عالم متفنن، فيحاول مضاهاته، وربما أنه لم يعرف نفسه كما ينبغي فيضع نفسه في مكان ليس لها.
– قيام المنابر الإعلامية المختلفة بإقامة درس أو حلقة في التفسير وتأخذ من مرتديها من أهل الفضل والعلم ولو لم يكن من أهل ذلك الشأن.
وعموماً المسألة تحتاج مزيداً من النقاش والحوار، والفضل في ذلك يعود لفاتح النقاش جزاه الله خيرا.
والله من وراء القصد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز الجهني]ــــــــ[05 Feb 2009, 08:58 ص]ـ
شيخنا الفاضل أبا عبدالملك, شكر الله لك غيرتك على كتاب الله, وهذا ما يشهد لك به القاصي والداني ممن قرأ كتبك ومقالاتك أو سمع دروسك ومحاضراتك, ولكن ألا ترى شيخنا أن هناك فرقا بين مستويين في هذا العلم, الأول: دروس التفسير العلمية التي تُعنى بتحرير الأقوال وبيان الراجح منها ومعرفة مراد المفسر ومستنده في كل قول واعتماده على أقوال السلف وغير ذلك مما هو معلوم لدى أهل الاختصاص. والثاني: يعتني بتقريب هذا العلم للناس وربطهم بكتاب الله من خلال بيان المعنى العام للآيات ثم الوقوف على هدايتها وما فيها من فوائد إيمانية وتربوية. وبمعرفة هذين المستويين نعلم أن ما ذكرته في كلامك السابق ينطبق على من أراد الحديث عن هذا العلم في المستوى الأول وهذا حق لا مراء فيه. أما دروس التفسير والتي ينطبق عليها القول في المستوى الثاني فهي باب واسع يستحيل إغلاقه وقصره على أهل الاختصاص, فبيان كلام الله للناس وتعطير مجالس الذكر به وأخذ الفوائد والعبر منه بالاعتماد على كلام أئمة هذا العلم الموثوقين بعيدا عن الآراء الشاذة والأقوال الغريبة_ أمر مألوف عند السلف والخلف, وفي الكلمات والمواعظ والخطب, وهؤلاء في الغالب ليسوا من أهل الاختصاص. وإني لأعلم شيخنا أن هذا لا يخفى عليك ولكني رأيت من مداخلة الإخوة الكرام ما قد يُفهم منه الحجر على كل متكلم في التفسير من غير أهله حتى ولو كان من النوع الثاني وهذا مالا يمكن شرعا ولا عقلا. أسأل المولى القدير أن يجعلنا من أهل القرآن الذي هم أهل الله وخاصته وأن يفقهنا في الدين وأن يعلمنا التأويل. والله الهادي إلى سواء السبيل.
ـ[وائل صنبع]ــــــــ[07 Feb 2009, 11:09 م]ـ
الحمد لله وبعده،،،
شيخي مساعد حفظه الله الأدهى والأمر أن يطبع هذا الكلام ويباع على أنه الكتاب الذي فيه ما فيه من ما ذكرت من الأخطاء على التفسير والمفسر.
يتبع؟؟
ـ[مرهف]ــــــــ[08 Feb 2009, 03:13 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الأصل في القضية قوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً)، وطرح الموضوع تم على فئة غير متخصصة ولا متمرسة في أصول التفسير وعلوم القرآن، وهذا الموضوع ذكرني بنص لشيخنا الدكتور نور الدين عتر في كتابه "علوم القرآن الكريم"، واسمحوا لي أن أنقل نصه من كتابه صـ94، 95 تحت عنوان "شروط المفسر والقواعد التي يحتاج إليها فيقول حفظه الله:
(إن النقاش الذي سبق في التفسير بالرأي يفيد أموراً هي شروط وقوعد على غاية من الأهمية تتعلق بالاحتياط في التفسير بالرأي نعرضها موجزة فيما يلي:
أولاً: التحفظ من القول في كتاب الله تعالى إلا على بينة: باستيفاء العلوم التي ذكرناها فإن الناس في العلم بالأدوات المحتاج إليها في التفسير على ثلاث طبقات:
إحداها: من بلغ في ذلك مبلغ الراسخين كالصحابة والتابعين ومن يليهم، وهؤلاء قالوا في التفسير برأيهم مع التوقي والتحفظ، والهيبة والخوف من الهجوم، فنحن أولى منهم إن ظننا بأنفسنا أنا في العلم والفهم مثلهم.
الثانية [أي من طبقات الناس]: من علم من نفسه أنه لم يبلغ مبالغهم ولا داناهم، فهذا طرف لا إشكال في تحريم ذلك عليه، وسبيله أن يأخذ تفسيراً يدرسه بمراجعة العلماء.
الثالثة: من شك في بلوغه مبلغ أهل الاجتهاد أو ظن ذلك في بعض علومه دون بعض، فهذا أيضا داخل تحت حكم المنع من القول فيه، لأن الأصل عدم العلم، فعندما يبقى له شك أو تردد في الدخول مدخل العلماء الراسخين فانسحاب الحكم الأول عليه باق بلا إشكال، وكل أحد فقيه نفسه في هذا المجال، وربما تعدى بعض أصحاب هذه الطبقة طوره، فحسن ظنه بنفسه، ودخل في الكلام فيه مع الراسخين، ومن هنا افترقت الفرق، وتباينت النحل، وظهر في تفسير القرآن الخلل) ا. هـ ثم أكمل الشيخ الدكتور نور الدين باقي شروط المفسر ألخصها بالآتي: منها أن يعتمد المفسر على من تقدمه في التفسير وله في ذلك سعة، ومنها أن يكون على بال من الناظر والمفسر والمتكلم على القرآن أن ما يقوله من التفسير هو قول بلسان بيانه: هذا مراد الله تعالى من هذا الكلام، فليثبت أن يسأله الله تعالى: من أين قلت عني هذا؟ فلا يصح له ذلك إلا ببيان الشواهد وإلا كان باطلاً، ومنها أن يلاحظ المفسر في
(يُتْبَعُ)
(/)
كلامه المنهجية في البيان وأن يتحرى في التفسير مطابقة المفسر ومنها أن يبين المفسر خطة تفسيره.
وقد قرأت هذا النص - أقصد طبقات الناس بالنسبة لأدوات التفسير - على شيخنا الدكتور نور الدين أثناء تحضيري رسالة الدكتوراه، وقلت له بصراحة: وأين نحن طلاب العلم في هذا التصنيف، فعلى هذا الكلام ينبغي أن نتوقف عن البحث!!، فقال لي ما مفاده: أن طالب العلم الذي حصل أغلب الأدوات التي يحتاج إليها المفسر ويراجع أهل العلم ويحقق في معلوماته دون تقصير لابأس بأن يكتب ويبحث ويسجل نتيجته ويقول ما انتهى إليه بعد البحث.
أقول: فهؤلاء الذين يرتجلون التفسير ويتعجلون المعاني دون تفكير أين هم في هذا التصنيف، وأين أمانتهم في بيان كتاب الله تعالى، نعم لا أحد يستطيع أن يحجر على العقول التدبر بكتاب الله تعالى ولا أن يحجر على المتدبر فهم معاني القرآن الكريم ولكن كلامنا هنا في الذين يتصدرون حلق الذكر ويشرقون ويغربون في كتاب الله بما يدخل وما لا يدخل في معانيه، ويحضرني في هذا أمثلة كثيرة ولكن سأذكر منها مثالاً واحداً مهماً: تابعت برنامجاً حوارياً في إحدى القنوات الفضائية الملتزمة حول قضية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، ولا أخفي أني تابعت الحلقة إلى نهايتها على مضض وألم وذلك لأن الذي يتكلم في الإعجاز العلمي إنسان لا يمت إلى علم من العلوم الشرعية بصلة، ويتخبط في الكلام تخبطاً قاتلاً ومن ذلك أنه أتى بصورة لانفجارات تحصل في الشمس فيتولد منها الحرارة والضوء، وقال ما مفاده أن هذا اللهب أشار إليه القرآن في قوله تعالى: (كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ) [المرسلات: 33]، واعتبر أن جمالت هي الجمال وأتى بصورة جمل ووضع بجانبها صورة شكل اللهب المتولد من انفجار حاصل في الشمس وقال: انظروا إلى شكل اللهب أليس مثل شكل الجمل!!!
وسأترك التعليق لكم على هذا المثال مع العلم أني من مؤيدي التفسير العلمي والإعجاز العلمي في القرآن ولكن بضوابطه، فالذي يريد التكلم في تفسير القرآن إما أن يكون مفسراً متمكنا أو ناقلاً عمن تقدمه وبانياً على كلامهم البناء السليم بالاستدلال السليم، أما أن يخوض ويلعب أمام جمهور المسلمين فهذه مفسدة عظيمة واستهتار بالعقول، و لا يجوز السكوت عن ذلك، ومعذرة عن الإطالة والله أعلم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Mar 2009, 10:52 م]ـ
أشكر الإخوة على مداخلاتهم، ولي عودة إليها إن شاء الله تعالى، لكن أجيب عن سؤال أخينا الحبيب الدكتور أحمد الخطيب في قوله: (أنه قد أشكلت عليّ هذه العبارة "أقول: اتقوا الله في التفسير، فإنما هو الرواية عن الله " فأرجو -فضلا- توضيحها)، فأقول: هذه العبارة وردت عن مسروق، فقد رواها أبو عبيد في كتابه فضائل القرآن، قال: (حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عمر بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن مسروق، قال: اتقوا التفسير، فإنما هو الرواية على الله عز وجل).
ومراده أن القول بأن معنى الآية كذا، إنما هو حكم على أن هذا مراد الله.
ولا شكَّ أن التفسير من القول على الله، والقول على الله بغير علم من المحرمات، كما قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)، ولهذا أدعو من يتصدى للتفسير أن يتنبه لهذه الآية، وأن تكون منه على بال، فالأمر جدُّ خطير، والله الهادي إلى الصواب.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[02 Mar 2009, 01:20 ص]ـ
أقول: فهؤلاء الذين يرتجلون التفسير ويتعجلون المعاني دون تفكير أين هم في هذا التصنيف، وأين أمانتهم في بيان كتاب الله تعالى، نعم لا أحد يستطيع أن يحجر على العقول التدبر بكتاب الله تعالى ولا أن يحجر على المتدبر فهم معاني القرآن الكريم ولكن كلامنا هنا في الذين يتصدرون حلق الذكر ويشرقون ويغربون في كتاب الله بما يدخل وما لا يدخل في معانيه، ويحضرني في هذا أمثلة كثيرة ولكن سأذكر منها مثالاً واحداً مهماً: تابعت برنامجاً حوارياً في إحدى القنوات الفضائية الملتزمة حول قضية الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، ولا أخفي أني تابعت الحلقة إلى نهايتها على مضض وألم وذلك لأن الذي يتكلم
(يُتْبَعُ)
(/)
في الإعجاز العلمي إنسان لا يمت إلى علم من العلوم الشرعية بصلة، ويتخبط في الكلام تخبطاً قاتلاً ومن ذلك أنه أتى بصورة لانفجارات تحصل في الشمس فيتولد منها الحرارة والضوء، وقال ما مفاده أن هذا اللهب أشار إليه القرآن في قوله تعالى: (كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ) [المرسلات: 33]، واعتبر أن جمالت هي الجمال وأتى بصورة جمل ووضع بجانبها صورة شكل اللهب المتولد من انفجار حاصل في الشمس وقال: انظروا إلى شكل اللهب أليس مثل شكل الجمل!!!
أخي الفاضل مرهف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جمالت ذكرها أهل التفسير بهذا المعنى وبمعنى آخر وهو الحبال وإليك كلام الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى:
وقوله: {كأنه جِمالات صفر} تشبيه له في حجمه ولونه وحركته في تطايره بجمالات صفر. وضمير {كأنه} عائد إلى شرر.
والجِمالات: بكسر الجيم جمع جِمالة، وهي اسم جمع طائفة من الجمال، أي تُشبه طوائف من الجمال متوزعة فرقاً، وهذا تشبيه مركب لأنه تشبيه في هيئة الحجم مع لونه مع حركته. والصُفرة: لون الشرر إذا ابتعد عن لهيب ناره.
وقرأ الجمهور {جِمالات} بكسر الجيم وألف بعد اللام فهو جمع جمالة. وقرأه حمزة والكسائي وحفص عن عاصم وخلفٌ {جِمالة} بكسر الجيم بدون ألف بعد اللام وهو جمع جَمَل مثل حَجَر وحِجَارة.
وقرأه رُويس عن يعقوب {جُمالات} بضم الجيم وألف بعد اللام جمع جُمالة بالضم وهي حبل تشدّ به السفينة، ويُسمى القَلْس (بقاف مفتوحة ولام ساكنة) والتقدير: كأنّ الواحدة منها جُمالة، و {صفر} على هذه القراءة نعت ل {جمالات} أو ل (شرر)." أ. هـ
وهذا ما ذكره بن كثير أيضا حيث يقول:
" {كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ} أي: كالإبل السود. قاله مجاهد، والحسن، وقتادة، والضحاك. واختاره ابن جرير.
وعن ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير: {جِمَالَةٌ صُفْرٌ} يعني: حبال السفن. وعنه -"أ. هـ
وهذا التشبيه يحتاج إلى التوقف عنده فلابد أنه يحمل في طياته دلائل لأني لا أرى وجه الشبه أو العلاقة بين الشرر الذي يشبه القصور أو جذوع الأشجاركما جاء في التفسير
والجمال أو الحبال العظيمة.
والصور التى جاءت في البرنامج الذي شاهدت ترى صور اللهب الصادر عن الشمس على صورة الجمل وعلى صورة الحبال العظيمة أحياناً.
بقي هل بين تلك الصور والآيات المذكورة علاقة؟
هذا ما لا نستطيع إثباته أو نفيه.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[ابومعاذالمصرى]ــــــــ[02 Mar 2009, 07:36 ص]ـ
شيخنا الفاضل مساعد الطيار حفظه الله
تلميذكم واعظ وخطيب للجمعة ومعظم خطبى ودروسى قرآنية اما من امثال القرآن
او قصة قرآنية او نداء قرآنى او آيات الترغيب والترهيب
ولانى لست متخصصا فإنى لا اغوص فى حرفية التفسير ولا اتعرض لاغواره فلا املك الادوات المؤهلة لذلك
ولكنى اتناول الآيات من زاوية وعظية بحته لا اخرج عن اقوال اهل الشأن ناقلا عنهم الفوائد والعظات والعبر وماتهدف اليه هذه الآية او تلك
فرجاء بيان حالى وحال امثالى من نقلة التفسير من اهل الشأن لعوام الناس
فإن كنت على صواب أواصل مستعينا بالله تعالى
وان كنت مخطئا انتهى مبتغيا السلامة
جزاكم الله خيرا وزادكم علما وفضلا
فى حال انشغال شيخنا الطيار وعدم الرد ارجو من مشايخنا التعليق على مداخلتى
رفع الله قدركم فى الدارين
ـ[قاهر الفرسان]ــــــــ[02 Mar 2009, 09:32 ص]ـ
شيخنا الكريم:
كيف أستطيع أن أخدم مجتمعي في مجال التفسير , وما الطريقة الصحيحة في جمع مادة علمية لتفسير سورة معينة؟
طالب بجامعة الإمام
abu-albraa27@hotmail.com
ـ[كاسيمان]ــــــــ[03 Mar 2009, 02:30 ص]ـ
شيخنا الفاضل مساعد الطيار حفظه الله
تلميذكم واعظ وخطيب للجمعة ومعظم خطبى ودروسى قرآنية اما من امثال القرآن
او قصة قرآنية او نداء قرآنى او آيات الترغيب والترهيب
ولانى لست متخصصا فإنى لا اغوص فى حرفية التفسير ولا اتعرض لاغواره فلا املك الادوات المؤهلة لذلك
ولكنى اتناول الآيات من زاوية وعظية بحته لا اخرج عن اقوال اهل الشأن ناقلا عنهم الفوائد والعظات والعبر وماتهدف اليه هذه الآية او تلك
فرجاء بيان حالى وحال امثالى من نقلة التفسير من اهل الشأن لعوام الناس
فإن كنت على صواب أواصل مستعينا بالله تعالى
وان كنت مخطئا انتهى مبتغيا السلامة
جزاكم الله خيرا وزادكم علما وفضلا
فى حال انشغال شيخنا الطيار وعدم الرد ارجو من مشايخنا التعليق على مداخلتى
رفع الله قدركم فى الدارين
أضم صوتي إلى صوت أبي معاذ المصري حيث إن لي دروسا روتينية في تفسير القرآن الكريم في إحدى الدواوين الحكومية
والشأن أن المستعين للدروس:
1 - موظفون حكوميا وليس لهم أي خلفية شرعية ولا لغوية (أقصد اللغة العربية)، هم من العجم
2 - ليس لهم في الأصل رغبة في الدرس، وإنما يأتون إلى المسجد لصلاة الجماعة، وهو يريدون بعد الصلاة الراحة من العمل ولكن "لا بأس مع سماع بعض الدروس"
3 - وقت الدرس هو بعد صلاة الظهر، وهو ساعة راحة من العمل في وسط النهار
4 - مر أن جربت إعطاءهم درسا في التفسير حسب ما اصطلح عليه، مع ذكر آراء المفسرين والترجيح بين هذه الآراء، إلا أنهم يملون من هذه الطريقة
5 - والطريقة التي تعجبهم هي: أن نقرأ آية أو آيتين أو ثلاث، أو نصف آية، ثم نأت بتلمس الجو والحال أو الملابسات عند نزول الآية مستعينا بأسباب النزول إن وجد، ثم عمل المقارنة بين هذا الجو وجو هذا الزمان وجو منطقتنا، ثم التركيز على الهدي الذي تحمله الآية، والمقارنة بين مستوى هذا الهدي وواقعنا المعاصر
السؤال هو:
هل هذه الطريقة من الدرس سليمة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[راوية]ــــــــ[03 Mar 2009, 02:43 ص]ـ
وفقكم الله وبارك فيكم شيخنا الكريم
ومما يعاب على بعض المتخصصين:
1) الجهل في كيفية التعامل مع الجمهور وجهلهم بفن الالقاء وغيره من العلوم التي برز فيها هؤلاء المتعالمون للأسف مما يزهد الناس في دروسهم
2) عدم تبسيط المادة للجمهور فأصبحت دروس التفسير فقط للخاصة
فلا تجد لأهل هذا الفن دروس مخصصة للعوام وصغار طلبة العلم
وهذا مما دفع غيرهم لملئ هذا الفراغ
لدي سؤال بارك الله فيك
نحن في مدارس تحفيظ القران نعاني من هذه الظاهرة وأشد
فبعض مدرسات القران وهن في الغالب من العوام تتصدر للشرح القران لطالباتها من اجل أن تجمع الطالبة بين الحفظ والفهم وهي عامية
وبعض ممن تصدرت لشرح القران تلقية كمحاضرة تجد في درسها كل شيئ الا التفسير يعني اصبح درس التفسير للموعظه والتذكير
فالمشكلة عندنا نحن النساء أكبر مما تتصور شيخنا الكريم فكيف نتعامل معها
وماهي الطريقة لمن تصدر للتدريس القران وهو طالب علم لكن ليس من أهل التفسير كيف نجمع للطالباتنا بين الحفظ والفهم دون ان يلحقنا حرج
بارك الله فيك ياشيخ أرجومنكم الرد على سؤالي لأنه يحيرني منذ مدة
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[03 Mar 2009, 03:20 ص]ـ
التفسير عموما، كغيره من علوم الدين، يدخل ضمن مسئولية البلاغ التي يكلف بها كل مسلم.
ويبقى الإشكال في الظروف والفرص التي تتوفر للمسلم كي يتصدر المجالس أو المنابر الإعلامية. وفي كثير من الأحيان، لا يتعلق الأمر بالتخصص ولا بالأهلية بقدر ما يتعلق بانتهاز الفرص.
ولذلك فقد تجد عالما متخصصا لا يلتفت إليه أحد، وتجد داعية يتهافت عليه الجميع.
وهذه الظاهرة تستدعي الانتباه. وقد طرحت في المنتدى، يوما ما، سؤالا محيرا: هل نحتاج إلى تكوين الداعية العالِم، أم العالِم الداعية؟
في تقديري: كل واحد سنحت له فرص البروز والإشعاع الدعوي أو الإعلامي، يشكل فرصة جيدة يجب دراسة إمكانية استثمارها من قبل العلماء، من خلال تشجيعه على البروز أكثر فأكثر، ولكن في نفس الوقت التواصل معه وفتح مجالات الالتقاء به لتأطيره وتوجيهه.
أضرب مثلا حول البرامج التلفزيونية أو الإذاعية: بعض العلماء لديهم علم جيد ولكن يفتقدون للكاريسما (القدرة على التأثير وجذب المستمعين أو المشاهدين) لسبب أو لآخر (الصوت، الشكل العام، ضعف التعامل مع الكاميرا، أسلوب التعبير ... ).
فما الحل حينئذ؟ الحل يكمن في بحث العلماء عن الدعاة من ذوي القدرات الجيدة على التأثير الإعلامي والانفتاح عليهم، وتنظيم دورات علمية يدعون إليها، ويعرض عليهم التعاون في إنشاء برامج تلفزيونية يكون العالم المتخصص فيها معدا للبرنامج ومادته، ويكون الداعية فيها مقدما ومؤثرا.
بهذا يتحقق التكامل.
ـ[ابومعاذالمصرى]ــــــــ[07 Mar 2009, 10:01 م]ـ
شيخنا الفاضل مساعد الطيار حفظه الله
تلميذكم واعظ وخطيب للجمعة ومعظم خطبى ودروسى قرآنية اما من امثال القرآن
او قصة قرآنية او نداء قرآنى او آيات الترغيب والترهيب
ولانى لست متخصصا فإنى لا اغوص فى حرفية التفسير ولا اتعرض لاغواره فلا املك الادوات المؤهلة لذلك
ولكنى اتناول الآيات من زاوية وعظية بحته لا اخرج عن اقوال اهل الشأن ناقلا عنهم الفوائد والعظات والعبر وماتهدف اليه هذه الآية او تلك
فرجاء بيان حالى وحال امثالى من نقلة التفسير من اهل الشأن لعوام الناس
فإن كنت على صواب أواصل مستعينا بالله تعالى
وان كنت مخطئا انتهى مبتغيا السلامة
جزاكم الله خيرا وزادكم علما وفضلا
فى حال انشغال شيخنا الطيار وعدم الرد ارجو من مشايخنا التعليق على مداخلتى
رفع الله قدركم فى الدارين
مازلت اطمع فى تعليق مشايخنا على هذا التساؤل
رفع الله قدركم فى الدارين وزادكم علما وفضلا
ـ[عبدالرحمن نبيل]ــــــــ[07 Mar 2009, 11:39 م]ـ
شيخنا الحبيب بارك الله في جهودكم
الأمر الذي تحدثت عنه خطير جدا ذلك أن المشكلة الأساسية عند أصحاب القنوات أن عندهم ساعات بث طويلة لايستطيعون أن يملؤوها لذلك يخرجوا أناسا لم يتأهلوا بل أقول لقد خرج أناس على بعض هذه القنوات لايحسنون قراءة القرآن وأنا أعي ماأقول لأني أعمل في مجال الإعلام والأوضاع لاتبشر بخير فما خفي كان أعظم
وأنا أرى أن يركز المشايخ على القنوات المعرف عنها حرفيتها الإعلامية العالية ولا يخرجوا في قنوات أخرى عموما الموضوع يطول الحديث فيه وللحديث بقية إن شاء الله
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[08 Mar 2009, 12:13 ص]ـ
شكر الله للإخوة الكرام
موضوع كلام الإنسان فيما لا يعلم ولا يفقه ليس جديدا، وليس خاصا بعلم التفسير وحده، وللعلماء في نوادرهم نكت ونوادر عن أمثال هؤلاء الذين يتسلقون وعرا من العلوم بلا أسباب، ويرتقون مرتقى صعبا، فبعضهم يفعل ذلك طمعا في الشهرة، وآخرون رغبة في المال، وجماعة عن مكر وخديعة ورغبة في دس ما يستطيعون لتشويه دين الإسلام، وكل هذه الأصناف قديمة، وموجودة منذ انتشار الإسلام، وتخطيط أعدائه للنيل منه.
لكن الأدهى والأمر أن هناك من يفعله عن حسن نية، بل ويجادل محاولا تبرير موقفه بشبه كثيرة، من أشهرها أن أهل العلوم الشرعية المقتدرين على شرحها وبيانها لم يبينوها للناس ولا يحبون الظهور على الشاشات ونحو ذلك.
فأقول لأمثال هؤلاء كما قال الإخوة الكرام من قبلي: أن يتقوا الله عز وجل فكل علوم الشريعة بل وكل علوم الدنيا لا ينبغي التكلم فيها إلا بعلم، ومن ادعى ما ليس فيه كذبته شواهد الامتحان.
الفقير إلى الله تعالى الغني به: إبراهيم الحسني.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[19 Mar 2009, 08:53 م]ـ
أشكر أخي الكريم د. مساعد على طرحه لهذا الموضوع.
ولأسباب لا تخفى لا أملك أن أعلق على هذا الموضوع، ولكنني ـ من باب الإضافة ـ كنتُ أقرأ اليوم مقدمة د. محمد محمد أبو موسى لكتابه: (آل حم .. غافر وفصلت، دراسة في أسباب البيان) طبع عام 1430هـ، وهو من منشورات مكتبة وهبة المصرية، فوجدتُ الدكتور ـ وفقه الله ـ قد نثر كنانته، فتحدث بلغة المكلومٍ، والمجروح من واقع التعليم الجامعي لدروس التفسير، وتحدث بشيء من التفصيل عن بعض الهموم، وهو خليق بالرجوع إليه، وكان منصفاً جداً في حديثه، وواقعياً ـ أيضاً ـ فجزاه الله خيراً، وهي دعوة إلى مراجعة كلامه هذا، ففيه فوائد، فضلاً عن كتابه الذي حوى درراً نفيسه.
ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[17 Apr 2009, 02:10 ص]ـ
بارك الله فيكم فضيلة الشيخ، ونفع بكم، وليست الحسرةُ على أناسٍ لم يتذوَّقوا طعمَ التفسيرِ = اقتحموا الميدانَ بلا عاديات؛ بل الحسرةُ على من تبحَّرَ، وأتقنَ، ودبَّ إليه عجزُ الثقات.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Apr 2009, 02:01 م]ـ
الأخ أبا معاذ
السلام عليكم، وأعتذر عن التأخر، وأراكم ـ حفظكم الله ـ قد أجبتم عن نفسكم بقولكم: (ولكنى اتناول الآيات من زاوية وعظية بحته لا اخرج عن اقوال اهل الشأن ناقلا عنهم الفوائد والعظات والعبر وماتهدف اليه هذه الآية او تلك). وهذا عين الفهم، فأنت في مقام الناقل، والحمد لله.
الشيخة:
إن مما نعاني منه ـ وهو خطير في الطرح ـ جعل (الدعوة إلى الله) ممنهجة بطريقة معينة، حتى صار عندنا مصطلح (الداعي، الداعية)، وكأن الأشياخ الذين يعلمون الناس لا يدخلون في هذا المصطلح، وهذا التقسيم فيه نظر، فوالله إن أشياخنا لهم أكبر الدعاة إلى الله تعالى، بل هم أقدر الناس عليها، فأعرف الناس بشرع ربهم هم أقدر الناس على دعوتهم، وهل كان الرسل ـ عليهم صلوات الله ـ إلا دعاة إلى الله؟!
وإن من يتصدى للتفسير من هؤلاء الأخوات أو من غيرهم ممن ينسب نفسه للدعوة، فإن عليه أن يعرف التفسير ومنهجيته، وأن يكثر من القراءة فيه، ويعرف تحرير الأقوال لكي لا يوصل إلى المدعوين معاني غير صحيحة، أو معاني باهتة غير واضحة، وعلينا ـ جميعًا ـ بتقوى الله، فإننا نُوَقِّع عن الله في مثل هذا، والأمر خطير، وليكن قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (الأعراف: 33).
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Apr 2009, 02:21 م]ـ
الإخوة الكرام
لقد رسمت بعض المعالم في من يلقي درس التفسير، وأرجو أن لا يقع لكلامي فهم مخالف لما أردت، فمن عرف منهجية التفسير، أو من كان يحضِّر لدرسه، فأنه خارج عن مرادي هنا.
وسواء في ذلك المتخصص أو المعتني بالتفسير، فالتفسير ليس حكرًا على قوم دون قوم، لكن بالشرط الذي ذكرته.
ونقدي موجه لبعض من رأيتهم ممن رزقهم الله قبولاً يلقون درس التفسير، وظاهرٌ من حالهم عدم التحضير، لذا تراهم لا يبينون المعاني على وجهها، وينتقلون بحديثهم إلى ما يحسنونه.
وإذا كان هذا حالهم، فإني أرى أن يكون درسهم درسًا عامًا، ويكون لهم في كل مرة موضوع معين بدل أن يكون العنوان (تفسير القرآن)، ويكون الحديث بعيدًا كل البعد عن تفسير القرآن.
وأرجو أن تتسع صدورنا لمثل هذا النقد، وأن نجتهد في تقويم مسيرتنا العلمية، وأن يكون نصب أعيننا طلب الحق.
وإن كنت أخطأت فمني ومن الشيطان، وأنا أعوذ بالله منه، وأسأله التوفيق والسداد في القول والعمل.
ـ[المغوار]ــــــــ[19 Apr 2009, 08:15 م]ـ
اما انا فارى ان احسن من فسر القرءان هم علماء الفلك و الرياضيات و الفزياء و غير ذلك من العلوم لانهم فسروا القرءان من حيث لا يدرون فالذي صعد الى السماء واكتشف كروية الارض فسر عدة ايات تفسيرا واضحا و عالم البحار هو من فسر مرج البحرين و علماء الفلك فسروا الكثير من الايات و هكذا دواليك و شكرا.
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[19 Apr 2009, 11:31 م]ـ
اما انا فارى ان احسن من فسر القرءان هم علماء الفلك و الرياضيات و الفزياء و غير ذلك من العلوم لانهم فسروا القرءان من حيث لا يدرون فالذي صعد الى السماء واكتشف كروية الارض فسر عدة ايات تفسيرا واضحا و عالم البحار هو من فسر مرج البحرين و علماء الفلك فسروا الكثير من الايات و هكذا دواليك و شكرا.
هذا كلام خطير وخطير جدا فقولك (أحسن) هذا أفعل التفضيل فهناك فاضل ومفضول فالفاضل هم علماء الفيزياء والرياضيات و00 والمفضول من عداهم مما فسر القرآن فيدخل فيهم الصحابة والتابعون و000!!!!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابومعاذالمصرى]ــــــــ[22 Apr 2009, 09:31 ص]ـ
الأخ أبا معاذ
السلام عليكم، وأعتذر عن التأخر، وأراكم ـ حفظكم الله ـ قد أجبتم عن نفسكم بقولكم: (ولكنى اتناول الآيات من زاوية وعظية بحته لا اخرج عن اقوال اهل الشأن ناقلا عنهم الفوائد والعظات والعبر وماتهدف اليه هذه الآية او تلك). وهذا عين الفهم، فأنت في مقام الناقل، والحمد لله.
الشيخة:
إن مما نعاني منه ـ وهو خطير في الطرح ـ جعل (الدعوة إلى الله) ممنهجة بطريقة معينة، حتى صار عندنا مصطلح (الداعي، الداعية)، وكأن الأشياخ الذين يعلمون الناس لا يدخلون في هذا المصطلح، وهذا التقسيم فيه نظر، فوالله إن أشياخنا لهم أكبر الدعاة إلى الله تعالى، بل هم أقدر الناس عليها، فأعرف الناس بشرع ربهم هم أقدر الناس على دعوتهم، وهل كان الرسل ـ عليهم صلوات الله ـ إلا دعاة إلى الله؟!
وإن من يتصدى للتفسير من هؤلاء الأخوات أو من غيرهم ممن ينسب نفسه للدعوة، فإن عليه أن يعرف التفسير ومنهجيته، وأن يكثر من القراءة فيه، ويعرف تحرير الأقوال لكي لا يوصل إلى المدعوين معاني غير صحيحة، أو معاني باهتة غير واضحة، وعلينا ـ جميعًا ـ بتقوى الله، فإننا نُوَقِّع عن الله في مثل هذا، والأمر خطير، وليكن قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (الأعراف: 33).
اللهم اجز شيخنا الطيار عنا خيرا وانفعنا بعلمه وارفع قدره فى الدارين آمين
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[25 Apr 2009, 02:18 م]ـ
اما انا فارى ان احسن من فسر القرءان هم علماء الفلك و الرياضيات و الفزياء و غير ذلك من العلوم لانهم فسروا القرءان من حيث لا يدرون فالذي صعد الى السماء واكتشف كروية الارض فسر عدة ايات تفسيرا واضحا و عالم البحار هو من فسر مرج البحرين و علماء الفلك فسروا الكثير من الايات و هكذا دواليك و شكرا.
وأنا كذلك مع أخي أبو هاجر أخالف المغوار فيما كتبه
اذ كيف يكون عالم الفلك والرياضيات والفيزياء أفضل من أهل التخصص نفسه الذين أفنوا أوقاتهم وأعمارهم في سبيل تعلم هذا العلم "القرآن وعلومه"
ـ[الجكني]ــــــــ[25 Apr 2009, 02:44 م]ـ
أولاً:
جزاك الله خيراً أخي الحبيب الشيخ الدكتور مساعد حفظك الله، وبارك لك في علمك ونفعنا وإياك به.
ثانياً:
العجب كل العجب أن يخرج لنا على القنوات الفضائية من يفسر القرآن الكريم -وهو كلام الله تعالى المنزل باللسان العربي السليم من اللحن واللكنة - بلهجته الخاصة التي لا يفهمها إلا أهل قبيلته،وكانه يختصها بهذا التفسير، زد على ذلك أنه إن حاول التفاصح والتعرب ظهرت عداوته لسيبويه والمبرد.
إني أتفق مع فضيلة الدكتور مساعد في أن هذا الأمر خطير وخطير.
ثالثاً:
أقول لأخي" أبو هاجر ": احمل كلام أخيك " المغوار " على محمل حسن، ولا تلزمه بما لايلزمه، فقرينة الحال تدل على أن مراده بالأحسن هو أهل عصره، وفي جزئية معينة لا في كل الجزئيات، وما أراه إلا كان متأثراً بكتاب " من ضيع القرآن "، والله أعلم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[16 May 2010, 12:34 ص]ـ
قرأ أحد الإخوة مقالي هذا، وطلب مني أن أضع مشاركته لعدم تسجيله في الملتقى
قال:
ألا يمكن رصد بعض دروس تفسير القرآن التي تلقى في الفضائيات وغيرها من وسائل الإعلام، والتنبيه على ما فيها من الخلل؟
قلت:
لا أدري؛ هل هذا سيكون ممكنا، أو لا؟
وهل سيكون نافعًا أو لا؟
ولعل الإخوة يجيبون عن هذا السؤال، ويشاركون في التعليق عليه.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[11 Aug 2010, 05:14 م]ـ
بمناسبة كثرة الدروس القرآنية في رمضان، فإن أدعو الباحثين والباحثات إلى كتابة بحث علمي يفيد الساحة العلمية المتخصصة في القرآن وعلومه، والفكرة باختصار:
دراسة علمية جادة لدروس التفسير التي تلقى في القنوات، وذكر الإيجابيات (لتعزيزها) والسلبيات (لتجنبها).(/)
(مايملكون من قطمير)
ـ[اللؤلؤ المصون]ــــــــ[02 Feb 2009, 11:12 م]ـ
نعلم أن معنى كلمة قطمير القشرة الرقيقة التي حول بذرة التمر .. فنحن نملكها وهي بيدنا فما هو الملك الذي نفاه عن المخلوق في هذه الآية؟ أرجو ان تكون إجابة فيها نوع من التدبر وجزاكم الله خيرا
ـ[اللؤلؤ المصون]ــــــــ[03 Feb 2009, 12:09 ص]ـ
أتمنى منكم الرد ياأهل العلم ضروري .. لأنها أشكلت علي
ـ[اللؤلؤ المصون]ــــــــ[03 Feb 2009, 12:42 م]ـ
أين أنتم يا أهل العلم(/)
بحث: الدين في القرآن (أحمد قعلول)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[03 Feb 2009, 06:29 ص]ـ
الدين في القرآن
أحمد قعلول
المصدر: مجلة أقلام أونلاين ( http://www.aqlamonline.com/gaaloul22.htm)
العدد الثاني والعشرون
السنة السادسة / جوان - جويلية 2008
يتناول هذا المقال استعمال القران لكلمة الدين وذلك من اجل الوصول الى تحرير القول في دلالة هذه الكلمة المحورية والى حصر مجالات استعمالها. خاصة وان لها علاقة محورية بعدد من المحاور الفكرية والسياسية منها علاقة الدين بالدولة وموضوع حرية المعتقد وحرية التعبير.
وينطلق هذا المقال من فرضية مفادها ان هذه الكلمة تعاني في استعمال من عملية احلال لاستعمالات ودلالات الكلمة الاتينية الاصل " Religion".
ويعتبر هذا المقال انه اذا صح القول بفرضية الفصل بين المجال العقدي والمقدس ومجال المعاملات الاجتماعية اعتبارا لكون الاول مرتبطا بالضمير الفردي وان الثاني مرتبطا بنظام العلاقات الاجتماعية والسياسية للمجتمع، فان هذا الفصل لا يصدق على دلالات واستعمالات كلمة الدين.
وسيسعى هذا المبحث القصير الى الاقتراب من الموضوع اقترابا لغويا وذلك من اجل رفع بعض الالتباس عن الاستعمالات القرءانية لهذا اللفظ.
وسيقوم هذا البحث بذلك بالرجوع الى المعاجم العربية الاساسية من اجل احصاء الاستعمالات الممكنة للفظ وكذلك بالعودة الى السياقات التي استعمل فيها اللفظ داخل النص القراني من اجل تمييز الاستعمالات القرانية عن الاستعاملات اللغوية وكذلك من اجل حصرها وتصنيفها بحسب الاستعمالات الاساسية والاستعمالات الثانوية او التابعية بحسب التعبير الشاطبي.
مقدمات منهجية:
ليس غرض هذه العجالة التفصيل في كيفية التعامل مع النص القراني ولا شرح الاليات والادوات المستعملة من اجل استخراج دلالاته واستعمالاته اللغوية. ولكن يكفينا في هذا السياق الاشارة الى بعض النقاط التاطيرية والتي يستوجبها الحديث كمقدمات منهجية تؤطر المقاربة المستعملة في هذه الخلاصة.
تقترب هذه العجالة من النص القراني بصفته خطابا صيغ باللغة العربية مراعيا عادات العرب واستعمالاتهم ولذلك فان اساليب فهمه واستخراج دلالته تحتاج الى مراعاة استعمالات العرب في الحديث والتخاطب والفهم. تبعا لذلك فان استعمال ادوات الفهم والدلالة تخالف تلك العادات يعتبر تحميلا للنص القراني معاني لا يحتملها.
على ان استعمال القران لعادات العرب في الحديث لا يلغي وجود عادات خاصة بالنص القراني في التخاطب مع متلقي خطابه الا ان هذه العادات لا تخرج لا محالة ولا تناقض عاداة العرب.
تبعا لهذين المقدمتين فان المنهج الذي سيقع استعماله في هذه العجالة التي ستسعى لاستخراج دلالات واستعمالات كلمة الدين في القران ستعتمد على تلك الاستعمالات المشروحة في امهات معاجم اللغة العربية ومن ثم نمر الى الاستعمالات القرانية للكلمة.
وتجدر الاشارة هنا الى ما وضحه الامام العلامة الشيخ الطاهر بن عاشور في مقدماته التي صدر بها تفسيره القيم التحرير والتنوير حيث نبه الى كون الخطاب القراني خلافا للخطاب العادي متعدد الاغراض وهو بسبب ذلك يحمل الكلام معاني ودلالات متعددة حري بالباحث ان ياخذ بها كلها ضعيفها وقويها راجحها ومرجوها ما كانت تلك الدلالات معهودة عند العرب ومن ضمن عاداتهم الخطابية [1].
الدين السياسة والحرب:
استعمل النص القراني كلمة الدين تسعين مرة وذلك في سياقات متعددة ومختلفة وفي السور المكية والمدنية. وان معرفة دلالت هذه الاستعمالات القرانية ضروري من اجل حسن التعامل مع عدد من الاسئلة والاشكالات المرتبطة بالمنظومة التشريعية والفكرية والسياسية الاسلامية.
ومن اهم هذه المحاور والاشكالات التي يرتبط فهم هذه الكلمة بها ما تعلق بالفكر السياسي المرتبط بالاسلام وموضوع علاقة الدين بالدولة والدين بالسياسة. وكذلك في ما يتعلق بمسائل العقيدة او ما تعارف على التعبير عنه بحرية المعتقد وعلاقة المسلم او المسلمين بغير المسلم والمسلمين والوضع القانوني والتشريعي لغير المسلم في السياق الاسلامي، ومن هنا مدى مشروعية القول بالقتال ضد الكفار بسبب كفرهم مثلا.
(يُتْبَعُ)
(/)
عادة ما تترجمة الكلمة العربية الاصل "الدين" الى الكلمة ذات الاصل اللتيني روليجيون/ Religion كما تترجم الاخير الى الاولى ولذلك فان هذا المبحث سيسعى الى مقارنة الدلالة اللغوية للفظ اللاتيني الاصل روليجيون/ Religion واللفظ العربي "الدين" وذلك من اجل حصر التشابه او التماثل الدلالي للكلمة وكذلك الاختلاف ومن ثم تبيان مجالات الاستعمال الدلالي للكلمتين وذلك ان الاشكاليات المذكورة نشات وتطورت ابتداءا ضمن السياق الحضاري والتاريخي المستعمل للكلمة اللاتينية ولذلك فان جزء من الاشكالية مرتبط باستعمال كلمة رليجيون ومن هنا فان البحث عن مدى التطابق والاختلاف مهم بما انه سيشرح حدود الاشكال ويكشف خصوصيته العربية او الاوربية الغربية.
اولا في استعمالات كلمة روليجيون/ Religion:
يوصف لفظ روليجيون/ Religion بكونه تعبيرا عن "تركيب من المعتقدات والممارسات الطقوسية، والمطالب الاخلاقية وذلك ضمن نسق\نظام مرتبط بالله او آلهة" [1] وترى صوفي لوس [2] ان استعمال لفظ رولجيون قليل في الانجيل ولذلك فانها تستنتج ان الاستعمال المناسب لهذه الكلمة يجب ان يحيل على معنى العقيدة بما هي الاستجابة الداخلية للنداء الالهي [3].
هذا ويعرف معجم اكسفورد لاصول الكلمات‘ The Concise Oxford Dictionary of English Etymology’ كلمة روليجيون/ Religion بطريقة حياة الرهبان المبنية على النذور والقوانين (ق11) و بانها نظام او قانون ويعني نظام عقيدة في، وعبادة لـ قوة الاهية (ق 12) اعتراف بقوة الاهية مستحقة للعبادة (ق 14) كما يقدم المعجم الكلمة على اساس انها تعبير عن التزام (بقسم اونذر مثلا) يربط انسان باله [4]
واخيرا يمكن ان نجد في المرادفات التالية لكلمة روليجيون/ Religion فايث/عقيدة وارشب/عبادة، مذهب، كنيسة، مجتمع عقيدة، قيم [5].
يمكننا من خلال الاستعمالات اوالدلالات المشروحة لكلمة رولجيون ان نخلص الى النتيجة التالية وهي كون هذه الكلمة تحيل في اغلب استعمالاتها الى المجال الخاص من حياة الافراد او المجموعات وهو مجال المقدس ومجال الممارسة الروحية والعقائدية ولذلك فان كلمة سكلار\ secular عادة ما تستعمل للدلالة على المعنى المقابل للمعنى الذي تدل عليه كلمة روليجيون/ Religion.
ثانيا الدلالة المعجمية للفظ الدين:
يعتبر المعجميون العرب [6] ان كلمة الدين تستعمل للدلالة على كل ما هو غائب وذو اجل. كما ان لفظ الدين من الالفاظ الدالة على المعاني المتقابلة ومن الممكن عند التمحيص واحصاء الاستعمالات المشروحة في المعاجم العربية ان نجمعها في الدلالات العشر التالية:
1 - الدين: الجزاء
2 - الدين: الحساب
3 - الدِّيْنُ: الذُّلُّ والانْقِيادُ ودانه دينا أي أذله واستعبده دان نفسه أي أذلها واستعبدها وقيل حاسبها ودان إذا ذل
4 - الدين: السلطان والملك والحكم السيرة والتدبير
5 - الدين: القهر والاكراه
6 - الدين: القضاء والشريعة
7 - الدين: الطاعة والتعبد
8 - الدين: العادة والشأن ودان إذا اعتاد خيرا أو شرا
9 - دان: الرجل إذا عز
10 - الدين: المعصية
عند تفحص الاستعمالات المذكورة اعلاه للفظ الدين في اللغة العربية يمكن ان نلاحظ بسهولة ان جل هذه الاستعمالات مرتبط بمجال ممارسة السلطة والقهر والسيطرة وكذلك بمجال العادات او نظام الحياة والدولة. وقد بين المعجميون العرب ان لكلمة دين دلالات اصلية ودلالات تابعة او ثانوية، وهم يخلصون الى كون الدلالات التي تحيل على معاني الحساب والجزاء هي الدلالات الاصلية التي تشير اليها كلمة دين والتي تستعمل للاحالة على معانيها.
دين ورلجيون:
تبعا للشرح السابق يمكن للملاحظ ان ينتبه بسهولة الى النتائج التالية:
بينما تدل كلمة رولجيون على معاني العقيدة والاعتقاد وعلى مجال المقدس فان المجال التداولي لكلمة الدين يبدو خارجا كليا عن المجال التداولي لكلمة رولجيون. على ان هذه الملاحظة الاولية لا تنفي وجود استعمالات مرتبطة بمجال الاعتقاد لكلمة الدين في اللغة العربية وان لم تكن استعمالات اصلية. وهذا لا ينفي صحة النتيجة الاولية التالية وهو انه بينما تنتمي كلمة رولجيون الى مجال المقدس والروحي اساسا فان كلمة الدين تنتمي الى مجال الدنيوي او اذا استعمالنا الاصطلاح الغربي الى مجال السوكلار.
كلمة الدين في القران:
(يُتْبَعُ)
(/)
احتاج هذا البحث القصير الى العودة الى عدد واسع من كتب التفسير من اجل استخراج الدلالات الممكنة لكلمة الدين بحسب الاستعمال القراني ولكن تجدر الاشارة هنا وتاييدا للخلاصة التي انتهى اليها الامام العلامة الطاهر بن عاشور في التحرير الى ان الكثير من هذه التفاسير عالة على غيره [7] معول الاحق منها على الذي سبقه في اكثر الحلالات. وستحيل هذه العجالة الى التفاسير التالية:
مفاتيح الغيب المعروف بالتفسير الكبير للفخر الرازي [8]
المحرر الوجيز لابن عطية [9]
وتفسير التحرير والتنوير للامام الطاهر بن عاشور [10]
اذا استثنينا الاية فان المفسرين لم يعتنوا بشرح كلمة الدين او البحث عن دلالاتها وهم في ذلك يعتبرون ان الكلمة تدل اساسا على معنى الحساب والجزاء ويمكن تفسير هذه المقاربة بطبيعة اهتمام المفسرين ونوعية التحديات الفكرية والاسئلة التي تعترضهم في المراحل التاريخية التي كتبوا فيها تفاسيرهم، زد على ذلك نوعية الجمهور الموجه اليه النص التفسيري ومدى حاجته الى الكشف عن دلالاة الالفاظ بعينها دون غيرها او التعمق في تعداد دلالات تلك الالفاظ او المقاطع النصية هذا بالاظافة الى نوعية اهتمام المفسرين وعنايته بمواضيع دون غيرها ما يدفعه الى الايجاز في مجال والتوسع في غيره. ويبدو ان الاهتمام بشرح كلمة الدين والكشف عن دلالتها بحسب الاستعمال القراني لم تكن مقلقة للمفسرين السابقين او لم تكن المعاني التي تحيل اليها موضوع تساؤل وخصومة او مناظرة وجدل ما يفسر قصر ربطها بدلالتها الاصلية اي الحساب والجزاء، مع اعتبار ان السياقات المتعددة التي وردت فيها هذه الكلمة محيلة على نفس الدلالة.
على ان التمعن في الاستعمال القراني لهذه الكلمة يمكن ان يحيلنا على عدد من الاستعمالات الاخرى غير الاستعمالين الاصليين ويمكن حصرها في الاستعمالات المعروضة في الجدول ادناه وقد شرحنا هذه الاستعمالات بحسب السياق الذي وردت فيه الكلمة مع التاكيد على ان المعاني المشار اليها هي المعاني الغالبة وليست كل المعاني التي يمكن ان تشير اليها كلمة الدين في السياقات المذكورة بحيث لا يجوز ان نلغي دلالات ثانوية لهذا الاستعمال وان كانت ضعيفة:
الدين الحساب والجزاء:
يتفق كل المفسرين على كون دلالة كلمة الدين في الاية الرابعة من سورة الفاتحة "مالك يوم الدين" تدل على معنى الحساب والجزاء.
الدين الاعتقاد:
من الاستعمالات التي استخدمت للدلالة على الاعتقاد والتي يختص بها النص القراني هي استعمال كلمة الدين للدلالة على الاعتقاد ويعتبر الفخر الرازي ان الاية33 من سورة التوبة: "هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون"
وقد شرح الرازي كلمة الدين في هذا السياق بمعنى الاعتقاد اذ قيل بان الرجل يدين بكذا وكذا أي انه يعتقده [11]
الدين الطاعة:
يقول الرازي في شرحه للاية 19 من سورة آل عمران: "ان الدين عند الله الاسلام"
"أصل الدين في اللغة الجزاء، ثم الطاعة تسمى ديناً لأنها سبب الجزاء،" [12]
الدين التشريع:
يقول الرازي في تفسيرخ للاية 83 من سورة آل عمران:
اعلم أنه تعالى لما بيّن في الآية الأولى أن الإيمان بمحمد عليه الصلاة والسلام شرع شرعه الله وأوجبه على جميع من مضى من الأنبياء والأمم لزم أن كل من كره ذلك فإنه يكون طالباً ديناً غير دين الله فلهذا قال بعده "أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ" [13]
ويمكن ان نفهم من كلام الرازي ان دلالة الدين على الاعتقاد في هذا السياق جاءت تبعا لكونها من التكليفات الشرعية وقد وقع الحاق معنى الاعتقاد بلكمة الدين ضمن السياق القراني لكثرة تشديد النص القراني على هذا الامر بحيث اصبح الدين بما هو تشريع وتكليف ونظام وحساب وجزاء مرتبط بشكل حيوي بهذا الامر الاعتقادي. على ان المرء لا يجب ان يغفل عن كون الدين بما هو اعتقاد ليس تكليف تشريعي بمعنى انه من امور العبادات التي تتعلق بها محاسبة اخروية وليس متعلق به حساب او حد دنيوي مثلما هو الشان للاوامر المتعلقة بمسائل الكعاملات واذا ما استعمالنا لفظ ابن عاشور فانه امر متعلق بامور الديانة غير مرتط باحكام الشريعة. ويفسر ابن عاشور هذا الامر بقوله
(يُتْبَعُ)
(/)
"والدين: حقيقته في الاصل الجزاء، ثم صار حقيقة عرفية يطلق على مجموع عقائد وأعمال يلقنها رسول من عند الله ويعد العاملين بها بالنعم والمعرضين بالعقاب. ثم اطلق على ما يشبه ذلك مما يضعه زعماء الناس من تلقاء عقله فتلتزمه طائفة من الناس. وسمي الدين لانه يترقب منه متبعه الجزاء عاجلا او آجلا. فما من اهل دين الا وهم يترقبون جزاء من رب ذلك الدين ... وقد عرف العلماء الدين الصحيح بانه "وضع الهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود الى الخير باطنا وظاهرا" [14]
الدين الملة:
بينما يتفق ابن عطية مع بقية المفسرين في كون لفظ الدين يدل على الجزاء الا انه يظيف ان الدين كما يدل على الجزاء فانه كذلك ييتعمل ليدل على الملة. ولفظ الملة له استعمالات مترادفة مع استعمالات لفظ الشريعة [15] والدين على ان الفرق بين الملة والدين يكمن في كون الملة هي الاسم الذي يستعمل لوصف الشريعة بينما يستعمل الدين لوصف حال الافراد المتبعين لتلك الملة والشريعة. يقول صاحب تاج العروس:
المِلَّةُ بالكسْرِ الشريعَةُ أَو الدِّينُ كمِلَّةِ الإسلامِ والنَّصرانِيَّةِ واليَهودِيَّةِ وقيل هي مُعظَمُ الدِّينِ وجُملَةُ ما يجيءُ به الرُّسُلُ ... والفرقُ بينَها وبينَ الدِّينِ إنَّ المِلَّةَ لا تُضافُ إلاّ للنَّبِيِّ الذي تستنِدُ إليه ولا تكادُ توجَدُ مُضافَةً إلاّ إلى الله تعالى ولا إلى آحادِ الأُمَّةِ ولا تَستعمَلُ إلاّ في جُملَةِ الشَّرائعِ دونَ آحادِها." [16]
يجلب التفريق بين كلمة الدين والملة احد السمات المهمة في دلالة لفظ الدين وهي الطابع الفردي للفظ الدين مقابل الطابع الجماعي للفظ الملة ومهم التنبيه هنا الاشتراك بين لفظ رولجيون ولفظ ملة في هذه السمة اذ تطلق كلمة رولجيون على المجموعة العقائدية بشكل يشابه استعمال لفظ الملة بينما لا ينطبق هذا على لفظ الدين الذي يغلب عليه الطابع الفردي ولعل هذا راجع الى السمة التشريعية لهذا اللفظ وهي سمة تسند الاعمال الى الفاعلين المتسببن بها لا الى المجموعات على اختلاف اعمالهم.
الدين كدين:
هناك العديد من السياقات الواردة في القران يصعب فيها ترجمة كلمة الدين الى كلمة بديلة او تعويضها بكلمة تحمل دلالة مشتركة. ولذلك فان فهمها وادراك استعمالها يكون من خلال مجموع الدلالات المذكورة اعلاه لا واحدة منها
عادات القران في استعماله لكلمة الدين:
يعتبر الامار الفخر الرازي من اول علماء المسلمين الذين انتبهوا او نبهوا الى وجود عادات للقران والقصد بهذه العادات هي عاداته في الخطاب وقد نبه الامام الطاهر بن عاشور في مقدماته للتحرير والتنوير على وجود هذه العادات. ويمكن من خلال العرض السابق الانتباه الى الاستعمالات الجديدة الخاصة بالنص القراني في استعماله لكلمة الدين. ومهم الاشارة الى الحاجة الى معرفة عادات المتحدث في الحديث من اجل ادراك افضل لمعانيه التي ريد التدليل عليها ومقاصده من الكلام. وذلك انه كما ان لكل مجموعة بشرية عادات في استعمال الاصوات والاشكال للتعبير عن معاني ومقاصد فان للافراد داخل تلك المجموعات عادات لا تخالف الاطار العام ولكنها خاصة بالمتحدث او بالفئة او حتى بالمهنة والصنعة التي ينتمي اليها المتحدث ومعرفة عادات المتحدث مهمة للتواصل معه ولفهم خطابه كما ان مراعات المخاطب عادات الجمهور المستمع مهمة كي يكون قادرا على التبليغ. ولا يخرج النص القراني عموما عن هذه الالية وهو في استعماله لكلمة الدين له عادات يمكن استخراجها استنباطا.
وقد سبق ان بين الامام بن عاشور ان الانسب في فهم النص القراني هو استخراج كل المعاني الممكنة التي يمكن ان عليها عليها النص ما احتملتها قواعد اللغة العربية واساليبها ويبدو ان كلمة الدين بما تتمز به من قدرة على الاشارة الى عدد واسع من المعاني لفظ مناسب ومستجيب لحاجة النص القراني في الاشارة الى المعاني التي يقصدها من خطابه. بالاظافة الى ذلك فان لفظ الدين مكن النص القراني من ادخال استعمالات جديدة لم تنكرها اللغة العربية ولم تعجدم على مستعمليها.
ومن امثلة تلك العادات في القران انه كلما استعمل النص القراني كلمة الدين دالة على الطاعة والولاء استعمل معها وصفا لازما وهو الاخلاص فيقول "مخلصين له الدين"
اسئلة اولية:
الدين\رلجيون و السياسة:
(يُتْبَعُ)
(/)
تبين من العرض الذي بسط في هذا البحث السريع ان هناك فرق كبير في المجال الدلالي الذي يستعمل فيه كل من لفظ الدين ولفظ رولجيون وقد بينا ان اقرب لفظ عربي لكلمة رولجيون هو لفظ الملة ويمكن في هذا السياق اظافة لفظ ىخر مثل النحلة ولكن وفي اغلب الحالات فانه من الظلم للكلمتين دين ورلجيون ان يتم ترجمة الواحد منهما بالاخر وهذا يعود الى الاختلافات العديدة في الاستعمال والدلالة الموجودة بين اللفظين ومن ذلك مثلا:
ان لفظ رلجيون يدل على تقسيم للوجود بين وجود زمني ومادي او بحسب التعبير الاتيني سكلار secular وبين وجود روحي مطلق ومقدس وهو الوجود الذي يعبر عن المجال الدلالي لكلمة رولجيون. مقابل هذا فان لفظ الدين يكسي طابعا دنيويا تشريعا على ما هو روحي ومقدس كما يكسي الدنيوي والتشريعي طابعا روحيا. وهو في نفس الوقت الذي يقدس فيه الدنيوي يكسي به الروحي والمقدس طابعا دنيويان يحتفظ على نوع من الاستقلالية القانونية لكل منهما. وذلك من خلال ما استببطه الفقاء المسلمين عندما يتحدثون عن حقوق الله وحقوق العباد. فحقوق العباد مرتبط بافراد المجتمع بينما حقوق الله مرتبطة بحقوق المجموعة وان امكن للافراد التخلي عن حقهم القانوني في حال اللاعتداء فانه ليس لاحد سلطة ولا مشروعية للتخلي عن حق المجموعة بما انها من حقوق الله وليس لاحد الحق بالتكلم عن الله سوى الله في ما اعلنه في نصه القراني. وهذا المعنى يشرح الميزة الاساسية لكلمة الدين بما هو منظومة قانونية متسمة بسلطة اخلاقية قائمة على الاعتقاد.
وتفسر قدسية الدنيوي والزمني مفهوم الحساب والعقاب في اليوم الاخر فالمسلم يدرك ان لكل اعماله واحواله قيمة جزائية وانه بالتالي مسؤول ومحاسب على تلك الاحوال والاعمال ولهذا فان كل مكلف ينتمي الى ملة الاسلام مسؤول كفرد ومحاسب على حال دينه.
ولذلك فانه ان امكن الحديث عن فصل بين الزمني والمقدس عندما يتعلق الامر بالحديث عن المجال الدلالي لكلمة رولجيون فان هذا الامر لا يصح عندما يكون الامر متعلقا بالمجال الدلاللي لكلمة الدين. وذلك ان الاساس اللغوي لدلالة هذه الكلمة مرتبطة بالسلطة والقدرة على الحساب والمحاسبة.
في علاقة المسلم بغير المسلم:
من الافهام الشائعة بين فئة من المسلمين فهم للقران مفاده ان من اسباب وتعليللات جواز القتل والقتال عقيدة الطرف المقاتل والمقتول وذلك ان هذه الفئة ترى ان عدم اسلام المرء سبب كاف لجواز قتله واباحة دمه. ويثير هذا الفهم الكثير من الجدل بين المسلمين وبين المسلمين وغير المسلمين.
وانه وان اتفق انه النص القراني قد خاطب الانسان وكلفته بالايمان بالله وعدم الشرك به فان مجال الاختلاف يكمن في القيمة الجزائية المرتبطة بالالتزام بهذا الامر او بمخالفته.
وذلك انه لو فهم المسلمون طوال القرون التي حكموا فيها العالم او كانوا اهم قوة دولية فيه بان القران يامرهم بقتل ومقاتل الناس لانهم غير مسلمين لما استقر في ديار المسلمين اليهود والنصارى وعبدة الاوثان ولما توقف قتال المسلمين مع غير المسلمين الا لعجزهم المسلمين عن القتال وهذا لم يقع. زد على ذلك فان التفسير الذي شرحناه لكلمة الدين بين ان الكلمة غير مرتبطة بالعقيدة الا بما هي جزء من التكليفات الشرعية ومعلوم ان جزاء الكفر بالله او الشرك به لا حد شرعي له في القران بل عقابه وجزاؤه اخروي كما انه من حقوق الله وليس من حقوق العباد.
على ان من المصاعب في الفهم او مما يشوش عليه بعض السياقات الدلاللية التي وردت فيها كلمة الدين من مثل قوله تعالى في سورة البقرة الاية 193: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله، فان انتهوا فلا عدوان الا على الظالمين"
وذلك ان الكثير من المفسرين فسروا الفتنة بالشرك ومن ذلك الفخر الرازي فجعلوا الشرك سببا للقتال بينما ذهبوا أخرون الى تفسير الفتنة المعللة والمجيزة للقتال بالاستبداد والاكراخ الذي كان يتعرض له مسلموا قريش على يد مشركي وجعلوا الانتهاء انتهاء عن الفتنة. والحقيقة انه وان ذعي المفسرون الى الخيار الاول فان الممارسة الفقهية على ارض الواقع لم تبرر ذلك الفهم اذ لم يقاتل المسلمون المشركين في ديارهم وهذا ما يرحج الفهم الثاني للنص القراني والذي يبرر القتال من رفع القيود على حرية الاعتقاد ومن اجل توفير اجواء
(يُتْبَعُ)
(/)
يتحرر فيها الانسان من اسباب الفتنة فيكون الدين لله بمعنى انه لا توجد سلطة بشرية بكره اي مخلوق لا في مجال العقيدة فقط بل في كل المجالات وذلك ان القتال شرع في هذه الاية من اجل نفي جنس الفتنة لا نوع من انواعها فقال فتنة بالمفرد ونفي الجزء يعني نفي الجنس.
وفي هذا الاطار يمكن فهم ذهاب الاصوليين المسلمين الى وضع حفظ الدين المقصد الاول من الضروريات الخمس التي يسعى الاسلام للحفاظ عليها وتحسين حاله ومنع ما يفسدها. يقول الامام الشاطبي ان من حفظ الشيء منع ما يؤدي الى فساده والفتنة بما هي اكراه وظلم تمنع حسن الاعتقاد والى الشرك وذلك ان الذي يكره الناس يطلب لنفسه سلطة يختص بها الله اي سلطانه على قلوب الناس. وذلك ان الله قد اختص نفسه بسلطة الرزق بما هو الماكل والمشرب والصحة وسلطته على قلوب الناس بما هي تالفهم او تنافرهم اهتداؤهم وظلالتهم. ولذلك فقد خاطب رسوله معاتبا ومنبها اذ قال له "افانت تكره الناس ان يكونوا مؤنين" الى غير ذلك من الايات المؤكدة على انفراد سلطة الله على موضوع الايمان والكفر وفي هذا الاطار يصبح الضن بالتكليف بالقتال من اجل حمل الناس على الايمان او بسبب عدم ايمانهم تكليف بما لا يطاق وتناقض مع ما صرح به المشرع في هذا المجال.
ولذلك فان القول ويكون الدين لله تعني ان لا يكون هناك سلطة قاهرة للناس مكرخة لهم تفتنهم وان تتوفر لهماجواء من الحريوة والاختيار تجعلهم في مستوى التكليف وتمكن الله من محاسبتهم على اساس تلك الحرية مع ان القران اكد ان موضع القلوب لا سلطان عليه سوى صاحبه ولذلك لم يعذر الكافر بكفر بسبب الفتنة وعذر الناس في اعمالهم الاخرى بسبب الاكراه.
يقول الامام الطاهر بن عاشور في سياق تفسيره للاية 256 من سورة البقرة: "لا اكراه في الدين" ان الاكراه المنفي هنا عن الدين ليس فقط الاكراه في مجال العقيدة بل القصد نفي الاكراه في الشريعة اذ يقول:
"والدين تقدم بيانه عند قولنا ملك يوم الدين، وهو هنا مراد به الشرع ... والمراد نفي الاكراه في حكم الاسلام، اي ان تكرهوا احدا على اتباع الاسلام قسرا، وجيء بنفي الجنس لقصد العموم نصا. وهي دليل على ابطال الاكراه على الدين بسائر انواعه، لان امر الايمان يجري على الاستدلال، والتمكين من النظر، وبالاختيار ... لما تم ذلك كله أبطل الله القتال على الدين وأبقى القتال على توسيع سلطانه، ولذلك قال (سورة التوبة 29) "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرومون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون" وعلى هذا تكون الاية ناسخة لما تقدم من ايات القتال مثل قوله "يا ايها النبيء جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم" [17]
الخاتمة:
حاولت هذه العجالة ان تشرح السياق الادلاي الذي يقع ضمنه استعمال كلمة الدين بحسب الاستعمال القراني وقد تم ذلك من خلال عرض المجال الدلالي للكلمة بحسب الاستعمال المعجمي ثم من خلال احصاء وتصنيف الاستعمالات القرانية للكلمة. كما تم مقارنة المجال الدلالي لكلمة الدين مع المجال الدلالي لكلمة رولجيون من اجل كشف المشترك بينهما وما يفرقهما. وخلص البحث الى ان هناك فرقا شاسعا في الاستعمال بين كلمة الدين وكلمة رولجيون بحيث لا يصح ترجمة الواحدة منهما الى الاخرى ولا استعمال الواحدة منهما بحسب مفهوم الاخر. وبين البحث ان اقرب كلمة لكلمة رولجيون في اللغة العربية هي كلمة ملة. بينما تختص كلمة الدين بمجالها الدلالي الواسع والمرتبط اسا بمعنى الحساب والمحاسبة والطاعة والمعصية اي مجالات السلطة والتشريع بينما تختص كلمة رولجيون بالمجال الروحي والتعبدي والمقدس.
وتبعا لذلك فانه يمكن لنا نقول مطمئنين ان استعمال المجال الدلالي لكلمة رولجيون وكل ما يتعلق بها من اشكاليات فكرية وسياسية يرهق كلمة دين ويشكل فهمها ويدخل عليها وعلى سياقها الدلالي والنص الذي يستعملها مجموعة من الاشكاليات الخاطئة والمبنية على سوء الفهم وخلل في التواصل مع النص. ومن ذلك الاشكاليات المتعلقة بعلاقة الدين بالدولة او الدين بالسياسة بينما المنقصود علاقة المجال العقائدي والروحي مثلا بالسياسة او علاقة المقدس بالسياسية بما هي المعاني التي تشير اليها كلمة رلجيون ولا تقصدها كلمة الدين بالدلالة
(يُتْبَعُ)
(/)
ابتداءا. وكذلك موضوع حرية المعتقد ومداها في سياق سياسي محكوم بدين الاسلام.
لقد حاول هذا البحث القصير الاقتراب من هذا الموضوع الشائك من خلال بعده اللساني وقد تبين ان جانبا كبير من الاشكال راجع لنزوح المجال الدلالي لكلمة رولجيون واحتلاله المجال الدلالي لكلمة دين بحيث اصبح الواحد يستعمل كلمة دين قاصدا بها رولجيون وهذا عندما نوسعه على النص القراني نقع في كثير من الاشكاليات يعاني منها من يتبنى الاسلام ومنظوره ومن يختلف مع الاسلام بحيث اصبح الامر اشبه بعملية تمسيح للدين الاسلامي من كلا الطرفين المتجادلين.
هوامش البحث
[1] " Religion" A Dictionary of the Bible. W. R. F. Browning. Oxford University Press, 1997. Oxford Reference Online. Oxford University Press. School of Oriental and African Studies. 24 December 2006 <http://www.oxfordreference.com/views/ENTRY.html?subview=Main&entry=t94.e1606>
[2] Sophie Laws "Religion" The Oxford Companion to the Bible. Bruce M. Metzger and Michael D. Coogan, eds. Oxford University Press Inc. 1993. Oxford Reference Online. Oxford University Press. School of Oriental and African Studies. 24 December 2006 <http://www.oxfordreference.com/views/ENTRY.html?subview=Main&entry=t120.e0621>
[3] ibid
[4] "religion" The Concise Oxford Dictionary of English Etymology. Ed. T. F. Hoad. Oxford University Press, 1996. Oxford Reference Online. Oxford University Press. School of Oriental and African Studies. 24 December 2006 <http://www.oxfordreference.com/views/ENTRY.html?subview=Main&entry=t27.e12672>
[5] "religion noun" The Oxford Paperback Thesaurus. Ed. Maurice Waite. Oxford University Press, 2006. Oxford Reference Online. Oxford University Press. School of Oriental and African Studies. 24 December 2006 <http://www.oxfordreference.com/views/ENTRY.html?subview=Main&entry=t24.e10656>
[6] لسان العرب، تأليف: محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، دار النشر: دار صادر - بيروت، الطبعة: الأولى
المعجم الوسيط (1+2)، تأليف: إبراهيم مصطفى / أحمد الزيات / حامد عبد القادر / محمد النجار، دار النشر: دار الدعوة، تحقيق: مجمع اللغة العربية
تاج العروس من جواهر القاموس، تأليف: محمد مرتضى الحسيني الزبيدي، دار النشر: دار الهداية، تحقيق: مجموعة من المحققين
أساس البلاغة، تأليف: أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري، دار النشر: دار الفكر - 1399هـ 1979م
تاج العروس من جواهر القاموس، تأليف: محمد مرتضى الحسيني الزبيدي، دار النشر: دار الهداية، تحقيق: مجموعة من المحققين
[7] تفسير التحرير والتنوير، الامام محمد الطاهر بن عاشور، دار سحنون ج1 ص
[8] التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، تأليف: فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1421هـ - 2000م، الطبعة: الأولى
[9] المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، تأليف: أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي، دار النشر: دار الكتب العلمية - لبنان - 1413هـ- 1993م، الطبعة: الاولى، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي محمد
[10] تفسير التحرير والتنوير، الامام محمد الطاهر بن عاشور، دار سحنون
[11] التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، تأليف: فخر الدين محمد بن عمر التميمي الرازي الشافعي، دار النشر: دار الكتب العلمية - بيروت - 1421هـ - 2000م، الطبعة: الأولى
[12] نفس المصدر ج 7 ص181
[13] نفس المصدر
[14] ابن عاشور ج 3 ص 133
[15] تاج العروس ج ص 421, المفردات في غريب القران, دستور العلماء ج3 ص 228,الفرق ج 1 ص242
[16] تاج العروس ص421
[17] بن عاشور التحرير والتنوير ج3 ص 25 - 26
ـ[مصدق مجيد]ــــــــ[10 Nov 2010, 05:19 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أخوكم في الله مصدق , طالب في جامع الإسلامية بماليزية, في الدكتوراه
هل أن أجد عنوان البريد الالكتروني لصاحب هذه المقالة
شكرا وجزاكم الله خيرا
أخوكم المنتظر ردكم
مصدق مجيد من كشمير المحتلة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Nov 2010, 05:50 م]ـ
هذا بريد الأخ أحمد
gaaloul@aqlamonline.com
وجدته معلناً في موقع المجلة ضمن هيئة التحرير.
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[10 Nov 2010, 06:29 م]ـ
حبذا لو كان العنوان (دلالات كلمة الدين في القرآن) لإزالة اللبس بين معنى الدين العام وهو المنهج أو الطريق. وبين دلالة الكلمة ومعناها. فالقاريء للعنوان من أول وهلة يظن أن الكاتب أراد الدين كمنهج في القرآن وليس ككلمة دلالية. وفي ذلك لبس واضح. لأن القرآن كله دين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[10 Nov 2010, 10:57 م]ـ
لدي عنوانه الإلكتروني الخاص، وهو غير الذي وضعه د. الشهري.
وسأرسله إليك بعد حين.
محمد
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[11 Nov 2010, 06:41 ص]ـ
تحية الى الأخ الحبيب محمد بن جماعة. حينما نظرت الى اقامتك في كندا تذكرت أيامي هناك وخاصة في الجنوب وبالتحديد في تورونتو- مدينة وينزور الحدودية مع أمريكا. لقد أصبت بقشعريرة البرد من بعيد. أعانك الله على برد الشتاء القارص هناك والذي يزداد برودة كلما توغلت في الشمال. وأعادك أخي الحبيب الى بلدك سالماً معافىً.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[11 Nov 2010, 10:29 م]ـ
حياك الله أخي (تيسير الغول) .. وشكرا على هذه اللفتة الكريمة في بداية موسم البرد ..
أما عن بلدي، فكندا هي بلدي ووطني، وأرجو الحياة فيها سالما معافى:)(/)
من عجائب سورة الإخلاص
ـ[ Amara] ــــــــ[03 Feb 2009, 01:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
- سورة الإخلاص هي السورة التي تحتوي كسرة وحيدة
- الكسرة الوحيدة في سورة الإخلاص تقسم السورة إلى نصفين بحيث يكون عن يمين الحرف المخفوظ 23 حرفا و عن شماله 23 حرفا
- العجيب أن 23 يمثل عدد الكروموزومات عند الإنسان التي هي 23 زوجا متوافقه كلها إلا زوجا واحدا غير متوافق يقول العلماء أنه المحدد للجنس و بحسبك أن تنظر كلمة يلد التي هي الكلمة التي تجمع كل الحروف لماذا كانت هذه الكلمة ..
العلماء كما قلنا يقولون إن الكروموزومات متوافقة كلها إلا الكروموزوم الرقم 23 المحدد للجنس .. و هدا كلام تنقصه الدقة لأن الكروموزومات الأخرى تحدد صفات الوليد الجديد من حيث لونه و طوله و ربما حركاته و طريقة مشيته و نبرة كلامه .. و لا يجوز ان تتوافق ابدا و هو ما تؤكده الآية فالحروف ال23 يمين الكسرة ليست هي الحروف ال23 شمال الكسرة ..
أتمنى من المختصين توضيح المسالة
عمارة سعد شندول
ـ[الباحث7]ــــــــ[03 Feb 2009, 02:13 م]ـ
كلام غير دقيق، وعلم غير مفيد
وما الفائدة من هذه الخواص؟!!
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[03 Feb 2009, 08:10 م]ـ
كلام غير دقيق، وعلم غير مفيد
وما الفائدة من هذه الخواص؟!!
بل دقيق ومفيد .. يا أخ 7
وأضيف عليه:
ومن عجائب الترتيب القرآني في سورة الإخلاص:
1 - كلمة " يلد " تتوسط كلمات السورة أيضا، 7 كلمات عن يمينها و 7 عن شمالها ..
قل /هو/الله/ أحد / الله /الصمد/ لم/ يلد / ولم / يولد / ولم / يكن/ له / كفوا / أحد
2 - إذا كتبنا تحت كل كلمة من كلمات الآية (لم يلد ولم يولد) عدد حروفها، فإن العدد الناتج لدينا هو: 4332. عدد من مضاعفات العدد 114 عدد سور القرآن الكريم، فهو يساوي 38 × 114.
ومن العجيب أن هذا العدد هو ما نحصل عليه أيضا إذا كتبنا تحت كل كلمة من كلمات عبارة الشهادة (لا إله إلا الله) عدد حروفها.
لا اله الا الله
4332: 38 × 114.
لكأن لغة الأرقام هنا تنطق بما تنطق به لغة الحروف.
لم يلد ولم يولد - لا اله الا الله.
3 - عدد آيات سورة الإخلاص هو 4. إذا اتخذنا منها موقعا لترتيب سور القرآن، سنجد انها فاصلة بين مجموعتين من السور:
السابقة لها ترتيبا ومجموع اعداد آياتها 6221، والتالية لها ومجموع آياتها 11.
الملاحظة هنا أن الفرق بين المجموعين هو 6210 (6221 - 11) عدد هو من مضاعفات العدد 23. (6210 = 270 × 23).
مع التحية للأخ الفاضل عمارة سعد شندول.
ـ[ Amara] ــــــــ[04 Feb 2009, 05:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا أود ان أشكر شكرا خاصا الأخ الفاضل عبد الله جلغوم الذي أحبه في الله و كنت أود أن التقية، و الحمد لله أن التقينا على الأقل على هذه الصفحات الزكيات، و اجتمعنا على هذه المائدة من موائد القرآن .. ثم إني أسأل الله أن يوفقني و يوفقك، أخي الفاضل، و جميع الباحثين، و المشتركين في هذا الملتقى، كي نحفظ كتابه و نخدم دينه ..
ثم أقول و بالله التوفيق ردا على أخي الباحث 7، إن من الناس القادح و الناصح، و الستير و الفاضح، و إن منهم من يقدحك و يستر عليك، و منهم من ينصحك و يتحدث بك، و إن شر الناس من قدحك و فضحك، و خيرهم من ستر عليك و نصحك .. و إني لك ناصح لا قادح، حافظ لا فاضح .. و إني أقول لك ما سمعت عن الإمام علي كرم الله وجهه أنه قال: ليس العيب أن تقول لا أعلم .. و لكن العيب أن تقول و أنت لا تعلم .. و إني أجدك تقول عما أوردت علما غير مفيد .. و لا أظنك تعلم عنه شيئا ..
و إنما نبهتك حبا فيك، أبذله لكل من يؤاخيني، و أنت بالإسلام قد آخيتني، و بهذا المجلس لاقيتني .. و أي فائدة للحب الذي جمعنا الله عليه إذا لم أبذل جهدي لنصحك، و تبذل جهدك في نصحي ..
و إني وددت لو أنك أمعنت النظر قبل أن تحكم علي .. أو سألت أصحاب الفن قبل أن تتكلم جزافا .. و ربما أحسنت حين سألت عن الفائدة من مثل كلامي .. و لو اكتفيت بالسؤال لكان أصوب .. و مع ذلك فإني أشكر لك تصويبك لي و لا أنكره .. فقد فتح قلبي و نور عقلي و انشرح له صدري ..
(يُتْبَعُ)
(/)
و لتعلم أن الحكم على مسألة لا تعلم سرها يكون ضربا من الجهل .. و ما الذي يفرقنا حينئذ عن الذي لم يصدق بكروية الأرض حين رآها منبسطة، و توهم أنها كصفحة الكتاب تنتهي بنا إلى السقوط ..
و إني سأتولى الرد على كلامك فإن وجدت صوابا فمن الله العون و إن وجدت خطأ فمن نفسي ومن الشيطان الزلل ..
فإنه معلوم عندنا أن النطفة تحتوي على 23 كروموزوما (صبغيا)، منها كروموسوم واحد لتحديد الجنس، وقد يكون ( Y) أو ( X) أما البييضة فالكروموسوم الجنسي فيها هو دائماً ( X)، فإن التحمت نطفة ( Y) مع البييضة ( X) فالبييضة الملقحة ( Zygote) ستكون ذكراً ( XY)، أما إذا التحمت نطفة ( X) مع البييضة ( X) فالجنين القادم سيكون أنثى ( XX)..
و يبدأ إنقسام البويضة الملقحة خلال ساعات من عملية الإخصاب.
بعد حوالي 5 ساعات على تكون البييضة الملقّحة -وهي الخلية الإنسانية الأولية الحاوية على 46 كروموسوما- تتقدر الصفات الوراثية التي ستسود في المخلوق الجديد، و المتأتية من لأبوين، و ربما حمل صفات من أجداد أجداده يورثها لمن بعده إن قدر الله له أن يكون له خلف ..
و لو عدنا إلى كلام الله تعالى في سورة الإخلاص لوجدت ذلك بينا .. يقول الله تعالى: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ .. لم يلد فتورث صفاته عنه و يشرك بها غيره و لم يولد فيرث صفات غيره فيشترك بها معه .. و هذا الأمر من الأهمية بمكان، لأنه لو كان يلد أو يولد لكان باستطاعتنا التحكم في صفاته على الأقل نظريا و ربما استطعنا في يوم ما زرعها في الإنسان .. بعد أن تمكن العلماء من زراعة بعض أعضاء الحيوانات في الإنسان .. مع العلم أن الصفات تنقسم إلى قسمين: الصفات الظاهرية و الصفات التكوينية .. و قد نجح العلماء في تغيير بعض الصفات الظاهرية كلون العينين و شكل الانف ... و ربما نجحوا بنسبة معينة أقل في تغيير بعض الصفات التكوينية كجنس الجنين .. و من الصعب جداً شرح هذا الموضوع بطريقة وافية, لأنه علم تخصصي دقيق جداً، و مع ذلك سأحاول أن اُعطيكم فكرة عامة عنه، استنادا لما قرأت عن الموضوع .. و قبل أن أشرح لكم ما علمت أود أن أعلمكم أن هذا العلم قديم و اسمه الهندسة الوراثية Genetic Engineering و لكن مع تطور الطرق التي من خلالها أمكن معرفة أماكن الجينات Genes في الصبغيات الوراثية Chromosomes في نواة الخلية بات من الممكن تغيير هذه التركيبة لتغيير مثلاً شكل الطفل أو أي كائن الحي المهم أن يمر بمرحلة الولادة، و هو الأمر الذي نفاه الله تعالى عن نفسه فهو الصمد الذي لم يلد و لم يولد.
ربما لم يخطر ببالك أن تسأل لماذا ربط الولادة بكونه الأحد الذي لا شريك له و بكونه لم يكن له كفوا أحد. أما الآن فقد أصبح لدينا فكرة على الأمر، و لن أقول هنا أن ما فهمت هو المقصود، فالله أعلم بكتابه، و لكنها دعوة للمسلمين أن يركبوا قطار البحث الذي مكث طويلا ينتظرنا، و كنا في كل مرة نقف لنقول أي فائدة من ذلك دعونا نأكل و نلعب و يلهينا الأمل .. كسل و أمل و ما شاء الله فعل؟ ..
لقد تأكد لدينا إذن أن الصبغات الوراثية (الكروموسومات) في نواة الخلية تحمل الصفات الوراثية من الأبوين إلى الأطفال عن طريق الجينات فيها, كل جين أو عدة منها مسؤول عن صفة وراثية أو عضو مُعين أو عمله و هكذا .. و قد أمكن للباحثين معرفة أماكن و عمل هذه الجينات (و هو ما يُسمى بالخريطة الجينية "الوراثية" Genetic Map) و ذلك بتحليل حمض الدي أن أي DNA الذي هو الوحدة التركيبية للكروموسومات .. و التالي نستطيع أن نُغيرها لتُعطي الصفة المطلوبة أو نُعطل الجين المسؤول عن مرض مُعين.
بإختصار, بالقيام بتحليل الحمض النووي عرف الباحثون الصفات الوراثية و مواقعها على خريطة الدي أن أي DNA Mapping و عرفوا أين يقع الجين الذي يُعطي الطفل لون الشعر الأشقر أو الأسود أو لون العينين أو الهيكل، و التالي يُمكننا أن نغير هذه الجينات إلى ما نُريد أن يكون عليه الطفل.
طبعاً, هذا العلم ما زال حديثاً و ربما اعتقد بعض الباحثين فيه أن البشر لن يستطيع أن يلعب كثيراً بهذه الجينات و هُناك العديد من المشاكل التي سوف تظهر عند تطبيقها كما حصل مع الاستنساخ. غير أن هذا الخط هو الخط الذي يأمل الطب، حاليا، أن يُعالج من خلاله الأمراض الوراثية Gene Therapy.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن قيل لماذا سبقت الإشارة بلَمْ يَلِدْ على لَمْ يُولَدْ .. قلنا، و الله أعلم بمراده، لما كان الكلام موجها إلى محمد صلى الله عليه و سلم، ثم إلى المؤمنين من بعده، بأن يلفظوا لفظة التوحيد وجوبا .. كان أن نبههم إلى أصلهم الذي هو أبونا آدم .. و نحن ذريته فقال لَمْ يَلِدْ ..
و يعتقد أصحاب العلم بالبيولوجيا، على الأقل نظريا، أننا نحمل ميتوكوندريا أمنا حواء كما هي من دون تغيير، لأنها لا تدخل في عملية التلاقح حين الحمل، فإذا علم أن أمنا حواء قد حملت هذه الجينات من أبينا آدم فإننا نحمل نفس الجينات لأبينا آدم من دون تغيير .. و هو ما يدلي إذن باشتراكنا مع من لم يولد الذي هو أبونا آدم في صفة من صفاته دون أن تتغير ..
و يمكن للمولود أن يحمل صفات تتنحى فلا تظهر عليه، بل ربما ظهرت في بعض أولاده أو أحفاده (مرحلة البرمجة الجنينية).
و بين هذه الأسطر تتأكد لنا عظمة الله و أنه تنزه عن كل شريك .. سبحانه .. و كل هذه الأسطر تصب في مصب واحد هو مصب أسرار الآية الكريمة: لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ.
و تستمر مرحلة الإلقاح و وصول البييضة الملقحة إلى الرحم حوالي 6 أيام، ويستمر انغراسها ونموها في جدار الرحم حتى اليوم 15 حيث تبدأ مرحلة العلقة.
يبدأ طور العلقة في اليوم 15 وينتهي في اليوم 23 أو 24 حيث يتكامل بالتدريج ليبدو الجنين على شكل الدودة العلقة التي تعيش في الماء، ويتعلق في جدار الرحم بحبل السرة، وتتكون الدماء داخل الأوعية الدموية على شكل جزر مغلقة تجعل الدم غير متحرك في الأوعية الدموية، معطية إياه مظهر الدم المتجمد.
وبالرغم من أن طبيعة الجسم البشريّ هي أن يطرد أيّ جسم خارجي فإن الرحم لا يرفض العلقة المنزرعة في جداره، على الرغم من أن نصف مكوناتها ومورثاتها هو من مصدر خارجي (الأب) وهذا مرده حسب بعض التفسيرات أن منطقة خلايا ( Syncitia) بالعلقة لا يوجد بها مولدات ضد ( Antigens) .
يجدر بنا أن نذكر هنا أن الشريط الأولي ( Primitive Streak) هو أول ما يُخلق في الجنين في اليوم 14 أو 15 ثم تظهر فيه العقدة الأولية ( Primitive Node) ومن هذا الشريط تتكون الخلايا الأم ( Stem cells) ومصادر الأنسجة الرئيسية ( Mesoderm, Ectoderm, Endoderm) التي سوف تشكل أعضاء وأنسجة الجسم المختلفة. وفي نهاية الأسبوع 3 يضمر الشريط الأولي ويتوضع ما يتبقى منه في المنطقة العجزية - العصعصية ( Sacrococcygeal region) بنهاية ذيل العمود الفقري مبقياً على بقايا للخلايا الأم في هذه المنطقة، حتى إن بعض أورام المنطقة العصعصية -تسمى الورم متعدد الأنسجة أو الورم العجائبي ( Teratroma)- يمكنها أن تحوي أنسجة مختلفة (عضلات، جلدا، غضروفا، عظما، وأحيانا أسنانا أيضا) بخلاف الأورام التي تنشأ في مناطق أخرى، والتي تكون على حساب نسيج واحد محدد.
هذه الخلايا الأم هي الخلايا التي تحمل الصفات التكوينية .. بحيث تنقسم و تتكاثر، ثم تشكل مجموعات تتكون منها الأعضاء و باقي أجزاء الجسم .. و هي بالتالي الخلايا المسؤولة عن الوظائف كالنطق و السمع و النظر و اللمس .. و هو سر أول ما نزل من القرآن .. يقول الله تعالى، في سورة العلق: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) و لا أظن أن من لا يعلم ما ذكرت سيفهم سر ربط القراءة بالخلق، ثم بخلق الإنسان خصوصا، ثم بمرحلة من مراحل خلقه التي هي العلق .. أما الآن و قد علمنا فلا يجب أن نقف مندهشين أمام وصف الله الرائع و المعجز بل لنجعل ذلك الأمر دافعا لنا نحو البحث في عمق هذه المسائل .. و الناظر هنا يرى كيف أن الله تعالى حدثنا هنا عن صفات التكوين و لم يحدثنا عن صفات المظهر و الصورة .. و ربما خص من صفات التكوين هنا و ظائف الحواس و معها النطق لأن القراءة تحتاج لهذه الوظائف .. و عن اشتغل الباحثون الآن بتغيير الأمور التافهة من لون العينين و طول الأنف و تغيير جنس المولود .. فأجدر بهم النظر فيما يفيد كمعرفة الجينات المسؤولة عن النطق و الفهم و السمع و البصر .. عل ذلك يقودنا إلى علاج الصمم و مثلا ..
و لك، أخي 7، أن تعود الآن لما قلت فعلك تجد من العجائب ما غاب عني .. أو من الخطإ في مقالي ما به تقويني في الحق و تقوم به عوجي ..
أما أنت أحي عبد الله فإني أسألك زيادة على ما أوردت من اللطائف .. و جزاك الله عني خيرا .. بها أستطيع شكرك و بغيرها لا أستطيع ..
و الله أسأل لي و لكم التوفيق
يغفر الله لي و لكم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عمارة سعد شندول
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[17 Feb 2009, 03:24 م]ـ
أخي عمارة سعد شندول ما جاء من قولك "الكسرة الوحيدة في سورة الإخلاص تقسم السورة إلى نصفين بحيث يكون عن يمين الحرف المخفوظ 23 حرفا و عن شماله 23 حرفا" ملاحظة جيدة لكن ربطها بعدد الكروموزومات أمر غريب ومستبعد
لكن من العجائب الثابتة التي نعرفها لسورة الإخلاص أنها تعدل ثلث القرآن؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه كما في رواية الإمام مسلم: (أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: (قل هو الله أحد، تعدل ثلث القرآن)
وقد فسر العلماء نحو ابن تيمية وغيره ذلك بالآتي:
1 - يقسم الكلام عموما من ناحية منطقية إلى قسمين:
أ - خبر "أي معلومة" ويوصف قائله بالصدق أو الكذب
ب - إنشاء "وهو الطلب ونحوه كالأمر والنهي وغيره" ولا يمكن وصف قائله بالصدق ولا الكذب
2 - القرآن أيضاً قسمان"خبر وإنشاء" ولكن لعظم "الخبر " ولإفراد ما يتعلق بالله عن ما يتعلق بالمخلوق تقسم الخبر القرآني إلى قسمين فصارت أقسام القرآن الكبرى ثلاثة؛ وهي:
أ - خبر عن الخالق "التوحيد"
ب - خبر عن المخلوق
ج- إنشاء أي:"أمر ونهي ونحو ذلك "
وسورة الإخلاص تشتمل على القسم الأول وهو أعظم الأقسام؛ لذلك صارت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن، وصار حبها يدخل الجنة لأنه حب لله وللتوحيد وللقرآن، وقد روى الترمذي عن أنس أن رجلا قال: يا رسول الله إني أحب هذه السورة (قل هو الله أحد) فقال: "إن حبك إياها يدخلك الجنة"
د. جمال الدين عبد العزيز شريف
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ Amara] ــــــــ[27 Feb 2009, 02:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الحبيب جمال الدين عبد العزيز شريف مما لا شك فيه أن في توازن الحروف عن يمين الكسرة و عن شمالها أمر عجيب و مما لا شك فيه أيضا أنه أمر مقصود من الله تعالى. و أنا أريدك أن تجيبني على هذا الاستفسار
إن القول بأن ربط الموضوع بعدد الكروموزومات أمر مستبعد، يجعلنا أمام السؤال
كيف لنا أن نفسر هذه اللطائف .. أم هي مجرد لطائف قد توجد في أي كتاب؟
و التالي أنها لم تكن بقصد من الله ..
أم أن أسرار مثل هذه اللطائف لا يمكننا علمها .. أو لا يجوز الخوض فيها و محاولة تفسيرها؟ ..
إن الكلام الذي ذكرته عن الإمام ابن تيمية كلام صحيح و لسنا نعارضه، و لا هو كلام يعارض ما ذهبنا إليه .. لأن كلامه يحاول تفسير الحديث النبوي بأن سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن، و هو من أين أخذته لا يتصل بكلامنا .. و معلوم عندنا أن السورة تعدل ثلث القرآن، لما ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم ..
أما ارتباط السورة بالعدد 23 فإن كنت تريد استبعاده فإنك لم تقم الدليل على ذلك .. و إن كنت تريد مجرد استغرابه أو إنكاره فلك ذلك غير أني أسألك .. كيف تفسر هذه اللطيفة؟
و لماذا ربط الله تعالى وحدانيته بالحديث على لم يلد و لم يولد؟
و لماذا ربط اقرأ في سورة العلق بمرحلة العلق و لم يقل مثلا خلق الانسان من نطفة أو من ماء أو مضغة و كل ذلك صحيح لو قاله تعالى، فلماذا اختار ذلك الربط؟
لا بد لذلك من تفسير .. و لابد لذلك التوازن من قصد و من أسرار ..
و لا بد لنا أيضا كقارئين للقرآن أن نتدبر آياته ..
الله أسأل لي و لكم التوفيق
يغفر الله لي و لكم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عمارة سعد شندول
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[27 Feb 2009, 03:41 م]ـ
أخي الفاضل عمارة:
وللعدد 23 حضور في:
1 - سنوات البعثة والرسالة هي: 23.
2 - مجموع أرقام ترتيب سور القرآن (1 + 2 + 3 .... + 114) = 6555 وهذا العدد يساوي 285 × 23.
3 - وقد تنبه الأخ الفاضل بسام جرار إلى أن كلمة عدد في سورة الجن (وعدد كلماتها 285) في الآية الأخيرة ( .... وأحصى كل شيء عددا) هي الكلمة رقم 285 في السورة ..
4 - ويلاحظ العدد 23 في العدد 6236 عدد آيات القرآن.
مع فائق الاحترام، وفقك الله
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[27 Feb 2009, 05:46 م]ـ
أخي عمارة سعد شندول أنا لست ضد الإعجاز العددي وما قصدت ببيان أن سورة الإخلاص ثلث القرآن أنه ليس هنالك من سر آخر وإنما أتيت به للفائدة فحسب ولم أقصد أن هنالك لطائف لا يمكنكم علمها والخوض فيها. وإنما قصدت بكلامي أنني قبلت نصف الفكرة ورفضت نصفها الآخر واستغربته فحسب. وسورة الإخلاص تناولت "التوحيد" ولم تتناول خلق الإنسان وكروموزوماته فإن كانت العلاقة عندك بـ"لم يلد ولم يولد" فهذا عندي بعيد جدا؛ إذ كان القصد أن الله ليس كمثله شيء فهو الواحد القهار الذي ليس له صاحبة ولا ولد ولم يولد وكلها عبارات نافية وكلمة "قل" تدل على أن هنالك سؤالا قد وقع وهذا السؤال أمر معروف في أسباب النزول وقد جاءت العبارة بالنفي لتنزه الله تعالى عن التصورات الخاطئة في أذهان البعض، وهذا كله يجعل الربط بين نفي الولادة "لا إثباتها " وبين الكروموزومات أمرا متعذرا وإن فهم من كلامي السابق خطأ بعض الأمور التي لم أردها كما هو اضح من كلامك فلا والله ما قصدته فأرجو قبول عذري
ـ[أمة الله بنت عبد الله]ــــــــ[05 Mar 2009, 07:15 ص]ـ
أحسب أن الربط بين مسألة العدد 23 والكروموزومات أمر لا دليل عليه بل هو من قبيل التكلف الذي لا ينبغي التوسع فيه وأحسبه أيضا تحميل للآيات أو السور القرآنية ما لم تحتمله وليس هناك نص قاطع يفصل في هذه المسألة جاء عن المعصوم صلى الله عليه وسلم فلنتكلم بما جاء الدليل عليه ولنترك التأويلات التي لا تزيد في إيمان المرء بل تجعل البعض يحدث عنده شئ من الحيرة
بارك الله فيكم
ـ[ Amara] ــــــــ[05 Mar 2009, 07:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
اخوتي الأفاضل، أخواتي الفضليات ..
(يُتْبَعُ)
(/)
إني ليغبطني من يصلحني بعلم .. و ينير أمامي الطريق .. و إني أفتح لكم ابواب قلبي على مصراعيها فلا يزعجكم سلط لساني أحيانا أن ترحموا قلبي بمعين علمكم .. لأنه كثيرا ما يضادد حديث القلب عندي صلف اللسان .. و كثيرا ما ظننت أني أحسن أدب المقال فأسيئه فلا يثنيكم دلك عن معالجتي فإني أتداوى متى وصفوا لي الدواء ..
و إني ضننت أنكم أنتم أهل الاختصاص من سيأتي بالنصوص القاطعة التي تؤيد ما مال إليه فكري أو يقطعه .. غير انكم لبثتم تحكمون علي كما لو أني حكمت على قولي باليقين و قد قلت أن الله اعلم بقصده .. فقلتم و ربما صدقتم أني حملت الآية ما لم تحتمله، و ربما تكونوا أخطأتم .. و نصحتموني و غيري ممن يحمل نفس اللواء أن نترك التأويلات التي لا تزيد في إيمان المرء .. بل تجعل البعض يحدث عنه شيء من الحيرة .. و جزاكم الله على نصحكم إياي كل خير و أوردكم الباردين يوم القيامة ..
غير أني أهيب بكم أن تتأملوا أسباب نزول السورة فلعلكم تفهمون مما أقول شيئا .. ففي مسند أحمد، وعند ابن أبي حاتم وابن جرير الطبري، وعند البغوي في (معجمه): أن المشركين اجتعموا فقالوا: يا محمد! انسب لنا ربك، نريد نسبته، أباه وجده، من أي عشيرة؟ من أي قبيلة؟ فتوقف - عليه الصلاة والسلام - ماذا يقول عليه الصلاة والسلام؟ وكيف يجيب عن هذا السؤال المبهم المدهش المحيِّر؟! سؤال من أناس سفهاء وجهلة وأغبياء وبلداء، فتوقف عليه الصلاة والسلام، فأنزل الله عز وجل كلاماً عن النسبة والنسب، وكلاماً عن التعريف: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:1 - 4]. يجيب به النبي من حضر و من سأل من بعده إلى يومنا. فالله تعالى لا ينسب و غيره ينسب، فافهم ترشد.
و قال قتادة والضحاك ومقاتل: جاء ناس من اليهود إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: صف لنا ربك، فإن الله أنزل نعته في التوراة، فأخبرنا من أيّ شيء هو؟ ومن أي جنس هو؟ من ذهب هو أم نحاس أم فضة؟ وهل يأكل ويشرب؟ وممن ورث الدنيا ومن يورثها؟ فأنزل الله تبارك وتعالى هذه السورة وهي نسبة الله خاصة.
أخبرنا أبو نصر أحمد بن إبراهيم المهرجاني، أخبرنا عبيد الله بن محمد الزاهد، أخبرنا أبو القاسم ابنُ بنت منيع، أخبرنا جدي أحمد بن منيع، أخبرنا أبو سعد الصغاني، أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبيّ بن كعب: أن المشركين قالوا لرسول الله صلي الله عليه وسلم انسب لنا ربك، فأنزل الله تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ) قال: فالصمد الذي (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله تعالى لا يموت ولا يورث، (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ) قال: لم يكن له شبيه ولا عدل و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).
أخبرنا أبو منصور البغدادي، أخبرنا أبو الحسن السراج، أخبرنا محمد بن عبد الله الحضرمي، أخبرنا سريج بن يونس، أخبرنا إسماعيل بن مجالد، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر قال: قالوا يا رسول الله، انسب لنا ربك، فنزلت: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) إلى آخرها.
فالبين هو أن السورة ارتبطت بسؤال اليهود عن نسبة الله تعالى و المعلوم هو أن الجواب وجه إلى المسلمين إقرارا و إلى غيرهم تبكيتا .. و هو لم يوجه لأهل دلك الزمن دوننا .. إد ما الدي يمنع أن يسأل السؤال من يعاصرنا فالله تعالى يؤكد له مم خلق و مم يحمل صفاته فإن نظر الانسان في نفسه علم صمدية الله و أيقن بوحدته تعالى لا إله إلا الله ..
لكم مني كل السلام
جزاكم الله عني كل خير
يغفر الله لي و لكم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عمارة سعد شندول
ـ[أمة الله بنت عبد الله]ــــــــ[05 Mar 2009, 10:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
اخوتي الأفاضل، أخواتي الفضليات ..
إني ليغبطني من يصلحني بعلم .. و ينير أمامي الطريق .. و إني أفتح لكم ابواب قلبي على مصراعيها فلا يزعجكم سلط لساني أحيانا أن ترحموا قلبي بمعين علمكم .. لأنه كثيرا ما يضادد حديث القلب عندي صلف اللسان .. و كثيرا ما ظننت أني أحسن أدب المقال فأسيئه فلا يثنيكم دلك عن معالجتي فإني أتداوى متى وصفوا لي الدواء ..
(يُتْبَعُ)
(/)
و إني ضننت أنكم أنتم أهل الاختصاص من سيأتي بالنصوص القاطعة التي تؤيد ما مال إليه فكري أو يقطعه .. غير انكم لبثتم تحكمون علي كما لو أني حكمت على قولي باليقين و قد قلت أن الله اعلم بقصده .. فقلتم و ربما صدقتم أني حملت الآية ما لم تحتمله، و ربما تكونوا أخطأتم .. و نصحتموني و غيري ممن يحمل نفس اللواء أن نترك التأويلات التي لا تزيد في إيمان المرء .. بل تجعل البعض يحدث عنه شيء من الحيرة .. و جزاكم الله على نصحكم إياي كل خير و أوردكم الباردين يوم القيامة ..
غير أني أهيب بكم أن تتأملوا أسباب نزول السورة فلعلكم تفهمون مما أقول شيئا ..
عمارة سعد شندول
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنار الله طريقك وطريقنا جميع المسلمين في الدنيا والاخرة بنور الايمان أخي الفاضل أو ربما أقول ابني
لي في مجال طلب العلم الشرعي المتعلق بالتفسير وعلومه (الدراسة الاكاديمية تعلُما وتدريسا للطالبات) بفضل من الله ونعمه ما يزيد على ثلاثين عاما ولكني ما قرأت في تفسير هذه السورة علاقة العدد بالكروموسومات ولذا جاء تعليقي وأبراء إلي الله من أسفه رأيا له دليل ورد عن طريق صحيح ولذا فمن منطلق قراءاتي القاصرة ومعرفتي المحدودة والمحدودة جدا جاء ردي
ومن جهة التفسير فلا ينبغي أن يكون من قبيل الرأي المحض بل لابد للقول في تفسير القرآن من الرجوع إلى القرآن نفسه فإن لم نجد فنرجع إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة فإن لم نجد فنرجع إلى أقوال الصحابة رضي الله عنهم الذين عاصروا التنزيل على ان تكون نقلت لنا نقلا صحيحا فإن لم نجد فكثير من المفسيرين المهتمين بالمأثور يعد الرجوع إلى التابعين بعد الصحابة أمرا مهما وقبل أن نرجع إلى أهل اللغة ثم نرجع بعد ذلك إلى أهل اللغة بشرط أن تكون المعاني لا تتعارض وسياق الجملة القرآنية المراد تفسيرها
وقد ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث أن من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ
ولعل الانسان الذي يجتهد رأيه دون الرجوع إلى ما قاله المفسرين من أعظم الخطأ لانه ربما تحدث عن حكم آية وعمل به أو أفتي به وهولا يعلم أنها منسوخة أو مقيدة أو غير ذلك
وإلا لو قال قائل ما تفسير (الضلال) لقيل له أنه ضد الهُدى
فهل يفسر به قول الحق سبحانه وتعالى في حق رسول الله (ووجدك ضالا فهدي)
وقوله تعالى على لسان اخوة يوسف ليعقوب عليهما جميعا وعلى نبينا السلام (تالله إنك لفي ضلالك القديم)
وأيضا اذا قلت ما معني (أمة) لقيل إنها الجماعة من الناس
فهل تفسر قوله تعالى (وادكر بعد أمة) في سورة يوسف بذلك
وفي قوله في حق خليل الرحمن (إن إبراهيم كان أمة) هل تفسر به
وقول المشركين الذين حكي الله مقولتهم في القرآن (إنا وجدنا آباءنا على أمة)
فلا بد من دراسة علم الوجوه والنظائر حتى يستطيع المرء أن يعرف المعنى في كلٍ
إن علم التفسير ليس بالأمر السهل الذي يمكن لكل أحد أن يتكلم فيه دون دراسة ورجوع لأقوال المفسرين فلا بد من دراسة علوم القرآن وهي تزيد على ثمانين نوعا وكذلك دراسة علوم العربية وعلم التاريخ والسيرة وسير الأنبياء والأمم السابقة وعلم أصول الفقه والتوحيد ومعرفة الفقه وحتي معرفة المنطق لأجل أن ترد على المخالف ولكي تفهم أصول الفقه تحتاج لمعرفته
يا أخي الفاضل أنا لاأعدو قدري فأنا لا باع لي وإنما أنا عالة على العلماء الأفاضل الذين تركوا لنا هذا العلم العظيم الذي يشرف بشرف موضوعه وليتني أفهم ما سطروه فهما جيدا
أسأل الله العلى العظيم أن يمن على بشرح الصدر لمعرفة تفسير كتابه العظيم إنه نعم المولى ونعم المجيب
ومعذرة إن كنت أسأت التعبير ولكني أريد أن أتعلم وأعرف فإن كان هناك من قال بذلك ولديه دليل صحيح فهاته وإلا فما ذكر من جهة العدد وارتباطاته بالكروموسومات لا يمكن القول به على أنه تفسير وأنه مقصود فهذا ما أدين به من خلال ما تعلمت فأنا ممن لا يميل على الاطلاق إلى تحميل النص القرآني ما لا يحتمله وهو ما أدين به لله في تفسير كتابه سبحانه وتعالى
والله الموفق
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[06 Mar 2009, 12:54 ص]ـ
غير أني أهيب بكم أن تتأملوا أسباب نزول السورة فلعلكم تفهمون مما أقول شيئا ..
