صدور الطبعة الثانية من (المحرر في علوم القرآن) للدكتور مساعد الطيار
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[31 Jul 2008, 02:24 م]ـ
صدرت الطبعة الثانية من (المحرر في علوم القرآن) للدكتور مساعد الطيار، نشر مركز الدراسات القرآنية بمعهد الإمام الشاطبي بجدة، وتوزيع دار ابن الجوزي بالدمام. وفي هذه الطبعة إضافات وتنقيحات أبرزها دمج المقدمة التي كان يصدّر بها مباحث الكتاب ويعنون لها بـ (إضاءات وإرشادات) في ثنايا الحديث.
وليت الشيخ وفقه الله يتم الكتابة في بقية أنواع علوم القرآن.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[03 Aug 2008, 07:57 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا أبا سلمان على تنويهكم بكتاب شيخنا أبي عبدالملك. وقد صدرت هذه الطبعة في أبهى حلة. وهذه صورة غلاف الكتاب.
http://www.tafsir.net/images/mohrar.jpg
وهذه مقدمة الطبعة الثانية للكتاب.
http://www.tafsir.net/images/moh1.jpg
http://www.tafsir.net/images/moh2.jpg
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[03 Aug 2008, 10:48 م]ـ
شكرا لكم شيخنا الكريم على تعريفكم وتواضعكم.
وأرجو أن ييسر الله الكريم لكم قريبا التعريف بشرح ألفية مفتاح التفسير، وتحقيق عقود الجمان، وغيرها مما علمنا وما لم نعلم.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[04 Aug 2008, 02:25 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
ماشاء الله تبارك الله، ومبارك والله لأهل هذا الملتقى بالشيخ أبي عبد الملك وبمؤلفاته القيِّمة بيننا، وأسأل الله العليَّ القدير أنْ يفتح علينا في الاستفادة منها، ومن كل ما يخدم كتاب ربنا سبحانه؛ من كتب مشايخنا الكرام، نفع الله بهم.
والشكر موصول للمشايخ الفضلاء، للإعلان عن هذا الكتاب النفيس، وعلى رأسهم الشيخ الحبيب أبي عبد الله رفع الله قدره، ووفَّقه لكل خير.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[07 Aug 2008, 10:40 ص]ـ
مبارك للشيخ مساعد الطيار صدور الكتاب .. ونسأل الله أن ينفع به ..
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[07 Aug 2008, 11:57 ص]ـ
نفع الله بالكتاب كما نفع بمؤلفه،وهكذا ... فإلى المزيد من الجهود (العملية) في خدمة القرآن وعلومه.
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[12 Aug 2008, 06:27 م]ـ
نفع الله بالكتاب كما نفع بمؤلفه،وهكذا ... فإلى المزيد من الجهود (العملية) في خدمة القرآن وعلومه.
ـ[همام حسين]ــــــــ[12 Aug 2008, 06:47 م]ـ
ما شاء الله .. حفظك الله لنا شيخا أبا عبد الملك ..
والله نغبطكم يا أهل الحجاز .. عندكم من الكنوز ما لا نجده عندنا بمصر ..
من قبل حاولت كثيرا الحصول على نسخة من (الطراز) بتحقيق د. أحمد شرشال، من مجمع الملك فهد، وها قد صدر (أصول الضبط) له أيضا، ولا أدرى هل أستطيع الحصول على أي منهما أم لا؟!. حتى في معرض القاهرة السابق لم أفلح.
والآن صدرت الطبعة الثانية من كتاب (المحرر) للشيخ مساعد، ولا أدري هل تنتظرني إحدى نسخه حتى معرض القاهرة القادم بعد خمسة أشهر أم لا؟!
هذا المتلقى له عليّ من الفضل ما ليس لغيره، لا سيما في ما يخص التعريف بالكتب وطبعاتها. وقد اشتريت كثيرا من الكتب بعدما زكاها مشايخنا هنا بالمتلقى ونصحوا بها - حفظهم الله -.
جزاكم الله خيرا وبارك بكم .. و لا تنسونا من دعوة أن ييسر الله لنا ولكم .. اللهم آمين(/)
ترجمات المستشرقين للقرآن
ـ[سلطان العميري]ــــــــ[02 Aug 2008, 01:14 ص]ـ
ترجمات المستشرقين للقرآن
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين , وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد:
فلقد منّ الله عليّ بالانتهاء من جرد موسوعة المستشرقين , لعبد الرحمن بدوي , منذ زمن قريب , وقد كان من منهجه أن يذكر في كل ترجمة النتاج العلمي لكل واحد منهم , وقد لفت نظري في ذلك النتاج عدة أمور , منها:
- كثرة تأليف المستشرفين في السيرة النبوية , وتنوع طرائقهم في بيانها.
- ومنها: كثيرة تأليفهم في ترجمة القرآن وكثرة تنوعهم فيها أيضا , وهذه الكثرة دعت بدوي أن يفرد القرآن بمادة خاصة في هذه الموسوعة يذكر فيها جهود المستشرقين حول القرآن.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/64896d8c244c5b.jpg
وحرصا مني على جمع ما تفرق في هذه الموسوعة عن ترجمات المستشرقين للقرآن , فقد قصدت أن جمعها في موطن واحد , وألخص فيه ما ذكره من معلومات عن كل ترجمة , والترجمات التي ذكرها بدوي في موسوعته إما أن تكون مفرقة في كل ترجمات الأعلام , وإما أن تكون في المادة التي جعلها للقرآن , وسأجمع أولا ما تفرق , ثم ألخص ثانيا ما ذكره في تلك المادة.
أولا: سرد ترجمات القرآن.
1 – آربري (1969) , بدأ في أوائل الخمسينيات بترجمة جديدة للقرآن , فأصدر أولا ترجمة لمختارات من بعض آيات القرآن , مع مقدمة طويلة , وهي تعتبر المجلد التاسع من سلسلة بعنوان " الكلاسكيات الأخلاقية والدينية للشرق والغرب " , وفي عام 1955م أصدر ترجمته المفسرة للقرآن , وهي ليست ترجمة حرفية , وإنما هي ترجمة مفسرة , تعطي المعنى في أسلوب رشيق جميل , ولا تتقيد بحرفية الآيات ولا يتسلسل تركيبها اللغوي , وهذه الترجمة - كما يقول بدوي- أجمل في القراءة من أية ترجمة أخرى للقرآن , ولكنها لا تُغني عن الترجمات الأخرى الدقيقة , مثل ترجمة رودول الانجليزية , أو ترجمة بلاشير الفرنسية , ومع ذلك فهي من أجلّ أعمال الاستشراق , وأعظم إنتاج أربري
الموسوعة (7).
2 - يوحنا الأشقوبي (1456) , أراد يوحنا أن يكتب ردا ضد الإسلام , واستعدادا لذلك رأى أن يعمل على ترجمة القرآن إلى اللاتينية أولاً , ولما كان لا يعرف العربية , فقد استقدم من أسبانيا فقيها مسلما يعرف الإسبانية والعربية بالطبع , ويرى بدوي أن هذا الفقيه مزعوم وليس له حقيقة , وكان هذا الفقيه فيما زعموا يتولى الترجمة فيصوغها يوحنا باللغة اللاتينية , وبعد أن قام بتلك الترجمة أخذ يوحنا في تأليف كتابه في الرد على الإسلام , وكان بعنوان " طعن المسلمين بسيف الروح " وقد ضاع هذا الرد , وتلك الترجمة.
الموسوعة (41).
3 - بارت رودي (1983) , أكبر عمل قام وارتبط به اسمه هو ترجمته للقرآن إلى اللغة الألمانية , وقد كانت الترجمة في مجلد , وعلق عليها في مجلد آخر , وفي هذه الترجمة لم يشأ بارت أن يدخل في مغامرات " تشير ربل " الذي قطع القرآن تقطيعا اعتباطيا , ولم يبين دواعيه وأسبابه حتى فرق القرآن إربا إربا , ولا في محاولات " رجي بلاشير " حيث وضع تريب تاريخي للسور حسب نزولها فيما تخيل , بل ترجم بارت القرآن بحسب الترتيبي العثماني المتعارف عليه.
وقد التزم في الترجمة الدقة , وإن جاءت أحيانا على حساب الأناقة في العبارة الألمانية , وأما في فهم النص فقد ابتعد عن إيغالات المفسرين ذوي النزعات الخاصة , وتعلق بالنص كما هو في أبسط فهم له , ومتى تكون الترجمة الحرفية غير واضحة فإنه يضع بين قوسين كلمات إضافية ابتغاء الإيضاح.
وفي المجلد الثاني وضع تعليقات على المواضع المشكلة في فهم بعض الآيات في كل سورة
الموسوعة (62).
4 - بالمر (1882) , دعا بالمر إلى القيام بترجمة للقرآن , وقد أتم بالمر هذه الترجمة في 1881م , وصارت هذه الترجمة واسعة الانتشار ومشهورة جدا , وقد طبعت مع مقدمة بقلم رينولدالين نيكلسون.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويقول بالمر عن ترجمته هذه:" إن ترجمة القرآن كما ينبغي هي مهمة عسيرة جدا , ومحاكة القافية والإيقاع من شأنه أن يعطي القارئ الإنجليزي رنينا مصطنعا غير موجود في الأصل العربي , ونفس الاعتراض ينهض ضد استعمال أسلوب الترجمة الرسمية للكتاب المقدس ...... , ولهذا حاولت أن اتخذ طريقا وسطا: لقد ترجمت كل جملة بالقدر من الحرفية الذي يسمح به الاختلاف بين اللغتين , وترجمت كلمة بكلمة كلما كان ذلك ممكنا , وحيثما يكون التعبير خشنا أو مبتذلا في العربية لم أتردد في نقله بلغة إنجليزية مماثلة , حتى ولو كان النقل الحرفي ربما يصدم القارئ ".
وقد اختلف رأي المستشرقين البريطانيين في قيمة هذه الترجمة , فمنهم من قال – وهو هامتلون – بأنها حرفية وغير متكافئة , ومنهم من قال – وهو استانلي – إنها يعوزها الإيضاح , وقد نقد بدوي هذين الرأيين , وقال عنهما إن:" كليهما سخيف؛ لأنه لم يبن على أي برهان "
الموسوعة (69).
5 - بطرس المحترم (1156) , ظن بطرس أنه سيخدم المسيحية بواسطة ترجمة القرآن إلى اللاتينية , وفي سبيل هذا لجأ إلى مدرسة المترجمين من العربية إلى اللاتينية في طليطلة , وكلف أربعة بهذا العمل , منهم رجل عربي مسلم , وأنجزت هذه الترجمة في سنة 1143م.
وقد طبعت هذه الترجمة ونشرت , وألحق بها بعض الرسائل المتعلقة بالنبي والقرآن والإسلام , ثم صدرت طبعة ثانية لها سنة 1550م , وقد نقدها بعض المستشرقين , ومنهم " أربتيوس و نسليوس " وبيّنا ما فيها من أخطاء وغموض.
وهذه الترجمة تعتبر أول ترجمة إلى اللاتينية للقرآن كله من اللغة العربية مباشرة , وقد استمرت معتمدة في أوروبا حتى نهاية القرن السابع عشر , ولما أكمل بطرس المحترم الترجمة , أخذ في تأليف كتاب يرد فيه على الإسلام.
الموسوعة (110).
6 - بلاشير ريجي (1973) , ترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية , مع مقدمة طويلة وتفسير قصير , وقد رتب القرآن في الترجمة وفقا لما ظن أنه ترتيب نزول السور والآيات , وفي طبعة أخرى سنة 1957م عاد إلى الترتيب الأصلي الوارد في المصحف.
الموسوعة (127).
7 - بونلي (1947) , ترجم القرآن إلى الإيطالية , وهي ترجمة حرفية دقيقة , وقد طبعت عدة طبعات , وتعبر من أبرز أعمال بونلي.
الموسوعة (148).
8 - جالان (1715) , له أعمال كثيرة منها: ترجمة للقرآن.
الموسوعة (167).
9 - جرماتوس (1670) , أهم أعماله ترجمة للقرآن إلى اللاتينية , مع رد على القرآن , وقد قام بهذا العمل بعد عودته من الشرق سنة 162م , ولكن هذه الترجمة لم تطبع وكذلك الرد.
الموسوعة (180).
10 - الداديخي (فراعلي الأنطاكي) , يقول جنليوس عن الداديخي:" إنه من أنطاكية , ومسيحي الديانة , ..... , وقد بلغ من المعرفة باللغة العربية حدا جعله يترحم كل القرآن وهو شاب من العربية إلى اللاتينية ".
الموسوعة (239).
11 - دي ريير (1660) , ترجم القرآن , ولقيت هذه الترجمة رواجا عظيما , حتى ظهرت ترجمة ساقاري في سنة 1783م , وعن ترجمته الفرنسية هذه تمت ترجمة القرآن إلى الإنجليزية والهولندية , وعن هذه الهولندية ترجم إلى الألمانية.
الموسوعة (327).
12 - سيل (1736) , اشتهر هذا المستشرق بترجمته للقرآن إلى الإنجليزية , وقد عمل تعليقات على تلك الترجمة , وهذه التعليقات أخذها من ترجمة مرتشي للقرآن كما اعترف هو بذلك , فإنه يقول عن ترجمة مرتشي:" إن ترجمة مرتشي هي على وجه العموم دقيقة جدا , لكنها تلتزم بالأصل العربي على نحو حرفي يجهل من غير السهل فهمها على أولئك الذين ليسوا متظلعين في العلوم الإسلامية , صحيح أن التعليقات التي زودها بها مفيدة جدا , لكن ردوده وقد تمخضت في مجلد كبير ليست لها قيمة إطلاقا أو قيمتها ضئيلة؛ لأنها غالبا غير مقنعة , وأحيانا غير موفقة , لكن العمل في مجموعه برغم كل أغلاطه ثمين جدا , وسأكون مرتكبا لإثم الجحود إذا لم اعترف بأنني مدين له بالكثير , لكنه لما كان مكتوبا باللاتينية فإنه لن يكون مفيدا لأولئك الذين لا يفهمون هذه اللغة ".
ويعلق روس على هذا قائلا إن:" ترجمة سيل لو قورنت بترجمة مرتشي تدل على أن مرتشي قد أنجز من العمل ما يكاد يجعل عمل سيل قابلا للإنجاز بواسطة معرفة اللغة اللاتينية وحدها".
وقد نشر سيل ترجمته للقرآن سنة 1734م.
(يُتْبَعُ)
(/)
وترجمة سيل هذه واضحة ومحكمة معا كما يقول بدوي , ولهذا راجت رواجا كبيرا طوال القرن الثامن عشر , وعنها ترجم القرآن إلى الألمانية في سنة 1746م.
وقد قدم سيل بين يدي ترجمته بمقال تمهيدي تحدث فيه عن تاريخ العرب قبل الإسلام ودياناتهم , وعن القرآن , وقدم لمحة عامة عن أهم الفرق الإسلامية.
الموسوعة (358).
ثانيا: تلخيص ما جاء في مادة "قرآن ".
عقد بدوي في موسوعته مادة عن القرآن , تحدث فيها عن أعمال المستشرقين حول القرآن , وقد قسم تلك المادة إلى ثلاثة فروع , الأول: عن طبعات المستشرقين للقرآن بالعربية , والثاني: عن فهارس القرآن عندهم , والثالث: عن ترجمات القرآن الأولى في اللغات الأوروبية.
وسألخص هنا الفرع الثالث , وقد يكون فيه شيئا مكرر مما سبق ذكره , ولكنه ليس كثيرا.
1 - الترجمة اللاتينية الأولى:
أول ترجمة كاملة للقرآن إلى اللاتينية هي الترجمة التي دعا إليها بطرس المحترم , وقد تولى الترجمة أربعة منهم رجل عربي مسلم , وطبعت هذه الترجمة الطبعة الثانية سنة 1550م , وقد تحدث بدوي عن هذه الطبعة طويلا.
وهذه الترجمة التي دعا إليها بطرس أقرب إلى التلخيص الموسع منها إلى الترجمة , فهي لا تلتزم بالنص دقة وحرفية , ولا تلتزم بترتيب الجملة في الأصل العربي , وإنما تستخلص المعنى العام في أجزاء السورة الواحدة وتعبر عنه بتعبير من عند المترجم , وهذا عيب عام على هذه الترجمة , وفيها عيوب أخرى منها أخطاء في فهم بعض الآيات.
وقد انتشرت هذه الطبعة ولم يضع حدا لهذا الانتشار إلا الترجمة التي قام بها مرتشي سنة 1698.
وقد نشر بيلياندر ترجمة بطرس هذه بعد أربعة قرون من إنجارها.
2 - الترجمة الإيطالية الأولى:
أول ترجمة إيطالية مأخوذة من ترجمة بطرس المحترم السابقة , وقد زعم بعضهم أنها مأخوذة من الأصل العربي مباشرة , وهذا كذب كما يقول بدوي , وقد كانت هذه الترجمة سنة 1547م.
3 - الترجمة الألمانية الأولى:
الترجمة الألمانية الأولى مأخوذة من الترجمة الإيطالية السابقة , وقد ترجمت سنة 1616م , قام بها سالومون اشقجر , ثم طبعت ثانية سنة 1623م.
4 - الترجمة الهولندية الأولى:
وهذه الترجمة مأخوذة من الترجمة الألمانية السابقة سنة 1641م , وقد ظهر في عنوانها غلطين كما يقول بدوي , هما:
1 - إثبات كونها مأخوذة من الأصل العربي مباشرة , وهي ليست كذلك.
2 - وقوع الغلط في مكان طباعتها.
5 - الترجمة الفرنسية الأولى:
أ – أول ترجمة للقرآن إلى الفرنسية هي التي قام بها دي ريير سنة 1647م , وكان المترجم يتقن العربية جيدا , ولكن في ترجمته هذه كثيرا من المواطن الغامضة , وهو لم يعلق على ترجمته بتعليقات تشرح تلك المواطن الغامضة , وقد أعيد طبعها في هولندا سنة 1649م.
وقد ظفرت هذه الترجمة بنجاح كبير , بدليل أنها ترجمت عدة ترجمات إلى الإنجليزية وإلى الهولندية , وعن الهولندية ترجمت إلى الألمانية.
ب – أما ثاني ترجمة فرنسية فقد ظهرت سنة 1783م , قام بها ساقاري , وقد قدم قبلها بمقدمة قارن فيها بين هذه الترجمة والترجمات التي قبلها , وتحدث فيها عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
6 - الترجمة الإنجليزية الأولى:
أقدم ترجمة إنجليزية للقرآن عن العربية مباشرة هي تلك التي قام بها جورج سيل , وظهرت في لندن سنة 1734م , وقد حظيت هذه الترجمة بانتشار واسع منذ ظهورها حتى اليوم.
وقد طبعت ثانية في لندن سنة 1764م , وعن هذه الترجمة تمت ترجمتها إلى الألمانية.
7 - الترجمة الألمانية الأولى:
أقدم ترجمة ألمانية من النص العربي مباشرة هي ترجمة دافيد فريدرش , وظهرت سنة 1772م , تحت عنوان " الكتاب المقدس التركي " الإسلامي " " , وهذه الترجمة هي التي قرأها جينيه ومنها بدأ إعجابه واهتمامه بالإسلام.
وفي السنة التالية 1773م ظهرت ترجمة ألمانية أخرى عن الأصل العربي , وقد قام بها قربوريش أبرهرد , وعنوانها " القرآن أو التشريع عند المسلمين , لمحمد بن عبدالله , مع بعض الدعوات والصلوات القرآنية الاحتفالية " , ثم أعيد طبعها مصححة سنة 1775م.
ثالثا:قراءة وتحليل:
الناظر في تلك الجهود التي بذلها المستشرقون في ترجمة القرآن يمكن أن يخرج بعدة نتائج وأفكار , منها:
الأولى: كثرة اهتمام المستشرقين بالقرآن الكريم وبترجمته , ويدل على ذلك كثرة الترجمات التي عملوها له , وتنوع اللغات التي نقلوها إليها , وقدم الزمن الذي وقعت فيه.
الثانية: اختلاف غرض المستشرقين من ترجمة القرآن , فمنهم من كان غرضه من الترجمة الرد على الإسلام والطعن فيه , ومنهم من لم يظهر هذا الغرض عنده , فقد يكون غرضه زيادة العلم بالدين الإسلامي أو أي غرض آخر.
الثالثة: أن مناهج المستشرقين في الترجمة متنوعة , وهي كما يلي:
أ – من حيث المحافظة على ترتيب القرآن , فمنهم من حافظ على ترتيب القرآن المعروف , ومنهم من لم يحافظ عليه وإنما رتب القرآن على حسب النزول كما زعم , ومنهم من لم يتخذ تريبا معينا وإنما قطع القرآن تقطيعا.
ب- من حيث التزام الحرفية في الترجمة , فمنهم من التزم بالترجمة الحرفية للقرآن , ومنهم من لم يلتزم بها , وإنما كان يترجم المعنى فقط.
ج – من حيث تجريد الترجمة , فمنهم من كان يضيف إلى الترجمة تعليقات إما توضيحية أو نقدية , ومنهم من لم يكن يعلق بشيء وإنما يترجم النص القرآني فقط.
الرابعة: أن تلك الترجمات مختلفة من حيث السهولة والغموض , فمنها ترجمات سهلة وواضحة , ومنها ترجمات غامضة وعسرة.
الخامسة: أن تلك الترجمات مختلفة من حيث القيمة العلمية , فمنها ترجمات متقنة منضبطة , ولهذا كانت لها قيمة علمية واعتمدت وانتشرت وتُرجِمت إلى لغات أخرى , ومنها ترجمات غير متقنة ولهذا انتقدت وردت.
السادسة: أنه يكمن أن يستفاد من نقد المستشرقين بعضهم لبعض في الحكم على تلك الترجمات وتقييمها , ومعرفة مواطن الغلط والضعف فيها.
السابعة: ضرورة دراسة التعليقات التي وضعها المستشرقون على ترجماتهم؛ ليعرف قدر إدراكهم للقرآن الكريم ومدى صحة تصوراتهم لمعانيه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Aug 2008, 04:18 م]ـ
أنا سعيدٌ جداً بمشاركة الصديق العزيز سلطان العميري لنا في ملتقى أهل التفسير وهو باحث جاد وأرجو له مستقبلاً زاهراً بإذن الله، وهو يعمل معلماً في معهد الحرم المكي الشريف وفي جامعة أم القرى. وأرحب به في ملتقى أهل التفسير وأشكره على هذا التلخيص والترتيب لما في موسوعة المستشرقين لعبدالرحمن بدوي حول ترجمات القرآن الكريم التي قام بها المستشرقون.
والملحوظات التي ذيلت بها المقالة مهمة وتفتح أفقاً للباحثين في تتبع هذه الترجمات وما فيها من الفوائد والمؤاخذات. وقد كتب حول هذه الترجمات عددٌ لا بأس به من الدراسات والأبحاث بعضها منشور في ملتقى الانتصار للقرآن الكريم في الملتقى.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[03 Aug 2008, 10:49 م]ـ
أرحب بأخي الباحث سلطان، وأشكره على هذا المقال الرائع، ولعله يتابع معنا في الملتقى بمقالات علمية.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[19 May 2009, 03:36 ص]ـ
مرحباً بأخي سلطان , وأسأل الله له التوفيق.
---
ها هنا: عرضٌ لكتاب: (دفاعٌ عن القرآن ضد منتقديه) للدكتور عبد الرحمن بدوي.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4455(/)
لقاء علمي مع الشيخ عبدالرحمن بن معاضة الشهري يوم الأربعاء المقبل بمدينة الرياض في؟؟؟
ـ[أبوعبدالملك التميمي]ــــــــ[02 Aug 2008, 08:25 ص]ـ
ضمن اللقاءات العلمية الأسبوعية التي تقيمها (الدورة المكثفة في حفظ وإسماع المتون العلمية) بجامع الأميرة نوره بنت عبدالله بحي النخيل بشمال الرياض، سيعقد لقاء علمي مع فضيلة الشيخ الدكتور: عبدالرحمن بن معاضة الشهري
عنوانه: (أثر النحو في التفسير وتدبر القرآن) وذلك يوم الأربعاء الموافق
5/ 8/1429هـ من الساعة السابعة وحتى الثامنة إلا ربع صباحا بإذن الله تعالى.
جوال الجامع/0533440093
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[02 Aug 2008, 08:53 م]ـ
موضوع رائع أرجو من الإخوة المشرفين رفع المحاضرة بعد إلقائها بمشيئة الله
على الموقع لتعم الفائدة.
ـ[ناصر الربيعان]ــــــــ[02 Aug 2008, 11:34 م]ـ
وفق الله شيخنا.
نحن بحاجة إلى تلك المواضيع تبصرة وذكرى.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[04 Aug 2008, 02:30 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
ماشاء الله، فارس الميدان الشيخ عبد الرحمن.
أسأل الله أن يفتح عليه فتحاً موفَّقاً.
وليت القائمين على اللقاء يعتنون به تسجيلاً، وتفريغاً وصفاً وطباعة؛ فهو موضوع مهم لطالب التفسير جداً.
والدعاء موصول بالتوفيق للشيخ نفع الله به الأمة.
ـ[أبوعبدالملك التميمي]ــــــــ[04 Aug 2008, 04:43 م]ـ
أبشر الإخوة بأنه سيتم -بإذن الله- تسجيل المحاضرة ورفعها على الشبكة وتنزيلها في هذا الموضوع
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[14 Aug 2008, 01:32 ص]ـ
أرجو من الاخوة رفع المحاضرة
ـ[النورس]ــــــــ[15 Aug 2008, 02:10 ص]ـ
جزاكم الله عنا خيرا، وقد انتفعنا من هذه الدورة وقد شاركت فيها وهي من أنفع الدورات في الحفظ التي استفدت منها، أعاننا الله على إكمال حفظ ألفية ابن مالك
ـ[غالب بن محمد المزروع]ــــــــ[16 Aug 2008, 05:47 ص]ـ
هل تم تسجيل هذا اللقاء العلمي؟!
نرجو رفعه كرمًا لا أمرًا ...
ـ[أبوعبدالملك التميمي]ــــــــ[10 Sep 2008, 12:07 م]ـ
تم رفع المحاضرة على الموضوع:
حمل محاضرة (أثر النحو في التفسير وتدبر القرآن) للشيخ د. عبدالرحمن بن معاضة الشهري ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=60365#post60365)(/)
وطلح منضود لا موز منضود
ـ[العرابلي]ــــــــ[02 Aug 2008, 03:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
وطلح منضود لا موز منضود
الطَّلْحُ: شجرة حجازية جَناتها كجَناة السَّمُرَةِ، ولها شَوْك أَحْجَنُ ومنابتها بطون الأَودية؛ وهي أَعظَم العضاة شوكاً وأَصْلَبُها عُوداً وأَجودها صَمْغاً؛ الأَزهري: قال الليث: الطَّلْحُ شجرُ أُمِّ غَيْلانَ ووصفه بهذه الصفة.
وقال: قال ابن شميل: الطَّلْحُ شجرة طويلة لها ظل يستظل بها الناس والإِبل، وورقها قليل، ولها أغصان طوال عظام تنادي السماء من طولها، ولها شوك كثير من سلاء النخل، ولها ساق عظيمة لا تلتقي عليها يدا الرجل، تأْكل الإِبل منها أَكلاً كثيراً، وهي أُم غَيْلاَنَ تنبت في الجبل، الواحدة طَلْحَةَ.
وقال أَبو حنيفة: الطَّلْح أَعظم العِضاه وأَكثره ورقاً وأَشدّه خُضْرة، وله شوك ضِخامٌ طِوالٌ وشوكه من أَقل الشوك أَذى، وليس لشوكته حرارة في الرِّجْل، وله بَرَمَةٌ طيبة الريح، وليس في العِضاه أَكثر صمغاً منه ولا أَضْخَمُ، ولا يَنْبُتُ الطَّلْحُ إِلا بأَرض غليظة شديدة خِصبَة، واحدته طَلْحة.
الأَزهري: قال أَبو إِسحاق في قوله تعالى: (وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ (29) الواقعة. جاء في التفسير أَنه شجر الموز، قال: و الطَّلْحُ شجر أُمِّ غَيْلان أَيضاً، قال: وجائز أَن يكون عنى به ذلك الشجر لأَن له نَوْراً طيب الرائحة جدّاً، فَخُوطِبُوا به ووُعِدُوا بما يحبون مثله؛ إِلا أَن فضله على ما في الدنيا كفضل سائر ما في الجنة على سائر ما في الدنيا.
والطَّلْحِيَّةُ: للوَرَقَةِ من القِرْطاسِ، مُوَلَّدَةٌ.
الطلح: الطَّلْعُ، والمَوْزُ، والخالي الجَوْفِ من الطَّعامِ، والطلح بالتحريكِ: النِّعْمَةُ.
ابن فارس: ومن الباب الطَّلاحُ: ضِدُّ الصَّلاحِ. وكأنَّه من سوء الحال والهُزَال.
وهو طِلْحُ مالٍ: إزاؤُه. وطِلْحُ نِساءٍ: يَتْبَعُهُنَّ، فيعييه ويهزله هذا الاتباع.
الطلح والطليح؛ المهزول المجهود، والطلح والطلاحة الإعياء والسقوط في السفر، وطلِح إذا أضمره الكلال والإعياء، وقاتلهم حتى طلح؛ أي أعيا.
روى الأَزهري بسنده عن موسى بن طلحة بن عبيد الله عن أَبيه قال: سماني النبيّ، يوم أُحد: طلحة الخَيْر، ويوم غزوة ذات العُشَيْرةِ: طلحة الفَيَّاض، ويوم حُنَيْن: طلحة الجودِ.
اجتمعت في الطلح من الصفات الطيبة الحسنة ما لم تجتمع في الموز؛
- الطلح من الشجر العظام الذي يمتد طولا في السماء، ويستظل به لكبره، ولافتراش ورقه كمثل القرطاس، وخضرته، وهذا يتناسب مع قوله تعالى: (وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ (30) الواقعة.
...... والموز قصير الطول، ولا يصلح للعيش تحته والاستظلال بورقه.
- الطلح له ساق قوية وصلبة لا تحيط بها يدا الرجل، وهذا يتناسب مع صفة الجنة الدائمة،
...... وساق الموز ضعيفة، وعمرها قصير، وتزال بعد أخذ الثمر عنها ليتجدد غيرها ويحل محلها.
- شوك الطلح أقل الشوك أذى، وليس لشوكته حرارة في الرجل؛ وهذا يتناسب مع السدر الذي حضد شوكه في قوله تعالى (فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ (28) الواقعة.
- الطلح له برمة طيب الرائحة. والأكل يزيد طيبًا كلما كان له رائحة طيبة.
- الطلح يدل على اللين والهزال والإعياء، والضمور وهو طعام سهل لين على الإبل نافع لها، وهذا يتناسب مع نضج الفاكهة وصلاحها للتناول في الأكل مباشرة، وصلاحه لأن ينضد لأنه يضمر مع نضجه؛ (وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ (29) الواقعة.
...... أما الموز فثمره صلب، ولا يؤكل حتى يعد بالتخمير في مكان حار ليلين ويصبح صالحًا للأكل، وإذا نضد على بعضه فسد، ويسيل ماؤه، فلا بد من تمايزه عن بعضه بعدما يتم تجهيزه للأكل خلاف الطلح.
- الطلح من الطعام ما لا جوف له، باطنه كظاهره، وهذا يعني أنه ليس له قشر يرمى ويبعد، وليس له كذلك بذر في باطنه يلقى ويرمى، وليس في الجنة ما يعد قمامة ولا زبالة، فليس في الجنة غير الطيب من الطعام، وليس فيها ما لا ينتفع به.
...... أما الموز؛ فلبه الذي يؤكل، ويرمى بقشره.
من ذلك يتبين لنا بلاغة القرآن في ذكر الطلح بدلا من ذكر الموز؛ وإن جعل الطلح اسمًا آخر للموز.
فانظر كيف اجتمع في الطلح محاسن الموز المعد للأكل، وخضرة ورق شجره وافتراشها؛ الصالح ليعمل ظلا في الجنة،
وخلص من عيوب ثمر الموز، وعيوب شجره الذي لا يناسب صفة أشجار الجنة وثمرها المنضود.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونتقل إلى وقفات ولمسات بيانية أخرى في سورة الواقعة؛ وهي سورة أحبها، وقد شرعت في تأليف كتاب قبل سنوات بعنوان "سورة الواقعة سورة أحبها" لكن تلف الهاردسك فأضاع علي ما كتب، ولم أكن قد حفظت له نسخة قبل التلف ...
في سورة الواقعة تحدث الله تعالى عن طائفتين من أهل الجنة؛ هما:
المقربون السابقون ومكانهم في أعلى الجنة.
وأصحاب اليمين ومكانهم في الجنة ابتداء من أسفلها باتجاه أعلاها.
وأسفل الجنة هو الأقرب إلى النار لموقعه بعد السور الذي يضرب بين الجنة والنار.
ولذلك كان من أهل هذه الجنة من يستطيع أن يكلم أهل النار، ويكلمه أهلها، كما بينت ذلك سورة الأعراف.
وفيها الذي ذكر الله تعالى قصته في سورة الصافات؛ (قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ (53) قَالَ هَلْ أَنتُم مُّطَّلِعُونَ (54) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ (55) الصافات.
ومثل هذا الذي كان له قرين وصاحب في الدنيا كمثل هذا الهالك في النار؛ لا يتوقع له أن يكون له منزلة عالية في الجنة. لذلك كان في مكان استطاع رؤية قرينه؛ وحمد الله انه لم يكن معه؛ (قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدتَّ لَتُرْدِينِ (56) وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (57) الصافات.
فناسب منزلة أصحاب اليمين من الجنة، وأنها الأدنى إلى النار أن يذكر نوعين من النبات الذي ينبت في المناطق الحارة، ولهما ثمر كثير يتناسب مع كثرة أهل اليمين، وأهل اليمين من اسم يفيد أنهم نالوا الجنة بجهد ومشقة حتى استطاعوا أن يكونوا من أهلها.
فقال تعالى: (وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ (29) الواقعة.
ولما كان ذكر هذه الأشجار يستحضر ذكره سطوع الشمس، وشدة الحر، والحاجة إلى الظل؛ لأنهما من الأشجار الحارة؛ ذكر تعالى بعدها: (وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ (30) الواقعة.
وتخفيف الحر يحتاج كذلك إلى ترطيب الجو برش الأرض بالماء؛ فقال بعدها: (وَمَاء مَّسْكُوبٍ (31) الواقعة.
ولو بقيت أنهار الجنة متفقة في أسفلها كتدفقها في أعلاها؛ لفاضت على أهل النار، فكان ذكر سكب الماء بدل ذكر الأنهار أنسب لمكانة هذا المكان من الجنة.
ولما كان توفر المياه السطحية في الجنة بكثرة، وهو الأنفع للنبات لتخلله بين جذورها، ومع وجود شدة الحرارة؛ فإن إنتاج النبات للفاكهة يكون أكثر؛ لحاجة النبات للماء والحرارة؛ فقال تعالى: (وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) الواقعة.
ولما كانت المناطق الباردة تنتج الفاكهة في فصول محددة وقصيرة، نجد أن المناطق الحارة إذا توفرت فيها المياه؛ تنتج أكثر من محصول في العام؛ وتصلح فيها الزراعة طوال العام، فذكر تعالى في صفة هذه الفاكهة أنها: (لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) الواقعة. أي لا تنقطع؛ فهي متوفرة بصفة دائمة، ولا يمنع منها أحد لكثرتها، فهي تزيد عن كفاية أصحاب الجنة، وخاصة أصحاب هذه المنزلة من الجنة.
مع أن عموم الجنة لا حر فيها ولا برد؛ فقال تعالى: (وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) الإنسان. لباس من حرير خفيف، يناسب مكان ظليل، لا شمس فيه ولا زمهرير.
ولكن ما يأتي على ذكره في سورة الواقعة يناسب كل فئة ممن ذكر فيها.
ولما كانت المناطق الحارة من مسببات الهياج الجنسي؛ ويرضى الرجال فيها بنساء هن دون ما يتطلعون، ويقبلون بهن على دنو منزلتهن في الجمال؛ فإن الله تعالى ذكر صورة لأزواج أهل هذه الفئة من أصحاب الجنة، ومدحهن بما لم يذكر مثله في سورة أخرى، ولك أن تتخيل بعد ذلك كيف تكون أزواج المقربين؟!؛ فقال تعالى: (وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ (34) إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38) ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ (39) وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ (40) الواقعة.
(يُتْبَعُ)
(/)
فوصفهن بـ "فرش" يناسب عدم نوم أهل الجنة عمومًا، إلا لسبب واحد. فكيف بمن اتصفت جنته بدفء لا برد يخلفه؟!
ووصف هذه الفرش بأنها "مرفوعة" يناسب ما سبق ذكر؛ (وماء مسكوب) يجب الترفع عنه.
ووصفهن بكمال إنشائهن (إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء)، يناسب رفع التوهم بدنو منزلتهن، فقد كانت العناية بهن كبيرة لجعلهن على ما هن عليه.
ووصفهن "أبكارًا" يناسب أيضًا رفع الوهم بالرضا بالثيب دون البكر، فكانت لهم الدرجة الأعلى.
ووصفهن "عربًا" أي متحببات لأزواجهن؛ أي يحببن الحديث معهم؛ ويرفع ذلك الوهم بأن الحرارة تعمل على تضييق الصدر، فيقصر صاحب الكلام كلامه، ولا يطنب وينبسط فيه.
ووصفهن " أترابًا" ومادة "ترب" التي منها التراب؛ الذي جاء اسمه من صغر جزيئاته وكثرتها، والتصاقها وقرب بعضها من بعض؛ وهذا يجعل هذا الوصف يناسب أمورًا عديدة؛
- أنهن صغيرات في السن، والرغبة في صغيرة السن أكثر من الكبيرة.
- وأنهن صغيرات في الجسم، فالجمال يعظم مع صغر الجسم؛ فتصغر لذلك التقاطيع المرغوبة في المرأة.
- وأنهن كثيرات العدد؛ وهذا يتناسب مع كثرة عدد أهل اليمين اللواتي هن لهم.
- وأنهن يتقربن من أزواجهن، ويلتصقن بهم، محبات غير نافرات، ولا مبتعدات.
ومع كل هذا الوصف المشوق الحالم لأصحاب اليمين؛
فاجعل همتك عالية، واسأل الله تعالى الفردوس الأعلى مع المقربين؛ الذي حض على سؤاله النبي صلى الله عليه وسلم.
فإني أسمع كثير من الناس يدعون الله تعالى أن يجعلهم من أصحاب اليمين، وهم لا يدرون أنهم يسألون الله المنازل الأدنى في الجنة.
وأعجب من ذلك أن يسأل المرء الله تعالى أن يدخله الجنة ولو خلف الباب، وهو لا يدري أن من خلف الباب هم آخر من يدخل الجنة بعد العذاب!!
ولتكن همة الأخوات المؤمنات عالية أيضًا، فعطاء الله في الأعلى؛ أمتع وأعلى لكلا الجنسين ... وهن أعلى منزلة من الحور العين في كل منزلة من منازل الجنة.
نسأل الله تعالى أن يعفو عنا، ويغفر لنا، ويحاسبنا حسابًا يسيرًا، ويدخلنا الجنة سريعًا، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا، إن كان غفورًا رحيمًا، وبنا سميعًا بصيرًا.
والله تعالى أعلم.
أبو مُسْلم/ عبد المجيد العرابلي
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[03 Aug 2008, 09:32 ص]ـ
[ QUOTE= العرابلي;58721] [ SIZE="4"] بسم الله الرحمن الرحيم
وطلح منضود لا موز منضود
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
طلح منضود ... و طلع نضيد ... و موز منضود.
مدخل و توطئة:
لمصطلحات الطلح و الطلع و الموز في التراث العربي الإسلامي، و في كتب الطب و النبات و اللغة و التفسير خاصة، نفس الوضع الذي نجده عند مصطلحات كالطحلب و الأشن و الحزاز ... بل و حتى عند الخوخ و البرقوق و المشمش و الإجاص و الكمثري في كتب اللغة و النبات و الطب ...
لا يكاد يصدق العقل كل الإختلاف الحاصل عندنا في تحديد مفهوم أي مصطلح من هذه المصطلحات ...
بعد بحث دام سنين طويلة في تحديد مفاهيم هذه المصطلحات الشبه الشائعة، تأكد عندي بها و فيها، أن العرب قد اتفقوا فعلا على أن لا يتفقوا على تحديد مفاهيمها ...
و الإختلاف في تحديد مفاهيم المصطلحات آفة خطيرة جد منتشرة في كتاباتنا ... لا يخلوا منها حتى ملتقانا المبارك هذا ... فما أكثر المعارك الكلامية فيه حول تحديد مفهوم مصطلحات في العقيدة و اللغة و الرسم و التجويد و القراءات ... تتضارب أقوال الأساتذة المختصين المتكلمين فيها بشكل يتعجب منه القارئ العادي و طالب العلم، و تزداد حيرته و يقل فهمه و لا يصله مقصود المتكلمين فيها و لا يدرك مبتغاهم ... و تنتهي المعارك الكلامية دون الفائدة العلمية المنتظرة و الطلوبة، أو بفوائد جد هزيلة، ليبدأ الجدل العقيم من جديد ...
أما عن الطحلب و الأشن و الحزاز، فقد بينت في دراسة نشرت في بداية التسعينات [1]، تضارب الأقوال و أختلاف المفاهيم حول هذه المصطلحات النباتية منذ كتابات عصر الترجمة ببيت الحكمة ببغداد، و إلى مواد معاجمنا العربية في اللغة و الطب و النبات، و المتداولة بين الطلاب و الأساتذة إلى يومنا هذا ... و ليس في هذا التعميم مبالغة و لا تسرع في الحكم دون تدقيق و تحقيق ... و في الدراسة المنشورة أمثلة و نماذج ناطقة و محددة [1] ...
(يُتْبَعُ)
(/)
فلا الطحلب في سوريا هو الطحلب في مصر ... و لا أشن مصر هو أشن الحجاز ,,, و لم يتأكد عند الكثير من علمائنا الأوائل أن الحزاز نبات ...
و تطرقت صفوة من سراة موقع الوراق، في بحث خاص [2]، إلى تحديد مفاهيم أكثر الفواكه تواجدا على رفوف " الفكهانيين " العرب في أسواقنا، و على الموائد العربية و في الثلاجات في بيوتاتنا، و أعني بها فواكه: الخوخ و المشمش و البرقوق و الإجاص و الكمثري ...
و جاءت النتيجة مرة أخرى لتؤكد على أننا فعلا اتفقنا على أن لا نتفق على تحديد مفهوم حتى هذه الأنواع النباتية التي نظن كلنا أننا نعرفها:
و الحصيلة العلمية الأكيدة هي أن مفهوم هذه المصطلحات في المشرق العربي هو غير مفهومها في غربه ... فلا برقوق لبنان و سوريا و مصر هو برقوق تونس و المغرب و الجزائر، و لا إجاص الغرب هو إجاص المشرق، و قس على هذا مفهوم باقي الأسماء ...
و من أغرب التحقيقات العلمية العربية التي نشرت على أوسع نطاق و في أشهر المنابر الثقافية، و عايشتها و كتبت فيها و عنها، مقالة أن {الجنسنغ} الصيني، هو {اليبروح} عند العرب ... و {الجنسنغ} نبات طبي منعش مقوي للمناعة لا ضرر من شرب ثلاثة كؤوس يوميا و لمدة أسابيع، و أقول هذا عن تجربة و تطبيق شخصي ... أما {اليبروح} ـ و هو المعروف عند العطار المغربي ببيض الغول ـ فهو نبات سام مخدر مسبت، قاتل إن أخذ منه الكثير ...
و هذه قصة أخرى أغرب من سابقاتها ... و ما زالت هذه المعلومة متداولة إلى يومنا هذا في المعشبات العربية الحديثة في الوطن العربي ...
فلا غرابة بعد هذا أن ينضاف إلى اللائحة، و بهذه المناسبة، مصطلحات الطلح و الطلع و الموز ... و فيها كلام كثير ...
و للحديث بقية.
ـــــــ
[1]: {مفهوم الحزاز و الطحلب و الأشن في اللغة و الطب و علم النبات}: مجلة " اللسان العربي "، عدد 36 ـ 1413هـ / 1992 ـ: 0258 - 3976 – ISSN ـ صص 175 ـ 188.
[2]: ينظر ملفي: {نباتات بلادي} بمجلس العلم و التكنولوجيا بالرابط: www.alwaraq.net/Core/dg/dg_topic?ID=2390 - 61k
ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[03 Aug 2008, 12:10 م]ـ
قرأ الإمام علي رضي الله عنه على المنبر " طلع منضود" فقيل له إنما هو "طلح" فقال ما للطلح وللجنة؟ فقيل أنصلحها في المصحف؟ فقال: إن المصحف اليوم لا يهاج و لا يغير
يقال إنه كرم الله وجهه أول من غرس الموز بالمدينة النبوية
وقال رضي الله عنه وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الطلح الموز وقاله مجاهد وعطاء وقال الحسن: ليس بالموز، ولكنه شجر ظله بارد رطب
قال محمد بن حارث الخشني في "أخبار الفقهاء والمحدثين ": " حدثني محمد بن عمر بن عبد العزيز قال: حدثنا الشيخ محمد بن عمر بن لبابة أن يحيي بن مضر، كانت له رحلة لقي فيها سفيان بن سعيد الثوري ومالك بن أنس وأن بعض أصحاب مالك ذكر أنه سمع رجلا يسأل مالكا عن قول الله تبارك وتعالى {وطلح منضود} فقال مالك: أخبرني يحيي بن مضر فقيه الأندلس أنه سمع سفيان بن سغيد الثوري يقول إنه شجر الموز "
قال أبو عبيدة في المجاز: "زغم المفسرون أنه الموز، و أما العرب الطلح عندهم شجر عظيم كثير الشوك وقال الحادي:
بشرها دليلها و قالا * * * غدا ترين الطلح والحبالا
يتبع
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[03 Aug 2008, 02:56 م]ـ
يا أبا مسلم
لقد طوَّلت على عادتك، وأبدأت وأعدت، ولم يتبين لي، هل الطلح ـ عندك ـ هو الموز أو هو شجر الطلح ذو الشوك؟!
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[03 Aug 2008, 06:28 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
الطلح و الطلع و الموز في الشبكة.
أهم دراسة عربية اطلعت عليها في الشبكة الرقمية، و موضوعها التعريف العلمي بأسماء النبات في القرآن الكريم، هي دراسة مختصرة يُجهل كاتبُها، و تتناقلها المواقع الشبكية تحت إسم: ملخص لكتاب مصطلحات علم النبات في القرآن الكريم ...
فهل من معلومة عن هذا الكتاب و عن صاحبه، أيها السادة الكرام؟
نص تعريف {الطلح} و {الطلع} في هذه الدراسة هو كما يلي:
1) ـ {طلح} (الواقعة 29):
انقسم المفسرون حوله إلى قسمين:
· ـ فريق يقول أنه شجر شائك يرتفع حوالي 5 ـ 8 أمتار، و يكون غابات ملتفة. تصلح غذاء للإبل، و اسمه العلمي Acacia radiana Savi. ، من الفصيلة القرنية Leguminosae .
· ـ و قال أهل التأويل من الصحابة و التابعين أنه {الموز}، و أنه لغة عند أهل اليمن ... و اسمه العلمي Musa paradisiaca subsp.sapientum L.Kuntze ، من الفصيلة الموزية Musaceae .
ــــــــــــــ
2) ـ {الطلع} (الأنعام 99 ـ الشعراء 148 ـ الصافات 65 ـ ق 10):
{الطلع} نور النخلة ما دام في {الكافور}: أي داخل غلافه ... و يطلق على الأعضاء المذكرة المؤنثة على السواء ... / اهـ ...
ــــــــــ
انتهى ما نقل من دراسة الشبكة ... بارك الله في صاحبها و جزاه عن العلم و طلابه خير الجزاء و أوفره ...
و للبحث بقية إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[03 Aug 2008, 09:47 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
1 ـ الموطن الأصلي لنبات الموز [1]:
من المتفق عليه أن الموطن الأصلي لنبات {الموز} هو القارة الأسيوية ما بين الصين و الهند ...
و لا خلاف في تواجد النبات بريا في هذه القارة، التي عرفت " زراعته " قبل زراعة الحبوب و الأرز و قصب السكر. و ما زال يُلاحظ تواجد الأنواع البرية في عصرنا هذا و في مناطقة مختلفة من القارة الأسيوية (الهند، و الهند الصينية، و ماليزيا، و جنوب الصين، و الصايلان، و الفيليبين).
تعرّفَ العربُ على الموز منذ وقت مبكر، و أطلقوا عليه إسم {موز} منذ القرن الثالث عشر الميلادي.
أما عن زراعة {الموز} في إفريقيا و جزر المحيط الهندي فجد قديمة و تعود إلى عهد حروب " البانتو".
و قام الإسبانيون و البرتغاليون باستيراد النوع منذ عام 1516 م، من جزر الكناري إلى الدومنيك ثم البرازيل. و ظهر عندهم إسم banane حوالي 1600م، من البرتغالية banana [2] و أصلها من لهجة في غينيا (حيث وجد الإسم في سرد مراحل سفر كُتِبَ باللاتينية).
ــــــــــــــــــ
[1]: المرجع الفرنسي: " أسماء النبات " تأليف: لوسيان غيوط و بيير جيباسيي ـ المطابع الجامعية بفرنسا ـ باريس 1966 [ص 83]ـ
مترجم الفقرة: لحسن بنلفقيه.
[2]: الإسم الدارج للموز عندنا بالمغرب هو {البنان} واحدته {بنانة = banana}.
ـ[العرابلي]ــــــــ[09 Aug 2008, 12:10 ص]ـ
بارك الله في الأخ حسن بنلفقيه على هذه المعلومات
وليته دعمها بالصور لتعظم الفائدة
ويهمنا من الطلح ما عرف بالجزيرة العربية
وصفاته توافق صفات شجر الجنة الدائم والذي له ظل دائم
ويتناسب ذكره مع شجر السدر ذو الشوك والثمر الكثير
وإذا حللنا حروف الطلح الثلاث وأثرها في بيان المعنى لأن اختيار هذه الحروف من أجل قيام المعنى في الطلح
فحرف الطاء في الاستعمال العربي للامتداد باستعلاء وهيمنة
وهذا يوافق ارتفاع الطلح وامتداده إلى أعلى وضخامة شجرته وما يتولد عن ذلك من الظل
واللام للقرب والإلصاق وهو حرف محصور
فهي قريبة لكنها غيرملتصقة
والحاء للانفراد وهو حرف آخر وله صفة الاستمرار
وهذا يتناسب مع انفرادها عن الأرض ليجد المستظل مكانًا له تحتها
هذا البيان للشجرة
أما الثمر
فثمرها كبير قد يوصف بأنه طويل وضخم
وهو متقارب غير ملتصق
ومنفرد بعضه عن بعض
على وصف يصلح أن يكون نضيدًا
هذا الفهم في الدنيا
وللآخرة عجائبها
والله تعالى أعلم
ـ[العرابلي]ــــــــ[09 Aug 2008, 12:17 ص]ـ
يا أبا مسلم
لقد طوَّلت على عادتك، وأبدأت وأعدت، ولم يتبين لي، هل الطلح ـ عندك ـ هو الموز أو هو شجر الطلح ذو الشوك؟!
بارك الله فيك
وبارك الله لك في مرورك
نطيل على قدر لا نقصر فنسأل عما تركناه
الطلح اخي الكريم هو الطلح كما جاء في نص الآية لا الموز ولا الطلع ولا شجر الغيداق
وهو الذي اختار الله ذكره
وهو الأنسب والأقرب في الصفات لأن يكون من شجر الجنة
والله تعالى أعلم
ـ[العرابلي]ــــــــ[09 Aug 2008, 12:20 ص]ـ
قرأ الإمام علي رضي الله عنه على المنبر " طلع منضود" فقيل له إنما هو "طلح" فقال ما للطلح وللجنة؟ فقيل أنصلحها في المصحف؟ فقال: إن المصحف اليوم لا يهاج و لا يغير
يقال إنه كرم الله وجهه أول من غرس الموز بالمدينة النبوية
وقال رضي الله عنه وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الطلح الموز وقاله مجاهد وعطاء وقال الحسن: ليس بالموز، ولكنه شجر ظله بارد رطب
قال محمد بن حارث الخشني في "أخبار الفقهاء والمحدثين ": " حدثني محمد بن عمر بن عبد العزيز قال: حدثنا الشيخ محمد بن عمر بن لبابة أن يحيي بن مضر، كانت له رحلة لقي فيها سفيان بن سعيد الثوري ومالك بن أنس وأن بعض أصحاب مالك ذكر أنه سمع رجلا يسأل مالكا عن قول الله تبارك وتعالى {وطلح منضود} فقال مالك: أخبرني يحيي بن مضر فقيه الأندلس أنه سمع سفيان بن سغيد الثوري يقول إنه شجر الموز "
قال أبو عبيدة في المجاز: "زغم المفسرون أنه الموز، و أما العرب الطلح عندهم شجر عظيم كثير الشوك وقال الحادي:
بشرها دليلها و قالا * * * غدا ترين الطلح والحبالا
يتبع
بارك الله فيك
وبارك الله في مرورك
وكنا ننتظر ما ستضيفه
فجزاك الله خيرًا
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[10 Aug 2008, 02:38 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
كل الشكر و التقدير للأساتذة الكرام المهتمين بهذا الموضوع.
أعتذر عن هذا التأخير في المشاركة للأسباب طارئة قاهرة ... و أعد بمشاركات مفيدة إن شاء الله ...
أما عن طلب الصور من طرف الأستاذ العرابلي، فسأعمل على تحضيرها و نشرها قريبا إن شاء الله أو إعطاء روابط تمكن من رؤيتها ...
و المطلوب من الأستاذ العرابلي أن يحلل لنا حروف لفظة {الموز}، و أثرها في بيان المعنى ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[15 Aug 2008, 12:06 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
1) ـ الطلح و الطلع، و النضيد و المنضود في تفسير القرطبي:
من تفسير القرطبي لقوله تعالى:
{و النخل باسقات لها طلع نضيد} [الآية 10 ـ سورة: ق].
الطلع هو أول ما يخرج من ثمر النخل.
يقال: طلع الطلع طلوعا وأطلعت النخلة، وطلعها كفراها قبل أن ينشق.
"نضيد"أي متراكب قد نضد بعضه على بعض.
وفي البخاري "النضيد" الكفري ما دام في أكمامه ومعناه منضود بعضه على بعض؛ فإذا خرج من أكمامه فليس بنضيد.
ــــ
و من تفسيرالقرطبي لقوله تعالى:
{في سدر مخضود و طلح منضود} [الآية 29 ـ سورة: الواقعة].
الطلح شجر الموز واحده طلحة. قاله أكثر المفسرين: علي وابن عباس وغيرهم.
وقال الحسن: ليس هو موز ولكنه شجر له ظل بارد رطب.
وقال الفراء وأبو عبيدة: شجر عظام له شوك ....
فالطلح كل شجر عظيم كثير الشوك.
الزجاج: يجوز أن يكون في الجنة وقد أزيل شوكه.
وقال الزجاج أيضا: كشجر أم غيلان [1] له نور طيب جدا فخوطبوا ووعدوا بما يحبون مثله، إلا أن فضله على ما في الدنيا كفضل سائر ما في الجنة على ما في الدنيا.
وقال السدي: طلح الجنة يشبه طلح الدنيا لكن له ثمر أحلى من العسل.
وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " وطلع منضود" بالعين وتلا هذه الآية "ونخل طلعها هضيم" [الشعراء: 148] وهو خلاف المصحف.
في رواية أنه قرئ بين يديه "وطلح منضود" فقال: ما شأن الطلح؟ إنما هو "وطلع منضود" ثم قال: "لها طلع نضيد" [ق: 10] فقيل له: أفلا نحولها؟ فقال: لا ينبغي أن يهاج القرآن ولا يحول.
فقد اختار هذه القراءة ولم ير إثباتها في المصحف لمخالفة ما رسمه مجمع عليه.
قال القشيري. وأسنده أبو بكر الأنباري قال: حدثني أبي قال حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا عيسى بن يونس عن مجالد عن الحسن بن سعد عن قيس بن عباد قال: قرأت عند علي أو قرئت عند علي - شك مجالد - "وطلح منضود" فقال علي رضي الله عنه: ما بال الطلح؟ أما تقرأ "وطلع" ثم قال: "لها طلع نضيد" [ق: 10] فقال له: يا أمير المؤمنين أنحكها من المصحف؟ فقال: لا. لا يهاج القرآن اليوم.
قال أبو بكر: ومعنى هذا أنه رجع إلى ما في المصحف وعلم أنه هو الصواب، وأبطل الذي كان فرط من قوله.
والمنضود المتراكب الذي قد نضد أوله وآخره بالحمل، ليست له سوق بارزة بل هو مرصوص، والنضد هو الرص والمنضد المرصوص.
وقال مسروق: أشجار الجنة من عروقها إلى أفنانها نضيدة ثمر كله, كلما أكل ثمرة عاد مكانها
أحسن منها.
ــــــــــــــــ
[المصدر: المكتبة التراثية بموقع {الوراق}].
ـــــــــــــــ
[1]: {أم غيلان} من أسماء {الطلح} في الإصطلاح النباتي، و هو غير الموز.
و سيأتي تفصيل هذا في مشاركة قادمة إن شاء الله [بنلفقيه].
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[22 Aug 2008, 12:36 ص]ـ
بسم اللهو الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
الإثمار البكري عند شجرة الموز Parthénocarpie = parthenocarpy :
{ وحدة الله تتراءى في وحدة خلقه}:
{وحدة الله تتراءى في وحدة خلقه}: هذه حكمة من الحكم الأولى التي تعلمتها في حياتي الدراسية ... تعلمتها على صفحات مجلة العربي الكويتية ... و صاحب هذه الحكمة هو المرحوم أحمد زكي بك مؤسس المجلة و أول رئيس تحريرها ... كانت هذه الحكمة عنوان مقالات علمية شيقة و مفيدة كنت أتتبعها و أجد في قراءتها متعة ما بعدها متعة ... و بقي مضمون هذه الحكمة حاضرا في ذهني لا يفارقه ... و لم تزده السنون إلا رسوخا و تثبيتا ... رحمك الله يا أستاذي أحمد زكي ... و جزاك عن العلم و طلابه خير الجزاء و أوفره ...
تكلمت عن التوالد العذري parthénogénèse عند النحل، و كيف أن نحلة عذراء تضع بيضا غير ملقح فينتج عنه ذكور من نفس الجنس ... و كنت تطرقت لهذه الظاهرة في موضوع خلق نبي الله سيدنا عيسى عليه السلام من أم عذراء لم يمسسها بشر [1] ...
و سأتحدث هنا باختصار شديد على حالة مماثلة في النبات، و خاصة هنا بالأنواع الزراعية من جنس الموز ... تعرف الظاهرة في علم النبات باسم: الإثمار البكري = parthénocarpie ...
أصل التسمية من parthenos اليونانية بمعنى " بكر " أو " عذراء "، و karpos بمعنى " ثمرة " ...
و بهذا يكون {الإثمار البكري} أو parthénocarpie ، هو تحول المبيض ... [مبيض زهرة الموز هنا] ... إلى ثمرة دون أن يحدث إخصاب البويضات ... فينتج عن ذلك ثمرة بكرية خالية من البذور ... [2] ...
و هذا ما يفسر عدم وجود بذور في الموز المستهلك يوميا على موائدنا ...
و لظاهرة الإثمار البكري هذه علاقة وطيدة في ما سياتي من فصول البحث عن التنضيد عند الموز المنضود ... إن شاء الله .... [3]
ـــــــ
[1]: ينظر في الرابط: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=12581
[2] : معجم المصطلحات النباتية ـ د. وليد أسود [ط.1 ـ 2002 ـ لبنان].
[3]: و الله وحده يعلم " جنس " مكونات نكتة الأستاذ العرابلي هذه المرة، بعد قراءته للمشاركة!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[24 Aug 2008, 06:47 م]ـ
[ align=center] بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " وطلع منضود" بالعين وتلا هذه الآية "ونخل طلعها هضيم" [الشعراء: 148] وهو خلاف المصحف.
في رواية أنه قرئ بين يديه "وطلح منضود" فقال: ما شأن الطلح؟ إنما هو "وطلع منضود" ثم قال: "لها طلع نضيد" [ق: 10] فقيل له: أفلا نحولها؟ فقال: لا ينبغي أن يهاج القرآن ولا يحول.
فقد اختار هذه القراءة ولم ير إثباتها في المصحف لمخالفة ما رسمه مجمع عليه.
قال القشيري. وأسنده أبو بكر الأنباري قال: حدثني أبي قال حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا عيسى بن يونس عن مجالد عن الحسن بن سعد عن قيس بن عباد قال: قرأت عند علي أو قرئت عند علي - شك مجالد - "وطلح منضود" فقال علي رضي الله عنه: ما بال الطلح؟ أما تقرأ "وطلع" ثم قال: "لها طلع نضيد" [ق: 10] فقال له: يا أمير المؤمنين أنحكها من المصحف؟ فقال: لا. لا يهاج القرآن اليوم.
قال أبو بكر: ومعنى هذا أنه رجع إلى ما في المصحف وعلم أنه هو الصواب، وأبطل الذي كان فرط من قوله. [ color=#990000]
[ بنلفقيه].
شكرًا لأخ لحسن بنلفقيه على هذا النقل وبارك الله فيك
ما نقل بالتواتر عن علي رضي الله عنه في رواية حفص وغير حفص "طلح" وليس "طلع" وفي هذا مخالفة للروايات السابقة، وما نقل إلينا بالتواتر هو بالرواية وليس من خط المصحف
فمثل هذه الروايات إن لم تكن مردودة بالرواية ترد بالدراية
والله تعالى أعلم
أما تحليل كلمة موز وقد انتبهت إليها اليوم إلى هذا الطلب من أخي الكريم لحسن
م: الميم للإحاطة والغلبة
و: إشارة للباطن والداخل، وهي محصور بين الحروف فإشارتها إلى باطن مكشوف،
ز: الزاي للزيادة
وتفسير الكلمة على التوالي؛
- ثمار الموز (قرونه) هي محيطة بساق العذق أو القطف
- لكنها لا تغطيه بالكلية فيظهر وينكشف من خلالها
- وفيها زايدة واضحة بعدد ثمر هذا القطف أو العذق وزيادة في طوله زطبره كلما زاد نمو العذق بثماره.
وجزى الله أخي الكريم خيرًا على زيادته لهذه المعلومات عن الموز
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[24 Aug 2008, 09:14 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
{بنان الموز}
شكرا للأخ الكريم العرابلي على توضيحاته ...
و أود أن أشير هنا و بالمناسبة، إلى أن التطرق لوضوع كهذا، في ملتقى أساتذة علوم القرآن، يتطلب المشاركة من الإخوة الأعضاء و المشرفين في هذا الملتقى المبارك، لتزكية ما ينشر فيه أو تصحيحه أو ذكر الخلاف فيه ... لأن الحديث سيطول و يتشعب ... و سيأتي ـ إن شاء الله ـ بجديد لا يتوقعه الكثير ... و أفضل عدم ذكره الآن ... و لكل مقام مقال ...
ــــــــــــــــــــــــ
قلتم سيدي العرابلي ما نصه:
{وتفسير الكلمة على التوالي؛
- ثمار الموز (قرونه) هي محيطة بساق العذق أو القطف
- لكنها لا تغطيه بالكلية فيظهر وينكشف من خلالها
- وفيها زايدة واضحة بعدد ثمر هذا القطف أو العذق وزيادة في طوله زطبره [1] كلما زاد نمو العذق بثماره.} .....
و أقول [بنلفقيه]:
أما بالنسبة للإصطلاح النباتي فإن الثمار " القرون " تقال عن ثمار {الطلح}، لا عن ثمار الموز ...
و لا مشاحة في الإصطلاح كما جاء في مشاركة بالملتقى ... إبتسامة.
و الثمار ـ عند صلاحها، تغطي كل الساق أو العذق، كما هو ظاهر بجلاء في الصورة المرفقة. ــــــــــــــــــــــ
من نتائج بحثي في الموضوع بالشبكة الرقمية ما يلي:
• ـ توجد ثمار " الموز " ـ كما تظهر في الصورة ـ محمولة على شكل مجموعات ثمار متراصة على حاملها المعروفة بالعذق أو القطف كما قال الأستاذ العرابلي.
• ـ تعرف كل مجموعة ثمار في اللغة الفرنسية اصطلاحا بـ"الكف " = main . و تعرف كل ثمرة في الكف بـ" أصبع " أو " بنان " بالعربية = doigt ...
• لذا يقال أن أصل إسم banane ، المنسوب أحيانا لبعض الشعوب الإفريقية، من " بنان العربية " بمعنى " أصبع ".• ـ الصورة المرفقة:
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/633548b19e9c1dfcf.jpg
حامل الساق المحملة بالثمار هو " صاحب مخزن للتبريد " لبى مشكورا طلب أخذ هذه الصورة ... و الواقف بجانبه جار لي و صديق.
و للبحث بقية إن شاء الله.
ــــــــــ
(يُتْبَعُ)
(/)
[1]: لم أفهم معنى هذه الكلمة.
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[25 Aug 2008, 12:05 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
إسم {الموز} ... و فقه الجذور
قلتم أستاذي بالنسبة لمعاني حروف كلمة {مو ز} ما نصه:
أما تحليل كلمة موز وقد انتبهت إليها اليوم إلى هذا الطلب من أخي الكريم لحسن:
م: الميم للإحاطة والغلبة
و: إشارة للباطن والداخل، وهي محصور بين الحروف فإشارتها إلى باطن مكشوف،
ز: الزاي للزيادة.
و أقول [بنلفقيه]:
أصل إسم {الموز} مختلف فيه:
قيل أنه تعريب Musa الهندي، و هو الإسم العلمي لجنس الموز في الإصطلاح النباتي ...
و قيل أنه اسم عربي ...
و في انتظار الفصل إن أمكن في هذا الخلاف .... اسمح لي أستاذي العرابلي، أن أعبر لكم عن إعجابي و تقديري و موافقتي التامة الكاملة، لتطابق معاني حروف إسم {الموز} على وصف شكله الخارجي و الداخلي المورفولوجي بشكل دقيق ما كنت أظن أني سأجده " مشفرا " و " مرموزا " في حروف الإسم بهذا التجسيم الملموس في " شجرة " الموز و بهذا الوضوح و هذه الدقة العلمية ...
أقول هذا بصفتي تقني فلاحي ممتاز، مختص في وصف النبات و تصنيفه و عشاب ...
و سيكون لي ـ إن شاء الله ـ حديث طويل في إظهار هذه المعاني كلها مجسمة في مشاركتي الخاصة بوصف أعضاء " شجرة " الموز " مع التركيز على إظهار معاني حروف الإسم في وصف شكل المسمى ...
و كمثال بسيط، أشير هنا إلى انني منذ يومين و أنا أبحث عن كلمة عربية أترجم بها مصطلح coussinets و المقصود به أماكن إلتصاق مجموعات ثمار {الموز} [" أكف = mains ] ، على الساق الزهرية أو " العذق " ... و من مقترحات معجم المنهل الفرنسي العربي مثلا:
Coussinet : وسادة، مخدة صغيرة ... السلاميات [خاصة بالأصابع phallanges]...
و لو كان الوصف يخص الثمار نفسها أو " الأصابع = البنان = doigts " لكان اختيار مصطلح " السلاميات " ملائما، و لكن الوصف يهم الساق نفسها ...
و من مقترحات المورد الإنجليزي العربي مثلا ـ cushion ـ:
وسادة ـ وثار ـ بطانة ـ
و عند قراءتي لمعنى حرف " الزاي " في آخر إسم {موز}: للزيادة ... و مع معاناتي في ترجمة مصطلح coussinets ، بمعنى يصلح في وصف بروزات على الساق الزهرية أو العذق، و بعد تدبر و تفكر ... لم أتمالك عن ترديد مقولة أرشميدس و هو خارج يجري من الحمام: وجدتها ... و جدتها ...
نعم وجدت أن أصلح ترجمة لمصطلح coussinets المستعمل في الفرنسية، هي اعتماد مصطلح " زوائد " ... و هي فعلا زوائد excroissances على العذق، تحمل الأزهار التي تتحول إلى ثمار ...
و سيأتي الكلام في معاني الميم و الواو بكثير من التمثيل و البيان ...
فسبحان الله ... و الحمد لله أن عشنا و شفنا كما يقول المثل الشعبي ...
و الله أعلم و أحكم.
ـ[العرابلي]ــــــــ[25 Aug 2008, 11:12 ص]ـ
أخي الحبيب لحسن بنلفقيه
صورة عذق الموز شهادة لي يا أخي الكريم
لو لم يظهر الساق وكان بين القرون فراغات ... فكيف استطاع أن يمد يده بين قرون الموز ويمسك بالساق؟؟!!
ويمكن أن أصور لك عذوقًا أخرى ترى فيها الساق بوضوع!!!
لقد حيرتني الكلمة الخاطئة (زطبره [1]
فنظرت إلى لوحة الحروف لأعرف السر في ذلك
فأصابع يدي انحرفت إلى اليمين بمقدار حرف واحد
فضغطت على الزاي بدلا من الضغط على الواو
وضغطت على الطاء بدلا من الضغط على الكاف
والكلمة الصحيحة هي (وكبره)
وأعتذر عن هذا الخطأ
ولكم مني كل محبة وتقدير
أخوكم العرابلي
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[25 Aug 2008, 11:44 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
أستاذي الجليل عبد المجيد العرابلي:
بعد أن فهمت مقصودك، أوافقك على وجود مسافات على الساق تفصل ما بين مجموعات الثمار ... و هي المسافة التي مكنت حامل العذق من الإمساك بالساق كما قلت ...
و كنت أظن أنكم تقصدون ظهور الساق رغم وجود مجموعات الثمار التي تغطيها ...
و سأقدم لاحقا ـ إن شاء الله ـ رسوما تخطيطية و صور تظهر بجلاء شكل الأعضاء التي عندها علاقة بموضوع الملف ...
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[27 Aug 2008, 03:14 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
فائدة و شاهد
(يُتْبَعُ)
(/)
{الطلع المنضود} بالعين .... في قول إبن قتيبة في شرح حديث " الحروف السبعة " التي نزل بها القرآن الكريم.
الفائدة هي: نشر هذه المقطفات المفيدة من أقوال العلماء في حديث نزول القرآن على سبعة أوجه ... أنقلها لكم من كتاب {فتح الباري شرح البخاري للحافظ إبن حجر العسقلاني} ...
و نصها:
..... الأوجه السبعة في بعض القرآن:
... وقد حمل بن قتيبة وغيره العدد المذكور على الوجوه التي يقع بها التغير في سبعة أشياء:
* ـ الأول ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل {ولا يضار كاتب ولا شهيد} بنصب الراء ورفعها.
ـ الثاني ما يتغير بتغير الفعل مثل بعد بين أسفارنا بصيغة الطلب والفعل الماضي.
• الثالث ما يتغير بنقط بعض الحروف المهملة مثل ثم ننشرها بالراء والزاي.
• الرابع ما يتغير بإبدال حرف قريب من مخرج الآخر مثل {وطلح منظود} في قراءة علي {وطلع منضود} .....
• الخامس ما يتغير بالتقديم والتأخير مثل {وجاءت سكرة الموت بالحق} في قراءة أبي بكر الصديق وطلحة بن مصرف وزين العابدين {وجاءت سكرة الحق بالموت}.
• السادس ما يتغير بزيادة أو نقصان كما تقدم في التفسير عن بن مسعود وأبي الدرداء والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والإنثى هذا في النقصان وأما في الزيادة فكما تقدم في تفسير تبت يدا أبي لهب في حديث بن عباس وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين.
• السابع ما يتغير بإبدال كلمة بكلمة ترادفها مثل العهن المنفوش في قراءة بن مسعود وسعدي بن جبير الكصوف المنفوش وهذا وجه حسن لكن استبعده قاسم بن ثابت في الدلائل لكون الرخصة في القراءات إنما وقعت وأكثرهم يومئذ لا يكتب ولا يعرف الرسم وإنما كانوا يعرفون الحروف بمخارجها.
قال وأما ما وجد من الحروف المتباينة المخرج المتفقه الصورة مثل {ننشرها} و {ننشزها} فإن السبب في ذلك تقارب معانيها واتفق تشابه صورتها في الخط.
قلت ولا يلزم من ذلك توهين ما ذهب عليه ابن قتيبة لاحتمال أن يكون الانحصار المذكور في ذلك وقع اتفاقا وإما اطلع عليه بالاستقراء وفي ذلك من الحكمة البالغة ما لا يخفى ...
[إنتهى ما نقل من {فتح الباري} ....
ـــــــــــــــ
الشاهد المقصود من نشر الفائدة هو القول الرابع فيها، و نصه:•
{الرابع: ما يتغير بإبدال حرف قريب من مخرج الآخر مثل {وطلح منظود} في قراءة علي {وطلع منضود} ..... }.
و هي نفس الرواية المذكورة في تفسير الإمام القرطبي ... في مشاركتي السابقة، و التي قال في حقها أستاذي العرابلي ما نصه:
... {ما نقل بالتواتر عن علي رضي الله عنه في رواية حفص وغير حفص "طلح" وليس "طلع" وفي هذا مخالفة للروايات السابقة، وما نقل إلينا بالتواتر هو بالرواية وليس من خط المصحف
فمثل هذه الروايات إن لم تكن مردودة بالرواية ترد بالدراية} ...
و أقول [بنلفقيه]:
المقصود من الإشارة هنا إلى ذكر {الطلع المنضود} ـ بالعين ـ في تراثنا، و في هذا الملف بالذات، ليس هو إثبات رواية القراءة بالعين أو نفيها ... لأني لست أهلا لذلك ... و أترك البحث في هذا الجانب للأساتذة المختصين ...
و إنما أذكره كدارس لمصطلحات النبات و باحث في ظاهرة التنضيد في {الطلح} و {الموز} ...
و أسجل هنا، و بإلحاح و تأكيد، ورودَ ترادف اسم {الطلح} و {الطلع} في ما روي عن سيدنا علي رضي الله عنه و وصل إلينا بالتواتر ...
و سيأتي الكلام ـ إن شاء الله ـ عن التنضيد في {الطلع} و في كل من {الطح} و {الموز} ...
و مسألة التنضيد هنا لها أهمية قصوى فيما سيأتي من " اكتشاف علمي " هام، قد يُذْكَر لأول مرة في الشبكة، و في هذا الملف إن شاء الله ... و لكن بعد التمهيد له بإيضاحات و شروحات قادمة و تفصيل ...
و لله الحمد و له الشكر على توفيقه ... و له الأمر من قبل و من بعد.
ــــــــــــــ
المصدر:
كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ إبن حجر العسقلاني.
الكتاب الرقمي في 13 جزء:ج9/ 13 [ص 39/ 939]
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[28 Aug 2008, 01:45 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
التنضيد في: الطلع ... و ... الطلح ... و الموز ....
هذا هو الموضوع الأساسي للبحث في هذا الملف. [1]
و كل ما له علاقة بالتعريف أو توثيق أو نقد أو تصحيح أو اقتراح أو تعديل في هذا الباب فعلى الرحب و السعة به ..
و من باب التعريف و التوثيق لما يعرف بمصطلح " الطلع [بالعين] = Pollens " في علم النبات، و دراسته هي المعروفة باسم " البالينولوجيا = Palynologie ، و هي فرع من علم النبات، و عندي أعمال خاصة فيه، أقدم صورة مدخل أهم موقع في هذا التخصص، بشهادة جميع زواره، تعرفت عليه و راسلته في الشبكة حتى الآن و عنوانه هو:
www.pollens.net
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/633548b675f314364.jpg
كما يشرفني و يسعدني أن أستخرج من هذه الصورة، أهم شعار فيها ... بعد اطلاعي على قبول صاحب الموقع و سماحه لإستعمال صور موقعه بشرط ذكر مصدرها ... و هو صورة " حبة لقاح " أو " حبة طلع " شجرة " الطلح " = Acacia ، من فصيلة " الطلحيات أو " السنطيات = Mimosacées ... و هي هذه:
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/633548b675f34daa0.jpg
و هي التي سأتخذها شعار مشاركاتي القادمة في هذا الملف إن شاء الله ...
و لله الحمد و له الشكر على توفيقه. و له الأمر من قبل و من بعد.
ــــــــــــــ
[1]: " حتى لا تصطدم الكرة بالشجرة " = إشارة خاصة بنكتة أستاذي "العرابلي".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[28 Aug 2008, 09:36 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
نظرا لأهمية موقع: " الطلع.نت " في توثيق " حبة طلع الطلح = pollen de l'Acacia ...
و اعترافا بفضل صاحبه، و سعة صدره و ما وجدت عنده من استجابة لجميع أسئلتي الموجهة له ... هذه محاولة أخرى لنشر واجهة موقعه:
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/633548b675f314364.jpg
تخصص صاحب الموقع، aeropalynologue ، معناه باحث في غبار الطلع الموجود في الهواء الذي يتنفسه الناس في المدن و القرى ... و يستعمل آلات تسمى capteurs de pollens ، مهمتها أخذ كميات من غبار الطلع، على فترات مختلفة، و تحليل و تحديد أجناس و أنواع النباتات المنتجة لذلكم الطلع في المحيط الحضري أو القروي، لتحديد أنواع الأبواغ = spores أو الطلع المسببة لأمراض الحساسية الشبيهة بما يسمى عندنا بالربو، و أهم أعراضه عسر التنفس و اضطراباته، أو ما يسمى أمراض غبار الطلع pollinoses... و لا بد من تحديد نوع الطلع المسبب للمرض كخطوة أولى في أي علاج ناجع للمرض.
و لله الحمد وله الشكر على توفيقه، و له الأمر من قبل و من بعد.
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[30 Aug 2008, 01:07 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
{الطلح = أم غيلان = Acacia } و {الطلح = الموز = Bananier } في ترجمات معاني القرآن.
سبق و نقلت نص ما جاء في دراسة عن النباتات الوارد ذكرها في القرآن الكريم، تتناقلها مواقع الإنترنت دون ذكر صاحبها ـ، و هذا تذكير بنص ما جاء فيها عن {الطلح} [الواقعة:29].
يقول صاحب الدراسة:
انقسم المفسرون حوله إلى قسمين:
• ـ فريق يقول أنه شجر شائك يرتفع حوالي 5 ـ 8 أمتار، و يكون غابات ملتفة. تصلح غذاء للإبل، و اسمه العلمي Acacia radiana [1]، من الفصيلة القرنية Leguminoseae .
• ـ و قال أهل التأويل من الصحابة و التابعين أنه {الموز} [2] ... و اسمه العلمي Musa paradisiaca subsp.sapientum L.Kuntze ، من الفصيلة الموزية Musaceae .[3]./ اهـ ...
[إنتهى ما نقل من الدراسة] ...
و أقول [بنلفقيه]:
و الملاحظ أن مترجمي معاني القرآن انقسموا بدورهم في تحديد مفهوم {الطلح} في ترجماتهم إلى قسمين:
ـ قسم ترجم إسم {الطلح} إلى bananier ، بمعنى {موز}، و منهم:
ـ ترجمة معاني القرآن بموقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف:
29. et parmi des bananiers aux régimes bien fournis
و هي نفس ترجمة " حاميدوالله " و نصها: et parmi des bananiers aux régimes bien fournis,
ـ و ترجمة "كازيميرسكي "، و نصها: 28. Et les bananiers chargés de fruits du sommet jusqu'en bas,
ـــــــــــــ
ـ و قسم ترجم إسم {الطلح} إلى Acacia بمعنى {الطلح الشائك= أم غيلان} و يمثلهم:
" أندري شوراقي " و ترجمته هي:
28. dans les Lotus sans épines,
29. et les acacias,
ـــــــــــــ
الهوامش من وضعي [بنلفقيه]
[1]: {الطلح = أم غيلان} هو الشجر الشائك المشهور عند العرب بأنوعه وأسمائه الكثيرة، أشهرها:
Acacia arabica : سلام ـ سليم ـ سنط ـ صنط ـ شوكة قبطية ـ خرنوب قبطي ـ خرنوب مصري ـ القرظ (و عند العامة " قرض "، و هو حملها) ـ و من هذا الثمر يعتصر الأقاقيا في عين غضاضته، و يسمى " رب القرظ " [عن معجم أسماء النبات للدكتور أحمد زكي].
Acacia orfota : عُرفُط (واحدته عُرْفُطة).
Acacia gummifera : طلح (ج. طلاح و طلوح) ـ أم غيلان ـ ثمره يسمى عُلّف ـ و لحاها يسمى بُنْك (فارسية) و ثمرها يسمى بَرَمة (ج بِرَم) ـ و شوكها عَنَم. [عن معجم أسماء النبات للدكتور أحمد زكي].
[2]: لأن {الطلح} هو إسم {الموز} عند أهل اليمن.
[3]: و هو المعروف في اللغة الفرنسية بـ Bananier ، و في الإنجليزية بـ Adam’s apple. من أسمائه العلمية في الإصطلاح النباتي: Musa paradisiaca.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[31 Aug 2008, 01:58 م]ـ
أخي الكريم العرابلي
قولكم: (الطلح اخي الكريم هو الطلح كما جاء في نص الآية لا الموز ولا الطلع ولا شجر الغيداق)، فإذا كان كذلك، فماذا تعمل بقول السلف: (ابن عباس الصحابي العربي الذي قوله حجة في العربية، وقتادة وعطاء وعكرمة وقسامة، وابن زيد الذي خكاه عن أهل اليمن)، والطبري يقول: (وأما الطلح فإن المعمر بن المثنى كان يقول: هو عند العرب شجرعظام كثير الشوك، وأنشد لبعض الحُداة:
بَشَّرَها دَلِيلُها وَقالا غَدًا تَرَيْنَ الطَّلْحَ والحبالا (1)
وأما أهل التأويل من الصحابة والتابعين فإنهم يقولون: إنه هو الموز).
ـ[العرابلي]ــــــــ[01 Sep 2008, 12:52 ص]ـ
أخي الفاضل مساعد الطيار
إن كان هناك خلاف لا ترجيح فيه ولا يمكن التوفيق فيه
فإني ألتزم اللفظ القرآني الذي ذكر فيه الطلح ولم يذكر الموز ولا الطلع
ومما بدا أن اسم الطلح أطلق على أكثر من نوع من الشجر
والأنسب منها لوصف الشجر في الجنة من كان أكثرها عمرًا في الأرض
وأصلبها عودًا وأحسنها ظلا
وأجودها ثمرًا
ومع ذكر السدر فالأقرب للسدر هو الطلح ذلك الشجر المعمر الشائك المكون للظل
وهذه صفات لا تكون في شجر الموز
والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Sep 2008, 02:15 ص]ـ
أنتم ـ حفظكم الله ـ لو التزمتم اللفظ القرآني، فإنكم لم تلتزموا عدم تفسيره، ومن فسره بأنه الموز فقد التزم اللفظ القرآني أيضًا، وهذا حبر الأمة الذي دعا له الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (وعلمه الكتاب) يقول بأنه الموز؛ فمن أين لك أنه لم يلتزم اللفظ القرآني، وهو أعلم منا بلغة العرب، وبالقرآن، ومن عَلِم حجة على من لا يعلم، وكونكم لم تقتنعوا بكونه الموز لا يعني بالضروروة أنه الطلح ذو الشوك.
