ـ[عيسى الدريبي]ــــــــ[21 Jan 2009, 12:23 م]ـ
محضر اجتماع تأسيس اللجنة الدولية
للإعجاز العددي في القرآن
الرباط يومي 10 و11 ذي القعدة 1429 هـ موافق ل 7 و8 نوفمبر 2008 م
على هامش فعاليات المؤتمر الأول للإعجاز العددي والمنعقد بالمغرب (كلية العلوم، جامعة محمد الخامس أكدال الرباط) يومي السبت والأحد 10 و11 ذي القعدة 1429 هـ موافق ل 7 و8 نوفمبر 2008 م، تم الإعلان عن تأسيس اللجنة الدولية للإعجاز العددي في القرآن والمصادقة عليها من طرف الجمع العام المشارك في المؤتمر. ولقد عقدت اللجنة أول اجتماع لها يوم الأحد على الساعة السابعة مساء بمدرج بلماحي بكلية العلوم من أجل إقرار هيكلتها ووضع آليات تنظيمية لاشتغالها والإعداد للمؤتمر الدولي الثاني للإعجاز العددي.
وقد أجمع الحضور على:
1. تعيين الدكتور الحسين زايد رئيسا للجنة المشرفة على المؤتمر الثاني للإعجاز العددي
2. تعيين المهندس حسن عمر فتاح منسقا عاما للجنة المشرفة على المؤتمر الثاني للإعجاز العددي
كما حُددت مهام اللجنة المشرفة على المؤتمر الثاني للإعجاز العددي في التوصيات التالية:
1. وضع آلية للتواصل مع الإخوان الممثلين للدول الأخرى،
2. تكوين لجنة علمية لتقييم البحوث العددية،
3. عقد ندوة أو ملتقى للتأصيل الشرعي للإعجاز العددي كمدخل لانعقاد المؤتمر الدولي الثاني وتوجيه الدعوة لكبار العلماء من أجل التأسيس لقاعدة شرعية ولمنهجية علمية في هذا الصدد،
4. مناقشة الضوابط والتوصيات التي صدرت عن ندوة "دبي" للإعجاز العددي وتطويرها عند الضرورة واعتمادها كمرجع في هذا المجال
5. اقتراح دولة "ماليزيا" لاستضافة المؤتمر الدولي الثاني للإعجاز العددي.
6. فتح قنوات الاتصال والتواصل والعمل المشترك خدمة لهذا المجال مع كل المؤسسات المعنية بالموضوع.
وقد رفعت الجلسة بعد المصادقة على التوصيات أعلاه على الساعة التاسعة مساء.
والله ولي التوفيق
المنسق العام للجنة
لائحة بأسماء أعضاء الممثلين للدول المشاركة في اللجنة الدولية للإعجاز العددي في القرآن
رئيس اللجنة: الدكتور الحسين زايد – المملكة المغربية
المنسق العام: المهندس حسن عمر فتاح – المملكة المغربية
أعضاء اللجنة:
الدكتور ذو الكفل محمد يوسف – ماليزيا
الدكتور عز الدين كشنيط – الجزائر
الأستاذ عبد الله جلغوم – الأردن
الدكتور عبيد بن سليمان سالم أحمد الجعيدي – الإمارات العربية المتحدة
الدكتور عمارة سعد شندول – تونس
الدكتور باسم سعيد عبد القادر بسومي – فلسطين
الأستاذ بسام نهاد جرار – فلسطين
الدكتور خالد فائق صديق العبيدي – العراق
المهندس ماهر عمر أمين – العراق
الدكتور عيسى بن ناصر الدريبي – المملكة العربية السعودية
الدكتور أحمد بن محمد البريدي – المملكة العربية السعودية
الدكتورمحمد صفاء بن شيخ إبراهيم حقي – المملكة العربية السعودية
الدكتور فهد بن عبد الرحمن الرومي – المملكة العربية السعودية
الأستاذ محمد امساعدي – المملكة المغربية
الدكتور عبد الكبير بلاوشو – المملكة المغربية
الباحث محمد بونكة – المملكة المغربية
الدكتور سكو قرطيط – المملكة المغربية
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[02 Feb 2009, 10:00 م]ـ
مما ذكر سابقا:
- بدأ القرآن بسورة مؤلفة من 7 آيات وانتهى بسورة مؤلفة من 6 آيات .. المجموع 13.
- عدد الآيات التي تذكر خلق الكون 7 آيات، ومدة خلق الكون 6 أيام (المجموع 13)
- مجموع الأرقام الدالة على مواقع ترتيب الآيات السبع حيث ورد العدد 6 هو 169 أي 13 × 13 .. (لاحظ أن 7 + 6 = 13 وتأكيد هذه الحقيقة بالعدد 169).
- عدد كلمات الآيات السبع 182 كلمة عدد من مضاعفات العدد 13 ويزيد عن مجموع ارقام الترتيب 13. (مجموع العددين 361 = 19 × 19) ..
مجموع الآيات في السور السبع 619. العدد 619 هو العدد الأولي رقم 114 في ترتيب الأعداد الأولية ..
وإليكم هذه الإضافات:
- عدد سور القرآن التي يزيد عدد الآيات في كل منها عن 114 آية هو 13 سورة. ليس 14 أو 12 .. والدليل في أن العدد 13 مقصود هو: لقد رتبت هذه السور في مواقع محددة في المصحف بحيث يكون مجموع مواقع ترتيبها هو 169 أي 13 × 13 .. (لاحظ التماثل في مجموع أرقام ترتيب الآيات السبع ومجموع أرقام ترتيب السور ال 13)
- أقصر هذه السور هي سورة المؤمنون، وعدد آياتها 118، وأطولها سورة البقرة وعدد آياتها 286. إذا قمنا بالعد ابتداء من العدد 118 وحتى العدد 286، نجد أن البعد هو 169 أيضا. (التاكيد للمرة الثالثة)
- سورة التوبة هي إحدى هذه السور وهي مميزة بعدم استهلالها بالبسملة، الملاحظة هنا أن عدد مرات ورود لفظ الجلالة فيها هو 169. (التاكيد للمرة الرابعة)
- عدد مرات ورود لفظ الجلالة في سورة البقرة هو 282 مرة، وهو نفس عدد مرات ورود لفظ الجلالة في السور الأربع التالية لسورة التوبة في ترتيب المصحف (من بين السور ال 13) .. عدد مرات ورود لفظ الجلالة في السور السبع السابقة لسورة التوبة هو 620. الملاحظة هنا: إن الفرق بين العددين هو 338 أي 2 × 169 .. (التاكيد للمرة الخامسة)
............ وللحديث بقية وبقية
(ولعل من يتساءل ما سر العدد 169؟ لنتأمل معادلة الترتيب القرآني الأولى: 114 = 19 × 6 .. العدد 169 هو أحد الأعداد المستنتجة من المعادلة ومنها: 169، 961، 196، 691، 619، 916]
ما أود قوله: إن الاعجاز العددي في القرآن هو غير هذه المسائل التي يذكرها البعض: عدد ومضاعفاته .. أو إشارة عابرة لا تتكرر، إنها في أحسن الأحوال: أبسط صور الإعجاز العددي .. . الاعجاز العددي أكثر تعقيدا، كما أنه لا يجري وفق مقاييسنا البشرية وما هو مألوف لنا لا يحيد عنها.
وأخيرا إن من التكلف أن يصف أحد هذا المثال الذي أوردته بالتكلف .. علما أن له امتداداته وارتباطاته بسور القرآن كلها ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ Amara] ــــــــ[03 Feb 2009, 12:32 م]ـ
حول الإعجاز العددي في القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
و صلى الله على سيدنا محمد و سلم تسليما
و بعد،
السادة العلماء ..
يشهد الله على صدق محبتي لكم، و شوقي لنصحكم، حبا في الله تعالى، و حدا يعلمه وحده جل في علاه،
و إنكم ممن نصح فأصلح و وعظ فأفلح، و نرجو أن نكون ممن أخذ النصيحة فعمل بها و لم يهملها، و أنتم أهل العلم، و نحن طالبوه، و لكم الدراية و لنا من الله ثم منكم طلبتها، و هي حقنا منكم و عليكم، لا تكتمونا مما علمكم الله شيئا، و لا نكتمكم، لأنه من كتم علما ألجمه الله بما تعلمون يوم القيامة، إن تكلمتم تكلمتم بفقه ما تلفظون، و إن تكلمنا فلعل روعة المنطق تأخذنا إلى بعيد ..
و لعلكم تجدون فينا، لحماستنا، بعض الغلظة .. أو تنكرون منا سوء الأدب فيما نطلب منكم .. و إنما طلبناه بحق الله فيكم، فإن لم نراع حق الله فيكم، فراعوه فينا فلعلكم أقرب إلى الله منا، و أكثر معرفة بأوامره، و أشد التزاما بأحكامه ...
و أعلم أن فينا الحماسة، و فيكم الكياسة، و يحسن من حماستنا كياستكم .. و فينا الظن، و بين أيديكم اليقين، و يقوم اليقين الذي عندكم الظن الذي عندنا .. و لعلنا تأخذنا النفس و أهواؤها، و يأخذكم القرآن، فلا تنسونا من صالح دعائكم، و رقيق صبركم، و إني أراكم أشد على المصابرة، فصابروا فينا لوجه الله تعالى أثابنا و أثابكم الله، و جمعنا بكم في عليين ...
أقول و بالله التوفيق .. إن الكلام عن الإعجاز العددي في القرآن لا يخص فقط أهل العلم في الشريعة و لكنه يخص أيضا أهل المنطق و المتخصصين في علوم الرياضيات و فنون الهندسة و العلوم الرقمية كالمعلوماتية و علم اللوغاريتمات و صنوف التكنولوجيات الحديثة ... لأن التحدي بالعدد لا يواجه به أهل الشريعة مباشرة و إن ووجهوا به ضمنا، و لكن يواجه به أهل الدراية بعلم العدد .. أما اعتمادنا عليكم أهل العلم بالشريعة، فكما تعلمون، ليس في النظر في دقة المعلومة العددية و لا في حسابها و حكمها و قدرها و منطقها، لأن ذلك الأمر مخول لأهل الفن، إنما اعتمادنا عليكم، و الاعتماد على الله أولا، في معرفة استنادها الشرعي و دلالاتها حتى لا يقال في كتاب الله ما ليس فيه .. و لا يحمل الحق الذي يحويه القرآن على الظن الذي يحمله الاستقراء و الملاحظات العقلية ..
و إني أعلم أن التحدي بالعدد، كما بغيره من صنوف العلوم و الفنون، قد وضحه الله تعالى و لا مجال للنقاش فيه، لأن الله تعالى تحدى البشر جميعهم في قوله تعالى، في سورة البقرة:
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23)
فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)
و إنما قلنا ذلك لأن ما يسبق هذين الآيتين يدل عليه، و هو قوله تعالى:
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)
فالكلام موجه للناس بعمومهم .. و ألطف من ذلك أن الناظر في الآيتين الأخيرتين ير أنهما أشارتا إلى جميع أصناف العلوم، من الخلق و ما يتصل به .. كعلم الأحياء و البيولوجيا، إلى التاريخ و ما يتصل به من دراسة الأمم السابقة و الاعتبار بها .. إلى الأرض و ما يتصل بها، من علم ما فيها من الكائنات و ما بها من طبقات، و ما على سطحها من أنهار و من تراب و ما فيها من زلزل و براكين و إلا فلماذا قال تعالى: فراشا؟ .. إلى السماء و ما يتصل بها من علوم الفضاء و علوم الفلك و السواقط (كالمطر و البرق و الرعد) .. إلى البناء و ما يتصل به من علم العدد و الحساب و الأطوال و الأشكال و الإحصاء و الاحتمالات .. لأن الناظر في بناء الأمم التي أشار إليها أول الآية قد تساقط و اندثر فمال هذا البناء باق على حاله و لا أحد يرممه إن لم يكن وراءه خالق؟ .. و إنما قال بناء و
(يُتْبَعُ)
(/)
لم يقل سقفا هنا بخلاف بعض الآيات، و الله أعلم بقصده، لأنه يتحدى أصحاب المهارات و الحسابات و الإحصاءات .. و يتحدى الملمين بعلوم الحساب بأصنافها بما فيها علم العدد الذي يبحث في جزء منه في الكميات و القياسات .. و علم الهندسة الذي يبحث في الأشكال .. و البناء إذا رجعنا لعلم الجبر العام نجده أجل ما يبحث فيه .. ثم علوم الماء و ما يتصل به من تحولات كيميائية لكون الإخراج يأتي بحدوث تلك التحولات و العمليات .. و لم يكن أحد يلم بذلك .. ثم علم الثمار و ما يتصل به من علوم النبات .. و علم الأرزاق و ما يتصل به من علم التصرف و إصلاح المال و التجارة .. و غيرها .. فانظر هذه الأسرار العظيمة .. كيف نشأت .. فإن كانت هذه هي أصول علوم الإنسان وفروعها، المتصلة بحياته، و عقله .. فإن الله تعالى تحدى هذا الإنسان بكل علومه إن هو لم يدرك عظمة الله تعالى و لم يقر بوحدانيته، و لم يؤمن برسالته، أن يأتي بسورة من مثل كتابه الذي أنزل ..
فالإعجاز العددي، كما هو واضح، موجود في القرآن بلا ريب .. و مبثوث في كل القرآن .. و علينا أن نستخرج درره و لطائفه ..
فإن قيل لنا أن بعض من كتب في هذا الباب أخطأ حد أنه جهل و فتن، قلنا فأين أنتم لم تصلحوه؟ ..
و ليس الإصلاح، هنا، أن نصده و نصد غيره، بأن نوصد الباب فنصد عنها من أراد و لوج الحق، و لا أن نفتحها فيدخلها المتنطعون الذين يفسدون و لا يصلحون، و لكن لتكن لدينا القدرة و العلم على أن نسلم المفتاح لأهله فيفتحون و يلجون .. فإنه هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعلون ..
و ليذكر أحدكم كلام ابن عباس رضي الله عنه للخوارج، حين قالوا ما قالوا عن علي عندما رضي بالتحكيم، فقالوا إنه حكم الناس في كتاب الله، وقالوا: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ .. و قالوا إذا لم يكن هو أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين .. قال لهم، ما معناه، و لا تحضرني الرواية الآن: أأراكم إذا بينت لكم صواب فعله من كتاب الله و من فعل رسوله ترجعون .. قالوا نعم: قال فإن الله تعالى حكم في كتابه أقواما، أما تقرؤون: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا،
ثم تلى عليهم قوله تعالى: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ .. ثم قال لهم أما تذكرون الحديبة لما قال النبي صلى الله عليه و سلم لعلي اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال له المشرك، أما الرحمن فلا أعرفها .. فقال صلى الله عليه و سلم: اكتب بسمك اللهم .. هذا ما اتفق عليه محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم و ... فقال المشرك .. لو كنت أؤمن أنك رسول الله ما قاتلتك و لكن اكتب هذا ما اتفق عليه محمد ابن عبد الله، فقال لعلي امحها، فلم يرض لنفسه أن يمحها .. فقال ضع عليها اصبعي فوضع علي كرم الله وجهه اصبع رسول الله على كلمة رسول الله فمحاها و قال اكتب يا علي: هذا ما اتفق عليه محمد ابن عبد الله .. أو كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم .. و في رواية أنه قال لعلي: و لعلك تضطر لمثلها يا علي .. فهل فينا مثل ابن عباس فيرشد أمثال هؤلاء بكلمات .. لا بلكمات ..
ثم إن خطأ بعض من تحمل أن يكون متحدثا في هذا العلم و تعديهم على دقائق العقيدة .. و ادعاؤهم الباطل بعلم ما لا يعلم و معرفة ما غيبه الله على خلقه .. لا يجعل كل متحدث في هذا العلم على هذا النحو و إن جاز أن يحمل هذا العيب .. فجواز ذلك لا يعني وقوعه ..
(يُتْبَعُ)
(/)
و ربما أشرنا هنا إلى مسألة ثانية، بعد القول الأول الذي يخص تجني البعض و تمحلهم في بعض الأبحاث المتصلة بالإعجاز العددي في القرآن، هي مسألة اختلاف الاصطلاحات بين علماء الشريعة و أصحاب الفنون المختلفة كالرياضيات مثلا .. و هو اختلاف يكاد يكون شاسعا .. حد أنهم يتفقون في جوهر الأشياء و مضمونها و لا يعلمون أنهم يتفقون لاختلاف الفهم بينهم .. و هو أمر لمسته في المؤتمر الأول للإعجاز العددي في القرآن الذي نظمته الهيأة المغربية للإعجاز العلمي في القرآن و السنة .. فمثلا حين نتحدث عن الاحتمالات و حسابها أو نتحدث على فنون الإحصاء أو حتى بعض ما نحتاجه من مفاهيم علم المنطق و علم الجبر، نجد اختلافا في تعريفها بين الشقين، و هو ما يجعل كل طرف يتوهم بعد الطرف الثاني عن الصواب .. و إليكم هذا المثال لتقريب الصورة، قال أحدهم: كان في غابتنا مرج دائري تنتصب في وسطه شجرة وحيدة .. و كان في أصل الشجرة سنجابا يختفي عني وراء هذه الشجرة .. و مرة، و عند خروجي من الغابة إلى الفسحة لاحظت وجه السنجاب، بعينيه الحيتين، يتطلع إلي من خلف الجذع. و بحذر .. و من دون أن أقترب، مشيت على طرف الحقل لكي أنظر إلى هذا الحيوان .. درت حول الشجرة أربع مرات و لكن السنجاب كان يتراجع حول الجذع باتجاه عكسي بحيث أنني كنت أرى وجهه فقط، و هكذا لم أستطع أن أدور حول السنجاب .. فعلق أحدهم: و لكنك قلت أنك درت بالشجرة أربع مرات و السنجاب في أصل الشجرة .. فأنت درت أيضا بالسنجاب .. فهل دار الرجل بالسنجاب فعلا؟ .. الفرق هنا كما هو ظاهر فرق مصطلحات .. و الاختلاف يكمن أساسا في مفهوم كل واحد منهما .. لأنك حين تقول درت حول شيء ما .. يمكن أن يفهم بالتحرك بالنسبة لهذا الشيء، بحيث يمكن رؤيته من جميع الجهات .. و هو فهم الأول .. كما يمكن فهمه بالتحرك في خط مقفل و يوجد الشيء داخله .. و هو فهم المعلق .. و بهذا فاختلاف المصطلحات في كلمة واحدة قد تؤدي إلى الاختلاف في فهم الواقع .. و هو ما أريد أن أنبه إليه .. و للعلم فإن المنطق كفن من فنون الرياضيات يأخذ جزءا كبيرا من علم الأصول أعني أصول الفقه و من العلم بأقسام الحديث و أن الجبر الذي هو أحد فروع الرياضيات أصله في علم الوراثة ... و ربما وجب هنا دعوة أهل العلم في الشريعة إلى محاولة الإلمام بجوانب الفنون العلمية الأخرى، حتى لا يحكم على الآخرين بالظن لثقتي أنهم يعلمون أن الظن أكذب الحديث و أنه لا يغني من الحق شيئا .. كما أهيب بعلماء الرياضيات و المتكلمين في جانب الإعجاز العددي، دراسة ما يتعلق بأبحاثهم من الشريعة، و معه تبسيط ما يقدمونه حتى يفهمه العامي، أو أغلب العامة، و لا يكون كلامهم موجها لأهل الاختصاص في هذه الفنون .. مع الإعداد لمحاورة المختصين و إقناعهم .. و إن كان الأمر فيه من المشقة عليهم ما يعلمونه .. لأن مبادئ الرياضيات غير مبادئ بقية العلوم .. فإننا مع بقية العلوم نحاول نمذجة الكون بربط حركاته و علله بمجموعة من القوانين، فلا نخرج عن المفاهيم الحسية عموما، و الرياضيات إنما تساعدنا على فهم هذه النماذج و هذه القوانين .. و تنقسم مفاهيمها إلى حسية و مجردة و مفردة و عامة و لفظية و غير لفظية و وصفية ... الخ، ثم إن القوانين المتعلقة بهذه المفاهيم التي هي التعميمات تنقسم إلى مسلمات و تعاريف و نظريات .. و المسلمات هي الصيغ التي تقبل بدون برهان لأنه يفترض صحتها و تكون متناسقة و متآلفة و مستقلة كأن نقول في عددين (أ) و (ب) إما أن يتساويا أو يكون (أ) أكبر قطعا من (ب) أو يكون (ب) أكبر قطعا من (أ) .. و ليس بناؤه على الظن هنا، حتى لا يقال أن بناء الرياضيات هو بناء ظني و لكنه التسليم بيقين ..
و لعلي هنا أنبه إلى أمر .. هو أن هذا القرآن هو كتاب هداية و علم و حكمة .. فيه خبر ما قبلنا و ما بعدنا و حكم ما بيننا ..
فإذا سئلت إن كان العلم يسبق القرآن؟ أجبت: كلا فالحقيقة العلمية اليقينية هي التي تتبع القرآن؟
و ربما واجهني الناس، هنا .. إذن .. و ما دام القرآن قد سبق العلم .. فلماذا لا نعكف على قراءة القرآن و دراسته فنستخرج منه ما فيه من الدرر؟
و أجيبهم و لست أنا من يجيبهم .. و لكني أجيب بما أجابنا الله به في سورة محمد:
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد استحكمت الأقفال بالقلوب .. فتلهينا .. خدعتنا الدنيا .. و أخذتنا الفتن .. و شتتتنا الأفكار ..
و هنا لن أقرع نفسي فقط على مضي كل هذه السنوات في علم الرياضيات متلهيا عن القرآن .. لأن أهل العلم بالقرآن أنفسهم تلهوا به عنه .. أعني عن تدبره .. نعم تلهوا بالقرآن لكنهم ما تدبروه .. و لعلهم أفضل مني حالا .. فهم يتلونه تلاوة المتعتع به .. نعم المتعتع به ليس في لفظه و لكن في معرفة ما فيه من أسرار .. لغياب الفكر الموسوعي لدينا و لدى علمائنا، على نقيض ما كان عند أسلافنا و نحن الخلف .. و هو سر قوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ .. و قوله تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا .. و هل الصلاة ركوع و سجود فقط .. و لكننا هكذا فهمناها .. فلربما كثيرون لم يضيعوها بفهمنا و قد ضيعوها .. نسينا قول رسولنا الكريم عن فكر ساعة و عن مداد العالم .. و عن من يهمه أمر المسلمين ..
أما العالم بالقرآن عندنا، فربما هو من يحفظه عن ظهر قلب يهذه هذ الشعر و يرمي به رمي الدقل .. و ربما من حفظ معه المتون .. و قد قيل من حفظ المتون حاز الفنون .. هل أمثال هؤلاء قد علموا القرآن في نظر رسول الله صلى الله عليه و سلم .. كلا فالعالمون زمن رسول الله ليسووا هؤلاء و إلا لكان أغلب من عاصر النبي منهم و لكن الرسول حدثنا عن بعض صحابته رضوان الله عليهم جميعا و سماهم، منهم من علم القرآن و منهم باب مدرسة العلم .. و منهم حبر الأمة و منهم أمين الأمة و منهم سيف الله المسلول .. أما صنوف علوم القرآن، عندنا، فلعلها رسمه و لفظه و ربما تفسيره على ما حفظوه من السلف لا نعلم غيره سوى ما يصب في هذا المصب، و في أغلبها، عودة إلى علم اللغة، التي طالما استغلها بعض المغفلين للقدح في آي القرآن و تجويدها بحسب ما يرى منطقهم كمن يقول أن خاتم لا تعني الآخر و من بعده لا تعني البعدية الزمنية، و أن الضرب بالخمار لا يعني ستر الرأس و إنما ستر الجيب، أو من يقول بالزيادة و النقص، أو من يقول بتضمن القرآن لكلام غير عربي، إذا وافق لفظ العرب لفظ غيرهم، و من يقول بجهل الصحابة رضوان الله عليم بقواعد الكتابة، و هي مسائل لنا تعاليق عليها ليس المجال لذكرها الآن .. فأين سيف الله المسلول و العالمون بالتخطيط و الحرب و أين أمين الأمة و أين و أين؟ ..
و لو نظرنا إلى التحدي في القرآن لكان ملزما به، كما أشرت، كل من بلغه من الناس، أميهم و قارئهم، عربهم و عجمهم .. لا فرق بينهم إلا في اتباع الحق .. و التزامه و محبة أهله .. و لعلي قلت ما حفظوه عن السلف، فيذهب ظن بعضكم أني أنكر ما قال السلف أو أنكر بعضه، و إني لست من هذا الصنف، غير أني أرى في علمائنا أنهم قيدوا أنفسهم بما لم يقيدهم به الله تعالى .. فالله أمرنا بتدبره و التفكر فيه و التعلم منه ..
ثم ماذا؟ ..
جوابا على قول أخي عيسى أنهم كانوا خلال جلسات المؤتمر كأنهم حزب معارضة، أقول: الحمد لله الذي جعلنا كالجسد الواحد و لم يجعلنا أحزابا متفرقة، إنما الأمر بيننا شورى .. فالمسلم على الحق دائما لأن الله يجازيه على نيته .. و نحن لم نكن نتجادل حتى تقول أنكم كالمعارضة و لكننا نتشاور .. و معلوم أن الشورى تكون في آراء متعددة و تعني تكامل الآراء و إظهار أحسنها و أنسبها .. و الجدال يكون بين رأيين اثنين و يدل على إثبات رأي و نفي آخر ..
ثم إني أهيب بالأخ أحمد أن يمدنا بالأمور الخلافية التي قد يقع فيها الباحث في مسألة الإعجاز في القرآن و يحددها .. حتى نتجنبها ..
ثم إن من النقاد من يأخذ الآية: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ .. و يقف عندها .. حتى يتوهم لمن لا يطلع على البحث كاملا، و يطلع على تعليق الناقد، أن البحث في كله مبني على التكلف و الخزعبلات و ربما حب الظهور .. و هو أمر أريد أن أنبه إليه بعض الناقدين لمسائل الإعجاز العددي .. و ليتركوا الحق على ما فيه من ضيق .. مع أني أجل بعض النقد الهادف الذي يقوم المعوج و يصلح الخاطئ ..
ثم ماذا؟ ..
ما للذين يقولون كلما تحدثنا، استنادا إلى رواية معينة من الروايات الثابتة عن النبي و المنقولة إلينا بالتواتر، عن بناء ظهر إعجازه و دقة إحكامه بصورة يدهش لها كل عقل .. لو غيرنا الرواية لانهار كل هذا البناء .. أو شيئا من هذا القبيل .. فإني أقول لهم هل الاستناد إلى رواية صحت عن النبي في حكم شرعي يسقط الحكم إذا خالفتها رواية أخرى أو يعدد الحكم تيسيرا على الأمة ..
مثلا قوله تعالى: أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ألم تقرأ أيضا أَوْ لَمَسْتُمُ النِّسَاءَ.
و مثلا قوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن ألم تقرأ أيضا وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْن.
فكيف نقر هنا بتعدد الأحكام الفقهية استنادا إلى الروايات و نقول بانهيار الإعجاز باختلافها؟ .. إنما يتعدد الإعجاز فتدبر .. و ربك فكبر .. سل تعطى .. فإن في القرآن مزيد لمستزيد، و أكثر لمستكثر ..
غفر الله لي و لكم ..
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
عمارة سعد شندول(/)
كتاب الطبري في القراءات؟
ـ[ابن مسعود]ــــــــ[17 Dec 2008, 03:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
فقد ذكر شيخ المفسرين أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في مقدمة تفسيره أن له كتابا في القراءات فماذا عن هذا الكتاب؟ وما اسمه؟ وهل هو مخطوط أم مطبوع؟ وأين؟ أفيدونا مأجورين بارك الله فيكم
ـ[ابن مسعود]ــــــــ[18 Dec 2008, 06:43 م]ـ
للرفع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Dec 2008, 07:57 م]ـ
هذا الكتاب أخي الكريم من المفقودات حتى اليوم، ولا أعلم أحداً ذكر أنه عثر على مخطوطة له في الكتب والدراسات التي تناولت مؤلفات الإمام الطبري.
غير أن بعض الباحثين قد جمع كلام الإمام الطبري في القراءات من خلال تفسيره، وكتب الباحث زيد بن علي مهدي مهارش بحثاً للماجستير عن (منهج الإمام الطبري في القراءات، وضوابط اختيارها في تفسيره) ولعله يطبع قريباً.
ـ[ابن مسعود]ــــــــ[20 Dec 2008, 12:10 م]ـ
جزاك الله خيرا ولعل الله ييسر من يخرج لنا هذا السفر المبارك
ـ[ابن مسعود]ــــــــ[20 Dec 2008, 12:38 م]ـ
هذا نص ابن جرير في تفسيره عند قوله تعالى (مالك يوم الدين)
" القول في تأويل قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.
قال أبو جعفر: القرَّاء مختلفون في تلاوة (ملك يَوْمِ الدِّينِ). فبعضهم يتلوه " مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ "، وبعضهم يتلوه (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) وبعضهم يتلوه (مالِكَ يَوْمِ الدِّينِ) بنصب الكاف. وقد استقصينا حكاية الرواية عمن رُوي عنه في ذلك قراءةٌ في " كتاب القراآت "، وأخبرنا بالذي نختار من القراءة فيه، والعلة الموجبة صحّة ما اخترنا من القراءة فيه، فكرهنا إعادة ذلك في هذا الموضع، إذ كان الذي قَصَدْنا له، في كتابنا هذا، البيانَ عن وجوه تأويل آي القرآن، دون وجوه قراءتها." أهـ
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[20 Dec 2008, 01:54 م]ـ
كتاب " القراءات وتنزيل القرآن " وربما سمي " الجامع في القراءات " وهو من الكتب التي أتمها
قال عنه أبوعلي الحسن بن علي الأزهري المقرىء (446هـ) في كتابه (الإقناع في القراءات الشاذة): وله في القراءات كتاب جليل كبير رأيته في ثمان عشرة مجلدة , إلا أنه كان بخطوط كبار , ذكر فيه جميع القراءات من المشهور والشواذ وعلل ذلك , وشرحه , واختار منها قراءة لم يخرج بها عن المشهور , وقال ياقوت: إنه كتاب جيد.
وقال صاحب كشف الظنون: فيه نيفٌ وعشرون قراءة.
وله نسخة في المكتبة الأزهرية بمصر رقمها 1178 في 128 ورقة مكتوبة سنة 1143هـ. وانظر فهرس الأزهرية 1/ 74 وعنوانه هناك " الجامع في القراءات من المشهور والشواذ " ولعل هذا الموجود قطعة من الكتاب على حد وصف الأهوازي.
من مقدمة تحقيق الشيخ علي الشبل لكتاب (التبصير في معالم الدين) للإمام محمد بن جرير الطبري – رحمه الله - ص 67.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Dec 2008, 09:24 م]ـ
وله نسخة في المكتبة الأزهرية بمصر رقمها 1178 في 128 ورقة مكتوبة سنة 1143هـ. وانظر فهرس الأزهرية 1/ 74 وعنوانه هناك " الجامع في القراءات من المشهور والشواذ " ولعل هذا الموجود قطعة من الكتاب على حد وصف الأهوازي.
إنَّا لفي شكٍّ من هذا.
ـ[ابن مسعود]ــــــــ[21 Dec 2008, 02:58 م]ـ
وفقك الله أبا خطاب على هذه الفائدة وشكرا لك , وقد وجدت في طبعة دار الأعلام بالأردن لتفسير الطبري في مقدمتهم ذكر كتاب الطبري في القراءات وتسميتهم له (القراءات والتنزيل والعدد) ولا أدري على أي شيء اعتمدوا.
والشكر كذكلك موصول لشيخنا عبد الرحمن الشهري وفقه الله.(/)
اقتراح قسم خاص بضوابط الكتابة العلمية
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[17 Dec 2008, 04:23 م]ـ
كنت أشرت إلى عدد من الأخطاء في الكتابة العلمية وتقييم الكتب والبحوث في بعض المداخلات السابقة في المنتدى.
وأقترح هنا على المشرفين أن يفردوا قسما في المنتدى يبدي فيه الجميع آراءهم في ضوابط الكتابة العلمية، ونماذج من العبارات الوصفية والذاتية غير المقبولة، وكيفية تصويبها.
ولو فعلوا ذلك لقدموا خدمة كبيرة للجميع.
ومن المواضيع المفيدة في هذا القسم:
- نماذج من الأخطاء الشائعة في الكتابة العلمية، واقتراح العبارات العلمية البديلة لها
- نماذج من الأخطاء الشائعة في النقد العلمي، واقتراح العبارات العلمية البديلة لها
- أساليب الرد العلمي على المخالف
- ما المطلوب من الكاتب في البحوث العلمية: هل هو عرض الآراء المختلفة، أم اتخاذ موقف (مع) أو (ضد)؟ وبأي أسلوب يتم ذلك؟ وما الذي يجب تجنبه عند اختيار موقف ما؟
- هل يوجد فرق بين الكتابة الحرة والكتابة العلمية؟
- ما هي الضوابط الأسلوبية التي يمكن من خلالها أن نعرف إن كانت عبارة ما مقبولة أو مرفوضة في البحث العلمي؟
- ...
إلى آخر ذلك من المواضيع المتعلقة. ومثل هذا القسم سيفيد كثيرا في توجيه الطلبة إلى تطوير أساليبهم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Dec 2008, 05:56 م]ـ
الفكرة نفسها ممتازة، كغالب أفكارك يا أبا أحمد. ولكن هل ترى أنه جديرٌ - على الأقل في بدايته - بأن يُفردَ في قسمٍ خاص.
الذي يبدو لي أنه يمكن أن يطرح من لديه أي فكرة متميزة في هذا الموضوع فكرته في موضوع مستقل، ثم إذا اجتمع لدينا عدد من الموضوعات التي يمكن أن تشكل نواةً صالحة لقسم خاص فلا بأس.
ويبقى الملتقى العلمي ميداناً رحباً للجميع للكتابة العلمية النقدية المتزنة، ومحاولة الارتقاء بأساليبنا في الكتابة لغةً ونحواً وتعبيراً. وعندي طموحات وأفكار في هذا الباب أتمنى أن يتاح الوقت لطرحها والتباحث حولها في قابل الأيام بإذن الله، فإن هذا الملتقى وأمثاله لو استثمرت كما ينبغي لها لكانت في نفعها تفوق الكثير من المعاهد والكليات لما فيها من سهولة التواصل مع المنتفعين، وسهولة النشر، والخلو من كثير من العوائق التي توجد في ميادين العلم والتدريس. نسأل الله أن يسلك بنا سبل الهدى والتقوى والسداد جميعاً.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[17 Dec 2008, 06:38 م]ـ
في رأيي: حتى لو لم يوجد لحد الآن قدر كاف من المواضيع التي كتبت في هذا المجال، فقد يكون إفراد قسم خاص بها محفزا للاهتمام بهذا الجانب. ولو بقينا ننتظر حتى تتوفر بعض المواضيع المتناثرة هنا وهناك كي نجمعها في قسم جديد لربما انتظرنا وقتا طويلا.
وللتغلب على عدم وجود ما يكفي من المواضيع حاليا، يمكن استكتاب بعض الأساتذة الجامعيين لعرض بعض تجاربهم مع مواضيع طلبتهم، وكيفية توجيهم وتدريبهم على الكتابة العلمية. كما يمكن استكاتاب من لديهم خبرة في تحكيم البحوث في عرض بعض الملاحظات التي ظهرت لهم.
ويبقى الرأي رأيكم في الأخير.
وأضيف على ما سبق بعض المسائل التي يمكن الاهتمام في مثل هذه المواضيع:
- ما المقصود بالكتابة العلمية؟
- ما هي السياقات التي يمكن اعتبار الكتابة فيها كتابة علمية؟
- هل يمكن من خلال الأسلوب فقط أن نحكم على الكتابة بأنها علمية أو غير علمية؟
- ما هي العبارات والأساليب التي تؤثر سلبا على القيمة العلمية للكتابة؟
...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Dec 2008, 06:43 م]ـ
رأيكم مبارك يا أبا أحمد، وسأكتب ورقة حول هذا الموضوع، وأعرضها عليكم لأخذ رأيكم، ثم أقوم بتوجيهها لبعض الشخصيات العلمية التي لها عناية وخبرة بهذا، ونقوم بنشرها بإذن الله. جزاكم الله خيراً.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[17 Dec 2008, 07:45 م]ـ
أعتقد أن ما طرحه الأخ محمد بن جماعة - جزاه الله خيرا- يدخل في صميم الملتقى العلمي، وأخشى أن يكون تكثير الأقسام مدعاة للتكاسل عنها كما هو مشاهد في بعض الأقسام، ولا يخفى أن هذا القسم يحظى بالقدح المعلى والنصيب الأوفر من الزيارات والمتابعات فطرح الموضوع فيه أدعى لكثرة قراءته والتفاعل معه.
وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[17 Dec 2008, 08:19 م]ـ
جزاك الله خيرا يا د. الباتلي، وأتفهم رأيك. وما تشير إليه متعلق أساسا بالتقنية الشجرية المستعملة في بناء المنتديات الحوارية على الإنترنت، في ما يسمى بالويب 1.
ولو وجدت طريقة تقنية لوضع ما يسمى flags أو tags في المواضيع المتشعبة والردود عليها، كي يسهل النظر إليها بطرق مختلفة، لكان الأمر بسيطا. ومثال هذه التقنية مستعمل في ما يسمى بأيقونات المشاركة، إلا أن هذه التقنية لا تسمح حاليا إلا بأيقونة واحدة.
فما الحل ما دامت التقنية التي تبرمج بها برامج المنتديات قاصرة وغير قابلة لهذا الأسلوب؟
أرى أن لا مناص من التفريع. وأوافقك الرأي في ضرورة مراعاة التوازن وعدم الإغراق في التفريع، كما تفضلت.
وإفراد قسم بضوابط الكتابة العلمية، في رأيي، لا يضعف الاهتمام بالقسم العلمي. فهناك فرق بين قسم تطرح فيه الملاحظات العلمية من زاوية منهجية وأسلوبية بحتة، وبين قسم تطرح فيه المقالات والحوارات والردود بشكل عملي تطبيقي.
ومما ألمسه في المواضيع المطروحة في المنتدى: ضعف الاعتناء بقضايا المنهج، وقضايا الأسلوب العلمي في الكتابة والنقد. وهذه من أهم العوامل التي تؤثر في تطور البحث العلمي. وهي أيضا من أسباب اختلاف وجهات النظر وعدم القدرة على التفاعل الإيجابي بين المتحاورين .. ففي كثير من الأحيان، لا يكون الإشكال في النوايا، بل ناتجا عن أخطاء التفكير وأخطاء التعبير، وعدم القدرة على اختيار الزاوية الصحيحة لرؤية الموضوع أو نقده. وتكوين الملكة لتجاوز هذه العوائق يحتاج لتدريب ومراقبة وتكرار ونصح.
واستمرار إهمال هذه الجوانب بدون السعي العملي لما أسميه (تجفيف منابع الخلاف) يكرّس استمرار الخطأ.
ومجرد إفراد القضايا المنهجية في قسم مستقل يشكل دعوة غير مباشرة (ولكن فعالة) إلى الاهتمام بها.
والأمر يبقى اقتراحا قابلا للنقد، حتى تتوضح معالمه وطرق الاستفادة منه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مُتَّبِعَة]ــــــــ[18 Dec 2008, 03:12 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وشكر مساعيكم شيوخنا الأفاضل
غالب ما طرحتم أسئلته كنتُ قد أمَّلْتُ أن أجد إجابة عنه منذ زمن، وقد سألتُ، إلا أن الإجابة كانت الصمت
شيخنا الفاضل
لستُ ممن يُسأل، إلا أنها مجرد فكرة حضرت أثناء ما تفضلتم مشكورين باقتراحه، وهي تثبيت موضوعٍ جديد يختص بضوابط الكتابة العلمية، فيُدلي كل مُتأهِّل بِدَلْوِه، ويورِد ما يراه ضابطا ببند مختصر، ثم تُجمَع هذه الضوابط – بعد تحصيلها في غضون أسابيع أو أشهر ربما – وتصنَّف، فما تداخل منها يُفرَد له موضوع خاص به يتباحَثُ فيه أهله، وما استقل منها يُفرَدُ لكل بند موضوع يخصه، وتكون هذه المواضيع بمجموعها نواة للقسم المقترَح والذي يُثَبَّتُ فيه موضوع بما صدر قديما وحديثا من الكتب المهتمة بالتأصيل العلمي في الكتابة والنقد
أجزل الله لكم المثوبة والتوفيق
ـ[عبد الله الراشد]ــــــــ[18 Dec 2008, 11:53 ص]ـ
اقتراح ممتاز، لكن الشأن في التطبيق فالكثير منا يحسن الحديث عن المنهج والعمق وأدب النقد ووووو
وواقعه شيء آخر وليت الأخ محمد بن جماعة يطبق ما يقول في كلامه على المنهج في نقده لكتابات لإخوانه، وشدته وتعجله في كلامه وتقييمه لهم، والذي بعضه لا يزال في الصفحة الأولى ننتظر منه تراجعا أو اعتذارا لكنه ذهب معرضا وكتب ما كتب هنا!
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=13812&page=3
وإن كان ثم مطالبة لي ـ قبل ما ذكر فهي ـ: في حفظ حقوق الإخوة وتدخل الإدارة إن لم يكن هناك وزاع ذاتي.
وقد أشار إلى هذا الدكتور فاضل الشهري في موضوع نقد مشاركة الدكتور العسكر في المجاز.
والواقع أنه لا يستطيع أحد أن يفرض على من يريد النقد أسلوبا أو إطارا يحده به لاختلاف المناهج والأساليب والثقافات، وإن فعل فلن يوجد نقد البتة، أليس هو قليلا جدا بدون قيود؟
وبما أن هذا اقتراح لإنشاء قسم جديد سيزيد في الأقسام وأخشى أن لا يُلتزم بعد ذلك به، أليس هذا الموضوع "اقتراح" وكتب هنا وترك كاتبه قسم الاقتراحات!
إلا إن كان أريد بالاقتراح نقد مشاركات أبي فهر.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[18 Dec 2008, 04:44 م]ـ
اقتراح ممتاز، لكن الشأن في التطبيق فالكثير منا يحسن الحديث عن المنهج والعمق وأدب النقد ووووو
وواقعه شيء آخر وليت الأخ محمد بن جماعة يطبق ما يقول في كلامه على المنهج في نقده لكتابات لإخوانه، وشدته وتعجله في كلامه وتقييمه لهم، والذي بعضه لا يزال في الصفحة الأولى ننتظر منه تراجعا أو اعتذارا لكنه ذهب معرضا وكتب ما كتب هنا!
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=13812&page=3
وإن كان ثم مطالبة لي ـ قبل ما ذكر فهي ـ: في حفظ حقوق الإخوة وتدخل الإدارة إن لم يكن هناك وزاع ذاتي.
وقد أشار إلى هذا الدكتور فاضل الشهري في موضوع نقد مشاركة الدكتور العسكر في المجاز.
والواقع أنه لا يستطيع أحد أن يفرض على من يريد النقد أسلوبا أو إطارا يحده به لاختلاف المناهج والأساليب والثقافات، وإن فعل فلن يوجد نقد البتة، أليس هو قليلا جدا بدون قيود؟
وبما أن هذا اقتراح لإنشاء قسم جديد سيزيد في الأقسام وأخشى أن لا يُلتزم بعد ذلك به، أليس هذا الموضوع "اقتراح" وكتب هنا وترك كاتبه قسم الاقتراحات!
إلا إن كان أريد بالاقتراح نقد مشاركات أبي فهر.
ربما ...
وشكرا على النصيحة.(/)
إليكم هذا الفهيرس .. من إعدادي
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[17 Dec 2008, 05:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أحبابي أعضاء وزوار هذا الملتقى العامر
يسرني أن أهديكم هذا الفهيرس لبعض كتب الحديث والذي أعددته لاستخدامي الخاص , فآثرت أن يستفيد إخواني منه لعل الله أن ينفع به ,, وهي دعوة بالمناسبة لكل من لديه فائدة أن يتحف إخوانه بها .. فوائد , فهرس , فكرة , تعريف بكتاب ... وهكذا.
لاتنسوني من صالح دعائكم ,,
ودمتم مباركين أينما كنتم.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[18 Dec 2008, 08:07 م]ـ
بارك الله فيك.
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[22 Dec 2008, 10:56 م]ـ
بارك الله فيك.
وإياك شيخي الفاضل.(/)
تنبيهات وتصويبات لما في كتب التفسير من الأخطاء والتصحيفات
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Dec 2008, 05:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه استدراكات متفرقة على ما في كتب التفسير من أخطاء، وتعليقات على بعض المسائل التي تحتاج إلى تحرير وتحقيق.
1 - قال الشوكاني في تفسيره لآية الوضوء في سورة المائدة عند بيانه للقراءات الثابتة في قول الله تعالى: ? وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبين?: ( ... وقراءة الجرّ تدل على أنه يجوز الاقتصار على مسح الرجلين، لأنها معطوفة على الرأس، وإليه ذهب ابن جرير الطبري، وهو مرويّ عن ابن عباس.
قال ابن العربي: اتفقت الأمة على وجوب غسلهما، وما علمت من ردّ ذلك إلا الطبري من فقهاء المسلمين، والرافضة من غيرهم، وتعلق الطبري بقراءة الجرّ. ....
قال القرطبي: وذهب ابن جرير الطبري إلى أن فرضهما التخيير بين الغسل والمسح، وجعل القراءتين كالروايتين، وقواه النحاس.) انتهى باختصار من فتح القدير.
والوهم الذي وقع فيه الشوكاني تبعاً لابن العربي والقرطبي هو نسبة القول بجواز الاقتصار على مسح الرجلين للإمام ابن جرير الطبري. وهذا لا شك أنه خطأ؛ فابن جرير لم يذهب إلى ما نسبوه إليه، ومن قرأ تأويله للآية تبين له أن ما رجحه يخالف ما نسبوه إليه.
وهذا نص كلام ابن جرير في تفسيره بعد أن ذكر القراءتين في"وأرجلكم": (قال أبو جعفر: والصواب من القول عندنا في ذلك، أن الله عزّ ذكره أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ، كان مستحقًّا اسم"ماسحٍ غاسلٍ"، لأن"غسلهما" إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء. و"مسحهما"، إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو"غاسل ماسح".
ولذلك= من احتمال"المسح" المعنيين اللذين وصفتُ من العموم والخصوص اللذين. أحدهما مسح ببعض والآخر مسح بالجميع= اختلفت قراءة القرأة في قوله:"وأرجلكم" فنصبها بعضهم= توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما الغسل وإنكارًا منه المسح عليهما، مع تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعموم مسحهما بالماء. =وخفضها بعضهم، توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما المسح.
ولما قلنا في تأويل ذلك= إنه معنّي به عموم مسح الرجلين بالماء= كره من كره للمتوضئ الاجتزاءَ بإدخال رجليه في الماء دون مسحهما بيده، أو بما قام مقام اليد، توجيها منه قوله:"وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين" إلى مسح جميعهما عامًّا باليد، أو بما قام مقام اليد، دون بعضهما مع غسلهما بالماء، كما:-
11494 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان= قال، حدثنا نافع، عن ابن عمر= عن الأحول، عن طاوس، أنه سئل عن الرجل يتوضأ ويدخل رجليه في الماء. قال: ما أعدُّ ذلك طائلا.
وأجاز ذلك من أجاز، توجيهًا منه إلى أنه معنيٌّ به الغسل. كما:-
حدثني أبو السائب قال، حدثنا ابن إدريس قال: سمعت هشاما يذكر، عن الحسن، في الرجل يتوضأ في السفينة، قال: لا بأس أن يغمس رجليه غمسًا.
حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال: أخبرني أبو حرّة، عن الحسن في الرجل إذا توضأ على حرف السفينة، قال: يخضخِضُ قدميه في الماء.
=فإذا كان"المسحَ" المعنيان اللذان وصفنا: من عموم الرجلين بالماء، وخصوص بعضهما به= وكان صحيحًا بالأدلّة الدالة التي سنذكرها بعدُ، أنّ مراد الله من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى"الغسل" و"المسح"= فبيِّنٌ صواب قرأة القراءتين جميعًا = أعني النصب في"الأرجل" والخفض. لأن في عموم الرجلين بمَسحهما بالماء غسلُهما، وفي إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحُهما.
فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبا لما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليهما.
ووجهُ صواب قراءة من قرأه خفضا، لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد، مسحا بهما.
غير أنّ ذلك وإن كان كذلك، وكانت القراءتان كلتاهما حسنًا صوابًا، فأعجب القراءتين إليّ أن أقرأها، قراءة من قرأ ذلك خفضًا، لما وصفت من جمع"المسح" المعنيين اللذين وصفت، ولأنه بعد قوله:"وامسحوا برءوسكم" فالعطف به على"الرءوس" مع قربه منه، أولى من العطف به على"الأيدي"، وقد حيل بينه وبينها بقوله:"وامسحوا برءوسكم".
* * *
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن قال قائل: وما الدليل على أن المراد بالمسح في الرجلين العموم، دون أن يكون خصوصًا، نظيرَ قولك في المسح بالرأس؟
قيل: الدليل على ذلك، تظاهرُ الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ويل للأعقاب وبُطون الأقدام من النار". ولو كان مسح بعض القدم مجزئا عن عمومها بذلك لما كان لها الويل بترك ما تُرك مسحه منها بالماء بعد أن يُمسح بعضها. لأن من أدَّى فرض الله عليه فيما لزمه غسلُه منها لم يستحق الويل، بل يجب أن يكون له الثواب الجزيل. وفي وجوب الويل لعَقِب تارك غسل عَقِبه في وضوئه، أوضحُ الدليل على وجوب فرض العموم بمسح جميع القدم بالماء، وصحةِ ما قلنا في ذلك، وفسادِ ما خالفه .. ) انتهى كلامه بنصه.
وهو ظاهر في أنه رحمه الله يرى وجوب الجمع بين الغسل والمسح في الرجل.
وهذا ما عزاه إليه الشنقيطي في أضواء البيان، حيث قال: (وجمع ابن جرير الطبري في تفسيره بين قراءة النصب والجر بأن قراءة النصب يراد بها غسل الرجلين، لأن العطف فيها على الوجوه والأيدي إلى المرافق، وهما من المغسولات بلا نزاع، وأن قراءة الخفض يراد بها المسح مع الغسل، يعني الدلك باليد أو غيرها.) انتهى.
وممن بيّن خطأ نسبة القول بالتخيير إلى ابن جرير ابن قيم الجوزية؛ حيث قال في تعليقاته على تهذيب سنن أبي داوود: (وَحُكِيَ عَنْ اِبْنِ جَرِيرٍ أَنَّهُ مُخَيَّر بَيْن الْأَمْرَيْنِ , ... وَأَمَأ حِكَايَته عَنْ اِبْنِ جَرِيرٍ فَغَلَط بَيِّن , وَهَذِهِ كُتُبه وَتَفْسِيره كُلّه يُكَذِّب هَذَا النَّقْل عَلَيْهِ , وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الشُّبْهَة لِأَنَّ اِبْنَ جَرِيرٍ الْقَائِلَ بِهَذِهِ الْمَقَالَة رَجُل آخَر مِنْ الشِّيعَة , يُوَافِقهُ فِي اِسْمه وَاسْم أَبِيهِ , وَقَدْ رَأَيْت لَهُ مُؤَلَّفَات فِي أُصُول مَذْهَب الشِّيعَة وَفُرُوعهمْ.).
حرر يوم الأربعاء 19/ 12/1429هـ
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[18 Dec 2008, 08:51 ص]ـ
2 - قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقول الله تعالى:? قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ? (البقرة:94): (قال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير، عن ابن عباس: يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أي: ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب. فأبوا ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} أي: بِعِلْمِهِم بما عندهم من العلم بك، والكفر بذلك، ولو تمنوه يوم قال لهم ذلك ما بقي على الأرض يهودي إلا مات.
وقال الضحاك، عن ابن عباس: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ} فسلوا الموت.
وقال عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة، قوله: {فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} قال: قال ابن عباس: لو تمنى اليهود الموت لماتوا.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسِي، حدثنا عثام، سمعت الأعمش -قال: لا أظنه إلا عن المِنْهال، عن سعيد بن جبير-عن ابن عباس، قال: لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه.
وهذه أسانيد صحيحة إلى ابن عباس.
وقال ابن جرير في تفسيره: وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا. ولرأوا مقاعدهم من النار. ولو خرج الذين يُباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا". حدثنا بذلك أبو كُرَيْب، حدثنا زكريا بن عدي، حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورواه الإمام أحمد عن إسماعيل بن يزيد الرقي أبي يزيد حدثنا فرات، عن عبد الكريم، به.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الحسن بن أحمد قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن بشار، حدثنا سرور بن المغيرة، عن عباد بن منصور، عن الحسن، قال: قول الله ما كانوا ليتمنوه بما قدمت أيديهم. قلت: أرأيتك لو أنهم أحبوا الموت حين قيل لهم: تمنوا، أتراهم كانوا ميتين؟ قال: لا والله ما كانوا ليموتوا ولو تمنوا الموت، وما كانوا ليتمنوه، وقد قال الله ما سمعت: {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}
وهذا غريب عن الحسن. ثم هذا الذي فسر به ابن عباس الآية هو المتعين، وهو الدعاء على أي الفريقين أكذب منهم أو من المسلمين على وجه المباهلة، ونقله ابن جرير عن قتادة، وأبي العالية، والربيع بن أنس، رحمهم الله.
ونظير هذه الآية قوله تعالى في سورة الجمعة: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ* قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجمعة: 6 - 8] فهم -عليهم لعائن الله-لما زعموا أنهم أبناء الله وأحباؤه، وقالوا: لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى، دعوا إلى المباهلة والدعاء على أكذب الطائفتين منهم، أو من المسلمين. فلما نكلوا عن ذلك علم كل أحد أنهم ظالمون؛ لأنهم لو كانوا جازمين بما هم فيه لكانوا أقدموا على ذلك، فلما تأخروا علم كذبهم. وهذا كما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نجران من النصارى بعد قيام الحجة عليهم في المناظرة، وعتوّهم وعنادهم إلى المباهلة، فقال تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61] فلما رأوا ذلك قال بعض القوم لبعض: والله لئن باهلتم هذا النبيّ لا يبقى منكم عين تطرف. فعند ذلك جنحوا للسلم وبذلوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فضربها عليهم. وبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح، رضي الله عنه، أمينًا. ومثل هذا المعنى أو قريب منه قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين: {قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} [مريم: 75]، أي: من كان في الضلالة منا أو منكم، فزاده الله مما هو فيه ومَدّ له، واستدرجه ...
فأما من فسر الآية على معنى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} أي: إن كنتم صادقين في دعواكم، فتمنوا الآن الموت. ولم يتعرض هؤلاء للمباهلة كما قرره طائفة من المتكلمين وغيرهم، ومال إليه ابن جرير بعد ما قارب القول الأول؛ فإنه قال: القول في تفسير قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} وهذه الآية مما احتج الله به لنبيه صلى الله عليه وسلم على اليهود الذين كانوا بين ظهراني مُهَاجَره، وفضح بها أحبارهم وعلماءهم؛ وذلك أن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم إلى قضية عادلة بينه وبينهم، فيما كان بينه وبينهم من الخلاف، كما أمره أن يدعو الفريق الآخر من النصارى إذا خالفوه في عيسى ابن مريم، عليه السلام، وجادلوه فيه، إلى فاصلة بينه وبينهم من المباهلة. فقال لفريق من اليهود: إن كنتم محقين فتمنوا الموت، فإن ذلك غير ضار بكم إن كنتم محقين فيما تدعون من الإيمان وقرب المنزلة من الله، بل أعطيكم أمنيتكم من الموت إذا تمنيتم، فإنما تصيرون إلى الراحة من تعب الدنيا ونصبها وكدر عيشها، والفوز بجوار الله في جناته إن كان الأمر كما تزعمون: من أن الدار الآخرة لكم خالصة دوننا. وإن لم تعطوها علم الناس أنكم المبطلون ونحن المحقون في دعوانا، وانكشف أمرنا
(يُتْبَعُ)
(/)
وأمركم لهم فامتنعت اليهود من الإجابة إلى ذلك لعلمها أنها إن تمنت الموت هلكت، فذهبت دنياها وصارت إلى خزي الأبد في آخرتها، كما امتنع فريق من النصارى.
فهذا الكلام منه أوله حسن، وأما آخره فيه نظر؛ وذلك أنه لا تظهر الحجة عليهم على هذا التأويل، إذ يقال: إنه لا يلزم من كونهم يعتقدون أنهم صادقون في دعواهم أنهم يتمنوا الموت فإنه لا ملازمة بين وجود الصلاح وتمني الموت، وكم من صالح لا يتمنى الموت، بل يود أن يعمر ليزداد خيرًا وترتفع درجته في الجنة ...
ولهم مع ذلك أن يقولوا على هذا: فها أنتم تعتقدون -أيها المسلمون-أنكم أصحاب الجنة، وأنتم لا تتمنون في حال الصحة الموت؛ فكيف تلزمونا بما لا نُلزمكم؟
وهذا كله إنما نشأ من تفسير الآية على هذا المعنى، فأما على تفسير ابن عباس فلا يلزم عليه شيء من ذلك، بل قيل لهم كلام نَصَف: إن كنتم تعتقدون أنكم أولياء الله من دون الناس، وأنكم أبناء الله وأحبّاؤه، وأنكم من أهل الجنة ومن عداكم من أهل النار، فباهلوا على ذلك وادعوا على الكاذبين منكم أو من غيركم، واعلموا أن المباهلة تستأصل الكاذب لا محالة. فلما تيقَّنوا ذلك وعرفوا صدقه نكلوا عن المباهلة لما يعلمون من كذبهم وافترائهم وكتمانهم الحق من صفة الرسول صلى الله عليه وسلم ونعته، وهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ويتحققونه. فعلم كل أحد باطلهم، وخزيهم، وضلالهم وعنادهم-عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة-.) انتهى كلام ابن كثير باختصار يسير.
ففي قول ابن كثير رحمه الله: ( ... ثم هذا الذي فسر به ابن عباس الآية هو المتعين، وهو الدعاء على أي الفريقين أكذب منهم أو من المسلمين على وجه المباهلة، ونقله ابن جرير عن قتادة، وأبي العالية، والربيع بن أنس، رحمهم الله.) نظر من وجوه:
الأول: التصريح بنسبة هذا القول لابن عباس رضي الله عنهما، مع أن صريح قوله في ذلك ضعيف، وما صح عنه في معنى الآية غير صريح.
الثاني: نسبته هذا القول لكل من قتادة وأبي العالية والربيع بن أنس، وذكر أن ابن جرير نقله عنهم،وليس الأمر كما قال؛ بل جعل ابن جرير قولهم قولاً آخر غير القول الذي رواه ابن اسحاق عن ابن عباس، والأمر واضح لمن تأمله، ولكن يبدو أن ابن كثير رحمه الله لم يتنبه لعبارة: وقال آخرون؛ التي ذكرها ابن جرير بعد القول الذي نسب لابن عباس.
وهذا نص كلام ابن جرير: (وقد اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يدعو اليهود أن يتمنوا الموت، وعلى أي وجه أمروا أن يتمنوه. فقال بعضهم: أمروا أن يتمنوه على وجه الدعاء على الفريق الكاذب منهما.
* ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد، عن سعيد، أو عكرمة، عن ابن عباس قال: قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين)، أي: ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب.
* * *
وقال آخرون بما:-حدثني بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس)، وذلك أنهم قالوا: (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى) [البقرة: 111]، وقالوا: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [المائدة: 18] فقيل لهم: (فتمنوا الموت إن كنتم صادقين).
حدثني المثنى قال، حدثنا آدم قال، حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية قال: قالت اليهود: (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى)، وقالوا: (نحن أبناء الله وأحباؤه) فقال الله: (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين)، فلم يفعلوا.
حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثني ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله: (قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة) الآية، وذلك بأنهم قالوا: (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى)، وقالوا: (نحن أبناء الله وأحباؤه). .) انتهى كلام ابن جرير.
تنبيه: القول الذي رجحه ابن كثير في تفسيره لهذه الآية لم يظهر لي رجحانه، وقد بيّنت ذلك بالتفصيل في هذا الموضوع:
دراسة ما ذهب إليه ابن القيم وابن كثير في معنى قول الله: (فتمنوا الموت إن كنتم صادقين) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=29264#post29264)
حرر صباح الخميس الموافق 20/ 12/1429هـ
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Dec 2008, 11:32 ص]ـ
3 - قال الشوكاني في تفسيره لقول الله تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}: (قرأ الجمهور {أسوة} بالضم للهمزة، وقرأ عاصم بكسرها).انتهى
وهذا وهم، والصواب العكس.
حاء في كتاب حجة القراءات: (قرأ عاصم أُسوة حسنة بضم الألف حيث كان، وقرأ الباقون بكسر الألف. وهما لغتان).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يسري خضر]ــــــــ[20 Dec 2008, 02:59 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Dec 2008, 09:01 ص]ـ
قال ابن جرير في تفسيره: (حدثنا المثنى، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرنا موسى بن سالم أبو جهضم مولى ابن عباس، قال: كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد؟ فقال: الرعد: ملك.) 1/ 340 الأثر رقم 434
تعجبت من قول أحمد شاكر رحمه الله: (موسى بن سالم أبو جهضم: ثقة، ولكن روايته عن ابن عباس مرسلة!!)
كيف يكون مولى لابن عباس، وروايته عنه مرسلة؟!
وقد أفدت من أحد المقالات عن ابن عباس وروايته عن أهل الكتاب أن أبا جهضم هذا مولى لآل عباس، لا لابن عباس.
ثم رجعت إلى ترجمة موسى هذا، فوجدت في طبقات ابن سعد: (موسى بن سالم أبو جهضم
مولى بني هاشم روى عن عبد الله بن عبيد الله بن العباس وروى عبد الله بن عبيد الله عن عبد الله بن عباس أحاديث.)
وقال عنه ابن حجر: (موسى بن سالم أبو جهضم مولى آل العباس، أرسل عن ابن عباس.)
وعلى هذا فما في تفسير الطبري تصحيف ظاهر؛ فهو مولى آل العباس، وليس مولى ابن عباس.
وقد رجعت إلى تفسير الطبري بتحقيق التركي فوجدته موافقاً لطبعة شاكر في هذا التصحيف. والله أعلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Dec 2009, 09:40 ص]ـ
سورة النور مدنية بالإجماع؛ هكذا قال القرطبي في مقدمة تفسيره لهذه السورة.
جاء في تفسير التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور تنبيه على تصحيف وقع في تفسير القرطبي للآية رقم 58، وهذا نص ما أورده ابن عاشور رحمه الله:
(وَقَدْ وَقَعَ فِي نُسَخِ «تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ» عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ... } الْآيَةَ [النُّور: 58] فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ كَلِمَةُ «وَهِيَ مَكِّيَّةٌ» يَعْنِي الْآيَةَ. فَنَسَبَ الْخَفَاجِيُّ فِي «حَاشِيَتِهِ» عَلَى «تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ» وَتَبِعَهُ الْآلُوسِيُّ، إِلَى الْقُرْطُبِيِّ أَنَّ تِلْكَ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ، مَعَ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِهَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ؛ كَيْفَ وَقَدْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ «مَدَنِيَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ»؟!.
وَلَعَلَّ تَحْرِيفًا طَرَأَ عَلَى النُّسَخِ مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْطُبِيِّ وَأَنَّ صَوَابَ الْكَلِمَةِ «وَهِيَ مُحْكَمَةٌ» أَيْ غَيْرُ مَنْسُوخٍ حُكْمُهَا؛ فَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ، قَالَ «وَهِيَ مُحْكَمَةٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَرَكَهَا النَّاسُ».)
تتمة: في الطبعات التي بين يدي لتفسير القرطبي - وهي طبعة الرسالة بإشراف التركي وطبعة دار الكتب المصرية، وهما أفضل طبعات الكتاب - جاء العبارة كما ذكر ابن عاشور "وهي مكية".
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Feb 2010, 12:37 ص]ـ
قال القرطبي في تفسيره لسورة الدخان عند ذكره لـ"تُبع":" وقد ذكرنا بقية خبره وأوله في اللمع اللؤلئية شرح العشر بينات النبوية [للفارابيٍ] رحمه الله ".
هكذا في طبعات تفسير القرطبي المشهورة: طبعة الرسالة بإشراف التركي وطبعة دار الكتب المصرية.
قال الشيخ مشهور حسن سلمان في ترجمته للقرطبي في كتاب "الإمام القرطبي شيخ أئمة التفسير" عند ذكره لمؤلفات القرطبي المخطوطة: (وقد اضطربت الأصول ـ ما لم يقع تصحيف من الطابع ـ في اسم مؤلف أصل الكتاب "العشرينات النبوية" فنسب مرة للفاداري، ومرة للفارابي!.
قال محقق التفسير أحمد عبدالعليم البردوني: "لم نعثر عليه".) انتهى كلام الشيخ مشهور.
قال أحد الباحثين في موضوع له بعنوان: تصحيف في تفسير القرطبي يتسرب في جميع طبعاته، ويستعصي على محققيه!!! ( http://www.mktaba.org/vb/showthread.php?t=957) : ( وكنت أتساءل عن علاقة القرطبي بالفارابي، ولم أجد كتابا بهذا الاسم؟ وأتساءل كذلك ما الذي جاء بالفارابي إلى الأندلس؟ شيء محير حقيقة حتى يسر الله لي الوقوف على الحقيقة واضحة جلية، حيث اتضح لي أنه شرح على العشرينيات النبوية، لأبي زيد عبد الرحمن بن محمد يخلفتن الفازازي (627هـ)، وهي قصائد رائعة في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ... حسبما يقول ابن الزبير، فالحمد لله على ما ألهم.
وقد نسبها للفازازي المذكور ابن الزبير في صلة الصلة 3/ 223 وكحالة في معجم المؤلفين 2/ 126
قال ابن الزبير:" ونظم عشرينياته المعروفة يمدح فيها المصطفىصلى الله عليه وسلم أجاد فيها كل الإجادة ". ...
وقد طبعت في مطبعة عبد الحميد أحمد حنفي مصر ثم في مطبعة الاستقامة (مع تخميس ابن مهيب) كما في معجم المطبوعات لسركيس1/ 1427.
وبعد،، فهذا ما أردت التنبيه عليه، ولفت النظر إليه , والله الموفق.) انتهى كلام الباحث.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[22 Feb 2010, 11:09 ص]ـ
]
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه استدراكات متفرقة على ما في كتب التفسير من أخطاء، وتعليقات على بعض المسائل التي تحتاج إلى تحرير وتحقيق.
1 - قال الشوكاني في تفسيره لآية الوضوء في سورة المائدة عند بيانه للقراءات الثابتة في قول الله تعالى: ? وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكعبين?: ( ... وقراءة الجرّ تدل على أنه يجوز الاقتصار على مسح الرجلين، لأنها معطوفة على الرأس، وإليه ذهب ابن جرير الطبري، وهو مرويّ عن ابن عباس.
قال ابن العربي: اتفقت الأمة على وجوب غسلهما، وما علمت من ردّ ذلك إلا الطبري من فقهاء المسلمين، والرافضة من غيرهم، وتعلق الطبري بقراءة الجرّ. ....
قال القرطبي: وذهب ابن جرير الطبري إلى أن فرضهما التخيير بين الغسل والمسح، وجعل القراءتين كالروايتين، وقواه النحاس.) انتهى باختصار من فتح القدير.
والوهم الذي وقع فيه الشوكاني تبعاً لابن العربي والقرطبي هو نسبة القول بجواز الاقتصار على مسح الرجلين للإمام ابن جرير الطبري. وهذا لا شك أنه خطأ؛ فابن جرير لم يذهب إلى ما نسبوه إليه، ومن قرأ تأويله للآية تبين له أن ما رجحه يخالف ما نسبوه إليه.
وهذا نص كلام ابن جرير في تفسيره بعد أن ذكر القراءتين في"وأرجلكم": (قال أبو جعفر: والصواب من القول عندنا في ذلك، أن الله عزّ ذكره أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ، كان مستحقًّا اسم"ماسحٍ غاسلٍ"، لأن"غسلهما" إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء. و"مسحهما"، إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو"غاسل ماسح".
ولذلك= من احتمال"المسح" المعنيين اللذين وصفتُ من العموم والخصوص اللذين. أحدهما مسح ببعض والآخر مسح بالجميع= اختلفت قراءة القرأة في قوله:"وأرجلكم" فنصبها بعضهم= توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما الغسل وإنكارًا منه المسح عليهما، مع تظاهر الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعموم مسحهما بالماء. =وخفضها بعضهم، توجيها منه ذلك إلى أن الفرض فيهما المسح.
...
فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبا لما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليهما.
ووجهُ صواب قراءة من قرأه خفضا، لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد، مسحا بهما.
غير أنّ ذلك وإن كان كذلك، وكانت القراءتان كلتاهما حسنًا صوابًا، فأعجب القراءتين إليّ أن أقرأها، قراءة من قرأ ذلك خفضًا، لما وصفت من جمع"المسح" المعنيين اللذين وصفت، ولأنه بعد قوله:"وامسحوا برءوسكم" فالعطف به على"الرءوس" مع قربه منه، أولى من العطف به على"الأيدي"، وقد حيل بينه وبينها بقوله:"وامسحوا برءوسكم".* * *
[/ color]
الأخ الفاضل / د. محمد القحطاني (أبي مجاهد)
سلام الله عليكم
لم يتوهم الشوكاني و لا القرطبي و لا ابن العربي في نسبتهم القول بجواز الاقتصار على مسح الرجلين - في الوضوء - إلى ابن جرير الطبري؛ لأنه قال بصواب الغسل لهما، و بصواب المسح عليهما أيضا. و هذا ظاهرٌ من كلامه في تفسيره، الذي تفضلتم بنقله عنه في الاقتباس أعلاه.
فأين الوهم منهم في ذلك؟
بل ذهب ابن جرير - رحمه الله - إلى أن القراءة بالخفض - في {و أرجلكم} - أعجب القراءتين إليه أنْ يقرأ بها، و أن القول (بالمسح) على الرجلين أولىَ لقرب العطف على {برءوسكم}
- و ليس المقام هنا النظر في مسألة الغسل أو المسح على الرجلين في الوضوء، و لكن بيان صحة ما نسبه ابن العربي و القرطبي و الشوكاني لابن جرير الطبري في جواز الاقتصار على المسح.
- و وجه جمع الإمام الطبري بين القراءتين: اشتمال تعميم (المسح) بالماء - على الرِجليْن - لمعنى (الغسل) لهما.
و فيه نظر؛ لتفرقة القرآن بينهما في تلك الآية
و الله أعلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[22 Feb 2010, 11:53 ص]ـ
الأخ الفاضل / د. محمد القحطاني (أبي مجاهد)
سلام الله عليكم
لم يتوهم الشوكاني و لا القرطبي و لا ابن العربي في نسبتهم القول بجواز الاقتصار على مسح الرجلين - في الوضوء - إلى ابن جرير الطبري؛ لأنه قال بصواب الغسل لهما، و بصواب المسح عليهما أيضا. و هذا ظاهرٌ من كلامه في تفسيره، الذي تفضلتم بنقله عنه في الاقتباس أعلاه.
فأين الوهم منهم في ذلك؟
بل ذهب ابن جرير - رحمه الله - إلى أن القراءة بالخفض - في {و أرجلكم} - أعجب القراءتين إليه أنْ يقرأ بها، و أن القول (بالمسح) على الرجلين أولىَ لقرب العطف على {برءوسكم}
- و ليس المقام هنا النظر في مسألة الغسل أو المسح على الرجلين في الوضوء، و لكن بيان صحة ما نسبه ابن العربي و القرطبي و الشوكاني لابن جرير الطبري في جواز الاقتصار على المسح.
- و وجه جمع الإمام الطبري بين القراءتين: اشتمال تعميم (المسح) بالماء - على الرِجليْن - لمعنى (الغسل) لهما.
و فيه نظر؛ لتفرقة القرآن بينهما في تلك الآية
و الله أعلم
وعليك سلام الله ورحمته وبركاته - شيخنا الفاضل.
أرجو أن تعيد النظر فيما كتبتُ أنا - غفر الله لي -، وفيما كتبتَ أنت - غفر الله لك-.
الأئمة: ابن العربي والقرطبي والشوكاني نسبوا إلى الإمام ابن جرير القول بجواز الاقتصار على المسح على الرجلين دون غسلهما، أو القول بالتخيير بين المسح والغسل.
ولا شك أن هذا غلط بيّن كما قال ابن القيم.
وتقبل تحيتي وشكري
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[22 Feb 2010, 12:23 م]ـ
قال ابن جرير في تفسيره: (حدثنا المثنى، قال: حدثنا حجاج، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرنا موسى بن سالم أبو جهضم مولى ابن عباس، قال: كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن الرعد؟ فقال: الرعد: ملك.) 1/ 340 الأثر رقم 434
تعجبت من قول أحمد شاكر رحمه الله: (موسى بن سالم أبو جهضم: ثقة، ولكن روايته عن ابن عباس مرسلة!!)
كيف يكون مولى لابن عباس، وروايته عنه مرسلة؟!
جزاك الله خيرا ابا مجاهد
بخصوص موسى بن سالم
هل يستحيل أن يكون مولى لابن عباس وروايته عنه مرسله؟
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[23 Feb 2010, 12:47 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
...
والوهم الذي وقع فيه الشوكاني تبعاً لابن العربي والقرطبي هو نسبة القول بجواز الاقتصار على مسح الرجلين للإمام ابن جرير الطبري. وهذا لا شك أنه خطأ؛ فابن جرير لم يذهب إلى ما نسبوه إليه، ومن قرأ تأويله للآية تبين له أن ما رجحه يخالف ما نسبوه إليه.
وهذا نص كلام ابن جرير في تفسيره بعد أن ذكر القراءتين في"وأرجلكم": (قال أبو جعفر: والصواب من القول عندنا في ذلك، أن الله عزّ ذكره أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ، كان مستحقًّا اسم"ماسحٍ غاسلٍ"،
لأن"غسلهما" إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء. و"مسحهما"، إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو"غاسل ماسح".
...
فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبا لما في ذلك من معنى عمومها بإمرار الماء عليهما.
ووجهُ صواب قراءة من قرأه خفضا، لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد، مسحا بهما.
غير أنّ ذلك وإن كان كذلك، وكانت القراءتان كلتاهما حسنًا صوابًا، فأعجب القراءتين إليّ أن أقرأها، قراءة من قرأ ذلك خفضًا، لما وصفت من جمع"المسح" المعنيين اللذين وصفت، ولأنه بعد قوله:"وامسحوا برءوسكم" فالعطف به على"الرءوس" مع قربه منه، أولى من العطف به على"الأيدي"، وقد حيل بينه وبينها بقوله:"وامسحوا برءوسكم".
* * *
وهو ظاهر في أنه رحمه الله يرى وجوب الجمع بين الغسل والمسح في الرجل.
...
هذه الدعوى غير مُسَلّمَة، بل غير صحيحة؛ لأن الله عَزَّ و جَلَّ فَرّقَّ بيْن حُكم الغسل و حكم المسح في تلك الآية مِن القرآن؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ}.
[المائدة:6]
فالقول بوجوب الجمع بين الغسل و المسح - في الرِجليْن - في الوضوء؛ قولٌ بالجمع بين متغايريْن، فَرَّق الله بينهما في ذلك الموضع؛ فلا يصِحّ القول به، و هو توهُمّ لكلام الإمام الطبري.
و إنما الظاهرُ من كلامه، أنَّ (المسح) للرِجليْن بالماء - و هو الصواب في معنى الآية عنده - يشمل معنى الغسل؛ قال ما نَصّه: (والصواب من القول عندنا في ذلك، أنَّ الله عزَّ ذِكْره أَمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ، كان مستحقا اسم"ماسح غاسل"،
- و علَلَّ ذلك بقوله عقِبه -: لأن" غسلهما "، إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء.
و" مسحهما "، إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعل فهو"غاسل ماسح". اهـ
فمسح الرجليْن بالماء - في الوضوء - هو الراجح أو الصواب عنده، رحمه الله
و هذا أعلى مِن القول بتجويزه الاقتصار على ذلك المسح للرجلين.
و عليه؛ فلا وَهْم في نسبة ذلك القول إليه؛ كما حكاه الإمام ابن العربي، و القرطبي، و الشوكاني
* * *
فالطبري يرى أن حكم الرِِجليْن مسحهما بالماء - على وجه التعميم، بمعنى مسح جميع الرِجْل بالماء - و أن المسح بهذا المعنى يشمل معنى الغسل.
و يؤيده قوله:
(فإذا كان"المسح" المعنيان اللذان وصفنا: من عموم الرجلين بالماء، وخصوص بعضهما به، وكان صحيحاً بالأدلة الدالة التي سنذكرها بعد، أن مراد الله من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى" الغسل " و"ا لمسح "؛ تبيَّن صواب قرأة القراءتين جميعا؛ أعني النصب في"الأرجل" والخفض. لأن في عموم الرجلين بمسحهما بالماء غسلهما، وفي إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحهما). اهـ
و ليس بعد بيانه مراده هذا بيان.
و هذا الذي ذهب إليه الإمام الطبري في مسح الرجلين بخلاف مذهب جمهور العلماء في غسل الرجلين، لا مسحهما
و لكم تقديري و محبتي
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Mar 2010, 09:02 ص]ـ
جاء في تفسير الشيخ الدكتور مساعد الطيار "تفسير جزء عمّ" عند تفسيره لسورة العصر: (إن الأصل في الناس أنهم في نقص وهلكة، ويخرج من هذه الصفة من اتصف بصفات أربع: معرفة الحق، وهو قوله: {إلا الذين آمنوا}).
وفي هذا التفسير نظر، حيث جعل معرفة الحق تفسيراً لـ"آمنوا"، وتفسير الإيمان بمعرفة الحق فقط موافق لقول أهل الإرجاء.
والصحيح أن الإيمان هو الإقرار والتصديق المستلزم للإذعان والانقياد والطاعة. وهو اعتقاد وقول وعمل - كما هو مذهب أهل السنة والجماعة.
وهو هنا في الآية الإيمان بكل ما يجب الإيمان به، ويراد به الاعتقاد لاقترانه بالعمل. وأما إذا أفرد فيدخل فيه العمل الصالح.
تنبيه: لا أشك في أن الشيخ مساعدالطيار - وفقه الله - لا يوافق المرجئة في مذهبهم في الإيمان. ولكنه كتب هذه العبارة - في ظني - لبيان أن الإيمان الصادق لا يكون إلا مبنياً على علم صحيح، ومعرفة للحق. قال السعدي رحمه الله: (الإيمان بما أمر الله بالإيمان به، ولا يكون الإيمان بدون العلم، فهو فرع عنه لا يتم إلا به.).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[26 Sep 2010, 09:38 ص]ـ
هذا مقال له صلة بهذا الموضوع، وفيه تعقبات على تفسير السعدي رحمه الله، وكثير من هذه التعقبات يتعلق بتصحيح بعض الأحاديث والروايات أو تضعيفها، وفي بعض هذه التعقبات شيئ من النظر، مثل التعقب السابع.
التعقبات الجياد على «تفسير السعدي» لبعض الآيات
الشيخ الدكتور علي رضا
( http://almenhaj.net/SeekingAuther.php?Auther= الشيخ الدكتور علي رضا)
الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد:
فهذه بعض التعقبات التي قيدتها عند قراءتي لتفسير العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى قبل سنوات .... فأقول وبالله أستعين:
1 - ذكر رحمه الله عند تفسير قوله تعالى: (حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم، قالوا الحق وهو العلي الكبير) ص679 – أولي النهى للإنتاج الإعلامي -: (يحتمل أن الضمير في هذا الموضع يعود إلى المشركين؛ لأنهم مذكورون في اللفظ، والقاعدة في الضمائر: أن تعود إلى أقرب مذكور، ويكون المعنى: إذا كان يوم القيامة، وفزع عن قلوب المشركين، أي: زال الفزع، وسئلوا حين رجعت إليهم عقولهم، عن حالهم في الدنيا، وتكذيبهم للحق الذي جاءت به الرسل، أنهم يقرون أن ما هم عليه من الكفر والشرك باطل، وأن ما قال الله وأخبرت به الرسل هو الحق فبدا لهم ما كانوا يخفون من قبل وعلموا أن الحق لله، واعترفوا بذنوبهم).
ثم قال بعذلك بقليل: (وهذا المعنى أظهر، وهو الذي يدل عليه السياق، ويحتمل أن الضمير يعود إلى الملائكة، وذلك أن الله تعالى إذا تكلم بالوحي سمعته الملائكة، فصعقوا وخروا لله سجداً، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل ..... ).
قلت: ما استظهره الشيخ رحمه الله تعالى ليس بوارد؛ بل هو غير صحيح بلا شك؛ لأنه قد صح تفسير الآية في (صحيح البخاري) – الفتح – 7481، 4701، 4800)، وفي (سنن أبي داود) برقم 3989، وفي (سنن الترمذي) برقم 3223، وفي (سنن ابن ماجة) برقم 194، وغيرهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: (إذا قضى الله الأمر في السماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله، كأنه سلسلة على صفوان ... ) الحديث.
فالقرآن يفسر بعضه بعضاً، والحديث يشرح ويبين معاني القرآن؛ ومادام أنه قد صح عنه عليه الصلاة والسلام تفسير الآية على القول الثاني الذي لم يستظهره السعدي؛ فإننا نقول كما قال ابن كثير رحمه الله تعالى في (تفسيره) 6/ 502: (وقد اختار ابن جرير القول الأول: أن الضمير عائد على الملائكة؛ وهذا هو الحق الذي لا مرية فيه؛ لصحة الأحاديث فيه والآثار .... ) ثم ذكرها رحمه الله تعالى.
2 - قال رحمه الله تعالى في قوله تعالى: (ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم): (وهن - على الصحيح -: السور السبع الطوال: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، مع التوبة ......
وعلى القول بأن (الفاتحة) هي السبع المثاني معناه: أنها سبع آيات .... )
قلت: هذا الأخير هو المعتمد لتفسير رسول الله عليه الصلاة والسلام به معنى (المثاني)؛ فقد: أخرج البخاري في (صحيحه) برقم 4474، 4647، 5006، والنسائي (2/ 139)، وابن ماجة (3785)، وأحمد في (المسند) 3/ 450، 4/ 211، وغيرهم
من حديث أبي سعيد بن المعلى مرفوعاً: (الحمد لله رب العالمين: هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته).
ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (الفتاوى) 14/ 5: (وهي فاتحة الكتاب، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم .... ).
3 - في قوله تعالى: (وما فعلته عن أمري) في سورة الكهف ص484 من تفسيره ذهب الشيخ رحمه الله تعالى إلى ما ذهب إليه الصوفية – وحاشاه أن يكون منهم – في كون الخضر عليه السلام ليس بنبي فقال:
(فإنه لا يدل على أنه – الخضر – نبي؛ وإنما يدل على الإلهام والتحديث، كما يكون لغيره من الأنبياء ......... )!
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان قبل ذلك قد قال: (ومنها أن ذلك العبد الذي لقياه، ليس نبياً، بل عبداً صالحاً؛ لأنه وصفه بالعبودية، وذكر منّة الله عليه بالرحمة والعلم، ولم يذكر رسالته ولا نبوته، ولو كان نبياً لذكر ذلك كما ذكر غيره)!
قلت: هذا قول مجانب ٌ للصواب؛ فالذي عليه السلف الصالح من العلماء أن الخضر عليه السلام نبي، بل قال بعض أكابر العلماء – كما في (الإصابة) لابن حجر (2/ 288) _:
(أول عقد يحل من الزندقة اعتقاد كون الخضر نبياً؛ لأن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إلى أن الولي أفضل من النبي كما قال قائلهم مقام النبوة في برزخ
فويق الرسول ودون الولي)!
وهذا المشار إليه (كما قال قائلهم): هو ابن عربي الملحد القائل بوحدة الوجود!!
4 - ذكر في تفسير الآية (فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) في سورة التوبة ص340 حديثاً ضعيفاً جزم بأنه من قوله عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)!
قلت: هو ضعيف الإسناد، والتفصيل في (السنة) لابن أبي عاصم بتخريج وتحقيق شيخنا الألباني رحمه الله تعالى برقم (15).
5 - ذكر في تفسير قوله تعالى: (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني)
ص339: (في الخروج؛ فإني إذا خرجت فرأيت نساء بني الأصفر لا أصبر عنهن، كما قال ذلك: الجد بن قيس، ومقصود – قبحه الله- الرياء والنفاق بأن مقصودي حسن؛ فإن في خروجي فتنة وتعرضاً للشر .... )!
قلت: لم يصح سبب نزول الآية في الجد بن قيس؛ بل هو من الأحاديث الضعيفة؛ فإن السند مرسل كما هو في (تفسير ابن كثير) 4/ 101 - 102؛ ولهذا جزم بضعفه الألباني في (فقه السيرة) ص426 - 427.
6 - في تفسير قوله تعالى: (ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسداً ثم أناب) ص713 قال رحمه الله: (والقينا على كرسيه جسداً: أي شيطاناً قضى الله وقدر أن يجلس على كرسي ملكه، ويتصرف في الملك في مدة فتنة سليمان).
قلت: هذا باطل! وفيه مساسٌ بعصمة نبي الله سليمان؛ فقد روي عن ابن عباس بسند قال عنه ابن كثير رحمه الله: (قوي)!
والصواب أنه ضعيف؛ فإن فيه عنعنة الأعمش، وهو مدلس.
فالسند ضعيف والمتن باطل؛ ولهذا قال ابن كثير: (ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس – إن صح عنه – من أهل الكتاب، وفيهم من لا يعتقدون نبوة سليمان عليه السلام، فالظاهر أنهم يكذبون عليه؛ ولهذا كان في هذا السياق منكرات من أشدها ذكر نساء سليمان؛ فإن المشهور أن ذلك الجني لم يسلط على نساء سليمان، بل عصمهن الله منه؛ تشريفاً وتكريماً لنبيه صلى الله عليه وسلم .... ثم قال: وكلها متلقاة من قصص أهل الكتاب، والله أعلم بالصواب)! (تفسير ابن كثير) 7/ 60
قلت: التفسير والتأويل فرع التصحيح؛ فإذ لم يثبت هذا الأثر فقد كفينا تفسيره وتأويله بحمد الله تعالى.
أما من قال بأن هذا الشيطان جلس على كرسيه أربعين يوماً فهو إسماعيل السدي: أخرجه ابن جرير في (تفسير) 23/ 158 موقوفاً عليه بإسناد فيه: أسباط بن نصر وهو ممن يخطيء كثيراً كما هو في (التقريب).
ورواية ابن أبي نجيح عن مجاهد في هذه القصة لا تثبت أيضاً؛ فابن أبي نجيح يدلس، وقد عنعنه! ولو لم يكن مدلساً فهناك احتمال الانقطاع بينه وبين مجاهد كما جزم بعدم سماعه منه يحيى بن القطان.
(جامع التحصيل) ص265 للعلائي.
وعلى أي حالٍ فالمتن باطل؛ وليس هو من الأمور التي لا نكذب ولا نصدق فيها بني إسرائيل؛ بل هذا مما نجزم بكذبه وبطلانه؛ لما فيه من مساس بعصمة الأنبياء.
7 - في تفسير قوله تعالى: (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة) من سورة ص في كتاب السعدي رحمه الله ص 711 قال: (له تسع وتسعون نعجة: أي زوجة .... ).
ثم قال رحمه الله ص712: (وهذا الذنب الذي صدر من داود عليه السلام، لم يذكره الله لعدم الحاجة إلى ذكره، فالتعرض له من باب التكلف، وإنما الفائدة ما قصه الله علينا من لطفه به وتوبته وإنابته ... )
قلت: لم ينبه رحمه الله على القصة المشهورة في كتب التفسير من أن ذنب داود كان من النظر أو أن خطيئته كانت من النظر!
(يُتْبَعُ)
(/)
لكنها قصة موضوعة مكذوبة؛ فإن الذي روي في ذلك عند ابن أبي حاتم – كما في تفسير ابن كثير – بإسناد لا يصح؛ بل جزم ببطلانه شيخنا الألباني في (الضعيفة) برقم 313 لما فيه من مساس بعصمة الأنبياء من كون سليمان حاول أن يعرض زوج امرأة الجندي للقتل ليتزوجها من بعده!!
فكان من الواجب التنبيه على بطلان ذلك في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولو بكلمة منه رحمه الله تبين للقاريء فحش وكذب تلك القصة!
8 - في ص75 - طبعة مؤسسة الرسالة – عند تفسير قوله تعالى: (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون):
ذكر رحمه الله حديث: (أرواح الشهداء في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل معلق بالعرش)!
قلت: لم يثبت بهذا اللفظ؛ بل بلفظ: (أرواحهم في جوف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل .... ): رواه مسلم برقم (1887)، والترمذي برقم (3011)، وابن ماجة برقم (2801)، وغيرهم.
9 - ذكر في تفسير قوله تعالى: (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ... ) من سورة البقرة حديث: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)!
وهذا حديث ضعيف بالرغم من شهرته وتداوله على ألسنة الناس؛ بل وعلى ألسنة كثير من أهل العلم!
وهو حديث معلول كما بينه شيخنا في (إرواء الغليل) برقم 2040 فراجعه هناك إن شئت.
10 - ذكر في ص 955 من طبعة الرسالة قصة النمروذ البابلي!
وهي قصة لم تصح مرفوعة أو موقوفة؛ وغاية ما هنالك آثار عن التابعين بعضها صحيح السند، وبعضها ضعيف: ذكر ذلك الطبري في (تفسيره) 3/ 24 27.
11 – ذكر في ص 949 من طبعة الرسالة: أن من أسماء الله الحسنى: (الهادي، الرشيد).
وذكر قبل ذلك ص948: (الواسع)، (المغني)، (المعطي)، (المانع)، (الجواد).
قلت: لم يصح الحديث الذي روي في ذلك مرفوعاً، وقد بين ذلك بالتفصيل الألباني رحمه الله في (المشكاة) – التحقيق الثاني – 2/ 429 - 430 برقم 2228.
12 - ذكر رحمه الله تعالى في ص158 – طبعة الرسالة – عند تفسير قوله تعالى: (سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة) حديثاً لا أصل له باللفظ الذي أورده وهو: (إن البخيل يمثل له ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع، له زبيبتان ... ).الحديث!
بل جزم بصحته!!
قلت: هو في (صحيح البخاري) برقم 1403، 4565، 4659 6957 بلفظ: (من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع .... )، ورواه مسلم (990) بلفظ: (والذي نفسي بيده .... ما من رجل تكون له إبل أو بقر .... ).
13 - ذكر في ص 166 - مؤسسة الرسالة - عند تفسير قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين .... ) من سورة النساء حديث المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة في ميراث الجدة فقال: (لكنه قد ثبت في السنن، عن المغيرة بن شعبة، ومحمد بن مسلمة
أن النبي الله عليه وسلم أعطى الجدة السدس)!!
قلت: هو حديث ضعيف؛ لأن فيه انقطاعاً وإرسالاً على ما بينه شيخنا الألباني رحمه الله تعالى في (الإرواء) برقم 1680، فراجعه هناك إن شئت.
ثم إن هذا الحديث من رواية قبيصة بن ذؤيب، وليس هو من مسند المغيرة بن شعبة، ومحمد بن مسلمة!
14 - ذكر في ص201 – الرسالة – عند تفسير قوله تعالى
: (ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك) فذكر حديث: (أن أهل بيت سرقوا في المدينة، فلما اطلع على سرقتهم خافوا الفضيحة، وأخذوا سرقتهم فرموها ببيت من هو بريء من ذلك، واستعان السارق بقومه .... ) الحديث.
قلت: رواه ابن أبي حاتم – كما في تفسير ابن كثير 2/ 364 – بإسناد ضعيف من أجل عنعنة ابن إسحاق، وهو مدلس.
وشيخ ابن أبي حاتم: صدوق تغير.
15 – أورد في تفسير قوله تعالى: (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء) ص258 حديثاً فيه: أسباط بن نصر، وهو كثير الخطأ كما في (التقريب).
وفيه: أبو سعد الأزدي وهو مقبول عند ابن حجر.
16 – أورد كغيره من المفسرين قصة ثعلبة بن حاطب المكذوبة (!)
متناً، والواهية سنداً عند تفسير قوله تعالى: (فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه .... ) ص345.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولبيان ذلك بالتفصيل انظر مقالي التالي – لزاماً – للدفاع عن صحابي بدري رضي الله عنه:
((ثعلبة بن حاطب والحديث المفترى))
قد لا يعلم كثير من الناس براءة الصحابي البدري ثعلبة بن حاطب رضي الله عنه من الحديث المكذوب الذي أورده - بل تتابع على إيراده - طائفة من أهل العلم - غفر الله لنا ولهم - في سبب نزول قوله تعالى: (ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين؛ فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون، فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون) سورة التوبة الآيات 75 – 77 0
فقد أورد الحديث ابن كثير رحمه الله في (التفسير) 4/ 124 - 125 وساقه من رواية الطبري في (تفسيره) 10/ 189 - 190، وابن أبي حاتم كلاهما من طريق:
علي بن زيد، عن أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه، عن ثعلبة بن حاطب - رضي الله عنه -: (أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ادع الله أن يرزقني مالاً كثيراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ويحك يا ثعلبة! قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه 000) الحديث بطوله؛ وفيه أنه عليه الصلاة والسلام دعا له، فرزق غنماً كثيرة نمت كما ينمو الدود 0000 وأنه لما نزلت فرائض الصدقة أبى ثعلبة أن يعطيها وقال: ما هذه إلا أخت الجزية (!)
ثم إن ثعلبة تاب وأراد أن يتصدق؛ فلم يقبلها منه رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولم يقبلها من بعده أبو بكر رضي الله عنه، ولم يقبلها عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان رضي الله عنهما حتى هلك ثعلبة في خلافة عثمان!
وهذه القصة نبه على بطلانها ابن حزم في (المحلى) 3/ 199 - 200 من جهة متنها؛ فقال - وما أحسن ما قال! –
: (ثعلبة بدري معروف .... إلى أن قال: فلا يخلو ثعلبة من أن يكون مسلما ً؛ ففرض على أبي بكر وعمر قبض زكاته ولابد ولا فسحة في ذلك، وإن كان كافراً؛ فلا يقر في جزيرة العرب؛ فسقط هذا الأثر بلا شك).
وأما من جهة السند؛ فهي ضعيفة جداً - إن لم تكن موضوعة - فمدار القصة على:
علي بن يزيد الألهاني، وهو منكر الحديث جداً، كما قال ابن حبان في (المجروحين) 2/ 110، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الدارقطني: متروك، وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث 0 (تهذيب التهذيب) 3/ 199 - 200.
وقد كفانا أخونا الشيخ سليم الهلالي الرد في جزء ألفه في القصة، كما ألف فيها عداب محمود الحمش كتابه (ثعلبة بن حاطب الصحابي المفترى عليه)، وذكرها صاحب (قصص لا تثبت).
وقد ذكر عداب الحمش أن النقل عن ابن عباس في سبب نزول الآية، وكذا عن الحسن البصري كلاهما باطل عنهما (ص64 – 67، 76) 0
والخلاصة هي أن القصة لا ريب في وضعها متناً؛ وشدة ضعفها سنداً، وقد كتبت في ذلك - بحمد الله تعالى - في زاويتي (لا تكذب عليه متعمداً) في جريدة (المدينة)، ثم أثبتها في كتابي بنفس العنوان.
وقد دفعني إلى هذا البيان والتوضيح المهمين ما يلي: -
أولاً: الدفاع عن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام.
ثانياً: تنبيه المسلمين الغافلين - ومنهم الأخ عداب في كتابه الآنف ذكره!! - إلى أنه لا يجوز إطلاق لفظ:
(الشهيد) على سيد قطب الغارق في الضلال إلى أذنيه بتكفيره الأمة من قرون مضت!
وبتطاوله على مقام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كنبي الله وكليمه موسى عليه السلام بكلام غير لائق في حق المسلم؛ فكيف بنبي الله موسى!! هذا مع استخفافه بل استهزائه بعثمان الذي تستحي منه الملائكة! ورميه معاوية وعمرو بن العاص - رضي الله عنهم جميعاً - بالنفاق والغش وشراء الذمم!! نسأل الله العافية من هذا الضلال المبين 0
هذا مع ما له من زلات خطيرة جداً في العقيدة؛ نبه عليها العلماء الأجلاء، وعلى رأسهم شيخنا ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله في عدة كتب مهمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثالثاً: تأكيد الحقيقة العلمية القائلة: (كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر) صلى الله عليه وآله وسلم؛ والتي قالها الإمام مالك رحمه الله تعالى؛ فقد تتابع بعض العلماء على الاستشهاد بقصة ثعلبة؛ ومنهم: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى؛ فقد ذكر القصة مستدلاً بها في كتابه القيم (اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم) - بتعليق الفقي - ص348 فقال: (كما أن ثعلبة لما سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو له بكثرة المال، ونهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرة بعد مرة؛ فلم ينته، حتى دعا له، وكان ذلك سبب شقائه في الدنيا والآخرة)!!
وهذا لا يقلل بحال من الأحوال من علم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ فهو البحر لا تكدره الدلاء.
(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربك إنك رءوف رحيم).
تنبيه: علق عبد الرحمن اللوحيق على قصة ثعلبة؛ لكنه أشعر القراء أنها ضعيفة - فقط - سنداً ومتناً!!
والصواب أنها موضوعة متناً ضعيفة جداً سنداً.
17 – ذكر رحمه الله في ص351 عند تفسير قوله تعالى
: (والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين .... ).
أنها نزلت في أبي عامر الراهب فذكر القصة مطولة في شأن كفره وتنصره وذهابه إلى قيصر و ....
وهذه القصة بهذا التفصيل لم تثبت سنداً؛ بل أسانيدها ضعيفة أو مقطوعة كما هو عند الطبري في (التفسير) 11/ 24 - 26
لكن صح عن عائشة رضي الله عنها مختصراً بلفظ: (أبو عامر الراهب انطلق إلى الشام، فقال الذين بنوا مسجد الضرار: إنما بنيناه ليصلي فيه أبو عامر). رواه الطبري بإسناد صحيح (11/ 25).
18 - ذكر في ص 829 عند تفسير قوله تعالى: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) من سورة الرحمن فقال: (وما أحسن جواب الجن حين تلا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة، فما مر بقوله: (فبأي آلاء ربكما تكذبان) إلا قالوا: ولا بشيء من آلائك ربنا نكذب، فلك الحمد).
قلت: هذا الحديث روي من طريقين ذكرهما الحافظ ابن كثير في (تفسيره) 7/ 463 فهو حسن بمجموعهما؛ وكأنه لذلك حسنه شيخنا في (صحيح الترمذي) برقم3291.
هذا ما تيسر لي تعقبه على هذا التفسير القيم للعلامة السعدي رحمه الله تعالى؛ وأسأل الله تعالى أن يتقبل عملي هذا ويجعله خالصاً لوجهه، ولا يجعل لأحد فيه نصيباً، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
منقول من هنا: شبكة المنهاج الإسلامية ( http://almenhaj.net/makal.php?linkid=610)(/)
السيوطى
ـ[مصطفى فرج بن حميد]ــــــــ[18 Dec 2008, 11:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ..... أما بعد ... ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..... أريد منكم توضيحا فأرجو منكم أن تعينونى عليه .. والمتمثل فى هذه الأسئلة وهى كالآتى:ما هو معتمد السيوطى فى الترجيح بين الآراء فى كتابه الإتقان؟ .... وماهى مضاهر النقد عند السيوطى فى كتابه الإتقان؟ .... وماهو المقبول والمردود من صور هذا النقد؟ ... وهناك قضية أخرى وهى أن السيوطى يعتبر النص القرآنى فى مجاله ويعتبر العقل فى مجاله. كيف يبدو السيوطى فى كل هذا؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Dec 2008, 08:14 م]ـ
الأخ الكريم مصطفى وفقه الله
أنا أتعاطف مع أمثالك كثيراً لعلمي بحاجتهم الماسة للمعلومة التي يسألون عنها، حيث قد مررتُ بمثل هذه المواقف، وكنت أعدُّ أي مساعدة في هذا السبيل من أثمن ما أجده في بحثي. فلك علينا حق مدّ يد العون بإذن الله بما نستطيع.
لكنَّ لي ملحوظة أرجو قبولها بصدر رحب، وهي أنك تطرح السؤال بطريقة لا تشجع - أنا على الأقل - على التجاوب معك، لابتسار الأسئلة، وعدم دقة العناوين.
انظر:
السيوطى. ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=14127)
توضيح ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=14080)
طلب (مساعدة) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=14072)
طلب ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=14071)
طلب الحصول على رسالة ماجستير ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=14028)
السيوطى ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=12974)
وهي عناوين غير دقيقة، فليتك تراعي دقة العناوين، وموضوعية الطلبات، فطلب نسخة من رسالة ماجستير حديثة المناقشة، في نظري الشخصي يكون بطلب خاص من أحد من تتوسم فيه المساعدة، مع التعريف بنفسك بطريقة علمية واضحة حتى يطمئن من يرغب في مساعدتك أنك ستستفيد منها بطريقة علمية فيها توثيق للحقوق العلمية، ونسبة للمصدر ونحو ذلك من أعراف البحث العلمي وأمانته.
أما الطلب بهذه الصورة على رؤوس الملأ فأحسبه غير مناسب، ولا يشجع كثيراً على التجاوب إلا في حالات قليلة تكون فيه الرسالة متوفرة على الانترنت ويكتفي من يساعدك بوضع الروابط مثلاً وفي كل هذا خير كثير ونفع عظيم للباحثين، فكم استفدنا من الباحثين في هذا الموقع وغيره جزاهم الله عنا خيراً.
أما التساؤلات التي طرحتموها عن منهج السيوطي، فهذه نتائج بحثية أظنك أولى من يفيدنا فيها بحكم تناولك لكتاب السيوطي بحسب فهمي لطبيعة بحثك، ولعلك تجد في كتاب الدكتور حازم حيدر، ورسالة النجاشي ما يعينك إن شاء الله، مع إن الدراسة التحليلية للكتاب هي أوثق الطرق للوصول إلى نتائج أسئلتك.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، وليتك تزودني بمعلوماتك على بريدي الخاص، وسأسعى لمساعدتك بإذن الله بقدر استطاعتي، وسامحني إن كنتُ قسوتُ عليك.(/)
قارىء يقرأ بالقراءات الشاذة علنا أمام الناس فى المساجد؟ أين مشيخة المقارىء المصرية؟
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[18 Dec 2008, 07:09 م]ـ
السلام عليكم
هنا فى هذا الرابط مقطع صوتى لقارىء يقرأ بالقراءات الشاذة علنا على عوام الناس و بعض هذه القراءات لا أعلمها إلا فى كتب التفسير و لم يقرأ بها فى القراءات الأربعة الزائدة على العشر ..
هذا المقطع:
http://montada.gawthany.com/VB/showthread.php?t=19925
و السؤال هو: من هذا القارىء؟ و هل لازال على قيد الحياة؟ و هل هو من قراء الإذاعة و لازال يقرأ فى المساجد و إذا كان كذلك فأين دور مشيخة عموم المقارىء المصرية؟
ـ[محمد الأمين بن محمد المختار]ــــــــ[18 Dec 2008, 07:24 م]ـ
جزاك الله خيزا يا أستاذنا الكريم / طه عبد الرحمن،
أنا لم أسمع التلاوة الآن لأن الجهاز الذي عندي ليس فيه صوت، لكني توقعت أنها للشيخ عنتر مسلم رحمه الله
وعندما انتقلت مع الرابط إلى الفورشيرد وجدت أن الذي وضع التلاوة قد كتب اسم الشيخ عليها
فإذا صدق ظني على هذا فالشيخ عنتر مسلم لم نزل نسمع بأخباره وأنه يقرأ بالشواذ، وحسبما بلغني فقد أوقفته نقابة القراء في حينه ومنعت تسجيلاته من النشر،
ولدي منه تسجيلات من هذا النوع الذي يقرأ فيه بالشاذ، مثل " وقفينا على آثارهم " في الحديد، حيث يقرأها بالجمع الكلمي، بالتشديد ثم بالتخفيف، وأكثر تلاواته الخارجية تضج بالسميعة المشاغبين للأسف
كما أنه يجتهد في إطالة النفس، فيضطرا إلى التنفس وسط الكلمة
وسمعت له أيضا تلاوة من خواتيم طه روعة في جمال الصوت والنغم، ولكنها للأسف عامرة بهذا النوع من التجاوزات
ثم سمعنا أن الشيخ قد تاب بعد ذلك، وسجل تسجيلات سليمة، وبالفعل أيضا فقد سمعت له سورة يوسف وسورة القصص بتلاوة لا مطعن فيها
وقد توفي قبل سنتين، نسأل الله تعالى أن يرحمه ويتجاوز عنا عنه
هذا ونرجو ممن لديه مزيد من العلومات أن يتحفنا بها
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[18 Dec 2008, 07:59 م]ـ
كما تفضل أخي العزيز الأستاذ محمد الأمين وفقه الله
وقد ذكر الأستاذ الدكتور عبدالعزيز عبدالفتاح قارئ قديمأً في كتابه القيم (سنن القراء ومناهج المجودين) هذا القارئ رحمه الله، وأشار إلى هذه المؤاخذات عليه، وشنَّع عليه في ذلك غفر الله له ورحمه.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[21 Dec 2008, 11:29 م]ـ
صدقت يا أخانا الفاضل محمد الأمين بالفعل اتفقت الإذاعة المصرية مع الشيخ عنتر مسلم أن يحدث توبة عن ما اقترف من القراءة بالشاذ وجعلوا ذلك شرطا لإذاعة تلاواته الصحيحة، وبالفعل تاب وحسنت توبته ثم توفاه الله منذ زمن ـ رحمه الله هو وكل أهل القرآن المحسن منهم والمسيء وتاب علينا جميعا.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[22 Dec 2008, 07:13 م]ـ
أسأل الله تعالى القدير التجاوز عنا وعنه.
رحمه الله تعالى
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[22 Dec 2008, 10:22 م]ـ
رحمه الله و غفر له ..
و الحمد لله أنه تاب قبل موته
و علم الله أنى ما أردتُ إلا النصح و الإرشاد
أسأل الله أن يحسن خاتمتنا و أن يتوفنا و هو راض عنا ..
اللهم آمين(/)
تعريف بكتاب: التفاسير القرآنية في مصر الحديثة ليوهانس جانسن (حازم محيي الدين)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[19 Dec 2008, 06:12 ص]ـ
تعريف بكتاب: التفاسير القرآنية في مصر الحديثة
بقلم: حازم محيي الدين
المصدر: موقع الملتقى الفكري للإبداع ( http://www.almultaka.net/ShowMaqal.php?module=e608d232d21d4ff644e8048d0c6ae 06e&cat=1&id=609&m=d071db92033861fda147d204dfe74384)
- العنوان الأصلي: The interpretation of the Koran in modern Egypt
- تأليف: Johannes J.G. Jansen
- الناشر: Brill
- سنة النشر: 1974
شهدت حركة الاستشراق منذ نهاية القرن التاسع عشر اهتماماً متزيداً بدراسة القرآن الكريم، وقد تزامن هذا الاهتمام مع ظهور مدرسة نقد الكتب المقدسة في الفكر الغربي الحديث، التي كان من رموزها اسبينوزا ... ورينان، وقد كانت هذه المدرسة وما زالت تنظر إلى الكتب المقدسة بوصفها نتاجاً بشرياً له علاقة بالبيئة الثقافية والحضارية التي جاءت فيها هذه النصوص، لذلك عكفت على دراستها في ضوء الوثائق التاريخية، وأخضعتها للنقد التاريخي من حيث الشكل والمضمون.
وكان من آثار ظهور هذه المدرسة في الفكر الغربي أن بدأ المستشرقون بدراسة القرآن الكريم وفق هذا المنظور الوضعي، وهكذا ظهر الجيل الأول والثاني من المستشرقين الذين تبنوا هذا الاتجاه، من أمثال نولدكه، بلاشير، فليشر، جيفري، أربريي، بِل ... ومن بين أبناء الجيل الثاني في هذه المدرسة الاستشراقية برز غولد زيهر الذي وسَّع من دائرة اهتمامه بالدراسات القرآنية لتصل إلى مستهل القرن العشرين، وقد شكَّلت دراسات زيهر وخصوصا دراسته حول تاريخ التفسير منذ عهد رسول الله التي تُرجمت إلى العربية تحت عنوان مذاهب التفسير الإسلامي [1] الأساس المنهجي والمعرفي لكل من جاء بعده من المستشرقين، الذين اهتموا بشكل خاص بدراسة تاريخ حركة التفسير في التاريخ الإسلامي القديم والمعاصر على السواء.
ولعل أبرز مؤلفات الجيل الاستشراقي الثالث في ميدان دراسة حركة واتجاهات التفسير في العصر الحديث، هي مؤلفات الباحث الفرنسي جومييه الذي قدَّم دراستين، واحدة عن تفسير المنار للشيخين محمد عبده، ورشيد رضا عام 1954م، والأخرى عن الشيخ جوهري طنطاوي وتفسيره الجواهر عام 1957. [2] ثم جاء بعده المستشرق الهولندي بالجون صاحب كتاب [التفاسير القرآنية الحديثة 1880ـ 1960] الذي صبَّ معظم اهتمام فيه على دراسة التفاسير القرآنية التي ظهرت باللغة الأوردية في الهند وباكستان، والتفاسير التي ظهرت في مصر في تلك الفترة [3] ثم جاء بعده جانسن صاحب كتاب: التفاسير القرآنية في مصر في العصر الحديث [4] الذي سيكون محور حديثنا في هذا العرض والمراجعة. وقبيل أن نعرض له يمكننا إعطاء لمحة موجزة عن سيرة صاحبه العلمية.
يوهانس جانسن: السيرة والإنتاج المعرفي
يوهانس جانسن ( Johannes J.G. Jansen) من مواليد أمستردام عام 1942م، وهو باحث بارز في ميدان الفكر الإسلامي المعاصر في هولندا، أنهى دراسته الجامعية الأولى في جامعة أمستردام، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الدراسات العربية من جامعة ليدن العريقة. عمل مديراً للمعهد الهولندي في القاهرة منذ عام 1983م، وأستاذاً مشاركاً للدراسات العربية والإسلامية في جامعة ليدن. وقد تُرجم أول كتاب له "تفسير القرآن في مصر في العصر الحديث" الذي نُشر للمرة الأولى في ليدن عام 1974م إلى اللغتين البوسنية والتركية، وقد طُبع مؤخراً في إندونيسيا. وقد ألّف جانسن عددا كبيرا من المقالات وبعض الكتب باللغة الهولندية، وكتابين باللغة الإنكليزية، نشر أولهما في عام 1986م بعنوان: "الفريضة الغائبة: عقيدة الذين اغتالوا السادات والإحياء الإسلامي في الشرق الأوسط"، ( The Neglected Duty: The Creed of Sadats Assassins and Islamic Resurgence in the Middle East ,New York: Macmillan, 1986)
وأما كتابه الآخر الذي نشره عام 1997م فيحمل عنوان: "الطبيعة الثنائية للأصولية الإسلامية"، ( The Dual Nature of Islamic Fundamentalism ,London: Hurst & Company, 1997).
ولعل أهم أعمال جانسن تكمن في ترجمته الكاملة للقرآن الكريم باللغة الهولندية.
التفاسير القرآنية: عرض وتحليل
(يُتْبَعُ)
(/)
تناول هذا الكتاب بالدراسة والتحليل الموجزين معظم جهود مفسري القرآن الكريم، والباحثين في ميدان الدراسات القرآنية في مصر منذ بداية القرن العشرين إلى عام 1970م، أو ـ بلغة المؤلف ـ من الشيخ محمد عبده إلى الدكتورة عائشة عبد الرحمن بنت الشاطىء أول مفسِّرة أو باحثة في الدراسات القرآنية في العصر الحديث.
صنَّف المؤلف المادة العلمية التي قام بدراستها إلى ثلاثة اتجاهات، حسب الاهتمام الذي غلب على كل مفسر وباحث أثناء تفسيره أو دراسته للقرآن الكريم، وهذه الاتجاهات هي: الاتجاه العلمي في التفسير، والاتجاه البياني والأدبي في التفسير، وأخيراً الاتجاه الاجتماعي العملي في التفسير.
وينقسم الكتاب إلى مقدمة، وخمسة فصول، وخاتمة. تناول في المقدمة الأسباب التي دفعته للكتابة في هذا الموضوع، وحصرها بشكل رئيسي بضرورة تعريف القارىء الغربي بجهود العلماء المسلمين في ميدان تفسير القرآن الكريم، وذلك بسبب جهل هذا الجمهور بهذا الميدان بشكل عام، وصعوبة تعاملهم معه، وحاجتهم في الوقت نفسه إلى هذه المعرفة لأنها تشكل مدخلاً ضرورياً لفهم الإسلام، والفكر الإسلامي. و قد أشار المؤلف إلى كثرة المؤلفات في مجال التفسير، وبشكل خاص المؤلفات الحديثة التي لفتت نظره، واسترعت انتباهه أثناء زيارته العلمية للقاهرة عامي 1967ـ 1968، الأمر الذي شجعه على البحث في هذا المجال، وبشكل خاص دراسة الكتب التي نُشرت في مصر بين عامي: 1900ـ 1970م. إذاً، فإن هدف المؤلف من كتابه هو الاستجابة لحاجات وفضول القراء الغربيين في الاطلاع على جهود المسلمين المعاصرين في ميدان علم التفسير.
خصَّص المؤلف الفصل الأول لذكر مقدمة عامة عن القرآن الكريم، وتاريخ تفسيره بشكل عام. وقد أشار المؤلف في صدر كلامه إلى أن المسلمين يعتقدون أن القرآن الكريم بكامل حروفه ومعانيه وحي مباشر من الله تعالى عن طريق الملَك جبريل، وهو إزاء هذه النقطة الجوهرية لم يوضح لنا موقفه بشكل صريح من هذه الحقيقة التي يعتقدها المسلمون جميعاً، وأغلب الظن عندي أن المؤلف لا يقبل هذه الحقيقة، مثله مثل أغلب المستشرقين من قبله، ويتضح لنا موقفه هذا من خلال استخدامه عبارات التضعيف والشك عندما أشار إلى هذه الحقيقة [5] ولكي يقرِّب المؤلف فكرة ألوهية القرآن الكريم نصاً ومعنىً إلى أذهان قُرّائه، عقد مقارنة بينه وبين الأناجيل الأربعة المعترف بها عند المسيحيين، ووصل من خلال هذه المقارنة إلى أن القرآن الكريم في عقيدة المسلمين لا يوازي هذه الأناجيل التي يقول المسيحيون: إنها مكتوبة بألفاظ وكلمات جامعيها ومدونيها الأربعة: لوقا، متَّى، يوحنا، مرقس، بل هو يوازي شخص السيد المسيح نفسه، من حيث إنه ابن الله وكلمته، وإنه غير مخلوق في نظر علماء اللاهوت المسيحيين، بالقرآن الكريم الذي هو كلمة الله تعالى غير المخلوقة في نظر المؤلف، مثل في نظر المسلمين. وبناءً على هذا الاعتبار أصبح رسول الله القديس بولس من حيث إنهما الرجلان اللذين بلَّغا كلمة الله تعالى (القرآن الكريم، والإيمان بالمسيح وقيامته) إلى العالم أجمع.
ووصل من خلال كلامه السابق إلى القول بأن أية محاولة لدراسة القرآن في ضوء أفكار المدرسة التاريخية النقدية التي لا تعترف بألوهية الكتب المقدسة، تُواجَه بالرفض الشديد من قِبل المسلمين كما تُواجه بالرفض من قِبل المسيحيين المؤمنين أيةُ محاولة لدراسة شخصية المسيح في ضوء نظريات التحليل النفسي التي لا ترى في المسيح عليه السلام أكثر من شخص بشري عادي لا تربطه أية صلة وعلاقة بالله تعالى.
لمحة حول تاريخ التفسير ورموزه
ثم قام المؤلف بعرضٍ موجزٍ وسريع لمعنى تفسير القرآن الكريم، والمراحل والاتجاهات الكبرى التي عرفها تفسيره عبر التاريخ الإسلامي قديماً وحديثاً، مع تركيز وتحليل خاص لجهود المفسرين المصريين في العصر الحديث، وقد وصل في نهاية تحليله المقتضب هذا إلى النتيجة التالية: إنَّ معظم التفاسير التي ظهرت في مصر في العصر الحديث هي تفاسير تقليدية، وقد استدل على هذه النتيجة التي وصل إليها بالمحتوى التراثي لكل هذه التفاسير المعاصرة، حيث اكتفت هذه التفاسير بتغيير عناوينها فقط، في حين حافظت بشكل كامل تقريباً على الإرث التفسيري السابق، وبشكل خاص تفسيري الزمخشري والجلالين _ مع شيء من التحديث
(يُتْبَعُ)
(/)
والتبسيط، دون أية إضافة تجديدية معتبرة، ولم يستثن من هذا الحكم ـ غير المنصف [6]ـ سوى جهود محمد عبده، وأمين الخولي دون أن يذكر لنا وجوه إضافة هذين الرجلين، أو جوانب تجديدهما في ميدان تفسير القرآن الكريم [7].
ثم انتقل في الفصل الثاني إلى الحديث عن جهود الشيخ محمد عبده في التفسير، باعتباره ـ في نظر المؤلف ـ الشخصية العلمية الأكثر تجديداً، وتأثيراً في مجمل حركة التفسير في مصر في العصر الحديث. وفي الحقيقة، فإن المؤلف في كلامه عن جهود عبده لم يزد على عرض وتلخيص أفكار عبده، المعروفة سابقاً، في مسائل علم التفسير الرئيسة مثل، موقفه من الهدف من التفسير، اللغة، التفسير العلمي، الإسرائيليات، قضايا العقيدة، التصوف، قضايا المجتمع والعصر ... دون أن يتطرق إلى دراسة ومعالجة هذه المواقف بطريقة تحليلية ونقدية، تبِّرر لنا سبب اعتبار المؤلف عبده أهم مفسِّر ظهر في مصر في العصر الحديث، بل اكتفى بالسرد، وترديد أفكار محمد عبده بأسلوبٍ عام ومجمل. فجاء فصله هذا فصلاً بسيطاً باهتاً من جهة، ودعائياً من جهة أخرى. وبهذه الطريقة فَقَد هذا الفصل معظم قيمته العلمية [8].
الاتجاه العلمي في التفسير
تحدث المؤلف في فصله الثالث عن الاتجاه العلمي في التفسير، حيث قام أولاً بتحرير معنى التفسير العلمي، وبيان الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة وأقوال السلف التي تشكِّل الأساس الديني لمشروعية هذا النوع من التفسير في نظر أصحابه، والقائلين به. ثم أشار إلى أن المسلمين قد عرفوا هذا النوع من التفسير والمقاربة للقرآن الكريم، قبل الاحتكاك بالغرب، والاصطدام بقوته العسكرية، وتقدمه العلمي في القرن التاسع عشر، وقد ذكر مثالاً على ذلك جهود ابن أبي الفضل المرسي (1257م)، التي أشار إليها السيوطي في إتقانه، الذي حاول أن يعيد ما وصل إليه عصره من علوم الطب، والفلك، والزراعة ... إلى القرآن الكريم. ثم أشار المؤلف إلى اعتماد أصحاب التفسير العلمي على كتاب جواهر القرآن للإمام الغزالي في اكتساب المشروعية الدينية والعلمية لعملهم، حيث ذهب الغزالي في كتابه هذا إلى أنه لا يتمكن من معرفة معاني القرآن الكريم إلا أولئك الذين درسوا العلوم الكونية المستخرجة أصلاً من القرآن الكريم، وكما أن الإنسان لا يمكن أن يعرف معاني القرآن دون معرفة اللغة العربية، فإنه كذلك لا يستطيع أن يعرف مثلاً معنى قوله تعالى) وإذا مرضت فهو يشفين (الشعراء: 80 دون معرفة علوم الطب. وقد شبه الغزالي القرآن الكريم بنهر كبير تتفرع منه روافد كثيرة، وما هذه الروافد إلا فروع المعرفة المتنوعة. وبهذه الطريقة فقد جعل الغزالي دراسة العلوم الكونية شرطاً ضرورياً لدراسة وتفسير القرآن الكريم نفسه [6].
وانتقل المؤلف بعد ذلك إلى عرض وتحليل جهود العلماء المصريين المعاصرين في ميدان التفسير العلمي، التي انطلقت في سياق الرد على تفوق الغرب الحضاري على المسلمين، وبدء هيمنته على بلادهم بسبب اكتشافاته العلمية، مشيراً إلى أن أول رائد لهذا التفسير في العصر الحديث، هو الطبيب المصري محمد بن أحمد الإسكندراني الذي نشر في القاهرة كتابه الأول في هذا المجال عام 1880م، تحت عنوان "كشف الأسرار النورانية القرآنية"، ثم نشر كتابه الثاني في دمشق عام 1883م، باسم "تبيان الأسرار الربانية" وقد أشار المؤلف أن هذا النوع الدراسات كان في مجمله جزءاً من الجدل العام الذي شهده العالم الإسلامي في ذلك الوقت حول جواز أو عدم جواز الاقتباس من علوم الغرب الكافر والمعتدي على أراضي المسلمين.
وتابع المؤلف تأريخه لجهود أصحاب مدرسة التفسير العلمي من أمثال: يحيى أحمد الدرديري، صاحب كتاب "مكانة العلم في القرآن"، وأحمد مختار الغزي صاحب كتاب "سرائر القرآن"، والطبيب محمد توفيق صدقي (1920م) صاحب كتابي: "في سنن الكائنات"، و "محاضرات طبية علمية إسلامية". ثم خصص المؤلف وقفة خاصة لتحليل جهود الشيخ طنطاوي جوهري، والجدل الذي دار حول كتاباته في هذا الميدان الذي برع فيه، وكان من أهم أقطابه، وانتهى به هذا التحليل إلى القول بأن كل جهود الشيخ طنطاوي في هذا الميدان كانت تهدف إلى حث المسلمين على إنجاز التقدم العلمي الذي يليق بهم وبدينهم وبتاريخهم حتى يتمكنوا، بعد إنجاز وحدتهم السياسية أيضاً، من طرد الاستعمار الأوربي من بلادهم
(يُتْبَعُ)
(/)
[10]. ثم تابع المؤلف تأريخه لرجال هذه المدرسة، من أمثال فريد وجدي (1940م) صاحب كتابي "صفوة العرفان"، و"المصحف المفسر"، وحنفي أحمد، وصلاح الدين خطاب، ومحمد البنا، ومحمد جمال الدين الفندي، ومحمد كامل ضو ... ، ثم ختم فصله هذا بالإشارة إلى أفكار وآراء معارضي هذا النوع من التفسير قديماً وحديثاً من أمثال البيضاوي، والشاطبي، ورشيد رضا، وأمين الخولي، وحسين الذهبي، عبد الوهاب حمودة .. ، وأخيرا فقد أشار المؤلف إلى أنه- رغم كل الانتقادات العلمية الموجهة لهذه المدرسة -لا يملك إلا إبداء إعجابه بشجاعة أصحاب هذه المدرسة قديماً وحديثاً، الذين بذلوا جهوداً مضنية ونبيلة في التقريب بين القرآن العمود الفقري للإسلام وبين العلوم الحديثة، في حين أن الغرب شهد منذ أيام غاليليو (1642م) مصدامات عنيفة بين علماء اللاهوت ورجال العلم فيه، واحتاج بعدها إلى قرون طويلة مليئة بالصراعات الدموية حتى تقبل الكنيسة فيه العلوم الصحيحة [11].
الاتجاه اللغوي في التفسير
عالج المؤلف في الفصل الرابع الاتجاه اللغوي والأدبي في التفسير، وقد بدأ فصله هذا باستعراض جهود العلماء السابقين في مجال التفسير اللغوي للقرآن الكريم، حيث بدأ بعرض جهود ابن عباس رضي الله عنه باعتبارها الحجر الأساس لمدرسة التفسير اللغوي في القديم والحديث على السواء، ثم انتقل إلى عرض جهود غيره من العلماء القدامى الذين أثروا حركة التفسير اللغوي للقرآن الكريم عبر التاريخ من أمثال: أبو عبيدة معمر بن المثنى، والزمخشري الذي يُعد بمثابة الركن المتين، الذي اعتمد على جهوده اللغوية والأدبية كلُ من جاء بعده من المهتمين بالدراسة اللغوية والأدبية للقرآن الكريم، وبشكل خاص العلماء المعاصرين، ثم انتقل المؤلف ليحدثنا بإسهاب عن مدى اهتمام المعاصرين من جميع الاتجاهات التفسيرية بدراسة البعد اللغوي للقرآن الكريم، ثم قام بتحليل بسيط وعام لجهود أمين الخولي، ومحمد أحمد خلف الله، وعائشة عبد الرحمن في هذا المجال، ووصل في نهاية فصله إلى القول بأن معظم جهود المعاصرين في ميدان التفسير اللغوي، ما عدا الجهود المتواضعة للثلاثة الذين سبق ذكرهم، لم تكن أكثر من استنساخ لآراء وأقوال الزمخشري، وهذا الاستنساخ قد أعاق في نظره إمكانية ظهور تفاسير لغوية تحمل طابع الجدة والإبداع، وتسعى بروح مستقلة لدراسة الإشكالات اللغوية التي يثيرها القرآن الكريم، دون أن يذكر لنا نماذج من هذه الإشكالات. وختم حديثه بالقول بأنه بفضل اهتمام المصريين حتى على مستوى مدارسهم الابتدائية والثانوية بدراسة القرآن الكريم لغوياً، فإن المسلم المصري العادي هو أكثر اطلاعاً على المسائل اللغوية المثارة في القرآن، من مثيله المسيحي الغربي من حيث اطلاعه على المشاكل النصية واللغوية الموجودة في الكتاب المقدس [12].
الاتجاه الواقعي في التفسير
ثم انتقل المؤلف في فصله الخامس والأخير إلى عرض أفكار وكتابات وأعلام مدرسة الاتجاه الواقعي والعملي في التفسير، وبدأ حديثه بالإشارة إلى أن رشيد رضا هو أول، وأهم من أقحم المشاغل العملية والواقعية في تفسير القرآن الكريم في عصره، ثم تبعه بعد ذلك عدد من المفسرين والعلماء في سلوك هذا المسلك في التفسير، من أهمهم: محمد مصطفى المراغي، وأمين الخولي، ومحمود شلتوت، وحسن البنا، وسيد قطب، وعباس العقاد ... ، وقد ذكر المؤلف نماذج من مواقفهم إزاء القضايا والمسائل التي عالجوها من مثل: تطبيق الحدود الشرعية، وتطبيق الشريعة بشكل عام، والمسائل الجديدة في الفقه الإسلامي، وقضيتا الاجتهاد والتقليد، ومسألة الخلافة ونظام الحكم، والموقف من الاستعمار، والعلاقة مع الغرب بشكل عام. .. ووصل إلى نتيجة متسرعة، وهي أن العلاقة مع الغرب كانت هي البعد الخفي الذي كان يوجه جدل هؤلاء العلماء حول المسائل التي عالجوها في تفاسيرهم وكتبهم حول القرآن الكريم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وختم فصله هذا بحكم تهكمي ـ غير مسوَّغ علميا ًـ مفاده أن مفسري القرآن الكريم في ذلك الوقت كانوا يميلون مع اتجاهاتهم الإيديولوجية أنىّ مالت هذه الاتجاهات، وقد صبغت هذه الاتجاهات القرآن الكريم وفسَّرته وفق هذه الاتجاهات، حيث وجدنا هناك من يفسر القرآن تفسيراً رأسمالياً، وهناك من يفسره تفسيراً يؤيد الحكم المطلق، وهناك من يفسره تفسيراً يؤيد الحكم البرلماني الديمقراطي [13].
تقييم ونقد
وفي الخاتمة، يمكن لنا أن نقول: إن هذا الكتاب الذي استطاع أن يفرض نفسه على المكتبة الاستشراقية، بحيث أصبح الآن مرجعاً أساسياً لا غنى عنه لأي باحث غربي في ميدان حركة التفسير ومدارسها في العصر الحديث، قد حافظ على النظرة الاستشراقية التقليدية لمجمل حركة التفسير في العصر الحديث تلك النظرة التي تعود إلى كتابات غولد زيهر في هذا الميدان بشكل عام، إلا أنه مع ذلك قد استطاع أن يضيف على الأقل شيئا جديداً على مستوى المادة والتحليل أثناء دراسته لاتجاه التفسير العلمي، وربما يعود ذلك إلى عدم وجود كتابات لغولد زيهر عن هذا الاتجاه الذي اشتد عوده وظهرت ملامحه بقوة بعد وفاته عام 1921. هذا بالإضافة إلى حرص المؤلف المستمر على الالتفات، ولو بشكل سريع وموجز، إلى السياق المسيحي الحديث فيما يتعلق بنظرة وطريقة تعامل المسلمين والمسيحيين المعاصرين مع كتابهم المقدَّس.
ويمكن القول أيضاً: إن معظم الباحثين المعاصرين الذين اهتموا بدراسة وتأريخ حركة التفسير في العصر الحديث قد تبنوا بشكلٍ أو بآخر مع بعض الزيادات النموذج التصنيفي الذي اعتمده جانسن، وشاركه في الدعوة إليه في الفترة نفسها عفت محمد الشرقاوي في كتابه"اتجاهات التفسير في مصر في العصر الحديث" [14] حيث حددا اتجاهات التفسير في مصر في الاتجاه العلمي، والأدبي، والاجتماعي، ويكفي أن نشير هنا إلى كتاب فهد الرومي "اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر"، لندرك مدى تأثير تصنيف جانسن والشرقاوي شكلاً ومضموناً على هؤلاء الدارسين، ولو كان هذا التأثير قد أتى عن طريق غير مباشر غالباً.
وفي المقابل، فإنه يمكن تقديم الملاحظات النقدية التالية على الكتاب:
ميل المؤلف الواضح إلى الإيجاز والاختصار الشديدين، فموضوع كبير ومتشعِّب مثل هذا الموضوع يستحق معالجة أكبر من المعالجة الموجزة والمكثفة التي قدَّمها المؤلف في أقل من مائة صفحة. وافتقار الكتاب إلى التحليل والنقد في معظم الحالات، بالإضافة إلى لجوئه إلى الإجمال والتعميم المتسرع في كثير من الحالات، ونظرته السلبية العامة إلى جهود المفسرين في هذه الفترة حيث وصفهم بالجمود والتقليد في أكثر من موضع دون أن يذكر لنا سببا مقنعا لما وصفهم به ما عدا أنهم حافظوا على التراث التفسيري القديم، وتمسكوا به، على الرغم من أن هذه المحافظة بحد ذاتها لا يمكن أن تكون دليل اتهام لأحد، بل قد تكون أحياناً علامة أصالة وتواصل مع الذاكرة الجمعية الإسلامية التي تحفظ للمسلمين وحدتهم ووجودهم عبر الزمان والمكان. هذا بالإضافة إلى أن المؤلف كان جريئاً في ذكر تقييمات كثيرة دون أن يكلف نفسه عناء إثباتها بطريقة علمية منهجية.
___________
* باحث فلسطيني.
** يعكف د. حازم محي الدين حاليا على إعداد ترجمة باللغة العربية للكتاب الذي يعرض له (المحرر).
[1] ترجمة الدكتور عبد الحليم النجار. وقد سبقه إلى ترجمة فصول من هذا الكتاب الدكتور علي حسن عبد القادر.
[2] نشر جاك جومييه كتابيه تحت العنوانين التاليين: J. Jomier: Le commentaire Coranique du Manar.
Le Cheikh Tantawi Jawhari [1862 – 1940] et son commentaire du Coran.
[3] نشر بالجون كتابه باللغة الإنكليزية عام 1968 تحت عنوان:
J. M. S. Baljon: Modern Muslim Koran Interpreation
1880- 1960
[4] J. J. G. Jansen: The interpretation of the Koran in modern Egypt, p.1.
[5] المرجع السابق: ص: 1 - 2.
[6] أين الإشارة إلى جهود الشيخ طنطاوي جوهري التجديدية في كتابه " الجواهر في تفسير القرآن الكريم" على سبيل المثال؟
[7] المرجع السابق: ص، 17.
[8] المرجع السابق: ص، 18ـ 34.
[9] المرجع السابق، ص، 37 - 38.
[10] المرجع السابق، ص 44 - 46.
[11] المرجع السابق، ص 52 - 54.
[12] المرجع السابق، ص 55 - 76.
[13] المرجع السابق، ص 77 - 94.
[14] ظهرت دراسة عفت الشرقاوي أول مرة عام 1972 تحت عنوان "اتجاهات التفسير في مصر في العصر الحديث"، ثم أعاد الشرقاوي نشرها عام 1976 تحت عنوان: "الفكر الديني في مواجهة العصر".
ـ[د على رمضان]ــــــــ[27 Jun 2010, 07:46 م]ـ
موضوع مهم وقيم فى بابه ونرجو أن يتم إلقاء الضوء أكثر عليه فى البحوث العلمية من خلال الدراسات الأكاديمية وخاصة الدراسات الاستشراقية الحديثة المتعلقة بالتفسير وعلوم القرآن، وجزاكم الله خيراً 0
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[28 Jun 2010, 08:18 ص]ـ
بدأت بعض الجامعات الإسلامية مؤخرا في تبني الدراسات النقدية لمؤلفات المستشرقين في التفسير وعلوم القرآن، ولكن لا بد من ضبط اتجاه هذه الدراسات ووضع الأصول المنهجية العامة التي تحكم العمل فيها حتى لا تكون شبه المستشرقين ذكرا وانتقاداتها أنثى، كما يحتاج الدارسون في أمثال تلك الدراسات إلى أن لا تكون مواقفهم العلمية مجرد ردود أفعال غير منضبطة يندفعون من خلالها إلى مهاجمة أئمة المسلمين وتخطئتهم بدعوى الدفاع عن التراث ضد الهجمات الاستشراقية، فكم جنت ردرود الأفعال على كتب التفسير من إشكاليات وبلايا(/)
سؤال عن حكم مس المصحف؟
ـ[راوية]ــــــــ[19 Dec 2008, 06:15 ص]ـ
السلام عليكم سؤال للمشايخ في هذا المنتدى المبارك عن حكم مس المصحف أريد الحكم مع الدليل بارك الله فيكم لأن الأقوال مختلفه و لادليل على المنع الا العموم من قوله (لايمسه الا المطهرون) انا محتارة وأخشى من الأثم إذا لمسته من غير طهاره
ـ[عذب الشجن]ــــــــ[19 Dec 2008, 01:16 م]ـ
السلام عليكم سؤال للمشايخ في هذا المنتدى المبارك عن حكم مس المصحف أريد الحكم مع الدليل بارك الله فيكم لأن الأقوال مختلفه و لادليل على المنع الا العموم من قوله (لايمسه الا المطهرون) انا محتارة وأخشى من الأثم إذا لمسته من غير طهاره
مذهب جمهور العلماء (ومنهم الأئمة الأربعة) أنه لا يجوز مس القرآن إلا لطاهر ...
وأدلتهم: الآية المذكورة (لا يمسه إلا المطهرون)، على خلاف في المقصود بالآية.
وحديث ابن حزم (وأن لايمس القرآن إلا طاهر) وهو حديث أغنت شهرته عن النظر في إسناده.
وكذا فعل عدد من السلف في أمرهم بالطهارة لمس المصحف، كما هو مأثور عن سعد بن أبي وقاص وغيره .................... والله أعلم.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[19 Dec 2008, 05:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم لا علم إلا ما علمتنا ولا حول ولا قوة لنا إلا بك.
فعلا أستاذي شحن صحيح ماذكرت لكن أدلة المخالف لم تذكرها. ولعل ذكرها يعطينا تصورا كاملا ليكون حكمنا شاملا.
فالذين منعوا الحائض من لمس المصحف إنما قاسوها على الجنب. وهذا قياس مع الفارق. لأن رفع الجنابة منوط بالمكلف وأحواله. أما الحيض فذلك شيء كتبه الله على بنات حواء. ولو أرادت أن ترفعه قبل وقته ما استطاعت إلى ذلك سبيلا ... إلى غير ذلك من المفارقات بين الحالين.
كما لا ينبغي أن نغفل الأقوال الأخرى التي فسرت أدلة الرأي الأول على غير ما يفيد منع الحائض من لمس المصحف.
وأريد أن أحيلك أخي الحبيب إلى قول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وعلى أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين: كما هو في صحيح مسلم لعائشة رضي الله عنها وعن أبيها وسائر الصحب الأكرمين
# حيضتك ليست بيدك #.
فأرجوك أخي اقتل المسألة بحثا لتفيدنا بحول الله. وننتظر جوابك حفظك الله وبارك في علمك.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[19 Dec 2008, 10:21 م]ـ
هناك بحث قيم عن هذه المسألة تحديداً، مطبوع في كتاب لإمام الحرم سابقاً الدكتور عمر السبيل رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته بعنوان (حكم مس المصحف بغير طهارة)، كذلك تراجع فتاوى القرءان الكريم جمع الدكتور محمد الشريف وهو مطبوع في ثلاث مجلدات ثم اختصره في مجلد واحد. والموضوع أوسع من ذلك لكن هذه إجابة مستعجلة إستجابة لطلبك.
ـ[عبدالله المعيدي]ــــــــ[19 Dec 2008, 11:11 م]ـ
اليك هذا الكلام المختصر المفيد .. والإ فالمسألة كما ذكر الإخوة مقتولة بحثاً ..
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: "ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يمتنع على غير المتطهّر مس جلد المصحف المتّصل , والحواشي الّتي لا كتابة فيها من أوراق المصحف , والبياض بين السطور , وكذا ما فيه من صحائف خاليةٍ من الكتابة بالكلّيّة , وذلك لأنّها تابعة للمكتوب وذهب بعض الحنفيّة والشّافعيّة إلى جواز ذلك" انتهى.
وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز مثل هذا السؤال فقال:
لا يَجُوز للمسلم مَسُّ المُصْحَفِ وهو على غير وُضُوءٍ، عند جمهور أهل العلم، وهو الذي عليه الأئمة الأربعة رضي الله عنهم، وهو الذي كان يُفْتِي به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في ذلك حديث صحيح لا بأس به، من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن: " أنْ لاَ يَمَسَّ القرآن إلا طاهر " وهو حديث جيد له طرق يَشُدُّ بعضها بعضاً، وبذلك يُعْلم أنّه لا يجوز مَسّ المُصْحَفِ إلا على طهارةٍ من الحَدَثَيْنِ الأكبر، والأصغر، وهكذا نَقْلُهُ من مكان إلى مكان إذا كان النَاِقُل على غير طهارة، لكن إذا مَسّهُ أو نقله بواسطة، كأن يأخذه في لِفافَة فلا بأس، أما أن يَمَسّه مُبَاشَرَةً وهو على غير طهارة، فلا يجوز على الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم، لما تَقَدّم، أما القراءة فلا بأس أن يقرأ وهو مُحْدِثٌ عن ظهر قلب أن يقرأ ويَمْسِكَ له القرآن مَنْ يَرُدُّ عليه ويَفْتَحَ عليه فلا بأس،
لكن الجُنُبَ صَاحِب الحدث الأكبر لا يقرأ، لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحجبه شيء عن القراءة إلا الجنابة، وروى أحمد بإسناد جيد عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الغائط وقرأ شيئا من القرآن وقال: " هذا لمن ليس بجنب، أما الجنب فلا، ولا آية ".
والمقصود أن ذا الجنابة لا يقرأ القرآن لا من المصحف ولا عن ظهر قلب حتى يغتسل، وأما المحدث حدثا أصغر وليس بجنب فله أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب ولا يمس المصحف.
فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله 10/ 150
أما حديث طهارة المؤمن فقد جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَخَذَ بِيَدِي فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى قَعَدَ فَانْسَلَلْتُ فَأَتَيْتُ الرَّحْلَ فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ جِئْتُ وَهُوَ قَاعِدٌ فَقَالَ أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هِرٍّ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لا يَنْجُسُ " رواه البخاري (الغسل /276) ومسلم (الحيض/556)
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: هذا الحديث أصل عظيم في طهارة المسلم حياً وميتاً، قال: فإذا ثَبَتَتْ طهارته، فَعَرَقُه ولُعَابُه ودَمْعُه طاهرات سواء كان مُحْدِثا أو جُنُباً أو حَائِضاً أو نُفَسَاء.
وإذا علم هذا عرف معنى كونه طاهراً، فلا يمنع أن يكون جسمه طاهر وهو في نفس الوقت محدث لأن الحدث هو وصف قائم بالبدن يمنع من الصلاة ونحوها مما تشترط له الطهارة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Dec 2008, 06:46 ص]ـ
مسألة اشتراط الطهارة لمس المصحف من المسائل التي اختلف فيها العلماء وتباينت آراؤهم.
وسبب الاختلاف في هذه المسألة هو عدم وجود نص صحيح صريح يقطع النزاع فيها، فالذين اشترطوا الطهارة لمس المصحف، وحرّموا على المحدث مسه - وهم الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة - استدلوا بقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقُرْءَانٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} (1) [الواقعة: 77 - 79].
وبما ورد في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: {أن لايمس القرآن إلاَّ طاهر} (2) فقالوا: إن الآية - وإن لم تكن صريحة في الدلالة على المراد - تدل على أنه لايمس القرآن إلاَّ مَن كان على طهارة؛ لأن لفظها محتمل لذلك، ولأن حديث {لايمس القرآن إلاَّ طاهر} يقوي هذا الاحتمال - كما أشار إلى ذلك ابن عبدالبر في آخر كلامه السابق.
والذين قالوا بجواز مس المصحف للمحدث، ولم يشترطوا الطهارة من الحدث لمسِّه - وهم الظاهرية - استدلوا بحديث ابن عباس الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتاباً إلى هرقل عظيم الروم، وفيه: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَآءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية (3) [آل عمران: 64]، واستدلوا أيضاً بحديث: {إن المؤمن لاينجس} (4).
ومن العلماء من قال: إنه يجوز مس المصحف بظاهر الكف دون باطنه، وهذا القول منسوب للحكم وحماد - كما في المغني لابن قدامة (5).
ومنهم من قال: إنه يجوز مسه للمحدث حدثاً أصغر، ولايجوز مسه لمن كان محدثاً حدثاً أكبر (6).
وبين أصحاب هذه الأقوال مناقشات وردود ليس هذا مجال سردها ومناقشتها، فهو مبسوطة في كتب الفقه (7)، وأكتفي هنا بذكر بعض التنبيهات:
التنبيه الأول: الصحيح أن الضمير في قوله تعالى: {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 79] راجع إلى الكتاب المكنون الذي في السماء، وأن المراد بـ {المطهرون} الملائكة الكرام الذين طهرهم الله عزوجل من الذنوب والشهوات.
وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله - أن هذا هو الصحيح في معنى الآية، وهو أرجح من قول مَن قال: إن المراد بالآية أن المصحف لايمسه إلاَّ طاهر، من وجوه متعددة:
منها: أن السورة مكية، والاعتناء في السور المكية إنَّما هو بأصول الدين، من تقرير التوحيد والمعاد والنبوة - وأمَّا تقرير الأحكام والشرائع فمظنه السور المدنية.
ومنها: أنه قال: {فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ} والمكنون المصون المستور عن الأعين الذي لاتناله أيدي البشر، وهكذا قال السلف في معناه.
ومنها: أنه قال: {إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} ولم يقل: إلاَّ المتطهرون، ولو أراد به منع المحدث من مسه لقال إلاَّ المتطهرون، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] فالمتطهر فاعل التطهير، والمطهَّر الذي طهره غيره، فالمتوضيء متطهر، والملائكة مطهَّرُون.
ومنها: ما رواه سعيد بن منصور في سننه عن أنس بن مالك في قوله: {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ = 79} قال: المطهرون الملائكة، وهذا عند طائفة من أهل الحديث في حكم المرفوع، والصحابة أعلم الأمة بتفسير القرآن، ويجب الرجوع إلى تفسيرهم (8).
وعلى هذا، فإن استدلال القائلين بأنه لايجوز مس المصحف إلاَّ على طهارة بالآية الكريمة فيه نظر، إلاَّ إذا كان ذلك من باب التنبيه والإشارة، كما قال ابن القيم - رحمه الله - بعد أن ذكر الوجوه السابقة: (وسمعتُ شيخ الإسلام يقرر الاستدلال بالآية على أن المصحف لايمسه المحدث بوجه آخر، فقال: هذا من باب التنبيه والإشارة، إذا كانت الصحف التي في السماء لايمسها إلاَّ المطهرون، فكذلك الصحف التي بأيدينا من القرآن لاينبغي أن يمسها إلاَّ طاهر) (9).
التنبيه الثاني: كما أن دلالة الآية على منع المحدث من مس المصحف ليست صريحة، فكذلك دلالة حديث: {لايمس القرآن إلاَّ طاهر} ليست صريحة في منع المحدث من مس المصحف، (فلايتم الاحتجاج بهذا الحديث على حرمة مس المحدث للقرآن إلاَّ بعد الاتفاق على أن المراد بالطاهر الطاهر من الحدث.
(يُتْبَعُ)
(/)
والتحقيق أن الطاهر في الكتاب والسنة تطلق بالاشتراك على ثلاثة أمور:
الأول: على الطاهر من الحدث، فالمتوضيء متطهر، والمغتسل من الجنابة متطهر، والمغتسلة من الحيض متطهرة، قال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا"} [المائدة: 6].
الثاني: أن الطاهر هو الطاهر من النجاسة، قال تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ = 4} [المدثر: 4] أي من النجاسات، ومن ذلك حديث: {طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب} (10)، وهذا معروف في إطلاقات الفقهاء عندما يقولون هذا طاهر، وهذا نجس، وهذا معروف، قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً طَهُورًا} [الفرقان: 48].
الثالث: الطاهر: المؤمن، أو الذي تطهر من الذنوب، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28]، وكان الصحابي يصيب الذنب فيأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: {طهرني} كما في حديث: {إني قد زنيت فطهرني} (11) ومنه حديث: {إن المؤمن لاينجس} (12).
وإذا كان الطاهر في مصطلح الكتاب والسنة يطلق على كل واحد من هذه المعاني الثلاثة فإن تخصيصه بواحد منها وهو التطهير من الحدث يحتاج إلى مرجح، وإلاَّ فهو تحكم لايُقر عليه) (13).
التنبيه الثالث: بعد طول بحث في هذه المسألة لم يترجح لي أحد هذه الأقوال، ولم أستطع الجزم فيها بحكم، وهي في نظري مسألة مشكلة تحتاج إلى تحرير.
والذي أستطيع أن أقوله هنا: إن القول بمنع المحدث - خاصة المحدث حدثاً أصغر - من مس المصحف ينبغي التثبت فيه وعدم الاستعجال في القول به لأمرين:
أحدهما: أن أدلته فيها احتمال، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال فإنه لايصلح للاستدلال.
والأمر الثاني: أنه لم يثبت - فيما أعلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى المحدث عن مسّ المصحف إلاَّ ما جاء في حديث عمرو بن حزم، وهو - كما سبق - ليس صريحاً في ذلك، وهو كتاب كتبه له لما بعثه إلى أهل نجران وهم قوم كفار، فدلت القرينة على أن المراد بالطاهر هنا: المسلم؛ لأنه لو أراد به المحدث لبينه لأهل المدينة فهم أحوج لهذا البيان لكثرة حاجتهم إلى ذلك (14).
ومعلوم أن هذه المسألة يحتاج إلى معرفتها كل مسلم، ومثل هذه المسائل لابُدّ أن تكون الأدلة فيها واضحة صريحة معلومة.
ومع هذا كله فإن الأخذ بقول الجمهور فيه احتياط، وهو الأولى (وإن كان المعروف عند أهل المعرفة والتحقيق أنه لاتلازم بين قول الجمهور وبين الحق والصواب؛ فقد يكون الحق معهم - وهذا الأكثر في المسائل العلمية - وقد يكون الحق في جانب غيرهم.
والمنصف دائماً يبحث عن الدليل، فما نصره الدليل اتبعه، وإن كان القائل به قليلاً، وما لم يرد فيه دليل أو كان دليله ضعيفاً تركه، وإن كان الأكثرون على القول به) (15).
التنبيه الرابع: الخلاف السابق في المس المباشر للمصحف بدون حائل، وأمَّا حمل المحدث للمصحف حملاً غير مباشر فقد اختلف العلماء فيه أيضاً، فمنهم من قال بجواز حمله حملاً غير مباشر، سواء كان المحدث أكبر أو أصغر، وهو مذهب الحنفية والحنابلة.
ومنهم من قال: لايجوز حمل المصحف مطلقاً، سواء كان الحدث أكبر أو أصغر، وسواء كان الحمل مباشراً وغير مباشر، وهذا مذهب المالكية والشافعية.
والصحيح في هذه المسألة هو قول المجيزين؛ لأن من حمل شيئاً حملاً غير مباشر لايسمّى ماسّاً لذلك الشيء، والنهي إنَّما ورد عن المسّ، ولايُقال لمن حمل شيئاً بالواسطة إنه ماسٌّ له، بل يقال: إنه حامل، وبينهما فرقٌ كما لايخفى (16).
قال في المغني: (والصحيح جوازه؛ لأن النهي إنَّما يتناول مسه، والحمل ليس بمس) (17).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) انظر أقوال المفسرين في تفسير هذه الآية في: أحكام القرآن للجصاص 3/ 555، وأحكام القرآن لابن العربي 4/ 174 - 176، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 17/ 225 - 227، وروائع البيان تفسير آيات الأحكام من القرآن للصابوني 2/ 472 - 474.
([2]) [يخرج] ... .
([3]) [يخرج] ... .
([4]) [يخرج] ... .
([5]) المغني لابن قدامة المقدسي 1/ 202.
([6]) مال إليه الشوكاني كما في نيل الأوطار 1/ 207، ورجحه الشيخ عبدالمحسن آل عبيكان في كتابه غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام 2/ 163.
([7]) انظر: المغني لابن قدامة 1/ 202 - 204، والمجموع شرح المهذب للنووي 2/ 67، 72، ونيل الأوطار للشوكاني 1/ 205 - 207.
وقد قامت لجنة البحوث العلمية والإفتاء بكتابة بحث في هذه المسألة نشر في مجلة البحوث العلمية، العدد الثالث عشر، ص 24 - 45، وأفردها الدكتور عمر الأشقر في كتابه: مسائل من فقه الكتاب والسنة، المسألة الحادية عشرة ص 165 - 175، وبحثها بتوسع أيضاً الدكتور فيحان المطيري في كتابه الطهارة لقراءة القرآن والطواف بالبيت الحرام.
([8]) انظر: بدائع التفسير الجامع لتفسير ابن القيم 4/ 363 - 365.
([9]) المرجع السابق 4/ 365.
([10]) أخرجه مسلم في كتاب الطهارة، باب: حكم ولوغ الكلب رقم [279] ص 136، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - (ط: بيت الأفكار الدولية).
([11]) ثبت هذا في صحيح مسلم في حديث ماعز والغامدية في كتاب الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنى رقم [1695] ص 704 (ط: بيت الأفكار الدولية).
([12]) [يخرج] ... .
([13]) ما بين القوسين مأخوذ بتصرف من كتاب مسائل من فقه الكتاب والسنة للدكتور عمر الأشقر ص 171 - 173.
([14]) أشار إلى هذا التعليل الشيخ عبدالمحسن آل عبيكان في كتابه غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام 2/ 165 وذكر أنه لم يجد أحداً سبقه إلى هذا التعليل.
([15]) من بحث بعنوان: حكم قراءة الجنب للقرآن، للشيخ سليمان العلوان في مجلة الحكمة، العدد الخامس ص 105.
([16]) انظر: كتاب الطهارة لقراءة القرآن والطواف بالبيت الحرام للدكتور فيحان المطيري ص 92 - 94.
([17]) المغني لابن قدامة 1/ 204.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[20 Dec 2008, 10:42 ص]ـ
لا يَجُوز للمسلم مَسُّ المُصْحَفِ وهو على غير وُضُوءٍ، عند جمهور أهل العلم، وهو الذي عليه الأئمة الأربعة رضي الله عنهم، وهو الذي كان يُفْتِي به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في ذلك حديث صحيح لا بأس به، من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن: " أنْ لاَ يَمَسَّ القرآن إلا طاهر " وهو حديث جيد له طرق يَشُدُّ بعضها بعضاً، وبذلك يُعْلم أنّه لا يجوز مَسّ المُصْحَفِ إلا على طهارةٍ من الحَدَثَيْنِ الأكبر، والأصغر، وهكذا نَقْلُهُ من مكان إلى مكان إذا كان النَاِقُل على غير طهارة، لكن إذا مَسّهُ أو نقله بواسطة، كأن يأخذه في لِفافَة فلا بأس، أما أن يَمَسّه مُبَاشَرَةً وهو على غير طهارة، فلا يجوز على الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم، لما تَقَدّم، أما القراءة فلا بأس أن يقرأ وهو مُحْدِثٌ عن ظهر قلب أن يقرأ ويَمْسِكَ له القرآن مَنْ يَرُدُّ عليه ويَفْتَحَ عليه فلا بأس،
هذا كلام ابن باز رحمه الله وأقول:
بارك الله في الجميع، ونفعهم ونفع بهم ولكن مما الحظه أن في بعضنا جرأة على الفتوى، وهل يخفى على الشيخ ابن باز رحمه الله دلالة الحديث وغيره
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Dec 2008, 11:22 ص]ـ
بارك الله في الجميع، ونفعهم ونفع بهم ولكن مما الحظه أن في بعضنا جرأة على الفتوى، وهل يخفى على الشيخ ابن باز رحمه الله دلالة الحديث وغيره
بارك الله فيك يا شيخنا الفاضل
ومع أهمية تنبيهك على خطورة التجرئ على الفتيا إلا أن المدارسة ليست فتيا، وإنما هي عرض للخلاف في المسألة كما ذكرها أهل العلم.
ولو سألني أحد عن حكم مس المصحف على غير طهارة؛ لقلت له: لا تفعل، ولم أقل: يجوز أو لا يجوز. ولو طلب الحكم، لقلت: جمهور العلماء يرون المنع.
نسأل الله تعالى للجميع التوفيق
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[20 Dec 2008, 04:30 م]ـ
جزى الله الأخ العبيدي خيراً فقد أصاب فيما قال وأحسن ولم يتجرأ على الفتوى. ولا
يصح الاحتجاج علينا بقول عالم مهما عظم في أعيننا، وإلا كان يكفي أن يقال قال
الشافعي وقال أحمد ... نعم الأصل أن ندور مع الدليل وليس مع الرجال.
ـ[راوية]ــــــــ[20 Dec 2008, 07:48 م]ـ
السلام عليكم بارك الله فيكم أيها المشايخ الفضلاء ونفع بكم وجعل ذلك في ميزان حسناتكم ,المسئلة تحتاج الى تأمل من جهتين: اولا ننظر الى أقوال الصحابة في المسئلة وأدلتهم في المسئلة , ثانيا هناك شخصان كلاهما بهما حدث أصغر احدهما ممسك بالقران والأخر يقراء القران من حفظه ايهما اولا بالمنع الذي يمسك القران على غير طهارة دون قراءة ام الذي يقرءه غيبا بدون طهارة المسئلة مشكلة ارجو من المشائخ الكرام افادتنا في المسئلة بارك الله فيكم
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[21 Dec 2008, 07:31 ص]ـ
وفقك الله أبا مجاهد فيما ذهبت إليه من مدارسة وبحث، وأنا لا أعترض عليك ولا على أحد من الفضلاء، وأعلم كذلك أنك على خير وصلاح إن شاء الله،ونحن لا نقدس الاشخاص، وقول أخينا البيراوي:ولا يصح الاحتجاج علينا بقول عالم مهما عظم في أعيننا لا يستقيم على إطلاقه، وإنما يصح مثل هذا القول لمن ملك الأهلية العلمية، أما أن يرد كل أحد من غير مؤهلات فما أظنه يقول بهذا، وهذه فتوى شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
مكتبة الفتاوى: فتاوى نور على الدرب (نصية): الطهارة
السؤال: هذه الرسالة وردتنا من الأخ في الله محمد سلامة من أبها المجاردة يقول في رسالته هل يجوز مس المصحف وقراءة القرآن منه وكذلك القراءة غيباً للإنسان محدث حدثاً أصغر غير متوضئ؟
الجواب
الشيخ: أما قراءة القرآن بدون مس للمحدث حدث أصغر فلا بأس بها ولا يجب عليه أن يتطهر وإن كان التطهر أفضل وأكمل وأما مس المصحف بدون وضوء فالصحيح أنه جائز ولكنه لا ينبغي أن يمس المصحف إلا بوضوء وقد ذهب بعض أهل العلم إلا أنه يحرم أن يمس المصحف بدون وضوء مستدلين بقوله تعالى (وأنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون) وبقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن حزم لا يمس القرآن إلا طاهر ولكن ليس في الآية ما يدل إلى ماذهبوا إليه وليس في الحديث ما يدل على ذلك صراحة أما الآية فإن الله يقول (في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون) والقاعدة في اللغة العربية أن الضمير يعود إلى أقرب مذكور إلا إذا وجد دليل على أنه يعود لما سبق وهنا لا دليل على أن الضمير يعود للقرآن فهو يعود إلى الكتاب المكنون الذي هو اللوح المحفوظ ويدل لذلك أن الله قال لا يسمه إلا المطهرون الذين طهرهم الله ولم يقل إلا الطاهرون ولم يقل إلا المطِّهرون فدل هذا على أن المراد بالمطهرون الملائكة الذين طهرهم الله عز وجل مما ينبغي أن يكون طاهرين منه وأما الحديث وقوله لا يمس القرآن إلا طاهر فكلمة طاهر محتملة لأن يكونوا المراد بها طاهراً من الحدث أو طاهراً من الكفر وكلاهما معنى صحيح فالطهارة من الكفر مثل قوله تعالى (يا أيها الذين أمنوا إنما المشركين نجس) فيكون الموحدون طهراً ومثل قوله صلى الله عليه وسلم إن المؤمن لا ينجس فعلى هذا يكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم إلا طاهر أي إلا مؤمن ولا يدل على اشتراط الطهارة من الحدث الأصغر ويحتمل أن يكون في الطاهر من الحدث الأصغر فيجب ومادام الاحتمال قائماً فإنه لا وجه لإلزام الناس بما ليس بظاهر في الوجوب فنقول الإحتياط والأفضل ألا يمس القرآن إلا على طهارة وإذا مسه وهو محدثاً حدث أصغر فلا حرج عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عذب الشجن]ــــــــ[21 Dec 2008, 11:26 م]ـ
وأقول:
بارك الله في الجميع، ونفعهم ونفع بهم ولكن مما الحظه أن في بعضنا جرأة على الفتوى، وهل يخفى على الشيخ ابن باز رحمه الله دلالة الحديث وغيره
أيها الفاضل ............ كما قال أبو مجاهد هذا من المدارسة للعلم وليس فتوى.، وأزيد بقولي: وما المانع أن تكون فتوى إذا كانت المسألة معلومة عند المجيب، فهي بحمد الله ليست من النوازل، ولا يشترط أن يجمع لها فقهاء العصر حتى تصدر الفتوى بشأنها ................. وأرى أننا _ جميعا _ بحاجة إلى وضع قضية التصدي للفتيا في مكانها الصحيح .......
فلا إفراط ولا تفريط ................
ـ[راوية]ــــــــ[21 Dec 2008, 11:48 م]ـ
أيها الفاضل ............ كما قال أبو مجاهد هذا من المدارسة للعلم وليس فتوى.، وأزيد بقولي: وما المانع أن تكون فتوى إذا كانت المسألة معلومة عند المجيب، فهي بحمد الله ليست من النوازل، ولا يشترط أن يجمع لها فقهاء العصر حتى تصدر الفتوى بشأنها ................. وأرى أننا _ جميعا _ بحاجة إلى وضع قضية التصدي للفتيا في مكانها الصحيح .......
فلا إفراط ولا تفريط ................
نعم أخي بارك الله فيك لم اسئل السؤال الا من اجل المناقشة العلمية حيث ان هذه المسئلة اشكلت علي لذالك طرحتها في هذا الموقع المبارك ولوكان هدفي الفتوى فمواقع العلماء ميسرة ولله الحمد ,والمسئلة هذه الادلة فيها صحيحة غير صريحة او صريحة غير صحيحة لذا ليت من يبحث من طلبة العلم المتخصصين في الحديث عن اقوال الصحابة في المسئلة اثابكم الله.
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[22 Dec 2008, 06:30 ص]ـ
قال الشيخ / عبد الله الجديع - وفقه الله - في مبحث (أحكام يحتاج إلى معرفتها القارئ) من كتابه النفيس (المقدمات الأساسية في علوم القرآن) [ص 487 - 491]:
" الطهارة لقراءة القرآن:
... مسألة الطهارة لمس المصحف تأتي في (أحكام المصاحف)، وإنما الكلام ههنا عن الطهارة من الحدثين: الأصغر، والأكبر، وطهارة المكان والثوب، والسواك، لتلاوة القرآن، فهذه أربعة مسائل:
... المسألة الأولى: الطهارة من الحدث الأصغر:
... الوضوء لقراءة القرآن مستحب وليس بواجب، وتجوز القراءة بدونه.
... دليل الاستحباب: ما ثبت عن المهاجر بن قنفذ، رضي الله عنه: أنه سلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يتوضأ، فلم يرد عليه حتى توضأ، فرد عليه، وقال: (إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة [وفي لفظ: وضوء]) (1).
... قال قتاة بن دعامة السدوسي: فكان الحسن (يعني البصري) من أجل هذا الحديث يكره أن يقرأ أو يذكر الله - عز وجل - حتى يتطهر (2).
... وأما ما دل على جواز التلاوة على غير وضوء، فأحاديث، من أظهرها:
... 1 - حديث عائشة، رضي الله عنها، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه (3).
... فهذا عموم يندرج تحته حال الطهارة وعدمها، كما أن كل ما يسمى ذكرا لله تعالى فهو مراد هنا، والقرآن أعظم الذكر، قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر) [الحجر: 9].
... 2 - ما حدث به أبو سلام الحبشي، قال: حدثني من رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - بال، ثم تلا شيئا من القرآن قبل أن يمس ماء (4).
... 3 - حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء، فقرب إليه طعام، فقالوا: ألا نأتيك بوضوء (5)؟ قال: (إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة) (6).
... قوله: (إنما) أداة قصر في اللغة والأصول، فقصر الأمر الواجب على الوضوء عند القيام إلى الصلاة، فدل على أن ما سوى الصلاة لا يجب له الوضوء، وزعم بعضهم أن القصر هنا ليس حقيقيا؛ لما ألجأه إليه القول بوجوب الوضوء للطواف بالبيت ومس المصحف، وليس كذلك، فإنه ثبت أن الطواف بمنزلة الصلاة، فيأخذ حكمها في الطهارة، وأما مس المصحف فالوضوء له ليس بواجب على التحقيق، على ما سيأتي ذكره (7).
(يُتْبَعُ)
(/)
.. وأما الآثار عن السلف في استحباب الوضوء وعدم وجوبه، فكثيرة، عن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وسلمان الفارسي، وأبي هريرة، ومن التابعين عن علي بن الحسن زين العابدين، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين، وإبراهيم النخعي، وغيرهم (8).
... المسألة الثانية: الطهارة من الحدث الأكبر:
... وهو ما يوجب الغسل، كالجنابة، والحيض والنفاس.
... مذهب جمهور العلماء حرمة قراءة القرآن للجنب والحائض، وأحسن ما استدلوا به لذلك حديث يروى عن علي، رضي الله عنه، قال:
... كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقضي حاجته، ثم يخرج فيقرأ القرآن، ويأكل معنا اللحم، ولم يكن يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة.
... وآخر يروى عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن).
... وهذا حديثان لا يصحان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، والتحريم لا يجوز القول به إلا ببرهان صحيح بيّن.
... وذهبت طائفة من أهل العلم إلى جواز القراءة للجنب والحائض، إبقاء على الأصل في عدم ثبوت المانع، لكن بعضهم قصر الرخصة على القليل من ذلك كالآية والآيتين، خاصة للجنب.
... وكأن ذلك جاء من جهة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كره ذكر الله على غير وضوء، والجنابة أكبر من الحدث الذي يوجب الوضوء، فحالها أولى بالكراهة، لكن هذا لا يبلغ التحريم.
... والذي أراه الراجح في حق الجنب: كراهة قراءة القرآن له حتى يتطهر، فإذا قرأ ترك الأولى ولم يأثم.
... وصح عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: (لا يقرأ الجنب القرآن)، وعن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، سئل عن الجنب: أيقرأ القرآن؟ قال: (لا، ولا حرفا) (9).
... فهذا وشبهه مما يحسن الانتهاء إليه ولا يجب؛ لأن الوجوب حكم الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت هنا، وإنما أقصى ما يفيده المنقول الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الندب إلى ذلك.
... أما الحائض، فأمرها أيسر من الجنب؛ لأن حيضتها ليست في يدها، وهي تجلس الأيام لا تصلي انتهاء عند نهي الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلا يصلح أن تحجب فيها عن سائر الأعمال الصالحة، دون أن يمنعها من ذلك الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وحيث علمتَ عدم ثبوت مانع يمنعها من قراءة القرآن، فيبقى حالها على الأصل في الجواز.
... بل تأكد لنا ذلك بأكثر من هذا الاستدلال، ومحل بيانه غير هذا الموضع.
________________
(1) حديث صحيح. أخرجه أحمد (4/ 345 و 5/ 80) وأبو داود (رقم: 17) والنسائي (رقم: 38) وابن ماجة (رقم: 350) وغيرهم من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن حضين بن المنذر أبي ساسان، عن المهاجر، به، واللفظ الثاني لأحمد في موضع وابن ماجة.
قلت: إسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حيان والحاكم، وله طرق وشواهد استوفيت شرحها في كتابي (حكم الطهارة لغير الصلوات).
(2) ثبت هذا عن أحمد في الموضع الأول من رواية حديث المهاجر المذكور.
(3) حديث صحيح: أخرجه أحمد (6/ 70، 153، 278) ومسلم (رقم: 373) وأبو داود (رقم: 18) والترمذي (رقم: 3384) وابن ماجة (رقم: 302) من طريق زكريا بن أبي زائدة عن خالد بن سلمة، عن البهي، عن عروة، عن عائشة، به. علقه البخاري في (الصحيح) بصيغة الجزم في موضعين (1/ 116، 227)، وقال الترمذي: (حديث حسن غريب).
(4) حديث صحيح. أخرجه أحمد (4/ 237) وأحمد بن منيع (كما في المطالب العالية رقم: 107) قالا: حدثنا هشيم، أخبرنا داود بن عمرو، قال: حدثنا أبو سلام، به.
قال الحافظ ابن حجر في (نتائج الأفكار) (1/ 213): (حديث صحيح).
قلت: إسناده حسن، داود بن عمرو شامي صدوق، كان عاملا على واسط، فلذا وقع حديثه لأهلها كهشيم وغيره، وأما إبهام الصحابي فلا يضره.
(5) الوَضوء - بفتح الواو -: الماء المتخذ للوُضوء - بضمها -.
(يُتْبَعُ)
(/)
(6) حديث صحيح. أخرجه أحمد (رقم: 2549، 3381) وأبو داود (رقم: 3760) والترمذي في (الجامع) (رقم: 1847) والشمائل (رقم: 176) والنسائي (رقم: 132) من طريق أيوب السختياني، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، به.
قلت: وإسناده صحيح، وقال الترمذي: (حديث حسن).
(7) أجبت عن هذا في (الأجوبة المرضية عن الأسئلة النجدية) (ص: 38 - 39).
(8) سقت نصوصهم وبينت درجاتها في كتاب (حكم الطهارة لغير الصلوات).
وكذلك جميع ما أذكره في مسألة الطهارة لقراءة القرآن ومس المصحف، فتفصيله في الكتاب المذكور.
(9) أما الرواية عن عمر، فأخرجها ابن أبي شيبة (رقم: 1080) بإسناد صحيح، والرواية عن علي، أخرجها أبو عبيد في (فضائل القرآن) (ص: 197) بإسناد حسن، وأدرجها بعضهم في حديث مرفوع، وهو خطأ. "
وقال في (مس المصحف مع الحدث) [ص 513 - 517]:
... " تقدم في أدب القارئ بيان جواز قراءته للقرآن مع الحدث، أصغر كان أو أكبر، ومثله القول في مس المصحف، مع الحث على الطهارة استحبابا.
... والوجه الجواز: أنه الأصل، ولم يثبت ما ينقله عن ذلك.
... وتقدم في المبحث السابق حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء، فقُرب إليه طعام، فقالوا: ألا نأتيك بوَضوء؟ قال: (إنما أمرت بالوُضوء إذا قمت إلى الصلاة).
... وفيه دليل على أن مس المصحف لم يؤمر بالوضوء له.
... وأكبر ما تعلق به من منع المحدث من مس المصحف آية وحديث، فأما الآية فقوله تعالى (إنه لقرءان كريم، في كتب مكنون، لا يمسه إلا المطهرون) [الواقعة: 77 - 79] فقالوا: دلت الآية على حرمة مس المصحف لمن لم يكن على طهارة.
... وهذا التفسير خطأ في اللغة، فإن فاعل الطهارة لا يمسى (مُطَهَّرا) وإنما يقال فيه: (مُطَّهِّر) و (مُتَطَهِّر) بصيغة اسم الفاعل، فهذا دليل على أن المعنى في ذلك لا يعود إلى المكلف، ولذا قال من قال من السلف (المطهرون) الملائكة، وهذا التفسير هو المناسب لعود الضمير في قوله (يمسه) فإنه في أصل اللغة إنما يعود إلى أقرب مذكور في السياق، وهو هنا الكتاب المكنون، وهو عند الله تعالى في السماء، كما قال سبحانه (في صحف مكرمة، مرفوعة مطهرة، بأيدي سفرة، كرام بررة) [عبس: 13 - 16].
... ولو قال قائل: يحسن بالمسلم اكتساب الطهارة ما استطاع لمس المصحف تشبها بالملائكة في تلك الصفة، فأقول: نعم، هذا معنى صحيح يستفاد من شرعية التشبيه بالملائكة في صفتهم، وقد جاء الندب إليه، كما في حديث جابر بن سمرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
... (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟) قال: قلنا: يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: (يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف) (1).
... لكن غاية ما يفيده مثل هذا الاستدلال هو استحباب التطهر لمس المصحف، أما الوجوب فلا ينهض دليلا عليه.
... وأما الحديث الذي استدلوا به على فرض الطهارة لذلك، فهو حديث: (لا يمس القرآن إلا طاهر).
... وهذا على لفظ النفي ومعناه النهي، وقد بينت وجهه في موضع آخر بما حاصله: أن وصف (طاهر) ثابت للمسلم بإسلامه، لا يزيله عنه حدث إلا الكفر، لما جاء من حديث أبي هريرة:
... أنه لقيه النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريق من طرق المدينة وهو جنب، فانسل فذهب فاغتسل، فتفقده النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما جاءه قال: (أين كنت يا أبا هريرة؟) قال: يا رسول الله، لقيتني وأنا جنب فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (سبحان الله! إن المؤمن (وفي لفظ: المسلم) لا ينجس).
... وكذلك وقع لحذيفة بن اليمان نحو قصة أبي هريرة (2).
... فهذا دليل بيّن على أن الطهارة ثابتة للمسلم لا يزيلها عنه جنابة أو ما دونها. وهذا بخلاف الكافر، فإن الله تعالى قال: (إنما المشركون نجس) [التوبة: 28]، وبغض النظر عن معنى النجاسة فيه، فإنه وصف مانع لنا من تمكينه من مس المصحف في الأصل، والاستثناء من ذلك على ما سيأتي واقع بقيد.
(يُتْبَعُ)
(/)
.. ويتأيد هذا الذي ذكرته في تفسير حديث (لا يمس القرآن إلا طاهر) أن في طرقه ما بين سببه، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث به إلى أهل اليمن، وفيهم أهل الكتاب، فنبه بذلك على عدم تمكينهم من المصاحف للمعنى الذي ذكرت (3).
... وعن الحسن البصري، رحمه الله، أنه كان لا يرى بأسا أن يمس المصحف على غير وضوء، ويحمله إن شاء (4).
... والمذاهب المنقولة عن السلف من الصحابة والتابعين ليس فيها ما يعارض هذا في التحقيق.
... كالذي جاء عن سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، فعن مصعب ابنه قال: كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص، فاحتككت، فقال سعد: لعلك مسست ذكرك؟ قال: فقلت: نعم، فقال: قم فتوضأ، فقمت فتوضأت، ثم رجعت (5).
... وعن ابن عمر، أنه كان لا يأخذ المصحف إلا وهو طاهر (6).
... ورُوي عن عطاء بن أبي رباح وطاوس اليماني ومجاهد المكي (7) وغيرهم نحو ذلك.
... فهذا وشبهه منهم محمول على استحباب الطهارة، وإنما ظهر التصريح بحزمة مس المصحف بغير طهارة فيمن بعدهم.