عمارة سعد شندول
بارك الله فيك أخي عمارة، إني أوافقك الرأي والفهم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
فلا شيء في ترتيب سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه مصادفة .. لقد وضعت يدك على السر الذي يختفي وراء " الكسرة اليتيمة "، وتلك القسمة المحكمة لعدد حروف السورة ..
ولو كان القدماء يعرفون شيئا عن الكروموسومات لما تركوا لك هذه الملاحظة اللطيفة. فأما أن هذه التاويلات تحدث عند البعض حيرة، فلعلها تكون بداية لمراجعة ما قد رسخ في أذهانهم، وحبسوا انفسهم في أروقته , حتى بات الخروج منه أمرا في غاية الصعوبة.
ـ[ Amara] ــــــــ[10 Mar 2009, 11:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنار الله طريقك وطريقنا جميع المسلمين في الدنيا والاخرة بنور الايمان أخي الفاضل أو ربما أقول ابني
شرفت بك أيتها الفاضلة أن تكوني لي أما مع أمي .. تنبهني في فتنة .. و توقظني من غفلة .. و تنصحني إذا ملت .. و ترفعني إذا وهنت .. تكون لي أزرا و تنزع عني من الأثقال وزرا .. فلعلي أقول بالخطإ .. فتزين لي النفس خطئي فأتمادى .. أو لعلي أتكلم بالحق .. فتعوقني فتن الدنيا أن أصدع به فأحجم ..
أما أنت فالآن سأحسب كلماتي معك و أجملها حتى لا يقال عني فلان عق أمه ..
و سأقدم بعون الله كلاما لطيفا لابن القيم الجوزية رحمه الله في تفسير هذه السورة في كتابه بدائع التفسير الجامع لما فسره الإمام:
فأخلصت سورة (قل هو الله أحد) الخبر عنه (أي عن الله تعالى) و عن أسمائه و صفاته، فعدلت ثلث القرآن و خلصت قارئها المؤمن بها من الشرك العلمي، كما خلصت سورة (قل يأيها الكافرون) الشرك العملي الإرادي القصدي
و لما كان الشرك العملي الإرادي أغلب على النفوس، لأجل متابعتها هواها، و كثير منها ترتكبه مع علمها بمضرته و بطلانه، لما لها من نيل الأغراض، و إزالته و قلعه منها أصعب و أشد من قلع الشرك العلمي و إزالته، لأن هذا يزول بالعلم و الحجة و لا يمكن صاحبه أن يعلم الشيء على غير ما هو عليه، بخلاف شرك الإرادة و القصد، فإن صاحبه يرتكب ما يدله العلم على بطلانه و ضرره، لأجل غلبة هواه و استيلاء سلطان الشهوة و الغضب على نفسه، فجاء التكرا في سورة (قل يأيها الكافرون) المتضمنة لإزالة الشرك العملي ما لم يجئء مثله في سورة (قل هو الله أحد).
و أضيف عليه هذا التعليق:
إنه لما اختصت سورة الإخلاص بتخليصنا من الشرك العلمي كان أن تضمنت دقائق علمية قد لا يعلمها الإنسان في حينه أو يتوصل إليها بأبحاثه و هي تجيبه على قدر مستواه العلمي و الفكري فتبكته و تشرد الضلال الذي قد يغطي عقله، و هي إنما ووجه بها الإنسان الذي سأل و لا يعلم مقدار الحمق الذي يحمله سؤاله .. و لا هو علم بلادته و ضلالته بطرح السؤال عن نسبة الله عز و جل .. فكان في التوحيد دعوة للنظر في النفس و دعوة للنظر في مراحل الخلق فيك أيها الإنسان .. إذ ما يكون هذا الإنسان سوى التحام 46 كرورموسوما زوجين زوجين .. فهذه السورة قد بكتت من قبلنا و تبكت الآن من ربما تحمله البلادة على طرح المسألة .. فإذا علم الانسان حمقه .. آمن بجلال الله تعالى و أنه تفرد و أنه لم يكن له كفوا أحد ..
ثم أن لسائل أن يسأل هنا لماذا قال لم يلد و لم يولد و لم يذكر الذكر و الأنثى هنا؟
لان الولادة قد لا تستوجب وجود الذكر و الأنثى معا؟ و هو ما يميل إليه علماء اليوم ليبتكوا به آذان الأنعام .. و لعل ذلك يرجعنا إلى الكلام عن آدم و عيسى عليهما السلام ..
و الحقيقة أن هذه السورة تحمل من الأسرار العلمية الدقيقة ما يفوق كل تصور .. و لزلت أعمد إلى بعض الباحثين في مجال البيولوجيا لعلي أعرف مما فيها من علم يقين .. و سأجيبكم بما أعلم في لاحق الأيام ..
و تعليقا عن قولك أخي الفاضل عبد الله جلغوم
فلا شيء في ترتيب سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه مصادفة .. لقد وضعت يدك على السر الذي يختفي وراء " الكسرة اليتيمة "، وتلك القسمة المحكمة لعدد حروف السورة ..
إنه لا بد للحق أن يظهره الله .. و لعل الله يتنعم علينا فنظهر هذا العلم المخبأ في أسرار ترتيب القرآن و هذه التوازنات العددية المحكمة التي تتضمنها آياته و سوره .. و إني أعرف باعك و مقدارك و أرقب منك المزيد
وفقني و وفقكم الله
يغفر الله لي و لكم
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عمارة سعد شندول
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[10 Mar 2009, 02:23 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(يُتْبَعُ)
(/)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
..
فكان في التوحيد دعوة للنظر في النفس و دعوة للنظر في مراحل الخلق فيك أيها الإنسان .. إذ ما يكون هذا الإنسان سوى التحام 46 كرورموسوما زوجين زوجين ..
وهذه نظرة في سورة الإنسان، وفي لفظ " الإنسان "، فماذا تقول لغة الأرقام؟
سورة الإنسان:
سورة الإنسان هي السورة رقم 76 في ترتيب المصحف، وقد جاءت مؤلفة من 31 آية.
هل لهذا الترتيب علاقة بالعدد 46؟
الجواب نعم.
إذا قمنا بالعد ابتداء من العدد 31 وانتهاء بالعدد 76، فعدد الأعداد هو 46.
أليست مفاجأة؟
فإذا جمعنا الأعداد الـ 46، على النحو التالي: 31 + 32 + 33 + 34 ... وحتى ننتهي إلى العدد 76، فإن ناتج الجمع سيكون 2461. هذا العدد يساوي 107 × 23 ..
إنه عدد من مضاعفات الرقم 23 ..
كما نلاحظ أن العدد 107 هو مجموع العددين الدالين على موقع سورة الإنسان وعدد آياتها (107 = 76 + 31 = 107).
والسؤال: هل جاءت هذه الإشارات إلى العددين 46 و 23 في سورة الإنسان مصادفة؟
ليست مصادفة أن تاتي سورة الإنسان مؤلفة من 31 آية وفي موقع الترتيب 76، وأن يتمّ تحميلها بهذه الإشارات إلى العددين 23 و 46 ..
هذا ما أفهمه ويفهمه كل منصف وذي بصيرة ..
الحقيقة التالية تدفع أي شبهة محتملة:
ورد لفظ " الإنسان " بصوره الثلاث (إنسان، الإنسان، للإنسان) في القرآن 65 مرة، موزعة في 63 آية. (وذلك لورود اللفظ مرتين في كل من الآيتين 11 الإسراء و 48 الشورى).
(انظر المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم: محمد فؤاد عبد الباقي صفحة 93)
اللافت للانتباه هنا:
ورد لفظ " الإنسان " في سورة الإنسان (أول مرة) في الآية رقم 1 (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا). إذا قمنا بإحصاء عدد الآيات التي ورد فيها لفظ الإنسان (بصوره الثلاث) ابتداء من الآية 28 النساء حيث يرد لأول مرة (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا)، سنجد أن رقم الآية في سورة الإنسان في تسلسل هذه الآيات هو الرقم 46.
أليس من هدف وراء هذا الإحكام في ترتيب الآيات التي ورد فيها لفظ الإنسان؟ ومجيء الآية في سورة الإنسان في رقم الترتيب 46؟
الحقيقة واضحة كالشمس، وإنني لأعجب ممن لا يستطيع رؤيتها ..
مع فائق المحبة والتقدير.(/)
القرآن ومنزلة التدبر فى معانية
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[03 Feb 2009, 04:14 م]ـ
القرآن هادي البشرية ومرشدها ونور الحياة ودستورها، ما من شيء يحتاجه البشر إلا وبيَّنه الله فيه نصاً أو إشارة أو إيماءاً، عَلِمه مَنْ عَلِمه، وجهله من جهله
ولذا اعتنى به صَحْبُ الرسول صلى الله عليه وسلم وتابعوهم تلاوة وحفظاً وفهماً وتدبراً وعملاً وعلى ذلك سار سائر السلف، ومع ضعف الأمة في عصورها المتأخرة تراجع الاهتمام بالقرآن وانحسر حتى اقتصر الأمر عند غالب المسلمين على حفظه وتجويده وتلاوته فقط بلا تدبر ولا فهم لمعانيه ومراداته، وترتب على ذلك ترك العمل به أو التقصير في ذلك، وقد أنزل الله القرآن وأمرنا بتدبره، وتكفل لنا بحفظه، فانشغلنا بحفظه وتركنا تدبره
وليس المقصود الدعوة لترك حفظه وتلاوته وتجويده؛ ففي ذلك أجر كبير؛ لكن المراد التوازن بين الحفظ والتلاوة والتجويد من جهة وبين الفهم والتدبر. ومن ثم العمل به من جهة أخرى كما كان عليه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى
ولذا فهذه بعض الإشارات الدالة على أهمية التدبر في ضوء الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح.
أما التدبر فهو كما قال ابن القيم: تحديق ناظر القلب إلى معانيه، وجمع الفكر على تدبره وتعقله. وقيل في معناه: هو التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة
أولاً: منزلة التدبر في القرآن الكريم
قال الله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب} ص: 29، في هذه الآية بين الله تعالى أن الغرض الأساس من إنزال القرآن هو التدبر والتذكر لا مجرد التلاوة على عظم أجرها.
قال الحسن البصري: والله! ما تدبُّره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله، ما يُرى له القرآنُ في خُلُق ولا عمل. قال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ... } النساء: 82.
قال ابن كثير: (يقول الله تعالى آمراً عباده بتدبر القرآن وناهياً لهم عن الإعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة: أفلا يتدبرون القرآن)، فهذا أمر صريح بالتدبر والأمر للوجوب. قال تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به} ... (البقرة: 121).
روى ابن كثير عن ابن مسعود قال: والذي نفسي بيده! إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله. وقال الشوكاني: يتلونه: يعملون بما فيه، ولا يكون العمل به إلا بعد العلم والتدبر. قال تعالى: {ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون} البقرة: 78.
قال الشوكاني: وقيل: (الأماني: التلاوة) أي: لا علم لهم إلا مجرد التلاوة دون تفهم وتدبر. وقال ابن القيم: ذم الله المحرفين لكتابه والأميين الذين لا يعلمون منه إلا مجرد التلاوة وهي الأماني. قال الله تعالى: {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} الفرقان: 30.
قال ابن كثير: وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وقال ابن القيم: هجر القرآن أنواع ... الرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
ثانياً: ما ورد في السنة في مسألة التدبر
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده. فالسكينة والرحمة والذكر مقابل التلاوة المقرونة بالدراسة والتدبر.
أما واقعنا فهو تطبيق جزء من الحديث وهو التلاوة أما الدراسة والتدبر فهي - في نظر بعضنا - تؤخر الحفظ وتقلل من عدد الحروف المقروءة فلا داعي لها.
روى حذيفة رضي الله عنه: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فكان يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ. فهذا تطبيق نبوي عملي للتدبر ظهر أثره بالتسبيح والسؤال والتعوذ.
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} المائدة: 118.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم التدبر على كثرة التلاوة، فيقرأ آية واحدة فقط في ليلة كاملة.
(يُتْبَعُ)
(/)
عن ابن مسعود قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
فهكذا كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم الصحابة القرآن: تلازم العلم والمعنى والعمل؛ فلا علم جديد إلا بعد فهم السابق والعمل به
لما راجع عبد الله بن عمرو بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن لم يأذن له في أقل من ثلاث ليالٍ وقال: لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث، فدل على أن فقه القرآن وفهمه هو المقصود بتلاوته لا مجرد التلاوة.
وفي الموطأ عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس صلاة يجهر فيها فأسقط آية فقال: يا فلان! هل أسقطت في هذه السورة من شيء؟ قال: لا أدري. ثم سأل آخر واثنين وثلاثة كلهم يقول: لا أدري، حتى قال: ما بال أقوام يتلى عليهم كتاب الله فما يدرون ما تلي منه مما ترك؟ هكذا خرجت عظمة الله من قلوب بني إسرائيل فشهدت أبدانهم وغابت قلوبهم؛ ولا يقبل الله من عبد حتى يشهد بقلبه مع بدنه.
رابعاً: ما ورد عن السلف في مسألة التدبر
روى مالك عن نافع عن ابن عمر قال: تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزوراً، وطول المدة ليس عجزاً من عمر ولا انشغالاً عن القرآن؛ فما بقي إلا أنه التدبر.
عن ابن عباس قال: قدم على عمر رجل فجعل عمر يسأل عن الناس فقال: يا أمير المؤمنين! قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا، فقلت: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة.
قال: فزبرني عمر، ثم قال: مه! فانالقرآن هادي البشرية ومرشدها ونور الحياة ودستورها، ما من شيء يحتاجه البشر إلا وبيَّنه الله فيه نصاً أو إشارة أو إيماءاً، عَلِمه مَنْ عَلِمه، وجهله من جهله
ولذا اعتنى به صَحْبُ الرسول صلى الله عليه وسلم وتابعوهم تلاوة وحفظاً وفهماً وتدبراً وعملاً وعلى ذلك سار سائر السلف، ومع ضعف الأمة في عصورها المتأخرة تراجع الاهتمام بالقرآن وانحسر حتى اقتصر الأمر عند غالب المسلمين على حفظه وتجويده وتلاوته فقط بلا تدبر ولا فهم لمعانيه ومراداته، وترتب على ذلك ترك العمل به أو التقصير في ذلك، وقد أنزل الله القرآن وأمرنا بتدبره، وتكفل لنا بحفظه، فانشغلنا بحفظه وتركنا تدبره
وليس المقصود الدعوة لترك حفظه وتلاوته وتجويده؛ ففي ذلك أجر كبير؛ لكن المراد التوازن بين الحفظ والتلاوة والتجويد من جهة وبين الفهم والتدبر. ومن ثم العمل به من جهة أخرى كما كان عليه سلفنا الصالح رحمهم الله تعالى
ولذا فهذه بعض الإشارات الدالة على أهمية التدبر في ضوء الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح.
أما التدبر فهو كما قال ابن القيم: تحديق ناظر القلب إلى معانيه، وجمع الفكر على تدبره وتعقله. وقيل في معناه: هو التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة
أولاً: منزلة التدبر في القرآن الكريم
قال الله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب} ص: 29، في هذه الآية بين الله تعالى أن الغرض الأساس من إنزال القرآن هو التدبر والتذكر لا مجرد التلاوة على عظم أجرها.
قال الحسن البصري: والله! ما تدبُّره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله، ما يُرى له القرآنُ في خُلُق ولا عمل. قال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ... } النساء: 82.
قال ابن كثير: (يقول الله تعالى آمراً عباده بتدبر القرآن وناهياً لهم عن الإعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة: أفلا يتدبرون القرآن)، فهذا أمر صريح بالتدبر والأمر للوجوب. قال تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به} ... (البقرة: 121).
روى ابن كثير عن ابن مسعود قال: والذي نفسي بيده! إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله. وقال الشوكاني: يتلونه: يعملون بما فيه، ولا يكون العمل به إلا بعد العلم والتدبر. قال تعالى: {ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون} البقرة: 78.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشوكاني: وقيل: (الأماني: التلاوة) أي: لا علم لهم إلا مجرد التلاوة دون تفهم وتدبر. وقال ابن القيم: ذم الله المحرفين لكتابه والأميين الذين لا يعلمون منه إلا مجرد التلاوة وهي الأماني. قال الله تعالى: {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} الفرقان: 30.
قال ابن كثير: وترك تدبره وتفهمه من هجرانه، وقال ابن القيم: هجر القرآن أنواع ... الرابع: هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
ثانياً: ما ورد في السنة في مسألة التدبر
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده. فالسكينة والرحمة والذكر مقابل التلاوة المقرونة بالدراسة والتدبر.
أما واقعنا فهو تطبيق جزء من الحديث وهو التلاوة أما الدراسة والتدبر فهي - في نظر بعضنا - تؤخر الحفظ وتقلل من عدد الحروف المقروءة فلا داعي لها.
روى حذيفة رضي الله عنه: أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فكان يقرأ مترسلاً إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ. فهذا تطبيق نبوي عملي للتدبر ظهر أثره بالتسبيح والسؤال والتعوذ.
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقرأ بآية حتى أصبح يركع بها ويسجد بها: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} المائدة: 118.
فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم التدبر على كثرة التلاوة، فيقرأ آية واحدة فقط في ليلة كاملة.
عن ابن مسعود قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
فهكذا كان منهج النبي صلى الله عليه وسلم في تعليم الصحابة القرآن: تلازم العلم والمعنى والعمل؛ فلا علم جديد إلا بعد فهم السابق والعمل به
لما راجع عبد الله بن عمرو بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة القرآن لم يأذن له في أقل من ثلاث ليالٍ وقال: لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث، فدل على أن فقه القرآن وفهمه هو المقصود بتلاوته لا مجرد التلاوة.
وفي الموطأ عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس صلاة يجهر فيها فأسقط آية فقال: يا فلان! هل أسقطت في هذه السورة من شيء؟ قال: لا أدري. ثم سأل آخر واثنين وثلاثة كلهم يقول: لا أدري، حتى قال: ما بال أقوام يتلى عليهم كتاب الله فما يدرون ما تلي منه مما ترك؟ هكذا خرجت عظمة الله من قلوب بني إسرائيل فشهدت أبدانهم وغابت قلوبهم؛ ولا يقبل الله من عبد حتى يشهد بقلبه مع بدنه.
رابعاً: ما ورد عن السلف في مسألة التدبر
روى مالك عن نافع عن ابن عمر قال: تعلم عمر البقرة في اثنتي عشرة سنة، فلما ختمها نحر جزوراً، وطول المدة ليس عجزاً من عمر ولا انشغالاً عن القرآن؛ فما بقي إلا أنه التدبر.
عن ابن عباس قال: قدم على عمر رجل فجعل عمر يسأل عن الناس فقال: يا أمير المؤمنين! قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا، فقلت: والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة.
قال: فزبرني عمر، ثم قال: مه! فانطلقت لمنزلي حزيناً فجاءني، فقال: ما الذي كرهت مما قال الرجل آنفاً؟ قلت: متى ما يسارعوا هذه المسارعة يحتقوا - يختصموا: كلٌ يقول الحق عندي - ومتى يحتقوا يختصموا، ومتى اختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا، فقال عمر: لله أبوك! لقد كنت أكتمها الناس حتى جئت بها، وقد وقع ما خشي منه عمر وابن عباس - رضي الله عنهما - فخرجت الخوارج الذين يقرؤون القرآن؛ لكنه لا يجاوز تراقيهم.
عن ابن عمررضي الله عنه قال: كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن، وإن آخر هذه الأمة يقرؤون القرآن، منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به. وفي هذا المعنى قال ابن مسعود: إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإن مَنْ بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الحسن البصري: إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، وما تدبُّر آياته إلا باتباعه، وما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن فما أسقطت منه حرفاً وقد - والله! - أسقطه كله ما يُرى القرآن له في خلق ولا عمل، حتى إن أحدهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نَفَسٍ! والله! ما هؤلاء بالقراء ولا العلماء ولا الحكماء ولا الوَرَعة متى كانت القراء مثل هذا؟ لا كثَّر الله في الناس أمثالهم.
وقال الحسن أيضاً: نزل القرآن ليُتَدَبَّر ويعمل به؛ فاتخذوا تلاوته عملاً. أي أن عمل الناس أصبح تلاوة القرآن فقط بلا تدبر ولا عمل به.
كان شعبة بن الحجاج بن الورد يقول لأصحاب الحديث: يا قوم! إنكم كلما تقدمتم في الحديث تأخرتم في القرآن. وفي هذا تنبيه لمن شغلته دراسة أسانيد الحديث ومسائل الفقه عن القرآن وتدبره أنه قد فقد توازنه واختل ميزانه.
عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح بـ (إذا زلزلت) و (القارعة) لا أزيد عليهما أحب إليَّ من أن أهذَّ القرآن ليلتي هذّاً. أو قال: أنثره نثراً.
قال ابن القيم: ليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده من تدبر القرآن وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرها وعلى طرقاتهما وأسبابهما وثمراتهما ومآل أهلهما، وتتل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة، وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم، وتبصره مواقع العبر.
وتشهده عدل الله وفضله وتعرفه ذاته وأسماءه وصفاته وأفعاله وما يحبه وما يبغضه وصراطه الموصل إليه وقواطيع الطريق وآفاته، وتعرفه النفس وصفاتها ومفسدات الأعمال ومصححاتها، وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم وأحوالهم وسيماهم ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة.
فتشهده الآخرة حتى كأنه فيها، وتغيبه عن الدنيا حتى كأنه ليس فيها، وتميز له بين الحق والباطل في كل ما يختلف فيه العالم، وتعطيه فرقاناً ونوراً يفرق به بين الهدى والضلال، وتعطيه قوة في قلبه وحياة واسعة وانشراحاً وبهجة وسروراً فيصير في شأن والناس في شأن آخر؛ فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل.
وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل، وتهديه في ظلم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل، وتصده عن اقتحام طرق البدع والأضاليل، وتبصره بحدود الحلال والحرام وتوقفه عليها؛ لئلا يتعداها فيقع في العناء الطويل، وتناديه كلما فترت عزماته.
تقدمَ الركبُ، وفاتك الدليل، فاللحاقَ اللحاقَ، والرحيلَ الرحيلَ فاعتصم بالله واستعن به وقل: {حسبي الله ونعم الوكيل}.
وحتى نتدبر القرآن فعلينا
مراعاة آداب التلاوة من طهارة ومكان وزمان مناسبين وحال مناسبة وإخلاص واستعاذة وبسملة وتفريغ للنفس من شواغلها وحصر الفكر مع القرآن والخشوع والتأثر والشعور بأن القرآن يخاطبه.
التلاوة بتأنٍ وتدبر وانفعال وخشوع، وألا يكون همه نهاية السورة، الوقوف أمام الآية التي يقرؤها وقفة متأنية فاحصة مكررة، النظرة التفصيلية في سياق الآية: تركيبها - معناها - نزولها - غريبها – دلالاتها.
ملاحظة البعد الواقعي للآية؛ بحيث يجعل من الآية منطلقاً لعلاج حياته وواقعه، وميزاناً لمن حوله وما يحيط به، العودة إلى فهم السلف للآية وتدبرهم لها وتعاملهم معها، الاطلاع على آراء بعض المفسرين في الآية، النظرة الكلية الشاملة للقرآن، الالتفات للأهداف الأساسية للقرآن.
الثقة المطلقة بالنص القرآني وإخضاع الواقع المخالف له، معايشة إيحاءات النص وظلاله ولطائفه، الاستعانة بالمعارف والثقافات الحديثة، العودة المتجددة للآيات، وعدم الاقتصار على التدبر مرة واحدة؛ فالمعاني تتجدد، ملاحظة الشخصية المستقلة للسورة، التمكن من أساسيات علوم التفسير.
القراءة في الكتب المتخصصة في هذا الموضوع مثل كتاب: (القواعد الحسان لتفسير القرآن) للسعدي، وكتاب (مفاتيح للتعامل مع القرآن) للخالدي، وكتاب (قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله - عز وجل) لعبد الرحمن حبنكة الميداني، وكتاب (دراسات قرآنية) لمحمد قطب.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد: فما درجة أهمية تدبر القرآن في عقولنا؟ وما نسبة التدبر في واقعنا العملي فيما نقرأه في المسجد قبل الصلوات؟ وهل نحن نربي أبناءنا وطلابنا على التدبر في حِلَق القرآن؟ أم أن الأهم الحفظ وكفى بلا تدبر ولا فهم؛ لأن التدبر يؤخر الحفظ؟.
ما مقدار التدبر في دروس العلوم الشرعية في المدارس، خاصة دروس التفسير؟ وهل يربي المعلم طلابه على التدبر، أم على حفظ معاني الكلمات فقط؟.
تُرى: ما مرتبة دروس التفسير في حِلَق العلم في المساجد: هل هي في رأس القائمة، أم في آخرها - هذا إن وجدت أصلاً؟. ما مدى اهتمامنا بالقراءة في كتب التفسير من بين ما نقرأ؟
لماذا يكون همُّ أحدنا آخر السورة، وقد نهانا رسولنا صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ ومتى نقتنع أن فوائد التدبر وأجره أعظم من التلاوة كهذ الشعر؟ أسئلة تبحث عن إجابة؛ فهل نجدها لديك؟
طلقت لمنزلي حزيناً فجاءني، فقال: ما الذي كرهت مما قال الرجل آنفاً؟ قلت: متى ما يسارعوا هذه المسارعة يحتقوا - يختصموا: كلٌ يقول الحق عندي - ومتى يحتقوا يختصموا، ومتى اختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا، فقال عمر: لله أبوك! لقد كنت أكتمها الناس حتى جئت بها، وقد وقع ما خشي منه عمر وابن عباس - رضي الله عنهما - فخرجت الخوارج الذين يقرؤون القرآن؛ لكنه لا يجاوز تراقيهم.
عن ابن عمررضي الله عنه قال: كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة لا يحفظ من القرآن إلا السورة ونحوها ورزقوا العمل بالقرآن، وإن آخر هذه الأمة يقرؤون القرآن، منهم الصبي والأعمى ولا يرزقون العمل به. وفي هذا المعنى قال ابن مسعود: إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به، وإن مَنْ بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به.
قال الحسن البصري: إن هذا القرآن قد قرأه عبيد وصبيان لا علم لهم بتأويله، وما تدبُّر آياته إلا باتباعه، وما هو بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول: لقد قرأت القرآن فما أسقطت منه حرفاً وقد - والله! - أسقطه كله ما يُرى القرآن له في خلق ولا عمل، حتى إن أحدهم ليقول: إني لأقرأ السورة في نَفَسٍ! والله! ما هؤلاء بالقراء ولا العلماء ولا الحكماء ولا الوَرَعة متى كانت القراء مثل هذا؟ لا كثَّر الله في الناس أمثالهم.
وقال الحسن أيضاً: نزل القرآن ليُتَدَبَّر ويعمل به؛ فاتخذوا تلاوته عملاً. أي أن عمل الناس أصبح تلاوة القرآن فقط بلا تدبر ولا عمل به.
كان شعبة بن الحجاج بن الورد يقول لأصحاب الحديث: يا قوم! إنكم كلما تقدمتم في الحديث تأخرتم في القرآن. وفي هذا تنبيه لمن شغلته دراسة أسانيد الحديث ومسائل الفقه عن القرآن وتدبره أنه قد فقد توازنه واختل ميزانه.
عن محمد بن كعب القرظي أنه قال: لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح بـ (إذا زلزلت) و (القارعة) لا أزيد عليهما أحب إليَّ من أن أهذَّ القرآن ليلتي هذّاً. أو قال: أنثره نثراً.
قال ابن القيم: ليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده من تدبر القرآن وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرها وعلى طرقاتهما وأسبابهما وثمراتهما ومآل أهلهما، وتتل في يده مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة، وتثبت قواعد الإيمان في قلبه، وتريه صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم، وتبصره مواقع العبر.
وتشهده عدل الله وفضله وتعرفه ذاته وأسماءه وصفاته وأفعاله وما يحبه وما يبغضه وصراطه الموصل إليه وقواطيع الطريق وآفاته، وتعرفه النفس وصفاتها ومفسدات الأعمال ومصححاتها، وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم وأحوالهم وسيماهم ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة.
فتشهده الآخرة حتى كأنه فيها، وتغيبه عن الدنيا حتى كأنه ليس فيها، وتميز له بين الحق والباطل في كل ما يختلف فيه العالم، وتعطيه فرقاناً ونوراً يفرق به بين الهدى والضلال، وتعطيه قوة في قلبه وحياة واسعة وانشراحاً وبهجة وسروراً فيصير في شأن والناس في شأن آخر؛ فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل، وتهديه في ظلم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل، وتصده عن اقتحام طرق البدع والأضاليل، وتبصره بحدود الحلال والحرام وتوقفه عليها؛ لئلا يتعداها فيقع في العناء الطويل، وتناديه كلما فترت عزماته.
تقدمَ الركبُ، وفاتك الدليل، فاللحاقَ اللحاقَ، والرحيلَ الرحيلَ فاعتصم بالله واستعن به وقل: {حسبي الله ونعم الوكيل}.
وحتى نتدبر القرآن فعلينا
مراعاة آداب التلاوة من طهارة ومكان وزمان مناسبين وحال مناسبة وإخلاص واستعاذة وبسملة وتفريغ للنفس من شواغلها وحصر الفكر مع القرآن والخشوع والتأثر والشعور بأن القرآن يخاطبه.
التلاوة بتأنٍ وتدبر وانفعال وخشوع، وألا يكون همه نهاية السورة، الوقوف أمام الآية التي يقرؤها وقفة متأنية فاحصة مكررة، النظرة التفصيلية في سياق الآية: تركيبها - معناها - نزولها - غريبها – دلالاتها.
ملاحظة البعد الواقعي للآية؛ بحيث يجعل من الآية منطلقاً لعلاج حياته وواقعه، وميزاناً لمن حوله وما يحيط به، العودة إلى فهم السلف للآية وتدبرهم لها وتعاملهم معها، الاطلاع على آراء بعض المفسرين في الآية، النظرة الكلية الشاملة للقرآن، الالتفات للأهداف الأساسية للقرآن.
الثقة المطلقة بالنص القرآني وإخضاع الواقع المخالف له، معايشة إيحاءات النص وظلاله ولطائفه، الاستعانة بالمعارف والثقافات الحديثة، العودة المتجددة للآيات، وعدم الاقتصار على التدبر مرة واحدة؛ فالمعاني تتجدد، ملاحظة الشخصية المستقلة للسورة، التمكن من أساسيات علوم التفسير.
القراءة في الكتب المتخصصة في هذا الموضوع مثل كتاب: (القواعد الحسان لتفسير القرآن) للسعدي، وكتاب (مفاتيح للتعامل مع القرآن) للخالدي، وكتاب (قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله - عز وجل) لعبد الرحمن حبنكة الميداني، وكتاب (دراسات قرآنية) لمحمد قطب.
وبعد: فما درجة أهمية تدبر القرآن في عقولنا؟ وما نسبة التدبر في واقعنا العملي فيما نقرأه في المسجد قبل الصلوات؟ وهل نحن نربي أبناءنا وطلابنا على التدبر في حِلَق القرآن؟ أم أن الأهم الحفظ وكفى بلا تدبر ولا فهم؛ لأن التدبر يؤخر الحفظ؟.
ما مقدار التدبر في دروس العلوم الشرعية في المدارس، خاصة دروس التفسير؟ وهل يربي المعلم طلابه على التدبر، أم على حفظ معاني الكلمات فقط؟.
تُرى: ما مرتبة دروس التفسير في حِلَق العلم في المساجد: هل هي في رأس القائمة، أم في آخرها - هذا إن وجدت أصلاً؟. ما مدى اهتمامنا بالقراءة في كتب التفسير من بين ما نقرأ؟
لماذا يكون همُّ أحدنا آخر السورة، وقد نهانا رسولنا صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ ومتى نقتنع أن فوائد التدبر وأجره أعظم من التلاوة كهذ الشعر؟ أسئلة تبحث عن إجابة؛ فهل نجدها لديك؟
ـ[الأمين السحيباني]ــــــــ[03 Feb 2009, 05:22 م]ـ
ماشاء الله موضوع جميل
جزاكم الله خيرا
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[03 Feb 2009, 08:25 م]ـ
ماشاء الله موضوع جميل
جزاكم الله خيرا
وإياكم ... ونشكرمروركم.
ـ[ضياء الرحمن بن صغير أحمد]ــــــــ[04 Feb 2009, 02:22 م]ـ
لو أدركت القلوب عظمة الرحمن
لكان شهيقها الذكر وزفيرها القرآن
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ....
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[05 Feb 2009, 10:33 م]ـ
لو أدركت القلوب عظمة الرحمن
لكان شهيقها الذكر وزفيرها القرآن
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ....
وإياكم .... اللهم آمين.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[06 Feb 2009, 11:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ما شاء الله موضوع جاد في تخصصه. فأسأل الله أن ينفع بك ويتقبل منك.
كما أستأذنك أن أجعله من المراجع المعتمدة بالسنة الثانية باك -الثانوية- بدرس: منهجية التعامل مع القرآن الكريم.
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[06 Feb 2009, 09:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ما شاء الله موضوع جاد في تخصصه. فأسأل الله أن ينفع بك ويتقبل منك.
كما أستأذنك أن أجعله من المراجع المعتمدة بالسنة الثانية باك -الثانوية- بدرس: منهجية التعامل مع القرآن الكريم.
جزاكم الله خيرا ...
وفقكم الله
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[07 Feb 2009, 05:44 م]ـ
الأخت الكريمة / محبة القرآن
أشيد أولاً باسمكم ونسبتكم للقرآن. ثم أشيد بالموضوع وأهميته.
وأفيد بأن هناك ملتقى لتدبر القرآن حول مفهوم التدبر: وقد شارك فيه نخبة من المتخصصين، يمكنكم الاطلاع عليه في هذا الملتقى.
وأتمنى أن يكون لكم إسهامات في هذا المجال بالعناية بجمع مايطرح في الملتقى حول هذا الموضوع والتنسيق مع المشرف العام لوضعه في نافذة خاصة.
وأبشركم بأنه تم تكوين هيئة عالمية لتدبر القرآن، من باكورات عملها جوال تدبر، وموقع تدبر الذي سيفتح بإذن الله في رمضان القادم. نسأل الله أن يحقق فيها الأمل والنفع المبارك في الأمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمانة السديري]ــــــــ[07 Feb 2009, 06:34 م]ـ
جزيت خيرا أخية
رزقنا الباري تدبر كتابه العظيم والعمل به
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[09 Feb 2009, 12:46 ص]ـ
الأخت الكريمة / محبة القرآن
أشيد أولاً باسمكم ونسبتكم للقرآن. ثم أشيد بالموضوع وأهميته.
وأفيد بأن هناك ملتقى لتدبر القرآن حول مفهوم التدبر: وقد شارك فيه نخبة من المتخصصين، يمكنكم الاطلاع عليه في هذا الملتقى.
وأتمنى أن يكون لكم إسهامات في هذا المجال بالعناية بجمع مايطرح في الملتقى حول هذا الموضوع والتنسيق مع المشرف العام لوضعه في نافذة خاصة.
وأبشركم بأنه تم تكوين هيئة عالمية لتدبر القرآن، من باكورات عملها جوال تدبر، وموقع تدبر الذي سيفتح بإذن الله في رمضان القادم. نسأل الله أن يحقق فيها الأمل والنفع المبارك في الأمة.
في البداية أشكر لكم مروركم المبارك ..
وكم سرني بل أسعدني طلبكم .. فالله أسأل أن يوفقنا لخدمة كتابه.
وأخيراً بشرك الله بالجنة فكم كنا نتظرافتتاح هذا الموقع بفارغ الصبر.
ـ[عبد الله المدني]ــــــــ[09 Feb 2009, 01:06 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكر الله للأخت الفاضلة محبة القرآن على ما أثارت من موضوع عظيم، وشكر الله للأخ محمد الربيعة على ما أفاد من وعد بافتتاح موقع لتدبر القرآن. وإن هذا المجال لهو من أهم المجالات التي ينبغي توجيه النظر إليها، ليس في المجال العلمي فحسب؛ بل في المجال الدعوي العام أيضا! وأحسب أن أفضل شيء يمكن أن يقوم به الداعية هو تدريب الشباب على منهج التدبر وتبسيطه للعموم. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[09 Feb 2009, 02:48 ص]ـ
جزيت خيرا أخية
رزقنا الباري تدبر كتابه العظيم والعمل به
وإياكِ أختي الكريمة جمانة
ونشكرمرورك الطيب
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[09 Feb 2009, 02:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكر الله للأخت الفاضلة محبة القرآن على ما أثارت من موضوع عظيم، وشكر الله للأخ محمد الربيعة على ما أفاد من وعد بافتتاح موقع لتدبر القرآن. وإن هذا المجال لهو من أهم المجالات التي ينبغي توجيه النظر إليها، ليس في المجال العلمي فحسب؛ بل في المجال الدعوي العام أيضا! وأحسب أن أفضل شيء يمكن أن يقوم به الداعية هو تدريب الشباب على منهج التدبر وتبسيطه للعموم. وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم ..
اللهم آمين(/)
الطبعة الرابعة في الأسواق .. و (35.000) في خمسة أشهر ..
ـ[تدبر]ــــــــ[03 Feb 2009, 10:21 م]ـ
"ليدبروا آياته" الكتاب الذي أصدره مركز تدبر للاستشارات التربوية والتعليمية (في بداية شهر رمضان 1429هـ)، والذي جمع فيه الرسائل النصية التي أرسلت بواسطة (جوال تدبر) خلال عام [من: 1/ 9/1428هـ وحتى: 30/ 8/1429هـ].
والذي لاقى - بحمد الله تعالى – قبولاً كبيرًا، وانتشارًا واسعًا، حيث طُبع الكتاب أربع طبعات وبيع ما يقارب (35.000) نسخة خلال (خمسة أشهر)، وجاءتنا الكثير من طلبات التوزيع الخيري.
علمًا أن الكتاب يشتمل على نفائس من الاستنباطات العلمية والتربوية، وشوارد من الفرائد التي يُسافَرُ من أجلها، وتأملات رائعة للعلماء المتقدمين والمتأخرين.
كما أعرب الكثير ممن اقتنوا الكتاب عن استفادتهم الكبيرة، ومنفعتهم العظيمة من محتوى هذا الكتب، وأنهم يستعينون به على تدبر كتاب الله تعالى وتأمل آياته ..
وذلك كله بفضلٍ ومنَّةٍ من الله وحده .. نسأل الله تعالى أن ينفع به وأن يثيب كل من كان له دور في إصدار هذا العمل المبارك ..
والكتاب يباع في المكتبات بسعر رمزي وهو (12 ريالاً سعوديًا) يعود ريعه لدعم مناشط جوال تدبر والارتقاء بخدماته .. كما يباع بسعر التكلفة للتوزيع الخيري.
وللتعرف على أسماء المكتبات التي يباع فيها كتاب "ليدبروا آياته" يمكنك الاتصال بأحد الأرقام التالية:
0505440147
0502033260
014460129
وللتوزيع الخيري:
0504646388
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Feb 2009, 10:43 م]ـ
اللهم لك الحمد.
نفع الله بجهودكم وزادكم توفيقاً في خدمة كتاب الله والراغبين فيه، وهذا من حسن حمل أمانة هذا العلم الشريف وتبليغه لأهله بطرق شتى.
ـ[معيوض الحارثي]ــــــــ[04 Feb 2009, 02:48 م]ـ
بارك الله في جهودكم ونفع بكم
لدي سؤال هل ترجم الكتاب إلى لغات آخرى؟
وسؤال آخر هل فتح المجال في الاشتراك لعملاء موبايلي وزين؟
ـ[أمل السويلم]ــــــــ[04 Feb 2009, 03:20 م]ـ
كتاب رائع. لو يعاد ترتيبه بحسب الموضوعات أفضل عندي من الترتيب حسب السور
ـ[تدبر]ــــــــ[04 Feb 2009, 07:24 م]ـ
مشرفنا الكريم:
نشكر لك مرورك وتعليقك ودعمك اللا محدود لمسيرة مشاريع التدبر
نسأل المولى عز وجل أن يديم عليكم الصحة والعافية
وأن يبارك فيكم وفي جهودكم
ويجعلكم ذخرا للإسلام والمسلمين
وأن يوفقكم لكل ما يحبه ويرضاه
ويسدد على طريق الحق
خطاكم
آمين
الأخ معيوض الحارثي
بالنسبة لسؤالك عن ترجمة الكتاب ..
فقد قام أحد الأخوة بترجمته إلى اللغة الإندنوسية وهو قيد المراجعة
ونسأل الله تعالى أن ييسر ترجمته إلى أكثر اللغات الحية ..
وبالنسبة لسؤالك عن موبايلي وزين ..
بمجرد انتهاء العقد الحصري (مع الاتصالات) بعد أشهر معدودة، سيتاح الاشتراك لعملاء موبايلي وزين على الفور –بإذن الله تعالى- ..
الأخت أم أحمد:
اقتراحكِ رائع وسيطرح للنقاش – بإذن الله تعالى -، وسنعمل على تطوير الكتاب في المجموعات القادمة .. والله وحده هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل ..
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[05 Feb 2009, 08:52 ص]ـ
الاخوان جزاكم الله كل خير وابارك فيك وكثر من امثالكم
الكتاب رايت منه عدة نسخ في احدى المكتابات وكنت انوي شرائه لاحقاً
وعندما عدت وجدت كل النسخ قد نفذت
ـ[جمانة السديري]ــــــــ[07 Feb 2009, 06:37 م]ـ
جزاكم الله خيرا
سؤال//
هل سيباع الكتاب في معرض مسقط الدولي للكتاب؟؟
بارك الله فيكم(/)
ماذا يعني ابن عاشور بمقولته، وما معنى (التفنين) في كلامه؟
ـ[لطيفة]ــــــــ[03 Feb 2009, 11:10 م]ـ
في قول الله عز وجل: (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون)
يقول ابن عاشور: (وجمع الضمير في قوله: بنورهم) مع كونه بلصق الضمير المفرد في قوله (ماحوله) مراعاة للحال المشبهة وهي حال المنافقين لا للحال المشبه بها، وهي حال المستوقد الواحد على وجه بديع في الرجوع إلى الغرض الأصلي وهو انطماس نور الإيمان منهم، فهو عائد إلى المنافقين لا إلى (الذي) قريبا من رد العجز على الصدر فأشبه تجريد الاستعارة المفردة وهو من التفنين كقول طرفة:
وفي الحي أحوى ينفض المرد شادن مظاهر سمطي لؤلؤ وزبرجد
وهذا رجوع بديع) (التحرير والتنوير: 1/ 304)
سؤلي هو: ماذا يعني ابن عاشور بالتفنين .. ؟
وهل هو فن بلاغي .. ؟
وهل هو الافتنان الذي عده بعض البلاغيين من المحسنات المعنوية .. وعرفوه بأنه الجمع بين فنين مختلفين، كالغزل والحماسة، والتعزية والتهنئة ... ؟
ولكم خااااااااااالص الشكر ..
ـ[منصور مهران]ــــــــ[04 Feb 2009, 09:33 ص]ـ
انظري:
1 - معجم البلاغة العربية، بدوي طبانة، دار المنارة -جدة، ط 4 1418 هج 1997 م، ص 522 وما بعدها.
2 - معجم المصطلحات البلاغية وتطورها، أحمد مطلوب، مكتبة لبنان، ط2 1996 م، ص 155 وما بعدها.
3 - المعجم المفصل في اللغة والأدب، إميل بديع يعقوب، وميشال عاصي، دار العلم للملايين، بيروت، 1987 م - ج 1 ص 185.
ـ[لطيفة]ــــــــ[05 Feb 2009, 04:29 ص]ـ
شكر الله لك وزادك علما.(/)
منظومتان جديدتان
ـ[الإسحاقي]ــــــــ[04 Feb 2009, 02:02 ص]ـ
لدي منظومتان إحداهما في أصول التفسير وهي بعنوان (اتحاف البصير بنظم أصول التفسير) قدّم لها الأستاذ الدكتور عبد الله عمر الشنقيطي والدكتور خالد السبت والدكتور عبد الله العواجي والأخرى في علوم القرآن بعنوان (إتحاف الأقران بنظم علوم القرآن) وقد انتهيت منها قريباً وأود أن أنزلها في الموقع وهما على الورد عندي ولا أدري كيف أضعها في الموقع فهل من سبيل إلى ذلك؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Feb 2009, 06:32 ص]ـ
بارك الله فيكم أخي الكريم.
يمكن إرفاقهما كملفات وورد في المشاركة جزاك الله خيراً.(/)
أبحث عن رسالة (وقوفات القرآن وأثرها في التفسير) للشيخ مساعد الطيار
ـ[أبو صالح المدني]ــــــــ[04 Feb 2009, 10:53 ص]ـ
إخوتي الكرام:
أنا بحاجة ماسة إلى رسالة الماجستير للشيخ مساعد الطيار والتي هي بعنوان:
(وقوفات القرآن وأثرها في التفسير) فكيف يمكنني الحصول عليها، علما بأن الله يسر لي تسجيل رسالة بعنوان: (أثر الوقف والابتداء في القرآن في تقرير مسائل العقيدة) وذلك بقسم العقيدة بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية.
ولكم جزيل الشكر على جميع ما تقدمونه للإسلام والمسلمين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Feb 2009, 11:00 ص]ـ
الرسالة تحت الطباعة في مجمع الملك فهد بالمدينة المنورة بعنوان (الوقف في القرآن وأثره في التفسير)
ويمكنك الاتصال بالدكتور مساعد مباشرة للحصول على الرسالة إن شاء الله.
وأرجو لكم التوفيق في بحثكم.(/)
الوحدة البنائية للقرآن الكريم
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[04 Feb 2009, 11:35 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فيطيب لي إخواني رواد الملتقى أن أرفع إلى جنابكم الموقر هذا البحث الذي اطلعت عليه بنشرة رابطة علماء المغرب لصاحبه: ذ. محمد الغرضوف
باحث في الفكر الإسلامي وحوار الأديان والحضارات.فارتأيت أن أطلع أساتذتنا ومشايخنا عليه من أجل إبداء الرأي.
العنوان: الوحدة البنائية للقرآن الكريم
يعكس البحث في القرآن الكريم -في الواقع- إشكالا مركزيا ضمن مجمل إشكالات المفاهيم القرآنية، وهو إشكال المنهج الكفيل باستخراج المفاهيم القرآنية بالشكل الذي يعكس القدرة الاستيعابية والقدرة التأطيرية للقرآن بالنسبة لكل المفردات التي تتحرك في الواقع البشري. وسؤال المنهج وإن كان سؤالا في الوسائل؛ فهو حديث بالضرورة في صلب المقاصد إذ هما وجهان لعملة واحدة وهي عملة المفهوم الإسلامي الذي يتطلب بناؤه المنهج الصحيح قبل الخوض في المضامين المتشعبة والمنتشرة على طول الآيات القرآنية الكريمة. وأعتقد جازما أن من أهم النظرات التي من شأنها إغناء منهج تفسيري قادر على استخراج المفاهيم القرآنية الصحيحة:"نظرية الوحدة البنائية للقرآن" [1]، وخلاصتها ذلك التماسك والترابط الشديد بين سور القرآن حتى لكأنه كلمة واحدة، وذلك عبر تماسك وترابط المفاهيم والقضايا التي تفيض بها هذه السور، ولا يمكن وفق هذه النظرية تصور أو إدراك بشكل سليم لأية قضية أو أي مفهوم إلا من خلال تحديد الموقع الديكارتي له [2]-إن جاز التعبير– بين المحور العمودي الخاص بالبناء العام للسورة من حيث أطروحتها المركزية أو مقصدها الأساسي الذي تدور عليه المفاهيم والقضايا المتضمنة داخل هذه السورة، والتي صيغت من حيث النظم والسياق والأسلوب لخدمة هذه الأطروحة بدعمها والاستدلال أو الحجاج لها أي بنائها مفهوميا، وبين المحور الأفقي الخاص بالبناء الموضوعي لهذه القضايا والمفاهيم عبر امتداداتها في السور والتي من خلال جمع جزئياتها المتفرقة يتم بناء الصورة العامة لهذه القضية أو هذا المفهوم.
وقبل إعطاء بعض التفاصيل المنهجية حول نظرية الوحدة البنائية للقرآن لا بأس من سرد لمجمل الإشكاليات العالقة في الدرس التفسيري وكذا بعض الحاجيات المعرفية الملحة بهذا الخصوص كتمهيد لما يمكن أن تعمل على حله "نظرية الوحدة البنائية للقرآن".
سنحاول في هذه الدراسة معالجة هذا الموضوع من خلال العناصر التالية:
أولا- إشكاليات عالقة في الدرس القرآني.
ثانيا- حاجيات معرفية ملحة في الدرس الاصطلاحي القرآني.
ثالثا- نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم -خطوط عريضة– وسنعرض فيها لـ:
1 - مفهوم نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم.
2 - منهج إنجاز نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم.
3 - الخطاطة النظرية للوحدة البنائية للقرآن الكريم.
4 - منهجية القراءة البنائية للسورة.
5 - تصميم أولي لصياغة نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم: "العرض البنائي".
خاتمة.
ملاحق: نماذج تخطيطية وتحليلية بنائية لبعض الآيات والسور.
أولا- إشكاليات عالقة في الدرس القرآني
عموما تتلخص هذه الإشكاليات التي يتعذر حلها في القريب العاجل في سؤال المنهج: منهج بناء المصطلحات والمفاهيم؟ ومنهج إدراكها واستيعابها وتطبيقها؟
ولعل أول هذه الإشكاليات: إشكالية العلاقة بين المصطلح والمفهوم:
هل العلاقة بين المصطلح والمفهوم تبنى على الإفراد أم التعدد بمعنى هل لكل مصطلح مفهوم ولكل مفهوم مصطلح وهذا هو الإفراد، أم أن لكل مصطلح مفاهيم ولكل مفهوم مصطلحات تعبر عنه وهذا هو التعدد.
بناء على ذلك هل صياغة المفهوم تتأسس على استعمالات المصطلح في سياقات معينة أم صياغته تتأسس على تركيب دلالات شبكة من المصطلحات؟
ثم متى يمكننا الحديث عن استقلال المفهوم لخصوصية الاصطلاح ومتى يمكن الحديث عن انفتاح المفهوم من حيث الدلالة على ضوء شبكة العلاقات؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ثاني هذه الإشكاليات مرتبطة بالدراسة المصطلحية التي تحتاج صراحة إلى مزيد من التعديل والتطوير، وقد حاولنا في مقام آخر تعديل بعض الخطوات المنهجية وتطوير بعضها الآخر بما يستجيب مع الدرس القرآني وطبيعة النتائج المراد التوصل إليها. فالإشكال يكمن في الوقوع في التجزيئية على مستوى بناء المفاهيم حيث أن لا الرصد ولا الوصف بإمكانهما بناء المفهوم القرآني، كما إن منهجية البحث اللغوي -وإن كانت هذه مسائل تقنية فلها دور مهم فيما نحن بصدده- لا يحقق المقاصد المرجوة؛ لهذا نقترح "مؤشر المنسوب الكمي" وفق نظرية المشتقات، فبإمكانها كما اعتقد تجاوز هذا الإشكال، أما طريقة التعامل مع القرآن الكريم وفق هذا المنهج؛ فإن تتبع المصطلح ومشتقاته وسياقاته في سور القرآن الكريم لا تكفي وحدها لرصد بنائية المفهوم القرآني، لهذا كان مقترح "المنهج البنائي".
ثانيا- حاجيات معرفية ملحة في الدرس الاصطلاحي القرآني
أفضت محاولاتي البحثية في رحاب القرآن الكريم وفق الدراسة المصطلحية المدعمة بالتفسير البنائي [3] إلى رصد حاجيات أساسية وعاجلة لإنجاز الموسوعة المصطلحية والمفهومية القرآنية في أفق تأكيد مرجعية القرآن الحضارية:
أولا- نحن في حاجة إلى معجم لغوي اصطلاحي شامل أي: مراجعة لكل المعاجم اللغوية التاريخية والمعاصرة، وإعادة صياغتها وفق مناهج الدراسة المصطلية لإنجاز مشروع معجم لغوي مصطلحي يستجيب لطموحات الأمة المعرفية.
ثانيا– نحن في حاجة إلى دراسة أكبر عدد من المصطلحات القرآنية وفق منهج الدراسة المصطلحية وذلك بسبب ترابط المفاهيم والمصطلحات بعضها ببعض وهذا ما يمكن أن نسميه ضمن نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم بالتفسير الموضوعي/ المصطلحي (المصطلحات يوضح بعضها البعض الآخر)، وبناء على ذلك نحن في حاجة إلى إنجاز شبكة العلاقات البنائية للمصطلحات القرآنية.
ثالثا- نحن في حاجة إلى موسوعة البيانات النبوية للألفاظ القرآنية.
رابعا- نحن في حاجة إلى تجديد المنهج في الدراسات المصطلحية والدرس التفسيري على أساس "نظرية الوحدة البنائية" و"التفسير البنائي"، فستكون فتحا بإذن الله.
ثالثا- نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم –خطوات تأسيسية-
أ- مفهوم نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم
يتطلب تحديد مفهوم دقيق لنظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم من إنجاز بحث علمي تفصيلي لها وهو ما ستحاول هذه المقالة بإعطاء تصور أولي فقط حول منهجية هذا البحث العلمي المزمع إنجازه، لكن لا بأس في هذا المقام من تقديم -ولو بشكل وجيز ومختصر- فكرة عامة عن هذه النظرية:
إن الوحدة البنائية تعني في جملة أن القرآن الكريم بكل آياته وبكل سوره وبكل قضاياه ومواضيعه هو في آخر المطاف "وحدة موضوعية واحدة" متجانسة ومتكاملة غير قابلة للتجزيء ولا للتقسيم أي قبول بعض القرآن ورفض البعض الآخر على سبيل المثال، كما أن كل المحاولات التي تريد إقصاء القرآن عن ساحة الفعل الحضاري من خلال محاولات مكشوفة عبر عناوين التجديد أو النقد ترتد أمام وحدته البنائية خاسئة وهي حسيرة؛ لأن القرآن الكريم بكل بساطة من عند الله فطبيعي أن يتسم بصفات الرحمان من الكمال والتوحيد ولهذا فهو معجز في نظمه ومعجز في دلالاته ومعجز في تناسبيته البيانية العجيبة؛ وهذا الضرب من الإعجاز هو ما تكفل بإبراز معالمه البحوث البيانية حول القرآن الكريم، وهي بحوث لعبت دورا مهما في مواجهة محاولات الطعن في القرآن الكريم في عصرها. أما الآن حيث تصاعد وتيرة النقد والطعن واستفحالها وخطورتها على الطلبة الباحثين والمثقفين المسلمين المتأثرين بثقافة الغرب؛ فإنه أصبح من الضروري إبراز هذه الوحدة البنائية للقرآن الكريم بالمنهج الذي يتناسب والتحديات المعاصرة التي تتسلح بمناهج العلوم الإنسانية بكل ما تحمله من مفردات تعقيدية أحيانا وملتبسة أحايين أخرى، كما أن من شأن هذه الوحدة البنائية أن تؤهل الجهود الرامية إلى إعادة بناء العلوم والمعارف الإسلامية على ضوء مقاصد القرآن الكريم ومرجعيته الحضارية.
ب- منهج إنجاز نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم
* المراحل الأساسية:
1. رصد مقاصد القرآن من خلال:
أ. تتبع حديث القرآن عن القرآن.
ب. رصد علله المنوطة به عبر منهج التعليل.
جـ. تجميع هذه العلل في مقاصد كبرى جامعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
2. تحقيب سور القرآن في خانات هذه المقاصد من خلال النظر العمودي للسورة وذلك عبر:
أ. التفكيك البنيوي للسورة في شكل قضايا ومواضيع.
ب. رصد الهيكل البنائي لهذه المقاطع (أي وحدتها الموضوعية)
جـ. تحديد مقاصد هذه المقاطع عبر منهج التعليل.
د. رصد الخيط الناظم والمعنى الجامع لهذه المقاطع.
هـ. صياغة هذا المعنى الجامع في شكل أطروحة مركزية للسورة.
يتم اختيار هذا المعنى الجامع عبر:
1. براعة الاستهلال.
2. خواتيم السورة.
3. تتبع مادة المصطلح المركزي لهذه الأطروحة في السورة.
و. إنجاز الشبكة المفهومية التي تجمع الأطروحة المركزية بالمقاصد الجزئية.
3. تتبع امتدادات القضايا الجزئية في السورة الواحدة عبر باقي سور القرآن الكريم (وهذا هو النظر الأفقي أو التفسير الموضوعي) وذلك بهدف:
أ. تجميع عناصر السورة.
ب. رصد أوجه العلاقات بين السور (وجوه التكامل).
جـ. تحليل الحضور الكمي من خلال معيار الحضور النوعي.
4. إنجاز خطاطة الوحدة البنائية للقرآن وذلك بهدف:
ـ جعل هذه الوحدة معيار التقييم والنقد فيما يخص قضايا التراث أو مشاريع الإصلاح (أي مدى تحقيقها لمقاصد الوحدة البنائية للقرآن).
ـ فهم وإدراك المنطق الكلي والتماسك المعنوي للقرآن وآليات اشتغاله في تأطير القضايا الجزئية.
ج- الخطاطة النظرية للوحدة البنائية للقرآن الكريم
رابعا- منهجية القراءة البنائية للسورة
يتطلب إنجاز الوحدة البنائية للسورة ومن تم الوحدة البنائية للقرآن الكريم قراءة بنائية للسورة ويمكن تصورها على الشكل التالي:
أ- المنسوب الكمي لمعطيات السورة وتتم من خلال مرحلتين:
مرحلة التفكيك أي إحصاء الألفاظ الواردة في السورة وتحليلها وترتيبها حسب النسب المئوية:
ـ الأسماء.
ـ الأفعال.
ـ الحروف العاملة، أدوات الوصل ...
ـ المصادر ...
مرحلة التركيب على ضوء ذلك نستخرج:
ـ بنائية الألفاظ.
ـ بنائية الآيات.
ـ بنائية السور.
ومما سبق يمكن صياغة "الوحدة البنائية للنظم" وذلك على أساس "التناسب البياني".
ب- المنسوب المعنوي لمعطيات السورة
يرتبط هذا المنسوب بالمعطيات الدلالية والمعنوية للسورة ويتم رصد هذا المنسوب بالتفكيك المعنوي للسورة وذلك من خلال الخطوات المنهجية التالية:
1 - استخراج القضايا والمواضيع التي تعالجها السورة.
2 - تصنيف هذه القضايا في وحدات موضوعية، مثل الوحدة العقدية والتشريعية والأخلاقية وغير ذلك.
3 - تحليل أسلوب الخطاب الحامل لهذه المضامين بحيث نتمكن من رصد طبيعة بنائها اللغوي والبلاغي والمنهجي ... الخ.
4 - تصنيف الوحدات الموضوعية السابقة في أبواب جامعة لطبيعة التناسب الحاصل في هذه الوحدات، مثل التناسب المضموني والتناسب التأثيري والتناسب المنهجي والتناسب الفني والجمالي.
5 - استثمار المعطيات السابقة في تحليل تفسيري للسورة يعكس بعدها البنائي مع ضرورة ربط كل محطة دلالية جامعة في السورة بالمقصد الأساسي أو الأطروحة الأساسية للسورة حسب الخطاطة النظرية للوحدة البنائية للقرآن الكريم السابق ذكرها.
وهكذا يمكننا البرهنة العملية على الوحدة البنائية للقرآن الكريم كأنه جسد واحد غير قابل للتجزيء أو التقسيم.
خامسا – تصميم أولي لصياغة نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم:
"العرض البنائي" [4] نتصور أن ثمرات البحوث السابق ذكرها يمكن عرضها على الشكل التالي:
الباب الأول- دراسات مصطلحية لمفاهيم "نظرية الوحدة البنائية للقرآن الكريم"
الفصل الأول، مصطلح/مفهوم "البناء" في القرآن.
الفصل الثاني، مصطلح/مفهوم "الوحدة" في القرآن.
الفصل الثالث، مصطلح/مفهوم "القرآن" في القرآن.
خلاصة الباب: "مفهوم الوحدة البنائية للقرآن الكريم".
الباب الثاني- نظرية الوحدة البنائية في القرآن الكريم
الفصل الأول- الوحدة البنائية للنظم: "البناء الشكلي المعماري"
المبحث الأول- هندسة التركيب البنائي للسورة في القرآن
الفرع الأول- بنائية المقدمة: براعة الاستهلال، التمهيد العام الكلي، التمهيد الداخلي الجزئي ....
الفرع الثاني- بنائية العرض: أدوات الوصل، التمهيد، التداعي، النمو، التجانس .....
الفرع الثالث- بنائية الخاتمة: مقاصد الرحلة القرآنية.
المبحث الثاني- هندسة البناء النظمي
الفرع الأول- بناء الألفاظ: التناسب الصوتي.
الفرع الثاني- بناء الآي: التناسب الإيقاعي.
(يُتْبَعُ)
(/)
الفرع الثالث- بناء السور: التناسب الإجمالي.
خلاصة الفصل: "طبيعة الوحدة البنائية للنظم"
الفصل الثاني- الوحدة البنائية للخطاب الدلالي للقرآن
المبحث الأول- التناسب المضموني للقرآن
الفرع الأول- البناء العقدي ومقاصده.
الفرع الثاني- البناء التشريعي ومقاصده.
الفرع الثالث- البناء الأخلاقي ومقاصده.
المبحث الثاني- التناسب التأثيري للقرآن
الفرع الأول- البناء النفسي ومقاصده.
الفرع الثاني- البناء العقلي ومقاصده.
الفرع الثالث- البناء القلبي ومقاصده.
المبحث الثالث- التناسب الفني والجمالي للقرآن
الفرع الأول- بنائية الأسلوب الفني ومقاصده.
الفرع الثاني- بنائية القصة ومقاصدها.
الفرع الثالث- بنائية الحوار ومقاصده.
الفرع الرابع- بنائية المثل ومقاصده.
المبحث الرابع- التناسب المنهجي للقرآن
الفرع الأول- بنائية الخطاب التكليفي (أصول الفقه القرآني)
الفرع الثاني- بنائية الخطاب المقاصدي (تركيب المقاصد التناسبية السابقة)
الفرع الثالث- البناء المعرفي ومقاصده
خلاصة الفصل- طبيعة الوحدة البنائية للدلالات
الباب الثالث- نموذج تطبيقي: "التفسير البنائي لسورة البقرة"
الفصل الأول- الوحدة البنائية لسورة البقرة
المبحث الأول- الوحدة البنائية للنظم
المبحث الثاني- الوحدة البنائية للدلالات
الفصل الثاني- التفسير البنائي لسورة البقرة
بعد ذلك يعمم التفسير البنائي لباقي السور بعد تلمس الثمرات المرجوة من التفسير البنائي لسورة البقرة نظريا وتطبيقيا.
خاتمة
عموما إن الغرض من طرح هذا التصور في هذا المقام يتمثل في قناعة مفادها أن القرآن ليس نصا مستغلقا حتى يمكن الحديث عن العجز عن فهمه في تمهيد لإقصائه عن ساحة الفعل الحضاري بناء وتوجيها أو تقويما وتصحيحا، بل العكس هو الصحيح إذ القرآن ميسر للذكر ولكن لمن أراد أن يذكر أو أراد خشوعا.
فمسألة الفهم: فهم معاني القرآن، توجيهاته، مقاصده، أحكامه ... كل ذلك رهين بعملية نفسية وفكرية بسيطة لعل مناطها الأساسي هو التقوى، تقوى الله سبحانه وتعالى والتي مدارها على آلية أساسية ومركزية في اشتغال منظومة التقوى وهي آلية: الالتزام (= الميثاق).
ورحم الله سيد قطب عندما قال: "إن هذا القرآن هو معلم هذه الأمة ومرشدها ورائدها وحادي طريقها على طول الطريق، وهو يكشف لها عن حال أعدائها معها، وعن جبلتهم وعن تاريخهم مع هدى الله كله. ولو ظلت هذه الأمة تستشير قرآنها؛ وتسمع توجيهاته؛ وتقيم قواعده وتشريعاته في حياتها، ما استطاع أعداؤها أن ينالوا منها في يوم من الأيام ... ولكنها حين نقضت ميثاقها مع ربها، وحين اتخذت القرآن مهجورا -وإن كانت ما تزال تتخذ منه ترانيم مطربة، وتعاويذ ورقى وأدعية- أصابها ما أصابها" [5].
إن مرجعية القرآن الكريم الحضارية ليست بالشيء المستحيل، فقد حقق القرآن الكريم عالميته في الصدر الأول فكيف لا يمكن له أن يحقق عالميته الثانية، الواقع أن مفتاح هذه العالمية يكمن في الكسب البشري ونهله من هذا الكتاب العظيم بالمجهود والكيفية التي تليق بكتاب أنزله رب العالمين هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان: "ذلك أن كتابا نزل إلى العالمين، إلى الناس كافة على امتداد أزمنتهم وأمكنتهم لابد أن يبقى مفتوحا للأجيال تنهل منه على اختلاف بيئاتها وأزمانها، ولو كان ذلك بأقدار ونسب متفاوتة. إنه لمن الخطأ أن تعمد مدارس أو فرق أو اتجاهات إلى محاصرة الوحي بأفهامها، فلا تسمح له بالامتداد إلا بمقدار ما تسمح له عقولها ومداركها. فما كان لهذا الدين إن سادته هذه الأفهام في صدره الأول أن يحقق عالميته الأولى ولا أن يغادر الجزيرة ليصل آفاق الأرض." [6]
فمناط الأمر، إذن، دعوة للتحرر من القيود المذهبية التي حنطت الآيات في أفهام تاريخية غير قابلة للرد أو التعديل أو حتى التكميل، وهذا لا يعني بالضرورة رفض كل هذا التراث التفسيري الجليل، وإنما كما يقال تاريخ العلوم هو تاريخ تراكم لا تاريخ القواطع المعرفية، إننا في حاجة إلى استئناف حضاري بوابته الكبرى استئناف في الإبداع العلمي والمعرفي ولعل عنوان إعادة بناء علومنا وفق مرجعية القرآن الكريم هو البداية الصحيحة [7].
ملاحق ذات صلة بالموضوع: [8]
ملحق1
نماذج من التخطيط البنائي للآيات والسور:
وتندرج هذه الخطاطات في إطار الوحدة البنائية للدلالات [9]
(يُتْبَعُ)
(/)
• خطاطة بنائية للآيات:26 - 29 من سورة البقرة:
• النمط التشجيري
ـ خطاطة بنائية عامة لسورة البقرة:
ملحق2:
نموذج "تحليل بنائي" لميثاق النصارى في سورة المائدة [10]:
1 - الهيكل البنائي:
أ-موقع النصارى في البناء العام لسورة المائدة:
هناك أربع أصناف وقع عليها الخطاب القرآني في السورة:
- صنف المؤمنين.
- صنف أهل الكتاب على سبيل العموم.
- صنف اليهود على سبيل الخصوص.
- صنف النصارى على سبيل الخصوص.
وقد توجه الخطاب للمؤمنين على أساس التكليف الشرعي بجملة من الأحكام ذات طابع تكميلي، في حين كان الخطاب لأهل الكتاب عموما واليهود والنصارى خصوصا يتركز من جهة، على دعوتهم لعقيدة التوحيد والدخول في الإسلام كما يتركز من جهة أخرى، على رد أباطيلهم وتصحيح التصورات العقدية حول قضايا التوحيد.
ومن أجل توضيح الصورة أكثر نعرض للعناوين الأساسية لحديث سورة المائدة لهذه الطوائف خاصة اليهود والنصارى ارتباطا بالموضوع الأصلي لهذا المبحث.
وقبل ذلك أحب الإشارة إلى توافق عجيب في نسب الآيات حول هذه الطوائف جاءت كما يلي:
عدد الآيات المجموع عدد آيات سورة المائدة
اليهود 26 60 122
النصارى 26
أهل الكتاب 8
المؤمنين المسلمين 60 60
فكان السورة توجهت بالخطاب بشكل متساو بين صنفين:
- صنف المؤمنين: 60 آية.
- صنف أهل الكتاب: 60 آية، ومجموعهما هو عدد آيات سورة المائدة.
كما أن السورة جاءت في حديثها عن اليهود والنصارى متسامية النسب:
- اليهود: 26 آية
- النصارى: 26 آية.
كما أنه على مستوى المواضيع والمضامين نجد تقارب كبير على هذا المستوى كما يوضحه هذا الجدول.
اليهود النصارى
الآيات المواضيع الآيات المواضيع
12 و13 نقض اليهود للميثاق 14 نقض النصارى للميثاق
18 الأباطيل العقدية لليهود 17 الأباطيل العقدية للنصارى
20?26 مواقف اليهود مع موسى والأرض المقدسة 18 الأباطيل العقدية للنصارى
27? 32
جريمة القتل عند اليهود وقياسها على قصة بني آدم 46 - 47 إلزام النصارى بحكم التوراة وتصديق الإنجيل له
44 - 45 هداية التوراة وحكم القصاص 72?76 عقائد باطلة للنصارى
64 من أقبح أقوال اليهود (العقائد الباطلة) 82?86 موقف النصارى من المؤمنين
70 - 71 تكذيب اليهود للرسل رغم الميثاق 110 - 111 التذكير بمعجزات عيسى عليه السلام
78?81 لعن اليهود وتصرفاتهم الولائية 112?115 إنزال المائدة بطلب الحواريين
82 عداوة اليهود للمؤمنين 116?120 تبرئة عيسى من مزاعم النصارى
- إننا نلاحظ من خلال هذا الجدول أن أهم العناصر المشتركة تتمثل في أربع عناصر أساسية:
ـ نقض الميثاق.
ـ عقائد منحرفة حول التوحيد.
ـ الإلزام بأحكام الكتاب (توراة أو إنجيل).
ـ طبيعة العلاقة أو الموقف من المؤمنين.
في حين انفرد الحديث عن اليهود في السورة بموضوع المواقف المخزية لليهود تجاه موسى عليه السلام، تفرد الحديث عن النصارى بالتذكير بمعجزات عيسى وقصة المائدة وتبرئة المسيح من مزاعم النصارى.
- كما نلاحظ بروز موضوع نقض الميثاق ضمن الهيكل البنائي لخطي اليهود والنصارى في السورة إذ جاء مستهلا في بداية الحديث عنهم، وإذا ما أخذنا بمبدأ براعة الاستهلال في هذا المقطع فإننا نفهم خلفيات تفاعل المواضيع الآتية سواء في خط مواضيع النصارى أو مواضيع اليهود.
وبخصوص النصارى يمكن اعتبار انطلاقا من هذا التصور أن نقض الميثاق هو الخلفية السلوكية المؤسسة لباقي المواضيع، كما أن هذه المواضيع يمكن أن تشكل إضاءات على موضوع نقض الميثاق بالمقابل.
2 - الأطروحة المركزية
لاشك أن من يتدبر سورة المائدة آخذا كما قلنا بـ:
ـ براعة الاستهلال.
ـ مجمل العقود الواردة في السورة.
يفهم أن الموضوع الأساسي الذي تدور عليه السورة يتعلق بالوفاء العقود والمواثيق والعهود.
(يُتْبَعُ)
(/)
والعقود كما يتبين من خلال تفكيك مفردات السورة لا ينحصر فيما يتعلق بالفقه العملي أي المعاملات وما إلى ذلك، وإنما –وهذا هو المقصود- بالجانب العقدي أساسا وإلا لما وجدنا رابطا بين طلب الوفاء بالعقود في بداية السورة، وبين الحديث عن أهل الكتاب واليهود والنصارى، ذلك أن العقد الإلهي الذي يعبر عنه في السياق القرآني بالميثاق أو العهد في مواقع أخرى هو العقد الأساسي والمهم والجوهري في الخطاب القرآني، إذ هذا الأخير يتمحور أساسا على ربط الناس بربهم بتصحيح التصورات عنه وببيان منهج التصور الصحيح حول هذا الموضوع، ويتفرع عن ذلك في مراحل لاحقة كل المواضيع الأخرى ذات البعد التشريعي أو الأخلاقي لكنها في المجمل أو المحصلة خادمة لهذا القصد التوحيدي.
وهذا ما وجدناه في سورة المائدة مبينا وواضحا بشكل انسيابي ومعجز في نفس الآن:
فالأحكام الشرعية التكليفية سواء العبادية أو الأخلاقية السلوكية جاءت لتعكس بعد الحاكمية الإلهية من خلال اتباع شرعه، كما أن التعقيبات الكثيرة على هذه التكليفات حملت مضمون هذه الحاكمية والحوار مع أهل الكتاب وتفنيد أباطيل اليهود والنصارى جاءت لتصحيح التصور العقدي حول موضوع الربوبية، كما أن التعقيبات عنها وعن سابقتها عكست بشكل جلي بعد توحيد الأسماء والصفات؛ فهكذا تصبح أمام مشهد ظاهري للآيات يعالج موضوع الأحكام الشرعية والجدال والحوار الديني لكن في عمقه ومقصده؛ فإننا بصدد مشهد عقدي يعالج موضوع التوحيد.
ولإدراك موقع ميثاق النصارى ضمن هذا كله نقترح الخطاطة التالية:
فالموقع البنائي لميثاق النصارى في السورة يقع بين الإحداثية التالية (محور الرد على أهل الكتاب، الخط العقدي)
3 - التركيب البنائي
يمكن معالجة التركيب البنائي لميثاق النصارى على الشكل التالي:
أ. الدواعي والموجبات
التي تحتم على النصارى تطبيق الميثاق:
- أخذ الله تعالى نفسه الميثاق منهم (الآية 5/ 14).
- دعوى التنصر (الآية 5/ 14).
- الوعد (الآيات5/ 84 - 5/ 85 - 5/ 449).
- الوعيد (الآيات 5/ 14 – 5/ 86 - 5/ 109 - 5/ 115).
- الإقرار من طرف النصارى (الآية5/ 83).
- إنزال المائدة (الآيات 5/ 112 - 5/ 115)؛ (فهي معجزة داعية للتصديق كما أنها تثبت إعجاز القرآن في ذكر الغيب التاريخي).
- التذكير بالميثاق (الآية5/ 14).
- البرهان الحجاجي القرآني في تنفيذ عقيدة النصارى المنحرفة (الآيات 5/ 17 - 5/ 18 – 5/ 75 – 5/ 76).
- ظهور الحقيقة يوم القيامة (الآيات 5/ 14 – 5/ 116 – 5/ 118).
ب. الشروط
- مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم.
- تصديق القرآن لما جاء في الإنجيل.
جـ. المجالات
العقيدة أساسا (موضوع التوحيد والإلوهية والتثليث ... الخ).
د. المضامين
- توحيد الله وتحريم الشرك (بشكل عام) (5/ 69 - 5/ 72 - 5/ 117).
- تحريم عقيدة إلوهية المسيح (5/ 17).
- تحريم عقيدة التثليث (5/ 73).
- الحكم بالإنجيل (وفيه اتباع محمد صلى الله عليه وسلم) (5/ 47).
- اتباع الرسول (مفهوم الموافقة) (5/ 83).
هـ. الاستحقاقات والنتائج
• استحقاقات الوفاء والتطبيق:
- رفع الخوف والحزن (5/ 69).
- خيل درجة الشهادة (5/ 83).
- الدخول مع القوم الصالحين (5/ 84).
- جزاء الجنة (5/ 85 – 5/ 119).
- نيل رضوان الله (5/ 119).
• استحقاقات النقض والتحريف:
- إلقاء العداوة بينهم (5/ 14).
- إلقاء البغضاء بينهم (5/ 14).
- العذاب الدنيوي بسبب الذنوب (5/ 18).
- حكم الفسق (5/ 47).
- الحرمان من الجنة والأنصار والدخول إلى النار (5/ 72).
- المس بعذاب أليم (5/ 73 – 5/ 115).
- جزاء الجحيم (5/ 86).
• العلل: (أو أسباب نقض النصارى للميثاق)
- النسيان (5/ 14).
- التوهم بأنهم أبناء الله وأبناؤه (5/ 18) (عقيدة شعب الله المختار).
- سوء فهم معجزات عيسى عليه السلام من إحياء الموتى وغيرها حيث أوهمهم شاول بولس أن هذه الأفعال لا تكون إلا من إله فاعتبر النصارى عيسى إلها (ن، تفسير السمرقندي، 1/ 423).
- عدم تدبر الآيات (الكونية والمكتوبة) كما أراد الله عز وجل (5/ 75).
- عدم استعمال العقل (5/ 76).
بالإضافة إلى ذلك هناك آيتا سورة البقرة اللتان تشيران إلى الأسباب التالية:
- كراهية إنزال الخير على غيرهم (2/ 105).
- الحسد (2/ 109).
الهوامش:
________________________________________
(يُتْبَعُ)
(/)
1. من أبرز من تحدثوا عن الموضوع: د. طه جابر العلواني بمقالة الوحدة البنائية للقرآن المجيد بمجلة الكلمة وقد ركز فيه على اهتمام العلماء بموضوع التناسب البياني ثم ما لبث أن توسع في الموضوع في كتاب يحمل نفس العنوان أصدرته مكتبة الشروق الدولية وهو يشكل أرضية خصبة مهمة في التعرف على هذه النظرية من حيث الأهمية وتأثير هذه النظرية على العلوم وكذلك جذورها التاريخية، كذلك نجد مساهمة الدكتور أحمد عبادي في فصل خاص ضمن رسالته للدكتوراه: "مفهوم الترتيل في القرآن الكريم" الصادر مؤخرا، وقد نشر ما يتعلق بالوحدة البنائية ضمن مقالة له بمجلة رسالة القرآن، كما نجد مجهود ملموس لمحمود البستاني في كتابه: "المنهج البنائي في التفسير"، وقد حاولت الاطلاع على تفسيره الموسوم بعمارة السورة القرآنية في 6 أجزاء لكني لم أستطع الحصول على الكتاب؛ لهذا الغرض حاولت -تكملة لهذه الجهود الطيبة- اقتراح منهج لاكتشاف هذه الوحدة البنائية في هذا المقال وكلي أمل في أن يحظى هذا المشروع بالدعم المنشود توجيها ونقدا وتصحيحا وإن كان يخطو خطواته الأولى. غير أن الرغبة في فتح نقاش جدي في الموضوع أرغمتني على نشر هذه الورقات والله الموفق وهو يهدي إلى سواء السبيل.
2. نسبة إلى المَعْلَم الديكارتي في علوم الرياضيات أي الحديث عن الإحداثيات، والكلام هنا –على أي حال– مجازي المقصود به ضبط الموقع المعرفي للمفاهيم ضمن النسق القرآني.
3. منها بحث دبلوم الدراسات العليا المعمقة الموسوم بـ"الميثاق في القرآن الكريم: دراسة مصطلحية وتفسير بنائي" موسم 2005/ 2006 وبحث "التدافع في القرآن الكريم: دراسة مصطلحية" الذي شاركت به في الندوة الوطنية التي نظمها مركز دراسات المعرفة والحضارة بتعاون مع وحدة السلك الثالث ببني ملال في موضوع "التدافع الديني والحضاري بين العالمين الإسلامي والغربي" أيام 9 - 10 ماي 2006.
4. وإذ نقترح هذا التصميم كدعوة مفتوحة للباحثين المختصين للمساهمة في هذا المشروع باعتباره مشروعا أكبر من المجهود الفردي.
5. في ظلال القرآن، ج1.
6. شبار سعيد، تقرير عن أطروحة "الاجتهاد والتجديد في الفكر العربي الإسلامي المعاصر"، م. المنعطف، ع 18 - 19، 2001م، ص: 210 - 211.
7. تندرج في هذا الإطار محاولات الدكتور طه جابر العلواني في سلسلته القرآنية التي تنشرها له مكتبة الشروق الدولية وقد صدرت منها العناوين التالية:1 - أزمة الإنسانية ودور القرآن الكريم في الخلاص منها. 2 - الجمع بين القراءتين. 3 - الوحدة البنائية للقرآن المجيد. 4 - لسان القرآن ومستقبل الأمَّة القطب.
8. لا تعكس هذه النماذج التي سنذكرها المنهج الذي سطرناه في بيان الوحدة البنائية للقرآن المجيد إلا في بعض جوانبه ولهذا فالغرض من عرضها إعطاء صورة أولية لكيفية الاشتغال على هذا الموضوع ونظرا إلى أن هذا ما توفر حاليا بعد إنجاز هذه الدراسة التي نحن بصددها، لكن الأمل كبير في عون الله تبارك وتعالى في إنجاز ما تم التنظير له في هذه الدراسة إنه ولي ذلك والقادر عليه.
9. أخذنا هذه النماذج من بحثنا: الميثاق في القرآن الكريم –دراسة مصطلحية وتفسير بنائي- السابق ذكره.
10. لكن دائما في إطار البناء الدلالي دون البناء الشكلي المعماري الذي هو جدير بالإفراد بالدراسة في غير هذا الموضع.(/)
اتحاف البصير بنظم أصول وقواعد التفسير
ـ[الإسحاقي]ــــــــ[04 Feb 2009, 12:26 م]ـ
جزاكم الله خيراً هذا هو نظم اتحاف البصير والنية قائمة على طبعه قريباً
ـ[أبوحسام الدين]ــــــــ[04 Feb 2009, 01:32 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذا النظم الرائع، فهو سهل الحفظ لقصره، وغزير الفائدة لما حوى من مجملات أصول التفسير.
ـ[عبد الحي محمد]ــــــــ[04 Feb 2009, 08:12 م]ـ
نفع الله بكم
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[05 Feb 2009, 03:40 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع الله بإطروحاتكم ومساعيكم
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[06 Feb 2009, 11:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نظم ماتع نافع في بابه. دفعني إلى عقد العزم على مدارسته مع بعض مشايخي، من أجل وضع شرح ولو مختصر عليه.(/)
لهو الحديث
ـ[أبوحسام الدين]ــــــــ[04 Feb 2009, 01:20 م]ـ
آية وإشكالات حولها
أبوحسام الدين
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله.
وبعد:
فلقد اختلف العلماء قديما حول تفسير قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان:6]
ولقد حصر الكثير المعنى في معنى واحد، وهو الغناء الفاحش، أو الغناء بصورة عامة، حتى أن ذكر كلمة غناء معناها الفسق والمجون، مع العلم أنها كلمة في حد ذاتها تحوي ما هو مباح وما هو مستحب وما هو محرم ومكروه. لذا أردت إلقاء الضوء على هذه الآية من خلال ما جاء في تفسيرها من أحاديث وآثار، ووضعها تحت البحث الحديثي العلمي بعيدا عن الانحياز لقول فلان أو فلان.
• ما ذكر من الآثار في تفسير الآية
وقد ورد في تفسير الآية أقوال:
القول الأول: أن لهو الحديث هو الغناء
وقد ورد في ذلك أدلة مرفوعة وموقوفة
أولا: الأدلة المرفوعة
الأول:
أخرج الترمذي (1282):
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا تَبِيعُوا الْقَيْنَاتِ، وَلا تَشْتَرُوهُنَّ، وَلا تُعَلِّمُوهُنَّ، وَلا خَيْرَ فِي تِجَارَةٍ فِيهِنَّ، وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ فِي مِثْلِ هَذَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
قَالَ: وَفِي الْبَاب عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
قَالَ أَبُو عِيسَى: حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِثْلَ هَذَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ وَضَعَّفَهُ وَهُوَ شَامِيٌّ.
قلت: حديث موضوع
1 ـ عبيد الله بن زحر: منكر الحديث
قال عنه ابن الجوزي في (الضعفاء: 2/ 162):
يروي عن علي بن يزيد نسخة باطلة
ضعفه أحمد
وقال ابن المديني: منكر الحديث يروي الموضوعات
وقال يحيى: ليس بشيء كل حديثه عندي ضعيف
وقال الدارقطني: عبيد الله ليس بالقوي، وعلي متروك
وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات، فإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات، وإذا اجتمع في إسناد خبر عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد والقاسم أبو عبد الرحمن؛ لم يكن متن ذلك الخبر إلا مما عملته أيديدهم.أ ـ هـ
وذكر الترمذي في علله (ص190) عن البخاري قال: ثقة
2 ـ وعلي بن يزيد: منكر الحديث،
ـ وقد أخرجه الطبراني في (مسند الشامين: 231،893)، والمعجم الكبير (7749) من طريق بن ثوبان، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم، عن أبي أمامة به.
منكر:
1 ـ بن ثوبان: هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان
قال أحمد: لم يكن بالقوي وأحاديثه مناكير، ويكتب حديثه
وقال النسائي: ليس بالقوي
وقال يحيى: ضعيف
وقال مرة: ليس به بأس
ووثقه دحيم، وأبو حاتم
2 ـ يحيى بن الحارث الزماري: ثقة
3 ـ القاسم بن عبد الرحمن الشامي
قال أحمد بن حنبل: روى عنه علي بن يزيد أعاجيب وما أراها إلا من قبل القاسم
وقال ابن حبان: يروي عن أصحاب رسول الله المعضلات.
ووثقه ابن معين والجوزجاني والترمذي.
ـ وقد أخرجه ابن ماجة (2168) حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان ثنا هاشم بن القاسم ثنا أبو جعفر الرازي عن عاصم عن أبي المهلب عن عبيد الله الإفريقي عن أبي أمامة قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المغنيات، وعن شرائهن وعن كسبهن وعن أكل أثمانهن.
وهذا إسناد ساقط
عبيد الله الأفريقي: هو بن زحر وهو منكر الحديث ولم يلقى أبي أمامة.
ـ وأبو المهلب: هو مطرح بن يزيد
قال عنه يحيى بن معين وأبو حاتم الرازي، والنسائي، والدراقطني: ضعيف
وقال يحيى مرة: ليس بشيء ليس بثقة
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابن حبان: مطرح لا يروي إلا عن عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد وكلاهما ضعيف، فطيف يتهيأ الجرح لمن لا يروي إلا عن الضعفاء ولكنه لا يحتج به لأنه يروي عن الضعفاء
ـ وعاصم بن أبي النجود القارئ: فيه مقال
ـ أبو جعفر الرازي: هو عيسى بن أبي عيسى
قال علي بن المديني: كان ثقة، وقال مرة: كان يخلط
وقال يحيى مرة: هو ثقة، وقال مرة يكتب حديثه إلا أنه يخطئ
وقال أحمد: ليس بقوي في الحديث
وقال مرة: صالح الحديث
وقال الفلاس: سيئ الحفظ
وقال أبو زرعة: يهم كثيرا
وقال ابن حبان: يتفرد بالمناكير عن المشاهير.
ـ وللحديث شاهد:
أخرجه أبو يعلى في مسنده (527) حدثنا أبو عبد الرحمن الأذرمي، حدثنا علي بن يزيد الصدائي، عن الحارث بن نبهان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغنيات والنواحات، وعن شرائهن وبيعهن وتجارة فيهن وقال كسبهن حرام.
موضوع
الحارث: هو الحارث بن عبد الله الأعور
قال شعبة: كان كذابا
وقال أبو إسحاق: كان كذابا
وقال جرير: كان الحارث زيفا
وقال علي بن المديني: كذاب
وقال عثمان الدارمي عن بن معين: ثقة
قال عثمان: ليس يتابع بن معين على هذا
وقال أبو زرعة: لا يحتج بحديثه
وقال أبو حاتم: ليس بقوي ولا ممن يحتج بحديثه
وقال النسائي: ليس بالقوي.
ـ والحارث بن نبهان
قال يحيى: لا يكتب حديثه ليس بشيء
وقال أحمد والبخاري: منكر الحديث
وقال النسائي: متروك الحديث
وقال الدارقطني: ليس بالقوي
وقال ابن حبان: خرج عن حد الاحتجاج.
قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية " (2/ 758):
هذه الأحاديث ليس فيها شيء يصح.
ثانيا: الأدلة الموقوفة
الأول: أثر ابن مسعود رضي الله عنه
أخرج بن أبي شيبة في مصنفه (21130) والحاكم في مستدركه (3542) عن حميد بن صخر، عن عمار الدهني، عن سعيد بن جبير، عن أبي الصهباء، عن عبد الله بن مسعود أنه سئل عنها ـ أي الآية ـ فقال: الغناء والذي لا إله إلا هو.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي
وقد أخرجه ابن جرير في تفسيره (21/ 61) من طريق أبي الصهباء عنه.
أبو الصهباء هو البكري مولى ابن عباس:
قال عنه أبو زرعة: مدينى ثقة
وقال النسائي: بصري ضعيف
وذكره ابن حبان في الثقات
وجمعا بين الجرح والتعديل قال الحافظ في التقريب: مقبول.
ـ وقد أخرجه البيهقي في (شعب الإيمان: 4/ 279): من طريق عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبيه عن ابن مسعود في قوله عز وجل: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: رجل يشتري جارية تغنيه ليلا أو نهارا.
وفي سنده انقطاع بين ابن مسعود وبين يونس بن أبي إسحاق.
فالأثر ضعيف
وقد ضعفه الحافظ في الفتح (11/ 91). وقال في التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير - (4/ 482): وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ. اهـ وسكت عنه
الثاني: أثر ابن عباس
1 ـ أخرج البخاري في الأدب المفرد (786)) من طريق خالد بن عبد الله قال: أخبرنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن بن عباس: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء وأشباهه.
والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 221) من طريق منصور بن أبي الأسود عن عطاء به.
ضعيف
ـ عطاء بن السائب
قال أحمد: من سمع منه قديما فهو صحيح، ومن سمع منه حديثا لم يكن بشيء.
وقال يحيى: لا يحتج بحديثه.
وقال أحمد بن أبي خيثمة عن يحيى: حديثه ضعيف إلا ما كان عن شعبة وسفيان.
وقال البخاري: أحاديث عطاء بن السائب القديمة صحيحة
وقال ابن عيينة: ذكر أبو إسحاق السبيعي عطاء بن السائب فقال: ما فعل عطاء إنه من البقايا.
وقال أحمد بن حنبل: عطاء بن السائب ثقة ثقة رجل صالح ومن سمع منه قديما كان صحيحا.
وقال أبو حاتم: محله الصدق قبل أن يخلط
وقال النسائي: ثقة في حديثه القديم لكنه تغير، ورواية شعبة والثوري وحماد بن زيد عنه جيدة.
وقال البخاري في " تاريخه ": قال على: سماع خالد بن عبد الله من عطاء بن السائب بآخره.اهـ
2 ـ وأخرج بن أبي شيبة (21131) من طريق ابن أبى ليلى عن، الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: الغناء وشرى المغنية.
ـ ابن أبي ليلى: وهو محمد بن عبد الرحمن: ضعيف وقد تقدمت ترجمته.
ـ ومقسم: هو الضبي مولى ابن عباس:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو حاتم: صالح الحديث لا بأس به
وذكره البخاري في الضعفاء
وقال ابن حزم: ليس بالقوي
وقال ابن سعد: كان كثير الحديث ضعيفا
وقال الساجي: تكلم الناس في بعض روايته
قال أحمد بن صالح المصري: ثقة ثبت لا شك فيه
وقال العجلي: مكي تابعي ثقة
وقال يعقوب بن سفيان والدار قطني: ثقة.
ـ والحكم: هو الحكم بن عتيبة: وهو ثقة غير أنه لم يسمع من مقسم إلا خمسة أحاديث: ليس هذا منها. وقد وصفه ابن حبان بالتدليس
3ـ وقد أخرج الأثر ابن حزم من طريق عبد الكريم الجزري عن أبي هاشم الكوفي عن ابن عباس به
وأبو هاشم الكوفي: هو القاسم بن كثير
قال أبو حاتم: صالح
وقال النسائي: ثقة
وذكره بن حبان في كتاب الثقات. وقال: يخطئ، وقال في موضع آخر: ربما خالف
وقال الذهبي: صالح الأمر
غير أنه لم يسمع من ابن عباس.
ـ وعبد الكريم الجزري: ثقة
4 ـ وقد أخرج ابن جرير (21/ 61) من طريق: ابن أبي ليلى عن الحكم أو مقسم عن مجاهد عن ابن عباس قال: شراء المغنية
قلت: وابن أبي ليلى: ضعيف
5 ـ وقد أخرج ابن جرير أيضا (21/ 61) من طريق: ليث، عن الحكم، عن ابن عباس قال: الغناء.
ضعيف:
ليث: هو ليث بن أبي سليم: ضعيف وقد تقدمت ترجمته
6ـ وأخرج الطبري أيضا (21/ 62) من طريق محمد بن سعد قال: ثني أبي، قال: ثني عمي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله} قال: باطل الحديث هو الغناء ونحوه.
وفيه مجاهيل
والحديث لا تصححه كثرة الطرق إذا كان فيها ضعف
الثالث: أثر جابر
أخرج الطبري في تفسيره (21/ 62) من طريق: سفيان عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن جابر في قوله: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث)، قال: هو الغناء والاستماع له
ضعيف:
ـ قابوس بن أبي ظبيان
قال يحيى: ضعيف الحديث
وقال مرة: ثقة
وقال أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به
وقال النسائي: ليس بالقوي
وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ يتفرد عن أبيه بما لا أصل له.
الرابع: أثر مجاهد
1 ـ أخرج الطبري (21/ 62) من طريق: سفيان، عن حبيب، عن مجاهد: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث)؛ قال: الغناء
صحيح
2 ـ وقد أخرجه أيضا: من طريق: شعبة عن الحكم عن مجاهد به
وسنده: صحيح
3 ـ وأخرجه أيضا من طريق: سفيان، عن عبد الكريم، عن مجاهد: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث)، قال: هو الغناء وكل لعب لهو.
4 ـ وقد أخرجه أيضا من طريق: عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} قال: الغناء والاستماع له وكل لهو.
5 ـ وأخرجه أيضا من طريق ليث بن أبي سليم عن مجاهد به.
الخامس: أثر عكرمة
1 ـ أخرج الطبري (21/ 62): من طريق: إسماعيل بن أبي خالد، عن شعيب بن يسار، عن عكرمة قال: (لهو الحديث)؛ الغناء.
صحيح
2ـ وأخرجه أيضا: من طريق: أبو أسامة وعبيد الله، عن أسامة بن زيد، عن عكرمة به
هذه جملة ما ورد في تفسير قوله تعالى: (لهو الحديث) بالغناء، وكلها ضعيفة عدا ما ورد عن مجاهد وعكرمة مولى بن عباس
القول الثاني: لهو الحديث بمعنى الشرك
الأول: عن الضحاك
أخرجه الطبري في تفسيره (12/ 62) فقال: حدثت عن الحسين قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث}؛ يعني الشرك
وهذا ضعيف للآتي:
1 ـ الانقطاع بين الطبري والحسين.
2 ـ جهالة عبيد الله مولى عمر بن مسلم الباهلي
الثاني: عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
أخرج الطبري (21/ 62) من طريق ابن وهب قال: قال ابن زيد في قوله: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا} قال: هؤلاء أهل الكفر ألا ترى إلى قوله {وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا} [لقمان:7] فليس هكذا أهل الإسلام، قال: وناس يقولون وليس كذلك، قال وهو الحديث الباطل الذي كانوا يلغون فيه
وسنده صحيح.
القول الثالث: أن لهو الحديث هو الطبل
أخرج ابن جرير (21/ 63) من طريق: حجاج الأعور عن ابن جريج عن مجاهد قال: اللهو: الطبل
حجاج الأعور: ثقة
ابن جريج: ثقة غير أنه يدلس.
القول الرابع: باطل الحديث
(يُتْبَعُ)
(/)
أخرج البيهقي في شعب الإيمان (5194): أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محبور الدهان، أنا الحسين بن محمد بن هارون، ثنا أحمد بن محمد بن نصر، ثنا يوسف بن بلال، ثنا محمد بن مروان، عن أبي صالح في قوله: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث} يعني باطل الحديث بالقرآن.
قال ابن عباس: وهو النضر بن الحارث بن علقمة يشتري أحاديث الأعاجم وصنيعهم في دهرهم، فرواه من حديث الروم وفارس ورستم وأسفنديار والقرون الماضية وكان يكتب الكتب من الحيرة والشام ويكذب بالقرآن فأعرضت عنه فلم يؤمن به.
موضوع
محمد بن مروان بن عبد الله السدي الصغير
قال جرير: محمد بن مروان كذاب
وقال أبو حاتم: ذاهب الحديث متروك الحديث لا يكتب حديثه البتة
وقال يحيى بن معين: ليس بثقة
وقال مرة: ليس بشيء
وقال السعدي: ذاهب
وقال النسائي والأزدي: متروك الحديث
وقال البخاري: لا يكتب حديثه
وقال الدارقطني: ضعيف
وقال ابن حبان: لا يحل كتب حديثه إلا اعتبارا ولا الاحتجاج به بحال. ـ ويوسف بن بلال لم أجد له ترجمة.
• من أقوال العلماء في الآية:
العلماء في الآية كانوا على حسب ما ورد من آثار فيها، وكل واحد رجح بما رآه صحيح في ذلك، وإليك بعضا من أقوالهم:
1 ـ هذا ما وقع في تفسير هذه الآية عن السلف، وقد استدل البخاري بعموم الباطل في الآية فقال في صحيحه:
باب: كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله
ومن قال لصاحبه تعال أقامرك، وقوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله)
قال الحافظ في الفتح (11/ 91):
وذكر بن بطال: أن البخاري استنبط تقييد اللهو في الترجمة من مفهوم قوله تعالى: {ليضل عن سبيل الله} فان مفهومه أنه إذا اشتراه لا ليضل لا يكون مذموما. وكذا مفهوم الترجمة أنه إذا لم يشغله اللهو عن طاعة الله لا يكون باطلا؛ لكن عموم هذا المفهوم يخص بالمنطوق فكل شيء نص مما يلهي يكون باطلا، سواء شغل أو لم يشغل.
وكأنه رمز إلى ضعف ما ورد في تفسير اللهو في هذه الآية بالغناء وقد أخرج الترمذي من حديث أبي أمامة رفعه: لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن الحديث .. وفيه: وفيهن أنزل الله: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) .. الآية. وسنده ضعيف.
واخرج الطبراني عن بن مسعود موقوفا: اللهو في هذه الآية بالغناء وفي سنده ضعف أيضا. أ ـ هـ
2 ـ ابن حزم:
قال رحمه الله في كتابه (المحلى: 9/ 60):
لا حجة في هذا كله لوجوه:
أحدها: أنه لا حجة لأحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم
والثاني: أنه قد خالف غيرهم من الصحابة والتابعين
والثالث: أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها لأن فيها: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} [لقمان:6] هذه صفة من فعلها كان كافرا بلا خلاف إذا اتخذ سبيل الله تعالى هزوا، ولو أن امرأ اشترى مصحفا ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزوا لكان كافرا، فهذا هو الذي ذم الله تعالى وما ذم قط عزوجل من اشترى لهو الحديث ليلتهي به ويروح نفسه لا ليضل عن سبيل الله تعالى فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرنا، وكذلك من اشتغل عامدا عن الصلاة بقراءة القرآن أو بقراءة السنن أو بحديث يتحدث به أو ينظر في ماله أو بغناء أو بغي ذلك فهو محمود عاص لله تعالى، ومن لم يضيع شيئا من الفرائض اشتغالا بما ذكرنا فهو محسن. أ ـ هـ
خلاصة القول في الآية:
الآية لا يجوز تضييق معناها في معنى واحد فقط، بل هي تشمل كل معنى يؤدي إلى الضلال والبعد عن منهج الله وطاعة الله تعالى.
والغناء الذي يؤدي بدوره إلى الفسق والفجور وإثارة الغريزة بالتشبيب بالنساء ونحو ذلك مما هو مشاهد في عصرنا اليوم من مرئيات ومسموعات فيها كل الفجور والفسق، هو من لهو الحديث.
أما الغناء الذي من شأنه شحذ الهمم للجهاد أو طاعة الله تعالى أو العمل المباح، كما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا لا يدخل في لهو الحديث. والكلام في ذلك يطول شرحه.
هذا ما أردت ذكره فإن كنت وفقت فمن فضل الله عليَّ ومنِّه وكرمه، وإن أخفقت فمن نفسي والشيطان. وصلي الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.
وكتبه
أبوحسام الدين
ـ[بوعوف الحنفي]ــــــــ[05 Feb 2009, 01:24 م]ـ
جعل الله عملك هذا في ميزان حسناتك وشكرًا على مجهودك
ـ[أبوحسام الدين]ــــــــ[08 Feb 2009, 07:37 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا لك أخي بوعوف الحنفي على مروره ودعائه، وشكرا لمن قرأ الموضوع، وبارك الله فيكم وفي أعمالكم(/)
المناسبة اللفظية
ـ[أبوجود]ــــــــ[05 Feb 2009, 07:45 م]ـ
· المناسبة اللفظية:
من خصائص النظم القرآني المعجز، إحكام بنائه، وتناسق أجزائه، وقد كان القرآن يراعي في اختيار الألفاظ وصياغة التعبير مناسبة الآية لسوابقها ولواحقها، بحيث تجيء الكلمة أو العبارة فيه متمكنة في موقعها، ملائمة لسياقها، لا يسد غيرها مسدها.
ومن الجوانب التي التفت إليها العلماء المتدبرون للقرآن الكريم، متشابهات آياته؛ وهي تلك الآيات التي تتشابه في ألفاظها وترد في أكثر من موضع مع اختلاف يسير في التعبير بتقديم أو تأخير أو زيادة أو نقصان أو إبدال أو غير ذلك مما يوجب اختلافا بينها.
لقد انطلق العلماء في تدبرهم لهذه المتشابهات وغيرها من فكرة التناسب بين ألفاظ القرآن وآياته وسوره؛ والتي مفادها أن كل آية لا تليق إلا بموضعها الذي وردت فيه دون غيره.
والتناسب وجه من أوجه إعجاز القرآن، قد أجمع العلماء عليه، غير أن منهم من اهتم بالجانب اللفظي منه، ومنهم من اهتم بالجانب المعنوي، أما علماء متشابه النظم فإنهم لم يغفلوا مراعاة كلا الجانبين، فاعتمدوا عليهما في توجيه المتشابه، واطرد التعليل بهما في كثير من الأمثلة
ولا شك، فإن روعة القرآن وتفرده تأتي من هذه الأمور مجتمعة، ولا يمكن إرجاع روعته وتفرده إلى جانب واحد من تلك الجوانب المشار إليها، غير أن الجانب اللفظي واللغوي في القرآن كان له نصيب لا يستهان به في روعة هذا القرآن وتفرده؛ ذلك أن القرآن نزل على أمة تقيم وزناً للكلمة، وتهتم بشأن اللغة بياناً وأسلوباً غاية الاهتمام، وأي شيء في تاريخ الأمم - كما يقول الرافعي - أعجب من نشأة لغوية، تنتهي بمعجزة لغوية.
والمناسبة اللفظية نوع من أنواع التناسب، الذي اعتمده العلماء المتدبرون، في توجيه الآيات المتشابهات وبيان أسرارالتنزيل، ووصفت المناسبة بـ (اللفظية): لأن التناسب يعود فيها إلى أمور لفظية.
وهنا أشير إلى ما ذكره الزرقاني وهو يتحدث عن خصائص النظم القرآني، ويجعل في مقدمتها ما سماه (مسحة القرآن اللفظية)، يقول: " إنها مسحة خلابة عجيبة، تتجلى في نظامه الصوتي، وجماله اللغوي "
وقد ذهب البعض إلى ضعف التوجيهات والتعليلات التي يغلب عليها الجانب اللفظي،. وأحسب أن الذي دعا أولئك العلماء للقول بضعف هذه التعليلات؛ رؤيتهم أن مراعاة ذلك لا تكون إلا على حساب الجانب المعنوي في الغالب.
والحق أن لكل من اللفظ والمعنى مكانة في البلاغة، وأن كلاً منهما ينبغي مراعاته في ذلك، وافتراض أن مراعاة أحد الجانبين لا يكون إلا على حساب الآخر، افتراض لا يناسب بلاغة القرآن، التي بلغت الغاية في الحسن ألفاظاً ومعاني.
ويحرر الزركشي المسألة بقوله ولا فرق بين ما يرجع الحسن فيه إلى اللفظ أو المعنى، وشذ بعضهم فزعم، أن موضع صناعة البلاغة فيه إنما هو المعاني، فلم يعد الأساليب البليغة والمحاسن اللفظية، والصحيح أن الموضوع مجموع المعاني والألفاظ". ([1])
يقول الدكتور محمد أبو موسى في الرد على من قال بضعف التعليلات اللفظية "لا ضير إذا قلنا إن القرآن يراعي الفاصلة، فيبدل في كلمته أو يضع مكانها أخرى، لأن هذا ليس أمراً لقظياً هيناً، كما فهمه بعض البلاغيين، وقليل منهم تنبه إلى قيمة الأثر الصوتي أو الأثر الموسيقي في التأثير والإيحاء، وظل أكثرهم يفهم أن شؤون اللفظ لا تعدو أن تكون محسنات سطحية لا تتصل بجوهر البلاغة، وليس من الخطأ في الدين ولا في البلاغة أن تقول: إن القرآن يهتم بالناحية اللفظية؛ لأنها جزء من أسلوبه، ولأنها من دواعي التأثير وتلك وظيفة القرآن، فالغرض منها أولاً قيادة النفس الإنسانية إلى سبيل الخير فمن المحتم أن يأخذ كل سبيل إلى هذه الغاية، فلا يهمل هذا الجانب المهم في بلاغته". ([2])
وقد تنبه العلماء المتدبرون إلى أثر مراعاة المناسبة اللفظية في اختيار الألفاظ، وترتيب الكلمات، فكانوا كثيراً ما يعزون الفروق التعبيرية بين جملة من الآيات المتشابهة إلى هذا المسلك، دون أن يغفلوا مراعاة الجانب المعنوي، الذي قد يبرز أحياناً، وقد يخفي أحياناً، وخفاؤه أو عدم ذكره، لا يعني بأي حال عدم وجوده.