ونحن نحتاج في مثل هذا المقام إلى ترتيب الأدلة، والاعتبار بقول السلف الذين هم أعلم بكتاب الله منا، وأنتم تعلمون أن قول الجمهور مقدم على قول غيرهم، فأين من يقول بأنه الطلح ذو الشوك مع قول جمهور السلف بأنه الموز؟!
ـ[العرابلي]ــــــــ[01 Sep 2008, 05:51 م]ـ
أخي الكريم
ما أردت بيانه مذكور في الموضوع وقد أجريت مقارنة بين الموز والطلح
وقلت بأن الطلح أخذ الصفات الحسنة للموز دون الصفات السيئة
فلا ننس كل ذلك ونظهر الطلح كأن ليس فيه إلا الشوك
ولو كان شوكه عيبًا لكان السدر أولى بهذا العيب منه لأن شوك الطلح مدح وذم شوك السدر
ولكن هي أسماء لأشياء في الدنيا فيها من الصفات ما يحمد وفيها ما يذم
ويوم القيامة خالصة من كل عيب وأذى
وقول ابن عباس رضي الله عنهما؛ بأنه الموز؛ نقلا عن أهل اليمن، وليس من وضعه، وأنهم يسمون الموز طلحًا؛ لأن بعض صفات الطلح موجودة في الموز، وهم يزرعون الموز في المنحدرات المسلسلة أول الجبال ... والطلح شجر تعرفه العرب وموجود في بلادهم، ويستظلون بظله، ويأكلون هم والإبل من ثمره.
فقد يكون المراد بالطلح الموز
لكن النص القرآني سماه طلحًا
وقلت إن تعذر الجمع فألتزم باللفظ القرآني
والموز ليس لفظًا في القرآن
فالتزام باللفظ غير التزام بالتفسير
هذا شيء وهذا شيء آخر
هذا كلام الله وهذا محاولة فهم كلام الله بما تيسر
وبكلا القولين قال المفسرون
فأي القولين تريد ان تلزمني إذا كانا هما قولان للسلف
هل يجرؤ أحد ان يخالف كلام الله
ويقول يحرم أن نقول بأن الطلح ليس هو الطلح وإنما هو الموز فقط
وكانه يخطئ الله تعالى في هذه التسمية
ومن الذي يمنع الله تعالى أن يأت في القرآن بذكر الموز ولا يذكر الطلح
هو تعالى أعلم بما يقول وهو الذي علم آدم الأسماء
فلما قال تعالى طلحًا يعني الطلح ولا يعني غيره
ولو قال موزًا لعنى الموز وليس غير الموز
وابن عباس رضي الله عنهما نقل قول أهل اليمن وكفى
أخي الكريم
لم يقل أحد من العلماء أن التفسير جزء من النص؛ أي جزءًا من كلام الله تعالى،
ويحرم علينا القول بغيره .... ومن الذي يساوي كلام البشر بكلام الله تعالى.
فلا تحملني يرحمك الله تعالى بما لم أقل وبما لم أرد قوله.
ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما بأن يفقه بالدين ويعلمه الدين
لا يعني هذا الدعاء ألا يفقه أحدًا غيره ولا يتعلم التأويل غيره
فالأمة نبغ فيها آلاف العلماء عبر القرون
وجاءوا بما لم يذكره ابن عباس بل وخالفوه
وهذه التفاسير أمامك يذكر القول وينسب لابن عباس رضي الله عنهما ثم يذكر قولا آخر قريبًا منه او يخالفه ثم يذكر من قاله من علماء سلف الأمة
وما رأوا في ذلك عيبًا لأحد ولا قدحًا في أحد
لكل مجتهد منهم نصيب فيما اجتهد فيه
وارجع إلى تفسير العاديات كيف اختلف علي وابن عباس رضي الله عنهم في تفسيرها؛ أهي الخيل أم هي الإبل؟!
والأمة كانت مع رأي ابن عباس، بأنها الخيل،مع أن علي رضي الله عنه أعلى منزلة من ابن عباس وقدرًا في الأمة ...
أخي الكريم ليس هناك مشكلة في الأمر
ولا نسعى لنجعل فيه مشكلة
كل يدعو لمن سبقه بالرحمة والمغفرة
وغفر الله لنا ولكم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Sep 2008, 07:26 م]ـ
الشيخ الفاضل العرابلي
قولكم: (ولو كان شوكه عيبًا لكان السدر أولى بهذا العيب منه لأن شوك الطلح مدح وذم شوك السدر) يرده وصف السدر بأنه مخضود، والطلح لم يوصف بهذا بل وُصف بأنه منضود، أي بعضه على بعض، وهذا يتحقق في الموز وليس في شجر الطلح.
ـ من باب الفائدة: الذي حكاه عن أهل اليمن ابن زيد، وليس ابن عباس.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ قولكم: (وقلت إن تعذر الجمع فألتزم باللفظ القرآني)، واللفظ القرآني لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في المراد به؛ هل هو الطلح المعروف في وديان الطائف وغيرها، أو هو الموز؟ قولكم ـ حفظكم الله ـ: (هل يجرؤ أحد ان يخالف كلام الله
ويقول يحرم أن نقول بأن الطلح ليس هو الطلح وإنما هو الموز فقط
وكانه يخطئ الله تعالى في هذه التسمية
ومن الذي يمنع الله تعالى أن يأت في القرآن بذكر الموز ولا يذكر الطلح
هو تعالى أعلم بما يقول وهو الذي علم آدم الأسماء
فلما قال تعالى طلحًا يعني الطلح ولا يعني غيره
ولو قال موزًا لعنى الموز وليس غير الموز) هذا أسلوب خطابي لا تثبت به القضايا العلمية، مع تحفظي على بعض العبارات من جهة الادب مع الله تعالى.
ويمكنني أن أقول لك ـ بالأسلوب نفسه ـ: ابن عباس أعلم منك بلغته وبمراد القرآن، وهو قد فسر بأنه الموز.
قولكم ـ حفظكم الله ـ: (لم يقل أحد من العلماء أن التفسير جزء من النص؛ أي جزءًا من كلام الله تعالى،
ويحرم علينا القول بغيره .... ومن الذي يساوي كلام البشر بكلام الله تعالى.
فلا تحملني يرحمك الله تعالى بما لم أقل وبما لم أرد قوله).
لم أحملكم شيئًا، وأدعي أنكم قلتم به، ولم أقل لكم: إن التفسير جزء من النص، لكن القول على الله بغير علم لا يجوز، كائنًا من كان القائل به، لذا يتحرج الواحد من السلف في التفسير، ويتوقف فيه خوف الوقوع في هذا.
وأنتم ـ حفظكم الله ـ تخطئون من يقول بأنه الموز، مع أنه قول لجمهور مفسري السلف، وقد تتابعت أقوالهم على 1لك، وقد قلت لك سابقًا: نحن بحاجة إلى ترتيب الأدلة، واعتبار قول الجمهور مقدمًا على غيره، وإلا فكيف يقع منهم تفسير الطلح بأنه الموز، هل كانوا يجهلون الطلح وهو بين أظهرهم، ويقولون بالموز، وهو معنى خفي في الدلالة.
الوصواب أن يقال:
إن الطلح مشترك لغوي يحتمل أمرين:
الأول: شجر الطلح المعروف، وهو الشجر ذو الشوك الذي ينبت في الطائف وغيرها، كما ذكر ذلك بعض السلف واللغويين.
الثاني: أنه الموز، وعليه جمهو مفسري السلف، وهو المقدم
هذا هو أسلوب التفسير الذي يسير عليه الأئمة، وكل علم يُدخل إليه من بابه، ويُتعلم بأصوله التي قعَّدها علماء هذا العلم.
ـ أما كوني أذكر ابن عباس ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم ـ له، فلا يعني هذا أني أدعي له العصمة، لكن أقول: إن مخالفة قوله ـ مع متابعة الآخرين له ـ صعبة جدًا، ولا يكفي فيها أن نقول: هو اجتهد، ونحن نجتهد، ولكل مجتهد نصيب.
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[02 Sep 2008, 01:20 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
طلح الجنة
هذه مقتطفات من تفسير إبن كثير رحمه الله:
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/633548bc69d98b0e8.jpg
ترى ما مدى صحة هذه الأخبار يا أهل الحديث و التفسير؟
أفيدونا مما علمكم الله.
ــــــ
ملاحظة: يرد البيت الشعري في بعض الكتابات كالآتي:
بشرها دليلها و قالا ... * ... غدا ترين الطلح و الجبالا
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[12 Sep 2008, 04:47 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
الطلح و الطلع في تفسير إبن عاشور
ورد في مصحف التنوير و التحرير لإبن عاشور التونسي رحمه الله ما نصه:
. قال الأصفهاني في تفسيره:
" كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة، وهي قراءة العامة التي قرأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل في العام الذي قبض فيه.
ويقال إن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة التي عرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل عليه السلام، وبقى الذين قرأوا قراءات مخالفة لمصحف عثمان يقرأون بما رووه لا ينهاهم أحد عن قراءتهم ولكن يعدوهم شذاذا ولكنهم لم يكتبوا قراءتهم في مصاحف بعد أن أجمع الناس على مصحف عثمان.
قال البغوي في تفسير قوله تعالى {وطلح منضود}:
عن مجاهد وفي الكشاف والقرطبي- قرأ علي بن أبي طالب وطلع منضود بعين في موضع الحاء، وقرأ قارئ بين يديه وطلح منضود فقال: وما شأن الطلح? إنما هو وطلع وقرأ {لها طلع نضيد} فقالوا أفلا نحولها? فقال إن آي القرآن لا تهاج اليوم ولا تحول، أي لا تغير حروفها ولا تحول عن مكانها فهو قد منع من تغيير المصحف، ومع ذلك لم يترك القراءة التي رواها، وممن نسبت إليهم قراءات مخالفة لمصحف عثمان، عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة، إلى أن ترك الناس ذلك تدريجا.
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[12 Sep 2008, 06:42 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
الطلح و الموز في تفسير " إبن عاشور التونسي " رحمه الله
قال إبن عاشور في تفسيره:
والطلح شجر من شجر العضاه واحدة طلحة، وهو من شجر الحجاز ينبت في بطون الأودية، شديد الطول، غليظ الساق. من أصلب شجر العضاه عودا، وأغصانه طوال عظام شديدة الارتفاع في الجو ولها شوك كثير قليلة الورق شديدة الخضرة كثيرة الظل من التفاف أغصانها، وصمغها جيد وشوكها أقل الشوك أذى، ولها نور طيب الرائحة، وتسمى هذه الشجرة أم غيلان، وتسمى في صفاقس غيلان وفي أحواز تونس تسمى مسك صنادق. والمنضود: المتراص المتراكب بالأغصان ليست له سوق بارزة، أو المنضد بالحمل، أي النوار فتكثر رائحته.
وعلى ظاهر هذا اللفظ يكون القول في البشارة لأصحاب اليمين بالطلح على نحو ما قرر في قوله {في سدر مخضود} ويعتاض عن نعمة نكهة ثمر السدر بنعمة عرف نور الطلح.
وفسر الطلح بشجر الموز روي ذلك عن ابن عباس وابن كثير، ونسب إلى علي بن أبي طالب.
والامتنان به على هذا التفسير امتنان بثمره لأنه ثمر طيب لذيذ ولشجره من حسن المنظر، ولم يكن شائعا في بلاد العرب لاحتياجه إلى كثرة الماء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[12 Sep 2008, 11:02 م]ـ
لا يلزم أن يكون كل شجر الجنة مثمر، فالجنة فيها الجانب الجمالي (أقصى غاية للجمال المخلوق) [1]، والقيمة الجمالية جانب مخلوق لغاية حقيقية مقصودة وهي زيادة الامتاع، وفيها [الجنة] جانب التمتع الفعلي الحسي بالأكل والشرب ونحوه، وهنا تدخل الثمار و المطعومات التي لا تخطر على قلب بشر. شجر الجنة - كالطلح ونحوه - قد يكون مثمر وقد يكون جمالي محض، للزيادة في إمتاع نظر الناظرين. فمن فسره من السلف بأنه (شجرعظام كثير الشوك، وأنشد:
بَشَّرَها دَلِيلُها وَقالا غَدًا تَرَيْنَ الطَّلْحَ والحبالا) فهوأقرب لأن يكون في الجنة شجر جمالي يمتع العين بجمال الإلتفاف وحسن الإلتواء والتداخل، والله أعلم.
========================
[1] تكلم الفلاسفة قديماً وحديثاً عن أهمية "القيمة الجمالية" ( aesthetics) في حياة البشر خاصة، وحاروا في تفسير هذه الظاهرة من حيث قيمتها العملية، وبعضهم زعم أن قيمة الجمال جزء جوهري لا يمكن للنفس البشرية السوية أن تنفك عنه. مثلاً: ألبرت اينشتاين - عالم الفيزياء الألماني - زعم أن قيمة الجمال هي التي دفعته لاستكشاف الكون وأن الفضل لها في وضع النظرية النسبية العامة.
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[13 Sep 2008, 01:45 ص]ـ
شجر الجنة - كالطلح ونحوه - قد يكون مثمرا وقد يكون جماليا محضا، للزيادة في إمتاع نظر الناظرين. فمن فسره من السلف بأنه (شجرعظام كثير الشوك، وأنشد:
بَشَّرَها دَلِيلُها وَقالا غَدًا تَرَيْنَ الطَّلْحَ والجبالا) فهوأقرب لأن يكون في الجنة شجر جمالي يمتع العين بجمال الإلتفاف وحسن الإلتواء والتداخل، والله أعلم.
/ B]
ــــــــــــــــــــ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
أرحب بالأستاذ الفاضل عبد الله الشهري الذي يشرف هذا الملف بمشاركته فيه ... و أثمن هذه المشاركة و أعتمدها في ما سيأتي من تحليل و استنتاجات خلاصة مواد هذا الموضوع الشائك ... إلا أن شوكه كشوك الطلح:" أقل الشوك أذى " ...
و من معالم جمال شجرة " الطلح " في حياتنا الدنيا، انفرادهذه الشجرة بشكل و كثرة عدد أزهارها ذات اللون الأصفر الذي ورد في حقه و في القرآن الكريم أنه " يسر الناظرين " [1].
و لإظهار هذا الجمال بالحجة و الدليل كنت قد حضرت صورا تبين و تظهر بجلاء جمال أزهار شجرة الطلح، و مدى تأثيرها فعلا في " الزيادة في إمتاع نظر الناظرين" كما قال الأستاذ عبد الله الشهري حفظه الله و رعاه، و تبين بجلاء كذلك هذا الإلتواء و التداخل الوارد في مشاركة الأستاذ عبد الله الشهري ... إلا أن موقع الصور بالملتقى ـ و للأسف الشديد ـ عاطل منذ أيام،و به خلل أو عطب لا يسمح برفع و عرض الصور ... و لهذا تأثير سلبي على متابعة عرض مواد هذا الملف ... و الأمل معقود على همة مشرفنا العام رعاه الله في إصلاح هذا الخلل إن شاء الله.
ــــــــــ
[1]: وصف لون بقرة بني إسرائيل.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[13 Sep 2008, 09:39 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم على ما تفضلت به.
"وقيل: هو شجر حسن اللون لخضرته، له رفيف ونور طيب "، قاله السمين الحلبي (عمدة الحفاظ: 2/ 411)، ولكن قبل ذلك ذكر أن جمال الطلح بثمره، قال "شجرٌ عظيم بالبادية كالسمر ونحوه، إلا أنه تعالى وصفه بخلاف صفته الدنيوية، فذكر أن نضد بالثمرة من أوله إلى آخره" (2/ 411).
ـ[السراج]ــــــــ[13 Sep 2008, 10:03 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[13 Sep 2008, 08:32 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي الكريم على ما تفضلت به.
"وقيل: هو شجر حسن اللون لخضرته، له رفيف ونور طيب "، قاله السمين الحلبي (عمدة الحفاظ: 2/ 411)، ولكن قبل ذلك ذكر أن جمال الطلح بثمره، قال "شجرٌ عظيم بالبادية كالسمر ونحوه، إلا أنه تعالى وصفه بخلاف صفته الدنيوية، فذكر أن نضد بالثمرة من أوله إلى آخره" (2/ 411).
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
إلى الأستاذين الكريمين: عبد الله الشهري، و " السراج " ...
و إلى كل أخ كريم متتبع و مهتم بموضوع هذا الملف ...
أقترح عليكم جولة استطلاعية من خلال الرابط أدناه للوقوف على جوانب من جمال شجرة الطلح ...
http://images.google.co.ma/images?q=Acacia+and+photos&hl=fr&um=1&ie=UTF-8&sa=X&oi=images&ct=title
أرجو أن يعمل الرابط ... إن شاء الله ...
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[14 Sep 2008, 12:38 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
قال الأستاذ عبد الله الشهري في مشاركته السابقة ما نصه:
... {"وقيل: هو شجر حسن اللون لخضرته، له رفيف ونور طيب "، قاله السمين الحلبي (عمدة الحفاظ: 2/ 411) ... } ... /اهـ
و على ذكر {الرفيف} لشجرة {الطلح} ...
المرجو من استاذي أبو مسلم عبد المجيد العرابلي أن يتفضل علينا بما علمه الله في معاني هذه الكلمات:
رفيف ـ رفرف ـ ... و مشتقاته:
و ما معنى: {متكئين على رفرف خضر و عبقري حسان} [76 ـ الرحمن]
و لقد تراءت لي " أشباح " معاني كثيرة مستوحات من:
الراء: للإلتزام ... و ... الفاء: للحركة ...
و لكن بما أنني تنقصني الدراية في فقه استعمال الجذور ... فإني أكتفي بهذه الإشارة حتى لا تصطدم كرتي بالشجرة [إبتسامة].
و هذا رابط يوصل إلى شريط صور تظهر جمال شجرة الموز حتى نعدل بين الشجرتين:
http://www.gamekult.com/blog/jennylacaina/83872/vote=1
و لله الحمد و له الشكر على توفيقه. و له الأمر من قبل و من بعد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[25 Sep 2008, 01:56 ص]ـ
لرمضان أحكامه
صيام وعمره وعودة بالرشح والحمى
أعتذر للأخ لحسن على هذا التأخير
."رَفْرَفَ الطَّائِرُ بِجَناحَيْهِ": بَسَطَهُما وَحَرَّكَهُما. فوق شيء لا يبرح مكانه
ورَفْرَفَ مِن الحُمَّى: ارْتَعَدَ، والرَّفْرَفَةُ: الصّوْتُ،
والرَّفْرَفُ: طَرَفُ الفُسْطَاطِ، وقيل ذيله وأسفله، وكِسْرُ الْخِبَاءِ. ورَفْرَفُ الخَيْمَةِ: ما يُخاطُ في أَسْفَلِها.
الرَّفْرَفُ: خِرْقَةٌ تُخَاطُ في أَسْفَلِ السُّرَادِقِ والْفُسْطَاطِ، قال بنُ عَبّادٍ، وهو زِيادَةُ خِرْقَةٍ مِن بُيوتِ الشَّعَرِ والوَبَرِ.
الرَّفْرَفُ ما يُجْعَلُ في أَطْرَافِ البيتِ من الخَارِجٍ، يُوَقَّى به مِن حَرِّ الشمس أو من المطر.
والرفرفة تحريك الظليم (ذكر النعام) جناحيه حول الشيء
وكُّلُ مَا فَضُلَ مِن شَيْءٍ فَثُنِيَ، أَي: عَطِفَ، فهو رَفْرَفٌ،
الرَّفْرَفُ: جَوَانِبُ الدِّرْعِ، ومَا تَدَلَّى مِنْهَا مِن فُضُولِ ذَيْلِهَا،
الرَّفْرَفُ: الشَّجَرُ النَّاعِمُ الْمُسْتَرْسِلُ، وهو الذي ينْبُتُ باليَمَنِ،
ورَفْرَفُ الشَّجَرِ: ما تَهَدَّلَ مِنْهُ.
ورَفْرَفَ العَلَمُ: تحرَّك واضطرب؛
ورَفْرَفَ علَى القَوْمِ: تَحَدَّبَ، أَي: تَحنَّى عليهم، رَفْرَفَتِ الرَّحمةُ فوق رأسه.
والرَّفْرَفُ: ثِيَابٌ خَضْرٌ تُتَّخَذُ مِنْهَا الْمَحَابِسُ، هكذا هو في النُّسَخِ: المَحَابِسُ،
والرَّفْرَفُ: فُرُشٍ وبُسُطٍ، ويَجْمَعُ علَى: رَفَارِفَ،
والرَّفْرَفُ: الْوِسَادَةُ يُتَّكَأُ عليها،
الرَّفْرَفُ: سَمَكٌ بَحْرِيٌّ، (لعله هذا الذي له أجنحة وذيل طويل كأنه يطير بهما في الماء)
الرَّفْرَفُ: الرَّوْشَنُ، وهو شِبْهُ الْكُوَّةِ يُجْعَلُ في البَيْتِ، يَدْخُل منه الضَّوْءُ، ويبدو أنها تكون محمية من دخول المطر.
الرَّفْرَفَ: الرَّقِيق، الحَسَنُ الصَّنْعَةِ مِن ثِيَابِ الدِّيبَاجِ، قيل: هذا هو الأَصْلُ، ثم اتَّسَعَ به غيرُه.
في المُحْكَمِ: ثِيَابٌ خُضْرٌ تُبْسَطُ، الواحدةُ رَفْرَفَةٌ، وبِه فُسِّرَ قَوْلَهُ تعالَى:
مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54)
مادة رفرف استعملت في الحركة المحصورة في مكان
فالطائر يحصر حركته ببسط جناحية وتحريكهما فوق المكان
ورفرفة المحموم محصور في جسده
والرفرف حركته محصورة فوق المخل وأطراف البيت.
ورفرفت أغصان الشجرة حركتها محصورة
وكذلك رفرفت العلم محصورة فيه
وطرف الفسطاط يتحرك محصورًا مكانه
وقال تعالى: (مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خَضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76) الرحمن،
والاتكاء هو الاعتماد على الشيء قاعدًا أو على الجنب
كم قال تعالى قبلها: (مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) الرحمن.
فيفهم من وصف الفرش بالرفرف أنها قابلة للانضغاط مع الاتكاء عليها والعودة كما كانت إن تركها أو أنها تنضغط مع كل حركة حسب شدة الاعتماد عليها مما يريح المتكئ عليها في كل اوضاعه.
وقد تكون كزوائد على جانب السرر لينة مع الاتكاء جانبًا عليها.
لأن وصف الرفرف بأنها خضر، والخضرة تكون للأوراق والأغصان الطرية المتدلية
وذكر العبقري الحسان وهي البسط ما يقوي ذلك.
فيكون الاتكاء قاعدًا على البسط وهي أسفل الجسم، ويكون جانبًا على الرفرف الخضر.
وقد تكون الرفرف الخضر فوق البساط العبقري؛ فيكون الاتكاء عليهما معًا.
وبنفس الاستعمال الحركة في المكان المحصور مادة "رفف" التي منها الرفيف؛
رَفَّ لَوْنُهُ، يَرِفُّ بالكَسْرِ، رَفَّاً، ورَفِيفاً: أَي بَرَقَ وتَلأْلأَ من تحركه في مكانه
الرَّفِيفُ: البَسَاتِينَ تَرِفُّ بنُضْرَتِهَا، واهْتَزَازَهَا، وتَتَلأْلأُ، ومن ذلك الرَّفِيفُ: الْخَصْبُ،
رَفِيف الأُقْحُوَانُ: اهْتِزَازَهُ نَضَارَةً وتَلأْلُؤاً،
رَفَّ لَهُ رَفِيفاً: سَعَى بِمَا عَزَّ وهَانَ مِن خِدْمَةٍ،
والرَّفِيفُ: السَّقْفُ، والثوب لاهتزازهما
من حيث معاني الحروف
الراء للالتزام
وهي في هذه الكلمة لبيان أن الجزء المتحرك من الشيء ملتزم بباقيه لا ينفك عنه ولا ينفصل
والفاء الأولى المحصرة لتدل على حركة ثابتة محصورة بين طرفين لا تزيزد عنهما علوًا ولا انخفاضًا
والفاء الأخيرة للحركة الدائمة المستمرة مع كل ما يسبب لها الحركة
ورفرف هي تكرار لعمل الحرف الأول مع الثاني للدلالة على الحركة المتكررة
والله تعالى أعلم
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[25 Sep 2008, 12:26 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
أستاذي الجليل: عبد المجيد، حفظك الله و رعاك و تقبل منك و زادك من فضله.
و شكرا لك على هذا الشرح و البيان.
و إلى مشاركة قادمة إن شاء الله.
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[23 Jan 2009, 07:38 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم و حسبنا الله و نعم الوكيل.
جا في كتاب:" مفردات الأصبهاني " ما نصه:
{طلح}:
الطلح شجر، الواحدة طلحة. قال تعالى: {وطلح منضود} [الواقعة/29]، وإبل طلاحي: منسوب إليه، وطلحة: مشتكية من أكله. والطلح والطليح: المهزول المجهود، ومنه: ناقة طليح أسفار (يقال: ناقة طليح أسفار: إذا جهدها السير وهزلها. المجمل 2/ 585)، والطلاح منه، وقد يقابل به الصلاح.
و جاء في مادة {طلع}:
وقال الزبرقاني بن بدر: أبغض كنائني إلي الطلعة القبعة. انظر الغريب المصنف ورقة 143): تظهر رأسها مرة وتستر أخرى، وتشبيها بالطلوع قيل: طلع النخل. {لها طلع نضيد} [ق/10]، {طلعها كأنه رؤوس الشياطين} [الصافات/65]، أي: ما طلع منها، {ونخل طلعها هضيم} [الشعراء/148]، وقد أطلعت النخل، وقوس طلاع الكف: ملء الكف.
المصدر: [ج2 ـ ص 96/ 804 بالنسخة الرقمية]
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[30 Jan 2009, 12:47 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم و حسبنا الله و نعم الوكيل.
جا في كتاب:" مفردات الأصبهاني " ما نصه:
{طلح}:
الطلح شجر، الواحدة طلحة. قال تعالى: {وطلح منضود} [الواقعة/29]، وإبل طلاحي: منسوب إليه، وطلحة: مشتكية من أكله. والطلح والطليح: المهزول المجهود، ومنه: ناقة طليح أسفار (يقال: ناقة طليح أسفار: إذا جهدها السير وهزلها. المجمل 2/ 585)، والطلاح منه، وقد يقابل به الصلاح.
و جاء في مادة {طلع}:
وقال الزبرقاني بن بدر: أبغض كنائني إلي الطلعة القبعة. انظر الغريب المصنف ورقة 143): تظهر رأسها مرة وتستر أخرى، وتشبيها بالطلوع قيل: طلع النخل. {لها طلع نضيد} [ق/10]، {طلعها كأنه رؤوس الشياطين} [الصافات/65]، أي: ما طلع منها، {ونخل طلعها هضيم} [الشعراء/148]، وقد أطلعت النخل، وقوس طلاع الكف: ملء الكف.
المصدر: [ج2 ـ ص 96/ 804 بالنسخة الرقمية]
أشكر للأخ لحسن بنلفقيه على هذه الزيادة
ولقد علمتك صريحًا في القول
فأحسن الله إليك
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[30 Jan 2009, 01:59 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
تحية إجلال و تقدير لأستاذي: {أبو مسلم عبد المجيد العرابلي}.
أخبرك سيدي أنني أتتبع كتاباتك القيمة و أجد فيها أدبا و علما و خبرة أستفيد منها و أتعلم ... بارك الله فيك و نفع بك و بعلمك ...
و ها أنا كما ترى، ما زلت أهتم بموضوع " الطلح " و " الطلع " و " الموز "، و لي إليه عودة إن شاء الله، لأتطرق فيه إلى موضوع جديد يخص " الطلح و الطلع و التنضيد "، و هو موضوع " علمي " أبحث فيه منذ سنين، و له علاقة و طيدة و مباشرة بما يسمى عند البعض بالإعجاز العلمي، و يسميه آخرون بالتفسير العلمي ... و ما زلت أجمع عناصر المادة ـ من أقوال السلف ـ قصد اعتمادها فى عرض الموضوع مستقبلا على أنظار السادة أساتذة ملتقى أهل التفسير خاصة ليقولوا فيه كلمتهم، و يعطوه الإسم المناسب له ...
و مما اطلعت عليه أخيرا، و كنتيجة وحيدة لبحث في مكتبة " الشيخ و تلميذه " الرقمية، و تشمل كتب إبن تيمية و إبن الجوزية رحمهما الله، ما نصه:
قال الله تعالى {وطلح منضود} قال أكثر المفسرين هو الموز والمنضود هو الذى قد نضد بعضه على بعض كالمشط. وقيل الطلح الشجر ذو الشوك نضد مكان كل شوكة ثمرة فثمره قد نضد بعضه إلى بعض فهو مثل الموز وهذا القول أصح ويكون مَن ذكرَ الموز من السلف اراد التمثيل لا التخصيص والله أعلم
[من الطب النبوي لإبن الجوزية ـ النسخة الرقمية: ص 261]
و تتكرر نفس المقولة في كتابه: زاد المعاد ـ النسخة الرقمية ـ ج4 / ص 337]
ـ[العرابلي]ــــــــ[30 Jan 2009, 09:06 ص]ـ
ما زلت يا أخي الكريم على همتك ونشاطك
كتب الله لك الأجر والثواب
وزادك الله تعالى من علمه وفضله
ونفع الله بك وبعلمك(/)
إلا الموتة الأولى
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[02 Aug 2008, 04:26 م]ـ
إلا الموتة الأولى
بقلم: بسام جرار - مركز نون
جاء في الآية الثانية من سورة الملك:" الذي خلق الموت والحياة ليبلُوَكُم أيكم أحسنُ عملاً وهو العزيز الغفور ": هناك العدم وهناك الوجود. والوجود المخلوق منه الميت كالجماد، ومنه الحي كالنبات والحيوان. وتتجلى مظاهر الحياة في الحيوان أكثر من النبات ومن هنا سمي الحيوان حيواناً. ومن مظاهر وجود الحياة النمو والتكاثر، وهذا مشترك بين النبات والحيوان. أما الحركة الإرادية والإدراك فيتميز فيها الحيوان على النبات، هذا طبعاً فيما يظهر للإنسان. ويبدو أنّ الإدراك والحركة الإرادية تكون بعد نفخ الروح في الجسم الحي. والظاهر للإنسان أنّ الروح لا تُنفخ ولا تستمر إلا في جسم حي. ووجود الحياة في جسم ما لا يدل على وجود الروح حتى نلمس إدراكاً. والحياة سر والروح سر آخر، ولا يزال الإنسان – على الرغم من التطور العلمي الهائل- يقف حائراً أمام هذه الأسرار.
جاء في الآية 28 من سورة البقرة:" كيف تكفرونَ بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يُميتكم ثم يُحييكم ثم إليه ترجعون": والموت هنا قد يعني وجود الأجساد في عالم الجماد الميت، أي تراباً. وقد يعني وجود الروح قبل أن تتشكل الأجساد. فوجود الروح قبل خلق الأجساد الحية هو أيضاً صورة من صور الموت. وعندما تغادر الروح الجسد يموت هذا الجسد. فموت الإنسان يكون بمغادرة الروح الجسد ويُؤكّد لدينا ذلك بموت الجسد. وقد تغادر الروح الجسد فيموت الإنسان على الرغم من بقاء الحياة في جسده أو في بعض أجزائه. كما يحصل عندما نُجمّد الأعضاء.
جاء في الآيات (34،35،36) من سورة الدخان:" إنّ هؤلاء ليقولون، إنْ هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بِمُنشَرين، فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين": فهم ينكرون وجود الروح قبل وجود الجسد، أي يقولون بأسبقية المادة على الوعي والإدراك. ومن هنا موتهم القادم- في اعتقادهم،- سيكون أول موت، ولن يكون هناك عودة بعدها. فالحياة في اعتقادهم مرّة والموت مرة. وتروي الآيتان 58 و 59 من سورة الصافات ما سيكون يوم القيامة من تقريعٍ لمن أنكر الموتتين، فزعم بأسبقية المادة فلم يؤمن بالموتة الأولى ولم يؤمن بالحياة الثانية:" أفما نحن بميّتين، إلا موتتنا الأولى وما نحن بمُعذبين؟! ".
أما يوم القيامة فسيكون منهم الاعتراف الكامل بخطيئتهم، وسيُقرّون بأسبقيّة الوعي على المادة وأسبقية الموت على الحياة. جاء في الآية 11 من سورة غافر:" قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل": فالموت إذن مرتان والحياة مرتان. وهو الأمر المشترك بين كل البشر. وقد يُزاد للبعض في الموت، وبالتالي في الحياة، فتكون ثلاث مرّات، كما هو في قصة العزير، أو كما حصل عندما أحيا المسيح، عليه السلام، بعض الموتى بإذن الله. وكذلك الأمر عندما أحيا الله تعالى من صُعق من بني إسرائيل، فقد جاء في الآية 56 من سورة البقرة:" ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون". فالأمر إذن لا يتعلق بعدد المرات بقدر ما يتعلق بحقيقة وجود الروح قبل وجود الجسد.
اللافت هنا أنّ وجود الروح قبل نفخها في الجسد الحي لا يجعلها مكلَّفة، بل ولا يلحظ لها ذاكرة قبل نفخها في الجسد الدنيوي. وعندما نُفخت في الجسد الحي أصبحت مكلفة ولها ذاكرة، وتبقى كذلك طالما أنها تنفخ في الجسد الدنيوي؛ فهذا العزير يموت مائة عام، كما تروي الآية 259 من سورة البقرة، ثم يُبعثُ فنجد له ذاكرة تعود بعودة الروح إلى الجسد. وهذا ما يلحظ في الإنسان يوم البعث، أنه يقوم بكامل ذاكرته كما تصرّح الآيات الكثيرة. وكأنّ الروح تحتفظ بكل ذلك، وعندما تعاد إلى الجسد الصالح تعود بكامل وعيها وذاكرتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقولهم:" ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا ... "، فيمكن أن يكشف لنا عن حقيقة اعترافهم بأسبقيّة الموت على الحياة، والذي يعني بالضرورة أنهم يعترفون بذبوبهم ويقرون بخطئهم الموجب للعقاب. فهم عندما كانوا لا يقرون بأسبقية الموت- والذي يعني أسبقية وجود الروح والوعي على الوجود المادي- فإنّ ذلك يعني أنهم يزعمون أنّ الوعي يأتي بعد وجود الأجساد، وهو في حقيقته – عند بعضهم- انعكاس المادة في الدماغ، وبالتالي يكون الإنسان ابن بيئته ويكون وعيه من صناعة إحساساته وبيئته المادية. وهذا يقودهم إلى القول بأنه مجبر مسير، وبالتالي غير مكلف وغير مسؤول، فما معنى وجود اليوم الآخر إذن؟!!
أما الإقرار بوجود الموت قبل الحياة فيعني أسبقية الروح والوعي على الوجود المادي للأجساد والحواس. وبمجرد الإحساس تنمو في النفس البشرية المبادئ العقلية والإدراكات الفطرية؛ كمبدأ السببية، ومبدأ عدم التناقض، وأمهات المبادئ الأخلاقية ... الخ. وهذا يعني أنّ الإنسان قد ألهم ورُكّب فيه ما بسببه يصبح مسؤولاً ومكلفاً. وما الإحساس إلا الشرط المطلوب لنمو هذه الإدراكات الفطرية، كما هو أمر البذرةِ التي لا تنمو نبتةً حتى تتوافر لها الشروط، كالماء والحرارة ...
جاء في الآية 56 من سورة الدخان في حق أهل الجنة:" لا يذوقونَ فيها الموتَ إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم": أي أنّ أهل الجنة يخلدون ولا يموتون فيها إلاما كان من موتةٍ أولى. وهذا يعني أنّ الموتة الأولى كانت في الجنة، أي أنّ الأرواح كانت في الجنة قبل أن تنفخ في الأجساد، والآن تعود إلى الجنة وهي في الأجساد الحية بكامل وعيها وذاكرتها. أما أهل الشقاوة فلا يعودون إليها لما كان من شقاوتهم بعد أن نفخت أرواحهم في الأجساد الدنيوية.
وكما تلاحظ فإنّ معاني الآيات الكريمة واضحة وجليّة ومتّسقة. وقد خاض كثير من أهل التفسير في محاولة توجيه معنى الآية 56 من سورة الدخان، لظنّهم أنّ الموتة الأولى هي الموتة بعد الحياة الدنيا. وقد قادهم هذا التوجه إلى الوقوع في إشكالات كثيرة يصعب حلها. وكما تلاحظ لا إشكال في الآية الكريمة، لأنه لا يوجد ما يمنع من أن يكون مستقر الأرواح، قبل نفخها في الأجساد الدنيوية، في الجنة. وهذا ينسجم مع قول جمهور أهل السنة والجماعة بأنّ الجنة كائنة مخلوقة. أما من شذ فذهب إلى القول بأنّ الجنّة غير مخلوقة، وستخلق في المستقبل، فسوف يستشكل الآية الكريمة.(/)
إعلان موقع حوار مع التراث الإسلامي
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[02 Aug 2008, 05:43 م]ـ
لقد تم افتتاح موقع جديد أمام جميع الباحثين المتخصصين المتجردين
بعنوان منتدى الحوار مع التراث الإسلامي
على الرابط التالي
http://alhewaralaslami.ahlamontada.net
هذا الموقع هو المنتدى الرسمي للباحث الحسن محمد ماديك(/)
نَحْوَ مَنْهَجِيَّةٍ مُوَحَّدَةٍ لِتَفْسِيرِ القُرْآن
ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[03 Aug 2008, 01:33 م]ـ
أ. د. أحمد حسن فرحات
قسم الدراسات الإسلامية/كلية الآداب، جامعة الإمارات
تمهيد:
من المعلوم أن هذه الأمة بدأت رحلتها الحضارية منذ أن تنزلت آيات القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتحنث في غار حراء، حيث فاجأه الوحي بقوله: (اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم) وانطلقت القافلة على حُداء الوحي تُنقل خطاها في طريقها الطويل، المليء بالأشواك والصعاب، مسترشدة بالهدي الإلهي، ومستمدة قوتها من كلمات الله التي تحيي موات القلوب وتبعث الحياة والأمل في النفوس.
ولم يمض على هذه الأمة كبيرة وقت، حتى غدت على الجادة، ملتزمة بالتي هي أقوم في كل شؤون حياتها، فمكن الله لها في الأرض، وآتاها من الأسباب ما جعلها أمة شاهدة على الناس، تحمل الخير، وتشيع الهدى، وتفتح القلوب المقفلة، وتضع عن الناس الآصار والأغلال، وسارت بدعوة الله مشرقة ومغربة، فطَوي لها الزمان والمكان، فأصبحت في أقل من مائة عام تشرق شمسها على الصين شرقا وعلى جنوب فرنسا غربا.
غير أن الأمة لم تبق في هذا الخط الصاعد دائما وأبدا، فقد وقعت في مسيرتها أخطاء، وتعرضت من أعدائها الحروب ونكبات، مما أفقدها توازنها، وجعل حياتها بين مد وجزر، فمرة تنهض وأخرى تتعثر، واستمر الأمر على هذا فترة طويلة من الزمان .. وعلى الرغم من كل ذلك بقيت الأمة محتفظة بهويتها، غير متنكرة لرسالتها إلى أن تم القضاء على الدولة العثمانية آخر حلقة في سلسلة الخلافة الإسلامية.
ثم جاء الاستعمار الغربي، فأناخ بثقله على صدر هذه الأمة، وأخذ يعمل في تقطيع أوصالها، وتبديد ثرواتها، وتغيير قيمها، وتوجيهها بعيدا عن عقيدتها وتاريخها، فطرح لها بديلا عن الإسلام، وأوهمها أن تقدمها ونهضتها مرهونا بقيمه وتقاليده، وأنشأ لذلك المدارس والجامعات، وأخرج مجموعة من النخب التي رباها على عينه وأشربها من معين ثقافته، فجعلها حاكمة على الناس تسير في إطار ما خطط لها، بعيدة عن الإسلام وقيمه، مما جعل الانتماء إلى الإسلام موضع نظر، ومثار جدل. وهكذا نشأت المذاهب والأفكار المغايرة للإسلام وأصبحت الأمة أشبه بالطائرة المخطوفة يتحكم بها خاطفوها ويسيرون بها في الاتجاه الذي يرغبون غير عابئين بوجهة الركاب الأصلية، وغير مبالين بما يصيبهم من أهوال وأخطار.
وإذا وصل الأمر إلى ما وصل إليه من هذا التردي والانحطاط، فكيف يمكن لهذه الأمة أن تنهض من جديد؟ وما هي الطريق التي ينبغي أن تسلكها؟ وما هي الخطوات التي لا بد منها للإقلاع نحو الهدف المنشود؟ .. هذا ما نحاول الإسهام في الإجابة عليه في الصفحات القادمة بإذن الله.
- الأمة والقرآن:
لقد بدأت هذه الأمة مسيرتها نحو مشرق الشمس يوم أن هبط جبريل الأمين على قلب محمد صلى الله عليه وسلم وهو يتحنث في غار حراء، وكانت كلمة] اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم [هي الإكسير الذي بدأ يفعل فعله في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم في حياة من استجاب لدعوته من أمته، وانتقلت هذه الأمة بتأثير القرآن وقوته الفاعلة من الجاهلية إلى الإسلام فكانت أول أمة تولد من خلال نصوص كتاب، وتنبثق من بين حروفه وكلماته، وتقوم على إيحاءاته وتوجيهاته، ثم تخرج به إلى الناس وحيا إلهيا يحرك القلوب، ويهز النفوس، ويعيد صياغة الحياة وصناعة التاريخ.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على هذه الطاقة الهائلة أن تتبدد، أو يقل تأثيرها في نفوس أصحابه، فقصرهم على الاستمداد منها، والاستقاء من معينها، ونهاهم عن الالتفات إلى غيرها والتطلع إلى سواها، ومن ثم فقد اشتد غضبه حينما رأى صحيفة من التوراة في يد عمر y وقال: " لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني"، بل إنه نهى أصحابه صلى الله عليه وسلم أن يكتبوا عنه شيئا غير القرآن وقال: (من كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه) كل ذلك إدراكا منه صلى الله عليه وسلم لقوة كلمة الوحي التي يمحو الله بها ما يشاء ويثبت .. وحفظا لها من أن يشاركها ما يقلل من تأثيرها أو يضعفها في مرحلة الانطلاق الأولى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولقد كان العرب في عصر نزول القرآن في مستوى يمكنهم من التفاعل مع النص القرآني، والاستجابة لإيحاءاته، والتأثر ببلاغته وسحر بيانه، ولم يكن هناك ما يحول بينهم وبين ذلك، فقد كانوا يفهمون معانيه، ويتذوقون حلاوته، ويعرفون أساليبه، فعكفوا على قراءته ودراسته وأمعنوا في تدبر آياته واستكشاف أسراره، فغاصوا في أعماقه باحثين عن درره، مستنبطين لأحكامه، مستلهمين لتوجيهاته، فوجدوا فيه حلا لمشكلاتهم، وشفاء لما في صدورهم، ونورا لأبصارهم وبصائرهم، وهداية في كل شأن من شؤون حياتهم.
ثم بدأ هذا المستوى السامق يتدنى شيئا فشيئا بفعل اختلاط العرب بغيرهم، وبدخول الأمم والشعوب في دين الله أفواجا، فتطرق الضعف إلى اللغة، وفشا اللحن في اللسان، وظهرت الحاجة إلى ضبط القراءة، وإلى ضبط الفهم، والاستنباط، فنشأت لذلك علوم العربية، من نحو، وصرف، وبلاغة. ونشأت علوم القرآن من رسم، وقراءات، وتفسير، كما نشأت العلوم الشرعية الأخرى من حديث، وفقه، وأصول. إلى غير ذلك من علوم العربية وعلوم الشريعة والتي تهدف كلها إلى خدمة القرآن الكريم وتمكين المسلم من أن يرتع بمستواه للتعامل مع القرآن، والتفاعل معه، والتأثر به، وليكون قادرا على فهم معانيه واستنباط أحكامه، واستلهام توجيهاته .. كما كان الشأن في جيل الصحابة رضوان الله عليهم.
وسارت الأمور في هذا الاتجاه الصحيح فترة من الزمن، وكانت كل تلك العلوم في خدمة القرآن الكريم والمساعدة على فهمه. ثم بدأت هذا العلوم مع الزمن تتسع شيئا فشيئا، وتنحو منحى الاستقلال، وأصبح في كل علم من العلوم ما لا يحصى من الكتب والمؤلفات، وغدت الثروة العلمية والفقهية التي خلفها لنا علماؤنا ينوء بها العصبة أولو القوة وتفنى الأعمار دون الإحاطة بها، وإدراكها، وتمثلها، على الرغم من أنها تتفاوت صحة وضعفا، وخطأ وشذوذا، وبعدا عن الجادة واستقامة عليها، ومع تطاول الزمن، واتساع العلوم، وتنامي استقلاليتها وتخصصها، أصبحت هذه العلوم محور الدراسة، وموضع الاهتمام، فبعد أن كانت وسيلة مساعدة على فهم القرآن غدت غاية بحد ذاتها، ومن ثم انصرف إليها الدارسون وطلبة العلم يولونها كل اهتمامهم، ويوجهون إليها معظم نشاطهم، وينفقون في سبيلها جل أوقاتهم وأعمارهم، ولم يعد الاهتمام بالقرآن والسنة في المقام الأول وإنما أصبح في المقام الثاني، ومن ثم ضعفت الصلة بالقرآن والسنة، ولم يعد لهما ذلك الأثر الفعال في تغيير السلوك الذي عرفناه في الأجيال السابقة، فتوقف العقل المسلم عن النشاط، وفقد كثيرا من فاعليته التي أفاضها عليه القرآن نتيجة تفاعله معه، وظهر من ينادي بإغلاق باب الاجتهاد نتيجة العجز العقلي الذي ألقى بظلاله على المجتمع الإسلامي.
ثم في مرحلة من مراحل تاريخ هذه الأمة يغدو القرآن في واقع بعض المنتسبين للعلم وسيلة يستعان بها على إيضاح بعض العلوم التي كانت وسيلة لإيضاحه فكأن مهمته تقصر على تقديم شواهد لتوضيح القواعد النحوية والبلاغية وغيرها من العلوم الأخرى، ولو طلب إلى من يقرر هذه القواعد البلاغية أو النحوية أن يعرفنا بمعنى الآية التي يستشهد بها للاستدلال على قاعدته لوقف أمامنا فاغرا فاه متعجبا ولألفيناه يقول بأن اختصاصه إنما هو النحو أو البلاغة، وأنه لا يعرف من الآية إلا موضع الشاهد. وهكذا يغدو القرآن – في نظر أمثال هؤلاء – مجموعة من الشواهد التي يستخدمها علماء هذا الزمان لتوضيح قواعدهم.
ومثل هذا الذي قيل في شأن علوم العربية يمكن أن يقال في بعض العلوم الشرعية، كعلم الكلام " علم التوحيد" الذي تأثر بمنطق أرسطو وفلسفة يونان، وتحول إلى مدارس فكرية واتجاهات مذهبية، تنحو مناحي مختلفة وتتخذ طرائق قددا، فغدت كل فرقة تبحث في القرآن عن شاهد يؤيد وجهة نظرها ويشهد لقولها ومذهبها، وبذلك وقعت الأمة في داء الفرقة والاختلاف وكل يريد أن يقول بأن ما ذهب إليه هو الذي جاء به القرآن.
أما ما انتهى إليه الأمر في شأن هذه العلوم فقد تجاوز ذلك كله، حيث أصبحت كثير من هذه العلوم بدائل للقرآن تدرس في غيابه وفي منأى عنه، ظنا منهم أن كل العلوم التي حواها القرآن قد استخرجت منه وأفردت بالتأليف بكتب مستقلة، ومن ثم لم يعد في القرآن إلا نصوص تتلى بقصد البركة والثواب الأخروي.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن ما آلت إليه الأمور من انحطاط في العقل، وجمود في الفهم، وعكوف على كتب المتأخرين حفظا وتسميعا واختصارا وتلخيصا، أو شرحا وتحشية، أو صياغة عل طريقة النظم، أو غير ذلك مما شغل به الناس أنفسهم في العصور المتأخرة لن يحل مشكلة، ولن يبعث نهضة، ولا يمكن أن يكون سبيلا لاستنقاذ أمة ولا باعثا على استئناف حياة جديدة.
إن الحياة لا يمكن أن تدب في هذه الأمة إلا بوحي الله] وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان [ولا يمكن أن تكون إلا في الاستجابة لهذا الوحي] يا أيها الذين آمنوا استجيبوا الله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم [فكلمات الله ووحيه هما القادران على بعث الحياة من جديد في هذه الأمة، وهما القادران على إمدادها بما تحتاجه من القوة والطاقة.
إن نصوص القرآن الكريم غنية بالمعاني التي لا تحد، والتوجيهات التي لا تنفد، والأحكام التي تلبي حاجة الأمة إلى يوم القيامة، ومن ثم فلا بد من العودة إليها ودراستها في سياقها واستلهامها في حل مشكلاتنا، ومعالجة قضايانا، وبدون ذلك لا يمكننا أن نفهم حكمة الأمر الإلهي بكثرة قراءة القرآن، وتدبر معانيه والتفكر في آياته، واستخلاص عبره وعظاته، وليس من حقنا أبدا أن ننهي مهمة القرآن ووظيفته الأساسية بقصره على مجرد التلاوة واحتساب الثواب على ذلك عند الله. ثم الاستغناء عنه بما كتبه الناس، واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير.
إن ما كتبه العلماء واستنبطه الفقهاء يعتبر ثروة كبرى لهذه الأمة في مجال العلم والمعرفة لا يمكننا أن نفرط فيها أو نتجاهلها، ولكننا في نفس الوقت لا يمكننا أن نعتبرها بديلة للقرآن أو مغنية عنه كما لا يمكننا أن نعتبرها الكلمة الأخيرة التي ليس بعدها مقال، وإنما ينبغي دراستها في ضوء النصوص القرآنية والحديثية، وليس بمنأىً عنها، وهذه الدراسة في ضوء النصوص كفيلة بتوسيع دائرة الرؤية، وتوضيح كثير من الجوانب التي لا يمكن أن تتضح في غيبة النصوص، مما يؤدي إلى ترجيح بعض الأقوال على بعض، أو ظهور فهم جديد نتيجة لمراعاة سياق الكلام، أو لمراعاة مجموع النصوص الواردة في القضية أو غير ذلك من المقتضيات التي تحكم الفهم والاستنباط.
ثم إن هناك جوانب كثيرة مما عرض له القرآن لا تزال بكرا تحتاج إلى بحث ودرس، وذلك فيما يتصل بالدراسات النفسية والإنسانية والتي لم تأخذ حظها الكافي من البحث والدرس في تراثنا الثقافي والعلمي، وما مس منها مس مسا رفيقا، وما يزال بحاجة إلى مزيد من البحث والنظر، وبخاصة في ضوء الدراسات الحديثة التي توسعت كثيرا في هذه الجوانب، وأصبحت لها علوم مستقلة، ودراسات مستفيضة.
إن على الباحثين الإسلاميين أن يأخذوا هذا كله بعين الاعتبار، وأن تكون اجتهاداتهم في ضوء النصوص، وألا يكتفوا من النص بالجزء الظاهر الدلالة على الغرض، وإنما عليهم أن يوسعوا نظرهم في سياق الكلام وسباقه، وأن يتعرفوا على مناسبته التي نزل بها، ويراعوا مقاصده وحكمه، ويضموا إليه أشباهه ونظائره، إلى غير ذلك من الأمور التي لا بد من مراعاتها لمن أراد أن يجانب الخطأ ويقارب الصواب، هذا بالإضافة إلى ما سبق أن أشرنا إليه من ضرورة الاطلاع على كتب التراث، والتعرف على ما قاله الأئمة العلماء والمجتهدون السابقون، وتفهم وجهة نظرهم وطريقة استنباطهم، فإنهم القدوة لنا في أصول الفهم ومناهج الاستدلال، وإن اختلفنا معهم في الاستنتاجات والمسائل، كما اختلفوا هم فيما بينهم.
- القرآن والعلوم الشرعية:
من المعلوم أن العلوم الشرعية وثيقة الصلة بالقرآن، وأنها تهدف إلى خدمته وتوضيحه. ولكن لا بد لنا من أن نبين كيف نشأت هذه العلوم، وما لابس هذه النشأة من أمور أدت إلى نوع من الخلل والقصور في بناء هذه العلوم، وخير من تعرض لمعالجة هذا الموضوع العلامة عبد الحميد الفراهي، ونحن مضطرون – هنا- إلى بيان وجهة نظره، وفي ذلك يقول: لا يخفى أن الدين معظمه ترقية النفوس وتربية العقول وإصلاح الأعمال الظاهرة، أي: الأخلاق والعقائد والشرائع.
والقرآن قد تكفل بكل ذلك على أحسن ما يكون، وكل ذلك متصل بعضه ببعض وبجميعه تحصل التزكية وهي الغاية والمطلوب.
ولهذه الثلاث نشأت ثلاثة علوم: علم الأخلاق والمواعظ/ وعلم الكلام / وعلم الفقه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولما كان القرآن مصدر هذه العلوم، كان لا بد لأصول تأويله أن تكون شاملة لكل هذه العلوم، ولكن ما حدث هو أن جعل علم التأويل مقصورا على الفقه وهو ما عرف بعلم " أصول الفقه" ومن ثم أصبح علم الأخلاق وعلم الكلام بعيدين عنه فلا نجده مستعملا فيهما.
أما علم الأخلاق فاتسع بأهله حتى تشبثوا بكل ما راقهم وأعجبهم، فمنهم من بناه على الحكمة العملية التي تلقوها من الفلاسفة، ومنهم من اعتمد على تجاربه، ومنهم من بناه على الروايات الضعيفة، وربما أخذوا من القرآن حسب تأويلاتهم الركيكة، وذلك لظنهم بأنه لا حاجة إلى صحة الاستدلال في الترغيب والترهيب، ومدح الحسن، وذم القبيح.
ومنهم طائفة من المتصوفة تكلموا في العقائد يؤولون القرآن إلى ظنونهم لجهلهم بالعربية وبحقيقة هذا الدين، ويزعمون أنهم أعرف بالقرآن وأسراره، وتجد أمثلة ذلك في كلام ابن عربي.
وأما علم الكلام فأصحابه لاشتغالهم بالملاحدة قل اعتمادهم على النقل، وكان معظم احتجاجهم بما تجنح إليه العقول لكي يسلم لهم الخصم، وربما يؤولون القرآن إلى غير مراده فرارا من اعتراضات المعاند، إذ لم يهتدوا لصحيح التأويل وتوفيق المعقول بالمنقول فجعلوا للتأويل – لا نقول أبوابا بل ثلما – يخرجون منه حين لا يمكنهم الدفاع على وجه مستقيم.
حتى قال بعضهم – كالرازي عفا الله عنه -: إنه لا اعتماد على ظاهر القرآن لعله يكون من المتشابهات.
فجعل القرآن كله ملتبسا، ولم يكن ذلك إلا لعدم تأسيس أصول التأويل العامة التي يعتمد عليها في كل ما يستنبط من القرآن سواء كان من فروع الشرائع أو الأخلاق والعقائد.
فإن جعلت القرآن أصلا لتمام علم الدين – كما هو في الحقيقة – صار من الواجب أن يؤسس أصولا للتأويل بحيث تكون علما عاما لكل ما يؤخذ من القرآن".
- القرآن وعلوم اللسان:
وكما كانت للفراهي نظراته النقدية في بناء العلوم الشرعية، كذلك كانت له نظراته في علوم اللسان، وفي ذلك يقول: "كما أن الله تعالى وعد بحفظ متن القرآن حيث قال:] إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون [فكذلك وعد ببيانه حيث قال:] ثم إن علينا بيانه [ومن بعض إنجاز وعده حفظ اللسان العربي من الاندراس والمحو وجعله حيا باقيا. وكذلك حفظ الاصطلاحات الشرعية كـ " الصلاة" و " الزكاة" و " الجهاد" و"الصوم" و " الحج" و " المسجد الحرام" و " الصفا" و " المروة" و " مناسك الحج" وأمثالها، وما يتعلق بها من الأعمال المتواترة المأثورة من السلف إلى الخلف والاختلاف في اليسير فيها لا اعتبار له.
فإذا نظرت إلى ألفاظ مصطلحة في الشرع، ولا تجد حدها وتصويرها في القرآن، فلا تجمد على أخبار الآحاد فتسقط في الريب. بل اقنع بالقدر الذي اجتمعت عليه الأمة، ولا تؤاخذ إخوانك فيما ليس فيه نص صريح، ولا عمل مأثور، من غير خلاف، فهذا هو السبيل الوسيع والمعنى الواضح من القرآن في اصطلاحاته الشرعية.
فأما في سائر الألفاظ وأساليب حقيقتها ومجازها فالأصل فيه كلام العرب قديم، والقرآن نفسه.
وأما كتب اللغة فمقصرة، فإنها كثيرة ما لا تأتي بحد تام ولا تميز بين العربي القح والمولد ولا تهديك إلى جرثومة المعنى، فلا يدري ما الأصل وما الفرع؟ وما الحقيقة والمجاز؟
فمن لم يتمرس بكلام العرب واقتصر على كتب اللغة، ربما لم يهتد لفهم بعض البعض المعاني من كتاب الله.
وأما باقي علوم اللسان كالنحو والمنطق والأصول والبيان والبلاغة والقافية، فالكتب المدونة فيها – مع كثرة فوائدها – أشد تقصيرا من كتب اللغة لفهم القرآن.
أما النحو فيحتاج إلى زيادات، بل ليس من شأنه إلا تأسيس أصول كلام وسيط بين السقط والرفيع، فلا ينبغي للمفسر أن يبالغ في تطبيق كلام الله على أصول النحو. فيرممه ويؤوله فيظن الظان أنه جائر عن قصد السبيل. بل عليه أن يأتي بشهادة من أشعار العرب ليعلم الجاحد انه لهو الأسلوب الأعلى "- وقد ذكر الفراهي بعضا من هذه الإضافات في كتابه " أساليب القرآن ".
وأما المنطق فمداره التدقيق في استعمال ألفاظ التحليل والنفي والاستثناء وسوق الدليل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما علم البيان فحاله كحال النحو لا يتصدى لكلام يتفجر من صدوع القلب الحي، وما أبعده مما يتصبب من سماء الوحي، فترى صاحب الوحي – بل كل داع إلى الحق- ينفث ما في قلبه كيف ما دعته الحالات، فطورا يأتي بالمجاز، وطورا بالحقيقة، ولا يراعي إلا فهم المخاطبين والعادة الجارية في لسانه. فيفهمه المخاطب، ولكن الذي يجمد على علم البيان فإنه يدب كالنمل، ويخبط كالأعمى، ومن رأى الزبور وكتب الأنبياء السابقة علم أن المجاز له مجال وسيع في الوحي".
- وقد وضح الفراهي كثيرا مما أراده في علم البيان في كتاب الذي خصصه لذلك وهو " جمهرة البلاغة"-.
وأما الأصول: فلا نجحد فضل من أسس هذا الفن، فإنهم لم يأخذوه من اليونان ولا من الهند، ولا من غيرهما، بل دعت الحاجة إلى وضع أصول لاستنباط الأحكام من الكتاب والسنة فهم قدوة في هذا الفن الشريف، ولكن الخلف لم يهتدوا إلى تهذيبه وإصلاحه، فبقي هذا الفن واهي القوى ضعيف الأركان، ولما يبلغ مبلغا يستحق به اسم الفن، فترى فيه اختلافا كثيرا ينجر إلى اختلاف الأحكام، وليس الأمر كذلك في النحو والمنطق وغيرهما من الفنون.
وأما البلاغة فاستخرجوها من أشعار العرب، والأشعار لضيق مجالها كانت مقتصرة على جودة السبك، ورشاقة اللفظ والبديع، أما حسن الاستدلال ورباط المعاني وضرب الأمثال، والاعتبار من القصص، وجر الكلام ثم العودة إلى عموده، والوعد والزجر والتأكيد بشدة يقين المتكلم، والإعراض إعراض الترفع، والحسرة حسرة المعلم الناصح، وغير ذلك مما تجده في خطب البلغاء ووحي الأنبياء، فلم يذكروه في علم البلاغة".
- لسان القرآن:
" الكتب المتعلقة بلسان القرآن من حيث دلالته على معانيه ثلاثة:
كتاب " المفردات" و كتاب " الأساليب" و كتاب " أصول التأويل".
ففي كتاب المفردات يبحث عن الألفاظ المفردة، ويكشف عن معانيها الخاصة، بحيث تتضح لها الحدود واللوازم، وما يتصل بها وما يفترق عنها، وما يشابهها وما يضادها فيحيط العلم بدلالة الألفاظ المفردة.
وفي كتاب الأساليب يبحث عن دلالة التراكيب المختلفة الوجوه التي تدل عليها الأساليب المتنوعة، فيحيط العلم بما يدل عليه الكلام من المعاني حتى يحفظ عما لا دلالة عليه.
وفي كتاب أصول التأويل يبين ما يؤخذ من المعاني المختلفة وما لا يؤخذ، وما يمكن بينها الجمع.
ثم بعد ذلك يستوي السبيل إلى فهم رباط معاني القرآن من القرآن".
- علم الحديث والقرآن:
ويرى الفراهي أن السبيل السوي إنما يكون بتعلم الهدي من القرآن، وأن تبني عليه دينك، ثم بعد ذلك تنظر في الأحاديث: فإن وجدت ما كان شاردا عن القرآن – حسب بادي النظر أولته إلى كلام الله، فإن تطابقا قرت عيناك، وإن أعياك توقف في أمر الحديث واعمل بالقرآن وقد أمرنا أولا بإطاعة الله ثم بإطاعة رسوله، ولا شك أن الأمرين واحد، فإن لم يرد الله أن نقدم كلامه على ما روي عن رسوله فماذا إذن أراد بهذا الحكم.
أصول التأويل:
قد جعل العلماء طرفا من أصول التأويل جزءا لأصول الفقه، أي فروع الشرائع، فلكونه جزءا صار غير مستقل، ولم يعط من الاهتمام والإتمام ما يعطي لفن مستقل. ثم لكونه مستعملا للفرو ع، لم يعط من التيقظ والاحتياط ما يعطي لأصول الدين، ومعلوم أن الاختلاف في فروع المسائل هين فهان أمره.
وكذلك لكونه مشتركا بين الكتاب والسنة لم يختص بما هو أهله؛ إذ السنة معظم العناية فيها نقد الرواة، فلا يتعمق في متونها من قبل خواص ألفاظها وتراكيبها – إذ الروايات أكثرها بالمعنى.
وأما القرآن فيعض عليه بالنواجذ فيحافظ على حروفه وحركاته، ويعتمد على ما يستنبط من نظمه وإشاراته، وتنفى الاحتمالات الضعيفة عن تأويل آياته، ويرد ما اشتبه منه إلى محكماته، فلا يغتفر فيه الأخذ بالهوينى، لا في تأويله ولا في تنزيله.
فلو جعل هذا الفن من علم التفسير لعظم محله في الدين، ولأفرغ له الجهد التام، وأخذ فيه بالاحتياط من الآراء الضعيفة، وبعد ذلك يكون استعماله في الحديث وسائر الكلام على التبع والتطفل.
وبالجملة فإدخال أصول التأويل في أصول الفقه – بمعنى علم المسائل الفرعية – حط علم التأويل عن محله ومكانته بثلاث مراتب:
الأولى: كان حريا بالبحث المستقل فصار له شركاء، فغدا مغمورا معها.
(يُتْبَعُ)
(/)
و الثانية: أنه كان معظم علم التفسير، لكونه أصولا لفهم القرآن، وإذ جعل من علم الفروع لم يبالغ في تنقيحه حتى يصير علم التأويل كالمعيار والميزان، مثل علم النحو والعروض، فما بلغ مبلغ الفن المنقح، بل كان قصاراه أن يكون أصولا خاصة مثل قوانين الأمم المختلفة.
فيقال إن أبا حنيفة – رحمه الله – جرى على هذه الأصول. والشافعي – رحمه الله – على تلك.
والثالثة: أن القرآن ليس مقصورا على الفروع، بل معظمه يتعلق بالعقائد وبواطن الأخلاق.
وإذ جعل من أصول الفقه صار مقصورا عليه. ومن هذه الجهة وقع خلل فاحش في بناء العلم الذي يهدي إلى فهم القرآن.".
وهكذا نرى أن تدارك الخلل في بناء العلوم الشرعية ينطلق من إعادة النظر في بناء علم أصول الفقه بحيث يكون " علم أصول التأويل" ومن أجل ذلك وضع الفراهي مشروع كتابه " التكميل في أصول التأويل" ثم وضع كتابه "القائد إلى عيون العقائد " لتدارك قصور علم الكلام، كما وضع كتبا لتدارك تقصير علوم اللسان منها: " مفردات القرآن" و " إمعان النظر في أقسام القرآن" و " أساليب القرآن" و " جمهرة البلاغة" وأتبع ذلك بكتب متممة منها: " دلائل النظام" و " إمعان في أقسام القرآن" و " فاتحة نظام القرآن" و " تفسير الفرقان بالفرقان" وهي مقدمة تفسيره الذي طبع منه عدد من السور القرآنية، كما وضع مذكرات خطية بين يدي تفسيره، وأشار بها إلى ما ينبغي أخذه بعين الاعتبار والاهتمام عند تأليف هذا التفسير. وتعتبر جهود الفراهي في هذه العلوم محاولة جادة في إعادة بنائها على أسس راسخة لتكون منطلقا إلى مستقبل أفضل لهذه العلوم.
- هيمنة القرآن:
لقد وصف الله القرآن بأنه المهيمن على الكتب الإلهية السابقة، وذلك في قوله تعالى:] هو الذي أنزل عليك الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه [بمعنى أن ما جاء في القرآن أولى بالاتباع لأنه الصورة الأخيرة للوحي الإلهي والناسخ لما خالفه من الشرائع السابقة التي جاءت لفترات زمنية محدودة ولأقوام معينين، أما الصورة الأخيرة فهي الصورة المتوافقة مع الفطرة البشرية والمتناسبة مع عموم الرسالة وامتداد الزمان والمكان.
وإذا كان لا يقبل ما خالف القرآن من الرسالات السابقة لأن القرآن مهيمنا عليها، فكذلك ينبغي أن تكون للقرآن الهيمنة في مصادر الشريعة الإسلامية وفي العلوم التي نشأت في الأصل لخدمته وتوضيحه وبيانه، ولا يجوز أبدا أن تعكس القضية، فيصبح القرآن وسيلة لتوضيح تلك العلوم، كما لا يجوز أن تكون تلك العلوم هي المهيمنة على النص القرآني، ولو كانت الحجة أن هذه العلوم مستمدة في الأصل من القرآن. ذلك أن دراسة هذه العلوم بمعزل عن القرآن أوجد خللا في تصور بعض المفهومات والقيم الإسلامية، كما أوجد خللا في العلاقات بين مفرداتها. وبذلك تضخمت بعض القيم على حساب البعض الآخر، مما أفقد التصور الإسلامي توازنه وتناسبه، وانعكس كل ذلك في سلوك المسلم الذي ما زال يعاني من أثر ذلك.
إن دراسة قيم الإسلام ومفهوماته، ومفرداته من خلال النص القرآن وترتيب آياته وسوره لا يكشف عن سر الحسن وسحر البيان – وهو أمر مطلوب – فحسب وإنما يتعدى ذلك إلى دلالات جمة، فكم من المعاني الدقيقة والحكم الغامضة مودعة فيه. والواجب على المتأمل في القرآن أن يتدبره كلمة كلمة ويؤمن بأن تحت كل منها حكما وفي نظمها سرا، وإذن يوشك أن يتجلى عليه بعض المكنون حسب استعداده".
ولقد أدرك أهمية هذه الحقيقة – حقيقة الدراسة للإسلام وقيمه ومفهوماته من خلال القرآن وما يترتب على ذلك من تصور صحيح ومتوازن بعيد عن الإفراط والتفريط بعض علماء النهضة المعاصرين ونرى أنموذجا لهم في ما كتبه العلامة عبد الحميد الفراهي الهندي، وما كتبه بديع الزمان سعيد النورسي، وما كتبه سيد قطب في معظم مؤلفاته وبخاصة " مقومات التصور الإسلامي" و " في ظلال القرآن"، وسنقتطف فيما يلي فقرات مما كتبه هؤلاء الأعلام عن هذه الحقيقة:
- مع بديع الزمان النورسي:
(يُتْبَعُ)
(/)
يرى النورسي " أن القرآن الكريم قد حافظ على التوازن في بيانه التوحيد بجميع أقسامه مع جميع مراتب تلك الأقسام وجميع لوازمه، ولم يخل باتزان أي كان منها. ثم إنه قد حافظ على الموازنة الموجودة بين الحقائق الإلهية السامية كلها .. وجمع الأحكام التي تقتضيها الأسماء الإلهية الحسنى جميعها مع الحفاظ على التناسب والتناسق بين تلك الأحكام. ثم إنه قد جمع بموازنة كاملة شؤون الربوبية والألوهية.
فهذه " المحافظة والموازنة والجمع" خاصية لا توجد قطعا في أي أثر كان من آثار البشر، ولا في نتاج أفكار أعاظم المفكرين كافة، ولا توجد قط في آثار الأولياء الصالحين النافذين إلى عالم الملكوت، ولا في كتب الإشراقيين الموغلين في بواطن الأمور، ولا في معارف الروحانيين الماضيين إلى عالم الغيب، بل كل قسم من أولئك قد تشبث بغصن أو غصنين فحسب من أغصان الشجرة العظمى للحقيقة، فانشغل كليا مع ثمرة ذلك الغصن وورقه، دون أن يلتفت إلى غيره من الأغصان؛ إما لجهله به أو لعدم التفاته إليه. وكأن هناك نوعا من تقسيم الأعمال فيما بينهم.
نعم! إن الحقيقة المطلقة لا تحيط بها أنظار محدودة مقيدة. إذ تلزم نظرا كليا كنظر القرآن الكريم ليحيط بها. فكل ما سوى القرآن الكريم – ولو يتلقى الدرس منه – لا يرى تماما بعقله الجزئي المحدود إلا طرفا أو طرفين من الحقيقة الكاملة فينهمك بذلك الجانب ويعكف عليه، وينحصر فيه، فيخل بالموازنة التي بين الحقائق ويزيل تناسقها إما بالإفراط أو بالتفريط".
ويقول النورسي في مكان آخر: " إن من يتأمل في كتب حكماء الإشراقيين، وكتب المتصوفة الذين اعتمدوا على مشهوداتهم وكشفياتهم دون أن يزنوها بميزان السنة المطهرة يصدق حكمنا هذا دون تردد. إذا فعلى الرغم من أنهم يسترشدون بالقرآن ويؤلفون في جنس حقائق القرآن إلا ن النقص يلازم آثارهم، لأنه ليست قرآنا".
- مع سيد قطب:
يرى سيد قطب أن للمنهج القرآني في عرض مقومات التصور الإسلامي خصائص تميزه عن أي منهج آخر، وقد ذكر منها الخصائص التالية:
أولا: إنه يعرض " الحقيقة" كما هي في عالم الواقع، في الأسلوب الذي يكشف كل زواياها، وكل جوانبها، وكل ارتباطاتها، وكل مقتضياتها. وهو مع هذا الشمول لا يعقد هذه الحقيقة، ولا يلفها بالضباب، بل يخاطب بها الكينونة البشرية في كل مستوياتها.
ثانيا: إنه مبرأ من الانقطاع والتمزق الملحوظين في الدراسات " العلمية" والتأملات " الفلسفية"، والومضات " الفنية" جميعا، فهو لا يفرد كل جانب من جوانب "الكل" الجميل المتناسق بحديث مستقل، كما تصنع أساليب الأداء البشرية. وإنما هو يعرض هذه الجوانب في سياق موصول، يرتبط فيه عالم الشهادة بعالم الغيب، وتتصل فيه حقائق الكون والحياة والإنسان بحقيقة الألوهية، وتتصل فيه الدنيا بالآخرة، وحياة الناس في الأرض بحياة الملأ الأعلى، في أسلوب تتعذر مجاراته أو تقليده.
ثالثا: إنه مع تماسك جوانب الحقيقة وتناسقه يحافظ تماما على إعطاء كل جانب من جوانبها – في الكل المتناسق- مساحته، التي تساوي وزنه في ميزان الله – وهو الميزان- ومن ثم تبدو " حقيقة الألوهية" وخصائصها، وقضية " الألوهية والعبودية" بارزة مسيطرة محيطة شاملة، حتى ليبدو أن التعريف بتلك الحقيقة، وتجلية هذه القضية هو موضوع القرآن الأساسي. وتشغل حقيقة عالم الغيب بما فيه القدر والدار الآخرة مساحة بارزة، ثم تنال حقيقة الإنسان، وحقيقة الكون، وحقيقة الحياة أنصبة متناسقة، تناسق هذه الحقائق في عالم الواقع. وهكذا لا تدغم حقيقة من الحقائق، ولا تهمل، ولا تضيع معالمها، في المشهد الكلي الذي تعرض فيه هذه الحقائق.
رابعا: إنه يتميز بتلك الحيوية الدافقة المؤثرة الموحية – مع الدقة والتقرير والتحديد الحاسم – وهي تمنح هذه الحقائق حيوية وإيقاعا وروعة وجمالا، لا يتسامى إليه المنهج البشري في العرض، ولا الأسلوب البشري في التعبير. ثم هي في الوقت ذاته تعرض في دقة عجيبة وتحديد حاسم، ومع ذلك لا تجور الدقة على الحيوية والجمال، ولا يجور التحديد على الإيقاع والروعة.
ولا يمكن أن نصف نحن، في الأسلوب البشري، ملامح المنهج القرآني، فنبلغ من ذلك ما يبلغه تذوق هذا المنهج. كما أنه لا يمكن أن نبلغ بهذا البحث كله عن "خصائص التصور الإسلامي ومقوماته" شيئا مما يبلغه القرآن في هذا الشأن.".
(يُتْبَعُ)
(/)
- مع الفراهي:
أما الفراهي فيرى في نظم القرآن دليلا على نظم الديانة كلها وذلك حينما يقول: " القرآن هو الأصل للإسلام والإيمان، أي: الشرائع والعقائد، قال تعالى:] وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان، ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم [.
وإذا كان القرآن على المطابقة التامة للدين صار النظر في نظامه باعثا على النظر في الشرائع والعقائد، فما كان أصلا وأساسا، نبه القرآن على كونه كذلك، فإذا تدبرت في القرآن هديت إلى حكمة الدين ونظام أموره".
وهكذا يظهر لنا من خلال هذه الفقرات المقتبسة لأعلام النهضة المعاصرة مقدار الخلل الذي حصل في المفهومات والقيم الإسلامية نتيجة لدراستها بمعزل عن القرآن، الأمر الذي يستوجب تصحيحا بالعودة بها إلى القرآن الذي يعيد إليها توازنها، ويعطي كلا منها نصيبه الذي يستحقه في ميزان القرآن، فلا تطغى حقيقة على أخرى، ولا تدغم حقيقة في حقيقة غيرها.
- منهجية دراسة القرآن:
إذا كان لا بد لنا في فهم الإسلام وقيمه ومفهوماته من الاعتماد على القرآن والارتكان إليه ليكون فهمنا صحيحا، وقيمنا متوازنة، ومفهوماتنا سديدة، فإن هذا الأمر يستدعي منهجية موحدة وأصولا متفقا عليها، ليكون القرآن حكما يفصل بين الناس فيما اختلفوا فيه – كما أراده الله أن يكون -:]. وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. [.
أما إذا اختلفنا في القرآن، فكيف يمكن أن يكون حكما؟
ومن ثم فلا بدلنا من منهجية موحدة تمكننا من تحقيق هذا الهدف، ولكن أنى لنا ذلك مع اختلاف العقول؟ واختلاف المشارب؟ واختلاف الدراسات والثقافات؟!!
.. ومن الذي يملك أن يضع هذه الأصول والقواعد؟
وكيف يمكن أن تكون وسيلة للالتزام فضلا عن الإلزام؟
إن القضية كبيرة وتحتاج إلى جهود جماعية متضافرة، ويمكن أن يعقد لأجلها مؤتمرا ومؤتمرات، وذلك نظرا لأهميتها وما يمكن أن ينبني عليها، فهي تستحق أن تبذل فيها الأوقات والأموال، وأن تكد من أجلها القرائح والعقول، لأنها تجمع علماء الأمة على أصول وقواعد لفهم كتاب الله، بعيدا عن الزيغ واتباع الأهواء، وبذلك تلتقي كلمة الأمة على نهج سديد وكلمة سواء.
وريثما يتم مثل هذا المؤتمر نرى لزاما أن نطرح بعض الأفكار والملاحظات للمناقشة بحيث يمكن البناء عليها فيما بعد، ولعلها تسهم في بيان المراد وإضاءة الطريق.
هل القرآن حمال أوجه؟
من الأقوال المأثورة في تراثنا:" لا يفقه الإنسان كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها".
وقد تركت هذه الكلمة آثارها في كتب التفسير، وكتب العقائد والفرق، فكثيرا ما يجد القارئ لتفسير آية أقوالا عدة، ووجوها مختلفة، يقف حيالها حيران، لا يدري ماذا يأخذ، وماذا يدع، وكذلك الآية الواحدة تستشهد بها الفرق المختلفة، وكل منها تحملها المعنى الذي تريد، وهي تود نصرة قولها وتأييده بآية من القرآن ليكون مقبولا عند الناس، لا مجال للاعتراض عليه، حتى قال بعضهم: إن القرآن قد وسع الفرق الإسلامية كلها، نظرا لأن كل فرقة تحاول جاهدة أن تجد مستندا لما ذهبت إليه من القرآن.
والحقيقة أن هذا القول المأثور " لا يتفقه الإنسان كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها " يمثل نصف الحقيقة، والنصف الآخر هو " وحتى يستطيع أن يرجح واحدا من هذه الوجوه" ذلك أن رؤية وجوه عدة لمعنى الآية يدل على التبحر وسعة المعرفة الأفقية، ولكن ترجيح واحد من هذه المعاني يدل على الرسوخ في العلم والتعمق في الفهم. والقرآن نزل ليكون حكما بين الناس فيما اختلفوا فيه، والحكم لا بد أن يكون له قول واحد ليكون حجة وقابلا للتنفيذ، أما إذا تعددت أقوال الحكم ولم يمكن الترجيح بينها فكيف يمكن أن تكون حكما. وهكذا بدلا من أن يحكم القرآن بين الناس فيما اختلفوا فيه، يختلف الناس في فهم القرآن. وينشأ عن ذلك فرقة وخصام ومذاهب واتجاهات. على حين نجد القرآن يأمرنا بالاعتصام بحبل الله وينهانا عن التفرق:] واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا [. كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم بين لنا المخرج حين نزول الفتن بما رواه علي yعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قلت يا رسول الله، ستكون فتن، فما المخرج منها؟ قال: "كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل،
(يُتْبَعُ)
(/)
من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تختلف به الآراء ولا تلتبس به الألسن، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء، من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم".
والشاهد في هذا الحديث قوله: قلت: يا رسول الله، ستكون فتن فما المخرج منها؟ قال:كتاب الله. ثم قال: " وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تختلف به الآراء، ولا تلتبس به الألسن.".
كما بين لنا القرآن الكريم لأن سبب اختلاف الناس منشؤه البغي بينهم مع وجود البينات والعلم والكتاب:] كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين ءامنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم [- معنى الآية: " كان الناس أمة واحدة" أي على شريعة من الحق فاختلفوا، " فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين"، فكان أول نبي بعث نوحا،" وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم" أي من بعد ما قامت عليهم الحجج، وما حملهم على ذلك إلا البغي من بعضهم على بعض.
كما ينهانا أن نتفرق ونختلف كما اختلف أهل الكتاب إذ قال:] ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم [وخاطب نبيه في شأن أهل الكتاب] إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء [وبين سبب العداوة والبغضاء بينهم بقوله:] ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة [.
فتحصل من ذلك كله أن منشأ الاختلاف لا يرجع إلى أصل الكتب المنزلة، وإنما يرجع إلى سلوك الناس تجاهها نتيجة بغيهم بينهم أو نسيانهم حظا مما ذكروا به.
وقد بين لنا القرآن الكريم أن كونه من عند الله يقتضي عدم وجود الاختلاف فيه،] ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا [. فدل ذلك على أن الاختلاف فيه لا يرجع إليه وإنما يرجع إلى ما عند الناس. ومن ثم لا بد أن تحكم آراء الناس بالكتاب، ولا يحكم الكتاب بآراء الناس.
- منهج صارم في التفسير:
وللوصول إلى فهم موحد لكتاب الله لا بد من التزام منهج صارم في التفسير يقوم على أمرين:
الأمر الأول: مراعاة نظام الكلام الذي يشمل تسلسل المعاني وترابطها الوثيق، والتناسب بين السابق واللاحق في نطاق الآيات والسور، فتظهر بذلك وحدة القرآن الموضوعية، وتتضح قاعدته البيانية، ويبدو القرآن بذلك كلا موحدا، لا تفاوت في مبانيه، ولا اختلاف في معانيه.
الأمر الثاني: اعتبار تفسير القرآن بالقرآن أصلا في بيان معاني الكلمات القرآنية، واعتبار أسلوب القرآن بالقرآن أصلا في بيان معاني الكلمات القرآنية، واعتبار أسلوب القرآن قاعدة حاكمة في اختيار المعاني وترجيح بعضها على بعض، وذلك لأن تفسير القرآن بالقرآن تفسير صاحب الكلام لكلامه، ولا يمكن أن يقدم عليه أي تفسير مهما كان. ومثل هذا المنهج الصارم لا يمكن الوصول فيه إلى نتائج قاطعة حاسمة إلا إذا أخذ مأخذ الجد في التطبيق، وهو يتطلب تعمقا في الفهم، وتدقيقا في النظر، وصبرا على التأمل الطويل، والتدبر الواعي. ولكن الثمرة لذلك كله فهم صحيح لكتاب الله، بعيد عن التكلف والتعسف، وتصحيح للأخطاء المتوارثة، ونظرات جديدة تدفع بالمسلمين خطوات واسعة إلى الأمام، وتكون منطلقا لنهضة إسلامية حقيقية، حيث تؤدي إلى توحيد الفهم الذي يجمع المسلمين على صعيد واحد وكلمة سواء، وبذلك يكون القرآن، كما أراده الله أن يكون حاكما بين الناس فيما اختلفوا فيه، فلا يقدمون بين يدي آراءهم، ولا يحملونه مالا يحتمل، وإنما يستلهمون مراده، وينتهون إلى حيث ينتهي بهم.