... فجملة القول في هذه المسألة: أن التطهر لمس المصحف مستحب وليس بواجب (8).
________________
(1) حديث صحيح. أخرجه أحمد (5/ 101، 106) ومسلم (رقم: 430) وأبو داود (رقم: 661) والنسائي (رقم: 816) وابن ماجة (رقم: 992) من طرق عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة، به.
(2) حديث صحيح. متفق عليه من حديث أبي هريرة: أخرجه البخاري (رقم: 279، 281) ومسلم (رقم: 371). وانفرد به مسلم (رقم: 372) عن حذيفة.
(3) وتفصيل القول في الحديث بيانا لدرجته ومعناه في كتابي (حكم الطهارة لغير الصلوات)، وقد ترجح لي أنه حديث ضعيف، أحسن طرقه رواية مرسلة، وليس له طريق موصول صالح. وانظر أيضا حول معنى الحديث كتابي (الأجوبة المرضية عن الأسئلة النجدية) (ص: 35 - 39).
(4) أثر صحيح. أخرجه أبو عبيد في (الفضائل) (ص: 401) قال: حدثنا يزيد، عن هشام، عن الحسن، به.
قلت: وهذا إسناد صحيح، يزيد هو ابن هارون، وهشام هو ابن حسان.
(5) أثر صحيح. أخرجه مالك في (الموطأ) (رقم: 101) عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن مصعب بن سعد، به. وإسناده صحيح.
(6) أخرجه أبو عبيد في (الفضائل) (ص: 122) قال: حدثنا أبو معاوية، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، به. وأعاده (ص: 400) بنفس الإسناد، لكن فيه (عبد الله) بدل (عبيد الله)، وعبد الله ضعيف، وعبيد الله ثقة.
(7) قال سعيد بن منصور (رقم: 101 - فضائل): حدثنا شريك، عن ليث، عن عطء، وطاوس، ومجاهد، أنهم قالوا: (لا يمس القرآن إلا وهو طاهر، أو قالوا: المصحف). وإسناده ضعيف، شريك هو القاضي، وليث هو ابن أبي سليم، ضعيفان.
(8) ومما يحسن التنبيه عليه قبل مفارقة هذه المسألة، ما رأيت الاستدلال به عند قليل من متأخري العلماء، وكثير من العامة لوجوب التطهر لمس المصحف، ذلك هو قصة إسلام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، حين دخل على أخته فرأى صحيفة، قال عمر: فقلت: ما هذه الصحيفة ههنا؟ فقالت لي: دعنا عنك يا ابن الخطاب، فإنك لا تغتسل من الجنابة ولا تتطهر وهذا لا يمسه إلا المطهرون، فما زلت بها حتى أعطتنيها.
والعامة يزيدون فيه: فذهب فاغتسل.
وهذه الزيادة كذب لا أصل لها في القصة، ثم كيف تصح الطهارة من مشرك؟ فعمر ساعتها لم يكن أسلم بعد.
أما الرواية دون الزيادة العامية فأخرجها البزار في مسنده (رقم: 279) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحُنَيني، عن أسامة بن زيد، عن أبيه، عن جده، قال: قال عمر بن الخطاب، فذكر ذلك في قصة فيها طول.
قلت: وإسناده واه جدا، الحنيني هذا ضعيف الحديث، وشيخه أسامة هو ابن زيد بن أسلم ضعيف مثله. "
انتهى كلامه.
والله أعلم. وهو المستعان.
ـ[راوية]ــــــــ[23 Dec 2008, 12:09 ص]ـ
جزاكم الله خير
ـ[أبو أنس العبسي]ــــــــ[08 Jan 2009, 04:11 ص]ـ
تفصيل رائع للشيخ الجديع من كتابه (الأجوبة المرضية)
السؤال: هل يجوز مس المصحف لغير المتوضيء؟
هذه المسألة من مسائل الخلاف، ذهب فيها طائفة من أهل العلم إلى جواز ذلك، وذهب الجمهور إلى المنع.
(يُتْبَعُ)
(/)
احتج الجمهور لمذهبهم بقوله تعالى: ((لا يمسه إلا المطهرون)) وبحديث: (لا يمس القرآن إلى طاهر).
وأجابهم القائلون بالجواز: عن الآية بأن المراد بالمطَّهرين: الملائكة، وعن الحديث بأنه معلول.
وتحقيق ذلك:
أن الآية ليست بحجة في الباب، إذ أنّ حَملَ معنى الطهارة في قوله: ((المطَّهرون)) على الطهارة من الحدث بعيد، بل خطأ، وبيانه:
أنّ لفظَ الآية دالٌ على أنّ من وقع منه المس مطَّهر، وهذا ظاهر لا لبس فيه، والقرآن يمسّه المسلم، والكافر والنجس، والمنافق الفاجر.
فإن قيل: هو في معنى الطلب.
قلت:
هذا لا يساعدُ عليه لفظ ((المطهَّر)) لأنه اسم مفعولٍ وقع عليه التطهير لا منه، ولا يقال فيمن فعل الطهارة ((مطهّّر)) إنما يقال فيه: ((متطهِّر)) و ((ومطَهَّر)) منه قوله تعالى: ((فإذا تطهرن فأتوهنّ من حيث أمركم الله، إن الله يحب التوابين ويحب المتطَهِّرين)). وقوله: ((فيه رجالٌ يحبون أن يتطهَّروا، والله يحب المطَّهِّرين)).
فهذا يصير بنا لزاماً إلى القول بأنّ (المُطَهَّرين) ليسوا هم المكلفين، والآية خبرٌ في مبناها ومعناها، وليست طلباً.
وأما حديث: ((لا يمسُّ القرآن إلا طاهر)) فالصواب - عندي - أنّه حديث حسن، وقد احتج به الإمام أحمد بن حنبل، وصححه إسحاق بن راهويه، ولتحقيق القول في ثبوته مقام آخر.
وأما دلالته فهو عندي برهان على منع مسّ القرآن لمن لم يكن طاهراً.
هذا جملة.
أما فيما نحن بصدده فَيَرِدُ عليه: أنّض لفظ (الطاهر) مشترك بين الطهارة من الكفر، ومن الحدثين الأكبر (الجنابة) والأصغر، ومن النجاسة الواقعة على البدن.
فهذا إذن لفظٌ مجملٌ يحتاج إلى دليلٍ يُعيِّنُ المراد على الأصح من قول الأصوليين.
وبتأملِ ماوردتْ به الأدلة يظهرُ تحديدُ المرادِ وتعيينُهُ في هذه المسألة، وبيانه كما يأتي:
أخرج الشيخان من حديث أبي رافع عن أبي هريرة، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جُنُب، (قال): فانخنست منه، فذهب فاغتسل ثمَّ جاء، فقال:
((أين كنت يا أبا هريرة؟)).
قال: كنت جنباً، فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة.
فقال:
((سبحان الله، إن المسلم لا ينجس)).
قلت - الشيخ الجديع -:
فهذا الحديث ظاهر الدلالة على أنّ اسم الإسلام يُثبِتُ لصاحبه الطهورية، وأنّ وصف الطهارة لازمٌ له بإسلامه، لا يُخرِجُهُ منه حدثٌ غيرُ الكفر.
ويؤيّدَ هذا الاستدلال وجوهٌ:
الأول:
ورد سبب هذا الحديث بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم كَتَبَ به إلى أهل اليمن، وكان فيهم أهل كتاب، وهم كفار - أعني حديث ((لا يمس القرآن إلا طاهر)) -.
والثاني:
ما أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدو، فإني أخاف أن يناله العدو)).
والعدو هنا: الكفار بلا نزاع.
والثالث:
قوله تعالى: ((إنما المشركون نجس)).
وهذا - بغض النظر - عن النجاسة أهي حسية أو معنوية، فإن الآية أثبتت لزوم وصف النجس للمشرك لمجرد كفره وشركه، ولذا نُهيَ عن السفر بالمصحف إلى بلاد الكفار لئلا تمسّه أيديهم لأنهم نَجَسٌ.
فبهذا يَبِينُ - إن شاء الله - للمنصف أنّ المراد بقوله ((إلا طاهر)): إلا مسلم، لا يمسه كافر.
وقد أخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي من طريق أيوب، عن ابن مليكة، عن ابن عباس:
أنّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء، فأتي بطعام، فقيل له: ألا تتوضأ؟ فقال:
((إنما أُمِرتُ بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة)).
قلت " الكلام للجديع ":
وإسناده صحيح، وصححه الترمذي.
فقوله: (إنما) أداة حصر، كما تقرر في اللغة والأصول، وعليه فهذا الحديث أفاد وجوب الوضوء حال القيام إلى الصلاة لا غير.
فاعتُرِضَ عليه بوجوب الوضوء للطواف بالبيت.
قلت " الشيخ الجديع ":
وليس بجيد، فقد صح من حديث ابن عباس مرفوعاً أنّ الطواف بالبيت صلاة إلا أنه أُحِلَّ فيه الكلام.
وهذا دال على فرض الوضوء لأجله.
ويبقى الأمر فيما سوى ذلك على الجواز، فالمسلم يمس القرآن على جميع أحواله لثبوت طهارته بإسلامه، ولا يلزمه لذلك ما يلزمه لأجل الصلاة والطواف من فرض الوضوء.
ـ[راوية]ــــــــ[08 Jan 2009, 12:23 م]ـ
جزاك الله خير وجزى الشيخ خيرالجزاء
ـ[ابن رجب]ــــــــ[08 Jan 2009, 11:12 م]ـ
كلام وبحث نفيس جداً من المشائخ الفضلاء وأما مسألة:الوجوب فأقول - والله أعلم - أن هذا القول وإن كانت الفتوى على ذلك ففي النفس منه شيء من عدة أمور:
1 - الآية ليست صريحة في ذلك (لايمسه) لأن بعض أهل التفسير أعلد الضمير على اللوح المحفوظ.
2 - حديث (لايمس القرآن إلا طاهر) أقول مادام المسألة تحريم أو تحليل فلابد أن يثبت ذلك بدليل صريح صحيح لا كما قال أبن المنذر رحمه الله (شهرته تغني البحث فيه) فقال بعض مشائخنا: أن هذا غير صحيح. فلا بد من ثبوت النص.
ولا زلت أبحث عن نص فاصل في ذلك وليست أدلة لها عدة إحتمالات وعدة أوجه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو أنس العبسي]ــــــــ[10 Jan 2009, 02:45 ص]ـ
الأخت الشيخة، وجزاك الله خيراً أيضاً.
الأخ ابن رجب، كلامك صحيح، ولكن بالنسبة للحديث فهو حسن إن شاء الله كما قال الشيخ الجديع في البحث السابق، ولكن دلالته خطأ، والمقصود بـ طاهر ((مسلم)).
انظر التفصيل المذكور بارك الله فيك.
ـ[عبد الكريم بن عبد الرحمن]ــــــــ[10 Nov 2009, 10:47 م]ـ
يكفي مذهب الصحابة في منع مسه للمحدث و ما جاء به الشيخ الجديع غير مسلم به كل ما قاله هو الاعتراض على الأدلة بفهمه وحمل كلام الصحابة على غير ظاهره و هذا غريب عجيب إذا علمنا بما جاء صراحة عنهم:
مالك عن إسمعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص أنه قال كنت أمسك المصحف على سعد بن أبي وقاص فاحتككت فقال سعد لعلك مسست ذكرك قال فقلت نعم فقال قم فتوضأ فقمت فتوضأت ثم رجعت.
و لا يحمل أثر كهذا على الاستحباب لأن ظاهره يفيد الوجوب.
قال الحافظ ابن حجر في الدراية (1/ 87،88): “وعن عبد الرحمن بن يزيد أن سيدنا سلمان الفارسي – رضي الله عنه – قضى حاجته فخرج ثم جاء، فقلت: لو توضّأت لعلّنا نسألك عن آيات؟ قال: “إني لست أمسه، لا يمسه إلا المطهرون، فقرأ عليها ما شئنا” أخرجه الدارقطني وصححه (1/ 123،124) ”
فهذا نص صريح عن صحابي في المسألة.
قال إسحاق بن منصور الكوسج ـ رحمه الله ـ في "مسائله" (1/ 89):
قلت ـ يعني للإمام أحمد ـ: هل يقرأ الرجل على غير وضوء؟ قال: نعم، ولكن لا يقرأ في المصحف إلا متوضأً. اهـ
ثم قال ـ رحمه الله ـ:
قال إسحاق ـ يعني ابن راهويه ـ: لما صح قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يمس القرآن إلا طاهر)) وكذلك فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون. اهـ
ونقله أيضاً عنهما ابن المنذر ـ رحمه الله ـ في كتابه "الأوسط" (2/ 102).
وقال الإمام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ كما في "مجموع الفتاوى" (21/ 266):
مذهب الأئمة الأربعة أنه لا يمس القرآن إلا طاهر، كما قال في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: ((أن لا يمس القرآن إلا طاهر)) قال الإمام أحمد: لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه له، وهو أيضاً قول سلمان الفارسي وعبد الله بن عمر وغيرهما، ولا يعلم لهما من الصحابة مخالف. اهـ
وقال أيضاً في "شرح العمدة في الفقه" (1/ 383 قسم الطهارة):
وكذلك جاء عن خلق من التابعين، من غير خلاف يعرف عن الصحابة والتابعين، وهذا يدل على أن ذلك كان معروفاً بينهم. اهـ
وقال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في "المغني" (1/ 202) معلقاً على قول الخرقي "ولا يمس المصحف إلا طاهر":
يعني طاهراً من الحدثين جميعاً، روي هذا عن ابن عمر والحسن وعطاء وطاووس والشعبي والقاسم بن محمد، وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، ولا نعلم لهم مخالفاً إلا داود فإنه أباح مسه ... وأباح الحكم وحماد مسه بظاهر الكف. اهـ
وقال النووي ـ رحمه الله ـ في "المجموع" (2/ 86):
واستدل أصحابنا بالحديث المذكور، وبأنه قول علي وسعد بن أبي وقاص وابن عمر رضي الله عنهم، ولم يعرف لهم مخالف في الصحابة. اهـ
وقال ابن عبد البر ـ رحمه الله في "الاستذكار" (8/ 10):
أجمع فقهاء الأمصار الذين تدور عليهم الفتوى وعلى أصحابهم بأن المصحف لا يمسه إلا الطاهر، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وأبي عبيد، وهؤلاء أئمة الرأي والحديث في أعصارهم.
وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وطاووس والحسن والشعبي والقاسم بن محمد وعطاء، وهؤلاء من أئمة التابعين بالمدينة ومكة واليمن والكوفة والبصرة. اهـ
وقال في "التمهيد" (17/ 397):
ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام: أن المصحف لا يمسه إلا الطاهر، على وضوء، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وأبي ثور وأبي عبيد وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر وطاووس والحسن والشعبي والقاسم بن محمد وعطاء. اهـ
وقال الوزير ابن هبيرة ـ رحمه الله ـ في "الإفصاح" (1/ 68):
وأجمعوا على أنه لا يجوز للمحدث مس المصحف. اهـ
قول الصحابة أحب إلينا من قول غيرهم من السلف و قول السلف أحب إلينا من قول غيرهم من الخلف.
لذلك نلزم القائل بجواز مس المصحف للمحدث أن يأتينا بقول صريح عن الصحابة في ذلك كما جئنا بأقوال و أفعال صريحة في ذلك عنهم و الله أعلم
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[11 Nov 2009, 03:38 م]ـ
قضية مس المصحف لغير المتطهر أشبعت بحثا، وأقوى الأدلة فيها قول الإمام ابن حزم ومن وافقه أنه يجوز مس المصحف لغير المتطهر.
والمحرم لا دليل عنده إلا:
1 - آية "لا يمسه إلا المطهرون" وأرجح أقوال أهل العلم فيها أن المقصود بها هم الملائكة واللوح
2 - حديث عمرو بن حزم، وضعفه معروف، ونص أهل العلم على أنهم استغنوا بشهرته عن إسناده.
وأما الجواز فمن أصرح الأدلة عليه حديث الصحيحين في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل، وكذا بقية رسائله إلى الملوك.
وقد اشتملت الرسالة على بعض القرآن الكريم، وعلم أنه يمسها المتطهر وغيره كما نص على ذلك أهل العلم.
ملاحظة: نقل كلام أهل العلم في مسألة ما لا يعتبر فتوى حتى يكون فيه محظور شرعي بل هو من المدارسة العلمية المفيدة.
والله تعالى أعلم.(/)
دراسة: التفاسير القرآنية المعاصرة (قراءة في كتاب احميده النيفر)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[19 Dec 2008, 08:40 ص]ـ
التفاسير القرآنية المعاصرة
الكاتب: غير معرّف
المصدر: موقع جامعة أهل البيت العالمية ( http://www.ahlulbaitonline.com/Public/bohoth/003/003.html)
1- المقدمة
لا يسع المتتبع لكتابات الدكتور أحميدة النيفر إلا أن ينشد إليها، حتى لو اختلف معه، في هذه الفكرة أو تلك، ويعود هذا الاهتمام ـ أو جزء مهم منه ـ الى طبيعة الطروحات التي تتسم بالجدية والإثارة، فضلا عما تنطوي عليه من جاذبية، يضفي عليها أسلوبه المشرق رونقا ومتعة.
ويأتي كتيبه [الإنسان والقرآن] (1) محاولة أخرى يضع فيها أفكاره المنثورة في مقالاته التي تهتم، في الأغلب الأعم، بالكتابات الإسلامية الحديثية، وبخاصة قراءاته التي تنصب على العناية بـ ((المنهج)) وتطبيقاته لدى الإسلاميين المعاصرين.
وقد سبق للدكتور النيفر أن ألقى بحثه هذا على طلابه في جامعة الزيتونة بتونس، تحت عنوان ((التفاسير القرآنية المعاصرة: قراءة في المنهج))، دون أن يجري على البحث أية لمسة تغيير، من إضافة، أو حذف، أو حتى تشذيب، اللهم إلا في موارد نادرة جدا.
بادئ ذي بدئ، يثير المؤلف ثلاث ملاحظات تتعلق بالتفاسير القرآنية، وهي:
أولا: مما يميز الفكر العربي الحديث، في مجالي التأليف والمنشر،، وفرة الإنتاج التفسيري للنص القرآني أو المعتمد عليه، لمعالجة بعض القضايا النظرية، أو المسائل الاجتماعية، ففي ظرف قرن ونصف ظهر في البلاد العربية ما يزيد عن مائة مؤلف فضلا عن المقالات التحليلية والدراسات الموضوعية.
ثانيا: الى جانب هذه الوفرة العددية نلاحظ أن العناية بالتفسير، وأن لم تفتر طيلة العصر الحديث، إلا أن وتيرة صدورها تظل أمرا لافتا للنظر، السمة الأساسية لهذه الوتيرة هي أنها مع استقرار نسي نعرف فترات تسارع كبير وغزارة غير معهودة، فترات الذروة هذه تبدو متزامنة أو تالية لازمات مجتمعية، ومؤسساتية بالغة الحدة، أثر ذلك تعود الوتيرة الى وضع الاستقرار في انتظار طور تصاعد جديد، هذه الخصوصية تجعل اشتداد الاهتمام بالقرآن، تفسيرا ودراسة مرتبطا بما يعتري المجتمعات العربية من اهتزازات، وتساؤلات كبرى.
ثالثا: الملاحظات تتصل بالمؤلفين الذين يقومون على إنتاج هذه الإعمال، فما يشد الانتباه هو أن نسبة عالية من هؤلاء ليسوا من خريجي المعاهد الشرعية، أو كليات أصول الدين، وليسوا من أصحاب الخطط الرسمية الدينية؛ إذ ظهر مختصون في الطب، والهندسة، وعلوم التربية، واللسانيات ممن لا يتردد في تأليف التفاسير أو الدراسات القرآنية (2).
يذكر الدكتور النيفير أشهر أمثلة للنوع الأخير، فيسمي تفسير الجواهر لطنطاوي، وفي ظلال القرآن لسيد قطب، ومفهوم النص لنصر حامد أبو زيد. وليس خافيا أن إقحام طنطاوي جوهري، ضمن الذين لم يتلقوا الدراسة في المعاهد الشرعية، كانت هفوة من الكاتب، ولعها غير مقصودة، بدليل أنه نعت المفسر طنطاوي لاحقا بـ ((بهذا الشيخ الأزهري)) (3)، وأزهرية الشيخ المفسر ليست موضع نقاش (4)، وثمة هفوة أخرى وقع فيها الأستاذ النيفر ـ حيث ثبت تاريخ ميلاده (1859م) والصحيح هو (1870م).
من خلال الملاحظات الثلاث، التي أشار إليها المؤلف، يخلص إلى القول بأنها في جملتها تؤكد أن النص القرآني احتفظ بمكانة مرجعية في المنظومة الثقافية العربية، رغم طبيعة التحولات التي عرفتها المجتمعات في علاقتها بالمقدس طيلة الفترة الحديثة.
من جهة أخرى، فإن تحليل حركة الإنتاج التفسيري، وما تعرفه من فترات أوج وأخرى للتراجع، يطرح تساؤلات عن مدى تطور الفكر العربي في هذا المجال، ومدى حسمه في القضايا الموصولة بعلاقة المسلم بالنص المؤسس لحضارته وفكره (5).
لمواجهة هذه التساؤلات، مع الأخذ بنظر الاعتبار الملاحظات السابقة، ينبري النيفر بلا إجابة مستعرضا أهم ما ينبغي أن نعرفه عن المفسرين في العصر الحديث، وعن إنتاجه وخصوصياته المعرفية والمنهجية .. والاهم من ذلك هو السعي إلى معرفة مدى التغيير مكانة الإنسان وطبيعة الوعي الذي يراد منه .. ليخلص إلى أن ((عنايتنا بهذه ا لتفاسير ـ في كلمة ـ ترجع إلى الحرص في أن نعرف ماذا فعلت الحداثة بالوعي العربي في علاقته بالمقدس والنص المؤسس؟)) (6).
2 - النص .. والأسئلة
(يُتْبَعُ)
(/)
والمقصود ((بالنص)) هنا، هو النص القرآني، الذي ظل ينزل على الرسول محمد (صلى الله عليه وآله) على مدى ثلاثة وعشرين عاما، ليضبط نهائيا في فترة الحكم الخليفة الثالث عثمان بن عفان (ت35 هـ/556هـ).
والأرجح أن النص الموحد لم يتوفر له تفسير كامل من قبل الرسول، إلا أن هذا لم يمنع جيل الصحابة من إدراك عام لظاهر معانيه وأحكامه، من دون أن يأدي هذا الإدراك إلى الفهم الكامل التفصيلي والمعرفة المحيطة بدقائق النص، ثم كان لتعاقب الأجيال وتغير الأحوال الاجتماعية، والفكرية، والدينية ما حمل على ظهور تآليف، ترمي إلى أحاطة اشمل بمعاني القرآن .. ((ومع ذلك فإننا ـ يقول النيفر ـ لن نجد تفسيرا للقرآن بكامله سورة وآية آية قبل المائة الثالثة للهجرة / القرن التاسع الميلادي)) (7).
والملاحظ أن علم التفسير قطع أشواطا هامة في مجال تحديد تعريفه، ومنهجيته، وتفسير أبي السعود العمادي (ت951 هـ/1544م). كان يقال في القرون الثلاثة الأولى: أن التفسير علم من العلوم التي ((لا أنضجت ولا احترقت)) ولي ذلك تعبيرا عن قلة وضوح الغاية من التأليف فيه، كما يذهب النيفر (8)، بل أن العبارة توحي بأن هذا العلم ((الوليد)) ما تزال تنتظره آفاق رحبة من النمو والتطور، وبتعبير اليوم، إنه علم لم يستهلك بعد، ولم يصل الى نهاياته المعرفية، حيث التوقف حسب مقولة: ((إن الأوائل لم يتركوا للأواخر كبير الجهد في تفسير كتاب الله))!.
وقد أشار الإمام علي (عليه السلام) غير مرة في خطبه ورسائله إلى هذه الآفاق الواعدة ((هذا القرآن إنما هو خط مستور بين الدفتين، لا ينطق بلسان، ولابد له من ترجمان، وانما ينطق عنه الرجال)) (9)، و ((ثم أنزل عليه الكتاب نورا لا تطفأ مصابيحه، وسراجا لا يخبو توقده، وبحرا لا يدرك قعره .. )) (10).
والغريب أن النيفر قد افتتح حديثه بالاستشهاد بالمأثور الأول للأمام علي (عليه السلام)،ولكن بشكل مبتور، ربما يخرجه عن سياق مراميه، وأيا كان الأمر، فقد عكف المفسرون الأوائل على الغوص في بحر القرآن و ((إبانة كلام الله والكشف عن مراميه)).
وكان التفسير وهو يسعى للوصول إلى مدلولات القرآن يرتكز دائما على نظام فكري ونسق ثقافي، وهذان الأمران هما: المنهجية والعدة المعرفية، سواء تلك التفاسير المعتمدة على الاجتهاد العقلي، والمعرفة بتفاسير الرأي، أم تفاسير الإثر، وسواء أكانت التفاسير المهتمة باستخراج الأحكام الفقهية، أم تلك التي نقلت عن المتصوفة، مما سمي بالتفاسير التأويلية الإشارية.
ظلت هذه المنهجية فاعلة حتى الفترة المعاصرة منتجة تفاسير كثيرة تنتمي إلى ما يسميها النيفر بالمدرسة التراثية ((التي يكون المفسر فيها متحركا ضمن الموروث اللغوي، والفقهي، وخاضعا لمنهج يجعل اللغة والتراث ((يفكران)) ممن خلاله، وليس العكس)) (11)، ثم يضيف النيفر قائلا: ((انه المنهج الذي يعيد إنتاج نفس المعرفة ونفس الفهم للنص وكأن الوحي اللالهي قد ضبطت دلالاته نهائيا .. )) (12). بعد هذا يخلص الى القول: ((لذلك فأهم خصوصيات هذا المنهج تتجاوزه باعتباره مجرد آلة يحلل بها المفسر جسم النص الى كونه يمثل جملة المفاهيم الأساسية التي تؤطر النص من حيث طبيعته، وحركته، ووظيفته،. من ثم يتمكن المنهج من أحاطة النص القرآني بسياج مفاهيمي لا يمكن التوصل الى إدراك دلالات النص، إلا باستيعاب تلك المفاهيم، أي يتمثل آلية فكرها وخصوصية رؤيتها، وهو ما يخلع على التراث الذي أبدع لفهم النص المؤسس سلطة شبه تقديسية تجعله بمثابة نص ثان)) (13).
وهذا الكلام الذي طالما يردده رواد تيار الحداثة، هذه الأيام، لا بخلو من تعميم وتوظيف مقصود، وإن توارى وراء الموضوعية، ويخاصة لدى المنادين بنظرية النص في نسختها الغربية، ولا يعني هذا أننا ننفي هيمنة سلطة التراث التفسيري الموروث، كيف وهذا أحد أساطين الفكر الإسلامي المعاصر ـ وهو السيد محمد باقر الصدر ـ يؤكد أن انتشار الاتجاه التجزيئي في التفسير ((ساعد على إعاقة الفكر الإسلامي القرآني عن النمو المستمر، وساعد على إكسابه حالة تشبه الحالات التكرارية، حتى تكاد تقول: أن قرونا من الزمن متراكمة مرت بعد تفاسير الطبري، والرازي، و الطوسي لم يحقق فيها الفكر الإسلامي مكاسب حقيقية جديدة، وظل التفسير ثابتا لا يتغير أي قليلا من خلال تلك القرون، على الرغم من
(يُتْبَعُ)
(/)
ألوان التغير إلى حفلت بها الحياة بمختلف الميادين)) (14).
3 - مناهج التفسير
غير أن هذه الحقيقة لا تلغي أن هناك أكثر من منهج للتعامل مع النص، خلافا لما يحاول البعض تعميمه على المدارس التفسيرية، فمن خلال استقراء المناهج المتبعة في التعامل مع النص، ومحاولة الاستفادة منه، سواء الاستفادة القائمة على قصد إيجابي مخلص، والمتمثلة في محاولة الاستكشاف العلمي الموضوعي، أو تلك التي تكمن وراءها أهداف قبلية، وقناعات مذهبية يراد دعمها بتطويع النص الديني (من الكتاب والسنة)، من خلال الاستقراء نجد أمامنا المناهج التالية:
1ـ المنهج الظاهري: وهو المناهج الذي يتعامل مع الظاهر، من دون محاولة الغور إلى العمق والتعامل الجوّاني معه، مما يحول دون استكشاف قصد صاحب النص.
2ـ المنهج الباطني: وهو الذي عبث بمعاني القرآن، وحرفها عن قصد وتخطيط، وأبرز ممثلي هذه الاتجاه هم الغلاة، كما تمثله بعض الاتجاهات الباطنية المنحرفة
3ـ منهج التأويل: عرّف التأويل بأنه ((رد أحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر)) وقيل: إنه انتهاء الشيء ومصيره وما يؤول إليه. أما السيد محمد باقر الصدر فيقول: ((تأويل الآيات المتشابهة ليس بمعنى بيان مدلولها، وتفسير معانيها اللغوية، بل هو ما تأؤول إليه تلك المعاني)) بمعنى انه تفسير المعنى وبيان حقيقة الشيء الخارج في الخارج.
4ـ منهج الامرار والتوقف: وهو المنهج الذي صادر دور العقل والتأمل في النص، والاستفادة منه عن طريق التأويل، أو التدبر، أو تفسير الآية بآية أخرى موضحة لها، بل ألزم نفسه بنظرية التوقف، وعدم القول بما تقوله الظاهرية، أو اللجوء إلى التأويل، وقال أصحاب هذا الاتجاه: نستقبل النص دون محاولة القول فيه، عندما يحتمل أكثر من رأي، بل نتوقف عن إبداء أي رأي تفسيري، ونمره كما ورد.
5ـ منهج الظهور: وهو المنهج الذي قسم إفادات الدليل إلى ثلاثة أقسام هي: النص، والظاهر، والمجمل، فذهب إلى القول بحجية الظهور، وهو ينطلق في نظريته تلك من أن النص الديني (القرآن والسنة) هو نص عربي مبين، وصاحب النص إنما أراد إفهام المخاطبين بمراده من خلال كلامه، وفق أصول الخطاب العرفي المألوف بين الناس جميعا، لذا فإن ما يستفاد من ظاهر الكلام حجة يجب الأخذ بها.
6ـ المنهج النحوي: ينتهي علم النحو في أهدافه إلى انه علم بيان المعنى، يقوم على أساس التحليل البنيوي لمعنى التراكيب اللفظية بتحديد النسبة بين المفردات والتراكيب، والعلاقة بينها .. واعتمد النحويون المنهج النحوي لتحليل المعاني القرآنية، ومعرفة دلالة الألفاظ من تحديد موقعها الأعرابي، منطلقين من أن الأعراب في حقيقته تابع للمعنى.
7ـ المنهج العقلي: وهو المنهج الذي آمن بدور العقل في فهم النص، واستكشافه ضمن ضوابط فهم محدودة، ومنهج عليم يعتمد على دلالات القرآن نفسه، محتجين بآيات عديدة من القرآن، وهو غير المنهج الفلسفي الذي يتعامل مع النص منطلقا من مسلمات فلسفية.
ويتكامل هذا النهج مع ((منهج الظهور)) في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام).وقد دافع الشيخ الطوسي في مقدمة تفسيره، ((التبيان)) دفاعا حارا عن هذا المنهج إذ يقول (15): ((وقد مدح الله أقواما على استخراج معاني القرآن فقال ((لعلمه الذين يستنبطونه منهم)) (16)، وقال في قوم يذمهم حيث لم يتدبروا القرآن ولم يتفكروا في معانيه ((أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)) (17).
من هنا نتوصل إلى أن النيفر قد جانب الحقيقة كثيرا، وقفز عنها، حينما حاول أن يختزل كل المناهج بمنهج واحد هو المنهج المتخلف القمين بالنقد والمراجعة الحقيقية، فليس هناك ((سلطة شبه تقديسية تجعل التراث بمثابة نص ثان))! والمقدس لا يتعدى نصين فقط هما: القرآن والسنة .. وكل ما عاداهما، فهو ليس بمقدس. وهذا لا يعني أن نغمط العين عن التراث الإسلامي، أو نقلل شأنه، لاسيما وأنه يتمثل بهذا الكم العملاق من الفكر والمعرفة التي ورثناها عن الأجيال الماضية، والذي يقدر بمئات الآلاف من الكتب، والمؤلفات المنتشرة في مختلف مكتبات العالم الإسلامي وغيره، وفيه من الكنوز والعطاء والعلمي، والجهد المنهجي، ما يدعو إلى الإكبار والإعجاب والتبجيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
أن أولئك العلماء، قد بلغوا مرحلة عالية من العمق والمنهجية والبرمجة العلمية، بيد أن هذا لايعفينا من الاعتراف، بأن هذا التراث، قد اختلط به كم هائل من أيضا من الأساطير، والخرافات، والعثرات، والانحرافات التي افرزها العقل المتخلف، أو المنحرف، أو القصور العلمي، أو محاولات الهدم والتخريب المتعمد .. وذلك كله يحتاج إلى تنقية وتنقيح، وتخليص ما هو علمي يمثل الفكر الإسلامي مما دخل عليه واختلط به، ليكون أساسا من أسس الثقافة والمعرفة، أن عملية افرز هذه تواجه مشكلتين أساسيتين هما:
1 - مشكلة تحديد المرجعية و الضوابط التي يتم على أساسها غربلة التراث وتنقيته، وإثبات الصحيح منه.
2 - مشكلة العقليات التي تدافع عن كل موروث، سواء أكان فعلا اجتماعيا يمارسه المجتمع، أم فكرا تحويه بطون الكتب والمكتبات، بغض النظر عن خطأه، بل ويصطنع بعضهم الأعذار وحجج الدفاع للإبقاء عليه. وهذا الموقف العقلي والنفسي هو ذاته، قد تشكل من خلال إفرازات ذلك التراث الذي يحتاج الى إصلاح، وإعادة نظر، ولذا فإن جزء من تصحيح التراث هو تصحيح العقل المتوقف عن قبول النقد العلمي والتغيير البناء.
ولعل أهم المراجع ذات الحجية المشروعة في إعادة فهم التراث، أو تثبيت الصحيح منه تتحدد بما يلي:
1 - النص [الكلام الذي لا يحتمل إلى معنى واحد] من القرآن والسنة.
2 - عقيدة التوحيد والتنزيه القائمة على أساس الإثبات العقلي.
3 - المسلمات العقلية والعملية.
4 - أصول الإثبات العلمي.
وفيما يتعلق بالتفسير وأصوله النقدية، فإن عملية التفسير الرامية الى فهم النص تقوم على أساس رؤى نقدية ثلاث هي:
1 - الفهم الصحيح للنص لا يتمخض إلا عن التفسير.
2 - يمكن تفسير النص الواحد بعدة أشكال، ولكل نص وجوه متعددة، ولا يمكن أن يحصل فهم النص بالبداهة.
3 - ينبغي تشخيص المعنى الصحيح للنص واختياره، واستبعاد المعاني والتفاسير الخاطئة.
4 - والقول بحاجة النص إلى التفسير يرتكز من ناحية أخرى، على مبدئين نقديين:
الأول: هو أن النص مغاير لمعناه، والمعنى لا يمكن أن يكون بذاته ظاهرا جليا.
و الثاني: هو أن المعنى غير منفصل عن النص، أو أجنبي عليه، فالنص هو أساس المعنى المقصود.
وهذان المبدءان النقديان يحولان دون النظر إلى النص بطريقة سطحية، وكذلك دون التصور الساذج القائل: إن بالإمكان فهم المعنى بدون تفسير (18).
وعودة إلى النيفر وأحكامه المبتسرة، النابعة حسب ما يبدو، من اندفاعاته الحادة نحو الحداثة (ولا ننسى فالرجل من أقطاب ما يسمى باليسار الإسلامي بتونس، وقد كان رئيس مجلة معروفة)، فإنه في الوقت الذي يشد فيه بالإنتاج الغزير في مجال الدراسات القرآنية يعقب قائلاً ((غير أن هذا الإنتاج الغزير بحاجة إلى تقويم لمعرفة مدى حداثة مناهج هذه التفاسير، والدراسات، والى أي حد وقع التجديد في وظيفة المفسر وعلاقته بالنص المؤسس)). وبعد ذلك يختار أربعة نماذج تفسيرية (ثلاثة منها ليست شهيرة وأصحابها من المغمورين)، مؤكدا أن علم التفسير يبدو اليوم وكأنه علم، قد ((احترق)) فيما لو اقتصرنا على هذه النماذج.
ورغم ما حوته هذه التفاسير الأربعة من آثار ((المعاصرة)) في بعض ما يقع تناوله من مسائل ((لكن هذه المعاصرة ـ كما يذهب النيفر ـ تبقى هامشيه؛ إذ هي لا تخص العدة المعرفية القديمة والتصنيفات المعروفة والقضايا الكبرى التي سبق أن قتلت بحثا. ثم ـ وهذا هو الأهم ـ لا نرى من خلال هذا المناخ العلمي والمذهبي أي تساؤلات تجديدية تتصل بالمفسر، وطبيعة الأدوات التي ينبغي أن يؤسس عليها علاقته مع النص القرآني))، ومن ثم يخرج علينا بإبداء ملاحظة ـ يدعوها أولية ـ مفادها: أنه يعسر العثور على الجديد في المستوى المعرفي للتفاسير المعاصرة، طالما لم يحصل جديد في البناء المنهجي الذي يحكم العلاقة بين المفسر والنص.
هذه الأحكام وغيرها يطلقها النيفر جزافا، دون أن يقدم لنا الدليل، ومن دون أن يدعم مقولاته بتوضيح مقنع، فتظل هكذا عائمة تعتمد الإطلاق، فماذا يريد بـ ((التجديد)) في البناء المنهجي؟ وما هي الآلية التي تحكم العلاقة بين المفسر والنص؟ وما هو المنهج المطلوب الذي يولد المعرفة الجديدة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وحين ((يبشرنا)) بظهور محاولات تجديدية في مستوى المنهج حرية بالدرس والتحليل .. لم يتكرم علينا بذكرها، أو حتى الإشارة إلى بعضها، وان كنا نستشف من عباراته انه يقصد محاولات معينة، ما تزال تلاحقها علامات الاستفهام. لنقف قليلا أمام عباراته التي تقول: ((هذه المحاولات الحديثة ـ ولن لم تنجز عملا تفسيريا كاملا ـ فإنها أدركت ضرورة تأسيس منهجية تجديدية لقراءة النص القرآني ـ الأهم في هذه المحاولات أنها استمدت جانبا من وعيها هذا التراث التفسير نفسه)) (19).
على هذا المنوال يستمر النيفر في عدم البوح بما يقصده، ويظل مراده مخبوء وراء حشد من الأحكام الجاهزة، ووراء ترديد المصطلحات، ولا دعوة الى مشروعيته حديثة، هي ذات المشروعية التاريخية في سياقها الخاص واليت تبيح للمشروعية الحديثية ((أن تبرز اليوم ـ إن هي تمكنت ـ من معرفة تجديدية تقترح قراءة أخرى للنص القرآني)) (20).
وينأى النيفر عن الخوض في طبيعة هذه ((القراءة)) الأخرى للنص القرآني، ليتسائل عن جدوى القراءة ((المغلقة)) للنص القرآني .. وبهذا التساؤل، بدا انه لاشيء يبرر إسناد السمة الاطلاقية الى المنهج التفسيري ((التراثي)). ومن ثم توالت أسئلة أخرى.
يقول النيفر: ((أول الأسئلة التي تعتبر جزءا من أجزاء الإشكالية التي تطرح على الباحث، عند دراسة المنهج التفسيري المعاصر يتصل بطبيعة العلاقة مع التراث التفسيري القديم، فما لم يحدد المفسر المعاصر موقفا واضحا من هذا التراث، فإنه من المستبعد توقع تجديد منهجي من قبله.
ينجر هذا السؤال الى سؤال ثان موصول بالإشكالية التي نحاول بسطها وهو المهتم بالعدة المعرفية التي يحتاجها المفسر اليوم لإرساء منهجية حديثة لتفسير القرآن.
أما ثالث الأسئلة، فهو الذي يعتني بتحديد وظيفة المفسر وطبيعة العلاقة بالنص القرآني)) (21).
وبدلا من أن ينهمك الكاتب بتقديم إجابة عن تساؤلاته هذه، فإنه ينأى بعيدا ـ أيضا ـ كعادته في المرات السالفة، ويترك القارئ في حيرة من أمره، هل يتبنى النيفر التعامل الواعي مع التراث، فيقبل الصحيح منه، ويرفض السقيم، أم انه يرفض التراث جملة وتفصيلا، بعضه وسمينة؟
إنه لم يوضح طبيعة هذا الموقف المطلوب، تماما كما هو الحال مع السؤالين التاليين:
وعدد من الإثارات السابقة. ويكتفي بإحالة القارئ إلى أن ((هذه الأسئلة ستصاحبنا طيلة هذه الدراسة التي نحاول من خلالها التعرف على أبرز الجهود التفسيرية المعاصرة، بالاعتماد على الخصوصية المنهجية لهذه الجهود. وهي عين الأسئلة التي تصنع في تضافرها إشكالية هذا البحث، وإشكالية جميع المفسرين المعاصرين، وهي كيف يكون التفسير معاناة للحكمة إلالهية بمشاغل الواقع؟ أو كيف يصبح التفسير هو جدل الوحي مع التاريخ؟)) (22).
وقبل أن يخوض النيفر في التيارات والمدارس المعاصرة يذكّر القارئ، بأن ما قام به ((ليس عملا استقصائيا كاملا، لكنه يبقى معالجة تحرص على وضع أكبر عدد من الدراسات القرآنية والتفسيرية ضمن تركيب إشكالية غايته إبراز مجالات التجديد في المستويين المنهجي، والمعرفي)) (23).
ولا تخطئ العين الباصرة أن النيفر حاول الالتفاف على وعي القارئ، حينما ذكر بأن بحثه ليس عمى استقصائيا، ليسوغ لنفسه أنتهاج طريقة انتقائية ـ تخدم استنتاجاته أو حتى مآربه ـ فيطرح في الواجهة أعمالا ثانوية ـ ويتغافل عن نتاجات جادة معمقة ـ كما سنرى -، وهذه ـ لعمري ـ خلاف الأمانة العلمية والبحث الموضوعي.
4 - المناهج التفسيرية المعاصرة
يمهد النيفر لدراسة التيارات المعاصرة بتقسيم النتاجات التفسيرية إلى قسمين كبيرين: أحدهما يطلق عليه ((التفاسير المنجزة))، والقسم الثاني يقتصر على تقديم منهج دون أن يتم تطبيقه على النص برمته، أو على جزء مهم منه .. ويصف هذا الأخير بأنه شرب جديد من التآليف يمكن أن نسميه ((القراءات المقترحة)).
في هذه الأثناء يشير النيفر إلى مدى التباين بين منهجين معاصرين؛ يتبنى أحدهما ((مفهوم النص المقدس))، فيما يرفع الثاني [أصحاب ((القراءات المقترحة))] مفهوما جديدا هو مفهوم النص المؤسس، على ضوء هذا الفهم المتباين في التصور، وفي تحديد بعض المفاهيم، يشرع النيفر بتحديد مدارس التفسير المعاصرة وتياراته. ويبدأ بالمدرسة التراثية التي تتوزع على ثلاثة تيارات هي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - التيار التراثي السلفي.
2 - التيار السلفي الاصلاحي.
3 - التيار الايديولوجي.
1 - التيار التراثي السلفي
أ- التيار التراثي السلفي، ويدرج النيفر فيه كلا من:
1ـ شهاب الدين محمود الآلوسي، المتوفى ببغداد سنة 1270هـ/ 1854م، صاحب تفسير ((روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني)).
2ـ أبو الطيب محمد صديق خان القنوجي (من علماء الهند)، المتوفى سنة 1307هـ/ 1889م، صاحب تفسير ((فتح البيان في مقاصد القرآن)).
3ـ سلطان أحمد بن حيدر الخرساني البيرختي، المتوفى سنة 1311هـ/ 1894 م، صاحب تفسير ((بيان السعادة ومقامات العبادة)). من علماء الأمامية.
4ـ محمد بن يوسف بن عيسى اطفيش، المتوفى سنة 1332 هـ/ 1914م. صاحب تفسيري ((هميان الزاد إلى دار المعاد)) و ((تيسير التفسير)) و من علماء الاباضية.
5ـ عبد الرحمن آل سعودي الناصري، المتوفى سنة 1376هـ/ 1956 م، مؤلف ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان))، من السعودية.
6ـ محمد الأمين بن المختار الشنقيطي الجكني، من علماء موريتانيا. توفي سنة 1393هـ/ 1973م، صاحب تفسير ((أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن)).
7ـ محمد علي الصابوني، المولود سنة 1347 هـ/ 1928 م، له تفسيران ((روائع البيان في تفسير آيات الأحكام في القرآن)) و ((صفوة التفاسير)). وهذا الأخير عبارة عن خلاصة مجموعة من التفاسير القديمة (الطبري والزمخشري والقرطبي وابن كثير وبعض التفاسير المعاصرة (الآلوسي وقطب).
8ـ مناع خليل القطان، مصري توفي عام 1421هـ/ 2000 م، له (تفسير آيات الأحكام)).
يذهب النيفر إلى أن هذا التيار يعتمد ((الفهم اللاتاريخي)) وهو حجر الزاوية في المنهج التراثي وخاصة في التيار السلفي، وهذه السمة اللاتاريخية تنطلق من أمرين أساسين في علم الكلام:
أ ـ مفهوم الوحي
ب ـ نظرية ((قدم القرآن)).
بخصوص النقطة الأولى، استقر عند المسلمين. بعض صراعات فلسفية وكلامية، أن الوحي يتمثل في النص القرآني المجسد لكلام الله الذي ليس فيه للرسول أية إرادة، أو اختيار في التحصيل. ومن ثم يصبح المضمون القرآني هو العلم اليقين، ويصبح التفسير شرحا هدفه التوصل إلى ذلك اليقين. ثم بما أنه ليس للرسول أي دخل في الوحي، إذ تقتصر وظيفته على التبليغ، فإنه ليس للمفسر أي جهد تأويلي (24).
أما النقطة الثانية، فإن الصراع الذي نشب حول ما عرف تاريخيا بـ ((محنة خلق القرآن)) يمكن تسميته في جانبه العقائدي بـ ((علاقة الوحي بالتاريخ)) وما يعنينا في هذا الموضوع هو أن المتكلمين القائلين بخلق القرآن، وإن انهزموا سياسيا وأيديولوجيا، إلا أن ذلك لم يتح للنظرية المنافسة أن تجتث كل ما أرسوه في البيئة الثقافية، والفكرية العربية، وبخاصة فيما يتصل بالتعامل مع النص القرآني (25).
ما يبتغي النيفر تأكيده هو أن المتكلمين القائلين بخلق القرآن، رغم هزيمتهم أمام أهل الحديث، ركزوا منهجا حجاجيا عقائديا لا يقتصر على الأدلة النقلية الترديدية بل يعتمد مرجعية عقلية تعمل على إثبات العقائد الإسلامية، والإجابة عما يبدو بين بعض الآيات من اختلاف ظاهري، ((وهكذا تشكل الفكر السلفي ـ يقول النيفر ـ أسيرا للمفارقة التي جعلته صاحب الكلمة العليا رسميا وسياسيا، لكنه فكر ومنهج معطلان في نموهما وقدرتهما على التجاوز والإبداع)) ثم يواصل كلامه ((نكتشف هذه الهجنة في بناء الفكر السلفي القديم ضمن أعمال تفسيرية معاصرة، هذه الأعمال التي تحاول أن تبذل جهودا واضحة لتجاوز العوائق القديمة إلا أنها تظل عاجزة عن ذلك)) (26).
وحول هذه الجهود التي وصفها بـ (العاجزة) يعرض نموذجين معبرين أحدهما سني مغربي، والآخر شيعي مشرقي، دون أن ينسى النيفر إلحاقهما بالتيار السلفي، والنموذجان هما:
1ـ محمد الطاهر بن عاشور (1298هـ/ 1879م _ 1393هـ/ 1973هـ) من أبرز علماء تونس المعاصرين، صاحب التفسير المعروف بـ (التحرير والتنوير) أو ((تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد في الكتاب المجيد)).
محمد حسين الطباطبائي (1321هـ/ 1903م ـ 1402هـ/ 1981م)، من علماء إيران وهو أبرز مفسر معاصر في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام). ترك الطباطبائي ((تفسير الميزان)) الشهير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولخطورة ما طرحه النيفر من آراء وأحكام بخصوص هذين المفسرين (بن عاشور والطباطبائي) فإن المجال أضيق من أن يتسع لمناقشة ما أورده، ويحتاج إلى وقفة تفصيلية خاصة، بيد أن هذا لا يعفينا من إبداء ملاحظة أساسية وهي ذات شقين، وان كان بينهما من التلازم شيء كبير، بمعنى أن الثاني متصل بالأول.
1ـ إن استخدام النيفر مصطلح ((السلفية)) تعوزه الموضوعية، بل والمنهجية؛ فالفلسفية تيار معروف بتوقفه، ولا نقول تحجره، إزاء النص بشكل حرفي، والى الحد الذي حشر فيه نفسه بمطبات كلامية وفلسفية صارخة.
2ـ وإذا ما سلمنا بهذا، فإن إقحام الطاهر بن عاشور والعلامة الطباطبائي،، في هذا الاتجاه أمر لا يخلو من أحد احتمالين، أو كليهما:
أ - إما النيفر لم يطلع بشكل معمق على التفسيرين، وما يحفلان به من انتصار للعقل ودعوة إلى تجاوز الفهم الموروث المتخلف، بل أن السيد الطباطبائي ذهب إلى مديات بعيدة، في هذا المضمار، والى الحد الذي اتهم فيه بانحيازه البعيد للعقل على حساب النص!!.
ب - وإما أن النيفر ينطلق في تقييماته ومواقفه من خلفية أيديولوجية متحسسة، ان لم تكن متقطعة مع الفكر الإسلامي الأصيل، الذي يعتمد نعته بـ ((السلفي)) في كل ثنايا البحث!!
وهذا ما يتجلى في أكثر من موطن، وخصوصا في رصده للتيار الثاني والذي أطلق عليه ((السلفية الإصلاحية)).
2 - التيار السلفي الاصلاحي (المنار)
عن هذا التيار يقول النيفر (يمثل اتجاه ((المنار)) تيارا متميزا ضم المدرسة التراثية ويعود تميزه إلى الاجتهادات النقدية الذي واجه بها التراث التفسيري، والى التصور الجديد الذي حاول أن يرسيه لمهمة المفسر. في ما عدا هذين المجالين نلاحظ أن تيار المنار لم يراجع المنهجية التراثية السلفية، فيما يتعلق بطبيعة النص القرآني، والخصوصيات المعرفية، والثقافية التي ينبغي أن تتركز عليها القراءة الحديثة؛ لذلك عددنا مفسري تيار المنار جزء من المدرسة الام: (المدرسة السلفية).
إن الجهود الإصلاحية التي بذلت لم تسجل تطورا نوعيا في الجيل الأول من الرواد، ولا فيما جاء بعده من أجيال، رغم انطلاقته لم تخل من جرأة)) (27).
وبصرف النظر عما ورد من أحكام، فإن الحاجة تظل قائمة للتعرف على رموز هذا التيار، لكي تتضح لنا أبعاد المنحى المغلوط الذي ينتهجه النيفر:
1ـ جمال الدين الأفغاني (1254هـ / 1838 م ـ 1314هـ/ 1897م) لم يترك أثرا مطبوعا في هذا المجال، وكل ما هو موجود آراء وأفكار ((لا يمكن أن تشكل نواة مشروع قراءة تفسيرية جديدة)) كما يقول النيفر (28).
2ـ محمد عبده: (1265هـ/ 1849م ـ 1323هـ/ 1905م)، ويتمثل نشاطه التفسيري بإلقاء دروس في التفسير بالأزهر، في الفترة الممتدة من (1899ـ 1905)، وقد حالت وفاته دون إكمال تفسيره، الذي توقف عند الآية (125) من سورة النساء.
3ـ محمد رشيد رضا: (1272هـ/ 1865م _ 1354هـ/ 1935م) وهو أبرز تلاميذ محمد عبده، واصل بعد شيخه تفسيرا لقرآن الحكيم المعروف بـ ((المنار)) دون أن يتمكن من إكماله، وهذا ما انبرى له بعده بهجت البيطار من علماء سورية.
يقول النيفر: ((معضلة تيار المنار هي أنه بشر ببعض الآفاق التجديدية لكنه ظل خطابا محاصرا متلجلجا لا يقوى على التحرير الفعلي من خصوصيات التراث السلفي)) (29).
4ـ محمد جمال الدين القاسمي: (1283هـ/ 1866م ـ 1333هـ/ 1914م) من أسرة دمشقية معروفة، له تفسير ((محاسن التأويل)) المتأثر بمحمد عبده.
5ـ محمد مصطفى المراغي: (1298 هـ/ 1881م ـ 1364هـ/ 1945م) من علماء مصر، لم يترك تفسيرا كاملا، أو شبه كامل بل اقتصر عمله التفسيري على دروس كان يلقيها بالأزهر وغيره.
6ـ عبد الحميد بن باديس: (1308هـ/ 1989م ـ 1359هـ/ 1940م) من أبرز علماء الجزائر المعاصرين. له تفسير غير كامل معروف بـ ((مجالس التذكير في كلام الحكيم الخبير)) وهو عبارة عن دروس وافتتاحيات مجلة الشهاب الجزائرية.
7ـ محمد عزة دروزة: (1305هـ/ 1888 م_ 1404هـ/1984م). من علماء فلسطين، له ((التفسير الحديث)). رتبه حسب نزول السور تاريخيا.
(يُتْبَعُ)
(/)
8ـ أحمد مصطفى المراغي: (1300هـ/ 1893م ـ 1372هـ/ 1964م) من علماء الأزهر وشيوخه الفطاحل، نشر تفسيره للقرآن في مجلة ((رسالة الاسلام)) وليس مجلة ((الاسلام)) كما ذكر التيفر، ثم جمعت وطبعت تحت عنوان ((تفسير القرآن الكريم)) وهو غير كامل.
10ـ عبد الكريم الخطيب: معاصر توفي قبل سنوات وضع تفسيرا بعنوان ((التفسير القرآني للقرآن)) اعتمد حسب عبارته على (عقله الحر)) لذلك جاء عمله مغايرا للمعنى المعروف للتفسير.
11ـ عبد العزيز جاويش: (ت1348هـ/ 1929م). مؤلف ((أسرار القرآن)) ولد بالاسكندرية، وتعلم بالازهر ودار العلوم، تونسي الاصل.
12 ـ عبد العزيز الثعالبي: (1291هـ/ 1874م ـ 1363هـ/ 1944م) زعيم تونسي من أصل جزائري، صاحب ((روح التحرير في القرآن)) ألفه سنة 1905م، حمل فيه على المفسرين القدامى والطرقيين الذين حملهم مسؤلية تعطيل الحضارة الاسلامية.
في ختام الاستعراض هذا، أكد النيفر ((أن توجهات الأفغاني وعبده ـ وفي مضمار منهجية التفسير ـ ظلت هي الرائدة دون منازع ـ لسنا بهذا نقصد تمجيد أعمال الرجلين بقدر ما نريد التأكيد على محدودية هذا التيار في النمو والتطور، غير أن رجال التيار لم يتمكنوا من أية إضافة نوعية تتعلق بالمنهج؛ ذلك ما جعل اجتهادات بعضهم و تساؤلات بعضهم الآخر ـ رغم أنها كانت واحدة ـ سريعة الاندثار مسدودة الآفاق)) (30).
على أننا نريد إبداء بعض الملاحظات عل ما تقدم، لحين الانتهاء من اكتمال استعراض التيار الثالث لما أطلق عليه المدرسة التراثية.
3 - التيار الأيديولوجي:
ويضم ـ حسب النيفر ـ النماذج التالية:
1ـ طنطاوي جوهري: صاحب تفسير ((الجواهر في تفسير القرآن الكريم))
2ـ سيد قطب: (1321هـ/ 1906م ـ 1386هـ/ 1966م) صاحب ((ظلال القرآن))
3ـ عبد الرحمن الكواكبي: (1271هـ/ 1854م ـ 1320هـ/ 1920م) من رواد الإصلاح المرموقين ويقول عنه النيفر: نشر مجموعة مقالات في بعض الصحف المصرية سنة 1318هـ/ 1900م، ثم جمع في كتاب أبهم اسمه ورمز له بالرحالة ((ك)) ويشير بذلك إلى كتابه الشهير ((طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد)).
4ـ مجاهدي خلق: يصفها بالمؤلف بأنها: ((حركة سياسية إيرانية معاصرة، وقد أصدرت كتابا عنوان ((إرشادات حول مطالعة القرآن)) أكدت فيه ضرورة تبني خطاب أيديولوجي يتجسد في تفسير للقرآن غايته بناء مذهب للنضالات الاجتماعية (31).
5ـ محمد شحرور: سوري معاصر مؤلف كتاب ((الكتاب والقرآن)) الصادر عام 1990ـ وقد أثار جدلا واسعا، من دون ان يرد شحرور على واحدة من الدراسات النقدية، رغم كثرتها (تبلغ حوالي 15ردا).
6ـ حسن حنفي: مصري معاصر. اهتم بموضوع الوحي وعلم التفسير فعالجهما في أطروحته ((مناهج التفسير)) وفي كتاب أخرى له مثل ((التراث والتجديد)) و ((فكرنا المعاصر)) (32).
7ـ محمد أبو القاسم حاج حمد: سوداني معاصر، طرح في مؤلفه ((العالمية الإسلامية الثانية)) موضوع طبيعة القرآن وغايته وفهمه (33).
لقد مهد النيفر لولوجه إلى الحديث عن هذا التيار بمقدمة، وأنهاه بثلاث ملاحظات. أما المقدمة، فقد أشار فيها الى رمزين من رموز التيار هما: سيد قطب، وطنطاوي جوهري ((يمثلان توجهين متباينين، ضمن تيار واحد. يمثل الأول توجها نضاليا، ويمثل الثاني توجها علميا، لكنهما يظلان أيديولوجيين؛ إذ أن كليهما يعبر عن امتداد لنفس المنظومة الثقافية التي اعتبرت النص القرآني نصا مقدسا لا صلة له بنفس الإنسان وأفقه وثقافته. فكأن قدسيته لا تتحقق الا بغياب طاقات الإنسان ونفي فاعلية واقعه الفكري والاجتماعي عند الكشف عن المعنى)) (34).
الخلاصة
أما الملاحظات فهي على ثلاثة مستويات:
الأول: ((لقي هذا الجهد التفسيري (أي الايديولوجي) في العقود الأخيرة رواجا كبيرا وتطورا ملحوظا، فمنذ انطلاقته مع تفسير طنطاوي جوهري إلى بداية التسعينات مع دراسة ((الكتاب والقرآن)) لمحمد شحرور تنوع الخطاب الأيديولوجي التفسيري في أكثر مستوى إلا انه لم يبلغ درجة التطور النوعي))!! (35).
(يُتْبَعُ)
(/)
الثاني: تطورت العدة المعرفية المعتمدة من قبل رجال هذا التيار. فبعد الاستنجاد بالاستكشافات العلمية في الطب، والفلك، والكيمياء، والطبيعة تعدلت الاستفادة باتساع دائرتها لتشمل الألسنية، وعلم الاجتماع وعلم النفس، ولا يتوانى النيفر عن مؤاخذة شحرور لوقوعه ((في النزعة التوفيقية بين آيات قرآنية وبين ما أكدته العلوم الحديثة (36).
الثالث: ((إن التيار الأيديولوجي ـ رغم اختلاف تعبيراته ـ وتفاوت البعد فيه عن المدونة التفسيرية السلفية، فيما طرحه من أسئلة وعالجه من قضايا لم يختلف جوهريا عن تلك المدونة في المجال المنهجي … لقد عجزت النماذج الأيديولوجية السبعة التي قدمناها عن القطع مع هذا الفهم، وان لامس البعض مسائل كان يمكن أن تؤدي إلى معالجة تجديدية لمنهج فهم النص)) (37).
لم يكتف النيفر بكل هذه الأحكام التي لم يقدم عليها دليلا ثبوتيا واحدة، واكتفى بإطلاق العموميات؛ ليرمي آخر سهم من كنانه صوب ما يسميه التيار الأيديولوجي كلها قصرت همها على ((المعنى الجاهز)) مهملة علاقة الجدل بين النص، والقارئ والآفاق التي يفتحها لانطلاق جهود تفسيرية مجددة)) (38).
ولا أدري ما عسى المرء أن يقول في هذه الاتهامات؟ بل من أين يبدا مع هذا لحشد كله؟ وكيف يؤول في هذا الأمر الذي يشبه السجال؟
ليس ثمة شك في أن من العسير مواصلة النقاش الهادئ مع النيفر، وهو الذي دأب على إثارة الضباب، وتعتيم الأجواء، عبر ((مانشيتاته) الجاهزة أسير تخبط منهجي بائس فلو جاريناه ـ جدلا ـ في تصنيفه لاتجاهات ما سماه ((المدرسة التراثية)) أليس من حق الآخرين أن يطالبوه بالمعايير التي اتبعها في هذا التصنيف، لكي يضع هذا في خانة والآخر في خانة أخرى … وهكذا؟.
فإذا ما صح ان يصنف الالوسي ضمن التيار السلفي مثلا، فبأي معيار يسوغ له مثلا ان يضع الأفغاني، محمد عبده، وابن باديس، وشلتوت ... إلخ ضمن خانة ((السلفية المعاصرة))؟! اللهم إلا اذا كان النيفر يرمي من وراء ذلك حشر الفكر الإسلامي بكل تياراته في الإطار السلفي، وهذا ما يترشح من خلال أدبيات اليساريين والعلمانيين، على حد سواء.
وبالقدر نفسه يستبد بنا العجب العجاب، ونحن نتفحص نماذج ما أسماه بالتيار الأيديولوجي!
فأين هي معالم الأيديولوجية في تفسير الجواهر لطنطاوي، وهو التفسير الأقرب الى المنهج العلمي؟
وبأي المعايير حشر الكواكبي في التيار الأيديولوجي .. في حين كان ينبغي ان يصنف ضمن تيار المنار؟.
ومجاهدو خلق .. ما هي علاقتهم بمناهج التفسير؟ لا سيما وانهم لا يمثلون أي ثقل فكري أو معرفي؟!
أما حكاية ((شحرور)) وإسباغ المديح ـ ظاهرا أو ضمنا ـ فلا يعدو كونه تسطيحا فجا، إن لم يكن توظيفا لغايات بمنأى عن التفسير ومناهجه؟!
لقد كان قمينا بالنيفر ـ ومن يحذو حذوه في هذا الاتجاه ـ أن يوفروا على أنفسهم هذا العناء كله، ويعيدوا الأمور إلى نصابها. فبدلا ن هذا التصنيف غير المحايد، بل وغير النزيه في تصنيفاته .. أليس الأولى ان يرتب الدراسات القرآنية وفق المناهج المتعارف عليها، فالآلوسي وأضرابه يمثلون منهج الرأي، والسيد الطباطبائي المنهج الاحتجاجي، وطنطاوي المنهج العلمي، وسيد قطب المنهج الحركي، والخطيب المنهج الموضوعي .. وهكذا، ان النزعة الانتقائية المقصودة ـ والتي حاول النيفر إخفائها وراء ستار ذرائعي بأن بحثه ليس عملا استقصائيا ـ تثير الشكوك حول نزاهة البحث .. وإلا بأي مبرر يزج فيه النيفر أعمالا متهافتة، ويتجاوز نتاجات مشهود لها بالعمق والأصالة والتجديد، من أمثال:
• الظاهرة القرآنية: مالك بن نبي
• مقدمات في التفسير الموضوعي للقرآن: السيد محمد باقر الصدر (ولا يكفي ان يشيد الى هذا الجهد الخلاق إشارة عابرة في الهامش!).
• كيف نتعامل مع القرآن: الشيخ محمد الغزالي.
• القرآن والتاريخ: د. عبد العزيز كامل.
• تفسير القرآن بالقرآن: د. كاصد الزيدي.
• تفسير القرآن بالقرآن عند العلامة الطباطبائي: د. خضير جعفر.
• الطباطبائي ومنهجه في تفسير الميزان: علي الالوسي.
• القرآن والزمن: د. عماد الدين خليل.
• القرآن وعلم النفس: د. محمد عثمان نجاتي.
• عمارة السور القرآنية: د. محمود البستاني .. إلخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي هذا السياق نفسه، أغفل النيفر العديد من التفاسير، ,إذا ما احسنا الظن، فلعله لم يتمكن من الاطلاع عليها، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر (أيضا).
1ـ الاساس في التفسير: سعيد حوى.
2ـ نحو تفسير موضوعي لسور القرآن الكريم: الشيخ محمد الغزالي.
3ـ التفسير الكاشف: الشيخ محمد جواد مغنية
4ـ ترجمان القرآن: أبو الاعلى المودودي
5ـ مواهب الرحمن: السيد عبد الأعلى السبزواري.
6ـ آلاء الرحمن في تفسير القرآن: الشيخ محمد جواد البلاغي.
7ـ تفسير من وحي القرآن: السيد محمد حسين فضل الله.
8ـ التفسير الأمثل: الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
9ـ تفسير النور: الشيخ محسن قرائتي
10ـ تفسير الشعراوي: الشيخ الشعراوي
11ـ التفسير المنير: د. وهبة الزحيلي.
12ـ التفسير الموضوعي للقرآن الكريم: سميح عاطف الزين.
13ـ التفسير الشامل للقرآن الكريم: د. أمير عبد العزيز.
14ـ التفسير الحديث: محمد عزة دروزة.
وتطول القائمة في هذا الباب، كما وتنسحب الملاحظة ((الانتقائية)) على ما أسماه بـ ((الحديثة)) التي حصرها في نطاق كل من:
1ـ أمين الخولي: (ت1386 هـ/ 1966م) مؤلف: ((مناهج التجديد في النحو والبلاغة والتفسير)) و ((من هدي القرآن)) (ص: 118ـ 119).
2ـ عائشة عبد الرحمن: (1913ـ 1998م) وهي الشهيرة ببنت الشاطئ، لها ((القرآن وقضايا الإنسان)) و ((الشخصية الإسلامية)) و ((الأعجاز البياني للقرآن)).
3ـ محمد أحمد خلف الله: معاصر، توفي منذ سنوات / من مؤلفاته ((الفن القصصي القرآني في القرآن))، وهو أطروحة الدكتوراه التي رفضتها لجنة المناقشة عام 1947م، ولما تضمنته من أفكار خطيرة حول الثوابت.
ويرى النيفر أن الخولي هو الذي أرسى البناء المنهجي التجديدي المعروف بـ (التفسير البياني للقرآن))، وكان محور هذا الضرب من التفسير هو إظهار الإعجاز البلاغي للقرآن (39). ومدخل التجديد عند الخولي والمدرسة الحديثة كلها يتحدد في وظيفة المفسر أولا و في مكانة النص المفسر ثانيا .. مع ضرورة الاستفادة من علمي النفس والاجتماع (40).
أما الدكتورة عائشة عبد الرحمن (تلميذة الخولي وزوجته) فقد واصلت المنهج المقترح من قبل الخولي غير أنها في ((التفسير البياني للقرآن)) تعاملت مع النص القرآني على انه نص لغوي متكامل يفسر بعضه بعضا، لهذا حملت على المفسرين القدامى الذين لم يراعوا العلاقة بين خصوصية المفردات والتراكيب اللغوية، والجو الداخلي للنص (41).
ولئن كانت نتاجات د. عائشة عبد الرحمن، قد أرست المدخل المنهجي لكل مفسر، على الأساس اللغوي الأدبي، فإن تلميذ الخولي ((خلف الله)) ذهب به التوظيف المنبهر بعلمي الاجتماع والنفس، إلى مديات بعيدة أثارت عليه حفيظة القوم، و بخاصة انه تعامل مع القرآن الكريم كما يتعامل مع أي نص آخر، وهذا ما قده إلى القول بأنه بوجود قصة أسطورية في القرآن! و ((إن الأخبار الواردة في القرآن هي مواعظ وحكم وأمثال تضرب للناس، ومن هناك يصبح من حق العقل البشري، أن يهمل صفتها الأخبارية، أو يجهلها، أو يخالفها، أو ينكرها)) (42).
وإزاء هذا الكلام المغلف بالموضوعية، لا يخفي النيفر تفاعله من منهجية مشبوهة كهذه: ((هذا التفاعل اللغوي مع النص القرآني يريد استبعاد التوظيف الأيديولوجي الذي يتجاهل بصفة شبه كاملة، ما للنص نفسه من مضامين وخصوصيات لغوية، أدبية، وتاريخية، ينبغي أن ينصت أليها المفسر بدل أن يستنطقها حسب توجهاته وآرائه)) (43).
لم بقف الانتصار لهذا لاتجاه عند هذا الحد، بل يمضي النيفر قائلا: ((مثل هذا التيار المولي للنص الأولية في العمل التفسيري، عرف بعد خلف الله تراجعا، ثم عاد للانطلاق من جديد مع القراءات الحديثة للقرآن المواصلة على المنهج نفسه بعدة معرفية أكثر تطورا)) (44).
وتمثل هذه ((العدة المعرفية)) بل فتوحات المعرفة، كما سماها النيفر، بالقراءة التأويلية التي يتصدى لها كل من:
1ـ محمد أركون: المولود عام 1928م، والجزائري المتفرنس، في مؤلفاته: ((قراءات القرآن))، ((الإسلام: الأمس والغد))، ((الفكر الإسلامي: قراءة علمية)) (45).
(يُتْبَعُ)
(/)
2ـ نصر حامد أبو زيد: المولود عام 1943م، الأستاذ الجامعي في القاهرة، قبل لجوئه الى أوروبا ((من مؤلفاته: ((الاتجاه العقلي في التفسير))، ((فلسفة التأويل)) و ((مفهوم النص)) ((إشكاليات القراءة وآليات التأويل)).
3ـ فضل الرحمن: (1919 ـ 1988م) باحث باكستاني، من مؤلفاته: ((الإسلام)) ((النبوة في الإسلام: الفلسفة والسلفية))، ((الإسلام وضرورة التحديث: نحو إحداث تغيير في التقاليد الثقافية)) (46).
فمع ان ثمة منهجيا بين دراسات الخولي وعائشة عبد الرحمن، ودراسات نصر حامد أبو زيد، وأركون .. لكننا نجد أن النيفر، قد حشر الجميع تحت لواء مدرسة واحدة، سماها ((المدرسة الحديثة)) وسبغ عليها نعتا مضافا هو ((سؤال التجديد)).
ومرة أخرى .. يعاود النيفر أطلاق احكامه التي لاتخلو من تعميم مغلوط، فنراه مثلا يقول عن هذه المدرسة:
- أولا: ((ان رواد تيار ((المنار)) أتاحوا المجال لطرح اسئلة عديدة، تقدم أصحاب التوجه الايديولوجي على تنعهم للاجابة عنا، لكن ذلك لم يحل دون ظهور دراسات قرآنية تقطع منهجيا مع رجال المنار، رم استفادتها الحزئية ن مساءلاتها وحرصا على تطبيع العلاقة مع الحداثة الاوربية.
- ثانيا: اسفاد هذا القطع المنهجي من العدة المعرفية التي أصبحت متوفرة للباحث عن طريق الكشوفات العلمية لقراءة النص.
- ثالثا: كما استفاد في الآن نفسه، مما كان يلحظ في التراث من قابلية لظهور تجديد في المنهج.
- رابعا: حرصت هذه الدراسات أيضا على أن تقطع الخطاب الأيديولوجي وفكره الوثوقي المسكون بالهاجس الغربي والرافض لأية مراجعة جذرية وعلمية لمسألة الوحي وطبية النص القرآني)) (47).
وهذه التعميمات ((المعلبة)) ـ إذا صح التعبير ـ لا يمكن ان تنطبق جميعها على رائدي المدرسة البيانية (الخولي / عائشة عبد الرحمن)، نعم هي أقرب الى منهجية نصر حامد أبو زيد، وأركون، وخلف الله الذين لا يكتم النيفر إعجابه بأفكارهم ومنهجيتهم، رغم كل ما تثيره من جدل واسع ما يزال محتدما.
وبعد:
لا نرانا قد استوفينا ما ينبغي من وقفة إزاء كتيب الدكتور أحميدة النيفر .. بكل ما حفل به من إثارات وآراء، وأحكام قابلة للنقاش .. بغية تعميق الوعي المنهجي، بشروط معرفية تقارب ضوابط المنهج التحليلي الناقد الموضوعي النزيه.
الهوامش:
1 - أحميدة النيفر: التفاسير القرآنية المعاصرة، قراءة في المنهج، دمشق دار الفكر، ص7و8و9.
2 - م. ن ص7و8و9.
3 - م. ن ص83.
4 - لمزيد من الاطلاع أنظر خير الدين الزركلي، الأعلام، دار العلم للملايين، ج3، ص230.
5 - أحميدة النيفر، مصدر سابق، ص9
6 - م. ن ص10
7 - م. ن ص13
8 - م. ن ص14.
9 - نهج البلاغة، شرح وتحقيق صبحي الصالح، ص182.
10 - م. ن ص315.
11 - أحميدة النيفر م. س، ص17.
12 - م. ن، ص17.
13 - م. ن، ص17.
14 - السيد محمد باقر الصدر، مقدمات في التفسير الموضوعي للقرآن، بيروت / الكويت، 1400هـ 1980م، ص18
15 - أنظر: ((حول منهج التعامل مع التراث)) بيروت، البلاغ، 1420هـ، ص83 وما بعدها.
16 - سورة النساء: 83.
17 - سورة محمد. آية 24.
18 - انظر: محمد مجتهد شبستري، مجلة قضايا اسلامية معاصرة، عدد 6، سنة 1999، ص91.
19 - أحميدة النيفر، م. س، ص: 25.
20 - م. ن، ص 27
21 - م. ن، ص 28
22 - م. ن، ص28و29
23 - م. ن، ص29
24 - م. ن، ص41و42
25 - م. ن، ص43
26 - م. ن، ص44
27 - م. ن، ص53
28 - م. ن، ص56
29 - م. ن، ص65
30 - م. ن، ص76
31 - م. ن، ص98
32 - م. ن، ص106
33 - م. ن، ص107
34 - م. ن، ص83
35 - م. ن، ص110
36 - م. ن، ص111
37 - م. ن، ص112
38 - م. ن، ص113
39 - م. ن، ص119
40 - م. ن، ص123
41 - م. ن، ص125
42 - م. ن، ص129ـ 130
43 - م. ن، ص131
44 - م. ن، ص131
45 - م. ن، ص137
46 - م. ن، ص151 - 152
47 - م. ن، ص114ـ 1145.(/)
تدبر قوله تعالى: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)
ـ[د. حاتم الشريف]ــــــــ[20 Dec 2008, 01:00 ص]ـ
قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [يونس: 99].
فيه فوائد:
1 - تسمية الأشياء بما يشابهها من وجه قوي، فالذي وقع من النبي صلى الله عليه وسلم ليس إكراهاً، بل هو حرص شديد على الهداية، وحزن بالغ على عدمها، ومع ذلك سماه الله تعالى إكراهاً؛ لأنه يتفق مع الإكراه في عدم قبول وجود مخالف معرض عن الهداية.
2 - أن عدم قبول وجود مخالفين، مع تعارضه مع السنة القدرية فهو يعارض السنة الشرعية أيضاً؛ لأنه لا يقع إلا ممن يريد الإكراه على الدين، والإكراه عليه محرَّم، ولذلك افتحت الآية بقوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآَمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا) لتقرر أن الخلاف قدري، ولا يقدر على عدمه إلا الذي قدره سبحانه.
3 - بيان أن الإكراه على الدين من قطعيات المنهيات، حتى أصبح مجرد القرب منه والشبه به سبباً للعتاب ولمثل هذا السؤال الاستنكاري.
4 - يقول ابن عاشور: (وهذا تعريض بالثناء على النبي صلى الله عليه وسلم وعذرة له على عدم استجابتهم له، ومن بلغ المجهود حق له العذر)، وهو مأخوذ من الحرص الشديد على الهداية الذي اقتضى تسميته بالإكراه.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[20 Dec 2008, 02:06 ص]ـ
أحسن الله إليك يا دكتور، على هذه النقاط المفيدة.
وأنتهز الفرصة لتحيتك، وأنا ممن يقرؤون باهتمام ما يتوفر من كتاباتك.
بارك الله في علمك ووقتك.
وموضوع (اللا إكراه) من أكثر المواضيع الغائبة في ثقافتنا العملية، وإن كنا الجميع يتفق نظريا عليها.
ولست أدري إن كان يحق اعتباره مقصدا من مقاصد الشريعة.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Dec 2008, 11:51 ص]ـ
أولاً: نرحب بالشيخ المحقق الدكتور الشريف حاتم، ونسأل الله أن ينفع به وبعلمه.
ثانياً: تتمة للفائدة:
قال العلامة سفر الحوالي في شرح العقيدة الطحاوية:
(نجد أن كثيراً من المهزومين أو المخدوعين يقولون: إن هذا الدين دين دعوة فقط لا جهاد ولا قتال فيه، وإنما يدعو النَّاس إِلَى أن يؤمنوا به بطواعيتهم وباختيارهم، ويستدلون بقوله تعالى: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ويقول: قال تَعَالَى: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ [البقرة:256].
إذاً: ليس في الإسلام قتال من أجل الدين ولا جهاد، فإن قلنا: فهذه الفتوحات الإسلامية، والغزوات النبوية قرابة ثلاثين غزوة وقرابة المائة سرية، والصحابة من بعده وصلوا إِلَى نهاية العالم من جهة الغرب إِلَى المحيط الأطلسي، ولم يكن معروفاً في ذلك الوقت أن وراء هذا المحيط عالماً آخر.
وتوغلوا من جهة الشرق حتى وقَّع لهم ملك الصين على دفع الجزية، ولم يبق شيء من العالم إلا أوروبا وهي قبائل همجية في الشمال وأجزاء قليلة في الجنوب، كيف يكون هذا المجد وهذا الكسب؟ قالوا: هذه حروب دفاعية فقط، فقريش أرادت أن تعتدي عَلَى النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقاومها وحاربها ويستدلون بقوله تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة:190].
فيأخذون هذه الآية مع الآيتين السابقتين ويشكلون منها قواعد وأحكام يقررونها، وهي أن هذا الدين لا جهاد فيه فيُقَالُ لهم: إن معنى قوله تعالى: لَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أنه قد كتب أزلاً وقدراً أن أناساً سيموتون عَلَى الكفر، وستمتلئ منهم جهنم، أما قوله: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ فمعناها: أنهم لن يؤمنوا مهما بذلت وحاولت، وقد اختاروا الكفر بإرادتهم واختيارهم، وهذا مطابق لما قد كتب عليهم كوناً وقدراً.
وليس المقصود من هذا أنك لا تجاهدهم، بل معناها: حتى وإن جاهدتهم فلن يؤمنوا، سواء دعوتهم سراً أو جهراً بالحكمة أو السيف؛ لأنك لا تستطيع أن تكره النَّاس حتى يكونوا مؤمنين، فقد اختاروا ذلك اختياراً، ولن يرجعوا عن ذلك، ولا يمكن واقعاً أن يتحول النَّاس إِلَى أمة واحدة، فاقتضت حكمة الله تعالى وتمت بذلك كلمته أن يكون النَّاس أمة خير وأمة ضلال، وقد جعل الله لكل نبي عدواً من المجرمين لحكمة.
إذاً: لا تستغرب أيها النبي لأن لك أعداءً، وأنت تحرص عَلَى هدايتهم ومع ذلك لن يهتدي أحد أبداً.
ولاعلاقة لهم في كونك تجاهدهم أو لا تجاهدهم، فأمر الآية يتحدث عن أوامر كونية أزلية، وليس عن أوامر أو أحكام شرعية تعبدية؛ فحتى مع الجهاد -وهو مشروع بلا ريب لكي يدخلوا في الدين- لن يؤمن إلا من كتب الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى له الإيمان، لكن يجب عليك أن تقاتل كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ [التوبة:73] أي: جاهدهم، لكن ليس في حولك ولا في قوتك أن تدخل الإيمان إِلَى قلوبهم، ولم يكلفك الله به، ولكن كلفك أن تدعوهم وأن تجاهدهم، إذاً لا تعارض ولا تناقض بين هذا وذاك.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[20 Dec 2008, 06:41 م]ـ
حياكم الله يادكتور حاتم ..
ونفع بعلمكم ووفقكم لكل خير ..
ـ[عبدالله المحمدي]ــــــــ[21 Dec 2008, 01:54 م]ـ
حياك الله ياشيخ وزادك الله علمآ وخشية ورفع قدرك. . . . .
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[21 Dec 2008, 02:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
1ـ جمع من المفسرين المعتبرين حمل الآية على التسلية للرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم .. فهل يستقيم ذلك مع حملها على الاستنكار؟ أي هل يتوصل بالسؤال الاستنكاري إلى التسلية؟
2ـ استعارة الإكراه للتعبير عن الحرص الشديد على الهداية في هذا المقام مجاز، فأي نوع من أنواع الاستعارات هو؟ فهل يمكن ذكر أي نوع هذا من الاستعارات ككونها ترشيحية أو تبعية أو تخيلية أو غير ذلك مع بيان الوجه الذي ينتقل منه العقل من حقيقة الإرشاد بنصب أعلام الهداية إلى مفهوم الإكراه الذي هو الإلجاء والقصر.
3 ـ إذا كان المراد بالإكراه الحرص الشديد على الهداية، كما فسّر أعلاه، فكيف يقال بأن الإكراه محرّم؟؟ إذ يعني ذلك ان الحرص على الهداية والحزن على عدمها محرّم، فكيف يستقيم ذلك؟؟
4 ـ هل وقع الإكراه فعلا من النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكون ـ حاشاه ـ معارضا للسنة القدرية والسنة الشرعية، أم لم يقع منه ذلك صلى الله عليه وسلم؟ وعلى فرض وقوعه فكيف يغفل صلى الله عليه وسلم عن أمر علمه من قسم اليوم المشيئة إلى قدرية وإلى شرعية حتى استنبط بفهمه أن الأولى لا يجوز وقوع خلافها بخلاف الثانية؟؟
5 ـ حمل المشيئة في الآية الكريمة على الإلجاء، بمعنى أنه تعالى لو شاء لألجأهم إلى الإيمان، هو اصالة قول المعتزلة الذين قالوا بأن المشيئة المنفية هي إلجاء الناس للإيمان، وهذا مردود عليهم من طرف أهل السنة، وحتى من فسرها بذلك منهم فقد تابع الكشاف من حيث لم يشعر، وهو خطأ.
6 ـ أليست هذه الآية منسوخة؟؟
ولا يخفى أن الآية من أدق الايات معنى، والله الموفق لتدبر معاني كلامه المجيد ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 Dec 2008, 08:09 م]ـ
بالنسبة للسؤال الأول فالتسلية بإنكار الحال وطلب زواله مشهورة في كلام العرب وهي في شعرالرثاء و التعزية كثيرة ومنه مطلع عينية أبي ذؤيب = ومنه في القرآن -وقد نص بعض المفسرين على أنه تسلية بالاستنكار- قوله تعالى: {فلعلك باخع نفسك .. } الآية.
ـ[أفانين القرآن]ــــــــ[26 Dec 2008, 10:07 م]ـ
شكر الله لك شيخنا الفاضل ..(/)
إذا تكرمتم أريد مراجع لحديث القرآن عن الصدقة ..
ـ[طالبة العلم .. ]ــــــــ[20 Dec 2008, 02:17 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما في العنوان لإن عندي بحث ..
جزاكم الله خير ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Dec 2008, 11:33 ص]ـ
مراجع هذا الموضوع كثيرة ولله الحمد. منها:
1 - وقفات مع آية (إنما الصدقات) للدكتور زيد عمر عبدالله. (مطبوع)
2 - المال في القرآن الكريم لسليمان الحصين. (مطبوع)
ـ[عبد الحي محمد]ــــــــ[21 Dec 2008, 09:50 ص]ـ
ونظر أيضاً
- نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، للشيخين صالح بن حميد وعبد الرحمن بن ملوح.
ـ[طالبة العلم .. ]ــــــــ[22 Dec 2008, 01:47 م]ـ
جزاكم الله خير ..
نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم، للشيخين صالح بن حميد وعبد الرحمن بن ملوح.
يفيدني في موضوع بحثي؟(/)
منهج النيسابوري في تفسير
ـ[جعفر الذوادي]ــــــــ[20 Dec 2008, 01:53 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
_الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
_أما بعد: فقد تناول علماء الإسلام كتاب الله جل وعلا بالتفسير والبيان، فاستخرجوا معانيه، وفسروا ألفاظه، وبينوا مشكله، واقتنصوا فوائده، وجمعوا فرائده، وكل سلك في ذلك منهجا متبعا، وطريقا مرتسما، وممن ألف في التفسير وكان له في ذلك الباع الطويل، الحسن بن محمد القمي النيسابوري المعروف بالنظام الأعرج، في كتابه الموسوم ب: غرائب القرآن ورغائب الفرقان، ولمكانة هذا التفسير بين التفاسير فقد تناوله بعض أهل العلم بالتحقيق والتوثيق، كما عالجت بعض الدراسات منهجه في التفسير، إلا أن ما ورد فيها كان موجزا و مختصرا، على خلاف ما كتبه الأخ الدكتور: ماجد زكي الجلاد فإنه يعد بحق دراسة وافية، ومعالجة مستقصية لأهم ما جاء مي مباحث هذا التفسير و موضوعاته،وإليك أخي القارئ هذا التعريف الموجز بهذا الكتاب القيم والسفر النير، عسى الله أن ينفعنا به ويكون لنا نبراسا وكشافا لما احتوى عليه هذا التفسير.
_عنوان الكتاب: النيسابوري ومنهجه في التفسير.
_مجلد واحد يحتوي على 284صفحة، طبعة دار الفكر، الأردن_عمان_الطبعة الأولى:1421ه.
_محتويات الكتاب: قدم المؤلف لكتابه بمقدمة بين فيها الخطة المرسومة التي سارعليها في بيان منهج النيسابوري في تفسيره.
_قسم المؤلف _حفظه الله_الكتاب إلى سبعة أبواب:
_الباب الأول: النيسابوري حياته وعصره: وتكلم فيه عن نشأة النيسابوري وثقافته، وتحقيق القول في حياته وأنها في الفترة الواقعة بين (670_750)،كما بين مذهبه العقدي وأن الصحيح أنه من أهل السنة والجماعة، ورد ما ذهب إليه المجلسي (ت1070) من نسبته للتشيع، بل إنك تجد النيسابوري ناقش الشيعة في مبادئهم ورد أصولهم،وفند آراءهم.
_الباب الثاني: مدخل إلى منهجه في التفسير: وجعل تحته ثلاثة فصول، الأول في المصادر التي اعتمد عليها من كتب الحديث،والفقه، والأصول، والتوحيد، والتصوف، واللغة وغيرها ... والثاني في اعتماد النيسابوري على الكشاف للزمخشري والتفسير الكبير للرازي،فقدجعل تفسير الكشاف أصلا لتفسيره، حيث استطاع أن يلتقط درره، ويستفيد من علومه ومعارفه ثم يضيفها كتابه،مع تهذيب كبير وتعقب ظاهر فيما ذهب إليه من الاعتزاليات، كما أسقط أحاديث فضائل السور لضعفها،وأما كتاب الرازي فقد تشابهت طريقته في الأخذ منه كالأول،وقد احتلت القضايا العقدية والمسائل الحكمية والكلامية مكانا واسعا في تفسيرالنيسابوري، وأحيانا ما تجده يعترض عليه ويناقشه ويتعقبه.
_وأما الفصل الثالث ففي جمعه بين التفسير بالمأثور والرأي، حيث جعل الأول مقدما على التأويل منفصلا عنه، ومقصوده بالتأويل التفسير الإشاري الذي جعله أصلا يعتمد عليه في تفسيره،لأنه يعتمد على الكشف والذوق طريقا للاستنباط، وهذا من الأمور التي أخذت عليه في تفسيره.
_الباب الثالث: عنايته بمباحث علوم القرآن:من القراءات وتوجيهها والدفاع عنها، ويحمد له فصله بين القراءات المتواترة والشاذة، إلا أنه يؤخذ عليه ترجيحه بين المتواترة، كما أنه أضاف اختيار السجستاني وكان حريا به الاكتفاء بإيراد القراءات العشر.
_كما تعرض للوقف والابتداء بإيضاح مواضعه وأنواعه، وقد صرح بأنما ورد في تفسيره من ذلكفإنما هو للإمام السجاوندي، وأن عمله يتلخص في اختصار التعليلات وإثبات الآيات.
_ثم ذكر أسباب النزول،وبيان المحكم والمتشابه، وغيره من المباحث ...
_الباب الرابع: قضايا اللغة والبلاغة: فقد اهتم في تفسيره باللغة واعتمد عليها باعتبارها قاعدة من قواعد التفسير، كما اهتم بالنحو والإعراب وأورد التقديرات الإعرابية والتخريجات النحوية، إلا أنه كان يتوسع أحيانا. ويرجح ما يراه راجحا وصوابا،كما زخر تفسيره بعلم المعاني والبديع والبيان.
_الباب الخامس: قضايا العقيدة: وقد اهتم بموضوع الأسماء والصفات، ونصر منهج أهل السنة والجماعة،وأيد أقوالهم بالحجج العقلية والنقلية، إلا أنه يؤخذ عليه تأويله لبعض الصفات كالاستواء واليدوالوجه ... ويحمد له رده على الفرق الضالة والمذاهب المنحرفة.
-كما تعرض لمباحث النبوة والأنبياء والملائكة والفرق والديانات ...
_الباب السادس: القضايا الفقهية:وهي الأخرى قد أخذت جانبا مهما من تفسيره فقد توسع في ذكر المذاهب وأدلتهم مع المناقشة لها، وكثيرا ما ينتصر لمذهبه الشافعي من دون تعصب إذا لاح له الدليل، كما تعرض لبعض مباحث أصول الفقه وحكمة التشريع.
_الباب السابع: موقفه من الإسرائيليات: فقد أورد مجموعة منها وكان غالب ما رواه منها يندرج في القسم الثالث وهو ما ليس في شرعنا ما يؤيده ولا ما يفنده ... ومما يؤخذ عليه إيراده لبعض الإسرائيليات التي لا تليق بمقام الأنبياء ,وإن ردها حيث كان الأجدر به تنزيه تفسيره منها، ومثل ذلك يقال في الأحاديث الضعيفة التي ذكرها في تفسيره دون تحقيق.
_وفي ختام هذا التعريف يتضح لك جليا أهمية هذا التفسير،ومدى الجهد الذي بذله الدكتور ماجد زكي فقد وفق _جزاه الله خيرا _في كتابه وأسأل الله أن يبارك في جهوده، وجهود العاملين في سبيل نصرة هذا الدين والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يسري خضر]ــــــــ[20 Dec 2008, 02:46 م]ـ
جزاك الله خيرا(/)
التأصيل للإعجاز العلمي في القرآن والسنة
ـ[جعفر الذوادي]ــــــــ[20 Dec 2008, 01:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
_الحمد لله حق حمده،والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ووفده.
_أما بعد: فإن أعظم ما صرفت فيه الأوقات،وبذلت فيه الجهود والطاقات،تلكم الجهود المبذولة لخدمة كتاب الله عزوجل، من جميع النواحي،وشتى المناحي، ومما يدلك على ذلك ما تزخر به المكتبة الإسلامية من كتب تفسيرالقرآن وعلومه وأصوله، وفي هذه الآونة الأخيرة انصرفت جهود بعض أهل العلم إلى نوع جديد من التفسير ألا وهو التفسير العلمي للقرآن الكريم،كما ظهر مصطلح جديد من أنواع الإعجاز ألا وهو الإعجاز العلمي، وقد كتب في هذا الموضوع كتابات،وأقيمت من أجله المؤتمرات، ومما وقفت عليه في هذا الصدد كتاب صادر عن هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، والموسوم ب: تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وبين يديك أخي القارئ تعريف بهذا الكتيب،عسى الله أن ينفع به كاتبه وقارئه والناظر فيه.
_عنوان الكتاب:وهوكما قدمت: تأصيل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة، صادر عن رابطة العلم الإسلامي_هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة_وهو يعد من أبحاث المؤتمر العالمي الأول للإعجاز العلمي المنعقد في إسلام آباد بباكستان.
_والكتيب من الحجم الصغير،عدد صفحاته:119مقسم على ثلاثة بحوث.
_البحث الأول:وهو للشيخ عبد المجيد الزنداني بعنوان: المعجزة العلمية في القرآن والسنة، وتعرض فيه مؤلفه إلى تعريف الإعجاز العلمي، وبيان أن لكل رسول معجزة تناسب قومه، ومدة رسالته، وأن المعجزة العلمية تناسب الرسالة الخاتمة،ثم تطرق إلى التفريق بين التفسير العلمي والإعجاز العلمي،وأن الأول:هوالكشف عن معاني الآيةأو الحديث في ضوء ما ترجحت صحته من نظريات العلوم الكونية، وأما الثاني فهو إخبارالقرآن والسنةبحقيقة أثبتها العلم التجريبي أخيرا وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم تكلم عن مصادر أبحاث الإعجاز العلمي،مع الإشارة إلى الآيات التي فيها إشارة إلى الإعجاز العلمي والحقائق الكونية، وكلام بعض أئمة التفسير حول هذه الآيات كقوله تعالى:"لكل نبإ مستقر"و"سنريهم آياتنا في الآفاق ... "و"ولتعلمن نبأه بعد حين".
_وقبل أن يختم بحثه ذكر قواعد هامة لا بد من مراعاتها عند الكتابة في موضوع الإعجاز العلمي، مختتما بحثه بذكر أوجه الإعجاز العلمي،مع بيان أهميته وثماره والميادين التي يتطرق إليها.
_الملاحظات:بعد هذا العرض الموجز لأهم ما جاء في هذه الرسالة أود التنبيه على بعض الملاحظات التي تفيد في هذا الموضوع:
1_لقد ذكر الشيخ _حفظه الله _أن الإعجاز العلمي كفيل بإذن الله أن يقدم الجواب لكل المتسائلين في مشارق الأرض ومغاربها، وقدم ذلك بقوله:"واليوم يتساءل أهل عصرنا هل من بينة وبرهان يثبت لنا أن قد صدقنا ربنا؟ وماذكره فيه نوع مبالغة لأن هناك جوانب أخرى كفيلة بالجواب على هذا التساؤل فالقرآن معجز بألفاظه ومعانيه،كما هو معجز بأحكامه ومغيباته،وهل تستطيع البشرية اليوم أن يأتوا بمثله؟ ثم إن الكثير عرفوا حقائق القرآن العلمية، كما عرف المشركون صدق الرسول ومعجزاته ورأوها ومع ذلك لم يؤمنوا فالحجة قائمة في كل الأحوال،وأنت تسمع أن الذين آمنوا بسبب هذا الأمر لا يكاد يذكر عددهم مع الذين آمنوا بسبب بلاغة القرآن وفصاحته، وغير ذلك من نواحي إعجازه.
_وإلى الذين يتوسعون في هذا الموضوع ويدندنون حوله حتى جعلوا القرآن كتاب طب أو هندسة أو نحو ذلك هل هذا هو مقصد القرآن من نزوله _وهي الهداية واللإرشاد_ثم لماذا لم تظهر هذه النهضة العلمية من قبل حتى ننتظر الغرب يأتوننا بهذه الحقائق،ومع هذا كله فلا ينكر أن في القرآن إشارات وإيماءات لبعض تلك الحقائق العلمية والكونية التي تزيد أهل الإيمان إيمانا، ولقد وقفت على كلام لبعض أهل العلم يذكر فيه ان سبب التوسع في هذا الامر إنما مرده إلى الانهزامية الداخلية التي صار يشعر بها المسلمون _والله المستعان_.
(يُتْبَعُ)
(/)
_البحث الثاني:مستندات التوفيق بين النصوص القرآنية وبين النتائج العلمية الصحيحة، للأستاذ الدكتور: سعاد يلدرم، وقدذكر فيه آراء المعترضينالتفسير العلمي وأدلتهم ووجهة نظرهم، ومنهم أبو إسحاق الشاطبي ومحمد حسين الذهبي، ثم تطرق إلى ذكر أدلة المجيزينمع الشروط التي ذكروها والأدلة التي استندوا إليها، وقد اعتمد في هذا التأصيل على كلام الطاهر بن عاشور_رحمه الله_من خلال كتابه: التحريروالتنوير، وكذا سعيد النورسي _رحمه الله_من خلال كتابه: إشارات الإعجازفي مظان الإيجاز، ثم ختم مبحثه بملخص ذكر فيه أهم النقاط التي تكتنف هذا الموضوع، ومماذكره قوله: بأن قسما من حقائق القرآن ستظهر بعد زمن التنزيل،وأن حكمته تعالى اقتضت احتواءه على معان لا تعد ولا تحصى تظهر مع مرور الزمن، لأنه كتاب لا تنقضي عجائبه، ثم بين أن المقصود الأسمى منه الهداية والإرشادومع ذلك فقد حوى أصول الإعجازمن خلال إشاراته إليها حتى تناسب القوم الذين خوطبوا بها.
_ومما يلاحظ عليه أنه في آخر بحثه جعل معجزات الأنبياء مما يثير في الناس الميل الميل إلى محاكاتهم، ومنها اسدلاله على رؤية يوسف لبرهان ربه على الوسائل التي تجلب الصور والأصوات؟ وغير ذلك.
_المبحث الثالث: خلاصة بحث التفسير العلمي للقرآن الكريم بين المجيزين والمانعين للشيخ: محمد الأمين ولد الشيخ: وقد حاول من خلال بحثه التوسط بين القولين بعد ذكر أدلتهم وتوجيهها، وذلك بوضع حدود، واشتراط شروط تحكم هذا النوع من التفسير، ومن تلكم الضوابط:
_1_ضرورة التقيد بما تدل عليه اللغة العربية، فلا بد من مراعاة معاني المفردات، والقواعد النحوية والبلاغية ودلالتهما.
_2_البعد عن التأويل في بيان الإعجاز العامي.
_3_أن تجعل حقائق القرإن هي الأصل، فما وافقها قبل وما خالفها رفض.
_4_ أن لا يفسر القرآن إلا بالثابت من العلم،لا بالفروض والنظريات التي لا تزال موضع بحث وتمحيص، لأنها عرضة للتعديل والتصحيح.
_والملاحظ أن هذه الشروط التي ذكرت قلما يتقيد بها الذين نصبوا أنفسهم في هذا الميدان،وخاضوا في هذا المجال،ولا أدل من الوقوع فانظر إلى ماكتب في هذا المجال فإنك ترى العجب العجاب._والله المستعان_
" وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم"(/)
الأزهر يجيز أول تفسير نسائي للقرآن الكريم
ـ[ابن المبارك]ــــــــ[21 Dec 2008, 12:33 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المصريون – (رصد): بتاريخ 20 - 12 - 2008
بعدما وافقت وزارة العدل المصرية على تعيين أول مأذونه مصرية من النساء بدأت تمارس عملها فعليا منذ الشهر الماضي برغم اعتراضات بعض المأذونين الذكور، وافق مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف على طبع ونشر أول تفسير نسائي للقرآن الكريم، جاء تحت عنوان (تيسير التفسير) بعدما تقدمت السيدة فوقية إبراهيم الشربيني (72 عاما) بنسخة للمجمع تطلب الإذن بتداوله بعد الفحص.
وقد ذكر موقع "مصراوي" الالكتروني المصري أن عملية المراجعة والفحص بالأزهر لهذا التفسير النسائي الجديد استمرت لأكثر من 3 أعوام، وصدر التفسير في 4 مجلدات: الأول: من سورة الفاتحة وحتى سورة التوبة، والثاني: من سورة يونس وحتى الحج، والثالث: من سورة المؤمنون وحتى الزخرف، والمجلد الرابع: من سورة الدخان وحتى الناس.
وقالت صاحبة التفسير إن هذا العمل استغرق 7 أعوام كاملة، حاولت خلالها أن تقدم رؤية مبسطة لآيات الذكر الحكيم بطريقة تمكن العامة وغير المتخصصين من فهم بعض أسرار القرآن الكريم ثم انتظرت ثلاث أعوام أخرى حتى صدر قرار الإجازة من الأزهر.
وأضافت الشربيني أنها اعتمدت على الصحيح من الروايات والمراجع من أقوال العلماء حتى لا تدخل القارئ العادي في خلافات لن يستفيد منها كثيراً.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[21 Dec 2008, 11:42 م]ـ
{ ..... ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} المائدة54
وهو خبر مسعد للنفس وإن كنت تعجبت من التفسير النسائي الذي يقابل التفسير الرجالي
وهو فتح جديد في تقسيم التفسير إلى رجالي وحريمي. {بسمة}
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[22 Dec 2008, 01:26 ص]ـ
{ ..... ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} المائدة54
وهو خبر مسعد للنفس وإن كنت تعجبت من التفسير النسائي الذي يقابل التفسير الرجالي
وهو فتح جديد في تقسيم التفسير إلى رجالي وحريمي. {بسمة}
وليست هي المحاولة الوحيدة، شيخنا الفاضل. بل توجد أستاذة جامعية مسلمة أمريكية تسعى لإصدار تفسير "نسائي"، غير أنه سيكون مثيرا للجدل نظرا لعدم تخصصها، وشهرتها بتحررها الفكري.
وأذكر هذا الأمر من الذاكرة حيث قرأت عنها خبرا بالإنجليزية منذ بضعة أشهر.
أما عن وجود تفسير رجالي، وآخر نسائي، فلا أظن أن فيه حرجا سواء أكان الأمر من جهة جنس كاتبه، أو من جهة شريحة القراء التي يتوجه إليها إن كان خطابا تفسيريا يقترب من نفسية النساء وعقليتهن، إذا قبلنا بوجود بعض الفارق النفسية بين الذكر والأنثى.
والشأن نفسه لو وجد تفسير موجه للأطفال أو للناشئة.
ـ[التواقة]ــــــــ[22 Dec 2008, 02:21 ص]ـ
والشأن نفسه لو وجد تفسير موجه للأطفال أو للناشئة. [/ QUOTE]
فكرة رائدة وخصوصا لصغار الحفظة في الحلقات فكم حفظنا ونحن نستعجم كلمات القرآن المهم ما كان من تدريس مقرر التفسير في مدارس التعليم العام بالسعودية ولكن هذا المشروع يحتاج إلى المفسر المربي وهم عندنا بحمد الله وفضله ..(/)
فوائد من تفسير نكت القرءان الدالة على البيان للإمام القصاب
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[21 Dec 2008, 05:09 م]ـ
ملاحظة:
أصل هذه المشاركة كانت تحت موضوع للشيخ مساعد الطيار بعنوان كتاب نفيس (نكت القرءان الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام).
وهذا التفسير حققه ثلاثة من الباحثين في رسائل جامعية وهومن إصدارات دار ابن القيم وابن عفان ط1 1424. ومن أجل أن تعم الفائدة رأيت أن أجعلها في الملتقى العام.
في البداية أسأل الله أن يوفق الشيخ مساعد الطيار لما يحبه ويرضاه وأن يرفع قدره في الدارين وأن يغفر له ولوالديه ويصلح له في ذريته وأن يكتب له أجر الدلالة على هذا الكتاب القيم (نكت القرءان)، والكتاب لم أكن أعرفه من قبل إلا لما عرضه الشيخ مساعد بارك الله فيه، وأثني بالشكر والدعاء كذلك للشيخ الفاضل فهد الوهبي فلقد نقل منه نقلاً موفقاً في كتابه منهج الاستنباط من القرءان الكريم مما كان دافعاً كذلك لاقتناء الكتاب فلهما جزيل الشكر، ولقد من الله علي بقراءة الكتاب كاملاً في شهر رمضان الفائت.
ومن باب نشر الخير للغير، وربما يكون الكتاب لم يتيسر لبعض الإخوة أحببت أن أتحفكم بشيء مما استلطفته من هذا الكتاب المبارك.
فوائد من المجلد الأول:
1 ـ المؤلف هو الإمام الحافظ محمد بن علي الكرجي القصاب وسمي بالقصاب لكثرة ما قتل من الكفار في مغازيه. ص19.
ومما قيل فيه شعراً:
وفي الكرج الغراء أوحد عصره
أبو أحمد القصاب غير مغالب
ص22.
2 ـ قال تعالى: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ماتبين لهم الحق).
دليل واضح لمن تدبره أن حرمان التوفيق أقعدهم عن الإيمان لما حسدوا عليه غيرهم وتبين لهم حقيقته، إذ محال أن يحسدوا غيرهم على ماهو باطل عندهم وفي أيديهم بزعمهم ما هو خير منه.
هذا ما لايذهب على مميز. ص132.
3 ـ وفي قوله تعالى إخباراً عن صالح عليه السلام: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا).
دليل على أن بناء القصور ليس بمنكر وأن البناء الطايل غير مؤثر في نسك الناسكين، إذ محال أن يذكرهم آلاء الله في شيء بنيانه معصية وقد قال: (فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين) ولو كان بناء القصور منكراً لكان داخلاً في الفساد لا في الآلاء. ص433.
فوائد من المجلد الثاني:
1 ـ قال تعالى: (نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى).
دليل على أن الإنصات للموعظة والإقبال على الواعظ واجب، وأن الكلام عندها أو محادثة بعضهم بعضاً في مجمع يعظ فيه واعظ مذموم وتهاون بالموعظة ولهو عنها، وفي ذلك زوال منفعتها وفهم ما أودع فيها. ص173.
2 ـ قال تعالى: (وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم) إلى قوله: (ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعاً).
دليل على أن الفزع إلى الله في الشدة دون الرخاء خلق من أخلاق الكافرين، وأن المؤمن مندوب إلى مراعاة حق الله عليه، والتعرف إليه في الرخاء ليجاب عند الشدة. ص178.
3 ـ قال تعالى في سورة الكهف في بيان قصة موسى والخضر عليهما السلام (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر).
اسم المسكنة واقع على من له البلغة من العيش، لأن الخضر صلى الله عليه قد سمى من له سفينة يعمل فيها مسكيناً وقد أخبر الله عنه به في جملة ما أخبر من الحق. ص219.
4 ـ قال تعالى لمريم: (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً)
دليل على أن الرطب للنفساء نافع. ص238.
5 ـ قال تعالى: (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط * وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير).
من الفوائد أن المغتم بالشيء قد يتسلى بأن يكون له في مصيبته شريك ألا ترى أن الله جل جلاله كيف عزى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشاركة من مضى قبله من الأنبياء في تكذيب قومهم إياهم، واحتمال مضضهم وأذاهم، فدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء صلوات الله عليهم كانوا يغتمون من تكذيب قومهم إياهم. ص331.
6 ـ قال تعالى إخباراً عن فرعون وملئه: (فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون).
دليل على أن الله جل جلاله يجري نقض ضلالة الضالين على ألسنتهم فلا يشعرون بها، ولا أتباعهم ليحق كلمته على من قضى عليه الشقوة.
ألا ترى أن فرعون مع ادعائه الربوبية قال مع ملئه (أنؤمن لبشرين مثلنا) ولم يحترز من تسمية نفسه بشرا، وقد سماها رباً لا ملؤه. ص354.
فوائد من المجلد الثالث:
1 ـ قول إبراهيم عليه السلام في دعائه: (والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين).
تخويف للمؤمنين شديد أن يعملوا ولا يتكلوا، إذا كان خليله صلى الله عليه وسلم طامعاً في غفران خطيئته غير حاتم بها على ربه، فمن بعده من المؤمنين أحرى أن يكون أشد خوفاَ من خطاياهم. ص 529.
فوائد من المجلد الرابع:
1 ـ قال تعالى: (وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أنداداً ليضل عن سبيله).
تقريع لمن يهمل الدعاء في الرخاء، ويفزع إليه في الشدة،وليس ذلك من أخلاق المؤمنين، إذ من أخلاقهم إكثار الدعاء في الرخاء عدة للشدة.
فلا ينبغي للمؤمن أن يستن بالكافر، ولا يفزع إلى الدعاء إلا عند الشدائد. ص11 ـ 12.
2 ـ قوله سبحانه في عقاب فرعون: (فأخذه الله نكال الأخرة والأولى) فالآخرة هاهنا قوله: في سورة النازعات: (أنا ربكم الأعلى) والأولى قوله في سورة القصص: (ما علمت لكم من إله غيري).
ختاماً:
أسأله سبحانه أن أكون أحسنت فيما استحسنت وأن لا يكون ورماً ما استسمنت، وفق الله الجميع لكل ما يحب ويرضى والسلام.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[30 Jan 2009, 03:21 م]ـ
ومما من الله بقراءته كذلك في شهر رمضان الفائت كتاب (فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرءان) تأليف شيخ الإسلام أبي يحيى زكريا الأنصاري المتوفى سنة 962هـ.
ومن باب نشر الخير للغير أورد لكم شيئاً مما استلطفته من هذا الكتاب المبارك.
والنسخة التي يتم منها النقل هي من تقديم وتحقيق وتعليق عبدالسميع محمد أحمد حسنين عضو هيئة التدريس بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الطبعة الأولى 1404هـ، مكتبة الرياض الحديثة.
1 ـ كان رد زكريا عليه السلام لما بشر بولد في سورة آل عمران: (قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر) فرُد عليه (كذلك الله يفعل ما يشاء).
ولما بشرت مريم بالولد قالت: (رب أني يكون لي ولد ولم يمسسني بشر).
فرُد عليها (كذلك الله يخلق مايشاء).
تأمل:
قال في حق زكريا: (يفعل) وفي حق مريم (يخلق) مع اشتراكهما في بشارتهما بولد!
لأن استبعاد زكريا لم يكن لأمر خارق، بل نادر بعيد، فحسن التعبير (يفعل).
واستبعاد مريم كان لأمر خارق فكان ذكر الخلق أنسب. ص 203.
2 ـ قال الله تعالى في سورة النساء: (إن كيد الشيطان كان ضعيفا)
إن قلت:
كيف وصف كيد الشيطان بالضعف، وفي قوله: (إن كيدكن عظيم) وصف كيد النساء بالعظم، مع أن كيد الشيطان أعظم؟
قلت:
المراد أن كيد الشيطان ضعيف بالنسبة إلى نصرة الله أولياءه، وكيد النساء عظيم بالنسبة إلى الرجال. ص229.
3ـ قال الله جل وعلا في سورة يوسف مبيناً قول يوسف عليه السلام (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن).
إن قلت:
لم ذكر يوسف عليه السلام نعمة الله عليه في إخراجه من السجن، دون إخراجه من الجب، مع أنه أعظم نعمة، لأن وقوعه في الجب كان أعظم خطراً؟
قلت:
لأن مصيبة السجن كانت عنده أعظم لطول مدتها، ولمصاحبة الأوباش، وأعداء الدين فيه. بخلاف معصية الجب لقصر مدتها، ولكون المؤنس له فيه جبريل عليه السلام، وغيره من الملائكة.
أو لأن في ذكر الجب توبيخاً وتقريعاً لإخوته بعد قوله: (لا تثريب عليكم اليوم). ص353.
قال محقق الكتاب الأستاذ عبدالسميع:
قال الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره: لم يذكر إخراجه من البئر لوجوه:
الأول: أنه قال لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم، ولو ذكر واقعة البئر، لكان ذلك تثريباً لهم، فكان إهماله جارياً مجرى الأدب.
الثاني: أنه لما خرج من البئر لم يصر ملكاً، بل صيروه عبداً، أما لما خرج من السجن صيروه ملكاً، فكأن هذا الإخراج أقرب من أن يكون إنعاماً كاملاً.
الثالث: أنه لما أخرج من البئر، وقع في المضار الحاصلة بسبب تهمة المرأة، فلما أخرج من السجن وصل إلى أبيه وإخوته، وزالت التهمة، فكان هذا أقرب إلى المنفعة. اهـ.
4 ـ قال تعالى في سورة الأحزاب: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم).
أي في الحرمة والاحترام.
وإنما جعلهن كالأمهات، ولم يجعل نبيه كالأب حتى قال سبحانه: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) لأنه تعالى أراد أن أمته يدعون أزواجه بأشرف ما تنادى به النساء وهو الأم، وأشرف ما ينادى به النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الرسول لا الأب.
ولأنه تعالى جعلهن كالآمهات، إجلالاً لنبيه، لئلا يطمع أحد في نكاحهن بعده، ولو جعله أباً للمؤمنين، لكان أباً للمؤمنات أيضاً فيحرمن عليه، وذلك ينافي إجلاله وتعظيمه.
ولأنه تعالى جعله أولى بنا من أنفسنا، وذلك أعظم من الأب في القرب والحرمة، إذ لا أقرب إلى الإنسان من نفسه.
ولأن من الأدباء من يتبرأ من ابنه، ولا يمكن أن يتبرأ من نفسه. ص492 ـ 493.
5 ـ قال جل وعلا في سورة ياسين في وصف حال أهل الجنة وما هم فيه من النعيم: (هم وأزواجهم في ظلال).
إن قلت:
كيف قال في صفة أهل الجنة ذلك، والظل إنما يكون لما تقع عليه الشمس، ولا شمس في الجنة لقوله تعالى: (لا يرون فيها شمسا)؟
قلت:
ظل أشجار الجنة من نور قناديل العرش، أو من نور العرش لئلا تبهر أبصارهم، فإنه أعظم من نور الشمس. ص 507.
هذا ما تهيأ إعداده وتيسر إيراده، وفقنا الله وإياكم لكل خير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[31 Jan 2009, 06:54 ص]ـ
جزاك الله خيراً.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[31 Jan 2009, 06:57 م]ـ
جزاك الله خيراً أخ فهد
لي هنا تعليق على قول الكاتب رحمه الله: ((قال تعالى في سورة الكهف في بيان قصة موسى والخضر عليهما السلام: "أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر ".
اسم المسكنة واقع على من له البلغة من العيش، لأن الخضر صلى الله عليه قد سمى من له سفينة يعمل فيها مسكيناً وقد أخبر الله عنه به في جملة ما أخبر من الحق)).
هي أولاً سفينة لمساكين ونحن لا نعرف عددهم، ثم لا نعرف الدخل اليومي للسفينة التي يمتلكها العدد غير المعروف. ولكننا نعلم أنهم مساكين. والذي نرجحه في معنى المسكين انه الفقير الذي أدى به فقره إلى الانكسار والاستكانة. فالمسكنة حالة نفسية ناتجة عن الفقر. وهناك الفقير المتماسك الذي لم ينكسر نتيجة فقره.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[23 Feb 2009, 02:33 م]ـ
ومما من الله بقراءته كذلك في شهر رمضان الفائت كتاب (الإكليل في استنباط التنزيل) للإمام جلال الدين السيوطي، دراسة وتحقيق الدكتور عامر بن علي العرابي الطبعة الأولى 1422هـ، دار الأندلس الخضراء، (مطبوع في ثلاث مجلدات). (وهو الكتاب الأخير).
ومن باب نشر الخير للغير أورد لكم شيئاً مما استلطفته من هذا الكتاب المبارك:
1 ـ قال تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة).
فيه استحباب الصلاة عند المصيبة وأنها تعين صاحبها. ص 301.
2 ـ قال تعالى: (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي).
قال ابن الفرس: يؤخذ من هذا إباحة السعي في منافع الذرية والقرابة وسؤال من بيده ذلك. ص313 ـ 314.
3 ـ قال تعالى: (وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون).
فيه استحباب الاسترجاع عند المصيبة وإن قلت، كما أشار إليه تنكير مصيبة. ص327.
4 ـ قال تعالى في سورة يوسف في ذكر رؤيا يوسف: (يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين).
قال ابن الفرس: ذكر جماعة من المفسرين أن القمر تأويله الأب والشمس تأويلها الأم فاستقرأ بعض الناس من تقديمها وجوب بر الأم وزيادته على بر الأب. ص 868.
5 ـ ذكر الله جل وعلا قول يعقوب لما سمع رؤيا يوسف: (يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك).
قال ابن العربي: (يعقوب عرف تأويل الرؤيا ولم يبال بذلك، فإن الرجل يود أن يكون ولده خيراً منه والأخ لا يود ذلك لأخيه). ص 869.
6 ـ قال الله جل وعلا في بيان اعتذار إخوة يوسف من يوسف وقبول يوسف عليه السلام اعتذارهم: (لا تثريب عليكم اليوم).
أخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال: (طلب الحوائج إلى الشباب أسهل منها عند الشيوخ، ألم تر إلى قول يوسف: (لا تثريب عليكم اليوم).
وقال يعقوب: (سوف أستغفر لكم ربي). ص 881.
7 ـ قا ل الله جل وعلا في شأن أصحاب الكهف: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل).
وصف الأولين بالرجم بالغيب دون الثالث يدل على أنه مرضي وصحيح. ص 928.
8 ـ قال الله جل وعلا في سورة مريم: (وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنيا).
فيه أمر بالتسبب في الرزق وتكلف الكسب وفيه أصل لم يقوله الأطباء: إن الرطب ينفع النفساء. ص 941.
هذا ما تيسر إعداده وتهيأ إيراده والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[07 Jun 2010, 11:53 م]ـ
بحمد الله تم الفراغ من إعداد جملة من فوائد التفاسير بعد أن منّ الله جل وعلا بفضله وكرمه علينا بختمها، وهي كالتالي:
مستدرك فوائد نكت القرآن للإمام القصاب.
رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز للإمام الحافظ عز الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي.
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للعلامة السعدي.
تفسير ابن باديس (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير)
تفسير القرآن العظيم للعلامة أبي الحسن علي بن محمد بن عبدالصمد علم الدين السخاوي.
نكت وتنبيهات في تفسير القرآن المجيد لأبي العباس البسيلي التونسي، وذيله تكملة النكت لابن غازي العثماني المكناسي.
تفسير ابن جزي الكلبي.
دقائق التدبر ومعارج التفكر للشيخ عبدالرحمن حبنكة الميداني.
وسأورد ما انتخبت من فوائدها بإذن الله تباعاً، رزقنا الله وإياكم حسن القول والعمل، وجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأسأله سبحانه أن لا يجعل عملنا علينا وبالاً وأن يرزقنا وإياكم تقواه سبحانه وتعالى.
ملاحظة: ليت الإخوة يتفضلون ويتكرمون بتغيير عنوان المشاركة إلى عنوان آخر (اليسير من فوائد التفاسير) ليكون دالاً على المقصود، أو ما يرونه مناسب، والله يحفظكم ويرعاكم.
ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[08 Jun 2010, 01:59 ص]ـ
أحسنت أيها الجليل ونحن نحتاج المزيد والمزيد فما ألطفها من فوائد، وما أعذبها:
أبشر بخير يا أخا العلياء *-*-*-* فلأنت فينا أوحد الفضلاء
يا فاضلاً بذكائه ودهائه *-*-*-* ترك الصعاب منيرة الأرجاء
أشكوك وجداً قد تمكن في الحشا *-*-*-* شوق لتلك الطلعة الغراء
اشتاقكم شوق الظما لوردهم *-*-*-* أو شوق ذي سقم لنيل شفاء
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[08 Jun 2010, 01:59 م]ـ
حيا الله الأدب وبنيه، وأعاد علينا من أيامه وسنيه:
أخي العزيز: لم أدر ما رأيت أخط مسطور، أم روض ممطور؟ وكلام منثور، أم وشي منشور؟
ولقد راقني الشعر حتى شاقني:
أدب أرق من الهواء وإن تشأ
فمن الهوا والماء والصهباء
ما السحر إلا ما تصوغ بنانه
ولسانه من حلية الإنشاء
أبكار فكرك قد زففن بمدحة
تمشي روائعها على استحياء
لا من قصور بل لتقصير بها
من حيث لم يظفرن بالأكفاء
وأصلي وأسلم على المصطفى ما بلّ ريق فما، ومداد قلما.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[24 Jul 2010, 01:17 م]ـ
كنت وعدت بالإكمال، لكن جملة مما سأورده سيكون في لطائف قرآنية لهذا العام في رمضان بإذن الله، فحتى لا أذهب جدته؛ سأبدأ في إيرادها بعد شهر رمضان بإذن الله.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[14 Sep 2010, 05:22 ص]ـ
إيفاء بالوعد وبعد أن منّ الله جل وعلينا بتمام شهر رمضان إعاده الله علينا وعليكم سنين عديدة باليمن والإيمان والسلامة والإحسان، لعلي بإذن الله أبدأ من اليوم بفوائد من تفسير الشيخ السعدي رحمه الله رحمة واسعة.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[14 Sep 2010, 06:46 ص]ـ
ماشاء الله بارك الله، زادكم الله علما ونفعا.
وقد انحل لدي إشكالان عرضا لي في شهر رمضان فأسأل الله ألا يحرمكم الأجر.
لدي اقتراح: لم لاتجمع هذه اللطائف في كتب حسب العلوم؟
وأجزم بأنها ستجد قبولا طيبا بإذن الله، نسأل الله القبول.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[15 Sep 2010, 01:54 م]ـ
قطرة مسك: سررتني سركم الله وحفظكم وباركم فيك، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وما اقترحتم مبارك لكن إذا اكتملت الأمور فلكل حادث حديث بإذن الله.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[15 Sep 2010, 01:58 م]ـ
تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للشيخ العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي، الطبعة الأولى 1422هـ، دار ابن الجوزي. (اعتنى به سعد بن فواز الصميل).
1 ـ قال تعالى: (إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون) وأنزله بهذا اللسان لنعقله ونفهمه، وأمرنا بتدبره، والتفكر فيه، والاستنباط لعلومه، وما ذاك إلا لأن تدبره مفتاح كل خير، محصل للعلوم والأسرار. فلله الحمد والشكر والثناء، الذي جعل كتابه هدى وشفاءً ورحمة، ونوراً وتبصرة وتذكرة وعبرة، وبركة وهدى وبشرى للمسلمين.
فإذا عُلِم هذا؛ علم افتقار كل مكلف لمعرفة معانيه والاهتداء بها، وكان حقيقاً بالعبد أن يبذل جهده ويستفرغ وسعه في تعلمه وتفهمه بأقرب الطرق الموصلة إلى ذلك. ص4.
2 ـ وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة: فالعامة هي خلقه للمخلوقين ورزقهم وهدايتهم لما فيه مصالحهم التي فيها بقاؤهم في الدنيا، والخاصة تربيته لأوليائه، فيربيهم بالإيمان، ويوفقهم له، ويكملهم، ويدفع عنهم الصوارف والعوائق الحائلة بينهم وبينه. وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير والعصمة من كل شر، ولعل هذا المعنى هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب، فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة. ص32.
3 ـ قال تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم) فهذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها للعبد؛ ولهذا وجب على الإنسان أن يدعو الله به في كل ركعة من صلاته لضرورته إلى ذلك. ص33.
4 ـ أما الحروف المقطعة في أوائل السورة؛ فالأسلم فيها السكوت عن التعرض لمعناها من غير مستند شرعي، مع الجزم بأن الله تعالى لم ينزلها عبثاً، بل لحكمة لا نعلمها. ص34.
5 ـ قال تعالى: (ومما رزقناهم ينفقون) أتى بمن الدالة على التبعيض؛ لينبههم أنه لم يرد منهم إلا جزءاً يسيراً من أموالهم غير ضار لهم، ولا مثقل بل ينتفعون هم بإنفاقه، وينتفع به إخوانهم. وفي قوله: (رزقناهم) إشارة إلى أن هذه الأموال التي بين أيديكم ليست حاصلة بقوتكم وملككم، وإنما هي رزق الله الذي خولكم وأنعم به عليكم، فكما أنعم عليكم وفضلكم على كثير من عباده فاشكروه بإخراج بعض ما أنعم به عليكم، وواسوا إخوانكم المعدمين. ص36
6 ـ كثيراً ما يجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القرآن؛ لأن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود، والزكاة والنفقة متضمنة للإحسان على عبيده؛ فعنوان سعادة العبد إخلاصه للمعبو وسعيه في نفع الخلق، كما أن عنوان شقاوة العبد عدم هذين الأمرين منه فلا إخلاص ولا إحسان. ص36ـ 37.
بقية الفوائد تأتي تباعاً.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[17 Sep 2010, 08:34 م]ـ
7 ـ قال تعالى: (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين).
أتى بعلى في الهدى لأن صاحب الهدى مستعل بالهدى مرتفع به، وأتى بفي في الضلالة لأن صاحب الضلال منغمس فيه محتقر. ص37.
8 ـ قال تعالى: (ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات).
(يُتْبَعُ)
(/)
(استوى): ترد في القرآن على ثلاثة معانٍ: فتارة لا تعدى بالحرف فيكون معناها: الكمال والتمام، كما في قوله تعالى عن موسى: (ولما بلغ أشده واستوى)؛ وتارة تكون بمعنى علا وارتفع، وذلك إذا عديت بعلى كقوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى)؛ وقوله تعالى: (لتستووا على ظهوره)؛ وتارة تكون بمعنى قصد كما إذا عُديت بإلى كما في هذه الآية، أي: لما خلق تعالى الأرض قصد إلى خلق السماوات فسواهن سبع سماوات. ص52 ـ 53.
9 ـ قال تعالى: (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون).
ليس في الآية أن الإنسان إذا لم يقم بما أُمر به أنه يترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لأنها دلت على التوبيخ بالنسبة إلى الواجبين، وإلا فمن المعلوم أن على الإنسان واجبين: أمر غيره ونهيه، وأمر نفسه ونهيها، فترك أحدهما لا يكون رخصة في ترك الآخر، فإن الكمال أن يقوم الإنسان بالواجبين، والنقص الكامل أن يتركهما، وأما قيامه بأحدهما دون الآخر فليس في رتبة الأول وهو دون الأخير، وأيضاً فإن النفس مجبولة على عدم الانقياد لمن يخالف قوله فعله، فاقتداؤهم بالأفعال أبلغ من اقتدائهم بالأقوال المجردة. ص60.
10 ـ اعلم أن كثيراً من المفسرين رحمهم الله قد أكثروا في حشو تفاسيرهم من قصص بني إسرائيل، ونزلوا عليها الآيات القرآنية، وجعلوها تفسيراً لكتاب الله، محتجين بقوله صلى الله عليه وسلم: (حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج).
والذي أرى أنه وإن جاز نقل أحاديثهم على وجه تكون مفردة غير مقرونة ولا منزلة على كتاب الله، فإنه لا يجوز جعلها تفسيراً لكتاب الله قطعاً إذا لم تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن مرتبتها كما قال صلى الله عليه وسلم: (لاتصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم)، فإذا كانت مرتبتها أن تكون مشكوكاً فيها، وكان من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام أن القرآن يجب الإيمان به والقطع بألفاظه ومعانيه، فلا يجوز أن تجعل تلك القصص المنقولة بالروايات المجهولة التي يغلب على الظن كذبها، أو كذب أكثرها معاني لكتاب الله مقطوعاً بها، ولا يستريب بهذا أحد، ولكن بسبب الغفلة عن هذا حصل ما حصل، الله الموفق. ص70
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[19 Sep 2010, 07:00 ص]ـ
11 ـ قال تعالى: (ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني وهو متناول لمن ترك تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه. ص71.
12 ـ قال تعالى: (ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون * واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان).
لما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه وأمكنه الانتفاع به ولم ينتفع؛ ابتلي بالاشتغال بما يضره، فمن ترك عبادة الرحمن؛ ابتلي بعبادة الأوثان، ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه؛ ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه، ومن لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان، ومن ترك الذل لربه؛ ابتلي بالذل للعبيد، ومن ترك الحق؛ ابتلي بالباطل، كذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلوا الشياطين. ص80 ـ 81.
13 ـ قال تعالى: (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها)
وإذا كان لا أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، فلا أعظم إيماناً ممن سعى في عمارة المساجد بالعمارة الحسية والمعنوية؛ كما قال تعالى: (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر). ص86.
14 ـ قال تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين). وقال تعالى: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلاً ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير).
(يُتْبَعُ)
(/)
أي وإذ دعا إبراهيم لهذا البيت أن يجعله الله بلداً آمناً ويرزق أهله من أنواع الثمرات، ثم قيد عليه السلام هذا الدعاء للمؤمنين تأدباً مع الله إذ كان دعاؤه الأول فيه الإطلاق، فجاء الجواب فيه مقيداً بغير الظالم، فلما دعا لهم بالرزق وقيده بالمؤمن وكان رزق الله شاملاً للمؤمن والكافر والعاصي والطائع قال تعالى: (ومن كفر) أي: أرزقهم كلهم مسلمهم وكافرهم، أما المسلم فيستعين بالرزق على عبادة الله ثم ينتقل منه إلى نعيم الجنة، وأما الكافر فيتمتع فيها قليلاً، (ثم أضطره)؛ أي: ألجئه وأخرجه مكرهاً (إلى عذاب النار وبئس المصير). ص92.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[25 Sep 2010, 04:06 ص]ـ
15 ـ قال تعالى: (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم).
(وما أوتي النبيون من ربهم) دلالة على أن عطية الدين هي العطية الحقيقية المتصلة بالسعادة الدنيوية والأخروية، لم يأمرنا أن نؤمن بما أوتي الأنبياء من الملك والمال ونحو ذلك، بل أمرنا أن نؤمن بما أعطوا من الكتب والشرائع.ص96.
16 ـ قال تعالى: (ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات)
يستدل بهذه الآية الشريفة على الإتيان بكل فضيلة يتصف بها العمل، كالصلاة في أول وقتها، والمبادرة إلى إبراء الذمة من الصيام والحج والعمرة وإخراج الزكاة، والإتيان بسنن العبادات وآدابها، فلله ما أجمعها وأنفعها من آية. ص108.
17 ـ قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)
وهذه منقبة عظيمة للصابرين فلو لم يكن للصابرين فضيلة إلا أنهم فازوا بهذه المعية من الله لكفى بها فضلاً وشرفاً. ص112.
18 ـ قال تعالى: (إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون * ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله).
ما أحسن اتصال هذه الآية بالتي قبلها، فإنه تعالى لما بيّن وحدانيته وأدلتها القاطعة وبراهينها الساطعة الموصلة إلى علم اليقين المزيلة لكل شك ذكر هنا أن (من الناس)؛ مع هذا البيان التام (من يتخذ) من المخلوقين (أنداداً) لله؛ أي: نظراء ومثلاً يساويهم في الله بالعبادة والمحبة والتعظيم والطاعة، ومن كان بهذه الحالة ـ بعد إقامة الحجة وبيان التوحيد ـ علم أنه معاند لله، مشاق له، أو معرض عن تدبر آياته، والتفكر في مخلوقاته فليس له أدنى عذر في ذلك، بل قد حقت عليه كلمة العذاب. ص122.
19 ـ قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون)
أي: فاشكروه، فدل على أن من لم يشكر الله لم يعبده وحده، كما أن من شكره فقد عبده وأتى بما أمر به، ويدل أيضاً على أن أكل الطيب سبب للعمل الصالح وقبوله. ص126.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[26 Sep 2010, 06:30 ص]ـ
20 ـ قال تعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون). وهذا يدل على أن الله تعالى يحب من عباده أن يعملوا أفكارهم وعقولهم في تدبر ما في أحكامه من الحكم والمصالح الدالة على كماله وكمال حكمته وحمده وعدله ورحمته الواسعة، وأن من كان بهذه المثابة فقد استحق المدح بأنه من ذوي الألباب الذين وجه إليهم الخطاب وناداهم رب الأرباب، وكفى بذلك فضلاً وشرفاً لقوم يعقلون. ص133.
21 ـ قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) أي: ولا تأخذوا أموالكم أي أموال غيركم، أضافه إليهم لأنه ينبغي للمسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويحترم ماله كما يحترم ماله، ولأن أكله لمال غيره يجرئ غيره على أكل ماله عند القدرة. ص140.
22 ـ قال تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه). ويستفاد من تعليل الآية النهي عن مخالطة كل مشرك ومبتدع؛ لأنه إذا لم يجز التزوج مع أن فيه مصالح كثيرة؛ فالخلطة المجردة من باب أولى وخصوصاً الخلطة التي فيها ارتفاع المشرك ونحوه على المسلم كالخدمة ونحوها. ص165.
23 ـ قال تعالى: (إن تبدو الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم).
في قوله: (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم)؛ فائدة لطيفة، وهو أن إخفاءها خير من إظهارها إذا أعطيت الفقير. فأما إذا صرفت في مشروع خيري لم يكن في الآية ما يدل على فضيلة إخفائها، بل هنا قواعد الشرع تدل على مراعاة المصلحة، فربما كان الإظهار خيراً لحصول الأسوة والاقتداء وتنشيط النفوس على أعمال الخير. ص196.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[14 Oct 2010, 02:43 م]ـ
24 ـ قال تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين)
أمرهم تعالى بالمسارعة إلى مغفرته وإدراك جنته التي عرضها السماوات والأرض، فكيف بطولها التي أعدها الله للمتقين؟!. ص243.
25 ـ قال تعالى: (ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون) وفي هذه الآية دليل على أنه لا يكره تمني الشهادة. ووجه الدلالة أن الله تعالى أقرهم على أمنيتهم، ولم ينكر عليهم، وإنما أنكر عليهم عدم العمل بمقتضاها. ص247.
26 ـ قال تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين).
وفي هذه الآية أعظم دليل على فضيلة الصديق الأكبر أبي بكر وأصحابه الذين قاتلوا المرتدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم هم سادات الشاكرين. ص248.
27 ـ قال تعالى: (كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة) في هذه الآية إشارة لطيفة إلى نعيم البرزخ وعذابه وأن العاملين يجزون فيه بعض الجزاء مما عملوه ويقدم لهم أنموذج مما أسلفوه يفهم هذا من قوله: (وإنما توفون أجوركم يوم القيامة)؛ أي توفيه الأعمال التامة إنما يكون يوم القيامة، وأما ما دون ذلك فيكون في البرزخ، بل قد يكون قبل ذلك في الدنيا كقوله: (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر). ص267.
28 ـ قال تعالى: (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم)
دلت الآية بمفهومها على أن من أحب أن يحمد ويثنى عليه بما فعله من الخير واتباع الحق إذا لم يكن قصده بذلك الرياء والسمعة أنه غير مذموم، بل هذا من الأمور المطلوبة التي أخبر الله أن يجزي بها المحسنين له الأعمال والأقوال، وأنه جازى بها خواص خلقه وسألوها منه كما قال إبراهيم عليه السلام: (واجعل لي لسان صدق في الآخرين)، وقال: (سلام على نوح في العالمين إنا كذلك نجزي المحسنين)، وقد قال عباد الرحمن: (واجعلنا للمتقين إماما)، وهي من نعم الباري على عبده ومننه التي تحتاج إلى شكر.ص 269.
29 ـ قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)
فعلم من هذا أنه لا سبيل إلى الفلاح بدون الصبر والمصابرة والمرابطة المذكورات، فلم يفلح من أفلح إلا بها ولم يفت أحداً الفلاح إلا بالإخلال بها أو ببعضها. ص273.
30 ـ قال تعالى: (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفا).
يؤخذ من المعنى أن كل من له تطلع وتشوف إلى ما حضر بين يدي الإنسان ينبغي له أن يعطيه منه ما تيسر. ص 278.
31 ـ قال تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم) وهذا مما يدل على أن الله تعالى أرحم بعباده من الوالدين، حيث أوصى الوالدين مع كمال شفقتهم عليهم. ص280.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[27 Nov 2010, 04:59 م]ـ
32 ـ قال تعالى: (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوها ًفنردها على أدبارها أو نلعنهم كما لعنّا أصحاب السبت) قال تعالى: (من قبل أن نطمس وجوها ًفنردها على أدبارها): وهذا جزاء من جنس ما عملوا؛ كما تركوا الحق وآثروا الباطل وقلبوا الحقائق فجعلوا الباطل حقاً والحق باطلاً، جوزوا من جنس ذلك بطمس وجوههم كما طمسوا الحق. ص312.
33 ـ قال تعالى: (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتا).
يخبر تعالى أنه لو كتب على عباده الأوامر الشاقة على النفوس من قتل النفوس والخروج من الديار؛ لم يفعله إلا القليل منهم والنادر؛ فليحمدوا ربهم وليشكروه على تيسير ما أمرهم به من الأوامر التي تسهل على كل أحد ولا يشق فعلها، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي أن يلحظ العبد ضد ما هو فيه من المكروهات؛ لتخف عليه العبادات، ويزداد حمداً وشكراً لربه. ص320.
34 ـ قال تعالى: (وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) في هذه الآية ذم لهم وتوبيخ على عدم فهمهم وفقههم عن الله ورسوله، وذلك بسبب كفرهم وإعراضهم. وفي ضمن ذلك مدح من يفهم عن الله وعن رسوله، والحث على ذلك وعلى الأسباب المعينة على ذلك من الإقبال على كلامهما، وتدبره وسلوك الطرق الموصلة إليه. ص327.
35 ـ قال تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا)
يأمر تعالى بتدبر كتابه، وهو التأمل في معانيه وتحديق الفكر فيه وفي مبادئه وعواقبه ولوازم ذلك؛ فإن في تدبر كتاب الله مفتاحاً للعلوم والمعارف، وبه يستنتج كل خير وتستخرج منه جميع العلوم، وبه يزداد الإيمان في القلب وترسخ شجرته؛ فإنه يعرّف بالرب المعبود وماله من صفات الكمال وما ينزه عنه من سمات النقص، ويعرّف الطريق الموصلة إليه وصفة أهلها وما لهم عند القدوم عليه، ويعرّف العدو الذي هو العدو على الحقيقة والطريق الموصلة إلى العذاب وصفة أهلها وما لهم عند وجود أسباب العقاب. وكلما ازداد العبد تأملا فيه؛ ازداد علما ًوعملاً وبصيرة. ص329.
36 ـ قال تعالى: (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعو به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم). (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) في هذا دليل لقاعدة أدبية، وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور؛ ينبغي أن يولى من هو أهل لذلك، ويُجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم؛ فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ. ص330.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[07 Dec 2010, 04:23 م]ـ
37 ـ قال تعالى: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطئا ومن قتل مؤمناً خطئاً فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا)
ومن حكمته أن أوجب في القتل الدية، ولو كان خطأ؛ لتكون رادعة وكافة عن كثير من القتل باستعمال الأسباب العاصمة عن ذلك. ومن حكمته أن أُوجِبت على العاقلة في قتل الخطأ بإجماع العلماء؛ لكون القاتل لم يذنب، فيشق عليه أن يحمل هذه الدية الباهظة، فناسب أن يقوم بذلك من بينه وبينهم المعاونة والمناصرة والمساعدة على تحصيل المصالح وكف المفاسد، ولعل ذلك من أسباب منعهم لمن يعقلون عنه من القتل حذار تحميلهم، ويخف عليهم بسبب توزيعه عليهم بقدر أحوالهم وطاقتهم. ص337.
38 ـ قال تعالى: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعد الله الحسنى).
قال هنا: (وكلاً وعد الله الحسنى)، وكما قال تعالى في الآيات المذكورة في الصف في قوله: (وبشر المؤمنين)، وكما في قوله تعالى: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل)؛ أي: ممن لم يكن كذلك، ثم قال: (وكلاً وعد الله الحسنى)، وكما قال تعالى: (ففهمناها سليمان وكلاً آتينا حكماً وعلماً). فينبغي لمن بحث في التفضيل بين الأشخاص والطوائف والأعمال أن يتفطن لهذه النكتة، وكذلك لو تكلم في ذم الأشخاص والمقالات؛ ذكر ما تجتمع فيه عند تفضيل بعضها على بعض؛ لئلا يتوهم أن المفضل قد حصل له الكمال؛ كما إذا قيل: النصارى خير من المجوس؛ فليقل مع ذلك: وكل منهما كافر. والقتل أشنع من الزنا، وكل منهما معصية كبيرة، حرمها الله ورسوله، وزجر عنها. ص341.
39 ـ قال تعالى: (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا)
أي إذا فرغتم من صلاتكم صلاة الخوف وغيرها؛ فاذكروا الله في جيمع أحوالكم وهيئاتكم، ولكن خصت صلاة الخوف بذلك لفوائد:
منها: أن فيها من حقائق الإيمان ومعارف الإيقان ما أوجب أن يفرضها الله على عباده كل يوم وليلة، ومن المعلوم أن صلاة الخوف لا تحصل فيها هذه المقاصد الحميدة بسبب اشتغال القلب والبدن، والخوف، فأمر بجبرها بالذكر بعدها.
ومنها: أن الخوف يوجب من قلق القلب وخوفه، ما هو مظنة لضعفه، وإذا ضعف القلب ضعف البدن عن مقاومة العدو، والذكر لله والإكثار منه من أعظم مقويات القلب. ص348.
40 ـ قال تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى)
يدل مفهومها على أن من لم يشاقق الرسول (ويتبع غير سبيل المؤمنين)؛ بأن كان قصده وجه الله واتباع رسوله ولزوم جماعة المسلمين، ثم صدر منه من الذنوب أو الهم بها ما هو من مقتضيات النفوس وغلبات الطباع؛ فإن الله لا يوليه نفسه وشيطانه، بل يتداركه بلطفه ويمن عليه بحفظه ويعصمه من السوء؛ كما قال تعالى عن يوسف عليه السلام: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين). ص356.
41 ـ قال تعالى: (الذين يتربصون بكم فإن كان لكم فتح من الله قالوا ألم نكن معكم وإن كان للكافرين نصيب قالوا ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين). ولم يقل: فتح؛ لأنه لا يحصل لهم فتح يكون مبدأ لنصرتهم المستمرة، بل غاية ما يكون أن يكون لهم نصيب غير مستقر حكمة من الله. ص373.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[07 Dec 2010, 05:05 م]ـ
42 ـ قال تعالى: (إن تبدو خيراً أو تخفوه أو تعفو عن سوء فإن الله كان عفواً قديراً)، (أو تعفو عن سوء)؛ أي: عمن ساءكم في أبدانكم وأموالكم وأعراضكم فتسمحوا عنه؛ فإن الجزاء من جنس العمل؛ فمن عفا عفى الله عنه. ومن أحسن؛ أحسن الله إليه؛ فلهذا قال: (فإن الله كان عفواً قديرا).
43 ـ قال تعالى: (وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه).
فيه فضيلة العلم، وأن الجارح المعلّم بسبب العلم يُباح صيده والجاهل بالتعليم لا يُباح صيده. ص396.
(يُتْبَعُ)
(/)
44 ـ قال تعالى عن بني إسرائيل: (فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلاً منهم).
وهذه الخصال الذميمة حاصلة لكل من اتصف بصفاتهم، فكل من لم يقم بما أمر الله به وأخذ به عليه الالتزام؛ كان له نصيب من اللعنة، وقسوة القلب، والابتلاء بتحريف الكلم، وأنه لا يوفق للصواب، ونسيان حظ مما ذُكر به، وأنه لا بد أن يبتلى بالخيانة، نسأل الله العافية. ص407.
45 ـ قال تعالى: (وإن جندنا لهم الغالبون) وهذه بشارة عظيمة لمن قام بأمر الله وصار من حزبه وجنده أن له الغلبة، وإن أُديل عليه في بعض الأحيان لحكمة يريدها الله تعالى؛ فآخر أمره الغلبة والانتصار، ومن أصدق من الله قيلا. ص430.
46 ـ قال تعالى: (الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور) ذكر الله الظلمات بالجمع لكثرة موادها وتنوع طرقها، ووحد النور لكون الصراط الموصلة إلى الله واحدة لا تعدد فيها، وهي الصراط المتضمنة للعلم بالحق والعمل به؛ كما قال تعالى: (وأنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله). ص460.
47 ـ قال تعالى: (وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون)؛ أي: ولكن ليذكرهم ويعظهم لعلهم يتقون الله تعالى. وفي هذا دليل على أنه ينبغي أن يستعمل المذكر من الكلام ما يكون أقرب إلى حصول مقصود التقوى، وفيه دليل على أنه إذا كان التذكير والوعظ مما يزيد الموعوظ شراً إلى شره؛ كان تركه هو الواجب؛ لأنه إذا ناقض المقصود؛ كان تركه مقصوداً. ص482 ـ 483.
48 ـ قال تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) عن الله وصيته ثم تحفظونها ثم تراعونها وتقومون بها.ودلت الآية على أنه بحسب عقل العبد يكون قيامه بما أمر الله به. ص523.
49 ـ قال تعالى: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون) فأكبر سبب لنيل رحمة الله اتباع هذا الكتاب علماً وعملاً. ص525.
50ـ قال تعالى: (فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون) في هذه الآيات دليل على أن علم القرآن أجلّ العلوم وأبركها وأوسعها، وأنه به تحصل الهداية إلى الصراط المستقيم هداية تامة لا يحتاج معها إلى تخرص المتكلمين ولا إلى أفكار المتفلسفين ولا لغير ذلك من علوم الأولين والآخرين. ص526.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[07 Dec 2010, 05:44 م]ـ
ليت الإخوة وفقهم الله وحفظهم يستبدلوا عنوان المشاركة إلى اليسير من فوائد التفاسير أو ينتخبوا عنواناً آخراً يكون دالاً على المقصود، والله يحفظكم ويرعاكم.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[27 Dec 2010, 07:03 ص]ـ
51 ـ قال تعالى: (قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين). وموجب هذا أن المخلوق من نار أفضل من المخلوق من طين لعلو النار على الطين وصعودها. وهذا القياس من أفسد الأقيسة؛ فإنه باطل من عدة أوجه:
منها: أنه في مقابلة أمر الله له بالسجود، والقياس إذا عارض النص فإنه قياس باطل؛ لأن المقصود بالقياس أن يكون الحكم الذي لم يأت فيه نص يقارب الأمور المنصوص عليها ويكون تابعاً لها، فأما قياس يعارضها ويلزم من اعتباره إلغاء النصوص؛ فهذا القياس من أشنع الأقيسة.
ومنها: أن قوله: (أنا خير منه)؛ بمجردها كافية لنقص إبليس الخبيث؛ فإنه برهن على نقصه بإعجابه بنفسه وتكبره والقول على الله بلا علم، وأيّ نقص أعظم من هذا؟!
ومنها: أنه كذب في تفضيل مادة النار على مادة الطين والتراب؛ فإن مادة الطين فيها الخشوع والسكون والرزانة، ومنها تظهر بركات الأرض من الأشجار وأنواع النبات على اختلاف أجناسه وأنواعه، وأما النار؛ ففيها الخفة والطيش والإحراق. ص535 ـ 536.
52 ـ قال جل وعلا ذاكراً استغفار آدم وحواء عليهما السلام: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين). فمن أشبه آدام بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم والإقلاع إذا صدرت منه الذنوب؛ اجتباه ربه وهداه، ومن أشبه إبليس إذا صدر منه الذنب لا يزال يزداد من المعاصي؛ فإنه لا يزداد من الله إلا بعداً. ص538.
53 ـ قال تعالى: (ولباس التقوى ذلك خير): من اللباس الحسيّ؛ فإن لباس التقوى يستمر مع العبد ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح، وأما اللباس الظاهري؛ فغايته أن يستر العورة الظاهرة في وقت من الأوقات، أو يكون جمالاً للإنسان، وليس وراء ذلك منه نفع. وأيضاً؛ فبتقدير عدم هذا اللباس تنكشف عورته الظاهرة التي لا يضره كشفها مع الضرورة، وأما بتقدير عدم لباس التقوى، فإنها تنكشف عورته الباطنة، وينال الخزي والفضيحة. 539.(/)
ملاحظات عددية جديرة بالتدبر من كتاب المقتطف للشيخ جرار
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[21 Dec 2008, 07:25 م]ـ
هذا مثال على بعض الملاحظات العددية أخذت من كتاب المقتطف للشيخ بسام جرار.
وننصح بالتأني عند دراستها، أما القراءة السريعة فلا تعطي الانطباع المطلوب:
آدم وعيسى، عليهما السلام.
جاء في الآية 59 من سورة آل عمران: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ، خَلَقَهُ مِن
تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ".
تتحدث الآية الكريمة عن التماثل في خلق آدم وخلق عيسى، عليهما السلام. وقد لفت
نظر بعض الكتاب أنّ في الآية تماثلاً عددياً أيضاً. فما هو هذا التماثل؟!
إذا قمنا بإحصاء كلمات عيسى من بداية المصحف وحتى كلمة عيسى في الآية 59 من
سورة آل عمران، فسنجد أنها التكرار رقم 7 لكلمة عيسى في القرآن الكريم.
وإذا قمنا بإحصاء كلمات آدم من بداية المصحف وحتى كلمة آدم في الآية 59 من
سورة آل عمران، فسنجد أنها التكرار رقم 7 لكلمة آدم في القرآن الكريم.
هذه الملاحظة دفعتنا إلى متابعة الأمر، فكانت النتيجة أنْ تحصّلت لدينا ملاحظات عدديّة
كثيفة. إلا أننا رأينا أن نقصر البحث هنا على جزء منها:
بحثنا عن تماثل ثانٍ في سور أخرى، فكانت المفاجأة أنّ هذا التماثل جاء في سورة
مريم. ومعلوم أنّ مريم هي ابنة عمران وكان التماثل الأول في سورة آل عمران. ثم إنّ
آية آل عمران تتحدث باختصار عن خلق عيسى، عليه السلام، وتأتي آيات سورة مريم
لتفصّل ذلك. فالموضوع إذن واحد.
وقد جاء التماثل الثاني على الصورة الآتية:
ترتيب سورة مريم في المصحف هو 19. ولم ترد كلمة عيسى في هذه السورة إلا مرّة
واحدة، وذلك في الآية 34. والملاحظة اللطيفة هنا أنّ تكرار كلمة عيسى في الآية 34
هو التكرار رقم 19 في القرآن الكريم. والمفاجأة هنا أنّ كلمة آدم ترد في الآية 58،
ولم تتكرر في سورة مريم إلا مرّة واحدة، وهي أيضاً التكرار رقم 19 في القرآن
الكريم.
في السّورة 19 إذن كان التكرار 19 لكلمة عيسى والتكرار 19 لكلمة آدم. فتأمّل!!
تكررت كلمة عيسى في القرآن الكريم 25 مرّة. واللافت أنّ تكرار كلمة آدم في القرآن
هو أيضاً 25 مرّة. والملاحظ أنّنا إذا بدأنا العدّ من الآية 34 من سورة مريم، والتي
ذكر فيها اسم عيسى، عليه السلام، تكون الآية 58 التي ذكر فيها اسم آدم، عليه
السّلام، هي الآية 25
رأينا أنّ التماثل الأول لكلمة عيسى وكلمة آدم، عليهما السلام، كان في الآية 59 من
سورة آل عمران، بينما كان التماثل الثاني في سورة مريم.
إذا بدأنا العد من الآية 59 من سورة آل عمران، فستكون الآية 58 من سورة مريم
هي الآية رقم 1957
واللافت أنّ عدد الآيات من بداية سورة آل عمران، سورة التماثل الأول، إلى بداية
سورة مريم، سورة التماثل الثاني، هو أيضاً 1957
والمفاجأة هنا أنّ مجموع أرقام الآيات المتضمّنة كلمة عيسى، من بداية المصحف
وحتى الآية 34 من سورة مريم، هو 1957:
التسلسل السورة الآية التسلسل السورة الآية
1 البقرة 87 11 النساء 171
2 البقرة 136 12 المائدة 46
3 البقرة 253 13 المائدة 78
4 آل عمران 45 14 المائدة 110
5 آل عمران 52 15 المائدة 112
6 آل عمران 55 16 المائدة 114
7 آل عمران 59 17 المائدة 116
8 آل عمران 84 18 الأنعام 85
9 النساء 157 19 مريم 34
10 النساء 163 المجموع 1957
بذلك يتبين أنّ عدد الآيات من آية التماثل الأول في سورة آل عمران إلى آية التماثل الثاني في سورة مريم، هو عدد الآيات نفسه من بداية سورة التماثل الأول إلى بداية سورة التماثل الثاني أي 1957
و1957 هو أيضاً مجموع أرقام الآيات المتضمّنة كلمة عيسى حتى الآية 34 من سورة مريم، أي حتى التكرار 19 لورود لفظة عيسى، عليه السلام.
صيغ أسماء عيسى، عليه السلام:
ورد اسم عيسى، عليه السلام، في القرآن الكريم بصيغٍ ست هي: عيسى، المسيح، ابن مريم، عيسى ابن مريم، المسيح ابن مريم، المسيح عيسى ابن مريم. وجُمّل هذه الصيغ مجتمعة هو 2269
والآن إليك هذا المسلك العددي الذي نجد عليه في القرآن الكريم أمثلة عِدّة:
إذا قمنا بجمع تراكمي لآيات القرآن الكريم ابتداءً من الفاتحة، هكذا: (7 + 286 + 200 + 176 + ..... حتى نصل الآية التي ترتيبها في المصحف 2269). فما هي الآية التي ترتيبها في المصحف هو 2269، وما علاقتها بالمسيح، عليه السلام؟
لم تُذكر هذه الصيغ الست في أكثر من 35 آية من أصل 6236 هي آيات القرآن الكريم. من هنا يبعد احتمال أن تكون الآية 2269 في ترتيب المصحف تتعلق بالمسيح، عليه السلام. ولكنك تفاجأ أنها الآية الوحيدة في المصحف التي تتحدث عن لحظات خلق المسيح، عليه السلام؛ فهي الآية 19 من السورة 19، أي سورة مريم: "قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً". أي أنّ الآية التي تتحدث عن لحظة خلق عيسى، عليه السلام، يأتي ترتيبها في المصحف موافقاً لصيغ اسم المسيح، عليه السلام، في القرآن الكريم.
وعليه كم يبقى من الآيات حتى نهاية المصحف؟
(6236 - 2269) = 3967 آية.
المفاجأة هنا أنّ 3967 هو جُمّل الآية: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ". ولا ننسى أن لحظة خلق عيسى، عليه السلام، تسجلها الآية 19 من سورة مريم. فتأمل!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[21 Dec 2008, 07:55 م]ـ
ترتيب سورة مريم في المصحف هو 19. ولم ترد كلمة عيسى في هذه السورة إلا مرّة
واحدة، وذلك في الآية 34. والملاحظة اللطيفة هنا أنّ تكرار كلمة عيسى في الآية 34
هو التكرار رقم 19 في القرآن الكريم.
الإضافة 1: لفظ " مريم " تكرر في القرآن 34 مرة أيضا.
الإضافة 2:
عدد مرات ورود " عيسى " في القرآن 25 مرة موزعة في 11 سورة على النحو التالي:
1 - البقرة 3 مرات
2 - آل عمران 5 مرات
3 - النساء 3 مرات
4 - المائدة 6 مرات
5 - الانعام 1 مرة واحدة
6 - مريم مرة واحدة
7 - الأحزاب مرة واحدة
8 - الشورى مرة واحدة
9 - الزخرف مرة واحدة
10 - الحديد مرة واحدة
11 - الصف: مرتان
الملاحظة: العدد الناتج من صف أعداد المرات ال 25هو: 21111116353
هذا العدد يساوي: 111111387 × 19
19: رقم ترتيب سورة مريم، كما أن لفظ عيسى في سورة مريم هوالتكرار رقم 19
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[22 Dec 2008, 03:49 م]ـ
إضافة 3:
عدد مرات كلمة " عيسى " في القرآن هو 25.
عدد السور التي وردت فيها هو: 11
حاصل ضرب العددين (11 × 25) يساوي 275.
أليست مفاجأة أن العدد 275 هو أيضا مجموع الأرقام الدالة على مواقع ترتيب السور الـ 11 حيث وردت كلمات " عيسى "؟.
الإضافة الرابعة:
إذا جمعنا أرقام الآيات الأولى حيث وردت كلمة " عيسى " في السور الـ 11 فإن الناتج هو: 570، عدد من مضاعفات العدد 19 أي: 19 × 30.
ومما يتصل بهذه الملاحظة:
مجموع أرقام السور الـ 11 هو 275
مجموع الآيات الأولى الـ 11 هو 570
الفرق بين المجموعين هو 295، عدد هو من مضاعفات العدد 59 (5 × 59)
وقد علمنا أن التماثل الأول (خلق آدم وخلق عيسى، عليهما السلام) جاء في الآية 59 من سورة آل عمران: "إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ، خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ".
التماثل الثاني - كما ورد -:
إذا قمنا بإحصاء كلمات عيسى من بداية المصحف وحتى كلمة عيسى في الآية 59 من
سورة آل عمران، فسنجد أنها التكرار رقم 7 لكلمة عيسى في القرآن الكريم.
وإذا قمنا بإحصاء كلمات آدم من بداية المصحف وحتى كلمة آدم في الآية 59 من
سورة آل عمران، فسنجد أنها التكرار رقم 7 لكلمة آدم في القرآن الكريم.
الإضافة الخامسة:
لماذا 25؟
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[23 Dec 2008, 01:17 ص]ـ
الأخ عبد الله حفظه الله
بصراحة لم تعجبني من ملاحظاتك إلا ملاحظة واحدة وهي المتعلقة بعدد السور الـ 11 التي وردت فيها الـ 25 تكرار لاسم عيسى عليه السلام. أي 11×25 = 275 وأن هذا العدد هو مجموع أرقام السور التي ورد فيها اسم عيسى عليه السلام. وبعد التحقق وجدت أن الملاحظة صحيحة.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[23 Dec 2008, 01:08 م]ـ
الأخ الفاضل أبو عمرو البيراوي
يسرني أن ظفرت إحدى ملاحظاتي بإعجابك.
أرجو أن يكون ذلك حظ الملاحظة التالية:
للعدد 59 أهمية خاصة في الترتيب القرآني، ذلك أنه عدد الأعداد الصحيحة المستخدمة في القرآن للدلالة على أعداد الآيات في جميع سوره، ومن هنا فلهذا العدد ارتباطات كثيرة.
الملاحظة التي أود ذكرها هنا:
إذا قمنا بترتيب أعداد الآيات في سور القرآن تصاعديا ابتداء من العدد 3 الدال على عدد آيات أقصر سور القرآن، فترتيب العدد 59 سيكون العدد 44 (ذلك أن بعض الأعداد لم تستخدم في القرآن) ..
المفاجأة هنا: إذا بحثنا عن السورة المؤلفة من 59 آية في القرآن سنجد أنها سورة الدخان السورة رقم 44.
المفاجأة الثانية:
إذا أحصينا أعداد الآيات في سور القرآن ابتداء من سورة الفاتحة وحتىبداية سورة الدخان، سنجد أن مجموعها هو 4414 .. هذا العدد هو أيضا عدد آيات القرآن التي لم يرد في أي منها لفظ الجلالة " الله ".
وهذا يعني أن عدد آيات القرآن ابتداء من سورة الدخان وحتى نهاية المصحف هو 1822 آية، وهذا هو أيضا عدد آيات القرآن التي ورد في كل منها لفظ الجلالة " الله " مرة أو أكثر ..
ما قد لا يعجبك:
العدد 44 رقم ترتيب سورة الدخان هو عبارة عن: 4 × 11 .. نلاحظ هنا صورة ما للعدد 114 عدد سور القرآن الكريم.
الفرق بين العددين 59 و44 هو: 15 .. العدد 15 هو: 14 + 1، نلاحظ صورة أخرى للعدد 114 ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ليس كل حساب في القرآن يجري وفق مقاييسنا البشرية.
وللكلام بقية، مع وافر الاحترام
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[23 Dec 2008, 03:02 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
الأستاذ البحاثة، و الأخ الفاضل: عبد الله جلغوم.
أثمن و أزكي و أرحب بتسميتكم لنتائج أبحاثكم بـ" النظام العددي "، و " الملاحظات العددية " في ترتيب آي القرآن و سوره. فمن حيث أنها ملاحظات فلا أحد ـ إلا معاند ـ ينكر قيمة جميع ملاحظاتك، و لا يسع المرء إلا الإعتراف و التقدير لهذا الجهد الكبير و المستمر المبذول من طرفك أيها الأخ الكريم عبد الله.
و لقد قمت بنفس العمليات التي قام بها الأستاذ أبو عمرو البيراوي، في ما يخص تكرار إسم "عيسى" عليه السلام ... و مجموع أعداد ترتيب السور الإحدى عشر التي ورد فيها ذكر إسم " عيسى " عليه السلام، و تيقنت من صحت استنتاجاتكم ... وانبهرت للنتيجة المستنبطة. إلا أنني لم أستطع إجراء باقي العمليات لعدم معرفتي و إدراكي للقواعد المعتمدة في اختيارها بعينها من بين احتمالات أخرى كثيرة ... و من المعلوم أن إعادة العمليات المعروضة و التيقن من صحتها هي أهم ما يتحقق به الإقناع و الإقتناع أمام كل جديد في البحث العلمي.
و لا أخفيك أنني أجد صعوبة في فهم الكثير من القواعد المتبعة و سبب اختيار نوعية هذه العمليلات بالضبط، و أتساءل دوما عن مدى وجود قواعد يعتمد عليها، و هل هناك قواعد علمية محددة؟ أم هو الحدس و الخبرة المكتسبة بعد طول مراس و مران ...
و كأني بك تقول لي: إذا لم تفهم فهذه مشكلتك لا مشكلتي ...
فها أنا أكفيك قولها، و ادع لي بالفهم كما أدعو لك بالتوفيق ...
و حبذا لو تساعدني و أمثالي على فهم أبحاثك، فتتفضل ما استطعت إلى ذلك سبيلا، بتبسيط و بيان {لماذا} اختيار هذه العملية دون غيرها ...
فلعل ـ بل من الأكيد ـ أن يكون سبب عدم فهم الكثير من القراء مثلي لأبحاثك و طرق اسنتاجاتك، هو ـ في الدرجة الأولى في نظري ـ غياب تلكم الشروح الضرورية لفهم كل جديد.
و كل ميسر لما خلق له.
و تقبل تحياتي و تقديري.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[24 Dec 2008, 01:29 م]ـ
لحسن بنلفقيه
الأستاذ البحاثة، و الأخ الفاضل: عبد الله جلغوم.
أثمن و أزكي و أرحب بتسميتكم لنتائج أبحاثكم بـ" النظام العددي "، و " الملاحظات العددية " في ترتيب آي القرآن و سوره. فمن حيث أنها ملاحظات فلا أحد ـ إلا معاند ـ ينكر قيمة جميع ملاحظاتك، و لا يسع المرء إلا الإعتراف و التقدير لهذا الجهد الكبير و المستمر المبذول من طرفك أيها الأخ الكريم عبد الله.
إنه لمن دواعي سعادتي أن يكون هذا هو رأيك بملاحظاتي. لقد منحتني سببا لمزيد من العطاء، الذي أرجو أن يكون نافعا. أشكرك بلا حدود.
و لا أخفيك أنني أجد صعوبة في فهم الكثير من القواعد المتبعة و سبب اختيار نوعية هذه العمليلات بالضبط، و أتساءل دوما عن مدى وجود قواعد يعتمد عليها، و هل هناك قواعد علمية محددة؟ أم هو الحدس و الخبرة المكتسبة بعد طول مراس و مران ...
كلاهما. القواعد والخبرة.
ولعلي أكون أكثر وضوحا في الإجابة على تساؤلك في الوقت المناسب.
أرجو أن تتقبل مني كل المودة وفائق التقدير والاحترام.
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[24 Dec 2008, 09:34 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
أخي الكريم عبد الله.
إن سعادتي بقبولك لملاحظاتي لا تقل عن سعادتك بها ... و الحكمة ضالة المؤمن ... و تؤخذ من أفواه الرجال ...
كما أن اهتمامك بهذا الجانب من البحث معترف به ... و لقد صرفت فيه الكثير من وقتك و جهدك و طاقتك ... تقبل الله منك ...
و مع تجدد النظر في هذا " النظام العددي " و بروز الإهتمام بمسائله و نتائجه ... والرغبة في النظر و دراسة و مراجعة نظرياته و ملاحظاته ... و هذا ما يفسر انعقاد المؤتمرات من أجله ... اسمح لي من باب الفضول العلمي ... و البحث عن الحقيقة، أن أقترح عليك تخصيص ملف باسم: " ملاحظات عددية جديرة بالتدبر "، أو " ملاحظات في النظام العددي" أو أي اسم تختاره، و تعرض فيه ملخص أهم نتائج أبحاتك و استنباطاتك و ملاحظاتك عن كل سورة سورة ... و ذلك بتخصيص كل مشاركة أو مشاركات لنفس السورة، من أم الكتاب إلى الناس، حسب ما هو محرر عندك منها ... مع تبسيط العرض و التركيز على أهم نتيجة فيه، و لا تنس إختلاف درجات القدرة على الإستئناس بمثل هذه الأبحاث عند قرائك كلما كثرت و تنوعت تشعباتها ... مع اجتناب ـ قدر المستطاع و في هذه المرحلة الأولى على الأقل ـ كل دعوة إلى استبعاد أي عدد من الأعداد المتواترة، أو الحكم على عدد بعينه منها أنه هو وحده الصحيح، رأيي الشخصي ـ و لك أن تقبله أوترفضه ـ أن تقدم ما عندك من ملاحظات عن كل سورة، بشكل مبسط ... و اترك الحكم للقراء و للحجة و الدليل المؤدي إلى الإقتناع بعد الإقناع ...
و بعد عرضك لك أن تقدم خلاصة رأيك و مطلبك الشخصي.
و في الأخير لن يصح إلا الصحيح ...
و أطلب منك قبول اقتراحي أو تعديله و تصحيحه. و الله المستعان ...
و تقبل تقديري و دعواتي لك بالتوفيق إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[25 Dec 2008, 09:04 ص]ـ
لحسن بنلفقيه
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
أخي الكريم عبد الله.
.... كما أن اهتمامك بهذا الجانب من البحث معترف به ... و مع تجدد النظر في هذا " النظام العددي " و بروز الإهتمام بمسائله و نتائجه ... والرغبة في النظر و دراسة و مراجعة نظرياته و ملاحظاته ... و هذا ما يفسر انعقاد المؤتمرات من أجله ... اسمح لي من باب الفضول العلمي ... و البحث عن الحقيقة، أن أقترح عليك تخصيص ملف باسم: " ملاحظات عددية جديرة بالتدبر "، أو " ملاحظات في النظام العددي" أو أي اسم تختاره، و تعرض فيه ملخص أهم نتائج أبحاتك و استنباطاتك و ملاحظاتك عن كل سورة سورة ... و ذلك بتخصيص كل مشاركة أو مشاركات لنفس السورة، من أم الكتاب إلى الناس ..........
أخي الفاضل:
الاقتراح مقبول بل ومفرح لي، والعمل كبير، قد يقود إلى مشروع موسوعة في الاعجاز العددي، إلا أنه يحتاج إلى ظروف مناسبة (مادية وصحية ونفسية) أفتقدها في هذه المرحلة.
أسأل الله أن ييسر كل ذلك يوما قريبا، حينئذ سأعمل على تنفيذ اقتراحك.
في حياتنا، وقائع مؤلمة نجد حرجا في البوح بها، وكثير من العوائق نواجهها بالصبر والاحتمال، تحول بيننا وبين ما نتمناه ..
ماذا أبوح به لك الآن:
بعد أن أنهيت تصنيف كتاب أسميته " المعجم الإحصائي " والذي استغرق سنوات من العمل والمراجعة الدقيقة، ظفرت بمكافأة كبيرة من المهتمين، كانت المكافأة ثلاث
كلمات " الله يعطيك العافية " ..
وكان بعضهم اكثر كرما حينما استقبل ذلك العمل بالقول " وما الفائدة " لقد أضعت عمرك سدى ..
وقبل فترة، طبعت لي جائزة دبي الدولية - مشكورة - كتابا في الاعجاز العددي، وأرسلوا إلي بعض النسخ، دفعت هنا عليها - تحت مسمى الجمارك - ثلاثين دينارا ..
وتريدني في عمل، أعتقد أنه سيستغرق بقية العمر!، أنا فرح باقتراحك، ولا أملك إلا أن أقول: لعل الله يفرجها.
مع كل المودة والتقدير
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[25 Dec 2008, 11:01 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
أخي الفاضل " الحزين " عبد الله
أجد في كلمات مشاركتك الأخيرة وقعا و صدى يهزان النفس و يُشْعِران بمرارة جحود الغير و ظلم الآيام ...
و كأني بك نسيت أو تناسيت أن كل شأن المؤمن خير: إن شكر و إن صبر.
و تق أخي عبد الله أن في تلكم الكلمات الثلات: " الله يعطيك العافية " الخير كل الخير ... و بعض منها بكنوز الدنيا في قيمتها و مكانتها عند خالقك ...
و لا أريد أن أتظاهر بالناصح التقي الورع ... و لست بذاك ... و لا أزكي نفسي ... و الله أعلم مني بها ...
و لكني أبوح لك بوصفة جربتها طيلة حياتي و الله أسال أن يبقيني عليها إلى يوم لقائه، لأني الفيتها صالحة و فيها من الغنى و الرضا الكثير الكثير ... و لله الحمد و له الشكر ... مضمنها و مفادها انني لا أنتظر و لا أطلب و لا أبحث بل و لا أفكر في أي أجر ما دي ـ باستثناء راتبي الإداري ـ مقابل أي عمل تطوعي أنجزه لخدمة غيري على اختلاف علاقتي بهم أو قربي منهم ...
و هل من رازق إلا الله ...
أحسن الله لنا و لكم الحال ... و رزقنا و رزقكم من فضله ... هو الغني ... و إليه المصير ...
إستعذ بالله ... و توكل على الله ... له الأمر من قبل و من بعد ...
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[28 Dec 2008, 02:27 م]ـ
الأخ الفاضل لحسن بنلفقيه
المنغصات كثيرة، ومنها هؤلاء الذين يتصدون لما أكتبه بحجج واهية اضطر معها الى إضاعة الوقت في الرد عليهم ..
وددت لو أن احدهم يكتشف لدي خطأ حسابيا أو مخالفة للقرآن أو للسنة او لما أجمعت عليه الأمة .. أو أن يطرح بديلا مقنعا لما يعترض عليه.أما التشبث بقول فلان او فلان، وباختلاف العلماء فلا قيمة له ..
القرآن بيني وبين كل من يرى رأيا يخالفني فيه ..
وعلى أي حال:
أعمل الآن على دراسة جديدة عنوانها " النظام العددي في القرآن " أتوقع أن أنجزها خلال أشهر قليلة إن شاء الله، ولعل من صعوبات هذه الدراسة هي اختصارها بحيث لا تزيد على أربعمائة صفحة .. ولعل ذلك يكون أفضل من المضي في حوارات لا تقود إلى نتيجة.
أسأل الله أن يوفقنا إلى العلم النافع والعمل الصالح وان يعيننا عليه.
ولك مني كل المودة والاحترام والتقدير
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[28 Dec 2008, 02:56 م]ـ
الأخ الكريم عبد الله
يسهل على الناس إدراك الملاحظات العددية الجادة والمنطقية، أما الملاحظات التي فيها تكلف فينبغي الابتعاد عنها لأنها تشوش على الملاحظات الجادة. وسأضرب لك مثالاً من مداخلة لك هنا تقول:
العدد 44 رقم ترتيب سورة الدخان هو عبارة عن: 4 × 11 .. نلاحظ هنا صورة ما للعدد 114 عدد سور القرآن الكريم.
وعندما تقول إن العدد 15 هو 14+1 وأن هذا صورة 114
ما هذا يا أستاذ؟!! وكيف تطلب منا أن نتفهم وأنت تخلط الجاد بالمتكلف؟!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[28 Dec 2008, 03:01 م]ـ
الأخ الكريم عبد الله
يسهل على الناس إدراك الملاحظات العددية الجادة والمنطقية، أما الملاحظات التي فيها تكلف فينبغي الابتعاد عنها لأنها تشوش على الملاحظات الجادة. وسأضرب لك مثالاً من مداخلة لك هنا تقول:
العدد 44 رقم ترتيب سورة الدخان هو عبارة عن: 4 × 11 .. نلاحظ هنا صورة ما للعدد 114 عدد سور القرآن الكريم.
وعندما تقول إن العدد 15 هو 14+1 وأن هذا صورة 114
ما هذا يا أستاذ؟!! وكيف تطلب منا أن نتفهم وأنت تخلط الجاد بالمتكلف؟!!!
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[28 Dec 2008, 09:08 م]ـ
أبو عمرو البيراوي الأخ الكريم عبد الله
يسهل على الناس إدراك الملاحظات العددية الجادة والمنطقية، أما الملاحظات التي فيها تكلف فينبغي الابتعاد عنها لأنها تشوش على الملاحظات الجادة. وسأضرب لك مثالاً من مداخلة لك هنا تقول:
العدد 44 رقم ترتيب سورة الدخان هو عبارة عن: 4 × 11 .. نلاحظ هنا صورة ما للعدد 114 عدد سور القرآن الكريم.
وعندما تقول إن العدد 15 هو 14+1 وأن هذا صورة 114
ما هذا يا أستاذ؟!! وكيف تطلب منا أن نتفهم وأنت تخلط الجاد بالمتكلف؟!!!
حتى الآن معك حق ..
وقد سبق ان اعترضت على العدد 13 وعكسه 31 والعدد 19 وعكسه 91 ..
وحتى الآن معك حق ..
اسمح لي أن أعلمك أن العدد 114 هو أساس العلاقات الرياضية في الترتيب القرآني
ومن هذا العدد نستنتج الأعداد:
4/ 14 / 11/ 44 / 41/ 411 / 15/ 13 / 31/ 141 ...