أخيراً فإن التناسب اللفظي في القرآن وجه عظيم من وجوه الإعجاز من الخطأ تجاهله أوالتقليل من شأنه، مع التأكيد على أنه لا يطلب لذاته بل لما ورائه من معنى؛ إذ هو الأساس والمقصود، والميزة التي انفرد بها القرآن، أنه استعمل هذه الأنواع التعبيرية، لإيصال المعاني المطلوبة، فجمع بين الوفاء بحق اللفظ والمعنى على حد سواء.
([1]) الزركشي، البرهان في علوم القرآن، 2/ 483.
([2]) د. محمد أبو موسى، البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري، ط2 (القاهرة، مكتبة وهبة، 1408هـ)، 242.(/)
سؤال عاجل
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[05 Feb 2009, 10:21 م]ـ
ايها الاحباب السلام عليكم ورحمة الله
هل كتب احد رسالة علمية حول موضوع الاستكبار والاستضعاف في ضوء القران الكريم او ما يقرب من هذا العنوان؟
ارجو ممن يعلم شيئا ان يتكرم بوضع الجواب
ولكم الشكر
ـ[مها]ــــــــ[06 Feb 2009, 02:01 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
من خلال البحث السريع في CD قاعدة معلومات الرسائل الجامعية - الإصدار الثالث - من مركز الملك فيصل، ظهرت هذه النتائج:
1. الاستضعاف والمستضعفين في القرآن الكريم - دراسة موضوعية، صباح ناصر عبد الله الطليان، كلية التربية للبنات بالرياض، ماجستير، 1425هـ.
2. الكبر والمتكبرون في الكتاب والسنة، عبد الله قاسم عبد الله، جامعة أم القرى، ماجستير، 1420هـ.
3. الكبر والتواضع في القرآن الكريم - دراسة موضوعية، فهد صالح سعد الطويل، جامعة الملك سعود، ماجستير، 1420هـ.
ـ[مصطفى فوضيل]ــــــــ[06 Feb 2009, 02:17 ص]ـ
مفهوم الاستكبار والاستضعاف في القرآن الكريم -دراسة مصطلحية وتفسير موضوعي- للباحث مصطفى أوعيشة، نوقشت بكلية الآداب ظهر المهراز - فاس، المغرب، بتاريخ 27 - 12 - 2004.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[06 Feb 2009, 04:19 م]ـ
احسن الله اليكما وبارك فيكما وجعلكما من اهل العلم ومحبيه
وشكر الله تعالى سعيكما
ـ[الجكني]ــــــــ[26 May 2009, 11:01 م]ـ
الاستضعاف والمستضعفين في القرآن الكريم - دراسة موضوعية، صباح ناصر عبد الله الطليان، كلية التربية للبنات بالرياض، ماجستير، 1425هـ
مع احترامي لأختي " مها " فإن صواب عنوان رسالة الأخت " صباح الطليان " هو:
" منهج تربية الناشئة في القرآن الكريم ودوره في مواجهة الأخطار المعاصرة: دراسة موضوعية ".
وكانت بإشراف الأستاذ الدكتور: توفيق غلون.
ـ[مها]ــــــــ[27 May 2009, 01:03 ص]ـ
أحسن الله إليك؛ لحسن تصويبك.
وكانت بإشراف الأستاذ الدكتور: توفيق غلون.
لعله (علوان).(/)
أسباب نزول آيات سورة (الفاتحة)
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[05 Feb 2009, 11:13 م]ـ
{بِسمِ ?لله الرَّحْم?نِ الرَّحِيمِ* ?لْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ?لْعَالَمِينَ * ?لرَّحْمـ?نِ ?لرَّحِيمِ * مَـ?لِكِ يَوْمِ ?لدِّينِ *إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ *?هْدِنَا ?لصِّرَاطَ ?لْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ ?لَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ ?لْمَغْضُوبِ عَلَيْهِم وَلاَ ?لضَّآلِّينَ}
القولُ في آية التسمية وبيان نزولها
أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقري، أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الجرجاني، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن الجوهري، حدَّثنا محمد بن يحيى بن مَنْدَه، حدَّثنا أبو كُرَيْب، حدَّثنا عثمان بن سعيد، حدَّثنا بشر بن عمارة عن أبي رَوْق، عن الضحاك عن ابن عباس، أنه قال:
أول ما نزلَ به جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا محمد استعذ ثم قل: {بسم ?لله الرَّحْم?نِ الرَّحِيمِ}.
أخبرنا أبو عبد الله بن [أبي] إسحاق، حدَّثنا إسماعيل بن أحمد الخلاَّلي، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن زيد البجلي، حدَّثنا أبو كُرَيب. حدَّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباس قال:
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف ختم السورة حتى ينزل عليه {بسم ?لله الرَّحْم?نِ الرَّحِيمِ}.
أخبرنا عبد القاهر بن طاهر البغدادي، أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر، أخبرنا إبراهيم بن علي الذُّهلي، حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا عمرو بن الحجاج العبدي، عن عبد الله بن أبي حسين، ذكر عن عبد الله بن مسعود قال:
كنا لا نعلم فصل ما بين السورتين حتى تنزل {بسم ?لله الرَّحْم?نِ الرَّحِيمِ}.
أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر، أخبرنا جدي، أخبرنا أبو عمرو أحمد بن محمد الْحَرشِيّ، حدَّثنا محمد بن يحيى، حدَّثنا محمد بن عيسى بن أبي فُدَيْك، عن عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال:
نزلت {بسم ?لله الرَّحْم?نِ الرَّحِيمِ}. في كل سورة.
القول في سورة الفاتحة
اختلفوا فيها: فعند الأكثرين: هي مكية من أوائل ما نزل من القرآن.
أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد، أخبرنا جدي، أخبرنا أبو عمرو الحِيرِي؛ حدَّثنا إبراهيم بن الحارث وعلي بن سهل بن المغيرة قالا: حدَّثنا يحيى بن [أبي] بكير، حدَّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي مَيْسَرَة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا برز سمع منادياً يناديه: يا محمد، فإذا سمع الصوت انطلق هارباً، فقال له ورقة بن نوفل: إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك. قال: فلما برز سمع النداء: يا محمد، فقال: لبيك، قال: قل: أشهد أن لا إله إلاَّ الله أشهد وأن محمداً رسول الله، ثم قال: قل: {?لْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ?لْعَالَمِينَ ?لرَّحْمـ?نِ ?لرَّحِيمِ مَـ?لِكِ يَوْمِ ?لدِّينِ} حتى فرغ من فاتحة الكتاب.
وهذا قول علي بن أبي طالب.
أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد المفسر، أخبرنا الحسن بن جعفر المفسر، قال: أخبرنا أبو الحسن بن محمد بن محمود المَرْوَزِيّ، حدَّثنا عبد الله بن محمود السعدي، حدَّثنا أبو يحيى القَصْرِي، حدَّثنا مروان بن معاوية عن العلاء بن المسيب، عن الفضيل بن عمرو، عن علي بن أبي طالب قال:
نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش.
وبهذا الإسناد عن السعدي: حدَّثنا عمرو بن صالح، حدثنا أبي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال:
قام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين. فقالت قريش: دَقَّ الله فاك أو نحو هذا، قاله الحسن وقتادة.
وعند مجاهد: أن الفاتحة مدنية. قال الحسين بن الفضل: لكل عالم هفوة، وهذه بادرة من مجاهد؛ لأنه تفرد بهذا القول، والعلماء على خلافه. ومما يقطع به على أنها مكيه قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ?لْمَثَانِي وَ?لْقُرْآنَ ?لْعَظِيمَ} يعني الفاتحة.
أخبرنا محمد بن عبد الرحمن النحوي، أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الحيري، أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، حدَّثنا يحيى بن أيوب، حدَّثنا إسماعيل بن جعفر، أخبرني العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرأ عليه أبيّ بن كعب أُمَّ القرآن فقال: والذي نفسي بيده، ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلَها، إنها لَهِيَ السبعُ المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته.
وسورة "الحجر" مكية بلا اختلاف، ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة ثم ينزلها بالمدينة. ولا يسعنا القول: بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب. هذا مما لا تقبله العقول.
ـ[جمانة السديري]ــــــــ[07 Feb 2009, 06:41 م]ـ
الله يحفظك ويجزاك خير(/)
استفسار؟
ـ[الإسحاقي]ــــــــ[06 Feb 2009, 03:50 ص]ـ
هل هناك رسالة في منهج القرآن في التعامل مع الأعداء أو منهج الأعداء في الصد عن سبيل الله أو منهج الأنبياء في الدعوة والإصلاح؟
وهل هناك رسالة في النصر والتمكين في القرآن الكريم؟
هناك أحد يريد أن يقدم رسالة حول هذه الموضوعات.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[06 Feb 2009, 07:06 ص]ـ
توجدُ رسالةٌ بعنوان:
"أساليب المجرمين في التصدي لدعوة المرسلين، وعاقبة ذلك في ضوء القرآن الكريم " دراسة موضوعية.
وهي للشيخ الفاضل:د/ محمد بن عبد العزيز المسند - عضو هيئة التدريس بكلية المعلمين , وقد أفاد فيها وأجاد , وأودعَهَا أكثر من مائتي أسلوبٍ من أساليب الصد والتصدي لدعوات الأنبياء والمرسلين.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[06 Feb 2009, 11:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
توجد رسالة جامعية طبعتها أكثر من دار للدكتور: علي محمد محمد الصلابي.
العنوان: تبصرة المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم.(/)
(قوّامون)
ـ[سؤال]ــــــــ[06 Feb 2009, 04:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت في كتيب بعنوان: (حقوق المرأة المسلمة في ميزان الشرع لا ميزان التقاليد) ما يلي:
مفهوم قوامة الرجل:
قال تعالى في كتابه العزيز: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) النساء34
المعنى اللغوي للقوامة: القيام على الأمر والمال وقام على أهله: تولى أمرهم وقام بنفقاتهم والقيم هو السيد وسائس الأمر وقيم المرأة زوجها لأنه يقوم بأمرها وما تحتاج إليه والرجال متكفلون بأمور النساء معنيون بشؤونهن انطلاقا من المعنى اللغوي للقوامة نفعهم بأن القوامة قيادة ومسؤولية يتولاها الرجل ليدفع عن المرأة كلفة العيش وهي تؤدي مسؤولياتها تجاه الأسرة، فالقوامة رعاية انفاق لا استبداد وتكليف لا تشريف وإدارة لا تحكم وإذلال. ولا يضع مفهوم القوامة في الإسلام المرأة في مركز أدنى من مركز الرجل ولكن المسألة مسألة توزيع وترتيب للأدوار والمهمات داخل الأسرة المسلمة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم) لذلك فعلى النساء والرجال فهم مسألة القوامة فهما عقلانيا متوازنا مبنيا على قاعدة أهمية الأسرة في المجتمع المسلم كوحدة متماسكة نظمها الشارع العادل ليبني بها مجتمعا مسلما متماسكا لكل فرد فيه حقوقه وواجباته فقوامة الرجل على المرأة ليست مطلقة كما بدا في النص القرآني ولا من حيث المبدأ، ونطاقها محصور في مصلحة الأسرة فقط.
فهل هذا التفسير صحيح؟ أريد أن اتأكد لأن لدي رغبة في إهداء الكتاب للأقارب والجيران وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[06 Feb 2009, 08:11 م]ـ
إليك أخي الكريم مقال للشيخ بسام جرار تحت عنوان:
" القوامة حق للمرأة"
"الرجال قوّامون على النساء":
القوّام: هو من يكثرُ من القيام، ومن هنا نقول:" فلان صوّامٌ قوّامٌ"، أي كثير الصيام كثير القيام. وعليه فإنّ من أهم وظائف الرجال الأساسيّة كثرة القيام على شؤون النساء. واللافت هنا أنّ الصيغة هي صيغة تقرير مُشْعِرةٌ بأنّ الأمر قانون فطري.
"بما فَضّل اللهُ بعضَهُم على بعض":
الكثير من أهل التفسير يذهبون إلى أنّ المعنى هنا يرادف قولَنا: بما فضّلهُم عليهنّ. وهذا مذهب تدعو إليه الأفكار المُسبقة لدى الكثيرين والمتعلقة بنظرتهم الخاصّة إلى المرأة. أمّا النّص القرآني فهو في غاية الوضوح، حيث يقول سبحانه وتعالى: "بما فَضّل اللهُ بَعضَهُم على بعض"، فالرجل مُفضّل على المرأة، والمرأة مفضّلة على الرجل. ومعلوم أنّ الفضل في اللغة هو الزيادة. ولا شك أنّ لدى الرجل زيادة شاءها الخالق الحكيم لتتناسب مع وظيفته. ولدى المرأة زيادة تتناسب مع وظيفتها. وعليه لا نستطيع أن نُفاضل بين الرجل والمرأة حتى نُحدّد الوظيفة. تماماً كما هو الأمر في الطبيب والمهندس، فإذا كان المطلوب بناء بيت فالمهندس أفضل، والطبيب أفضل لمعالجة الأمراض ... وهكذا.
إذا كان الأمر كذلك، فلماذا إذن يُكثِر الرجالُ من القيام على شؤون النساء؟! والجواب هنا: أنّ الفضل الفطري لدى الرجال اقتضى واجباً عليهم تجاه النساء، وفضل النساء اقتضى حقاً لهنّ على الرجال، ففضل الرجل أنتج واجباً، وفضل المرأة أنتج حقاً. ولا شك أنّ بعض جوانب فضل الرجل الفطريّة (زيادته) جعلته الأقدر على الكسب في الواقع الاقتصادي. أمّا فضل المرأة فقد أعاق قدرتها على الكسب. لذا فقد أنتج فضل الرجل في هذا الجانب واجباً، في حين أنتج فضل المرأة حقاً. وبناءً على ذلك كان الرجل هو الأكثر قياماً على شؤون المرأة، لما أنتجه فضلُهُ من واجبات، ولما أنتج فضل المرأة لها من حقوق.
اللافت في الاجتماع البشري أنّ القيام بالواجب يُنتج حقاً يُكافِئ القيام بهذا الواجب، وأنّ كل وظيفة في المجتمع يقابلها من الحقوق ما يكافئها ويساعد على القيام بها، فرئيس الدولة، مثلاً، هو أعظم الناس مسئوليّة وبالتالي هو الأعظم حقاً. وبقدر تحمّلِه للمسئولية يقابله الناس بمردود من الحقوق تساعده على القيام بوظيفته. والشُرَطيّ هو صاحب مسئوليّة تَفرضُ له حقوقاً تساعده على القيام بواجبه، ومن هنا نجد أنّ طاعته من قِبل الجماهير هي من الفروض الاجتماعيّة. وفي الوقت الذي يشعر فيه الناس بتفريطه وتقصيره بواجبه فسيقابلونه بالعصيان والرفض والاحتقار. أمّا الطاعة والقبول والاحترام فلأولئك الذين يُخْلِصون ويقومون بواجبهم خير قيام.
وإذا كان الرجل قوّاماً يؤدّي واجباته ويمارس وظيفته، فلا بد أن يُقابل ذلك ما يُكافئه من الحقوق. والعجيب أنّ معنى القِوامة عند الكثيرين يُرادف معنى الحق الذي هو للرجل على المرأة، في حين أنّ معنى القِوامة في اللغة يشير بوضوح إلى الواجب الذي هو على الرجل تجاه المرأة، أي أنّه حق المرأة وليس حق الرجل. أمّا حق الرجل فهو الأثر المترتِّب على قيامه بواجبه، وهو المردود المتوقّع نتيجة القيام بالوظيفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سؤال]ــــــــ[11 Feb 2009, 12:20 ص]ـ
أشكرك أخي الفاضل على مرورك لكني حقيقة حاولت أن أفهم وكأني فهمت أن الكاتب الفاضل الشيخ بسام جرار يريد أن يصل إلى شيء ما يعتقده هو فحاول أن يأتي به بطريقة غير مباشرة هذا مافهمته
اعذرني أخي فلست متعمقا في العلم الشرعي وأحتاج لمزيد من التوضيح
هل ما أوردته شيخي الفاضل هو جواب لسؤالي؟ أنا أسأل عن الذي قرأته في الكتيب
أكرر شكري وتقديري لاهتمامك ولفتتك الكريمة
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[11 Feb 2009, 02:31 م]ـ
أخي الكريم،
ما كتبته وفهمته سليم وموافق لما جاء في مقال الشيخ جرار، إلا أن العبارة التالية غير مفهومة ولا تلزم فما سبقها يكفي. والعبارة هي:"فقوامة الرجل على المرأة ليست مطلقة كما بدا في النص القرآني ولا من حيث المبدأ، ونطاقها محصور في مصلحة الأسرة فقط ".
ـ[سؤال]ــــــــ[23 Feb 2009, 12:12 م]ـ
بارك الله فيكم
(فقوامة الرجل على المرأة ليست مطلقة كما بدا في النص القرآني ولا من حيث المبدأ، ونطاقها محصور في مصلحة الأسرة فقط)
إذا كان المحمّر من التفسير بالرأي المجرّد الذي لا شاهد له ولا مستند فهل هذا يجوز؟
عند بحثي في موقع إسلام ويب وجدت محاضرة للشيخ محمد إسماعيل المقدم ومما جاء فيها:
تفسير قوله تعالى: (الرجال قوامون على النساء ... )
قال تبارك وتعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا [النساء:34]. (الرجال قوامون) أي: مسلطون. (قوامون) جمع قوام، وهو القائم بالمصالح والتأديب والتدبير، يعني: الرجال مسئولون عن هذه الأشياء. (على النساء) أي: يقومون عليهن آمرين ناهين قيام الولاة على الرعية، فمسألة القوامة هي مسألة تنظيمية، وليست مسألة استفزازية، وليس معنى ذلك أن الرجل يطغى على المرأة ويظلمها، لكن بما ميز وبما فضل به الرجل على المرأة فإنه بذلك يصير له حق القوامة، بمعنى: أنه مسئول عن تسيير أمرها، كما يلي الراعي أمر رعيته ويقوم على أمرها.
أسباب تفضيل الرجال على النساء
بين الله تبارك وتعالى في هذه الآية إلى أن ذلك بسببين: أحدهما: وهبي، والآخر: كسبي. أما الوهبي: فهو فضل الذكورة، (بما فضل الله به بعضهم على بعض) والبعض المفضل هو الرجال على بعض وهو والنساء، وقد ذكروا في فضل الرجال على النساء أموراً كثيرة، فمثلاً في الرجال: العقل، والحزم، والعدل، والقوة، والفروسية، والرمي، ومن الرجال الأنبياء، وفيهم الإمامة الكبرى، والإمامة الصغرى، والجهاد والأذان والإقامة والشهادة في المجامع، والولاية في النكاح والطلاق، والرجعة، وعدد الأزواج، وزيادة السهم والتعصيب، وهم أصحاب اللحى والعمائم كما يذكر العلماء، والكامل بنفسه له حق الولاية على الناقص بنفسه، فهذا فيما يتعلق بالتفضيل الأول، وأشار للتفضيل الثاني وهو التفضيل الكسبي بقوله تبارك وتعالى: ((وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ))، فهذا السبب الثاني للقوامة: ((الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ))، والنساء ما زلن يتذكرن قوله تعالى آنفاً: ((وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا)) إلى آخره، والنساء العاقلات لا يعترضن على هذا؛ لأن هذا أمر واقعي. وهناك استثناءات من هذا، فقد يكمل بعض النساء فتكون امرأة فعلاً بعدة رجال في دينها وعقلها وحفظها، لكن الغالب بخلاف ذلك، كما يقول الشاعر في فضليات النساء: فلو كان النساء كمن ذكرن لفضلت النساء على الرجال وما التأنيث لاسم الشمس عيب ولا التذكير فخر للهلال ويكفي دليلاً على ذلك -حتى لا نطيل في هذه القضية التي يحلم كثير من الناس الإفاضة فيها- أن عامة النساء تفضل أن يكون مولودها ذكراً على أن يكون مولودها أنثى. فقوله تعالى: ((الرِّجَالُ
(يُتْبَعُ)
(/)
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ))، أي: يقومون على النساء، يؤدبونهن ويأخذون على أيديهن. ((بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ))، أي: بتفضيله لهم عليهن بالعلم والعقل والولاية وغير ذلك. ((وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ))، وبما أنفقوا عليهن من أموالهم، تكون في المهور وغير ذلك. ((فَالصَّالِحَاتُ)) أي: الصالحات من النساء ((قَانِتَاتٌ)) هذه صفة الصالحات من النساء وهي أنهن مطيعات لأزواجهن.
معنى حفظ الزوجات للغيب
قوله ((حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ)) يعني: حافظات لفروجهن ولأموال أزواجهن وبيوتهم في غيبتهم. ((بِمَا حَفِظَ اللَّهُ))، في الحقيقة هذه الآية فيها تفصيل كثير، ومعان كثيرة، وتحتاج إلى محاضرات عدة، لكن حتى ننجز القدر المطلوب من التفسير نحاول أن نمر مروراً سريعاً. أيضاً يدخل في حفظ الغيب، عدم نشر ما يكون بين الزوجين متعلقاً بالجماع، فهذا يذكر أيضاً في حفظ الغيب. (حافظات للغيب بما حفظ) لهن، (الله). فالباء هنا في قوله تعالى: ((بِمَا حَفِظَ اللَّهُ))، تحتمل أمرين: إما أنها للمقابلة، كما تقول: هذا في مقابلة ذاك، يعني: كما أن الله سبحانه وتعالى حفظ لهن حقوقهن، بأن أوصى الأزواج بالنساء، وكذلك فعل رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فشرع لهن الحقوق وأمر الأزواج بحفظ هذه الحقوق، فينبغي في مقابلة ذلك أن تحذر الزوجة من أن تخونه في غيبته في عرضه وماله ونفسها إلى آخره، فهذا معنى (حافظات للغيب بما حفظ الله)، يعني: في مقابلة ما حفظ الله لهن، فعليهن أن يطعن أزواجهن ويحفظن الغيب. أو الباء هنا في قوله تعالى: (بما حفظ الله) أي: مستعينات بحفظ الله تبارك وتعالى، فالباء للاستعانة، ومعنى ذلك: أن هؤلاء النساء الصالحات القانتات حافظات للغيب كما ذكرنا بما حفظ الله لهن، يعني: لا يتم حفظهن للغيب من حفظ الفروج والأموال وغير ذلك إلا باستعانتهن بالله، إذ لو تُركن لدواعي أهوائهن ونفوسهن لغلبت عليهن الأهواء، إلا أن يحفظهن الله؛ لأن الله خيرٌ حافظاً، فمهما كن صالحات فإنهن لا يثقن بأنفسهن وإنما يستعنّ بالله في حفظ الغيب بما حفظ الله تبارك وتعالى.
عدم جواز تولي المرأة للقضاء
واستدل بالآية على أنه لا يجوز للمرأة أن تلي القضاء، أو الإمامة العظمى؛ لأنه جعل الرجال قوّامين عليهن، فلم يجز أن يقمن هن على الرجال كما قال صلى الله عليه وسلم: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة). وفي الحقيقة وضع المرأة في الإسلام هذا موضوع ذو شجون، والكلام فيه طويل جداً.
صفة التعامل مع الزوجة الناشز ومراحله
يقول تبارك وتعالى: ((وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ)). أي: عصيانهنّ لكم بأن ظهرت أمارته، هنا تفسيران لقوله تعالى: ((تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ)): الأول: أن المرأة قد وقع منها النشوز بالفعل. الثاني: أي أنكم تتوقعون نشوزهن. فقوله تعالى: ((وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ)) يعني: عصيانهن لكم بأن بدأت تظهر أمارة النشوز ودلائله، ففي هذه الحالة تطبق ما ذكر الله بعد ذلك من المراحل بالترتيب. الأولى: ((فَعِظُوهُنَّ)) أي: فخوفوهن الله. الثانية: ((وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ)) أي: اعتزلوا إلى فراش آخر إن أظهرن النشوز. الثالثة: ((وَاضْرِبُوهُنّ)) ضرباً غير مبرح إن لم يرجعن بالهجران، يعني: إن لم ينفع الهجران ننتقل إلى المرحلة الثالثة وهي الضرب غير المبرح. ((فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ)) يعني: فيما يراد منهن، ((فَلا تَبْغُوا)) لا تطلبوا ((عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا))، طريقاً إلى ضربهن ظلماً. وأيضاً: لا شك أن هذه الآية مما يحتاج إلى كثير من التفصيل؛ لأن بعض الناس يسيء فهم موضوع ضرب النساء، حتى إن أعداء الإسلام يشنعون على كلام الله تبارك وتعالى ويضلون الناس عن سبيله، بسبب سوء مسلك بعض الرجال الجهلة من المسلمين. فأعداء الدين من الكفار ينشرون في وسائل الأعلام أن المسلم يعتقد أنه يجب عليه أن يضرب زوجته كل يوم في الصباح وفي المساء، ويعتقد أيضاً أن هذه عبادة، وهذا مما يضحك، لكن هذا واقع، فهم يشنعون على الإسلام بهذه الافتراءات والأكاذيب، مع أن الضرب بعد استيفاء شروطه مكروه، أي: أن الضرب مباح مع الكراهة ولا يباح بإطلاق؛ ولذلك ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده لا امرأة ولا خادماً ولا شاة قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله تبارك وتعالى؛ ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في هؤلاء الذين يظلمون النساء: (ما تجدون أولئك خياركم) يعني: مع الإباحة فإن خيار المسلمين لا يفعلون ذلك. فالموضوع فيه تفصيل، ومن ذلك أنه ينظر إن كان الضرب يجدي فليجأ إليه، أما إن كان الضرب يزيد في النشوز فلا داعي أصلاً للجوء إليه، وهذا ليس فقط في حق النساء، بل حتى الصغار، فالضرب ليس عملية تنفيس، بمجرد أن يغضب على الولد فهو يريد أن يستريح ويشفي غليله بضربه. فمع أن الضرب قد يؤدي إلى التشويه العضوي البدني في الولد لكن خطورته في التشويه النفسي أعظم وأكبر، حيث تصبح عنده عاهة نفسية. المقصود من الضرب أنه وسيلة للتأديب، فإذا لم يؤد للتأديب، ولم يعد بفائدة فسيكون ضرراً محضاً، وإنما يلجأ إليه لأجل تحصيل المنفعة من ورائه. ((إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)) يعني: فاحذروه أن يعاقبكم إن ظلمتموهن، وإذا كنتم قد جعلكم الله من القوامين عليهن وأعلى منهن فاعلموا أن الله أعلى منكم فاتقوا الله فيهن؛ ولذلك قال: ((إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا))، أي أعلى منكم، وأكبر منكم، فإن ظلمتموهن ينتقم الله سبحانه وتعالى منكم؛ ولذلك قال بعض السلف: (إني لأستحيي من الله أن أظلم من لا يجد له ناصراً إلا الله تبارك وتعالى).(/)
تفسير القرآن بالإسرائيليات .. نظرة نقدية
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[06 Feb 2009, 07:22 م]ـ
تفسير القرآن بالإسرائيليات .. نظرة نقدية
من المسائل المهمة في أصول تفسير القرآن مسألة تفسيره بالإسرائيليات المروية عن أهل الكتاب، فقد اختلف العلماء في هذه المسألة، بعد اتفاقهم على حكم التفسير ببعض صور هذه الإسرائيليات، بل وجه الدقة أن يقال: إن العلماء قد اتفقوا على ذلك في صورتين، واختلفوا في الثالثة، وأنا مستعرض إن شاء الله تعالى هذه المسألة ومبين فيها وجه الحق حسب الطاقة، سائلا المولى التوفيق والهداية.
لكنني أشير إلى أن هذا الموضوع من الأهمية بمكان، وليس هو من المسائل الترفية ولا الكمالية، ذلك أن الإسرائيليات قد ساقت علينا خطرا عظيما، وفتحت بابا كثر الولوج إلى الدين من خلاله، فوجب تحقيق هذه المسألة على وجه يفصل فيه بين المختلفين.
خصوصا وأن كثيرا من المفسرين قد عثروا بهذه العقبة فأوردوا في تفاسيرهم ما لا ينبغي؛ بل ما لا يحل روايته من القصص الباطلة عقلا أو شرعا.
أولا: الموضوع من الأهمية بمكان من الناحيتين:
1 - العقدية: من حيث إن هذه الإسرائيليات قد زجت في التراث الإسلامي عموما وفي التراث التفسيري كثيرا من الدخيل العليل، الذي يمثل كثير مما فيه تخاليط عقدية وجب التحذير منها.
2 - السياسية: من حيث إن اليهود عليهم اللعنة والغضب وظّفوا تحريفاتهم لكتاب ربهم المنزل عليهم في خدمة مصالحهم وأطماعهم السياسية .. فدسّوا أو حاولوا أن يدسوا في أديان غيرهم ما يعينهم على ذلك، وما يُثبت لهم حقا أو يبرر لهم موقفا مخزيا اقترفته أيدي آبائهم قتلة الأنبياء .. وأئمة الجبن والكفر والرياء ..
ويظهر هذا جليا جدا في تلاعبهم بدين النصارى .. حيث إنهم خصوصا في هذا العصر قد نجحوا في تهويد النصرانية تهويدا رسميا لا مزيد عليه، فصارت جحافل النصارى بعد أن كانوا ينقمون على اليهود قتلهم المسيح - فيما يعتقدون - يتسابقون للفوز برضاهم وتحقيق مآربهم الدينية السياسية التي نجح اليهود بربطها بحبل وثيق بصميم الاعتقاد النصراني، وتحقيق النبوآت التي ينتظرها هؤلاء!!
ومن هنا وجب التحذير من هذه الإسرائيليات التي ما يزال اليهود يبثونها في فكر ودين غيرهم .. وليست هذه الإسرائيليات بالمجمل قديمة فحسب، بل نجد منها إسرائيليات جديدة ولدت حديثا وما زالت تولد .. لكنها على الأغلب الأكثر أخذت لونا جديدا ليس هذا هو محلّ بحثه.
وعليه فإننا نبدأ التأصيل للموضوع من جذوره الأولى، وهي التعرض لكلام أهل الكتاب والرواية عنهم فيما يتعلق بالتفسير، وهو أول مظاهر الأخذ والتلقي عنهم في التراث الإسلامي ..
ثانيا: لا بد من التعرض للتعريف الدقيق لكلمة الإسرائيليات، فأقول:
الإسرائيليات: هي القصص والروايات المنقولة عن أهل الكتاب من اليهود "بني إسرائيل" أو من النصارى، وإنما سميت بالإسرائيليات تغليبا، لأن أكثر هذه القصص مأخوذ من بني إسرائيل.
وقد أخذ المسلمون والمفسرون هذه الروايات من كتب أهل الكتاب أو ممن أسلم منهم، كعبد الله بن سلام، ووهب بن منبه وكعب الأحبار، وغيرهم.
ثالثا: وقد نص كثير من العلماء على أن الإسرائيليات عموما تنقسم إلى ثلاثة أقسام، وممن نص عليه، شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن كثير، الأول في رسالته البديعة: "مقدمة في أصول التفسير"، والثاني في مقدمة تفسيره العظيم: "تفسير القرآن العظيم ".
ويتلخص الكلام في أن الإسرائيليات على ثلاثة أنواع من حيث علاقتها بالقرآن:
الأول: ما كان موافقا للقرآن.
الثاني: ما كان مخالفا له.
الثالث: ما لم يكن موافقا ولا مخالفا، بل سكت عنه القرآن ولم يبينه.
ولكل من هذه الأقسام حكم يختص به فيما يتعلق بالتفسير.
وقد أجمع العلماء في ضوء التقسيم الثلاثي على حكم نوعين، واختلفوا في الثالث:
** أجمعوا على أن ما كان موافقا لما نزل في القرآن الكريم، فإنه صواب، لموافقته، ولا حاجة إليه لوجوده بين أيدينا من القرآن.
**أجمعوا على أن ما كان مخالفا لكتاب الله تعالى فإنه لا يحل أخذه وروايته إلا على سبيل التحذير، ولا يجوز بحال تفسير كتاب الله تعالى به.
(يُتْبَعُ)
(/)
واختلفوا في الأخير، الذي لم يأت في القرآن ما يصدقه أو يكذبه، وهو محل الخلاف إذا قلنا: اختلف في حكم تفسير القرآن بالإسرائيليات.
وهو الذي نستعرضه - إن شاء الله مبينين حكمه بعد عرض الأقوال فيه.
رابعا: ذكر الخلاف في النوع الثالث من الإسرائيليات: قلنا: قد اختلفوا فيما إذا كانت الإسرائيليات من النوع الثالث المذكور؛ وهو ما لم يأت في القرآن ما يصدقه وما يكذبه على قولين، بيانهما:
الأول: قول من قال: تجوز روايته والاستشهاد به، وممن نص على ذلك الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في مقدمة تفسيره، وأنا أسوق كلامه في المسألة فيما يأتي:
قال:
"ولهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره، عن هذين الرجلين: عبد الله بن مسعود وابن عباس، ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب، التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: "بَلِّغوا عني ولو آية، وحَدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حَرَج، ومن كذب عَلَىَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري عن عبد الله؛ ولهذا كان عبد الله بن عمرو يوم اليرموك قد أصاب زاملتين من كتب أهل الكتاب، فكان يحدث منهما بما فهمه من هذا الحديث من الإذن في ذلك.
ولكن هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد، لا للاعتضاد، فإنها على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لما تقدم، وغالب ذلك مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني؛ ولهذا يختلف علماء أهل الكتاب في هذا كثيرًا، ويأتي عن المفسرين خلاف بسبب ذلك، كما يذكرون في مثل هذا أسماء أصحاب الكهف، ولون كلبهم، وعدّتهم، وعصا موسى من أي الشجر كانت؟ وأسماء الطيور التي أحياها الله لإبراهيم، وتعيين البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة، ونوع الشجرة التي كلَّم الله منها موسى، إلى غير ذلك مما أبهمه الله تعالى في القرآن، مما لا فائدة في تعيينه تعود على المكلفين في دنياهم ولا دينهم. ولكن نَقْلُ الخلاف عنهم في ذلك جائز، كما قال تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: 22]، فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا، فإنه تعالى أخبر عنهم بثلاثة أقوال، ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث، فدل على صحته إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما، ثم أرشد على أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فقال في مثل هذا: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ} فإنه ما يعلم بذلك إلا قليل من الناس، ممن أطلعه الله عليه؛ فلهذا قال: {فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاءً ظَاهِرًا} أي: لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب".اهـ
قلت: هذا كلامه رحمه الله، إذ نص على جواز رواية هذه الإسرائيليات وفق الضابط الذي ذكره.
ولا شك أن كثيرا من المفسرين رأوا في رواية الإسرائيليات سعة، ودليله: كثرة ما رواه بعضهم في تفسيره من روايات، مثل: شيخ المفسرين: ابن جرير الطبري، والسيوطي في تفسيره الدر المأثور في التفسير بالمأثور، وغيرهما كثير من المفسرين.
ولكن لا بدّ في هذا المقام من بيان ملاحظة مهمة جدا، وهو أن المفسرين هؤلاء قد كان منهم المكثر في الأخذ من الإسرائيليات ومنهم المقل، فابن كثير مثلا من المقلين في تفسيره من التعرض للإسرائيليات، حيث التزم بالشرط الذي اشترطه لروايتها كما في مقدمته إلى حد بعيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
في حين أن عددا من المفسرين قد أفرط في ذلك إلى حد أفقد تفسيره كثيرا من قيمته العلمية، مثل السيوطي؛ الذي امتلأ تفسيره بها، بل تجاوز الحد في كثير من الأحيان، فروى منها ما لا يحل ذكره إلا على وجه التنبيه والتحذير، والمشكلة أنه رواها من غير تعقيب!
خامسا: عرض أدلة الفريقين من المبيحين والمانعين:
بعد العرض الأوّليّ للموضوع بعامة؛ وجب أن ننظر في أدلة كل من الفريقين ثم نرجح بينها ونبين ما لكل من الفريقين مما عليه.
ونبدأ بأدلة من أباح الأخذ من القسم الثالث من أنواع الإسرائيليات - وهو القسم المسكوت عنه؛ فلم يأت في القرآن ما يصدقه أو ما يكذبه -.
فنقول:
استدل هؤلاء العلماء ببعض الأدلة على ما ذهبوا إليه، وهذه الأدلة بالجملة هي:
1 - قول الله تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم، ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب، ويقولون: سبعة وثامنهم كلبهم، قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل) الكهف.
حيث قد استدل الحافظ ابن كثير بهذه الآية - كما في مقدمة تفسيره على جواز رواية أقوال أهل الكتاب - إذ قال:
"ولكن نَقْلُ الخلاف عنهم في ذلك جائز، كما قال تعالى: {سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلا قَلِيلٌ فَلا تُمَارِ فِيهِمْ إِلا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا} [الكهف: 22]
2 - الدليل الثاني:
ما رواه البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
(بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي .. ) الحديث.
ووجه الدلالة منه: قوله صلى الله عليه وسلم: "وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج"؛ إذ إنه رفع الحرج والإثم عن الرواية عن بني إسرائيل، والمقصود ما هو مسكوت عنه مما لم يأت ما يصدقه أو ما يكذبه في كتابنا الكريم.
3 - الدليل الثالث:
فعل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وخصوصا حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، إذ روي عنه سؤال كعب الأحبار في مسائل عديدة، وكذلك سؤال أبي الجلد، وهما كتابيان أسلما، في عهد أبي بكر وعمر.
ولو كان منهيا عنه لما أقدم مثل هذا الحبر العظيم على سؤال أهل الكتاب عما عندهم في كتبهم.
هذه الأدلة هي أدلة المبيحين كما بينت، وقبل أن ننتقل إلى أدلة المانعين، وجب مناقشة هذه الألة لتحقيق مدى صلاحيتها للاستدلال على ما وجهت إليه.
مناقشةً للأدلة المذكورة مما أرفقه هؤلاء - وهم جمهور العلماء - أقول:
**أما الدليل الأول، وهو قوله تعالى: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم) الآية. إذ استدل به ابن كثير كما في مقدمة تفسيره، وقد نقلناه بنصه، فلا يصلح للاستدلال على التحقيق، والسبب:
أنه وإن كان الله تبارك وتعالى قد عدد أقوالهم ونقل الخلاف بينهم فيما ذكروه، إلا أنه في نهاية الآية نهى عن استفتائهم وسؤالهم، فقال: (فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا، ولا تستفت فيهم منهم أحدا).
وهذه الآية ظاهرة الدلالة في المسألة، إذ أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يجادل في شأنهم إلا بما أوحاه الله تعالى إليه، ولا يسأل من اليهود عن قصة أهل الكهف أحدا.
وحاصله: أن الآية دليل على ابن كثير والمبيحين لا دليل لهم.
أما الدليل الثاني، وهو حديث البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( .. وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج)، فيرد على الاستدلال به ما يأتي:
أن هذا اللفظ للحديث يحتمل أكثر من معنى:
الأول: حدثوا عنهم وارووا عنهم من أخبار كتبهم ولا حرج عليكم في ذلك.
وهذا المعنى هو الذي حمله عليه أصحاب القول الأول.
لكن لا بد من الإشارة إلى أن حمل الحديث على هذا المعنى يقتضي تأويله عن ظاهره، لأن ظاهره قاض ٍ بإباحة الرواية عن بني إسرائيل مطلقا، وهو غير مراد قطعا، لأن من الإسرائيليات ما هو مخالف لصريح القرآن والاعتقاد؛ فتعين حمل المباح روايته لى نوع معين من الإسرائيليات وهي المسكوت عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
المعنى الثاني الذي يحتمله لفظ الحديث: حدثوا عن فسقهم وكفرهم وفظائعهم ولا تتحرجوا من ذلك، وذلك أن المسلمين كانوا يعتبرون أهل الكتاب أقرب إليهم من الوثنيين المشركين، فكانوا يتحرجون - في البداية - من معاداتهم وقتالهم، وجاءت الآيات الكثيرة التي تزيل هذه المشاعر من قلوب المسلمين، كقوله تعالى {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب .. } التوبة.
فأي هذين المعنيين مقصود في الحديث؟
أولا: لا بد من بيان أن ترجيح أحد الاحتمالين لا بد له من دليل، وأن الترجيح بلا مرجح نوع تحكم.
ثانيا: الدليل الذي ينبغي به ترجيح أحد الاحتمالين هو النصوص الأخرى في المسألة التي تنهى عن الأخذ من الإسرائيليات، ويأتي بيانها في موضعه إن شاء الله.
إضافة إلى ذلك أمرا مهما له دور مهم في الترجيح بين القولين وهو:
أن المعنى الثاني لا يحتاج إلى تأويل؛ بينما الأول لا بد فيه من التأويل، والذي لا يحتاج إلى التأويل أولى من المحتاج إليه، والله أعلم.
أما الدليل الثالث الذي استدل به أصحاب هذا القول - وهو فعل الصحابة الكرام، خصوصا ابن عباس رضي الله تعالى عنهم جميعا.
فأنقل في هذا المقام كلام أستاذي البحر فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور فضل عباس حفظه الله ورضي عنه وأطال بقاءه ونفع به ومتع ما حاصله المنع من قبول دعوى أن ابن عباس وأبا هريرة وغيرهما من الصحابة قد أخذوا عن الإسرائيليات، فيقول:
"ولكننا عندما نناقش الأمر مناقشة علمية هادئة نرى أن تلك الفرية بعيدة عن الصواب والسداد.
فهل يمكن لمن تتلمذ لسيد الخلق عليه الصلاة والسلام أن يتتلمذ لكعب أمثاله؟ وهل يليق بهؤلاء وقد كانوا يتربعون على كرسي الأستاذية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُجلسوا على كرسيهم هذا من هو دونهم؟
فأبو هريرة - مثلا - يروي عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يزيد على خمسة آلاف وأربعمائة حديث؛ وهي علم غزير يؤهل صاحبه لأن يقضي عمره مهما طال ليفيد الناس بهذا العلم!!
وابن عباس كذلك الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالفقه وعلم التأويل حريٌ به أن لا ينصرف عن أسباب هذه الدعوة!
ولقد مرّ معنا نهي ابن عباس الناس عن سؤال أهل الكتاب - كما سيأتي بيانه عند ذكر أدلة المانعين - فكيف ينهى عن شيء ويُقدم عليه؟ ذلك أمر لا يتناسب مع الخلق والدين لإنسان عادي؛ فضلا عن ان عباس ترجمان القرآن وحبر الأمة " اهـ.
عن كتاب التفسير أساسياته واتجاهاته، ثم يسوق الشيخ حفظه الله تعالى شيئا من الروايات المشهورة فيها رواية ابن عباس عن أهل الكتاب، وينقل إثرها تفنيد الشيخ أحمد شاكر رحمه الله لها.
نعم، إن الناظر إلى ما رواه البخاري من نهي ابن عباس الشديد عن سؤال أهل الكتاب ليوقن أن ما روي من أنه رضي الله عنه قد أخذ شيئا عنهم أمر لا يصح بحال.
ثم لا بد من بيان أمر آخر، وهو أنه إن قامت النصوص القرآنية والنبوية ببيان تحريم شيء أو إباحته فلا حجة دون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
إذا انتهينا من مناقشة أدلة الفريق الأول، فإنه يجدر بنا أن نبادر إلى بيان أدلة الفريق الثاني الذي يرى في الأخذ عن الإسرائيليات المسكوت عنها محظورا شرعيا، فأقول - وبالله التوفيق:
استدل هؤلاء بأدلة أهمها:
1 - قول الله تبارك وتعالى: (فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا) الكهف.
ووجه الدلالة: النهي عن سؤال أهل الكتاب عن شيء مما يتعلق بقصة أهل الكهف، ولكن ما جاء في القرآن هو الفيصل الحق الذي يجب الوقوف عنده، وإذا كان النهي واردا في أهل الكهف، فإن القياس ولا شك يوجب دخول بقية القصص والأخبار، إذ لا قائل بالفرق، والله أعلم.
2 - الدليل الثاني الذي استدل به المانعون من تفسير القرآن بالإسرائيليات ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا .. ) الآية.رواه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه الجامع.
ووجه الدلالة منه:
(يُتْبَعُ)
(/)
أن النبي صلى الله عليه وسلم، وجّه إلى الوجه الصحيح في التعامل مع هذه الروايات الإسرائيليات، وهي عدم تصديقها، وكذلك عدم تكذيبها، فإنك إما أن تصدق كذبا، أو تكب صدقا ..
وأي تصديق أعظم من تفسير كتاب الله تعالى بالإسرائيليات؟ فالذي فسر القرآن بهذه الروايات صدقها؛ وأي تصديق؟؟
3 - عن جابر بن عبد الله "أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه عليه فغضب فقال:
" أمتهوكون -يعني متحيرون- فيها يا ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية .. لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى صلى الله عليه وسلم كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني ".
رواه أحمد وابن أبي شيبة والبزار، وحسنه الألباني رحم الله الجميع.
وله متابعات وشواهد من أحاديث أخرى عن عمر أيضا، لكن فيها نوع ضعف، ولما كان هذا الحديث صالحا للاحتجاج اكتفيت به عن نقلها.
4 - مما يستدل به لقول هؤلاء من المانعين تفسير القرآن بالإسرائيليات: ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما:
"يا معشر المسلمين: تسألون أهل الكتاب، وكتابكم الذي أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله ... أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم، ولا والله ما رأينا رجلا منهم قطّ يسألكم عن الذي أنزل عليكم" البخاري، كناب الشهادات.
وفي الحديث:
*نهي ابن عباس عن الأخذ من الإسرائيليات وسؤال أهل الكتاب، وابن عباس إمام المفسرين وأعلم الأمة بهذا العلم الجليل ومصادره ومآخذه.
*أن ما نقل عن ابن عباس من أخذه الإسرائيليات مما روي بتلك الأسانيد الضعيفة لا يتبت بحال، لمخالفته الواضحة لما صح عنه من نهي عن ذلك.
5 - الدليل الخامس من هذه الأدلة: سدّ الذرائع.
وبيان ذلك أن يقال:
إن فتح باب الأخذ عن الإسرائيليات قد جرّ على التفسير خصوصا، وعلى الأمة - إجمالا - ألوانا من الدخيل في العقيدة والتراث والتاريخ .. وصار من الصعب في مرحلة ما تمييز هذه الدخائل وتنقيتها .. وصارت الروايات الإسرائيلية المخالفة لصحيح الاعتقاد أشهر ما يذكر في تفسير القرآن ..
والأمثلة في ذلك كثيرة، منها: قصة داود في سورة ص~، وذكر التسع والتسعين نعجة، وقصة سليمان في نفس السورة "ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب"، وعدد لا بأس به من الروايات "الخطيرة" التي سوّدت صفحات التفسير ..
ولما كان الأمر كذلك، وجب إغلاق هذا الباب، وقطع مادة هذا التخليط ..
سادسا: الترجيح: الناظر في أدلة الفريقين يرى قوّة أدلة القائلين بحرمة تفسير القرآن بالإسرائيليات، وهو الذي حشدت له الأدلة وأطنبت في الاستدلال له، وهو الذي به أدين لله تعالى، وقد أجبت فيما مرّ ذكره عن أدلة أصحاب القول الأول، والله أعلم.
كتبه: رأفت "محمد رائف" المصري
المحاضر في قسم الدراسات القرآنية، جامعة الملك خالد.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[08 Feb 2009, 12:16 ص]ـ
لا فض الله فاك ولا كان من يشناك
فقد احسنت واجدت وينبغي توجيه النظر الى ضرورة القضاء على الاسرائيليات قضاء مبرما فما جاءنا من بني اسرائيل ما ينثلج له فؤاد العليل
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[09 Feb 2009, 12:05 ص]ـ
أحسن الله إليكم فضيلة الدكتور.
وجزاكم خيرا على مروركم الكريم.
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[09 Feb 2009, 10:21 ص]ـ
بارك الله فيك أخي رأفت ونفع بك, وما أحوج الأمة إلى انتشار هذا القول! فكم ضُرت هذه الأمة حقا بهذه التفسيرات الإسرائيلية لكتاب ربها, استنادا إلى هذا التجويز, والتي هي ليست بتفسيرات, وإنما هي تعسيرات أو تهويدات!
جعلنا الله وإياكم ممن يجلون كتابه.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Feb 2009, 12:37 م]ـ
بارك الله فيك
وأرجو أن تقرأ هذا الموضوع وتبدي وجهة نظرك حوله:
رأي آخر في الإسرائيليات في كتب التفسير ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=529#post529)
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[10 Feb 2009, 02:47 م]ـ
[] الأخوة الأفاضل؛ جزاكم الله خيرا على مروركم الطيب.
أبا مجاهد حفظك الله تعالى ..
قد اطلعت على ما كتبه فضيلة الدكتور مساعد نفع الله به، ولا يخفى أن الشيخ على قدر من التحقيق، وأن دراسته على قدر من العمق.
هذا، وإن الخلاف في هذه المسألة مما لا يسع إنكاره، وإن مقدار الخلاف بين الدراستين هو مقدار الخلاف بين الرأيين أصالة.
وإنني في هذه العجالة أسجّل ملاحظة عامة، على أن أعاود - إن شاء الله - تسجيل بقية الملاحظات.
وهي أن دراستي هذه قد تناولت موضوع الإسرائيليات من حيث الحكم الشرعي لتفسير القرآن بها؛ وذلك باستعراض أدلة الخصماء، ومناقشة كلٍّ من هذه الأدلّة تجريدا.
وعلى خلاف هذا المنهج كانت دراسة الدكتور مساعد، حيث إنها سلطت الضوء على واقع تراثنا التفسيري من حيث علاقته بالتفسير، وتبرير نقل المفسرين لها وإيرادها في كتبهم، مع العناية بشيء من الضوابط التي تنفي أخبث الخبيث من هذه الإسرائيليات من ساحة التفسير.
ولي عود - إن شاء الله -. [/ font](/)
ماهو اعتقادك في الاستخلاف!!!
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[06 Feb 2009, 09:38 م]ـ
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعض الكتب -كتب الدين- مكتوب فيها إن الإنسان "خلق لعبادة الله وعمارة الأرض" هذا الكلام منتشر!.فهل مثل هذا القول صحيح؟
أليس مثل هذا القول يخالف النصوص في الزهد! والله تعالى يقول (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) هم حافظين هذا الدليل، لكن يأتون إلى نصوص الاستخلاف،
إن الله استخلف آدم .... فهل القول بمثل هذا يهز اعتقادنا؟ ماذا نفعل أمام موقف مثل هذا؟ القضية حول كلمة الاستخلاف نفسها، فهذا كأنه دليل من الأدلة المتشابهة، فنحن
نبحث عن معنى هذا الدليل على فهم السلف! لو نرجع لكلام السلف رضوان الله عليهم لا نجد أحد من السلف قال
أن الله خلق الناس لأعمار الأرض!! هذا كله تخطيط بعيد المدى قد لا يشعر به، يعني أول شيء أعبد الله واعمر الأرض
،حتى ندخل في الدنيا وننسى العبادة! والله تعالى أعلم.
فما هو اعتقادكم في معنى الاستخلاف؟!
ـ[جمال السبني]ــــــــ[06 Feb 2009, 10:54 م]ـ
شكرا لك أخي الكريم على إثارة هذه النقاط الدقيقة.
أنا أعتقد أن قوله تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة) يعني (خليفة لي)، وهذا واضح من سياق الكلام، وقد حذفت (لي) بناء على أن المخاطَب يفهم المقصود. فحينما يقول شخص ذو مسؤولية (أعيّن نائبا)؛ فواضح أنه يقصد نائبا له، ولا يجب أن يقول (نائبا لي).
هذا إضافة إلى أن مفهوم (الاستعمار) وارد في قوله تعالى (واستعمركم فيها) أي في الأرض. وهذا صريح تماما.
وأما قوله تعالى (وما خلقتُ الجن والإنسَ إلا ليعبدونِ)؛ فليس معناه أن الجن والإنس مخلوقان من أجل عبادة الله فحسب على الإطلاق، بل الآية التالية تتمة شارحة، حيث يقول تعالى (ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يُطعمونِ)، والمعنى أنه لا يُريد منهم شيئا لنفسه فهو لا يحتاج شيئا من الخلق، بل يُريد منهم العبودية لله فقط، وهكذا فالنفي يتوجّه إلى الاحتياج (إلى الخلق)، فلا يمكن أن يُفهَم منه أن الجن والإنس لا وظيفة لهم غير العبادة.
هذا، ويمكن أن يُقال إن القيام بمهمة خلافة الله على الأرض، هو جزء من العبودية لله. فالله أراد أن يكون الإنسان خليفة له في الأرض، وهو استعمر الإنسان في الأرض (أي: طلب منه إعمارَ الأرض)، والتمثل لهذه الإرادة في نفسه عبادة.
والله أعلم.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[07 Feb 2009, 12:06 ص]ـ
السلام عليكم
فالله أراد أن يكون الإنسان خليفة له في الأرض الخليفة يخلف المخلوف فيكون بعده فيعني أن المخلوف قد غاب؛والله لم يغب
الانسان ماذا يملك في الأرض؛ المطر أم الرياح أم البحار والأنهار أم الشروق والغروب .... ؛ إنه لا يملك شيئا فكيف خلف الله في الأرض؟ فكل هذه الأمور يدبرها الله ولم يستخلف الانسان عليها؛ فعلي أي شيء استخلف إذن .. لا شيء؛ إذن لا يقال:الانسان خليفة لله.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[07 Feb 2009, 01:57 م]ـ
الأخوة الكرام:
1. أهل التحقيق من العلماء فنّدوا مزاعم من قال إن الإنسان خليفة الله في الأرض، إلا إذا كان بمعنى أن الله استخلفه فيها.
2. هناك احتمال أن يكون الإنسان خليفة لكائن سابق.
3. الأرجح عندنا أن الإنسان بفطرته التي فطر عليها يصلح أن يخلف بعضه بعضاً. ولتوضيح ذلك نقول:
يمكن أن نعلم الحصان بعض الأمور -- كما نلاحظ في السيرك مثلاً -- ولكن هذا الحصان لا ينقل هذه الخبرات إلى ولده، ومن هنا لا تتراكم الخبرات لدى عالم الخيول، ومن هنا لا تتطور علومها ومعارفها ولا تقيم الحضارات.
أما الإنسان فتنتقل لديه الخبرات إلى الأجيال المتعاقبة، ومن هنا تتطور علومه ومعارفه وخبراته وينشئ الحضارات.
تنتقل الخبرات والمعارف بواسطة اللغة بالدرجة الأولى، ومن هنا وجدنا أن المبارزة بين آدم والملائكة عليهم السلام كانت تتعلق باللغة.
ـ[جمال السبني]ــــــــ[07 Feb 2009, 03:41 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخوتي الفضلاء.
(يُتْبَعُ)
(/)
لا غرابة في القول بأن الله استخلف الإنسان في الأرض، وبأن الإنسان خليفة لله في الأرض. ولا يلزم من هذا أن (المخلوف قد غاب) كما أشار الأخ (مصطفى سعيد). وإنما يلزم منه أن الخليفة يتصرّف بتخويل من المستخلِف (بكسر اللام)، ويُتمّ مهمّته. ولا غرابة في القول بأن الإنسان يكمل ما بدأه الله في الأرض! فالله تعالى بدأ الخلق، وأبدع الطبيعة وفطر السماوات والأرض، وبهذا يتمّ خلق الطبيعة أو الأرض، يبقى بعد هذا الأعمال الحضارية ـ العمرانية التي هي المقصود من قوله تعالى (واستعمركم فيها) وقوله تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة). وهذه الأعمال الحضارية ـ العمرانية هي وإن كانت مما هدى الله الإنسانَ إليها، ولكنها متروكة تحقيقها للإنسان. الحضارة هي (أعمال) الإنسان، وسيرى الله أعمالنا (وقل اعملوا، فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون). الله استخلف الإنسان بما يعمله في الأرض، واستعمره فيها، أي طلب منه إعمارَها، فالأرض قبل الإنسان كانت خالية من كلّ عمران وأعمال آدمية ومصنوعات مقصودة بالقصد الإنساني، لم يكن للأشياء في الأرض أسماء قبل الإنسان، والإنسان هو الذي سمّاها بأسمائها (وعلّم آدمَ الأسماءَ كلها). خلاصة الكلام: أن الله قد هيّأ الأرض لحياة الإنسان بدحوها وإخراج مياهها ومراعيها وإرساء جبالها، ثم خلق الإنسان ليعمل أعمالَه وليصنع حضارته وليُعمِر الأرض بعمرانه وقراه ومدنه وتجمعاته البشرية وإنجازاته. وهذا الاستخلاف (والاستعمار) ليس مخصوصا بالإنسان المؤمن، بل هو عامّ في الإنسانية. ومعنى هذا الاستخلاف، كما بيّنتُ، هو أن الإنسان مطالَب غريزيا وطبيعيا بأن يبدأ حيث انتهت الطبيعة، بأن يستغلّ الطبيعة (الأرض) ويعمرها ويجعل من القفار الموحشة مدنا عامرة وحواضر.
وأستغرب من الأخ (مصطفى سعيد) قوله بأن الإنسان لا يملك شيئا في الأرض، أليس كل شيء في الأرض مسخّرا بقدرة الله للإنسان، ألم يجعل الله الأرض ذلولا يمشي الإنسان في مناكبها؟ فالله تعالى مكّن الإنسانَ من الأرض وجعله ذا قدرة على استغلالها واستعمارها والتصرف فيها، وهو مطالَب بذلك، ولكنه طلب فطريّ غريزي كامن وليس مقتصرا على الوحي والرسالة السماوية، فالإنسان بطبيعته ينزع إلى استغلال الطبيعة والتصرف فيها كسيّد.
وأنا أرى أن قوله تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة) واضح تماما في أداء معنى استخلاف الله للإنسان في الأرض، ولكن مما شوّه هذا المعنى الواضح تفسير شائع يُفيد أن الإنسان مسبوق في الأرض بمخلوقات أخرى مكلَّفة أو شبه مكلَّفة مثل الجنّ، وأن الإنسان (خَلَف) لتلك الكائنات السابقة. وأنا الآنَ لا أعرف مصدر نشوء هذا التفسير الغريب، ولكنني متأكد من أنه تفسير ملتوٍ لا يتوافق مع السياق القرآني وصيغة الكلام في قصة آدم في سورة البقرة، التي تبدأ بقوله تعالى (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة). فإذا كان المقصود هو أن الإنسان يخلف تلك المخلوقات العاقلة السابقة فلماذا لم يُشِر النصُّ إلى تلك المخلوقات؟ هل يمكن أن يكون البيان القرآني بهذا الغموض والباطنية؟ الذي أعلمه هو أن القرآن بلسان عربي مبين، ولكن المشكلة هي أننا في هذا العصر ليس لنا الملكة اللسانية التي كانت للعرب حينما خاطبهم القرآن في عصر النبوة وما تلاه. وفي هذا السياق يمكن أن أسأل: إذا كان الاستخلاف هو غير أن يكون الإنسان خليفة لله في الأرض؛ فما هو وجه استغراب الملائكة حينما علموا أن الإنسان هو الخليفة المقصود وهو المخلوق الذي قد يُفسِد وقد يسفك الدماء؟ إذا كان الإنسان مجرّد خلف لكائنات أكثر شرا وفسادا فما هو وجه استغراب الملائكة واستفسارهم؟ والملائكة أرادوا بذلك أنهم أنسب وأولى بأن يكونوا خليفة الله في الكون. ولكن المشيئة الإلهية قضت بأن يكون الإنسان العاقل الذي يسمّي الأشياء بأسمائها والذي يتعرّف على طبائع الأشياء المادية والذي ينزع بطبيعته إلى استغلال الطبيعة، هو الخليفة المستخلَف في الأرض. وليس المقصود أن ذلك الخليفة لا يسفك الدماء ولا يُفسِد في الأرض، ولكنه مع ذلك يُعمِر الأرض ويأتي من خلال أعماله و إنجازاته بما يمكن أن يكون إكمالا للطبيعة التي فطرها الله.
هذا هو جوهر المسألة كما أفهمه. ولستُ بالّذي يكتب فور ما يخطر له، وإنما قلّبتُ هذه الأفكار في رأسي منذ سنوات عدّة.
وقد أعود لهذا الموضوع، وأحبّ أن تستمرّ المناقشة.
وفّق الله جميع الإخوة لفهم القرآن العظيم.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[07 Feb 2009, 05:36 م]ـ
أحسنت أخي جمال فكلامك -خصوصا في المشاركة الأولى- كافٍ في هذه المسألة في نظري.
ـ[القارئ]ــــــــ[07 Feb 2009, 07:02 م]ـ
هل هناك كتاب جمع مقدمات سيد قطب عن السور في كتابه (في ظلال القرآن)
ـ[عبد الله المدني]ــــــــ[07 Feb 2009, 09:14 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي القارئ أنا شخصيا لم أعلم أن أحدا جمع هذه المقدمات، وقد أحسنتَ أخي إذ نبهت إلى هذا، فهي مقدمات تعريفية منهجية مفيدة. فلو تتكرم أنت أخي القارى فتقوم بهذا العمل المفيد، والله يجزيك الجزاء الأوفى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[07 Feb 2009, 09:45 م]ـ
الأخ جمال، والأخ العبادي حفظهما الله
قول الأخ جمال في مداخلته الأولى:"أنا أعتقد أن قوله تعالى (إني جاعل في الأرض خليفة) يعني (خليفة لي) ": هذا الذي نخالف فيه ونرفضه، وأين الدليل على هذا القول. وأطلب الدليل من الأخ جمال والأخ العبادي.
الله تعالى خلق الكون وخلق الإنسان وجعله خليفة في الأرض. وهذا واضح، ولكن من أين لنا أنه يخلف الله في الأرض؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[09 Feb 2009, 12:17 ص]ـ
إخواني ... كل من شارك في هذا الموضوع .. لكم الأجر والمثوبة من الله عزوجل ثم الشكر مني ... فجزاكم الله خيرا.
ولكن لازال هناك بعض التساؤلات؟؟؟
أليس مثل هذا المقال:
(الانسان مخلوق لعبادة الله و لعمارة الارض) العطف جاءت للتساوي!! كأن الله جل جلاله غير قادر على اعمار الارض فخلق الانسان ليعمر الارض ... !
هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، لو جاءت الشبهة .. المشكلةان هناك اعتقاد صحيح لا نعرف دليله ,, و لا نعرف كيف نرد على الشبهة ..
القضية الآن كما أسلفت [حول كلمة الاستخلاف نفسها، هذا كأنه دليل من الأدلة المتشابهة، لابد أن ((نبحث عن معناها على فهم السلف))
إذا أتتنا شبهة ونحن معنا الاعتقاد الصحيح ما شبهتنا الأصلية؟ أصلاً 1/ الاعتقاد الصحيح الذي نعتقده نحن ما يظهر لنادليله -> (لماذا؟ لأن عندقراءة كتاب الله ما نقرأ في المعاني التي عندما نفهمها نثق في المعتقد)
2/ الدليل أمامنا ما عرفنا نعتقد منه اعتقاداً صحيحا.
مثال:
يكتب على بعض المحلات (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله .......... ، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم الآن مات ....... طيب الآية ما معناها؟ أنا الآن عندي دليل لكن لاأفهم ما الاعتقاد الصائب في هذا الدليل؟
كلما ازددنا تمسكا بأدلة الاعتقاد كلما زادنا الله تعالى بيانا وأظهر الله لنا أدلة اخرى بقراءة كتابه.
اليوم الفتن حولنا تتخطف الناس، كل يوم فكرة جديدة وكلام جديد والرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين))
" فالذي لديهم اعتقاد سوي ليس لديهم دليل عليه!!!!!!
فمن يفيدنا ............ ؟
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[09 Feb 2009, 10:12 ص]ـ
بارك الله فيك أختاه محبة القرآن, الله عزوجل خلق الإنسان ليعبده, ولكن الله عزوجل لم يرد من خلق الإنسان خلقا كخلق الملائكة وإنما اراد خلقا على مثال آخر, وجعل الله عزوجل ساحة عبادة الإنسان له هذه الأرض, فالله عزوجل لم يخلق الإنسان لكي ينشأ جيل من المعتزلين الحياة الذين لا هم لهم إلا الإكثار من ذكر الله عزوجل بألسنتهم ولا يفعلون شيئا في دنياهم!
إن دار ابتلاء الإنسان بالعمل هل يحسنه أم يهمله هي الدنيا, لذا فلا يمكن فصل العبادة عن إعمار الأرض, لأن إعمار الأرض جزء من العبادة!
وبخصوص قول الأخ جمال فإنا نعترض على قوله: الإنسان خليفة الله, لأن الله تعالى لم يقل ذلك في كتابه, فهذه زيادة من عنده, والله أعلم.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[09 Feb 2009, 02:46 م]ـ
الأخت الكريمة محبة القرآن
هل خُلق الإنسان ليعبد الله؟!! الجواب يحتمل نعم ويحتمل لا. ومن هنا أرجو أن يكون لديك الصبر على قراءة هذا المقال المفاجئ. وهو للشيخ بسام جرار أخذته من صفحة مركز نون.
لماذا خلقنا الله؟! مقال مقتبس من كتابنا (رسائل نون):
سؤال حّير العقول ولا يزال الناس يتساءلون: لماذا خلقنا الله؟! وقد يبادر البعض إلى القول: إنّ الله خلقنا لنعبده، ويدللون على ذلك بقول الله تعالى: "وما خلقتُ الجنّ والإنس إلا ليعبدون". ولكن هل صحيح أنّ الآية تشير إلى ذلك؟. الذي نراه أنّ الآية لا تجيب عن سؤال لماذا خلقنا الله، وإنما تشير إلى وظيفة الإنسان في الحياة الدنيا. وحتى يتّضح هذا الأمر يجدر بنا في البداية أن نبيّن المقصود بالعبادة في المفهوم الإسلامي.
المتتبع للآيات القرآنيّة والأحاديث الشّريفة، يدرك شمول مفهوم العبادة لكل جوانب الحياة. وهذا يعني أنّ العبادة هي: كل سلوك إيجابي يُقصد به التقرب إلى الله تعالى. ونظراً لاستحالة اتفاق البشر على تحديد ما هو إيجابي وما هو سلبي فقد بيّن الإسلام ذلك بوضوح.
(يُتْبَعُ)
(/)
لماذا خلقنا الله؟! الذي يسأل هذا السؤال قد يقصد في سؤاله أن يقول: كان الإنسان عدماً، فما هي الحكمة الربانيّة في خلقه بعد أن كان غير موجود؟! وقد يكون قصد السائل أن يقول: الإنسان موجود، ولا أسألك عن خلقه بعد أن كان عدماً، وإنما أسألك أنّه الآن موجود، لماذا؟! أي أنّ السائل يسأل عن وظيفة الإنسان بعد أن خلقه الله. وهذا السؤال أجابت عنه الآية القرآنيّة:" وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون"، فهي إذن تُحدد وظيفة الإنسان بعد وجوده، ولا تتحدث عن حكمة خلقه قبل أن يوجد. وقد عرفنا أنّ العبادة هي كل سلوك إيجابي يقصد به التقرب إلى الله تعالى. وعليه يكون معنى الآية: وما خلقت الجن والإنس إلا ليسلكوا سلوكاً إيجابياً وفق ما أحدده لهم، فأنا لم أخلقهم للسلبيات. أنا خلقتهم والشأن شأنهم أن يكونوا إيجابيين. ثم يأتي الدين ويفصل في ما هو إيجابي وما هو سلبي، ما يطلب فعله وما يطلب تركه.
لا توجد دولة إلا وتضع القانون الذي ينظم علاقة الناس بعضهم ببعض. وتقوم السلطة التنفيذيّة بحماية هذا القانون، وتكون طاعة الدولة من الواجبات التي لا يُسمح لأحد أن يفرّط فيها. أما الشّريعة الإسلاميّة فلم تقتصر على تنظيم علاقة الناس بعضهم ببعض، بل تعدّت ذلك إلى تنظيم علاقة الإنسان بالوجود، ثم هي تعمل على تربية الإنسان والارتقاء به. ومن أجل تحقيق التفاعل والالتزام من قبل الناس جعل الله تعالى الالتزام بهذه الشّريعة عبادة يثاب عليها المؤمن، وجعل المفرّط بها عاصياً مستحقاً للعقوبة. وإذا كان للقانون سلطة إلزام دنيويّة، فإنّ للشريعة سلطة دنيوية وأخرى أخروية. وهذا يعني أنّ الله تعالى قد تعبّدنا بمصلحتنا، فنحن الذين بحاجة إلى تنظيم ورعاية وهداية وتربية وتنمية، فكان من نعمة الله بالناس ورحمته أن جعل تَحقق مصالحهم عبادة له نسبها إلى نفسه لتكون هذه النسبة سلطة إلزام تدفع الناس لتحقيق المصالح ودرء المفاسد. من هنا لا يصح سؤال من يقول: " وهل يحتاج الله لعبادتنا؟ "، لأننا نحن الذين بحاجة إلى عبادته تعالى، فعبادته سبحانه هي التي تحقق مصالحنا، ومردودها على الفرد والجماعة واضح وملموس. والله تعالى يقول:"إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر".
يمكن أن يقودنا هذا إلى القول بأنّ العبادة وسيلة لإصلاح الدنيا من أجل صلاح الآخرة. ومن أبرز الأدلة على أنّ العبادة وسيلة وليست غاية أنّ تكاليف بالعبادات في الدنيا غير موجودة في الآخرة. وعليه فلو كان الله تعالى قد خلقنا من أجل هذه العبادات لكانت من أهم حقائق الآخرة.
إذن فلماذا خلقنا الله؟!
حتى نصل إلى الإجابة عن هذا السؤال نقوم أولاً بطرح المثال الآتي:
لدينا ساعة يد، ويمكن أن نسأل حولها ثلاثة أسئلة أساسيّة: هل احتاجت الساعة إلى صانع؟ كيف صنعت الساعة؟ لماذا صنعت الساعة؟
السؤال الأول: هل احتاجت الساعة إلى صانع؟ ونقصد بالصانع هنا الصفات الآتية: العلم، الإرادة، القدرة. وللإجابة عن هذا السؤال لا بد أن ننظر في السّاعة. وبمجرد النظر السريع إلى السّاعة يحكم الإنسان على الفور بأنّها احتاجت إلى صانع. ويمكن أن نتلقى إجابة إيجابية 100% من قبل كل العقلاء من غير تردد. وهذا أمر بدهي. فالإجابة عن سؤال: هل صنع؟ يكون فقط عن طريق النظر في المصنوع.
السؤال الثاني: كيف صنعت السّاعة؟ للإجابة عن هذا السؤال لا بد من النظر في السّاعة، أو سؤال الصانع. وتنخفض هنا نسبة الذين يمكنهم أن يجيبوا عن هذا السؤال إجابة إيجابية.
السؤال الثالث: لماذا صنعت السّاعة؟ وحتى نجيب عن هذا السؤال لا بد أن يكون لدينا علم بالخلفيّات التي سبقت الوجود، أي لا بد من العلم مسبقاً بأنّ البشر قد قسّموا اليوم إلى 24 جزءاً، ثم قسّموا كل جزء منها إلى 60 جزءاً، ثم قسّموا كل جزء إلى 60 جزءاً أيضاً. إذا لم تُعلم هذه الخلفيّة التي سبقت وجود الساعة فلا يمكن اطلاقاً معرفة الإجابة عن هذا السؤال على وجه الجزم. ويرجع سبب عدم إمكانيّة الإجابة إلى كون سؤال (لماذا) يتعلق دائماً بعالم ما قبل الوجود. أمّا سؤال (هل) وسؤال (كيف) فيتعلقان بالوجود. لذلك يمكن معرفة الإجابة عنهما عن طريق النظر في الوجود، على خلاف سؤال (لماذا) المتعلّق بما قبل الوجود.
(يُتْبَعُ)
(/)
والآن نسأل: هل خُلق الكون؟ الإجابة عن هذا السؤال هي من مسئوليتك أنت، لأنّه لا بد أن تنظر إلى الكون وفي الكون حتى تحصل على الإجابة. ولستَ بحاجة إلى أن تسأل أحداً عن ذلك، فمن السخافة أن نسأل عن إمكان وجود فنان من وراء اللوحة البديعة، لأنّ الإجابة تقدمها لك اللوحة نفسها، فعندما تنظر إليها يسهل عليك أن تجد الإجابة، بغض النظر عن خبرتك أو مستواك العقلي أو العلمي. لذلك فإنّ من أعجب العجب أن يطلب الملحد دليلاً وإثباتاً على وجود الخالق.
كيف خلق الكون؟ إنّ البشريّة منذ وجدت وإلى يومنا هذا وهي تنظر في الكون في محاولة لمعرفة كيف خلق، وإنّ تطور العلوم كان نتيجة لهذه المحاولات. وقد قدّم الدين للإنسان الإجابات عن بعض كيفيّات الخلق، فالقرآن الذي حث البشر على أن ينظروا في كيفيّة الخلق:" قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق"، هو الذي قدّم لهم بعض المعارف المتعلقة بأصل الوجود، مثل:" ثم استوى إلى السماء وهي دخان"، ومثل:"أولم ير الذين كفروا أنّ السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي". واللافت أنّ آلاف السنين لم تكن كافية للإنسان حتى يلم إلماماً واسعاً بكيفيّة الخلق، ولا يزال الإنسان يحاول ذلك، وهو ينجح كل يوم ولكنه لا يزال يجهل الحقيقة.
لماذا خلق الله الكون؟
هذا السؤال لا يمكن أن نحصل على إجابة عنه من خلال النظر في الكون، لأنه يتعلق بأمر ما سبق الوجود، فكما سبقت فكرة الزمن وجود السّاعة لا بد أن تسبق فكرة خلق الكون وجوده الفعلي. من هنا لا يتوقّع أن يعطي العلم الإجابة عن هذا السؤال، لأنّ العلم يبحث في الوجود، وسؤال (لماذا) يبحث فيما قبل الوجود. والإجابة لا تكون إلا عند الخالق، لأنّه وحده الحكيم الذي أراد أن يخلق قبل أن يخلق. وعليه هل نجد في الوحي إجابة عن هذا السؤال؟
في الواقع لا نلحظ أنّ هناك إجابة. وقد يرجع ذلك إلى أمور منها:
1. مجال تفكير الإنسان وحدود علومه هو الكون المخلوق، والسؤال هنا يتعلق بأمر كان قبل الوجود.
2. لا يزال الإنسان قاصراً عن فهم حقيقة الكيفيّة فأنّى له أن يفهم ما هو أكبر؟!
3. قد تكون المسألة من المسائل التي لا يطيقها العقل البشري. ومن البدهي أن يكون علم الخالق فوق علم المخلوق، وحكمته فوق حكمته. بل إننا نلحظ بوضوح تفاوتاً كبيراً في القدرات بين البشر أنفسهم. وعليه لا نتوقّع من الطفل الصغير أن يدرك الحكمة من وراء بعض تصرفات الآباء والأمهات. وقد وجدنا بالتجربة أنّ الإجابة عن السؤال المشهور: من خلق الخالق؟ هي أسهل عندما يكون السائل مثقفاً ذكياً، ولكن إذا سأل هذا السؤال طفل صغير نجد أنفسنا عاجزين عن أن نقدم له الإجابة التي يقتنع بها الكبار.
4. من السهل أن يجيب الإنسان عن سؤال هل؟، ومن الممكن أن يجيب عن سؤال كيف؟، وهذا يكفي لخلافته ولأداء وظيفته في الأرض. ولكن من قال إنّ الإنسان قد خُلق للدنيا، فمعلوم أنّ الدنيا تزول؛ إمّا بموت الناس، أو بزوالها يوم القيامة. من هنا لا معنى ظاهراً ولا حكمة بيّنة لوجود الإنسان في الأرض لمدة محدودة من الزمن، حتى لو بلغت مليارات السنوات، لأنّ النهاية تجعل البداية غير ذات معنى، والخلود فقط هو الذي يعطي البداية معناها، ومعلوم في الدين أنّ الآخرة هي دار الخلود. وعليه فالآخرة فقط هي التي تعطي الدنيا معناها. وقد ورد في الأثر الذي معناه صحيح:"خُلِقت الدنيا لكم وخلقتم للآخرة". وعليه لا إجابة دنيويّة حول الغاية النهائيّة لخلق الوجود والإنسان، ولكن هناك إجابة واضحة عن وظيفته الدنيويّة وعلاقة هذه الوظيفة بالمصير الأخروي الأبدي.
ليس بالضرورة أن تكون الإجابات كلها دنيويّة، وإلا فبماذا تتميّز الآخرة عن الدنيا؟! ولا مجال لعالم المحدودات والنهائيات أن يجيب عن أسئلة تتعلق بعالم اللانهائيات. وهذا من أهم الفروق بين الدنيا والآخرة.
هذا المقال يخاطب أهل الإيمان، أمّا غير المؤمنين من الماديين فلا يعنيهم مثل هذا الأمر، لأنّ الحياة في فلسفتهم مجرد صُدفة وبالتالي لا يوجد عندهم شيء له معنى، والحكمة منتفية من الوجود كله. ولا ندري لماذا يعيشون!! ا. هـ
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[10 Feb 2009, 09:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(يُتْبَعُ)
(/)
الحمدلله رب العالمين نحمده حمد الشاكرين، ونشكره شكر الحامدين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمينصلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ...
إخواني الفضلاء ... أسأل الله أن يبارك في أعمالكم ... وأعماركم ... وأن يجعل الجنة مثواكم. على ما قدمتم لنا من نفع.
أهم المفاهيم المرتبطة بقضية الاستخلاف:
الخلافة: الخليفة بحسب اللغة: من خلف من كان قبله وقام مقامه.
فلماذا سمي آدم خليفة؟ توجد هنا أراء:
الأول: أن أدم سمي خليفة لأنه خلف مخلوقات الله سبحانه في الأرض وهذه المخلوقات إما
أن تكون ملائكة، أو يكونوا الجن الذين أفسدوا في الأرض وسفكوا فيها الدماء، كما روي ابن عباس.
أو يكونوا آدميين آخرين قبل آدم.
الثاني:أنه سمي خليفة، لأنه وابناءه يخلف بعضهم بعضا، فهم مخلوقات تتناسل ويخلف بعضها البعض الآخر.
وقد نسب هذا القول إلى الحسن البصري.
الثالث: أنه سمي خليفة لأنه يخلف الله سبحانه في الأرض. وفي تفسير هذه الخلافةلله سبحانه وعدم ارتباطها
بالمعنى اللغوي تعددت الآراء واختلف:
أ. انه يخلف الله في الحكم والفصل بين الخلق.
ب. يخلف الله سبحانه في عمارة الأرض واستثمارها من انبات الزرع واخراج الثمار وشق الانهار وغير ذلك.
هذا الرأي وما قبله ذكره الطوسي في التبيان.
ج. يخلف الله سبحانه في العلم بالأسماء كما ذهب الى ذلك العلامة الطباطبائي.
د. يخلف الله سبحانه في الارض بما وهبه الله من قوة غير محدودة سواء في قابليتهاأو شهواتها أو علومها. كما ذهب إلى ذلك
الشيخ محمد عبده.
والله تعالى أعلم
---------------------------------------------------------------------------------
يقول السعدي رحمه الله في تفسير قوله:
(وَلَكُمْ فِي الأرْضِ مُسْتَقَرٌّ) أي: مسكن وقرار، (وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) انقضاء آجالكم, ثم تنتقلون منها للدار التي خلقتم لها, وخلقت لكم، ففيها أن مدة هذه الحياة,
مؤقتة عارضة, ليست مسكنا حقيقيا, وإنما هي معبر يتزود منها لتلك الدار, ولا تعمر للاستقرار.
ـ[جمال السبني]ــــــــ[10 Feb 2009, 10:09 م]ـ
جزى الله كل الذين شاركوا في إثراء الموضوع وإغنائه بالآراء المختلفة. وأشكر الأخت (مجبة القرآن) على تفضّلها بإيراد الآراء المختلفة في تفسير الخليفة في قوله تعالى ( .. إني جاعل في الأرض خليفة .. ).
وأعتذر إن كنت تغيّبت عن مجلسكم، فإني لم أستطع الدخول في الشبكة منذ مدة. وأنا الآنَ بصدد تحقيق تامّ عن هذا الموضوع (مفهوم الاستخلاف والخليفة المقصود في الآية الآنفة الذكر)، وسأنزل ما أنتهي إليه في مداخلة لاحقة. وربما سأغيّر رأيي السابق، وربّما سأزيده إثباتا ووضوحا.
نفعني الله بكم، وجمعنا على ما فيه الخير كله. والسلام عليكم ورحمة الله ..
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[12 Feb 2009, 12:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين نحمده حمد الشاكرين، ونشكره شكر الحامدين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمينصلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ...
إخواني الفضلاء ... أسأل الله أن يبارك في أعمالكم ... وأعماركم ... وأن يجعل الجنة مثواكم. على ما قدمتم لنا من نفع.
أهم المفاهيم المرتبطة بقضية الاستخلاف:
الخلافة: الخليفة بحسب اللغة: من خلف من كان قبله وقام مقامه.
فلماذا سمي آدم خليفة؟ توجد هنا أراء:
الأول: أن أدم سمي خليفة لأنه خلف مخلوقات الله سبحانه في الأرض وهذه المخلوقات إما
أن تكون ملائكة، أو يكونوا الجن الذين أفسدوا في الأرض وسفكوا فيها الدماء، كما روي ابن عباس.
أو يكونوا آدميين آخرين قبل آدم.
الثاني:أنه سمي خليفة، لأنه وابناءه يخلف بعضهم بعضا، فهم مخلوقات تتناسل ويخلف بعضها البعض الآخر.
وقد نسب هذا القول إلى الحسن البصري.
الثالث: أنه سمي خليفة لأنه يخلف الله سبحانه في الأرض. وفي تفسير هذه الخلافةلله سبحانه وعدم ارتباطها
بالمعنى اللغوي تعددت الآراء واختلف:
أ. انه يخلف الله في الحكم والفصل بين الخلق.
ب. يخلف الله سبحانه في عمارة الأرض واستثمارها من انبات الزرع واخراج الثمار وشق الانهار وغير ذلك.
هذا الرأي وما قبله ذكره الطوسي في التبيان.
ج. يخلف الله سبحانه في العلم بالأسماء كما ذهب الى ذلك العلامة الطباطبائي.
د. يخلف الله سبحانه في الارض بما وهبه الله من قوة غير محدودة سواء في قابليتهاأو شهواتها أو علومها. كما ذهب إلى ذلك
الشيخ محمد عبده.
والله تعالى أعلم
---------------------------------------------------------------------------------
يقول السعدي رحمه الله في تفسير قوله:
(وَلَكُمْ فِي الأرْضِ مُسْتَقَرٌّ) أي: مسكن وقرار، (وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) انقضاء آجالكم, ثم تنتقلون منها للدار التي خلقتم لها, وخلقت لكم، ففيها أن مدة هذه الحياة,
مؤقتة عارضة, ليست مسكنا حقيقيا, وإنما هي معبر يتزود منها لتلك الدار, ولا تعمر للاستقرار.
ذكرت الآراء فقط وهي منقولة ولكن لم ألحظ بعض أسماء المفسرين إلا الآن!!! فأرجواالمعذرة.(/)
ما معنى (هيت لك)؟
ـ[جمال السبني]ــــــــ[06 Feb 2009, 10:43 م]ـ
في قوله تعالى (وقالت هيت لك).
قال المفسرون: معناه هلمّ.
فهل المقصود هو أن (هيت) تعني (هلمّ)، أم المقصود هو أن (هيت لك) معا تعني ذلك؟
وإذا كانت (هيت) وحدها بمعنى هلمّ؛ فما هو وجه مناسبة الإتيان بـ (لك)؟ أي: كيف يمكن أن يُقال: هلمّ لك؟
أفيدونا، بارك الله فيكم ونفع بكم.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[07 Feb 2009, 12:50 ص]ـ
قال ابن عاشور:"هيت: اسم فعل أمر بمعنى بَادرْ ".
أقول: وعليه يمكن أن يكون المعنى: بادر إلى ما هو لك، بمعنى أنها تُملِّكُه نفسها.
وفي اللغة العبرية هناك عبارة قريبة: (هَييتي لِخا) ومعناها أنا مُلكك، وبترجمة أدق: كُنتُ لك. وهناك تعبير فرعوني يتوافق لفظاً ومعنى.
ـ[ابن العربية]ــــــــ[07 Feb 2009, 01:13 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي ابو عمرو
ـ[ابن عربي]ــــــــ[07 Feb 2009, 05:36 م]ـ
وفيها اربعة قراءات
1= هيت لك بكسر الهاء وفتح التاء
2= هئت لك كسر الهاء وفتح التاء والهمزة في الوسط
3= هيت لك بفتح الهاء ورفع التاء
4= هيت لك بفتح الها ء وفتح التاء
وبطبيعة الحال فلكل قراءة معني(/)
ماالفرق بين العلم واليقين؟
ـ[واسطة العقد]ــــــــ[07 Feb 2009, 04:52 م]ـ
~ أعضاء الملتقى الميمون ~
السلام الله عليكم ورحمة الله
سؤالي: من المفسرين من يفسر بعض مواضع الظن بالعلم واليقين فهل بينهما -العلم واليقين- فرق؟ وهل لجمعهما فائدة يقصدها المفسر؟
وكيف يوجه قول مجاهد (رحمه الله):" كل ظن في القرآن يقين " لأن هناك مواضع لايفسر فيها الظن باليقين كقوله تعالى:" إن نظن إلا ظنا " [الجاثية:32]؟
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[07 Feb 2009, 10:08 م]ـ
علم اليقين هو أعلى مراتب العلم.
لا يعقل أن يكون كل ظن في القرآن الكريم بمعنى اليقين. ويبدو أن هناك التباس.
فقط الظن في بعض الآيات حمله العلماء على معنى اليقين.
للشيخ بسام جرار مقال بعنوان (الظن) يعالج هذه المسألة ويرى أن الظن في القرآن الكريم لا يأتي اطلاقاً بمعنى اليقين. والمقال موجود في صفحة مركز نون للدراسات القرآنية، في كتاب من أسرار الأسماء في القرآن الكريم، وفي كتاب دراسات في الفكر الإسلامي في وحدة العقيدة.
ـ[واسطة العقد]ــــــــ[10 Feb 2009, 04:09 م]ـ
علم اليقين هو أعلى مراتب العلم.
لا يعقل أن يكون كل ظن في القرآن الكريم بمعنى اليقين. ويبدو أن هناك التباس.
فقط الظن في بعض الآيات حمله العلماء على معنى اليقين.
للشيخ بسام جرار مقال بعنوان (الظن) يعالج هذه المسألة ويرى أن الظن في القرآن الكريم لا يأتي اطلاقاً بمعنى اليقين. والمقال موجود في صفحة مركز نون للدراسات القرآنية، في كتاب من أسرار الأسماء في القرآن الكريم، وفي كتاب دراسات في الفكر الإسلامي في وحدة العقيدة.
.................... جزاكم الله خيرا
..................... ونفع الله بكم(/)
البينات في بيان بعض الآيات للإمام ملا علي القاري
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[07 Feb 2009, 06:05 م]ـ
الردوالبينات في بيان بعض الآيات للإمام ملا علي القاري , تحقيق: أ. د عيادة الكبيسي , العدد 15 من مجلة الأحمدية (بحث محكم)
اضغط هنا للتحميل - مباشرة - ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=63164&d=1233644504)
ـ[جمانة السديري]ــــــــ[07 Feb 2009, 06:32 م]ـ
بارك الله بك , شكراً أخي الكريم(/)
بشرى وذكرى يا اهل القرآن
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[07 Feb 2009, 10:33 م]ـ
قال الامام ابن رجب الحنبلي في كتابه جامع العلوم والحكم:
ومن أعظم ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من النوافل كثرة تلاوة القرآن وسماعه بتفكر وتدبر وتفهم قال حبان بن الأرت لرجل تقرب إلى الله تعالى ما استطعت واعلم أنك لن تتقرب إليه بشيء هو أحب إليه من كلامه وفي الترمذي عن أبي أمامة مرفوعًا ما تقرب العبد إلى الله تعالى بمثل ما خرج منه يعني القرآن لاشيء عندالمحبين أحلي من كلام محبوبهم فهو لذة قلوبهم وغاية مطلوبهم قال عثمان لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم.
وقال ابن مسعود من أحب القرآن أحب الله ورسوله قال بعض العارفين لمريد أتحفظ القرآن قال لا واغوثاه بالله لمريد لا يحفظ القرآن فبنم يتنعم فبنم يترنم فبنم يناجي ربه تعالى كان بعضهم يكثر تلاوة القرآن ثم اشتغل عنه بغيره فرأي في المنام قائلا يقول له:
إن كنت تزعم حبي =فلم جفوت كتابي
أما تأملت ما فيه =من لطيف عتابي(/)
(معصية موسى ومعصية يونس عليهما السلام)
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[07 Feb 2009, 11:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها الأخوة في الله 000 قبل سنة أو أكثر استوقفتني الآيات في سورة (ن) ((فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم)) 0
هذا النبي الكريم عليه السلام لولا أن أدركته نعمة الله لكان ماذا؟
1 - (لنبذ)
2 - (بالعراء)
3 - (وهو مذموم)
تأملوا التعبير بالنبذ دون غيره (كالطرح أو الإلقاء) وتأملوا أن هذا النبذ سيكون في العراء ومع ذلك كله (وهو مذموم)
سبحان الله كل ذلك لأجل معصية واحدة!!!
ثم جعلت أقارن بين معصية يونس ومعصية موسى عليهما السلام حين قتل القبطي
حيث قال ((قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم)) فما الذي جعل معصية يونس عليه السلام بهذه المثابة؟
فظهر لي أن معصية يونس عليه السلام تتعلق بمقام الله حيث خرج ولم يستأذن الله الذي بعثه على ما قيل في قصته , وأما معصية موسى عليه السلام فتتعلق بظلم النفس والأعداء على الغير 0
وقد يقال إن موسى عليه السلام أحدث توبة ودعا الله بالمغفرة وأما يونس عليه السلام فكما قال الله ((فظن أن لن نقدرعليه)) ولم يحدث توبة إالا بعد أن وقع في بطن الحوت
والله أعلم 0
ننتظر ما تجود به أفكاركم0000
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[10 Feb 2009, 04:02 م]ـ
الأخ الكريم (أبو هاجر) حفظه الله
1. عندما ارتكب موسى عليه السلام القتل الخطأً لم يكن قد بُعث بعد. وصحيح أنّ الله تعالى قد غفر له ذلك إلا أننا نلاحظ أنّه دفع ثمن ذلك سنوات في الغربة. وكانت هذه الحادثة المقدمة لبعثته عليه السلام.
2. لا نملك الدليل على أن يونس عليه السلام كان رسولاً عندما اجتهد وظن أن الله لم يضيق عليه فبإمكانه أن يغادر البلد التي كان فيها. وهناك احتمال أن يكون من أتباع نبي وأنه كان يقوم بواجب الدعوة بصفته تابعاً ودفعه غضبه الذي لا ندري سببه إلى الرحيل تاركاً واجبه ظاناً أن الله تعالى لم يضيّق عليه. (يبقى الأمر من قبيل الاحتمال).
3. واليوم نجد بعض أهل العلم الشرعي يقعد في بيته ظاناً أن في الأمر سعة ويترك تعليم الناس وموعظتهم وتوعيتهم. ولو علم أنه بذلك قد يشبه في قعوده المتخلفين لغير وبدّل.
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[10 Feb 2009, 05:35 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي في الله000
1 - أخي في الله إن موسى عليه السلام وإن لم يبعث بعدُ فيبقى أنه عبدٌ لله يدين بدين
بني إسرائيل 0
2 - وأما يونس عليه السلام فظاهر القرآن أنه مرسل أثناء ذلك لأن الله ذكر صفة الرسالة قبل القصة
((وإن يونس لمن من المرسلين إذ أبق 000)
وأكرر (جزاك الله خيرا على هذه الملاحظات)
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[10 Feb 2009, 09:05 م]ـ
الحمد لله والصلاة على رسول الله
وبعد،،،
الأنبياء جميعا (عليهم السلام) معصومون بإجماع الأمة، وعليه لا يمكن أن نقول معصية موسى ومعصية يونس، لأن مفهوم المعصية ومؤداها ينبع عن وسوسة الشيطان والإغواء، وهذا يستحيل على النبي،
أما ما يجري على الأنبياء (عليهم السلام) من أمور تبدوا في ظاهرها معصية، إنما هي أمور يجريها الرحمن عليهم للتشريع ولتعليم الأمم،
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[11 Feb 2009, 04:45 م]ـ
أخي وليد حكاية الإجماع ليس بالأمر الهيّن فعصمة الأنبياء عليهم السلام من الصغائر
مسألة معروفٌ الخلاف فيها، وانقل كلام مختصر لشيخ الإسلام ابن تيمية في المسألة 0
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله:
فَإِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ عَنْ الْكَبَائِرِ دُونَ الصَّغَائِرِهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ وَجَمِيعِ الطَّوَائِفِ حَتَّى إنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ كَمَا ذَكَرَ " أَبُو الْحَسَنِ الآمدي " أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَشْعَرِيَّةِ وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ بَلْ هُوَ لَمْ يَنْقُلْ عَنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ إلَّا مَا يُوَافِقُ هَذَا الْقَوْلَ وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُمْ مَا يُوَافِقُ الْقَوْلَ. وَإِنَّمَا نُقِلَ ذَلِكَ الْقَوْلَ فِي الْعَصْرِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الرَّافِضَةِ ثُمَّ عَنْ بَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ ثُمَّ وَافَقَهُمْ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَعَامَّةُ مَا يُنْقَلُ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُمْ غَيْرُ مَعْصُومِينَ عَنْ الْإِقْرَارِ عَلَى الصَّغَائِرِ وَلَا يُقَرُّونَ عَلَيْهَا وَلَا يَقُولُونَ إنَّهَا لَا تَقَعُ بِحَالِ.
مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 1 / ص 363)
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[11 Feb 2009, 11:39 م]ـ
عزيزي أبو هاجر حفظه الله
قول الله تعالى:"وإن يونس لمن المرسلين" لا يدل على أن يونس عليه السلام كان رسولاً قبل الحدث بدليل "وأرسلناه إلى مائة .. " أنظر الآيات الكريمة:
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ، فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ، وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ، وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) الصافات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[12 Feb 2009, 10:54 ص]ـ
هو كما ذكرت أخي أبا عمرو (يبقى الأمر محتمل) بارك الله فيك(/)
أريد أن أفهم المثل المضروب
ـ[معالي]ــــــــ[07 Feb 2009, 11:57 م]ـ
يقول تعالى (أوكصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق .......
يكاد البرق يخطف أبصارهم ....... ) ماوجه الشبه بين الظلمات والرعد والبرق والبرق في الايه الثانيه وبين المنافقين؟
جزاك الله خيرا
ـ[امة الوهاب]ــــــــ[09 Feb 2009, 08:51 م]ـ
او كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق. يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين.)
لا زال الكلام على المنافقين وهذه حال فريق اخر منهم يظهر لهم الحق تارة ويشكون فيه تارة اخرى.حال جماعة تمشي في العراء فينصب عليهم مطر شديد تصاحبه ظلمات بعضها فوق بعض مع قصف الرعد ولمعان البرق والصواعق المحرقة التي تجعلهم من شدة الهول يضعون اصابعهم في اذانهم خوفا من الهلاك والله محيط بالكافرين لا يفوتونه ولايعجزونه.يقارب البرق من شدة لمعانه ان يسلب ابصارهم ومع ذلك فكلما اضاء لهم مشوا في ضوئه واذا ذهب اظلم الطريق عليهم فيقفون في اماكنهم.ولولا امهال الله لهم لسلب سمعهم وابصارهم وهو قادر على ذلك في كل وقت انه على كل شيء قدير.
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[09 Feb 2009, 10:45 م]ـ
الظاهر أن الله شبه حال من هو في هذا الصيب الذي فيه ظلمات ورعد وبرق بحال
المنافقين لا أن الله شبه المنافقين بالصيب الذي فيه ظلمات ورعد وبرق ,
فيكون وجه الشبه - والله أعلم -: أن حال المنافقين وماهم فيه من ظلمات الكفر والشك
كحال من هو في ظلمات هذا الصيب , وما ينزل من القرآن من بيان صفاتهم أو الأمر
بقتالهم أو توعدهم بالعذاب أو عندما يكون هناك نصرٌ للمؤمنين أو غير ذلك (1) هو
بمثابةهذا الرعد والبرق في المثل المضروب والله أعلم 0
(1) وجُمّاع ذلك ما قاله ابن كثير رحمه الله في قوله ((ورعد)): (وهو ما يزعج القلوب من الخوف , فإن شأن المنافقين الخوف الشديد والفزع)
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[10 Feb 2009, 12:11 ص]ـ
الأخوة الكرام،
حتى نفهم هذا المثل لا بد من فهم المثل الذي سبقه. وهذا مقال للشيخ بسام جرار يشرح المثل الذي يسبق. وقد أخذته من صفحة مركز نون للدراسات القرآنية:
مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً: بقلم بسام جرار
جاء في الآية 17 من سورة البقرة:" مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون".
تكرر السؤال حول تفسير هذه الآية الكريمة، وكنا نلحظ أنّ السائلين يستشكلون المثال المضروب. ويرجع جزء من هذا الاستشكال إلى التوجه العام للمفسرين؛ حيث يرون أنّ المنافقين- في المثال المضروب- هم الذين يستوقدون النار. فَمثلُ المنافقين إذن: كمثل شخصٍ أوقد ناراً ليستضيء بها، فلما أضاءت النار ما حوله، ذهب الله بنوره فلم يعد بقادر على الإبصار. وهذا القول هو مدار أقوال عامة المفسرين. وهنا لنا على هذا التفسير الملاحظات الآتية:
أولاً: المنافق لا يطلب الحقيقة ولا يسعى لها ولا يبذل جهداً من أجلها. وكلمة (استوقد) توحي بهذا الطلب وهذا الجهد.
ثانياً: الذي استوقد هو فرد واحد بدليل (الذي، حوله)، والذين ذهب الله بنورهم هم جماعة، كما هو النص الكريم. ويقول البيضاوي:" والذي: بمعنى الذين، كما في قوله تعالى: وخضتم كالذي خاضوا". وهذا غريب، لأنّ المقصود: وخضتم كالخوض الذي خاضوه، أي خضتم كخوضهم.
والذي نراه أقرب لظاهر اللفظة القرآنية الآتي:
مثلهم: أي مثلهم في موقفهم من دعوة الرسول، عليه السلام. وبعبارة أخرى: مثلهم معك يامحمد. والمثل هنا يتعلق بطرفين: الطرف الأول هو الرسول، عليه السلام، والطرف الثاني هو أهل النفاق. وعليه يصبح المعنى: مثلهم في موقفهم منك ومن دعوتك يا محمد، كمثل رجل اجتهد في إيقاد نار، فلما أفلح في ذلك وأضاءت النار ما حوله ... ، فالرسول عليه السلام هو ذلك الرجل الذي اجتهد في إنارة ما حوله بنور الهدى، فلما أفلح في ذلك وأُنيرت مِن حَوله البلاد بنور الهدى، واستجاب له الناس من حوله، كانت المفاجأة أنْ ذهب الله بنور هؤلاء لنفاقهم وفساد طويتهم. نعم، ذهب الله بالنور الذي خلقه فيهم ليهديهم؛ من عقل وفطرة وفرقان يجده من لم يدنس بالمعاصي ... الخ. فليس الإشكال إذن في نور الوحي، فقد أضاء وأنار، وإنما الإشكال في العمى الداخلي الذي نتج عن معاصيهم ونفاقهم.
وعليه نقول:
1. النور: كل ما يهديك ويوصلك إلى حقائق الأشياء؛ فالوحي نور، والعلم نور، والفطرة السوية نور، والضوء نور ... الخ
2. كما لا يكفي وجود الضوء في الغرفة حتى نبصر، كذلك لا يكفي نور الوحي حتى يهتدي الإنسان، لأنه لا بد من القدرة الداخلية على الإبصار والاهتداء. فهناك إرسال وهناك استقبال. وصلاحية القدرة على الاستقبال لا بد منها.
3. المعاصي تُذهب الأنوار الداخلية التي تجعل الإنسان مبصراً لحقائق الدين، والتي تختلف عن حقائق الدنيا؛ فالله ـ تعالى ـ غاية شريفة لا يصلها الإنسان حتى يسلك سلوكاً شريفاً سوياً.
4. لا تعجب من الذين يملكون عقولاً ثم هم لا يدركون أبسط الحقائق الإيمانية. ولكن انظر إلى سلوكهم في الحياة، لتعلم أنّ الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي. وهذه حقيقة دينية يمكن استقراؤها في حياة الناس. ألا ترى في واقع الناس أنّ أكثرهم التزاماً بمطالب الدين يكون أشدهم إيماناً وتصديقاً. وإذا كانت حقائق الفيزياء والكيمياء، وغيرها من العلوم الطبيعية، تحتاج إلى عقول فقط، فإنّ الحقائق الإيمانية تحتاج إلى عقول وقلوب. والقلوب تحتاج إلى سلوك سوي، والسلوك السوي يُفصّله الدين الحق.
5. قد ننخدع أحياناً بالسلوك السوي الذي لا يُنتج إيماناً سوياً، لأننا لا نطّلع على سلوك القلوب، ولكنّ الله يطّلع. والكِبرُ من أخطر أمراض القلوب التي تصرف المتكبّر عن حقائق الإيمان. انظر الآية 146 من سورة الأعراف:" سأصرفُ عن آياتيَ الذين يتكبرونَ في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ... ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[10 Feb 2009, 09:46 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا عمرو كلام جميل جدا000 لكن هل قال بهذا أحد من السلف أو أهل التفسير؟
ـ[معالي]ــــــــ[17 Feb 2009, 12:23 ص]ـ
بعد البحث توصلت الى الاتي
(فالصيب مثل لظاهر ما أظهر المنافقون بألسنتهم من الإقرار والتصديق والظلمات التي هي فيه لظلمات ما هم مستبطنون من الشك والتكذيب ومرض القلوب وأما الرعد والصواعق فلما هم عليه من الوجل من وعيد الله إياهم على لسان رسوله في آي كتابه إما في العاجل وإما في الآجل أي يحل بهم مع شكهم في ذلك.) جامع البيان ويقل أحد الدارسين للتفسير
أَوْ كَصَيّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُماتٌ). وشبه الآيات المتشابهات في القرآن العزيز على مقتضى الإبتلاء للمنافقين ومن كان في قلوبهم مرض بالظلمات ليكشف معادنهم للمسلمين؛ فيحذرونهم.
(أَوْ كَصَيّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالكَافِرِينَ *).
وشبه زواجر القرآن العزيز بالرعد، وشبه الحق الذي جاء به الرسول-صلى الله عليه وسلم-؛ وهو القرآن العظيم وسنته الشريفة بالبرق.
(يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلّ شَىْءٍ قَدِير).
وهنا وصف-سبحانه وتعالى- حال المنافقين مع محكمات القرآن العزيز التي تبرق كالبرق؛وتعرى عوارهم على رؤوس الملأ والأشهاد، وشدة صعقها عند سماعها (يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ) فغلب على قلوبهم الحذر من القتل لخطر نفاقهم على جماعة المسلمين نفاق الكفر.
والله-تعالى-أعلم.(/)
الإعجاز العددي يبحث عنه المسيحيون أيضا في إنجيلهم
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[08 Feb 2009, 07:26 ص]ـ
وأنا أبحث عن بعض الكتب، وجدت كتابا بالإنجليزية بعنوان: The Bible code ( رموز الإنجيل) من تأليف مايكل دروسْنن Michael Drosnin يطرح ما سماه اكتشافا لإعجاز عددي مخفي في نص الإنجيل، يؤرخ لبعض الأحداث العالمية، بعضها وقع في القرن العشرين.
وهذا بالإنجليزية تعريف قصير بالكتاب والرابط لتحميله لمن يرغب:
http://uploadbox.com/files/336b7dc468
For three thousand years a code in the Bible has remained hidden. Now it has been unlocked by computer -- and it may reveal our future.
The code was broken by an Israeli mathematician, who presented the proof in a major science journal, and it has been confirmed by famous mathematicians around the world.
This book is the first full account of a scientific discovery that may change the world, told by a skeptical secular reporter who became part of the story.