وهكذا الكلام الوجيز في المنهج يحتاج إلى شرح وتوضيح لا يتسع له المجال هنا،
وسنكتفي في هذه العجالة بضرب بعض الأمثلة الدالة عليه:
Œ قوله تعالى:] فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون [:
(يُتْبَعُ)
(/)
? ذكر الخطابي في رسالته عن إعجاز القرآن عن مالك بن دينار قال: جمعنا الحسن لعرض المصاحف أنا وأبا العالية الرياحي ونصر بن عاصم الليثي وعاصما الجحدري فقال رجل: يا أبا العالية قوله تعالى في كتابه:] فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون [.
?ما هذا السهو؟ قال: الذي لا يدري عن كم ينصرف، عن شفع أو عن وتر.
فقال الحسن: مه يا أيا العالية، ليس هذا بل الذين سهوا عن ميقاتهم حتى تفوتهم.
قال الحسن: ألا ترى قوله عز وجل:] عن صلاتهم [.
ويعلق على ذلك الخطابي بقوله: " وإنما أتي أبو العالية في هذا حيث لم يفرق بين حرف "عن" و " في" فتنبه له الحسن فقال: ألا ترى قوله " عن صلاتهم" يريد أن السهو الذي هو الغلط في العدد، إنما هو يعرض في الصلاة بعد ملابستها، فلو كان هذا المراد لقيل: في صلاتهم ساهون. فلما قال " عن صلاتهم" دل على أن المراد به الذهاب عن الوقت !!!.
وهذا الكلام الذي يقوله الحسن إنما قاله لأنه لم يتنبه لسياق الآية " فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون: ذلك أن التوعد في الآية إنما هو " للمصلين." أي المتلبسين بالصلاة، وهو قد سهوا عن حقيقتها وخشوعها، وبالتالي فلا ترتب على مثل هذه الصلاة آثارها العلمية السلوكية، بدلالة قوله: " الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون" فهذه الصلاة قصد بها المراءاة، ومن ثم فليس فيها معنى الإخلاص لله، والخشوع بين يديه، ومن ثم فصاحبها يمنع الماعون، ولا يسعى إلى فعل الخير، وهذا المنكر من المراءاة ومنع الماعون لم تحل مثل هذه الصلاة دون وقوعه، على حين الصلاة الحقيقية تمنع فعل ذلك:"وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر".
فإذا أضفنا إلى ذلك أن أول السورة: " أرأيت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يخص على طعام المسكين." عرفنا أن هذه الأوصاف إنما تنطبق على المنافقين.
ثم إن هذه الصلاة التي لا تؤثر في سلوك صاحبها، وجودها وعدمها سواء، ومن ثم وصف الله الذين لا يصلون بمثل ما وصف به الذين يصلون هذه الصلاة حينما قال عن أهل النار:
] ما سلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين، ولم نك نطعم المسكين. وكنا نخوض مع الخائضين، وكنا نكذب بيوم الدين [وإذا ما أردنا تأكيدا أكثر فإننا نحتكم إلى أسلوب القرآن وبيان القرآن بالقرآن فماذا نجد:
قال الله تعالى:] إن الإنسان خلق هلوعا. إذا مسه الشر جزوعا. وإذا مسه الخير منوعا. إلا المصلين. الذين هم على صلاتهم دائمون [.] والذين هم على صلاتهم يحافظون [ويقول الله تعالى:] قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون [.
] والذين هم على صلاتهم يحافظون [ويقول أيضا: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى. وقوموا لله قانتين [.
وبالنظر في الآيات السابقة وسياقاتها نرى ما يلي: - تكرار الوصف بالصلاة في سياق سورة المعارج وفي سياق سورة المؤمنون-.
وصف المصلون بسورة المعارج أنهم:] على صلاتهم دائمون [كما وصفوا بسورة المؤمنون بأنهم:] في صلاتهم خاشعون [.
أما الوصف المكرر في السورتين فقد جاء بصيغة واحدة وهو] والذين هم على صلاتهم يحافظون [.
فلو وضعنا هذه الآيات على صورة معادلة رياضية لرأينا ما يلي:
الذين هم على صلاتهم دائمون والذين هم على صلاتهم يحافظون
الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم على صلاتهم يحافظون
ولما كان الطرف الثاني للآيتين واحدا " يحافظون" كان لا بد للطرف الأول: "دائمون – خاشعون " أن يكون متساويا، وهذا يعني أن المراد بـ " دائمون" أي دائموا الخشوع في صلاتهم.
أما قوله " يحافظون " فالمراد به المحافظة على وقت الصلاة وعدم تضييعه.
وهكذا نرى أن القرآن إذا أراد التعبير عن " وقت الصلاة " جاء بلفظ المحافظة.
وإذا أراد التعبير عن حقيقة الصلاة جاء بلفظ " الخشوع" أو " الدوام" أو ما شابه.
وهذا ينطبق على قوله تعالى:] حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى [حيث يراد بها الوقت. أما الخشوع فقد عبر عنه بـ "القنوت" كما هو تتمة الآية:] وقوموا لله قانتين [.
?وصف الإنسان في سورة المعارج بقوله:]. وإذا مسه الخير منوعا. إلا المصلين. الذين هم على صلاتهم دائمون. والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم. والذين يصدقون بيوم الدين [.
(يُتْبَعُ)
(/)
?كما وصف المؤمنون الخاشعون في سورة المؤمنون بقوله:] والذين هم للزكاة فاعلون [. وهذه الصفات هي ضد الصفات الواردة في سورة الماعون:] أرأيت الذي يكذب بالدين، فذلك الذي يدع اليتيم، ولا يحض على طعام المسكين. فويل للمصلين. الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون. ويمنعون الماعون [. فانظر إلى هذا التوافق العجيب. وصدق الله: " ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا".
المثال الثاني قوله تعالى:] ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون، ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون [.
يقول الطبري في تفسير هاتين الآيتين:
ويوم ينادي ربك يا محمد هؤلاء المشركين فيقول لهم: " أين هم شركائي الذين كنتم تزعمون " أيها القوم في الدنيا أنهم شركائي؟
وقوله:] ونزعنا من كل أمة شهيدا [: وأحضرنا من كل جماعة شهيدها وهو نبيها الذي يشهد عليها بما أجابته أمته فيما أتاهم به عن الله من الرسالة ..
وقوله:] فقلنا هاتوا برهانكم [يقول: فقلنا لأمة كل نبي منهم التي ردت نصيحته وكذبت بما جاءها به من عند ربهم، إذ شهد نبيها عليها بإبلاغه إياها رسالة الله "هاتوا برهانكم" يقول فقال لهم: هاتوا حجتكم على إشراككم بالله ما كنتم تشركون مع إعذار الله إليكم بالرسل وإقامته عليكم بالحجج .. "
وقوله:] فعلموا أن الحق لله [يقول: فعلموا حينئذ أن الحجة البالغة لله عليهم، وأن الحق لله والصدق خبره، فأيقنوا بعذاب من الله لهم دائم.
] وضل عنهم ما كانوا يفترون [يقول: واضمحل فذهب الذي كانوا يشركون بالله في الدنيا، وما كانوا يتخرصون ويكذبون. .
هذا ما قاله الطبري في هذه الآية، وبمثل هذا القول أخذ معظم المفسرين.
غير أن الفراهي الهندي يقول في مقدمة كتابه مفردات القرآن: ". ثم سوء فهم الكلمة ليس بأمر هين فإنه يتجاوز إلى إساءة فهم الكلام، وكل ما يدل عليه من العلوم والحكم، فإن أجزاء الكلام يبين بعضها بعضا للزوم التوافق بينها. مثلا كلمة " النزع" في -سورة القصص- تبين معنى " الشهيد" – هناك – فسوء فهمها صرف عن معنى غيرها. .
يريد بذلك الذين فسروا " النزع" بالإحضار وما شابهه – كما ذهب إلى ذلك الطبري وغيره-، والمعروف أن أصل النزع: جذب الأشياء من مقارها بقوة".
ومثل هذا الخطأ في معنى " النزع" جعل من الممكن تفسير " الشهيد" بـ " النبي" وبذلك اضطر المفسرون إلى التكلف في معنى الآية، نتيجة الخطأ في معنى " النزع" و معنى " الشهيد".
ولو أنهم تمسكوا بأصل المعنى " جذب الأشياء من مقارها بقوة " لعرفوا أن هذا لا يتناسب مع مقام " الشهيد" – الذي هو النبي – وأنه لا بد للشهيد من معنى آخر.
وقد بين الفراهي معنى الشهيد في كتابه " مفردات القرآن" فقال:
" الشهيد": الذي يشهد ويحضر. ويحمل على وجوه:
1 - من يشهد المشاهد العظيمة من القوم ويتكلم عن القوم، فهو لسان القوم، فما قال كان ذلك قول القوم، فهو رئيسهم وهم يذعنون لما قال.
وهذا كما قال تعالى:] ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون".
وقد فسر الفراهي في مذكراته التي وضعها بين يدي تفسيره " الشهيد" في الآية بأنه إمامهم في الكفر.
ويؤيد هذا التفسير ما جاء في سورة مريم في قوله تعالى:] ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا [.
حيث استعمل نفس فعل " النزع" واستعمل " الشيعة" بدل الأمة، وبين معنى الشهيد بأنه أشدهم على الرحمن عتيا".
وبناء على هذا يستقيم معنى الآية: ونزعنا من كل أمة شهيدا – إمامهم في الكفر وأشدهم عتوا – فقلنا – لهؤلاء الأئمة العتاة-: هاتوا برهانكم – على ما كنتم تزعمون لي من الشركاء – فعلموا أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون – من الشركاء -.
ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى:] ويوم يناديهم أين شركائي قال قالوا آذناك ما منا من شهيد. وضل عنهم ما كانوا يدعون من قبل وظنوا ما لهم من محيص [.
ولو أننا تتبعنا الآيات التي تنتهي بقوله تعالى:] وضل عنهم ما كانوا يفترون [لرأيناها تؤيد هذا المعنى، مما لا يدع مجالا للشك في صحة هذا التفسير.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما التفسير الذي ذهب إليه معظم المفسرين، فقد اضطروا إليه اضطرارا، حيث ظنوا أن "الشهيد" في الآية هو كالشهيد في قوله تعالى:] فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا [. ولما كان قوله:] فقلنا هاتوا برهانكم [لا يتناسب مع مقام الشهيد الذي هو النبي، جعلوا الخطاب للأمم بدلا من الأنبياء، غير أن الأمم فيها المؤمن والكافر، وحتى يصح الخطاب لا بد من تخصيصه بالكفار، وكلها تكلفات وتجوزات.
ولو أنهم أخذوا " النزع" على أصل معناه لعلموا أنه لا يتناسب مع مقام الأنبياء ومن ثم بحثوا عن المعنى الآخر، والذي تكرر في عدد من الآيات ومنها قوله تعالى في سورة البقرة:] وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين [.
ونكتفي بهذين المثالين على ما أردنا شرحه وتوضيحه لأن المقام لا يسمح بأكثر من هذا.
ومن أراد أمثلة أكثر فبإمكانه أن يرجع إلى ما كتبناه حول مفهوم " إرادة الله" و"القضاء والقدر" في افتتاحية العدد الرابع عشر من مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية الكويتية الصادرة في شهر 8/ 89 وما كتبناه في افتتاحية العدد الخامس عشر من نفس المجلة عن " مشيئة الله في الهداية والضلال" وما كتبناه في العدد السابع عشر عن التحقيق في معنى " الفقير" و " المسكين".
وغير ذلك من الدراسات في عدد من المفهومات والمصطلحات كـ" الخلافة في الأرض".
و " فطرة الله التي فطر الناس عليها " و " الذين في قلوبهم مرض" و " الأمة في دلالتها العربية والقرآنية" و " تأويلات ثلاث آيات متشابهات – آيات الصابئين- و " تأويل آية الزخرف":] قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين [و تأويل آية النساء:] لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليه وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة. [.
ومن خلال هذه التجربة أرى أن هذه المنهجية تحل كثيرا من المشكلات، وتؤصل لفهم موحد ينفي التخاصم والتشاكس، ويؤدي إلى الائتلاف والتعاون، وهي على كل حال بدايات تحتاج إلى إنضاج ووجهة نظر جديرة بالتأمل والمناقشة، ولعلها تلقى قبولا وترحيبا، ودعما وإثراء من قبل الأخوة العلماء، والمحققين الفقهاء.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الحواشي:
ــــــــــــــــــــــــ
- التكميل في أصول التأويل للفراهي 3 - 4.
- فاتحة نظام القرآن للفراهي: 12 - 14.
- مفردات القرآن للفراهي:1.
- التكميل في أصول التأويل: 65 - 66
التكميل في أصول التأويل للفراهي:2 - 3 – بشيء من التصرف.
- جمهرة البلاغة للفراهي: 50 بشيء من التصرف.
- الكلمات: 512.
- الكلمات: 513.
- مقومات التصور الإسلامي: 65 - 68.
- الشورى: 52.
- دلائل النظام: 46.
- البقرة: 213.
- آل عمران: 103
- أخرجه الترمذي والدارمي وغيرهما من طريق الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفيه كلام، ويميل القرطبي إلى توثيقها انظر تفسير القرطبي: 1/ 5، وكثرة العمال: 1/ 45، وسنن الدرامي: 2/ 435 بتحقيق محمد أحمد ودهمان، طبعة دمشق 1309هـ.
- البقرة: 213.
- آل عمران: 105.
- الأنعام: 159.
- المائدة: 14.
- النساء: 82.
- ثلاث رسائل في إعجاز القرآن: 32 - 33.
- المدثر: 42 - 46.
- المعارج 19 - 23.
- المعارج: 24.
- المؤمنون: 1 - 2.
- المؤمنون: 9.
- البقرة: 238.
- القصص: 74 - 75.
- جامع البيان: 11/ 104 - 105، طبعة دار الفكر.
- مفردات القرآن: 4.
- عمدة الحفاظ: السمين الحلبي 4/ 186.
- مريم: 69.
- فصلت: 48.
- النساء: 41.
- البقرة: 23
المصدر موقع الفطرة: http://www.alfitra.net/Ma9alate/New/Nahouwa_manhajiya_mowahada.html
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Nov 2009, 06:42 م]ـ
جزاك الله خيراً على نقل هذه المقالة القيمة، وفيها الكثير من المسائل الجديرة بالعناية والتأمل. وللدكتور أحمد فرحات عناية وتأثر بمؤلفات وآفكار الشيخ عبدالحميد الفراهي رحمه الله.(/)
مؤتمر فهم القرآن .. مناهج وآفاق
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[04 Aug 2008, 10:47 ص]ـ
تحت شعار قوله تعالى: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ}
جمعية المحافظة على القرآن الكريم في الأردن تقيم
مؤتمرها القرآني الثاني
بعنوان:
(فهم القرآن .. مناهج وآفاق)
تحت شعار قوله تعالى: {لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [ص:29]، عقدت جمعية المحافظة على القرآن الكريم مؤتمرها القرآني الثاني، وذلك بمشاركة نخبة من العلماء والباحثين من السعودية والمغرب وسورية والعراق وفلسطين واليمن وكوسوفا بالإضافة إلى الأردن.
يهدف المؤتمر إلى تحديد أهمية فهم القرآن الكريم وأثره على حسن التعامل معه وتطبيقه، كما يهدف إلى تحديد ضوابط علمية لفهم القرآن وتدبره، والكشف عن جهود السابقين والمعاصرين في فهم القرآن، بالإضافة إلى تحديد آثار فهم القرآن على الفرد والمجتمع.
محاور المؤتمر انقسمت إلى ثلاثة محاور رئيسية تتضمن عدداً من المحاور الفرعية كما يلي:
المحور الأول: فهم القرآن الكريم (مفهوم، مناهج، آثار)، ويتضمن عدداً من المحاور الفرعية هي: مدلولات (الفهم، التدبر، الخشوع، التفسير لكتاب الله)، والعلاقة بين الفهم والحفظ والتلاوة والتطبيق، وآثار فهم القرآن وتدبره على الفرد والأمة، وصوارف فهم القرآن والانتفاع به.
أما المحور الثاني فهو بعنوان: ضوابط علمية ومنهجية لفهم القرآن وتدبره، ويتضمن: العلاقة بين الفهم واكتشاف مكامن الإعجاز، وضوابط منهجية لتدبر القرآن، ومؤهلات تعين على الفهم والتدبر، وأثر النظرة المقاصدية في فهم القرآن، وجهود العلماء في تأصيل فهم القرآن وتدبره.
المحور الثالث والأخير: التجديد في تفسير القرآن، ويندرج تحته المحاور الفرعية التالية: التجديد في تفسير القرآن ضرورة حضارية، نماذج في تجديد تفسير القرآن، محاذير ومزالق في التجديد، التجديد والجديد في ترجمة القرآن، التفسير الموضوعي ودوره في تفسير القرآن الكريم.
هذا وقد أقيمت على هامش المؤتمر محاضرتان كانت الأولى للأستاذ الدكتور أحمد الريسوني -خبير أول بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة- تناول فيها قواعد فهم القرآن وضوابطه، أما المحاضرة الثانية فكانت حول التفسير الموضوعي وأثره في فهم القرآن ألقاها الأستاذ الدكتور أحمد حسن فرحات.
تميز المؤتمر بالحضور الكثيف لمجموعة من العلماء والمؤسسات المهتمة بالشأن القرآني، ومن العلماء الذين شَرُفَ المؤتمر بهم: الدكتور أحمد الصبان -وكيل وزارة الأوقاف السعودية- والأستاذ الدكتور عدنان زرزور -أستاذ التفسير في جامعة البحرين- والأستاذ الدكتور فهد الرومي -أستاذ الدراسات القرآنية بكلية المعلمين/ جامعة الملك سعود- والدكتور عيسى الدريبي -أستاذ الدراسات القرآنية المشارك بكلية المعلمين/ جامعة الملك سعود- والأستاذ الدكتور عماد زهير حافظ -أستاذ التفسير بكلية القرآن الكريم/ الجامعة الإسلامية- والأستاذ فهد الوهبي -المدرس في جامعة طيبة- والأستاذ سالم العماري -مدير مركز الدراسات والمعلومات القرآنية- والأستاذ إبراهيم العيد -مندوب الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض- والدكتور عبد العزيز السحيباني وغيرهم.
وفيما يلي قائمة بالأبحاث التي ألقيت وأسماء مقدِّميها:
1 وظيفة فهم القرآن الكريم في مهمة حفظه/ د. منصور الشرايري/ الأردن.
2 فهم القرآن الكريم - مناهج وآثار/ د. خالد باجحزر/ السعودية.
3 الانتفاع بالقرآن - حسناته وآثاره أسبابه وموانعه/ أ. د بدر البدر/ السعودية.
4 من دلالات (الفهم، التدبر، الخشوع، التفسير لكتاب الله) / عبد الله المغلاج/ سوريا.
5 العجلة في تعلم القرآن الكريم وأثرها في نقص الفهم والعمل/ د. إبراهيم الحميضي/ السعودية.
6 آثار القرآن الكريم وتدبره على الفرد والأمة/ أ. سمر حاووط/ الأردن.
7 المكان ومُؤهلاته في فهم النص القرآني - السجن أنموذجاً/ د. عبد العزيز الضامر/ السعودية.
8 التغني بالقرآن وأثره في حصول التدبر/ د. أحمد السديس/ السعودية.
9 المؤهلات العلمية والثقافية التي يجب أن يتحلى بها المفسر في العصر الحديث (الأستاذ الشهيد سيد قطب نموذجاً) / د. خيرالدين خوجة / كوسوفا.
10 أثر النظرة المقاصدية في فهم القرآن الكريم/ د. أشرف بني كنانة/ الأردن.
11 ضوابط منهجية لتدبر القرآن الكريم/ د. زكريا الزميلي/ غزة.
12 توظيف المقاصد في فهم القرآن من خلال كتاب أحكام القرآن/ أ. علي الوزاني التهامي/ المغرب.
13 دور السياق في الترجيح بين الأقاويل التفسيرية - دراسة منهجية/ د. محمد إقبال عروي/ المغرب.
14 تجديد الفهم للنص القرآني بين التأصيل المنهجي وفقه الواقع/ د. حسن الغرباوي/ العراق.
15 مقاصد السور وفهم القرآن/ د. أحمد القضاة/ الأردن.
16 تدبر القرآن الحُكم والحِكمة/ د. أحمد الفريح/ السعودية.
17 منهج السلف في تلقي القرآن/ د. محمد الربيعة/ السعودية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Aug 2008, 12:53 م]ـ
جهود مشكورة بارك الله فيها ونفع بها. وليتكم يا أستاذ زهير تتفضلون بموافاتني في الملتقى بهذه الأوراق والبحوث المقدمة للاستفادة من الاطلاع عليها إن أمكنكم ذلك.
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[04 Aug 2008, 02:01 م]ـ
جهود مشكورة بارك الله فيها ونفع بها. وليتكم يا أستاذ زهير تتفضلون بموافاتني في الملتقى بهذه الأوراق والبحوث المقدمة للاستفادة من الاطلاع عليها إن أمكنكم ذلك.
جزاكم الله خيرا دكتور عبد الرحمن، وكنا نتمنى أن تكون معنا؛ فقد كانت أياماً لا تنسى،
وسأقوم بنشر ملخصات الأبحاث قريباً إن شاء الله
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[04 Aug 2008, 11:29 م]ـ
ولعل الزملاء: د. إبراهيم الحميضي،و د. محمد الربيعة،وغيرهما من أعضاء الملتقى أن يتحفونا بما تحصل لهم من هذا الملتقى العلمي الذي حفل بأبحاث فيها بعض عناوينها جدّة،وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[أحمد شكري]ــــــــ[06 Aug 2008, 01:33 م]ـ
الحمد لله على ما وفق جمعية المحافظة على القرآن الكريم في الأردن من تنظيم هذا المؤتمر والإعداد له، وموضوعه في غاية الأهمية لكل قارئ لكتاب الله تعالى، وكان للإخوة الفضلاء الذين شاركوا فيه دور كبير في تعميق الفكرة وتجليتها، ولحضور المؤتمرات القرآنية ميزة عظيمة، وضم هذا المؤتمر نخبة طيبة من الفضلاء، وأدعو الله أن يوفق الجميع لكل خير، والشكر موصول للجمعية على هذه المواسم الخيرة، وللملتقى وعضوه االنشط الأخ زهير على فرصة التعريف بالأنشطة القرآنية المتعددة.
ـ[عيسى الدريبي]ــــــــ[07 Aug 2008, 01:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبعد
كنت ممن شرف بحضور هذا المؤتمر العلمي الذي عقدته جمعية المحافظة على القران بالاردن، وقدسعدت فيه برفقة- رفيقي الدائم للمؤتمرات- أ. د.فهد الرومي، وفي المطار التقينا بمجموعة من الاخوة الفضلاء،.د. بدرالبدر، ود. محمدالربيعة، وحينما وصلنا التقينا باخوة نحبهم، أ. د.عماد زهير حافظ ود. ابراهيم الحميضي، ود. عبدالعزيزالسحيباني وغيرهم
وكان التنظيم جيدا -على عادة الاخوة في الاردن- فقد حضرت اكثر من مؤتمر عندهم-
وتضمن البرنامج كما في الرسالة الاولى هنا اوراق علمية وابحاث جيدة
الا أنني - وهذا انطباع شخصي- لاحظت العمومية على كثير من اوراق العمل- وقلة التأصيل لبعض المصطلحات والمفاهيم مثل مصطلح: التدبر، وغيره .. وقد ذكرت ذلك في مداخلة لي على بعض اوراق العمل.
- في بعض عناوين الابحاث جدة ولطافة، ولكن هذه الجدة واللطافة لاتأخذ من مساحة البحث الا مايقرب من عشرة بالمائة من المكتوب.
-كانت هناك محاضرتان في برنامج المؤتمر: الاولى لعالم المقاصد المعاصر الدكتور: احمدالريسوني -خبير اول بمجمع الفقه الاسلامي- وهوعلم معروف- وقد ضايقه الوقت في طرح افكاره ولذا كان طرحه في البداية لافكار ليست جديدة على المتخصصين ولكنه طرح في نهاية محاضرته على عجل بعض الدرر، والملاحظ على محاضرته:النظرة العلمية المرتبة،وكم تمنينا ان يتاح له وقت اطول ......
-والمحاضرة الثانية: د. احمد حسن فرحات -احد اعلام الدراسات القرانية المعاصرين-وكان محاضرته عن:التفسير الموضوعي ,ركز فيها على أهمية التفسير الموضوعي في حل بعض اشكالات التي لايحلها التفسير التحليلي وضرب لذلك امثلة جيدة -يوافق في بعضها وبعضها والمعذرة لاستاذنا الفاضل قد نتحفظ عليها-
ولكن من اجمل ماسمعت منه في هذا المحاضرة ضبطه لبعض الاقوال الشائعة عند طلبة العلم وهي مقولة (ان القران حمال وجوه) فقد قيدها بضابط رائع وهو: إذا فصل عن السياق، فتصبح العبارة (القران حما ل وجوه اذا فصل عن السياق) وذكر لذلك امثلة تبين فيها مصداقية هذا الضابط
- لهذا الملتقى اثره في جمعه للمتخصصين والتعريف فيما بينهم، فقد تعرفت على الدكتور /احمد السديس احد اعضاء هذا الملتقى، وجددنا العهد باخوة افاضل من الاردن،د. جمال ابو حسان، ود. عبدالله الجيوسي
-كنت نود ان نراك يادكتور احمد شكري في هذا المؤتمر، فجهدك في هذه الجمعية معروف
- ابحاث المؤتمر وزعت علينا في سيدي، ولكن لعل الاخ د. عبدالرحمن الشهري اوغيره من الاخوة في ادارة الملتقى يسأذنون الجمعية في اضافتها هنا وانا مستعد بتحميلها هنا.
- في هذا المؤتمرحضور الاخوة من السعودية بارز، هذا ألاحظه في كثير من المؤتمرات في مختلف بلدان العالم، ولهذا اسبابه المتعددة ......
- ختاما: حضور المؤتمرات القرانية- من خلال تجربة- فيها فوائد كثيرة لاتنحصر في طرح اوراق العمل والابحاث فقط، فهي فرصة للقاء المتخصصين والمهتمين من كل قطر وبلد وتبادل الافكار والاراء ....
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Aug 2008, 08:04 م]ـ
أحسنت يا دكتور عيسى جزاك الله خيراً ووفقك لكل خير على هذه الفوائد التي تفضلت بها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[10 Aug 2008, 02:49 م]ـ
عرض أخي الدكتور عيسى تقريراً موجزاً عن المؤتمر، وقد فارقنا بعده مباشرة بعد أن تذوق حلى الشام وكنافته اللذيذة (حبيبة الشام!!).
والمؤتمر كان منظماً، قد جمع نخبة من المتخصصين شرفنا برؤيتهم واللقاء بهم.
وكان لنا على هامش المؤتمر برنامج سياحي ماتع، حيث سرنا عصر يوم الثاني من أيام المؤتمر إلى منطقة جرش وهي منطقة جميلة، ومررنا خلالها ببعض المخيمات الفلسطينية، ومنها مخيم غزة الذي يعيش أهله في أقل مستويات المعيشة، ومخيمات أخرى، ثم مررنا بجبال خضراء جميلة، جملها الله بالطبيعة، وكان من بينها الجبل الأقرع الذي غطته الطبيعة الخضراء سوى رأسه، ولذلك سمي الأقرع.
ثم قفلنا راجعين لحضور مأدبة عشاء لأحد الأثرياء الداعمين للجمعية والمؤتمر، وكانت ليلة سمر جميلة في حديقته الجميلة.
وفي يوم الثالث، كانت رحلة طويلة إلى بعض الآثار القديمة، والأردن تتميز بكثرة المواقع التاريخية العريقة من تاريخ الرسالات الأولى وعهد الرومان إلى تاريخ الإسلام، وكان من أبرز المعالم التي زرناها ورأينا فيها عظمة الإسلام وعزته، قلعة صلاح الدين الأيوبي وهي قلعة عظيمة شاهقة فوق قمة جبل يشرف على جبال الأردن، بنيت للمراقبة والحماية، وتعتبر هذه القلعة من أبرز المعالم الأثرية التي يقصدها السياحة، وقد نغص متعتنا بها أن فريقاً من الهنود قد حضروا لتصوير مقاطع من فلم هندي فيها، ومن عجائب هذه القلعة أنها محاطة بخندق مائي عرضه عشرة أمتار وجسر يمر عليه إلى الباب الرئيسي، صمم على طريقة عجيبة بحيث يرتفع الجسر فيغلق الباب الرئيسي للقلعة حماية لها من الغزاة، ومن عجائبها أنها تتكون من عدة أدوار متدرجة، وتتكون من غرف ضخمة تقارب مساحة الغرفة عشرة أمتار في عشرين، وفيها فتحات أرضية للتهوية صممت على شكل هندسي راع بحيث يصل الضوء إلى أسفل الغرف، وفي كل غرفة منها كوة في الجدار كبيرة بها فتحة صغيرة مصممة للرماة،
ثم كانت لنا زيارة للقلعة الرومانية التي كان من عجائبها المدرج الروماني الكبير الذي صمم على شكل نصف دائرة وهو مسرح تاريخي، وحوله سوق تجاري به محلات عجيبة مبنية من الحجر، ومن أعظم عجائب هذه القلعة أنه قد وضع فيها طريق ممهد بالحجارة ينزل من القلعة إلى بحيرة طبرية بحيث تمر عليه العربات، وطوله حوالي خمسة كيلو مترات إذ أن البحيرة أسفل الجبل بمسافة. ومن أروع ما في هذه القلعة أنها تطل على هضبة الجولان وبحيرة طبرية، وترى من خلالها حدود إسرائيل من جهة الهضبة، وترى نهر اليرموك، وموقع معركة اليرموك وإن كان بعيداً.
ثم مررنا على موقع أثري آخر كان من أبرز ما أدهشنا تلك الفسيفساء الرائعة المصممة بأنواع الألوان وهي كالبلاط المنقوش، لكنها قطع صغيرة من الحجارة الملونة مركبة بشكل هندسي، وهي من تاريخ الدولة الرومانية قبل الإسلام.
وفي ختام الرحلة كان لنا زيارة لمقر جمعية المحافظة على القرآن وهي الجهة المنظمة للمؤتمر، وكانت زيارة جيدة تعرفنا خلالها على برامج وأنشطة الجمعية، ومنها أن لها 650 فرع ومركز في الأردن وطبعت حوالي 46كتاب من منشوراتها، وهذا إنجاز عظيم، وكان من أبرز ماأعجبنا دقة التنظيم والتخطيط وبعد النظر في الرؤية المستقبلية مع قلة الموارد، وهو مايتميز به الأردنيون في أعمالهم.
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[12 Aug 2008, 06:35 م]ـ
نفع الله بكم كما نفع بالجمعية والمؤتمروإلى المزيد من الجهود (العملية) في خدمة القرآن وعلومه.
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[12 Aug 2008, 07:25 م]ـ
ونحن سعدنا بلقاء الأخوة الأفاضل أمثالك يا فضيلة الدكتور عيسى الدريبي وأ. د.فهد الرومي، ود. حازم حيدري ود. بدرالبدر، ود. محمدالربيعة، ود. عبد العزيز الضامر، و. د.عماد زهير حافظ ود. ابراهيم الحميضي ود. عبدالعزيزالسحيباني والشيخ سالم العامري، ود. فهد الوهيبي وآخرون امثال أ. الدكتور احمد فرحات وأ. د عدنان زرزور
وكانت لحظات علمية مباركة بإذن الله تعالى،(/)
قراءتي لكتاب " مدخل إلى القرآن الكريم " لمحمد عابد الجابري ..
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[04 Aug 2008, 06:55 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
نزل للدكتور محمد عابد الجابري ... كتابان:
1ـ مدخل إلى القرآن الكريم.
2ـ فهم القرآن الحكيم " التفسير الواضح " ...
وقد قرأتهما قراءة متأنية ... ووصلت إلى نتيجة أعتبرها (خطيرة) أحببت أن أستنير برأي مشايخي في هذا المنتدى:
النتيجة التي وصلت إليها أن الدكتور الجابري:
(يشكك) في نسبة القرآن لله، ويلمح بتدخل النبي صلى الله عليه وسلم في أجزاء منه
كما (يقطع) بضياع وفقدان (آيات) منه أثناء فترة التدوين في زمني (أبو بكر وعثمان)
فهل يا ترى:
1ـ هذا رأي للدكتور يخفيه من وراء بعض العبارات التي يذكرها؟
2ـ أم هي مرحلة انتقالية في أفكار الدكتور الجابري
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Aug 2008, 07:47 م]ـ
بارك الله فيكم أخي العزيز على إشراكنا معك في ثمرة قراءة هذين الكتابين، وأطلب منك التكرم بنقل نص العبارات التي استنتجت منها ما تفضلت به في كلامك حتى يكون النقاش أدق. وأذكر أن أستاذنا الحبيب الدكتور أحمد بزوي الضاوي قد أطلعني على بحث تقدم به أحد طلابه المتميزين حول كتاب (مدخل إلى القرآن الكريم) للجابري. فعله يكلف زميلنا الطالب أن يتحفنا بالبحث أو بأبرز نتائجه رعاه الله.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[04 Aug 2008, 11:57 م]ـ
قرأت نقدا لبعض المسائل الواردة في كتاب د. الجابري، فبدا لي أن هذه المسائل نشرت سابقا في سلسلة من المقالات التي اطلعت عليها منذ مدة في جريدة الاتحاد الإماراتية:
http://www.alittihad.ae/authorarchive.php?AuthorID=26
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[05 Aug 2008, 07:26 ص]ـ
أهلا بشيخنا عبد الرحمن الشهري:
استجابة لطلبك الكريم، هذه بعض النقول التي أوصلتني للنتيجة:
أولا: في كونه يقول بالنقص في القرآن ولو ببعض الايات:
1ـ قال عفا الله عنه بعد ذكر "ما ذكرته المصادر السنية - من السقط -: "وكل ما يمكن قوله على سبيل التخمين لا غير هو أن يكون الجزء الساقط من سورة براءة هو القسم الأول منها، وربما ما كان يتعلق بذكر المعاهدات التي كانت قد أبرمت مع المشركين، بخاصة الطوال منها، تحتوي عادة على مقدمات تختلف طولا وقصرا مع استطرادات، قبل الانتقال إلى الموضوع أوالموضوعات التي تشكل قوام السورة " 231.
2ـ قال عفا الله عنه: " فإذا تجاوزنا ما قيل بصدد آية أو بضع آيات مما سبق ذكره، باعتبار أن ذلك من الأمور المقبولة في كل عملية جمع تتم في ظروف مماثلة "229.
3ـ قال عفا الله عنه: " وخلاصة الأمر أنه ليس ثمة أدلة قاطعة على حدوث زيادة أو نقصان في القرآن كما هو في المصحف بين أيدي الناس، منذ جمعه زمن عثمان، أما قبل ذلك فالقرآن كان مفرقا في صحف وفي صدور الصحابة، ومن المؤكد أن ما كان يتوفر عليه هذا الصحابي أو ذاك من القرآن مكتوبا أو محفوظا كان يختلف عما كان عند غيره، فالذين تولوا هذه المهمة لم يكونوا معصومين، وقد وقع تدارك بعض النقص كما ذكرنا في المصادر " 232.
ثانيا: في كونه يشك في نسبة القرآن:
1ـ قال عفا الله عنه: " قد تبدو هذه الأسئلة من مجال التاريخ وحده، بمعنى أن الجواب عنها يمكن أن يتم بالطريقة التي تتم بها عملية التاريخ للحوادث التاريخية، لكن بما ان الأمر يتعلق بموضوع يقع على مستوين: مستوى زمني تاريخي، ومستوى لازمنيي ما ورائي، فإن الأسئلة المذكورة أو بعضها على الأقل، يطرح نفسه على هذا المستوى الأخير أيضا، فالسؤال الأول الذي يطرح عملية نقل القرآن، من حالة الوحي الذي كان ينزل به جبريل على قلب النبي، إلى قلوب الذين كان يقرأه الرسول عليهم، يطرح مسألة الانتقال بالقرآن من مستوى المطلق = الله إلى المستوى النسبي =لسان عربي مبين، أما السؤال الثاني الذي يطرح مسألة ترتيبب الأجزاء التي كانت تنزل في مناسبة ما بالنسبة إلى التي قبلها، فيطرح ليس فقط علاقة "السابق باللاحق" على المستوى الزمني، زمن النزول، بل يطرح أيضا علاقة الطابع الزمني التاريخي للحادث الذي استوجب نزول جزء من القرآن مع الطابع الللازمني لهذا الجزء نفسه؟ لقد اصطلح المفسرون وغيرهم من علماء الإسلام على تسمية مثل هذه الحوادث بأسباب النزول فكيف نفهم العلاقة بين السبب والمسبب في هذا المجال؟ وسواء احتفظنا بلفظ السبب أو وضعنا مكانه لفظ المناسبة فجوهر العلاقة يبقى هو هو: علاقة المطلق بالنسبي! وما قلناه بصدد السؤال الأول والثاني يمكن قوله، هو نفسه أو مثله، بالنسبة إلى الأسئلة الأخرى، وبالتالي فمشكلة العلاقة بين المطلق والنسبي ستظل تلاحقنا " 211 - 212.
وليت شيخنا أحمد بزوي .. يتحفنا ببحث طالبه أو شيء منه، او النتيجة التي وصله لها الطالب، ورأي فضيلته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[05 Aug 2008, 07:28 ص]ـ
وبخصوص ما ذكره أخي محمد جماعة:
فالمقالات التي في جريدة الاتحاد لا تتناول هذا الكتاب تحديدا، وإنما كتب الدكتور الأخرى ... حسب بحثي فيها إن لم أقصر.
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[08 Aug 2008, 01:23 م]ـ
ما زلت أنتظر .... نفيا أو إثباتا ...
وفق الله جميع الأخوة ...........
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[13 Aug 2008, 10:39 م]ـ
مشاركة لم يكتب لها التوفيق ....
والحمد لله على كل حال ......
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Aug 2008, 07:54 ص]ـ
مشاركة لم يكتب لها التوفيق ....
......
كلا يا أخي العزيز بل هي موفقة إن شاء الله.
غير أن الموضوع دقيق ويحتاج إلى تأمل، والمقاطع التي نقلتها ليست - برأيي القاصر على الأقل - قاطعة الدلالة على ما استنتجته ووصفته بالنتائج الخطيرة.
والذي أراه أن قراءة مثل هذا الكلام الذي كتبه الدكتور محمد الجابري تحتاج إلى ترديد النظر والتأمل كثيراً في أعطافه ومقاطعه لغرابة أسلوبه أولاً، ودقة بعض الأفكار التي يطرحها من الناحية الفلسفية. وهذه علوم قصرنا نحن في تعلمها حتى الآن بشكل يجعلنا لا نجاري أمثاله في النقاش دون وجود أرضية تأصيلية في هذا الموضوع. مع إنه يمكن بكل سهولة اتهام الجابري بالمروق وإنكار كمال القرآن وقدسيته وغير ذلك من الاتهامات التي لا نعدم عليها دليلاً من كلامه يظهر لأول وهلة أنه كذلك بناء على قاعدة (ولكن عين السخط .. )، غير أن مثل هذه المجازفات الدينية (اتهام الناس في عقائدهم) والعلمية لا تكفي في إقناع النفس وإقناع الآخرين بصحة قولنا.
ولذلك فإنه يمكن تبني الدعوة لبعض الزملاء الباحثين في الدراسات القرآنية أن ينفر منهم طائفة ليتفقهوا في هذه الأساليب الفلسفية التي يكتب بها أمثال الدكتور محمد عابد الجابري للفهم الصحيح أولاً للمراد والنقاش والاستفادة مما يكتب والرد على ما يخرج عن الحق منها، وبهذا يقع النقاش العلمي موقعه، وتتضح الرؤية بشكل لا يجادل فيه بعد ذلك إلا كل معتد أثيم.
وفقكم الله يا شيخ عقيل وجعلكم موفقين مباركين أينما كنتم.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[14 Aug 2008, 08:58 ص]ـ
احسنت يا شيخ عبد الرحمن واجدت واوجزت
بورك فيك وهذا هو العدل والانصاف
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[14 Aug 2008, 09:21 ص]ـ
احسنت يا شيخ عبد الرحمن واجدت واوجزت
بورك فيك وهذا هو العدل والانصاف
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
قرأت الكتاب بتمعن و منذ شهور ـ و هو الجزء الأول، و أنتظر قراءة الجزء الثاني ـ و ما وجدت في الكتاب ما يمكن اعتباره غير مقبول من الناحية العقائدية الإيمانية ...
و لم يستوقفني فيه شيء مخالف لما يكتب عادة في الكتب التي تتطرق لجمع القرآن و التعريف المبسط بعلومه ... و الله وحده العالم بالسرائر.
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[14 Aug 2008, 11:20 ص]ـ
شيخنا المبارك ... عبد االرحمن الشهري
1ـ شكر الله لكم (ردكم) ....
2ـ تخصيص طائفة لدراسة (أساليب) القوم .. ومصطلحاتهم لا غبار عليه.
3ـ ومع ذلك لا أعتقد أن الأمر بهذا (التعقيد) ... فما يكتبه الإنسان في موضع (يحرره) في موضع آخر ... وما يذكره في (كتاب) يوضحه من (ينقله) عنه ...
4ـ وأخيرا أتوقع أنه إذا وجد من درس (أساليبهم) فباستطاعتنا ... ان نأخذ (الأدوات) ثم (نطبقها) ... تماما كما فعلنا مع:
- المعتزلة في أصولهم الخمسة.
- والفلاسفة في مذهبهم في النبوة.
- والصوفية في بعض مصطلحاتهم ...
عموما: أشكر لك شيخنا (تعقيبك) ... وأشكر لك (توجيهك) ...
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[14 Aug 2008, 11:23 ص]ـ
الأخ الفاضل: لحسن بنلفقيه ..
1ـ أشكر لك ردك ..
2ـ ماذا فهمت بشأن علاقة (المطلق بالنسبي)؟
وفقك الله وسددك ...
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[16 Aug 2008, 09:41 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
الأخ الفاضل: عقيل الشمري.
قدمت رأيي الشخصي على ما فهمت و ما استخلصت من قراءتي لموضوع الكتاب ككل ...
قد أصيب و قد أخطئ ...
و العلم لله.(/)
وجوب الإشهاد بعد الطلاق على الإمساك أو التسريح
ـ[المقاتل7]ــــــــ[04 Aug 2008, 07:51 م]ـ
وأصل المسألة في قوله تعالى (فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا)
فالإشهاد الواجب يكون على ما آل إليه الأمر بعد الطلاق من إمساك أو تسريح.
وهذا ما غفل عنه أكثر المسلمين اليوم .. إما جهلا أو تقليدا(/)
جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[05 Aug 2008, 06:08 م]ـ
جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح
أما اللسان الأول فهو ما عبر به الله ورسوله عن المعاني الدينية ..
وأما: لا مشاحة في الاصطلاح فكلام للناس جميعاً أن يقولوا به في كل شئ وأي شئ =شريطة ألا يقولوا به فيما يُعدل به من الألفاظ والاصطلاحات عن ألفاظ الله ورسوله ..
بل ما عبر به الله ورسوله عن معاني الدين لا يجوز العدول عنه إلى ألفاظ غيرهم تحت دعوى: لا مشاحة في الاصطلاح .. ولا يجوز نقل هذا اللفظ بعينه إلى معنى غير الذي قصده الله ورسوله .. فالأول من التلبيس والثاني من التحريف ..
ولا يكون اللفظ المحدث أبداً مطابقاً للفظ الله ورسوله بل لا يكون إلا أنقص ..
ونظير هذا الباب: أن يزعم الرجل لفظاً لمعنى كان موجوداًَ زمن الوحي وله لفظه ثم يجعل الإيمان بهذا اللفظ واجباً والقول به لازماً .. وإنما الذي يلزم الناس هو الإيمان بالمعنى الحق،المتضمن للفظ الله ورسوله فمن آمن بلفظ الله ورسوله من غير تمام معناه فليس مؤمناً بلفظ الله ورسوله، وهذا يكفي فلا يُحتاج إلى لفظ محدث يجب الإيمان به .. إلا إن اشتبهت الأمور اشتباهاً عظيماً وأدى إلى الفساد والتباس الحق بالباطل .. واحتاج المجتهد والقاضي إلى هذا .. ويُقدر هذا بقدره
وأصل دعوى: لا مشاحة في الاصطلاح إنما كانت من المعتزلة والأشاعرة .. ومبتغي الحق والصدق لا مناص له من أن يرتاب مما كانت هذه سبيله ..
قال أبو بكر الجصاص المعتزلي في ((أصوله)): فمعنى العام والمجمل لا يختلفان في هذا الوجه فجائز أن يعبر عن المجمل بالعام , وقد ذكر أبو موسى عيسى بن أبان – رحمه الله – العام في مواضع فسماه مجملاً , وهذا كلام العبارة لا يقع في مثله مضايقة (). ا هـ , وقال وهو يحتج لقولهم في الاستحسان: وليست الأسماء محظورة على احد عند الحاجة إلى الإفهام , بل لا يستغني أهل كل علمٍ وصناعةٍ إذا اختصوا بمعرفة دقيق ذلك العلم ولطيفه وغامضه دون غيرهم , و أرادوا الإبانة عنها , وإفهام السامعين لها أن يشتقوا لها أسماء , ويطلقوها عليها على وجه الإفادة والإفهام , كما وضع النحويون أسماء لمعان عرفوها , و أرادوا إفهامها غيرهم , فقالوا: الحال , والظرف , والتمييز ونحو ذلك , وكما قالوا في العروض: البسيط , والمديد , والكامل و والوافر , وكما أطلق المتكلمون اسم العرض, والجوهر , ونحو ذلك من المعاني التي عرفوها , وأرادوا العبارة عنها , فلم يكن محصوراً عليهم , إذ كان الغرض فيه الإبانة والإفهام للمعنى بأقرب السماء مشاكلة وأوضحها دلاله عليه , ثم لا يخلو لغائب الاستحسان من أن ينازعنا في اللفظ أو في المعنى , فإذا نازعنا في اللفظ و فاللفظ مسلم به , فليعبر هو بما شاء , على أن ليس للمنازعة في اللفظ وجه , لأن لكل واحد أن يعبر عما عقله الإنسان عن المعنى بالعربية تارة وبالفارسية أخرى , فلا ننكره , وقد يطلق الفقهاء لفظ الاستحسان في كثير من الأشياء (). ا هـ
قلت: والكلام في الدين ليس كالكلام في النحو والعروض وغيرها , فقياس كلام الفقهاء على كلام النحويين والعروضيين وغيرهم قياس باطل , وليس للفقهاء أن يحدثوا في الدين ما لم يكن منه , ولا أن يسموا شيئاً غير ما سماه الله ورسوله , والنحاة والعروضيون وغيرهم نقلوا كثيراً من ألفاظ العرب إلى غير ما كانت تدل عليه , فاختلفت ألسنتهم عن لسان العرب الذي نزل القرآن به , وما تدل عليه الألفاظ في كتاب الله تعالى , وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم هو ما كانت تدل عليه بلسان العرب , وليس ما صارت تدل عليه بألسنة النحاة والعروضيين وغيرهم , ولو فسر أحد لفظاً من كتاب الله أو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يدل عليه عند النحاة أو غيرهم لكان مخطئاً , فإنما أنزل الله كتابه , وبعث نبيه صلى الله عليه وسلم بلسان العرب , وليس بألسنة النحاة والعروضيين وغيرهم , وقوله: ثم لا يخلو لعائب الاستحسان من أن ينازعنا في اللفظ أو في المعنى فإذا نازعنا في اللفظ , فاللفظ مسلم له , فليعبر هو بما شاء , على أنه ليس للمنازعة في اللفظ وجه , لأن لكل واحدٍ أن يعبر عما عقله من المعنى بما شاء من الألفاظ. ا هـ كل
(يُتْبَعُ)
(/)
ذلك جدل وتلبيس , ولفظ الاستحسان ليس في كتاب الله تعالى , ولا في حديث رسوله صلى الله عليه وسلم وما سماه الحنفية استحساناً , إن كان ذكر في كتاب الله أو حديث رسوله صلى الله عليه وسلم بغير ذلك الاسم , فليس لهم ولا لغيرهم أن يسميه غير ما سماه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإن كان , لم يذكر في كتاب الله , ولا حديث رسوله صلى الله عليه وسلم فهو بدعة محدثة , والإنسان قد يعبر بالعربية , والرومية , والفارسية , وغيرها , وليس في ذلك حجة على أنه يجوز لأحد أن يسمى شيئاً في الدين غير ما سماه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا أن يحدث ألفاظاً يتكلم بها في الدين ليست في كتاب الله ولا حديث رسوله صلى الله عليه وسلم وقوله: وهذا كلام في العبارة لا يقع في مثله مضايقة وقوله: على أنه ليس للمنازعة في اللفظ وجه , لم أجد أحداً قال قبله , أو قال ما يشبهه وأبو بكر الجصاص كان أخذ عن الكرخي , وأبي عبد الله البصري المعتزلي , ولم يصل إلينا كثير من كلامهم , فلا أدري لعل الجصاص كان أول من قال ذلك أو لعله كان أخذه عنهم.
وقال أبو بكر الباقلاني , في كتابه ((التقريب والإرشاد)): وهذه مناظرة ومشاحة في عبارة وتسمية (). اهـ , قالها وهو يتكلم في صيام المسافر أياماً أخر , هل تسمى قضاء , وقال: ولا طائل في النزاع في العبارات , والأسماء والألفاظ , بعد أن بينا أنه استثناء لما ليس من الجنس (). ا هـ قالها في آخر باب الكلام في أقسام الاستثناء وضروبه.
وقال ابن سينا في كتابه ((الإشارات والتنبيهات)): والقضايا التي فيها ضرورة بشرط غير الذات , فقد تخص باسم المطلقة , وقد تخص باسم الوجودية , كما خصصناها به , وإن كان لا تشاح في الأسماء (). ا هـ , وقال: فإن لم يسم هذا مفعولاً بسبب أن لم يتقدمه عدم , فلا مضايقة في الأسماء بعد ظهور المعنى (). ا هـ
وقال في كتابه ((الشفاء)) قسم الإلهيات: ونحن لا نناقش في هذه الأسماء البتة بعد أن تحصل المعاني متميزة (). ا هـ , وقال في قسم السماع الطبيعي: وأنت غير مجبر على اختيار أي الاستعمالات شئت , فإنه ليس إلا مشاجرة في التسمية فقط (). ا هـ وقال في ((الإشارات والتبيهات)): فإن اتفق أن لا يوجد للمعنى لفظ مناسب معتاد فليخترع له لفظ من أشد الألفاظ مناسبة , وليدل على ما أريد به (). ا هـ
وقال الغزالي في كتابه ((إحياء علوم الدين)) الباب السابع في النوافل من الصلوات:: فلفظ النافلة والسنة , والمستحب , والتطوع , أردنا الاصطلاح عليه لتعريف هذه المقاصد , ولا حرج على من يغير هذا الاصطلاح , فلا مشاحة في الألفاظ بعد فهم المقاصد (). ا هـ
قلت: وتلك الألفاظ: النافلة , والسنة , والمستحب , والتطوع , هي في كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما تدل عليه تلك الألفاظ في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بين , وليس لأحد من الناس أن ينقل شيئاً من كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى غير ما كان يدل عليه , ومن نقل شيئاً من كلام الله ورسوله , إلى غير ما كان يدل عليه , فهو محدث في الدين ما لم يكن منه , ومغير لكلام الله ورسوله , ومخالف للسان العرب الذي نزل القرآن به , فكيف يقال: إن ذلك اصطلاح , ولا حرج على من يغير ذلك الاصطلاح , ولو كان كذلك لصار كل من شاء من الناس , ينقل ما شاء من ألفاظ القرآن والحديث إلى غير ما كانت تدل عليه , وليس بتلك الألفاظ على الناس , ويدعوهم بها إلى غير ما كانت عليه , ويلبس بتلك الألفاظ على الناس , ويدعوهم بها إلى غير ما دعاهم إليه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم , وكذلك فعل المعتزلة والصوفية وغيرهم ممن نقل ألفاظ القرآن والحديث إلى غير ما كانت تدل عليه , وسمى ذلك اصطلاحاً , وزعم أنه لا مشاحة فيه , وتلك الكلمة: لا مشاحة في الاصطلاح , أكثر منها الغزالي في كتبه , وذكرها لألفاظ مختلفة: لا مشاحة في الألقاب , والاصطلاحات , والأسامي , والأسماء , والألفاظ , ولا منازعة ولا حرج , ولا ريب أخذها الغزالي من كلام الجويني , وابن سينا , والباقلاني , والجصاص , وأصحابهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال القرافي في ((نفائس الأصول)): وقد أجمع قوم من الفقهاء الجهال على ذمه – يعني أصول الفقه – وتحقيره في نفوس الطلبة , ثم قال رداً عليهم: غاية ما في الباب أن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم لم يكونوا يتخاطبون بهذه الاصطلاحات , أما المعاني فكانت عندهم قطعاً ومن مناقب الشافعي رضي الله عنه انه أول من صنف في أصول الفقه (). ا هـ
وقوله: أما المعاني فكانت عندهم – يعني الصحابة رضي الله عنهم – قطعاً , خطأ , وكثير مما ملأ الأصوليون به كتبهم من الجدل والكلام لم يكن عند اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء , ولا خطر بقلوبهم , وما كان عندهم فقد بينوه وبلغوه من بعدهم , وبلسانهم نزل القرآن , فلم تترك ألفاظهم , ويؤخذ بألفاظ أحدثها المتكلمون بعدهم , والشافعي رحمه الله لم يسم رسالته ((أصول الفقه)) , ولا كان ذلك الاسم عرف بعد في زمانه , ورسالة الشافعي لا تشبه ما أحدثه بعده المتكلمون من المعتزلة , وسموه أصول الفقه , ولا لسان الشافعي يشبه لسانهم , وأكثر ما أحدثه أولئك المعتزلة من الألفاظ , وابتدعوه من الأسماء لم يتكلم به الشافعي ولا أحد غيره قبلهم.
يقول شيخ الإسلام: ((وَلِهَذَا كَرِهَ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ - كَالْإِمَامِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ - أَنْ تُرَدَّ الْبِدْعَةُ بِالْبِدْعَةِ فَكَانَ أَحْمَد فِي مُنَاظَرَتِهِ للجهمية لَمَّا نَاظَرُوهُ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَأَلْزَمَهُ " أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بُرْغُوثٌ " أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَخْلُوقٍ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ جِسْمًا وَهَذَا مُنْتَفٍ؛ فَلَمْ يُوَافِقْهُ أَحْمَد: لَا عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ وَلَا عَلَى إثْبَاتِهِ؛ بَلْ قَالَ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} {اللَّهُ الصَّمَدُ} {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}. وَنَبَّهَ أَحْمَد عَلَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَا يُدْرَى مَا يُرِيدُونَ بِهِ. وَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ لَمْ يُوَافِقْهُ؛ لَا عَلَى إثْبَاتِهِ وَلَا عَلَى نَفْيِهِ. فَإِنْ ذَكَرَ مَعْنًى أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَثْبَتْنَاهُ وَإِنْ ذَكَرَ مَعْنًى نَفَاهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ نَفَيْنَاهُ بِاللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْمُبِينِ وَلَمْ نَحْتَجْ إلَى أَلْفَاظٍ مُبْتَدَعَةٍ فِي الشَّرْعِ مُحَرَّفَةٍ فِي اللُّغَةِ وَمَعَانِيهَا مُتَنَاقِضَةٌ فِي الْعَقْلِ؛ فَيَفْسُدُ الشَّرْعُ وَاللُّغَةُ وَالْعَقْلُ؛ كَمَا فَعَلَ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْبَاطِلِ الْمُخَالِفِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَفْظُ " الْجَبْرِ " كَرِهَ السَّلَفُ أَنْ يُقَالَ جَبَرَ وَأَنْ يُقَالَ: مَا جَبَرَ؛ فَرَوَى الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ " السُّنَّةِ " عَنْ أَبِي إسْحَاقَ الفزاري - الْإِمَامِ - قَالَ: قَالَ الأوزاعي: أَتَانِي رَجُلَانِ فَسَأَلَانِي عَنْ الْقَدَرِ فَأَحْبَبْت أَنْ آتِيَك بِهِمَا تَسْمَعُ كَلَامَهُمَا وَتُجِيبُهُمَا. قُلْت: رَحِمَك اللَّهُ أَنْتَ أَوْلَى بِالْجَوَابِ. قَالَ: فَأَتَانِي الأوزاعي وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ فَقَالَ: تَكَلَّمَا فَقَالَا: قَدِمَ عَلَيْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْقَدَرِ فَنَازَعُونَا فِي الْقَدَرِ - وَنَازَعْنَاهُمْ حَتَّى بَلَغَ بِنَا وَبِهِمْ الْجَوَابُ؛ إلَى أَنْ قُلْنَا: إنَّ اللَّهَ قَدْ جَبَرَنَا عَلَى مَا نَهَانَا عَنْهُ وَحَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَا أَمَرَنَا بِهِ وَرَزَقَنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا فَقَالَ: أَجِبْهُمَا يَا أَبَا إسْحَاقَ قُلْت رَحِمَك اللَّهُ أَنْتَ أَوْلَى بِالْجَوَابِ فَقَالَ أَجِبْهُمَا؛ فَكَرِهْت أَنْ أُخَالِفَهُ؛ فَقُلْت: يَا هَؤُلَاءِ إنَّ الَّذِينَ آتَوْكُمْ بِمَا أَتَوْكُمْ بِهِ قَدْ ابْتَدَعُوا بِدْعَةً وَأَحْدَثُوا حَدَثًا وَإِنِّي أَرَاكُمْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنْ الْبِدْعَةِ إلَى مِثْلِ مَا خَرَجُوا إلَيْهِ؛ فَقَالَ أَجَبْت وَأَحْسَنْت يَا أَبَا إسْحَاقَ. وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ: سَأَلْت الزُّبَيْدِيَّ والأوزاعي عَنْ الْجَبْرِ؛ فَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: أَمْرُ اللَّهِ
(يُتْبَعُ)
(/)
أَعْظَمُ وَقُدْرَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يُجْبِرَ أَوْ يُعْضِلَ وَلَكِنْ يَقْضِي وَيُقَدِّرُ وَيَخْلُقُ وَيَجْبُلُ عَبْدَهُ عَلَى مَا أَحَبَّ. وَقَالَ الأوزاعي: مَا أَعْرِفُ لِلْجَبْرِ أَصْلًا مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ؛ فَأَهَابُ أَنْ أَقُولَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ وَالْخَلْقَ وَالْجَبْلَ فَهَذَا يُعْرَفُ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا وُضِعَتْ هَذَا مَخَافَةَ أَنْ يَرْتَابَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَمَاعَةِ وَالتَّصْدِيقِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ المروذي قَالَ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: تَقُولُ إنَّ اللَّهَ أَجْبَرَ الْعِبَادَ؟ فَقَالَ: هَكَذَا لَا تَقُولُ وَأَنْكَرَ هَذَا وَقَالَ: يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ. وَقَالَ المروذي: كُتِبَ إلَى عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي أَمْرِ حُسَيْنِ بْنِ خَلَفٍ العكبري وَقَالَ: إنَّهُ تَنَزَّهَ عَنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ. فَقَالَ رَجُلٌ قَدَرِيٌّ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يُجْبِرْ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي؛ فَرَدَّ عَلَيْهِ أَحْمَد بْنُ رَجَاءٍ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ جَبَرَ الْعِبَادَ - أَرَادَ بِذَلِكَ إثْبَاتَ الْقَدَرِ - فَوَضَعَ أَحْمَد بْنُ عَلِيٍّ كِتَابًا يُحْتَجُّ فِيهِ. فَأَدْخَلْته عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَأَخْبَرْته بِالْقِصَّةِ قَالَ: وَيَضَعُ كِتَابًا وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا: عَلَى ابْنِ رَجَاءٍ حِينَ قَالَ: جَبَرَ الْعِبَادَ وَعَلَى الْقَدَرِيِّ الَّذِي قَالَ: لَمْ يَجْبُرْ وَأَنْكَرَ عَلَى أَحْمَد بْنِ عَلِيٍّ وَضْعَهُ الْكِتَابَ وَاحْتِجَاجَهُ وَأَمَرَ بِهِجْرَانِهِ لِوَضْعِهِ الْكِتَابَ. وَقَالَ لِي: يَجِبُ عَلَى ابْنِ رَجَاءٍ أَنْ يَسْتَغْفِرَ رَبَّهُ لَمَّا قَالَ: جَبَرَ الْعِبَادَ. فَقُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: فَمَا الْجَوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؟ فَقَالَ: يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ. قَالَ الْخَلَّالُ: وَأَخْبَرَنَا المروذي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ لَمَّا أَنْكَرَ عَلَى الَّذِي قَالَ: لَمْ يَجْبُرْ وَعَلَى مَنْ رَدَّ عَلَيْهِ جَبَرَ؛ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: كُلَّمَا ابْتَدَعَ رَجُلٌ بِدْعَةً اتسعوا فِي جَوَابِهَا. وَقَالَ: يَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِمْ بِمُحْدَثَةٍ وَأَنْكَرَ عَلَى مَنْ رَدَّ شَيْئًا مِنْ جِنْسِ الْكَلَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ إمَامٌ تَقَدَّمَ. قَالَ المروذي: فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ مِنْ أَنْ قَدِمَ أَحْمَد بْنُ عَلِيٍّ مِنْ عكبرا وَمَعَهُ نُسْخَةٌ وَكِتَابٌ مِنْ أَهْلِ عكبرا فَأَدْخَلْت أَحْمَد بْنَ عَلِيٍّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ؛ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ هَذَا الْكِتَابُ ادْفَعْهُ إلَى أَبِي بَكْرٍ حَتَّى يَقْطَعَهُ وَأَنَا أَقُومُ عَلَى مِنْبَرِ عكبرا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ؛ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ لِي: يَنْبَغِي أَنْ تَقْبَلُوا مِنْهُ وَارْجِعُوا إلَيْهِ. قَالَ المروزي: سَمِعْت بَعْضَ الْمَشْيَخَةِ يَقُولُ: سَمِعْت عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ يَقُولُ: أَنْكَرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ جَبَرَ وَقَالَ: اللَّهُ تَعَالَى جَبَلَ الْعِبَادَ. قَالَ المروذي: أَظُنُّهُ أَرَادَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ. قُلْت هَذِهِ الْأُمُورُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يُرَاعُونَ لَفْظَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ فِيمَا يُثْبِتُونَهُ وَيَنْفُونَهُ عَنْ اللَّهِ مِنْ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ فَلَا يَأْتُونَ بِلَفْظِ مُحْدَثٍ مُبْتَدَعٍ فِي النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بَلْ كُلُّ مَعْنًى صَحِيحٍ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالْأَلْفَاظُ الْمُبْتَدَعَةُ لَيْسَ لَهَا ضَابِطٌ بَلْ كُلُّ قَوْمٍ يُرِيدُونَ بِهَا مَعْنًى غَيْرَ الْمَعْنَى
(يُتْبَعُ)
(/)
الَّذِي أَرَادَهُ أُولَئِكَ كَلَفْظِ الْجِسْمِ وَالْجِهَةِ وَالْحَيِّزِ وَالْجَبْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ بِخِلَافِ أَلْفَاظِ الرَّسُولِ فَإِنَّ مُرَادَهُ بِهَا يُعْلَمُ كَمَا يُعْلَمُ مُرَادُهُ بِسَائِرِ أَلْفَاظِهِ وَلَوْ يَعْلَمُ الرَّجُلُ مُرَادَهُ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ بِمَا قَالَهُ مُجْمَلًا. وَلَوْ قُدِّرَ مَعْنًى صَحِيحٌ - وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ - لَمْ يَحُلَّ لِأَحَدِ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ مَا أَخْبَرَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ التَّصْدِيقَ بِهِ وَاجِبٌ. وَالْأَقْوَالُ الْمُبْتَدَعَةُ تَضَمَّنَتْ تَكْذِيبَ كَثِيرٍ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ يَعْرِفُهُ مَنْ عَرَفَ مُرَادَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُرَادَ أَصْحَابِ تِلْكَ الْأَقْوَالِ الْمُبْتَدَعَةِ. وَلَمَّا انْتَشَرَ الْكَلَامُ الْمُحْدَثُ وَدَخَلَ فِيهِ مَا يُنَاقِضُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَصَارُوا يُعَارِضُونَ بِهِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ؛ صَارَ بَيَانُ مُرَادِهِمْ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ وَمَا احْتَجُّوا بِهِ لِذَلِكَ مِنْ لُغَةٍ وَعَقْلٍ يُبَيِّنُ لِلْمُؤْمِنِ مَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَقَعَ فِي الْبِدْعَةِ وَالضَّلَالِ أَوْ يَخْلُصَ مِنْهَا - إنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ - وَيَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ فِي الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ مَا يُعَارِضُ إيمَانَهُ بِالرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ)).
وقال ابن الوزير في كتابه ((إيثار الحق على الخلق)): فاعلم أن ابتداع المبتدعين من أهل الإسلام راجع إلى هذين الأمرين الباطلين , وهما الزيادة في الدين والنقص منه , ثم يلحق بهما التصرف فيه بالعبارات المبتدعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس بأمر ثالث , لأنه من الزيادة في الدين , لكنه يفرد بالكلام وحده لطول القول فيه , وعظم المفسدة المتولدة عنه ().
ثم قال: الأمر الثالث: التصرف في عبارات الكتاب والسنة والرواية بظن الترادف في الألفاظ , واعتقاد الترادف من غير يقين , وقد تفاحش الأمر في ذلك , ونص القرآن على النهي عن التفرق , فوجب تحريم ما أدى إليه , والاختلاف في معاني كتاب الله تعالى , ورواية ما قال الله ورسوله بالمعنى قد أدى إلى الحرام المنصوص , ولم يكن من الإنصاف أن نقول: الحق متعين منحصر في عبارات بعض فرق الإسلام دون بعض غير ما ثبت في إجماع الأمة والعترة ,, فوجب أن يعدل إلى أمر عدلٍ بين الجميع فتترك كل عبارة مبتدعةٍ من عبارات فرق الإسلام كلها)).
فما سماه المتكلمون اصطلاحات ومصطلحات , هي ألفاظ محدثة , وألسنة محدثة مخالفة للسان العرب الذي نزل القرآن به , وتلك الألسنة والألفاظ المحدثة منها ما أحدثته العامة من الناس , ومنها ما أحدثه المتكلمون والصوفية والفقهاء والمحدثون والنحاة والأطباء وغيرهم , وليس الكلام في الدين كالكلام في النحو والطب وغيره , وكل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة , وكان السلف ينكرون كل لفظةٍ محدثةٍ في الدين , ليست في كتاب الله , ولا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا تكلم بها أحد يؤخذ عنه العلم قبلهم , وكان المعتزلة والصوفية وغيرهم من المبتدعة هم أول من أحدث تلك الألفاظ في الدين , وأكثر المتكلمون منهم من تلك الألفاظ في المائة الرابعة وبعدها , وسموها اصطلاحات , وزعموا أن لا مشاحة فيها , واتبعهم على ذلك الأشعرية , وطوائف من المتفقهين , وشاعت تلك الكلمة على ألسنتهم , وأحدثوا ألفاظاً كثيرة يتكلمون بها في الدين , ليست في كتاب الله , ولا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تكلم بها احد قبلهم , ونقلوا كثيراً من ألفاظ القرآن والحديث إلى غير ما كانت تدل عليه , وأنكر ابن تيمية وابن القيم كثيراً من تلك الألفاظ المحدثة , ولكنهم تكلموا بكثير منها , وأحدثوا هم ألفاظاً مثلها يجيبون بها المتكلمون , فكان لسانهم يشبه ألسنة المتكلمين في زمانهم ودعا ابن الوزير الصنعاني إلى هجر كل عبارة مبتدعة في الدين من عبارات فرق الإسلام كلها , ولكنه تكلم بتلك العبارات والألفاظ , واعتذر بقوله إنه لم يمنع منها مطلقاً , فحل بذلك ما أبرم , ونقض ما غزل , وأفسد صواب رأيه بضعف عزيمته , فشاعت تلك الألفاظ المحدثة وكثرت في المتأخرين , وصارت ألسنة الفقهاء والمتفقهين على غير ما كانت عليه في كلام الله ورسوله فخفي على أكثر المتفقهين ما كانت تدل عليه تلك الألفاظ في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والتبس عليهم الحق بالباطل , والسنة بالبدعة , وضلوا عن لسان العرب الذي نزل القرآن به , وأكثر اختلاف الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من اختلاف الألسنة ونقل ألفاظ العرب على غير ما كانت تدل عليه , وحفظ لسان العرب الذي نزل القرآن به , والتفريق بينه وبين تلك الألسنة المحدثة هو حفظ الدين كله.الخلاصة:
كل من سمى شيئاً من الدين غير ما سماه الله تعالى ورسوله به-ولو كان المعنى واحداً مترادفاً فمجرد الإحداث بدعة- , أو نقل لفظه من كلام الله ورسوله إلى غير ما تدل عليه، أو اخترع لفظاً فجعل الإيمان به واجب والعدول عنه بدعة، فهو يضل عن الحق , ويلبسه بالباطل , و لا حرج على الناس أن يحدثوا ألفاظاً يتكلمون بها في أمر دنياهم ,أو اصطلاحات علومهم ما لم يغيروا بذلك شيئاً من أمر دينهم، أو يضعوا اللفظ المصطلح عليه في العلم محل اللفظ الشرعي أو يحملوا اللفظ الشرعي على معنى اللفظ الذي اصطلحوا عليه في علومهم، وكذلك ما يدور في مجالس المناظرة ومجاري الردود من استعمال تلك الألفاظ البدعية لبيان ما فيها من باطل وكشف ما قد تتضمنه من الحق الذي لا يجوز التعبير عنه إلا باللفظ الشرعي=جائز لا بأس به مالم يتعدى إلى غيره، وإن كان المشاهد أن استعمال تلك الألفاظ يقود إلى غلبتها على الألسنة وقل من يسلم من هذا ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[06 Aug 2008, 07:17 م]ـ
بارك الله فيك أخي فهر واتفق معك في وجوب استعمال ما استعمله الله ورسوله وأن المشاحة ترجع في جزء كبير منها إلى عدم دقة استعمال المصطلح البشري المستحدث
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[06 Aug 2008, 11:30 م]ـ
وفيك بارك الله .. وجمعنا الله وإياك على الحق ..
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[08 Aug 2008, 12:03 م]ـ
قول صواب حق، لمن كان له قلب وألقى السمع وهو الشهيد.
جزاك الله خيرًا، أخانا أبافهر.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[08 Aug 2008, 05:06 م]ـ
هناك مقال بعنوان: (التقييد والإيضاح لقولهم: لا مشاحة في الاصطلاح) نُشِر في مجلة الحكمة يصب في هذا الاتجاه.
وهو مرفق بالمشاركة.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[08 Aug 2008, 06:30 م]ـ
الحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد أشرف المرسلين.
لعلي سأبدأ أول مشاركة في الملتقى بملاحظات على كلام الأخ أبي فهر، القصد منها التنبيه على مسائل:
ـ ما يزال للأسف بعض الناس إلى يوم الناس هذا لا يريد أن يفرق بين البدع الواجبة والمحرمة والمندوبة والمكروهة والمباحة، مع أن شواهد انقسام البدعة إلى هذه الأقسام جلي نقي. زد على ذلك أن الشرع لم يتعبدنا باستعمال ألفاظ معينة عند إرادتنا التعبير على معاني جديدة استنبطت بأفكارنا، بل الأمر على خلاف ذلك ما لم يكن في تلك الإلفاظ إيهام معنى باطلا أو شبه ذلك، فلم التضييق بلا موجب؟
ـ تصور أخي وأنت في ملتقى "أهل التفسير" أن تشترط على العلماء والمفكرين عدم التعبير عن معاني القرآن والسنة والنبوية الشريفة إلا بألفاظ القرآن والسنة والنبوية، وأن تنسب إلى البدعة القبيحة كل من أتى بلفظ لم يرد فيهما، فعلى أي تفسير وتفهيم ستحصل؟
فإذا قلت: عليهم أن يستعينوا بلسان العرب، قيل لك: ولم قصرت لسان العرب على ألفاظ معينة؟ أليس لسان العرب مركبا في الأصل من ألفاظ مصطلح عليها بينهم، والشيء الواحد يعبر عنه بألفاظ متعددة عندهم ولا مشاحة في ذلك الاصطلاح بينهم كما أفاد الواقع طالما اتفقت المعاني؟ فهل رأيتهم ينكرون على بعضهم البعض استعمال لفظ مكان لفظ في بيت شعري أو نص نثري، فلم التضييق إذن.
قولك: "أما المعاني فكانت عندهم – يعني الصحابة رضي الله عنهم – قطعاً , خطأ , وكثير مما ملأ الأصوليون به كتبهم من الجدل والكلام لم يكن عند اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء , ولا خطر بقلوبهم , وما كان عندهم فقد بينوه وبلغوه من بعدهم , وبلسانهم نزل القرآن , فلم تترك ألفاظهم , ويؤخذ بألفاظ أحدثها المتكلمون بعدهم"
إذا كنت تقصد بأن ما ملأ الأصوليون به كتبهم من المصطلحات لم يكن عند الصحابة، فذلك مسلم أصلا، وإن كنت تقصد أنه لم يكن عندهم المعاني التي عبر عنها الأصوليون من بعدُ فما دليلك على ذلك؟ فإنا المعتقد أنهم أعلم الناس بتلك المعاني. أما استعمال عين ألفاظهم فإن سلم أنهم تكلموا على كل المعاني فهل نحن متعبدون شرعا باستعمالها؟؟ ما الدليل على ذلك؟؟ وما الدليل على أن من استعمل غير الفاظهم قد ابتدع بدعة قبيحة في الدين؟؟
قولك: وكان السلف ينكرون كل لفظةٍ محدثةٍ في الدين , ليست في كتاب الله , ولا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا تكلم بها أحد يؤخذ عنه العلم قبلهم.
ما الدليل على ذلك؟؟ وهل إنكارهم كان منصبا على المعاني المحدثة والألفاظ التي تتبعها للتعبير عنها، أم كان على مجرد الألفاظ المحدثة؟؟ والسلف نوع تحته أشخاص، فهل استقرأت جميع كلامهم وخبرته حتى تتكلم باسمهم جميعا، ما الدليل على ذلك.
ـ أكثر العلماء يعترفون بأن تقعيدهم لقواعد جميع العلوم الآلية اللغوية وغيرها إنما هو لضعف اللسان العربي بين المسلمين بعد القرون الخيرة، وأن السلف الصالح كانوا في غنى عنها لقرب عهدهم بالنبوة، فهم أوجدوا حلّا وقرروا المعاني واتفقوا عليها واصطلحوا عليها بألفاظ دالة عليها، واجتهدوا رحمهم الله تعالى حتى صنفوا آلاف المصنفات، واعتمدوا عليها في إعراب القرآن وتفسير معانيه وبيان وجوهها، فهذا جهدهم رحمهم الله تعالى، وهم لا يحصون كثرة من أهل العلم والفضل والصلاح والفقه والزهد، فما الذي تقترحه أنت كبديل لكل تلك الجهود الجبارة؟؟؟ إن كان مجرد شطب جهودهم المتتابعة طيلة قرون ـ وهم من هم ـ بمشاركة كالتي كتبتها ومجرد
(يُتْبَعُ)
(/)
الدعوة إلى نبذ كل مصطلحاتهم والرجوع "إلى اللسان العربي"، فالأجدر بك أن تراجع كلامك.
ـ في مقالك استعملت كلمة: "لفظ الله"، فهل ورد هذا التركيب في الكتاب أو السنة؟؟ أم لا مشاحة في الاصطلاح؟؟ هذا إذا لم تنازع في نسبة اللفظ إلى الله تعالى.
قولك: وليس لأحد من الناس أن ينقل شيئاً من كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلى غير ما كان يدل عليه , ومن نقل شيئاً من كلام الله ورسوله , إلى غير ما كان يدل عليه , فهو محدث في الدين ما لم يكن منه.
أنت تقرر قواعد غريبة أخي الكريم، مبنية في بعض الأحيان على الخلط بين المعاني والألفاظ الدالة عليها، فمن من علماء المسلمين اقترح تغيير لفظ ورد في الكتاب أو السنة بلفظ آخر؟؟ لا أحد. لكن عند إرادتهم بيان معاني مدلولات كلام الله تعالى أو رسوله، فلا مفر من استعمال ألفاظ أجنبية عن كلامهما وهي من كلام العرب، والعرب غير محصورين في افراد معينين، فهل إذا فسر العلماء كلام الله تعالى أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم بألفاظ عربية دالة على معاني صحيحة قد أحدثوا شيئا قبيحا في الدين؟؟ هم لا يقولون: استبدلوا معاني كلام الله تعالى ورسوله بمعاني كلامنا، حاشاهم.
الكلام على مقالك قد يطول لخطورته، ويكفي ما أشرنا إليه، والمقال عبارة عن دعوة لهجر العلوم وهدم قرون من التحقيق والبحث والاستنباط والعلم، مقابل لا شيء ..
والأعجب من ذلك أن الكلمة التي بنيت عليها مقالك مبتورة، فالعلماء يقولون: لا مشاحة في الاصطلاح إذا فهمت المعاني، وبإهمالك الشطر الثاني من كلامهم التبست الأمور عندك، فالخلاف أخي الكريم إنما هو في المعاني، لا في الألفاظ التي يعبر بها عنها ما لم توهم معنى باطلا شرعا، ولم يدع أحد من العلماء إلى نبذ ألفاظ الكتاب والسنة كما ذكرت لك آنفا، ولم يحجر عليهم الشرع التوسع في استنباط المعاني الصحيحة والتعبير عنها بألفاظ جديدة، فلم التضييق، ولم هذا التشريع الجديد. هل فات أهل الفضل والعلم والفقه والدين أن ما يقومون به بدعة محرمة في الدين فتواطئوا على عصيان الله تعالى.؟؟؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 Aug 2008, 04:20 م]ـ
الشيخ مساعد ... شرفني مروركم ...
========
الأخ الفاضل نزار ...
بين ما فهمتَه من مقالي وبين ما أردتُه أنا منه =مفاوز تنقطع دونها أعناق المطي ...
وأنا أقترحُ عليك أن تُلخص ما فهمتَه أنت من مقالي في نقاط مختصرة لنرى مدى فقهك لكلامي ولأوقفك على مواطن الخلل في فهمك ..
والأشياء التي عقلت أنت مرادي منها وفهمتُه أنكرت~َها غير مصيب في إنكارك .. ولم تُقم الحجة على الإنكار إلا بمجرد الدعوة والاستبشاع ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 Aug 2008, 06:39 م]ـ
ـ ما يزال للأسف بعض الناس إلى يوم الناس هذا لا يريد أن يفرق بين البدع الواجبة والمحرمة والمندوبة والمكروهة والمباحة، مع أن شواهد انقسام البدعة إلى هذه الأقسام جلي نقي.
وهذا المقطع من كلامك يدل على البون المنهجي الشاسع بيني وبينك، ويدل كذلك على الفرق بين الخلفية العقدية التي تحركك والتي تحركني ...
فمحاولة التقاءنا الحوار أظنها ستكون عسيرة جداً .. ولن نجني من وراءها سوى اللجج لا غير ...
أما أخطاءك في فهم مرادي فهي هينة إلى أخطاءك في فهم كلام الله ورسوله .. وردك علي بمجرد الدعوى هين إلى دعواك في معنى البدعة ... وما دمنا لن نصل إلى شئ في الثانية-وليس هاهنا موضع النقاش فيها- فلا أظننا سنصل إلى شئ في الأولى ..
هدانا الله وإياك إلى الحق بإذنه ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 01:41 ص]ـ
بمناسبة ما دار في حلقة الإعجاز اليوم وأترك وجه الدلالة للقراء ..
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 Sep 2009, 02:25 م]ـ
الفاضل أبا فهر
عجيب أمرك تكتب أحيانا ما لايفهم وإذا طلب منك التوضيح تطالب المستوضح بأن يكتب لك أو يلخص ما فهمه من كلامك.
ما كتبته أنت لا يعدو أن يكون كلاماً نظرياً ليس فيه شيء من التأصيل الذي يمكن أن يخرج منه القارىء بنتيجة.
وقد سألك الأخ نزار هل قولك: "لفظ الله" مثال على ما ترمي إليه من خلال مقالك؟ ولكنك تجاهلت المسألة ومضيت.
ثم أذكرك أن الكثير هنا يتعلمون وأنا أحدهم.
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[10 Sep 2009, 12:21 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ..
للشيخ الدكتور محمد الجيزاني بحث في المسألة نشر في العدد الثاني بمجلة النوازل.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[10 Sep 2009, 02:24 ص]ـ
قرأت الخلاصة التي كتب الأخ أبا فهر، وهي واضحة.
أما مسألة البدعة الحسنة والسيئة فهذا أمر آخر والبدعة في الدين لا تكون حسنة، وخاصة إذا كانت في الألفاظ، فما الداعي لها؟
ألا يكفي اللفظ الشرعي عن غيره؟
وإذا لم يرد لفظ شرعي في المسألة فما الداعي إلى استحداثه؟
ألم يكن الدين مفهوما قبل مصطلحات المتكلمين، ومن نحا نحوهم من الصوفية وغيرهم؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد بن محمد إبراهيم]ــــــــ[10 Sep 2009, 04:00 ص]ـ
استفسار:
ما ضابط الأمور الدينية عندك؟
مثلاً ..
شهادة "لا إله إلا الله" أعلى شعب الدين.
فهل يجوز لي أن أسميها جملة اسمية مثلا؟
فإن جاز .. فما الفرق بين تسمتي "إماطة الأذى عن الطريق" وهي أدنى شعب الدين مندوبًا وسنة؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 Jun 2010, 02:01 م]ـ
مثلاً ..
شهادة "لا إله إلا الله" أعلى شعب الدين.
فهل يجوز لي أن أسميها جملة اسمية مثلا؟
بارك الله فيك ..
أنت حين تسميها بهذا لا تنظر إليها من حيث إنها أعظم شعب الدين وإنما من حيث إنها كلام من الكلام، وهي جملة اسمية، وهبل إله جملة اسمية، ولو كان المعنى الديني يؤثر هاهنا = لافترقا ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 Jun 2010, 02:03 م]ـ
في هذا الرابط مناقشة حول الموضوع توضح بعض جوانبه:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=144784
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[24 Jun 2010, 03:50 م]ـ
وجبت إذن المشاحة في قولك:
اللسان الأول
ما وجه أوليته؟ وما دليل هذه الأولية؟؟ ..