والسؤال: هل نجد في ترتيب القرآن ما يؤكد هذا التحليل؟
...................
اليك هذا المثال:
سورة الرعد هي السورة رقم 13، عدد آياتها 43.
السورة رقم 31 أي عكس العدد 13، عدد آياتها 34 أي عكس العدد 43 ..
نفهم تأكيد الظاهرة .. (العدد وعكسه)
مثال ثان: عدد حروف البسملة 19.
إذا كتبنا تحت كل كلمة عدد حروفها فالعدد الناتج هو 6643. هذا العدد يساوي 73 × 91 .. لاحظ العدد 91 عكس العدد 19 ..
وأيضا:
نستنتج من العدد 114 العددين 13 و 31:
لنتأمل الظاهرة التالية:
السورة رقم 13 في النصف الثاني من القرآن (السور السبع والخمسين الأخيرة) هي سورة المعارج.
نلاحظ أن رقم سورة المعارج في المصحف هو 70 وعدد آياتها هو 44.
لاحظ أن مجموع العددين 70 و 44 هو: 114 ..
السورة رقم 31 (عكس العدد 13) في النصف الثاني من القرآن هي سورة الغاشية.
نلاحظ أن رقم ترتيب سورة الغاشية في المصحف هو 88 (2× 44) وأن عدد آياتها هو 26 , أي (2 × 13) ..
لاحظ هنا حينما تضاعف العدد 44 تضاعف العدد 13 ..
الملاحظة الأهم: إن مجموع العددين 88 و 26 هو 114 أيضا ..
تختزن السورتان رقم 13 ورقم 31 في النصف الثاني من القرآن الإشارة إلى العدد 114 ..
أما التفاصيل ففي الوقت المناسب
مع فائق الاحترام والتقدير(/)
دراسة ميدانية لمشروع تدبر القرآن الكريم في العمل النسائي (رقية العلواني)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[21 Dec 2008, 08:34 م]ـ
ملاحظة: الورقة ينقصها الهوامش.
====
دراسة ميدانية لمشروع تدبر القرآن الكريم في العمل الخيري النسائي في مملكة البحرين ..
د. رقية طه العلواني
المصدر: موقع د. رقية العلواني ( http://www.drruqaia.com/ar/index.php?pageId=42)
ملخص الورقة
تتناول هذه الورقة عرض تجربة واقعية ودراسة ميدانية لمشروع تطوعي تم طرحه في عديد من الجمعيات الخيرية النسائية في داخل البحرين وخارجها ألا وهو مشروع تدبر القرآن الكريم. وتأتي أهمية هذه الورقة من عدة جوانب: أولها أن كاتبة الورقة هي صاحبة هذا المشروع وقد خاضت غمار التجربة على مدى سنوات طويلة تجاوزت الستة أعوام. وثانيها: أن هذه الورقة محصلة نتائج دراسة ميدانية وتحليل لاستبيانات تم جمعها على مدى 6 سنوات – هي عمر المشروع- من مختلف الجمعيات الخيرية النسائية في البحرين التي تم تقديم المشروع من خلالها. وثالثها: أهمية المشروع الذاتية واثره الفعلي في تنمية الفرد والمجتمع وإسهامه في النهوض بالأمة. إضافة إلى أهمية توسيع مجالات الأعمال الخيرية والتطوعية التي قد يظن البعض أنها محصورة في مجالات الإعانات المادية فحسب.
وقد كشفت الورقة عن أهمية هذا المشروع ومدى الحاجة إليه ف يالوقت الراهن، كما ابرزت الإسهامات التي قدمتها الكاتبة بالتعاون والتنسيق مع عدد من الجمعيات الخيرية النسائية في البحرين والإمارات العربية المتحدة. وقد كشفت الورقة عن ابرز الصعوبات التي واجهها المشروع المتعلقة بالتمويل والإعلام والتنظيم والتنسيق ...
كما حرصت على تقديم خطوات عملية لتفعيل هذا المشروع وتحسين الاداء فيه وفي غيره من مشاريع تقدمها الجمعيات الخيرية بشكل عام والنسائية بشكل خاص.
أولا: مقدمة معرفية
لا ينحصر العمل التطوعي في العمل الفردي أو الجماعي عند وقوع كوارث أوفي أوقات الشدة، كما لا ينحصر في المنظمات التى تقدم خدمات إجتماعية للمجموعات الضعيفة والتى يطلق عليها المجموعات الخاصة في علم الخدمة الإجتماعية، مثل المعوقين والمكفوفين والصم والبكم. بل يمتد العمل التطوعي ليشمل كل عمل غير ربحى، لا يقدم نظير أجر معلوم، يقوم به الأفراد من أجل مساعدة وتنمية مستوى معيشة الأفرادوالمجتمعات البشرية بصفة مطلقة [1].
وقد تعارف المتخصصون في مجال الخدمة الاجتماعيةعلى تعريف التطوع بأنه "المجهود القائم على مهارة أو خبرة معينة، والذي يبذل عنرغبة واختيار، بغرض أداء واجب اجتماعي، ودون توقع جزاء مالي بالضرورة" [2].
ويلاحظ أنهذا التعريف أكد على الرغبة والاختيار في أداء المتطوع للعمل، وهذا لايرتبط بالحصول على جزاء مالي بالضرورة، فهو يتم من دون مقابل مادي، بل قد يحمل فيطياته عائدا معنويا مرتبطا بالدافع إلى التطوع. كما أكد التعريف على أن الجهد الذييقدم من قبل المتطوع مرتبط بمهارة وخبرة معينة يملكها هذا المتطوع، وهذا يدل على أنالأعمال التطوعية لا تتم بصورة عشوائية، بل تحتاج إلى خبرة ومهارة وتنظيم وتوظيفلكل متطوع في المكان الذي يمكنه الإفادة فيه، حسب مهارته وخبراته.
ويوصف العمل التطوعي بصفتين أساسيتين تجعلان من تأثيره قوياً في المجتمع وفي عملية التغيير الاجتماعي، وهما:
1 - قيامه على أساس المردود المعنوي أو الاجتماعي المتوقع منه، مع نفي أي مردود مادي يمكن أن يعود على الفاعل.
2 - ارتباط قيمة العمل بغاياته المعنوية والإنسانية.
لهذا السبب يلاحظ أن وتيرة العمل التطوعي لا تتراجع مع انخفاض المردود المادي له، إنما بتراجع القيم والحوافز التي تكمن وراءه، وهي القيم والحوافز الدينية والأخلاقية والاجتماعية والإنسانية.
ويمكن التمييز بين شكلين أساسيين من أشكال العمل التطوعي:
1 - العمل التطوعي الفردي:
وهو عمل أو سلوك اجتماعي يمارسه الفرد من تلقاء نفسه وبرغبة منه وإرادة ولا يبغي منه أي مردود مادي، ويقوم على اعتبارات أخلاقية أو اجتماعية أو إنسانية أو دينية.
2 - العمل التطوعي المؤسسي:
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو أكثر تقدماً من العمل التطوعي الفردي وأكثر تنظيماً وأوسع تأثيراً في المجتمع، وفي الوطن العربي بشكل عام والخليجي بشكل خاص، توجد مؤسسات متعددة وجمعيات أهلية تساهم في أعمال تطوعية كبيرة لخدمة المجتمع [3].
ثانيا: دور المرأة البحرينية في العمل الخيري
مما لاشك فيه أن المرأة أصبحت عنصراً فاعلاً ومكوناً أساسياً في هذه المجالات كلها. لعملية التنمية والنهضة لأي مجتمع، الأمر الذي دعا إلى الاهتمام الكبير من قبل دول الخليج بإشراك المرأة وإسهامها في الدفع بعجلة التنمية [4].ويعد العمل في مجالات الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني، من أبرز ميادين المشاركة التنموية وخاصة للمرأة الخليجية.
ومملكة البحرين من أكثر الدول اهتماما ومشاركة في مسيرة العمل التطوعي فقد ظهر العديد من الجمعيات المعنية بالأعمال الخيرية ومساعدة الفقراء.
وقد بدأت مسيرة العمل الخيري في تقديم خدماتها، وتطورت حتى وصلت إلى مستوى من الحضور والتأثير [5]. الأمر الذي أدى إلى مشاركة المرأة الفعلية في التنمية والنهوض بها ثقافياً واقتصادياً. وتدل إحصاءات وزارة الشؤون الاجتماعية أن دور وإسهامات الجمعيات الخيرية والاجتماعية والتعاونية ومؤسسات المجتمع المدني في دعم الأسر الفقيرة، بلغ درجة من الأهمية في تحقيق الرفاه الاجتماعي للمواطنين [6].
وقد شهد عام 2006م إشهار العديد من الجمعيات النسائية المخصصة للعمل الخيري بكافة أشكاله وصوره ومنها تحفيظ القرآن الكريم وتدريس العلوم الشرعية. فقد تصدت المرأةبإقامة محاضرات ودروس توعية للمرأة خاصة فيما يتعلقبالتدريس في مراكز تحفيظ القران الكريم. التي تم جمعها من قبل المشاركات والمتدربات في دورات تدبر القرآن في الفترة من نهايات عام 2001 - 2007م.
ثالثا: مشروع تدبر القرآن .. أنموذجا للعمل الخيري النسائي
هذه الورقة تجربة واقعية لعمل خيري تطوعي ألا وهو مشروع تدبر القرآن الكريم، الذي بدأ العمل به في ساحات العديد من الجمعيات الخيرية في البحرين، كنموذج لدراسة أوضاع مثل هذه المشاريع التطوعية وما يكتنفها من ظروف وصعوبات وتقديم رؤية مستقبلية لكيفية تذليل هذه الصعوبات والتعامل معها.
و يجدر بنا قبل الخوض في الحديث عن أهمية مشروع التدبر للأفراد والمجتمعات، التطرق إلى بيان مفهومه وحدوده.
فكلمة التدبر في اللغة مأخوذة من مادة (د ب ر) وأصلها آخر الشيء وخلفه. وفي لسان العرب دبّر الأمر وتدبّره أي نظر في عاقبته وعرف الأمر تدبرا أي بآخره. فتدبر الكلام أي النظر في أوله وآخره ثم إعادة النظر مرة بعد مرة، ومن هذا قول جرير:
ولا تتقون الشر حتى يصيبكم ولا تعرفون الأمر إلا تدبرا.
والتدبر في الأمر: التفكر فيه، وفلان ما يدري قبال الأمر من دباره أي أوله من آخره. ويقال فلان لو استقبل من أمره ما استدبره لهدي لوجهة أمره، أي لو علم في بدء أمره ما علمه في آخره لاسترشد لأمره. وقال أكثم بن صيفي لبنيه: يا بني لا تتدبروا أعجاز أمور قد ولت صدورها [7].
ودبّرت الأمر تدبيرا فعلته عن فكر وروية، وتدبرته تدبرا نظرت في دبره وهو عاقبته و آخره. [8]
والتدبر النظر في دبر الأمور أي عواقبها وهو قريب من التفكر، إلا أن التفكر تصرف بالنظر في الدليل والتدبر تصرفه بالنظر في العواقب [9].
يقول ابن القيم رحمه الله:" وتدبر الكلام ان ينظر في اوله وآخره ثم يعيد نظره مره بعد مرة ولهذا جاء على بناء التفعل كالتجرع والتفهم والتبين" [10].
فأصل معنى التدبر في اللغة مأخوذ من النظر في عواقب الأمور ونهاياتها. وهو نشاط وجهد ذهني يقوم به العقل بغية التوصل إلى عواقب الأمور ونتائجها.
والمقصود بتدبر القرآن الكريم: النظر والتوصل إلى مغزى الآيات القرآنية ومقاصدها وأهدافها وما ترمي إليه، عن طريق إعمال الفكر والتأمل وبذل الجهد الذهني في فهم الآيات.
وقد عرّفه بعض العلماء المعاصرين بأنه: التفكر الشامل الواصل إلى أواخر دلالات الكلم ومراميه البعيدة [11].
والتدبر معنى أخص من المعرفة التفصيلة لمعاني الآيات، فالتدبر يقتضي النظر إلى ما تصير إليه عاقبة الكلام في الجملة، وهذا يدفع للعمل بما تم تدبره لاستحضار العاقبة، وفي هذا تعلق واضح بأصل المعنى اللغوي للتدبر الدال على نظر في ما يؤول إليه آخر أمره [12].
(يُتْبَعُ)
(/)
كما يشمل التدبر انتفاع القلب بتلك المعاني بخشوعه عند مواعظه، وخضوعه لأوامره وأخذ العبرة منه [13].
فهو نشاط ذهني يهدف الوصول إلى أواخر دلالات النصوص القرآنية ومراميها ومقاصدها. فالقرآن الكريم له مقاصد وغايات جاء لتحقيقها في حياة الأفراد والمجتمعات وهي غايات عامة. وثمة غايات اخرى خاصة بكل سورة في القرآن وما تروم تحقيقه من مقاصد.
والآيات الواردة في القرآن الكريم، أشادت بالتدبر مبينة أنه قدرة عقلية تظهر في الربط بين المقدمات والنتائج واكتشاف الأسباب التي أدت إليها. قال تعالى: ?أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا? [14]. وفي موضع آخر: ?أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا? [15]. كما جاء في الآية الكريمة: ? أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءهُم مَّا لَمْ يَأْتِ آبَاءهُمُ الْأَوَّلِين? [16] وقال عزّ من قائل: ?كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَاب? [17].
في هذه الآية نص صريح على أن الغرض الأساسي من إنزال القرآن هو التدبر والتذكر لا مجرد التلاوة على عظم أجرها. واللام هنا جاءت للتعليل في قوله تعالى:" ليدبروا" وهي نصّ صريح في تحديد الغاية من إنزال القرآن الكريم للتدبر والتذكر. ولا خلاف بين الأصوليين في الأخذ بالعلة إذا كان منصوصا عليها والعمل بها من باب العمل بالنص الصريح.
وروى ابن كثير في تفسيره قول الحسن البصري:" والله ما تدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده حتى إن أحدهم ليقول قرأت القرآن كله ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل" [18].
ويقول الله عزّ وجلّ في موضع آخر في معرض الحضّ والحث على التدبر: ?أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ?.
وقد جاء في تفسير ابن كثير رحمه الله للآية: " يقول الله تعالى آمراً عباده بتدبر القرآن وناهياً لهم عن الإعراض عنه وعن تفهم معانيه المحكمة وألفاظه البليغة: ?أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآن?. فالأمر صريح في الآية، فإذا أمر الله عزّ وجلّ بأمر فالأمر للوجوب فالتدبر واجب" [19].
وقال تعالى في موضع آخر: ?الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون? [20]. روى ابن كثير في تفسيره قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الآية: " يتلونه حق تلاوته إذا مرّ بذكر الجنة سأل الله الجنة وإذا مرّ بذكر النار تعوذ بالله من النار" أي التدبر في تلك الآيات.
كما روى قول ابن مسعود رضي الله عنه:" والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله ولا يحرّف الكلم عن مواضعه ولا يتأول منهشيئا على غير تأويله" [21].
وروى قول ابن عباس رضي الله عنهما أن المراد اتباعه حق اتباعه، وروي عن عكرمة وعطاء ومجاهد وأبي رزين وإبراهيم النخعي نحو ذلك. ومعلوم أن الاتباع لا يكون إلا بعد الفهم والتدبر وما لا يتحقق ويتم الواجب إلا به فهو واجب.
ومن الأدلة على وجوب التدبر كذلك، قوله تعالى: ?وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ? [22]. قال ابن القيم في ذلك: " ذمّ الله المحرفين لكتابه والأميين الذين لا يعلمون منه إلا مجرد التلاوة وهي الأماني " [23]. وقال الشوكاني: وقيل: (الأماني:التلاوة) أي: لا علم لهم إلا مجرد التلاوة دون تفهم وتدبر" [24].
وتأسيسا على هذه النصوص وغيرها يتبين لنا أن التدبر واجب شرعي على كل مسلم، كلٌ حسب قدراته وطاقاته الإدراكية القابلة للاكتساب والزيادة وبذل الوسع في تعلم وتفهم كتاب الله. فلا يُعذر أحد بعدم التدبر في آيات الله وقد يسّره الله للذكر والعمل بما جاء فيه ولا يكون هذا ولا يتأتى إلا عن طريق التدبر والفهم وبذل الجهد في سبيل ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول السعدي رحمه الله في تفسيره:"تدبره (أي القرآن) مفتاح كل خير محصل للعلوم والأسرار .. فإذا علم هذا، علم افتقار كل مكلف لمعرفة معانيه والاهتداء بها وكان حقيقا بالعبد أن يبذل جهده ويستفرغ وسعه في تعلمه وتفهمه بأقرب الطرق الموصلة إلى ذلك. فمن وفق لذلك لم يبق عليه إلا الإقبال على تدبره وتفهمه وكثرة التفكر في ألفاظه ومعانيه ولوازمها وما تتضمنه وما تدل عليه منطوقا ومفهوما فإذا بذل وسعه في ذلك فالرب أكرم من عبده فلا بد أن يفتح عليه من علومه أمورا لا تدخل تحت كسبه " [25].
فالتدبر من أهم الوسائل التي يقوم الفرد من خلالها بتنمية تلك القدرات وكلما نمت لديه قدرة، كلما ارتقى مستوى التفكر والتدبر لديه. فالإنسان مأمور بالتعلم واكتساب المهارات المختلفة التي تعينه على تعلم وفهم آيات الله القرآنية والكونية.
وقد أدرك الصحابة رضوان الله عليهم ومن تبعهم بإحسان منزلة التدبر، فعدّوه ضرورة من الضرورات الدينية والعقلية التي لايتم العمل إلا من خلالها. روى الطبري بسنده عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:" كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن" [26].
أهمية التدريب على تدبر كتاب الله وتفعيله
لوحظ في الفترات التاريخية المتأخرة، عزوف بعض المسلمين عن التدبر في كتاب الله ظنا منهم بصعوبة الأمر. وهذا الأمر من تلبيس الشيطان ومكائده ليصرف العقول والقلوب عن تفهم معاني القرآن وصرفهم عن الغاية التي لأجلها أنزل القرآن فهو كتاب هدى ورحمة وتربية للنفس وترقي بها [27].
والله عز وجل يقول في كتابه الكريم: " فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " [28] يقول القرطبي في تفسيره:" أي القرآن يعني بينّاه بلسانك العربي وجعلناه سهلاً على من تدبره وتأمله وقيل أنزلناه عليك بلسان العرب ليسهل عليهم فهمه" [29].
وعلى هذا وردت أقوال العلماء محذرة من الانزلاق في هذا السبيل. يقول ابن تيمية رحمه الله في ذلك:" من المعلوم أن كل كلام فالمقصود منه فهم معانيه دون مجرد الفاظه فالقرآن أولى بذلك وايضا فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا فى فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله الذى هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم" [30].
كما أن التدبر من أهم العوامل المحفزة والدوافع القوية لنهضة فكرية وعلمية هائلة، فالمؤمن المتدبر لكتاب الله حق تدبره، أقدر على غيره من النظر العقلي في هذا الكون واستخراج مكنونات قوانين سيره والتعرف على أسراره ومن ثمّ توظيف ذلك كله لخدمة الإنسانية جمعاء من خلال توفير سبل أفضل للحياة الكريمة الهانئة. وقد نقل التاريخ الأعمال العلمية الهائلة التي قام بها العلماء المسلمون والتي كانت خير شاهد على ثمرة التدبر في حياة الفرد وسلوكه.
والتدبر من أهم الوسائل لبناء وصياغة مجتمع متحضر من خلال بناء العقلية القادرة على التفاعل الإيجابي المتواصل مع الكون وإكتشاف القوانين الكونية والاجتماعية وتحويل ذلك كله بصورة إيجابية إلى تطبيقات وإنجازات تخدم المجتمع وأفراده وتساهم في تحقيق سعادتهم وتنظيم حياتهم. فالتدبر في كتاب الله معجزة مستمرة لا تتوقف، تقدم في كل يوم جديدا مثمرا، يجد فيها كل جيل ضالته المنشودة وسبل سعادته ومقومات حياته.
ولم يتوقف الإبداع في حياة المسلمين إلا عندما نبذوا التدبر وهجروا كتاب ربهم، فقد كان التدبر في الكتاب مفتاحا للتدبر والنظر في الكون الفسيح وكشف قوانينه وتسخيرها لسعادة البشرية.
لقد أثمر التدبر في كتاب الله نتائج مذهلة في واقع المجتمع المسلم، فكان ظهور المجتهدين المطلقين في مختلف فروع العلم من فقه ونحوه، دليلا ساطعا على أثر التدبر بما خلفوّه من مؤلفات وموسوعات علمية هائلة تنّم عن تفاعل إيجابي بين فهمهم لكتاب الله وإدراكهم لطبيعة الواقع الذي يحيون فيه. فجاءت كتبهم ومؤلفاتهم ثمرة تفاعل متواصل بين الكتاب والواقع من خلال فهم وتدبر سليم يقوم على أصول راسخة وقواعد واضحة وضوابط بينة.
(يُتْبَعُ)
(/)
من هنا جاءت فكرة هذا المشروع في توجيه اهتمام الناس إلى التدبر، وتمت دراسة أسباب عزوف الناس عن التدبر في كتاب الله، فلوحظ أن من أهم أسباب هذا العزوف: غياب الخطوات التطبيقية والعملية التي تمكّن القارئ من التدرب على التدبر في كتاب الله واكتساب هذه القدرة وتعلمها على الرغم من كثرة مراكز تدريس القرآن وعلومه.
من هنا جاءت فكرة افتتاح مشروع تدبر القرآن الكريم وكانت بدايات العمل من خلال إعدادي وإشرافي على ورش عمل خاصة بتبيان مفهوم التدبر في كتاب الله وأهميته. وكانت افتتاحية هذه الدورات مع جمعية النور للبر في مملكة البحرين في عام 2001م في قاعة بيت القرآن [31].
ومن أمثلة دورات التدبر التطوعية التي قمت- بفضل الله – بتقديمها وبتنظيم من جميعات خيرية نسائية في البحرين:
- تدبر القرآن في سنن بناء المجتمعات الحضارية. (8 حلقات. مدة الحلقة ساعة وربع الساعة). جمعية رعاية الطفولة والأمومة. البحرين. تنظيم: جمعية النور للبر. اكتوبر. 2006م
- تدبر القرآن في أسس التربية والتعليم. (6 حلقات. مدة الحلقة ساعة ونصف). جمعية رعاية الطفولة والأمومة. البحرين. تنظيم: مركز أم الدرداء الصغرى التابع لوزارة الشؤون الإسلامية بمملكة البحرين. 25 مارس/ 2005م.
- دورة تدبر القرآن فيتنمية الشخصية. البحرين. شهر رمضان/ 2002م.
-مناهج تطوير وسائل الإدراك في القرآن. يت القرآن. المنامة.2002 - 2003م.
- دورة أهمية النظر العقلي والحضاري في القرآن الكريم. جامعة الخليج العربي. المنامة. البحرين. الفترة من 1 جمادى الأولى- 16 جمادى الأولى 1424ه/ يوليو 2003م.
-دورة العلاج السلوكي في القرآن. جمعية النور. رمضان 1424ه.
- دور التدبر والتعقل في حياتنا. مركز الهدى لتحفيظ القرآن. دبي. الامارات العربية المتحدة. يناير 2004م.
- دورة تدبر سورة الفاتحة. مارس2004م.
- دورة تدبر الذكر الحكيم في سيرة صاحب الخلق العظيم. مركز أم الدرداء الصغرى. البحرين. مايو 2004م.
- دورة تدبر في سورة الكهف. مركز أم الدرداء الصغرى. 6 سبتمبر 2004 - 15 سبتمبر.
- دورة تدبر القرآن في وصف الجنان. جمعية النور للبر. 18 أكتوبر 2004م- 3 - اكتوبر 2004م.
والدورات المذكورة آنفا على سبيل المثال لا الحصر [32].
وتم الاستمرار في تقديم دورات التدبر هذه داخل البحرين وخارجها، ومن سلسلة دورات التدبر التي قدمتها جمعيات أهلية نسائية في دولة الإمارات العربية المتحدة مثل: دور التدبر في حياتنا. والتي قدمت بتنظيم من مركز الهدى لتحفيظ القرآن. دبي. الامارات العربية المتحدة. يناير 2004م. كما قامت اللجنة النسائية في جائزة رأس الخيمة جائزة رأس الخيمة الدولية للقرآن الكريم في دورتها الخامسة بتنظيم فعاليات في التدبر للنساء، في عدد من الجمعيات الخيرية في راس الخيمة. وقد قامت الجائزة – مشكورة- بنشر كتاب: تدبر القرآن بين النظرية والتطبيق، وتم توزيع أعداد هائلة منه.
رابعا: رؤية تحليلية في واقع مشروع تدبر القرآن ومستقبله
إن النجاح الملموس في مشروع تدبر القرآن الكريم الذي تبنته بعض الجمعيات النسائية الخيرية داخل البحرين وخارجها، والذي أثبتته هذه الدراسة، يجعلنا نقف وقفة المتأمل، أمام هذه الجهود النسائية، التي بذلت وتبذل على الرغم من المعوقات والصعوبات التي تواجهها، إلا أنها استطاعت –بفضل الله- أن تقدم شيئاً ملموساً، وتتجاوز الكثير من العقبات.
ومشروع تدبر القرآن الكريم يعد أنموذجا لكثير من الأعمال الخيرية النسائية.
وقد تم الاعتماد على نتائج الدراسة الميدانية التي جمعت من خلال نتائج الاستبيانات التي تم توزيعها على المشاركات من مختلف الجمعيات النسائية الخيرية في البحرين في دورات التدبر التي أقيمت خلال الفترة من 2001 - 2007م، لدراسة محددات هذا المشروع وطبيعة الصعوبات التي واجهته خاصة، وأن المعوقات التي واجهها مشروع تدبر القرآن الكريم في الجمعيات الخيرية النسائية، هي في الغالب نفس المعوقات التي تواجهها معظم النشاطات والفعاليات التعليمية الأخرى.
ويمكن تلخيص هذه المحددات والصعوبات فيما يلي:
- ثمة مشكلات تتعلق بالبنية التنظيمية لكثير من الدورات التي أقامتها الجمعيات النسائية، و مما لاشك فيه أنإدارة العمل الخيري ترتكز على مفاهيم أساسية لا تختلف في الأصل عن إدارة أي عمل آخر، سوى في بعض التطبيقات، لأن العمل الخيري يرتبط بالمجتمع، ولذلك تتعين المبادرة في تطوير مؤسساته وأنظمته الخيرية وتأهيل العاملين به، وصناعة العمل الخيري. ومن أمثلة هذه المشكلات: عدم وضوح المهام والصلاحيات الإدارية والتنظيمة لإقامة الدورات، وضعف التقويم المستمر لتنظيم الدورات في بعض الجمعيات، ضعف الأرشفة والتوثيق والإحصاء وعدم توفر قاعدة البيانات لمثل هذه الدورات، حيث أن أي جمعية خيرية لا يمكن أن تقوم وتنهض إلا من خلال القدرة على تكوين قاعدة بيانات للجمعية ولديها مهارة في الدعاية للجميعة و قادرة علي إجراء اللقاءات ببعض رموز المجتمع لتقوية شأن فعالياتها ودعمها مادياً ومعنويا.، وضعف التنسيق بين الجمعيات النسائية المتعددة سواء في داخل البحرين أو خارجها. الأمر الذي يؤدي غلى بعثرة كثير من الجهود وضياع توثيقها وعدم الإفادة منها في داخل منطقة الخليج.
- ثمة مشكلات تتعلق بالموارد البشرية مثل: عدم توفر الكادر المؤهل والمتخصص في إقامة مثل هذه الدورات، الامر الذي يؤدي إلى ضعف القدرة على رسم استراتيجيات وبرامج تلائم الواقع المعاش ومشاكل المرأة الخليجية وحاجياتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[22 Dec 2008, 12:24 ص]ـ
الذي أعلمه أن التدبر من خصائص العلماء المتبحرين فحسب ولا يصلح للجمهور بعامة.
وأن العمل الخيري من خصائص الخيرين بكل صنوفهم ومن كل شرلئح المجتمع.
والله الموفق
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[22 Dec 2008, 01:12 ص]ـ
ليه يا مولانا:)
لعله سهو منك أستاذي الفاضل.
فالتدبر مطالب كل مسلم ومسلمة، وليس حكرا على العلماء فقط:
?كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَاب?
بل القرآن يطالب به غير المسلمين، كفارا ومنافقين:
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا)
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Nov 2009, 10:21 ص]ـ
الذي أعلمه أن التدبر من خصائص العلماء المتبحرين فحسب ولا يصلح للجمهور بعامة.
وأن العمل الخيري من خصائص الخيرين بكل صنوفهم ومن كل شرلئح المجتمع.
والله الموفق
التدبر مأمور به لجميع الناس، وسياق الآيات التي جاء فيه الحث على التدبر، والإنكار على الذين لا يتدبرون يدل على أنها تخاطب الجميع.
وأما الخاص بأهل العلم فهو التفسير؛ فلا ينبغي أن يفسر القرآن إلا عالم أو طالب علم متمكن من العلوم التي يحتاجها المفسر.
وأخص منهما علم الاستنباط؛ فهو لخاصة أهل العلم كما دل على ذلك قول الله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83].
وهنا مقال مفيد أنصح بالرجوع إليه؛ ففيه زيادة بيان: حول مفهوم التدبر ( http://www.alfetria.com/rissala/40-rissala4.html)
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[14 Nov 2009, 10:47 م]ـ
لعل الدكتور خضر حفظه الله تعالى وبارك في علمه أراد أن ينبه إلى التدبر بمعناه الخاص وهو تدبر المجتهد في النوازل والمستجدات حتى يخرج من خلال ذلك بحكم فيها وأنه يجب أن لا يخوض فيه كل أحد.
أقول هذا لأننا رأينا من طلبة العلم من يفهم بعض الدعوات على غير وجهها ثم نرى كيف يأتي بالعجائب.
وأما التدبر المطلوب من كل أحد فلا أظن أنه يخفى على مثل الدكتور بل على طالب العلم المبتدي(/)
قراءة في ضوابط التأويل وأبعادها المنهجي في الدراسات القرآنية المعاصرة (رقية العلواني)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[21 Dec 2008, 08:43 م]ـ
قراءة في ضوابط التأويل وأبعادها المنهجي في الدراسات القرآنية المعاصرة
د. رقية طه جابر العلواني
المصدر: موقع د. رقية العلواني ( http://www.drruqaia.com/ar/index.php?pageId=9)
مقدمة
تتناول هذه الدراسة إشكالية ضبط تأويل النصوص القرآنية في العصر الحاضر. تلك الإشكالية التي أفسح غياب الالتزام المتزن بها، المجال أمام عشرات التأويلات المنحرفة التي غيبّت مقاصد النصوص التشريعية، لتجعل من التأويل جدلية منفتحة لمختلف التوجهات الذاتية. الأمر الذي أدى إلى التحول من الاهتمام المباشر بالنصوص ومعانيها الظاهرة ومحاولات تنزيلها على الواقع الإنساني لتهذيبه ومعالجته، إلى الانتقال إلىالمؤوِل والاهتمام بتفنيد تأويلاته وأفكاره والرّد عليها.
وتظهر خطورة هذا المنحى الفكري جلية في محاولات ليّ أعناق النصوص القرآنية والخروج بها عن مفاهيمها الواضحة بادي الرأي لتتلاءم مع توجهات فكرية معينة، خاصة تلك التي ظهرت في بعض الدراسات القرآنية بما يمكن أن نطلق عليه القراءة العصرانية للقرآن، التي تعتبر المحضن الأول للتأويل الحر المؤسس وفق الخبرات الشخصية والتجارب الذاتية.
الاعتبارات يعد استدعاء إشكالية ضبط التأويل إلى أروقة الحوار الفكري، من الضرورات الملحة لضمان تحقيق إطلاقية النصوص القرآنية وتنزيهها عن التأويلات المنحرفة والقراءات الشاذة التي برزت كثيرا في العصر الحاضر.
وقد وقفت الدراسة على بعض من ضوابط التأويل وأكثرها جدلا وهي: القراءة الشمولية للنصوص والاعتماد على شهادتها الداخلية لأي تأويل أو فهم، مع الاهتمام بقواعد اللغة العربية التي بها نزلت النصوص، والاهتمام بالقراءة المقاصدية لسور القرآن ومحاورها.
===
البحث في المرفقات بصيغة بي دي إف(/)
بحث: النص القرآني ومشكل التأويل (المصطفى تاج الدين)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[22 Dec 2008, 08:30 ص]ـ
ملاحظة: هوامش البحث مفقودة.
===
النص القرآني ومشكل التأويل
المصطفى تاج الدين
المصدر: إسلامية المعرفة ( http://www.eiiit.org/eiiit/eiiit_article_read.asp?articleID=670&catID=17&adad=23)، العدد 14، 1998 - 1999، ص ص7 - 29
* مقدمة:
يستطيع المتتبع لجدل الأفكار وصراع المذاهب واختلاف النظريات أن يرجع ذلك إلى قضية المعنى ومشكل التأويل. فالأديان والفلسفات وإن أجمعت على تسميات واصطلاحات ومواضعات فإنها اختلفت في المعاني التي حملتها هذه الاصطلاحات اختلافاً وصل إلى حد التعارض والانشطار. فالائتلاف حاصل في الأوضاع الأصلية للمفاهيم، بينما الاختلاف ظاهر في تأويلات المفاهيم واستعمالاتها. لهذا احتل مفهوم التأويل حيزاً معتبراً في المجال التداولي العربي الإسلامي وارتبطت به المعارك الكلامية المعروفة، وجر المسلمين إلى كثير من الجدال والصراع حتى إن ابن القيم ردّ إليه ما أصاب المسلمين من فرقة وخلاف.1
ولعل معترضاً يقول: ما فائدة الاشتغال بقضية التأويل وقد أصبحت طللاً دارساً لا يكاد يجيب؟ وقتلت بحثاً حتى أن المتقدم لم يترك للمتأخر مجالاً للزيادة والاستطراد؟ ثم أن القرآن الكريم قد فُسّر وأوِّل وانتهى البحث في معانيه؟ وتوضحت طرق استخلاصها. وتقوم هذه الدعوى على أساس فكري، ومستند نظري له أبعاده النفسية والحضارية ولذلك سأتخذ من اعتراضها السالف مدخلاً لهذا الموضوع الخطير مستهدفاً التوسط بين إجابتين تطرفتا تعصباً وتسيباً وانغلاقاً وسيولة.
فهناك من يعتقد أن كتاب الله قد فسره العلماء الراسخون في العلم تفسيرات أضاءت -على سبيل الاستغراق- معانيه، وما علينا إذا أردنا أن نعود منه بقبس من الفهم وشهاب من الإدراك سوى أن نعكف على هذه المصنفات الجليلة ففيها ما يشبع النهم ويروي صدى الصادي. ولا مجال بعدها لمستزيد، ولا لمجتهد برأيه في كتاب الله.
وهناك في الطرف المقابل اتجاه يرى أ ن النص القرآني نص لغوي مفتوح على جميع التأويلات، ولهذا فمعنى النص يتعدد بتعدد قراءاته ويتنوع بتنوعها، ويلتقي الاتجاهان –من حيث اعتقاد التناقض- في غاية واحدة هي قتل المعنى واغتياله.
وسنحاول بإذن الله التطرق إلى المحاور الآتية:
1 - معنى مصطلح التأويل: حاولنا سبر غور هذا المصطلح، وإعادة النظر في تعريفاته، فتبين كيف أن الخلاف في مضمونه في التراث كان خلافاً لفظياً وليس كما يظن الكثيرون انشطاراً في الرؤى بين مؤيد للتأويل ومعارض له.
2 - المعنى التاريخي وانحسار التأويل: تطرقنا فيه للموقف المتعصب من التأويل.
3 - المعنى الذاتي وانحراف التأويل: عرضنا فيه للموقف المتسيب من التأويل.
4 - الأصول الدينية لنظرية التأويل الحديثة: وأبرزنا فيه مظاهر الترابط والتداخل في الآراء النقدية الغربية حول ظاهرة النصّية بين التصورات الأدبية وخلفياتها الدينية.
5 - ضوابط التأويل: وتتضمن اقتراح مجموعة من الضوابط العاصمة من قواصم الإتجاهين السابقين.
* مفهوم التأويل:
لقد مرّ مصطلح التأويل بمرحلتين:2
1 - المرحلة الأولى: تميزت بكون المصطلح حمل فيها دلالته اللغوية الأصيلة.
2 - المرحلة الثانية: حمل فيها المصطلح على دلالته الاصطلاحية الحادثة، ويشير ابن تيمية رحمه الله إلى هاتين المرحلتين بقوله: "إن التأويل في عرف المتأخرين من المتفقهة والمتكلمة والمحدثة والمتصوفة ونحوهم هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح لدليل يقترن به، وهذا هو التأويل الذي يتكلمون عليه في أصول الفقه ومسائل الخلاف ... وأما التأويل في لفظ السلف فله معنيان: أحدهما تفسير الكلام وبيان معناه سواء وافق ظاهره أو خالفه فيكون التأويل والتفسير عند هؤلاء متقارباً أو مترادفاً، وهذا -والله أعلم- هو الذي عناه مجاهد أن العلماء يعلمون تأويله، ومحمد ابن جرير الطبري يقول في تفسيره: القول في تأويل كذا وكذا، واختلف أهل التأويل فلي هذه الآية ونحو ذلك ومراده التفسير. والمعنى الثاني في لفظ السلف وهو الثالث من مسمى التأويل مطلقاً هو نفس المراد بالكلام."3
(يُتْبَعُ)
(/)
ونمثل للمرحلة الأولى بما ورد في المعاجم اللغوية القديمة، حيث ركزت على التفسير اللغوي للمصطلح. ولم تشر إلى معانيه الاصطلاحية الحادثة، قال الأزهري (توفي 280ه) في التهذيب في مادة (آل) فيما حكاه عن ابن الأعرابي: "الأول الرجوع وقد آل يؤول أولاً"4. وعن الأصمعي: "آل القطران يؤول أولاً إذا خثر"5. وفي هذا المعنى المآل والعاقبة وينسجم معه معنى آخر وهو السياسة"، قال [أي الأصمعي]: وآل مآله يؤوله إيالة إذا أصلحه وساسه، قال لبيد:
يصوح صافية وضرب كرينة بمؤثر تأتاله إلهامها
إنما هو "نفتعله" من ألته أي أصلحته."6
فالسياسة إنما تكون بقصد إصلاح الأمر والبلوغ به إلى المآل الأسلم، وهو بهذا ينسجم مع معنى العاقبة كما أسلفنا.
وقال الأزهري: "قلت ومنه قولهم ألنا وإيل علينا أي سسنا وساسونا، ويقال لأبوال الإبل التي جزأت بالرطب في آخر جزئها: قد آلت تؤول أولاً، أي خثرت فهي آيلة وقال ذو الرمة:
ومن آيل كالورس تصح سكوبه متون الحص من مضمحل ويابس
ويقال طبخت النبيذ حتى آل إلى الثلث أو الربع أي رجع."7
والملاحظ في المعاني التي ساقها الأزهري أنها تدور حول معنيين: معنى الرجوع ومعنى العاقبة. ولم يبتعد ابن فارس (توفي395ه (عن هذين المعنيين إذ قال: "أول، الهمزة والواو واللام أصلان، ابتداء الأمر وانتهاؤه ... وآل يؤول أي رجع. قال يعقوب: أول الحكم إلى أهله أي أرجعه وردّه إليهم، قال الأعشى: أوول الحكم إلى أهله.
قال الخليل: آل اللبن يؤول أولاً وأوولاً: خثر ... قال أبو حاتم: ... والغيالة السياسة من هذا الباب لأن مرجع الرعية إلى راعيها ... ومن هذا الباب: تأويل الكلام وهو عاقبته وما يؤول إليه."8
ويجعلنا هذان المعنييان اللذان يدور عليهما مصطلح التأويل عند المتقدمين نسأل عن مستند الإمام الطبري (310ه) في جعل "التفسير" من مرادفات التأويل حين قال: "وأما معنى التأويل في كلام العرب فإنه التفسير والمرجع والمصير."9
ونستطيع أن نجيب عن هذا التساؤل بأحد هذه الاحتمالات:
• إما أن المعاجم اللغوية أغفلت هذا المعنى، وهو احتمال غير وارد إذ تستحيل المواطأة على إغفال معنى يتمتع بوظيفة إجرائية مهمة في مجال التداول العربي وهي وظيفة يستمدها من علاقته بالقرآن الكريم.
• أو أن معنى التفسير نفسه كان معنى اصطلاحياً حادثاً، وإذ سلمنا بهذا –وهو لا يبعد- سقط الاعتراض على تحميل مصطلح التأويل معاني ودلالات أخرى مع تطور الزمن، فيكون المعنى المتأخر للتأويل –وهو الحمل على غير مقتضى الظاهر- معنى معتبراً في مجال التداول.
• أو أن الطبري رأى في الإرجاع والعاقبة معنى التفسير، أي إرجاع الألفاظ والعبارات إلى معانيها المقصودة، أو الوصول باللفظ إلى معناه المراد.
أما المرحلة الثانية فنمثل لها بلسان العرب لابن منظور حيث نجده يسوق المعاني الأولى للتأويل، لكنه يزيد عليها المعنى الجديد الذي استقر عند علماء الكلام والأصول وغيرهم كما أشار إلى ذلك ابن تيمية، قال صاحب اللسان: "الأول الرجوع ... وأول الكلام وتأوله: دبره وقدره، وتأوله وفسره ... والمراد بالتأويل نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلي إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ."10
فهذا المعنى الأخير، الذي لم نجده في المعاجم المتقدمة له صله بالتطور الحاصل في علم التفسير، إذ مع استقواء ظاهرة النزاع الكلامي احتيج إلى حمل ما لا ينسجم من القرآن مع المذهب الاعتقادي على غير مقتضى الظاهر ليتسق المعنى القرآني مع اعتقاد المفسر. ولقد ساد هذا المعنى الاصطلاحي الجديد حتى رفع من قدر التأويل فجعل متعلقاً بالدراية واقتصر التفسير على الرواية،11 كما أن التأويل أصبح مدار اشتغاله على المعاني، ووقف التفسير عند حدود المفردات والألفاظ.12
وفي هذه المرحلة أصبح التأويل على صلة كبيرة بالمجاز، ويظهر هذا عند الإمام الغزالي، فالتأويل عنده "عبارة عن احتمال يعضده دليل يصير به أغلب على الظن من المعنى الذي يدل عليه الظاهر، ويشبه أن يكون كل تأويل صرفاً للفظ عن الحقيقة إلى المجاز."13
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا ما نجده عند الآمدي في الأحكام14 والباجي في إحكام الفصول15 وغيرهما. ذلك أن التأويل والمجاز يلتقيان في معنى واحد هو العدول عن اعتبار ظواهر الألفاظ والعبارات، فالتأويل: "صرف الكلام عن ظاهره إلى وجه يحتمله"،16 والمجاز "كل لفظ تجوز به عن موضوعه."17
وبالجملة فإن مفهوم التأويل يدور حول معان ثلاث:
- التوضيح: ويكون التأويل فيه مرادفاً للتفسير حيث تشير الأوضاع اللغوية اشتقاقاً وتركيباً إلى المعنى من غير التوسل بالآليات الاستدلالية الذهنية أو اللغوية. ولقد ذهب ابن تيمية رحمه الله إلى أن هذا هو المقصود من مصطلح التأويل عند مجاهد والطبري18 وهذا غير مسلم به إلا على جهة التغلب، فنحن نعرف أن مجاهداً ? من الذين توسعوا في استعمال العقل في التفسير حتى عدَّ نواة التفسير العقلي، بل حكى الطبري عنه نفيه لرؤية الله مما يفيد حمله للغة القرآن على مقتضى الظاهر أحياناً، أما الطبري فلم يكن التأويل عنده يعني التفسير مطلقاً بل استعمله أيضاً في معنى الترجيح.19
- التصيير: والمقصود منه التحقق العيني للدلالة اللغوية في القرآن ومآلها إلى فعل واقعي ويشير لهذا قوله تعالى:?هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ? (الأعراف:53). فتأويل القرآن هنا معناه تحقق نبوءاته وأخبار وعده ووعيده، وهذا هو ما عناه ابن تيمية من أن معنى التأويل هو نفس المراد بالكلام.20
- الترجيح: ومداره حمل اللفظ على أحد محتملاته من المعاني بدليل يقترن به، ويستلزم الانتقال الترجيحي استثمار آليات استدلالية نصية وذهنية تسعف ضبط عملية التأويل وتلمس الخيوط الرابطة بين المعنى المتبادر والمعنى التأويلي، ولهذا جعلوا التفسير متعلقاً بالرواية، والتأويل متعلقاً بالدراية.21
وإذا كان هذا الذي بسطناه متعلقاً بالخلاف في المصطلح من جهة اللغة، فإن ثمة خلافاً أشد في إعماله النصي، أقصد تفسير القرآن، واستمر هذا النزاع في طريق خطي متصاعد إلى حيث اكتمال ملامح مدرستين في التفسير هما: مدرسة الرأي المعتمدة على العقل في التأويل، ومدرسة الأثر المستندة إلى النقل.
ولو عدنا إلى أحد التفاسير المبكرة والمعتمدة كتفسير الطبري لاتّضح بجلاء أن التربة الفكرية التي نزل فيها القرآن كانت مؤهلة لاستثارة مشكل التأويل، فقد اختلف المسلمون الأوائل (السلف) في تفسير قوله تعالى: ?هُوَ الَّذِي أَنزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا? (آل عمران:7)، على رأيين:
واحد يقصر معرفة تأويل القرآن على الله تعالى، ولا يشرك معه أحداً في العلم بذلك التأويل، وأما الثاني فيشرك مع الله الراسخين في العلم من العلماء، ونحن لا يهمنا هنا اعتماد موقف معين أو نصرته، ولكن المقصود أولاً فهم أسباب هذا الخلاف، والتدليل على توافر أرضية صلبة ومناسبة لنشأة السجال حول التأويل منذ عهد مبكر من عمر الرسالة الخاتمة.
فقد ذهب أصحاب الرأي الأول إلى أن جملة "?وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ?" مستأنفة على الابتداء ويلزم الوقف عند القراءة على كلمة "?الله?"، وهو بهذا يفردون الله بمعرفة تأويل القرآن، وقد أورد الطبري أقوال أصحاب هذا الرأي من الصحابة كعائشة رضي الله عنها، وابن عباس،22 ومن العلماء كالإمام مالك بن أنس.23 ومُثّل لأصحاب الرأي الثاني –الذي مفاده إشراك العلماء مع الله في الحكم أي معرفة التأويل- بابن عباس أيضاً!! ومجاهد ومحمد بن جعفر بن الزبير.24 والذي نستخلصه مما أورده الطبري أن الخلاف في الحقيقة دائر على مصطلح التأويل ومحتملاته في اللغة والاصطلاح، فالتأويل الوارد في سياق الآية يشير إلى معانٍ مختلفة، ولهذا نجد الإمام الطبري يثبت هذه المعاني دون إظهار الخيط الرابط بينهما، ولو
(يُتْبَعُ)
(/)
فعل ذلك لاتّضح سبب الخلاف ومآله بين الاتجاهين.
- فالمعنى الأول أشار إليه حين قال: "اختلف أهل التأويل في معنى "التأويل" الذي عنى الله جلّ ثناؤه بقوله: ?وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ?، فقال بعضهم: معنى ذلك الأجل الذي أرادت اليهود أن تعرفه من انقضاء أمر محمد ?، وأمر أمته من قبل الحروف المقطعة من حساب الجمل مثل: ?الم?، و?المص?، و?الر?، و?المر?، وما أشبه ذلك من الآجال."25 فمعنى التأويل هنا هو العاقبة، واستدل على هذا المعنى بما روي عن ابن عباس رضي الله عنها من أن التأويل تأويل يوم القيامة،26 وما روي عن السدي ? الذي قال: "وتأويله عواقبه".27
- والمعنى الثاني قال عنه الطبري: "وقال آخرون: معنى ذلك وابتغاء تأويل ما تشابه منآي القرآن يتأولونه إذا كان ذا وجوه وتصاريف في التأويلات على ما في قلوبهم من زيغ وما ركبوه من الضلالة."28
فالخلاف في تفسير الآية بين الصحابة والعلماء إذاً خلاف لفظي، والسبب راجع إلى حمل التأويل على بعض محتملاته في اللغة والاصطلاح دون بعض. فإذا كان التأويل هو التفسير والمرجع والمصير،29 فإن القول بقدرة العلماء على تأويله بالمعنى الثاني الذي هو العاقبة ومعرفة الغيب –وهي أشياء اختص الله تعالى بعلمها ويمتنع عقلاً وشرعاً وجود شريك له فيها- جنوح عن المقصود، وحمل للمصطلح على غير مدلوله، وهو ما لا يجوز اختلاف المسلمين حوله، بله الصحابة الكرام والتابعين وعلماء الأمة. ولهذا نستطيع –مطمئنين- استبعاد إرادة هذا المعنى من لدن من أشرك مع الله غيره في معرفة التأويل، كما سنتمكن من فك التعارض الوارد في الروايتين اللتين ساقهما الطبري عن ابن عباس والتين بمقتضاهما يكون رأي ابن عباس ممثلاً للاتجاهين معاً في وقت واحدٍ، وهذا في غاية التناقض، إذ لم نضع في الاعتبار اختلاف الفهم لمصطلح التأويل فمن المؤكد أن ابن عباس رضي الله عنهما لا يجرؤ أن يدعي معرفة التأويل الذي هو المصير والعاقبة، ولهذا روي عنه نفي الاشتراك مع الله في معرفة هذا النوع من التأويل30 غير أنه من الراجح أن يأنس في نفسه القدرة على معرفة التأويل الذي معناه التفسير او الترجيح بين معاني الألفاظ والتراكيب، ولهذا روي عنه قوله: "أنا ممن يعلم تأويله".31 ومن هنا نستنتج أن الخلاف في مفهوم التأويل كان خلافاً لفظياً في أغلب جوانبه اللهم إلاّ ما كان متعلقاً بالتأويل الاعتقادي الكلامي، ولا نجازف إذا قلنا إن الاتفاق على معاني التأويل الثلاثة: التوضيح والترجيح والتصيير كان حاصلاً من حيث المضمون إذ استثمر المفسرون بالمأثور أيضاً الترجيح المعتمد على الاستدلال، ولم يغفل المفسرون بالرأي أهمية التوضيح في ضبط المعنى فاعتمدوا أيضاًُ على الإسناد العقلي. أما الخلاف الحقيقي فلم يكن مجترحاً في هذا المجال بل كان مرتبطاً بمجال توظيف عملية التأويل وكيفية هذا التوظيف.
* المعنى التاريخي وانحسار التأويل:
نقصد بالمعنى التاريخي ( Historical meaning) مجمل المعاني التي استنبطها المفسرون الأوائل كالصحابة والتابعين والعلماء بعدهم، والتي مثلت إطاراً دلالياً للغة القرآنية. غير أن المعنى التاريخي يثير كثيراً من المشكلات في الفهم والتفسير المتجدد للنص، إذ يؤدي الارتكاز عليه وحده إلى السقوط في تعارض بين التأطير التاريخي للمعنى القرآني وبين صلاحيته لكل زمان ومكان ومن جهة أخرى يؤدي ذلك إلى الوقوع في وهم المطابقة بين الكلام المفسر والكلام المفسَّر في التنزيه والقدسية. والواقع أن رهن المعنى في دلالته التاريخية مثَّل خطراً على الفكر الإسلامي، وعلى النصّ القرآني في حد ذاته، إذ جرد كلام الله تعالى من الشهادة الخالدة على الناس، والتحرك الإيجابي مع صيرورة التاريخ البشري. لقد كانت دوافع أصحاب هذا الاتجاه مفهومة، إذ واجهوا تياراً لا يقل خطورة على النص منهم، وهو تيار غالى في تجاهل المعنى التاريخي وأنتج تأويلات شاذة بعيدة عن مقصدية المبدع المنزل.
(يُتْبَعُ)
(/)
لذلك حصر أصحاب الدعوة لاعتبار المعنى التاريخي مهمة المفسِّر في النقل والإسناد وأنكروا استعمال الرأي في استخراج المعنى لأنه –أي المعنى- معطى سلفاً وغاية ما يتحرك فيه عقل المفسر هو الترجيح بين المعاني التاريخية المختلفة والاختيار بينها بواسطة الإسناد وتحقيق النص كالجرح والتعديل. ولقد أشار أبو حيان الأندلسي (توفي745ه) إلى هذا حين قال: "وقد جرنا الكلام يوما مع بعض من عاصرنا فكان يزعم أن علم التفسير مضطر إلى النقل في فهم معاني تراكيبه بالإسناد إلى مجاهد وطاوس وعكرمة وأضرابهم، وأن فهم الآيات متوقف على ذلك. والعجب له أنه يرى أقوال هؤلاء كثيرة الاختلاف متباينة الأوصاف متعارضة ينقض بعضها بعضاً، ونظير ما ذكره هذا المعاصر أنه لو تعلم أحدنا مثلاً لغة الترك إفراداً وتركيباً حتى صار يتكلم بتلك اللغة ويتصرف فيها نثراً ونظماً، ويعرض ما تعلمه على كلامهم فيجده مطابقاً للغتهم قد شارك فيها فصحاءهم، ثم جاءه كتاب بلسان الترك فيحجم عن تدبره وعن فهم ما تضمنه من المعاني حتى يسأل عن ذلك: "سنقراً" التركي أو "سنجراً"؛ ترى مثل هذا يعد من العقلاء؟ وكان هذا المعاصر يزعم أن كل آية نقل فيها التفسير عن السلف بالسند إلى أن وصل ذلك إلى الصحابة، ومن العرب الفصحاء الذين نزل بلسانهم ... وعلى قول هذا المعاصر يكون ما استخرجه الناس بعد التابعين من علوم التفسير ومعانيه ودقائقه وما احتوى عليه من علم الفصاحة والبيان والإعجاز لا يكون تفسيراً حتى ينقل بالسند إلى مجاهد ونحوه وهذا كلام ساقط."31
لقد استند معارضو التفسير بالرأي إلى بعض الآثار الموهمة لما ظنوه من إنكار تأويل القرآن على مقتضى ما تشير إليه اللغة، والعلوم التي اكتسبها المفسر.
ولعل العلماء الذين ناصروا –باعتدال- التفسير بالرأي كانوا على وعي بخطورة ما يؤدي إليه توقف الأنظار عن معانقة كتاب الله واستخلاص معانيه بحسب تغير الأزمان والأحوال، ففتحوا باب الاجتهاد في التفسير، وأدركوا سر قابلية المعنى القرآني للتجدد والاختلاف، إذ لو أراد الله تعالى أن يجمع الناس على معانٍ محددة لأنزل القرآن محكماً كله، ولأوصى رسوله أن يفسره كله. ولكنه شاء أن ينزل إلى الناس كتاباً متحركاً نابضاً بالحياة شاهداً على الناس أينما كانوا ومتى وجدوا، فضَمَّن كتابه المتشابه والمشترك والمجمل والعام، وأرشد الناس إلى المقاصد العامة التي يُستَهدى بها في تعيين الدلالات وإظهارها. إن الآراء التي لا ترى في معاني القرآن سوى دلالاتها التاريخية تلتقي مع الرؤية الكنسية الجامدة في تفسير الكتاب المقدس حيث يحتاج القارئ للواسطة الدينية أو المذهبية لفهم النص وإن كان على اطلاع بيِّن على اللغة التي كتب بها النص المفسَّر، ولذلك انطلقت نظرية التأويل في الغرب أ و ما يسمى بالهرمينوطيقا ( Hermeneutic) للإجابة عن سؤال ملح هو: كيف يعيش النص في زمن القارئ، وتستمر حيويته في الإفراز الدلالي؟ وما العلاقات التي ينبغي أن تربط المعنى التاريخي بالمعنى الذاتي؟
* المعنى الذاتي وانحراف التأويل:
إذا كان المعنى التاريخي هو دلالة النّص زمن نزوله، أو في لحظات اكتساب فيها بعض القراء سلطة التأويل بسبب مكانتهم الدينية أو العلمية، فإن المعنى الذاتي ( Individual meaning) هو دلالة النص زمن قراءته، فيصبح محور المعنى التاريخي هو تاريخ النص، بينما يصير محور المعنى الذاتي هو ملتقى النص بميولاته، واعتقاداته، وحتى أوهامه وشهواته.
ولقد عرف تاريخنا التفسيري أنصاراً للمعنى الذاتي مثلتهم المدارس الكلامية والفلسفية والتصوّفية، حيث حملت القرآن على مقتضى النظر القبلي للمؤوّل، فبنى أتباعها تفاسيرهم على أساس مذهبي خالص.
ويشير ابن تيمية إلى خطأ هؤلاء إذ يلبسون لفظ القرآن ما دلّ عليه من معنى تارة أو يحملونه دلالات لا يطيقها وضعه الأصلي، فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول معاً.33
(يُتْبَعُ)
(/)
وتكمن خطورة هذا الاتجاه في جعل النص تابعاً للمتلقي حيث تنقلب عملية التبليغ إلي اتجاه معاكس. فبدل أن يتجه المعنى من النص إلى القارئ، فإنه يتجه من القارئ المزود برؤى قبلية ومعانٍ جاهزة إلى النص الذي تنتهك بنيته التركيبية والدلالية ليفصح عن معانٍ غريبة عنه وربما متناقضة معه، وسنحاول من خلال هذه الخطاطة إيضاح الاتجاه الطبيعي للمعنى والاتجاه المعاكس له:
الاتجاه الطبيعي للرسالة الاتجاه المعاكس للرسالة:
- المرسل (الله) المرسل (الله)
- الرسالة (القرآن) المتلقي (العارف) الرسالة (القرآن)
- المتلقي (المؤول) المتلقي (المؤول)
ومن خلال الخطاطة يظهر أن الوضع الطبيعي للرسالة ينقلب من خط عمودي إلى دائرة يتكرر فيها حضور المتلقي مرتين: المرة الأولى التي تمثل المرجعية الجاهزة والخلفية الفكرية للمؤول، والمرة الثانية حيث يستثمر تراكيب النص ومقاصد المرسل للدفاع عن أفكار مرجعيته، وإبراز أن المعاني القبلية الموجودة في ذهنه هي نفسها التي يحملها النص ويدعو إليها أو يبقيها ويتبرم منها، وذلك بحسب موقف المؤول منها قبولاً أو رفضاً، فالمعرفة العقلية إذاً سابقة على النص.
وقد أدى هذا المنحى التأويلي إلى عدِّ القرآن مصدراً رمزياً تستند إليه كل فرقة في دفاعها عن أ فكارها وتصوراتها حتى ظهرت في تراثنا آراء عدمية تؤكد قبول النصّ لكل التأويلات، ليس فقط المتقاربة بل وحتى المتناقضة منها.34
وفي العصر الحاضر حيث هيمنت التصورات العدمية، تسربت إلى الفكر النقدي العربي مقولات الاستقلال الدلالي للنص، وانفتاحه لكل القراءات وحرية المتلقي في تحطيم سياق النص لصالح سياق المتلقي. وسنحاول أن نلخص أصول هذه المقولات وأهم الانتقادات التي وجهت إليها ثم نشير إلى بعض النماذج العربية في هذا المجال.
* الأصول النظرية لنظرية التأويل:
إن ما نقصد الكشف عنه هنا هو الحلقات الواصلة بين التصورات النقدية في المجال الأدبي وأصولها الاعتقادية، وسنرى كيف تختلط مجالات التأويل الديني والأدبي بعضها ببعض، وكيف تأثّر النقد الجديد في الغرب ببعض الاتجاهات الدينية في التأويل.
يشير ستيفان كوللّيني Stifan Collini إلى هذه المسألة، فالتأويل في نظره ليس نتاج النظريات الأدبية في القرن العشرين، بل إن المعارك والخلافات حول إظهار خصائص هذا النشاط تعود إلى تاريخ طويل في الفكر الغربي، تلك المعارك التي نتجت عن المهمة العظيمة لتأسيس كلمة الله.35 ويرجع نيوتن Newton سبب هذا الارتباط إلى مركزية الدين في الثقافة، هي مركزية تحملنا على "الاعتقاد بأنه ربما كانت المساجلات المهمة –في القرن العشرين- حول التأويل وقد انطلقت من فضاء الدين ومنه إلى الأدب."36
لقد كان السؤال الملح في الغرب هو كيف ينبغي النظر في الإنجيل؟ هل ينبغي النظر إليه في لغته الخاصة أم تقتضي قراءته التوسط بقبول مذهب الكنيسة؟ 37
وهنا جاءت إجابة مارتن لوثر مزعزعة للنظام التأويلي القائم ومحتجة عليه، فقد دعا لوثر إلى الحرية في قراءة الإنجيل. "لقد كان لوثر هو الأول الذي انخرط في طريق مذهب تعدد المعني في الكتاب المقدس، وهذا يعني أن كل اختلاف في التأويل هو معطىً سلفاً وموجود في النص، وقال بهرمينوطيقا متعددة الطرق في التأويل تفيد في فهم تاريخ التاويلات بصفتها تداولاً لآفاق الماضي والحاضر."38
لقد كان المذهب البروستانتي إذاً عاملاً حاسماً في نشأة نظرية الاستقلال الدلالي للنصوص ( Semantic autonomy) وهي نظرية "أخرجت للضوء الهوة بين المعنى الحرفي للنص وسياق التطورات والأحداث."39
إن المستفيد الأول من هذا التحول في الفكر التأويلي الغربي هو المتلقي، إذ انتقل الاهتمام من النص إلى القارئ ومن الارتباط بالمعنى التاريخي إلى الإيمان بالمعنى الذاتي ونسبيته المطلقة. وتم تحطيم المرجع الذي تحاكم إلى أساسه التأويلات وأقيمت مقامَه مرجعيات متعددة بتعدد الذوات المؤولة وهو ما يسميه ( Todorov) بالعدمية إذ يقول: "إن العدمية تجيء بالطلع من انهيار العقائد المشتركة للمجتمع. وهو لم يكن في يوم من الأيام كونياً لأننا نعلم أن هناك مجتمعات مسيحية وإسلامية وبوذية ... أما الشيء الذي حصل بمجيء ديكارت والثورة الصناعية والتغيير الحديث للعالم فهو النزعة الفردية ( Individualism)، فقد راحت الهوّيات الجماعية الكبيرة
(يُتْبَعُ)
(/)
تتفكك لكي يحل محلها الأفراد، وراح كل فرد يختار لنفسه ما هو صالح وما هو غير صالح، ويقول هذه إحداثياتي ومرجعياتي ... وهذا ما يؤدي إلى العدمية."40
لقد أسهم غادامير ( Gadamar) بفلسفته التأويلية في تحطيم أطر المعنى الموضوعي إلى حد بعيد إذ ساند فكرة الاستقلال الدلالي للنصوص، تلك الفكرة التي تعني أن "اللغة المكتوبة كلَّها تظل مستقلة عن العالم الذاتي لأفكار الكاتب الفردية ومشاعره".41 ولهذا فهو يلغي الحقيقة في النص، وإحالته على معنى خارجي من ذاته، مانحاً بذلك –على غرار النقد الجديد- الأهمية الكبرى للتأويل.42
ويرفض غادامير الاعتراف بثنائية المعنى والدلالة، وهو تقسيم يراعي حق النص في الإبلاغ وحق المتلقي في التأويل، فالمعنى ( meaning) يشير إلى مقصد النص في زمنه الخاص به والدلالة أو المغزى ( signafication) تفيد ما يدل عليه النص في زمن القارئ.43
فما دمنا –في نظر غادامير- لا نفهم النص إلا في علاقاته بمقامنا، فليس هماك إذاً فرق بين المفهومين.44
والحقيقة أن كثيراَ من الانتقادات قد وجهت إلى نظرية الاستقلال الدلالي للنص اللغوي، غير أنها لم تستطع مواجهة المدّ الكاسح لنظريات النقد الجديد، فترسّخ مبدأ الحرية في التأويل وغدا مسلمة من مسلمات الاشتغال التفسيري.
وانتقلت أفكار النقد الجديد إلى المجال العربي، ووجدت مناصرين كثيرين ولا سيّما من الذين اقتنعوا بضرورة تجاوز المرجعية الجمعية للأمة الإسلامية، وناصروا تحطيمها، وأقاموا مقامها مرجعيات بديلة شملت مجمل الفلسفات الوضعية، والعقائد المادية التي عرفها الغرب منذ عصر النهضة. غير أن مبدأ الاستقلال الدلالي والإيمان بحرية التأويل المطلقة ظلت مرتبطة بالنصوص الإنسانية ولم يتجرأ معتقدوه على تطبيقه على النص القرآني، إلا أن تراجع المؤسسات التقليدية في المجتمع الإسلامي، وقوة الصراع بين الفكر الإسلامي ونظيره العلماني فك كثيراً من الأصوات من عقالها، وأصبح من السهل الادعاء بأن القرآن الكريم نص لغوي وحسب، وأن المدخل اللغوي كافٍ لتفسيره واستخلاص معانيه.
يرى الدكتور حسن حنفي أن معنى النص قد "يتغير حسب الأحوال النفسية للقارئ الواحد، وحسب الفروق بين الأفراد وتبعاً للبيئات الثقافية والحضارات والعصور. وقد يأخذ النص الواحد معاني مختلفة طبقاً لمراحل العمر الواحد، وطبقاً للتجارب المكتسبة حتى ليبدوا النص مساوقاً وتابعاً لتطور الفرد في مراحل عمره، وكأن أعماق الشعور تطابق تطابقاً موضوعياً مستويات النص."45
النص إذاً حامل للخبرة، والقراءة خلق جديد له، واكتشاف لأبعاد ربما لم تكن مقصودة في نشأته الاولى.46 ولهذا فإن المفسر لا يحتاج إلى فهم المعنى التاريخي، فهو لا يذهب "إلى تاريخ النصوص منذ تدوينها ليفهم معانيها التاريخية، وتطور معاني الألفاظ قاضياً السنين في بطون المراجع وأمهات المصادر ومعجمات اللغة والموسوعات. بل يقرأ النص، وفي غمضة عين يفهم معناه ويستعمله بوصفه حجةً. فالنص بهذا المعنى ليست له ثوابت، بل هو مجموعة من المتغيرات يقرأ كل عصر فيه نفسه."47
ولأن عملية التفسير ليست بهذا المعنى سوى التطابق بين النص -باعتباره قالباً متشكلاً- وطبقات الشعور لدى المؤول، "فإنه لا يوجد تفسير خاطئ، بل يوجد تفسير قصدي."48
وسنرى كيف أن مثل هذه الآراء لا تصمد أما النقد الذي وجهه إليها أصحاب نظرية التأويل الموضوعي من أمثال جول وإيكو وغيرهما. لقد أدى البروز القوي لنظريات التلقي والتأويل واستقواء الاتجاهات التداولية في المجال الألسني إلى إعادة الاعتبار مرة أخرى لأهمية –بل لضرورة- تحديد ضوابط للتأويل تعصم المعنى من الذوبان، وتحد من سلطة القارئ في إملاء أهوائه وميوله على النص. وسنعمل على الجمع بين الحديث عن هذه التصورات والضوابط التي تقترحها، مقارنين بينها وبين ما يوازيها من ضوابط التأويل في الفكر الإسلامي.
* ضوابط التأويل:
(يُتْبَعُ)
(/)
لم ينف أصحاب نظرية التأويل الموضوعي مبدأ الاختلاف في التأويلات وتعددها لأن الإيمان بالقراءة الواحدة قتل للنص، وسقوط ساذج في وهم المطابقة بين النص والقراءة. إن ما أسهموا في تفنيده هو القول بالانفتاح المطلق للنص على أي قراءة أيّاً ما كان اقترابها أو ابتعادها عن بنية النص الأصلية ومقصد المؤلف، وفي هذا يقول أحدهم: "أن النصّ ينتج قراءات لا نهائية وهذا لا يعني أنه يسمح بأي قراءة ممكنة."49
وإذا لم نستطع من هذا المنظور تحديد أحسن التأويلات فإننا نستطيع –على الأقل- تعيين التأويلات الخاطئة.50 والمؤول في اعتقاد تودورف Todorov حين يتخلى عن النص ليكتب عنه فإنه يقول شيئاً لا يقوله النص المدروس. وإن ادعى أنه يقول الشيء نفسه إلا أنه في الواقع الأمر يكتب نصاً جديداً."51
ويرى ميللر J. Hillis Miller أن بعض التأويلات تمسك -وبعمق- أكثر من غيرها ببينة النص،52 ولهذا علينا أن نأخذ النص بصفته مؤشراً على تأويلاته الخاصة به.53 لقد اعترف أمبرتو إيكو Umberto Eco في دراسته لجدلية النص والمؤول أنه -في السنين الأخيرة- حصلت مبالغة في التركيز على حقوق المؤولين،54 ولهذا فهو يرى أن فعل القراءة يمكنه الانطلاق من نقطة إلى أي نقطة، ولكن المسالك خاضعة لقواعد مترابطة أعطاها التاريخ الثقافي –بصورة معينة- الشرعية.55
فالحضارة الوسطية وإن كانت وفية لتعدد التأويلات، فإن التأويل يخضع عندها لضوابط محددة بدقة،56 بل إن النقد التفكيكي والقريب من تجارب النقد الباطني لا تنفلت العملية التأويلية عنده من نسق من القواعد والمسلمات.57
فوظيفة هذه الضوابط تظهر في الحد من حرية المؤول وخلق تآخذ مثمر بين بنية النص ومقاصد المؤلف وأفق انتظار المتلقي، ولذلك أكد إيكو أن القارئ يلزمه أن يساءل النص "لا أن يسائل نزواته الذاتية، في جدلية بين الإخلاص والحرية."58
وسنقتصر في الحديث عن ضوابط التأويل على خمسة ضوابط هي:
1 - المقصدية، 2 - السياق المقامي، 3 - السياق النصّي، 4 - السياق الثقافي، 5 - انسجام النص.
1 - المقصدية
من الآراء السائدة الآن في النظرية التأويلية المعاصرة والتيار التداولي في مجال اللسانيات أن النص موئل تقاطعات بين المرسل والبنية النصية وملتقى الخطاب، ولم يعد سائغاً النظر إلى أن النص في ذاته كما فعلت التصورات الشكلانية إلا من قبيل بناء النماذج وتسهيل عملية التصنيف، إذ أصبح النص عبارة عن أفعال كلامية منجَزَة من المؤلف يقصد بها أنماطاً من تأثير المتلقي. ولهذا أصبحت مقاصد المتكلم مؤشرات حاسمة في عملية التأويل، ومثّل إلغاؤها إلغاء لجزء معتبر من معمار المعني النصي إن لم يكن إعداماً مطلقاً له. ولعل من أبرز المدافعين عن المقصدية باعتبارها ضابطاً من ضوابط التأويل الأمريكي هيرش Hirsh الذي هاجم أفكار النقد الجديد وتأويله غادامير لأنهما يلغيان قصد المؤلف من الاعتبار.59 ويؤدي هذا في نظره إلى أن عدم محدودية المعنى في النص يصبح معها التأويل كليلاً،60 بل إن واحدًا من مناصري المقصدية وهو ب. ج. جول ( Jull) في كتابه التأويل يعدّ كل تأويل تعارض مع مقصدية المؤلف تأويلاً فاسداً، أما الاختيار من بين الاحتمالات الدلالية المتعددة للنص فينبغي ان يتجه على المعنى الذي قصده المؤلف ما دام المعنى إنتاجاً لفعل كلامي لا ينفك عن قصد المتكلم،61 وتصبح وظيفة التأويل حينئذٍ هي السعي لاكتشاف مقصد المؤلف واعتباره محدداً للتأويلات المقبولة، فالمعنى –في اعتقاد كرايس- ينبغي النظر إليه في صلته بالمقصدية.62
وفي تراثنا العربي الإسلامي نجد تصورات دافعت بنحو جدي عن المقصدية، وكانت هي المهيمنة في مجالنا التداولي، إذ تميز الفكر اللغوي عند العرب والمسلمين بميزة تداولية ( pragmatic) أصيلة تربط الخطاب بمرسله ومتلقيه، ونظر اللغويون إلى اللغة على إنها إنجاز فعلي واقعي وليست بنية مبتورة عن سياقها التواصلي. فالمعنى الحرفي عند الآمدي غير موجود لأن المعنى غير متعلق بأوضاع الكلم فحسب، ولكن بقصد المتكلم وإرادته.63 وهناك حركات إعرابية تعود إلى قصد دلالي من مرسل الخطاب، كما أن ظواهر الحذف والمجاز والكنايات وغيرها لا يمكن فهم المقصود منها إلا بربط الخطاب بسياقه التداولي، هذا السياق الذي يحتل فيه المتكلم مكاناً معتبراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويسعفنا الإمام ابن قيم الجوزية (توفي751ه) بتقسيم إجرائي مفيد للدلالة، مرتبطة بسياق التواصل بين المرسل والمتلقي، فدلالة النصوص عنده: "نوعان: حقيقية وإضافية، فالحقيقية تابعة لقصد المتكلم وإرادته وهذه دلالة لا تختلف، والإضافية تابعة لفهم السامع وإدراكه، وجودة فكره وقريحته، وصفاء ذهنه، ومعرفته بالألفاظ ومراتبها، وهذه الدلالة لا تختلف اختلافاً متبايناً بحسب تباين السامعين في ذلك".64
والظاهر أن ابن القيم وإن كان مهتماً بإعادة الاعتبار إلى الدلالة المركزية في النص في علاقتها بمقصدية المتكلم في إطار نموذجه المعرفي الساعي إلى إعادة ترميم المرجعية الإسلامية بالبحث عن الثابت، وتقليص نفوذ المتحول أي تعدد المعاني عن طريق التأويل والقياس، فإنه لم يبخس المعنى الذاتي حقه، كما ذهب إلى ذلك بعض الدارسين، حيث استدلوا بهذا النص في سياق نقدي للدلالة الذاتية،65 بل نراه يسوق كثيراً من اجتهادات الصحابة? بوصفها دليلاً على إثراء النص بالدلالة الإضافية.66
إن إعمال المقصدية في تأويل القرآن الكريم تعصم "القارئ" من إنتاج تأويلات تصطدم مع المقاصد الربانية، ويمكن صياغة القاعدة التأويلة الآتية:
[كل تأويل تعارض كلاً أو جزءاً مع مقصد من مقاصد الشريعة فهو تأويل فاسد كلاً أو جزءاً.]
غير أنه من الصعب تحديد أبعاد المقصدية تحديداً منضبطاً، إذ إنها تتعلق بالمتكلم، أو مرسل الخطاب، والذي ليس له وجود عيني حين مباشرة عملية التأويل، ولهذا السبب عدّ بعض العلماء الإحاطة بالمقصدية غير متوقفة على العلم باللغة، لأن المقاصد عبارة عن معان لها تعلق بالذهن لا بالوضع اللغوي.67 ولقد نحا هذا المنحى الإمام الشاطبي في الموافقات، إذ عدّ المصالح والمفاسد معقولات مجردة عن اقتضاء النصوص،68 وليس معنى هذا إهدار قيمة الدلالة النصية عند الإمام، إذ أنه حدد مجال إعمالها فيما له وجه تعلق بالنصوص.69 والحقيقة أن ما ذهب إليه الشاطبي متعلق بالمقاصد المعنوية، ومن الخطأ تعميم هذا الحكم على كل أنواع المقصودات المبثوثة في كل النصوص. ويسعفنا الأستاذ طه عبد الرحمن هنا بتقسيم جديد في غاية الأهمية لنظرية المقاصد عند الشاطبي، ويتمثل ذلك في فك التعارض المتوهم في كلام الشاطبي، إذ نراه يشترط اللغة في الاستنباط من النصوص تارة، ويدلل على عدم أهميتها في تعيين المقاصد تارة أخرى.70 ويرى طه عبد الرحمن أن مصطلح المقاصد كما استعمله الشاطبي ليس متمحضاً لدلالة واحدة كما هو متداول بين الدارسين، بل يدور على معان ثلاثة:
1 - المقصد بمعنى المقصود، ويجمع على "مقصودات" ومعناه انعقاد الدلالة وحصولها في الكلام.71 فالمقاصد بهذا المعنى لها تعلق أكيد باللغة، وهو ما ذهب إليه الشاطبي نفسه.
2 - المقصد بمعنى القصد ويجمع على "قصود"، ويراد به المضمون الشعوري أو الإرادي.72 ومعلوم أن المقصد بهذا المعنى له وجه تعلق باللغة متى كانت الإرادة متعلقة بالنصوص، وإلا فلا تشترط اللغة في استنباطها.
3 - المقصد بمعنى حصول الغرض، ويجمع على "مقاصد" 73، وهذا هو المعنى الشائع والمتداول بين الدارسين. ولقد دلل الشاطبي على أن هذا النوع معقولٌ ولا تعلق في استنباطه باللغة، إذ يستوي العربي والعجمي في معرفة مقاصد الشريعة.74
وعلى كل حال فسواء أكانت المقصدية متعلقة بالنص، أم كانت مجردة عن اقتضائه، فإنها تبقى مؤشراً من مؤشرات المعنى، وفضاء دلالياً يسمح للنص بإفراز دلالته الخاصة به، ويحد من سلطة المؤول في إملاء تصورات عليه. وجدير بالإشارة هنا أن المقصدية عامة، وليس هناك إمكانية لتحديدها إذ إنها تدور مع النص والعقل. ولهذا يشترط في إعمالها عدم ربطها بالمنزع الإيديولوجي أو العقدي، فالمعتزلة –مثلاً- تأولوا القرآن على مقصديات خاصة بهم، كالعدل والتنزيه والتحسين والتقبيح العقليين، ولما اعتقدوا العدل –بمفهومهم طبعاً- مقصدا إلهياً، تأولوا العبارات الموهمة للظلم على المجاز دون أن يسلم لهم بالتأويل الذي حملوا عليه عدل الله تعالى وظلمه، فالمقصدية المعتبرة عندنا هي ما تضافرت نصوص الشريعة على تأييدها باستقراء هذه النصوص، وليس بمجرد تدعيم المذهب الاعتقادي.
2 - السياق:
(يُتْبَعُ)
(/)
يعد السياق مفهوماً تداولياً راسخاً، ولعل مستعمل اللغة أكثر وعياً به من غيره من المفاهيم اللغوية، ولهذا عده جون لا ينز Lyons اصطلاحاً سابقاً على النظرية والوعي بالمفاهيم 75 ويمكن التمييز بين أنواع ثلاثة من السياق:
أ. السياق المقامي:
ينظر عادة إلى المقام على أنه معيار محكم من معايير الحكم على العبارة بالمقبولية النحوية، إذ إن العبارات غير المكتملة نحوياً من جهة التركيب لكنها منسجمة مع المقام تصبح عبارات مقبولة وقابلة للتأويل. ولقد ذهب تودوروف إلى أن عبارة بسيطة من مثل: "علينا أن نغادر هذا المكان من هناً"، لا يمكن تفسيرها إلا في سياق محسوس.76 ولنأخذ الفعل الكلامي الآتي: "اعطني خبزاً" فإن الجهل بمقام الخطاب يؤثر في تأويلنا له فنتردد في عده أمراً أم التماساً، ومن هنا اكتسب سبب النزول فاعلية كبيرة في تأويل النص القرآني، وعلماء التفسير تعاملوا معه باعتباره مؤشراً على المعنى وليس منبع المعنى وإطاره، فقالوا: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وجعلوه مرجعاً يحتكم إليه حين الاختلاف في التأويل، ويمكن صياغة القاعدة التأويلية الآتية:
[إذا تعارضت التأويلات، فإن أقربها إلى الصواب أكثرها انسجاماً مع مقام الخطاب]
ب. السياق النصي:
يرى اللسانيون أن المعنى في النص خاضع لعملية التركيب سواء على مستوى الجملة أو على مستوى الخطاب، وبموجب هذا يكون فهم اللاحق مستنداً إلى فهم السابق. وتكمن فاعلية النص أو التركيبي في أنه ينظر من خلاله إلى النص في كليته وانسجامه وليس بصفته نتوءات مجتزأة لا يشير بعضها إلى بعض، وكل معنى منتزع من السياق بالضرورة معنى لا يعبر عنه النص.
[إذا تعارضت التأويلات فإن أقربها إلى الصواب أكثرها انسجاماً مع سياق الخطاب.]
ج. السياق الثقافي:
تكمن إجرائية هذا المفهوم في كونه يراعي المقام الثقافي العم الذي يمثل مرجعية المتلقي. ولقد اعتمد اللساني فيرث على مصطلح السياق الثقافي في التأويل واعترف هو وتلامذته منهم هاليداي وإيليس متضمناً سياقات ثقافية جزئية، ومفاد هذا الاصطلاح أن تأويل النصوص لا يتم إلا بجعلها تتسق مع سياق ثقافي محدد.77 ويرى إيكو أن النص حينما يوجه إلى جماعة من القراء فإن الكاتب يعرف أنه سيؤول لا بحسب مقاصده هو، ولكن بحسب استراتيجية معقدة من التقاطعات بين القراء وقدراتهم اللغوية لهذا التراث الذي تشكل بواسطة استعمال اللغة. إن فعل القراءة في نظر إيكو يلزمه اعتبار هذه العناصر مجتمعة على الرغم من أن قارئاً واحداً قد لا يستطيع استيفاءها.78
إن تاريخ تأويلات القرآن الكريم وتقاليد اللغة العربية تمثل خصائص للمجال التداولي العربي الإسلامي في مجال التفسير، وعلينا ألا نسقط نظريات تأويلية غريبة على قانون التأويل العربي الإسلامي ما لم تندرج في سياقه الثقافي.
ففكرة الاستقلال الدلالي، وموت المؤلف، وانصهار الآفاق، مفاهيم يرفضها العقل الإسلامي في مجال مساءلة النص، كما أن الوساطة التأويلية فكرة غير معهودة عند المسلمين، ولا يمكن بحال الانطلاق من مثل هذه الأفكار لبناء تأويلات للقرآن.
[كل تأويل بني على غير مقتضى قانون التأويل العربي فهو تأويل فاسد]
3 - الانسجام الدلالي:
إن كان مدار السياق النصي على الربط، فإن مدار الانسجام على الترابط، ويكاد التأويليون يجمعون على أن وظيفة المؤول هي البحث عن انسجام النص، وهم يختلفون عن أصحاب نظرية التأويل الشكي أو ما أطلق عليه نيوتن: الهرمينوطيقا السلبية ( Negative Hermeneutic)، فأصحاب هذه النظرية يرون أن روح التأويل هو الكشف عن تناقض النص وتفككه واختزال أكاذيب الوعي وأوهامه، وأهم روادها في اعتقاد نيوتن هم ماركس ونيتشه وفرويد.79
ويعرف إيليس Ellis التأويل قائلاً: "التأويل ... هو فرضية في التنظيم العام والانسجام لكل عناصر المكونة للنص الأدبي".80 وإذا كان افتراض التفكك يعيق من عملية التأويل للنص الأدبي، فإن تأويل القرآن لا يقبل مثل هذا الافتراض، إذ يتعامل المؤول مع نص بلغ درجة الكفاية اللغوية ووصل مرتبة الإعجاز، وله مقاصد معرفية كونية واضحة.
ومن غير الممكن العثور على تعارضات دلالية فيه، فهو كلام الله المنزه عن التناقض والاختلاف. لقد كان علماء التفسير على وعي بقضية الانسجام فجعلوا من أصول التفسير: تفسير القرآن بالقرآن، فما غمض هنا توضح هناك، وما أجمل في موضع فصل في آخر. ويُبيِّن إيكو كيف أن التخمينات التي يصدرها المؤول على النص –الذي ينبغي أن يؤخذ في وحدته العضوية- لا تقبل إلا إذا تلاءمت مع انسجام النص الذي سينكر التخمينات الاعتباطية.
[كل تأويل أدى إلى تعارض أجزاء النص هو تأويل فاسد]
وأخيراً لقد عرضنا باختصار أهم الضوابط التأويلية التي اكتسبت إجرائية معتبرة في مجال تفسير النصوص، والتي أخذناها من المجال العربي الإسلامي، والمجال الغربي. وواضح أن جانب التطبيق هو ما ينقص هذه المحاولة النظرية المتواضعة، وهو ما سنحاول الوفاء به في بحث قريب، نطبق فيه تلك الضوابط على النص القرآني، وهو ما سيظهر بجلاء أهميتها في استخلاص المعنى القرآني، والذي سيكون له إن شاء الله أثر تسديدي معتبر في إعادة النظر إلى لغة القرآن ومضامينه.(/)
سؤال: نقول (نص قرآني) أم (خطاب قرآني)؟
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[22 Dec 2008, 08:48 ص]ـ
في عرض لكتاب "النص القرآني من الجملة إلى العالم" للدكتور وليد منير، ورد حديث مقتضب عن الفرق بين (النص) و (الخطاب):
الخطاب = النص + المحذوف من الخطاب.
وقد أثارت هذه العبارة لدي سؤالا حول صواب عبارة (الخطاب القرآني).
فهل يصح هذا القول؟ أم أن الحديث عن (نص قرآني) فقط؟
ـ[مرهف]ــــــــ[25 Dec 2008, 04:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يظهر من كلامكم أخي الأستاذ محمد أن هناك فرقا بين قولنا الخطاب القرآني والنص القرآني وهذا ممكن من خلال المعادلة التي ذكرتها، ولكن على اعتبار أن المراد بالخطاب هو اللفظ الموجه للمستقبل فلا فرق، أي أن مفهوم المصطلح يرجع معناه إلى قصد المتكلم أو المستخدم لهذا المصطلح.
أما من ناحية أصولية فالظاهر من كلام الأصوليين أنهم يستخدمون المصطلحين على معنى سواء ومثال ذلك قول الآمدي بعد تعريف الحكم الشرعي ومناقشته: (اوإذا عرف معنى الخطاب فالأقرب أن يقال في حد الحكم الشرعي أنه خطاب الشارع المفيد فائدة شرعية.
فقولنا خطاب الشارع احتراز عن خطاب غيره والقيد الثاني احتراز عن خطابه بما لا يفيد فائدة شرعية كالإخبار عن المعقولات والمحسوسات ونحوها وهو مطرد منعكس لا غبار عليه.) لإحكام في أصول الأحكام للآمدي - (1/ 89)
إذن فالخطاب الشرعي هو النص الشرعي من القرآن والسنة، هذا من حيث العموم أما من حيث التفصيل فإن الخطاب الشرعي ينقسم إلى لفظي ووضعي كما قسمه الزركشي في البحر 1/ 102، والمراد باللفظي أي الثابت باللفظ نحو أقيموا الصلاة، أو عند الأسباب، نحو إذا زلت الشمس وجب الظهر، فاللفظ أثبت وجوب الصلاة والوضع عين وقت وجوبها.
وهذا الكلام يوضح لنا أمرا مهما وهو إن كان المراد بالخطاب القرآني الدلالات التي دل عليها القرآن من حيث المفهوم والفحوى والظاهر والإشارة فهو غير النص القرآني بل يكون الخطاب عندئذ أعم من النص وأوسع، أما إن كان المراد بالخطاب القرآني اللفظ نفسه فهو نفس النص القرآني والله أعلم.(/)
عرض كتاب "النص القرآني من الجملة إلى العالم" (د. وليد منير)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[22 Dec 2008, 08:55 ص]ـ
عرض كتاب "النص القرآني من الجملة إلى العالم" (د. وليد منير)
خالد حسني أبو عمشة
المصدر: إسلامية المعرفة ( http://www.eiiit.org/eiiit/eiiit_article_read.asp?articleID=676&catID=22&adad=23)، العدد 14، 1998 - 1999، ص ص7 - 29
عنوان الكتاب: النص القرآني من الجملة إلى العالم
المؤلف: الدكتور وليد منير
الناشر: المعهد العالمي للفكر الإسلامي (مكتب القاهرة)، 1418ه/1997م.
* تقديم عام:
لم يحظ كتاب في العالم أجمع بما حظي به القرآن الكريم من اهتمام ودراسة، فقد ملأ على القدماء والمحدثين مشاعرهم، واستأثر بعنايتهم، وأخذ بلباب قلوبهم، وشغاف أفئدتهم، فما زالت الدراسات القرآنية تتوالى منذ أن رتل جبريل عليه السلام القرآن على سيدنا محمد صلى الله عله وسلم إلى وقتنا هذا.
ومن هذا المنطلق كانت هذه الإطلالة لتحلق في سماء كتاب جديد صدر عن المعهد العالمي للفكر الإسلامي ضمن سلسلته "المنهجية الإسلامية" بعنوان: النص القرآني من الجملة إلى العالم، ومؤلفه هو الأستاذ الدكتور وليد منير، أستاذ النقد الأدبي والألسنيات بكلية التربية النوعية، جامعة حلوان بمصر.
ويقع الكتاب في 193 صفحة من القطع المتوسط، علماً أنّ الكتاب قد احتوى على تقديم للأستاذ الدكتور طه جابر العلواني، وثلاثة عشر فصلاً، فضلاً عن الخاتمة وثبت المراجع والمصادر.
* منهج الكتاب وهدفه:
يمثل هذا الكتاب محاولة للفهم والتحليل والتأويل في الوقت ذاته، ولا تخلو هذه التجربة البحثية من صعوبة كون النص القرآني قد أعاد صياغة العقل ووجدانه، فضلاً عن امتلاكه رؤية شديدة الثراء للوجود، وتصويراً متميزاً لكينونة الإنسان في الزمن، ومعرفة عميقة بالكون والحياة، ومع كل ذلك تظل هذه المحاولة، ضرورية وملحة على حد تعبير المؤلف.
وقد أشار المؤلف أن محاولته هذه تطمح إلى مقاربة النص القرآني مقاربةً جديدة بأدوات حديثة دون أن تسقط من حسبانها أصالة العلاقة بين النسبي والمتعالي، بل تتوق توقها الخاص إلى إضاءة هذه العلاقة وإشباعها.
لذلك يمكن القول إن هذا الكتاب يشتمل على مقاربة ذات أبعاد متعددة تتنوع فيها أدوات التحليل وزوايا النظر المنهجي، كي تحقق نوعاً من الاستقصاء والشمول، عن طريق التكامل المستمر بين اللغة والعلم والفلسفة، والحوار بينها بوصفها منظورات معرفية، وعبر التفاعل الدائب بين التحليل الأسلوبي، والاكتناه العلمي، والتأويل الفلسفي؛ بوصفها طرائق لفهم والشرح والتفسير.
إن الكتاب يقدم –وليس من المبالغة القول- رؤية جديدة يعتمد فهيا آليات جديدة ينتظمها منهج فكري واحد شديد التماسك، وبالغ الثراء.
* محتويات الكتاب وأفكاره:
ناقش الدكتور منير في الفصل الأول من كتابه النص بوصفه خطاباً مع عناية خاصة بالتطبيقات القرآنية، فقد ذكر أن الخطاب عبارة عن جملة من النطوقات أو التشكيلات الأدائية التي تنتظم في سلسلة معينة لتنتج على نحو تاريخي دلالة ما وتحقق أثراً متعيناً. وحتى تكون الرسالة المعرفية واضحة فلا بُدّ من تحقيق شروط الخطاب الناجح المتمثلة في الواقع، والسياق، وحالة المخاطب. وتتبين ضرورة وجود التحولات الخطابية في النص القرآن ي من حيث إن المحور التشريعي في النص القرآن يرتكز ارتكازاً مؤكداً على تحولات الخطاب، وفي ضوء هذا الإطار فقط يمكننا فهم ظاهرتين مهمتين فهماً صحيحاً، وهما: ظاهرة التنجيم (أي نزول القرآن مفرقاً)، وظاهرة الناسخ والمنسوخ. ولعل النتيجة الواضحة من هذا العرض المعرفي وفق التصور القرآني تظهر لنا الخطاب القرآني مخططاً قصدياً، وذلك لاحتواء الآنية التاريخية في كليّته الشاملة، وربما كانت الألوهية والربوبية تنسبان حضورهما من حرية التشكيل التاريخي للخطاب من خلال استراتيجية الاتصال والانفصال اللتين يتمتع بهما الخطاب القرآني.
(يُتْبَعُ)
(/)
والخطاب القرآني في تقنياته الأسلوبية يتمتع بكل الجماليات، فهو ينحاز لعدد من العادات الراسخة، ويندد بطائفة أخرى؛ لأن غاية الخطاب القرآني في تفاعله مع الواقع وفي تعامله مع اللحظة التاريخية تكمن في تحقيق نموذج العدالة بشقيه الاجتماعي ولأخلاقي، وقد كان لثنائية المقال والمقام أثرها في تحقيق مناط الخطاب القرآني وتحديد معالمه.
ومن اللفتات الجميلة في هذا الفصل تعريج الباحث على دلالات الخطاب اللغوية في القرآن الكريم التي جاءت على ثلاث معان: التوجه بالحديث، والتفصيل للكلام والمعاني، والجدال والحِجاج.
وبعد هذه الوقفات الرائعة حول الخطاب القرآني وصوره، انتقل بنا مؤلف الكتاب إلى روضة أخرى من رياض كتابه التي تدور حول النص والفروق بينه وبين الخطاب، فالنص كما يذكر هو النتوء الطبوغرافي للخطاب، أي أن النص هو الخطاب المثبت، بطريقة رياضية يذكر أن النص = الخطاب +المحذوف منه، أو أن الخطاب = النص + المحذوف من الخطاب. أهم ما في هذا الموضوع مشهد التقاطعات أو كما يسميها بلغة الرياضيات مرة أخرى نقطة الإحداثيات.
إن وظيفة الخطاب/ النص لا بُدّ أن تقوم بواحد من ثلاثة أدوار: 1 - الإشارة إلى حقيقة على هيئة مثال، 2 - إضاءة انفتاح الجزء على الكل والنسبي على المطلق، 3 - والكشف عن إثر الواقع، 4 - التاريخ في تشكيل نسبة الوضع الإنساني.
وأهم نتيجة يمكن الخلوص إلهيا من هذه المقاربة الرائدة تأسيس الخطاب الإسلامي للعلاقة النفسية الاجتماعية بين المرء والواقع.
وجاء في الفصل الثاني الموسوم بـ النص والاختلاف والدلالة أن التعارض أو الاختلاف في ثنائية مثل الناسخ والمنسوخ تنطوي بطبيعتها على أكثر من دلالة محتملة، وهذه الدلالات المحتملة كلها غير متماثلة، وغير متضادة في الوقت ذاته، وقد بين الدكتور منير بالأمثلة أن ثراء النص نابع من هذا التعدد، وأن سعته الاحتمالية هي مظهر ذلك الثراء.
كما أشار إلى أن النص يؤدي هذه الوظيفة من خلال ضروب أسلوبية ثلاثة هي: الاقتصاد، والإسهاب، والمخالفة السياقية.
فالاقتصاد الأسلوبي كما بينه صاحب النص القرآني هو نوع من تكثيف الكلام واختزاله دون إخلال، وهو بلاغة مفعمة بالإيحاء والظلال. وقد ساق الدكتور منير ألواناً من الاقتصاد الأسلوبي من القرآن الكريم متضمنة أنواعاً شتى من الأساليب، فقد تناول أمثلة من الحروف المفردة والمركبة في بدايات السور، وتناول موضوع الحذف، بوصفهما وسيلة من وسائل الربط في السياق؛ الأمر الذي سهل عملية إدراك العلاقة الدقيقة التي تربط بين عناصر الغياب وعناصر الحضور في النصوص القرآنية. كما تطرق المؤلف إلى موضوع الاشتراك اللفظي الذي عالجه بطريقة نصية متميزة، فضلاً عن معالجته غموض مرجع الضمير.
أما الإسهاب بمعنى الإطالة أو الكثرة فقد بين الدكتور منير أن بلاغة الإسهاب وفق منهجه الجديد تعمل على شحذ العناصر التشكيلية والدلالية في عملة التوصيل، فبلاغة الإسهاب تضع النص أحياناً في موضع القارئ كما لو كان النص قارئاً لذاته. ومن ثم فهو يقوم دوماً بـ"تعديل التوقع" و"تحويل نمط الذاكرة". وقد بين الدكتور في طريقة التعرف على دلالة الاختلاف في الواقعة الواحدة وذلك من خلال مات ناوله كقصة موسى وفرعون ومواضع متعددة من القرآن الكريم، وقد خلص أخيراً إلى أن وظائف التكرار منها ما يتصل بالإيقاع، ومنها ما يتصل بالوصف، ومنها ما يتصل بالتأكيد.
أما المخالفة السياقية فقد عرفها الدكتور منير بأنها "انحراف اللغة داخل النص عن أصل وضعها"، فقد بيّن المؤلف أصول هذا السياق الأسلوبي في القرآن الكريم من خلال مخالفة سياق العدد في بعض الآيات القرآنية، والالتفات في الضمائر، والإبدال بين حروف الصفات.
ولمّا كان موضوع التخلّص من أساسيات علم النص، فقد عقد المؤلف الفصل الثالث له، حيث أشار بأن التخلّص هو القانون العام الذي ينتظم الصياغة الكلية لهذا النص الفريد، مشيراً بذلك إلى تقصير التعريفات السابقة لموضوع التخلص ومحدوديتها، وقد أشار إلى اللمسات اللطيفة التي تطرق إليها باحثو علوم القرآن في هذا الموضوع من خلال علم المناسبة القرآني.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم حاول الباحث بعد ذلك أن يرسم ملامح عامة لنظرية التخلص القرآني فنجده قد للتخلّص التعريف الجامع المانع الآتي: "فن الانتقال من غرض إلى آخر"، ثم أشار أنه لا بُدّ لنا من أن نلم بأبعاد النظام السياقي الذي يشتمل عليه. ولكي نفهم السياق بوصفه امتداداً خطياً ناظِماً للكلام ومنتظماً به؛ لا بُدّ لنا من التعرف إلى مستويات الربط السياقي وهي على النحو الآتي:
1 - العطف، 2 - التجاوز البسيط، 3 - المجاوزة.
وجدير بالذكر القول بأن للربط صورتين: الأولى واضحة، والثانية ضمنية، وجُلّ الآيات القرآنية تندرج ضمن هاتين الصورتين. وقد بين الدكتور منير أن بنية التخلّص تزخر بتنوعات وتلوينات شتى، وهي بنية ثرية الأبعاد، ومتعددة الوجوه والتبديات، توظف داخلها حزمة كثيفة من الوسائل البلاغية الدالة، فخط المخالفة السياقي بحسب ثلاثية الدكتور منير قد تعمل فيها المجاوزة بدرجة عالية على تعميق الفجوة السياقية، وثمة درجة وسطى يعمل فهيا التجاوز البسيط على المعادلة بين فقدان الصلة والعثور عليها، وثمة درجة دنيا يتوق فيها عطف وجدان السياق ذات الانتماءات القريبة علىبعضه البعض إلى تضييق الفجوة أو المسافة تضييقاً كبيراً. وقد تتداخل هذه الدرجات كلها في مساحة سردية محدودة لا تتجاوز أربع آيات أو خمساً أحياناً وربما عبر مساحة السورة بكاملها أحياناً أخرى.
والتخلّص باختصار هو الصورة القديمة الجديدة للوجود في حركته وانتشاره وتحولاته، فكل شيء يختلف أو يكسر اتساقه الأصلي دون أن يفقد الصلة بين حلقاته.
وقد عالج الدكتور منير في الفصل الرابع من كتابه بعض القضايا الجدلية المتعلقة بـ"العالم والإنسان، وذلك وفق النص القرآني". وقبل ذلك تصوره للعالم والإنسان، فقد أشار الدكتور منير إلى تصور جهود الفلاسفة في إدراك ماهية العالم والعوالم من حوله، فيما كان النص القرآني قد أعطى ما يحصل في كون الله الشاسع من موجودات تصوُّرَه الواضح والجليّ؛ لذلك فليس عبثاً أن نجد لفظ "العالم" لا يرد في أي سياق من سياقاته، إنما نجد لفظاً آخر هو "العالمين" بالجمع.
ولما كان الإنسان جملة في نص العالم بل أهم جملة فيها –كما يرى مؤلف الكتاب- فقد تناول جدليته بالنقاش والنقد والتحليل وفق النص القرآني، وقد أشار المؤلف إلى أنه يمكن لنا أن نتصور العالم دون إنسان، فيما لا نستطيع أن نتصور الإنسان دون العالم، فالإنسان هو "الجملة المفتاح" في النص الذي ندعوه العالم.
فالله تعالى حين انشأ المادة وخلق الحياة اختار للإنسان أن يجاهد جهاداً متواصلاً من اجل الإياب، ولما كان العقل يثير أسئلته دوماً، ويعرض شكوه لأنه مقيد بالمفارقة فإن نقد النص القرآني للإنسان حُمِل على هذا الوجه، وكأن النص القرآن يسأل: لِمَ كل هذا اليقين باللامتيقن منه؟
فقد عدّ النص القرآني إحجام الإنسان من الاستجابة لكلية وجوده والتصاقه بوجوده الجزئي نوعاً من الخصومة وضرباً من ضروب الخسران حين نقرأ: ?خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ? (النحل:4).
واستكمالاً لرسم ملامح نظرية النص القرآني فقد تطرق الدكتور منير إلى ظاهرة شاع استعمالها في القرآن الكريم، وهي مفتتحات النص وتجارب مواقع دلالاتها، حين بين بأمثلة تطبيقية قرآنية أهمية مفتتحات الكلام بوصفها انحرافاً عن صمت أو فراغ، حيث بين أن هذه البدايات تعد تأسيساُ لمتوالية من المعاني التي تعلن في اكتمالها الأخير ولادة نظام ما، خاصة حين تناول مفتتح التجلي بعد الخفاء، حيث أطلق ابن قيم الجوزية على السور القرآنية المفتتحة بالحروف المفردة والمركبة نصياً بـ"الابتداء الخفي"، وسمّى ما عدا ذلك "الابتداء الجلي". وهكذا فمن المواضيع المعالجة دلالياً في القرآن الكريم أساليب النداء والقسم بوصفها مفتتحات نصيّة.
ومن الأشياء الواردة في القرآن الكريم بصورة لافتة للنظر مسألة المجاز، الأمر الذي دفع باحثنا إلى الغوص في مضامينه ومعانيه في النصوص القرآنية، فهو ينطوي على شيء أكبر من إثارة الخيال أو خلق ارتباطات جديدة، فهو يحمل في إحيائه رمزية الحقيقة وينطق باسمها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد بين الدكتور منير أن الإبدال والتوحيد والتكافؤ والنيابة في عمل الاستعارة، والتشبيه البليغ، والتشبيه، والمجاز المرسل، آليات تجعل من المجاز نموذجاً لتفكيك الواقع المألوف للوعي وإعادة تركيبه من جديد وفقاً لمنطق آخر، وهذا المنطق هو منطق الرؤية التي تنجز عبر حيوية تنويعاتها، هدفين أصليين: هما خلق العوالم المحتملة، ورؤية ما ليس مرئياً في وقائع الأشياء والوجود، وقد يحقق المجاز بوصفه رؤيا هدفاً ثالثاً هو التنبؤ بالآتي أو المصير.
واستكمالاً لرسم ملامح خطة دراسة النص القرآني، فقد عالج الدكتور منير العديد من الصور والآيات القرآنية التي جاءت لتعبر عن اللامكان أو اللامُتَعين في الواقع الملموس، والذي أطلق عليه في دراسته النصية "صورة اليوتوبيا". فقد عالج باحثنا صورة اليوتوبيا هذه من خلال الواقع والفعل، أما فيما يتعلق بالواقع فقد بين أن صورة اليوتوبيا هي "معراج هذا الواقع مما يعني تخطيه مجال ضرورته إلى مجال إمكانه حيث يحدث أن تقع الرؤيا –كما في رحلة المعراج- موقع الحقيقة من جهة، وترتبط بالداخلي والخارجي قدر ارتباطا بالخارج والمتعدد من جهة أخرى. والواقع –كما يبينه الباحث- هو الحاصل والحادث الذي يتألف من انتظام الوقائع التي ينطوي عليها في علاقات وأنماط تاريخية، وإن الاستثناء والقصدية هما محور خلق اليوتوييا من المنظور القرآني، مما يعمل على الكشف عن جوهر الطبيعة الإنسانية المتشكلة بما هي توجيه للتاريخ، وهي مكان لمعجزة الكلمة الأصلية التي يتّحد فيها العقل والخيال، لاستعادة التضامّ الآسر بين أجزاء الصورة الواحدة.
وفي معالجة باحثنا لفعل اليوتوبيا فقد أفصح عن أن اليأس من الواقع لن يجدينا شيئاً ما لم يكن قرين الأمل في اليوتوبيا التي تعني معراج ذلك الواقع إلى أفق اتصاله بالله.
فاليوتوبيا إذاً هي انفراج الحقيقة عن وجوهها مجتمعة في نظام ينطوي على حيوية تفاعلاته المستمرة (الضرورة، والحرية، والتنوع، والوحدة، والتفرد، والصياغة الكلية)، إنها بذل الطاقة وفق إيقاع مستمر تنطوي على قصدية الأمل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ) (المائدة: 35).
أما فيما يخص موضوع التناصّ فقد عرفه صاحب النص القرآني بأنه "مظهر التشابه الذي يحتفظ بالاختلاف رحماً لتعديل المعنى وزيادته"، وقد ذكر باحثنا أن التناصّ في الأفكار والرؤى بين النص القرآني وغيره من النصوص يعكس شيئين اثنين:
أولهما: وقوع بعض التأملات الكبرى للإنسان موقع الحقيقة التي يصورها الله سبحانه وتعالى ويدل عليها في كلامه.
ثانيهما: توارد القيم الأساسية نفسها وتواترها في النصوص الدينية المنزلة بلغات مختلفة.
ولما كانت فكرة التناصّ تقوم على الأفكار المحورية وظاهرة التوازي بين النصوص الدينية المختلفة فقد أشار الكاتب إلى المغزى الأساس الذي اكتنف هذه النصوص، مبيناً بعد ذلك ميزة النص القرآني وقراءته. فقد ذكر أن التفاعل المزدوج بين النص القرآني من ناحية والنصين الإنجيلي والتوراتي من ناحية ثانية ثم بين النص القرآني مرة أخرى وبين سائر النصوص الإنسانية الرفيعة؛ إنما يكشف عن البنية العميقة الواحدة للفطرة الإنسانية المعبرة عن الحقائق الكبرى والمصورة لها.
ولعل الحديث النبوي المشهور "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" دليل على صدق النتيجة التي توصل إليها الباحث.
أما عن الأمثلة التطبيقية التي ساقها المؤلف لبيان الأفكار المحورية وظاهرة توازيها التي احتوتها سائر النصوص الدينية فإننا نوجزها فيما يأتي:
1 - أن أفراد الجنس البشري يشتركون في مجموعة أفكار محورية تجعل استجابتهم للوجود متماثلة بصورة نسبية، فثمة وحدة نفسية للشعوب.
2 - المادة البدئية الواحدة للحياة على اختلاف أنواع الأحياء هي الماء.
3 - التأصيل الإلهي في الذات الإنسانية وانطواء هذه الذات على نفخة من روح المطلق.
4 - "الحياة وراء الحياة" أو "امتداد حياة الإنسان فيما بعد الموت وانفتاحها على المثوبة أو العقاب".
5 - عجز الشر عن الاستمرار.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعل أبرز الملامح التي ميزت النص القرآني في معالجته لهذه القضايا من النصوص الأخرى هو تعديل النص القرآني لبعض دلالات تلك الأفكار، وعزفه على وتر القديم نفسه بلحن أكثر انضباطاً، وتمام التناص في البنية العميقة أكثر مما يتم في الصورة اللفظية للتعبير، ولعل ذلك يمثل السبب وراء تكرار مناط التناصّ على أكثر من وجه في ثنايا النصوص الجزئية (السور) التي تشكل في مجموعها النص الكلي الجامع.
وضمن إطار الدكتور منير عن النص في الحياة ومفهوم الاستخلاف ووظيفة الاختلاف، أشار إلى أن حياة النص أي نص تنبثق أساساً من فاعلية ذلك النص في الحياة، كما أنها تنمو وتستمر انطلاقاً من قدرة النص على الإسهام في نمو الحياة واستمرارها. وفي حديثه عن النص القرآني وتفرده فقد أشار إلى أن أهم ملمح تفرد به هو صنع الحياة ودفعها إلى الأمام، وذلك استناداً لمتكأين مهمين هما: مفهومه للاستخلاف، وتصوره للاختلاف.
أما الاستخلاف فإن خلاصة القول فيها أنه يعمل على رفع الإنسان إلى مستوى الموصوف بكونه "الحكم العَدْل" ودفعه إلى تمثله ومحاكاته في مجموع أفعاله الحكمية، وحكمه الفعل براءته من الهوى. ومن الجدير ذكره أن مفهوم الاستخلاف يتجلى في مستويين: مستوى الخصوص/ الفرد، ومستوى العموم/ الجماعة. ثم أفاض باحثنا بعد ذلك ببيان سياسة الاستخلاف التي بناها على دعائم ست، هي:
الحكم: الذي يتأسس على قاعدة الاستجابة لله.
الثروة: التي ليست في المنظور القرآني سوى وظيفة اجتماعية.
المرأة: التي هي مرآة للحياة بأسرها.
الفن: الذي لابد أن الله هو الفنان والمبدع الأعظم.
العلم: المشتمل على العوالم المختلفة: الإنسان، والطبيعة، وما وراء الواقع ... إلخ.
اللذة: التي تعني دفع حبور الحواس إلى مشاركة الوجود معناه، والوصول بغبطة الجوارح إلى عمق تيار الكينونة الإيجابي.
أما فيما يتعلق بوظيفة الاختلاف خاصة بين عصبي الحياة ومركزيها لحساسين ثنائية الرجل والمرأة، فإن النص القرآني بيّن أنه قد تنطوي المفارقة بينهما على التكافؤ، ولكنها لا تنطوي على التماثل.
وحول موضوع فاعلية التغيير للنص في الحاضر، تناول الباحث عدداً من القضايا محاولاً إثبات وجهة نظره في طريقة التغيير من خلال النص، وعلى الرغم من كون الدراسة تتناول المحور اللغوي إلاّ أنه نفذ إليه من خلال معالجات عدة حول مفاهيم: الحاضر، والثبات والتغير، والمعرفة، والتقدم، وتحديات الحياة المعاصرة وغيرها. ولعل أهم المحاور التي يجدر بنا الإشارة إليها من خلال مناقشاته وآرائه هي أن:
- النص مرجعية قائمة يختلف أسلوب العلم بها والتوجه إلى الواقع من خلالها بحسب اللحظة التاريخية، والمكان، وطبيعة المجتمع وظروفه وسمات تحولاته.
- الله تعالى هو الوجود المطلق الذي يصل الحاضر بالماضي والمستقبل في آن.
ومن خلال حديث باحثنا عن فاعلية التغيير الكبرى فإنه يمكن إيجاز عواملها في النقاط الآتية:
1 - استحضار المحذوف الغائب في حركة الواقع.
2 - توظيف الإمكانات الروحية للقيم، وذلك من أجل:
أ - تحريك بجيرة الحاضر الراكدة.
ب - دفع الحقائق الواقعية إلى التكيف مع الغاية والمعنى.
وحتى يكتسب النص قوة التغير وفاعليته فلا بُدّ أن يكون ذا ديناميكية حيوية كبرى تتضمن أكبر عدد ممكن من تنويعات التمثيل في مداراتها المتعددة، العقل، والوجدان، والخيال، التي تعمل جميعاً على تأصيل المعنى الجوهري من خلال أشكال مختلفة تعمل على خلق فضاءات وأبعاد جيدة للمعنى الأصلي. وعندئذ يمكننا القول: إن النص يعيش في شعور العالم، وزمنه ومصيره، وهو الذي يوجه أشواقه وأحلامه ولواعجه، ويعزف إيقاع رؤاه وإرهاصات جوارحه، فالنص يبث تجلياته في الحرف والصوت والصورة والمكان والمادة والروح.
ويبقى السؤال: كيف يكون هذا النص نبعاً للتمثلات؟ من خلال النقاشات المطولة والتطبيقات المتنوعة في هذا المجال جعلت الباحث يخلص إلى عدد من الأسس التي رأى أنها تمثل الجمالية الإسلامية للنموذج الإيقاعي المنشود، وهي:
1 - الانعكاس الذاتي، 2 - الفراغية، 3 - اللامركزية، 4 - الانتشار أو التشعب، 5 - التراكيب.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن هذه العوامل الخمسة تعمل على تطوير حركة النص داخل نفسه ومع العوالم خارجه؛ كما تعمل على حل أي تعارض إلى معنى كلي شامل واحد وفريد، فالنص كما بيّن الباحث يمنح العالم تغيير وجوده، بينما يمنحه العالم زمنية أفعاله، وكما يمنح النص العالم الغاية، فإن العالم يمنح النص التأثير، والنص فضلاً عن ذلك يقدم للتاريخ فرصته الكبرى في أن يتحرر من ذاته اللحظية، أما العالم فهو يحقق للنص ديناميته الفعالة.
ويحاول الدكتور منير في الفصل قبل الأخير أن يربط بين التجربة الذاتية والنص من حيث إن للتجربة الذاتية دلالات مهمة في الخبرة الإنسانية، وقد أوضح المؤلف التجربة الذاتية في نفاذها إلى حكمة القانون الداخلي للأشياء تعتمد على أمرين اثنين هما:
1 - عمق الوعي الذي يؤهله للوصول إلى جوهر الواقعية.
2 - دربة الربط بين الأشياء التي تتيح له المقارنة بين الوقائع.
ولعله من المفيد أن نحاول إيجاد مبررات للمؤلف لعقد هذا الفصل من حيث، ما علاقة التجربة الذاتية في النص بشكل عام والقرآني على وجه الخصوص، أقول من خلال فهمي لحديث مؤلفنا يتبين أن قيمة التجربة الذاتية في فهم النص القرآني تكمن في أنها:
1 - تساعدنا على فهم قوتنا وضعفنا معاً.
2 - تساعدنا في التعرف على النقص الموجود فينا وإمكانات مجاوزته.
3 - تَفَتُّحِنا على العالم والآخرين بقدر تفتُّحنا على داخلنا.
4 - تضع الوجود كله أمانا بوصفه موضوعاً لاكتشاف الرغبة والطموح الشخصيين.
5 - تعمل على مراودة الأفكار للمستتر وتدفع بالوعي حثيثاُ لقراءة سره وفض شفرته الأصلية.
وبعد ذلك يصل الباحث إلى معالجة بعض المعالم البارزة من التجارب الذاتية وأوضاعها وظروفها في الخبرة الإنسانية، فقد تناول دلالات الحب والموت، والأمل، والإرادة في الخبرة الإنسانية مقترباً من الرؤية القرآنية أحياناً، ومتجهاً نحو التفسير المادي الاشتراكي لها أحياناً أخرى.
ويحاول الدكتور منير في الفصل الأخير اكتناه بويطيقا الغياب من خلال منعطفات التصوف في النص القرآني، على الرغم من منعطفاته المتعددة نحو النصوص الدنيوية الأخرى، فقد أشار إلى خصوصية الفكر الصوفي الذي عدّه أول من وضع في الفكر الإسلامي ثنائية الشريعة والحقيقة أو ما تسمى بالظاهر والباطن.
وأهم ما في هذا الفصل بعض الإضاءات حول مفهوم الحضور والغياب في الفكر الصوفي والقرآني والمادي.
* تقويم عام لمنهج الكتاب وإطاره المعرفي:
بعد عرض أفكار الكتاب ومحتوياته يمكن لنا تسجيل الملاحظات الآتية:
الملاحظة الأولى: يمثل هذا الكتاب واحداً من الكتب المتميزة التي عالجت النص القرآني وفق رؤية معرفية جديدة بأدوات منهجية مستحدثة، فهو يستند إلى حركة الفهم والتحليل والتأويل التي تؤول في نهاية المطاف إلى نسيج معرفي؛ يحاول التكييف بين استردافات المنهج وخصوصية الثقافية من جهة، وبين حداثة القراءة وتراثية المقروء من جهة أخرى.
الملاحظة الثانية: يتمتع الكتاب بعنوان ظريف جميل قشيب، يتوهم قارئه بأنه سيكون إمّا نظرية عامة أو شبهها على أقل تقدير لدراسة النص القرآني، وإن كان عملياً حقق بعض ملامحها، إلا أنها بقيت متناثرة تحتاج لجامع يلم شملها. ففصول الكتاب غير محكمة السبك والربط، فبسهولة ويسر يمكن لنا أن نضع فصلاً مكان آخر، أو نقدم فصلاً ونؤخر آخر، وإذا كان هذا الملحظ لا يحط من قيمة الكتاب فإنه كان من الأولى تسمية الكتاب دراسات في الخطاب/ النص القرآني، خاصة أنه من أهدف الكتاب صوغ نظرية عامة متكاملة للنص القرآني.
الملاحظة الثالثة: أؤكد ما ذهب إليه الدكتور طه جابر العلواني في تصديره للكتاب من أن هذا الكتاب من الصعب أن يستفيد منه القارئ العادي الذي يرغب في قراءة كتب تتحدث عن فضائل القرآن المجيد، والثواب العميم الذي أعده الله تعالى للذين يقرؤونه، فهذا الكتاب لا يقدم لهذا القارئ كثيراً في هذا الصدد.
كذلك من الصعب على طلاب "علوم القرآن" الموروثة أو الباحثين في هذا الجانب من المعارف المتعلقة بكتاب الله تعالى أن يستفيدوا منه كثيراً! وإن كان فيه إلمام ببعض هذه العلوم. ولعل الذين يستطيعون الاستفادة من هذا الكتاب ثلاث طوائف من العلماء والمتخصصين:
الطائفة الأولى: علماء البلاغة واللغويات والألسنيات والمعنيون بفقه اللغة وفلسفتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
الطائفة الثانية: علماء أصول الدين الذين لهم باع طويل وعناية خاصة بمباحث الألفاظ والمباحث التي اعتبرت مشتركة بين الكتاب والسنة والنبوية، وآثارها في الأحكام الشرعية، وكذلك علماء علوم القرآن في هذه الجوانب.
الطائفة الثالثة: علماء الفلسفة، فالكتاب على وجازته قد اشتمل على جملة كبيرة من القضايا المهمة التي لن يكون سهلاً فهمها أو معرفة أهمية ما وصل إليه المؤلف الفاضل فيها على غير هؤلاء. فالمؤلف يبدو على اطلاع واسع على أسرار البلاغة العربية، يوازيه اطلاع واسع على تطور العلوم اللغوية والألسنية، ما ولده هذا التطور من علوم "كلسيميوطيقا" التي تدرس أنظمة العلامات التي يبتدعها الإنسان ليدرك بها واقعه ونفسه.
الملاحظة الرابعة: أثبت الدكتور منير قدرة فائقة على التعامل مع المصطلحات ونحتها واشتقاقها، وقد وفق في كثير من الأحيان خاصة حين كان يرجع القارئ إلى معنى اللفظ الذي استحدثه أو نقله بلفظه الأجنبي إلى العربية، ولكنه في أحيان أخرى تجاوز ذلك، فترك القارئ يغوص ويجول في معان متعددة قد يؤول المعنى إليها، هذا إذا كان يتقن اللغات الأجنبية، فما بالك بالذي لا يتقنها، فانظر مثلاً إلى كلمات مثل: أركيولوجي، المحايثة، الإيروس، اللوجس، ديونيزوس؛ إنها لم تنل عناية الباحث ليقدم لنا على الأقل تعريفاً بسيطاً لها.
الملاحظة الخامسة: يلاحظ تميز الكتاب وفرادته من خلال إثارته للعديد من الموضوعات بطريقة منهجية جديدة، لم تنل حظها من الدرس والنظر والتحليل، من مثل "النص القرآني والعلم الإنسان" الذي قد يندرج تحت مفهوم "عالمية الخطاب القرآني" وما جاء في فصل "التناصّ" الأفكار المحورية وظاهرة التوازي، والنص في الحياة: مفهوم الاستخلاف ووظيفة الاختلاف، وغيره كثير.
الملاحظة السادسة: لعله كان من المفيد للباحث أن يسوق لنا بعض الأطروحات السابقة التي تناولت بالدرس والتحليل النص القرآني مبيناً وجهة نظرها تجاه النص القرآني من جهة، وموضحاً إسهاماته الشخصية في هذا الحقل المبتدع من جهة ثانية.
الملاحظة السابعة: ثمة قضايا تطرق إليها المؤلف، وهي ما تزال بحاجة إلى تأصيل وتعميق، أذكر منها على سبيل المثال القضايا الآتية: النص، الاختلاف، والدلالة، كما أن موضوع "التخلص الصوتي" يحتاج إلى دراسة أشمل في ظلال القرآن الكريم كله، وليس فقط من خلال الآيات القرآنية التي تناولها، وعلى العموم تبقى كثير من الموضوعات بحاجة إلى ما ذكرنا خاصة بعد أن مهد الدكتور منير إليها الطريق.
الملاحظة الثامنة: قصور بعض المعالجات عن الوصول إلى أهدافها. وأذكر منها على سبيل المثال: أن الباحث عندما تناول بوطيقيا الغياب، من خلال النص القرآني، غلب عليه الاستشهاد بالكتب السماوية الأخرى، والكتابات الفلسفية، أما القرآن الكريم فقد كادت آياته تغيب عن هذه المعالجة. كما أنه حين عالج دلالة الحب في الفصل الثاني عشر، عالجها دون الرجوع إلى النص القرآني، على الرغم من غزارة ما جاء عنها في القرآن. وفي دلالة الموت تظهر غلبة التفسير المادي، فهو يقول في معرض حديثه عن الزمن: "فالإنسان هو الحضور الذي انبثق في الزمن من لا شيء"، وإجمالاً يكاد القارئ يشعر بإقحام هذا الفصل والذي بعده في نص الكتاب. وكذلك وجود بعض الأخطاء الطباعية التي لا يكاد يخلو منها كتاب، ولكن أهم ما في الأمر هو الخلط بين الياء والألف المقصورة في أواخر الكلمات في كثير من المواضع.
الملاحظة التاسعة: مواضيع بحثية مقترحة
لما كان الكتاب قد شق طريقاً منهجياً جديداً، يجمع بين مجالات الدراسة القرآنية، والمعطيات اللسانية، والمفاهيم الفلسفية، فهذا إسهام متميز وخطوة جريئة وأصالة منهجية فريدة، ستفتح المجال واسعاً لمزيد من الدراسات والبحوث، يمكن أن أقسمها ضمن محاور ثلاثة:
المحور الأول: حول الخطاب والنص القرآنيين وإمكان قيام دراسات مسحية تقوم بدراسة أجزاء الكتاب العظيم دراسة كاملة، وأن تختص كل أطروحة علمية بدراسة جزء من القرآن الكريم أو سورة أو موضوع، وتقوم الدراسات وفق منهج الدكتور منير وذلك بمقاربة الجزء أو السورة مقاربة ذات أبعاد متعددة تبرز مواطن تقاطع النص وتخارجه وامتداداته انطلاقاً من هذه الرؤية التي تعتمد على اللغة والعلم والفلسفة. وبعد الانتهاء من هذا المسح المنهجي يقوم فريق أو شخص آخر بمحاولة استنباط "نظرية الخطاب القرآني" من خلال نتائج الدراسات المسحية السابقة واستنباطاتها.
المحور الثاني: يقوم هذا المحور على دراسة الخطاب النبوي وفق الأسس والمعايير السابقة، وبيان تجلياته وتقاطعاته ومميزاته وأبعاده، لتقوم دراسة أخرى بعد ذلك بمقارنة هذا الخطاب بالخطاب القرآني لبيان مدى تأثير الثاني في الأول.
المحور الثالث: إجراء الأمر ذاته على التراث الإسلامي، وفق أسس منهجية معينة، وأن تنتظم وفق إطار زمني أو معرفي، حسب الحاجة والوقت، لذات الأهداف السابقة.
وبعد فإن هذه الدراسات جميعاً تبقى محاولة للوصول إلى "نظرية الخطاب العالمي للنص القرآني" التي جمعت بين النص القرآني المراد تبليغه للناس، ومن بعده الخطاب النبوي، ومن ثَمّ خطاب التراث الإسلامي انتهاءً إلى الخطاب الإسلامي العالمي الحديث الذي نأمل أن يكون.(/)
بدء دروس تفسير جزء عم في مدارس حلقات التحفيظ في عنيزة
ـ[غانم الغانم]ــــــــ[22 Dec 2008, 04:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بحمد الله أعد معهد الإمام ابن الجزري بالتنسيق مع إدارة جمعية تحفيظ القرآن وبالتعاون مع مركز الدعوة والإرشادبعنيزة دروس تفسير جزء عم لطلاب حلقات التحفيظ في بعض مساجد المحافظة , وهذا ضمن البرنامج العلمي لطلاب الحلقات الذي يعده قسم الشؤون العلمية بمعهد الإمام ابن الجزري
http://www.islamup.com/uploads/images/islamup.com-1c79c224d9.jpg (http://www.m5znk.com)
معهد الإمام ابن الجزري لتأهيل معلمي القرآن
التابع لجمعية تحفيظ القرآن الكريم بعنيزة
هاتف 3650959
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[24 Dec 2008, 09:43 م]ـ
جزاهم الله خيرا .. وأعانهم.
وياليت كل جمعيات التحفيظ تحذو حذوهم ,, ولايكتفى بمجرد الحفظ فقط.(/)
مقال: التحليل الأنثربولوجي اللساني للقرآن (عبدالرحمن الحاج)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[22 Dec 2008, 07:20 م]ـ
مقال: التحليل ا?نثربولوجي اللساني للقرآن (عبد الرحمن الحاج)
نشر في جريدة الغد الأردنية بتاريخ 2 سبتمبر 2008.
في المرفقات في ملف بي دي إف.(/)
المجاز ينفى ويكون نافيه صادقا
ـ[محمد الأمين بن محمد المختار]ــــــــ[23 Dec 2008, 05:41 م]ـ
رغم كل ما استهلكه موضوع " نفي المجاز " من الأخذ والرد، تظل عبارة ابن قدامة في روضة الناظر ترن في أذني " أن نفي المجاز لا يمكن أن يكون إلا مكابرة "،
ومن أعجب ما يردده نفاة المجاز عبارة " إن المجاز يُنفى ويكون نافيه صادقا "، والقرآن لا يجوز أن يصدُق من ينفي منه شيئا،
وعليها اعتمد الشيخ الشنقيطي رحمه الله كثيرا في " دفع جواز المجاز عن المنزل للتعبد والإعجاز "
بينما المقولة لا تحتاج إلا لقدر يسير من التأمل لينكشف معناها الصحيح:
فالمجاز يكون نافيه صادقا إذا نفاه بمعنى الحقيقة
ولكنه لا يكون صادقا إذا نفاه بمعنى المجاز
فلو قلتَ عن سيدنا حمزة رضي الله عنه إنه أسد الله، يمكن لنا أن ننفي ذلك بمعنى الحقيقة فننفي أن يكون سيدنا حمزة سبعا مفترسا، ولكن لا ننفي المراد مجازاً وهو أن سيدنا حمزة رضي الله عنه رجل شجاع
وفي قول الله تعالى: " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط " لا يمكن الادعاء بناء عليه بحرمة بسط اليد كل البسط، وعليه فنفي حرمة هذا الفعل ليس تكذيبا للقرآن لأنه نفي للحقيقة، وأما نفي حرمة الإسراف فيعتبر تكذيبا لأنه هو المراد هنا مجازا
والله أعلم
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[23 Dec 2008, 07:07 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
بارك الله في أستاذنا الجليل على هذه الأمثلة المفيدة و المعينة علىفهم هذه المسألة التي كثر الكلام عنها و فيها هذه الأيام في ملتقانا المبارك هذا.
و رحم الله الشيخ الشنقيطي و أسكنه فسيح جناته.
آمين آمين يا رب العالمين.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[23 Dec 2008, 07:13 م]ـ
جزاكما الله خيرا ..
وفي بعض آيات القرآن ما يفيد العلم الضروري بثبوت المجاز والرد على منكره.
وليتنا نخصص هذه المشاركة لبيان الآيات التي يستحيل حملها على الحقيقة، بحيث يتعين حملها على المجاز، وفي ذلك فائدة مهمة نافعة بالدرجة الأولى لمنكري ما هو سبب قوي من أسباب إعجاز القرآن ألا وهو بلاغته التي ما كنت لتتحقق لولا أساليب المجاز وأنواعه التي حواها النص القرآني.
قال تعالى في سورة الأعراف مخبرا عن موسى: قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ (151)
هل تحمل هذه الآية على الحقيقة؟؟ أي على الدخول الحقيقي، والرحمة الحقيقية التي هي صفة قائمة بذات الله تعالى.
ـ[مرهف]ــــــــ[23 Dec 2008, 08:04 م]ـ
إذا كان القرآن عربيا ونزل بلسان عربي ومتحديا العرب في أساليب بيانهم وكان منها المجاز والتشبيه والإسناد وغير ذلك فكيف ينفى المجاز في القرآن، ولعل نفاة المجاز حملهم على ذلك أسلوب بعضهم في تأويل الصفات وحملها على المجاز النافي للصفة كالمعتزلة ولم يميزوا بين استخدام المجاز أسلوبا من أساليب الكلام والبيان وبين استخدامه في العقيدة بأسلوب ينفي الصفة والله أعلم.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 Dec 2008, 08:13 م]ـ
ليس في كلام العرب مجاز أصلاً يا دكتور مرهف حتى يلزم وجوده في القرآن ...
ـ[مرهف]ــــــــ[23 Dec 2008, 08:25 م]ـ
إذن فليس في كلام العرب مجاز يا أخي أبا فهر وفقك الله وهذه دعوى لا بينة عليها، هل يمكن أن تقول لي كيف تفسر قوله تعالى (جدارا يريد أن ينقض) وقوله تعالى (وضربنا على آذانهم)، وقوله تعالى: (فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس) وحبذا لو تقرأ تفسيرها في التحرير والتنوير لابن عاشور، وقوله تعالى في وصف شجرة الزقوم: (طلعها كأنه رؤوس الشياطين) وغير ذلك.
والكلام في هذه المسألة يحتاج لاتفاق على المراد بالمجاز أولا وما المراد منه.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 Dec 2008, 08:42 م]ـ
كل ما طلبتَ هين ..
أما دليل الدعوى فيطالب به مثبت القسمة ذات القوانين أما نافيها فلا يُطالب بدليل لأنه يصف الظاهرة بما هي عليه فلم يدع شيئاً أصلاً .. وراجع الرد على العسكر وباقي المقالات التي كتبتُها؛ ليتضح لك مرادي ..
أما تفسير ما ذكرت من غير إخضاع الوحي لهذه القسمة اليونانية فسهل ميسور لمن رزقه الله عروبة القلب واللسان ..
وقد ذكرنا تفسير واحدة من هذه النصوص التي يتعلق به من يظن عجزنا عن تفسيرها بغير قسمته اليونانية في مقال لي هنا فليُراجع ...
(يُتْبَعُ)
(/)
وريثما يُفرغ الممعنون في بنيات الطريق جعبتهم أذكر لك باقيها ..
ـ[مرهف]ــــــــ[23 Dec 2008, 09:08 م]ـ
أسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه وأن يجنبنا الزلل في القول والعمل.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[23 Dec 2008, 10:19 م]ـ
وفي قول الله تعالى: " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط " لا يمكن الادعاء بناء عليه بحرمة بسط اليد كل البسط، وعليه فنفي حرمة هذا الفعل ليس تكذيبا للقرآن لأنه نفي للحقيقة، وأما نفي حرمة الإسراف فيعتبر تكذيبا لأنه هو المراد هنا مجازا والله أعلم
بارك الله فيك
قال الإمام المفسر أبو بكر النقاش في شفاء الصدور:
(وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ) نزلت في فنحاص اليهودي وأصحابه، وذلك أن الله عز وجل بسط على اليهود الرزق، وكانوا من أخصب الناس وأكثرهم خيرا، فلمّا عصوا الله في أمر محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكفروا به وبدلوا نعمة الله كفرا بالنعمة كفّ الله عنهم بعض الذي بسط عليهم من السعة في الرزق، فعند ذلك قال فنحاص اليهودي وأصحابه: يد الله مغلولة. لم يقولوا: إلى عنقه، ولكن قالوا: ممسكة عنا الرزق، فلا يبسط علينا كما كان يبسط قبل اليوم.
وهو كقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ) فتنفق دون الحق (وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ) فوق الحق.
فقال الله تعالى: (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) يقول: أمسكت أيديهم أن ينفقوا في خير، (وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا) بُوعِدُوا من رحمة الله تعالى وعذبوا بالجزية بما قالوا يد الله مغلولة.
وليس بعجيب قولهم: يد الله مغلولة؛ لأنهم قالوا: (اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ [الأعراف:138] فاتخذوا العجل إلها. وقالوا أن ربهم أبيض الرأس واللحية جالس على كرسي.
(بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) على البرّ والفاجر (يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ) يقول: يرزق كيف يشاء، إن شاء وسّع، وإن شاء قتّر.
وفي اللغة: زيد مبسوط اليد: إنما يراد أنه سخيّ، ولا يراد أن يده خارجة ممدودة. وكذا لم يريدوا: فيها غل، وإنما أرادوا البخل. اهـ.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 Dec 2008, 10:22 م]ـ
وبعدين (؟؟!!)
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[23 Dec 2008, 10:35 م]ـ
ليس في كلام العرب مجاز أصلاً.
وبعدين (؟؟!!)
لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ [فصلت:42]
قال لبيد بن ربيعة:
وغداة ريح قد شهدت وقرة ... إذ أصبحت بيد الشمال زمامها
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[23 Dec 2008, 10:45 م]ـ
فان ماذا (؟؟؟)(/)
موقع الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه في حلته الجديدة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Dec 2008, 06:57 م]ـ
أطلقت الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه موقعها في حلته الجديدة بمناسبة انعقاد الملتقى التنسيقي الأول للجميعات العلمية المتخصصة في العلوم الشرعية والذي تنظمه الجمعية بمبمنى المؤتمرات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
نسعدُ بزيارتكم وتلقي مقترحاتكم وتوجيهاتكم لتطويره.
الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه ( http://www.alquran.org.sa/index.php)
ليلة الأربعاء 26/ 12/1429هـ
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[23 Dec 2008, 07:09 م]ـ
ما شاء الله تبارك الله ..
جزاكم الله خيرا على ما تبذلونه لخدمة كتاب الله تعالى ووفقتم لكل خير وسدد الله خطاكم وجعل لكم القبول والرضا حيثما حللتم.
والموقع متميز فعلا والأفكار المطروحة حاليا من الأهمية بمكان عظيم لفتح بابة التطوير والرقي أسأل الله لكم التوفيق.
من الموضوعات التي استأذنكم في نشر روابطها:
ست جمعيات شرعية تبحث سبل مضاعفة إسهاماتها في خدمة المجتمع ( http://www.alwatan.com.sa/news/newsdetail.asp?issueno=3006&id=82890)
الملتقى الأول للجمعيات العلمية المتخصصة في العلوم الشرعية ( http://www.spa.gov.sa/print.php?id=618442)
بارك الله في تلك المجهودات وتقبلها بقبول حسنا، ءااااااامين.
محبكم(/)
إلى المهتمين والمتخصصين بالإعجاز العلمي , ما رأيكم بهذا المقال؟
ـ[محب القراءات]ــــــــ[24 Dec 2008, 12:52 ص]ـ
قرأت في جريدة المدينة في عددها الصادر يوم الثلاثاء الموافق 25/ 12 / 1429
مقالا للدكتور أحمد بن صالح الزهراني عن الإعجاز العلمي في القرآن , وأنقله لكم هنا للفائدة وإبداء رأيكم حول هذا الكلام:
من المؤسف جداً أنّ العالم من حولنا يجتهد ويبحث ويبتكر، ويكون غاية جهدنا ومأمولنا إثبات أنّ ما يبتكره الآخرون موجود في القرآن، وكل ما يقدّمه المتكلم في هذا المجال هو نتاج الآخرين ابتداء من القلم الذي يكتب به وأصبع الليزر الذي يشير به مروراً بالأجهزة التقنية والصور والأفلام التي يستخدمها في محاضرته إضافة للاكتشاف الذي هو مضمون كلامه كل ذلك أو أغلبه هو ثمرة جهد الآخرين نقتات عليه نحن ونفاخر به بطريقة تدعو إلى الخجل، وإلى الآن لا أعلم ما الفائدة الّتي عاد بها ما يُسمى بالإعجاز العلمي في القرآن والسنة على الأمّة في جانب التنمية، كل هذه الأموال الّتي تُنفق والأوقات لا أعلم ما الذي أضافته في مجال الاكتشاف العلمي، وكل الذي رأيناه أبحاثاً في مجال بعض الأدوية التي جاءت في الطب النبوي، مازالت إلى الآن لا وجود لها على المستوى التطبيقي والتجاري، لم يكن القرآن يوماً مرجعاً للعلوم الكونية، وما لهذا أُنزل، ومن العجب أن أكثر ما يُقال في هذا المجال هو تكلّف ممجوج إذا استمر أصحابه على هذا المنوال سيذهبون ببهاء القرآن ويحولونه إلى لعبة في المختبرات العلمية، وفي الإنترنت مواقع تدعو إلى الدهشة من حجم التكلّف في إثبات أسبقية القرآن للكشوفات العلمية.
حتى ثمرته الدعوية فإنّ أكثر ما قيل عن إسلام كثيرين بسبب الإعجاز العلمي هو دعاية مضخمة، وقد أصرّ مقدّم أحد البرامج الفضائية على واحد من أشهر وجوه مجال الإعجاز العلمي في القرآن عندما ادعى إسلام الكثير من العلماء على يديه بسبب الإعجاز العلمي في القرآن فلمّا طلب منه أن يذكر له بعضهم ما استطاع أن يذكر اسماً واحداً فضلاً عن الكثيرين.
ومن أعجب ما تفتق عنه أصحاب هذه الدعاوى ما ذكره أحدهم عن اكتشافه أنّ عرق الإنسان فيه مواد تساهم في علاج المياه البيضاء التي تسبب العمى، وذكر أنّه اكتشف هذا بعد تأمله في قصة يوسف عليه السلام حين أعطى إخوته قميصه ليلقوه على وجه أبيهم فارتد بصيراً، وهذا خطأ، لأن هذا لو كان قصداً ليوسف عليه السلام لأمرهم باستعمال قميص قريب من يعقوب دون الحاجة إلى قميص يُحمل مئات الأميال، ولأنّ الآية ذكرت أنّه ارتد بصيراً بمجرد أن أٌلقي عليه القميص دون استعمال للعرق، ومن هنا نقول: إنّ من الجائز أن تكون إشارات القرآن ملهمة لاكتشاف علمي، فهذا شيء ممكن حتى في كلام أي أحد، فهذا لا علاقة له بالإعجاز العلمي، إعجاز القرآن الحقيقي والذي يجب أن ينصب عليه كل الجهد والوقت والمال هو إعجازه الروحي والتشريعي والذي يحتاج إلى جهود جبارة لنشره وبيان حقيقته، وردّ كلّ الشّبه التي تُثار حوله، وهذا هو التحدي الحقيقي.
وهو على هذا الرابط:
الإعجاز العلمي في القرآن ( http://al-madina.com/node/85521)
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[24 Dec 2008, 01:54 م]ـ
أخي الكريم:
1. إذا عجزنا عن تقديم شيء في عالم المادة فلنقدم لهم ما ينقذهم في عالم الدين والذي هو مسوغ وجودنا. إن ما عندنا هو ما يحتاجه العالم، وما فائدة كل الاختراعات بعيدا عن مسوغ وجودنا.
2. كل العلوم فيها الغث والسمين، وإذا كان لدينا ركاما من التكلف في مسألة الإعجاز العلمي فإنه قطرة في بحور الزيف في عالم الأدب والفلسفة والفتوى ووووو
3. الذي خلق هو الذي أنزل، ومن هنا لا يوجد أي تناقض بين القرآن والحقائق العلمية، وهذا من أهم وجوه الإعجاز العلمي.
4. نعم هناك علماء كان مدخلهم إلى الإسلام الإعجاز العلمي مثل كث مور وموريس بوكاي. ويبدو أن الكاتب فقط ينتقد ولا يتابع بل يبدو أنه لا يهتم.
5. يريدنا الكاتب أن نهتم بمسائل يهتم بها ملايين المسلمين وينعى علينا أن نهتم بعلم جديد لا يهتم به إلا العشرات أو المئات من الباحثين.
6. مصيبة الأمة في أولياء الأمور الذين ينهبون أموالها وينفقونها على شهواتهم ولا ينفقون منها على تشجيع العلم والعلماء كما كان يفعل الخليفة المأمون. والجميع يعلم أن أبناءنا في أنحاء العالم يقدمون للبشرية على كافة المستويات؛ فمنهم العلماء والمخترعون والمبدعون ... كل ذلك عندما توفرت لهم الأجواء المناسبة.
ـ[مرهف]ــــــــ[24 Dec 2008, 11:00 م]ـ
ليست المشكلة في قضية الإعجاز العلمي في النقد والمعارضة بل على العكس فإن النقد والمعارضة والنقاش بين المؤيد والمعارض والناقد والمنقود يجلي الحقيقة أكثر وقد يصل بأحد الطرفيق إلى القناعة برأي الطرف الآخر، ولكن المشكلة هي في وضع السد أمام العقل حتى لا يقتنع، ووضع الكف أمام العين حتى لا تشاهد، ثم إطلاق اللسان والقلم بما نتخيله أو ما نعارضه لخلفيات ما، والحقيقة أن المختصين في التفسير وعلوم القرآن يتحملون جزأ كبيرا من مسؤولية الفوضى الحاصلة في قضية الإعجاز العلمي وذلك لأن أغلبهم وضع نفسه في جانب النقد دون الولوج في الإنشاء والتأصيل وسد الثغرة في هذا الموضوع الخطير، بينما يصول ويجول غيرهم يتعسفون في الدلالة القرآنية يمينا وشمالاً وينشرون ما يريدون دون رقيب أو حسيب.
إن الهداية التي نزل لأجلها القرآن (هدى للناس) نوعها القرآن بأساليب مختلفة:
- فذكر القصص وجعل فيها العبر.
- وذكر الأحكام وجعل فيها السعادةالدنيوية ومنهاج الحياة.
- وذكر اليوم الآخر وأهواله ونعيمه، وهي هداية الإيمان بالغيب.
- وذكر مشاهد الكون والأرض والإنسان والحيوان وما حولنا وهي دلائل الإيمان بالله تعالى وعظمته، ودليل رسالة سيد الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، ودليل وحي القرآن من عند الله.
وهذا الأخير من أساليب الهداية له حيز كبير في التنزيل، وحوله تدور أبحاث الإعجاز العلمي بشكل مباشر، و"الإعجاز العلمي" هو من قبيل بيان الهداية فيها.
وإن تعسف بعض المشتغلين بهذا الجانب لا يلغي أصل القضية فلا يجوز خلط الأمور ببعضها، والله أعلم.(/)
بحث: من محاذير التفسير: سوء التأويل (يوسف القرضاوي)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[24 Dec 2008, 05:38 ص]ـ
ملاحظة: هوامش البحث مفقودة.
===
من محاذير التفسير: سوء التأويل
د. يوسف القرضاوي
المصدر: مجلة إسلامية المعرفة ( http://www.eiiit.org/eiiit/eiiit_article_read.asp?articleID=741&catID=17&adad=8)، العدد 8
من المقرر لدى أهل العلم: أن الأصل هو إبقاء النصوص على ظواهرها، دلالة على معانيها الأصلية، كما وضعت في اللغة.
ولكن تأويل النصوص، بصرفها عن معناها الحقيقي إلى معناها المجازي، أو الكنائي، لا يخالف فيه عالم له دراية بالقرآن والسنة.
وقد لا يسمي بعضهم ذلك مجازاً، ويطلق عليه اسماً آخر، كما يفعل شيخ الإسلام ابن تيمية (توفي: 728ه/1328م)، ومن سبقه من علماء اللغة، ثم من تبعه من تلاميذه.
ونحن لا تهمنا الأسماء والعناوين إذا صحّت المسمّيات والمضامين، فهم متفقون على صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر غير المتبادر منه.
* لا تأويل إلا بدليل:
المهم ألا يحدث إلا بدليل أو بقرينة توجب صرفه عن المعنى الأصلي، وإلا بطلت الثقة باللغة ومهمتها. فإذا وجدنا الدليل أو القرينة صرفنا اللفظ من الصريح إلى الكناية، ومن الحقيقة إلى المجاز.
في القرآن الكريم نجد ذلك التعبير بالكناية في مثل قوله تعالى: ?أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً? (المائدة: 6)، فالغائط هو: المكان المطمئن من الأرض، كُني بالمجيء منه عن التغوط، وهو الحدث الأصغر.
وأما قوله: ?أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ? فقد كنى به عن الحدث الأكبر، كما قال ترجمان القرآن ابن عباس (توفي: 68ه/688م): هو الجماع، وقال الفقيه التابعي الجليل سعيد بن جبير: ذكروا اللمس فقال ناس من الموالي: ليس بالجماع؛ وقال ناس من العرب: اللمس الجماع؛ قال: فأتيت ابن عباس فقلت له: إن أناساً من الموالي والعرب اختلفوا في (اللمس) فقالت الموالي: ليس بالجماع، وقالت العرب: الجماع. قال ابن عباس: فمن أي الفريقين كنت؟ قال: كنت من الموالي، قال: "غُلب فريق الموالي! إن اللّمس والمسَّ والمباشرة: الجماع، ولكن الله يُكنّي ما شاء بما شاء."1
ومن الصحابة والتابعين من أدخل مقدِّمات الجماع في معنى اللّمس والمسّ، مثل القُبلة والجس باليد ونحوها.2
وقد رجح ابن تيمية ما ذهب إليه ابن عباس من أن اللمس كناية عن الجماع3 ولكنه لم يسم ذلك مجازاً، ولم يعتبره تأويلاً، والنتيجة واحدة.
التأويل إذن مقبول إذا دلَّ عليه دليل صحيح من اللغة أو من الشرع أو من العقل، وإلا كان مردوداً مهما يكن قائله.
* اهتمام العلماء بضوابط التأويل:
لهذا كان من اشد ما تتعرض له النصوص خطراً: سوء التأويل لها، بمعنى أن تُفسر تفسيراً يخرجها عما أراد الله تعالى ورسوله بها، إلى معان آُخر، يريدها المؤوِّلون لها. وقد تكون هذه المعاني صحيحة في نفسها، ولكن هذه النصوص لا تدل عليها، وقد تكون المعاني فاسدة في ذاته، وأيضاً لا تدل النصوص عليها. فيكون الفساد في الدليل والمدلول معاً.
وقضية (التأويل) قضية كبيرة تعرَّض لها علماء الأصول، وأشبعوها بحثاً، على اختلاف مشاربهم ومدارسهم، وشاكرهم في هذا علماء الكلام والتفسير.
والمراد بالتأويل4 - هنا- معناه الاصطلاحي، وهو: صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى مرجوح يحتمله، لدليل يُصيِّره راجحاً.5
وهذا هو التأويل الصحيح المقبول.
فلا بد أن يكون الصرف إلى معنى يحتمله اللفظ، ولو كان احتمالاً مرجوحاً. وإلا لم يكن تأويلاً، وإنما هو جهل وضلال، أو عبث وباطل.
ولا بد أن يقوم دليل راجح على هذا الصرف، وإن كان اللفظ يحتمله؛ لأن ترك الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لا يجوز إلى بدليل. وإلا لقال كل من شاء ما شاء، وأبطل كل زائغ أدلة الشرع الواضحة بلا برهان، متذرعاً بعنوان التأويل.
ولا بد أن يكون الدليل الذي صرف عن الظاهر راجحاً فأما دليل مرجوح أو مساوٍ فهو مردود.
ومعنى هذا أن التأويل لا يجوز لكل من هبَّ ودبَّ، ولا يجوز بلا قيد ولا شرط، كما يتوهَّم الجاهلون والمتلاعبون.
قال ابن برهان: وهذا الباب أنفع كتب الأصول وأجلُّها، ولم يَزِلَّ الزَّالُّ إلا بالتأويل الفاسد.6
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد تحدَّث الأصوليون عن معنى التأويل ومجاله وشروطه، وأنواعه، وأفاضوا. ولا مجال في هذا المقام للخوض في هذا الميدان الرحب7، إنما نكتفي ببعض الإشارات والتنبيهات والأمثلة النافعة في بحثنا هذا.
وللظاهرية هنا موقف من موضوع التأويل، فهم يرفضون التأويل إذا لم يدلَّ عليه نص من كتاب، أو سُنَّة أو إجماع، تأسيساً على مذهبهم في الأخذ بظواهر النصوص، فهي عندهم وافية بكل شيء، كما قال مؤسس المذهب داود بن علي (توفي: 270ه/884م)، وأكده أبو محمد ابن حزم (توفي: 456ه/1073م) الذي أحيا المذهب بعد موات.
وفي مقابل الظاهرية الذين يمثلون جانب التفريط -بل الجمود- في التأويل، نجد طوائف أخرى تمثل جانب الإفراط، بل التسيُّب في التأويل.
ومما لا شك فيه أن الأصل هو حمل الكلام على معناه الظاهر، إذ هو ما تدل عليه اللغة بأصل وضعها، وما يُفهم من اللفظ لأول وهلة. فلا يجوز العدول عن هذا الظاهر إلى غيره إلا لدليل يصرف عن ذلك. وهذا ما أشير إليه في تعريف التأويل.
فالأصل في الكلام الحقيقة، ولا يُعدَل عنها إلى المجاز إلا لقرينة ودليل.
والأصل بقاء العام على عمومه، حتى يظهر ما يخصصه. وبقاء المطلق على إطلاقه، حتى يرد ما يقيده.
والأصل بقاء الأخبار -فيما يتعلق بالعقائد والغيبيات- على ظاهر معناها حتى يأتي ما ينقلها عنه.
وكذلك الأوامر والنواهي في الأحكام والعمليات، هي على ظواهرها حتى يجيء ما يصرفها عنها.
* مجال التأويل:
ومن ثمَّ نجد أن التأويل يمكن أن يدخل في الفقه والفروع، ولا خلاف في ذلك، كما قال الشوكاني.
ويمكن أن يدخل في العقائد وأصول الدين وصفات الباري عزَّ وجل، وفي ذلك اتجاهات أو مذاهب ثلاثة، ذكر الإمام الشوكاني في إرشاد الفحول خلاصة وافية لها، نشير إليها هنا:
الأول: أن لا يدخل التأويل فيها: بل تجري على ظاهرها ولا يؤول شيء منها، وهذا قول المشبهة.
الثاني: أن لها تأويلاً، ولكنا نمسك عنه، مع تنزيه اعتقادنا عن التشبيه والتعطيل، لقوله تعالى: ?وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ? (آل عمران: 7)؛ قال ابن برهان: وهذا قول السلف، قال الشوكاني: وكفى بالسلف الصالح قدوة لمن أراد الاقتداء، وأسوة لمن أحب التأسي.
الثالث: أنها مؤوَّلة.
قال ابن برهان: والأول من هذه المذاهب باطل، والآخران منقولان عن الصحابة، ونقل المذهب الثالث عن علي وابن مسعود وابن عباس وأم سلمة.
ونقل الشوكاني عن إمام الحرمين (توفي: 478ه/1085م)، والغزالي (توفي: 505ه/1112م)، والرَّازي (توفي: 606ه/1209م)، ما يفيد عودتهم إلى مذهب السلف ثم قال: "وهؤلاء الثلاثة هم الذين وسَّعوا دائرة التأويل، وطوَّلوا ذيوله، قد رجعوا آخراً إلى مذهب السلف كما عرفت، فلله الحمد كما هو أهل له".
وحكى الزركشي (توفي: 794ه/1392م) عن ابن دقيق العيد (توفي: 702ه/1303م) أنه قال: "وتقول في الألفاظ المشكلة: إنها صحة وصدق، وعلى الوجه الذي أراده الله، ومن أوَّل شيئاً منها فإن كان تأويله قريباً على ما يقتضيه لسان العرب، وتفهمه في مخاطباتها، لم ننكر عليه ولم نبدِّعه. وإن كان تأويله بعيداً توقفنا عنه واستبعدناه، ورجعنا إلى القاعدة في الإيمان بمعناه مع التنزيه".
وقد تقدمه إلى مثل هذا ابن عبد السلام (توفي: 660ه/1262م).
قال الشوكاني: والكلام في هذا يطول، لما فيه من كثرة النقول، عن الأئمة الفحول.8
* لجوء علماء المسلمين كافة إلى التأويل:
ولا توجد مدرسة من المدارس الإسلامية -في الكلام أو الفقه أو الأثر أو التصوف- إلا لجأت إلى التأويل، وإن تفاوتت في ذلك تفاوتاً كثيراً، منها من وسَّع، ومنها من ضيق، ومنها من قرَّب في تأويله، ومنها من بعَّد، حتى خرج عن العقل والشرع.
والمهمّ أن التأويل لا بد منه، فقد يوجبه العقل، وقد يوجبه الشرع، وقد توجبه اللغة، ومن رفض ذلك شرد عن الصواب، سقط في هوة الخطأ، كما فعل الظاهرية.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأكثر ما يلجأ العلماء للتأويل، لتنسجم النصوص بعضها مع بعض، لا يضرب بعضها بعضاً، ومن هنا أوَّلوا قوله عليه الصلاة والسلام: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض"،9 وقلوه: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"،10 بأن المراد بالكفر هنا: الكفر الأصغر، كفر النعمة، أو كفر المعصية، لا الكفر الأكبر المخرج من الملة، وإنما سمِّيَ كفراً، لما فيه من التشبه بكفار الجاهلية الذين كانوا يقاتل بعضهم بعضاً، ويضرب بعضهم وجوه بعض.
وسبب هذا التأويل: أنَّ القرآن أثبت الإيمان للمقتتلين من المسلمين، وأبقى عليهم وصف الأخوة الإيمانية وأوجب الصلح بينهم فقال: ?وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ... ? (الحجرات: 9) ... إلى أن قال: ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ? (الحجرات:10).
ومثل ذلك قوله: ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون ... َ? (الأنفال:2 - 4)، وقوله: ?قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ? (المؤمنون:1 - 3).
وقوله تعالى: ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ? (الحجرات:15).
ونحو ذلك قوله ?: "لا يزني الزَّاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن".11
وقوله: "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن ... من لا يأمَنُ جاره بوائقه"،13 فقد أوَّلها العلماء بأن الإيمان المنفي هنا: هو الإيمان الكامل، لا أصل الإيمان. كما يقال: لا مال إلا ما نَفَع، ولا علم إلا ما أدَّى إلى العمل، والمراد نفي الكمال.
وإنما أوَّل العلماء ذلك، لأن نمت نصوصاً أخرى وافرة، دلت على إيمان أهل المعصية، وأن مرتكب المعصية -ولو كانت كبيرة- لم يخرج من دائرة الإيمان.
وذلك مثل النصوص التي بيَّنت أن مَنْ مات على "لا إله إلا الله"14 دخل الجنة.
وقوله ? لمن لعن الذي شرب الخمر من الصحابة وضُرب أكثر من مرة: "لا تلعنه، فإنه يحب الله ورسوله"،15 أو"لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم"،16 فدلَّ على أن أخوته باقية رغم معصيته، وأن حب الله ورسوله مستقر في قلبه، وإن زلَّت قدمه إلى الوقوع في أم الخبائث.
وكذلك لو كان بالزنى والشرب والسرقة يكفر ويخرج من الإيمان، لكانت عقوبته عقوبة الردَّة، وهي عقوبة واحدة، فلا معنى لأن يُعاقب الزاني والشارب بالجَلْدِ، والسارق بالقطع.
* حتى ابن حزم لجأ إلى التأويل:
والإمام أبو محمد ابن حزم أشد الناس تمسكاً بالظواهر، وأبعدهم عن التأويل، تبعاً للمدرسة التي آمن بها، وعاش حياته محامياً عنها، وهي المدرسة الظاهرية، ومع هذا وجدناه يلوذ بالتأويل في بعض الأحيان، حين لا يجد منه بُداً.
فقد ذكر في المحلَّى حديث" "سيحان وجيحان، والنيل والفرات، كل من أنهار الجنة"، وحديث: "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"، وهما صحيحان ثابتان.
ثم قال ابن حزم: "هذان الحديثان ليس على ما يظنه أهل الجهل من أن الروضة مقتطعة من الجنة! وأن هذه الأنهار مهبطة من الجنة! هذا باطل وكذب"، ثم ذكر أن معنى كون الروضة من الجنة إنما هو لفضلها، وأن الصلاة فيها تؤدي إلى الجنة، وأن تلك الأنهار لبركتها أضيفت إلى الجنة، كما تقول في اليوم الطيب: هذا من أيام الجنة، وكن قيل في الضأن: "إنها من دواب الجنة". وكما قال عليه السلام: "الجنة تحت ظلال السيوف". ومثل ذلك حديث: "الحجر الأسود من الجنة".
ثم حمل ابن حزم بشدة على مَن حملوا هذه الأخبار على ظاهرها، قائلاً: قد صحَّ البرهان من القرآن، ومن ضرورة الحس، على أنها ليست على ظاهرها.17
وهكذا وصل التأويل إلى المدرسة الظاهرية، التي تتمسك بظواهر النصوص إلى حد الجمود في بعض الأحيان. ولكنها أوّلت حين لم تجد من التأويل بُدّاً.
* المدرسة الحنبلية والتأويل:
(يُتْبَعُ)
(/)
والمدرسة الحنبلية من أشد المدارس -أو لعلها أشدها- حرباً عل التأويل، وخصوصاً في جانب العقيدة، إلى حد جعل ابن تيمية وتلاميذه ينكرون وجود المجاز في القرآن والسنة واللغة عموماً، ويرون فتح ذلك الباب ذريعة إلى الضلال والفساد، ودخول الزنادقة والباطنية وكل عدو للإسلام من خلاله.
ومع هذا اضطروا أن يطرقوا باب التأويل في بعض النصوص.
وقد حكى الإمام الغزالي في فيصل التفرقة: أن الإمام أحمد بن حنبل، وهو أبعد الناس عن التأويل، لجأ إليه في بعض الأحاديث، كما نقل إليه ذلك بعض الحنابلة المعاصرين له في بغداد.
وهذه الأحاديث هي:
"الحجر الأسود يمين الله في الأرض"،18 "القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن"،19 إني لأجد نَفَس الرحمن من جهة اليمين."20
وقد علّق شيخ الإسلام ابن تيمية على هذه المقولة، فرمى هذه الرواية بالبطلان، وقال: إنها كذب على الإمام أحمد، ولا يُعرف ذلك عنه، وناقل ذلك للغزالي مجهول، لا يُعرف علمه بما قال، ولا صدقه فيما قال.
ومع هذا سُئل ابن تيمية عن الحديثين الأول والثالث فقال:
"أما الحديث الأول، فقد روى عن النبي ? بإسناد لا يثبت. والمشهور إنما هو عن ابن عباس، قال: "الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمَن صافحه وقبَّله، فكأنما صافح الله وقبَّل يمينه.
"ومن تدبَّر اللفظ المنقول تبيَّن له أنه لا إشكال فيه إلا على من لم يتدبره. فإنه قال: "يمين الله في الأرض" فقيده بقوله: "في الأرض"، ولم يُطلق فيقول: "يمين الله". وحكم اللفظ المقيد يخالف حكم اللفظ المطلق.
ثم قال: "فمَن صافحه وقبَّله فكأنما صافح الله وقبَّل يمينه". ومعلوم أن المشبَّه غير المشبَّه به. وهذا صريح في أن المصافح لم يصافح يمين الله أصلاً؛ ولكن شُبِّه بمن يصافح الله، فأول الحديث وآخره يبَيِّن أن الله تعالى كما جعل للناس بيتاً يطوفون به، جعل لهم ما يستلمونه؛ ليكون ذلك بمنزلة تقبيل يد العظماء، فإن ذلك تقريب للمقبِّل، وتكريم له، كما جرت العادة.
وأما الحديث الثاني: "إني أجد نَفَس الرحمن من جهة اليمن"، فقوله: "من اليمن" يبيِّن مقصود الحديث، فإنه ليس لليمن اختصاص بصفات الله تعالى، حتى يُظن ذلك، ولكن منها جاء الذين "يحبهم ويحبونه" الذين قال فيهم: ?مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ? (المائدة:54).
وقد روى أنه لما نزلت هذه الآية سُئل عن هؤلاء، فذكر أنهم قوم أبي موسى الأشعري. وجاءت الأحاديث الصحيحة: "أتاكم أهل اليمن، أرق قولباً، وألين أفئدة. الإيمان يمان، والحكمة يمانية"، وهؤلاء هم الذين قاتلوا أهل الردَّة، وفتحوا الأمصار، فبهم نفّس الرحمن عن المؤمنين الكربات ... ." 21
ومن تأمل كلام شيخ الإسلام، وكان منصفاً، وجد في توجيهه للحديثين قدراً من التأويل، وضرباً من التجوز، وما ذكره من لفظة "في الأرض" في الحديث الأول، أو لفظة "من اليمن" في الحديث الثاني، هو ما يسميه علماء البلاغة "القرينة" في المجاز، التي تدل على أن اللفظ أريد به غير ما وُضع له في الأصل.
ونحو ذلك حديثه عن معية الله تعالى لعباده، العامة والخاصة، ون قُرب الرب من عبده، وقُرب العبد من ربه، فيه شيء مما ذكرنا من التأويل،22 وإن لم يسمه كذلك. ولكنه تأويل قريب وصحيح ومقبول بلا ريب، وهو ما يحتاج إليه كل عالم في بعض الأحيان. ولكن المحظور هو التوسع، الذي سقط فيه من سقط من الأفراد والفرق.
وقد نقل العلامة جمال الدين القاسمي في تفسيره محاسن التأويل عن ابن تيمية في بعض فتاواه قوله: "نحن نقول بالمجاز الذي قام دليله، وبالتأويل الجاري على نهج السبيل، ولم يوجد في شيء من كلامنا وكلام أحد منا، أنّأ لا نقول بالمجاز والتأويل. والله عند كل لسان. ولكن ننكر من ذلك ما خالف الحق والصواب، وما فُتِح به الباب إلى هدم السُّنة والكتاب، واللحاق بمحرِّفة أهل الكتاب".23
وهذا هو اللائق بإمام مثل ابن تيمية الذي جمع بين النقل والعقل، ووسع علمه تراث السَلف ومعارف الخَلف، وتهيأ له من أدوات المعرفة ما لم يتهيأ لغيره إلا مَنْ مَنَّ الله عليه بفضله، وقليل ما هم.
على أن هناك من أعلام الحنابلة أنفسهم مَن خرج عن خط الحنابلة المتشددين، وخاض في لجج التأويل، وأنكر على من عزا إلى الإمام أحمد أنه يرفض التأويل بإطلاق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هؤلاء الأعلام: العلامة الموسوعي الغمام أبو الوفاء ابن عقيل (توفي: 513ه/1119م)، صاحب كتاب "الفنون" وغيره، ذكروا أن كتابه الفنون يزيد على أربعمائة مجلد.
ومنهم: الغمام أبو الحسن بن الزاغوني (توفي: 527ه/1133م)، وصفوه بأنه كان متفنناً في الأصول والفروع والحديث والوعظ.
ومنهم: الإمام الموسوعي أبو الفرج ابن الجوي (توفي: 597ه/1201م)، صاحب التصانيف الممتعة المتنوعة، ومنها كتاب دفع شُبه التشبيه.
وكل هؤلاء، قبل ابن تيمية وتلاميذه.
وأنا أُرجِّح رأي السَّلف -وهو ترك الخوض في لجج التأويل، مع تأكيد التنزيه- فيما يتعلق بشؤون الألوهية وعوالم الغيب والآخرة، فهو المنهج الأسلم. إلا ما أوجبته ضرورة الشرع أو العقل أو الحس، في إطار ما تحتمله الألفاظ.
وفيما عدا ذلك، فلا مانع من التأويل بشروطه وضوابطه، إذا كان هناك موجب للتأويل.
* تأويل النصوص البيِّنات مذهب الباطنية:
أما تأويل النصوص البيّنات المحْكمات، بحملها على معان باطنة غير ما يُفهم من ظاهرها، فهذا هو الإلحاد في آيات الله تعالى، الذي توعَّد الله عليه، فقال: ?إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا? (فصلت:40).
والمراد بالإلحاد هنا: الميل بها عن المقصود منها.
وهذا مدخل واسع للهدًّامين الذين أرادوا الكيد للإسلام وأمته بدعوى أن لكل ظاهر باطناً هو المقصود. والظاهر هو القشر، والباطن هو اللُّب. هو ما زعمته "المدرسة الباطنية" بكل فئاتها، وبمختلف أسمائها، من قرمطية وإسماعيلية ونصيرية ودرزية.
ولو صدق هؤلاء لأعلنوا أن لهم ديناً مغايراً تماماً لدين الإسلام، لا صلة له بقرآن ولا حديث، بل مغايراً للأديان السماوية كلها، بل الواقع أنهم لا دين لهم، فحاصل مذهبهم وزبدته -كما قال الإمام الغزالي- طي بساط التكليف، وحط أعباء الشرع عن المتعبدين، وتسليط الناس على اتباع اللَّذات، وطلب الشهوات، وقضاء الوطر من المباحات والمحرَّمات! 24 فهم امتداد للمزدكية المجوسية الفارسية الإباحية، إنما تمسحوا بالدين ليهدموه باسم الدين، وتعلقوا بالإسلام، ليضربوه من داخله.
ولما كان القرآن محفوظاً من كل تغيير وتبديل في ألفاظه، فلا يمكنهم الزيادة فيه أو النقص منه، لم يجدوا حيلة أمامهن إلا هذا التأويل المفترى، وهذا الادعاء ببواطن خفية، يقولون فيها ما يشاءون، دون ضابط من لغة أو عقل أو شرع.
* من تأويلات الباطنية والزنادقة:
وقد عقد الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه فضائح الباطنية فصلاً في تأويلاتهم للظواهر، ذكر فيه نماذج عجيبة، تُعَد أغرب من الخيال. قال: "والقول الوجيز فيه أنهم لما عجزوا عن صرف الخلق عن القرآن والسنّة صرفوهم عن المراد بهما إلى مخاريق زخرفوها، واستفادوا -بما انتزعوه من نفوسهم من مقتضى الألفاظ- إبطال معاني الشرع، وبما زخرفوه من التأويلات تنفيذ انقيادهم للمبايعة والموالاة، وأنهم لو صرَّحوا بالنفي المحض والتكذيب المجرَّد لم يحظوا بموالاة الموالين، وكانوا أول المقصودين المقتولين.
ونحن نحكي من تأويلاتهم نبذة لنستدل بها على مخازيهم، فقد قالوا: كل ما ورد من الظواهر في التكاليف والحشر والنشر والأمور الإلهية، فكلها أمثلة ورموز إلى بواطن: أما الشرعيات: فمعنى الجنابة عندهم مبادرة المستجيب بإفشاء سرّ إليه قبل أن ينال رتبة استحقاقه؛ ومعنى الغُسل تجديد العهد على مَن فعل ذلك.
والزنا هو إلقاء نطفة العلم الباطن فينفس من لم يسبق معه عقد العهد. والاحتلام هو أن يسبق لسانه إلى إفشاء السر في غير محلّه، فعليه الغُسل أي تجديد المعاهدة.
الطهور هو التبري والتنظف من اعتقاد كل مذهب سوى مبايعة الإمام.
الصيام هو الإمساك عن كشف السرّ.
الكعبة هي النبيّ، والباب عليّ.
الصفا هو النبيّ، والمرْوة عليّ، والميقات هو الأساس؛ والتلبية إجابة الداعي. وكذلك زعموا أن المحرّمات عبارة عن ذوي الشرّ من الرجال وقد تُعُبّدْنا باجتنابهم، كما أن العبادات عبارة عن الأخيار الأبرار الذين أمِرنا باتباعهم.
فأما المعاد فزعم بعضهم أن النار والأغلال: عبارة عن الأوامر التي هي التكاليف فإنها موظفة على الجُّهّال بعلم الباطن، فما داموا مستمرِّين عليها فهم معذّبون؛ فإذا نالوا علم الباطن وُضِعت عنهم أغلال التكاليف وسعدوا بالخلاص منها.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما المعجزات فقد أوّلوا جميعها وقالوا: الطوفان معناه طوفان العلم، أُغرق به المتمسكون بالسنَّة؛ والسفينة: حِرزُه الذي تحصَّن به من استجاب لدعوته؛ ونار إبراهيم: عبارة عن غضب نمرود، لا عن النار الحقيقية.
عصا موسى: حُجَّته التي تلقفت ما كانوا يأفكون من الشُبه، لا الخشب. انفلاق البحر: افتراق علم موسى فيهم على أقسام؛ والبحر: هو العالم.
والغمام الذي أظلّهم: معناه الإمام الذي نصبه موسى لإرشادهم وإفاضة العلم عليهم.
الجراد والقمّل والضفادع: هي سؤالات موسى وإلزاماته التي سُلّطت عليهم. والمنّ والسلوى: علم نزل من السماء لداعٍ من الدعاة هو المراد بالسلوى.
تسبيح الجبال: معناه تسبيح رجال شدادٍ في الدين راسخين في اليقين.
الجنّ الذين ملكهم سليمان بن داود: باطنية ذلك الزمان والشيطان هم الظاهرية الذين كُلّفوا بالأعمال الشَّاقة.
إحياء الموتى من عيسى: معناه الإحياء بحياة العلم عن موت الجهل بالباطن. وإبراؤه الأعمى: معناه عن عمي الضلال وبرص الكفر ببصيرة الحق المبين. إبليس وآدم: عبارة عن أبي بكر وعليّ! إذ أُمر أبو بكر بالسجود لعليّ، والطاعة له، فأبى واستكبر.
الدجّال زعموا أنه أبو بكر، وكان أعور؛ إذ لم يبصر إلى بعين الظاهر دون عين الباطن.
ويأجوج ومأجوج: هم أهل الظاهر!
هذا من هذيانهم في التأويلات حكيناها ليُضحَك منها؛ ونعوذ بالله من صرعة الغافل وكبوة الجاهل".25
وقد سلك الإمام الغزالي مسالك ثلاثة في الرد عليهم: مسلك الإبطال لدعاويهم، ومسلك المعارضة بالمثل، ومسلك التحقيق.
ولستُ في حاجة إلى نقل ما ذكره هنا، لوضوح بطلان ما قاله هؤلاء الزنادقة، فإنَّ اللغة أساس التفاهم بني الناس، فإذا لم تكن لألفاظها وتراكيبها دلالات معيَّنة، يفهم بها الناس بعضهم عن بعض في أمور دينهم ودنياهم، أصبح من حق كل امرئ أن يفسر ما شاء بما شاء. وهذا خارج عن حدود العقل.
والغريب أن هؤلاء يستدلون أحياناً لباطن مذهبهم -أو باطل مذهبهم- بظاهر بعض النصوص، مثل: "إن لكل لفظ ظهراً وبطناً ونحوه. ولو صحَّ هذا سنداً -وما هو بصحيح- كيف أبقوا هذا النص وحده على ظاهره، وما يدرينا أن اللفظ والظهر والبطن لها معان آُخر غير المعاني المفهومة منها عند الناس؟
إن بحسبنا أن نذكر أقوال هؤلاء، ليُعرف بطلانها، بل ليُضحَك عليها كما قال الغزالي. فهي تحمل دليل فسادها فيها. إنما أردنا أن يُعرف من أقوالهم مصادر الباطنية اللاَّحقين والمحدثين.
* تأويلات بعض فرق الشيعة:
ومن فِرق الشيعة من غلا في دينه ومنهجه، ونحا نحو أولئك الباطنية المارقين في التحريف وسوء التأويل، حتى فسّروا القرآن بأنواع لا يقضي منها العالم عجبه! كقول بعضهم في تفسير: ?تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ? (المسد:1)، هما أبو بكر وعمر.
وفي قوله: ?لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ? (الزمر: 65)، أي: أشركت بين أبي بكر وعمر، وعلي، في الخلافة!
وفي قوله: ?إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً? (البقرة: 67)، والخطاب من موسى لقومه)، هي عائشة! ?فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ? (التوبة: 12)، طلحة والزبير.
?مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ? (الرحمن:19)، هما عليُّ وفاطمة! 26
?يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ? (الرحمن:22)، الحسن والحسين.27
?وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ? (يّس: 12)، في علي بن أبي طالب.
?عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ. عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ? (النبأ:1 - 2)، عليّ بن أبي طالب.28
والمعتدلون من الشيعة يرفضون هذه التحريفات أو التخريفات!
* تأويلات غلاة الصوفية:
تأويلات في القرآن الكريم والحديث الشريف، تنزع إلى تجاوز الظواهر، للوصول إلى معان باطنة، فمنهم من يعدها من باب "الإشارات" الرَّامزة لتلك المعاني بالمجاز أو التمثل أو الإلحاق، ومنهم من يعدّها هي المقصودة من النص.
والنزعة الأخيرة ليست إلا ضرباً من تفسير الباطنية الذين خرجوا عن الشريعة، بل هم لم يدخلوا فيها أصلاً، حتى يخرجوا منها؛ فمن نسج على منوالهم فهو منهم، كما قال تعالى: ?وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ? (المائدة: 51).
أما النزعة الأولى فللعلماء فيها مواقف.