The three-thousand-year-old Bible code foretells events that happened thousands of years after the Bible was written. It foresaw both Kennedy assassinations, the Oklahoma City bombing, the election of Bill Clinton -- everything from World War II to Watergate, from the Holocaust to Hiroshima, from the Moon landing to the collision of a comet with Jupiter.
In a few dramatic cases detailed predictions were found in advance -- and the events then happened exactly as predicted. The date the Gulf War would begin was found weeks before the war started. The date of the Jupiter collision was found months before the blast.
The author of this book, investigative reporter Michael Drosnin, himself found the assassination of Yitzhak Rabin predicted in the Bible more than a year before the murder -- and personally warned the Prime Minister.
After the assassination happened, as predicted, when predicted, he was asked to brief the new Prime Minister of Israel and the chief of its famed intelligence agency, the Mossad.
The book is based on Drosnin's five-year investigation. The author interviewed all the experts, here and abroad. He spent many weeks with the world-class mathematician who discovered the code, Dr. Eliyahu Rips, and he met with famous mathematicians at Harvard, Yale, and Hebrew University. He talked to a senior code breaker at the top secret U.S. National Security Agency, who confirmed that there is a code in the Bible that does reveal the future.
No one yet knows if the Bible code accurately foretells what is yet to come. But the code may be a warning to this world of unprecedented danger, perhaps the real Apocalypse, a nuclear World War.
In any event, the Bible code forces us to accept what the Bible itself can only ask us to believe -- that we are not alone.
And it raises a question for us all -- does the code describe an inevitable future, or a series of possible futures whose ultimate outcome we can still decide?
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[08 Feb 2009, 05:54 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم على هذه الإفادة.
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[08 Feb 2009, 10:07 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
بارك الله فيك يا أخي العزيز محمد على هذا الخبر الهام الذي لم يكن في الحسبان و الذي سيفتح الباب على مصراعيه لكثير من القيل و القال حول هذه الأبحاث المستحدثة ... و البقية تأتي ...
و حبذا لو يتفضل أحد الإخوة أو الأخوات بترجمته إلى العربية لتعم الإستفادة من محتواه ...
{و قل رب زدني علما}.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[08 Feb 2009, 11:38 م]ـ
الأخوة الكرام
سبق لي أن سمعت عن هذا الكتاب في محاضرة للشيخ بسام جرار، وإليكم خلاصة لبعض ما سمعت من الشيخ:
1. هذا الكتاب تم تأليفة عام 1997م، وهو الكتاب الأكثر مبيعاً عام 1997م.
2. كاتب الكتاب رياضي يهودي ويحاول فيه أن يقلد أبحاث المسلمين لإثبات أن الكتاب المقدس عندهم فيه أسرار مُشفّرة عددياً.
3. قام الشيخ بسام جرار بدراسة هذا الكتاب وأثبت لنا أن الكتاب ملفق وفيه كذب وتضليل. ومن هنا لا أنصح بإضاعة الوقت في دراسة كتاب ملفق لا قيمة علمية له.
4. كانت المفاجأة في بداية العام 1998م عندما كتبت الصحف العبرية أنه تم تبين أن الكتاب ملفق بحيث يستحق الكتاب جائزة نوبل باعتباره أسوء كتاب طبع عام 1997م.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[08 Feb 2009, 11:55 م]ـ
أحسن الله إليك. وفي الحقيقة لم أشر إلى الكتاب لتأييد محتواه، بل لإبراز أن البحث عن الإعجاز العددي لم يظهر عند بعض الباحثين المسلمين فقط. بل هو موجود أيضا عند المسيحيين واليهود.
أما قول د. بسام جرار إن هذا الكاتب يحاول (أن يقلد أبحاث المسلمين لإثبات أن الكتاب المقدس عندهم فيه أسرار مُشفّرة عددياً) فهذا الادعاء فيه نظر، لأن الفكر اليهودي مهتم تاريخيا بدراسة الأعداد في النصوص المقدسة. وتوجد طائفة يهودية معروفة باسم "الكابّالا" (نشأت، في بعض الروايات، في أوائل القرن الحادي عشر) لديها اهتمام شديد بالأعداد في النصوص المقدسة. وتعتبر أن كل حرف وكل لفظ في النص المقدس له قيمة عددية.
للاطلاع بالإنجليزية:
http://en.wikipedia.org/wiki/Kabbalah
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[09 Feb 2009, 02:07 ص]ـ
الأخ الكريم محمد
لقد قرأ علينا الشيخ بسام جرار بعض نصوص من هذا الكتاب تدل بشكل واضح على أن الكاتب يحاول أن يقول لدينا شيفرة عددية مثل الذي عندكم. ومن يقرأ قوله وهو يقول: (رام الله مليئة نبوءة .... الخ) يشعر أنه يشير إلى كتاب الشيخ المتعلق باحتمال زوال إسرائيل. هذا مجرد مثال سريع.
والكتاب يتعلق بالتوراة وليس بالإنجيل كما أشرتم حفظكم الله.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[09 Feb 2009, 02:24 ص]ـ
والكتاب يتعلق بالتوراة وليس بالإنجيل كما أشرتم حفظكم الله.
صدقت. وقد اكتشفت ذلك بعد تصفح الكتاب.
جزاك الله خيرا.
ـ[عزالدين كشنيط الجزائري]ــــــــ[10 Feb 2009, 12:03 ص]ـ
إخوتي الأكارم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
بداية أتشرّف بتمكني -أخيرا- من التسجيل في هذا الملتقى العلمي (العلمي)، بعد أن كنت مجرّد متصفح مدّة طويلة من الزمن.
وأحب أن أطرح وجهة نظري في الموضوع على شكل أسئلة موضحة، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
- إذا ظهر أي علم عند منْ قبلنا هل يدلّ ذلك على عدم مشروعيته في ديننا؟
علم التفسير مثلا ألم يكن موجودا عند اليهود والنصارى قبل وجوده عند المسلمين
وكذلك العناية بالجوانب الإعجازية في الكتب السابقة (خصوصا ما يتعلق بالغيبيات)، ألم يكن موجودا عند من قبلنا من أهل الكتاب، وغير ذلك من العلوم كثيرة.
وهذا لا يعني أنني أقرّ كل ما عند السابقين من علوم، لكنني لا أراه منهجا سليما يصلح أن نحاكم به ظاهرة الإعجاز العددي في القرآن الكريم.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[10 Feb 2009, 12:45 ص]ـ
إخوتي الأكارم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ..
بداية أتشرّف بتمكني -أخيرا- من التسجيل في هذا الملتقى العلمي (العلمي)، بعد أن كنت مجرّد متصفح مدّة طويلة من الزمن.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبا بين إخوانك.
ما نقلتُه هو مجرد ملاحظة، لم أسع من ورائها لا إلى إلى استنتاج ولا إلى تحليل ولا إلى أي شيء.
هي مجرد ملاحظة تسترعي الانتباه.
وأدرك تماما أن وجود نفس الظاهرة في الأديان المختلفة ليس بالضرورة دليلا على الاقتباس أو على استيراد مفاهيم. لأن بعض المفاهيم قد توجد في الأديان المختلفة فقط بسبب طبيعة الدين (أي دين).
غير أن وجود توافق في بعض الظواهر الخاصة بعينها بين الأديان قد يستدعي من الباحث العلمي أن يدرس أسبابه واحتمالات التأثر والتأثير والاقتباس فيه.
تماما كما لاحظ بعض العلماء السابقين وجود ظاهرة (التصوف) عند المسيحيين، فبحثوا عن إمكانية وجود ارتباط بينهما.
ولا يعني هذا أيضا أن نتائج مثل هذا البحث تؤدي دائما إلى استنتاجات يقينية.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[10 Feb 2009, 05:20 م]ـ
مثل هذا الكتاب يؤكد على أمر اختمر في عقلي منذ فترة وهو أن بإمكان أي عالم رياضيات بارع أن يوجد جملة من العلاقات الرياضية في أي نص من النصوص.
وعليه فلا يعول على أي نوع من هذه العلاقات في إثبات شيء علمي سواء سميت موافقات أو مصادفات أو إعجازا!
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[10 Feb 2009, 11:37 م]ـ
مثل هذا الكتاب يؤكد على أمر اختمر في عقلي منذ فترة وهو أن بإمكان أي عالم رياضيات بارع أن يوجد جملة من العلاقات الرياضية في أي نص من النصوص.
وعليه فلا يعول على أي نوع من هذه العلاقات في إثبات شيء علمي سواء سميت موافقات أو مصادفات أو إعجازا!
(يُتْبَعُ)
(/)
مقدمة خاطئة قادت إلى نتيجة خاطئة .. إن وجود علاقات رياضية في نص ما ليس كافيا للحكم بأنها دليل إعجاز. أنا و أنت بإمكاننا أن نكتب نصا ونضمنه ما شئنا من موافقات وعلاقات عددية، ولكن المهم: هل هذا هو الحال الذي عليه الاعجاز العددي في القرآن؟
(أحدهم جادلني، جاءني بنص من الإنجيل، وعدد لي ما فيه من توافقات محورها الرقم 7، يريد بذلك أن يثبت أن في الإنجيل من الإعجاز العددي ما يفوق ما يورده الباحثون من امثلة على أنها من الإعجاز العددي في القرآن، وسألني: ماذا تسمي هذه الموافقات؟ أليست إعجازا؟
قلت له:لا. ليست إعجازا، ولعلك نسيت أن الإنجيل لم ينزل باللغة العربية، وأنت جئتني بنص مكتوب بالعربية. ليس من الصعب ملاحظة أنه من تأليف بعض الناس.
وها أنت يا أخي الكريم تستدل بكتاب أهله قالوا أنه ملفق، ولكنك تظنه السلاح الذي بحثت عنه طويلا لتحارب به الإعجاز العددي. أؤكد لك لو أن سور القرآن كلها جاءت من العدد 7 ومضاعفاته أو من غيره لقلت لك هذا ليس إعجازا).
المشكلة لدى الكثيرين بخاصة الذين يعارضون الإعجاز العددي أن صورة الإعجاز العددي في القرآن غير واضحة لديهم، وربما بعضهم لا يعرف عنها سوى ما سمعه من صديق له، أو معارض مثله. الإعجاز العددي في القرآن هو غير ما اختمر في عقلك أخي الكريم. والعلاقات الرياضية بين سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه غير هذا الذي يكتبه البعض، إنها أكثر تعقيدا واكثر إتقانا، وليس من الممكن محاكاتها من قبل أحد. إن الفرق بين ما يمكن أن نصنعه نحن من علاقات رياضية في نصوص من صنعنا، والعلاقات الرياضية في القرآن كبير جدا. ومن الخطأ أن نحكم على تلك العلاقات ونحن لا نعرف عنها غير القليل وبعضنا لا يعرف عنها شيئا.
أنت مثلا – مع احترامي – لشخصك الكريم: هل درست العلاقات الرياضية في القرآن وتوصلت إلى أن بإمكان البارعين من علماء الرياضيات محاكاتها؟ أليس هناك من يزعم أن بإمكانه محاكاة لغة القرآن؟
هنا مسألة مهمة سبق أن نبهت إليها، ولكن لا حياة لمن تنادي: إن بناء العلاقات الرياضية في القرآن مختلف تماما عما هو مألوف لدينا، وعما يمكننا تصوره، وعما يمكننا فعله لو أردنا محاكاة تلك العلاقات .. ولهذا فهو إعجاز.
ولقد سبق أن ذكرت لك بعض الملاحظات عن الإعجاز العددي في الآيات السبع التي ورد فيها العدد 6 (عدد أيام خلق الكون) .. ولعلك تحسب أن الموضوع انتهى.- وانتظرت ردا منك - الموضوع مازال واسعا ومتشعبا ويزداد تعقيدا، وأرى أنه بدل أن تنتقد وتعارض دون علم أو دراية بما تعارضه، أنصحك بدراسة موقع الآية الأولى التي ورد فيها العدد 6، ثم الآية الأخيرة التي ورد فيها، وبعد أن تتحفنا بما لاحظت، نعدك بالمساعدة. مع احترامي لشخصك الكريم ثانية.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[11 Feb 2009, 06:31 م]ـ
المقدمة الخاطئة أخي هي: أن رسم القرآن توقيفي
والنتيجة الخاطئة: أن القرآن معجز برسمه.
إذاً ليس الحديث في إعجاز القرآن الكريم، لأن هذا قد ثبت بأدلة كثيرة ووجوه متعددة، وكل هذه الأوجه متعلقة بمعنى القرآن لا برسمه، إنما الحديث في إعجاز رسم المصحف، لأنه هو الذي تدور عليه بحوث الإعجاز العددي.
القرآن الكريم كتب على معهود الصحابة في الكتابة، والتاريخ والأدلة الصحيحة كلها تدل على هذا.
ومن أراد أن يبحث في إعجاز رسم المصحف فطريقُهُ هي الرواية والبحث التاريخي، وليس العمل الرياضي المجرد الذي يضرب بكل ما سبق عرض الحائط.
إن إثبات الإعجاز هو إثبات أن هذا الرسم وحي من الله أراد أن يكون القرآن عليه دون غيره، فكيف يمكن أن نثبت أن هذا هو مراد الله؟
هل لأننا وجدنا علاقات رياضية تحكمه؟
دور عالم الرياضيات هو البحث في العلاقات العددية، لكن هذا البحث يجب أن يكون في المكان الصحيح، أما رسم المصحف فليس مكانا للبحث الإعجازي لأنه لم يقم الدليل الصحيح على أن رسم المصحف وحي من الله.
هذه -أخي الحبيب- خلاصة ما يمكن قوله.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[11 Feb 2009, 07:32 م]ـ
المشكلة لدى الكثيرين بخاصة الذين يعارضون الإعجاز العددي أن صورة الإعجاز العددي في القرآن غير واضحة لديهم، وربما بعضهم لا يعرف عنها سوى ما سمعه من صديق له، أو معارض مثله.
(يُتْبَعُ)
(/)
الإعجاز العددي في القرآن هو غير ما اختمر في عقلك أخي الكريم. والعلاقات الرياضية بين سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه غير هذا الذي يكتبه البعض، [ COLOR="Red"] إنها أكثر تعقيدا واكثر إتقانا، وليس من الممكن محاكاتها من قبل أحد.
إن الفرق بين ما يمكن أن نصنعه نحن من علاقات رياضية في نصوص من صنعنا، والعلاقات الرياضية في القرآن كبير جدا. ومن الخطأ أن نحكم على تلك العلاقات ونحن لا نعرف عنها غير القليل وبعضنا لا يعرف عنها شيئا.
أنت مثلا – مع احترامي – لشخصك الكريم: هل درست العلاقات الرياضية في القرآن وتوصلت إلى أن بإمكان البارعين من علماء الرياضيات محاكاتها؟
أليس هناك من يزعم أن بإمكانه محاكاة لغة القرآن؟
هنا مسألة مهمة سبق أن نبهت إليها، ولكن لا حياة لمن تنادي: إن بناء العلاقات الرياضية في القرآن مختلف تماما عما هو مألوف لدينا، وعما يمكننا تصوره، وعما يمكننا فعله لو أردنا محاكاة تلك العلاقات .. ولهذا فهو إعجاز.
ولقد سبق أن ذكرت لك بعض الملاحظات عن الإعجاز العددي في الآيات السبع التي ورد فيها العدد 6 (عدد أيام خلق الكون) .. ولعلك تحسب أن الموضوع انتهى.- وانتظرت ردا منك - الموضوع مازال واسعا ومتشعبا ويزداد تعقيدا، وأرى أنه بدل أن تنتقد وتعارض دون علم أو دراية بما تعارضه، أنصحك بدراسة موقع الآية الأولى التي ورد فيها العدد 6، ثم الآية الأخيرة التي ورد فيها، وبعد أن تتحفنا بما لاحظت، نعدك بالمساعدة. مع احترامي لشخصك الكريم ثانية.
شيخنا الكريم:
إنَّمَا يكونُ الإعجَازُ القرآنِيُّ في أكثَرهِ جلِيّأً للبُسَطاء والخواصِّ كذلك , وإن خَفِيَ بعضُهُ على العامة من خلق اللهِ فلا يحْتَاجُ متلقُّوهُ درَاسَةَ أنْواعٍ من العُلُوم والمُعَادَلاتِ لإدْرَاكِ هذِهِ الأَسْرَار.
وأمرٌ بهذهِ الخُصوصِيَّةِ في التعقيدِ والنُّدْرَةِ والصُّعُوبةِ ينبغي أن يكُونَ في نوادي ومَجالسِ أهل الحَلِّ الحسَابِيِّ والعقدِ المَسَائليِّ , مادامَ أكثرُ النَّاسِ يحْتَاجُ للإحاطةِ بكثيرٍ من المُقَدِّمَاتِ والفنونِ الرياضية ليتضحَ لهُ أنَّ القرآنَ معجزٌ بأعدادهِ المنبنيةِ على إعجازِ رسْمه.
وسبقَ أن توجهتُ لشخصكُمُ الكريمِ بسؤالٍ عن الردِّ الذي ينبَغي أنْ نُواجهَ به من ينقضُ إعجازنا المبنيَّ على روايةٍ واحدةٍ من 20 روايةٍ متواترةٍ مقروءٍ بها.
أو منْ ينقُضُهُ في الروايات التي اتفقت في أغلبها بخلافها في المقطوع والموصول الذي ينهدمُ بالاختلاف فيه الكثيرُ الكثيرُ من الحسابات والأرقام , بينما نعولُ نحنُ عليه كثيراً في حسابنا للكلمات يمينَ وشمالَ كلمة الإعجَاز المُرادة.
فهل سنقيدُ حينها الإعجازَ العددي بهذه الرِّوَايةِ الوحيدة , ونشرعُ في دراسة ظواهر الإعجاز العددي , حتى يخرجَ علينا جهدٌ موسوعيٌ (شبهُ مُستحيلٍ فيما أحسبُ) أفردَ ظاهرةَ الإعجاز العددي لكل روايةٍ باستقلال.؟
أم يضطرنا المنكرونَ - إن أعْجَزنا الإعجازُ في جميع روايات القرآن - بلازمِ هذا العَجز القائل:
إنَّ إعجازَ القرآنِ في الأعدادِ لا يظهرُ إلا في روايةِ كذا وكذا.؟
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[12 Feb 2009, 12:35 ص]ـ
المقدمة الخاطئة أخي هي: أن رسم القرآن توقيفي
والنتيجة الخاطئة: أن القرآن معجز برسمه.
إذاً ليس الحديث في إعجاز القرآن الكريم، لأن هذا قد ثبت بأدلة كثيرة ووجوه متعددة، وكل هذه الأوجه متعلقة بمعنى القرآن لا برسمه، إنما الحديث في إعجاز رسم المصحف، لأنه هو الذي تدور عليه بحوث الإعجاز العددي.
أما رسم المصحف فليس مكانا للبحث الإعجازي لأنه لم يقم الدليل الصحيح على أن رسم المصحف وحي من الله.
هذه -أخي الحبيب- خلاصة ما يمكن قوله.
أخي الكريم:
ليست جميع أبحاث الإعجاز العددي تدور على رسم المصحف وتعتمد عليه، إن من الممكن إثبات الإعجاز العددي دون الاعتماد على رسم المصحف ..
من ناحية اخرى: بما أن هناك أقوال في رسم المصحف، ولا يمتلك أي منها دليلا قاطعا عليه، وترى أن من حقك الانتصار لأحدها، فمن حق غيرك الانتصار لما يراه،
والمطلوب في هذه الحالة من الطرفين الأدلة على ما ذهب إليه. فهل يا ترى تملك مثل تلك الأدلة؟
ولعل المسألة المهمة هنا: لماذا لا تتوقع تعدد الإعجاز بتعدد الرسم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[12 Feb 2009, 01:13 ص]ـ
[محمود الشنقيطي
إنَّمَا يكونُ الإعجَازُ القرآنِيُّ في أكثَرهِ جلِيّأً للبُسَطاء والخواصِّ كذلك , وإن خَفِيَ بعضُهُ على العامة من خلق اللهِ فلا يحْتَاجُ متلقُّوهُ درَاسَةَ أنْواعٍ من العُلُوم والمُعَادَلاتِ لإدْرَاكِ هذِهِ الأَسْرَار.
أخي الكريم:
الإعجاز العددي كأي وجه آخرمن وجوه إعجاز القرآن، منه السهل ومنه البسيط ومنه ما هو اكبر، وليس قبوله مشروطا بفهم الجميع لتفاصيله. وهذا هو حال الاعجاز البياني، فهل كل المسلمين يفهمون بلاغة القرآن؟ بالكاد يقدر على ذلك المتخصصون، أما أغلب المسلمين فبعيدون عن ذلك كثيرا، وهكذا الأمر في الاعجاز العلمي.
وسبقَ أن توجهتُ لشخصكُمُ الكريمِ بسؤالٍ عن الردِّ الذي ينبَغي أنْ نُواجهَ به من ينقضُ إعجازنا المبنيَّ على روايةٍ واحدةٍ من 20 روايةٍ متواترةٍ مقروءٍ بها.
وسؤالي لك أخي الكريم: هل في تعدد القراءات ما ينقض بعضها بعضا؟ لماذا تقبل بتعدد القراءات ولا تقبل بتعدد الأعداد؟
وعلى افتراض أن الإعجاز العددي واضح في رواية ما دون غيرها، فكيف يمكن نقضه لعدم انطباقه على رواية اخرى مادام واقعا موجودا في تلك الرواية لا يمكن إنكاره.
في اعتقادي أن المطلوب ممن ينكر ذلك أن يثبت أنه ليس إعجازا، بدليل منطقي مقنع، وليس بالقول: إن هذا هو مما يقدر عليه البشر ومما يمكن أن نجده في أي كتاب .. هذا كلام غير علمي وغير دقيق بل هو تشويه لحقيقة موجودة في القرآن.
خذ مثلا: عدد حروف البسملة هو 19، ولو جمعنا ما كتب عن الإعجاز العددي في البسملة - بعد التأكد من صحته - لخرجنا بمجلد من الحقائق ..
لا يكفي في مواجهة هذا الطوفان من الحقائق أن يخرج معارض للإعجاز العددي فيقول وعلى وجهه ابتسامة الفتح المبين: إن عدد حروف البسملة هو 20 .. وهكذا يا باحثي الاعجاز العددي ضاعت جهودكم سدى .. أهذا معقول؟!
ومثل ذلك يقال عن الإعجاز العددي في ترتيب سورة ما، فلا يكفي أن يقول أحدهم: العلماء مختلفون في ترتيب سور القرآن، يظن بذلك أنه يهدم عشرات الحقائق الملاحظة في ترتيب تلك السورة .. والأدهى من ذلك أن هناك من يصفق له ويدعو له بمزيد من الانتصارات والفتوحات ومقارعة الأعداء ..
فيا أيها الأخوة: إذا كنتم تبحثون عن الحقيقة والحق، فمدوا أيديكم للباحثين في الاعجاز العددي، استمعوا الى كل ما يقولونه، حاوروهم ولا تطلقوا عليهم الرماح المسمومة، لئلا يأتي يوم تعضون فيه على أصابعكم من الندم.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[12 Feb 2009, 09:37 ص]ـ
[
أخي الكريم:
الإعجاز العددي كأي وجه آخرمن وجوه إعجاز القرآن، منه السهل ومنه البسيط ومنه ما هو اكبر، وليس قبوله مشروطا بفهم الجميع لتفاصيله. وهذا هو حال الاعجاز البياني، فهل كل المسلمين يفهمون بلاغة القرآن؟ بالكاد يقدر على ذلك المتخصصون، أما أغلب المسلمين فبعيدون عن ذلك كثيرا، وهكذا الأمر في الاعجاز العلمي.
وسؤالي لك أخي الكريم: هل في تعدد القراءات ما ينقض بعضها بعضا؟ لماذا تقبل بتعدد القراءات ولا تقبل بتعدد الأعداد؟
وعلى افتراض أن الإعجاز العددي واضح في رواية ما دون غيرها، فكيف يمكن نقضه لعدم انطباقه على رواية اخرى مادام واقعا موجودا في تلك الرواية لا يمكن إنكاره. .
شيخنا الكريم:
تعددُ القراءاتِ إعجَازٌ في ذاته , ولا يقولُ من يؤمنُ بالله واليومِ الآخر إنَّ في تعددها نقضاً لبعضها البعض , ولو كان ذلكَ ممكناً لطارَ به أعداءُ الإسلام فرحاً , وأنَّى وهيهات.!
لكنَّ قياسَ تعدد القراءات والأوجه على تعدد العمليات الحسابية المعقدة , قياسٌ لا وجهَ لهُ , ولا اتحادَ بينهما في العلة يمكنُ معها قياس الأول على الثاني أو العكس.
إذ تعددُ القراءات مع إعجاز هذا التعددُ معلومٌ من ديننا ضرورةً وثابتٌ لدى الأمةِ بالقطع والتواتر الذي يكفرُ مخالفهُ عمداً.
بينما تعددُ الأعداد والعمليات الحسابية في المصاحف , دعوةٌ لا زال القائمونَ عليها في طور تنشئةِ الأنصار والتسويق لها عبر عمليات الضرب والجمع والقسمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
لذلك يا شيخي الكريم: لا أقبلُ بتعدد الأعداد , وأقبلُ بتعدد القراءات , مع العلم أنَّ هذا ليس إلا افتراضاً حتى الساعة , إذ لم نرَ في بحوث الرياضيات القرآنية - إن صحت التسمية - بحثاً تناول العدَّ والحسابَ في ما اتفقت عليه المصاحف مما يُقرَأُ به من روايات في العالم الإسلامي , فضلاً عن تسعةَ عشر روايةٍ لا زالت تنتظرُ ظهور هذ الإعجاز حتى نوقنَ بأنهُ إعجاز.
وبالنسبة لسؤالكم عن ما إذا ثبتَ اقتصارالإعجاز العددي على مصحف حفص عن عاصم دون غيره , فكيف يمكن نقضه لعدم انطباقه على رواية اخرى مادام واقعا موجودا في تلك الرواية لا يمكن إنكاره.؟
فالمُشكلُ في ذلك أن الإعجازَ العدديَّ سيكونُ مشروطاً برواية حفصٍ رحمهُ الله , وهذا سيدخلنا في متاهات لا يعلمها إلا الله بدءاً باختلاف المصاحف واختيارات القراء وغير ذلك, وانتهاءاً بإنكار المسلمِ الذي لم تبلغهُ روايةُ حفصٍ لهذا الإعجاز بالجملة والتفصيل , خلافاً للإعجاز البياني وغيرهِ من إعجاز الأخبار والأكوان التي تثبتُ في القرآن بأي وجه وروايةٍ ثبتَ بها فلا يسعُ مسلماً جحودهُ ولا التعالي عن الاعتراف به.
وسيظهرُ قصرُ الإعجاز على روايةٍ من عشرين بأن الرقم (19) الذي يرمزُ لباقي روايات القرآنَ يدلُّ على أنَّ انفرادها عنهم بذلك , مع أنها ليست الأقربَ صاحبا إلى عصر النبوةِ , ولا الأوثقَ نقلةً - عندهم - في تعديل رجالات الحديث , ولا .... ولا .... ولا .... الخ. كل ذلك سيفتحُ للأعداء أبواباً مفروشةً بالشُّبه لشنِّ حربٍ طاعنةٍ في كتاب الله المحفوظ , والذي لا يؤمنون لهُ بقدسية ولا إحكام , وإن استيقنت أنفسهم ذلك ولكن جحدوا بها ظلما وعلوا.
خذ مثلا: عدد حروف البسملة هو 19، ولو جمعنا ما كتب عن الإعجاز العددي في البسملة - بعد التأكد من صحته - لخرجنا بمجلد من الحقائق ..
لا يكفي في مواجهة هذا الطوفان من الحقائق أن يخرج معارض للإعجاز العددي فيقول وعلى وجهه ابتسامة الفتح المبين: إن عدد حروف البسملة هو 20 .. وهكذا يا باحثي الاعجاز العددي ضاعت جهودكم سدى .. أهذا معقول؟!.
دعنا ممن سينكر عدد حروف البسملة زائدا فيها أو منقصا لها , ولكن بم يجاب من لم يثبت عنده أن البسملة آية من كتاب الله تعالى , كما ثبت عنده أن القرآن خالٍ من كلمة (هو) في قول الله في سورة الحديد (وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)؟
وهل سيبقى أمام من تمسك بهذا الحبل المتين المتواتر قطعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طوفان أو إعصار أو غيرهما.؟
وهل نحرمه من حق ابتسامته وإن لم تكن للفتح المبين , ولكنها لنبذ المبالغة في ادعاء علاقة عمليات الحساب بالإعجاز في القرآن الكريم.
ومثل ذلك يقال عن الإعجاز العددي في ترتيب سورة ما، فلا يكفي أن يقول أحدهم: العلماء مختلفون في ترتيب سور القرآن، يظن بذلك أنه يهدم عشرات الحقائق الملاحظة في ترتيب تلك السورة .. والأدهى من ذلك أن هناك من يصفق له ويدعو له بمزيد من الانتصارات والفتوحات ومقارعة الأعداء ..
قضية السور ليست بمشكلة إشكالَ القراءات , وإشكالَ المقطوع والموصول الذي لم تتفضلوا علي بجواب عن استشكالي فيه , والذي لا ينبني على قاعدة ولا تغني فيه المعادلات والحسابات , مع أن من قال بهذا القول في ترتيبها لم يقله تشهيا ولا عنادا , وإنما استند في ذلك على أدلة شرعية ثابتة , بغض النظر عن كونها راجحة أو مرجوحة.
فيا أيها الأخوة: إذا كنتم تبحثون عن الحقيقة والحق، فمدوا أيديكم للباحثين في الاعجاز العددي، استمعوا الى كل ما يقولونه، حاوروهم ولا تطلقوا عليهم الرماح المسمومة، لئلا يأتي يوم تعضون فيه على أصابعكم من الندم.
إن الاستفصال والاستشكال فيما ليس بوحي ليس رميا له برماح مسمومة بقدر ما هو بحثٌ عن الحق وصيانة لكلام الله عن التجارب والافتراضات حتى لا يثبُت خطأها بعد التسليم المطلق فنندم ولات ساعة مندم , وشكر الله لكم شيخنا الكريم تنزلكم وسعة صدركم ومحاولتكم تبصير بنيكم بالحق , نسأل الله أن يهدينا إليه جميعا , وبارك الله لكم في علمكم وعملكم.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[12 Feb 2009, 03:41 م]ـ
الأخ الفاضل:
... المشكلة إذن ليست في وجود الاعجاز العددي أو عدم وجوده، فهو حقيقة ثابتة مؤيدة بما يكفي من الأدلة لا يجوز إنكارها ..
المشكلة هي: ما السبيل إلى التوفيق بين الاعجاز العددي وتعدد الروايات .. على نحو مقبول. ألا ترى لو أنه لم يكن هناك تعدد في الروايات،لما كان هناك من سبب لرفض الاعجاز العددي؟
لسان حال الكثيرين - وأعتقد أن المعارضين في أولهم - يقول: الاعجاز العددي موجود ولكن أين المخرج؟
فأما قولك:
(إذ لم نرَ في بحوث الرياضيات القرآنية - إن صحت التسمية - بحثاً تناول العدَّ والحسابَ في ما اتفقت عليه المصاحف مما يُقرَأُ به من روايات في العالم الإسلامي)
فالأمر ليس صعبا، ولدي أمثلة من الاعجاز العددي على ذلك .. ولكن الخروج بعمل متكامل في هذه الناحية يحتاج إلى ما هو أكثر من الجهود الفردية المحاطة بكثير من العوائق.
مع فائق التقدير
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[12 Feb 2009, 07:57 م]ـ
أخي الكريم:
ليست جميع أبحاث الإعجاز العددي تدور على رسم المصحف وتعتمد عليه، إن من الممكن إثبات الإعجاز العددي دون الاعتماد على رسم المصحف ..
رسم المصحف هو أساس عد الكلمات والحروف.
فإذا لم نعتبره فلا يبقى إلا علم العد، وهو علم عد الفواصل (الآيات) القرآنية.
والمعتبر في بحوث الإعجاز العدي هو العد الكوفي، فماذا نقول في العد المكي والمدني الأول والثاني والحمصي والشامي؟
هل يثبت معها إعجاز أم لا؟
من ناحية اخرى: بما أن هناك أقوال في رسم المصحف، ولا يمتلك أي منها دليلا قاطعا عليه، وترى أن من حقك الانتصار لأحدها، فمن حق غيرك الانتصار لما يراه،
والمطلوب في هذه الحالة من الطرفين الأدلة على ما ذهب إليه. فهل يا ترى تملك مثل تلك الأدلة؟
ليس هناك دليل معتبر يقوم على أن رسم المصحف كان وحيا من عند الله.
والعلماء القائلون بوجود التزام رسم المصحف لم يبنوا قولهم على توقيفية الرسم، بل على اعتبارات أخرى محلها كتب علم الرسم.
ولعل المسألة المهمة هنا: لماذا لا تتوقع تعدد الإعجاز بتعدد الرسم؟
أخي الحبيب المسألة التي يجب أن تكون في بال كل غيور:
كيف يثبت الإعجاز؟
كيف نثبت أن أمرا ما مرادٌ إلهي ومقصود رباني وقع به التحدي والإعجاز؟
دون هذا -ولا شك- خرط القتاد ..
فهل تكفي فيه الأدلة الرياضية؟
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[12 Feb 2009, 08:45 م]ـ
الأخوة الكرام
1. الجانب العددي في القرآن الكريم لا يتعلق فقط برسم الكلمات والحروف ...
2. الذين يقولون بالإعجاز العددي معظمهم يستند إلى قول الجمهور بأنّ الرسم العثماني توقيفي. وعليه يكون الإعجاز العددي دليل إضافي على صحة قول الجمهور.
3. إذا كان اختلاف القراءة القرآنية يعطي معنى زائداً فكذلك الأمر في الإعجاز العددي.
4. اختلاف عدد الآيات يرجع إلى توقيف كالقراءات. وثبوت الإعجاز على أساس العدد الكوفي لا يعني عدم وجوده وفق العدد البصري ....
5. لو صح جدلاً أن بعض هذه الأمور مما اختلف فيه العلماء -- أي عن غير توقيف --فيكون الإعجاز العددي مرجحاً بين الأقوال.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[12 Feb 2009, 09:54 م]ـ
طرحك أخي أبا عمر في هذا الشأن مميز دائما بغض النظر عن موافقتك أو مخالفتك ..
زادك الله توفيقا.
وفيما يتعلق برسم المصحف فكما ذكرت سابقا بأنه لا يوجد أي دليل صحيح على أنه توقيفي، بل الأدلة قائمة على خلاف ذلك، وأن جمهورالعلماء على وجوب التزام رسم المصحف وليس على أن رسمه توقيفي، والفرق بين القولين واضح.
طلب خاص:
أطلب منك أخي أن تورد هنا أحسن ما يمكنك من مثال على إثبات الإعجاز العددي.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Feb 2009, 01:59 م]ـ
كم أتمنى أن أشارك في بعض الموضوعات بكتابة مفصَّلة، لكن الوقت يضيق عن ذلك، والله المعين المبارك في الوقت، فأسأله ذلك.
أحب أن أطرح بعض النقاط على عجل:
الأولى: أن الرسم ليس معجزًا مطلقًا، والقول به متأخر جدًّا.
الثاني: أن القول بالتوقيف مخالف للحديث الصحيح المشهور الوارد في نسخ المصاحف في عهد عثمان، حيث قال للجنة النسخ: (فإذا اختلفتم أنتم وزيد، فاكتبوه بلسان قريش، فإنه نزل بلسانهم، ففعلوا ذلك) رواه البخاري في باب: نزل القرآن بلسان قريش،
وهذا أثر صحيح صريح في أن الرسم كان باجتهادهم، وإلا فلو كان بالتوقيف لأمرهم عثمان بأن لا يجاوزوا ما وقَّفهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثالثة: أن اليهود كانوا يستخدمون حساب الجُّمل (أبجد هوز)، وهو معروف، وهذا الحساب ليس من علوم العرب، لذا لا يصلح استخدامه في معرفة لطائف الحساب (وليس الإعجاز العدي) في القرآن. وقد لاحظت أن بعض من يُعنى بما يسمى بالإعجاز العددي يستخدم هذا النوع من الحساب.
وأقول من باب الفائدة:
إن الاحتجاج على اليهود بهذا الحساب في كتبهم صحيح؛ لأنه من علومهم الذي يستخدمونه، وقد استخدموه في إخفاء الاسم الصريح لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد نبَّه على ذلك عبد الأوحد داود (دافيد بنجامين الكلداني النصراني سابقًا) في بعض كتبه، مثل كتاب (الإنجيل والصليب).
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[13 Feb 2009, 03:08 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ينبغي أن يدعونا هذا الكتاب وأمثاله إلى إعادة النظر في هذا النوع من الإعجاز المتوهم في القرآن الكريم، وقد ذكرت في تعليقات سابقة حول هذا الموضوع أنك إذا تأملت في كلام العرب تستطيع أن تستخرج منه وجوها من الإعجاز على هذا النحو الذي يذكره هؤلاء.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[13 Feb 2009, 08:22 م]ـ
الأخوة الكرام:
1. الأخ إبراهيم: قلنا إن الكتاب ملفق ومكذوب وليس فيه شيء من الإعجاز. فلا أدري ما الذي يحمل البعض على الإصرار على الإستناد إليه لإعادة النظر في الإعجاز العددي، أليس هذا موقف يدعو إلى العجب غير المتناهي؟!! وسبق أن قلنا إن الصحف العبرية قالت أن الكتاب يستحق جائزة نوبل باعتباره أسوأ كتاب يكتب عام 1997م.
2. يأذن لنا الأستاذ الكريم الطيار أن نعقب على كلامه مع علمنا السابق بأنّ صدره يتسع لأكثر من ذلك:
قال الأستاذ الكريم: ((أن الرسم ليس معجزًا مطلقًا، والقول به متأخر جدًّا)) نقول: اكتشاف الإعجاز في الرسم القرآني ليس بقول، وإنما هو اكتشاف لما هو موجود، ومن هنا لم يكن عجباً أن يتأخر اكتشافه.
وقال الأستاذ الكريم: ((أن القول بالتوقيف مخالف للحديث الصحيح المشهور الوارد في نسخ المصاحف في عهد عثمان، حيث قال للجنة النسخ: " فإذا اختلفتم أنتم وزيد، فاكتبوه بلسان قريش، فإنه نزل بلسانهم، ففعلوا ذلك " رواه البخاري في باب: نزل القرآن بلسان قريش وهذا أثر صحيح صريح في أن الرسم كان باجتهادهم، وإلا فلو كان بالتوقيف لأمرهم عثمان بأن لا يجاوزوا ما وقَّفهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم)).انتهى. نقول:
اختار الرسول صلى الله عليه وسلم عدداً من الذين يتقنون الكتابة فاتخذهم كتبة للوحي فكانوا يكتبون بين يديه وبأمره ثم يعرضون عليه صلى الله عليه وسلم. ومعلوم أن سكوت الرسول عليه السلام نوع من الإقرار، ومعلوم أنّ رسم المصحف جاء على غير القياس. وهذا يعني أنهم كانوا يكتبون وفق الاصطلاح ثم يؤمرون بمخالفة هذا الاصطلاح عند رسم ألفاظ محددة. وبذلك يكون الرسم كله توقيفي، من جهة الإقرار ومن جهة عدم الإقرار. والذي ألجأنا إلى هذا القول أنّ معظم الألفاظ كتبت وفق الاصطلاح، في المقابل هنا ألفاظ كتبت بطريقة لا يمكن أن تكون اصطلاحية. انظر مثلاً:"لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأاذبحنه ... "، فلماذا تختلف لأعذبنه عن لأذبحنه؟! والأمثلة على ذلك كثيرة دفعت ابن خلدون رحمه الله إلى القوال: (أخطأ الكُتّاب) وهذا غير مقبول لأسباب ليس هذا مقام تفصيلها. والحديث الوارد في البخاري لم ينص على اختلافهم في أكثر من كلمة (التابوت). وهذا يعني أنها من الكلمات التي أملاها الرسول عليه السلام من غير أن يأمرهم بمخالفة الرسم الاصطلاحي.
وقال الأستاذ الكريم: (((أن اليهود كانوا يستخدمون حساب الجُّمل (أبجد هوز)، وهو معروف، وهذا الحساب ليس من علوم العرب، لذا لا يصلح استخدامه في معرفة لطائف الحساب (وليس الإعجاز العدي) في القرآن. وقد لاحظت أن بعض من يُعنى بما يسمى بالإعجاز العددي يستخدم هذا النوع من الحساب.وأقول من باب الفائدة: إن الاحتجاج على اليهود بهذا الحساب في كتبهم صحيح؛ لأنه من علومهم الذي يستخدمونه، وقد استخدموه في إخفاء الاسم الصريح لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد نبَّه على ذلك عبد الأوحد داود (دافيد بنجامين الكلداني النصراني سابقًا) في بعض كتبه، مثل كتاب (الإنجيل والصليب))).انتهى كلام الأستاذ، نقول:
ليس صحيحاً أن حساب الجمّل من اختراع اليهود، وهذا القول يردده عدد من الكتاب المسلمين يقلدون بعضهم البعض بعيداً التحقق من صدق مثل هذا القول. ولو رجعوا إلى الدراسات التاريخية الجادة لوجدوا أن وضع الأبجدية هو من وضع العرب وكذلك الجمّل وعنهم أخذ اليونان واليهود وغيرهم. ولم نجد مؤرخاً يزعم أنه من وضع اليهود. ولو رجعنا إلى كتاب البيان في عد آي القرآن لأبي عمرو الداني لوجدناه يختم كتابه بالحديث عن حساب الجُمل بأسانيد يذكرها.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[15 Feb 2009, 06:18 م]ـ
لم أكن أرغب في إبداء الرأي في موضوع الإعجاز العددي نظرا لأنني، في الواقع، لم أدرسه بعمق، وإنما اكتفيت دائما بقراءة سريعة لطرقهم في الاستدلال.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد نشرت هذا الخبر فقط لإثارة انتباه الباحثين لهاذ التوافق بين بعض الباحثين المسلمين والآخرين.
غير أنني عدت لقراءة بعض البحوث العددية، فترسخت قناعتي أكثر بعدم وجود ظاهرة (إعجاز عددي) حقيقية في القرآن الكريم. وليسمح لي الأخوان عبد الله جلغوم وأبو عمرو البيراوي:
فالتعسف واضح في اختيار العمليات الحسابية: مرة بالجمع، ومرة بالطرح، أو الضرب، ومرة باعتبار رقم العشرات في العدد، ومرة بتقسيم الآيات أو السور إلى فردية وزوجية،، ومرة ينظر إلى عدد الكلمات، ومرة إلى عدد الآيات أو إلى عدد حروف الكلمات، مرة إلى جمع القيمة العددية للحروف ... والقائمة طويلة من هذه العمليات التي لا أجد وصفا صادقا لها سوى أنها "بهلوانية".
والموضوع لا يرقى في نظري لمستوى أن يكون (ظاهرة) فضلا عن يكون (إعجازا).
1 - وأول اعتراض على هذا التوجه في دراسة القرآن هو أنه يعتمد على الرسم العثماني، وهو في اعتقادي "رسم توافقي" لا يخالَف، وليس "رسما توقيفي" (وأرجو المعذرة ممن يخالفني الرأي، وما قرأته من استدلالات عن التوقيف هي في فهمي الخاص متعلقة بالتوافق وليس بالتوقيف. وهذا لا ينفي عدم جواز مخالف المتوافق عليه).
2 - الاعتراض الثاني: هو غياب الاطراد في الحسابات. فالظاهرة تعني وجود حقيقة أو حدث يمكن إدراكه بالحواس. والحديث عن وجود ظاهرة، أي ظاهرة، يستدعي وجود الأمور التالية في ما يتم ملاحظته: إطار الظاهرة، أصولها، مقاصدها، أغراضها، حدودها، بنيتها، مدتها، شروط توفرها ...
وعادة ما ينتهي البحث في الظاهرة باستخراج (قواعد كلية) يسهل تطبيقها آليا، وإلا فقد الموضوع قيمته.
ولذلك، حين يتكلم بعض العلماء في أوجه الإعجاز، عن وجود (ظاهرة بلاغية) أو (ظاهرة بيانية) أو (ظاهرة موسيقية) أو (تصوير فني) ... فهم محقون في ذلك، لأنهم تمكنوا من استعمال أدوات بحث مقبولة للبرهنة على ذلك. وهذا في اعتقادي ما ينقص بحوث (الظاهرة العددية).
3 - علم الحساب لا يحتوى فقط على العمليات البسيطة فقط، ولا على الأعداد البسيطة فقط، ولا على الأعداد الإيجابية فقط. فما سبب انتقاء بعض الأدوات دون غيرها؟
...
وأقترح على الباحثين الرافضين لمفهوم (الإعجاز العددي) أن يطرحوا الموضوع بالشكل التالي (والأمر ينطبق أيضا على ما يسمى بالإعجاز العلمي):
1 - التمييز بين مفهوم الإعجاز ومفهوم الظاهرة.
2 - لو فرضنا جدلا بوجود (إعجاز علمي) أو (إعجاز عددي) أو (ظاهرة عددية) في القرآن:
- فما الذي يتوجب أن يتحقق فيها من شروط لقبولها؟
- ما هي نسبة الاطراد التي نحتاجها كي يعتبر الأمر اطرادا؟
- ما هي أدوات البرهنة التي يتوجب اعتمادها؟ وما هي ضوابط استعمالها كي نتأكد من أنها لم تستعمل بطريقة عبثية؟
وقد يحتاج الأمر إلى وضع تساؤلات أخرى كي يضبط بشكل أدق.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[15 Feb 2009, 06:32 م]ـ
وحتى أكون أكثر دقة في كلامي، أقول:
البحوث الحالية في (الظاهرة العددية) لم ترتق لأن تصبح معتدا بها لقصورها المنهجي حاليا. والانطباع المتولد لدي لحد الآن يقضي بعدم وجود (ظاهرة حقيقية) وأن الأمر لا يعدو أن يكون (ظاهرة وهمية).
غير أن هذا لا يعني عدم وجود الظاهرة حقيقة. فقد تكون موجودة ولكن لم تكتشف بدقة لحد الآن. ولذلك فمن الإنصاف في البحث عدم إلغاء هذا الاحتمال، حتى تتوضح معالم المنهج وقواعده، وكذلك قواعد الحكم عليه. وحينها يمكن الحكم لها أن عليها.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[15 Feb 2009, 09:43 م]ـ
الأخوة الكرام:
1. أنا من المتابعين لأبحاث الإعجاز العددي، وقد استمعت مطولاً لشروحات الشيخ بسام جرار فتوصلت إلى قناعة بأننا أمام وجه جديد من وجوه إعجاز القرآن الكريم. والعجيب أن غير المسلمين والملاحدة العلمانيين كانوا يذهلون عند الاستماع إلى المحاضرات المتعلقة بالعدد.
2. يبدو أن البعض لا يزال يعارض لأنه لم يتصور المسألة بعد، أو لأنه قد اطلع على بحوث متكلفة وغير جادة، وهذا أمر متوقع.
3. مسألة العدد تتعلق بأمور كثيرة كالحروف والكلمات والآيات والسور وحساب الجمل .. أي أن هناك شمول في المسألة ويريدها البعض مقصورة على جوانب محددة.
4. على أية حال تقع مسؤولية اقناع الناس بهذا الوجه من وجوه الإعجاز على الذين يؤمنون بمسألة الإعجاز العددي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[17 Feb 2009, 02:01 م]ـ
هذا العمل ليس عملاً جديداً ولا جزئية فردية؛ وإنما هو عمل منهجي متكامل؛ وهذا العمل المنهجي له فصوله وجزئياته، وما هذه العملية إلا إحدى هذه الجزئيات فحسب.
وهذا العمل المنهجي لدى النصارى هو محاولة إثبات أن القرآن غير متميز عن كتبهم إطلاقا، ولهذا حاولوا ضرب كل وجوه الإعجاز فيه؛ ولهذا قال البابا بيندكت السادس عشر في محاضرته الشهيرة - ناقلاً عن الإمبراطور البيزنطي إمانويل الثاني باليولوغوس –ما الجديد الذي جاء به محمد؟!.
والحق أن محمدا صلى الله عليه وسلم قد أعطي القرآن وكفى به أمراً جديداً متميزاً، ولأجل ذلك فإنه صلى الله عليه وسلم قد أوتي من الأدلة المقنعة ما لم يؤت غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين؛ والقرآن ليس كمثله دليل آخر؛ قال تعالى: (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ) فالقرآن ظاهر التميّز ولا يخفى ذلك على أحد، ولا يقتصر هذا التميّز على وجه دون وجه؛ بل هو أمر ينتظم القرآن في كل الجوانب
وقد أدرك النصارى هذا التميّز الشديد الوضوح؛ فعلموا أنه أهم عناصر الإقناع؛ فبذلوا في ضرب هذه العناصر جهودا جبارة واستعانوا بخبرات مختلف العلماء لإثبات وجود هنات في القرآن كما وجدت العظائم في كتبهم، وأنشأت لذلك المراكز البحثية العديدة ومراكز الدراسات الكبيرة التي توفر لها الدعم المادي والمعنوي؛ وذلك حتى ُيخضع القرآن الكريم إلى النقد بهدف الطعن في قطعية ثبوت مصدره وسلامة محتواه.
ويوضح المبشر جون تاكلي ذلك بقوله: (يجب أن نستخدم القرآن، و هو أمضى سلاح ضد الإسلام نفسه، بأن نعلم المسلمين بأن الصحيح في القرآن غير جديد، و أن الجديد فيه غير صحيح) أي ينكر الجديد فيه وغير الجديد يُدعى فيه أنه مأخوذ من مصادر أخرى أو أن هنالك ما يشابهه في ذلك.
وهذه التصريحات لم تعبر عن قناعات علماء النصارى وإنما عبرت عن منهجهم في محاربة القرآن وتشويه صورته الشديدة الإشراق.
ووجوه الإعجاز القرآني كما هو معلوم متعددة منها ما يتعلق بالمعنى " الإعجاز العلمي والتشريعي ونحوه "ومنها ما يتعلق باللفظ والنظم "إعجاز البلاغة والفصاحة" أما الإعجاز العددي في القرآن فهو وجه لم تنضج الدراسات فيه من جانب وهو ليس محل إجماع المسلمين من جانب آخر؛ إذ لم يعيّنه القرآن ولا السنة؛ فإذا أثبته مدعوه سلّم لهم المسلمون به، وإذا لم يثبت بأدلة مقنعة لم يتضرر القرآن ولا الإسلام منه في شيء؛ بل كان مردودا على من ادعاه فحسب، والادعاء البسيط فيه سهل يسير ولهذا ادعاه هولاء النصارى وركزوا عليه دون غيره
ومن العجيب والمضحك جدا أن هولاء النصارى قد ادعوا أن للإعجاز القرآني وجوها لم يقل بها أحد غيرهم؛ ثم انكبوا عليها انكباباً ليدحضوها نحو الإعجاز الكتابي كما سيأتي
هذا، ومن أنواع الإعجاز القرآني التي حاول هولاء النصارى هدمها بأشكال مختلفة الآتي
إعجاز المعاني" العلمي والتشريعي ونحوه ":
إنّ الكتب السماوية قبل التحريف - وإن تنوعت شرائعها واختلفت مناهجها - إلا أنها في حقيقة الأمر ذات عقيدة واحدة وهي التوحيد، ولكن من الناحية العملية فهناك فروق جوهرية بين القرآن وسائر الكتب ينبغي مراعاتها؛ وهي:
1 - يجتمع القرآن والكتب السماوية – قبل التحريف - في كونها جميعها صادرة من الله.
2 - لما كانت الكتب السماوية صادرة من الله - فهي معجزة في المعاني فحسب من حيث صدق الأخبار وعدل الأحكام؛ يقول ابن تيمية: (إذا قدر أحد أن التوراة والإنجيل أو الزبور معجز لما فيه من العلوم والإخبار بالغيب والأمر والنهي ونحو ذلك لم ينازع في ذلك؛ بل هذا دليل على نبوتهم صلواته الله عليهم وعلى نبوة من أخبروا بنبوته، ومن قال أنها ليست معجزة من جهة اللفظ والنظم كالقرآن - فهذا ممكن)
3 - إن الكتب السماوية -وإن كانت في أصلها الأول معجزة المعنى- إلا أن هذا الأصل لم يعد بين أيدينا الآن؛ إذ حُرّفت هذه الكتب وبُدّلت؛ وهذا يدل على أن إعجاز المعاني أيضاً في الكتب السماوية الأخرى قد أصبح إدراكه والتسليم به الآن أمراً مستحيلاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما كان الإعجاز المتعلق بالعلوم والمعاني لم يعد موجودا في هذه الكتب لما اعتراها من التبديل والتحريف – فإن النصارى قد حاولوا أن يثبتوا أن لكتابهم إعجازا علميا كما للقرآن؛ متناسين الصراع بين العلم والدين عندهم في الفكر الغربي ومتناسين سيطرة الكنيسة وما نتج من ذلك من جهل وخرافة ومتناسين عصر التنوير وإبعاد الدين وبداية العلم والحضارة.
إعجاز البلاغة والفصاحة:
من الأمور الثابتة للقرآن ولا ينازعه فيها كتاب سماوي سواء كان في أصله الأول المنزل به من عند الله أو بعد تحريفه – إعجاز القرآن المتعلق بالبلاغة والفصاحة؛ وهذا النوع من الإعجاز هو الذي جعل للقرآن مظهرا جميلا ومسموعا متميزا عن غيره
وقد عرف النصارى هذا النوع من الإعجاز وحاولوا تقليده؛ وقد جاءت بعض الإذاعات المسيحية المتخصصة بأمور جديدة مبتكرة وهي تقديم تلاوات كتلاوات القرآن المعروفة، ولكنها ليست قرآنا، وكذلك قام عدد من المفكرين النصارى بمحاولات أخرى؛ وهي تحقيق مشروع عمره 16سنة ويهدف المشروع لصياغة الإنجيل باللغة العربية على الطريقة القرآنية كما حرصوا فيها على اختيار كلمات قرآنية كثيرة ويبدأ كل فصل منه بـ "بسم الله الرحمن الرحيم"، وقد نشرت بعض المنظمات التنصيرية ذلك الإنجيل في عدد من الدول العربية والإفريقية، ومن نماذجهم: بسم الله الرحمن الرحيم. قل يا أيها الذين آمنوا إن كنتم تؤمنون بالله حقاً فآمنوا بي و لا تخافوا. إن لكم عنده جنات نزلاً. فلأسبقنكم إلى الله لأعدها لكم، ثم لآتينكم نزلة أخرى، و إنكم لتعرفون السبيل إلى قبلة العليا. فقال له توما الحواري: مولانا إننا لا نملك من ذلك علماً. فقال له عيسى: أنا هو الصراط إلى الله حقاً، و من دوني لا تستطيعون إليه سبيلاً، و من عرفني فكأنما عرف الله، و لأنكم منذ الآن تعرفونه و تبصرونه يقيناً، فقال له فيليب الحواري: مولانا أرنا الله جهرة تكفينا، فقال عيسى: أو لم تؤمنوا بعد و قد أقمت معكم دهراً؟ فمن رآني فكأنما رأى الله جهراً)
وهذه ليست أولى المحاولات لهؤلاء النصارى فقد بدأت في ولاية تكساس الأميركية حملة ثقافية اجتماعية أصدرت مجموعة كتاب "الفرقان الحق" (( THE TRUE FURQAN الذي تسعى من خلاله للإساءة إلى الإسلام عن طريق تشويه القرآن الكريم, بكتابة تخاريف بطريقة لغوية تحول التشبه ببعض الصياغات في القرآن الكريم. وهذا الكتاب مؤلف من 368 صفحة من القطع المتوسط، وقد استخدموا في بداية الكتاب كلمات تبدو في ظاهرها بريئة وقريبة من المنطق الديني الإنساني؛ مثل: (يوجد في أعماق النفس البشرية أشواق للإيمان الخالص والسلام الداخلي والحرية الروحية والحياة الأبدية. وإننا نثق بالإله الواحد الأوحد بأن القراء والمستمعين سيجدون الطريق لتلك الأشواق من خلال الفرقان الحق. إن خالق البشرية يقدم هذه البركات السماوية لكل إنسان بحاجة إلى النور من دون تمييز لعنصره أو لونه أو جنسه أو لغته أو أصله وأمته أو دينه. فالله يهتم كثيراً بكل نفس على هذا الكوكب) لكنهم بعد ذلك ينشرون ما يسمونه 77 "سورة" جاء معظمها تحت العنوان نفسه المذكور في سور القرآن الكريم؛ لكن مضمونها مختلف تماماً. وتم اختيار سور أخرى بعناوين جديدة تتطرق إلى موضوعات معينة، وتشتمل كل هذه الموضوعات على تحريض ضد الإسلام، وفي بداية الكتاب جاءت سورة "الفاتحة" لكنها مشوّهة وليست كما جاءت في القرآن الكريم وقد وزع هذا الكتاب في البلاد العربية والإسلامية على الطلاب المتفوقين في المدارس الأجنبية الخاصة، هذا وقد نشرت إحدى الحركات السياسية اليهودية أيضا وتدعى "يد لاحيم" أي: (يد الأخوة) مادة تحت عنوان "القرآن الجديد"
والحق أن المسلمين الذين تلقت آذانهم القرآن لا يحفلون بمثل ذلك؛ وإنما يقولون كما قال الإمام الباقلاني قديما: (إن هذا الكلام أخسّ من أن نشتغل به وأسخف من أن نفكر فيه؛ وإنما نقلنا منه طرفاً ليتعجّب القاري ويتبصّر الناظر) ثم إن هذه المحاولات فيها اعتراف بإعجاز القرآن وعلو درجته في البلاغة؛ إذ أنهم لما رأوا سمو أسلوب القرآن حاولوا تقليده في كتبهم، ولكن هيهات فلا هذا النص ولا النص الأصلي من إنجيل متى يمكن أن يشابه القرآن. والنص الأصلي المأخوذ من إنجيل يوحنا الإصحَاحُ الرَّابعُ عَشَرَ الذي حاولوا تعديله هو
(يُتْبَعُ)
(/)
: (لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي. فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا، وَتَعْلَمُونَ حَيْثُ أَنَا أَذْهَبُ وَتَعْلَمُونَ الطَّرِيقَ. قَالَ لَهُ تُومَا: «يَا سَيِّدُ، لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ، فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟ قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الأبِ إِلاَّ بِي. لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا. وَمِنَ الآنَ تَعْرِفُونَهُ وَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ». قَالَ لَهُ فِيلُبُّسُ: «يَا سَيِّدُ، أَرِنَا الأبَ وَكَفَانَا». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا مَعَكُمْ زَمَانًا هذِهِ مُدَّتُهُ وَلَمْ تَعْرِفْنِي يَا فِيلُبُّسُ! اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الأبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الأبَ؟)
وقد ذكر الجاحظ أن كل من يحاول مجاراة القرآن فلا بد أن يستعين به فيأخذ بعضه وهذا المأخوذ قد يكون مقاطع وجملا وقد يكون وزنا كما فعل مسيلمة الكذاب من قبل، وهكذا كانت هذه المحاولات التي ذكرت؛ فقولهم (قل يا أيها الذين آمنوا) مأخوذ من قوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا) وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وهو كثير جدا في القرآن. وقولهم: (إن كنتم تؤمنون بالله) مأخوذ من قوله تعالى: (إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ). وقولهم: (جنات نزلاً) مأخوذ من قوله تعالى: (جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ). وقولهم: (ثم لآتينكم) مأخوذ من قوله تعالى: (ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ). وقولهم: (نزلة أخرى) مأخوذ من قوله تعالى: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى). وقولهم: (لا تستطيعون إليه سبيلاً) مأخوذ من قوله تعالى: (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) وقولهم: (أرنا الله جهرة) مأخوذ من قوله تعالى: (فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً) وقولهم: (أو لم تؤمنوا) مأخوذ من قوله تعالى: (قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن).
وقد كتب طبيب مسيحي من قبل رسالة إلى ألفي عالم أو معهد أو جامعة ممن تخصصوا بالدراسات العربية و الإسلامية في مختلف أنحاء العالم من النصارى، وكان يقول في هذه الرسالة: (القرآن يتحدى البشرية في جميع أنحاء العالم في الماضي و الحاضر و المستقبل بشيء غريب جداً، و هو أنها لا تستطيع تكوين ما يسمى بالسورة باللغة العربية؛ فالسورة رقم 112 (سورة الإخلاص) هي من أصغر سور القرآن، و لا يزيد عدد كلماتها عن 15 كلمة، و ذلك أن القرآن يتحدى البشرية بالإتيان بـ (15) كلمة لتكوين سورة واحدة كالتي توجد بالقرآن .... سيدي: أعتقد أن مهاجمة هذه النقطة الهامة و الخطيرة - و ذلك بالإتيان بسورة كالتي توجد - سوف يسبب لنا نجاحاً عظيماً لإقناع المسلمين بأنا قبلنا هذه التحديات، بل و انتصرنا عليهم، فهل تتكرم يا سيدي مشكوراً بإرسال 15 كلمة باللغة العربية من المستوى البياني الرفيع مكوناً جملة كالتي توجد في القرآن…) و تكررت محاولة الطبيب المسيحي أربع مرات طوال سنة 1990م.فكانت محصلة ثماني آلاف رسالة أرسلها أن وصلت إليه ردود اعتذار باهتة؛ منها: اعتذار كلية الدراسات الشرقية و الإفريقية في جامعة لندن فقد كان ردها: (آمل أن تتفهم أن كليتنا و أعضاءها يرفضون الخوض في المنازعات الدينية، و بالتالي فإنه لا يمكننا إجابة طلبك)
(يُتْبَعُ)
(/)
أما رد إذاعة حول العالم من (مونت كارلو) فكان: (الموضوع الذي طرحته موضوع هام، لكننا كإذاعة لا نحب أن ندخل في حمى و طيس هذه المعركة، إذ لا نظن أنها تخدم رسالة الإنجيل، فرسالتنا هي رسالة محبة، و ليست رسالة تحدي…) أما رد الفاتيكان فقد جاء فيه: (بوصفنا مسيحيون فنحن لا نقبل بالطبع أن يكون القرآن هو كلام الله على الرغم من إعجابنا به؛ حيث يعتبر القمة في الأدب العربي، و لكن هذا بالطبع لا يعني أنه أوحي به من عند الله كما هو الحال في الكتاب المقدس، و هناك نقطة عملية تعوق مسألة الإتيان بسورة من مثل القرآن، و هي: من ذا الذي سيحكم على هذه المحاولة إن تمت بالفعل؟ …) أما أكثر مئات المؤسسات الأخرى فقد اعتصمت بالصمت ولم ترد
ولما لم يستطع النصارى مجاراة القرآن فقد أنكروا تميزه وتفرده حتى لا يثبت فيه شئ جديد ليس في كتبهم فادعوا لذلك أن العرب لم يكترثوا لهذا الإعجاز؛ إذ سخروا من محمد، والاستنتاج الوحيد من هذه السخرية والجحود – كما زعموا -أن العرب لم يعترفوا بالإعجاز لأنه لا يوجد أصلا حتى يقتنع الناس به
والحق أن كتب التاريخ والسير تذكر أن المسلمين لم يكونوا وحدهم قد أقروا بهذا الإعجاز بل أقر به الكفار أيضا، والفضل ما شهد به الأعداء، ومن ذلك الآتي:
أ- قال الوليد بن المغيرة – وهو مشرك لم يؤمن قط - واصفاً القرآن (والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمعرق وإن أعلاه لمثمر)
ب- جاء أبو جهل يستمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم من الليل هو وأبو سفيان بن حرب والأخنس بن شريق ولا يشعر أحد منهم بالآخر؛ فاستمعوها إلى الصباح؛ فلما أصبح الصبح تفرقوا فجمعتهم الطريق؛ فقال كل منهم للآخر ما جاء بك؟ فذكر له ما جاء به، ثم تعاهدوا أن لا يعودوا لما يخافون من علم شباب قريش بهم لئلا يفتتنوا بمجيئهم، فلما كانت الليلة الثانية جاء كل منهم ظنا أن صاحبيه لا يجيئان لما سبق من العهود؛ فلما أصبحوا جمعتهم الطريق فتلاوموا، ثم تعاهدوا أن لا يعودوا، فلما كانت الليلة الثالثة جاءوا أيضا فلما أصبحوا تعاهدوا أن لا يعودوا لمثلها ثم تفرقوا، فلما أصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ثم خرج حتى أتى أبا سفيان بن حرب في بيته؛ فقال: أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد، قال: يا أبا ثعلبة والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها وسمعت أشياء ما عرفت معناها ولا ما يراد بها، ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فدخل عليه في بيته؛ فقال: يا أبا الحكم ما رأيك فيما سمعت من محمد؟ قال: (تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذه؛ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه)، فقام عنه الأخنس وتركه
ج- كان عتبة بن ربيعة عالما بالكهانة والشعر والسحر؛ فذهب - بأمر قريش - إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فحدثه والنبي ساكت، فلما فرغ قال: قد فرغت يا أبا الوليد؟ قال: نعم؛ فقال اسمع: (حم تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ) إلى قوله: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ (فوثب عتبة ووضع يده على فم النبي (صلى الله عليه وسلم) وناشده الله والرحم ليسكتن، ورجع إلى أهله، ولم يخرج إلى قريش؛ فجاءه أبو جهل فقال: أصبوت إلى محمد؛ فغضب عتبة وأقسم ألا يكلم محمدا أبدا، ثم قال: (والله لقد سمعت كلاما من محمد ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر ولا بالكهانة؛ فأطيعوني في هذه وأنزلوها بي؛ خلوا محمدا وشأنه واعتزلوه؛ فو الله ليكونن لما سمعت من كلامه نبأ) (4)
(يُتْبَعُ)
(/)
والحق الواضح الذي لا لبس فيه أن كل العرب الفصحاء الذين نزل فيهم القرآن قد علموا بصورة واضحة مقنعة أن القرآن من عند الله؛ وقد استوى في ذلك مؤمنهم وكافرهم؛ قال تعالى: (فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ) وليس الأمر قاصرا على العرب القدماء ولا على العرب المعاصرين، بل ربما تعدى الأمر إلى غير العرب الناطقين بلغة الضاد؛ وذلك بشهادتهم؛ يقول جفري لانغ: (على الرغم من أن القرآن بالتأكيد هو أشد تأثيرا على القارئ في اللغة الأصلية (العربية) من الترجمات ... وعلى الرغم من أن جميع معتنقي الإسلام الغربيين مجبرون على الاعتماد على التفسير للقرآن، إلا أني واثق من أن جميع هؤلاء قادرون على التمييز والانتباه إلى أن أكثر ما يثير الإعجاب بالقرآن هو أسلوبه الأدبي؛ لأنه يغرس في قارئه ذلك الشعور اللاملموس من أنه صادر عن وحي سماوي)
ولما لم يثبت في التاريخ أن أحداً استطاع مجاراة القرآن في تميزه فإن ذلك لم يشكل دليلاً على تفوق القرآن عند هولاء النصارى رغم ظهوره؛ إذ ذهبوا إلى أن العنف والتهديد بل والقتل هو مصير من يحاول هذه المجاراة؛ إذ أن النضر بن الحارث ـ حسب قولهم ـ كان يضع نصوصا تشبه ما وضعه محمد ولكن من أساطير الفرس، وكان يقول: (سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللّهُ)، فهاجمه محمد في القرآن – كما زعموا - متهما إياه أنه يضل الناس بلهو الحديث في سورة لقمان، ولم يكتف محمد بهذا، فكان له بالمرصاد ولم تقبل منه الفدية يوم بدر؛ فقتل على يد على بن أبي طالب. أما مسيلمة المدعو بالكذاب شاعر اليمامة ـ حسب قول هولاء النصارى ـ فقد تحدى محمداً بكتابات مثيلة للقرآن وجعل يسجع لهم الأساجيع ويقول لهم فيما يقول مضاهاة للقرآن " لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشى "، وكان مصيره هو القتل على يد وحشي أثناء حروب الردة لأنه تجرأ و تحدى القرآن، وقد جاء ذكره في القرآن في سورة الأنعام.إذن لم يكن التحدي مسابقة مفتوحة لمن يريد مجاراة محمد في السجع، بل كانت مسابقة مشروطة بشروط موضوعة مسبقا و نتيجتها محسومة من قبل على حد السيف، ولكن الأسطورة التي مازال يحيا فيها المسلم حتى اليوم ـ كما ادعوا ـ تؤكد أنه لم يوجد من يتحدى، وهذا افتراض يحمل جزءا من الحقيقة فكل من تحدى اختفى من سجل الأحياء أو تم إخراسه، فكانت النتيجة النهائية إعلان الفائز: وهو القرآن (1).
والحق أن هذا قول ظاهر البطلان، وهنالك نظرية شاذة لإبراهيم بن سيار النظام في دراسة الإعجاز تسمى بـ (الصرفة) تزعم أن الله تعالى قد صرف الناس جبراً وتعجيزاً عن الإتيان بمثل أسلوب القرآن بلاغة ونظماً، وقد ووجهت هذه النظرية بهجوم شديد من كل علماء الإسلام؛ لأنها توجب تدخل الإرادة الإلهية المباشر في صرف الناس عن مجاراة القرآن؛ وإذا تم الاعتراض على زعم التحكم الإلهي فما بالك إذن بالتحكم المحمدي الذي هو أمر بعيد كل البعد. ثم إن القائل: (أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) مسيلمة الكذاب لا النضر بن الحارث، وذكر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت فيما يرى النائم كأن في يدي سوارين من ذهب فكبرا علي وأهماني فأوحي إلي أن انفخهما فنفختهما فطارا فأولتهما في منامي الكذابين اللذين أنا بينهما كذاب اليمامة مسيلمة وكذاب صنعاء العنسي وكان يقال له الأسود ولهذا فإن هذه الدعوى تبطلها أمور كثيرة منها الآتي:
1/ لم يثبت أن النضر بن الحارث قد عارض القرآن؛ بل يذكر أنه نزل فيه قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا) لأنه اشترى كتب الأعاجم رستم واسفنديار؛ فكان يجلس بمكة فإذا قالت قريش إن محمدا قال كذا ضحك منه وحدثهم بأحاديث ملوك الفرس، وكان يقول: حديثي هذا أحسن من حديث محمد، وقيل كان يشتري المغنيات فلا يظفر بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول أطعميه واسقيه وغنيه؛ ويقول: هذا خير مما يدعوك إليه محمد من الصلاة والصيام وأن تقاتل بين يديه
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - لم يقتل مسيلمة لأنه تجرأ و تحدى القرآن؛ بل لأنه قاد حربا كبيرة شعواء ضد المسلمين في اليمامة وقتل من الأنصار فقط يوم اليمامة سبعون، وقد كان قرآن مسيلمة يضحك به أطفال المسلمين؛ فهو ليس بذي قيمة يقتل لأجلها إن كان يقتل من يعارض القرآن؛ بل إن من مصلحة القرآن أن يبقى مسيلمة؛ هذا المهرج؛ حيا حتى يتضح للناس الفرق الواضح الجلي بين هذيانه والبلاغة القرآنية عالية المستوى
3 - أما قولهم (أن مسيلمة قد تحدى محمداً بكتابات مثيلة للقرآن) فهل قوله:
ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى
أخرج منها نسمة تسعى
من بين صفاق وحشا
إن الله خلق النساء أفواجاً
وجعل الرجال لهنّ أزواجاً
مثل القرآن؟ إن كانت الإجابة بنعم فلست بقادر على تركيب الذوق البلاغي لمن عدمه، ولا يكون حالي وحاله حينئذ إلا كمن يصف لونا لرجل ولد أعمى.
الإعجاز الكتابي المزعوم:
لما فشلت مجاراة النصارى للقرآن ثم نفيه ثم ادعاء صرف الناس عن مجاراته بالتهديد والقتل من قبل المسلمين ـ ادعوا وجهاً جديداً للإعجاز لا يميز القرآن عن كتبهم لإثبات أنه ليس فيه من جديد؛ وهو إعجاز الكتابة فذهبوا إلى أن المصدر التاريخي لأسطورة التميز القرآني تكمن في أن قريشا تدعي بأن محمدا ساحر أو مجنون أو كاهن أو شاعر مما يقود- في زعمهم- إلى أن مصدر هذه الفكرة لم يكن في أن محمدا أتي ببلاغة لم يقاومها العرب، بل لأنه قام بأول محاولة مقننة لرسم كلمات اللغة العربية والتي كانت شفاهية قبل ذلك، وكان هذا إعجازه على مقياس قبائل لم تنل حظها بعد على سلم الحضارة، لكنه لا يرقي كمقياس أمام شعوب عرفت الكتابة و رسم الكلمات قبل محمد بآلاف السنين كمصر بلغتها القبطية أو الشام بلغتها السريانية أو فارس بلغتها الفارسية، وهذا هو الفارق بين عرب الحجاز المسحورين برسومات محمد القرآنية، وبين شعوب أكثر تقدما على سلم الحضارة و التي لم تر ما يبهر في محاولات محمد الكتابية، وهذا الفارق قد خلق نوعا من الفجوة، حاول مسلمو الأعراب- حسب قولهم الركيك- سدها بعد ذلك باختراع المزيد من بدائل الإعجاز، مثل الإعجاز البلاغي أو اللغوي أو غيرها، والتي كان من السهل أن تمر دون مراجعة أو تمحيص بين شعوب لا تعرف اللغة العربية، ولا تعرف بالتحديد ماهية الفصاحة العربية؛ فتحولت معجزة محمد الكتابية في رسم الكلمات لعرب الحجاز إلى معجزة بلاغية في فصاحة اللغة لمن يجهلون اللغة العربية من أساسها. والفكرة الأساسية أن معجزة محمد لم تكن بلاغة اللغة أو حسن السجع أو دقة قواعد النحو، بل كانت هي الكتابة أو رسم الحروف العربية، أو بمعنى آخر في أن يأتي للعرب بنص (مكتوب) ليكونوا مثل أهل (الكتاب)، هذا هو ما جعله كالسحرة و الشعراء و الكهان في عرف المشركين من قريش
والحق أننا لم نسمع أحدا عبر التأريخ قد ادعى أن هنالك وجها من الإعجاز يسمى بالإعجاز الكتابي وهذه الفكرة المضحكة لو علم هولاء النصارى فساد مؤداها لاستحوا منها، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أميا، ولكن كما ثبت فإن في العرب كتّاب كثيرون وإن كانت الأغلبية أمية؛ فلماذا لا يدعي أحد هولاء الكتّاب هذه المعجزة الكتابية بينما يدعيها هذا الأمي الذي لا يكتب أصلا؛ فهذه دعوى بعيدة جدا لا يمكن أن تخدم الغرض الذي هو الطعن في الإعجاز؛ بل إن من له أدنى معرفة بهذه الأمور سوف يسخر منها مر السخرية.أما قولهم "بنص (مكتوب) ليكونوا مثل أهل (الكتاب) " ففيه خلط شديد؛ فالله تعالى قد قال: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ) فهل نزله مكتوبا؟ فإذا كان الكتاب قد أنزل مكتوبا فما معنى قوله: (وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ) ولماذا قال في قرطاس والكتاب لا يكون – عند هولاء - إلا في قرطاس (ورق)؟ ولكن الحق أن هذه الآية إخبار من الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء القوم الذين هم لعنادهم وبعدهم من الرشد لو أنزلت عليك يا محمد الوحي في قرطاس (ورق) يعاينونه ويمسونه بأيديهم وينظرون إليه لقالوا ما هذا الذي جئتنا به إلا سحر سحرت به أعيننا ليست له حقيقة ولا صحة.
(يُتْبَعُ)
(/)
والكتاب في اللغة له معان كثيرة منها ما أنزله الله على الأنبياء (7)، ويطْلَقٌ على التوراةُ والإنجيل والقرآنَ، والكِتابُ أيضا هو: الفَرْض؛ قال الله تعالى: (كُتِبَ عليكم القِصاصُ في القَتْلى) وقال: (كُتِبَ عليكم الصيامُ)؛ ومعناه: فُرِضَ. وقال: (و كَتَبْنا عليهم فيها) أَي: فَرَضْنا، والكتاب أَن بعْطني العبد سيده ثَمَنَه على أَن يعْتِقَه. وفي التنزيل العزيز: (والذينَ يَبْتَغُونَ الكِتاب مما مَلَكَتْ أَيمانُكم فكاتِبُوهم إن عَلِمْتُم فيهم خَيْراً) فكل هذه من معاني الكتاب في العربية. وقد سميت كل الرسالات كتبا رغم أنه لم يثبت أن نبيا من الأنبياء فد أعطي شيئا مكتوبا (بالخط) إلا ألواح موسى، وقد أضاف الله الكتابة إلى نفسه في الألواح على جهة التشريف؛ والحق أن القرآن كتاب محفوظ في الصدور لا القراطيس، وهذه ميزة لا توجد في غيره من كتب الله تعالى، وجاء في صحيح مسلم أن الله تعالى يقول: (إني منزل عليك كتابا لا يغسله الماء) أي لو غسل الماء المحل المكتوب فيه لما احتيج إلى ذلك المحل لأنه محفوظ في الصدور ميسر على الألسنة مهيمن على القلوب معجز لفظا ومعنى؛ ولذلك قال تعالى: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يتلو من قبل القرآن كتابا ولا يكتبه ويخطه بيده بل هو آيات بينات محفوظ في صدور الذين أوتوا العلم لا في قراطيسهم ولهذا فإن الكتابة ليست بشيء ذي بال كبير في حفظ القرآن بل هي شيء كمالي فحسب.
والحق أن عقول النصارى ومراكزهم عاملة ناصبة لمحاولة ضرب التميز القرآني ولن يكفوا عن ذلك أبدا وإن كانوا هم الخاسرون في كل مرة ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون ومع ذلك يبقى القرآن عظيما تاما عزيزا ولو كرهوا
كناطحٍ صخرةً يوماً ليَفْلِقَها فلم يَضِرْها وأَوْهَى قَرْنَه الوَعِلُ
د. جمال الدين عبد العزيز شريف
أستاذ التفسير وعلوم القرآن المشارك
جامعة الجزيرة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Feb 2009, 05:39 م]ـ
د. جمال الدين عبد العزيز شريف
أستاذ التفسير وعلوم القرآن المشارك
جامعة الجزيرة
أرحب بأخي العزيز الدكتور جمال بين إخوانه في ملتقى أهل التفسير، وهي فرصة طيبة للتواصل مع الزملاء في الجامعات السودانية. وقد عرفت أخي الدكتور جمال الدين عبدالعزيز شريف من خلال كتابه القيم (نظريات الإعجاز القرآني) الذي نشرته جامعة الجزيرة. وفقه الله ونفع بعلمه، وفي انتظار مشاركاته العلمية الجادة التي لا أشك أننا سنفيد منها.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[17 Feb 2009, 07:05 م]ـ
العجيب أن غير المسلمين والملاحدة العلمانيين كانوا يذهلون عند الاستماع إلى المحاضرات المتعلقة بالعدد.
أن تسترعي مثل هذه البحوث انتباه المسلمين وغيرهم شيء، وأن تجعلهم يقتنعون بصدقية نتائج البحوث شيء آخر.
على أية حال تقع مسؤولية اقناع الناس بهذا الوجه من وجوه الإعجاز على الذين يؤمنون بمسألة الإعجاز العددي.
صدقت.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[17 Feb 2009, 09:12 م]ـ
أحسنتم دكتور جمال ..
وكلامكم يؤكد على أن تحديد الوجه الإعجازي في القرآن إنما هو من اختصاص عالم التفسير وعلوم القرآن، لأنه هو الذي يدرك أبعاد هذا الموضوع ومراميه ومآلاته من حيث تنزيله على كلام الله.
إن ما يؤكده علماء التفسير وتشديدهم أحيانا في موضوع الإعجاز القرآني ليس تحجيرا لواسع، بل هو قول مبني على معرفة ما يصح أن يوصف به القرآن وما لا يصح، باعتماد معرفة تاريخه وقواعده وأسباب نزوله ولغته وطرق التعامل معه.
ولذا كان من الواجب التحري عند الكلام في هذه الموضوعات وطرق البيوت من أبوابها حتى لا نكون طريقا للطاعنين في القرآن دون أن نشعر.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[18 Feb 2009, 02:24 م]ـ
لم أكن أرغب في إبداء الرأي في موضوع الإعجاز العددي نظرا لأنني، في الواقع، لم أدرسه بعمق، وإنما اكتفيت دائما بقراءة سريعة لطرقهم في الاستدلال.
غير أنني عدت لقراءة بعض البحوث العددية، فترسخت قناعتي أكثر بعدم وجود ظاهرة (إعجاز عددي) حقيقية في القرآن الكريم. وليسمح لي الأخوان عبد الله جلغوم وأبو عمرو البيراوي:
فالتعسف واضح في اختيار العمليات الحسابية: ... والقائمة طويلة من هذه العمليات التي لا أجد وصفا صادقا لها سوى أنها "بهلوانية".
والموضوع لا يرقى في نظري لمستوى أن يكون (ظاهرة) فضلا عن يكون (إعجازا).
ولهذا السبب الذي ذكرته - أنت - أخي الكريم، فقد كان طبيعيا أن تنتهي بك القراءة العابرة إلى وصف ما يكتب في الإعجاز العددي بالبهلوانية ..
الإعجاز العددي واقع ملموس في المصحف لا يمكن إنكاره ..
فأما اعتراضك على تقييم السور إلى زوجية الآيات وفردية الآيات (والذي أرى فيه إشارة إلى بحث يخصني) فغير مقبول، وسؤالي لك:
أليست الأعداد زوجية وفردية، أولية وصحيحة .. وماذا غير ذلك؟ هل يوجد عدد آخر ليس زوجيا وليس فرديا؟ أليس قانون الزوجية ماثل في كل شيء في هذا الكون أم أن العدد هو الوحيد المستثنى من ذلك ..
وأخيرا هل لك أن تفسر لنا قسمة سور القرآن إلى 60 سورة زوجية الآيات و 54 فردية الآيات؟
وهل لك أن تفسر لنا حالتي التماثل في العددين 2690 و 3303؟
وهل لك أن تفسر لنا العلاقة المكتشفة بين عدد الآيات في سور القرآن ومواقع ترتيبها؟
في اعتقادي أن بحث قانون الحالات الأربع لسور القرآن هو أكبر دليل على وجود الإعجاز العددي في القرآن وعلى أن ترتيب سور القرآن هو ترتيب توقيفي ..
وتقبل احترامي لشخصك الكريم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[18 Feb 2009, 10:51 م]ـ
روائع الترتيب في القرآن الكريم
(1)
- ورد لفظ " الرحمن " في القرآن الكريم 57 مرة (3 × 19). ونجد أن أحرف لفظ " الرحمن " الستة، وجميعها من بين الحروف المقطعة، تتكرر في هذه الحروف 57 مرة. ونجد أن عدد حروف آخر آية يرد فيها لفظ " الرحمن " (38 النبأ) (2 × 19)، هو 57 حرفا.
أهذه مصادفة؟ بهلوانيات على رأي أخينا محمد جماعة؟ وهمٌ وتوهّم .. أم ماذا؟
- في سورة المدثر (السورة رقم 74 وعدد آياتها 56) وردت الآية رقم 31 وهي الآية التي تذكر الحكمة من ذكر العدد 19. تعتبر هذه الآية لافتة للانتباه بطولها، إن عدد كلمات هذه الآية المميزة 57 كلمة.
ونجد من بين آيات القرآن آية ثانية لا غير عدد كلماتها 57 كلمة. إنها الآية رقم 217 في سورة البقرة. نلاحظ أن العدد 217 هو عبارة عن 7 × 31، وفي ذلك إشارة إلى الآية رقم 31 المدثر.
ونلاحظ هنا أن مجموع رقمي ترتيب السورتين هو 2 + 74 = 76 وهذا العدد من مضاعفات الرقم 19 (4 × 19).
ونلاحظ أن مجموع عددي الآيات في سورتي البقرة والمدثر هو 286 + 56 = 342. وهذا العدد يساوي 3 × 114 (العدد 114 هو عدد سور القرآن) كما أن العدد 342 = 18 × 19. وملخص الظاهرة هنا: إن من بين آيات القرآن آيتان لا غير عدد كلمات كل منهما 57 كلمة، واحدة جاءت في أطول سور النصف الأول من القرآن (البقرة) والثانية جاءت في أطول سور النصف الثاني من القرآن (المدثر).
(وأخيرا ما السر في جميع هذه الأعداد التي وردت في الملاحظتين؟ الجواب متوفر)
أهذه مصادفة؟ بهلوانيات على رأي أخينا محمد جماعة؟ وهمٌ وتوهّم .. أم ماذا؟
- الآية التي تذكر العدد 19 في القرآن الكريم هي الآية رقم 30 سورة المدثر وهي قوله تعالى (عليها تسعة عشر).
إذا كتبنا تحت كل كلمة من كلماتها الثلاث عدد حروفها فالعدد الناتج لدينا هو: 345.
والآن، لنلاحظ أن حاصل ضرب العدد 19 الذي تذكره الآية، في العدد 345 العدد الذي ترسمه حروفها هو 6555.
العدد 6555 هو مجموع أرقام ترتيب سور القرآن، أي 1 + 2 + 3 + .. وحتى ننتهي إلى العدد 114.
فالعدد 6555 = 19 × 345.
ولنتأمل الملاحظة التالية: إن حاصل ضرب العدد 9 الفردي (19 = 9 + 10) في 345 = 3105. هذا العدد 3105 هو مجموع أرقام ترتيب السور فردية الآيات في القرآن وعددها 54 سورة.
وإن حاصل ضرب العدد 10 الزوجي في 345 يساوي 3450. وهذا هو مجموع أرقام ترتيب السور زوجية الآيات في القرآن، وعددها 60 سورة.
(مجموع الأعداد الفردية في السلسلة 1 - 114 هو 3249 ومجموع العداد الزوجية هو 3306. إنهما غير العددين 3105 و 3450)
أهذه مصادفة؟ بهلوانيات على رأي أخينا محمد جماعة؟ وهمٌ وتوهّم .. أم ماذا؟
أخي محمد: لقد ظلمت الإعجاز العددي كثيرا، وأهنت جميع الباحثين فيه. سامحك الله.
ومهما أطلقت على هذه الملاحظات من وصف، فسأظل أسميها " إعجازا " لماذا؟ لأن لدي منها الكثير الذي يجلّ على الوصف، ولا يقبل الإنكار.
وتقبل فائق الاحترام
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[18 Feb 2009, 11:33 م]ـ
حياك الله أخي الأستاذ عبد الله.
ليس في تعليقي ما يؤدي أو ما يفهم على أنه إهانة لأحد. وآسف إن فهمت من كلامي شيئا من هذا القبيل.
موضوعك يثير فيّ الرغبة في التعليق (بصدق). ولا يمكنني الاكتفاء في ذلك بتعليقات سريعة. غير أنني منشغل كثيرا في هذه الفترة. والله المستعان.
وأعدك حين أفرغ قليلا أن أنشط لاستكمال الحوار بإذن الله.
مع خالص التحية والتقدير.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[21 Feb 2009, 05:54 ص]ـ
روائع الترتيب في القرآن الكريم
(2)
من مظاهرإعجاز الترتيب في سورة القلم
سورة القلم هي إحدى سور الفواتح الـ 29، الوحيدة التي جاء ترتيبها في النصف الثاني من القرآن، بينما رتبت السور الـ 28 الباقية في النصف الأول.
بعض الملاحظات هنا:
1 - لقد فصلت سورة القلم عن أخواتها بفاصلة من السور عددها 17.
(الذاريات. الطور. النجم. القمر. الرحمن. الواقعة. الحديد. المجادلة. الحشر. الممتحنة. الصف. الجمعة. المنافقون. التغابن. الطلاق. التحريم. الملك)
2 - وفد رتبت في موقع الترتيب الذي يدل عليه العدد 68 أي: 4 × 17.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - ونجد من بين آياتها الـ 52 أربع آيات فقط مؤلفة كل منها من عدد من الحروف هو 17 (أي: 4 × 17) أي أن مجموعها هو 68 وهو كذلك رقم ترتيب سورة القلم.
(الآيات ذوات الأرقام: 9 و 12 و 37 و 38)
4 - ومما يؤكد العلاقة السابقة أن عدد الحروف الهجائية الواردة في الآيات الأربع من غير تكرار هو: 17. (الآيات هي: (ودوا لو تدهن فيدهنون: 9) (مناع للخير معتد أثيم: 12) (أم لكم كتب فيه تدرسون: 37) (إن لكم فيه لما تخيرون: 38).
(و. د. أ. ل. ت. هـ. ن. ف. ي. م. ع. خ. ر. ث. ك. ب. س)
[لاحظوا هنا كتابة كلمة كتاب بحذف حرف الألف، إن إثباتها سيؤدي إلى اختفاء بعض العلاقات العددية] [ولاحظوا أن ترتيب سورة القلم باعتبار سور النصف الثاني هو 11، وأن عدد حروف العربية التي لم ترد في الآيات الأربع هو 11].
5 – سورة القلم هي السورة رقم 29 باعتبار ترتيب سور الفواتح، وسورة الطارق هي السورة رقم 29 باعتبار النصف الثاني من القرآن. الملاحظة هنا أن عدد سور القرآن المحصورة بين سورتي القلم والطارق هو 17. (الحاقة – البروج).
6 – تشترك سور العنكبوت والقلم والطارق برقم الترتيب 29 باعتبارات:
سورة العنكبوت هي السورة رقم 29 في النصف الأول من القرآن.
سورة الطارق هي السورة رقم 29 في النصف الثاني من القرآن.
سورة القلم هي السورة رقم 29 باعتبار سور الفواتح.
نلاحظ أن الفرق بين عدد آيات سورة العنكبوت الذي هو 69، وعدد آيات سورة القلم الذي هو 52، هو 17. وهذا العدد هو عدد آيات سورة الطارق. (وسيظهر لهذا العدد أهمية خاصية في ترتيب سور النصف الثاني من القرآن وأعداد آياتها).
علاقات محورها العدد 19:
1 – عدد السور المحصورة بين سورتي القلم وسورة الطارق هو 17 سورة، مجموع أعداد آياتها 608، عدد من مضاعفات الرقم 19 (32 × 19).
وإذا نظرنا إلى المسألة من زاوية أخرى: يمكننا القول أن عدد سور القرآن ابتداء بسورة " ق " آخر السور الـ 28 في النصف الأول، وانتهاء بسورة القلم هو 19.
2 - عدد السور المحصورة بين سورتي العنكبوت والقلم هو 38 سورة أي 2 × 19.
3 – مجموع أعداد الآيات في السور المحصورة بين سورتي العنكبوت والقلم هو 1862، عدد من مضاعفات الرقم 19 (98 × 19)، ولنلاحظ هنا أن العدد 98 هو عبارة عن مجموع العددين 29 رقم ترتيب سورة العنكبوت + 69 عدد آياتها .. (هذا يعني أن حاصل ضرب رقم سورة العنكبوت في عدد آياتها هو مجموع أعداد الآيات في السور الـ 38 المحصورة بين سورتي العنكبوت والقلم)
4 - عدد كلمات سورة القلم هو 300، وعدد كلمات سورة الطارق هو 61. وبذلك يكون مجموع عددي كلمات السورتين هو 361 أي 19 × 19.
علاقات عددية عميقة:
1 - عدد سور القرآن في ترتيب المصحف التالية لسورة القلم 46 سورة مجموع أعداد آياتها 913 (لاحظوا أن معكوس العدد هو 319 والذي هو الفرق بين مجموع أرقام ترتيب سور القرآن وعدد آياته (6555 – 319 = 6236). [لاحظوا ان عدد حروف الفاتحة هو 139]
2 - عدد كلمات سورة العنكبوت هو 976، وعدد كلمات سورة القلم هو 300. مجموع عددي كلمات السورتين هو 1276. هذا العدد يساوي 4 × 319.
السؤال الآن: هل جاءت هذه العلاقات مصادفة؟ وإذا كان ترتيب سور القرآن من اجتهاد الصحابة (بالمعنى الذي يطرحه البعض) فهل خطر ببالهم شيء من هذه العلاقات، أم أنهم فعلوا ما فعلوه وجاءت هذه العلاقات " رب رمية من غير رام "؟
هل كان لديهم سبب واضح لفصل سورة القلم عن اخواتها مثلا؟ باعتقادي لو كان أمر الترتيب متروكا لاجتهادهم الشخصي لوضعوا سورة القلم مع اخواتها .. ولو فعلوا ذلك لوردتنا عنه روايات وأقوال.
فصل سورة القلم هو عين الإعجاز في ترتيب سور القرآن وما ذكرته هو اليسير والقليل والقريب من التناول.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[21 Feb 2009, 11:00 م]ـ
روائع الترتيب في القرآن الكريم
(3)
ثلاث مجموعات من السور عدد كل منها 29
قلنا أن سورة القلم هي السورة الوحيدة من بين سور الفواتح المرتبة في النصف الثاني من القرآن، مما يجعلها مميزة بهذا الاعتبار .. ويتم تعزيز هذه الميزة باعتبار آخر، فهي الوحيدة أيضا من بين سور الفواتح التي لم يرد فيها لفظ الجلالة.
ماذا يترتب على خلو سورة القلم (الوحيدة) من ورود لفظ الجلالة؟
ورد لفظ الجلالة " الله " في 85 سورة من بين سور القرآن الكريم بينما خلت 29 سورة منه ..
إذا تأملنا هذا العدد من السور (29) نجد أنه:
28 سورة من بين السور التي خلت أوائلها من الحروف المقطعة.
1 سورة واحدة من بين سور الفواتح (القلم).
كيف رتبت سور الفواتح الـ 29 في القرآن:
28 سورة في النصف الأول
1 سورة واحدة في النصف الثاني ...
وتقودنا هذه الظاهرة إلى ظاهرة أخرى:
عدد سور القرآن القصيرة التي عدد الآيات في كل منها أقل من 17 آية هو 29 سورة، إذا تأملنا ترتيب هذه المجموعة من السور في المصحف سنجد أن:
28 سورة في النصف الثاني.
1 سورة واحدة في النصف الأول (سورة الفاتحة).
ونكرر السؤال هنا: هل هي مصادفة أن تتوزع سور الفواتح الـ 29 بين نصفي القرآن: 28 في النصف الأول، و 1 سورة واحدة في النصف الثاني (القلم)؟
وأن تتوزع السور الـ 29 التي عدد الآيات في كل منها أقل من 17 آية: 28 في النصف الثاني و 1 في النصف الأول (الفاتحة)؟
وأن تخلو 29 سورة من لفظ الجلالة: 1 سورة واحدة من بين سور الفواتح، و28 سورة من باقي السور؟
ألا تدل هذه الظاهرة وأمثالها على أن ترتيب سور القرآن توقيفي؟
لقد ادخر القرآن لنا في ترتيبه ما يدفع عنه كل ما جدّ ويجدّ من الشبهات والافتراءات، وفي وسعنا أن نوظف هذا الترتيب في خدمة القرآن الكريم وأهله.ولكن، كيف يمكننا أن ننقل إلى غيرنا رأيا، نحن غير متفقين عليه؟ أليس الأولى أن نتفق عليه أولا، ونقتنع به، حتى نتمكن من نقله والدفاع عنه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[22 Feb 2009, 09:35 م]ـ
روائع الترتيب في القرآن الكريم
(4)
ورود لفظ الجلالة " الله " في سور الفواتح
عدد سور القرآن الكريم المفتتحة بالحروف 29 سورة , ورد لفظ الجلالة " الله " في 28 سورة من بين هذه السور , بينما خلت سورة واحدة منه، هي سورة القلم ,وهي السورة الوحيدة أيضا المرتبة في النصف الثاني من القرآن .. ومما يترتب على ذلك أن عدد سور النصف الثاني الـ 57 تكون:
سورة واحدة من بين سور الفواتح و56 سورة الباقية، أي 28 × 2 .. والمتدبر في هذه الأعداد سيجد فيها كثيرا من اللطائف .. (لماذا 56؟)
ظاهرة تستدعي التفكير والتدبر ..
السؤال: ماذا يترتب " عدديا " على خلوّ سورة واحدة من بين سور الفواتح من لفظ الجلالة " الله "؟
ما علاقة هذه الظاهرة بترتيب سور الفواتح وأعداد آياتها؟
لنتدبر الآن العلاقة العددية التالية بين أعداد الآيات في سور الفواتح وورود لفظ الجلالة " الله " في هذه السور:
إذا تأملنا أعداد الآيات في السور الـ 28 باعتبار قانون الزوجية (العدد زوجي وفردي) نجدها:
11 سورة زوجية الآيات (عدد الآيات في كل منها عدد زوجي)
17 سورة فردية الآيات (عدد الآيات في كل منها عدد فردي)
ونجد أن:
مجموع أعداد الآيات في السور زوجية الآيات هو: 1196
مجموع أعداد الآيات في السور فردية الآيات هو: 1495
الفرق بين المجموعين هو: 299. (23 × 13)
لنحتفظ بهذا العدد قليلا .. ونتأمل الملاحظة التالية:
ما عدد مرات ورود لفظ الجلالة " الله " في هذه السور؟
إن عدد مرات ورود لفظ الجلالة في السور زوجية الآيات الـ 11 هو: 695 مرة.
وفي السور فردية الآيات الـ هو17: 396 مرة.
المفاجأة الزاخرة بالدلالات:
إن الفرق بين العددين 695 و 396 هو أيضا: 299. (23 × 13)
ما دلالات هذه العلاقة؟
نفهم من هذه العلاقة أن أعداد الآيات في هذه السور محددة وفق نظام مخصوص بحيث يأتي الفرق بين مجموع أعداد الآيات في السور زوجية الآيات والسور فردية الآيات، مماثلا للفرق بين عددي مرات ورود لفظ الجلالة في كل منهما , والناتج في الحالين: 299 ...
(كما أنني أرى في العدد 299 (23 × 13) إشارة إلى مدة البعثة والرسالة، فهي 23 سنة، وإلى مدتها في مكة (13 سنة)، وإلى مدتها في المدينة وهي 10 سنوات (23 – 13).
ونفهم أيضا أن أعداد الآيات في هذه السور غير قابلة للزيادة أو النقصان تحت أي اعتبار .. كان كافيا لإخفاء هذا النظام المحكم زيادة آية أو نقصان آية في أي سورة , وكذلك أي زيادة أو نقصان في عدد مرات تكرار لفظ الجلالة .. فما معنى أن تصلنا هذه السور بهذه الأعداد؟ وما معنى اكتشافنا لهذه العلاقة؟ ذلك يعني مزيدا من الأدلة – بلغة العصر - على أن القرآن بأعداد آياته وكلماته قد وصلنا محفوظا بقدرة الله سبحانه، وفي ترتيبه ما يؤكد هذه الحقيقة بالأدلة الكافية ..
(ملاحظة: هذه المعلومة التي نقلتها هنا، حقيقة موجودة في المصحف ولا يمكن التشكيك فيها، ومن السهل التأكد من صحتها. قد تبرز هنا معضلة الاختلاف في عدد الآيات، ولكن علينا أن نلاحظ أن عدد مرات ورود لفظ الجلالة هو واحد في جميع روايات القرآن، ولا يمكن التشكيك في ذلك، وكلها تؤدي إلى العدد 299)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[23 Feb 2009, 12:41 م]ـ
روائع الترتيب في القرآن الكريم
(5)
إضافة رائعة على قانون الحالات الأربع لسور القرآن الكريم
رابط الموضوع في ملتقى أهل التفسير:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=8597
على هذا الرابط سبق طرح موضوع نظام التجانس وقانون الحالات الأربع لسور القرآن، وملخصه:
السورة القرآنية باعتبار عدد آياتها إما:
زوجية الآيات وإما فردية الآيات .. لا توجد حالة ثالثة
وباعتبار ترتيبها إما:
زوجية الترتيب وإما فردية الترتيب. لا توجد حالة ثالثة
بهذين الاعتبارين فالسورة القرآنية واحدة من أربع:
زوجية الآيات زوجية الترتيب
زوجية الآيات فردية الترتيب
فردية الآيات فردية الترتيب
فردية الآيات زوجية الترتيب.
لا توجد حالة خامسة
(ورغم أن هذا الكلام يعتبر من المسلّمات التي لا تقبل الشك ولا الجدل ولا المناقشة. فبعضهم لم يتورع عن وصفه بالتكلف وغير ذلك من الأوصاف التي تدل على الجهل).
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان من نتائج الإحصاءات أن عدد سور القرآن زوجية الآيات هو 60، وأن عدد سور القرآن فردية الآيات هو 54.
وأن مجموع أرقام ترتيب السور فردية الآيات في المصحف هو 3105، ومجموع الأرقام الدالة على ترتيب السور زوجية الآيات هو 3450.
(وهنا أيضا طلع بعضهم مشككا في دقة الإحصاءات كالعادة، وكان الأولى به أن يراجع كل عدد على المصحف قبل أن يشن هجومه، فإن وجد أدنى خطأ فليحاسبنا حينئذ حسابا عسيرا)
إذا عدنا إلى العدد 114 وهو العدد الذي اختاره الله عددا لسور كتابه الكريم نلاحظ في خصائص العدد 114 ما يدل على جميع ما اكتشفناه، وكأنه إحصاء قرآني لسوره وأعداد آياته ومواقع ترتيبها.
فالعدد 114 = 19 × 6، وبصورة أخرى (9 + 10) × 6.
أما مجموع الأعداد المتسلسلة من 1 – 114 وهي الأرقام الدالة على مواقع ترتيب سور القرآن، فهو: 6555 وهذا العدد يساوي 19 × 345، أو (9 + 10) × 345.
هذه الحقائق هي من المسلمات التي لا تقبل التشكيك، ولا يجوز أن يشكك بها أحد،وحين نتدبرها نخلص إلى:
54: هذا هو عدد سور القرآن فردية الآيات، ويلاحظ في حاصل ضرب العدد الفردي 9 × 6.
60: هذا هو عدد سور القرآن زوجية الآيات، ويلاحظ في حاصل ضرب العدد الزوجي 10 × 6.
(حقيقة واضحة وضوح الشمس، ورغم ذلك فالبعض لم يستطع رؤيتها، ولعله ادعى ذلك)
3105: هذا هو مجموع تراتيب السور فردية الآيات، ويلاحظ في 9 × 345.
3450: هذا هو مجموع تراتيب السور زوجية الآيات، ويلاحظ في 10 × 345 ماذا تعني هذه الحقائق؟
تعني ببساطة أن للقرآن نظاما عدديا رياضيا، وأن العدد 114 هو أساس العلاقات العددية في هذا النظام.
ومن يرى غير ذلك فالمطلوب منه أن يفسر لنا مجيء سور القرآن، وأعداد آياتها - على هذا النحو الذي أوضحناه - وفق العلاقات الرياضية المجردة في العدد 114.
إضافة جديدة تنشر لأول مرة:
وصلتني رسالة من أخت فاضلة من الإمارات تقول فيها أنها أرادت التأكد من صحة الأعداد التي جاءت في هذا البحث، وقد وجدتها صحيحة – كغيرها – ولكنها توصلت إلى عدد من الملاحظات الرائعة حقا، ومنها التالية:
إن الفرق بين عدد السور زوجية الآيات وعدد السور فردية الآيات هو 6. ومن ذلك نستنتج أن نسبة العدد 6 (الفرق بين عددي السور) إلى عدد سور القرآن هو 1 إلى 19 (1: 19). فإذا تأملنا مجموع أرقام ترتيب سور القرآن، نجد أن الفرق بين تراتيب السور زوجية الآيات والسور فردية الآيات هو 345، ونسبة هذا الفرق إلى مجموع أرقام ترتيب سور القرآن البالغة 6555 هو أيضا 1 إلى 19.
ملخص النتيجة:
إن نسبة الفرق بين عددي سور القرآن زوجية الآيات وفردية الآيات إلى عدد سور القرآن، هو نفس نسبة الفرق بين مجموع تراتيبهما إلى مجموع تراتيب سور القرآن، وهو في الحالين 1 إلى 19.
بارك الله في هذه الأخت الفاضلة التي أحبت أن لا أذكر اسمها، على هذه الإضافة الرائعة.
ويترتب على ذلك: لو افترضنا أن عدد آيات سورة زوجية الآيات فردية الآيات، سيصبح عدد السور فردية الآيات 55 والزوجية 59، ولو افترضنا العكس سيصبح عدد السور زوجية الآيات 61 والفردية 53، وفي الحالين ستختفي النسبة 1: 19. كما سيترتب على ذلك خلل في ترتيب سور القرآن المحكم.
وقد استفدت من هذه الإضافة كثيرا – جزى الله صاحبتها خيرا وبارك في تدبرها - حيث توصلتُ إلى إضافات أخرى ستكون مكملة لبحث قانون الحالات الأربع لسور القرآن الكريم.
ونكرر السؤال: أين من هذا من يزعم أن ترتيب سور القرآن اجتهادي؟
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[25 Feb 2009, 01:01 ص]ـ
روائع الترتيب في القرآن الكريم
(6)
سور القرآن زوجية الآيات
عرفنا أن عدد سور القرآن زوجية الآيات هو 60 سورة، مجموع أعداد آياتها 3514، ومجموع الأرقام الدالة على مواقع ترتيبها في المصحف هو 3450.
السؤال الذي نود الإجابة عليه الآن: كيف تمت قسمة هذا العدد من السور بين نصفي القرآن؟. (النصف الأول من القرآن هو السور السبع والخمسون الأولى في ترتيب المصحف، والنصف الثاني هو السور السبع والخمسون الأخيرة).