أليس هذا ابتداعاً اصطلاحياً؟ ..
ألم يكن علم الأسماء كلها من لدن آدم، أولم يمتن الله على عباده أن لهم ألسنة مختلفة؟ ..
ألست تحجر واسعاً في نظريتك الغريبة هذه رغم وضوح المعاني مع اختلاف الأسماء؟ ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 Jun 2010, 04:02 م]ـ
بارك الله فيك ..
اللسان الأول هو لسان العرب قرن النبي صلى الله عليه وسلم الذي نزل به الوحي قبل دخول الألسنة المولدة بعد المائة الهجرية الأولى ..
هذا هو اللسان الأول وهذا هو وجه أوليته وهذا هو دليلها، وكل ذلك لا خلاف فيه بين علماء الدلالة ..
ولا علاقة لهذا بآدم عليه السلام ولا بأسمائه ..
ونعم للعباد ألسنة مختلفة، ولكن الله أوحى إلينا بلسان واحد ..
دمتَ موفقاً ..
ـ[عصام المجريسي]ــــــــ[24 Jun 2010, 04:32 م]ـ
لا دليل على صحة هذه التسمية أو التوصيف: (الأول) .. وذكرك لها لا يعد دليلاً
وقولك: ..
هذا هو اللسان الأول وهذا هو وجه أوليته وهذا هو دليلها، وكل ذلك لا خلاف فيه بين علماء الدلالة
لا يغني شيئاً، وأحسب أن كل أبناء آدم عربيهم وعجميهم من كل ذي لسان سيخالفونك .. بله علماء الدلالة .. (تعني علماء الـ؟) ..
جعل الأولية من ذلك القرن توهم أن القرون السابقة كانت في أحوال غير معلومة من البكم المزمن ..
ولا ألزم كلامك ما لا يلزم .. وإلا فلو نظرنا في لازمه لاستلزم لوازم منكرة عن أصل الإنسان الأول ... !!
لقد خاطب الله الأمم بألسنتها .. منذ آدم إلى آخرها ..
من الذي قال إن اللسان بدأ منذ القرن الذي ذكرت.
ألا ترى أنك غيرت في ألفاظ الكتاب والسنة وابتدعت وحرفت بما لا قائل به ولا دليل عليه؟.
وفقك الله تعالى
محبك
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[24 Jun 2010, 06:11 م]ـ
جنايات على العلم والمنهج (9) العدول عن اللسان الأول بدعوى: لا مشاحة في الاصطلاح
...
قال أبو بكر الجصاص المعتزلي في ((أصوله)):
سلام الله عليكم
لو زدت الأمر توضيحاً و توثيقاً في نسبة الإمام أبي بكر الجصاص إلى الاعتزال؟
أم اختلط الأمر عليّ؟
هذا من ناحية
و من ناحية أخرى:
أَهُوَ هُوَ؟:
http://alrbanyon.yoo7.com/montada-f35/topic-t3907.htm
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 Jun 2010, 07:22 م]ـ
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
بارك الله فيك ..
1 - الأخ صاحب المقال الذي في الرابط نقل موضوعي وقد أشار إلى ذلك في خاتمته ..
2 - بالنسبة للجصاص فاختصاراً: هو تلميذ وصاحب أبي الحسن الكرخي، وأبو الحسن كان صاحباً لمعتزلة بغداد يجلس إليهم في فنهم ويجلسون إليه في فنه، ولذلك إشارة في طبقات المعتزلة لعبد الجبار، وأصول الجصاص مبنية على رسائل عيسى بن أبان المعتزلي، والجصاص ينفي الرؤية واليد على طريقة المعتزلة، والقول بنسبته للاعتزال قديم أشار إلى أنه قد قيل الذهبي في ترجمة الجصاص من ((السير)).
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[25 Jun 2010, 11:27 ص]ـ
هل يُعتمد في نسبته إلى الاعتزال على مِثل القول بأنه كان صاحباً لمن كان يصاحب بعض المعتزلة؟!
و مَن ترجموا له لم يكونوا يأخذون الناس بالشُبهات - هكذا - في الكتابة عنهم و التعريف بهم!
فالمعروف عنه أنه انتهت إليه رياسة الحنفية ببغداد.
و هذه ترجمته من كتب الحنفية:
(أحمد بن علي أبو بكر الرازي المعروف بالجصاص ولد سنة خمس وثلاثمائة وسكن بغداد وانتهت إليه رياسة الحنفية وسئل العمل فالقضاء فامتنع تفقه على أبي الحسن الكرخي وتخرج به وكان على طريقة من الزهد والورع وخرج إلى نيسابور ثم عاد وتفقه عليه جماعة وروى عن عبد الباقي بن قانع وله كتاب أحكام القرآن وشرح مختصر الكرخي وشرح مختصر الطحاوي وشرح الجامع لمحمد بن الحسن وشرح الأسماء الحسني وله كتاب في أصول الفقه وكتاب جوابات مسائل توفى يوم الأحد سابع ذي الحجة سنة سبعين وثلاثمائة ببغداد وقد وهم من جعل الجصاص غير أبي بكر الرازي بل هما واحد). انتهى
من كتاب: تاج التراجم في طبقات الحنفية، لابن قطلوبغا
و هو مختصر من:
الجواهر المضية في طبقات الحنفية، لأبي محمد بن أبي الوفاء القرشي [ت 775 هـ]
* * *
- و ليتلك تنقل لنا كلام الذهبي و إشارته بنسبته إلى " الاعتزال ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[25 Jun 2010, 12:29 م]ـ
بارك الله فيك ..
لم نذكر حجة واحدة وإنما الرأي الذي ذكرناه مركب من الحجج الأربع فأمسكت واحدة ظننتها أضعفها فأمسكتها بخطأ وأعرضت عن الباقي كأن لم نبن على غيرها ..
أما التي أمسكتها بخطأ فهي قولك: ((بأنه كان صاحباً لمن كان يصاحب بعض المعتزلة؟!))
والصواب في إمساكها أن تقول: ((كان يصاحب معتزلياً يأخذ الاعتزال عن شيوخ المعتزلة)) ..
وعبارة الذهبي: ((وَقِيْلَ: كَانَ يمِيلُ إِلَى الاِعتزَالِ، وَفِي توَالِيفِهِ مَا يَدلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي رُؤْيَةِ اللهِ وَغيْرِهَا، نَسْأَلُ اللهَ السَّلاَمةَ)).
وانتهاء رياسة حنفية بغداد له ليست شيئاً فبغداد كانت موطن الأحناف والمعتزلة جميعاً وأكثر المعتزلة في تلك الطبقة كانوا أحنافاً ..
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[28 Jun 2010, 07:34 م]ـ
سلام الله عليكم
أَلا ترى أخي أنه من الجنايات على العلم و المنهج أن نحكم على معتقد الأئمة - كالجصاص - بمثل تلك النقول: (و قد قيل ... )، (إنه يميل ... )؟!
و كذا ما قيل عن كلامه في (الرؤية). و هل كل من تكلم فيها بمثل ما قيل في الإمام الرازي الجصاص يكون من المعتزلة؟!
و أمّا قولك إنه كان يجلس إليهم في فَنّهم، فعلى تقدير صحته، فلا يَدُّل على أنه كان معتزلياً مثلهم؛ بدلالة قولك إنهم كانوا يجلسون إليه في فنه؛ فَدّلَّ ذلك على مغايرته لهم.
و لم يثبت أنه كان يجلس إليهم في فنهم (الاعتزال)،
و إنما الثابت من تراجمه أنه كان يجلس إلى بعضهم كأبي الحسن الكرخي ليأخذ عنه الفقه لا الاعتزال، و هو ما ذكره الخطيب البغدادي في ترجمته له؛ قال: (ودرس الفقه على أبى الحسن الكرخي)، و كذا قال الذهبي في " السَّيَّر ": (تفَقَّه بأبي الحسن الكرخي).
* و هذه ترجمته في " تاريخ بغداد " للخطيب البغدادي؛ قال:
(أحمد بن على أبو بكر الرازي، الفقيه إمام أصحاب الرأى في وقته، كان مشهورا بالزهد والورع، ورد بغداد في شبيبته، ودرس الفقه على أبى الحسن الكرخي، ولم يزل حتى انتهت إليه الرياسة ورحل إليه المتفقهة، وخوطب في أن يلي قضاء القضاة فامتنع وأُعيد عليه الخطاب فلم يفعل، وله تصانيف كثيرة مشهورة ضمنها أحاديث رواها عن أبى العباس الأصم النيسابوري وعبد الله بن جعفر بن فارس الأصبهاني وعبد الباقي بن قانع القاضي وسليمان بن احمد الطبراني وغيرهم، حدثني القاضي أبو عبد الله الصيمرى قال حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن احمد الطبري حدثني أبو بكر الأبهري قال: خطبنى المطيع على قضاء القضاة وكان السفير في ذلك أبو الحسن بن أبى عمرو السوائي فأبيت عليه، واشرت بأبي بكر أحمد بن على الرازي فأحضر الخطاب على ذلك، وسألنى أبو الحسن بن أبى عمرو معونته عليه فخوطب فامتنع، وخلوت به فقال لي: تشير على بذلك؟ فقلت ك لا أرى لك ذلك. ثم قمنا إلى بين يدي أبى الحسن بن أبى عمرو وأعاد خطابه وعدت إلى معونته، فقال لي: أليس قد شاورتك، فأشرت عليَّ أن لا أفعل؟ فوجم أبو الحسن بن أبى عمرو من ذلك، وقال: يشير علينا بإنسان ثم يشير عليه أن لا يفعل! قلت: نعم. أما في ذلك أسوة بمالك بن أنس أشار على أهل المدينة أن يقدموا نافعاً القارئ في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم، وأشار على نافع أن لا يفعل. فقيل له في ذلك؛ فقال: أشرت عليكم بنافع لأني لا أعرف مثله ن وأشرت عليه أن لا يفعل لأنه يحصل له أعداء وحساد؛ فكذلك أنا أشرت عليكم به لأني لا أعرف مثله، و أشرتُ عليه أن لا يفعل لأنه اسلم لدينه، وحدثني الصيمرى أيضا، قال: حدثني أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي أن مولد أبى بكر أحمد بن على كان في سنة خمس وثلاثمائة، وأنه دخل بغداد سنة خمس وعشرين، ودرس على أبى الحسن الكرخي، قال الصيمرى: وتوفى أبو بكر الرازي في ذي الحجة سنة سبعين وثلاثمائة، وصلى عليه أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي، حدثني هلال بن المحسن قال تك وفى أبو بكر الرازي الفقيه في يوم الأحد السابع من ذي الحجة سنة سبعين وثلاثمائة عن خمس وستين سنة، وصلى عليه أبو بكر الخوارزمي صاحبه). انتهى
هذا ما ذكره الخطيب البغدادي في ترجمة الإمام أبي بكر الرازي الجصاص، و لم يذكر فيها شيئاً عن دعوى الاعتزال، و هو من أهل بلده التي استقرَّ بها (بغداد)، و هو أقرب إليه عهداً ممن أتى بعده بقرون؛ فالجصاص توفي سنه 370 هـ، و أبو بكر الخطيب توفي سنة 463 هـ، و توفي الذهبي سنة 748 هـ.
* و بأي حال، فلا يَصِح القول: (الجَصّاص المعتزليّ)؛ بناءً على أقاويل، من مثل: (و قد قيل: إنه كان يميل ... ).
و هذا من باب أمانة العلم، و أصول المنهج.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[28 Jun 2010, 09:27 م]ـ
بارك الله فيك ليست مجرد أقاويل ..
بل رأي صاحبته القرائن وسانده الدليل ..
فالفقه فقه أبي الحسن الكرخي المعتزلي والرجل معظم له لم يزور عنه ولم يتبرأ من اعتزاله ولا في موضع ..
ثم الجصاص الذي لم يأخذ الاعتزال-كما تظن-يتكلم بكلام المعتزلة في الرؤية الذي لم يقل به في زمان الجصاص سوى المعتزلة ..
ثم الجصاص الذي لم يأخذ الاعتزال -كما تظن-ينثر رسائل عيسى بن أبان المعتزلي في كتابه الفصول ..
ثم الجصاص الذي لم يأخذ الاعتزال-كما تظن-يُرمى بالاعتزال ومن قبل مؤرخين وليس من قبل عامة أو دهماء ..
ثم يرى الذهبي صحة ذلك بمثل الحجة التي رأينا نحن صحتها به ..
فلم أر دكتورنا الفاضل إلا أن الحجة معي والدعوى المجردة معكم والتي لا يعضدها سوى براءة الذمة، وبراء الذمة ترفع بنصف الحجج التي سقتها ....
دمتَ موفقاً يا مولانا ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[29 Jun 2010, 12:26 م]ـ
وَفَقّنا الله لِما يُحِبهَ و يَرضاه(/)
ما سر تسمية المسيح بالمسيح؟!
ـ[العرابلي]ــــــــ[06 Aug 2008, 11:08 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما سر تسمية المسيح بالمسيح؟!
من مراجعتي لكتب التفسير، وقواميس اللغة، وجدت أسبابًا عديدة لتسمية المسيح بالمسيح، وأوصافًا له توافق تسميته بالمسيح، فمن ذلك؛
1. أنه مسح بالدهن؛ من قبل الملائكة عند الولادة حتى تسهل ولادته، ولا يتأذى من آثار الوضع.
2. أن جبريل مسحه بجناحية وقت ولادته ليكون ذلك صونًا له من مس الشيطان وحائلا دونه.
3. أنه مسح بدهن طاهر من الدهن الذي كان يسمح به الأنبياء.
4. أن زكريا عليه السلام مسحه بالدهن بعد ولادته.
5. أنه مسيح القدمين؛ أي لا أخمص لهما.
6. أنه يمسح الأرض ويقطعها بكثرة التنقل فيها.
7. أنه لا يثبت بمكان، ولا يتعلق بزخرف الدنيا.
8. أنه لا يمسح بيده ذا عاهة إلا برأ ... ومن كان هذا فلا يمرض. ولا يصاب بما يعالج الناس منه.
9. أنه كان يمسح على رأس اليتامى فكأن تفاعله مع معاناتهم هو انعكاس مما يعانيه من عدم وجود أب له، لأنه يظل بشرًا. وأكثر من يحس بأثر الشيء فاقده.
10. أنه مسيح من الأوزار والآثام؛ فليس هناك وزر يعاتب أو يلام عليه.
11. أنه مسيح من الاتهامات والعيوب؛ فلا يعيب عليه أحد في عمل عمله. وقد برأه الله تعالى من أول يوم، عندما أيده بروح القدس لبرئ أمه مما اتهمت به من قومها.
12. أنه مسيح من الأمراض والآفات؛ فكيف يمرض من يعالج الأمراض؟!
13. أنه مسيح لم تصله يد تؤذيه، ولم يصبه أذى من أحد؛ لتبقي صفة المسيح فيه، وأنه كلمة الله التي لا يستطيع أحد تغييرها أو إلغائها.
14. أنه مسيح من العوارض التي تصيب الناس عند الكبر من ضعف الجسد والعقل والحواس؛ فهو ينزل بعد طول غياب لم يكن لبشر مثله، بكامل قوته العقلية والجسدية واحتفاظه بشبابه.
15. أنه الصديق من جهة المدح لأنه لم تعلق به كذبة، وأن من يصاحبه لا يحفظ عليه خطأ أو ضغينة. لأن من التسميات الصديق وصفه بالمسيح.
16. أنه الملك لا يؤاخذ على فعله، ويستعان به لمسح الفاقة والحاجة؛ فمن تسميات الملك وصفه بالمسيح
17. أنه مسيح البطن والألية؛ فلا بروز لبطنه من الأمام، ولا أليته من الخلف.
18. أن خلقه مبارك حسن؛ لا ترى في خلقه وأعضائه ما تنكره عليه.
19. أنه مسيح ناعم أملس؛ لا تحس بخشونة لجلده.
20. أنه مسيح لصفة رأسه كأنه يقطر الماء من لمعان شعره.
21. أنه مسيح لإزالة ما يمر عليه وينظفه؛ فمن تسميات الخرقة الخشنة وصفها بالمسيح.
22. أنه مسيح لعمله كعمل الذراع التي توصف بالمسيح؛ لأن الجهد قائم عليها في المسح.
قد تكون هذه الصفات اجتمعت بالمسيح عليه السلام كلها، أو معظمها.
إنما الذي يهمنا منها؛
• أنه لم يعلق به ذنب؛ ولذلك لم يعتذر بذنب كما اعتذر الأنبياء في قصة الشفاعة يوم القيامة. ولا الادعاد في الدنيا بالألوهية. لأن هذا الادعاء من أكبر الآثام والذنوب.
• أنه لا تصل إليه يد بالأذى أو القتل؛ ومن وصف المسيح، أو أقر بأن يدًا طالته بأذى أو قتل؛ أنكر على المسيح هذا التسمية له، واعتقد بما يخالف دلالة اسمه.
• أنه يحتفظ بقوته العقلية، والجسدية، وسليمًا من الآفات والأمراض، لم يؤثر به هذا الغياب الطويل، ويحتفظ بمنظره الذي كان عليه في سن الكهولة (33سنة)؛ عند نزوله، فيطبق الإسلام ويحارب الدجال، ويكسر الصليب لينهي أكبر أكذوبة في التاريخ وجدت لها مخدوعين بها.
فكانت تسمية المسيح من الله تعالى بالمسيح هو دفاعًا عن المسيح مما نسب إليه. والاسم يدل دائمًا على الثبات والدوام مهما طال الزمان.
والفرق بين الممسوح والمسيح؛ أن الممسوح أزيل ما وقع عليه؛ والمسيح لم يثبت عليه ما يقع.
لذلك فهو عليه السلام مسيح وليس ممسوح.
قال تعالى: (إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ 45 وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ (46) آل عمران.
ولو جاز لنا أن نسمي بالمسيحيين! فمن يا ترى أحق بهذه التسمية؛ نحن المسلمين، أم الذي يسموا أنفسهم بالمسيحيين؟! وهم اليوم في الحقيقة عُصاة المسيح.
أبو مُسْلم/ عبد المجيد العرابْلي
ـ[العرابلي]ــــــــ[08 Aug 2008, 07:42 م]ـ
كلامنا كان عن المسيح ابن مريم عليهما السلام
وهناك مسيح آخر له سبب خاص بتسميته بالمسيح غير الأسباب التي ذكرناها للمسيح عليه السلام
إنه المسيح الدجال الذي كان ممسوع العين خلقة(/)
سؤال حول الاستاذ سعيد الفلاح
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[06 Aug 2008, 01:56 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
هل كتب الاستاذ سعيد الفلاح كتابا حول منهج المهدوي في التفسير واذا كان الجواب بنعم فهل كتابه مطبوع؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Aug 2008, 06:42 م]ـ
نعم كتب رسالته للدكتوراه بعنوان (جهود المهدوي في التفسير والقراءات) بجامعة الزيتونة في تونس. ونوقشت عام 1987م. ولم تطبع بعدُ.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[07 Aug 2008, 09:53 ص]ـ
كيف هذا يا شيخ عبد الرحمن وقد جاء في طالعة كتاب ملاك التاويل لابن الزبير بتحقيق سعيد الفلاح ان اصل هذا الكتاب اطروحة دكتوراه الحلقة الثالثة باشراف عبد الله الاوصف عميد الكلية
فهل كتب الدكتور سعيد رسالة دكتوراة اخرى في نفس الجامعة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Aug 2008, 01:13 م]ـ
تحقيقه لملاك التأويل كان في مرحلة الماجستير. وقد طبع تحقيقه عام 1403هـ.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[07 Aug 2008, 07:20 م]ـ
احسنت وبارك الله فيك(/)
وقفات مع تفسير ابن عطية الأندلسي (5)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[06 Aug 2008, 05:20 م]ـ
تنزيل آية في الكفار على حال بعض المؤمنين
كنت قد وقفت عند الوقفة الرابعة، وطال الأمر بين هذه الوقفة وتلك، وهاأنذا أعاود الوقفات، ولعل الله ييسر لي إتمامها، إنه كريم سميع مجيب.
قوله تعالى: ((وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (يونس: 12))).
قال الإمام ابن عطية: ((و {الضر} لفظ لجميع الأمراض والرزايا في النفس والمال والأحبة هذا قول اللغويين، وقيل هو مختص برازيا البدن، الهزال والمرض.
وقوله {مرَّ} يقتضي أن نزولها في الكفار، ثم هي بعد تتناول كل من دخل تحت معناها من كافر أو عاص.
فمعنى الآية {مر} في إشراكه بالله وقلة توكله عليه)).
قلت: هذا من فقه الإمام الذي تكرر في كتابه في غيرما من موطن، وهو حمل بعض الآيات التي نزلت في الكفار على من يصلح أن يخاطَب بها من أهل الإيمان.
وقد قال في السورة نفسها في تفسير قوله تعالى: ((وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آَيَاتِنَا قُلِ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (يونس: 21)))، قال: ((وقوله: (وإذا أذقنا الناس) الآية، المراد بالناس في هذه الآية الكفار وهي بعد تتناول من العاصين من لا يؤدي شكر الله تعالى عند زوال المكروه عنه ولا يرتدع بذلك عن معاصيه، وذلك في الناس كثير)).
وقال في قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159))): ((وقوله تعالى {إن الذين يكتمون} الآية، المراد بالذين أحبار اليهود ورهبان النصارى الذين كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم، قال الطبري: «وقد روي أن معينين منهم سألهم قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عما في كتبهم من أمره فكتموا فنزلت، وتتناول الآية بعد كل من كتم علماً من دين الله يحتاج إلى بثه، وذلك مفسر في قول النبي صلى الله عليه وسلم:» من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار «، وهذا إذا كان لا يخاف ولا ضرر عليه في بثه.
وهذه الآية أراد أبو هريرة رضي الله عنه في قوله: ((لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم حديثاً)). وقد ترك أبو هريرة ذلك حين خاف فقال: ((حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين: أما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم)).
وهذه الآية أراد عثمان رضي الله عنه في قوله: ((لأحدثنكم حديثاً لولا آية في كتاب الله ما حدثتكموه))، ومن روى في كلام عثمان: ((لولا أنه في كتاب الله))، فالمعنى غير هذا)).
وقال في قوله تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174): ((وقوله تعالى: {إن الذين يكتمون} الآية، قال ابن عباس وقتادة والربيع والسدي: المراد أحبار اليهود الذين كتموا أمر محمد صلى الله عليه وسلم، و {الكتاب}: التوراة والإنجيل: والضمير في {به} عائد على {الكتاب}، ويحتمل أن يعود على {ما} وهو جزء من الكتاب، فيه أمر محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه وقع الكتم لا في جميع الكتاب، ويحتمل أن يعود على الكتمان، والثمن القليل: الدنيا والمكاسب، ووصف بالقلة لانقضائه ونفاده، وهذه الآية وإن كانت نزلت في الأحبار فإنها تتناول من علماء المسلمين من كتم الحق مختاراً لذلك لسبب دنيا يصيبها)).
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: وهذا الفقه قد درج عليه علماء الأمة من لدن الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يقع منهم اعتراض على هذا المنهج (تناول الآيات التي نزلت في الكفار على حال من يتلبس بها من المؤمنين) سوى ما ذكر البخاري ـ معلقًا ـ عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر، قال: ((وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ اللَّهِ وَقَالَ إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ نَزَلَتْ فِى الْكُفَّارِ فَجَعَلُوهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)).
وهذا العمل الذي انتقده أبو عبد الرحمن ـ فيما يبدو ـ أنهم جعلوا الأوصاف التي يحتمل وقوعها من المؤمنين كفرًا مخرجًا من الملة، لما رأوها نزلت في سياق الكفار، ولم يُحكموا القياس في التنزيل، والفرق بين المؤمن والكافر في اعتبار الأصل فيهما، بل جعلوا مطلق الفعل كفرًا.
ولهذا تراهم عمِلوا بما تأوله، وقاتلوا المسلمين على ذلك، وهذا كافٍ في ثبوت فساد قولهم كما نبَّه له ابن عمر.
أما ما ذكره الإمام من جواز تنزيل الآيات التي نزلت في الكفار على حال بعض المؤمنين، فهو بمعزل عن هذا؛ لأن هذا التنزيل لا يُخرج المسلم من إسلامه، كما أن الوصف الذي جاء في سياق الكفار ليس وصفًا كفريًّا محضًا بحيث يُحكم على من تلبَّس به بأنه كافر، بل هو وصف يلحق الإنسان من حيث هو إنسان.
ولو تأمَّلت كثيرًا من النصوص التي نزَّلها الصحابة على أنفسهم أو على غيرهم لوجدتها من هذا القبيل، ومثال ذلك:
ما رُوي من أوجهٍ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، قال الإمام مالك: ((عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَدْرَكَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَمَعَهُ حِمَالُ لَحْمٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَرِمْنَا إِلَى اللَّحْمِ فَاشْتَرَيْتُ بِدِرْهَمٍ لَحْمًا فَقَالَ عُمَرُ أَمَا يُرِيدُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَطْوِيَ بَطْنَهُ عَنْ جَارِهِ أَوْ ابْنِ عَمِّهِ أَيْنَ تَذْهَبُ عَنْكُمْ هَذِهِ الْآيَةُ: (أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا)))، والله أعلم وأحكم.(/)
ما وجه الشبه بين الصبر والصلاة؟ وما سر الاقتران بينهما؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Aug 2008, 09:16 م]ـ
هذه مشاركة علمية وصلتني على بريدي وطلب مني نشرها دون ذكر الكاتب جزاه الله خيراً ولا أدري لماذا لا يريد ذكر اسمه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،أما بعد:-
فقد قرن الله جل وعلا في القرآن الكريم بين الصبر والصلاة، كقوله تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة) البقرة (آية45)،وقوله: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) البقرة (آية 153)، وفي ذلك سر لمن تأمله.
فما وجه الشبه بين الصبر والصلاة؟ وما سر الاقتران بينهما؟
أما وجه الشبه بين الصبر والصلاة: فهو أن كلاهما "نور" يدل على ذلك ما رواه أبو مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال:قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (الطهور شطر الإيمان .. ،والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء) رواه مسلم (رقم223).
قال ابن رجب رحمه الله: (فهذه الأنواع الثلاثة من الأعمال أنوار كلها، لكن منها ما يختص بنوع من أنواع النور، فالصلاة نور مطلق) ثم قال رحمه الله عن الصبر: (وأما الصبر فإنه ضياء والضياء هو النور الذي يحصل فيه نوع حرارة وإحراق، كضياء الشمس، بخلاف القمر فإنه نور محض، فيه إشراق بغير إحراق، قال عز وجل: (هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا) يونس (آية5) (جامع العلوم والحكم:2/ 165 - 169).
وأما سر الاقتران بين الصبر والصلاة:-فإن الصلاة نور مطلق، وفيها راحة للنفس، كما ورد في الحديث (أرحنا بالصلاة يا بلال) صححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود:4171 - 4172).
والصلاة فيها أيضا قرة عين للمؤمن،كما في الحديث: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) صححه الألباني في صحيح سنن النسائي رقم 3680.
وأما الصبر فهو كما ورد في الحديث (الصبر ضياء) والضياء: نور فيه نوع حرارة.
ونور الصبر هو إنارته لقلب المؤمن وبصيرته عند صبره على الطاعات، وصبره عن المعاصي والمنكرات واستبصاره الحق عند صبره على البلايا والنوازل والملمات، مع ما للصبر ونوره من عواقب حميدة في الدنيا والآخرة وهذا كله لمن أخلص صبره لله وحده.
وأما حرارة الصبر فهي بسبب ضبط النفس وحبسها وإرغامها على ما تكره.
ومما سبق نجد أن الصلاة نور مطلق، ولكنه نور بارد، إذ راحة النفس وقرة العين لا تكون إلا من شيء بارد.
وأما الصبر فهو نور ولكنه نور فيه نوع حرارة وإحراق كضياء الشمس.
فالمؤمن في هذه الحياة يحتاج إلى الصبر في جميع أحواله خاصة حال البلاء،ولما كان الصبر فيه نوع حرارة فهنا تأتي الصلاة –التي فيها برودة –لتخفف حرارة الصبر، بل قد تطفئها بإذن الله.
فعلى قدر إكثار المؤمن من الصلاة من جانب، وعلى قدر خشوعه فيها من جانب آخر، يكون تخفيف حرارة الصبر أو إطفاؤها.
وأما عندما يريد المؤمن أن يخشع في صلاته لتكون راحة لنفسه وقرة لعينه،فلا بد له من الصبر في حالتين:
1 - الصبر في دفع الأسباب المانعة من الخشوع.
2 - الصبر على استجلاب الأسباب المعينة على الخشوع.
فعلى قدر الصبر في الحالتين يكون خشوعه في صلاته.
وتمثيل ذلك:أن الصبر كضوء الشمس، والصلاة والخشوع فيها كنور القمر، فالقمر يستمد نوره من ضوء الشمس، فعلى قدر ضوء الشمس يكون نور القمر هلالاً أو بدراً.
ففي حال البلاء تكون حرارة الصبر مع برودة الصلاة،وفي حال الخشوع يكون ضوء الصبر (الشمس)، ويكون نور الصلاة (القمر).
هذا ما قد يسر الله لي من ذكر سرٍّ من أسرار اقتران الصبر والصلاة في القران الكريم.
والله أعلم وأحكم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[07 Aug 2008, 03:17 ص]ـ
كلام مفيد لطيف نحن جميعا في حاجة إليه، نفع الله به المرسِل والكاتب.
ـ[رضا التومي]ــــــــ[07 Aug 2008, 09:18 ص]ـ
يا لها من لطائف!
بارك الله في الكاتب و فيك يا شيخ عبدالرحمن.
ـ[أمة الرحمن]ــــــــ[07 Aug 2008, 03:21 م]ـ
جزاكم الله خيرا(/)
صدور كتاب (المدخل إلى مقاصد القرآن) للدكتور عبدالكريم حامدي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Aug 2008, 07:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدر حديثًأ عن مكتبة الرشد 1429هـ كتاب:
المدخل إلى مقاصد القرآن
للدكتور عبدالكريم حامدي
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6489a78da1cb99.jpg
وقد كنتُ ألقيت محاضرة في المنتدى الإسلامي بالشارقة العام الماضي بعنوان مقاصد القرآن، ولفت نظري أثناء الإعداد للمحاضرة عدم وجود دراسات في الموضوع مع أهميته. ثم اطلعتُ على هذا الكتاب بعد صدوره الأسبوع الماضي تقريباً فألفيته قد عالج كثيراً من القضايا التي كنت أبحث عنها، والموضوع بحاجة إلى مزيد بحث، وقد كنت اقترحت الكتابة في هذا الموضوع على أحد طلبة الدكتوراه ولم يتواصل معي بعدها. ولعلي أعرض محتويات الكتاب في المشاركة اللاحقة.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[07 Aug 2008, 10:44 ص]ـ
مبارك للشيخ عبد الكريم حامدي صدور الكتاب نسأل الله أن ينفع به ..(/)
بحث: تطبيقات التنقيب المعلوماتي على موارد المعرفة الإسلامية (حسن مظفر الرزّو)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[07 Aug 2008, 08:57 م]ـ
بحث: تطبيقات التنقيب المعلوماتي على موارد المعرفة الإسلامية
حسن مظفر الرزّو
المصدر: موقع الألوكة
http://alukah.net/articles/1/3292.aspx
وضعته في المرفقات حفاظا على الرسوم والجداول المصاحبة.(/)
موقف القرآن الكريم والكتاب المقدس من العلم
ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[08 Aug 2008, 11:43 ص]ـ
د. إبراهيم عوض
موقف القرآن الكريم والكتاب المقدس من العلم
1987
بسم الله الرحمن الرحيم
الإهداء
إلى أسرتي الصغيرة التي لا أكف عن الدعاء إلى الله أن يبارك فيها: زوجتي، ويمنى " الفراشة الرقيقة "، وعلاء الدين " الأسد الصغير ". جمعنا الله على الخير والسعادة في الدنيا، وفي رياض الخلد في الآخرة.
مقدمة
رشحني قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب (جامعة عين شمس) أنا والأستاذ الدكتور مصطفى الشكعة، للاشتراك في المؤتمر الدولي للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، الذي كان مقررا له أن ينعقد في أول أكتوبر الماضي (ثم تأجل إلى الثامن عشر من نفس الشهر) بإسلام أباد عاصمة باكستان، فكتبت البحث الذي بين يدي القارئ الكريم، وأرسلته إلى هيئة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (بمكة المكرمة) المشرفة على المؤتمر، فأحالته إلى لجنة التحكيم الخاصة بالنظر في مثل هذه البحوث فأجازته وأثنت مشكورة على ما بُذل فيه من " جهد علمي واضح " (وهذه عبارة الرسالة التي وصلتني لا عبارتي أنا، فأرجو أن يعذرني القارئ)، ودعت لي بالخير. ومع ذلك فإني للأسف لم أسافر لحضور المؤتمر، لأن تذاكر السفر التي وعدت بها لم تصلني، لتأخري في الرد على الرسالة المذكورة أعلاه، لظروف خارجة عن إرادتي، إذ كنت عند وصولها مسافرا إلى جمهورية جامبيا في غرب إفريقية، فلما عدت تسلمتها بعد فوات الأوان، وبالتالي تأخر ردي وإرسالي الملخصين المطلوبين (بالعربية والإنجليزية) عن الموعد المحدد.
وقد علمت من مقالة الأستاذ فهمي هويدي: " الإعجاز القرآني: المصالح والمفاسد! "، المنشورة بأهرام الثلاثاء 3/ 11 / 1987 (ص / 7) أن عدد البحوث التي قدمت للمؤتمر قد بلغت خمسمائة بحث، وأن الذي أجيز منها هو ثمانية وسبعون بحثا فقط، فسرني هذا سرورا عوضني إلى حد كبير عن حضور المؤتمر والسفر إلى باكستان الشقيقة. والحمد لله. الذي هو أهل كل حمد.
حدائق القبة 23/ 11 / 1987
بسم الله الرحمن الرحيم
إذا تتبعنا في كل من الكتاب المقدس والقرآن الكريم الآيات التي تتحدث عن العلم والمعرفة فسوف نجد الملاحظات الآتية:
أن كلا الكتابين يعد العلم والمعرفة هبة من عند الله سبحانه. يقول الكتاب المقدس: " وكلم الرب موسى قائلا: انظر. قد دعوت بصلئيل بن أوري بن حور من سبط يهوذا باسمه، وملأته من روح الله بالحكمة والفهم والمعرفة وكل صنعة ... وهأنا قد جعلت معه أهولياب بن أخيساماك من سبط دان، وفي قلب كل حكيم القلب جعلت حكمة ليصنعوا كل ما أمرتك ". وفي موضع آخر نرى سليمان عليه السلام يدعو الله أن يمده بالحكمة والمعرفة: " فأعطني الآن حكمة ومعرفة لأخرج أمام هذا الشعب وأدخل ". فيرد المولي جل وعلا عليه بقوله: " قد أعطيتك حكمة ومعرفة، وأعطيك غنى وأموالا وكرامة ". وها هو داود يرجو ربه أن " ذوقا صالحا ومعرفة علمني ". وفي سفر " الأمثال ":" لأن الرب يعطي حكمة. من فمه المعرفة والفهم ". وفي " دانيال ": "يعطي (الله) الحكماء حكمة ويعلم العارفين فهما ".
وفي القرآن الكريم نقرأ قوله عز من قائل: " علم الإنسان ما لم يعلم "، وقوله سبحانه عن آدم عليه السلام: " وعلم آدم الأسماء كلها "، وقوله تعالى عن يوسف عليه السلام: " وإنه لذو علم لما علمناه "، وقوله سبحانه عن العبد الصالح (في قصة موسى عليه السلام): " وعلمناه من لدنا علما "، وقوله جل شأنه عن داود عليه السلام: " وعلمناه صنعة لبوس لكم "، وقوله تبارك وتعالى عن رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه: " وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة، وعلمك ما لم تكن تعلم "، وقوله عز شأنه في خطاب المؤمنين: " واتقوا الله، ويعلمكم الله ".
فمن هذه النصوص يتبين لنا أن كلا الكتابين ينظر إلى المعرفة، سواء كانت معرفة عقلية أو روحية أو صناعية تطبيقية، على أنها عطية إلهية؟ وهذا طبيعي، فكلا الكتابين يدعو إلى الإيمان بالله سبحانه وأنه خالق كل شيء، وإن شابت الإيمان بالله في الكتاب المقدس شوائب كثيرة تتفاوت بين السفاهة من جانب والشرك بالله من جانب آخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما موقف الكتابين من المعرفة والعلم والحكمة فالكتاب المقدس يقول: "طوبى للإنسان الذي يجد الحكمة وللرجل الذي ينال الفهم. لأن تجارتها خير من تجارة الفضة، وربحها خير من الذهب الخالص. هي أثمن من اللآليء وكل جواهرك لا تساويها". وفي سفر "الأمثال" نقرأ أن "كون النفس بلا معرفة ليس حسنا". وفي إشعياء: "سبي شعبي لعدم المعرفة". وفي هوشع: "قد هلك شعبي من عدم المعرفة".
وبالمثل يغبط القرآن الكريم من آتاه الله الحكمة، ويعدها خيرا كثيرا: "يؤتي الحكمة من يشاء. ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا"، ولا يسوي بين العلماء والذين لا يعلمون: "قل: هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟ ". والله سبحانه يرفع المؤمنين الذين أوتوا العلم درجات عالية لا يرقى إليها غيرهم: "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات".
لكن على حين نجد أن نظرة القرآن إلى العلم مطردة على هذا النحو فإن في الكتاب المقدس آيات أخرى تناقض الآيات السابقة التي استشهدنا بها منه آنفا، ففي سفر "الجامعة" أن معرفة الحكمة، مثلها مثل معرفة الحماقة والجهل، هي قبض الريح، وأن "في كثرة الحكمة كثرة الغم. والذي يزيد علما يزيد حزنا"، ومن هنا فإن "الدرس الكثير تعب للجسد"، بمعنى أنه تعب لا يجدي على صاحبه شيئا، كذلك يؤكد بولس أن الله "مرجع الحكماء إلى الوراء ومجهل معرفتهم"، وأنه قد جهل "حكمة هذا العالم"، وأنه قد "اختار ... جهال العالم ليخزي الحكماء"، وأن "حكمة هذا العالم هي جهالة عند الله"، "وأيضا الرب يعلم أفكار الحكماء باطلة". وعلى هذا فـ "إن كان أحد يظن أنه حكيم بينكم في هذا الدهر فليصر جاهلا لكي يصير حكيما".
إن كاتب مادة Science في Dictionary of the Bible يدافع عن موقف بولس تجاه العلم كما تعكسه الآيتان 1، 7 من الأصحاح الثامن من رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس (ونص كلامه هو: "وأما من جهة ما ذبح للأوثان فنعلم أن لجميعنا علما. العلم ينفخ، ولكن المحبة تبني. فإن كان أحد يظن أنه يعرف شيئا فإنه لم يعرف شيئا بعد كما يجي أن يعرف ... ولكن ليس العلم في الجميع، بل أناس بالضمير نحو الوثن إلى الآن يأكلون كأنه مما ذبح لوثن. فضميرهم إذ هو ضعيف يتنجس")، فيزعم أنه لا يقصد به دراسة مخلوقات الله (أو كما سماها هو "أعمال الله: The work of God" ) بل كان هجومه منصبا على المعرفة التي تفتخر بها الفرق المتهودة والباطنية في عصره، على عكس المعرفة الحقيقية التي كان يشيد بها أيما إشادة. والحقيقة أن مثل هذا الدفاع لا يصمد للنظر، فإن هجوم بولس على الحكماء وعلمهم غير مقصور، كما رأينا، على الآيتين السابقتين. ثم إن جميع المعارف أيا كانت إنما هي، على نحو أو على آخر، دراسات لمخلوقات الله. وقد كان الأحرى ببولس، لو كان فعلا يقصد ما يقوله الكاتب المذكور، أن يهاجم غرور العلماء فقط لا العلم نفسه والحكمة، فإن العلم والحكمة لا يمكن أن يكونا إلا خيرا، وخيرا كثيرا.
وليس بولس هو وحده الذي ينظر إلى المعرفة والعلم هذه النظرة، فها هو يوحنا الرسول يقول في رسالته الأولى إن مسحة التعميد للذين لم يعاصروا المسيح كفيلة بعدم احتياج الممسوح إلى أن يعلمه أحد لأن هذه المسحة تعلمه كل شيء.
إن هذا الاضطراب في موقف الكتاب المقدس نحو العلم والمعرفة يعسر فهمه وتفسيره إلا على أساس واحد هو أنه، على وضعه الحالي، صناعة بشرية. ولست أوافق الدكتور موريس بوكاي على قوله إن "الأمر الذي لا جدال فيه هو أنه ليست هناك أية إدانة للعلم في أي كتاب مقدس من كتب أديان التوحيد"، فها هي نصوص من الكتاب المقدس لدى اليهود والنصارى تفند هذا الادعاء، ولعل تفسير ذلك هو أن هذا الكتاب قد خضع لكثير من الحذف والإضافة وإعادة الصياغة والنحل مما باعد بينه وبين أصله الإلهي، وجعل من الصعب في بعض الأحيان، ومن المستحيل في أحيان أخرى أن نقول إن الدينين اللذين يقدسه أتباعهما قد بقيا ديني توحيد.
ومع ذلك فقد بقيت في الكتاب المقدس قبسات من نور الوحي الإلهي. ولعل من هذه الأقباس الإلهية ما جاء في "الأمثال" من أن "مخافة الرب رأس الحكمة"، وهو ما يذكرنا بقول الله سبحانه في القرآن الكريم: "إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يكون من هذه الأقباس أيضا ما يفهم من المثل الآتي الذي أورده لوقا في إنجليه على لسان سيدنا عيسى عليه السلام من أنه لا مسؤولية بدون علم، وعلى قدر العلم تكون المسؤولية، إذ مع العلم ينتفي العذر ويحق على المذنب العقاب. أما من لم يبلغه العلم فهو معذور: "فقال الرب: فمن هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه سيده على خدمه ليعطيهم العلوفة في حينها؟ طوبى لذلك العبد الذي إذا جاء سيده يجده يفعل هكذا. بالحق أقول لكم إنه يقيمه على جميع أمواله. لكن إن قال ذلك العبد في قلبه: سيدي يبطئ قدومه. فيبتدئ يضرب الغلمان والجواري ويأكل ويشرب ويسكر. يأتي سيد ذلك العبد في يوم لا ينتظره وفي ساعة لا يعرفها فيقطعه ويجعل نصيبه مع الخائنين. وأما ذلك العبد الذي يعلم إرادة سيده ولا يستعد ولا يفعل بحسب إرادته فيضرب كثيرا. ولكن الذي لا يعلم ويفعل ما يستحق ضربات يضرب قليلا. فكل من أعطى كثيرا يطلب منه كثير، ومن يودعونه كثيرا يطالبونه بأكثر". وفي مثل هذا المعنى ما جاء في إنجيل يوحنا على لسان سيدنا عيسى أيضا عليه السلام: "قال لهم (للفريسيين) يسوع: لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية. ولكن الآن تقولون: إننا نبصر. فخطيتكم باقية". فالعمي هنا هو عدم المعرفة، أما الإبصار فهو العلم بالواجبات والمسؤوليات. ويشبه هذا في خطوطه العامة قول بولس في رسالته إلى العبرانيين: << فإنه إن أخطأنا باختيارنا بعد ما أخذنا معرفة الحق لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا بل قبول دينونة مخيف وغيرة نار عتيدة"، إذ مع معرفة الحق والباطل والصواب والخطإ ينتفي العذر، وعلى هذا فلابد من العقاب ما دام الآثم قد اجترح الإثم عن اختيار.
فإذا انتقلنا إلى القرآن فإننا نجده يذم اليهود ذما شديدا لإقدامهم على تحريف الوحي مع علمهم أن هذا إثم فاحش: "كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون"، وينذرهم قائلا: "لا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون". كما نجده يحذر المؤمنين من الإشراك بالله بعدما علموا أن التوحيد حق: "فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون"، ويوجه نظر الرسول عليه الصلاة والسلام على سبيل ضرب المثل إلى أنه "لئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير " و " لئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين ".
وقد فهم المرحوم الشيخ شلتوت من قوله تعالى: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيت له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم. وساءت مصيرا" أن من لن يعلم بالحق بمعنى أنه لم يبلغه أو بلغه وعلم به ولكن على نحو محرف، أو علم به على وجهه الصحيح ولكنه لم يستطع الاقتناع به رغم أنه لم يقصر في ذلك على مدى عمره فهذا لا يناله الوعيد الإلهي بالإصلاء في جنهم". ومثله قول الشيخ محمد عبده إن الإسلام يجعل من النظر العقلي وسيلة الإيمان الصحيح، حتى لقد قال قائلون من أهل السنة: "إن الذي يستقصى جهده في الوصول إلى الحق ثم لم يصل إليه ومات طالباً غير واقف عند الظن فهو ناج".
من هذا كله نرى أن العلم هو أساس المسؤولية، وأنه لا مسؤولية بلا علم، على أن يكون مفهوما طبعا أن العلم والسعي إليه هو واجب على كل مسلم ومسلمة. أما في الكتاب المقدس فإن معرفة الشريعة إنما تستمد من الكاهن، "لأن شفتي الكاهن تحفظان معرفة، ومن فمه يطلبون الشريعة لأنه رسول رب الجنود". وهو فرق جد هام بين القرآن والكتاب المقدس فيما يختص بهذه المسألة.
والآن بعد أن اتضح لنا موقف كل من الكتاب المقدس والقرآن الكريم من العلم ورأينا أنه على حين يطرد تمجيد القرآن للعلم نجد أن هذا الاطراد معدوما في الكتاب المقدس، ننتقل إلى موقف الكتابين من منهج البحث في العلوم، إذ قد يقول قائل إن مجرد الحث على طلب العلم وتفضيله على غيره من النعم هو كلام عام، فنحب أن نرى هل يمكن أن نعثر في كل من الكتابين على توجيهات وأفكار محددة من شأنها أن تنزل بنا من أفق التعميم إلى أرض المنهج الصلبة.
وقبل أن نبحث عن الآيات المتصلة بهذا الموضوع علينا أن نعرف معنى "التفكير العلمي" ونلم بخصائصه إلماما سريعا.
(يُتْبَعُ)
(/)
يقول د. توفيق الطويل: " ينسب التفكير العلمي إلى المشتغلين بالعلم الطبيعي. ويراد اليوم بالعلم الطبيعي كل دراسة تصطنع منهج الملاحظة الحسية، والتجربة العلمية إن كانت ممكنة، وتتناول الظواهر الجزئية في عالم الحس، وتستهدف وضع قوانين لتفسيرها، بالكشف عن العلاقات التي تربط بينها وبين غيرها من الظواهر وصياغة هذه القوانين في رموز رياضية، وذلك للسيطرة على الطبيعة والإفادة من مواردها وتسخيرها ظواهرها لخدمة الإنسان في حياته الدنيا".
ويفصل د. توفيق الطويل القول في خصائص التفكير العلمي، التي يمكن تلخيصها على النحو التالي:
1 - البدء بتطهير العقل من معلوماته السابقة.
2 - الملاحظة الحسية كمصدر وحيد للحقائق.
3 - نزوع العلم الحديث إلى التكميم.
4، 5 - موضوعية البحث ونزاهة الباحث.
6 - الاعتقاد في مبدأ الحتمية.
7 - توافر الثقافة الواسعة للعلماء.
ولا يخرج عن ذلك ما قاله د. أحمد زكي من أن "العلم مؤسس على التجربة يجريها العالم ويرقم نتائجها، وعلى الملاحظة يأتيها، ويرصد نتائجها، ثم هو يعمل عقله في هذه النتائج من بعد ذلك". ويشير همايون كبير إلى أهمية الإيمان باتساق الطبيعة واطراد قوانينها والإيمان بقيمة الوحدات الفردية وأهمية ملاحظتها في مجال العلم وتطوره.
مما سبق يتبين لنا أن المنهج العلمي يقوم على الإيمان بأن العلم محيط لا ساحل له، وأن وسائل الإنسان إلى تحصيل العلم هي حواسه وعقله، التي ينبغي أن تكون مفتوحة ويقظة دائما للطبيعة وظواهرها من حوله كي يتسنى له استخلاص القوانين التي تحكمها بعد التثبت من كل ما يلاحظه ويستنبطه.
فأما في الكتاب المقدس فقد بحثت فيه تحت نفس العناوين التي بحثت تحتها في القرآن فلم أجد فيه ما وجدته في القرآن من آيات تتصل بمبادئ المنهج العلمي اتصالا وثيقا. وأما القرآن ففيه آيات كثيرة تبرز سعة آفاق العلم وعدم انتهائها عند حد، كقوله تعالى: "سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون". "والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة، ويخلق ما لا تعلمون". "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا". "وفوق كل ذي علم عليم". ثم هذه الآية التي يأمر فيها العليم الحكيم رسوله محمدا عليه الصلاة والسلام أن "قل: رب، زدني علما". إن هذه هي المرة الوحيدة في القرآن التي يأمر فيها الله رسوله أن يستزيد من شيء. ولنلاحظ أن المأمور بذلك هو محمد، الذي كان يتنزل عليه الوحي صباح مساء. وكذلك هذه الآية التي يسوي فيها القرآن بين الجهاد في سبيل الله وطلب العلم، إذ يسمي كلا منهما "نفرا"، والتي يحض فيها المؤمنين أن يبقى مع الرسول في المدينة، حين لا يخرج للغزو مع الجيش، من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين: "وما كان المؤمنون لينفروا كافة. فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون". صحيح أن العلم هنا هو العلم الديني، بيد أنه ينبغي ألا يفوتنا أن هذا هو المجال العلمي الوحيد الذي كان يتتابع فيه ظهور الجديد كل يوم، وأحيانا كثيرة في مدى زمني أقصر من ذلك، على عكس ما يسمى الآن بالعلوم التجريبية، التي كانت معارف العرب فيها في ذلك الحين مجرد شظايا بدائية ساكنة لا يلحقها تطور أو تجديد. والعبرة على كل حال بمبدإ التخصص وتهيئة الدولة المناخ المناسب لعكوف العالم على علمه وتشجيعه بل حثه على ذلك.
كذلك ما أكثر الآيات القرآنية التي تتحدث عن نعم السمع والبصر والعقل وتمن بها على العباد بما يدل على جلالة وظيفتها: "وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون". "وهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة". "وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة. قليلا ما تشكرون". "وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة".
(يُتْبَعُ)
(/)
وأيضا ما أكثر الآيات التي تحض على النظر والتأمل في الملكوت ووقائع التاريخ: "فلينظر الإنسان إلى طعامه * أنا صببنا الماء صبا * ثم شققنا الأرض شقا * فأنبتنا فيها حبا * وعنبا وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة وأبا * متاعا لكم ولأنعامكم". "فلينظر الإنسان مم خلق * خلق من ماء دافق * يخرج من بين الصلب والترائب * إنه على رجعه لقادر". "أفلم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض؟ ". "أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم؟ كانوا أشد منهم قوة". "أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم: كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج * والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من زوج بهيج؟ ". "أفلا ينظرون إلى الإبل: كيف خلقت؟ * وإلى السماء: كيف رفعت؟ * وإلى الجبال كيف نصبت؟ * وإلى الأرض: كيف سطحت؟ ". "قل: سيروا في الأرض فانظروا: كيف بدأ الخلق؟ ثم الله ينشيء النشأة الآخرة".
وإلى جانب هذه الآيات هناك مواضع أخرى يعنف فيها القرآن من لا يستخدمون حواسهم وعقولهم تعنيفا شديدا لدرجة أنه يهبط بهم إلى ما دون مرتبة العجماوات. قال تعالي: "لهم قلوب لا يفقهون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها. أولئك كالأنعام، بل هم أضل". "إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون". "أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها؟ فإنها لا تعمي الأبصار، ولكن تعمي القلوب التي في الصدور".
والإنسان في القرآن مطالب بالتفكير قبل أن يؤمن أو يكفر، حتى يكون إيمانه أو كفره عن بينة: "قل إنما أعظكم بواحدة: أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا". "أو لم تتفكروا؟ ما بصاحبهم من جنة". "أو لم يتفكروا في أنفسهم؟ ". ومطالب كذلك بالتفكير بعد الإيمان، إذ من صفات المؤمنين أنهم هم "الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض".
وفي مجال التثبت نجد القرآن يحذر دائما من الوقوف عند الظن، إذ لابد من العلم اليقيني: "وما لهم بذلك من علم. إن هم إلا يظنون". "إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس". "إن يتبعون إلا الظن. وإن الظن لا يغني من الحق شيئا". بل يبلغ موقف القرآن من الظن وعدم الاعتداد به الحد الذي يدعو عنده إلى اجتناب الكثير من الظن لأن بعضه إثم، فهو حذر الوقوع في القليل غير المتعين ينبذ الكثير: "يا أيها الذين آمنوا، اجتنبوا كثيرا من الظن. إن بعض الظن إثم".
ولا يقف التثبت في القرآن عند اطراح الظن، بل لابد من البرهان: "فقلنا (أي قال المولى سبحانه): هاتوا برهانكم". "إن عندكم من سلطان (أي برهان قاطع) بهذا". "قل: هل عندكم من علم فتخرجوه لنا؟ ". "إيتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين".
وعلى الإنسان أن يرجع فيما يجهله إلى أهل الاختصاص: "ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم". "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". ولا يصح في مجال العلم الاعتداد بالآراء المتوارثة لمجرد شيوعها وترديد الأجيال لها. ومن هنا كانت حملة القرآن شعواء على المقلدين لأسلافهم: "قالوا: بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا". "قالوا: حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا". "وإذا فعلوا فاحشة قالوا: وجدنا عليها آباؤنا". "قالوا: أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا؟ ". "قالوا: بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا". "قالوا: إنا وجدنا آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مهتدون". قالوا: إن وجدنا آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مقتدون".
بالنسبة للنظام الكوني وما يجري عليه من قوانين مطردة هناك هذه الأيات التي تتحدث عن السنة والتقدير والقدر والوزن والميزان، وهي كلها ألفاظ تعني ما يعنيه مصطلح "قوانين الطبيعة" أو "القوانين الكونية". ففي مجال التاريخ والحضارة وطباع البشر وانهيار الأمم نقرأ هذه الآيات: "وإن يعودوا (أي الكفار لكفرهم وإجرامهم) فقد مضت سنة الأولين". "سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا. ولا تجد لسنتنا تحويلا". "سنة الله في الذين خلوا من قبل. وكان أمر الله قدرا مقدورا". "ولن تجد لسنتنا تبديلا". "فلن تجد لسنة الله تبديلا، ولن تجد لسنة الله تحويلا". "قد خلت من قبلكم
(يُتْبَعُ)
(/)
سنن". "يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم".
أما الآيات التالية فهي تتحدث عن القانون في مجال الظواهر الطبيعية: "والقمر قدرناه منازل". "هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل". "وخلق كل شيء فقدره تقديرا". "وكل شيء عنده بمقدار". "وإن من شيء إلا عندنا خزائنه. وما ننزله إلا بقدر معلوم". "وأنزلنا من السماء ماء بقدر". "فجعلناه (أي ماء الإنسان) في قرار مكين * إلى قدر معلوم". "وجعلنا فيها رواسي، وأنبتنا فيها من كل شيء موزون". "والسماء رفعها ووضع الميزان * ألا تطغوا في الميزان".
بعد استعراض هذه الآيات، وهي مجرد أمثلة، يستغرب الإنسان كيف يجرؤ مؤلف Promotion de l’Islam على زعم بأن الحضارة الإسلامية هي نتاج غير طبيعي لشخصية محمد وطبيعة الإسلام، لأن الرسول (كما يقول) كان أميا، والإسلام (في نظره) لا يهتم إلا بالحياة الآخرة، فكيف تكون النتيجة إذن هي هذه الحضارة الإسلامية المزدهرة التي تعلمت منها أوربا؟ والإجابة عنده هي أن الإسلام قد ورث ثقافة الإغريق والبيزانطيين والفرس. وهو يتهم الإسلام بفقدان قوى الأصالة والإبداع التي يتطلبها قيام الحضارة، ويؤكد أن من بين ما يحتاجه الإسلام من الغرب اقتباس المنهج التجريبي والروح التحليلية والعقلية الناقدة. ولكن سرعان ما يزول استغراب الإنسان لهذه المزاعم حين يعرف أن صاحبها رجل دين، فرجال الدين من المستشرقين هم أسخفهم عقلا وأعماهم تعصبا وأضيقهم أفقا وأجرؤهم على الكذب إلا قليلا منهم. والسؤال هو: ترى لو أن القرآن والرسول لم يحضا على المجد والتفوق في الدنيا وطلب العلم واتباع مبادئ المنهج العلمي المؤسسة على اليقين والتثبت والتساؤل وتقليب النظر والملاحظة واستقراء القانون أكانت هذه الثقافات التي ورثها المسلمون تؤدي في أيديهم إلى شيء؟ لقد كان هذا التراث بين أيدي الأوربيين في ذات الوقت فكيف لم يستفيدوا منه مجرد استفادة، ولا أقول: ينتقدوه ويضيفوا إليه ويطوروه ويصبغوه بشخصيتهم وعبقريتهم كما فعل المسلمون؟ الجواب هو أن كتابهم المقدس، وإن مجد العلم في بعض آياته، فإنه في آيات أخرى يحتقره وينفر منه. وهو على أية حال لا يدعو إلى التفكير واستخدام العقل والتأمل في أحوال الأمم ومظاهر الطبيعة والتثبت من كل رأي أو فكرة قبل اعتناقها، وذلك على عكس الإسلام، الذي يذكر مؤلف كتاب Christ et Bahá’u’llah أن من بين خصائصه التي تميزه "حرية الفكر والتوافق بين الدين والعلم".
هذا فيما يتعلق بموقف كل من الكتاب المقدس والقرآن من العلم ومن التفكير القائم على مبادئ المنهج العلمي من ملاحظة يقظة وتفكير متثبت مدعوم بالبراهين وبعد عن الظن وتأمل في نظام الكون وسننه ومقاديره. والآن إلى النقطة الأخيرة الخاصة بما ورد في كل من الكتابين من معارف علمية: تاريخية أو طبيعية، لنرى مدى موافقة هذه المعارف لما هو مقطوع بصحته من العلم أو مخالفته لها مخالفة لا تقبل تأويلا كائنا ما كان.
لقد أثبتت الدراسات العلمية الموضوعية أن الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد مفعم بأخطاء تاريخية وحسابية وعلمية فادحة يستحيل أن يجد المؤول لها مخرجا على وجه من الوجوه. ومن هذه الدراسات ما نهض به ابن حزم بصبر ودقة عجيبين ويقظة عين وعقل قل أن يوجد لها بين الباحثين نظير، وذلك في العشرات بعد العشرات من الصفحات ذات القطع الكبير.
ولست أنوي أن أعرض بل ولا حتى أن أشير مجرد إشارة إلى كل ما درسه ابن حزم من أخطاء فاحشة يعج بها الكتاب المقدس، فكتابه "الفصل في الملل والأهواء والنحل"، الذي يتضمن هذه الدراسة مطبوع في الأسواق، ويستطيع القارئ أن يرجع إليه بنفسه، وأنا ضمين له بأنه سيجد فيه ألوانا رفيعة من الفوائد العلمية والمتع العقلية. ولكني سأجتزئ ببعض أمثلة أرجو أن تغري القارئ بقراءة الأصل كله.
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن حزم: "وبعد ذلك قال: ونهر يخرج من عدن فيسقي الجنان. ومن ثم يفترق فيصير أربعة أرؤس. اسم أحدها النيل، وهو محيط بجميع بلاد زويلة الذي به الذهب. وذهب ذلك البلد جيد. وبها اللؤلؤ وحجارة البلور. واسم الثاني جيحان، وهو محيط بجميع بلاد الحبشة. واسم الثالث الدجلة، وهو السائر شرق الموصل. واسم الرابع الفرات. وأخذ الله آدم ووضعه في جنات عدن". ولا أظنني بحاجة إلى أورد تفنيد ابن جزم لهذا الكلام، فسخفه ظاهر لكل ذي عينين. وقال ابن حزم في موضع آخر: "وبعد ذلك قال: وأولاد يعقوب اثنا عشر. فأولاد ليئة: رؤابين بكر يعقوب وشمعون ولاوي ويهوذا ويساخر وزبولون. وأبناء راحيل: يوسف وبنامين. وابنا بلهة: راحيل دان ونفثالي. وابنا زلفة أمة ليئة: جادا وأشير. هؤلاء بنو يعقوب الذين ولودوا له بفدان أرام. قال أبو محمد رضي الله عنه (أي ابن حزم): هذا كذب ظاهر، لأنه ذكر قبل أن بنيامين لم يولد ليعقوب إلا بأقراشا بقرب بيت لحم على أربعة أميال من بيت المقدس بعد رحليه من فدان أرام بدهر. والله تعالي لا يتعمد الكذب ولا ينسى هذا النسيان". ويقول ابن جزم أيضا: "وفي الباب المذكور أن المسيح قال لهم: أتاكم يحيى وهو لا يأكل ولا يشرب، فقلتم: هو مجنون. ثم أتاكم ابن الإنسان (يقصد نفسه) يأكل ويشرب، فقلتم: هذا صاحب خوان شروب للخمر خليع صديق للمستخرجين والمذنبين. قال أبو محمد رضي الله عنه: في هذا الفصل كذب ... فإنه قال هاهنا إن يحيى كان لا يأكل ولا يشرب حتى قيل فيه إنه مجنون من أجل ذلك. وفي الباب الأول من إنجيل مارقش أن يحيى بن زكريا هذا كان طعامه الجراد والعسل الصحراوي. وهذا تناقض، وأحد الخبرين كذب بلا شك". "وفي الباب السابع والعشرين من إنجيل متى أنه صلب معه لصان أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره. وكانا يشتمانه ويتناولانه محركين رؤوسهما، ويقولان: يا من يهدم البيت ويبنيه في ثلاث، سلم نفسك. إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب. وفي الباب الخامس عشر من إنجيل مارقش أنه صلب معه لصان أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله. واللذان صلبا معه كانا يستعجزانه. وفي الباب الموفي عشرين من إنجيل لوقا (هو في الأصحاح الثالث والعشرين في الإنجيل الذي في أيدينا الآن): وكان أحد اللصين المصلوبين معه يسبه ويقول: إن كنت أنت المسيح فسلم نفسك وسلمنا. فأجابه الآخر وكشر عليه وقال: أما تخاف الله وأنت في آخر عمرك وفي هذه العقوبة؟ أما نحن فكوفئنا بما استوجبنا، وهذا لا ذنب له. ثم قال ليسوع: يا سيدي، اذكرني إذا نلت ملكوتك. فقال له يسوع: آمين. أقول لك اليوم تكون معي في الجنة". قال أبو محمد: إحدى القضيتين كذب بلا شك، لأن متى ومارقش أخبرا بأن اللصين جميعا كانا يسبانه. ولوقا يخبر بأن أحدهما كان يسبه والأخر كان ينكر على الذي يسبه، ويؤمن به. والصادق لا يكذب في مثل هذا. وليس يمكن هاهنا أن يدعى أن أحد اللصين سبه في وقت وآمن به في آخر، لأن سياق خبر لوقا يمنع من ذلك ويخبر أنه أنكر على صاحبه سبه من لم يساعده قط على ذلك. وكلهم متفق على أن كلان اللصين وهم ثلاثتهم مصلوبون على الخشب، فوجب ضرورة أن لوقا كذب أو كذب من أخبره، أو أن متى كذب وكذب مارقش أو الذي أخبره ولابد".
ولا يظن ظان أن المسلمين وحدهم هم الذين يرون في الكتاب المقدس هذا الرأي فإن العلماء الغربيين يقولونه، بل يشاركهم فيه كثير من رجال الدين. فكاتب مادة Christianity في دائرة المعارف البريطانية يؤكد أن منطق النصرانية وفلسفتها ومعارفها العلمية هي نتاج ينتمي إلى عصور تاريخية مضت، وأن ذلك كان خطوة في طريق التطور العلمي، وأن الزعم بأنه يمثل الحقيقة المطلقة هو زعم لا يساوي عناء الرد عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي أحد تفاسير الكتاب المقدس (وعنوانه A New Commentary on Holy Scripture, Including the Apocrypha ) أن سفر "التكوين" لا يشتمل على المعلومات الصحيحة الخاصة بالبدايات الحقيقية للأرض نفسها أو تلك الخاصة بالإنسان والحضارة الإنسانية عليها. ومثال ذلك أن بدايات العالم والبشرية ترجع إلى زمن أبعد من التاريخ الذي ورد في سفر "التكوين" بمدى لا يمكن قياسه، وأن ترتيب ظهور المخلوقات على مسرح الوجود كما هو مذكور في الأصحاح الأول من سفر "التكوين" لا يتفق مع الحقائق الجيولوجية. بل إن هذا التفسير يضع سفر "التكوين" في مرتبة أدنى من الوثائق البابلية والمصرية القديمة التي تتضمن نفس الأحداث والشخصيات التاريخية.
وفي تفسير آخر للكتاب المقدس William Neil’s One Volume Bible Commentary أن مقاسات الفلك الذي صنعه نوح، كما وردت في الكتاب المقدس، وسعته من الداخل لا تتناسب أبدا مع الأعداد الغفيرة والمتنوعة لركابه، الذين كان عليهم أن يعيشوا فيه ويأكلوا، وأننا لو أخذنا ما جاء في سفر " التكوين " عن الفيضان على حرفيته لكان علينا أن نصدق أن هذا الفيضان قد غمر وجه البسيطة كلها بعمق خمسة أمتار، وهو ما لا علاقة له بالتاريخ البتة. ويرجع التفسير المذكورذلك إلى أنه لم تصلنا أية سجلات مكتوبة لتاريخ بني إسرائيل إلا بعد إبراهيم بألف عام، وأن ما هو مكتوب في سفر "التكوين" إنما كتب بعد ذلك بعدة قرون، ولذلك لا ينبغي أن نتوقع الدقة التاريخية بمعناها الحالي في هذه الأصحاحات لا في الأحداث ولا في الحوار. كذلك يذكر أن الصيغة الحالية للعهد القديم لا ترجع إلى أبعد من ثلاثمائة سنة قبل عيسى عليه السلام على أبكر تقدير، أي بعد تسعة قرون من حدوث من حدوث الوقائع التي يحكيها سفر "العدد". وهو ما يقوله تقريبا التفسير الذي سلفت الإشارة إليه، إذ يؤكد أنه لا يوجد حاليا أي عالم له أي حظ من الشهرة يعتقد أن التوراة، على ما هي عليه الآن، قد كتبها موسى.
أما إدوارد كلد فإنه يشير في كتابه Childhood of Religions إلى أنه حتى في ترجمة الكتاب المقدس إلى الإنجليزية توجد أخطاء بعضها متعمد، وبعض هذه كانت بأمر الملك نفسه، وأن هذه الأخطاء يجري تصحيحها من قبل العلماء الأثبات، وأن هناك إضافات (بالحروف المائلة) في الترجمة لم تكن في الأصل، وأن هذه الإضافات تجعل المعنى في بعض الأحيان غامضا.
وبعد فهذه مجرد أمثلة سريعة. ويمكن للقارئ الذي يريد الاستزادة أن يرجع بنفسه إلى الكتب المذكورة هنا وما أشارت إليه من مراجع، وكذلك إلى الكتاب القيم الذي ألفه د. موريس بوكاي ونشرته دار المعارف مترجما إلى العربية بعنوان " القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم – دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف العلمية الحديثة ".
والآن يثور السؤال الآتي: ماذا كان رد الفعل لدى المؤمنين بالكتاب المقدس بعد تعرية ما يتضمنه من أخطاء تاريخية وعلمية فادحة؟ إن عقيدة الكتاب المقدس تقوم على أن الوحي هو كلام الله لفظا ومعنى. ولكن المحدثين أصبحوا يعترفون بدور لكاتب الوحي في عملية التدوين. إنهم يفرقون بين الوحي من ناحية الشكل وبينه من ناحية المضمون. فمن الناحية الأولي يرون أنه خلق أدبي للكاتب. ومن الناحية الثانية يقولون إنه صادر عن الله. إن الوحي، في نظرهم، لا يلغي شخصية الكاتب، بل إن ظروفه تتدخل في الصياغة، ويمكن أن يقع تحريف في النص، ومن ثم فلابد، كما يقولون، من عملية النقد والتمحيص. وهو نفس ما قاله من قبل معجم Hook’s Church Dictionary الذي يرى أن الأنبياء وكتبة الكتاب المقدس قد أدوا ما تلقوه من الوحي كما هو بدون أدنى خطإ (من الناحية اللاهوتية)، ولكن هذا لا يصدق على الأخطاء النحوية والعلمية.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذن فقد تم الاعتراف بما في الكتاب المقدس من أخطاء تاريخية وعلمية، بيد أن المؤمنين به، كما رأينا، لا يسلمون بسهولة، إذ اخترعوا نظرية لتسويغ استمرار إيمانهم به رغم هذه الأخطاء. وهذه النظرية تتلخص في أن ما فيه من أفكار ومعتقدات لاهوتية ومبادئ أخلاقية مصدره الله، أما المعلومات العلمية فهي بشرية تفسرها ثقافة كاتب الوحي ومزاجه ودرجة التقدم العلمي في عصره. والقائلون بهذا يرددون أن خلاص البشر لا يتوقف على دقة المعلومات التاريخية والعلمية، فهذه المعلومات نتاج بشري، وهي تخضع لسنة التطور، وأنه لا يمكن من ثمة مطالبة كاتب الوحي بسبق زمانه، وأن الكتاب المقدس ليس كتابا مدرسيا، أي أن وظيفته ليست تقديم معلومات علمية دقيقة.
لقد تحطمت النظرية القديمة حول عصمة الكتاب المقدس إذن على أيدي البحوث العلمية والتاريخية. والحق أنه لولا أننا مقيدون بعنوان هذا البحث لبينا كيف أن الجانب اللاهوتي والأخلاقي هو أيضا لم يسلم من الأخطاء والتحريفات. وصدق الله العظيم، الذي يقول في قرآنه في أهل الكتاب: "فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون: هذا من عند الله، ليشتروا به ثمنا قليلا. فويل لهم من كتبت ايديهم، وويل لهم مما يكسبون".
ومع ذلك فإن النظرية الجديدة لا تحل المشكلة، بل تعكس تهربا من الحقيقة الساطعة، حقيقة أن الكتاب المقدس، كما هو الآن، ليس وحيا إلهيا، وأن لم يخل كما سبق القول من قبسات من النور الإلهي. لقد نسي أصحاب هذه النظرية أن صياغة الوحي الإلهي في عبارات تتضمن معلومات علمية خاطئة لابد أن يكون لها تأثير ضار على هذا الوحي، إذ يفقده قداسته. وإن الإنسان ليتساءل: لماذا ترك الله سبحانه المضمون العقيدي والأخلاقي يكتسي ثوبا لا يليق به، ثوبا مهلهلا على النحو الذي رأينا؟ كيف لم يوح سبحانه المضمون والشكل دفعة واحدة؟ لقد قيل في تسويغ هذا إن الله سبحانه لا يتكلم بأصوات وكلمات، ولذا فهو قد اكتفى بالإيحاء بالفكرة. ولكن قائلي هذا قد نسوا أيضا أن الله سبحانه لا يفكر كما نفكر، فكيف يقال إنه أوحى بالفكرة ولم يوح باللفظ ما دام الأمر في الحالين واحدا؟ أو على الأقل لم كان لابد أن يصوغ متلقي الوحي المضمون الإلهي في عبارات تتضمن معلومات خاطئة؟ ولم لم يجنبه الله الأخطاء التي وقع فيها؟ وهذا طبعا إن سلمنا بصحة المضمون العقيدي والأخلاقي، وهو ما لا نسلم به.
والآن جاء دور القرآن. ولست أنوي أن أناقش كل الآيات المتعلقة بالعلم في القرآن المجيد، فما أكثر الكتب التي قامت بهذه المهمة، وإن غالى بعضها في الربط بين حقائق العلم الحديث ونظرياته وبين بعض الآيات التي يصعب على الدارس الموضوعي أن يرى فيها شيئا قاطعا أو على الأقل واضحا يربطها بالحقائق العلمية الثابتة، دعك من أولئك الذين يرون في بعض الآيات أشياء لا وجود لها، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وإنما سأكتفي بإيراد عدد من الآيات التي بهذا الشكل، وسأقف عند بعضها مستأنيا بعض الشيء. اقرأ مثلا هذه الآيات الكريمة، وراجع بنفسك تفسيرها في ضوء العلم الحديث: "ويسألونك عن المحيض. قل: هو أذى. فاعتزلوا النساء في المحيض، ولا تقربوهن حتى يطهرن ... ". "وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته، حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت، فأنزلنا به الماء، فأخرجنا به من كل الثمرات". "وينزل من السماء من جبال فيها من برد". "وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين". "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. ثم جعلناه في قرار مكين. ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة، فخلقنا المضغة عظاما، فكسونا العظام لحما، ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين". "وجعلنا من الماء كل شيء حي ... ". "يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق في ظلمات ثلاث". "والشمس تجري لمستقر لها. ذلك تقدير العزيز العليم. والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم. لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار. وكل في فلك يسبحون". "فلينظر الإنسان مم خلق. خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب".
(يُتْبَعُ)
(/)
ولنعد مرة ثانية إلى الدكتور بوكاي، الذي يقول: "ومن الثابت فعلا أنه في فترة تنزيل القرآن ... كانت المعارف العلمية في مرحلة ركود منذ قرون، كما أن عصر الحضارة الإسلامية النشط مع الازدهار العلمي الذي واكبها كان لاحقا لنهاية تنزيل القرآن. إن الجهل وحده بهذه المعطيات الدينية والدينوية هو الذي يسمح بتقديم الاقتراح الغريب الذي سمعت بعضهم يصوغونه أحيانا، والذي يقول إنه إذا كان القرآن فيه دعاوى ذات صفة علمية مثيرة للدهشة فسبب هو تقدم العلماء العرب على عصرهم، وإن محمدا صلى الله عليه وسلم بالتالي قد استلهم دراساتهم. إن من يعرف، ولو يسيرا، تاريخ الإسلام، ويعرف أيضا أن عصر الازدهار الثقافي والعلمي في العالم العربي في القرون الوسطى لاحق لمحمد صلى الله عليه وسلم، لن يسمح لنفسه بإقامة مثل هذه الدعاوى الوهمية. فلا محل لأفكار من هذا النوع، وخاصة أن معظم الأمور العلمية الموحى بها أو المصوغة بشكل بين تماما في القرآن لم تتلق التأييد إلا في العصر الحديث. من هنا ندرك كيف أم مفسري القرآن (بما في ذلك مفسرو عصر الحضارة الإسلامية العظيم)، قد أخطأوا حتما وطيلة قرون، في تفسير بعض الآيات التي لم يكن باستطاعتهم أن يفطنوا إلى معناها الدقيق".
وهنا نصل إلى الآيات التي ذكرت آنفا أنني أحب أن أستأنى عندها قليلا، فقد وجدت في التفاسير القديمة ما يؤكد هذا الذي يقوله الدكتور بوكاي، ففي تفسير قوله تعالي: "وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون. ثم كلي من كل الثمرات، فاسلكي سبل ربك ذللا، يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه، فيه شفاء للناس ... "، إذ يقول الشريف الرضي: " والعسل عند المحققين من العلماء غير خارج من بطون النحل، وإنما تنقله بأفواهها من مساقطه ومواقعه من أوراق الأشجار وأضغاث النبات، لأنه يسقط كسقوط الندى في أماكن مخصوصة وعلى أوصاف معلومة. والنحل تتبع تلك المساقط، وتعهد تلك المواقع فتنقل العسل بأفواهها إلى كوراتها، والمواضع المعدة لها، فقال سبحانه: "يخرج من بطونها" والمراد "من جهة بطونها"، وجهة بطونها أفواهها. وهذا من غوامض هذا البيان وشرائف هذا الكلام". فانظر كيف أن العلماء المحققين حتى عصر الشريف الرضي (القرن الخامس الهجري) يقررون أن العسل لا يخرج من بطون النحل، ومن ثم عد هو قوله تعالى: "يخرج من بطونها شراب ... " مجازا من مجازات القرآن، التي أدار عليها كتابه الذي اقتبسنا منه النص السابق. والصواب هو ما قاله القرآن من أن العسل يخرج فعلا من بطون النحل، التي تجمع الرحيق، ويتحول في معدتها إلى عسل تقوم بإفرازه بعد ذلك.
وفي خطأ مشابه يقع الإمام الباقلاني، إذ يعد قوله تعالى: "والله خلق كل دابة من ماء ... " نوعا من التعميم في التعبير، فقد ظن أن القرآن، حينما قال إن كل الدواب مخلوقة من ماء، لم يقصد أن القرآن أنها كلها كذلك بل بعضها فقط، ولكنه عمم القول. فماذا يقول علماء العصر الحديث، الذين قتلوا هذا المسألة بحثا؟ " الثابت بالتحديد أن أصل الحياة مائي، وأن الماء هو العنصر الأول المكون لكل خلية حية، فلا حياة ممكنة بلا ماء. وإذا ما نوقشت إمكانية الحياة على كوكب ما فإن أول سؤال يطرح هو: أيحتوي هذا الكوكب على كمية من الماء للحياة عليه؟ " والطريف أن الباقلاني قال قوله ذاك دفاعا عما ظنه الملحدون في عصره مطعنا في القرآن الكريم. وهذا نص كلامه: " وأما قوله عز وجل: "والله خلق كل دابة من ماء ... " قال الملحدون: وفي هذه الآية إحالة من وجوه، أحدها أنه خلق كل دابة من ماء وليس الأمر كذلك، لأن منها ما يخلق من بيض وتراب ونطف ... والجواب أن قوله "كل" لا يقتضي استغراق الجنس، بل هو صالح للتعميم والتخصيص. ولو ثبت العموم لجاز تخصيصه إذا علمنا أن من الدواب ما لم يخلق من ماء. على أن من الناس من يقول: أصل الأشياء كلها أربع: الماء والهواء والنار والأرض، وكل دابة مركبة من بلة ورطوبة". والآياتان السابقتان وتعليق الشريف الرضي والباقلاني عليهما لا يحتاجان إلى تعقيب، اللهم إلا القول بأن هذين العالمين قد أتيا بعد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بعدة قرون أحرز المسلمون أثناءها تقدما علميا كبيرا جدا بالقياس إلى معارف العرب
(يُتْبَعُ)
(/)
بل والعالم كله في عصر الرسول، ومع ذلك فالقرآن على صواب وهذان العالمان، وهما يعكسان معارف عصريهما، هما المخطئان.
ويمكن أن نلحق بهاتين الآيتين قوله تعالى: "فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء ... "، فقد فسر البيضاوي، وهو متأخر نسبيا (عاش في القرن الثامن الهجري)، عبارة "كأنما يصعد في السماء" على النحو التالي: "شبهه (أي شبه الله من يريد أن يضله)، مبالغة في ضيق صدره، بمن يزاول ما لا يقدر عليه، فإن صعود السماء، مثل فيما يبعد عن الاستطاعة. ونبه على أن الإيمان يمتنع منه كما يمتنع الصعود. وقيل: معناه: كأنما يتصاعد إلى السماء نبوا عن الحق وتباعدا في الهرب منه". أما تفسير الآية في ضوء مكتشفات العلم التجريبي فهو أن الذي يضله الله يشعر بنفس ضيق الصدر الذي يحسه الصاعد في طبقات الجو العليا حيث الهواء مخلخل فلا تجد الرئتان كفايتهما من الهواء والأكسجين. وأنا، وإن لم أكن متخصصا في أي فرع من العلوم الطبيعية، يصعب على أن أوافق الدكتور موريس بوكاي، الذي يؤكد أن هذه الآية تعبر عن فكرة عادية تماما، والذي يخالف من يقولون إن فكرة ضيق التنفس كانت مجهولة عند العرب في عصر الرسول عليه الصلاة والسلام، لأن وجود مرتفعات عالية تربو على 3500 متر في شبه الجزيرة العربية يجعل من غير المنطقي، في رأيه، القول بجهل صعوبة التنفس الناشئة عن الارتفاع. وتنهض مخالفتي للدكتور بوكاي على أساس أن الآية تتحدث عن "التصعد في السماء" وهو ما لم يكن متاحا لأي إنسان في عصر الرسول عليه الصلاة والسلام (بغض النظر عن حادث المعراج) ولا فيما بعده ببضعة عشر قرنا، لا "التصعيد في الجبال" كما يفيد كلامه. كذلك فإن الرسول عليه الصلاة والسلام، كما نعرف من سيرته الشريفة، لم يصعد غير جبلي حراء وثور، أولهما في فترة التحنث السابقة على البعثة، والثاني في طريقه هو وأبي بكر إلى يثرب. ولم ترد في السيرة أية إشارة، ولو من بعيد، إلى أي أثر لهذا الصعود على جهازه التنفسي عليه الصلاة والسلام. بل إني لا أذكر أن أحدا من كتاب السيرة في العصر الحديث ممن صعد هذين الجبلين قد ألمح إلى مثل هذا الأثر، على رغم حرصهم الشديد على تسجيل كل ما يعتريهم أثناء ذلك من تأثرات عضوية أو نفسية. ولم يثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد زار صنعاء، التي يشير إليها الدكتور بوكاي. بل إني أستبعد أن يكون سكان مثل هذه المدن العالية في ذاك العصر، حتى لو كانوا أحسوا بشيء من هذا، قد تنبهوا إلى السبب الحقيقي لذلك. وأحب أن أكرر القول، كيلا ننسى، أن القرآن يتحدث عن "التصعد في السماء" لا "التصعيد في الجبال". ثم ها هي كتب التفسير القديمة، لا تجدها حين تبلغ هذه الآية إلا تقول إن المقصود هو أن الكافر الذي أغلق قلبه يستحيل عليه الإيمان كما يستحيل على بشر أن يصعد في السماء، وهو ما يدل دلالة قاطعة على أن فكرة ضيق التنفس المشار إليها كانت مجهولة لدى هؤلاء المفسرين، الذين كانوا بلا شك يعيشون في ظل حضارة متقدمة أعظم التقدم بالقياس إلى الحياة البدائية التي كان يحياها عرب الجاهلية وعصر المبعث.