(يُتْبَعُ)
(/)
منهم من يقرِّها ويعدها رموزاً وإشارات، وليست تفسيراً. بل ربما يراها بعضهم من كمال الإيمان، وتمام العرفان. ومنهم من يرى أن الشريعة في غِنى عنها، وأن السَّلف من الصحابة والتابعين لم يصح عنهم شيء من هذا، وكل خير في ابتاع مَن سَلَف، وكل شر في ابتداع مَن خَلَف.
قال الإمام تقي الدين ابن الصلاح (توفي: 643ه/1245م) في "فتاويه":
وجدتُ عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسِّر (توفي: 468ه/1076م) أنّه قال: صنف أبو عبد الرحمن السُّلمِِي (توفي: 412ه/1021م) حقائق التفسير،29 فإن كان قد اعتقد ذلك تفسيراً فقد كفر".
قال ابن الصلاح: "وأنا أقول: الظنّ بمن يوثَق به منهم، إذا قال شيئاً من ذلك أنّه لم يذكره تفسيراً، ولا ذهب به مذهبَ الشرح للكلمة، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية، وإنما ذلك منهم لنظير ما ورد به القرآن: فإنَّ النظير يُذكر بالنظير؛ ومع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا بمثل ذلك لما فيه من الإبهام والإلباس"!
وقال النسفيّ (توفي:710ه/1310م) في عقائده: النّصوص على ظاهرها، والعدول عنها إلى معان يدّعيها أهلُ الباطن إلحاد.
قال التفتازانيّ في شرحه: سُمِّيت الملاحدة باطنيّة لادّعائهم أن النصوص ليست على ظاهرها، بل لها معانٍ باطنية لا يعرفها إلى المعلم؛ وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكليّة.
قال: وأمّا ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرها، ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك، يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة، فهو من كمال الإيمان، ومحض العرفان".30
ولكن بعض الصوفية بالغوا، حتى قال بعضهم: لكل آية ستون ألف فهم! واعتمدوا على بعض الأحاديث والآثار الواردة في ذلك، مثل ما ورد مرفوعاً: "إن للقرآن ظهراً وبطناً، وحداً ومطلعاً".
وقال ابن عباس: "إن القرآن ذو شجون وفنون، وظهور وبطون، لا تنقضي عجائبه، ولا تبلغ غايته".
ولكن هذا -إن صح- لا يدل على ما ادعاه أولئك الغلاة، فقد قال ابن عباس في الأثر نفسه: "فظهره التلاوة، وبطنه التأويل".
وهذا يعني الغوص وتعميق النظر لاستخراج جواهر القرآن، فهو لا تنقضي عجائبه حقاً. كما لمسنا ذلك في عصرنا، حيث يجد كل متخصص إذا تعمق فيه ما لا يجد في غيره من الكنوز.
ولذا تحفَّظ الإمام أبو بكر بن العربي (توفي: 638ه/1241م) في كتابه العواصم من القواصم على تلك التأويلات الصوفية التي سماها "قدحات الخواطر، ولمحات النواظر". فقد تحدَّث في إحدى "القواصم" عن طائفة من هؤلاء الذين سماهم أصحاب الإشارات جاؤوا بألفاظ الشريعة من بابها، وأقروها على نصابها، لكنهم زعموا أن وراءها معاني غامضة خفية، وقعت الإشارة إليها من هذه الألفاظ. وبيَّن خطأهم في إحدى "العواصم".
فقد ذكر تأويلهم لقوله تعالى: ?وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا? (البقرة: 114)، وقولهم: "إن الله نبَّه بذلك على أنه لا أظلم ممن خرَّب أركان الإيمان بالشبهات. وهي قلوب المؤمنين، وعمَرها بالأماني، وشحنها بمحبة الدنيا، وفرّغها من محبة الله تعالى."
ورد ابن العربي ذلك بأن المراد بالمساجد في الآية: ذوات المساحات المتخذة للصلوات، وقلوب المؤمنين معروف حالها، مبيِّنة بأكثر من هذا البيان في مواضعها، ولا يُحتاج إلى ذلك فيها، ولا يدل اللفظ عليها.
وكذلك قولهم في الآية: ?فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ? (طه: 12)، إشارة إلى خلع الدنيا والآخرة من قلبه.
وفي الآية: ?وَأَلْقِ عَصَاكَ? (النمل:10)، أي: لا يكون لك معتمد ومستند غيري.
قال ابن العربي: "وهذه إشارة بعيدة، أو قُل معدومة، فإنها إلى غير مُشار. وما أمِرَ موسى بطرح النعل إلا لأحد وجهين: إما لأنهما كانا من جلد غير مذكّى، أو لئلا يطأ الأرض المقدسة بنعل تكرمة لها، كما لا يدخل الكعبة بها ...
وأما إلقاء العصا، فقد بيّن الله تعالى الفائدة فيه. ومن يعتمد على العصا من طول القيام، أيقال له: إنه على غير الله يعتمد؟ هذه خرافة! فدع عنك نهباً صيح في حجراته، وعوِّل على كتاب الله ومعلوماته".
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثل ذلك قولهم في حديث: "لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب" بأن فيه إشارة إلى تطهير القلوب من الحسد والحقد والغضب والبخل والخديعة والمكر وسائر الصفات الذميمة. فإن منزلتها في القلب منزلة الكلاب من البيت. قالوا: ونحن نقرأ الحديث على ظاهره، ولكنّا نلحق به المعنى الآخر على سبيل الإشارة."
وبيَّن ابن العربي أن هذا معنى فاسد من وجهين:
أحدهما: أنه يكاد يقطع بأن هذا لم يكن مقصوداً للنبي ?.
والثاني: "أنّا وجدنا التصريح بتطهير القلوب من هذه الصفات الذميمة كلها منصوصاً عليه. فما الذي محوجنا إلى أن نأخذه على بُعد من لفظ آخر؟ هذا من الفن الذي لا يُحتاج إليه. وإنما هو احتكاك بتلك الأغراض الفلسفية، وهي عن منهج الشريعة قصية."31
قال السيوطي:
"والذي حرره هنا هذا الإمام: أن الصريح عام في الدين، به جاء البرهان، وعليه درا البيان، فلا يجوز أن يعدل بلفظ عن صريح معناه إلى سواه، فإن ذلك تعطيل للبيان، وقلب له إلى إشكال."
ونقل السيوطي: عن ابن عطاء الله السكندري (توفي: 709ه/1309م) في كتابه لطائف المنن أنه قال: "اعلم أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله وكلام رسوله بالمعاني الغريبة، ليس إحالة للظاهر عن ظاهره، ولكن ظاهر الآية مفهوم منه، ودلت عليه في عرف اللسان، وثمّ’ أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث لم فتح الله قلبه، وقد جاء في الحديث: "لكل آية ظهر وبطن" فلا يصدَّنك عن تلقي هذه المعاني منهم أن يقول لك ذو جدل ومعارضة: هذا إحالة لكلام الله وكلام رسوله، فليس ذلك بإحالة، وإنما يكون إحالة لو قالوا: لا معنى للآية إلا هذا، وهم لم يقولوا ذلك، بل يقرون الظواهر على ظواهرها مراداً بها موضوعاتها، ويفهمون عن الله تعالى ما أفهمهم."32
ورأيي أن يقبل من هذه الإشارات ما كان قريباً غير بعيد، مقبولاً غير متكلف، وكان في دائرة الشريعة وأحكامها، ولم يكن في الظاهر ما يغني عنه مما هو أنصع بياناً، وأوضح برهاناً.
ومنه ما يكون من باب التعليق على النص بإشارة دامغة، أو حكمة بالغة. مثل قول التستري (توفي: 283ه/896م) تعليقاً على آية: ?وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ? (الأعراف: 148): عجل كل إنسان: ما أقبل عليه فأعرض به عن الله من أهل وولد.33
أما تكلفات بعض المفسرين في أن يكون لجميع آيات القرآن إشارات باطنية -كما نرى ذلك في (روح المعاني) للألوسي وغيره- فلا أراها مجدية ولا مقبولة.
* إسراف المدارس العقلية في التأويل:
وإذا كانت (المدرسة الروحية) أو (الصوفية) قد سقطت أو سقط غلاتها في سوء التأويل للقرآن، فمثلها مثل المدرسة أو (المدارس العقلية)، ومن نظر إلى (المدرسة العقلية) في تاريخ الفكر الإسلامي، يجد أن أصحابها ذهبوا بعيداً في تأويلاتهم الجائرة للنصوص أو -على الأقل- المتكلفة لها، فقد انتهى بهم هذا الشطح إلى أودية بعيدة، بل إلى مفاوز مهلكة، انطمس فيها السبيل، وعًدِمَ الدليل.
- المدرسة الفلسفية:
أبرز المدارس العقلية، مدرسة الفلاسفة، وخصوصاً المشَّائين منهم. لقد كان أكبر همهم التوفيق بين الفلسفة التي أعجبوا بها، والدين الذي ورثوه ودانوا به، ولكنهم جعلوا الفلسفة هي الأصل، والدين هو الفرع واعتبروا قول أرسطو هو الذي يُحتكم إليه، ويُعوَّل عليه، وقل الله تعالى، وقول رسوله الكريم، تابعين له، إن وافقاه فبها ونعمت، وإلا وجب تأويلهما، قَرُبَ هذا التأويل أم بعُد.
لقد أسرفوا في التأويل، فأدخلوه في كل مجالات العقيدة: الإلهيات والنبوات والسمعيات.
فالله عندهم ليس هو الإله المعروف عند المسلمين بأسمائه وصفاته المذكورة في القرآن، ليس هو الخالق لكل شيء، العليم بكل شيء، القدير على كل شيء.
والنبيُّ ليس هو الذي يكلّمه الله تعالى وحياً، أو من وراء حجاب، أو يُرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء، كما هو ثابت معلوم عند جميع المسلمين.
والمعاد ليس كما يؤمن به المسلمون: بعثاً للأجساد، وخروجاً من الأجداث، في يوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين، فتُنصب الموازين، وتُنشر الدواوين، ويُسأل الناس عما كانوا يعملون، يُجزى قوم بدخول الجنة بما فيها من نعيم روحي ومادي، وآخرون بالنار، وما فيها من عذاب حسي ومعنوي.
(يُتْبَعُ)
(/)
الله عند الفلاسفة لم يخلق العالم، وهو لا يعلم بما يجري فيه من جزئيات وتفاصيل، فلا يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يَعرج فيها.
والنبي ليس بشراً يوُحَى إليه من الله بوساطة مَلَك ينزل عليه.
والبعث ليس مادياً ولا جسماً، وليس هناك جنة ولا نار بالمعنى الذي عرفناه من القرآن والحديث.
هذه عقيدة القوم كوَّنوها لأنفسهم من خارج الإسلام، ثم أرادوا أن يحملوا الإسلام عليها حملاً، وأن يجرُّوا القرآن جراً ليبرر لهم هذا الضلال المبين.
ولا ريب أن القرآن من أوله إلى آخره يُبطل ما قالوه في العقائد، ويُضادُّه مضادَّة صريحة، وخم يعلمون هذا ويقولون: "إنَّ الشرائع واردة لخطاب الجمهور بما بفهمون، مقرِّبة ما لا يفهمون إلى أفهامهم بالتشبيه والتمثيل، ولو كان غير ذلك ما أغنت الشرائع البتّة".34
ومعنى هذا: أن الأنبياء يكذبون على النسا، ويقولون لهم غير الحق، ولكن لمصلحتهم؛ لأنهم -لغلظ طباعهم، وتعلق أوهامهم بالمحسوسات الصرفة- لا يقدرون على إدراك الحقيقة الموحدة، والغاية -في نظر هؤلاء- تبرر الوسيلة.
وقد ردَّ الإمام أبو حامد الغزالي على الفلاسفة، بعد أن درس فلسفتهم وهضمها وألّف في ذلك كتابه مقاصد الفلاسفة الذي لخّص فيه مقولات الفلسفة تلخيصاًَ ربما لا يقدر عليه الفلاسفة أنفسهم. ثم كرَّ عليها بالنقض والإبطال، في كتابه الشهير تهافت الفلاسفة وخطأهم في سبع عشرة مسألة، وكفّرهم ي ثلاث مسائل شهيرة: قولهم بقدم العالم، وأن الله لم يخلقه من عدم، وقولهم بأن الله لا يعلم الجزئيات والحوادث الواقعة في هذا الكون، وقولهم بأن البعث روحاني، لا جسماني، فالأجسام بعد أن تفنى لا تحيا ولا تبعث مرة أخرى لتنعم أو تعذب.35
وقد حاول الفيلسوف ابن رشد (توفي: 590ه/1194م) أن يدافع عن الفلاسفة، ويردَّ على الغزالي في كتابه تهافت التهافت.36 ولكن الحقيقة المرَّة أنَّ الفلاسفة استقوا عقيدتهم هذه من خارج المصادر الإسلامية. ولهذا لم يسلم لابن رشد كثير من دفاعاته، على الرغم من مهارته وخبرته بالشرعيات والعقليات.
- تأويلات الفرق الكلامية:
وما سقط فيه الفلاسفة وقعت فيه الفرق الكلامية بأقدار متفاوتة.
من ذلك تأولات الفرقة المعروفة باسم (المرجئة) من الإرجاء، وهو التأخير، لأنهم يؤخرون العمل والسلوك عن الاعتقاد والإيمان ويعتبرون مجرد الاعتقاد كافياً لنجاة الإنسان.
قالت المرجئة: من أقرَّ بالشهادتين، وأتى بكل المعاصي فهو ناج، ولا يدخل النار أصلاً بناء على مذهبهم: أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة. وخالفوا في ذلك الآيات التي توعَّدت أهل المعاصي بالنار: ?وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً? (النساء:30)، ?إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً? (النساء:10)، ?وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ? (البقرة: 275)، ?وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً? (النساء:93).
وخالفوا أيضاً الأحاديث الصِّحاح التي جاءت في وعيد العصاة، وهي كثيرة غزيرة.
وكذلك الأحاديث التي وردت في إخراج الموحِّدين -ممن في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان- من النار، وهي كثيرة ...
قال العلامة أبو الوفاء بن عقيل:
"ما أشبه أن يكون واضع الإرجاء زنديقاً فإن صلاح العالم بإثبات الوعيد، واعتقاد الجزاء، فالمرجئة لمّا لم يمكنهم جحد الصانع (سبحانه وتعالى) لما فيه من نفور الناس، ومخالفة العقل، أسقطوا فائدة الإثبات، وهي الخشية والمراقبة، وهدموا سياسة الشرع، فهم شرُّ طائفة على الإسلام"،37 والمراد بهؤلاء: غلاة المرجئة الذين اعتبروا الإنسان مؤمناً، وإن لم يعمل عملاً واحداً من أعمال الإسلام. فإن هناك نوعاً من الأرجاء قال به بعض أكابر المسلمين. وليس هو المقصود هنا.
- تأويلات الجبرية:
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثل تأويلات (المرجئة) تأويلات (الجبرية) الذين اعتبروا الإنسان مسيَّراً لا مخيَّراً، وأنه لا إرادة له ولا اختيار، وأنه كريشة في مهم الريح تحركها الأقدار كيف تشاء، ومنهم من انتهى إلى جبرية صريحة مكشوفة. ومن انتهى إلى جبرية مقنَّعة، لم يغنِ قناعُها عنها شيئاً.
اعتمد هؤلاء على آيات من كتاب الله متشابها، مثل قوله تعالى: ?ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ? (الأنعام: 102)، ?وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ? (الصافات:96)، ?أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ? (النحل: 17)، ?وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ? (الإنسان:30)، ?كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ? (المدثر: 31).
وتأولوا الآيات الصريحة التي تنسب إلى الإنسان عمله، وتحمٍّله مسؤوليته، وتُجزيه عليه في الدنيا والآخرة، ثواباً وعقاباً، وتحرّضه على الإيمان والعمل.
اقرأ قوله تعالى: ?مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ? (النحل:97)؛ ?وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ? (الأعراف:96) ?ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ? (آل عمران:182)؛ ?وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ? (الزخرف:72)؛ ?فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ? (السجدة:17)؛ ?وَقَالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ? (الأعراف:39).
والقرآن كله تحريض على الإيمان والعمل الصالح بأساليب شتى، كلها تنبئ عن مسؤولية الإنسان عن إيمانه وعمله، وعن اختياره لأحد النجدين.
اقرأ قوله تعالى: ?فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُون.وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ? (الانشقاق:20 - 21)؛ ?وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ? (النساء: 39)؛ ?وَالْعَصْرِ. إِنَّ الْأِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) (العصر:1 - 3)؛ ?وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا. َأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا? (الشمس:7 - 10).
والقرآن كله، مكيه ومدنيه، حافل بما ينقض مذهب الجبر، ويقتلعه من جذوره.
والحق أن هذا المذهب يناقض نصوص القرآن المحكمات، ويناقض أساس الدين الذي قام على التكليف والمسؤولية، وبه أنزل الله الكتب، وبعث الرسل وقامت سوق الجنة والنار.
وقد ردَّ عليه علماء المسلمين، ولكن شاعت أفكاره بين جماهير الأمة، فأقعدتها عن العمل، وأفقدتها حرارة الإحساس لعمارة الأرض، وإقامة الحق، ومقاومة الباطل، وأصبح المثل السائد: دع الخلق للخالق أقام العباد، فيما أراد.
- مدرسة المعتزلة والتأويل:
قرأ المعتزلة القرآن، وفسره من فسره منهم بعقلية المعتزلي، وروح المعتزلي، الذي يؤمن بأفكار فرقته الأساسية: أن الإنسان خالق أفعال نفسه، وأن الله لا يريد المعصية، وأن ليس لله صفات ثبوتية كالعلم والقدرة والإرادة والحياة إلخ ... وأن القرآن مخلوق، وأن الله لا يرى في الآخرة، وأن مرتكب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين، لا هو مؤمن ولا هو كافر، ولكنه مخلد في النار، وأن الأنبياء والملائكة والمؤمنين لا يشفعون لمذنب ف الآخرة ... إلخ
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن قرآن تفسيراً مثل (الكشاف) للزمخشري، وحده على علمه وفضله -الذي اعترف به الجميع- يتكلف تكلفاً لا يليق بعلاّمة مثله، لحمل الآيات على مذهبه كما تراه جلياً في قوله تعالى: ?إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ? وقد كررت مرتين في سورة النساء (الآية 48 والآية 116)، فقد فرق الله تعالى بين الشرك وما دونه من الذنوب، ولكنه -أي الزمخشري- سوَّى بينهما في أنهما لا يغفران إلا بالتوبة!
ومثل ذلك موقفه من قوله تعالى: ?مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ? (البقرة: 255)؛ وقوله: ?وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى? (الأنبياء: 28)، وغير ذلك من الآيات المثبتة للشفاعة بشرطها، وهي أن تكون بإذن الله تعالى لأهل التوحيد، ولكن الزمخشري -مثل كل المعتزلة- يغلبون العدل على الرحمة، والوعيد على الوعد، والعقل على النقل، ولو أنصفوا وتأملوا حق التأمل لعلموا أن العقل المجرد عن الهوى يقضي بإثبات الشفاعة، لأنه الأليق بكمال الله تعالى، وسابغ فضله، وواسع رحمته، وعظيم إحسانه.
ونحو ذلك موقفه من قوله تعالى عن يوم القيامة: ?وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ. إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ? (القيامة: 22 - 23).
وهي صريحة في موضوعها، ولا سيما إذا أضيف إليها صحاح الأحاديث.
وموقفه من مثل قوله تعالى: ?وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ? (المائدة: 41)، وقوله: ?فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ? (الأنعام: 125)، وتمثله رحمة الله في تفسير هذه وتلك وما كان في معناهما لتوافق مذهبه في أن المعاصي واقعة بغير إرادة الله تعالى حتى قال العلامة ابن المنير في (انتصافه): كم يتلجلج هذا الفاضل والحق أبلج.
وقال معقِّباً على قول الزمخشري في تفسير قوله تعالى: ?مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ? (الأنعام:111) أي مشيئة إكراه واضطرار: (بل المراد: إلا أن يشاء منهم اختيار الإيمان، فإنّه لو شاء منهم اختيارهم للإيمان لاختاروه وآمنوا حتماً ما شاء الله كان. والزمخشري بنى على القاعدة الفاسدة في اعتقاده: أنَّ الله تعالى شاء منهم الإيمان اختياراً، فلم يؤمنوا بل يقول هو وطائفته: إن أكثر ما شاء الله لم يقع ... فإذا صدمتهم مثل هذه الآي بالرد تحيّلوا في المدافعة بحمل المشيئة المنفية على مشيئة القسر والاضطرار، وإنما يتم لهم ذلك لو كان القرآن يتبع الآراء، أما وهو القدوة والمتبوع، فما خالفه حينئذٍ وتزحزح عنه فإلى النار، وماذا بعد الحق إلا الضلال.38
- المدرسة الأشعرية والتأويل:
والأشاعرة والماتريدية الذين كانوا يعبّرون عن أهل السنة طوال القرون الماضية، لم يسلموا من التأويل الذي أنكره عليهم غيرهم.
وأبرز أشعري خاض هذا الميدان هو الإمام أبو حامد الغزالي، الذي بسط القول في هذا المجال في كتابه فيصل التفرقة بين الإيمان والزندقة، ووضع للتأويل قانوناً واسعاً فضفاضاً يسع معظم المؤوِّلين للنصوص، وإن أسرفوا وتكلّفوا.
وعذر الإمام أبي حامد في هذا التوسع الزائد عن الحد الوسط: أنه كان يتحدث عن الحد الفاصل بين الإيمان والكفر، أو بين الإسلام والزندقة، فهو يبحث فيما يخرج المسلم من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر، والحكم بكفر المسلم أو بردته أمر خطير، تترتب عليه أحكام جمة كبيرة، وحسبك منها: جلُّ دمه وماله عند جمهور الفقهاء، والتفرقة بينه وبين زوجه وولده. وبالجملة: الحكم عليه بالإعدام من المجتمع المسلم، أدبياً ومادياً.
فإذا كان ثمة مندوحة عن الحكم بـ (التكفير) فلا مفر من التثبث بها، وإن كانت واهية. فقد قواها الاحتياط لحقن دم المسلم، وإبقائه على أصل الإسلام، تحسيناً للظن به، وحملاً لحاله على الصلاح.
(يُتْبَعُ)
(/)
فليس كل ما ذكره الغزالي من أقسام الوجود: الحسي والخيالي، والشبهي والعقلي، التي يتحملها النص، وتدخل في التأويل، تأويلاً صحيحاً راجحاً في رأيه، بل يعتبره تأويلاً يمسك من قال به على أصل الإيمان، ولا يخرج به إلى الكفر المخرج من الملة، وإن كان يراه بدعة وضلالاً، كما هو رأيه في المعتزلة والخوارج والشيعة وغيرهم. فينبغي التنبه لهذه الدقيقة، فبعض الذين يكتبون عن الغزالي ورأيه في التأويل، ومراتب الوجود التي تحدث عنها، يوهمون أنه يصحح كل هذه التأويلات، وإن كانت بعيدة، وليس الأمر كذلك، إنما يراها تعفي صاحبها فقط من الحكم بكفره وردته.
* تأويلات الطوائف المنحرفة والمارقة في عصرنا:
وفي عصرنا وجدنا الفئات المارقة والمنحرفة -على تفاوت بينها- تلوذ بمخبأ الإسراف في (التأويل) تحتمي به، وتستند إليه، وتعتمد عليه، عوضاً عن رفضها صراحة للنصوص الثابتة المحكمة، فترفضها الأمة، وتفصلها عن جسمها الحي، فتموت حتماً.
- تأويلات القاديانية:
رأينا ذلك في طائفة (القاديانية) الذين جحدوا ما عُلِم من دين الإسلام بالضرورة، وهو ختم النبوة بمحمد ?، وهو ما نطق به القرآن، واستفاضت به السنَّة. وأجمعت عليه كل طوائف الأمة، فقالوا في قوله تعالى: ?وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ? (الأحزاب:40)، أي زينة النبيين! كما أن (الخاتم) زينة الإصبع!
ولو كانوا طلاباً للحقيقة لرجعوا إلى القراءة الأخرى الثابتة: ?وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ? بكسر التاء، وكذلك إلى الأحاديث الصحيحة الغزيرة الصريحة مثل "لا نبي بعدي".
ومثل ذلك تأويلهم للآيات التي تناقض مذهبهم الذي يوجب طاعة أولي الأمر من الكفار المستعمرين (وقد كانوا هم الإنجليز الحاكمين للهند في عصرهم) فقالوا في قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ? (النساء: 59)، فالآية صريحة في أن أولي الأمر الواجبة طاعتهم هنا -بعد طاعة الله ورسوله- يجب أن يكونوا من المؤمنين المخاطبين بقوله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا?، أما الكفار فليسوا منهم، ولا سيما إذا كانوا غزاة مستعمرين. ولكن هؤلاء يؤوِّلون كلمة "منكم" التي تفيد البضعية بدلالة "من" ليجعلوا معناها "فيكم"! وهذا هو التبديل لكلمات الله تعالى.
وكذلك أوَّلوا ما استفاض في القرآن من آيات الأنبياء، من الخوارق والمعجزات التي أيَّد الله بها رسله مثل عصا موسى، وانقلابها حيّة تسعى، وضربه بها البحر حتى النفق، فكان كل فِرق كالطود العظيم، وضربه بها الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، إلى آخر الآيات البيِّنات التسع. ومثل إحياء عيسى الموتى، وإبرائه الأكمة والأبرص بإذن الله، ونفخه في الطين المصور فيكون طيراً بإذن الله، إلى غير ذلك من معجزات الأنبياء.
وكذلك إلغاؤهم فريضة الجهاد، ليتم تعبيد الأمة للكفار المستعمرين.
- تأويلات البهائية:
وأسوأ من هؤلاء: طائفة "البهائية" الذين جاؤوا بدين جديد، له نبوَّة جديدة، وكتاب جديد، وشريعة جديدة، غيَّروا فيه كل شيء، حتى السنة والشهور والأيام، وأبطلوا فيه الفرائض، واستباحوا المحرّمات. ومع هذا أبَوْا إلا أن يتمسحوا بالقرآن العزيز، ويستدلوا على باطلهم بحقه، ويحرِّفوه عن مواضعه باسم "التأويل" ليفتروا على الله الكذب: ?قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ? (يونس:69).
فقد ذكروا في قوله تعالى: ?عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ. عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ. الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ.كَلَّا سَيَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ? (النبأ: 1 - 5): أن النبأ العظيم هو ظهور "البهاء" ودعوته التي سيختلف فيها الناس! 39
وهل كان مشركو قريش والعرب الذين نزل القرآن يخاطبهم مختلفين في أمر البهاء أم في أمر البعث والجزاء، كما دلَّت على ذلك الآيات التالية من السورة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وذكروا في قوله تعالى: ?وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ. يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ? (قّ:41 - 42): أن المراد بالخروج خروج البهاء.40 والخروج كما جاء في أوائل السورة يعني: خروج الموتى من قبورهم للبعث والحساب، كما قال تعالى: ?وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ الْخُرُوجُ? (قّ:11)؛ ولذلك قال بعد الآية السابقة: ?إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ. يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ? (قّ:43 - 44)، فيوم الخروج هو يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً، ليخرجوا من الأجداث كأنهم جراد منتشر.
وهؤلاء ليسوا إلا امتداداً للباطنية القدامى، الذين لا يؤمنون بقرآن ولا سُنَّة ولا دين، وإنما يتخذون النصوص معاول لهدم الإسلام، كل الإسلام.
* من سوء التأويل حول الشريعة:
على أن أكثر ما نعاني من سوء التأويل في عصرنا، أصبح فيما يتعلق بأحكام الشريعة، أكثر منه في دائرة العقيدة. وخصوصاً بعد أن نجح الاستعمار الغربي في تعطيل الشريعة نحو قرن من الزمان أو يزيد، وإحلال قوانينه الوضعية محلها، وإنشاء تقاليد جديدة مخالفة لأوامرها، وتكوين عقليات مؤمنة بفلسفتها، جاهلة بتراثها، غريبة عن أمتها، واهية الثقة والصلة بربها وشرعها.
- سوء التأويل لآيات الحدود:
ومن نماذج هذا اللون من سوء التأويل ما ذكره المرحوم الدكتور محمد حسين الذهبي في كتابه التفسير والمفسرون41 لكاتب ممن سماهم أصحاب الاتجاه الإلحادي في التفسير،42 قال هذا الكاتب تحت عنوان "التشريع المصري وصلته بالفقه الإسلامي":
"قرأت في السياسة الأسبوعية الغراء مقالاً بهذا العنوان.43 حوى أفكاراً أثارت في نفسي من الرأي ما كنت أريد أن أرجئه إلى حين، فإن النفوس لم تتهيأ بعد لفتح باب الاجتهاد، حتى إذا ظهر المجتهد في هذا العصر برأي جديد، كتلك الآراء التي كان يذهب إليها الأئمة المجتهدون في عصور الاجتهاد، قابلها الناس بمثل ما كانت تقابل به تلك الآراء من الهدوء والسكون، وإن بدا عليها ما بدا من الغرابة والشذوذ، لأن الناس في تلك العصور كانوا يألفون الاجتهاد، وكانوا يألفون شذوذه وخطأه، إلفهم لصوابه وتوفيقه، أما في هذا العصر، فإنَّ الناس قد بَعُدَ بهم العهد بالاجتهاد، حتى صار كل جديد يظهر فيه شاذاً في نظرهم، وإن كان في الواقع صواباً".
ثم أشاد بما كتبه صاحب المقال المشار إليه، ثم قال: "ولكن يبقى بعد هذا في تلك الحدود ذلك الأمر الذي سنثيره فيها، ليُبحث في هدوء وسكون، فقد نصل فيه إلى تذليل تلك العقبة التي تقوم في سبيل الأخذ بالتشريع الإسلامي من ناحية تلك الحدود بوجه آخر جديد ... وسيكون هذا بإعادة النظر في النصوص التي وردت فيها تلك الحدود، لبحثها من جديد بعد هذه الأحداث الطارئة، وسأقتصر في ذلك -الآن- على ذكر ما ورد في تلك الحدود من النصوص القرآنية، وذلك قوله تعالى في حد السرقة: ?وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ? (المائدة:38 - 39)، وقوله تعالى في حد الزنى: ?الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ? (النور:2)، فهل لنا أن نجتهد في الأمر الوارد في حد السرقة وهو قوله تعالى: ?فاقْطعوا? والأمر الوارد في حد الزنى وهو قوله تعالى: ?فاجْلِدوا? فنجعل كلا منهما للإباحة لا للوجوب، ويكون الأمر فيهما مثل الأمر في قوله تعالى: ?يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ? (الأعراف:31)، فلا يكون قطع يد السارق حداً مفروضاً، لا يجوز العدول عنه في جميع حالات السرقة، بل يكون القطع في السرقة هو أقصى عقوبة فيها، ويجوز العدول عنه في بعض الحالات إلى عقوبات أخرى رادعة،
(يُتْبَعُ)
(/)
ويكون شأنه في ذلك شأن كل المباحات التي تخضع لتصرفات ولي الأمر، وتقبل التأثر بظروف كل زمان ومكان.
وهل لنا أن نذلل بهذا عقبة من العقبات التي تقوم في سبيل الأخذ بالتشريع الإسلامي؟ مع أننا في هذا الحالة لا نكون قد أبطلنا نصاً، ولا ألفينا حداً وإنما وسَّعنا الأمر توسيعاً يليق بما امتازت به الشريعة الإسلامية من المرونة والصلاحية لكل زمان ومكان، وبما عُرِفَ عنها من إيثار التيسير على التعسير، والتخفيف على التشديد. أ. ه. "44
وهذا الاجتهاد المزعوم -وفق هذا التأويل الرديء- مردود على صاحبه لأنه اجتهاد فيما لا مجال للاجتهاد فيه، لأنه أمر قطعي ثابت بالكتاب والسنَّة وإجماع الأمة، ومعلوم من الدين بالضرورة.
والأمر في هذا المقام لا يمكن أن يفهم منه الإباحة بحال، إذ الأصل في الأمر الوجوب أو -على الأقل- الاستحباب، ولا يخرج عنهما إلا بقرينة، ولا قرينة هنا.
والأمر في الآية التي استدل بها على أنه للإباحة -وهي: ?يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ? (الأعراف:31) ليس كما توَّهم، فقد بيَّن الإمام الشاطبي في موافقاته: أن الأكل والشرب وأخذ الزينة هنا واجب بالكل، مباح بالجزء، فإن بني آدم لا يجوز لهم أن يمتنعوا عن الطعام والشراب والتزين، وخصوصاً الحد الأدنى منه هو ستر العورة- بدعوى التنسك أو التزهد، أو مقاومة الجسد أو ترقية الروح أو نحو ذلك، وإن أبيح لهم ذلك في وقت معيَّن، أو لسبب معيَّن، وهذا معنى أنه مباح بالجزء. وينبغي مراجعة تحقيق الشاطبي هنا فهو في غاية النافسة.
ولو نظرنا إلى القرائن المحيطة بالنص، لوجدناها كلها تنادي بالوجوب، بل تؤكده.
وكيف يكون الأمر هنا للإباحة، وهو يقول: ?جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ? (المائدة: 38)، وكيف رفض النبي ? أي شفاعة في حدود الله من أحب الناس إليه، وهو أسامة بن زيد، وقال له منكراً: "أتشفع في حدٍ من حدود الله يا أسامة"؟ وكيف قال قولته المعروفة: "وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يدها"!
وكي يكون الأمر في جَلْد الزانية والزاني للإباحة، وهو يقول عقبه: ?وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ? (النور:2)، فَلِمَ كل هذا التحريض والإلهاب؟
إن هذا التأويل -لو صحَّ- لجاز أن يقول قائل في آيات أُخر، أو أمر آخر، القول نفسه، ويؤوِّلها التأويل نفسه، مثل قوله تعالى: ?حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ? (البقرة:238)، ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ? (البقرة: 267)، ?وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ? (البقرة:110، المزمل: 20).
?وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ? (الصافات: ة9) أي وأولئك لهم عذاب دائم، لتقصيرهم عن البحث في سر عظمة هذا الكون، والوصول بذلك إلى عظمة خالقه، وبديع قدرته.
ثم بين من وفقهم الله وأنعم عليهم ممن ظفروا بالمعرفة فقال:
?إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ? (الصافات:10)، أي إلا من لاحت له بارقة من ذلك الجمال، وعنّت له سانحة منه، فتخطف بصيرته كالشهاب الثاقب، فحنّ إلى مثلها، وصبت نفسه إلى أختها، وهام بذلك الملكوت العظيم باحثاً عن سر عظمته، ومعرفة كنه جماله، وهم من اصطفاهم الله من عباده، وآتاهم الحكمة من لدنه، وأيدهم بروح من عنده، وهم أنبياؤه وأولياءه الذين أنعم عليهم من الصديقين والشهداء والصالحين.
(يُتْبَعُ)
(/)
والخلاصة -أن الدنيا بيت فرشه الأرض، وسقفه السماء، وسراجه الكواكب، والبيوتُ الرفيعة العماد، العظيمة البناء، كما تزين بالأنوار تزين بالنقوش التي تكسبها لألاء وبهجة في عيون الناظرين، ولكن لن يصل إلى إدراك تلك المحاسن إلا الملائكة الصافّون، والأنبياء والعلماء المخلصون، أما الجهال والشياطين المتمرِّدون من الجن والإنس فأولئك عن معرفة محاسنها غافلون، فلقد يعيش المرء منهم ويموت وهو لاهٍ عن درك هذا الجمال، فتخطف بصائرهم كالشهاب الثاقب، فيخطفون منها خطفة يتبعها قَبَس من ذلك النور يضيء، وينير ألبابهم، فيكونون ممن كتب الله لهم السعادة، وقيّض لهم التوفيق والهداية، وممن اصطفاهم ربهم برضوانه، والفوز بنعيمه.
هذا ما قاله الشيخ أحمد مصطفى المراغي في تفسير هذه الآيات، ثم عقب في الحاشية فقال:
وقد نحونا بهذا نحواً آخر يخالف ما في كثير من التفاسير، إذ أنهم قالوا: إن خطف الخطفة كان من الشيطان حين أراد أن يسترق السمع، ويأخذ أخبار السماء، فأتبعه شهاب ثاقب فأحرقه، ولم يستطع أخذ شيء منها، وعصم الله وحيه وكتابه. أ. ه.45
ورحم الله الشيخ، فقد أبعد النجعة، وشطح شطحا بعيداً، بعد به عن المنهج القويم، وقد قال تعالى على لسان الجن: ?وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً. وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً? (الجن:8 - 9). والمعنى واضح كالشمس.
فالأمر -وفقاً لهذا التأويل- في هذا الآيات كلها للإباحة لا للوجوب، فمن شاء فليُصل، ومن شاء فليُزك وليُنفق، ومن لم يشأ فلا جُناح عليه، فلم يترك إلا أمراً مباحاً، من فعله أُثيب عليه، ومن تركه فلا إثم علي!
وكذلك يقال في كل الأوامر القرآنية: إذ لا فرق بين أمر وأمر. وهذا هو العبث بعينه، أو هو تبديل لدين الإسلام بدين جديد.
- من تكلفات بعض المفسرين المعاصرين:
ومما نأسف له: ما وقع من تكلف واعتساف في التأويل، لبعض المفسرين المعاصرين، مثل صاحب (تفسير المراغي). فقد ذكر في تفسير قوله تعالى: ?إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ. وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ. لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُوراً وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ. إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ? (الصافات:6 - 10) كلاماً متكلفاً، بعيداً عن المتبادر، ولا دليل عليه من شرع ولا عقل، ولا عرف. يقول عفا الله عنا وعنه:
?إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ? أي جعلنا الكواكب زينة في السماء القريبة منكم بما لها من البهجة والجمال، وتناسب الأشكال وحسن الأوضاع، ولا سيما لدى الدارسين لنظامها، المفكرين في حسابها، إذ يرون أن السيارات منها متناسبة المسافات، بحيث يكون كل سيار بعيداً من الشمس ضِعف بُعد الكوكب الذي قبله.
?وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ?، أي وحفظنا السماء أن يتطاول لدرك جمالها، وفهم محاسن نظامها، الجهّالَ والشياطين المتمردون من الجن والإنس، لأنهم غافلون عن آياتنا، معرضون عن التفكير في عظمتها؛ فالعيون مفتحة، ولكن لا تبصر الجمال ولا تفكر فيه، حتى تعتبر بما فيه.
?لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَأِ الْأَعْلَى? أي إن كثيراً من أولئك الجهال والشياطين محبوسون في هذه الأرض، غائبة أبصارهم عن الملأ الأعلى، لا يفهمون رموز هذه الحياة وعجائبها، ولا ترقى نفوسهم إلى التطلع إلى تلك العوالم العليا، والتأمل في إدراك أسرارها، والبحث في سر عظمتها.
?َيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُوراً? أي وقد قذفتهم شواتههم وطردتهم من كل جانب، فهم تائهون في سكراتهم، تتخطفهم الأهواء والمطامع والعداوات والإحن، فلا يبصرون ذلك الجمال الذي يشرق للحكماء، ويبهر أنظار العلماء، ويتجلى للنفوس الصافية ويسحرها بعظمته، وهم ما زالوا يدأبون على معرفة هذا السر حتى ذاقوا حلاوته، فخروا ركعاً سجداً مذهولين من ذلك الجمال والجلال.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[25 Dec 2008, 08:10 م]ـ
بحث يتفجر وسطية واعتدالا وشمولا وعلماً، بارك الله في الكاتب وأطال عمره واحسن عمله، كذا الناقل.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[25 Dec 2008, 11:53 م]ـ
• لا تأويل إلا بدليل:
المهم ألا يحدث إلا بدليل أو بقرينة توجب صرفه عن المعنى الأصلي، وإلا بطلت الثقة باللغة ومهمتها. فإذا وجدنا الدليل أو القرينة صرفنا اللفظ من الصريح إلى الكناية، ومن الحقيقة إلى المجاز.
في القرآن الكريم نجد ذلك التعبير بالكناية في مثل قوله تعالى: ?أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً? (المائدة: 6)، فالغائط هو: المكان المطمئن من الأرض، كُني بالمجيء منه عن التغوط، وهو الحدث الأصغر.
• نعم هو بحث شامل ومعتدل
• ولكن ما وصف بالوسطية –لاتأويل إلا بدليل – أيضا يعطل اللغة ومهمتها
• فإني _رغم كوني غير متخصص في اللغة – أستغرب كيف لا يستخدم العلماء قواعد اللغة
• فمثلا " لامستم " هل ليس هناك ملامسة =مفاعلة إلا بالجماع؛ الفعل علي صيغة –فاعل –ولا يحتاج لتأويل ولا لغيره؛ فكل ما يمكن أن يسمي ملامسة يستوجب الوضوء.
• كيف نقر أن المجيء من الغائط كناية عن التغوط وهو ما يستوجب الوضوء أو التيمم؛ وكأن من كان متوضئا و ذهب إلي الغائط ولم يتغوط لايجب عليه الوضوء؛
• إن النص واضح في أن دخول الغائط يستوجب الوضوء ولكن بعد المجيء من الغائط؛أي أنه لا يصح الوضوء في مكان الغائط
•ولقد طال الكلام في هذه المسألة والبحث رصدها رصدا شبه شامل ولكن بقاء الباب مفتوحا يجعل مجهود الجميع وكأنه بلا فائدة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو حسان]ــــــــ[27 Dec 2008, 01:48 ص]ـ
بحث جميل ورائع يدل على سعة علم كاتبه وفهمه العميق لمدارس التأويل
وكم أتمنى أن تكون هذه الروح العلمية منتشرة في كل البلاد الإسلامية وأن يتفهم بعضنا بعضا بعيدا عن إقصاء وتجهيل المخالف
ـ[أبو المهند]ــــــــ[31 Dec 2008, 12:59 ص]ـ
بحث جميل ورائع يدل على سعة علم كاتبه وفهمه العميق لمدارس التأويل، وكم أتمنى أن تكون هذه الروح العلمية منتشرة في كل البلاد الإسلامية وأن يتفهم بعضنا بعضا بعيدا عن إقصاء وتجهيل المخالف
صدقتم بارك الله لنا فيكم وأكثر من أمثالكم
ـ[تامر المظالي]ــــــــ[24 May 2009, 10:32 م]ـ
البحث أورده الدكتور القرضاوي في كتابه الماتع" كيف نتعامل مع القرآن العظيم"
ـ[تامر المظالي]ــــــــ[24 May 2009, 10:36 م]ـ
البحث أورده الدكتور القرضاوي في كتابه الماتع (كيف نتعامل مع القرآن العظيم؟)
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[27 May 2009, 09:52 ص]ـ
باركك الله أخي محمد وجزى الشيخ القرضاوي خيرا!
لقد ظننت عندما قرأت العنوان أنك ستذكر بعض نماذج من سوء تأويل الشيخ, فوجدت أنك تنقل عنه!
بارككما الله ونفع بنا جميعا!
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[27 May 2009, 11:30 م]ـ
[ QUOTE= محمد بن جماعة;68019] ملاحظة: هوامش البحث مفقودة.
===
من محاذير التفسير: سوء التأويل
د. يوسف القرضاوي
المصدر: مجلة إسلامية المعرفة ( http://www.eiiit.org/eiiit/eiiit_article_read.asp?articleID=741&catID=17&adad=8)، العدد 8
ولكن تأويل النصوص، بصرفها عن معناها الحقيقي إلى معناها المجازي، أو الكنائي، لا يخالف فيه عالم له دراية بالقرآن والسنة.
وقد لا يسمي بعضهم ذلك مجازاً، ويطلق عليه اسماً آخر، كما يفعل شيخ الإسلام ابن تيمية (توفي: 728ه/1328م)، ومن سبقه من علماء اللغة، ثم من تبعه من تلاميذه.
ونحن لا تهمنا الأسماء والعناوين إذا صحّت المسمّيات والمضامين، فهم متفقون على صرف اللفظ عن ظاهره إلى معنى آخر غير المتبادر منه.
الاختلاف بين القائلين بوجود المجاز في القرآن الكريم والنافين له، ليس خلاف مسميات بل هو خلاف جوهري؛ تنبني عليه أحكام شرعية متفاوتة في الأهمية من التوحيد إلى المندوبات ..
والذي قرره المحققون وهم من هم في العلم باللغة العربية وبكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم،أن من أخص خصائص المجاز أنه يمكن تكذيبه وتصديقه؛ فلو قال لك أحد رأيت أسدا وهو يقصد رجلا شجاعا - مثلا - لأمكنك أن تقول له كذبت ليس أسدا وإنما هو رجل شجاع، والمسألة معروفة متداولة في كتب عمالقة أهل العلم .. ومع احترامي التام للشيخ يوسف القرضاوي إلا أني لا أظن أن أحدا يقارن علمه بعلمهم، ولا هو نفسه يقبل ذلك أو يرضى به.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وسلك بنا جميعا مسلك الاعتدال في كل شيء حتى في تنزيل العلماء منازلهم، وإعطاء كل واحد منهم حقه؛ فلو رفعت عالما عن مكانته الصحيحة فإنك تكون قد خدعت الأمة وظلمتها، ولو أنزلته عن منزلته المستحقة له تكون أيضا ظلمته وظلمت الأمة من بعده.
والله المستعان وعليه التكلان.(/)
مواقف تدل على تأثر السلف بالقرآن ووقوفهم عند آياته وتفاعلهم معها
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Dec 2008, 10:13 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من نظر في سير السلف الصالحين ظهر له بجلاء أن من أبرز صفاتهم، وأجل مناقبهم: تأثرهم بالقرآن العظيم، وحرصهم الشديد على الاتصاف بكل وصف أثنى الله على أهله، وحذرهم من الوقوع في أي وصف ذم الله من اتصف به.
وقد كانوا - رضي الله عنهم - وقّافين عند كتاب الله، معظمين له، رجّاعين إليه إذا اختلفوا، مستدلين به إذا تكلموا.
وفي هذا الموضوع أردت ذكر شيئ من مواقفهم رجاء أن نسلك طريقهم، ونقتفي أثرهم، ونلحق بهم، ونقتدي بهداهم.
ومن الموقف في ذلك:
أورد الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة عبدالله بن عمر رضي الله عنهما هذا الخبر:
(عن قزعة، قال: رأيت على ابن عمر ثيابا خشنة أو جشبة، فقلت له: إني قد أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان، وتقر عيناي أن أراه عليك. قال: أرنيه، فلمسه، وقال: أحرير هذا؟ قلت: لا، إنه من قطن.
قال: إني أخاف أن ألبسه، أخاف أكون مختالا فخورا، {والله لا يحب كل مختال فخور} [الحديد:23].)
ثم قال الذهبي رحمه الله معلقاً: (قلت: كل لباس أوجد في المرء خيلاء وفخرا فتركه متعين، ولو كان من غير ذهب ولا حرير.
فإنا نرى الشاب يلبس الفرجية [الفرجية: ثوب واسع طويل الاكمام، بتخذ من قطن أو حرير أو صوف.] الصوف بفرو من أثمان أربع مئة درهم ونحوها، والكبر والخيلاء على مشيته ظاهر، فإن نصحته ولمته برفق كابر، وقال: ما في خيلاء ولا فخر.
وهذا السيد ابن عمر يخاف ذلك على نفسه.
وكذلك ترى الفقيه المترف إذا ليم في تفصيل فرجية تحت كعبيه، وقيل له: قد قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ما أسفل من الكعبين من الازار ففي النار "، يقول: إنما قال هذا فيمن جر إزاره خيلاء، وأنا لا أفعل خيلاء.
فتراه يكابر، ويبرئ نفسه الحمقاء، ويعمد إلى نص مستقل عام، فيخصه بحديث آخر مستقل بمعنى الخيلاء، ويترخص بقول الصديق: إنه يا رسول الله يسترخي إزاري، فقال: " لست يا أبا بكر ممن يفعله خيلاء "
فقلنا: أبو بكر رضي الله عنه لم يكن يشد إزاره مسدولا على كعبيه أولا، بل كان يشده فوق الكعب، ثم فيما بعد يسترخي.
وقد قال عليه السلام: " إزرة المؤمن إلى أنصاب ساقيه، لا جناح عليه فيما بين ذلك وبين الكعبين ". ومثل هذا في النهي لمن فصل سراويل مغطيا لكعابه.
ومنه طول الأكمام زائدا، وتطويل العذبة.
وكل هذا من خيلاء كامن في النفوس.
وقد يعذر الواحد منهم بالجهل، والعالم لا عذر له في تركه الإنكار على الجهلة.) انتهى.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[26 Dec 2008, 03:02 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا أبا مجاهد وليتك تواصل هذا الموضوع القيم ..
ـ[يسعد صباحك]ــــــــ[26 Dec 2008, 04:36 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا أبا مجاهد وليتك تواصل هذا الموضوع القيم ..
بارك الله بك أخي فعلا ليتك تواصل هذا الموضوع القيم
بكل ماتحمله الكلمه من معنى
وفقك الله ورعاك
ـ[أفانين القرآن]ــــــــ[26 Dec 2008, 10:03 م]ـ
شكر الله لك أخانا المبارك ..
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Jan 2009, 11:04 ص]ـ
قال ابن حجر في الإصابة في معرفة الصحابة: (عن نافع: كان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " يبكي حتى يغلبه البكاء.).
وهذا الأثر أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1/ 305 من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن عثمان بن واقد، عن نافع ... ورجاله ثقات. كما قال محققو سير أعلام النبلاء.
وفي سير أعلام النبلاء أن الفضيل بن عياض كان شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس، وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينا هو يرتقي الجدران إليها، إذا سمع تاليا يتلو: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم .. ) [الحديد: 16] فلما سمعها، قال: بلى يا رب، قد آن، فرجع، فآواه الليل إلى خربة، فإذا فيها سابلة، فقال بعضهم: نرحل، وقال بعضهم: حتى نصبح فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا.
قال: ففكرت، وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين هاهنا، يخافوني، وما أرى الله ساقني إليهم إلا لارتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام.
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[12 Jan 2009, 06:05 م]ـ
ما أجملها من وقفات أخي المبارك وتأملات تزيد المؤمن إيماناً ... فبارك الله فيك
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[12 Jan 2009, 07:57 م]ـ
جزاكم الله خيرا، ومشاركة:
ينقل عن عبدالله بن المبارك قوله:
" لو أن رجلا اتقى مائة شيء ولم يتورع عن شيء واحد،
لم يكن ورعا.
ومن كانت فيه خلة من الجهل كان من الجاهلين، ويستشهد بقول الحق تبارك وتعالى لنوح عليه السلام:
{فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي} (هود:45)
وقال الله عز وجل:
{إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} (هود:46).أهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[24 Jan 2009, 11:55 ص]ـ
جاء في ترجمة محمد بن المنكدر أنه كان ذات ليلة قائماً يصلي إذ استبكى، فكثر بكاؤه حتى فزع له أهله، وسألوه، فاستعجم عليهم، وتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم فجاء إليه، فقال: ما الذي أبكاك؟ قال: مرت بي آية، قال: وما هي؟ قال: * (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) * فبكى أبو حازم معه، فاشتد بكاؤهما.
وجاء عنه أنه جزع عند الموت، فقيل له: لم تجزع؟ قال: أخشى آية من كتاب الله * (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون)؛ فأنا أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب.
انظر ترجمته في حلية الأولياء، وسير أعلام النبلاء.
وفي سير أعلام النبلاء في ترجمة سليمان بن طرخان التيمي البصري:
(وذكر مردويه، عن فضيل بن عياض قال: قيل لسليمان التيمي: أنت أنت، ومن مثلك؟!
قال: لا تقولوا هكذا. لا أدرى ما يبدو لي من ربي عزوجل. سمعت الله يقول: (وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون) [الزمر: 47])
وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي:
(حدثنا الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن فهم، قال: حدثني يحيى بن معين، قال: حدثني محرز بن أبي محرز العابد وهو بن عون، قال: سمعت بكرا العابد يقول سمعت فضيل بن عياض يقول في قول الله عز و جل: {وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون} قال: أتوا بأعمال ظنوها حسنات فإذا هي سيئات.
قال فرأيت يحيى بن معين بكى.)
وجاء في التفسير عن سفيانُ الثوريُّ أنه قال: ويلٌ لأهل الرياءِ مِن هذه الآية.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[24 Jan 2009, 05:56 م]ـ
* قال الذهبي: بلغنا أن فخر الرازي وعظ مرة عند أبي المظفر محمد بن سام، فقال يا سلطان العالم لا سلطانك يبقى ولا تلبيس الرازي يبقى وإن مردنا إلى الله وإن المسرفين هم أصحاب النار قال: فانتحب السلطان بالبكاء
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[31 Jan 2009, 01:10 م]ـ
عند ابن أبي شيبة والبيهقي وعبد الرزاق رحمهم الله أنَّ أمَّ المؤنينَ الطاهرةَ عائشةَ رضي الله عنها وأرضاها قرأت وهي تصلي قول الله تعالى (فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ) فبكت , وقالت:
(اللَّهُمَّ مُنَّ علَيَّ وَقِنِي عَذَابَ السَّمُومِ إنَّكَ أَنتَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ)
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[31 Jan 2009, 11:04 م]ـ
مشاركة بسيطة نقلتها للفائدة لي ولكم أسأل الله أن ينفعنا بها:-
* روى بن أبي الدنيا من حديث عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، قال:
سمعت عبد الله بن حنظلة يوما وهو على فراشه، وعدته من علته فتلا رجل عنده هذه الآية [لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاش]،
فبكى حتى ظننت أن نفسه ستخرج،
وقال: صاروا بين أطباق النار ثم قام على رجليه
فقال قائل: يا أبا عبد الرحمن أقعد،
قال: منعني القعود ذكر جهنم ولعلي أحدهم.
* قال أبن أبي مليكة: صحبت ابن عباس – يعني في السفر – فأذا نزل قام شطر الليل ويرتل القرآن حرفاً حرفاً ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب.
* ومن حديث أبي بكر بن عياش قال: صليت خلف فضيل بن عياض صلاة المغرب و إلى جانبي علي ابنه فقرأ الفضيل [أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُر]
فلما بلغ ... [لَتَرَوُنَّ الْجَحِيم]،
سقط مغشيا وبقي الفضيل لا يقدر يجاوز الآية،
ثم صلى بنا صلاة خائف، قال ثم رابطت عليا فما أفاق إلا في نصف الليل.
اللهم اجعلنا من أهل القرآن وخاصته ...
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[03 Feb 2009, 09:37 م]ـ
يااااااأسفى تفنى الحياة وتنقضي ولما نقضي نهمتنا من القرآن000
ـ[ضياء الرحمن بن صغير أحمد]ــــــــ[04 Feb 2009, 02:20 م]ـ
جزك الله خير الجزاء
في الحقيقة أن الفطرة الإنسانية تميل إلى الخير والتفكر والتدبر والعمل بكل ما تحتوية الرسالة السماوية ولكن ........... الغفلة .............. !
أصابنا الوهن ...
نسأل الله العافية
ـ[محمد العمر]ــــــــ[05 Feb 2009, 10:32 م]ـ
من قرأ كتابي معرفة القراء الكبار للإمام الذهبي وغاية النهاية لابن الجزري أدرك وبجلاء خوف السلف وتأثرهم بكلام الله عز وجل.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Mar 2009, 10:09 ص]ـ
جاء في كتاب الأسماء والصفات للبيهقي ما نصه:
(باب ما جاء في معنى قول الله عز وجل: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون}
(يُتْبَعُ)
(/)
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثُونِي عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ وَالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ}، كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ. ...
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِنَّمَا كَانَ انْزِعَاجُهُ عِنْدَ سَمَاعِ هَذِهِ الآيَةِ، لِحُسْنِ تَلَقِّيهِ مَعْنَى الآيَةِ وَمَعرِفَتِهِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ بَلِيغِ الْحُجَّةِ، فَاسْتَدْرَكَهَا بِلَطِيفِ طَبْعِهِ، وَاسْتَشَفَّ مَعْنَاهَا بِذَكِيِّ فَهْمِهِ.
وَهَذِهِ الآيَةُ مُشْكِلَةٌ جِدًّا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الآيَةِ، قَالَ: فَهِيَ أَصْعَبُ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ، قَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: لَيْسَ هُمْ بِأَشَدَّ خَلْقًا مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، لأَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ خُلِقَتَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، وَهُمْ خُلِقُوا مِنْ آدَمَ، وَآدَمُ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ.
قَالَ: وَقِيلَ قَوْلٌ آخَرُ: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ؟ أَمْ خُلِقُوا لِغَيْرِ شَيْءٍ؟ أَيْ خُلِقُوا بَاطِلا لا يُحَاسَبُونَ وَلا يُؤْمَرُونَ وَلا يُنْهَوْنَ.
قَالَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ: وَهَهُنَا قَوْلٌ ثَالِثٌ هُوَ أَجْوَدُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا أَبُو إِسْحَاقَ، وَهُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِنَظْمِ الْكَلامِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أُمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ خَلَقَهُمْ، فَوُجِدُوا بِلا خَالِقٍ، وَذَلِكَ مَا لا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ، لأَنَّ تَعَلُّقَ الْخَلْقِ بِالْخَالِقِ مِنْ ضَرُورَةِ الأَمْرِ، فَلا بُدَّ لَهُ مِنْ خَالِقٍ، فَإِذْ قَدْ أَنْكَرُوا الإِلَهَ الْخَالِقَ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُوجَدُوا بِلا خَالِقٍ خَلَقَهُمْ أَفْهُمُ الْخَالِقُونَ لأَنْفُسِهِمْ؟ وَذَلِكَ فِي الْفَسَادِ أَكْثَرُ، وَفِي الْبَاطِلِ أَشَدُّ، لأَنَّ مَا لا وُجُودَ لَهُ كَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَوْصُوفًا بِالْقُدْرَةِ، وَكَيْفَ يَخْلُقُ وَكَيْفَ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْفِعْلُ، وَإِذَا بَطَلَ الْوَجْهَانِ مَعًا قَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ لَهُمْ خَالِقًا فَلْيُؤْمِنُوا بِهِ إِذًا ثُمَّ قَالَ: أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ، أَيْ: إِنْ جَازَ لَهُمْ أَنْ يَدَّعُوا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ فِي تِلْكَ الْحَالِ فَلْيَدَّعُوا خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَذَلِكَ شَيْءٌ لا يُمْكِنُهُمْ أَنْ يَدَّعُوهُ بِوَجْهٍ، فَهُمْ مُنْقَطِعُونَ، وَالْحُجَّةُ لازِمَةٌ لَهُمْ مِنَ الْوَجْهَيْنِ مَعًا، ثُمَّ قَالَ: بَلْ لا يُوقِنُونَ فَذَكَرَ الْعِلَّةَ الَّتِي عَاقَتْهُمْ عَنِ الإِيمَانِ، وَهِيَ عَدَمُ الْيَقِينِ الَّذِي هُوَ مَوْهِبَةٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلا يُنَالُ إِلاَّ بِتَوفِيقِهِ؛ وَلِهَذَا كَانَ انْزِعَاجُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَتَّى قَالَ: كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَهَذَا بَابٌ لا يَفْهَمُهُ إِلاَّ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، تَفْسِيرَ هَذِهِ السُّورَةِ، وَقَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، مِنْ غَيْرِ رَبٍّ، أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ، يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ.) انتهى ما أورده البيهقي.
ـ[شهاب الدين]ــــــــ[02 Mar 2009, 11:31 م]ـ
السلام عليكم و بعد
(يُتْبَعُ)
(/)
شكر الله للشيخ العبيدي على هذه الرسائل الدعوية و التربوية من خلال الآيات القرآنية ... كان من المنتظر أن نجعل حبيبنا صلى الله عليه و سلم فى مقدمة هؤلاء - بأبى هو و امى - فلقد وصفته عائشة - رضي الله عنها - بأنه قرآن يمشى
و السلام
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[04 Nov 2009, 11:23 ص]ـ
جاء في ترجمة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أن ابنه صالحاً قال: (وَسَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: لَقَدْ جَعَلتُ المَيِّتَ فِي حِلٍّ مِنْ ضَربِه إِيَّايَ.
ثُمَّ قَالَ: مَرَرْتُ بِهَذِه الآيَةِ: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ، فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ} [الشُّورَى: 40]،فَنَظَرتُ فِي تَفْسِيْرهَا، فَإذَا هُوَ مَا أَخْبَرَنَا هَاشِمُ بنُ القَاسِمِ، أَخْبَرَنَا المُبَارَكُ بنُ فَضَالَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الحَسَنَ يَقُوْلُ: إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ، جَثتِ الأُمَمُ كُلُّهَا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ رَبِّ العَالِمِيْنَ، ثُمَّ نُودِيَ أَنْ لاَ يقومَ إِلاَّ مَنْ أَجرُه عَلَى اللهِ، فَلاَ يَقومُ إِلاَّ مَنْ عَفَا فِي الدُّنْيَا.
قَالَ: فَجَعَلتُ المَيِّتَ فِي حِلٍّ.
ثُمَّ قَالَ: وَمَا عَلَى رَجُلٍ أَنْ لاَ يُعَذِّبَ اللهُ بِسَبِبِهِ أَحَداً.) انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء للذهبي
ومن جميل الوصايا ما أورده ابن الجوزي في صفة الصفوة عن يونس بن عبد الأعلى أنه قال: (قال لي الشافعي: يا يونس إذا بلغك عن صديق لك ما تكرهه فإياك أن تبادره بالعداوة وقطع الولاية فتكون ممن أزال يقينه بشك، ولكن القه وقل له بلغني عنك كذا وكذا، واحذر أن تسمي له المُبلِّغ، فإن أنكر ذلك فقل له أنت أصدق وأبر لاتزيدن على ذلك شيئا، وإن اعترف بذلك فرأيت له في ذلك وجها لعذر فأقبل منه، وإن لم تر ذلك فقل له ماذا أردت بما بلغني عنك، فإن ذكر ماله وجه من العذر فاقبل منه، وإن لم تر لذلك وجها لعذر وضاق عليك المسلك فحينئذ أثبتها عليه سيئة ثم أنت في ذلك بالخيار إن شئت كافأته بمثله من غير زيادة وإن شئت عفوت عنه، والعفو أقرب للتقوى وأبلغ في الكرم لقول الله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله} .. ) انتهى من صفة الصفوة.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[04 Nov 2009, 03:01 م]ـ
روى البخاري عن عبد الله بن مسعود قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم "اقرأ علي" قلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أُنزلَ؟ قال: "نعم، إني أحب أن أسمعه من غيري" فقرأت سورة النساء، حتى أتيت إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} قال: "حسبك الآن" فإذا عيناه تَذْرِفَان.
وهذه الصورة عن أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم تعطينا الصورة الأكمل والأمثل للتأثر بالقرآن، وهي حالة من التأثر تشمل القلب والفكر والجوارح بحيث لا يبقى مجال للنفس أن تنشغل بشيء آخر، وفي نفس الوقت يبقى معها الترابط النفسي حاضرا ولا يخرج بصاحبها عن المألوف.
وهذا النوع من التأثر جاء ذكره في القرآن عند الحديث عن المؤمنين من أهل الكتاب في قوله تعالى:
(وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)) سورة المائدة
والآية تشير إلى الاتزان والترابط النفسي لهؤلاء المؤمنين وانعاكس أثر القرآن في نفوسهم إلى ترجمة عملية لإيمانهم.
ومثله قول الله تعالى:
(قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)) سورة الإسراء
نعم قد يشتد وقع آيات القرآن وما تحمله من معاني على النفس فيكون لها أثر مختلف، كما جاء في صحيح مسلم:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ
{رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}
الْآيَةَ وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام
{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}
فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي وَبَكَى فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ وَهُوَ أَعْلَمُ فَقَالَ اللَّهُ يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ.
ومثله أيضا:
ما رواه أبو دواد في سننه:
عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الرَّحَى مِنْ الْبُكَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
اللهم اكتب لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ضياء الرحمن بن صغير أحمد]ــــــــ[06 Nov 2009, 11:58 م]ـ
جزاكم الله خيرا
نفعتني كثيراً هذه المقتطفات المجوهرة والرائعة من الشيخ أبو مجاهد وخاصة في حلقات التحفيظ للمرحلة الثانوية والموظفين ورأيت لها قبول في نفوسهم
أسأل الله أن ينفع بكم الإسلام والمسلمين
ـ[العليمى المصرى]ــــــــ[07 Nov 2009, 12:12 ص]ـ
قال ابن حجر في الإصابة في معرفة الصحابة: (عن نافع: كان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: " ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله " يبكي حتى يغلبه البكاء.) ..
وما كان يحدث لابن عمر - رضى الله عنهما - مع هذه الآية الكريمة هو ما حدث معى كذلك، حيث كانت تنتابنى على اثر تلاوتها نوبة من البكاء فأسجد من فورى وأنا على هذه الحال واستمر هذا طويلا، فهى من الآيات المؤثرة حقا
جزاكم الله خيرا على الموضوع وبارك فيكم
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[23 Jul 2010, 07:42 ص]ـ
إن السلف كان لهم فهم عميق لكتاب الله تعالى، وربما قرأ البعض قصص تأثرهم وتعجب من تأثرهم بآية معينة، ولو دقق النظر لغير رأيه، ليت الاخوة يكملون، جزا الله صاحب الموضوع كل خير.
ـ[محمد قاسم اليعربي]ــــــــ[25 Jul 2010, 01:02 ص]ـ
عن ابن عباس قال:
[قدم عيينة ابن حصن فنزل على ابن اخيه الحر بن قيس وكان من النفر الذين يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا فقال عيينة لابن أخيه:يا ابن أخي لك وجه عند هذا الأمير فاستأذن لي عليه قال: سأستأذن لك عليه قال ابن عباس:فاستأذن الحر لعيينة فأذن له عمر رضي الله عنه فلما دخل عليه قال: هي يا ابن الخطاب فوالله ما تعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى هم أن يوقع به فقال له الحر:يا أمير المؤمنين قال الله لنبيه (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) وإن هذا لمن الجاهلين والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافا عند كتاب الله].قال ابن كثير: انفرد بإخراجه البخاري
ـ[محمد قاسم اليعربي]ــــــــ[25 Jul 2010, 01:09 ص]ـ
عن ابن ربيعة قال:
نادى رجل من الخوارج عليا وهو في صلاة الفجر (ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين)
فأجابه علي وهو في الصلاة (فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون)
ـ[محمد قاسم اليعربي]ــــــــ[25 Jul 2010, 01:18 ص]ـ
[قال أبو بكر سألت رسول الله: ماشيبك؟ قال: شيبتني هود والواقعة وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت] أورده ابن كثير في تفسير سورة هود
ـ[محمد قاسم اليعربي]ــــــــ[25 Jul 2010, 01:37 ص]ـ
في ترجمة عمرو ابن جامع: أن شابا كان يتعبد في المسجد فهويته امرأة فدعته إلى نفسها وما زالت به حتى كاد يدخل معها المنزل فذكر هذه الآية (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) فخر مغشيا عليه ثم أفاق فأعادها فمات فجاء عمر فعزى فيه أباه وكان قد دفن ليلا فذهب فصلى على قبره بمن معه ثم ناداه عمر فقال: يا فتى (ولمن خاف مقام ربه جنتان) وأجابه الفتى من داخل القبر يا عمر قد أعطانيهما ربي في الجنة. مرتين أورده ابن كثير في تفسير قوله تعالى (إن الذين اتقوا ..... )
ـ[محمد قاسم اليعربي]ــــــــ[25 Jul 2010, 01:58 ص]ـ
عن قيس ابن حازم قال:
كان عبد الله ابن رواحة واضعا رأسه في حجر امرأته فبكى فبكت امرأته فقال: مايبكيك؟ فقالت رأيتك تبكي فبكيت قال:إني ذكرت قول الله (وإن منكم إلا واردها) فلا أدري أنجو منها أم لا؟(/)
السيوطى
ـ[مصطفى فرج بن حميد]ــــــــ[24 Dec 2008, 10:51 ص]ـ
السلام عليكم من المعلوم أن الأمام السيوطى شافعى المذهب ..... سؤالى هو هل انتماء السيوطى للمذهب الشافعى دفع به إلى توجيه بعض القضايا المتعلقة بالقرآن الكريم وعلومه شطر المذهب الشافعى ........ أرجو من رواد الملتقى الرد الأجابة على هذا السؤال ... بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا
ـ[مرهف]ــــــــ[24 Dec 2008, 11:08 م]ـ
هل لديك مثال على هذه الدعوى(/)
حذف ياء المتكلم الزائدة المتصلة بالفعل المضارع
ـ[العرابلي]ــــــــ[24 Dec 2008, 11:01 ص]ـ
المبحث الخامس
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف ياء المتكلم الزائدة المتصلة بالفعل المضارع
حذفت في أربعة وعشرين موضعاً
حذف ياء التحول يفيد دائمًا الاستمرار
1 - تؤتون:
في قوله تعالى: (قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ (ي) مَوْثِقًا مِنْ اللَّهِ لَتَأْتُونَنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا ءاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (66) يوسف.
قطع الموثق من الله هو عدم الوفاء به، ولا خروج من الموثق حتى ينتهي غياب أخيهم بالعودة، فلا بد من الاستمرار على الموثق للوفاء به؛ لذلك حذفت الياء لدلالة الاستمرار على الشرط الذي طلبه يعقوب عليه السلام من أبنائه لحفظ أخيهم سالمًا من مكرهم حتى يعود إليه.
2 - يؤتين:
في قوله تعالى: (فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ (ي) خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنْ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا (40) الكهف.
بعد تحذيره لصاحب الجنتين من كفره، واغتراره وتطاوله على صاحبه بكثرة المال والولد؛ توقع له زوال النعمة عنه بحسبان من السماء، وكان رجاؤه بالله أن يؤتيه خيرًا من جنتيه؛ عطاء ونعمة لا تزول، خلافًا لما توقعه لصاحب الجنتين؛ لذلك حذفت ياء التحول علامة لما كان يرجوه من عطاء دائم من الله تعالى.
3 - تتبعن:
في قوله تعالى: (قَالَ يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلاَّ تَتَّبِعَنِ (ي) أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) طه.
عد موسى عليه السلام عدم فعل هارون عليه السلام شيئًا بتركهم أو ضرب عبادة قومهما للعجل بمن معه ولم يفتن بالعجل، هو قطع لما وصاه به من قبل؛ (وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) الأعراف، وقد اعتذر هارون عليه السلام عن موقفه بقوله: (إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي (150) الأعراف، وقوله: (إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَاءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) طه، فكان حذف ياء التحول لأن الملامة لأخيه على ما ظنه الخروج على الاستمرار في التبعية له ولوصيته.
4 - تبشرون:
في قوله تعالى: (قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ (نِي) (54) الحجر.
كان تعجب إبراهيم عليه السلام من البشرى؛ من بقاء واستمرار القدرة على الإنجاب بعد بلوغه الكبر، ومن زوجه التي وصفت نفسها بأنها عجوز عقيم؛ فكان حذف ياء التحول لدلالة البشرى بعدم انقطاع رجائهما بوجود ولد لهما، مع بلوغهما الحالة التي هما عليها.
5 - يحضرون:
في قوله تعالى: (وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ (ي) (98) المؤمنون.
التعوذ بالله من الشياطين هو تعوذ دائم لحضروهم، لأنهم أذىً في كل أحوالهم، فكان حذف ياء التحول لمراد المتعوذ استمرار عدم حضور الشياطين في كل وقت وحال.
6 - يحيين:
في قوله تعالى: (وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (ي) (81) الشعراء.
الإحياء الثاني في الآخرة؛ هو إحياء دائم مستمر لا انقطاع له، بينما أثبتت ياء يميتني لأن هذه الإماتة إلى أجل ينتهي بالبعث يوم القيامة.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإن إثبات الياء يفيد التخصيص، والتخصيص يدل على وجود آخرين، فإن الإماتة تكون من فعل الله عز وجل ومن فعل غيره من عباده، كقتل اليهود للأنبياء، أما الإحياء فلا يكون إلا من الله عز وجل وحده، وما انفرد به فهو مستمر له؛ فكان إثبات الياء مع الإماتة، وحذفها مع الإحياء.
7 - ترن:
في قوله تعالى: (وَلَوْلاَ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ إِنْ تُرَنِ (ي) أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالاً وَوَلَدًا (39) الكهف
صاحب الجنتين يرى صاحبه على حالة دائمة مستمرة؛ من الفقر وقلة المال والولد لن تتغير، لذلك حذفت ياء التحول لدلالة هذا الاستعلاء والتطاول؛ على نظرة صاحب الجنتين لصاحبه.
8 - ترجمون:
في قوله تعالى: (وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (ي) (20) الدخان.
(يُتْبَعُ)
(/)
حذف ياء ترجموني هو كحذف ياء يحضروني؛ لأن تعوذ موسى عليه السلام بالله هو تعوذ دائم من فرعون وقومه؛ بألا تصله أيديهم بأي أذى. ويحذر دائمًا من الشر والظلم والبطش من أي أحد كان.
9 - لتردين:
في قوله تعالى: (قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ (ي) (56) الصافات.
من تردى في نار جهنم كان ترديه دائمًا ومستمرًا، وكان فيها خالدًا مخلدًا؛ وهذا ما كان يخشاه الناجي من النار، والحامد لله على نعمة النجاة. ولم يكن كقرينه الذي رآه في وسط الجحيم.
10 - يردن:
في قوله تعالى: (ءَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ ءالِهَةً إِنْ يُرِدْنِ (ي) الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ (ي) عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ (ي) (23) يس
إرادة الله نافذة مستمرة؛ لا قاطع، ولا مانع، ولا راد، ولا محول لها. لذلك حذفت ياء التحول من يردني علامة لنفاذ إرادة الله عز وجل.
11 - يسقين:
في قوله تعالى: (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (ي) (79) الشعراء.
السقاية هي جلب الشراب لطالبه والمحتاج له، والله عز وجل هو الذي ينزل الماء ليشرب الناس ويحيي الأرض بعد موتها، والناس لا صنعة لهم ولا عمل في إعداد الماء، فالسقاية من الله تعالى وحده على الدوام، لذلك حذفت ياء التحول منها.
بينما أثبتت ياء يطعمني؛ لأن من الطعام ما يكون جاهزًا للأكل مباشرة، ومنه ما لا يمكنه تناوله إلا بعد إعداد الناس له ليكون صالحًا للأكل، وقد يتعدد إعداد الطعام الواحد ويتنوع؛ لذلك ثبتت ياء التحول فيه.
وملاحظة أخرى أن الطعام لم يذكر في القرآن من غذاء أهل الجنة، ولم يأت من مادته إلا بمعنى مذاقه في سورة محمد في قوله تعالى: (وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ (15) محمد؛ لأن الطعام في معظمه يتغير مذاقه عن الأصل المصنع منه تغييرًا قليلا، أو كبيرًا يجعله شيئًا آخر.
وذكر الطعام من أكل الناس في الدنيا كقوله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ (8) الإنسان، ومن أكل أهل النار كقوله تعالى: (وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13) المزمل، لأنه مكان هذا الطعام في النار، والنار هي التي تغير الطعام.
فيفهم من كل ذلك أن الله يطعمه في الدنيا، ويسقيه في الدنيا والآخرة؛ فيكون الطعام لأجل وينقطع والسقاية مستمرة ودائمة في الدنيا والآخرة، وفي هذا إشارة إلى أنه لا يوجد في الجنة إلا ما هو طيب صالح للأكل من غير تدخل للإنسان في إصلاحه وإعداده، ولا مكان للنار في نضجه.
أما قوله تعالى:
في قوله تعالى: (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) الواقعة، فالآية لم تشر إلى طريقة جعله شهيًا، فقد يكون لحمه لا يحتاج إلى طهي وشواء، ولا تقاس أمور الآخرة على الدنيا في كل شيء.
12 - يشفين:
في قوله تعالى: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (ي) (80) الشعراء
شفاء المريض هو إخراجه من مرضه، وإن لم يخرج هلك، والهلاك هو نهاية الأجل، وتقدير ذلك لا يكون إلا لله تعالى، فخفت ياء التحول علامة لذلك.
وما يعالج به المرضى هو مما خلقه الله تعالى في النبات خاصة، وفي خصائص المواد، وهذه كلها من الله تعالى، ويكون فيها البحث عن العلاج، وقد يستفيد منها بعض الناس، ولا تنفع لغيرهم، وجميعها لا تحول بين الناس والموت الذي لا بد منه.
ناهيك عن الشفاء بالدعاء الذي لا يحتاج إلى دواء، والله هو الشافي في كل الأحوال على الدوام.
13 - تشاقون:
في قوله تعالى: (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِي الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ (ني) فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) النحل.
هذا قول يخاطب به الله عز وجل يوم القيامة الذين استمروا على مشاققته في الدنيا، إلى أن لاقوه على إشراكهم، فكان حذف ياء التحول علامة استمرار المشاققة التي كانت سبب خزيهم والسوء الذي عليهم.
وسقطت مع حذف الياء نون الوقاية؛ لذهاب سببها.
14 - تشهدون:
في قوله تعالى: (قَالَتْ يَاأَيُّهَا المَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (ي) (32) النمل
(يُتْبَعُ)
(/)
تنفي ملكة سبأ من قطع أي أمر دون شهود الملأ، فهم يشهدون باستمرار تصرفها في أمور دولتها؛ لذلك كان حذف ياء التحول دلالة على إشهادها المستمر لهم في كل أمورها قبل أن تقطع رأيًا فيه.
15 - يطعمون:
في قوله تعالى: (مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (ي) (57) الذاريات.
إن الله عز وجل ليس بحاجة لرزق ولا طعام يعد، فالله تعالى هو الذي يهب الرزق للعباد، وما يهبه، هو مستغن عن حاجته إليه، فكان حذف الياء علامة غنى الله الدائم عما يحتاجه إليه الناس.
16 - ليعبدون:
في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (ي) (56) الذاريات.
العبادة هي السبب الذي خلق من أجله الجن والإنس، واستمرارهم عليها هو المطلوب حتى يلاقوه، لذلك حذفت الياء علامة استمرار السبب الذي من أجله كان خلقهم.
أما إثبات ياء التحول في قوله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (55) النور.
فلأن هناك وعدًا وشرطًا؛ ولا يتحقق التمكين في الدين، والاستخلاف الأرض، والأمن بعد الخوف للذين آمنوا وعملوا الصالحات إلا بعد الوفاء بالشرط؛ وهو أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئًا، ولو حذف ياء التحول لكان الشرط بلا حد يقف عنده ليكون هناك تحقق للوعد، ولن يكون لهم عند ذلك تمكين في الأرض، لأن المخاطبين بها أمة لا تنتهي إلا بهلاك آخرها.
فإثبات الياء دل على أن الوعد يتحقق بعد عبادتهم لله تعالى بالقدر الذي يبين إخلاصهم لله في عبادته، وقد تحقق ذلك بعد غزوة الأحزاب التي نزلت هذه الآيات في سورتها.
فإن تحولوا بعد ذلك عن إخلاص العبادة الله تعالى؛ حول الله تعالى وعده لهم إلى خلافه.
17 - تعلمن:
في قوله تعالى: (قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ (ي) مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) الكهف.
هذا طلب من موسى عليه السلام من العبد الصالح أن يعلمه ما لا يعرف عنه شيئًا، ولا يعرف حدود ما سيتعلمه منه، فكان حذف الياء علامة على أن باب التعلم مفتوح؛ غير محدد بزمن، أو بعدد المسائل المتعلمة، لكن موسى عليه السلام قطع ذلك بعدم صبره على ما يراه مخالفًا في ظاهره لما يعلمه من الحق.
18 - تفندون:
في قوله تعالى: (وَلَمَّا فَصَلَتْ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَنْ تُفَنِّدُونِ (ي) (94) يوسف.
لقد عهد يعقوب عليه السلام من بنيه التفنيد الدائم له بإخفاء ما فعلوه بيوسف عليه السلام، وادعاء أكل الذئب له، واستمروا على تفنيدهم لأبيهم؛ فلما قال أبوهم: (إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ)؛ قالوا: (قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ (95) يوسف، فقد استمروا على تفنيدهم، كما توقع منهم، وعلى ذلك كان حذف الياء علامة لذلك الاستمرار في التفنيد.
19 - يقتلون:
في قوله تعالى: (وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (ي) (14) الشعراء
وفي قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (ي) (33) القصص
القتل إذا وقع استمر، ولا رجعة للحياة بعد وقوعه، لذلك حذفت ياء يقتلوني في الموضعين، فوق دأب فرعون وجنوده القتل لبني إسرائيل قوم موسى عليه السلام، وائتمارهم لقتله بعد أن قام بقتل واحد منهم؛ فنجاه الله منهم إلى مدين، بعيدًا عنهم فترة غيابه عنهم.
20 - يكذبون:
في قوله تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (ي) (12) الشعراء
وفي قوله تعالى: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (ي) (34) القصص
موسى عليه السلام من بني إسرائيل؛ القوم المستضعفين المستعبدين؛ الذين لا كلمة لهم عند فرعون وقومه، فكيف إذا جاء لهم بأمر يهدم فيه ألوهية فرعون؟!
ويجعله عبدًا لله، ويطلب منه الاستجابة لأمر الله وطاعته؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ويكون هذا الطلب من فرد من بني إسرائيل؟!
فإن التكذيب هو الذي يتوقعه موسى عليه السلام من فرعون وقومه وملئه، واستمرارهم على التكذيب، وقد كان ذلك إلى أن أهلكهم الله تعالى بالغرق باليم، وعلى هذه الاستمرارية في التكذيب كان حذف الياء.
21 - أتمدونن:
في قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ (ي) بِمَالٍ فَمَا ءاتَانِ (ي) اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا ءاتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ (36) النمل.
استنكر سليمان عليه السلام على رسل ملكة سبأ أن يمدوه بمال لم يطلبه، وما لا حاجة له به، وكأنه ملك همه زيادة ملكه وماله، بدلا من مجيئهم إليه مسلمون، فعلى ما قصد في استنكاره كان حذف الياء.
22 - ينقذون:
في قوله تعالى: (ءَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ ءالِهَةً إِنْ يُرِدْنِ (ي) الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لَا تُغْنِ (ي) عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ (ي) (23) يس.
تكلمنا من قبل عن حذف ياء "يردن"، و"تغن"، وفي الآية حذف ثالث لياء "ينقذون"؛
ونفي المنقذ من عذاب وبطش الله بالمشركين به؛ هو نفي دائم، ولا كاشف لعقاب الله إذا وقع؛ فكان في حذف الياء بيان لنفي دائم لوجود منقذ ينقذ المشرك بالله من عقابه الله وعذابه.
23 - يهدِيْن: حذفت ياء يهديْني (بتسكين الياء) في أربعة مواضع، وأثبتت في موضع واحد فقط؛
في قوله تعالى: (قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (ي) (62) الشعراء.
قال موسى عليه السلام ذلك؛ لأن الله تعالى هو الذي أمره بهذا الخروج، وهو الذي معه ويتولاه، وسيهديه سبيل النجاة الدائمة من فرعون، فكانت نجاة دائمة من فرعون بهلاكه هو وجنوده.
وحذفت في قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (ي) (78) الشعراء.
قال إبراهيم عليه السلام ذلك؛ في بيان من هو ربه الذي يعبده؛ فنسب خلقه إليه، وأثبتت ياء خلقني لأن خلقه قد حدث، وانتهى الأمر بالوجود، أما الهداية فأمر يتجدد، والحاجة إلى الهداية الدائمة مستمرة، فكان حذف الياء علامة للاستمرار، كما كان إثباتها علامة للانقطاع والانتهاء.
وحذفت في قوله تعالى: (وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ (ي) (99) الصافات.
وسبب حذفها مثل سبب حذفها في السابقتين، فإبراهيم عليه السلام معتمد على رب يهديه هداية دائمة، في كل مسعى وطريق، وكانت هجرته إلى ربه، فهداه إلى الأرض المباركة.
وحذفت في قوله تعالى: (إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (ي) (27) الزخرف.
وهذا موضع آخر يبين إبراهيم عليه السلام علاقته بربه في معرض البراءة من شرك قومه؛ فربه الذي يؤمن به ويعتمد عليه سيديم هدايته كما هداه من قبل، لذلك حذفت الياء، لأن الحاجة للهداية باستمرار.
أما إثبات ياء فطرني في هذا الموضع وبقية المواضع؛ هو كإثبات ياء خلقني، لأنه فعل قد تحقق مرة واحدة بالوجود، لتبدأ بالمخلوق الحياة، وليس هو فعل متجددًا ويتكرر في ذات الفرد في حياته.
أما إثبات ياء "يهدني" في قوله تعالى: (فَلَمَّا رَءَا الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنْ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) الأنعام
فلأن إبراهيم عليه السلام قال قوله هذا؛ بعد تنقله من اتخاذ النجم رباً، إلى اتخاذ القمر ربًا، ولم يكن ذلك عن هدى من الله سابق، عندها طلب الهداية من الله ليقطع على نفسه طريق الضلال ويخرج منه؛ فالمسألة ليست في الاستمرار؛ ولكن في الخروج من الضلال والثبات على هدىً من الله؛ لذلك ثبتت الياء.
فإبراهيم عليه السلام لا يريد إلهًا يحضر ويغيب، كما كان يفعل أبوه آزر معه في السرداب .. فجعل مما مر به طريقًا لمعرفة الله عز وجل، واستدراج قومه ليؤمنوا بالله الذي آمن به.
24 - يهدِيَن: (بفتح الياء) حذف الياء في موضع واحد؛
في قوله تعالى: (إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ (ي) رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24) الكهف
الهداية موجودة، فلما أحدث النسيان قطعًا لها، جاء الأمر بطلب الاستمرار للهداية من الله، وعلى ذلك كان حذف الياء.
أما إثباتها في قوله تعالى: (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22) القصص.
لأن سؤال موسى عليه السلام لربه كان في أمر واحد محدد هو طريق النجاة من كيد فرعون وملئه لقتله فنجاه الله وأوصله سالماً إلى مدين.
أبو مُسْلِم / عبْد المَجِيد العَرَابْلِي
المبحث السادس والسابع / الياء الزائدة المتصلة بفعل الأمر، وفعل النهي
المبحث الثامن / حذف ياء إبراهيم عليه السلام في سورة البقرة(/)
كيف نربط بين كون مسمى الفاتحة فاتحة الكتاب ولم يكن هناك مصحفًا مجموع في عهد الرسول ..
ـ[أبو أنس الغامدي]ــــــــ[25 Dec 2008, 02:36 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سلام علكيم ورحمة الله ...
وفقكم الله
كيف نربط بين كون مسمى الفاتحة (فاتحة الكتاب) ولم يكن هناك مصحفا مجموعًا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن الجمع الأول تم في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ولم يجمع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على حسب علمي .. ؟
والله يرعاكم،،،
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[25 Dec 2008, 03:04 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبي أنس, ويمكن التوفيق بين ذلك بسهولة, إلا أننا نرى أن القرآن جُمع في عهد النبي الكريم وكان النبي هو الجامع له, ويمكنك أن تقرأ مقالنا حول هذه المسألة حول هذا الرابط, فلربما تجد فيه جديدا
http://www.amrallah.com/ar/showthread.php?t=151
وننتظر تعليقك
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[26 Dec 2008, 04:33 م]ـ
أخرج البخاري ومسلم من حديث عبادة بن الصامت أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)).
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[27 Dec 2008, 02:35 ص]ـ
الأخ الكريم الغامدي:
كل ما يُكتب فهو كتاب، وقد يكون صفحة واحدة أو أكثر أو أقل. وعندما كان العربي يرسل رسالة مكتوبة لا يسميها رسالة وإنما يقول مثلاً:" إذا بلغك كتابي هذا ... ". وقد ثبت في الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان له كتبة يكتبون الوحي، وعندما توفي الرسول عليه السلام كان القرآن كله مكتوباً. وأنت تجد أن القرآن الكريم ينص من البداية على أن القرآن الكريم هو أيضاً كتاب، فارجع إلى السور المكية لتدرك ذلك. ولو كان القرآن لا يسمى كتاباً حتى يُجمع بين دفتين لما صح أن يسمى كتاباً حتى يكتمل نزوله.
والقرآن الكريم هو في اللوح المحفوظ مكتوباً قبل أن ينزل.
فأين الإشكال أخي الكريم؟!!
وقد أحالنا الأخ عمرو الشاعر إلى مقال كتبه وعندما قرأت المقال دهشت لأمرين:
الأول: دهشت من طريقته في الاستدلال للوصول إلى نتائج وهمية لا تقوم على أساس، وسأقوم إن شاء الله بالكتابة حول هذا الأمر.
ثانياً: دهشت من تأثره بالفكر الشيعي واستناده إلى أوهامهم وتلفيقاتهم، ولا أدري إن كان يعلم أن ابن تيمية رحمه الله يعتبر أن تسعة أعشار الكذب عند الشيعة.
ولنا إن شاء الله عودة.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[27 Dec 2008, 03:45 م]ـ
ملاحظات على مقال الأخ عمرو الشاعر:
1. ثابت أن بعض الصحابة كانوا يكتبون القرآن لأنفسهم، وكان لبعضهم مصاحف. ومن هنا لا داعي للاستفاضة في هذه المسألة لأنها محل اتفاق.
2. وثابت أيضاً أن الرسول عليه السلام اتخذ كتبة لكتابة القرآن الكريم زاد عددهم عن الأربعين. وعندما توفي عليه السلام كانوا أقل من ثلاثين.
3. هناك فرق بين ما يكتبه الصحابي لنفسه وبين الكتابة الرسمية التي كانت بإشراف الرسول عليه السلام وتدقيقه.
4. من هنا ندرك أن أبا بكر أراد أن يجعل الكتابة الرسمية في صحف يُجمع بعضها إلى بعض. وكذلك الأمر بالنسبة لعثمان رضي الله عنه. أما الكتابات الفردية غير الرسمية وغير المدققة فما ينبغي القبول بها لتطرق الاحتمال.
5. كون الصحابه رضوان الله عليهم يجمعون على مصاحف عثمان ويقبلون بحرق مصاحفهم دليل على اقتناعهم بما فعله عثمان درءاً للمفسدة.
بعد هذا التأسيس نناقش بعض المسائل التي طرحت في مقالته:
1." ... ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه .. "، يقول الأخ الشاعر:"لم يقولوا ليقرأه كبراؤنا، وهذا يدل على انتشار معرفة القراءة والكتابة" يقصد انتشار القراءة والكتابة في عامة الناس. وهذا استدلال ضعيف لأن الذين كانوا يتصدون للدين هم الكبراء. والذين كانوا يطلبون مثل هذه الطلبات هم الكبراء.
2. "وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك ... "، يعتبر الأخ الشاعر أن هذا دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أصبح يكتب بعد نزول القرآن. وهو استدلال متهافت، ولو قال إن ذلك يدل على أن الرسول عليه السلام لم يكن يكتب قبل نزول الرسالة ولكنه لا يجزم بعدم تعلمه الكتابة بعد ذلك لكان أقل تهافتاً. وقوله تعالى"إذن لارتاب المبطلون" يدل على أن الحكمة في أميته عليه السلام هي دفع شبهات المبطلين وهذا مطلوب قبل الرسالة وبعدها.
(يُتْبَعُ)
(/)
3. "وقالوا أساطير الأولين إكتتبها .. ": يقول الأخ الشاعر:"فهذا دليل أنه كتبها بنفسه. وهذا استدلال مردود لأن اكتتبها لا تعني كتبها، وإنما تعني فيما تعني طلب كتابتها. والغريب أنه يستدل بافتراءات المشركين، وهذا يقود إلى القول بأن القرآن أساطير لأنهم قالوا ذلك. وهذا من أعجب العجب في الاستدلال.
4."رسول من الله يتلو صحفاً مطهرة .. "، أيضاً يعتبر أن هذه الآية تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ويكتب. ويرد هذا أمور: أولاً: لم يجمع أهل التفسير على أن المقصود هنا هو محمد عليه السلام، بل هناك من قال إنه جبريل عليه السلام. ثانياً: معنى الآية أن البينة هي رسول من الله معه صحف يكرر تلاوتها. والتلاوة هي إعادة الكلام من غير زيادة أو نقصان. ومعلوم أن المقصود بالصحف هو الكلام المدون فيها، وقد كان الرسول عليه السلام حريصا على تدوينها في صحف فكان يتلو ويدونها الكتبة في الصحف. ومن هنا هو قرآن لأنه مقروء وكتاب لأنه أيضاً مكتوب في الصحف. وعليه فالبينة الملزمة لأهل الكتب هو رسول يتلو وتكون له صحف. ولو قال سبحانه" يتلو من صحف" لكان المعنى يتلو آخذاً من صحف.
5. يقول الأخ الشاعر:"فإن لفظ الكتاب ظاهر فيما كان له وجود واحد جمعي، ولا يطلق على المكتوب إذا كان مجزءاً غير مجتمع .. " وهذا تحكم لا أصل له في اللغة، بل يطلق الكتاب على كل ما يكتب. ولو أكمل الآية التي استشهد بها:" رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة.
6.يستشهد الأخ الشاعر بقول ابن عباس:"ما ترك إلا ما بين الدفتين" على أن القرآن كان في عهد الرسول عليه السلام بين دفتين. وهذا أيضاً عجيب لأن ابن عباس سئل عن ذلك بعد وفاة الرسول وبعد جمع القرآن، لأنه كان عند الجمع فتى، فأجابهم أن ما بين الدفتين هو الذي تركه الرسول عليه السلام وليس هناك غيره.
7. يستشهد الأخ الشاعر بروايات فيها أن الرسول كتب فيفهم منها أنه كان يكتب. ولإيضاح هذه نقول: عندما نقول كتب عمر إلى عامله في البصرة لا يعني أنه كتب بنفسه وإنما الأوامر التي كتبت هي منه. وعندما كتب عمر لأهل القدس عهداً لا يعني ذلك أنه كتبه بيده وإنما أمر به فكتب. وهذا بدهي في اللغة ولكن الرغبة الشديدة في اثبات الرأي تجعل الإنسان يذهل عن البدهيات. فعندما طلب الرسول عليه السلام من الصحابة أن يأتوا بالدواة ليكتب لهم كتابا لا يضلوا بعده فهم منه الأخ الشاعر أن الرسول سيكتب بيده واعتبر ذلك دليلاً في مقابل النصوص الصريحة في أنه عليه السلام لم يكن يقرأ ولم يكن يكتب.
8. أما صلح الحديبية فيستدل بكون الرسول عليه السلام قام بنفسه بمحي الكلام الذي اعترضت عليه قريش. ولكنه لم يأت براوية مسلم التي تصرح بأنه لم يكن يقرأ حيث قال عليه السلام لعلي:" أرني مكانها" فأراه علي مكانها فمحاها رسول الله.
9. يصرح الأخ الشاعر أنه بقي متحيراً حتى وجد الإجابة المقنعه عند الباحث الشيعي نبيل الكرخي الذي أزال حيرته عندما قال إن أبا بكر قد جمع المصحف لأغراض سياسية وليس لأن القرآن غير مجموع. وأنه أراد أن يكون له مصحف مجموع كباقي الصحابة.
ويستدل على ذلك بأن أبا بكر أبقى النسخة لديه.
واضح أن الأخ الشاعر قد تأثر في كتاباته ببعض الكتاب الشيعة الذين لديهم عقائد زائغة يسعون إلى تأييدها بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة بالصدق أو بالكذب. وعليه لا يجوز تصديقهم في بدعتهم لأنهم لا يبحثون عن الحقيقة بل يسعون سعي الطفل إلى شهوته.
معلوم أن هم أبي بكر كان تدوين المصحف رسمياً آخذاً فقط من الصحف التي كتبت من قبل كتاب الوحي بإشراف الرسول عليه السلام. وعندما نعلم أن اقتراح عمر رضي الله عنه بجمع المصحف كان بعد معركة اليمامة، وعندما نعلم أن الجمع تم على مدى عام، وعندما نعلم أنّ أبا بكر حكم لمدة سنتين فقط، ندرك أنه لم يتح له الوقت للنسخ بعد الجمع، فأكمل عثمان رضي الله عنه ذلك.
وأخيراً أقدم نصيحتي للأخ عمرو الشاعر أن يعيد النظر في الأخذ عن الشيعة الذين يحقدون على صحابة ويقولون بمشرِّعين بعد رسول الله، ويفسرون القرآن بأهوائهم، ولا يهمهم السند، ويغلب على رواياتهم الكذب.
ـ[أبو أنس الغامدي]ــــــــ[29 Dec 2008, 07:05 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء
لقد كفيتم ووفيتم، وما أجمل النقاش العلمي الذي يثري مثل هذه المنتديات العلمية.
رعاكم الله
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[29 Dec 2008, 09:27 ص]ـ
بارك الله في الأخ أبي عمرو البيراوي, ولكن لي استفسار:
هل تلمح بقولك: "الأخ الشاعر" إلى أنني شاعر, والشعراء يتبعهم الغاون؟ -ابتسامة! -
أو إلى أن كلامي مجرد استشعار لا يستند إلى أدلة؟! -ابتسامة! -
يكفينا فقط أن أسأل:
ماذا تفهم ويفهم أي إنسان من قولي: ما كنت تعرف القراءة ولا الكتابة قبل دخولك المدرسة؟ " أعتقد أنه مما لا مراء فيه أنه تعني أني لم أكن أعرف القراءة ولا الكتابة قبل دخول المدرسة ثم عرفتها بعد دخولي المدرسة! فما الفارق بينها وبين قوله تعالى: "وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك",
أما قولك "اكتتبها" بمعنى طلب كتابتها فبعيد جدا, لأنه يُستعمل لهذا المعنى صيغة استفعل "استكتب", فهل اختلق الشيء بمعنى أنه طلب إلى غيره فعله؟ وقس ذلك على باقي الأفعال!
أما استدلالنا بقول المشركين فلأنهم رأوا أن الرسول كان يكتبها, وهذا ما لم يكذبهم القرآن فيها, وإنما اعترض على جعلها أساطير -بمعنى المسطورات وليس بالمعنى السائد حاليا, أي أن محمدا أخذها من كتابات الأقدمين! - فقال أن الله هو الذي أنزلها وليس مأخوذة من أحد!
وختاما فإن الاختلاف في الفهم يعطينا الحق في الاستدلال!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[29 Dec 2008, 09:57 ص]ـ
أخرج البخاري ومسلم من حديث عبادة بن الصامت أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)).
ولماذا لا نقول:إن الصحابة رضوان الله عليهم ـ جعلوا الفاتحة في أول المصحف تبركا بهذا الحديث؟ هذا إذا افترضنا أن ترتيب المصحف غير توقيفي
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[29 Dec 2008, 07:50 م]ـ
الأخ الكريم عمرو الشاعر:
تقول: ماذا تفهم ويفهم أي إنسان من قولي: ما كنت تعرف القراءة ولا الكتابة قبل دخولك المدرسة؟ " أعتقد أنه مما لا مراء فيه أنه تعني أني لم أكن أعرف القراءة ولا الكتابة قبل دخول المدرسة ثم عرفتها بعد دخولي المدرسة! فما الفارق بينها وبين قوله تعالى: "وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك".
نعم إليك الفرق: أنت يا محمد لم تكن تقرأ أو تكتب قبل نزول القرآن عليك فكيف أمكن أن تأتي بمثله، ولو كنت تقرأ أو تكتب قبل نزوله لارتاب المبطلون. وهذا كما سبق أن أشرنا لا يجزم بأنه عليه السلام لم يكتب بعد ذلك، وفي الوقت نفسه لا يشير إلى أنه أصبح يكتب. ولكن قوله "إذن لارتاب المبطلون" يرجح أنه لم يكتب بعد نزوله أيضاً حتى لا يرتاب المبطلون. فالقضية المطروحة إذن ليس كونه يكتب أو لا يكتب وإنما التذكير بأنه أمي مما يزيد في الإعجاز. ومن هنا تلاحظ أخي عمرو أن النصارى يصرون في كتاباتهم على القول بأن الرسول عليه السلام لم يكن أمياً.
وتقول: أما قولك "اكتتبها" بمعنى طلب كتابتها فبعيد جدا, لأنه يُستعمل لهذا المعنى صيغة استفعل "استكتب", فهل اختلق الشيء بمعنى أنه طلب إلى غيره فعله؟ وقس ذلك على باقي الأفعال!
أقول: إليك ما يقول السمين الحلبي في عمدة الحفاظ وهو من أئمة اللغة: اكتتبها: أي سأل كتابتها وكنّوا بذلك عن الاختلاق. وإليك ما ورد في المنجد: اكتتب الكتاب: خطه، استملاه، استنسخه، سأل أن يكتب له. ويقول في استكتب الشيء: سأله أن يكتبه. وتلاحظ أن معنى الطلب موجود في الصيغتين، ولكن إليك بعض الفروق: اكتتب الغلام أي علمه الكتابة. أما استكتب الغلام فمن معانيها: أخذه كاتباً. واستكتب فيها طلب الكتابه، ولكن إذا كان الطلب من أجلي أنا فأنا اكتتب، كما هو مستخدم اليوم في الاكتتاب في الأسهم. والاكتتاب فيه معنى الافتعال ومن ثم الاختلاق وهذا المعنى لا يوجد في استكتب. فأهل الشرك يقولون بأن الرسول عليه السلام طلب أن تكتب له الأساطير ثم تملى عليه. فالكتابة من غيره والإملاء من غيره.
وتقول:
أما استدلالنا بقول المشركين فلأنهم رأوا أن الرسول كان يكتبها, وهذا ما لم يكذبهم القرآن فيها, وإنما اعترض على جعلها أساطير -بمعنى المسطورات وليس بالمعنى السائد حاليا, أي أن محمدا أخذها من كتابات الأقدمين! - فقال أن الله هو الذي أنزلها وليس مأخوذة من أحد!
أقول: من قال إن القرآن قد صدّقهم في زعمهم هذا، بالإضافة إلى أنّ السياق هو سياق إدانة لهم في أقوالهم:"وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون، فقد جاءوا ظلماً وزوراً. وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً".
ـ[عبد الله السعدي]ــــــــ[02 Jan 2009, 06:54 ص]ـ
بعض اسماء السور جاء بها االوحي
فسميت فاتحة قبل أن يكون هناك كتاب لتكون فاتحته
والعلم عند الله
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[02 Jan 2009, 08:27 م]ـ
ولماذا لا نقول:إن الصحابة رضوان الله عليهم ـ جعلوا الفاتحة في أول المصحف تبركا بهذا الحديث؟ هذا إذا افترضنا أن ترتيب المصحف غير توقيفي
نعم. هذا غرضي من إيراد الحديث، وهو تسميتها بالفاتحة وفاتحة الشيء أوله. والراجح أن ترتيب السور غير توقيفي، وأما الآي فلا، ولذلك قيل أن المصاحف الأخرى - غير المصحف العثماني - مختلفة الترتيب.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[03 Jan 2009, 01:17 ص]ـ
الأخوة الكرام
أسماء السور التي تكتب في المصاحف هي توقيفية ولا خلاف في ذلك معتبر.
أما ترتيب السور فمحل خلاف وما عليه الجمهور أن ترتيب السور هو توقيفي، وهذا هو القول المعتبر الذي يقوم على دليل معتبر.
ـ[ابومعاذالمصرى]ــــــــ[03 Jan 2009, 05:21 ص]ـ
اباعمر
بارك الله فيك وزادك علما وفضلا آمين(/)
معنى (أنّى) .. للمناقشة
ـ[حمد]ــــــــ[25 Dec 2008, 02:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
فيض القدير ج1/ص66
قال الطيبي: ...... وبذلك عرف سر تعبيره بأنّى المفيدة لتعميم الأحوال والأمكنة والأزمنة
ما رأيكم فيه؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Dec 2008, 03:21 م]ـ
كلامٌ صحيحٌ.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Dec 2008, 07:35 م]ـ
وهي كذلك من أمثلة المشترك اللفظي , لجواز التعبير بها وإرادة (أين) , وجواز التعبير بها وإرادة (كيف) وبكلٍ عبَّر القرآن.(/)
كيف يمكن الجمع بين ... ؟
ـ[احمد الدهشورى]ــــــــ[25 Dec 2008, 05:24 م]ـ
قوله تعالى (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ ? قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا ? إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) 109)
وقوله تعالى (يَا مُوسَى? لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (10)
وكذلك قوله تعالى (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى? ذِكْرِ اللَّهِ ? ذَ?لِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ ? وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)
أليس معنى التشابه هنا هو التشابه فى الإحكام والإتقان؟
فكيف يمكن الجمع بين هذه الآية وقوله تعالى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ? أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى? كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)
وجزاكم الله خيراً.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Dec 2008, 07:06 م]ـ
أخي الكريم:
إنَّمَا يطلَبُ الجمعُ عند مظنَّة التعارضِ والتضاد , وهذا ما لا يوجدُ -حسبَ ظنِّي- في الآيات التي ذكرتَها , فليتك تتفضلُ بذكر وجه التضاد الذي تريدُ بسببه الجمعَ بين الآيات.
وللفائدة وضرب المثل , نجدُ ما نظنُّهُ تعارضاً في قول الله تعالى (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً) وبين قوله تعالى (وَلِسُلَيمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِى بِأَمْرِهِ) فالريحُ الرُّخاءُ ليست هيَ الريحَ العاصفَ وبينهما فرقٌ في قوةِ الهبوب , وهنا يطلَبُ الجمعُ لأن ظاهر الآيتين يوهمُ التعارضَ وإن كانت الحقيقةُ أن لا تعارض البتة.
وقسْ على ذلك في طلب الجمع.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[25 Dec 2008, 07:13 م]ـ
مقصود الأخ بالسؤال غير ما فهمته أخي الكريم محمود
بل هو يقصد بأن الله تعالى لما مدح جميع آيات القرآن بكونها متشابهة في الإتقان والإحكام والحسن والبيان، فكيف يوصف بعضها بخير وأحسن من بعض في قوله تعالى: نأت بخير منها والفرض أن جميعها حسن متقن محكم؟؟
هذا ما توهمه السائل من التناقض.
وليس فيها من التناقض من شيء.
ولو أردت أخي محمود أن تتفضل بحل الوهم المذكور فلك ذلك .. ثم نذكر ما لأهل القرآن من التحقيق في هذا المقام.
ـ[احمد الدهشورى]ــــــــ[26 Dec 2008, 05:30 م]ـ
جزاكما الله خيراً،
وهذا فعلاً ما أردت.
بالنسبة للجزء الأول:
قرأت أن الرسل لا يستطيعون الإجابة من فزعهم يوم القيامة، مع أن الله أخبر أنه لا يخاف لديه المرسلون.
بالنسبة للجزء الثانى:
كيف يصف الله تعالى بأن الآية الناسخة تكون خيراً من المنسوخة أو مثلها؟ مع أنه أخبر بأن جميع آيات القرأن متشابهة فى الإحكام والإتقان.
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[26 Dec 2008, 06:35 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي أحمد ولو رجعت لكتب التفسير ما احتجت لهذا، وربما قصدت من سؤالك المدارسة مع الزملاء الأفاضل
قال الرازي رحمه الله:
أما قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} ففيه قولان. أحدهما: أنه الأخف، والثاني: أنه الأصلح، وهذا أولى لأنه تعالى يصرف المكلف على مصالحه لا على ما هو أخف على طباعه. فإن قيل: لو كان الثاني أصلح من الأول لكان الأول ناقص الصلاح فكيف أمر الله به؟ قلنا: الأول أصلح من الثاني بالنسبة إلى الوقت الأول، والثاني بالعكس منه فزال السؤال. واعلم أن الناس استنبطوا من هذه الآية أكثر مسائل النسخ:
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Dec 2008, 07:05 م]ـ
جزاكما الله خيراً،
وهذا فعلاً ما أردت.
بالنسبة للجزء الأول:
قرأت أن الرسل لا يستطيعون الإجابة من فزعهم يوم القيامة، مع أن الله أخبر أنه لا يخاف لديه المرسلون.
بالنسبة للجزء الثانى:
كيف يصف الله تعالى بأن الآية الناسخة تكون خيراً من المنسوخة أو مثلها؟ مع أنه أخبر بأن جميع آيات القرأن متشابهة فى الإحكام والإتقان.
شكر الله لك أيها الكريمُ هذا التوضيح.
أمَّا الأولُ وهوقولُ من قالَ إنَّ مانعهُمْ من الإجابة فزعُهُم من هول القيامة فأُجيبَ عنهُ بأنَّهُ مرجوحٌ , كما نصَّ عليه الطبريُّ وابنُ كثيرٍ والنَّحَّاسُ وغيرُهُمْ من المفسرينَ - رحم الله الجميع - مستدلينَ بأنَّ الله تعالى قال (لا يحزنهم الفزعُ الأكبرُ) وأنَّ الصحيحَ في ذلك أن مانعهُم من الإجابةِ تأدبُهُمْ مع الله تعالى وحالُهم لا علمَ لنا أمام علمك المحيط بكل شيء , فأنت علامُ الغيوبِ المطلعُ على بواطن من أرسلتنا إليهم وظواهرهمْ.
وقيل: إن صحَّ كونُ المانع من الإجابةِ الفزعُ -وهو بعيدٌ - , فيُحمَلُ على تخصيص أمنِهم من أهوالِ ذلك اليومِ بساعة مجيء الملائكة بالنَّار وفيه أثرٌ يقول (إن النار لتقرب يوم القيامة لها زفير وشهيق حتى إذا أدنيت وقربت زفرت زفرة ما خلق الله من نبي ولا صديق ولا شهيد إلا وجثا لركبتيه ساقطا، حتى يقول كل نبي وكل صديق وكل شهيد: اللهم لا أكلفك اليوم إلا نفسي ... ) مع أنَّ هذه الروايةَ عن كعب الأحبار وهي من الإسرائيليات , فلا تصحُّ ولا يعارَضُ بها نصُّ القرآن الذي ذكَر في غير موضعٍ عدم فزع الأنبياء يوم القيامة.
أمَّا الثَّاني: فأحسِبُ أنه متعلقٌ بالأحكامِ الشرعية التكليفية التي يلحقُها النَّسخُ , وعليه فنسخُ الحكمِ الشرعي بحكمٍ آخرَ أخفَّ منهُ أو مثلِه , لا ينافي الإحكام والإتقانَ , لسابقِ علم الله تعالى بأنَّ مصلحة الحكم المنسوخِ انقَضتْ وحين انقضائها ينجزُ الله ما في علمه السابقِ بإبدالِ الحُكم بمثلهِ - المتضمن مصلحةً ليستْ في المنسوخِ - أو خيرٍ منهُ , كما نصَّ عليه الشيخ الشنقيطي رحمه الله عند تفسيره لآية (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) في تفسير أضواء البيان فقد تكلمَ في المسألة كلاماً قيماً ليتك ترجعُ إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[26 Dec 2008, 08:16 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
ثمة ملاحظة جديرة بالتأمل، سيما للمتخصصين المدققين في تفاسير كبار العلماء.
جل التفاسير أو كلها ـ على الأقل التي بين أيدينا ـ حمل لفظ "الآية" في قوله تعالى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) على ذلك البعض من الكلمات التي تتركب منها السورة القرآنية التي تتضمن أحكاما أو غير ذلك .. لكن معنى "الآية" ليس محصورا في ذلك، بل قد ورد لفظ "الآية" في القرآن العظيم مرادا به معاني أخرى، فما الذي يجعلنا نجزم بأن المراد هو الآية التي تتركب منها السورة حتى تتفرع عليها تلك التفاسير ويتكلف لها حل الإشكالات؟؟ وما المراد على القول الأول بكلمة "ننسها" والآيات المنسوخة المرفوع حكمها محفوظة في الصدور متلوّة بالألسنة غير منسية؟؟ وهلا ختمت الآية بقوله تعالى: ألم تعلم أن الله عليم حكيم .. بناء على التفسيرات المذكورة؟؟ للتأمل.
ـ[احمد الدهشورى]ــــــــ[27 Dec 2008, 01:59 م]ـ
جزاكم الله خيراً، وبارك فيكم.(/)
للاكتشاف: موقع د. طه جابر العلواني (محاضرات في علوم القرآن)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[25 Dec 2008, 07:27 م]ـ
للاكتشاف: الموقع الشخصي للدكتور طه جابر العلواني:
http://www.alwani.net
والموقع ما زال قيد التطوير، غير أنه يحتوي حاليا على محاضرات صوتية ومرئية في القرآن وعلومه:
* وحي القرآن
* اهمية القرآن في حل مشاكل المسلمين
* مقدمة في علوم القرآن
* اسماء القرآن
* لغة القرآن
* تحديات القرآن
* معجزات القرآن
* نفوذ القرآن
* اسباب وحي القرآن
* القران كلام الله
* القراءات المختلفة للقرآن
* تفسير القرآن
* النسخ(/)
الرد العلمي على خرافات التفسير العددي
ـ[زين العابدين الأثري]ــــــــ[26 Dec 2008, 07:23 ص]ـ
الرد العلمي على خرافات التفسير العددي
كتب المقال أبو حمزة
الخميس, 18 سبتمبر 2008 23:33
بسم الله الرحمن الرحيم ,الحمد لله ” وأشهد ان لا إله الا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم -صلى الله عليه وسلم-
وهو تفسير غريب جدا، ينبئ عن جهل صاحبه، وجرأته على الله تعالى. وفيما يلي نص الورقة، ثم أتبعه بالرد عليه النص كما جاء في الورقة
وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين.أما بعد: فقد انتشرت في هذه الأيام ورقة تحتوي على تفسير عددي لآية من القرأن الكريم
النص:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
(معجزة
القرآن الكريم) (نقدمها للمسلمين واليهود والنصارى) عن انهيار برج التجارة العالمي نيويورك بتاريخ 11 - 9 -
2001 والمكان ناصية (جرف هار) والذي تحدث عنه رب العزة العلي القدير في القرآن الكريم قبل 1400 عام
وقبل أن يأتي العالم بمبنى في شارع (جرف هار) عندما قال في سورة التوبة في الآية رقم (109)
.”أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به
في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين” (109). وتأتي سورة التوبة. في الجزء (11): هو تاريخ يوم
الانهيار. ورقم السورة (9): هو تاريخ شهر الانهيار. وعدد الحروف من بداية السورة وحتى الآية (109): هو
(2001) حرف هو تاريخ عام الانهيار ورقم الآية (109): هو عدد أدوار البرج. ليصبح التاريخ وهو الحادي عشر
من سبتمبر عام 2001 رب العزة يتحدث قبل الحادث بـ1400 عام بالكلمات والأحرف والقرآن فسبحان الله،
نقول للملحدين آمنوا لمن ليس لهم دين امنوا بأنه واحد أخبرنا بكل الأحداث في القرآن الكريم قبل أن تقع ب
1400 عام على لسان نبي أمي اسمه محمد -صلى الله عليه وسلم. نرجو تصوير هذه المعجزة وإهدائها
للكثير من الأحباب وإن شاء الله تجزي عنها خيرا
.الرد على محتوى النص السابق
هذا من التفسير العددي
وهو تفسير محدث لم يجر عليه المفسرون السابقون، وخاصة الصحابة رضي الله عنهم وقد وضع علماء التفسير قواعد وأصولاً لتفسير القرآن، فلا يخرج عنها .. إن تفسير القرآن الكريم لا يؤخذ إلا عن العلماء والمتخصصين، فمن هو هذا الذي توصل إلى هذا التفسير الغريب؟؟ .. إن التاريخ في هذا التفسير هو تاريخ ميلادي، والمسلم مطلوب منه أن يؤرخ الحوادث والايام بالتاريخ الهجري!!. إن هذا التفسير قد استدل به بعض الناس على جواز ما حدث في تلك البلاد، وهذا خطأ كبير. فإن الاسلام لا يقر مثل هذه الاعماال .. إن الآية (109) و (110) تتحدث عن مسجد الضرار الذي بناه المنافقون بجوار مسجد قباء، بنوه للتفريق بين المؤمنين، وجعلوه مرصداً وقاعده لانطلاق المؤامرات والحرب من المنافقين ضد الاسلام والمسلمين. فأمر الرسول صاى الله عليه وسلم بهدمه، فتم ذلك وتم إحراقه. وقد قاال الامام ابن عطية رحمه الله تعالى في كتابه المحرر الوجيز 7/ 42 ((وأما البنيان الذي أسس على شفا جرف هار فهو مسجد الضرار باجماع)) .. إن معنى ((جرفٍ هار)) طرف حفرة متداعية للسقوط، فبنوا مسجد ضرار، فأدى ذلك إلى السقوط في نار جهنم. . إن الأمة الأسلامية إذا نزل مستواه، فإنها تنشغل بمثل هذه التكهنات التي لا ترفع الأمة، ولا تنصر الملة. والمطلوب من الأمة الإسلامية هو الاهتمام بأسباب النصر والتمكين من الاعداد المعنوي الذي هو: تقوية الايمان واصلاح العمل ((الذين آمنوا وعملوا الصالحات)) والاعداد المادي من الاستعداد للجهاد في سبيل الله بالمال والنفس متى ما توفر شروط الجهاد الشرعية.
. إن هذا التفسير هو من التكلف وقد نهى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم عن التكلف قال الله تعالى
وقد نهى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم عن التكلف قال الله تعالى ((قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين))
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أنا وأمتي براء من التكلف)). لا يجوز نشر مثل هذه التفاسير التي فيها التقول على الله
قال تعالى ((قل إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به
سلطانا وأن تقولوا على الله ما لاتعلمون)) (الأعراف) 33
كتبه الشيخ أبو سعيد بلعيد بن أحمد الجزائري
http://www.abusaid.net/index.php/makalat/56-rad.html
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[26 Dec 2008, 03:02 م]ـ
هذا التفسير لا يُعرف له صاحب، وهو مجرد ورقة انتشرت بين الناس ثم في الإنترنت، من غير نسبة إلى شخص أو جهة.
قام مركز نون المتخصص في الإعجاز العددي في حينه بالرد على هذه التلفيقات وبيّن تعمد التلفيق والكذب فيها. وإن أحسنا الظن بمن قام بهذا الفعل فهو يقوم بمثل ما قام به القصاص قديما حيث كانوا يفترون الكذب بحجة وعظ الناس وتقريبهم من الدين فكانوا يقولون:"نكذب له ولا نكذب عليه".
ومن هنا نوافق الأخ الكاتب على ما قال، ولكن نخالفه عندما ألزمنا أن نؤرخ بالهجري (القمري) في حين نجد أن القرآن الكريم ينص على أن من حكمة خلق الشمس والقمر أن نعلم السنين والحساب. فالشعائر التعبدية كالحج والصيام والزكاة ترتبط بالسنة القمرية، أما غير ذلك من أمور الدنيا فلا نرى دليلاً لمن قال بوجوب التأريخ بالقمري فقط.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[زين العابدين الأثري]ــــــــ[26 Dec 2008, 11:36 م]ـ
شكرا لمرورك.(/)
سؤال أهل الذكر
ـ[أبو المنذر]ــــــــ[26 Dec 2008, 02:21 م]ـ
قال الله تعالى:
وَلَا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آَيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (87) القصص
وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (105) يونس
(قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14) الأنعام
من المعلوم عصمة الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ من الذنوب
فلم جاء النهي عن الإشراك وهو أقل خطورة من الذنوب ـ على عصمتهم منها ـ؟ والخطاب متوجه للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم على وجه الخصوص ـ كما هو واضح ـ.
جزاكم الله خيرا
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[26 Dec 2008, 04:13 م]ـ
من باب المدارسة لا الإجابة أقول:
لعل هذا النوع من الخطاب في القرآن - والله أعلم - لبيان مرتبة التوحيد وعظمها عند الله تعالى , ولبيان خطورة الشرك وقبحه وأنه ينزلُ غضبَ الله وعقوبته بالعبد , ولو كان نبياً مرسلاً أو ملكاً مقرباً, وأنه ما من مخلوقٍ يبلغُ مرتبةً عند الله , يمكنُ أن يعفى لهُ بسببها عن إشراكه بالله تعالى , وهذا أعظمُ زجراً لعامة الخلق عن الشرك من نهيهم المجرد عن الإشراك بالله تعالى.
لذلك نجدُ القرآن أخبر أن الملائكةَ لا يعصون الله ما أمرهمْ مطلقاً , ومعلومٌ ما يفيدهُ التعبيرُ بالمضارع هنا , ومع ذلك قال الله عنهم (ومن يقل منهم إني إلهٌ من دونه فذلك نجزيه جهنم)
ـ[أبو المنذر]ــــــــ[27 Dec 2008, 02:36 م]ـ
جزيت خيرا على التوضيح الشيخ محمود
ولكن المعنى الذي أردت ـ جزاك الله خيرا ـ صريح في قوله تعالى " ذلك مما أوحى
إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها ءاخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا "
الاسراء 39
ومحور الاستفسار حول النهي عن الشرك مع وجود العصمة
بارك الله فيكم
ـ[ابن عربي]ــــــــ[29 Dec 2008, 09:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اظن انه تنزيه للنبي صلى الله عليه وسلم كي لا يعبد من دون الله
والله اعلم
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[30 Dec 2008, 09:43 ص]ـ
فلم جاء النهي عن الإشراك وهو أقل خطورة من الذنوب ـ على عصمتهم منها ـ
لم أعلم ما هي الذنوب الأعظم خطورة من الشرك
وورود الأمر بألا تفعل يعني أنه قد يرد منك الفعل
(قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (14) الأنعام
"إِنِّي أُمِرْتُ " هو أمر عرضة لأن يعصي أو أن يطاع
وفي آخر السورة
قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)
"وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ " هو أمر لا منحة؛عمل لا عصمة
وقد حقق ذلك وقرر أنه "وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ "
ـ[أبو المنذر]ــــــــ[01 Jan 2009, 11:33 م]ـ
[لم أعلم ما هي الذنوب الأعظم خطورة من الشرك
نحن متفقون اخي على ما تعلمه لو تأملت العبارة جيدا
ولكن قد يقال أن الانبياء عليهم صلاوات الله وسلامه معصومون فيما يبلغونه
من رسالات ربهم أما الذنوب فقد تقع منهم وعصمتهم هي من أن يقروا على الذنوب
والخطأ فإن سوى الأنبياء يجوز عليهم الذنب والخطأ من غير توبة والانبياء يستدركهم الله فيتوب عليهم ويبين لهم، كما قال الله في كتابه " وما أرسلنا من رسول ولا نبي إلا اذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد " الحج 52ـ 53
وقد ذكر الله تعالى في قصة آدم ونوح وداود وسليمان وموسى وغيرهم من توبة الانبياء واستغفارهم كقوله "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه " البقرة 37
والخلاصة ان الذنب يقع منهم لكن لا يقرون عليه لذلك حذرهم الله عزوجل من الشرك وما دونه من الذنوب.
والله أعلم
ـ[ناصر محمد حسان]ــــــــ[08 Feb 2009, 09:27 م]ـ
تعقيب علي ما ذكرت أخي الكريم وليس إفتاء لقد ذكرت أن أن الله قد عصم الانبياء فلم نهي النبي صلي الله عليه وسلم علي وجه الخصوص عن الشرك مع أنه أقل خطراًمن الذنوب الاخري أقول لك بأن الشرك بالله من أعظم الذ نوب عند الله و أشدها خطراًوضرراً قال تعالي (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ولقد أخبر الله نبيه بأنه إن أشرك به ليحبطن عمله وكذلك من قبله من الانبياء والرسل فهم في هذا الامر سواء ولعل الحكمة في ذلك لبيان خطر الشرك علي الأعمال من حيث أنه محبط لها(/)
تعريف ببحث أكاديمي (دلالة السياق القرآني)
ـ[عبدالله الحجي]ــــــــ[26 Dec 2008, 08:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف ببحث أكاديمي: دلالة السياق القرآني وأثرها في التفسير.
معلومات الرسالة:
اسم البحث: دلالة السياق القرآني وأثرها في التفسير – دراسة نظرية تطبيقية – من خلال تفسير ابن جرير
اسم الباحث: عبد الحكيم بن عبد الله بن عبد الرحمن القاسم (المحاضر بكلية المعلمين بالرياض – قسم الدراسات القرآنية)
تصنيف البحث: رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير.
نتيجة البحث: حصل الباحث على درجة الماجستير بتقدير ممتاز من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – كلية أصول الدين – قسم القرآن وعلومه
تاريخ مناقشة البحث:نوقش البحث في 27/ 1/1421هـ
حجم البحث: يتكون البحث من 652صفحة من حجم A4.
طباعة البحث: لم يُطبع البحث بعد، والباحث حفظه الله وعد بطباعته قريباً.
مباحث البحث:
تشتمل الرسالة على مقدمة وتمهيد وبابين وخاتمة وتفصيلها كالآتي:
المقدمة.
التمهيد ويحوي أمرين:
الأول: ترجمة ابن جرير.
الثاني: التعريف بتفسيره جامع البيان.
الباب الأول: دلالة السياق القرآني، وطريقة تناول ابن جرير لها:
وينقسم إلى فصلين:
الفصل الأول: دلالة السياق القرآني وتحته أربعة مباحث:
المبحث الأول: تعريف السياق القرآني وأنواعه مع التمثيل.
المبحث الثاني: أهمية دلالة السياق القرآني في التفسير.
المبحث الثالث: أسباب الاعتماد على دلالة السياق القرآني.
المبحث الرابع: دلالة السياق القرآني وعلاقتها بتفسير القرآن بالقرآن.
وأما الفصل الثاني فعن: قواعد تناول ابن جرير رحمه الله لدلالة السياق القرآني، وفيه تسعة مباحث:
المبحث الأول: الكلام على اتصال السياق ما لم يدل دليل على انقطاعه.
المبحث الثاني: إذا تتالت كلمتان والثانية نعت فإنها تحمل على سابقتها.
المبحث الثالث: أولى تفسير للآية ما كان في سياق السورة.
المبحث الرابع: النظر إلى ابتداء الآيات معينٌ على معرفة مناسبة خاتمتها.
المبحث الخامس: إذا لزم من تفسير الآيات التكرار الذي لا معنى له فذلك خُلفٌ يُنزه القرآن عنه.
المبحث السادس: يُختار من المعاني ما اتسق وانتظم معه الكلام.
المبحث السابع: تعيين من نزل بهم الخطاب لا يعني تخصيصهم بل يدخل من يشابههم.
المبحث الثامن: الأَولى في التفسير أن يكون الوعيد على ما فُتح به الخبر من الفعل المذكور السابق.
المبحث التاسع: لا يفسر السياق إلا بالظاهر من الخطاب.
أما الباب الثاني فعن: أثر دلالة السياق القرآني في تفسير ابن جرير وفيه تسعة فصول:
الفصل الأول: أثر دلالة السياق في القراءات. وتحته مبحثان:
المبحث الأول: أثر دلالة السياق في تصحيح القراءة.
المبحث الثاني: أثر دلالة السياق في تضعيف القراءة أو ردها ومناقشة ذلك.
الفصل الثاني: أثر دلالة السياق في بيان الأصح من أسباب النزول وتحته أربعة مباحث:
المبحث الأول: بيان الأصح من أسباب النزول.
المبحث الثاني: ترجيح سبب النزول لات يعني تخصيص الآية به بل يدخل ما يشابهه.
المبحث الثالث: ترجيح المخاطب بالآيات.
المبحث الرابع: موضع لم يرجح فيه الإمام الأرجح من أسباب النزول.
الفصل الثالث: أثر دلالة السياق في إظهار تناسب الآيات وترابطها وتحته سبعة مباحث:
المبحث الأول: علامات تظهر الترابط والتناسب بين الكلام.
المبحث الثاني: الترابط والتناسب في الآية الواحدة.
المبحث الثالث: المناسبة بين الآيات.
المبحث الرابع: الربط بين مقاطع السورة.
المبحث الخامس: التناسب والتقسيم.
المبحث السادس: مناسبات إشارية.
المبحث السابع: موضع لم يذكر فيه الإمام الطبري – رحمه الله – الربط بين الآيات.
الفصل الرابع: أثر دلالة السياق في الدلالة على المعنى، وتحته خمسة مباحث:
المبحث الأول: دلالة السياق على المعنى في الآية الواحدة.
المبحث الثاني: دلالة السياق على المعنى في الآيات.
المبحث الثالث: دلالة السياق على المخاطب أو الموصوف.
المبحث الرابع: احتمال السياق لمعانٍ متعددة.
المبحث الخامس: مواضع لم يستعن فيه بالسياق لإظهار المعنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
الفصل الخامس: أثر دلالة السياق في ذكر المعنى المناسب للسياق إذا حُذف متعلقه لعمومه ولا ينافي العموم، وتحته أربعة مباحث:
المبحث الأول: ذكر المعنى الخاص للسياق دون الإشارة إلى عموم اللفظ فيما يشابهه.
المبحث الثاني: ذكر المعنى الخاص للسياق مع الإشارة إلى عموم اللفظ فيما يشابهه.
المبحث الثالث: ذكر المعنى الخاص للسياق من ختام الآيات بأسماء الله – سبحانه وتعالى – مع الإشارة للعموم أو بدونها.
المبحث الرابع: موضع لم يستعمل فيه الإمام ابن جرير – رحمه الله – الطريقة السابقة.
الفصل السادس: أثر دلالة السياق في الدلالة على المحذوف من الكلام، وتحته مباحث:
المبحث الأول: اللغة واستعمالات العرب، وطريقتهم في الحذف.
المبحث الثاني: قد يدل سبب النزول على حذف.
المبحث الثالث: أمثلة على بعض أنواع الحذف بدلالة السياق.
المبحث الرابع: الحذف قد يكون محتملا , بسبب السياق أو القراءة.
المبحث الخامس: تقدير الحذف بما يناسب السياق.
المبحث السادس: مواضع قدر فيها الإمام – رحمه الله – الحذف والراجح أنها ليست كذلك، أو لم يقدِّر فيها محذوفاً مناسباً للسياق.
الفصل السابع: أثر دلالة السياق على وجود النسخ أو عدمه، وتحته مبحثان:
المبحث الأول: الاستدلال بالسياق على وجود النسخ المحقق أو عدمه.
المبحث الثاني: الاستدلال بالسياق على عدم وجود النسخ.
الفصل الثامن: أثر دلالة السياق على وجود تقديم أو تأخير، وتحته مبحثان:
المبحث الأول: أسباب القول بالتقديم أو التأخير.
المبحث الثاني: قد يكون السياق محتملاً للتقديم أو التأخير، ولغيره.
الفصل التاسع: أثر دلالة السياق في تضعيف بعض الأقوال، وتحته ثمانية مباحث:
المبحث الأول: الترجيح بسبب اللغة.
المبحث الثاني: الخصوص والعموم.
المبحث الثالث: مراعاة المخاطب والمتكلم.
المبحث الرابع: دلالة الكلمة والسباق واللحاق وموضوع السورة.
المبحث الخامس: مراعاة التقابل والتقسيم والتوازن.
المبحث السادس: تضعيف ما لم يرد ذكره في السياق.
المبحث السابع: مراعاة عود الكلام على القريب.
المبحث الثامن: مواضع لم يكن فيها تطبيق للتعامل نفسه.
الخاتمة: وفيها أهم النتائج والمقترحات.
هذا ما تيسر ذكره من عرض لهذا البحث القيِّم، لموضوع مهم، يتعلق بفهم كلام الله عز وجل الذي انتدبنا الله عز وجل لفهمه.
وختاماً: أشكر الأخ الفاضل: عبد الحكيم على دماثة خُلُقه، وحسن تعامله.
وأشكر الدكتور محمد بن فوزان العمر على إعانتي على الوصول لمقصودي.
وأشكر أستاذي الفاضل الدكتور عبد الرحمن الشهري على توجيهه الدائم وووووو .....
جزى الله الجميع خير الجزاء وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
ـ[النجدية]ــــــــ[10 Feb 2009, 10:50 ص]ـ
بسم الله ...
جزيتم خيرا!
هل تم رفع هذه الرسالة العلمية على الشبكة العنكبوتية؟؟
لم أعثر إلا على نسخة من الخاتمة.
وأعرضها على حضراتكم للفائدة.
الخاتمة
من خلال دارسة الموضوع ظهرت فوائد كثيرة، منها ما يلي:
1 - السياق: بيان اللفظ بما لا يخرجه عن الكلام السابق واللاحق.
2 - السياق نوعان: سابق الموضوع الذي يراد تفسيره أو متأخّر عنه، والأول يسمى: سياقاً، والآخر يسمى: لحاقاً.
3 - الاهتمام بالسياق منهج فسر به النبي –صلى الله عليه وسلم- وسلكه المفسرون من الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
4 - أقدم من توسع في السياق من الناحية النظرية والتقعيد سلطان العلماء العز بن عبد السلام –رحمه الله-، وأما أول من توسع في تطبيق دلالة السياق على التفسير فإمام المفسرين ابن جرير –رحمه الله-.
5 - دلالة السياق القرآني تعتبر من تفسير القرآن بالقرآن.
6 - من قواعد السياق الأساسية:
أ- الكلام على اتصال السياق ما لم يدل دليل على انقطاعه.
ب- تدبّر أول الآية أو آخرها يعين على معرفة معنى ابتدائها أو خاتمتها.
ج- تحمل معاني الآيات على المعاني الجديدة دون تكرار المعاني بلا فائدة.
د- يختار من المعاني ما يلائم السياق ولا يناقضه.
هـ. يُراعي في المعاني: الظاهر من الخطاب، ولا يتجاوز إلى غيره إلا بدليل.
7 - والاعتناء بهذه القواعد وأمثالها آثار كثيرة من أهمها:
أ- الترجيح بين القراءات.
ب- تحديد أو ترجيح ما يناسب السياق من أسباب النزول. وتضعيف ما ينقاضه.
ج- إظهار المناسبات بين مقاطع السورة والآيات والجمل والكلمات.
د- توضيح المعاني من الآيات والجمل والكلمات على أساس صحيح ومسلك قويم.
يدل السياق على وجود حذف في الكلام، ويساعد في تقديره بما يناسب.
وكذلك يدل السياق على الوصول إلى الصحيح من الناسخ أو المنسوخ.
يدل السياق على تقديم أو تأخير.
هـ- السياق أثر مهم في الوصول إلى الترجيح بين الأقوال قبولاً أو رداً.
وآخر دعوانا الحمد الله رب العالمين
الإسلام اليوم-الملتقى العلمي
http://httpwww.islamtoday.com/questions/show_ResearchScholar_content.cfm?Res_ID=352&Sch_ID=262(/)
هل يمكن أن نستفيد من نص قوله تعالى: "والذين لا يشهدون الزور .. " تحريم حضور مجلس المنكر
ـ[أبو أحمد العجمي]ــــــــ[26 Dec 2008, 08:43 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[26 Dec 2008, 09:15 م]ـ
قال ابن القيم رحمه الله:
تأمل كيف قال سبحانه: (لا يشهدون الزور) ولم يقل: بالزور لأن (يشهدون) بمعنى: يحضرون، فمدحهم على ترك حضور مجالس الزور، فكيف بالتكلم به وفعله؟!، والغناء من أعظم الزور.
والزور يقال على الكلام الباطل وعلى العمل الباطل وعلى العين نفسها، كما في حديث معاوية لما أخذ قُصة من شعر يوصل به قال: هذا الزور، فالزور: القول والفعل والمحل.
وأصل اللفظة: من الميل ومنه الزور بالفتح.
ومنه: زرت فلاناً، إذا ملت إليه، وعدلت إليه.
فالزور: ميل عن الحق الثابت، إلى الباطل الذي لا حقيقة له قولاً وفعلاً.
ابن قيم الجوزية، إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان (1/ 436) ط 2 ابن الجوزي.(/)
التوبة في ضوء القرآن الكريم-أرشدوني إلى خطة ومراجع
ـ[طالبة العلم .. ]ــــــــ[26 Dec 2008, 08:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو منكم أيها الأكارم بإرشادي إلى خطة بحث في موضوع:التوبة في ضوء القرآن الكريم، وأهم المراجع التي تفيدني في دلك جزاكم الله خيرا على جهودكم الطيبة في خدمة هداالمنتدى المبارك حيث أننا مجموعة طالبات جامعيات واستفدنا فائدة كبيرة من جهودكم الكريمة.
ـ[عبدالعزيز اليحيى]ــــــــ[28 Dec 2008, 12:23 ص]ـ
لفضيلة الدكتور سليمان البيرة كتاب بعنوان: " من معالم الهدي القرآني في التوبة" يمكنكم الاستفادة منه
يقع في 260 صفحة
وهو من مطبوعات دار طيبة الخضراء في مكة
ويوجد عند التدمرية
ـ[طالبة العلم .. ]ــــــــ[29 Dec 2008, 04:17 م]ـ
جزاك الله خيرااستادنا الفاضل على اهتمامك بالاجابة على سؤالي -لكن للاسف لم أجد الكتاب في التدمرية0
ـ[د. عوض أبو عليان]ــــــــ[29 Dec 2008, 05:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد:-
يوجد كتاب تحت عنوان:
التوبة النصوح في ضوء القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة
تأليف: سليم الهلالي الناشر: دار ابن حزم.(/)
إياك أن تدخل على عجل، فتحطم الدر بقدميك، ويفوتك الفرق بين أفعلت وأأنت فعلت
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[26 Dec 2008, 10:07 م]ـ
فائدة في الفرق بين قولك: أفعلت، وأأنت فعلت تجدها في نهاية الكلام المنقول: قال عبد القاهر في باب التقديم والتأخير، " ... إلا أن الشأن في أنه ينبغي أن يعرف في كل شيء قدم في موضع من الكلام مثل هذا المعنى، ويفسر وجه العناية فيه هذا التفسير. وقد وقع في ظنون الناس يكفي أن يقال: إنه قدم للعناية، ولأن ذكره أهم، من غير أن يذكر من أين كانت تلك العناية؟ وبم كان أهم؟ ولتخيلهم ذلك قد صغر أمر التقديم والتأخير في نفوسهم، وهونوا الخطب فيه. حتى إنك لترى أكثرهم يرى تتبعه، والنظر فيه ضرب من التكلف. ولم تر ظناً أزرى على صاحبه من هذا وشبهه.
وكذلك صنعوا في سائر الأبواب، فجعلوا لا ينظرون في الحذف والتكرار، والإظهار والإضمار، والفصل والوصل، ولا في نوع من أنواع الفروق والوجوه، إلا نظرك فيما غيره أهم لك، بل فيما إن لم تعلمه لم يضرك. لا جرم أن ذلك قد ذهب بهم عن معرفة البلاغة ومنعهم أن يعرفوا مقاديرها، وصد أوجههم عن الجهة التي هي فيها، والشق الذي يحويها، والمداخل التي تدخل منها الآفة على الناس في شأن العلم. ويبلغ الشيطان مراده منهم في الصد عن طلبه، وإحراز فضيلته كثيرة. وهذه من أعجبها إن وجدت متعجباً وليت شعري إن كانت هذه أموراً هينة، وكان المدى فيها قريباً، والجدا يسيراً، من أين كان نظم أشرف من نظم؟ وبم عظم التفاوت؟ واشتد التباين؟ وترقى الأمر إلى الإعجاز؟ وإلى أن يقهر أعناق الجبابرة؟ أو هاهنا أمور أخر نحيل في المزية عليها، ونجعل الإعجاز كان بها، فتكون تلك الحوالة لنا عذراً في ترك النظر في هذه التي معنا، والإعراض عنها، وقلة المبالاة بها؟ أو ليس هذا التهاون إن نظر العاقل خيانة منه لعقله ودينه؟ ودخولاً فيما يزري بذي الخطر. ويغض من قدر ذوي القدر؟ وهل يكون أضعف رأياً، وأبعد من حسن التدبر منك إذا أهمك أن تعرف الوجوه في " أأنذرتهم " والإمالة في " رأى القمر " وتعرف الصراط والزراط، وأشباه ذلك مما لا يعدو علمك فيه اللفظ وجرس الصوت، ولا يمنعك إن لم تعلمه بلاغة، ولا يدفعك عن بيان، ولا يدخل عليك شكاً، ولا يغلق دونك باب معرفة، ولا يفضي بك إلى تحريف وتبديل، وإلى الخطأ في تأويل، وإلى ما يعظم المعاب عليك، ويطيل لسان القادح فيك، ولا يعنيك ولا يهمك أن تعرف ما إذا جهلته عرضت نفسك لكل ذلك، وحصلت فيما هنالك. وكان أكثر كلامك في التفسير، وحيث تخوض في التأويل، كلام من لا يبني الشيء على أصله، ولا يأخذه من مأخذه، ومن ربما وقع في الفاحش من الخطأ الذي يبقى عاره، وتشنع آثاره. ونسأل الله العصمة من الزلل والتوفيق لما هو أقرب إلى رضاه من القول والعمل.
واعلم أن من الخطأ أن يقسم الأمر في تقديم الشيء وتأخيره قسمين، فيجعل مفيداً في بعض الكلام، وغير مفيد في بعض. وأن يعلل تارة بالعناية، وأخرى بأنه توسعة علم الشاعر والكاتب، حتى تطرد. لهذا قوافيه، ولذاك سجعه. ذاك لأن من البعيد أن يكون في جملة النظم ما يدل تارة ولا يدل أخرى. فمتى ثبت في تقديم المفعول مثلاً على الفعل في كثير من الكلام أنه قد اختص بفائدة لا تكون تلك الفائدة مع التأخير، فقد وجب أن تكون تلك قضية في كل شيء وكل حال. ومن سبيل من يجعل التقديم وترك التقديم سواء أن يدعي أنه كذلك في عموم الأحوال. فأما أن يجعله بين بين، فيزعم أنه للفائدة في بعضها وللتصرف في اللفظ من غير معنى في بعض، فمما ينبغي أن يرغب عن القول به. وهذه مسائل لا يستطيع أحد أن يمتنع من التفرقة بين تقديم ما قدم فيها، وترك تقديمه.
ومن أبين شيء في ذلك الاستفهام بالهمزة، فإن موضع الكلام على أنك إذا قلت: أفعلت؟ فبدأت بالفعل كان الشك في الفعل نفسه، وكان غرضك من استفهامك أن تعلم وجوده. وإذا قلت: أأنت فعلت؟ فبدأت بالاسم كان الشك في الفاعل من هو، وكان التردد فيه. ومثال ذلك أنك تقول: أبنيت الدار التي كنت على أن تبنيها؟ أقلت الشعر الذي كان في نفسك أن تقوله؟ أفرغت من الكتاب الذي كنت تكتبه؟ تبدأ في هذا ونحوه بالفعل لأن السؤال عن الفعل نفسه والشك فيه، لأنك في جميع ذلك متردد في وجود الفعل وانتفائه، مجوز أن يكون قد كان، وأن يكون لم يكن. وتقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
أأنت بنيت هده الدار؟ أ أنت قلت هذا الشعر؟ أ أنت كتبت هذا الكتاب؟ فتبدأ في ذلك كله بالاسم. ذلك لأنك لم تشك في الفعل أنه كان وكيف، وقد أشرت إلى الدار مبنية، والشعر مقولاً، والكتاب مكتوباً؟ وإنما شككت في الفاعل من هو. فهذا من الفرق لا يدفعه دافع، ولا يشك فيه شاك.
ولا يخفى فساد أحدهما في موضع الآخر. فلو قلت: أ أنت بنيت الدار التي كنت على أن تبنيها؟ أ أنت قلت الشعر الذي كان في نفسك أن تقوله؟ أأنت فرغت من الكتاب الذي كنت تكتبه؟ خرجت من كلام الناس. وكذلك لو قلت: أبنيت هذه الدار؟ أقلت هذا الشعر؟ أكتبت هذا الكتاب؟ قلت ما ليس بقول ذاك، لفساد أن تقول في الشيء المشاهد الذي هو نصب عينيك: أموجود أم لا؟ ومما يعلم به ضرورة أنه لا تكون البداية بالفعل كالبداية بالاسم أنك تقول: أقلت شعراً قط؟ أرأيت اليوم إنساناً؟ فيكون كلاماً مستقيماً؟ ولو قلت: أ أنت قلت شعراً قط؟ أ أنت رأيت إنساناً؟ أخطأت، وذاك أنه لا معنى للسؤال عن الفاعل من هو في مثل هذا، لأن ذلك إنما يتصور إذا كانت الإشارة إلى فعل مخصوص، نحو أن تقول: من قال هذا الشعر. ومن بنى هذه الدار؟ ومن أتاك اليوم؟ ومن أذن لك في الذي فعلت؟ وما أشبه ذلك مما يمكن أن ينص فيه على معين. فأما قيل شعر على الجملة، ورؤية إنسان على الإطلاق، فمحال ذلك فيه، لأنه ليس مما يختص بهذا دون ذاك حتى يسأل، عن عين فاعله. ولو كان تقديم الاسم لا يوجب ما ذكرنا من أن يكون السؤال عن الفاعل من هو، وكان يصح أن يكون سؤالاً عن الفعل أكان أم لم يكن، لكان ينبغي أن يستقيم ذلك.
واعلم أن هذا الذي ذكرت لك في الهمزة وهي للاستفهام قائم فيها إذا كانت هي للتقرير. فإذا قلت: أأنت فعلت ذاك؟ كان غرضك أن تقرره بأنه الفاعل. يبين ذلك قوله تعالى حكاية عن قول نمرود: " أ أنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم " لا شبهة في أنهم لم يقولوا ذلك له عليه السلام وهم يريدون أن يقر لهم بأن كسر الأصنام قد كان، ولكن أن يقر بأنه منه كان. وقد أشاروا له إلى الفعل في قولهم: أ أنت فعلت هذا؟. وقال هو عليه السلام في الجواب: " بل فعله كبيرهم هذا ". ولو كان التقرير بالفعل لكان الجواب: فعلت أو لم أفعل. فإن قلت: أو ليس إذا قال: أفعلت فهو يريد أيضاً أن يقرره بأن الفعل كان منه بأنه كان على الجملة. فأي فرق بين الحالين؟ فإنه إذا قال: أفعلت؟ فهو يقرره بالفعل من غير أن يردده بينه وبين غيره، وكان كلامه كلام من يوهم أنه لا يدري أن ذلك الفعل كان على الحقيقة. وإذا قال: أأنت فعلت؟ كان قد ردد الفعل بينه وبين غيره، ولم يكن منه في نفي الفعل تردد. ولم يكن كلامه كلام من يوهم أنه لا يدري أكان الفعل أم لم يكن، بدلالة أنك تقول ذلك، والفعل ظاهر موجود مشار إليه كما رأيت في الآية ... " دلائل الإعجاز.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[27 Dec 2008, 01:25 ص]ـ
إنها بلاغة عبد القاهر الجرجاني ـ رحمه الله تعالى ـ وأسأله سبحانه أن يثيب الناقل عنه خير الثواب.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[27 Dec 2008, 09:11 م]ـ
رحم الله هذا الإمام.
فكم من ينسبون إلى العلم أشياء أنها من التكلف أو مما لا داعي له وهي من متينه وصلبه عند العارفين.(/)
أرجوزة التاذفي في المكي والمدني
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[27 Dec 2008, 03:59 م]ـ
الأرجوزة المتضمنة معرفة المكي والمدني من سور القرآن الكريم لبدر الدين محمد بن أيوب التاذفي الحنفي (ت 705 هـ)
باسل محمد
قسم المخطوطات
إن معرفة المكي والمدني من القرآن من العلوم المهمة التي أفردها العلماء بتصنيفات كثيرة , وذلك لأهمية هذا العلم في معرفة الأحكام الشرعية وتاريخ التشريع , والناسخ والمنسوخ , وغير ذلك.
فأحببنا أن ننشر هذه المنظومة التي تبين رأي علماء القراءات فيما اختلف فيه من السور المكية والمدنية , وذلك حينما رأينا من يسأل عن هذه المنظومة , وقد وقعت بين أيدينا من مخطوطات المركز.
الناظم هو: محمد بن أيوب بن عبدالقادر التاذفي الحلبي , بدر الدين , مقرئ مشهور , مفسر , فقيه حنفي , من أهل تاذف , سكن حلب , وأخذ وسمع من علمائها , ثم رحل إلى مصر , فسمع بها , وأقرأ الناس مدة وعاد إلى دمشق بعد سنة 680 هـ , فأقرأ بها , ودخل حماة , فسكنها إلى أن مات.
فال الذهبي: (حضرت عنده وكتبت عنه) , له (مختصر الراشف من زلال الكاشف) في التفسير.
وقد أودع هذه المنظومة الإمام الذهبي في آخر كتابه " معرفة القراء الكبار " , وقد ذكرت في طبعة القاهرة 2/ 632 - 628.
أرجوزة التاذفي في المكي والمدني
بسم الله الرحمن الرحيم
1 - قال الفقير الخاضعُ الضعيف ... محمدٌ يرحمهُ اللطيف
2 - الحمد لله الذي أنشا الفطر ... وأنزل الذكر على خير البشر
3 - صلى عليه الله من مختار ... وآله وصحبه الأبرار
4 - وبعد هذا فاستمع ما أنزلا ... بمكة وطيبة لتفضلا
5 - أم القرآن بالمدينة نزلت ... وقيل في مكة فاسمع ما ثبت
6 - وقيل قد تكرر النزول ... وقد أتى بفضلها الرسول
7 - والبقرة يا صاح بالمدينة ... وآل عمران لها قرينه
8 - وهكذا النساء ثم المائدة ... فاغتنم القول وفز بالفائده
9 - وسورة الأنعام والأعراف ... مكيتان النقل بلا خلاف
10 - وسورة الأنفال وسط يثرب ... وهكذا التوبة فلا تجتنب
11 - ويونس بمكة استقرت ... وهكذا هود قد استمرت
12 - ويوسف بمكة يا حاذق ... ثمت إبراهيم قيل يا صادق
13 - والخلف قل في الرعد يا موافق
14 - والحجر والنحل مع الإسراء ... الكل مكي بلا مراء
15 - والكهف ثم مريم وطه ... والأنبيا بمكة فاقراها
16 - واقرأ خليلي سورة الحج وقل ... بطيبة نزولها وطل وصل
17 - وقيل في مكة إلا قوله ... هذان خصمان فحقق نقله
18 - إلى انتهاء سادس الآيات ... فافهم فهذا غاية الإثبات
19 - والمؤمنون نزلت بمكة ... والنور بالمدينة اسمع واثبت
20 - وسورة الفرقان في مكة ثبت ... نزولها فانقل كما قد حررت
21 - والشعرا أيضا من المكي ... فانقله نقل الحاذق الذكي
22 - واستثن منها أربعا بلا مرا ... وهي التي تذكر فيها الشعرا
23 - ومن هنا فقل إلى الأحزاب ... الكل مكي بلا ارتياب
24 - وسورة الأحزاب بالمدينة ... قد أنزلت بالرعب والسكينة
25 - واقرأ سبا وصلا إلى القتال ... الكل مكي على التوالي
26 - وقيل إلا قوله في الزمر ... فافهم مقالي واكتبنه واسطر
27 - قل يا عبادي الذين أسرفوا ... وآيتين بعد ذاك فاعرفوا
28 - وسورة القتال والفتح معا ... أنزلتا بطيبة فاستمعا
29 - والحجرات هكذا يا صاح ... فافهم كلامي واغتنم إيضاحي
30 - ومن هنا فقل إلى الحديد ... الكل مكي بلا تقييد
31 - وسورة الحديد مع ثماني ... من بعدها بطيبة تعاني
32 - ثم احذر أن تنسى خلاف الصف ... واصغ إلى ما قلته بلطف
33 - وسورة الملك مع القيامة ... الكل مكي على السلامة
34 - وسورة الإنسان فيها الخلف ... وعرفها يذكو فنعم العرف
35 - والمرسلات أنزلت بلا مرا ... بمكة وقيل فيها بحرا
36 - والجزء المعروف بالمفصل ... مكي إلا ما أقول فاعقل
37 - فلم يكن والنصر في المدينة ... والخلف في الإخلاص فاسمع واثبت
38 - والفلق اذكرها مع الناس وقل ... بطيبة أنزلتا ولا تزل
39 - وقد تناهى القول في التفصيل ... والحمد لله على التنزيل
40 - ثم صلاة ربنا القدير ... على النبي المصطفى النذير
41 - والآل والعترة والأصحاب ... ما نزل الفطر من السحاب.
من نشرة أخبار المركز الصادرة عن مركز جمعة الماجد للتراث والثقافة , السنة السادسة , العدد الحادي والثلاثون – صفر 1429هـ - فبراير 2008 مـ , ص18 - 19
ـ[أبو عبد الرحمن نور الدين]ــــــــ[28 Dec 2008, 12:50 ص]ـ
ارجوزة طيبة بارك الله فيك ولاكن اتمنى ان يقوم احد المشايخ الاعضاء بوضح شرح لها حتى تعم فائدتها(/)
تعريف بكتاب: الحاكم الجشمي ومنهجه في تفسير القرآن الكريم للدكتور عدنان زرزور
ـ[إسحاق سماكي]ــــــــ[27 Dec 2008, 06:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
تعريف بكتاب: الحاكم الجشمي ومنهجه في تفسير القرآن
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/74244931758f9887c.jpg أولا: بيانات الكتاب
اسم الكتاب: الحاكم الجشمي ومنهجه في تفسير القرآن
اسم المؤلف: الدكتور عدنان زرزور
بحث مقدم لكلية دار العلوم بجامعة القاهرة لنيل درجة الماجستير
طبعة مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر
والكتاب في مجلد واحد من (510) صفحات
ثانيا: محتويات الكتاب:
بين يدي الكتاب
تمهيد: عصر الحاكم الجشمي، والحالة السياسية، والدينية، والعلمية.
الباب الأول: حياة الحاكم الجشمي، وآثاره.
الباب الثاني: مدخل إلى تفسير الحاكم، تفاسير المعتزلة، مصادر الحاكم في التفسير.
الباب الثالث: منهج الحاكم في التفسير
قاعدته الفكرية، قواعده الأساسية في التفسير، حدوده في التأويل، أثر منهجه العقلي وثقافته الكلامية في تفسيره.
الباب الرابع: طريقة الحاكم في تفسيره وآراؤه في علوم القرآن، طريقته في كتابه "التهذيب"، آراؤه في علوم القرآن.
الباب الخامس: مكانة الحاكم وأثره في التفسير، مكانة الحاكم أثره في المفسرين.
مصادر البحث.
ثالثا: مميزات الكتاب:
- إلمام المؤلف بكتب الفرق (المعتزلة) أضفى أهميته على الكتاب فقد حقق كتاب متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار.
- معالجته الموفقة لعصر الحاكم الجشمي من النواحي الاجتماعية والسياسية والحركة العلمية.
- عرض لكثير من كتب المعتزلة إلا أنه أطال في ذلك.
- نجح في عرض منهج الحاكم الجشمي في التفسير
- كشف حقيقة العلاقة بين الحاكم والزمخشري وعقد مقارنات بين تفسيريهما لها أهميتها العلمية
رابعا: الملحوظات:
- أطال المؤلف في الحديث عن تفاسير المعتزلة أكثر من اللازم وكررها وكان يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.
- دافع عن المعتزلة مع أن موضوع الكتاب بيان منهج الحاكم وليس الدفاع عن المعتزلة ومنهجهم – وكأنه شعر بذلك لذا كان دائم النفي لانحيازه نحوهم -.
والكتاب مفيد للباحثين في مجال الدراسات القرآنية والفرق والمذاهب أيضا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jun 2010, 04:48 ص]ـ
أحسنت العرض وفقك الله.
وإطالة المؤلف الحديث عن المعتزلة مبررة في بحثه بأن البحث يُعَدُّ من أول من كتب عن تفاسير المعتزلة وهي قليلة، ولذلك أطال في البحث وأفاد من بعده كثيراً.
ـ[إبراهيم الحميدان]ــــــــ[20 Nov 2010, 11:27 م]ـ
ذكر الشيخ الدكتور / محمد بن صالح المديفر ... حفظه الله
في رسالته العلمية الموسومة بـ ((تفاسير الزيدية - عرض ودراسة - ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=23307) )) 1412 هـ
رأيه في كتاب: التهذيب في التفسير للحاكم الجُشمي (ت494هـ) قائلاً:
"أرى أن يبقى التهذيب للحاكم الجُشمي مخطوطاً ولا تصرف الجهود لتحقيقه وإخراجه، وذلك لأمرين:
الأول: غلبة قضايا الإعتزال فيه، فما من آية فسرها الجُشمي إلا واستدل بها على صحة ما تعتقده المعتزلة في واحد من أصولهم الخمسة.
الثاني: كثرة الملحوظات عليه، فقيمته العلمية لا تكاد تذكر إذا ما قورنت بالملحوظات الكثيرة التي ينتقد عليها، وهي ملحوظات في أصل المنهج الذي سلكه الجُشمي في التهذيب من سلوكه منحى المعتزلة، واعتماده على أهل الأهواء في تفسيره للقرآن بالرأي، وعلى المتهمين والوضاعين في تفسيره للقرآن بالمأثور".(/)
تعريف بكتاب:- آية الهم والبرهان (أول تفسير علمي صحيح محكم) - لأحمد عز الدين عبد الله
ـ[إسحاق سماكي]ــــــــ[27 Dec 2008, 06:47 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
تعريف بكتاب: آية الهم والبرهان "أول تفسير علمي صحيح محكم "
أولا: بيانات الكتاب
اسم الكتاب: آية الهم والبرهان – أول تفسير علمي صحيح-
اسم المؤلف: أحمد عز الدين عبد الله خلف الله
طبعة الدار المصرية اللبنانية
يقع الكتاب في (262) صفحة عدا دليل مواد الكتاب.
ثانيا: محتويات الكتاب:
يحوي الكتاب مقدمة واثني عشر فصلا
1 - من الخليل إلى يعقوب
2 - يعقوب وأبناؤه
3 - من الجب إلى القصر
4 - امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه
5 - ولقد همت به وهم بها
6 - البرهان
7 - لا علاقة بالبرهان بصرف يوسف عن الفاحشة
8 - امرأة العزيز في مواجهة النسوة
9 - يوسف في السجن
10 - رؤيا الملك
11 - امرأة العزيز تعلن إيمانها بالله تعالى
12 - يوسف عزيز مصر
ثم المصادر ففهارس المحتويات.
ثالثا: مميزات الكتاب:
1 - الإصرار والتأكيد لتبرئة نبي من أنبياء الله تعالى ودفاعه عنه بتقرير عصمته – صلى الله عليه وسلم –.
2 - تصنيفه المجمل لما قيل في تفسير قوله تعالى (ولقد همت به وهم بها).
3 - في الكتاب بعض اللطائف والفوائد العلمية.
4 - محاولته الجادة الوصول إلى تفسير للآية يراه صحيحا.
5 - خلو الكتاب من الأخطاء الإملائية وجودة إخراجه.
رابعا: الملحوظات:
يلحظ على المؤلف بعض الملحوظات أهمها:
- تمجيده المبالغ فيه لنفسه ومحاولته هذا
- تقليله من قيمة جهود علماء الأمة من عهد الرسالة إلى يومه حيث لم يتوصل أحد إلى تفسير صحيح لآية من آي القرآن حتى جاء هو بذلك،يضاف إلى ذلك أن نصوصه نحوهم عارية من الأدب مع العلماء.
- حشا الكتاب بما لا حاجة إليه من مباحث ولم يربطها بموضوع الكتاب.
- يصلح الكتاب لأن يكون مقالة تفسيرية جيدة إذا حذف منه الحشو.
فهذه الملحوظات تبقى وجهة نظر مع احترامنا التام للمؤلف وشكره على ما قدم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه أجمعين.
ـ[د. محمد إبراهيم]ــــــــ[17 Jan 2009, 01:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله.
دخلت على موقع: http://www.edokkan.com/
فوجدت بعض المعلومات المتعلقة بهذا الكتاب، وإليك موجزا عنها:
(إن آية الهم والبرهان من الآيات المحورية التى يتوقف ليها فهم قصة رسول الله يوسف عليه السلام.
هذا وقد اتفق علماء المسلمين فى الربيع الاخير من القرن الرابع عشر الهجرى على عقد مؤتمر بالقدس الشريف سنة 1381 هـ لمناقشة ما قيل فى تفسير هذه الآية الكريمة , وبلغ عدد الذين حضروا هذا المؤتمر خمسمائة من أئمة المسلمين).
ولعل الله تعالى ييسر لنا الأطلاع على الكتاب لنحكم عليه حكما عادلا إن شاء الله.
د. محمد إبراهيم
ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[18 May 2009, 06:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
جزاكما الله خيرا، أخي اسحاق صاحب المشاركة والدكتور محمد ..
وأزيد:
كتاب مؤتمر يوسف عليه السلام مطبوع متداول ..
ولكن بخصوص قول أخونا الطيب اسحاق:
[يلحظ على المؤلف بعض الملحوظات أهمها:
- تمجيده المبالغ فيه لنفسه ومحاولته هذا
- تقليله من قيمة جهود علماء الأمة من عهد الرسالة إلى يومه حيث لم يتوصل أحد إلى تفسير صحيح لآية من آي القرآن حتى جاء هو بذلك،يضاف إلى ذلك أن نصوصه نحوهم عارية من الأدب مع العلماء.
- حشا الكتاب بما لا حاجة إليه من مباحث ولم يربطها بموضوع الكتاب.
- يصلح الكتاب لأن يكون مقالة تفسيرية جيدة إذا حذف منه الحشو.]
فأقول:
تمجيده لنفسه، ملحوظ كما أشرت أخي، أما عن تقليله من جهود العلماء وتبريره بأنه لم يتوصل أحد الى تفسير الآية كما فسرها هو ..
فلم يظهر لي تقليله لأحد صراحة .. وكونه اطلع وقال ما لم يقله غيره فلا شيء فيه ..
ونعم أخي: الكتاب حشوه كثير وينفع مقالة في موضع الخلاف ليس إلا ..
وأنا قرأت الكتاب بشغف عندما صدر، بغض النظر عمن هو مؤلفه ..
ووجدته في موضوع الهم أصاب عين الحقيقة - حسب علمي القاصر - وأقتصر على مركز وجوهر دليله فيما ذهب إليه،، وهو:
أن موقف المراودة سبق موقف الهم .. كما هو ظاهر في السياق القرآني للقصة ..
(يُتْبَعُ)
(/)
والمراودة فيها التصريح بالفعل قولا وفعلا منها، وجاء منه الرد الواضح الصريح في عدم مشاركتها فيما أقدمت عليه ..
فإذا جاء موقف الهم، لا نقول هو هم بالفعل لأنه بشر والهم ليس بذنب ما لم يقع .. الخ
ولكن الهم من الطرفين ها هنا، واضح أنه في أمر آخر بعد وقوع التصريح بالفاحشة من المرأة ..
وهو ما قرره المؤلف باستنتاجه: أن الهم أصبح في هذه المرحلة المتأخرة، هم مدافعة ومجاذبة أو ضرب، هي تفعل به ذلك لابائه ورفضه دعوتها للفاحشة، وهو يفعل بها ذلك محاولا الهرب والنجاة ثم بعد ذلك (واستبقا الباب)
وهذا التفسير يؤكده السياق، وهي أنها انتهت من مرحلة التنفيذ (وراودته .. وغلقت .. وقالت .. )
ثلاثة أفعال متتالية، هي خلاصة فعلها بما نوته وهمت به من قبل ..
لان الهم يسبق الفعل بداهة .. ولا يقال فعلت ثم همت ..
المهم: حسب فهمي لهذه الآية بالذات .. فان تصور المؤلف واستدلاله بسياق الآيات أراه متفقا والتفسير الصحيح ..
وأجمل ما فيه أنه قرر العصمة حتى من الهم بالفاحشة ..
وأضيف من عندي أمر آخر - وهو من الوضوح بمكان -:
أن الهم المنسوب لنبي الله يوسف، أي هم هو؟
كل المفسرين يقولون أنه هم بمطاوعة المرأة لما تدعوا إليه ..
إذا: هو هم بالسوء والفحشاء .. لا مفر من هذا التفسير لمن قال به، وإن تبرر بعدم فعل الهم أو أنه طبع بشري أو غير ذلك .. المهم الواضح أنه همٌ لا يدخل في معناه إلا السوء أو الفحشاء ..
وهو عينه ما نفاه عنه ربه تبارك وتعالى بقوله (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) وكلمتي السوء والفحشاء الألف واللام فيهما جاءتا للاستغراق التام، وكأن المنفي أي سوء أو فحشاء ولو كان هماً في الخاطر والنفس لم يتجاوز الفعل .. وهذا أكمل في باب العصمة كما هو ظاهر ..
وقد أكون مخطئاً .. في كلامي الأخير هذا .. فصححوا لي أو سامحوني على الجرأة ..
ومن كان عنده تعليق على ما ذهب إليه مؤلف كتاب الهم والبرهان .. فليفيدنا مأجوراً ..
بارك الله فيكم جميعا ..
وسدد الله خطانا إلى خير.
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[22 May 2009, 06:20 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ..
أخ عادل اتماما للفائدة ماذا قال المؤلف حيال جملة لولا أن رأى برهان ربه لأنها متعلقة بالهم فيما يظهر؟
ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[22 May 2009, 01:35 م]ـ
شكر الله لك أبا عاتكة ..
المؤلف في كتابه، ذهب إلى أن قوله تعالى (لولا أن رأى برهان ربه) هو بلا تعيين ..
وعرض أقوال المفسرين وردها كلها، وقرر ما اختاره ابن جرير من أنه مهما كان هذا البرهان ما هو فقد حجزه عن الفعل ..
والمؤلف إذ يقول أن الهم متساوٍ من الطرفين في النوع ..
أي أنه هم مدافعة ومجاذبة وضرب لكن بالنسبة ليوسف عليه السلام منعه البرهان من أن يتم همه بها أي ضربها ..
لأن هذا سيكون من أكبر الأدلة على أنه هو المعتدي عليها ..
وللفائدة أخي الكريم ..
أحيلك على مقال فيه كلام مهم جدا عن آية الهم، لابن حزم - رحمه الله - مع التعليق عليه ..
على هذا الرابط:
http://www.forsanelhaq.com/showthread.php?p=836531#post836531
والله أعلم.
ـ[عادل سليمان القطاوي]ــــــــ[23 May 2009, 04:56 م]ـ
نسيت أن اذكر في مشاركتي أمر مهم ..
وهو أن مؤلف كتاب: آية الهم والبرهان المذكور ..
ليس على الجادة في منهجه العقدي ..
بدليل أنه اثنى على ابن عربي صاحب الفتوحات والفصوص ..
ذاكم الصوفي الحلولي الاتحادي الذي كفره خلق من أهل السنة ..
وجدت المؤلف قد اثنى عليه ثناءاً بالغا فقال (ص 90):
الشيخ الأكبر رضي الله عنه ..
وفي الحاشية قال:
يعني الامام محيى الدين محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي المرسي (560 - 638 هـ) عرف بابن العربي وجرى المستشرقون عند كتابة اسمه بحذف (الـ) من العربي فقالوا (ابن عربي) وضاهاهم في ذلك بعض علماء المسلمين للتفرقة بينه وبين الامام المجتهد القاضي أبي بكر محمد بن عبد الله بن محمد المعافري الإشبيلي المالكي المعروف بابن العربي (468 - 543 هـ) مخالفين بذلك توقيعه بخطه رضي الله عنه كما وصلنا في كتب التراث وهو (ابن العربي) وهو أدرى باسمه منا، وله مئات المؤلفات، بل وصل بعضهم في عدها إلى الألف، وهو صاحب مدرسة أطلق عليها (الأكبرية) وقد أسلم بمجرد قراءة مؤلفاته الكثير من أوروبا وغيرها، وله تفسير ضخم بلغ فيه نصف القرءان العظيم في ستين مجلدة، ولم يبتل أحد بمثل ما ابتلي بالدس عليه في مؤلفاته. اهـ
هذا كلامه في شيخه ابن عربي المتهم بالزندقة والحلول حتى قال الإمام الذهبي عما وجد في كتبه: إن لم يكن هذا هو الكفر فما في الدنيا كفر ..
والله أعلم.(/)
هل هناك رسائل مناقَشة أو مسجلة عن منهج الرسعني في تفسيره؟
ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[27 Dec 2008, 09:32 م]ـ
وجزاكم الله خيرًا.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[28 Dec 2008, 07:19 م]ـ
لا أعتقد أنه خدم إلا إذا كان في حال وجوده كمخطوط ويستفسر في هذا مركز الملك فيصل بالرياض.
أما المطبوع فالجزم بأنه لم يخدم من غير الدكتور عبدالملك بن عبد الله بن دهيش ـ أطال الله عمره وأحسن عمله ومتعه بالصحة ـ في غير رسالة علمية، حيث أنه لم ير النور إلا على يديه منذ ثلاثة أشهر تقريباً. والله الموفق
ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[29 Dec 2008, 12:29 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا فضيلة الدكتور عبد الفتاح، وبارك فيكم.
وفي الحقيقة أنا أبحث الآن عن موضوع في التفسير يكون أطروحتي في الماجستير.
فما رأيكم في هذا الموضوع: " منهج الرسعني في تفسيره"؟
وإن كانت لفضائلكم نصائح لي، فكلي آذان صاغية.
وجزاكم الله خيرًا.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[31 Dec 2008, 12:47 ص]ـ
موضوع جيد وجديد وجدير بالبحث والدرس.
استفسر من مظان الدراسات العليا في الجامعات وسر على بركة الله.
ولديكم عشرات الخطط للبحوث المتعلقة بالمفسرين ومناهجهم، والفقير على استعداد تام لمساعدتكم والله الموفق.
ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[31 Dec 2008, 03:59 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا فضيلة الدكتور، ورحم الله والدتكم الكريمة، وجعل مثواها الجنة، وأحسن الله عزاءكم، وجميع أسرتكم الكريمة.
إن شاء الله تعالى سأستفس عن هذا التفسير، ولن أستغني عن إرشادكم أنتم وسائر الأساتذة الكرام في هذا الملتقى الفريد.
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[02 Jan 2009, 08:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد حضرت مناقشة رسالة دكتوراه بالقاعة الكبرى للجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية
لفضيلة الشيخ القدير الأستاذ الدكتورمحمد صالح البراك، رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز للحافظ عبدالرزاق الرسعني دراسة وتحقيق المجلد الثاني.
وذلك قبل ما يقارب خمسة عشر عاماً
وفي ظني أن الشيخ قد طبع تلك الرسالة قبل مدة
ثم الآن خرج الكتاب محققا بالكامل كما ذكر الشيخ سابقا بتحقيق الأستاذ الدكتور عبدالملك الدهيش وهو يوزعه بمكة حالياً فسارع لاقتناء نسختك منه بالهبة أو الشراء
ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[04 Jan 2009, 03:20 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا، وبارك فيكم يا دكتور محمد.
وهل أفهم من ذلك أن الموضوع لا يصلح لكي يدرس من جديد؟
أرجو معاوزنتي فلم يبق إلا شهران ويأتي ميعاد التسجيل، وكلما اخترت موضوعًا وجدته قد تم!(/)
تأملات قرآنية
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[28 Dec 2008, 10:29 ص]ـ
تأملات قرآنية
1_ في قوله – تعالى -: [وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي] دليل على أن نبي الله موسى - عليه السلام - كان يرعى الغنم، وما من نبي إلا وقد رعى الغنم _كما أخبر بذلك النبي – صلى الله عليه وسلم -.
ولعل السر في ذلك حصول التدرج من رُعيا الغنم إلى رُعيا الأمم؛ فالغنم فيها الهزيلة، والقوية، والملائمة، والنافرة، والسريعة، والبطيئة؛ فيحتاج راعيها إلى صبر ومداراة وسعة بال ومراعاة.
وهكذا الحال بالنسبة للبشر.
2_ في قوله – تعالى - على لسان موسى - عليه السلام -: [قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي] إلى قوله: [كَيْ نُسَبِّحَكَ] وقوله على لسان زكريا - عليه السلام -: [فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً يَرِثُنِي] أدب من آداب الدعاء، وهو نبل الغاية، وشرف المقصد، وقريب منه قوله – صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اشف عبدك فلاناً ينكأْ لك عدواً، ويمشِ لك إلى صلاة".
3_ قوله – تعالى -: [فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ] يفيد أن القلوب لا تجتمع إلا على من كان رفيقاً، رحيماً، ليناً، وأنها لا تُقْبِلُ على صاحب القلب القاسي وإن بلغ ما بلغ من العلم والجاه.
4_ في قوله – تعالى -: [رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي] أدب من آداب الدعاء، وهو الطموح، وعلو الهمة، وعِظم الرغبة.
فسليمان - عليه السلام - لم يكتفِ بسؤال الله المغفرة، ولكنه - لكِبَرِ نفسه، وعلو همته، وعلمه بسعة فضل ربه - سأله مع ذلك مُلْكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعده.
فكانت النتيجة أن أجاب الله دعاءه، وسخر له الريح، والشياطين، وإن له في الآخرة لزلفى وحسن مآب.
5_ في قوله – تعالى -: [رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ] إشارة إلى أنه يَحْسُن بالداعي إذا أراد أن يدعو لنفسه ولغيره أن يبدأ بنفسه ثم يثنِّي بغيره.
ولهذا الدعاء القرآني نظائر كثيرة من الكتاب والسنة.
6_ في قوله – تعالى - عن موسى - عليه السلام -: [رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ] إشارة إلى سبب من أسباب إجابة الدعاء وهو إعلان الافتقار إلى الله، وإظهار المسكنة إليه - عز وجل -.
7_ في قوله – تعالى - عن يونس - عليه السلام -: [فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ] سبب من أسباب إجابة الدعاء، وهو إظهار الافتقار والإقرار بالذنب، ولهذا كان من أفضل الأدعية الدعاء المعروف بسيد الاستغفار؛ لتضمنه ذلك المعنى.