الجواب:
(يُتْبَعُ)
(/)
33 سورة في النصف الأول، و 27 سورة في النصف الثاني. (يُلاحظ أن الفرق بين العددين هو 6). (ملاحظة: يستنتج هنا: أن عدد السور فردية الآيات في النصف الأول 24 وفي النصف الثاني 30، أيضا بفارق 6 بين العددين).
ما وجه الإعجاز في هذه القسمة، وما علاقة ذلك بمواقع ترتيب هذه السور وأعداد آياتها؟
الجواب:
إن مجموع أعداد الآيات في السور الـ 33 التي جاء ترتيبها في النصف الأول هو: 2690. وإن مجموع أرقام الترتيب الدالة على مواقع السور الـ 27 التي جاء ترتيبها في النصف الثاني من القرآن هو 2690 أيضا.
عددان متساويان، أحدهما يدل على أعداد الآيات في المجموعة الأولى، والآخر يدل على مواقع الترتيب في المجموعة الثانية.
والسؤال الآن: كيف نفسر هذه الظاهرة؟ هل جاء هذا التماثل في العدد 2690 مصادفة؟ أم أن هذا دليل على أن ترتيب سور القرآن هو ترتيب توقيفي؟ أليس من الواضح أن ترتيب السور زوجية الآيات في النصف الثاني من القرآن قد تمّ في مواقع محددة بحيث يؤدي مجموعها إلى العدد 2690، ليماثل مجموع أعداد الآيات في السور التي جاء ترتيبها في النصف الأول؟ إن تغيير موقع أي سورة سيؤدي إلى إخفاء هذا الإحكام.
لا يمكن أن تكون هذه السور قد رتبت نفسها بنفسها. ولو كان للصحابة دور في هذا الترتيب لوصلنا منه ذكر. كما أنه من غير المعقول تفسير هذه العلاقة العددية بالمصادفة .. التفسير الوحيد المقبول أن هذا الترتيب هو ترتيب توقيفي.
والسؤال: وماذا نستفيد من هذا التماثل؟
الجواب: نفهم السرّ في تجميع السور الطويلة في النصف الأول من القرآن، والسور القصيرة في النصف الثاني.
لا توجد طريقة أخرى لتحقيق التماثل في العدد 2690 غير هذه الطريقة: ترتيب السور الطويلة في النصف الأول من القرآن والقصيرة في آخره. . ذلك؛ أن السورة التي يأتي ترتيبها في النصف الأول من القرآن ستأخذ أحد الأرقام من 1 – 57 للدلالة على موقع ترتيبها في المصحف، وهي الأرقام الصغيرة في سلسلة الأعداد من 1 – 114، وأن السورة التي سيأتي ترتيبها في النصف الثاني من القرآن، ستأخذ أحد الأرقام من 58 – 114، وهي الأرقام الكبيرة ..
ولتحقيق حالة من التماثل بين مجموعتين من السور عدديا، لا بد من ترتيب السور ذات أعداد الآيات الكبيرة في النصف الأول، وذات أعداد الآيات الصغيرة في النصف الثاني. ولذلك فإن عدد آيات أطول سور النصف الثاني هو 56 آية (المدثر)، بينما نجد أن عدد آيات أطول سور النصف الأول هو 286 (البقرة) ومن المثير أن مجموع عددي الآيات في السورتين هو 342، عدد من مضاعفات العدد 114 عدد سور القرآن الكريم (3 × 114).
ولو افترضنا العكس أي ترتيب السور القصيرة في النصف الأول فإن مجموع أرقام ترتيبها سيكون أقل بكثير من العدد 1653 الذي هو مجموع الأرقام المتسلسلة من 1 – 57، وفي هذه الحالة فإن من المستحيل إيجاد حالة من التماثل بين عدد الآيات في مجموعة من سور النصف الأول ومجموع مواقع ترتيب أخواتها في النصف الثاني.
ومن اللطائف هنا:
العدد 2690 هو عبارة عن 10 × 269.
مجموع الآيات في سور النصف الثاني من القرآن هو 1132.
إذا استثنينا العدد الأكبر وهو 56 (عدد آيات سورة المدثر)، فإن مجموع أعداد الآيات في السور الـ 56 الباقية هو 1076، عدد هو من مضاعفات العدد 269 (4 × 269). وفي هذه الملاحظة تنبيه إلى أهمية سورة المدثر في ترتيب القرآن الكريم. والذي يمكن إدراكه بالتدبر. وأول ما يجب البحث عنه: لماذا 56؟
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[25 Feb 2009, 06:15 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
لمن أراد الإستفادة فإليكم كلمة لفضيلة الشيخ المربي الدكتور خالد بن عثمان السبت - حفظه المولى - ألقاها فى إذاعة القرآن الكريم حول موضوع الإعجاز العددي http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=67675
و أما الرابط التالي فهى سلسلة دروس نقدية و تقويمة لما يسمى بالإعجاز العلمى و العددى تحت عنوان " الإعجاز العلمي و العددي فى الميزان "
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=1550
و السلام
شهاب الدين مرحلة لسانس علوم إسلامية تخصص تفسير و دراسات قرآنية - الجزائر -
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[25 Feb 2009, 07:08 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
لمن أراد الإستفادة فإليكم كلمة لفضيلة الشيخ المربي الدكتور خالد بن عثمان السبت - حفظه المولى - ألقاها فى إذاعة القرآن الكريم حول موضوع الإعجاز العددي http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=67675
و أما الرابط التالي فهى سلسلة دروس نقدية و تقويمة لما يسمى بالإعجاز العلمى و العددى تحت عنوان " الإعجاز العلمي و العددي فى الميزان "
http://www.islamway.com/?iw_s=Scholar&iw_a=series&series_id=1550
و السلام
شهاب الدين مرحلة لسانس علوم إسلامية تخصص تفسير و دراسات قرآنية - الجزائر -
أسمعت لو ناديت حيّا ..
لقد تم طرح هذا الموضوع على الرابط التالي، وأؤكد هنا ثانية أن رأي الدكتور خالد السبت بعيد عن الصواب في الكثير مما طرحه، والمصيبة أننا نجد من يتبنى تلك الآراء أو ينتصر لها، أو يرددها كالببغاوات ..
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?goto=lastpost&t=13935
اما أنت يا شهاب: فلا تقل لنا ماذا يقول الشيخ الفلاني، قل لنا ماذا تقول أنت ..
وبصراحة انا أستاء من مثل هذه المشاركات التي يتشيع أصحابها لبعض الأسماء المعروفة، دون ادنى مراجعة أو تفكير، ودون أن يقدموا هم انفسهم شيئا ..
لقد كان في نيتي أن أدون الكثير من الملاحظات، والتي يمكن الحكم عليها فيما بعد، هل هي لصالح الإعجاز العددي أم لا، ولكن البعض يأبى الخير ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[25 Feb 2009, 07:53 م]ـ
يا أخي عبد الله أحسست بالغضب يخرج من كلماتك فأرجو الهدوء و وزن الكلمات التى تكتبها
أولا صدر البيت الذى كتبته أسائنى كثيرا لما نعلمه جمعا كيف ينتهى " و لكن لا حياة لمن تنادى "!!! لكنى ابشرك أن قلبى لم يمت بعد - أسئل الله الثبات - ...
ثانيا لما كان الموضوع طويل من الناحية التنظيرية و ضيق الوقت فضلت توجيه " من أراد الإستفادة " (فقط) إلى رابط يعبر عن اقتناعي! و إلا كن على علم أنى ممن يرد الإعجاز العددى جملتا و تفصيلا قبل أن أسمع برأي الشيخ السبت أصلا ... - مع احترامى الفائق لاقتناعك أخى عبد الله - و لم أعلم أن البحث قد طرح فى هذه المنتديات فبارك الله فيك على الرابط ....
ثالثا قلت: " دون ادنى مراجعة أو تفكير " أوحى بعد رسول الله؟؟؟ كيف عرفت أنى اقتنعت بما اقتنعت به دون ادنى مراجعة أو تفكير!!! غفر الله لي و لك أخى عبد الله أعلمك أخى عبد الله أنى قد أعددت بحثا خاصا حول الإعجاز العددي تخت عنوان " الأعجاز العددى - نقد لأوهام -" لأقدمه إلى الجامعة لكن أراد الله أن يغير البحث - للأسف بعد الوشك على إتمامه - إلى بحث حول " مقولة الصرفة عند المعتزلة و الرد عليها " و الحمد لله على كل حال ...
أخيرا أنصحك أخى عبد الله أن تراجع ما قلته فى الأخير ... أقصد " ولكن البعض يأبى الخير " فإنها تحمل تزكية لنفسك و طعن لغيرك نعم أنت تريد الخير و غيرك لا ... أرجو ألا تتكرر مثل هذه العبارات و أن لا يتعصب أحدنا لأراءه و يسفه أراء غيره ما دام فى الأمر سعة و المسألة خلافية ....
و السلام
شهاب الدين - مرحلة لسانس علوم إسلامية - تخصص تفسير و دراسات قرآنية - جامعة أبو بكر بلقايد - تلمسان - الجزائر -
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[25 Feb 2009, 08:26 م]ـ
كن على علم أنى ممن يرد الإعجاز العددى جملتا و تفصيلا ...
... أعلمك أخى عبد الله أنى قد أعددت بحثا خاصا حول الإعجاز العددي تخت عنوان " الأعجاز العددى - نقد لأوهام -" .....
-
الأخ الفاضل: أكون لك من الشاكرين - ولعل بعض أعضاء هذا الملتقى يشاركونني شكرك - إذا تفضلت وكشفت لنا عن الأوهام التي رأيتها في المشاركات الست التي طرحتها أنا هنا.
فلعلك رأيت ما لم نستطع رؤيته، ونحن والله نريد عملا يرضي الله سبحانه ويكون في ميزان حسناتنا، وبالتالي فلن نتعصب لرأي ثبت فساده.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[25 Feb 2009, 09:55 م]ـ
الأخوة الأفاضل:
الإعجاز العددي عند البعض، ومنهم أخينا الفاضل شهاب هو " أوهام " ..
لا أخفي عليكم انني لم أفهم ما معنى كلمة أوهام؟ وما المقصود بها ..
طلبت من الأخ الفاضل ان يرينا بعض الأوهام التي رآها في المشاركات الست التي طرحتها، وأن ينبهنا إليها مشكورا ..
وتسهيلا على الأخ الفاضل فإنني سأكتفي أن يبين لنا " الوهم " فيما قلناه عن السور زوجية الآيات الستين، وعلاقة التماثل بين مجموع الايات في السور الـ 33 المرتبة في النصف الأول ومجموع أرقام ترتيب السور الـ 27 المرتبة في النصف الثاني، الماثلة في العدد 2690.
ولا مانع لدي أن يستعين الأخ شهاب بصديق أو اكثر، إذا كان في ذلك مصلحة ..
بعد ذلك: سأخبركم لماذا قسمت سور القرآن إلى العددين 60 و 54؟ ولماذا قسمت السور الستين إلى 33 و 27؟ ولماذا قسمت السور الـ 54 إلى 24 و 30؟
ثم ... : ما الذي يجعل قسمة سور القرآن إلى عددين هما 60 و 54، مختلفة تماما عن أي عددين آخرين مجموعهما 114 ..
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[26 Feb 2009, 12:35 م]ـ
روائع الترتيب في القرآن الكريم
(7)
إعجاز عددي محكم في العددين 60 و 54
- عرفنا أن عدد سور القرآن زوجية الآيات هو 60، وعدد السور فردية الآيات هو 54. السؤال الذي نود طرحه هنا:
هل يمكن قسمة العدد 114 عدد سور القرآن الكريم إلى عددين، مجموعهما 114 والفرق بينهما 6، وقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6 أيضا، غير العددين 60 و 54؟
الجواب: لا.
-لقد تمت قسمة السور الـ 60 بين نصفي القرآن:
33 سورة في النصف الأول، و 27 في النصف الثاني، بفارق 6 بين العددين.
السؤال: هل يمكن قسمة العدد 60 إلى عددين مجموعهما 60 والفرق بينهما 6، غير العددين 33 و 27؟
الجواب: لا.
(يُتْبَعُ)
(/)
-لقد تمت قسمة العدد 54 بين نصفي القرآن، 24 في النصف الأول، و 30 في النصف الثاني. والسؤال: هل يمكن قسمة العدد 54 إلى عددين مجموعهما 54 والفرق بينهما 6 غير العددين 24 و 30؟
الجواب: لا.
-السؤال: هل يمكن قسمة العدد 114 إلى عددين الفرق بينهما 6، ويسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6؟ غير العددين 60 و 54؟
الجواب: لا.
يمكن قسمة العدد 114 إلى عددين يسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6، ولكن لا يمكن أن يكون الفرق بين العددين 6.
توضيح:
يمكن قسمة العدد 114 إلى 62 و 52، عددان يسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6 (62: 28 و 34)، (52: 23 و 29) ولكن الفرق بين العددين 62 و 52 هو 10.
ويمكن قسمة العدد 114 إلى العددين 64 و 50، وهما عددان يسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6، إلا أن الفرق بين العددين هو 14.
ويمكن قسمة العدد 114 إلى العددين 66 و 48، وهما عددان يسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6، إلا أن الفرق بين العددين هو 18.
وهكذا ...
النتيجة: إن من أهم خصائص العددين 60 و 54 أن الفرق بينهما 6، وأنهما يسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6. وهي ميزة ينفردان بها عن أي عددين مجموعهما 114.
والسؤال الآن: هل من الصعب أن نفهم لماذا تمت قسمة سور القرآن إلى 60 سورة زوجية الآيات و 54 سورة فردية الآيات؟ ولماذا لم تكن 62 و 52 مثلا؟
إذا تأملنا أرقام العدد 114 عدد سور القرآن، نلاحظ أن مجموعها هو 6.
ومن المعلوم لدينا أن عدد أيام خلق الكون هو 6 " في ستة أيام "
كما أن العدد 6 هو أول عدد تام بلغة الرياضيات الحديثة. (عوامله: 1، 2، 3).
ومن العجيب أن العدد 6 يأتي في أول وآخر العدد 6236 عدد آيات القرآن، يتوسطهما العدد 23 المرتبط بمدة نزول القرآن.
الخلاصة:
يمكن قسمة العدد 114 إلى عددين مجموعهما 114 ويسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6:
أولهما 10و104، ثم 12و102، ثم 14 و 100، ثم 16و 98 .. وهكذا بزيادة 2 في كل مرة .. إلى أن نصل إلى العددين 56 و 58 ..
وسيكون من بين هذه المجموعات العددان 60 و 54 .. هذان العددان ينفردان بميزتين لا تتوفر أي منهما في أي مجموعة أخرى، وقد ذكرنا في هذه المقالة واحدة منهما ..
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[26 Feb 2009, 06:26 م]ـ
مقال في هذا المنتدى الكريم أثار جدلاً لا يزال قائماً. وهو بعنوان: (الإعجاز العددي يبحث عنه المسيحيون أيضا في إنجيلهم). ولا يهمني هنا أن نقبل فكرة الإعجاز العددي أو نرفضها، وإنما تقلقني منهجية البعض في الاستدلال سلباً أو إيجاباً. ويصبح الأمر مستحقاً للاهتمام عندما نجد أن هذه المنهجية عند بعض الفضلاء من أهل العلم الذين يستمع إليهم الناس ليأخذوا عنهم.
في مداخلة لبعض الأخوة على العنوان المشار إليه وجدت روابط لمحاضرة للشيخ الفاضل خالد بن عثمان السبت في موقع طريق الإسلام مؤرخة عام 2004م، ولقاء عبر المذياع بتاريخ 2008م ولا تختلف المحاضرة عن اللقاء في شيء كثير. وقد دهشت مستغرباً للمنهجية التي التي ينتهجها الشيخ الفاضل، ووجدت من المناسب أن أكتب هذه الملاحظات لعلمي أن هذا المنهج له حضور عند بعض أهل العلم. وقد رأيت للفائدة أن أكرر هذا المقال في المداخلات على العنوان المطروح.
1. يستفيض الشيخ الكريم في الكلام عن اهتمام السلف بالقرآن الكريم وإحصاء كلماته وحروفه ونقطه وآياته وأجزائه وأعشاره والمتصل من كلماته والمنفصل ..... ثم يصدمك بتساؤله مستغرباً أن يتفننوا كل هذا التفنن في العد والاحصاء والاستقصاء ثم هم لم يصلوا إلى النتائج التي يزعمها القائلين بالإعجاز العددي، نعم أحصوا مثل هذا الإحصاء ولم يصلوا؟!!!! وهو بهذا يستدل على بطلان الزعم بوجود الإعجاز العددي.
أفهم أن يكون الصحابة خير أمة، وأفهم أن يسبقوا في فهم العربية، وأفهم أن يسبقوا في فهم الأحكام الشرعية ... ولكن ما علاقتهم بالإحصاء العددي وعلم الرياضيات. ولعل البعض بهذا القول يزعم لهم عصمة أئمة الشيعة، بل لعلهم يحيطون ــ والعياذ بالله ــ بكل شيء علما.
(يُتْبَعُ)
(/)
2. أصحاب القول بالإعجاز العددي يقولون بأن القرآن الكريم 114 سورة، ولكن هذا عند الشيخ أمر مختلف فيه فكيف يستندون إلى أمر مختلف فيه في بحوثهم؟! رحماك يا الله، هل يصل بنا الأمر من أجل دحض فكرة ما أن ننقض على بدهيات المسلمين؟!! والعلماء يقولون أجمع من يعتد بإجماعهم على أن سور القرآن 114 سورة. ولم يقولوا:"يعتد بإجماعهم" إلا لعلمهم بوجود أقوال لا يعتد بها.
3. يستعرض الشيخ أمثلة ليبين لنا سخف وتهافت القول بالإعجاز العددي فيختار الأمثلة المتهافتة ولعله لم يجد غيرها، ومنها أمثلة من كتاب الدكتور عبد الرزاق نوفل رحمه الله، وما درى أن هذه بدايات غير ناضجة كانت قبل سنوات طويلة وأن الأمر الآن يختلف، كما هو الأمر في كل العلم تبدأ الملاحظات غير ناضجة.
4. يتحدث الشيخ طويلاً عن الكلمات المتصلة (بئسما) والمنفصلة (بئس ما) وضرورة معرفة ذلك والتزامه وعلى الرغم من ذلك يجعل هذا الأمر في سياق رده على القائلين بالإعجاز العددي الذين يستندون في بحوثهم على الرسم العثماني!!!
5. يصرح بأن فلان من الناس اعتمد في بحثه العددي على المصحف الإمام ثم يقول الشيخ:" لا يصلح الاعتماد عليه" لماذا يا شيخنا؟! أقول كما يقول: لأن هناك عدة قراءات تؤدي إلى اختلاف في رسم الكلمات والحروف. وهنا نقول: القراءة التي اعتمدها المصحف الإمام الذي ذكرته هل هي متواترة عن الرسول صلى الله عليه وسلم؟ فإن كان الجواب هي كذلك. نقول: ألا يكفينا هذا لإجراء البحوث؟! وما ضرورة أن يكون بحثنا الآن في كل القراءات؟!! وإذا أقررنا بأن القراءات تختلف في المعنى أحياناً فما المانع أن تختلف وجوه الإعجاز العددي؟ هل قمتم ببحوثكم في باقي القراءات ثم أصدرتم حكمكم بخلو المصاحف من إعجاز عددي متعدد الجوانب أم ماذا؟!!
6. يقول الشيخ بأن الرسم العثماني ليس بتوقيفي وكذلك ترتيب السور. ونحن نقول: لماذا الجزم هكذا، أما كان يجدر بنا أن نقول للناس إن جمهور العلماء يذهبون إلى القول بأن الرسم توقيفي وكذلك ترتيب السور، وأن هؤلاء الذين يبحثون في العدد القرآني يعتمدون قول الجمهور؟! وإذا كنا لا نوافق الجمهور في أقوالهم فلنقل للناس إننا نخالف الجمهور لأن أدلتهم لا تثبت التوقيف في الرسم والترتيب. ونقول جدلاً: لنفترض أن أصحاب بحوث الإعجاز العددي استطاعوا أن يقيموا الحجة على المخالفين ألا يصلح ذلك مرجحاً عند الاختلاف لامتناع الصدفة؟!
7. يضرب الشيخ مثالاً على تهافت حساب الكلمات فيتساءل كيف يحسبون كلمة مثل (تعملونها) كلمة واحدة؟!! والعجيب أنه هو نفسه الذي تحدث في المقام نفسه عن الكلمات المفصولة والموصولة مثل بئسما وبئس ما. ونحن نقول للشيخ الفاضل إنهم يحسبون الكلمات كما ترسم في المصحف وكما تكتبها أنت عند الطباعة مستخدماً الآلة الكاتبة. أو كما تكتبها بخط يدك. ألا يكفي أن تكون قاعدة مضطردة ينتج عنها نتائج تقول نظرية الاحتمالات التي ندرّسها للطلبة في مادة الرياضيات بعدم امكانية حصولها صدفة؟!
8. يلوم الشيخ السبت الدكتور عبد الرزاق نوفل كيف يحصي لفظة الملائكة وتكررها في القرآن 88 مرة ولا يحصي معها لفظة جبريل ولفظة شديد القوى ولفظة الصافات!!!! ما هذا ياشيخنا الكريم؟!! إننا ندرك ونقدّر صدقك وحرصك ولكن لا بد من منهجية سوية بعيداً عن كل ما يدعو إليه التحامل.
9. الشيخ يقول إن لفظة (بسم) أربعة حروف!!!! وأصحاب البحوث العددية يصيحون ليل نهار قائلين إننا نتعامل مع الرسم!!! ألا يستحقون منا الاحترام فنخاطبهم بما يفيد ويصحح النهج!!!
10. القرآن كتاب هداية وليس كتاب أعداد. هذا ما يقوله الكثيرون ومنهم الشيخ يقول:" نترك المعنى ونشتغل بعد الحروف؟!!! ". ونحن بدورنا نقول: كل من يشتغل بعلوم الإعجاز يحيد عن الجادة لأن القرآن كتاب هداية وعمل، فهل يصح مثل هذا القول؟!!! ماذا يبقى من الهداية والعمل إذا لم تقم الحجة ويوضح البرهان؟!! بل إن هذا أشرف علم، لأن ما سواه يستند إليه.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[26 Feb 2009, 06:36 م]ـ
أما ما ذكره الأخ أبوعمرو، فليس ذنبا أن يفتح العنوان شهية الراغبين في مناقشة الموضوع هجوما ودفاعا:)
وأرجو ألا يخرج الحوار عن إطاره العلمي البحت.
وفي الحقيقة لم أدخل في هذا الحوار إلا عرضا. فهو بصدق لا يندرج ضمن اهتماماتي البحثية حاليا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكنت قد راسلت د. عبد الله جلغوم على الخاص، منذ مدة معتذرا عن عدم مواصلة الحوار معه في الفترة الحالية، مع وعد باستكمال الحديث حول هذا الموضوع حين أفرغ من مشاغلي بإذن الله. وسأكتفي حاليا بمجرد قراءة ما ينشر في المنتدى من بحوث.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[27 Feb 2009, 11:45 ص]ـ
الحقيقة العددية التالية، وهي من واقع المصحف، تتحدى القائلين بأن ترتيب سور القرآن اجتهادي، ورافضي الاعجاز العددي جملة وتفصيلا .. وأنا أدعوهم هنا لتفسير هذه الظاهرة.
روائع الترتيب في القرآن الكريم
(7)
إعجاز عددي محكم في العددين 60 و 54
- عرفنا أن عدد سور القرآن زوجية الآيات هو 60، وعدد السور فردية الآيات هو 54. السؤال الذي نود طرحه هنا:
هل يمكن قسمة العدد 114 عدد سور القرآن الكريم إلى عددين، مجموعهما 114 والفرق بينهما 6، وقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6 أيضا، غير العددين 60 و 54؟
الجواب: لا.
كيف نفسر قسمة سور القرآن إلى هذين العددين دون سواهما؟
-لقد تمت قسمة السور الـ 60 بين نصفي القرآن:
33 سورة في النصف الأول، و 27 في النصف الثاني، بفارق 6 بين العددين.
السؤال: هل يمكن قسمة العدد 60 إلى عددين مجموعهما 60 والفرق بينهما 6، غير العددين 33 و 27؟
الجواب: لا.
كيف نفسر قسمة سور القرآن زوجية الآيات إلى هذين العددين دون سواهما؟
-لقد تمت قسمة العدد 54 بين نصفي القرآن، 24 في النصف الأول، و 30 في النصف الثاني. والسؤال: هل يمكن قسمة العدد 54 إلى عددين مجموعهما 54 والفرق بينهما 6 غير العددين 24 و 30؟
الجواب: لا.
كيف نفسر قسمة سور القرآن فردية الآيات إلى هذين العددين دون سواهما؟
السؤال: هل يمكن قسمة العدد 114 إلى عددين الفرق بينهما 6، ويسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6؟ غير العددين 60 و 54؟
الجواب: لا.
يمكن قسمة العدد 114 إلى عددين (أ + ب) يسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6، ولكن لا يمكن أن يكون الفرق بين العددين (أ + ب) 6، باستثناء العددين 60 و 54.
توضيح:
يمكن قسمة العدد 114 إلى 62 و 52، عددان يسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6 (62: 28 و 34)، (52: 23 و 29) ولكن الفرق بين العددين 62 و 52 هو 10.
ويمكن قسمة العدد 114 إلى العددين 64 و 50، وهما عددان يسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6 (64: 29 و 35)، (50: 22 و 28) إلا أن الفرق بين العددين 64 و 50 هو 14.
ويمكن قسمة العدد 114 إلى العددين 66 و 48، وهما عددان يسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6، إلا أن الفرق بين العددين 66 و 48 هو 18.
وهكذا ...
النتيجة: إن من أهم خصائص العددين 60 و 54 أن الفرق بينهما 6، وأنهما يسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6. (60: 27 و 33)،
(54: 24 و 30) وهي ميزة ينفردان بها عن أي عددين مجموعهما 114.
وهي القسمة المعتبرة في المصحف الذي بين أيدينا.
والسؤال الآن: هل من الصعب أن نفهم لماذا تمت قسمة سور القرآن إلى 60 سورة زوجية الآيات و 54 سورة فردية الآيات؟ ولماذا لم تكن 62 و 52 مثلا؟
إذا تأملنا أرقام العدد 114 عدد سور القرآن، نلاحظ أن مجموعها هو 6.
ومن المعلوم لدينا أن عدد أيام خلق الكون هو 6 " في ستة أيام "
كما أن العدد 6 هو أول عدد تام بلغة الرياضيات الحديثة. (عوامله: 1، 2، 3).
ومن العجيب أن العدد 6 يأتي في أول وآخر العدد 6236 عدد آيات القرآن، يتوسطهما العدد 23 المرتبط بمدة نزول القرآن.
كما أن العدد 6555 الذي هو مجموع الأرقام المتسلسلة من 1 – 114 (وهي الأرقام الدالة على ترتيب سور القرآن) يتألف من 19 مجموعة، تتألف كل منها من 6 أعداد مجموعها 345.
(لمعرفة هذه المجموعات: نجمع الأرقام الثلاثة الأولى في سلسلة الأعداد من 1 - 114، والأرقام الثلاثة الأخيرة:
المجموعة الأولى: 1 + 2 + 3 + 114 + 113 + 112 = 345.
المجموعة الثانية: 4 + 5 + 6 + 111 + 110 + 109 = 345 ..... وهكذا).
الخلاصة:
يمكن قسمة العدد 114 إلى عددين مجموعهما 114 ويسمحان بقسمة كل منهما إلى عددين الفرق بينهما 6:
أولهما 10و104، ثم 12و102، ثم 14 و 100، ثم 16و 98 .. وهكذا بزيادة 2 في كل مرة .. إلى أن نصل إلى العددين 56 و 58 ..
وسيكون من بين هذه المجموعات العددان 60 و 54 .. هذان العددان ينفردان بميزتين لا تتوفر أي منهما في أي مجموعة أخرى، وهما العددان اللذين تمت قسمة سور القرآن إليهما، وقد ذكرنا في هذه المقالة واحدة منهما ..
وقد ترتب على هذه القسمة أن تكون:
نسبة الفرق بين سور القرآن زوجية الآيات وسور القرآن فردية الآيات إلى عدد سور القرآن هي: 1 إلى 19، وهي نفس نسبة الفرق بين مجموع تراتيب السور زوجية الآيات، والسور فردية الآيات، إلى مجموع أرقام ترتيب سور القرآن.
كيف نفسر التماثل في النسبة: 1 إلى 19.
[ملاحظة: جانب من هذا الاكتشاف - والمعزز بآخر - يعود الفضل فيه لأخت فاضلة من الإمارات، لا ترغب بذكر اسمها]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[28 Feb 2009, 02:07 م]ـ
الأخوان الفاضلان
الأخ العبادي كان قد طلب مثالا، وفي كلامه نبرة التحدي
الأخ شهاب الدين (ناقد الأوهام) ينكر الإعجاز العددي جملة وتفصيلا
وبينهما عدد من المترددين والحائرين
ها قد جئتكم بمثال، فأرونا حفظكم الله، ما الذي ترفضونه؟ وأعينونا على رؤية تلك الأوهام، فإن لم تفعلوا فأنا ادعوكم للتخلص من أوهامكم، ..
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[02 Mar 2009, 12:13 ص]ـ
روائع الترتيب في القرآن الكريم
(8)
من مظاهر الإعجاز العددي في سورة مريم:
من مظاهر الإعجاز العددي في سورة مريم (سورة مريم هي السورة رقم 19 في ترتيب المصحف، بينما تأخذ رقم الترتيب 10 باعتبار سور الفواتح مما يعني أنها تخلف وراءها عددا من السور محدد بالرقم 19 أيضا) هو: ورود لفظ " الرحمن " فيها 16 مرة، وهو أكبر عدد من المرات يرد في سورة واحدة ..
ليست مصادفة أن يرد هذا العدد من المرات في سورة مريم.
هذه الظاهرة (عدد مرات ورود لفظ " الرحمن " حقيقة لا مجال للتشكيك فيها، وهي واحدة في جميع الروايات والقراءات).
والآن لنتأمل واحدة من أجمل روائع الترتيب في القرآن:
1 - ورد لفظ " الرحمن " في 18 سورة من بين سور القرآن، وهذا يعني أن عدد سور القرآن التي لم يرد فيها هو 96. (18 + 96 = 114).حقيقة لا مجال للتشكيك فيها.
2 - ورد لفظ " الرحمن " في سورة مريم 16 مرة، هذا العدد إذا جمع مع عدد آيات سورة مريم البالغة 98 آية، فناتج الجمع هو 114 عدد سور القرآن. وهذه هي الإشارة الأولى الناتجة عن ورود عدد من المرات محدد بـ 16 وليس 17 مثلا.
3 - أين وردت هذه المرات؟ هل جاء ورودها في السورة بصورة عشوائية؟ أم أنها
وردت في مواقع محسوبة ومدبرة ومخطط لها؟
الجواب: أول مرة لورود لفظ " الرحمن " في سورة مريم جاء في الآية رقم 18، فأما آخر مرة، فقد جاءت في الآية رقم 96 ..
هل نسيتم هذين العددين؟ إذن سأذكركم بهما:
العدد 18 هو عدد سور القرآن التي ورد فيها لفظ الرحمن.
العدد 96 هو عدد السور التي لم يرد فيها.
ولا بأس أن أذكركم أيضا أن مجموع العددين (موقعي ترتيب الآيتين) هو 114 وهذا هو عدد سور القرآن الكريم.
أليس هذا هو عين الإعجاز؟
أي عاقل سيفسر هذا الإحكام بمصادفة، والزعم أن في كتب البشر ما هو أدق وأروع منه (هذا ما قاله البعض لي).
4 - وليس هذا هو كل الإعجاز في موقعي الآيتين، إذا تأملنا موقعي الآية رقم 18، حيث ورد لفظ الرحمن أول مرة، نلاحظ أن عدد الآيات التي قبلها هو 17. فإذا تأملنا موقع الآية رقم 96، حيث ورد لفظ الرحمن آخر مرة، نلاحظ أن عدد الآيات بعدها هو: 2.
أين وجه الإعجاز هنا؟
إن مجموع العددين 17 + 2 = 19. العدد 19 هو رقم ترتيب سورة مريم.
أليس هذا هو عين الإعجاز؟ أما زال هناك من يصر على وجود مثل هذا في كتب البشر، وفي ما اكتبه أنا وأنتم؟ (هكذا يقول بعضهم).
5 - وليس هذا هو كل الإعجاز العددي في موقعي هاتين الآيتين. إذا أحصينا عدد كلمات الآية رقم 18، سنجدها 8. فإذا أحصينا عدد كلمات الآية رقم 96، سنجدها 9.
ما وجه الإعجاز العددي هنا؟
هذا الرقمان يؤلفان العدد 98. وهذا هو عدد آيات سورة مريم.
وهكذا نلاحظ في موقعي الآيتين:
- إشارة إلى عدد سور القرآن (18 + 96 = 114)
- إشارة إلى عدد سور القرآن التي ورد فيها لفظ الرحمن، والتي لم يرد (18، 96).
- إشارة إلى رقم ترتيب سورة مريم. (17 + 2)
- إشارة إلى عدد آيات سورة مريم. (8، 9)
هل هذا هو كل شيء؟ لا، فمازال هناك الكثير.
(ملاحظة: إذا كان البعض يصر على عناده، ورفضه لرؤية الحقيقة، فمن دواعي سروري أن أحدهم قد بعث إلي برسالة يقول فيها: أنه قد استفاد كثيرا من هذه الملاحظات، وكانت منطلقه في بحث له عن الإعجاز العددي، زاخر بالاكتشافات الجديدة)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[05 Mar 2009, 02:17 ص]ـ
روائع الترتيب في القرآن الكريم
(9)
مواقع ترتيب سور القرآن:
عرفنا أن عدد سور القرآن زوجية الآيات 60 سورة وعدد السور فردية الآيات 54 سورة.
السؤال الآن: ما المواقع التي رتبت فيها هذه السور في المصحف؟
الجواب: من المعلوم أن عدد سور القرآن 114 سورة ,معنى ذلك أن كل سورة من سور القرآن تحمل واحدا من الأرقام 1 - 114 رقما دالا على موقع ترتيبها.
إن مجموع هذه الأرقام الـ 114 هو 6555 (1 + 2 + 3 + 4 ... + 114 = 6555) هذا العدد يساوي: 19× 345.
(9 + 10) × 345.
والآن لنتأمل واحدة من روائع القرآن في ترتيبه:
إن حاصل ضرب الرقم 9 (وهو العدد الفردي في العدد 19) في 345 = 3105.ما سر هذا العدد؟ إنه مجموع الأرقام الدالة على مواقع ترتيب السور فردية الآيات في القرآن كله وعددها كما مر 54 سورة.
وإن حاصل ضرب الرقم 10 (وهو العدد الزوجي في العدد 19) في 345 = 3450
ما سر هذا العدد؟ إنه مجموع الأرقام الدالة على ترتيب السور زوجية الآيات في القرآن وعددها 60 سورة.
أليس هذا دليلا على أن ترتيب سور القرآن هو ترتيب توقيفي؟ وهل من تفسير آخر؟
ولنتأمل الآن الآية رقم 30 سورة المدثر. إنها الآية التي تذكر العدد 19، وهي قوله تعالى " عليها تسعة عشر ".
إذا كتبنا تحت كل كلمة من كلمات الآية الثلاث عدد حروفها، فالعدد الناتج لدينا هو 345. نلاحظ إشارة واضحة إلى العدد 6555 الذي هو مجموع أرقام سور القرآن البالغة 114 سورة.
الآية التي تذكر العدد 19
ترسم حروفها العدد 345 ..
أبعد كل هذا، يجوز أن يطلع علينا من يقول إن عدد سور القرآن 112 أو 116 أو 113؟ أو من يصف هذه الحقائق بالأوهام؟
هذا هو المصحف بين أيدينا جميعا، اسألوه: سيقول لكم، نعم هذه الأعداد صحيحة ولا مجال لإنكارها او التشكيك فيها، وإن كنتم من محبي القرآن والمدافعين عن حماه، فلا يليق أن تصفوها بالأوهام،لسبب بسيط، لأنها حقا حقائق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[06 Mar 2009, 07:54 م]ـ
روائع الترتيب في القرآن الكريم
(10)
السور المتجانسة 57 سورة:
نعني بالسورة المتجانسة ما كان رقم ترتيبها وعدد آياتها زوجيين أو فرديين. مثال: (سورة الفاتحة 1/ 7 سورة البقرة 2/ 286) بهذا الاعتبار فعدد السور المتجانسة 57 سورة مؤلفة من مجموعتين:
السور زوجية الآيات زوجية الترتيب وعددها: 30 سورة.
السور فردية الآيات فردية الترتيب وعددها: 27 سورة.
المفاجأة الرائعة هنا:
مجموع أعداد الآيات في هذه السور هو: 2933
مجموع الأرقام الدالة على مواقع ترتيبها في المصحف هو: 3303
وبذلك يكون مجموع العددين الدالين على أعداد آيات السور المتجانسة ومواقع ترتيبها هو: 6236 وهذا هو عدد آيات القرآن الكريم.
السور غير المتجانسة 57 سورة: السورة غير المتجانسة هي ما كان رقم ترتيبها زوجيا وعدد آياتها فرديا أو العكس ..
(مثال: سورة آل عمران 3/ 200 الأنفال 8/ 75) بهذا الاعتبار فعدد السور غير المتجانسة 57 سورة. (نلاحظ قسمة سور القرآن الكريم إلى نصفين متماثلين 57 و 57)
المفاجأة الثانية:
مجموع الأرقام الدالة على ترتيب السور غير المتجانسة هو: 3252
مجموع أعداد الآيات في هذه السور هو: 3303
وبذلك يكون مجموع العددين الدالين على أعداد آيات السور غير المتجانسة ومواقع ترتيبها هو: 6555. هذا العدد هو مجموع الأرقام المتسلسلة من 1 – 114. (1 + 2 + 3 ..... + 114).
نفهم أن مواقع هذه السور وأعداد آياتها قد حددت وفق نظام رياضي بحيث يختزن الدليل على أن عدد سور القرآن 114 سورة.
حالة التماثل (الثانية) في العدد 3303:
لاحظوا حالة التماثل في العدد 3303 .. فمجموع أعداد الآيات في السور غير المتجانسة هو 3303، وهو كذلك مجموع الأرقام الدالة على مواقع ترتيب السور المتجانسة فهو أيضا 3303. النظام نفسه المشاهد في توزيع السور زوجية الآيات بين نصفي القرآن.
السؤال مرة أخرى: من صاحب هذا النظام؟
هل رتب الصحابة – رضي الله عنهم - سور القرآن الكريم، وفق هذا النظام، حينما جمعوا القرآن؟
الجواب: لا. فالأرقام لم تكن من علوم عصرهم. ولو كان من ذلك شيء لذكروه لنا.
هل جاء هذا البناء المحكم لسور القرآن وآياته مصادفة؟
الجواب: لا مصادفات في القرآن ..
الاحتمال الوحيد أن ترتيب سور القرآن وآياته توقيفي. , وبالتالي لا يصح نسبة ترتيب القرآن إلى غير صاحب الكتاب. الله سبحانه وتعالى. وعلى الذين يصرون على القول أن ترتيب سور القرآن هو اجتهاد من الصحابة ان يراجعوا أقوالهم، أو أن يبينوا لنا كيف جاء ترتيب سور القرآن وآياته على هذا النحو الذي ننقل إليكم بعض مظاهر إحكامه.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[09 Mar 2009, 03:13 م]ـ
روائع الترتيب في القرآن الكريم
(11)
هنا:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=15166
ـ[ماجد مسفر العتيبي]ــــــــ[18 Mar 2009, 12:01 م]ـ
وكذلك الفرقة الاسماعلية الشيعية تؤمن بان للقران ظاهر وباطن وهذا من صلب عقيدتهم وان العامة يكتفون بالظاهر والخاصة يدركون الباطن والاعجاز العددي في نظرهم هو هو احد العلوم الباطنية في القرآن ولهم في ذلك قصص عجيبه جداً
وهذه اخرها وهي قولهم بان هناك آيات في القران الكريم تحاكي حال داعيهم الاخير حسين بن اسماعيل المكرمي والذي توفى قبل سنتين تقريباً وقد كان ترتيبه في بين زعماء المذهب الاسماعيلي السليماني 51 ومن هنا جاء الاعجاز!!! و إليكم ماذا قالو:
سيدنا حسين ابن اسماعيل الداعي الواحد والخمسين (51) في ترتيب الدعاة وبينما أنا والعياذ بالله من كلمة أنا جالس أقراء القرآن الكريم وعند وصولي عند كل سورة تحمل الرقم (51) أتفكر في هذه الآية فقلت ممكن والله أعلم أن هذه الآيات تحاكي ما كان في وقت سيدنا حسين وبعد انتقاله.(/)
"ما جعل اللهُ لرجُلٍ من قلبيْن في جوفِه " هل ما انتشر حول كلمة "رجل" في الآية صحيح؟؟
ـ[أم حمزة]ــــــــ[08 Feb 2009, 10:09 ص]ـ
بسمِ اللهِ، والحمدُ لله
وصلى اللهُ وسَلَّمَ وباركَ على النَّبي المُصطفى، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومن والاه وبأثرِهِ اقتفى
السَّلامُ عليكُم ورحمة الله وبركاته
***************************
مشايخنا وأساتذتنا الأفضال - زادكم الله هُدىً وفضلاً -.
انتشر بصورةٍ كبيرة في المُنتديات العامة موضوعًا مفاده أنّ قوله تعالى " ما جعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفِه " أن الآية خُصَّت بكلمة " رجل " لأن المرأة الحامل تحمل قلبين في جوفِها، وقالوا إن هذا من إعجاز القُرآن العظيم.
فهل هذا الكلام صحيح؟؟
لاسيما وأن الصيغة التي تُكتب بيها مثل هذه المواضيع توحي للقاريء أن الآية ليس لها إلا ذلك المعنى! فمثلاً في مثل هذه الحالة لا يُعتبر أن كلمة " رجل " قد تأتي لتعم الرجال والنساء، ولم يُعتبر سبب النزول، وسبحان الله أشعر أن أسلوب القرآن أعظم بيانًا وبلاغةً وفصاحةً من ذلك بمراحل، وأيضًا حدث مثل ذلك في قوله تعالى " بعوضةً فما فوقها " ووصفوا " ما فوقها" بأنها الحشرة التي فوق البعوضة! ولم يعتبروا المعنى اللغوي ل " مافوقها " وأسلوب القرآن فيه.
فما توجيهكم بارك الله فيكم
جزاكُم اللهُ خيرًا.
ـ[عمر الخير]ــــــــ[08 Feb 2009, 10:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يمكن أن يرجع ذلك لأحد ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن سبب النزول كان في رجل فقد ذكر ابن جرير رحمه الله وغيره عدة أقول في سبب النزول وكلها ترجع إلى كون المنفي عنه ذلك رجل وهذه مجمل الأقوال:
1 / قيل عنى بذلك تكذيب قوم من أهل النفاق وصفوا نبي الله صلى الله عليه وسلم بأنه ذو قلبين فنفى الله ذلك عن نبيه وكذبهم روي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
2 / وقيل عني بذلك: رجل من قريش كان يدعى ذا القلبين من دهيه روي عن ابن عباس رضي الله عنه أيضا ومجاهد وقتادة والحسن وعكرمة
3 / وقيل: عني بذلك زيد بن حارثة من أجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان تبناه فضرب الله بذلك مثلا روي عن الزهري.
ثم قال ابن جرير رحمه الله (10/ 255): (وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: ذلك تكذيب من الله تعالى قول من قال لرجل في جوفه قلبان يعقل بهما على النحو الذي روي عن ابن عباس وجائز أن يكون ذلك تكذيبا من الله لمن وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وأن يكون تكذيبا لمن سمى القرشي الذي ذكر أنه سمي ذا القلبين من دهيه وأي الأمرين كان فهو نفي من الله عن خلقه من الرجال أن يكونوا بتلك الصفة)
المر الثاني: أن لفظة (رجل) لا مفهوم لها لأنه أريد بها الإنسان بناء على ما تعارفوه في مخاطباتهم من نوط الأحكام والأوصاف الإنسانية بالرجال جريا على الغالب في الكلام ما عدا الأوصاف الخاصة بالنساء فيعلم أيضا أنه لا يدعى لامرأة أن لها قلبين بحكم فحوى الخطاب أو لحن الخطاب ذكره صاحب التحرير والتنوير.
الأمر الثالث: ما ذكره الزهري ومقاتل في تفسير هذه الآية بقولهما: هذا مثل ضربه الله عز وجل للمظاهر من امرأته وللمتنبي ولد غيره يقول: فكما لا يكون لرجل قلبان كذلك لا تكون امرأة للمظاهر أمه حتى تكون أمان ولا يكون له ولد واحد ابن رجلين.
فيكون سياق الآيات في الظهار هو سبب النص على الرجل والله أعلم.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=87890
ـ[ابن عربي]ــــــــ[08 Feb 2009, 04:49 م]ـ
لماذا كان التعبير بالجوف وما هو الجوف
لماذا كان التعبير ب ?جعل? ولم يكن بخلق وما هو الفرق بين الجعل والخلق
وفي سورة الحج (46) يقول تعالى وفإنها لا تعمى الابصار ولكن تعمىالقلوب التى في الصدور فعبر بالصدر عندما اراد الاشارة الى الجسم الصنوبري
لماذا سبق ذكر القلببين ولم يقل وما جعل الله لرجل في جوفه من قلبين
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[09 Feb 2009, 04:38 م]ـ
الأخوة الكرام
أحب هنا أن أنقل إليكم هذا المقال للشيخ بسام جرار يعالج فيه هذه المسألة، والمقال منشور في صفحة مركز نون للدراسات القرآنية:
ما جعل الله لرجل من قلبين: بقلم بسام جرار
(يُتْبَعُ)
(/)
جاء في الآية 4 من سورة الأحزاب:" مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ".
قال الرازي:" ما جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ: قال بعض المفسرين الآية نزلت في أبي معمر كان يقول: لي قلبان أعلم وأفهم بأحدهما أكثر مما يفهم محمد. فرد الله عليه بقوله: ما جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ، وقال الزمخشري قوله: وَمَا جَعَلَ أزواجكم اللائي تظاهرون مِنْهُنَّ أمهاتكم، أي ما جعل لرجل قلبين كما لم يجعل لرجل أُمّين ولا لابن أبوين، وكلاهما ضعيف، بل الحق أن يقال إنّ الله لما أُمر النبي عليه الصلاة والسلام بالاتقاء بقوله: ياأيها النبى اتق الله، فكان ذلك أمراً له بتقوى لا يكون فوقها تقوى، ومن يتقي ويخاف شيئاً خوفاً شديداً لا يدخل في قلبه شيء آخر، ألا ترى أنّ الخائف الشديد الخوف ينسى مهماته حالة الخوف. فكأن الله تعالى قال يا أيها النبي اتق الله حق تقاته، ومن حقها أن لا يكون في قلبك تقوى غير الله ... ".
لعل ما ضعفه الرازي من قول الزمخشري هو الوجه الأقوى، ونأمل أن يظهر ذلك في الاستعراض الآتي:
" ما جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِن قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِهِ": المتبادر إلى الذهن أنّ المقصود هنا هو القلب المادي الوارد ذكره أيضاً في الحديث الذي أخرجه البخاري:"ألا وإنّ في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب". ويؤيد هذا ما ورد في القرآن الكريم من إشارة إلى وجود أكثر من قلب يتعلق بالإدراك، انظر قوله تعالى في الآية 4 من سورة التحريم:" إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا"، فالمخاطب هنا مثنى والقلوب جمع. وقد جاءت الدراسات العلمية المعاصرة لتجعل هذا الأمر أقرب إلى الفهم.
" ما جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مِن قَلْبَيْنِ": نفي مؤكّد بإدخال (من)، وهذا يعني أنّ الله تعالى لم يجعل لرجل من قلبين بأي صورة من الصور. وهذا يعني، فيما يعني، أنّه سبحانه لم يجعل للإنسان أيضاً ثلاثة قلوب أو أكثر، لأنّ ذلك يتضمن صيغة القلبين المنفيّة.
"ما جَعَلَ الله لِرَجُلٍ": تشير ظواهر النصوص القرآنيّة إلى أنّ أصل الخلق هو آدم عليه السلام، ثم خُلقت منه زوجه. وربما يكون مناسبة الكلام عن الرجل هنا أنّ الحديث في الآية الكريمة هو عن الظِّهار من الزوجات وعن التبني، الذي يجعل غير الابن منسوباً إلى رجل ما.
" ما جَعَلَ الله ": فأصل الخلق والجعل أن يكون للرجل قلب واحد، فإذا وجد رجل بأكثر من قلب فإنّ ذلك شذوذ وخلل وانحراف في الخلق يخل بالوظيفة.
" وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ": هناك انسجام بين سنن الله في الخلق والتكوين وسننه في التشريع؛ فالله سبحانه وتعالى جعل القلب مركزاً يتأثر بوظيفته كل الجسد. وجعل قانون التناسل يقوم على أساس الزوجيّة من أبٍ وأمٍ، ويقوم على هذا الأساس بنيان المجتمع البشري كله، كما هو الأمر في القلب والجسد. فإذا كانت هذه من قوانين الخلق والتكوين، فمن المتوقّع أن تكون منسجمة مع سنن التشريع، لأنّ الذي خلق هو الذي أنزل وشرّع.
" ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ": أما مزاعم البشر في جعل الزوجات أمهات، وفي جعل غير المولود بيولوجياً ابناً، فلا تزيد عن كونها ألفاظاً تخرج من الأفواه، تخالف الواقع وتناقض القانون وتبذر بذور الفساد والتحلل.
" وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ": أما خالق السنن التكوينيّة ومنزل السنن التشريعيّة فهو الذي يقول الحق ويبين الطريق المؤدي إلى الانسجام وتحقيق حكمة الخلق والتشريع.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 Feb 2009, 06:42 م]ـ
هذا مثال آخر للخطأ في تفسير القرآن الكريم.
وذلك أن من قواعد التفسير أن يفسر القرآن على معهود الأميين في الخطاب،وهم العرب الأقحاح، ومن أصول معهودهم في الخطاب: مراعاة السباق واللحاق أوفهم الكلام في سياقه.
والآية الكريمة واضحة المعنى بقراءتها كاملة وهو أن الله ضرب مثلا، فكما لا يمكن أن يكون لرجل قلبان، فكذا لا يمكن أن تكون زوجة المظاهر كأمه لأنه لا يمكن أن يكون له أمّان.
وليس من المراعى في الآية لفظ رجل دون امرأة، لأن المقصود أن هذا الأمر لا يكون لأحد من البشر أبدا.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[09 Feb 2009, 07:40 م]ـ
الأخ الكريم العبادي
لا أخفيك أنني عجبت من كلامك وقلّبته فلم أدر أين الخطأ في المقال؟!!
كلمة رجل لا تعني بأي حال الرجل والمرأة. أما كلمة إنسان أو شخص أو فرد ... فواضح أنها لا تخص ذكر دون الأنثى.
من هنا كان لابد من الوقوف عند قوله تعالى (لرجل) وكان لا بد من مراعاة السياق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 Feb 2009, 08:32 م]ـ
من حقك أن تعجب أخي أبا عمرو!
فأنا لم أتكلم أصلا عن المقال الذي أوردته!
إنما كنت أعني التفسير الذي ذكرته الأخت السائلة في مشاركتها وسؤالها.
وهو ما عنيته بالتخطئة.
أشكرك أخي على صراحتك الدالة على عمق روحك الأخوية ..
وأظن الآن أن عجبك قد زال ..
فإذا عرف السبب بطل العجب!
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[10 Feb 2009, 10:16 م]ـ
بالمناسبة انقل لكم سيرة مختصرة للشيخ بسام جرار وقد رأيت أخي أبا عمرو كثيرا
ماينقل عنه وحق له ذلك فيظهر أن الشيخ بسام صاحب نظرة عميقة في التفسير 0
سيرة الشيخ ومعلومات عن حياته:
الاسم: بسّام جرّار
البلد: البيرة - فلسطين
محاضر في الثقافة والفكر الإسلامي في كلية مجتمع رام الله منذ سنة 1977م.
مدير مركز نون للدراسات القرآنية.
عضو هيئة ائتلاف الخير، وعضو رابطة علماء فلسطين.
أحد مبعدي مرج الزهور عام 1992م.
له عدة مؤلفات في الفكر الإسلامي، والإعجاز القرآني.
المحاضرات الصوتية هي بعض من الدروس الأسبوعية في مسجد البيرة الكبير، والتي تعقد منذ ما يقارب العشرين سنة.
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح(/)
طلب: أريد المنهجية في دراسة علوم القرآن،،،
ـ[أبو خالد اليمني]ــــــــ[08 Feb 2009, 12:55 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
إخواني يسرني الالتحاق والمشاركة بهذا الملتقى المبارك إن شاء الله
وعندي طلب للمختصين في علوم القرآن:
أريد المنهجية في دراسة علوم القرآن،
أرجو رجاء حاراً الرد علي في أقرب وقت ممكن، لمن يمكنه ذلك، وأكن له من الشاكرين.
كما أتمنى نصائحكم وتوجيهاتكم لي، فأنا مقدم على دراسة الماجسيتر تخصص علوم قرآن (انتساب)، نصائحكم عن الاستفادة من خلال الدراسة والعناوين المقترحة لتحضير رسالة الماجستير.
جزيتم خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Feb 2009, 10:46 م]ـ
مرحباً بكم يا أبا خالد في ملتقى أهل التفسير، وأسأل الله أن ينفعك وينفع بك.
ليتك تتكرم بتقليب صفحات ملتقى أهل التفسير ففيه عدد من المشاركات القيمة التي أجابت عن سؤالك من جوانب متعددة، والملتقى يقوم على التعليم التعاوني فيما بيننا، فإذا وجدتها فاجمع روابطها في موضوعك بوركت.
وإن كان جواب سؤالك يحتاج إلى شيء من التفصيل في جانبين:
- الطريقة التي يدرس بها هذا العلم نظرياً وتطبيقاً.
- الكتب التي ينصح بدراستها.
ـ[أبو خالد اليمني]ــــــــ[08 Feb 2009, 10:47 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
أيها الأخوة الكرام في المنتدى
ما ادري ويش السبب ما أحد ساعدني بشيء، أرجوكم، مشاركتي أرسلت ولم تجد من يعبرها
أرجو رجاء خاص، إعانتي في منهجية دراسة علوم القرآن
وإذا كان فيه ملاحظة على المشاركة والطلب فأرجو تنبيهي على ذلك
جزاكم الله خيرا ...
ابوخالد
ـ[أبو خالد اليمني]ــــــــ[08 Feb 2009, 10:54 م]ـ
وإن كان جواب سؤالك يحتاج إلى شيء من التفصيل في جانبين:
- الطريقة التي يدرس بها هذا العلم نظرياً وتطبيقاً.
- الكتب التي ينصح بدراستها. [/ QUOTE]
السلام عليكم شيخنا عبد الرحمن،
أولا اشكرك على التفاعل معي
ثانيا هذا ما قصدتُه وما أردتُه: الكتب التي ينصح بدراستها، وطريق دراسته،
خاصة أني ليس لي خبرة كبيرة في طريقة التعامل مع المنتديات
والبحث عن الروابط والمشاركات ..
وأتمنى لو يتبرع أحد بدلالتي بشيء من ذلك سواء من المنتدى أومن خارجه
وأكن له شاكراً ...
بورك فيكم ...
محبكم
ـ[مها]ــــــــ[09 Feb 2009, 12:26 ص]ـ
إليك هذا الرابط، ففيه مشاركة قيمة، لعلك تجد بغيتك:
كتب مقترحة لدراسة التفسير ومناهج المفسرين وعلوم القرآن [مهم] ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=26)
ـ[أبو خالد اليمني]ــــــــ[09 Feb 2009, 01:06 م]ـ
أشكرك مها على التفاعل
وجزاك الله خيرا
فقد وقعت على كنز من الفائدة(/)
قَيدُ الصَّيْد (مختارات من طبقات الداوودي 945 هـ) الحلقة (1)
ـ[بلال الجزائري]ــــــــ[08 Feb 2009, 01:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
رب أعن وتمم بخير
وصل اللهم على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه والتابعين إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا بعضٌ مما قيدته من الفوائد واللطائف أثناء قراءتي لكتاب طبقات المفسرين للداوودي رحمه الله (945هـ)، وإذا كان اختيار المرء دليل عقله، فقد حرصت على جمع الفوائد العامة إن صحت العبارة لا التخصصية الدقيقة، لتعم الفائدة، وأحببت أن أنشرها لذلك.
وقد كان للأخ الكريم / فهد الوهيبي من الملتقى ......
فضيلة السبق في هذا ـ بليلته التي قضها مع طبقات السيوطي ـ، فهو بعمله قد شجعني أن أحذو حذوه وأصنعه مثله، فجزاه الله كل خير.
مدخل:
لا يخفى ما في قراءة التراجم عموما من فائدة، وتراجم العلماء خصوصاً، وتراجم المفسرين منهم تخصيصاً، فهي تعطيك صورة موجزة عن حياة أولئك الأعلام، وسيرتهم ومسيرتهم العلمية والعملية والدعوية بل وحتى المعيشية وشؤونهم اليومية.
فيستفيد القارئ الألمعي من ذلك كله دروساً ومواقف، ومشاهد وشواهد.
ملاحظة:
من خلال قراءتي للكتاب لاحظت كثرة العلماء المشاركين في التفسير، بخلاف المفسرين فهم قلة قليلة، ويرجع الأمر الأول إلى شرف هذا العلم فكل عالم يتشوف للتشرف بدرس في التفسير أو تعليق على سورة، أو شرح آية، أو آيات.
أما الأمر الثاني فسببه فيما يظهر أن التفسير بحر لا شاطئ له، ويحتاج المفسر إلى أدوات وآلات ووسائل، قلما تتوفر ـ مجتمعةً ـ في أحد، والمفسر يحتاج أن يكون موسوعياً وملماً بنصيب من كل فن.
تنبيه: الكتاب يعد من أفضل كتب التراث في فنه، ورتب مؤلفه التراجم على ترتيب المعجم، وبلغ عدد التراجم (704 ترجمة)، وقد سرت على ترتيبه، وحرصت على تقييد تاريخ الوفاة لغير البارزين، وعنونتُ كل اختيار بعنوان يناسبه في نظري، وعلقت على بعض المواضع بما يناسب، وقد بلغ مجموع المختارات (75) مختارة، وفي البال القيام بخدمة شيء من النص من ناحية زيادة التوثيق والبيان.
وطبعة الكتاب التي عندي تقع في مجلد واحد ضبطها ووضع حواشيها عبد السلام عبد المعين، وعدد صفحاتها (558) صادرة عن دار الكتب العلمية ببيروت ط1/ 1422هـ ـ 2002م.
المختارات
الحلقة (1)
1ـ عشرة أسماء للفاتحة نظماً، غير الفاتحة
من نظم ابن رسلان الشافعي (844هـ)
لفاتحة الكتاب أسماءٌ عشرٌ وواحدٌ فأم الكتاب والقرآن وواقيهْ
صلاة مع الحمد الأساس و رُقيهْ شفاءٌ كذا السبع المثاني وكافيهْ
2ـ سنوات في تفسير سورة
بقي شيخ الإسلام ابن تيمية (728هـ) يفسر سورة نوح عليه السلام عدة سنين.
قلت: لعله كان درساً متقطعاً، أو شهري ونحو ذلك.
3ـ لا يخرج من بيته إلا للمكتوبة
قال في ترجمة أبي جعفر البيهقي النحوي (544هـ): ولا يخرج من بيته إلا في أوقات الصلوات. وذلك لحرصه على وقته في العلم.
وذكر عن الإمام أبي الفرج ابن الجوزي أنه كان لا يخرج من بيته إلا إلى الجمعة أو المجلس (أي مجلس العلم لا مجلس الكلام).
4ـ مالكي حميةً
ذكر عن الإمام ابن فارس اللغوي أنه كان شافعياً، ولما دخل الري (طهران حالياً) صار مالكياًُ، فسأل فقال: أخذتني الحمية لهذا الإمام المقبول القول على جميع الألسنة أن يخلو مثل هذا البلد عن مذهبه!
5ـ تأثير كلمة
كان أبو جعفر الطحاوي شافعياً يقرأ على خاله المزني فقال له يوماً: والله لا جاء منك شيء، فغضب أبو جعفر من ذلك، وتحول إلى ابن أبي عمران الحنفي، فلما صنف مختصره قال: رحم الله أبا إبراهيم ـ يعني خاله المزني ـ لو كان حياً لكّفر عن يمينه.
6ـ يوم خاص لدرس التفسير
ذكر في ترجمة ابن ورد الأندلسي (540هـ) وكان يخص الأخمسة بالتفسير.
7ـ تفقد الأصحاب
ومن نظم أبي العباس أحمد بن محمد الرازي الحنفي (بدون)
تفقدُ السادات خدامهم مكرمةٌ لا ينقص السؤددا
هذا سليمان على ملكه قد قال: (مالي لا أرى الهدهدا)
8ـ حساسية عنوان
صنف الإمام ابن المنير المالكي (683هـ) تفسيراً وسماه (البحر الكبير في نخب التفسير) فاعترض عليه في هذه التسمية، بأن البحر الكبير مالح، وأجيب عن ذلك، بأنه محل العجائب والدرر.
9ـ العلم المستطيل
(يُتْبَعُ)
(/)
قال أبو بكر بن مجاهد: قال ثعلب يا أبا بكر، اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، وأصحاب الحديث بالحديث ففازوا، وأصحاب الفقه بالفقه ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو، فليت شعري ماذا يكون حالي؟ فانصرفت من عنده، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم، تلك الليلة، فقال لي: أقرئ أبا العباس مني السلام، وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل.
قال أبو عبد الله الروذباري ـ العبد الصالح ـ: أراد أن الكلام به يكمل، والخطاب به يجمل، وأن جميع العلوم مفتقرة إليه.
10ـ حظوظ النفس
قال الشيخ تقي الدين أبو بكر المقصاتي، قرأت على الشيخ موفق الدين أحمد بن يوسف الكواشي (680هـ) تفسيره، فلما بلغت إلى {والفجر} منعني من إتمام الكتاب، وقال: أنا أجيزه لك، ولا تقول قرأته كله على المصنف، يعني أن للنفس في ذلك حظاً.
11ـ مصادر السيوطي في تكملة الجلالين
قال السيوطي في طبقات النحاة في ترجمة الكواشي (680هـ): وعلى تفسيره اعتمد الشيخ جلال الدين المحلي، واعتمد عليه أنا في تكملته، مع الوجيز [للواحدي] والبيضاوي وابن كثير.
12ـ مناظرة وجراءة
قال إسحاق بن راهويه: جمعني وهذا المبتدع ـ يعني ابن أبي صالح ـ مجلس الأمير عبد الله بن طاهر، فسألني عن أخبار النزول فسردتها، فقال ابن أبي صالح: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء!!!؟ فقلت: آمنتُ برب يفعل ما يشاء.
13ـ ابن الطريق
راهويه: لقب إبراهيم والد الإمام إسحاق، لقب بذلك؛ لأنه ولد في طريق مكة، والطريق بالفارسية (راه) و (ويه) معناه وجد، فكأنه وجد في الطريق.
14ـ أشهر في تفسير آية!
ذكر عن شيخ الإسلام أبي عثمان الصابوني (449هـ) أنه أقام أشهراً في تفسير آية.
15ـ تفسير باللغة الفارسية
في ترجمة قوام السنة أبي القاسم الأصبهاني (535هـ) أن من تصانيفه، تفسيراً باللسان الفارسي في عدة مجلدات.
16ـ مسند ومصنف معاً
في ترجمة حافظ الأندلس بقي بن مخلد القرطبي (276هـ) أنه روى في مسنده عن 1300 صحابي ونيف، ورتب أحاديث كل صحابي على أبواب الفقه، فهو مسند ومصنف.
17ـ شظف العيش
في ترجمة بقي بن مخلد أيضاً، أنه كانت تمضي عليه الأيام في وقت طلبه، ليس له عيش إلا ورق الكرنب الذي يرمى.
18ـ جدول الدروس
في ترجمة الإمام الطيبي (743هـ) كان يشتغل في التفسير من الشروق إلى الزوال، ومن ثم إلى العصر في البخاري إلى يوم مات رحمه الله.
19ـ البذل للتعلم
قال خلف بن هشام المقرئ (229هـ) أشكل علي باب من النحو، فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حذقته!!!؟
فأين من يبذل اليوم ليتعلم.
20ـ فتوى خطيرة
في ترجمة الإمام أبي ذر الحنفي أنه أفتى فيمن قال: (يا رب جمعت العقوبات علي) تسخطاً أنه يكفر.
21ـ أنواع الكلاب وأحكامها
وفي تفسير أبي ذر الحنفي قال: الكلاب ثلاثة، كلب يضر وهو الذي أمرنا بقتله، وكلب ينفع ولا يضر فيجوز بيعه وإمساكه، وكلب لا ينفع ولا يضر فلا يتعرض له.
22ـ لحن إمام
روي عن أبي ذر الحنفي أن إمامه ببخارى قرأ ووقف وابتدأ من قوله تعالى: {وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم} فعزل أبو ذر إمامه، ولم يأمر بإعادة الصلاة.
23ـ حكمة:
من حكم الربيع بن سليمان القطان (334هـ): الدنيا أمل بلا وجل، والآخرة جزاء بلا عمل، والمتوسط بينهما أجل. [بتصرف]
24ـ ختمة في ركعة داخل الكعبة:
عن هلال بن يساف قال: دخل سعيد بن جبير الكعبة فقرأ القرآن في ركعة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Feb 2009, 05:43 م]ـ
بارك الله فيكم أخي بلال ونفع بكم، وقد أحسنتم البدء فاستمروا.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[08 Feb 2009, 05:59 م]ـ
أحسنتم جزاكم الله خيراً.(/)
غريب القرآن من صحيح البخاري ليست كمنزلة أحاديثه.
ـ[محمد الصاعدي]ــــــــ[08 Feb 2009, 06:22 م]ـ
تذيّل بعض المصاحف ببيان غريب القرآن من من صحيح البخاري،فيظن من يطّلع عليها أن منزلة بيان الغريب من صحيح البخاري كمنزلة أحاديث صحيح البخاري،وقد نبه إلى ذلك العلامة عبد الكريم الخضير حفظه الله وبيّن بأنها ليست مثلها في المنزلة.(/)
معرض للمشروعات والتقنيات التي تخدم القرآن: دعوة للمشاركة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Feb 2009, 11:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
طلب مني المشرفون على ندوة القرآن الكريم والتقنيات المعاصرة – تقنية المعلومات ( http://www.quranit.org/rems/cms/?la=&p=0) بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف التي ستعقد في 24 - 26/ 10/1430هـ الموافق 13 - 15/ 10/2009م بالمدينة المنورة، أن أعلن عن أنه سوف ينظم على هامش الندوة معرض مصاحب للتقنيات والبرمجيات التي تخدم القرآن الكريم.
ويطلبون ممن له مشروع قائم مُنجَزأو برنامج تقني لخدمة القرآن الكريم أن يتواصل معهم للتنسيق حول استضافته للمشاركة في المعرض.
أرجو للجميع التوفيق والسداد،،(/)
أين شرع الله؟
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[09 Feb 2009, 12:26 ص]ـ
أين شرع الله؟
يقول:الإمام ابن الجوزي رحمه الله في (صيد الفوائد).
نظرت في قول أبي الدرداء رضي الله عنه: ((ماأعرف شيئاً مما كنا عليه اليوم إلا القبلة)).
فقلت: واعجباً، كيف لو رآنا اليوم وما معنا من الشريعة إلا الرسم؟.
الشريعة هي الطريق. وإنما تعرف شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم: إما الجهل بها،
فيجري الإنسان مع الطبع والعادات، وربما اتخذ ما يضاد الشريعة طريقا، وقد كانت الصحابة
شاهدته وسمعت منه فَقَلَّ أن ينحرف أحد منهم عن جادته، إلا أن أبا الدرداء رضي الله عنه رأى
بعض الانحراف لميل الطباع فضج فإنه قد يعرف الإنسان الصواب، غير أن طبعه يميل عنه.
وما زالت الأحاديث منقولة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم يقل
الإسعاد بها والنظر فيها إلى أن أعرض عنها بالكلية في زماننا هذا وجهلت إلا النادر، واتخذت
طرائق تضاد الشريعة، وصارت عادات، وكانت أسهل عند الخلق من اتباع الشريعة.
وإذا كان عامة من ينسب إلى العلم قد أعرض عن علوم الشريعة فكيف العوام؟ ولما أعرض الكثير
من العلماء عن المنقولات ابتدعوا في الأصول والفروع، فالأوصوليون تشاغلوا بالجدل، وتركوا
الحديث الذي يدور عليه الحكم، ثم رأى القصاص أن النفاق بالنفاق، فأقبل قوم منهم على التلبيس
بالزهد، ومقصودهم الدنيا، ورأى جمهورهم أن القلوب تميل إلى الأغاني، فأحضروا المطربين من القراء
وأنشدوا أشعار الغزل، وتركوا الاشتغال بالحديث، ولم يلتفتوا إلى نهي العوام عن الربا والزنا، وأمرهم
بأداء الواجبات، وصار متكلمهم يقطع المجلس بذكر ليلى والمجنون والطور وموسى وأبي يزيد و
الحلاج، والهذيان الذي لا محصول له.
وانفرد أقوام بالتزهد والانقطاع، فامتنعوا عن عيادة المرضى، والمشي بين الناس، وأظهروا التخاشع،
ووضعوا كتباً للرياضيات، والتقلل من الطعام، وصارت الشريعة عندهم كلام أبي يزيد والشبلي والمتصوفة،
ومعلوم أن سبر الشريعة لم يرى فيها من ذاك شيئاً،أما الأمراء فجروا مع العادات، وسموا ما يفعلونه من القتل
والقطع سياسات لم يعملوا فيها بمقتضى الشريعة، وتبع الأخير في ذلك المتقدم.
فأين الشريعة المحمدية؟ ومن أين تعرف مع الإعراض عن المنقولات؟ نسأل الله عز وجل التوفيق للقيام بالشريعة،
والإعانة على رد البدع إنه قادر. انتهى كلامه رحمه الله
فواعجباهُ!! ذاك زمان أبي الدرداء، ثم زمان ابن الجوزي فماذا يكون القول عن مثل زماننا الذي نحياهُ؟!!(/)
القرآن يدعونا إلى التدبر
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[09 Feb 2009, 03:02 ص]ـ
القرآن يدعونا إلى التدبر
إن القرآن كلام الله الذي أنزله ليعمل به ويكون منهاج حياة للناس، ولا شك أن قراءة القرآن قربة وطاعة من أحب الطاعات إلى الله، لكن مما لا شك فيه أيضا أن القراءة بغير فهم ولا تدبر ليست هي المقصودة، بل المقصود الأكبر أن يقوم القارئ بتحديق ناظر قلبه إلى معاني القرآن وجمع الفكر على تدبره وتعقله، وإجالة الخاطر في أسراره وحِكَمه.
القرآن يدعونا إلى التدبر:
إن الله دعانا لتدبر كتابه وتأمل معانيه وأسراره: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ) [ص:29].
وقد نعى القرآن على أولئك الذين لا يتدبرون القرآن ولا يستنبطون معانيه: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً * وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء:82، 83].
الناس عند سماع القرآن أنواع:
قال تعالى في آياته المشهودة: (وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق:36، 37].
قال ابن القيم – رحمه الله -: "الناسُ ثلاثةٌ: رجلٌ قلبُه ميتٌ، فذلك الذي لا قلبَ له، فهذا ليست الآية ذكرى في حقه.
الثاني: رجلٌ له قلب حيٌّ مستعدٌّ، لكنه غير مستمعٍ للآيات المتلُوةِ، التي يخبر بها الله عن الآيات المشهودة، إما لعدم وُرُودها، أو لوصولها إليه وقلبه مشغول عنها بغيرها، فهو غائب القلب ليس حاضرًا، فهذا أيضًا لا تحصُلُ له الذكرى، مع استعداده ووجود قلبه.
والثالث: رجلٌ حيُّ القلب مستعدٌّ، تُليت عليه الآيات، فأصغى بسمعه، وألقى السمع، وأحضر قلبه، ولم يشغلْه بغير فهم ما يسمعُهُ، فهو شاهدُ القلب، مُلقي السَّمع، فهذا القِسمُ هو الذي ينتفع بالآيات المتلوَّة والمشهودة.
فالأول: بمنزلة الأعمى الذي لا يُبصر.
والثاني: بمنزلة البصير الطَّامح ببصره إلى غير جهة المنظور إليه، فكلاهما لا يراه.
والثالث: بمنزلة البصير الذي قد حدَّق إلى جهة المنظور، وأتبعه بصره، وقابله على توسُّطٍ من البُعد والقربِ، فهذا هو الذي يراه.
فسبحان من جعل كلامه شفاءً لما في الصدور.
فاعلم أن الرجل قد يكونُ له قلبٌ وقَّادٌ، مليءٌ باستخراج العبر واستنباط الحكم، فهذا قلبه يُوقعه على التذكُّر والاعتبار، فإذا سمع الآيات كانت له نُورًا على نور، وهؤلاء أكملُ خلق الله، وأعظمهم إيمانًا وبصيرةً، حتى كأنَّ الذي أخبرهم به الرسول مشاهدٌ لهم، لكن لم يشعُرُوا بتفاصيله وأنواعه، حتى قيل: إن مثل حالِ الصِّدِّيق مع النبي صلى الله عليه وسلم، كمثل رجلين دخلا دارًا، فرأى أحدهما تفاصيل ما فيها وجزئيَّاته، والآخر وقعت يدُهُ على ما في الدار ولم ير تفاصيلَهُ ولا جُزئياته، لكن علم أن فيها أمورًا عظيمة، لم يدرك بصره تفاصيلها، ثم خرجا فسأله عمَّا رأى في الدار، فجعل كُلما أخبره بشيء صدَّقهن لما عنده من شواهد، وهذه أعلى الدرجات الصديقية، ولا تستبعد أن يَمُنَّ الله المنان على عبدٍ بمثل هذا الإيمان، فإن فضل الله لا يدخل تحت حصرٍ ولا حُسبان.
فصاحبُ هذا القلب إذا سمع الآيات وفي قلبه نورٌ من البصيرة، ازداد بها نورًا إلى نوره. فإن لم يكن للعبد مثل هذا القلب فألقى السمع وشهد قلبُهُ ولم يغب حصل له التذكُّرُ أيضًا: (فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ) [البقرة:265]، والوابلُ والطَّلُّ في جميع الأعمال وآثارها وموجباتها. وأهل الجنة سابقون مقرَّبون وأصحابُ يمين وبينهما في درجات التفضيل ما بينهما.
الرسول صلى الله عليه وسلم يتدبر القرآن:
(يُتْبَعُ)
(/)
عن حذيفة رضي الله عنه قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة. ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة؛ فمضى. ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها. يقرأ مترسلاً، إذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبَّح، وإذا مرَّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ". [مسلم].
وبكى صلى الله عليه وسلم حين قرأ عليه ابن مسعود من سورة النساء قوله تعالى: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) [النساء:41] فهل تتوقع أن يكون ذلك من غير تدبر؟
وكان يدعو الأمة إلى التدبر وفهم معاني القرآن، فحين نزل قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآياتٍ لأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران:190، 191]. قال صلى الله عليه وسلم: "ويلٌ لمن قرأها ولم يتفكر فيها".
السلف الصالح يتدبرون القرآن:
كان ابن عباسٍ رضي الله عنهما يقول: "ركعتان في تفكرٍ خيرٌ من قيام ليلة بلا قلب".
وكان الفضيل – رحمه الله – يقول: "إنما نزل القرآن ليُعمل به فاتخذ الناس قراءته عملاً. قيل: كيف العمل به؟ قال: ليحلوا حلاله، ويحرموا حرامه، ويأتمروا بأوامره، وينتهوا عن نواهيه، ويقفوا عند عجائبه".
وعمليًا كان منهم من يقوم بآية واحدة يرددها طيلة الليل يتفكر في معانيها ويتدبرها. ولم يكن همهم مجرد ختم القرآن؛ بل القراءة بتدبر وتفهم .. عن محمد بن كعب القُرَظِي قال: "لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح بـ (إذا زلزلت) و (القارعة) لا أزيد عليهما، وأتردد فيهما، وأتفكر أحبُّ إليَّ من أن أَهُذَّ القرآن (أي أقرأه بسرعة) ".
من ثمار التدبر:
اعلم رعاك الله أن العبد إذا وفق لتدبر آيات الله تعالى فاز بالخير العميم، يقول ابن القيم – رحمه الله -:
"فليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده، وأقرب إلى نجاته: من تدبر القرآن، وإطالة التأمل، وجمع الفكر على معاني آياته؛ فإنها تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما. وعلى طرقاتهما وأسبابهما وغاياتهما وثمراتهما، ومآل أهلهما، وتَتُلُّ في يده (تضع) مفاتيح كنوز السعادة والعلوم النافعة. وتثبت قواعد الإيمان في قلبه. وتحضره بين الأمم، وتريه أيام الله فيهم. وتبصره مواقع العبر. وتشهده عدل الله وفضله. وتعرفه ذاته، وأسماءه وصفاته وأفعاله، وما يحبه وما يبغضه، وصراطه الموصل إليه، وما لسالكيه بعد الوصول والقدوم عليه، وقواطع الطريق وآفاتها. وتعرفه النفس وصفاتها، ومفسدات الأعمال ومصححاتها وتعرفه طريق أهل الجنة وأهل النار وأعمالهم، وأحوالهم وسيماهم. ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون فيه. وافتراقهم فيما يفترقون فيه.
وبالجملة تعرِّفُهُ الرب المدعو إليه، وطريق الوصول إليه، وما له من الكرامة إذا قدم عليه.
وتعرفه في مقابل ذلك ثلاثة أخرى: ما يدعو إليه الشيطان، والطريق الموصلة إليه، وما للمستجيب لدعوته من الإهانة والعذاب بعد الوصول إليه.
فهذه .. أمور ضروري للعبد معرفتها. ومشاهدتها ومطالعتها. فتشهده الآخرة حتى كأنه فيها، وتغيبه عن الدنيا حتى كأنه ليس فيها. وتميز له بين الحق والباطل في كل ما اختلف فيه العالم. فتريه الحق حقا، والباطل باطلا. وتعطيه فرقانا ونورا يفرق به بين الهدى والضلال. والغي والرشاد. وتعطيه قوة في قلبه، وحياة وسعة وانشراحا وبهجة وسرورا. فيصبر في شأن والناس في شأن آخر.
فإن معاني القرآن دائرة على التوحيد وبراهينه، والعلم بالله وما له من أوصاف الكمال، وما ينزه عنه من سمات النقص، وعلى الإيمان بالرسل، وذكر براهين صدقهم، وأدلة صحة نبوتهم. والتعريف بحقوقهم، وحقوق مرسلهم. وعلى الإيمان بملائكته، وهم رسله في خلقه وأمره، وتدبيرهم الأمور بإذنه ومشيئته، وما جعلوا عليه من أمر العالم العلوي والسفلي، وما يختص بالنوع الإنساني منهم، من حين يستقر في رحم أمه إلى يوم يوافي ربه ويقدم عليه. وعلى الإيمان باليوم الآخر وما أعد الله فيه لأوليائه من دار النعيم المطلق، التي لا يشعرون فيها بألم ولا نكد وتنغيص. وما أعد لأعدائه من دار العقاب الوبيل، التي لا يخالطها سرور ولا رخاء ولا راحة ولا فرح. وتفاصيل ذلك أتم تفصيل وأبينه. وعلى تفاصيل الأمر والنهي، والشرع والقدر، والحلال والحرام، والمواعظ والعبر، والقصص والأمثال، والأسباب والحكم، والمبادئ والغايات، في خلقه وأمره.
فلا تزال معانيه تنهض العبد إلى ربه بالوعد الجميل، وتحذره وتخوفه بوعيده من العذاب الوبيل، وتحثه على التضمر والتخفف للقاء اليوم الثقيل. وتهديه في ظلم الآراء والمذاهب إلى سواء السبيل. وتصده عن اقتحام طرق البدع والأضاليل، وتبعثه على الازدياد من النعم بشكر ربه الجليل. وتبصره بحدود الحلال والحرام، وتوقفه عليها لئلا يتعداها فيقع في العناء الطويل. وتثبت قلبه عن الزيغ والميل عن الحق والتحويل. وتسهل عليه الأمور الصعاب والعقبات الشاقة غاية التسهيل. وتناديه كلما فترت عزماته، وونى في سيره: تقدم الركب وفاتك الدليل. فاللحاق اللحاق، والرحيل الرحيل. وتحدو به وتسير أمامه سير الدليل. وكلما خرج عليه كمين من كمائن العدو، أو قاطع من قطاع الطريق نادته: الحذر الحذر! فاعتصم بالله، واستعن به، وقل: حسبي الله ونعم الوكيل.
وفي تأمل القرآن وتدبره، وتفهمه، أضعاف ما ذكرنا من الحكم والفوائد.
((منقول))
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[09 Feb 2009, 09:56 ص]ـ
بارك الله فيك أختاه ونفع بك!
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[11 Feb 2009, 01:04 ص]ـ
وإياكم أخي الكريم ..(/)
دعوة للتدبر
ـ[أبو سلمان أنورصالح]ــــــــ[09 Feb 2009, 11:11 ص]ـ
أسأل الله أن ينفعنا بالقرآن وأن يعيننا على التدبر إلى معانية
اطلب من الأخوة الكرام في الملتقى أن يضيفوا لنا في هذا المعنى من لطائف التدبر والله يرعاهم
ـ[أبو سلمان أنورصالح]ــــــــ[28 Dec 2010, 06:30 م]ـ
دعوة للتدبر نطلب مقالات في تدبر القرآن(/)
قيد الصيد مختارات من طبقات الداوودي (945هـ) الحلقة (2) 9
ـ[بلال الجزائري]ــــــــ[09 Feb 2009, 02:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحلقة (2) من مختارات من طبقات الداوودي (945هـ)
25ـ من كان شيخه كتابه ...
من شعر ابن الدهان النحوي (569هـ)
لاتحسبنَّ أن بالكتـ ب مثلنا ستصيرْ
فللدجاجة ريش لكنها لا تطيرْ
26ـ تخصص:
قال الشافعي: وجدت أحاديث الأحكام كلها عند مالك سوى ثلاثين حديثاً، ووجدتها كلها عند ابن عيينة سوى ستة أحاديث.
27ـ حكم:
قال سفيان بن عيينة: من زيد في عقله نقص في رزقه.
وقال: الزهد: الصبر وارتقاب الموت.
وقال: العلم إذا لم ينفعك ضرك.
28ـ العلم والعمل
آجر الإمام أبو الوليد الباجي المالكي (474هـ) نفسه ببغداد على حراسة درب.
وقال بعض أصحابه: كان يأتينا للاقراء وفي يده أثر المطرقة.
29ـ سياسة علمية!
ذكر عن الإمام أبي حاتم السجستاني (248هـ) أنه دخل بغداد فسئل عن قوله تعالى: {قوا أنفسكم} ما يقال منه للواحد: فقال: قِ، فقال: فالاثنين. فقال: قيا، قال فالجميع؟ قال: قوا، قال فاجمع لي الثلاثة؟ قال: ق، قيا، قوا. قال وفي ناحية المسجد رجل جالس ومعه قماش، فقال لواحد: احتفظ بثيابي حتى أجيء، ومضى إلى صاحب الشرطة، وقال: إني ظفرت بقوم زنادقة، يقرأون القرآن على صياح الديك، فما شعرنا حتى هجم علينا الأعوان والشرطة، فأخذونا وأحضرونا مجلس صاحب الشرطة، فسألنا فتقدمت إليه وأعلمته بالخبر، وقد اجتمع خلق من خلق الله، ينظرون ما يكون، فعنّفني وعذلني، وقال: مثلك يطلق لسانه عند العامة بمثل هذا! ...
30ـ حَفِظَ الكشاف
ذكر في ترجمة صالح بن عبد الله بن جعفر الصباغ الكوفي الحنفي (620هـ)
أنه ألقى الكشاف دروساً من صدره ثماني مرات، مع بحث وتدقيق وإيراد وتشكيك.
31ـ درس تفسير عمره 23سنة!
قال ابن قاضي شهبة في طبقاته: في ترجمة ابن عقيل النحوي الشافعي (769هـ) وختم به ـ أي بالجامع الطولوني بالقاهرة ـ القرآن تفسيراً في مدة ثلاث وعشرين سنة.
32ـ تصنيف علمي
قال أبو عبيد: انتهى علم الحديث إلى أربعة:
فأبو بكر بن أبي شيبة أسردهم له، وأحمد أفقههم فيه، وابن معين أجمعهم له، وابن المديني أعلمهم به.
33ـ 107 تفسير
في ترجمة الإمام أبي إسماعيل الهروي (481هـ) كان يقول: إذا ذكرت التفسير فإنما أذكره من مائة وسبعة تفاسير.
34ـ بين سني و معتزلي
ومن طريف ما يحكى أن الأستاذ أبا إسحاق الإسفرائيني نزل ضيفاً على القاضي أبي الحسن الهمذاني المعتزلي (415هـ) فقال: سبحان من لا يريد المكروه من الفجار. فقال الأستاذ: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يختار.
35ـ بين سني ورافضي
ذكر أن بعض الراوفض قال لشخص من أهل السنة، يستفهمه استفهام إنكار، من أفضل من أربعة رسول الله صلى الله عليه وسلم خامسهم؟ يشير إلى علي وفاطمة والحسن والحسين، حين لف عليهم النبي صلى الله عليه وسلم الكساء.
فقال له السني: اثنان الله ثالثهما، يشير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه وقضية الغار، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما).
36ـ حكمة:
قال ابن الجوزي: من قنع طاب عيشه، ومن طمع طال طيشه.
37ـ أخرس إلا عن الذكر
ذكر عن أبي النصر القشيري (514هـ) أن من العجائب أن لسانه اعتقل في آخر عمره عن الكلام، إلا عن الذكر، فكان يتكلم بآي القرآن.
38ـ أضخم تفسير لكنه اعتزالي
في ترجمة عبد السلام بن محمد أبو يوسف القزويني (483هـ) أنه جمع التفسير الكبير الذي لم ير في التفاسير أكبر منه، ولا أجمع للفوائد، لولا أنه مزجه بكلام المعتزلة، وبثَّ فيه معتقده، وهو في 300 مجلد، منها 7 في الفاتحة.
قال ابن النجار: كان طويل اللسان، ولم يكن محققاً إلا في التفسير، فإنه لهج في التفاسير حتى جمع كتابا بلغ 500 مجلد، حشا فيه العجائب، حتى رأيت منه مجلداً في آية واحدة وهي قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين}. ذكر الأدنه وي في طبقات المفسرين أن اسم تفسيره (الحدائق) ص 139.
39ـ توسط
من شعر الدميني صاحب المنظمومة في التفسير (694هـ)
اقصد في كل حالٍ واجتنب شُحًا وغُرما
لا تكن حُلواً فتؤكل لا ولا مُراً فترمى(/)
تعديل المخاطبات
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[09 Feb 2009, 02:58 م]ـ
تعديل المخاطبات
المخاطبات في كل أمة تَنِمُّ عما يحمله أهل تلك الأمة من ذوق, وثقافة, وعقول؛ ذلك أن الألسنة مغارفُ القلوب؛ فإذا كانت تلك القلوب منطوية على العدل, والخير, والإصلاح، والسماحة _ ونحوها كانت المخاطبات تحمل تلك المعاني السامية.
وإذا كانت الأخرى فكل إناء بما فيه ينضح.
لذا كان حرياً بمن له تأثير سواء كان معلماً, أو داعيةً, أو كبيرَ قومٍ, أو وجيهَ طائفةٍ, أو مُقَدَّمَ صَحْبٍ _ أن يُعْنى بمخاطباته, وألفاظه, وأن يستحضر أن لذلك أبلغَ الأثرِ في نفوس أتباعه, وتصرفاتهم؛ فالذي يُكْثِرُ من الأقوال المُنهضة للهمة, المشجعة على الخير , الحاملة على التفاؤل، الجامعة للقلوب , المنفرة من الشر _ تجد جُلاَّسه , ومُحبيه, ومرتادي ناديه يحملون تلك المعاني, ويتمثلونها في أنفسهم, وينشرونها في أوساطهم.
والذي يُكْثِر من الأحاديث المُثبِّطة عن الخير, الجالبة لليأس, المُفرِّقة بين الناس_ يكون أصحابه على هذا النهج.
والذي يكثر من ذكر النساء, أو الأطعمة, أو الأحاديث التي لا تسمن ولا تغني من جوع _ يكون لجلسائه نصيب من ذلك.
والذي يُكثر من الغرائب، ويغرب في العجائب، ويتسقط الأخبار التي لا زمام لها ولا خطام _ يكون لمريديه نصيب من ذلك المرض.
والذي يسود مَجْلِسَهُ الجدالُ بالباطل، ويَكْثُرُ فيه اللغطُ وسوءُ اللفظ _ يكون أصحابه على تلك الشاكلة.
وقس على هذه النبذة ما شئت, والواقع سيصدقك.
وهكذا يتبين أن حُسنَ المخاطبة أثرٌ من آثارِ فِقْهِ النفس, وسلامةِ الذوق, ونبلِ الهدف, وبُعْدِ الهمة.
كما أن سوءَ المخاطبةِ أثرٌ من آثار الرقاعة، والصفاقة، وقلة الذوق، وسقوط الهمة.(/)
في المنهاج الوسطي للتفسير القرآني (عبد الرحمن حللي)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[09 Feb 2009, 08:33 م]ـ
القرآن والمعرفة: نحو ضبط منهجي للتفسير والدراسات القرآنية
في المنهاج الوسطي للتفسير القرآني
عبد الرحمن حللي
المصدر: إسلام أونلاين ( http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1230650193721&pagename=Zone-Arabic-Shariah%2FSRALayout)
الباحث العلمي المعاصر –لاسيما في العلوم الإنسانية– مضطر أن يمر بشكل أو بآخر على النص القرآني كمحطة علمية يفرضها الاختصاص الدقيق، فلم تعد دراسة القرآن وتفسيره مجرد اختصاص ضيق يسلكه الدارسون للشريعة فقط ومن خلال تخصصات أدق، إنما فرضت المعرفة الحديثة فضاء مفتوحًا بين جميع أشكال المعرفة وبين القرآن.
سؤال المنهج
وقد تنازعت هذا الفضاء تيارات تراوحت بين الا رتجال والسطحية في التعامل مع النص القرآني وبين الإيغال في التدقيق التخصصي، وبين هذين البعدين تفاوتت مقاربات النص في العمق؛ ما جعل سؤال المنهج في التعامل مع القرآن سؤالا مركزيا، في سياق أسئلة أعم تتعلق بالتعامل مع الدين والتراث، والبحث عن وسطية أصبحت هي الأخرى موضع تجاذبات جديدة.
فهل يمكننا الحديث عن وسطية في التفسير، أو التأطير لمنهج للدرس القرآني؟ إن الإجابة عن هذه الخيارات تتطلب وضع محددات ترسم طبيعة العلاقة مع النص القرآن ودوره الحضاري في التاريخ والحاضر والمستقبل.
فليس موضع جدل القول بأن النص القرآني هو النص المؤسس للحضارة الإسلامية، وهو الحامل للقيم التي غيرت التاريخ، وجعلت من الإسلام عنوانا للعهد الحضاري الجديد، وإن المتأمل ليلمس هذه الخاصية في القرآن من أهم أسمائه، وهو تسميته "كتابا"، فقد وردت نيف وأربعون آية لفظ الكتاب فيها تدل القرائن الحافة به على أنه هو القرآن المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
ويشير اللفظ فيها إلى الكتاب باعتباره منظورا ومعلوما من المخاطب وواعيا به، ويدل السياق على أنه القرآن المنزل على الرسول، فقد جاء تعريف القرآن بأنه الكتاب، وأشير إليه بأسماء الإشارة وأل العهد، وكانت بعض الآيات صريحة في تعريف القرآن بأنه الكتاب] كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنا عَرَبِيّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [[فصلت:3]، فالكتاب اسم للقرآن العربي بالضرورة والاتفاق [1]، ويرى ابن عاشور في تسمية القرآن كتابا إشارة إلى وجوب كتابته لحفظه [2]، وبهذا المعنى فالقرآن بوصفه كتابا يمثل فاتحة عهد حضاري جديد لم يكن للعرب عهد به، ولن يكون غريبا أن يتحول المجتمع العربي في ذلك العصر الوجيز إلى مجتمع يعتمد القراءة والكتابة كوسيلة في البناء الحضاري والتواصل والتأصيل العلمي.
القرآن والتأصيل العلمي
وإذا ما عمقنا النظر في الخطاب القرآني المتعلق بالنظر والمعرفة كموجه ومرشد فسنلحظ فيه الآفاق الرحبة التي لا حدود لها في الحث على المعرفة والتأمل في الآفاق والأنفس، {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} [العنكبوت:20]، بل والأهم من ذلك التأمل في النص نفسه وتدبر كلماته وآياته، {قلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدا} [الكهف:109].
وفي ذلك إشارة صريحة إلى وجوب البحث، مع الإقرار باستحالة انسداد آفاقه سواء في النص أو الكون [3]، ففيهما أسرار إلهية ومعان وسنن جعلها الله منارات يصل من خلالها الإنسان إلى المعرفة والقوانين التي أقام الله الحياة على أساسها، من هذا المنطلق القرآني تحركت المعرفة في سياقها الحضاري الإسلامي، منضبطة بالقيم والمحفزات القرآنية دون أن تكون أسيرة لنصه أو متعسفة في البحث فيه عما أرشد إلى وجوده في غيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد سارت الحضارة الإسلامية وتعاقبت طبقات التاريخ بين مد وجزر إلى أن آلت إلى مراحل تراجعت فيها المعرفة، دون أن تنهار العلاقة القدسية مع النص، لكن هذه العلاقة أخذت النص إلى مسار مختلف لم يأت من أجله، فجعلت منه كتابا يحوي كل العلوم، واتجه التأويل لاستخراج العلوم منه دون لحظ طبيعة النص وخصائصه والرسالة التي جاء من أجلها، فحل الإسقاط على النص محل الاستمداد منه، وتم نفس الأمر لدواعٍ أخرى مذهبية أو سياسية أو غيرها، بوعي أو بدونه، لكن هذا الإسقاط متنوع المظاهر والدواعي لا يلغي وجود صلة ما بين النص وبين المجالات التي تم ربطه بها، على أن هذه الصلة ينبغي أن تؤخذ ضمن مسارها الطبيعي المرتبط بمسار النص كحامل للرسالة الخاتمة، وبهذا المعنى نفهم كلام الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "من أراد العلم فليثور القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين". رواه البيهقي في المدخل وقال: أراد به أصول العلم [4].
التفسير: حاضن العلوم ومخدومها
مما يعزز الصلة بين القرآن والمعرفة عموما الأثر الذي تركه القرآن في مختلف العلوم والمعارف، بل أصبح علم التفسير هو الحاضن الأساسي للعلوم التي ولدت في الحضارة الإسلامية، فعاشت تلك العلوم في كنفه إلى أن بلغت الرشد واستقلت بذاتها، وأصبحت علما له قوانينه التي لا بد لدارس القرآن من معرفتها.
فلئن ولد التفسير كعلم في أحضان علم الحديث؛ إذ كانت المرويات المتعلقة بتفسير القرآن تمثل جزءا أساسيا من كتب الحديث، كما أن السنة النبوية بمجملها تمثل مصدرا من مصادر فهم القرآن، فإن الصلة لوثيقة ابتداء بين التفسير وكتب الحديث وعلومه؛ إذ توثيق الرواية هو الأساس كي تصلح لتفسير القرآن على أساسها، كما أن علم رواية الحديث وتدوينه إنما تأخر ريثما انتشر القرآن مدونا، فكان مبدأ التوثيق سابقا في جمع صحف القرآن التي كتبت في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
من جهة أخرى، كان من حِكم نزول القرآن الكريم عربيا أن يفهمه من أنزل عليهم، فكان العرب والمسلمون يتلقون القرآن ويفهمون معانيه بما يمتلكونه من فصاحة وبلاغة، وبرغم أن القرآن قد جاء بلغة العرب إلا أنه تضمن معاني جديدة لبعض المفردات، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبينها، كما أن التراكيب القرآنية تدل عليها، ومع توسع البلاد ودخول الأعاجم ظهرت الحاجة للضبط اللغوي لفهم القرآن، فظهر الاهتمام باللغة العربية وعلومها كالنحو والبلاغة والمعاجم، وكان ذلك لصيقا بالحاجة إلى فهم القرآن، فولدت فروع في علوم اللغة خاصة بالقرآن، كغريب القرآن وإعجاز القرآن والوجوه والنظائر، ولم يعد ممكنا الفصل بين دراسة اللغة والقرآن الكريم، فكان للقرآن أثره الواضح في الحفاظ على اللغة العربية وتطوير علومها.
ومع تطور المجتمع وتشعب القضايا والمستجدات ظهرت الحاجة إلى ضبط قواعد الاجتهاد وكيفية استنباط الأحكام من النصوص، فتم تأسيس علم أصول الفقه لبيان كتاب الله واستنباط الأحكام منه؛ انطلاقا من كونه مصدر الأحكام، قال الإمام الشافعي في كتابه الرسالة: "فليست تنزل في أحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها" [5]، وكان أول عنوان في كتابه البيان، فكانت ظروف تدوين علم أصول الفقه لصيقة باستنباط الأحكام من القرآن وتفسيره.
ومع ظهور إفراد تفسير القرآن بالتأليف في القرن الثاني للهجرة، بدأت تظهر حاجة المفسرين إلى العلوم الأخرى، بحسب موضوعات القرآن، بل ولد من رحم تفسير القرآن علوم جديدة اختصت بالقرآن الكريم، وذلك في ضوء الحاجة إلى ذلك، فظهر رسم القرآن وتاريخ المصاحف، وعلم القراءات ومعاني القرآن، وأسباب النزول، وغيرها من العلوم التي ظهرت تباعا.
وكان هناك إلحاح على ضرورة إلمام المفسر بهذه العلوم، واستخدامها في التفسير؛ حيث كان ثمة حاجة إليها، حتى قال الإمام ابن عطية الأندلسي في مقدمة تفسيره: إن كتاب الله "لا يتفسّر إلا بتصريف جميع العلوم فيه" [6]، وعدد الإمام أبو حيان الأندلسي سبعة من وجوه العلوم لا ينبغي أن يقدم على تفسير كتاب الله إلا من أحاط بجملة من كل وجه منها [7].
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال الإمام البيضاوي في تفسيره: "وبعد، فإن أعظم العلوم مقدارا وأرفعها شرفا ومنارا علم التفسير الذي هو رئيس العلوم الدينية ورأسها ومبنى قواعد الشرع وأساسها لا يليق لتعاطيه والتصدي للتكلم فيه إلا من برع في العلوم الدينية كلها وأصولها وفروعها وفاق في الصناعات العربية والفنون الأدبية بأنواعه" [8]، وتكرر ذكر سبعة علوم يحتاجها المفسر، هي: علوم اللغة، والنحو، والبلاغة، والحديث، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والقراءات.
واستمرت هذه العلوم بالتطور، مع ربط بينها وبين القرآن، إلى أن جاء القرن الثامن الهجري وظهر اصطلاح علمي خاص يجمع أصول هذه العلوم التي تدور حول القرآن وما يحتاجه المفسر، ويعرِّف بها في علم واحد هو"علوم القرآن"، وذلك مع الإمام بدر الدين الزركشي، (ت794هـ) ، صاحب "البرهان في علوم القرآن"، فكان أول من ألف في علوم القرآن بمعناها الاصطلاحي الذي يختص بجمع ضوابط العلوم المتصلة بالقرآن الكريم من ناحية كلية عامة، ففيه عرض شامل وموسوعي لعلوم القرآن؛ حيث اختصر ما ضمنه فيه من معلومات من كتب التفسير واللغة والفقه وغيرها، فجمع آراء العلماء وأضاف إليها، وقد ذكر العشرات من أسماء الكتب والمؤلفين الذين نقل عنهم، فكان كتابه عصارة لفكرهم مضافا إليها ما رآه الزركشي أو رجحه، لذلك كان كتابه فريدا في موضوعه من حيث كونه أول كتاب يشتمل على مختلف علوم القرآن ويعرف بها، ودرج من بعده الحديث عن علوم القرآن كمصطلح خاص.
أصول التفسير: نحو علم يضبط التأويل
كان من بين القضايا التي تطرقت إليها كتب علوم القرآن شروط المفسر، والأصول والقواعد والضوابط التي يحتاجها المفسر، وهي موضوعات سبق وتطرقت إليها كتب خاصة، وهي بعض ما غدا يعرف حديثا بـ"أصول التفسير"، أو ما كان يسمى "القواعد الكلية" حسب ابن تيمية، أو "قانون التأويل" حسب تسمية الغزالي وتلميذه ابن العربي، أو "علم التفسير" حسب تسمية الطوفي.
فأصول التفسير مبحث تفرقت موضوعاته في مقدمات بعض المفسرين لتفاسيرهم، وفي كتب علوم القرآن وكتب اللغة وأصول الفقه، ويتناول دراسة الشروط الواجب توفرها في المفسر، والعلوم التي يحتاج إليها المفسر، وأهم قواعد التفسير، اللغوية والأصولية والاستقرائية، فموضوعه "قواعد كلية تعين على فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعانيه" [9]، فهو أحد علوم القرآن، وقد ضمن المصنفون -المتقدمون والمتأخرون- في علوم القرآن موضوعاته ضمن كتبهم، فثمة تداخل بين أصول التفسير وعلوم القرآن، لكن علوم القرآن أشمل، وقد تتوسع بعض كتب أصول التفسير إلى مسائل من علوم القرآن، كما أن من علوم القرآن ما لا علاقة لها بالتفسير، إنما هو من قبيل الإحصاء والتوثيق والتأريخ، وأهم وظيفة يؤديها علم أصول التفسير هي ضبط الاستنباط والفهم، والترجيح عند الاختلاف؛ إذ فيه الأسس والقواعد التي يعرف بها تفسير كلام الله، والشروط والمقدمات العلمية التي يحتاجها المفسر.
وقد أصبح البحث عن أصول للتفسير والتأويل هاجسا لدى المشتغلين بالتفسير حديثا، وقد اهتم به من المتأخرين المعلم عبد الحميد الفراهي الهندي [10]، لكن هذا المشروع لم يكتمل مساره، برغم كثرة اللبنات في بنائه؛ إذ المطلوب من هذا العلم أن يعمل في التفسير ما عملته أصول الفقه في الفقه، وأصول الحديث في الحديث، أي أن يصبح هذا العلم بمثابة قانون يضبط العملية التفسيرية، ويصونها من أي شكل من أشكال الانحراف، حتى إذا حصل شيء من ذلك سهل بيانه وكشفه، ومن ثم ضبطه ورده.
لكن عدم اكتمال بناء أصول التفسير كعلم لا يعني عدم وجود تلك الأصول والضوابط والمعايير التي لا بد من معرفة المفسر بها، والتي تمثل كليات في العلوم التي يحتاجها المفسر، لذلك كانوا يشترطون لمن يمارس التفسير أن يكون عالما بتلك العلوم، لكن العلم بها لا يغني عن استخلاصها وتجريدها كمبادئ ذات صلة مباشرة بالتفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
وتبرز أهمية العناية بأصول التفسير في العصر الحديث من ناحيتين: الأولى صعوبة إحاطة المفسر بالعلوم التي ذكرت كشرط للتفسير؛ نظرا لتطور هذه العلوم واتساعها، ومن ناحية ثانية أنه عندما يتعمق الباحث بواحد من هذه العلوم يطغى على العلوم الأخرى ويترك أثره في تفسيره، وهذا ما نلمسه في مناهج المفسرين المتقدمين، حتى أصبحت التفاسير توسم بالعلم الذي اصطبغت به أو أثر ذلك العلم فيها، كالتفسير اللغوي، والتفسير الفقهي، والتفسير بالمأثور، والتفسير الصوفي ... ، وهذا إن كان لونا من التفسير إلا أنه ليس التفسير الأمثل الذي تقتضيه الضوابط التي وضعها المفسرون، بل لا يصح واحد منها ما لم يلتزم بمقتضيات العلوم الأخرى.
الدراسات القرآنية وتنازع العلوم
هذا التواشج بين العلوم وبين التفسير والجدل التاريخي بينها (استيلادا للعلوم أو توظيفا لها) أصبح في العصر الحديث أشد إلحاحا وأعمق إشكالا، من ناحيتي دعوى احتواء القرآن على بعض العلوم أو كلها أو صلاحية أي علم لأن يوظف في فهم القرآن، وقد وجِد المخلص والمسيء بين مدعي كل من الإشكالين أو معارضيهما، كما وجد العالم والمتعالم في تعاطيهما، لكن الدقة تقتضي الحذر في الأحكام المطلقة في القضيتين، وإرجاع تعاطيهما إلى اعتبارين أساسيين يضبطان الوسطية العلمية ومدى الحيد عنها في مقاربة القرآن:
الاعتبار الأول: هو لحظ طبيعة القرآن عند درسه وهي كونه حاملا لرسالة إلهية، وخطابا للعالمين يتضمن محتوى يطلب من المخاطب التعاطي معه، وهذا معنى وصف القرآن بأنه كتاب هداية مأمور بتبليغه والعمل به، ومن مقتضيات هذا الوصف كونه خطابا مطلقا مع اشتماله على ما هو نسبي، فإذا لاحظنا أن القرآن جاء كتاب هداية وإرشاد فينبغي فهم أي معان يحتويها في ثناياه من قضايا العلوم أنها إنما ذكرت ضمن هذا السياق (الهداية) وليست مقصودة لذاتها، فهي حقائق تمثل محطات للاهتداء إلى المرسل (الله) وإدراك عظمة الرسالة (القرآن) وبالتالي أهمية المرسل إليه (محمد صلى الله عليه وسلم)، وأي تجاوز لهذا المستوى يدخل في إسقاط معنى على القرآن لم يأت لبيانه وإن كان أشار إليه.