وثمة آية أخرى أراني، رغم عدم تخصصي كما سلف القول في أي من العلوم الطبيعية، مضطرا إلى أن أخالف، في تفسيرها، الدكتور بوكاي، الذي يكرر كلام المفسرين القدامى. وهذه الآية هي: "وهو الذي مرج البحرين: هذا عذب فرات، وهذا ملح أجاج، وجعل بينهما برزخا وحجرا محجورا". وفي تفسيرها يقول د. بوكاي: "معروفة تلك الظاهرة التي كثيرا ما تشاهد عن عدم الاختلاط الفوري لمياه البحر المالحة بالمياه العذبة للأنهار الكبيرة. ويرى البعض أن القرآن يشير إليها لعلاقتها بمصب نهري دجلة والفرات، اللذين يشكلان بالتقائهما بحرا، إذا جاز القول، طوله أكثر من 150كم، هو شط العرب. وفي الخليج ينتج تأثير المد ظاهرة طيبة هي انحسار الماء العذب إلى داخل الأراضي، وذلك يضمن ريا طيبا". والحقيقة أن هذا التفسير غير مقنع: فمن الناحية اللغوية يصعب علي أن أوافق العالم الفرنسي ومفسرينا القدامى على أن أداة التعريف في "البحرين" هنا هي للعهد، الذي قيل على أساسه إن "البحرين" المذكورين هما دجلة والفرات. إن
(يُتْبَعُ)
(/)
الآيات السابقة تتحدث عن الظل (الظلام) والرياح والماء والأنعام والأناسي، وهي مفاهيم عامة لا تشير إلى ظلام بعينه ولا رياح بعينها ولا ماء معين ولا أنعام ولا أناسي مخصوصة، فلم يقال إذن إن "البحرين" هنا هما بحران معينان (دجلة والفرات)؟ إن السياق الذي وردت فيه هذه الكلمة هو سياق عام، ومن ثم فإن بلاغة الكلام تقتضي أن يكون "البحران" أيضا هما "النهر والبحر" بإطلاق، أي أن (ال) فيهما هي (ال) الجنس لا العهد. فهذا من ناحية اللغة والبلاغة، فضلا عن ذلك فإن ماء النهر، مهما توغل بقوة اندفاعه إلى مدى بعيد في داخل البحر أو المحيط، يختلط في النهاية بمائهما، ومن ثمة فإن ظاهر الأمر أن النهر يبغي في البداية على البحر (عندما شق ماءه الملح وأزاحه عن طريقه) ليعود البحر فيبغي في النهاية عليه (عندما اختلط ماؤه العذب بماء البحر الملح الذي أفقده خاصية العذوبة وأعطاه بدلا منها ملوحته)، فأين البرزخ إذن والحجر المحجور؟ أما "المنتخب في تفسير القرآن" فإنه يقول في هامش خصصه للتعليق على هذه الآية إنها ربما " تشير إلى نعمة الله على عباده بعدم اختلاط الماء الملح المتسرب من البحار في الصخور القريبة من الشاطئ بالماء العذب المتسرب إليها من البر اختلاطا تاما، بل إنهما يلتقيان مجرد تلاق: يطفو العذب منهما فوق الملح كأن بينهما برزخا يمنع بغي أحدهما على الآخر وحجرا محجورا، أي حاجزا خفيا مستورا لا نراه ". لكن ثمة نقطة هامة يبدو لي أن كاتبي هذا التعليق، على رغم جدته وطرافته (بالنسبة لي على الأقل) قد أغفلوها، إذ إن الماء العذب والماء الملح اللذين يلتقيان في الشقوق على هذا النحو لا يمكن تسميتهما بحرين. ثم إذا كان الماءان في هذه الظروف لا يلتقيان، فإنهما في عرض البحر والمحيط يلتقيان ويتمازجان ويصبحان في النهاية ماء واحدا، كما قلنا من قبل. يبدو لي، والله أعلم، أن البرزخ المذكور في هذه الآية هو القوانين التي بمقتضاها بقى كل من الماء العذب والملح كل هذه الدهور المتطاولة التي لا يعلم مداها إلا الله، وسيبقيان إلى أن يرث الله الأرض والسماوات موجودين، فالأنهار تصب في البحار والمحيطات، وكان المفروض، لو أن الأمر انتهى عند هذا الحد، أن يختلط الماءان اختلاطا دائما، فلا ينفصلان بعد ذلك أبدا، ويصبح كل الماء الموجود على سطح الأرض ماء ملحا. بيد أن التقدير الإلهي قد شاء أن يقوم البحر بحمل الماء من البحار والمحيطات، فتسوقه الرياح ليسقط على الجبال وينحدر إلى الأنهار ماء عذبا كما كان، وهكذا دواليك. وهكذا أيضا يبقى الماء العذب والماء الملح، ويتعايش البحران دون أن يبغي أحدهما على الآخر ويقضي عليه. فهذا هو البرزخ وهذا هو الحجر المحجور، فيما أفهم، والله أعلم. كما يبدو لي أن هذه الآية، إلى جانب امتنانها على العباد بهذه النعمة الإلهية، تتضمن معنى مجازيا، فإني أظن أن المقصود بالماء العذب هنا المؤمنون وبالماء الملح الكافرون، والمعنى هو أن الإيمان والكفر سيبقيان إلى آخر الدهر لا يستطيع أحدهما أن يقضي على الآخر تماما. والذي دعاني إلى هذا التفسير هو ما فهمته من أولى الآيات التي تتحدث عن ظواهر الطبيعة في السياق الذي وردت فيه آيتنا هذه، والآية التي إليها هي: "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل، ولو شاء لجعله ساكنا، ثم جعلنا الشمس عليه دليلا. ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا". أما المعنى المجازي الذي لمحته فيها، بجانب معناها الظاهري، فهو أن الله يطمئن الرسول أن كفر قومه، المرموز إليه هنا بالظل (أي الظلام)، إن كان الآن ممدودا فإن الله قابضه رويدا رويدا، ومبزع شمس الإيمان عما قليل. والذي أوحى إلي بهذا المعنى هو السياق الذي وردت فيه هذه الآية هي وآية "وهو الذي مرج البحرين ... "، فقد كان المولى سبحانه يتكلم عن الأمم السابقة التي كذبت برسلها عنادا وطغيانا، فأهلكها الله بعد أن كانت مستعزة بقوتها وانتشار سلطانها، فبدت لي النقلة إلى الحديث عن بعض الظواهر الطبيعية غير مفهومة إلا في ضوء هذا المعنى المجازي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونأتي الآن إلى آخر آية أحب أن أتريث عندها قليلا، وهي قوله تعالى: "وما يستوي البحران: هذا عذب فرات سائغ شرابه، وهذا ملح أجاج. ومن كل تأكلون لحما طريا، وتستخرجون حلية تلبسونها ... ". فما أكثر ما قرأت هذه الآية ولكن لم ألتفت إلى ما تنبهت إليه وأفزعني منذ فترة ليست بالبعيدة، وهو ما تؤكده الآية من أن الحلي تستخرج من النهر والبحر كليهما، إذ إن الذي كنت أعرفه حتى ذلك الوقت هو أن اللؤلؤ والمرجان (المذكورين في آية مشابهة في سورة "الرحمن") لا يوجدان إلى في البحار. وقفز السؤال إلى عقلي على الفور مفزعا: " أيمكن أن يكون القرآن قد أخطأ؟ ". إن هناك عدة آيات مشابهة في سورة "الرحمن"، ولكنها لا تثير أية مشاكل، فنصها هو: "مرج البحرين يلتقيان. بينهما برزخ لا يبغيان. فبأي آلاء ربكما تكذبان. يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان"، ومعناه أن اللؤلؤ والمرجان يخرجان من مجموع البحرين لا من كل منهما، كما تقول: " إن في يدي هاتين مائة جنيه "، ويكون المبلغ كله في اليد الأولى بينما الثانية خلو تماما من أي نقود، ولا تكون قد عدوت الحقيقة. أما آية سورة "فاطر" فإنها تقول بصريح العبارة: " ومن كل ... تستخرجون حلية تلبسونها ". ولم تسعفني ما عندي من تفاسير قديمة، فأخذت أقلب نظري في أرفف مكتبتي وأنا حائر ضائق، وإذا بي ألمح ترجمة يوسف علي للقرآن فأفتحها فأجد فيها شفاء نفسي، إذ يذكر المترجم رحمه الله (في تعليقه على هذه الآية في الهامش) من الحلي البحري اللؤلؤ والمرجان، ومن الحلي النهري العقيق وبرادة الذهب وغيرهما. ثم رجعت بعد ذلك إلى دائرة المعارف البريطانية (مادة Pearl ) و"المنتخب في تفسير القرآن الكريم " فوجدت أن اللؤلؤ يوجد أيضا في المياه العذبة. وكأن الكتاب الأخير يرد على حيرتي، إذ يقول: " وقد يستبعد بعض الناس أن تكون المياه العذبة مصدرا للحلي، ولكن العلم والواقع أثبتا غير ذلك. أما اللؤلؤ فإنه، كما يستخرج من أنواع معينة من البحر، يستخرج أيضا من أنواع معينة أخرى من الأنهار، فتوجد اللآلئ في المياه العذبة في إنجلترا وأسكتلندا وويلز وتشيكوسلوفاكيا واليابان ... إلخ، بالإضافة إلى مصايد اللؤلؤ البحرية المشهورة، ويدخل في ذلك ما تحمله المياه العذبة من المعادن العالية الصلادة كالماس، الذي يستخرج من رواسب الأنهار الجافة المعروفة باليرقة. ويوجد الياقوت كذلك في الرواسب النهرية في موجوك بالقرب من باندالاس في بروما العليا. أما في سيام وفي سيلان فيوجد الياقوت غالبا في الرواسب النهرية. ومن الأحجار شبه الكريمة التي تستعمل في الزينة حجر التوباز ويوجد في الرواسب النهرية في مواقع كثيرة منتشرة في البرازيل وروسيا (الأورال وسيبيريا) وهو فلورسيليكات الألمونيوم، ويغلب أن يكون أصفر أو بنيا. والزيركون CIRCON حجر كريم جذاب تتقارب خواصه من خواص الماس، ومعظم أنواعه الكريمة تستخرج من الرواسب النهرية". وحتي يقدر القارئ رد فعلي الأول حق قدره أذكر له أنه حتى بعض المترجمين الأوربيين في العصر الحديث قد استبعدوا أن تكون الأنهار مصدرا من مصادر الحلي. وقد تجلى هذا في ترجمتهم لهذه الآية، فمثلا نرى رودويل الإنجليزي يترجم الجزء الخاص بالحلي منها هكذا:
Yet from both ye eat fresh fish, and take forth for you ornaments to wear.
فعبارة " from both" تصلح لترجمة آية سورة "الرحمن" لا هذه الآية. كذلك ينقل رودي باريت هذه العبارة إلى الألمانية على النحو التالي:
" Aus beiden ebt ihr frishes feisch"
إلى هنا والترجمة صحيحة، هذه العبارة تقابل بالضبط قوله تعالى: "ومن كل تأكلون لحما طريا" وإن كان استخدم في مقابل طريا كلمة " frish" ومعناها الدقيق "طازج". لكن تنبه لترجمته للجزء الآتي الذي يقول فيه:
Und (aus dem Salzmeer) geurnnt ihr scmuck….. um ihm euch anzulegen.
(يُتْبَعُ)
(/)
والذي ترجمته: "وتستخرجون (من البحر المالح) حلية تلبسونها". ويرى القارئ أن المترجم قد أضاف من عنده بين قوسين عبارة: "من البحر المالح: aus dem Salzmeer " ، وهو ما يوحي باستبعاده أن تكون الأنهار مصدرا من مصادر اللؤلؤ والعقيق وغيرهما من أنواع الحلي على ما تقول الآية الكريمة. (أما ترجمة سيل وبالمر (الإنجليزيتان) وترجمتا كازيمريسكي وماسون (الفرنسيتان)، وكذلك ترجمتا ماكس هننج ومولانا صدر الدين (الألمانيتان) على سبيل المثال فقد ترجمت كلها النص القرآني كما هو، ولكنها لزمت الصمت فلم تعلق بشيء.
ويرى القارئ من هذا الآية بالذات كيف أن القرآن قبل أربعة عشر قرنا قد أشار إلى حقيقة يستبعدها واحد مثلي يعيش في القرن العشرين، وآخرون مثل المستشرق الإنجليزي رودويل ونظيره الألماني رودي باريت، فكيف عرفها الرسول عليه الصلاة والسلام إذن وأداها بهذه البساطة لو كان هو مؤلف القرآن، وبخاصة أن الأنهار التي ذكر أن اللؤلؤ وغيره من الأحجار الكريمة وشبه الكريمة تستخرج منها تقع في بلاد سحيقة بالنسبة للجزيرة العربية، بل إن بعضها كالبرازيل مثلا لم تكتشف إلا في العصور الحديثة.
فإذا قارنا بين الكتاب المقدس والقرآن في هذا الصدد راعنا أن المؤمنين بالكتاب المقدس كانوا يصدقون تصديقا أعمى بكل ما جاء فيه على حرفيته على أساس أن كل كلمة بل كل حرف فيه وحي إلهي، ثم اضطروا اضطرارا تحت مطارق الحقائق العلمية القاطعة إلى أن يهجروا هذه النظرية إلى نظرية أخرى ملخصها إنه لا ينبغي أن يؤخذ النص على حرفيته، بخلاف بعض مفسري القرآن الكريم القدماء الذين كانوا يرون في بعض الآيات لونا من المجاز أو توسعا في التعبير، ثم جاءت المعارف العلمية القاطعة فأثبتت أنهم كانوا مخطئين في هذا الموقف وأن الآيات تعني تماما ما عبرت عنه.
المراجع
? القرآن الكريم.
? الكتاب المقدس.
? ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل / مكتبة السلام العالمية / القاهرة.
? د. إبراهيم عوض / تفسير سورة التوبة / 1987.
? د. أحمد زكي / مع الله في السماء / كتاب الهلال / عدد 311 / نوفمبر 1976.
? البضاوي (تفسير).
? د. توفيق الطويل / في تراثنا العربي والإسلامي / عالم المعرفة / عدد 87 / مارس 1985.
? الجلالين (تفسير).
? الزمخشري (تفسير).
? الشريف الرضي / تلخيص البيان في مجازات القرآن (تحقيق محمد عبد الغني حسن) ط / 1.
? مالك بن نبي / الظاهرة القرآنية (ترجمة عبد الصبور شاهين) / مكتبة دار العروبة / القاهرة / 1958.
? محمد عبده، الإسلام بين العلم والمدنية / كتاب الهلال / عدد 385 يناير 1983.
? محمد عبده / رسالة التوحيد / كتاب الهلال / عدد 355 / يولية 1980.
? محمد فؤاد عبد الباقي / المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم.
? محمود شلتوت / تفسير القرآن الكريم / الأجزاء العشرة الأولى / دار القلم / القاهرة / ط 2.
? المنتخب في تفسير القرآن الكريم.
? د. موريس بوكاي/ القرآن والتوراة والإنجيل والعلم – دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة / دار المعارف / القاهرة 1982.
? الموسوعة الثقافية / دار الشعب.
? النسفي (تفسير).
? همايون كبير / العلم والديمقراطية والإسلام (ترجمة عثمان نويه) / دار الهلال.
? Alexander Cruden, Cruden’s Concordance. The Epworth Press, London, 1952.
? Cambridge Companion to the Bible, Cambridge Univ. Press, 1892.
? C.H. Dodd, The Authority of the Bible, Fontana Books, 1960.
? Ch. Gore H.L. Goudge, A. Guillaume, A New Commentary on Holy Scripture Including the Apocrypha, London Society for Promoting Christian Knowledge, 1929.
? Edward Clodd, Childhood of Religions, Henry S. King & Co., London 1875.
? Encyclopedia Britannica, Vol. 5, ed. 14, 1938.
? George Townshend, Christ et Baha-u’llah, Maison d’Editions Baha’ies, Bruxelles, 2 ? ed., 1968.
? Georges Marchal, Promotion de l’Islam, Berget Leuault, Paris, 1957.
? J.D. Douglas (editor), The New Bible Dictionary, Inter-Varsity Press, London, 1972.
? Joseph Hubby, Christus-Manuel d’histoire des religions, Bauchesne et ses files, Paris, 1946.
? Maulana Sadr-ud-din, Der Koran, die Muslimische Mission, Berlin, 1964.
? Max Henning Der Koran, Reclam, Stuttgart, 1981.
? Rudi Paret, Der Koran, W. Kholhammer, Stuttgart, 1983.
? Stanley Cook, An Introduction to the Bible, Pelican Books, 1945.
? W.F. Hooks Hook’s Church Dictionary, London, John Murry, 1887.
? William Neil, William Neil’s One Volume Bible Commentary, Hodder & Stoughton, London – Sydney – Auckland – Toronto, 1973.
للمؤلف (هذه القائمة خاصة بسنة 1987م):ــــ
1 - الترجمة من الإنجليزية – منهج جديد.
2 - في الشعر الإسلامي والأموي – تحليل وتذوق.
3 - في الشعر العباسي – تحليل وتذوق.
4 - في الشعر الأندلسي – تحليل وتذوق.
5 - في الشعر العربي الحديث – تحليل وتذوق.
6 - فصول من النقد القصصي – رؤية جديدة.
7 - من أعلام النقد القصصي – (بالإنجليزية والعربية).
8 - المستشرقون والقرآن.
9 - مصدر القرآن – دراسة في الإعجاز النفسي.
10 - من الطبري إلى سيد قطب – دراسة في مناهج التفسير ومذاهبه.
11 - تفسير سورة المائدة.
12 - تفسير سورة التوبة.
13 - محمود طاهر لاشين.
14 - نقد القصة في مصر.
15 - NOVEL – CRITICISM IN EGYPT
16 - المتبني – دراسة جديدة لحياته وشخصيته.
17 - معركة الشعر الجاهلي بين الرافعي وطه حسين – بحث موضوعي مفصل.
18 - لغة المتنبي – دراسة تحليلية.
19 - موقف الكتاب المقدس والقرآن الكريم من العلم (تحت الطبع).
20 - المتنبي بإزاء القرن الإسماعيلي في تاريخ الإسلام – لماسينيون (ترجمة وتعليق ودراسة د. إبراهيم عوض) – (تحت الطبع).
رقم الايداع 8060/ 87
مطبعة الشباب الحر ومكتبتها
ت: 3907621 القاهرة
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم عوض]ــــــــ[08 Aug 2008, 12:07 م]ـ
شكر وتقدير: ــــ
هذا الكتاب أعاد كتابته، بحيث يكون صالحا للنشر بصيغة ورد، الصديق الأستاذ ميسرة عفيفى المصرى المقيم فى اليابان، والذى أدين فى معرفتى إياه وصداقتى له للمشباك، ذلك الاختراع العجيب، الذى كان سببا أيضا لزيارته إياى فى بيتى منذ نحو عام حين أتى من بلاد الشمس المشرقة إلى أرض الوطن فى عمل فكان من أوائل ما صنع: تشريفه لى فى منزلى، فله الشكر على هاتين المكرمتين. وأرجو من السادة القراء الدعاء له بالنجاح والتوفيق فى كل أمور حياته
هذا، وقد حاولت مرات ومرات أن أجعل اتجاه سطور الكتاب إلى اليمين، لكنى فشلت فشلا ذريعا، ولا أدرى لماذا. فإذا كانت إدارة الموقع تستطيع ما لم أستطعه فلتتفضل مشكورة، ولها كل التقدير(/)
جملة لفضيلة الدكتور الطعان ... أشكل علي فهمها ... فهل من معين؟
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[08 Aug 2008, 01:34 م]ـ
وأنا أقرأ كتاب فضيلة الدكتور أحمد الطعان " العلمانيون والقرآن " ...
وهو قوي بحق في بابه ... وفريد في نقده ....
وقد أشكل علي فهم جملة ذكرها: فقال حفظه الله:
الخطأ الثاني: لم يقل أحد من الأشاعرة بأن الجزء القرآني المدون في اللوح المحفوظ أزلي قديم لأنه لا أحد من المسلمين يمكن أن يعتقد أن اللوح المحفوظ قديم فضلا عما يحتويه، فاللوح المحفوظ مثله مثل دفتي المصحف يحففظ في داخله المعلومات الي كشفها أو يريد أأن يكشفها الله عز وجل للبشر أو لنقل المعلومات الخاصة بالكون "ما فرطنا في الكتاب من شيء " والألفاظ الموجودة في اللوح المحفوظ أو في المصحف مخلوقة، لأن الألفاظ خطاب متعلقق بالمخلوقات فهي لذلك حادثة "
فآمل التوضيح ........ وشكر الله للدكتور أحمد الطعان كتابه القيم.
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[13 Aug 2008, 10:36 م]ـ
ما زال الانتظار قائما ....
والتوضيح مهملا ....
والآن - وبعد انتظار 5 أيام - أغير السؤال إلى سؤال أسهل:
هل فهم الجملة المذكورة ... مشكل اصلاً؟
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[20 Aug 2008, 08:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم الأستاذ عقيل الشمري بارك الله فيك وأشكر اهتمامك وقراءتك لما أكتب وبعد: فالحقيقة لم أطلع على ما كتبته إلا هذه اللحظة لأنني شغلت عن الإنترنت في الأسبوع الماضي بأخٍ طالب علم زارني من تركيا والآن نقرأ ما كتبته معاً ...
وليس لدي الآن وقت للرد على ما تذكره لكني سأنقل النص كاملاً من البحث وأضعه أمام الإخوة فأنا لا أرى أن هناك مشكل في النص .... ولكن القضية ككل - أعني قضية خلق القرآن - مسألة طال النقاش فيها بين اهل السنة أنفسهم من أشاعرة وماتريدية وحنابلة وغيرهم ...
وهذا النص كاملاً:
3– العلم الإلهي المطلق يبدد إشكالية التعارض بين النسخ والأزلية:
بقي أن نجيب عن الإشكاليتين اللتين يثيرهما الخطاب العلماني في علاقة النسخ مع أزلية الكلام الإلهي وعلاقته بجمع القرآن الكريم، أما الثانية فسنرجئ الحديث عنها إلى مكان آخر سيأتي إن شاء الله عز وجل.
وأما الأولى فتتمثل في القول: بان النسخ يتنافى مع الاعتقاد بأزلية القرآن الكريم ومن هنا يقول الخطاب العلماني: "" لم يناقش العلماء ما تؤدي إليه ظاهرة نسخ التلاوة أو حذف النصوص سواء بقي حكمها أم نسخ أيضاً من قضاء كامل على تصورهم لأزلية الوجود الكتابي للنص في اللوح المحفوظ "" ()، لأنه إذا كان الوحي في أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ "" فإن نزول الآيات المثبتة في اللوح المحفوظ ثم نسخها وإزالتها من القرآن المتلو ينفي هذه الأبدية المفترضة الموهومة "" ().
والنقد هنا يوجه إلى التصور الأشعري بالذات، لأنه هو الذي شاع وتجذر، وسيادة هذا التصور هي التي أدت إلى "" تصور وجود أزلي سابق للنص في اللوح المحفوظ "" (). وأدخلنا هذا التصور الأشعري في متاهة من الافتراضات دخل فيها علماء القرآن بالفعل ().""والحقيقة أنه لم يكن ثمة نزول مجمل للنص من مكان إلى آخر وراء عالم الأرض عالم الوقائع والجزئيات "" ().
هذه هي صورة المسألة كما يصورها الخطاب العلماني (). ونناقشها فيما يلي:
بداية لا بد من التنبيه إلى خطأين جسيمين وقع فيهما الخطاب المذكور بسبب الارتجال والمجازفة، والرغبة العارمة في تسفيه كل ما هو سلفي وقديم.
الخطأ الأول: قوله بأن العلماء - هكذا بإطلاق - لم يناقشوا ما تؤدي إليه ظاهرة نسخ التلاوة من تناقض مع التصور الخطي الكتابي الأزلي للنص في اللوح المحفوظ. والحقيقة أن العلماء ناقشوا علاقة النسخ بأزلية النص، وأجابوا عن الإشكاليات التي قد ترد في الذهن وسيرد شيئاً من هذا بعد قليل.
(يُتْبَعُ)
(/)
الخطأ الثاني: لم يقل أحد من الأشاعرة بأن الجزء القرآني المدون في اللوح المحفوظ أزلي قديم، لأنه لا أحد من المسلمين يمكن أن يعتقد أن اللوح المحفوظ قديم فضلاً عما يحتويه، فاللوح المحفوظ مثله مثل دفتي المصحف يحفظ في داخله المعلومات التي كشَفها أو يريد أن يكشفها الله عز وجل للبشر أو لنقل المعلومات الخاصة بالكون ? مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ? (). والألفاظ الموجودة في اللوح المحفوظ أو في المصحف مخلوقة، لأن الألفاظ خطاب متعلق بالمخلوقات فهي لذلك حادثة، وهو ما يوضحه الإمام الغزالي بعبارة مختصرة حين يناقش منكري النسخ فيقول: "" وإن قالوا: كلام الله تعالى قديم، والقديم كيف يُنسخ قلنا: تعلق الخطاب بنا ليس قديماً، فلا بُعد في انقطاعه كما ينقطع بالجنون وغيره "" ().
كلام الغزالي هذا يبين أن العلماء ناقشوا علاقة النسخ بالأزلية بعكس ما يقرر الخطاب العلماني، ويبين أن القديم هو الصفة الذاتية " الكلام " أو ما يسميه الأشاعرة " الكلام النفسي " وهو المعنى القائم بالنفس الذي يشير إليه الأخطل:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جُعل اللسان على الفؤاد دليلاً
ومثله قول عمر رضي الله عنه: "" إني زوَّرت في نفسي مقالة، أي هيأت كلاماً "" ()، ومثله قولك لصاحبك: إن في نفسي كلاماً أحب أن أُطلعك عليه.
وعلى ذلك فليس هناك مشكلة في النسخ لأن النسخ لا يتناول الكلام القديم، إذ الباري عز وجل متكلم أبداً وأزلاً كما أنه عالم كذلك، إن النسخ يتناول الخطاب الإلهي من جهة تَعلقِه بنا، وتعلُّقه بنا حادث وليس قديماً، فلو افترضنا أن الناس كلهم مجانين ولم يخاطبهم الباري عز وجل ولم يكلمهم أفيعني ذلك أن الباري عز وجل ليس متكلماً؟!
إن التعلق الحادث مثله مثل الأفعال الإلهية التي ينسخ بعضها بعضاً، فهو سبحانه وتعالى يُمرِض ويشفي ويُسعد ويُشقي ويُميت ويُحيي ويُفقر ويُغني، ولم يقل أحد إن العلم الإلهي بناء على ذلك إذن حادث، فالعلم صفة إلهية ذاتية قديمة ومتعلَّقُها أي المعلومات حادثة ().
إن النسخ من الباري عز وجل بيان، أما بالنسبة لنا فهو رفع أو إزالة، والباري عز وجل عندما ينسخ حكماً فقد سبق في علمه أن هذا الحكم المنسوخ مؤقت لا مؤبد، وسبق في علمه أيضاً في تأقيته إنما هو بورود الناسخ لا بشيء آخر، وقد تعلق علمه عز وجل بهما جميعاً، وهذا ينفي عن الباري عز وجل شبهة الجهل، أو تحصيل الحاصل اللتين يتعلق بهما نفاة النسخ من اليهود، ومعنى هذا أن الله عز وجل حين ينسخ شريعة أو حكماً في شريعة فهو إنما يكشف لنا بهذا النسخ عن شيء من علمه السابق ().
إن معنى النسخ هو قطْع تعلُّق الخطاب بالمكلف، وكلام الله تعالى قديم لا يُرفع، وإنما الذي يرفع هو الحكم لا الخطاب نفسه، ثم إن الكلام القديم يتعلق بالقادر والعاقل، فإذا طرأ العجز والجنون زال التعلُّق، وإذا عادت القدرة وعاد العقل عاد التعلق بالمكلف، وكلام الله عز وجل قديم لا يتغير و لا يتبدل ().
والله ولي التوفيق.(/)
سورة البلد, ومصدر القوة!
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[08 Aug 2008, 05:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وصلاة وسلاما على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم:
نتناول اليوم بإذن الله وعونه سورة البلد, سائلين الله عزوجل أن يفتح لنا فيها من عنده, ونبدأ بتقديم الصورة العامة للسورة: بسم الله الرحمن الرحيم
المحور العام للسورة:
تناقش هذه السورة قضية من أهم القضايا الإنسانية, وهي قضية حلم القوة والعزة لدى الإنسان, فتبين أن حلم القوة الخارقة لا وجود له في دنيانا هذه, وإنما هي أوهام في أذهان الناس, وليست في العدة والعتاد والتنافس في الحصون, وتبين كيف أن عامة البشر يفشلون في الوصول إلى مصدر القوة الحقيقي, ويقعون في فخ القوة الزائفة المهلكة!
وتقدم له المصدر الحقيقي للقوة الهائلة النافعة وهو "بناء الإنسان", فإذا استطاع الإنسان أن يبني ويحرر نفسه وغيره من البشر, فبذلك يمتلك قدرة جماعية هائلة نافعة, أما إذا اتجه إلى بناء الأبنية واتخاذ الأتباع فهو بذلك من المضيعين والمهلكين للإنسان.
المنظور العام للسورة:
تبدأ السورة بنفي القسم بأعظم بلد احتوت أعظم بنيان –من الناحية الروحية وهو الكعبة-, وذلك لأن الإنسان (الرسول) مستباح ومستحل فيها من باقي أهل هذا البلد, فليس للبناء مهما عظم مكانة عند الله إذا أهين الإنسان, فحرمة الإنسان عند الله أعظم من حرمة الكعبة, ثم يقسم الله تعالى بالوالد وما ولد (الإنسان) , والذان يمثلان أهم مصادر التراحم والتناصر, أن الإنسان مخلوق في مشقة وشدة معالجة للأمور, ولكن عليه أن لا يعد المكابدات الدنيوية هي مصدر العز والقوة, فيظن أنه بمكابدته وتملكه المال الشديد وانفاقه في المباني العالية والمصارف المختلفة قد حاز السلطة المطلقة, وأصبح يقدر على التصرف في كل ما يحيط به كما يشاء, فما عاد أحد يستطيع التغلب عليه وعلى سلطانه (كما يحدث عند عامة الأباطرة, والذين تصبح مسألة القوة والسيطرة عندهم الدافع الأول وليس المال, فما عاد المال هو الشاغل, فهم ينفقون الأموال الطائلة من أجل الوصول إلى سلطان أكبر وإلى أمان أكثر وإلى تحكم واستعباد أعم للبشر, حتى يظن أنه مختلف عن باقي البشر أو يستحق ما لا يستحقه البشر!). فينفض الله عزوجل عنه هذا الوهم نفضا ويذكره أنه إنسان ضعيف يسري عليه كل ما يسري على باقي إخوانه ممن استضعفهم واستباحهم, فيذكره بأنه ليس ذلك الرجل الخفي, وإنما هو إنسان يراه ورأه كل من حوله, إنسان طبيعي يحتاج إلى نعم الله عليه والتي تعينه على المكابدة مثل العين واللسان, وقديما احتاج إلى ثدي أمه من أجل بناء جسده, فهلا استغل كل ذلك في اقتحام العقبة وإزالتها من أمام من لا يستطيع إزالتها, بأن يحرر الإنسان من ذل العبودية سواء كانت كلية أو جزئية كعبودية الطعام, فيخرج للمجتمع إنسانا حرا نفسا وجسدا يستطيع أن يخدم المجتمع ويساعد في بناءه, وبذلك تقوى وحدة بناء المجتمع عن طريق تحرر عامة أفراده, ولكن قبل أن يحرر غيره يكون ممن حرر نفسه أولا وقواها بالإيمان والعمل الجماعي التابع له, عن طريق التواصي بالصبر وبالمرحمة.
وبهذا يحصل الإنسان على مصدر القوة الحقيقي وهو العائلة الكبيرة المتعاضدة المترابطة التي يساند القوي فيها الضعيف, ويحمله إلى أن يصل إلى ما وصل إليه, لا أن يستعبده. فهذه هي العائلة التي تبني البلد الطيب التي يستحق أن يقسم الله عزوجل به, كائنا أين كان هذا البلد, فالعبرة بالإنسان لا بالبنيان!
ونكتفي هنا بعرض المنظور العام, ومن أراد متابعة التناول التحليلي للسورة يمكنه متابعته على الرابط:
http://www.amrallah.com/ar/showthread.php?p=440&posted=1#post440
والسلام عليكم ورحمة الله(/)
هل يقع الترادف في القرآن الكريم؟
ـ[عبدالعزيز العمار]ــــــــ[08 Aug 2008, 11:32 م]ـ
تباينت آراء العلماء قديماً وحديثاً في الترادف بين نفيه وإثباته؛ فهم ما بين مقرٍّ له جامع تلك الألفاظ المترادفة - في نظره -، وبين منكرٍ له سعى جاهداً لإظهار الفروق بين تلك الألفاظ التي قيل بترادفها، رافضاً كل رأي يقول بترادفها، واتحاد معانيها.
وقبل أن أذكر أقوالهم في ذلك، والرأيَ الراجح الذي يتوافق مع الأسلوب القرآني في توخيه لألفاظه وانتقائه لها لتأدية المعنى المراد، يحسن قبل ذلك تعريف الترادف حتى ننطلق في دراستنا على بيِّنة ووضوح.
التعريف اللغوي للترادف
فالمعنى اللُّغوي لمادة (ر د ف) تدل على اتِّباع الشيء، فالترادف: التتابع (1)، والرِّدف: التابع، والرَّديف: كل ما تبع شيئاً (2)، يُقال: جاء القوم رُدَافى: أي بعضهم يتبع بعضاً، وهذا أمرٌ ليس له رِدْف: أي ليس له تَبِعة، وأردفت النجوم أي: توالت وتتابعت، والمُرْدفان: الليل والنهار. (3)
ومن هذه المعاني اللغوية التي تشير في مجموعها إلى التتابع والتعدد يظهر معنى الترادف الاصطلاحي، فهو - كما عرفه ابن فارس - ((اختلاف الألفاظ، واتفاق المعانى، أي يُسمى الشئ الواحد بالأسماء المختلفة، نحو: السيف والمهند والحسام)). (4)
ويزيد الدكتور رمضان عبدالتواب في حَدِّه قائلاً: ((الترادف ألفاظ متحدة المعنى، وقابلة للتبادل فيما بينها في أي سياق)). (5)
فالترادف إذن أن تتعدد الألفاظ وتكثر والمعنى واحد، فالألفاظ وإن تتعددت واختلفت إلاّ أنها تدل على معنى واحد، بل يصح أن تقوم كل لفظة في مقام الأخرى، كما نرى ذلك في تعريف الدكتور رمضان، فهذا هو معنى الترادف، وهذا الذي اختُلف فيه مابين مثبتٍ له ومنكرٍ لوجوده.
حجج المثبتين:
وقد احتج العلماء المثبتون للترادف (6) فيما ذهبوا إليه: ((أن أهل اللغة إذا أرادوا أن يُفسروا "اللُبَّ " قالوا هو: "العقل"، أو"السكب" قالوا: هو: "الصب"، وهذا يدل على أن "اللُبَّ " هو "العقل" عندهم، وكذلك "السكب" و"الصب" وما أشبه ذلك)) (7)، فهذا هو دليلهم في هذه المسألة، وذلك أن أهل اللغة ما قالوا إن "اللب" هو "العقل" إلاّ أن معناهما واحد، ولو كان في كل لفظة منهما معنى ليس في الأخرى لما صحّ منهم هذا الأمر، وكان هذا التفسير خطأ. (8)
حجج المانعين:
ويقابل هذا الفريقَ فريقٌ آخر ينكر وجود الترادف ويردُّه (9)، ويذكر الفروق بين الألفاظ التي قيل بترادفها، ويظهر رأي هذا الفريق من خلال أمرين:
الأمر الأول: ورود مقولات لهم تردُّ الترادف وتُنكره، ومن ذلك: قول ابن فارس بعد أن ذكر تعريف الترادف - وقد تقدم ذكره - قال: ((والذي نقول في هذا: إن الاسم واحد وهو السيف، وما بعده من الألقاب كالمهند والحسام صفات، فمذهبنا أن كل صفة منها فمعناها غير معنى الأخرى)). (10)
وكذلك ابن الأنباري يؤكد هذا الأمر حينما حكى في كتابه "الأضداد" قول ابن الأعرابي ((كل حرفين أوقعتهما العرب على معنى واحد، في كل واحد منهما معنى ليس في صاحبه، ربما عرفناه فأخبرنا به، وربما غمُض علينا فلم نلزم العرب جهله)). (11)
وكذلك ابن درستويه ينفي هذا الأمر، ويذكر أنه من المحال أن تكون هناك لفظتان مختلفتان ومعناهما واحد، ويذكر أن بين الألفاظ فروقاً في المعنى، ولكنها قد تخفى على بعض مَن يسميها. (12)
الأمر الثاني: الذي يدل على ردِّ كثير من العلماء الترادف ما أفردوا فيه من التصانيف مبينين الفروق بين الألفاظ، وما تختصُّ به كلُّ لفظة عن الأخرى بمعنى، وبما تتضمنه من دلالة وإيحاء، ومن تلك المصنَّفات على سبيل المثال لا الحصر: كتاب "الفروق" لأبي هلال العسكري فقد ألفه لبيان فروق الدلالات بين معاني الألفاظ التي قيل بترادفها، مبيِّناً ما اختصتْ به كل لفظة من دلالة ومعنى لا يشاركها فيه غيرها، وإن ظن الناس بترادفها واتحاد المعنى بينهما، كما ذكر ذلك في مقدمة كتابه حين بيّن ((أن كل اسمين يجريان على معنى من المعاني في لغة واحدة، فإن كل واحد منهما يقتضي خلاف ما يقتضيه الآخر، وإلاّ لكان الثاني فضلاً لا يُحتاج إليه)). (13)
نفي الترادف في القرآن:
(يُتْبَعُ)
(/)
ومما تقدم تبين أن كثيراً من العلماء الذين نفوا الترادف نرى أن نفيهم منصب عليه في اللغة، وأما نفيه في القرآن فهو من باب أولى وألزم؛ وذلك لِمَا تميز به أسلوب القرآن في تخيُّره لألفاظه التي تؤدي المعنى المراد دون سواها من الألفاظ، وإنْ كانت قريبة من معناها حتى يُظن أنها مرادفة لها.
وأول ما يُقرِّرُ هذه المسألة ما جاء في القرآن صريحاً من التفريق بين الألفاظ من حيث استخدامها في المواضع المختلفة؛ وذلك لِمَا بين كل لفظة وأخرى من دلالة ومعنى تتميز به دون غيرها ((فالقرآن لا يكتفي بانتقاء الألفاظ وتخيُّرِها، بل يشرع في ذلك صراحة، يُنبِّه إلى خطأ وضع استعمال اللفظ في غير موضعه، ويُرشد إلى بديله)) (14)، يتضح هذا الأمر جلياً في قوله - تعالى -: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ... ) [الحجرات: 14]، فهكذا نراه يفرق بين لفظة وأخرى، يفرق بين الإيمان والإسلام؛ وذلك أن كل كلمة منهما لها دلالة ما ليس في الأخرى. (15)
وقد تضمن هذا التوجيه الرباني دعوة صريحة إلى النظر في دلالات الألفاظ، ومراعاة استخدامها في المقام المناسب لها، وقد تمثَّل العلماء هذا الأمر، وساروا على هذا المنهج، فرأينا كثيراً منهم يفرد في مصنفاته فصولاً في ذكر الألفاظ التي يُظن أنها أن بينها ترادفاً مبيناً الفروق المعنوية فيما بينها.
ومن أولئك العلماء:
1 - الزركشي فقد ذكر في كتابه " البرهان" فصلاً بعنوان: ألفاظ يُظن بها الترادف وليست منه.
2 - السيوطي في "معترك الأقران" ذكر فصلاً بعنوان: ألفاظ يُظن بها الترادف وليست منه.
3 - د. محمد الشايع في كتابه "الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن الكريم" ذكر فصلاً بعنوان: دراسة أمثلة من القرآن ظاهرها الترادف، وغيرهم.
ولا نعجب إذا ذهبوا إلى نفي الترادف في القرآن الكريم، فأنى للترادف أن يكون في القرآن ((ونحن نعلم أن لكل نوع من المعنى نوعاً من اللفظ هو به أخص أولى، وضرباً من العبارة هو بتأديته أقوم، وهو فيه أجلى)) (16) لا يشاركه فيه غيره من الألفاظ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: مادة: ردف: معجم مقاييس اللغة.
(2) انظر: مادة: ردف: القاموس المحيط.
(3) انظر: مادة: ردف:لسان العرب.
(4) الصاحبي:114.
(5) فصول في اللغة العربية: 309.
(6) ومنهم: الرماني، ابن السكيت، ابن خالويه، أبو على الفارسي، ابن سيدة، ابن جني، الفيروز أبادي وغيرهم.
(7) الفروق اللغوية: 13.
(8) انظر: المزهر في علوم اللغة وأنواعها: 1/ 404.
(9) ومن هؤلاء: الجاحظ، والمبرد، وثعلب، وابن فارس، وابن الأعرابي، والأنباري، وابن درستويه، والراغب الأصفهاني، وأبو هلال العسكري، وغيرهم.
(10) الصاحبي: 114.
(11) الأضداد: 7.
(12) انظر: المزهر: 1/ 384.
(13) الفروق: 11.
(14) خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية: 1/ 252.
(15) وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فروقاً بينهما، انظر: الفتاوى: 7/ 6.
(16) الرسالة الشافية: 117.
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[09 Aug 2008, 10:19 م]ـ
جزاك الله خيرا
ومن باب إتمام الفائدة هناك رسالة علمية مطبوعة في مكتبة العبيكان بعنوان ((الفروق اللغوية وأثرها في تفسير القرآن)) للدكتور محمد بن عبد الرحمن بن صالح الشايع
أفاض في هذه القضية ذاكرا رأي القدماء والمعاصرين(/)
مسألة المجرَّبات
ـ[نهاية الأرب]ــــــــ[09 Aug 2008, 02:05 ص]ـ
هذه المسألة يقصد بها أن يعمد عامدٌ إلى آية معينة أو آيات، فيخصصها بشفاء مرضٍ معيَّن أوحالة محددة، وليس لديه دليل على هذا إلا التجرِبة، فيقول –مثلا- (كما قرأتها في منشورة): إذا أضعت شيئًا فاقرأ سورة الضحى فستجده إنشاء الله، وهذا مجرَّب. وقد تُحَدَّد مرات معينة للقراءة - والدليل التجربة أيضاً-.
وللفائدة فإن (تجرِبة وتجارِب) تنطقان بكسر الراء، مثل: تعزية وتعازي، وضمُّ الراءِ غلطٌ شائع.
وبادئ بدئ فإن المسألة لها طرفان:
الأول: أن القرآن شفاءٌ، وهذا لا إشكال فيه.
الثاني: أن تحديد آية بعينها أوعدد معين يحتاج إلى دليل، وإلا قد يدخل في باب الإحداث.
فمن نظر إلى الأول أجاز، ومن نظر إلى الثاني منع. لكن الناظر في تتابع عددٍ من العلماء المحققين على مثل هذا يهاب أن يطلق القول.
قال شيخ الإسلام في الكلم الطيب (ط. المكتب الإسلامي) عن يونس بن حبيب (تطبيع صوابه يونس بن عبيد) - قال: ما من رجل يكون على دابة صعبة فيقول في أذنها: (أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون)،إلا وقفت بإذن الله تعالى. قال شيخ الإسلام: وقد فعلنا ذلك فكان كذلك بإذن الله تعالى. ونقله ابن القيم في الوابل الصيب ص (334)، ولم يعقِّب.
وقال القرطبي في تفسيره (14/ 138ط. الرسالة) عند قوله تعالى: (فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا): وهذه الآية تدخل في باب الرقى ... تطلع في الجسد وخاصة في اليد: تأخذ ثلاث أعواد من تبن الشعير، يكون في طرف كل عود عقدة، تمر كل عقدة على الثآليل وتقرأ الآية مرة، ثم تدفن الأعواد في مكان ندي، تعفن وتعفن الثآليل فلا يبقى لها أثر، جربت ذلك في نفسي وفي غيري فوجدته نافعا إن شاء الله تعالى.
وفي زاد المعاد (4/ 326 ط. الرسالة) ساق ابن القيم طائفة منها ومما قال: كتاب للحمى: قال المروزي (وفي البدائع: المرُّوذي): بلغ أبا عبد الله أني حممت فكتب لي من الحمى رقعة فيها: بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله وبالله محمد رسول الله (قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلنهم الأخسرين) اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل اشف صاحب هذا الكتاب بحولك وقوتك وجبروتك إله الحق آمين.
كتاب لعسر الولادة: قال الخلال: حدثني عبد الله بن أحمد، قال: رأيت أبي يكتب للمرأة إذا عسر عليها ولادتها في جام (إناء من فضة) أبيض أو شئ نظيف، يكتب حديث ابن عباس رضي الله عنه: لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين، (كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ)، (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها)، (روي هذا عن ابن عباس عند ابن أبي شيبة 5/ 39).
كتاب آخر لذلك: يكتب في إناء نظيف: (إذا السماء انشقت * وأذنت لربها وحقت * وإذا الأرض مدت * وألقت ما فيها وتخلت) وتشرب منه الحامل ويرش على بطنها.
كتاب للرعاف: كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يكتب على جبهته: (وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر) وسمعته يقول: كتبتها لغير واحد فبرأ.
كتاب آخر للحزاز: يكتب عليه: (فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت) بحول الله وقوته.
كتاب آخر له: عند اصفرار الشمس يكتب عليه: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم).
كتاب لوجع الضرس: يكتب على الخد الذي يلي الوجع: بسم الله الرحمن الرحيم: (قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون)، وإن شاء كتب: (وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم).
وقال رحمه الله في مدارج السالكين (3/ 392): وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إذا اشتدت عليه الأمور: قرأ آيات السكينة، (وهن خمسٌ في القرآن) وسمعته يقول- في واقعة عظيمة جرت له فى مرضه تعجز العقول عن حملها من محاربة أرواح شيطانية ظهرت له إذ ذاك في حال ضعف القوة- قال: فلما اشتد علي الأمر قلت لأقاربي ومن حولي: اقرأوا آيات السكينة، قال: ثم أقلع عني ذلك الحال وجلست وما بي قَلَبة.
قال ابن القيم: وقد جربت أنا أيضا قراءة هذه الآيات عند اضطراب القلب مما يرد عليه فرأيت لها تأثيرا عظيما في سكونه وطمأنينته.
وينظر: روح المعاني ط. إحياء التراث (9/ 146) و (15/ 145)، وتفسير الرازي ط. دار الكتب العلمية (27/ 50).
هذا وإنني أطرح الموضوع للمشايخ الفضلاء لإزالة الإشكال –عندي-، فبالقوادم والخوافي قوة الجناح، وبالأسنة والعوالي عمل الرماح.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[10 Aug 2008, 05:27 ص]ـ
أحسنت أبا عمَّار في إثارة هذا الباب من العلم
وبخصوص هذه المسألة (تقييد العبادة المطلقة) فأصح الرأي فيها عند المحققين أنه: لا مدخل للابتداع في وسائل العبادات -وهي على التقريب: ما ارتبط بالعبادات مما ليس بعبادة محضة-. وغالب هذا الباب الذي عنونته بـ: المُجَرَّبات. لا ابتداع فيه ولا محذور إذا انضبط بأمور:
1: ألاَّ يوهم هذا التقييد أنه مقصود شرعاً.
2: ألاّ يخالف حال السلف الصالح وهديهم.
3: ألاّ يفضي إلى مفسدة راجحة.
فهذه قيود عامّة في كل ما كان من هذا الباب, أمّا بخصوص (المجرَّبات) فيضاف إليها:
4: أن يكون محل الاستشهاد واضح المعنى بين الدلالة على المراد.
5: أن يقترن به قصد صحيح ونية صالحة وصدق لجوء إلى الله تعالى.
6: أن يُلاحظ في ذلك اختلاف الأحوال والناس, فما كل مثال من ذلك يصلح أو يؤثر لكل أحد, وهذا راجع إلى إرادة الله تعالى التأثير مع وجود السبب, فلابد مع جودة الدعاء والذكر من قبول المحل, وكما قال ابن القيم: السيف ليس بحدِّه فقط, بل بضاربه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نهاية الأرب]ــــــــ[10 Aug 2008, 11:40 م]ـ
بارك الله فيك أبا بيان فقد أبنت وأفدت. ولكن ..
ألا يمكن أن تدخل هذه المسألة في باب (البدع الإضافية)؟
وماذا لو أن ذلك انتشر وتوسع الناس فيه كما هو الحال عند بعض الرقاة؟
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[11 Aug 2008, 04:55 ص]ـ
كل عبادة لا أصل لها فهي بدعة , وكل صفة عبادة لا أصل لها بدعة , فالأولى بدعة حقيقية , والثانية إضافية , وشرط العبادات الموافقة في الأصل والصفات.
وباب المجربات قريب من نوع البدع الإضافية والفرق بينهما دقيق , ولم أرد التمثيل عليه لأن الأمثلة قلَّ أن تُسَلَّم إلا ببيان وتفصيل كثير.
وأما الخشية من اننتشار هذا النوع وتتابع الناس فيه فيَرِد مع التقصير في بيان فقه هذا الباب وعدم إيضاحه للناس , وتصدر الجهلة للكلام فيه بالظن , وهذا كثير والله المستعان.
ـ[المنصور]ــــــــ[11 Aug 2008, 06:48 م]ـ
سيطبع قريبا إن شاء الله تعالى كتاب (خواص القرآن) وهي رسالة دكتوراه للأخ الفاضل الدكتور تركي الهويمل، وقد تعرض - فيما أذكر - لمثل ذلك، إذ عقد مبحثا حول المجربات، فلعل الله تعالى ينفع بجهده وييسر خروج الكتاب.(/)
ما ذكره بعض المفسرين من أعمارهم أثناء تصنيفهم؟؟
ـ[أحمد الفقيه]ــــــــ[09 Aug 2008, 06:53 م]ـ
ما ذكره بعض المفسرين من أعمارهم أثناء تصنيفهم:
يقول الرازي في تفسيره الكبير ج18/ص116 - 117
: ((واعلم أن الاستعانة بالناس في دفع الظلم جائزة في الشريعة إلا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين فهذا وإن كان جائزاً لعامة الخلق إلا أن الأولى بالصديقين أن يقطعوا نظرهم عن الأسباب بالكلية وأن لا يشتغلوا إلا بمسبب الأسباب
الوجه الثاني في تأويل الآية أن يقال هب أنه تمسك بغير الله وطلب من ذلك الساقي أن يشرح حاله عند ذلك الملك إلا أنه كان من الواجب عليه أن لا يخلي ذلك الكلام من ذكر الله مثل أن يقول إن شاء الله أو قدر الله فلما أخلاه عن هذا الذكر وقع هذا الاستدراك
القول الثاني أن يقال إن قوله فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبّهِ راجع إلى الناجي والمعنى أن الشيطان أنسى ذلك الفتى أن يذكر يوسف للملك حتى طال الأمر فَلَبِثَ فِى السّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ بهذا السبب ومن الناس من قال القول الأول أولى لما روي عنه عليه السلام قال رحم الله يوسف لو لم يقل اذكرني عند ربك ما لبث في السجن وعن قتادة أن يوسف عليه السلام عوقب بسبب رجوعه إلى غير الله وعن إبراهيم التيمي أنه لما انتهى إلى باب السجن قال له صاحبه ما حاجتك قال أن تذكرني عند رب سوى الرب الذي قال يوسف وعن مالك لما قال يوسف للساقي اذكرني عند ربك قيل يا يوسف اتخذت من دوني وكيلاً لأطيلن حبسك فبكى يوسف وقال طول البلاء أنساني ذكر المولى فقلت هذه الكلمة فويل لإخوتي
قال مصنف الكتاب فخر الدين الرازي رحمه الله والذي جربته من أول عمري إلى آخره أن الإنسان كلما عول في أمر من الأمور على غير الله صار ذلك سبباً إلى البلاء والمحنة والشدة والرزية وإذا عول العبد على الله ولم يرجع إلى أحد من الخلق ذلك المطلوب على أحسن الوجوه فهذه التجربة قد استمرت لي من أول عمري إلى هذا الوقت الذي بلغت فيه إلى السابع والخمسين فعند هذا استقر قلبي على أنه لا مصلحة للإنسان في التعويل على شيء سوى فضل الله تعالى وإحسانه ومن الناس من رجح القول الثاني لأن صرف وسوسة الشيطان إلى ذلك الرجل أولى من صرفها إلى يوسف الصديق ولأن الاستعانة بالعباد في التخلص من الظلم جائزة
واعلم أن الحق هو القول الأول وما ذكره هذا القائل الثاني تمسك بظاهر الشريعة وما قرره القائل الأول تمسك بأسرار الحقيقة ومكارم الشريعة ومن كان له ذوق في مقام العبودية وشرب من مشرب التوحيد عرف أن الأمر كما ذكرناه وأيضاً ففي لفظ الآية ما يدل على أن هذا القول ضعيف لأنه لو كان المراد ذلك لقال فأنساه الشيطان ذكره لربه
المسألة الثالثة الاستعانة بغير الله في دفع الظلم جائزة في الشريعة لا إنكار عليه إلا أنه لما كان ذلك مستدركاً من المحققين المتوغلين في بحار العبودية لا جرم صار يوسف عليه السلام مؤاخذاً به وعند هذا نقول الذي يصير مؤاخذاً بهذا القدر لأن يصير مؤاخذاً بالإقدام على طلب الزنا ومكافأة الإحسان بالإساءة كان أولى فلما رأينا الله تعالى آخذه بهذا القدر ولم يؤاخذه في تلك القضية ألبتة وما عابه بل ذكره بأعظم وجوه المدح والثناء علمنا أنه عليه السلام كان مبرأ مما نسبه الجهال والحشوية إليه
المسألة الرابعة الشيطان يمكنه إلقاء الوسوسة وأما النسيان فلا لأنه عبارة عن إزالة العلم عن القلب والشيطان لا قدرة له عليه وإلا لكان قد أزال معرفة الله تعالى عن قلوب بني آدم
وجوابه أنه يمكنه من حيث إنه بوسوسته يدعو إلى سائر الأعمال واشتغال الإنسان بسائر الأعمال يمنعه عن استحضار ذلك العلم وتلك المعرفة))
يقول أبو حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط ج8/ص349
(( ... وفيه بعض تلخيص وإنما أوردنا كلام هذا الرجل في هذه المسألة لننظر فيما ذكر من تلك الوجوه
أما قصة شق وسطيح فليس فيها شيء من الإخبار بالغيب لأنه مما يخبر به رئي الكهان من الشياطين مسترقة السمع كما جاء في الحديث إنهم يسمعون الكلمة ويكذبون ويلقون إلى الكهنة ويزيد الكهنة للكلمة مائة كذبة وليس هذا من علم الغيب إذ تكلمت به الملائكة وتلقفها الجني وتلقفها منه الكاهن فالكاهن لم يعلم الغيب
وأما تعبير المنامات فالمعبر غير المعصوم لا يعبر بذلك على سبيل البت والقطع بل على سبيل الحزر والتخمين وقد يقع ما يعبر به وقد لا يقع
وأما الكاهنة البغدادية وما حكي عنها فحسبه عقلاً أن يستدل بأحوال امرأة لم يشاهدها ولو شاهد ذلك لكان في عقله ما يجوز أنه لبس عليه هذا وهو العالم المصنف الذي طبق ذكره الآفاق وهو الذي شكك في دلائل الفلاسفة وسامهم الخسف
وأما حكايته عن صاحب المعتبر فهو يهودي أظهر إسلامه وهو منتحل طريقة الفلاسفة وأما مشاهدته أصحاب الإلهامات الصادقة فلي من العمر نحو من ثلاث وسبعين سنة أصحب العلماء وأتردد إلى من ينتمي إلى الصلاح فلم أر أحداً منهم صاحب إلهام صادق
وأما الكرامات فلا أشك في صدور شيء منها لكن ذلك على سبيل الندرة وذلك في من سلف من صلحاء هذه الأمة وربما قد يكون في أعصارنا من تصدر منه الكرامات ولله تعالى أن يخص من شاء بما شاء والله الموفق))(/)
من بدائع ابن القيم رحمه الله
ـ[عبدالعزيز الجهني]ــــــــ[09 Aug 2008, 07:01 م]ـ
لابن القيم رحمه الله كلام بديع ذكره في كتاب التبيان في أيمان القرآن تعليقا على قوله تعالى في سورة الواقعة (فلولا إذا بلغت الحلقوم. وأنتم حينئذ تنظرون. ونحن أقرب إليه منكم ولكن لاتبصرون. فلولا إن كنتم غير مدينين. ترجعونها إن كنتم صادقين) قال رحمه المولى عز وجل: ولله ما أحسن جزالة هذه الألفاظ وفصاحتها ,وبلوغها أقصى مراتب البلاغة والفصاحة ,مع الاختصار التام ,وندائها إلى معناها من أقرب مكان ,واشتمالها على التوبيخ والتقرير والإلزام ,ودلائل الربوبية والتوحيد والبعث ,وفصل النزاع في معرفة الروح ,وأنها تصعد وتنزل وتنتقل من مكان إلى مكان.
وما أحسن إعادة لولا ثانيا قبل ذكر الفعل الذي يقتضيه الأول ,وجعل الحرفين يقتضيانه اقتضاء واحدا ,وذكر الشرط بين لولا الثانية وما تقتضيه من الفعل ,ثم الموالاة بين الشرط الأول والثاني ,مع الفصل بينهما بكلمة واحدة هي الرابطة بين لولا الأولى والثانية ,والشرط الأول والثاني ,وهذا تركيب يسجد العقل والسمع لمعناه ولفظه.
فتضمنت الآيتان تقريرا وتوبيخا واستدلالا على أصول الإيمان, من وجود الخالق سبحانه وكمال قدرته ونفوذ مشيئته وربوبيته ,وتصرفه في أرواح عباده ,حيث لايقدرون على التصرف فيها بشيء ,وأن أرواحهم بيده يذهب بها إذا شاء ويردها إذا شاء ,ويخلي أبدانهم منها تارة ويجمع بينها وبينها تارة ,وإثبات المعاد ,وصدق رسوله فيما أخبر به عنه ,وإثبات ملائكته ,وتقرير عبودية الخلق.
وأتى بهذا في صورة تحضيضين وتوبيخين وتقريرين وجوابين وشرطين وجزاءين ,منتظمة أحسن الانتظام ,ومتداخلة أحسن التداخل ,متعلقا بعضها ببعض. وهذا كلام لايقدر البشر على مثل نظمه ومعناه. انتهى كلامه رحمه الله ,وقد سقته لأحبتي في الملتقى لما فيه من لطافة وجمال وحسن بيان ,وفهم وتدبر لكلام الواحد الديان. رزقني الله وإياكم حسن الفهم وحسن التدبر, والله الموفق والمعين.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[10 Aug 2008, 12:03 ص]ـ
جزاكم الله يا دكتور عبد العزيز عن هذه اللطيفة خيرا وهو كلام نافع مفيد في بابه.(/)
صدر حديثاً: نحو جيل قرآني
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[10 Aug 2008, 08:31 ص]ـ
نحو جيل قرآني
لمجموعة من العلماء والمتخصصين في الدراسات القرآنية
الناشر: جمعية المحافظة على القرآن الكريم
www.hoffaz.org
الطبعة: الأولى (1429 - 2008م)
عقدت جمعية المحافظة على القرآن الكريم مؤتمرها القرآني الأول صيف عام (1427هـ-2006م)، بعنوان: "نحو جيل قرآني"، شارك فيه ثُلَّة من العلماء المتخصصين -من الأردن والسعودية ومصر والعراق والسودان واليمن وفلسطين وسوريا والإمارات- بأبحاث علمية جادَّة متخصِّصة.
وقد هيأت الجمعية الأسباب لطباعة مجموعة من أبحاث المؤتمر في كتاب قدَّمته للباحثين والمهتمين بالدراسات القرآنية.
ومن أبرز القضايا التي تناولتها أبحاث الكتاب: معالم الجيل القرآني الأول، وحاجة الأمة إلى جيل قرآني، ومعوقات إعداد الجيل القرآني والحلول المقترحة، كما عرضت بعض الأبحاث تجارب مؤسسات معاصرة في إعداد هذا الجيل.
تميز الكتاب بعرضه أفكار مجموعة من العلماء والمفكرين فيما يتعلق بموضوعه، ومن أبرزهم: أ. د. زغلول النجار، د. عبدالله بصفر، أ. د. أحمد حسن فرحات، أ. د. غانم قدوري الحمد، أ. د. أحمد شكري، أ. د. محمد المجالي، د. أحمد الفريح، وغيرهم.
يُذْكَر أن هذا الكتاب يحمل الرقم (29) من بين إصدارات الجمعية.(/)
فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[10 Aug 2008, 03:58 م]ـ
فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ
بقلم: بسام جرار - مركز نون
جاء في الآية 55 من سورة آل عمران:" إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ... ".
تنص الآية الكريمة على أنّ وجود أتباع عيسى، عليه السلام، سيستمر إلى يوم القيامة. وقد التبس ذلك على بعض أهل التفسير فذهبوا إلى القول بأنّ قانون الفوقيّة المنصوص عليه في الآية الكريمة يخص النصارى في مقابلة اليهود. وهذا فهم عجيب يتناقص مع أساسيات العقيدة الإسلامية والتي هي عقيدة المسيح، عليه السلام، وعقيدة الأنبياء والرسل من لدن آدم حتى محمد صلوات الله عليهم جميعاً. فلا يجوز لنا إذن أن نعتبر النصارى اليوم أتباعاً للمسيح عليه السلام.
جاء في الآية 14 من سورة الصف:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ ".
يُفهَمُ من الآية الكريمة أنّ دعوة عيسى، عليه السلام، قد نجحت لأنّ الفكرة أصبحت ظاهرة، ولا تكون الفكرة ظاهرة حتى تكون معلنة وغالبة. وينبغي أن لا نخلط بين ظهور الفكرة والظهور المادّي المتمثل بالظهور العسكري مثلاً، لأنّ العبرة بظهور الفكرة وإشراقها في النفوس. والسلطان الحقيقي هو سلطان الفكرة، لأنها المحرك الأساس للأفراد والمجتمعات؛ فلو نظرت اليوم إلى تسلط اليهود على الفلسطينيين في الأرض المقدّسة لوجدت أنّ السلطان الحقيقي هو سلطان الإسلام، لأنّه هو الموجه والمحرك للناس في فلسطين، ولوجدت أنّ الفكرة الصهيونية تعاني من الانحسار والتلاشي في نفوس الكثيرين من اليهود.
جاء في الآية 123 من سورة النحل:" ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ". وجاء في الآية 95 من سورة آل عمران:" قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ". وجاء في الآية 125 من سورة النساء:" وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ".
فنحن إذن من أتباع إبراهيم عليه السلام، وهذا لا يتناقض مع كوننا أتباعاً لمحمد، صلى الله عليه وسلم، لأنّ دين الله واحد، وهي مسيرة واحدة، ولواء واحد مذ رفعه آدم، عليه السلام. أما اختلاف الشرائع فمردّه إلى اختلاف أحوال الأمم والشعوب. بل أنت تجد في شريعة الإسلام اختلافاً في الأحكام الشرعيّة يناسب اختلاف الأحوال؛ فصلاة المسافر تختلف في بعض أحكامها عن صلاة المقيم، وكذلك الأمر في الصيام ... الخ.
فإذا كان محمد، عليه السلام، متّبعاً لملة إبراهيم فلا شك أنّ عيسى، عليه السلام، هو أيضاً مُتّبع لملة إبراهيم، عليه السلام. وإذا كنا أتباعاً لمحمد وإبراهيم، عليهما السلام، فإننا أيضاً أتباعاً لعيسى ولغيره من رسل الله الكرام، صلوات الله عليهم جميعاً. نقول ذلك لنبين أنّ قوله تعالى:" وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "، يُقصَد به أهل الإيمان الصحيح الذين لم ينقطع وجودهم في الأرض بعد عيسى، عليه السلام، واستمروا يحملون لواء الحق والحقيقة حتى بُعِث الرسول، صلى الله عليه وسلم. وبذلك تستمر مسيرة الحق إلى يوم القيامة. جاء في الحديث الصحيح:" لا تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرين ... "، وهذا كلام صريح باستمرار ظهور الفكرة إلى أن يرث الله تعالى الأرض وما عليها.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدارس لبعض ما كُتِب حول القرون الستة، من عيسى إلى محمد، عليهما السلام، يلاحظ أنّ هناك حركة ظاهرة كانت تستعلن بفكرتها الحقة، ومن ذلك الجماعة المسيحية المسماة الموحدون، وكذلك أصحاب الأخدود. بل إنّ قصّة إسلام سلمان الفارسي تُبين لنا حقيقة استمرار الرسالة الحقة؛ فهذا سلمان، رضي الله عنه، يتتلمذ على راهب، وعندما تحضر هذا الراهب الوفاة يوصي سلمان براهب آخر يلحق به ويتتلمذ عليه، وهكذا حتى يوصيه الأخير بأرضٍ ذاتِ نخيل سيظهر فيها النبي الخاتم، صلوات الله عليه. ويبدو أنّ إسلام هذه الجماعات الحاملة للحقيقة أدّى إلى انصهارها في الأمّة الإسلامية وبالتالي اندثار أخبارها، على خلاف الأمر في الجماعات النصرانية التي لم تُسلِم.
جاء في الآيتين 139 - 140 من سورة آل عمران:" وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ... "، معلوم أنّ هذه الآيات من سورة آل عمران جاءت تعقيباً على ما أصاب المسلمين في معركة أُحُد؛ فما ينبغي لمن استعلى بالفكرة الإيمانية الحقّة أن يضعف لمجرد هزيمة لحقت به في عالم الأشخاص، فما ذلك إلا قانون اقتضته الحكمة الربانية التي تُخرّج أتباعها وتنصر الحقيقة. فالسيطرة المادية للكفر في مرحلة من المراحل يجب أن لا يوهن من الفكرة الحقة التي تجعل من صاحبها الأعلى دائماً وفي كل الأحوال؛ فهذا بلال بن رباح، رضي الله عنه، ينتصر بفكرته وهو مطروح فوق الرمال الملتهبة يعاني جسده من سياط سيده الذي كان يشعر بعمق هزيمته أمام خادمه المستعلي بفكرته.
جاء في الآية 76 من سورة يوسف:" وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ "، بذلك يتبيّن أن الفوقيّة لا تعني دائماً فوقيّة ماديّة. ولا شك أنّ همّ عيسى، عليه السلام، كان دائماً الفكرة وانتصارها, وفوقيتها على الأفكار المناقضة لها. لذلك كان من المناسب أن يُطَمأن، عليه السلام، عند رفعه، فيُقال له:" وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ". ثم يأتي الوحي الكريم فيبرز لنا نحن المسلمين هذه الحقيقة، والتي هي قانون ربّاني يستمر إلى يوم القيامة، فأين مصداق ذلك في الواقع؟!
تتجلى فوقيّة الفكرة أولاً بشعور المؤمن بتفوقها على غيرها من الأفكار المناقضة لها، وثانياً بإحساس الكافرين بضعف فكرتهم وقصورها وعجزها عن المواجهة، وذلك عندما تكون ساحة المعركة هي العقول والقلوب والفطرة السويّة.
وإليك بعض مؤيدات تفوّق الفكرة الإسلامية:
1. على الرغم من تفوق الغرب علميّاً وتكنولوجياً واقتصادياً وعسكرياً، وعلى الرغم من كونه قبلة العالم في العلم والمعرفة، إلا أننا نجد أنّ التحول نحو الفكرة الإسلاميّة من الظواهر المتصاعدة في المجتمعات الغربية. في المقابل نجد أنّ المجتمعات الإسلامية تُعجَب بمدنيّة الغرب ولكنها في المقابل باتت لا تقبل فلسفته. من هنا لا نلحظ أي تحول نحو العقيدة المسيحية، على الرغم من توافر الدواعي الكثيرة المشجعة على ذلك.
2. تُعتبر فرنسا الدولة الرائدة في تاريخ الديموقراطيات الغربية، حيث كانت الثورة الفرنسية المثال والقدوة لجميع الأوروبيين. وعلى الرغم من ذلك نجد أنّ الجمهورية الفرنسيّة العريقة تضيق ذرعاً بعدد قليل من الطالبات الصغيرات اللواتي يلبسن الحجاب المجتزء والمتمثل بغطاء الرأس، فتشهر سلاح القانون في وجوههنّ البريئة تحت زعم أنّ ذلك من أجل حماية القيم الديموقراطية. نعم، فمن أجل حماية قيم الديموقراطية، لا بد من الانقضاض على أبسط مبادئ الديموقراطيّة!! وعندما نعلم أنّ المَدْرسة فرنسية، وأنّ المُدرّس فرنسي، وعندما نعلم أنّ الطالبات صغيرات يمكن التأثير عليهن واستيعابهن ومسح أدمغتهن في اتجاه الفكرة الغربية، عندما نعلم ذلك كله ندرك أنّ الجمهورية الفرنسية بعظمتها وعراقتها قد باتت تشعر بالدونيّة في مواجهة الفكرة الإسلاميّة، وباتت مدركة لعجزها عن التأثير حتى في فكر الطفل المتلقي. وأدّى هذا الشعور بالعجز والدونيّة العقائديّة إلى الانقضاض على أهم مبادئها، ولم تبال أن كشفت عورتها أمام العالم. ويمكننا أن نفهم دوافع مثل هذه التصرفات، والتي لا يمكن أن تكون تصرفات الواثق الذي يشعر بتفوقه تجاه الآخرين. أما رفع الصوت والتغنّي بالقيم الغربية فلا يدل إطلاقاً على ثقة الغرب بقوة فكرته وأناقتها، بل إنّ الأمر على العكس من ذلك تماماً.
3. المستقرئ للفكر الاستشراقي والتبشيري الغربي يجد أنّ الاهتمام الأول عندهم هو بالفكرة الإسلاميّة. ويدهشك الكم الهائل من الإنتاج الفكري الذي يهدف إلى تزييف الفكرة الإسلاميّة دون غيرها من الأفكار. وهذا يدل على شعورهم بقدرة الفكرة الإسلاميّة على اختراق حصونهم الفكريّة. ويندر أن تشعر بموضوعيّة هؤلاء عندما يتحدثون عن الإسلام. أمّا إذا كان حديثهم عن غير الإسلام فإنّ الموضوعيّة تتجلى لديهم في أفضل صورها. وهذا يشير إلى شعورهم العميق بتفوق الفكرة الإسلاميّة.(/)
الفهارس والكنوز المخبوءة في التفاسير
ـ[نهاية الأرب]ــــــــ[10 Aug 2008, 11:42 م]ـ
لاشك أن التفاسير الكبار مليئة بفوائد ونفائس تشد إليها الرحال، لكنها في مطاوي الصفحات قابعة بين أثناء السطور، ولم يرها إلا القلة ممن قرأ ذاك الكتاب، ولم يدونها إلا بعض القارئين، وهي تحتاج إلى خريتٍ ذي همة ليستخرجها.
والحقيقة أننا اليوم أحوج ما نكون للفهارس الموضوعية التي تفهرس الفوائد على الفنون، وتقرب الفوائد التي في غير المظان. ومن جميل كلام الدكتور محمود الطناحي رحمه الله قوله: ولو كان لي من الأمر شيءٌ في الدراسات العليا بالجامعات العربية لجعلت موضوع الماجستير والدكتوراه فهرسة كتاب من كتب التراث فهرسةً تفصيلية كاشفة. وسوف يكون هذا العمل مجدياً على الطالب وعلى الدراسات العليا نفسها، بدلاً من هذه الموضوعات التي تهرَّأت واستهلكت، وأصبحنا بها ندور حول أنفسنا. فإذا فُهرست كتب كل فنٍ من فنون التراث على هذا النحو الكاشف الجامع: أمكن لنا أن نقدم صورة حقيقية لفكرنا العربي الإسلامي، بدلاً من أن نغرق في مدحه ببلاهة، أو نسرف في ذمه بجهل. اهـ.
فيؤخذ- مثلاً- كتاب المغني لابن قدامة أو فتح الباري لابن حجر ونحوهما، فيقرَّر على الطالب أن يفهرس المسائل الفقهية، وآخر المسائل اللغوية وثالث للروايات التفسيرية .. وهكذا. وأذكر أن الشيخ ابن عقيل الظاهري اقترح مثل هذا.
فأقول: لم لا يؤخذ -على سبيل المثال- التحرير والتنوير لابن عاشور، وتفهرس فوائده فهرسة موضوعية، فيأتي المفسر ليفهرس تعقباته على المفسرين، ومسائل علوم القرآن ونحوها، ويأتي متخصص في اللغة ليفهرس مسائل اللغة والنحو البلاغة، وآخر لمسائل الفقه والحديث والاجتماع ...
فلا يجادل ذو نُهية في أهمية هذه الفهارس وجدواها.
وإنني أظن –والعلم عندالله- أن السيوطي كان يفهرس كتبه بهذه الطريقة، فإن الناظر في تآليفه يتعجب من التنظيم والترتيب، وضم النظير إلى النظير، واستخراج الفوائد من غير المظان، كل ذلك مع عزو القول لقائله وكتابه، وقد افتخر هو بهذه السجيَّة. واستظهر الدكتور الخرَّاط عن البغدادي صاحب الخزانة مثل هذا. بل لقد صرح الشيخ عظيمة في مفتتح كتابه العظيم: دراسات لأسلوب القرآن، أنه لم يؤلِّف هذا الكتاب حتى آب إلى كثيرٍ من الكتب ففهرس مسائل النحو وتوجيه القراءات فيها.
وهناك بعض الجهود المباركة التي نتمنى أن تصرف إلى مثلها أسنمة الأوقات، منها:
فهرس الشيخ عظيمة على كتاب سيبويه، وفهارس عبدالسلام هارون الكثيرة، وفهارس مسائل اللغة والنحو في تفسير الطبري لمحمود شاكر، وفهرس لخصائص ابن جني، وفهارس الشيخ مشهور بن حسن على مايحقق مثل إعلام الموقعين والموافقات وكشافه على تفسير القرطبي (وقد أخذته طبعة مؤسسة الرسالة لتفسير القرطبي دون الإشارة إليه!!)، ومثل كتب شيخ الإسلام وابن القيم التي تصدر عن دار عالم الفوائد وأشرف عليها الشيخ بكر أبوزيد؛ فإنهم التزموا الفهارس اللفظية، ومن آخر ماصدر المفتاح الكبير لتفسير ابن كثير لسمير إسماعيل، في جهود مباركة أخر.
وإنني أتساءل ما الذي يصرف الجهود عن مثل هذه الأعمال؟
أهو طمع الناشرين وعدم تبنيهم لها لقلة عائدها المالي، مثل ماعانى معهم الشيخ مصطفى البيومي المفهرس المشهور؟
أم لأن عمل الفهارس جافٌّ ممل؟
أم كما يقول الأستاذ محيي الدين عبدالحميد: بدل أن أشتغل بفهرسة كتاب أحقق ثلاثة كتب أخر؟
لا أعلم، لكنني أرجو أن نخرج - وقد يكون من هذا الملتقى المبارك- بفهرسة أحد التفاسير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 May 2009, 10:59 م]ـ
بارك الله فيكم يا أبا عمار، وهي فكرة قيمة لو تيسر تنفيذها لكان نفعها عظيماً للمفهرس والباحث على حد سواء.(/)
اليسوع يعني (عيسى) العائد بعد الرفع
ـ[العرابلي]ــــــــ[11 Aug 2008, 03:25 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اليسوع هو عيسى عليه السلام العائد بعد الرفع
قبل البحث لغويًا في يسوع (وهو من مادة سوع) لمعرفة سبب تسميته؛ نستعرض بعض ما في الجذور التي تتقدم فيها السين على العين ومعهما أحد حروف العلة.
الساعة من "سوع" وهي جزء من الزمن، وهو جزء من أربع وعشرين جزءًا من زمن متواصل، يتكون منها الليل والنهار، والساعة جزء من الزمن تؤدى فيه مهمة وعمل، ولذلك تدل على المشقة، قال تعالى: (لَقَدْ تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (117) التوبة، لذلك يسمى يوم البعث بقيام الساعة لأن الدنيا تنتهي فيها لتبدأ بعدها الآخرة، ولما يجري فيه من الحساب والشدائد، وما أن تذكر حتى يثار في النفس الخوف والهلع جراء التهديد والوعيد بها.
قال تعالى: (قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ لَّا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ (30) سبأ، وفي هذه الآية وجميع الآيات التي مثلها يقول تعالى: "لا تستأخرون ساعة" ولم يقل "تستقدمون ساعة" لأنه في التأخير زيادة وامتداد في الزمن، وإذا علم بالساعة وأنها قد أخرت قام يستعد لها بكل اجتهاد فيه مشقة عليه ..... أما لو تقدمت وهو في غفلة ولو عرف تقدمها لم يكن هناك أي متسع من الوقت لعمل أي شيء ينفعه عند ربه، فذكرت الساعة مع التأخير ولم تذكر مع التقديم.
وساع الماء والسراب: اضطرب وجرى على وجه الأرض، فالماء بهذه الحالة يكون مليئًا بالطين ومنتشرًا على وجه الأرض، وتسوء رؤية ما فيه وفي السراب، وسيَّع الحائط: طينه بالطين، أي بسط الطين عليه إصلاحًا له حتى يدوم عمره، وسيع السفينة كذلك: طلاها بالقار طليًا خفيفًا، وأسعت الشيء أضعته، وناقة مسياع ضائعة مهملة تصبر على الجوع والجفاء وسوء القيام عليها فهي تنبسط في الأرض بلا راع يرعاها، وفي كل ذلك كان في امتداد وسعة وزيادة.
ووسع المكان والحفرة، صار فيه أو فيها امتداد وزيادة لوضع المزيد.
والسعي: العمل، والقصد، والمشي، والمضي، والذهاب، وفي كل ذلك عمل وسعي، (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى (41) النجم، أي أن له عمله، وما امتد فوق ذلك من سيره وطلبه للمزيد من الرزق، وقضاء الحوائج، والانبساط في الأفعال الحسنة والسيئة، وقد يكون من سعيه فوق عمله فعل غيره ممن اقتدى به في الخير أو الشر.
وفي كل ما ذكرناه كان هناك زيادة فوق المقدار في الاتساع، والسعي، والساعة، والتسيع.
وسواع من مادة "سوع": اسم صنم عبده قوم نوح عليه السلام، ثم بعثه الشيطان بعد الطوفان فعبدته هذيل، فزادت بذلك مدة عبادة المشركين له.
ويسوع المسيح عليه السلام من مادة "سوع"، ويسوع كما ورد في اللسان هو اسم جاهلي، أي قد عرف عند العرب قبل الإسلام، فعيسى عليه السلام زادت في عمره زيادة لم تحصل لغيره، فهو سيعيش حياة ثانية بين الناس، بعد انقطاع قارب الألفي عام لو نزل اليوم بيننا.
فلما رفع عيسى عليه السلام في أول الثلاثينات من عمره، وقد اكتمل شبابه وأصبح كهلا، فيفهم من تسمية -أهل الكتاب خاصة- لعيسى ابن مريم عليه السلام باليسوع أن هناك زيادة ستحصل في حياة المسيح عليه السلام فوق التي عاشها، وسيكون فيها شدة وعمل، ومن ذلك العمل محاربة وقتل المسيح الدجال، فمسيح الهدى يقتل المسيح الدجال الذي مسح الله عينه ومسخ خلقه.
وعلى ذلك فدلالة تسمية عيسى عليه السلام باليسوع على أنه العائد بعد طول غياب، والزائد في عمره فوق المقدار الذي عاشه قبل وفاته ورفعه. ومرجعية هذا الاسم أتت من إخبار المسيح عليه السلام للحواريين بعودته؛ لأنهم كانوا على علم ومعرفة بوفاته عليه السلام ورفعه، والمتوقع أن الوفاة والرفع تمت أمام أعينهم وشاهدوها.
وجاء في تفسير ابن كثير (الآيات 155 - 159): (وأظهر اليهود أنهم سعوا في صلبه، وتبجحوا بذلك، وسلم لهم طوائف من النصارى، ذلك لجهلهم وقلة عقلهم، ما عدا من كان في البيت مع المسيح، فإنهم شاهدوا رفعه، وأما الباقون فإنهم ظنوا كما ظن اليهود أن المصلوب هو المسيح ابن مريم عليه السلام .... من امتحان الله عباده لما له في ذلك من الحكمة البالغة وقد أوضح الله الأمر وجلاه وبينه وأظهره في القرآن العظيم). (155 - 159) من سورة النساء.
أبو مُسْلم/ عبد المجيد العرابْلي(/)
تعريف بتفسير (رد الاذهان إلى معاني القرآن) لرئيس قضاة نيجيريا الشيخ أبو بكر غومي (19
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[12 Aug 2008, 06:28 ص]ـ
تعريف بتفسير (رد الاذهان إلى معاني القرآن) لرئيس قضاة نيجيريا الشيخ أبو بكر غومي (1924 - 1992م)
أهداني أحد طلبتي النجباء من نيجيريا هذا التفسير الذي ما إن وقع تحت يدي حتى انكببت عليه بالقراءة المصحوبة بالغرابة والشوق، أما الغرابة فكان منشؤها أن هذا التفسير مليء باللطائف التفسيرية رغم وجازته ومع هذا لم نجد له ذكر بين من يتحدث عن التفاسير الحديثة، وأما الشوق فلرغبتي أن أنقل لأخوتي في هذا الملتقى شيئا من التعريف به وفاء لصاحبه رحمه الله تعالى:
اسم التفسير: رد الأذهان إلى معاني القرآن
طبع ما يزيد على الخمس طبعات، فالطبعة التي بين يدي هي الخامسة وهذا الذي زادني غرابة أنه لم نعرف عنه من قبل
التفسير جاء في مجلد واحد ويحوي جزأين ألأول إلى سورة الكهف من صفحة (1 - 395)، والثاني إلى سورة الناس من صفحة (396 - 827) مطبوع بهامش المصحف الشريف.
سأقوم اليوم بالتعريف بصاحب التفسير، ويتبع بإذن الله تعالى التعريف بمنهج المفسر وما تميز به التفسير
التعريف بصاحب التفسير:
هو أبو بكر محمود جومي يصفه بعضهم بالترجمان الأفريقي للقرآن الكريم؛ ويقال أنه كان -بحق- الجسر الأفريقي الهوساوي إلى عالم كتاب الله العظيم؛ قال عنه الناشر في مقدمة تفسيره: " فريد عصره الداعي إلى سبيل الرشاد، قامع البدع وكل ألوان الشرك رئيس القضاة بشمالية نيجيريا، عضو المجاس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي".
فهو صاحب الترجمة المشهورة لمعاني القرآن الكريم إلى الهوساوية جهوده التي يتكلم بها ما يزيد عن مائة مليون شخص في معظم دول غرب أفريقيا. وهو الذي طبع في مجمع الملك فهد.
ومع شح من ترجم لهذه الشخصية وحرصي على طلب المزيد عن حياته، فانني سأعرض لها نقلا عما وجدته مثبتا في الصفحة الأولى من تفسيره حيث لم تزد على خمسة أسطر، وقد وجدت في بعض المقالات المنشورة على النت من ترجم له بإيجاز: نشر على موقع اسلام اون لاين
ولد الشيخ أبو بكر بن محمود غومي عام 1314هـ الموافق السابع من شهر نوفمبر من العام 1924م، في قرية تسمى "غومي" GUMI، أحد المراكز التابعة لولاية صوكوتو سابقا، والتابعة لولاية زامفرا حاليا.