8_ في قوله – تعالى -: [وَاسْتَبَقَا الْبَابَ] مشروعية الفرار من الفتن مهما بلغ الإنسان من العلم، والدين، والعقل.
9_ في قوله – تعالى -: [وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً] بيان لضعف الإنسان الجِبِلِّي، وفيه إرشاد له بألا يغرر بنفسه؛ فيلقي بها في مواطن الشهوات؛ ثقة بعلمه، ودينه؛ فمن حام حول الحمى أوشك أن يرتع فيه.
10_ في قوله – تعالى -: [رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي] بيان لمدى حاجة الداعية إلى انشراح الصدر؛ حتى يتمكن من إيصال دعوته بأيسر كلفة، ولأجل أن يراه الناس على أكمل ما يكون من السرور؛ فتسري تلك الروح منه إلى المدعوين؛ فيتحقق مقصد من أعظم مقاصد الدعوة ألا وهو الوصول إلى السعادة.
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[28 Dec 2008, 12:04 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخ .. وجعل ذلك في ميزان حسناتك ,
وأتحفنا بالمزيد من هذه التأملات عل الله أن ينفع بها.
(أو علم ينتفع به).
ـ[ابن عربي]ــــــــ[29 Dec 2008, 09:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم
بعض التأملات لو سمح الاخ الفاضل
1_ في قوله – تعالى -: [وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي] اي يضرب غصون اشجار
والا وراق لكي تسقط فيه قراءة ثانية ب "أهس بها على غنمي " بالسين
اي انه عليه السلا م يخيف بها غنمه
3_ قوله – تعالى -: [فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
قال تعالى "فبما رحمة من الله "ولم يقل " فبرحمة من الله نلت لهم" لانه صلى الله هو عين الرحمة " وما ارسلناك الا رحمة للعالمين
والله ولي التوفيق
ـ[امة الوهاب]ــــــــ[08 Jan 2009, 02:45 م]ـ
جزاكم الله خيرا واحسن اليكم في الدنيا والاخرة.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[09 Jan 2009, 09:11 ص]ـ
بارك الله فيك أستاذنا الفاضل محمد على هذه التأملات القرآنية المفيدة التي تساعد على التدبر في هذا الكتاب العظيم.
بانتظار المزيد من هذه التأملات الرائعة جزاك الله عنا كل خير ونفع بك(/)
سؤال عن تفسير مسموع سهل ومختصر للقران
ـ[راوية]ــــــــ[28 Dec 2008, 12:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي سؤال ارغب في الحصول على شرح للقران الكريم لأحد المشايخ ويكون شرح مسموع مختصر يناسب المبتدئ بحيث يختم القران في سنة اوأقل ,فأغلب الشروح الموجودة التي اطلعت عليها لاتناسب المبتدئ بارك الله فيكم وجزيتم خيرا
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[28 Dec 2008, 01:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أظن والله تعالى أعلم أن تفسير الشيخ الشعراوي أقرب إلى ما طلبتينه.
ـ[راوية]ــــــــ[28 Dec 2008, 02:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أظن والله تعالى أعلم أن تفسير الشيخ الشعراوي أقرب إلى ما طلبتينه.
بارك الله فيك ياشيخ لكن على ماسمعت شرح الشيخ الشعراوي فيه اخطاء عقدية جزيت خيرا
ـ[محب القراءات]ــــــــ[28 Dec 2008, 05:22 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي سؤال ارغب في الحصول على شرح للقران الكريم لأحد المشايخ ويكون شرح مسموع مختصر يناسب المبتدئ بحيث يختم القران في سنة اوأقل ,فأغلب الشروح الموجودة التي اطلعت عليها لاتناسب المبتدئ بارك الله فيكم وجزيتم خيرا
الأخت الكريمة:
ما سألتي عنه تجديه في تفسير أيسر التفاسير للشيخ أبو بكر الجزائري حفظه الله وبارك في عمره ونفع به , وقد فسر الشيخ القرآن كاملا في المسجد النبوي أكثر من مرة , وهي دروس مسجلة وموجودة لدى وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي الشريف , وهي متوفرة لمن أرادها , وما عليه إلا أن يأتي بأشرطة فارغة , أو اسطوانات كمبيوتر , ويقوم الإخوة بتسجيلها له.(/)
رسائل تدبر. . ذوالحجة 1429 هـ
ـ[عبدالله بن صالح]ــــــــ[28 Dec 2008, 11:12 م]ـ
أعزائي أعضاء وزوار ملتقى أهل التفسير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما وعدتكم إليكم رسائل جوال تدبر (ذوالحجة 1429 هـ)
ولاتنسوني من صالح دعائكم. . ودمتم مباركين أينما كنتم.(/)
أي التفاسير عنيت بالأحكام السياسية خاصة؟
ـ[مها]ــــــــ[29 Dec 2008, 01:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخواني الفضلاء، هذا سؤال وردني من إحدى الأخوات تقول فيه:
-شكر الله لكم- أي التفاسير عنيت بالأحكام السياسية خاصة؟
أرجو الإفادة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Dec 2008, 07:35 ص]ـ
كتب أحكام القرآن كلها تعرضت للأحكام السياسية بحسب حالها عند الحديث عن آيات الجهاد والقتال والمعاهدات وخاصة التفاسير الأندلسية (ابن العربي - القرطبي - ابن عطية في كثير من المواضع)، لكنها ليست بالتفصيل والبعد السياسي الذي ينشده المعاصرون ويسلكونه.
أما التفاسير المعاصرة فتفسير (في ظلال القرآن) للأستاذ سيد قطب من أجودها، ومثله الأساس في التفسير لسعيد حوى، ومثله كتب التفسير الموضوعي التي تعرضت للآيات المتعلقة بالموضوع من زوايا متعددة وكثيرة، مثل كتاب (معركة الوجود بين القرآن والتملود) للدكتور عبدالستار فتح الله سعيد فيه جوانب من الأحكام السياسية المتعلقة باليهود والتعامل معهم ونحو ذلك.
ـ[مها]ــــــــ[30 Dec 2008, 09:39 م]ـ
شيخنا الكريم، أحسن الله إليك و وصلك بكل خير.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[30 Dec 2008, 09:42 م]ـ
حقيقة كنت أنوي فعلا طرح هذا السؤال فما أحوجنا لوضوع تفسير عصري يبين أحكام السياسة الشرعية من القرآن الكريم.
وأظن تفسير الدوسري -رحمه الله- ينضم لتلك القائمة.
وجزاكم الله خيرا
ـ[بلال الجزائري]ــــــــ[29 Sep 2010, 09:18 م]ـ
ويمكن أن تبحث الآيات التي تعرضت للسياسة، من خلال كتب السياسة الشرعية، وهي كثيرة.
وكان بعض مشايخنا قد ذكر لنا أن للماوردي عناية بالسياسة في تفسيره، نظراً لكتابته في هذا التخصص (الأحكام السلطانية)،
لكني وقفت على بعض الواضع منه فلم أجده كذلك، كآية استخلاف آدم، وآيات الحكم في المائدة، وأتهم نفسي، لعدم استقراء البحث، ولعل الإخوة يفيدون في هذا.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[29 Sep 2010, 09:30 م]ـ
في أضواء البيان وقفات جيدة مفيدة، وكتب الدكتور صلاح الخالدي فيها فوائد.(/)
ليس إلا القرآنُ .. ذلكـ الكتابْ!؟
ـ[خلوصي]ــــــــ[29 Dec 2008, 03:28 ص]ـ
هذا فتح لطاقة نور من رسائل النور لتشرف بنا على
عوالم القرآن الكريم .. كتاب الله العظيم ,
لتنطلق بنا بكل الطاقة!
و رسائل النور كما تعلمون تعتبر تفسيرا معاصرا من نوع جديد .. ؟ و هو يدور في فلك
تفسير المقاصد الأساسية للقرآن .. ؟!
و لهذا سحره الخاص في تسليح قارئها الدائر معها في أفلاكها بالإيمان التحقيقي؟!!
إنه القرآن لا غير ... إنه القرآن ليس إلا!!؟؟
إليكم البداية ... ؟
فهذه قصة بني آدم بإزاء القرآن ...
و هي تأتيكم مع هدير الحرب العالمية الأولى .. ! من الجبهة الروسية على لسان المجاهد الفذ البديع النورسي؟!
ثم يليها لمعات من تعريف شمولي وظيفي عجيب للقرآن!!؟
تفضّلوا يا سادتي:
لما كان بنو آدم كركبٍ وقافلةٍ متسلسلةٍ
راحلةٍ من أودية الماضي وبلاده،
سافرةٍ في صحراء الوجود والحياة،
ذاهبةٍ الى شواهق الاستقبال، متوجهةٍ الى جنّاته،
فتهتز بهم المناسبات وتتوجه اليهم الكائنات.
كأنه اَرسلَتْ حكومةُ الخِلقة فَنَّ الحكمةِ مستنطقا وسائلاً منهم بـ
" يا بني آدم! مِن أين؟ الى أين؟ ماتصنعون؟ مَنْ سلطانكم؟ مَنْ خطيبكم؟ "
فبينما المحاورة، اذ قام من بين بني آدم - كأمثاله الأماثل من الرسل اولي العزائم - سيّدُ نوعِ البشر محمّد الهاشمي صلى الله عليه وسلم وقال بلسان القرآن:
" أيها الحكمة! نحن معاشر الموجودات نجئ بارزين من ظلمات العدم بقدرة سلطان الازل، الى ضياء الوجود ..
ونحن معاشر بني آدم بُعِثْنا بصفة المأمورية ممتازين من بين اخواننا الموجودات بحمل الامانة ..
ونحن على جناح السفر من طريق الحشر الى السعادة الابدية،
ونشتغل الآن بتدارك تلك السعادة وتنمية الاستعدادات التي هى رأسُ مالِنا ..
وانا سيُّدُهم وخطيبهم.
فها دونكم منشوري! وهو كلام ذلك السلطان الأزلي تتلألأ عليه سكّةُ الاعجاز .. و المجيب عن هذه الاسئلة الجوابَ الصوابْ ....
ليس إلا القرآنُ ................. ذلك الكتابْ.!!
مراسل الإيمان .. مع هدير الحرب العالمية الأولى .. من خنادق الجبهة الروسية ..
بديع الزمان سعيد النورسي
......
ـ[خلوصي]ــــــــ[31 Jan 2009, 08:50 ص]ـ
أحوال البشر في فطرتهم ثم بالنسبة للمقاصد الأربع للقرآن العظيم جحوداً و إيماناً
تقرير مراسل حربي .. من خنادق القتال على الجبهة الروسية .. في الحرب العالمية الثانية؟!؟
بديع الزمان النورسي:
فإن شئت تأمل في حال شخص، بينما أخرجَتْه يدُ القدرة من ظلمات العدم وألقَتْهُ في الدنيا - تلك الصحراء الهائلة -
إذ يفتح عينيه مستعطفا،
فيرى البليات والعلل كالاعداء تتهاجم عليه،
فينظر مسترحماً الى العناصر والطبائع فيراها غليظة القلب بلا رحمة قد كشرت عليه الاسنان؛
فيرفع رأسه - مستمداً - الى الاجرام العلوية فيراها مهيبة ومدهشة تهدده كأنها مرامٍ نارية من أفواه هائلة تمر حواليه؛
فيتحير ويخفض رأسه متستراً ويطالع نفسه؛ فيسمع الوفَ صيحاتِ حاجاته وأنين فاقاته، فيتوحش،
فينظر الى وجدانه ملتجأً؛ فيرى فيه الوفاً من آمال متهيجةٍ ممتدةٍ لاتُشبعها الدنيا.
فبالله عليك كيف حال هذا الشخص ان لم يعتقد
بالمبدأ والمعاد والصانع والحشر؟
أتظن جهنم أشدَّ عليه من حاله وأحرقَ لروحه؟
فإن له حالة تركبت من الخوف والهيبة والعجز والرعشة والقلق والوحشة واليتم واليأس؛
لأنه اذا راجع قدرته يراها عاجزة ضعيفة؛
واذا توجه الى تسكين حاجاته يراها لاتسكت؛
واذا صاح واستغاث لايُسْمَع ولا يُغاث
فيظن كل شئ عدواً، ويتخيل كل شئ غريبا فلا يستأنس بشئ؛ ولا ينظر الى دوران الاجرام الاّ بنظر الخوف والدهشة والتوحش المزعجة للوجدان.
ثم تأمل في حال ذلك الشخص اذا كان على الصراط المستقيم واستضاء وجدانهُ وروحُه بنور الايمان،
كيف ترى انه اذا وضع قدمه في الدنيا وفتح عينيه
فرأى تهاجم العاديات الخارجية يرى إذاً
" نقطة استناد "
يستند اليها في مقابلة تلك العاديات، وهي معرفة الصانع فيستريح.
ثم اذا فتش عن استعداداته وآماله الممتدة الى الأبد يرى
" نقطة استمداد "يستمد منها آماله وتتشرب منها ماء الحياة وهي معرفة السعادة الابدية.
واذ يرفع رأسه وينظر في الكائنات يستأنس بكل شئ وتجتني عيناه من كل زهرة اُنسية وتحبّبا، ويرى في حركات الأجرام حكمةَ خالقها ويتنزّه بسيرها وينظر نظر العبرة والتفكر.
كأن الشمس تناديه:
أيها الأخ! لاتتوحش مني فمرحبا بقدومك! نحن كلانا خادمان لذاتٍ واحد، مطيعان لأمره.
والقمر والنجوم والبحر وأخواتها يناجيه كلٌ منها بلسانه الخاص وترمز اليه:
بأهلاً وسهلاً، أما تعرفنا؟
كلنا مشغولون بخدمة مالكك فلا تضجر ولا تتوحش ولا تخف من تهديد البلايا بنعراتها،
فإن لجام كلٍ بيد خالقك.
فذلك الشخص في الحالة الاولى يحس في أعماق وجدانه ألماً شديداً فيضطر للتخلص منه وتهوينه وابطال حسه بالتسلي، بالتغافل، بالاشتغال بسفاسف الأمور، ليخادع وجدانه وينام روحُه؛ والا احس بألمٍ عميق يحرق أعماق وجدانه.
فبنسبة البُعْدِ عن الطريق الحق يتظاهر تأثير ذلك الالم.
وأما في الحالة الثانية فهو يحس في قعر روحه لذةً عالية وسعادة عاجلة كلما أيقظ قلبه وحرَّك وجدانه وأحسّ روحه استزاد سعادة واستبشر بفتح أبواب جنات روحانية له.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلوصي]ــــــــ[15 Apr 2009, 01:59 م]ـ
و إليكم الآن تقرير المراسل الحربي نفسه و لكن في جبهة أخرى أشد و أقسى من جبهات القتال .. !؟ جبهة الجهاد المعنوي بين سجن و نفي و تضييق استمر قرابة خمسين عاما تعرض خلالها إلى حواي عشرين تسميما لاقتلاع الإسلام من قلوب الناس و عقولهم إلى درجة فتح معاهد لتعليم الإلحاد في القرى .. !!؟!!
الضياء الثالث (من الشعلة الثالثة للكلمة الخامسة و العشرين)
لقد اشرنا في الضياء الثاني الى انهزام حكمة البشر وسقوطها امام حكمة القرآن، كما اشرنا فيه الى اعجاز حكمة القرآن. وفي هذا الضياء سنبين درجة حكمة تلاميذ القرآن، وهم العلماء الاصفياء والاولياء الصالحون والمنوّرون من حكماء الاشراقيين (1) امام حكمة القرآن مشيرين من هذا الجانب الى اعجاز القرآن اشارة مختصرة.
ان اصدق دليل على سمو القرآن الحكيم وعلوه، واوضح برهان على كونه صدقاً وعدلاً واقوى علامة وحجة على اعجازه هو:
ان القرآن الكريم قد حافظ على التوازن في بيانه التوحيد بجميع اقسامه مع جميع مراتب تلك الاقسام وجميع لوزامه، ولم يخل باتزان أيٍ كان منها .. ثم انه قد حافظ على الموازنة الموجودة بين الحقائق الإلهية السامية كلها .. وجمع الاحكام التي تقتضيها الاسماء الإلهية الحسنى جميعها مع الحفاظ على التناسب والتناسق بين تلك الاحكام .. ثم انه قد جمع بموازنة كاملة شؤون الربوبية والالوهية.
فهذه ((المحافظة والموازنة والجمع)) خاصيةٌ لا توجد قطعاً في أي أثر كان من آثار البشر، ولا في نتاج افكار اعاظم المفكرين كافة، ولا توجد قط في آثار الاولياء الصالحين النافذين الى عالم الملكوت، ولا في كتب الاشراقيين الموغلين في بواطن الامور، ولا في معارف الروحانيين الماضين الى عالم الغيب؛ بل كل قسم من اولئك قد تشبث بغصن أو غصنين فحسب من اغصان الشجرة العظمى للحقيقة، فانشغل كلياً مع ثمرة ذلك الغصن وورقه، دون أن يلتفت الى غيره من الاغصان؛ إما لجهله به أو لعدم التفاته اليه. وكأن هناك نوعاً من تقسيم الاعمال فيما بينهم.
نعم! ان الحقيقة المطلقة لا تحيط بها أنظار محدودة مقيدة. اذ تلزم نظراً كلياً كنظر القرآن الكريم ليحيط بها. فكل ما سوى القرآن الكريم - ولو يتلقى الدرس منه - لا يرى تماماً بعقله الجزئي المحدود إلاّ طرفاً أو طرفين من الحقيقة الكاملة فينهمك بذلك الجانب ويعكف عليه، وينحصر فيه، فيخلّ بالموازنة التي بين الحقائق ويزيل تناسقها إما بالافراط أو بالتفريط. ولقد بينا هذه الحقيقة بتمثيل عجيب في الغصن الثاني من الكلمة الرابعة والعشرين. أما هنا فسنورد مثالاً آخر يشير الى المسألة نفسها، هو:
لنفرض ان كنزاً عظيماً يضم ما لا يحد من الجواهر الثمينة في قعر بحر واسع. وقد غاص غواصون مهرة في اعماق ذلك البحر بحثاً عن جواهر ذلك الكنز الثمين. ولكن لأن عيونهم معصوبة فلا يتمكنون من معرفة انواع تلك الجواهر الثمينة إلاّ بايديهم .. ولقد لقيت يدُ بعضهم ألماساً طويلاً نسبياً، فيقضي ذلك الغواص ويحكم: ان الكنز عبارة عن قضبان من الماس. وعندما يسمع من اصدقائه اوصافاً لجواهر غيرها يحسب أن تلك الجواهر التي يذكرونها ما هي إلاّ توابع ما وجده من قضبان الالماس وما هي إلاّ فصوصه ونقوشه. ولنفرض أن آخرين لقوا شيئاً كروياً من الياقوت، واخرين وجدوا كهرباً مربعاً .. وهكذا .. فكل واحد من هؤلاء الذين رأوا تلك الجواهر والاحجار الكريمة بايديهم - دون عيونهم - يعتقد أن ما وجده من جوهر نفيس هو الأصل في ذلك الكنز ومعظمه. ويزعم ان ما يسمعه من اصدقائه زوائدُه وتفرعاتُه، وليس اصلاً للكنز.
وهكذا تختل موازنة الحقائق، ويضمحل التناسق ايضاً، ويتبدل لون كثير من الحقائق اذ يضطر مَن يريد أن يرى اللون الحقيقي للحقيقة الى تأويلات وتكلفات. حتى قد ينجر بعضهم الى الانكار والتعطيل. فمن يتأمل في كتب حكماء الاشراقيين، وكتب المتصوفة الذين اعتمدوا على مشهوداتهم وكشفياتهم دون ان يزنوها بموازين السنة المطهرة يصدّق حكمنا هذا دون تردد.
اذاً فعلى الرغم من أنهم يسترشدون بالقرآن، ويؤلفون في جنس حقائق القرآن إلاّ أن النقص يلازم آثارهم، لأنها ليست قرآناً.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالقرآن الكريم الذي هو بحر الحقائق، آياته الجليلة غوّاصة كذلك في البحر تكشف عن الكنز، إلاّ أن عيونها مفتحة بصيرة تحيط بالكنز كله، وتبصر كل ما فيه، لذا يصف القرآن الكريم باياته الجليلة ذلك الكنز العظيم وصفاً متوازناً يلائمه وينسجم معه فيظهر حُسنه الحقيقي وجماله الاخاذ. فمثلاً:
ان القرآن الكريم يرى عظمة الربوبية الجليلة ويصفها بما تفيده الآيات الكريمة] والارض جميعاً قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه [(الزمر:67)] يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب [(الانبياء:104) وفي الوقت نفسه يرى شمول رحمته تعالى ويدل عليها بما تفصح عنه الآيات الكريمة] ان الله لا يخفى عليه شيء في الارض ولا في السماء^ هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء [(ال عمران: 5ـ6)] ما من دابة إلاّ هو آخذ بناصيتها [(هود:56)] وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها واياكم [(العنكبوت: 60).
ثم انه مثلما يرى سعة الخلاقية الإلهية ويدل عليها بما تعبّر عنها الآية الكريمة] خلق السموات والارض وجعل الظلمات والنور [(الانعام: 1) فانه يرى شمول تصرفه تعالى في الكون واحاطة ربوبيته بكل شئ وتدل عليها بما تبينه الآية الكريمة] خلقكم وما تعملون [(الصافات: 96)
ثم انه مثلما يرى الحقيقة العظمى التي تدل عليها الآية الكريمة] يحيى الارض بعد موتها [(الروم: 50) فانه يرى حقيقة الكرم الواسع التي تعبر عنها الآية الكريمة] واوحى ربك الى النحل .. [(النحل:68) ويدل عليها، ويرى في الوقت نفسه حقيقة الحاكمية المهيمنة ويدل عليها بـ] والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره [(الاعراف: 54) ومثلما يرى الحقيقة الرحيمة المدبرة التي تفيدها الآية الكريمة] أوَلم يروا الى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلاّ الرحمن انه بكل شيء بصير [(الملك:19) يرى الحقيقة العظمى التي تفيدها الآية الكريمة] وسع كرسيه السموات والارض ولا يؤده حفظهما .. [(البقرة:255) في الوقت الذي يرى حقيقة الرقابة الإلهية في تعبير الآية] وهو معكم اين ما كنتم [(الحديد:4) كالحقيقة المحيطة التي تفصح عنها الآية] هو الاول والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم [(الحديد:3) ويرى أقربيته سبحانه التي يعبر عنها قوله تعالى] ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد [(ق: 16) مع ما تشير اليه من حقيقة سامية الآية الكريمة] تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة [(المعارج:4) كالحقيقة الجامعة التي تدل عليها وتفيدها الآية الكريمة] ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي [(النحل: 90) وامثالها من الآيات الكريمة التي تضم الدساتير الدنيوية والاخروية والعلمية والعملية.
فالقرآن يرى جميع الدساتير التي تحقق سعادة الدارين ويبيّنها مع بيانه كل ركن من اركان الايمان الستة بالتفصيل، وكل ركن من اركان الاسلام الخمسة بقصدٍ وجدّ محافظاً على الموازنة فيما بينها جميعاً مديماً تناسبها، فينشأ من منبع الجمال والحسن البديع الحاصل من تناسب مجموع تلك الحقائق وتوازنها اعجازٌ معنوي رائع للقرآن.
فمن هذا السر يتبين: أن علماء الكلام، وإن تتلمذوا على القرآن الكريم وألّفوا الوف الكتب - بعضها عشرات المجلدات - إلاّ انهم لترجيحهم العقل على النقل كالمعتزلة، عجزوا عن ان يوضحوا ما تفيده عشرُ آيات من القرآن الكريم وتثبته اثباتاً قاطعاً بما يورث القناعة والاطمئنان، ذلك لأنهم يحفرون عيوناً في سفوح جبال بعيدة ليأتوا منها بالماء الى اقصى العالم بوساطة انابيب، أي بسلسلة الاسباب، ثم يقطعون تلك السلسلة هناك، فيثبتون وجود واجب الوجود والمعرفة الإلهية التي هي كالماء الباعث على الحياة!! أما الآيات الكريمة فكل واحدة منها كعصا موسى تستطيع ان تفجّر الماء اينما ضربت، وتفتح من كل شئ نافذةً تدل على الصانع الجليل وتعرّفه. وقد أثبتت هذه الحقيقة بوضوح في سائر الكلمات وفي الرسالة العربية (قطرة) المترشحة من بحر القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هذا السر ايضاً نجد ان جميع ائمة الفرق الضالة الذين توغلوا في بواطن الامور واعتمدوا على مشهوداتهم من دون اتباع السنة النبوية، فرجعوا من اثناء الطريق، وترأسوا جماعة وشكلوا لهم فرقةً ضالة .. هؤلاء قد زلّوا الى مثل هذه البدع والضلالة وساقوا البشرية الى مثل هذه السبل الضالة لانهم لم يستيطعوا ان يحافظوا على تناسق الحقائق وموازنتها.
إن عجز جميع هؤلاء يبين اعجازاً للآيات القرآنية.
ـ[خلوصي]ــــــــ[19 May 2009, 07:05 م]ـ
الكلمة الثانية عشرة
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ
] ومَن يؤتَ الحكمة فقد اوتي خيراً كثيراً [
(البقرة: 269)
هذه الكلمة تشير الى موازنة اجمالية بين حكمة القرآن الكريم المقدسة وحكمة الفلسفة،
وتشير أيضاً الى خلاصة مختصرة لما تلقنه حكمة القرآن من تربية الانسان في حياتيه الشخصية
والاجتماعية
فضلاً عن انها تضم اشارة الى جهة ترجح القرآن الكريم وأفضليته على سائر الكلام الإلهي وسموه على الاقوال قاطبة.
بمعنى أن هناك أربعة أسس في هذه الكلمة:
cالاساس الاول:
من خلال منظار هذه الحكاية التمثيلية أنظر الى
الفروق بين حكمة القرآن الكريم وحكمة العلوم:
اراد حاكم عظيم ذو تقوى وصلاح وذو مهارة وابداع أن يكتب القرآن الحكيم كتابة تليق بقدسية معانيه الجليلة وتناسب اعجازه البديع في كلماته، فأراد أن يُلبِس القرآن الكريم ما يناسب اعجازه السامي من ثوب قشيب خارق مثله.
فطفق يكتب القرآن، وهو مصور مبدع، كتابة عجيبة جداً مستعملاً جميع أنواع الجواهر النفيسة والاحجار الكريمة ليشير بها الى تنوع حقائقه العظيمة فكتب بعض حروفه المجسمة بالالماس والزمرد وقسماً منها باللؤلؤ والمرجان وطائفة منها بالجوهر
والعقيق ونوعاً منها بالذهب والفضة، حتى أضفى جمالاً رائعاً وحسناً جالباً للانظار يعجب بها كل من يراها سواء أعلم القراءة أم جهلها. فالجميع يقفون أمام هذه الكتابة البديعة مبهوتين يغمرهم التبجيل والاعجاب، ولا سيما أهل الحقيقة الذين بدأوا ينظرون اليها نظرة اعجاب وتقدير أشد، لما يعلمون أن الجمال الباهر هذا يشف عما تحته من جمال المعاني وهو في منتهى السطوع واللمعان وغاية اللذة والذوق.
ثم عرض ذلك الحاكم العظيم، هذا القرآن البديع الكتابة، الرائع الجمال، على فيلسوف أجنبي وعلى عالم مسلم. وأمرهما:
((ليكتب كل منكما كتاباً حول حكمة هذا القرآن!)) ملمحاً الى اختبارهما ليكافئهما.
كتب الفيلسوف كتاباً. وكتب العالم المسلم كتاباً.
كان كتاب الفيلسوف يبحث عن نقوش الحروف وجمالها، وعلاقة بعضها ببعض، وأوضاع كل منها، وخواص جواهرها وميزاتها وصفاتها فحسب. ولم يتعرض في كتابه الى معاني ذلك القرآن العظيم قط، إذ إنه جاهل باللغة العربية جهلاً مطبقاً، بل لم يدرك أن ذلك القرآن البديع هو كتاب عظيم تنم حروفه عن معان جليلة، وانما حصر نظره في روعة حروفه وجمالها الخارق. ومع هذا فهو مهندس بارع، ومصور فنان، وكيميائي حاذق، وصائغ ماهر، لذا فقد كتب كتابه هذا وفق ما يتقنه من مهارات ويجيده من فنون.
أما العالم المسلم، فما أن نظر الى تلك الكتابة البديعة حتى علم أنه: كتاب مبين وقرآن حكيم. فلم يصرف اهتمامه الى زينته الظاهرة، ولا أشغل نفسه بزخارف حروفه البديعة، وانما توجه كليا ًـ وهو التواق للحق ـ الى ما هو
أسمى وأثمن وألطف وأشرف وأنفع وأشمل
مما انشغل به الفيلسوف الاجنبي بملايين الاضعاف، فبحث عما تحت تلك النقوش الجميلة من حقائق سامية جليلة وأسرار نيرة بديعة فكتب كتابه تفسيراً قيماً لهذا القرآن الحكيم، فأجاد وأتقن.
قدّم كلٌ منهما ما كتبه الى الحاكم العظيم. تناول الحاكم أولاً مؤلَّف الفيلسوف ونظر اليه ملياً. فرأى أن ذلك المعجب بنفسه والمقدس للطبيعة، لم يكتب حكمةً حقيقية قط، مع أنه بذل كل ما في طوقه، إذ لم يفهم معاني ذلك الكتاب، بل ربما زاغ واختلط عليه الامر، وأظهر عدم توقير واجلال لذلك القرآن، حيث أنه لم يكترث بمعانيه السامية، وظن أنه مجرد نقوش جميلة وحروف بديعة، فبخس حق القرآن وازدراه من حيث المعنى. لذا رد الحاكم الحكيم مؤلَّف ذلك الفيلسوف وضربه على وجهه وطرده من ديوانه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم أخذ مؤلَّف العالم المسلم المحقق المدقق، فرأى أنه تفسير قيم جداً، بالغ النفع. فبارك عمله، وقدر جهده، وهنّأه عليه وقال: هذه هي الحكمة حقاً، وانما يطلق اسم العالم والحكيم حقاً على صاحب هذا المؤلَّف، وليس الآخر إلاّْ فنان صنَّاع قد أفرط وتجاوز حدّه. وعلى اثره كافأ ذلك العالم المسلم وأجزل ثوابه، آمراًَ أن تمنح عشر ليرات ذهبية لكل حرف من حروف كتابه.
فاذا فهمت - يا أخي - أبعاد هذه الحكاية التمثيلية، فانظر الى وجه الحقيقة:
فذلك القرآن الجميل الزاهي، هو هذا الكون البديع ..
وذلك الحاكم المهيب هو سلطان الازل والابد سبحانه.
والرجلان: الاول - أي ذلك الاجنبي - هو علم الفلسفة وحكماؤها. والاخر: هو القرآن الكريم وتلاميذه.
نعم، ان القرآن الكريم ((المقروء)) هو أعظم تفسير وأسماه، وأبلغ ترجمان وأعلاه لهذا الكون البديع، الذي هو قرآن آخر عظيم ((منظور)).
نعم! ان ذلك الفرقان الحكيم هو الذي يرشد الجن والانس الى الآيات الكونية التي سطَّرها قلمُ القدرة الإلهية على صحائف الكون الواسع ودبجها على أوراق الازمنة والعصور.
وهو الذي ينظر الى الموجودات - التي كل منها حرف ذو مغزى - بالمعنى الحرفي، أي ينظر اليها من حيث دلالتها على الصانع الجليل. فيقول:
ما أحسنَ خلقه! ما أجملَ خلقه! ما أعظم دلالته على جمال المبدع الجليل.
وهكذا يكشف أمام الانظار الجمالَ الحقيقي للكائنات.
أما ما يسمونه بعلم الحكمة وهي الفلسفة،
فقد غرقت في تزيينات حروف الموجودات،
وظلّت مبهوتة أمام علاقات بعضها ببعض،
حتى ضلت عن الحقيقة. فبينما كان عليها أن تنظر الى كتاب الكون نظرتها الى الحروف - الدالة على كاتبها - فقد نظرت اليها بالمعنى الاسمي، أي أن الموجودات قائمة بذاتها، وبدأت تتحدث عنها على هذه الصورة فتقول: ما أجمل هذا! بدلاً من: ما أجمل خلق هذا، سالبة بهذا القول الجمال الحقيقي للشئ. فأهانت باسنادها الجمال الى الشئ نفسه جميع الموجودات حتى جعلت الكائنات شاكية عليها يوم القيامة ..
نعم! ان الفلسفة الملحدة انما هي سفسطة لا حقيقة لها وتحقير للكون واهانة له.
cالاساس الثاني:
للوصول الى
مدى الفرق بين التربية الاخلاقية التي يربي بها القرآن الكريم تلاميذه، والدرس الذي تلقنه حكمة الفلسفة،
نرى أن نضع تلميذيهما في الموازنة:
فالتلميذ المخلص للفلسفة
((فرعون)) ولكنه فرعون ذليل، اذ يعبد أخس شئ لأجل منفعته، ويتخذ كل ما ينفعه رباً له.
ثم أن ذلك التلميذ الجاحد ((متمرد وعنود)) ولكنه متمرد مسكين يرضى لنفسه منتهى الذل في سبيل الحصول على لذة، وهو عنود دنئ اذ يتذلل ويخنع لاشخاص هم كالشياطين، بل يقبّل أقدامهم!
ثم أن ذلك التلميذ الملحد ((مغرور، جبار)) ولكنه جبار عاجز لشعوره بمنتهى العجز في ذاته، حيث لا يجد في قلبه من يستند اليه.
ثم أن ذلك التلميذ ((نفعي ومصلحي)) لا يرى إلاّ ذاته. فغاية همته تلبية رغبات النفس والبطن والفرج، وهو ((دسّاس مكّار)) يتحرى عن مصالحه الشخصية ضمن مصالح الامة.
بينما تلميذ القرآن المخلص
هو ((عبد)) ولكنه عبد عزيز لا يستذل لشئ حتى لأعظم مخلوق، ولا يرضى حتى بالجنة، تلك النعمة العظمى غاية لعبوديته لله.
ثم أنه تلميذ ((متواضع، ليّن هيّن)) ولكنه لا يتذلل بارادته لغير فاطره الجليل ولغير أمره وإذنه.
ثم أنه ((فقير وضعيف)) موقن بفقره وضعفه، ولكنه مستغنٍ عن كل شئ بما ادخره له مالكُه الكريم من خزائن لا تنفد في الآخرة. وهو ((قوي)) لاستناده الى قوة سيده المطلقة.
ثم أنه لا يعمل إلاّ لوجه الله، بل لا يسعى إلاّ ضمن رضاه بلوغاً الى الفضائل ونشرها.
وهكذا تفهم التربية التي تربي بها الحكمتان، لدى المقارنة بين تلميذيهما.
cالاساس الثالث:
أما ما تعطيه حكمة الفلسفة وحكمة القرآن من تربية للمجتمع الانساني فهي:
ـ[خلوصي]ــــــــ[05 Mar 2010, 11:14 ص]ـ
..
? الاساس الثالث:
أما ما تعطيه حكمة الفلسفة وحكمة القرآن من تربية للمجتمع الانساني فهي:
أن حكمة الفلسفة
ترى ((القوة)) نقطة الاستناد في الحياة الاجتماعية.
وتهدف إلى ((المنفعة)) في كل شئ.
وتتخذ ((الصراع)) دستوراً للحياة.
وتلتزم ((بالعنصرية والقومية السلبية)) رابطة للجماعات.
أما ثمراتها فهي " اشباع رغبات الاهواء والميول النفسية " التي من شأنها تأجيج جموح النفس واثارة الهوى.
ومن المعلوم أن شأن ((القوة)) هو ((الإعتداء)) .. وشأن ((المنفعة)) هو ((التزاحم)) اذ لا تفي لتغطية حاجات الجميع وتلبية رغباتهم .. وشأن ((الصراع)) هو ((النزاع والجدال)) .. وشأن ((العنصرية)) هو ((الإعتداء)) اذ تكبر بابتلاع غيرها وتتوسع على حساب العناصر الاخرى.
ومن هنا تلمس لِمَ سُلبت سعادةُ البشرية، من جراء اللهاث وراء هذه الحكمة.
أما حكمة القرآن الكريم، فهي تقبل ((الحق)) نقطة استناد في الحياة الاجتماعية، بدلاً من ((القوة)) .. وتجعل ((رضى الله سبحانه)) ونيل الفضائل هو الغاية، بدلاً من ((المنفعة)) .. وتتخذ دستور ((التعاون)) أساساً في الحياة، بدلاً من دستور ((الصراع)) .. وتلتزم برابطة ((الدين)) والصنف (1) والوطن لربط فئات الجماعات بدلاً من العنصرية والقومية السلبية .. وتجعل غاياتها " الحد من تجاوز النفس الامارة ودفع الروح الى معالي الامور، واشباع مشاعرها السامية لسوق الانسان نحو الكمال والمثل الانسانية. "
ان شأن (الحق) هو (الاتفاق) .. وشأن (الفضيلة) هو (التساند) .. وشأن دستور (التعاون) هو (اغاثة كل للاخر) .. وشأن (الدين) هو (الاخوة والتكاتف) .. وشأن (إلجام النفس) وكبح جماحها وأطلاق الروح وحثها نحو الكمال هو (سعادة الدارين).
? الاساس الرابع:
اذا أردت أن تفهم كيف
يسمو القرآن على سائر الكلمات الإلهية وتعرف مدى تفوّقه على جميع الكلام.
فانظر وتأمل في هذين المثالين:
المثال الاول:
إن للسطان نوعين من المكالمة، وطرازين من الخطاب والكلام:
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[امجد الراوي]ــــــــ[05 Mar 2010, 12:26 م]ـ
انقطاع طويل بين اخر مشاركة والتي قبلها، استمر بارك الله فيك وجزاك الرحمن من رحمته، فهذا الحديث اشد وقعا من الماء البارد على الظمأ،
ـ[خلوصي]ــــــــ[29 Mar 2010, 09:17 ص]ـ
انقطاع طويل بين اخر مشاركة والتي قبلها، استمر بارك الله فيك وجزاك الرحمن من رحمته، فهذا الحديث اشد وقعا من الماء البارد على الظمأ،
إيه يا سيدي شو ساوي؟!
عم دوّر و بنتقي و بنسخ و بنسق .. و أنا فرحان! بعدين بشوف و لله الحمد قراءات بتشجع ..
بس يا سيدي و الله أنا بشر .. يعني بضعف إذا ما حدا ألّي شكراً .. بارك الله فيك ... جزيت خيراً .. زوّجت بكراً ..
فهذا الحديث اشد وقعا من الماء البارد على الظمأ .. بسمات!؟!
و لّا لا يا سيدي!؟
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[30 Mar 2010, 11:55 م]ـ
بينما أسير اليوم عصرا ذاهبا إلى جدتي، عقلي وقلبي كعادتهما لا يكلان عن التفكير والتفكر والمعايشة حول محور وجودهما وسبيل التجرد ..
وغليكم ما دار بعقلي من حوار .. وعذرا له أن فضحته، ولكن القلب غلّاب .. :
- أنت يا محمد لا يمكنك الانفكاك عن محور تصب فيه كامل التقديس وتمارس تجاهه أحاديتك القاسية المتعصبة
- نعم صحيح .. هذا أمر أوقنه من نفسي وهو سبب لعذابي في مراحل كثيرة مضت
- طيب وما هي إذا الجهة التي يمكنك أن تصب فيها ذلك الذي قلت؟
- نعم نحن قلنا هو القرآن ..
- نعم، ولكن ما هو مصدر ذلك القرآن ومناط تقديسه؟ .. أليس هو الله؟
- بلى ..
- فلماذا تعجز أن تجعل الله إلهك محور حياتك؟ .. أهو عجز عن التصور؟ ..
- فالآن ما هو مصدر معرفتنا حول ذات الله الجليل؟
هنا يتمثل بين عيني قوله الله تعالى:
(ولا ينبئك مثل خبير)
ويقفز عقلي كعادته ليكمل الحوار .. :
- ولكن أليست هناك مصادر أخرى كالعقل تنبئك عن الله تعالى؟
- بلى .. ولكن أنت الآن تعرف عمن؟ .. عن الله .. الجليل العظيم الخالق .. وهذه المعرفة لا يمكن أن تكون عن مصادر تقبل أن تكون أقل من غيرها في حال من الاحوال ولو كانت هي في ذاتها مقبولة ومستعملة في منطقياتنا البشرية ..
- نعم صحيح .. إذا لا يبق لك إلا المصدر الذي لا يقبل أن يكون إلا الأعلى في كل أحواله .. حيث ينئك الخبير عن نفسه ..
نعم هو هذا إذا ..
القرآن العظيم
وانتهى الحوار ..
ـ[خلوصي]ــــــــ[14 Apr 2010, 01:44 م]ـ
- نعم صحيح .. إذا لا يبق لك إلا المصدر الذي لا يقبل أن يكون إلا الأعلى في كل أحواله .. حيث ينئك الخبير عن نفسه ..
نعم هو هذا إذا ..
القرآن العظيم
وانتهى الحوار ..
و كان على ذاك الحوار أن يبدأ من حيث انتهى http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif ..
على أي حال هذه مواصلة لذاك الحوار .....
C الاساس الرابع:
اذا أردت أن تفهم كيف يسمو القرآن على سائر الكلمات الإلهية وتعرف مدى تفوّقه على جميع الكلام ...
فانظر وتأمل في هذين المثالين:
المثال الاول: أن للسطان نوعين من المكالمة، وطرازين من الخطاب والكلام:
الاول: مكالمة خاصة بوساطة هاتف خاص مع أحد رعاياه من العوام، في أمر جزئي يعود الى حاجة خاصة به.
والآخر: مكالمة باسم السلطنة العظمى، وبعنوان الخلافة الكبرى وبعزة الحاكمية العامة، بقصد نشر أوامره السلطانية في الآفاق، فهي مكالمة يجريها مع أحد مبعوثيه أو مع أحد كبار موظيفه ..
فهي مكالمة بأمر عظيم يهم الجميع.
المثال الثاني: رجل يمسك مرآة تجاه الشمس، فالمرآة تلتقط - حسب سعتها - نوراً وضياء يحمل الالوان السبعة في الشمس .. فيكون الرجل ذا علاقة مع الشمس بنسبة تلك المرآة، ويمكنه أن يستفيد منها فيما اذا وجهها الى غرفته المظلمة، أو الى مشتله الخاص الصغير المسقف، بيد أن استفادته من الضوء تنحصر بمقدار قابلية المرآة على ما تعكسه من نور الشمس وليست بمقدار عِظمَ الشمس.
(يُتْبَعُ)
(/)
بينما رجل آخر يترك المرآة، ويجابه الشمس مباشرة، ويشاهد هيبتها ويدرك عظمتها، ثم يصعد على جبل عال جداً وينظر الى شعشعة سلطانها الواسع المهيب ويقابلها بالذات دون حجاب ثم يرجع ويفتح من بيته الصغير ومن مشتله المسقف الخاص نوافذ واسعة نحو الشمس، واجداً سبلاً الى الشمس التي هي في أعالي السماء ثم يجري حواراً مع الضياء الدائم للشمس الحقيقية. فيناجي الشمس بلسان حاله ويحاورها بهذه المحاورة المكللة بالشكر والامتنان فيقول:
(إيه يا شمس! يا من تربعت على عرش جمال العالم! يا لطيفة السماء وزهراءها! يا من أضفيت على الارض بهجة ونوراً، ومنحت الازهار ابتسامة وسروراً، فلقد منحت الدفء والنور معاً لبيتي ومشتلي الصغير كما وهبت للعالم أجمع الدفء والنور).
بينما صاحب المرآة السابق لا يستطيع أن يناجي الشمس ويحاورها بهذا الاسلوب، اذ إن آثار ضوء الشمس محددة بحدود المرآة وقيودها، وهي محصورة بحسب قابلية تلك المرآة واستيعابها للضوء.
وبعد .. فانظر من خلال منظار هذين المثالين الى القرآن الكريم لتشاهد اعجازه، وتدرك قدسيته وسموه ..
أجل ان القرآن الكريم يقول:
] ولو أنّ ما في الارضِ مِن شجرةٍ أقلامٌ والبحُر يمدّه من بعدهِ سبعةُ أبحرٍ ما نفدتْ كلمات الله، ان الله عزيز حكيم [.
وهكذا فان منح القرآن الكريم اعلى مقام من بين الكلمات جميعاً، تلك الكلمات التي لا تحدها حدود، مردّه أن القرآن قد نزل من الاسم الاعظم ومن أعظم مرتبة من مراتب كل اسم من الاسماء الحسنى،
فهو كلام الله، بوصفه رب العالمين،
وهو أمره بوصفه إله الموجودات،
وهو خطابُه بوصفه خالق السموات والارض،
وهو مكالمةٌ سامية بصفة الربوبية المطلقة،
وهو خطابُه الازلي باسم السلطنة الإلهية العظمى ..
وهو سجلُ الالتفات والتكريم الرحماني نابع من رحمته الواسعة المحيطة بكل شئ ..
وهو مجموعة رسائل ربانية تبين عظمة الالوهية، اذ في بدايات بعضها رموز وشفرات.
وهو الكتاب المقدس الذي ينثر الحكمة.
ولأجل هذه الاسرار اُطلق على القرآن الكريم ما هو أهله ولائق به اسم (كلام الله).
أما سائر الكلمات الإلهية: فان قسماً منها كلام نابع باعتبار خاص، وبعنوان جزئي، وبتجل جزئي لاسم خصوصي، وبربوبية خاصة، وسلطان خاص، ورحمة خصوصية. فدرجات هذه الكلمات مختلفة متفاوتة من حيث الخاص والكلي،
فأكثر الإلهامات من هذا القسم
إلاّ أن درجاتها متفاوتة جداً.
فمثلاً: ان ابسطها واكثرها جزئية هي إلهام الحيوانات، ثم إلهام عوام الناس، ثم إلهام عوام الملائكة، ثم إلهام الاولياء، ثم إلهام كبار الملائكة.
ومن هذا السر نرى ان ولياً يقول:
((حدّثنى قلبي عن ربي))
أي: بهاتف قلبه .. ومن دون وساطة مَلَك، فهو لا يقول: حدّثني رب العالمين. أو نراه يقول: ان قلبي عرشٌ ومرآة عاكسة لتجليات ربي. ولا يقول: عرش رب العالمين؛ لأنه يمكن ان ينال حظاً من الخطاب الرباني وفق استعداداته وحسب درجة قابلياته
وبنسبة رفع ما يقارب سبعين الف حجاب.
نعم! انه بمقدار علو كلام السلطان الصادر من حيث السلطنة وسموه على مكالمته الجزئية مع أحد رعاياه من العوام، وبمقدار ما يفوق الاستفادة من فيض تجلي الضوء من الشمس التي هي في السماء على استفادة فيضها من المرآة، يمكن فهم سمو القرآن الكريم على جميع الكلام الإلهي والكتب السماوية.
فالكتب المقدسة والصحف السماوية تأتي بالدرجة الثانية بعد القرآن الكريم في درجة العلو والسمو. كل له درجته وتفوقه، كل له حظه من ذلك السر للتفوق، فلو اجتمع جميع الكلام الطيب الجميل للانس والجن - الذي لم يترشح عن القرآن الكريم - فانه لا يمكن أن يكون نظيراً قط للقرآن الكريم ولا يمكن أن يدنو الى أن يكون مثله.
واذا كنت تريد أن تفهم شيئاً من أن القرآن الكريم قد نزل من الاسم الاعظم ومن المرتبة العظمى لكل اسم من الاسماء الحسنى فتدبّر في
(آية الكرسي)
وكذا الآيات الكريمة التالية وتأمل في معانيها الشاملة العامة السامية:
] وعندَه مفاتِحُ الغَيب [
] قل اللّهم مالكَ الملك [
] يُغشي الليلَ النهار يطلُبُه حثيثاً والشمسَ والقمرَ والنجومَ مسخراتٍ بأمره [
] يا أرض ابلعي ماءك ويا سماءُ أقلعي [
] تسبح له السمواتُ السبعُ والارضُ ومَن فيهن [
] ما خَلْقُكُم ولا بَعثُكُم إلاّ كَنفسٍ واحدة [
] إنّا عرضنا الأمانةَ على السمواتِ والارض والجبال [
] يومَ نطوي السماءَ كطيّ السّجلِ للكتب [
] وما قدروا الله حقّ قدرِه والارضُ جميعاً قبضتُه يومَ القيامة [
] لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ لرأيته .. [
وأمثالها من الآيات الجليلة،
ثم دقق النظر في السور المبتدئة بـ] الحمد لله [و] تسبح .. [
. لترى شعاع هذا السر العظيم
ثم أنظر الى السور المستهلة بـ] الم [و] ألر [، و] حم [لتفهم أهمية القرآن لدى رب العالمين.
واذا فهمت السر اللطيف لهذا الاساس الرابع،
تستطيع أن تفهم: السر في أن أكثر الوحي النازل الى الانبياء انما هو بوساطة ملك، أما الالهام فبلا وساطة.
وتفهم السر في أن أعظم ولي من الاولياء لا يبلغ أي نبي كان من الانبياء ..
وتفهم السر الكامن في عظمة القرآن وعزته القدسية وعلو اعجازه ..
وتفهم سر لزوم المعراج وحكمة ضرورته، أي تفهم السر في رحلته e الى السموات العلا والى سدرة المنتهى حتى كان قاب قوسين أو أدنى ومن ثم مناجاته معه سبحانه، مع أنه جل جلاله] أقرب اليه من حبل الوريد [ثم عودته بطرف العين الى مكانه.
أجل! ان شق القمر كما أنه معجزة لاثبات الرسالة، أظهرت نبوته الى الجن والانس ...
كذلك المعراج هو معجزة عبوديته e أظهرت محبوبيته الى الارواح والملائكة.
اللّهم صل وسلم عليه وعلى آله، كما يليق برحمتك وبحرمته
آمين(/)
تعريف بكتاب (الإمام مالك مفسرا) للأستاذ / حميد لحمر
ـ[سامي العمر]ــــــــ[29 Dec 2008, 10:22 م]ـ
تعريف بكتاب (الإمام مالك مفسرا) للأستاذ / حميد لحمر
أ) اسم الكتاب: الإمام مالك مفسرا (رسالة جامعية)
ب) اسم المؤلف:حميد لحمر (أستاذ الدراسات الإسلامية – جامعة سدي محمد بن عبد الله – فاس)
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/74244931758f7713e.jpg
ج) الطبعة: طبعة دار الفكر – بيروت – 1415هـ
د) مواضيع الكتاب:
1) مقدمة في دوافع البحث و منهجه و فحواه.
و من المهم أن يذكر هنا أن مما دفع المؤلف للبحث في هذا الموضوع أنه قد وقف على نص عن القاضي عياض في المدارك، قال فيه: (و له – يعني الإمام مالك – في تفسير القرآن كلام كثير و قد جمع .... الخ) و أن ممن أحال إلى ذلك: ابن كثير في تفسيره فقد قال في مواضع: (و عن مالك في تفسيره المروي عنه ... ).
2) القسم الأول:
تمهيد (حياة الإمام مالك)
الفصل الأول: توثيق تفسير الإمام مالك.
المبحث الأول: شهادات العلماء.
المبحث الثاني: طرق الرواية عن الإمام مالك.
المبحث الثالث: المصادر.
الفصل الثاني:منهج الإمام مالك في التفسير.
المبحث الأول: أدوات التفسير و مصادره.
المبحث الثاني: تفسيره عن أهل الكتاب.
المبحث الثالث: مفهوم الرأي عند الإمام مالك.
المبحث الرابع: موقفه من الفرق الكلامية و أهل الأهواء و آراؤه في مسائل من علم الكلام.
3) القسم الثاني:
قسم التفسير (المتن) مرتبا على حسب سور القرآن الكريم.
4) الفهارس.
هـ) من مزايا الكتاب:
1) جودة استيعاب كلام الإمام مالك في التفسير من مظانه.
2) جودة الدراسة عن مالك و بيان كثير من الحقائق حول موقفه من أهل الكلام و المسائل العقدية و توثيقها من مصادرها.
و) من الملاحظات على الكتاب:
1) أن بعض النصوص المذكورة إنما هي أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم و لا يعني وجود الإمام مالك في سنده أن يكون هذا من تفسيره.
2) وكذلك النقول عن بعض الصحابة أو التابعين التي يكون الإمام مالك في سندها.
3) وأيضا توجد نصوص عن مالك ولكنها إلى باب الأحكام الفقهية أقرب من التفسير.
4) ذكر كثير من النقول عن الإمام مالك غير مسندة، و هذا مما يشكل حين الحاجة إلى التحقق من نسبة القول إلى الإمام مالك عند التعارض. و حتى النصوص المسندة لمالك لا يوجد عليها حكم من حيث الصحة و الضعف.
جزى الله المؤلف خيرا على جهده هذا و نفع به الإسلام و المسلمين.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[02 Jan 2009, 05:09 م]ـ
بارك الله فيك
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[07 Jan 2009, 10:47 م]ـ
هناك ملاحظة عامة على جل ما يكتبه الإخوة في مشروعهم الرائد هذا في التعريف بالكتب وهي: الاقتصار على ذكر فهرس الكتاب والملاحظات العامة عليه.
ولو أنهم زادوا التعريف بذكر الفكرة الأساسية التي كتب من أجلها الكتاب، وتلخيص أبرز ما جاء فيه لكان أحسن وأقرب.
وهذا الأمر في نظري مهم جدا في التعريف بأي كتاب ..
جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم.(/)
غزة {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون} ما يحضركم في تلك الآية
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[30 Dec 2008, 07:28 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه استعين
وصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين $
! وَلَا تَهِنُواٌ وَلَا تَحْزَنُواٌ وَأَنتُمُ اّلْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ؛139! إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌٌ فَقَدْ مَسَّ اّلْقَوْمَ قَرْحٌٌ مِّثْلُهُُ وَتِلْكَ اّلْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ اّلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اّللهُ اّلَّذِينَ آَمَنُواٌ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَْْ وَاّللهُ لَا يُحِبُّ اّلظَّاٌلِمِينَ؛140! وَلِيُمَحِّصَ اّللهُ اّلَّذِينَ آَمَنُواٌ وَيَمْحَقَ اّلْكَاٌفِرِينَ؛141! أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواٌ اّلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اّللهُ اّلَّذِينَ جَاٌهَدُواٌ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ اّلصَّاٌبِرِينَ؛142
لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
ـ[النجدية]ــــــــ[30 Dec 2008, 11:59 ص]ـ
بسم الله ...
جزاكم الله خيرا
إن النصر لقريب -بإذن الله-، وإن الله عز وجل لدعائنا سميع مجيب!
يقول تبارك وتعالى:
(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)) (العنكبوت)(/)
أرجو توثيق هذا الرأي للشيخ الطيار.
ـ[العنزي]ــــــــ[30 Dec 2008, 08:49 م]ـ
أرجو توثيق الرأي التالي للشيخ الدكتور مساعد الطيار"إن تفسير القرآن بالقرآن لا نقل فيه حتى يكون طريقه الأثر، بل هو داخل ضمن تفسير من فسر به.
* فإن كان المفسر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- فهو من التفسير النبوي.
* وإن كان المفسر به الصحابي، فله حكم تفسير الصحابي.
* وإن كان المفسر به التابعي، فله حكم تفسير التابعي.
وهكذا كل من فسر آية بآية فإن هذا التفسير ينسب إليه"في أي كتاب من كتب الشيخ مع ذكر الصفحة؟.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[01 Jan 2009, 02:48 ص]ـ
هذا كتبه الشيخ مساعد-وفقه الله- في بحث نشره في مجلة البيان عنوانه: (التفسير بالمأثور - نقد للمصطلح وتأصيل)
تجد البحث هنا ( http://www.tafsir.org/tafsir/index.php?a=books&action=view&id=75#)
ولاأدري إن كان هذا البحث مضمَّنا في كتابه (بحوث ومقالات متعلقة بعلوم القرآن) أم لا؟
إذ إن الكتاب قد نفد من المكتبات ..
(وهنا أهيب بالشيخ إعادة طبعه ليتسنى لمن لايملكه اقتناؤه)
مما قاله حفظه الله في هذا الشأن:
(رأيت أنه قد التبس على بعض الفضلاء التفريق بين كون تفسير القرآن بالقرآن مأثورا أو رأيا، وقد سمعت بعضهم يجعله مأثورا مطلقا، وعندي أن هذا الفاضل لم يفرق بين وصول القرآن إلينا، وهو الأثر، وطريقة وصولنا إلى تفسير آية بآية، وهو الرأي والاجتهاد)
[شرح مقدمة في أصول التفسير لابن تيمية/275]
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[01 Jan 2009, 05:12 م]ـ
أذكر أني قرأت هذا الكلام للشيخ في مقدمة كتابه: (مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر).
من إصدارات دار ابن الجوزي
ـ[وائل صنبع]ــــــــ[02 Jan 2009, 10:11 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،،،
أظن على قول الشيخ يمكننا القول أيضا:
1 - تفسير القرآن باللغة.
2 - تفسير القرآن بالحديث النبوي مع النظر إلى ما ليس مصرح فيه بتفسير النبي صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم
ـ[وائل صنبع]ــــــــ[12 Jan 2009, 12:03 ص]ـ
للرفع(/)
غزة {لا يقاتلونكم جميعا} ما يحضركم في تلك الآيات
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[30 Dec 2008, 10:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه استعين
وصلى الله على المبعوث رحمة للعالمين $
! لَا يُقَاٌتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًًى مُحَّصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرًٍْْْْ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌٌْْْ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىَُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌٌ لَّا يَعْقِلُونَ ×14! كَمَثَلِ اّلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيبًاً ذَاقُواٌ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌٌ ×15! كَمَثَلِ اّلشَّيْطَاٌنِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَاٌنِ اّكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌٌ مِّنكَ إِنِّيََ أَخَافُ اّللهَ رَبَّ اّلْعَاٌلَمِينَ ×16! فَكَانَ عَاٌقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي اّلنَّارِ خَاٌلِدَيْنِ فِيهَاْْْ وَذَلِكَ جَزَاءُُ اّلظَّاٌلِمِينَ ×17! يَآُ أَيُّهَا اّلَّذِينَ آَمَنُواٌ اّتَّقُواٌ اّللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍٍْ وَاّتَّقُواٌ اّللهَْْْ إِنَّ اّللهَ خَبِيرٌَ بِمَا تَعْمَلُونَ ×18! وَلَا تَكُونُواٌ كَاُلَّذِينَ نَسُواٌ اّللهَ فَأَنسَاِهُمْ أَنفُسَهُمْْْْ أُوِْلَئِكَ هُمُ اّلْفَاٌسِقُونَ ×19! لَا يَسْتَوِيََ أَصْحَاٌبُ اّلنَّارِ وَأَصْحَاٌبُ اّلْجَنَّةِْْْ أَصْحَاٌبُ اّلْجَنَّةِ هُمُ اّلْفَائِزُونَ ×20
الله مولانا ولا مولى لكم.(/)
افتتاح موقع الجيوسي للدراسات القرآنية
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[31 Dec 2008, 01:00 ص]ـ
بفضل الله تعالى وكرمه تم منذ يومين إطلاق الموقع المؤقت للدراسات القرآنية، لكن ما تمر به أمتنا من أوضاع حالت دون رغبتي في الإعلان عنه .. أسأل الله تعالى
أن يفرج عن إخواننا في غزة وأن يكتب لأمتنا العزة ..
أدعو إخواني لزيارة الموقع الذي ارجو من الله تعالى أن يتم قريبا تفعيل قاعدة البحث فيه، وأطلب من أخواني إفادتي بملحوظاتهم ومقترحاتهم حول الموقع والخدمات المتاحة فيه
وقد جعلت العنوان ضمن توقيعي، وهو:
www.myomeco.com/jayousi
فلا تبخلوا علينا .... بارك الله فيكم
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[31 Dec 2008, 01:09 ص]ـ
مبارك يا دكتور عبد الله، وانطلاقة مباركة بإذن الله وإلى الأمام ...
ـ[مرهف]ــــــــ[31 Dec 2008, 02:57 ص]ـ
مبارك يا دكتور عبد الله وأسأل الله لك التوفيق والقبول، وما يحصل من أحداث مؤلمة في فلسطين المحتلة عموما وفي غزة خصوصا لا ينبغي أن يوقفنا عن العمل والبحث وأنتم تعلمون أن علو الهمة من الإيمان، فينبغي أن يبقى الجهد موجودا فالولادة لا تكون بدون ألم ودم.
اللهم انصر المجاهدين في فلسطين وسدد رميهم ووحد صفهم واخذل عدوهم.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[31 Dec 2008, 02:16 م]ـ
بارك الله فيك دكتور لكن الموقع لم يفتح معي.
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[31 Dec 2008, 03:40 م]ـ
جربت الدخول بعد رسالتك ولم أجد مشكلة في الدخول
جرب بالضغط على الموقع من خلال التوقيع
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[31 Dec 2008, 04:51 م]ـ
أهني سيادتكم ذلك الإنجاز سائلا الله تعالى لكم دوم التوفيق والسداد.
ـ[سيف التوحيد]ــــــــ[31 Dec 2008, 05:21 م]ـ
اهنئك بإفتتاح الموقع , وأسأل الله ان يبارك في هذا العمل وان يجعله في ميزان حسناتك ..
ـ[غانم الغانم]ــــــــ[31 Dec 2008, 08:35 م]ـ
شكر الله لكم يا فضيلة الدكتور عبدالله الجيوسي على هذا الموقع الرائع؛
وأقترح لو أدخلت أيقونة / صدر حديثاً في الدراسات القرآنية
جعلكم الله من خدمة كتاب الله العزيز.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[31 Dec 2008, 09:14 م]ـ
الموقع فتح معي وأتمنى لك التوفيق.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[01 Jan 2009, 03:01 م]ـ
ما شاء الله
انطلاقة موفقه وأكثر الله من أمثالكم.
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[01 Jan 2009, 05:31 م]ـ
مثل هذه المواقع عندما أحاول الدخول عليها يفصل الانترنت عندي ولا استطيع التصفح , فلا أعرف أين المشكلة
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[02 Jan 2009, 10:13 ص]ـ
بارك الله فيك دكتور عبدالله ونفع بك والموقع لا يفتح فعلا إلا من التوقيع أما من الرابط فلا يفتح!
وندعو الله عزوجل أن ينصر إخواننا في غزة وأن يرد كيد اليهود في نحورهم ويجعل الدائرة تدور عليهم!
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[02 Jan 2009, 08:06 م]ـ
نعم اخي عمرو لا يفتح إلا من خلال التوقيع
لانني ادركت ان خطأ وقع في العنوان الذي اثبته في المشاركة الأولى
ارجو الانتباه إلى وضع / بدلا من. بين com و jayousi
ليصبح مطابقا لما هو موجود في التوقيع ..
جرب بالضغط على الرابط التالي:
www.myomeco.com/jayousi
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[04 Jan 2009, 03:35 ص]ـ
عدَّلتُ الرابط في مشاركتكم الأولى يا دكتور عبد الله ويمكن فتح الموقع من خلاله ..
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[04 Jan 2009, 11:51 ص]ـ
بارك الله لك وبك دكتور عبد الله على هذا الموقع وجعله في ميزان حسناتك اللهم آمين.
حقك علينا أخي الكريم أن نساعدك في نشر الموقع وهذا أقل الواجب
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Jan 2009, 02:47 م]ـ
مبارك يادكتور عبد الله، وأتمنى لك التوفيق، فأنت صاحب مبادرات علمية ظاهرة، وأتمنى أن لا يشغلكم موقعكم عن إتحافاتكم في ملتقى أهل التفسير.
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[05 Jan 2009, 11:06 ص]ـ
بارك الله فيكم وفي علمكم وجعله في موازين أعمالكم يوم القيامة وفقكم الله وسدد خطاكم وقد كنا ننتظر منكم هذا الموقع لتنشروا من خلاله أعمالكم الموسوعية وبحوثكم العلمية لتصل الى أيدي الباحثين في أنحاء العالم إن شاءالله
ـ[الشريفة فاطمة]ــــــــ[05 Jan 2009, 06:59 م]ـ
ماشاء الله. هذا يثلج الصدر ويفرح القلب.
مبروك علينا الموقع الجديد واللهم يسر لنا فيه.
شكرا دكتور على جهودكم وبارك الله فيكم.
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[12 Jan 2009, 01:58 م]ـ
ابشروا .. فما موقعي إلا امتداد لهذا الموقع ... بل هذا هو موقعي الاصيل ...
واطمئنكم بأن ما يتعلق بشأن البيانات لن يكون متاحا في موقعي كما هو متاح من هذا الموقع
بمعنى ان هذا هو الموقع الذي من خلاله يمكن الاستفادة الكاملة من قاعدة البيانات
وفق ما تباحثنا به مع فضيلة المشرف
ـ[يزيد العمار]ــــــــ[12 Jan 2009, 04:35 م]ـ
مبارك يا دكتور عبد الله وأسأل الله لكم التوفيق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[08 May 2009, 08:54 م]ـ
بعد انقطاع ... يعود الموقع بفضل الله من جديد
وارجو من إخواني الا يبخلوا بملحوظاتهم
ـ[سُدف فكر]ــــــــ[09 May 2009, 02:45 م]ـ
بارك الله فيكم وجعل ما تقومون به خالصا لوجهه الكريم
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[13 May 2009, 08:43 ص]ـ
عذرا إخواني تغير عنوان الموقع ليصبح كالتالي/
www.drjayousi.com
وهذا هو سبب الانقطاع السابق
ـ[أبو زيد الشيباني]ــــــــ[13 May 2009, 02:31 م]ـ
مبارك يادكتور، وأتمنى لك التوفيق، فأنت صاحب مبادرات علمية ظاهرة، وأتمنى أن لا يشغلكم موقعكم عن إتحافاتكم في ملتقى أهل التفسير.
بارك الله فيكم وفي علمكم وجعله في موازين أعمالكم يوم القيامة، ووفقكم الله وسدد خطاكم، وقد كنا ننتظر منكم هذا الموقع لتنشروا من خلاله أعمالكم الموسوعية وبحوثكم العلمية لتصل الى أيدي الباحثين في أنحاء العالم إن شاءالله!.
ـ[أبو زيد الشيباني]ــــــــ[13 May 2009, 02:35 م]ـ
... والمروءة مرؤها لإخوته المرآة ذو النور مكحلا.
القرآن مكتوباًتوباً
لعل في هذه الأيقونة خطأ في الكتابة ... !(/)
اللقاء القرآني الشهري الثاني بمعهد الإمام ابن الجزري
ـ[غانم الغانم]ــــــــ[31 Dec 2008, 09:15 م]ـ
أقام معهد الإمام ابن الجزري لتأهيل معلمي القرآن الكريم التابع لجمعية تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة عنيزة اللقاء القرآني الشهري الثاني لمعلمي حلقات تحفيظ القرآن الكريم بعنيزة وطلاب المعهد يوم الثلاثاء الموافق 18/ 12/1429هـ بقاعة المحاضرات بالمعهد نفسه مع فضيلة الشيخ الدكتور: عبدالرحمن بن صالح الدهش الأستاذ المساعد بقسم القرآن وعلومه بجامعة القصيم , وعضو مجلس إدارة جمعية تحفيظ القرآن الكريم بعنيزة , وكان عنوان اللقاء (تفسير القرآن الكريم أهميته ومصادره) , وقد حضر اللقاء جمع غفير من منسوبي الجمعية ومشرفي الحلقات ومعلمي القرآن ومنسوبي المعهد وطلابه , وقد أفاد حفظه الله الحضور بفوائد علمية تأصيلية في علم التفسير , مقدماً حديثه ببيان أهمية تلك اللقاءات , وبيان عظم تعليم القرآن وفضل مُعلِّمه , ثم أبان عن أهمية علم التفسير وعظمه واشتغال العلماء به , بعد ذلك أبان عن الطريقة المثلى لمن أراد أن يفسر كتاب الله -وهي ما كان يوصي بها الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله - بإعمال الفكر في معرفة تفسير الآية ومن ثم الرجوع إلى كتب التفسير لمعرفة المراد الصحيح في معنى الآية - , ثم تحدث عن المصادر والمراجع التفسيرية بأنواعها التحليلية , والمقارنة , والإجمالية , والموضوعية ممثلاً لكل نوع , ومقسماً كتب التفسير من ناحية المعتقد , منتقلاً بعد ذلك إلى مصادر التفسير وطرقه ابتداءً بتفسير القرآن بالقرآن ثم بالسنة ثم بأقوال الصحابة ثم بأقوال التابعين , ثم باللغة العربية , متحدثاً عن كل مصدر بأمثلته , وخُتم اللقاء بالإجابة عن أسئلة الحضور واستفساراتهم.
وقد أقامت إدارة الجمعية مأدبة عشاء بهذه المناسبة.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ هذه اللقاءات القرآنية الشهرية مع نخبة من المشايخ والأكاديمين المتخصصين بالقرآن وعلومه ضمن برنامج علمي لتأهيل معلمي حلقات القرآن وطلاب المعهد تأهيلاً شرعياً.
وقد كانت باكورة هذه اللقاءات مع فضيلة الشيخ الدكتور: أحمد بن عبدالرحمن القاضي رئيس مجلس إدارة جمعية تحفيظ القرآن بعنيزة , والأستاذ المساعد بجامعة القصيم بعنوان (يا أهل القرآن) متحدثاً عن فضل تعليم القرآن , ومسدياً لمعلمي القرآن وصاياً عظيمة أبوية تربوية وتعليمة وسلوكية.فأفاد حفظه الله الحضور فائدة عظيمة.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[04 Jan 2009, 02:55 م]ـ
وفقكم الله وليتك أتحفتنا بمحتوى المحاضرة التي ألقاها الدكتور عبد الرحمن الدهش وفقه الله
ـ[غانم الغانم]ــــــــ[04 Jan 2009, 06:40 م]ـ
الشيخ فهد الوهبي حفظه الله
المحاضرة بحمد الله مسجلة , ولعلي أنزلها في الموقع بعد أخذ الإذن من الشيخ د/ عبدالرحمن الدهش.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[04 Jan 2009, 07:25 م]ـ
الشيخ فهد الوهبي حفظه الله
المحاضرة بحمد الله مسجلة , ولعلي أنزلها في الموقع بعد أخذ الإذن من الشيخ د/ عبدالرحمن الدهش.
بارك الله فيك ..(/)
الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن
ـ[زين العابدين الأثري]ــــــــ[01 Jan 2009, 04:35 ص]ـ
الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن
05/ 06 / 2007 مجلة البيان الإسلامية
كتاب في مقال
الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن
عرض وتقديم: محمد عبد الرحمن آل الشيخ
الاهتمام بالقرآن وتفسيره مظهر من أهم مظاهر الاهتمام بالإسلام، ومنذ عصر الإسلام الأول ومكتبة التفسير تزداد غنى وتضخماً، حتى أصبح القارئ اليوم يجد نفسه في حيرة أمام هذه الكتب ومناهجهاً، فلا يكاد يسلم له اختيار، ولا تستقيم له قراءة، إذا لم يبذل جهداً كبيراً في اختيار الكتاب والكاتب، من هذا المنطلق عنى جماعة من علماء المسلمين بأصول التفسير ومنهجه، فكتبوا -عن التفسير وتاريخه ومراحل تطوره، وكتبوا عن المفسرين واتجاهاتهم وغاياتهم، ليخلصوا بعد ذلك إلى منهج واضح في التعامل مع المفسرين في كتبهم، تعين القارئ المسلم في تناوله لكتب التفسير، وتجعل أمامه معايير واضحة في القبول والرد لأي فكرة أو عبارة.
ويعد الشيخ الدكتور محمد حسين الذهبي - رحمه الله - واحداً من علماء المسلمين الذين تخصصوا في التفسير وعلمه، فعاش مع الأولين والآخرين من خلال قراءته لكتبهم المطبوعة والمخطوطة، ويكفي شاهداً على مكانته في هذا المجال كتابه القيم "التفسير والمفسرون"، غير أن للشيخ كتيباً آخر - وإن كان جزء كبير منه مأخوذاً من الكتاب الأول - يقع في حوالى مائة صفحة تحت عنوان:"الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن دوافعها ودفعها"، ومع صغر حجم الكتاب إلا أنه وفي الموضوع توفية جيدة، وأبان فيه كثيراً من أحوال الذين دخلوا عالم التفسير ولكن لم تسلم مؤلفاتهم من انحرافات وأخطاء، ولا نعني بها الأخطاء الفردية الجانبية، بل المنهجي منها،حيث يلتزم المؤلف في تفسيره منهجاً غير سليم في تناول النصوص القرآنية يخالف أهل السنة.
والكتاب يقع في مقدمة وتسع مقالات، تكلم في المقدمة عن تدرج التفسير، وعن مبدأ ظهور الانحراف، ثم في المقالات التسع: ذكر أحوال تسعة اتجاهات تناولت القرآن تناولاً فيه انحراف في جانب من جوانب منهجها.
المقدمة:
تكلمت المقدمة أولاً عن: تدرج التفسير، فتكلم المؤلف في البداية عن تفسير النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن للصحابة، وذكر خلاف العلماء حول: هل فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- القرآن جميعه للصحابة أم بعضه؟ واختار: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما فسر معظم القرآن، وأن هناك أشياء لم يفسرها للصحابة مثل ما استأثر الله بعلمه، أو ما تعرفه العرب بلغتها، أو ما يعرفه المرء من القرآن بداهة، أما الأمور التي هي من اختصاص العلماء فهي التي كانت مجال التفسير كبيان المجمل، وتخصيص العام وتقييد المطلق ... وغير ذلك مما خفي معناه والتبس المراد به.
ثم جاء بعد ذلك عصر التابعين الذين أخذوا التفسير مشافهة من الصحابة، وزادوا على ذلك باجتهاداتهم بمقدار ما زاد من الغموض الذي كان يتزايد كلما بعُد الناس عن عصر النبي -صلى الله عليه وسلم. وهكذا استمر تنقل التفسير بين الطبقات، يزداد الناس بعداً عن عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- وتزداد اجتهادات العلماء لسد تلك الفجوة، حتى ظهر عصر التدوين.
ويقسم المؤلف مراحل التفسير منذ عصر التدوين إلى يومنا هذا إلى أربع مراحل؛ فيجعل:
الأولى: يوم كان التفسير جزءاً من كتب الحديث، وكان التفسير بالمأثور يروى بأسانيده، وأحياناً يفرد له باب داخل كتب الحديث.
والمرحلة الثانية: يوم انفصل التفسير في كتبه المستقلة، ومن أعلام هذه المرحلة - عند المؤلف -: ابن ماجه (ت:237 هـ) وابن جرير الطبري (ت: 310 هـ) وغيرهما، وقد عدّ الكاتب هاتين المرحلتين من المراحل الخيِّرة في تاريخ تدوين التفسير بالمأثور.
ولكن المرحلة الثالثة: لم تكن كسابقتيها، حيث شهدت ظهور تفاسير لم تعتن كثيراً بالأسانيد وإثباتها، بل عمدت إلى اختصارها وذكر أقوال السلف من غير سند، ومأخذ الكاتب على هذه المرحلة ننقله بعبارته؛ حيث يقول:" فدخل الوضع في التفسير، والتبس الصحيح بالعليل، وكان هذا مبدأ ظهور الوضع في التفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم تأتي المرحلة الرابعة: وهي أوسع المراحل حيث امتدت من العصر العباسي إلى هذا اليوم، يقول- رحمه الله-: فبعد أن كان التفسير مقصوراً على رواية ما نقل عن سلف هذه الأمة، وجدناه يتجاوز هذه الخطوة إلى تدوين تفاسير اختلط فيها الفهم العقلي بالتفسير النقلي، وكان ذلك على تدرج ملحوظ،فبدأ أولاً على هيئة محاولات فهم شخصي وترجيح بعض الأقوال على بعض، وكان هذا أمراً مقبولاً مادام يرجع الجانب العقلي منه إلى حدود اللغة ودلالة كلمات القرآن. ولكن جانب الفهم العقلي أخذ يخرج عن إطاره المقبول مع مرور الزمن، إلى أن وصل إلى مرحلة قال عنها: حتى وُجد من كتب التفسير ما يجمع أشياء كثيرة لا تكاد تتصل بالتفسير إلا عن بُعد عظيم.
واشتملت المقدمة كذلك على مبحث في: مبدأ ظهور تلك الاتجاهات المنحرفة، مع دراسة تحليلية موجزة لأسباب ذلك.
ليس من الصعب على من يقرأ كلام المؤلف أن يخلص إلى أنه يرجع أسباب تلك الانحرافات إلى عاملين: أولهما: حذف الأسانيد، والعامل الآخر: اتجاه أهل الرأي في تفسير القرآن،حيث يقول: ولاشك في أن انتهاء التفسير بالرأي إلى إخضاعه لميولٍ شخصية ومذاهب عقدية وغير عقدية فتح على المسلمين باب شر عظيم. ولهذا العامل عنده سببان:
أولهما: أن يعتقد المفسر معنى من المعاني، ثم يريد أن يحمل ألفاظ القرآن على ذلك المعنى قسراً، وإن كان ما قصد إليه معنى حساً، ولكن لا علاقة له بالآية، كمن فسر قوله تعالى: ((ولَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِن دِيَارِكُم)) [النساء / 66]، بأن قتل النفس هنا: مخالفتها، والخروج من الديار هو: إخراج حب الدنيا من القلوب. وقد يكون المعنى الذي قصد إليه خطأ أصلاً، ومع هذا يريد أن يحمل كلام الله عليه، ومثل على ذلك بمن فسر قوله تعالى: ((واذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً)) [المزمل /8] اذكر اسم ربك الذي هو أنت، أي: اعرف نفسك ولا تنسها فينسك الله.
والسبب الثاني: أن يقف المفسر مع ظاهر اللفظ،دون نظر في حال القوم الذين نزل فيهم القرآن، أو سبب نزول الآية.
وبعد هذه المقدمة، بدأ في تناول الاتجاهات المنحرفة وهي:
1 - اتجاه الإخباريين والقصاص.
2 - اتجاه أصحاب المذاهب النحوية.
3 - اتجاه من يجهل قواعد النحو.
4 - اتجاه المعتزلة.
5 - اتجاه الشيعة.
6 - - اتجاه الخوارج.
7 - اتجاه الصوفية.
8 - اتجاه أصحاب التفسير العلمي.
9 - اتجاه مدعي التجديد.
وقد استغرق الكلام على هذه الاتجاهات بقية الكتاب، وسنقتصر في هذا المقال على ذكر اتجاهين اثنين، أحدهما قديم والآخر حديث، هما: الشيعة ومدعي التجديد.
وقد نهج المؤلف في دراسته لهذه الاتجاهات نهجاً تحليلاً موفقاً، فبدأ وقدم لكل اتجاه بمقدمة موجزة تكلم فيها عن مذهب القوم وبعض عقائدهم التي تخالف عقائد أهل السنة، ثم أخذ أمثلة من تفاسيرهم، وذكر انحرافاتهم فيها، وكيف أوّلوا آيات القرآن لتوافق آراءهم ومذاهبهم، ويتبع ذلك غالباً بالرد على ادعاءاتهم، وإبطال تأويلاتهم.
الاتجاهات المنحرفة في تفسير الشيعة:
بدأ الحديث عن الشيعة بذكر أقسامهم من جهة غلوهم في أمير المؤمنين علي بن أبى طالب- رضي الله عنه-، ولخص بعد ذلك عقائد الإمامية الإثني عشرية القائلين بإمامة اثني عشر إماماً، فقال: وللإمامية الإثني عشرية تعاليم، أشهرها: العصمة والمهدية والرجعة والتقية. وأتبع ذلك بشرح موجز لكل عقيدة من هذه العقائد.
وتكلم بعد ذلك عن تفاسير القوم، وضرب أمثلة لكيفية اعتسافهم لآيات القرآن الكريم لتوافق عقائدهم، وحسبنا أن نورد هنا مثالاً واحداً مما ورد في الكتاب، فقد نقل عن البحراني في تفسير للآيتين 8، 9 من سورة الذاريات: ((إنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ)) أنه قال: يروى عن أبي جعفر أنه قال في تفسيرها: اختلف في ولاية هذه الأمة، فمن استقام على ولاية عليِّ دخل الجنة، ومن خالف ولاية عليِّ دخل النار، وأما قوله: ((يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ)) قال: يعني علياً، ومن أفك عن ولايته أفك عن الجنة. ثم يرد المؤلف على هذا الانحراف رداً منهجياً جيداً حيث يقول: ولسنا بحاجة إلى الإطالة في إبطال هذا الاتجاه، بعدما أثبت لنا علماء الحديث ونقاده أن
(يُتْبَعُ)
(/)
كل الروايات في ولاية علي ليس لها أساس من الصحة، وأنها من وضع الشيعة أنفسهم ليروجوا بها مذهبهم في الإمامة والأئمة.
القارئ لهذا الفصل من الكتاب يصل في نهايته إلى حيث أراد الكاتب: من أن تفاسير القوم لم توضع بتجرد وإخلاص، ولا يمكن اعتبارها تفاسير للقرآن بقدر ما يمكن اعتبارها قنوات لصب أفكار الشيعة وعقائدهم من خلالها.
الاتجاهات المنحرفة في التفسير لبعض مدعي التجديد:
إذا كان الكاتب قد التزم الاتزان في العبارة، والهدوء في المناقشة والرد - وهو خُلق جيد -، فإنه هنا وإن لم يخرج عن هذا الإطار إلا أنه استخدم عباراتٍ أشد وأسلوباً أقوى مع أصحاب هذا الاتجاه، ولعل ذلك عائد إلى أنه عدّ بعضهم ممن يريد الكيد للإسلام وأهله، وبعضهم ممن أقحم نفسه في هذا المجال وليس من أصحابه، فنجد المؤلف في هذا الفصل بعد أن ذكر أن الإسلام بُلي بقوم كادوا له، وعملوا على هدمه، نراه يقول بعد ذلك: مني الإسلام بهذا من أيامه الأولى، ومني بمثل هذا في أحدث عصوره، فظهر في هذا القرن أشخاص يتأولون القرآن على غير تأويله، ويلوونه إلى ما يوافق شهواتهم، ويقضي حاجات نفوسهم ... فمنهم من حسب أن التجديد ولو بتحريف كتاب الله تعالى سبب لظهوره وشهرته في المحيط العلمي، فذهب يفسر كتاب الله تفسيراً لا تقره لغة القرآن، ولا يتفق مع قواعد الدين العامة، ومنهم من تلقى من العلم حظاً يسيراً لا يرقى به إلى مستوى العلماء، ولكنه اغتر بما لديه فحسب أنه بلغ مبلغ الراسخين في العلم، ونسي أنه قل في علم اللغة نصيبه، وخف في علم الشريعة وزنه، ... فأخذ يهذي بأفكار فاسدة تتنافى مع ما قرره علماء اللغة وأئمة الدين.
بهذا الأسلوب وبهذه الروح تناول الكاتب أصحاب هذا الاتجاه.
ومن أصحاب هذا المنهج: صاحب كتاب "الهداية والعرفان في تفسير القرآن بالقرآن"، وقد ثار على هذا الكتاب علماء الأزهر حتى صودر ومنع، فقد تسلط صاحب هذا التفسير على معجزات الأنبياء وجردها من معانيها الإعجازية، فلا عيسى عنده ينفخ في الطين فيصير طيراً بإذن الله، ولا هو يبرئ الأكمه والأبرص ولا يحيي الموتى بإذن الله. ومما نقله عنه المؤلف في تفسيره لقوله تعالى ((وسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الجِبَالَ يُسَبِّحْنَ والطَّيْرَ وكُنَّا فَاعِلِينَ)) [الأنبياء:79]، يقول: ((يُسَبِّحْنَ)) يعبر عما تظهره الجبال من المعادن التي كان يسخرها داود في صناعته الحربية، ((والطَّيْرَ)) يطلق على كل ذي جناح، وكل سريع السير من الخيل والقطارات البخارية والطيارات الهوائية، وفسر قوله تعالى: ((ولِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إلَى الأَرْضِ الَتِي بَارَكْنَا فِيهَا)) [الأنبياء:81] يقول: ((تَجْرِي بِأَمْرِهِ)) الآن تجري بأمر الدول الأوربية وإشاراتها في التلغراف والتلفونات الهوائية.
فليس بعد ذلك من عجب أن يقسو الذهبي -رحمه الله-على هذا المفسر ويقول عنه: وهذا بلا شك خروج صريح عن مدلولات النصوص القرآنية وإلحاد في آيات الله سبحانه وتعالى.
وبعد، فهذا هو الكتاب كما قرأته، لا يخلو كل قارئ له من أن يصل في نهايته إلى معرفة الانحرافات التي قد ترد على كتب التفسير وأسبابها، ولا يخلو القارئ كذلك أن يستنتج من إجمال الكتاب المنهج الصحيح في التفسير، الذي به نستطيع قبول قول المفسر أو رده، ولم يتوسع - رحمه الله - في ذلك، ولم يعرضه عرضاً مستقلاً، لأن عنوان الكتاب مقصور على الاتجاهات المنحرفة، ولكن يمكن أن نستنتج جانباً من ذلك من خلال كلامه وردوده، فأهم مقومات المنهج الصحيح فيما ذكر: الاهتمام بالأسانيد وتمحيصها ليعلم الصحيح من الدخيل، ويضاف إلى ذلك التجرد في تناول الآيات القرآنية دون إخضاعها لمؤثرات ومقررات سابقة.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[01 Jan 2009, 02:51 م]ـ
جزى الله الأخ محمد عبد الرحمن آل الشيخ خيرا على عرضه الجيد وشكر الله تعالى للأخ زين العابدين على صنيعه الموفق.
ـ[زين العابدين الأثري]ــــــــ[04 Jan 2009, 03:05 ص]ـ
بارك الله فيك على المرور
ـ[مرهف]ــــــــ[05 Jan 2009, 04:24 م]ـ
جزاك الله خيرا، وكم كنت أتمنى لو أن الشيخ محمد عبد الرحمن أشار بمقاله إلى أن كتاب الاتجاهات المنحرفة للدكتور الشهيد الذهبي قد أخذه بمضمونه كله رمزي نعناعة وطبعه باسم جديد (بدع التفاسيربين الماضي والحاضر) وأذكر أن الشيخ الذهبي رحمه الله قد أشار إلى هذه السرقة في كتابه والله أعلم.(/)
هل يشترط للتأملات القرآنية شروط المفسر؟
ـ[محمد الصاعدي]ــــــــ[01 Jan 2009, 11:49 ص]ـ
هل يشترط للمتامل في الآيات واستخراج بعض ما ينقدح في الذهن ويقع في الخاطر حولها، ما يشترط للمفسر؟
وهل يدخل التأمل في القول على الله بغير؟
فأحيانا ينقدح في نفس المستمع تأمل إشراقات وهو لم يستكمل شروط المفسر وضوابط التفسير.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[01 Jan 2009, 03:08 م]ـ
[ QUOTE= محمد الصاعدي;68567] هل يشترط للمتامل في الآيات واستخراج بعض ما ينقدح في الذهن ويقع في الخاطر حولها، ما يشترط للمفسر؟
نعم فكلما كان المتعامل مع كتاب الله مستوفيا لأدوات المفسر وشروطه كلما انقدح زناد فكره بالعلم الموصل إلى الاستنتاج المصيب، والعكس بالعكس.
والله الموفق
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[02 Jan 2009, 10:58 ص]ـ
التأمل والتدبر مطلوب من كل من يبلغه القرآن من مؤمن وكافر لعموم الخطاب به في القرآن الكريم، بل منه ما هو نص في مخاطبة الكفار والمنافقين بذلك كما في قوله تعالى: (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) وقوله: (أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين)
فتأمل كلام الله تعالى وتدبره من حسن الاستماع المطلوب من كل أحد.
وأما مقام التعليم والتفسير والقول بأن مراد الله كذا وكذا مما لا يدل عليه ظاهر النص وإنما يعلم بالاستنباط والاجتهاد فهذا لا يجوز أن يقول به من لا يميز ما يصح من التفسير مما لا يصح
نعم يسوغ له أن يبدي ما فهمه بالتأمل والاستنباط لعالم من العلماء حتى يقره أو يبين له خطأه
وأما أن يتصدر بذلك بين الناس فهذا مما اشتد تحذير العلماء منه.
وهذا البيان المقتضب لا يعارض ما تفضل به الشيخ الدكتور عبد الفتاح، وكلامه سديد وجيه بأنه كلما كان المرء أكثر معرفة بأدوات التفسير كان ذلك أدعى لحسن فهمه لكلام الله جل وعلا.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[02 Jan 2009, 04:46 م]ـ
التدبر والتأمل للآيات لا يشترط له ما يشترط للمفسر، وإنما يكفي له معرفة معنى الآية فإذا كانت الآية مفهومة للقارئ فله أن يتأملها ويعظ نفسه بها، كأن يتأمل آيات الجنة والنار، وغير ذلك.
وأما المرحلة الثانية وهي أن يستخرج من الآيات فوائد وأحكاماً فلذلك شروط ولا يصح لكل أحد أن يستخرج من القرآن أحكاماً وفوائد .. وقد ذكرت طرفاً من ذلك في كتاب منهج الاستنباط من القرآن الكريم .. والله أعلم ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[02 Jan 2009, 05:31 م]ـ
أحسِبُ أن التدبرَ أنواعٌ , ولهُ مجالاتٌ عدةٌ , ولكل منها مطالبهُ ومقوماتُهُ , وفي ظني أن التدبرَ الذي يستَخْلصُ منهُ حكمٌ أو تعيينُ مرادٍ معينٍ من الآية أو يقالُ فيهِ إنَّ التعبير بلفظ كذا في الآية إنما هو لأجل كذا , فهذا كلهُ لا بد له من حصيلةٍ علميةٍ من علوم الآلةِ تؤهلُ صاحبها لهذا المجال من التدبر وهذا سرُّ اختلاف تدبر العلماء عن غيرهم.
ولذلك ربما أسأل المشايخ الكرامَ قائلاً:
هل بإمكاننا القول إنَّ التدبرَ قد يكون أقساماً وأنواعاً , لكل منها أدواتُه وشروطُه , فمنها ما لا يدرك أسراره إلا العلماء , ومنها ما قد يدركه العالم وغره , ومنها ما يدركه العربي الفاهمُ للغة التي يتحدث بها القرآنُ ومنها ما يستوي فيه جميع الناس.؟
ـ[الأمين السحيباني]ــــــــ[02 Jan 2009, 07:37 م]ـ
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى عند تفسيره عند تفسير قولة تعالى (أفلا يتدبرون القرءان أم على قلوب أقفالها) محمد24
" وهذه الآيات المذكورة تدل على أن تدبر القرآن وتفهمه وتعلمه والعمل به، أمر لا بد منه للمسلمين "
ثم قال"اعلم أن قول بعض متأخري الأصوليين: إن تدبر هذا القرآن العظيم، وتفهمه والعمل به. لا يجوز إلا للمجتهدين خاصة، وأن كل من لم يبلغ درجة الاجتهاد المطلق بشروطه المقررة عندهم التي لم يستند اشتراط كثير منها إلى دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس جلي، ولا أثر عن الصحابة، قول لا مستند له من دليل شرعي أصلاً.
بل الحق الذي لا شك فيه، أن كل من له قدرة من المسلمين، على التعلم والتفهم، وإدراك معانى الكتاب والسنة، يجب عليه تعلمهما، والعمل بما علم منهما.
أما العمل بهما مع الجهل بما يعمل به منهما فممنوع إجماعاً.
وأما ما علمه منهما علماً صحيحاً ناشئاً عن تعلم صحيح. فله أن يعمل به. ولو آية واحدة أو حديثاً واحداً.
ومعلوم أن هذا الذم والإنكار على من يتدبر كتاب الله عام لجميع الناس "
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[30 Jan 2009, 02:30 م]ـ
انظر للفائدة:
1 - معالم الاستنباط في علم التفسير. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=14563)
2- تدبر في التدبر. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=12224&highlight=%C7%E1%CA%CF%C8%D1)
3- الاستفادة من التفسير الإشاري في تدبر القرآن. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=70220#post70220)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[31 Jan 2009, 04:06 م]ـ
التدبر والتأمل للآيات لا يشترط له ما يشترط للمفسر،
على حب لك يا شيخ فهد أقول:
إذا كان لا يشترط في التأمل والتدبر ما يشترط في المفسر، فهل يشترط في المتأمل أن يكون جاهلا بلغة العرب، جاهلا بعلوم القرآن، جاهلا بأصول الفقه، جاهلا بعادات العرب، جاهلا بـ ............. حتى يتأمل.
إن معظم المحللين لآيات القرآن ـ أعنى التفسير التحليلي ـ يذكرون التدبر كعنوان رئيس لمصنفاتهم وهم الذين درسوا واستجمعوا ما استطاعوه من علوم تخدم المفسر والتفسير كما فعل مشايخنا ومنهم الأستاذ الدكتور جودة المهدي أستاذ التفسير ونائب رئيس جامعة الأزهر والذي درسنا " تدبر أسرار التنزيل من خلال سورة الفاتحة " وغيره وغيره من قمم علماء التفسير في عصرنا الحاضر.
كما أن التأمل هو عنوان أصحاب الفتوة العلمية الماهرة بالقرآن وتفسيره ـ عند معظم من صنف من أساتذتي ـ في قسم التفسير ولدي من البحوث التي تبدأ بـ " تأملات " العدد الكثير تأملات في سوة كذا، تأملات في آية كذا ...... وهلم جرا.
بل إن المتتبع لعبارات السابقين المتفردين في علم التفسير وعلوم القرآن يجد أن معظمهم يختم قوله بكلمة ...... فتدبر ....... فتأمل ............ فتفهمه فقد لا تجده عند غيري.
ومن هؤلاء العلامة الجمل في الفتوحات الإلهية، والفخر في مفاتيحه، والألوسي في روح المعاني وشيخ زادة في حاشيته، والشهاب في حاشيته ........
وإنما يكفي له معرفة معنى الآية فإذا كانت الآية مفهومة للقارئ فله أن يتأملها
قلت: كيف يتأملها وليس لديه مؤهلات التأمل، إذ أننا لم نشترط عليه توافر شروط المفسر لديه؟
وأما المرحلة الثانية وهي أن يستخرج من الآيات فوائد وأحكاماً فلذلك شروط ولا يصح لكل أحد أن يستخرج من القرآن أحكاماً وفوائد ..
قلت: عين ما أشرتم إليه من استخراج الفوائد والأحكام هو هو عين ما يفرده مثلى من الضعفاء في مصنفاتهم تحت عنوان تأملات فتأمل.
وقد ذكرتُ طرفاً من ذلك في كتاب منهج الاستنباط من القرآن الكريم .. والله أعلم ..
وماذكرتَه ـ جزاك الله خيرا ـ في مصنفك المفيد النافع الذي شرفت بالانتفاع منه والإشادة به ليس مسلما على إطلاقه بل هو اجتهاد مأجور إن شاء الله، ولكنه لا يؤدي إلى النفي المطلق الذي صدرت به مشاركتك هذه فتدبر وتأمل نفعني الله وإياك بالعلم وأفاض علينا بنور الحلم.
ومن هنا أقول لابد للمتأمل من أرض يستزرعها بهذا التأمل ولا شيء سوى التضلع من اشتيفاء شروط المفسر كلها أو جلها والله المستعان.
وهو وحده الموفق(/)
حذف ياء المتكلم الزائدة المتصلة بأفعال الأمر والنهي
ـ[العرابلي]ــــــــ[01 Jan 2009, 05:40 م]ـ
المبحث السادس
بسم الله الرحمن الرحيم
وفاتحة الكتاب تظل نورًا ........... لأرواح الأحبة في القطاع
حذف ياء المتكلم الزائدة المتصلة بفعل الأمر
حذفت في اثني عشر موضعاً في الأمر
(حذف ياء التحول يفيد دائمًا الاستمرار)
1 - خافون: ذكرت مرة واحدة وحذفت فيها الياء؛
في قوله تعالى: (إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ (ي) إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) آل عمران.
من لم يخف الله عز وجل، خاف من كل شيء؛ وذلك من تخويف الشيطان لأوليائه في كل باب. فكان حذف الياء لهذا الطلب الدائم من الله تعالى بالخوف منه وحده، فهو سبحانه الذي بيده مقادير كل شيء.
2 - فارهبون: ذكرت مرتين وحذفت الياء فيهما؛
في قوله تعالى: (يَابَنِي إِسْرَاءِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (ي) (40) البقرة.
وفي قوله تعالى: (وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (ي) (51) النحل.
الرهبة من الخروج عن طاعة الله عز وجل، ومن عدم الوفاء بعهده، ومن صرف شيء من عبادته لغيره؛ هو طلب دائم من الله سبحانه وتعالى؛ فكان حذف الياء علامة للديمومة والاستمرار في هذا الطلب.
3 - واتقون: ذكرت خمس مرات وحذفت الياء فيها جميعًا؛
في قوله تعالى: (وَءامِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (ي) (41) البقرة.
وفي قوله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُون (ي) يَاأُوْلِي الْأَلْبَابِ (197) البقرة.
وفي قوله تعالى: (يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (ي) (2) النحل.
وفي قوله تعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (ي) (52) المؤمنون.
وفي قوله تعالى: (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنْ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ (ي) (16) الزمر.
طلب العمل بما يقي من عذاب الله هو طلب دائم؛ وذلك لأنه لا إله إلا هو، وأنه رب الجميع، وناره عظيمة يعذب بها من عصاه، فعليكم الإيمان بالله وعدم الكفر به، والتزود من الأعمال الصالحة لتقيكم نار الآخرة، وعدم التجارة بآيات الله.
والعمل بهذه الثلاث هو الأمان؛ فالخوف من معصية الله، والرهبة من الخروج عن طاعة الله، والعمل بما يقي من عذاب الله؛ هو الذي يحفظ المؤمن على استقامته على أمر الله وعدم الخروج عنه.
4 - واخشون: ذكرت ثلاث مرات وحذفت الياء في اثنتين منها؛
في قوله تعالى: (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ (ي) الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا .. (3) المائدة.
وفي قوله تعالى: (فَلا تَخْشَوْا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ (ي) وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44) المائدة
حذفت ياء "اخشوني" في موضعي المائدة؛ لأن الخشية المطلوبة فيهما هي خشية دائمة لله، بعد النهي عن خشية الكفار الذين يأسوا من منع قيام دين الله وانتشاره في الأرض، وعدم خشية الناس والحذر من المتاجرة بآيات الله كما فعل أهل الكتاب من قبل.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما إثبات الياء في قوله تعالى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150) البقرة
فلأن طلب الخشية فيها كان طلبًا في مسألة واحدة؛ هي التوجه إلى القبلة الجديدة؛ أي إلى المسجد الحرام بدلاً من المسجد الأقصى قبلة المسلمين الأولى، والخشية تكون في بداية الأمر، ولما يستقر المسلمون على قبلتهم الجديدة؛ ينتهي الحديث في تغيير القبلة، ويصبح التوجه إلى غيرها هو الأمر المستغرب، وكان أثر هذا الحدث أثرًا محدودًا انتهى سريعًا؛ فلمحدودية الحدث أثبتت الياء.
وكان هذا التوجه الجديد حديث المنافقين، وأهل الكتاب خاصة، فجاء الطلب بخشية الله وعدم الالتفات إلى كلام أهل الكتاب والمنافقين، ومر الحدث، وأصبحت القبلة الجديدة هي قبلة المسلمين منذ ذلك اليوم.
5 - فاعبدون: ذكرت أربع مرات وحذفت الياء في ثلاث منها؛
في قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (ي) (25) الأنبياء
وفي قوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (ي) (92) الأنبياء
وفي قوله تعالى: (يَاعِبَادِي الَّذِينَ ءامَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (ي) (56) العنكبوت
لما كان طلب الدخول في عبادة الله في هذه الآيات يفيد الاستمرار عليها، وقصر العبادة على الله دون سواه؛ لقوله تعالى: (لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ (ي)) – (وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (ي)) – (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ (ي)) [/ color]؛ حذفت ياء "اعبدوني" في المواضع الثلاثة؛
أما إثباتها في قوله تعالى: (وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) يس
فلأن الحديث في هذه الآية والسابقة لها عن عهد الله لبني آدم بترك عبادة الشيطان، وعبادة الله وحده؛ (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيكم يابَنِي ءادَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) يس،
كان في الآخرة، بعد الحديث عن حال أصحاب الجنة في الجنة، ثم انتقال الحديث عن أصحاب النار، لأنه قال لهم بعد ذلك: (هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) يس، فذكرهم بما كان من عهده لهم في الحياة الدنيا؛ بترك عبادة الشيطان أولاً، والدخول في عبادة الله ثانيًا، والطلب بالاستمرار لا يكون إلا بعد الدخول، لأن المخاطبين لم يدخلوا بعد في العبادة الخالصة لله، لأن ترك عبادة الشيطان شرط في صحة العبادة لله قبل الاستمرار في العبادة، وهذا غير الطلب في مواضع الحذف؛ لأنه لم يكن هنالك طلب بترك شيء قبل الدخول في العبادة؛ فأثبتت الياء لما كان الطلب بالتحول إلى عبادة الله بعد قطع عبادة الشيطان. وهم لم يفعلوا ذلك فكان مصيرهم النار.
وقد جاءت (أن – لا) في الرسم مقطوعة ومجال الحديث عنها في المقطوع والموصول إن شاء الله تعالى.
6 - فاسمعون: ذكرت مرة واحدة وحذفت فيها الياء؛
في قوله تعالى: (إِنِّي ءامَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (ي) (25) يس.
هذا قول الرجل المؤمن الذي جاء من أقصى المدينة يتحدى قومه في إعلان إيمانه برب الرسل، فقتلوه، فجاء حذف الياء علامة لهذا الثبات والاستمرار الذي دل عليه تحديه لقومه في إعلان إيمانه.
7 - أطيعون: ذكرت إحدى عشرة مرة، وحذفت الياء فيها جميعًا؛
في قوله تعالى: (وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنْ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (ي) (50) آل عمران (108)، (110)، (126)، (131)، (144)، (150)، (163)، (179) الشعراء، (63) الزخرف.
وفي قوله تعالى: (أَنْ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (ي) (3) نوح.
(يُتْبَعُ)
(/)
طلب الأنبياء في هذه المواضع الأحد عشر من أقوامهم بالطاعة؛ هو طلب بالطاعة الدائمة لهم بصفتهم أنبياء من عند الله، مبلغين لما أرسلوا به من الأوامر والنواهي، ومنهج لحياة شامل لعلاقاتهم بالله، وبأنفسهم، وبالناس؛ فكان حذف الياء علامة هذا الاستمرار والديمومة في طلب الطاعة.
8 - فاعتزلون: ذكرت مرة واحدة وقد حذفت الياء فيها؛
في قوله تعالى: (وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (ي) (21) الدخان
هذا قول موسى عليه السلام لفرعون وقومه، وقد طلب منهم أن يرسل معه بني إسرائيل، فهو يطلب منهم اعتزالاً دائمًا بخروجه ببني إسرائيل من مصر، فكان حذف الياء علامة لديمومة هذا الاعتزال المطلوب.
9 - ارجعون: ذكرت مرة واحدة، وحذفت فيها الياء؛
في قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (ي) (99) المؤمنون.
هذا طلب ممن حضره الموت أن يرجعه ربه إلى الحياة رجعة طويلة؛ لقوله بعدها: (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ)، فهو لم يعزم على العمل الصالح، وعلل العمل به، ولا يكون ذلك له إلا إذا استمرت رجعته زمنًا طويلاً، فعلى ذلك كان حذف الياء.
10 - واتبعون: ذكرت ثلاث مرات، وحذفت الياء في واحدة منها؛
في قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ (ي) هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) الزخرف.
لا تعرف استقامة الطريق بمجرد الدخول فيه، دون استمرار فيه، فلا بد من الاستمرار فيه لإدراك وصفه بأنه صراط مستقيم؛ لذلك كان حذف ياء اتبعوني لمعنى الاستمرار في طلب الإتباع.
أما إثباتها في قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31) آل عمران.
فلأن محبة الله وغفرانه للذنوب تحصل للمتبع للرسول صلى الله عليه وسلم من ساعة دخوله في الإسلام، فإن غير بعد ذلك غير الله عليه، ولو حذفت الياء لأفاد حذفها بأن المتبع لا ينال محبة الله وغفران ذنوبه إلا بعد الاستمرار في الاتباع زمنًا لا يعلمه إلا الله تعالى، وإن هلك قبل ذلك لم يعرف مآله، وهذا خلاف ما هو ما معلوم.
وأما إثباتها في قوله تعالى: (وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَاقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمْ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) طه.
فلأن طلب الاتباع لم يرد به الاتباع الدائم المستمر، بل كان لمسألة واحدة؛ ألا وهي ترك عبادة العجل الذي اتخذوه إلهًا، واتباعه في عبادة الله وحده، وقد خلف هارون موسى عليهما السلام في غيابه إلى ميقات ربه، فما كان رد هم على هارون إلا قولهم: (قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) طه.
11 - فأرسلون: ذكرت مرة واحدة وقد حذفت فيها الياء؛
في قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَاِدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (ي) (45) يوسف.
هذا طلب فيه جرأة كبيرة من صاحب يوسف عليه السلام في السجن الذي أصبح ساقي الملك، وتجاوز لمكانته؛ لإرساله في إحضار تأويل رؤيا الملك، فيما عجز عنه ملأ الملك، ولكن الذي جرأه على هذا الإقدام هو ثقته بقدرة يوسف عليه السلام على تأويل الرؤيا، وقد صدق تأويله من قبل فيه وفي صاحبه في السجن؛ ولذلك حذفت الياء لأن هذا الإرسال هو إرسال دائم، فلا رجعة له ولا عودة دون إحضار تأويل رؤيا الملك؛ لذلك قال ليوسف عليه السلام: (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) يوسف.
12 - كيدون: ذكرت ثلاث مرات وحذفت الياء في اثنتين منها؛
في قوله تعالى: (قُلْ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ (ي) فَلا تُنظِرُونِ (ي) (195) الأعراف.
وهذا قول نوح عليه السلام لقومه، فيه تحدٍ مستمر مفتوح لهم، لم يحدد بزمن ينقطع فيه التحدي وينتهي؛ لذلك كان حذف الياء بيان لهذا الاستمرار في التحدي.
وحذفت في قوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (ي) (39) المرسلات.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا قول الله تعالى للمجرمين يوم القيامة، بعد بعثهم ليوم الفصل بينهم؛ أن يكيدوا كيدًا يخرجهم من عذاب الله، فهو طلب فيه تحد مستمر يظهر مدى عجزهم وضعفهم، وللاستمرارية في التحدي كان حذفت الياء.
أما إثباتها في قوله تعالى: (مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (ي) (55) هود.
فلأن طلب هود عليه السلام من عادٍ الكيد جاء ردًا على قولهم: (إِنْ نَقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ ءالِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (ي) (55) هود، حتى يبين لهم كذب ادعائهم، فطلب منهم كيدًا سريعًا إن كانت لآلهتهم مقدرة على الكيد أو الإعانة على الكيد معهم، والفاء في "فيكيدوني" هي للتعقيب السريع بلا تراخٍ دال على طلبه السريع لتكذيب قولهم، بينما كان الطلب في سورة الأعراف من أمر الله عز وجل لنبيه ليتحداهم تحدٍ دائم لهم ومستمر.
المبحث السابع
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف ياء المتكلم الزائدة المتصلة بأفعال النهي
حذفت في ثمانية مواضع
(حذف ياء التحول يفيد دائمًا الاستمرار)
1 - تكلمون: ذكرت مرة واحدة وحذفت فيها الياء؛
في قوله تعالى: (قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ (ي) (108) المؤمنون.
هذا نهي دائم من الله عز وجل لأصحاب النار ردًا على طلبهم: (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) المؤمنون، فكان حذف الياء علامة نهي أبدي خالد عن طلب الخروج من النار.
2 - تكفرون: ذكرت مرة واحدة وحذفت فيها الياء؛
في قوله تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (ي) (152) البقرة.
هذا نهي من الله تعالى بعدم الكفر بالذي لم يخلق الإنس والجن إلا لعبادته، فكان حذف الياء علامة لهذا النهي الدائم عن الكفر.
3 - تستعجلون: ذكرت مرة واحدة وحذفت فيها الياء؛
في قوله تعالى: (خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ ءايَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ (ي) (37) الأنبياء.
هذا نهي دائم من الله عز وجل للكافرين بعدم استعجالهم الله تعالى في إنزال العقاب بهم، فالأمر كله إليه، ولا يفعل سبحانه وتعالى إلا ما يريده هو وقت ما يشاء، قال تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (34) الأعراف. وفي ذلك تهديد لهم بتعجيل العذاب؛ فقد جاءت هذه الآية بين آيتين؛ فالتي قبلها بينت سخرية الكفار بالرسول صلى الله عليه وسلم من تعظيمهم لآلهتهم، وكفرهم بالله وكتابه، وهذا مما يغضب الله تعالى، ويوجب عضبه عليهم وعقابهم لهم؛ (وَإِذَا رَءاَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ ءاَلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَانِ هُمْ كَافِرُونَ (36) الأنباء.
والتي جاءت بعدها يسألون فيها: متى هذا الوعد؟ استخفافًا بعذاب الله؛ قال تعالى: (وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) الأنبياء.
والله تعالى سيريهم آياته بنصرة نبيه، وعقاب من يظل على كفره في الدنيا والآخرة، وعلى هذا كان حذف الياء لهذا النهي الدائم؛ لأن عدم الأخذ به، يعجل عقابهم ونهايتهم، ولا يعود عليهم ذلك بأي خير.
4 - تنظرون: ذكرت ثلاث مرات، وقد حذفت الياء فيها جميعًا؛
في قوله تعالى: (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلْ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ (ي) (195) الأعراف.
طلب الله عز وجل من رسوله أن يتحدى قومه في آلهتهم القابعة في مكانها؛ بلا قدرة على المشي، ولا البطش، ولا الإبصار، ولا السمع؛ بأن يكيدوا له، وألا يمهلوه ولا ينظروه حتى لا يأخذ حذره؛ فكان حذف الياء علامة لشدة هذا التحدي الذي لا تراجع عنه، وثقته بالذي يعتمد عليه في تحديه، لذا جاء ما بعدها مبينًا سر هذه الثقة في التحدي؛ (إِنَّ وَلِيِّي اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) الأعراف.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثل ذلك كان حذف الياء في تحدي نوح عليه السلام لقومه؛ في قوله تعالى: (فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (ي) (71) يونس.
ولنفس السبب كان حذف الياء في تحدي هود عليه السلام لعاد قومه؛ في قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ (ي) (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56) هود.
وقد نصر الله عز وجل أنبياءه وعصمهم من الكفار.
5 - تقربون: ذكرت مرة واحدة وحذفت فيها الياء؛
في قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلا تَقْرَبُونِ (ي) (60) يوسف.
حذفت ياء تقربوني في نهي يوسف عليه السلام إخوته -الذين لم يعرفوه- أن يأتوا مصر إن لم يحضروا أخوهم معهم وجعل الإتيان به شرطًا لعودتهم؛ لشراء متاعًا لهم في سنين القحط التي مرت على مصر والشام في زمن يوسف عليه السلام، ولما كان النهي مشروطًا لا ينتهي إلا بالوفاء بالشرط؛ يعد النهي مستمرًا حتى يتم الوفاء بالشرط، وإحضار أخاهم معهم في حال قدومهم
6 - تفضحون: ذكرت مرة واحدة وحذفت فيها الياء؛
في قوله تعالى: (قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (ي) (68) الحجر.
لو قدر لقوم نوح عليه السلام الذين تعودوا فعل الفاحشة، أن يعتدوا على ضيفه لو كانوا من البشر، وهو على ما عليه من العجز في صدهم؛ لكانت فضيحة دائمة لا شيء يغسل عارها. لذلك حذفت الياء لمعنى الاستمرار فيما ينهاهم عنه من الفضيحة التي يريدون ارتكابها، وهو لا يدري أن ضيفه هم ملائكة العذاب المرسلون إليهم.
7 - تخزون: ذكرت مرتان وحذفت الياء فيهما؛
في قوله تعالى: (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ (ي) فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ (78) هود.
وهذه مثل السابقة في الخشية من خزي دائم لا يزول، كالخشية من فضيحة دائمة؛ إن فعلوا ما يريدون من الفاحشة، لذلك تم حذف الياء لمعنى الاستمرار في النهي عن فعل الفاحشة في ضيفه فيما يخزيه خزيًا دائمًا لا يمحى زولا يزول. .
وفي نفس الحادثة، ونفس الخشية من خزي دائم يلتصق به ولا يفارقه فيما ينهاهم عنه؛ كان حذف الياء في قوله تعالى: (قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ (ي) (68) وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ (ي) (69) الحجر.
8 - تسألن: ذكرت مرتان؛ وحذفت الياء في أولاهما؛
في قوله تعالى: (قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْءَلْنِ (ي) مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنْ الْجَاهِلِينَ (46) هود.
هذا نهي دائم من الله تعالى لنوح عليه السلام أن يسأله فيما ليس له به علم، ولا يحل لنوح عليه السلام فعله لما وصف الله تعالى فاعله بأنه من الجاهلين، فلم يرضاها الله تعالى لنبيه، ولا يرضاها لغيره. فلأجل ذلك كان حذف ياء تسألني في النهى عنه.
أما إثباتها ياء تسألني في قوله تعالى: (قَالَ فَإِنْ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْءَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) الكهف.
فلأن نهي الرجل الصالح لموسى عليه السلام عن السؤال كان نهيًا مؤقتًا؛ لقوله (حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا) وبعد ذلك يحل لموسى عليه السلام أن يسأل ما بدا له من الأسئلة.
بهذا ينتهي بحمد الله تعالى؛ البحث في حذف الياءات الزائدة الملحقة في أفعال الماضي، والمضارع، والأمر والنهي، لنتحدث بعدها عن ياءات أخرى في مباحث جديدة إن شاء الله تعالى.
والله ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين
أبو مُسْلِم / عبْد المَجِيد العَرَابْلِي
المبحث الثامن / حذف ياء إبراهيم عليه السلام في سورة البقرة(/)
هدية: العدد القرآني من مجلة الدرعية (مجلة محكمة)
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[01 Jan 2009, 08:55 م]ـ
مجلة الدرعية
مجلة فصلية محكمة تعنى بتاريخ المملكة العربية السعودية والجزيرة العربية وتراث العرب
http://www.addiriyah.org/
1 - افتتاحية د. عبداللطيف بن محمد الحميد ... 3
2 - سكتات حفص في القرآن الكريم من (طريق الشاطبية) وتوجيهها ... د. عبدالعزيز بن علي الحربي ... 6
3 - دراسة لوحة مخطوطة للقرآن الكريم في القرن الأول الهجري ... أ. بشير بن حسن الحميري ... 25
4 - المصفى بأكف أهل الرسوخ من علم الناسخ والمنسوخ تأليف جمال الدين عبدالرحمن بن الجوزي ... تحقيق: د. وليد محمد السراقبي ... 71
5 - ثقافة النص المترجم .. الترجمة وتحريف الكلم ... د. محمد خير البقاعي ... 168
6 - ترجمة روبرت أوف كيتون للقرآن الكريم ومراجعة كريتزك لها: إضاءة تاريخية - نقدية ... د. فؤاد عبد المطلب ... 210
7 - دور الوقف في دعم التعليم القرآني في الحلقات القرآنية ... د. علي بن إبراهيم الزهراني ... 246
8 - جهود الممكلة العربية السعودية في مجال ترجمة معاني القرآن الكريم ... د. أحمد بن عبد القادر المهندس ... 324
اضغط هنا للتحميل ( http://www.4shared.com/file/78451919...62/__-_23.html)
وبارك الله فيمن ساعدني في تصوير هذا العدد ونشره
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Jan 2009, 02:06 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا أبا عمر، وبارك في جهودكم وهذا عددٌ مميزٌ فعلاً بارك الله فيكم.
يبدو أن في رفع الملف خللاً، حيث تظهر الرسالة التالية The file link that you requested is not valid . فلو تكرمتم بالنظر في الأمر أحسن الله إليكم.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[02 Jan 2009, 06:34 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا أبا عمر، وبارك في جهودكم وهذا عددٌ مميزٌ فعلاً بارك الله فيكم.
يبدو أن في رفع الملف خللاً، حيث تظهر الرسالة التالية The file link that you requested is not valid . فلو تكرمتم بالنظر في الأمر أحسن الله إليكم.
نعم الرابط لا يعمل
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[02 Jan 2009, 07:27 م]ـ
بارك الله فيكما
اضغط على هذا الرابط وحمل الملف مباشرة
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/attachment.php?attachmentid=62237&d=1230895029
أو عن طريق هذا الرابط
http://www.4shared.com/get/78451919/ec0bdd62/__-_23.html
ـ[د على رمضان]ــــــــ[03 Dec 2010, 04:45 م]ـ
بارك الله فيكم،، ولى سؤال: كيف نحصل على بقية الأعداد؟؟؟؟؟؟(/)
نظرة .. في مصطلح: (قواعد التفسير) ..
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Jan 2009, 03:48 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد ..
فإن ضبط المصطلحات ذو أهمية بالغة، لما له من تأثير في بيان العلوم وعلاقتها غيرها، لذلك كتب العلماء كتب التعريفات، وحرروا المصطلحات العلمية في كثير الفنون.
وفي هذا المقال أحب الحديث عن مصطلح (قواعد التفسير)،و بداية أُذَكِّرُ بأمرين:
أولاً: أن الكلمة العربية لها حالات:
1 - أن تبقى على معناها في اللغة ولا تنتقل إلى معنى جديد. وهنا تكون الكلمة سائرة مع الحقيقة اللغوية، وعلى استعمال العرب. وهذا حال أغلب كلمات القرآن. لذلك فإن من أهم قواعد التفسير أن يفسَّر على مقتضى قواعد العرب في الفهم، وأن تفسر كلماته على حقائقها العربية إن لم تنتقل إلى معنى شرعي أو عرفي جديد.
2 - أن تنتقل إلى معنى عرفي جديد. ويكون هذا المعنى هو المراد عند إطلاق الكلمة بين أصحاب ذلك العرف، كما وقع التعارف على كلمة (الفاعل) بين أهل النحو على معناه الحادث بعد وهو: " ما أسند إليه الفعل أو شبهة على جهة قيامه به" أو غير ذلك مما عُرِّف به الفاعل، وهكذا كثير من الكلمات التي استُخدمت في العلوم بعد تصنيفها، وفي الدلالة على أقسام تلك العلوم وأنواعها. وإذا كان هذا العرف حادثاً بعد زمن التنزيل فإن من الخطأ أن تفسر الآيات بحسب ذلك العرف، كما يخطئ من يفسر قوله تعالى: (كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروهاً) بأنه المكروه الاصطلاحي عند كثير من العلماء الذي هو دون المحرم، وكما يخطئ من يفسر قوله تعالى: (فينسخ الله ما يلقي الشيطان) بالنسخ الاصطلاحي المعروف.
3 - : أن تنتقل الكلمة إلى معنى شرعي جديد. وهذا ما وقع في عدد من الكلمات كالصلاة والزكاة والصيام والحج والإيمان والكفر وغير ذلك من الكلمات الوارة في الشرع على معنى جديد. وهنا يجب أن تفسر الكلمة بمعناها الشرعي لا اللغوي.
والكلمات القرآنية تُفسر بالحقيقة الشرعية إن وجدت فإن لم توجد فينتقل إلى الحقيقة العرفية أو اللغوية، فتقدم الحقيقة الشرعية على غيرها إن وجدت.
ثانياً: أن المعنى اللَّقَبِيَّ للمصطلحات ليس بمعزل عن معنى ما تَرَكَّبَ منه المصطلحُ:
لذلك فإن تعريف المصلحات المركبة أو الوصفية، ينبغي أن يراعى فيه معاني الأجزاء التي تُكَوِّنُ ذلك المصطلح.
ولا يكفي في ذلك الاكتفاء بتعريف أحد الجزئين، بل لا بد من تعريف كل جزء على حده، ثم يُعَرَّفُ المعنى المركب من الجزئين حتى يكون التعريف منطبقاً على العلم، جامعاً لمسائله، مانعاً من دخول غيره فيه.
ومصطلح (قواعد التفسير)، من المصطلحات التي لا تزال بحاجة إلى مزيد من التحرير والضبط، وذلك لأسباب:
1 - أن هذا العلم لم يلقَ حظَّه من الكتابة والتحرير، كغيره من العلوم المشابهة كقواعد الفقه، فإن العلماء منذ زمنٍ بعيد قد كتبوا وحرروا مصطلح (قواعد الفقه) في كتب كثيرة، بينما نجد أن قواعد التفسير لم يُكتب فيها إلا من قبل المعاصرين، وقليل من المتقدمين الذين لم يصل إلينا من كتبهم إلا نزرٌ يسير.
2 - أن ما كتبه المتقدمون وبعض المعاصرين ليس في موضوع قواعد التفسير بل في علوم القرآن ككتاب (التيسير في قواعد علم التفسير) للكافِيَجي، وقد يشتمل على بعض قواعد التفسير كما في بعض الكتب المعاصرة.
3 - اختلاط هذا العلم بعلم أصول الفقه، وتداخل بعض المسائل بينهما، حتى أصبح تعداد قواعد الأصول ضمن قواعد التفسير أمرٌ معهود عند من كتب في قواعد التفسير.
بعد ما سبق يتبين أن هذا المصطلح بحاجة إلى تحرير وضبط ومراجعة حتى تنضبط مسائله ومفرداته، وليس المقصود في هذا المقال تحرير المصطلح بل المراد لفت الانتباه إلى أهمية ذلك ومحاولة فتح الطريق أمام الدراسين لمناقشة هذا الموضوع، ولعل ذلك يكون بدراسة ما يلي:
أولاً: تعريف القاعدة:
القاعدة في اللغة بمعنى الاستقرار والثبات، وأقرب المعاني إلى المراد في معاني القاعدة هو الأساس، نظراً لابتناء المعاني عليها كابتناء الجدران على الأساس (1).
وأما في الاصطلاح:
فإن معنى القاعدة ليس مختصاً بعلم بعينه، وإنما هو قدرٌ مشترك بين جميع العلوم.
وعرفها بعضهم بقوله: " القواعد: القضايا الكلية " (2).
(يُتْبَعُ)
(/)
والقضايا: جمع قضية: وهي في اصطلاح المناطقة: (قول يصح أن يقال لقائله إنه صادق فيه أو كاذب) (3).
والكلية: أي المحكوم على جميع أفرادها (4).
قال الدكتور يعقوب الباحسين: " فيبدو لنا ـ والله أعلم ـ أنه يكفي في تعريف القاعدة أنها: قضية كلية، كما جاء في تعريف صدر الشريعة ... كما أن القضية لا يمكن أن تكون كلية إلا وهي منطبقة على جميع جزئياتها. وبناء على ذلك يمكن القول: إن كل قضية كلية هي قاعدة، أياً كان مجالها. فقولنا: كل شاعر مرهف الحسِّ، قضية كلية محكوم فيها على كل أفراد موضوعها، فهي قاعدة ... وهكذا يمكن إجراء هذا على كلِّ قضية من هذا القبيل، والله أعلم" (5).
إذا عُلم معنى القاعدة وأنها قضية كلية، فإننا إذا أردنا أن نحصرها بميدان معين قيدناها به، فنقول: قضية كلية نحوية، وقضية كلية فقهية، وقضية كلية تفسيرية.
ثانياً: تعريف التفسير:
إن إضافة القواعد إلى التفسير، هو ما يحدد هذه القواعد ويميزها عن غيرها من القواعد، ولو كانت قواعد التفسير هي قواعد الأصول ـ أصول الفقه ـ لما كان لهذه الإضافة من معنى، فكما نجد أن إضافة القواعد إلى الفقه قد أخرجتها عن قواعد أصول الفقه؛ فإنه ينبغي أن تكون إضافة القواعد إلى التفسير أو العقيدة أو النحو ذات دلالة في مسائل ذلك العلم وما يدخل تحته، وينبغي أن تكون مخرجة له عن قواعد أصول الفقه، بحيث لا ينطبق العلمان، وكما نجد أن مصطلح التفسير مغاير لمصطلح أصول الفقه، كذلك ينبغي أن تكون قواعد كل علمٍ مختلفة عن قواعد العلم الآخر.
وتعريف التفسير عند العلماء مشهور ويمكن ـ باختصار ـ أن نقول: إن هناك اتجاهين في تعريف التفسير:
الأول: من عمم معنى التفسير، كما قال أبو حيان: " التفسير: علم يُبْحثُ فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن، ومدلولاتها، وأحكامها الإفرادية والتركيبية، ومعانيها التي تُحْمَل عليها حال التركيب وتتمات ذلك" (6).
وكما قال الزركشي: " علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه" (7).
الثاني: من خص التفسير بالبيان فقط، وهو منهج عدد من المعاصرين منهم الشيخ ابن عثيمين والشيخ مناع القطان رحمهما الله، والدكتور مساعد الطيار وفقه الله.
ولا شك أن اختيار أحد التعريفين مؤثر جداً في تحديد قواعد التفسير، فإذا كان التفسير بمعنى البيان فقط، فلا شك أن قواعد بيان القرآن، تُعد أقل من قواعد التفسير على المعنى الآخر إذ يدخل على ما ذكره أبو حيان والزركشي قواعد النطق بألفاظ القرآن وقواعد الدلالات وغير ذلك.
وعلى كلا الاتجاهين في تعريف التفسير؛ فإن قواعد التفسير ينبغي أن تكون مختصة بالتفسير، كما اختصت قواعد الفقه بعلم الفقه، وكما اختصت قواعد النحو بعلم النحو، وهلم جرا.
ثالثاً: تمييز علم التفسير عن علم أصول الفقه:
فعلم التفسير هو أحد علوم القرآن، وقد ذكر العلماء اشتراط العلم بأصول الفقه للمفسِّر، لكن الملاحظ أنه قد وجد تداخل بين قواعد التفسير وقواعد أصول الفقه.
وهذا الأمر لم يقع بهذا الحجم بين علم قواعد الفقه وعلم أصول الفقه.
فلماذا كان الاشتراك كبيراً بين قواعد التفسير، وقواعد أصول الفقه، وهل يُسَوِّغُ ذلك أن القرآن هو مصدر جميع العلوم.
يمكن تحليل الجواب على ذلك بتأمل ما يلي:
1 - أن غاية علم أصول الفقه وهدفه معرفة أدلة الأحكام ويظهر ذلك من تعريف أصول الفقه وهو: (معرفة دلائل الفقه الإِجمالية وكيفية الاستفادة منها وحال المستفيد) (8). وقيل: (هو العلم بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الفقه) (9).
ويتضح من هذه التعريفات أن علم أصول الفقه خاصٌّ بمعرفة القواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الفقه، ويخرج من ذلك قواعد العلوم الأخرى كقواعد النحو وغيره.
فالفقيه بهذه القواعد الأصولية يصل إلى معرفة جزئيات الفقه، وإذا استعرضنا علم الفقه وجدناه عبارة عن مسائل:
- موضوعاتها: أفعال المكلفين من صلاة وصيام وحج وبيع ورهن وإجارة وتوكيل ووصية وغير ذلك.
- ومحمولاتها: أحكام شرعية من وجوب وندب وكراهة وتحريم وصحة وبطلان وغير ذلك.
فالفقيه يبحث في أفعال المكلفين ليستنبط لكل فعلٍ حكماً شرعياً من دليل جزئي ثم يثبته له مستعيناً في ذلك بقواعد الأصول (10).
(يُتْبَعُ)
(/)
ومثال ذلك: لو سأل رجل عن حكم الصلاة فإن الفقيه يقول: الصلاة واجبة لأن الله يقول: (وأقيموا الصلاة) والأمر للوجوب.
فهنا نجد أن قوله (الأمر للوجوب) هذه قاعدة أصولية أنزلها الفقيه على قوله تعالى: (أقيموا) فاستخرج حكماً جزئياً وهو حكم الصلاة.
مما سبق يتضح أن قواعد أصول الفقه هي الموصلة لتلك الأحكام الفقهية، فهي مختصة بالأحكام الشرعية الفرعية المسماة عند العلماء بالفقه.
2 - أن غاية التفسير هي بيان معاني كلام الله تعالى (القرآن) والمتأمل يجد أن آيات القرآن من حيث دلالتها على الفقه قسمان:
أ ـ آيات أحكام فقهية. وهي الآيات الدالة دلالة ظاهرة على الأحكام الفقهية. وقد عدها مقاتل بن سليمان (500) آية (11).
ب ـ آيات غير فقهية: كآيات الأمثال والعظة والقصص وغير ذلك. وهذه الآيات لم تُسق في الأصل لمعرفة حكمٍ فقهي وإن كان قد يستنبط منها أحكام فقهية كثيرة.
فالقرآن جاء لبيان الفقه كما جاء لبيان غيره من أصول الاعتقاد والأخلاق وغير ذلك.
وإذا كان مقصود المفسر هو بيان الآيات، فإن كانت الآية مسوقة لبيان حكمٍ فقهي، فإن المفسر يستعين بقواعد أصول الفقه، لمعرفة الحكم الفقهي المأخوذ من الآية.
ومن هنا نقول إن المفسر يستعين بعلم الأصول كلِّه لاستخراج الأحكام الفقهية من القرآن، وعلم الأصول قد كُتب وحرِّر، منذ عهد مبكر في تاريخ التدوين.
فهل يفيدنا عندما نريد أن نحرر قواعد تفسير القرآن، أن نعيد كتابة جميع تلك القواعد الأصولية لضرورة أن يرجع إليها المفسر، بينما يمكن اختصار ذلك كلِّه بقاعدة تفسيرية واحدة تنص على: أن استخراج الأحكام الفقيهة من القرآن يكون على مقتضى قواعد الأصول.
لا سيما أن من شروط المفسِّر معرفة أصول الفقه. فلا حاجة ـ في نظري والعلم عند الله ـ إلى إعادة كتابة أصول الفقه مرة أخرى ضمن قواعد التفسير.
ومما يؤيد ذلك أن المفسِّر قد يحتاج عند تفسيره إلى قواعد النحو، فهل تُدرج قواعد النحو ضمن قواعد التفسير لحاجة المفسر لها!!.
من هنا يتضح أن علم التفسير مختلف عن علم الفقه فينبغي أن تكون قواعد التفسير غير قواعد أصول الفقه.
رابعاً: أنه يمكن تحرير قواعد التفسير بالنظر في كيفية تحرير العلماء لقواعد العلوم الأخرى:
فقواعد الفقه مثلاً قد حررها العلماء بطرق منها (12):
أ ـ النظر في النصوص الشرعية واستخراج القواعد منها:
إما نصاً: كاستخراجهم قاعدة (الخراج بالضمان) من الحديث الذي الشريف الوارد بهذا اللفظ (13).
وإما استنباطاً واستقراءً: كاستخراجهم قاعدة: الإيثار في القرب مكروه وفي غيرها محبوب استنباطاً من قوله تعالى: (فاستبقوا الخيرات) وقوله: (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) وقوله: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة).
وقاعدة الضرر يزال استقراءً من عدد من آيات القرآن كقوله تعالى: (لا تضار والدة بولدها).
فهل في نصوص القرآن والسنة ما يدل نصاً أو استنباطاً أو استقراءً على قواعد تفسيرية؟.
ولا شك أنه قد وجد ما يدل على ذلك ومن أمثلة ذلك:
قاعدة: تفسير القرآن بالقرآن، من عمل النبي صلى الله عليه وسلم حين فسَّر عدداً من آيات القرآن بآيات أخرى. كتفسير الظلم في قوله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ) الآية بقوله تعالى: (إن الشرك لظلم عظيم).
ومن الاستقراء أيضاً ما ذكره ابن ابن عطية:" وقوله تعالى: {فاتباع} رفع على خبر ابتداء مضمر تقديره فالواجب والحكم اتباع، وهذا سبيل الواجبات كقوله تعالى {فإمساك بمعروف} [البقرة: 229]، وأما المندوب إليه فيأتي منصوباً كقوله تعالى {فضرب الرقاب} [محمد: 4] " (14).
وهكذا فإن استقراء النصوص الشرعية ـ ومنها التفسير النبوي ـ موصل لعدد من قواعد التفسير المهمة.
ب ـ استخراج القواعد من نصوص العلماء رحمهم الله:
وقد استخرج الفقهاء قواعد فقهية من كلام العلماء رحمهم الله من جيل الصحابة ومن بعدهم، وذلك كقول الإمام مالك: (لا يرث أحدٌ أحداً بالشك) (15).
فهل في استقراء كلام المفسرين من الصحابة ومن بعدهم ما يعين على استخراج قواعد التفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولا شك أن البحث في كتب التفسير والتنقيب في كلام الصحابة رضي الله عنهم ومن بعدهم مفيد في معرفة قواعد في التفسير، وقد يقف الباحث على قواعد كثيرة بالاستقراء، كما فعل ذلك شيح الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مقدمته في أصول التفسير.
وهنا نجد أيضاً أن كليات القرآن لها مدخل في تفسير كتاب الله تعالى حيث إن عدداً منها هو كلام العلماء رحمهم الله واستنباطهم، وهي معينة بلا شك في تفسير كتاب الله تعالى.
ومن أمثلة ذلك ما قاله ابن عباس، وابن زيد: (كل شيء في القرآن رجز فهو عذاب) (16).
وكذلك ما قاله الراغب الأصفهاني: (التثويب في القرآن لم يجئ إلا في المكروه) (17).
وهذه الكليات مفيدة جداً في تفسير القرآن الكريم، وهي صالحة لأن تكون قواعد للتفسير يمكن إدارجها ضمن قواعد التفسير لما لها من أثر كبير في التفسير وبيان المعاني.
وبعد .. فهذه إشارة في هذا الموضوع الهام، وإن كان في النفس بقية حديث عنه، ولعل في مدارسة الإخوة الأكارم ومداخلاتهم ما يزيد الأمر وضوحاً ..
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وأجمعين ..
السبت 4/ 1 / 1430هـ
ــــــــــــ
(1) انظر: معجم مقاييس اللغة: (5/ 108)، والقواعد الفقهية للباحسين: (14).
(2) انظر: التوضيح بحاشية التلويح لصدر الشريعة: (1/ 20).
(3) التعريفات للجرجاني: (154).
(4) انظر: حاشية العطار: (1/ 31).
(5) القواعد الفقهية: (37).
(6) البحر المحيط: (1/ 121).
(7) البرهان: (1/ 13).
(8) انظر هذا التعريف في معجم اصطلاحات أصول الفقه: (29 - 30).
(9) التحرير بشرح التيسير: (1/ 22).
(10) انظر: أصول الفقه لمحمد شلبي: (24 ـ 25).
(11) اعترض عدد من العلماء على هذا الحصر وذكروا أنه للدلالات الظاهرة.
(12) انظر في ذلك: القواعد الفقهية للباحسين: (192) وما بعدها.
(13) رواه الخمسة.
(14) المحرر الوجيز: (1/ 194).
(15) المدونة الكبرى: (1/ 6).
(16) تفسير الطبري: (1/ 305 – 306).
(17) المفردات: (180).
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Feb 2009, 12:30 م]ـ
قراءة في أصول التفسير وقواعده
د. محمد السيسي
كلية الآداب، مكناس
يعلم من الثروة الهائلة للفكر التفسيري أن هناك طرائق وآليات مختلفة لمناهج بيان القرآن الكريم، وقد شكلت هذه المناهج مدارس واتجاهات في علم التفسير بما اعتمدته من أدوات وقواعد الاستمداد من النص القرآني على مستوى الألفاظ والمعاني والمضامين والمقاصد .. ميزت النشاط التفسيري منذ نشأته إلى يوم الناس هذا، وبما جد فيه من مناهج الفهم والإفهام والاستنباط، انطلاقا من مسلمة هيمنة الخطاب القرآني على الإنسان والزمان والمكان.
وما كان لهذه المناهج أن تتجدد وتستجيب لحاجات عصرها لولا جهود العلماء الربانيين في مجال النقد والتقويم والمقارنة والتجديد وإعادة القراءة لمكونات المنهج الأم مادة وتوظيفا، لتكشف للجيل الوارث عن القضايا والإشكالات المعرفية والمنهجية قصد صيانة الموروث واستثماره في الاستجابة لواجب العصر، وإن واجب العصر كما قرره كثير من المهتمين بصيرورة الأمة؛ إعادة روح التكامل المنهجي بين العلوم الشرعية، لإيجاد نسق معرفي قوامه الوحدة والتناسق، نموذجه في ذلك وحدة الوحي ومحورية القرآن، وتفتق العلوم والمعارف الإسلامية عنه خادمة له فهمًا وبيانا، وفي مقدمتها علم التفسير، الذي قام على أصول حاكمة على التفسير التطبيقي وبياناته، ليبقى متجانسا مع القرآن، موافقا له مهما تراكمت عليه الأقوال وتطاولت عليه الأزمنة.
فالمراجعة المستمرة لما راكمه السابقون واللاحقون حول الوحي من مناهج ومفاهيم، بحثا عن أقوم مناهج الاستنباط والاستثمار والاستمداد، أمر يوجبه تجديد أمر الدين في هذا الدين ومن نتائج المراجعة تجريح المنهج الجزئي في التعامل مع قواعد وآليات الاستمداد من الوحي؛ لأن في ذلك تفتيت لوحدته الموضوعية والعضوية والمقاصدية، وتكريس ودعم لأشكال الاضطراب المنهجي والمعرفي من حيث ندري أولا ندري.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي معمعة التوحيد المنهجي هذه وأنت تستشعر برد المبشرات بثمرة البدايات، تصطدم بمن ينعتُ "التفسير التطبيقي بأنه مجال فوضى يدخله كل من هب ودب ... وأنه لم يصغ بعد الصياغة التي تقيم صلبه وتشكل أركانه وتضبط أنساقه القاعدية والمنهجية ... بل بقي عريا من أي سياج نظري نقدي له نسقه الذي يحكمه، ومنطقه الذي يقننه ويقعده ... ومن هنا كان التفسير التطبيقي مرتعا للخلل والخطل، في حين تجد علم أصول الفقه مثلا أو علم النقد الحديثي يفوقان علم أصول التفسير بكثير، بانضباط المصطلح ووجود التقعيد والمنهج بالمعنى الحقيقي [1].
إن إشكالية إعادة النظر في نسقية مباحث قواعد التفسير وعلاقة أصول الفقه بأصول التفسير وقواعده تأتي في مقدمات مراجعة مناهج قراءة الوحي، إلا أن تشهد بأن (التفسير التطبيقي بقي عريا [2] من أي سياج نظري يقننه ويقعده) فهذا يعني أن مفسري الأمة منذ 14 قرنا كانوا يهرفون بما لا يعرفون، وإلا القول إن أصول الفقه أو علم النقد الحديثي يتميزان بوجود التقعيد والمنهج الحقيقي، فهذا لا معنى له إلا توسيع الشقة بين الشيء وذاته، وتكريس التجزئة بين أدوات وآليات الاستمداد من الوحي، وكأن الوحي مصدرا وطبيعة، لم يأت من إلَه واحد، ولا كان بلغة واحدة ولا على يد رسول واحد؟
تلك بعض موجبات المداخلة وبعضها الآخر توجبه مراجعة مباحث علمي الأصول، إسهاما في بناء نسق منهجي منتظم متجانس مستوعب يحيي الأمة كما أنشأها أول مرة.
صحيح أن علم أصول التفسير من حيث كونه علم مصادر وآليات وقواعد فهم الوحي وإفهامه، ومن حيث كونه محور مناهج قراءة الوحي يحتاج إلى مراجعة نقدية تحديدية تحيينية، تعيد إلى العلوم الشرعية وحدتها وحيويتها وشموليتها، وتجتث من مباحثها ومفاهيمها ما يثبت النقد العلمي أنها طفيليات علقت به وتكاثرت في ظروف فكرية وتاريخية معينة، لإعادة إحكام الصياغة المنهجية ورصف بناء المباحث، وأحسب أن الدعوة إلى تحقيق مشروع إعادة بناء علم أصول التفسير استجابة لما سطرته الأقلام والأفكار ذات البعد التوحيدي المعاصرة [3] هي ما تحتاج إليه المرحلة -وهي واجب العصر- بتعبير الأستاذ الشاهد البوشيخي، أي: بناء نسق منهجي ينتظم ويستوعب بمقوماته الوحي بشقيه القرآن والسنة، وقضاياه الموضوعاتية والمقاصدية: العقيدة والأخلاق والنظم العملية، فكل ذلك شريعة وكل ذلك حكم وأمر من الحاكم الآمر، لا ترى فيه عوجا ولا أمتا: يصدق بعضه بعضا وحيا وموضوعا ومقاصد.
وإن الذي صار عريا من السياج الناظم هو فكر المسلمين في مرحلة الركوض والذي صار مجال فوضى ودخله كل من هب ودب هو عالم المسلمين يوم أن ترهلت لحمته ووهن نسيجه الحضاري فتنامى في جسمه ?من الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين? [سورة النساء / الآية: 45]، فلا أصول الفقه سلمت ولا الفقه نجا، ولا علم نقد الحديث منعهم من التقول والافتراء.
فعلم أصول الفقه -بالمفهوم القائم والموروث من عصور الانحطاط- مع القول بعلميته، ها هم أهله يتنادون بتجديده بتنقيته من المنطق الأرسطي، وهيمنة الفكر الكلامي، ومما أقحم فيه من مباحث معرفية تعيق التوظيف والإجراء، كشرع من قبلنا وتأخر البيان عن وقت الحاجة، ومما تشابه منه بالقواعد الفقهية، ومن إشكالية مبحث اتصال وانفصال المقاصد، الخ… وإن نظرت إليه من جهة المذهبية الفقهية ترى الاختلاف في عدد مصادر التشريع وفي ترتيبها، مرورا بمباحث الدلالة ومنهاج توظيفها ومع كل هذا فهو يؤدي وظيفته بشكل عام، كما يؤديها علم أصول التفسير وقواعده.
بل إن علم أصول الفقه بإجماع علوم القرآن وأصول التفسير هو جزء لا يتجزأ من علم أصول التفسير وقواعده، ولولا ما تراكم على هذا المنهج من تصورات تجزيئية ومفاهيم انفصالية والتباعد الذي أنشأته جفوة الاصطلاح وشدة التقسيم، لكان لمنهاج الاستنباط من الوحي شأن آخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونحن اليوم إذا أردنا الإحسان في بناء المناهج والتوفيق في توظيفها، مطالبون بإعادة مفهوم أصول الفقه إلى المعنى الأصلي الذي نشأ به وعنه هذا العلم ضمن العلوم المساعدة والضابطة لفهم القرآن الكريم إذ واقع الدرس الأصولي عند المتأخرين وكما هو عليه أمرها في المؤلفات المدرسية تعريفا وتصنيفا وممارسة، انحصر توظيف قواعده فيما عرفوه بالقواعد التي يتوصل بها إلى استنباط الأحكام العملية من أدلتها التفصيلية [4].
ويعنون بالأحكام العملية ما ليس اعتقادا، كالوحدانية والرسالة والعلم باليوم الآخر وإن سماه السلف الفقه الأكبر، وما ليس أخلاقا وقيما، وينضم إلى هذا الإخراج القهري ما تعلق بالسنن الكونية والاجتماعية وما يخدمها من القصص القرآني.
وهذا الحصر المفهومي فتح ممارسة سلبية في عقلية المجتمع الإسلامي أثرت على التأليف والتصنيف في الفكر الفقهي ومنه إلى التأثير في أخلاق وسلوكيات المجتمع الإسلامي يوم أن تخلت مؤلفات الفقه الإسلامي عن مباحث العقيدة ومباحث الأخلاق، لتفقد بذلك أعمال الجوارح روحها وحيويتها فضعف التدين في الناس بضعف منهج فقه الدين.
ولقد تأثر التفسير التطبيقي بذلك يوم أن اجتزأ من القرآن آيات الأحكام وصاغها على منهج الفقهاء، إلا صنيع أبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي في تفسيره: "الجامع لأحكام القرآن".
إن منهج التصحيح يلزمنا بالرجوع إلى أصل نشأة هذا الفن من العلوم، علم أصول الفقه بمعنى فهم الشريعة بمعناه الجامع، والبحث في ذلك يحيلنا إجماعا على أن مفتقه هو الإمام الشافعي في كتابه "الرسالة"، وسبب تأليفها شاهد على أنها أنجزت في مبادئ وقواعد فقه القرآن كل القرآن، ودون استثناء.
يكتب عبد الرحمن بن مهدي الحافظ الإمام (ت: 198) إلى الشافعي وهو شاب أن يضع له كتابا في معاني القرآن والسنة، فوضع له كتاب الرسالة [5] والشافعي في مقدمتها ينص على أن ما يؤسسه هو لفهم القرآن بقوله: "كل ما أنزل في كتابه جل ثناؤه رحمة وحجة ... ومن أدرك علم أحكام الله في كتابه نصا واستدلالا ووفقه الله للقول والعمل بما علم منه، فاز بالفضيلة في دينه ودنياه… وليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها" [6].
نتساءل باحثين: من خصص أحكام الله بما اصطلح عليه بالأحكام الشرعية العملية وأخرج منها الأحكام العقدية والأحكام الأخلاقية، ومن أوقف النوازل على أفعال الجوارح، واستثنى منها أفعال القلوب وهي الأصل في أفعال الجوارح، ومن حاصر أصول الفقه بمعنى آليات فهم الوحي في شق واحد من أجزاء الشريعة.
إن ابتداء أمر الأصول والقواعد ونشأة الآليات والضوابط يوم أن احتيج إليها لبناء منهاج نظري للبيان، كان لبيان ما يحتاج إلى البيان، في القرآن. والسنة تبع له، وإن كانت السنة أداة رئيسة من أدوات البيان. وعلماء الشريعة الأوائل، بنوا قواعد البيان للوحي بكل أبعاده الموضوعاتية، ولم يزعم أي علم من علوم الشريعة استقلاله بقواعد البيان، مستغن بنفسه عن غيره، وإن عوامل اجتماعية وبيئية وفكرية معينة هي التي خصصت أصول البيان، بعد أن تأسست أصولا لفهم الوحي، بما اصطلح عليه بأصول الفقه بمباحثه المعروفة وهي لا تكفي وحدها في نظرنا للاستمداد من الوحي ولا إلى بيانه.
إن القاعدة في الإطار التفسيري توظف جنبا إلى جنب مع قواعد بلاغية وعقدية وأخلاقية واجتماعية وتربوية انسجاما مع موضوعات الوحي وقضاياه فضلا عن الاستفادة من علم القراءات وعلم الرسم القرآني، ومثل هذه الأدوات تخلو منها مباحث أصول الفقه.
وما لم نحرر مفهوم الفقه ومفهوم الحكم ومفهوم الشريعة من قيد المصطلح الذي ألصق به، ونرجع به إلى المفهوم القرآني، لن نحقق النسقية المنهاجية التي تستلزمها نسقية الوحي. وتلك قضية مطلوب البث فيها على استعجال بالمصطلح القضائي.
ومع ما قيل في علم أصول الفقه وفي علم أصول التفسير وما يمكن أن يقال، فإن هناك مباحث عديدة تمثل القاسم المشترك بينهما، وإن توحد المصطلح والمفهوم لهذين العلمين أو على الأقل سريان عرف العموم والخصوص بينهما يسمح بفتح باب مراجعة جملة من المباحث الجامعة ومن ذلك:
(يُتْبَعُ)
(/)
النموذج الأول: قضية جمع القرآن مرتين، وأعني جمعه في مصحف واحد وهذا لم يكن إلا مرة واحدة في عهد أبي بكر الصديق أما ما قام به عثمان فلم يكن إلا نسخا للمصحف المجموع في عدة نسخ ثم نشرها في عواصم الأقاليم الإسلامية المشهورة في عهد عثمان.
تجمع الروايات أن السبب هو اختلاف القراءة بين الغزاة أثناء غزو أرمينيا وأذريبجان. وأن عثمان كان قد نمى إليه أن شيئا من ذلك الخلاف يحدث للذين يقرئون الصبية، فأكبر الصحابة هذا الأمر مخافة أن ينجم عنه التحريف والتبديل وأجمعوا أمرهم أن ينسخوا الصحف التي كانت عند أبي بكر.
يروي البخاري في صحيحه في باب فضائل القرآن الكريم عن أنس بن مالك أن عثمان أرسل إلى حفصة "أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها ثم نردها إليك، فأرسلت إليه بتلك الصحف ثم أرسل إلى زيد بن ثابت الأنصاري وإلى عبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فأمرهم أن ينسخوها في المصاحف حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
فعثمان عدد نسخ القرآن وأرسل إلى كل إقليم بمصحف إمام يرجع إليه عند الاختلاف لا أنه جمع القرآن مرة ثانية.
النموذج الثاني: قضية إبقاء عثمان على حرف واحد ونسخ الستة
تجد عددا كبيرا من كتب علوم القرآن قد أضاف مؤلفوها إلى رواية البخاري السابقة استنباطا من عند أنفسهم دون دليل، القول بأن عثمان أبقى على حرف واحد [7] مع العلم أن رواية البخاري لم تذكر إلا نسخ الصحف في مصاحف وأن نزول القرآن على سبعة أحرف عملية وحي والوحي لا يرفعه إلا الوحي، وما كان لعثمان أن يرفع وحيا ولاسيما والصحابة معه وما عارضوا ولا جاءنا خبر بمراجعة. وما كان لهم أن يسكتوا على فعل كهذا. ثم إن الأحرف السبعة نزلت للتيسير ودواعيه قائمة إلى قيام الساعة والقراءات القرآنية بوجوهها الثابتة المعجزة تستوعبها. إذن، فلم هذا التحمل، الذي لا تتحمله طبيعة الوحي ولا واقع التنزيل [8].
النموذج الثالث: هل فسر الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن كله؟ وضع السؤال بهذه الصيغة يوحي بتقصير الرسول صلى الله عليه وسلم في أداء مهمة البيان مع أنه ما أنزل عليه الذكر إلا ليبين مهمته محصورة في البلاغ المبين.
وما دام مفهوم البيان يشمل ما يبين به الشيء من الدلالة وغيرها من أدوات الكشف كالكتابة والإشارة والعلامة والحال ... وكل ما يبين به الشيء [9]، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين كل ما يحتاج إلى البيان بالنسبة لمرحلة النبوة وبين القواعد والكليات التي تستوعب ما يحتاج إلى بيان بالنسبة إلى ما بعد النبوة ...
ثم إن قصد التكليف لا يتحقق إلا بالبيان وإلا استحال الامتثال. وشرط التكليف القدرة على المكلف به على الوجه الرافع للحرج، ولا يعقل خطاب مقصود من غير فهم كما أبان ذلك الشاطبي [10].
النموذج الرابع: وهو من مقدمة جامع البيان في مسألة البيان، فمع أن القرآن نص على مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم، هي البيان، ومع أن البيان في اللغة شامل لكل ما تتم به عملية البيان، تجد عددا كبيرا من مصنفات علوم القرآن تتساءل في مبحث خاص، هل فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل ما يحتاج إلى البيان؟ معتمدة في هذا التساؤل على ما نسب إلى عائشة رضي الله عنهما "ما كان صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيات تعد علمهن إياه جبريل" [11].
قال الطبري معلقا على المبحث والحديث: "ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان لا يفسر من القرآن شيئا، إلا آيات تعد هو ما يسبق إلى أوهام أهل الغباء من أنه لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل، كان إنما أنزل إليه الذكر ليترك البيان لا ليبين [12]، هذا مع ما في الخبر عن عائشة -والقول له- من العلة التي… لا يجوز معها الاحتجاج به… لأن روايته عمن لا يعرف في أهل الآثار وهو جعفر بن محمد الزبيري [13].
(يُتْبَعُ)
(/)
النموذج الخامس: وهو مأخوذ من مقدمة الطبري في جامع البيان "باب القول في الوجوه التي من قبلها يتوصل إلى معرفة تأويل القرآن [14] فبعد أن بين أن مما أنزل الله من القرآن… ما لا يوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "إن منه ما لا يعلم تأويله إلا الله الواحد القهار، وذلك ما فيه من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة والنفخ في الصور، ونزول عيسى… [15] فإن تلك لا يعلم أحد حدودها ولا يعرف أحد تأويلها إلا الخبر بأشراطها. ومحل القول في النص أمران، مع التقدير الكبير لشيخ المفسرين.
الأول: إذا كان التأويل عنده بمعنى التفسير، فإن المتلقي للخطاب يعلم منه أن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن النفخ في الصور واقع لا محالة، وأن نزول عيسى آت لا شك فيه، كما يعلم أن آجال ذلك لا يعلمه إلا الله.
الثاني: أن التعبير عن المعلومة بالقول?لا يعلم تاويله إلا الله?، جعلت عددا من الدراسات القرآنية تذهب إلى القول بأن هناك آيات في القرآن الكريم، لا يعرف معناها من كل الوجوه إلا الله وحده، وهذا يتنافى مع تصريح القرآن من حيث كونه بيان، ومن حيث كون الرسول صلى الله عليه وسلم مبينا لما يحتاج من البيان إلى البيان.
وقد رتب الطبري على هذا التقسيم الاستشهاد له بما روي عن ابن عباس: "التفسير على أربعة أوجه وجه تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله".
والشاهد في هذا السياق يجعل القارئ في حيرة من معنى التفسير والتأويل في قول ابن جرير، كما يجعله يؤكد موقفه من كون الوجه الرابع من التفسير لا يعلمه إلا الله على إطلاقه، مع أن هذا المنقول عن ابن عباس لم تحقق روايته بمنهج المحدثين.
النموذج السادس: من البرهان للزركشي، في مبحث: ما نزل من القرآن مكررا. قال معللا، تكرار المنزل "وقد ينزل الشيء مرتين تعظيما لشأنه وتذكيرا به عند حدوث سببه، خوف نسيانه، وهذا كما قيل في الفاتحة نزلت مرتين، مرة بمكة ومرة بالمدينة"، والظاهر أن هذا التعليل لا يستقيم مع قول الله تعالى: ?سنقرئك فلا تنسى، إلا ما شاء الله ... ? [سورة الاَعلى/ الآيتان: 7 - 6].
فمع كون الفاتحة مما يحضر في كل ركعات الصلاة، والصلاة فرضت في مكة، تجد قولهم بتكرار النازل، ولعل الذي دفعهم إلى ذكر ذلك، كون آيات مدنية، تخللت سور مكية أو العكس.
قال الزركشي: والحكمة في هذا كله أنه قد يحدث سبب من سؤال أو حادثة، تقتضي نزول آية، وقد نزل قبل ذلك ما يتضمنها، فتؤدى تلك الآية بعينها تذكيرا لهم بها، وبأنها تتضمن هذه [16]. وفي هذا ما فيه من التحمل والتكلف.
ومن هذا الضرب ما عنون له صاحب البرهان، "بتقدم نزول الآية على الحكم"، ومثل له بقول الله تعالى: ?قد اَفلح من تزكى? [سورة الاَعلى/ الآية: 14] فإنه يستدل بها على زكاة الفطر، بما رواه البيهقي بسنده عن ابن عمر، ومع أنه نقل عن بعضهم قوله "لا أدري ما وجه هذا التأويل لأن هذه السورة مكية، ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة" فإنه ضرب صفحا عن هذا النقد، ورده بما قاله البغوي في تفسيره بأنه يجوز أن يكون النزول سابقا على الحكم [17].
وبنفس المنهاج استدل على نزول قوله تعالى: ?سيهزم الجمع ويولون الدبر? [سورة القمر / الآية: 45]، في مكة. وتأخر حكمها إلى المدينة، قال: قال عمر بن الخطاب، كنت لا أدري أي الجمع يهزم، فلما كان يوم بدر، رأيت رسول الله صلى الله عليه ويسلم يقول، (سيهزم الجمع ويولون الدبر) [18]. مع أنه واضح من نظم الآية وسياقها، أنها تخبر عن مستقبل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم، رددها مستشهدا ومخبرا بصدق ما أخبر به القرآن، "لا نزولا لها قبل الحكم"، وإنما أخبر بما سيحدث، ويشهد لهذا قولة عمر سابقا في الآية، وفي عدد من المباحث في البرهان من هذا النمط كثير. من مثل قول عدد من المفسرين وأصحاب أسباب النزول [19]، أن قوله تعالى: ?اِلا تنصروه فقد نصره الله ... ? [سورة التوبة / الآية: 40]. الآيات أنها مكية في سورة مدنية مع أن سبب النزول وسياقه ودلالة الآية في سياقها تدل على أن الآية مدنية في سورة مدنية [20].
النموذج السابع: ونأخذه من كتاب قواعد التفسير، لخالد السبت، باعتباره ممثلا لما نحن بصدده في هذه المرحلة المعاصرة، وذلك في صورتين مشابهتين لما عند الزركشي.
(يُتْبَعُ)
(/)
الصورة الأولى: قرر تحت عنوان "قاعدة: نزول القرآن تارة يكون مع تقرير الحكم، وتارة يكون قبله، والعكس" [21]. ومثل لما نزل قبل تقرير الحكم، بقوله تعالى:?قد اَفلح من تزكى? [سورة الاَعلى/ الآية: 14]. وهو وإن علق بقوله وفيه نظر، فقد ساق ما ساق من نصوص شارحة للقاعدة نقلا عن الزركشي في البرهان وغيره، وأثبته جزء قاعدة في الباب.
الصورة الثانية: ما مثل به لقاعدة: "قد يكون سبب النزول واحدا"، والآيات النازلة متفرقة، والعكس" [22]. ومثل له بما أخرجه البخاري في قصة عويمر العجلاني الذي جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قائلا: "يا رسول الله، رجل وجد مع امرأته رجلا، أيقتله فتقتلونه، أم كيف يصنع؟ فقال صلى الله عليه وسلم: قد أنزل الله عليه القرآن فيك وفي صاحبتك" [23]. وبما أخرج البخاري أيضا "أن هلال ابن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم، بشريك بن سمحاء، فقال له النبي: البينة أو حد في ظهرك ... فقال هلال: والذي بعثك بالحق، إني لصادق فلينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد. فنزل جبريل وأنزل عليه ?والذين يرمون أزواجهم ... ? [سورة النور/ الآية: 6].
وصاحب قواعد التفسير هذا، وإن انتبه إلى إشكالية الصحة وعدمها في النقل، تحت قاعدة "إذا تعددت المرويات في سبب النزول، نظر إلى الثبوت، فاقتصر على الصحيح" [24]، فهو من جهة يقرر في سياق القاعدة، تكرار النزول، ومن جهة أخرى لم يوظف مبدأ الثبوت في قاعدة إنفراد السبب وتعدد النازل [25]. إذ جاء بروايات متعددة في سبب نزول قوله تعالى: ?ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض? [سورة النساء / الآية: 32]. دون أن يحقق الروايات أو يعلق عليها، بما يخرج المتلقي من حيرة شتات الفهم، وتضارب القواعد، أما قصة عويمر العجلاني فتدل على أن القرآن كان قد نزل سابقا في قصة هلال بن أمية ولم يكن جواب الرسول صلى الله عليه وسلم لعويمر إلا جواب فتوى وإصدار حكم.
وبعد، ففي علوم القرآن، جملة مباحث تحتاج إلى مراجعة على مستوى التصنيف وتوحيد المصطلحات، وتحديد المفاهيم وتصحيح المضامين، سعيا إلى بناء قواعد منهج البيان، وهو أمر لا يتم إلا بعمل جماعي متكامل من أهل الاختصاص يبدئ فيه لتحقيق المناط بين علم أصول التفسير وعلم أصول الفقه.
الهوامش
--------------------------------------------------------------------------------
1. انظر: أبجديات البحث في العلوم الشرعية للدكتور فريد الأنصاري 156، ومداخلة الدكتور الأنصاري أيضا في الدورة التدريبية للباحثين في التراث العربي الإسلامي (نحو منهجية للتعامل مع التراث ص: 172، فما بعدها).
2. عدي عريا من ثيابه خلعا فهو عار وعريان سلم من الغيب ونزع عنه الثوب، وعداه من الأمر جرده وخلصه منه.
3. مثل صنيع الأستاذ لطفي الصباغ في كتابيه: بحوث في أصول التفسير:16، ولمحات في علوم القرآن: 151،
ومثل النداءات المتكررة المكتوبة والشفهية للأستاذ الشاهد البوشيخي.
4. انظر نموذج ذلك في كتاب أصول الفقه لأبي زهرة، ص: 7، وهو يعد من أئمة العصر في هذا المجال.
5. انظر مقدمة الرسالة، ص: 19.
6. نفسه.
7. مثلا مباحث في علوم القرآن للقضان، ص: 85.
8. للتوسع، انظر النشر في القراءات العشر لابن الجزري،1/ 48، والملل والنحل لابن حزم، 2/ 77.
9. انظر معجم مقاييس اللغة ولسان العرب، ومفردات الراغب، مادة بان ...
10. انظر الموافقات، 3/ 344.
11. أنظر جامع البيان، 1/ 55.
12. نفس المصدر، 1/ 57.
13. نفس المصدر، 1/ 58.
14. جامع البيان، 1/ 50.
15. نفس المصدر، 1/ 47.
16. البرهان للزركشي،1/ 31.
17. نفسه.
18. نفسه.
19. بنوا هذا القول بمدنية ومكية آيات في سورة يعينها-****على [المعنى والقصد والسياق] البيان.
20. أنظر أسباب النزول للواحدي، 141.
21. أنظر قواعد التفسير، 1/ 58.
22. قواعد التفسير للسبت، 1/ 65.
23. صحيح البخاري، كتاب التفسير.
24. قواعد التفسير للسبت، 1/ 69.
25. نفس المرجع والصفحة.
المصدر ( http://www.arrabita.ma/contenu.aspx?C=1006)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[16 Feb 2009, 08:12 ص]ـ
بارك الله فيك يا أبا مجاهد
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[01 Mar 2009, 06:52 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[24 Jun 2009, 01:55 ص]ـ
هذا مقال له علاقة بهذا الموضوع:
نظرات في مصطلح قواعد التفسير للدكتور مصفى فوضيل ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10408)(/)
(ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم) هل يصحّ هذا التأمل؟
ـ[محمد الصاعدي]ــــــــ[03 Jan 2009, 09:04 ص]ـ
(ولونشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم) قال المفسرون: لجعلنا على المنافقين سمة وعلامة تعرفهم بها، ثم أخُبر الرسول صلى الله عليه وسلم بهم في سورة التوبة.
فهل ممكن أن نستنبط من هذه الآية: أن عدم معرفة المؤمنين بالمنافقين على وجه اليقين رحمة بالمجتمع الإسلامي.
لأن التحقق من ذلك يفوّت خيرا أعظم،أو تحصل به فتنة،وينعدم الابتلاء بالمنافقين الذي في الابتلاء بهم رفعة للمؤمنين وزيادة في آثامهم التي يستحقون بها الدرك الأسفل من النار، وكذلك معرفة الصفات أهم من معرفة الأعيان.(/)
"قصة رسالة" لقاء علمي متجدد يقيمه فرع الجمعية العلمية للقرآن وعلومه في أبها
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Jan 2009, 11:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يسر فرع الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه في أبها أن يعلن عن إقامة البرنامج العلمي الأول للفرع، وهو لقاء علمي دوري بعنوان:
"قصة رسالة"
يهدف هذا البرنامج إلى التعريف بالرسائل العلمية الجادة في الدراسات القرآنية، عن طريق استضافة الباحث المعد للرسالة، وإتاحة الفرصة له حتى يعرف برسالته، ويذكر قصته معها من بداية اختياره للموضوع، إلى وقت مناقشتها، وما حصل لها بعد ذلك.
ويركز هذا البرنامج على ذكر أهم المسائل العلمية التي اشتملت عليها الرسالة، وبيان الموضوعات والمسائل التي لا تزال بحاجة للبحث والدراسة.
وسوف يكون هذا اللقاء على طريقة الندوات العلمية التي تتاح فيها فرصة المشاركة في الموضوع للحاضرين من أعضاء الجمعية وغيرهم من المتخصصين.
وأول لقاء في هذا البرنامج سيكون إن شاء الله في يوم الخميس 25 محرم 1430هـ.
وأول رسالة تناقش في هذا اللقاء: رسالة الماجستير "قواعد الترجيح عند المفسرين" للدكتور حسين الحربي وفقه الله.
وأما المكان فسيكون في تهامة، في مدينة الدرب، وسيحدد لاحقاً إن شاء الله تعالى.
وبهذه المناسبة أشكر أعضاء مجلس الإدارة على جهودهم واهتمامهم بالفرع، وحرصهم على تفعيله. وأخص منهم أخي الفاضل الدكتور عبدالرحمن الشهري، والشيخ الدكتور عادل الشدي.
وأشكر كذلك رئيس فرع الجمعية بأبها شيخنا الفاضل الدكتور قاسم القثردي على ترحيبه بفكرة البرنامج وموافقته عليها وحرصه الشديد على تفعيل الفرع.
وأشكر أيضاً جامعة الملك خالد على موافقتها على فتح مقر للفرع في كلية الشريعة وأصول الدين - ولا نزال حتى كتابة هذه الأسطر ننتظر انتهاء المقر - يسر الله الحصول عليه.
ونرجو أن يكتب النجاح لهذا اللقاء، ولهذا المشروع، وأن يكون خطوة موفقة في سبيل خدمة الدراسات القرآنية.
وأطلب من كل من كان عنده رغبة في المشاركة بعرض رسالته أن يراسلني من أجل التنسيق والإعداد.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
حرر يوم السبت 6 محرم 1430هـ.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Jan 2009, 11:53 ص]ـ
أسأل الله أن يبارك في جهودكم يا أبا مجاهد وأن يعينكم على تفعيل دور الجمعية في المنطقة التي أعرف أن لديها الكثير مما يمكن أن تقدمه للدراسات القرآنية من خلالكم والزملاء الباحثين المتخصصين في الدراسات القرآنية، وسينضم لكم الكثير بعد أن يلاحظوا نشاطكم المثمر بإذن الله.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Jan 2009, 12:07 م]ـ
جهد مبارك يا دكتور محمد، وفقكم الله والفكرة متميزة، ولطيفة، وبداية موفقة، أسأل الله أن ينفع بكم ..
ـ[أبو المهند]ــــــــ[03 Jan 2009, 04:36 م]ـ
نثمن لأخى العالم المهذب د. محمد القحطاني إصراره على تفعيل دور الجمعية بأبها ونقف صفا واحدا خلفه هو والأخ الأكبر الدكتور قاسم القثردي رئيس الفرع بأبها الذي ننهل من أدبه قبل علمه وكرمه المتسابق مع أخلاقه، ونسأل الله أن نكون دوما في تنافس ومسارعة لمصلحة الكتاب العزيز الذي به رفعنا الله ونفعنا ومرحبا بالدكتور الحربي في فرعنا بأبها.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[03 Jan 2009, 04:41 م]ـ
ما شاء الله، تبارك الله، أفكار جميلة في خدمة الدراسات القرآنية، نفع الله بكم وبجهودكم.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Jan 2009, 08:09 م]ـ
أقترح عليكم يا دكتور محمد ولكم الرأي تسجيل هذه اللقاءات ومن ثمَّ تفريغها ووضعها في الملتقى لتعم الفائدة .. بارك الله فيكم ..
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Jan 2009, 11:21 م]ـ
أقترح عليكم يا دكتور محمد ولكم الرأي تسجيل هذه اللقاءات ومن ثمَّ تفريغها ووضعها في الملتقى لتعم الفائدة .. بارك الله فيكم ..
نفعل إن شاء الله
وسيوثق اللقاء صوتا وصورة بإذن الله
ونشكركم على التشجيع، ولا نستغني عن توجيهاتكم واقتراحاتكم
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 Jan 2009, 04:50 م]ـ
فكرة جميلة , وفقكم الله أبا مجاهد.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Jan 2009, 10:46 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اقترب موعد اللقاء، وقد تقرر أن يكون بقاعة الاحتفالات في مقر جمعية البر بمحافظة الدرب، فقد تعاونوا معنا مشكورين، وأبدوا استعدادهم التام للتعاون مع جمعية القرآن وعلومه في إقامة البرامج وتوفير المكان، وتجهيزه بما يلزم. فشكر الله لهم، وبارك في جهودهم.
وبهذه المناسبة ندعوا الإخوة المهتمين بهذه الموضوعات - وخاصة من المتخصصين في الدراسات القرآنية - إلى حضور هذا اللقاء.
وللتنسيق والاستفسار يرجى الاتصال بالرقم:
0503065041
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Jan 2009, 10:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اقترب موعد اللقاء، وقد تقرر أن يكون بقاعة الاحتفالات في مقر جمعية البر بمحافظة الدرب، فقد تعاونوا معنا مشكورين، وأبدوا استعدادهم التام للتعاون مع جمعية القرآن وعلومه في إقامة البرامج وتوفير المكان، وتجهيزه بما يلزم. فشكر الله لهم، وبارك في جهودهم.
وبهذه المناسبة ندعوا الإخوة المهتمين بهذه الموضوعات - وخاصة من المتخصصين في الدراسات القرآنية - إلى حضور هذا اللقاء.
وللتنسيق والاستفسار يرجى الاتصال بالرقم:
0503065041
أسأل الله لكم التوفيق يا أبا مجاهد وأعانكم، وثق بأن الجهات الحكومية والأهلية ستتعاون معنا إذا رأت ما يشجع من الأنشطة جزاكم الله خيراً ونفع بكم وبارك في جهودكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[19 Jan 2009, 10:25 م]ـ
يمكن تحميل كتاب قواعد الترجيح عند المفسرين الذي سيكون اللقاء عنه من هنا:
قواعد الترجيح عند المفسرين ( http://waqfeya.net/book.php?bid=342)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[23 Jan 2009, 10:44 ص]ـ
تم اللقاء بتوفيق الله وتيسيره، وقد كان لقاء علمياً ماتعاً، حضره أعضاء فرع الجمعية في قسم القرآن وعلومه في أبها، وجمع من المتخصصين.
وسوف أوافيكم بعرض مختصر واف عن موضوع اللقاء، وما تم فيه قريباً إن شاء الله.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[23 Jan 2009, 05:03 م]ـ
وفقكم الله بانتظار التقرير
ـ[أبو المهند]ــــــــ[24 Jan 2009, 07:49 م]ـ
.
تم اللقاء بتوفيق الله وتيسيره، وقد كان لقاء علمياً ماتعاً، حضره أعضاء فرع الجمعية في قسم القرآن وعلومه في أبها، وجمع من المتخصصين
بالفعل صدق أبو مجاهد كان لقاءً مشهوداً، حيث تحدث أبو مجاهد مقدما، ثم تلاه شيخنا العلم الدكتور قاسم القثردي رئيس الفرع مرحبا، ثم تحدث مَن مِن أجله كان اللقاء الأخ الدكتور حسين الحربي، ولقد سمعناه مقنعاً ثابتاُ متمكنا من ناصية مادته العلمية، اغترفنا من معين أدبه قبل علمه، ومن علمه متسابقا مع شيمه الطيبة.
حضر اللقاء جمع من المتخصصين من قسم القرآن بكلية الشريعة والكليات الأخرى، وعلى رأس من شرفنا بصحبته أ. د. عبد الفتاح عبد الغني، أ. د شايع الأسمري، أ. د. محمد سبتان، د. السيد عبد الرؤوف، د. محمد عبد الرحمن، د. حسن منيع، ود. سعيد والسيخ محمد ياسين، والدكتور محمد إلياس، والسيخ نواف المالكي، وغيرهم من السادة العلماء
تلى حديث الدكتور حسين مداخلات أثارت النكات وأبرزت اللطائف، وأظهرت عيونا من العلم وينابيع من المعرفة.
أشهد أننا أفدنا من اللقاء فوائد متعددة كان أبرزها معرفة الدكتور حسين وأهل الدرب
" ومن سار على الدرب وصل"
كما كان الكرم في غاياته الحاتمية حيث أُكرمنا بعشاء شهي، وبكتب نافعة أبرزها رسالة الشيخ الدكتور حسين" قواعد الترجيح عند المفسرين.
جزى الله القائمين على الجمعية خير الجزاء، وأشكر الدكتور محمد القحطاني الذي أتعب نفسه وكان نعم المخطط والمنفذ.
هذا آخر ما يمكن أن أسطره متمنيا الوقوف على ما سيتفضل به من وصف وتلخيص للقاء
وعلى قصد السبيل
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[24 Jan 2009, 09:14 م]ـ
من سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ..
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[25 Jan 2009, 06:54 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فبقدر ما أسعدني لقاء الجمعية بقدر ما احزنني غيابي عنه، وعلم الله ما تأخرت إلا لعذر شرعي معتبر، وهو مرض الوالدة وأمرها لي بالبقاء قريبا منها، ولهذا كنت اتتبع الاخبار وسرني ما ذكره الدكتور خضر.
وهنا بعض الخربشات التي أزعم أنها من الشعر الذي يستشهد به وأفتح الباب للثناء عليه لا للنقد السلبي ومن أراد أن يعترض فأقول له: (مقروع)؟!