الاعتبار الثاني: هو لحظ كون القرآن إنما هو نص صيغ بلغة عربية لها قوانينها ومعانيها وأساليبها، ولا يستقيم فهم القرآن من غير الأخذ بالاعتبار البعد النصي والبعد اللغوي للقرآن، ففي البعد النصي ينبغي لحظ تكامل النص وإفصاح بعضه عن بعضه، وأثر بنيته في فهمه، وكيفية صياغة أساليبه وخطابه، وفي البعد اللغوي ينبغي لحظ لغة عصر نزوله وما قبلها، ولغة القرآن في علاقته مع هذه اللغة، فضلا عن قوانين العربية ومعاني مفرداتها.
وعند مراعاة هذين المعيارين يمكن نقد الدراسات المعاصرة للقرآن ومدى الدقة العلمية فيها على تنوع مناهجها وتخصصاتها، ويمكن اعتبارهما بمثابة ضابطين مركزيين للوسطية العلمية في التفسير، ولا بد للدارس عند مراعاتهما أن يلحظ متفرعات عنهما ولوازم لهما، وستكون مشكلات كالتي يثيرها ما يسمى التفسير أو الإعجاز العلمي، أو القراءة المعاصرة للقرآن، أو استخدام العلوم الحديثة في فهم القرآن، غير ذات بال أو أثر؛ لأن لحظ البعد الإلهي والهدائي للقرآن كرسالة سيبعد نسبة شيء إلى القرآن لا يدخل في هذا الإطار، وكذلك الشأن في لحظ الضابط النصي واللغوي يمنع الإسقاط ويساهم في الاستمداد المنهجي للمعنى من القرآن.
ويمكن القول بكلمات ..
إن التفسير بمعناه النسقي التحليلي والتجزيئي الشامل لكامل القرآن لم يعد ثمة حاجة إلى إضافة جديدة فيه تعتمد الجمع والانتقاء أو الاختصار الشخصي، إنما الحاجة فيه إلى عمل موسوعي مؤسسي له صفة الجامع المانع لما تقدم منهجا ومضمونا، أما الدراسات القرآنية بأنواعها المختلفة فهي المجال الخصب للإبداع والتأصيل والإضافة اعتمادا على مناهج وعلوم مختلفة تستحضر كون القرآن كتاب هداية يحمل رسالة من الله ينبغي فهمها، وأنه كتاب ينضبط فهمه باللغة العربية على أنه نص وخطاب يستخدم أساليبها، وباستحضار هذين البعدين لن يعترض معترض على أي دراسة قرآنية مهما اعتمدت من مناهج وعلوم، وكل دراسة أثارت جدلا أو كانت موضع نقد عملي أو طعن من منطلق ديني فإنها مأخوذة من واحد من هذين البعدين.
* عبد الرحمن حللي: كاتب سوري وعضو الهيئة التدريسية في كلية الشريعة جامعة دمشق.
الهوامش:
[1] انظر: ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج 12 ص125.
[2] انظر: ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج1 ص221.
[3] يقول الإمام الراغب الأصفهاني:"من معجزة هذا الكتاب أنه مع قلة الحجم متضمن للمعنى الجم، وبحيث تقصر الألباب البشرية عن إحصائه، والآلات الدنيوية عن استيفائه"، مفردات غريب القرآن للأصفهاني – المقدمة.
[4] البرهان في علوم القرآن، ج 1 ص 8
[5] الرسالة، تح: أحمد محمد شاكر، ط: دار الكتب العلمية، ص 20
[6] أبو محمدعبدالحق بن عطية الأندلسي (ت541 ه)، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، المقدمة، ص12.
[7] انظر: محمد بن يوسف أبو حيان الأندلسي الغرناطي (ت754ه)، البحر المحيط في التفسير، المقدّمة (ج 1 / ص 109)
[8] انظر: ناصر الدين أبي سعيد عبد الله الشيرازي البيضاوي (ت691ه)، تفسير البيضاوي (المسمى: أنوار التنزيل وأسرار التأويل)، المقدمة
[9] ابن تيمية، مقدمة في أصول التفسير، تح: عدنان زرزور، ط:2 مؤسسة الرسالة-بيروت1972، ص34
[10] انظر مقدمات كتابه "التكميل في أصول التأويل".(/)
الفنقلة
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[10 Feb 2009, 12:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بعد إذنكم مشايخي الكرام وأنا أطالع في إحدى الرسائل الجامعية وجدت أسلوبا لأحد الباحثين يختصر فيه قول أهل العلم: فإن قيل ...... فالجواب: .......
بكلمة: الفنقلة.
فإلى أي حد يمكن قبول مثل هذا الأسلوب وغيره اعتمادا على قاعدة: التوليد
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Feb 2009, 07:08 ص]ـ
هذه عبارة مشهورة في كتب أهل العلم قديماً وحديثاً، وهي تسمية هذا الأسلوب في الجدال العلمي بالفنقلة، نحتاً من عبارة (فإن قيل)، والنحت في اللغة العربية معروف وأمثلته كثيرة، وهو قائمٌ على مبدإ الاختصار وطلب الإيجاز. وهو «أن تؤخذ كلمتان وتنحت منهما كلمة تكون آخذة منهما جميعا بحظ. والأصل في ذلك ما ذكره الخليل من قولهم حيعل الرجل، إذا قال حيَّ على.»، و يفهم من تعريف ابن فارس الرازي (ت: 395) للنحت هو إنشاء كلمة جديدة، بعض حروفها موجودة من قبلُ في كلمتين أو أكثر، وبعض العلماء يراه نوعاً من الاشتقاق ميزوه من الاشتقاق الصغير والكبير بمصطلح الاشتقاق الكبّار.
والحديث عن النحت في اللغة العربية وفي غيرها حديث طويل شيق، وفيه كتب قيمة قديمة ومعاصرة.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[11 Feb 2009, 01:01 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل ونفع بكم وحفظكم الله دخرا لنا وللمسلمين أجمعين.(/)
وقفات مع الشيخ صالح المغامسي في تفسيره لآيات من سورة الإسراء
ـ[أبو صالح المدني]ــــــــ[10 Feb 2009, 10:36 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد نقلت قناة المجد الفضائية إبان اعتداء اليهود على إخواننا في غزة كان الله لهم في (برنامج قطوف دانية) كلاما للشيخ الفاضل صالح بن عواد المغامسي حفظه الله، عن تفسير آيات من سورة الإسراء، وقد لفت نظري تفسيره لقوله تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)).
وخلاصة ما ذكره الشيخ أن العلماء اختلفوا في هاتين المرتين اختلافا كثيرا، واستبعد قول من قال أن الإفساد الأول قد وقع وأن عقوبته كانت على يد بختنصر، ثم استظهر الشيخ أن الإفساد الأول هو ما يحصل في هذه الأيام في فلسطين لإخواننا المستضعفين على أيدي اليهود المعتدين، وأن العباد أولي البأس الشديد لعلهم حركة حماس أو أنهم قوم يأتون بعد حماس.
فاستغربت كلامه وترجيحه لقول بدون أن يذكر حجته في ذلك، وكذلك استبعاده للقول الثاني بدون أن يذكر حجة لذلك، فقلت في نفسي: لعل بعض المفسرين ذكر ما يؤيد هذا، فذهبت إلى التفاسير أفتش فيها وأبحث، فلم أجد بغيتي، بل وجدت اتفاق المفسرين على أن الإفسادين قد وقعا، وقد عاقب الله بني إسرائيل عليهما.
بل قال العلامة الشيخ السعدي رحمه الله: "واختلف المفسرون في تعيين هؤلاء المسلّطين إلا أنهم اتفقوا على أنهم قوم كفار". تفسير السعدي - (ج 1 / ص 453). فلا أدري كيف يقوى الشيخ صالح على مخالفة هذا الاتفاق!!.
ثم ظهر لي أن الشيخ صالح استفاد هذا القول من الشيخ محمد متولي الشعراوي حيث يقول: "هذه هي المرة الأولى التي انتصر فيها المسلمون على اليهود يقول الحق سبحانه وتعالى {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الكرة عَلَيْهِمْ} ومادام الحق سبحانه وتعالى قال عليهم فهي على المسلمين لأنهم هم الذين انتصروا على اليهود، وقوله تعالى: {وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} معناها أنهم ينتصرون على المسلمين وهذا ما هو حادث الآن، وما شاهدناه وما نشاهده في الفترة الأخيرة أي أن المدد والقوة تأتيهم من الخارج وليس من ذاتهم. ونحن نرى أن إسرائيل قائمة على جلب المهاجرين اليهود من الدول الأخرى وجلب الأموال والمساعدات من الدول الأخرى أيضا أي أن كل هذا يأتيهم بمدد من الخارج وإسرائيل لا تستطيع أن تعيش إلا بالمهاجرين إليها وبالمعونات التي تأتيها فالمدد لابد أن يأتي من الخارج إذا كانت هناك معركة وطلب قائد المدد. . فمعناه أنه يريد رجالا يأتونه من خارج أرض المعركة ليصبحوا مددا وقوة لهذا الجيش ... ويقول الحق سبحانه وتعالى: {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة لِيَسُوءُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ المسجد كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ}. . ومعنى هذا أن المسجد الأقصى سيضيع من المسلمين ويصبح تحت حكم اليهود فيأتي المسلمون ويحاربونهم ويدخلون المسجد كما دخلوه أول مرة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه" تفسير الشعراوي - (ج 1 / ص 170).
وكلام الشعراوي هذا موافق لما قاله المغامسي، إلا أن الشعراوي جعل الواقع الآن هو الإفساد الثاني والمغامسي جعل الواقع هو الإفساد الأول.
ومما ينبغي أن يعلم أنه لا يؤخذ بقول أحد إذا خالف اتفاق المفسرين وما عليه أئمتنا، ولا أدري كيف حادا عما عليه المفسرون فليتنبه لذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن العجائب والعجائب جمة أن الشعراوي - غفر الله له - يقول أيضا: "تحدّث العلماء كثيراً عن هاتين المرتين، وفي أيّ فترات التاريخ حدثتا، وذهبوا إلى أنهما قبل الإسلام – من الواضح أنه ينقل اتفاق العلماء على أنهما قبل الإسلام – ثم يقول مخالفا لهذا الاتفاق: والمتأمل لسورة الإسراء يجدها قد ربطتهم بالإسلام، فيبدو أن المراد بالمرتين أحداثٌ حدثتْ منهم في حضْن الإسلام". تفسير الشعراوي - (ج 1 / ص 5100)
وأحب هنا أن أنقل للقارئ الكريم طرفا يسيرا ونزرا قليلا من أقوال الأئمة في هذه الآية، والمراد بالإفسادين الواقعين من بني إسرائيل ليكون القارئ على بينة ظاهرة وحجة قاطعة:
1 - ما روي عن الصحابة في تفسير الآية: نقل ابن جرير بسنده عن أبي صالح، وعن أبي مالك، عن ابن عباس، وعن مرّة، عن عبد الله – يعني: ابن مسعود – "أن الله عهد إلى بني إسرائيل في التوراة (لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ) فكان أوّل الفسادين: قتل زكريا، فبعث الله عليهم ملك النبط، وكان يُدعى صحابين فبعث الجنود، وكان أساورته من أهل فارس، فهم أولو بأس شديد، فتحصنت بنو إسرائيل، وخرج فيهم بختنصر يتيما مسكينا، إنما خرج يستطعم، وتلطف حتى دخل المدينة فأتى مجالسهم، فسمعهم يقولون: لو يعلم عدونا ما قُذف في قلوبنا من الرعب بذنوبنا ما أرادوا قتالنا، فخرج بختنصر حين سمع ذلك منهم، واشتد القيام على الجيش، فرجعوا، وذلك قول الله (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا) ثم إن بني إسرائيل تجهَّزوا، فغزوا النبط، فأصابوا منهم واستنقذوا ما في أيديهم، فذلك قول الله (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) يقول: عددا". تفسير الطبري (ج17/ ص375).
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله: لتفسدن في الأرض مرتين قال: "الأولى قتل زكريا عليه الصلاة والسلام والأخرى قتل يحيى عليه السلام". الدر المنثور للسيوطي - (ج 5 / ص 239) فتح القدير للشوكاني (ج 3 / ص 302).
فهؤلاء ثلاثة من أعلم الصحابة: علي رابع الصحابة قدرا وفضلا، وابن مسعود أقرب الناس بالنبي هديا وسمتا ودلا، وابن عباس ترجمان القرآن الذي ملأ الدنيا علما، وهم جميعا قد فسّروا هذه الآية بما ترى، ونحن مأمورون أن نفهم القرآن بفهمهم، أفندع تفسيرهم لتفسير لم نسمع به إلا في القرن الخامس عشر الهجري؟!!
ثم إن هذه الآثار وإن كان فيها ضعف فإن ورودها عن جمع من الصحابة ينبئ أن لها أصلا، ثم إن الأخذ بها على ما فيها من ضعف أولى بالإتيان بقول لم يقل به أحد من السلف، ولا ورد عن أحد من أئمة التفسير، وهذا ظاهر لا يخالف فيه أحد.
2 - ما روي عن أئمة السلف في تفسير الآية: روى ابن جرير في تفسيره عن الربيع في قوله: (لَتُفْسِدُنَّ فِي الأرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) قال: "كان الفساد الأول، فبعث الله عليهم عدوًّا فاستباحوا الديار، واستنكحوا النساء، واستعبدوا الولدان، وخرَّبوا المسجد. فغَبَرُوا زمانًا، ثم بعث الله فيهم نبيًّا وعاد أمرهم إلى أحسن ما كان. ثم كان الفساد الثاني بقتلهم الأنبياء، حتى قتلوا يحيى بن زكريا، فبعث الله عليهم بُخْتنصَّر، فقتل من قتل منهم، وسبى من سبى، وخرب المسجد. فكان بختنصر الفسادَ الثاني". تفسير الطبري - (ج 10 / ص 459)
وقال قتادة: "إفسادهم في المرة الأولى ما خالفوا من أحكام التوراة، وركبوا المحارم".
وقال ابن إسحاق: "إفسادهم في المرة الأولى قتل شعياء بين الشجرة وارتكابهم المعاصي". تفسير البغوي - (ج 5 / ص 79)
ويقول البغوي: ({بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا} قال قتادة: "يعني جالوت الخزري وجنوده وهو الذي قتله داود". وقال سعيد بن جبير: "يعني سنجاريب من أهل نينوى". وقال ابن إسحاق: "بختنصر البابلي وأصحابه". وهو الأظهر). تفسير البغوي (ج 5/ ص 79).
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - أقوال أئمة التفسير في معنى الآية:
يقول الإمام القرطبي رحمه الله: "فإذا جاء وعد أولاهما (أي أولى المرتين من فسادهم) بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد (هم أهل بابل وكان عليهم بختنصر في المرة الأولى حين كذبوا إرمياء وجرحوه وحبسوه قاله ابن عباس وغيره، وقال قتادة: أرسل عليهم جالوت فقتلهم فهو وقومه أولوا بأس شديد وقال مجاهد: جاءهم جند من فارس يتجسسون أخبارهم ومعهم بختنصر فوعى حديثهم من بين أصحابه ثم رجعوا إلى فارس ولم يكن قتال وهذا في المرة الأولى فكان منهم جوس خلال الديار لا قتل". الجامع لأحكام القرآن - (ج 10 / ص 215).
ويقول الرازي: "واختلفوا في أن هؤلاء العباد من هم؟ قيل: إن بني إسرائيل تعظموا وتكبروا واستحلوا المحارم وقتلوا الأنبياء وسفكوا الدماء، وذلك أول الفسادين فسلط الله عليهم بختنصر فقتل منهم أربعين ألفاً ممن يقرأ التوراة وذهب بالبقية إلى أرض نفسه فبقوا هناك في الذل إلى أن قيض الله ملكاً آخر غزا أهل بابل واتفق أن تزوج بامرأة من بني إسرائيل فطلبت تلك المرأة من ذلك الملك أن يرد بني إسرائيل إلى بيت المقدس ففعل، وبعد مدة قامت فيهم الأنبياء ورجعوا إلى أحسن ما كانوا، فهو قوله: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ}.
والقول الثاني: إن المراد من قوله: {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَآ} أن الله تعالى سلط عليهم جالوت حتى أهلكهم وأبادهم وقوله: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ} هو أنه تعالى قوى طالوت حتى حارب جالوت ونصر داود حتى قتل جالوت فذاك هو عود الكرة.
والقول الثالث: إن قوله: {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَآ} هو أنه تعالى ألقى الرعب من بني إسرائيل في قلوب المجوس، فلما كثرت المعاصي فيهم أزال ذلك الرعب عن قلوب المجوس فقصدوهم وبالغوا في قتلهم وإفنائهم وإهلاكهم. واعلم أنه لا يتعلق كثير غرض في معرفة أولئك الأقوام بأعيانهم، بل المقصود هو أنهم لما أكثروا من المعاصي سلط عليهم أقواماً قتلوهم وأفنوهم". تفسير الفخر الرازى - (ج 1 / ص 2776).
ويقول ابن عاشور: "ويتعيّن أنّ ذلك إشارة إلى حادثين عظيمين من حوادث عصور بني إسرائيل بعد موسى عليه السّلام، والأظهر أنّهما حادث الأسْر البابِلي إذ سلّط الله عليهم (بخنتصر) ملك (أشُور) فدخل بيت المقدّس مرات سنة 606 وسنة 598 وسنة 588 قبل المسيح، وأتى في ثالثتها على مدينة أورشليم فأحرقها وأحرق المسجد وحَمَل جميع بني إسرائيل إلى بابل أسارى، وأنّ توبة الله عليهم كان مظهرها حين غلب (كُورش) ملك (فَارس) على الأشوريين واستولى على بابل سنة 530 قبل المسيح فأذن لليهود أن يرجعوا إلى بلادهم ويعمّروها فرجعوا وبنوا مسجدهم، وحادث الخراب الواقع في زمن (تِيطس) القائد الرّوماني وهو ابن الأنبراطور الرّوماني (وسبسيانوس) فإنّه حاصر (أورشليم) حتّى اضطرّ اليهود إلى أكل الجلود وأن يأكل بعضُهم بعضاً من الجوع، وقتَل منهم ألفَ ألفِ رجلٍ، وسبى سبعة وتسعين ألفاً، على ما في ذلك من مبالغة، وذلك سنة 69 للمسيح. ثمّ قفّاه الأنبراطور (أدريان) الرّوماني من سنة 117 إلى سنة 138 للمسيح فهدَم المدينة وجعلها أرضاً وخلط ترابها بالمِلح. فكان ذلك انقراض دولة اليهود ومدينتهم وتفرّقَهم في الأرض. وقد أشار القرآن إلى هذين الحدثين بقوله: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتُفْسِدُنّ في الأرض مرّتَيْن ولتَعَلُنّ عُلُوّاً كبيراً فإذا جاء وعد أُولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولِي بأسٍ شديد فجاسوا خِلال الدّيار وكان وَعْداً مفعولاً ثُمّ رددنا لكم الكَرّة عليهم وأمددناكم بأموالٍ وبنِين وجعلناكم أكثر نَفيراً إنْ أحسنتُم أحسنتم لأنفسكم وإنْ أسأتم فلها فإذا جاء وعْد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أوّل مرّة وليُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تتبيراً. التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية - (ج 6 / ص 277 - 278).
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "لما بين جلَّ وعلا أن بني إسرائيل قضى إليهم في الكتاب أنهم يفسدون في الأرض مرتين، وأنه إذا جاء وعد الأولى منهما: بعث عليهم عباداً له أولي بأس شديد، فاحتلوا بلادهم وعذبوهم. وأنه إذا جاء وعد المرة الآخرة: بعث عليهم قوماً ليسوءوا وجوههم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيراً. وبين أيضاً: أنهم إن عادوا للإفساد المرة الثالثة فإنه جلَّ وعلا يعود للانتقام منهم بتسليط أعدائهم عليهم. وذلك في قوله: {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} [17/ 8]، ولم يبين هنا: هل عادوا للإفساد المرة الثالثة أو لا؟ ولكنه أشار في آيات أخر إلى أنهم عادوا للإفساد بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وكتم صفاته ونقض عهوده، ومظاهرة عدوه عليه، إلى غير ذلك من أفعالهم القبيحة. فعاد الله جلَّ وعلا للانتقام منهم تصديقاً لقوله: {وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا} [17/ 8] فسلط عليهم نبيه صلى الله عليه وسلم، والمسلمين. فجرى على بني قريظة والنضير، وبني قينقاع وخيبر، ما جرى من القتل، والسبي، والإجلاء، وضرب الجزية على من بقي منهم، وضَرْب الذلة والمسكنة. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (ج 18 / ص 23 - 25).
وقفة مع سياق الآيات: المتأمل في سياق الآيات يتبين له قطعا أن الإفسادين قد وقعا من بني إسرائيل، وأن القوم المسلَّطين عليهم قوم كفار، وذلك من عدة أوجه:
1 - قوله تعالى: (وليتبروا ما علوا تتبيرا) قال الشنقيطي: "تبّر كلاًّ منهم تتبيرًا، أي: أهلكهم جميعًا إهلاكًا مستأصلاً، والتتبير الإهلاك والتكسير، ومنه قوله تعالى: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً} " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (ج 28 / ص 97). وقال ابن عاشور: والتتبِير: الإهلاك والإفساد. التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية - (ج 15 / ص 37).
والجهاد في الإسلام ليس فيه إفساد وتكسير، بل هو جهاد غرضه الأكبر الدعوة إلى الله، وليس الهدف منه إراقة الدماء والتكسير والإفساد في الأرض، وهذا يبين أن القوم المسلطين قوم كفار.
2 - قوله تعالى: (عسى ربكم أن يرحمكم) وعسى من الله واجبة، كما قال ذلك ابن عباس رضي الله عنهما فيما أخرجه ابن المنذر والبيهقي. انظر: الدر المنثور - (ج 1 / ص 587)، فهل يعقل أن يقال أن الله سيرحم بني إسرائيل وهم على دينهم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم؟!! أم أن المقصود الظاهر من الآية أن الله يرحمهم إذا عادوا للتمسك بدينهم، وهذا إنما يقال حين كان دينهم صحيحا.
وكذلك قوله تعالى: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) قال الفخر الرازي: "اعلم أنه تعالى حكى عنهم أنهم لما عصوا سلط عليهم أقواماً قصدوهم بالقتل والنهب والسبي، ولما تابوا أزال عنهم تلك المحنة وأعاد عليهم الدولة، فعند ذلك ظهر أنهم إن أطاعوا فقد أحسنوا إلى أنفسهم، وإن أصروا على المعصية فقد أساؤا إلى أنفسهم". تفسير الفخر الرازى - (ج 1 / ص 2777).
3 - قوله تعالى: (وإن عدتم عدنا) يقول تعالى وإن عدتم يعني في المستقبل للإفساد عدنا لعقوبتكم.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "بعث الله عليهم في الأولى جالوت فجاس خلال ديارهم وضرب عليهم الخراج والذل ... إلى أن قال: قال الله: بعد الأولى والآخرة عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا قال: فعادوا فسلط الله عليهم المؤمنين". الدر المنثور - (ج 5 / ص 239 - 240).
وفي ذلك يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "ثم بين أنهم إن عادوا إلى الإفساد عاد إلى الانتقام منهم بقوله: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}، فعادوا إلى الإفساد بتكذبيه صلى الله عليه وسلم، وكتم صفاته التي في التوراة، فعاد الله إلى الانتقام منهم، فسلط عليهم نبيه صلى الله عليه وسلم فذبح مقاتلة بني قريظة، وسبى نساءهم وذراريهم، وأجلى بني قينقاع، وبني النضير. كما ذكر تعالى طرفاً من ذلك في سورة الحشر". أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (ج 6 / ص 160).
أقول هنا: لقد كان للشيخين الفاضلين غنية عن مخالفة اتفاق المفسرين، إذ لو اعتمدا في الواقع الذي يجري في فلسطين على قوله تعالى: (وإن عدتم عدنا) لكفى، فمتى ما عاد بنو إسرائيل للإفساد في الأرض عاد الله للانتقام منهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبعد سرد هذه الأقوال يتبين لكل ذي لب صحة ما قاله الشيخ السعدي في تفسير الآية وما نقله من الاتفاق على أن القوم المسلطين عليهم قوم كفار، وبها يظهر جليا خطأ ما ذهب إليه الشيخ صالح المغامسي مقلدا فيه الأستاذ محمد متولي الشعراوي. والله أعلم.
تتمة: وأثناء اطلاعي على ما ذكره الشيخ محمد متولي الشعراوي لفت نظري أنه يربط هذه الآية بآية أخرى في سورة الإسراء وهي قوله تعالى (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا) [الإسراء/104] حيث يقول: "قوله تعالى: {فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرة جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً} والمراد بوَعْد الآخرة: هو الإفساد الثاني لبني إسرائيل ... وهذه الإفسادة هي ما نحن بصدده الآن، حيث سيتجمع اليهود في وطن واحد ليتحقق وَعْد الله بالقضاء عليهم، وهل يستطيع المسلمون أن ينقضُّوا على اليهود وهم في شتيت الأرض؟ لا بُدَّ أن الحق سبحانه أوحى إليهم بفكرة التجمُّع في وطن قومي لهم كما يقولون، حتى إذا أراد أَخْذهم لم يُفلتوا، ويأخذهم أخْذ عزيز مقتدر. وهذا هو المراد من قوله تعالى: {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً} أي: مجتمعين بعضكم إلى بعض من شَتّى البلاد، وهو ما يحدث الآن على أرض فلسطين". تفسير الشعراوي - (ج 1 / ص 5334). ورأيت في شبكة الانترنت للشيخ المغامسي ما يوافق هذا الكلام، فظهر لي بهذا أن الشيخ صالح المغامسي يستفيد كثيرا من الأستاذ محمد متولي الشعراوي.
وعندما قرأت هذا التفسير استغربت أشد الاستغراب من هذا التفسير ومن هذه الجرأة على حمل الآية على الواقع المعاصر بالجزم واليقين، وكأن هذا التفسير قد ثبت بالنص الصحيح الصريح!!!
وبعد تتبع أقوال الأئمة في الآية وجدتهم يفسرون الآية بما هو ظاهر ومتبادر إلى الذهن من أن المراد بالآخرة الساعة ويوم القيامة وهؤلاء هم الأكثر، وفسّرها بعضهم بنزول عيسى عليه السلام، وأذكر للقارئ الكريم طرفا من أقوالهم:
1 - يقول الطبري: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا) يقول: "فإذا جاءت الساعة، وهي وعد الآخرة، جئنا بكم لفيفا: يقول: حشرناكم من قبوركم إلى موقف القيامة لفيفا: أي مختلطين قد التفّ بعضكم على بعض، لا تتعارفون، ولا ينحاز أحد منكم إلى قبيلته وحيِّه". تفسير الطبري - (ج 17 / ص 572).
2 - ويقول القرطبي: "فإذا جاء وعد الآخرة (أي القيامة) جئنا بكم لفيفا (أي من قبوركم مختلطين من كل موضع قد اختلط المؤمن بالكافر لا يتعارفون ولا ينحاز أحد منكم إلى قبيلته وحيه". الجامع لأحكام القرآن - (ج 10 / ص 338).
3 - وقال ابن الجوزي: "قوله تعالى: فاذا جاء وعد الآخرة يعني القيامة جئنا بكم لفيفا أي جميعا قاله ابن عباس ومجاهد وابن قتيبة". زاد المسير - (ج 5 / ص 95).
4 - ويقول الألوسي: " {فَإِذَا جَاء وَعْدُ الاخرة} أي الكرة أو الحياة أو الساعة أو الدار الآخرة، والمراد على جميع ذلك قيام الساعة {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} أي مختلطين أنتم وهم ثم نحكم بينكم ونميز سعداءكم من أشقيائكم". تفسير الألوسي - (ج 11 / ص 123).
5 - ويقول ابن عاشور: "ووعد الآخرة ما وعد الله به الخلائق على ألسنة الرسل من البعث والحشر. واللفيف: الجماعات المختلطون من أصناف شتى، والمعنى: حكمنا بينهم في الدنيا بغرق الكفرة وتمليك المؤمنين، وسنحكم بينهم يوم القيامة". التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية - (ج 15 / ص 229).
6 - وفي التفسير الميسر: "وقلنا من بعد هلاك فرعون وجنده لبني إسرائيل: اسكنوا أرض "الشام"، فإذا جاء يوم القيامة جئنا بكم جميعًا مِن قبوركم إلى موقف الحساب". التفسير الميسر - (ج 5 / ص 98).
فهذه خلاصة ما ذكره الأئمة في معنى (وعد الآخرة) ولم يشر أحد منهم إلى علاقة الآية بإفساد بني إسرائيل كما ترى والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقفة مع حال إخواننا المسلمين في غزة وفي غيرها: من خلال هذه الآيات كان من الواجب أن يبيَّن أن الله ساق لنا أخبار بني إسرائيل وبين لنا أنهم لما أفسدوا في الأرض بالمعاصي عاقبهم الله وسلط عليهم عدوهم لنعتبر ونتعظ، فنحن المسلمين إن حصل منا إفساد في الأرض بالشرك والبدع والمعاصي سلط الله علينا أعداءنا وعشنا في حياة الذل والخزي والعار، يقول الرازي في تفسير الآية: " المقصود هو أنهم لما أكثروا من المعاصي سلط عليهم أقواماً قتلوهم وأفنوهم".
ويقول السعدي في الآية: "سلطهم الله على بني إسرائيل لما كثرت فيهم المعاصي وتركوا كثيرا من شريعتهم وطغوا في الأرض". تفسير السعدي (ج 1 / ص 453). ومصداق ذلك قول الله تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير).
وهذا نداء وتذكير لنا ولإخواننا المستضعفين في غزة وللمسلمين في سائر المعمورة عموما، بأن يتوبوا إلى ربهم ويوحدوا الله حق التوحيد، ويحذروا الشرك بالله صغيره وكبيره، وأن يوالوا أهل الإسلام والسنة، ولا يركنوا إلى أهل الكفر والزيغ من الرافضة وغيرهم، وأن يقلعوا عن جميع المعاصي، وأن يقبلوا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تعلما وعملا ودعوة وتعليما، فإن الله قد وعد بالنصر من نصره قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم) وقال تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا) ووعد الله لا يتخلف، ولنتذكر ما حصل لخير القرون يوم أحد لما خالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلننصر الله بأقوالنا وأفعالنا ولنأمر بالمعروف ولننه عن المنكر، ولنتمسك بالسنة ولنبتعد عن البدع والأهواء، وليبدأ كل واحد بالإصلاح من بيته وأهله وأقاربه ومجتمعه، ولنلازم الاستغفار، ولا نغفل عن الإعداد الذي أمرنا الله به في قوله تعالى: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم) ولنعلم أن الإعداد الديني الإيماني هو مقدمة الإعداد البدني.
أسأل الله أن يرفع عن أمتنا ما أصابها من الذل والمهانة، وأن ينصرنا على أعدائنا، وأن يحمي المسلمين من كيد الكافرين، وأن يوفق قادة الأمة لما فيه نصر المسلمين وعزهم. والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله وهو حسبنا ونعم الوكيل.
والله تعالى أعلى وأعلم وأجل وأحكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ـ[عصام العويد]ــــــــ[11 Feb 2009, 02:53 ص]ـ
قرأت هذا الطرح أيضا للدكتور طارق السويدان وفقه الله،
وبحثت حينها هل لهذا القول من سلف فلم أجد،
وزادني تأكيدا هذا البحث الجميل المفيد،
فشكر الله لك هذا الجهد وتقبله منك،
وقول ليس له سلف لا بركة فيه.
ـ[أبو صالح المدني]ــــــــ[11 Feb 2009, 11:10 ص]ـ
جزاكم الله خيرا شيخنا عصام، ورفع قدركم، وأشكركم على تقويمكم للكتابة.
ـ[سؤال]ــــــــ[11 Feb 2009, 07:34 م]ـ
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد نقلت قناة المجد الفضائية إبان اعتداء اليهود على إخواننا في غزة كان الله لهم في (برنامج قطوف دانية) كلاما للشيخ الفاضل صالح بن عواد المغامسي حفظه الله، عن تفسير آيات من سورة الإسراء، وقد لفت نظري تفسيره لقوله تعالى: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْاْ تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)).
وخلاصة ما ذكره الشيخ أن العلماء اختلفوا في هاتين المرتين اختلافا كثيرا، واستبعد قول من قال أن الإفساد الأول قد وقع وأن عقوبته كانت على يد بختنصر، ثم استظهر الشيخ أن الإفساد الأول هو ما يحصل في هذه الأيام في فلسطين لإخواننا المستضعفين على أيدي اليهود المعتدين، وأن العباد أولي البأس الشديد لعلهم حركة حماس أو أنهم قوم يأتون بعد حماس.
فاستغربت كلامه وترجيحه لقول بدون أن يذكر حجته في ذلك، وكذلك استبعاده للقول الثاني بدون أن يذكر حجة لذلك،
ثم ظهر لي أن الشيخ صالح استفاد هذا القول من الشيخ محمد متولي الشعراوي والله تعالى أعلى وأعلم وأجل وأحكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل كنت أتمنى أن توثق ماذكرت من كلام للشيخ صالح برابط صوتي إذا كانت مسجلة لديك ليتأكد المشايخ من كلام الشيخ صالح حفظكما الله جميعا وسدد خطاكم
ثم أليس من الأفضل والأولى بين طلبة العلم هو مناقشة المسائل العلمية بينهم قبل نشرها على العامة أمثالي فالشيخ صالح حي يرزق وعنوانه منتشر في الأنترنت فليتك اتصلت به أو راسلته قبل تحرير المسألة فلربما لديه ما يقوله في هذا الأمر ..
أخي الحبيب إن جانب ماكتبته الصواب فأرجو أن تلتمس لأخيك العذر وجزاك الله خيرا على غيرتك على دين الله
قال تعالى (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء) الفتح29
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجعفري]ــــــــ[11 Feb 2009, 08:57 م]ـ
أوافقك أخي (سؤال) على ما ذكرت إذ كان ينبغي مناشة الشيخ قبل في ما ذكر ..
مع أني أرى ذلك من باب الأفضلية فقط ..
وفقنا الله واشيخ لما يرضاه من الحق ..
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[11 Feb 2009, 10:23 م]ـ
أحسن ما قرأت في هذا الموضوع كتاب صدر قبل سنتين تقريبا عن دار القلم بدمشق عنوانه: (لتفسدن في الأرض مرتين) من تأليف الأستاذ: محمد علي دولة.
وهو يثبت أن الإفسادين المذكورين في الآية قد تحققا.
وقد حاول استقصاء كل ما كتب عن هذه القضية.
ودعم بحثه بالنقولات المهمة والدراسة التحليل العميقين.
وختم كتابه بالتعليق على أقوال العلماء الذين قالوا بخلاف هذا القول في المسألة، بتعداد أسمائهم وبيان ما أقاموا عليه حججهم، ثم الرد عليها.
وقد وعد بإصادر كتاب آخر يذكر فيه الجزء الثاني من النبوءة وهو قوله تعالى: (وإن عدتم عدنا) حيث وعد الله تعالى بإعادة العذاب على بني إسرائيل عند عودتهم إلى الكفر والمعصية، مثبتا أن كل ما يقع الآن ويقع لاحقا من عذابات لهذه الشرذمة إنما هو تحقيق لهذا الوعد الإلهي الذي لا يُخلف.
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[12 Feb 2009, 01:12 ص]ـ
أخانا الكريم حفظك الله.
بحث طيّب، وجهد مشكور، والخلاف في الرأي لا يُنقص من قيمة البحث، كما أنه لا يُفسد للودّ قضية.
وقبل البدء بالكلام، أحمد الله وأصلي على رسوله وعلى آله وصحبه وأسلّم تسليماً كثيراً، وبعد:
فإن الخلاف في تفسير هذه الآيات التي كنتَ – أيها الحبيب - بصدد الحديث عنها خلاف سائغ – على ما نزعمه -.
والصحيح - ابتداء – أن الدكتور المغامسي حفظه الله ليس أوّل الذاهبين إلى هذا الرأي، وليس كذلك الشعراوي متفرّدا به، بل جمهور من كتب في هذا الموضوع، وفسّر هذه الآيات من علماء التفسير المعاصرين على هذا القول - أقصد تفسير أحد الإفسادين وخصوصا الثاني بأنه في هذا العصر – والكتب في المكتبات بيننا لإثبات هذا الأمر -.
ومن أكابر من ذهبوا إليه منهم: فضيلة الدكتور العلامة فضل عباس حفظه الله، وكذلك الدكتور أحمد نوفل، وقد سطّر في ذلك بحثاً مسدّدا، وكذلك الدكتور صلاح الخالدي في كتابه الرائق "حقائق قرآنية حول القضية الفلسطينية"، وغير هؤلاء الأكابر، حتى ممن معنا من علماء الملتقى المبارك، ومن المتخصصين في التفسير.
وأرجو أن لا تحمل - أي أُخيّ – تَعدادي لهذه الأسماء على الاحتجاج بقولهم والاستدلال بها على صحّة ما ذهب إليه الدكتور المغامسي، ومن قبله الشعراوي – على ما بيّنتَ -.
وإنّما أردت بيان كون هذا الرأي مشهورا بين المتخصصين والمفسرين من المعاصرين.
ولا أحسب أن من المنهج المعتدل المستقيم تسفيه ما ذهب إليه هؤلاء، فإنهم هم أهل هذا الشأن، وحملة هذا العلم، وفي الحديث (يحمل هذا العلم من كلّ جيل عدوله).
وأمام هذا الطعن الذي أوردتَه على هذا القول فإنه يليق بي أن أسجّل ما يأتي:
- أن ادعاء كون الإفسادين مما مرّ قبل الإسلام محلُّ إجماع دونه "لبن العصفور"، وبيانه:
• أنك إذ نقلت ما تيسّر من أقوال المتقدمين في هذه المسألة، فإن ذلك لا يكفي في إثبات أن أحداً من أهل العلم لم يقُل بغيرِه، خصوصاً وأن أحدا لم ينقل الإجماع صراحة.
فما أدري أين هو الإجماع "المزعوم"؟ وما أدلّته؟ ومن نصّ عليه من أهل العلم – صراحة -؟
فإن لم تأتنا بذلك فلا دليل لك به علينا؟ وكيف يكون؟
• أنه وإن سلّمنا أنه لم يقل أحدٌ من السلف بهذا القول الذي ذهب إليه جمهور المعاصرين من المتخصصين في التفسير، فإن الخلاف الذي وقع بين السلف في تحديد محلّ الإفسادين تماماً يسوّغ الاجتهاد في تحديد موضعهما.
فإن السلف قد اختلفوا في تحديدهما ولم يتفقوا، فمن قائل بأن الإفساد الأول هو قتلهم "زكريّا"، ومن قائل بأنه قَتْلهم "شعيا"،ومن قائل بأنه قتْلهم "يحيى بن زكريا" عليهم السلام.
وفي تفسير العباد "أولي بأس الشديد" أكثر من خمسة أقوال منقولة عن السلف. (انظر: زاد المسير، لابن الجوزي، ص:734).
وقد اختلفوا كذلك في تفسير الإفساد الثاني على أقوال عديدة. (انظر المرجع السابق).
وقد سُقتَ – حفظك الله – شيئا من الاختلاف بينهم في تحديد مفردات هذه الآية ومسائلها، وما لم يُنقل من الخلاف ههنا أكثر.
(يُتْبَعُ)
(/)
والمقصود: أن تفسير الآية موضع خلاف لا موضع إجماع؛ وكيف يكون الخلاف "إجماعا" في صورة من الصور؟؟
ولعلك أردتَ أن الخلاف الذي وقع بينهم لا يخرج عن الأقوال المذكورة، وكلها مما يذهب أصحابها إلى أنها مما مرّ قبل الإسلام، على خلاف في التحديد؟
والذي يتوجّه عليك عند هذا سؤالٌ، بيانه:
أنّ مثل هذا "الخلاف" الذي ادّعيته "إجماعاً"؛ هل ينهض للاحتجاج القطعي الذي لا تجوز مخالفته؟
أقول: في هذه المسألة خلاف بين الأصوليين، فبعضهم اعتبره إجماعاً؛ بحيث لم يجيزوا الخروج عن مجموع هذه الأقوال، ويبقى التّخيّر بينها.
وذهب آخرون إلى أنه ليس كذلك، وأنه لا يمكن للخلاف أن يكون إجماعاً.
والوجه:
أن مثل هذا "الخلاف الإجماعي" ليس "إجماعاً" حقيقة، بل إن في إطلاق الإجماع عليه نوعُ تجوّز!!
وهذا تقرير الخلاف في هذه المسألة.
فإن أخذتَ بقول أخذنا بالثاني، والأمر قد اختلف فيه أكابر الأئمة، وما وسع أولئك الكبار يسعنا!!
على أيّ حال؛ فإن المقصود ههنا مرّة أخرى: إثبات أن الأمر فيه فسحة في قبول الخلاف في تفسير هذه الآيات، وكونها ليست قطعية يجب التزام قول معيّن فيها.
حتى إذا قرّرتُ جواز الخلاف في تفسير الآية، وبيّنت أنها من المسائل التي هي محلّ النظر والتدبر يجدر أن أشير إلى أن ثمّة ما يضعّف تفسير المتقدمين لهذه الآيات، ويدلّ على ما ذهب إليه جمهور المعاصرين من المفسرين مما عزوتَه إلى الشيخ الشعراوي والدكتور المغامسي.
وقد نصّ هؤلاء على مآخذهم في قولهم وأدلّتهم فيه؛ فلتُنظر، وليُرجع إليها.
فإن الحجّة بقول الله، وبقول رسوله صلّى الله عليه وسلّم لا بقول أحد آخر.
كما أنني أجد المقام يوجب أن أذكّر بأنّ ترك قول المتقدّمين إلى قول المعاصرين ليس تقليلا من شأن المتقدمين، ولا زعماً بأن المتأخرين أكثر علماً منهم! وكيف يكون ذلك تقليلاً من شأنهم وقد اتفق أهل العلم على جواز ترك قول الفاضل إلى المفضول إذا اقتضى الدليل ذلك.
خصوصاً، وأن قدماء المفسرين اعتبروا معطيات عصرهم من ذلّة اليهود وضعفهم، ولم يكن ليخطر ببال أحدٍ منهم إمكان دول الدولة لهم على المسلمين.
ثم إن من الغريب – فعلا – أنك اعتبرت السياق عاضداً لما انتصرت له، على الرغم من وضوح دلالته على قول المتأخرين، ومطابقته الشديدة له، وشهادة التاريخ كذلك.
وإذا اتّسع وقتي أعود لأبيّن طرفاً مما فتح الله به في تفسيرها، إن شاء الله تعالى.
لكن مقصودي من مداخلتي هذه، التدليل على كون المسألة محل اجتهاد لا قطع.
لكن لي تعقيبا على وقفتك مع حال إخواننا في غزة الذي ختمت به كلامك وفقك الله ...
ذلك أني لمست شيئا من التعريض بإخوانك، مما قد أسميته ميلا إلى الروافض وموالاتهم والبدع ...
ولن أقف مع هذا الأمر، ولا أحسب أن هذا الملتقى العلمي معدٌّ لمثل هذه النزاعات، ولن أناقش في هذه المسألة ههنا.
لكنني لم أجد من اللائق أن تحمل ما يتعرّض له الأهل بغزة في سبيل الله وبتمسّكهم بخيار الإسلام، أن تجعله مما جَنَتْه أيديهم من ترك أمر الله، والابتداع وموالاة الروافض.
وهل حوصر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالشِّعب ثلاثا من السنوات بسبب ذلك؟
وهل يضيّق على المؤمن ويعادى في دينه بسبب ذلك؟؟ أم أنه يبتلى ويُختبر ثباته، ويمتحن في ادعائه الإسلام؟
(أحسب الناس أن يُتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون)، وقال تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين)
قد وقع في قلبي أن ادّعاء ما يُصيبهم في سبيل الله هو بسبب ذنوبهم ضربٌ من التألّي على الله!! يستلزم الرجوع والاستغفار!!
[/ size][/font]
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[12 Feb 2009, 08:36 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل كنت أتمنى أن توثق ماذكرت من كلام للشيخ صالح برابط صوتي إذا كانت مسجلة لديك ليتأكد المشايخ من كلام الشيخ صالح حفظكما الله جميعا وسدد خطاكم
ثم أليس من الأفضل والأولى بين طلبة العلم هو مناقشة المسائل العلمية بينهم قبل نشرها على العامة أمثالي فالشيخ صالح حي يرزق وعنوانه منتشر في الأنترنت فليتك اتصلت به أو راسلته قبل تحرير المسألة فلربما لديه ما يقوله في هذا الأمر ..
(يُتْبَعُ)
(/)
أخي الحبيب إن جانب ماكتبته الصواب فأرجو أن تلتمس لأخيك العذر وجزاك الله خيرا على غيرتك على دين الله
قال تعالى (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء) الفتح29
أخي لم يخطئ الباحث في عرض هذا الموضوع أبدا
ولا بد كي نرقى بتفكيرنا أن نفرق بين التقدير والتقديس؟؟
وهذا المنتدى للمتخصصين وليس للعامة كما تعلم حفظك الله ...
ثم لماذا يرد على أئمة المذاهب الأربعة دون بأس أما غيرهم فلا وانتبه وإياك ... كأن غيرهم معصوم!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[سؤال]ــــــــ[12 Feb 2009, 11:46 ص]ـ
أستأذن صاحب الموضوع وجزاكم الله خيرا
أخي لم يخطئ الباحث في عرض هذا الموضوع أبدا
أخوك لم يخطيء الكاتب حفظك الله وبارك فيك ولست أهلا لذلك فهنا وهناك من العلماء من يستطيع أن يحكم إن كان في هذا الموضوع خطأ أو غيبة أو بهتان أو تسرع أو غير ذلك من الأمور التي ترضي الله سبحانه وتعالى أو تغضبه ..
ولا بد كي نرقى بتفكيرنا أن نفرق بين التقدير والتقديس؟؟؟؟؟؟
من قدس من في هذا الموضوع؟
وهذا المنتدى للمتخصصين وليس للعامة كما تعلم حفظك الله ... ؟؟؟؟؟؟؟؟ [/
للأسف لم أكن أعلم بأن هذا الملتقى يمنع العامة من المشاركة فاعذرني وليعذرني المشايخ الأفاضل
وأخوك شارك في المنتدى لسببين:
الأول: أدعو الله أن ارتقي وأكون من المتخصصين ومن أهل القرآن
الذين هم أهل الله وخاصته ومشاركتي في هذا الملتقى من الأسباب إن شاء الله تعالى
الثاني: استجابة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (فقال: ملك من الملائكة: إن فيهم فلاناً ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال: فهم الجلساء لا يشقى جليسهم))).
ثم لماذا يرد على أئمة المذاهب الأربعة دون بأس أما غيرهم فلا وانتبه وإياك ... كأن غيرهم معصوم!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟ [/
أحسنت أحسن الله إليك فمن منهج أهل السنة والجماعة أنهم لا يتعصبون لأي كائن من كان سوى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكما يعلم فضيلتكم كل يؤخذ منه ويرد إلا محمد صلى الله عليه وسلم وكلامك هذا ذكرني بقول العز بن عبدالسلام - رحمه الله تعالى - (((من
العجب أن الفقهاء المقلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا، ومع هذا يقلده فيه ويترك الكتاب والسنة والأقيسة الصحيحة لمذهبه على تقليد إمامه بل يتحلل لدفع ظواهر الكتاب والسنة ويتأولها بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلده))
الشيخ العالم صالح المغامسي مريض بالقلب فأوصيكم ونفسي بالدعاء له ولكل مريض
قال تعالى {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} الفتح29
ـ[أريج الأقحوان]ــــــــ[12 Feb 2009, 12:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الفاضل كنت أتمنى أن توثق ماذكرت من كلام للشيخ صالح برابط صوتي إذا كانت مسجلة لديك ليتأكد المشايخ من كلام الشيخ صالح حفظكما الله جميعا وسدد خطاكم
ثم أليس من الأفضل والأولى بين طلبة العلم هو مناقشة المسائل العلمية بينهم قبل نشرها على العامة أمثالي فالشيخ صالح حي يرزق وعنوانه منتشر في الأنترنت فليتك اتصلت به أو راسلته قبل تحرير المسألة فلربما لديه ما يقوله في هذا الأمر ..
أخي الحبيب إن جانب ماكتبته الصواب فأرجو أن تلتمس لأخيك العذر وجزاك الله خيرا على غيرتك على دين الله
قال تعالى (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء) الفتح29
أنا أوافق أخانا"سؤال",وهذا لا يعني أني أخالف صاحب الموضوع .. فجزاه الله خيراً على ما نبه عليه, وعلى البحث الذي قام به, مما يدل على حبه لله, وغيرته على دينه,
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن الشيخ الفاضل"صالح المغامسي"حفظه الله وشفاه, وطيب ممشاه, قد يكون له أصل عاد إليه, أو قد يكون قاس الواقع الآن على الآية؛ لاختلاف المفسرين قديماً وحديثاً في تأويل المرتين ...
فأرى أنه كان ينبغي أن يسأل عن سبب ترجيحه لهذا القول, ثم بعد ذلك يطرح الموضوع حتى يكن الكل على بينة,,وحتى لا يفتح المجال لمن يهوى الطعن في طلاب العلم والعلماء ..
والله أعلم .... ونعوذ بالله من الشيطان, وهمزه, ونفخه, ونفثه,,
وأتمنى أن تعود المياه لمجاريها, وألا يحمل أحد في نفسه على الآخر ...
وعذراً: أرجو ألا يغضب مني أحد ... قولي مجرد رأي!!!
ـ[أبو عبدالوهاب]ــــــــ[14 Feb 2009, 12:59 ص]ـ
بل ما ذكره الشيخ صالح المغامسي هو الأقرب - والله أعلم -.
وآراء المفسرين السابقين ليست عليها أدلة قطعية في أن الإفسادين قد حصلا.
وفي الآيات الكريمة قرائن تؤيد ما ذهب إليه الشيخ صالح المغامسي منها:
- أن إفساد بني إسرائيل مصحوبٌ بعلو كبير وهذا ما يظهر في زماننا فإن لهم تأثيراً كبيراً على الأمم المتحدة وعلى الدول الغربية بل حتى على كثير من الدول العربية لا يخفى تأثيرهم، وكذلك تسلطهم على وسائل الإعلام العالمية، وما حدث في غزة مؤخراً من إفسادهم وقتلهم وتدميرهم و العالم يتفرج عربه وعجمه، و لكن الله أبطل مكرهم وكيدهم ولم يمكنهم من التوغل داخل غزة وقد كانوا يريدون ذلك.
- وفي التاريخ لم يرد لبني إسرائيل علو مصحوب بإفساد كهذا الذي يحدث في زماننا، فإن قيل فأين ملك داود وسليمان عليهما السلام فالجواب أنه ملك عظيم لكنه لم يكن مصحوباً بإفساد.
- كما أن الآيات فيها قرينة على أن الذين يدخلون المسجد في المرة الثانية هم نفسهم الذين دخلوه في المرة الأولى، (كما دخلوه أول مرة) وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وبختنصر وقومه لن يدخلوا المسجد مرة ثانية ... ولم يذكر تاريخياً أن هناك من قاتل اليهود مرتين ودخل عليهم المسجد مرتين ... (حسب معلوماتي) - والله أعلم -.
ثم هناك قرينة أوضح و هي أنها ذكرت بصيغة المستقبل (لتفسدن) و قد يرد قائل بأن هذه الصيغة المستقبلية هي ما نصت عليه التوراة والجواب على هذا بأنه لو كان قد حدث فلِمَ لم يأت الخبر في الآية التي تلتها بصيغة: فلما جاء وعد أولاهما بدلاً من فإذا جاء .. ؟ .... فإن (إذا) تدل على حدوث الشئ مستقبلاً ...
ولو أن هذا الإفساد حدث قبل بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لربما ورد في قصص بني إسرائيل المذكورة في القرآن فقد ذكر الله قصصهم منذ البداية وقصص أنبيائهم (موسى، يوشع، داود، سليمان، عيسى) عليهم السلام، وحدث كهذا (دخول المسجد و علوهم في الأرض) لو كان حدث قبل بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لربما ذكرت تفاصيله في القرآن الكريم أو في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم .. أو على الأقل لتحدث به أحبارهم الذين عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم كعبدالله بن سلام رضي الله عنه.
والله أعلم، واستغفر الله إن كان في قولي خطأ.
ـ[لطفي الزغير]ــــــــ[14 Feb 2009, 02:19 م]ـ
بارك الله في الأخوة جميعاً وحياكم الله.
لا أدري كيف استطاع الأخ كاتب الموضوع أن يقول ما قال في مسألة هي من أكثر المسائل اختلافاً في الرأي فمن ذاهب إلى أن الإفسادين حدثا قبل البعثة، ومن قائل إلى أن أحد الإفسادين حدث قبل البعثة وثانيهما يكون بعد البعثة، إلى قائل بأن الإفسادين سيكونان بعد البعثة وهكذا ..... ولو أردنا أن نستعرض الأقوال في هذا لطال المقام.
فهل يمكن أن نحكم على هذا التفسير وهذا الاختلاف بأن ثمة إجماع في شأنه؟؟!!!
وما ذهب إليه المغامسي وافقه فيه عدد لا بأس به من العلماء والمتخصصين كما تكلم الأخوة قبلي، ولعل آخر من كتب في هذا الأمر هو الدكتور عمر سليمان الأشقر في كتاب لم يطبعه بعد ذهب فيه إلى أن الإفساد الثاني لم يحدث بعد ونحن نعيش إرهاصاته.
أما توجيه الكاتب الأخير لأهل غزة فهو بحاجة لمشاركة ثانية والله الموفق.
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[14 Feb 2009, 07:13 م]ـ
ذكر الشيخ صالح المغامسي في برنامجه "محاسن التأويل" في تفسيره لسورة الإسراء أقوالا كا فية لسرد أدلته وترجيحه لما ذهب إليه ..
ثم إني لا أظن أن برنامج القطوف الدانية كان كافياً لذلك ..
(يُتْبَعُ)
(/)
قال في تفسير (وانصح بالعودة للحلقة في محاسن التأويل كاملة فقد اختصرت المتعلق بما نقلت، وآمل نقل ما ذكره الشيخ كما نقلت الموضوع للفائدة لك ولكاتب الموضوع)
اللهُ جل وعلا هُنا يقول: (وَقَضَيْنَا)
والقضاء -أيُها المُبارك- في القرآن ورد بصيغ يجبُ أن تُحرّرها حتى تفهم:
- ورد القضاء بمعنى الخلق في قولهِ سُبحانه (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} فصلت 12) أي خلقهُن سبع سماوات.
- وورد القضاء بمعنى الحُكم ({إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ} النمل78) أي يحكُم.
- وورد القضاء بمعنى الأمر ومنهُ قول الله جل وعلا (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) ما معنى وقضى ربُك؟ أي أمر ربُك.
هُنا الله جل وعلا يُخبر أنهُ قدّر وأخبر بني إسرائيل بقدره أنّ لهُم علُوان في الأرض يصحبُهما إفسادان وأنّ الله جل وعلا سيُعليهِم ذات مرة ثم يردُ كيدهُم بواسطة عبادٍ له ثم يجعل الغلبة مرةً أُخرى لبني إسرائيل ثم يردُ الكرة عليهِم وتكونُ كرة أخيرة إذ ظاهرُ القرآن أنهُ لا يكونُ لهُم بعدها ظهور.
ما الذي اتفق عليهِ المُفسرون وما الذي اختلفوا عليه؟
اتفقوا وهذا واجب الاتفاق إن هناك مرتين يعلو فيها بني إسرائيل وهذا نص القرآن (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً) وأنهُم مرتين أُخريين يُقهرون لكنّ السؤال الذي أشكل على الناس:
هل وقعَ هذين العلوين وانتهى هل وقع هذان العلوان وانتهيا أم لم يقع، هل وقع أحدهُما وبقي الآخر؟
بكُلٍ قال العلماء -وسنذكُر بعض الأقوال دون النظر إلى من قال بها ثم نُبين أين الإشكال في الآية الذي يرُدها-
قال بعضُ العُلماء إن كلا الأمرين وقع قبل الإسلام وهذا الجوابُ يُردُ عليهِ بالقرآن:
أن الله ذكر المسجد ولا يُعلم حسب تاريخ اليهود أن فريقاً واحداً حاربهُم حول المسجد لأن الله يقول (وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فالله يتكلم عن طائفة واحدة.
والسابقون يقولون إنهُ جالوت على قول.
وقول إنه بُختنصر ملك بابل ستة قرون تقريباً قبل الميلاد هذا الذي يدفع القول أنهُ ماذا؟ أنهُ قد سبق.
وبعض الناس يقول لا، حصل الأول والثاني لم يحصُل وسيحصُل في زماننا هذا على ما نحنُ فيهِِ من علو بني إسرائيل الموجود عالمياً اليوم وهؤلاء يقولون إنّ العلو الأول قد ظهر لكن يبقى السؤال على يد من قُهروا؟
فإذا قُلنا أنهُ قبل الإسلام لا يستقيم هذا مع القرآن لأن القرآن كما قُلنا يتكلم عن طائفة واحدة لأن الله يقول (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً {4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً {5} ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ) على من؟ على الأولين الذين جاسوا خلال الديار (وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً)
ثم قال جل وعلا (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) ثم ذكر الثانية (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فهم نفسُ الطائفة.
إذاً يُفهم من الآية أن الآية تتحدث عن صراع اليهود مع طائفة واحدة ومعلومٌ قطعاً أن عُمر الخطاب فتح القُدس سلماً أو حرباً؟ سلماً.ولم تكُن القُدس أيام عُمر تحت حُكم اليهود إنما كانت تحت حُكم النصارى ويوجد قصيدة ذائعة أظُنّها لشاعر الفلسطيني خالد أبو العمرين التي فيها:
اضرب تحجّرت القلوبُ فمالها إلا الحجر
اضرب فمن كفيك ينهمرُ المطر
في خان يونس في بلاطة في البوادي والحضر
من فتية الأنفال والشُورى و لُقمانٍ وحُفاظ الزُمر
الذي يعنيني منها أن الأبيات لها لازمة تتردد أدبياً فيها يقول:
في القُدس قد نطق الحجر
لا مؤتمر لا مؤتمر
أنا لا أُريد سوى عُمر
طبعاً يقصد هو لا مؤتمر لا مؤتمر للسلام مؤتمر النرويج أو سلو هذا قصد الشاعر.
هذا قصدُ الشاعر لكنّ الشاعر هنا فيما أعلم أنهُ فلسطيني ولستُ مُتأكداً لكن يدُل على أنهُ لم يحفظ السياق التاريخي لماذا؟ لأن قولهُ
لا مؤتمر لا مؤتمر أنا لا أُريدُ سوى عُمر
خطأ علمي، أين الخطأ العلمي؟
(يُتْبَعُ)
(/)
أن عُمر دخلها سلماً ولم يدخُلها حرباً دخلها ماذا؟ دخلها سلما ونزعها من النصارى بالسِلم لم ينزعها من اليهود بالحرب وأنت تتحدث عن اليهود وتتحدث عن الحرب هذي يجب استصحابُها ..
نعود للآيات:. هذا يدفُعنا إلى أُمور عدة قُلنا هذا قول.
قال آخرون: الإشكال كذلك في قول الله جل وعلا (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ) وعسى من الله واجبة يقول المُفسرون وهذا يدُل على أنهُم داخلون في الرحمة ومعلومٌُ أن اليهود بعد الإسلام لا يُسمّون يهوداً إذا امنوا سيُسمّون مُسلمين فلا يُمكن أن تصلهُم رحمة وهم كُفار الرحمة بمفهومها الخاص والله يقول (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا) فقال بعضهُم: أنهم كُلما عادوا للإفساد عاد اللهُ جل وعلا لتذليل والتنكيل بهِم ويستشهدون بأنهُم في عصرنا هذا ظهر إفسادهُم فسلّط الله عليهِم هتلر هذهِ كُلها أقوال منثورة لكنها إذا طُبقت على الآية ومع السياق التاريخي ما يُمكن تتفق والذي يترجح عندي واحدة:
أن (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً) ليس لها علاقة باليهود هذهِ الآية ليس لها علاقة بما قبلها مُنفكة لا تتحدث عن بني إسرائيل لأن عسى من الله واجبة والله قد علم أن اليهود لن تعود لدين الإسلام والتاريخ يشهد على هذا وسنُقاتلهُم حتى قُبيل قيام الساعة ولو عادوا لما سُمّو يهود فـ (عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا) المُخاطب بها كُل من ءامن بالقرآن هذا الذي أفهمهُ من الآية هذي أكادُ أجزم بها وإن قُلت في بعض الدروس أن المُفسرين يقولون (وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا) أي كُلما عُدتم للإفساد عُدنا لتنكيل والعذاب واستشهدوا بقضية هتلر وقالوا فسدوا في أول الزمان فسلّط اللهُ عليهِم نبيهُ وأصحابه فأخرجوا بني النظير و بنو قينُقاع وبني قُريظة لكن قُلنا هذا لا يستقيم مع الآيات،، الآيات تتحدث عن مسجد لا تتحدث عن شيءٍ عام
هذا يدفُعنا للحديث في أُمورٍ كثيرة والذي يظهرُ - أتوقف أنا لا أستطيعُ أن أجزم- لكن يظهر أن كلا الإفسادين و العلوّين لم يقع ربُما -والعلمُ عند الله- وقد قال بهذا بعضُ المُؤرخين المُعاصرين أن ما يحصُل الآن هو العلوّ الأول لبني إسرائيل ثم فيما يبدو -والعلمُ عند الله- أنهُ يتمُ إخراجهم من المسجد الأقصى دون أن تذهب دولتهُم بالكُلية بمعنى إلى حدود قبل 67 ثم بعد ذلك فيما يظهر -ظاهر القرآن- أنهُم يستعينون بقوى العالم فتُعينهُم فيُخرجون المُسلمين من المسجد الأقصى ثم إنّ الله جل وعلا يُهيأ للأُمة آنذاك من يردُ كيد اليهود وهي الملحمة الأخيرة التي فيها الحديث ستُقاتلون اليهود وفيها نطقُ الحجر والشجر إلا الغرقد [واضح] هذا الذي يبدو -والعلمُ عند الله-.
دولةُ إسرائيل المُعاصرة سُميت بإسرائيل نسبةً يعقوب الذي من ذُريته وقد أُعلنت عام 1948م والذي أعلن من رُؤساء إسرائيل قيام الدولة بنقريون أول زعيم إسرائيلي وفي مطار هناك باسمهِ بعد 11 دقيقة من إعلان بنقريون قيام دولة إسرائيل أعلن تومان الرئيس الأمريكي آنذاك اعتراف الولايات المُتحدة الأمريكية بقيام دولة إسرائيل بعد كم؟ إحدى عشر دقيقة بالضبط على إعلان بنقريون قيام دولة إسرائيل مما يدُلُ على أن الأمر كان مُتفقاً عليهِ وهذا أمرٌ لا يحتاجُ إلى شرحاً ولا دليل.
حين ذاك لم يكُن المسجد الأقصى مدينة القُدس لم تكُن تحت حُكم دولة إسرائيل عام 48 كانت تل أبيب وما حولها ولم تدخُل ما يُسمّى الآن بالضفة الغربية وقطاع غزة في الحُكم الإسرائيلي.
ثم حدثت حرب خمسة حُزيران 67 م في تلك الحرب دخلت القُدس وبالتالي المسجد الأقصى في حُكم بني إسرائيل فيُصبح الإفساد المقصُود بهِ في الآية هو الحيلولة بين الناس وبين المسجد الأقصى.
(وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً).
هذا ما قاله الشيخ صالح المغامسي في برماج محاسن التأويل والبرنامج متوقف له سنة،، فالحلقة قبل أحداث غزة الأخيرة وقبل حلقة القطوف الدانية ..
*منقول للفائدة والإبضاح*
ـ[عبد الله المدني]ــــــــ[14 Feb 2009, 09:22 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله في الإخوة جميعا وجزاهم كل خير .. وإنما أنصح نفسي وأحبتي من طلبة العلم بخصلتين يحبهما الله ورسوله، هما: الحلم والأناة. فمشكلة بعض الإخوة التسرع في إصدار الأحكام، دون تأن ولا ترو ولا جمع لأطراف الموضوع. وهو ما يخالف الأناة. والثانية: الشدة والغلظة في معاملة أهل العلم! وهو ما يخالف الحلم. ويا حبذا لو تكرم كل من كتب شيئا بإعادة قراءة ما كتب! ليرى ما موقع كلامه من الحلم والأناة؟
وفي الختام أقول إنني سعدت بما كتبه جميع الإخوة بمن فيهم حبيبنا أبو صالح المدني. لكني أقول، والحق إن شاء الله أقول: لقد أُعْجِبْتُ بالدقة العلمية التي كتب به الأستاذ رأفت المصري. فلله دره! وهذا لا ينقص عندي من قدر الأخ أبي صالح المدني، كلا وحاشا. وإنما أنصح نفسي وإياه بالتأني في إصدار الأحكام، وبالحلم في مخاطبة أهل العلم. فلقد أكثر من التعجيب منهم! والتسفيه لآرائهم؛ مما يشعر القارئ بما يشبه التحامل عليهم! غفر الله لنا جميعا! وألهمنا مراشدنا! وجعلنا وإياكم من الراشدين!
أخوكم عبد الله المدني المغربي عفا الله عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن النافع]ــــــــ[15 Feb 2009, 06:45 م]ـ
الشيخ صالح ذكر هذا القول قبل محاسن التأويل كذلك، ذكره في تأملات قرآنية و أطال فيه، و كذلك في شريط له آخر مفرد، و في تأملات قرآنية أطال و رد على الأقوال الأخرى. فليراجع.
و مما أذكره أنه استدل بعلو يهود و انهم لم يعلو إلا في هذا الزمن.
أن ما ذكر من الإفساد في الماضي لم يكن من اليهود و إنما من المشركين عامة و الآية في اليهود.
هذا ما أذكره من قوله إن لم تخني الذاكرة
ـ[وليد الزامل]ــــــــ[16 Feb 2009, 12:49 ص]ـ
للشيخ شريط اسمه (وإن عدتم عدنا)
اطال فيه الحديث عن هذا الموضوع
ـ[أبو صالح المدني]ــــــــ[16 Feb 2009, 10:52 ص]ـ
أولا: أشكر جميع الإخوة الذين شاركوا في هذا الموضوع، وأسأل الله أن تكون مشاركاتهم لوجه الله، وأن يكونوا تحروا الصواب في ذلك.
ثانيا: أسأل الله أن يشفي الشيخ صالح المغامسي ويعافيه، وليعلم أني لم أكتب ما كتبت بغضا للشيخ أو تحاملا عليه، بل أنا من المستفيدين منه ومن علمه.
ثالثا: أتراجع عن قولي: (فاستغربت كلامه وترجيحه لقول بدون أن يذكر حجته في ذلك، وكذلك استبعاده للقول الثاني بدون أن يذكر حجة لذلك)، وأشكر جميع الإخوة الذين نبهوا على المواضع التي ذكر فيها الشيخ حججه في الموضوع.
ـ[أبو صالح المدني]ــــــــ[16 Feb 2009, 11:05 ص]ـ
أما بالنسبة للمسألة التي معنا:
فأولا: أقول كما قال الشيخ عصام العويد: (قول ليس له سلف لا بركة فيه).
ثانيا: نحن -أعني: أهل السنة والجماعة - نفهم الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، وقد ورد عن ابن عباس ترجمان القرآن، وعلي وابن مسعود وغيرهم من السلف ممن نقلت أقوالهم ما يكفينا ويغنينا.
ثالثا: الاتفاق الذي نقلته ليس في تحديد الإفسادين أو تحديد القوم المسلطين عليهم كما لبس به بعض الإخوة هداهم الله، وإنما نقلت الاتفاق على أن الإفسادين قد وقعا، وأن القوم المسلطين قوم كفار، ولم أقل ذلك من تلقاء نفسي، وإنما قاله الشيخ السعدي رحمه الله.
ثم الاتفاق السابق المنعقد، هل ينقضه الاختلاف الطارئ المعاصر، الذي لم نسمع به إلا في القرن الخامس عشر؟؟؟
رابعا: قول بعض الإخوة: (جمهور المعاصرين) فأين من هؤلاء الجمهور أئمة التفسير المعاصرين (السعدي، وابن عاشور، والشنقيطي)!!!؟ وقد نقلت أقوالهم.
ثم هل من ذكرت من جمهور المعاصرين يبلغ علم هؤلاء الأئمة أو يقرب منهم؟؟!!
أرجو من الجميع التأمل في الموضوع دون النظر إلى القائل.
وأسأل الله أن يلهمنا رشدنا ويقينا شر أنفسنا. والله الموفق.
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[16 Feb 2009, 06:35 م]ـ
أما بالنسبة للمسألة التي معنا:
فأولا: أقول كما قال الشيخ عصام العويد: (قول ليس له سلف لا بركة فيه).
ثانيا: نحن -أعني: أهل السنة والجماعة - نفهم الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، وقد ورد عن ابن عباس ترجمان القرآن، وعلي وابن مسعود وغيرهم من السلف ممن نقلت أقوالهم ما يكفينا ويغنينا.
ثالثا: الاتفاق الذي نقلته ليس في تحديد الإفسادين أو تحديد القوم المسلطين عليهم كما لبس به بعض الإخوة هداهم الله، وإنما نقلت الاتفاق على أن الإفسادين قد وقعا، وأن القوم المسلطين قوم كفار، ولم أقل ذلك من تلقاء نفسي، وإنما قاله الشيخ السعدي رحمه الله.
ثم الاتفاق السابق المنعقد، هل ينقضه الاختلاف الطارئ المعاصر، الذي لم نسمع به إلا في القرن الخامس عشر؟؟؟
رابعا: قول بعض الإخوة: (جمهور المعاصرين) فأين من هؤلاء الجمهور أئمة التفسير المعاصرين (السعدي، وابن عاشور، والشنقيطي)!!!؟ وقد نقلت أقوالهم.
ثم هل من ذكرت من جمهور المعاصرين يبلغ علم هؤلاء الأئمة أو يقرب منهم؟؟!!
أرجو من الجميع التأمل في الموضوع دون النظر إلى القائل.
وأسأل الله أن يلهمنا رشدنا ويقينا شر أنفسنا. والله الموفق.
جزاك الله خيرا ونفع بعلمك المنتدى خاصة والمسلمين عامة
ـ[ابو الحارث الشمري]ــــــــ[16 Feb 2009, 07:24 م]ـ
] [] [O°^°O] [] [بسم الله الرحمن الرحيم] [] [O°^°O] [] [
] [] [O°^°O] [] [الرجاااااء المسااااااااعدة] [] [O°^°O] [] [
«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®» سلام عليكم أخوتي ورحمة الله وبركاته ... «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»
سؤال لأهل الاختصاص:
هل في القرآن معاني لا يعلمها إلا الله؟؟
أو بصيغة أخرى هل يخلو أحد من معرفة القرآن كله؟؟
و جزاكم الله خيرا"
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[16 Feb 2009, 10:08 م]ـ
لقد شغلتني هذه الايات كما شغلت غيري وقد كتبت في هذا بحثا نشرته في المجلة الاردنية في الدراسات الاسلامية وعنوانه طلائع الاعجاز الغيبي في طوالع سورة الاسراء واظنني اجبت فيه عن كثير من التساؤلات المطروحة وكنت اود ان اطرحه هنا لكن الايقونة التي فيها اضافة ملفات في المشاركة مختفية ولا ادري اين ذهبت
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[17 Feb 2009, 01:06 ص]ـ
لقد شغلتني هذه الايات كما شغلت غيري وقد كتبت في هذا بحثا نشرته في المجلة الاردنية في الدراسات الاسلامية وعنوانه طلائع الاعجاز الغيبي في طوالع سورة الاسراء واظنني اجبت فيه عن كثير من التساؤلات المطروحة وكنت اود ان اطرحه هنا لكن الايقونة التي فيها اضافة ملفات في المشاركة مختفية ولا ادري اين ذهبت
راسل الأستاذ نايف الزهراني أو الشيخ الدكتور عبد الرحمن الشهري
وأضم صوتي لصوتك للاستفادة من بحثكم في المنتدى المبارك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[17 Feb 2009, 02:10 م]ـ
هذا هو البحث وارجو ان يكون نافعا
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[18 Feb 2009, 11:29 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا جمال فقد استمتعت ببحثك القيم وكل كلمة فيه تجذب ما بعدها، وما استطعت أن اتوقف عند فكرة منه دون الحاقها بما بعدها حتى وصلت الى الدعوة بالتوفيق فقلت لك مثل ذلك
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[20 Feb 2009, 06:48 م]ـ
اني لاشكر لكم قراءتكم للبحث يا اخانا الدكتور فاضل ولكل من قراه وافاد منه واني لارجو ان يكون فيما قدمت فائدة او على الاقل ارجو ان اكون فتحت الباب للفائدة
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[20 Feb 2009, 07:16 م]ـ
بارك الله فيكم، وبارك الله تعالى في الأخ أبي صالح المدني.
مَنْ مِنَ السلف قال بالقول المعاصر هذا في تفسير هذه الآية؟
على حدّ اطلاعي على التفاسير في هذه الآية لم أجد أحدا فسر الكرة الثانية بأنها بعد لم تقع، ومع قول العلامة السعدي بالاتفاق في فهم هذه الآية، أليس الواجب ألا يخرج عن فهم السلف في فهم كتاب الله عزوجل؟
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[20 Feb 2009, 07:24 م]ـ
انا ذكرت في هذا البحث الذي وضعته هنا ان السلف لم يقولوا بمثل هذا القول لانهم لم يكونوا ليتصوروا مثل هذه الاوضاع التي نعيشها
والقول بعدم الخروج عن اقوال السلف في التفسير تضييق لا حجة له مع شديد الاحترام لما قالوه.
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[20 Feb 2009, 08:46 م]ـ
قال شيخ الإسلام في (مقدمة التفسير):
(من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك، كان مخطئاً في ذلك، بل مبتدعاً، وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه، ثم قال: فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم، فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعاً) اهـ.
قال العلامة العثيمين في شرح المقدمة:
(وهنا يجدر التنبيه إلي هذه المسألة المهمة فإن من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين
وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في هذا؛ بل يكون مبتدعاً وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه، يعني نحن نصفه بأنه مخطئ وبأنه مبتدع، لأن كل قول في دين الله لم يأت في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا في قول الصحابة والتابعين لهم بإحسان فهو قول مبتدع؛ لأنه محدث، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام: ((وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)).
أو في الأمور العلمية العقدية، فكل شيء مخالف لما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان فإنه قول مبتدع، وصاحبه مخطئ، ولكن هل يأثم هذا القائل؟ ينظر إذا كان مجتهداً باذلاً وسعه في طلب الحق ولكن لم يصل إليه فهو مغفور له، ولهذا قال الشيخ رحمه الله:
((وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه)).
قلنا الآن نظران: نظر إلى القول أو التفسير، ونظر إلي القائل أو المفسر، فالقول أو التفسير المخالف لما كان عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان هذا قول مبتدع باطل، وأما بالنسبة للقائل فينظر فإن كان قد بذل الجهد وسعى بقدر ما يستطيع إلى الوصول إلى الحق ولكن لم يتبين له إلا ما قال، فإنه يغفر له خطؤه لأن الله يقول:
(لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة:286)، فيعذر بهذا الخطأ، وهذه القاعدة تكاد تكون مجمعاً عليها، وإن كان الصحابة يختلفون في تفصيلها أحياناً لكن هي قاعدة أصيلة وأصل في هذا.
ورب سائل يقول: كيف يقال لمن عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم مبتدعاً وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه؛كما ذكر ذلك المؤلف رحمه الله؟
والجواب على ذلك: بأنه قال بقول ليس معروفاً عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وعلى ذلك فهو مبتدع في قوله هذا، ولكن لا نعطيه الوصف المطلق وإن كان مبتدعاً في ذلك.
ورب سائل يقول: بالنسبة إلي التفاسير العلمية التي تنظر للمكتشفات الحديثة، عندما يكون هناك تفسير لآية ليس هناك دليل شرعي عليه، بمعني حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن هنا أقوال عن الصحابة أو أقوال عن السلف في تفسير هذه الآية، وقد يكون أيضاً هناك أكثر من قول، ويأتي مفسر يستند في التفسير إلي جانب اللغة العربية أو المكتشفات الحديثة. فما هو القول في هذا؟ وهل يدخل في القاعدة السابقة فيقال عنه إنه مبتدع؟
والجواب: أنه إذا صحت دلالة القرآن عليه فليس بمبتدع، إذا كان لا يخالف قول السلف في ذلك، أما إذا خالف قولهم فإننا نقول: إنه مبتدع ونرده، لكن غالب ما تكون من هذه المكتشفات مسكوت عنه بالنسبة لمن سبق، لأنهم لم يطلعوا عليها، لكن قد يكون القرآن دل عليها بعمومه أما أن يدل عليها بخصوصها فهذا بعيد ولو دل عليها بخصوصها لكان الصحابة يدرون عنه وفسروه بها. فهذه الاكتشافات العلمية إذا صح أنها داخلة في الآية أما إذا لم يصح فهذا يجب أن يرد على قائله.
فمثلاً هناك من فسر الفتنة بالغزو الفكري، وهذا صحيح، كما أخبر بها الرسول صلي الله عليه وسلم: ((فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً))) اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[20 Feb 2009, 09:06 م]ـ
هذه النقول من هؤلاء الاعلام نقول غير مستندة الى اي دليل من الشرع فليس تفسير القران مقتصرا على فهم السلف والا لماذا امر الله عباده ان يتدبروا القران اذا كان غاية ما سيصلون اليه لا يجوز ان يخالف ما قاله السلف
وعلى كل كل اعتقد انا ان بسط هذه المسالة ليس هنا وقد سبق طرح هذه القضية في هذا الملتقى اكثر من مرة وارجو من الاخ ان لا يضيق واسعا
ـ[أبو صالح المدني]ــــــــ[21 Feb 2009, 11:49 ص]ـ
أشكرك أخي علي الفضلي على هذه النقول الذهبية.
وأرجو من الشيخ جمال أبوحسان أن يراجع كلامه الأخير، فإنه جد خطير، ويفتح الباب لكل من أراد التلاعب بكلام الله.
اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا.
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[21 Feb 2009, 12:57 م]ـ
هذه النقول من هؤلاء الاعلام نقول غير مستندة الى اي دليل من الشرع فليس تفسير القران مقتصرا على فهم السلف والا لماذا امر الله عباده ان يتدبروا القران اذا كان غاية ما سيصلون اليه لا يجوز ان يخالف ما قاله السلف
وعلى كل كل اعتقد انا ان بسط هذه المسالة ليس هنا وقد سبق طرح هذه القضية في هذا الملتقى اكثر من مرة وارجو من الاخ ان لا يضيق واسعا
ما هذا يا شيخ جمال عفا الله عنك لو قالها غيرك؟؟؟؟
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[21 Feb 2009, 02:48 م]ـ
ابدا ليس في كلامي اي خطر اذا فهم على وجهه وليس فيه فتح باب التفسير لكل احد كما فهم الاخ المعقب وللتفسير رجاله كما لكل فن رجاله فالمسالة عندي كما هي عند غيري محسومة وان اشتراط التفسير وعدم خروجه عن اراء السلف قول ليس له اي مستند شرعي سوى الوهم وان قال به بعض الفضلاء فلسنا نتعبد الله تعالى بقول غير قول الله ورسوله
وعلى المدعي لعدم جواز الخروج عن اقوال السلف في التفسير ان يعرض ادلته فان كانت قويمة رجعنا عما عندنا فلست من المتعصبين واحب الحوار الهادف
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[24 Feb 2009, 06:12 م]ـ
هذه مسألة طالت ذيولها، وقد كثرت فيها المسائل، وكنت منذ ألقي الموضوع أود أن أكتب فيه، لكن حالت دون ذلك الأشغال، والله الموفق والمبارك في الوقت والجهد.
وأحب أن ألقي بعض النقاط السريعة:
أولاً: إن تصوُّر عدم فهم السلف لمعنى من معاني القرآن يلزم منه لازم باطل، وهو أن تكون الآية (أو مقطع منها) قد جُهل معناها على من سبقنا، وهذا ـ بلا ريب ـ لو قال به قائل، فقد ادَّعى أن الله خاطب الصحابة بما لا يعلمون، وأنهم قد جهلوا معنى كلام الله المنزل على لسانهم.
ثانيًا: أن الإجماع قد وقع بوقوع الإفسادين، وإن اختلفت أقوالهم في تحديدهما، وهذه مسألة معروفة في الأصول في النظر إلى ما وقع عليه الاتفاق من أقوال العلماء، ولا أظن أن من اطلع على كلام السلف ينكر اتفاقهم على هذا القدر، وهو وقوع الإفسادين.
ثالثًا: أن الله سمى (المسجد الأقصى) إما باعتبار ما سيكون، فقال (إلى المسجد الحرام) قبل أن يوجد، وفي هذا دلالة غيبية على تسميته بهذا الاسم، وإما بكونه اسمًا له لأنه موضع سجود، وهذا محل بحث ونظر.
رابعًا: أن ما يريد المعاصرون إثباته من كون الإفساد الثاني هو الواقع الآن يوجد ما يدل عليه من القرآن، ولسنا بحاجة إلى تكلف تأويل الآيات لنجعل المرة الثانية لم تقع، فقد قال الله تعالى: (وإن عدتم عدنا)، وهذه تحتمل وقوع الإفساد مرَّات كثيرة، والله أعلم بغيبه.
والقول بدخول هذا الإفساد المعاصر في هذا المقطع من الآية يُبقي فهم السلف صحيحًا، ويَبقى للمعاصرين ما ذهبوا إليه، لكن من مدلول (وإن عدتم عدنا)،و بهذا لا حاجة إلى هذا النزاع في فهم هذه الآيات من سورة الإسراء.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[24 Feb 2009, 07:15 م]ـ
في مسألة الخروج عن أقوال السلف في التفسير يكثر الكلام والاختلاف بين المعاصريين بين مؤيد ومانع
وحل الإشكال في نظري القاصر يتوقف على أمر مهم تضبط به المسألة وهو:
التفريق بين تفسير الآية بالمعنى أو المعاني التي تدل عليها ألفاظ الآية، وبين ما يُذكَر حول الآية من استنباطات وفوائد وتدبرات
فتفسير المعنى أو المعاني الذي تدل عليه ألفاظ الآية منحصر في أقوال السلف أو خارج عنها بشرط أن لا يصادمها، وأما باب التدبر والاستنباط فهو لكل المسلمين بل قد خاطب الله بالتدبر المنافقين والكفار،
والفرق بين التفسير الذي هو بيان معنى الآية ومعنى التدبر فرق شاسع، ومن لم يتضح له الفرق بين الأمرين أو حصل عنده فيه تداخل تعجب من القول بعدم جواز الخروج عن أقوال السلف في التفسير
ومن فرق بين التفسير وغيره من التدبر والاستنباط فالأمر عنده يسير
وإلا فلا يستطيع أحد من الطرفين أن يقول إن فهم القرآن مقصور على السلف وأن بقية الأمة محجور عليها تدبره
ولكن منشأ الإشكال ما ذكرت. والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[24 Feb 2009, 07:23 م]ـ
هذا الموضوع من أهم مواضيع المنتدى التي قرأتها منذ شهور.
ولا اقصد أصل الموضوع عن عبارة د. المغامسي (شفاه الله). وإنما الحوار الذي تفرع عنه.
ورغم كوني لست متخصصا، فأرجو أن يتعامل مع تعليقي بصدر رحب:
===
استغربت من وصف بعض الإخوة لعبارة د. جمال أبو حسان (والقول بعدم الخروج عن اقوال السلف في التفسير تضييق لا حجة له مع شديد الاحترام لما قالوه) بأنها "جد خطيرة".
وأنا أميل لهذا الفهم الذي عبر عنه د. جمال. ولم يظهر لي أي دليل مقنع في قول المخالفين (مع شديد الاحترام لمن قال به).
وعبارة د. مساعد الطيار تستدعي التأمل، وأرى أن إطلاقها فيه نظر:
إن تصوُّر عدم فهم السلف لمعنى من معاني القرآن يلزم منه لازم باطل، وهو أن تكون الآية (أو مقطع منها) قد جُهل معناها على من سبقنا، وهذا ـ بلا ريب ـ لو قال به قائل، فقد ادَّعى أن الله خاطب الصحابة بما لا يعلمون، وأنهم قد جهلوا معنى كلام الله المنزل على لسانهم.
في تقديري ليس هناك أي داع نقلي أو عقلي يستوجب على السلف أن يكونوا على علم كلي بجميع المعاني المضمنة في الوحي الذي يخاطب العالمين، في كل زمان ومكان. كما أن عكس ذلك لا يعني بالضرورة أن الله خاطب الصحابة بما لا يعلمون.
فالخطاب القرآني موجه للبشرية جمعاء، وكل جيل محتاج لفهم الخطاب القرآني بالقدر الذي يلبي حاجته في عصره وعالمه.
وبالتالي فلعل العبارة تكون أدق لو صيغت كما يلي: (إن الله لا يخاطب البشرية جمعاء بما لا تعلم، ولا يمكن أن تجهل شيئا من معانى كلام الله المنزل لهدايتها) لكانت العبارة أدق في تقديري (وقد أكون مخطئا).
وكل جيل تتراكم لديه معارف إضافية ناتجة عن الخبرات البشرية السابقة، وعن الأدوات المعرفية الجديدة التي توفرت لديه في عالمه وعصره، تتولد لديه بلا شك حاجات معرفية إضافية. وحين يتدبر القرآن فلا ريب في انفتاح آفاق جديدة له في الفهم. وليس في هذا أي انتقاص لفهم السلف، بل لا يمكن لأي جيل من الأجيال أن يفهم النص القرآني الفهم الضروري الذي يلبي حاجاته إلا باستدعاء الفهوم السابقة له بشكل تراكمي.
والنص القرآني حجة على كل جيل من الأجيال وعصر من العصور بقدر الطاقة المعرفية التي تتوفر لذلك الجيل أو ذلك العصر. وكل جيل من البشرية يستوعب من النص القرآني بقدر حاجته الواقعية.
في تقديري يوجد اتجاهان خاطئان في التعامل مع القرآن الكريم:
1 - النهج الأول: يرى الاكتفاء بدلالة النص زمن نزوله، وأن كتاب الله قد فسره العلماء الراسخون في العلم تفسيرات استغرقت جميع معانيه، وما على المسلم في أي جيل من الأجيال التالية إذا أراد فهمه سوى أن يعود إلى أقوال السلف الصالح، ولا مجال بعدها لمستزيد. ويقوم هذا الاتجاه على أن للقرآن معنى تاريخيا فقط، يتمثل في جملة المعاني التي استنبطها المفسرون الأوائل كالصحابة والتابعين والعلماء بعدهم، والتي مثلت إطارًا دلاليًّا للغة القرآنية. ويكمن خطأ هذا الاتجاه في كونه يؤدي إلى:
- السقوط في تعارض بين الإطار التاريخي للمعنى القرآني وبين صلاحيته لكل زمان ومكان،
- وإلى الوقوع في وهم المطابقة بين الكلام المفسِّر والكلام المفسَّر في التنزيه والقدسية.
2 - والاتجاه الثاني: يرى أن النص القرآني نص لغوي مفتوح يخضع، كأي نص من النصوص، لتطور الدرس اللغوي والأدبي والتاريخي، ويبقى ميدان تجربة للقارئ يقرأ فيه ما يشاء. ويرى هذا الاتجاه أن معنى النص يمكن أن تتعدد وتتنوع قراءاته، وبالتالي فما يهم هو دلالة النص "زمن قراءته". ويتمثل انحراف هذا الاتجاه في كونه يجعل النص تابعاً للمتلقي المزوّد برؤى قبلية ومعانٍ جاهزة، بدل أن يتجه المعنى من النص إلى القارئ.
===
هذا من جهة.
ومن جهة أخرى: ماذا لو صغنا السؤال التالي وحاولنا الإجابة عليه:
((هل يمكن القول إن النتائج المستخلصة من قبل العلماء السابقين تجعل من غير الضروري إعادة البحث في هذا الموضوع؟ وهل أصبح مهمة الخلَف محدودة في تدوين هذه النتائج الجاهزة، وبالنظر إليها كأنها الكلمة الأخيرة حول حقيقة الأشياء؟))
الجواب في تقديري هو النفي لسببين:
- أولهما أنه بقدر ما تتطور معارفنا حول الطبيعة والنفس البشرية، وكلما اكتسبنا سببا جديدا يحملنا على أن نرى الأشياء من زاوية مختلفة، فإن ذلك يدعونا إلى أن نضع المشكلات حين ندرسها بما يتفق وهذا الجديد من العلم. والمسألة الدينية عموما -وبشكل خاص المسألة القرآنية- لا تخرج عن هذه القاعدة.
- وثانيهما: لأن مهمة الأجيال التي أتت وستأتي بعد الأجيال الأولى للإسلام لا يمكن قصرها على مجرد جمع المعلومات وتخزينها في الذاكرة ومن ثم نشرها، وإنما هي مكلفة أيضا بالمساهمة بجهدها ودورها في خدمة (الحقيقة)، والبحث بوسائلها الذاتية عما يتعين اتخاذه في سبيلها. أضف إلى ذلك أن التشكيك في (الحقيقة) قائم ودائم ويجدد وسائله وأساليبه ومقولاته، بحسب ما يتوفر لديه من أدوات معرفية جديدة، وهو ما يشكل تحديا يفرض على كل جيل من الأجيال أن يتعامل مع واقعه وفق هذه المستجدات والمتغيرات بما يسمح له بالاستمرار في خدمة (الحقيقة).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[24 Feb 2009, 08:39 م]ـ
في تقديري ليس هناك أي داع نقلي أو عقلي يستوجب على السلف أن يكونوا على علم كلي بجميع المعاني المضمنة في الوحي الذي يخاطب العالمين، في كل زمان ومكان. كما أن عكس ذلك لا يعني بالضرورة أن الله خاطب الصحابة بما لا يعلمون.
فالخطاب القرآني موجه للبشرية جمعاء، وكل جيل محتاج لفهم الخطاب القرآني بالقدر الذي يلبي حاجته في عصره وعالمه.
القرآن جاء هدى وشفاء ومنهاجاً وشرعة يعني شريعة للأمة بأفرادها وأسرها ومجتمعاتها ودولها بل للبشرية جميعاً.
ولذلك فهو منهج اعتقادي وعملي يجب أن يحكم حياة الناس ولا يحكم حياة الناس إلا بتفسير له لأن القرآن كلام الله - عزّ وجلّ – يحتاج إلى أن تسنبط منه القواعد والأحكام التي يرجع إليه المسلمون في تطبيقاتهم وأعمالهم بأفرادهم ومجموعاتهم؛ فمن هنا لابد من تفسيره لكن من الذي يفسره؟
القرآن:
أولاً: يخضع لمنهج الاستدلال
والثاني: وهو أن القرآن يجب أن يفسر بالقواعد المتفق عليها عند أهل الحق بصرف النظر عما أحدثه أهل الباطل والزيغ فإنهم قد يفسرون القرآن على مناهج غير مناهج السلف الصالح مناهج المؤمنين، فإذاً: تفسيراتهم غير معتبره؛لأن التفسير المعتبر للقرآن هو:
أولاً: تفسير القرآن بالقرآن على مقتضى قواعد الاستدلال.
ثانياً: تفسير القرآن بسنة النبي – صلى الله عليه وسلم – القولية والفعلية والتقريرية.
ثالثاً: تفسير القرآن بالتطبيقات للمجتمع المسلم في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – فإن أكثر القرآن طبقه النبي – صلى الله عليه وسلم – بمفرده وبالجماعة التي كانت في عهده - صلى الله عليه وسلم – جماعة الصحابة.
فأما بمفرده فإنه كما قالت: عائشة أن النبي – صلى الله عليه وسلم – (كان خلقه القرآن) يتمثل القرآن في سلوكه وأعماله،في علاقته بربه، في علاقته بمن حوله، في علاقته بالخلق فهذا- إذاً - تفسير قطعي للقرآن.
رابعاً: تفسير القرآن بفعل الصحابة،بتفسيرات الصحابة، بمفاهيمهم، وتفسيراتهم، وتطبيقاتهم فإن هناك كثيراً من أحوال الناس استجدت بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – في عهد الخلفاء الراشدين لأن الأمة في عهد الخلفاء الراشدين عاشت ما يشبه الطفرة في نشر الإسلام يعني زادت رقعة الأمة الإسلامية أضعافاً، وزادت أعداد الأمم التي دخلت في الإسلام كماً وكيفاً جغرافياً وأممياً بأضعاف ما كانت في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – فهذا احتاج إلى ممارسة تصديقات للدين لابد أن تؤخذ بمقتضى النصوص، طبق الصحابة في عهد الخلفاء الراشدين أكثر صور مناهج الدين، فمن هنا يكون فعلهم حجة، هو تفسير للقرآن لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لما ذكر الاختلاف قال: (عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) ثم أيضاً تفسير القرآن بفهوم الصحابة على مقتضى اللغة لأن الصحابة أصحاب لغة يفقهون العربية فقهاً فطرياً ذاتياً غير متكلف، ما كانوا يحتاجون أن يدرسوا القواعد والنحو كما ندرس ولذلك يكون فقهنا للغة - مهما بلغنا في الدراسة وتعمقنا- لأن أولئك كانوا عرباً بالسليقة، فكانوا يفسرون القرآن وتفسيرهم تراث موجود الآن عظيم بين أيدينا، تفسير قولي وفعلي،وتفسير تطبيقات.
خامساً: تفسير القرآن أيضاً بفهم السلف الصالح على مناهج الدين ومقتضى القواعد المعتبرة في التفسير.
- ولا يجوز تفسير القرآن بالرأي المجرد. الرأي السليم يستخدم في استنباط المعاني من القرآن في الأمور الاجتهادية، أقول هذا لأن بعض الناس يظن أن السلف يحجرون على الرأي، لا بل السلف هم أفضل من يستخدم الرأى على وجهه، بل إنهم استخدموا أقصى ما يمكنهم من طاقة في الاستفادة من الرأي والعقل السليم على وجه شرعي سليم فمن القول بالرأي المذموم هو أن يقول الإنسان في تفسير القرآن برأيه المجرد من غير مراعاة لقواعد التفسير، ومن غير أهلية كأن لا يكون عنده العلم الكافي والرسوخ.
أما إذا توفر عند العالم الأهلية والرسوخ والقدرة فإن استخدام الرأي في استنباط الاجتهاديات هذا يسمى اجتهاداً؛ لأن الرأي المذموم فهو الرأي المجرد من استعمال القواعد الصحيحة في الاستدلال.
الرأي المجرد أي الرأي الذي لا يكون سائغاً لا يكون على وجه شرعي صحيح هو من القول على الله بغير علم، والله - عزّ وجلّ – ذم ذلك وجعله قرين الشرك ونهي عنه في قوله - سبحانه وتعالى – ? وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ? [الاسراء:36].
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[24 Feb 2009, 09:01 م]ـ
الأخت (محبة القرآن).
أقدّر ما كتبت، ولم أجد علاقة حقيقية بين كلامي وبين تعقيبك، إلا في أمور عمومية.
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[24 Feb 2009, 09:31 م]ـ
بوركت، أخي الكريم ...
ولكن كان المقصد من كلامي هو المرجع في فهم كتاب الله: هو النصوص المبينة لها، وفهم السلف الصالح، ومن سار على منهجهم من الأئمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[24 Feb 2009, 10:08 م]ـ
أخي محمد بن جماعة، حياك الله، واسمح لي أن أقول لك إن تصوير المسألة ـ من جهتي ـ لم يكتمل، فأقول:
لا يمكن أن يكون فهم السلف للقرآن ناقصًا، بل فهموه كله على وجه صحيح من وجوه التأويل، ولم يغب عنهم أحد وجوه تأويله الصحيحة، وإن لم يأت عنهم كل ما يحتمله القرآن من وجوه التأويل لعدم ظهور ما يدعو إليها آنذاك.
والمتأخرون قد يزيدون وجوهًا صحيحة لا تنقض ما كان عليه السلف، وهذه الزيادات قد سار عليها علماء الأمة جيلاً بعد جيل.
أما أن يكون فهم السلف ناقصًا، ولم يقع لهم فهم لجملة من القرآن على وجه صحيح معتبر، وفهمناه نحن ـ المتأخرين ـ فهذا هو محطُّ الإشكال، وهو الذي لا أراه كائنًا.
وبهذا التنبيه يمكن القول بأن القرآن مفتوح لفهم العلماء، لكن بشرط أن لا يأتي فهم متأخرٍ على قول السلف بالإبطال؛ لأنه يلزم من ذلك أن الأمة لم تكن تعلم خطاب ربها على وجه صحيح معتبر طيلة هذا الوقت، حتى جاء هذا القول المتأخر ,
أرجو أن تتأمل هذا التوضيح، ولك ولكل المداخلين أجمل تحية وتقدير.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[24 Feb 2009, 10:31 م]ـ
أخي محمد بن جماعة، حياك الله، واسمح لي أن أقول لك إن تصوير من جهتي المسألة لم يكتمل، فأقول:
لا يمكن أن يكون فهم السلف للقرآن ناقصًا، بل فهموه كله على وجه صحيح من وجوه التأويل.
والمتأخرون قد يزيدون وجوهًا صحيحة لا تنقض ما كان عليه السلف، وهذا الذي سارت عليه الأمة جيلاً بعد جيل.
أما أن يكون فهم السلف ناقصًا، ولم يقع لهم فهم لجملة من القرآن على وجه صحيح معتبر، وفهمناه نحن المتأخرين فهذا هو محطُّ الإشكال، وهو الذي لا أراه كائنًا.
وبهذا التنبيه يمكن القول بأن القرآن مفتوح لفهم العلماء، لكن بشرط أن لا يأتي فهم متأخرٍ على قول السلف بالإبطال؛ لأنه يلزم من ذلك أن الأمة لم تكن تعلم خطاب ربها على وجه صحيح معتبر طيلة هذا الوقت، حتى جاء هذا القول المتأخر.
أرجو أن تتأمل هذا التوضيح، ولك ولكل المداخلين أجمل تحية وتقدير.
أحسن الله إليك أخي الفاضل. والتوضيح أزال اللبس (عندي على الأقل).
نعم، لا أظن أحدا يجادل في (أن السلف قد فهموا القرآن كله على وجه صحيح أو معتبر من وجوه التأويل). وهذا التقييد دقيق، ويعني احتمال وجود أوجه أخرى صحيحة ومعتبرة من أوجه التأويل لم يقل بها السلف، أو لنقل: لم يصلنا كلام من السلف بشأنها، فربما قالوه وربما لم يكن هناك داع معرفي لديهم كي يتداولوه بينهم.
وهذا هو المعنى الذي أفهمه من عبارة د. جمال أبو حسان: (ليس تفسير القرآن مقتصرا على فهم السلف)، وقوله أيضا: (القول بعدم الخروج عن اقوال السلف في التفسير تضييق لا حجة له مع شديد الاحترام لما قالوه). فهو وصف سليم لا غبار عليها.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[24 Feb 2009, 11:06 م]ـ
إذا كان هذا هو ما فهمته من كلام حبيبنا أبي محمد الدكتور جمال، فالذي يظهر لي أنه لا يريد ذلك، وإلا لما قال بأن المرة الثانية لم تأت بعد، ولعله يشاركنا في هذا.
وأقول لك في هذه المسألة على الترتيب الذي ذكرته لك ليتبين موطن الخلاف.
1 ـ السلف فهموا أن المرتين قد وقعتا وانتهتا.
2 ـ القول بأن الثانية لم تقع ينقض قول السلف.
الأسلوب الصحيح: أن نقول:
إن المرتين قد وقعتا كما فهم السلف، ونحن نعيش مرةً غيرها، وهي تدخل في قوله تعالى: (وإن عدتم عدنا).
وبهذا يكون ما قاله السلف وفهموه صحيح معتبر، وما قاله المعاصرون صحيح معتبر.
وموطن النزاع: تصحيح فهم السلف في وقوع المرتين وانتهائهما.
وكلام حبيبنا جمال يخالف هذا التحليل الذي ذكرته لك.
وإن كنت أخطأت في فهم كلامه، فلعله يصوبني.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[24 Feb 2009, 11:06 م]ـ
عفوا:
فيبدو أن أبا عبد الملك قد عدّل عبارته قليلا بعد إرسالها، (وهذا يحصل لي أيضا). وقد أجبت بناء على ما قرأت في تعقيبه قبل التعديل.
فقد لاحظت أنه اضاف تقييدات أخرى ما زالت تستدعي النظر في تقديري. وهذه عبارة د. مساعد بكاملها:
1 - لا يمكن أن يكون فهم السلف للقرآن ناقصًا، بل فهموه كله على وجه صحيح من وجوه التأويل.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - ولم يغب عنهم أحد وجوه تأويله الصحيحة، وإن لم يأت عنهم كل ما يحتمله القرآن من وجوه التأويل لعدم ظهور ما يدعو إليها آنذاك.
3 - والمتأخرون قد يزيدون وجوهًا صحيحة لا تنقض ما كان عليه السلف، وهذه الزيادات قد سار عليها علماء الأمة جيلاً بعد جيل.
4 - أما أن يكون فهم السلف ناقصًا، ولم يقع لهم فهم لجملة من القرآن على وجه صحيح معتبر، وفهمناه نحن المتأخرين فهذا هو محطُّ الإشكال، وهو الذي لا أراه كائنًا.
أما الجزء الأول والجزء الثالث من العبارة، فأتفق معهما، وهما مدار تعقيبي السابق. والخلاف في الثاني والرابع:
أما الثاني فلا أرى داعيا شرعيا أو عقليا للزومه (ولم يغب عنهم أحد وجوه تأويله الصحيحة). كما أنه ليس لدينا أي قدرة لتأكيد ذلك.
وأما الرابع (أما أن يكون فهم السلف ناقصًا، ولم يقع لهم فهم لجملة من القرآن على وجه صحيح معتبر .. ) ففي العبارة أيضا نظر (ويبدو لي أن في شطريها بعض التناقض):
فالقول بوجود أوجه صحيحة معتبرة لم يقلها السلف (أو لم تبلغنا عن السلف) لا يعني بالضرورة أن فهم السلف كان ناقصا. فالمسالة كما ذكرتها في تعقيبي السابق متعلقة أساسا بفهم السلف على مقدار حاجتهم المعرفية، والأدوات المعرفية المتوفرة في عالمهم وعصرهم. وبهذا المقياس لا يمكن وصف فهم السلف بأنه ناقص.
وفعلا: لا يمكن للسلف، في تقديري، أن تمر عليهم جملة من القرآن (دون أن يقع لهم فهمها على وجه صحيح معتبر) بمقدار حاجتهم المعرفية والواقعية. ولكن هل يلزم من هذا أن يكون السلف قد اكتشفوا أو بلّغوا كل الأوجه الصحيحة المعتبرة في فهم كل جملة من القرآن؟
أظن أن تأكيد ذلك أمر لا يمكن الاستدلال عليه.
وأعود لملاحظة إضافية حول عبارة (النقص في الفهم):
فعلا، لا يمكن وصف فهم السلف بالنقص، بل لا شك في أن فهمهم كان كاملا، ولكن بالنظر لحاجتهم وواقعهم.
والإشكال إنما يقع للعصور التالية، ولعصرنا نحن من باب أولى، حين تتوفر أدوات معرفية إضافية وحاجات معرفية جديدة، ثم لا نوظف هذه الأدوات لخدمة تلك الحاجات. فعندها لا شك في أن فهمنا يصبح ناقصا.
ولعل هذا بعض مما يمكن فهمه من الآية الأخيرة من سورة البقرة:
((لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ))
محبكم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[24 Feb 2009, 11:22 م]ـ
قولكم حفظكم الله: (أما الثاني فلا أرى داعيا شرعيا أو عقليا لزومه (ولم يغب عنهم أحد وجوه تأويله الصحيحة). كما أنه ليس لدينا أي قدرة لتأكيد ذلك).
هذا إن كنتم ترونه يصدق عليكم ـ حفظكم الله ـ لعدم ممارستكم علم التفسير. أما أنا فأقول ـ وأعوذ بالله من ذلك ـ إنني قد توصلت إلى هذه بالاستقراء بما لم يدع عندي مجالاً للشك في هذه القضية، وأنا ـ ولله الحمد ـ لم يضق بي درب النظر في أقوالهم بعد أن تدربتُ على كتاب أبي جعفر الطبري وابن عطية وابن تيمية وابن القيم وولي الله الدهلوي وغيرها مما يطول ذكره.