نشأ الشيخ غومي في حجر والده الذي كان قاضيا وتلقى منه القرآن ومبادئ الدين، وقد تعهده بالعناية وحسن التربية فداوم على اصطحابه إلى مجالس العلم ومنازل العلماء، وكان يتعمد سؤاله في بعض المسائل والقضايا ليتيح له فرصة بناء الثقة والاعتزاز بالنفس، وكان أن ألحقه أبوه بالتعليم الابتدائي بقرية "دوغن داجي" على نهج التعليم الغربي النصراني، ورغم المعارضة الشديدة لهذا التعليم في المجتمع الهوساوي فإن أباه أصر على ذلك رغبة منه في أن يجمع بين التعليم العربي والإنجليزي الجديد، ثم المدرسة الوسطى في صوكوتو وحصل منها على شهادة المعلمين "المرتبة الرابعة".
ونظرا لذكائه الشديد بعد تخرجه التحق بـ"المدرسة الوطنية للطلبة الموهوبين لأبناء شمال نيجيريا"، والتحق بعدها بمدرسة العلوم العربية (كلية القضاء) بكانو، ومنها تعلم العربية والدراسات الإسلامية لمدة خمس سنوات، تخرج فيها عام 1947م، ثم حصل على منحة دراسية في معهد التربية في بخت الرضا بالسودان، ونال شهادة الدبلوم العالي في القضاء الشرعي عام 1955م.
كما تتلمذ الشيخ غومي على أيدي علماء محليين نيجيريين، منهم الشيخ جنيد بن محمد البخاري، وزير صوكوتو السابق، والشيخ ناصر الدين كبرا زعيم الطريقة القادرية في نيجيريا، والشيخ "معلم شيهو يابو"، كما أخذ عن عالم لبناني يدعى "سعيد ياسين" رواية حفص عن عاصم في علم القراءات.
(يُتْبَعُ)
(/)
بدأ الشيخ غومي نشاطاته العملية بالعمل في سلك التعليم ثم السلك القضائي، حيث عين قاضيا شرعيا بإحدى المحاكم الشرعية بقرية من القرى التابعة لمدينة صوكوتو عام 1947م، ثم عاد إلى العمل في التدريس في مدرسة العلوم الشرعية بكانو عام 1951م، وبعدها انتقل إلى مدينة مرو للتدريس، ثم عاد مرة ثانية إلى مجال القضاء فعين نائبا لقاضي قضاة الشرعيين لإقليم شمال نيجيريا، ثم تولى منصب قاضي القضاة في شمال نيجيريا بلقب "كبير القضاة" مكث في هذا المنصب منذ مطلع الستينيات إلى منتصف السبعينيات.
كما تولى منصب المستشار الديني لرئيس وزراء إقليم شمال نيجيريا في عهد (الزعيم أحمد بللو)، وعين مديرا عاما لمجلس الشورى للشئون الدينية بإقليم شمال نيجيريا، وترأس الهيئة الوطنية لشئون الحج والحجاج لمنطقة شمال نيجيريا.
إضافة إلى ذلك كانت له عضوية العديد من الهيئات الإسلامية داخل نيجيريا وخارجها، فهو عضو مؤسس لمجلس جماعة نصر الإسلام (أقدم وأكبر هيئة إسلامية في نيجيريا) وكان عضوا بالمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، وعضوا بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في نيجيريا، والمجلس الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
وحصل الشيخ غومي على العديد من الأوسمة والجوائز التقديرية، منها الدكتوراة الفخرية في كل من جامعة أحمد بللو بزاريا شمال نيجيريا وجامعة إبادن جنوب نيجيريا، ووسام الدرجة العثمانية من دولة رئيس الوزراء لشمال نيجيريا، وجائزة الدولة التقديرية من حكومة نيجيريا الفدرالية، ثم جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام عام 1987م من المملكة العربية السعودية.
التعريف بترجمته لمعاني القرآن الكريم
يشير بعضهم إلى أن ترجمته للقرآن تأتي في مقدمة أعماله وتتسم الترجمة بالإتقان، وروعي فيها مميزات الأسلوب القرآني والقواعد العربية، فلم تكن مجرد ترجمة حرفية ولم يخرج بالتطويل في شرح المعاني عن المقصود، قام بها بمفرده، ثم تعاون معه بالمراجعة نفر من علماء المسلمين المخلصين الناطقين بلغة الهوسا، وممن يجيدون ويتقنون اللغة العربية من علماء قبائل الهوسا في منطقة شمال نيجيريا، وساعد الشيخ غومي أنه كان يجيد إلى جانب اللغتين العربية ولغته الأم الهوسا. الإنجليزية
وقد استغرق عمله في إعداد هذه الترجمة ومراجعتها وطبعها ما يزيد عن سبع سنوات، من شعبان 1391هـ حتى المحرم 1399هـ، وطبعت أربع طبعات، الأولى عام 1979م، والثانية عام 1982م، من طباعة الدار العربية للنشر ببيروت، وقد طبعتا على نفقة الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود، وظهرت الطبعة الثالثة عام 1407هـ والرابعة عام 1414هـ، وقد طبعتا في مجمع الملك فهد بن عبد العزيز لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية.
وقد تم تداول هذه الترجمة بين عموم الشعب الهوساوي في كل من نيجيريا والنيجر وغانا وتوغو وساحل العاج وتشاد وغيرها من المجتمعات الأفريقية التي تنتشر وتسود فيها لغة الهوسا، كما وفرت تلك الترجمة مادة علمية لطلبة العلم والباحثين على السواء، فضلا عن كونها مرجعا للعامة لفهم المعاني القرآنية لنصوص الأحكام والتوجيهات.
يعتبر الشيخ جومي من جدد الدعوة الإصلاحية التي تزعمها الشيخ المفسر عثمان بن فودي التي قامت في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي لنشر الإسلام وحضارته في بلاد الهوسا وغرب أفريقيا؛ كان منطلق دعوته مرتكزا على مجال الإصلاح الديني والتجديد الفكري من خلال تصحيح المفاهيم المغلوطة في الأفكار والممارسات، بالتركيز على مظاهر البدع في العبادات والتجاوزات الأخرى ومع هذا وجد من يتهمه بالتفويض وهو ما رده بعض الكتاب ونفى ذلك عنه بسوق طرف من كلامه وقد قرآت تعليقه على الكلام المنسوب إليه، ومن أحب أن يراجعه فلينظر في كتاب:
استواء الله على العرش بين تسليم السلف وتأويل الخلف / للباحث أبي رملة محمد المنصور إبراهيم (باحث بمركز الدراسات الإسلامية بجامعة عثمان بن فودي) سكتو، نيجيريا موجود عندي ومن رغب نحمله له فهو موجود عندي على صيغة وورد.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد اتخذت دعوة الشيخ الغومي شعار: "إزالة البدع وإقامة السنة"، وكانت مجالس دروسه للدعوة والتدريس تعج بجماهير غفيرة من مختلف شرائح المجتمع، حيث جذبهم أسلوبه المتميز في الإلقاء ومنهجه في شرح المسائل وطرح الأفكار، والتي ظلت تذاع على الهواء عبر إذاعة نيجيريا بكادونا لمدة أكثر من ربع قرن؛ وهو ما جعل لها أكبر الأثر في توسيع قاعدة الانتشار والاستفادة من علمه وثقافته الدعوية، وقد شملت جهوده الدعوية القادة السياسيين وغير المسلمين، فاهتدى عن طريقها عدد كبير من النصارى والوثنيين.
وقد توجت جهوده في هذا المجال بإنشاء منظمة دينية لتنظيم الجهود العلمية والدعوية وتنسيقها في هذا الاتجاه تحت راية "جماعة إزالة البدعة وإقامة السنة" والتي انتظمت تحت لوائها مئات آلاف من الأتباع والمؤيدين، كما حمل غومي بشدة في دعوته على ظاهرة التقليد الأعمى المنتشرة في أوساط طلبة العلم في نيجيريا ودعا إلى نبذها، وبخاصة بعد أن استشرت الظاهرة
آثاره:
1 - في العقيدة: العقيدة الصحيحة بموافقة الشريعة" باللغة العربية، ومراتب الإسلام" بالهوسا
2 - في الحديث: "الورد العظيم من الأحاديث والقرآن الكريم"بالعربية
3 - في الفقه: مناسك الحج والعمرة"،
4 - في الأدب كتاب "ديوان غومي" بالعربية.
5 - في الاقتصاد الاسلامي: "قضايا في الاقتصاد والتعامل مع البنوك الربوية
وفي التفسير وهو ما يعنينا إضافة إلى ترجمته لمعاني القرآن الكريم (هذا التفسير الموسوم ب
رد الأذهان إلى معاني القرآن
وكما خصص جزءا من مؤلفاته للعكوف على ترجمة بعض الكتب العربية إلى لغة الهوسا، لا سيما بعض كتب الشيخ عثمان بن فودي، منها كتاب "نور الألباب في مسائل التوحيد والعقيدة"، وكتاب "أصول الدين في مسائل الاعتقاد"، وكتاب "هداية الطلاب في أهم مسائل الدين"، ومن بين الرسائل الصغيرة التي ترجمها إلى الهوسا كتاب" القاديانية".
وقد أثار كتاباه "رد الأذهان إلى معاني القرآن" في التفسير و"العقيدة الصحيحة بموافقة الشريعة" جدلا واسعا في أواسط العلماء وطلبة العلم، بسبب هجومه السافر على المفسرين في الأول تحت عنوان "تهافت بعض المفسرين" على خلفية إيرادهم واعتمادهم على الإسرائيليات من القصص والروايات، وبسبب رده في كتابه الثاني على الغلاة المبتدعة من المتصوفة؛ فقد انتقد بلهجة شديدة ما في كتاب الفيوضات الربانية من كتب القادرية، وما جاء في كتاب جواهر المعاني من كتب التيجانية، واعترض على الشطحات الصوفية وبعض الأوراد مثل صلاة الفاتح المشهورة بين العلماء في غرب أفريقيا، وشن هجوما عنيفا على مشايخ الطرق الصوفية خاصة من المعاصرين له.
وتوفي الشيخ أبو بكر غومي عام 1992م إثر تعرضه لسكتة دماغية، بعد مشوار علمي وفكري حافل، رحمه الله رحمة واسعة.
أترككم هنا لتبقوا في شوق لمعرفة المزيد عن التفسير
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[12 Aug 2008, 09:27 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
رحم الله الشيخ أبو بكر غومي و جزاه على القرآن و الإسلام و المسلمين خير الجزاء و أوفره. و أسكنه فسيح جناته ...
و بارك الله فيك أيها الأخ الكريم الفاضل الدكتور عبد الله الجيوسي على تعريفك الماتع بهذه الشخصية العلمية التي نجهل عنها كل شيء، و التى أظهرت لنا عنها و ذكرت لها كل هذه الخدمات الجليلة التي أسدتها لكتاب الله و رسالة نبيه صلى الله عليه و سلم ...
زدنا من علمك زادك الله من فضله.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Aug 2008, 02:42 م]ـ
لعلماء نيجيريا وخاصة الشمال مثل صكتو وغيرها جهود علمية مشكورة تستحق الإشارة والتعريف، وقد وقعتُ على التفسير الذي ذكرتم يا أبا البراء وهو ممتع حقاً وفيه فوائد بيعة رغم وجازته. ولكن السبب في عدم تداوله ضعف التواصل أو انقطاعه بين المشرق وتلك الجهة من أفريقيا. وهناك علماء آخرون غير غومي جديرون بالتعريف ولعل الله يهيئ فرصة للتعريف بهم في الملتقى كما فعلتم في هذه المقالة فجزاكم الله خيراً. علماً أن الإخوان في تلك البلاد النائية يشاركون معنا في الملتقى ويتابعونه جيداً ولعلهم ينشطون للكتابة والتعريف بعلماء بلادهم. وأعرف منهم صديقاً ناقش الدكتوراه قبل أسبوعين تقريباً وفقه الله وكانت رسالته تحقيقاً لجامع فتاوى الشيخ عثمان فودي رحمه الله مؤسس تلك الدولة الصكتية التي ما زالت ثمارها وآثارها الحميدة حتى اليوم، وباسمه جامعة عثمان فودي في شمال نيجيريا.
ـ[عبدالسلام شيث]ــــــــ[14 Aug 2010, 01:36 م]ـ
جزاكم الله خيرا يا فضيلة المشرف وأحسن الله إليك على هذه الترجمة المفيدة, ومع أنني من نفس بلد الشيخ رحمه الله لكن وجدت منكم في ترجمته ما لم أعرفه قبل هذا. وبالنسبة لكتاب الشيخ رحمه الله تعالى فالذي يريد أن يقف عليه فهو موجود في مكتبة المسجد النبوي وهي الطبعة الثانية للكتاب يقع في مجلدين. والشيخ رحمه الله له ولد يدرس حاليا في جامعة أم القرى بمكة المكرمة مرحلة الدكتورة في أصول الفقه. اسمه: أحمد أبوبكر محمود جومي. ويمكن الاتصال به للمزيد مما يتعلق بالشيخ رحمه الله تعالى. وشكرا لكم(/)
سؤال /ما هي عن الايات المنسيه؟؟؟
ـ[بندرالبكري]ــــــــ[12 Aug 2008, 09:32 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1 - قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
2 - قال تعالى (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ {16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)
3 - قال تعالى (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
إخواني الكرام ..
أولا
أنا لست متخصص في علوم القران ولا الشريعة لذا فلا تستغربوا سؤالي.
ثانيا /
منذ فترة و هذا السؤال يداعب أفكاري ولكني لم أجد موقعا ولا شخصا أجد له لديه الجواب أفضل من هذا الموقع
لذا بادرت بوضع الاستفسار هنا عسى ولعل أن أجد الجواب الكافي الشافي.
ثالثا /
في الآية رقم (3) جاء الله سبحانه وتعالى بكلمتين هي (ننسخ) و (ننسها)، فالأولي لا خلاف عندي عليها فهناك أوامر وهناك منهيات نُسخت في الإسلام ومنها شرب الخمر.
ولكن كلمة (ننسها) هذه الكلمة التي بدأت تدور حولها الأسئلة ..
لقد قرأت لها تفسير وكان لها بعض المعاني ومن تلك التفسيرات ما قيل انه يقصد بها
ما تركه الله في اللوح المحفوظ ولم ينزله
ومنهم من قال ان معناها انه نزلت علي رسول الله صلى الله عليه وسلم آيات ولكنه جل شأنه أنساها رسوله صلى الله عليه وسلم.
الاسئلة /
- هل افهم إن هذه الايه رقم (3) هي ناسخه للآية رقم (2) و الآية رقم (1) أو أن النسخ بالعكس؟
-ما ارتباط الآية رقم (3) بالآيات الأخرى بالآية رقم (2) خصوصا انه في الآية يقول لا تحرك لسانك ان علينا حفظه.
-قال تعالى (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)
هل هذه الاية تنطبق علي كلمة (ننسها) بمعنى ان الله انسى او أخفى علينا بعض الأمور
لذا لم نعلم إلا قليلاً فلو ان الله لم (يُنسى) تلك الآيات لكان وصل كل العلم ..
مع إني اعلم ان الأعجاز العلمي في القرآن مازال في تجديد كل يوم وقد نكتشف اليوم او غداً شئ جديد من الإعجاز العلمي في القرآن ..
ارجوا الله لكم التوفيق جميعا وللشيخ عبد الرحمن الشهري، وكل القائمين علي هذا الموقع لهم الاجر والمثوبه علي ما يقدموه من علم ومعرفة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Aug 2008, 04:59 م]ـ
مرحباً بالأخ الكريم بندر بين إخوان في ملتقى أهل التفسير ونسأل الله لك العلم النافع والتوفيق لكل خير ونشكرك على حسن ظنك بإخوانك في الملتقى ونرجو أن نكون عند حسن الظن.
هذه الآيات التي سالت عنها من الآيات العظيمة التي اشتملت على الكثير من المعاني والأحكام. وللمفسرين في بيان معانيها كلام جيد مبين. والآيات التي سميتها أنت (الآيات المنسية) هي الآيات التي نسيها النبي صلى الله وسلم تماماً ورفعت من صدره ولم تكتب في الألواح والصحف بتقدير الله سبحانه وتعالى. ولست أذكر هل لها أمثلة أم لا لكن لعل البحث يتصل في هذا الموضوع لاحقاً.
هل أفهم أن هذه الايه رقم (3) هي ناسخه للآية رقم (2) و الآية رقم (1) أو أن النسخ بالعكس؟
ليست الآية التي ذكر فيها النسخ ناسخةً ورافعة لحكم الآيتين رقم 1 و 2 في كلامكم السابق. وحفظ الله للقرآن الكريم الذي اراد له الإحكام والاستمرار باقٍ إلى أن يرفع الله القرآن من الصدور وإلى أن يشاء الله. وكذلك جمعه في صدر النبي صلى الله عليه وسلم وحفظه عليه تم حتى بلغ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن كما أنزل وكما أُمِرَ.
والمقصود بالنسخ في القرآن له دلالات وتفصيلات يمكنك الرجوع في معرفته إلى الموضوعات التالية في الملتقى:
- مجالس في دراسة بعض موضوعات علوم القرآن (المجلس الخامس: وقفات حول النسخ في القرآن) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=25)
- الآيات المنسوخة في القرآن الكريم ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=849).
- مفهوم النسخ عند الطبري وأثره على تعليقاته على تفسير السلف، مع بيان مصطلحهم في ذلك. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1229)
- النسخ في القرآن - رأي آخر. ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1630)
(يُتْبَعُ)
(/)
- علم السياق القرآني [11] (االناسخ والمنسوخ وصلته بالسياق) ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=7794).
- آية نص ابن عبد البر على الإجماع على نسخها؛ وليس الأمر كذلك ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=321)!
- معنى النسخ عند السلف والخطأ في فهمه ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=9863) .
- المنسوخ من آيات القرآن الكريم. ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=849)
- تعليقات الشيخ مساعد الطيار على الناسخ والمنسوخ ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=12491).
- ما ارتباط الآية رقم (3) بالآيات الأخرى بالآية رقم (2) خصوصا انه في الآية يقول لا تحرك لسانك ان علينا حفظه.
المقصود بحفظه هنا ضمان عدم نسيانك يا محمد للقرآن الذي ينزل به جبريل عليك بعد انصرافه عنك. وسبب نزول الآية يكشف لك ذلك حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يجد مشقة في متابعة الوحي الذي ينزل به جبريل فيحرك لسانه بالقرآن أثناء قراءة جبريل عليه. فنزلت هذه الاية تطمئن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن ينسى شيئاً مما نزل به جبريل عليه. لكن النسخ يكون بأمر الله وبتقديره فيرفع ما يشاء من الآيات تماماً ويكون هذا نسخاً للحكم وللتلاوة مما لعلك تقرؤه في تفصيل موضوع النسخ وأنواعه.
-قال تعالى (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)
هل هذه الاية تنطبق علي كلمة (ننسها) بمعنى ان الله انسى او أخفى علينا بعض الأمور. لذا لم نعلم إلا قليلاً فلو ان الله لم (يُنسى) تلك الآيات لكان وصل كل العلم ..
مع إني اعلم ان الأعجاز العلمي في القرآن مازال في تجديد كل يوم وقد نكتشف اليوم او غداً شئ جديد من الإعجاز العلمي في القرآن
لا أجد ارتباطاً ظاهراً بين قوله: (وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) وبين كلمة ننسها (ننسها) في آية سورة البقرة. والاستنتاجات التي ذكرتموها من قلة علم البشر ومحدوديته صحيحة والأدلة عليها كثيرة من القرآن والسنة.
وفقكم الله أخي بندر ورزقكم الفقه في كتابه وأرجو أن تتاح لك الفرصة للتجول في الملتقى وقراءة كثير من الموضوعات التأصيلية التي تعمق معرفتك بالتعامل مع آيات القرآن وفهمها على الوجه الصحيح إن شاء الله.
ـ[بندرالبكري]ــــــــ[19 Aug 2008, 08:51 ص]ـ
فضيلة الشيخ الدكتور / عبد الرحمن الشهري
كتب الله لك الاجر والمثوبه وجزاك الله الفردوس الاعلى علي صبرك معي ..
فانا اخاف كثيراً من هذه الجملة (أنى لابي حنيفة ان يمد قدميه .. )
فارجوا ان لا تقولها وان تصبر علي اسئلتي ..
.. وارجوا ان يطول صبرك علي اسئلتي التى قد تنتهى بعد هذا الاستفسار
فضيلة الشيخ الدكتور / عبد الرحمن الشهري
انت قلت عن قولة تعالى
(لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ {16} إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)
فنزلت هذه الاية تطمئن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن ينسى شيئاً مما نزل به جبريل عليه
والاية تقول
قال الله تعالي (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا)
وهذا يعني ان هناك آيات منسيه ..
وفي قولة - قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
وتفسير الاية ان ما ينزل سيحفظه الله ..
فهل هذا يعني ان الايات المنسيه لم تنزل اصلا وهذا ما قاله بعض المفسرين ..
او ان الاية (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) والاية (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
نزلت بعد ايات (أَوْ نُنسِهَا) ..
اشكرك لك سعة صدرك اخي وشيخنا الفاضل الدكتور / عبد الرحمن الشهري
واشكرك علي الروابط التى سوف اجد فيها ان شاء الله ما يزيد من معرفتي بالموضوعات التأصيلية ومعرفتي بالتعامل مع آيات القرآن
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Aug 2008, 11:09 م]ـ
وفقك الله يا بندر وزادك علماً وحسن خلق، ونحن هنا زملاء نتدارس العلم، وما أكتبه في جواب سؤالك ليس حجة قاطعة، وإنما هو الرأي والاجتهاد مع العناية بالدليل المقنع.
أما زمن النزول فقد نزل قوله تعالى: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) وقوله: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) في مكة قبل الهجرة.
ونزل قوله تعالى: (مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا) في المدينة بعد الهجرة. وأكثر الآيات الناسخة من القرآن المدني.
ولعلي لو كنت قلتُ: فنزلت هذه الاية تطمئن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لن ينسى شيئاً مما نزل به جبريل عليه مما أراد الله ألا ينساه النبي صلى الله عليه وسلم. لكان أدق في الجواب.
فالله تعهد للنبي ألا ينسى شيئاً مما أراد الله له ألا ينسخ وينساه النبي صلى الله عليه وسلم.
وتلحظ ذلك في قوله (نٌنْسِها). أي أن الله هو الذي يقدر نسيانها على النبي صلى الله عليه وسلم فلا يتذكر منها شيئاً. وليس هذا دليلاً على أن هذه الآيات لم تنزل أصلاً بل نزلت ثم نسيها النبي صلى الله عليه وسلم بأمر الله وتقديره. وليتك تنقل لي قول من قال إنها لم تنزل أصلاً من المفسرين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[21 Aug 2008, 06:27 ص]ـ
للفائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=136329
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=56878
ـ[النورس]ــــــــ[21 Aug 2008, 05:20 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا عبدالرحمن
ـ[بندرالبكري]ــــــــ[25 Aug 2008, 01:11 م]ـ
. وليتك تنقل لي قول من قال إنها لم تنزل أصلاً من المفسرين.
اشكرك لكم يا فضيلة الشيخ الدكتور / عبد الرحمن .. سعة صدركم
واشكركم علي هذه الاجابة واليكم نص ما طلبتم وهو موجود تفسير الجلالين وقد نقلته من الانترنت وقد اتأكد في وقت لاحق من النسخة الورقية انه نفس النص
(وَلَمَّا طَعَنَ الْكُفَّار فِي النَّسْخ وَقَالُوا إنَّ مُحَمَّدًا يَأْمُر أَصْحَابه الْيَوْم بِأَمْرٍ وَيَنْهَى عَنْهُ غَدًا نَزَلَ: "مَا" شَرْطِيَّة: "نَنْسَخ مِنْ آيَة"
أَيْ نَزَلَ حُكْمهَا: إمَّا مَعَ لَفْظهَا أَوْ لَا وَفِي قِرَاءَة بِضَمِّ النُّون مِنْ أَنْسَخ: أَيْ نَأْمُرك أَوْ جِبْرِيل بِنَسْخِهَا
"أَوْ نُنْسِهَا"نُؤَخِّرهَا فَلَا نُنْزِل حُكْمهَا وَنَرْفَع تِلَاوَتهَا أَوْ نُؤَخِّرهَا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ
وَفِي قِرَاءَة بِلَا هَمْز مِنْ النِّسْيَان: أَيْ نُنْسِكهَا أَيْ نَمْحُهَا مِنْ قَلْبك وَجَوَاب الشَّرْط "نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا" أَنْفَع لِلْعِبَادِ فِي السُّهُولَة أَوْ كَثْرَة الْأَجْر
"أَوْ مِثْلهَا" فِي التَّكْلِيف وَالثَّوَاب "أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير" وَمِنْهُ النَّسْخ وَالتَّبْدِيل وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ)
ـ[بندرالبكري]ــــــــ[01 Sep 2008, 01:18 م]ـ
اخي الكريم ابو الاشبال عبد الجبار
اشكرك علي هذه الروابط ونفع الله بها وبك وجزاك الله خير(/)
أين خطب الجمعة من التفسير؟
ـ[ابن الجزري]ــــــــ[12 Aug 2008, 11:42 م]ـ
هل التفسير حكر على الدروس و بعض المحاضرات؟
ألا يمكن للمتخصص أن يبسط التفسير للعوام ويطرح في خطب الجمعة
كتفسير موضوعي أو فوائد من قصص القرآن ...
أو حتى كلمات بعدالصلوات فالغالب أنها وقفة مع الأحاديث ولم لا تكون أيضا وقفات مع آية أو آيات اللهم وفقنا لهداك وارزقنا العم والعمل بكتابك الكريم وبسنة سيد المرسلين
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[13 Aug 2008, 12:41 ص]ـ
اقتراح طيب طيَب الله أيامك
فضيلة الشيخ صالح بن عواد المغامسي ـ حفظه الله ـ يسير على نحو ما ذكرت في خطبه ومحاضراته ودروسه، ولا أعلم له نظيرا في ذلك من المعاصرين الأحياء.
وبالمناسبة فلا أدري ولم أفقه سر عدم احتفاء المختصين بالتفسير في ملتقانا بدروس الشيخ ومحاضراته ولقاءاته، ولماذا لا يسعى المشايخ الكرام لإجراء لقاء معه في هذا الملتقى المبارك.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[13 Aug 2008, 06:50 ص]ـ
وكذلك كان الشيخ عبد العزيز القارئ في خطب مسجد قباء فقد وقف أكثر من سنتين في تفسير سورة يوسف عليه الصلاة والسلام ..(/)
مواطن بلاغية في سورة الشمس (لمن سأل عنها)
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[13 Aug 2008, 03:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نعتذر أولا على تأخير الموضوع ولكن ذلك راجع إلى ظني أن نقلته إلى هنا منذ فترة, ولكن ما حدث أني كتبته ثم نسيت نقله فنعتذر إلى الأخ الطالب مجددا:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وصلاة وسلاما على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وسلم, أما بعد:
فلا نزال نتناول بفضل الله سور الأقسام المتعددات, ونتناول اليوم بإذن الله وعونه سورة الشمس متوكلين على الله راجين منه أن يفتح لنا فيها من عنده! بسم الله الرحمن الرحيم:
كنا قد تكاسلنا عن تناول هذه السورة لأننا رأينا أن مفرداتها واضحة جلية لكل الأخوة تقريبا, ولكنا رأينا أن نتناولها لنوضح بإذن الله الرابط بين هذه الأقسام وبين السورة وبين المقسم عليه, ولكي نوضح بعض المواطن البلاغية الموجودة في السورة, مساعدة لبعض الأخوة التي طلبوا هذا.
تبدأ السورة بقوله تعالى "وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا"
أول ما يلحظه القارئ لهذه السورة هو كثرة عدد الأقسام المذكورة في هذه السورة, ففي غيرها من السور كان عدد المقسم به يتراوح بين إثنين وخمسة, أما هنا فعدد المقسمات بها إحدى عشر في سبع آيات في سورة كل عدد آياتها خمس عشرة آية, فلم الكثرة في هذه السورة تحديدا؟ وما هو الرابط بين هذه المقسمات بها وبين المقسم عليه وبين باقي السورة؟
نبدأ أولا بتحليل وعرض هذه الآيات ثم بعد ذلك نقدم بإذن الله للقارئ العلاقة:
أقسم الله تعالى في هذه السورة بأقسام مختلفة, فأقسم بالشمس والقمر والسماء والأرض, كما أقسم بالليل والنهار والضحى, وأقسم بنفس وما سواها وبما بنى السماء وبما طحى الأرض. ويمكننا تقسيم هذه المقمسات بها إلى مجموعات عدة:
أول شكل يمكن تقسيمها إلى قسمين: القسم الأول: الشمس ومتعلقاتها, فالشمس مقسم بها مطلقا, ثم ضحى الشمس, ثم القمر في حال تلوه للشمس, ثم النهار في حال تجليته للشمس, ثم الليل في حال غشيانه للشمس. والقسم الثاني هو والسماء والأرض والنفس وما بناها وما طحاها وما سواها.
أو القول بأنه ذكر الأجرام السماوية, ثم ظواهر كونية ثم نفس ثم الذي بنى وكون هذه الأجرام. ويمكننا أن نقسمها تقسيمة أخرى:
والشمس وضحاها (مقسمان بهما مطلقان) - والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها (ثلاث مقسمات بها مرتبطة بحالة معينة) - والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها- (ثلاث أيضا مرتبطات ولكن نلحظ أن الأخير "نفس" أتت منكرة بخلاف ما قبلها من المقسمات بها)
وإليك بعض الأوجه البلاغية في هذه السورة:
أول وجه بلاغي في هذه السورة هو عرضها الشيء ومعكوسه "والشمس و ... " "والقمر إذا ... " – "والنهار إذا جلاها" "والليل إذا يغشاها" (وهنا التضاد في الشيء وفعله وليس فيه فقط.) - "والسماء وما بناها" "والأرض وما طحاها".
ثاني وجه بلاغي هو ترتيب عرض محل ظهور الجرم تبعا لترتيب ذكره في أول السورة. ففي الآية الأولى ذُكر الشمس وفي الثانية القمر, فتأتي الآية التالية فتذكر أولا النهار وهو محل ظهور الشمس, ثم بعد ذلك الليل وهو محل ظهور القمر.
ثالث وجه بلاغي هو ذكره محل عمل وتأثير الأجرام والمظاهر المذكورة بترتيب تنازلي تبعا للتأثر وللاستقبال, فبدأ بالسماء وفيها تجري وتسبح كل الأجرام والمظاهر, ثم ثنى بالأرض وفيها وعليها يظهر تأثير هذه الأجرام والمظاهر, ثم ثلّث ب "نفس" تستقبل كل هذا وتتأثر به, ومن أجلها خُلق كل هذا.
رابع وجه بلاغي هو الفاصلة التي انتهت به السورة, والتي جاءت في السورة كلها منهية ب "ها"
خامس وجه بلاغي هو ذكر أشكال مختلفة للتأثير في الأجرام المختلفة مناسبة لكل جرم "بناء وطحو وتسوية"
سادس وجه بلاغي هو المقابلة المنتشرة في السورة, فبخلاف ما ذكرنا, فهناك مقابلة بين الفجور والتقوى في آية واحدة, وهناك مقابلة بين " قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا" " وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا", كما أن التزكية والدس إشارة إلى السماء والأرض السابقتي الذكر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهناك بعض الأوجه الأخرى والتي سنعرض لها عند تناولنا للسورة, ونبدأ في تناول الآيات:
المشهد العام للأقسام:
يقدم الله تعالى في هذه الآيات مشهدا طبيعيا متكاملا متداخلا, فيقسم بالشمس ذلك الجرم المنير المتحرك في السماء وكذلك بظهور نوره وعلوه, ثم يقسم بالقمر عندما يتلو الشمس بعد أن تختفي, ثم يقدم لنا الخلفية المؤثرة في الشمس وهي النهار الذي يكشفها والليل الذي يغشاها (جزئيا!) وهما كذلك متعاقبان يخلف بعضهما بعضا, كما يتلو القمر الشمس! ثم ينتقل الله تعالى بنا إلى محل ظهور هذه الأجرام السماوية فيبدأ بالسماء العالية العظيمة وما جعلها على هذه الهيئة, ثم ينخفض إلى الأرض وما صورها بهذه الصورة! وكيف أن هذين الجرمين متكاملان, (وليسا متضادين مثل العناصر الأربعة السابقة والتي لا تجتمع في آن واحد) فهما حاضران في المشهد في آن واحد, فالأرض الأساس والسماء السقف! ثم يختم الله تعالى هذه المشاهد الفلكية كلها بجرم مخالف لها كلها وهو سيدها والحاكم عليها وهو النفس وما سواها, أن من يزكى النفس فقد أفلح ومن دساها قد خاب.
والعلاقة بين هذه الأقسام هو التداخل والتكامل والتقاطع والمحل, كما يحدث في النفس البشرية, فكل العوامل تتداخل فيها, من ضلال وهداية وفجور وتقوى, وتتابع هذه العوامل في النفس, فقد تتعرض النفس لموقف هداية ثم يتبعه مباشرة داعي ضلال, وحسبا لرد فعل النفس تكون حالتها, فقد تستفيد بها فتعلو فتصير مثل السماء العظيمة البناء, أو تُعرض عنها فتصبح مثل الأرض المطحوة.
وكما رأينا فقد عرض الله تعالى في الآيات الماضيات صورة بديعة مدهشة ذكر فيها الإعدادات والتمهيدات التي أوجدت من أجل الإنسان, فنظام كوني بديع متمثل في الشمس والقمر والليل والنهار وبناء كوني أبدع, فسماء مبنية وأرض مطحوة ونفس مسواه, كل هذا من أجل هدف واحد وهو أن يعد المسرح الذي سيزكي الإنسان نفسه عليه أو يرديها. وكما قلنا من قبل فإننا يمكننا أن نقسم الآيات إلى قسمين: الشمس ومتعلقاتها , والأبنية (السماء والأرض والنفس) , لذا فيمكن القول أن المشهد الكوني الذي ذكره الله عزوجل يمكن أن يكون إشارة إلى دور الوحي في حياة الإنسان, فالوحي والدين هو الشمس المنيرة والقمر إشارة إلى الرسول الذي يتبع الوحي ويظهر نوره, والنهار إشارة إلى التقوى الذاتية الموجودة في داخل النفس وهي التي تجلي نور الوحي, والليل إشارة إلى الفجور الذاتي الموجود في النفس والذي قد يغشى شمس الوحي فيذهب نورها. وأما الأبنية المذكورة مع النفس فكما قلنا فهي إشارة إلى المنزلة التي يمكن أن تصل إليها النفس, فقد ترتفع وتزكو إلى السماء أو تنحدر وتسفل فتهبط إلى الأرض, فما أعظم وأروع هذه الإشارات والصور البديعة المذكورة في الآيات.
ومن أراد متابعة تحليل تفصيلي للسورة, يمكنه ذلك من خلال هذا الرابط:
http://www.amrallah.com/ar/showthread.php?t=169(/)
سلسلتنا المميزة القادمة " بين يدي رمضان " (البراك - ابن عقيل -؟ -؟) من يا ترى؟!
ـ[منصور المهيني]ــــــــ[13 Aug 2008, 08:02 م]ـ
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/652348a311e896ef7.jpg
ـ[منصور المهيني]ــــــــ[13 Aug 2008, 08:09 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
..
...
....
نرجو من الإخوة الفضلاء، نشر هذا الإعلان في أكثر ما منتدى ..
و"الدال على الخير كفاعله" ..
أسأل الله أن يرزقني وإياكم حسن القول والعمل ..
....
...
..
.
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[14 Aug 2008, 04:47 م]ـ
سلسلةٌ مميَّزة، سددكمُ الله.
ـ[منصور المهيني]ــــــــ[15 Aug 2008, 09:38 م]ـ
للرفع ..
ـ[منصور المهيني]ــــــــ[22 Aug 2008, 05:04 م]ـ
تأجلتْ محاضرة فضيلة الشيخ: حمد بن عبدالله الحمد (فقه الاعتكاف) إلى يوم الثلاثاء 2/ 9/1429هـ
بعد صلاة التراويح، بجامع الأميرة نوره بنت عبدالله بن عبدالعزيز بحي النخيل بشمال الرياض.
إن شاء الله تعالى.
كما تأجلتْ دروس (تتمة شرح رسالة حقيقة الصيام لشيخ الإسلام ابن تيمية) لفضيلة الشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك
إلى:
- مغرب الجمعة 28/ 8
-مغرب السبت 29/ 8
في جامع الأميرة نوره بنت عبدالله بن عبدالعزيز بحي النخيل بشمال الرياض.
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[23 Aug 2008, 12:54 ص]ـ
جزيتَ خيراً على توضيحكَ أخي منصور.(/)
محاضرة (بل هو قرآن مجيد) للدكتور عبدالرحمن الشهري بمدينة رابغ
ـ[سالمين]ــــــــ[13 Aug 2008, 08:24 م]ـ
مكتب الدعوة بمدينة رابغ يدعوكم لحضور محاضرة بعنوان:
بل هو قرآن مجيد
لفضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري الأستاذ بجامعة الملك سعود بعد صلاة المغرب مباشرة بجامع السنوسي برابغ يوم الخميس 13 شعبان 1429هـ. والدعوة عامة.
ملحوظة: يوجد مكان مخصص للنساء.(/)
هل يكره قطع القراءة لمكالمة أحد أو لا يكره؟
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[14 Aug 2008, 09:51 ص]ـ
الحمد لله تعالى
هل يكره قطع القراءة لمكالمة أحد أو لا يكره؟ وعلى أنها تكره فهل مطلقا؟ أو محل الكراهة إذا كانت المكالمة لا تتعلق بأحكام القرآن؟ وأما إذا كانت مما يتعلق بها فلا كراهة.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[28 Aug 2008, 11:31 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد تفضل أحد العلماء بالجواب عن السؤال، وها هو نصه لتعم الفائدة:
قال الإمام الحليمي: يكره قطع القراءة لمكالمة أحد لأن كلام الله لا ينبغي أن يُؤثر عليه كلام غيره. وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه.
ويكره أيضا الضحك والعبث والنظر إلى ما يلهي.
قال الإمام نافع: وكان ابن عمر إذا قرأ لم يتكلم حتى يفرغ مما يريد أن يقرأ، فدخلت يوما فقال: امسك عليّ سورة البقرة. فأمسكتها عليه، فلما أتى على مكان منها قال: أتدري فيم أنزلت؟ قلت: لا. قال: في كذا وكذا، ثم مضى في قراءته.
قال أبو عبيد: إنما ترخص ابن عمر في هذا لأن هذا الذي تكلم به من تأويل القرآن وسببه، كالذي ذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أن أصحابه كانوا ينشرون المصحف فيقرءون ويفسر لهم، ولو كان الكلام من أحاديث الناس وأخبارهم كان عندي مكروها أن تقطع القراءة به. اهـ.
قلت: وكذا إن بيّن الشيخ لتلامذته الذين يقرءون عليه القرآن واحدا بعد واحد أحكام القراءة وقواعدها وأوجهها وقرر لهم ذلك في أثناء القراءة؛ لأن ذلك من متعلقات القرآن، فليس ما ذكر بكلام أجنبي عنه، ولأجل ما ذكر من متعلقات القرآن فلا يكره القطع بذلك، ولا تعاد الاستعاذة لأجل ذلك.
وأما إذا كان القطع بكلام أجنبي ليس متعلقا بالقرآن ولو ردّ السلام فيكره ذلك، ولا تعاد الاستعاذة مرة أخرى ولا خلاف في ذلك. قال الحافظ ابن الجزري: إذا قطع القارئ القراءة لعارض أو سؤال أو كلام يتعلق بالقراءة لم يعد الاستعاذة، بخلاف ما إذا كان الكلام أجنبيا ولو ردّ السلام، فإنه يعيدها. اهـ. والله سبحانه أعلم.(/)
بشرى: الشيخ خالد بن عثمان السبت في محاضرة في الرياض، وسلسلة مميَّزة!
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[14 Aug 2008, 04:49 م]ـ
الإعلان هنا على هذا الرابط، ومن أخرجهُ هنا كفاحاً فله صادقُ الدعاء.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=59102&posted=1#post59102
ـ[جليسة العلم]ــــــــ[14 Aug 2008, 05:26 م]ـ
http://file6.9q9q.net/img/23332612/652348a311e896ef7.jpg (http://file6.9q9q.net/preview/23332612/652348a311e896ef7.jpg.html)
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[15 Aug 2008, 12:38 ص]ـ
لكِ جزيلَ الشكر يا جليسةَ العلم على تفضلكِ بإخراج الإعلان.
ـ[النورس]ــــــــ[15 Aug 2008, 02:08 ص]ـ
جزاكم الله عنا خيرا ونفع بعلم الشيخ
ـ[المحبرة]ــــــــ[15 Aug 2008, 06:55 ص]ـ
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/652348a311e896ef7.jpg
ـ[ناصر الربيعان]ــــــــ[17 Aug 2008, 01:56 م]ـ
أيها الأحباب أبن يقع المسجد إذ أن الإعلان غير واضح وشكراً.
ـ[غالب بن محمد المزروع]ــــــــ[17 Aug 2008, 11:42 م]ـ
أيها الأحباب أبن يقع المسجد إذ أن الإعلان غير واضح وشكراً.
شمال مدينة الرياض، حي النخيل، وشمال مستشفى دلة ...
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[24 Aug 2008, 01:57 م]ـ
للرفع، فقد قرب الموعد.(/)
مناقشات ساخنة حول حد الردة: في ثاني أيام مؤتمر الاجتهاد بماليزيا
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[14 Aug 2008, 09:29 م]ـ
في ثاني أيام مؤتمر الاجتهاد بماليزيا ..
مناقشات ساخنة حول حد الردة
إسلام عبدالعزيز
المصدر: إسلام اونلاين ( http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1218650215012&pagename=Zone-Arabic-Shariah%2FSRALayout)
كوالالمبور - حظيت قضية الردة وحرية الاعتقاد بنصيب وافر من مناقشات اليومين الأولين من مؤتمر "الاجتهاد والإفتاء في القرن الحادي والعشرين .. تحديات وآفاق" الذي ينظمه بمقر الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا قسم أصول الفقه بكلية معارف الوحي والعلوم الإنسانية بالتعاون مع المعهد العالمي لوحدة الأمة المسلمة في الفترة من 12: 14 أغسطس 2008م.
أربعة بحوث تم تقديمها إلى المؤتمر تتناول حد الردة وحرية الاعتقاد من جوانب كثيرة، على مدى أربع جلسات في يومين متتاليين.
البحث الأول كان بعنوان "إشكالية الردة وحرية الاعتقاد .. عرضا ونقدا"، وقدمه د. عبد الله أحمد مبارك باوادي، بقسم أصول الدين في كلية معارف الوحي بالجامعة الإسلامية، والثاني بعنوان "الردة الفكرية ووازعها الديني .. دراسة في ضوء الاجتهادات المعاصرة" للدكتور حفيظ أولاد ميجي موسى من نفس الكلية، والثالث بعنوان "جريمة الردة بين التعزير والحد" للدكتور حبيب الله زكريا وهو طالب ماجستير بكلية معارف الوحي بالجامعة الإسلامية ماليزيا.
أما البحث الرابع فكان بعنوان "حرية الاعتقاد .. رؤية شرعية" لـ أ. د علي بن محمد سعيد الشهراني وكيل كلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الملك خالد بالسعودية .. وهو البحث الذي شهد الكثير من المداخلات، حيث إنه كان أكثرها انحيازا للمدرسة المحافظة.
* آية الإكراه لم تنسخ
ففي مداخلته على البحث الرابع أكد د. مصطفى قطب سانو نائب رئيس الجامعة الإسلامية بماليزيا أن الواقع الإسلامي ينبغي أن يخطو خطوات جريئة في مجال الاجتهاد حول موضوع حرية الاعتقاد وحد الردة.
وأوضح أن هذا الاجتهاد ينبغي أن يكون من خلال أصول عامة، أهمها قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] مؤكدا أن هذه الآية لا ينبغي القول بأن آية السيف قد نسختها، معللا بأن: "آية السيف نفسها مجهولة الهوية، فهي مختلف فيها على أكثر من ثمانين قولا .. فكيف يقال والحال كذلك إنها نسخت دليلا بكل هذا الوضوح".
وردا على ما جاء في البحث من أن آية {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} تتناول غير المسلمين ابتداءً أكد سانو أن عمومية تلك الآية دليل على انتفاء كل أنواع الإكراه وأحواله، فهو منفي في الأشخاص والزمان والمكان والأحوال، وهذا أيضا مما تدعمه مقاصد الشريعة العليا.
ولفت سانو إلى أن تلك العمومية ينبغي لمن يخصصها أن يكون لديه دليل بقوة هذه الآية؛ لأن المعلوم أن الدليل لا يخصصه إلا دليل في رتبته أو أقوى منه.
وتساءل سانو عن المنافق ووضعيته قائلا: أليس المنافق مرتدا باطنا في حقيقته؟ مؤكدا أن الإسلام لا يريد ملايين من المنافقين، وإنما يريد مسلمين حقيقيين يقتنعون بالإسلام قلبا وقالبا.
وقال سانو: "إن كل الذين قتلوا في التاريخ ردة كان الدافع السياسي هو الأصل في قتلهم"، ضاربا المثل بأحمد بن نصر الخزاعي والجعد بن درهم .. وغيرهما، مؤكدا أن هذا الأمر من أمور السياسة الشرعية ينبغي أن يترك لولاة الأمور.
* خروج على النظام العام
أما د. عبد الستار أبو غدة فقد رأى أن البحث الرابع لم يفرق بين نوعين من الردة ينبغي التفريق بينهما، وهما مرتد الفكر والعقيدة الذي لا يخرج على الجماعة ولا النظام العام، وبين مرتد التمرد، وهو ما أشار إليه حديث النبي صلى الله عليه وسلم "التارك لدينه المفارق للجماعة".
ورأى أبو غدة أن هذا التفريق سيجعل الأمر يخرج من دائرة الردة الدينية، وينفي التعارض بين نصوص قرآنية عامة وبين عقوبتها، إلى دائرة الأمن العام للمجتمع المسلم، فيكون في ذلك مثله مثل غيره من المجتمعات التي تحافظ على كيانها بما تراه من تدابير لا تتناقض ومقاصد الشريعة وروحها.
وكان د. الشهراني صاحب البحث قد أكد أن ما يثار من مشاكل وشبه حول تطبيق حد الردة فيه خلط كبير، فهناك من يراه متعارضا مع الحرية الشخصية، موضحا أن هذا من الخطأ؛ لأن لأي نظام أن يتخذ من التدابير ما يستطيع أن يحفظ به كيانه.
وتابع: "وحرية الفرد في الإسلام مقيدة بألا تمس النظام العام وأسسه العقدية والاجتماعية، ومن المعروف أن مجاهرة الفرد بردته تصطدم بحرية المؤمنين في الحفاظ على إيمانهم، وهم جمهور المجتمع .. فكان الحفاظ على ذلك أولى من الحفاظ على حرية الفرد".
وفي رده على د. سانو أكد الشهراني نفيه التعارض بين {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} وبين عقوبة الردة، لافتا إلى أن كليهما يختلفان من حيث المضمون والهدف.
وفصل قائلا: "فمن حيث المضمون {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} تتناول العقيدة، إذ لا بد لدخول هذا الدين من قناعة تامة، وليس لأحد أن يكره أحدا على ذلك، أما مبدأ العقوبة فيتناول أفراد الأمة للحفاظ على أمن المجتمع وسلامة اعتقاده".
ويتابع: "ومن حيث الهدف فإن {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} تحمل معنى وهدفا ساميا يحترم وجود الإنسان وحقوقه، أما العقوبة فهدفها منع الفساد في الأرض وردع المبطلين والحفاظ على كيان المجتمع، حتى لا يتطاول أصحاب النفوس المريضة على هذا الدين".
* إسلام عبدالعزيز: باحث شرعي بشبكة إسلام أون لاين. نت
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[14 Aug 2008, 10:08 م]ـ
بارك الله فيك أخي محمد على هذا العرض المتوازن.
ولي هنا بعض الملاحظات على هذه المسألة:
أولاً: مراجعة التراث والاجتهاد يجب أن يكون من منطلق الأصالة والرغبة الصادقة في التمحيص للوصول إلى الحق. أما أن يكون ذلك بدافع استرضاء الغرب أو دافع الشعور بالنقص فإنه مرفوض وموضوع في دائرة الشبهة.
ثانيا: لو لم يكن هناك حد ردة لقادنا الاجتهاد القائم على المصالح المرسلة إلى القول به في زمن تستهدف فيه الأمة ويستغل ضعفها وفقرها ووجهلها وتخلفها. فما بال أهل الخور يبحثون عن مخارج لتبرير خورهم.
ثالثا: هناك بحث جدير بالاهتمام للأستاذ بسام جرار حول الردة موجود في كتابه (دراسات في الفكر الإسلامي) تحت فصل نظام العقوبات. وهذا البحث موجود أيضا في كتابه (رسائل نون). وكل ذلك في صفحة مركز نون الالكترونية.(/)
من أفضل القراء المسندين في القاهرة؟
ـ[النورس]ــــــــ[15 Aug 2008, 02:12 ص]ـ
أحد أقاربي لديه سفر إلى القاهرو ويريد يستثمرها في القراءة والاستجازة على أحد القاء الكبار المسندين المشهورين جزاكم الله خيرا
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[15 Aug 2008, 02:52 م]ـ
الشيخ العلامة عبد الحكيم عبد اللطيف الحنبلي حفظه الله
وهو من طبقة كبار تلاميذ الزيات ـ رحمه الله ـ، ومن البقية الباقية من أهل الإتقان والتحرير، وقد طلب لمشيخة الإقراء قبل تلميذه الدكتور المعصراوي فاعتذر.
ـ[النورس]ــــــــ[15 Aug 2008, 10:02 م]ـ
هل للشيخ عنوان معروف؟
جزاكم الله خيرا
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[16 Aug 2008, 04:03 م]ـ
يقرئ في الجامع الأزهر، وفي بيته في العباسية.
ولعل إخواننا المصريين يفيدونك بالتفاصيل.
ـ[همام حسين]ــــــــ[16 Aug 2008, 05:30 م]ـ
انظر هنا ( http://www.ahlalhdeeth.cc/vb/showthread.php?t=98989) .
أرشح لك:
- الشيخ نبيل عبد الحميد
- الشيخ علي النحاس.
- الشيخ عبد الباسط هاشم.(/)
ميلاد ثلاثة علوم جديدة
ـ[العرابلي]ــــــــ[18 Aug 2008, 12:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ميلاد ثلاثة علوم جديدة
أنا عبد المجيد بن عثمان بن عيسى العرابلي والمولود في الثالث من شهر حزيران من عام ستة وخمسين وتسعمائة وألف للميلاد في مدينة الكرامة من الأردن
بكل إيمان وثقة وثبات؛ أعلن في هذا اليوم؛ يوم الاثنين الموافق الثامن عشر من الشهر الثامن من عام ثمانية وألفين للميلاد، والموافق للسادس عشر من شهر شعبان من عام تسعة وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة:
مولد ثلاثة علوم جديدة، بعد تسعة عشر عامًا من البحث فيها، وحصول اليقين بها. وقد سبقها ثلاثة عشر عامًا أخرى من البحث قبلها؛ أوصلتني إلى ضرورة قيام هذه العلوم.
وسيكون إعلان عن علم رابع إن شاء الله تعالى في وقت لاحق؛ بعد نشر مفهوم هذه العلوم الثلاثة، وترسيخ مفاهيمها لدى العلماء والعامة، وانطلاق البحث فيها، والتطبيق لها.
الأيام تمر ...
والعمر قصير ...
ومتطلبات الحياة كثيرة ...
والصحة تسير معاكسة لسير الأيام.
وكم قائل قال لي:
ستموت هذه العلوم بموتك ...
وهي أمانة في عنقك ...
ستحاسب عليها إن لم يحصل التبليغ لها بالقدر الكافي لتعريف الناس بها.
العلم الأول
فقه استعمال الجذور
وهو روح اللغة المفقود
والهندسة التي نشأت عليها اللغة
تعريف فقه استعمال الجذور:
هو العلم الذي يعرف به سبب تسمية المسميات بأسمائها،
ويحدد الأفعال بما يميزها عن المترادفات لها.
طريقة البحث والعمل في فقه استعمال الجذور:
• تدرس استعمالات كل مفردات الجذر الواحد المستعملة في القرآن الكريم أولا، ثم في اللسان العربي ثانيًا، لإيجاد الاستعمال الذي اجتمعت عليه، ويربط بينها جميعًا دون استثناء.
• أن يفسر معنى الجذر اجتماع حروفه من معانيها.
• ويجب إدراك الأسماء التي بنيت على جزء من المعنى المستعمل، أو التي قامت على التشبيه دون مراعاة سبب التسمية لحمل المسميات لصفات أخرى لا علاقة لها بالتسمية.
أثر غياب فقه استعمال الجذور:
• الاكتفاء بمعرفة المسميات التي تشير إليها الأسماء، دون معرفة الأحوال التي كانت سببًا في تسمية هذه التسميات.
• عدم وضع الأسماء والأفعال عند الاستعمال في المواضع الأكثر دقة، والأنسب لدلالتها.
• تعريف الأفعال بالمترادفات وإقامتها مقامها، دون مراعاة فوارق التركيب في حروفها، واختلاف الجذور التي تنتمي إليها.
• أخذت فروع من الفقه على بساطتها، مكانة عالية عند العلماء، يشغلون بها أنفسهم؛ كمعرفة كم للشيء من أسماء، وكم شيء يطلق عليه نفس الاسم؛ دون معرفة الأسباب.
• انحراف فرق من المسلمين ببناء مفاهيمها على فهم خاطئ للمسميات، درج استعمالها بمعزل عن الفقه باستعمال الجذور.
أثر قيام هذا العلم؛"فقه استعمال الجذور" والعمل به:
• معرفة سبب تسمية المسميات بأسمائها وانتشارها.
• مراعاة استعمال هذه الأسماء بما يوافق سبب تسميتها.
• رفع درجة الدقة اللغوية بمراعاة سبب استعمالها.
• رفع اللبس باستعمالها إن كان للمسمى صفات أخرى لا علاقة لها بسبب التسمية.
• رفع الوعي للناطقين بالعربية بفقههم لما يستعملونه من اللغة.
• معرفة قدر المنزلة التي تتبوأها اللغة العربية بين اللغات العالمية؛ من تميزها بعظيم خصائصها.
• الإقبال على اللغة العربية، والحرص على الالتزام بها في التعامل والمخاطبة.
• إثراء التفسير بالكشف عن جوانب في التفسير؛ لم تنل الحظ الوافي، والفقه العالي لفهمها.
• تبني أحكام جديدة في الفقه، ومراجعة مسائل عديدة؛ بما يكشف عنه هذا العلم من مفاهيم جديدة.
نتائج العمل بفقه استعمال الجذور:
أرجو ألا يمر عامين أو ثلاثة على ميلاد هذا العلم وإلا ويكون الآتي:
• دخوله مقررات تدريس اللغة العربية في الجامعات.
• أن يدخل في المناهج الدراسية في المرحلة الثانوية.
• ألا يتجاوز هذا العلم؛ عالم باللغة، أو مفسر، أو متكلم بالإعجاز، أو قانوني، أو مترجم، أو كاتب.
• أن يأخذ مكانة في الندوات والدراسات التي تقيمها المراكز الثقافية، ووسائل الإعلام المختلفة.
• أن يكون له أثر علمي واضح في الترجمة والدراسات المقارنة بين اللغات.
التوصيات:
• توجيه وتكليف طلاب الماجستير والدكتوراة الراغبين في نيل هذه الدرجات العلمية في اللغة العربية؛ بأن تكون رسائلهم في "فقه استعمال الجذور".
(يُتْبَعُ)
(/)
• أن يكون هناك مراكز ثقافية، أو منتيديات تسهل تواصل العاملين في هذا المجال، وتعاونهم، والتنسيق بينهم.
• أن يركز العمل على الجذور الحية أولاً، والأكثر استعمالا في الحياة.
ملاحظات:
• كل الأسماء التي وردت في أكثر من خمسين بحثًا منشورًا، وتحدثت فيها عن سبب تسمياتها، هي نماذج مبنية على علم؛ "فقه استعمال الجذور" بصورة مختزلة.
• تعليل جميع الأسماء الواردة في كتابَيَّ "أحب أيها المسيح" و "حقيقة السموات كما صورها القرآن" قائم على علم؛ "فقه استعمال الجذور".
• وسأعمل على نشر مائة بحث جديد في "فقه استعمال الجذور" إن شاء الله تعالى؛ ليكون بيانًا عمليًا تطبيقيًا على هذا العلم ... في كيفية الوصول إلى مفاتيح استعمال الجذور.
العلم الثاني
فقه معاني حروف الهجاء
حروف المباني وليس حروف المعاني
تعريف فقه معاني حروف الهجاء:
هو العلم الذي يحدد المعاني التي تفيدها الحروف الهجائية حيث وقعت، وجرى استعمالها في اللغة وجذورها.
طريقة البحث والعمل في فقه معاني الحروف الهجائية.
أولاً: دراسات استقرائية لكل الجذور التي بدأت بنفس الحرف (عين الجذر)؛ لإيجاد الرابط بينها من استعمال هذا الحرف ... على اعتبار أنه الحرف الأول هو وجه الجذر الذي نال مكانه بقوة دلالته.
ثانيًا: دراسات استقرائية لكل الجذور التي انتهت بنفس الحرف (لام الجذر) ... على اعتبار أن الحرف الأخير؛ انتهي إليه معنى الجذر، فنال الاستقرار والامتداد بجانب معناه؛ لمعرفة قدر توافق هذه النهايات مع المعنى السابق المستنبط من دراسة الحرف الأول في الجذور.
ثالثًا: دراسات استقرائية لكل الجذور التي كان عينها نفس الحرف .... باعتباره حرفًا محصورًا بين وجه الجذر وآخرة؛ لمعرفة مدى توافق المعنى المستنبط مع استعماله محصورًا في وسط الجذور.
رابعًا: دراسة أثر مخارج الحروف الهجائية في تشكيل المعاني للحروف الهجائية.
خامسًا: دراسة أثر مخارج الحروف الهجائية في معاني الحروف التي لها نفس المخرج.
سادسًا: دراسة أثر صفات الحروف في تشكيل المعاني المستنبطة للحروف الهجائية.
سابعًا: دراسة أثر صفات الحروف الهجائية في معاني الحروف؛ التي تحمل نفس الصفات.
ثامنًا: دراسة علاقة أشكال الحروف بمعانيها.
تاسعًا: دراسة علاقة تنقيط الحروف بمعانيها.
ودراسات أخرى في هذا الباب
• دراسة العلاقات بين الجذور التي لها نفس فاء الجذر وعينه
• دراسة العلاقات بين الجذور التي لها نفس فاء الجذر ولامه
• دراسة العلاقات بين الجذور التي لها نفس عين الجذر ولامه
• دراسة أثر معاني الحروف في تشكيل معاني الجذور التي تتكون منها.
• دراسة أثر معاني الحروف المضافة في أوزان الصرف في اللغة، وسر اختيارها.
• دراسة أثر معاني الحروف الهجائية في حروف المباني.
• دراسة أثر معاني الحركات الثلاث؛ المبني على معاني حروف المد الثلاث.
أثر غياب فقه معاني حروف الهجاء:
• اليأس من وجود هذا العلم بالقول المشهور: أن الحروف لا معاني لها، أو أن لها معان لا يمكن الوصول إليها.
• عدم فهم سر اختيار حروف المعاني في استعمالاتها.
• عدم إدراك أثر زيادة الحروف أو حذفها في أوزان الصرف.
• عدم إدراك أداء الحروف والحركات للمعاني في النحو ..
• استعمال عبارات (هكذا قالت العرب)، (بسبب كثرة الاستعمال) و غير ذلك مما لا يعتمد على فقه وعلم.
نتائج وأثر قيام هذا العلم؛ (فقه معاني حروف الهجاء)، والعمل به:
• إثراء فقه اللغة ثراء عظيمًا بمعاني حروف الهجاء
• فهم أفضل لاستعمال حروف المعاني. وتفسيرها.
• فهم سر تغير التراكيب والحركات بالزيادة أو الحذف أو التسكين في أدائها للمعاني.
• معرفة سر تشكيل الجذور وتفرعاتها القائم على معاني حروف الهجاء.
• ارتباط أكبر باللغة، والاعتزاز بها، والإقبال على دراستها، والالتزام بنحوها وصرفها.
• اعتماد معاني حروف الهجاء في اللغة العربية أساسًا في فهم أسباب تشكيل اللغات العالمية الأخرى.
التوصيات:
• توجيه وتكليف الراغبين بنيل الدرجات العالية في علوم اللغة بأن تكون دراساتهم لمعاني الحروف الهجائية، وأثر كل حرف في المجال الذي استعمل فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
• إيجاد جمعيات ومنتديات تضم الناشطين العاملين باللغة تسهل اتصالهم وتعاونهم في دراساتهم لمعاني الحروف الهجائية واستعمالاتها، مستقلة أو مع فقه استعمال الجذور.
ملاحظات:
• سيتم نشر مختارات لمجموعات من الجذور لا تقل عن مائة مجموعة؛ في كل مجموعة عدد من الجذور لها نفس الحرف في فائها، أو عينها، أو لامها، لبيان معاني حروف الهجاء، وتطبيقها في الجذور. قبل تحليل الجذور ببيان جميع حروفها، وأثر اجتماعها في تشكيل معاني الجذور.
• وسيتم نشر بعض الأبحاث في أثر معاني الحروف واختيارها في علم النحو والصرف.
• سيتم مع هذا البيان إرفاق جدول بمعاني الحروف الهجائية، ليدرب أهل اللغة أنفسهم على طريقة استعمالها:
بسم الله الرحمن الرحيم
لوحة مفاتيح معاني الحروف التي استخدمت في اللغة العربية
الهمزة: للامتداد المتصل
الألف: الامتداد المنفصل
الباء: للظهور والخروج
التاء: للتراجع
الثاء: للكثرة
الجيم: للإلحاق
الحاء: للانفراد
الخاء: للتغيير
الدال: للتضييق والحصر
الذال: للاتساع والانتشار
الراء: للالتزام
الزاي: للزيادة
السين: للتفلت
الشين: للاستمرار
الصاد: للامتناع
الضاد: للقبول
الطاء: للامتداد باستعلاء وهيمة
الظاء: للتوسط
العين: للدوام والبقاء
الغين: للغياب
الفاء: للحركة
القاف: للثبات
الكاف: للرجوع
اللام: للقرب والإلصاق
الميم: للإحاطة والغلبة
النون: للنزع
الهاء: للانتهاء
الواو: إشارة للباطن والداخل
الياء: للتحول
واضعه: أبو مسلم /عبد المجيد العرابلي
العلم الثالث
فقه معاني الرسم القرآني
تعريف فقه معاني الرسم القرآني:
هو العلم الذي يكشف عن معاني وأسرار ولطائف الرسم القرآني.
طريقة البحث والعمل في هذا العلم:
دراسة الأمثلة التي كتبت بالرسم القرآني وما يماثلها مما كتب بالرسم الإملائي، لإيجاد الفرق. في مضامين الآيات، التي تكشف عن سبب هذا الاختلاف، وتعميمها.
مراعاة خصوصية كل مثال من سياق الآيات الواردة فيها.
أثر غياب هذا العلم:
• الاكتفاء بمعرفة مواضع الرسم القرآني للمحافظة على كتابتها، ومراعاة الوقف عليها.
• نسبة هذا الاختلاف لكُتَّاب الوحي، وعده من اجتهادهم فيه.
• تعليل الرسم القرآني؛ لجعله صالحًا للقراءات.
• تعليل الرسم؛ لوجود طرق الكتابة به وقت نزول الوحي.
• إجازة كتابة القرآن بالرسم الإملائي في أحوال خاصة.
• وصف الرسم القرآني من جهل الكتاب وأخطائهم عند الطاعنين فيه.
• القول بعدم صلاحيته، أو عدم الحاجة إليه.
• انحراف فرق من المسلمين ببناء مفاهيمها على فهم خاطئ لأسباب الرسم القرآني.
نتائج وأثر قيام هذا العلم؛ (فقه معاني الرسم القرآني)، والعمل به:
• معرفة سبب هذا الرسم والقواعد التي بني عليها مما يزيد درجة التمسك به.
• تحريم الخروج عليه.
• إدراك إبدال الرسم القرآني بالرسم الاصطلاحي يذهب الفوائد والمعاني التي ينبه إليها.
• الاهتمام بالرسم خلال القراءة للقرآن الكريم.
• دخول الرسم القرآني مقررات تدريس كليات الشريعة في الجامعات.
• أن يدخل في المناهج الدراسية في المراحل الثانوية.
• أن يأخذ مكانته في الندوات والدراسات، والبرامج، والحلقات؛ التي تقيمها المراكز الثقافية، ووسائل الإعلام المختلفة.
• أن يكون له أثر علمي في الدراسات الإسلامية.
التوصيات:
• توجيه وتكليف طلاب الماجستير والدكتوراة الراغبين في نيل هذه الدرجات العلمية في علوم الشريعة الإسلامية؛ بأن تكون رسائلهم في "علم معاني الرسم القرآني".
• أن يكون هناك مراكز ثقافية، أو منتديات تسهل تواصل العاملين في هذا المجال، والتنسيق بينهم.
ملاحظات:
• تم نشر سر كتابة التاء المقبوضة مبسوطة في ثلاث عشرة كلمة قرآنية.
• تم نشر أمثلة على المقطوع والموصول.
• تم نشر أمثلة على حذف الألف وزيادته.
• تم نشر أمثلة على حذف الواو.
وسيتم العمل على نشر أبحاث في ملفات لقواعد ومسائل الرسم القرآني في؛
• حذف كل من: الألف (أول ووسط وآخر الكلمة)، الهمز، الواو، الياء، اللام، النون.
• زيادة كل من: الألف، الواو، الياء، الهاء.
• إبدال كل من: الألف، الواو، الياء، الهمز.
• ما كتب على أصل الاستمرار لا الوقف.
• ما كان فيه قراءتان.
• المقطوع والموصول
• ملف للتاءات المبسوطة.
ونسأ ل الله تعالى أن يسهل وييسر هذه العلوم الثلاثة لطالبيها، ويشرح صدور العلماء لها، وأن يحبب لهم الإقبال عليها وتعلمها، والعمل بها، ونشرها.
أبحاث أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[19 Aug 2008, 01:17 ص]ـ
عزيزي الباحث الكبير عبد المجيد العرابلسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا وزادك علما وفضلا ونورا وهدى
لقد أحسنت إذ استنبطت
ولقد دريت إذ تأملت وفكرت
فامض لتكمل ما بدأت فهو إن شاء الله من البحث العلمي المجرد
ولهو خير للأمة من غثاء مكتبة التراث المليئة باستنساخ المتون والأقضية والفتاوى التي أفتى بها المتقدمون من عاصرهم واطلعوا على حاله وملابساته ولم يفتوا بها القرون اللاحقة التي لم يحضروها ..
أخي ولأنا من طلبة العلم أعلن تزكيتي ما استنبطته من فقه اللغة الذي لن يسع أحدا دراية معاني القرآن قبل الاستعانة به
فجزاك الله خيرا بأحسن الجزاء عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[19 Aug 2008, 02:18 ص]ـ
شكر و تقدير و تشجيع
ـــــــــــــــــــ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
يشرفني و يسعدني أن أسجل اسمي في قائمة الطلبة الراغبين في تحصيل هذه العلوم النافعة إن شاء الله.
بارك الله في استاذنا و زادك علما و تسديدا ... و تقبل منك ...
آمين آمين يارب العالمين.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Aug 2008, 11:52 ص]ـ
اما اولا فاني اشكر الباحث الكاتب لجهوده التي اخالفه عليها وكل من بذل جهدا في سبيل الخير يستحق عليه الثناء
واما ان هذه علوم مكتشفة من السيد العرابلي فاني اخالفه تمام المخالفة على ما يقول
اما اولا ففقه استعمال الجذور بنى عليه ابن فارس كتابه العظيم معجم مقاييس اللغة اما كونه مرادا بهذه التفاصيل التي ارادها السيد العرابلي فهذا شيء آخر لا علاقة له بكون هذا اكتشافا لاصل العلم كما اراد واضع المقالة
واما ان حروف الهجاء لها معاني بالطريقة التي ذكرها الباحث فان هذا يهدم ما بناه النحاة كلهم من تقسيم الكلام في لغة العرب الى ثلاثة اقسام وهي الاسم والفعل والحرف وبينوا المراد من هذه الاقسام على نحو اراد الكاتب الفاضل ان يلغيه من تراث المسلمين
ومع هذا فان هذا الجانب ليس مغفولا عنه كما زعم الكاتب الفاضل بل كتب الامام ابو الحسن الحرالي كتابا كبيرا في معاني الحروف الهجائية وهو مخطوط فيما اعلم وعندي منه نسخة وانا اخالف ما ذهب اليه هذا الامام لان الحروف الهجائية ليس لها في اللغة العربية ولا في اي لغة معنى ولم يثبت في اللغة هذا المدعى على الاطلاق وما جاء به من يريد ان يجعل لها معاني منعزلة فما هو الا من باب التكلف او مما يمكن ان يكتسبه الحرف من الكلام الذي يقع فيه اما انه ابتداء معنى لهذا الحرف فلا
واما علم الرسم والاهتمام به فهو شيء موجود وكتب القراءات والرسم تشهد بان هذا ليس مما غفل عنه المتقدمون لكن كثيرا من المتقدمين ينازع في كون ما اراده الباحث وبعض المتقدمين يستحق العناية لان الرسم اصطلاح وليس بتوقيف والزعم بان له معاني مستنبطة هو خلاف المعهود
وانا لا اقدس القديم لكن لست ممن يحبون الهجوم على التراث وكتبه كما فعل المعقب الاول لهذه المقاله المشار اليها غفر الله له
هذا بعض ما لزم وفي الجعبة شيء كثير
ـ[العرابلي]ــــــــ[19 Aug 2008, 02:11 م]ـ
شكر و تقدير و تشجيع
ـــــــــــــــــــ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
يشرفني و يسعدني أن أسجل اسمي في قائمة الطلبة الراغبين في تحصيل هذه العلوم النافعة إن شاء الله.
بارك الله في استاذنا و زادك علما و تسديدا ... و تقبل منك ...
آمين آمين يارب العالمين.
بارك الله فيك يا أخي الكريم
وبارك الله في مرورك
وزادك الله من فضله وعلمه
وأعاننا الله تعالى على الوفاء بما وعدنا به
ـ[العرابلي]ــــــــ[19 Aug 2008, 03:11 م]ـ
بارك الله في الأخ د. جمال أبو حسان
وأشكره على هذه الصراحة وأظن أن الكتور قد قرأ كتابي من قبل؛
واما ان هذه علوم مكتشفة من السيد العرابلي فاني اخالفه تمام المخالفة على ما يقول
اما اولا ففقه استعمال الجذور بنى عليه ابن فارس كتابه العظيم معجم مقاييس اللغة اما كونه مرادا بهذه التفاصيل التي ارادها السيد العرابلي فهذا شيء آخر لا علاقة له بكون هذا اكتشافا لاصل العلم كما اراد واضع المقالة
لم يكن الدكتور جمال أول من قال لي ذلك
لقد قلبت ما في معجم مقاييس اللغة فوجدت له أسلوبه المقتضب، ولم أستفد منه أي شيء؛ قد يكون ما كتبته يوافق بعض الجذور من حيث لا أدري
لكنه لم يصرح بهذا العلم ولم يسمه بهذا الاسم ولم يكن منهجه،
ويقلب الحروف على المعنى الذي يريده
ولا اوافقه على ذلك؛ فترتيب الحروف له أثر فقه استعمال الجذور، وعين الفعل قد يراد به ما يخالف معناه. وهذا يغير في معنى الجذور
مع أن الجذور مبنية على معاني الحروف لكن اجتماعها معًا يؤدي إلى استعمالها في وضع مخصوص.
واما ان حروف الهجاء لها معاني بالطريقة التي ذكرها الباحث فان هذا يهدم ما بناه النحاة كلهم من تقسيم الكلام في لغة العرب الى ثلاثة اقسام وهي الاسم والفعل والحرف وبينوا المراد من هذه الاقسام على نحو اراد الكاتب الفاضل ان يلغيه من تراث المسلمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ومع هذا فان هذا الجانب ليس مغفولا عنه كما زعم الكاتب الفاضل بل كتب الامام ابو الحسن الحرالي كتابا كبيرا في معاني الحروف الهجائية وهو مخطوط فيما اعلم وعندي منه نسخة وانا اخالف ما ذهب اليه هذا الامام لان الحروف الهجائية ليس لها في اللغة العربية ولا في اي لغة معنى ولم يثبت في اللغة هذا المدعى على الاطلاق وما جاء به من يريد ان يجعل لها معاني منعزلة فما هو الا من باب التكلف او مما يمكن ان يكتسبه الحرف من الكلام الذي يقع فيه اما انه ابتداء معنى لهذا الحرف فلا
كتاب الحراني لم أطلع عليه، وقد يكون انطلاقه من وجهة تصوف أو غيرها
والمعاني التي نشرتها لا يستطيع أحد أن يستعملها إلا إذا تدرب عليها، وأعلم أن مجرد النشر لا فائدة له الآن لكن سيكون له أثر كبير لمن يريد تعلمه هذا العلم
فمثلا مادة "كتب" والتي منها فعل "كتب" وله نفس حروف الجذر
ونقل د. جمال أو أحد الأخوة بجانب حروفها معاني الحروف.
ك: الكاف للرجوع.
ت: التاء للتراجع.
ب: للظهور والخروج.
لمن لا يعرفها سيعدها طلاسم
لكن عند تدبر استعمالها
نجد؛
أن ما نكتبه هو ما نريد الرجوع إليه فيما بعد؛ لقراءته، لدراسته، لحفظه، للاستشهاد به، لجعله دليلا، أو شهادة لصاحبه، أو ................
فحرف الكاف وهو وجه الجذر والفعل معًا بين هدف هذا العمل؛ وهو الرجوع لهذا المكتوب.
ونجد؛
أن ما نعلمه أو نسمعه أو نقرأه او نحفظه إذا طال عليه الزمن؛ إما أن ننساه، أو لا نذكره بكل تفاصيله؛ فذاكرة الإنسان للمحفوظ في الذهن تتراجع، ومنع هذا التراجع هو بالكتابة حتى لا يضيع ما نريد حفظه.
ولما كانت التاء محصورة في الوسط؛ فقد انحصر فعلها، فأصبح معناها من التراجع إلى حصر التراجع.
فقام معنى التاء دوره في بيان الهدف من عملية الكتابة حتى لا يكون هناك نسيان، أو ضياع بعض ما علم.
ونجد؛
أن المكتوب لا يمكن الانتفاع به بعد كتابته إلا بإخراجه وإظهاره.
وهذا الإظهار، يستمر وتتعدد مراته؛ كلما كان لنا حاجة في هذا المكتوب.
لذلك جاءت الباء متأخرة لتأخر الإظهار بعد الكتابة بزمن، وحفظ هذا المكتوب، وأن هذا الظهور والإخراج للمكتوب، متكرر ومستمر
والحرف الأخير له بالإضافة إلى معناه صفة الاستقرار والدوام
فبين معنى الباء إظهار المكتوب واستمرار عملية الإظهار وتكررها كما دعت الحاجة لذلك.
أرجو ان يكون هذا التوضيح لفعل "كتب" بين وواضع ومقنع.
فكل جذر يحتاج إلى معايشة وطول تأمل وتدبر؛ لتفهم استعماله، وكيف تفسره بمعاني حروفه.
واما علم الرسم والاهتمام به فهو شيء موجود وكتب القراءات والرسم تشهد بان هذا ليس مما غفل عنه المتقدمون لكن كثيرا من المتقدمين ينازع في كون ما اراده الباحث وبعض المتقدمين يستحق العناية لان الرسم اصطلاح وليس بتوقيف والزعم بان له معاني مستنبطة هو خلاف المعهود
وانا لا اقدس القديم لكن لست ممن يحبون الهجوم على التراث وكتبه كما فعل المعقب الاول لهذه المقاله المشار اليها غفر الله له
هذا بعض ما لزم وفي الجعبة شيء كثير
أخي الكريم
الأمة كلها معرضة عن فهم أسباب الرسم القرآني
واعتبرته من اجتهاد الصحابة وقد وفقوا بهذا الاجتهاد
وأنه لأجل صلاحيته لجميع القراءات
وأن الوحيد الذي كان جادًا في دراسته لمعرفة أسبابه
هو أبو العباس المراكشي؛ المشهور بابن البناء، وله كتاب في ذلك؛ عنوان الدليل في مرسوم التنزيل.
وعلل معظم الأمور فيه على أن هناك أمور ملكية أرضية معروفة فيثبت لذلك الحرف وخاصة الألف.
وأمور سماوية ملكوتية نجهلها أو لا نعرف تفاصيها فأسقط حرف الألف من الكلمة لذلك.
ورسالة ماجستير للدكتور غانم قدري الحمد بعنوان: رسم المصحف دراسة تايخية ولغوية
واستنتج الدكتور غانم أن الكتابة في عهد النبوة كانت فيها طريقتان؛ طريقة قديمة للكتابة، وطريقة حديث تشق طريقها في الكتابة؛
فبعض الكلمات كتبت بالطريق القديمة، وكتبت في مواضع أخرى بالطريق الحديث
وعلم معاني الرسم القرآني عندي
لا مع هذا ولا مع هذا
وقد ألتقي مع المراكشي في مسائل وليس في المنهج.
وأشكر للدكتور جمال هذا المرور وهذا التعليق وأرجو أن يتابعنا لنستفيد من رأيه.
ـ[العرابلي]ــــــــ[19 Aug 2008, 03:35 م]ـ
عزيزي الباحث الكبير عبد المجيد العرابلسي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا وزادك علما وفضلا ونورا وهدى
لقد أحسنت إذ استنبطت
ولقد دريت إذ تأملت وفكرت
فامض لتكمل ما بدأت فهو إن شاء الله من البحث العلمي المجرد
ولهو خير للأمة من غثاء مكتبة التراث المليئة باستنساخ المتون والأقضية والفتاوى التي أفتى بها المتقدمون من عاصرهم واطلعوا على حاله وملابساته ولم يفتوا بها القرون اللاحقة التي لم يحضروها ..
أخي ولأنا من طلبة العلم أعلن تزكيتي ما استنبطته من فقه اللغة الذي لن يسع أحدا دراية معاني القرآن قبل الاستعانة به
فجزاك الله خيرا بأحسن الجزاء عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أشكر لك أخي الكريم على ما تفضلت به
وبارك الله فيك وأحسن الله إليك
وأرجو أن لا يكون لومك لتقصير المتأخرين هو سبيل للنيل والتقليل من جهود سلف هذه الأمة ... فنحن نتعلم منهم في خدمة هذا الدين ورفع شأنه والاعتماد عليه فإن فتح علينا مما يسره الله لنا
يبقى لهم فضل الأسبقية وحفظ الدين حتى وصلنا فلولا جهودهم لتغير حالنا
وهم يشاركوننا في الأجر
فنسأل الله تعالى أن نكون ممن يدعون لإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان
وجزاك الله بكل خير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[19 Aug 2008, 11:15 م]ـ
أثابك الله على اجتهادك يا أبا مسلم
واسمح لي - بارك الله فيك - أن أقول ليتها لم تولد على هذه الصورة.
و أنا لا أسدّ باب الاجتهاد ولا أمنع من التجديد والإبداع، فكم ترك الأول للآخر ... ولكن من رام ذلك فعليه قبل ذلك أن يحصّل آلة الاجتهاد، ويلمّ بما حرره أهل العلم من جديد وتلاد، ويستشير العلماء المحققين وإن تباعدت بهم البلاد.
وما ذكره الدكتور جمال - وفقه الله - وجيه جداً.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[19 Aug 2008, 11:45 م]ـ
أحيي الأستاذ العرابلي على جهوده الطيبة، كما أحييه على رده الجميل على الأخ ماديك، وأؤيد ما تفضل به الدكتور حسان والدكتور الحميضي، وليت الفاضل العرابلي يتفضل بإرفاق بحث يمثل كل نظرة على حدة فبالمثال يتضح المقال. مع تحياتي
ـ[العرابلي]ــــــــ[20 Aug 2008, 08:53 ص]ـ
أثابك الله على اجتهادك يا أبا مسلم
واسمح لي - بارك الله فيك - أن أقول ليتها لم تولد على هذه الصورة.
و أنا لا أسدّ باب الاجتهاد ولا أمنع من التجديد والإبداع، فكم ترك الأول للآخر ... ولكن من رام ذلك فعليه قبل ذلك أن يحصّل آلة الاجتهاد، ويلمّ بما حرره أهل العلم من جديد وتلاد، ويستشير العلماء المحققين وإن تباعدت بهم البلاد.
وما ذكره الدكتور جمال - وفقه الله - وجيه جداً.
بارك الله فيك يا أخي الكريم د، إبراهيم الحميضي
وأحسن الله إليكم
أخرجتها بهذه الصورة
لأحفز العلماء إلى العمل بأنفسهم
وبمن يلفونه في الدراسات
وأعذرني إن خرجت بهذه الصورة
فلدي تجارب كثيرة متنوعة أوجبت علي هذه الصورة
وأسأل الله تعالى أو أوف بما وعدت به
حتى ترسخ هذه العلوم
وما لم أستطع نشره
فأسأل الله تعالى أن يجعل من المعينين على الخير ببذل الجهد الذي لن يكون قليلا.
ـ[العرابلي]ــــــــ[20 Aug 2008, 08:58 ص]ـ
أحيي الأستاذ العرابلي على جهوده الطيبة، كما أحييه على رده الجميل على الأخ ماديك، وأؤيد ما تفضل به الدكتور حسان والدكتور الحميضي، وليت الفاضل العرابلي يتفضل بإرفاق بحث يمثل كل نظرة على حدة فبالمثال يتضح المقال. مع تحياتي
حياك الله أخي الفاضل د. خضر
وبارك الله فيك وأحسن الله إليك
وإن شاء الله تعالى سأنزل اليوم حزمة التاءات المبسوطة في القرآن الكريم
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[24 Aug 2008, 08:12 م]ـ
قال الأخ متعلم على هذا الرابط ..
http://www.aljame3.net/ib/index.php?showtopic=6057
الأخ الكريم / العرابلي ..
جزاك الله خيرًا على مجهودك.
ولكن ..
لي تعقيبات سريعة على ما أوردته .. وإن كان كلامك فيه اختصار شديد شديد .. بحيث استغلق المعنى في مواضع كثيرة.