جمعية شرفت بشيخ قثردي وتشرفت بمحمد القحطاني
ما غبت عن جمع الأحبة عن قلى أقليهم؟ لا والذي أحياني
الأم تأمرني وأطلب ودها ما عاتبت يوما على عصياني
قالت إذا ما غبت عني ساعة فكأنني أدرجت في أكفاني
إن كان علمي رغم قلة علمنا لا يستثير محبتي وحناني
فارجم بحمَال العلوم شهادة في سلة الخذلان وانسياني
هذا حديث صفصفت كلماته يخلو من الإعراب والأوزان
ما العيب في شعري فلست بعاجز يا ملتقى التفسير والقرآن
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[25 Jan 2009, 07:00 ص]ـ
صفصفت الكلمات والابيات ولكنها خرجت بهذة الصورة
وبما أن المشرف العام وفقه الله يعرف صاحبه فآمل وآذن كذلك بترتيب الابيات، وربما ظهر للحاسوب شيئا فحولها من شعر مزعوم إلى نثر
ـ[أبو المهند]ــــــــ[25 Jan 2009, 04:28 م]ـ
[ QUOTE= فاضل الشهري;69937] وعلم الله ما تأخرت إلا لعذر شرعي معتبر، وهو مرض الوالدة وأمرها لي بالبقاء قريبا منها،
أسأل الله العظيم أن يرزقك برها وأن يقدر لها الخير حيث كان.
ولهذا كنت اتتبع الاخبار وسرني ما ذكره الدكتور خضر.
وكم تمنى الخضر أن تكون معه في هذا اللقاء الأخوي الماتع.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[25 Jan 2009, 04:40 م]ـ
الشيخ الكريم: فاضل الشهري:
خذها كما خرجتْ حُلى تبيانِ = أعطافُها فضفاضة بحنانِ
حملت جميلَ العذرِ في أكنافها = مضبوطةَ التنسيقِ والأوزانِ
جمعية شرفت بشيخ قثردي = وتشرفت بمحمد القحطاني
ما غبت عن جمع الأحبة عن قلى = أقليهم؟ لا والذي أحياني
الأم تأمرني وأطلب ودها = ما عاتبت يوما على عصياني
قالت إذا ما غبت عني ساعة =فكأنني أدرجت في أكفاني
إن كان علمي رغم قلة علمنا =لا يستثير محبتي وحناني
فارجم بحمَال العلوم شهادة = في سلة الخذلان والنسياني
هذا حديث صفصفت كلماته = يخلو من الإعراب والأوزان
ما العيب في شعري فلست بعاجز = يا ملتقى التفسير والقرآن
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[26 Jan 2009, 05:48 م]ـ
جزاك الله كل خير اخي محمود
كان أخوك يطمع في أقل من هذا، وبفضلك وكرمك زدت على طموحه بشيء من همتك العالية زادك الله فضلا وشرفا،
ومن روعة ما فعلته أنت في نظري أنني شككت في الأبيات لمن، غيرت القالب والثوب فتغير المضمون والحشوة
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[26 Jan 2009, 09:04 م]ـ
لله درك يا أخا الإيمان ** أهديتنا من (كامل) الأوزان
شِعْرًا أرقّ من النسيم وَمِنْ شذا ** غِيدِ الحقول وغانيات جِنَان
--------------------------------------------------------------
أوَّاه! ما أشدَّ على قلب المغترب الحنين إلى الماضي وأهله!
أَوَّاه! وإنَّ القلبَ ليذوب شوقًا وينزف لوعةً حينما تَغْشَاه الذكرياتُ النَّاجِيَاتُ مِنْ براثِنِ الأسى.
كيف يكتبُ مَنْ يَؤُزُّ القلمُ بين أصابعه، ويَئِنُّ في يده ...
وماذا يقولُ مَنْ رَبَضَ الأسى المُمِضُّ على صدره فَحَطَّمَ ضلوعه، وأجرى دموعه دما!
رحمة الله على قلبٍ مُحِبٍّ شَبَّ على الجوى ... مَزَّقَتْهُ الغربة شَرَّ مُمَزَّق!
رحمة الله عليه، ورحمة الله على صاحبه!
شَجْوُ الهَزار اليوم قد أبكاني ** ورمى فؤادي في لظى الأحزان
وحدي أهيم وفي دياجي غربتي ** أُصْلَى بنار البَيْنِ والحرمان
ما قيمة الدنيا بلا أهلٍ ولا ** خِلٍّ وفيٍّ صادق متفان
يا شيخنا الفاضل ... غفر الله لك!
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[02 Feb 2009, 10:54 ص]ـ
تم اللقاء بتوفيق الله وتيسيره، وقد كان لقاء علمياً ماتعاً، حضره أعضاء فرع الجمعية في قسم القرآن وعلومه في أبها، وجمع من المتخصصين.
وسوف أوافيكم بعرض مختصر واف عن موضوع اللقاء، وما تم فيه قريباً إن شاء الله.
تمت كتابة عرض ما تضمنه هذا اللقاء ولله الحمد، انظره مشكوراً هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=70433#post70433)(/)
تعريف بكتاب (أبي بن كعب -الرجل والمصحف)
ـ[عبدالله الحجي]ــــــــ[03 Jan 2009, 06:49 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف بكتاب (أُبي بن كعب - الرجل والمصحف)
اسم الكتاب: أُبيّ بن كعب الرجل والمصحف.
اسم المؤلف: د. الشحات السيد زغلول.
الدار الطابعة: دار المعرفة الجامعية. مصر.
حجم الكتاب: متوسط الحجم، يحوي 258صفحة، في غلاف عادي.
مباحث الكتاب: قُسِّم الكتاب إلى ستة مباحث:
الباب الأول: في رحاب القرآن، وقد قسمه المؤلف إلى فصلين:
الفصل الأول: تحدث فيه عن ملامح من شخصية أبي.
موقف أبي من حجية النص القرآني.
الباب الثاني: في صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم.
الباب الثالث: أبي بن كعب رائد مدرسة التفسير في المدينة.
الباب الرابع: مصاحف الصحابة ومصاحف الأمصار.
الباب الخامس: مصحف أبي بن كعب، وفيه سبعة فصول:
الفصل الأول: أخبار هذا المصحف.
الفصل الثاني: نصوص نسبت إلى مصحف أبي.
الفصل الثالث: النص القرآني، أحكام الخط وضوابط القراءة.
الفصل الرابع: زيادات في قراءة أبي.
الفصل الخامس: روايات ذات طابع لهجي.
الفصل السادس: روايات الترادف، وظاهرة القراءة بالمعنى.
الفصل السابع: قراءات أبي في مجال الدرس النحوي.
الباب السادس: قراءات أبي بن كعب.
ملاحظات على الكتاب:
1) يلحظ أن الكتاب لم يلق الإخراج المناسب - مع أنه طبع في عام 2006م وكأنه في أوائل الخمسينيات مع أن بعض ما طبع إذ ذاك أحسن بكثير مما طبع حديثاً - فمن الأخطاء الطباعية التي لا تكاد تخلو منها صفحة، وكم عكرت على القارئ انتظام قراءته، إلى رداءة الأوراق والغلاف، إلى الأوراق البيضاء والسقط الطويل، إلى البقع السوداء، إلى البخل بكتابة ألفاظ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع أن الكتاب قد سُوِّد ببعض ما كان أولى بالاختصار وكأننا لم تخدمنا الأجهزة الحديثة في اختصار ألفاظ تتكرر كثيراً بضغطة زر واحد!!
2) أخطاء منهجية من مثل ما يلحظ القارئ من ركاكة صياغة المباحث إلى تداخل بعض المباحث في بعض إلى طريقة وضع الفهارس التي تحتاج إلى فهارس أخرى.
3) عدم الاعتناء بثبوت الأخبار فالمؤلف وإن كان يشكر على بيانه لبعض الأحاديث المكذوبة المسندة بطريق أبي؛ إلا أنه يسرد كثيراً من المرويات بدون تثبت، فبعضها من العقد الفريد، وبعضها من جولد تسيهر!! وليتها في أشياء ثابتة بنصوص أخرى بل إن في بعضها طعناً غير مباشر في الصحابة على وجه العموم لم يقصده المؤلف حتماً؛ لأنه رد هذا الفهم وحاول توجيهه بغيره وكان يكفيه التثبت من الخبر.
ومع ذلك كله فالكتاب شيق و ماتع وقد بذل مؤلفه جهداً مشكوراً في جمع المعلومات المتعلقة بهذا الصحابي الجليل رضي الله عنه.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Jan 2009, 08:08 م]ـ
جزاك الله خيراً يا شيخ عبد الله، وليتك نقلت بعض نماذج من الكتاب وتوسعت في التعريف، حتى تكون الاستفادة أكبر ..
ـ[عبدالله الحجي]ــــــــ[04 Jan 2009, 06:54 م]ـ
بإذن الله يا د. فهد
وأشكر لك تواصلك
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[04 Jan 2009, 10:22 م]ـ
في الحقيقة أخي عبد الله أتابع بشغف ما تقوم به أنت وأشقاؤك من الإخوة في القسم من جهود مشكورة في التعريف بالكتب وعرضها، وهي فكرة متميزة تجنون ثمرتها أولا وتمتعونا بها آخرا ...
فلكم منا جزيل الشكر والامتنان ..
ومن الله عظيم الأجر والثواب ..
وإلى الأمام.
ـ[راني الثبيتي]ــــــــ[04 Jan 2009, 10:52 م]ـ
بمناسبة ذكرالصحابي الجليل:أبي بن كعب - رضي الله عنه -فقد رآه أحد الاخوة في المنام هو والرسول صلى الله عليه وسلم - نسأل الله من فضله -فيحدثنا عن خَلقه فيقول: رأيته نحيلا دقيقا،لو رأيته لما قلت هذاالذي بلغه الله سلامه وطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقرأعليه سورة البينة، فسبحان من يرفع بهذاالكتاب أقواما ويضع به آخرين.
ـ[عبدالله الحجي]ــــــــ[05 Jan 2009, 07:10 م]ـ
والشكر موصول للدكتور عبد الرحمن الشهري فهي فكرته.
وهنا مسألة للمختصين:
تتابع مؤلف التفسير والمفسرون وكاتب هذا الكتاب والزركلي في الأعلام كذلك على أن أبي بن كعب كان من أحبار اليهود قبل الإسلام! ولم أر لهم مراجع متقدمة! فهل اطلع على ثبوتها أو عدمه أحد؟
ـ[عبدالله الحجي]ــــــــ[05 Jan 2009, 08:28 م]ـ
رجعت للأعلام فوجدته بعد ذكر المعلومة ضمن التعريف به أحال على عدة مراجع منها: غاية النهاية وصفة الصفوة وحلية الأولياء وطبقات ابن سعد (وكل هذه لم أجد هذه المعلومة فيها) وبقي: إشراق التاريخ، والجمع؟، والكواكب الدرية، وضوء المشكاة.
الرجاء الإفادة عن هذه المعلومة فإنها مهمة، وقد رأيت بعض الباحثين يتناقلونها كأنها مسلم بها بل وترد أخبار أبي بن كعب لأنها من أخبار أهل الكتاب.
وبالنسبة لخلقة أبي فإنهم ذكروا أنه كان نحيلا، لا يغير شيبة.(/)
وما عليك ألا يزَّكى
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[03 Jan 2009, 07:19 م]ـ
وما عليك ألا يزَّكى ما أعظم القرآن، وما أجمل آياته وأعذب ألفاظه وأبلغ عظاته! تأملت في هذه الآية الكريمة فلَكَأنني أسمعها لأول مرة، تأملتها ولسان حال بعض إخواننا الدعاة يقول: لا بد أن يتزكى!
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مشغولاً بدعوة رجل من كبراء قريش، فجاءه عبد الله بن أم مكتوم الأعمى - رضي الله عنه - فجعل يقول: يا رسول الله! علِّمني ممّا علَّمك الله! فأعرض عنه - صلى الله عليه وسلم - وأقبل على ذلك السيد الكافر رجاءَ إسلامه، فنزل العتاب الربَّانيّ الشديد من فوق سبع سماوات: {عَبَسَ وَتَولَّى * أَن جَاءَهُ الأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى* فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَن جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى * كَلاَّ إنَّهَا تَذْكِرَةٌ} [عبس: 1 - 11].
سبحان الله! ماذا فعل الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -؟ لقد رام مصلحةً كبيرةً للإسلام والمسلمين وقدَّمها على مصلحة صغرى، لقد حرص على هداية ذلك العظيم من عظماء قريش؛ لأن في هدايته نفعاً عظيماً للمسلمين، وتقوية لهم، ودفعاً للأذى عنهم في زمن اشتدت فيه كربتهم وضاقت حيلتهم.
وأمّا هذا الرجل الأعمى الضعيف فلا يضيره ولا يضر الإسلام قليلاً حتى يتفرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - لتعليمه؛ فهو رجل مسلم مؤمن، ولا ضرر في الإعراض عنه لذلك الهدف النبيل ... هكذا يبدو للناظر، ولكن ليس الأمر كذلك في ميزان السماء.
إنّ الحرص على هداية الناس ولا سيّما الأكابر ومَنْ يُرجى بإسلامه أو هدايته نفع كبير للإسلام والمسلمين، من أعظم واجبات الدين ومهماته. وتقديمُ المصالح الكبرى العامة على المصالح الصغرى الخاصة أمرٌ جاءت الشريعة بتقريره وتأكيده، ولكن يُشترط ألا يترتب على ذلك الإخلالُ بفريضة من فرائض الدين، أو انتهاك شيء من حدوده، فإن الشريعة كلها مبنية على تحقيق المصالح ودرء المفاسد.
ما أحوجنا إلى تدبُّر هذه الآيات الكريمة في مقدمة سورة (عبس) في هذا الوقت الذي انتشر فيه ما يسمّى بفقه التيسير؛ الذي يتضمن في كثير من الأحيان تقديمَ المصلحة على النصّ، والبحثَ عن الرُّخَص والأقوال الضعيفة التي تتوافق مع ظروف الناس اليومَ وترغِّبهم في الدين (زعموا!)، ونحن نحسن الظنّ بكثير من أصحاب هذه الدعاوى، ولكنّ الغاية لا تبرر الوسيلة.
لقد كان لهذا المنهج الفقهي آثار سلبية تمثلت في مظاهر منها: الاستخفاف بكثير من المحرمات، والتقصير في الواجبات، وعدم إنكار بعض المنكرات، ولا سيّما إذا وافقت هوى في النفس وضعفاً في الدين والورع، وأخطر من ذلك أنها ربما مهّدت لتقبّل الفكر الإرجائي الذي انبعث من جديد.
وهنا أؤكد على بعض المعالم المهمة التي لا تخفى على القارئ الكريم، وهي:
1 - أن هذه الشريعة المحمّدية مبنية على اليُسر والسماحة: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 87]، فليست بحاجة ألبتّة إلى من يزيدها يسراً وسهولةً.
2 - ينبغي أن يُعرَض دينُ الله كما نُزِّل من عند الله: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الكهف: 92]، مع مراعاة التدرّج في الدعوة.
3 - كل مصلحة تعارض نصاً من الكتاب أو السنة أو الإجماع فهي مصلحة ملغاة لا اعتبار لها، وكل مصلحة متحققة لا تُترَك لأجل مصلحة متوهَّمة، والشرع أدرى بمصالح العباد من العقل.
4 - أنّ هذه الشرعية السَّمحة صالحة لكل زمان ومكان، لا حرجَ فيها ولا عَنَتَ، يستطيع المسلمون في هذا الزمن الالتزام بحدودها وإظهار شعائرها في أغلب البلدان.
5 - من قواعد الشريعة المُجمَع عليها أن الضرورات تبيح المحظورات؛ فإذا اضطر الإنسان لترك واجب أو فعل محرم جاز له ذلك، ولكنَّ الضرورة تُقدَّر بقدْرِها وزمانها ومكانها، ولا يترخَّص بها جميع الناس.
6 - لم نرَ لهذا التساهل والتَّرخُّص أثراً واضحاً في دعوة غير المسلمين، أو توبة بعض المذنبين، بل ثبت أن الكفّار وأهل الكبائر من المسلمين يزدرون من يداهن في دينه.
هذه وقفة سريعة حول هذه الآية الكريمة.
وأخيراً أوصي من تصدَّر للفتوى من أهل العلم أن يتقي الله - تعالى - في فتواه، وأن يعلم أنه موقِّع عنه - جلّ في علاه - قائم بين يديه، وليحذر كل الحذر أن يجرِّئ الناس على حدود الله.
نسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 Jan 2009, 08:07 م]ـ
تأملات جميلة ودقيقة وفقك الله يا دكتور إبراهيم وبارك فيك ..
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[12 Jan 2009, 08:52 م]ـ
جزاك الله خيراً شيخنا
ولعل في انتشار الإسلام بين الضعفة ومن شابههم سرٌّ يحتاج لتأمل فالغالب على هؤلاء الوضوح والصراحة، بينما يتصف كثير من العلية في الغالب بشيء من الغموض والتلاعب والإسلام جاء واضحاً مخاطباً للنفس البشرية بكل شفافية .. ولذلك ينتشر بسرعة مذهلة بين البسطاء من الناس ثم يتبعهم الصادقون من الكبار وهكذا ..
والله أعلم
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[13 Jan 2009, 10:33 م]ـ
جزاكم الله خيرا ..
ووددت لو أضاف الدكتور إبراهيم ذكر مصدر هذا المقال.
وقد قرأته في مجلة البيان في عددها الأخير للدكتور إبراهيم الدحيم -رحمه الله-.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[15 Jan 2009, 03:34 م]ـ
بارك الله فيكم، وقد وقع خطأ للإخوة المحررين في مجلة البيان فنسبوا المقال للشيخ إبراهيم الدحيم - رحمه الله -، على أن الشيخ لم يكن من منسوبي الجامعة.
وقد عرفت لأول وهلة من قراءة المقال أنه ليس له؛ لمتابعتي الدقيقة لمقالاته رحمه الله.
بارك الله فيكم دكتور إبراهيم، ورفع درجتكم في عليين.
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[15 Jan 2009, 03:36 م]ـ
للفائدة: هناك مقال شبيه للدكتور محمد الدويش بنفس العنوان.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[15 Jan 2009, 11:39 م]ـ
وقد اعتذر الإخوة الكرام في مجلة البيان عن الخطأ في نسبة المقال في العدد الجديد من المجلة (عدد شهر محرم) ص 20، والمقصود وصول الفكرة بغض النظر عن الكاتب، غفر الله لأخينا الشيخ إبراهيم الدحيم وأسكنه فسيح جناته. وشكر الله لك يا أبا الوليد وتقبل دعاءك ورفع قدرك.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Apr 2009, 06:09 م]ـ
أشكر أخي الشيخ إبراهيم على هذا الموضوع المهم والخطير، والذي يعالج مشكلة كثير من الذين لم يوفقوا للفهم الصحيحلمهمة الدعاة إلى الله تعالى.
وقد وجدت تنبيهاً مهما حول نفس فكرة هذا الموضوع للشيخ الفاضل: جعفر شيخ إدريس، وكان جزءا من كلمة ألقاها بحضور العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله، وهو تعليق على قول الله تعالى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}، وهذا نص ما أردت نقله هنا لأهميته:
(أعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وبعد: فإن الله تعالى قد حصر مهمة الرسول في البلاغ فقال تعالى: (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) [النور:54]. وكرر الله هذا المعنى في آيات كثيرة وكما أنه سبحانه وتعالى بين للرسول صلى الله عليه وسلم مهمته فقد بيَّن له أيضاً نتائج هذه المهمة وما لا يتصل بهذه المهمة كي لا يشغل نفسه بها، وأريد أن أتكلم لكم في كلمات موجزة عن بعض هذه المهام التي لا تتصل بمهمة البلاغ كما ذكرها الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم.
فأولاً: ما دامت مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم وبالتالي مهمة كل داعية يتتبع خطي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ما دامت هذه المهمة محصورة في البلاغ فينبغي على الداعية أن يبلغ الرسالة كما هي وألا يزيد فيها ولا ينقص منها وأن يستمسك بها كما أنزلها الله سبحانه وتعالى وينبغي عليه
ثانياً: أن لا يظن أن مهمته أن يُدخل الإيمان في قلوب الناس فلذلك أمر قد تكفل الله سبحانه وتعالى به ولم يتركه لنبي أو لداعية أو لأحد من البشر، ولكن هذا مما يصعُب على الإنسان جدا، فالإنسان عجول يريد أن يرى نتائج عمله، والناس كما قيل كأسراب القطا مجبولون على حب التقليد والموافقة، فالإنسان يحب إذا قال للناس كلاما أن يقبلوا منه هذا الكلام وأن يعيدوه لكي يكونوا مثله فإذا لم يفعلوا هذا غره شياطين الإنس والجن على أن يغير هو في دعوته كي تناسب ما عندهم ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى حذر رسوله صلى الله عليه وسلم من أمثال هؤلاء فقال: (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً. وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ
(يُتْبَعُ)
(/)
لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا. إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا) [الإسراء: 73 - 75]
فقوله سبحانه وتعالى: (وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً) هذا كلام في غاية الأهمية وذلك لأن دعاة الباطل والكفار ليغرون الداعية بأنه إذا غير هنا أو غير هناك أو أوّل الدين أو فسره بما يناسب أهواءهم فإنهم يحبونه ويعظمونه، وهذا ما يحدث الآن في واقعنا، فإن المستشرقين وأمثالهم من الشيوعيين وغيرهم كثيرا ما يمدحون الدعاة أو المنتسبين إلى الإسلام الذين يعمدون إلى مثل هذا التغيير فيصفونهم بسعة الأفق وفهمهم العصر ويصفونهم بأنهم يجعلون الدين للناس يسرا ويصفونهم بأنهم أذكياء وبأنهم متحررون وبأنهم كذا وكذا وكذا، وهذا يغر الإنسان فيتمادى في التحريف، وهم لا يريدون لهذا التحريف أن يقف عند حد، فكل ما وجدوا إنسانا أكثر تحريفا عظموه عمن هو أقل منه تحريفا لأنهم لم يرضوا عنه: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة:120]. هذه الغاية التي يريدون للإنسان الداعية أن يصل إليها.
وإذا كان هذا قد حدث في زمان الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه موجود عندنا الآن. إن المجتمع وإن المنحرفين فيه كثيرا ما يضغطون على الدعاة بأن يفسروا الدين وأن يؤولوه بما يناسب أهواءهم، والداعية المخلص يظن أنه إذا استجاب لكلامهم فإن هذا مما يدعوهم لأن يقبلوا كلام الله سبحانه وتعالى ويقبلوا دعوته ولكن الله سبحانه وتعالى يحذر الرسول صلى الله عليه وسلم ويبين له أن الإنسان الصالح الذي يريد الهدى يكفيه هذا الذي أنزلناه إليه، وأما الذي يقترح عليه بأن نغير هنا أو نبدل هناك لكي نستجيب لدعوتك فإنه لن يستجيب أبدا، ولهذا يقول الله سبحانه وتعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: (وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ) [الأنعام:35]
ولذلك كما قلت، في عصرنا هذا رأينا كثيرا من الناس يضيقون صبراً بكثير من أحكام الإسلام التي لا تتمشى مع أهواء العصر، فهم يضيقون بتعدد الزوجات وبرجم الزاني المحصن لأن الغربيين يرون أن هذا من القسوة، بل أن كل الحدود يرون أنها من القسوة ويضيقون صدرا بالربا، لأن البنوك كلها تتعامل به ويظنون أن الحياة لا يمكن أن تسير إلا به ويضيقون صدرا بقتل المرتد لأن هذا لا يتناسب مع التسامح الديني كما هو مفهوم في الغرب، بل إن هذا الضيق قد يصل إلى بعض العقائد، فإن كثيرا من المنتسبين إلى الإسلام أصبحوا يضيقون صدرا بالمعجزات لما فيها من خوارق العادات. وقد قرأت قريبا في كتاب ترجمة لمعاني القرآن باللغة الإنجليزية، وتعليقا عليها لم يكد الكاتب يترك معجزة من المعجزات التي وردت في القرآن الكريم إلا أؤلها تأويلا يصرفها عن معناها، فقال مثلا في معنى قوله تعالى: (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ) [الأعراف:171]، إن هذا كان زلزالا، قال في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) [الفيل:1] إن هذا كان وباء وهكذا. وكما قلت قد يصل الأمر إلى بعض العقائد فيضيق الداعية صدراً بكل ما يجد في القرآن مما لا يتناسب مع أهواء العصر بل إن هذا قد يقع فيه بعض الموحدين فيبالغون في التنزيه وفي البعد عن الخرافات حتى إنهم ليضيقون بكل ما ليس مناسبا كما قلت مع أهواء العصر مثل تقبيل الحجر الأسود ومثل رمي الجمرات وهكذا فعلينا أيها الأخوة الكرام ونحن نترسم خطى الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه أن نحذر من كل هذا وأن نستمسك استمساكا شديدا بما أنزل الله سبحانه وتعالى وأن لا نلتفت إلى أهواء العصر.)
وهذا رابط الموضوع: مهمة الرسل ومهمة الداعية ( http://www.jaafaridris.com/Arabic/Muhadarat/mohimat.htm)
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[08 Apr 2009, 09:48 م]ـ
يا فقهاء التيسير اقرؤا إن شئتم:
((وأن هذا صراطي مستقيما فا تبعوه ولا تتبعوا السبل فترق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون))
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[09 Apr 2009, 01:22 ص]ـ
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده
وبعد،،،
المتأمل لقوله تعالى (وما عليك ألا يزكي) في سورة عبس يلحظ أمورا عظاما منها:-
1 - مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم تبليغ الرسالة ولا يطالب بضمان الأثر الإيجابي بقبول الناس لرسالته (إن عليك إلا البلاغ) الشورى:48، وهذا الحكم ينطبق على ورثة الرسول صلى الله عليه وسلم من الدعاة والعلماء والفقهاء.
2 - قد يأتي الخير من حيث لا يحتسب المرأ، والمتابع لحال الرسول صلى الله عليه وسلم مع ابن أم مكتوم رضي الله عنه يرى ذلك جليا، فقد استخلفه المصطفى صلى الله عليه وسلم على المدينة مرتين يؤم الناس في الصلاة. فقد ظهر الخير جليا في ابن أم مكتوم في علمه وحصافة عقله وقوة إيمانه ورجاحة قراره حتى استخلفه الرسول صلى الله عليه وسلم على المدينة مرتين.
3 - ليس لأموال الناس أو لأنسابهم أو لأحسابهم أو لأقدارهم قيمة أمام شرع الله، فكل سبب ونسب مقطوع إلا سبب ونسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام، وبئس لم بطأ به عمله ولم يسرع به نسبه.
4 - شرع الله هو الإسلام، وليس في الإسلام ما يتداول الآن بين الغرب وللأسف بين بعض علمائنا من مصطلحات "الأمة المحمدية" أو الشريعة المحمدية"، إنما هي مصطلحات أنشأها الغرب مقابلة لمفهوم المسيحية شريعة وأمة نسبة إلى المسيح وهو منهم براء، فلنحذر هذه التعبيرات البراقة القاتلة.
5 - لا مساومة ولا محاباة ولا مباهاة في تطبيق شرع الله تعالى، أُمرنا بالتيسير لا بالفساد والانحلال. ديننا دين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، ولكن لا مجال للانحلال في شرع، وأصل هذا الاتجاه نصراني أيضا ابتدعه بولس الرسول أول الأمر بإسقاط فريضة الختان عن غير اليهود ممن يعتنقون النصرانية، وانتهى به الأمر إلى أن وصم التوراة والناموس بأنهما لعنة وضعها الرب على عاتق العباد وللتخلص منها يكفي الإيمان بدم المسيح المخلص. وللأسف بدأ هذا الاتجاه الخطير يتدسس بدهاء إلى بعض طبقات علمائنا بلا وعي أو دراية أو بحسن النوايا على أقل تقدير، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم.
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
ـ[شاكر]ــــــــ[09 Apr 2009, 05:51 م]ـ
(عبس وتولى. أن جاءه الأعمى. وما يدريك لعله يزكى؟ أو يذكر فتنفعه الذكرى؟ أما من استغنى فأنت له تصدى؟ وما عليك ألا يزكى؟ وأما من جاءك يسعى وهو يخشى , فأنت عنه تلهى؟! كلا! إنها تذكرة. فمن شاء ذكره , في صحف مكرمة , مرفوعة مطهرة , بأيدي سفرة , كرام بررة). .
إن هذا التوجيه الذي نزل بشأن هذا الحادث هو أمر عظيم جدا. أعظم بكثير مما يبدو لأول وهلة.
إنه معجزة , هو والحقيقة التي أراد إقرارها في الأرض , والآثار التي ترتبت على إقرارها بالفعل في حياة البشرية.
ولعلها هي معجزة الإسلام الأولى , ومعجزته الكبرى كذلك.
ولكن هذا التوجيه يرد هكذا - تعقيبا على حادث فردي - على طريقة القرآن الإلهية في اتخاذ الحادث المفرد والمناسبة المحدودة فرصة لتقرير الحقيقة المطلقة والمنهج المطرد.
وإلا فإن الحقيقة التي استهدف هذا التوجيه تقريرها هنا والآثار الواقعية التي ترتبت بالفعل على تقريرها في حياة الأمة المسلمة , هي الإسلام في صميمه. وهي الحقيقة التي أراد الإسلام - وكل رسالة سماوية قبله - غرسها في الأرض.
هذه الحقيقة ليست هي مجرد:
كيف يعامل فرد من الناس؟ أو كيف يعامل صنف من الناس؟ كما هو المعنى القريب للحادث وللتعقيب.
إنما هي أبعد من هذا جدا , وأعظم من هذا جدا.
إنها: كيف يزن الناس كل أمور الحياة؟
ومن أين يستمدون القيم التي يزنون بها ويقدرون؟
والحقيقة التي استهدف هذا التوجيه إقرارها هي:
أن يستمد الناس في الأرض قيمهم وموازينهم من اعتبارات سماوية إلهية بحتة , آتية لهم من السماء , غير مقيدة بملابسات أرضهم , ولا بمواضعات حياتهم , ولا نابعة من تصوراتهم المقيدة بهذه المواضعات وتلك الملابسات.
وهو أمر عظيم جدا , كما أنه أمر عسير جدا.
عسير أن يعيش الناس في الأرض بقيم وموازين آتية من السماء. مطلقة من اعتبارات الأرض. متحررة من ضغط هذه الاعتبارات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ندرك عظمة هذا الأمر وعسره حين ندرك ضخامة الواقع البشري , وثقله على المشاعر , وضغطه على النفوس , وصعوبة التخلي عن الملابسات والضغوط الناشئة من الحياة الواقعية للناس , المنبثقة من أحوال معاشهم , وارتباطات حياتهم , وموروثات بيئتهم , ورواسب تاريخهم , وسائر الظروف الأخرى التي تشدهم إلى الأرض شدا , وتزيد من ضغط موازينها وقيمها وتصوراتها على النفوس.
كذلك ندرك عظمة هذا الأمر وعسره حين ندرك أن نفس محمد بن عبد الله [صلى الله عليه وسلم] قد احتاجت - كي تبلغه - إلى هذا التوجيه من ربه ; بل إلى هذا العتاب الشديد , الذي يبلغ حد التعجيب من تصرفه!
وإنه ليكفي لتصوير عظمة أي أمر في هذا الوجود أن يقال فيه: إن نفس محمد بن عبد الله [صلى الله عليه وسلم] قد احتاجت - كي تبلغه - إلي تنبيه وتوجيه!
نعم يكفي هذا.
فإن عظمة هذه النفس وسموها ورفعتها , تجعل الأمر الذي يحتاج منها - كي تبلغه - إلى تنبيه وتوجيه أمرا أكبر من العظمة , وأرفع من الرفعة!
وهذه هي حقيقة هذا الأمر , الذي استهدف التوجيه الإلهي إقراره في الأرض , بمناسبة هذا الحادث المفرد. . أن يستمد الناس قيمهم وموازينهم من السماء , طلقاء من قيم الأرض وموازينها المنبثقة من واقعهم كله. . وهذا هو الأمر العظيم. .
إن الميزان الذي أنزله الله للناس مع الرسل , ليقوموا به القيم كلها , هو: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). . هذه هي القيمة الوحيدة التي يرجح بها وزن الناس أو يشيل! وهي قيمة سماوية بحتة , لا علاقة لها بمواضعات الأرض وملابساتها إطلاقا. .
ولكن الناس يعيشون في الأرض , ويرتبطون فيما بينهم بارتباطات شتى ; كلها ذات وزن وذات ثقل وذات جاذبية في حياتهم. وهم يتعاملون بقيم أخرى. . فيها النسب , وفيها القوة , وفيها المال. وفيها ما ينشأ عن توزيع هذه القيم من ارتباطات عملية. . اقتصادية وغير اقتصادية. . تتفاوت فيها أوضاع الناس بعضهم بالنسبة لبعض. فيصبح بعضهم أرجح من بعض في موازين الأرض. .
ثم يجيء الإسلام ليقول: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم). . فيضرب صفحا عن كل تلك القيم الثقيلة الوزن في حياة الناس , العنيفة الضغط على مشاعرهم , الشديدة الجاذبية إلى الأرض. ويبدل من هذا كلهتلك القيمة الجديدة المستمدة مباشرة من السماء , المعترف بها وحدها في ميزان السماء!
ثم يجيء هذا الحادث لتقرير هذه القيمة في مناسبة واقعية محددة.
وليقرر معها المبدأ الأساسي:
وهو أن الميزان ميزان السماء , والقيمة قيمة السماء. وأن على الأمة المسلمة أن تدع كل ما تعارف عليه الناس , وكل ما ينبثق من علاقات الأرض من قيم وتصورات وموازين واعتبارات , لتستمد القيم من السماء وحدها وتزنها بميزان السماء وحده!
ويجيء الرجل الأعمى الفقير. . ابن أم مكتوم. . إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو مشغول بأمر النفر من سادة قريش. عتبة وشيبة ابني ربيعة , وأبي جهل عمرو بن هشام , وأمية بن خلف , والوليد بن المغيرة , ومعهم العباس بن عبد المطلب. . والرسول [صلى الله عليه وسلم] يدعوهم إلى الإسلام ; ويرجو بإسلامهم خيرا للإسلام في عسرته وشدته التي كان فيها بمكة ; وهؤلاء النفر يقفون في طريقه بمالهم وجاههم وقوتهم ; ويصدون الناس عنه , ويكيدون له كيدا شديدا حتى ليجمدوه في مكة تجميدا ظاهرا. بينما يقف الآخرون خارج مكة , لا يقبلون على الدعوة التي يقف لها أقرب الناس إلى صاحبها , وأشدهم عصبية له , في بيئة جاهلية قبلية , تجعل لموقف القبيلة كل قيمة وكل اعتبار.
يجيء هذا الرجل الأعمى الفقير إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وهو مشغول بأمر هؤلاء النفر. لا لنفسه ولا لمصلحته , ولكن للإسلام ولمصلحة الإسلام. فلو أسلم هؤلاء لانزاحت العقبات العنيفة والأشواك الحادة من طريق الدعوة في مكة ; ولانساح بعد ذلك الإسلام فيما حولها , بعد إسلام هؤلاء الصناديد الكبار. .
(يُتْبَعُ)
(/)
يجيء هذا الرجل , فيقول لرسول الله [صلى الله عليه وسلم]:يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله. . ويكرر هذا وهو يعلم تشاغل الرسول [صلى الله عليه وسلم] بما هو فيه من الأمر. فيكره الرسول قطعه لكلامه واهتمامه. وتظهر الكراهية في وجهه - الذي لا يراه الرجل - فيعبس ويعرض. يعرض عن الرجل المفرد الفقير الذي يعطله عن الأمر الخطير. الأمر الذي يرجو من ورائه لدعوته ولدينه الشيء الكثير ; والذي تدفعه إليه رغبته في نصرة دينه , وإخلاصه لأمر دعوته , وحبه لمصلحة الإسلام , وحرصه على انتشاره!
وهنا تتدخل السماء. تتدخل لتقول كلمة الفصل في هذا الأمر ; ولتضع معالم الطريق كله , ولتقرر الميزان الذي توزن فيه القيم - بغض النظر عن جميع الملابسات والاعتبارات. بما في ذلك اعتبار مصلحة الدعوة كما يراها البشر. بل كما يراها سيد البشر [صلى الله عليه وسلم].
وهنا يجيء العتاب من الله العلي الأعلى لنبيه الكريم , صاحب الخلق العظيم , في أسلوب عنيف شديد.
وللمرة الوحيدة في القرآن كله يقال للرسول الحبيب القريب: (كلا!) وهي كلمة ردع وزجر في الخطاب! ذلك أنه الأمر العظيم الذي يقوم عليه هذا الدين!
والأسلوب الذي تولى به القرآن هذا العتاب الإلهي أسلوب فريد , لا تمكن ترجمته في لغة الكتابة البشرية.
فلغة الكتابة لها قيود وأوضاع وتقاليد , تغض من حرارة هذه الموحيات في صورتها الحية المباشرة. وينفرد الأسلوب القرآني بالقدرة على عرضها في هذه الصورة في لمسات سريعة. وفي عبارات متقطعة. وفي تعبيرات كأنها انفعالات , ونبرات وسمات ولمحات حية!
(عبس وتولى. أن جاءه الأعمى). .
بصيغة الحكاية عن أحد آخر غائب غير المخاطب! وفي هذا الأسلوب إيحاء بأن الأمر موضوع الحديث من الكراهة عند الله بحيث لا يحب - سبحانه - أن يواجه به نبيه وحبيبه. عطفا عليه , ورحمة به , وإكراما له عن المواجهة بهذا الأمر الكريه!
ثم يستدير التعبير - بعد مواراة الفعل الذي نشأ عنه العتاب - يستدير إلى العتاب في صيغة الخطاب.
فيبدأ هادئا شيئا ما:
(وما يدريك لعله يزكى؟ أو يذكر فتنفعه الذكرى؟)
ما يدريك أن يتحقق هذا الخير الكبير. أن يتطهر هذا الرجل الأعمى الفقير - الذي جاءك راغبا فيما عندك من الخير - وأن يتيقظ قلبه فيتذكر فتنفعه الذكرى. وما يدريك أن يشرق هذا القلب بقبس من نور الله , فيستحيل منارة في الأرض تستقبل نور السماء؟ الأمر الذي يتحقق كلما تفتح قلب للهدى وتمت حقيقة الإيمان فيه. وهو الأمر العظيم الثقيل في ميزان الله. .
ثم تعلو نبرة العتاب وتشتد لهجته ; وينتقل إلى التعجيب من ذلك الفعل محل العتاب:
(أما من استغنى , فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى؟! وأما من جاءك يسعى وهو يخشى , فأنت عنه تلهى؟!)
أما من أظهر الاستغناء عنك وعن دينك وعما عندك من الهدى والخير والنور والطهارة. . أما هذا فأنت تتصدى له وتحفل أمره , وتجهد لهدايته , وتتعرض له وهو عنك معرض!
(وما عليك ألا يزكى؟). . وما يضيرك أن يظل في رجسه ودنسه؟ وأنت لا تسأل عن ذنبه. وأنت لا تنصر به. وأنت لا تقوم بأمره. . (وأما من جاءك يسعى) طائعا مختارا , (وهو يخشى) ويتوقى (فأنت عنه تلهى!). . ويسمى الإنشغال عن الرجل المؤمن الراغب في الخير التقي تلهيا. . وهو وصف شديد. .
ثم ترتفع نبرة العتاب حتى لتبلغ حد الردع والزجر: (كلا!). .
لا يكن ذلك أبدا. . وهو خطاب يسترعي النظر في هذا المقام.
ثم يبين حقيقة هذه الدعوة وكرامتها وعظمتها ورفعتها , واستغناءها عن كل أحد. وعن كل سند وعنايتها فقط بمن يريدها لذاتها , كائنا ما كان وضعه ووزنه في موازين الدنيا: (إنها تذكرة. فمن شاء ذكره. في صحف مكرمة. مرفوعة مطهرة. بأيدي سفرة. كرام بررة.). . فهي كريمة في كل اعتبار. كريمة في صحفها , المرفوعة المطهرة الموكل بها السفراء من الملأ الأعلى ينقلونها إلى المختارين في الأرض ليبلغوها. وهم كذلك كرام بررة. . فهي كريمة طاهرة في كل ما يتعلق بها , وما يمسها من قريب أو من بعيد. وهي عزيزة لا يتصدى بها للمعرضين الذين يظهرون الاستغناء عنها ; فهي فقط لمن يعرف كرامتها ويطلب التطهر بها. .
(يُتْبَعُ)
(/)
هذا هو الميزان. ميزان الله. الميزان الذي توزن به القيم والإعتبارات , ويقدر به الناس والأوضاع. . وهذه هي الكلمة. كلمة الله. الكلمة التي ينتهي إليها كل قول , وكل حكم , وكل فصل.
وأين هذا؟ ومتى؟
في مكة , والدعوة مطاردة , والمسلمون قلة. والتصدي للكبراء لا ينبعث من مصلحة ذاتية ; والانشغال عن الأعمى الفقير لا ينبعث من اعتبار شخصي. إنما هي الدعوة أولا وأخيرا. ولكن الدعوة إنما هي هذا الميزان , وإنما هي هذه القيم , وقد جاءت لتقرر هذا الميزان وهذه القيم في حياة البشر. فهي لا تعز ولا تقوى ولا تنصر إلا بإقرار هذا الميزان وهذه القيم. .
ثم إن الأمر - كما تقدم - أعظم وأشمل من هذا الحادث المفرد , ومن موضوعه المباشر.
إنما هو أن يتلقى الناس الموازين والقيم من السماء لا من الأرض , ومن الاعتبارات السماوية لا من الاعتبارات الأرضية. .
(إن أكرمكم عند الله أتقاكم). .
والأكرم عند الله هو الذي يستحق الرعاية والاهتمام والاحتفال , ولو تجرد من كل المقومات والاعتبارات الأخرى , التي يتعارف عليها الناس تحت ضغط واقعهم الأرضي ومواضعاتهم الأرضية. النسب والقوة والمال. . وسائر القيم الأخرى , لا وزن لها حين تتعرى عن الإيمان والتقوى. والحالة الوحيدة التي يصح لها فيها وزن واعتبار هي حالة ما إذا أنفقت لحساب الإيمان والتقوى.
هذه هي الحقيقة الكبيرة التي استهدف التوجيه الإلهي إقرارها في هذه المناسبة , على طريقة القرآن في اتخاذ الحادث المفرد والمناسبة المحدودة , وسيلة لإقرار الحقيقة المطلقة والمنهج المطرد.
ولقد انفعلت نفس الرسول [صلى الله عليه وسلم] لهذا التوجيه , ولذلك العتاب. انفعلت بقوة وحرارة , واندفعت إلى إقرار هذه الحقيقة في حياته كلها , وفي حياة الجماعة المسلمة. بوصفها هي حقيقة الإسلام الأولى.
وكانت الحركة الأولى له [صلى الله عليه وسلم] هي إعلان ما نزل له من التوجيه والعتاب في الحادث. وهذا الإعلان أمر عظيم رائع حقا. أمر لا يقوى عليه إلا رسول , من أي جانب نظرنا إليه في حينه.
نعم لا يقوى إلا رسول على أن يعلن للناس أنه عوتب هذا العتاب الشديد , بهذه الصورة الفريدة في خطأ أتاه! وكان يكفي لأي عظيم - غير الرسول - أن يعرف هذا الخطأ وأن يتلافاه في المستقبل. ولكنها النبوة. أمر آخر. وآفاق أخرى!
لا يقوى إلا رسول على أن يقذف بهذا الأمر هكذا في وجوه كبراء قريش في مثل تلك الظروف التي كانت فيها الدعوة , مع أمثال هؤلاء المستعزين بنسبهم وجاههم ومالهم وقوتهم , في بيئة لا مكان فيها لغير هذه الاعتبارات , إلى حد أن يقال فيها عن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم: (لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم!). . وهذا نسبه فيهم , لمجرد أنه هو شخصيا لم تكن له رياسة فيهم قبل الرسالة!
ثم إنه لا يكون مثل هذا الأمر في مثل هذه البيئة إلا من وحي السماء. فما يمكن أن ينبثق هذا من الأرض. . ومن هذه الأرض بذاتها في ذلك الزمان!!
وهي قوة السماء التي دفعت مثل هذا الأمر في طريقه ; فإذا هو ينفذ من خلال نفس النبي [صلى الله عليه وسلم] إلى البيئة من حوله ; فيتقرر فيها بعمق وقوة واندفاع , يطرد به أزمانا طويلة في حياة الأمة المسلمة.
لقد كان ميلادا جديدا للبشرية كميلاد الإنسان في طبيعته.
وأعظم منه خطرا في قيمته. . أن ينطلق الإنسان حقيقة - شعورا وواقعا - من كل القيم المتعارف عليها في الأرض , إلى قيم أخرى تتنزل له من السماء منفصلة منعزلة عن كل ما في الأرض من قيم وموازين وتصورات واعتبارات وملابسات عملية , وارتباطات واقعية ذات ضغط وثقل , ووشائج متلبسة باللحم والدم والأعصاب والمشاعر.
ثم أن تصبح القيم الجديدة مفهومة من الجميع , مسلما بها من الجميع. وأن يستحيل الأمر العظيم الذي احتاجت نفس محمد [صلى الله عليه وسلم] كي تبلغه إلى التنبيه والتوجيه , أن يستحيل هذا الأمر العظيم بديهية الضمير المسلم , وشريعة المجتمع المسلم , وحقيقة الحياة الأولى في المجتمع الإسلامي لآماد طويلة في حياة المسلمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
إننا لا نكاد ندرك حقيقة ذلك الميلاد الجديد. لأننا لا نتمثل في ضمائرنا حقيقة هذا الانطلاق من كل ما تنشئه أوضاع الأرض وارتباطاتها من قيم وموازين واعتبارات ساحقة الثقل إلى الحد الذي يخيل لبعض أصحاب المذاهب "التقدمية! " أن جانبا واحدا منها - هو الأوضاع الاقتصادية - هو الذي يقرر مصائر الناس وعقائدهم وفنونهم وآدابهم وقوانينهم وعرفهم وتصورهم للحياة! كما يقول أصحاب مذهب التفسير المادي للتاريخ في ضيق أفق , وفي جهالة طاغية بحقائق النفس وحقائق الحياة!
إنها المعجزة.
معجزة الميلاد الجديد للإنسان على يد الإسلام في ذلك الزمان. .
ومنذ ذلك الميلاد سادت القيم التي صاحبت ذلك الحادث الكوني العظيم. . ولكن المسألة لم تكن هينة ولا يسيرة في البيئة العربية , ولا في المسلمين أنفسهم. . غير أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] قد استطاع - بإرادة الله , وبتصرفاته هو وتوجيهاته المنبعثة من حرارة انفعاله بالتوجيه القرآني الثابت - أن يزرع هذه الحقيقة في الضمائر وفي الحياة ; وأن يحرسها ويرعاها , حتى تتأصل جذورها , وتمتد فروعها , وتظلل حياة الجماعة المسلمة قرونا طويلة. . على الرغم من جميع عوامل الانتكاس الأخرى. .
كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعد هذا الحادث يهش لابن أم مكتوم ويرعاه ; ويقول له كلما لقيه:" أهلا بمن عاتبني فيه ربي " وقد استخلفه مرتين بعد الهجرة على المدينة. .
ولكي يحطم موازين البيئة وقيمها المنبثقة من اعتبار الأرض ومواضعاتها , زوج بنت خالته زينب بنت جحش الأسدية , لمولاه زيد بن حارثة. ومسألة الزواج والمصاهرة مسألة حساسة شديدة الحساسية. وفي البيئة العربية بصفة خاصة.
وقبل ذلك حينما آخى بين المسلمين في أول الهجرة , جعل عمه حمزة ومولاه زيدا أخوين. وجعل خالد بن رويحة الخثعمي وبلال بن رباح أخوين!
وبعث زيدا أميرا في غزوة مؤتة , وجعله الأمير الأول , يليه جعفر بن أبي طالب , ثم عبد الله بن رواحة الأنصاري , على ثلاثة آلاف من المهاجرين والأنصار , فيهم خالد بن الوليد.
وخرج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بنفسه يشيعهم. . وهي الغزوة التي استشهد فيها الثلاثة رضي الله عنهم.
وكان آخر عمل من أعماله [صلى الله عليه وسلم] أن أمر أسامة بن زيد على جيش لغزو الروم , يضم كثرة من المهاجرين والأنصار , فيهم أبو بكر وعمر وزيراه , وصاحباه , والخليفتان بعده بإجماع المسلمين. وفيهم سعد بن أبي وقاص قريبه [صلى الله عليه وسلم] ومن أسبق قريش إلى الإسلام.
وقد تململ بعض الناس من إمارة أسامة وهو حدث. وفي ذلك قال ابن عمر رضي الله عنهما -:بعث رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بعثا أمر عليهم أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - فطعن بعض الناس في إمارته , فقال النبي [صلى الله عليه وسلم] إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل. وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة , وإن كان لمن أحب الناس إلي. وإن هذا لمن أحب الناس إلي. .
ولما لغطت ألسنة بشأن سلمان الفارسي , وتحدثوا عن الفارسية والعربية , بحكم إيحاءات القومية الضيقة , ضرب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ضربته الحاسمة في هذا الأمر فقال:" سلمان منا أهل البيت " فتجاوز به - بقيم السماء وميزانها - كل آفاق النسب الذي يستعزون به , وكل حدود القومية الضيقة التي يتحمسون لها. . وجعله من أهل البيت رأسا!
ولما وقع بين أبي ذر الغفاري وبلال بن رباح - رضي الله عنهما - ما أفلت معه لسان أبي ذر بكلمة "يا بن السوداء". . غضب لها رسول الله [صلى الله عليه وسلم] غضبا شديدا ; وألقاها في وجه أبي ذر عنيفة مخيفة: يا أبا ذر طف الصاع ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل. . ففرق في الأمر إلى جذوره البعيدة. . إما إسلام فهي قيم السماء وموازين السماء. وإما جاهلية فهي قيم الأرض وموازين الأرض!
ووصلت الكلمة النبوية بحرارتها إلى قلب أبي ذر الحساس ; فانفعل لها أشد الانفعال , ووضع جبهته على الأرض يقسم ألا يرفعها حتى يطأها بلال. تكفيرا عن قولته الكبيرة!
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان الميزان الذي ارتفع به بلال هو ميزان السماء. . عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:" يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام منفعة عندك. فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة ". فقال: ما عملت في الإسلم عملا أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهورا تاما في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي.
وكان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يقول عن عمار بن ياسر وقد استأذن عليه:" ائذنوا له مرحبا بالطيب المطيب ". . وقال عنه:" ملئ عمار - رضي الله عنه - إيمانا إلى مشاشه ". . وعن حذيفة - رضي الله عنه قال رسول الله [صلى الله عليه وسلم]:" إني لا أدري ما بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي - وأشار إلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما - واهتدوا بهدي عمار. وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه ".
وكان ابن مسعود يحسبه الغريب عن المدينة من أهل بيت رسول الله. . عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قدمت أنا وأخي من اليمن , فمكثنا حينا وما نرى ابن مسعود وأمه إلا من أهل بيت رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من كثرة دخولهم على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولزومهم له".
وجليبيب - وهو رجل من الموالي - كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] يخطب له بنفسه ليزوجه امرأة من الأنصار. فلما تأبى أبواها قالت هي: أتريدون أن تردوا على رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أمره ? إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه. فرضيا وزوجاها.
وقد افتقده رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في الوقعة التي استشهد فيها بعد فترة قصيرة من زواجه. . عن أبي برزة الأسلمي - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله [صلى الله عليه وسلم] في مغزى له , فأفاء الله عليه. فقال لأصحابه:" هل تفقدون من أحد ? " قالوا: نعم فلانا وفلانا وفلانا. ثم قال:" هل تفقدون من أحد ? " قالوا: نعم فلانا وفلانا وفلانا. ثم قال:" هل تفقدون من أحد ? " فقالوا: لا. قال:" لكني أفقد جليبيبا " فطلبوه , فوجدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه. فأتى النبي [صلى الله عليه وسلم] فوقف عليه , ثم قال:" قتل سبعة ثم قتلوه. هذا مني وأنا منه. هذا مني وأنا منه ". ثم وضعه على ساعديه , ليس له سريرا إلا ساعدا النبي [صلى الله عليه وسلم] قال: فحفر له , ووضع في قبره ولم يذكر غسلا.
بذلك التوجيه الإلهي وبهذا الهدي النبوي كان الميلاد للبشرية على هذا النحو الفريد. ونشأ المجتمع الرباني الذي يتلقى قيمه وموازينه من السماء , طليقا من قيود الأرض , بينما هو يعيش على الأرض. . وكانت هذه هي المعجزة الكبرى للإسلام. المعجزة التي لا تتحقق إلا بإرادة إله , وبعمل رسول. والتي تدل بذاتها على أن هذا الدين من عند الله , وأن الذي جاء به للناس رسول!
وكان من تدبير الله لهذا الأمر أن يليه بعد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] صاحبه الأول أبو بكر , وصاحبه الثاني عمر. . أقرب اثنين لإدراك طبيعة هذا الأمر , وأشد اثنين انطباعا بهدى رسول الله , وأعمق اثنين حبا لرسول الله , وحرصا على تتبع مواضع حبه ومواقع خطاه.
حفظ أبو بكر - رضي الله عنه - عن صاحبه [صلى الله عليه وسلم] ما أراده في أمر أسامة. فكان أول عمل له بعد توليه الخلافة هو إنفاذه بعث أسامة , على رأس الجيش الذي أعده رسول الله [صلى الله عليه وسلم] وسار يودعه بنفسه إلى ظاهر المدينة. أسامة راكب وأبو بكر الخليفة راجل. فيستحيي أسامة الفتى الحدث أن يركب والخليفة الشيخ يمشي. فيقول:" يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن ". . فيقسم الخليفة:" والله لا تنزل. ووالله لا أركب. وما علي أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعة ? ". .
ثم يرى أبو بكر أنه في حاجة إلى عمر. وقد حمل عبء الخلافة الثقيل. ولكن عمر إنما هو جندي في جيش أسامة. وأسامة هو الأمير. فلا بد من استئذانه فيه. فإذا الخليفة يقول:" إن رأيت أن تعينني بعمر فافعل ". . يالله! إن رأيت أن تعينني فافعل. . إنها آفاق عوال , لا يرقى إليها الناس إلا بإرادة الله , على يدي رسول من عند الله!
ثم تمضي عجلة الزمن فنرى عمر بن الخطاب خليفة يولي عمار بن ياسر على الكوفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقف بباب عمر سهيل بن عمرو بن الحارث بن هشام , وأبو سفيان بن حرب , وجماعة من كبراء قريش من الطلقاء! فيأذن قبلهم لصهيب وبلال. لأنهما كانا من السابقين إلى الإسلام ومن أهل بدر. فتورم أنف أبي سفيان , ويقول بانفعال الجاهلية:"لم أر كاليوم قط. يأذن لهؤلاء العبيد ويتركنا على بابه! ". . فيقول له صاحبه - وقد استقرت في حسه حقيقة الإسلام:"أيها القوم. إني والله أرى الذي في وجوهكم. إن كنتم غضابا فاغضبوا على أنفسكم. دعي القوم إلى الإسلام ودعيتم. فأسرعوا وأبطأتم. فكيف بكم إذا دعوا يوم القيامة وتركتم ? ".
ويفرض عمر لأسامة بن زيد أكبر مما يفرض لعبد الله بن عمر. حتى إذا سأله عبد الله عن سر ذلك قال له:"يا بني. كان زيد - رضي الله عنه - أحب إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من أبيك! وكان أسامة - رضي الله عنه - أحب إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] منك! فآثرت حب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] على حبي". . يقولها عمر وهو يعلم أن حب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] إنما كان مقوما بميزان السماء!
ويرسل عمر عمارا ليحاسب خالد بن الوليد - القائد المظفر صاحب النسب العريق - فيلببه بردائه. . ويروى أنه أوثقه بشال عمامته حتى ينتهي من حسابه فتظهر براءته فيفك وثاقه ويعممه بيده. . وخالد لا يرى في هذاكله بأسا. فإنما هو عمار صاحب رسول الله [صلى الله عليه وسلم] السابق إلى الإسلام الذي قال عنه رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ما قال!
وعمر هو الذي يقول عن أبي بكر - رضي الله عنهما - هو سيدنا وأعتق سيدنا. يعني بلالا. الذي كان مملوكا لأمية بن خلف. وكان يعذبه عذابا شديدا. حتى اشتراه منه أبو بكر وأعتقه. . وعنه يقول عمر بن الخطاب. . عن بلال. . سيدنا!
وعمر هو الذي قال:"ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته" يقول هذا , وهو لم يستخلف عثمان ولا عليا , ولا طلحة ولا الزبير. . إنما جعل الشورى في الستة بعده ولم يستخلف أحدا بذاته!
وعلي بن أبي طالب - كرم الله وجهه - يرسل عمارا والحسن بن علي - رضي الله عنهما - إلى أهل الكوفة يستنفرهم في الأمر الذي كان بينه وبين عائشة - رضي الله عنها - فيقول:"إني لأعلم أنها زوجة نبيكم [صلى الله عليه وسلم] في الدنيا والآخرة , ولكن الله ابتلاكم لتتبعوه أو تتبعوها". . فيسمع له الناس في شأن عائشة أم المؤمنين , وبنت الصديق أبي بكر - رضي الله عنهم جميعا.
وبلال بن رباح يرجوه أخوه في الإسلام أبو رويحة الخثعمي أن يتوسط له في الزواج من قوم من أهل اليمن. فيقول لهم:"أنا بلال بن رباح , وهذا أخي أبو رويحة , وهو امرؤ سوء في الخلق والدين. فإن شئتم أن تزوجوه فزوجوه , وإن شئتم أن تدعوا فدعوا ". . فلا يدلس عليهم , ولا يخفي من أمر أخيه شيئا , ولا يذكر أنه وسيط وينسى أنه مسؤول أمام الله فيما يقول. . فيطمئن القوم إلى هذا الصدق. . ويزوجون أخاه , وحسبهم - وهو العربي ذو النسب - أن يكون بلال المولى الحبشي وسيطه!
واستقرت تلك الحقيقة في المجتمع الإسلامي , وظلت مستقرة بعد ذلك آمادا طويلة على الرغم من عوامل الانتكاس الكثيرة. "وقد كان عبد الله بن عباس يذكر ويذكر معه مولاه عكرمة. وكان عبد الله ابن عمر يذكر ويذكر معه مولاه نافع. وأنس بن مالك ومعه مولاه ابن سيرين. وأبو هريرة ومعه مولاه عبد الرحمن بن هرمز. وفي البصرة كان الحسن البصري. وفي مكة كان مجاهد بن جبر , وعطاء بن رباح , وطاووس بن كيسان هم الفقهاء. وفي مصر تولى الفتيا يزيد بن أبي حبيب في أيام عمر بن عبد العزيز وهو مولى أسود من دنقلة ". .
وظل ميزان السماء يرجح بأهل التقوى ولو تجردوا من قيم الأرض كلها. . وفي اعتبار أنفسهم وفي اعتبار الناس من حولهم. ولم يرفع هذا الميزان من الأرض إلا قريبا جدا بعد أن طغت الجاهلية طغيانا شاملا في أنحاء الأرض جميعا. وأصبح الرجل يقوم برصيده من الدولارات في أمريكا زعيمة الدول الغربية. وأصبح الإنسان كله لا يساوي الآلة في المذهب المادي المسيطر في روسيا زعيمة الدول الشرقية. أما أرض المسلمين فقد سادت فيها الجاهلية الأولى , التي جاء الإسلام ليرفعها من وهدتها ; وانطلقت فيها نعرات كان الإسلام قد قضى عليها. وحطمت ذلك الميزان الإلهي وارتدت إلى قيم جاهلية زهيدة لا تمت بصلة إلى الإيمان والتقوى. .
ولم يعد هنالك إلا أمل يناط بالدعوة الإسلامية أن تنقذ البشرية كلها مرة أخرى من الجاهلية ; وأن يتحققعلى يديها ميلاد جديد للإنسان كالميلاد الذي شهدته أول مرة , والذي جاء ذلك الحادث الذي حكاه مطلع هذه السورة ليعلنه في تلك الآيات القليلة الحاسمة العظيمة. .
ـ[تسنيم]ــــــــ[09 Apr 2009, 11:32 م]ـ
شكر الله لكم وللشيخ إبراهيم
هذه الآية تسلية لكل داعية
ولو أطاع الناس كل من دعاهم مابقي على الأرض فاسق ولا كافر ...
إذن إين سنة المدافعة هذه تالله الجنة .. !!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[10 Apr 2009, 10:59 م]ـ
السلام عليكم
هذه الآيات من سورة عبس قالت " ومايدريك لعله يزكى " إذن فمن مهام الرسول أن يُزكى الناس؛ وليس أن البلاغ هو مهمته الوحيدة.
فهل هذا يُزكى والآخر لا يُزكى؛ ولماذا؟
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[11 Apr 2009, 12:29 ص]ـ
السلام عليكم
هذه الآيات من سورة عبس قالت " ومايدريك لعله يزكى " إذن فمن مهام الرسول أن يُزكى الناس؛ وليس أن البلاغ هو مهمته الوحيدة.
فهل هذا يُزكى والآخر لا يُزكى؛ ولماذا؟
نعم إن من مهام النبي صلى الله عليه وسلم أن يزكي الناس، قال تعالى:
(كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) سورة البقرة (151)
(لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) سورة آل عمران (164)
(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) سورة الجمعة (2)
فالرسول صلى الله عليه وسلم يزكي من كان قابلا للتزكية وهم المؤمنون.
أما المستكبر المستغني بما عنده من الباطل فهذا لا يقدر أن يزكيه النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن في مقدوره أن يدعوه فإن قبل الحق كان إذن قابلا للتزكية، وأما إن أعرض واستكبر فلا على النبي صلى الله عليه وسلم من إعراضه وكفره من تبعه.
وهذا هو معنى الآيات من أول سورة " عبس".
هذا والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[12 Apr 2009, 12:40 ص]ـ
السلام عليكم
نعم
من جاء يسعى لابد وأنه آمن ويريد التزكية؛
ولكن الآخر هل به أو فى فعله مايدل على كونه غير قابل للتزكية،
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[12 Apr 2009, 01:36 م]ـ
السلام عليكم
نعم
من جاء يسعى لابد وأنه آمن ويريد التزكية؛
ولكن الآخر هل به أو فى فعله مايدل على كونه غير قابل للتزكية،
نعم يا أخانا مصطفى، تأمل قول الله تعالى عن المؤمن:
(وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9)) فمجيئه إلى النبي وخشيته تدل على إرادته للهداية والتزكية.
وأما الآخر فقال عنه:
"أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى " فهذه مقابل قوله "وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى"، والمعنى أنه لم يسع إليك بل استغنى عنك وهذا من باب الاستكبار.
ولا شك أن الكبر مانع من قبول التزكية.
فكيف تريد أن تزكي من لا يريد التزكية؟
فالكلام واضح ولله الحمد.(/)
الشهيد ..... والقتيل ... نظرة تأمل تحتاج إلى المزيد
ـ[أبو المهند]ــــــــ[03 Jan 2009, 08:54 م]ـ
مما لا شك فيه أن الاختلاف في الأمور العلمية يثري ويثمِّر ما لدينا من فكر لذا كان الاختلاف العلمي النزيه من أفضل أبواب مدارسة العلم ومسامرة العلماء.
أقول هذا بمناسبة ما يقع الآن في غزة إذ من الأفاضل من يصف شهداء غزة بالقتلى ـ هكذا بدون قيد ـ وله مستنده من خلال القرآن الكريم حيث قال الله تعالى:
{وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ} {البقرة154} ففي الآية قال يقتل ولم يقل يستشهد.
وفي الآية الثانية {وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} {آل عمران157} ولم يقل استشهدتم.
وفي الثالثة {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} {آل عمران169} قتلوا لا استشهدوا.
وفي الرابعة: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} {النساء74} فيقتل لا فيستشهد.
وفي الخامسة: {إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} {التوبة111} ويُقتلون لا " ويستشهدون" ـ إن صح التعبيرـ
وفي السادسة: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} {الحج58} ولم يقل ثم نالوا الشهادة.
وفي السابعة: { ... وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} {محمد4} قال: قتلوا فحسب دون غيرها.
وفي الثامنة: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} {آل عمران195} وقتلوا .... دون غيرها.
قلت وبالله التوفيق:
ـ هل وُرود مادة " قتل" ـ كما نصت الآيات السالفة ـ ووقوعها في حق من قاتل في سبيل الله فقُتل يسوِّغ لنا أن نُطلق عليه وصف " قتيل " هكذا مجردة فنقول في أخبارنا وإخبارنا " قَتْل فلان ... " أو سقوط فلان ضمن القتلى" أو قُتِل .... ؟
سؤال يستحق التأمل، وبالتأمل بان لي الآتي:
أولا: كل الآيات التى سبق ذكرها قيدت القتل بأنه في سبيل الله وهذا يعني الشهادة.
ثانياً: القيد بكونه في سبيل الله قيد معتبر فلابد من مراعاته.
ثالثاً: إطلاق الشهيد على من قتل في سبيل الله إطلاق شرعي يظهر ذلك من خلال القرآن وما ثبت على لسان من اختصه ربه بالبيان ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ونص القرآن الكريم:
{وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً} {النساء69}
وقال تعالى: {وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} {الزمر69}
وقال سبحانه {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} {الحديد19}
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الرسعني: الشهيد سمي شهيدا لأن الله شهد له بالجنة، أو لأن ملائكة الرحمة تشهده، أو لقيامه بشهادة الحق حتى قتل، أو لأنه يشهد ما أعده الله له من الكرامة في دار المقامة " {الرسعني 1/ 555} وانظر المحرر الوجيز.
قال الآلوسي نقلا عن الراغب: فالمنازل أربعة بعضها دون بعض: الأول: منازل الأنبياء وهم الذين تمدهم قوة إلهية وتصحبهم نفس في أعلى مراتب القدسية ومثلهم كمن يرى الشيء عياناً من قريب، ولذلك قال تعالى في صفة نبينا صلى الله عليه وسلم: {أفتمارونه على مَا يرى} [النجم: 12] والثاني: منازل الصديقين وهم الذين يتأخرون على الأنبياء عليهم السلام في المعرفة، ومثلهم كمن يرى الشيء عياناً من بعيد، وإياه عنى علي كرم الله تعالى وجهه حيث قيل له: هل رأيت الله تعالى؟ فقال: ما كنت لأعبد رباً لم أره، ثم قال: لم تره العيون بشواهد العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان.
والثالث: منازل الشهداء وهم الذين يعرفون الشيء بالبراهين، ومثلهم كمن يرى الشيء في المرآة من مكان قريب كحال من قال: كأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً، وإياه قصد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: " أعبد الله تعالى كأنك تراه ".
والرابع: منازل الصالحين وهم الذين يعلمون الشيء بالتقليد الجازم، ومثلهم كمن يرى الشيء من بعيد في مرآة وإياه قصد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: " فإن لم تكن تراه فإنه يراك " قال الآلوسي قاله الراغب ونقله الطيبي وغيره.
ونص السنة:
"عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِيقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّه" رواه البخاري ومسلم.
وعند مسلم" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ"
وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ صَادِقًا بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ" {رواه أبو داود}
" وعن مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أ َنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ: مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ فَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ الْقَتْلَ مِنْ نَفْسِهِ صَادِقًا ثُمَّ مَاتَ أَوْ قُتِلَ فَإِنَّ لَهُ أَجْرَ شَهِيدٍ زَادَ ابْنُ الْمُصَفَّى مِنْ هُنَا وَمَنْ جُرِحَ جُرْحًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ نُكِبَ نَكْبَةً فَإِنَّهَا تَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَغْزَرِ مَا كَانَتْ لَوْنُهَا لَوْنُ الزَّعْفَرَانِ وَرِيحُهَا رِيحُ الْمِسْكِ وَمَنْ خَرَجَ بِهِ خُرَاجٌ فِي سَبِيلِ اللَّهَ فَإِنَّ عَلَيْهِ طَابَعَ الشُّهَدَاءِ" رواه أبو داود.
والسنة النبوية المطهرة ثرية في هذا المقام و في غيره.
وعلى هذا أرى ـ والله أعلم ـ وجوب الالتزام بواحدة من الصيغتين الآتيتين:
ـ إما أن نقيد القتل بأنه "في سبيل الله" فنقول " قتل فلان في سبيل الله " كما وردت الأدلة السالفة من القرآن والسنة واعتبار ما اعتبره القرآن من قيد كذا السنة.
ـ وإما أن نقول: {استشهد فلان} بناء على الآيات والأحاديث.
ولا أرى قبولا لذكر الوصف بالقتل مجرداً لمن قتل في سبيل الله.
إذ يطلق القتل مجردا على كل مقتول ولو كان كافرا أو سارقا أو قاطع طريق أما " في سبيل الله "أو " شهيد " فلا تطلق إلا على من اختصه الدليل.
والموضوع يحتاج إلى مزيد درس وبيان.
فمرحبا بمداخلات الأحبة إذ المرء قليل بنفسه كثير بإخوانه.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[03 Jan 2009, 10:26 م]ـ
د. خضر حفظه الله
بارك الله فيك على هذا الطرح الطيب.
العبرة بمقاصد المتكلم، وهذا لا يمنع من التذكير الدائم. فهناك من يقول مات شهيداً فلا يفرق بين الموت في سبيل الله والقتل في سبيل الله. وهناك من يقول قتل لأنه لا يريد أن يشهد للشهيد بالشهادة لعلمه بدلالة هذه اللفظة وتأثيرها في نفوس الناس، وهذا يعني أن هناك سوء نية. وهناك من يقولها وهو لا يقصد أن يبخس الناس وهذا لا تثريب عليه. ومعلوم أننا نشهد على ضوء الظاهر من حال من يقتل، ومن حق من قتل في سبيل الله أن نكرمه بهذه الشهادة.
ـ[محمد الصاعدي]ــــــــ[04 Jan 2009, 11:58 م]ـ
بوب الإمام البخاري رحمه الله (باب لايقال فلان شهيد) وساق حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ..... الله أعلم بمن يجاهد في سبيله ... الله اعلم بمن يكلم في سبيله.
قال ابن حجر رحمه الله: لا يقال:فلان شهيد على سبيل القطع.
وقد قسّم الإمام النووي رحمه الله الشهداء إلى ثلاثة أقسام:
1ـ شهيد في الدنيا: وهومن يقاتل رياء وسمعه فنجري عليه أحكام الشهداء في الدنيا فلايغسل ولايكفن ... وفي الآخرة ليس له ثواب الشهداء.
2ـ شهيد في الآخرة فقط فله أجر الشهداء ولكنه في الدنيا يغسل ويكفن .. كالمبطون والمطعون والهدمى ...
3 ـ شهيد في الدنيا والآخرة وهو من قاتل في سبيل الله. (بتصرف من شرح النووي على مسلم).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[05 Jan 2009, 11:35 ص]ـ
QUOTE= محمد الصاعدي;68866] باب لا يقال فلان شهيد ... وقول ابن حجر: أي: على سبيل القطع.
جزاكم الله خيرا يا أخانا الفاضل محمد على الإفادة والتفضل بإثبات هذا التقسيم.
ولكن من ذا الذي يجتريء على الله فيقطع بشيء لا يعلمه؟؟
إن الدخول في القطع هو هو عين التدخل في الغيب، والله تعالى يقول: {قُل لا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ} {النمل65}
إذن فالقضية تنحصر في دائرة الحكم باستشهاد من نخبر عنه من المجاهدين في سبيل الله.
هذا الحكم يدور ـ قطعا ـ في فلك علم البشر الذي لا يتعدى الحسبان والظن بالمؤمنين بعد استقراء حال الشهيد.
هذه مسلمة.
أما الذي بسببه سطرنا ولأجله كتبنا فهو إطلاق لفظ {ميت أو مقتول مجردا} على أمثال من نحسبه شهيداً.
والاستقراء السالف يؤكد انحصار وصفه في واحد من اثنين:
الأول: مقتل فلان في سبيل الله الثاني: استشهاد علان
إذ هذه حقيقة ذكرها القرآن ونطقت بها السنة المطهرة.
ويسعدني ذكر ما يؤكد ما تم تحريره أو يعارضه.
والشكر موصول ـ أيضاً ـ لـ "أبو عمروالبيراوي" وفقه الله.(/)
كم عدد الآيات التي تحدثت عن المنافقين؟؟؟؟؟
ـ[نادرةالوجود]ــــــــ[03 Jan 2009, 11:09 م]ـ
اريد من الاخوة الافاضل ان يفيدونني بعدد الآيات التي تحدثت عن المنافقين في القرآن الكريم (فقط اريد عدد الايات)
وان كان هناك من مرجع يتحدث عن المنافقين في القران والمنافقين في السنة والاحاديث التي تكلمت عن صفات المنافقين في السنة
وان كان ااحد المشائخ الفضلاء من هذا المنتدى زودني بمرجعين لكن اريد زياده للبحث المطلوب
حفظكم البااااااااااااااااااااري
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[04 Jan 2009, 11:47 ص]ـ
من كتاب المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم لمحمد فؤاد عبد الباقي وبحسب ورود كلمة المنافقين ومشتقاتها في القرآن:
كلمة المنافقون وردت 8 مرات
كلمة المنافقين وردت 19 مرة
كلمة المنافقات وردت 5 مرات
نافقوا وردت مرتين
النفاق مرة واحدة
نفاقاً وردت مرتين
أرجو أن تكون هذه المعلومات فيها الفائدة لك
ـ[نادرةالوجود]ــــــــ[05 Jan 2009, 06:57 ص]ـ
جزيتي خيرا اختي الغااااااااالية سمر على افادتك لي
جعلك الله من خيرة عباده
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[05 Jan 2009, 02:47 م]ـ
وجزاك خيراً مثله وشكراً لك أن فتحت لي باباً للمعرفة والمساعدة.(/)
في ظلال قوله تعالى " {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} {القمر45}
ـ[أبو المهند]ــــــــ[04 Jan 2009, 02:42 ص]ـ
{قُلْ صَدَقَ اللّهُ .... } {آل عمران95}
{ .... وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً} {النساء87}
{ ...... وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً} {النساء122}
ليلة الأحد جمعت أخبار يهود علينا ما جمعت حيث الهجوم على غزة العزة، الهجوم البري بأحدث الأسلحة البشرة على قوم سلاحهم لا إله إلا الله ـ وأنعم به من سلاح بتار، إذ هو مستطاع القوم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
في هذه الأثناء حدثني قلبي بقوله تعالى " سيهزم الجمع ويولون الدبر"، فشرعت باحثا ومنقبا وكاتباً في ظلال هذه الآية الكريمة كلون من الوان التضامن ولو بالوقت مع أهلنا في غزة الصابرة.
أقول وبالله التوفيق:
قال تعالى: " سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ" {القمر 45}
لما بين الله تعالى عاقبة المكذبين ومنهم فرعون وزبانيته الذين أبادهم ولم يُبق منهم مخبرًا ولا عينًا ولا أثرًا حيث قال تعالى {وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42)
عقب ذلك سبحانه باستفهام إنكاري توبيخي موجه إلى أهل مكة فقال تعالى:" أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44) أي: أَكُفَّارُكُمْ أيها المشركون من كفار قريش {خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ} الذين تقدم ذكرهم كفرعون ومن قبله ممن أهلكوا بسبب تكذيبهم الرسل، وكفرهم بالكتب: أأنتم خير أم أولئك؟
{أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ} أي: أم معكم من الله براءة ألا ينالكم عذاب ولا نكال؟!!!.
أم تعتقدون يا معشر الكفار في كل زمان ومكان أن أمركم منتصر من الأعداء وأن جمعكم يصد عنكم من أراد إذلالكم بما قدمت أيديكم؟!! أتقولون ذلك على سبيل الإعجاب بأنفسكم؟!!!!
ثم عقب ذلك بنتيجة تحكي ما نظنه ـ بل ما نتيقنه ـ من نصر الله لجنده ـ إن شاء سبحانه ـ في غزة وفي كل أرض للإسلام تحارب قوى الكفر والطغيان ـ وهو هو رد على المعجبين بأنفسهم وبأمريكا وقوى الكفر {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ} بأيسر أمر من أي هازم {وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} سيتفرق شملهم ويغلبون.
قال ابن عاشور: {سيهزم الجمع} جواب عن قولهم: {نحن جميع منتصر} فلذلك لم تعطف الجملة على التي قبلها. وهذا بشارة لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم بالنصر ـ وهو يعلم أن الله منجز وعده ولا يَزيد ذلك الكافرين إلا غروراً فلا يعيروه جانب اهتمامهم وأخذ العدة لمقاومته كما قال تعالى في نحو ذلك: {ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمراً كان مفعولاً} [الأنفال: 44]. وهي بشارة لأهل غزة ولكل مجاهد في سبييل الله
وقد ثبت في «الصحيح» أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما خرج لصف القتال يوم بدر تلا هذه الآية قبل القتال، إيماء إلى تحقيق وعد الله بعذابهم في الدنيا.
وقد قضت سنة الله ـ تعالى ـ بنصر الموحدين الصادقين ـ مهما تنكّر الناس للحق ـ وخذلان المشركين والملحدين والمعتدين: ولنقرأ ما تيسر من كتاب ربنا تأييدا لذلك:
قال تعالى:
{قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} {آل عمران12}
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} {الأنفال36}
{ ...... كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} {البقرة249}
{فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} {النساء74}
{فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ} {الأعراف119}
(يُتْبَعُ)
(/)
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} {الأنفال65}
{الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} {الأنفال66}
{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} {المجادلة21}
{وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} {المائدة56}
{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} {القصص35}
{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ {171} إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ {172} وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ {173} {الصافات}
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} {غافر51}
{ولَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ {114} وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ {115} وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ {116} وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ {117} وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ {118} وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ {119} {الصافات}
{نتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {3} إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ {4} وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ {5} وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ {6} {القصص}
روى البخاري: ... عن عكرمة، عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال -وهو في قبة له يوم بدر-: "أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تُعبد بعد اليوم أبدا". فأخذ أبو بكر، رضي الله عنه، بيده وقال: حسبك يا رسول الله! ألححت على ربك. فخرج وهو يثب في الدرع وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ. بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}.
وكذا رواه البخاري والنسائي في غير موضع، من حديث خالد مِهْران
وقال ابن أبي حاتم: ... عن عكرمة، قال: لما نزلت {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} قال: قال عمر: أيّ جمَع يهزم؟ أيّ جَمْع غلب؟ قال عمر: فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يثب في الدرع، وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} فعرفت تأويلها يومئذ.
قال سعيد بن المسيب: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لما نزلت: "سيهزم الجمع ويولون الدبر" كنت لا أدري أي جمع يهزم، فلما كان يوم بدر رأيت النبي ـ صلى الله عليه ـ يثب في درعه ويقول: "سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم" جميعًا
قال الآلوسي:" {سَيُهْزَمُ الجمع} وقد كان هذا يوم بدر وهو من دلائل النبوة لأن الآية مكية، وقد نزلت حيث لم يفرض جهاد ولا كان قتال ولذا قال عمر ـ رضي الله تعالى عنه ـ: يوم نزلت أيُّ جمع يهزم أيّ من جموع الكفار؟ ولم يتعرض لقتال أحد منهم؟
قال أبو حيان:" هذا وعد من الله ـ تعالى ـ لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهزيمة جمع قريش. قلت: وإسرائيل ومن ناصرهم.
والجمهور: على أنها مكية، وتلاها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مستشهداً بها. وقيل: نزلت يوم بدر "
" بَلِ الساعة مَوْعِدُهُمْ والساعة أدهى وأمر" أي: ليس هذا تمام عقوبتهم بل الساعة موعد عذابهم وما هذا العذاب إلا بدايات والساعة أعظم داهيةً وأشدُّ مرارةً وأفظع مما نالهم إذ هي الرزية العظمى التي تنتظرهم فـ "أدهى" أفعل تفضيل من الداهية وهي أمر هائل لا يهتدي لدوائه. وهذه بشرى للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد تحقق وهي هي بشرى يسوقها القرآن لأهل عزة الصابرة بالنصر على أهل الطغيان اليهود والأمريكان وأذيالهما.
وفي النهاية نردد ما قاله عبد المطلب يوم أن قل النصير الذي يمنع الكعبة من أبرهة الأشرم:
لاهم إن العبد يمـ نع رحله فامنع رحالك
وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك
لا يغلبن صليبهم ومحالهم غدوا محالك
إن كنت تاركهم وما فعلوا فأمر ما بدا لك
اللهم انصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك يارب العالمين.
أبها الساعة الثانية والنصف ليلة دخول الخنازير برا إلى غزة العزة
مفتتح يوم الأحد 8/ 1/1430هـ 4/ 1/2009م
والله ولي التوفيق
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[04 Jan 2009, 03:25 ص]ـ
اللهم انصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك يارب العالمين.
آمين .. آمين .. آمين ..(/)
أحداث غزَّة وبشائر وهدايات القرآن العظيم .. دعوةٌ لأساتذتنا ومشايخنا الأفضال
ـ[أم حمزة]ــــــــ[04 Jan 2009, 12:51 م]ـ
بسمِ اللهِ والحمدُ لله
وصلى اللهُ وسَلَّمَ وباركَ على النبي المُصطفى، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومن والاه وبأثرِهِ اقتفى
السَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
********
أساتذتنا ومشايخنا الأفضال - أحسن الله العظيم إليكم -.
لاشكَّ أن الكرب وأن الأزمةَ التي يمرّ بها المسلمون الآن في العالم أجمع، بمصابهم في غزَّة، ثم مصابهم في تبلد الموقف العربي لا تخفى على أحد
وسُبحان الله .. يتجه الكثير نحو التحليلات السياسية والحوارات الجدلية ليستبين منها معالم الطريق .. بينما هو بين يديه كل النور والهدى .. وخير مَعين وخير رشاد .. القرآن العظيم.
وبالطبع لا أقصد ذم التحليلات السياسية وما إلى ذلك .. لكن الذي أود فعلاً أن أدعوَ إليه من خلال هذا الملتقى المبارك .. ملتقى أهل التفسير .. أن تكون هناك - من خلالكم أهل التفسير - رؤية تفصيلية لما يحدث الآن في غزة، من منطلق آيات القرآن العظيم .. الواقع والحل والمخرج والعلاج ... وتوظيف هذه الأحداث في ربط الناس بكتاب الله تبارك وتعالى أكثر وأكثر .. وبيان أن المخرج من كل هذه الأزمات هو كتاب الله تعالى .. وأن الحل والمخرج ليس إلا في كتاب الله تعالى والعمل بما فيه .. وإمكانية كل أحد أن يجاهد وينصر دين الله تبارك وتعالى من خلال موقعه الذي مكَّنَهُ الله فيه .. حتى يأذن الله بالجهاد الأكبر وبالنصر.
ربما لا أملك من البيان ما يمكنني من التفصيل بشكل أوضح من ذلك .. لكن الذي أتمناه حقًا أن يكون لكل مسلم ولكل مسلمة تصور واضح وقويّ لما يحدث ويقين عميق في أسباب النصر والهزيمة وما يحدث في الواقع من خلال القرآن العظيم .. وأن نقرب الناس من كتاب ربهم تبارك وتعالى أكثر .. لعلهم يوقنون أنه هو الدواء .. وهو المخرج .. وهو السبيل ..
وأذكر أنني كنتُ قبلاً أجد ثقلاً وصعوبةً سبحان الله أثناء قراءة القرآن في قراءة سورة التوبة .. سبحان الله وكأن قلبي حجر! لم أكن أشعر بأي شيء لدى تلاوتها، حتى مَنَّ اللهُ عليَّ بفضله سبحانه .. واقتربت من القرآن العظيم بفضله سبحانه .. وبدأت أقرأ في التفاسير وأسمع وأقرأ الدروس المستفادة من سورة التوبة .. ولاسيما مع أحداث كثيرة سبقت مرت بها الأمة لم يكن لي فيها زاد إلا سورة التوبة .. سبحان الله أصبحت أقرأها بشكل مختلف تمامًا عن ذي قبل .. سبحان الملك .. الحمدُ لله رب العالمين الذي بنعمته تتمّ الصَّالحات ..
لذا فأرجو منكم مشايخنا الأفضال أنتُعلِّمونا و ترسموا لنا منهجًا وتصوُّرًا وعِلاجًا من خلال القرآن العظيم ..
وجزاكُم ُ الله عنا خيرًا
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Jan 2009, 01:56 م]ـ
الحمد لله رب العالمين
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
إن إخوننا الأشاوس في فلسطين كلها، وفي غزة اليوم من جميع فصائل المقاومة لتضرب أكبر مثل يصدق عليه معنى هذه الآية، فتأمل لو كان مثل هذا الاجتياح والقتل والتدمير قبل عشرين سنة؟، هل سترى مثل هذه الوجوه الطاهرة ـ إن شاء الله ـ التي تخرج أما المشاهدين في شاشات التلفاز ولا همَّ لها في لحظاتها الحرجة، بل في لحظاتها الأخيرة سوى ذكر الله؟!
الحمد لله، والله إنها لنعمة كبيرة نستبشر بها نحن المسلمين، ونطمئن على إخواننا، ونظن ـ إن شاء الله ـ أن الله وفقهم لنصر قريب، وهاهم يجنون ثمار جهادهم باقتطاف إحدى الحسننيين (الشهادة)، ونسأل الله أن يُقرَ أعيننا وأعينهم بالنصر المؤزَّر الذي تجتمع فيه كلمتهم كما اجتمعت مقاومتهم.
والحديث ذو شجون، ولعل الله أن ييسر لنا ولهم الخير والتوفيق.
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[04 Jan 2009, 02:38 م]ـ
هناك آيات كثيرة تلوح للناظر في هذه الأحداث ومن ذلك ما أخبرنا الله به في سورة القتال, لكنها تحتاج منا إلى تأمل وتفكر
قال تعالى:
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/50649609e1c333c1.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/50649609e1c579db.jpg
أسأل الله أن يلطف بإخواننا في غزة وينصرهم نصرا مؤزرا, وأن يهلك عدوهم
ـ[مرهف]ــــــــ[04 Jan 2009, 09:29 م]ـ
لقد خلد الله تعالى في القرآن في سورتين كاملتين ملحمتين عظيمتين لها ارتباطات مباشرة بما يحصل في غزة العزة اليوم ألا وهما سوة الأحزاب وسورة الفتح، وأدعوكم لقراءتهما بتمعن في جلسة واحدة وستلوح لكم بشائر النصر بإذن الله، ونحسب أن المجاهدين في غزة اليوم قد أعدوا ما استطاعوا من قوة لمعركتهم وخاصة القوة الإيمانية وارتباطهم بالله تعالى وحبهم لقاء الله على أحسن حال فلله درهم نسأل الله أن ينزل عليهم السكينة والتمكين وأن يلهمهم الرشد والصبر.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[05 Jan 2009, 07:13 ص]ـ
أما أنا، فوالله ما سرى إليّ الفأل في اجتياح من الاجتياحات السابقة مثل ما سرى إليّ هذه المرة، وقد أشر د. مساعد إلى شيء من ذلك، ومن ذلك:
1 ـ تمحص القضية ووضوحها للأكثرين، ولم يبق فيها غبش ولا عشى إلا على من طمس الله بصيرته من المنافقين، والحاقدين.
2 ـ هذا الخير العظيم الذي حصل بتفاعل المسلمين في أنحاء العالم مع هذا الحدث في مشهد لم أر له مثيلاً في حياتي.
3 ـ هذا الثبات الذي منحه الله الإخوة المرابطين في غزة العز، ولقد سمعتُ من الرجال والنساء كلمات تدمع لها العين، ويقف لها الإنسان إجلالا وإكباراً.
في عبر ومبشرات أخرى كثيرة، نسال الله تعالى لهم العز والنصر والتمكين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[05 Jan 2009, 12:05 م]ـ
القضية أراها من وجهتين:
الأولى: وعد الله بالنصر.
ووعد الله بالنصر للمؤمنين الموحدين الذين استكموا شروط الجندية تحت لواء القرآن لا يتخلف أبداً.
يقول الشيخ الشعراوي ـ رحمه الله ـ يوم أن تصدق علينا كلمة " جندنا " في قوله تعالى: {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} الصافات173 فإن الله ناصرنا لا محاله.
قال تعالى:
{قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} {آل عمران12}
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} {الأنفال36}
{ ...... كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} {البقرة249}
{فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} {النساء74}
{فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ} {الأعراف119}
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} {الأنفال65}
{الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} {الأنفال66}
{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} {المجادلة21}
{وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} {المائدة56}
{قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَاناً فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ} {القصص35}
{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ {171} إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ {172} وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ {173} {الصافات}
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} {غافر51}
{ولَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ {114} وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ {115} وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ {116} وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ {117} وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ {118} وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ {119} {الصافات}
{نتْلُوا عَلَيْكَ مِن نَّبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ {3} إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ {4} وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ {5} وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ {6} {القصص}
الوجهة الثانية: العلماء والأمراء.
يوم أن يكون علم العلماء لله ـ وضع خطوطا بألوان الطيف كله تحت كلمة لله ـ يوم أن يُصلح الأمراء.
ويوم أن يصلح الأمراء يجري الله على أيديهم ما به يكون النصر وصلاح العباد والبلاد.
وعندما أصبحت ترسانات الأسلحة موجهة إلى الصديق والأخ ذهب ريحنا وأصبحت جنديتنا ليست لله ومن هنا حلت الهزيمة وكممت الأفواه وخف الوزن، وأمطرت السماء ذلا وصغاراًعلى ديار المسلمين فكان ما نعيشه الآن مما يعجز عنه الوصف والكلام.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[05 Jan 2009, 07:15 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أعجبُ ما استوقفني في الأحداث الدامية الأليمة المبشرةِ في غزةَ أمران , وما أكثر أعاجيبها:
1 - كنا نقرأ في السيرِ والنصوص الشرعية محبةَ بعض عباد الله للموت , ومسارعتهم إليه , وصدق يقينهم بالله وخوضهم المخاطر والمهالك التي يستيقنون أنها تفضي إلى الردى , فلا يتردد لهم عزم , ولا تخور لهم قوة , ولا يضعف لهم إصرار , واليومَ جسدت لنا عجائزُ غزةَ هذا التاريخَ المسطورَ على أوراق التاريخ , وأعدنَ حياة ذلك الرعيل لنكتبها نحن لمن يخلفنا في الأرض , فلئن نسيتُ فما أنا بناسٍ أذان شباب غزة على أنقاض المساجد والبيوت , وهم يستمطرون بذلك طائرات الصهيوني المحملة بأطنان القنابل , وما أنا بناسٍ أطفال غزة المصطفين على المخابز , ولم تحرك البارجات والمقاتلات شعرةً من أجسادهم , وما أنا بناسٍ تلك العجوزَ المعمَّرة التي كانت الطائراتُ تحومُ فوق سقفها وهي تصرخُ بأعلى صوتها قائلةً:
(سنموت هنا في غزة ونرويها بدمائنا , ولن نندمَ , هنا سنبقى ولا نريد إعانةً ولا مؤازرةً من أحد , فمعنا الله والملائكة , وليدخل اليهود إلينا راجلين ويروا ما نحن صانعون , سأرميهم بحذائي والحجارة وأسطوانة الغاز , وبكل ما أجد , المهم أن لا أموت مستسلمة ولا خاضعةص ولا ذليلة)
يا همةً بلغتْ نحو السماء بها ... تبارك اللهُ ماذا تبلغُ الهممُ
2 - من خلال نقل وسائل الإعلامِ للمظاهرات والاستنكارات والحشود في أصقاع العالم الإسلامي , استشعرتُ أن الله عز وجل يخاطبُ أهل غزة , بما خاطب به رسوله صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرنا حين أوحى إليه منَّتهُ عليه بتآلف قلوب المؤمنين وجمعها على محبة نصرته ,فقال (وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وكأن الخطاب اليومَ يرجع إلى أهل غزة وقد خذلتهم المنظمات العالمية ومؤسسات حقوق الإنسان وغيرها , وحيل بينهم وبين من يتمنون مناصرتهم ولو بالأرواح , ليقول لهم , لئن حالت المنظماتُ بينكم وبين ما تشتهون وما يشتهي مناصروكم , فوالله لو اجتمع من بأقطارها ما استطاعوا أجمعون الحيلولة بينكم وبين هذه القلوب المتألمة لكم والأكباد المحترقة عليكم والنفوس التواقة لنصركم , لأنَّ الله هو الذي ألف بين قلب الماليزي والتركي والسنغالي والبرازيلي والموريتاني والصيني وغيرهم , رغم تباعد القارات.
فبالله أي رابطةٍ هذه التي استطاعت توحيد هذه المشاعر مع اختلاف الألسن والثقافات والبلدان والألوان؟
ـ[مرهف]ــــــــ[05 Jan 2009, 08:25 م]ـ
فما رأيك لو علمت أن الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى اعتبر أن هذه المظاهرات غوغائية وفوضى
http://www.arabianbusiness.com/arabic/542537
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[06 Jan 2009, 12:15 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كل منا يؤخذ من كلامه ويرد إلا المعصوم عليه الصلاة والسلام.
ولله در القائل:
كل كلام منه ذو قبول ******* ومنه مردود سوى الرسول.
وآخر:
قد مات كل نبي ******* ومات كل نبيه
ومات كل لبيب ******* وعالم وفقيه
لا يوحشنك طريق ******* كل الخلائق فيه.
ـ[أبو المنذر]ــــــــ[07 Jan 2009, 10:29 م]ـ
انا وكثيرون أمثالي يتعجبون وان شئت لا يكادون يستوعبون لم تعد المظاهرات من
البدع واذا كنا نعد البدعة تدخل في العبادات التي يراد منها التقرب إلى الله عزشأنه
فلم تدخل المظاهرات في مسمى البدعة وهي تعبير عن استياء من موقف من المواقف
وإرادة توصيل الصوت الجماعي لأناس لا يفهمون غير هذه اللغة ولا يقصد منها
التعبد المحض وإنما هي من باب الوسائل ليس إلا، وكم شحذت هذه المظاهرات من
همم المجاهدين وقوت من عزائمهم بل ومن عزائم أهالي الشهداء وشعروا ان الأمة
من خلفهم يشدون من أزرهم " اللهم عفوك "
ـ[مرهف]ــــــــ[08 Jan 2009, 12:40 ص]ـ
ليت كلام الشيخ اقتصر على التحريم وسرد الأدلة ولكنه وصف المتظاهرين بالغوغائيين والفوضويين أي إن الملايين التي خرجت مساندة بما فيهم العلماء والأطباء والمهندسين والقادات و ... و ... كلهم برأي الشيخ ضالون تائهون - وهذا ما تعنيه الغوغائية - فوضويون هل هذه فتوى أم مسبة.
ـ[عبد الله العمر]ــــــــ[08 Jan 2009, 10:45 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية لحوم العلماء مسمومة ولو اقتصرت أخي المرهف بذكر الخبر دون تسميت الشيخ لكان أفضل وأحسن.
ثانياً هذا رأي الشيخ حفظه الله والمرأ خطاء ومصيب.
ـ[مرهف]ــــــــ[09 Jan 2009, 07:06 م]ـ
الأخ الكريم عبد الله:
حبذا لو وزنت ما تفضلت به بميزان الشرع قبل أن تكتبه فإني ولله الحمد لست جاهلا بقدر العلماء ولا بمكانتهم فهم أولياء الله.
ثم إن الشيخ اللحيدان لم يفت بالسر أو من وراء الكواليس، بل قالها علنا وصرح بها فما الفائدة من الإشارة وإخفاء الاسم.
يا أخي الكريم الفتوى شيئ ووصف الناس شيء آخر فإن ممن تظاهر كثير من العلماء الأفاضل الذين ذكرت أن لحومهم مسمومة وقد وسمهم الشيخ بثلاثة أوصاف: غوغائيين وفوضويين ومفسدين في الأرض، وحبذا أن نلتزم بموضوع المشاركة هنا ونترك الفتوى وصاحبها لله، وعند الله تجتمع الخصوم.(/)
حمل الآن (التقرير العلمي عن مصحف المدينة النبوية) PDF
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jan 2009, 04:32 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
كثيرون يسألون عن التقرير العلمي عن مصحف المدينة النبوية، وذلك لأهميته ولندرته. وقد قمت بتحويله إلى نسخة الكترونية PDF لينتفع به من لم يطلع عليه. علماً أن به صفحتين فارغتين تم حذفهما. فهو كامل وليس به نقص.
وقد قمت بتحميله على سيرفر الملتقى، ولكن لاحظت كبر حجمه، فهو 75 ميجا تقريباً، فأرجو ممن لديه القدرة على تخفيض حجمه محاولة ذلك وإعادته لي لأقوم برفعه بدلاً من الملف الحالي.
نفعنا الله جميعاً بعلم كتابه، ووفقنا للإخلاص.
التقرير العلمي عن مصحف المدينة النبوية ( http://www.tafsir.net/Bookstorge/reporte_mushaf.zip)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[04 Jan 2009, 07:27 م]ـ
بارك الله فيك ... جاري التحميل ..
ـ[أبو صالح التميمي]ــــــــ[05 Jan 2009, 05:20 م]ـ
ألا هل من عارف مشمر لتقليص حجم الملف! بارك الله في جهودكم.
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[04 Oct 2009, 07:47 ص]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا.
جعلته في المرفقات بعد تقليص حجمه.
ـ[محب القراءات]ــــــــ[04 Oct 2009, 08:13 ص]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا.
جعلته في المرفقات بعد تقليص حجمه.
تم التحميل وجزاك الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Oct 2009, 04:24 م]ـ
بارك الله فيكم أخي حسين بن محمد على تقليل حجم هذا الملف حتى يسهل الانتفاع به.
أسأل الله أن يتقبل منك.
ـ[مرهف]ــــــــ[04 Oct 2009, 05:58 م]ـ
جزاك الله خيرا وأطعمك طيرا
جهد مبارك.(/)
"لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا"
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[04 Jan 2009, 05:14 م]ـ
"لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا"
إذا تأملتَ هذه الآية وجَدْتَ أن من أعظم مقاصدِ الشيطانِ إدخالَ الحزنِ على المؤمن، وأدركت أن من أعظم مقاصد الشريعة إسعادَ المؤمن، وطَرْدَ الحزنِ عنه.
قال الله - عز وجل -: [إِنَّمَا النَّجْوَى مِنْ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ] (المجادلة:10).
وفي هذا إشارة إلى أن الشيطانَ لا يَقِفُ ولا يُقْصِر عن محاولة تكدير صفو المؤمن، وإزعاجه في كل حال؛ فتراه يذكِّره بما يسوؤه، ويمنيه بالأماني الباطلة التي تجلب له الشقاء.
وتراه يُخْطِر بباله الذكرياتِ الأليمةَ والاحتمالاتِ السيئةَ، والخيالاتِ المثبطةَ عن العمل.
فإذا استجاب الإنسان لذلك؛ فصار يستدعي تلك الخواطر، ويجتر تلك المآسي، ويسترسل مع الاحتمالات الرديئة، والظنون السيئة - عاش في ألم، وضِيْق، وحَصْر، وصار يأكل بعضه بعضاً، ويعذب نَفْسَه بنفسه.
أما إذا قطع تلك الواردات، ودرأها عن نفسه ما استطاع، واشتغل بما يعينه، ونظر إلى الجوانب المشرقة في الحياة، وفي سيرته، واستعاذ من الشيطان ووساوسه - كَبُرَتْ نَفْسُه، وعَلَتْ هِمَّتُه، وزاد نشاطه وإقباله على الجد، وانشرح صدره، وعظم إنتاجه.
وهذا مما يفسر لنا سرَّ النجاح عند بعض الناس، وسرَّ الإخفاق عند آخرين؛ فالنجاح يَكْمُنُ في كون الناجحين يتوكلون على الله، ويستحضرون أن كيد الشيطان ضعيف، وأنه ليس بضارهم شيئاً إلا بإذن الله.
والإخفاق يكمن في كون المخفقين يسترسلون مع الأوهام، ويَدَعُون كيد الشيطان يستحوذ على أفكارهم، ويأخذ بمجامع قلوبهم، فيقعدهم عن العمل، ويفضي بهم إلى البطالة والكسل.
فالآية الكريمة تشير إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يكون مشرق النفس، مبتهجاً بالحياة، مطمئن الخاطر؛ فذلك مما يبعثه إلى قوة الإقبال على الله، والبعد عن كل ما يكدر عليه صفوه.
ثم إن الرجل المبتهج بالحياة يزيده ابتهاجه قوة إلى قوته، فيكون أقدر على الجد، وحسن الإنتاج، ومقابلة الصعاب من الرجل المنقبض الصدر، الممتلئ بالهم والغم.
والتجربة شاهد على أن المستبشرين الباسمين للحياة خير الناس صحة، وأقدرهم على الجد والنشاط، وأقربهم إلى النجاح والفلاح، وأكثرهم سعادة واستفادة مما في أيديهم ولو كان قليلاً.
فالابتسام للحياة يضيؤها، ويعين على احتمال متاعبها؛ فالعمل الشاق العسير يخف حمله بالنفس المشرقة المتفائلة.
فمن النعم الكبرى على الإنسان أن يعتاد النظر إلى الجانب المشرق في الحياة لا المظلم منها، وأن يُمْنَحَ القدرةَ على السرور يستمتع به متى وُجِدَتْ أسبابُه، فإن لم تكن كذلك سعى سعيه في إيجادها.
ويخطئ كثير من الناس حين يظن أن أسباب السرور كلها في الظروف الخارجية، فيشترط؛ لِيُسَرَّ مالاً، وبنين، وصحة ونحو ذلك؛ فالسرور يعتمد على النفس أكثر مما يعتمد على الظروف الخارجية، وفي الناس من يشقى في النعيم، وفيهم من ينعم في الشقاء، وفيهم من لا يستطيع التبسم بكل ماله، وفيهم من يتبسم دائماً من أعماقه بأتفه ثمن وبلا ثمن.
وهناك نفوس تستطيع أن تخلق من كل شيء شقاءً ونكداً، وهناك نفوس تستطيع أن تخلق من كل شيء سعادة وأنساً.
وهناك من ينغص على نفسه وعلى مَنْ حوله مِنْ كلمة يسمعها، أو يؤوِّلها تأويلاً سيئاً، أو من عملٍ تافه حدث له أو منه، أو من مالٍ خسره، أو من ربحٍ كان ينتظره فلم يحدث، أو نحو ذلك، فتراه بعد ذلك وقد اسودت الدنيا في نظره، ثم هو يسودها على من حوله.
وهؤلاء عندهم قدرة على المبالغة في الشر، فيجعلون من الحبة قُبَّةً، ومن البذرة شجرة، وليس عندهم قدرة على الخير؛ فلا يفرحون بما أوتوا ولو كان كثيراً، ولا ينعمون بما نالوا ولو كان عظيماً.
فالمبتسمون للحياة ليسوا أسعد الناس حالاً لأنفسهم ومن حولهم فحسب، بل هم مع ذلك أقدر على العمل، وأكثر احتمالاً للمسؤولية، وأصلح لمواجهة الشدائد ومعالجة الصعاب، وأجدر بالإتيان بعظائم الأمور التي تنفعهم وتنفع الناس.
ولهذا إذا أراد الأدباء أن يبالغوا في الثناء على الممدوح، ويبينوا عظم همته، واستسهاله للصعاب - وَصَفُوْهُ بأنه يبتسم في أحلك المواقف وأشدها خطراً، قال أبو الطيب المتنبي يمدح سيف الدولة:
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ... ووجهك وضاح وثغرك باسم
فذو النفس الباسمة المشرقة يرى الصعاب، فيلذ له التغلب عليها؛ ينظرها فيبسم، ويعالجها فيبسم، وينجح فيبسم، ويخفق فيبسم.
وذو النفس العابسة المتجهمة لا يرى صعاباً فيوجدها، وإذا رآها أكبرها، واستصغر همته بجانبها، فهرب منها، وطفق يسب الدهر، ويعاتب القدر، ويتعلل بـ (لو وإذا وإن).
وهكذا ترشد الآية العظيمة الآنف ذكرها إلى تلك المعاني السامية الكفيلة بطرد الهم، وجلب السعادة، وتحمل المصاعب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[امة الوهاب]ــــــــ[06 Jan 2009, 04:28 م]ـ
جزاكم الله خيرا واثابكم خير الثواب.نفعنا الله بعلمكم وجعله في ميزان حسناتكم.
ـ[يوسف السليم]ــــــــ[07 Jan 2009, 11:23 ص]ـ
مقال رائع عن موضوع مهم , فإن اليأس وضعف العزيمة والخوف قد استحوذ على كثير من أمة الإسلام , والله المستعان.
شكر الله لك شيخنا د محمد ..(/)
دعوة للنقاش حول مجالات التدبر والأطر التي تضبطه، والطرق الموصلة إليه
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[05 Jan 2009, 08:48 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يكاد يخفى على منصف ما يقوم به كثير من المحبين لكتاب الله من الاهتمام بتدبر القرآن سواء كان ذلك بعقد المؤتمرات، أو الدورات والمحاضرات العلمية، أو الكتابات المتعددة حول التدبر الذي هو الهدف الرئيس من إنزال القرآن
ولكن الملاحظ على كثير من هذه الجهود - وهي مباركة إن شاء الله - الاهتمام بتعريف التدبر، وذكر بعض الطرق والوسائل المعينة عليه، والصوارف الحائلة دونه، وشيء من قصص المتدبرين سواء كانوا من السابقين أم من المعاصرين ... الخ مما هو أشبه بالخطاب الوعظي العاطفي الذي يزول بزوال أثره كما قال ابن الجوزي " المواعظ كالسياط، والسياط لا تؤلم بعد انقضائها إيلامها وقت وقوعها "
والملاحظ أن هناك جوانب مهمة يكتنفها الغموض في نظري القاصر، وتحتاج إلى مزيد من الجهد ومنها:
1) المجالات التي يدخلها التدبر وبخاصة المجالات العملية
2) والأطر التي ينضبط من خلالها
3) والأساليب التي ينبغي أن يطرح بها وكيفية تنوعها بتنوع الناس ما بين مسلم وكافر وما بين عالم وجاهل، وما بين متخصص ومثقف.
4) كيفية تربية ملكة التدبر وتعليم آلته عند المسلمين باختلاف فئاتهم
وغير ذلك من النقاط الجوهرية، أرجو أن يتم النقاش حول هذه النقاط بتركيز، بعيدا عن التدقيق الزائد في تعريف التدبر، فالكلمة معروفة معلومة، ولكنها واسعة الدلالة، والاعتماد في ضبط التدبر ومعرفة مجالاته على مجرد دلالة الكلمة في اللغة والاصطلاح غير كاف في نظري، ولذا لا بد من بذل أقصى الطاقة في تبيين ما يدخل تحت التدبر وما يكون أساسا له وما يكون ثمرة منه، وكيف يكون له أثره البالغ.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[05 Jan 2009, 09:30 م]ـ
خطوة موفقة أبا صفوت , فلا يزال هذا المجال بحاجة إلى حديث موسَّع , وفي النقاط التي ذكرتها بداية جيدة لذلك , وأنا أتعجب من الإسهاب في تناول بعض مسائل التفسير وعلوم القرآن إلى حدِّ الإملال , وقلة التعرض الرصين لهذا الغرض الأسمى لنزول القرآن الكريم (التدبر).
فلعلك اخي الكريم تبدأ بما لديك فيما ذكرت ليسهل التعقيب عليه وتتميمه , وفقك الله.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[30 Jan 2009, 02:26 م]ـ
وجدت في كتاب (تعليم تدبر القرآن الكريم) , للدكتور: هاشم بن علي الأهدل , حديثاً موسَّعاً حول عدد من النقاط التي ذكرتها أخي أبا صفوت , ومنها:
- قواعد أساسية في تعليم التدبر.
- طرق تربية الذات على التدبر.
وهو من إصدارات مركز الدراسات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي بجدة , وتوزيع دار ابن الجوزي , الطبعة الأولى عام 1429هـ.(/)
المصائبُ والآلامُ .. حِكمٌ وأسرارٌ
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[06 Jan 2009, 05:24 م]ـ
المصائبُ والآلامُ .. حِكمٌ وأسرارٌ
المتأمل في حياة الناس يرى صنوفاً في البلاء؛ فهذا مبتلىً بفقد حبيب أو قريب، وذاك مبتلىً بمرض عضالٍ يُقض مضجعه، وذاك مبتلىً بِدَيْنٍ يؤرق جفنه، وذاك مبتلىً بخسارة أودت بجميع ماله، وأقعدته على بساط الفقر والمسكنة، وذاك مبتلىً بأنواع من الهموم والغموم، وهلمَّ جرَّا ...
كما أن هناك أنواعاً من المصائب تقع على الأمة نحو الحروب، والجوائح السماوية، وما جرى مجراها.
والناس كل الناس معرضون لتلك المصائب، والابتلاءات، ولكن نظرة المؤمن الذي رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم - نبياً تختلف عن غيره ممن ينظر إلى تلك المصائب، والابتلاءات نظرة مجردة عما تنطوي عليه من الحكم والمصالح.
وكلما زاد علم الإنسان بالله وبأمره _ زاد تعلقُه بالله، وقربُه منه، وتسليمُه له، والعكس؛ فإذا قلَّ العلم بالله، وأمره اختلفت النظرة لما يقع في هذا الكون من بلايا ورزايا.
هذا وإن مسألة تعليل أفعال الله، وإثبات الحكمة فيها لمن أجلِّ مسائل التوحيد المتعلقة بالخلق والأمر، والشرع والقدر.
والحديث في هذا المقام لا يسمح بالتفصيل.
وقد اختلف الناس فيها على أقوال شتى، ولكنَّها ترجع إلى قولين.
أحدهما: قول نفاة الحكمة، ممن يرون أن الله _ عز وجل _ قدر المقادير، وشرع الشرائع لغير علة، أو حكمة، بل فعل ذلك لمحض المشيئة، وصرف الإرادة.
الثاني: قول الجمهور الذين يثبتون الحكمة، وأنَّ لله في كل ما يقضيه حكمةً ورحمة.
وهذه الحكمة تتضمن شيئين:
أحدهما: حكمة تعود إليه _ تعالى _ يحبها ويرضاها.
والثاني: حكمة تعود إلى عباده؛ فهي نعمة عليهم يفرحون، ويلتذون بها.
وهذا يكون في المأمورات، والمخلوقات (1).
يقول ابن القيم - رحمه الله - مقرراً حكمة الله _ تبارك وتعالى _ فيما يقدره ويشرعه: "ولو ذهبنا نذكر ما يطلع عليه أمثالُنا من حكمة الله في خلقه لزاد ذلك على عشرة آلاف موضع مع قصور أذهاننا، ونقص عقولنا ومعارفنا، وتلاشيها، وتلاشي علوم الخلائق جميعهم كتلاشي ضوء السراج في عين الشمس، وهذا تقريب وإلا فالأمر فوق ذلك" (2).
وقال - رحمه الله -: "وكيف يتوهم ذو فطرة صحيحة خلاف ذلك، وهذا الوجود شاهد بحكمته، وعنايته بخلقه أتم عناية، وما في مخلوقاته من الحكمة، والمصالح، والمنافع، والغايات المطلوبة، والعواقب الحميدة _ أعظم من أن يُحيطَ به وصفٌ، أو يحصرَه عقل؟! " (3).
وقال - رحمه الله -:" وجماع ذلك أن كمال الرب _ تعالى _ وجلاله، وحكمته، وعدله، ورحمته، وإحسانه، وحمده، ومجده، وحقائق أسمائه الحسنى _ تمنع كون أفعاله صادرة منه لا لحكمة، ولا لغاية مطلوبة.
وجميع أسمائه الحسنى تنفي ذلك، وتشهد ببطلانه" (4).
هذا وإن الجهل بحكمة الله يأخذ صوراً شتى؛ وإن من أعظم ذلك قِلَّةَ اليقين بأن العاقبة للتقوى والمتقين؛ فهناك من إذا شاهد ما عليه المسلمون من الضعف والتمزق، والتشتت والتفرق، ورأى تسلط أعدائهم عليهم، ونكايتهم بهم _ أيس من نصر الله، وقنط من عز الإسلام، واستبعد أن تقوم للمسلمين قائمة، وظن أن الباطل سيدال على الحق إدالة دائمة مستمرة يضمحل معها الحق.
فهذا الأمر جد خطير، وهو مما يعتري النفوس الضعيفة، التي رق إيمانها، وقل يقينها.
وهو مما ينافي الإيمان بالقدر، وهو دليل على قلةِ اليقين بوعد الله الصادق، والتفاتٌ إلى الأمور المحسوسة دون نظر إلى عواقب الأمور وحقائقها.
وإلا كيف يظن هذا الظن والله _ عز وجل _ قد كتب النصر في الأزل، وسبقت كلمته بأن العاقبة للتقوى وللمتقين، وأن جنده هم الغالبون، وهم المنصورون، وأن الأرض يرثها عباده الصالحون؟
فمن ظن تلك الظنون السيئة فقد ظن بربه السوء، ونسبه إلى خلاف ما يليق بجلاله، وكماله، وصفاته، ونعوته؛ فإن حمده، وعزته، وحكمته، وإلهيته تأبى ذلك، وتأبى أن يذل حزبه وجنده، وأن تكون النصرة والغلبة للمشركين.
فمن ظن ذلك فما عرفه، ولا عرف ربوبيته وملكه وعظمته؛ فلا يجوز في حقه _ عز وجل _ لا عقلاً ولا شرعاً أن يظهر الباطل على الحق، بل إنه يقذف بالحق على الباطل فإذا هو زاهق (5).
(يُتْبَعُ)
(/)
أما ما يشاهد من تسلط الكفار واستعلائهم _ فإنما هو استعلاء استثنائي، وذلك استدراجٌ وإملاءٌ من الله لهم، وعقوبة للأمة المسلمة على بعدها عن دينها.
ثم إن سنة الله ماضية فـ[مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ] سورة النساء: 123، وهذه الأمة تذنب، فتعاقب بذنوبها عقوبات متنوعة منها ما مضى ذِكْرُه؛ كي تعود إلى رشدها، وتؤوب إلى ربها، فتأخذ حينئذ مكانها اللائق بها.
ثم إن هذه الأمة أمة مرحومة تعاقب في هذه الدنيا، حتى يخف العذاب عنها في الآخرة، أو يغفر لها بسبب ما أصابها من بلاء، أو يُتخذ منه شهداء.
هذا وإن من أعظم ما تتبين به الحكمة الإلهية ما يكون في خلق المصائب والآلام؛ ففي ذلك من الحكم ما لا يحيط بعلمه إلا الله _عز وجل_ تلك الحكم التي تنطق بفضل الله، وعدله، ورحمته.
قال ابن القيم - رحمه الله -: "فالآلام والمشاق إما إحسان ورحمة، وإما عدل وحكمة، وإما إصلاح وتهيئة لخير يحصل بعدها، وإما لدفع ألم هو أصعب منها، وإما لتولدها عن لذات ونعم يولِّدها عنها أمر لازم لتلك اللذات، وإما أن تكون من لوازم العدل، أو لوازم الفضل والإحسان؛ فتكون من لوازم الخير التي إن عُطِّلت ملزوماتها فات بتعطيلها خيرٌ أعظمُ من مفسدة تلك الآلام.
والشرع والقدر أعدلا شاهد بذلك؛ فكم في طلوع الشمس من ألم لمسافر وحاضر، وكم في نزول الغيث والثلوج من أذى كما سماه الله بقوله: [إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ] سورة النساء: 102.
وكم في هذا الحر والبرد والرياح من أذى موجب لأنواع من الآلام لصنوف الحيوانات.
وأعظم لذات الدنيا لذة الأكل والشرب والنكاح واللباس والرياسة، ومعظم آلام أهل الأرض أو كلها ناشئة عنها، ومتولدة منها.
بل الكمالات الإنسانية لا تنال إلا بالآلام والمشاق كالعلم، والشجاعة، والزهد، والعفة، والحلم، والمروءة، والصبر، والإحسان كما قال:
لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يُفْقرُ والإقدام قتَّالُ
وإذا كانت الآلام أسباباً لِلَذَّاتٍ أعظم منها وأدوم ـ كان العقل يقضي باحتمالها" (6).
إلى أن قال - رحمه الله -: "وقد حجب الله _ سبحانه _ أعظم اللذات بأنواع المكاره، وجعله جسراً موصلاً إليها كما حجب أعظم الآلام بالشهوات واللذات، وجعلها جسراً موصلاً إليها.
ولهذا قالت العقلاء قاطبة: إن النعيم لا يدرك بالنعيم، وإن الراحة لا تنال بالراحة، وإن مَنْ آثر اللذات فاتته اللذات؛ فهذه الآلام والأمراض والمشاق من أعظم النعم؛ إذ هي أسباب النِّعم.
وما ينال الحيوانات غير المكلفة منها فمغمورٌ جداً بالنسبة إلى مصالحها ومنافعها كما ينالها من حر الصيف، وبرد الشتاء، وحبس المطر والثلج، وألم الحمل والولادة، والسعي في طلب أقواتها وغير ذلك.
ولكن لذاتها أضعافُ أضعافِ آلامها، وما ينالها من المنافع والخيرات أضعاف ما ينالها من الشرور والآلام؛ فسُنَّتُه في خلقه وأمره هي التي أوجبها كمالُ علمه وحكمته وعزته.
ولو اجتمعت عقول العقلاء كلهم على أن يقترحوا أحسن منها لعجزوا عن ذلك، وقيل لكلٍّ منهم: ارجع بصر العقل فهل ترى من خلل؟
[ثُمَّ ارْجِع الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ] سورة الملك:4، فتبارك الذي من كمال حكمته وقدرته أن أخرج الأضداد من أضدادها، والأشياء من خلافها؛ فأخرج الحي من الميت، والميت من الحي، والرطب من اليابس، واليابس من الرطب؛ فكذلك أنشأ اللذاتِ من الآلامِ، والآلامَ من اللذات؛ فأعظم اللذاتِ ثمراتُ الآلام ونتائجها، وأعظم الآلامِ ثمراتُ اللذات ونتائجها.
وبعدُ فاللذةُ والسرورُ، والخيرُ والنعمُ، والعافيةُ والصحةُ والرحمةُ في هذه الدار المملوءة بالمحن والبلاء ـ أكثرُ من أضدادها بأضعافٍ مضاعفة؛ فأين آلام الحيوان من لذته؟ وأين سقمه من صحته؟ وأين جوعه وعطشه من شبعه وريِّه وتعبه من راحته؟! " (7).
هذا وفي الآلام والمصائب حكم عظيمة غير ما ذُكِرَ، وفيما يلي ذكرٌ لبعضها على سبيل الإيجاز؛ إذ المقام لا يتسع للتفصيل:
1_ استخراج عبودية الضراء وهي الصبر: قال _تعالى_: [وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ] الأنبياء:35.
فالابتلاء بالسراء والخير يحتاج إلى شكر، والابتلاء بالضراء والشر يحتاج إلى صبر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا لا يتم إلا بأن يقّلِّبَ الله الأحوال على العبد حتى يتبين صدق عبوديته لله _ تعالى _.
قال - صلى الله عليه وسلم -: "عجباً لأمر المؤمن؛ إن أمره كله له خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" (8).
2_ طهارة القلب، والخلاص من الخصال القبيحة: ذلك أن الصحة قد تدعو إلى الأشر، والبطر، والإعجاب بالنفس، لما يتمتع به المرء من نشاط، وقوة، وهدوء بال، ونعيم عيش.
فإذا قُيِّد بالبلاء والمرض انكسرت نفسه، ورق قلبه، وتطهر من أدران الأخلاق الذميمة، والخصال القبيحة من كبر، وخيلاء، وعجب، وحسد، ونحوها، وحلَّ محلَّها الخضوعُ لله، والانكسار بين يديه، والتواضع لخلق الله، وترك الترفع عليهم.
قال المنبجي - رحمه الله -: "وليعلم أهل المصائب أنه لولا محن الدنيا ومصائبها لأصاب العبد من أدواء الكبر، والعجب، والفرعنة، وقسوة القلب ما هو سبب هلاكه عاجلاً وآجلاً؛ فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب؛ تكون حمية له من هذه الأدواء، وحفظاً لصحة عبوديته، واستفراغاً للمواد الفاسدة، الرديئة، المهلكة؛ فسبحان من يرحم ببلائه، ويبتلي بنعمائه، كما قيل:
قد ينعم الله بالبلوى، وإن عظمت ... ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
فلولا أنه _ سبحانه وتعالى _ يداوي عباده بأدوية المحن والابتلاء لطغوا، وبغوا، وعتوا، وتجبروا في الأرض، وعاثوا فيها بالفساد؛ فإن من شيم النفوس إذا حصل لها أمر، ونهي، وصحة، وفراغ، وكلمة نافذة من غير زاجر شرعي يزجرها _ تمردت، وسعت في الأرض فساداً، مع علمهم بما فعل بمن قبلهم، فكيف لو حصل لهم مع ذلك إهمال؟
ولكن الله _ سبحانه وتعالى _ إذا أراد بعبده خيراً سقاه دواء الابتلاء والامتحان على قدر حاله، يستفرغ منه الأدوية المهلكة، حتى إذا هذبه، ونقاه، وصفَّاه أهَّلَه لأشرف مراتب الدنيا، وهي عبوديته، ورقاه أرفع ثواب الآخرة، وهي رؤيته" (9).
3_ تقوية المؤمن: ذلك أن في المصائب تدريباً للمؤمن، وامتحاناً لصبره، وتقوية لإيمانه.
4_ النظر إلى قهر الربوبية وذل العبودية: فإنه ليس لأحد مفر عن أمر الله، وقضائه، ولا محيد عن حكمه النافذ وابتلائه؛ فنحن عبيد الله، يتصرف فينا كما يشاؤه ويريده، ونحن إليه راجعون في جميع أمورنا، وإليه المصير يجمعنا لنشورنا.
5_ حصول الإخلاص في الدعاء، وصدق الإنابة في التوبة: ذلك أن المصائب تُشعر الإنسان بضعفه، وافتقاره الذاتي إلى ربه، فيبعثه ذلك إلى إخلاص الدعاء له، وشدة التضرُّع والاضطرار إليه، وصدق الإنابة في التوبة والرجوع إليه.
ولولا هذه النوازل لم يُرَ على باب اللجأ والمسكنة؛ فالله _ عز وجل _ علم من الخلق اشتغالهم عنه، فابتلاهم من خلال النعم بعوارض تدفعهم إلى بابه يستغيثون به؛ فهذا من النعم في طي البلاء، وإنما البلاء المحض ما يشغلك عن ربك.
قال سفيان بن عيينة - رحمه الله -: "ما يكره العبد خيرٌ له مما يحب؛ لأن ما يكرهه يهيجه للدعاء، وما يحبه يلهيه" (10).
6_ إيقاظ المبتلى من غفلته: فكم من مبتلى بفقد العافية حصلت له توبة شافية، وكم من مبتلى بفقد ماله انقطع إلى الله بحسن حاله، وكم من غافل عن نفسه، معرضٍ عن ربه أصابه بلاء فأيقظه من رقاده، ونبهه من غفلته، وبعثه لتفقد حاله مع ربه.
7_ معرفة قدر العافية: لأن الشيء لا يعرف إلا بضده، فيحصل بذلك الشكرُ الموجب للمزيد من النعم؛ لأن ما مَنَّ الله به من العافية أتم وأنعم، وأكثر وأعظم مما ابتلى وأسقم، ثم إن حصول العافية والنعمة بعد ألم ومشقة أعظم قدراً عند الإنسان.
8_ أن من الآلام ما قد يكون سبباً للصحة: فقد يصاب المرء بمرض ويكون سبباً للشفاء من مرض آخر، وقد يبتلى ببلية فيذهب لعلاجها فيكتشف أن به داءً عضالاً لم يكتشف إلا بسبب هذا المرض الطارئ، قال أبو الطيب المتنبي:
لعلَّ عَتْبَك محمودٌ عواقِبُه ... وربما صحت الأبدان بالعلل (11)
قال ابن القيم - رحمه الله -: "وكثيراً ما تكون الآلام أسباباً للصحة لولا تلك الآلام لفاتت.
وهذا شأن أكبر أمراض البدن؛ فهذه الحمى فيها من المنافع للأبدان ما لا يعلمه إلا الله، وفيها من إذابة الفضلات، وإنضاج المواد الفَجَّة وإخراجها ما لا يصل إليه دواءٌ غيرها.
وكثير من الأمراض إذا عرض لصاحبها الحمى استبشر بها الطبيب" (12).
(يُتْبَعُ)
(/)
9_ حصول رحمة أهل البلاء: فالذي يبتلى بأمر ما _ يجد في نفسه رحمة لأهل البلاء، وهذه الرحمة موجبة لرحمة الله وجزيل العطاء؛ فمن رَحِمَ من في الأرض رَحِمَهُ من في السماء.
10_ حصول الصلاة من الله والرحمة والهداية: قال _تعالى_: [وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ] سورة البقرة: 155_157.
11_ حصول الأجر، وكتابة الحسنات وحط الخطيئات: قال -صلى الله عليه وسلم -: "ما من شيء يصيب المؤمن، حتى الشوكةِ تصيبه، إلا كتب الله له بها حسنة، أو حُطت عنه بها خطيئة" (13).
قال بعض السلف: "لولا مصائب الدنيا لوردنا القيامة مفاليس" (14).
بل إن الأجر والثواب لا يختص به المبتلي فحسب، بل يتعداه إلى غيره؛ فالطبيب المسلم إذا عالج المريض واحتسب الأجر كتب له الأجر _ بإذن الله _؛ فمن نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.
وكذلك الذي يزور المريض المبتلى يكتب له الأجر، وكذلك من يقوم على رعايته.
12_ العلم بحقارة الدنيا وهوانها: فأدنى مصيبة تصيب الإنسان تعكر صفوه، وتنغص حياته، وتنسيه ملاذَّه، والكَيِّسُ الفَطِنُ لا يغتر بالدنيا، بل يجعلها مزرعة للآخرة.
13_ أن اختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه: وهذا سر بديع، يحسن بالعبد أن يتفطن له؛ ذلك أن الله _ عز وجل _ أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين؛ فهو أعلم بمصالح عباده منهم، وهو أرحم بهم من أنفسهم ووالديهم.
وإذا أنزل بهم ما يكرهون كان خيراً لهم من ألا ينزل بهم؛ نظراً منه لهم، وإحساناً إليهم، ولطفاً بهم.
ولو مكنوا من الاختيار لأنفسهم لعجزوا عن القيام بمصالحهم، لكنه _عزوجل_ تولى تدبير أمورهم بموجب علمه، وعدله، وحكمته، ورحمته أحبوا أم كرهوا.
14_ أن الإنسان لا يعلم عاقبة أمره: فربما طلب ما لا تحمد عقباه، وربما كره ما ينفعه، والله _عز وجل_ أعلم بعاقبة الأمر.
قال ابن القيم - رحمه الله -: "فقضاؤه للعبد المؤمن عطاء وإن كان في صورة المنع، ونعمة وإن كان في صورة محنة، وبلاؤه عافية وإن كان في صورة بلية.
ولكن لجهل العبد وظلمه لا يعد العطاء والنعمة والعافية إلا ما التذ به في العاجل، وكان ملائماً لطبعه.
ولو رزق من المعرفة حظَّاً وافراً لعدَّ المنع نعمة، والبلاء رحمة، وتلذذ بالبلاء أكثر من لذته بالعافية، وتلذذ بالفقر أكثر من لذته بالغنى، وكان في حال القلة أعظم شكراً من حال الكثرة" (15).
15_ الدخول في زمرة المحبوبين لله _عز وجل_: فالمبتلون من المؤمنين يدخلون في زمرة المحبوبين المُشَرَّفين بمحبة رب العالمين؛ فهو _سبحانه_ إذا أحب قوماً ابتلاهم، وقد جاء في السنة ما يشير إلى أن الابتلاء دليل محبة الله للعبد؛ حيث قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط" (16).
16_ أن المكروه قد يأتي بالمحبوب والعكس: فإذا صحت معرفة العبد بربه علم يقيناً أن المكروهات التي تصيبه، والمحن التي تنزل به أنها تحمل في طياتها ضروباً من المصالح والمنافع لا يحصيها علمه، ولا تحيط بها فكرته.
بل إن مصلحة العبد فيما يكره أعظم منها فيما يحب؛ فعامة مصالح النفوس في مكروهاتها، كما أن عامَّة مضارها وأسباب هلكتها في محبوباتها، قال_تعالى_: [فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً] سورة النساء: 19.
وقال: [وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ] سورة البقرة: 216.
فإذا علم العبد أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، وأن المحبوب قد يأتي بالمكروه _ لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة (17).
إلى غير ذلك من الحكم التي قد يعلمها بعض الناس وقد لا يعلمها.
******************************
1. انظر أصول الدين للبغدادي ص150_151، مجموع الفتاوى 8/ 35_36، وبيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلاميه لابن تيمية 1/ 197_203، وشرح العقيدة الأصفهانية لابن تيمية ص261_263، والقضاء والقدر د. عبدالرحمن المحمود 242_248، وموقف ابن تيمية من الأشاعرة د. عبدالرحمن المحمود 3/ 1310_1312.
2. شفاء العليل، لابن القيم ص419.
3. شفاء العليل، ص418.
4. شفاء العليل، ص418.
5. انظر كلاماً عظيماً في هذا المعنى في زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم 3/ 218_241.
6. شفاء العليل، ص498.
7. شفاء العليل، ص499_500.
8. رواه مسلم (2999).
9. تسلية أهل المصائب للمنبجي ص25.
10. الفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا ص22.
11. ديوان المتنبي 3/ 86.
12. شفاء العليل، ص499.
13. رواه مسلم (2572).
14. برد الأكباد ص46.
15. مدارج السالكين 2/ 215_216.
16. أخرجه الترمذي (2396) وابن ماجة (4031) من حديث أنس، وحسنه الترمذي، والألباني في صحيح الترمذي 2/ 286.
انظر تفصيل الحديث عن حكم المصائب في: صيد الخاطر لابن الجوزي ص91_95 و213_215 و327_328، والفوائد لابن القيم ص137_139 و178_179 و200_202، وبرد الأكباد ص37_39.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[06 Jan 2009, 06:56 م]ـ
أوصي كل مصابٍ يطلبُ السلوان لنفسه أن لا يحرمَ نفسهُ سماعَ شريطين مفيدين نافعين جداً في هذا الباب , وهما:
1 - كشف الكربة عند فقد الأحبة للداعية الإسلامي الشيخ/ علي بن عبد الخالق القرني أستاذُ النحو والصرف بالمعهد العلمي بالعاصمة المقدسة.
2 - رسالة إلى محزون لفضيلة الشيخ الدكتور/ خالد بن عثمان السبت حفظه الله.
ـ[حنين للجنان]ــــــــ[09 Jan 2009, 08:12 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ورفع درجتكم في عليين(/)
الليلة (وقفات وتأملات في سورتي الأحزاب والحشر)
ـ[الغزالي]ــــــــ[07 Jan 2009, 01:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تبدأ الليلة بعد صلاة العشاء بتوقيت الدمام (7:10 م) أولى الدروس اليومية لمدة تسعة أيام للشيخ د. خالد السبت بعنوان (وقفات وتأملات في سورتي الأحزاب والحشر)، وهي مناسبة للزمان والحال الذي نعيشه .... وسينقل الدرس عبر البث الإسلامي.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[07 Jan 2009, 07:29 م]ـ
الآن بدأت الدروس ..
للاستماع إليها مباشرة وقت البث انقر هنا ( http://www.liveislam.net/browsesubject.php?id=10292&action=listen&sid=).(/)
(كتاب الفجار)؟
ـ[محمد الصاعدي]ــــــــ[07 Jan 2009, 09:13 م]ـ
قال تعلى (كلا إن كتاب الفجار لفي سجين.وماأدراك ماسجين. كتاب مرقوم).
معنى سجين: مكان ضيق، ومرقوم: مكتوب،وكتاب مرقوم تعود على كتاب الفجار وليس على سجين.
فهل المقصود أن الله قد كتب أن الفجار مكانهم سجين وهو المكان الضيق: جهنم أو أسفل جهنم.
أو أن كتاب وصحيفة وسجل أعمال الفجار في سجين.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[08 Jan 2009, 02:33 م]ـ
السجن فيه حبس وضيق وكرب، والسّجّين أبلغ في الحبس والضيق والكرب.
يبدو أن الكتاب لا يتضمن فقط أعمال البشر وإنما مصائرهم وتفاصيل واقعهم وما يستقبلهم من نعيم أو عذاب. ومن هنا يحتفظ بكتاب أهل الفجور في جهنم وفيه تفصيلات عقوبتهم ومداها ..... أما كتاب الأبرار فيحفظ في مكان يليق به (لفي عليين) وفيه تفصيل أحوالهم وهم يتقلبون في النعيم ودرجاتهم وما يستقبلهم من ألوان النعيم والأفراح. ومن كرامة هذا الكتاب وشرفه أنه في عليين ويشهده ويطلع عليه المقربون من الملائكة وغيرهم. وهذا من دواعي سرور المؤمن أن يكون خبره وحاله الحسنة المشرفة يطلع عليها ويعلم بها المقربون. أما كتاب الفجار فهو في مكان مرعب لم تذكر الآيات من يطلع عليه. ولكن لا يمنع أن يطلع عليه خزنة جهنم لينفذوا ما فيه من أوامر العذاب.(/)
كنا مستضعفين في الأرض
ـ[أبو المنذر]ــــــــ[07 Jan 2009, 10:55 م]ـ
ان المستضعفين في الأرض الذين يعيشون تحت اقدام الجبابرة ليستحقون الخزي في الدنيا والعذاب في الآخرة:
(إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا: فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا: الم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فاولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولاهتدون سبيلا فاولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا)
(النساء: 97 - 99)
فالذين لا يهاجرون من تحت نير الظالمين ويرضون العيش بين قطعان السوائم جزاؤهم جهنم يصلونها كلما خبت زادها رب العزة سعيرا فاذا علمت سبب نزول هذه الآية فانك ستقف امامها مشدوها حائرا فقد روى البخاري باسناده عن عكرمة أخبرني ابن عباس (أن أناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يأتي السهم فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل فأنزل الله تعالى:
(ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. . .)
(النساء: 97)
" هذا كلام للشيخ عبدالله عزام ـ رحمه الله ـ من كتابه " خضم المعركة " ج1 ص180
انحن ايه الاخوة ظالمي أنفسهم وعذرهم مستضعفين في الارض ام ممن لا يملكون
حيلة ولا يستطيعون سبيلا(/)
كنت أظنه ظاهرة جديدة! (من أقوى ما قرأت في ربط المقولات الفكرية بالقرآن)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[07 Jan 2009, 11:26 م]ـ
أرسل لي صديقي الذي يحضر رسالته الدكتوراه في لندن هذه المقالة التي تمنيت أن الله فتح عليّ بها ..
إنها مقالة تنم عن عمق فهم كاتبها (ما شاء الله) خاصة وأنه يكتب هذا وهو من أميز من عرفت بالاطلاع على كتب القوم، وقد خَبَر بعضهم عن قرب!
أسأل الله تعالى لي وله ـ ولك أيها القارئ الكريم ـ الثبات على دينه ..
ولعلك لا تبخل ـ وأنت الكريم ـ بدعوة لصاحبنا أن يعينه الله على إنجاز بحثه والعودة إلى بلاده لعل الله تعالى أن ينفع به، كما نفع به وهو هناك في مدينة الضباب.
================================
كنت أظنه ظاهرة جديدة ..
سمعته يلوم المقاومة ويتهكم بها بأنهم لو كانوا عقلاء وسمعوا نصيحتنا والتزموا الصمت لما وقع عليهم القتل والذبح .. فظننت أن مثل هذه المواقف إنما هي من الانتكاسات المعاصرة التي لاسابق لها .. حتى قرأت قوله تعالى:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا)
ورأيت عدداً من المتثيقفين يردد شعارات الوطنية ويقول أن غزة شأن فلسطيني لسنا مسؤولين عنه، بل يجب أن نركز ثروتنا وطاقتنا في الشأن السعودي فقط، نحن سعوديون أولاً، فتوهمت أن هذا التذرع بالوطنية للتنصل من المسؤولية الدينية في دعم المقاومة إنما هي انحراف معاصر .. حتى قرأت قوله تعالى:
(وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا)
ورأيت كاتباً آخر يلوّح بأن اختيار المقاومة فصل الشتاء القارس للتصعيد السياسي جريمة تجعل المسؤولية مسؤوليتها في ضخامة الأضرار .. فظننت أن هذا التعلل بالفصول الأربعة في التهرب عن نصرة المقاومة إنما هو تقليعة جديدة .. حتى قرأت قوله تعالى:
(وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)
ورأيت كاتباً آخر ينهر المحتاجين في غزة، ويعلن في عنوان مقاله بكل فجاجة فيقول (وإذا تبرعنا فهل ستشكرون؟!) فتوهمت أن هذه المنة والأذية وتطلّب الامتنان والتقدير إنما هي مستوى قياسي جديد في التبذل الأخلاقي .. حتى قرأت قوله تعالى:
(قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ)
وسمعت أحد نظرائه يعتذر ويبرر ويقول: نحن ليس لدينا مشكلة في التبرع للإسلام، ولكن ليس لهؤلاء الفلسطينيين والإخوانيين والحمساويين القذرين، ففرق كبير بين الاسلام وأتباعه، فالاسلام مقدس أما أتباعه فهم للأسف بشرٌ منحطون، فظننت أن هذا تفصيلاً جديداً في التبرع .. حتى قرأت قوله تعالى:
(هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا)
ولطالما سمعت الليبراليين في وطني يتعللون في رفض الأحكام الشرعية والإصرار على تبديلها بحجة المخاطر الأمنية، فيقولون لك هذه الأحكام الشرعية ستسبب لنا إحراجات أمنية كبيرة مع العالم فيجب تبديلها ومحوها وتغييرها، ويشنعون على كل من همس بمثل هذه الأحكام بشماعة المخاطر الأمنية، فكنت أتوهم أن التذرع بالمخاطر الأمنية لرفض الشريعة إنما هي موضة سبتمبرية .. حتى قرأت قوله تعالى:
(وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا)
ورأيت كثيراً من الكتّاب الخائضين في تبديل الأحكام الشرعية إذا أنكر عليه العاملون للإسلام، ونهوه عن تبديل الأحكام الشرعية، وساقوا له نصوص الوحي في وجوب التمسك بها، يترك مناقشة الأدلة الشرعية ويلوذ باتهام المنكرين عليه بأنهم طلاب سلطة وطموحات سياسية، وأن دفاعهم ضد تبديل الشريعة ليس دفاعاً عقائدياً بل مجرد غطاء للمضمر المصلحي .. فظننت أن اتهام الرافضين للتبديل بأنهم مصلحيون إنما هي تهمة جديدة .. حتى قرأت قوله تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
(يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا)
ولطالما لاحظت في النصوص الشرعية بعض المواضع الملتبسة على القارئ، إما لإشكالية ثبوت أو إشكالية دلالة، فكنت أدعها وأتمسك بالنصوص الواضحة الظاهرة، حتى رأيت ثلة جديدة من الكتّاب تتطلب هذه المواضع الملتبسة وتنقب عنها وتجمعها، وتستغلها في توهين التمسك بالأحكام الواضحة الظاهرة، فكنت أتعجب من جهودهم في تتبع المتشابه واستغلاله لتصديع المحكم والتمتع بفتنة الناس في دينهم، وكنت أظن أن هذه ظاهرة جديدة .. حتى قرأت قوله تعالى:
(فأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ)
وكنت أرى مجموعة من الكتاب يتطلبون الاختلاف والمفارقة عن عامة المتدينين، بل تشعر أحياناً أن معيارهم في إصابة الحق هو "مخالفة المطاوعة"، فيصعب عليهم اتباع الحكم الشرعي الذي يجمعهم بعامة المتدينين، لما امتلأ في قلوبهم من الغرور والزهو الزائف، بل بعضهم إذا أراد الاحتجاج على رد مفهوم معين قال لك: ومافرق كلامك عن كلام دراويش الصحوة؟! فصار المعيار (المفارقة) وليس (البرهان)، فكنت أتعجب كيف يتورط الانسان بترك الشريعة لأجل مخالفة من يزدريهم فقط؟! وكنت أتوهم ذلك أمراً جديداً .. حتى قرأت قوله تعالى:
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا كَمَا آَمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آَمَنَ السُّفَهَاءُ)
بل لقد رأيت عدداً من كبار المثقفين الذين يكتبون في "إعادة قراءة التراث" ينادي بكل صراحة في عدد من كتاباته ومحاضراته بضرورة الاستفادة من التراث الاسلامي، فإن وافق المفاهيم الحديثة استعملناه في تأصيلها، وإن خالف المفاهيم الحديثة تجاوزناه. بمعنى أن العلاقة مع النص صارت علاقة مشروطة، السمع والطاعة إن جاءت بما نريده فقط، فكنت أتصور أن هذه انتهازية معاصرة .. حتى قرأت قوله تعالى:
(يحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا)
ورأيت شريحة أخرى لايرفضون الشريعة كلها، ويعلنون الالتزام بها، لكنهم يريدون أن يتوسطوا بين المتدينين الذين يأخذون الاسلام كله وبين العلمانيين الذي يرفضون الشريعة جملة، ويرى أن هذا من سبيل الوسطية والاعتدال بين الفريقين، فكنت أتعجب من هذا الفهم للوسطية! كيف تكون الوسطية هي التوسط بين الإسلاميين والعلمانيين؟! .. وكنت أتوهم هذا فهماً جديداً لمعنى الوسطية .. حتى قرأت قوله تعالى:
(وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا)
ولطالما التقيت بعدد من المتثيقفين تمتد أمسياتهم الفكرية إلى آخر ساعات الليل .. فإذا أقحم أحد الحضور نصوصاً شرعية تضايقوا وتبرموا وانقبضت وجوههم، ولمزوا المتحدث بأن مقصوده المزايدة ورغبة الهيمنة .. فإذا ذكرت أسماء الأعلام الغربية الرنانة ابتهجوا وانبلجت أسارير وجوههم واستزادوا المتحدث .. فكنت أتوهم ذلك سلوكاً جديداً .. حتى قرأت قوله تعالى:
(وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)
ورأيت شريحة أخرى تعلن الالتزام بالشريعة والإيمان بها، وأنها المقدس، وأنها عظيمة، لكن هؤلاء في كل دعوتهم وعملهم وخطابهم وكتاباتهم إنما يتحاكمون للثقافة الغربية والقوانين الغربية والدول الغربية .. فكنت أتعجب كيف يدعي الإيمان بالشريعة ويتظاهر بتعظيمها وهو لايتحاكم إليها؟! لم لايصرح ويكشف مرجعيته الحقيقية؟! وكنت أتصور أن هذا تناقض معاصر .. حتى قرأت قوله تعالى:
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ)
(يُتْبَعُ)
(/)
ورأيت طائفة من مثقفي إعادة قراءة التراث يبثون الارتيابات والتوجسات حول السنة النبوية، حيث يرون أن أحاديث الرسول كلها ليست تشريع، وإنما هي أمور تلقفها النبي من عصره ورددها، فكنت أظن هذا التنقص لمقام الرسول فكرة جديدة .. حتى قرأت قوله تعالى:
(ومِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ)
وشهدت عدداً من الكتّاب الشباب لازالت خصومتهم مع المتدينين تتجارى بهم، حتى بلغت بهم أن تورطوا في مقالات مليئة بمحادة النصوص ومشاقة الوحي. كل ذلك بدافع النكاية والمناكفة ومغاضبة المتدينين وإغاظتهم فقط، فكنت أتساءل بدهشة: كيف ينسى المرء ربه لأجل أن يسخر بخصمه فقط؟! وكنت أفترض أن هذه آثار صراعية جديدة .. حتى قرأت قوله تعالى:
(إنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ)
ورأيت طائفة من المثقفين يبالغون ويغالون في تعظيم القرآن، وقداسة القرآن، وشمولية القرآن، بصورة انبهارية لايقولها مفسروا أهل السنة أنفسهم! فكنت أتساءل مالمغزى ياترى لهذه التوقير المفاجئ للقرآن؟ فماعهدت القوم نصوصيين! وإذا بهم يتخذون هذه المغالاة في التوقير مجرد مقدمة لينفذوا من خلالها لنفي السنة واغتيالها .. فيجعلون قداسة الله ذريعة لإنكار نصوص رسول الله .. فظننت هذا المدخل المخاتل شيئاً جديداً .. حتى قرأت قوله تعالى:
(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ)
ورأيت عدداً من الكتّاب يذكرون ماكان عليه أهل منطقتهم من رقص الرجال والنساء سوياً بكل نقاء وطهارة وصفاء نية، حتى جاءت الصحوة التي لوثت ذلك الصفاء ومنعت تلك المظاهر، فإذا قلت له: ولكن رقص الرجال والنساء سوياً لون من الفواحش التي نهى الله ورسوله عنها. فيستمر يحتج عليك بالماضي الذي دمرته الصحوة! .. فكنت أتوهم هذا التفكير الساذج لون جديد من التفكير .. حتى قرأت قوله تعالى:
(وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا)
وقرأت لعددٍ من المثقفين الذين يعلنون احترامهم لمرجعية الوحي ومفاهيم القرآن والسنة، لكنه كلما عرض له مفهوم شرعي رده وشنع عليه، فإذا ساءله الناس عن ذلك؟ قال لهم: أنا ليس لدي مشكلة مع "النص"، وإنما مشكلتي مع "تسييس النص"، وهذه الخطابات الدينية كلها خطابات باحثة عن السيطرة .. فصار يتعلل في رد كل حقيقة شرعية بتهمة التسييس وقذف العاملين للاسلام بالبحث عن الهيمنة والنفوذ!. فكنت أعتقد أن اتهام العاملين للاسلام بذلك بهدف التخلص من كلفة الانقياد إنما هي فكرة جديدة .. حتى قرأت قوله تعالى:
(قالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ)
وسمعت مرة من بعض الليبراليين حنقه الشديد على ابن باز وابن عثيمين، وكان يقول فيهما كلاماً لايقوله المرء في أخس المجرمين، فسألته: ولماذا لاتصرح بذلك؟ ولماذا تستتر بمثل هذا الموقف المتشنج ضدهما؟ فقال لي بكل صراحة: لولا نفوذهم الاجتماعي لأشعلتها عليهم .. فظننت أن ذلك حالة جديدة .. حتى قرأت قوله تعالى:
(وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ)
ورأيت كثيراً من المتثيقفين يفاضل بين الناس على أساس معيار مادي بحت، فالكافر العالم خير من المؤمن الجاهل، والكافر الثري خير من المؤمن الفقير، وكنت أتوهم أن هذا المعيار المادي فكرة جديدة لم تنبه إليها النصوص، حتى قرأت قوله تعالى:
(وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ)
(يُتْبَعُ)
(/)
وتلاحظ أنه حين تثور في المجتمع مسألة شرعية جهادية أو قضائية أو حسبوية أو دعوية أو غيرها فإن كثيراً من الكتّاب يتصدر للفتيا فيها وهو لم يبحثها أصلاً، ويذيع فتواه وينشرها، وينسب رأيه للشريعة بلا تردد، والاجتهاد في الشريعة ليس محصوراً على عرق أو نسب، وإنما هو مقيد بشروط علمية كغيره من التخصصات، فكنت أتعجب من تسابق هؤلاء الكتّاب على الفتيا دون علم .. فلاهم درسوا النصوص، ولا سألوا من يحسن الاستنباط منها، وكنت أظن ذلك شيئاً جديداً حتى قرأت قوله تعالى:
(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)
وكنت أسمع هؤلاء المتثيقفين إذا أرادوا أن يحقروا أحداً سموه بـ"الواعظ" تقليلاً لشأنه، وهذا التحقير بهذا الوصف فرع عن كونهم يرون المواعظ أحط مراتب الخطاب وأنقصها قيمة، فتسرب إلى ذهني هذا التحقير للمواعظ بشكل غير مباشر، وصرت مثلهم أعتقد أن المواعظ لاتليق بالخطاب الراقي، حتى رأيت الله تعالى وصف كتبه السماوية بأنها "موعظة" فعلمت أنه من المحال أن يختار الله لأعظم كتبه أحط الأوصاف!
فسمى القرآن موعظة فقال (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ)
وسمى التوراة موعظة فقال (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلا)
وسمى الإنجيل موعظة فقال (وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ)
ولطالما كنت أتوهم أن الاحتجاج على "صحة المبدأ بقوة أتباعه" إنما هي طريقة جديدة ساذجة في التفكير، وأن الناس كانت تدرك أن الحق لاصلة له بالقوة، حتى قرأت قوله تعالى:
(فأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً؟)
ولطالما كنت أتوهم –أيضاً- أن الاحتجاج على "بطلان المبدأ بضعف أتباعه" إنما هي طريقة جديدة ساذجة في التفكير .. حتى قرأت قوله تعالى:
(قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ)
وكنت ألاحظ بعض المتثيقفين يستكبر عن الإنصات للخطاب الشرعي، وإذا عرض له شئ من ذلك، تظاهر باستكبار أنه لايفهم ماذا يقول هذا؟ وربما أخفى كبرياءه في سؤال استعلائي يقول فيه: ماذا يقول هذا الشيخ؟! وكنت أظن أن مثل هذه الأساليب الاستعلائية أساليب جديدة .. حتى قرأت قوله تعالى
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا؟)
تلاحظ أن كثيراً من المتثيقفين حين تنقل لهم في أصل شرعي كبير تواطؤ أقوال أئمة الإسلام الكبار كفقهاء أصحاب رسول الله، ومفتي التابعين، وأئمة الأمصار المتبوعين، يقول لك: هؤلاء كلهم بشر، حتى لو تتابعوا على أصل معين فإنه لايلزمني، قلت له: هذا يلزم عليه أنهم كلهم ضلوا في أصل كبير من أصول الاسلام، فيقول لك: هذه لوازم لست معنياً بالتفكير فيها، ويبقى أنهم "بشر" .. ويتطور الأمر سوءاً عند بعضهم فلايقبل مروياتهم ولافقههم بحجة أنهم "بشر" .. فكنت ألاحظ كثرة تردادهم لبشرية السلف لبرهنة عدم حجية ماتتابعوا عليه نقلاً أو فقهاً .. وكنت أتوهم أن التذرع بالبشرية لرفض الانقياد للشريعة شأن جديد .. حتى قرأت قوله تعالى:
(فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا)
في منتديات وصوالين المتثيقفين تتفاجأ بكثير من العلمانيين الجذريين الذين لايعولون على حاكمية الشريعة في دقيق ولا جليل، وإذا كتبوا في منتديات الانترنت بالاسم المستعار رأيتهم علمانيين جلدين، لكنهم إذا كتبوا للناس بأسمائهم الصريحة في الصحافة أكثروا من ذكر "مع مراعاة ضوابط الشريعة"، والاستفادة من الفكر الغربي بـ"ما لايعارض الشريعة"، ونحو هذه العبارات.
ولطالما وقفت متأملاً هذا (النفاق الفكري) .. فكنت أتعجب منهم كثيراً كيف يبيتون مالا يرضاه الله من العلمنة ورفض حاكمية الشريعة، فإذا كتبوا للناس أظهروا احترام الشريعة ومراعاتها؟! .. وكنت أظن هذه الحالة شأناً جديداً حتى قرأت قوله تعالى:
(يُتْبَعُ)
(/)
(يسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ)
وكنت حين أرى متثيقفاً من أصحاب (النفاق الفكري) الذين يسرون في صوالينهم ومنتدياتهم الانترنتية بالعلمانية ويتظاهرون في الصحافة بمراعاة ضوابط الشريعة أقول في نفسي: هل من المعقول أن يكون يخشى من حمية الناس لدينهم أكثر من خشيته وخوفه من الله رب الناس؟ فرأيت الله تعالى يقول:
(لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ)
وكثير من المفكرين العرب اليوم يقرر بكل صراحة بأن القضية الفكرية في أكثرها (لعبة لسانية) أو بمعنى آخر (مهارة لغوية) .. بمعنى أن القضية هي تبديل ألفاظ فقط .. ولذلك ترى الليبراليين عندنا يحرفون النصوص تحت شعار (إعادة القراءة)، ويبدلون أحكام الشريعة تحت شعار (تجديد الخطاب الديني)، ويدخلون المحرمات تحت شعار (الانفتاح)، ويلغون الحواجز الشرعية بين الجنسين تحت شعار (المساواة)، ويهيجون أهل البدع لنشر بدعهم تحت شعار (الحقوق الوطنية)، وهكذا .. ثم يجمعون هذا الإفساد كله تحت شعار (حقبة الاصلاح) و (عهد الإصلاح الميمون) و (ملك الإصلاح) الخ!
فكنت أتوهم أن هذا التلاعب اللغوي شأن جديد .. حتى قرأت قوله تعالى:
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)
ورأيت طائفة من الناس ليسوا بعلمانيين ولا شهوانيين، ولكن غالب وقتهم هو التهكم وانتقاص العاملين للإسلام، فيحصون النقير والقطمير على العاملين للإسلام ويشنعون عليهم بأقل أخطائهم، ولايبصرون الأفاعي في عيون العلمانيين والشهوانيين، بل تجدهم في مجالسهم في غاية اللطف واللين معهم، فكنت أتعجب ممن يمضي عمره في الرقابة على المصلحين وهو لم يقدم شيئاً، ويتلطف للعلمانيين ومروجي الشهوات، وكنت أظن انتقاص جهود العاملين للاسلام سلوك معاصر حتى قرأت قوله تعالى:
(الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ)
بل إن بعض الأخيار في أنفسهم يجادل عن العلمانيين، ويبرر لهم، ويبحث عن التسويغات لأقوالهم، بحجة طلب هدايتهم، في الوقت الذي يتشنج فيه ضد أخطاء المحتسبين .. فكنت أظن افتراق المؤمنين في الموقف من المفسدين إنما هو شأن جديد .. حتى قرأت قوله تعالى:
(فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ)
ورأيت آخرين يشاركون في العمل الإسلامي والأنشطة الدعوية، ولكنه شديد التذمر والشكاية، وإذا تأملت محل تذمره ومحل رضاه؛ اكتشفت أنه ليس مبنياً على أساس عقدي رسالي، بل هو مبني على "حظ النفس"، فإذا كان التصرف الدعوي يراعي حظوظه الشخصية رأيته متبنياًً مدافعاًً، وإذا كان التصرف الدعوي ليس له فيه حظ ولاتشريف رأيت نياحته لاتنتهي .. فكنت أظن هذا الانتماء الدعوي المشروط على أساس حظ النفس إنما هو شئ جديد .. حتى قرأت قوله تعالى:
(مِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ)
وتجد بعض الناس لم يستطع أن يحسم خياراته وسط معركة العقيدة والشريعة والفضيلة هذه .. بل هو يحب أن يكسب العلمانيين ويحب أن يكسب العاملين للإسلام .. ولايحب أن يكون في أحد الكفتين .. وهو صادق في محبته لكلا الطرفين .. فكنت أتعجب من هذه الشريحة التي لم تحسم خياراتها بعد .. وأتساءل عن موقف العاملين للإسلام منها .. حتى قرأت قوله تعالى:
(سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا)
وكنت ألاحظ أن بعض الأخيار يرخي أذنه إلى هؤلاء المحرفين ويستمع لهم، لكن استماعه مع الوقت يتحول من استماع فضول إلى استماع تأثر .. فتتشوش الأمور عنده وتهتز قناعاته .. فيطوح به ذلك الاستماع إلى غيوم الفتنة .. كما قال تعالى:
(يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ)
وكثير من الأخيار يبقى يتلظى بنيران الحيرة، فلا هو استطاع أن يحسم خياراته .. ولا هو استطاع أن يوقف سيل التساؤلات .. ويصبح انتماؤه كغصن عذبته تقلبات الرياح .. فلاهو استلقى على أحد جانبيه .. ولا هو انكسر فاستراح .. ومن جرب عذابات الحيرة والشكوك والارتيابات عرف أنها أكثر ألماً من الضلال ذاته .. ولذلك قال تعالى:
(مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا)
حين رأيت هذه الأمثلة السابقة كلها ..
وغيرها كثير كثير .. لايمكن الإطالة بذكره ..
علمت بالضبط ماذا يعني أن القرآن تبيان لكل شئ ..
حينها وحينها فقط .. أدركت شيئاً من أسرار قوله تعالى:
(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) ..
أمثال مضروبة في القرآن فيها الإجابة عن كل شئ في حياتك .. من شعائرك ومعاملاتك إلى دقائق الصراعات الفكرية والسياسية ..
دع عنك المظاهر والرسوم .. ورفرف بين أمثلة القرآن .. وتأمل المعنى المشترك بين (المثل القرآني) و (الصورة المعاصرة) وستنكشف لك سجف الحقائق ..
صدق القائل سبحانه:
(وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)
من كل مثل .. من كل مثل ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يسري خضر]ــــــــ[07 Jan 2009, 11:37 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[08 Jan 2009, 12:48 ص]ـ
من أفضل ما قرأت اليوم.
فجزى الله الكاتب والناقل خيرا.
ـ[مرهف]ــــــــ[08 Jan 2009, 01:06 ص]ـ
بالفعل مقالة تستحق القراءة، وهذا مصداق قوله تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء)، كذلك لم يفرط الله تعالى في ذكر الأصول الفكرية العقلية التي تحرك التيارات الفكرية المختلفة في هذه الأيام ومن قبل وأضيف إلى ما تقدم أنه كان يراودني حقيقة من زمن سؤال: هل فكرة العلمانيين في فصل الدين عن الحياة جديدة أم قديمة حتى قرأت قوله تعالى عن قوم شعيب:
(قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (87) [هود: 87]
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jan 2009, 06:45 ص]ـ
مقالة قيمةٌ.
وفق اللهُ كاتبَها وناقلَها، ونفعنا بالقرآن، ورزقنا فهمَه والعملَ به. والقرآنُ لمن تأمله وتدبره كأنه يتجدد نزولُه في الحوادث والوقائع، ولا يزيده تطاول الزمان إلا تصديقاً ورسوخاً (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً).
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[08 Jan 2009, 08:49 ص]ـ
أحسن الله إليك يا فضيلة الدكتور على هذا التقل للمقالة , وفق الله كاتبها وناقلها وقارئها.
وعجيبٌ عندي أنَّ هذه الأزمةَ الآنيةَ في غزة اليومَ , كانت مخاضاً عسيراً جداً تولد منه وارثُ كل طائفةٍ من الطوائف التي تناولها القرآن بمدحٍ وإشادةٍ , أو ذمٍ وتقريع , أو فضحٍ وكشف عوَار, وما سُورُ الأحزابِ والتوبة والممتحنة وغيرهنَّ ببعيدٍ عمن يبغي التأكُّدَ من ذلك.
وما أقبحَ مَنَّ البعضِ وأذاهُ للمستضعفين بتبرعاتٍ (قد لا يكونُ تبرعَ فيها بغير ما تبرع به بيريز) وليت عينه وقعت في المصحف على قول الله (وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)
وأحب المُشاركة بقول:
إنَّ من يلومُ المؤمنينَ المتسلحينَ بإيمانهم وحجارتهم وعُصيهم وبنادقهم في مواجهةِ قوى الباطل ببارجاتها وطيرانها ومدمراتها وعُملائها في صف المقاومة, ويطلبُ الانتظار لحين التكافؤ معهم عدةً وعتاداً وعدداً , ليس بأقل عقلاً ولا أضل سبيلاً ممن يطلبُ السعي لتحويل شروق الشمس من المشرق إلى الجنوب.
ذلك أنَّ الله قضى في سنته التي لن نجد لها تبديلاً ولا تحويلاً أنْ كان وما يزالُ وسيظلُّ عددُ أعدائه ومحاربيه والكفرة به والمتمردين على شرائعه - الذينَ أبوا إلا كفوراً - أكثرَ بكثير من أوليائه المؤمنين المستسلمين له والخاضعين لشرائعه وأحكامه.
قال الله تعالى:
(وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ)
(المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ)
(اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
(حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ)
ويقول صلى الله عليه وسلم عُرضت عليَّ الأمم، فرأيت النبي ومعه الرَّهْط، والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد)
وفي الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ غريبا فطوبى للغرباء)
ولا أظنُّ الكثرة الكاثرةَ تتكلمُ بغير لسانِ أولاء اللائمينَ على المواجهة بما تيسَّرَ ووُجدَ من أدوات المقاومة , وما أجمل قول الدكتور/ زيد العمر وفقه الله في حلقته الماضية من (التفسير المباشر) إذ قال:
إنَّ النملةَ حين رأت سليمانَ وجنوده وهو المؤيد بتسخير الجن والريح والجبال والطير , لم تستسلم وتسكت وتخضع , وإنما فعلت ما في وسعها وهو الاهتمامُ بالمصلحة العامة والنجاة من هذا النبي صلى الله عليه وسلم وجنوده , فقالت (يأ أيها النملُ ادخُلوا مساكنَكُم).
فهل يبغي بعضُ الناس منع المسلم من القيام لإخوته مقامَ النملة الناصحة لسكان وادي النمل.!!
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 Jan 2009, 09:07 م]ـ
جزاك الله خيرا.
مقال ثمين حقا، وهو مثال للتدبر.
ومثل هذه التأملات تنبع مباشرة عندما يكون للمسلم همّ يعيشه أولا، ثم قراءة خاشعة مستلهمة في القرآن الكريم.
وليت كثيرا ممن يعرضون أنفسهم على وسائل الإعلام على أنهم خبراء واستراتيجيون ليتهم يعيشون القضية حقا بعقل المسلم وقلبه، لا بالعقل المادي والقلب الغافل الذي يعمى عن هذه البصائر فيَضل ويُضل على علم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[10 Jan 2009, 08:10 ص]ـ
بارك الله في كاتبها وناقلها، مقال بحق يستحق الإشادة ...
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Jan 2009, 08:55 ص]ـ
ومن روائع الأستاذ إبراهيم السكران، ومما أنصح بقراءته ما كتبه هنا:
مآلات الخطاب المدني ( http://www.saaid.net/book/open.php?cat=83&book=3588)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[10 Jan 2009, 11:33 ص]ـ
أحسنت فضيلة الشيخ أبا مجاهد ..
فهذا المقال هو حقا من أحسن ما دبجته يراع الأستاذ إبراهيم السكران ( http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.authors&authorsID=661) ..
وللأستاذ إبراهيم كتابات جيدة وعميقة جديرة بالاطلاع والمدارسة، وهي موجودة على المجلة الالكترونية الرائدة: مجلة العصر ( http://www.alasr.ws/) .
ـ[أبو المهند]ــــــــ[10 Jan 2009, 05:35 م]ـ
حق لكل من سبقني أن يسجل إعجابه بالمقال وتقديره للكاتب، وشكره للناقل، واحترامه للمعلق، ومن أحسن ما أفدته من هذا المقال " تنزيل الآيات على الواقع" شرح الواقع شرحا بأحسن الحديث القرآن الكريم.
نفع الله الجميع وهدانا للنسج على المنوال.
وأخص بالشكر أبا مجاهد والعبادي على ما تفضلا به.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[10 Jan 2009, 08:14 م]ـ
بارك الله في الجميع
ـ[السامي]ــــــــ[11 Jan 2009, 11:11 ص]ـ
مقال رائع واختيار موفق بورك فيك يا دكتور عمر وأنت دائماً متألق في الجديد والمفيد.
شكر الله لك ولكل من علق على الموضوع وزاده ثراء وفائدة.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[11 Jan 2009, 11:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بشائر النصر قد لاحت من بعيد ولا أدل على ذلك من هذه العودة المباركة للمسلمين إلى مصدر عزتهم وعزهم ونصرهم. شيء عظيم أن يلوذ المسلم عند الشدائد بالفرار إلى الفرآن الكريم لينقب فيه عن الخلاص.(/)
هل هناك رسائل عن جهود الخطيب البغدادي في التفسير؟؟
ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[08 Jan 2009, 06:43 ص]ـ
وجزاكم الله خيرًا.(/)
ما رأيكم في موضوع (الآيات التي استدل بها أهل السنة في تقرير العقيدة؟)
ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[08 Jan 2009, 06:51 ص]ـ
وهل بحث من قبل؟
وجزاكم الله خيرًا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Jan 2009, 06:57 ص]ـ
هذه الطريقة لا تجدي يا أخي الحبيب، الاستشارة لا تكون هكذا.
راسل من تأنس لرايه بطريقة خاصة، وخذ الأمر بنوع من العناية الخاصة وليس الإعلان للجميع بهذه الطريقة. هل ينفع موضوع كذا؟
الجواب نعم. الآيات التي استدل بها أهلالسنة في تقرير العقيدة موضوع قيم. ولكن السؤال:
ماذا تقصد ببحثها؟ هل ستجمعها ثم تقسمها على حسب أبواب العقيدة؟ إذن سيكون بحثك عقدياً ... وهناك تفاصيل كثيرة لم تذكرها، ولن يتوقف كل واحد لسؤالك عنها.
فالطريقة المثلى أن تدرس الموضوع بنفسك دراسة أوليةً وتستشير بطريقة خاصة من تثق برأيهم وخبرتهم، ثم تواصل. أما الاستشارات العامة هذه فهي غير مناسبة أبداً لأسباب كثيرة. وأنا كتبتُ هذا من أجل تزايد مثل هذه الاستشارات العامة هذه وهي غير مناسبة. وبعض الإخوان يقسم مباحث بحثه على هيئة أسئلة يطرحها على الملتقى، ويريد الأجوبة لنقلها لمواضعها من بحثه وهذا غير مناسب.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[08 Jan 2009, 07:12 ص]ـ
استشارتني إحدى الأخوات قبل سنة تقريباً في هذا الموضوع لرغبتها في بحثه في رسالة علمية في قسم العقيدة، ولا أدري هل استمرت أو لا؟.
والبحث قيم ولكن كما ذكر الدكتور عبد الرحمن وفقه الله لا يمكن الجواب عنه بشكل عام لكثرة تفاصيله، ولأنه سيخرج من كونه استشارة خاصة بك أخي الكريم إلى فضاء الانترنت ..
ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[08 Jan 2009, 07:13 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا يا دكتور عبد الرحمن، وبارك فيكم.
وعفوًا إن كان في مشاركاتي ما لا يناسب، فما زلت في أول الطريق، ومن أساتذتنا نتعلم.
ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[08 Jan 2009, 07:14 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا يا دكتور فهد، وبارك فيكم.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[08 Jan 2009, 10:48 ص]ـ
إضافة لما ذكره السادة المشايخ فإني أضيف أمرا، وهو أن ينبغي التنبه إلى أن كثيرا من القضايا لا يمكن أن تطرح من خلال ما في القرآن الكريم وحده، بمعنى أن من يرغب بكتابة موضوع ما من خلال القرآن الكريم فإنه يجب أن يجعل الآيات وحدها هي محور البحث، حتى يكون بحثه مطابقا للعنوان، ولا بأس بعد هذا من إيراد الأحاديث النبوية العاضدة، وهذا يتطلب أن يكون الاختيار من البداية مناسبا لطرح وإفراد قضية معينة تحدث القرآن عنها وهو ما يسمى بالتفسير الموضوعي، فإذا وجد الباحث أنه لا يمكن طرح الموضوع إلا بالتأصيل الشرعي من خلال الكتاب والسنة مجتمعين فإن بحثه يتحول إلى بحث شرعي علمي عام لا بحث تفسيري أو قرآني متخصص.
وقد رأيت بعض الإخوة عندما اختاروا بعض الموضوعات دون تروٍ ونظر =وجدوا أن موضوعاتهم لا يمكن أن تبحث من خلال القرآن الكريم وحده، بل غالب مادة البحث تؤخذ من السنة النبوية، فاضطروا إلى التعسف أحيانا في ربط بعض الأحاديث ببعض الآيات، أو إدخالها في أصل عام دل عليه القرآن الكريم ..
فهل مثل هذا يعد تفسيرا موضوعيا أو بحثا قرآنيا؟!
إذاً لا بد من إعادة النظر في هذا الأمر، وهو تنبيه منهجي لا علمي.
وبخصوص موضوع تقرير العقائد في القرآن الكريم فإنه غزير المادة فعلا، فلا بد من تحديد مسلك معين في البحث فيه، وهذه بعض الكتب التي كتبت في الموضوع أنقله من مشاركة أحد الإخوة في الملتقى:
1 - الدلالة العقلية في القرآن ومكانتها في تقرير مسائل العقيدة الإسلامية تأليف د. عبدالكريم نوفان عبيدات نشر دار النفائس 1420هـ وهو رسالة دكتوراة بجامعة أم درمان أشرف عليها أ. د. أحمد جلي
2 - آيات الله في الآفاق أو طريقة القرآن الكريم في العقائد تأليف محمد أحمد العدوي نشر مكتبة ابن تيمية-القاهرة
3 - منهج القرآن في عرض عقيدة الإسلام تأليف جمعة أمين عبدالعزيزنشر دار الدعوة بالإسكندرية
4 - عقيدة التوحيد في القرآن
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[08 Jan 2009, 11:26 ص]ـ
مما أود إضافته أن هناك سلسلة رسائل علمية حملت عنوان المباحث العقدية في بعض سور القرآن الكريم
ومما علمته طبع منها:
- المباحث العقدية في سورة الزمر
- المباحث العقدية في سورة التكاثر
وهذا يفيد أن دراسة جميع مباحث الاعتقاد في القرآن الكريم موضوع كبير جداً يحتمل عدداً كبيراً من الرسائل العلمية
لكن يمكن الباحث اختيار سورة من سور القرآن الكريم ليتناول ما تضمنته من المباحث العقدية بالدراسة والتفصيل وسيضطر إلى الاختصار في جوانب كثيرة من البحث
أو يتناول موضوعاً من موضوعات الاعتقاد فيبحثه بحثاً مفصلاً
وأمامه خيارات كثيرة
هذا إذا أراد البحث والدراسة التفصيلية
وأما إذا أراد مجرد الإشارات والتقريرات فهي فكرة على حسنها وأهميتها إلا أنها تستدعي جهداً كبيراً في جمع النقول عن الأئمة وتصنيفها وترتيبها لتكون الرسالة ذات قيمة علمية لدى أهل العلم.
ولأضرب مثالاً واحداً ليتضح هذا الأمر:
لو أراد الباحث أن يجمع الآيات التي دلت على علو الله عز وجل على خلقه - وقد صنفها بعض الأئمة إلى أصناف كثيرة فما بالك بأفرادها -
وأراد أن يتكلم عن كل آية منها ويجمع أقوال الأئمة فيها ويرتبها ويدرسها دراسة علمية فسيكون العمل ضخماً من جهة، ومن جهة أخرى فسيقع في تكرار كثير
فإذا كان هذا في مبحث واحد من مباحث العقيدة فما بالك بغيره من المباحث العظيمة والكثيرة.(/)
الوقف والابتداء في نظر أبي حيان الأندلسي رحمه الله؟؟
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[08 Jan 2009, 03:21 م]ـ
يقول أبو حيان الأندلسي رحمه الله:
((وقد ذكر المفسرون في علم التفسير الوقف وقد اختلف في أقسامه فقيل تام وكاف وقبيح وغير ذلك وقد صنف الناس في ذلك كتبا مرتبة على السور ككتاب أبي عمرو الداني وكتاب الكرماني وغيرهما ومن كان عنده حظ في علم العربية استغنى عن ذلك))
ينظر: تفسير البحر المحيط ج1/ص133
سؤالي هل علم العربية يغني عن دراسة الوقف والابتداء عند علماء التفسير والقراءات كما قال أبو حيان؟؟
أرجو التوضيح
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Jan 2009, 09:04 ص]ـ
هذه الكلمة من أبي حيان رحمه الله لسعة معرفته بالعربية، وبلوغه مرتبة عالية في فهم معاني القرآن، وعلم الوقف والابتداء مرتبط بالفهم الصحيح للمعنى، فمَنْ وَقَفَ فقد فَسَّرَ. وكلام أبي حيان فيه كثير من الصواب، حيث إنَّ الجمع بين المعرفة الصحيحة لمعاني القرآن ولغته تغنيك عن مراجعة كتب الوقف والابتداء.
ولذلك فالحاجة إلى مراجعة كتب الوقف والابتداء قليلة إلا في المواضع التي يقع فيها الاجتهاد، فتحتاج حينها لمراجعة أقوال علماء الوقف والابتداء، وفي كثير من المواطن تجدهم ينقلون أقوال علماء اللغة ويبنون عليها اختيارهم في الوقف فإجادة اللغة وفهم معاني الايات وإتقان علم الوقف والابتداء مسائل مترابطة لارتباط علم الوقف بالمعنى الذي تدل عليه الآيات والله أعلم.
ـ[جمال القرش]ــــــــ[10 Jan 2009, 02:26 م]ـ
بارك الله فيكم فضيلة الدكتور / عبد الرحمن الشهري، والشيخ الفاضل / أحمد الفقيه/ وفقكم الباري ونفع بكم.
كما تفضل فضيلة الدكتور عبد الرحمن أن المسألة تحتاج إلى دارية بعلوم التفسير،والمفردات .. إلخ.
قال ابن مجاهد: لا يقوم بالتمام في الوقف إلا نحويّ، عالم بالقراءات، عالم بالتفسير، والقصص، وتلخيص بعضها من بعض، عالمٌ باللغة التي نزل بها القرآن، وكذا علم الفقه (1). جاء في التقرير العلمي لمصحف المدينة المنورة: عُني السلف رضوان الله عليهم بمعرفة فواصل الكلام، ومراعاتها خاصة في كلام الله عز وجل، فإن هذا مما يعين على معرفة معاني الآيات وتفسيرها، ولذلك احتيج في معرفته إلى معرفة الإعراب والعربية، ومعرفة التفسير، والقراءات (2). [القطع والإتناف ص: 94].