وأقول لك: إن من الخلل الذي أراه عند بعض من يمارس التفسير هو عدم فهمه لوجه تفسير بعض السلف، ولا يدري كيف جاء كلامهم في هذه الآية أو تلك، وتراه يسارع في تضعيف القول أو يعرض عنه فلا يذكره لعدم بصره بصحته من جهة المعنى أو عدم قدرته على ردِّه.
وأقول: لو وضعنا للسلف اعتبارهم في العلم، واجتهدنا في تخريج أقوالهم والاحتجاج لهم كما نفعل في تخريج أقوال من نحب من أشياخنا وأحبابنا لما ضاق بنا فضاء التوجيه لأقوالهم، لكني أرى أن القصور يصيبنا بسبب مقدمات علمية، وقواعد ذهنية قد اصطبغت بعقولنا، ولم نستطع الفكاك منها، فصرنا نحكِّمها على قول من سبقنا، ونلزمهم بما لم يكن لهم به علم، ولا هو من مصطلحاتهم.
ولا زلت أدعو إلى أن نقرأ تفسير السلف، وأن نجتهد في فهمه، وبهذا سيكون عندنا من سعة الأفق ما لايضيق بنا، وسيكون عندنا من المعرفة بكيفية الزيادة على أقوالهم، والتخريج عليها ما يجعل التفسير مجالاً رحبًا يفتح لنا من آفاق المعرفة الشيء الكثير.
لكن الذي أراه في بعض من يتعاطى التفسير عدم اعتداده بقولهم، أو سهولة الاعتراض عليهم فيما وقع عندهم فيه اتفاق أو إجماع، والدعوى عليهم بأنهم بشر غير معصومين، وأننا لسنا ملزمين بفهمهم، وهذه الإطلاقات فيها نظر وتفصيل، ولعلي أبنت عن تلخيص له في المداخلة السابقة، والله الموفق.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[24 Feb 2009, 11:34 م]ـ
لا أشك في أن كثيرا من الأمور تخفى علي لعدم تخصصي في علم التفسير. وأسأل الله عز وجل أن يغفر لي هذا التقصير.
وأدعو الله لك، مخلصا، بالتوفيق والبركة في الوقت كي تظهر ما خفي من درر السلف (ولا أشك في ضرورة الاهتمام بها والاستفادة منها أكثر). وأنا وأمثالي عالة عليكم في هذا الأمر.
ويبقى الموضوع غير محسوم لدي، ومدعاة للاستمرار في البحث والتأمل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[25 Feb 2009, 11:33 ص]ـ
ارجو ان يتكرم الحبيب ابو عبد الملك وبقية الاخوة الفضلاء بالاطلاع على البحث المرفق في اول مشاركة في هذا الحوار واظن انني اجبت عن كثير من المسائل واسر سرورا بالغا بانتقادات الاخوة العلمية الهادفة الى تحسين الاداء في البحث
ـ[نهاية الأرب]ــــــــ[27 Feb 2009, 01:27 ص]ـ
قرأت هذا الطرح أيضا للدكتور طارق السويدان وفقه الله،
وبحثت حينها هل لهذا القول من سلف فلم أجد،
وزادني تأكيدا هذا البحث الجميل المفيد،
فشكر الله لك هذا الجهد وتقبله منك،
وقول ليس له سلف لا بركة فيه.
لاشك أن القول الصواب هو ما تفضل به الشيخ أبوصالح المدني,
لكنني أعتب على الشيخ عصام العويد, فإنني انتظرت في تعقيبه
أن يضيف برهاناً, وإذا به يفاجئنا بقوله عن اجتهاد الشيخ صالح:
إنه (لابركة فيه)، والحقيقة أن هذا كلام رخيصٌ يحسنه كل أحد،
وهو أشبه ما يكون بنزوات الظافر في حومة القتال.
وحسبنا أن الشيخ صالحاً المغامسي مجتهدٌ يملك الآلة, وهو بين
الأجرين -إن شاء الله، لكن الدَّاء الدويّ أن ينفِر لتفسير القرآن
طائفةٌ من (الوعاظ) و (القصاص)، ويأتي أحدهم بتفسيرِ لا سلف
له فيه ولاخلف، وربما وقف حكماَ بين العلماء أطت لهم المنابر،
وصرَّت بأناملهم الأقلام.
نسأل الله أن يعصمنا من الزلل، وأن يجنبنا هذر القول.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 Feb 2009, 12:26 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين:
وبعد هذه مشاركة متواضعه أرجو أن تتسع لها صدوركم أردت بها التنبيه على قضية وهي أن المسائل الخلافية لا يمكن الجزم فيها بشيء إلا من باب القناعة الشخصية، لأن الخلاف إذا وقع لا يمكن رفعه، وتبقى المسألة محل اجتهاد، والتحجير على الأراء ليس من منطق العلماء، وكل ما بوسع العالم في المسائل الخلافية إلا أن يقول مقولة الشافعي رحمه الله تعالى: قولنا صواب يحتمل الخطأ، وقول الآخر خطأ يحتمل الصواب.
وأبدأ مشاركتي هذه وهي الأولى في هذا المنتدى المبارك بالتعقيب على مقولة الأخ الفاضل صالح المدني فأقول:
يقول أخونا المبارك صالح المدني حفظه الله:
"وأحب هنا أن أنقل للقارئ الكريم طرفا يسيرا ونزرا قليلا من أقوال الأئمة في هذه الآية، والمراد بالإفسادين الواقعين من بني إسرائيل ليكون القارئ على بينة ظاهرة وحجة قاطع"
وأنا أسأل: أين الحجة القاطعة؟
فما أرودتَه عن ابن جرير وبن عساكر عن الصحابة رضوان الله عليهم آثار ضعيفة، والضعيف لا تقوم به حجة، فضلاً أن يكون حجة قاطعة في المسألة.
ثم إنَّ ما ذكر عن السلف لم يكن قولاً واحداً في المسألة وهذا يدل على أن المسألة محل اجتهاد، قال بن كثير في تفسيره:
"وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف في هؤلاء المسلطين عليهم: من هم؟ فعن ابن عباس وقتادة: أنه جالوت الجَزَريّ وجنوده، سلط عليهم أولا ثم أديلوا عليه بعد ذلك. وقتل داود جالوت؛ ولهذا قال: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا}
وعن سعيد بن جبير: أنه ملك الموصل سنجاريب وجنوده. وعنه أيضًا، وعن غيره: أنه بختنصر ملك بابل.
وقد ذكر ابن أبي حاتم له قصة عجيبة في كيفية ترقيه من حال إلى حال، إلى أن ملك البلاد، وأنه كان فقيرًا مقعدًا ضعيفًا يستعطي الناس ويستطعمهم، ثم آل به الحال إلى ما آل، وأنه سار إلى بلاد بيت المقدس، فقتل بها خلقًا كثيرًا من بني إسرائيل.
وقد روى ابن جرير في هذا المكان حديثًا أسنده عن حذيفة مرفوعًا مطولا وهو حديث موضوع لا محالة، لا يستريب في ذلك من عنده أدنى معرفة بالحديث! والعجب كل العجب كيف راج عليه مع إمامته وجلالة قدره! وقد صرح شيخنا الحافظ العلامة أبو الحجاج المزي، رحمه الله، بأنه موضوع مكذوب، وكتب ذلك على حاشية الكتاب.
وقد وردت في هذا آثار كثيرة إسرائيلية لم أر تطويل الكتاب بذكرها؛ لأن منها ما هو موضوع، من وضع بعض زنادقتهم، ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحًا، ونحن في غُنْيَة عنها، ولله الحمد."
تفسير ابن كثير - (ج 5 / ص 47)
وهذا الخلاف في من سلط عليهم يدل على أن القول في وقوع الافسادتان لا يستند إلى دليل صحيح ثابت.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهل يعنى هذا الكلام أن السلف لم يفهموا معنى الآية؟
قطعاً: لا، فالسلف ابتداءً من الصحابة فمن بعدهم قد فهموا المعنى العام من الآية، وهو كما قال بن كثير رحمه الله تعالى:
"يقول تعالى: إنه قضى إلى بني إسرائيل في الكتاب، أي: تقدم إليهم وأخبرهم في الكتاب الذي أنزله عليهم أنهم سيفسدون في الأرض مرتين ويعلون علوًا كبيرًا، أي: يتجبرون ويطغون ويفجرون على الناس كما قال تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ} [الحجر: 66] أي: تقدمنا إليه وأخبرناه بذلك وأعلمناه به.
وقوله: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا} أي: أولى الإفسادتين {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} أي: سلطنا عليكم جندًا من خلقنا أولي بأس شديد، أي: قوة وعدة وسلطة شديدة {فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ} أي: تملكوا بلادكم وسلكوا خلال بيوتكم، أي: بينها ووسطها، وانصرفوا ذاهبين وجائين لا يخافون أحدا {وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولا} " تفسير ابن كثير - (ج 5 / ص 47)
ثم قال:
وقوله: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ} أي: المرة الآخرة أي: إذا أفسدتم المرة الثانية وجاء أعداؤكم {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ} أي: يهينوكم ويقهروكم {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ} أي بيت المقدس {كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ} أي: في التي جاسوا فيها خلال الديار {وَلِيُتَبِّرُوا} أي: يدمروا ويخربوا {مَا عَلَوْا} أي: ما ظهروا عليه {تَتْبِيرًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ} أي: فيصرفهم عنكم {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} أي: متى عدتم إلى الإفساد {عُدْنَا} إلى الإدالة عليكم في الدنيا مع ما ندخره لكم في الآخرة من العذاب والنكال، ولهذا قال [تعالى] {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} أي: مستقرًا ومحصرًا وسجنًا لا محيد لهم عنه. تفسير ابن كثير - (ج 5 / ص 48)
وأعتقد أن هذا القدر من المعنى واضح لكل أحد.فهل يكفي هذا القدر للقول أن السلف فهموا معنى الآية والمراد منها أم لا؟
أما قولك:
"وقفة مع سياق الآيات: المتأمل في سياق الآيات يتبين له قطعا أن الإفسادين قد وقعا من بني إسرائيل، وأن القوم المسلَّطين عليهم قوم كفار، وذلك من عدة أوجه:
1. قوله تعالى: (وليتبروا ما علوا تتبيرا) قال الشنقيطي: "تبّر كلاًّ منهم تتبيرًا، أي: أهلكهم جميعًا إهلاكًا مستأصلاً، والتتبير الإهلاك والتكسير، ومنه قوله تعالى: {وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً} " أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن - (ج 28 / ص 97). وقال ابن عاشور: والتتبِير: الإهلاك والإفساد. التحرير والتنوير ـ الطبعة التونسية - (ج 15 / ص 37).
والجهاد في الإسلام ليس فيه إفساد وتكسير، بل هو جهاد غرضه الأكبر الدعوة إلى الله، وليس الهدف منه إراقة الدماء والتكسير والإفساد في الأرض، وهذا يبين أن القوم المسلطين قوم كفار."
فأقول إن هذا الاستدلال فيه نظر للآتي:
أولاً: أن المراد بالعلو في الآية هو العلو بغير الحق وهو علو مقرون بالفساد، وهذا النوع من العلو لا ضير في تتبيره وإزهاقه لا عقلاً ولا شرعاً.
ثانياً: هذا قد وقع شرعاً بفعل الله تعالى وبفعل عباده المؤمنين، كما قال تعالى:
(وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آَيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا (37) وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا (38) وَكُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا (39)) سورة الفرقان
وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) سورة الحشر (2)
وقال تعالى: (وَأَنزَلَ الذين ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الكتاب مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرعب فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا) الأحزاب: 26 - 27.
أما قولك:
2. قوله تعالى: (عسى ربكم أن يرحمكم) وعسى من الله واجبة، كما قال ذلك ابن عباس رضي الله عنهما فيما أخرجه ابن المنذر والبيهقي. انظر: الدر المنثور - (ج 1/ 587،) فهل يعقل أن يقال أن الله سيرحم بني إسرائيل وهم على دينهم بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم؟!! أم أن المقصود الظاهر من الآية أن الله يرحمهم إذا عادوا للتمسك بدينهم، وهذا إنما يقال حين كان دينهم صحيحا."
هذا أيضا فيه نظر، لأن أهل التفسير قالوا في تفسير الآية " {عَسَى رَبُّكُمْ} يا بني إسرائيل {أَنْ يَرْحَمَكُمْ} بعد انتقامه منكم فيرد الدولة إليكم {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} أي: إن عدتم إلى المعصية عدنا إلى العقوبة. قال قتادة: فعادوا فبعث الله عليهم محمدا صلى الله عليه وسلم فهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون." تفسير البغوي - (ج 5 / ص 80)
فأقول هل كان بنو اسرائيل مرحومين قبل بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم ولم تنزل بهم العقوبة حتى مبعث النبي صلى الله عليه وسلم؟ أم أنهم كانوا مضطهدين ومشردين في الأرض منذ تكذيبهم لعيسى عليه السلام، بل من قبل ذلك فقد كانوا تحت حكم الدولة الرومانية في زمن بعثة المسيح عليه السلام؟
وبهذا يظهر لي على الأقل أن القطعية التي زعمتَ لا تثبت وتحتاج إلى دليل أوضح مما ذكرتَ، وتبقى المسألة محل نظر واجتهاد.
وللحديث بقية، هذا والله أعلى وأعلم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو صالح المدني]ــــــــ[28 Feb 2009, 12:12 م]ـ
أولاً: أشكر فضيلة الدكتور مساعد الطيار على مروره وإدلائه بدلوه.
وكم كنت أنتظر ذلك منه بفارغ الصبر.
ثانيًا: طال الكلام عن الأخذ بتفسير السلف الصالح، وأحب أن ألفت الانتباه إلى أن المسألة ليس فيها مخالفة لقول السلف فحسب، بل فيها مخالفة لأقوال جميع المفسرين السابقين، حتى نهايات القرن السابق. فهل يسوغ الأخذ به، والحال ما ذكرت؟؟؟
والشكر لكل من كتب في الموضوع مريدًا الوصول للحق.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 Feb 2009, 01:38 م]ـ
أولاً: أشكر فضيلة الدكتور مساعد الطيار على مروره وإدلائه بدلوه.
وكم كنت أنتظر ذلك منه بفارغ الصبر.
ثانيًا: طال الكلام عن الأخذ بتفسير السلف الصالح، وأحب أن ألفت الانتباه إلى أن المسألة ليس فيها مخالفة لقول السلف فحسب، بل فيها مخالفة لأقوال جميع المفسرين السابقين، حتى نهايات القرن السابق. فهل يسوغ الأخذ به، والحال ما ذكرت؟؟؟
والشكر لكل من كتب في الموضوع مريدًا الوصول للحق.
الأخ الفاضل أبو صالح المدني:
الخلاف الدائر بين الأخوة ليس في مخالفة قول المتأخرين لقول السلف، بل هل ما ذكر عن السلف يستند إلى دليل قطعي لا يجوز مخالفته، أم أنه قول فيه نظر، وتبقى المسألة محل اجتهاد، وكل قول فيها تسنده قرائن يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار؟
هذا هو محل الخلاف في نظري.
والله أعلم.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[28 Feb 2009, 05:15 م]ـ
الأخ الفاضل أبو صالح المدني:
الخلاف الدائر بين الأخوة ليس في مخالفة قول المتأخرين لقول السلف، بل هل ما ذكر عن السلف يستند إلى دليل قطعي لا يجوز مخالفته، أم أنه قول فيه نظر، وتبقى المسألة محل اجتهاد، وكل قول فيها تسنده قرائن يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار؟
هذا هو محل الخلاف في نظري.
والله أعلم.
جزاك الله خيرا.
وأضيف: بل حتى مخالفة السلف في بعض أقوالهم إن وجدت مسوغات مشروعة لمخالفتهم، ليست جرما.
مع احترامي للمخالفين.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[28 Feb 2009, 05:24 م]ـ
الأخ الفاضل الدكتور: جمال أبو حسان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت بحثك القيم وكان لي عليه بعض الملاحظات أرجو أن يتسع لها صدرك فإن رأيت صوابا فالحمد لله وإن رأيت خلاف ذلك فلا أحد معصوم من الخطأ إلا من عصم الله، وحسبي أنها مشاركة في مدارسة كتاب الله، فأقول وما توفيقي إلا بالله:
أما المراد بالكتاب في قوله تعالى: "وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ".
فالقول بأنه الكتاب الذي أوتي موسى عليه السلام فهو قول وجيه وهو ظاهر الآيات وسياق الآيات يكفي دليلاً على ذلك، وقد قال الله تعالى (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ) سورة غافر (53)
وأما القول بأن المراد بالكتاب ما هو في اللوح المحفوظ فهو قول محتمل، ولا أرى أنه يتعارض مع القول الأول.
وكلا القولين لا يمنع من أن يكون الافساد من بني اسرائيل المشار إليه في السورة يقع بعد ظهور الإسلام.
وأما قولك أن المراد بالكتاب في قوله "وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ". هو القرآن، فأقول: أين أخبر الله بني اسرائيل في القرآن وأعلمهم أنهم سيفسدون في الأرض مرتين؟
إن القرآن إذا أخبر عن شيء قد كتبه أوقضاه في القرآن نجد ذلك واضحاً لا لبس فيه كقوله تعالى:
(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) سورة النساء (140) وهذه السورة مدينة، وما ذكره الله تعالى هو في سورة الأنعام في قوله تعالى:
(وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)
(يُتْبَعُ)
(/)
إذن هذا القول الذي ذهبت إليه بعيد، ثم أنت لست في حاجة إلى تكلفه لأن الأخذ بالقولين السابقين لا يمنع من الوصول إلى النتيجة التي كتبت بحثك من أجلها.
وأما قولك: "وأما ثانياً فإن لفظة (الكتاب) مجردة من القيود كما هي هنا لم ترد في كتاب الله تعالى إلا وصفا للقرآن الكريم. وهي عادته، فلماذا تتحول هذه العادة في هذا المكان بالذات"
فإذا كنت فهمت قصدك بقولك " مجردة من القيود" فهذا غير صحيح فقد ورد الكتاب في أكثر من آية ويراد به غير القرآن ومن ذلك قول الله تعالى:
(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) سورة البقرة (44) وهذا قطعاً لم يكن القرآن.
وقوله تعالى:
(وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) سورة البقرة (78) وهذا أيضاً ليس هو القرآن.
ومثله أيضاً قوله تعالى:
(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) سورة البقرة من الآية (85) والأمثلة على ذلك كثيرة.
وأما قولك:
"وأي معنى يوجبه ذكر (الكتاب) بالإظهار دون الإضمار إذا كان المراد به التوراة، وقد سبق ذكره في آية ماضية فلماذا لم يقل (وقضينا إلى بني إسرائيل فيه) على اعتبار أنه مذكور سابقاً؟
فأقول: الاضمار لا يصلح لوجود الفاصل وهو قول الله تعالى (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) ثم إن النظم يصبح ركيكاً وهو ظاهر كما ترى.
وأيضا الاتيان بالإظهار دون الإضمار مشعر بخطورة الأمر وأنه مقصود لذاته وفيه تأكيد إلى أن هذا الأمر قد بلغهم وهم على يقين منه حيث قد جاء في كتابهم هم لا في كتاب غيرهم وهو أبلغ في إقامة الحجة وقطع العذر.
وأما قولك:
"وأما المعنيون بهذا الإعلام فهم بنو إسرائيل، وقد ذهبت جمهرة من المفسرين إلى أن المراد بهم بنو إسرائيل في زمان موسى عليه السلام ومن يأتي بعدهم، بناء على أن المراد بالكتاب في هذه الآية هو اللوح المحفوظ أو التوراة، وسيأتي بعد قليل ما في هذا التفسير من المؤاخذات، والذي يظهر لي أن هذا التفسير ليس صحيحاً، ولا ينبغي له أن يكون، لأن هذه الآيات لا تتحدث عن تاريخ بني إسرائيل القديم، إذ لا يتعلق به غرض للسامعين في ذلك الوقت، وماذا عسى أن يستفيد المسلمون في زمان النبوة من هذه المعلومة إذا كانت محض تاريخ لا علاقة لهم به، وسيأتي بيان هذا، وقد جوز الشوكاني هذا القول على ضعف."
فأقول: إن جزمك قائلاً " أن هذا التفسير ليس صحيحاً، ولا ينبغي له أن يكون" وتعليلك لهذا الجزم فيه نظر، فكيف لا يتعلق به غرض للسامعين في ذلك الوقت وهي بشارة واضحة الدلالة على ظهور نبينا صلى الله عليه وسلم وظهور الإسلام على غيره من الملل والنحل، وهذا مثله مثل البشائر الواردة في أول سورة القصص في قوله تعالى:
(نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6))
فهذه الآيات من أعظم البشائر بظهور نبينا صلى الله عليه وسلم ومن كان معه من المستضعفين في الأرض.
إذا هذه الآيات من سورة الإسراءكانت تحمل في طياتها بشائر عظيمة للمؤمنين وهو ما وقع فعلاً من ظهور الرسول صلى الله عليه وسلم على بني اسرائيل في المدينة وخيبر وأبعد من ذلك فتح بيت المقدس.
وأما قولك:
(يُتْبَعُ)
(/)
"أما هذه اللام فهي لام القسم وتقدير الكلام والله لتفسدن، وهذا القسم مؤكد لمتعلق القضاء وإذا كانت اللام للقسم كما ذهب إلى هذا جميع المفسرين الذين مررنا ببعض أقوالهم سابقا، وكان المحكي عنه تاريخا ماضيا من تاريخ بني إسرائيل وقد تحقق، فإن وعد الله لا يتخلف، فعلام القسم على شيء قد حدث وانتهى، وعلمه الناس، فلأي معنى يخبر الله تعالى عنه في هذا الكتاب الذي هو آخر الكتب، على أنه سيكون، وقد كان بالفعل؟ "
فأقول:
إن الخلاف في المسألة هو:هل كان أم أنه سيكون؟
وإذا كان الله قد أقسم عليه في الأزل وأخبر به بني اسرائيل في كتابهم فلا إشكال؛ إن كان قد وقع فالعبرة ما ذكرت في جوابي في الفقرة السابقة، وإن لم يقع بعد أو قع بعضه والبعض الآخر لم يقع فلا إشكال أيضاً.
وأوكد مرة ثانية على أن محل الخلاف هو ما ذكرته في عبارتك" فلأي معنى يخبر الله تعالى عنه في هذا الكتاب الذي هو آخر الكتب، على أنه سيكون". فلا يصلح هذا الإيراد. إلا أن نتفق أن المراد بالكتاب في قوله تعالى " وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا " هو القرآن. وهذا بلاشك ليس محل اتفاق بل لا أعلم من قال بأن المراد بالكتاب هو القرآن سواك.
أما ماذكرتَه عن تجويز سعيد حواء للقول الذي جزمت به أنت في الافسادتين، فهو عين الصواب لأن تجويز الأمر مبنى على القرائن الموجودة في النص، بينما الجزم مغامرة لأنه يحتاج إلى دليل لا يقبل النقاش.
أما بقيت ما ذكرتَ من المسائل فهي جميلة ومتسقة وليس هناك ما يعكر عليها وهي الأقرب إلى الصواب وقد سبقك في الإشارة إليها الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله تعالى.
وما ذكرتَه عن سيد طنطاوي في المقصود بالكتاب فقد سبق وأن قلتُ إن حمل الكتاب على الكتاب الذي أورثه بنو اسرائيل لا يتعارض مع القول بأنه ما كتب في اللوح المحفوظ والقول بكلايهما لا يمنع في نظري والله أعلم أن الافساد المذكور متعلق ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم وما بعدها.
هذه بعض ملاحظاتي على بحثك الشيق والجميل والرصين في نفس الوقت، أرجو الله أن يفعني بها أولاً وأن يفع بها من يقرأها وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
أخوكم: محب القرآن الكريم
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[28 Feb 2009, 06:40 م]ـ
سرني والله ما تفضلت به واحسب ان اكثر ما جاد به يراعك انما هو من اختلاف وجهات النظر وانا لا احمل احدا على القول بما قلت غير انه من اهم ما ينبغي قوله ان كون المراد بالكتاب هو القران لا ادعي انني المنفرد بهذا القول بل سبقني اليه بعض اهل العلم واظنني اشرت الى هذا في تضاعيف البحث وما ذكرته ايها الفاضل من الايات التي يُعكّرُ بها على هذا المعنى فهي لا تدل على ما ذكرته انا لان سياقها في الحديث عن بني اسرائيل وهذا ما اردت قوله من عبارتي مجردا عن القيود
وما ذكرته بعد تشكر عليه وما انا وانت الا ممن يرجو الوصول الى الحق دون ان يمنع كلانا صاحبه من التفكير
ومرة اخرى شكرا لك
ـ[المغوار]ــــــــ[28 Feb 2009, 06:53 م]ـ
خلال الردود لفتت انتباهي هذه الجملة (ومما ينبغي أن يعلم أنه لا يؤخذ بقول أحد إذا خالف اتفاق المفسرين وما عليه أئمتنا) في رد ابو صالح المدني هذا مستغرب كيف لا ياخذ بقوله حتى و لو كان تاويله للقرءان صحيح انا لا اوافق الاخ ابو صالح فيمكن لاي شخص تفسير القرءان اذا كانت لديه القدرة على ذلك.
كما يقول ايضا نحن -أعني: أهل السنة والجماعة - نفهم الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، وقد ورد عن ابن عباس ترجمان القرآن، وعلي وابن مسعود وغيرهم من السلف ممن نقلت أقوالهم ما يكفينا ويغنينا.) و هذا غير صحيح لان تفسير السلف لا يغنينا على الاطلاق فتفسير القرءان في وقتهم كان صالحا لزمانهم و نحن بحاجة الى تفسير جديد يطابق واقعنا و القرءان صالح لكل مكان و زمان و بالتالي يفسر في كل وقت و في كل زمان و تفسيره لا ينبغي ان يكون من طرف علماء الدين فقط بل من طرف علماء الطبيعة و الرياضيات و الفزياء هذا ما فهمته من الاية سنيريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم الاية فابن عباس عندما فسر ارم ذات العماد لم يكن يعلم ان ارم ذات العماد هي عماد الفراعنة بمصر فانظر تفسيره لهذه الاية و كل المفسرين فسروا القرءان حسب المعطيات التي كانت لديهم فمن فسر سورة التكوير وبعض الايات مثل يولج الليل في النهار و يولج النهار في الليل لم يكن يعلم ان الارض كروية و بالتالي تفسيرنا الحالي هو اصدق من تفسيرهم و الامكانيات الموجودة لدينا تمكننا من تفسير القرءان احسن من السلف بكثير و لو قرئت التفاسير المعاصرة لقلت باعلى صوتك الله اكبر و شكرا و جزاك الله عنا كل خير.
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[01 Mar 2009, 06:17 م]ـ
لا يمكن أن يكون فهم السلف للقرآن ناقصًا، بل فهموه كله على وجه صحيح من وجوه التأويل، ولم يغب عنهم أحد وجوه تأويله الصحيحة، وإن لم يأت عنهم كل ما يحتمله القرآن من وجوه التأويل لعدم ظهور ما يدعو إليها آنذاك.
والمتأخرون قد يزيدون وجوهًا صحيحة لا تنقض ما كان عليه السلف، وهذه الزيادات قد سار عليها علماء الأمة جيلاً بعد جيل.
أما أن يكون فهم السلف ناقصًا، ولم يقع لهم فهم لجملة من القرآن على وجه صحيح معتبر، وفهمناه نحن المتأخرين فهذا هو محطُّ الإشكال، وهو الذي لا أراه كائنًا.
وبهذا التنبيه يمكن القول بأن القرآن مفتوح لفهم العلماء، لكن بشرط أن لا يأتي فهم متأخرٍ على قول السلف بالإبطال؛ لأنه يلزم من ذلك أن الأمة لم تكن تعلم خطاب ربها على وجه صحيح معتبر طيلة هذا الوقت، حتى جاء هذا القول المتأخر ,
أرجو أن تتأمل هذا التوضيح، ولك ولكل المداخلين أجمل تحية وتقدير.
كلام يكتب بماء الذهب!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو عبدالله المكي]ــــــــ[04 Mar 2009, 04:37 م]ـ
لاشك أن القول الصواب هو ما تفضل به الشيخ أبوصالح المدني,
لكنني أعتب على الشيخ عصام العويد, فإنني انتظرت في تعقيبه
أن يضيف برهاناً, وإذا به يفاجئنا بقوله عن اجتهاد الشيخ صالح:
إنه (لابركة فيه)، والحقيقة أن هذا كلام رخيصٌ يحسنه كل أحد،
وهو أشبه ما يكون بنزوات الظافر في حومة القتال.
وحسبنا أن الشيخ صالحاً المغامسي مجتهدٌ يملك الآلة, وهو بين
الأجرين -إن شاء الله، لكن الدَّاء الدويّ أن ينفِر لتفسير القرآن
طائفةٌ من (الوعاظ) و (القصاص)، ويأتي أحدهم بتفسيرِ لا سلف
له فيه ولاخلف، وربما وقف حكماَ بين العلماء أطت لهم المنابر،
وصرَّت بأناملهم الأقلام.
نسأل الله أن يعصمنا من الزلل، وأن يجنبنا هذر القول.
غفر الله لك أبا عمار فأنا أعرف الشيخين وأعرف ما بينهما من الأخوة والألفة والمحبة ما بإذن الله يكونا به على منابر من نور يوم القيامة بكرم الكريم المنان سبحانه.
وليس في كلام الشيخ عصام ما يوجب هذا الظن منك بل هو توهم سببه الحساسية البالغة التي لا داعي لها.
تقول: "فإنني انتظرت في تعقيبه أن يضيف برهان وإذا به يفاجئنا بقوله عن اجتهاد الشيخ صالح: إنه (لابركة فيه) "
والبرهان مذكور لو أردت أن تقرأه " وقد بحثت طويلا هل لهذا القول من سلف فلم اجد "، ولا حاجة لإضافة غيره، وإنما هو تأكيد لنتيجة الباحث أنه هو أيضا لم يجد.
ولقد تعجبت من قولك "وإذا به يفاجئنا بقوله عن اجتهاد الشيخ صالح: إنه (لابركة فيه) " وهذا تلبيس منك غير مقصود سببه استنباط غريب، فالشيخ عصام قال " قول لا سلف له لا بركة فيه " وهي قاعدة عامة قررها غير واحد من أهل العلم ومر علينا هنا من أقوالهم ما يكفي، فقمت بتركيبها أنت على أن الشيخ عصام قال "عن اجتهاد الشيخ صالح: إنه (لابركة فيه) "، والفرق بين القواعد العامة وتنزيلها على الأعيان معلوم لكل طالب.
ثم وصفت الكلام بأنه "كلام رخيصٌ" و"أشبه ما يكون بنزوات الظافر في حومة القتال" وأي قتال يا رجل!!، قد كنت مع الشيخ عصام مرةً في جدة وسمع بوجود الشيخ صالح فيها فأصر على لقائه والسلام عليه والاطمئنان على صحته مع أن وقت رحلة المغادرة من المطار لم يبق عليه إلا القليل ومكان تواجد الشيخ صالح كان بعيدا.
فمتى اخوتي نترك ـ جميعا ـ عنا وظيفة الشيطان "ولكن في التحريش بينهم"
.
ـ[نهاية الأرب]ــــــــ[04 Mar 2009, 10:08 م]ـ
حياكم الله يا أبا عبدالله (المكي)، والحقيقة أنه اختيار موفق، وذكرتني بأنستاس الكرملي؛ فإنه كان يكتب بأسماء مستعارة لمآرب!
ولي مع ما ذكرته وقفات عجلى:
الأولى: أشكر لك دفاعك عن شيخك، فهذه من واجبات التلميذ البار، وأقترح عليك أن تدرس (الإملاء والترقيم) ومن أفضل الكتب في ذلك كتاب: قواعد الإملاء لعبدالسلام هارون، وآخر لعبداللطيف البغدادي وهو أوسع.
الثانية: قولك: (ومكان تواجد الشيخ صالح كان بعيدا)، التواجد بهذا المعنى عاميٌ، والصواب (مكثه أو إقامته) ونحوهما.
الرابعة: أبشرك أنه لا يوجد عندي (حساسية)، ولست موظفا في شركة الشيطان، ولله الحمد، ولن أقابل إساءتك بمثلها، مراعاة لأدب القول.
الثالثة: إن إطلاق المثل في أمر لا يقتضي المشابهة بين الأمرين من كل وجه، بل المراد الاتفاق في وجه الشبه، فقولي: (نزوات الظافر ... ) لا أقصد أن ثمة قتالا، بل أقصد وجه الشبه، وأعانك الله على استخراجه، ولو علمت أنك ستردّ لكتبت كلاما تقريريا.
الرابعة: إن قول الشيخ عصام: (بحثت طويلا هل لهذا القول من سلف فلم أجد) ليس دليلا، فما زاد أن أخبر بعدم علمه، وعدم العلم ليس علما بالعدم.
الخامسة: لم أقل إن بين أحدهما حسيكة ولا، حتى تثبت أن قلب فلان أطهر من ماء السماء على أخيه، وأنا اعترضت على طريقة الرد لا غير.
السادسة: قوله: (لا بركة فيه) يرجع إلى نفس القول، وهو نتيجته.
هذا وكنت أتمنى أن يكون الحديث عن أمرٍ أكثر فائدة من هذا. والله يحفظنا وإياك.
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[07 Mar 2009, 01:21 ص]ـ
حياكم الله يا أبا عبدالله (المكي)، والحقيقة أنه اختيار موفق، وذكرتني بأنستاس الكرملي؛ فإنه كان يكتب بأسماء مستعارة لمآرب!
ولي مع ما ذكرته وقفات عجلى:
الأولى: أشكر لك دفاعك عن شيخك، فهذه من واجبات التلميذ البار، وأقترح عليك أن تدرس (الإملاء والترقيم) ومن أفضل الكتب في ذلك كتاب: قواعد الإملاء لعبدالسلام هارون، وآخر لعبداللطيف البغدادي وهو أوسع.
الثانية: قولك: (ومكان تواجد الشيخ صالح كان بعيدا)، التواجد بهذا المعنى عاميٌ، والصواب (مكثه أو إقامته) ونحوهما.
الرابعة: أبشرك أنه لا يوجد عندي (حساسية)، ولست موظفا في شركة الشيطان، ولله الحمد، ولن أقابل إساءتك بمثلها، مراعاة لأدب القول.
الثالثة: إن إطلاق المثل في أمر لا يقتضي المشابهة بين الأمرين من كل وجه، بل المراد الاتفاق في وجه الشبه، فقولي: (نزوات الظافر ... ) لا أقصد أن ثمة قتالا، بل أقصد وجه الشبه، وأعانك الله على استخراجه، ولو علمت أنك ستردّ لكتبت كلاما تقريريا.
الرابعة: إن قول الشيخ عصام: (بحثت طويلا هل لهذا القول من سلف فلم أجد) ليس دليلا، فما زاد أن أخبر بعدم علمه، وعدم العلم ليس علما بالعدم.
الخامسة: لم أقل إن بين أحدهما حسيكة ولا، حتى تثبت أن قلب فلان أطهر من ماء السماء على أخيه، وأنا اعترضت على طريقة الرد لا غير.
السادسة: قوله: (لا بركة فيه) يرجع إلى نفس القول، وهو نتيجته.
هذا وكنت أتمنى أن يكون الحديث عن أمرٍ أكثر فائدة من هذا. والله يحفظنا وإياك.
على رسلك أخي!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسام خوجة]ــــــــ[07 Mar 2009, 02:01 ص]ـ
أيا أبا عمّار قد سقط منك الكثير غير المرغوب ..
..
وبدأ الموضوع ينحى عن المنحى العلميّ
الذي يريده الطلاب أمثالنا ..
..
وأقول لك في هذه المسألة على الترتيب الذي ذكرته لك ليتبين موطن الخلاف.
1 ـ السلف فهموا أن المرتين قد وقعتا وانتهتا.
2 ـ القول بأن الثانية لم تقع ينقض قول السلف.
الأسلوب الصحيح: أن نقول:
إن المرتين قد وقعتا كما فهم السلف، ونحن نعيش مرةً غيرها، وهي تدخل في قوله تعالى: (وإن عدتم عدنا).
وبهذا يكون ما قاله السلف وفهموه صحيح معتبر، وما قاله المعاصرون صحيح معتبر.
شيخ مساعد فتح الرب عليك فتحا مبيناً ..
أقل مايقال في تعقيبك: كلام معقول يقبله العقل والقلب معاً بلا إشكال ..
شكر الله لك.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[08 Mar 2009, 09:42 ص]ـ
حياكم الله يا أبا عبدالله (المكي)، والحقيقة أنه اختيار موفق، وذكرتني بأنستاس الكرملي؛ فإنه كان يكتب بأسماء مستعارة لمآرب!
ولي مع ما ذكرته وقفات عجلى:
الأولى: أشكر لك دفاعك عن شيخك، فهذه من واجبات التلميذ البار، وأقترح عليك أن تدرس (الإملاء والترقيم) ومن أفضل الكتب في ذلك كتاب: قواعد الإملاء لعبدالسلام هارون، وآخر لعبداللطيف البغدادي وهو أوسع.
الثانية: قولك: (ومكان تواجد الشيخ صالح كان بعيدا)، التواجد بهذا المعنى عاميٌ، والصواب (مكثه أو إقامته) ونحوهما.
الرابعة: أبشرك أنه لا يوجد عندي (حساسية)، ولست موظفا في شركة الشيطان، ولله الحمد، ولن أقابل إساءتك بمثلها، مراعاة لأدب القول.
الثالثة: إن إطلاق المثل في أمر لا يقتضي المشابهة بين الأمرين من كل وجه، بل المراد الاتفاق في وجه الشبه، فقولي: (نزوات الظافر ... ) لا أقصد أن ثمة قتالا، بل أقصد وجه الشبه، وأعانك الله على استخراجه، ولو علمت أنك ستردّ لكتبت كلاما تقريريا.
الرابعة: إن قول الشيخ عصام: (بحثت طويلا هل لهذا القول من سلف فلم أجد) ليس دليلا، فما زاد أن أخبر بعدم علمه، وعدم العلم ليس علما بالعدم.
الخامسة: لم أقل إن بين أحدهما حسيكة ولا، حتى تثبت أن قلب فلان أطهر من ماء السماء على أخيه، وأنا اعترضت على طريقة الرد لا غير.
السادسة: قوله: (لا بركة فيه) يرجع إلى نفس القول، وهو نتيجته.
هذا وكنت أتمنى أن يكون الحديث عن أمرٍ أكثر فائدة من هذا. والله يحفظنا وإياك.
أروِدْ قليلاً أبا عمّار , فكما تعيب على أبي عبد الله المكي اسمَهُ المستعارَ فلا تنس أنك تكتبُ بمثله متخفياً وراء كنيةٍ أيضاً.
يقول فضيلة المشرف عبد الرحمن الشهري:
[ولا تبخل علينا بالتسجيل باسمكم الصريح، حتى نلقي السمع، ونحد البصر، ونشهد القلب، فإن الثقة فيما يُكتب وراء الأسماء المستعارة، والكنى المشتركة ضعيفٌ، وقلَّ من يحفل به غالباً، مع تقديري لجميع من يخالفني في ذلك]
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?s=&threadid=195
وما كان لكَ أن توجهَ أخاكَ بدراسة الإملاء وعلامات الترقيم بهذه الطريقة التي تحملُ من الهُزءِ تلميحاً هو أبينُ من التصريح.
وإن كنتَ تزعمُ أن ردكَ لا مقابلةَ فيه بالإساءة فليت شعري ما عساك تكتبُ لو عزمتَ على رد ما تتوهمها سيئةً بسيةٍ مثلها.؟
وأنا أؤكدُ كلام أبي عبد الله تبياناً للحالة المَرضِيَّة من الألفة بين الشيخين الكريمين حفظهما الله فقد رأيتُ التأثرَ الواضحَ والإشفاقَ والحبَّ على وجه الشيخ عصام يومَ زار الشيخ صالح بعد العملية وأنا حاضرٌ , ومثل هذه المبالغات والظنون أيها الفاضلُ قد لا تشكلُ عندك مدعاةً لضرورة التبصرة والتبيين بأنها ليست إلا ضرباً من التخيل والأوهام , ولكن قد يتلقفها أبناء الشبكة العنكبوتية المُقَنعونَ ويبنون عليها أحكاماً تشيعُ في الناس وتبلغُ الآفاق وتصبحُ مع مرِّ الزمن مسلماتٍ وثوابتَ لا محيد عنها , وأنا أجزمُ جزماً يقينياً أن الشيخَ صالح يُسيئُهُ قولك هذا جداً ولا يرتضيه في أي أحد فضلاً عن الشيخ عصام.
وفق الله الجميع لمراضيه
ـ[نهاية الأرب]ــــــــ[09 Mar 2009, 12:09 ص]ـ
لقد كتبت مبتغياً الفائدة، فإن أصبت فمن لطف الله، وإن أخطأت فأستغفر الله.
وألتمس العذر من أبي عبدالله فإنني إنما ضربت بعصاه.
ـ[مامودو محمد كوما]ــــــــ[09 Mar 2009, 12:35 ص]ـ
جيد جدا أن عاد النقاش إلى هدوئه وهدفه فالخلاف لايفسد للود قضية لكني أخالف الأخ محمودالشنقيطي الرأي في القائه اللوم كله على المطيري ولا شك أن أبا عبد الله المكي (حفظهما الله) أيضا له نصيب من اللوم إذا كان لابد من ذلك , عفا الله عن الجميع وحفظ لنا علماءنا.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Mar 2009, 01:01 م]ـ
أحسنتَ قولاً أخي مامودو , وقد عميتُ عن قول أبي عبد الله المكي " وظيفة الشيطان" وهي كلمةٌ نابيةٌ لا تنبغي في حق أخينا الموقر أبي عمار سلمه الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[09 Mar 2009, 11:48 م]ـ
قبل قليل كان للشيخ صالح المغامسي حفظه الله تعليق على هذا الموضوع في قناة المجد العامة فاليشاهد في إعادته غداً(/)
إشكال في قوله تعالى (ذلك لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ)
ـ[أبو إياس الرشيد]ــــــــ[10 Feb 2009, 01:55 م]ـ
بداية أشكر المشايخ الفضلاء القائمين على هذا الموقع المبارك
وأسأل الله لهم التوفيق والسداد في هذا المشروع المسدد بإذن الله تعالى
لدي إشكال في قوله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196)
والإشكال هو أن أكثر المفسرين يختلفون في (ذلك) هل ترجع إلى التمتع أو إلى الهدي.
وعندي أن (ذلك) يحتمل أن ترجع إلى أحد ثلاثة أمور:
1 - التمتع
2 - الهدي على المتمتع
3 - صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع
وذكر المفسرون فيما وقفت عليه أن (ذلك) ترجع إما على التمتع أو الهدي ولم أجد أحدا ذكر أن (ذلك) تعود إلى صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع مع أنه حسب علمي أنه يعود إلى أقرب مذكور سابق.
وإذا جعلنا ذلك تعود إلى صيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع فيكون المعنى أن صيام سبعة أيام إذا رجع إلى أهله خاص بمن لم يكن من أهل المسجد الحرام وأما من هو من أهل المسجد الحرام فيصوم العشرة جميعا فيه وهذا وإن كان معلوما فإنه للتأكيد
فهل قيل بهذا القول؟ وما الذي جعل العلماء رحمهم الله تعالى لا يجعلون (ذلك) تعود إلى أقرب مذكور ...
وفقكم الله وسدد خطاكم
ـ[أبو إياس الرشيد]ــــــــ[11 Feb 2009, 07:13 م]ـ
إلى المشايخ الفضلاء ...
هل من مجيب على إشكالي وفقكم الله وسدد خطاكم ورزقكم العلم النافع والعمل الصالح ...
ـ[حمد]ــــــــ[12 Feb 2009, 07:39 ص]ـ
أهلاً بك أخي أبا إياس.
لا يصح ما ذكرته أخي من أننا لو أرجعنا الضمير إلى أقرب مذكور فإنّ ذلك يعني أنّ المكي يصوم العشرة في مكة.
لأنّك أخذت بمفهوم، والمفهوم هنا محتمل لغير ذلك أيضاً
محتمل لإسقاط الصيام كله عنه أصلاً. وهو المعنى المتفق عليه بين العلماء.
نرجع الآن إلى الضمير (ذلك) فنقول:
ما ذكرتَه أخي من إرجاع الضمير إلى أقرب مذكور له حظ من النظر.
وهذا يقتضي أن يكون الهدي مشروعاً له وغير واجب؛ لعدم وجوب البدل عليه.
وهذا ليس فيه خروج عن أقوال الفقهاء.
فقد قرأت لبعض المشايخ أنّ الهدي مشروع لكل حاج أو معتمر.
ـ[أبو إياس الرشيد]ــــــــ[12 Feb 2009, 04:29 م]ـ
الشيخ الفاضل حمد
بارك الله فيك على مشاركتك وإجابتك فقد استفدت منها وفقك الله
ولكن
هل وقفت على أحد من المفسرين جعل (ذلك) تعود إلى أقرب مذكور الذي هو الصيام؟
أسعدك الله في الدارين
ـ[حمد]ــــــــ[12 Feb 2009, 05:59 م]ـ
هل وقفت على أحد من المفسرين جعل (ذلك) تعود إلى أقرب مذكور الذي هو الصيام؟
أسعدك الله في الدارين
آمين وإياك. لست بشيخ يا أبا الشباب
لم أجد بعد البحث.
ولعل المشايخ يفيدونا.
ومما يدل على خطأ التأويل بأنّ (ذلك) يعود إلى الصيام فقط: أنّ الآية الكريمة استخدمت اسم الإشارة للبعيد.
واسم الإشارة للبعيد، يستعمل: إما لتعظيم المشار إليه - ولا داعي للتعظيم هنا -،
وإما للبعيد.
فلذلك جعْل اسم الإشارة هنا يعود إلى الصيام خطأ.
ـ[أبو إياس الرشيد]ــــــــ[14 Feb 2009, 01:09 م]ـ
واسم الإشارة للبعيد، يستعمل: إما لتعظيم المشار إليه - ولا داعي للتعظيم هنا -،
وإما للبعيد.
فلذلك جعْل اسم الإشارة هنا يعود إلى الصيام خطأ.
الأخ الفاضل حمد
فائدة طيبة وجواب مقنع
أسأل الله أن يرزقك علما نافعا ورزقا طيبا وعملا متقبلا وجميع المسلمين(/)
الإعجاز البلاغي عند أبي السعود في تفسيره
ـ[رأفت المصري]ــــــــ[10 Feb 2009, 02:59 م]ـ
كنت قد كتبت هذا البحث على عجالة قبل حين من الزمان، ورأيت أن أضعه بين أيدي الإخوة الأكارم في هذا الملتقى المبارك - وقد نشرت الدراسة في مجلة كلية المعلمين -بيشة - العدد السابع1428هـ."عذرا فإني لم أستطع إظهار الهوامش أثناء نقل الموضوع إلى الملتقى"
الإعجاز البلاغي عند أبي السعود في تفسيره
"دراسة تطبيقية على سورة البقرة"
رأفت محمد رائف المصري*
تقديم:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الوجوه التي أعجز بها القرآن من تحداهم بالإتيان بمثله من إنسٍ وجنٍّ كثيرة ومتعددة، ولا أعدو الصواب إذا قلت: إن ما بذل ويبذل في هذا الباب -على كثرته-لا يعدو شاطئ البحر إلى لجته، إذ إن بحر القرآن الكريم ما زال زاخراً بلآلئ الإعجاز الزاهية، وما يزال العلماء على مر العصور يقفون أمام هذه المعجزة الربانية، واللطيفة الرحمانية، موقف التلميذ النهم، يغترف من معلمه العظيم ما يشرح الصدور، ويبدد الظلمات بالنور .. ويقطف من بساتين علمه من كل ما يسلب اللب جماله، ويذهب بالعقول بهاؤه.
ثم إن المفسرين قد تنوعت مشاربهم العلمية، وتفاوتت قدراتهم الذهنية؛ ومن ثم فقد تنوعت وجهاتهم في تفسير النص القرآني ما بين مائلٍ إلى استنباط الفقه، وآخرَ متكلمٍ حاذقٍ، وثالثٍ أديبٍ لغويٍّ رائق، ورابعٍ أثري حافظ.
أما القاضي أبو السعود رحمه الله تعالى، فقد تناول القرآن تناولاً مميزاً، وعرف تفسيره بين التفاسير واشتهر، ومع أن هذا التفسير ملئ بالكنوز الثمينة، والجواهر النفيسة، إلا أنها بعيدة الغور، محجوبة بأستار من الفذلكات اللغوية، جعلت منه تفسيراً مقصوراً على خاصة الخاصة.
وقد عني أبو السعود في تفسيره الموسوم بإرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم بالجانب البلاغي للقرآن الكريم، وجلّاه بما يفرح القارئ الفطن.
والمختصون بهذا العلم الشريف يجدون أن هذا المرجع من أعمق المراجع في إعجاز القرآن البياني نظراً، ومن أدقها فيه ملحظاً.
ووقوعاً على الفائدة الأصيلة، رأيت أن أتخير أمثلة تطبيقية على وجوه الإعجاز البياني للقرآن من خلال النظر في تفسير أبي السعود لسورة البقرة، أبين فيها طرفا من اهتمام صاحب هذا السفر وعنايته بهذا الجانب الأخطر من جوانب الإعجاز، وإنما كان الاختيار لسورة البقرة كحقلٍ لهذا الاستقراء لما علم من عادة المفسرين من استفراغهم جهدهم الأعظم في التفسير في البدايات.
هذا وقد أتبعت هذه المقدمة بترجمة مختصرة لأبي السعود، أتبعتها بالمادة العلمية لهذه الدراسة مقسمةً إلى ثمانية مباحث على حسب الأبواب البلاغية، لم أعمد في تقسيمها ولا في التمثيل لها إلى الحصر، وإنما هو الاختيار فحسب.
والله أسأل أن يجزي علماءنا عنا خير الجزاء، وأن ينفعنا بعلمهم، وأن يفتح علينا من أسرار كتابه الكريم. أنه أكرم مسؤول.
ترجمة أبي السعود*
هو القاضي أبو السعود محمد بن محمد بن مصطفى العمادي الحنفي، ولد سنة ثمان وتسعين وثمانمائة بقرية قريبة من قسطنطينية، طلب العلم وقُلّد القضاء وتولّى الفتيا، وحصل له من المجد والإقبال شيء كثير، وعاقه الدرس والفتوى عن التفرغ للتصنيف، سوى أنه اختلس فرصا وصرفها إلى التصنيف في التفسير، فأتى بهذا التفسير العظيم، وسماه: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، وحصل لهذا الكتاب من الشهرة بين المختصين بعلم التفسير ما لم يحصل لأكثر التفاسير، فكان بحق من أمهات الكتب وعيونها، ولقب بـ "خطيب المفسرين".
وله مصنفات عديدة ذكرها من ترجموا له، جلها في الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة.
توفي في قسطنطينية سنة ثنتان وثمانين وتسعمائة، ودفن بجوار أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه.
المبحث الأول: التقديم والتأخير
التقديم والتأخير من مظاهر النظم بل هو لُبّه، إذ قد عُرّف النظم بأنه: "ترتيب الألفاظ في النطق تبعاً لترتيب المعاني في النفس" (1)، ومن هنا فقد يكون الكلام واحداً في مادته وألفاظه، لكن ترتيبها هو الذي يختلف إذا اختلف المعنى المراد في نفس المتكلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولأهمية هذا الباب، يقول شيخ البلاغة عبد القاهر رحمه الله تعالى: "هو باب كثير الفوائد، جم المحاسن، واسع التصرف، بعيد الغاية، لا يزال يفتَرّ-أي يكشف- لك عن بديعه، ويفضي بك إلى لطيفه .. " (1). ولما كان التقديم والتأخير بهذه الأهمية، وجدنا أبا السعود رحمه الله يعنى به عناية خاصة، بحيث لا يكاد القارئ يتصفح ورقتين متتاليتين تخلوان من لطيفة في التقديم والتأخير، تهتز لها النفوس طربا.
فنجده عند تفسيره لقول الله تعالى:” ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ“ (البقرة: 2 (يعلق على سبب تأخير ذكر الجار والمجرور "فيه" على أن حقهما التقدم على متعلقهما،خلافاً لذلك في قوله سبحانه:” وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ“ (البقرة: 23). فيقول مبيناً سبب اختلاف النظم في الآيتين: "إلا أنه خولف في الأسلوب – أي في الآية الثانية – حيث فرض كونهم في الريب لا كون الريب فيه لزيادة تنزيه ساحة التنزيل عنه، مع نوع إشعار بأن ذلك من جهتهم لا من جهته العلية، ولم يقصد هنا – أي في الآية الأولى – ذلك الإشعار، كما لم يقصد الإشعار بثبوت الريب في سائر الكتب ليقتضي تقدير الظرف، كما في قوله: ” وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ“ (الصافات: 47) " (1).
وكذلك يتكلم في أسرار تقديم بعض مذكورات النص وتأخير أخرى، وأمثلة هذا وفيرة، منها ما ذكره في تفسير قول الحق سبحانه: ”إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ“ ” (البقرة: 26).
حيث يعلق على تقديم ذكر الإضلال على الهداية، مع كون الأخيرة أشرف حالاً وأرقى رتبةً، فيقول:
"وقدم الإضلال على الهداية مع تقدم حال المهتدين على حال الضالين فيما قبله؛ ليكون أول ما يقرع أسماعهم من الجواب أمرا فظيعا يسوؤهم، ويفتّ في أعضادهم" (1)، إذ إن المقام مقام الكلام عن الكافرين: ”إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ “ (البقرة: 26).
ولما تكلم في تفسير قول الله: ” هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ“ (البقرة: 29)، نجده لم يغفل سر تقديم الأرض على السماء، بل علل ذلك بأن تأخير ذكر السماء على أنها أقوى دلالة على كمال القدرة الباهرة؛ إلا أن الأرض قد نيط بها من المنافع ما لم ينط بالسماء بالنسبة إلى بني البشر، وقد تعلقت بها مصالحهم بأظهر مما تعلقت بأختها، فكان من الأنسب و الأليق أن يقدم ذكر الأرض على السماء. (2)
ومثله – أيضا – ما ذكره في تفسير قوله سبحانه: ” أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ“ (البقرة: 77)، إذ نراه يقف مع تقديم الإسرار على الإعلان فيعلله، بقوله: "وإنما قدم الإسرار على الإعلان للإيذان بافتضاحهم، ووقوع ما يحذرونه من أول الأمر، والمبالغة في بيان علمه المحيط لجميع المعلومات، كأن علمه بما يسرونه أقدم منه بما يعلنونه؛ مع كونهما في الحقيقة على السوية، فإن علمه تعالى بمعلوماته ليس بطريق حصول صورها، بل وجود كل شيءشئ في نفسه علم لله تعالى .. " (3)، ثم بعد هذا الجواب الدقيق نرى أبا السعود يردف بجواب آخر، ينبئ عن شدة دقة ملاحظته، وعمق نظراته، فيقول: "ويجوز أن يكون ذلك باعتبار أن مرتبة السر متقدمة على مرتبة العلن " (4)، إذ ما من شيءشئ إلا ويمر بحالين: الأول: الإضمار في النفس وانعقاد القلب عليه، وهذا يتعلق به الإسرار غالباً،
(يُتْبَعُ)
(/)
والثاني: البروز إلى العلن، والأولى متقدمة زماناً على الثانية، فقدمت في النص.
والحقيقة أن الإحاطة بكل ما يتعلق بباب التقديم والتأخير – وإن كان في تفسير سورة البقرة فحسب إلا أن الأمثلة التطبيقية غزيرة، وفي المذكور كفاية تمثل ما أولاه هذا المفسر العظيم في كتابه من عناية بهذا الباب، تدلك على مقدار عمق فهمه، وغزارة فكره وعلمه.
المبحث الثاني: الفصل والوصل
احتل هذا الموضوع مكانة رفيعة بين المباحث البلاغية، وكان له شأن عند الضالعين من أهل اللغة، ولكونه دقيق المسلك، لطيف المأخذ؛ جعله بعضهم حداً للبلاغة وقصرها عليه، حينما سئل: ما البلاغة؟ فقال معرفة الفصل والوصل. (1) هذا وقد ذكر السكاكي حينما تعرض لهذا الموضوع في كتابه "مفتاح العلوم" كلاماً يفصح عن أهمية هذا الفن من فنون البلاغة، إذ يقول: ”وإنها لمحك البلاغة، ومنتقد البصيرة، ومضمار النظار، ومتفاضل الأنظار، ومعيار قدر الفهم، ومسبار غور الخاطر، ومنجم صوابه وخطائه، ومعجم جلائه وصدائه، وهي التي إذا طبقت فيها المفصل شهدوا لك من البلاغة بالقدح المعلى، وأن لك في إبداع وشيها اليد الطولى، وهذا فصل له احتياج إلى تقرير وافٍ، وتحرير شافٍ .. “ (2).
والتنبيه إلى لطائف الفصل والوصل، ومعاقد البلاغة فيهما؛ امتلأ به تفسير أبي السعود، وقد ورد منه في تفسيره سورة البقرة شئ كثير. من ذلك، ما ذكره في تفسير قوله تعالى: ”الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاة وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ () وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ“ (البقرة: 3 – 4)، يتكلم عن العطف الذي يصل الجملتين في الآيتين الكريمتين، إذ إن الأصل أن العطف لا يقتضي التغاير، فهل الأمر كذلك في هذا النص؟
يجيب أبو السعود مبينا السر في وجود حرف العطف بقوله: "ويجوز أن يجعل كلا الموصولين عبارة عن الكل مندرجاً تحت المتقين، ولا يكون توسيط العاطف بينهما لاختلاف الذوات؛ بل لاختلاف الصفات .. للإيذان بأن كل واحد من الإيمان بما أشير إليه من الأمور الغائبة، والإيمان بما يشهد بثبوتها من الكتب السماوية نعت جليل على حياله له شأن خطير، مستتبع لأحكام جمة، حقيق بأن يفرد له موصوف مستقل، ولا يجعل أحدهما تتمة للآخر" (1). ثم إذا انتهى من تقرير هذا؛ استطرد إلى بيان اللطائف والفوائد في اقتران كل من الصفات في سياق واحد مع أخواتها، فقال: "وقد شفع الأول – وهو الإيمان بالغيب - بأداء الصلاة والصدقة اللتين هما من جملة الشرائع المندرجة تحت تلك الأمور المؤمن بها تكملة له، فإن كمال العلم بالعمل. وقرن الثاني – وهو الإيمان بالكتب - بالإيقان بالآخرة مع كونه منطوياً تحت الأول تنبيهاً على كمال صحته، وتعريضاً بما في اعتقاد أهل الكتابين من الخلل" (2).
على هذه الطريقة الدقيقة من التحليل سار أبو السعود في استكناه أسرار الإعجاز القرآني من خلال قضية "الفصل والوصل".
المبحث الثالث: التعريف والتنكير
التعريف والتنكير من الظواهر السياقية التي تقتضيها أحوال المخاطبين، ويقصدها المتكلم تبعا لمعنى أراده في نفسه اقتضى أيّاً من التعريف أو التنكير، ولكل منهما أغراض بلاغية متعددة، وإن مجئ لفظ ما من ألفاظ القرآن معرفاً تارة، ومنكّراً تارة أخرى لم يكن قط مصادفة عبثية –تعالى الله وكلامه عن ذلك-، إنما جئ به مرة على حالة، وأخرى على أخرى لنكتة ما متعلقة بالسياق الذي ورد فيه هذا اللفظ أو ذاك، ولا شك أن هذا النوع من المباحث البلاغية ملحوظ في تفسير أبي السعود، ومنه ما جاء في تفسير قول الله تعالى: ”أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ“ (البقرة: 5)، حيث طفق القاضي أبو السعود يكشف عن السر الذي لأجله نكرت كلمة "هدى" في النص المذكور، فيقول: "وما فيه من الإبهام المفهوم من التنكير لكمال تفخيمه، كأنه قيل: على أيّ هدىً لا يبلغ كنهه، ولا يقادر قدره" (1).
هذا مثال في أسرار التنكير، ولا نتعدى تفسير ذات الآية حتى يتحفنا أبو السعود بمثال يبين فيه ما في التعريف من فوائد ومعان بلاغية خاصة به، ففي فاصلة الآية جاء لفظ "المفلحون" معرفا كما هو واضح، فما السر في ذلك؟ يقول رحمه الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"وتعريف المفلحين للدلالة على أن المتقين هم الناس الذين بلغك أنهم المفلحون في الآخرة، أو إشارة إلى ما يعرفه كل أحد من حقيقة المفلحين وخصائصهم" (1). وفي قول الله سبحانه: ”مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ“ (البقرة: 17. (
يتكلم عن اشتقاق كلمة النار، ومعنى استيقادها ثم يبين سبب تنكيرها، ويقرر أن التنكير للتفخيم (2)، وهذا بالطبع معنى يناسب السياق، إذ المقصود بالنار التي استوقدها المنافقون ما أظهروه من إيمان على قول، أو ما أضاء لهم في بعض اللحظات من إشراقات إيمانية على قول آخر (3)، وعلى أيهما فإن المقصود من تفخيم النار بتنكير لفظها، هو الإشارة إلى أنها نار ضخمة، عظيمة القدر، كانت كفيلة بأن تضئ لهم طريقهم، وتنقذهم من ظلمات الضلال؛ إلا أنها ما لبثت أن انطفأت، فانكفئوا خاسرين.
وعندما فسر قوله سبحانه: ”وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنْ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ“ (البقرة: 96 (، أخذ أبو السعود في الكشف عن السر المترتب على تنكير لفظ "حياة" الوارد في الآية الكريمة، فقال: "والتنكير في قوله تعالى: (على حياة) للإيذان بأن مرادهم نوع خاص منها؛ وهي الحياة المتطاولة .. " (4).
وعبارة أبي السعود السالفة هي ذاتها عبارة الزمخشري في كشافه، أما ابن عاشور فقد قال في سر التنكير في لفظ "حياة" ما نصه: "ونكر الحياة قصدا للتنويع، أي كيفما كانت تلك الحياة .. " (1).
ولا تعارض في ما ذكروه، فكون اليهود –الذين تصفهم الآية- حريصون على حياة طويلة يقتضي كون تلك الحياة التي لا يهم فيها إلا أنها طويلة؛ حياة رخيصة ذليلة.
هذا، وفي ما ذكر من الأمثلة ما يصور اهتمام أبي السعود البالغ بإظهار إعجاز الأسلوب القرآني، مبينا أن اللفظ القرآني متى جاء معرفاً أو منكراً كل قد جاء بليغاً معجزاً في موضعه.
المبحث الرابع: الإظهار والإضمار
أكثر أبو السعود من التنبيه إلى هذا الوجه من وجوه الإعجاز البلاغي، ولعل تنبيهه على الإظهار والإضمار من أكثر ما يجده القارئ من النكات. أذكر من ذلك: في تفسيره لقول الله سبحانه: ”قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ“ (البقرة: 33)، يقول مبيناً سبب إظهار كلمة "بأسمائهم" الثانية، إذ الأصل أن يقال: أنبئهم بأسمائهم، فلما أنبأهم بها. لكننا نرى أن النص عدل عن الإضمار، وهو التعبير بالضمير إلى التصريح بالكلمة، وهو مخالف للأصل من تركيب الكلام، فما السر في ذلك؟ يقول أبو السعود:
"وإظهار الأسماء في موقع الإضمار لإظهار كمال العناية بشأنها، والإيذان بأنه عليه السلام أنبأهم بها على وجه التفصيل دون الإجمال، والمعنى: فأنبأهم بأسمائهم مفصلة، وبين لهم أحوال كل منها وخواصه وأحكامه المتعلقة بالمعاش والمعاد، فعلموا ذلك لما رأوا أنه عليه السلام لم يتلعثم في شئ من التفاصيل التي ذكرها .. " (2).
وكذا عند تفسيره لقول الله تبارك وتعالى: ”وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ?عَلَى الْكَافِرِينَ“ (البقرة: 89)، يبين سبب إظهار لفظ "الكافرين"، مع أن الأصل إضماره بأن يقال: فلعنة الله عليهم. فلماذا عدل عن ذلك إلى ما ذكر من الإظهار؟ يقول:
"ووضع المظهر موضع المضمر للإيذان بأن حلول اللعنة بسبب كفرهم" (1)،
ومقصوده:
أن الإظهار هنا قام مقام التعليل لحلول اللعنة بهم، ولبيان أن ما التصق بهم منها إنما هو بكفرهم. ومثل هذا ذكره في مواضع عديدة في السورة، من مثل قوله: ”وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ“ (البقرة: 95).
(يُتْبَعُ)
(/)
وانظر -غير مأمور- إلى كلامه عند قول الله سبحانه: ”قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ“ (البقرة: 97)، حيث يبين سر الإضمار في قوله: "نزله"، والعدول عن التصريح باسم جبريل؟ فيقول: "أضمر من غير ذكر إيذاناً بفخامة شأنه واستغنائه عن الذكر، لكمال شهرته ونباهته، لا سيما عند ذكر شئ من صفاته" (1)
فالإشارة إلى فيض شهرته وأنه صاحب وظيفة التنزيل، واعتبار ذلك من البدهيات، اقتضى إضماره وعدم التصريح باسمه.
المبحث الخامس: الدقة في اختيار الألفاظ
يلحظ البليغ أثناء تلاوته كتاب الله تعالى حسن انتقاء ألفاظه ودقة اختيارها، بما هو خارج عن القدرة البشرية على ذلك، فهي ألفاظ تختال جمالاً وتألقاً، وتنساب عذبة في الفم، خفيفة على اللسان، تستلذ بها الأسماع، وتستطيبها الأنفس. ولعل من أسس البلاغة وأركانها: وضع اللفظ المناسب في المكان الذي هو به أخص، مع مراعاة التناسب مع جو السياق العام. وقد جاء في تفسير أبي السعود من هذا الباب مادة غزيرة، وللترتيب والتبويب وجدت من المناسب أن أقسم المبحث إلى مطالب قصيرة، يمثل كل مطلب منها مجموعة من الأمثلة على ما أورده فيها، إلا أنه يجدر بي أن أشير إلى أن التقسيم لم يقم على الحصر، وإنما هو ضرب من التمثيل.
المطلب الأول: سر اختيار صيغة بنائية للكلمة دون صيغة أخرى
بين أبو السعود فيما بينه من أسرار في التعبير القرآني أسراراً بلاغية تختص باختيار صيغة بنائية للكلمة دون غيرها. من ذلك: قول الله تبارك وتعالى: ”وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالآخرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ“ (البقرة: 4 (، يبين لنا أبو السعود سبب التعبير بالماضي في "أنزل" الأولى، مع أن الكتاب لم يتم نزوله إلى ساعة نزول الآية الكريمة، فيقول: "والتعبير عن إنزاله بالماضي مع كون بعضه مترقبا حينئذ، لتغليب المحقق على المقدر، أو لتنزيل ما في شرف الوقوع -لتحققه- منزلة الواقع، كما في قوله تعالى: ”قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ“ (الأحقاف: 30 (، مع أن الجن ما كانوا سمعوا الكتاب جميعا، ولا كان الجميع إذ ذاك نازلاً .. " (1). مثال آخر من تفسيره لنفس الآية، حيث يأخذ في بيان السر في بناء الفعل "أنزل" لما لم يسم فاعله، فيقول:"وبناء الفعلين للمفعول للإيذان بتعين الفاعل، وأجري على سنن الكبرياء" (2)
وكأنه يقول: إن منزل هذا الكتاب لا يحتاج إلى تعيين، إذ إن الذي يحتاج إلى تعيين هو من قد يلتبس بغيره، لكن مثل هذا الكتاب في إحكامه وإعجازه لا يمكن أن ينزله إلا الله سبحانه. وهذا ما يسمى بسنن الكبرياء، أي الطريقة التي تقتضيها الكبرياء والعظمة في التعبير والكلام، فإن للكبراء سنة معينة يتكلمون على وفقها.
ولنقف مع أبي السعود عند قول الله سبحانه: ”يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ“ (البقرة: 9 (، نجده يبين سبب إيثار التعبير بالمفاعلة في قوله: "يخادعون"، فيقول: "وإيثار صيغة المفاعلة لإفادة المبالغة في الكيفية، فإن الفعل متى غولب فيه بولغ فيه قطعاً، أو في الكمية، كما في الممارسة والمزاولة، فإنهم كانوا مداومين على الخدع" (1). وحاصله أن التعبير عن مخادعة المنافقين بهذه الصيغة البنائية، لعله يشير إلى أمرين يخدمان المقام:
الأول: أن صيغة المفاعلة في لغة العرب تفيد إجادة كيفية الفعل المصاغ منه، والثاني: أنها تفيد دوامه ومزاولته، فالمنافقون –على هذا- هم أساتذة كبراء في النفاق والمخادعة.
المطلب الثاني: سر التعبير ببعض حروف المعاني دون بعضها الآخر
حروف المعاني حروف تحمل معنى يظهر في غيرها، لها دور في إعراب ما بعدها، وما يعنينا هنا، سر التعبير ببعض هذه الحروف دون بعضها الآخر في مواضع قد يتبادر إلى الذهن أن الأصل اختيار الآخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه المسالة لها تعلق بمسألة قد اختلف فيها أهل اللغة، وهي: مسألة التناوب بين حروف الجر، فقد ذهب قوم إلى جواز التناوب بينها، وأن هذه الحروف قد يقع بعضها موقع بعضها الآخر بلا علة في البلاغة تقتضيه. وذهب آخرون إلى نفي ذلك، وتوجيه ما قد يشكل منها مما احتج به الأولون توجيها بلاغياً له علاقة وثيقة بالمعنى. "والحق أن الأصل في حروف الجر أن لا ينوب بعضها عن بعض، بل الأصل أن لكل حرف معناه واستعماله" (2).
والدارس لتفسير أبي السعود لا يتردد في نسبة هذا القول إليه، لما يظهر من توجيهه لاستعمال هذه الحروف في غير ما هو الأصل. من ذلك ما ذكره عند تفسير قوله سبحانه: ”ُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ“ (البقرة: 5)، حيث بين سر التعبير بـ "على"، حرف الاستعلاء في هذا الموطن، فقال: "وإيراد كلمة الاستعلاء بناء على تمثيل حالهم في حال ملابستهم بالهدى بحال من يعتلي الشيء ويستولي عليه ويتصرف فيه كيفما يريد، أو على استعارتها لتمسكهم بالهدى استعارة تبعية متفرعة عن تشبيه باعتلاء الراكب واستوائه على مركوبه، أو جعلها قرينة للاستعارة بالكناية، بين الهدى والمركوب، للإيذان بقوة تمكنهم منه، وكمال رسوخهم فيه" (3).
بعد النظر فيما قاله أبو السعود في تعليل استعمال هذا الحرف في هذا المكان، لا نعدو الصواب إذا قررنا أن أي حرف آخر استعمل في هذا المكان لا يؤدي الغرض الذي أداه حرف الاستعلاء.
المطلب الثالث: سر اختيار الكلمة القرآنية
امتازت العربية بوفرة كلماتها في المعنى الواحد، إلا أن المحققين من أهل التفسير واللغة قرروا أن بين الألفاظ المتشابهة نوع فرق –وإن دق-. والنص القرآني– كما ذكر- معجز من جهة اختياره اللفظ الأليق بالمقام على وجه لم يعهده البشر. والشواهد التطبيقية على هذا المعنى وفيرة، منها ما قاله أبو السعود رحمه الله في تفسيره لقول الله تبارك وتعالى: ”أَوْ كَصَيِّبٍ مِنْ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنْ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ“ (البقرة:19 (، مبينا سر إيثار لفظ "الجعل" على "الإدخال" مع أنه المتبادر، وإيثار لفظ "الأصابع" على "الأنامل" مع أن المعتاد أن الأنامل هي التي تجعل في الآذان لا الأصابع بكليتها، يقول: "وإيثار الجعل المنبئ عن دوام الملابسة واستمرار الاستقرار على الإدخال المفيد مجرد الانتقال من الخارج إلى الداخل؛ للمبالغة في بيان سد المسامع باعتبار الزمان، كما أن إيراد الأصابع بدل الأنامل للإشباع في بيان سدها باعتبار الذات، كأنهم سدوها بجملتها لا بأناملها فحسب كما هو المعتاد، ويجوز أن يكون هذا إيماءً إلى كمال حيرتهم، وفرط دهشتهم، وبلوغهم إلى حيث لا يهتدون إلى استعمال الجوارح على النهج المعتاد" (1).
وهذا الكلام في الغاية من التصوير البليغ، الذي يضيف إلى المعنى الذي وصفت فيه حال المنافقين صورة لا يخفى ما فيها من التهكم بحالهم، تدعو إلى العجب. ومن الأمثلة –أيضا- ما ذكره في تفسير قول الله سبحانه: ”إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ“ (البقرة: 26)، يعقب أبو السعود على سر التعبير بعنوان الربوبية في قوله (من ربهم)، فيقول:
"والتعرض إلى ضمير الربوبية مع الإضافة إلى ضميرهم لتشريفهم، وللإيذان بأن ضرب المثل تربية لهم وإرشاد إلى ما يوصلهم إلى كمالهم اللائق بهم .. " (1). ولو أدرنا كلام العرب على إبدال هذه الكلمة بغيرها لما وجدنا ما يؤدي الغرض، أو يتوصل به إلى المعنى الدقيق الذي حملته هذه الكلمة. وفي قول الله سبحانه: ”وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ“ (البقرة: 76 (، يلحظ أبو السعود التعبير بـ"الفتح"، فيقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
"والتعبير عنه بالفتح للإيذان بأنه سر مكنون، وباب مغلق لا يطلع عليه أحد" (2). وهذا المعنى الذي أوحت به الكلمة إشارة لطيفة إلى ما عليه اليهود من تشدد في كتم ما أنزله الله عليهم، وكلفهم بتبيينه للناس.
ولعل من المواضع الجميلة التي علق عليها أبو السعود، ما قاله في التعليق على سر التعبير بالصبغة في قول الله تعالى: ”صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ“ (البقرة: 138 (، حيث قال: "الصبغة .. هي الحالة التي يقع عليها الصبغ، عبر بها عن الإيمان .. لكونه تطهيرا للمؤمنين من أوضار الكفر، وحلية تزينهم بآثاره الجميلة، ومتداخلا في قلوبهم كما أن شأن الصبغ بالنسبة إلى الثوب كذلك .. " (3).
المبحث السادس: سر التعبير بالجملة الاسمية أو الفعلية
لكل من الجملتين الاسمية والفعلية أغراضها البيانية ومميزاتها البلاغية، وليس المقام مقام استطراد في هذا إلا أن المصادر التي تعنى بهذا الموضوع كثيرة، وقد بينت أن الجملة الاسمية تفيد نوع ثبوت واستقرار، أما الجملة الفعلية فتفيد الحدوث والتجدد، وعلى كل فإن أبا السعود قد عرض لتوظيف هذه المعاني في تفسيره لكتاب الله عز وجل، فكثيرا ما كان يشير إلى إيثار الجملة الاسمية على الفعلية أو الفعلية على الاسمية، ويأتي لذلك بأجمل اللطائف والإشارات. ومثاله، في قول الله سبحانه: ”وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ“ (البقرة: 8 (، حيث يبين سر التعبير بالجملة الاسمية (وما هم بمؤمنين) مع أن المتبادر أن يقال: "ولم يؤمنوا" حتى يوافق ذلك قولهم:"آمنا". فيقول: "وإيثار الجملة الاسمية على الفعلية الموافقة لدعواهم المردودة للمبالغة في الرد بإفادة انتفاء الإيمان عنهم في جميع الأزمنة لا في الماضي فقط كما تفيده الفعلية" (1).
ومثل ذلك في قول الله تبارك وتعالى: ”وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ“ (البقرة: 14)، فالمنافقون – كما تصور الآية – حريصون على إخفاء طويتهم الفاسدة أمام المؤمنين، ولذلك قالوا: (آمنا)، هكذا على الجملة الفعلية، أما أمام شياطينهم من مردة الكفر والنفاق فإنهم قالوا: (إنا معكم إنما نحن مستهزئون)، حيث عبروا عن إخلاصهم لهم بالجملة الاسمية لا بالفعلية كما كان يتبادر؛ جرياً للكلام على نسق واحد.
أبو السعود رحمه الله يبين السر في ذلك ببيان مفصح، فيقول: "وإنما خاطبوهم بالجملة الاسمية المؤكدة، لأن مدعاهم عندهم تحقيق الثبات على ما كانوا عليه من الدين، والتأكيد للإنباء عن صدق رغبتهم، ووفور نشاطهم لا لإنكار الشياطين، بخلاف معاملتهم مع المؤمنين؛ فهم إنما يدعون عندهم إحداث الإيمان، لجزمهم بعدم رواج ادعاء الكمال فيه، أو الثبات عليه .. " (2). مثال آخر - والأمثلة كثيرة - في قول الله سبحانه: ”وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدْ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ“ (البقرة: 130 (، يقول أبو السعود مبينا سر التعبير بالجملة الاسمية في قوله (وإنه في الآخرة لمن الصالحين) ما نصه: "وإيثار الاسمية لما أن انتظامه في زمرة صالحي أهل الآخرة أمر مستمر في الدارين، لا أنه يحدث في الآخرة " (3).
المبحث السابع: الالتفات*
أسلوب بلاغي معروف عند أهل اللغة، وقع استعماله في كتاب الله كثير ا، لم يغفل أبو السعود التنبيه إليه، وإلى أسرار استعماله كأسلوب يعتبر من أساليب التفنن البلاغي، ينبئ عن قدرة المتكلم على إجادة التصرف في الكلام. ومن أمثلة هذا النوع ما نبه إليه أبو السعود عند قول الله تبارك وتعالى:”يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ“ (البقرة: 21)، تناولت الآيات السابقة لهذه الآية أنواع الناس وأصنافهم على سبيل الغيبة، ثم نجد النص القرآني انتقل من ذلك إلى الخطاب الواضح في الآية الكريمة. فما سر ذلك؟ يجيبنا أبو السعود على عادته في التنبيه إلى أجمل اللطائف بقوله:
(يُتْبَعُ)
(/)
"أقبل عليهم بالخطاب على نهج الالتفات هزا لهم إلى الإصغاء، وتوجيها لقلوبهم نحو التلقي، وجبرا لما في العبادة من الكلفة بلذة الخطاب" (1). ومن الأمثلة على هذا النوع من أنواع البلاغة المعجزة التي نبه عليها خطيب المفسرين "أبو السعود، ما جاء في قول الحق سبحانه: ” وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ “ (البقرة: 83).
ففي بداية الآية كان الكلام عن ميثاق الأسلاف من بني إسرائيل، ثم لما ذكر التولي توجه به على سبيل الخطاب إلى الحاضرين منهم، يقول أبو السعود: "التفات إلى خطاب بني إسرائيل جميعا، بتغليب أخلافهم على أسلافهم، لجريان ذكر كلهم حينئذ على نهج الغيبة، فإن الخطابات السابقة لأسلافهم محكية داخلة في حيز القول المقدر قبل (لا تعبدون)، كأنهم استحضروا عند ذكر جناياتهم، فنعيت هي عليهم، وإن جعل خطابا لليهود المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا تعميم للخطاب بتنزيل الأسلاف منزلة الأخلاف، كما أنه تعميم للتولي فينزل منزلة الأسلاف للتشديد في التوبيخ .. " (2).
وهكذا أكون كشفت النقاب عن بعض الأسرار البلاغية في القرآن الكريم من خلال الالتفات، كما جلّاها أبو السعود في تفسيره.
المبحث الثامن: سر اختيار فواصل الآي
لا تجد في فواصل القرآن مجرد توافق ألفاظ وأوزان فقط، إنما ترى أن لها ارتباطا وثيقاً بالمعنى (1)، ارتباطا يجعل من الآية بكليتها باقة متناسقة الألوان، تربو على الطبيعة البشرية في التعبير والتنسيق. وكلما احتاج المقام في تفسير الآية إلى بيان وجه تعلق الفاصلة بصدر الآية؛ وجدت أبا السعود يتصدى لهذه المهمة بفكره الثاقب، وملكته المميزة.
فعند مروره بقول الله عز وجل: ”يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ () وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ“ (البقرة: 40 – 41)، لم يفته أن ينبه إلى سر ختم الأولى بقوله: (وإياي فارهبون)، بينما ختمت الثانية بقوله: (وإياي فاتقون). يقول أبو السعود: "ولما كانت الآية السابقة – أي الأولى – مشتملة على ما هو كالمبادئ لما في الآية الثانية، فصلت بالرهبة التي هي من مقدمات التقوى، أو لأن الخطاب بها لما عم العالم والمقلد، أمر فيها بالرهبة المتناولة للفريقين، وأما الخطاب في الثانية، فحيث خص بالعلماء أمر فيها بالتقوى الذي هو المنتهى .. " (2).
وكذلك في قول الله سبحانه: ”أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ“ (البقرة: 75 (، عند تفسيره لهذه الآية يبين الملحظ في اختيار هذه الفاصلة، إذ إنها "مؤذنة بإن تحريفهم ذاك لم يكن بناء على نسيان ما عقلوه، أو على الخطأ في بعض مقدماته، بل كان ذلك حال كونهم عالمين مستحضرين له، أو وهم يعلمون أنهم كاذبون ومفترون" (3). وأمثلة هذا النوع كثيرة، بل لعل القارئ لا يحتاج إلى شيء منها خطر بباله إلا وجد منه في هذا التفسير العظيم ما يروي به ظمأه، ويهدئ به قلبه، وتقر به عينه.
الخاتمة والنتائج ..
بعد هذه الجولة في رحاب تفسير أبي السعود لسورة البقرة أستطيع أن أقول:
* إن تفسير أبي السعود تفسير عظيم مشحون بألوان النكات البيانية، والتطبيقات البلاغية على آي التنزيل، مما يجعل هذا الحشد الضخم منها يصبغ التفسير بلون مميز يعرف به أكثر مما يعرف بغيره.
*إن أبا السعود رحمه الله تعالى كان مولعاً بالجانب البلاغي للقرآن الكريم، متفرداً في فهمه له، حظاه الله سبحانه بعمق في النظرة البيانية البلاغية في القرآن، مما يجعله مقدما على غيره من المبرزين في هذا الباب.
*إن الباحث عن لطائف الإعجاز البلاغي؛ يجد منه في هذا التفسير ما يشبع النهم، ويكسب الدارس له ملكة في التفسير البياني مميزة.
هذا ما أمكنني الله من كتابته وتسطيره، فما وجد فيه من نقص وتقصير فمن نفسي ومن الشيطان، وما كان فيه من خير وإحسان، فمن الحنان المنان، فله الحمد أولا وآخرا، وهو الرحيم الودود.وصلى الله على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه والصالحين.
فهرس المصادر والمراجع
1 - إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم، أبو السعود محمد بن محمد العمادي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1999.
2 - البلاغة فنونها وأفنانها، د فضل حسن عباس، دار الفرقان، عمان، الطبعة الرابعة 1997.
3 - التحرير والتنوير، محمد الطاهر بن عاشور، دار سحنون، تونس، ط بدون.
4 - التسهيل لعلوم التنزيل، أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1995.
5 - دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجاني، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، 1998.
6 - معاني النحو، د فاضل السامرائي، دار الفكر، الطبعة الأولى، 2000.
7 - المعجزة الخالدة، د حسن ضياء الدين عتر، دار ابن حزم، الطبعة الثانية 1989.
8 - مفتاح العلوم، أبو يعقوب يوسف بن محمد السكاكي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 2000.
9 - الموسوعة القرآنية، بحث "الالتفات"، د عبد العظيم المطعني، المجلس الأعلى للشؤون العلمية، 2003.(/)
(كيف تتدبرالقران) محاضرة للشيخ فيصل غزاوي (امام الحرم)
ـ[نايف السحيم]ــــــــ[10 Feb 2009, 06:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه محاضرة الشيخ فيصل غزاوي
بعنوان (كيف تتدبر القرآن)
رابط الجودة العالية فيديو
http://ia311224.us.archive.org/2/ite...h_05-08-08.avi
رابط صوت mp3
http://ia311224.us.archive.org/2/ite...05-08-08_0.mp3
رابط جوال جودة عالية
http://ia311224.us.archive.org/2/ite...8-08_512kb.mp4
رابط فلاش
http://ia311224.us.archive.org/2/ite...h_05-08-08.flv
منقول
ـ[سلطان العمري]ــــــــ[11 Feb 2009, 10:41 م]ـ
الرابط لا يعمل(/)
عودة لإكمال (المهمات في علوم القرآن) لفضيلة الشيخ/ خالد السبت (الحلقة السابعة)
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[10 Feb 2009, 10:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .. أما بعد:
فهذه هي الحلقة السابعة من المهمات في علوم القرآن لفضيلة شيخنا خالد السبت وفقه الله لكل خير وهي في موضوع غاية في لأهمية ألا وهو موضوع
الموضوع السادس:
الناسخ والمنسوخ
وهذا الموضوع يعد من أهم الموضوعات التي يحتاجها المفسر و الفقيه، ولا يجوز لأحد أن يتكلم في الفقه والأحكام، أو في معاني القرآن وهو لا يعرف الناسخ و المنسوخ، وقد كثر كلام السلف رضي الله تعالى عنهم في بيان هذا المعنى، فيقولون: إن من لا علم له بالناسخ والمنسوخ، فلا يجوز له أن يفسر القرآن، ويقصدون بذلك معنى أعم من معنى النسخ الذي نتحدث عنه، وهو:.رفع الحكم الشرعي إلى آخره ـ كما سيأتي بل يوسعون المعنى حتى يدخل فيه تقييد المطلق، وتخصيص العام ورفع الحكم الذي هو النسخ بالمعنى المتأخر، و بيان المجمل .. وهكذا، كل ما يعرض للنص العام أو المطلق يسمونه نسخا.
معنى النسخ:
النسخ في اللغة:
النسخ في لغة العرب يطلق على معنيين:
الأول: النقل أو ما يشبهه: مثل ما يقال تناسخ الأرواح؛ أي: تنتقل الروح من هذا إلى هذا في اعتقاد هؤلاء المنحرفين، وأما قولنا: أو ما يشبه النقل، فإنما عبرنا بما يشبه النقل لأن هذا أدق، فأنت حينما تنسخ الكتاب هل تكون نقلت نفس الحروف المنقوشة من الكتاب الأول إلى الكتاب الثاني؟ أم أنك نقلت صورة هي نظير ما في الأصل؟ الثاني هو الواقع، فلم ينتقل الذي في الأصل برمته وإنما أوجدنا نسخة أخرى منه، فهذا يشبه النقل.
إذاً فالمعنى الأول للنسخ في كلام العرب هو: النقل أو ما يشبهه.
المعنى الثاني: الإزالة و الرفع، وهذه الإزالة على وجهين:
أ - ما كان على سبيل الانعدام، أي إزالة على سبيل الانعدام:
مثل: نسخت الريح الأثر، فهل يحل شيء آخر مكان الأثر الذي زال؟ الجواب: لا. فهذه إزالة على سبيل الانعدام.
ب - ما كان على جهة الانتقال:
مثاله: نسخ الشيب السواد. أو نسخ الشيب الشباب. يعني أن الشيب حل محل قوة الشباب ونضارته، فهنا حصل انعدام لشيء لكن حلّ مكانه شيء آخر
فانعدم الشعر الأسود إلى بدل وهو (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) (مريم: من الآية4) وهكذا حينما تقول نسخت الشمس الظل.فهذا إلى بدل،حيث زال الظل وجاء مكانه الشمس.
هذا ما كان على جهة الانتقال.
معنى النسخ عند السلف؟!
النسخ عند السلف يأتي بمعنى البيان؛ فيشمل تخصيص العام، وتقييد المطلق، وبيان المجمل، ورفع الحكم من أصله، وهو النسخ بالمعنى الذي نذكره الآن ..
حتى أن السلف رضي الله عنهم، يسمون الاستثناء والشرط، وكذلك الصفة نسخا؛ لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد، فالنسخ في لسانهم: هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ بل بأمر خارج عنه مطلقاً، فكل ما يعرض عندهم للنص العام، أو المطلق أو المجمل يسمونه نسخاً، بالإضافة إلى الرفع الذي نتحدث عنه.
ومن نظر في كثير مما ينقل عنهم من الروايات في التفسير، وفي كتب الناسخ والمنسوخ، مما يقولون فيه هذه الآية نسخت هذه الآية، أو هذه الآية منسوخة بكذا، وهو كثير ولربما يكون بالمئات، فيظن من لا علم له بمنى النسخ عند السلف، أن مرادهم بها النسخ بمعناه الخاص الذي نتحدث عنه، وهذا ـ كما سيأتي ـ هو أحد أهم الأمور التي كثرت دعاوى النسخ في بعض كتب الناسخ والمنسوخ بسببها، بينما الواقع أن الآيات المنسوخة حقيقة هي آيات قليلة جداً، وأشهر الآيات التي وقع فيها الكلام هي إحدى وعشرون آية، نظمها السيوطي، وشرحها شرحا مختصراً الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في ملحق في آخر أضواء البيان، وهذه الآيات لا يثبت نسخها جميعاً، بل بعضها يثبت وبعضها لا يثبت.
معنى النسخ عند المتأخرين:
وأما عند المتأخرين ــ وهو المعنى الذي عقد من أجله هذا الدرس ــ فهو:
رفع الحكم الثابت بخطاب متقدم بخطاب متراخ عنه.
أو يمكن أن نقول على سبيل الاختصار هو: رفع الحكم الشرعي بخطاب متراخ
فهذا التعريف اشتمل على جملة من القيود أذكرها مضمنةً بعض الفوائد:
(يُتْبَعُ)
(/)
الأول: أن النسخ رفع لأصل الحكم وجملته، بحيث يبقى الحكم بمنزلة ما لم يشرع البتة، و ليس تقييداً، أو استثناءً، أو تخصيصا، .. فهذا من قبيل البيان.
الثاني: تبين من خلال التعريف، أن النسخ رفع للحكم الشرعي الثابت بخطاب متقدم، وليس رفعاً لحكم البراءة الأصلية الثابت بدليل العقل؛ فلابد أن يكون رفع حكماً شرعياً،
فإيجاب الصلاة ـ مثلاً ـ رافع للبراءة الأصلية، فلا يسمى نسخاً.
الثالث: أن النسخ رفع للحكم الشرعي بخطاب شرعي آخر، وهذا احتراز عما رفع بغير خطاب، كمن جن أ و وصل إلى حالة الهرم التي لا يعقل معها، فهنا نقول: ارتفع عنه التكليف، ولكنه ارتفع لزوال الأهلية، فليس هذا من قبيل النسخ، إذا لابد في النسخ من أن يكون الرفع بخطاب، فالجنون والموت وإن ارتفع بها عن الإنسان التكليف، إذ إن من شروط التكليف الحياة والعقل، لا يسميان نسخاً.
الرابع: تبين من خلال التعريف، أن النسخ يكون بخطاب شرعي ثانٍ متراخ عن الخطاب الأول، أما لو اتصل به، فإنه لا يسمى نسخاً، بل يقال له تخصيص، فلابد من مهلة بعد مدة.
فمثلاً في قوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران: من الآية97) بدل بعض من كل، خرج به من لم يستطع، فهل هذا يقال له نسخ؟! لا .. لكن يقال له تخصيص، أما على مفهوم السلف وتعبيرهم، فإنك ترى ابن عباس رضي لله تعالى عنه وأرضاه يقول: نسختها التي بعدها، يعني (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) نسخ (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) يعني: أنها خصصتها، لأنهم يسمعون التخصيص نسخاً.
أما على التعريف عند المتأخرين؛ فلابد من شرط التراخي.
فهذه القيود الأربعة إذا وجدت وجدت حقيقة النسخ في معناه الاصطلاحي وتحقق،وأما إذا اختل شيء منها فإن حقيقة النسخ لا تكون موجودة.
شروط النسخ:
يشترط لتحقق النسخ عدة أمور:
أولاً: وجود حقيقة النسخ، وإنما توجد بالأمور التي ذكرتها آنفا فتراجع.
الثاني: أن يكون النسخ وحيا من كتاب أو سنة، فالله عز وجل يقول: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ) (يونس: من الآية15)، فالناسخ لابد أن يكون وحياً، و بذلك نعلم أن النسخ بمجرد الإجماع لا يجوز، وأما ما يذكره العلماء كثيراً، من أن هذه الآية نسخت بالإجماع؛ فإنهم يقصدون مستند الإجماع، لأن الإجماع هو: اتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من الأمور، أو على أمر شرعي. فالإجماع لا بد أن يكون له مستند و إن خفي علينا، و مستنده دليل إما من الكتاب أو من السنة، فحينما يقولون هذه الآية أو هذا الحديث نسخه الإجماع، فإنما يعنون أن الذي نسخه هو مستند الإجماع.
ومن خلال الشرط السابق نعلم أيضاً أن النسخ لا يجوز أن يكون بالقياس، لأن القياس ليس بدليل نقلي، وإنما هو دليل مركب على الدليل النقلي، وللعقل فيه شائبة، وهو نوع اجتهاد في الواقع. على تفاوت في مراتبه ووضوحه.
ونعرف أيضا أنه لا يجوز النسخ بأدلة العقل، لأن أدلة العقل منها ما لا يجوز أن يأتي الشرع بخلافه أصلاً، فلا يتصور نسخ الشرع به، ومنها ما يجوز أن يرد الشرع بخلافه، وهو البقاء على حكم الأصل، فهذا يجب العمل به عند عدم النقل، وهو الذي يسمى الاستصحاب.
ولا يشترط في الناسخ أن يكون أقوى من المنسوخ، فيمكن أن تنسخ السنة القرآن، والآحاد ينسخ المتواتر ولا إشكال في ذلك، فيكفي الصحة والثبوت.
الشرط الثالث: لا بد أن يتأخر الناسخ عن المنسوخ
ولمعرفة التأخر عدة طرق: منها:-
الإجماع: كأن يجمع العلماء على أن هذه بعد هذه، وإجماع الأمة حجة.
أو تجمع الأمة على خلاف ما ورد من أحد الخبرين فنقول: ما دام أجمعت الأمة على خلاف مقتضاه فما كان ذلك إلا بنسخ لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة.
ويعرف أيضا التأخر والتقدم:
بقول النبي صلى الله عليه وسلم، وبفعله، كأن يقول: " كنت نهيتكم عن كذا .. وكذا " أو قول الراوي؛ كأن يقول: رخص في كذا ثم نهي عنه، فعرفنا المتقدم والمتأخر، مثل: " نهينا عن زيارة القبور .. "
(يُتْبَعُ)
(/)
ويعرف التأخر أيضاً بالتواريخ، كأن يكون هذا الأمر وقع في أول الهجرة، والآخر وقع في غزوة في آخر عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة أو نحو ذلك.
والخلاصة:
أن الناسخ المنسوخ إنما يعرف بالنقل ولا يعرف بمجرد دليل العقل ولا القياس، ولا مدخل للعقل ولا القياس في الحكم بالنسخ، فهذه قضية يجب أن تعلم.
الشرط رابع: أن يتعارض دليلان بحيث يمتنع الجمع بأن يكونا متنافيين من كل وجه، و قد تواردا على محل واحد، فإذا علمنا المتقدم من المتأخر لجأنا إلى النسخ إذا لم يمكن الجمع.
الشرط الخامس: أن يكون المنسوخ حكماً لا خبراً، لأن الأخبار لا يدخلها النسخ كأخبار ما كان وما يكون.
و أخبار الجنة والنار، و ما ورد من أسماء الله عز وجل وصفاته، وأما نسخ لفظ الخبر فقط، فهذا لا إشكال فيه بالإجماع، أي بإجماع من يقررون النسخ ويقولون به، كأن تنزل الآية مخبرة عن شيء ثم تنسخ تلاوتها فقط، مثاله: " لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب " كان هذا من القرآن، ومعناه ثابت، لكنه نسخ لفظه وهذا خبر، فنسخ لفظ الخبر ممكن ولا إشكال فيه، أما مضمونه فلا يمكن أن ينسخ.
أو أن تكون الآية بلفظ الخبر لكنها في معنى الإنشاء، والمقصود بالإنشاء: كالأمر و النهي،ومثاله: قوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) (البقرة: من الآية233) فهذا ظاهره الخبر لكنه بمعنى الإنشاء فإن فيه معنى الأمر، فهو أمر بالإرضاع، فهذا يمكن أن ينسخ.
مسألة أخرى:
النسخ جائز وواقع بين الشرائع، فالشرائع ينسخ بعضها بعضاً، فهذه الشريعة جاءت مهيمنة على سائر الشرائع، وناسخة لها، أما هذه الشريعة فلا يجوز إطلاقاً أن تنسخ بكاملها فالنبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، وشريعته خاتمة الشرائع، و هذه عقيدة يجب على كل مسلم أن يعتقدها، و أما النسخ في داخل هذه الشريعة يعني في بعض جزئياتها وفي بعض أحكامها فهذا أمر ثابت بإجماع من يعتد به من علماء المسلمين، فالله يقول (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) (الرعد:39) ويقول (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) (البقرة: من الآية106) ويكفي وقوع ذلك ليكون شاهداً على ثبوته.
الحكمة من وقوع النسخ:
هناك حكم كثيرة منها:
1 / الرحمة بالمكلفين، و هذا إذا كان النسخ إلى أخف، فالله عز وجل يقول (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) (النساء: من الآية28) فإذا كان النسخ إلى ما هو أخف فيكون ذلك جلياً واضحاً.
مثاله: أنه كان يجب على المجاهد في أول الأمر أن يصابر عشرة في القتال، ثم خفف ذلك، ففي أول الأمر، قال الله تعالى: (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) (لأنفال: من الآية65) ثم قال بعد ذلك (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) (لأنفال: من الآية66) فصار الحكم المستقر إلى اليوم، أن الواحد يجب أن يثبت أمام اثنين، بينما في السابق كان الواحد لا يجوز له أن يفر أمام عشرة، فهذا تخفيف من الله.
2/ تكثير الأجر للمؤمنين، فالله يعظم الأجور للصابرين، وهذه الحكمة تتضح في النسخ إلى الأثقل.
مثاله: الصيام: ففي أول الأمر؛ كان الواجب صيام عاشوراء، ثم نسخ وجوبه، وصار الفرض صيام شهر رمضان، ثم لما فرض شهر رمضان كان على التخيير من أراد أن يصوم ومن أراد أن يطعم، فنسخ ذلك إلى الأثقل وهو الإلزام بالصوم لكل مستطيع.
3 / أن يكون النسخ مستلزماً لحكمة خارجة عن ذاته، و هذا فيما إذا كان الناسخ فيه، نظيراً للمنسوخ مماثلاً له ليس أثقل ولا أخف.
مثاله: استقبال بيت المقدس، حيث كان المشركون يحتجون على النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون أنت تدعي أنك على ملة إبراهيم، ثم خالفته في القبلة، و اليهود يحتجون على النبي صلى الله عليه وسلم، يقولون تستقبل قبلتنا ثم تذمنا وتخالفنا في أشياء كثيرة، وتكفرنا، فحول الله عز وجل القبلة إلى الكعبة، لئلا يكون للناس على هذه الأمة، أو على النبي صلى الله عليه وسلم حجة.
(يُتْبَعُ)
(/)
4 / ومن الحكم أيضاً أن يتميز قوي الإيمان من ضعيف الإيمان كما قال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ) (البقرة: من الآية143) فهذا امتحان بكمال الانقياد، والابتلاء بالمبادرة إلى الامتثال.
و حاصل القول في حكمة النسخ أن يقال: إن الله عز وجل ينقل الناس من خير، إلى ما هو أنفع لهم وأعظم وأكثر خيرية كما قال الله عز وجل: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) (البقرة: من الآية106) فالناسخ خير، سواء كان إلى أخف، أو إلى أثقل، أو إلى مساوٍ، وينبغي أن نعلم أن أحكام الله عز وجل مشتملة على الحكم العظيمة، فإذا شرع لنا شرعاً ثم غيره إلى شرع آخر في قضية من القضايا فإن ذلك لحكمة قد تبدوا لنا وقد تخفى علينا.
بعض الفوائد والقواعد في النسخ:
1 / فمنها: انه إذا تعارض دليلان ولم يمكن الجمع بينهما، ففي هذه الحالة لابد أن يقال: إن احدهما ناسخ، والآخر منسوخ، وذلك إذا علم التاريخ، فكيف يتم العلم بالمتقدم والمتأخر؟
.قد يعرف ذلك من خلال النص، كما قال الله عز وجل في آية المجادلة (أَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) (المجادلة: من الآية13) فهذا واضح.
و قد ينعقد الإجماع في تعيين المتقدم والمتأخر.
أو يأتي من طريق صحيح عن أحد الصحابة يعين فيه المتقدم أو المتأخر.
أما إذا قال الصحابي هذه الآية ناسخة للآية الفلانية، فهذا لا يكون حجة ملزمة، لأنه قد يقوله باجتهاده، وقد يخالفه غيره فليس ذلك بحجة ملزمة.
2 / و من الأمور المهمة التي ينبغي أن تعرف في هذا الباب أيضا؛ أن النسخ لا يثبت بالاحتمال؛ وهذا أصل مهم، لأن كثيرا من دعاوى النسخ هي بمجرد الاحتمال، ولذلك كثرة دعاوى النسخ جداً، وألفت فيه مجلدات، ولربما تجد كتابا واحدا في الناسخ والمنسوخ يقع في ثلاثة مجلدات، ومن أسباب ذلك هو أنهم يبنون في كثير من الأحيان على الاحتمال، فالنسخ لابد فيه من دليل يدل عليه، سواء من الآية نفسها، أو بواسطة النقل الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة بشرطه، أو إجماع الأمة، أو عن طريق وقوع التعارض الحقيقي مع معرفة التاريخ، لأن ذلك يدل على النسخ، وأما كون الصحابي هذا أسلم متأخرا، أو أنه كان صغيرا مثلاً، أو نحو ذلك، فهذا لا يعرف به المتقدم من المتأخر ولا يبنى عليه الحكم بالنسخ.لأنه قد يكون حدث عن صحابي آخر وإن لم يكن حاضراً القصة ..
3 / ومن الفوائد واللطائف، أنه لا يوجد بالقرآن آية منسوخة إلا والناسخة بعدها إلا في موضعين اثنين من القرآن ــ على القول بأن النسخ واقع فيهما ــ الموضع الأول: عدة المتوفى عنها زوجها، في قول الله عز وجل في سورة البقرة في آية 234 (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (البقرة: من الآية234) في الآية 240 (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ) (البقرة: من الآية240) فالآية الأولى هي الناسخة للثانية، وكون الترتيب في المصحف هذه فيه متقدمة وهذه فيه متأخرة لا يعنى أن المنسوخة نزلت بعد الناسخة،وإنما نزلت قبلها ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرشدهم إلى موضعها من السورة .. فالترتيب في الآيات في السورة المعينة ليس على ترتيب نزول الآيات على النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا الموضع الأول، والراجح أن هذه الآية فعلا ناسخة للآية الثانية، وإن كان بعض أهل العلم يقولون خلاف ذلك، كشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله يقول بقاءها مدة الحول مستحب وليس بمنسوخ، وإنما ذكر المدة المستحبة والمدة الواجبة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الموضع الثاني: هو قوله تبارك و تعالى في سورة الأحزاب في الآية رقم (50) (ا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ) (الأحزاب: من الآية50) إلى آخر الآية. وفي آية رقم 52 يقول (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ) (الأحزاب: من الآية52) كثير من أهل العلم يقولون أن الآية الأولى ناسخة للآية الثانية، فعلى هذا القول تكون هاتان الآيتان الناسخ فيها قبل المنسوخ في ترتيب المصحف، مع أن الراجح في هذه الآية هو أنها ليست بمنسوخة بل المراد لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ) (الأحزاب: من الآية52) يعني من بعد الموصوفات؛ بنات عمك، وبنات خالك إلى آخره ..
ومن الفوائد أن بعض الآيات يوجد دليل النسخ في نفس الآية:
ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى: (الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ) (لأنفال: من الآية66)، وكذلك قوله تعالى:) َعلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ) (البقرة: من الآية187)، وكذلك قوله تعالى: (ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا ... ) إلى آخرالآية.
ومن المسائل المهمة في موضوع النسخ:
1 / أن الأصل عدم النسخ، فالأصل الإحكام وليس النسخ، و بالتالي فلا ينتقل عن هذا الأصل إلا بدليل يوجب ذلك، وهذا يؤيد ما ذكرنا من قبل أن النسخ لا يثبت بالاحتمال.
2/ ومن الأمور المفيدة أيضاً، ومن ملح هذا الباب: أنه لم يوجد مثال في النسخ المعروف الذي بلغ المكلفين، تكرر في شيء واحد بعينه مرتين و أكثر، وإنما قد ينسخ الشيء ثم يأمر بغيره، أما أنه ينسخ مرتين، فهذا لا يوجد له مثال في ما نعلم والله تعالى أعلم، ولا يرد على ذلك ما جاء في نسخ الصلاة مرة بعد مرة في ليلة المعراج، لأن ذلك ينازع كثير من العلماء فيه هل هو نسخ أم لا؟ لأنه لم يبلغ المكلفين ولم يتمكنوا من فعله، وهذه مسألة يحتاج إليها عند الجواب والرد على بعض من ادعى النسخ في بعض الصور، وقد استعمل ذلك مثل الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى حيث زعم بعضهم أن القبلة كانت بمكة إلى الكعبة، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تحول إلى بيت المقدس ثم نسخ ذلك إلى الكعبة هذا ضعّفه الحافظ وقال: ويلزم منه دعوى النسخ مرتين .. ذكره في الفتح.