أنت ادعيت علومًا ثلاثة، وادعيت بدايتها، وادعيت صحة مضمونها ..
لن أناقش مدى صحة تسميتك لمسائلك بـ «العلوم».
لكن تعال نناقش: هل هي غير معروفة من قبل؟
وهل فحواها الذي بينته أنت صحيح كله؟
بالنسبة «للعلم الأول»: «فقه استعمال الجذور» ..
فحقيقة ما شرحته أنت من مضمونه، قديم قديم، وهو يقع ضم مسائل «الاشتقاق»، وهو من مسائل «فقه اللغة» المعروفة قديمًا وحديثًا، ومعروف للعرب والعجم. وكتابات أهل الأرض – من المتخصصين – فيه كثيرة بثيرة. فما الجديد؟
بالنسبة «للعلم الثاني»: «فقه معاني الحروف» ..
فحقيقة ما ذكرته أنت بخصوصه، لا يختلف كثيرًا عن «علمك الأول»، بل هو بعض مسائله، أو قسم منه.
فهو من باب «الاشتقاق» أيضًا، إذ «الاشتقاق» أنواع، فمنه الصغير والأوسط والكبير.
وابن جني مثلاً تكلم عن هذا الباب أكثر من غيره. وللإمام ابن تيمية مجهودات مشكورة فيه، وإن خفيت على كثير من المتخصصين في علوم اللغة. وقبل هذين وبعدهما وأهل الاختصاص يتكلمون في هذه المسائل. فما الجديد؟
مع العلم بأن بعض أهل العلم رفض هذه «النظرية» - وهي إعطاء معنى للحرف لا يتغير - في العصر الحديث اتباعًا للغربيين، والحق أن القائلين بمعاني الحروف لا يزعمون أن المعنى لا يتغير. على تفصيلات لا داعي لذكرها هنا.
لكن يبقى السؤال: أين الجديد؟
هل الجديد في التقاط بعض مسائل العلوم وجعلها علومًا قائمة بذاتها؟!
بالنسبة «للعلم الثالث»: «معاني الرسم القرآني» ..
فهو معروف منذ القديم. لكنه ليس من علوم السلف ولا الأئمة. وإنما هو من علوم الصوفية التي يحبذون الكتابة فيها، وبعضهم جعله أقرب إلى علوم السحر والشعوذات!
والسلف والأئمة وأجلة العلماء أعرضوا عن هذا «العلم»، لأنه مبني على مقدمات خاطئة، ولأن التعليلات المذكورة فيه تكاد تكون أشبه بهوسات في أذهان أصحابها فقط.
و «الدكتور / غانم قدوري الحمد» له كتاب اسمه «رسم المصحف»، نسف فيه هذه النظرية الخاطئة، وأثبت بأمور كثيرة أن رسم المصحف إنما كان مرآة لقواعد الكتابة المتبعة في ذلك العصر، وأن الكلمة الواحدة لو رسمت بطريقتين، فليس هذا لأن الصحابة أرادوا إعطاء معنى مختلف في كل مرة، وإنما لأن القاعدة الإملائية كانت تبيح هذا التنوع في ذلك العصر. وهذا التنوع في القاعدة الإملائية الواحدة لا يستغرب، إذ هو كالتنوع في القاعدة النحوية الواحدة، وهو – التنوع النحوي - ثابت مشهور جدًا عند المتخصصين. وحتى إلى الآن ما زلنا نشهد تنوعًا في بعض القواعد الإملائية، كما نرى في كتابة «إسحق» و «إسحاق» على سبيل المثال.
وينبغي التنبه لهذا «العلم الثالث» على وجه الخصوص، لأن كثيرين في مجالنا – دعوة غير المسلمين وجدالهم – يحسبون فيه العلم، ويتوهمون فيه نوع إعجاز. وهم واهمون. وأكثرهم أولئك «الجماعين» الذين يجمعون في المسألة الواحدة كل كلام قيل، ولو كان المجموع متباين المشارب، بل ولو كان متناقضًا! .. لا يأبهون!
هذا .. وما ذكره الأخ / العرابلي من آثار غياب هذه «العلوم»، أو تطبيقها، أو توصيات ... الخ .. فأنا أعرض عن التعقيب عما ذكره .. لكن أسجل تحفظي عليه إجمالاً .. وإنما أعرضت لأن عباراته جاءت مدغمة جائرة على المعنى ووضوحه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[25 Aug 2008, 09:37 م]ـ
أشكر الأخ الدكتور هشام عزمي على نقله لرد الأخ متعلم
ولولا نقله لما علمت مبكرًا (بعد أربعة أيام) برده لأنه لم يأتني إشعارًا بذلك
والردود كثيرة
وسأنقل الرد كما كتبته في ذلك المنتدى المذكور في الرابط
ـ[العرابلي]ــــــــ[25 Aug 2008, 09:54 م]ـ
قال الأخ متعلم على هذا الرابط ..
http://www.aljame3.net/ib/index.php?showtopic=6057
الأخ الكريم / العرابلي ..
جزاك الله خيرًا على مجهودك.
ولكن ..
لي تعقيبات سريعة على ما أوردته .. وإن كان كلامك فيه اختصار شديد شديد .. بحيث استغلق المعنى في مواضع كثيرة.
أنت ادعيت علومًا ثلاثة، وادعيت بدايتها، وادعيت صحة مضمونها ..
لن أناقش مدى صحة تسميتك لمسائلك بـ «العلوم».
لكن تعال نناقش: هل هي غير معروفة من قبل؟
وهل فحواها الذي بينته أنت صحيح كله؟
بالنسبة «للعلم الأول»: «فقه استعمال الجذور» ..
فحقيقة ما شرحته أنت من مضمونه، قديم قديم، وهو يقع ضم مسائل «الاشتقاق»، وهو من مسائل «فقه اللغة» المعروفة قديمًا وحديثًا، ومعروف للعرب والعجم. وكتابات أهل الأرض – من المتخصصين – فيه كثيرة بثيرة. فما الجديد؟.
أخي الكريم متعلم
أشكرك أولاً على تفاعلك مع الموضوع
وبارك الله فيك
وجزاك الله خيرًا
وأعتذر عن تأخري في الرد
فلولا نقل الدكتور هشام عزمي لردك لتأخر اطلاعي عليه أكثر مما ينبغي؛ إذ لم يصلني إشعار بالرد
فعدلك لذلك الخيارات في التبليغ ..
أخي الكريم
أنا لست من أصحاب الادعاءات .... وستعرف هذا وتتأكد منه ولو بعد حين
وما ادعيته إن لم أكن فيه صادقًا .... عرضت نفسي وسمعتي للأذى
وسيصبح ما ادعيته ثلاث فضائح جديدة بدلا من ثلاث علوم جديدة على رأي أحد الأخوة
وتعهدت بنشر مائة بحث في كل واحد منها على الأقل .. وكل مسألة تحتاج إلى بحث في حد ذاته
وردك لم يكن أول رد من نوعه
وهذا ما يدل على أنه جديد غير مألوف لأهل العلم باللغة العربية، ولم يعمل به؛ حتى يعرف له تصنيف
إن عددته من مسائل الفقه؛
فعلم البيان
وعلم المعاني
وعلم الصرف
وعلم النحو
كلها وغيرها ليست علومًا؛ إنما هي مسائل في فقه اللغة.
العلم يطلق على الأصول، ويطلق على الفروع المستقلة.
وعلم: "فقه استعمال الجذور"
علم قائم بذاته، وفرع يندرج تحت فقه اللغة.
أنا لا أتحدث عن "فقه اللغة" عامة، ولا على ما هو أخص منه "فقه الجذور"
بل فقه خاص اسمه "فقه استعمال الجذور"
وفي كتباتي ألتزم الدقة الشديدة ما استطعت.
ولديك أكثر من خمسين موضوعًا في مدونتي تستطيع أن ترجع إليها وإن كانت مقتضبة
ثم تأتيني بنقل من الخصائص لابن جنى مثلا؛ سار فيه على نفس المنهج الذي أسير عليه.
قد تكون هناك أمور عارضة ولكنها لم تكن منهجًا عند أهل اللغة عامة.
بالنسبة «للعلم الثاني»: «فقه معاني الحروف» ..
فحقيقة ما ذكرته أنت بخصوصه، لا يختلف كثيرًا عن «علمك الأول»، بل هو بعض مسائله، أو قسم منه.
فهو من باب «الاشتقاق» أيضًا، إذ «الاشتقاق» أنواع، فمنه الصغير والأوسط والكبير.
وابن جني مثلاً تكلم عن هذا الباب أكثر من غيره. وللإمام ابن تيمية مجهودات مشكورة فيه، وإن خفيت على كثير من المتخصصين في علوم اللغة. وقبل هذين وبعدهما وأهل الاختصاص يتكلمون في هذه المسائل. فما الجديد؟
مع العلم بأن بعض أهل العلم رفض هذه «النظرية» - وهي إعطاء معنى للحرف لا يتغير - في العصر الحديث اتباعًا للغربيين، والحق أن القائلين بمعاني الحروف لا يزعمون أن المعنى لا يتغير. على تفصيلات لا داعي لذكرها هنا.
لكن يبقى السؤال: أين الجديد؟
هل الجديد في التقاط بعض مسائل العلوم وجعلها علومًا قائمة بذاتها؟!.
ما تفضلت به ليس له علاقة بالعلوم التي أعمل عليها؛
فقولي مثلا؛ الشين للاستمرار ..... كيف تصنفها؟ ّ اشتقاق صغير أم أوسط أم كبير؟؟؟
فتطبيقًا على معنى الشين للاستمرار؛
في مادة "شيب" أقول: بأن الشيب يستمر في الشعر إلى أن تتحول آخر شعره سوداء إلى بيضاء
وفي مادة "شجر" أقول: بأن اسم الشجر يطلق على النبات الذي يستمر نموه سنوات طويلة قد يصل في بعضها إلى عشرات أو مئات من السنين.
وفي مادة: شمع أقول: أن الشمعة إذا أشعلتها تستمر في الاشتعال لوحدها دون الوقوف عليها، حتى تنتهي.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكل كلمة فيها الشين تفيد في معناها الاستمرار ... ولا ننس أن الحروف الأخرى لها دلالتها أيضًا في الكلمة.
وأنا قد وضعت جميع معاني الحروف الهجائية ... وليست المسألة مسألة انتقائية لأمثلة محدودة.
وإن حللت كل حروف شيب مثلا؛ قلت بأن الشيب فيه استمرار وكثرة، وهذا من معنى الشين التي تفيد الاستمرار،
وفيه يتحول اللون الأسود للشعر إلى الأبيض؛ وجاء هذا من معنى الياء التي تفيد التحول،
ويظهر الشيب الأبيض بين الشعر الأسود إلى أن يكون له الظهور وحده ويختفي الأسود؛ وجاء هذا من معنى الباء التي تفيد الظهور والخروج ... فمن معاني الحروف المكون منها الجذر نستطيع أن نصف كلماته على الحقيقة التي عليها.
هذا الكلام كيف تصنفه يا أخي الكريم: اشتقاق صغير أم أوسط أم كبير؟؟؟!!!!
وهات لي من قال بمثل هذا القول، وسار على هذا النهج؟؟؟؟!!!
هذا عن "معاني الحروف الهجائية"
أما عن "فقه استعمال الجذور" والأمر مختلف جدًا؛ لأن الاستعمال جاء من اجتماع حروف الجذر معًا، وليس من حرف واحد.
فقولي على سبيل المثال؛ عن استعمال الجذر "سلط"؛ هو غلبة القليل الكثير بيسر وسهولة ولا يرد.
ومن ذلك السلطان لأنه أمره ينفذ في الرعية ولو كان عددها مئات الملايين؛ فينفذ أمره في قصاص، أو حشد جيوش، أو بناء، أو ......
ومنه السلطان (الحجة والبرهان) الغالبان ولا يردان بباطل.
ومنه السليط (زيت السمسم) الذي يستخدم في السُرُج؛ فاشتعال قليل منه على رأس الفتيلة يضيء المكان ويغلب ظلامه.
ومنه المساليط (أسنان المفاتيح)؛ التي بها يفتح القفل الثقيل بيسر وسهولة وبغيرها يصعب الأمر.
ومنه السلاط (السهام الدقيقة الطويلة) ألتي تدخل في الرمي أو تخترقه بيسر وسهولة
فيا أخي الكريم
هل هذا الفقه يصنف على أنه اشتقاق صغير أم أوسط أم كبير؟؟!!
أم هل كان منهجًا عرف عند العلماء من أهل اللغة؟؟!!
بالنسبة «للعلم الثالث»: «معاني الرسم القرآني» ..
فهو معروف منذ القديم. لكنه ليس من علوم السلف ولا الأئمة. وإنما هو من علوم الصوفية التي يحبذون الكتابة فيها، وبعضهم جعله أقرب إلى علوم السحر والشعوذات!
والسلف والأئمة وأجلة العلماء أعرضوا عن هذا «العلم»، لأنه مبني على مقدمات خاطئة، ولأن التعليلات المذكورة فيه تكاد تكون أشبه بهوسات في أذهان أصحابها فقط. .
هؤلاء الذين ذكرتهم يا أخي الكريم لم أطلع على علومهم، ولا أستطيع أن أحكم على شيء لم أطلع عليه،
وما أحببت لك أن تذكرهم، ولم تطلع أنت على ما ألفته، حتى لا تقرني بهم، أو يقرني بهم غيرك ممن يقرأ مقالك من حيث تقصد أو لا تقصد، فما ألفته يحكم علي منه فقط.
لم أطلع إلا على ما نقله الزركشي في كتابه "البرهان في علوم القرآن" في الجزء الأول عن أبي العباس المراكشي المشهور بابن البناء من كتابه "عنوان الدليل في مرسوم التنزيل" وهو كتاب صغير فيه أمثلة محدودة.
وهذا النقل هو الذي قادني إلى البحث في الرسم القرآني، ولكن له منهجه القائم على تقسيم الأمور؛ وخاصة في حذف وإثبات الألف؛ ملكوتي سماوي غامض ومجهول، وملكي أرضي واضح وبين، وما وضعه لا يصلح إلا لبعض الأمثلة ولا يصلح لتفسير كثير من قواعد الرسم وكلماته. وليس قائمًا على معاني الحروف نفسها ولا رسمها.
وما بحثته تعلق بأكثر من خمسة آلاف كلمة في القرآن الكريم؛ ولم أحصها على وجه الحصر، وقد تصل إلى ثمانية آلاف كلمة.
لأن الكلمات التي في وسطها ألف على رواية حفص فقط يساوي (2800) كلمة إلا بضع كلمات، مكررة أكثر من (16500) مرة. كل واحدة منها تحتاج لبيان سبب إثبات الألف فيها أو حذفها. وإن كان تعليل بعضها يندرج تحته ما تكرر منها. إلا أن الكثير يجب أن تقف فيه على كل الأمثلة المكررة في الإثبات والحذف
(يُتْبَعُ)
(/)
و «الدكتور / غانم قدوري الحمد» له كتاب اسمه «رسم المصحف»، نسف فيه هذه النظرية الخاطئة، وأثبت بأمور كثيرة أن رسم المصحف إنما كان مرآة لقواعد الكتابة المتبعة في ذلك العصر، وأن الكلمة الواحدة لو رسمت بطريقتين، فليس هذا لأن الصحابة أرادوا إعطاء معنى مختلف في كل مرة، وإنما لأن القاعدة الإملائية كانت تبيح هذا التنوع في ذلك العصر. وهذا التنوع في القاعدة الإملائية الواحدة لا يستغرب، إذ هو كالتنوع في القاعدة النحوية الواحدة، وهو – التنوع النحوي - ثابت مشهور جدًا عند المتخصصين. وحتى إلى الآن ما زلنا نشهد تنوعًا في بعض القواعد الإملائية، كما نرى في كتابة «إسحق» و «إسحاق» على سبيل المثال. .
لقد قرأت كتاب الدكتور غانم قدوري الحمد:رسم المصحف دراسة تاريخية ولغوية" وصورته عام 1992م أو بعد ذلك بسنة، وعندي نسخة أصلية اشتريتها قبل سنوات بعد إعادة طبعه.
وحمدت الله تعالى أني لم أقرأ الكتاب إلا بعد أن اتضحت لي المعالم لمئات من المسائل في الرسم القرآني على المنهج الذي أسير عليه.
ولو قرأت الكتاب قبل ذلك لسلمت لرأي للدكتور غانم على ما بذله فيه من جهد واضح وتعليل فيه من الصحة لكن ذلك لا ينطبق عندي على الرسم القرآني.
ومع كل احترام وتقدير ومحبة للدكتور غانم قدوري الحمد إلا أني لا أقره على وجود طريقتان في الكتابة وقت نزول الوحي؛ طريقة قديمة وطريقة حديثة؛ فكتبت بعض الكلمات على الطريقة القديمة وبعضها على الطريقة الجديدة.
إنما الرسم مبني على المعاني ولذلك سميته "علم معاني الرسم القرآني"
ولا أوافق الرأي القائل بأن الرسم وضع بهذا الوضع ليكون صالحًا لجميع القراءات؛ فكل مسألة فيه تبحث لوحدها من السياق التي وضعت فيه؛ لمعرفة سبب اختلاف رسمها عن الرسم الاصطلاحي.
ولا أوافق الرأي القائل بأن هذا الرسم من اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم. بل هو من توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يعرف كل كلمة مما تتكون ...
وان الأجر في التلاوة على عدد الحروف المرسومة لا على المنطوقة، ولا على عدد الكلمات.
فقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة , والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف , ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف) ” رواه الترمذي والدارمي وغيرهما، فهي في الرسم ثلاثة، وفي النطق تسعة؛ لكل حرف ثلاثة حروف منطوقة.
وأنا مع رأي الشافعي رحمه الله تعالى ومن كان معه على رأيه؛ بأنه لم يكن للصحابة أي دور صغير أو كبير في اختلاف رسم المصحف.
وإرشادات الرسول صلى الله عليه وسلم في الكتابة جعلت الصحابة لا يرضون أن يكتب في المصحف إلا ما كان من إملاء النبي صلى الله عليه وسلم وعليه شاهدان؛ يشهدان على حصول عملية الإملاء، وعلى الآيات التي أملاها النبي صلى الله عليه وسلم على كتبة الوحي ... مدركين اختلاف رسم الآيات عن الإملاء الاصطلاحي؛ فوصل إلينا هذا الرسم محفوظًا كما كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.
ولو ضاع هذا الرسم لضاعت معه المعاني التي ينبهنا إليها.
وينبغي التنبه لهذا «العلم الثالث» على وجه الخصوص، لأن كثيرين في مجالنا – دعوة غير المسلمين وجدالهم – يحسبون فيه العلم، ويتوهمون فيه نوع إعجاز. وهم واهمون. وأكثرهم أولئك «الجماعين» الذين يجمعون في المسألة الواحدة كل كلام قيل، ولو كان المجموع متباين المشارب، بل ولو كان متناقضًا! .. لا يأبهون!
هذا .. وما ذكره الأخ / العرابلي من آثار غياب هذه «العلوم»، أو تطبيقها، أو توصيات ... الخ .. فأنا أعرض عن التعقيب عما ذكره .. لكن أسجل تحفظي عليه إجمالاً .. وإنما أعرضت لأن عباراته جاءت مدغمة جائرة على المعنى ووضوحه.
مع أن العلم الذي قام عليه الرسم القرآني علم غزير
ويبصرنا بالوضع الأول للغة
إلا أني لم أسم هذا العلم إعجاز الرسم القرآني
وما كتبته في إعلاني يناسب الإعلان فقط
أما التفاصيل فهي قادمة إن شاء الله تعالى.
وقد أنزلت "سر التاءات التي بسطت في القرآن في حزمة واحدة"
أرجو الاطلاع عليها
وأهلا بك أخًا كريمًا
ونفعنا الله تعالى بخير ما نكتب ونقرأ
وجزاكم الله بكل خير
وزادكم الله من علمه وفضله
أخوكم/ أبو مسلم العرابلي
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[26 Aug 2008, 10:59 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
الموضوع: علم فقه استعمال الجذور اللغوية.
سؤال التلميذ:
ما هي المراجع المعتمدة في استخراج و تحديد معاني الحروف في هذا العلم الجديد.
و تقبلوا فائق التقدير و الإحترام.
ـ[العرابلي]ــــــــ[26 Aug 2008, 01:36 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
الموضوع: علم فقه استعمال الجذور اللغوية.
سؤال التلميذ:
ما هي المراجع المعتمدة في استخراج و تحديد معاني الحروف في هذا العلم الجديد.
و تقبلوا فائق التقدير و الإحترام.
أخي لحسن بنلفقيه
قواميس اللغة هي التي اجتمعت فيها مشتقات كل جذر
وخاصة لسان العرب، والقاموس المحيط، وتاج العروس ومحيط المحيط
وقبل ذلك كتاب الله تعالى
وأنت عليك استنباط استعمال الجذور
من دراسة استعمال مفرداته في القرآن ثم في اللغة
القواميس تقدم لك المفردات دون إعطاء الرابط الذي يربط بينها
وهو فقه جديد كان الواجب العمل به مع ظهور القواميس والمعاجم اللغوية
لضرورته وأهميته
فشمر يا أخي عن ذراعك معي
لنسد هذا النقص
والجزاء الأوفى عند رب العالمين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[26 Aug 2008, 04:19 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
أشكرك أستاذي على حسن ظنك بي ...
و كل ميسر لما خلق له.
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[27 Aug 2008, 10:50 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
خاطرة و سؤال تلميذ في: فقه استعمال الجذور اللغوية.
أستاذي الجليل:
هذان جذران من نفس الحروف و بترتيب مختلف: فاختلف معنى الجذر تبعا لإختلاف ترتيب مكوناته: حسن ..... و .... نحس.
نجد في تصميم الكلمة الأولى:
الحاء: للانفراد + السين: للتفلت + النون: للنزع = حسن.
و نحد في تصميم الكلمة الثانية:
النون: للنزع + الحاء: للانفراد + السين: للتفلت = نحس.
فهل يصح لغويا أن نقول:
انفراد التفلت للنزع حسن .... و نزع الإنفراد للتفلت نحس؟
مع كل التقدير و الإحترام
ـ[العرابلي]ــــــــ[27 Aug 2008, 12:52 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
خاطرة و سؤال تلميذ في: فقه استعمال الجذور اللغوية.
أستاذي الجليل:
هذان جذران من نفس الحروف و بترتيب مختلف: فاختلف معنى الجذر تبعا لإختلاف ترتيب مكوناته: حسن ..... و .... نحس.
نجد في تصميم الكلمة الأولى:
الحاء: للانفراد + السين: للتفلت + النون: للنزع = حسن.
و نحد في تصميم الكلمة الثانية:
النون: للنزع + الحاء: للانفراد + السين: للتفلت = نحس.
فهل يصح لغويا أن نقول:
انفراد التفلت للنزع حسن .... و نزع الإنفراد للتفلت نحس؟
مع كل التقدير و الإحترام
بارك الله فيك يا أخي الحسن بن الفقيه
وزادك الله حسنًا وفقهًا
ومحاولة منك تدل على الاهتمام
فبارك الله لك في اهتمامك وجهودك
لي صديق وأخ كريم عرَّفني به اجتماعنا على البحث في اللغة.
يقول الأخ حسام البيطار: اشتغلت سنوات طويلة لأصل إلى معاني الحروف الهجائية فلم أتوصل لمعانيها ...
فاشتعل في البحث في اجتماع الحرفين معًا ..
فخرج بنظرية أن أصل اللغة هو الجذور الثنائية المكونة من الحرف الأول والثاني؛ وليست الثلاثية، وله تعليلات عجيبة ... ولا أوافقه على رأيه
وطبعًا هو يخالف الرأي الثابت الذي قامت عليه القواميس، وأن اللغة مبنية على الجذور الثلاثية، وبعضها على الجذور الرباعية.
أخي الكريم
لو ثبَّت الحرف الأول ثم ثبَّت الحرف الثاني وغيرت الثالث بالحروف الهجائية
ثم انتقلت إلى تغير الحرف الثاني، وثبَّته مع بقاء الحرف الأول ثابتًا، وبدأت تقلب الحرف الثالث بالحروف الهجائية
حتى تنتهي من تغير حرف الوسط في كل مرة ثم تثبته ...
وفي المرحلة الثانية؛ تجعل نفس الحرف الأول حرفًا في الوسط وتثبته، ثم تجري التغيرات المحتملة كما فعلت في المرحلة الأولى.
وفي المرحلة الثالثة؛ تجعل نفس الحرف حرفًا أخيرًا وتثبته، وتجري أيضًا التغييرات المحتملة كما فعلت في المرحلة الأولى.
ستجد أن احتمال التغييرات في اللغة لتشكل من ثلاثة حروف جذورًا تدور على حرف واحد؛ هو (2268) جذرًا محتملاً للجذور الثلاثية فقط.
وأن استعمال الحرف تغير بعددها أي على عدد الجذور التي دخل في تشكيها
فأن تضبط معنًا ثابتًا للحرف مع هذه الكم الهائل من احتمالات التغيير هو الذي نفر أهل اللغة من دراسة معاني الحروف ....
فكيف بكل الحروف الهجائية؟؟!!! مع الجذور الثلاثية والرباعية.
علمًا انه لم يصل أي حرف لهذا العدد
وأكثر الحروف استعمالا في اللغة هو حرف الراء؛ لأنه هو الوحيد الذي له سبع صفات.
فنون النزع في كل موضوع تختلف عن الأخرى وكله نزع
وحاء الانفراد في كل استعمال تختلف عن البقية وكله انفراد
ومثل ذلك السين.
ولكل مكانة للحرف من الكلمة درجته، واجتماعه مع غيره من الحروف المقاربة له يقوي درجته، والمباعدة له يخفضها، أو يحافظ عليها.
فقولك أخي الكريم
انفراد التفلت للنزع حسن .... و نزع الإنفراد للتفلت نحس
كلام مبهم لا يؤدي أي معنى
فأي انفراد تقصد من كل ما ذكرنا؟
وأي نزع تقصد من كل الاحتمالات؟
وأي تفلت تقصد من أنواع التفلت؟
وكذلك معنى الحرف الوسط قد ينقلب إلى ضده؛
فتصبح السين في "حسن" للاستمرار.
وتصبح الحاء في "نحس" للإلحاق والتغيير.
ونون النزع في "حسن" تدعم انفراد الحاء.
وسين التفلت في "نحس" تدعم نون النزع.
حسن؛
ح: فمدحك للشيء "الحسن" هو إفراد له في الحقيقة؛ لأن الأشياء والأمور؛ إما أن تمدح، وإما أن تذم، وإما هي مسكوت عنها، وما يمدح هو الأقل، وقد يكون نادرًا، وبالمدح إفراد له، وإظهار وتميز له على غيره. وتحب أن تنفرد بالحسن؛ لأن الحصول عليه والاتصاف به مكسب لك.
ن: ونزعك للشيء "الحسن" هو إفراد له؛ وجاءت نون النزع حرفًا أخيرًا يفيد بالإضافة إلى معناه؛ الثبات والاستمرار، فيقوى ذلك استمرار وثبات انفراده بما كان سببًا في مدحه، منزوعًا عن غيره بهذا الانفراد. ومثل هذه النون؛ النون في نحن وأنا؛ فهي للنزع الذي يفرد صاحبه ليحدده وحده من دونهم.
س: وسين التفلت في وسطه تفيد تفلته من الضد لما وصف به؛ لأن الضد يلغي الصفة؛ أي الصفات السيئة،
أو تفيد حصر تفلته؛ أي بمعنى شين الاستمرار، فتكون الصفة التي مدحت فيه وجعلته حسنًا مستمرة فيه. وكل الحروف التي لها نفس الصورة معانيها متضادة، وتتبادل معانيها عندما تحصر في الوسط؛ فإن حصرها هو حصر لمعناها، فتعطي معنى مضاد لمعناها؛ أي معنى الحرف الذي له نفس الصورة.
نحس
ن: النحس ينزع ما أنت عليه من خير، أو ينزع ما كنت ترجوه من خير،
ح: فيفرد النحس المصاب بحرمانه مما كان لديه من الخير، أو مما كان يرجوه من الخير.
وبمعنى حصر إنفراد، فيأخذ معنى جيم الإلحاق وخاء التغيير؛ أي لحقه من النحس أذىً غير حاله.
س: فقد تفلت منه بهذا النحس؛ ما تحسر عليه من الخير؛، ودام هذا التفلت منه واستمر.
ولكم مني كل المحبة والتقدير
والتمني لك بكل خير
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[27 Aug 2008, 04:33 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
شكرا أستاذي الجليل على سعة صدركم التي هي و لا شك من سعة علمكم ...
بارك الله فيكم و زادكم فهما و فقها و حلما.
هذا و الله ميدان شاسع لن يفهمه الفهم الصحيح الا الممارس المتأمل الباحث عن ضالة المؤمن ...
زدنا من علمك زادك الله من فضله.
ـ[همام حسين]ــــــــ[27 Aug 2008, 09:56 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله أساتذتي ومشايخي الكرام الأفاضل ..
وجزاكم الله خيرا الشيخ الفاضل / أبا مسلم العرابلي .. وبارك بكم وحفظكم ..
لو تسمحوا لنا بملحوظة .. ولتقبلوها بصدر رحب ..
سبقكم إلى العلم الثالث الأستاذ محمد شملول المصري في كتابه (إعجاز رسم القرآن وإعجاز تلاوته) [دار السلام - القاهرة 2006م]، وقد بنى كتابه على مثل ما بنيتم عليه، بل زاد وغطى.
ولو شئتم أن أنشر لكم منه ما يخص القول في التاءات التي بسطت - كما سميتموها -، وقد بان له وظهر كثير مما توفقتم فيه. وكلا المنهجين عجيب!
ولا أخفيكم أني ندمت على شراء كتابه؛ لأني اشتريته قبل الاطلاع على منهج الدكتور غانم الحمد - حفظه الله -.
ومع كامل احترامي لكم، ولأدبكم في عرض تصوراتكم عن رسم المصحف، ومع كامل حسن ظني بكم في أنكم ما رمتم إلا خدمة القرآن وأهله، ولم أشك في إخلاصكم فيما سطرتم - إن شاء الله -، إلا إن الإخلاص وحده لا يصلح العمل.
كل منا عندما يرى ظاهرة لم يألفها لأول مرة، بفطرته يبحث عن سببها وعلتها، وإلى أن يجد العلة - وفق ضوابط للبحث العلمي الجاد - تظل تصورات وخيالات تدور بفكره تعليلا للظاهرة، كما الطفل عندما يكوّن تصورات خاطئة يعتبرها تعليلا لما يدور حوله، فإذا ما كبر رشح تخيلاته وأفكاره وفق ما عنّ له من خبرات وعلوم وتصورات جديدة، وبحسب قوة هذي أو ذاك يبقي أو ينبذ ما يريد.
المراكشي في (عنوان الدليل) علل ظواهر الرسم وفق فلسلفة باطنية صوفية لم يُسبق إليها - فيما أعلم -، وقد جاءت جل ألفاظه غامضة - كما تفضلتم - يأنف أحدنا عن قرائتها - عفا الله عنه -.
ولم نكن نعرف كتابه إلا من خلال الزركشي في البرهان، والسيوطي في الإتقان، ولا أظن إيرادهما لبعض منهجه إلا إعجابا به أو ببعضه - والله أعلم -.
وما أسهل أن ينقض أحدنا منهجه، إن رأى أن يضيع بعض وقته في ذلك، ولا أراه يستحق. ولو شغل نفسه بتفسير القرآن أو بعلومه أو بالعلوم الشرعية لكان أولى من ذلك، ولكن لأنه تكلم في غير فنه أتى بهذه العجائب والخيالات التي لم يسبق إليها، رحمه الله وعفا عنه.
وظل منهجه يتردد على ألسنة بعض من يدعي الاشتغال بعلوم القرآن حتى عصرنا هذا. وإن اختلفت عباراتهم وسهلت أحيانا. ولو جمعت عشرة منهم ما اتفقوا على تعليل ظاهرة واحدة. ذلك أن لا أساس لهذا العلم أصلا - إن تجوزنا بتسميته علما -.
أما الأستاذ محمد شملول فهو ممن ألفوا في هذا العلم حديثا، ولم يخرج فكره ومنهجه بعيدا عن منهج المراكشي إلا في يسر العبارة وفي استدراك ما فاته من ظواهر وكلمات، ولكل منهجه، كما لكلم منهجكم.
أما الجامع بين المناهج الثلاثة (المراكشي، وشملول، والعرابلي) فهو [تصورات ما قبل البحث].
وكذلك أنتم - حفظكم الله - بنيتم تصورات وأفكار عللتم بها ظواهر الرسم، وقد جاءت بعض الموافقات التي شجعتكم على المسير فيه، وجعلتكم تحمدون الله أن لم يريكم بحثا علميا جادا لم يسطر فيه حرفا إلا بدليل - اقتنعتم بدليله أم لم تقتنعوا -.
طبعا كوني لم أعلق على العلمين الأولين - رغم تخصصي في اللغة - لا يعني اقتناعي بهما.
وفي الختام، أدعو الله ألا يحزنكم كلامي، فالدين النصيحة، وما ظننت بكم إلا الخير .. بارك الله فيكم وحفظكم وتجاوز عنا وعنكم.
ـ[العرابلي]ــــــــ[01 Sep 2008, 01:42 ص]ـ
أخي الكريم همام حسين
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك وفي مرورك
لقد قارنتي باثنين
أبو العباس المراكشي وأنا لا أوافقه على منهجه
ومحمد شملول ولم أطلع على كتابه
وإن كان عملي قبل نشره كتابه بثمانية عشر عامًا
واطلعت على بحث له قصير ولا يغني ذلك عن الحكم عليه بقراءة كتابه كاملا
وليت أحد الأخوة يزودني برابط كتابه إن كان منشورًا على الشبكة
أو عنده نقل على الوورد
المهم من هذا الاطلاع اليسير لاحظت تقارب منهجه من المراكشي
ولاحظت تعامله مع الألف؛ كيف كان يقرب من المعنى ثم يباعد، ولا يسير على تعليل مبني على قاعدة محددة. ولا فهمًا لمعاني الحروف.
وأما د. غانم قدوري الحمد فقد اعجبت بكتابه كثيرًا
وبحثي الرسم كان قبل قراءة كتابه رسم المصحف بخمس سنين
ولو قراته من قبل ما بحثت الرسم القرآني لأطلب فيه المزيد
ولكن من بحث مثلي الرسم القرآني يعرف ما الذي تجنب ذكره الدكتور غانم
وما في الرسم هو آلاف المسائل ولم يتطرف الدكتور غانم إلا إلى نزر يسير
فما تجنب الحديث عنه يضرب القاعدة عنده
فكيف يفسر (هذا حلل وهذا حرام) .. الحلال بغير ألف والحرام بألف
وكذلك (النوصي والأقدام) و (فجعلنا عليها سافلها) و (الظهر والباطن)
كلمات متجاورة؛ واحدة بإثبات الألف والأخرى بحذفها ...
وفي بحثه من حيث لم يقصد؛ اتهام للصاحبة إذا لم يعرف سبب اختار القديم أو اختيار الحديث
لم أبحث الرسم بتصورات سابقة كما تصورت، بل البحث هو الذي ولد تلك التصورات
وطريقة بحثي هو في التعليل الشمولي دون استثناء
فهي طريقة ترهق الباحث إرهاقًا شديدًا
أرجو بعد نشر مجموعة من الأبحاث أن يكون لك رأي آخر
ولكم مني كل مودة وتقدير
أخوكم أبو مسلم العرابلي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[12 Sep 2008, 07:14 م]ـ
قد بدأت أفكر منذ زمن بعيد في العلم الأول وهو طفقه استعمال الجذور" وكذلك العم الثاني "فقه معاني حروف الهجاء" حتى أني بدأت طريقة معينة أحاول أن أعرف بها أثر "فاء الفعل" على المعنى عند تغييرها، وإليك هذا المثال:
أ سر
بـ سر
جـ سر
حـ سر
خـ سر
فـ سر
قـ سر
فتغيير فاء الفعل يؤثر بصورة واضحة على المعنى للجذر، لكني أطلب إليك أن تزودني بمزيد من أبحاثك في هذا المجال وأن نتعاون معا فيه علنا نقف على مزيد أسرار من إعجاز القرآن الكريم.
حمد الله لك جهدك وجعله في ميزان حسناتك ونفع به أهل العلم.
وااله الهادي إلى سبيل الرشاد
masri_mau@yahoo.com
ـ[العرابلي]ــــــــ[30 Jan 2009, 12:18 ص]ـ
قد بدأت أفكر منذ زمن بعيد في العلم الأول وهو طفقه استعمال الجذور" وكذلك العم الثاني "فقه معاني حروف الهجاء" حتى أني بدأت طريقة معينة أحاول أن أعرف بها أثر "فاء الفعل" على المعنى عند تغييرها، وإليك هذا المثال:
أ سر
بـ سر
جـ سر
حـ سر
خـ سر
فـ سر
قـ سر
فتغيير فاء الفعل يؤثر بصورة واضحة على المعنى للجذر، لكني أطلب إليك أن تزودني بمزيد من أبحاثك في هذا المجال وأن نتعاون معا فيه علنا نقف على مزيد أسرار من إعجاز القرآن الكريم.
حمد الله لك جهدك وجعله في ميزان حسناتك ونفع به أهل العلم.
وااله الهادي إلى سبيل الرشاد
masri_mau@yahoo.com
بارك الله فيك أخي الكريم
أشكر لك تفاعلك
وأعتذر عن تأخر الرد عليك
فانشغالي في الرسم القرآني
وكثرة الردود تنسيني مواضع أخرى في الرد
بعد الرسم القرآني سأنتقل إلى فقه استعمال الجذور في اللغة
وستجد إن شاء الله تعالى ما يسرك
والحرف الأول له الوجاهة في الجذر
ولذلك تأثيره يكون كبيرًا
فهمزة الامتداد المتصل مثلاً تجعل طول بقاء الأسير عند آسرية بعد خروجه إليهم وعودة الاخرين إلى ديارهم دونه
وجيم الالحاق في الجسر يلحق الضفة الأولى بالأخرى للسير عليه
التفاصيل متعلقة بكل حرف ووضعه والحديث طويل مع ضيق الوقت حاليًا
فأرجو قبل اعتذاري إليك
ـ[سلطان العمري]ــــــــ[30 Jan 2009, 04:03 ص]ـ
اشم رائحة العجب فيما أورده الكاتب
فأسأل الله لي وله الأخلاص في القول والعمل
وهكذا الأنسان اذا اعتنق فكرة ما فانه يريد كل الناس ان تنظر اليها بنفس النظرة وأن تؤمن بأهميتها كما يؤمن هو بذلك وهذا من طبيعة البشر
فأرجو من الكاتب أن يطرح ما يراه على شكل افكار للنقاش لا على أنه مسلمات يجب ان تؤخذ كما هي وكذلك تدرس في المدارس والجامعات
خاصة ونحن في هذا الملتقى المبارك الذي يعج بالعلماء وطلبة العلم
جعلنا الله واياكم من المتقين
ـ[العرابلي]ــــــــ[30 Jan 2009, 09:01 ص]ـ
اشم رائحة العجب فيما أورده الكاتب
فأسأل الله لي وله الأخلاص في القول والعمل
وهكذا الأنسان اذا اعتنق فكرة ما فانه يريد كل الناس ان تنظر اليها بنفس النظرة وأن تؤمن بأهميتها كما يؤمن هو بذلك وهذا من طبيعة البشر
فأرجو من الكاتب أن يطرح ما يراه على شكل افكار للنقاش لا على أنه مسلمات يجب ان تؤخذ كما هي وكذلك تدرس في المدارس والجامعات
خاصة ونحن في هذا الملتقى المبارك الذي يعج بالعلماء وطلبة العلم
جعلنا الله واياكم من المتقين
بارك الله لك في مرورك يا أخي الكريم
ليس هناك عجبًا ونعوذ بالله من ذلك
وما أطرحه على الإنترنت ليس من الأمور التي أتردد فيها
وقد أقف على مسألة في موضوع وأؤخر النشر أشهرًا حتى أطمئن على ما أكتبه
ولا أنشر شيئًا أنا متردد فيه، وليس لي فيه رأي ثابت
وقد طلب مني إخراج كتاب في ذلك منذ عام 1994م تقريبًا
ولم أكن على عجلة في ذلك
وهذه مواضيعي معروضة لكل من يريد مناقشتها لأستفيد من مناقشته لها
وإن كان هناك شيء فاتني أستدركه، أو فيه خطأ فأصوبه، أو غامض فأوضحه.
وقد تعهدت بنشر مائة بحث في كل علم من الثلاثة حتى يكون هناك قدر من كل علم يمكن به الحكم عليه.
وقد رأيت أن أركز على نشر أسرار الرسم القرآني قبل غيره.
فإن لم يكن في العمر بقية يمكننا الله تعالى من إكمال ذلك
وجد أهل الاهتمام والهمة ما يبنون عليه ويزيدون عليه
ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها
ـ[الباحث محمد عبيدالله]ــــــــ[08 Mar 2009, 12:50 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ـ[الباحث محمد عبيدالله]ــــــــ[08 Mar 2009, 12:59 ص]ـ
جهد رائع للشيخ عبد المجيد في بحث من ادق البحوث اللغويه
جعله الله خير بداية في هذا العلم النادر , تُنميه الاجيال , جيلا بعد جيل , الى ان نصل الى اساسه الاول 0
ولك تحياتي وتقديري
ـ[العرابلي]ــــــــ[15 Apr 2009, 06:23 م]ـ
جهد رائع للشيخ عبد المجيد في بحث من ادق البحوث اللغويه
جعله الله خير بداية في هذا العلم النادر , تُنميه الاجيال , جيلا بعد جيل , الى ان نصل الى اساسه الاول 0
ولك تحياتي وتقديري
بارك الله فيك ولك
وأشكر لك مرورك وردك(/)
كيف نوفق بين هذه الأقوال بشأن المفسر مقاتل بن سليمان الأزدي؟؟؟
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[18 Aug 2008, 03:40 م]ـ
كيف نوفق بين هذه الأقوال بشأن المفسر مقاتل بن سليمان الأزدي؟؟؟
القول المشهور عن الشافعي رحمه الله:الناس كلهم عيال على مقاتل بن سليمان في التفسير
وقال وكيع: كان كذابا.
وقال النسائي: كان مقاتل يكذب. فكيف التوفيق بين هذا وهذا
وما هي القيمة العلمية لتفسير مقاتل إن صحت الأقوال فيه؟؟؟
هذه الأقوال مأخوذة من ميزان الاعتدال للذهبي
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[19 Aug 2008, 11:53 ص]ـ
هلا أفادنا أحد الكرام
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[19 Aug 2008, 10:38 م]ـ
مقاتل بن سليمان في التفسير شأنه شأن الكلبي بل هو أخف منه يُنقل عنه التفسير ولا يحتج به
فهو عند أهل الحديث متروك الحديث متهم بالكذب
وله عناية واشتغال بالتفسير ولأجل تقدمه (ت:150هـ) وتصنيفه في التفسير واشتهار تفسيره في ذلك الوقت نقل عنه التفسير
ودرج من لم يشترط الصحة في رواية التفسير من العلماء على نقل بعض أقواله في التفسير
وفي بعض ما نقل عنه ما أجاد فيه وأفاد واتضح منه ملكته التفسيرية
إذ في التفسير مسائل تحتاج إلى حسن فهم وتحرير وهذا الأمر - في بعض المسائل- لا يتوقف على الرواية
وفي بعض ما نقل عنه ما ينتقد وليس هذا بقليل في تفسيره
وتفسيره المطبوع هو برواية عبد الخالق بن الحسن بن أبي روبا (356هـ)
وقد أدخل فيه أشياء ليست لمقاتل رواها بالإسناد من غير طريقه وفيها موضوعات
فينبغي أن يتفطن لذلك طالب العلم
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[19 Aug 2008, 11:14 م]ـ
بارك الله فيك على المداخلة الطيبة
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[20 Aug 2008, 12:07 م]ـ
لعل هذا ينفع إن شاء الله
مقاتل بن سليمان (ت:150). رجل كذاب أصله من بلخ وانتقل إلى البصرة ثم دخل بغداد وحدث بها وكان فصيح اللسان مشهوراً بتفسير كتاب الله. أخذ التفسير -كما يدعي- عن مجاهد بن جبر والضحاك وابن السائب الكلبي.
قال ابن المبارك (ت:181) عن تفسير مقاتل: «ما أحسنه من تفسير لو كان فيه "حدثنا"». وقال: «يا له من علم لو كان له إسناد». وقال الشافعي: «من أحب التفسير فعليه بمقاتل». وقال كذلك: «من أراد أن يتبحر في تفسير القرآن فهو عيال على مقاتل بن سليمان». وقال مقاتل بن حبان: «ما وجدت علم مقاتل بن سليمان إلا كالبحر». وقال مكي بن إبراهيم عن يحيى بن شبل: قال لي عباد بن كثير: ما يمنعك من مقاتل؟ قلت: إن أهل بلادنا كرهوه. فقال: «لا تكرهه، فما بقي أحد أعلم بكتاب الله تعالى منه». وقال القاسم بن أحمد الصفار: قلت لإبراهيم الحربي: ما بال الناس يطعنون على مقاتل؟ قال: «حسداً منهم له». وكان يقص في الجامع فوقعت العصبية بينه وبين جهم، فوضع كل واحد منهما كتاباً على الآخر ينقض عليه. وقال محمد بن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة: «أفرط جهم في النفي حتى قال إنه ليس بشيء، وأفرط مقاتل في الاِثبات حتى جعل الله تعالى مثل خلقه». وقال حماد بن أبي حنيفة: «هو أعلم بالتفسير من الكلبي». وقال نعيم بن حماد: رأيت عند ابن عيينة كتاباً لمقاتل فقلت: يا أبا محمد تروي لمقاتل في التفسير! قال: «لا، ولكن أستدل به وأستعين». وقال أحمد بن حنبل: «كان له علم بالقرآن». وقال ابن المبارك: «ما أحسن تفسيره لو كان ثقة». وقال محمد الذهبي في "الإسرائيليات" (ص90): «تفسير مقاتل يحوي من الإسرائيليات والخرافات وضلالات المشبهة والمجسمة ما ينكره الشرع ولا يقبله العقل». وقال ابن حبان في "المجروحين" (3|14): «كان يأخذ عن اليهود والنصارى علم القرآن الذي يوافق كتبهم، وكان شبهيا يشبه الرب بالمخلوقين. وكان يكذب مع ذلك في الحديث». والأقوال فيه أكثر من أن نحصيها هنا.
وروى تفسير مقاتل هذا عنه أبو عِصْمَة نُوحُ ابن أبي مريم الجامع، وقد نسبوه إلى الكذب. ورواه أيضاً عن مقاتل: هذيلُ بن حبيب، وهو ضعيف لكنه أصلح حالاً من أبي عصمة.
تنبيه: مقاتل بن سليمان البلخي هو غير مقاتل بن حيان البلخي. وهذا الثاني هو ثقة صالح، روى عن مجاهد والضحاك وعكرمة وقتادة. روى تفسيره محمد بن مزاحم العامري (صدوق)، عن بكير بن معروف (فيه لين)، عنه.
قال الأستاذ الذهبي في "التفسير والمفسرون" (1|119): «إن هذا التفسير الموضوع، لو نظرنا إليه من ناحيته الذاتية، بغض النظر عن ناحيته الإسنادية، لوجدنا أنه لا يخلو من قيمته العلمية. لأنه مهما كثر الوضع في التفسير، فإن الوضع ينصب على الرواية نفسها. أما التفسير في حد ذاته، فليس دائماً أمراً خيالياً بعيداً عن الآية. وإنما هو -في كثير من الأحيان- نتيجة اجتهاد علمي له قيمته. فمثلاً من يضع في التفسير شيئاً، وينسبه إلى عليّ أو ابن عباس، لا يضعه على أنه مجرد قول يلقيه على عواهنه، وإنما هو رأي له، واجتهاد منه في تفسير الآية، بناء على تفكيره الشخصي. وكثيراً ما يكون صحيحاً. غاية الأمر أنه أراد لرأيه رواجاً وقبولاً، فنسبه إلى مَن نُسب إليه من الصحابة. ثم إن هذا التفسير المنسوب إلى عليّ أو ابن عباس، لم يفقد شيئاً من قيمته العلمية غالباً، وإنما الشيء الذي لا قيمة له فيه هو نسبته إلى علي أو ابن عباس. فالموضوع من التفسير -والحق يقال- لم يكن مجرد خيال أو وهم خُلق خلقاً. بل له أساس ما، يهمّ الناظر في التفسير درسه وبحثه، وله قيمته الذاتية وإن لم يكن له قيمته الإسنادية».
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خليل إسماعيل الياس]ــــــــ[16 Nov 2008, 09:45 ص]ـ
لا زال الاشكال قائما حول تساؤل الاستاذ نضال؟
اللهم الا ان كان من قبيل التفريق بين ما يقال في الرجل وبين وما ينقل عنه، وهذه بحد ذاتها تحتاج الى بسط كبير وواسع في البحث فيها لحل هذا الاشكال بين المتقدمين انفسهم!!!(/)
أرجو تفسير هذه الآيات .. !
ـ[عبدالعزيز رافع]ــــــــ[18 Aug 2008, 05:55 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني ومدراء ملتقى أهل التفسير.
أنا عندي سؤال وأتمنى احد يسعفني بالرد عليه ...
ذكر في سورة يوسف {فلما استيئسوا منه خلصوا نجيا قال كبيرهم ألم تعلموا أنا أباكم ... } الآية
نرى أن كبيرهم قال أباكم بيناما في الثانية أبي وفي اللآية الثانية {ارجعوا إلى أبيكم ... } الآية
أيضا قال أبيكم ثم يا أبانا .. فمن المفروض أن يقول أبي أو ماشابهه ..
فأرجوا من الأحبة توضيح الأمر لي ..
تقبلوا تحيات أخوكم عبدالعزيز رافع
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[19 Aug 2008, 12:27 ص]ـ
"ألم تعلموا أن أباكم .. " هو يعلم ويذكر ويذكرهم بأنهم يعلموا أن أباهم قد أخذ عليهم موثقا ..
وقال أبي فيما يخصه هو فقط " فلن أبرح الأرض حتي يأذن لي أبي " حيث كان قد قرر البقاء وحده
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Aug 2008, 11:55 ص]ـ
يمكنك اخي الفاضل الرجوع الى كتابين مهمين جدا في تفسير هذه السورة الاول كتاب مؤتمر تفسير سورة يوسف والثاني الوحدة الموضوعية في تفسير سورة يوسف
فان رجعت فانك لا محالة واجد بغيتك واكثر مما تريد
ـ[عبدالعزيز رافع]ــــــــ[19 Aug 2008, 02:11 م]ـ
جزاكم الله خير ..
ـ[محمد الخثعمي]ــــــــ[24 Aug 2008, 10:12 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله أن يبلغ الجميع شهر رمضان
ورد عن بعض السلف أنهم كانوا يكثرون من ختم القرآن في هذا الشهر الفضيل فربما ختم بعضهم كل ليلة
لكن كيف يستطيع المسلم أن يجمع بين كثرة القرأءة والتدبر وفهم المعاني وقراءة تفسيرها
أفيدونا جزاكم الله خيرا(/)
استشارة
ـ[المرابط]ــــــــ[18 Aug 2008, 06:00 م]ـ
إخواني الأحبة: علماء و طلبة علم.
أتيحت لأخيكم فرصة إلقاء الدروس بأحد المساجد في شهر رمضان إن شاء الله. وقد اختار مادة التفسير، ووقع اختياره على الحزب الأخير من القرآن الكريم لحاجة عموم المسلمين إليه.
سؤالي: هل الأولى له أن يبدأ بسورة سبح و .... حتى يصل إلى سورة الناس، أو العكس يعني من سورة الناس و يرتقي ... إلى سورة سبح؟
من ذكر رأيا فليبرهن جزاكم الله خيرا. و يحيل على تجارب العلماء في ذلك بارك الله فيكم.
ـ[عبدالعزيز رافع]ــــــــ[18 Aug 2008, 06:25 م]ـ
أخي المرابط الله يجزاك خير أنا والله ماعندي فائدة في هذا الموضوع لكن إنشاء الله الأخوان يعطونك رأيهم ...
تقبل تحيات أخوك عبدالعزيز رافع
ـ[المرابط]ــــــــ[19 Aug 2008, 07:18 م]ـ
قال تعالى:" وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ* إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ."
وقال تعالى: " وَالَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ."
ـ[أبو المهند]ــــــــ[19 Aug 2008, 11:58 م]ـ
الأخ الفاضل المرابط في سبيل الله تعالى، حياك الله وأقول:
الأمر فيه سعة ولا يحتاج إلى دليل، وإنما يحتاج إلى أن نشجعك ونشد على يديك وندعو لك بالتوفيق والسداد، ودائما أبدا الأمر في التفسير المتعلق بالجمهور التابع للمساجد يخضع للتيسير والإفهام والمباسطة، بحيث يجد كل صنوف الناس مبتغاهم والخير في سورة الأعلى كما في سورة الناس وأرجِّح لك التزام الترتيب فهو أوقع وأنفع والله ولي التوفيق.
ـ[المرابط]ــــــــ[21 Aug 2008, 02:13 م]ـ
الأخ الفاضل المرابط في سبيل الله تعالى، حياك الله وأقول:
الأمر فيه سعة ولا يحتاج إلى دليل، وإنما يحتاج إلى أن نشجعك ونشد على يديك وندعو لك بالتوفيق والسداد، ودائما أبدا الأمر في التفسير المتعلق بالجمهور التابع للمساجد يخضع للتيسير والإفهام والمباسطة، بحيث يجد كل صنوف الناس مبتغاهم والخير في سورة الأعلى كما في سورة الناس وأرجِّح لك التزام الترتيب فهو أوقع وأنفع والله ولي التوفيق.
بارك الله فيك. وإلى ذلك كنت أميل.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[21 Aug 2008, 03:11 م]ـ
بارك الله فيك وجزاك عن جماعة مسجدك خيراً
والأولى في نظري كما تفضل الدكتور خضر ابتدائك التفسيرَ بترتيب السور , حتى لا يسببَ عدمُ التزامك له تساؤلاتٍ وإشكالاً عند الحاضرين , لأنّ العامة ينكرون كل ما هو غير مألوفٍ عندهم.(/)
بحث: بنية القرآن كمدخل لإعادة القراءة (عبد الرحمن حللي)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[18 Aug 2008, 11:53 م]ـ
بنية القرآن كمدخل لإعادة القراءة
عبد الرحمن حللي
المصدر: موقع الملتقى الفكري ( http://www.almultaka.net/ShowMaqal.php?module=857ecb3ba904b9650a1dca1db0b79 b08&cat=1&id=551&m=c585a9a956f042e0bc5aed23d92973cb)
أولاً- البنية وإعادة القراءة:
لماذا إعادة قراءة القرآن؟ ولماذا نقترح بنية القرآن مدخلاً لهذه الاستعادة؟، سؤالان مشروعان يحفزهما ما للمصطلحين من براقة الحداثة والمعاصرة، ولما يضمرانه في الاستعمال الغالب من نزعة فلسفية ونقدية في شتى الاستعمالات، فالقراءة ستحيل إلى ما عرف بالقراءة المعاصرة للقرآن، والبنية ستحيل إلى البنيوية في سياقاتها الفلسفية واللغوية والاجتماعية، وبالتالي فإن العنوان سيبدو من الوهلة الأولى آتياً في هذا السياق.
إن طرح الأسئلة حول العنوان إن جاء ليحترز مما قد يتبادر منه فإنه لا ينفي الأثر المعرفي الذي آلت إليه مناهج البحث في دراسة القرآن الكريم بفعل تطور النظريات الفلسفية واللغوية وغيرها، وكذلك أثر التوظيف السلبي لها في دراسة القرآن الكريم، إذ أدى هذا النمط من القراءات المعاصرة إلى ميلاد وعي أعمق بمركزية القرآن في الفكر الإسلامي، ومحوريته في مشاريع النهوض والتجديد.
أما لماذا إعادة القراءة؟ سيتبادر إلى الذهن أيضاً المنحى التوظيفي، والاتكاء على التأويل المفتوح تحت شعار "حمال أوجه" وبالتالي تمرير ما يريد القارئ من القرآن أن يقوله، وعليه فمظنة البراءة لا تبدو غالبة في مشاريع إعادة قراءة القرآن، والقراءة المعاصرة، واستخدام المناهج الحديثة في دراسته.
إن تجربة المسلمين الحديثة في دراسة القرآن تبرر هذه المخاوف والتوجسات، فالعهد بدراسة القرآن هو المنحى التفسيري المعهود الذي لم يتقدم بمناهج التفسير إلا جزئياً، فالجهد انصب على إعادة الصياغة والترتيب الشكلي (تحريراً)، مع إضافات في تفسير بعض الآيات وتوجيه النظر فيها ترجيحاً أو استنباطاً ونقداً لتفاسير سابقة (تنويراً)، مع طغيان نزعة المفسر المذهبية أو الفكرية، فيما بقيت المقاربات الأخرى في دراسة القرآن تعتمد على هذا التفسير التجزيئي بدرجة كبرى كالتفسير الموضوعي الذي بقي بطيئاً في التطور ولم يتبلور منهجياً بشكل يمكن اعتباره إضافة نوعية ومستقلة، لكنه شكل نواة لتطور الدرس القرآني، وبالمقابل ظهرت نزعة ثورية انتفضت على مناهج المفسرين واستغلت ثغرات فيها وفي علوم القرآن، مدعية قراءة معاصرة للقرآن تتوسل مناهج مختلفة وأحياناً تجمع متناقضات منها، ما أدى بها إلى الخروج بخليط من الأفكار غير المنسجمة والمتناقضة أحياناً ادعت دراسة للقرآن الكريم، مما أدى إلى زيادة الوثاقة بالمنهج التقليدي لدراسة القرآن ومرجعيته، والشك والحذر من أي مقاربة جديدة أو غير مألوفة في درس القرآن الكريم. ومما زاد هذا الحذر ما آلت إليه كثير من المقاربات تبعاً، إذ اتخذت موقفاً من السنة النبوية ومرجعيتها، فضلاً عن الموقف من التراث الإسلامي عموماً ما جعل الدراسة القرآنية غير التقليدية تهمة بذاتها.
في هذا الجو المشحون بالهواجس والشكوك التي تغيب فيها تقاليد المعرفة وأصول البحث والنقد سيبقى الدرس القرآني بين نزعتين الأولى تأسر تطوره في أقفاص ما انتهى إليه المفسرون، وتبقي نوافذ له مما يؤكد ذلك من تطورات العصر، والنزعة الثانية تجعل الدرس القرآني كأي مقاربة لأي نص، فيخضع لتطور الدرس اللغوي والأدبي والتاريخي، ويبقى ميدان تجربة للقارئ يقرأ فيه ما يشاء.
لكن البحث العلمي الهادئ والرصين كان ولا يزال بعيداً عن هذه النزعات، وهو الكفيل بأن يحقق الإبداع في الدراسة والرصانة في المنهج والإخلاص في الهدف، فأن يكون ما وصل إليه المفسرون هو نهاية المطاف في فهم القرآن لا يمكن أن يكون منسجماً مع حقيقة أنه كتاب لا يخلق على كثرة الرد، وكونه كتاباً إلهياً لا يحيط بكلماته زمان أو مكان، "قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا" (الكهف:109)، وإذا كانت دراسة القرآن لا تتجاوز ما قدمه المفسرون فهذا يعني أننا لم نقدم جديداً لفهم القرآن، ومن
(يُتْبَعُ)
(/)
المعلوم أن الجديد ليس بالضرورة نقداً أو نقضاً للقديم، بل لا يمكن أن يكون هناك جديد من غير بناء على ما هو قديم ترميماً أو إعادة بناء، وبالتالي فتصور الجديد نسخة من القديم أو نقيضاً له بالضرورة تحكم غير منطقي، وتعقيم لبذور الإبداع، كما أن تصور الجديد في فهم القرآن أنه قول فيه من غير منهج منسجم هو الآخر تقوّل على النص لا يستحق النظر.
فإعادة دراسة القرآن تستمد مشروعيتها من طبيعة القرآن نفسه فهو نص أنزل ليقرأه كل من يدخل في خطابه، ولا يحده زمان أو مكان، كما أن ما كتبه المفسرون هو تجربة في فهم القرآن، إن كشفت عن جوانب من معانيه وأحكامه فإن جوانب أخرى ما تزال مكنونة فيه، وإن لم تتقدم مناهج المفسرين على مر العصور في كشف جوانب جديدة، فإن سؤال المنهج يبدو ملحاً والمدخل إلى دراسة القرآن يبدو مفصلياً في إمكانية إضافة جديدة في فهم النص واكتناه معانيه.
فإذا كان البحث الجديد مشروعاً فلماذا نسميه قراءة وليس تفسيراً؟ والإجابة ترجع إلى بعدين الأول أن ما سيدخل تحت اسم القراءة من دراسة يختلف عما عرف من منهج للتفسير، فالاختلاف المنهجي بحد ذاته مبرر لاختلاف المصطلح، ومن ناحية أخرى فان تسمية القرآن بهذا الاسم تحمل دلالة للواجب نحوه وهو القراءة وهي ليست مجرد تلاوة لفظية ونطق لسان إنما تشمل التدبر والفهم، والمعنى اللغوي للقراءة كما تؤكد المعاجم هو الجمع لأي شيء، فقراءة القرآن جمع له ولا معنى لجمع النص إلا إدراك معانيه من متفرق ألفاظه المتسقة فيه، ومعنى الجمع هذا سنربطه بتعبير آخر له ارتباط بالنص القرآني هو الكتاب.
أما البنية في تعريفها الفلسفي البسيط فهي نسق عقلاني يحدد وحدة الشيء وهي القانون الذي يفسره [1]، هذان البعدان من مفهوم البنية هما ما سنستفيد منه في مقاربتنا، مع إدراكنا لذيول مفهوم البنية وتبعاته في مختلف السياقات والمذاهب، إلا أن هذا البعد الذي حددنا هو بعد حيادي يحيل إلى افتراض وجود نظام داخلي للشيء يعبر عن وحدته وكما يتضمن روابط عقلانية تفسره، ولئن كانت البنيوية كمذهب ترفض أثر أي عنصر خارجي في تفسيره، فإن مفهوم البنية إن كان يتضمن مبدأ التفسير الداخلي فإنه لا ينحصر فيه بالضرورة، لكنه يستلزم أن يكون هو الحاكم في التفسير والمنطلق.
وبالتأمل في القرآن يمكننا أن نجد فيه مفهوم البنية كأفضل مثل لها، فهو نسق واحد مترابط ترابطاً عقلانياً تعبر عنه روابط كثيرة بين آياته وسوره، وكمنطلق في الإسلام فإن للقرآن هيمنة مطلقة على ما دونه من نصوص، وأدق ما يمكن أن يكشف هذه الهيمنة هو بنية القرآن كنظام محكم، من هذا المنطلق يأتي اختيارنا لتعبير البنية كمدخل للقراءة.
ثانياً- جذور وعي القدماء ببنية النص القرآني:
نزل القرآن الكريم بلغة عربية، وكان العرب والمسلمون يتلقون القرآن ويفهمون معانيه بما يمتلكونه من فصاحة وبلاغة، ويدل وصفهم للقرآن على وعيهم به كنص يعبر عن بنية متكاملة، نجد ذلك في وصف المشركين للقرآن جملة بأنه سحر، وهو وصف ينسحب على مجمل ما سمعوه من القرآن ككل، وكذلك تعبير الوليد بن المغيرة واصفاً القرآن بقوله: "إن لقوله حلاوة وإن عليه طلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلوا ولا يعلى" [2]، وهذه الأوصاف لا تتأتى إلا من خلال النظر إلى القرآن بمجمله لا بأجزاء منه، ووصف السيدة عائشة رضي الله عنها أخلاق الرسول عندما سئلت عنها قائلة:"كان خلقه القرآن" وربطت ذلك بتفسير قول الله عز وجل "وإنك لعلى خلق عظيم" [3]، وكأنها تعبر عن فهم عميق لتمثل الرسول r القرآن كجملة متكاملة.
وبعد عصر رسول الله r كان الصحابة بما تلقوه من علم عن الرسول وبما يمتلكونه من معرفة بلغة العرب يفسرون كتاب الله قدر طاقتهم، ولم يُفَسَّر القرآن جميعه، وإنما فُسِّر بعض منه، وهو ما غمض فهمه، فكان التفسير يتزايد تبعاً لتزايد الغموض، وكان واضحاً أنهم كانوا يفهمون القرآن جملة واحدة، يؤشر على ذلك قِلَّة الاختلاف بينهم في فهم معانيه، واكتفاؤهم بالمعنى الإجمالي، وكانوا لا يُلزمون أنفسهم بتفهم معانيه تفصيلاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي عهد التابعين غلب على التفسير نزعة طلب الرواية لتوظيفها في التفسير فسادت الإسرائيليات وحذفت الأسانيد التي قل فيها الصحيح، وأصبح البحث عن معاني القرآن من خارجه، من خلال الروايات بالخصوص، فجاء عصر التدوين تالياً وولد علم التفسير المدون وهو مثقل بالإسرائيليات والروايات المشكوك فيها، حتى إن أقدم تفسير مدون وصل إلينا تفسير مقاتل (150هـ) يعتبر الأنموذج للروايات الدخيلة في علم التفسير، وتلا ذلك نشأة مدارس التفسير المأثور والتفسير بالرأي والتفسير الفقهي ... ، واستمر التفسير إلى عهدنا يتطور ويتكرر بنفس المنهجية التحليلية التي تتعامل مع القرآن كأجزاء وسور تفسر واحدة تلو الأخرى، مع تفاوت في العمق ومنزع التحليل، إذاً فالنمط الغالب على منهجية التفسير هي التجزيء والبحث في المفردات والألفاظ، والاستنباط الفقهي والتفريع الدلالي لكل آية وما تتضمنه من معنى، وهذه المنهجية لا تكشف عن جوانب كلية في القرآن، بل حتى حول ما له صلة بالآية المدروسة لما للنظرة الكلية من أثر في اكتشاف البيان القرآني حول المسألة.
وبموازاة هذه المنهجية التحليلية كانت هناك محاولات أخرى فردية تتجه إلى دراسة القرآن من زاوية أخرى هي الرؤية الشاملة والكلية للقرآن الكريم، بدأ ذلك من منطلق الدفاع عن القرآن والبحث في إعجازه، وأول ما ظهر مع المعتزلة الذين اهتموا بمواضيع القرآن نظراً لاستنادهم إلى النص القرآني في احتجاجهم ودفاعهم.
فظهرت مع الجاحظ أولى تلك المحاولات، حيث تتبع في كتابه الحيوان ذكر النار في القرآن [4]، كما كان الجاحظ من أوائل من تنبه إلى أهمية دراسة القرآن من حيث أسلوبه ونظمه، ومع القاضي عبد الجبار تتبلور نظرية النظم التي تعتبر أهم وجه من وجوه الإعجاز، وتمثل منطلقاً مهماً للرؤية الكلية للقرآن، إذ تركز على النسق والروابط بين الكلام كما يقول الجرجاني "ليس النظم سوى تعليق الكلم بعضها ببعض، وجعل بعضها بسبب بعض" [5]، وقد أشار الشاطبي إلى ضرورة اعتبار الجزئي والكلي في النظر للسورة القرآنية فيرى أن النظر في السورة له اعتباران، الأول من جهة تعدد قضاياها، والاعتبار الثاني من جهة النظم، فلا بد من النظر في أول الكلام وآخره بحسب الاعتبار، فاعتبار جهة النظم لا يتم به فائدة إلا بعد استيفاء جميع السورة بالنظر [6]، فكانت نظرية النظم من التنظيرات المبكرة للنظر الكلي إلى القرآن بالتركيز على الأنساق والروابط بين أجزاء النص وتراكيبه.
في سياق آخر نجد محاولة ثانية ومبكرة أيضاً هي النظر إلى أجزاء من النص تشكل شبكة من المفاتيح لفهمه وربط المعنى بين مختلف أجزائه، نلحظ ذلك من خلال علم الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، والذي يُعنى بالألفاظ القرآنية المستخدمة على أكثر من وجه، وهو علم لصيق بعلوم العربية لكنه منحصر في السياق القرآني وتعود جذوره إلى القرن الثاني الهجري، وإن كان يبدو علماً يركز على الألفاظ والمفردات فإنه في جوهره يكشف عن جوانب من بنية النص القرآني، لاسيما محاولات اكتشاف الروابط بين مختلف هذه الوجوه والنظائر، يبرز ذلك في تأويل النظائر بالاعتماد على اللغة لا المأثور، وإرجاعها إلى أصل واحد، نجد ذلك عند الحكيم الترمذي في كتابه "تحصيل نظائر القرآن" إذ ينفي فيه تعدد المعاني، لوجود علاقة واضحة بينها جميعاً، وحاول الترمذي تطبيق نظريته على إحدى وثمانين لفظاً [7]، وبهذا الرابط بين النظائر المتعددة في النص القرآني الذي أشار إليها الحكيم الترمذي يتم اكتشاف جانب من شبكة المعاني المنثورة في بنية النص، وهي ما يمكن اعتبارها كلمات مفتاحية لفهم بنية النص كالذي عرف في المناهج اللغوية الحديثة، وقريب من مقاربات الوجوه والنظائر ما عرف بعلم الغريب، حيث كانت بعض المؤلفات فيه كمفردات الراغب الأصفهاني تكشف عن ربط بين مختلف الألفاظ المنثورة في القرآن، وهو ربط يشبك المعنى بين مختلف السور، وقد تطورت دراسات المفردات القرآنية عموماً، وأصبحت مدخلاً جديداً لفهم بنية النص، وأفردت بالبحث، وظهرت العناية بفكرة المصطلح القرآني [8]، والهاجس فيها هو الوعي بأهمية اكتشاف المعنى في القرآن من خلال بنيته.
ثالثاً- الوعي الحديث بأهمية بنية القرآن:
(يُتْبَعُ)
(/)
يمكن أن نسجل محطات مهمة في وعي المحدثين من الباحثين في الدراسات القرآنية بأهمية بنية القرآن كمدخل لدراسته، ويمكن أن نسجل منها بالخصوص المحطات التالية:
* الوحدة الموضوعية والتفسير الموضوعي:
ظهر حديثاً ما يسمى بالوحدة الموضوعية في القرآن الكريم [9]، وهي فكرة قديمة تجد جذورها عند الجاحظ، لكنها استحضرت مؤخراً كمنطلق لما غدا يعرف بالتفسير الموضوعي، الذي يسعى إلى تتبع موضوع ما في جميع القرآن، أو اكتشاف موضوع يشكل رابطاً لكل سورة بمفردها، وفي هذا المنحى في الدراسة إدراك لأهمية النظرة الكلية للقرآن واكتشاف المعنى من مجمله لا من أجزائه، لكن معظم المحاولات في التفسير الموضوعي لم تحقق الهدف إذ انطلقت من الجزء إلى الكل من خلال تجميع ما ورد في التفسير التحليلي وتركيبه بما هو عليه، فلم تختلف إلا صورة البحث وقالبه فقط ومكمن ذلك افتقارها إلى المنهجية الشمولية المنضبطة [10].
* الكلمات المفتاحية والرؤية القرآنية للعالم:
أسهم المستشرقون بجهد مهم في الدراسات القرآنية وتركوا آثاراً متعددة، لكن الخلفية الاستشراقية حالت دون إسهام عدتهم المنهجية في تقديم نقلة نوعية في فهم القرآن ودراسته، إذ ظلت في إطار تفسير الظاهرة القرآنية وإرجاعها إلى تراث كتابي أو تأويل تاريخي أو تفكيكها من الداخل، ولم تتميز معظم الدراسات الاستشراقية بالجدية والصرامة المنهجية التي يمكنها التأثير في فهم القرآن، لكننا نجد استثناء مع الباحث الياباني توشيهكو إيزوتسو Toshihiko Izutsu ( مختار) -بعد إسلامه-، الذي قدم تجربة متميزة في دراسة القرآن دراسة دلالية، حاول من خلالها اكتشاف الرؤية القرآنية للعالم، وكان المنطلق واضحاً في عمله وهو التعامل مع القرآن كبنية متكاملة، والبحث فيه من خلال الكلمات المفتاحية لاكتشاف محتوى هذا النص، فحاول في كتابه " الله والإنسان في القرآن:دراسة دلالية لنظرة القرآن إلى العالم" [11] تطبيق علم الدلالة، وحاول اكتشاف النظام المفهوميّ الذي يعمل في القرآن، فتعامل مع المفهومات الفرديّة كجزء من البناء العامّ، أو البنية المتكاملة Gestalt التي اندمجت فيها. ويوضح في مقدمة كتابه أنّ التعابير المفتاحيّة التي تؤدّي وظيفة حاسمة في صياغة نظرة القرآن إلى العالم بما فيها اسمُ "الله" تعالى، ليس منها ما كان جديدًا ومبتكرًا، بل كانت كلّها تقريبًا مستخدمةً قبْل الإسلام. وعندما شرع الوحْيُ الإسلاميّ باستخدامها كان النظامُ كلُّه، أي السّياقُ العامُّ الذي استُخدمت فيه، هو الذي صدم مشركي مكّة بوصفه شيئًا غريبًا وغير مألوف وغير مقبول، تبعًا لذلك، وليس الكلمات الفرديّة والمفهومات نفسها. ويقول ههنا: "الكلماتُ نفسُها كانت متداولةً في القرن السّابع [الميلاديّ]، إن لم يكن ضمن الحدود الضيّقة لمجتمع مكّة التجاريّ، فعلى الأقلّ في واحدة من الدّوائر الدّينيّة في جزيرة العرب؛ ما جدّ هو فقط أنّه دخلت أنظمةٌ مفهوميّة مختلفة. والإسلامُ جمعَها، دمجَها جميعًا في شبكةٍ مفهوميّة جديدة تمامًا ومجهولة حتّى الآن" [12].
إن تجربة إيزوتسو قدمت إضافة نوعية في الدراسات القرآنية من جهة إعطائها نموذجاً تطبيقياً لدراسة بنية القرآن المتكاملة، وكيفية استثمارها في توضيح الرؤية القرآنية للقضايا المركزية التي تحدث عنها، وهي منهجية استثمرت علوم اللغة القديمة والحديثة بطريقة أمينة لا تستهدف التوظيف الاستشراقي المعهود، إنما قادت دراسته إلى نتائج محكمة تؤكد تماسك القرآن وانسجام بنيته، ويقدم إيزوتسو بتجربته المنهجية وما استخدمه من أدوات في تحليل بنية القرآن –وإن لم تكن كلها جديدة أو مبتكرة- إضافة نوعية في الدراسات القرآنية يمكن تطويرها والبناء عليها تنظيراً وتطبيقاً، ويمكنها أن تقدم جديداً في قراءة القرآن وفهم معانيه واكتشاف جوانب جديدة من إعجازه، ومربط الإبداع في عمله الانطلاق من بنية القرآن كمدخل للقراءة.
* الوحدة البنائية للقرآن المجيد:
(يُتْبَعُ)
(/)
في إطار الجهود الحديثة المدركة لأهمية بنية القرآن نجد تأصيل الدكتور طه جابر العلواني للموضوع تحت عنوان "الوحدة البنائية للقرآن المجيد" والتي يقصد بها " أن القرآن المجيد واحد لا يقبل بناؤه وإحكام آياته التعدّد فيه أو التجزئة في آياته، أو التعضية بحيث يقبل بعضه، ويرفض بعضه الآخر، فهو بمثابة الكلمة الواحدة أو الجملة الواحدة أو الآية الواحدة، وإذا كانت قد تعددت آياته وسوره وأجزاؤه وأحزابه؛ فذلك التعدد ضرورة لا غنى عنها في التعليم والتعلّم، والتنزيل لتغيير الواقع وإبداله. فلم يكن في مقدور الإنسان أن يستوعب قرآنا يتصف بكل صفات القرآن ويأخذه الإنسان أو يتبناه بوصفه ذا وحدة بنائية لا تختلف عن وحدة الكلمة في حروفها، ووحدة الجملة في كلماتها وأركانها، ووحدة الإنسان في أعضائه" [13]، ويعتبر أن معنى أي آية لن يستقيم ويتضح ما لم تقرأ في سياقها وموقعها وبيئتها وكذلك بإدراك سائر العلاقات بين الآية والقرآن كله [14]، ويتتبع الدكتور العلواني جذور الوعي بمسألة بنائية القرآن فيرجعها إلى البلاغيين ومسألة النظم، والقول بوحدة السورة، وينقد القراءة التجزيئية للقرآن، والتي لا تلحظ الروابط بين كل آية والقرآن ككل، وفيما قدمه الدكتور العلواني دعوة واضحة إلى النظرة الشاملة للقرآن والتعامل معه كبنية واحدة، لكن القارئ كان ينتظر من مقاربة " الوحدة البنائية" أن تقدم نموذجاً تحليلياً وأدوات منهجية للموضوع، وقد قدم الدكتور العلواني مثالاً للوحدة البنائية في السورة التي سلم بها جمهور المعنيين بالدراسات القرآنية، وما قدمه من أمثلة سبق إليه الشاطبي [15] من المتقدمين ومحمد عبد الله دراز من المتأخرين [16].
* المفردة القرآنية كأداة لتحليل الخطاب:
من المقاربات المهمة في دراسة القرآن من مدخل بنيته دراسة المفردة القرآنية كأداة لتحليل الخطاب، وقد حظي هذا الموضوع باهتمام خاص وتأصيل منهجي في دراسة الصديق الأستاذ عبد الرحمن الحاج الذي قدم أطروحة متميزة بعنوان: "دلالة المفردة القرآنية: دراسة لسانية أصولية مقارنة" [17] حاول فيها تتبع المنظور الأصولي واللغوي ومقارنته بالمنهج اللساني الحديث في مقاربة المفردة القرآنية، وقد جمع في دراسته بين التنظير ومحاولة التطبيق الجزئي التي قادته إلى اكتشاف ما أسماه "المركز المفهومي" الذي يدور الخطاب القرآني حوله، و"المحور التركيبي" لكل سورة وللقرآن ككل، وبالعموم فإن دراسته تمثل مدخلاً مهماً لتطوير منهجية البحث في الدراسات القرآنية، ومن مدخل بنية القرآن بشكل أساسي.
رابعاً- بنية القرآن (كلمات وكتاب):
إن أهم ما في البنية أنها نسق عقلاني يحدد وحدة الشيء وهي القانون الذي يفسره، والنسق العقلاني يكتشف من خلال مفردات البنية وأجزائها والقانون الذي يفسرها هو الروابط والعلاقات بين الأجزاء، وبهذا المعنى فإن النص القرآني كما أشرت يمثل نموذجاً لهذا المعنى، بل إن القرآن نفسه يشير إلى ضرورة اكتشافه من خلال هذه الزاوية، فسياق حديث القرآن عن الكلمات والكتاب يشير إلى انتظام القرآن كبنية متكاملة ونظام واحد.
فتأتي كلمات الله [18] على صورتين تكوينية تتمثل بالكون والأشياء، وتكليفية تتمثل بالنصوص المتضمنة للتعاليم الإلهية، فالكلمات هي أجزاء الكون وأجزاء النص، وهي قابلة للقراءة والمعاينة والفهم والاعتبار، فالكون المخلوق أثر بارز قد أُمر الإنسان بتدبره والنظر فيه، وكذلك كلمات الله الأخرى التي وصفها الله بأنها لا تنفد ولو نفدت طاقة الإنسان في قراءتها وملاحظة قوانينها وسننها، وهذه المقابلة بين كلمات القرآن وكلمات الكون لها دلالتها على الانتظام والدقة، وكون هذه الأجزاء دالة على كل تنضوي فيه ويمكن للمتأمل فيها أن يصل إلى تلمس جوانب هذا الكل.
وكلمات الله التكليفية باجتماعها تشكل الكتاب، وكلماته التكوينية باجتماعها تشكل الكون، وهذا تناظر آخر بين الكتاب (القرآن) والكتاب (الكون) المأمور بقراءتهما، وينتظم مفهوم الكتاب في القرآن (بمعناه غير اللغوي) ضمن محورين متكاملين: الكتاب الإلهي المنزل على الرسل، والكتاب الإلهي المحيط بالكون وقد سمي بأم الكتاب واللوح المحفوظ، ودلالة هذا الكتاب رمزية تحيل على النظام الوجودي والسنن الإلهية التي تحكم الكون وتسيره [19].
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي تسمية القرآن بالكتاب دلالة على مفهوم البنية الذي أشرنا إليه، فكل ما ذكر في الكتاب من معان لغوية قريب بعضه من بعض وهو الجمع بين شيئين أو أكثر، فالكتاب هو المجموع من الحروف والكلمات الدالة على مقصود كاتبها، ويستلزم ذلك معنى لازماً له وهو الخط الذي تجمع من خلاله الحروف والكلمات، وبالتالي فالكتاب يشتمل على معنيين هما الجمع مع الانتظام، وهما ما نلحظه في كتاب القرآن وكتاب الكون، فرمز بالكتاب إلى النظام الوجودي الذي يسير الكون الذي خلقه الله وفق سنن ثابتة، فعُبِّر عنه بالكتاب لكون مفردات الكون تجتمع كلها لتشكل وحدة كما تجتمع الحروف والكلمات لتشكل كتاباً، فالمخلوقات تجتمع وتنتظم بالقانون الإلهي كما تجتمع الحروف والكلمات بالسطر الحامل للمعنى لتشكل كتاباً.
فالجمع بين الأجزاء من خلال نظام معين هو البنية التي ينبغي الانتباه إليها وفهمها، وقد أشار القرآن إلى الأجزاء (سماها الكلمات) وإلى حصيلة اجتماعها (سماها الكتاب) ومنها ما هو نصي تكليفي ومنها ما هو كوني، ومهمة الإنسان تجاهها هي القراءة، وبالتالي اكتشاف الكل من خلال أجزائه والجزء من خلال الكل، وهذا معنى اكتشاف القرآن من خلال مفرداته وفهم مفرداته من خلال مجموعه، وكذلك فهم الكون من خلال الذرة وفهم الذرة من خلال النظام الكوني، في تقابل محكم بين بيتين تقودان إلى التعرف على الخالق وما أودعه من سنن تشريعية وتكوينية.
أخيراً ..
إن اكتشاف إحكام آيات القرآن وتفصيلها يتضح أجلى وضوح من خلال الدرس البنيوي للقرآن الذي لا يفصل بين أجزائه وبين كليته، ولئن أدرك دارسو القرآن الكريم جوانب من ذلك، فإن التأصيل المنهجي لهذا الجانب لا يزال ضعيفاً، ولم يستثمر كما ينبغي، هذا فضلاً عن قلة الجانب التطبيقي الذي يعتبر أساسياً في بناء المنهج واختباره، وإن الحاجة لملحة لإحياء الوعي بأهمية بنية القرآن كمدخل لإعادة القراءة، كونها تفتح أفقاً للإبداع في فهم القرآن وتدبر معانيه، كما أن هذه الحاجة تتأكد لتفعيل مكانة القرآن في التشريع أعني حاكميته على غيره من النصوص، والانطلاق منه كمصدر للتشريع.