لاحظ قول ابن مجاهد:
عالم بالقراءات:
فالوقف يختلف باختلاف القراءات، من تمامه إلى كفايته، إلى قبحه.
عالم بالتفسير:
فالوقف يختلف باختلاف أوجه التفاسير، والصحيح من أسباب النزول، وهناك من التفاسير المخلة والآراء الضعيفة، فهل يكفي مجرد إلمامه باللغة أن يكتشف الصحيح من روايات التفسير؟!
عالم بالقصص وتخليص بعضها من بعض:
وهناك من الآراء الضعيفة والإسرائيليات وما أكثرها لا سيما في القصص، فهل يكفي مجرد إلمامه باللغة أن يكتشف الصحيح من روايات القصص؟!
عالمٌ باللغة التي نزل بها القرآن:
لا خلاف في أهمية اللغة العربية وعلوم البلاغة.
عالم بالفقه:
فهناك كثير من المسائل الفقهية والتي تحتاج إلى علم بأصول الفقه، فهل يكفي مجرد إلمامه باللغة أن يحرر المسألة ويعرف آراء العلماء فيها.
ويضاف إلى ما سبق إلمامه بعلوم الحديث، وعلوم القرآن، وكذلك العقيدة ومسائلها.
مثال ماله علاقة بأوجه التفسير:
ذكر فضيلة الدكتور عبد العزيز القارئ، قال: عندما كانت لجنة مصحف المدينة النبوية تراجع وقوف المصحف، جرى بحثٌ علميٌّ نفيسٌ طويلٌ، استغرقَ أيامًا، في هذه الآية، فسائر المصاحف تضع هنا رمز الوقف اللازم، ورأينا أنَّ هذا الرمز يترتب عليه إبطالُ أحدِ الوجهين في التفسير، أو في المعنى، بينما هما وجهان صحيحان معتبران.
الوجه الأول: أن التأويل لايعلمه إلا الله، والراسخون لايعلمون التأويل. الوجه الثاني: أنهم يعلمون التأويل، فعلى الوجه الأول يختلف معنى التأويل عنه في الوجه الثاني: هو ما خفي من معاني القرآن، وكان?الرَّاسِخُونَ?فالتأويل الذي يعلمُه يحتاج إلى استنباط لايقدرعليه إلا خواصُّ العلماء، ولذلك كان ابنُ عباسٍ -رضي الله عنهما- وهو من أخصِّ خواصِّ العلماء، وأعلم الناس بالتفسير أو بالتأويل؛ كان يصل هذه الآية ويقول: " أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله.أمَّا التأويل الذي لا يعلمه أحدٌ ولايعلمُه إلا الله فله معنى آخر، وهو معرفة كلِّ الأشياء وحقائقها المغيبة عن الإنسان مثل: حقائق ما أخبر عنه في القرآن من أحوال يوم القيامة، ومن أشياء يوم القيامة، وحقائق الصفات ونحو ذلك، هذا لايعلمه إلا الله، فإذا وصل فعلى المعنى الأول، أو على الوجه الأول، وإذا وقف فعلى الوجه الثاني، فوجدنا أن رمز الوقف اللازم يصير فيه تحكم وإبطال لأحد الوجهين وكلا الوجهين صحيحان. لذلك اختارت اللجنة ألا تجعل الوقف هنا أو لا ترمز هنا إلى الوقف اللازم. بل وضعت (قلي) (1). [ينظر: أضواء البيان في معرفة الوقف والابتداء ص: 25].
مثال ما له علاقة بالفقه وأصوله:
إعراب الواو في قوله (وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)
{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} النور5} النور4
الإعراب يقوم حول بيان [قبول شهادة القاذف أوعدم قبول شهادته بعد توبته]
الفريق الأول: يرى قبول شهادته إذا تاب، وبناء على ذلك [إلا] تعود على جميع المذكور، فالتوبة تعم قبول شهادته، وتجب عنه الفسق، وعلى ذلك تكون الواو عاطفة، ويبني علماء الوقف رأيهم بعدم جواز الوقف على (أبدأ) فالكلام متعلق والاستثناء مازال يتنظر المستثنى منه.
الفريق الثاني: يرى قبول شهادته إن تاب، وبناء على ذلك [إلا] تعود على أقرب مذكور (الفاسقون) وتكون الواو مستأنفة، ويبني علماء الوقف رأيهم بجواز الوقف على (أبدأ)
بارك الله في الجميع ونفع بكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[10 Jan 2009, 05:52 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[الميموني]ــــــــ[14 Jan 2009, 07:30 م]ـ
جزيتم خيرا: الذي يظهر أنه لا يغني التوسع في علم العربية عن الاستفادة من كلام أئمة الوقف والابتداء لكونهم اجتهدوا في هذا الفن فذكروا من الفوائد والتدقيقات اللغوية وغيرها ومن علم التفسير أشياء كثيرة لا يستقل العارف باللغة بمعرفتها ابتداء ولكن من كان عنده حظ جيد من العربية وفهم قوي ومعرفة بالتفسير قد يستغني بذلك كما أشار إليه الإمام أبو حيان ولكن هذا الاستغناء مشروط بمعرفته بالتفسير لا بالعربية وحدها،ثم إنه وإن قيل قد يستغني بذلك فالغنى درجات ومراتب وسيفوته فوائد ونفائس وإن قيل باستغنائه.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[21 Jan 2009, 05:10 م]ـ
أثني على ما قاله أخي عبد الله الميموني، وأقول إضافة لذلك:
إن الأصل ـ كما أشار إليه أخي الميموني ـ هو التفسير؛ أي فهم المعنى، ويغلب على ما بعد ذلك أنه تزيُّد في التقسيم الفني لا العلمي،والصحيح اعتبار المعنى أولاً، ثم الوقف ثانيًا بناءً على المعنى، فمن حكم بقبول شهادة القاذف أوعدم قبول شهادته بعد توبته يترتَّب عليهما نوع الواو، ثم مكان الوقف، وليس المنطلق عندهم من الوقف؛ أي: هل نقف هنا أو نقف هناك؟ ثم يترتب المعنى على ذلك، وهذا إذا فُهم حلَّ كثيرًا من الإشكال في علاقة بعض العلوم (كالنحو القراءات والفقه وغيرها) بالوقف والابتداء.(/)
اقرأ بتأمل؛ وحلّق مع سيد قطب رحمه الله في أقوال رائعة عن النصر والابتلاء
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[08 Jan 2009, 05:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
"في ظلال القرآن" لسيد قطب رحمه الله تعالى كتاب عجيب؛ لا يملك المنصف العاقل عندما يقرأ فيه إلا أن يقول: سبحان من فتح على سيد بهذه الفتوحات التي استقاها من نور الوحي، وسبحان من آتاه ذلك الأسلوب الأدبي الرفيع الذي يأسر به القارئ ويأخذ بمجامع عقله وفكره حتى يحلق به في آفاق سامية ومعان رائعة وصور بديعة قل أن تجدها في كتاب ...
كلما قرأت فيه وجدت فيه ضالتي التي أبحث عنها، ورأيت فيه الجمال الذي أنشده، وشعرت عند القراءة فيه بشيء لا أجده عند القراءة في غيره من كتب البشر.
فرحمك الله يا سيد، وجعل ما سطرته في كتابك من العمل الصالح الذي لا ينقطع، وغفر لك ما بدر منك فيه من هنات وزلات- نلتمس لك فيها العذر- ونرجو الرب الكريم أن يمحوها بما غرسته فينا من حب لكتاب ربنا وتعلق به وفهم لمعانيه وإدراك لبعض كنوزه التي ما عرفناها إلا لما قرأنا "في ظلال القرآن".
وبمناسبة ما تمر به أمتنا في هذه المرحلة من أحداث أليمة عصيبة؛ أهدي نفسي وإخواني شيئاً من كنوز كتاب ربنا التي استخرجها سيد، وبينها وجلاها، وصاغها بأسلوب أدبي رفيع مؤثر، حتى كأنه يكتبها بدمه لا بحبره، ويصيح بالأجيال أن أقبلوا إلى كتاب ربكم، واستضيؤا بظلاله، واختموا بحماه حتى لا تضلوا.
وإليكم إخواني أول هذه الكنوز، راجيا منكم أن تقرأها بتأمل وتفهم، مع ربطها بما يحدث، سائلا الرب الكريم أن يهدينا للحق ويوفقنا لنصرة دينه والتمسك به حتى الممات.
قال رحمه الله في بيان ما اشتمل عليه قول الله تعالى: ? أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ?:
( ... وتنتهي هذه التوجيهات التي تستهدف إنشاء تصور إيماني كامل ناصع في قلوب الجماعة المسلمة. . تنتهي بالتوجه إلى المؤمنين الذين كانوا يعانون في واقعهم مشقة الاختلاف بينهم وبين أعدائهم من المشركين وأهل الكتاب، وما كان يجره هذا الخلاف من حروب ومتاعب وويلات. .
يتوجه إليهم بأن هذه هي سنة الله القديمة، في تمحيص المؤمنين وإعدادهم ليدخلوا الجنة، وليكونوا لها أهلاً: أن يدافع أصحاب العقيدة عن عقيدتهم؛ وأن يلقوا في سبيلها العنت والألم والشدة والضر؛ وأن يتراوحوا بين النصر والهزيمة؛ حتى إذا ثبتوا على عقيدتهم، لم تزعزعهم شدة، ولم ترهبهم قوة، ولم يهنوا تحت مطارق المحنة والفتنة. . استحقوا نصر الله، لأنهم يومئذ أمناء على دين الله، مأمونون على ما ائتمنوا عليه، صالحون لصيانته والذود عنه.
واستحقوا الجنة لأن أرواحهم قد تحررت من الخوف وتحررت من الذل، وتحررت من الحرص على الحياة أو على الدعة والرخاء. فهي عندئذ أقرب ما تكون إلى عالم الجنة، وارفع ما تكون عن عالم الطين:
{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة، ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم، مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه: متى نصر الله؟ ألا إن نصر الله قريب}. .
هكذا خاطب الله الجماعة المسلمة الأولى، وهكذا وجهها إلى تجارب الجماعات المؤمنة قبلها، وإلى سنته - سبحانه - في تربية عباده المختارين، الذين يكل إليهم رايته، وينوط بهم أمانته في الأرض ومنهجه وشريعته. وهو خطاب مطرد لكل من يُختار لهذا الدور العظيم. .
وإنها لتجربة عميقة جليلة مرهوبة. . إن هذا السؤال من الرسول والذين آمنوا معه. من الرسول الموصول بالله، والمؤمنين الذين آمنوا بالله. إن سؤالهم: {متى نصر الله؟} ليصور مدى المحنة التي تزلزل مثل هذه القلوب الموصولة. ولن تكون إلا محنة فوق الوصف، تلقي ظلالها على مثل هاتيك القلوب، فتبعث منها ذلك السؤال المكروب: {متى نصر الله} ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وعندما تثبت القلوب على مثل هذه المحنة المزلزلة. . عندئذ تتم كلمة الله، ويجيء النصر من الله: {ألا إن نصر الله قريب}. .إنه مدخر لمن يستحقونه. ولن يستحقه إلا الذين يثبتون حتى النهاية. الذين يثبتون على البأساء والضراء. الذين يصمدون للزلزلة.
الذين لا يحنون رؤوسهم للعاصفة. الذين يستيقنون أن لا نصر إلا نصر الله، وعندما يشاء الله. وحتى حين تبلغ المحنة ذروتها، فهم يتطلعون فحسب إلى {نصر الله}، لا إلى أي حل آخر، ولا إلى أي نصر لا يجيء من عند الله. ولا نصر إلا من عند الله.
بهذا يدخل المؤمنون الجنة، مستحقين لها، جديرين بها، بعد الجهاد والامتحان، والصبر والثبات، والتجرد لله وحده، والشعور به وحده، وإغفال كل ما سواه وكل من سواه.إن الصراع والصبر عليه يهب النفوس قوة، ويرفعها على ذواتها، ويطهرها في بوتقة الألم، فيصفو عنصرها ويضيء، ويهب العقيدة عمقاً وقوة وحيوية، فتتلألأ حتى في أعين أعدائها وخصومها. وعندئذ يدخلون في دين الله أفواجاً كما وقع، وكما يقع في كل قضية حق، يلقى أصحابها ما يلقون في أول الطريق، حتى إذا ثبتوا للمحنة انحاز إليهم من كانوا يحاربونهم، وناصرهم أشد المناوئين وأكبر المعاندين. .
على أنه - حتى إذا لم يقع هذا - يقع ما هو أعظم منه في حقيقته. يقع أن ترتفع أرواح أصحاب الدعوة على كل قوى الأرض وشرورها وفتنتها، وأن تنطلق من إسار الحرص على الدعة والراحة، والحرص على الحياة نفسها في النهاية. . وهذا الانطلاق كسب للبشرية كلها، وكسب للأرواح التي تصل إليه عن طريق الاستعلاء. كسب يرجح جميع الآلام وجميع البأساء والضراء التي يعانيها المؤمنون، والمؤتمنون على راية الله وأمانته ودينه وشريعته.
وهذا الانطلاق هو المؤهل لحياة الجنة في نهاية المطاف. . وهذا هو الطريق. .
هذا هو الطريق كما يصفه الله للجماعة المسلمة الأولى، وللجماعة المسلمة في كل جيل.
هذا هو الطريق: إيمان وجهاد. . ومحنة وابتلاء. وصبر وثبات. . وتوجه إلى الله وحده. ثم يجيء النصر. ثم يجيء النعيم. .)
ولأقواله بقية ...
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[09 Jan 2009, 01:45 ص]ـ
وفقك الله ابا مجاهد ورحم الله سيدا رحمة واسعة، وقد كنت قبل دخولي الملتقى اقرأ هذه الاية في ظلال القرآن أظل الله صاحبه في ظل العرش وكأنه يتابع ما يعاني منه أهل غزة الأبية الصامدة، وما يدور في نفوس المؤمنين وفي أفكار المنافقين والمرجفين
اللهم ارفع ما نزل بهم وزلل عروش الظالمين المعتدين ومن رضي بفعلهم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Jan 2009, 08:23 ص]ـ
{يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة. إن الله مع الصابرين}. .
يتكرر ذكر الصبر في القرآن كثيراً؛ ذلك أن الله سبحانه يعلم ضخامة الجهد الذي تقتضيه الاستقامة على الطريق بين شتى النوازع والدوافع؛ والذي يقتضيه القيام على دعوة الله في الأرض بين شتى الصراعات والعقبات؛ والذي يتطلب أن تبقى النفس مشدودة الأعصاب، مجندة القوى، يقظة للمداخل والمخارج. . ولا بد من الصبر في هذا كله. . لا بد من الصبر على الطاعات، والصبر عن المعاصي، والصبر على جهاد المشاقين لله، والصبر على الكيد بشتى صنوفه، والصبر على بطء النصر، والصبر على بعد الشقة، والصبر على انتفاش الباطل، والصبر على قلة الناصر، والصبر على طول الطريق الشائك، والصبر على التواء النفوس، وضلال القلوب، وثقلة العناد، ومضاضة الإعراض. .وحين يطول الأمد، ويشق الجهد، قد يضعف الصبر، أو ينفد، إذا لم يكن هناك زاد ومدد. ومن ثم يقرن الصلاة إلى الصبر؛ فهي المعين الذي لا ينضب، والزاد الذي لا ينفد. المعين الذي يجدد الطاقة، والزاد الذي يزود القلب، فيمتد حبل الصبر ولا ينقطع. ثم يضيف إلى الصبر، الرضى والبشاشة، والطمأنينة، والثقة، واليقين.
(يُتْبَعُ)
(/)
إنه لا بد للإنسان الفاني الضعيف المحدود أن يتصل بالقوة الكبرى، يستمد منها العون حين يتجاوز الجهد قواه المحدودة. حينما تواجهه قوى الشر الباطنة والظاهرة. حينما يثقل عليه جهد الاستقامة على الطريق بين دفع الشهوات وإغراء المطامع، وحينما تثقل عليه مجاهدة الطغيان والفساد وهي عنيفة. حينما يطول به الطريق وتبعد به الشقة في عمره المحدود، ثم ينظر فإذا هو لم يبلغ شيئاً وقد أوشك المغيب، ولم ينل شيئاً وشمس العمر تميل للغروب. حينما يجد الشر نافشاً والخير ضاوياً ولا شعاع في الأفق ولا معلم في الطريق. .
هنا تبدو قيمة الصلاة. . إنها الصلة المباشرة بين الإنسان الفاني والقوة الباقية. إنها الموعد المختار لالتقاء القطرة المنعزلة بالنبع الذي لا يغيض. إنها مفتاح الكنز الذي يغني ويقني ويفيض ...
إنها الانطلاقة من حدود الواقع الأرضي الصغير إلى مجال الواقع الكوني الكبير. إنها الروح والندى والظلال في الهاجرة، إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود. . ومن هنا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في الشدة قال: «أرحنا بها يا بلال» ويكثر من الصلاة إذا حزبه أمر ليكثر من اللقاء بالله.
إن هذا المنهج الإسلامي منهج عبادة. والعبادة فيه ذات أسرار. ومن أسرارها أنها زاد الطريق. وأنها مدد الروح. وأنها جلاء القلب. وأنه حيثما كان تكليف كانت العبادة هي مفتاح القلب لتذوق هذا التكليف في حلاوة وبشاشة ويسر. . إن الله سبحانه حينما انتدب محمداً - صلى الله عليه وسلم - للدور الكبير الشاق الثقيل، قال له:
{يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً. نصفه أو انقص منه قليلاً. أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً. . إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً} فكان الإعداد للقول الثقيل، والتكليف الشاق، والدور العظيم هو قيام الليل وترتيل القرآن. . إنها العبادة التي تفتح القلب، وتوثق الصلة، وتيسر الأمر، وتشرق بالنور، وتفيض بالعزاء والسلوى والراحة والاطمئنان.
ومن ثم يوجه الله المؤمنين هنا وهم على أبواب المشقات العظام. . إلى الصبر وإلى الصلاة. .
ثم يجيء التعقيب بعد هذا التوجيه: {إن الله مع الصابرين}. .
معهم، يؤيدهم، ويثبتهم، ويقويهم، ويؤنسهم، ولا يدعهم يقطعون الطريق وحدهم، ولا يتركهم لطاقتهم المحدودة، وقوتهم الضعيفة، إنما يمدهم حين ينفد زادهم، ويجدد عزيمتهم حين تطول بهم الطريق. . وهو يناديهم في أول الآية ذلك النداء الحبيب: {يا أيها الذين آمنوا}. . ويختم النداء بذلك التشجيع العجيب: {إن الله مع الصابرين}. انتهى كلام سيد
أقول: ليتدبر هذا الكلام - بعد تدبر الآية الكريمة- أناس تهاونوا في الصلاة، وتكاسلوا عن أدائها والمحافظة عليها في أوقاتها - خاصة من بعض أهل العلم - الذين يعجبك قولهم ولكنك تتعجب من صلاتهم.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[11 Jan 2009, 12:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في الحقيقة شيء يثلج الصدر أن نرى هذا التحول الإيجابي عند إخوتنا بأرض مهبط الوحي. وتغير موقفهم من هذا التطواف للشهيد سيد في ظلال القرآن الكريم. فبعدما ارتفعت أصوات دعاوى تنادي بحرق نسخه أصبحنا ولله الحمد وله المنة نقرأ لمنصفين من الباحثين المسلمين الحجازيين إشادات وإفادات ماتعة نافعة حول هذا المجهود المبارك لسيد رحمه الله رحمة واسعة.
فإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الحق يعلوا ولا يعلا عليه. كما يدل على أن الزمن كفيل في بعض الأحيان بأن ينصف أهل الحق ولو بعد حين.
جزى الله خيرا أساتذتنا في الملتقى على هذا المنهج المبارك الأصيل.
كما أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتغمد من وفقه سبحانه إلى أن يحظى بفضل السبق في هذا الشأن. شيخنا بكر أبو زيد الذي لا يمكن لنا أن ننسى أو نتناسى ما قدمه رحمه الله من مواقف حق في نوازل كثيرة منها موقفه رحمه الله من كتاب في ظلال القرآن.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Jan 2009, 12:07 ص]ـ
قال سيد تغمده الله برحمته:
(يُتْبَعُ)
(/)
(لقد شاء الله تعالى أن يجعل دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم كي يتم نضجهم هم في أثناء المعركة. فالبنية الإنسانية لا تستيقظ كل الطاقات المذخورة فيها كما تستيقظ وهي تواجه الخطر؛ وهي تدفع وتدافع، وهي تستجمع كل قوتها لتواجه القوة المهاجمة. . عندئذ تتحفز كل خلية بكل ما أودع فيها من استعداد لتؤدي دورها؛ ولتتساند مع الخلايا الأخرى في العمليات المشتركة؛ ولتؤتي أقصى ما تملكه، وتبذل آخر ما تنطوي عليه؛ وتصل إلى أكمل ما هو مقدور لها وما هي مهيأة له من الكمال.
والأمة التي تقوم على دعوة الله في حاجة إلى استيقاظ كل خلاياها، واحتشاد كل قواها، وتوفز كل استعدادها، وتجمع كل طاقاتها، كي يتم نموها، ويكمل نضجها، وتتهيأ بذلك لحمل الأمانة الضخمة والقيام عليها.
والنصر السريع الذي لا يكلف عناء، والذي يتنزل هيناً ليناً على القاعدين المستريحين، يعطل تلك الطاقات عن الظهور، لأنه لا يحفزها ولا يدعوها.
وذلك فوق أن النصر السريع الهين اللين سهل فقدانه وضياعه.
أولاً لأنه رخيص الثمن لم تبذل فيه تضحيات عزيزة.
وثانياً لأن الذين نالوه لم تدرب قواهم على الاحتفاظ به ولم تشحذ طاقاتهم وتحشد لكسبه. فهي لا تتحفز ولا تحتشد للدفاع عنه.
وهناك التربية الوجدانية والدربة العملية تلك التي تنشأ من النصر والهزيمة، والكر والفر، والقوة والضعف والتقدم والتقهقر. ومن المشاعر المصاحبة لها. . من الأمل والألم. ومن الفرح والغم، ومن الاطمئنان والقلق. ومن الشعور بالضعف والشعور بالقوة. . ومعها التجمع والفناء في العقيدة والجماعة والتنسيق بين الاتجاهات في ثنايا المعركة وقبلها وبعدها وكشف نقط الضعف ونقط القوة، وتدبير الأمور في جميع الحالات. . وكلها ضرورية للأمة التي تحمل الدعوة عليها وعلى الناس.
من أجل هذا كله، ومن أجل غيره مما يعلمه الله. . جعل الله دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم؛ ولم يجعله لقية تهبط عليهم من السماء بلا عناء.
والنصر قد يبطئ على الذين ظلموا وأخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا: ربنا الله. فيكون هذا الإبطاء لحكمة يريدها الله.
قد يبطئ النصر لأن بنية الأمة المؤمنة لم تنضج بعد نضجها، ولم يتم بعد تمامها، ولم تحشد بعد طاقاتها، ولم تتحفز كل خلية وتتجمع لتعرف أقصى المذخور فيها من قوى واستعدادات. فلو نالت النصر حينئذ لفقدته وشيكاً لعدم قدرتها على حمايته طويلاً!
وقد يبطئ النصر حتى تبذل الأمة المؤمنة آخر ما في طوقها من قوة، وآخر ما تملكه من رصيد، فلا تستبقي عزيزاً ولا غالياً، لا تبذله هيناً رخيصاً في سبيل الله.
وقد يبطئ النصر حتى تجرب الأمة المؤمنة آخر قواها، فتدرك أن هذه القوى وحدها بدون سند من الله لا تكفل النصر. إنما يتنزل النصر من عند الله عندما تبذل آخر ما في طوقها ثم تكل الأمر بعدها إلى الله.
وقد يبطئ النصر لتزيد الأمة المؤمنة صلتها بالله، وهي تعاني وتتألم وتبذل؛ ولا تجد لها سنداً إلا الله، ولا متوجهاً إلا إليه وحده في الضراء. وهذه الصلة هي الضمانة الأولى لاستقامتها على النهج بعد النصر عندما يتأذن به الله. فلا تطغى ولا تنحرف عن الحق والعدل والخير الذي نصرها به الله.
وقد يبطئ النصر لأن الأمة المؤمنة لم تتجرد بعد في كفاحها وبذلها وتضحياتها لله ولدعوته فهي تقاتل لمغنم تحققه، أو تقاتل حمية لذاتها، أو تقاتل شجاعة أمام أعدائها. والله يريد أن يكون الجهاد له وحده وفي سبيله، بريئاً من المشاعر الأخرى التي تلابسه.
وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يقاتل حمية والرجل يقاتل شجاعة والرجل يقاتل ليرى. فأيها في سبيل الله. فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله».
قد يبطئ النصر لأن في الشر الذي تكافحه الأمة المؤمنة بقية من خير، يريد الله أن يجرد الشر منها ليتمحض خالصاً، ويذهب وحده هالكاً، لا تتلبس به ذرة من خير تذهب في الغمار!
وقد يبطئ النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماماً. فلو غلبه المؤمنون حينئذ فقد يجد له أنصاراً من المخدوعين فيه، لم يقتنعوا بعد بفساده وضرورة زواله؛ فتظل له جذور في نفوس الأبرياء الذين لم تنكشف لهم الحقيقة. فيشاء الله أن يبقى الباطل حتى يتكشف عارياً للناس، ويذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية!
وقد يبطئ النصر لأن البيئة لا تصلح بعد لاستقبال الحق والخير والعدل الذي تمثله الأمة المؤمنة. فلو انتصرت حينئذ للقيت معارضة من البيئة لا يستقر لها معها قرار. فيظل الصراع قائماً حتى تتهيأ النفوس من حوله لاستقبال الحق الظافر، ولاستقبائه!
من أجل هذا كله، ومن أجل غيره مما يعلمه الله، قد يبطئ النصر، فتتضاعف التضحيات، وتتضاعف الآلام. مع دفاع الله عن الذين آمنوا وتحقيق النصر لهم في النهاية.)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[14 Jan 2009, 12:57 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
لن أتكلم بشيء فوق كلام شيخنا الفاضل: فاضل الشهري
وفقك الله ابا مجاهد ورحم الله سيدا رحمة واسعة
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[14 Jan 2009, 05:08 م]ـ
.... فبعدما ارتفعت أصوات دعاوى تنادي بحرق نسخه أصبحنا ولله الحمد وله المنة نقرأ لمنصفين من الباحثين المسلمين الحجازيين إشادات وإفادات ماتعة نافعة حول هذا المجهود المبارك لسيد رحمه الله رحمة واسعة.
أولاً: أشكر أخي العزيز أبا مجاهد على هذه الفوائد من سيد رحمه الله.
ثانياً: أود أن أفيدك ـ أخي الكريم ـ أن المنصفين لسيد ـ ولغيره من المؤلفين ـ كثيرون جداً بحمد الله، ولكن لحكمة، بل لِحِكَمٍ ـ يريدها الله تعالى، تظهر بعض تلك الأصوات والكتابات التي ضعفت فيها موازين النقد المنصف، أو غلب على بعض أهلها الهوى ـ نعوذ بالله منه ـ، أو لغير ذلك من الأسباب؛ ليظهر الله ـ وهو الحكم العدل ـ فضلَ أقوامٍ وجهادهم وبلاءهم ـ وإن أخطأوا ـ، وفي المقابل: ليظهر من كان الداعي له شيءٌ آخر غير نصرة الحق (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ [النمل: 74]) ..
وإذا كان الإنصاف قد شكى من عزّتِه وقلته أئمة أكابر في قرون سابقة، أفتراه سيكون اليوم كثيراً؟ مع غلبة الأهواء! والحظوظ! والركض وراء أنواع من المقامات الدنيوية، والشخصية؟! كلا وربي،والله المستعان، وعليه التكلان.
ولا أحب أن أخوض في الدفاع عن شخصٍ بعينه، فإن وضوح المنهج أحسن ـ في نظري ـ من التنصيص على أشخاص، قد يؤدي فتح الحديث عنهم إلى اختزال القضية فيهم،مع يقيني بأهمية الدفاع عن الأعلام كلٌّ بحسبه، بعدل وإنصاف ـ أيضاً ـ فلا يحملنا الحب ولا البغض على طوي الحسنات، أو نشر السيئات فحسب ..
وأختم بنص نفيس لابن تيمية في هذا المقام، ذكره في منهاج السنة النبوية: (5/ 146):
"وكذلك بيان أهل العلم لمن غلط في رواية عن النبي صلى الله عليه و سلم، أو تعمد الكذب عليه، أو على من ينقبل عنه العلم، وكذلك بيان من غلط في رأي رآه في أمر الدين من المسائل العلمية والعملية فهذا إذا تكلم فيه الإنسان بعلم وعدل، وقصدَ النصيحة فالله تعالى يثيبه على ذلك لا سيما إذا كان المتكلم فيه داعياً إلى بدعة، فهذا يجب بيان أمره للناس، فإن دفع شره عنهم أعظم من دفع شر قاطع الطريق.
وحكم المتكلم باجتهاده في العلم والدين حكمُ أمثاله من المجتهدين، ثم قد يكون مجتهداً مخطئاً أو مصيباً، وقد يكون كل من الرجلين المختلفين باللسان أو اليد مجتهداً يعتقد الصواب معه، وقد يكونان جميعاً مخطئين مغفوراً لهما كما ذكرنا نظير ذلك مما كان يجري بين الصحابة" انتهى.
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[17 Jan 2009, 07:14 ص]ـ
نقولات ماتعة من عالم هضم الابتلاء حقا وحقيقة
غفر الله للشيخ سيد قطب ورحمه وأسكنه فسيح جناته
ومزيدا من النقولات يا شيخنا أبا مجاهد وياشيخنا عمر المقبل
ـ[محمد رشيد]ــــــــ[19 Feb 2009, 02:05 م]ـ
السلما عليكم ورحمة الله وبركاته
عجيب والله ما يقوله الشيخ الحبيب أبا مجاهد!
إن بعض ما يقوله ـ ولدي ما هو أعظم ـ هو ما يصرخ به قلبي وشعوري ولا تسعفني موصلاتي الحسية إلى نقله حول كتاب الظلال .. نعم، إنه ـ والله على ما أقول شهيد ـ لا يوازيه كتاب معاصر في أهدافه .. إنه (مخزن توجيه) للصحوة المعاصرة .. مخزن توجيه لا يوازه مخزن آخر كتب إلى الآن.
وأنا لي تعايشات يومية جردية مع الظلال .. وإن من بعض الأمور التي (تنغص) هذا التعايش هو أن أنتهي من جرده .. ولكن .. كتاب الله لا ينتهي!
يقولون كتاب أدبي! .. يقولون كتاب وعظي! .. يقولون كتاب تربية .. ليقولوا ما يشاؤون .. فهذا كلام أحد رجلين؛ رجل ما قرأه وإنما اطلع على بعض جمله ففهمها على خلفية منه .. أو رجل قرأه بعين جلف ما حوت شعورا .. وهذا حال الكثيرين ممن تسوءنياتهم في قراءته .. ونحن هنا بمصر قد نلتقي بأناس ممن تقدمت بهم السن كانوا قديما من الشباب المتابعين للظلال .. فنراهم ـ بتلقائيتهم الصافية ـ يحكون لك مشاعرهم مع هذا الكتاب ومؤلفه.
إن قالة الشيخ أبي مجاهد:
(يُتْبَعُ)
(/)
"في ظلال القرآن" لسيد قطب رحمه الله تعالى كتاب عجيب؛ لا يملك المنصف العاقل عندما يقرأ فيه إلا أن يقول: سبحان من فتح على سيد بهذه الفتوحات التي استقاها من نور الوحي، وسبحان من آتاه ذلك الأسلوب الأدبي الرفيع الذي يأسر به القارئ ويأخذ بمجامع عقله وفكره حتى يحلق به في آفاق سامية ومعان رائعة وصور بديعة قل أن تجدها في كتاب ...
وقالته:
كلما قرأت فيه وجدت فيه ضالتي التي أبحث عنها، ورأيت فيه الجمال الذي أنشده، وشعرت عند القراءة فيه بشيء لا أجده عند القراءة في غيره من كتب البشر.
والله لكأنما يقولها بلساني!
لقد فتح الله تعالى علي بكتاب الظلال قراءة وتعايشا و ـ إن صح التعبير ـ عشقا .. !
وأجزم ـ وأنا غير متحرج ـ أنه لم يؤلف مثله .. والكتاب ومؤلفه كانا سببا لنجدتي من بلايا ورزايا فكرية تصورية كنت في طريق الهلاك بها، ولم يعصمني منها ـ كسبب ـ ما كان معي من فروع وعلوم آلة عايشتها سنوات وانغمست فيها غمس الولهان، بله العابد!
إن القضية ليست قضية بيانات وتحصيل وعلوم فروع وأصول؛ فكم رأينا من فقيه ذل وانتكس بعد أن كان غارقا في بحور العلوم ـ وتاريخ الجبرتي والانفتاح الغربي على رجال الأزهر والتاريخ الحديث يشهدون بذلك ـ ..
وكم رأينا ـ في أيامنا تلك ـ أيام الفتن الفكرية (الدينية) من رجل كان يشار إليه بالعلامة المحدث الفقيه، فإذا به تعصفه الأمواج الفكرية والأحداث المتلاطمة، فيتحول منهجه إلى منهج منبوذ مميع، أو إلى فكر بعيد عن الإسلام بالكلية، ناشء عن المصنع الغربي الملحد!
إن اطمئنان القلب إلى ((الله)) هو شيء آخر غير ذاك .. هو الثبات والاطمئنان إلى منهج الله .. هو التلقائية في التصور .. هو ترك الفطرة تعمل دون معوقات ودون محاولة التدخل في عملها ..
فدين الله تعالى فطرة وتشريع منزل بموجب ما التزمته الفطرة من طبيعتها؛ لا معادلات يدخلها تكلف الإنسان وإعمال عقله القاصر .. فصار المنهج الرباني الواحد مناهج وتوجهات وجيوب .. هي أضيق على النفس من جحر الضب!
والله تعالى المستعان وعليه التكلان
وكأنه يتابع ما يعاني منه أهل غزة الأبية الصامدة
وهذا مثله ..
قال لي أحد أصحابي يوما حينما اطلعنا على كلام لقطب: كأنما يتكلم من قبره
ثم تعايشت مع الظلال فترة أحداث غزة .. فإذا بسيد قطب رحمه الله .. وفي غمرة الخيانات والتحريض من الخائنين على المؤمنين والتخويف والترعيب من تولي المؤمنين واللحوق بهم في جهاد أعداء العقيدة .. إذا بسيد قطب رحمه الله ورضي عنه يبعث لنا من الظلال بيانا! .. جاء فيه:
({يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين. بل الله مولاكم وهو خير الناصرين}. .
لقد انتهز الكفار والمنافقون واليهود في المدينة ما أصاب المسلمين من الهزيمة والقتل والقرح ليثبطوا عزائمهم ويخوفوهم عاقبة السير مع محمد ويصوروا لهم مخاوف القتال وعواقب الاشتباك مع مشركي قريش وحلفائهم. . وجو الهزيمة هو أصلح الأجواء لبلبلة القلوب وخلخلة الصفوف وإشاعة عدم الثقة في القيادة; والتشكيك في جدوى الإصرار على المعركة مع الأقوياء; وتزيين الانسحاب منها ومسالمة المنتصرين فيها! مع إثارة المواجع الشخصية والآلام الفردية; وتحويلها كلها لهدم كيان الجماعة ثم لهدم كيان العقيدة ثم للاستسلام للأقوياء الغالبين!))
سبحان الله .. لمن كتب قطب هذا الكلام؟
ثم يقول:
((ومن ثم يحذر الله الذين آمنوا أن يطيعوا الذين كفروا. فطاعة الذين كفروا عاقبتها الخسارة المؤكدة وليس فيها ربح ولا منفعة. فيها الانقلاب على الأعقاب إلى الكفر. فالمؤمن إما أن يمضي في طريقه يجاهد الكفر والكفار ويكافح الباطل والمبطلين وإما أن يرتد على عقبيه كافراً - والعياذ بالله - ومحال أن يقف سلبياً بين بين محافظاً على موقفه ومحتفظاً بدينه. . إنه قد يخيل إليه هذا. . يخيل إليه في أعقاب الهزيمة وتحت وطأة الجرح والقرح أنه مستطيع أن ينسحب من المعركة مع الأقوياء الغالبين وأن يسالمهم ويطيعهم وهو مع هذا محتفظ بدينه وعقيدته وإيمانه وكيانه! وهو وهم كبير. فالذي لا يتحرك إلى الأمام في هذا المجال لا بد أن يرتد إلى الوراء والذي لا يكافح الكفر والشر والضلال والباطل والطغيان لا بد أن يتخاذل ويتقهقر ويرتد على عقبيه إلى الكفر والشر والضلال
(يُتْبَعُ)
(/)
والباطل والطغيان! والذي لا تعصمه عقيدته ولا يعصمه إيمانه من طاعة الكافرين والاستماع إليهم والثقة بهم يتنازل - في الحقيقة - عن عقيدته وإيمانه منذ اللحظة الأولى. . إنها الهزيمة الروحية أن يركن صاحب العقيدة إلى أعداء عقيدته وأن يستمع إلى وسوستهم وأن يطيع توجيهاتهم. . الهزيمة بادىء ذي بدء. فلا عاصم له من الهزيمة في النهاية والارتداد على عقبيه إلى الكفر ولو لم يحس في خطواته الأولى أنه في طريقه إلى هذا المصير البائس. . إن المؤمن يجد في عقيدته وفي قيادته غناء عن مشورة أعداء دينه وأعداء قيادته.)
رحم الله الرجل
ولا أحب أن أخوض في الدفاع عن شخصٍ بعينه، فإن وضوح المنهج أحسن ـ في نظري ـ من التنصيص على أشخاص، قد يؤدي فتح الحديث عنهم إلى اختزال القضية فيهم،مع يقيني بأهمية الدفاع عن الأعلام كلٌّ بحسبه، بعدل وإنصاف ـ أيضاً ـ فلا يحملنا الحب ولا البغض على طوي الحسنات، أو نشر السيئات فحسب ..
كلامكم منضبط إلى أبعد حد .. بارك الله فيك
وتفسيره العقلي النفسي كالتالي:
العبرة بالعنوان .. فأنت إذا وضعت عنوانا لشيء له معنى أو مغزى في ذهن (المخاطب) فهذه الحال سيتم تلقي كل المحتوى تحت هذا العنوان، وتفريعا عليه، وليا له في قالبه، حتى وإن كان الكلام في ذاته محتملا، بل حتى لو كان صوابا خالصا.
فحينما تريد التعبير عن منهج " سيد قطب " فهنا تظهر إشكالية .. وهي أن المستمع سيعامل كامل تناولاتك بناءا على هذا الاسم ... سيد قطب ... وبحسب ما يكون (سيد قطب) لدى المخاطب، فإنه سيترجم كلامك كاملا، وسيتكلفه ـ داخل الذهن في عملية تلقائية لا يشعر هو بها ـ إلى وضعه في (القالب القديم) الذي يعهده هو عن سيد قطب، والذي هو سابق زمانا على كلامك وتناولاتك.
ومن هنا نتبين عسر الإنصاف .. إنه يتطلب شخصا (متجردا) لا يحمل في ذهنه (بيانات) أو (خلفيات) مسبقة.
ولعل من هنا كان التشديد الفروعي ـ الفقهي ـ في أن يستمع القاضي إلى المتخاصمين معا، وأن يجتمع بهما معا .. حتى لا يترك (السابق) منهما (خلفية) ذهنية لدى القاضي تودي به أن يفهم ـ من خلالها ـ كلام الخصم الثاني.
ـ[ابو هاجر]ــــــــ[20 Feb 2009, 05:48 م]ـ
سبحان من تكلم بهذا القرآن العظيم الذي يَعْظُم من جعله حياته وعيشه000
ثم رحمة الله الدائمة على صاحب (الظلال) سيد قطب000
وإن تعجبوا من هذا الفتح المبين فاعجبوا إن شئتم من أناسٍ نصبوا له العداء وهم
يحسبون أنهم ناصحون بارّون00 فلا والله ما وجدنا لهم سلفاً صالحاً على منهجهم ذلك
إلا المكابرة وما تهوى الأنفس 00
فهلا صنعوا كما صنع ابن المبارك رحمه الله إذا ذكر عنده أحد ذكر محاسنه وأعرض
مساوئه؟؟!!
ألا يمنعهم عنه أنه جعل الحق ضالته؟؟
اللهم احفظ ألسنتنا وأقلامنا عن أعراض عبادك المؤمنين الموحدين 0
ـ[عبد اللطيف الحسني]ــــــــ[20 Feb 2009, 06:59 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله تعالى, وجزاكم خيرا.
ـ[محمود أبو جهاد]ــــــــ[21 Feb 2009, 04:17 ص]ـ
صدقتم جميعا - والله - فيما قلتم في الشهيد - كما نحسبه - سيد قطب، وما زدتم
لقد فتح الله على سيد قطب في الظلال ما لم يفتح به على أحد قبله، ولا أحد بعده، إلى اليوم، ألا رحمه الله رحمة واسعة، ورفعه إلى الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
والعجب الأعظم ليس فيما وقف عليه سيد قطب، ولكن العجب العجاب في هذا الكتاب - القرآن الكريم العظيم - الذي ما، ولا، ولن تنفد عجائبه، وكل يوم نجد من يطلع علينا بالجديد الرائع في هذا الكتاب.
فالقرآن لا يؤتي فضله كل أحد، أو أي أحد، وإنما يؤتي بعضا من فضله، وبقدر، مَنْ يشاء الله له الخير والفضل.
وتابعوا كتب التفسير منذ الطبري حتى سيد قطب وابن عاشور - رحم الله الجميع وجزاهم عنا خيرا - تروا العجب العجاب ففي آية واحدة [آية ما] تجد أن القرآن أعطى هذا، ومنع ذاك، وفتح على هذا مدى واسعا، وقدر على ذاك، وأبان وكشف لهذا، وأخفى ووارى من ذاك.
نرجو الله تعالى أن يمنحنا بعض فضله ويكشف لنا بعض أسراره وكنوزه في كتابه العزيز.
ـ[حكيم بن منصور]ــــــــ[21 Feb 2009, 03:39 م]ـ
(*) الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
(يُتْبَعُ)
(/)
أعلم أن هذا الموضوع حساس! ولكن بيان الحق واجب ولو كرهه أكثر الناس.
إن كتاب في ظلال القرآن لسيد قطب رحمه الله فيه فوائد كثيرة قد يجمعها لنا بعض المجتهدين، ولكن لا يجوز أن نلقي كلام المدح على هذا الكتاب في هذا المنتدى المبارك ويقرأ فيه العالم والطالب والجاهل، دون نصيحة تبين خطر هذا الكتاب؛ ذلك أن الذي لم يقف على الأخطاء غير الهينة الموجودة في الكتاب قد يقرأه من غير حذر ويدرسه بكل ثقة فيدخل في قلبه ما فيه من أخطاء عقدية ومنهجية بل وتفسيرية، وغير ذلك،
ومن الخطر الذي فيه ما يبدو في ظاهره من تكفير المجتمعات والجماعات، مما أدى إلى كثير من الجماعات المسماة إرهابية بالاستدلال بما فيه وتمشية مذهبهم الإجرامي لما هو مذكور في هذا الكتاب.
الواجب على العلماء والناصحين تلخيص هذا الكتاب وتهذيبه واختصاره بألفاظه الأدبية الرائعة، وعلومه الكثيرة المفيدة، مع حذف الخطإ.
هذا على غرار ما فعله العلماء السابقون من اختصار إحياء علوم الدين وتهذيبه، حتى يقرأه العالم والجاهل مستفيدين، آمنين من الانحراف والضلال.
إن الذي يكتب في هذا المنتدى بمدح كتاب فيه الأخطاء الكبيرة من غير الإشارة إلى نصيحة مفيدة، لهو مخالف للبيان، مغاير لحب الغير وهو من الإيمان.
فمن يمدح كتاب تفسير الزمخشري من دون تنبيه ولا تحذير لما وقع فيه مؤلفه من مخالفة الصواب ولو بإجمال واضح لكن من غير استحياء، لهو من الخيانة الكبيرة.
لا بد إذا تيقن الإنسان بوجود خطإ في كتاب ما أن يشير إلى الحذر من ذلك الكتاب مع الاستفادة منه.
وإن أعظم عمل يقوم به محب هذا الكتاب هو اختصاره وتهذيبه مع إبقاء حسن أسلوبه وجميل بيانه الموضح للحق لا لغيره. كما فعل ابن الجوزي مع كتاب إحياء علوم الدين ثم من بعده حتى نصل إلى جمال الدين القاسمي رحمه الله علامة الشام الذي اختصر بدوره الإحياء في كتاب مفيد. ولا أحد ينكر أن في كتاب الإحياء فوائد جمة وعظيمة وكبيرة.
قال العثيمين رحمه الله [سلسلة لقاء الباب المفتوح الشريط 6ب]: كتاب في ظلال القرآن تفسير أدبي في الواقع يعني يميل إلى الأساليب الأدبية وفيه أيضا شيء من العلوم المتأخرة وفيه علوم نافعة أيضا ولكن فيه أخطاء كثيرة وقد نبه عليها الشيخ عبد الله الدويش رحمة الله عليه وألف في هذا كتابا نبه على هذه الأخطاء فيحسن فيه أن تراجعه. اهـ
ويمكن الرجوع إلى برنامج أهل الحديث والأثر وكتابة "ظلال القرآن" أو "سيد قطب" في البحث وتسمعون الجواب من المشايخ العلماء الألباني والعثيمين وعبد المحسن العباد وابن باز ومشهور حسن، والله أعلم
فائدة: ميزان الاعتدال - (1/ 431)
قال الحافظ سعيد بن عمرو البردعى: شهدت أبا زرعة - وقد سئل عن الحارث المحاسبى وكتبه - فقال للسائل: إياك وهذه الكتب، هذه [كتب] (1) بدع وضلالات،
عليك بالاثر، فإنك تجد فيه ما يغنيك.
قيل له: في هذه الكتب عبرة.
فقال: من لم يكن له في كتاب الله عبرة فليس له في هذه الكتب عبرة، بلغكم أن سفيان ومالكا والاوزاعي صنفوا هذه الكتب في الخطرات والوساوس، ما أسرع الناس إلى البدع!
مات الحارث سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
وأين مثل الحارث، فكيف لو رأى أبو زرعة تصانيف المتأخرين كالقوت لابي طالب، وأين مثل القوت! كيف لو رأى بهجة الاسرار لابن جهضم، وحقائق التفسير للسلمى لطار لبه.
كيف لو رأى تصانيف أبى حامد الطوسى في ذلك على كثرة ما في الاحياء من الموضوعات.
كيف لو رأى الغنية للشيخ عبد القادر! كيف لو رأى فصوص الحكم والفتوحات المكية! بلى لما كان الحارث لسان القوم في ذاك العصر، كان معاصره ألف إمام في الحديث، فيهم مثل أحمد بن حنبل، وابن راهويه، ولما صار أئمة الحديث مثل ابن الدخميسى، وابن شحانة كان قطب العارفين كصاحب الفصوص، وابن سفيان (2).
نسأل الله العفو والمسامحة آمين. أهـ
ـ[جمال الدين عبد العزيز]ــــــــ[21 Feb 2009, 05:28 م]ـ
رغم كل ما قيل في الشهيد سيد قطب فإن هذا المفسر العملاق لم يكن إلا كغيره من البشر غير المعصومين حيث لم يخلو من النقص والأخطاء، ومن من البشر لم يخطئ في جهده في الفكري والعلمي؟!
من ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كان المفسرون لم يدخلوا للقرآن من باب واحد وإنما دخلوا من أبواب متفرقة فلا أدري أي باب دخل منه هذا المفسر المتفرد؟!.
وإذا كان المفسرون يحاولون استخلاص المعاني من الآيات، فإن هذه الآيات لم تكن عند سيد قطب ألفاظا يحاول استخلاص المعاني منها فحسب؛ وإنما كانت كل آية عالما مليئا بالأصداء والأضواء والصور والمشاعر والإيقاعات والإشراقات التي تصل إلى النفس من منافذ شتى؛ العقل والحسّ والوجدان والضمير، وما العقل الذي يحاول استخلاص المعنى - عنده - إلا منفذ واحد من منافذ كثيرة.
عاش سيد قطب في ظلال القرآن فأحس أنّ لكل سورة من سوره شخصية؛ لها روح يعيش معها القلب كما لو كان يعيش مع روح حي مميز الملامح والسمات والأنفاس، ولها موضوع رئيسي أو عدة موضوعات رئيسية مشدودة إلى محور خاص، ولها جو خاص يظلّل موضوعاتها كلها ويجعل سياقها يتناول هذه الموضوعات من جوانب معينة تحقق التناسق بينها وفق هذا الجو، ولها إيقاع موسيقى خاص إذا تغير في ثنايا السياق - فإنما يتغير لمناسبة موضوعية خاصة.
انظر إليه يصف سورة الرعد؛ فيقول: "هذه السورة من أعاجيب السور القرآنية التي تأخذ في نفس واحد وإيقاع واحد وجو واحد وعطر واحد من بدئها إلى نهايتها والتي تفعم النفس وتزحم الحسّ بالصور والظلال والمشاهد والخوالج التي تأخذ النفس من أقطارها جميعاً؛ فإذا هي في مهرجان من الصور والمشاعر والإيقاعات والإشراقات التي ترتاد بالقلب آفاقا وأكوانا وعوالم وأزمانا وهو مستيقظ مبصر مدرك شاعر بما يموج حوله من المشاهد والموحيات، إنها ليست ألفاظاً وعبارات؛ وإنما هي مطارق وإيقاعات: صورها وظلالها مشاهدها وموسيقاها لمساتها الوجدانية، وهناك أن موضوعها الرئيس كموضوع كل السور المكية كلها على وجه التقريب هو: العقيدة؛ وقضاياها هي توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الدينونة لله وحده في الدنيا والآخرة جميعاً، ومن ثم قضية الوحي وقضية البعث وما إليها، ولكن هذا الموضوع الواحد ذا القضايا الواحدة لم يتكرر عرضه قط بطريقة واحدة في كل تلك السور المكية وفي غيرها من السور المدنية؛ فهو في كل مرة يعرض بطريقة جديدة وفي ضوء جديد، ويتناول عرضه مؤثرات وموحيات ذات إيقاع جديد وإيحاء جديد، إن هذه القضايا لا تعرض عرضاً جدلياً بارداً يقال في كلمات وينتهي كأي قضية ذهنية باردة؛ وإنما تعرض وحولها إطار؛ هو هذا الكون كله بكل ما فيه من عجائب هي براهين هذه القضايا وآياتها في الإدراك البشري البعيد المفتوح، وهذه العجائب لا تنفد ولا تبلى جدتها؛ لأنها تكشف كل يوم عن جديد يصل إليه الإدراك، وهذه السورة تطوف بالقلب البشري في مجلات وآفاق وآماد وأعماق، وتعرض عليه الكون كله شتى مجالاته الأخاذة. والإطار العام الذي تعرض فيه هذه السورة قضاياها: هو الكون ومشاهده وعجائبه في النفس وفي الآفاق، وهذا الإطار ذو جو خاص، أنه جو المشاهد الطبيعية المتقابلة من سماء وأرض وشمس وقمر وليل ونهار وشخوص وظلال وجبال راسية وأنهار جارية وزبد ذاهب وماء باق وقطع من الأرض متجاورات مختلفات ونخيل صنوان وغير صنوان، وتطرد هذه التقابلات في كل المعاني وكل الحركات وكل المصائر في السورة؛ يتناسق التقابل المعنوي مع التقابلات الحسية وتتسق في الجو العام، ومن ثم يتقابل الاستعلاء في الاستواء على العرش مع تسخير الشمس والقمر، ويتقابل ما تغيض به مع ما تزداد، ومن أسر القول ومن جهر به، ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار، والخوف والطمع تجاه البرق؛ ولأن الجو جو الطبيعة من سماء وأرض وشمس وقمر ورعد وبرق وصواعق وأمطار وحياة وإنبات - يجئ الحديث عما تكنه الأرحام من حيوان ويتناسق غيض الأرحام وازديادها مع سيل الماء في الأودية ومع الإنبات؛ وذلك من بدائع التناسق في هذا القرآن"
والحق إنني لا أحس أن سيد قطب يتعامل مع القرآن بعقله بل أحس أن القرآن يجري في عروقه، فهذا الذي سجله في الظلال هو الذي أستطاع تسجيله من أحاسيسه ومشاعره فكيف بتلك الأحاسيس والمشاعر الكامنة في نفسه والتي لم يستطع إخراجها وهو يتأمل القرآن العظيم.
غفر الله لهذا الشهيد العملاق ما نعرفه ولا نعرفه إنه سميع مجيب
ـ[خلوصي]ــــــــ[19 Apr 2010, 09:34 ص]ـ
تقول شيخنا أبا مجاهد:
بسم الله الرحمن الرحيم
(يُتْبَعُ)
(/)
"في ظلال القرآن"
لسيد قطب رحمه الله تعالى كتاب عجيب؛ لا يملك المنصف العاقل عندما يقرأ فيه إلا أن يقول: سبحان من فتح على سيد بهذه الفتوحات التي استقاها من نور الوحي، وسبحان من آتاه ذلك الأسلوب الأدبي الرفيع الذي يأسر به القارئ ويأخذ بمجامع عقله وفكره حتى يحلق به في آفاق سامية ومعان رائعة وصور بديعة قل أن تجدها في كتاب ...
كلما قرأت فيه وجدت فيه ضالتي التي أبحث عنها، ورأيت فيه الجمال الذي أنشده، وشعرت عند القراءة فيه بشيء لا أجده عند القراءة في غيره من كتب البشر.
فرحمك الله يا سيد، وجعل ما سطرته في كتابك من العمل الصالح الذي لا ينقطع، وغفر لك ما بدر منك فيه من هنات وزلات- نلتمس لك فيها العذر- ونرجو الرب الكريم أن يمحوها بما غرسته فينا من حب لكتاب ربنا وتعلق به وفهم لمعانيه وإدراك لبعض كنوزه التي ما عرفناها إلا لما قرأنا
"في ظلال القرآن".
وفقك الله ابا مجاهد ورحم الله سيدا رحمة واسعة، وقد كنت قبل دخولي الملتقى اقرأ هذه الاية في ظلال القرآن أظل الله صاحبه في ظل العرش وكأنه يتابع ما يعاني منه أهل غزة الأبية الصامدة، وما يدور في نفوس المؤمنين وفي أفكار المنافقين والمرجفين
....
أقول: ليتدبر هذا الكلام - بعد تدبر الآية الكريمة- أناس تهاونوا في الصلاة، وتكاسلوا عن أدائها والمحافظة عليها في أوقاتها - خاصة من بعض أهل العلم - الذين يعجبك قولهم ولكنك تتعجب من صلاتهم.
فذاك سرّ إذن من أسرار تكرار الكلام عليها في أكثر من رسالة من رسائل النور! منذ يومين أو البارحة وضعت الكلمة الرابعة و هي عن الصلاة .. و لكنني ترددت .. فصحيح أن صلاتي تحتاج تصحيحاً كبيراً لكثرة ما يدخلها من السرحان و الهموم , إلا أنني وجدت أن وضعها في ملتقى التفسير قد لا يناسب .. و ترددت حقيقة لولا ضرورة الوصل بين الفصول .. غير أنني الآن سعيد بما فعلت! و والله أقولها يا أبا مجاهد العزيز: لقد اندفعت الآن فقط إلى النية الجازمة بإحسان الصلاة!!
عجيب والله ما يقوله الشيخ الحبيب أبا مجاهد!
إن بعض ما يقوله ـ ولدي ما هو أعظم ـ هو ما يصرخ به قلبي وشعوري ولا تسعفني موصلاتي الحسية إلى نقله حول كتاب الظلال .. نعم، إنه ـ والله على ما أقول شهيد ـ لا يوازيه كتاب معاصر في أهدافه .. إنه (مخزن توجيه) للصحوة المعاصرة .. مخزن توجيه لا يوازه مخزن آخر كتب إلى الآن.
وأنا لي تعايشات يومية جردية مع الظلال .. وإن من بعض الأمور التي (تنغص) هذا التعايش هو أن أنتهي من جرده .. ولكن .. كتاب الله لا ينتهي!
يقولون كتاب أدبي! .. يقولون كتاب وعظي! .. يقولون كتاب تربية .. ليقولوا ما يشاؤون .. فهذا كلام أحد رجلين؛ رجل ما قرأه وإنما اطلع على بعض جمله ففهمها على خلفية منه .. أو رجل قرأه بعين جلف ما حوت شعورا .. وهذا حال الكثيرين ممن تسوء نياتهم في قراءته .. ونحن هنا بمصر قد نلتقي بأناس ممن تقدمت بهم السن كانوا قديما من الشباب المتابعين للظلال .. فنراهم ـ بتلقائيتهم الصافية ـ يحكون لك مشاعرهم مع هذا الكتاب ومؤلفه.
....
....
لقد فتح الله تعالى علي بكتاب الظلال قراءة وتعايشا و ـ إن صح التعبير ـ عشقا .. !
وأجزم ـ وأنا غير متحرج ـ أنه لم يؤلف مثله .. والكتاب ومؤلفه كانا سببا لنجدتي من بلايا ورزايا فكرية تصورية كنت في طريق الهلاك بها، ولم يعصمني منها ـ كسبب ـ ما كان معي من فروع وعلوم آلة عايشتها سنوات وانغمست فيها غمس الولهان، بله العابد!
إن القضية ليست قضية بيانات وتحصيل وعلوم فروع وأصول؛
فكم رأينا من فقيه ذل وانتكس بعد أن كان غارقا في بحور العلوم ـ وتاريخ الجبرتي والانفتاح الغربي على رجال الأزهر والتاريخ الحديث يشهدون بذلك ـ ..
.....
إن اطمئنان القلب إلى ((الله)) هو شيء آخر غير ذاك .. هو الثبات والاطمئنان إلى منهج الله .. هو التلقائية في التصور .. هو ترك الفطرة تعمل دون معوقات ودون محاولة التدخل في عملها ..
........
قال لي أحد أصحابي يوما حينما اطلعنا على كلام لقطب: كأنما يتكلم من قبره
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم تعايشت مع الظلال فترة أحداث غزة .. فإذا بسيد قطب رحمه الله .. وفي غمرة الخيانات والتحريض من الخائنين على المؤمنين والتخويف والترعيب من تولي المؤمنين واللحوق بهم في جهاد أعداء العقيدة .. إذا بسيد قطب رحمه الله ورضي عنه يبعث لنا من الظلال بيانا! .. جاء فيه:
({يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين. بل الله مولاكم وهو خير الناصرين}. .
لقد انتهز الكفار والمنافقون واليهود في المدينة ما أصاب المسلمين من الهزيمة والقتل والقرح ليثبطوا عزائمهم ويخوفوهم عاقبة السير مع محمد ويصوروا لهم مخاوف القتال وعواقب الاشتباك مع مشركي قريش وحلفائهم. . وجو الهزيمة هو أصلح الأجواء لبلبلة القلوب وخلخلة الصفوف وإشاعة عدم الثقة في القيادة; والتشكيك في جدوى الإصرار على المعركة مع الأقوياء; وتزيين الانسحاب منها ومسالمة المنتصرين فيها! مع إثارة المواجع الشخصية والآلام الفردية; وتحويلها كلها لهدم كيان الجماعة ثم لهدم كيان العقيدة ثم للاستسلام للأقوياء الغالبين!))
سبحان الله ..
لقد فتح الله على سيد قطب في الظلال ما لم يفتح به على أحد قبله، ولا أحد بعده، إلى اليوم، .....
وتابعوا كتب التفسير منذ الطبري حتى سيد قطب وابن عاشور - رحم الله الجميع وجزاهم عنا خيرا - تروا العجب العجاب ففي آية واحدة [آية ما] تجد أن القرآن أعطى هذا، ومنع ذاك، وفتح على هذا مدى واسعا، وقدر على ذاك، وأبان وكشف لهذا، وأخفى ووارى من ذاك.
.
هذا المفسر العملاق ...
وإذا كان المفسرون لم يدخلوا للقرآن من باب واحد وإنما دخلوا من أبواب متفرقة فلا أدري أي باب دخل منه هذا المفسر المتفرد؟!.
وإذا كان المفسرون يحاولون استخلاص المعاني من الآيات، فإن هذه الآيات لم تكن عند سيد قطب ألفاظا يحاول استخلاص المعاني منها فحسب؛ وإنما كانت كل آية عالما مليئا بالأصداء والأضواء والصور والمشاعر والإيقاعات والإشراقات التي تصل إلى النفس من منافذ شتى؛ العقل والحسّ والوجدان والضمير، وما العقل الذي يحاول استخلاص المعنى - عنده - إلا منفذ واحد من منافذ كثيرة.
عاش سيد قطب في ظلال القرآن فأحس أنّ لكل سورة من سوره شخصية؛ لها روح يعيش معها القلب كما لو كان يعيش مع روح حي مميز الملامح والسمات والأنفاس، ولها موضوع رئيسي أو عدة موضوعات رئيسية مشدودة إلى محور خاص، ولها جو خاص يظلّل موضوعاتها كلها ويجعل سياقها يتناول هذه الموضوعات من جوانب معينة تحقق التناسق بينها وفق هذا الجو، ولها إيقاع موسيقى خاص إذا تغير في ثنايا السياق - فإنما يتغير لمناسبة موضوعية خاصة.
والحق إنني لا أحس أن سيد قطب يتعامل مع القرآن بعقله بل أحس أن القرآن يجري في عروقه، فهذا الذي سجله في الظلال هو الذي أستطاع تسجيله من أحاسيسه ومشاعره فكيف بتلك الأحاسيس والمشاعر الكامنة في نفسه والتي لم يستطع إخراجها وهو يتأمل القرآن العظيم.
غفر الله لهذا الشهيد العملاق ما نعرفه ولا نعرفه إنه سميع مجيب
و بعد هذا كله يا شيخنا الفاضل تغيب سنة كاملة بل تزيد!؟!
على أن اطلاعي على هذا الموضوع و رفعه هو من بركات التقنية الجديدة في المنتدى التي تظهر بعض مواضيع الكاتب .. !
فلله درّ سيّد ... و لله دركم أبا مجاهد .. و لله درّي إذ أرفعه http://www.tafsir.net/vb/images/icons/icon7.gif.. و لله درّ الإدارة .. !
و يا ليتكم سيدي الفاضل تغيّرون العنوان ليكون أشمل فتضعوا عندئذ تحته سيولاً مباركة من القبسات الظلالية!
أو تنشيء موضوعاً جديداً بذلك .. فأدعو لك و لوالديك بالرحمة كلما قرأت فيه.
و هذه هدية للجميع و خاصة الأخ الفاضل أ. محمد رشيد لمناسبة بعض كلامه .. هنا:
أنحن مسلمون لأننا نؤمن بالله تعالى؟ أم نحن نؤمن بالله تعالى لأننا مسلمون!؟! ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=19194)
و جزى الله الجميع الخير.
خادمكم خلوصي.(/)
التعريف بكتاب " العلامة الشنقيطي مفسراً " للدكتور عدنان ال شلش
ـ[مبارك القحطاني]ــــــــ[09 Jan 2009, 12:16 ص]ـ
التعريف بكتاب " العلامة الشنقيطي مفسراً " للدكتور عدنان ال شلش
دراسة منهجية على تفسيره المسمى "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن"
المؤلف: عدنان بن محمد بن عبدالله آل شلش
الناشر: دار النفائس للنشر والتوزيع- عمّان - الأردن
رقم الطبعة: الأولى
تاريخ الطبعة: 2005
عدد الأجزاء: 1
عدد الصفحات: 456
مقاس الكتاب: 17 × 24 سم
التصنيف: / علوم القرآن / تفسير / منهاج المفسرين
أولا: نبذة عن الكتاب:
يحاول هذا الكتاب الوصول إلى حقيقة منهج الإمام محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره، وأهم خصائص تفسيره ومزاياه، وكشف مافي تفسيره من قضايا تفسيرية، ثم تقييم هذا التفسير وبيان منزلته بين قائمة التفاسير المتقدمة والمعاصرة، والتعرف إلى بعض خصائص المنطقة التي خَرَّجت الشنقيطي وأمثاله من علماء تلك البلاد.
وقد اشتملت خطته على الآتي:
التمهيد: وتناول فيه الباحث بيئة المفسّر وحياته وآثاره.
الفصل الأول: وتناول فيه منهج المفسّر في التفسير بالمأثور.
وقد اشتمل هذا الفصل على المباحث التالية:
1 - التفسير بالقرآن.
2 - التفسير بالسُّنَّة.
3 - التفسير بأقوال الصحابة والتابعين – رضي الله عنهم أجمعين –.
الفصل الثاني: تناول فيه منهج المفسِّر – رحمه الله – بالدراية، وقد اشتمل هذا الفصل على المباحث التالية:
1 - منهجه في إيراد مسائل الفقه وأصوله.
2 - منهجه في إيراد مسائل العقيدة.
3 - منهجه في إيراد مسائل اللغة وعلومها.
الفصل الثالث: وتناول فيه مصادر المفسِّر – رحمه الله – وخصائص تفسيره، واشتمل الفصل هذا على المباحث التالية:
1 - مصادر المفسِّر ومراجعه – رحمه الله –.
2 - التزام المفسِّر بمنهجه في إيضاح القرآن بالقرآن.
3 - خصائص التفسير ومزاياه.
الخاتمة: وتناول فيها أهم النتائج والتوصيات.
ثانيا: أهم مميزات الكتاب وفوائده:
1 - تكلم المؤلف بكلام جميل عن " بلاد شنقيط " وتاريخها قبل الإسلام وبعده , وتاريخ الإحتلال الفرنسي , واستقلالها عن الإحتلال.
2 - من فوائد الكتاب أن الإمام الشنقيطي تولى القضاء , وكان لا يحكم في الدماء والحدود , وذلك لورعه وزهده.
3 - كان الشنقيطي يقول لطلابه: " ليس من عمل أعظم من تفسير كتاب الله وفي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم " , وهذه مما يقوي همم أهل التفسير وعلومه.
4 - بنى المؤلف كتابه على المنهج الذي رسمه الشنقيطي في مقدمة كتابه (1/ 3 – 4) وشرحها بشئ من الأمثلة الواردة في الكتاب.
5 - بين المؤلف ما يسمى بعلم الوجوه والنظائر في كتاب " أضواء البيان " , ودعم ذلك بالأمثلة وشرحها.
6 - أظهر المؤلف شخصية الشنقيطي في كتابه , و أبرز ملكة الشنقيطي الأصولية , ودمج كثير من مباحث علم الأصول في أثناء تفسير الأيات , مما أعطى لكتابه ميزة ربط المباحث الأصولية بتطبيقاتها, حتى كأنك في بعض المباحث تقرأ في كتاب من الكتب الأصولية.
7 - يمتاز كتاب الدكتور عدنان ببيان منهج الشنقيطي في دفع ايهام الاضطراب وأجوبته فيما ظاهره التعارض , وابراز الشنقيطي كثير من الاشكالات في معنى الآيات والجواب عنها.
8 - ذكر الدكتور في كتابه بعض ما كتبه الشنقيطي في تفسيره في النعم التي ظهرت في وقتنا الحاضر, كالطائرات والسيارات وذلك عند قوله تعالى {ويخلق ما لا تعلمون}.
9 - جمع الدكتور في كتابه كلام الشنقيطي في بعض ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما سوف يحدث في آخر الزمان , وربطها بالآيات.
10 - بين الدكتور منهج الشنقيطي في الإسرائيليات وهو بيانها ونقدها وبيان أوجه البطلان فيما هو ظاهر فيها البطلان.
11 - حقيقة منهج الشنقيطي في القراءات هو الإعتماد على القراءات السبعية فقط , ولا يعتمد على القراءة الشاذة.
12 - اشتمل كتاب الشنقيطي على كثير من المباحث الفقهية واللغوية والبلاغية.
13 - بين الدكتور مصادر الشنقيطي في تفسيره , وذكر المنابع العلمية التي استقى منها المؤلف واعتمد عليها.
ثالثا: أهم الملاحظات:
1 - يلاحظ أن المؤلف في بعض التعاريف اللغوية يختصر , وخاصة في بعض الكلمات المهمة في علم التفسير , كتعريف التفسير لغة , ونحوها.
2 - ذكر الدكتور في آخر الكتاب بعض الملاحظات على تفسير الشنقيطي , فمما ذكره من الملاحظات: توسعه في بعض المباحث الفقهية , وكذا ذكر أن العنوان لا يدل على مضمون الكتاب الا على سبيل التغليب , وعدم تعرضه لأدلة المخالفين في بعض المواضع , وسكوته عن بعض الأحاديث وعدم الحكم عليها , وكذا سوقه لأسانيد أحاديث الصحيحين.
وهذه الملاحظات التي ذكرها الدكتورتحتاج مناقشة وتأمل , لأن من المقرر أن شخصية المفسر تؤثر على مؤلفاته , وكذا المؤلف لم يلزم نفسه بترك الخلافات أو الحكم على كل حديث يذكره في كتابه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 Jan 2009, 12:59 ص]ـ
تعريفك مبارك يا أخانا مبارك
وجزاك الله خيرا على هذا البيان الطيب.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[09 Jan 2009, 01:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يطيب لي أخي مبارك أن أحيلك على مشاركة الأخ محمود الشنقيطي بالملتقى حفظه الله.
فقد رد على مثل هذه الملاحظات التي جاء بها الدكتور شلش حفظه الله. وأظنه أفاد وأجاد(/)
أنصحكم بقراءة كتاب (معركة الوجود بين القرآن والتلمود) لـ أ. د. عبدالستار فتح الله سعيد
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Jan 2009, 04:56 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من أجود الكتب التي قرأتها قديماً حول معركتنا مع اليهود وحديث القرآن عنها، كتاب الأستاذ الدكتور عبدالستار فتح الله سعيد وفقه الله الذي كتبه بعنوان:
معركة الوجود بين القرآن والتلمود
وهو من أول الكتب التي قرأتها في المرحلة الابتدائية في طبعته التي طبعت عام 1400هـ. وقد أعيدت طباعته بعد ذلك عدة مرات.
وقد أعدتُ النظر فيه قبل سنوات قريبة، ثم قرأته اليوم فوجدته قد أجاد حفظه الله في تلمس حديث القرآن الكريم عن هؤلاء الأعداء المجرمين. فبحثت عنه فوجدت له نسخة الكترونية على الانترنت تجدونها هنا.
معركة الوجود بين القرآن والتلمود ( http://waqfeya.net/book.php?bid=88)
وهي دراسة قرآنية تنهض في أوانها لترد معركتنا مع اليهود إلى خطها الصحيح باعتبارها معركة دين واعتقاد لا معركة أرض واقتصاد. أرجو أن يجد فيه من يقرؤه ما يزيده يقيناً وعلماً وهدى، جزى الله مؤلفه خيراً ونفع بعلمه.
ـ[العامر]ــــــــ[09 Jan 2009, 09:21 م]ـ
الرابط لايعمل.
لعل هذا الرابط يفي بالغرض تحميل مباشر ( http://s205400488.onlinehome.us/waqfeya/books/01/0034.rar)
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[09 Jan 2009, 10:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مشايخنا الأفاضل الكتاب غير مقروء هل من طرريقة لتحميله جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Jan 2009, 09:05 ص]ـ
الرابط صحيح.
والملف بصيغة PDF وتحتاج لقراءته لبرنامج Acrobat Reader .
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[10 Jan 2009, 03:50 م]ـ
نعم الرابط صحيح وقد حملته منه جزاك الله خيراً يا أبا عبد الله ..
ـ[أبو المهند]ــــــــ[10 Jan 2009, 04:44 م]ـ
شكر الله لكم يا دكتور عبد الرحمن وأطال في عمر أستاذنا وأحسن في عمله آمين.(/)
استدراكات القاضي محمد كنعان على ابن كثير رحمه الله في تفسيره
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[09 Jan 2009, 05:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الإخوة الكرام
هذا الموضوع أطرحه بين أيديكم بشكل مستمر إن شاء الله، وعلى حلقات، وقد أشار إلي الدكتور محمد القحطاني"أبومجاهد العبيدي" بهذه الفكرة فقلت حباً وكرامة. وللدكتور محمد عليَّ من الفضل ما لا يعلمه إلا الله فقد أرشدني وعلمني كيفية القرآءة في هذا الكتاب فجزاه الله عني خير الجزاء وأسأل الله أن يرزقه الصبر عليَّ فقد أكثرت عليه، ولا أنسى من دلني على هذا الكتاب القيم وهو الشيخ/ عبدالرحمن بن معاضه الشهري وأرشدني إلى قرآءته ولا أستطيع أن أكافئه إلا بالدعوات والله وحده يعلم بما ندعو له بظهر الغيب والله نسأل القبول فجزاه الله خيراً.
الجمعة 13/ 1/1430 هـ
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Jan 2009, 11:13 م]ـ
أحسنت أخي مجاهد (أو عبد الله -كما في التوقيع-) , فاستعن بالله.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[10 Jan 2009, 03:22 ص]ـ
بانتظار المشاركة وفقك الله
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Jan 2009, 08:02 ص]ـ
أشكر الأخ عبدالله الشهري على مبادرته إلى تلبية ما طلبته منه، وقد رأيت عند قراءاتي الكثيرة في كتاب "فتح القدير تهذيب تفسير ابن كثير" للقاضي محمد كنعان كثيراً من التنبيهات المهمة والاستدراكات القيمة على تفسير الحافظ ابن كثير؛ فاقترحت على الأخ عبدالله الشهري أن يتحفنا في هذا الملتقى بهذه الاستدراكات حتى تعم الفائدة.
فابدأ أخي عبدالله بارك الله فيك، ونحن معك متابعين ومشاركين.
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[10 Jan 2009, 11:31 ص]ـ
الإخوة الفضلاء/
نايف الزهراني
فهد الوهبي،،،،،،
جزاكم الله خيراً وكلامكم مما يشجعني ويدل على فضلكم بارك الله فيكم
الشيخ/ أبومجاهد عامله الله بلطفه كم تمنيت أن يكون لي عدَّة ألسن لأشكرك بها لكن حسبي الدعاء لكم بظهر الغيب
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[10 Jan 2009, 05:07 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
أولاً/ ذكر ابن كثير رحمه الله حديث معاذ رضي الله عنه عندما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: "بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله قال:"فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله قال:"فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال:
"الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يُرضي رسولَ الله" ثم قال ابن كثير رحمه الله: وهذا الحديث في المسند للإمام أحمد والسنن بإسناد جيد كما هو مقرر في موضعه اهـ.
عقب القاضي كنعان فقال: قول ابن كثير رحمه الله:"وفي السنن بإسناد جيد" فيه تساهل بيانه: أن هذا الحديث لم يخرجه من أصحاب السنن سوى أبي داود والترمذي بالإضافة إلى الإمام أحمد في مسنده اهـ.
وكما ذكر الدكتور أبي مجاهد العبيدي حفظه الله فقد ضعف الألباني رحمه الله الحديث سنداً ومتناً
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[10 Jan 2009, 05:23 م]ـ
ثانياً/ ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله ستة أقوال في عدد آيات القرآن وهي:
القول الأول: العدد المدني الأول وهو ستة آلاف آية
القول الثاني: والعدد البصري وهو ستة آلاف ومائتان وأربع آيات
القول الثالث: والعدد المدني الأخير وهو ستة آلاف ومائتان وأربع عشرة آية
القول الرابع: والعدد المكي وهو ستة آلاف ومائتان وتسع عشرة آية
القول الخامس: والعددالدمشقي أوالشامي وهو ستة آلاف ومائتان وخمس وعشرون آية
القول السادس: والعدد الكوفي وهو ستة آلاف ومائتان وست وثلاثون آية
ثم عقب القاضي محمد بقوله: وهناك عدد سابع لم يذكره المؤلف وهو العدد الحمصي وعدد الآيات فيه: ستة آلاف ومائتان واثنتان وثلاثون آية
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Jan 2009, 05:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
أولاً/ ذكر ابن كثير رحمه الله حديث معاذ رضي الله عنه عندما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: "بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله قال:"فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله قال:"فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال:
(يُتْبَعُ)
(/)
"الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يُرضي رسولَ الله" ثم قال ابن كثير رحمه الله: وهذا الحديث في المسند للإمام أحمد والسنن بإسناد جيد كما هو مقرر في موضعه اهـ.
عقب القاضي كنعان فقال: قول ابن كثير رحمه الله:"وفي السنن بإسناد جيد" فيه تساهل بيانه: أن هذا الحديث لم يخرجه من أصحاب السنن سوى أبي داود والترمذي بالإضافة إلى الإمام أحمد في مسنده اهـ.
وكما ذكر الدكتور أبي مجاهد العبيدي حفظه الله فقد ضعف الألباني رحمه الله الحديث سنداً ومتناً
الحديث ذكره الألباني في السلسلة الضعيفة 2/ 273 - 286 وأطال الكلام حوله، وبيّن ضعفه، وعدم صحة معناه بإطلاق.
وقال في رسالته "منزلة السنة في الإسلام": (وقبل أن أنهي كلمتي هذه أرى أنه لا بد لي من أن ألفت انتباه الإخوة الحاضرين إلى حديث مشهور قلما يخلو منه كتاب من كتب أصول الفقه لضعفه من حيث إسناده ولتعارضه مع ما انتهينا إليه في هذه الكلمة من عدم جواز التفريق في التشريع بين الكتاب والسنة ووجوب الأخذ بهما معا ألا وهو حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له حين أرسله إلى اليمن: بم تحكم؟
قال: بكتاب الله قال: " فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله قال: " فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي ولا آلو. قال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحب رسول الله "
أما ضعف إسناده فلا مجال لبيانه الآن وقد بينت ذلك بيانا شافيا ربما لم أسبق إليه في السلسلة [الضعيفة]، وحسبي الآن أن أذكر أن أمير المؤمنين في الحديث الإمام البخاري رحمه الله تعالى قال فيه: (حديث منكر). وبعد هذا يجوز لي أن أشرع في بيان التعارض الذي أشرت إليه فأقول:
إن حديث معاذ هذا يضع للحاكم منهجا في الحكم على ثلاث مراحل لا يجوز أن يبحث عن الحكم في الرأي إلا بعد أن لا يجده في السنة ولا في السنة إلا بعد أن لا يجده في القرآن. وهو بالنسبة للرأي منهج صحيح لدى كافة العلماء وكذلك قالوا إذا ورد الأثر بطل النظر. ولكنه بالنسبة للسنة ليس صحيحا لأن السنة حاكمة على كتاب الله ومبينة له فيجب أن يبحث عن الحكم في السنة ولو ظن وجوده في الكتاب لما ذكرنا فليست السنة مع القرآن كالرأي مع السنة كلا ثم كلا بل يجب اعتبار الكتاب والسنة مصدرا واحدا لا فصل بينهما أبدا كما أشار إلى ذلك قوله صلى الله عليه و سلم: " ألا إني أتيت القرآن ومثله معه " يعني السنة وقوله: " لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض "
فالتصنيف المذكور بينهما غير صحيح لأنه يقتضي التفريق بينهما وهذا باطل لما سبق بيانه.) انتهى
ـ[مالك حسين]ــــــــ[11 Jan 2009, 01:11 ص]ـ
دفع الَّلأي بتضعيف حديث معاذ
في
الاجتهاد بالرأي
أو
الإيناس بتخريج حديث معاذ
في
الرأي والقياس
والكلام عليه -رواية ودراية-
للشيخ علي بن حسن بن علي بن عبدالحميد الأثري تلميذ الشيخ الألباني رحمه الله
وإليكم تلخيصه:
نص الحديث:
(( .. أن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا بعث معاذاً إلى اليمن، قال له: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟))
قال: أقضي بما في كتاب الله.
قال: ((فإن لم يكن في كتاب الله؟))
قال: بسنّة رسول الله.
قال: ((فإن لم يكن في سنّة رسول الله؟))
قال: أجتهد رأيي ولا آلو.
قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره، وقال:
((الحمد لله الذي وفّق رسولَ رسولِ الله، لما يُرضي رسول الله)).
تخريج الحديث:
أخرجه أبو داود الطيالسي في ((مسنده)) رقم: (559)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (7/ 239)، وأحمد في ((المسند)) (5/ 230،236،242)، وأبو داود في ((سننه)) (3592)، والترمذي في ((سننه)) (1327،1328)، وابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (1/ 347،584)، والدارمي في ((سننه)) (1/ 60)، وعبد بن حميد في ((المنتخب من المسند)) رقم (124)، والعقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (1/ 215)، ووكيع القاضي في ((غُرر الأخبار)) (1/ 97،98)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (10/ 114) و ((السنن الصغرى)) (4128) و ((معرفة السنن والآثار)) (1/ 93،94)، والخطيب البغدادي في ((الفقيه والمتفقه)) (1/ 154،155،188،189)، والجورقاني في ((الأباطيل)) رقم (101)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (20/ 170،362)، وابن الجوزي في ((العلل المتناهية)) رقم (1264)، وابن عبدالبر في ((جامع بيان العلم وفضله)) (2/ 55،56) و ((الانتقاء
(يُتْبَعُ)
(/)
في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء)) (ص263 - 265)، وابن حزم الأندلسي في ((الإحكام في أصول الأحكام)) (6/ 766،773،774) و ((ملخص إبطال القياس)) (ص14 - 15)، والمزي في ((تهذيب الكمال)) (5/ 266)، وابن حجر في ((موافقة الخُبر الخَبر)) (1/ 118).
الكلام على الحديث رواية
تفصيل طرقه وأسانيده المتقدمة:
له طريقان حسبُ:
1 - الطريق الأول: شعبة، عن أبي العون، عن الحارث بن عمرو –ابن أخي المغيرة بن شعبة-، عن أصحاب معاذ بن جبل، عن معاذ ... به.
2 - الطريق الثاني: شعبة، عن أبي العون، عن الحارث بن عمرو، عن أصحاب معاذ ... به.
قلت: فالطريقان مدارهما على الحارث بن عمرو، إلا أن الاختلاف فيهما على الوصل والإرسال.
كلام العلماء والأئمة في بيان علله:
قال الإمام البخاري في ((التاريخ الكبير)) (2/ 1/275) و ((الأوسط)) -كما في ((الإحكام)) (6/ 35) و ((التهذيب)) (2/ 152) - و ((الصغير)) (1/ 304): "الحارث بن عمرو –ابن أخي المغيرة بن شعبة- الثقفي، عن أصحاب معاذ، -رفعه- ... في اجتهاد الرأي.
قال شعبة: عن أبي عون. ولا يُعرف الحارث إلا بهذا، ولا يصح" ().
كذا في ((الصغير)) و ((الأوسط))، وزاد في ((الكبير)): " ... مرسل".
قلت: يعني أن الصواب فيه: (( ... عن أصحاب معاذ .. ))، وليس فيه: ((عن معاذ ... )).
وقال الترمذي: "هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بالمتصل".
وأقرّه العراقي في ((تخريج أحاديث المنهاج)) رقم (57) ولم يزد على ذلك.
وقال الدارقطني في ((العلل)) رقم (1:1): "رواه شعبة عن أبي عون ... هكذا، وأرسله ابن مهدي وجماعات عنه، والمرسل أصح".
وقال أبو داود الطيالسي: "أكثر ما كان يحدثنا شعبة عن أصحاب معاذ: أن رسول الله ...
وقال مرة: عن معاذ".
قلت: فالمتقدمون -إذاً- رجحوا الإرسال على الوصل، وبخاصة أن الذين رووه مرسلاً جماعات، كما قاله الدارقطني وأبو داود الطيالسي.
ويؤيده - أيضاً- قول عبدالحق الإشبيلي في ((الأحكام الوسطى)) (3/ 342): "لا يُسند ()، ولا يوجد من وجه صحيح".
قلت: فمدار الطريقين على الحارث، ثم اختلف عليه فيه ما بين إرسال ووصل.
والراجح الإرسال.
والحارث هذا: جهّله جمهرة جُلَّى من أهل الجرح والتعديل، تقدّم كلام بعضهم، وها هو ذا كلام بعض الآخرين:
1 - قال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) (1/ 439): "الحارث بن عمرو، عن رجال، عن معاذ ... بحديث الاجتهاد! قال البخاري: لا يصحُّ حديثه، قلت: تفرّد به أبو عون محمد بن عبيدالله الثقفي، عن الحارث بن عمرو الثقفي -ابن أخي المغيرة-، وما روى عن الحارث غير أبي عون، فهو مجهول".
قلت: يعني؛ مجهول العين –كما هو مقرّر في محله-.
ولقد أودع الذهبي الحارث -هذا- في كتابيه المفردين في الضعفاء:
أولهما: ((المغني في الضعفاء)) (1/ 142).
ثانيهما: ((ديوان الضعفاء والمتروكين)) (ق27) ().
2 - وقال المزي في ((تهذيب الكمال)) (5/ 266): "لا يُعرف إلا بهذا ... ".
3 - وقال الحافظ ابن حجر في ((تقريب التهذيب)) رقم (1039): "مجهول".
4 - وأورد ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (3/رقم:377) ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، يعني: أنه في حيِّز الجهالة عنده -كما تراه في مقدمة كتابه-.
5 - وقال ابن حزم في ((الإحكام)) (6/ 35): "وأما خبر معاذ؛ فإنه لا يحل الاحتجاج به لسقوطه، وذلك أن لم يُرو قط إلا من طريق الحارث بن عمرو، وهو مجهول لا يَدري أحد من هو ... ".
6 - وقال ابن الجوزي في ((العلل المتناهية)) (2/ 273): "هذا حديث لا يصح، وإن كان الفقهاء كلهم يذكرونه في كتبهم، ويعتمدون عليه! ولعمري إن كان معناه صحيحاً ()، إنما ثبوته لا يُعرف؛ لأن الحارث بن عمرو مجهول، وأصحاب معاذ من أهل حمص لا يُعرفون، وما هذا طريقه فلا وجه لثبوته".
7 - وقال الجورقاني في ((الأباطيل)) (1/ 106): "هذا حديث باطل، رواه جماعة عن شعبة، عن أبي عون الثقفي، عن الحارث بن عمرو -ابن أخي المغيرة بن شعبة-.
واعلم أنني تصفّحت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت من لقيته من أهل العلم بالنقل عنه، فلم أجد له طريقاً غير هذا، والحارث بن عمرو هذا مجهول. وأصحاب معاذ من أهل حمص لا يُعرفون، ومثل هذا الإسناد لا يُعتمد عليه في أصل من أصول الشريعة!
فإن قيل لك: إن الفقهاء -قاطبة- أوردوه في كتبهم واعتمدوا عليه؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
فقل: هذا طريقه! والخلف قلّد فيه السلف، فإن أظهروا غير هذا مما ثبت عند أهل النقل رجعنا إليهم، وهذا مما لا يمكنهم البتة" ().
8 - ونقله عنه شرف الحق العظيم آبادي في ((عون المعبود)) (9/ 510) -وأقرّه-.
9 - ولقد ضعَّف الحديث بنحو ما ذكرت: الغماري في كتابه ((الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج)): (ص210).
10 - وقال ابن الملقن في ((البدر المنير)) (5/ق214/ 2): "هذا الحديث كثيراً ما يتكرر في كتب الفقهاء والأصوليين والمحدثين، ويعتمدون عليه، وهو حديث ضعيف بإجماع أهل النقل فيما أعلم () ".
الكلام على الحديث دراية
أرسل الله تبارك وتعالى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، وأنزل عليه القرآن العظيم، وأمره فيه -في جملة ما أمره به- أن يبينه للناس؛ فقال سبحانه: {وانزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}؛ والبيان المأمور به في هذه الآية الكريمة؛ يشمل نوعين من البيان:
الأول: بيان اللفظ ونظمه؛ وهو تبليغ القرآن وآياته، وعدم كتمانه، وأداؤه إلى الأمة، كما أنزل الله سبحانه على قلبه صلى الله عليه وسلم، وهو المراد بقوله عز وجل: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك}.
الثاني: بيان معنى اللفظ -أو الآية- بما تحتاجه الأمة من بيان؛ بشرح لغامض، وتوضيح لمجمل، وتخصيص لعام، وتقييد لمطلق، أو "أن يسُنّ فيما ليس فيه نص كتاب" ()، أو سواه.
وهذا النوع من البيان يكون بقوله صلى الله عليه وسلم وفعله وإقراره.
وفي مثل ذلك قال صلى الله عليه وسلم: ((إلا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته، يقول: عليكم بهذا القرآن؛ فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه ... )) ().
الواجب على المسلمين -جميعاً- عدم التفريق بين القرآن والسنة من -حيث وجوب الأخذ بهما كليهما-، وإقامة التشريع عليهما –معاً-؛ فإن هذا هو الضمان لهم أن لا يميلوا يمنة ويسرة، أو يرجعوا القهقرى ضُلّالاً، وهذا ما صرّح به النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما إن تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي)) ().
ويبيِّن ذلك ما ثبت () عن ابن مسعود –رضي الله عنه-، أنه قال: لعن الله الواشمات، والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات؛ للحُسن المغيرات خلق الله، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد، يقال لها: أم يعقوب، فجاءت، فقالت: إنه بلغني أنك قلت كيت وكيت…؟!، فقال: ما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله؟! فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين اللوحتين، فما وجدته؟! قال: إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه، أما قرأت: {وما ءاتكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}؟! قالت: بلى، قال: فإنه نهى عنه!
حديث معاذ على ضوء النتائج السابقة
لنرجع إلى حديث معاذ، فنقول: إنه يضع للحاكم منهجاً في الحكم على ثلاث مراحل:
قرآن ثم سنّة ثم رأي، فلا يُجوِّز له أن يبحث عن الحكم برأيه إلا بعد أن لا يجده في السنّة!
ولا يُجوِّز له أن يبحث في السنّة إلا بعد أن لا يجده في القرآن!
وهذا الترتيب -بالنسبة للرأي- صحيح عند العلماء كافة، ولذلك قالوا: "إذا ورد الأثر بطل النظر".
ولكنه -بالنسبة للسنّة- ليس صحيحاً، لأن السنة حاكمة على كتاب الله، ومبيِّنة له ()، فيجب أن يُبحث عن الحكم في السنّة أولاً-، ولو ظُنّ وجوده في الكتاب، فليست السنّة مع القرآن كالرأي مع السنّة!! بل يجب عدّ الكتاب والسنّة مصدراً واحداً لا فصل بينهما البتة -كما تقدم تقريره-.
فالتصنيف المذكور بينهما غير صحيح! لأنه يقتضي التفريق بينهما، وهذا باطل بيقين -لما سبق بيانه-فلننظر مثلاً: لو أننا طبقنا حديث معاذ بمراحله على قوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} فلولا السنّة لقطعنا يد أي سارق! ومن جذرها!!
وقوله: {وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} فلولا السنّة لأفتينا بعدم جواز قصر الصلاة إلا مع الخوف!!
وقوله: {حرمت عليكم الميتة والدم} فلولا السنّة لحرّمنا ما أحلّ لنا من عموم تحريم الميتة والدم!!
ولولا السنّة لأبحنا أشياء -كثيرة- حرّمها رسول الله صلى الله عليه وسلم!! إذ القرآن الكريم لم يورد بيان هذه الأمور بما فصّلته السنّة وأوضحته!
(يُتْبَعُ)
(/)
فالواجب -إذاً- للحاكم إذا عرضت له مسألة: النظر في الكتاب والسنة -معاً- دون أي تفريق بينهما.
إذا عرفت ما تقدّم، تعلم خطأ من قال من أهل العلم بصحة معنى الحديث على إطلاقه! بل الصواب تقسيم معنى الحديث إلى قسمين:
الأول: الحث على الاجتهاد عند فقدان النص، وهذا مما لا خلاف فيه، وعليه أدلة كثيرة.
الثاني: جعل السنّ في المرتبة الثانية بعد القرآن، وأنه لا يجوز النظر فيها إلا بعد النظر في القرآن!! وهذا ما تقدك بيان فساده.
وهذا ما أشار إليه الحافظ الذهبي في ((تلخيص العلل)) (ص269 - 270) بقوله: "هذا الحديث معناه صحيح؛ فإن الحاكم مضطر إلى الاجتهاد، وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد وأخطأ فله أجر)).
ومذاهب الأئمة الأربعة: منع الحاكم في أحكامه من تقليد إمام بعينه في كل ما قاله، فعلى الحاكم أن يقضي بما أجمع عليه العلماء، فإن اختلفوا: فعليه أن ينظر في أقوالهم؛ فما وافق قوله الكتاب والسنّة () في تلك القضية [قبله]، وأعرض عن قول من خالف النص أو القياس، فإن رأى النص محاذياً بين الأئمة استخار الله تعالى، وتوخى أقرب القولين إلى الحق، وقضى به بعد أن يشاور الفقهاء، وإن دُفِع عنه الحكم في تلك الكائنة ()؛ فهو أسلم لدينه، أما أن يحكم بكل ما قاله إمامه من غير أن يعلم حججه ولا حُجج من خالفه! فهذا مقلّد صِرف! نسأل الله العافية".
وجه آخر من البيان
قال الإمام ابن حزم في ((النبذ)) (ص59): " ... ومن الباطل المقطوع به أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: ((فإن لم تجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم)) وهو يسمع وحي الله إليه: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} و {اليوم أكملت لكم دينكم}.
فما كمل بشهادة الله تعالى فمن الباطل أن لا يوجد فيه حكم نازلة من النوازل، فبطل الرأي في الدين مطلقاً. ولو صح لما خلا ذلك من: أن يكون خاصة لمعاذ، لأمرٍ علمه منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: ((أعلمكم بالحلال والحرام معاذ)) () فسوغ إليه شرع ذلك. أو يكون عاماً لمعاذ وغير معاذ؛
فإن كان خاصاً لمعاذ: فلا يحل الأخذ برأي أحد غير معاذ، وهذا ما لا يقوله أحد في الأرض.
وإن كان عاماً لمعاذ وغير معاذ: فما رأي أحد من الناس أولى من رأي غيره فبطل الدين وصار هملاً، وكان لكل أحد أن يشرع برأيه ما شاء وهذا كفر مجرّد!!
وأيضاً؛ فإنه لا يخلو الرأي من أن يكون محتاجاً إليه فيما جاء فيه النص؛ وهذا ما لا يقوله أحدٌ؛ لأنه لو كان ذلك لكان يجب بالرأي تحريم الحلال، وتحليل الحرام، وإيجاب ما لا يجب، وإسقاط ما وجب، وهذا كفر مجرّد!
وإن كان إنما يحتاج إليه فيما لا نصّ فيه، فهذا باطل من وجهين:
أحدهما: قول الله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} وقوله سبحانه وتعالى: {تبياناً لكل شيء} وقوله تبارك وتعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} وقوله تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم}.
فإذاً قد صحّ يقيناً بخبر الله تعالى الذي لا يُكذِّبه مؤمن أنه لم يفرِّط في الكتاب شيئاً، وأنه قد بيّن فيه كل شيء، وأن الدين قد كمل، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيّن للناس ما نزِّل إليهم.
فقد بطل يقيناً -بلا شك- أن يكون شيء من الدين لا نصّ فيه، ولا حكم من الله تعالى ورسول صلى الله عليه وسلم عنه.
والثاني: أنه حتى لو وجدنا هذا -وقد أعاذ الله تعالى ومنع من أن يوجد- لكان مَن شرع في هذا شيئاً قد شرع في الدين ما لم يأذن به الله، وهذا حرام قد منع القرآن منه.
فبطل الرأي، والحمد لله رب العالمين".
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[27 Jan 2009, 10:58 م]ـ
جزى الله الشيخين أبو مجاهد ومالك حسين خيراً على ما قدماه ومعذرة للتأخر وعدم الإضافة والمتابعة للإنشغال بالإختبارات الجامعية كان الله في العون
ثالثاً/ ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله في معرض ذكره للأقوال في حكم التأمين عقب الفاتحة قول أصحاب مالك بأنه لا يؤمن الإمام ويؤمن المأموم واستدل بذلك بأدلة ذكرها
عقب القاضي محمد كنعان فقال: وهذه رواية عن الإمام مالك، ولكن الرواية المشهورة عنه: أن الإمام لا يؤمن في الصلاة الجهرية، ويؤمن في السرية منها.
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[29 Jan 2009, 11:25 م]ـ
بارك الله فيك أخي / عبد الله ونفع الله بهذه المشاركات الطيبة ...
وبارك الله في المشايخ أبا مجاهد وبقية الإخوة على مداخلاتهم المستنيرة ..
متابع لموضوعكم الرائع والمهم ....
أعانكم الله وسدد خطاكم
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[16 Feb 2009, 10:41 ص]ـ
حياك الله أخي سلمان وحقيقةً وليس تواضعاً فالموضوع ليس لي وهل أنا إلا ناقل؟
أشكر لك دعواتك الطيبة سمع الله منكم
رابعاً/ ذكر الحافظ ابن كثير - رحمه الله - كلاماً للزمخشري حول مسألة الحروف المقطعة التي في أوائل السور في تفسيره للآية الأولى من سورة البقرة.
عقب القاضي محمد على ما نقله ابن كثير - رحمه الله - فقال/
ما نقله ابن كثير عن الزمخشري هو على ذمة محققي نصه مجتزأ غير وافٍ بالمطلوب، ونص ما قاله الزمخشري في أول تفسير سورة البقرة ما يلي:
((فإن قلتَ: فهلا عُدِّدَتْ بأجمعها في أول القرآن؟ وما لها جاءت مفرقة على السور؟
قلتُ: لأن إعادة التنبيه على أن المتحدَّى به مؤلف منها لا غير، وتجديدُه في غير موضع واحد أوصلُ إلى الغرض، وأقرُّ له في الأسماع والقلوب من أن يُفْرَدَ ذكرُه مرة، وكذلك مذهب كل تكرير جاء في القرآن، فمطلوب به تمكين المكرَّر في النفوس وتقريره.
فإن قلتَ: فهلا جاءت على وتيرة واحدة؟ ولم اختلفتْ أعداد حروفها، فوردت:
ص وَ ق وَ ن على حرف،
وطه وَ طس وَ يس على حرفين،
وَ الم وَ الر وَ وطسم على ثلاثة أحرف،
وَ المص وَ المر على أربعة أحرف،
وكهيعص وَ حم عسق على خمسة أحرف؟
قلتُ: هذا على عادة افتنانهم في أساليب الكلام، وتصرفهم فيه على طرق شتى ومذاهب متنوعة، وكما أن أبنية كلماتهم على حرف وحرفين إلى خمسة لم تتجاوز ذلك، سلك بهذه الفواتح ذلك المسلك)) اهـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[11 Jun 2009, 02:43 م]ـ
(هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيءٍ عليم)
ذكر الحافظ ابن كثير -رحمه الله- تفسير هذه الآيه ثم ذكر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فقال: " خلق الله التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر فيها يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثّ الدواب فيها يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة من آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل".
وقد ذكر الحديث برواية الإمام مسلم والنسائي وقد ذكره في ثلاثة مواضع أخر في سورة الأعراف والسجدة وفصلت.
وقد عقب عليه بما يفيد: أنه لا يراه حديثاً مرفوعاً، بل يراه من جملة أخبار بني إسرائيل.
قال القاضي محمد أحمد كنعان/
وهذا اتجاه مستغرب من ابن كثير، ولعله اضطر إلى هذا الاتجاه، بسبب لبس حصل لديه، فظن أن ثمة تناقضًا بين هذا الحديث، وقولِهِ تعالى) في ستة أيام) كما قال في سورة الأعراف، وليس كذلك كما سنبين.
فبعد ذكر هذا الحديث قال ابن كثير ما نصه: " وهذا الحديث من غرائب صحيح مسلم، وقد تكلم عليه: علي بن المديني، والبخاري، وغير واحد من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب، وأنّ أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار، وإنما اشتبه على بعض الرواة فجعلوه مرفوعًا، وقد حرر ذلك البيهقي).
وقد قال نحو هذا في المواضع الثلاثة الأخرى أيضًا، وقولُ ابن كثير هذا ليس مطابقًا للواقع من جميع الوجوه، ويحتاج إلى إيضاح وتبيان، إذ ليس الأمر كلُّه كما قال، فنقول:
أولاً: قوله: "وهذا الحديث من غرائب الصحيح" ليس كما قال، فلا غرابة في هذا الحديث إطلاقًا، وقد بين سبب استغرابه هذا في تعقيبه على الحديث في تفسير الآية} 54 {من سورة الأعراف حيث قال: " وفيه استيعاب الأيام السبعة، والله يقول: في ستة أيام، ولهذا تكلم البخاري وغير واحد من الحفاظ في هذا الحديث" ... إلخ
فالصحيح: أن الأيام الستة التي تمَّ فيها خلق السماوات والأرض، هي غير الأيام السبعة الوارد ذكرها في هذا الحديث، إذ عندما خلق الله السماوات والأرض، لم يكن ثمَّة شمس، ولم يكن ثمَّة بشر، فمن أين جاءت تسمية الأيام الستة، بأيام الأسبوع المعروفة لدينا، ما عدا السبت؟ والغريب من ابن كثير هنا: أنه في تفسير آيات خلق السماوات والأرض، في سورتي الأعراف وفصلت، قد سمى الأيام الستة، بدءًا من الأحد حتى الجمعة، معتبرًا أن خلق السماوات والأرض تم فيها، وقال في موضع سورة الأعراف: "فأما يوم السبت فلم يقع فيه خلق، لأنه اليوم السابع، ومنه سمي السبت وهو: القَطْع"، وهذا التحديد هو قطعًا من أخبار بني إسرائيل، واليهود حتى الآن يعتقدون: أن الله استراح يوم السبت - والعياذ بالله - وقد ذكر ابن كثير نفسه قولَ اليهود هذا، في سبب نزول قوله تعالى: (ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب) أي: إعياء وتعب.
إذًا: فالأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض، هي أيام لا أسماء لها على الصحيح، وكل ما تناقله المفسرون من تسميتها، فهو من الإسرائيليات عن عبدالله بن سلام - رضي الله عنه - وغيره، أما الأيام السبعة التي ذكرت في هذا الحديث، فهي أيام أخرى، حصل فيها خلق مخلوقاتٍ، بعد خلق أصل السماوات والأرض في ستة أيام، ومعناه مطابق تمام المطابقة لمعنى: "الدَّحْي" في قوله تعالى: (أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها * رفع سمكها فسوًّاها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذلك دحاها *) ثم فسر دَحْي الأرض بقوله: (أخرج منها ماءها ومرعاها * والجبال أرساها) وهذا النص صريح في أن إخراج الماء والمرعى، وإرساء الجبال، كانا بعد خلق السماوات والأرض، وهذا ما تضمنه الحديث، ويؤيد ذلك رواية النسائي التي جاء في أولها: " إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم خلق التربة يوم السبت " الحديث .. وقد ذكره ابن كثير بنصه في "سورة السجدة" كما أشرنا، وهذا الحديث يتطابق مع قوله تعالى في سورة البقرة: "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد
(يُتْبَعُ)
(/)
موتها وبث فيها من كل دابة ... " الآية؛ ومعلوم أن بث الدواب ـ مثلاً - كان بعد خلق السماوات والأرض، وكذلك خلق آدم، كان يوم الجمعة كما هو ثابت في العديد من الأحاديث الصحاح فلا غرابة في هذا الحديث على الإطلاق متناً، خلافاً لما ذهب إليه ابن كثير، بل هو حديث صحيح معناً كما بينا، وصحيح سنداً كما سنبين وللحديث بقية =
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 Dec 2009, 12:00 ص]ـ
(هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيءٍ عليم)
ذكر الحافظ ابن كثير -رحمه الله- تفسير هذه الآيه ثم ذكر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي فقال: " خلق الله التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر فيها يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبثّ الدواب فيها يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة من آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل".
وقد ذكر الحديث برواية الإمام مسلم والنسائي وقد ذكره في ثلاثة مواضع أخر في سورة الأعراف والسجدة وفصلت.
وقد عقب عليه بما يفيد: أنه لا يراه حديثاً مرفوعاً، بل يراه من جملة أخبار بني إسرائيل.
قال القاضي محمد أحمد كنعان/
وهذا اتجاه مستغرب من ابن كثير، ولعله اضطر إلى هذا الاتجاه، بسبب لبس حصل لديه، فظن أن ثمة تناقضًا بين هذا الحديث، وقولِهِ تعالى) في ستة أيام) كما قال في سورة الأعراف، وليس كذلك كما سنبين.
فبعد ذكر هذا الحديث قال ابن كثير ما نصه: " وهذا الحديث من غرائب صحيح مسلم، وقد تكلم عليه: علي بن المديني، والبخاري، وغير واحد من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب، وأنّ أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار، وإنما اشتبه على بعض الرواة فجعلوه مرفوعًا، وقد حرر ذلك البيهقي).
وقد قال نحو هذا في المواضع الثلاثة الأخرى أيضًا، وقولُ ابن كثير هذا ليس مطابقًا للواقع من جميع الوجوه، ويحتاج إلى إيضاح وتبيان، إذ ليس الأمر كلُّه كما قال، فنقول:
أولاً: قوله: "وهذا الحديث من غرائب الصحيح" ليس كما قال، فلا غرابة في هذا الحديث إطلاقًا، وقد بين سبب استغرابه هذا في تعقيبه على الحديث في تفسير الآية} 54 {من سورة الأعراف حيث قال: " وفيه استيعاب الأيام السبعة، والله يقول: في ستة أيام، ولهذا تكلم البخاري وغير واحد من الحفاظ في هذا الحديث" ... إلخ
فالصحيح: أن الأيام الستة التي تمَّ فيها خلق السماوات والأرض، هي غير الأيام السبعة الوارد ذكرها في هذا الحديث، إذ عندما خلق الله السماوات والأرض، لم يكن ثمَّة شمس، ولم يكن ثمَّة بشر، فمن أين جاءت تسمية الأيام الستة، بأيام الأسبوع المعروفة لدينا، ما عدا السبت؟ والغريب من ابن كثير هنا: أنه في تفسير آيات خلق السماوات والأرض، في سورتي الأعراف وفصلت، قد سمى الأيام الستة، بدءًا من الأحد حتى الجمعة، معتبرًا أن خلق السماوات والأرض تم فيها، وقال في موضع سورة الأعراف: "فأما يوم السبت فلم يقع فيه خلق، لأنه اليوم السابع، ومنه سمي السبت وهو: القَطْع"، وهذا التحديد هو قطعًا من أخبار بني إسرائيل، واليهود حتى الآن يعتقدون: أن الله استراح يوم السبت - والعياذ بالله - وقد ذكر ابن كثير نفسه قولَ اليهود هذا، في سبب نزول قوله تعالى: (ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب) أي: إعياء وتعب.
إذًا: فالأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات والأرض، هي أيام لا أسماء لها على الصحيح، وكل ما تناقله المفسرون من تسميتها، فهو من الإسرائيليات عن عبدالله بن سلام - رضي الله عنه - وغيره، أما الأيام السبعة التي ذكرت في هذا الحديث، فهي أيام أخرى، حصل فيها خلق مخلوقاتٍ، بعد خلق أصل السماوات والأرض في ستة أيام، ومعناه مطابق تمام المطابقة لمعنى: "الدَّحْي" في قوله تعالى: (أأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها * رفع سمكها فسوًّاها * وأغطش ليلها وأخرج ضحاها * والأرض بعد ذلك دحاها *) ثم فسر دَحْي الأرض بقوله: (أخرج منها ماءها ومرعاها * والجبال أرساها) وهذا النص صريح في أن إخراج الماء والمرعى، وإرساء الجبال، كانا بعد خلق السماوات والأرض، وهذا ما تضمنه الحديث، ويؤيد ذلك رواية النسائي التي جاء في أولها: " إن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم خلق التربة يوم السبت " الحديث .. وقد ذكره ابن كثير بنصه في "سورة السجدة" كما أشرنا، وهذا الحديث يتطابق مع قوله تعالى في سورة البقرة: "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة ... " الآية؛ ومعلوم أن بث الدواب ـ مثلاً - كان بعد خلق السماوات والأرض، وكذلك خلق آدم، كان يوم الجمعة كما هو ثابت في العديد من الأحاديث الصحاح فلا غرابة في هذا الحديث على الإطلاق متناً، خلافاً لما ذهب إليه ابن كثير، بل هو حديث صحيح معناً كما بينا، وصحيح سنداً كما سنبين وللحديث بقية =
بحث الشيخ عبد القادر السندي هذا الإشكال في بحث بعنوان إزالة الشبهة عن حديث التربة، بين فيه أنه ليس هناك تعارض حقيقي بين معنى هذا الحديث الشريف، وما ورد في كتاب الله من خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، وأن الحديث صحيح ولا إشكال فيه بحمد الله.
وهو بحث منشور في مجلة الجامعة الإسلامية، ويمكن الرجوع إليه عبر هذا الرابط: إزالة الشبهة عن حديث التربة ( http://www.almenhaj.net/TextSubject.php?linkid=7554)
ولعل أخانا عبدالله [مجاهد] الشهري يكمل لنا موضوعه هذا؛ فأحب الإعمال إلى الله أدومها وإن قل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[27 Dec 2009, 02:16 م]ـ
ولعل أخانا عبدالله [مجاهد] الشهري يكمل لنا موضوعه هذا؛ فأحب الإعمال إلى الله أدومها وإن قل.
حباً وكرامة وسمعاً وطاعة شيخنا الفاضل والمعذرة على التأخر وجزاكم الله خيراً على إثرائكم للموضوع جعله الله في موازين حسناتكم، نكمل على بركة الله/
ثانياً:- وقوله: "وقد تكلم عليه علي بن المديني والبخاري وغير واحد من الحفاظ" فيه إيهام للسامع وتضخيم للأمر، خلافاً للواقع، إذ هو يوهم: أن هذا الحديث في حكم الموضوع، وأن الذين تكلموا فيه كثيرون، وهذا غير صحيح كما سنبين في البند الثالث.
ثالثاً:- وقوله: " وجعلوه من كلام كعب ... إلى قوله" فجعلوه مرفوعاً" ليس كما قال تماماً وكذلك قوله: " وقد حرر ذلك البيهقي" ليس دقيقاً، فهو يوهم أن البيهقي قال كل هذا، وهذا غير صحيح، وبيانه التالي:
(أ) - هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، والنسائي في سننه، والبيهقي في الأسماء والصفات، كلهم من طريق: (حجاج بن محمد، عم ابن جريج، عن إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن عبدالله بن رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -) 0
(ب) - إن البيهقي لم ينقل عن البخاري أي كلام بخصوص هذا الحديث، خلافاً لما يوهمه كلام ابن كثير، وهو واضح في موضعه من كتابه "الأسماء والصفات"0
(ج) - إن عبارة البيهقي واضحة المعنى، في عدم تأييده القائلين بتعليل هذا الحديث أبداً، لا من حيث المعنى ولا من حيث السند، فبعد روايته هذا الحديث بسنده عمن ذكرناهم، قال البيهقي ما نصه: {هذا حديث قد أخرجه مسلم في كتابه، عن شريح بن يونس وغيره، عن حجاج بن محمد، وزعم بعض أهل العلم بالحديث: أنه غير محفوظ لمخالفته ما عليه أهل التفسير والتاريخ، وزعم بعضهم: أن إسماعيل بن أمية إنما أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن أيوب بن خالد، وإبراهيم غير محتج به} ..
فتأمل كلامه، فإن البيهقي لم يُعٍلَّهُ كما قيل، بل عبر عن قول أولئك البعض ب"زعم".
* ثم روى البيهقي بعد قوله هذا بسنده عن محمد بن يحيى: أنه سأل علي بن المديني عن حديث أبي هريرة هذا فقال: هذا حديث مدني رواه هشام بن يوسف، عن ابن جريج، عن إسماعيل بن أمية، عن أيوب بن خالد، عن أبي رافع مولى أم سلمة، عن أبي هريرة قال: "أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي ... " ثم أشار ابن المديني إلى رواية أخرى للحديث، فيها سَلْسَلَةٌ بالمشابكة، وفي سند هذه الرواية:
وشبك بيدي إبراهيم بن أبي يحيى وقال لي: شبك بيدي أيوب بن خالد وقال لي: شبك بيدي عبدالله بن رافع وقال لي: شبك بيدي أبو هريرة وقال لي: شبك بيدي أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - وقال لي: " خلق الله الأرض يوم السبت" فذكر الحديث بنحوه، ثم عقب ابن المديني على هذه الرواية المسلسلة قائلاً: وما أدرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا من إبراهيم بن أبي يحيى. (انتهى) 0
ونقول:- أما إبراهيم بن أبي يحيى هذا، فقد قال فيه الإمام أحمد: كان قدرياً معتزلياً جهمياً، كل بلاء فيه، يرك الناس حديثه، وكان يضع الحديث، وقال فيه يحيى بن معين: كذاب رافضي.
فابن المديني رأى: أن إسماعيل بن أمية، روى هذا الحديث عن إبراهيم المذكور، ولكن المحدثين المعتبرين الذين رووه وهم: مسلم وأحمد والنسائي والبيهقي، لا يرون ذلك، مع تسليمهم بأن إبراهيم بن أبي يحيى ليس بشيء، فأحمد الذي قال فيه ما قال، كيف يروي حديثاً بسندٍ، إبراهيم هذا أحد رواته ولو تدليساً؟
(د) - أما البخاري - رحمه الله -، فقد تكلم في هذا الحديث في ترجمة "أيوب بن خالد"، حيث أشار إلى الحديث قائلاً: " وقال بعضهم: عن أبي هريرة عن كعب، وهو أصح"
وقول البخاري هذا، ليس طعناً منه في قول من صحح رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل إن قوله: " وهو أصح " يعني كما هو مُتبع في اصطلاح العلماء: أن رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صحيح، ولكنه يرى أن عدم رغعه هو الأصح0
(يُتْبَعُ)
(/)
وخلاصة القول:- أنه لو كان كلام بعض العلماء في حديث كافياً لرده، لانطبق الأمر على كثير من الأحاديث في البخاري ومسلم، إذ من المعلوم: أب بعض العلماء تكلموا في بعض الرواة في الصحيحين، ولكن المعتمد لدى جمهور علماء الأمة، أن جميع ما فيها صحيح بلا شك، وكلَّ ما قيل في هذا الحديث أو ذاك، لا يؤثر في صحته، لاعتماده في أحد الصحيحين، اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن الكريم والله أعلم
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[30 Dec 2009, 02:11 م]ـ
بعد مرور عام كامل منذ البدء في هذه الصفحة:-
نسير إلى الآجال في كل لحظة ... وأعمارنا تطوى وهُنّ مراحل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى ... فعمرك أيام وهن قلائل
وما هذه الأيام إلا مراحلُ ... يحث بها حادٍ إلى الموت قاصدُ
وأعجب شيء لو تأملت أنها ... منازلُ تطوى والمسافر قاعد
اللهم حسِّن أعمالنا واختم بالصالحات أعمارنا
قال تعالى: {وإذْ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خيرٌ لكم عند بارئِكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم*} 54 سورة البقرة
ذكر ابن كثير- رحمه الله - في تفسيره للآية السابقة أخبار في عدد القتلى وكيف كان القتل وجملة من الأخبار ...
عقب القاضي محمد أحمد كنعان على هذه الأخبار بقوله/
" ونقول: هذه الروايات المذكورة هنا جميعها من جملة الأخبار التي حدَّث بها بعض الصحابة والتابعون عن بني إسرائيل، وليس لها سند يثبت صحتها بتفاصيلها، وإنما الثابت من مجمل معنى الآيات أن ذلك حصل من دون تفصيل أو تحديد عدد القتلى وما أشبه ذلك، فلذلك نقول: الله أعلم وآمنا بالله وبرسوله، وقد بينا ذلك في المسألة الخامسة من القسم الأول من المقدمة"
وقد ذكر القاضي محمد قي مقدمته للكتاب التي استخلصها من مقدمة ابن كثير - رحمه الله - في تفسيره أموراً عن الأخبار الإسرائيلية نذكر منها:
- ما وافق قبلناه، وما خالف رددناه، وما لم يوافق أو يخالف فيجوز روايته دون تصديق أو تكذيب، لقوله تعالى: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمارٍ فيهم إلا مراءً ظاهراً ولا تستفت فيهم منهم أحداً} وفي الآية أحكام أخرى ذكرها ابن كثير في المقدمة و شيخ الإسلام في رسالة أصول التفسير - رحم الله الجميع -.
- غالب هذه الأمور كما ذكر الإمام ابن كثير - رحمه الله - مما لا فائدة فيه تعود إلى أمر ديني.
- إن النبي - صلى الله عليه وسلم أباح التحديث ولا يمكن لأحدٍ أن يمنع ما أباحه - صلى الله عليه وسلم - لكن ليس معنى ذلك رواية الأباطيل والأكاذيب كما يفهم بعض جهلة القصاص، بل الإباحة محصورة فيما علمنا صدقه وفيما هو مسكوت عنه عندنا ولم يخالف ما لدينا، أما الأباطيل والغرائب مما تقشعر منه الأبدان كتفسير بعضهم الهم من يوسف - عليه السلام - بأمور لا يفعلها من كان بمنزلته فهذه لا تجوز روايتها إلا على سبيل البيان، والله أعلم.
والمقصود:- أن الإسرائيليات لا ترد جميعاً ولا تروى جميعاً على التفصيل السابق، والله أعلم
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[31 Dec 2009, 09:37 ص]ـ
قال تعالى:- {وإذْ قلتم يا موسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءُو بغضبٍ من الله ... }
- ذكر الإمام ابن كثير - رحمه الله - أنهم لم يجابوا في هذه الدعوة لأن سؤالهم كان من باب البطر والأشر ولا ضرورة فيه
وقد عقب القاضي محمد على هذا القول بقوله:-
"يرجح ابن كثير - رحمه الله - بقوله هذا القول بأنهم لم يجابوا إلى ما سألوه، ولكن الظاهر أنهم أجيبوا إليه وانقطع عنهم المن والسلوى، ثم تتابعت معاصيهم حتى ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة بكفرهم وقتلهم الأنبياء وعصيانهم وعدوانهم كما جاء في الآية الكريمة" (اهـ)
قال الإمام الطبري - رحمه الله -:
(يُتْبَعُ)
(/)
"القَول في تأويل قوله تعالى: {اهبِطوا مِصْرًا فإن لَكم ما سألتم} وتأويل ذلك: فدعا موسى فاستجبنا لَه , فَقلنا لَهم: اهبطوا مصر. وهو من المحذوف الذي اجتزئ بدلالة ظَاهره علَى ذكر ما حُذِفَ وتُرِكَ منه" والله تعالى أعلم
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[03 Jan 2010, 06:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
أولاً/ ذكر ابن كثير رحمه الله حديث معاذ رضي الله عنه عندما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال: "بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله قال:"فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول الله قال:"فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال:
"الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يُرضي رسولَ الله" ثم قال ابن كثير رحمه الله: وهذا الحديث في المسند للإمام أحمد والسنن بإسناد جيد كما هو مقرر في موضعه اهـ.
عقب القاضي كنعان فقال: قول ابن كثير رحمه الله:"وفي السنن بإسناد جيد" فيه تساهل بيانه: أن هذا الحديث لم يخرجه من أصحاب السنن سوى أبي داود والترمذي بالإضافة إلى الإمام أحمد في مسنده اهـ.
وكما ذكر الدكتور أبي مجاهد العبيدي حفظه الله فقد ضعف الألباني رحمه الله الحديث سنداً ومتناً
ما ذُكِر هنا ليس استدراكا على الإمام ابن كثير - رحمه الله - و إنما هو وهمٌ من أوهام المستدرِك كنعان؛ فذلك الحديث أخرجه البيهقي، و الدارمي من أصحاب السُنن، غير أبي داود و الترمذي؛ فلم يصحّ الاستدراك هنا
و قد احتج بذلك الحديث عددٌ من الأئمة المتقدمين؛ منهم:
1 - الإمام الشافعي في كتابه " الأم "؛ فذكر الحديث ((عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر) قال يزيد فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن حزم فقال: هكذا حدثنى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة.
(قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ومعنى الاجتهاد من الحاكم إنما يكون بعد أن لا يكون فيما يريد القضاء فيه كتاب ولا سنة ولا أمر مجتمع عليه، فأما وشئ من ذلك موجود فلا.
فإن قيل: فمن أين قلت هذا، وحديث النبي صلى الله عليه وسلم ظاهره الاجتهاد؟ قيل له: أقرب ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: (كيف تقضى؟) قال: بكتاب الله عزوجل، قال: (فإن لم يكن؟) قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (فإن لم يكن) قال: أجتهد رأيى قال: (الحمد لله الذى وفق رسول رسول الله لما يحب رسول الله)، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الاجتهاد بعد أن لا يكون كتاب الله ولا سنة رسوله)). أهـ
2 - و احتج به أيضا الإمام ابن عبد البر في كتابه " جامع بيان العلم وفضله "، (باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة)؛ قال: (قرأت على عبد الوارث بن سفيان حدثكم قاسم بن أصبغ، قال: نعم حدثنا قال حدثنا بكر بن حماد، قال حدثنا مسدد، قال حدثنا يحيى القطان عن شعبة، قال حدثني أبو عون عن الحارث بن عمرو عن أناس من أصحاب معاذ عن معاذ أنه قال: لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال: كيف تقضي، وحدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة عن أبي عون وهو محمد بن عبيد الله الثقفي قال سمعت الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة يحدث عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن قال: كيف تقضي - ثم اتفقا - إذا عرض لك قضاء، قال أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم يكن في كتاب الله، قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أجتهد رأيي ولا آلو، قال فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله، ولفظ حديث القطان على لفظ معاذ فضرب صدري وقال لي نحو هذا .... ). أهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - و كذا احتج به الإمام الخطيب البغدادي في كتابه " الفقيه و المتفقه "، و قال: (فإن اعترض المخالف بأن قال: لا يصح هذا الخبر، لأنه يروى عن أناس من أهل حمص لم يسموا فهم مجاهيل، فالجواب: أن قول الحارث بن عمرو، عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ، يدل على شهرة الحديث، وكثرة رواته، وقد عرف فضل معاذ وزهده، والظاهر من حال أصحابه الدين والثقة والزهد والصلاح، وقد قيل: إن عبادة بن نسي رواه عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ، وهذا إسناد متصل، ورجاله معروفون بالثقة، على أن أهل العلم قد تقبلوه واحتجوا به، فوقفنا بذلك على صحته عندهم كما وقفنا على صحة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا وصية لوارث "، وقوله في البحر: " هو الطهور ماؤه الحل ميتته "، وقوله: " إذا اختلف المتبايعان في الثمن والسلعة قائمة تحالفا وترادا البيع "، وقوله: " الدية على العاقلة "، وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من جهة الإسناد، لكن لما تلقتها الكافة عن الكافة غنوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها، فكذلك حديث معاذ، لما احتجوا به جميعا غنوا عن طلب الإسناد له). أهـ
4 - و احتج به أيضا الإمام ابن القيم في " إعلام الموقعين عن رب العالمين "، فصل (حديث معاذ في القياس)؛ قال: (وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم معاذا على اجتهاد رأيه فيما لم يجد فيه نصا عن الله ورسوله - ثم ذكر الحديث، و قال: - فهذا حديث وإن كان عن غير مسمّين فهم أصحاب معاذ فلا يضره ذلك؛لأنه يدل على شهرة الحديث، وأن الذي حدث به الحارث بن عمرو عن جماعةٍ من أصحاب معاذ، لا واحدٍ منهم، وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم لو سُمّي، كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى، ولا يُعرف في أصحابه متهم ولا كذاب ولا مجروح، بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم، لا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك، كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث وقد قال بعض أئمة الحديث: "إذا رأيت شعبة في إسناد حديث فاشدد يديك به" قال أبو بكر الخطيب: "وقد قيل إن عبادة بن نسى" رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ وهذا إسناد متصل ورجاله معروفون بالثقة على أن أهل العلم قد نقلوه واحتجوا به فوقفنا بذلك على صحته عندهم كما وقفنا على صحة قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث" وقوله في البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" وقوله: "إذا اختلف المتبايعان في الثمن والسلعة قائمة تحالفا وترادا البيع" وقوله: "الدية على العاقلة" وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من جهة الإسناد ولكن ما تلقتها الكافة عن الكافة؛ غنوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها؛ فكذلك حديث معاذ لَمّا احتجوا به جميعا غنوا عن طلب الإسناد له انتهى كلامه). أهـ[يعني هذا القدْرالذي نقله عن أبي بكر الخطيب]
* و بذا سقط قول ابن حزم في كتابه " الإحكام ": ((هذا حديث ساقط،، لم يروه أحد من غير هذا الطريق، وأول سقوطه أنه عن قوم مجهولين لم يسمّوا، فلا حجة فيمن لا يعرف من هو، وفيه الحارث بن عمرو وهو مجهول لا يعرف من هو، ولم يأت هذا الحديث قط من غير طريقه.
أخبرني أحمد بن عمر العذري، ثنا أبو ذر الهروي، ثنا زهر بن أحمد الفقيه زنجويه بن النيسابوري، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري، هو جامع الصحيح، قال فذكر سند هذا الحديث، وقال رفعه في اجتهاد الرأي، قال البخاري: ولا يعرف الحارث إلا بهذا، ولا يصح. هذا كلام البخاري رحمه الله)). انتهى
-----------------
فقول ابن حزم بسقوط ذلك الحديث لأنه (عن قوم مجهولين، لم يُسَمّوا) مدفوعٌ بما ذكره آنفا الإمامان ابن القيم والخطيب البغدادي، الذي ترجم له الحافظ ابن عساكر بـ (الفقيه الحافظ أحد الأئمة المشهورين والمصنفين المكثرين والحفاظ المبرزين ومن ختم به ديوان المحدِّثين).
و أما زعم ابن حزم بجهالة الحارث بن عمرو، و قوله - في ذلك الحديث -: (وفيه الحارث بن عمرو وهو مجهول لا يعرف من هو) فَوهمٌ؛ فقد ترجم له ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل "، و قال: (الحارث بن عمرو ابن اخى المغيرة بن شعبة روى عن اصحاب معاذ روى عنه أبو عون الثقفى سمعت ابى يقول ذلك).
(يُتْبَعُ)
(/)
و كذا ترجم له الإمام البخاري في " التاريخ الكبير "، و " التاريخ الصغير "، و المزي في " تهذيب الكمال "، و الذهبي في " ميزان الاعتدال "، و ابن حجر في " تهذيب التهذيب "؛ فالقول بأنه لا يُعرَف مَن هو قولٌ باطل، و عدم معرفة ابن حزم بالحارث لا تضرّه؛ فقد عرفه غيره من الأئمة الأعلام و ترجموا له؛ فلا يكون مجهولاً، كما ادعى ابن حزم، لا جهالة عيْنٍ و لا جهالة حال؛ فقد وثّقه ابن حبان، و ذكره في الثقات، في الرقم (7219)، و ترجم له: - (الحارث بن عمرو بن اخى المغيرة بن شعبة يروى عن أصحاب معاذ روى عنه أبو عون الثقفى).
و أما قول الإمام البخاري: (و لا يصِحّ) - في حديث الحارث في اجتهاد الرأي - فالمراد به أنه لا يصِحّ رفعه، و هذه عبارته في " التاريخ الصغير ": (الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة الثقفي عن أصحاب معاذ، رفعه في اجتهاد الرأي، قال شعبة عن أبي عون، ولا يعرف الحارث إلا بهذا، ولا يصح). أي رفْعُه، و إنما هو مرسل؛ كما صرّح في " التاريخ الكبير "؛ قال: (الحارث بن عمرو ابن أخى المغيرة بن شعبة الثقفى، عن أصحاب معاذ عن معاذ، روى عنه أبو عون، ولا يصح، ولا يعرف الا بهذا، مرسل). و قوله (و لا يعرف إلا بهذا) يعني: لا يعرف إلا بهذا الحديث؛ قال ابن عدي: هو معروف بهذا الحديث؛ ذكره ابن حجر في " تهذيب التهذيب ".
-----------------------
5 - و قال ابن قدامة في " روضة الناظر وجنة المناظر " - بعد أن ذكر رواية الحارث بن عمرو -: (و قد رواه عبادة بن نُسَيّ عن عبد الرحمن بن غَنْم عن معاذ.
ثم الحديث تلقته الأمة بالقبول، فلا يضره كونه مرسلا).
6 - و قال الإمام الذهبي: (و إسناده صالح)؛ قاله في كتابه " سير أعلان النبلاء "، في تعقيبه على ما ذكره الجويني في كتاب " البرهان " في حديث معاذ في القياس، و قوله فيه: هو مدون في الصحاح، متفق على صحته.
قلت [الذهبي]: بل مداره على الحارث بن عمرو، وفيه جهالة، عن رجال من أهل حمص، عن معاذ.
فإسناده صالح. أهـ
* و لعل البعض قد اغتر بكلمة (و فيه جهالة)، المذكورة هنا و نحوها، و ليست على ظاهرها في اصطلاح بعض المحدِّثين، و إنما يعنون بها (مَن لم يُعرَف حديثه إلا من جهة راوٍ واحد)، كما حكاه الإمام ابن الصلاح في " مقدمته "؛ قال: (ذكرأبوبكر الخطيب البغدادي في أجوبة مسأل سئل عنها: أن المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم تعرفة العلماء، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راوٍ واحد. مثل: عمرو ذي مر، وجبار الطائى. وسعيد بن ذي حدان. لم يروى عنهم غير أبي أسحق السبيعي.: مثل الهزهاز بن ميزن: لا راوى عنة غير الشعبى. ومثل جرى بن كليب، لم يرو عنه إلا قتادة.
قلت: قد روى عن الهزهاز الثوري أيضا.
قال الخطيب: وأقل ما يرتفع به الجهالة أن يروى عن الرجل ثنان من المشهورين بالعلم، إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بررأيتهما عنه. وهذا مما قدمنا بيان، الله أعلم). أهـ
و عليه فقول الذهبي في الحارث بن عمرو - أحد رواة حديث اجتهاد الرأي - (و فيه جهالة) إنما يُراد به أنه لم يَرْو عنه إلا راوٍ واحد، و يؤيده قول الذهبي في " لسان الاعتدال " - في حديث اجتهاد الرأي هذا -: (تفرد به أبو عون محمد بن عبيدالله الثقفى، عن الحارث بن عمرو الثقفى ابن أخى المغيرة. وما روى عن الحارث غير أبى عون، فهو مجهول).
يعني: لم يرو عنه إلا راوٍ واحد
*********
7 - و احتج بذلك الحديث أيضا الإمام أبو بكر الجصاص في كتابه " أحكام القرآن "؛ قال: (استعمال الرأي والاجتهاد وردّ الحوادث إلى نظائرها من المنصوص قد كان جائزا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم في حاليْن، ولم يكن يجوز في حال؛ فأما الحالان اللتان كانتا يجوز فيهما الاجتهاد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فإحداهما في حال غيبتهم عن حضرته، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم معاذا حين بعثه إلى اليمن فقال له {: كيف تقضي إن عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: أقضي بسنة نبي الله، قال: فإن لم يكن في كتاب الله ولا في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي لا آلو، قال: فضرب بيده على صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله}؛ فهذه إحدى الحالين اللتين كان يجوز الاجتهاد فيهما في حياة النبي صلى الله عليه وسلم). أهـ
8 - و كذا احتج به الإمام أبو بكر بن العربي في كتابه " أحكام القرآن "؛ قال في (المسألة الثالثة: قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}: قال علماؤنا: ردوه إلى كتاب الله، فإذا لم تجدوه فإلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم تجدوه فكما قال عليّ: ما عندنا إلا ما في كتاب الله تعالى أو ما في هذه الصحيفة، أو فهم أوتيه رجل مسلم، وكما {قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: بم تحكم؟ قال: بكتاب الله.
قال: فإن لم تجد.
قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي، ولا آلو.
قال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله}.
فإن قيل: هذا لا يصح.
قلنا: قد بينا في كتاب " شرح الحديث الصحيح " وكتاب " نواهي الدواهي " صحته، وأخذ الخلفاء كلهم بذلك ... ). أهـ
* * *
و عليه، فالقول بالاستدراك على الإمام ابن كثير فيما ذكره غير صحيح، و كذا القول بتضعيف حديث معاذ رضي الله عنه - في اجتهاد الرأي عند غياب نصٍ من الكتاب و السُنة -.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
كتبه
د. أبو بكر عبد الستار خليل
عفا الله عنه و عافاه في الداريْن
اللهم آمين يا رب العالمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[03 Jan 2010, 09:27 ص]ـ
ما ذُكِر هنا ليس استدراكا على الإمام ابن كثير - رحمه الله - و إنما هو وهمٌ من أوهام المستدرِك كنعان؛ فذلك الحديث أخرجه البيهقي، و الدارمي من أصحاب السُنن، غير أبي داود و الترمذي؛ فلم يصحّ الاستدراك هنا .............
و عليه، فالقول بالاستدراك على الإمام ابن كثير فيما ذكره غير صحيح، و كذا القول بتضعيف حديث معاذ رضي الله عنه - في اجتهاد الرأي عند غياب نصٍ من الكتاب و السُنة -.
و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
المسألة يا شيخنا الفاضل اجتهادية، ولا محل للحكم الجازم الذي ذكرته في أول تعليقك وآخره.
فالذين ضعفوا الحديث أئمة كبار، ولو قرأت كلام الألباني رحمه الله لاتضحت لك بعض الأمور.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[03 Jan 2010, 11:35 ص]ـ
المسألة اجتهادية، ولا محل للحكم الجازم الذي ذكرته في أول تعليقك وآخره.
فالذين ضعفوا الحديث أئمة كبار، ولو قرأت كلام الألباني رحمه الله لاتضحت لك بعض الأمور.
الأخ الفاضل د. محمد القحطاني (أبو مجاهد)
ما دامت المسألة اجتهادية – كما تفضلتم و قلتم – ألا ترى أن لفظ (الاستدراك) غير مناسب أو غير صحيح؛ لأن (استدرك) عليه القول:
أصلح خطأه أو أكمل نقصه أو أزال عنه لبسا؛ كما في معاجم اللغة.
و محل الجزم في أول تعليقي أن هناك من كتب السُنن المخرّج فيها الحديث غير سنن أبي داود و الترمذي، كسنن البيهقي و الدارمي،
بينما عقّب القاضي كنعان فقال: (قول ابن كثير رحمه الله: " وفي السنن بإسناد جيد" فيه تساهل بيانه: أن هذا الحديث لم يخرجه من أصحاب السنن سوى أبي داود والترمذي، بالإضافة إلى الإمام أحمد في مسنده).اهـ.
فحصر تخريج ذلك الحديث في سنن أبي داود و سنن الترمذي – من حيث كتب السنن – هو وهْمٌ من (كنعان)، على سبيل الجزم، و ليس استدراكا على الإمام ابن كثير.
هذا من ناحية
و من ناحية أخرى، فتضعيف ذلك الحديث – عند من ضعّفوه – مبنيٌّ في وجهٍ منه على الزعم بجهالة (الحارث بن عمرو)، و وَجه الجزم بِوهْم ذلك الزعم: أن ذلك الراوي ترجم له عددٌ من كبار الأئمة؛ كالبخاري و ابن أبي حاتم و الذهبي و ابن حبان – و و وثّقه – و ابن حجر؛ فلا يكون مجهول العيْن بحالٍ من الأحوال. و هذا ظاهرٌ قطعا.
و من ناحية ثالثة، فقد احتج الإمام ابن تيمية بذلك الحديث – في بيان أحسن طرق التفسير – و قال: ((وهذا الحديث في المساند والسنن بإسناد جيد)). و هو عيْن ما قاله الإمام ابن كثير في تفسيره، الذي استدرك عليه (كنعان)؛ بغير وجهٍ و بغير حق.
قال ابن تيمية في " مجموع الفتاوى "، طـ (مجمع الملك فهد) - (225/ 38):
(( .. والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة، كما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: " بم تحكم؟ " قال: بكتاب اللّه. قال: " فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول اللّه. قال: " فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي. قال: فضرب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: " الحمد لله الذي وفق رسولَ رَسُولِ اللّه لما يرضى رسولَ اللّه "، وهذا الحديث في المساند والسنن بإسناد جيد)). أهـ
هذا بالإضافة إلى غيره من كبار الأئمة الذين تقدم ذكرهم في مقالي السابق.
و عليه، فلا وجه للاستدراك كما تقدم في معنى الاستدراك.
و الغرض: ترشيد القول بالاستدراك و خاصةً على كبار الأئمة إلاّ بعد التثبّت و التحقّق، و بوجهٍ قويٍّ جليّ
و قد جاء في مقالي السابق أن قول الإمام البخاري في حديث الحارث بن عمرو عن معاذ: (و لا يصح) أي لا يصح رفعه. و الصواب: أي لا يصح وصله؛ قال الترمذي عقب ذلك الحديث: و ليس إسناده عندي بمتصل.
و الله وليّ التوفيق
و ختاما لك مني كل تحية و محبة
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[13 Jan 2010, 08:42 ص]ـ
جزى الله الشيخين خير الجزاء على الإفادة ونفع الله بهما
في قوله تعالى: {ذلك بأنهم كانوا يكفرون بأيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق}
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الإمام بن كثير - رحمه الله -: " فلا كفر أعظم من هذا: أنهم كفروا بآيات الله وقتلوا أنبياء الله بغير الحق، ولهذا جاء في الحديث المتفق على صحته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الكبر بَطَرُ الحق وغَمْطُ الناس) "
عقب القاضي محمد على قول ابن كثير - رحمه الله - السابق بقوله:
قوله: "المتفق على صحته" فيه تساهل من ابن كثير - رحمه الله -، فإن البخاري لم يخرج هذا الحديث، وإنما رواه مسلم وأحمد وأبوداود والترمذي والنسائي بألفاظ متقاربة عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -، ورواه أبو داود عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، ورواه الطبراني عن ثابت بن قيس - رضي الله عنه - "
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[13 Jan 2010, 11:23 ص]ـ
جزى الله الشيخين خير الجزاء على الإفادة ونفع الله بهما
في قوله تعالى: {ذلك بأنهم كانوا يكفرون بأيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق}
قال الإمام بن كثير - رحمه الله -: " فلا كفر أعظم من هذا: أنهم كفروا بآيات الله وقتلوا أنبياء الله بغير الحق، ولهذا جاء في الحديث المتفق على صحته أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (الكبر بَطَرُ الحق وغَمْطُ الناس) "
عقب القاضي محمد على قول ابن كثير - رحمه الله - السابق بقوله:
قوله: "المتفق على صحته" فيه تساهل من ابن كثير - رحمه الله -، فإن البخاري لم يخرج هذا الحديث، وإنما رواه مسلم وأحمد وأبوداود والترمذي والنسائي بألفاظ متقاربة عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه -، ورواه أبو داود عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، ورواه الطبراني عن ثابت بن قيس - رضي الله عنه - "
أخي العزيز
ألا ترى أن التحقق من صحة أو قوة الاستدراك قبل نقله هو الأوفق؟
و ما كنت أحب أن أتتبع تلك الاستدراكات بالتعقّب؛ لكيلا أقطع عليك تسلسل الموضوع؛ لكنه واجب البيان و التوضيح و التصحيح
و هنا لا وجه للاستدراك على الإمام ابن كثير في قوله - في ذلك الحديث -: " المتفق على صحته "؛ لأن الاتفاق المذكور هنا إنما هو على " صحته "، يعني: على صحة ذلك الحديث الذي ذكره " الكبر بطر الحق ". و هو كما قال (كنعان) رواه الإمام مسلم في صحيحه.
و ما هذا سبيله فمتفقٌ على صحته عند علماء الأمة، و المخالف يلزمه الدليل، و لا دليل هنا
و قد التبس الأمر على (كنعان)؛ فخلط بين عبارة " متفقٌ عليه "، و بيْن (متفقٌ على صحته) التى قالها الإمام ابن كثير - رحمه الله -.
و عليه، فاستدراكه هنا هو " لبسٌ "، و وَهْم.
ـ[مجاهدالشهري]ــــــــ[17 Jan 2010, 11:37 م]ـ
و ما كنت أحب أن أتتبع تلك الاستدراكات بالتعقّب؛ لكيلا أقطع عليك تسلسل الموضوع؛ لكنه واجب البيان و التوضيح و التصحيح
.
حياكم الله شيخنا الفاضل
المقصود من ذكر الاستدراكات هو مناقشتها بارك الله فيكم وقد سعدت كثيراً بمشاركتكم ومشاركة المشايخ الفضلاء.
أما التتبع والتعقيب من فضيلتكم ومن المشائخ عامة فهو المرجو ولم يطرح االموضوع إلا لذلك فمن وجد تعقيباً أو استدراكاً على ما يكتب فليتفضل به مأجوراً بإذن الله مشكوراً
جزاكم الله خيراً
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[18 Jan 2010, 09:51 ص]ـ
رأي عابر يحتاج لتفصيل عند اتساع الوقت:
كثير من استدراكات المتأخرين على أئمة التفسير غير دقيقة ولا صائبة وفيها كثير من عدم المنهجية وقد لاحظت ذلك في أكثر من نقل من النقول المنقولة هنا.
والله الموفق
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[20 Jan 2010, 07:39 م]ـ
قال تعالى:- {وإذْ قلتم يا موسى لن نصبر على طعامٍ واحدٍ فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءُو بغضبٍ من الله ... }
- ذكر الإمام ابن كثير - رحمه الله - أنهم لم يجابوا في هذه الدعوة لأن سؤالهم كان من باب البطر والأشر ولا ضرورة فيه
وقد عقب القاضي محمد على هذا القول بقوله:-
"يرجح ابن كثير - رحمه الله - بقوله هذا القول بأنهم لم يجابوا إلى ما سألوه، ولكن الظاهر أنهم أجيبوا إليه وانقطع عنهم المن والسلوى، ثم تتابعت معاصيهم حتى ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة بكفرهم وقتلهم الأنبياء وعصيانهم وعدوانهم كما جاء في الآية الكريمة" (اهـ)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الإمام الطبري - رحمه الله -:
"القَول في تأويل قوله تعالى: {اهبِطوا مِصْرًا فإن لَكم ما سألتم} وتأويل ذلك: فدعا موسى فاستجبنا لَه , فَقلنا لَهم: اهبطوا مصر. وهو من المحذوف الذي اجتزئ بدلالة ظَاهره علَى ذكر ما حُذِفَ وتُرِكَ منه" والله تعالى أعلم
أحمد الله عزّ و جَلّ، و أشكر الأخوين العزيزين (مجاهد الشهري)، و (أبا صفوت) على ما ذكروه و كتبوه، جزاهما الله خيرا و جزاكم جميعا
و ما ذكره الإمام ابن كثير من عدم إجابة ما سأله قوم موسى - عليه السلام – مغايراً لما ذهب إليه الإمام ابن جرير من إجابتهم لما سألوه، هو من قبيل اختلاف الآراء فيما يحتمله النَص، و لم يَرِد فيه ما يرفع أو يدفع أحد الاحتمالين.
و قد استند ابن كثير فيما ذهب إليه من عدم إجابتهم لما سألوه، إلى ما دَلّ عليه النَص - عقب سؤالهم هذا - مِن تقريع و توبيخ موسى عليه السلام لهم، فيما طلبوه مِن البَقل و القثاء و الفوم و العدس و البصل بدلاٍ من العسَل و الطَير " المَنّ السلوى "؛ قال رحمه الله: (وقوله تعالى: {قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير} فيه تقريعٌ لهم وتوبيخ على ما سألوا من هذه الأطعمة الدنية مع ما هم فيه من العيش الرغيد، والطعام الهنيء الطيب النافع). أهـ
و هو معنى ما ذكره الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره؛ قال: (القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ}
يعني بقوله: (قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)، قال: لهم موسى: أتأخذون الذي هو أخس خطراً وقيمة وقدرا من العيش، بدلاً بالذي هو خير منه خطرا وقيمة وقدرا؟ وذلك كان استبدالهم). أهـ
- و لأجل ذلك التقريع و التوبيخ ذهب ابن كثير إلى القول بعدم إجابتهم لِما سألوه مما استحقوا عليه ذلك الإنكار، و هو مذهبٌ جيّد مُتسِق و مُتماسك مع دلالة النَص، و القول بإجابتهم لِما طلبوه مع الإنكار عليهم فيه بُعْد.
قال ابن كثير رحمه الله: ( .... والمعنى على ذلك لأن موسى عليه السلام يقول لهم: هذا الذي سألتم ليس بأمر عزيز، بل هو كثير في أي بلد دخلتموه وجدتموه، فليس يساوي مع دناءته وكثرته في الأمصار أن أسأل الله فيه؛ ولهذا قال: {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم} أي: ما طلبتم، ولَمّا كان سؤالهم هذا من باب البطر والأشر ولا ضرورة فيه، لم يجابوا إليه، والله أعلم). أهـ
و لذا كان القول بعدم إجابة قوم موسى لما سألوه و طلبوه، أقرب لدلالة الإنكار من القول بإجابتهم إليه.
* * *
{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} [البقرة: 61]
و ربما يشكل على القول بعدم إجابتهم لِما سألوه،ُ ما جاء - عقب التقريع لهم - من قوله تعالى: {فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} [البقرة: 61]، و جوابه أن القول الكريم: {فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} ليس على ظاهره، ويحتمل إضمار الشرط؛ أي: إن تهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم؛ قال أبو حيان الأندلسي في تفسيره " البحر المحيط ": ({اهْبِطُوا مِصْرًا}: في الكلام حذف على تقدير أن القائل: {أَتَسْتَبْدِلُونَ} هو موسى، وتقدير المحذوف، فدعا موسى ربه فأجابه، {قَالَ اهْبِطُوا}. وتقدّم معنى الهبوط، ويقال: هبط الوادي: حل به، وهبط منه: خرج .......
{فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ}: هذه الجملة جواب للأمر، كما يجاب بالفعل المجزوم، ويجري فيه الخلاف الجاري فيه: هل ضمن اهبطوا مصراً معنى أن تهبطوا أو أضمر الشرط؟ وفعله بعد فعل الأمر، كأنه قال: إن تهبطوا مصراً فإن لكم ما سألتم،
وفي ذلك محذوفان: أحدهما: ما يربط هذه الجملة بما قبلها، وتقديره: فإن لكم فيها ما سألتم. والثاني: الضمير العائد على ما، تقديره: ما سألتموه، وشروط جواز الحذف فيه موجودة ........ والمعنى: ما سألتم من البقول والحبوب التي اخترتموها على المن والسلوى. وقيل: ما سألتم من اتكالكم على تدبير أنفسكم في مصالح معاشكم وأحوال أقواتكم). انتهى كلامه هنا
* * *
و ذهب الإمام القرطبي في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن " إلى نحو ما ذهب إليه الإمام ابن كثير؛ قال: (قوله تعالى: (اهبطو مصرا) تقدم معنى الهبوط، وهذا أمر معناه التعجيز، كقوله تعالى: " قل كونوا حجارة أو حديدا " [الاسراء: 50] لانهم كانوا في التيه وهذا عقوبة لهم.
وقيل: إنهم أعطوا ما طلبوه). أهـ.
و يحتمل أن يكون معنى ذلك الأمر: الزجْر و التهديد بالهبوط إلى مصر التي خرجوا منها، و التذكير بما كانوا يلاقونه فيها من الذلّ و الذبح و الاستعباد – إن أرادوا الإجابة لِما طلبوه؛ فإن لهم فيها ما سألوه.
و الخلاصة أن ما ذكره الإمامان ابن كثير و ابن جرير الطبري من إجابة قوم موسى لسؤلهم أو عدم إجابتهم لما طلبوه، هو اختلاف آراء، يحتمله النصّ، و لكلٍّ سنده و دليله
و ما هذا سبيله فلا يصلح أن يكون محلاً جيداً للاستدراك.
و الله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[30 Jun 2010, 08:50 م]ـ
الأخ الفاضل د. محمد القحطاني (أبو مجاهد)
ما دامت المسألة اجتهادية – كما تفضلتم و قلتم – ألا ترى أن لفظ (الاستدراك) غير مناسب أو غير صحيح؛ لأن (استدرك) عليه القول:
أصلح خطأه أو أكمل نقصه أو أزال عنه لبسا؛ كما في معاجم اللغة.
و محل الجزم في أول تعليقي أن هناك من كتب السُنن المخرّج فيها الحديث غير سنن أبي داود و الترمذي، كسنن البيهقي و الدارمي،
بينما عقّب القاضي كنعان فقال: (قول ابن كثير رحمه الله: " وفي السنن بإسناد جيد" فيه تساهل بيانه: أن هذا الحديث لم يخرجه من أصحاب السنن سوى أبي داود والترمذي، بالإضافة إلى الإمام أحمد في مسنده).اهـ.
فحصر تخريج ذلك الحديث في سنن أبي داود و سنن الترمذي – من حيث كتب السنن – هو وهْمٌ من (كنعان)، على سبيل الجزم، و ليس استدراكا على الإمام ابن كثير.
هذا من ناحية
و من ناحية أخرى، فتضعيف ذلك الحديث – عند من ضعّفوه – مبنيٌّ في وجهٍ منه على الزعم بجهالة (الحارث بن عمرو)، و وَجه الجزم بِوهْم ذلك الزعم: أن ذلك الراوي ترجم له عددٌ من كبار الأئمة؛ كالبخاري و ابن أبي حاتم و الذهبي و ابن حبان – و و وثّقه – و ابن حجر؛ فلا يكون مجهول العيْن بحالٍ من الأحوال. و هذا ظاهرٌ قطعا.
و من ناحية ثالثة، فقد احتج الإمام ابن تيمية بذلك الحديث – في بيان أحسن طرق التفسير – و قال: ((وهذا الحديث في المساند والسنن بإسناد جيد)). و هو عيْن ما قاله الإمام ابن كثير في تفسيره، الذي استدرك عليه (كنعان)؛ بغير وجهٍ و بغير حق.
قال ابن تيمية في " مجموع الفتاوى "، طـ (مجمع الملك فهد) - (225/ 38):
(( .. والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة، كما قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: " بم تحكم؟ " قال: بكتاب اللّه. قال: " فإن لم تجد؟ " قال: بسنة رسول اللّه. قال: " فإن لم تجد؟ " قال: أجتهد رأيي. قال: فضرب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: " الحمد لله الذي وفق رسولَ رَسُولِ اللّه لما يرضى رسولَ اللّه "، وهذا الحديث في المساند والسنن بإسناد جيد)). أهـ
هذا بالإضافة إلى غيره من كبار الأئمة الذين تقدم ذكرهم في مقالي السابق.
و عليه، فلا وجه للاستدراك كما تقدم في معنى الاستدراك.
و الغرض: ترشيد القول بالاستدراك و خاصةً على كبار الأئمة إلاّ بعد التثبّت و التحقّق، و بوجهٍ قويٍّ جليّ
و قد جاء في مقالي السابق أن قول الإمام البخاري في حديث الحارث بن عمرو عن معاذ: (و لا يصح) أي لا يصح رفعه. و الصواب: أي لا يصح وصله؛ قال الترمذي عقب ذلك الحديث: و ليس إسناده عندي بمتصل.
و الله وليّ التوفيق
و ختاما لك مني كل تحية و محبة
و بيان ذلك الكلام و إكماله منشورٌ في دراسة مستفيضة بعض الشيء، و عنوانها:
(بيان الأوهام في إنكار حديث الاجتهاد في الأحكام) ( http://tafsir.net/vb/showthread.php?p=107103#post107103)
و للاطلاع عليه و قراءته بغير الحاجة إلى تحميله:
http://majles.alukah.net/showthread.php?p=381602
و للتحميل: من مكتبة مشكاة الإسلامية ( http://www.almeshkat.net/books/open.php?cat=61&book=5543)(/)
بشرى من تفسير ابن كثير
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[10 Jan 2009, 02:36 ص]ـ
بشرى من تفسير ابن كثير
قال تبارك وتعالى في سورة براءة: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 14، 15]
ثم لما كان من شأن القتال أن يُقتل كثيرٌ من المؤمنين، قال: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ} أي: لن يذهبها بل يكثرها وينميها ويضاعفها. ومنهم من يجري عليه عمله في طول بَرْزَخه، كما ورد بذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، حيث قال:
حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي، حدثنا ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن كثير بن مُرّة، عن قيس الجذامي -رجل كانت له صحبة-قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعطى الشهيد ست خصال عند أول قطرة من دمه: يُكَفر عنه كل خطيئة، ويرى مقعده من الجنة، ويزوج من الحور العين، ويؤمن من الفزع الأكبر، ومن عذاب القبر، ويحلى حُلَّة الإيمان". تفرد به أحمد رحمه الله.
حديث آخر: قال أحمد أيضا: حدثنا الحكم بن نافع، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن بَحِير ابن سعيد، عن خالد بن مَعْدان، عن المقدام بن معد يكرب الكندي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن للشهيد عند الله ست خصال: أن يغفر له في أول دَفْعَة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى حُلَّة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويجار من عذاب القبر، ويَأمَن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، ويُشَفَّع في سبعين إنسانا من أقاربه".
وقد أخرجه الترمذي وصححه ابن ماجه.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عَمْرو، وعن أبي قتادة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يُغفر للشهيد كل شيء إلا الدَّيْن". وروي من حديث جماعة من الصحابة، وقال أبو الدرداء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته". ورواه أبو داود. والأحاديث في فضل الشهيد كثيرة جدا.
وقوله: {سيهديهم} أي: إلى الجنة، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [يونس: 9].
ـ[أبو المهند]ــــــــ[10 Jan 2009, 05:38 م]ـ
بشرك الله بالخير وأثابك يا أبا الخير كله.(/)
حذف ياء إبراهيم عليه السلام في سورة البقرة
ـ[العرابلي]ــــــــ[11 Jan 2009, 01:06 ص]ـ
المبحث الثامن في حذف الياء وإثباتها
بسم الله الرحمن الرحيم
إثبات الياء وحذفها في اسم إبراهيم عليه السلام
ورد اسم إبراهيم عليه السلام في القرآن الكريم؛ (69) مرة، وقد أثبتت ياء إبراهيم في سائر القرآن ماعدا سورة البقرة؛ حيث ورد اسم إبراهيم عليه السلام فيها (15) مرة، قد حذفت الياء فيها جميعًا. وكان سبب الحذف عائدًا إلى نفس السبب في استعمال الياء.
وقد بينا في الأبحاث السبعة السابقة أن استعمال الياء للدلالة على التحول، وأن التحول يفيد الانقطاع، وحذفها يفيد الاستمرار.
واستعمال الياء دال على مرحلة سابقة تحول عنها، ومرحلة لاحقة تحول إليها.
وقد تميز ذكر إبراهيم عليه السلام في سورة البقرة عن بقية سور القرآن، بأن له السبق والأوَّلية في أمور عديدة لا سابق له قبلها، في أول سور القرآن بعد فاتحة الكتاب.
والسبق والأوَّلية يتنافى مع معنى التحول الذي يفيده استعمال الياء؛ لذلك كان حذف ياء إبراهيم عليه السلام في أول ذكر له، في أول سورة يذكر فيها، في أول صفات يحملها ابتداء دون سابق له.
1 – فإبراهيم عليه السلام هو أول من ابتلى بفتن عظيمة، فلم يجعل بينه وبين الله شيئًا؛ أب تبرأ منه، وأرض كُفْر ولد فيها في قوم كافرين فهجرها وهجرهم، وزوجه وولده الذي أتى بعد طول انتظار له أبعدهما إلى واد غير ذي زرع، لأمر يريده الله تعالى، وبلاء عظيم في أمر فيه ذبح ابنه الوحيد يومها، فلم يتردد في تنفيذ أمر الله.
بعد ثبات إبراهيم عليه السلام في هذه الابتلاءات، وإتمام أمر الله له فيها، بغير تردد ولا نقصان؛ جعله الله تعالى أول إمام للناس. وأهل الكتاب ينافسون المسلمين في جعل إبراهيم عليه السلام إمامًا لهم إلى يوم الدين؛ بادعائهم أنه كان يهوديًا أو نصرانيًا.
فلما لم يكن لإبراهيم عليه السلام تحول عن أمر الله مع عظم ما يبتلى به، وثبات إمامةٍ دائمة له غير مسبوقة؛ حذفت الياء من اسمه الدالة على التحول؛
قال تعالى: (وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِـ (ي) ـمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) البقرة.
2 – ومقام إبراهيم عليه السلام هو المقام الوحيد الذي استمر بقاؤه لنبي، وبقاؤه من بقاء بيت الله الحرام إلى يوم القيامة؛ فهو أول من عبد الله تعالى في هذا البيت، لذلك حذفت ياء التحول لأجل ذلك.
قال تعالى: (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِـ (ي) ـمَ مُصَلًّى (125) البقرة.
3 – وإبراهيم عليه السلام هو أول من عُهِد إليه بتطهير بيتًا لله من الشرك والأصنام؛ لأن هذا البيت هو أول بيت وضع للناس، فكان هو أول من طهر بيتًا لله في الأرض، وإسماعيل عليه السلام كان تبعًا له؛ وعلى ذلك كان حذف الياء من اسمه عليه السلام؛
قال تعالى: (وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِـ (ي) ـمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (125) البقرة.
4 - وهو أول من غرب زوجه وولده إلى مكان خلاءٍ؛ واد غير ذي زرع، رغبة بوجود أمة بعيدة عن أرض الشرك والأصنام، وعن الانشغال بالزرع والضرع، لتفرغ نفسها لله برسالة الإسلام التي ستكلف بها، وكانت مكة أول قرية تنشأ على حياة التجارة، ولا تعتمد على الزراعة والرعي، ودعا الله أن يجعل ذلك المكان بلدًا آمنًا، فاستجاب الله له، واستمرت مكة بلدًا آمنًا وامتازت بالأمن على سائر البلدان، وكان دعاؤه أول دعاء لله في هذا الوادي، ليكون أكثر وأعظم مكان يدعى الله تعالى فيه؛ وعلى ذلك كان حذف الياء من اسمه عليه السلام.
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِـ (ي) ـمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا ءامِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ ءامَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) البقرة.
وهذا غير دعائه عليه السلام في سورة إبراهيم بعد استجابة الله له، وأصبح ذلك المكان بلدًا آمنًا بعد أن كان واديًا قفرًا؛
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ ءامِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ (35) إبراهيم، فثبتت فيه الياء، لأن هذا الدعاء لاحق وليس ابتداءً.
5 – وإبراهيم عليه السلام هو أول من رفع قواعد أول بيت لله في الأرض، وإسماعيل عليه السلام كان تبعًا له في ذلك ومساعدًا له، واستمرت القواعد مرفوعة بهذا البناء، وستستمر بإذن الله إلى آخر أيام الدنيا؛
قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِـ (ي) ـمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) البقرة.
وهذا غير الوارد في قوله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) الحج.
فلأن رفع القواعد بالبناء من عمل إبراهيم عليه السلام، والقواعد ليست من عمله،
وثانيًا: أن القواعد سابقة للبناء الذي رفع على هذه القواعد.
وثالثًا: أن ما رفع هو الذي ظل ظاهرًا للناس، والقاعد عادة مستورة تحت البناء.
وقد قيل أن البيت بني في زمن آدم وطمرت قواعده بعد تهدمه بالطوفان، وهذا أمر لا يعرف إلا بالوحي، وليس ذلك مذكورًا في كتاب الله تعالى، ولا ذكر في رواية مرفوعة للنبي صلى الله عليه وسلم.
ولو أردنا من باب التوفيق بين الأمرين نقول؛ إن القواعد هي التي طاف حولها آدم عليه السلام، وإبراهيم عليه السلام هو الذي رفع القواعد، فقد رُفع البيت على ثلاث مراحل؛ ثلث من إبراهيم عليه السلام، وثلث بعد ذلك من قريش، والثلث الأعلى من عبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما، وحكمه كحكم المسجد الأقصى الذي كان ساحة مكشوفة، ثم بني فيه المسجد المراوني الذي بني عليه المسجد الأقصى، وبني فيها كذلك قبة الصخرة.
ولكن هذا يتنافي مع كون دعاء إبراهيم عليه السلام هو أول دعاء في هذا الوادي، بالإضافة إلى عدم وجود وحي صحيح يثبت ذلك لآدم عليه السلام.
6 – وملة إبراهيم عليه السلام هي أول ملة كانت، واستمرت، والخروج عنها أو العدول إلى غيرها يعد عند الله سفهًا؛
قال تعالى: (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِـ (ي) ـمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدْ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ (130) البقرة.
7 – وملة إبراهيم عليه السلام هي الملة التي أوجب الله تعالى اتباعها، وجعل الهدى في اتباعها، فهي أول ملة مهدية؛
قال تعالى: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِـ (ي) ـمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (135) البقرة.
8 – وإبراهيم عليه السلام هو أول من وصى أبناءه بألا يموتوا إلا مسلمين، وهو الذي سماهم مسلمين من قبل، واستمر حمل هذا الاسم، وهم الأكثر عددًا في الأرض من اليهود والنصارى؛
قال تعالى: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِـ (ي) ـمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) البقرة.
9 – وإبراهيم عليه السلام هو أول من عُمَل بوصيته لبنيه بالإسلام؛ وكان ذلك في قول أبناء يعقوب عليه السلام، واستمر الاتباع على نفس الحنيفية المسلمة من قبل هذه الأمة.
قال تعالى: (كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَاهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِـ (ي) ـمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) البقرة.
10 - وإبراهيم عليه السلام هو أول وأسبق نبي أُمرنا أن نؤمن بما أنزل عليه من بين الأنبياء، وأول المذكورين في الآية، وأمرنا أن لا نفرق بينهم, وأن نسلم لله حيث جميع الأنبياء مسلمون؛
قال تعالى: (قُولُوا ءامَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِـ (ي) ـمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) البقرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
أمَّا ما ورد في سورة آل عمران التي ثبتت فيها ياء إبراهيم عليه السلام؛
في قوله تعالى: (قُلْ ءامَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) آل عمران،
فقد قدم ذكر النبي على ذكر إبراهيم عليهما السلام لأن الخطاب موجه إلى النبي عليه الصلاة والسلام؛ (قُلْ ءامَنَّا بِاللَّهِ)، وهو متأخر عنه، ومن ذريته،
أما في آية البقرة فقد كان الخطاب موجهًا للمسلمين؛ (قُولُوا ءامَنَّا بِاللَّهِ)، وإبراهيم عليه السلام يقارن بأنبياء مثله عليهم الصلاة والسلام.
ومثل هذا التقديم جاء في آيات كثيرة في غير سورة البقرة؛ مما لم يجعل لإبراهيم السبق والأوَّلية الذي ذكرناها سببًا؛ ميز ذكر إبراهيم في سورة البقرة عن بقية السور، حيث لم يقدم فيها ذكر أحد من الأنبياء عليه.
11 - وإبراهيم عليه السلام هو أول من برأه الله من الأنبياء الذين برأهم الله من أن يكون يهوديًا أو نصرانيًا؛ لأن التوراة والإنجيل لم تنزل إلا من بعده، وأهل الكتاب هم الذين يسمون بهذين الاسمين، واستمر وصف إبراهيم عليه السلام حنيفًا مسلماً باتباع هذه الأمة لملته؛
قال تعالى: (أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِـ (ي) ـمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ ءَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنْ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140) البقرة.
12+13+14 - وإبراهيم عليه السلام هو أول من أقام الحجة على مدعٍ للألوهية، وأخرسه، وحجته صالحة للرد على أي مدعٍ للألوهية في أي زمن كان؛
قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِـ (ي) ـمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِـ (ي) ـمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِـ (ي) ـمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258) البقرة.
15 - وإبراهيم عليه السلام هو أول من رأى كيف يحيي الله الموتى؛ ولم يتحقق ذلك لأحد من قبله، وقد رأى بنوا إسرائيل إحياء موتى بعده؛ في زمن موسى وعيسى عليهما السلام، وإحياء حمار الذي مر على القرية؛
في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِـ (ي) ـمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) البقرة.
وكذلك رأى الرجل الذي مر على القرية إحياء حماره بعد أن أصبح عظامًا بالية.
وخلاصة الحديث أن في إثبات لفظ الياء من اسم إبراهيم عليه السلام لإثبات الأوَّلية والسبق في الأمور التي أشارت إليها الآيات، وحذف صورتها لاستمراره إماما في هذه الأمور كلها.
أبو مُسْلِم / عبد المَجِيد العَرَابْلِي
المبحث التاسع / حذف إحدى الياءين
ـ[موحد1]ــــــــ[11 Jan 2009, 01:50 م]ـ
لم أعلم بأن الياء من ابراهيم غير موجودة في البقرة إلا منك فنفعنا الله وإياك بتدبر كتابه، على الرغم من اني لم استوعب الفرق، لكني سأعود لقراءة المقال بتمهل بإذن الله.
شكرا لك شيخنا الكريم.
ـ[ابن عربي]ــــــــ[11 Jan 2009, 08:06 م]ـ
هناك قراءة بإبراهام أي لا يوجود للياء لا في الرسم ولا في النطق
فعندما يحدف حرف فإما لمعنى يريد ه الله تعالى او لقراءة اخرى تخالفها IBRAHIM ABRAHAM
و الخلاف ليس في سورة البقرة وحدها بل حتى في سورة النساء الاية 125 والاية 163 (قراءة بابراهام)
الغلط الفادح الذي تقع فيه هو انك تقيد كلام الله تعالي بفهمك ولا تقول والله اعلم
كأن كلامك وحي من الله انما تختم كلامك بقولك مباهيا مدونتي معجزات وأسرار
تقول:" وقد بينا في الأبحاث السبعة السابقة أن استعمال الياء للدلالة على التحول، وأن التحول يفيد الانقطاع، وحذفها يفيد الاستمرار".
ما دليلك على هذا الكلام من قال به
الاية 20 من سورة ال عمران يقول تعالى:فان حاجوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعن"
بدون ياء
وفي سورة يوسف 108:قل هذه سبيلي ادعوا الى الله انا ومن اتبعني: بالياء
اين التحول والاستمرار
وفي سورة يونس: ثم ننجي رسلنا والذين امنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين"
وفي سورة الكهف نبغ وفي يوسف نبغي اين التحول والاستمرار
ما بدى لي هنا والله اعلم حدفت الياء في سورة الكهف لان ما كان يبحث عنه موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام معنوي علوم لدنية باطنية لهذا حدفت الياء اما في سورة يوسف فالامور ماد ية محضة لهذا اثبتت الياء للفرق: فلا تحول ولا استمرار
كلام الله مطلق لا ينبغى تقييده
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبد الحكيم عبد الرازق]ــــــــ[12 Jan 2009, 01:01 ص]ـ
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=8013
ـ[العرابلي]ــــــــ[30 Jan 2009, 12:33 ص]ـ
لم أعلم بأن الياء من ابراهيم غير موجودة في البقرة إلا منك فنفعنا الله وإياك بتدبر كتابه، على الرغم من اني لم استوعب الفرق، لكني سأعود لقراءة المقال بتمهل بإذن الله.
شكرا لك شيخنا الكريم.
بارك الله فيك ولك في مرورك
وزادك الله من علمه وفضله
ـ[العرابلي]ــــــــ[30 Jan 2009, 12:39 ص]ـ
هناك قراءة بإبراهام أي لا يوجود للياء لا في الرسم ولا في النطق
فعندما يحدف حرف فإما لمعنى يريد ه الله تعالى او لقراءة اخرى تخالفها IBRAHIM ABRAHAM
و الخلاف ليس في سورة البقرة وحدها بل حتى في سورة النساء الاية 125 والاية 163 (قراءة بابراهام)
الغلط الفادح الذي تقع فيه هو انك تقيد كلام الله تعالي بفهمك ولا تقول والله اعلم
ما دليلك على هذا الكلام من قال به
الاية 20 من سورة ال عمران يقول تعالى:فان حاجوك فقل اسلمت وجهي لله ومن اتبعن"
بدون ياء
وفي سورة يوسف 108:قل هذه سبيلي ادعوا الى الله انا ومن اتبعني: بالياء
اين التحول والاستمرار
وفي سورة يونس: ثم ننجي رسلنا والذين امنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين"
وفي سورة الكهف نبغ وفي يوسف نبغي اين التحول والاستمرار
ما بدى لي هنا والله اعلم حدفت الياء في سورة الكهف لان ما كان يبحث عنه موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام معنوي علوم لدنية باطنية لهذا حدفت الياء اما في سورة يوسف فالامور ماد ية محضة لهذا اثبتت الياء للفرق: فلا تحول ولا استمرار
كلام الله مطلق لا ينبغى تقييده
بارك الله في الأخ الكريم
وأرجو ان يكون معنا على الأقل في كل ما ننشره عن حذف الياء
وأبراهام قرأت في البقرة وفي غيرهم ولم تحذف الياء إلا في البقرة للعلم(/)
سنفرغ لكم أيها الثقلان --- مقال لافت
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[11 Jan 2009, 01:42 م]ـ
بعد أن قرأت سؤال أم أحمد المتعلق بقوله تعالى:"لم يطمثهن أنس قبلهم ولا جان" وجدت من المناسب أن أنقل مقالاً للشيخ بسام جرار يصلح أن يكون خلفية لفهم بعض المسائل المتعلقة بهذه العوالم الغيبية.
سنفرغ لكم أيها الثقلان
بقلم: بسام جرار
جاء في عمدة الحفاظ للسمين الحلبي:" الزوج في اللغة: الواحد الذي يكون معه آخر، والاثنان زوجان، يقال زوجا خفٍّ وزوجا نعل ... ". إذن لا يقال عن الفرد زوج حتى يكون معه آخر يكمّله في وظيفته. والزوجية قانون كوني، انظر قوله تعالى في الآية 49 من سورة الذاريات: " ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون"، وجاء في الآية 36 من سورة يس:" سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون".
المتدبر لسورة الرحمن يلاحظ من البداية التركيز على الثنائيّة في الخلق والتكوين، ويلفت انتباهه الخطاب المتكرر للمخلوقَيْن المكلفَيْن، أي الإنس والجن:" فبأي آلاء ربكما تكذبان".
وهذا ينبهنا إلى الثنائيّة في خلق الإنس والجن؛ ففي الإنس هناك الأنثى والذكر، وفي الجن أيضاً، وهذا ما تؤكده الآيات القرآنية الكريمة.
وإذا كانت الثنائية الزوجيّة قانوناً في عالم الإنس وعالم الجن بحيث يُكمّل كل زوج زوجه في الوظيفة، فما الذي يمنع أن تكون الثنائية في خلق الإنس والجن هي ضمن القانون العام من أجل أن تتكامل الوظائف، وإن كانت النصوص القرآنيّة تؤكد بأنّ الإنسان هو الأهم في هذه المعادلة الثنائية. وهذه الأهمية لا تمنع أن يكون وجود عالم الجن مهماً من أجل تكميل عالم الإنس. ويبدو أنّ وجود عالم الجن كان المقدمة لوجود العالم الأهم، أي عالم الإنس. وهذا لا يعني التقليل من أهمية عالم الجن، فالآيات القرآنية تؤكد أهمية عالم الجن بل وتقرنه بعالم الإنس.
جاء في الآيتين 17 و 18 من سورة الرحمن:" رب المشرقين ورب المغربين، فبأيّ آلاء ربكما تكذبان"؛ فالشروق والغروب إذن من النعم التي أنعمها الله تعالى على هذين المخلوقين المتكاملين في وجودهما وكينونتيهما. وهناك شروق وغروب للشمس وشروق وغروب للقمر، وهذه ثنائية تكاملية؛ فعندما تغيب الشمس يشرق القمر، وعندما تشرق الشمس يغيب القمر. وللشروق وظيفة يكملها الغروب. وإذا كان النهار هو الأهم لحياة الإنسان والكائنات فإنّ الليل ضرورة تكمل وظيفة النهار، ولا يصلح النهار وحده حتى يكون ليل. ويبدو أنّ عالم الإنس كالنهار وعالم الجن كالليل.
جاء في الآيات (19، 20، 21) من سورة الرحمن:" مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ لا يبغيان، فبأي آلاء ربكما تكذبان"، فإذا كان هناك التقاء بين مياه البحر المالح والبحر العذب فإنّ هناك حاجزاً يمنع اختلاطهما ويمنع أن يبغي أحدهما على الآخر. وعليه فقد يكون هناك نوع من اللقاء بين عالم الإنس والجن، يدركه الجن أكثر مما يدركه الإنسان، ولكن هناك حاجزاً يمنع من الاختلاط ويمنع من أن يبغي أحدهما على الآخر.
لا نريد هنا أن نستمر في استعراض الآيات القرآنية من سورة الرحمن، ولكن قصدنا إيصال الفكرة التي تقول باحتمال تكامل هذين العالمين. وهذا التكامل ليس دنيوياً فقط بل هو أيضاً مستمر في عالم الآخرة، أي في العالم الآخر الذي هو أهم، وما الدنيا إلا المقدمة له.