3/ ومن المسائل المفيدة في هذا الباب: أن كل ما وجب امتثاله في وقت مّا لِعلّة تقتضي ذلك الحكم، ثم ينتقل بانتقالها إلى حكم آخر؛ فليس بنسخ، يعني: أن كل حكم ربط بعلّة ثم ينتقل بانتقالها؛ فليس من قبيل النسخ، لأنه ليس برفع للحكم بخطاب شرعي متراخ عنه، وإنما هذا أمر به لسبب، ثم زال هذا السبب فارتفع الحكم بزوال سببه، وهذا بخلاف ما حكم به الشارع مطلقا ..
مثاله:
كثير من الآيات التي تأمر بالصبر وتحمّل أذى المشركين والصفح والإعراض والعفو وما أشبه ذلك، حتى إن الله عز وجل قال: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) (التين:8)، فمثل هذه الأدلة الكثيرة في العفو والصفح، قال بعض العلماء نسختها جميعا آية واحدة، وهي الآية الخامسة من سورة براءة: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) (التوبة: من الآية5) الآية – فلا مجال للصفح ولا مجال للإعراض ولا مجال للعفو ولا مجال لتركهم، فليس لهم إلا السيف، قالوا نسختها جميعاً آية السيف، فقالوا: إن آية السيف نسخت (124) آية، وهذا غير صحيح، صحيح إن آخر ما نزل سورة براءة، ومنه هذه الآية (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) (التوبة: من الآية5) لكن آيات الصفح و الإعراض التي يحتج بها المنهزمون، الذين يقولون إن الإسلام دين صفح وإعراض ومسامحة ودين تسامح، وليس بدين قتال، هؤلاء يكذبون على الله ويكذبون على الناس، ويزيفون حقائق الإسلام، لكن العدل في هذا الباب أن يقال: إنه لم ينسخ لكن ذلك يستعمل في أحوال ضعف الأمة حين تعجز عن المواجهة، فعند ذلك يكون حق التعامل مع الكفار، الصفح والإعراض والمسامحة والتجاوز والصبر، و أما في حال التمكّن
(يُتْبَعُ)
(/)
والقوة فليس لهم إلا السيف، فهذه هي حقيقة دين الإسلام، فهو دين القوة ودين الجهاد، فالأصل المصارمة، والأصل) َاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) (لأنفال: من الآية12)) و (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ) (التوبة: من الآية5) هذا هو الأصل وهذا هو الكمال، لكن في حال العجز يلجأ إلى الصفح والإعراض، لكن لا يجعل الصفح والإعراض هو دين الإسلام، لا تجعل الرخصة في حال العجز والضعف هي الأصل و يقال هذا هو دين الإسلام، فليس هذا دين الضعف إنما دين القوة، هذا مع المشركين طبعا،أما مع المسلمين فـ (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) (فصلت:35) 2/ ومن المسائل المهمة: أن كل حكم ورد بخطاب مشعر بالتوقيت، أو ربط بغاية مجهولة، ثم انقضى بانقضائها فليس بنسخ.
مثاله:
الله عز وجل يقول (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) (النساء:15) فكان حد الزاني الإمساك للنساء في البيوت حتى تموت ولا تخرج، أو يجعل الله لهن سبيلا، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بمدة لما نزل عليه حدّ هذه الفاحشة قال: (خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائه وتغريب عام والثيب بالثيب الرجم) فهذا ليس من قبيل النسخ، لأنه غيي بغاية، فبلغ هذه الغاية (أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً). فجعل الله لهن سبيلا فتغير هذا الحكم.
أقسام النسخ:
النسخ ينقسم باعتبارات عدة إلى أقسام مختلفة:
فينقسم باعتبار باعتبار التكليف المنتقل إليه من خفة وثقل إلى ثلاثة أقسام:
نسخ إلى الأخف: مثل: مصابرة الواحد للعشرة، فنسخ بمصابرة اثنين في القتال.
النسخ إلى الأثقل: مثل: صيام رمضان، فإنه كان على التخيير، ثم صار لازماً لكل مستطيع،فهذا نسخ إلى الأثقلز
والثالث: النسخ إلى المساوي. ـ أي: من ناحية المشقة ــ ومثاله: نسخ القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام ..
وينقسم بالنظر إلى وقته إلى:
نسخ قبل التمكن من الامتثال والفعل، وإلى نسخ بعد التمكن. وهذه مسألة مشهورة من مسائل الناسخ والمنسوخ، وإن كان كل صور النسخ كانت بعد التمكن من الامتثال، إلا مثال واحد هو الذي يمثلون به على النسخ قبل التمكن، وهو ذبح إبراهيم لابنه عليهم الصلاة والسلام حين أمره الله بالذبح ثم نسخ ذلك قبل أن يحصل هذا الذبح، فهذا نسخ قبل التمكن.
مثال آخر: لكن فيه خلاف، وهو نسخ الصلوات، لكن هذا قبل بلوغ المكلفين، لكن بعدما بلغ المكلف ثم نسخ قبل أن يفعل، فلا يذكر إلا مثال إبراهيم عليه السلام .. والله تعالى أعلم.
وينقسم باعتبار النظر إلى كونه إلى بدل أو إلى غير بدل إلى قسمين على الأشهر:
نسخ إلى بدل: وهذا مثاله: عامة صور النسخ والله يقول: (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) (البقرة: من الآية106) فالنسخ إلى بدل هو الغالب، وأما النسخ إلى غير بدل فهو نادر، وأشهر مثال له وفيه نزاع مشهور: هو قوله تبارك وتعالى في الصدقة بين يدي النجوى (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) (المجادلة: من الآية13) فنسخت الصدقة بين يدي النجوى إلى لا شيء، والمخالفون يعترضون عليه كشيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله يقولون: النسخ إلى بدل موجود، فالصدقة بقيت مستحبة لم ترفع بالكلية، وبه يقول ابن القيم رحمه الله، فشيخ الإسلام وابن القيم وطائفة يقولون: لا يمكن أن يكون نسخ إلى غير بدل لأن الله وعد فقال نأت بخير منها أو مثلها، ويبقى الخلاف صورياً ـ والله تعالى أعلم ــ لأن حقيقة الخلاف بين هؤلاء هو في تسمية هذا الشيء.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالذين يقولون أن النسخ يكون إلى غير بدل مثلاً يقولون: إن الله عز و وجل نقلهم إلى التخفيف، ولم يتركهم هملاً، بل نقلهم إلى كون ذلك مباحاً من غير أيجاب شيء آخر معه، فمناجاة النبي صلى الله عليه وسلم رجعت إلى الحكم الأصلي قبل وجوب الصدقة بين يدي النجوى فكان ذلك مباحاً من غير اشتراط فرجع الحكم إلى ما كان عليه ولم يبق المكلفون هملاً، فاستووا بهذه الطريقة مع من يقولون لا بد من البدل. فظهر أن الخلاف لا يترتب عليه عمل ــ والله تعالى أعلم ــ فهو خلاف لفظي ...
وينقسم أيضاً باعتبار القدر الذي يقع عليه النسخ إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: نسخ تلاوة فقط مع بقاء الحكم مثل آية الرجم: (والشيخ والشيخة ـ يعني الثيب ـ إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم) كانت آية تقرأ فنسخ لفظها وبقى الحكم ثابتاً لم ينسخ فهذا نسخ اللفظ فقط.
القسم الثاني: نسخ الحكم فقط مع بقاء اللفظ مثل آية المصابرة (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) (لأنفال: من الآية65) فهذه نسخ حكمها وبقى لفظها.
القسم الثالث: وهو ما نسخ حكمه ولفظه: كما في حديث عائشة: (كان مما أنزل من القرآن أن عشر رضعات يحرمن ثم نسخ بخمس رضعات) فهذه العشر كانت آية من القرآن تدل عليها فنسخ اللفظ ونسخ الحكم.
وينقسم بالنظر إلى دليلة إلى أقسام متعددة يمكن أن نجملها بقسمين كبيرين:
قسم متفق على جوازه، وقسم مختلف فيه:
فمن القسم المتفق عليه: نسخ القرآن بالقرآن. هذا بالاتفاق مثل: نسخ مصابرة الواحد للعشرة بمصابرته لاثنين.
ومن القسم المتفق عليه: نسخ السنة المتواترة والأحادية بمتواتر السنة ـ هذا متفق عليه ـ.
ومن القسم المتفق عليه: نسخ الآحاد من السنة بالآحاد متفق على جوازه. ولا أحتاج لذكر أمثلة لأن موضوعنا النسخ في القرآن.
أما المختلف فيه فنسخ القرآن بالسنة، فهذا فيه خلاف مشهور، والأقرب أنه لا مانع منه، وهل وقع نسخ القرآن بالسنة؟
لا أعرف مثالاً سالماً من معارضة قوية، لكن من الأمثلة التي يوردها من يقولون به نسخ عشر رضعات حيث كانت من القرآن ثم نسخ بالسنة، وهي أن الأمر بقي على خمس، فرفع ذلك.
فيقال: إن حقيقة الأمر أنه نسخ بقرآن، ثم نسخ هذا القرآن،لأن الآية التي فيها ذكر عشر رضعات يحرمن، نسخت بآية: (أن خمس رضعات يحرمن)، ثم نسخ لفظ الآية التي فيها أن خمس رضعات يحرمن مع بقاء حكمها فالواقع أنه نسخ للقرآن بالقرآن.
ومن أمثلته المشهورة التي يمثلون بها؛ آية الوصية يقول الله عز وجل:
(كتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (البقرة: من الآية180) مع أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا وصية لوارث) فبعض العلماء يقولون: الآية ليست منسوخة، لأن هذا في الوالدين والأقربين الذين قام بهم مانع من موانع الإرث، كالأب القاتل، فالابن إذا ضرب أباه ضربة قاتلة في مقتل، ثم أوصى قبل أن يموت لأبيه، فإنه ينفذ فيما لا يزيد على الثلث، أو يكون الأب على غير دين الولد فهو لا يرث لأنه لا يتوارث أهل ملتين شتى، فالأب إذا كان كافراً والولد مسلماً، فللابن أن يوصي لأبيه، لأنه لا يرثه، فبعض العلماء يقولون: الآية ليست منسوخة، والذين يقولون إنها منسوخة يقولون: نسخها حديث (لا وصية لوارث)، وبعضهم يقول: ما نسخها الحديث، وإنما نسخها آيات المواريث (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) (النساء: من الآية11) فالمحصلة من الناحية العملية واحدة – وهو أنه لا يجوز أن يوصي لوارث سواءٌ قلنا إن الآية التي نسختها أو الحديث الذي نسخها، لكن فقط بقي الخلاف في تعيين الذي نسخها، فهذا من نماذج نسخ القرآن بالسنة وهو جائز عند الجمهور.
ومن الصور المختلف فيها أيضاً: نسخ السنة بالقرآن، لأن السنة موضحّة للقرآن، فكيف ينسخها وهي موضحة له؟
فيقال: لا مانع من ذلك وإن خالف بعض أهل العلم في وقوعه:
فيقال: نعم وقع ومن أمثلته: نسخ التوجه إلى بيت المقدس، فإنه نسخ بالقرآن، وهم أمروا بالتوجه لبيت المقدس بالسنة، ثم جاء الناسخ (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) (البقرة: من الآية144) فصار القرآن ناسخاً للسنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن المسائل التي يختلفون فيها أيضاً هل الآحاد ينسخ المتواتر أم لا؟
فالراجح أنه ينسخ المتواتر، والعبرة بالصحة والثبوت، وأما الاستدلال لهذا فلا مجال له هنا.
ومن أقسام النسخ أقسامه بالنظر إلى الحكم التكليفي:
فالحكم التكليفي خمسة أقسام (الواجب والمندوب والمباح و المستحب هو المندوب والمكروه و المحرم) فهذه خمسة أقسام، وبعضهم يجعلها أربعة، ويجعلون المباح تكملة للقسمة، لأنه مستوي الطرفين، لأنه لا مأمور به، ولا منهي عنه، فخطاب الشارع يكون إما بطلب الفعل، أو طلب الترك وطلب الفعل إما لزوماً، وهو الواجب، وإما أن يكون من غير إلزام وهو المستحب، وطلب الترك يكون إما إلزاماً وهو الحرام، وإما من غير إلزام فهو الكراهة، فهذه أربعة أقسام، بقي مستوي الطرفين وهو المباح، فبعضهم يلحقهم به تكملة للقسمة، والأحسن أن يفرق في هذا ويقال الإباحة على قسمين:
إباحة شرعية، وإباحة أصلية، فالإباحة الشرعية داخله في أقسام الحكم التكليفي، والإباحة الأصلية خارجة عنه، هذه مقدمة لا شأن لها بموضوع النسخ، لكن إذا علم أن خطاب الشارع إما أن يكون أمراً أو نهياً، وكل منهما على قسمين:
أمرٌ لازم، وأمرٌ غير لازم، ونهي لازم ونهي غير لازم، فالأمر الذي على سبيل الإلزام، يمكن أن ينسخ على ثلاث صور:
1/ فيمكن:أن يتحول من الوجوب إلى التحريم مثل: استقبال بيت المقدس فإنه كان واجباً، فلو صلى أحد إلى بيت المقدس لكان فعله حراماً، فانتقل الحكم من الوجوب إلى التحريم، فهذا الوجه الأول.
2/ الوجه الثاني: أن ينقل إلى الاستحباب مثل الوضوء لكل صلاة، كان واجباً ثم نسخ ذلك، فصار مستحباً.
3/الوجه الثالث: أن ينسخ من الوجوب إلى الإباحة، مثاله: أنه كان يجب أن يتوضأ الإنسان إذا أكل شيئاً مسّته النار، ثم نسخ بعد ذلك فصار مباحاً، ولا يقال أنه يستحب للإنسان إن أكل شيئاً مما مسّت النار أن يتوضأ بخلاف الوضوء لكل صلاة.
أما ما أمر به الشارع أمراً غير لازم ــ وهو المستحب ــ فهذا أيضاً يكون نسخه على ثلاثة أوجه:
1/الوجه الأول: إلى الوجوب، ومثاله: صوم رمضان كان مستحباً لمن لا يريد، ويريد إخراج الفدية (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) (البقرة: من الآية184)) (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ) (البقرة: من الآية184) فكان الإنسان مخيراً، والأفضل له أن يصوم، فنسخ من الاستحباب إلى الوجوب، فصار واجباً لكل مستطيع.
2/ الوجه الثاني: قد ينسخ من الاستحباب إلى التحريم: ويمكن أن يمثل له: بآيات الصفح والعفو ـ على القول بنسخها ـ، فيقال كان في السابق يستحب العفو عن المشركين والصفح والمسامحة، ثم صار ذلك حراماً لأنه نسخ فصار الواجب هو قتالهم، وقد سبق بيان الراجح في هذه المسألة.
3/ الوجه الثالث: أن ينسخ من الاستحباب إلى الإباحة: وهذا يذكرون له أمثلة فيها إشكال.
مسألة: هل المباح يدخله النسخ؟
نعم،فينسخ إلى التحريم، كما في لحوم الحمر الأهلية فإنها كانت مباحة، ثم حرمت عام خيبر لكن إباحتها كانت إباحة أصلية، وهي البقاء على حكم الأصل فلم يتعرض لها الشارع، وأما الإباحة الشرعية فتكون بإذن الشارع بخصوصها مثل إباحةالضب،فإنه أكل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم و سئل أحرام هو؟ فقال: لا " فإباحة الضب إباحة شرعية، والحاصل أن المباح يتصور نسخه إلى التحريم.
وأما المنهي فهو إما أن يكون على سبيل الإلزام يعني المحرم، فيمكن أن ينسخ إلى الإباحة، كما كان في أول ما فرض الصيام، يحرم المباشرة للنساء ليلة الصيام ثم أبيح ذلك: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) (البقرة: من الآية187)، كذلك الأكل والشرب، كان في أول فرض الصوم، للصائم أن يأكل ويشرب إلى الفجر بشرط ألا ينام، فإذا نام بعد غياب الشمس ـ حتى لو لم يفطر ـ فليس له أن يأكل أو يشرب إلا بعد غياب الشمس من اليوم الثاني، ثم نسخ ذلك (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) (البقرة: من الآية187) فصار الأكل والشرب بعد أن كان حراماً صار مباحاً.
و قد ينسخ من التحريم إلى الكراهة.
(يُتْبَعُ)
(/)
مسألة مهمة ينبغي التنبه لها:
وهي أن النسخ قد يلتبس مع التخصيص، فالتخصيص: هو إخراج بعض أفراد العام بدليل، فحينما يقول الله عز وجل مثلاً) وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (البقرة: من الآية228) فهذا عام كل مطلقة، ثم يقول في موضع آخر) وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (الطلاق: من الآية4) فالحامل لا تتربص ثلاثة قروء، و إنما عدتها وضع الحمل، فهذا من قبيل التخصيص.
وهكذا في قوله تعالى:) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) (الطلاق: من الآية4) فالصغيرة التي لم تحض إذا طلقت و الآيسة ـ وهي المرأة الكبيرة التي انقطع حيضها وطلقها زوجها خرجت من عموم قوله تعالى:) وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (البقرة: من الآية228) فهذا إخراج لبعض العام، فصار التخصيص ملتبساً مع النسخ، فكيف نفرق بينهما؟
يمكن أن يفرق بينهما بما يلي:
1/ أن يقال: إن النسخ رفع للحكم الشرعي بدليل شرعي، وأما التخصيص فهو ليس برفع إنما هو بيان، أي: بيان أن هذه الأفراد غير داخلة أصلاً في العموم، فحقيقة التخصيص أنه قصر للعام على بعض أفراده، وليس برفع العام، فالأفراد التي خرجت من العام ليست مرادةً للمتكلم أصلاً،ً و أما ما خرج بالنسخ فهو مراد، ثم رفع بعد ذلك.
2 / ومن الفروق أيضاً: أن التخصيص لا يرد على الأمر لمأمور واحد، مثاله: لو أنه قال: أعتق رقبة، وأكرم زيداً فهذا مأمور لأمر واحد، فلا يمكن أن يخصص، فتقول أكرم زيداً إلا زيداً، أو أكرم زيداً إلا بعضه. لكن يمكن أن ينسخ هذا: فتقول أكرم زيداً، ثم تقول بعد ذلك: لا تكرم زيداً. فالتخصيص لا يرد في مثل هذه الصورة.
3/ ومن الفروق كذلك: أن النسخ يبطل حجية المنسوخ، وأما التخصيص فيكون النص العام حجة لباقي الأفراد التي لم تخرج بالتخصيص.
4/ ومن الفروق أيضاً: على القول: بأن الآحاد لا ينسخ المتواتر، أو السنة لا تنسخ القرآن، أو القرآن لا ينسخ السنة، فهذا كله غير وارد في التخصيص، لأنه بيان وهو أسهل، وأما النسخ فهو رفع. ويحتاج إلى شروط ثقيلة، هذا عند من يمنعون في ذلك في النسخ.
5 / ومن الفروق: أن التخصيص لا يشترط فيه التراخي، كما في قوله تعالى:) وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور:4)) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا) (النور: من الآية5) فهذا تخصيص بالاستثناء جاء متصلاً بالنص، ومثله قوله تعالى:) وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) (آل عمران: من الآية97) فصار على المستطيعين فخصهم لذلك وأخرج غير المستطيعين.
لكن النسخ لا بد فيه من التراخي.
6/ ومن الفروق: أن النسخ لا يدخل الأخبار المحضة، بينما التخصيص يدخلها، كما لو جاء مخبر فقال: هلك آل فلان، ثم بعد مدة قال: فلان نجى من الموت بأعجوبة، فهذا تخصيص للعام السابق فالخبر يمكن أن يخصص لكن النسخ لا يرد على الأخبار المحضة.
7 / ومن الفروق: أن المنسوخ قبل ورود النسخ يعمل به فإذا جاء النسخ رفعه، أما التخصيص إذا عمل المكلفون بالعام ثم جاء التخصيص بعد ذلك فالواقع أنه نسخ .. فقضية العمل في باب تخصيص العموم غير وارده قبل ورود المخصص في وقت نزول التشريع فإذا عمل به المكلفين ثم جاء دليل يخصص فهذه مسألة رفع جزء العبارة أو بعض العبارة التي تركت الكلام عليها .. عرفتم الفرق.
فهذه ثمانية فروق بين النسخ والتخصيص فلا يلتبس بعد ذلك.
وأختم الكلام بالتنبيه على الأسباب التي من أجلها كثرت دعاوى النسخ:
و يمكن أن نجملها في ستة أسباب:
أولها: توهم أن ما شرع لسبب ثم زال السبب أن هذا من قبيل النسخ، كما سبق في آية (الصفح والعفو مع آية السيف.
والثاني: الظن بأن أبطال الإسلام لما كان عليه الأمر أولاً، أن هذا من قبيل النسخ، بينما هي أحكام شرعت ابتداءً، فليس هذا من قبيل النسخ.
والثالث: الاشتباه بين التخصيص والنسخ.
والرابع: الاشتباه بين البيان والنسخ , كتقييد المطلق، وبيان المجمل، وسبق أن السلف يعبرون كثيرا عن هذه الأشياء بالنسخ.
الخامس: توهم وجود تعارض بين نصين لا يمكن الجمع بينهما، والواقع أنه يمكن الجمع بينهما كما في كثير من الحالات. ولهذا كان ابن خزيمة ـ رحمه الله ـ يقول لا تأتيني بنص في كتاب أو سنة تدعي فيه التعارض إلا جمعت بينهما, فأحيانا العالم يستشكل الجمع بين نصين فيحكم أن هذه الحالة هي من قبيل النسخ وليس الأمر كذلك.
السادس: وهو حمل ألفاظ السلف على غير وجهها في هذا الباب.
أهم المؤلفات في الناسخ والمنسوخ:
أذكر أربعة من أهم الكتب في نسخ القرآن: وهي:
1 / الناسخ والمنسوخ، لأبي عبيد القاسم لابن سلاّم.
2/ الإيضاح في ناسخ القرآن ومنسوخه، لمكي بن أبي طالب.
3/ نواسخ القرآن، لابن الجوزي.
4 / الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس. فهذه الأربعة كتب هي أجلّ الكتب في باب الناسخ والمنسوخ ـ على حسب ما أعلم ـ والكتب كثيرة جداً،لكن هذه أجمعها وأعظمها.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[11 Feb 2009, 01:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
ـ[التواقة]ــــــــ[11 Feb 2009, 04:30 ص]ـ
جزاك الله خيرا ..
لكني أسألك وأنا من ساكنات الدمام عن موعد هذا الدرس لفضيلة الشيخ هل هي في الدمام؟ وأين ومتى تقام؟
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[11 Feb 2009, 01:59 م]ـ
جزى الله فضيلة الشيخ الدكتور / خالد السبت خير الجزاء على هذه المهمات
وحيث أن أولى هذه المهمات كانت قبل خمسة أعوام, ولتفرق هذه المهمات في الملتقى
أحببت أن أضع روابط هذه المهمات تسهيلا للمهتمين بهذه المهمات
الحلقة الأولى: المعتى والنشأة ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1274)
الحلقة الثانية: في موضوع الوحي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1520)
الحلقة الثالثة: تنزلات القرآن ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1728)
الحلقة الرابعة: أسباب النزول ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2049)
الحلقة الخامسة: مكان النزول ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10378)
الحلقة السادسة: أول مانزل وآخر ما نزل ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10958)
ـ[أريج الأقحوان]ــــــــ[11 Feb 2009, 04:01 م]ـ
شكرا ,جزيلاً, وجزاك الله خيراً, ونفع بك وبعلمك.
ـ[أبو معاذ البخيت]ــــــــ[11 Feb 2009, 06:57 م]ـ
جزيت خيراً ـ أبا عبد الرحمن ـ على جمعك لهذه الحلقات هنا
وأنبه الأخت التواقة أن هذه الدورة عقدت منذ وقت طويل في الدمام وهي موجودة في تسجيلات ابن الجوزي الإسلامية وغيرها(/)
معنى ((فأنّ لله خُمسه)) و ((ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله))
ـ[حمد]ــــــــ[10 Feb 2009, 11:21 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أشكل عليّ معنى هذه الآية الكريمة من سورة الأنفال: ((وَ?عْلَمُو?ا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ?لْقُرْبَى? وَ?لْيَتَامَى? وَ?لْمَسَاكِينِ وَ?بْنِ ?لسَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِ?للَّهِ وَمَآ أَنزَلْنَا عَلَى? عَبْدِنَا يَوْمَ ?لْفُرْقَانِ يَوْمَ ?لْتَقَى ?لْجَمْعَانِ وَ?للَّهُ عَلَى? كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))
موطن الإشكال: كيفية جعْل سهم لله تبارك وتعالى ..
وهذا الجواب:
الأموال ج1/ص411
... فقال في الخمس: ((واعلموا أنما غنمتم من شيء فأنّ لله خمسه)) فاستفتح الكلام بأن نسبه إلى نفسه ثم ذكر أهله بعد، وكذلك قال في الفيء: ((ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله)) فنسبه جل ثناؤه إلى نفسه ثم اقتص ذكر أهله فصار فيهما الخيار إلى الإمام في كل شيء يراد الله به فكان أقرب إليه ثم ذكر الصدقة فقال: ((إنما الصدقات للفقراء والمساكين)) ولم يقل: لله ولكذا ولكذا، فأوجبها لهم ولم يجعل لأحد فيها خياراً أن يصرفها عن أهلها إلى من سواهم ...(/)
إنما نحن فتنة فلا تكفر .............. ولا تبتدع
ـ[أبو يحيى بن يحيى]ــــــــ[11 Feb 2009, 12:55 ص]ـ
إنما نحن فتنة فلا تكفر .............. ولا تبتدع
_____________
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
أما بعد
فإن الملائكة هم عباد الله المكرمون
الذين لا يعصون الله ما أمرهم و يفعلون ما يؤمرون
لا يستكبرون عن عبادته تعالى
و يسبحونه و له يسجدون
و مع كل هذا
فقد جُعل منهم من يعلمون الناس الكفر!!!
نعم
فهذا هو المشهور من مذهب السلف كما حكى ابن كثير في تفسير قوله تعالى:
وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ
ملكين من ملائكة الله تعالى يعلمون السحر
و السحر كفر!!!
لماذا؟؟؟؟
فتنة
فتنة للناس
وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَة ً
كذلك
فقد جعل الله ممن نحسبهم من عباده الصالحين و أولياءه المقربين
من يعلمون الناس البدعة
لماذا؟؟؟
فتنة ....
فهي لهم ليست ببدعة
بل هي اجتهاد أخطاوا فيه
لهم فيه أجر إن شاء الله
أو تابوا عنها قبل موتهم
فيعفو الله تعالى عمن شاء منهم
و الأمثلة على ذلك في التاريخ كثيرة
ممن نحسبهم من عباد الله الصالحين
مثلا
الإمام أبو الحسن الأشعري عفا الله عنه
تاب عن عقيدته بعد أن علمها للناس
و بين خطأه
نرجو له العفو
فتنة للناس ........
و الإمام الغزالي أبو حامد عفا الله عنه
تاب عن الفلسفة بعدما قضى عمره يخوض في عبابها
و يؤصل لها
فتنة للناس ..........
كذلك الإمامان الجليلان اللذان نفع الله تعالى بعلمهما الأمة
النووي و ابن حجر
تلبسا رحمهما الله بشيئ من بدع الأشاعرة
نحسب انهما قد اجتهدا فأصابا أجرا واحدا
فتنة للناس .............
فلو أن أولياء الله الصالحين لم يكونوا إلا من أهل العقيدة و المنهج الحق
لكان سهلا على الناس اختيار الحق
ولما بقى على الأرض للبدع أهل إلا مكابر
وهذا مناف لقوله تعالى
الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)
لذلك
فإنك ترى في زماننا هذا
جماعة كذا و تنظيم كذا و حركة كذا
ترى أن الله تعالى ينصر منهم من يشاء
و يجري الكرامات على يد من يشاء
و يجتبي منهم للشهادة من يشاء
فنحسب ان منهم اولياء لله صالحون
و منهم عباد لله مقربون
فليس هذا يعني صدق دعواهم و صحة منهجهم
بل إنما هي فتنة
فلا تبتدع
اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك
ـ[أبو يحيى بن يحيى]ــــــــ[11 Feb 2009, 01:06 ص]ـ
هذه خاطرة خطرت لي في رمضان أثنا استماعي لكلام الشيخ مساعد الطيار حفظه الله عن الآية في الحلقات عظيمة النفع " بينات "
جزاه الله خيرا هو و الشيخ الشهري و الشيخ الخضري
فما كان فيها من صواب فمن الله
و ما كان فيها من خطأ فمني و من الشيطان
و أرجو من الإخوة الأكارم و بخاصة المشايخ الأجلاء تصويب ما فيه من خطأ
ـ[أبو يحيى بن يحيى]ــــــــ[25 May 2009, 10:24 م]ـ
يرفع
عسى الله تعالى أن ينفع به
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[25 May 2009, 11:05 م]ـ
الأخ الكريم بن يحيي حفظه الله
الفكرة مقبولة ولا غبار عليها، ولكن لي استدراكاً على تفسيرك للآية الكريمة، وهو أنّ الملائكة لم تُعلم الناس السحر، لأن الله تعالى يقول بأنّ الشياطين تعلم الناس السحر وتعلم أيضاً ما أنزل على الملكين. وهذا يعني أنّ ما أنزل على الملكين ليس بسحر.
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[27 May 2009, 09:34 ص]ـ
اتفق مع أخي أبي عمرو البيراوي, فالملائكة لم تعلم الناس السحر وإنما الشياطين, وأسألك فأقول: ما هو الأكثر منطقية عندما يقول الملاك الذي يعلم الناس:
إنما نحن فتنة فلا تكفر, هل يكون قصده: فلا تكفر بمخالفتنا؟ أم يكون: لا تكفر باتباعنا؟!
إن العجب كل العجب ان أنزل لأقوم بدور ثم أدعو الناس لتجنبه! أما أن أكون ممن يقدمون خيرا -والخير فتنة: ونبلوكم بالشر والخير فتنة- وأحذر الناس من الكفر بعدم اتباعي وتقبل ما أقدمه فهذا هو المنطقي!
وأذكرك أخي بقول الأئمة: قولي صواب يحتمل الخطأ وقول غيري خطأ يحتمل الصواب! فعندما حكمت وقلت:
"كذلك الإمامان الجليلان اللذان نفع الله تعالى بعلمهما الأمة
النووي و ابن حجر ,تلبسا رحمهما الله بشيئ من بدع الأشاعرة
نحسب انهما قد اجتهدا فأصابا أجرا واحدا, فتنة للناس ............. " اهـ
فلقد حكمت بضلالهما وجعلهما من المبتدعين! على الرغم من أنك -مع اعتذاري ولا مشايخك الذين درست عليهم- لا تدانيهم علما, وحكمت بالصحة المطلقة لمذهبك!
فلماذا لا يكون تيارك هو الفتنة وتكونون أنتم أصحاب الأجر الواحد؟!
جعلنا الله والمسلمين من أصحاب الأجرين أو الأجر ولا يجعلنا من أصحاب الوزر!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو يحيى بن يحيى]ــــــــ[28 May 2009, 02:48 ص]ـ
قال أبو جعفر (إمام المفسرين الطبري) إن قال لنا قائل:
وهل يجوز أن ينزل الله السحر، أم هل يجوز لملائكته أن تعلمه الناس؟
قلنا له: إن الله عز وجل قد أنزل الخير والشر كله، وبين جميع ذلك لعباده، فأوحاه إلى رسله، وأمرهم بتعليم خلقه وتعريفهم ما يحل لهم مما يحرم عليهم.
وذلك كالزنا والسرقة وسائر المعاصي التي عرفهموها، ونهاهم عن ركوبها.
فالسحر أحد تلك المعاصي التي أخبرهم بها، ونهاهم عن العمل بها.
وليس في العلم بالسحر إثم، كما لا إثم في العلم بصنعة الخمر ونحت الأصنام والطنابير والملاعب.
وإنما الإثم في عمله وتسويته. وكذلك لا إثم في العلم بالسحر، وإنما الإثم في العمل به، وأن يضر به، من لا يحل ضره به.
فليس في إنزال الله إياه على الملكين، ولا في تعليم الملكين من علماه من الناس، إثم، إذ كان تعليمهما من علماه ذلك، بإذن الله لهما بتعليمه، بعد أن يخبراه بأنهما فتنة، وينهاه عن السحر والعمل به والكفر. وإنما الإثم على من يتعلمه منهما ويعمل به، إذ كان الله تعالى ذكره قد نهاه عن تعلمه والعمل به.
ولو كان الله أباح لبني آدم أن يتعلموا ذلك، لم يكن من تعلمه حرجا، كما لم يكونا حرجين لعلمهما به. إذ كان علمهما بذلك عن تنزيل الله إليهما.
ـ[شاكر]ــــــــ[28 May 2009, 05:15 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من أنفع ما قرأت حول تفسير هذه الآية هو قول القاسمي رحمه الله والذي نقله الشيخ عبد الرحمن السحيم على سؤال حول تفسير الآية وهومنقول من موقع المشكاة:
"وجزاك الله خيرا
وبارك الله فيك.
روى شيخ المفسِّرِين ابن جرير - بإسْناده – إلى ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ). قال: لم يُنْزِل الله السِّحْر.وروى أيضا عن الربيع بن أنس (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) قال: ما أنْزَل الله عليهما السِّحْر.
ثم قال ابن جرير: فَتَأويل الآيَة عَلى هَذا الْمَعْنَى الذي ذَكَرْنَاه عن ابن عباس والرَّبِيع مِن تَوجِيهِهما مَعْنَى قَوله: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) إلى: " ولم يُنْزِل على الْمَلَكَين " واتَّبَعُوا الذي تَتُلُوا الشَّياطِين عَلى مُلْك سُلَيمَان مِن السِّحْر، وما كَفَر سُلَيمَان ولا أَنْزَل الله السِّحْر على الْمَلَكَين، ولكِنَّ الشَّيَاطِين كَفَرُوا يُعَلِّمُون النَّاس السِّحْر بِبَابِل هَارُوت ومَارُوت، فَيَكُون حِينئذ قوله: (بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) مِن الْمُؤخَّر الذي مَعْنَاه التَّقْدِيم. اهـ.
وقال القرطبي:
قوله تعالى: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) " مَا " نَفِي، والوَاو للعَطْف على قَولِه: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ)، وذلك أنَّ اليَهُود قَالُوا: إنَّ الله أنْزَل جِبْرِيل ومِيكَائيل بالسِّحْر؛ فَنَفَى الله ذلك، وفي الكَلام تَقْدِيم وتَأخِير، التَّقْدِير: ومَا كَفَر سُلَيمَان ومَا أُنْزِل على الْمَلَكَين، ولكِنَّ الشَّياطِين كَفَرُوا يُعَلِّمون النَّاس السِّحْر بِبَابِل هَارُوت ومَارُوت؛ فَهَارُوت ومَارُوت بَدَل مِن الشَّياطِين في قَوله: (وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا). هذا أوْلَى ما حُمِلَتْ عليه الآية مِن التَّأويل، وأصَحّ ما قِيل فِيها، ولا يُلْتفَت إلى سِواه؛ فالسِّحْر مِن اسْتِخْرَاج الشَّياطِين لِلَطَافَة جَوْهَرِهم ودِقّة أفْهَامِهم. اهـ.
ورجّح القاسمي كون " ما " نافية، وأنَّ هَارُوت ومَارُوت كَانا رَجُلَين مُتَظَاهِرَين بالصَّلاح. فقال: اعْلَم أنَّ للعُلَمَاء في هذه الآية وُجُوهًا كَثيرة، وأقْوالاً عَديدة؛ فمنهم مَن ذَهَب فيها مَذْهب الأخْبَارِيين نَقَلة الغّثّ والسَّمِين، ومِنهم مَن وَقَفَ مَع ظَاهِرِها البَحْت وتَمَحَّل لِمَا اعْتَرَضَه بِمَا الْمَعْنَى الصَّحِيح في غِنى عَنه، ومِنهم مَن ادَّعَى فِيها التَّقْدِيم والتَّأخِير، ورَدّ آخِرَها على أوّلها، بِمَا جَعَلها أشبَه بالألْغَاز والْمُعَمَّيَات، التي يَتَنَزَّه عنها بَيان أبْلَغ كَلامِهم، إلى غير ذلك مما يَرَاه الْمُتَتَبِّع لِمَا كُتِب فيها.
(يُتْبَعُ)
(/)
والذي ذَهَب إليه الْمُحَقِّقُون أنَّ هَارُوت ومَارُوت كَانا رَجُلَين مُتَظَاهِرَين بالصَّلاح والتَّقْوى في بَابِل ... وكانا يُعلِّمَان النَّاس السِّحْر. وَبَلَغ حُسْن اعْتِقَاد النَّاس بِهِما أنْ ظَنُّوا أنَهما مَلَكَان مِن السَّمَاء، وما يُعلِّمَانِه للنَّاس هو بِوحْي مِن الله، وبَلَغ مَكْر هَذَين الرَّجُلَين ومُحَافَظتهما على اعْتِقَاد النَّاس الْحَسَن فِيهما أنهما صَارَا يَقُولان لِكُلّ مَن أرَاد أن يَتَعَلَّم مِنهما: (إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ)، أي: إنما نَحْن أوُلو فِتْنَة نَبْلُوك ونَخْتَبِرُك، أتَشْكُر أمْ تَكْفُر، ونَنْصَح لَك ألاَّ تَكْفُر. يقولان ذلك لِيُوهِما النَّاس أنَّ عُلومَهما إلَهِيَّة، وصِنَاعَتهما رَوْحَانِيَّة، وأنهما لا يَقْصِدَان إلاَّ الْخَير ...
فـ " ما " هنا نافية على أصَحَّ الأقْوال، ولفظ (الْمَلَكَيْنِ) هنا وارِد حَسب العُرْف الْجَارِي بَيْن النَّاس في ذلك الوَقْت.
ثم خَلَص القاسمي إلى: " أنَّ مَعْنى الآية مِن أوَّلها إلى آخِرها هكذا:
أن اليَهود كَذَّبُوا القُرآن ونَبَذُوه وَرَاء ظُهورِهم، واعْتَاضُوا عَنه بالأقَاصِيص والْخُرَافَات التي يَسْمَعُونَها مِن خُبَثَائهم عن سُلَيمَان ومُلْكِه، وزَعُمُوا أنه كَفَر، وهَو لَمْ يَكْفُر، ولكن شَياطِينهم هُم الذين كَفَرُوا، وصَارُوا يُعلِّمُون النَّاس السِّحْر، ويَدّعُون أنه أُنْزِل على هَارُوت ومَارُوت، اللذين سَمَّوهما مَلَكَين، ولم يَنْزِل عَليهما شَيء ... فأنْتَ تَرَى أنَّ هَذا المقَام كُله ذََمّ، فلا يَصِحّ أن يَرِد فيه مَدْح هَارُوت ومَارُوت. والذي يَدُلّ على صِحَّة مَا قُلْنَاه فِيهما أنَّ القُرآن أنكَر نُزُول أيّ مَلَك إلى الأرْض لِيُعَلِّم النَّاس شَيئا مِن عِند الله، غَير الوَحْي إلى الأنْبِيَاء، ونَصَّ نَصًّا صَرِيحًا أنّ الله لَم يُرْسِل إلاَّ الإنْس لِتَعْلِيم بَنِي نَوْعِهم، فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [الأنبياء:7]، وقال مُنكِراً طَلَب إنْزَال الْمَلَك: (وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ) [الأنعام:8]، وقال في سورة الفرقان: (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا) إلى قَولِه: (فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً) [الآيات:7 - 9]. اهـ.
وقد رُويت أخبار في قصة الْمَلَكين، وهي أخبار لا تَصِحّ.
قال ابن عطية بعد سياق الروايات: وهذا كُلّه ضَعيف.
وقال القرطبي: لا يَصِحّ منه شيء، فإنه قَول تَدْفَعه الأصُول في الملائكة الذين هُم أمَناء الله على وَحْيِه، وسُفَرَاؤه إلى رُسُله.
وقال ابن كثير: وقد رُويَ في قِصة هارُوت ومَاروت عن جماعة من التابعين ... وحَاصِلها رَاجِع في تَفْصِيلها إلى أخْبَار بني إسْرائيل، إذْ ليس فيها حَديث مَرفوع صَحيح مُتَّصِل الإسْناد إلى الصَّادِق المصدوق المعصوم الذي لا يَنطق عن الهوى، وظاهِر سياق القرآن إجمال القِصَّة مِن غير بَسْط ولا إطْناب، فنحن نُؤمن بما وَرَد في القُرآن على ما أرَادَه الله تعالى، والله أعلم بِحَقِيقَة الْحَال.
وقال القاسمي: وللقُصّاص في " هَارُوت ومَارُوت " أحَاديث عَجيبة! ثم ذَكَرَ أنَّ هذا في " التلمود " ثم قال: وجَارَاه جَهَلَة القُصَّاص مِن المسلمين، فأخَذُوها منه. ثم نَقَلَ عن الرازي وجوه بُطلان تلك القصة.والله تعالى أعلم." اه عن موقع المشكاة.
وقال صاحب الظلال رحمه الله في نفس الآية:
لقد تركوا ما أنزل الله مصدقا لما معهم ; وراحوا يتتبعون ما يقصه الشياطين عن عهد سليمان , وما يضللون به الناس من دعاوى مكذوبة عن سليمان , إذ يقولون: إنه كان ساحرا , وإنه سخر ما سخر عن طريق السحر الذي كان يعلمه ويستخدمه.
والقرآن ينفي عن سليمان - عليه السلام - أنه كان ساحرا , فيقول:
(وما كفر سليمان).
فكأنه يعد السحر واستخدامه كفرا ينفيه عن سليمان - عليه السلام - ويثبته للشياطين:
(ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر). .
ثم ينفي أن السحر منزل من عند الله على الملكين: هاروت وماروت. اللذين كان مقرهما بابل: (وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت). .
ويبدو أنه كانت هناك قصة معروفة عنهما , وكان اليهود أو الشياطين يدعون أنهما كانا يعرفان السحر ويعلمانه للناس , ويزعمان أن هذا السحر أنزل عليهما! فنفى القرآن هذه الفرية أيضا. فرية تنزيل السحر على الملكين.
ـ[أبو الحارث العامودي]ــــــــ[29 May 2009, 10:42 ص]ـ
أوافق الأخ البيراوي عندما قال إن الآية الكريمة لم تقل بأنّ الملائكة علمت السحر. ومن هنا ليس هذا مقام التفصيل في حكم تعلم السحر وتعليمه. وكذلك لا داعي لصرف النص الكريم عن ظاهره، الذي ينص على إنزال غير السحر على الملكين ببابل هاروت وماروت. وقد وجدت مقالا في صفحة مركز نون للشيخ جرار يفسر الآيات الكريمة تحت عنوان إنما نحن فتنة. وهو يذهب إلى القول بأن الملكين كانا يعلمان مضادات السحر بعد استفحال خطر السحر في ذلك الزمان. وهو يستند فيما يستند إلى قوله تعالى (يعلمون السحر و ما أنزل على الملكين) فالسحر شيء وما أنزل شيء آخر. أما التحذير من قبل الملكين فلأن تعليم مضادات السحر يقتضي معرفة ماهية السحر من أجل معرفة إبطاله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسن عبد الجليل]ــــــــ[03 Jun 2009, 02:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدين وبعد:
تعقيبا على كلام الأخ يحيى ولجميع من ينقلون الروايات من التفاسير دون تحقيق:
أرجو أن تتنبهوا إلى أن هذه الآيات الكريمة تحدثت عن أمر عظيم، وهو بيان أن سيدنا سليمان عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام لم يكن ملكه لعلمه بالسحر، فالسحر كفر، ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق، وليس هو الذي تعلمه الملائكة للناس ففي الآية الكريم يقول الله تعالى: وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر، ثم جاءت الواو فاصلة بين ما تعلمه الشياطين للناس وما علمته الملائكة لهم، أي أن الملائكة علمتهم شيئا من عالم الملكوت والتصريف في الآشياء، وبيّنت للناس أن هذا الأمر فيه فتنة فمن تعلمه واستغله وخرج به عن دين الله فتن به. لذلك من الخطأ أن نقول إن هذين الملكين ارتكبا الفاحشة فخرجا بذلك من كونهم ملائكة لا يعصون الله ما أمرهم إلى جواز أن يقع الخطأ منهما، فالآية صريحة في وصفهما بالملكين.
ولنتذكر أوائل الآيات التي نزلت في الخمر، أقصد قول الله تعالى: ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا. فلما سمعها بعض الصحابة قال لا محالة نازل في الخمر ما يحرّمها، لأنه فهم بسليقته أن السكر غير الرزق الحسن.
وأمر البدعة التي يتهاون بها الكثيرون ليس بالهين، فالبدعة في الدين ليس الخطأ في أي تطبيق أو مسألة، بل هي إحداث أمر في الدين ليس منه، كأن يزيد أحد ركعة على صلاة المغرب لتصبح أربع ركعات، أو أن ينقص من شهر رمضان أو يؤخر هذا الشهر للشتاء أو يلغي أمر معلوم من الدين بالضرورة .... لذلك كانت عاقبة من يفعل مثل هذا الفعل أن يكون في النار. أما إن عصى الإنسان ربّه فباب التوبة مفتوح ولا يجوز أن نقول عنه مبتدع.
ولا يفهمن أحد كلامي أنني أشير إلى بعض الذين ذكرهم الأخ يحيى، وأذكره بأن حبيبنا وقرّة أعيننا وروح أجسادنا محمد صلى الله عليه وسلم إنما بعث ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وبعث ليوحد الناس ويصلح أحوالهم، لا أن يحكم بإخراجهم من الدين، فالله الله في عباد الله.
أستحلفكم بالله يا محبي رسول الله، أن لا تنظروا إلى أخطاء الناس، ولا إلى هفواتهم، فالله أعلم بها منكم، والله يستر علينا وعليهم، لكن أنظروا إلى ما يؤلف بين القلوب، ويصلح النسل والحرث. ودعونا لا نناقش في مسألة حتى نحيط بها علما، فمعضلة هذا العصر المتعالمين وأنصاف العلماء، وأن ينشغل أحدنا بمعرفة أخطائه خير من أن يبحث عن أخطاء الآخرين.
((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) وليس للمؤمنين ولا المسلمين فقط بل رحمة للعالمين
الفقير إليه تعالى: د. حسن عبد الجليل العبادلة(/)
القُلُوب تحتاج إلى مُراجعة
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[11 Feb 2009, 01:15 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
القُلُوب تحتاج إلى مُراجعة
{الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ} [(191) سورة آل عمران] وهُو أفضل الأذكار، وهذهِ صِفةُ قراءتِهِ -عليه الصلاة والسلام- مُرتَّلة، مع التَّدبُّر، مع التَّأثُّر بالقُرآن؛ لأنَّهُ يقرأ كلامُ الله، كأنَّهُ يُخاطب الرَّحمن.
هُو الكِتابُ الذِّي من قام يقرؤُهُ
كأنَّما خاطب الرَّحمن بالكلِم
وعلى طالب العلم أنْ يُعنى بهذا أشدَّ العِناية، يكُون لهُ وِرْد يومي لا يُخلُّ بِهِ سفراً ولا حضراً، وأنْ يكُون على هذهِ الطَّريقة؛ لأنَّهُ إذا تعوَّد على غيرها صَعُبَ عليهِ أنْ يرجِع، يصعُب عليهِ أنْ يرجِع، في الأمُور المحسُوسة إذا تعوَّد السُّرعة في السَّيَّارة يصعُب عليهِ يَهدِّي، ويتضايق من أيِّ شخص يمشي أمامُهُ وهُو غير مُسرع، والذِّي تعوَّد الهذ في القراءة ما يستطيع أنْ يقف، وكم حصل مِمَّن تعوَّد هذهِ السُّرعة إنَّهُ يسجد في غير موضع السُّجُود، ويتجاوز السُّجُود، ولا ينتبه إلا بعد ورقتين أو ثلاث، والقلوب كما تعلمُون في هذه الأزمان انتابها ما انتابها، وغطَّى عليها من الرَّان مع اللهُ بِهِ عليم.
وهذا يحصل على كافَّة المُستويات حتَّى من بعض طُلاَّب العلم، والله المُستعان، يعني يُتصوَّر إنَّ شخص يبدأ بيُونس ولا يشعُر إلا وهُو بيُوسف؟! مرَّت عليه هُود ما دري، يعني من منَّا من تُحرِّك فيه شعرة الآية: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [(8) سورة المدثر] نحس؟ والله ما نشعر بشيء يا الإخوان، نسأل الله -جل وعلا- أنْ يُحيِيَ القُلُوب، وأنْ يمنع الوسائل التِّي صارت سبَباً على تغطِيَة هذه القُلُوب، التَّخليط في المَطْعَم أمرُهُ مُشْكِل جدًّا، وعُمُوم النَّاس الآن لا يبحثُون إلاَّ عن المال بأيِّ وسيلةٍ كانت، لا ينظُرُون في السَّبب أو الوسيلة التي حصل بها هذا المال، والأكل، والمُوظَّف والتَّاجر على حدٍّ سواء، النَّاس كُلُّهم أو جُلُّهُم لا يحتاطُون في أمر المَطْعَم والمَشْرَب، وهذا السَّبب جَعَلَهُم يَصِلُون إلى هذا الحد، يدعُون فلا يُستجاب لهُم، ويَقْرَؤُون ولا يَنْتَفِعُون، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: "قراءة القُرآن على الوجه المأمُور بِهِ تُورثُ قلب المُسلم من العِلم واليقين والإيمان ما لا يُدْرِكُهُ أحد إلا من يفعلُهُ"، لذلك نقرأ القرآن أو نقرأ جرائد والله أمرٌ واحد، وإذا أردْتَ أنْ تعتبِر فاعتبر بمن يقرأ ويبكي، فهل هذا خُشُوع؟ لا ندخل في قُلُوب ولا في النِيَّات، لكنْ هل هذا خُشُوع؟ يبكي في أوَّل الآية وفي آخر الآية يُتعتع وفي الآية الثَّانية ما كأنَّ شيئاً حصل هذا خُشُوع؟ خُشُوع السَّلف إذا بَكَى اللَّيلة من بُكرة يُعاد مريض، هذا التَّأثُّر الحقيقي، أمَّا تتأثَّر عينك تدْمع هذا تخاشُع لا بأس وزين وأفضل من عدمِهِ؛ لكنْ يبقى إنَّ الخُشُوع الحقيقي ما هُو موجُود، يعني الآية الثَّانية كأنَّهُ ما كأنَّ شيئاً حصل، وحصل قِصَّة أظن ذكرتها لكم، قدامي بالعشر وفي الوتر في القُنُوت بعد، يبكي بُكاءً شديداً، ولمَّا سلَّم يُناقِش صاحِبُهُ عن الثَّلاجة التي تُحفظ بها الشاهي، وش تسمِّيها أنا ما أسمِّيها وتهاوشوا، كادا أنْ يتضارباَ، وقد أزعج النَّاس ببُكائِهِ الشَّديد، يا الإخوان القُلُوب تحتاج إلى مُراجعة، تحتاج إلى مُعاودة، هذا المرض الحقيقي، الإنسان إذا أُصيب بزُكام وإلا بأدنى مرضٍ حِسِّي فَزِع إلى الأطِبَّاء، والقُلوب ما نسعَى أدنى سَعِي لإصلاحِها، هذه مُشكلة، يعني الإنسان قد يُمسَخ وهُو ما يدري؛ بل المسخ المعنوي أعظم من المسخ الحِسِّي كما قرَّر أهلُ العلم، إذا مُسِخ القلب خلاص انتهى، والله المُستعان.
المقطع من تعليق الشيخ د/ عبد الكريم الخضير على (زاد المعاد)
ـ[أبو سلمان أنورصالح]ــــــــ[11 Feb 2009, 09:55 ص]ـ
جزاك الله خير كثير قد يسال كثير وهذا حالنا لماذا لا نتأثر وندتبر بقرائتنا؟ نسأل الله أن يعيننا على التدبر إنه ولي ذلك والقادرعليه أتمنى أن يشارك الجميع في هذا المعنى تدبر القرآن والله يرعاكم / أخوكم المحب أبو سلمان
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[11 Feb 2009, 11:56 م]ـ
جزاك الله خير كثير قد يسال كثير وهذا حالنا لماذا لا نتأثر وندتبر بقرائتنا؟ نسأل الله أن يعيننا على التدبر إنه ولي ذلك والقادرعليه أتمنى أن يشارك الجميع في هذا المعنى تدبر القرآن والله يرعاكم / أخوكم المحب أبو سلمان
اللهم آمين.
جزاكم الله خيرا ..
ـ[عبد الله المدني]ــــــــ[12 Feb 2009, 12:17 ص]ـ
جزاك الله خيرا خادمة القرآن .. أحسب أن المشكلة أيضا في بيان منهج التدبر، وبيان معناه .. فالمطلوب مبادرة العلماء إلى التأليف في منهج التدبر لكتاب الله، وعرضه بمنهج مبسط لعموم القراء، والله المعين على الخير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أريج الأقحوان]ــــــــ[12 Feb 2009, 12:55 ص]ـ
جزاك الله خيرا ...
أما أنا فأرى أن عدم الخشوع له أسباب كثيرة, ومن أهمها: قسوة القلب!!!! ...... إلخ
كذلك بعد الناس عن اللغة العربية الفصحى, فتجد الأكثر يقرأ وهو لايفقه شيئاً؟! فالله المستعان, ونسأل الله العفو والمغفرة, وألّا يحرمنا من الإخلاص ..
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[15 Feb 2009, 09:38 م]ـ
جزاك الله خيرا خادمة القرآن .. أحسب أن المشكلة أيضا في بيان منهج التدبر، وبيان معناه .. فالمطلوب مبادرة العلماء إلى التأليف في منهج التدبر لكتاب الله، وعرضه بمنهج مبسط لعموم القراء، والله المعين على الخير.
وإياكم،أخي الكريم ..
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[15 Feb 2009, 09:39 م]ـ
جزاك الله خيرا ...
أما أنا فأرى أن عدم الخشوع له أسباب كثيرة, ومن أهمها: قسوة القلب!!!! ...... إلخ
كذلك بعد الناس عن اللغة العربية الفصحى, فتجد الأكثر يقرأ وهو لايفقه شيئاً؟! فالله المستعان, ونسأل الله العفو والمغفرة, وألّا يحرمنا من الإخلاص ..
وإياكِ أختي الكريمة ...
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[16 Feb 2009, 11:52 ص]ـ
بارك الله فيك أختي الفاضلة محبة القرآن على هذا الموضوع وهذه التذكرة وكم نحن بحاجة لإصلاح القلوب وإخراج ما فيها من هوى وانشغال بأمور هذه الحياة الدنيا والله المستعان. كما أن من عوامل قسوة القلوب وانشغالها اعتبار أن هذا القرآن هو منهج السلف وليس منهج العالمين إلى يوم الدين، نسأله تعالى أن ينير قلوبنا وأسماعنا وعقولنا لتلقي هذا النور الإلهي الذي فيه صلاحنا وفلاحنا في الدنيا والآخرة.
أعاننا الله تعالى وإياكم على تدبر كلامه العزيز وعلى الخشوع والطمأنينة والسكينة اللهم آمين.
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[17 Feb 2009, 07:48 م]ـ
بارك الله فيك أختي الفاضلة محبة القرآن على هذا الموضوع وهذه التذكرة وكم نحن بحاجة لإصلاح القلوب وإخراج ما فيها من هوى وانشغال بأمور هذه الحياة الدنيا والله المستعان. كما أن من عوامل قسوة القلوب وانشغالها اعتبار أن هذا القرآن هو منهج السلف وليس منهج العالمين إلى يوم الدين، نسأله تعالى أن ينير قلوبنا وأسماعنا وعقولنا لتلقي هذا النور الإلهي الذي فيه صلاحنا وفلاحنا في الدنيا والآخرة.
أعاننا الله تعالى وإياكم على تدبر كلامه العزيز وعلى الخشوع والطمأنينة والسكينة اللهم آمين.
وفيك بارك الله،حياك الله أخية .. أسعدني مروركِ .. وكذلك دعواتكِ، التي أسأل الله أن يستجيبها وأن يثيبك عليها ... اللهم آمين(/)
دقائق الهوى للمعلمي ... أدخل وفتش نفسك
ـ[أبو صالح المدني]ــــــــ[11 Feb 2009, 12:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فإن الهوى خفيّ المسالك، بعيد المسارب، لا يكاد يسلم منه إنسان، ومن أعظم الجهاد أن يجاهد الإنسان هواه في الله تعالى ...
غير أنّه كيف يجاهد الإنسان هواه وهو لم يعرفه؟ وكيف يتبرّأ منه وهو لم يميّزه؟
إن تمييز الهوى من الحقّ لابد فيه من توفيق الله وإعانته، ومن لم يجعل الله له نوراً فماله من نور ..
وإليك الحلقة الأولى من "دقائق الهوى" بقلم ذهبيّ العصر العلامة المعلّميّ –رحمه الله-، كتبه للعلماء قبل العامّة، فاقرأ ونزّل كلامه على مواضعه من قلبك، واستعن بالله في ترك الهوى، ولزوم التجرد لله في كلّ موقف.
قال –رحمه الله- في "القائد" الملحق بـ "التنكيل" 2/ 197 - 198
(يفكّر في حاله مع الهوى ...
افرض أنه بلغك أنّ رجلاً سبّ رسول الله صلى الله عليه و آله و سلّم، وآخر سبّ داود عليه السلام، و ثالثاً سبّ عمر أو علياً رضي الله عنهما، و رابعاً سبّ إمامك، وخامساً سبّ إماماً آخر، أيكون سخطك عليهم وسعيك في عقوبتهم وتأديبهم أو التنديد بهم موافقاً لما يقتضيه الشرع؟؛ فيكون غضبك على الأول والثاني قريباً من السواء و أشد مما بعدهما جداً، و غضبك على الثالث دون ذلك و أشد مما بعده، وغضبك على الرابع و الخامس قريباً من السواء و دون ما قبلهما بكثير؟
افرض أنك قرأت آيةً فلاحَ لك منها موافقة قولٍ لإمامك، و قرأت أخرى فلاح لك منها مخالفة قول آخر له، أيكون نظرك إليهما سواء، لا تبالي أن يتبين منهما بعد التدبر صحة ما لاح لك أو عدم صحته؟
افرض أنك وقفت على حديثين لا تعرف صحتهما ولا ضعفهما، أحدهما يوافق قولاً لإمامك والآخر يخالفه، أيكون نظرك فيهما سواء، لا تبالي أن يصح سند كل منهما أو يضعف؟
افرض أنك نظرت في مسألة قال إمامك فيها قولاً وخالفه غيره، ألا يكون لك هوى في ترجيح أحد القولين؟ بل تريد أن تنظر لتعرف الراجح منهما فتبين رجحانه؟
افرض أن رجلاً تحبّه وآخر تبغضه تنازعا في قضية فاستُفتيت فيها ولا تستحضر حكمها و تريد أن تنظر، ألا يكون هواك في موافقة الذي تحبه؟
افرض أنك وعالماً تحبه وآخر تكرهه؛ أفتى كل منكم في قضية واطلعت على فتويي صاحبيك فرأيتهما صواباً، ثم بلغك أن عالماً آخر اعترض على واحدة من تلك الفتاوى و شدّد النكير عليها، أتكون حالك واحدة؛ سواء كانت هي فتواك أم فتوى صديقك أم فتوى مكروهك؟
افرض أنك تعلم من رجل منكراً و تعذر نفسك في عدم الإنكار عليه، ثم بلغك أن عالماً أنكر عليه و شدّد النكير، أيكون استحسانك لذلك سواء فيما إذا كان المنكر صديقك أم عدوك، و المنكر عليه صديقك أم عدوك؟
فتّش نفسك تجدْك مبتلىً بمعصية أو نقص في الدين، و تجد من تبغضه مبتلىً بمعصية أو نقصٍ آخر ليس في الشرع بأشدّ مما أنت مبتلىً به؟ فهل تجد استشناعك ما هو عليه مساوياً لاستشناعك ما أنت عليه، و تجد مقتك نفسك مساوياً لمقتك إياه؟
وبالجملة فمسالك الهوى أكثر من أن تحصى، وقد جرّبتُ نفسي أنني ربما أنظر في القضية زاعماً أنه لا هوى لي، فيلوح لي فيها معنىً، فأقرّره تقريراً يعجبني، ثم يلوح لي ما يخدش في ذاك المعنى، فأجدني أتبرّم بذلك الخادش؛ وتنازعني نفسي إلى تكلف الجواب عنه، وغضّ النظر عن مناقشة ذاك الجواب، و إنما هذا لأني لما قررت ذاك المعنى أولاً تقريراً أعجبني صرت أهوى صحته، هذا مع أنه لم يعلم بذلك أحد من الناس، فكيف إذا كنتُ قد أذعتُه في الناس ثم لاح لي الخدش؟ فكيف لو لم يلح لي الخدش ولكن رجلاً آخر اعترض علي به؟ فكيف لو كان المعترض ممن أكرهه؟
هذا، ولم يكلَّف العالم بأن لا يكون له هوى؟ فإن هذا خارج عن الوُسع، وإنما الواجب على العالم أن يفتّش نفسه عن هواها حتى يعرفه ثم يحترز منه، و يمعن النظر في الحق من حيث هو حق، فإن بان له أنه مخالف لهواه آثر الحق على هواه.
وهذا -والله أعلم- معنى الحديث الذي ذكره النووي في (الأربعين) و ذكر أن سنده صحيح، وهو ((لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)).
والعالم قد يقصّر في الاحتراس من هواه ويسامح نفسه فتميل إلى الباطل فينصره، وهو يتوهّم أنّه لم يخرج من الحقّ و لم يعاده، و هذا لا يكاد ينجو منه إلا المعصوم، وإنما يتفاوت العلماء، فمنهم من يكثر الاسترسال مع هواه، ويفحشُ حتى يقطعُ من لا يعرف طباع الناس ومقدار تأثير الهوى بأنه متعمَّد، ومنهم من يَقلّ ذلك منه و يخفّ، ومن تتبَّع كتب المؤلّفين الذين لم يسندوا اجتهادهم إلى الكتاب و السنّة رأساً رأى فيها العجب العجاب، و لكنّه لا يتبين له ذلك إلاّ في المواضع التي لا يكون له فيها هوىً، أو يكون هواه مخالفاً لما في تلك الكتب، على أنّه إذا استرسل مع هواه زعم أن موافقيه براء من الهوى، وأنّ مخالفيه كلَّهم متبعون للهوى.
وقد كان من السلف من يبالغ في الاحتراس من هواه حتى يقع في الخطأ من الجانب الآخر؛ كالقاضي يختصم إليه أخوة و عده فيبالغ في الاحتراس حتى يظلم أخاه، و هذا كالذي يمشي في الطريق و يكون عن يمينه مزلّة فيتّقيها ويتباعد عنها فيقع في مزلّة عن يساره!) اهـ
فإن تنجُ منها تنجُ من ذي عظيمةٍ::: وإلا فإني لا إخالك ناجيا!
قلت: (بيانٌ كأنه تنزيل من التنزيل، أو قبس من نور الذكر الحكيم).
تنبيه!
قال الألباني تعليقاً على الحديث "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ": (أنى له الصحة و في سنده نعيم بن حماد) اهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلسبيل]ــــــــ[15 Feb 2009, 06:42 م]ـ
قال تعالى (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى)
جزاكم الله خيرا وبانتظار بقية الحلقات الماتعة(/)
الحلقة (3) مختارات من قراءة في طبقات الإمام الداوودي (945هـ)
ـ[بلال الجزائري]ــــــــ[11 Feb 2009, 12:35 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه هي الحلقة الثالثة من مختارات من قراءة في طبقات الداوودي (945هـ)
40ـ خواطر شرعية
قال الإمام العز بن عبد السلام: مضت لي ثلاثون سنة! لا أنام كل ليلة إلا بعد أن أُمر أبواب الشريعة على خاطري.
قلت: كيف لا وهو صاحب الكتاب المقاصدي الماتع الرائع اللطيف في فنه، الموسوم بقواعد الأحكام في مصالح الأنام.
41ـ 30 درس في اليوم
في ترجمة الإمام ابن حبيب المالكي (238هـ)
قال: وقد رتب الدول (جمع دالة، أ ي الدور وهذه الكلمة لا زالت مستخدمة إلى اليوم في بلاد المغرب العربي) عنده كل يوم ثلاثين دولة، لا يقرأ فيها عليه شيء إلا تواليفه وموطأ مالك.
42ـ التسوية بين حدثنا وأخبرنا
كان الشيخ أبو مروان عبد الملك بن سراج القرطبي اللغوي (489هـ) يقول: حدثنا وأخبرنا واحد، ويحتج بقوله تعالى: {يومئذ تحدث أخبارها} فجعل الحديث والخبر واحداً.
قلت: التفريق بينهما ثابت في اصطلاح المحدثين، للتفريق بين قراءة الشيخ على طلابه فتكون (حدثنا) وبين عرض الطالب على الشيخ فتكون (أخبرنا). وهذا من مُلح علم المصطلح.
43ـ بنت الشيخ تحفظه
في ترجمة شيخ الشام في وقته أبي الفرج عبد الواحد بن محمد الحنبلي (486هـ) أنه صنف كتاب الجواهر في التفسير وهو ثلاثون مجلدة، قال: وكانت بنت الشيخ تحفظه.
قلت: فأين بناتنا اليوم اللائي شُغلنَّ بل فُتنَّ بالمسلسلات والأفلام والمجلات والأزياء وصرعات وصيحات آخر الموضات. والأدهى أنك تجد أولاد العلماء بنين وبنات من أبعد الناس عن العلم وأهله، فيا سبحان الله، وكما قيل: لا كرامة لنبي في قومه، ومغنية الحي لا تُطرب.
44ـ 100.000 شاهد
وفي ترجمة عبد الوهاب بن محمد الشيرازي (500هـ) أنه صنف تفسيراً ضمنه 100.000 بيت من الشواهد.
45ـ 120 وجه في البسملة
ذكر في ترجمة عبيد الله بن محمد الأسدي النحوي العروضي المعتزلي (460هـ) أنه صنف تفسير القرآن العظيم، ذكر في (بسم الله الرحمن الرحيم) 120 وجهاً.
46ـ قوانين التفسير
في ترجمة علي بن أحمد التجيبي أبو الحسن الحرالي الأندلسي (قبل 640هـ)
أن من تصانيفه: (مفتاح الباب المقفل لفهم الكتاب المنزل) جعله قوانين كقوانين أصول الفقه.
47ـ أدب جم
قال أبو عبيد: ما دققت على محدث بابه، وفي رواية: ما أتيت عالماً قط فاستأذنت عليه، ولكن صبرت حتى يخرج إليّ، وتأولت قول الله تعالى: ? ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيراً لهم?.
48ـ 50.000 حديث في القراءات
قال ابن مردويه: سمعت أبا أحمد العسال يقول: أحفظ في القراءات خمسين ألف حديث.
قلت: يعني الطرق والأسانيد والروايات في القراءات.
49ـ 50.000 شاهد شعري
قال الشنبوذي (383هـ): أحفظ 50.000 بيت من الشعر شواهد للقرآن.
50ـ من العلماء العزاب
محمد بن عبد العزيز بن شرف الدين الشافعي (819هـ) لم يحج ولم يتزوج، وكان لا يحدِّث إلا متوضأً، ولا يترك أحداً يستغيب عنده.
حفظ القرآن في شهر، كل يوم حزبين، واشتغل بالعلوم على كبر.
يونس بن حبيب الضبي مولاهم البصري الإمام النحوي (182هـ) قارب التسعين ولم يتزوج ولم يتسر.
51ـ عشرة على عشرة
في ترجمة الإمام الشافعي (204هـ) قال: كان من أحذق قريش بالرمي، كان يصيب من العشرة عشرة، وهو أول من صنف في أحكام القرآن.
52ـ لا تهزأ بأخيك فيعافيه الله ويبتليك
اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد، فحضرت الصلاة فقدموا الكسائي يصلي، فأرتج عليه في قراءة {قل يا أيها الكافرون} فقال اليزيدي: قراءة {قل يا أيها الكافرون} ترتج على قارئ الكوفة! قال: فحضرت صلاة فقدموا اليزيدي، فارتج عليه في سورة الحمد، فلما سلم قال:
احفظ لسانك لا تقول فتبتلى إنَّ البلاء موكلٌ بالمنطقِ
53ـ مقاصد الولايات:
من نظم تقي الدين السبكي (756هـ)
إن الولاية ليس فيها راحة ثلاثٌ يبتغيها العاقلُ
حكمٌ بحقٍ، أو إزالة باطلٍ أو نفع محتاجٍ، سواها باطلُ(/)
مقاصد السّور وأثر ذلك
ـ[محبة القرآن]ــــــــ[12 Feb 2009, 01:05 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، و? الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا ? [الكهف:1]، حمدا كثيرا دائما ما تتابع الليل والنهار، كلّما حمد الله جل وعلا الحامدون، وكلّما غفل عن حمده سبحانه الغافلون.
وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأسأل ربي جل جلاله -وهو المجيب لمن سأل، والمعطي لمن أقبل- أن يجعلني وإياكم ممن بارك قولهم عملهم، وأن لا يكلنا لأنفسنا طرفة عين، وأن يقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يُلزمنا كلمة التقوى في الحياة والممات، إنّه سبحانه جواد كريم.
كما أسأل ربي جل وعلا أنْ ينفعني وإياكم بما نسمع أو نقرأ من العلم، وأن يجعله حجة لنا لا حجة علينا، وأن يقيمنا على دينه ما أبقانا.
ثم إنّ من أنواع البركة التي يُفيضها الله جل وعلا على خاصة عباده أن يمن عليهم بمحبة العلم، ومحبة تداركه، والإقبال على ذلك، وحقيقة العلم هو العلم بكتاب الله جل وعلا وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، إذْ لا أرفع بالكلام ولا أعظم قدْرا من كلام ربنا جل وعلا، ولا أعظم ولا أرفع بعده من كلام نبينا صلى الله عليه وسلم، فالموفَّق والمبارَك من علم وعمل واجتهد في ذلك حتى يصيب منه ما كتب الله له، «واعملوا فكل ميسر لما خلق له».
ولهذا وصف الله جل وعلا كتابه بأنه مبارَك، وجعل من أصناف بركته التي أنزلها سبحانه وتعالى أنْ أنزل هذا الفرقان، كما قال سبحانه ? تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ? [الفرقان:1]، وكما قال جل وعلا ? كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ? [ص:29]، وقال أيضا جل جلاله ? وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ ? ([1]) ونحو ذلك من الآيات التي فيها وصف القرآن بأنه مبارك؛ يعني كثير الخير لمن أقبل عليه، ففيه شفاء الصدور، وفيه شفاء القلوب، وفيه الهداية، وفيه التوفيق لمن أرد الله جل وعلا أن يوفقه.
وفي الآية التي ذكرنا وصف الله جل وعلا كتابه بأنه مبارك وأنه أنزله لأمرين فقال سبحانه في سورة ص (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) واللام هنا هي لام (كي)؛ يعني أن العلة من إنزال القرآن وجعله مباركا أن يتدبر العباد هذا القرآن؛ أن يتدبروا آياته، ثم لكي يتذكر أولوا الألباب، وهذا فيه عِظمُ شأن تدبر القرآن وعِظمُ شأن التذكر حين التلاوة، وهذا إنما يكون بالتدبر، فلا تذكر إلا بتدبر القرآن، ولكن خَصّ الله جل وعلا في التذكر؛ خَص أولي الألباب فقال (وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ)، وفي الحقيقة أنّ الذي يتذكر بعد التدبر ويقبل على القرآن هو العاقل وهو ذو اللب؛ الذي بلغ الغاية في ذلك، وقد سئل أحد سادات التابعين في الكوفة، فقيل له -أظنه إبراهيم النخعي- فقيل له: من أعقل الناس؟ من أعقل الناس؟ فقال: أعقل الناس فلان الزاهد. فذهبوا لينظروا من عقله، ولينظروا من أمره، فما وجدوه إلا مقبلا على القرآن، وعلى أمر آخرته، فعُلم أن قصد إبراهيم أنّ أعقل الناس هو من أقبل على أشرف الكلام، وأقبل على أشرف مقصود وهو الدار الآخرة، ? تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ? [القصص:83] فحضّ الله جل وعلا في هذه الآية على تدبر القرآن.
وموضوع هذه المحاضرة أثر من آثار تدبر القرآن عند أهل العلم؛ لأنّ الموضوع الذي سنتناوله يبحث في: علم مقاصد سور القرآن وأثر هذا العلم بالمقاصد في فهم التفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومعلوم أن التفسير إنما هو بتدبر القرآن، فالذي يعلم التفسير لا شك أنه قد تدبر قبل ذلك، فعلم إذا كان عنده أهلية بالعلوم التي ينبغي توفرها في المفسر، والناس بعد ذلك نقلة أو يتلقون ما قاله المفسرون، فلما حضّ الله جل وعلا على تدبر القرآن وجب حينئذ أن يُقبل العباد بعامة وأن يُقبل العلماء بخاصة على هذا القرآن، ليخرجوا كنوزه؛ لأن القرآن حجة الله الباقية إلى قيام الساعة، ويخرج منه بقدر العلوم وبقدر ما فتح الله على عبده يخرج منه من الفهوم ومن العلم؛ ما هو تفصيل وبيان لبعض كلمات المتقدمين من الصحابة والتابعين مما قد لا يدركها كل أحد، وهذه الجملة يأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى.
فإذن علم التفسير من العلوم المهمة، وها أنتم تستقبلون دورة علمية، أو دروسا علمية في هذا المسجد المبارك في علوم شتى؛ من علم التوحيد، والحديث، والمصطلح، ونحو ذلك مما هو معلوم، وعلم التفسير أيضا أنتم بحاجة إليه؛ لأنّ القرآن هو أعظم ما يقبل عليه، فإذا علمت القرآن علمت الشريعة، ولهذا قال طائفة من العلماء: المفسر يحتاج إلى علوم كثيرة:
— منها علم اللغة؛ لأن القرآن أُنزل بلسان عربي مبين ? حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ? [الزخرف:1 - 4]، واللغة أقسام: منها النحو، ومنها علم المفردات، ومنها البلاغة بأقسامها الثلاثة، منها [الاستقراء]، إلى آخر علوم اللغة.
— ثم علم التوحيد الذي هو الأساس، فالقرآن كله في توحيد الله جل وعلا، من أوله إلى آخره كله في التوحيد، وذلك أن القرآن:
j إما أن يكون ما فيه خبرا عن الله جل وعلا؛ وعن صفاته سبحانه وتعالى، وعما يستحقه جل وعلا من توحيده بالعبادة، والبراءة من الشرك وأهله، ونحو ذلك، فهذا واضح بأنه في توحيد الله جل وعلا.
k وإما أن يكون ما فيه خبرا عن أنبياء الله جل وعلا وعن رسله وعن قصصهم، فهذا خبر عن أهل التوحيد، وما جعل الله جل وعلا لهم؛ جعل لهم في الدنيا من الأحوال والعاقبة ? وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ? [فصلت:18].
l وإما أن يكون وهو القسم الثالث؛ أمرا ونهيا؛ أمر بأداء الفرائض، ونهي عن ارتكاب المحرمات، وهذا في حقوق التوحيد ومكملاته؛ لأن من وحد الله جل وعلا أطاع الله في أمره وانتهى عن نهيه وتخلص من داعي شهوته وهواه.
m والأمر الرابع خبر عن الأمور الغيبية، وما يحصل بعد الممات من النعيم والعذاب، ومن الجنة والنار، ومن [الحظور والشرور] ([2]) لطائفة، ومن العذاب والنكال لطائفة، فهذا جزاء الموحدين وهذا جزاء المشركين.
وهذا المعنى العام من العلوم المهمة للمفسر؛ لأن سور القرآن لا تخرج عن هذه الأحوال الأربعة، فكل سورة إما أن تتناول هذه الأقسام الأربعة، وإما أن يكون فيه؛ يعني في السورة بعض من هذه الأقسام.
— والعلم الثالث العلم بالسنة لأن السنة مفسرة للقرآن ومبينة له.
— والعلم الرابع العلم بالفقه وأحكام الحلال والحرام والعبادات والمعاملات؛ لأن القرآن فيه آيات كثيرة في هذا الباب.
— والعلم الذي يليه؛ علم الجزاء يوم القيامة وأحوال الناس فيه، وهذا في القرآن منه الشيء الكثير.
— ثم علم أصول الفقه والعلوم المساعدة لأصول الفقه؛ لأن بها فهم كثير من آيات الله البينات.
إذا تبين لك هذا فإن المفسر الذي تكونت عنده حصيلة راسخة من هذه العلوم يمكنه أن يتدبر القرآن، وأن يكون مستخرجا لما فيه من الدلالات والعبر وموضوعات السور ومقاصد الصور، كما سيأتي بيانه، مكتفيا في ذلك بما فسّر به الصحابة والتابعون كتاب الله جل وعلا.
لهذا فإن موضوع هذه المحاضرة هو موضوع في التفسير، والتفسير أبوابه كثيرة ومختلفة، ولكن قلَّت العناية في هذا الزمن بالتفسير؛ لأن كثيرين يظنون أنّهم يعلمون كلام الله جل وعلا، ولا شك أن الذي يعلم كلام الله جل وعلا، ويعلم معانيه، ويدرك مراميه وإعجازه وبلاغته وما فيه، سيكون ملتذا بهذا القرآن مقبلا عليه، يزن قلبه وينشرح صدره حين يقبل على هذا القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذن فالوصية في مقدمة هذه الدروس العلمية أن يهتم الجميع في القرآن حفظا وتلاوة، ثم الاهتمام بتدبر القرآن وتفسيره عبر كتب التفسير المعتمدة، وخاصة كلام الصحابة والتابعين وتابعيهم والمأمونين من أئمة أهل العلم والدين والتفسير.
الموضوع كما سمعتَ؛ مقاصد السور، العلم بمقاصد السور لم ينص عليه الأوائل، وإنما اعتبره الصحابة والتابعون –بالاستقراء-، اعتبروه في تفسيرهم، ولكن لم ينص على هذا العلم بهذا الاسم إلا عند المتأخرين، وذلك شأن جميع العلوم، فإن العلوم كانت ممارسة عند السلف، لكن لم تكن التسمية موجودة، فعلم النحو كان ممارسا ولم يكون موجودا، البلاغة كانت ممارسة ولم تكن موجودة، علم أصول الفقه كان ممارسا في بعض الأحكام من القواعد الأصولية ولم يكن موجودا بهذا الاسم، وهكذا في علوم القرآن في أنحاء شتى، ومصطلح الحديث وعلوم أخرى.
فما المقصود بعلم مقاصد السور؟ معلوم أن الله جل جلاله هو الذي تكلم بهذا القرآن وأن القرآن كلامه ? وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ? فالقرآن كلام الرب جل جلاله، ومقاصد السور يُعنى بها عند أهل هذا العلم: الموضوعات التي تدور عليها آيات سورة ما. يعني أن سورة من السور التي في القرآن أو أن معظم السور أو كل السور لها موضوع تدور عليه الآيات والمعاني التي في هذه السورة، إذا عُلم هذا المقصد؛ يعني هذا الغرض هذا الموضوع، فإن فهم التفسير سيكون سهلا، بل سيفهم المرء كلام الأولين، وسيفهم كلام المحققين بأكثر مما إذا أخذ الآيات مجردة عن موضوع السورة كما سيأتي في مثال نستعرضه إن شاء الله تعالى.
وأصلا في بحث مقاصد السور لم يكن بحثه في تاريخ العلم مبكرا، فإنما بحث قبله بُحث يسمى المناسبات، والعلماء اختلفوا في موضوع المناسبات، ويعنون بها مناسبات الآي؛ هل الآية هذه جاءت بعد الآية لمناسبة؟ هل بين الآية الأولى والثانية رابط؟ والثانية والثالثة بينها مناسبة؟ هل هذه الآيات في نظامها بينها وبين موضوع السورة اتصال؟ هذا يبحث في علم التفسير ويبحث في إعجاز القرآن، ولهذا عد طائفة من العلماء أن من وجوه إعجاز القرآن، وهو المنزل آية وبرهان ومعجز للخلق أجمعين، أنّ من وجوه الإعجاز أن يكون للسورة موضوع تدور عليه، وأن يكون بين الآيات ترابط هذه الآية بعد تلك، هذه القصة بعد تلك لغرض معلوم.
لهذا قلّ من يطرق هذا الموضوع من المفسرين أو من العلماء ولعدم كثرة طرقه أسباب منها:
أولا: فيه نوع من الجرأة على كتاب الله جل وعلا، ولهذا ذهب طائفة من العلماء إلى أنّ السور ليس لها موضوعات، وإلى أنّ الآيات لا تناسب بينها، وهذا قال به قليلون وغُلطوا في ذلك، فموضوع السورة يحتاج إلى قراءة السورة عدة مرات وتدبر ذلك ومعرفة كلام العلماء في التفسير حتى نفهم هذه السورة ما الموضوع الذي تدور عليه.
السبب الثاني: أن كثيرين من أهل العلم لم يتناولوا التفسير إلا عبر مدرسة تفسير الآيات، ومدرسة تفسير الآيات منقسمة إلى مدرستين؛ مدرسة التفسير بالأثر ومدرسة التفسير بالاجتهاد، وكلها راجعة إلى تفسير الآية وتفسير الكلمات في الآيات، أما الربط بين الآيات فلم يكن من مدارس التفسير المعروفة، ما صار له ذكر ولا قوة عند أهل العلم بالتفسير.
والسبب الثالث في عدم اشتهار هذا الموضوع: أن من تجرأ وكتب فيه من أهل العلم، وقال: إن للآيات تناسب وإن للسور موضوعات. رد عليه طائفة من العلماء وغلطوه بل ورموه بالقول على الله جل وعلا بلا علم، فهاب كثيرون أن يدخلوا هذا المضمار؛ لأجل براءة الذمة، ولأجل ألا يحملوا أنفسهم ما لا يطيقون، وهذا مقصد صائب.
ولغير ذلك من الأسباب.
ولهذا نقول العلماء في موضوع تركيب الآيات، والتناسق بين الآيات، وأن هذه الآية بعد هذه الآية لغرض، وأن هذه القصة بعد هذه القصة لغرض، وأنّ القصة لها موضوع ومقصد، اختلف العلماء في هذا على ثلاثة أقوال:
(يُتْبَعُ)
(/)
أما القول الأول: وهو أنه لا تناسب بين الآيات، بل تنزل الآية بحسب الوقائع، وتوضع في المصحف بحسب ما يأمر الله جل وعلا جبريل به فيأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن الآية ضعها في سورة كذا في موضع كذا، وأنّ هذا بحسب الوقائع وحسب الأحوال، ولا يقتضي ذلك تناسبا بين الآية والآية، وصلة بين الآية والآية.
و القول الثاني: أنّ سور القرآن لا تخلو سورة إلا ولها موضوع، وليس ثم آية وبعد آية إلا وبينها تناسب وصلة، وأنه بين أول السورة وبين ختام السور تناسب، وأنه بين آخر السورة وأول السورة التي تليها تناسب واتساق في الموضوع، وأنه إلى آخر الأسرار واللطائف في علم التفسير، مما جعلوا ذلك لا يخرج عنه شيء البتة، وهذا قول قليلين من أهل العلم منهم البقاعي فيما صنف في نظم السور، والسيوطي وجماعة ممن قبلهم وبعدهم.
و القول الثالث: وهو القول الوسط وهو أعدل الأقوال، أنّ سور القرآن منها سور يظهر للمجتهد؛ يظهر للعالم بالتفسير، يظهر له موضوعها، ويظهر بين آياتها من التناسب، فهذا إذا ظهر لا حرج في إبدائه؛ لأنّ الله جل وعلا جعل القرآن محكما ? الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ? [هود:1]، فالقرآن كتاب لو بحثت فيه عن خلل لو بحثت فيه عن عدم اتساق لن تجد ? أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ? [النساء:82]، فإذا ظهرت المناسبة وظهر الموضوع فلا مانع أنْ يقال هذه السورة موضوعها كذا، وهذه الآية بينها وبين ما قبلها المناسبة الفلانية، بحسب ما يظهر للعالم بالتفسير وللمجتهد، دون أنْ يكون الهمّ تطلّب ذلك والتكلف فيه؛ لأن التكلف فيه قد يُفضي إلى القول في المسألة بلا علم والاجتهاد فيما لا طائل منه وقد يكون الاختلاف فيه كبيرا.
وهذا القول الثالث هو القول المعتدل الذي سلكه طائفة من العلماء في التفسير والعلماء بالاجتهاد، ومنهم ابن تيمية رحمه الله وابن القيم وجماعة من المحققين في التفسير، ويظهر لك صوابه فيما إذا نظرت إلى الكتب المؤلفة في مقاصد السور وتناسب الآيات والسور ونحو ذلك، فإنّ فيها أشياء متكلّفة، وفيها أشياء يتضح حسنها؛ بل إذا نظر ت إليها وتدبرت ما قيل من المناسبات والاتصال بموضوعات السور زادك يقينا بأنّ هذا القرآن إنما هو كلام الله جل وعلا، وإذا قرأت السورة أحسست بتأثير فيها ليس كتأثير من لم يعلم موضوع السورة ولا تناسب الآيات فيما يُذكر.
لهذا نقول إن هذه الأقوال الثلاثة المختار منها الثالث، وهو الذي يهم أن تعتني به من كلام أهل العلم؛ لأنّ فيه الفائدة المرجوّة إن شاء الله تعالى.
المصنفات في هذا الباب كثيرة، حتى زعم ابن العربي المالكي وهو من أهل الأندلس قد اتصل بالمشرق في فترة من عمره، زعم أنه كتب كتابا –زعم بمعنى قال؛ لأنّ زعم لا تعني التكذيب، زعم في اللغة بمعنى القول كما في الحديث الصحيح «أتانا رسولُك يزعم أنّك تزعم أنّ الله أرسلك»، قال العلماء بأن الزعم يستعمل بمعنى القول–، المقصود من هذا أن ابن العربي المالكي صاحب أحكام القرآن، وعارضة الأحوذي، وشرح الموطأ وكتب كثيرة معروفة، زعم أنه كتب كتابا في مقاصد السور وتناسب الآيات والسور وعرضه على الناس في زمانه، قال: رأيت الناس بَطَلَة لم يقبلوا عليه، ولم يهتموا له مع عظيم علمه وشرف معلومه، قال: فلما رأيت ذلك الإعراض منهم أحرقته وجعلته بيني وبين الله جل وعلا.
وكتب أيضا الرازي في تفسيره بعض المناسبات.
وإلى أنْ وصل الأمر إلى الزركشي؛ فعرض في كتابه علوم القرآن المسمى ”بالبرهان“، كتب فيه أبوابا جيدة بالتناسب والمقاصد، وهي قصيرة لكنها فيها تأصيل لهذه المسألة.
ثم جمع ذلك مع تأمل البقاعي في كتابه الشبيه بالتفسير الذي أسماه” نظم الدرر في تناسب الآيات والسور “ وهو مطبوع في الهند، كتاب كبير في نحو اثني وعشرين مجلدا، والتزم فيه بأنْ يذكر مقصد السورة وأنْ يذكر التناسب بين كل آية والتي بعدها والتناسب بين آخر السورة والتي قبلها إلى آخر ما ذكر، مما جعله متكلفا في كثير من المواضع، حتى قال عن نفسه أنه ربما مكث شهرا في تأمل آية بعد آية ما المناسبة بينها، وعلماء عصره منهم من رد عليه لهذا التكلف الذي تكلفه في كتابه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم السيوطي كتب عدة كتب في ذلك، وذكر في كتابه إعجاز القرآن الذي اسمه ” معترك الأقران في إعجاز القرآن “ ذكر من وجوه إعجاز العلم بالمقاصد، وتناسب الآيات والسور إلى آخر ذلك.
إذن فهذا العلم مكشوف بين علماء التفسير الذين كتبوا في علوم القرآن، ولكن ما بين مجيد فيه، وما بين مقصر في ذلك.
وإذا تأملت هذا الموضوع وجدتَ أنّ كثيرين من المفسرين يقولون هذه السورة فيها الموضوع الفلاني.
مثل ما قال شيخ الإسلام ابن تيمية مثلا في سورة المائدة بأن هذه السورة كلها مختصة بعلم الأحكام الحلال والحرام والعقود بخاصة، حتى قصص الأنبياء التي فيها لها صلة بالأحكام، وحتى قصة ابني آدم لها صلة بهذا الموضوع.
سورة الفاتحة سُميت أم القرآن؛ لأن مقاصد القرآن التي فيه هي في سورة الفاتحة، وهكذا.
فإذن من أهل العلم من نص على الموضوع والمقصد، ومنهم من عرض له بدون التنصيص عرض له عمليا.
كيف يمكن أنْ يفهم المتدبر أو المفسّر الموضوع؟ يعني إذا أراد أن ينظر كيف يعرف الموضوع؟ الوسائل التي بها يعرف موضوع السورة؟
نذكر من ذلك بعض الأمور:
أولا أنْ ينص العلماء أو طائفة من العلماء المحققين على أنّ هذه السورة في الموضوع الفلاني.
مثلا سورة الإخلاص في توحيد الأسماء والصفات، أو في التوحيد العلمي الخبري.
? قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ? [الكافرون:1] سورة الكافرون في التوحيد؛ توحيد الطلب توحيد العبادة.
سورة الفاتحة في بيان محامد الرب جل وعلا.
سورة النحل في النعم.
سورة الكهف في الابتلاء.
سورة العنكبوت في الفتنة.
سورة البقرة في بيان الكليات الخمس والضروريات التي تدور عليها أحكام الشريعة، وبيان عدو من أعداء الإسلام وهم اليهود.
سورة آل عمران في تكميل ذلك، مع بيان عدو جديد وهم النّصارى، والحوار معهم، ثم مجاهدة المشركين.
سورة النساء في بيان أحكام النساء والمواريث، وخُصّص ذلك في النساء لأجل هضم الجاهلية لحقوق النساء ونحو ذلك، ثم بيان أحكام العدو الثالث وهم المنافقون.
ثم سورة المائدة في بيان أحكام الحلال والحرام والعقود، إلى آخر ذلك مما هو تفصيل لأحكام الكليات الخمس وأحكام الشريعة التفصيلية.
وهكذا في أنحاء شتى، وهذا ينص عليه طائفة من العلماء بأن السورة في الموضوع الفلاني.
إذن نعلم موضوع السورة بأنْ ينص على هذا الموضوع وهذا المقصد للسورة بعض أهل العلم، فيقال هذه السورة في الموضوع الفلاني، وكذلك المناسبات بين الآي بأن ينص بعض أهل العلم المتحققين الراسخين؛ بأن هذه الآية جاءت بعد هذه الآية لأجل كذا فيما بينهما من الارتباط، وهذه السورة بعد هذه السورة لما بينهما من الارتباط وهكذا.
الوسيلة الثانية لمعرفة موضوع السورة والمقصد الذي تدور عليه السورة، المقصد نعني به الغاية أو الموضوع الكلي الذي تدور عليه السورة، أنْ يكون موضوع السورة ظاهر من أولها ثم والمفسر يقرأ يظهر له أن كل السورة مبيني على أولها.
مثل مثلا سورة القيامة ? أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ? [القيامة:1 - 2] كل ما فيها ذكر لأحوال القيامة، ثم أحوال الموت، وما يدل أو وسائل الإيمان بيوم القيامة، لهذا بُحث هنا مثلا في سورة القيامة، بُحث عند من اعترض على موضوع السورة بقول الله جل وعلا ? لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ? [القيامة:16 - 19]، قال طائفة من العلماء –طائفة يعني واحد أو أكثر- قال طائفة من العلماء إنّ هذه الآيات لا صلة لها بموضوع القيامة (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) قال ما صلتها بموضوع القيامة؟ ما صلتها بموضوع الموت والعاقبة إلى آخره؟ وطبعا الآخرون ذكروا مناسبة ذلك وبينوه ومما هو ظاهر بين.
(يُتْبَعُ)
(/)
نأخذ سورة الواقعة مثلا سورة الواقعة ? إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتْ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتْ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ? [الواقعة:1 - 7] سورة الواقعة صار موضوعها حول تقسم الناس يوم القيامة ينقسمون إلى أقسام ثلاثة: السابقون، وأصحاب اليمين، وأصحاب الشمال. ثم بعد ذلك أدلة تتعلق بهذا الأصل، ثم حال الناس عند النزع، وأين تذهب أرواحهم، فتلحظ من السورة أن الموضوع بين من أولها إلى آخرها، وهذا يتضح لك من أول السورة
فإذن السبب الثاني أو الوسيلة الثانية لاستخراج المقصد أن يكون موضوع السورة ظاهرا من أولها.
الوسيلة الثالثة لإدراك ذلك: الاستقراء؛ الاستقراء للآي من عالم بالتفسير، إما استقراء كاملا أو استقراء أغلبيا، وقد ذكر علماء الأصول أن الاستقراء الذي يُحتج به على قسمين: الاستقراء الكامل أو الاستقراء الأغلبي؛ لأنه حتى القواعد ما من قاعدة إلا ولها شواذ، فالاستقراء الأغلبي حجة كالاستقراء الكلي في الاحتجاج، لكن في القوة الاستقراء الكلي أعظم من الاستقراء الأغلبي، فإذا استقرأ الآيات واستخرج المفسر موضوعا ولو لم يسبق إلى ذلك، فإن هذه وسيلة ظاهرة من وسائل إدراج المعنى فيما إذا كان مصيبا فيه غير متكلف في ذلك.
وهناك وسائل أخر.
إذا تبين لك ذلك فنأتي إلى ما قد ينشطكم أكثر بعد هذا العرض النظري العلمي المقعّد بعض الشيء، إلى ما ينشط أكثر في بيان مثال لمقصد السورة، ثم النظر في الآيات التي تدور حول هذا المقصد، نأخذ مثالين:
الأول: سورة الفاتحة باختصار.
والثاني: سورة العنكبوت بنوع تطويل.
> أما سورة الفاتحة فهي فاتحة الكتاب، وهي أم القرآن، وتسمى أيضا سورة الحمد، افتتحها الله جل وعلا بحمده، فقال ? الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? [الفاتحة:2]، وحمدُه جل وعلا هو الذي تدور عليه السورة؛ بل أوّل الخلق أبتدئ بالحمد، وآخر ما ينتهي إليه الخلق إلى الحمد، والناس في الأولى والأخرى بل الخلق كله من الناس وغيرهم من المكلفين وغير المكلفين يدورون بين الحمد، وله الحمد في الأولى والآخرة سبحانه وتعالى، خلق السموات والأرض بالحمد ? الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ ? [الأنعام:1]، وحين ينتهي الجزاء ? وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ? [الزمر:75]، قيل؛ يعني قال الوجود، قالت الملائكة، قالت الخلائق بعد أن دخل أهل الجنةِ الجنةَ، ودخل أهل النارِ النارَ، واستقرت الأمور.
فافتتح الله جل وعلا الكتاب بحمده كما أنه حمد نفسه على إنزال القرآن فقال ? الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا (1) قَيِّمًا ? [الكهف:1 - 2].
فإذا كان كذلك، الحمد دارت الحياة عليه والخلق عليه وإنزال الكتب وبعث الرسل عليه، ولهذا صار الحمد هو أعظم ما يُفتتح به الكتاب الخاتم قال جل وعلا (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، لهذا إذا تأملت القرآن وجدت أن الحمد يدور على خمسة معاني:
المعنى الأول: أن يحمد الله جل وعلا على ربوبيته.
والثاني: أن يحمد على ألوهيته.
الثالث: أن يحمد على أسمائه وصفاته.
الرابع: أن يحمد جل وعلا على خلْقِه سبحانه وتعالى وإحداثه وإبداعه الكائنات.
والخامس والأخير: أن يحمد الله جل وعلا على شرعه وكتابه وما أنزل.
الناس الآن؛ يقول فلان، يعني الحمد عندهم بمعنى إيش؟ بمعنى الشكر، فهل يدخل الحمد بمعنى الشكر في أحد هذه العناصر؛ في عدّ هذه الأقسام الخمسة للحمد؟ نعم وهو الحمد على خلق الله جل وعلا للصغير والكبير؛ لأنه ما من نعمة تسدى إليك إلا والله جل وعلا هو الذي خلقها، فيُحمد على ما أدى وعلى ما أرسل.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذن سورة الفاتحة تدور في موضوعها على أركان حمد الله جل وعلا، والقرآن كله لو استوعب فإنه يدور من أوله إلى آخره على أنواع حمد الله جل وعلا، فإما أن تكون الآية أو السورة في حمده سبحانه على ربوبيته، أو على ألوهيته، أو على أسمائه وصفاته، أو على شرعه وكتابه وما انزل، أو على خلقه وقدره سبحانه وتعالى.
ما معنى الحمد؟ قال العلماء: الحمد هو إثبات أنواع الكمالات للمحمود، إثبات أنواع الكمال للمحمود بحيث إنه فيما أُسس له من الكمال لا نقص له فيه بوجه من الوجوه، والله جل وعلا هو المثبت له أوجه الكمال في ربوبيته، وأوجه الكمال في إلهيته، وهو المثنى عليه بأوجه الكمال في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وفي شرعه وتنزيله وكتابه، وفي قدره سبحانه وتعالى وفي خلقه.
إذا كان كذلك، قال العلماء (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) معناه أن أنواع الحمد لأن الألف واللام هنا للاستغراق؛ الألف واللام تأتي لثلاثة أنواع في التفسير الألف واللام للتعريف للاستغراق للملك وللاختصار.
الأول للتعريف يشملها كأن تقول للاستغراق للملك للاختصار متى تكون الألف واللام للاستغراق إذا كانت يصح أن تضع مكانها (كل).
(الْحَمْدُ لِلَّهِ) إذا قلت: كل حمد لله رب العالمين. صح أو لم يصح؟ صح فإذن هي للاستغراق، فإذن هنا نقول الحمد لله رب العالمين هذه مستغرقة لجميع أنواع المحامد لله جل وعلا، أنواع المحامد هذه الخمسة التي ذكرنا. (لله) اللام الثانية هذه إيش؟ اللام للاستحقاق يعني كل حمد لله جل وعلا فهو مستحَق له سبحانه وتعالى، طبعا (الـ) التي في الحمد هذه (الـ) للتعريف واللام هذه لام حرف جر هي التي تأتي للملك ولتمام الملك وللاختصار وإلى آخره.
تأتي إلى (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، ([3]) أولا (رَبِّ الْعَالَمِينَ) هذا جُعل لأي شيء؟ إلى الربوبية، وقد ذكرنا لك أنّ من أركان الحمد؛ يعني ما يثنى على الله به الربوبية، فقال (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ثم (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ه ذا فيه الصفات، (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) فيه الصفات وفيه الشرع والكتاب، وفيه أيضا الخلق والأمر، (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) فيه إيش؟ الألوهية، (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فيه الربوبية، فيه أيضا القدر؛ لأنك تستعين بمن يعين ما يحدث فيملكوته. (نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) من النعم الدينية هو الهداية إلى الصراط المستقيم، فهو المحمود على كل نوع من أنواع الهداية للصراط المستقيم، ثم وصف قال (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) وهذا من أنواع النعم التي يحمد عليها، وهي راجعة إلى أحد أركان الحمد، ثم أيضا يفصل في ذلك في الموضوع بأشياء من نظر آخر؛ بأنواع المحامد، وأنواع الصفات، وأنواع العبودية، وأنواع الاستعانة إلى آخر ما هنالك.
هذا عرض موجز لما في هذه السورة من مما يدور حولها ذكره بعض العلماء.
> المثال الثاني سورة العنكبوت؛ سورة العنكبوت سماها بعضهم أو قال بعضهم إنها تدور حول الفتنة، الفتنة ظاهرة في أول السورة قال جل وعلا ? الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ? [العنكبوت:1 - 3]، فالفتنة ذُكرت نصا في أول السورة، الفتنة تكون بأي شيء؟ المرء يفتن بعقله، يفتن بالدنيا، يفتن بوالديه، يفتن بأهله، يفتن بطول المكث وطول العمر، يفتن بعدم وجود العذاب، يفتن إذن عن إدراك الحقيقة بأنواع من الفتن كلها موجودة في هذه السورة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذن في هذه السورة سورة العنكبوت ذكر الله جل وعلا أنواع وأصول الفتن، وذكر كيف ينجو المرء من هذه الفتنة؛ لأن الحقيقة أن الحياة إنما هي ابتلاء وفتنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الذي رواه مسلم في الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام قال الله تعالى «يا محمد إِنّمَا بَعَثْتُكَ لأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ» فحقيقة الحياة أنها فتنة، والفتنة هل هي بالشر أو بالخير؟ هي بالشر والخير معا، ? وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ? [الأنبياء:35].
إذن هذه السورة ذكر الله جل وعلا في أولها (أَحَسِبَ النَّاسُ)، الناس يشمل من؟ يشمل المؤمن ويشمل الكافر، يشمل الكبير ويشمل الصغير، يشمل جميع الطبقات، جميع الطبقات في تعاملها مع الجميع، (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ) تقول المؤمن، فمتى يصدق الإيمان؟ إذا عرضت لك الفتنة فنجوت منها بشرع الله جل وعلا، فقد تفتتن بنفسك، فيه أناس يفتتن بجماله، يفتتن بحسنه، امرأة تفتتن بما لها بما عندها، رجل يفتتن بماله، أحد يفتتن بوالديه، لذلك تجد في هذه السورة تجد أن في هذه السورة ذكرا لجميع أنواع وأصول الفتن والجواب على ذلك
خذ مثلا في أولها قال الله جل وعلا ? وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ [بِي] ([4]) مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ? [العنكبوت:8] لاحظ الوالدان يفتنان؛ يجاهدان للشرك، يجاهدان ليشرك العبد، هذه أليست فتنة؟ فتنة عظيمة، وقد ذكر المفسرون أنها نزلت في قصة سعد بن أبي وقاص لما أرادته أمه على الكفر والشرك، ومع ذلك قال الله جل وعلا أن يصاحب والديه حسنا لكن لا يطيع؛ قال (وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، وقال في أولها (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا) هذه فتنة عظيمة، ما المخرج منها؟ المخرج منها في تحقيق شرع الله ألا تطيع في الكفر والشرك أو في معصية الله لكن تصاحب بالحسنى، ومن الناس من تعرض عليه الفتنة فيصاحب والديه لا بالحسنى ولكن عن عقوق، ويكون قد وقع في بعضها، لكن من يصبر على هذا الأمر العظيم، وهو أن يصاحب بالحسنى وألا يطيع، هذا النجاة من الفتنة في هذه الحال.
من أنواع الفتن أن يكون أناس كثير يكفرون بالله جل وعلا؛ لا يؤمنون، فيأتي المرء فيظن أنه وأهل الإيمان قليل، وأنّ الكفار أو المنافقين أو المجرمين أو العصاة، أنهم كثير، كيف هو يستقيم، هذا نوع من الفتنة يعرض على القلوب، وقلّ من الناس من يثبت ينظر الناس كلهم كذا، وفي هذه السورة الخبر، وفيها العلاج فاقرؤوا وتأملوا.
من الفتن أيضا التي ذُكرت في هذه السورة أن الإنسان ينظر إلى طول مكث أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم، ينظر إلى طول مكثهم في الأرض، إلى طول مكثهم يتمتعون بالقوة، إلى طول مكثهم وهم الذين يسيطرون من أعداء الله من الكفار والمشركين، فربما يحمله ذلك على أن تُزين له الدنيا وأن يصد عن سبيل الله ? زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ? [البقرة:212] هذه في سورة البقرة، في هذه السورة في سورة العنكبوت ذكر الله جل وعلا أولا قصة نوح عليه السلام في آيتين، ما مناسبة هاتين الآيتين لموضوع السورة وهو الفتنة؟ قال جل وعلا ? وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمْ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (15) وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ ? [العنكبوت:14 - 16] قصة نوح في آيتين ما مناسبتها؟ طول هذا المكث تسعمائة وخمسين سنة وهو يدعوهم، والمؤمن قليل كما أنت تعلم في سور أخرى، ? وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ? [هود:40]، قال العلماء: كان المؤمنون ثلاثة عشرة نفسا. وقال آخرون: كانوا بضعة وسبعين من الرجال والنساء. مكث ألف سنة والشرك بالله جل وعلا يعلو، عبادة الأوثان ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وهذا ينصحهم يدعوهم ليلا ونهارا، وسرا وجهارا، ولا مستجيب إلا هذه الفئة القليلة، ألا يحصل للقلوب فتنة؟ يحصل فتنة، ليست مرور عشر، عشرين سنة، خمسين سنة، مائة سنة. مرّت مائة، مائتان، ثلاثمائة، أربعمائة، خمسمائة، ألف سنة إلا خمسين عاما، وثم جاء فرج الله جل وعلا، إذن فقد يفتتن المرء بطول مكث الأعداء، فهذه السورة نبهت المؤمن الصادق، ? وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ? [العنكبوت:11]، وقال في الآية التي قبلها (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا)؛ (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) متى يعلم؟ إذا عُرضت الفتن فنجى.
(يُتْبَعُ)
(/)