جاء في الآيتين 46، 47 من سورة الرحمن:" ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان": فإذا كان المقصود جنّة للإنس وجنّة للجن، فإنّ ذلك يعني أنّ قانون الثنائية يستمر في الآخرة؛ فالجنة التي يتمتع بها الإنس يوازيها جنّة أخرى يتمتع بها الجن. ويبدو أنّ وجود كل واحدة منهما ضرورة لوجود الأخرى. وعدم إحساس الإنسان بجنة الجن لا يعني أنه لا يتمتع بوجودها؛ فعندما نشعر بالنشاط، مثلاً، فإن ذلك لا يعني أننا قد عرفنا وأحسسنا بوعي بسبب هذا النشاط. والعكس أيضاً، فكم من مرض في الدنيا مسبباته مجهولة وغير محسوسة للإنسان.
(يُتْبَعُ)
(/)
تكرار الآية الكريمة:" فبأي آلاء ربكما تكذبان"، يفيد - زيادة على ما يقوله أهل التفسير- بأنّ عالم الجن يستمتع بما يستمتع به عالم الإنس. ويبدو أنّ الجن يشبه في خلقه خلق الإنسان إلى حد كبير، لأنّ ما تستعرضه سورة الرحمن من نِعم هي نِعم على الإنس والجن، بدليل تكرار السؤال لهما:" فبأي آلاء ربكما تكذبان". فعندما يصف القرآن الكريم الجنتين يقول:" ذواتا أفنان"، ثم يسأل:" فبأي آلاء ربكما تكذبان"، وهذا يعني أنّ الجنة التي تكون أغصانها غضة مورقة يتمتع بها الجن كما هو الإنس. ولا يمنع أن تكون الصورة هي الأمر المشترك بين عالمين مختلفين ولكنهما متكاملان. وعندما يقول سبحانه:" فيهما عينان تجريان، فبأي آلاء ربكما تكذبان"، يدل ذلك على تمتع الجن بالعين التي تجري ... الخ.
وخلاصة الأمر، أنه بإمكانك أن تستعرض آيات سورة الرحمن لتأخذ فكرة مناسبة عن الأمور المشتركة بين الإنس والجن في عالم المتعة واللذة وعالم الألم والمعاناة. ونكرر فنقول: قد يكون التشابه في عالم الصورة؛ فهناك فُرش واتكاء، وهناك فواكه ونخيل ورمان ... وهناك وهناك. ولكن قد يكون الواقع عبارة عن الصورة والصورة المقابلة المكملة للوظيفة. الصورة المحسوسة للإنسان يقابلها الصورة المحسوسة للجن. فهناك على ما يبدو عالمان يتماثلان في الصور ولكنهما يختلفان أيضاً بحيث تلائم كل صورة ما خُلقت له. ولكنهما عالمان متلازمان متكاملان يحتاج أحدهما الآخر لتتكامل الوظيفة.
جاء في الآية 31 من سورة الرحمن:" سنفرغ لكم أيها الثقلان": وهذا يشير بوضوح إلى أهمية الإنس والجن، بل كأنه لا يوجد عالم ثالث هو أهم منهما. أما الملائكة فهم عالم غير مكلف وله وظائف، بل لقد كُلف أن يسجد للإنسان. فالثقل يشير إلى الأهمية القصوى. وقد استشكل أهل التفسير معنى آية:" سنفرغ لكم أيه الثقلان"، ويرجع جزء من هذا الاستشكال إلى كونهم قد فهموا أنّ الآية هي في معرض التهديد. وفي الحقيقة لا إشكال، بل هذا يدل على أهمية هذين العالمين المتكاملين اللذين لا ينفكان دنيا ولا آخرة. والذي نراه أنّ الآية في معرض ذكر النعم التي أنعمها سبحانه وتعالى على الإنس والجن، وليست في معرض التهديد.
جاء في الآية 13 من سورة الجاثية:" وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه، إنّ في ذلك لآيات لقوم يتفكرون": فبناء السماوات والأرض وكل ما فيها قد سُخّر للإنسان، بل إنّ هذا النظام الكوني سيبعثر وتعاد صياغته يوم القيامة، انظر الآية 48 من سورة إبراهيم:" يوم تُبدلُ الأرضُ غير الأرض والسماواتُ وبرزوا لله الواحد القهار". فإذا كانت السماوات والأرض مسخرةٌ في الدنيا لصالح الإنسان، وإذا كان هذا النظام سينفضّ ويُستبدل عند قيام هذا الكائن ثقيل القدر، فمن المتوقع أن يكون النظام الأخروي مسخراً من أجله أيضاً- مضافاً إليه عالم الجن الذي يكمله- بحيث لا خلق إلا من أجلهما ومن أجل وظيفتهما الجليلة، التي لم يدرك الإنسان حتى الآن عظمتها وجلالها. انظر قوله تعالى:" سنفرغ لكم أيها الثقلان"، نعم، سيكون كل خلقٍ خُلِق، أو سيُخلق، هو لكما ومن أجلكما. وهذا يعني أنه لا بد لنا أن نعيد النظر في فهمنا للآيات الكريمة من سورة الرحمن، وغيرها من السور، في محاولة لتشكيل صورة حقيقية عن مكانة الإنسان في الدنيا والآخرة.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[11 Jan 2009, 10:48 م]ـ
السلام عليكم إذا كانت الثنائية الزوجيّة قانوناً في عالم الإنس وعالم الجن بحيث يُكمّل كل زوج زوجه في الوظيفة، فما الذي يمنع أن تكون الثنائية في خلق الإنس والجن هي ضمن القانون العام من أجل أن تتكامل الوظائف،
الذي يمنع أنه لادليل
ولم يقم دليل علي تكامل الوظائف؛ لا من نص ولا من الواقع
فعندما يصف القرآن الكريم الجنتين يقول:" ذواتا أفنان"، ثم يسأل:" فبأي آلاء ربكما تكذبان"، وهذا يعني أنّ الجنة التي تكون أغصانها غضة مورقة يتمتع بها الجن كما هو الإنس. ولا يمنع أن تكون الصورة هي الأمر المشترك بين عالمين مختلفين ولكنهما متكاملان
حتي لو صح هذا؛ كأن يكون صورة ايجابية يراها الانس وسلبية يراها الجن؛أقول حتي لو كان الأمر كذلك فلن يستمتع الانس بالسلبية التي تخص الجن ولن يستمتع الجن بالايجابية التي تخص الانس وستبقيان جنتان وليس جنة مشتركة
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[12 Jan 2009, 01:01 م]ـ
الأخ الكريم مصطفى ...
عندما يقول الشيخ:" ما الذي يمنع" فإنه يقصد ما يقول، لأنه من منهجه الذي يعلمه لتلامذته أن الإثبات يحتاج إلى دليل وكذلك النفي يحتاج إلى دليل، فإذا لم يجد دليلاً على الإثبات أو النفي يطرح المسائل للتدبر والتأمل وتسريح النظر من أجل فهم أفضل.
وعلى الرغم من ذلك إليك شبهة دليل وهو ما ورد في الآية 128 من سورة الأنعام:"وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لنا .... "، ويجدر بنا هنا أن نقول إن الاستمتاع هنا بمفهومه الشامل، ومن العجيب أن يستدل به البعض على الاستمتاع الجنسي وكأن المتعة لا تكون إلا جنسية!!
وإليك ما هو أكثر من شبهة دليل وقد سمعته من الشيخ ولم يشر إليه في المقال: ثبت وجود القرين من الجن بالنصوص الشرعية، أي أن هناك مقارنة وملازمة كقانون من قوانين الخلق. ألا يدل ذلك على ثنائية وظيفية؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك فما الحكمة من كونه يقارن ويلازم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[14 Jan 2009, 10:36 ص]ـ
وعلى الرغم من ذلك إليك شبهة دليل وهو ما ورد في الآية 128 من سورة الأنعام:"وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لنا .... "، ويجدر بنا هنا أن نقول إن الاستمتاع هنا بمفهومه الشامل، ومن العجيب أن يستدل به البعض على الاستمتاع الجنسي وكأن المتعة لا تكون إلا جنسية!!
بارك الله فيك
بالنسبة لي أن هناك محددات للعلاقة بين الانس والجن لايمكن تجاوزها
فمثلا الكلام: هل يحدث كلام بين الانسان وقرينه
نعم يحدث وله طريق واحد وهو الوحي وسوسة
"فلما تراءت الفئتان نكص علي عقبيه .... " وقال فهذا القول كان وسوسة وليس هناك وسيلة أخري
ونبقي في آية الأنعام
"استكثرتم من الانس "جعلتموهم يعبدونكم " وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم .. "
فلا استكثار غير هذا يمكن أن يكون؛والاستمتاع إن كان المقصود استمتاع أحد الجنسين بالآخر فله طريق واحد وهو طريق العبادة استمتع المعبودون بعبادة عابديهم؛ والعابدين استمتعوا بهذه العبادة السهلة التي توافق الهوي والشهوات ولذلك " .. النار مثواكم خالدين فيها .. "جزاء هذه العبادة الباطلة
وأري أن الأرجح أن بعضنا ببعض تعنى بعض الانس ببعض الأنس وليس بعض الانس ببعض الجن؛ولذلك لم يرد رد الجن لأنه سيكون مثل رد الانس؛وقد رد الانس رغم أن الخطاب لم يوجه لهم والعطف في " وقال أولياؤهم .. " يدل علي أن الجن أجابوا بنفس الكلام وعطفت عليه اجابة الانس
أما الثنائية الوظيفية فلم يقم عليها دليل لا من الشرع ولا من الواقع؛لأنه قبل خلق آدم كان الجن بلا قرين من الانس ولم يكن هناك ثنائية وظيفية؛ والقرين هو من ذرية ابليس يريد أن يغوي الانسان ويأمره بالكفر والعصيان فهو ضد وليس معه في ثنائية وظيفية؛ والله أعلم
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[17 Jan 2009, 12:50 م]ـ
الأخ الفاضل مصطفى .... فقط من أجل اكتمال الصورة وصحة الاستدلال:
خلق الجن أولاً لا يعني شيئاً في المسألة المطروحة لأن المخلوقات المتكاملة وظيفياً لا يشترط أن تخلق معاً؛ فقد خلق عالم الحيوان والنبات قبل خلق الإنسان. وإذا كان الجن لا يحتاج خلقه للإنس فقد أخبرت الملائكة والجن (إبليس) بأن المخلوق المكرم قادم وعند اكتمال خلقه يتم السجود المشعر بأهمية هذا الكائن وأسبقيته في المكانة.
أما قوله تعالى:" استمتع بعضنا ببعض" فحصره في صورة محددة تحكّم لا يستند إلى دليل.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[18 Jan 2009, 01:17 ص]ـ
السلام عليكم
خلق الجن أولاً لا يعني شيئاً في المسألة المطروحة لأن المخلوقات المتكاملة وظيفياً لا يشترط أن تخلق معاً؛ فقد خلق عالم الحيوان والنبات قبل خلق الإنسان. معذرة يبدو لي أننا لم نتفق علي ما المقصود بالتكامل الوظيفي فلنحرر الاصطلاح أولا؛ فالتكامل وظيفيا -كما فهمته- يعني حاجة كلا من الطرفين للآخر في سد بعض ما ينقصه أو هو اعتماد متبادل؛وعليه فالحيوان ليس في تكامل وظيفي مع الانسان إذ أنه -الحيوان - لا حاجة له في الانسان؛والانسان يعتمد علي الحيوان في بعض الأمور وليس متكاملا معه، أما مع الجن فليس هناك أي تبادل وظيفي غير العلاقة القائمة بين شياطين الجنسين " يوحي بعضهم إلي بعض زخرف القول غرورا "
ودعني أسألك عن قول الشيخ:وخلاصة الأمر، أنه بإمكانك أن تستعرض آيات سورة الرحمن لتأخذ فكرة مناسبة عن الأمور المشتركة بين الإنس والجن في عالم المتعة واللذة وعالم الألم والمعاناة. ونكرر فنقول: قد يكون التشابه في عالم الصورة؛ فهناك فُرش واتكاء، وهناك فواكه ونخيل ورمان ... وهناك وهناك. ولكن قد يكون الواقع عبارة عن الصورة والصورة المقابلة المكملة للوظيفة. الصورة المحسوسة للإنسان يقابلها الصورة المحسوسة للجن. فهناك على ما يبدو عالمان يتماثلان في الصور ولكنهما يختلفان أيضاً بحيث تلائم كل صورة ما خُلقت له. ولكنهما عالمان متلازمان متكاملان يحتاج أحدهما الآخر لتتكامل الوظيفة. فبعد أن قال:فهناك على ما يبدو عالمان يتماثلان في الصور ولكنهما يختلفان أيضاً بحيث تلائم كل صورة ما خُلقت له؛ إلي هنا والأمر منطقي وتنفي وجود تخطي من عالم أيهما لعالم الآخر؛ عاد وقال:ولكنهما عالمان متلازمان متكاملان يحتاج أحدهما الآخر لتتكامل الوظيفة.
حتي لو كان الأمر كذلك فإني أتصور -سدا للذرائع -أن نقول:لاعبور من عالم إلي عالم؛فهما كما قال الشيخ:: يختلفان أيضاً بحيث تلائم كل صورة ما خُلقت له؛ فلا تصلح صورة هذا لذاك فلا يتصور أن يستمتع جني بأكل التفاح الذي هو من طين أو اتيان انسية لأنه ببساطة كما قال الشيخ:تلائم كل صورة ما خُلقت له؛ ولم يخلق التفاح الطيني ولا الانسية للجني(/)
تعريف بكتاب القرطبي ومنهجه في التفسير للدكتور القصبي محمود زلط
ـ[صالح العنزي]ــــــــ[11 Jan 2009, 06:40 م]ـ
تعريف بكتاب القرطبي ومنهجه في التفسير
اسم الكتاب: القرطبي ومنهجه في التفسير
المؤلف د: القصبي محمود زلط
الناشر: دارالأنصار
عدد صفحات الكتاب: 471
محتوى الكتاب: المقدمة
الباب الأول: القرطبي وبيئته.
الفصل الأول: نشأة القرطبي.
الفصل الثاني: أخلاقه وثقافته.
الفصل الثالث:عقيدة القرطبي.
الفصل الرابع: الحركة العلمية في عصر القرطبي.
الفصل الخامس: الأصول السياسية في عصر الموحدين والأيوبيين.
الباب الثاني: المصادر التي اعتمد عليها القرطبي
الفصل الأول:مصادر القرطبي
الفصل الثاني: موقف القرطبي من التفسير والتفسير بالرأي.
الفصل الثالث: منهج القرطبي في القراءات الشاذة والمتواترة وموقفه منها.
الفصل الرابع: اللغة في تفسير القرطبي.
الفصل الخامس:البلاغة في تفسير القرطبي.
الفصل السادس: موقف القرطبي من التفسير الرمزي.
الفصل السابع: الأحكام في تفسير القرطبي.
الفصل الثامن: أصول الفقه في تفسير القرطبي.
الفصل التاسع: موقف القرطبي من الأحاديث التي ذكرها في تفسيره.
الفصل العاشر: الإسرائليات في تفسير القرطبي.
الفصل الحادي عشر: القيمة العلمية لتفسير القرطبي.
الباب الثالث: مدى تأثر القرطبي بابن عطية.
الخاتمة, المراجع
ميزات الكتاب:
يطرح المؤلف كثيرا من الإشكالات ثم يبحث عن الإجابات في مالم تذكره المراجع ففي ص8قال:
كنت أتساءل في نفسي عن هل نشأ القرطبي يتيما أو نشأ في كنف أبويه؟ قال:إلى أن وجدت كلاما في تفسير آل عمران (ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل أمواتا) فذكر أنه قرأ قصة مقتل والد القرطبي وكان ضغيرا إذ ذاك.
قال: فعرفنا أن والده قُتل وهو صغير.
2/ المؤلف أطال النفس في سيرة القرطبي وحياته وبين مراحل تطوافه في البلاد وكيف خرج من قرطبة
إلى الإسكندريه إلى أن استقر به الحال في المنيا وتوفي بها.عام 671هـ
ولشدة اعتناء المؤلف بهذا الجانب وضع صورة مسجده القديم ,وصورة مسجده الجديد كما في ص31
ولكنه للأسف ذكر أن له قبراً يزار فالله المستعان.
3/ من المزايا المهمة التي ذكرها المؤلف أن عقد مقارنةبين فيها مدى تأثر القرطبي بابن عطية.
المآخذ على الكتاب:
لعلي أن أخذ ملاحظة واحدة من أهم الملاحظات ذكر المؤلف في الفصل الثالث:عقيدة القرطبي فقال كان أشعريا سنيا.ص 64
وهذا الكلام ليس بسديد وما سأنقله لك ـ أيها القارئ الكريم ـ هنا يبيّن لك الصواب إن شاء الله في المسألة:
وإني أشكر شيخنا الشيخ عبدالرحمن السحيم الذي تفضل عليَّ وأمدني بمبحث التمهيد من رسالته الماجسير والتي كانت بعنوان (منهج القرطبي في دفع ما يُتوهّم تعارضه من الآيات في كتابه الجامع)
قال الشيخ عبدالرحمن السحيم حفظه الله في معرض كلامه عن عقيدة القرطبي:
وكُنتُ قَدِيما سَألْتُ شَيْخَنا عبد الكريم الْخضير عن عَقِدَة القُرْطُبِيّ، وأنه ليس مُتَأوِّلاً بإطلاق، فقال: هو مُضْطَرِب في العَقِيدَة.
وقال شيخنا زيد بن عمر عن الْمَدْرَسَة الأنْدَلُسِيَّة في التَّفْسِير: ويُمكِنُنا القَوْل بأنَّ رأي الْمَدْرَسَة مِن صِفَات الأفْعَال كان مُضْطَرِبًا.عزاه الشيخ عبدالرحمن السحيم إلى المدرسة الأندلسيَّة في التفسير، رسالة " دكتوراه "للدكتور زيد بن عمر (2/ 643). وانظر: (2/ 638 وما بعدها من الرسالة
ـ[أبو المهند]ــــــــ[11 Jan 2009, 10:38 م]ـ
ت تعريف بكتاب القرطبي ومنهجه في التفسير
[ color=#00FF00] اسم الكتاب: القرطبي ومنهجه في التفسير
[ quote] المؤلف د: القصبي محمود زلط
أستاذي وجاري الأستاذ الدكتور القصبي زلط من أثبات العلماء في جامعة الأزهر، شغل منصب عميد كلية أصول الدين بطنطا ثم نائب رئيس جامعة الأزهر، وهو رئيس اللجنة الدائمة لترقية الأساتذة بقسم التفسير وعلوم القرآن الكريم، وهو عالم متميز متمكن في العلوم العربية والشرعية، وليس من اليسير نقده بسهوله ـ ولكن الكمال لله وحده.
وكتابة القرطبي ومنهجه في التفسير {أطروحته لنيل درجة الدكتوراه} يعتبر من البحوث التميزة في لغتها ومنهجها ونقدها ومحاورها ومخططاتها.
ولن أذهب بعيدا عندما أقول:
إن جل ما كُتب بعده عالة عليه في تبيان منهج القرطبي بموسوعية وشمول، فضلا عن تسهيل خطة من يريد الكتابة عن المفسرين ومناهجهم عموما.
وشكر الله للكاتب المعرّف به الأخ الشيخ صالح العنزي.
ـ[ابن مسعود]ــــــــ[12 Jan 2009, 10:51 م]ـ
باركم الله فيكم أيها المشائخ إلا أنني منذ زمن وأنا أبحث عن هذا الكتاب القيم ولم أجده يباع في المكتبات
ـ[أبو المهند]ــــــــ[13 Jan 2009, 12:00 ص]ـ
.
ولم أجده يباع في المكتبات في أي دولة فتشت عن هذا الكتاب؟؟؟
ـ[صالح العنزي]ــــــــ[13 Jan 2009, 01:14 م]ـ
بارك الله فيكم
والكتاب قيم بحق وأظنه نادر الوجود في المكتبات التجارية ,وأنا أخذته من شيخنا الدكتور عبدالرحمن الشهري حفظه الله
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابن مسعود]ــــــــ[13 Jan 2009, 05:00 م]ـ
بارك الله فيكم فتشت عنه في أغلب المكتبات في السعودية فلم أجده
ـ[يسري خضر]ــــــــ[13 Jan 2009, 06:41 م]ـ
من الدراسات العلمية القيمة التي تناولت عقيدة الإمام القرطبي الدراسة التي أعدها الدكتور كمال الدين نور الدين مرجوني ونال بها درجة الماجستير من كلية دار العلوم بالقاهرة تحت إشراف الأستاذ الدكتور السيد رزق الحجر وقد صدرت طبعتها الأولي عن دار العلياء بالقاهرة سنة 1427وجاءت في 432صفحة من القطع المتوسط
و كان من نتائج الدراسة ما يلي:
• عدم حرمة علم الكلام وجواز استخدام مصطلحا ته إن دل عليها القران الكريم والسنة النبوية
• يعتمد علي العقل في الاستنباط
• جواز التأويل فيما لا يتعلق بالغيبيات
• سلك مسلك الأشاعرة في تأويل الصفات
• أجاز النبوة لمريم عليها السلام
ـ[أبو المهند]ــــــــ[13 Jan 2009, 10:05 م]ـ
بارك الله فيكم فتشت عنه في أغلب المكتبات في السعودية فلم أجده
علّك أخي تجده في التدمرية بالرياض أو دار طيبة أو الرشد الكل بالرياض أو مكتبة الباز أو مكتبة الأسدي بمكة. وأعتقد أنه بمكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض وبها تقوم بتصويره منها أو من مركز الملك فيصل بالرياض والله المستعان.(/)
التعريف بكتاب التفسير العلمي المعاصر
ـ[جعفر الذوادي]ــــــــ[11 Jan 2009, 10:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ووفده.
أما بعد: فهذا تعريف بكتاب التفسير العلمي المعاصر، وأثره في كشف الإعجاز العلمي للقرآن الكريم.
-مؤلف الكتاب: الأستاذ الدكتور: سليمان بن صالح القرعاوي _أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الملك فيصل بالأحساء _.
-محتويات الكتاب: يقع الكتاب في مجلد واحد، وعدد صفحاته:264صفحة، طبعته دار الحضارة للنشر والتوزيع بالرياض، الطبعة الأولى، سنة 1425هجرية.
-ابتدأ المؤلف –حفظه الله – كتابه بمقدمة أبرز فيها الفرق بين علمية التفسير، من حيث اللغة والمنهج، وبين التفسير العلمي، وأن الأولى: ما كان قائما على أساس صحيح من الحقائق النقلية والعقلية، وأن الثاني: ما انتظم كل تفسير يتناول ما تضمنه القرآن من إشارات عن العلوم البحتة، والعلوم التجريبية.
-ثم ثنى بعد ذلك بمدخل تحدث فيه عن مصادر التفسير في عصر النبوة، وأنواع التفسير، وأنه قسمان: تفسير بالمأثور، وتفسير بالرأي، وبيا ن اختلاف العلماء في جواز هذا الأخير، ثم ختمه بنشأة التفسير العلمي وتطوره،مستعرضا في ذلك أهم المؤلفين الذين دونوا في هذا العلم،من الإمام الغزالي، مرورا بأبي الفضل المرسي والسيوطي، إلى محمد الإسكندراني، والكواكبي، وكذا مصطفى الرافعي في العصر الحديث.
-قسم المؤلف كتابه إلى ستة أبواب:
-الباب الأول: كتاب الله منهج متكامل لتنظيم وتطوير الحياة، والكون، وجعل تحته ثلاثة فصول:
- الفصل الأول: كتاب الله شامل للعلم بحقيقة أن الإنسان خليفة الله في الأرض.
- الفصل الثاني: كتاب الله شامل للعدل المطلق بين جميع الكائنات:وذكر فيه مظاهر العدل بين العبد وربه، وبينه وبين نفسه، وبينه وبين بني جنسه.
- الفصل الثالث: شمولية كتاب الله لكل جوانب الحياة ليتم التنسيق بين الكون، وشؤون الحياة.
- الباب الثاني: نشأة الكون، ونظرية الانفجار الكبير، بين القدرة والإبداع والاكتشافات العلمية.
الفصل الأول: وتحدث فيه عن نشأة الكون، ومراحله، وقرر نظرية الانفجار الكبير، مستدلا بما قرره جورج وجامو،واستشهد على ذلك بقوله تعالى: "أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقتا ففتقناهما " قائلا: وتقبل النظريات الفلكية التي لا تخالف هذه الحقيقة المجملة التي قررها القرآن، ولكننا لا نجري بالنص القرآني وراء كل نظرية فلكية، ولا نطلب تصديقا للقرآن في نظريات البشر.
الفصل الثاني: الجبال ودورها الكبير في إقامة التوازن بين أطراف الأرض:وقد أطال فيه النفس، فتحدث عن كيفية تكون الجبال، ودورها، وأنواعها، وإن أهم ما جاء فيه: الجبال في منهج القرآن، حيث تحدث عن وجوه ورودها في كتاب الله تعالى، ومن ذلك أنها شاهد على تعنت الفئة الباغية من قوم نوح، وعلى مهارة قوم صالح في النحت، وغير ذلك.
- الفصل الثالث: التزاوج والتوازن في منهج القرآن، والعلم الحديث، وهو تزاوج ينتج عنه وحدة تقوم مع وحدة أخرى بنفس العملية لتنتج وحدة جديدة تعوض ما لحق بالوحدات السابقة من الموت والاندثار، وقرر أن الازدواج كما هو موجود في عالم الحيوان، موجود أيضا في عالم النبات، والجماد –الفصل الرابع: اشقاق القمر بين القرآن الكريم، والعلم الحديث: إلا أنه في هذا الفصل لم يتحدث عن ظاهرة الانشقاق، وما جاء فيها من نصوص، بل حتى الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية التي تظهر ذلك –والله أعلم -
- الباب الثالث: الغلاف الجوي أو طبقة الهواء التي تحيط بالأرض، وقسمه دبوره إلى أربعة فصول:
- - الفصل الأول: في خصائصه وأثره في استمرار الحياة.
- - الفصل الثاني: أنه درع واق للأرض وللأحياء على ظهرها.
- - الفصل الثالث: الرياح في منهج القرآن الكريم، وأنها وردت فبه على ستة أوجه: بمعنى القوة والدولة، العذاب، نسمات الرحمة، اللواقح، مسيرات السفن، وأخيرا رياح النصر.
- الفصل الرابع: الرعد،والبرق، والصواعق: خصائص وأسرار: وذكر فيه الآيات التي تشير إلى الحقيقة التي اكتشفها العلم الحديث، والتي تقوم على الظواهر الجوية.
(يُتْبَعُ)
(/)
- الباب الرابع: الغلاف المائي للأرض وحكمة الخالق في جعل مساحته ضعف مساحة اليابس: وقسمه إلى ثلاثة فصول، تناول فيها بيان أن الماء مصدر الحياة، ومن تسخيره أنه يأتي فيكون رزقا، ثم تحدث في الفصل الثاني عن التوازن،والتوافق في عالم الجماد،والأحياء، وكيف أن البحار، والمحيطات هي مستودع الطعام، والكساء،والمعادن.
- الباب الخامس: إشارات القرآن إلى الاختراعات الحديثة:
- وتناول فيه الإنجازات الحديثة، التي أشار إليها القرآن من غزو الفضاء، والوصول إلى الطبقة الأولى من السماء؛ لأن الله يقول:"لتركبن طبقا عن طبق " حيث قال وهذه الآية تؤكد نفوذ الإنسان إلى الطبقات العليا.
- الباب السادس: حياة الكائنات على ظهر الأرض في حركة دائمة مستمرة، وقسم هذا الباب إلى ثلاثة فصول:
- الأول: الجمادات ذات روح وحركة.
- الثاني: إشارة القرآن إلى خلق الإبل، وما فيها من عجائب، وخصائص لا توجد في غيرها.
- الثالث: أوجه الاتفاق بين الكشوف العلمية، وما ورد في القرآن الكريم: من خلق الإنسان، وكروية الأرض، وجعل الجبال أوتادا، والغلاف المائي، والبرزخ، وارتياد الفضاء.
- الخاتمة: وذكر فيها خلاصة بحثه، منبها على أمر ألا وهو عدم التسرع والتعجل في تفسير القرآن، جريا وراء الكشوفات، والنظريات العلمية، مؤكدا على ضرورة المنهج العلمي في التفسير القائم على معرفة تفاسير السابقين، ولغة العرب التي نزل بها القرآن.
- مميزات الكتاب: لقد أحسن المؤلف في عرضه لمادته العلمية، بذكر الشواهد من القرآن، والسنة، وما توصلت إليه البحوث العلمية، ومحاولته التوفيق بينهما، ليبرز من خلال ذلك الإعجاز العلمي للقرآن الكريم.
- الملاحظات على الكتاب:
- إن الذي يؤخذ على المؤلف –جزاه الله خيرا – أنه لم ينتهج المنهج العلمي الذي رسمه لنفسه، وأكد على ضرورة الالتزام به في آخر بحثه، وذلك أنه في كتابه لم يتعرض لذكر أقوال المفسرين السابقين من أئمة التفسير عند استشهاده بالآيات القرآنية، كما أنه لم يتعرض لذكر أقوال العرب، ومناحيهم في الكلام، حتى يؤيد ما ذهب إليه.
- ذكره لبعض الأمور على أنها مسلمات كالصعود إلى القمر، وجزمه بأنه الطبقة الأولى من السماء، وأن بإمكان الإنسان الوصول إلى السموات السبع، وذلك عن طريق العلم الذي فسر به السلطان في قوله تعالى:"لا تنفذون إلا بسلطان ".
- استدلاله بقوله تعالى:"قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين ... "
- على طوري الانفصال من الشمس، وتجمد القشرة الأرضية بالبرودة التدريجية، ولم أقف على من يقول بذلك من المفسرين.
- قوله: وينكرون شهادة جلودهم عندما تتحول كل ذرة فيها إلى فم ينطق ويتكلم " والصحيح أن الله استأثر بعلم ذلك وكيفية نطقها.
- ذكره لأنواع الأملاح والمعادن المذابة وغير المذابة ثم قوله:"لقد تحدث القرآن بوجود هذه الأشياء منذ أربعة عشر قرنا ... "
- ذكره للأحاديث دون التقيد بالصحيح منها، وذلك أنه أورد بعض الأحاديث الضعيفة: كحديث " البحر هو جهنم ".
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[12 Jan 2009, 09:06 م]ـ
بارك الله فيك ..
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[12 Jan 2009, 10:13 م]ـ
عرض طيب أحسنت فيه أخي جعفر ..
جزاك الله خيرا.(/)
سؤال: حديث (أعطيت مكان التوراة السبع الطوال ... )
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[12 Jan 2009, 07:05 ص]ـ
سؤال عن حديث واثلة بن الأسقع، الذي نقله البغوي في تفسيره:
(أعطيت مكان التوراة السبع الطوال وأعطيت مكان الإنجيل المئين، وأعطيت مكان الزبور المثاني، وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم البقرة من تحت العرش لم يعطها نبي قبلي، وأعطاني ربي المفصل نافلة)
وصححه الألباني برواية:
(أعطيت مكان التوراة السبع وأعطيت مكان الزبور المئين وأعطيت مكان الإنجيل المثاني وفضلت بالمفصل)
هل هناك من شرحه من المفسرين؟ وهل اعتمده أحد المفسرين كتقسيم معتبر عند تفسير القرآن؟
وما وجه المقارنة بين القرآن وباقي الكتب؟ أهو في مواضيع السور، أو طولها، أو ماذا؟
جزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[27 Jan 2009, 08:45 م]ـ
الأخ الفاضل محمد:
مضى على طرحك هذا السؤال أسبوعان، ويبدو أنه في تسارع إلى النسيان .. اسمح لي أن أعيده إلى المقدمة ولكن بتعليق مختصر:
إذا صح هذا الحديث، فأول ما يعنيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قسّم سور القرآن على أساس عدديّ،وفي ذلك ايحاء للإعجاز العددي وأهميته في القرآن.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[27 Jan 2009, 09:11 م]ـ
جزاك الله خيرا.
فقد نسيت السؤال في زحمة المشاغل.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[29 Jan 2009, 01:17 م]ـ
أقسام السور: قسم العلماء سور القرآن إلى أربعة أقسام، وهي: الطوال، والمئين، والمثاني، والمفصل. فالطوال سبع سور: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، فهذه ستة، واختلفوا في السابعة أهي الأنفال وبراءة معا لعدم الفصل بينهما بالبسملة أم سورة يونس؟
والمئون: هي السور التي تزيد آياتها على مائة أو تقاربها.
والمثاني: هي التي تلي المئين في عدد الآيات.
والمفصل: هو آخر القرآن، واختلفوا في تعيين أوله على اثني عشر قولا، وهو ثلاثة أقسام: طوال وأوساط وقصار ... (مناهل العرفان: الزرقاني 1/ 352).
ما هو الاعتبار الذي بني عليه هذا التقسيم (تحديد السور السبع الطوال) لسور القرآن الكريم؟ هل هو عدد الآيات في السورة؟ هل هو عدد الكلمات؟
ماذا يقول واقع المصحف الذي بين أيدينا؟
الاعتبار الأول: عدد الآيات
أطول سبع سور باعتبار عدد الآيات هي:
1 - سورة البقرة، وعدد آياتها 286.
2 - الشعراء: 227.
3 - الأعراف: 206.
4 - آل عمران: 200.
5 - الصافات: 182.
6 - النساء: 176.
7 - الأنعام: 165.
(ملاحظة: مجموع أعداد الآيات في السور السبع هو 1442. هذا العدد يساوي 7 × 206. اللافت للانتباه أن السورة رقم 7 في ترتيب المصحف هي سورة الأعراف، وعدد آياتها 206. وهذا يعني أن ناتج حاصل ضرب رقم ترتيب السورة السابعة في عدد آياتها، هو مجموع أعداد الآيات في السور السبع الأطول)
بالمقارنة بالقول: ((فالطوال: سبع سور: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف. فهذه ستة، واختلفوا في السابعة أهي الأنفال وبراءة معا لعدم الفصل بينهما بالبسملة أم هي سورة يونس؟.)
نلاحظ أن خمس سور تحتفظ بمراكزها، وتدخل اثنتان جديدتان هما: الشعراء والصافات، وتخرج سور المائدة والأنفال وبراءة ويونس.
الاعتبار الثاني: عدد الكلمات
أطول سبع سور في القرآن الكريم باعتبار عدد الكلمات (حسب المعجم الإحصائي لواضعه عبدالله جلغوم باعتماد مصحف المدينة النبوية) هي:
1 - سورة البقرة: عدد كلماتها 6117
2 - النساء: 3748
3 - آل عمران: 3481
4 - الأعراف: 3320
5 - الأنعام: 3050
6 - المائدة: 2804
7 - التوبة: 2498
(ملاحظة: مجموع أعداد الكلمات في السور السبع هو 25018. عدد من مضاعفات الرقم 7 فهو يساوي 7 ×3574).
بالمقارنة بالقول السابق، فالسابعة هي سورة التوبة، وعدد كلماتها هو: 2498، ولسنا بحاجة إلى إضافتها لسورة الأنفال ..
أما عدد كلمات سورة يونس فهو: 1833 .. ومن الواضح أنها لن تكون السورة السابعة بأي حال من الأحوال.
النتائج:
1 - إن المعلومة هنا المنقولة عن مناهل العرفان ليست صحيحة، ومع الأسف فإن أغلب الذين ألفوا في علوم القرآن من المتأخرين نقلوا مادة كتبهم عن الكتب القديمة دون أدنى نقد أو مراجعة ..
2 - ليس صحيحا ما يقال أن سورتي الأنفال والتوبة قد تكونان سورة واحدة، معنى ذلك – إذا فعلنا – أن يصبح عدد سور القرآن 113 سورة بدل 114 .. وهذا خطأ شنيع في حق القرآن قد لا يفهمه الكثيرون ..
3 - من السهل أن يستنتج القارئ أن أطول سور القرآن باعتبار أعداد الآيات، وباعتبار أعداد الكلمات، حسب الواقع الذي عليه المصحف، هي غير هذه السور.
4 - ومن السهل أن يستنتج القارئ المتدبر أن تحديد أقسام السور الباقية (المئون – المثاني – المفصل) هو تحديد غير واضح وليس له ضابط مقبول، مثلا: سورة الشعراء عدد آياتها 227 فما الضابط لضمها إلى إحدى المجموعات الثلاث باعتبار أنها ليست من بين السور السبع الطوال؟
5 - يمكن اعتبار ما قيل في تقسيم سور القرآن إلى الطوال والمئون والمثاني والمفصل ... محاولة أولى بسيطة وغير دقيقة. تمثل عصرا ما.
6 - القرآن الكريم هوكتاب الله المحفوظ، وهو المصدر الوحيد الذي يمكن أن نطمئن إليه، للتأكد من أي معلومة إحصائية، وليس الروايات.
.........
السؤال في النهاية:
هل هناك آلية – نظام – لتحديد أطول سور القرآن؟ متى نصف سورة بأنها طويلة؟ متى نصف سورة بأنها قصيرة؟ ما المعيار لتحديد السورة الطويلة والقصيرة ......... ؟
الجواب: نعم
سور القرآن باعتبار الطول والقصر مجموعتان عدد كل منهما 57 سورة، وكل مجموعة مؤلفة من ثلاث مجموعات عدد كل منها 19 سورة .. إضافة إلى معايير واعتبارات اخرى متداخلة.
(لمزيد من التفاصيل: انظر معجزة الترتيب القرآني: عبدالله جلغوم – جائزة دبي الدولية ص 71).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أنمار]ــــــــ[01 Jan 2010, 11:04 ص]ـ
شرحه المناوي في فيض القدير:
(أعطيت مكان التوراة) أي بدل ما فيها، وكذا يقال فيما بعده وهي فوعلة لو صرفت من الورى وهو قدح الزناد من الزند استثقل اجتماع الواوين فقلبت أولاهما تاء، قال الحراني: فهي تورية بما هي نور أعقب ظلام ما وردت عليه من كفر من دعى إليها من الفراعنة فكان فيها هدى ونور
(السبع الطوال) بكسر الطاء جمع طويلة وأما بضمها فمفرد كرجل طوال، وقال ابن الأثير: جمع طولى مثل الكبار في الكبرى وهذا البناء يلزمه الألف واللام والإضافة، وأولها البقرة وآخرها براءة - بجعل الأنفال وبراءة واحدة - وغير ذلك
(وأعطيت مكان الزبور المئين) بفتح الميم وكسر الهمزة فمثناة تحت ساكنة أي السور التي أولها ما يلي الكهف لزيادة كل منها على مئة آية أو التي فيها القصص أو غير ذلك
(وأعطيت مكان الانجيل) من النجل وضع على زيادة إفعيل المزيد، معنى ما وضعت له هذه الصيغة وزيادة يائها مبالغة في المعنى، وأصل النجل استخراج خلاصة الشيء، ومنه قيل للولد نجل أبيه كأن الانجيل استخلص خلاصة نور التوراة فأظهر باطن ما شرع في التوراة ظاهره فإن التوراة كتاب إحاطة الأمر الظاهر الذي يحيط بالأعمال وإصلاح أمر الدنيا وحصول الفوز من عاقبة يوم الآخرة فهو جامع إحاطة الأمر الظواهر، والانجيل كتاب إحاطة الأمر الباطن يحيط بالأحوال النفسانية التي بها يقع لمح موجود الآخرة مع الاعراض عن إصلاح الدنيا بل مع هدمها والفرقان هو الكتاب الجامع المحيط بالظاهر والباطن
(والمثاني) وهي السور التي آيها مئة أو أقل أو ماعدا السبع الطوال إلى المفصل: سمي مثاني لأنها أثنت السبع، أو لكونها قصرت عن المئين وزادت على المفصل أو لأن المئين جعلت مبادئ والتي تليها مثاني ثم المفصل وقيل غير ذلك
(وفضلت بالمفصل) بضم الميم وفتح الفاء ومهملة مشددة ويسمى المحكم وآخره سورة الناس اتفاقاً، وهل أوله الحجرات أو الجاثية أو القتال أو ق أو الصافات أو الصف. أقوال، رجح النووي وتبعه القاموس: الأول، وله طوال وأوساط وقصار مفصلة في الفروع وغيرها.
(طب هب) وكذا أحمد وكأن المصنف ذهل عنه وإلا لقدمه في العزو إليه على عادته (عن واثلة) بكسر المثلثة ابن الأسقع، قال الهيتمي: وفيه عمران القطان وثقه ابن حبان وضعفه النسائي وغيره أهـ وأقول فيه أيضاً عمرو بن مرزوق أورده الذهبي في الضعفاء، وقال كان يحيى بن سعيد لا يرضاه فنصيب الهيتمي لا يرضاه الجناية برأس عمران وحده خلاف الأنصار.
قلت ورمز السيوطي لحسنه لعله لاعتضاده برواية أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" أعطاني ربي السبع الطول مكان التوراة. والمائين مكان الإنجيل وفضلت بالمفصل ".
قال الهيثمي رواه الطبراني وفيه ليث بن أبي سليم وقد ضعفه جماعة ويعتبر بحديثه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
ورواية أبي الجلد عند ابن الضريس رقم 127 ورواية أبي قلابة رقم 157
وانظر المسند 4/ 107 لرواية سيدنا واثلة رضي الله عنه المشار إليها
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[01 Jan 2010, 11:25 ص]ـ
كلام جميل ومنطقي يا أستاذ عبد الله جلغوم
وننتظر المزيد في بيان هذه المسألة
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[05 Jan 2010, 10:45 ص]ـ
باسم الله
هذا الأثر يقسم القرآن أربع مجموعات:
- الطوال
- المئين
- المثاني
- المفصل
ولا أظن الإعجاز العددي هو المراد فقط كما قد يُفهم أستاذنا الكريم ..
بل المراد به ما هو أشمل من أسرار القرآن الكريم الذي لا تنقضي عجائبه، وخاصة الموضوعات والألفاظ تبع.
السياق يبين المفاضلة بين القرآن والكتب السابقة؛ غير المعلومات الموثقة تنقصنا للمقارنة بين هذه المجموعات وبين تلك الكتب، والقرآن متضمن لمعاني تلك الكتب وزيادة كما لا يخفى.
الأثر يذكر الطوال ج طويلة وصفاً؛ لا الطوليات جمع الطولى التفضيلية.
معيار عد الآي ليس وحده الذي يبين طول السورة (كما في سورة الشعراء: آياتها قصار مقارنة بآل عمران والأعراف).
فهناك عدد الكلمات وهناك عدد الحروف المكتوبة وهناك أيضاً وهو الأدق والأضبط: عدد الأصوات المنطوقة فعلاً.
تبدأ الطوال بالبقرة وتنتهي بالتوبة (وهما قدر يومين في تحزيب الصحابة).
وحذف البسملة من براءة جعلهم يعاملون سورة الأنفال والتوبة كالسورة الواحدة، وإن كانتا سورتين اتفاقاً.
وقارئ هذه السور يأخذ منها هدايات لا يجدها في المئين والعكس.
مثال: الحج في البقرة يذكر الأعمال الظاهرة وفي سورة الحج يذكر الأعمال القلبية (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ... ).
تبدأ المئون من يونس (ذوات: ألر) إلى القصص.
تبدأ المثاني كما بدأت المبادي: (ألم) من العنكبوت حتى الحجرات.
يبدأ المفصل من ق حتى الناس. يؤيده أن تحزيب الصحابة السباعي كان يبدأ 3، 5، 7، 9، 11، 13، المفصل (تفسير سورة ق ابن كثير).
وقد بنى سعيد حوى تفسيره على هذا.
والله تعالى أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جوهرة القصر]ــــــــ[26 Oct 2010, 08:40 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[26 Oct 2010, 09:53 م]ـ
باسم الله
هذا الأثر يقسم القرآن أربع مجموعات:
- الطوال
- المئين
- المثاني
- المفصل
[ QUOTE] ولا أظن الإعجاز العددي هو المراد فقط كما قد يُفهم أستاذنا الكريم ..
لم أقل ذلك.
معيار عد الآي ليس وحده الذي يبين طول السورة (كما في سورة الشعراء: آياتها قصار مقارنة بآل عمران والأعراف).
فهناك عدد الكلمات وهناك عدد الحروف المكتوبة وهناك أيضاً وهو الأدق والأضبط: عدد الأصوات المنطوقة فعلاً.
بأي معيار أخذت فالتقسيم غير صحيح
تبدأ الطوال بالبقرة وتنتهي بالتوبة (وهما قدر يومين في تحزيب الصحابة).
وعلى ذلك فكيف تقدر المفصل؟
وحذف البسملة من براءة جعلهم يعاملون سورة الأنفال والتوبة كالسورة الواحدة، وإن كانتا سورتين اتفاقاً.
إن من المستحيل ان تكون سورتا الأنفال والتوبة سورة واحدة.ولماذا يُفصلان إذن في المصاحف التي بين أيدينا كلها؟
هذا كردّ أحدهم سابقا: لقد اختلف في المعوذتين هل هما من القرآن أو ليستا من القرآن؟ وقول بعضهم إن سورتي الفيل وقريش سورة واحدة أيضا! ألم يتضح بعد فساد هذه الآراء؟
تبدأ المئون من يونس (ذوات: ألر) إلى القصص.
لاحظ في المداخلة السابقة لأخينا الفاضل د. أنمار:
(وأعطيت مكان الزبور المئين) بفتح الميم وكسر الهمزة فمثناة تحت ساكنة أي السور التي أولها ما يلي الكهف لزيادة كل منها على مئة آية أو التي فيها القصص أو غير ذلك.
فبأي القولين نأخذ؟
تبدأ المثاني كما بدأت المبادي: (ألم) من العنكبوت حتى الحجرات.
ألا تلاحظ أن عدد آيات سورة الحجرات هو 18 آية فقط؟ أليس من اللافت للانتباه ترتيبها في النصف الأول من القرآن؟
(السور السبع والخمسون الأولى في ترتيب المصحف)
لماذا لم تكن مع السور القصيرة في نهاية المصحف مثلا؟ لماذا لم تقدم عليها سورة المدثر، فعدد آياتها 56؟
يبدأ المفصل من ق حتى الناس. يؤيده أن تحزيب الصحابة السباعي كان يبدأ 3، 5، 7، 9، 11، 13، المفصل (تفسير سورة ق ابن كثير).
لماذا لا تذكر أنهم قسموه إلى طوال وأوساط وقصار، واختلفوا في تحديد أوله على 12 قولا.
فبماذا نأخذ؟
وأخيرا حينما نقرأ قولهم: عدد آياتها مائة، أو تزيد على مائة:هل يعنون مائة كلمة أو مائة حرف أم يعنون مائة آية؟
فلماذا الجدال في أمر هو في غاية الوضوح؟
مع احترامي لشخصك الكريم
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[26 Oct 2010, 11:46 م]ـ
فلماذا الجدال في أمر هو في غاية الوضوح؟
مع احترامي لشخصك الكريم
ليس جدالاً .. شيخنا الفاضل بارك الله فيك.
عددياً الحسبة لا تنضبط معك .. وليس شرطاً أن تنضبط معك الآن ..
المخرجات تختلف باختلاف المدخلات.
أما موضوعياً، وهو الأصل، فهي مضبوطة تماماً على سبعة، وعلى أربعة، وعلى واحد.
مع احترامي الكبير لكم.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[27 Oct 2010, 12:15 ص]ـ
ليس جدالاً .. شيخنا الفاضل بارك الله فيك.
عددياً الحسبة لا تنضبط معك .. وليس شرطاً أن تنضبط معك الآن ..
المخرجات تختلف باختلاف المدخلات.
أما موضوعياً، وهو الأصل، فهي مضبوطة تماماً على سبعة، وعلى أربعة، وعلى واحد.
مع احترامي الكبير لكم.
لم أفهم شيئا من كلامك أيها الفاضل.
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[27 Oct 2010, 12:48 ص]ـ
لم أفهم شيئا من كلامك أيها الفاضل.
فلماذا قلت إنه أمر في غاية الوضوح؟!
فهمت من كلامك يا شيخنا أنك تضعف الأثر لأنه لم يصح على حسابك ..
بأي معيار أخذت فالتقسيم غير صحيح
فذكرت لك أن الحسبة العددية، وهي محط نظرك الوحيدة في بحثك، لم تنضبط معك، لتتوافق مع الحديث .. فلعل مقدماتك غير صحيحة.
فالحديث له أبعاد أخرى غير البعد العددي.
أما الاختلاف الحاصل في شرح الحديث فمرده إلى عدم التوفيق بين الأدلة وهو ممكن.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[27 Oct 2010, 01:26 ص]ـ
فلماذا قلت إنه أمر في غاية الوضوح؟!
فهمت من كلامك يا شيخنا أنك تضعف الأثر لأنه لم يصح على حسابك .. فذكرت لك أن الحسبة العددية لم تنضبط معك، لتتوافق مع الحديث .. فلعل مقدماتك غير صحيحة.
فالحديث له أبعاد أخرى غير البعد العددي.
أما الاختلاف الحاصل في شرح الحديث فمرده إلى عدم التوفيق بين الأدلة وهو ممكن.
أخي الكريم:
ليس لدي مقدمات غير صحيحة، ولا حسبة غير منضبطة
أمامي القرآن الكريم وما ذكرت إلا ما فيه، وليس البحث هنا في الإعجاز العددي .. فدع الإعجاز العددي جانبا.
- أطول سبع سور باعتبار عدد الآيات هي:
1 - سورة البقرة، وعدد آياتها 286.
2 - الشعراء: 227.
3 - الأعراف: 206.
4 - آل عمران: 200.
5 - الصافات: 182.
6 - النساء: 176.
7 - الأنعام: 165.
ليست منها لا سورة يونس، ولا الأنفال والتوبة.
وأطول سبع سور باعتبار عدد الكلمات هي:
1 - سورة البقرة: عدد كلماتها 6117
2 - النساء: 3748
3 - آل عمران: 3481
4 - الأعراف: 3320
5 - الأنعام: 3050
6 - المائدة: 2804
7 - التوبة: 2498
كما ترى، ليست منها سورة يونس، ولسنا بحاجة الى اضافة سورة الأنفال لسورة التوبة للحصول على السورة السابعة، فالتوبة وحدها تحقق هذا الغرض. وفي كل حال، عدد آيات سورة يونس هو 109، وهناك سور أطول منها بأي اعتبار.
وخلاصة الكلام:
إذا تأملنا ترتيب السور في المصحف، نرجح أن يكون الحديث هو: السور السبع الأُوَل. في هذه الحالة فقط يكون ما جاء في الحديث موافقا لترتيب سور القرآن وهي الأطول باعتبار عدد الكلمات. ومع ذلك لا تدخل سورة يونس في تلك الحسبة.ولا حاجة لإضافة الأنفال إلى التوبة.
وتقبل احترامي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[27 Oct 2010, 01:46 ص]ـ
لماذا حملت لفظ الطوال على أنها الأطول، وليس على أنها الطويلة؟. فرق بين لفظ الحديث (الطوال أو الطول ج طويلة) واللفظ الذي تبحث عنه (أطول) الذي ليس من لفظ الحديث. وهذا منشأ ما رأيته أنا غير منضبط.
بارك الله فيك ونفع بك
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[27 Oct 2010, 06:55 ص]ـ
لماذا حملت لفظ الطوال على أنها الأطول، وليس على أنها الطويلة؟. فرق بين لفظ الحديث (الطوال أو الطول ج طويلة) واللفظ الذي تبحث عنه (أطول) الذي ليس من لفظ الحديث. وهذا منشأ ما رأيته أنا غير منضبط.
بارك الله فيك ونفع بك
سواء الأطول أو الطّول فلا شيء يتغير، سورة يونس ليست منها، ولا يجوز الجمع بين سورتي الأنفال والتوبة، واعتبار العدد في هذا التقسيم مبني على عدد الآيات - بدليل معيار العد الذي هو مائة - والخلط في تفسير الحديث واضح.
وسلام عليك اخي الفاضل.
ـ[محمد نصيف]ــــــــ[27 Oct 2010, 05:18 م]ـ
[وما وجه المقارنة بين القرآن وباقي الكتب؟ أهو في مواضيع السور، أو طولها، أو ماذا؟]
تهمني الإجابة على هذا السؤال جداً فليت أحداً يفيدنا، وسعيد حوى في تفسيره اهتم بالتقسيم وبنى عليه كثيرًا في نظريته في الوحدة الموضوعية، وجهده واضح وعظيم، لكنه في حدود اطلاعي لم يجب على الأسئلة المذكورة أعلاه.(/)
فساد العلماء وأثره السيئ على الأمة
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Jan 2009, 12:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا شك أن العلماء هم ورثة الأنبياء في العلم والعمل والبذل والجهاد، وهم صمام الأمان لدى الأمة إذا ما داهمتها الخطوب الجسام، هم الذين يُصلحون إذا فسد الناس ويتصدون للتيارات الجارفة بهم نحو الهلاك، هم القادة المصلحون الذين يقودون العباد والبلاد إلى بر السلامة والأمان، هم الطليعة الذين يتقدمون الشعوب نحو كل خير، ومحل ثقتهم وآمالهم.
لذا أمر الله تعالى بطاعة العلماء، وخصهم بالذكر في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}، وفي قوله تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، وفي قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلا}، فمِنْ أولي الأمر الذين تجب طاعتهم؟ .. إنهم العلماء.
ولعلماء الإسلام سلطان على الأرواح تخضع له العامة طواعية ورغبة، خضوعا فطريا لا تكلف فيه، لشعورهم بأن العلماء هم المرجع في بيان الدين، وهم لسانه المعبر حقا عن حقائقه والمبين لشرائعه، وهم حُراسه المؤتمنون على بقائه، والورثة الحقيقيون لمقام النبوة.
هذا هو دور العلماء، وهكذا كانوا، وهكذا يجب أن يكونوا.
ولكن عندما يرضى العالِم لنفسه خلاف ذلك، فيصبح من ورثة الشياطين بدلا من أن يكون ضمن ورثة الأنبياء؛ يرضى أن يكون بوقا للظالمين؛ يبرر ظلمهم ويزينه في أعين الناس، يلبس الحق بالباطل، يقول ما لا يفعل ويفتي بما لا يعلم .. فإنه مباشرة يفقد دوره الريادي القيادي المناط به، ليصبح من الذين ضلوا وأضلوا ...
إن فساد الحكام أهون على المسلمين من فساد العلماء، وما أجمل قول ابن النحاس في كتابه القيّم "تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين"، حيث بين أن ترك العلماء للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يترتب عليه فساد كبير عريض ... قال رحمه الله تعليقاً على قول الله تعالى: {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ .. }: (دلَّت الآية على أنَّ تاركَ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عنِ المنكرِ كمُرتكبِه!، والآية توبيخ للعلماء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - كما قاله القرطبي -، وتاللهِ إنهم لَأَهلٌ لكلِّ توبيخٍ فأنى يَصلُح الناسُ والعلماء فاسدون؟!، أم كيف تعظم المعصية في قلوب الجاهلين والعلماء بأفعالهم وأقوالهم لم ينهوهم عنها؟!، أم كيف يرغب في الطاعة والعلماء لا يأتونها؟!، أم كيف يتركون البدعَ والعلماءُ يرونها فلا ينكرونها؟! -)
إلى أن قال -: (وأما في زماننا هذا فقد قيَّد الطمع ألسن العلماء فسكتوا إذْ لَم تساعد أقوالهم أفعالهم، {فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ}، فإذا نظَرنا إلى فسادِ الرعية وجدنا سببه فساد الملوك، وإذا نظرْنا إلى فساد الملوك وجدنا سببه فساد العلماء والصالحين، وإذا نظرنا إلى فساد العلماء والصالحين وجدنا سببه ما استولى عليهم من حبِّ المالِ والجاهِ وانتشارِ الصِّيِتِ ونَفَاذِ الكلمة ومداهنة المخلوقين وفساد النيات والأقوال والأفعال) انتهى.
ورحم الله ابن المبارك إذ يقول:
وهل أفسدَ الدينَ إلا الملوكُ وأحبارُ سُوءٍ ورُهبانُهَا
ـ[أبو المهند]ــــــــ[12 Jan 2009, 10:07 م]ـ
.
يقول أبو بكر الوراق: «الناس ثلاثة: العلماء، والأمراء، والقراء، فإذا فسد الأمراء فسد المعاش، وإذا فسد العلماء فسدت الطاعات، وإذا فسدت القراء فسدت الأخلاق» شعب الإيمان للبيهقي.(/)
شرح سورة القصص من المحرر الوجيز للشيخ مساعد
ـ[مندوبية العزيزية والعوالي بمكة]ــــــــ[13 Jan 2009, 12:46 م]ـ
يسر مركز الدعوة والارشاد بمكة بالتعاون مع المكتب التعاوني للدعوة والارشاد وتوعية الجاليات بمكة دعوتكم لحضور الدرس الشهري في التفسير الذي تنظمه مندوبية الدعوة بالعزيزية والعوالي ضمن سلسلة
شرح المحرر الوجيز لابن عطية
بعنوان
دورة في شرح سورة القصص
لفضيلة الشيخ الدكتور
مساعد بن سليمان الطيار
الثلاثاء 23/ 1/1430هـ بعد صلاتي المغرب والعشاء
بجامع الأميرة نوف بالعزيزية
علماً أن الدرس يقام رابع ثلاثاء من كل شهر
*ستوزع المتون على المشاركين في الدورة
*ستكون هناك شهادة حضور معتمدة من الشيخ
*يوجد مكان للنساء
ينقل الدرس عبر موقع البث الاسلامي www.islamlive.net
* للتنسيق والتواصل 0553131107
الرجاء من الأخوة نشرها في المنتديات وعبر رسائل الجوال(/)
الهاجس الخاطر حديث النفس الهم العزم:::
ـ[العنزي]ــــــــ[14 Jan 2009, 12:13 ص]ـ
"الهاجس الخاطر حديث النفس الهم العزم "أرشدوني بارك الله فيكم إلى من تحدث عن هذه المراتب وشكرا.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[15 Jan 2009, 11:52 م]ـ
مراتب القصد خمس هاجس ذكروا ... فخاطر فحديث النفس فاستمعا
يليه هم فعزم كلها رفعت ... إلا الأخير ففيه الأخذ قد وقعا
تجد تفصيلها في كتاب الأشباه والنظائر في أصول الفقه للإمام السيوطي(/)
شرح سورة القصص من المحرر الوجيز للشيخ مساعد
ـ[مندوبية العزيزية والعوالي بمكة]ــــــــ[14 Jan 2009, 12:58 م]ـ
يسر مركز الدعوة والارشاد بمكة بالتعاون مع المكتب التعاوني للدعوة والارشاد وتوعية الجاليات بمكة دعوتكم لحضور الدرس الشهري في التفسير الذي تنظمه مندوبية الدعوة بالعزيزية والعوالي ضمن سلسلة
شرح المحرر الوجيز لابن عطية
بعنوان
دورة في شرح سورة القصص
لفضيلة الشيخ الدكتور
مساعد بن سليمان الطيار
الثلاثاء 23/ 1/1430هـ بعد صلاتي المغرب والعشاء
بجامع الأميرة نوف بالعزيزية
علماً أن الدرس يقام رابع ثلاثاء من كل شهر
*ستوزع المتون على المشاركين في الدورة
*ستكون هناك شهادة حضور معتمدة من الشيخ
*يوجد مكان للنساء
ينقل الدرس عبر موقع البث الاسلامي www.islamlive.net
* للتنسيق والتواصل 0553131107
الرجاء من الأخوة نشرها في المنتديات وعبر رسائل الجوال
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[14 Jan 2009, 02:57 م]ـ
بارك الله فيكم يا شيخ نايف ووفق الله الدكتور مساعد وسدده(/)
مشروع تحقيق تفسير (البحر المحيط) بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة: أفكار ومقترحات
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[15 Jan 2009, 12:25 ص]ـ
السلام عليكم، أيها الكرام.
هل يوجد تحقيق علمي سليم للبحر المحيط؟ لأني وقفت على ثلاث نسخ منه كلها لا تخلو من سقطات وخلل وعدم ضبط،وآخرها نشرة دار الكتب العلمية في بيروت، بتحقيق الشيخ عادل أحمد عبد الموجود وزملائه، ولا يصدق عليها كلمة تحقيق بأي وجه من الوجوه.
فهل من طبعة محققة تحقيقا علميا؟ وبارك الله فيكم.
ـ[محب القراءات]ــــــــ[15 Jan 2009, 02:22 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
أخي الكريم , يقوم الآن مجموعة من الباحثين في مرحلة الدكتوراه بقسم التفسير بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية بتحقيق علمي لهذا الكتاب القيم , ولكن هذا العمل يحتاج إلى جهد وصبر حتى يخرج للجميع , أما عن الطبعات الحالية , فأنا مثلك , آمل أن يرشدنا أحد إلى أفضل تحقيق موجود الآن لهذا الكتاب.
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[15 Jan 2009, 02:53 م]ـ
سلمك الله، أخي الأستاذ محمد، وشكر الله لك هذه الإفادة القيمة، وبارك فيك.
وإضافة للحاجة إلى الجهد الكبير والوقت الطويل،تحقيق كتب التراث في رسائل جامعية متعددة لا يخلو من مشاكل؛ لتفاوت أقدار المشاركين وعزائمهم وأهدافهم، ثم منهم من لا يكمل؛ لأي سبب؛ مما يضاعف المشلكة ويعقدها، ولا تقل مشاكل النشر لمثل هذا التحقيق عن مشاكل التحقيق وتفاوت المستوى العلمي والعملي فيه، وإذا اكتمل التحقيق بعد جهد جهيد ووقت مديد فهل حقوق الطبع للجامعة أو للباحثين؟،وهل يوافقون على نشره جملة؟ ومن المسئول عن النشر في تمويله ومتابعته؟.
وإذا لم يكن غير النشرات التي رأيتها فهذا يحمل أهل الاختصاص في التفسير وعلوم القرآن وقراءاته خاصة وعلوم العربية مسئولية كبيرة، وفي مقدمتهم أهل هذا الملتقى المبارك؛ إذ التحقيق العلمي المنشود لمثل هذه الموسوعة في التفسير والقراءات وغيرهما يحتاج إلى جهد المراكز العلمية المتخصصة في نشر التراث الإسلامي ذات الإمكانات العلمية المادية العالية والخبرات الكافية لا شداة الباحثين ولو كانوا في مرحلة الدكتوراه. والله المستعان.
وأنتظر معك-أخي المفضال- المزيد من إفادات أهل العلم والفضل والدراية في هذه الدار الطيبة.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[16 Jan 2009, 11:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يمكن أن أحيل إخوتي إلى طبعة دار الكتب العلمية التي قام بتحقيقها:
- أحمد عبد الموجود
- علي محمد معوض
- زكريا النوتي
- أحمد النجولي الحجل
فعلى الأقل فهذه النسخة تعتبر مرجعا في إحالات كثيرة إلى عدة تفاسير يمكن الإستعانة بها في تحصيل تصور شامل عن تفسير الآية المراد تفسيرها.
كما أنصح الإخوة الكرام بالرجوع إلى التفسير المبارك أضواء البيان.
ففيه إحالات كثيرة إلى البحر المحيط مع آراء علمية لشيخنا رحمه الله محمد الأمين:
مقررة أو مصوبة أو موجهة أو رادة في بعض الأحيان على ترجيحات الشيخ أبي الحيان ...
والله تعالى أعلم
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[16 Jan 2009, 07:34 م]ـ
البحر المحيط حقق بعضه على هيئة رسائل علمية في بعض الجامعات:
1 - جامعة جنوب الوادي، الآداب بقنا من قوله تعالى (ليس البر) إلى قوله تلك الرسل) لجمال محمد نصر دكتوراه
2 - جامعة دمشق:
1 - من الآية 151من سورة آل عمران إلى 86من النساء لمها محمد الجزر، ماجستير
2 - من الآية 87من سورة النساء إلى الأية 81من سورة المائدة لأيمن هشام ياشين ماجستير نوقشت
3 - من سورة الأنعام 141إفى آخر سورة الأعراف لمنى إلياس ماجستير
4 - من سورة الأنفال - التوبة - يونس حتى آية 25 لمحمد عناد سليمان، ماجستير
5 - من أول سورة طه إلى آخر سورة المؤمنون لعارف محمد زهير الحو، ماجستير نوقشت
6 - من أول الصافات إلى آخر الدخان لحميدة قطيش ماجستير نوقشت
ولعل تحقيق البحر المحيط اكتمل في جامعة دمشق لأن هذه البيانات أخذتها بالمراسلة من مركز الملك فيصل للبحوث العلمية.
هذا وهل تسمح الجامعة الإسلامية بتحقيق كتاب قد حقق في جامعة آخرى إلا ......
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[16 Jan 2009, 10:38 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يمكن أن أحيل إخوتي إلى طبعة دار الكتب العلمية التي قام بتحقيقها:
- أحمد عبد الموجود
- علي محمد معوض
- زكريا النوتي
- أحمد النجولي الحجل
فعلى الأقل فهذه النسخة تعتبر مرجعا في إحالات كثيرة إلى عدة تفاسير يمكن الإستعانة بها في تحصيل تصور شامل عن تفسير الآية المراد تفسيرها.
كما أنصح الإخوة الكرام بالرجوع إلى التفسير المبارك أضواء البيان.
ففيه إحالات كثيرة إلى البحر المحيط مع آراء علمية لشيخنا رحمه الله محمد الأمين:
مقررة أو مصوبة أو موجهة أو رادة في بعض الأحيان على ترجيحات الشيخ أبي الحيان ...
والله تعالى أعلم
أشكر لأخي يوسف إفادته، ولكن يبدو أنه لم ينظر إلى أصل الموضوع، فأرجو أن يتكرم بقراءة بداية الموضوع قبل أن يكتب مشاركته القادمة التي أنتظرها. والله المستعان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[16 Jan 2009, 10:43 م]ـ
شكرا لك،أخي الكريم الأستاذ أحمد الفقيه، على هذه الإفادة القيمة.
وما زالت الردود ترجح ظني أن البحر المحيط لم يحظ إلى اليوم بتحقيق علمي يمكن الاعتماد عليه والاستفادة القصوى منه، فهل من معلومة تنفي هذا الظن الراجح عندي؟
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[16 Jan 2009, 11:53 م]ـ
بارك الله فيك أخي: سليمان ..
لعل الإخوة يفيدونك أكثر ..
ونحن معك نتظر الإجابة الشافية من الإخوة الفضلاء
أخوك: سلمان
ـ[المنصور]ــــــــ[17 Jan 2009, 12:26 ص]ـ
قد رفعت خطابا لأمين عام الرابطة فضيلة الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي أشرح فيه المبررات التي تدعو فضيلته للعمل على تحقيق البحر المحيط لأبي حيان ونشره نشرة علمية كما فعل بالطبري وغيره، ثم طلب فضيلته عن طريق مدير مكتبه في الرياض المزيد من التعريف بالمشروع وأماكن مخطوطات الكتاب ومدى الحاجة لتحقيق جديد واستعراض للطبعات الموجودة ... الخ، فكتبت تقريراً علمياً في عدة صفحات وسلمته لمكتب الشيخ، كان هذا كله في الفترة الماضية (قبل ثلاثة أشهر تقريبا). وأسأل الله تعالى أن ييسر أمر تحقيقه ونشره، إنه على كل شيء قدير.
وبالمناسبة وصل كتاب (الإصابة) لابن حجر للرياض، ولكن مجلداته غير مرتبه، فتأخر توزيعه على طلبة العلم، وسيوزع قريبا إن شاء الله تعالى.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[17 Jan 2009, 12:51 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حقيقة أخي سليمان عندما قرأت أصل الموضوع ضحكت ضحكا فيه نظر في وقت الضحك فيه جريمة لا تغتفر.
فمعذرة أخي سليمان وسأحاول أن أبحث عن ما طلبت بإذن الله
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[17 Jan 2009, 01:40 م]ـ
شكرا لك،أخي الكريم الأستاذ أحمد الفقيه، على هذه الإفادة القيمة.
وما زالت الردود ترجح ظني أن البحر المحيط لم يحظ إلى اليوم بتحقيق علمي يمكن الاعتماد عليه والاستفادة القصوى منه، فهل من معلومة تنفي هذا الظن الراجح عندي؟
شيخنا الفاضل كما رأيت ......
أكاد أجزم بأن البحر قد حقق تحقيقا علميا كاملا ونيلت به رسائل علمية في جامعة دمشق فيما يظهر .....
ولو أفادنا أحد الدمشقيين في ذلك شكرناه ودعونا له
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[17 Jan 2009, 11:43 م]ـ
أخي الكريم الأستاذ أحمد الفقيه، بارك الله فيك.
تكاد تجزم، ولكنك لم تجزم بعد، أليس كذلك؟ أنت وأنا متفقان على عدم التأكد من أن هذا المرجع المهم جدا في التفسير والقراءات والدراسات القرآنية الأخرى والدراسات النحوية واللغوية، قد حقق أي تحقيق علمي يمكن الاعتماد عليه والاستفادة منه كما ينبغي، فلننتظر-إذن-إفادة غيرنا من أهل الاختصاص والاهتمام بهذه الشؤون في هذا الملتقى المبارك، من الدمشقيين وغيرهم.
بارك الله فيك، أخي الكريم يوسف وأضحك الله سنك.
أنتظر نتائج بحثك، ولك كثير شكري.
أهلا بأخي المفضال الشيخ الأستاذ سلمان الخوير في هذا الملتقى الذي هو في الأصل له ولأمثاله من أهل التخصص في التفسير وعلوم القرآن، وأنا فيه ضيف على موائدهم الطيبة.
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[17 Jan 2009, 11:53 م]ـ
قد رفعت خطابا لأمين عام الرابطة فضيلة الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي أشرح فيه المبررات التي تدعو فضيلته للعمل على تحقيق البحر المحيط لأبي حيان ونشره نشرة علمية كما فعل بالطبري وغيره، ثم طلب فضيلته عن طريق مدير مكتبه في الرياض المزيد من التعريف بالمشروع وأماكن مخطوطات الكتاب ومدى الحاجة لتحقيق جديد واستعراض للطبعات الموجودة ... الخ، فكتبت تقريراً علمياً في عدة صفحات وسلمته لمكتب الشيخ، كان هذا كله في الفترة الماضية (قبل ثلاثة أشهر تقريبا). وأسأل الله تعالى أن ييسر أمر تحقيقه ونشره، إنه على كل شيء قدير.
وبالمناسبة وصل كتاب (الإصابة) لابن حجر للرياض، ولكن مجلداته غير مرتبه، فتأخر توزيعه على طلبة العلم، وسيوزع قريبا إن شاء الله تعالى.
بارك الله فيك، أخي الكريم، عظم الله أجرك وأجزل عطاءك وضاعف جزاءك، على ما طلبت ورفعت،.ولعلك تتابع الأمر مع فضيلة الأستاذ الدكتور ومكتبه وتفيدنا بما جرى في الأمر، ولا أدري هل يمكن وضع تقريركم العلمي هنا لنستفيد منه؟ وكذلك نرجو أن تعرفنا على التحقيق الجديد للإصابة الذي أشرتم إليه في مشاركتكم المفيدة جدا في هذا الموضوع. وشكرا جزيلا.
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[19 Jan 2009, 01:34 ص]ـ
أخي الكريم الأستاذ أحمد الفقيه، بارك الله فيك.
تكاد تجزم، ولكنك لم تجزم بعد، أليس كذلك؟ أنت وأنا متفقان على عدم التأكد من أن هذا المرجع المهم جدا في التفسير والقراءات والدراسات القرآنية الأخرى والدراسات النحوية واللغوية، قد حقق أي تحقيق علمي يمكن الاعتماد عليه والاستفادة منه كما ينبغي، فلننتظر-إذن-إفادة غيرنا من أهل الاختصاص والاهتمام بهذه الشؤون في هذا الملتقى المبارك، من الدمشقيين وغيرهم.
بارك الله فيك، أخي الكريم يوسف وأضحك الله سنك.
أنتظر نتائج بحثك، ولك كثير شكري.
أهلا بأخي المفضال الشيخ الأستاذ سلمان الخوير في هذا الملتقى الذي هو في الأصل له ولأمثاله من أهل التخصص في التفسير وعلوم القرآن، وأنا فيه ضيف على موائدهم الطيبة.
شيخنا الفاضل لقد قلت أكاد أجزم لأن القرينة كانت عندي قوية فهاك الخبر عن اليقين عن دكتور في جامعة دمشق راسلته فأجابني بهذه الرسالة:
((أقول: نعم أخي اكتمل تحقيق البحر المحيط عندنا منذ سبع سنوات تقريبا، ولم تكن فكرته ناجحة للأسف لأن الذي حصل أن كل طالب درس جزءه بمنهجه وطريقته فاختلف كل جزء عن الآخر، أي لم يخرج الكتاب بنفس واحد، إضافة إلى أن الطلاب الذين درسوه ليسوا على مستوى واحد من حيث الكفاءة والقدرة العلميو والعملية مما أثر سلبا على الدراسة، لذا صرنا نحرص بعدها على توحيد مناهج وخطوات بحوث الطلاب إذا اشتركوا في دراسة كتاب واحد)) أهـ
شيخنا قضي الأمر الذي فيه تستفتيان (ابتسامة)
لكن الغريب في الأمر لماذا يعاد تحقيقه في الجامعة الإسلامية وقد حقق في بلاد الشام؟؟؟؟؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[19 Jan 2009, 04:24 ص]ـ
أفيد الإخوة الأعزاء بمعلومات موجزة عن مشروع تحقيق البحر المحيط في الجامعة الإسلامية، وذلك كوني أحد طلاب الدكتوراة المشاركين في تحقيقه. وحقيقة كنت ادفع نفسي عن الكتابة في ذلك لكي لا يُظن أنها مجرد دعاية، أو لذات الاستنقاص أو ما شابه؛ ولكن عندما رأيت الأمر يتجه باللوم نحو الجامعة الإسلامية دفعني حبي للجامعة وغيرتي عليها لتوضيح بعض الأمور، فأقول مستعيناً بالله:
أولاً / نظرة مقتضبة على مشروع الجامعة الإسلامية لتحقيق البحر المحيط:
لقد تبنت الجامعة الإسلامية متمثلة في كلية القرآن وقسم التفسير مشروع تحقيق البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي واشترطت بأن يكون التسجيل فيه لطلاب مرحلة الدكتوراة فحسب وقد تم تسجيل 24 رسالة دكتوراة تحقيقاً ودراسة، علماً أن تسجيل الرسائل قد مر بمراحل عدة للتثبت والتوثيق من جدوى تحقيقه.
وقد تم تشكيل لجنة مكونة من 6 دكاترة في مجلس قسم التفسير لوضع خطة موحدة تكون هي المنار في تحقيقه ويُسلك سبيلها لتوحيد المناهج وتضييف نطاق التفاوت المتوقع حدوثه في مثل هذه المشاريع الضخمة. ولتسهيل مهمة طباعته بعد ذلك. وفعلاً وضعت تلك اللجنة خطة التحقيق وألزم الجميع بها.
وقد تم عقد لقاء علمي وتشاوري بين سعادة المشرفين على تحقيق البحر المحيط والطلاب وكانت له نتائج إيجابية.
ولا يخفى أن مشروعاً كتحقيق البحر المحيط ينبغي أن يحظى بعناية فائقة وخاصة؛ نظراً لأهميته ومتانته وضخامته، وذلك بداية من تحقيق النص وانتهاء بخدمته.
ولا شك أن تحقيق الكتاب على الوجه اللائق به قد تأخر ولكن ارجو أن يكون في هذا المشروع خدمة للكتاب وأن يحظى بحقه ومستحقه في ذلك بين مكتبة الدراسات القرآنية.
ولقد قام قسم التفسير بأخذ تعهدات من جميع الطلبة لعدم الممانعة في طباعة الكتاب في الجامعة وذلك عزماً منهم – فيما أحسب – على أن يخرج الكتاب محققاً وأن يجد طريقه للمكتبات سريعاً لا كما هو الحال في بعض المشاريع العلمية التي ظلت حبيسة الرفوف وضلت طريقها لأيدي طلاب العلم.
وقد تبرع بعض الزملاء بالقيام بالمسح الميداني للبحث عن نسخ الكتاب الخطية والانتقاء منها ما هو مناسب لتحقيق الكتاب كي يخرج بأقرب صورة – إن لم يكن هي ذاتها – لما كتبه أبو حيان رحمه الله.
كما أن الخطة التي سيقوم عليها تحقيق الكتاب راعت جوانب هامة من عدم إطالة التعليقات الخارجة عن مقصود الكتاب إلا فيما دعت له الضرورة، لاسيما ترجمة الأعلام وتخريج الأحاديث. وذلك لكي لا تطول الحواشي وينوء به طلاب العلم أولي الهمة!
إضافة إلى ما هو معروف في منهج التحقيق من مهيع متبع.
ثانياً / نظرة سريعة على طبعات البحر المحيط:
لا يخفى أن كل ما هو موجود من طبعات البحر المحيط هي عالة على الطبعة التي طُبعت قبل قرن تقريباً وذلك في مطبعة السعادة عام 1327هـ ولا شك أن لهم فضل إخراجها وحسبهم من أجرها أن بقي أهل العلم منها ينهلون لمدة مائة عام تقريباً، بيد أنها كثيرة السقط والأخطاء، ومن جاء بعدهم لم يزد على ذلك كثيراً، وقد كانت هناك ثمة محاولة مشكورة لتحقيق البحر المحيط من د. عبد السميع حسنين ولكن المنية وافته قبل إتمام مشروعه ولمَّا يبلغ ربعه، على عوز فيه من حيث العناية بالنسخ الخطية حيث اكتفى بنسختين من دار الكتب المصرية وفي النادر على نسخة ثالثة مغربية قال عنها رحمه الله " فأما المغربية فرديئة الخط، ويصعب قراءتها، والاعتماد عليها، ولم أعتمد عليها في شيء إلا في القليل النادر". علماً أن هناك بعض النسخ المهمة جدا في الوصول إلى نص أبي حيان في البحر، ولعله رحمه الله لم يستطع التوصل إليها لصعوبتها في ذلك الوقت وما شابه.
ثالثاً / التحقيقات العلمية للبحر المحيط:
بحسب البحث والسؤال وجدنا بعض الرسائل العلمية التي قامت بتحقيق البحر المحيط وكان أول بداية – فيما يظهر - في تحقيقه في جامعة الإمام محمد بن سعود في قسم القرآن في رسالة دكتوراة لعلي الزبيري رحمه الله في عام 1408هـ وبإشراف د. محمد الراوي أي قبل أكثر من عشرين سنة؛ فكان لهم السبق في بداية تحقيقه. ولكن لم يُواصل في المشروع لعدة أسباب وانقطع من ذلك الحين إلى أن حان وقت بعثه من جديد في الجامعة الإسلامية.
كما أنه قد سُجل بجامعة دمشق، وبنظرة سريعة وجدنا قلة العناية بالنسخ الخطية، فقد كان الاعتماد لدى بعضهم على نسختين خطية سيئة مع المطبوعة وهي كما ذكر" نسخة مركز جمعة الماجد ونسخة المكتبة الأحمدية بحلب ومطبوعة البحر ". علماً أن نسخة حلب متأخرة جدا وهي سيئة كما قال محقق أحد الرسائل في دمشق "وهي نسخة رديئة محشوة بالتصحيف والتحريف، وفيها الكثير من السقط".
وأشير أيضاً إلى أن ثمة نسخ أخرى هي من الأهمية بمكان لم يُستعن بها في تحقيقه.
كما أنه لم يحصل التزام بمنهج التحقيق الذي اُتخذ، وفيها قصور واضح في خدمة النص من حيث ترجمة الأعلام والعزو والتوثيق، فكثير من التراجم والأحاديث والغريب ومسائل النحو والصرف لم يعلق عليها بتاتاً. وليس هذا مجال الإسهاب في نقدها.
ولا يخفى أن إخراج الكتاب كما كتبه مؤلفه هو المقصود من التحقيق بالدرجة الأولى ويأتي ثانياً خدمة النص والتعليق.
فلا شك إذن في أهمية تحقيقه تحقيقاً علمياً يليق بالبحر المحيط ولا أبعد إن قلت أن تحقيق البحر تحقيقاً علميا هو دين على المتخصصين في التفسير.
كما أنه ليس بدعاً من الفعل أن يُحقق كتاب في جامعة خارج المملكة ويُحقق داخلها لا سيما إذا كان هناك الجديد والمفيد. وقد حصل ذلك مررا.
وختاماً اسأل الله أن يعينني وزملائي في تحقيق هذا الكتاب والقيام بأداء الأمانة بما يرضي الله عز وجل، وأن يجعل أعمالنا وأقوالنا لوجه خالصة وألا يكون هم أحدنا دنيا فانية ورسائل لا تغني من الله شيئاً يوم القيامة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[19 Jan 2009, 08:16 ص]ـ
شكر الله للأخ أبي معتر إفادته القيمة، وأكتفي بما ذكرته في مشاركتي ذات الرقم 3 وأضيف رجائي أن يستمر المشروع الذي سعى فيه أخونا المفضال المنصور إلى جانب مشروع الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى وأعانهم على البر والتقوى، فلا يكون هذا سببا لعدم الشروع في هذا.
وقد دلت مشاركة أخينا القرشي-أعانه وزملاءه-على أن من المهم الضروري أن يشارك في تحقيق مثل هذا الكتاب أهل الاختصاص في القراءات وتوجيها والعربية وعلومها مع أهل الاختصاص في التفسير؛ لأن الكتاب جامع كثيرا من دقائق تلك العلوم كلها، بل فيه من القراءات ما لا يوجد في كتب القراءات ومن مسائل العربية ما لا يوجد في كتب العربية بذلك التفصيل والتحصيل والأصيل.
وليس من لوم الجامعة في شيء أن أقول: إنه كان يجدر بها أن تكل هذا الأمر الجلل إلى جماعة من كبار أهل الاختصاص في العلوم التي حواها الكتاب والخبرة الكافية في التحقيق؛ فذلك أدعى إلى الإتقان وسرعة الإنجاز، وليس إلى جماعة من طلبة الدراسات العليا ولو كانوا في مرحلة الدكتوراه وأشرف عليهم من أشرف؛ إذ لا يمكن أن يخلو العمل في هذه الحالة من التفاوت والاختلاف، كما دلت على ذلك التجارب العديدة، والعيان خير برهان. والله المستعان.
ولعل أخي الكريم الأستاذ أحمد الفقيه قد اطمأن بعد هذا البيان الضافي من أخينا القرشي-وفقه الله- أن الجامعة-أيدها الله وحرسها وأعانها- قد وقفت على التجارب السابقة في نشر الكتاب وتحقيقه، ثم قررت المضي في مشروعها؛ لمبررات رأتها، ولم يكن تحقيق جامعة دمشق غائبا عنها حين شرعت في مشروعها. والله أعلم.
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[19 Jan 2009, 02:07 م]ـ
أشكر الشيخ سليمان الخاطر على إثارة هذا الموضوع وأشكر أبا المعتز على التوضيح الشافي .....
هذا وتحقيق البحر يحتاج - كما يعلم الإخوة - إلى رجل تعددت تخصصاته في زمن قل فيه المتخصص المتقن وأستثني طلاب الجامعة الإسلامية فهم من القلة القلائل الذين جمعوا بين علوم اللغة والتفسير والقراءات يشهد بذلك القاصي قبل الداني ... يدل على ذلك قوة مناهجهم الدراسية مع وجود المشايخ الفضلاء الأعلام فيها ..... نحسبهم كذلك والله حسيبهم ..
أسأل الله أن يوفقهم ويسددهم ويبارك في جهودهم وفي وقتهم وينفع بهم آمين
ـ[محب القراءات]ــــــــ[20 Jan 2009, 02:44 ص]ـ
جزى الله خيرا أخينا حاتم القرشي على هذا التوضيح والبيان الشافي لمشروع الجامعة الإسلامية في تحقيق هذا الكتاب القيم , وقد كنت عزمت على كتابة تعليق حول هذا الأمر بعد أن قابلت بعض الإخوة من قسم التفسير واستفسرت منهم حول علمهم بتحقيق الكتاب في جامعة دمشق , فجاء هذا الرد من أبي عدي شافيا كافيا.
أسأل الله أن يوفقه وزملاءه ويفتح عليهم ويبارك في عملهم ويرزقهم الإخلاص.
وجزى الله خيرا جميع الإخوة الذين شاركوا في هذا النقاش المفيد.
أسأل الله أن يمن علينا جميعا بالعلم النافع والعمل الصالح.
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[20 Jan 2009, 02:14 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا أخي وزميلي الشيخ حاتم القرشي على هذا التوضيح والبيان الشافي لمشروع الجامعة الإسلامية في تحقيق هذا الكتاب القيم , ونفيدكم إخواني بأن هذا العمل عبارة عن مشروع متكامل سجل لكامل الكتاب في آن واحد ولمجموعة من المشرفين، وبقناعة علمية وعملية من القسم.
كما أن الجامعة متشجعة لإصدار هذا الكتاب كاملا فور انتهاء الزملاء منه.
وتم تلافي سلبيات وعوائق الموسوعات السابقة سواء من الناحية النظامية، أو الناحية العلمية.
ومع ذلك فالكتاب بعد الانتهاء منه، سيخضع لتحكيم ومراجعة متكاملة.
ونسأل الله العون والتوفيق والسداد.
ولا تنسونا من مقترحاتكم لمشاريع أخرى فالقسم على أتم الاستعداد لتقبل أي مقترح يخدم التخصص وطلاب العلم.
والله نسأل أن يثيبكم جميعاً على تفاعلكم الإيجابي مع الموضوع
وألف شكر للقائمين على الموقع المثمر
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[20 Jan 2009, 10:51 م]ـ
أشكر د. سليمان خاطر على طرح هذا الموضوع وعلى تعليقه.
كما أشكر الأخ العزيز الشيخ أحمد الفقيه على حسن ظنه وعلى كرم أخلاقه.
والشكر موصول لأبي أسامة الأخ محمد.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[20 Jan 2009, 10:58 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أشكر فضيلة الشيخ د. محمد العواجي على تواضعه وخلقه الرفيع وهو أهل لذلك.
وللعلم أن د. محمد العواجي كان من أقوى الداعمين لهذا المشروع في قسم التفسير فاسال الله أن يجعل ما قام به في موازين حسناته وأن يجعله مما ينتفع بنشره بعد مماته.
كما أفيد أنه أحد المشرفين على تحقيق البحر المحيط.
وهو فيما أحسب بجانب د. عبد العزيز العبيد من يتولى كِبَر هذا المشروع الكبير تحقيقاً وطباعة.
اسأل الله أن يوفقهما لكل خير.
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[21 Jan 2009, 07:41 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا أخي وزميلي الشيخ حاتم القرشي على هذا التوضيح والبيان الشافي لمشروع الجامعة الإسلامية في تحقيق هذا الكتاب القيم , ونفيدكم إخواني بأن هذا العمل عبارة عن مشروع متكامل سجل لكامل الكتاب في آن واحد ولمجموعة من المشرفين، وبقناعة علمية وعملية من القسم.
كما أن الجامعة متشجعة لإصدار هذا الكتاب كاملا فور انتهاء الزملاء منه.
وتم تلافي سلبيات وعوائق الموسوعات السابقة سواء من الناحية النظامية، أو الناحية العلمية.
ومع ذلك فالكتاب بعد الانتهاء منه، سيخضع لتحكيم ومراجعة متكاملة.
ونسأل الله العون والتوفيق والسداد.
ولا تنسونا من مقترحاتكم لمشاريع أخرى فالقسم على أتم الاستعداد لتقبل أي مقترح يخدم التخصص وطلاب العلم.
والله نسأل أن يثيبكم جميعاً على تفاعلكم الإيجابي مع الموضوع
وألف شكر للقائمين على الموقع المثمر
شكر الله لفضيلتكم هذه الإضافة القيمة إلى إفادة أخينا القرشي وزملائه الكرام، بارك الله فيكم جميعا وأعانكم ووفقكم وجزاكم عن العلم وأهله وطلبته خير الجزاء.
ولعلنا نخلص بعد هذه الإفادات إلى أن البحر المحيط لم ينشر من قبل بتحقيق علمي يشفي العليل ويروي الغليل، وهذا مما دفع الجامعة الإسلامية-حرسها الله وأعانها ووفقها- إلى تبني هذا المشروع الكبير الذي يهم أهل العلم وطلبته في كل مكان.
وسؤالي الآن: متى يتوقع أن ينجز هذه المشروع ويصل الكتاب في حلته الجديدة إلى أيدي القراء؟ نرجو إجابة ولو تقريبية، لأن مشروعا بهذه الأهمية لا بد أن يتابع الجميع أخباره ومراحل تنفيذه، ولا بد أن تكون الجامعة قد وضعت له خطة محكمة يسير عليها وتقوم على مدى زمن محدد. والله الموفق.
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[21 Jan 2009, 08:01 ص]ـ
إجاباتكم القيمة ومشاركاتكم المفيدة واهتماكم الكبير-أيها الكرام-بهذا الموضوع تغريني بإعادة سؤال كنت طرحته في هذا الملتقى، فلم يحظ بما حظي به أخوه هذا، وهو في هذا الرابط http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10251
أنتظر إفاداتكم، وإذا لم يكن عندكم عنه من جديد فأرجوأن يكون أول المشاريع التي طلب فضيلة الدكتور محمد العواجي اقتراحها عليهم بقوله:" ولا تنسونا من مقترحاتكم لمشاريع أخرى فالقسم على أتم الاستعداد لتقبل أي مقترح يخدم التخصص وطلاب العلم". وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى من صالح القول والعمل.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[21 Jan 2009, 02:08 م]ـ
السلام عليكم
لقد كنت في المدينة النبوية إبان انعقاد اللقاء بين مشرفي رسائل البحر المحيط والدارسين الباحثين في المشروع، وقد تبنت الجمعية السعودية للقرآن وعلومه هذا اللقاء، ورتبت أن ينعقد هذا اللقاء دوريًا للتواصي العلمي بين الباحثين والمشرفين، وكنت قد طلبت من الاخ ماهر مهارات الذي كان يتابع عقد هذا اللقاء أن يكتب عنه، لكن يبدو أن الأشغال قد أخذته عن كتابة تقرير عن هذا اللقاء.
وهذه الخطوة المباركة في طريقة تحقيق هذا الكتاب العظيم خطوة تُشكر وتُذكر لأساتذتنا في كلية القرآن في الجامعة الإسلامية، وكم أتمنى لو يُعمل بمثلها في مثل هذه المشروعات الكبيرة.
ولا أدري هل من المناسب أن يضع الإخوة المنهج المقترح الذي تمَّ الاتفاق عليه لكي يمكن الإضافة عليه أو وضع الملحوظات.
ومما يمكن إضافته ـ ولا أدري هل تم مثل هذا ـ أن يكون هناك مشرف مساعد متخصص بالنحو، فالمادة النحوية في كتاب البحر لأبي حيان لا تخفى، وهي تحتاج إلى من يتقن هذا العلم، فإن كان ذلك متعسرًا فلا أقلَّ من أن يكون أحد المناقشين متخصص في النحو، وإن لم يكن فإن مراجعة الكتاب بعد تمام الرسائل من قِبَل متخصصين في النحو الوقراءات مهم جدًا، ولا أرى أن ذلك يخفى على إخواني، كلني ذكرته لأكون مشاركًا لهم في هذا العلم العظيم الذي أسأل الله أن يتمه، أن تكتحل عيوننا برؤيته.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Jan 2009, 04:24 م]ـ
أسأل الله التوفيق للجميع.
كتاب البحر المحيط من كتب التفسير التي بحثت فيها مسائل النحو بتوسع، وأرجو أن يوفق الله المشاركين في تحقيقه إلى خدمته على الوجه المناسب دون توسع ولا إخلال إن شاء الله، وهم أهل لذلك.
ولكن مع ضخامة المشروع وصعوبته، فإن النوايا والعزائم إذا صدقت سهل الله خروجه وطباعته خلال خمس سنوات عام 1435هـ إن شاء الله.
وأنبه إلى العناية بخدمة النص بطريقة علمية احترافية تنفع القارئ للكتاب، بحيث تشرح غوامض المسائل والمصطلحات ويعنى بالإحالات التي يذكرها، وتوجز التعليقات المكررة وتخريج الشواهد التي خدمت في غيره كالدر المصون فمعظم - إن لم يكن كل -شواهد البحر المحيط هي شواهد الدر المصون لكونه تلميذه، وقد خدمها النحويون ومحقق الدر المصون الدكتور الخراط، وهذا فيه اختصار لجهد كبير جداً في تحقيق الكتاب. ويبقى جانب حسن قراءة النص، والتعليق عليه بطريقة توحي للقارئ المتخصص أن الذي قام على تحقيق الكتاب أناسٌ يعرفون على ماذا يعلقون وماذا يُغفلون. حيث لاحظت في بعض المشروعات المشابهة توسع الباحث في خدمة ما حقه الإغفال، وإهماله لما حقه التوقف والبيان. وكتاب البحر المحيط كتاب نحو أكثر منه كتاب تفسير فالصناعة النحوية فيه تمثل 70% تقريباً، ولا بد للمحققين أن يتضلعوا من النحو ولا سيما من كتب أبي حيان نفسه.
وفقكم الله جميعاً يا أبا المعتز وزملائكم الفضلاء الشيخ أحمد الحذيفي وزملاءه ونحن نترقب إنجازَكم ونَعُدُّ لكمْ عَدَّا!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز الجهني]ــــــــ[26 Jan 2009, 01:30 ص]ـ
أسأل الله العون للباحثين في هذا المشروع الكبير الذي ينوء بالعصبة أولي القوة, ويد الله مع الجماعة. وإن شاء الله سيأتي اليوم الذي نرى فيه هذا السفر العظيم في متناول يد الباحثين محققا مطبوعا. وأتمنى ألا يكون حاله بعد طباعته كحال سابقيه من مطبوعات الجامعة التي يندر وجودها في المكتبات.
ومن باب المشاركة في الخير أرجو ألا يغفل القائمون على هذا المشروع شأن فهارس الكتاب, وهو أمر لا يخفى على من هو في علمهم وفضلهم ولكن من باب الذكرى أقول إن الإعداد المسبق لأنواع الفهرس ووضعه في الخطة العامة سيعين بإذن الله على تجاوز بعض العقبات من بداية الأمر بحيث يلتزم الجميع بذلك.
وأنبه هنا إلى أهمية الفهرس المتنوع الذي يشمل العلوم المختلفة, خصوصا في مثل هذا الكتاب الموسوعي الذي تتعدد معارفه بين نحو ولغة وبلاغة وقراءات وفقه وسيرة. ولا يخفى عليكم أن من الأمثلة التي تحتذى في ذلك فهارس طبقات الشافعية لابن السبكي, وهو عمل عظيم أفاد منه كثير من الباحثين. وفق الله الباحثين والمشرفين وأعانهم على إخراج الكتاب في أبهى حلة وأجمل صورة وجعله من الأثر الباقي والعلم الذي ينتفع به.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[26 Jan 2009, 06:59 ص]ـ
وثمة ملاحظة هامة ذكرتها أكثر من مرة وهي أنني اطلعت على نسخة خزائنية نفيسة
كانت موجودة في المكتبة الوقفية في مدينة حلب المحمية، وهي في ثماني مجلدات،
وعليها تقييدات لعلماء كثر، آخرها تقييدات الشيخ السردار وبخطه الجميل المتميز، وكان رحمة الله دائما يحدثني عن نفاستها وجودتها ..
وقد آلت هذه النسخة مع هذه المكتبة إلى مكتبة الأسد في دمشق، وقد رأيتها أيضا في مكتبة الأسد ـ لأنني كنت أقيد منها بعض تقييداتي ـ قبل أن تصنف فيها وذلك في التسعينات.
ومن اللطائف والظرائف أنني حدثت عنها في التسعينات أحد كبار الناشرين فطلب مني تحقيقها والإسراع في ذلك ـ وحدد مدة سنتين لذلك!!! ـ فقلت له:
هذه تحتاج إلى لجنة تحقيق ليست أقل من عشرة من كبار المحققين، فرفض، وقال لي حرفيا:
أريدك أن تحققها أنت لوحدك، ويجب أن يظهر العمل خلال سنتين!!
ثم شغلتني عن الكتاب شواغل، وخرجت للعمل خارج وطني فانصرفت عنه ..
لكنه بقي في بالي، وكلما يعرض علي تفسير لنشره واجتراره أعرض على هؤلاء هذا التفسير الرائع والمتميز ..
والعجيب أنني أصدم دائما بمقولة ذلك الناشر الكبير!!
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[29 Jan 2009, 12:06 ص]ـ
شكر الله للجميع هذه المشاركات المفيدة للموضوع، ويبدو أن القائمين على تحقيق الكتاب شغلهم ذلك عن المشاركة هنا، أعانهم الله ووفقهم على إخراجه في أحسن تحقيق.
وهذه بعض الدراسات التي قامت على هذا الكتاب، لعلها بعضها تفيدهم وتعينهم، وأرجو من كل من يعرف شيئا يفيد في قراءة هذا الكتاب وفهمه أن يضعه هنا؛لينتفع به في هذا المشروع الكبير، والله الموفق وهو المستعان وعليه التكلان.
-مباحث البديع في البحر المحيط / سيد أحمد حسين عوض الله.
- مباحث المعاني في تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي /شاكر أبو اليزيد عبد الهادي الصباغ.
- البحث البياني في تفسير البحر المحيط / عطية جمعة هارون.
- البلاغة عند أبي حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط: مع تحقيق المقدمة وسورة الفاتحة /زكريا سعيد علي.
- التناسب القرآني وآليات اشتغاله من خلال الخطاب التفسيري: تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي نموذجا /فارس عبد العزيز.
-أسلوب الاستفهام في القرآن في تفسير (البحر المحيط) لأبي حيان الأندلسي/عبد العزيز غانم حامد.
-دراسة أسلوب الشرط في تفسير البحر المحيط لأبي حيان لسور (البقرة , آل عمران , النساء) / صالح ذياب صالح الجبوري.
-اسم الباحث بدر بن ناصر البدر
عنوان الرسالة: ختيارات أبي حيان النحوية في البحر المحيط: جمعا ودراسة
الجامعة المانحة للدرجة: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
اسم الباحث: أبو الفتوح أحمد إبراهيم الغمري
عنوان الرسالة: شواهد أبي حيان النحوية والصرفية في الجزء الأول من البحر المحيط: دراسة وتحقيق
الجامعة المانحة للدرجة:جامعة الأزهر
اسم الباحث: أحمد إبراهيم دهيم علي
عنوان الرسالة: القضايا النحوية والصرفية في الجزء الرابع من كتاب البحر المحيط لأبي حيان النحويي: من أول قوله تعالى "لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود" إلى آخر سورة الأنفال
الجامعة المانحة للدرجة:جامعة الأزهر
اسم الباحث: السعداوي ربيع عبد الغني
عنوان الرسالة: الأحكام النحوية من تفسير البحر المحيط لأبي حيان
الجامعة المانحة للدرجة:جامعة الأزهر
اسم الباحث: محمد محمود عبد الجواد عبد الله
عنوان الرسالة: دراسة المسائل النحوية بالجزء السابع من البحر المحيط لأبي حيان النحوي: تحقيق ودراسة
الجامعة المانحة للدرجة: جامعة الأزهر
اسم الباحث: محمود فراج عبد الحافظ فراج
عنوان الرسالة: ظواهر نحوية في قراءة أبي جعفر من كتاب البحر المحيط
الجامعة المانحة للدرجة: جامعة الاسكندرية
اسم الباحث: معوضة محمد حكمي
عنوان الرسالة: تعقيبات أبي حيان النحوية والصرفية لأبي البقاء العكبري في البحر المحيط
الجامعة المانحة للدرجة: جامعة أم القرى
اسم الباحث: محمد حماد ساعد القرشي
عنوان الرسالة: تعقيبات أبي حيان النحوية لجارالله الزمخشري في البحر المحيط
الجامعة المانحة للدرجة: جامعة أم القرى
اسم الباحث: عبد اللطيف محمد الخطيب
عنوان الرسالة: البحر المحيط لأبي حيان النحوي: دراسة نحوية صرفية صوتية
الجامعة المانحة للدرجة: جامعة القاهرة
اسم الباحث: محمد علي الكامل
عنوان الرسالة: أبوحيان الأندلسي وآراؤه النحوية في كتابه البحر المحيط
الجامعة المانحة للدرجة: جامعة الخرطوم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[29 Jan 2009, 01:10 ص]ـ
بداية أشكر فضيلة د. سليمان خاطر على فتح باب الحوار حول هذا الموضوع القيم الذي يهم كل باحث في الدراسات القرآنية لا سيما من شرع في تحقيق البحر المحيط، وقد تسبب فضيلته باستثارة حمية الفضلاء من أهل التخصص ومحبي البحر المحيط وتراث أبي حيان بإخراج ما لديهم من مكنونات وفوائد وفرائد، ربما ما كان لها أن تخرج بغير ذلك، فجزيت خيرا.
وكنت أود أن يشارك بقية زملائي بالتعليق وبث الإستشكالات لكي يزداد نضج مشروع تحقيق البحر وهذا أوانه بعون الله وحده.
والشكر موصول لكل من علق وشارك أوسيشارك، بالإضافة والنقد والتعليق والتشجيع وكل ذلك يصب في مصلحة البحر المحيط وإخراجه بأحلى حلة هو حقيق بها.
ويا حبذا لو ثبت المشرفون هذا الموضوع ليكتمل فيه النقاش والإضافة ليكون أحد دعائم تحقيق البحر المحيط عبر هذه الموقع الفريد.
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[29 Jan 2009, 11:12 م]ـ
نفع الله بكم وبهذه المشاركات الطيبة والفوائد المهمة ...
خطوة مباركة جداً تقوم بها الجامعة الإسلامية أسأل الله أن ينفع بجهودهم
وأتمنى أن تكون مثل هذه المشاريع العظيمة في كل جامعتنا
شكر الله لكم يا أستاذنا الفاضل / سليمان على حسن إيرادكم لهذا الموضوع المهم ..
وما زلت انتظر المزيد من المشاركات حتى تكتمل الفائدة حول هذا الموضوع. . .
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Jan 2009, 10:40 م]ـ
ويا حبذا لو ثبت المشرفون هذا الموضوع ليكتمل فيه النقاش والإضافة ليكون أحد دعائم تحقيق البحر المحيط عبر هذه الموقع الفريد.
حسناً يا أبا عدي، سأثبت الموضوع كما تحب.
وأرجو أن يتكرم أهل التحقيق وأهل العناية بالكتاب من الأعضاء الفضلاء بكتابة ما يقترحونه في تحقيق هذا الكتاب القيم حتى ينتفع بها الزملاء المحققون وهم في بداية طريق تحقيقهم للكتاب. من فكرة أو دلالة على نسخ خطية مميزة أو كتاب قيم يضيف جديداً للكتاب من الدراسات التي دارت حوله إضافة لما ذكره أخي الدكتور سليمان خاطر أعلاه.
سدد الله أعمالكم، ورزقنا جميعاً التوفيق والإخلاص.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[30 Jan 2009, 11:30 م]ـ
أشكر لأبي عبد الله هذا التجاوب المثمر وهو المعهود عنه.
ومع تثبيت هذا الموضوع أزف لإخواني وزملائي هذه الفائدة النفيسة:
- لقد صدر كتاب " منهج السالك في الكلام على ألفية ابن مالك " لأبي حيان، وهو الذي قد حققه أحد المستشرقين وقد طُبع طبعة قديمة نادرة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1947م، وهو الآن متوفر في مكتبة الإمام البخاري في معرض القاهرة، وسيكون في مكتبة أضواء السلف بعد شهر تقريباً. علماً أن الكتاب لم يتمه أبو حيان.
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[01 Feb 2009, 07:50 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحب أن أضيف إلى نقاش الإخوة الكرام،
ورغبتهم في الإفادة من المتخصصين في بقية العلوم الشرعية.
ضرورة طلب التركيز الشديد على صحة النص والتأكد من سلامته دون الوقوف كثيرا عن الدراسات الناشئة عنه فتلك لها مجال آخر ورجال متخصصون، وفي الساحة منها الكثير.
وإنها لفرصة عظيمة لهذه الجامعة الإسلامية المباركة بإخراج هذا السفر دون أخطاء (شكلية،أو فنية، أو علمية)،
وأحسب أن قسم التفسيرفيها يحفل بالنخبة المؤهلة لهذا العلم الجليل.
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[02 Feb 2009, 02:59 ص]ـ
إلى أن يصدر الكتاب محققا ..
ماذا عن طبعة (دار إحياء التراث العربي - مصورة عن الطبعة القديمة)؟
ـ[أحمد الحذيفي]ــــــــ[06 Feb 2009, 08:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد:
فباعتباري أحدَ المشاركين في تحقيق هذا السِّفر الكبير أود أن أُلْمِحَ لبعض الأمورِ لعلها تُضيءُ بعضَ الجوانبِ المُعتمةِ في هذا البابِ، وإن كان ردُّ أخينا الفاضلِ حاتم القرشي مسدَّداً، فأقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
كلُّ ما أُثيرَ من تساؤلات بعض الإخوة يدل على حرصهم وتطلبهم للفائدة -جزاهم الله خيراً، وجزى د. عبد الرحمن الشهري خير الجزاء على تثبيت الموضوع لإماطة اللثام عما يكتنف هذا المشروع من التساؤلات، أو ما يضيف إليه من الاقتراحات والإضافات- فأؤكد للإخوة جميعاً أنه قد تمت مناقشة كلِّ ذلك في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة قبل اعتماد تسجيل الكتاب مروراً بمجلس قسم التفسير -الذي كان يرأسه فضيلة الدكتور/ صالح كاتب –شفاه الله وعافاه- والذي كان له دور كبير وفعّال في هذا الباب تشجيعاً ودعماً ومتابعة، بالإضافة للشيخين الكريمين شيخنا وحبيبنا أ. د. عبد العزيز بن صالح العبيد ود. محمد بن عبد العزيز العواجي -وهذا من باب العرفان وذكر الحسنات - ومن قسم التفسير تشكَّلت لجنةٌ مكونةٌ من ستة من أساتذة القسم لوضع منهجية علمية دقيقة في التحقيق حرصاً على تقارب مستوى العمل وردم هُوَّة التفاوت المتوقع في مثل هذه الأعمال العلمية الضخمة كما جُرِّب داخلَ الجامعة وخارجَها بل وداخلَ المملكة وخارجَها سواءً أكان ذلك في الرسائل العلمية أم في غيرها، ومَرَدُّ ذلك تفاوتُ المدارك والمَلَكات وتباينُ القدرات والقناعات- ثم مجلسِ الكلية ثم مجلسِ الدراسات العليا، بل إن بعض المجالس تكرَّرَ عقدُها للتداول والنقاشِ حول الموضوع حتى خرجت بقناعةَِ إجازةِ هذا المشروع.
وإن الإشكالياتِ التي أثيرت تتلخص في الآتي:
- سبْقُ بعض الجهات أو المؤسسات العلمية بتحقيق الكتاب.
- توافرُ عدَّةِ طَبَعات للكتاب.
- منهجيةُ التحقيق المتَّبَعة.
- إمكانيةُ طباعة الكتاب مستقبلاً.
- مدى كفاءة القائمين بهذا العمل الكبير.
وقبل الإجابة عن هذه التساؤلات أفيد بأنها قد أثيرت في مجلس الدراسات العليا بالجامعة وطُلب منا الردُّ العلميُّ المقنعُ عليها لإجازة المشروع، وبالفعل قمنا بالإجابة عن كلِّ ذلك، وسأجيبُ عن تلك النقاط الخمسِ –بحول الله تعالى- على وجه الاقتضاب فيما ذكره أخونا القرشي وسبق إلى بيانه وعلى وجه الإسهاب فيما لم يذكره.
أولاً: سبق بعض الجهات أو المؤسسات العلمية بتحقيق الكتاب:
والجواب عن ذلك: أنه لم يسجَّل في تحقيق الكتاب رسائل علمية تشمل جميعَه، وإنما كانت رسائلَ متفرقةً، وكانت على النحو التالي:
أ/ رسالتان في جامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض قبل أكثر من عشرين عاماً نوقشت إحداهما وألغيت الثانية، ولم يستكمل المشروع إذ لم تسجَّل فيه بعد أيةُ رسالةٍ علميةٍ لا في جامعة الإمام ولا في أية جامعة من جامعات المملكة، وقد تقدَّمْنا بإفادة بذلك من جامعة الإمام إلى قسم التفسير وإلى الدراسات العليا، علماً أن رسالة الباحث/ علي بن محمد الزبيري –رحمه الله- اعتُبِرتْ مكملةً لمشروع التحقيق فلم يَتِمَّ تسجيلُ القَدْر الذي حققه من الكتاب، نظراً لقوة الباحث وبحثه وجهدِه المبذولِ في الرسالة، على أنه –رحمه الله- لم يعتمدْ أقدمَ نسخةٍ خطيةٍ بسبب ظروف ذلك الوقتِ –كما لا يخفى- ولقلة الموارد والإمكانات –كما بيَّن ذلك في مقدمة تحقيقه-.
ب/ بعضُ الرسائل في جامعة دمشقَ ولم تستوعبْ كاملَ الكتاب بحسب إفادة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية إِبَّان تسجيل الموضوع.
على أن تسجيل بعضِ الرسائلِ فيه بجامعة دمشقَ الموقرةِ لا يُعيقُ تحقيقَه في الجامعة الإسلامية لعِدَّة اعتبارات:
1 - أن الرسائل التي في جامعة دمشق هي في كلية الآداب والعلوم الإنسانية وفي قسم اللغة العربية، ولا شك أن عملَ المتخصص في التفسير يختلف عما سواه، والكتاب إنما موضوعُه الأساسُ هو تفسيرُ كتاب الله تعالى وإن كان يَغلِبُ عليه الجانبُ اللغويُّ.
2 - أن الرسائلَ المسجلةَ فيه رسائلُ (ماجستير) بينما المشروعُ المقدَّمُ عبارةٌ عن أطروحات (دكتوراه)، ولا يخفى الفرقُ بين مستوى رسائل الماجستير والدكتوراه في غالب الأحيان.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - بالمقارنة بين مقدار اللوحات المقدَّم من قِبَلنا وبين مقدار لوحات رسائل جامعة دمشق –من خلال عناوين الرسائل وعرضها على نسخة المكتبة المحمودية بالمدينة- التي اعتمدنا عليها في ترقيم اللوحات- نَجِدُ أن متوسطَ اللوحاتِ عندهم (150) لوحة تقريباً، وهذا عددٌ كبيرٌ بالنظر إلى رسالة (ماجستير)، وهو ما يؤثرعلى جودة العمل وإتقانه في الغالب، وبالنظر في بعض هذه الرسائل وجدنا ذلك كذلك، فقد وجدنا قلةَ العناية بالنسخ الخطِّيَّةِ التي هي أساسُ العملِ في التحقيق، حيث قال بعضهم في ذلك: "اعتمدتُ في تحقيق قطعتي من البحر المحيط على هذه النسخِ الثلاثِ: نسخةِ مركز جمعة الماجد بدبي ونسخةِ المكتبة الأحمدية بحلبَ ومطبوعةِ البحر، اتخذتُ أولاها أصلاً ورمزتُ لها بـ (ج) وجعلتُ مطبوعةَ البحر في المرتبة الثانية ورمزتُ لها بـ (ط) وجعلتُ نسخةَ المكتبةِ الأحمديةِ في المرتبة الثالثة ورمزتُ لها بـ (أ) ". وقال غيره نحوَ هذا القول، وفي هذا من المآخذ المنهجيةِ ما يلي:
- أنه لم يذكرْ تأريخَ نسخِ النسخةِ التي اعتَمَدَ عليها بالإضافة لكونها واقعةً في جزء واحد فقط –كما قال هو- فما مُسَوِّغاتُ اتخاذها أصلاً؟!!
- أنه جعَلَ مطبوعةَ البحر في المرتبة الثانية –كما مَرَّ من كلامه- مع كونِ النسخةِ المطبوعةِ بمطبعة السعادة عام 1328هـ طافحة بتحريفات وتصحيفات لا تكاد تحصى، بل بسقط كثير كبير وصل في بعض المواضع إلى ثلاثة أسطر (1) يعرف ذلك من يمارسها ويرجعُ إليها، وفي ذلك ما فيه من إحالة المعنى وتغيير المراد وخفاء المقصود.
- أنه جعل نسخةَ المكتبةِ الأحمديةِ بحلبَ في المرتبة الثالثة وقد قال هو عنها: "وهي نسخةٌ رديئةٌ مَحْشُوَّةٌ بالتصحيف والتحريف، وفيها الكثير من السِّقط"، فالنسخُ الثلاثُ المعتمدةُ في التحقيق فيها ما فيها، وكان الأَوْلى استفراغَ الوُسْع وبذلَ الجُهْد في البحث عن نُسَخٍ خطيةٍ أخرى أَوْلى من تلك –وهي متوافرةٌ كما أدانا البحثُ والسؤالُ-، أو التحقيقَ بطريقة النصِّ المختارِ –كما فعل علي الزبيري (2)، ولستُ أقصِدُ –مَعاذَ اللهِ- التقليلَ من قيمةِ تلك الرسائلِ، وإنما المقصودُ بيانُ الخلل الذي سيتمُّ –بإذن الله- تداركُه في هذا التحقيق، بما يعود بعظيم الفائدة وعميم العائدة على الكتاب وعلى طلبة العلم كافةً.
4 - أن تحقيقَه في الجامعة الإسلامية يُمَهِّدُ السبيلَ لطباعته مستقبلاً ويُيَسِّرُ الطريقَ لذلك، وسوف أُفْرِدُ الكلامَ على قضية طباعةِ الكتابِ.
5 - أن تحقيق كتابٍ كبيرٍ في جامعات المملكة والحالُ أنه قد سبقَ تحقيقُه خارجَها ليس بِدْعاً من الرسائل العلمية، وقد حصل ذلك وتعدَّد في أكثرَ من جامعةٍ في المملكة وخارجِها وفي أكثرَ من تخصُّصٍ وفي كتبٍ متعددةٍ، والأمثلةُ على ذلك متعددةٌ، ولن أضرِبَ الأمثلةَ على ذلك دَفْعاً لبعض التوهُّماتِ، فنرى أن ذلك لا يحول دون تحقيقِه متى ما وُجِدَ المسوِّغ لذلك وتقديمُ الجديد، يقول د. أكرم العمري في كتابه (مناهج البحث وتحقيق التراث): "إن المخطوطاتِ كثيرةٌ جداً، ويحتاجُ الباحثُ إلى مراعاةِ جملةٍ من الأمور عند انتقائه لواحدة منها ليحقِّقَّها في رسالته العلمية، ومنها:
احتواؤُها على مادةٍ جديدةٍ بقَدْرٍ مناسبٍ، إذ إن نشرَ المخطوطاتِ ليس مراداً لذاته بل لخدمة العلم الذي أُلِّفَتْ فيه ... " (3)، وأرى أن هذا الأمرَ ينطبقُ على تحقيق البحر المحيطِ لما تقدَّمَ وما سيأتي، ويؤكد ذلك ماورد في رد الأخ الفاضل أحمد الفقيه حيث قال نقلاً عن دكتور في جامعة دمشق: "ولم تكن فكرتُه ناجحةً للأسف؛ لأن الذي حصل أن كلَّ طالبٍ درَسَ جزءَه بمنهجه وطريقته، فاختلف كلُّ جزءٍ عن الآخر، أي: لم يخرُج الكتاب بنفَسٍ واحدٍ، إضافةً إلى أن الطلابَ الذين دَرَسوه ليسوا على مستوىً واحدٍ من حيثُ الكفاءةُ والقدرةُ العلميةُ والعمليةُ مما أثَّر سَلْباً على الدراسةِ"، وهو ماسيتم تلافيه في هذا المشروع -بإذن الله- كما سيتضح لك من خلال هذا التقرير.
ثانياً: توافر عدة طبعات للكتاب:
(يُتْبَعُ)
(/)
جميعُ الطبعاتِ التي خرجتْ هي عالةٌ على الطبعة العتيقةِ التي طُبعتْ في مطبعة السعادةِ عام 1328هـ، كلما نفِدَتْ طبعةٌ أعيدَ تصويرُها، وقد طبعتْه دارُ الكتب العلمية بتحقيق: عادل عبد الموجود وعلي معوض عام 2001م، ويكفي عند طلبة العلم ذكرُ اسمِ المحقِّقَيْن ودارِ النشر لمعرفة مدى قيمةِ التحقيق!!!
وهنالك طبعةٌ –لم أقفْ عليها- أشار إليها د. عبد السميع حسنين –رحمه الله- (4) ذكر أنها من منشورات دار الفكر ببيروت وأنها بعناية: ومراجعة عرفان العشا حسونة وصدقي محمد جميل، وقد أبان الدكتورُ عَوارَها وهتك أستارَها وأنها صورةٌ مستنسخةٌ عن طبعة مطبعة السعادةِ المذكورةِ وفيها من السلبيات ما في طبعة السعادة وأكثرُ بكثير فليُراجَعْ كلامُه.
والعملُ الوحيدُ الذي له حظٌّ من الإتقان هو عمل د. عبد السميع محمد أحمد حسنين –رحمه الله-، فقد شرع في تحقيق الكتاب، وكان يعتبره مشروعَ العمر ويُمَنِّي النفسَ بإتمامه، ولكنَّ المَنِيَّةَ عاجلتْه قبل أن يُحقِّقَ أمنيتَه –رحمه الله-، وقد بلغ في تحقيقه إلى سورة المائدة فقط –كما أفاد بذلك ابنُه أحمد بن عبد السميع شخصياً- وطبع منه مجلدان ينتهي الثاني منهما بنهاية الربع الأول من سورة البقرة فقط –نهاية آية [25] (5)، بَيْدَ أن عمل د. عبد السميع –رحمه الله- عملٌ فرديٌّ يختلف عن عمل الرسائل العلمية التي ترتكز على منهجية علميةٍ وآليةٍ دقيقةٍ أكاديميةٍ يُشْرِفُ عليها كادرٌ من الأساتذة المتخصصين ويناقشها بعد ذلك أساتذة متخصصون أيضاً وتخضع للتقويم والتحكيم، فهي ليست كعمل فردٍ واحدٍ مهما كان جِدُّه ودَأَبُه وحرصُه لاسيما في كتاب موسوعيٍّ كهذا، ولذا فإن من أبرز المآخذ على عمله ما يلي:
- اعتمد على نسختين خطيتين محفوظتين بدار الكتب المصرية بالقاهرة، ولأُولاهما صورةٌ ميكروفيلمية بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، والنسختان غيرُ تامتَيْن، فأُولاهما تنتهي بنهاية الجزء الأول من سورة البقرة، وثانيتهما تنتهي بنهاية الحزب الأول من السورة نفسِها، ولم يُذْكَرْ تأريخُ نسخهما ولا اسمُ ناسخ أُولاهما (6).
- لم يُفَصِّل الكلامَ على منهجه في التحقيق في مقدمة تحقيقه وإنما ذكره بإجمال، على أن أغلبَه يتعلق بالجانب اللغوي، ولذا فقد انعكس ذلك على عمله فيه، فتلْحَظُ التفاوتَ والاختلافَ ظاهراً من موضعٍ لآخرَ، فتارةً يُطِيلُ التعليقَ وأخرى يقتضِبُ، وحِيناً يُوثِّقُ بعضَ المسائل، وحِيناً آخرَ يُغْفِلُ التوثيقَ وهكذا ... ، والكتابُ متداوَل يُصَدِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُه، ولست –والله- أريد تقليلاً من شأن هذا العملِ أو تزهيداً فيه أو قَدْحاً في صاحبه –رحمه الله برحمته الواسعة- ولكنه مقتضى النقدِ الموضوعي الذي يحتِّمه العملُ العلمي، فَوَالله لولا ما أثير من هذه التساؤلات التي تَغْمِزُ هذا العملَ والجامعةَ الإسلاميةَ التي تبنَّت هذا المشروعَ، ولولا ما تقتضيه مصلحةُ الكتابِ ما كنتُ أجرُؤُ ولا تحدِّثُني نفسي أن أتطاوَلَ على الدكتور عليه نسائمُ الرَّحَمات وشآبيبُ الرِّضوان في الغُدُوِّ والآصال.
ثالثاً: منهجية التحقيق المتبعة:
بعد موافقة مجلس قسم التفسير بكلية القرآن الكريم تمَّ تشكيلُ لجنةٍ مكوَّنةٍ من ستةٍ من أساتذة القسم لتحرير منهجيةِ التحقيقِ وتضييقِ نطاقِ التفاوتِ المتوقَّعِ بين الباحثين بوضعِ منهجيةٍ دقيقةٍ صارمةٍ تجعلُ في أولويةِ العملِ التركيزَ على سلامة النص وإخراجِه أقربَ لوجه الصَّواب كما أراده المؤلفُ –رحمه الله- وعدمِ إثقالِ هوامشِ الكتابِ بالتعليقات التي لا تدعو إليها ضرورةُ التحقيقِ العلميِّ خدمةً للنصِّ وذلك بالإطناب في التخريج وتراجِم الأعلام ونحوِ ذلك مما سيزيدُ الكتابَ ثِقَلاً وضخامةً، وهو ما سيكون -في الغالب- صارفاً عن الاستفادة منه أو يتسبب في صعوبة طباعته فيما بعدُ، إضافةً للمنهج المعروفِ المتَّبَعِ في تحقيق كتب التراث، يقول د. أكرم ضياء العمري في (مناهج البحث وتحقيق التراث): " ... ولكنْ حصل تباينٌ كبيرٌ بين المحققين في ضابط التعليق وقَدْرِه، واكتفى بعضُهم بالإشارة في الحواشي إلى اختلاف النسخ الخطيةِ للكتاب الواحدِ في بعض الألفاظ، وتوسَّع بعضُهم بنقل مادَّةٍ علميةٍ في ذات الفن الذي تتناوله المخطوطةُ في كتبٍ أخرى وتثبيتِها في الحواشي، والترجيحِ بين الآراءِ، أو
(يُتْبَعُ)
(/)
تفنيدِ بعضِها مما هو ألصَقُ بالبحث لا التحقيقِ، ومنهم من يكتُبُ ترجمةً مستفيضةً لرجال الأسانيد وأعلامِ المتون من رجالٌ ومواضيعَ ناقلاً ما ذكرتْه كتبُ التراجِم عنهم حتى لَتَطْغى الحواشي على متن الكتاب، وهذا ليس من غرَض التحقيق، وفي رأيي أن خدمةَ النصِّ بعد ضبطه تكونُ بالقَدْر الضروريِّ لحَلِّ ما يُشْكِلُ على القارئ مع الإحالة على مصدرٍ أو مصدرَيْنِ يفصِّلانِ ذلك دون إثقالِ النصِّ المحقَّقِ والطغيانِ عليه" (7).
رابعاً: إمكانية طباعة الكتاب مستقبلاً:
سبقت الإشارة أن الجامعة الإسلامية ممثلةً في قسم التفسير بكلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية تعتزم طباعةَ الكتابِ بعد تمام تحقيقه ثم مراجعتِه مراجعةً كاملةً وتحكيمِه –كما أفاد د. محمد العواجي في ردِّه- بل إن قسمَ التفسير يهدِفُ في المقام الأول من تسجيل الكتاب في رسائل (دكتوراه) إلى طبع الكتاب ونشرِه، وهو الذي طرح فكرةَ تحقيقِ الكتابِ بادئَ الأمرِ لأجل هذا الغرضِ، ولتحقيقِ هذا الهدف حرَِص القسمُ على أن يَتِمَّ تسجيلُ الكتابِ في رسائلَ علميةٍ في مُدَدٍ زمنيةٍ متقاربةٍ، فكان من توفيق الله وتيسيره أن هيَّأَ للقسم في مرحلة (الدكتوراه) نخبةً جيدةً من الدارسين، فكانت فرصةً سانحةً لتحقيق هذه الرغبةِ وترجمةِ هذا الطموحِ، فتَمَّ –بفضل الله- تسجيلُ أربعةٍ وعشرينَ دارساً في القسم لكامل الكتابِ، وهو ما يعني الانتهاءَ من تحقيق الكتاب في مدَّةٍ وجيزةٍ –بإذن الله تعالى-، ولأجل تحقيقِ هذا الهدف أيضاً قام القسمُ بأخذ تعهُّداتً خطيةٍ على الطلبة المسجلين في تحقيق الكتاب بعدم معارضةِ طباعةِ الكتابِ مستقبلاً.
خامساً: مدى كفاءة القائمين بهذا العمل الكبير:
لا شكَّ أن عملاً كهذا يتطلَّب إمكانياتٍ علميةً ومؤهِّلاتٍ خاصَّةً، وهذا يفسِّرُ إحجامَ الكثيرِ عن خوض غِمارِ هذا البحرِ الخِضَمِّ، ولكنْ من توفيق الله ومِنَّتِه على كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية بالجامعة الإسلاميةِ أن هيَّأَ لها نخبةً من الدارسين ذوي الجدية والتأهيلِ العلميِّ الجيِّدِ –باستثنائي- بشهادةِ كلِّ من قاموا بتدريسهم أثناءَ فترة دراستهم المنهجية لمرحلة (الدكتوراه)، وهذا ليس من باب التزكية والدعاية ولكنه من باب حكاية الواقع والتحدث بنعمة الله تعالى، ولأجل رفعِ المستوى العلميِّ والتعاونِ في سبيلِ خدمةِ الكتابِ وتحقيقِ الهدفِ المرادِ تمَّ عقدُ لقاءٍ علميٍّ تشاوريٍّ بين فضيلة المشرفين على تحقيق الكتاب -ومن أبرزهم أ. د. بدر البدر الذي له عنايةٌ فائقةٌ بالكتاب ومؤلِّفه- وبين الطلاب، وكانت له نتائجُ إيجابيةٌ كبيرةٌ –وسيُكتَبُ عنه تقريرٌ قريباً بإذن الله-، وتمَّ الاتفاقُ على تَكرار هذا اللقاءِ بصفةٍ دَوْريَّةٍ للتقريب بين الرُّؤَى وتوحيدِ المسلك، وقد طُرِحَتْ فكرةُ عقدِ لقاءاتٍ أُخَرَ بين الطلاب لتبادُلِ الآراءِ والنقاشِ والحوارِ واستفادةِ كلٍّ من الآخَر بما يصُبُّ في مصلحة الكتاب -وسيتم ذلك قريبا بإذن الله-، فمثل هذه اللقاءاتِ تكمِّل النقصَ وتقرِّب وجوهَ الاختلاف، وتلك بوادرُ طيبةٌ تبشِّر بوِحدةٍ في تنوُّعٍ، وتكامُلٍ في تخصُّصٍ.
وبعدَ ما سبقَ: فإن هذا الكتابَ العظيمَ ما زال حَرِيّاً بتحقيقه تحقيقاً علمياً متقَناً وإخراجِه في قالَب حَسَنٍ وصورةٍ مشرقةٍ وطباعتِه في حُلَّةٍ قشيبةٍ تُمِيطُ عنه اللِّثامَ وتُبَدِّدُ عنه العَتامَ، ولذلك حرَِص مجمعُ الملكِ فهد لطباعة المصحفِ الشريفِ على تحقيقِه وطباعتِه، فقد أُخِذَتْ موافقةُ معالي وزيرِ الأوقافِ والشؤونِ الإسلاميةِ والدعوةِ والإرشادِ الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ بذلك، ولكنْ صُرِفَ النظرُ عن ذلك لعدم وجود فريقٍ علميٍّ متكاملٍ للعمل على تحقيقه فأُلْغِيَ المشروعُ لديهم –كما أفاد بذلك شفهياً أ. د. أحمد بن محمد الخراط-، ويتبيَّن من هذا إدراكُ معالي الوزير ومركزِ الدراساتِ القرآنيةِ التابعِ لإدارةِ الشؤونِ العلميةِ بمجمع الملكِ فهد لطباعة المصحفِ الشريفِ لأهمية تحقيقِ الكتابِ وطباعتِه وكونِه مشروعاً متميِّزاً يتطلَّع له الباحثون وطلابُ العلم، وأرجو أن أوفَّقَ أنا وزملائي في القيام بتحقيقه على الوجه المقارِبِ للكمال، وأن توفق الجامعة الإسلامية المباركة للقيام بطباعته ونشرِه لتسُدَّ ثغرةً كبيرةً في المكتبة
(يُتْبَعُ)
(/)
القرآنيةِ.
وتعليقاً على قول الأخ الفاضل سليمان خاطر: "وأضيف رجائي أن يستمر المشروع الذي سعى فيه أخونا المفضال المنصور إلى جانب مشروع الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية": أقترح أن يتمَّ التنسيقُ والترتيبُ مع عدة جهات ومنها مكتب الشيخ د. عبد الله التركي في سبيل إخراج الكتاب على الوجه اللائق به لا أن يتمَّ تَكرارُ الجهودِ وبَعْثرتُها كما يحصل في كثير من الأعمال العلمية ولا سيما في عمل ضخم كهذا يستنزف جهداً ووقتاً ومالاً ينبغي أن تصرف في مشاريعَ علميةٍ أخرى.
وأختم بالقول: إن ما حُمِّلناه على كواهلنا من عِبْءِ هذه المسؤوليةِ التي تنوءُ بالعُصْبةِ أولي الهِمَّةِ والقدرةِ ليُذْكي في دواخلنا جذوةَ الجِدِّ والصبرِ والقيامِ بالأمانة العلميةِ قَدْرَ الطاقةِ والوُسْعِ، وإنه ليتردَّدُ في خَلَدي قولُ الجاحظِ في كتاب (الحيوان): " ... وَلَرُبَّما أراد مؤلفُ الكتابِ أن يُصْلِحَ تصحيفاً أو كلمةً ساقطةً فيكونُ إنشاءُ عشرِ ورقاتٍ من حُرِّ اللفظ وشريفِ المعاني أيسرَ عليه من إتمام ذلك النقصِ حتى يَرُدَّه إلى موضعه من اتصال الكلامِ" (8)، وفي ذلك بيانٌ لخطر التحقيقِ وعظيمِ تَبِعَتِه على من تجشَّم أمانتَه وتحمَّلَ إِدَّه، والله وحدَه هو المعينُ وبه المستعانُ وهو يهدي السبيلَ0.
_____________________
(1) انظر: مقدمة تحقيق د/ عبد السميع حسنين –رحمه الله- ص (11)، ومقدمة تحقيق علي الزبيري –رحمه الله- ص (9،20) وهو مرقوم بالآلة الكاتبة.
(2) انظر: المصدر السابق ص (19).
(3) ص (125)، ط: مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة – 1416هـ.
(4) بعد مقدمة تحقيقه للبحر المحيط وقبل تحقيق نص الكتاب في تنبيه له في أربع صفحات.
(5) طبعتهما مطبعة كويك حمادة الجريسي كما في آخر المجلدين دون تاريخ أو معلومات أخرى، وقد صورتهما من نسخة الدكتور/ عبد الرحمن الشهري فجزاه الله خير الجزاء.
(6) انظر: مقدمة تحقيقه ص (205 - 209)، ومن المهم الإشارة إلى أن ما جاء في فهرس المصورات بجامعة أم القرى من أن النسخة الأولى بخط أبي حيان ومن نسخ يده فقد رده المحقق من وجوه تقطع بعدم صحة ذلك، فليراجع كلامه في الإحالة السابقة.
(7) ص (141 - 142)، وانظر في ذلك كلاماً نفيساً لـ د. بشار عواد معروف في كتابه (في تحقيق النص) ص (341 - 344)، ط: دار الغرب الإسلامي – بيروت – 2004م، ومحاضرات في تحقيق النصوص لـ د. أحمد الخراط ص (15 - 17)، ط: دار المنارة – جدة – 1409هـ.
(8) (1/ 79) بتحقيق: عبد السلام هارون، ط: الحلبي – 1357 - 1364هـ.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Feb 2009, 02:53 م]ـ
لا أعرف كتاباً من كتب التفسير المبسوطة التي حققت في رسائل علمية من قبل حظي بمثل هذا التنسيق والتعاون بين الباحثين كهذا المشروع، فالحمد لله على هذه البداية الموفقة، وأسأل الله أن يكلل هذه الجهود بالنجاح والسداد، حتى تؤتي ثمارها قريباً.
شكراً لكم أيها الزملاء على هذا الوعي بالمسؤلية الملقاة على عواتقكم وحرصكم على أداء هذه الرسالة على وجهها، وهذا من جوانب التقرب إلى الله وحفظ كتابه.
وأرجو أن يظهر في تحقيقكم من الجودة والإتقان ما أنتم والكتاب جديرون به، حتى نقول للقراء غداً: (صدر حديثاً كتاب البحر المحيط لأبي حيان الغرناطي محققاً تحقيقاً علمياً) وقد قام بتحقيقه كل من:
1 - د. أحمد بن علي الحذيفي.
2 - د. حاتم بن عابد القرشي.
3 - .... الخ.
ونحن سعداء بهذا التحقيق والإنجاز مقدماً.
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[06 Feb 2009, 04:36 م]ـ
بارك الله فيكم وأعانكم ووفقكم على هذا العمل الكبير الذي يهم كل طالب علم وكل مهتم بالتفسير وعلوم القرآن والعربية.
ولي عدة نظرات على ما كتب هنا، ولعلي أعود إلى كتابتها إذا اتسع الوقت ووفقت.
ونسأل الله أن يعين الجميع على الاستمرار بوضع أفكارهم ومقترحاتهم التي من أجلها ثبت الموضوع، وذلك كله من أجل التعاون على البر والتقوى. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[06 Feb 2009, 05:33 م]ـ
أشكر أخي وزميلي المفضال أبا عبد الله أحمد الحذيفي فقد أفاد وأجاد وتجاوز القنطرة في الإيضاح والتبيين، فكان حديثه كالكشاف ينير الطريق للسائلين. فجزاه الله خيرًا.
وكم يسرني أن يكون هذا الموضوع في هذا الملتقى المبارك مرجعاً لزملائي المحققين ليفيدوا ويستفيدوا في تحقيق البحر المحيط.
والله الموفق.
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[10 Feb 2009, 02:00 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين وبعد سيخرج البحر المحيط بإذن الله بتحقيق علمي مناسب، وبمنهج موحد فالتعاون والتشاور قائم بين الطلاب مع بعضهم البعض وكذلك بين المشرفين وقد اجتهد الجميع والتوفيق بيد الله والجميع بحاجة لدعائكم.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[10 Feb 2009, 08:32 ص]ـ
بارك الله فيكم وأعانكم على إخراج هذا العمل الكبير في كل جوانبه
ووفقكم وأخذ بيدكم لكل خير ..
لكن تبقى لي ملحوظة:
هذا العمل الكبير قبل إخراجه من أيّ جهة علمية (ناشرة ناشطة)
يجب أن تؤلف لجنة علمية للإشراف عليه من أجل إخراجه
بروح واحدة ومنهج متفق عليه، وبذلك تتساوق المجلدات
بشكل يرضي الجميع:
منهجا وروحا وإخراجا
وجزى الله الجميع خيرا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[10 Feb 2009, 06:45 م]ـ
كتب مهمة في تحقيق البحر المحيط
الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومجتباه وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد طلب من أحد الأعزاء على قلبي ممن لا أقوى على رد طلبه، أن اذكر بعض المراجع الهامة في تحقيق البحر المحيط، ولذا فسأسرد في عجالة بعض الكتب والمصنفات والرسائل الجامعية الهامة في تحقيق البحر المحيط، مشيراً في ذلك للطباعة ومظان وجودها ما أمكن.
وقد قصدت بثها في هذا الموضع وفي هذا الملتقى المبارك؛ لما قطعته على نفسي أن يكون هذا الموضوع نشطاً وحوله ندور في تحقيق البحر المحيط. لتعم الفائدة لجميع إخواني ووفاء بحق هذا الملتقى.
وليُعلم أني لم استقصي كل ما هو مفيد أو ضروري في تحقيق البحر المحيط، فلم اذكر ما هو مشهور معروف من كتب أهل العلم والمراجع المعروفة لعدم خفائها؛ ولأن ذلك سيطول ويخرج عن المقصود، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق. وهذا أوان الشروع في المقصود مستعيناً بالله:
1 – لباب التفسير، للكرماني، تحقيق د. ناصر العمر، و د. عبد المنصور وآخرون، جامعة الإمام محمد بن سعود.
2 – علل الاختيار في تفسير البحر المحيط، د. دريد حسن أحمد، ط. المجمع العلمي ببغداد.
3 – شواهد أبي حيان في تفسيره، د. صبري السيد، ط. دار المعرفة الجامعية.
4 – إعراب القرآن في تفسير البحر المحيط، د. صبري السيد، ط. دار المعرفة الجامعية.
5 – أبيات النحو في تفسير البحر المحيط، لشعاع المنصور، ط. دار التراث.
6 – الأفعال لابن القوطية، ت. د. علي فودة، ط. مكتبة الخانجي.
7 – الأفعال، لأبي عثمان السرقسطي، ت د. حسن شرف وغيره، ط. مجمع اللغة بالقاهرة.
8 – شرح جمل الزجاجي، لابن خروف الإشبيلي، ت. سلوى عرب، ط. جامعة أم القرى
9 – المساعد في تسهيل الفوائد لابن مالك، ت. د. محمد كامل بركات، ط. جامعة أم القرى.
10 – اختيارات أبي حيان النحوية، د. بدر البدر، ط. مكتبة الرشد.
11 – المخالفات العقدية لمنهج أهل السنة والجماعة عند أبي حيان الأندلسي من خلال البحر المحيط، لعبد الله العامر، رسالة ماجستير في الجامعة الإسلامية.
12 – رسائل ترجيحات أبي حيان الأندلسي- وهي عدة رسائل -، جامعة أم القرى.
13 – أبو حيان وتفسيره البحر المحيط، بدر البدر، ط. مكتبة الرشد.
14 – أبو حيان وبحره المحيط، محمد عبد الخالق عضيمة، مقال في مجلة كلية اللغة العربية بجامعة الإمام، العدد السابع 1397هـ.
15 – أبو حيان النحوي، د. خديجة الحديثي، ط. مكتبة النهضة ببغداد.
16 – ديوان أبي حيان، ت. د. أحمد مطلوب و د. خديجة الحديثي، ط. جامعة بغداد.
17 – تقريب المقرب لأبي حيان، ت. محمد الدليمي، ط. دار الندوة الجديدة.
18 – التدريب في تمثيل التقريب لأبي حيان، ت. نهاد حسن، ط. مكتبة الإرشاد ببغداد.
19 – ارتشاف الضرب لأبي حيان، ت. مصطفى النماس، ط. مطبعة المدني، وله تحقيق آخر.
20 – التذييل والتكميل لأبي حيان، ت. حسن هنداوي، ط. كنوز إشبيليا، ولم يكمل بعد.
21 – المبدع في التصريف لأبي حيان، ت. النماس، ط. ا؟ لأزهرية، وله تحقيق آخر.
22 – المسائل المنثورة، لأبي علي الفارسي، ت. شريف النجار، ط. دار عمار.
23 – المسائل المشكلة المعروفة بالبغداديات، لأبي علي الفارسي، ت. صلاح الدين السنكاوي، ط. دار العاني ببغداد.
24 – المسائل الحلبيات، لأبي علي الفارسي، ت د. حسن هنداوي، ط. دار القلم.
25 – المسائل الشيرازيات، لأبي علي الفارسي، ت د. حسن هنداوي، ط. كنوز إشبيليا.
26 – شرح الأبيات المشكلة الإعراب، لأبي علي الفارسي، ت د. حسن هنداوي، ط. دار القلم.
27 – الممتع الكبير في التصريف، لابن عصفور، ت. د. فخر الدين قباوة، ط. مكتبة لبنان ناشرون.
28 – التأويل النحوي للقراءات الشاذة في البحر المحيط، د. محمد بن سعد الشلوي، رسالة دكتوراة في جامعة الإمام.
29 – تعليق الفرائد على تسهيل الفوائد، للدماميني، د. محمد عبد الرحمن المفدى، رسالة دكتوراة في جامعة الأزهر عام 1396هـ
30 – المحاكمة بين المفسرين أب حيان وابن عطية ومحمود الزمخشري، لأبي زكريا الشاوي، ت. ناجي بن محمدو، رسالة دكتوراة في الجامعة الإسلامية عام 1420هـ
علماً أن معرض الكتاب القادم في الرياض في السادس من ربيع الأول 1430هـ فرصة لتوفير بعض ما هو نادر من المطبوعات. وكثير مما سبق ذكره يوجد في المكتبات المركزية.
كما أني أهيب بكل الإخوة أن يذكروا ما هو مهم وغير بارز من مراجع علمية في تحقيق البحر المحيط.
والله الموفق والهادي لسواء السبيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[12 Feb 2009, 08:17 ص]ـ
ما فعلتموه في هذا الكتاب سنَّة حسنة واجبة الاتباع في العمل الجماعي للمشاريع العلمية؛ فمن أفكار إلى اجتماع إلى مناقشة إلى مشاورة .. بين الطلاب وبين الأساتذة والمتخصصين .. وكأني أرى بذلك نهاية مميزة لهذا المشروع الناجح بإذن الله .. فوفقكم الله.
ولعل مما يفيد في فهم وتحقيق المسائل النحوية على الخصوص في هذا التفسير:
- تفسير: الدر المصون , للسمين الحلبي.
- النحو وكتب التفسير , للدكتور إبراهيم رفيدة , طبع الدار الجماهيرية للنشر والطباعة , ليببيا , ط 3 , عام 1399هت.
- ضوابط الفكر النحوي , للدكتور محمد عبد الفتاح الخطيب , كتاب مهم ومميز , طبع دار البصائر - مصر , في مجلدين.
- النحو الوافي , لعباس حسن , طبع دار المحمدي - بيروت في أربعة مجلدات , الطبعة1 عام 1428هـ.
- معاني النحو , للدكتور فاضل السامرائي , طبع دار الفكر - عمَّان , في أربعة مجلدات , الطبعة الثانية 1423هـ.
وهذا الكتاب والذي قبله هما أوسع ما كُتب للمعاصرين في علم النحو , وفيهما تبيين كثير ممَّا يستغلق من علم المتقدمين.
- الإجماع في الدراسات النحوية , للدكتور حسين رفعت حسين , عالم الكتب - مصر , ط1 عام 1426هـ.
- وبلا شك لابد من كتاب: دراسات لأسلوب القرآن العظيم , للدكتور العلامة محمد عبد الخالق عضيمة , وقد طبعته دار الحديث المصرية قريباً طبعةً حسنةً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[13 Feb 2009, 05:42 م]ـ
أشكر أخي العزيز الشيخ نايف الزهراني على هذه الإضافة المفيدة.
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[14 Feb 2009, 11:20 م]ـ
بارك الله فيكم جميعاً على هذه الفوائد الطيبة والإضافات الرائعة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Feb 2009, 12:40 م]ـ
مما يمكن إضافته للأبحاث التي كتبت حول البحر المحيط بحث بعنوان:
(المفردة القرآنية في كتاب البحر المحيط) وهو جمع لكلام أبي حيان في شرح المفردات الغريبة، وموازنة بكتابه في الغريب (تحفة الأريب) وغيره من كتبه وكتب غيره. وهو رسالة ماجستير لإحدى الباحثات في الرياض.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[15 Feb 2009, 02:23 م]ـ
كتب الأستاذ حاتم القرشي تعليقا بعنوان:
(كتب مهمة في تحقيق البحر المحيط)
أتى فيه باسم نخبة صالحة من المراجع المهمة التي تعين في تحقيق البحر المحيط.
وبين يديَّ الآن كتابان آخران هما:
1 - مسائل النحو والصرف في تفسير البحر المحيط
دراسة أعدها الدكتور عبد الحميد مصطفى السيد
3 مجلدات، دار الإسراء، عمّان، 1422/ 2002
2 - مسائل التصريف في البحر المحيط
تأليف الدكتور عبد الله بن محمد العمير
مجلدتان، دار الصميعي بالرياض، 1428/ 2007
والأمل الأكبر في فهارس شيخنا عبد الخالق عضيمة - رحمه الله - حبيسة دار العلوم بالرياض منذ ربع قرن، فرَّج الله كربتها ويسَّر لها النور، آمين.
ـ[جمال القرش]ــــــــ[15 Feb 2009, 02:30 م]ـ
ماشاء الله تبارك الله مشروع مبارك ومميز أسأل الله لكم التوفيق والسداد، وأن يكون لكم عونا ومثبتا على الإتمام على أفضل حال.
اقتراح من جهد المقل للأفاضل الكرام /
أن يُكوَّن فريق عمل من عدة كل بحسب فنه وتخصصه:
وأن تتضافر الجهود بين جميع الأقسام التي لها علاقة بالمشروع، كـ (قسم القرآن وعلومه، واللغة، والحديث، والشريعة)
فريق: تحقيق الروايات: في علم الحديث (ثلاثة على الأقل)
فريق التحرير العقدي يعرض عليه المسائل العقدية: (ثلاثة على الأقل)
فريق التحرير الفهقي: يعرض عليه المسائل الفقهية (ثلاثة على الأقل)
فريق التحرير القصص: يعرض عليه مسائل القصص (ثلاثة على الأقل)
فريق التحرير النحوي: يعرض عليه مسائل النحو (ثلاثة على الأقل)
فريق التحرير البلاغي: يعرض عليه مسائل البلاغة (ثلاثة على الأقل)
فريق تحرير المخطوطات: يتولى المقارنة بين المخطوطات (ثلاثة على الأقل)
فريق المراجعة الإملائية: (ثلاثة على الأقل)
ويمكن لتحفيز الهمم وتكريس الجهد، والعمل الجماعي، احتساب المشروع لدى الجامعة للمشاركين، كرسالة علمية محكمة أو رسالتان أو أكثر لصالح الباحثين فقد يطول الأمر.
أن يكون على مراحل:
المرحلة الأولى:
1 - البدأ [بالربع الأول من البقرة] حتى نهايته
2 - إرسال العمل إلى بعض الجامعات والمعاهد، لتقويم العمل، والاستفادة من رأيهم.
3 - إرسال العمل إلى بعض الباحثين، والمحققين البارعين لتقويم العمل، والاستفادة من رأيهم
4 - وضعه في بعض المنتديات المشهورة، اللغوية كشبكة رواء الأدبية، والتفسرية كهذا الملتقى المبارك، والتي تعنى بعلم الحديث، كأهل الحديث، .. وهكذا، والاستفادة من رأيهم.
المرحلة الثانية:
1 - تقويم العمل في المرحلة الأولى وتعديل ما يمكن تعديله وإضافة ما يمكن إضافته على الخطة الأولية للمشروع
2 - إنهاء الجزء الأول من البقرة، وتكرار ما سبق مع الجامعات والباحثين الذين تفاعلوا مع المشروع بجدية، وظهرت لمساتهم في التقويم، ويمكن اصطفاء بعضا منهم إن رغبت الجامعة.
3 - طباعة الجزء الأول طبعة خيرية أو تجارية ونشره على مستوى الباحثين للاستفادة كذلك من أرائهم وتوجيهاتهم.
المرحلة الثالثة: إنهاء سورة البقرة، ويكرر نفس ما سبق
المرحلة الرابعة: استكمال باقي المشروع على بركة الله
وتظهر قيمة المشروع من وجهة نظري فيما يلي:
1 - مدى الاستفادة من كل ما كتب من رسائل وبحوث قبل ذلك، والإشارة إلى أمثلها كلما جاءت فرصه وتوصيات في نهاية المشروع عن هذه البحوث وما تتميز به كخلاصة لما سبق حيث يكون جلا ذلك بوضوح.
2 - تحقيقه لمسائل الإعراب، وربط الإعراب الذي بناه المصنف بالتفسير الصحيح، فهناك مسائل بنى إعرابها على وجه ضعيف من التفسير.
3 - السمات الفنية في مجال الوقف والابتداء مع الترجيح
4 - مسات المشروع في الإعجاز اللغوي، والبلاغي مع الترجيح
5 - إبراز ترجيحات الطبري، وابن عطية، وابن كثير، والبغوي وابن تيمية، وابن القيم، لا سيما في المجال اللغوي والبلاغي
6 - رسم القواعد الكلية التي تبنى عليها المسائل في مقدمة الكتاب مثال الأخذ بالمجاز في القرآن أم لا، وعن لغات القبائل وأفصحها، وما ترجح لديكم، وغيرها من المسائل المكررة والتي تحتاج إلى تأصيل بداية، ثم الإحالة عليها.
أسال الله أن يوفقكم لأحسن الأعمال وأن يجعل هذا العمل قدوة للآخرين، وأن يرفع ذكركم ويهيء لكم من أمركم مرفقا ورشدا
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[15 Feb 2009, 02:47 م]ـ
مما يمكن إضافته للأبحاث التي كتبت حول البحر المحيط بحث بعنوان:
(المفردة القرآنية في كتاب البحر المحيط) وهو جمع لكلام أبي حيان في شرح المفردات الغريبة، وموازنة بكتابه في الغريب (تحفة الأريب) وغيره من كتبه وكتب غيره. وهو رسالة ماجستير لإحدى الباحثات في الرياض.
رسالة مهمة، وقد كنت كثيرا ما استنكر أن جانب المفردات لم يُبحث عند أبي حيان على رغم كثرة الرسائل التي درست جوانبه.
وسؤالي: هل يمكن أن تفيدنا يا د. عبد الرحمن من أي جامعة أو كلية هذه الرسالة؟
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[15 Feb 2009, 02:52 م]ـ
والأمل الأكبر في فهارس شيخنا عبد الخالق عضيمة - رحمه الله - حبيسة دار العلوم بالرياض منذ ربع قرن، فرَّج الله كربتها ويسَّر لها النور، آمين.
لقد سألت كثيرا عن هذه الفهارس ولم أجد من يفيدني، وعندما سألنا د. أحمد الخراط فقال لعلها قد ضمنت في كتابه دراسات لأسلوب القرآن.
فنجد هذه المعلومة من الأستاذ منصور مهران، فهل يمكن أن تزيد الأمر توضيحاً؟
ـ[منصور مهران]ــــــــ[15 Feb 2009, 11:49 م]ـ
عملُ الشيخ عبد الخالق عضيمة - رحمه الله - في فهرسة مسائل النحو في البحر المحيط عَمَلٌ آخر غير كتابه (دراسات لأسوب القرآن الكريم)، وهذه الفهارس قطعا ستكون في عدة مجلدات، وكان الشيخ تعاقد قبل وفاته مع دار العلوم بالرياض على نشرها، وانصرمت السنون والكتاب رهين المحبسَيْن.
ـ[سعيد بوعصاب]ــــــــ[02 Mar 2009, 01:55 ص]ـ
شكر الله للإخوة الكرام ما دونوه من فوائد تتعلق يالتفسير الجليل المسمة بالبخر المحيط فهو بحق بحر يحتاج لمن يغوص في لججه لاستحراج ما فيها من جواهر وحمدا للهفقد قام بدلك غواصون مهرة استفادوا وأفادوا، وفي هذا السياق أعلم الإخوة الكرام أم دراسة عن أبي حيان طبعت تحت عنوان: أبو حيان ومنهجه في البحر المحيط، وهى لفضيلة الدكتور بوشعيب محمادي طيعت كلية الآداب بتطوان، كما أنني بهذه المناسبة أسأل الاخوة الكرام أين يمكنني أن أجد الكتاب الذي ذكر من قبل وهو: التناسب غي نفسير أبي حيان زشكرا
أخوكم بوعصاب.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[03 Mar 2009, 06:19 م]ـ
أخبرني أخي العالم الجليل الدكتور تركي بن سهو العتيبي، أن الأستاذ عبد الله العوهلي صاحب دار العلوم بالرياض كان قد مرَّ بظروف مرضية عطلت أعمال النشر بالدار، وبحمد الله تعافى الآن وسلمه الله مما ألمَّ به فنشط إلى النشر وصرف اهتمامه نحو نشر فهارس البحر المحيط صنعة الشيخ الراحل محمد عبد الخالق عضيمة، وتمت بحمد الله وفضله المرحلة الأولى من التنضيد والتصحيح.
فنسأل الله العلي الكبير أن يتمم للأستاذ عبد الله العوهلى الشفاء والمعافاة والتوفيق ليمتع القراء بكتاب مفيد طال انتظاره.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[04 Mar 2009, 01:46 ص]ـ
شكر الله لك يا أستاذ منصور على هذه الفائدة الرائعة والاهتمام والحرص على نفع اخوانك. واسأل الله أن يسهل خروج هذه الفهارس.
ـ[أمة الله بنت عبد الله]ــــــــ[05 Mar 2009, 02:07 ص]ـ
يسر الله لكم تحقيق هذا الكتاب القيم الزاخر بالكثير من الفنون المتعددة
وأسأل الله أن يوفق الباحثين فيه إلى الاهتمام بالأمور التفسيرية فيه اهتماما كبيرا خصوصا وهم ينتسبون إلى قسم التفسير، وآمل عدم التوسع في التحقيق في المسأل النحوية توسع يطغي على التفسير وعلوم القرآن
ثمة أمر آخر وهو أن تحقيق كتاب سبق تحقيقه أمر ليس بالهين إذ علي الباحث الثاني أن يثبت من خلال عمله في تحقيقه أن مايقدمه في عمله يختلف عما سبقه من حيث
منهجية التحقيق لأن تحقيق الكتاب بغرض البحث العلمي الأكاديمي يختلف عن التحقيق بهدف الطرح التجاري.
وكذلك التركيز علي الجوانب التفسيرية إذ من الواضح أن أغلب ما ذكر من رسائل اهتمت بتفسير البحر المحيط جلها كان مهتما بالناحية اللغوية أو بمنهج المؤلف في التفسير.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Mar 2009, 01:37 م]ـ
هذه إحدى رسائل ترجيحات أبي حيان في تفسيره , وعنوانها: ترجيحات الإمام أبي حيان في التفسير من أول سورة آل عمران إلى آخر سورة المائدة , للباحث: جمال محمد ربعين , مقدمة لقسم التفسير وعلوم القرآن في جامعة أم القرى , مرحلة الدكتوراه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه مقدمتها في المرفقات , وهذا رابط الرسالة كاملة ( http://staff.uqu.edu.sa/lib/dilib/pages.php?DSP=fulltext&ID=3337) .
ـ[أحمد شكري]ــــــــ[18 Mar 2009, 08:17 ص]ـ
سررت بالاطلاع على هذا الموضوع القيم والتعليقات المتعددة عليه وأحيا ما قرأت في نفسي أملا قديما برؤية هذا الكتاب محققا بعد طول زمان وبعد طبعات عديدة مشحونة بالتصحيف والتحريف وقلة الاعتناء وتذكرت المعاناة الكبيرة التي وقعت فيها إبان اشتغالي بجزء من الكتاب في مرحلة الماجستير في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية حيث اقتصرت الدراسة على جانب القراءات واقتصرت على النصف الأول من الكتاب إلى نهاية سورة الأنفال وكنت أرجع إلى النسخة المخطوطة في مكتبة الملك عبد العزيز بالمدينة لتصحيح ما خفي علي من عبارات وألفاظ وتصحيفات كثيرة في المطبوعة، وأذكر أن الأستاذ الدكتور إسماعيل عمايرة وكان وقتها يعمل في المعهد العالي للدعوة الإسلامية أخبرني أن صديقه وشريكه في وضع معجم الأدوات والضمائر في القرآن الكريم - وهو الدكتور عبد الحميد السيد وكان حينها مدرسا في جامعةٍ في أبها - عازم على تحقيق البحر المحيط وأنه بدأ الخطوات الأولى بتصوير الصفحات مكبرة .. وإلى هنا انقطع هذا الخبر ولا أعلم هل استمر المحقق أو العازم على التحقيق فيه أم انصرف عنه
ورجائي في حال انتهاء التحقيق وطباعته بمراعاة ما ذكره الإخوة الأفاضل من أمور أن لا يبقى حبيس المستودعات في الجامعة أو في الكلية وأن يوزع بالشكل اللائق به بيعا أو إهداء أو .. بالوسيلة لمناسبة للقائمين على العمل فإن مطبوعات الكلية محدودة الانتشار ويعد الحصول عليها أمرا صعبا حتى علينا نحن خريجي الكلية مع أهمية تلك الكتب لنا وحرصنا على اقتنائها والانتفاع منها
بارك الله في الجهود الطيبة وأعان الباحثين في تحقيق هذا البحر المحيط على إنجازه بالصورة المرجوة.
ـ[حمزة عسيري]ــــــــ[25 Mar 2009, 08:56 ص]ـ
شكر الله للإخوة الذين شاركوا في هذا الموضوع فأفادوا ونصحوا أسأل الله أن يكتب لهم جميعاً أجراً عظيمًا، ولعلي أخص منهم المشاركين في تحقيق هذا الكتاب النافع، والذين بثُّوا شيئاً من همِّ هذا الموضوع، واستنصحوا إخوتهم، وقدموا شيئا يفيد إخوتهم المشاركين معهم في تحقيق هذا الكتاب، وأخص بالذكر الأخوين الكريمين الشيخ حاتم القرشي، والشيخ أحمد الحذيفي.
كما لايفوتني هنا أن أشكر الشيخين الفاضلين: أ. د عبد العزيز العبيد، ود. محمد العواجي اللذين يقومان بجهد كبير في المتابعة والإشراف على تحقيق هذا الكتاب، مع أساتذة آخرين، أسأل الله تعالى أن يكتب لهم المثوبة والأجر.
ومن باب المشاركة مع إخواني أكمل شيئاً مما بدأه أخي حاتم في ذكر بعض الكتب التي تهم الباحثين في تحقيق هذا الكتاب.
وحديثي هنا سيكون عن الكتب التي يرجع إليها الإخوة في توثيق مادة القراءات في هذا الكتاب، وبالمناسبة فإن كتاب البحر المحيط – فيما أحسب- يعد موسوعة ضخمة – إذا صحت العبارة- في القراءات، وخصوصاً القراءات الشاذة.
وفي تقديري فإنه في هذا المجال مرتع خصب للباحثين ينهلون منه، ولازال بحاجة إلى خدمة جليلة في علم القراءات، وإن كان هناك بعض الرسائل التي اهتمت ببعض الجوانب والتي من أوائلها رسالة الأستاذ الدكتور أحمد شكري وإن كانت اهتمت بالمتواتر من القراءات في الثلث الأول من القرآن، قيض الله تعالى لهذا الكتاب من يخدمه في جوانب هذا العلم حتى يتبين علو كعب أبي حيان في هذا العلم، ويقدم خدمة جليلة للباحثين في هذا المجال.
وإلى أخوتي الباحثين في تحقيق هذا الكتاب، أنثر بين أيديهم شيئاً من الكتب التي تعينهم في توثيق القراءات في هذا الكتاب:
أولاً: القراءات المتواترة:
- السبعة في القراءات لابن مجاهد، بتحقيق د. شوقي ضيف، دار المعارف بمصر.
- التيسير في القراءات السبع للداني، بتحقيق د. حاتم الضامن، دار الصحابة الإمارات.
- جامع البيان للداني، مجموعة محققين، ط جامعة الشارقة الإمارات.
- الإقناع في القراءات السبع لابن الباذش بتحقيق عبدالمجيد قطامش ط جامعة أم القرى.
- النشر في القراءات العشر لابن الجزري بعناية الضباع. دار الفكر بيروت.
- إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر لابن البنا الدمياطي بتحقيق د. شعبان إسماعيل، ط عالم الكتب، مكتبة الكليات الأزهرية بالقاهرة.
ثانياً: القراءات الشاذة:
- شواذ القرآن للكرماني، تحقيق: شمران العجلي. دار البلاغ بيروت.
- مختصر في شواذ القرآن لابن خالويه عني بنشره أحد المستشرقين، مكتبة المتنبي القاهرة.
- إعراب القراءات الشواذ للعكبري، تحقيق محمد السيد عزوز. دار عالم الكتب مصر
- مفردة الحسن البصري، ومفردة ابن محيصن، كلاهما لأبي علي الأهوازي، حققهما: د. عمر يوسف حمدان، دار ابن كثير الأردن.
- المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات لابن جني، تحقيق علي النجدي ناصف وآخرين، ط المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة.
- الكامل في القراءات الخمسين للهذلي. طبع بتحقيق د. عمر حمدان في 5 مجلدات، وله طبعة أخرى بتحقيق جمال السيد ط مؤسسة سما للنشر والتوزيع.
ثالثاً: توجيه القراءات:
- الكشف عن وجوه القراءات السبع لمكي القيسي تحقيق محيي الدين رمضان، ط مؤسسة الرسالة بيروت لبنان.
- شرح الهداية للمهدوي، تحقيق د. حازم حيدر، مكتبة الرشد الرياض السعودية.
- الموضح في وجوه القراءات وعللها لابن أبي مريم، تحقيق د. عمر حمدان الكبيسي، ط الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم في جدة السعودية.
- الحجة للقراء السبعة لأبي علي الفارسي تحقيق مجموعة باحثين في 6 مجلدات ط دار المأمون للتراث دمشق سوريا.
ولعلي ألمح للإخوة بأن لايستكثروا في المراجع فإن ذلك يثقل الحواشي، ولعل الباحث يكتفي في التوثيق بالكتب التالية:
- الإقناع لابن الباذش، والنشر في القراءات العشر.
- شواذ القرآن للكرماني، المحتسب لابن جني، إتحاف فضلاء البشر للدمياطي.
- الموضح لابن أبي مريم، الحجة لأبي علي الفارسي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سلمان الخوير]ــــــــ[04 Apr 2009, 11:15 م]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً على إتحافنا بهذه المعلومات المفيدة
حول هذا كتاب البحر المحيط ....
وأتمنى من الدكتور. سليمان خاطر
العودة لنا بما وعد من وقفات ونظرات حول ما كُتب ..
.
.
.
.
أسأل الله أن ينفع بها الجميع
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Jul 2010, 07:22 ص]ـ
أحببتُ الإشارة وتذكير الزملاء المحققين للكتاب إلى وجود الكتاب الذي أشار إليه الأخ سعيد بوعصاب في تعقيبه رقم 51 هنا فقد يكون لم يطلع عليه بعضهم، وقد يضيف له بعض المعلومات المفيدة حول منهج أبي حيان في كتابه البحر المحيط.
الكتاب بعنوان: أبو حيان ومنهجه في تفسير القرآن الكريم.
المؤلف: د. بوشعيب محمادي.
الطبعة الأولى 1428هـ في جزئين.
منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة عبدالمالك السعدي.
http://www.tafsir.net/images/moheeeet.jpg
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Nov 2010, 08:34 ص]ـ
نظرت إلى الموضوع اليوم الثلاثاء 17/ 12/1431هـ فأحببت الإشارة إلى أن أخي حاتم القرشي وفقه الله قد أنجز بحثه في تحقيق جزء من الكتاب (البحر المحيط في التفسير) ونحن نترقب مناقشته في الرسالة هذه الايام وأسأل الله أن يوفقه ويبارك له في هذه الدرجة العلمية، وأرجو أن نسمع بإنجاز بقية الباحثين المحققين لنصيبهم قريباً تهميداً لنشر الكتاب وإفادة الباحثين بخروجه محققاً بإذن الله.
ـ[محب القراءات]ــــــــ[23 Dec 2010, 02:52 م]ـ
بفضل الله تعالى قطفت أول ثمرة من ثمرات هذا المشروع, فقد تمت مناقشة الشيخ/ حاتم القرشي, وحصل على درجة الدكتوراه بقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطباعة الرسالة.
والتهنئة للدكتور حاتم القرشي هنا ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=24027)
ـ[سليمان خاطر]ــــــــ[23 Dec 2010, 08:12 م]ـ
وأول الغيث قطرة ثم ينهمر إن شاء الله.
وقد سألت أخانا الدكتور حاتما البارحة عن بقية الإخوة المحققين فبشر بسيرهم سيرا حثيثا وأن بعضهم قد سلم بحثه للمناقشة، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وبهذا يتجدد الأمل في خروج هذه الموسوعة القرآنية للناس كاملة محققة بأحسن ما أمكن إن شاء الله، وعسى أن يكون ذلك قريبا.
هنا يسرني أن أجدد تهنئتي لأخينا المفضال الدكتور حاتم القرشي بحصوله على هذه الدرجة العلمية العالية وأسأل الله التوفيق لبقية الفرسان.(/)
إسرائيل اليوم وبيان حقيقة انتسابها إلى نبي الله إسرائيل ـ عليه السلام ـ
ـ[أبو المهند]ــــــــ[15 Jan 2009, 07:12 م]ـ
.
وقفت متأملا في حديث القرآن الكريم عن أبناء نبي الله يعقوب ـ عليه السلام ـ فوجته يحكي عنهم ما أقروا به من عقيدة التوحيد وإسلام الوجه لله الواحد القهار:
قال تعالى: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} {البقرة133}
ثم وجدت حديث القرآن عمن جاء بعد الأسباط وينتسبون إليهم فوجدته حديثا مغايرا لما كان عليه الحديث عن أسلافهم من أبناء أسباط يعقوب ـ عليه السلام ـ.
فهم بعد موسى ـ عليه السلام ـ أصبحوا أمما في الأرض متفرقة منهم الصالح ومنهم دون ذلك.
وامتحنهم الله ـ تبارك وتعالى ـ بما شاء من النعم والنقم والبأساء والضراء علًّهم أن يعودوا إلى ما كان عليه أسلافهم لكنهم كما يصورهم القرآن الكريم نسوا حظا مما ذكروا به وحنوا إلى عبادة العجل وطلبوا من نبيهم موسى ـ عليه السلام ـ أن يجعل لهم إلها كالأصنام التي يعكف عليها عابدوها ـ وكم حذرهم نبيهم ـ ولكنهم لم يستجيبوا قال تعالى:
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ {165} فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ {166} وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {167} وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {168} فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {169}
ـ ثم يمضي حديث القرآن الكريم مجليا لنا خصائص وصفات هذه الفئة التي تمسكت بالعرض الأدنى وغيّروا وبدلوا ما تبقى من ميراث نبي الله موسى ـ عليه السلام ـ فوصفهم بالأوصاف التي دلت على ما انطوت عليه أنفسهم من خبث نيّة وسوء طويّة تجاه كل ما هو حق وعدل ومن هذه الأوصاف التى وصفوا بها:
1] نقضهم للعهود والمواثيق، وعدم وفائهم بأيٍ منها كلما لاحت لهم بادرة لهذا النقض، قال تعالى: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {100} وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} {101} {البقرة}
وقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} {النساء155}
وقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} {المائدة13}
وقال تعالى {الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ {الأنفال 56}
(يُتْبَعُ)
(/)
2] قتلهم الأنبياء بغير حق ويقتلهم الذين يأمرون بالقسط من الناس، قال تعالى: { ..... وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} {البقرة61}
وقال سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} {البقرة91}
وقال ـ أيضا ـ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} {آل عمران21}
3] عداوتهم التي تخطت حدود كراهيتهم للبشر إلى ملائكة الله المقربين: قال تعالى: {قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ {97} مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ {98} {البقرة}
4] بل تخطوا في العداوة حدود الملائكة فطعنوا في الذات الإلهية المقدسة فوصفوه سبحانه بما لا يليق به قال تعالى: {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ {181} ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ {182} {آل عمران}.
وقوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً .... } {المائدة 64}
5] حبهم لإشعال الفتن وتعطشهم لسفك الدماء وإيقاد الحروب مع ما بينهم من إحن وعداوات قال تعالى: { ..... وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ ... } {المائدة 64}
6] الخصومة الأبدية بينهم وبين الصلاح الذي هو الأصل وحملهم لواء الإفساد في الأرض بشتى الوسائل من تخريب للعقائد وتدمير للأخلاق فضلا عن إهلاكهم للحرث والنسل قال تعالى: { .... وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} {المائدة64}
وقال تعالى فيمن هم على شاكلتهم {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ {204} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ {205} {البقرة}
7] اتهامهم العفيفات كمريم البتول ـ عليها السلام ـ بارتكابها للفاحشة وحملها بولدها من سفاح، قال تعالى: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً {النساء 156}
وقال تعالى: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً {27} يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً {28} {مريم} في حين أن القرآن أثبت لها الطهر والعفاف في قوله سبحانه على لسان الملائكة: {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ {42} يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ {43} وتلك هي عقيدة المسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
8] تآمرهم على قتل نبي الله عيسى ـ عليه السلام ـ وادعاؤهم وقوع ذلك قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً {157} {بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً {158} {النساء}
9] كونهم لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر، قال تعالى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ {78} كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ {79}
10] أكلهم الربا واستحلالهم أموال غيرهم بالباطل مع حرمة ذلك في شريعة موسى ـ عليه السلام ـ قال تعالى: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} {النساء161}
وقال تعالى: {وَتَرَى كَثِيراً مِّنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {62} {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ {63} {المائدة}
وقال تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} {آل عمران75}
وغير ذلك من خصالهم الذميمة التي فصلها القرآن تفصيلا في غير ما موضع منه، ولولا خشية الإطالة لبينا ذلك، وكذلك أتت السنّة المطهرة ببيان كثير من هذه الخصال ونترك المجال للقاريء الكريم بالرجوع إليها.
وهنا يثور في النفس سؤال مؤداه:
ما سر التطابق في الخصال التي سقناها بين بني إسرائيل حقيقة، وبين هؤلاء المعاصرين لنا وهم ليسوا من بني إسرائيل أصلا وإنما هم شتات تجمعوا من كل حدب وصوب؟
----------------------------------------------------------
ما تم ذكره كان ضمن أمسية تأملية في الواقع الذي نعيشه من أحداث مريرة تعيشها غزة المسلمة وشعبها المجاهد البطل بأرض الرباط في فلسطين، ضمت معي شيخنا الأستاذ الدكتور عبد الفتاح عبد الغني أستاذ التفسير بجامعة الأزهر الشريف كلية أصول الدين الأم بالقاهرة وأثمر هذا التأمل عن المقال السابق وما نتج عنه من تساؤل.
ـ[نعيمان]ــــــــ[24 Jun 2010, 11:37 م]ـ
إحياء لهذا الموضوع المهمّ جدّاً.
على طريقة لطيف المعشر: خلوصي. كده حاف بلا ألقاب.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[25 Jun 2010, 12:41 ص]ـ
تشابه الصفات تدل على أنهم امتداد لأولئك وأنهم فعلا من بني إسرائيل، وهذا الانتماء لا يحقق لهم مشروعية في شيء مما يزعمونه من حق في أرض فلسطين.
وهذا لا يمنع أن كثيرين ممن انتسب إليهم ليس منهم ولكنه ركب موجتهم أو دان بدينهم لسبب أو لآخر.
الذي يجب أن نركز عليه هو قضية صدق ما أخبر به القرآن عنهم وأن الصراع مع هذه الأمة يجب أن يكون من خلال فهم تلك الصفات لكشف عوارهم للبشرية وفي نفس الوقت إصلاح أحوالنا لأن حسم الصراع لن يكون إلا على أيدي أولئك الذين يتصفون بنقيض ما وصفهم الله به.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[25 Jun 2010, 10:11 ص]ـ
جزاك الله خيرا.
لا شك أن اليهود منهم من هو من بني اسرائيل ,واليهود عندهم أمر غريب وهو نسبة الإنسان لوالدته لا لأبيه , واليهودي عندهم يجب أن تكون أمه يهودية ,مما جعل الكثير منهم هم ليسوا من بني اسرائيل وينسبون اليهم.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[26 Jun 2010, 01:03 م]ـ
.
وقفت متأملا في حديث القرآن الكريم عن أبناء نبي الله يعقوب ـ عليه السلام ـ فوجته يحكي عنهم ما أقروا به من عقيدة التوحيد وإسلام الوجه لله الواحد القهار:
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} {البقرة133}
ثم وجدت حديث القرآن عمن جاء بعد الأسباط وينتسبون إليهم فوجدته حديثا مغايرا لما كان عليه الحديث عن أسلافهم من أبناء أسباط يعقوب ـ عليه السلام ـ.
فهم بعد موسى ـ عليه السلام ـ أصبحوا أمما في الأرض متفرقة منهم الصالح ومنهم دون ذلك.
وامتحنهم الله ـ تبارك وتعالى ـ بما شاء من النعم والنقم والبأساء والضراء علًّهم أن يعودوا إلى ما كان عليه أسلافهم لكنهم كما يصورهم القرآن الكريم نسوا حظا مما ذكروا به وحنوا إلى عبادة العجل وطلبوا من نبيهم موسى ـ عليه السلام ـ أن يجعل لهم إلها كالأصنام التي يعكف عليها عابدوها ـ وكم حذرهم نبيهم ـ ولكنهم لم يستجيبوا قال تعالى:
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ {165} فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ {166} وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ {167} وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَماً مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ {168} فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ {169}
ـ ثم يمضي حديث القرآن الكريم مجليا لنا خصائص وصفات هذه الفئة التي تمسكت بالعرض الأدنى وغيّروا وبدلوا ما تبقى من ميراث نبي الله موسى ـ عليه السلام ـ فوصفهم بالأوصاف التي دلت على ما انطوت عليه أنفسهم من خبث نيّة وسوء طويّة تجاه كل ما هو حق وعدل ومن هذه الأوصاف التى وصفوا بها:
1] نقضهم للعهود والمواثيق، وعدم وفائهم بأيٍ منها كلما لاحت لهم بادرة لهذا النقض، قال تعالى: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ {100} وَلَمَّا جَاءهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ كِتَابَ اللّهِ وَرَاء ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} {101} {البقرة}
وقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بَآيَاتِ اللّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} {النساء155}
وقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} {المائدة13}
وقال تعالى {الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ {الأنفال 56}
2] قتلهم الأنبياء بغير حق ويقتلهم الذين يأمرون بالقسط من الناس، قال تعالى: { ..... وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} {البقرة61}
(يُتْبَعُ)
(/)