الإحالات المرجعية:
[1] انظر: الموسوعة الفلسفية، ط:1 معهد الإنماء العربي 1986، 1/ 198.
[2] انظر: ابن الجوزي، زاد المسير في علم التفسير، ط:3، المكتب الإسلامي – بيروت، 8/ 403.
[3] انظر: مسند الإمام أحمد بن حنبل، ط: مؤسسة قرطبة – القاهرة، 6/ 91.
[4] يرجع الباحثون إلى الجاحظ جذور التفسير الموضوعي، انظر: سامر عبد الرحمن رشواني، منهج التفسير الموضوعي للقرآن الكريم، (رسالة ماجستير - جامعة القاهرة 1423هـ-2002م) ستصدر قريباً عن دار الملتقى بحلب.
[5] عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، المقدمة، صفحة: ق، تحقيق:رشيد رضا، ط: دار المعرفة-بيروت 1978.
[6] انظر: الشاطبي، الموافقات، ط: دار المعرفة- بيروت 1975، 4/ 415
[7] انظر: سلوى محمد العوا، الوجوه والنظائر في القرآن الكريم، القاهرة: دار الشروق، ط:1/ 1998م، ص:23، وحول علم الوجوه والنظائر انظر: هند شلبي، مقدمة تحقيقها لكتاب التصاريف ليحيى بن سلام. تونس: الشركة التونسية للتوزيع، 1980م.
[8] انظر: عبد الرحمن حللي، المفاهيم والمصطلحات القرآنية: مقاربة منهجية، مجلة إسلامية المعرفة، العدد:35 شتاء 2004.
[9] الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم عنوان كتاب أصله أطروحة دكتوراه قدمها محمد محمود حجازي في أصول الدين بالأزهر سنة 1967، وكانت أول دراسة متخصصة تعالج أحد الأسس التي يستند إليها التفسير الموضوعي، وهو مفهوم الوحدة، واستطاع أن يقدم عدداً من الدراسات التطبيقية التي تؤكد مفهوم الوحدة وتدعمه، إن على مستوى القرآن أو على مستوى السورة.
[10] انظر حول التفسير الموضوعي: زياد خليل محمد الدغامين، منهجية البحث في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم، عمان: دار البشير، ط:1/ 1995م، سامر عبد الرحمن رشواني، منهج التفسير الموضوعي للقرآن الكريم، م. س.
[11] صدر كتاب إيزوتسو Izutsu لأول مرة عام 1964 وعنوانه: God And Man In The Koran: Semantics of The Koranic Weltanschauung ، عن معهد كيو للدراسات الثقافية واللغوية في طوكيو، وقد ترجم ترجمة متميزة من قبل الأستاذ الدكتور عيسى العاكوب الأستاذ في كلية الآداب بجامعة حلب، وصدرت عن دار الملتقى بحلب عام 2007، كما صدرت للكتاب ترجمة أخرى في نفس العام عن المنظمة العربية للترجمة ببيروت أعدها الدكتور هلال محمد جهاد. هذا وللباحث إيزوتسو دراسة أخرى لا تقل أهمية حول المفهومات الأخلاقية في القرآن: Structure of the Ethical Terms in the Koran وقد صدرت عام 1959م، وكذلك قام بترجمتها الدكتور العاكوب وستصدر قريباً عن دار الملتقى بحلب.
[12] انظر: عيسى العاكوب، مقدمة الترجمة، ص:11
[13] انظر: طه جابر العلواني، الوحدة البنائية للقرآن المجيد، ط:1 مكتبة الشروق – القاهرة 2006،ص14
[14] انظر: العلواني، م. س ص:18
[15] يقدم الإمام الشاطبي نموذجاً للوحدة الموضوعية للسورة من خلال سورة المؤمنين التي يراها نازلة في قضية واحدة هي موضوع المكيات من السور، والتي ترجع معانيها إلى أصل واحد هو الدعاء على عبادة الله، انظر: الموافقات:4/ 416 وما بعدها، م. س.
[16] يستند الدكتور محمد عبد الله دراز إلى الشاطبي في القول بوحدة السورة، ويطبق ذلك على سورة البقرة تحت عنوان (نظام المعاني في سورة البقرة) ضمن كتابه: النبأ العظيم، ط: دار القلم – الكويت1970 ص 163.
[17] رسالة ماجستير نوقشت في كلية الإمام الأوزاعي للدراسات الإسلامية في بيروت، 2006.
[18] انظر: عبد الرحمن حللي، الأسماء والكلمات: دراسة مفاهيمية قرآنية، مجلة التجديد، الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، العدد:19، السنة العاشرة، فبراير 2006م.
[19] انظر: عبد الرحمن حللي، الكتاب: دراسة مفاهيمية قرآنية، مجلة التجديد، الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا، العدد:21، الجلد الحادي عشر، 2007م.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[19 Aug 2008, 10:30 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
بارك الله فيك أيها الأخ الفاضل: محمد بن جماعة، على هذه الدرر التي تجيد البحث عنها و تدرك قيمتها، و تحب تعميم فائدتها بين طلبة العلم و مريديه ... و الدال على الخير كفاعله.
زدنا من بحثك و صيدك ... زادك الله فهما و رفعة و أجرا تجده لك ذخرا عنده.(/)
وتماثيل
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[19 Aug 2008, 02:36 ص]ـ
وتماثيل
بقلم: بسام جرار - مركز نون
جاء في الآية 13 من سورة سبأ:" يعملونَ لهُ ما يشاءُ من محاريبَ وتماثيلَ وجفانٍ كالجوابِ وقدورٍ راسياتٍ، اعملوا آل داودَ شكراً وقليل من عبادي الشكور".
المقصود بالآية الكريمة سليمان، عليه السلام. ولسنا هنا بصدد تفسير الآية، ولكن نقصد أن نتوقف عند لفظة تماثيل، لأنها اللفظة التي يَستشكلها من يقرأ الآية الكريمة، لما وقر في عقل وقلب كل مسلم من استنكارٍ للتماثيل. في المقابل نجد هناك من يستدل بالآية الكريمة على جواز اتخاذ التماثيل. ولسنا هنا بصدد بيان حكم التماثيل في الشريعة الإسلامية، ولكنا بصدد توضيح معنى التماثيل، وإزالة اللبس في الفهم، وتبيين الخطأ في الاستدلال الناتج عن الخلل في المنهج.
جاء في التفسير الكبير للطبراني:" أي تماثيل كلّ شيء، يعني صوراً من نحاس وزجاج ورخام، كانت الجن تعملها، وكانوا يُصوّرون الأنبياء والملائكة في المسجد ليراها الناس فيزدادوا عبادة. وهذا يدل على أنّ التصوير كان مباحاً في ذلك الزمان ثم صار حراماً في شريعة نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم". وقد اخترنا هذا النص للطبراني، رحمه الله، لأنه يمثل أقوال الكثير من أهل التفسير. وهو من أعحب العجب!!
ولنا على هذا النص الملاحظات الآتية:
أولاً: من أين لهم هذا، وهل من سندٍ صحيح عن المعصوم، صلى الله عليه وسلم؟!
ثانياً: يُصوّرُ الأنبياء والملائكة، في المساجد، ليزداد الناس عبادة؟! هذا منطق عجيب. ما هذه العبادة، وما هذه المساجد، وما هذا التوحيد؟!!
ثالثاً: لماذا تكون مباحة قبل الإسلام، وهي أمور تتعلق بالاعتقاد بالدرجة الأولى؟! ثم إنّ عبادة الأوثان والأصنام كانت سائدة قبل وبعد عهد سليمان، عليه السلام. وما أظن أنّ أمة سليمان، عليه السلام، كانت محصنة ضد الوثنية أكثر من خير أمةٍ أخرجت للناس. وإذا كانت صور الأنبياء والملائكة تجعلهم يزدادون في العبادة، فإنّ ذلك يعنى أنهم أقرب إلى الوثنية، مما يقتضي منع ذلك درءاً للمفسدة.
جاء في تفسير القاسمي:" وتماثيل: أي صور ونقوش منوّعة على الجُدر والسقوف والأعمدة، جَمعُ تمثال: وهو كل ما صُوّر على مثال غيره من حيوان وغير حيوان". وهذا قول جيد، لأنه يبين لنا أنّ التمثال يكون صورة مماثلة لحيوان أو غير حيوان. وهناك من المفسرين من يوهم قولُه أنّ التمثال هو فقط ما يماثل صورة الحيوان. ولم ينفرد القاسمي بهذا القول؛ يقول أبو حيّان، صاحب البحر المحيط، وهو إمام من أئمة اللغة العربية:" التمثال: الصورة المصنوعة مشبهة بمخلوق من مخلوقات الله تعالى، مثّلت الشيء بالشيء إذا شبهته به". وقال عند تفسير الأية الكريمة:" التماثيل: الصور وكانت لغير الحيوان". ويبدو أنه أخذ هذا عن تفسير ابن عطية، والذي هو أيضاً من أئمة اللغة العربية. وعنهما أخذ العلامة الألوسي حرفياً. وقال الطاهر بن عاشور، وهو يفسر كلمة التماثيل الواردة في سورة الأنبياء:" وكان قوم إبراهيم يعبدون الكواكب ويجعلون لها صوراً مجسّمة"، وهذا صريح بأنّ التماثيل قد تكون مثال الجمادات. وقد صرّح السعدي، في تفسيره، بذلك فقال:" تماثيل: أي صور الحيوانات والجمادات".
فالتماثيل إذن هي ما يُصنع على مثال شيء من الأشياء. وقد يكون هذا الشيء حيّاً وقد يكون غير حي. ومعلوم أنّ الصورة تكون أيضاً مثالاً للشيء، ومن هنا عرّف بعضهم التماثيل بأنها الصور. والصحيح أنها الصُّوَر المُجَسّمة، لأنها أقرب إلى حقيقة الشيء الممثل له من الصورة غير المجَسّمة.
إذا عرفنا هذا اتضح أنّ الجن كانت تصنع لسليمان، عليه السلام، ما يشاء من أمثال الأشياء التي يريدها للزينة أو غير الزينة. وقد تكون أشياء في عالم الصناعة تماثل أشياء في الطبيعة. المهم أنهم كانوا يقلدون الأشياء كما يريد سليمان، عليه السلام. فلماذا انصرف ذهن الكثير من أهل التفسير إلى الأشياء المحرمة، ليجعلوها مباحة في عصره، عليه السلام، وما دليلهم على ذلك، حتى يقولوا إنّ ذلك كان مباحاً ثم نسخت الإباحة بالشريعة الإسلامية؟! الأمر أبسط من ذلك: فالجن تعمل وفق مشيئة نبي كريم لا يأمر إلا بعمل ما فيه شكر لنعم الله تعالى. ألم يقرأوا قوله تعالى في الآية الكريمة:" اعملوا آل داود شكراً وقليلٌ من عباديَ الشكور"، فهو عليه السلام من القليل الذي يشكر، فيضع النعمة في موضعها.
لعل ما أوقع بعضهم في الوهم ظنهم أنّ التماثيل لا تكون إلا لكائناتٍ حيّة. وليتهم إذ ظنوا ذلك جعلوها تماثيل في القصور والشوارع ولم يدخلوها المساجد. ويجدر بنا قبل أن نختم أن نبين أنّ اتخاذ صور وتماثيل الجمادات هي أيضاً محرمة إذا قصد بها أمور محرمة.(/)
سؤال للدكتور مساعد حفظه الله في جعل الإمام البخاري " نزلت في " من التفسير المسند
ـ[محمد براء]ــــــــ[20 Aug 2008, 01:03 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزى الله الدكتور خير الجزاء على شرحه النافع لرسالة شيخ الإسلام في اصول التفسير، وليتني اجد شروحاً في مستواه لبقية رسائل شيخ الإسلام التي يدرسها الطلبة.
كنت اليوم أقرأ فيها فاستوقفني قولكم عن مذهب الإمام البخاري في صيغة ص132: " نزلت في ": " ولو لم تكن مرفوعة لاكتفى بتعليقها كما يعلق جملة من التفسير المروي عن الصحابة والتابعين وتابعيهم ".
قلت: لا يلزم من عدم تعليقها أن تكون مرفوعة، فهو يعلق كثيراً من الأحاديث المرفوعة كما لا يخفى على أحد، فكيف جعلتم عدم تعليقها دليلاً على دخولها في المرفوع؟.
وجزاكم الله خيراً.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[20 Aug 2008, 06:05 ص]ـ
أشكرك أخي أبا الحسنات على ملاحظتك القيمة، وأقول:
إن الإمام البخاري إذا أسند حديثًا فهو عنده مرفوع أو في حكم المرفوع، وقد أسند الآثار التي وردت فيها هذه الصيغة (نزلت في) مما يدل على أنها عنده في حكم المرفوع.
أما كونه يعلق بعض الأحاديث فلا يشكل على هذا الأمر، وإنما يشكل عليه ورود هذه الصيغة معلقةً، والله أعلم.
ـ[محمد براء]ــــــــ[20 Aug 2008, 12:38 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم.(/)
حول قول الشافعي"لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمئة حديث"
ـ[أمجد الفلسطينى]ــــــــ[20 Aug 2008, 01:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
قول الشافعي خرجه البيهقي في مناقبه تحت باب ما يدل على معرفته بصحيح الحديث
الإشكال: ما مدى صحة هذا القول من أبي عبد الله الشافعي عليه رضوان الله وما تفسيره وعلى أي وجه يحمل؟؟
ابتداءً:
إذا جرينا على مذهب أئمة النقد والعلل المتقدمين _والشافعي منهم_ كالقطان وأحمد وغيرهما
فجزأنا حال الراوي المتكلم فيه فقبلنا روايته في التفسير ولم نقبلها في غيره كالأحكام ونحوها
كليث بن أبي سليم وغيره ممن سيأتي
/// وقبلنا أيضا باقي الصحف التفسيرية عن ابن عباس
فقبلنا رواية ليث وابن أبي نَجِيح والحكم وابن جريج وابن عيينة وغيرهم ممن أحذ كتاب القاسم بن أبي بَزَّة عن مجاهد
وصحيفة علي بن أبي طلحة عنه
وصحيفة ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن ابن جبير عنه
ورواية عطاء بن السائب عن مجاهد وسعيد عنه
وكتاب العوفي عنه
وقد نصص الأئمة على صحة هذه الصحف والرواة لها وإن كان فيها انقطاع وبسط كلامهم مع الاستدلال عليه له موضع آخر
وعلمنا أن صحيفة ابن أبي طلحة وحدها دون باقي الصحف أكثر من هذا العدد المذكور في كلام الشافعي رحمه الله
/// وقبلنا بعض الروايات كرواية ابن جريج عن ابن أبي رباح عنه في البقرة وآل عمران دون غيرها
وما يروى عن عكرمة عنه في التفسير من طريق ابن سيرين وابن جريج وغيرهما
وقد نُصص على صحتها
/// وأخذنا بالاعتبار ما ذكره الشيخ عبد العزيز الطريفي عن تفسير مجاهد حيث قال: أَنَّ مجاهد بن جبر، وإن كان مختصًا بعبد الله بن عباس وعرض عليه التفسير مراراً، إلا أن كثيراً من تفسيره لا ينقله عن ابن عباس، بل هو أقل أصحابه روايةً عنه، يفسر القرآن ولا يعزوه؛ ومع وَفْرة تفسير ابن عباس، إلا أن ما يرويه عنه مجاهد لا يزيد عن المائتين، والعلة في ذلك - فيما يظهر - أن التفسيرَ علم تحصَّل لديه وفَهِمَه على وجهه، فكان من الاحتياط والورع ألا ينسُبَه بلفظه إليه، فربما غايَرَ في اللفظ، ولذلك حينما يعرض الإنسان شيئًا من الألفاظ والمعاني على عالمٍ أكثر من مرةٍ، ويُكثر الأخذ عن عالم من العلماء يخلط قوله بعضه ببعض، وإن كانت المعاني حقيقةً على وجهها، لكن في نسبة اللفظ شيءٌ.
وقال أيضا: وقد رُوي عن مجاهد بن جبر في التفسير ما يقرب من ستة آلاف مروية، إلا أنه ما روى عن ابن عباس إلا نحو مائتي رواية، وهذا قليلٌ جدًا، وذلك لكثرة عرضه عليه؛ فربما في العَرْضة الأولى غاير في اللفظ واتفق في المعنى، وفي العرضة الثانية غاير في اللفظ واتفق في المعنى؛ فلم ينسُب القول إليه لتَحَقُّق اللفظ والمعنى في نفسه أكثر من تحقُّق اللفظ والمعنى عند عبد الله بن عباس؛ فنسب إليه ما تيقن منه ولم ينسب إليه ما لم يتيقن، وهذا من باب الاحتياط.
ثم إن ما أخذه عن ابن عباس أصله لغة العرب، وما أخذه عنه كثير، فنسبة كلِّ قول إلى ابن عباس، ثقيل على السامع والمتكلم.
/// إذا تقرر ما تقدم فما وجه قول الشافعي وتفسيره؟!
1_ هل يحمل على ما رفعه ابن عباس عن النبي (ص)؟
لكن يشكل عليه أن المرفوع لا يبلغ هذا العدد فكيف إذا كان عن ابن عباس وحده
ومعلوم هنا قول الإمام أحمد وغيره ثلاثة ليس لها أصل ... الخ أي ليس لها إسناد معتمد إذا حملنا كلام الإمام أحمد على المرفوع
2_ أم يحمل على مخالفة الشافعي لباقي الأئمة فيقال: الشافعي يضعف أغلب تلك الصحف والطرق والروايات؟؟
لكن هذا فيه بعد فالشافعي كان يرجع إلى أحمد وغيره من أهل الحديث في تعليل الروايات ونقدها
3_ أم يحمل على أن مراده من ذلك: ما صح سماعا دون ما صح كتابا وصحيفة وإن كان الثاني عنده مقبولا ويحتج به؟؟
4_ أم يحمل على تفسير آيات الأحكام والعقائد دون غيرها؟؟
5_ أم يحمل على أن عبارته مختصرة، اختصرها أحد الراوة فأخلّ بمعناها، فيمكن أن يكون أصل كلام الشافعي عن طريق معين عن ابن عباس في التفسير فعممه بعضهم؟؟
6_ أم يحمل على أن مراده: أنه لم يصح عنه إذا طبقا قواعد أهل الحديث على أحاديث الأحكام دون غيرها لكن هذا ما لا أقول به؟؟
وفي كلٍ بعد
والظاهر من كلام العلماء عن طرق التفسير إلى ابن عباس وقبولها خلاف ما ذكره الشافعي
فهذا مسلك لمعرفة مدى صحة قول الشافعي
والمسلك الثاني الاستقراء
فتحصر روايته ويحكم عليها وفق مناهج أئمة النقد المتقدمين ويقارن بين النتائج وبين قول الشافعي
وهو قريب وممكن ولعل بعضهم قام بهذا الاستقراء فمن كان عنده علم به فليتفضل بنقله هنا
هذا تقرير إشكالي حول هذه العبارة
فما هو حل هذا الإشكال؟؟
أدام الله فضلكم(/)
بيان ابن تيمية رحمه الله لمعنى تعدد نزول الآية
ـ[محمد براء]ــــــــ[20 Aug 2008, 04:18 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في مقدمة في أصول التفسير ص29 [شرح الدكتور مساعد الطيار]: " فَقَوْلُ أَحَدِهِمْ نَزَلَتْ فِي كَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَ الْآخَرِ نَزَلَتْ فِي كَذَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ يَتَنَاوَلُهُمَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي التَّفْسِيرِ بِالْمِثَالِ وَإِذَا ذَكَرَ أَحَدُهُمْ لَهَا سَبَبًا نَزَلَتْ لِأَجْلِهِ وَذَكَرَ الْآخَرُ سَبَبًا؛ فَقَدْ يُمْكِنُ صِدْقُهُمَا بِأَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ عَقِبَ تِلْكَ الْأَسْبَابِ أَوْ تَكُونَ نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً لِهَذَا السَّبَبِ وَمَرَّةً لِهَذَا السَّبَبِ ".
وقد بين في مجموع الفتاوى (17/ 191 - 192): المراد بتعدد النزول بوضوح وجلاء فقال: "وَسُورَةُ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ.
وَقَدْ ذُكِرَ فِي أَسْبَابِ نُزُولِهَا سُؤَالُ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ وَسُؤَالُ الْكُفَّارِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودُ بِالْمَدِينَةِ وَلَا مُنَافَاةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَهَا بِمَكَّةَ أَوَّلًا ثُمَّ لَمَّا سُئِلَ نَحْوَ ذَلِكَ أَنْزَلَهَا مَرَّةً أُخْرَى. وَهَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَقَالُوا: إنَّ الْآيَةَ أَوْ السُّورَةَ قَدْ تَنْزِلُ مَرَّتَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. فَمَا يُذْكَرُ مِنْ أَسْبَابِ النُّزُولِ الْمُتَعَدِّدَةِ قَدْ يَكُونُ جَمِيعُهُ حَقًّا. وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُ إذَا حَدَثَ سَبَبٌ يُنَاسِبُهَا نَزَلَ جِبْرِيلُ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ لِيُعَلِّمَهُ أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ جَوَابَ ذَلِكَ السَّبَبِ وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ يَحْفَظُهَا قَبْلَ ذَلِكَ.
وَالْوَاحِدُ مِنَّا قَدْ يَسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَيُذْكَرُ لَهُ الْآيَةَُ أَوْ الْحَدِيثُ لِيُبَيَّنَ لَهُ دَلَالَةَ النَّصِّ عَلَى تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ حَافِظٌ لِذَلِكَ، لَكِنْ يُتْلَى عَلَيْهِ ذَلِكَ النَّصُّ لِيَتَبَيَّنَ وَجْهُ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَطْلُوبِ ".
قلت: فإذا فسرنا تعدد النزول بهذا التفسير، لم يعد هناك إشكال في القول به والله أعلم.
على أن من ناقش القول بتعدد نزول بعض الآيات لم تخل مناقشته من تكلف.
مثال تطبيقي:
قال الإمام أبو عيسى الترمذي في جامعه: "حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبَي هِنْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِيَهُودَ: أَعْطُونَا شَيْئًا نَسْأَلُ هَذَا الرَّجُلَ.
فَقَالَ: سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ.
قَالَ: فَسَأَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: " وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ".
قَالُوا: أُوتِينَا عِلْمًا كَثِيرًا أُوتِينَا التَّوْرَاةَ وَمَنْ أُوتِيَ التَّوْرَاةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا!.
فَأُنْزِلَتْ: " قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ ... " إِلَى آخِرِ الْآيَةَ.
قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ".
والحديث اخرجه أحمد والنسائي وابن المنذر وابن حبان وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل، كما في الدر المنثور للسيوطي.
وهذا الحديث يدل أن الآية نزلت في مكة، قال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى: "واعلم أنه كان بين قريش وبين أهل يثرب صلات كثيرة من صهر وتجارة وصحبة. وكان لكل يثربي صاحب بمكة ينزل عنده إذا قدم الآخر بلده، كما كان بين أمية بن خلف وسَعْد بن معاذ. وقصتهما مذكورة في حديث غزوة بدر من «صحيح البخاري» ".
لكن جاء حديث آخر في صحيح البخاري يدل انها نزلت في المدينة.
قال الإمام أبو عبد الله البخاري في صحيحه: "بَاب: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ}
(يُتْبَعُ)
(/)
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَرْثٍ وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ، إِذْ مَرَّ الْيَهُودُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ.
فَقَالَ: مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ!.
فَقَالُوا: سَلُوهُ!.
فَسَأَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقُمْتُ مَقَامِي، فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ قَالَ: " وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ".
والحديث أخرجه أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن حبان وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كما في الدر المنثور.
فما العمل للجمع بين هاتين الروايتين؟.
قال الإمام السيوطي رحمه الله في الإتقان ص217 [طبعة المجمع]: " وقد رُجِّح بأن ما رواه البخاري أصح من غيره وبأن ابن مسعود كان حاضر القصة ".
ورجح الدكتور فضل عباس في إتقان البرهان (1/ 311 - 312) رواية الترمذي بدعوى أن رواية البخاري منافرة للسياق!، ثم طرح إشكالاً وأجاب عنه بجواب ضعيف، وهو كيف تركت الرواية الصحيحة وترجيح السيوطي؟.
على أن الجمع بين الروايتين أولى من الترجيح بينهما، ووجه الجمع بناء على ما قرره شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: أن الآية نزلت في مكة كما دل على ذلك حديث ابن عباس، ثم لما سأله اليهود عنها في المدينة " نَزَلَ جِبْرِيلُ فَقَرَأَهَا عَلَيْهِ لِيُعَلِّمَهُ أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ جَوَابَ ذَلِكَ السؤال وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ يَحْفَظُهَا قَبْلَ ذَلِكَ ".
وهذا ما أشار إليه الإمام برهان الدين البقاعي في نظم الدرر (11/ 505) فقال بعد أن هذا طرح الإشكال: " وليس ذلك وأمثاله بحمد الله بمشكل، فإنه محمول على أنه نزل للسبب الأول، فلما سئل عنه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثانياً لم يجب فيه بالجواب الأول، إما لرجاء أن يؤتى بأوضح منه، أو خشية أن يكون نسخ - أو نحو ذلك لأمر رآه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيعيد الله سبحانه إنزاله عليه (1) تثبيتاً له وإعلاماً بأنه هو الجواب، وفيه مقنع " اهـ كلامه بلفظه.
وقال الحافظ ابن كثير بعد ان ذكر الرواية الثانية: "وهذا السياق يقتضي فيما يظهر بادي الرأي: أن هذه الآية مدنية، وأنها إنما نزلت حين سأله اليهود، عن ذلك بالمدينة، مع أن السورة كلها مكية. وقد يجاب عن هذا: بأنه قد يكون نزلت عليه بالمدينة مرة ثانية كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك، أو أنه نزل عليه الوحي بأنه يجيبهم عما سألوا بالآية المتقدم إنزالها عليه، وهي هذه الآية: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} " اهـ كلامه بلفظه.
وقال ابن عاشور بعد ذكر حديث ابن مسعود: " فالجمع بينه وبين حديث ابن عباس المتقدم: أن اليهود لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم قد ظن النبي أنهم أقرب من قريش إلى فهم معنى الروح فانتظر أن ينزل عليه الوحي بما يجيبهم به أبين مما أجاب به قريشاً، فكرر الله تعالى إنزال الآية التي نزلت بمكة أو أمره أن يتلوها عليهم ليعلم أنهم وقريشاً سواء في العجز عن إدراك هذه الحقيقة أو أن الجواب لا يتغير "اهـ كلامه بلفظه.
وأنت ترى أن هذه الطريقة أفضل من وجهين:
الأول: أن الجمع مقدم على الترجيح عند التعارض، وفي هذه الطريقة جمع بين الروايتين.
الثاني: يزول الإشكال بأن في القول بالرواية الثانية منافرة للسياق، والله تعالى أعلم.
على أن فهم الآية ليس متوقفاً على معرفة السائل عن الروح.
----------------------------
(1) جعل الدكتور فضل حفظه الله مذهب البقاعي موافقاً لما ذهب إليه هو من ترجيح رواية الترمذي، وأنت ترى أن كلام البقاعي صريح في أن الآية نزلت مرتين.(/)
برنامج (لسان عربي)
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[20 Aug 2008, 10:32 م]ـ
سيبث بمشيئة الله عز وجل برنامج (لسان عربي) عبر القناة الفضائية اليمنية في شهر رمضان المبارك كاملا،يعرض فيه البرنامج لبلاغة القرآن الكريم وجوانب الإعجاز البياني فيه،
شاركت فيه بحلقات عشر عرضت فيها لمواضيع بلاغية قرآنية منها موضوع بلاغة العطف والنكرة والمعرفة والتذكير والتأنيث والفاصلة القرآنية ومتشابه القرآن ومشكل النحو في القرآن وفي ظلال آيات أثار المستشرقون الجدل حول بيانها،ووجوه بلاغة النظم القرآني والصورة الفنية فيه، وغيرها من الموضوعات المهمة في بلاغة النظم والقصص القرآني والأمثال والتناسب،والبرنامج في ثلاثين حلقة سيتناول ثلاثين موضوعا مهما في بلاغة النظم القرآني
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Aug 2008, 10:52 م]ـ
أحسنتم يا أبا علي أحسن الله إليكم ووفقكم على هذه الجهود الموفقة، وليتنا نحظى بمشاهدتها فكيف السبيل إلى ذلك رعاكم الله ونحن لا نملك إلا قناة المجد في بيوتنا. هل يمكن استئذان القناة فيما بعدُ في رفعها على الموقع مثلاً؟
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[21 Aug 2008, 11:13 م]ـ
بارك الله فيكم شيخ عبد الرحمن، لقد طلبت من القناة نسخة من البرنامج بصفتي مشاركا فيه فاعتذروا لي بسبب حرصهم على الحقوق الفنية وخوفهم من سرقتها من قبل قنوات فضائية أخرى، لكنهم أشاروا علي بأن أسجلها مباشرة أثناء عرضها في القتاة، ولعلي أكلف أحد الإخوة الفضلاء بذلك، وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه
ـ[الغزالي]ــــــــ[24 Aug 2008, 05:11 م]ـ
متى وقت البث د. عبدالله؟
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[24 Aug 2008, 06:05 م]ـ
إلى الآن لم يحدد موعد البث من القناة، وعند تحديد موعده إن شاء الله سأذكره على الموقع.
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[01 Sep 2008, 12:35 ص]ـ
كنا نتوقع أن يعرض البرنامج في وقت مناسب كالساعة العاشرة مساء مثلا،لكن للأسف الشديد خيب العاملون في الفضائية اليمنية توقعنا، وقرروا عرضه الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا أي وقت صلاة الظهر بتوقيت اليمن، هذا وإلى الله المشتكى،في حين حجزت الأوقات المناسبة للمسلسلات والبرامج السمجة تحيا بها ليالي رمضان في بلد الحكمة والإيمان.
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[02 Sep 2008, 05:43 م]ـ
شهر مبارك وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، البرنامج يبث الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا بتوقيت اليمن ويعاد الخامسة فجرا ويبث أيضا على قناة الإيمان مساء
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Sep 2008, 09:59 م]ـ
أسأل الله لكم التوفيق يا أبا محمد وسددكم. والفائدة متحققة بإذن الله.
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[11 Sep 2008, 07:47 م]ـ
هذا رابط الحلقة الأولى بعنوان "البلاغة القرآنية "
http://www.fileflyer.com/view/9l1aIBJ
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[12 Sep 2008, 01:25 ص]ـ
وهذا رابط حلقة أخرى بعنوان "بلاغة المفردة القرآنية "
http://www.fileflyer.com/view/ahAivAs
ـ[سلسبيل]ــــــــ[12 Sep 2008, 03:05 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
إلى الله المشتكى الأوقات المناسبة يدخرونها للمسلسلات وكل ما يلهي الأمة عن كتاب ربها وعن القرآن في شهر القرآن
نسأل الله أن يصلح الأحوال وأن ينفع بالقليل الموجود من الخير
ويبارك في قنوات الخير كالمجد وغيرها ففيها الخير العظيم والنفع الكبير والحمد لله على إحسانة الوفير
البرنامج يبث الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا بتوقيت اليمن ويعاد الخامسة فجرا ويبث أيضا على قناة الإيمان مساء
كم يكون بتوقيت الكويت أو توقيت مكة المكرمة -حفظكم الله؟
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[12 Sep 2008, 05:16 ص]ـ
توقيت اليمن ومكة متساو تقريبا.
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[13 Sep 2008, 07:24 م]ـ
وهذه حلقة أخرى من البرنامج عن المتشابه اللفظي تجدونها على الرابط أدناه:
http://www.fileflyer.com/view/pNs4wBg
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[16 Sep 2008, 08:44 م]ـ
وهذه حلقة أخرى من البرنامج عن التذكير والتأنيث في القرآن الكريم تجدونها على الرابط
أدناه:
http://www.fileflyer.com/view/FWv2iB3
ـ[عبد الله السعدي]ــــــــ[17 Sep 2008, 03:52 ص]ـ
بارك الله فيك ونفع بعلمك
وحبذا لو يتم إلغاء الموسيقى في بداية التسجيل
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[21 Sep 2008, 05:37 ص]ـ
بلاغة العطف في القرآن
http://www.fileflyer.com/view/CnO9GCK
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[23 Sep 2008, 12:32 ص]ـ
وهذه حلقة أخرى عن الفاصلة القرآنية على الرابط أدناه:
http://www.fileflyer.com/view/1mewaBf
ـ[أم حمزة]ــــــــ[23 Sep 2008, 01:58 ص]ـ
بسمِ اللهِ، والحمدُ لله
والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله .. وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومن والاه
السَّلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
****************
ما شاء الله .. جزاكم الله خيرًا أستاذنا د. عبد الله ونفع بكم .. آمين
الحلقات جميلة حقًا ونافعة اللهم بارك
نرجو منكم أن تزيدونا من هذه الحلقات النافعة بارك الله فيكم .. وتقبل الله منا ومنكم
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[23 Sep 2008, 08:57 م]ـ
بارك الله في جميع رواد هذا الملتقى البديع،وهذه حلقة أخرى من البرنامج تتناول بلاغة النكرة والمعرفة في القرآن الكريم تجدونها على الرابط أدناه:
http://www.fileflyer.com/view/tXjlSA4
ـ[طالبة القرآن وعلومه]ــــــــ[24 Sep 2008, 06:08 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[27 Sep 2008, 07:47 م]ـ
السياق وأثره في القرآن الكريم
http://www.fileflyer.com/view/KDFOJA0
ـ[أم حمزة]ــــــــ[28 Sep 2008, 08:41 ص]ـ
بسمِ اللهِ، والحمدُ لله
والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ الله .. وعلى آلِهِ وصَحبِهِ ومن والاه
السَّلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
****************
جزاكم الله خيرًا؛ لكن الملف الأخير غير موجود على صفحة التحميل، ولا أدري هل المشكلة لدي فقط أم هي في الموقع؟
أفيدونا أكرمكم الله تعالى.
والحمدُ للهِ ربّ العالمين.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[28 Sep 2008, 09:18 م]ـ
ما شاء الله. جهود موفقة ومباركة تقبل الله منكم.
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[29 Sep 2008, 11:26 ص]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم خيراً على تحميل هذه الحلقات ونأسف أن هكذا برنامج فاتنا في رمضان لكن نطلب إعادته بعد رمضان إذا أمكن ولو بمعدل حلقة واحدة اسبوعياً لتعم الفائدة إن شاء الله تعالى وإذا تم هذا الأمر أعلمونا بمواعيد البرنامج بارك الله بكم ونفع بعلمكم
ـ[د عبدالله الهتاري]ــــــــ[30 Sep 2008, 01:57 ص]ـ
وعدت القناة بإعادته يوميا بعد رمضان ابتداء من عاشر شوال لكن لم تحدد ساعة بثه بعد، وعند تحديدذلك سأذكره لاحقا بمشيئة الله عز وجل، كما وعدت القناة أيضا باستمرار البرنامج أسبوعيا على امتداد العام ويحدد له خمس وأربعون دقيقة بدلا من عشرين دقيقة،وقد اعتذرت عن المشاركة فيه لاحقا بسبب سفري للمملكة للتدريس في جامعة الملك سعود، ولعلي أسجل بعض الحلقات في بلاغة القرآن في أية قناة ترحب بذلك في المملكة، وأسأل الله عزوجل أن يرزقنا الإخلاص والتوفيق فيما نقول ونفعل.
وهذه حلقة أخرى عن مشكل النحو في القرآن تجدونها على الرابط أدناه:
http://www.fileflyer.com/view/r6wYXAT
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[30 Sep 2008, 06:52 ص]ـ
جزاكم الله خيراً أخي الفاضل على المتابعة ونحن بانتظار أن تحدد لنا موعد الإعادة وموعد الحلقات الجديدة بإذن الله تعالى نفع الله بعلمكم.
بالنسبة لتسجيل حلقات في المملكة لماذا لا تخبر أخونا الفاضل الدكتور عبد الرحمن الشهري ربما يتسنى لك أن يكون لك برنامج في قناة دليل الفضائية؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Oct 2008, 06:36 ص]ـ
أسأل الله لكم التوفيق يا أبا علي في عملكم الجديد في جامعة الملك سعود بفرع الجامعة بوادي الدواسر، وكنت أتمنى لو كنت معنا في الرياض ولكن المسافة ليست بعيدة جداً ولله الحمد. ويسعدني أن نتعاون بإذن الله فيما تريد وفقكم الله ونحن نتشرف بخدمتكم. ولعلك تكون ضيفي في إحدى حلقات برنامج (التفسير المباشر) القادمة بإذن الله بعد استقرارك في مقرك الجديد.(/)
تقريب معاني القرآن الكريم للطلاب
ـ[خالد المقبل]ــــــــ[21 Aug 2008, 05:44 ص]ـ
.
بسم الله الرحمن الرحيم
.
يسر موقع حلقات أن يقدم لكم هذه المحاضرة الصوتية والتي هي بعنوان
.
(وسائل تقريب معاني القرآن الكريم للطلاب)
لفضيلة الشيخ الدكتور / محمد بن عبد العزيز الخضيري
وقد تحدث الشيخ فيها عن (12) وسيلة لتقريب معاني القرآن الكريم إلى أذهان الطلاب، وخاصة طلاب حلقات تحفيظ القرآن الكريم.
.
ونحن بهذه المناسبة نتقدم بالشكر الجزيل للشيخ حفظه الله على ما قدم
.
نسأل الله تعالى أن يجعل ذلك في موازين حسناته.
.
.
رابط تحميل المحاضرة
http://www.halqat.com/Recording-167.html
.
.
http://www.halqat.com/wsael-tqreb-q.jpg
.
.(/)
سؤال عن ترتيب آيات القرآن كاملاً حسب النزول؟
ـ[البكري]ــــــــ[21 Aug 2008, 11:27 ص]ـ
ما هي الكتب التي ذكرت ترتيب آيات القرآن حسب النزول الآية الأولى ثم الثانية ثم الثالثة ... إلخ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Aug 2008, 01:05 م]ـ
ليس هناك كتب تتبعت آيات القرآن الكريم آية آية حسب النزول لصعبوته وعدم حفظ ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم كعبدالله بن مسعود الذي كان يقسم على معرفته بهذا العلم، وإنما يتعرض لهذا في كتب علوم القرآن وكتب نزول القرآن فيرتبون السور لا الآيات. وقد صنف بعض المتأخرين كتباً في تفسير القرآن على حسب ترتيب النزول للسور لا الآيات.
ومن تلك الكتب ما تجده في هذه المشاركات:
- التفسير حسب ترتيب النزول ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=1682) .
- التعريف بكتاب (معارج التفكر ودقائق التدبر) للشيخ عبدالرحمن حبنكة رحمه الله ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4961)
- ما رأيكم بتفسير القرآن الكريم حسب ترتيب النزول؟ ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=6695)
وهؤلاء المصنفون في التفسير على حسب النزول اجتهدوا وبذلوا وسعهم في التدقيق في معرفة ترتيب النزول مع كثرة الخلاف في ذلك، وعدم قدرتهم على تحديد ترتيب الآيات في القرآن كله على حسب النزول، ولكنهم قاربوا إلى حد مقبول والله الموفق.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[21 Aug 2008, 03:25 م]ـ
هناك التفسير الحديث لمحمد عزة دروزة وهو مؤلف من 12 مجلدا
يؤخذ على مثل هذا المنهج أنه لا يراعي سياق الآيات الكريمة. وعندما نعلم أنه لا
يمكننا أن نرتب المصحف وفق النزول ندرك أن بذل الجهد في هذا الأمر لا يأتي بفائدة
تتعلق بتفسير القرآن الكريم.
وبما أن ترتيب الآيات الكريمة هو بالوحي، وبما أن هذا الترتيب هو ما عليه القرآن
الكريم في اللوح المحفوظ، فماذا يرجى من جهد لا يصل غاية ولا يفسر آية؟!
ـ[البكري]ــــــــ[21 Aug 2008, 04:56 م]ـ
جزاكم الله خير على هذه الردود وأتمنى المزيد لأن الموضوع يدور بخاطري منذ زمن ليس بالقريب
ـ[عمر العسيري]ــــــــ[25 Jan 2010, 10:57 ص]ـ
السلام عليكم
أخي الفاضل
هل جد لك جديد في الموضوع؟
ـ[عبد الرحمن الداخل]ــــــــ[25 Jan 2010, 05:06 م]ـ
حاول أحد المستشرقين قديما أن يرتب الآيات في الحقيقة نسيت اسمه فقد قرأت هذا قبل سنوات في أحد كتب علوم القرآن ...
لا معنى كما قال الاخ البيراوي للبحث في هذا؟؟؟
السؤال كيف سيكون شكل القرآن حينئذ؟!!!!!!!!!!
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[25 Jan 2010, 08:20 م]ـ
وعندما نعلم أنه لا يمكننا أن نرتب المصحف وفق النزول ندرك أن بذل الجهد في هذا الأمر لا يأتي بفائدة تتعلق بتفسير القرآن الكريم.
وبما أن ترتيب الآيات الكريمة هو بالوحي، وبما أن هذا الترتيب هو ما عليه القرآن
الكريم في اللوح المحفوظ، فماذا يرجى من جهد لا يصل غاية ولا يفسر آية؟!
مع الشكر لأخي الكريم (أبو عمرو البيراوي) ..
1 - إن ترتيب القرآن على نحو مغاير تماما لترتيب نزوله دليل على أن هذا الترتيب توقيفي (قد تمّ بالوحي). ومن العجيب أن من المعاصرين من يذهب إلى القول بأن الترتيب اصطلاحي، مما اتفق عليه الصحابة، بعيدا عن التوجيه الإلهي ..
2 - ترتيب القرآن على غير ترتيب النزول هو دعوة للتدبر في الحكمة من ذلك .. وحينما نستجيب لهذه الدعوة سنكتشف الجديد من وجوه إعجاز القرآن الكريم.
3 - لا معنى لمن يدعو أو يبحث عن ترتيب للقرآن غير الذي هو عليه الآن.لقد أراده الله كذلك، ولو كان الترتيب حسب النزول مقصودا لرُتب القرآن أولا بأول.
4 - إن ترتيب القرآن الحالي دليل على أنه لم يكن للصحابة ولا لغيرهم دور في ترتيبه، وأنه محصور في المحافظة على الترتيب الذي علموه عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وحيا.
5 - إن الاختلاف في مسألة الترتيب قد أدى إلى غياب حقيقة الترتيب القرآني والحكمة منه حتى الآن، والذي يمكن توظيفه في الدعوة والتفسير وخدمة القرآن وأهله.
6 - أوصي علماء المسلمين والمؤسسات الإسلامية بالاستفادة من الباحثين والأبحاث الجادة في الإعجاز العددي ومناقشة أصحابها بعيدا عن الانغلاق والتعصب والمواقف المسبقة، وتوفير الدعم والمساندة لهم - إذا أرادوا للقرآن خيرا -.(/)
مسائل في المجاز .. (17) الأسد ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 Aug 2008, 03:08 م]ـ
إيه أيها الأسد المظلوم؛ألصق المجازيون بك بلايا كثيرة ...
قال أبو عبد الله البصري المعتزلي: ومثل ما نقل من موضوعه , قول القائل: رأيت الأسد , وهو يعني الرجل الشجاع. ا هـ ولعله كان أول من قال ذلك من المتكلمين , واتبعه الباقلاني, وأبو الحسين البصري المعتزلي , وعبد القاهر الجرجاني , وأبو حامد الغزالي , وابن عقيل الحنبلي, والرازي , والسكاكي , وابن الحاجب , والعز بن عبد السلام , والخطيب القزويني , وغيرهم كثير , حتى صار الأسد هو أول ما يذكره المتأخرون في الحقيقة والمجاز , يقولون: هو حقيقة في السبع , مجاز في الرجل , فهو يدل على السبع من غير قرينة , ولا يدل على الرجل إلا بقرينة.
هذا الباطل ... فأين الحق (؟؟)
1 - لفظ أسد ليس في القرآن.
2 - وروى البخاري , عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر , وفر من المجزوم كما تفر من الأسد)) , وروى البخاري , أن أسامة بن زيد أرسل إلى علي لما خرج إلي صفين , يقول له: لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه , ولكن هذا أمر لم أره ... الحديث , وروى الإمام أحمد , عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على اليمن , فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبية للأسد , فبينا هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر , ثم تعلق رجل بآخر حتى صاروا فيها أربعة فجرحهم الأسد , فانتدب له رجل بحربةٍ فقتله ... )) الحديث في قضاء على بينهم وإجازة النبي صلى الله عليه وسلم قضاءه , وروى الإمام أحمد حديثاً في نزول المسيح عليه السلام في آخر الزمان , وفيه: حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعاً , وروى ابن ماجة حديثاً طويلاً في ذكر الدجال , وفيه: الوليدة الأسد فلا
يضرها , والأسد في تلك الأحاديث كلها هو السبع المعروف.
أما الأسد في كلام العرب يراد به الحيوان المعروف =فكثير في كلامهم،ولم نستطع تبين أنهم أرادوا الحيوان المعروف إلا بالقرائن على ما ترى .. وسأضع تحت القرائن الدالة على إرادة الحيوان المعروف خطاً ..
1 - قال تعالى: ((كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة)).
2 - لذاك أهيب عندي إذ أكلمه ... وقيل إنك منسوب ومسؤول
من ضيغم من ضراء الأسد محذرة ... ببطن عثر غيل دونه غيل
يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما ... لحم من القوم معفور خراذيل
إذا يساور قرناً لا يحل له ... أن يترك القرن إلا وهو مفلول
منه تظل حمير الوحش ضامزة ... ولا تمشي بواديه لأراجيل
يقول كعب بن زهير: إن رسول اله صلى الله عليه وسلم كان أهيب عنده من ذلك الأسد.
3 - ونَلْبَسُ للْعَدُوِّ جُلودَ أُسْدٍ ... إِذا نَلْقاهُمُ وجُلودَ نُمْرِ
4 - يذل له العزيز وكل ليث ... حديد الناب مسكنه العرين
5 - يمْشُونَ في حلَقِ الحديدِ كمَا مشَتْ ... أسُدُ الغَريفِ بكُلِّ نحْسٍ مُظْلِمِ.
6 - وشبابٌ كأنَّهُمْ أسدُ غيلٍ ... خالَطَتْ فَرْدَ حدِّهِمْ أحلامُ
7 - دربوا كما دربت أسود خفية ... غلب الرقاب من الأسود ضواري
8 - أريحيّاً أمضى على الهولِ منْ ... ليثٍ هموسِ السُّرى أبي أشبالِ
9 - أشدُّ حفيظةً من ليثِ غابٍ ... تخالُ زئيرهُ اللجبَ اللهاما
10 - أجرأُ مِنْ ذي لِبْدَةٍ هَمَّاسِ ... غَضَنْفَرٍ مضَبَّر رهَّاس
مَنَّاعِ أخْيَاس إلى أخْيَاس ... كأنَّمَا عيناهُ في مِراس
شعاعُ مِقْبَاسٍ إلى مِقباس
10 - ولأَنتَ أَشجَعُ حِينَ تتَّجِهُ ال ... أبطالُ مِنْ لَيْثٍ أبي أَجْر
والأسد في تلك الأشعار هو السبع , وقيل في وصفه أشعار أخرى غير ذلك , وكان أبو زيد الطائي يكثر وصفه , وروى الجمحي , عن أبي الغراف , أن أبا زبيد أنشد في مجلس عثمان بن عفان رضي الله عنه قصيدة له ووصف فيها الأسد , فقال له عثمان: تالله تذكر السد ما حييت , والله إني لأحسبك جباناً هداناً , فقال ك كلا يا أمير المؤمنين , ولكني رأيت منه منظراً أو شهدت منه مشهداً لا يبرح ذكره يتجدد في قلبي , ومعذور أنا يا أمير المؤمنين غير ملوم , فقال عثمان: قطع الله لسانك , فقد رعبت قلوب المسلمين. ا هـ مختصراً , وروى أبو الفرج , عن شعبة , قال: قلت للطرماح بن حكيم: ما شأن أبي زبيد وشأن الأسد؟ فقال: أنه لقيه بالنجف , فلما رآه سلح من
(يُتْبَعُ)
(/)
فرقة , وقال مرة أخرى: فسلخه , فكان بعد ذلك يصفه كما رأيت
وأما الأسد في كلام العرب لا يريدون به الحيوان المعروف =فهو بين ظاهر في كلامهم ولم يُستدل على أنهم لم يريدوا الحيوان المعروف =إلا بالقرائن، كما أنه لم يُستدل على أنهم ارادوا الحيوان المعروف إلا بالقرائن ...
ومن الأمثلة الظاهرة المشهورة لهذا:
1 - وقال أبو بكر الصديق , لاها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه
2 - وروى الإمام أحمد وغيره من حديث الحسن البصري عن سمرة بن جندب , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك أن يملأ الله أيديكم من العجم , ثم يكونون أسداً لا يفرون فيقتلون مقاتلكم , ويأكلون فيئكم)) وروى عن الحسن مرسلاً , وهو حديث ضعيف لا يحتج به في الدين , ولا يوثق بإسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه قد يقبل شاهداً في العربية , فهو يوثق بإسناده إلى الحسن البصري , والحسن كان بعض أئمة العربية يكتب كلامه ويستشهد به , فذلك الحديث ليس حجة في الدين , ولكنه قد يقبل شاهداً في العربية , والأسد في هذين الحديثين هو: الرجل الجريء الذي لا يفر.
3 - قال حسان: قد آن أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه .. ففي ذلك الحديث شبه حسان بن ثابت رضي الله عنه نفسه بالأسد الذي هو السبع , فقال: إلى هذا الأسد الضارب بذنبه , ولولا قوله: الضارب بذنبه , لم يتبين أنه أراد السبع , ولو قال: إلى هذا الأسد , وسكت , لكان يمدح نفسه بأنه أسد من الرجال , ولم يك في كلامه تشبيهاً.
وَلَقدْ خَشِيتُ بِأَنْ أمُوتَ، ولم تَكُنْ ... للحَرْبِ دائرةٌ على ابنَيْ ضَمضَيم
الشّاتِمَيْ عِرْضِي، ولم أشتِمْهُمَا، ... والنّاذِرَيْنِ إذا لم أَلْقَهُما دَمي
أُسْدٌ عَلَيَّ وفي العَدُوّ أَذِلّةٌ ... هذا لَعَمرُكَ فِعْلُ مولى الأَشْأَمِ
وقول الشاعر:
وتقولُ جعثنِ إذ رأتكَ مقنعاً ... قبّحتَ منْ أسدٍ أبي أشبالِ
وقول الشاعر:
إنّي أنا البحرُ غَمراً لستَ جاسرَهُ ... وسَبِّيَ النارَ دونَ البحر تستعِرُ
ما زلتَ تنتجعُ الأصواتَ مُعترضاً ... تروحُ في اللُّومِ مُشتقّاً وتبتكِرُ
حتى استثَرتَ أبا شِبلَينِ ذا لِبَدٍ ... وزُبْرَةٍ لم تُواطي خَلْقَها الزُّبَرُ
وأنا أعدل عن الأمثلة المشهورة التي قد يُمثل بها لهذه القضية إلى مثال دقيق من كلام العرب وهو من أروع الشعر وأدقه وأحلاه وهو قول زهير بن أبي سلمى:
لَعَمْري لَنِعْمَ الحيُّ جَرَّ عَلَيْهِمُ ... بما لا يُؤاتِيهِمْ حُصَيْنُ بْنُ ضَمْضَمِ
وكانَ طَوَى كَشحاً على مُسْتَكِنَّةٍ ... فَلاَ أَبْدَاهَا وَلَمْ يَتَجَمْجَمِ
وَقَالَ: سَأَقضِي حَاجَتي ثُمَّ أَتَقَّي ... عَدُوِّي بِأَلْفٍ مِنْ وَرائيَ مُلْجَمِ
فَشَدَّ وَلَمْ يَنْظُرْ بُيُوتاً كَثِيرَةًلَدَى ... حَيْثُ أَلْقَتْ رَحْلَهَا أُمُّ قَشْعَمِ
لَدَى أَسَدٍ شاكي السِّلاحِ مُقَذَّفٍ ... لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقَلَّمِ
جَرِيءٍ مَتَى يُظْلَمْ يُعَاقِبْ بِظُلْمِهِ ... سَريعاً وإلاّ يُبْدَ بالظُّلْمِ يَظْلِمِ
وقوله: شاكي السلاح , أي سلاحه شائكة , حديدة ذو شوكة , ومقاذف: مرامي , ويروى: مقذف , وهو الغليظ الكثير اللحم , واللبد: جمع لبدة: وهي زبرة الأسد , وهي شعر متراكب بين كتفي السد إذا أسن: والأظفار: السلاح , يقول: سلاحه تام حديد , وقال الأعلم والخطيب التبريزي: أراد بقوله: لدى أسدٍ , الجيش , وقال الزوزني: البيت كله صفة حصين بن ضمضم , ووافقه البغدادي في موضع من ((خزانة الأدب)) , فقال: وهو الصواب ثم خالفه في موضع آخر ,
فقال: والمراد بالأسد الحارث بن عوف المري , وسواء قاله في حصين أم الحارث أم الجيش كله ,
فالأسد فيه رجل أو رجال.
فالأسد هنا ورغم ذكر اللبد ليس المراد به الحيوان المعروف،وإنما المراد به الجيش الذي سيحاربهم يقوده حصين،أو هو حصين نفسه، وجعل الأسد لفظاً والمثل المراد منه الجيش له نظائر في كلام العرب ذكرها الشراح تحت هذا البيت ....
وقال زهير بن أبي سلمى في قصيدة يمدح بها سنان بن أبي حارثه المري:
إذا فزعوا طاروا إلى مستغيثهم طوال الرماح لا ضعاف ولا عزل
بخيل عليها جنة عبقرية جديرون يوماً أن ينالوا فيستعلوا
عليها أسود ضاريات لبوسهم سوابع بيض لا تخرقها النبل
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال عنترة بن شداد:
وخيل قد زحفت لها بخيل عليها الأسد تهتصر اهتصارا
وإنما عليها الرجال.
وقال امرؤ القيس:
قولا لدودان عبيد العصى ما غركم بالأسد الباسل
ودودان: قبيلة من بني أسد , أبوها دودان بن أسن بن خزيمة , وكان ابو امرئ القيس إذا غضب على أحد منهم أمر بضربه بالعصا , فسموا عبيد العصا , أي لا ينقادون إلا على الضرب والهوان , وأراد بالأسد الباسل أباه , وقيل: أراد نفسه. ا هـ
وقال سحيم بن وثبل الرياحي في قصيدة يفخر فيها بنفسه:
وهمام متى أحلل إليه يحل الليث في عيص أمين
ألف الجانبين به أسود منطلقة بأصلاب الجفون
وهمام هو عمه , والعيص: الشجر الكثيف الملتف , والجفون: جمع جفنٍ , وهو قراب السيف , ولعله أراد بأصلاب الجفون سيورها , وإنما ألف به رجال.
وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه في قصيدة , قيل: إنه قال أولها في الجاهلية , ثم وصلها بعد في الإسلام , يصف الخمر:
ونشربها فتتركنا ملوكا وأسداًما ينهنهنا اللقاء
وقالعروة بن أذينة الكناني:
لنا عز بكرٍ وأيامها ونصر قريش وأنصارها
وما عز من حان في حربهم بضغم الأسود وتهصارها
وقال عمر بن لجأ في قصيدة يرد بها على جرير:
ومجال معركة غنمنا مجدها لقي الأسود بها الغضاب أسوداً
وإنما لقي بها الرجال رجالاً.
وقال:
وأهون من عضب اللسان بنت له أسود وسادات بناء مشيداً
وإنما بنت الرجال.
وقال عبد الله بن أبي تغلب الهذلي , في قصيدة يرثى بها من أصيب بالطاعون من هذيل بمصر والشام:
فجعلنا بهم وبأمثالهم من أهل الغناء فأمسوا رماما
جماجم كانوا من أهل الحميم وفي البأس كانوا أسوداً جماما
وقال الفرزدق يهجو جريراً:
ود جرير اللؤم كان عانياً ولم يدن من زأر الأسود الضراغم
وإنما أراد بالأسود نفسه وقومه
وقال جرير في قصيدة يهجو بها الفرزدق:
نحن الملوك إذا أتوا في دارهم وإذا لقيت بنا رأيت بنا رأيت أسوداً
وقال في قصيدة يهجو بها عمر بن لجأ:
قد جربت عركي في كل معترك غلب الأسود فما بال الضغابيس
وإنما عاركته الرجال.
وقال جميل بثينة:
وكانت تحيد الأسد عني مخافتي فهل يقتلني ذو رعاثٍ مطرف
و ذو رعاثٍ: ذو قرط , ومطرف: مخضب اليدين والأصابع: وهو يريد بثينة , يقول: كانت تحيد عنه الأسد من مخافته , فهل يقتلنه حب بثينة , وإنما تحيد عنه أسد الرجال , والأسد في تلك الأشعار كلها هو الرجل الجريء الذي لا يفر.
وقال الفرزدق في قصيدته التي مدح بها زين العابدين بن الحسين بن علي:
مشتقة من رسول الله نبعته طابت عناصره والخيم والشيم
سهل الخليفة لا تخشى بوادره يزينه خلتان الخلق والكرم
من معشر حبهم دين وبغضهم كفر وقربهم منجى ومعتصم
مقدم بعد ذكر الله ذكرهم في كل بدء ومختوم به الكلم
يستدفع السوء والبلوى بحبهم ويسترب به الغحسان والنعم
إن عد أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل من خير خلق الله قيل هم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم ولا يدانيهم قوم وإن كرموا
هم الغيوث إذا أزمة أزمت والأسد أسد الشرى والبأس محتدم
لا يقبض العسر بسطاً من أكفهم سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا
فشبه آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بالغيوث في الأزمة , وبأسد الشرى في البأس , والشرى موضع تنسب إليه الأسد واكتفى به , لكان يمدحهم بأنهم أسد من الرجال , ولم يكن في كلامه تشبيهاً , فلما قال: والأسد أسد الشرى , بين بقوله أسد الشرى أي أسدٍ أراد. وأنه أراد التشبيه
وقال طرفة بن العبد:
وتشكي النفس ما أصاب بها فاصبري إنك من قومٍ صبر
إن تصادف منفساً لا تلفنا فرح الخير ولا نكبوا لضر
أسد غاب فإذا ما فزعوا غير انكاسٍ ولا هوج هذر
ويروي: أسد غيلٍ , وهو الشجر الملتف , والغاب والغيل هي مأوى الأسد , قال الأعلم: آسد ما يكون الأسد عندها , لأنه يحميها ويحمي أشباله ا هـ
فشبه حسان بن ثابت رضي الله عنه:
فطاروا شلالاً وقد أفزعوا وطرنا إليهم كأسد الأجم
والأجم: كذلك الشجر الكثيف الملتف.
وقال يمدح النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه:
كأنهم في الوغى والموت مكتنع أسد ببيشة في أرساغها فدع
وبيشة: موضع تنسب إليه الأسد , فشبههم بالأسد التي تكون بذلك الموضع , وفي أرساغها فدع: فيها إعوجاج إلى ناحيةٍ , والأرساغ: جمع رسغ , والموت مكتنع قريب دانٍ.
وقال عروة بن أذينة الكناني:
صناديد غلب كأسد الغريف خضماً وهضماَ وضغماَ ضباثاَ
(يُتْبَعُ)
(/)
والغريف: الشجر الكثير الملتف
وقال الأحوص في قصيدة يمدح بها عمربن عبد العزيز رحمه الله.
حتى كأنك يتقى بك دوانهم من أسد بيشة خادر متبسل
وقال أنيف بن حكيم الطائي:
دعوا لنزار وانتمينا لطيءٍ كأسد الشرى إقدامها ونزالها
وقال كثير في قصيدة يمدح بها عبد الملك بن مروان:
كأنهم آساد حلية أصبحت خوادر تحمى الخيل ممن دنا لها
وحلية مأسدة بناحية اليمن و والمأسدة: الأرض كثيرة الأسد.
وقال امرؤ القيس بن عمرو السكوني:
كأني غداة الروع من أسد زارة أبو أشبل عبل الذراع مجرب
وقال:
فلاقوا مصاعاً من أناسٍ كأنهم أسود العرين صادقاً لا يكذب
وزارة: موضع , والعرين: مأوى السد الذي يألفه.
وقال الأشهب بن رميلة:
أسود شرى لاقت أسود خفية تساقوا على لوحٍ دماء الأساود
وقال آخر:
أسود شرى لاقت أسود خفيةٍ تساقين سما كلهن خوادر
وقال آخر:
ونحن قتلنا الأسد أسد خفية فما شربوا بعداً على لذة خمراً
والخفية: غيضة ملتفة يتخذها الأسد عريناً , وهي: خفية الأسد.
وقال البريق بن عياضٍ الهذلي في قصيدة يرثى بها أخاه:
فما إن شابك من أسد ترج أبو شبلين قد منع الخدارا
بأجرأ جرأة منه وأدهى إذا ما كارب الموت استدارا
وشابك: قد اشتبكت أنيابه واختلفت , وترج: موضع باليمين قبل تبالة , وهي: بلدة خصبة.
وفي تلك الشعار كفاية , والتشبيه بالأسد الذي هو السبع , والتفضيل عليه في الجرأة والإقدام كثير من أشعار العرب , وفي تلك الأشعار كلها ذكر لفظ الأسد متبوعاً بما يدل على أنه السبع:
يقولون: أسد الشرى , وأسد غابٍ , وأسد غيل , وأسد خفيةٍ , وأسد بيشة , وأسد الأجم , وأسد ترج , وأسد الغريف , وأسد حلية , وأسد العرين , وأسد زارةٍ , وأسد أبو أشبال , وأبو شبلين , وما يشبه ذلك ويقاربه , وأكثر ما ينسبون إليه تلك الأسود: هو مواضعها التي تسكنها , ولم أجد شعراً عربياً يوثق به ذكر فيه لفظ الأسد إلا وفي الكلام ما يدل على ما أريد به , هل أريد به السبع أم أريد به الرجل الجريء الذي لا يفر , وذلك يدل على أن الأسد بلسان العرب ليس خاصاً بذلك السبع , ولو كان خاصاً به لم يحتج إلى أن يذكر معه ما يبين أي أسدٍ أريد به.
وقال قيس بن عيزارة أخو بني صاهلة في قصيدة يرثي بها أخاه الحارث بن خويلد:
وإذا جبان صدق روعة حبض القسي وضربة أخدود
ألفيته يحمي المضاف كأنه صبحاء تحمي شبلها وتحيد
صبحاء ملحمة جريمة واحدٍ أسدت ونازعها اللحام أسود
وحبض القسي: وقع الوتر , وضربة أخدود: كأنها شق في الأرض , والمضاف: الضعيف , وصبحاء: لبؤة لونها يضرب إلى البياض والحمرة , وتحيد: تروغ , وملحمة: تطعم ولدها اللحم , وجريمة واحدٍ: كباسة واحدٍ , كأنه يقول: ليس لها غير ذلك الشبل الواحد , وأسدت: كبلت وصارت أسداً , فهو يقول: إذا فزع الجبان وفر من وقع الرمي والضرب , وجدت أخاه الحارث بن خويلد يحمي الضعيف كأنه لبؤة صبحاء ليس لها إلا شبل واحد تحميه وتطعمه اللحم , فهي كلبة أسدة تنازع الأسود اللحم حتى تطعمه شبلها.
ويورى من شعر مغلس بن لقيط:
إذا رأيا لي غفلةً أسداً لها أعادي والأعداء كلبى كلابها
وقالت ليلي الأخيلية في قصيدة ترثي بها توبة بن الحمير الخفاجي:
طوت نفعها عنا كلاب وآسدت بنا أجهليها بين غاوٍ وشاعر
وقال عبيد بن الأبرص يصف ظبياً:
مرابضه القيعان فرداً كأنه إذا ما تماشيه الظباء تطيح
فهاج به حي غداة فآسدوا كلاباً فكل الضاريات شحيح
ويروى:
فهاج له حي غداة فأوسدوا كلاباً فكل الضاريات يسيح
وقال أبو زيد في ((نوادره)): يقال أغريت فلاناً بصاحبه إغراء , وآسدت بينهما إيساداً , إذا حملت كل واحدٍ منهما على صاحبه حتى غري به أي لزق به غرىً شديداً. ا هـ , وقال الأزهري في ((تهذيب اللغة)): يقال: آسدت بين القوم , وآسدت بين الناس , وآسدت بين الكلاب , إذا هارشت بينها , وقال أبو عبيد , آسدت الكلب إيساداً: إذا هيجته وأغريته وأشليته ودعوته , وقال رؤبة: ترمي بنا خندف يوم الإيساد. ا هـ , وقال الجوهري: وآسدت الكلب وأوسدته: أغريته بالصيد , والواو منقلبة عن الألف. ا هـ
وقال زهير بن مسعود يصف ثوراُ وحشياً طاردته كلاب صيدٍ:
فنال شيئاً ثم هاجت به مؤسدة فيهن تدريب
وقال الأزهري: والمؤسد: الكلاب الذي يشلي كلبه , يدعوه ويغريه بالصيد. ا هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقال مهلهل بن ربيعة:
إني وجدت زهيراً في مآثرهم شبه الليوث إذا استأسدتهم أسدوا
يقول: إذا أغريتهم وهيجتهم كانوا أسداً , وقال الصنعاني:: استؤسد: هيج , وقال الأزهري: قال الليث: واستأسد فلان: أي صار في جرأته كالأسد. ا هـ , وكذلك قال أبو عبيد في ((غريب الحديث)) , يقال: قد أسد الرجل واستأسد بمعنى واحد. ا هـ ولا شاهد على ذلك من كلام العرب , وقول مهلهل بن ربيعة: وإذا استأسدتهم أسدوا , يدل على خطئه , والصواب: استأسد: هيج وأغرى , واستؤسد: هيج واغرى.
وقال عامر الخصفي المحاربي في قصيدة يرد بها على الحصين بن الحمام المري:
وكنا نجوما كلما انقض كوكب بدا زاهر منهن ليس بأقتما
بدا زاهر منهن تأوي نجومه إليه إذا مستأسد الشر أظلما
ومستأسد الشر: الذي يغري به ويهيجه , وهو يعني به في ذلك البيت الليل.
وقال أبو النجم يصف نباتاً:
حتى تحنى وهو لما يذبلِ
مستأسداً ذبانه في غيطلِ
يقول للرابدِ أعشبت انزلِ
ويروى: مستأسد بالرفع , وذبانه: ذبابه , وعيطل: غيضة , وهو الشجر الملتف , وقال الأزهري: قال أبو عبيد عن الأصمعي: إذا بلغ النبات والتف , قيل: قد استأسد , وأشد قول أبي النجم.
ا هـ وقد استأسد: قد أغرى وهيج , وهو في قول أبي النجم: مستأسد ذبانه , يقول: إن ذلك
النبات لما طال وانحنى ولما يذبل بعد أغرى الذباب وهيجه فلزق الذباب به وكثر عليه , وقال أبو العباس ثعلب في ((مجالسه)): استأسد الأسل , إذا ارتفع , وكل شيء استأسد فهو مرتفع , وأنشد قول أبي النجم (). ا هـ , والأسل: عيدان تنبت طوالاً دقاقاً , وليس في قولِ أبي النجم ولا غيره شاهداً على أن كل شيءٍ استأسد فهو مرتفع , ولكن استأسد: أغرى وهيج.
وقال الأخطل:
بمستأسدٍ يجري الندي في رياضةِ سقته أهاضيب الصبا فمديمها
قال السكري: المستأسد: الملتف من الكلأ المكتهل ا هـ , والكتهل: الذي تم طوله.
وقال ذو الرمة:
فاكتهل النور بها واستأسدا ولو نأى ساكنها فأبعدا
فاستأسد النبات: أغرى , وإنما يكون ذلك إذا تم واكتهل ولما يذبل بعد.
وقال ابن الأثير في ((غريب الحديث)): ومنه حديث لقمان بن عاد: خذ مني أخي ذا الأسد , والأسد مصدر أسد يأسد أسداً , أي: ذو القوة الأسدية.ا هـ , ونقله ابن منظور في ((لسان العرب)) , وذلك الحديث لم أجده بعد مسنداً , وكثير مما يستشهد به أصحاب الغريب ليس محفوظاً عند المحدثين , وفي ((لسان العرب)): وأسد آسد على المبالغة , وأسد بين الأسد نادر , ونسب بعض ذلك إلى ابن الأعرابي.
فالعرب يقولون: أسداً للرجل الجريء الذي لا يفر , ويقولون: أسداً للسبع المعروف , وما قبله وبعده من الكلام يبين أي أسدٍ أرادوا به , وأكثر ما ينسبون إليه األسد من السباع هي مواطنها التي تسكنها , وقد سمى العرب أبنائهم أسداً , وأسيداً , وأسيداً , وأسيداً , ومن قبائلهم أسد , وهم بنو أسد بن خزيمة , وحمزة بن عبد المطلب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أسد الله , ويقولون: أسد الرجل , وأسدت اللبؤة , وأسد الكلب , إذا أقدم وجرئ وكلب فصار أسداً , ويقولون: آسد بين الناس إيساداً , أغرى بينهم , وأسد وآسد وأوسد الكلب: أغراه بالصيد وهيجه وأشلاه , والواو في أوسد منقلبة عن الألف الثانية في آسد , وهو من اختلاف ألسنة العرب في نطق الهمزتين المتتاليتين في أول اللفظة , ويقولون: كلاب مؤسدة: آسدها المؤسد , ويقولون: استأسد القوم: أغراهم وهيجهم وأغضبهم , واستؤسد: هيج , وقالوا ليل مستأسد الشر , وقالوا للنبات إذا تم واكتمل فأغرى: مستأسد , واستأسد.
ولا حجة على أن العرب كانوا أولاً يقولون الأسد لذلك الأسد من السباع خاصة , ثم نقلوه بعد ذلك للرجل , واشتقوا من أسد وآسد وغيرها , ولسان العرب القديم الأول لم يحفظ لنا , ولا انزل الله كتابه به , ولا ندري أي شيء كان السد بذلك السان الأول , والذي حفظ لنا , وأنزل الله كتابه به , هو لسان العرب الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم منهم , و أولئكم كانوا يقولون الأسد: للرجل والسبع , فقولهم: إنه وضع أولاً للسبع ثم نقل للرجل , هو زعم باطل , لا حجة له.(/)
صدر حديثاً: ألبومٌ صوتي (تفسير آيات الصيام) للشيخ د. عبدالمحسن العسكر
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[21 Aug 2008, 09:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
صدرَ مؤخراً عن تسجيلات الراية بالرياض:
ألبومٌ صوتي (شريطان) عنوانهُ (تفسير آيات الصيام) لفضيلة شيخنا الشيخ د. عبدالمحسن بن عبدالعزيز العسكر
-عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام-،وأصلهُ دروسٌ ألقاها الشيخ -حفظه الله- ضمن سلسلة محاضرات (وأقبل رمضان) في شهر شعبان1428هـ بجامع الأميرة نوره بنت عبدالله بحي النخيل بالرياض.
الشريط يُباع في التسجيلات الإسلامية، والوصيةَ بشرائه فهو ثرٌ حافلٌ بالفوائد.
وفَّق الله شيخنا لما يحبه ويرضاه، ونفع به الإسلام والمسلمين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Aug 2008, 12:30 ص]ـ
شكر الله لكم يا أبا عبدالله، ووفق أبا عبدالملك لكل خير. وسأحرص على شراءه واستماعه بإذن الله قبل رمضان.
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[23 Aug 2008, 12:53 ص]ـ
شيخنا المفضال/ عبدالرحمن
شرفني دخولك للموضوع، أبقاك الله ريحانةَ الموقع وأريجهُ الفوَّاح.
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[03 Sep 2008, 01:38 ص]ـ
بشراكم .. !
نُشر الشريطان في موقع (طريق الإسلام)
على هذا الرابط:
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson&iw_a=view&lesson_id=83841
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[03 Sep 2008, 04:14 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2008, 12:18 ص]ـ
اشتريت الشريطين واستمعتهما ولله الحمد وأنصح باستماعهما ففيهما فوائد جمة جزى الله الدكتور عبدالمحسن خيراً وشكر الله لأخي أبي عبدالله المحتسب دلالته عليه.
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[08 Sep 2008, 10:27 م]ـ
شكرٌ وافر لك أخي/ محمد الضرير
ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[12 Sep 2008, 10:54 م]ـ
مرةً أخرى ..
أشكرُ لكم فضيلة الدكتور: عبدالرحمن على حسن الدخول.
ـ[أبو محمد البدري]ــــــــ[19 Sep 2008, 01:08 م]ـ
جزيتَ خيراً أخي.(/)
سر التاءات التي بسطت في القرآن في حزمة كاملة
ـ[العرابلي]ــــــــ[21 Aug 2008, 09:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
حزمة التاءات التي بسطت في القرآن الكريم
سأركز في هذه الحزمة على التاءات المبسوطة حتى أنتهي منها، وهي ليست بالكثيرة، لننتقل بعدها إلى موضوع آخر ... وأرجو أن تكون هذه الطريقة في النشر فيها اكتمال المواضيع الفرعية من سلسلة علم معاني الرسم القرآني تساعد أهل القرآن؛ دارسين ومدرسين في تعلمها، وتعليمها.
القاعدة في بسط وقبض التاء؛ أن التاء المقبوضة يدل قبضها على أن الشيء مجهول كله أو بعضه، ورسمها كان كالكيس المربوط، إن عرفت بعض ما فيه، فلا تعرف كل ما فيه.
والتاء المبسوطة يدل بسطها على أن الشيء معلوم وبين واضح غير مجهول، ورسمها كان كالصحن المكشوف لا يخفي ما يوضع فيه.
ولنا مع كل تاء بسطت في الرسم القرآني -المشهور بالرسم العثماني- موقف وحديث ....
والله تعالى أعلم
أبو مُسْلم / عبد المجيد العَرَابْلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(1) - خير الجنات جنت الواقعة
خير ما يسأل المؤمن ربه ويتمناه جنة الواقعة؛ (جنت نعيم) المكتوبة بالتاء المبسوطة0
قال تعالى: (فأما إن كان من المقربين (88) فروح وريحان وجنت نعيم (89)) الواقعة،
تكرر ذكر جنة، والجنة، عشرات المرات في القرآن الكريم (67 مرة) وكلها كتبت بالتاء المقبوضة (المربوطة) إلا واحدة؛ هي جنت الواقعة.
ويعود السر في بسط تاء جنة الواقعة إلى فرق الدلالة ما بين التاء المقبوضة والمبسوطة؛ التاء المقبوضة من طريقة رسمها كالصرة المربوطة، إن لم يكن ما بداخلها مجهولاً بالكلية فبعضه مجهول أو جوانب منه.
وليس كل من يدخل الجنة يطّلع على كل ما فيها من نعيم، فمن كان نصيبه في الجنة أن يكون في المنزلة العاشرة مثلاً -والجنة فيها مائة منزلة- فعندما يؤذن له بدخول الجنة يدخلها من أسفلها -ولا يكون الدخول إلا من أسفل الجنة بعد تجاوز النار- إلى أن يصل منزلته، فيجد في أول منازلها؛ ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وتكون فرحته وسروره عظيمًا، وعندما يرقى إلى المنزلة التالية يجدها أفضل من الأولى، وفيها زيادة ليست في الأولى، إلى أن يصل إلى المنزلة المكتوبة له، فيجدها خيرًا من كل المنازل التي مر عليها، وفيها زيادات لا توجد في
المنازل التي مر عليها.
لكن ما ذا يوجد من زيادات في المنازل التي أعلى من منزلته؟ سيبقى يجهل تلك الزيادات من النعيم، مع انه في داخل الجنة.
أما إن كان من المقربين، فهو في أعلى منزلة في الجنة (في الفردوس الأعلى)، وليس هناك منزلة أعلى من منزلة المقربين، فأصحاب هذه المنزلة قد مروا على كل منازل الجنة واطلعوا على ما فيها من نعيم، وعندهم مثل هذا النعيم، وأفضل منه، وزيادات لا توجد في كل المنازل اللواتي من دونها.
فأصحاب هذه المنزلة قد عرفوا كل نعيم الجنة، ولم يبق من نعيم الجنة شيء يجهلونه، فجنة هؤلاء فقط هم الذين كتبت تاء جنتهم مبسوطة، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا منهم وفيهم، والضعيف العاجز من تكون همته في طلب منزلة في الجنة دون هذه المنزلة التي اجتمع فيها كل أنواع نعيم الجنة.
هذا مسألة واحدة من آلاف المسائل التي تميز بها الرسم العثماني، وكل مسألة كتبت فيها الكلمة مخالفة للرسم الاصطلاحي وراءها سر يكشف صورة الواقع الذي صورته هذه الكلمة، وكشفت أيضًا عن سر كتابتها بالرسم الاصطلاحي المقابل لها، ولكن الأمة عبر قرونها الطويلة أعرضت عن البحث في هذا العلم للكشف عن هذه الأسرار ولطائفها فحرمت هذه الأجيال من هذا العلم الجليل ....
أبو مُسْلم/ عبد المجيد العَرَابْلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(2) - شجرة الزقوم ... وشجرت الزقوم
سيرًا على القاعدة العامة في رسم التاء المقبوضة، والتاء المبسوطة، فإن تاء الشجرة إذا كانت مقبوضة فهي شجرة نكرة مجهولة، غير محددة، ولم يسبق الاطلاع عليها، ومعرفة حقيقتها، وإذا كانت تاء الشجرة مبسوطة؛ كانت هذه الشجرة معلومة لمن اطلع عليها، وعرفها، وأكل منها
والحديث عن شجرة الزقوم اختلف من موضع إلى آخر من آيات الله؛
(يُتْبَعُ)
(/)
ففي سورة الواقعة يتوعد الله عز وجل الكافرين الضالين في الحياة الدنيا بأكلهم من شجر الزقوم يوم الدين، (ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ (52) فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (56) الواقعة، وفي هذه السورة جاء ذكر شجر الزقوم بالجمع وليس بالإفراد
وفي سورة الصافات بعد الحديث عما آل إليه قرين السوء، المكذب للبعث من عذاب في وسط جهنم، وما آل إليه المصدق بالبعث، ولم يضعف أمام كفر قرينه، ولم يستجب له، فدخل الجنة وتنعم بنعيمها؛ (لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلْ الْعَامِلُونَ (61) الصافات
ثم يذكر تعالى هذا النعيم خير أم شجرة الزقوم ويذكر هذا الشجر بأبشع ما يصوره كاره لشيء ويخافه، ليحذر من يخاف الله أن يكون ممن يأكل منها، وهو يتلظى في نار جهنم؛ (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (62) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِّلظَّالِمِينَ (63) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (66) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ (67) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ (68) الصافات
وهذه الشجرة لا يعلم قبحها أحد من هؤلاء الضالين في الحياة الدنيا، حتى يدخلوا النار ويأكلوا منها، فيعلمون شر ما توعدهم الله به ... وفي حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم يذكر فيه أنه لو نزلت قطرة من الزقوم لأفسد ماء الأرض، فاتقوا الله فكيف بمن يكون الزقوم طعامه، لذلك كتب تاؤها مقبوضة لجهل الجميع بمدى مرارة وقبح هذه الشجرة
أما الحديث عن شجرة الزقوم في سورة الدخان فهو الحديث عن شجرة قد عرفت للآثمين: (إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (43) طَعَامُ الْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ (45) كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (46)، .... ثم يقال بعد أكلهم منها ... (خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَوَاء الْجَحِيمِ (47) ثُمَّ صُبُّوا فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ الْحَمِيمِ (48) ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) إِنَّ هَذَا مَا كُنتُم بِهِ تَمْتَرُونَ (50) الدخان
يتبين لنا من ذلك؛ أنه لما كان الحديث عن شجرة الزقوم، وهذه الشجرة من شجر النار في الآخرة، والمخاطبين عنها في الآيات هم من أهل الحياة الدنيا، كانت الشجرة مجهولة لديهم، فكتبت التاء مقبوضة، وقد غر أبي جهل اسم الزقوم، وظن أنه هو التمر الذي يغمس في الزبد قبل تزقمه، وهو من طعام أهل اليمن، فقال ساخرًا: هذا الذي يتوعدنا به محمد؟! ... يا غلام ... ائتنا بتمر وزبد نتزقمه، فأنزل الله تعالى مبينًا صفتها، فقال: (إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (64) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (65) الصافات
ولما تحدث تعالى ما يحدث لأهل النار في سورة الدخان وقد أكلوا من هذه الشجرة الملعونة، ثم أُخذ الآكل منها، فعُتِل، فألقي في وسط الجحيم، أصبحت الشجرة معروفة لديهم غير مجهولة فبسطت تاؤها في الرسم لاختلاف حالها في الآخرة عن حالها في الدنيا عند هؤلاء
هذا سر من أسرار الرسم العثماني الذي هاجمه جهال وأصحاب فتن لمن جهلوا ما وراء هذا الرسم من أسرار
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(3) - (قرة) أعين منتظرة ..... و (قرت) عين ممتلكة
ذكرت "قرة" المقبوضة التاء في موضعين في القرآن الكريم، وهم قرتان لم تتحققا بعد، وزمن تحققها علمه عند الله عز وجل؛
قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) الفرقان. فهذا دعاء لما لم يحدث، والاستجابة راجعة إلى الله سبحانه وتعالى، وزمن تحققه إن وقع يكون في المستقبل، لذلك حال القرة مقفل وقت دعوة الداعي، وزمن تحققها هو في علم الغيب عند الله عز وجل.
وقال تعالى: (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17) السجدة.
وهذه أيضًا حالها في الدنيا مجهولة، ولا تتحقق إلا في الآخرة لمن أنعم الله عليه بالجنة، فيبصر معاينة ما فيها من قرة أعين
فتاء قرة في الموضعين السابقين رسمت مقبوضة مطابقة مع الحال في كل منهما، وتنبيهًا له.
أما الموضع الثالث فاختلف عن الموضعين السابقين؛
قال تعالى: (وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (9) القصص.
ذكر أن امرأة فرعون كانت عقيمة؛ أي ليس لها ولد، ومُنى كل امرأة وقرة عينها أن يكون لها ولد، فها هي الآن يتبدل حالها، ويصبح بين يديها ولد ليس له أهل ينازعونها عليه، فهذا الغلام الحاضر بين يديها قرت عين قد تحققت لها، وليس قرة عين موعودة بها، فبسطت تاء قرت؛ مطابقة مع الواقع الذي حصل، فخالف رسمها في هذه الحال عن رسمها في الحالين السابقين. د
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[21 Aug 2008, 10:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(4) - (امرأة) نكرة ... و (امرأت) معرفة
كل امرأة معرفة تكتب بالتاء المبسوطة، وكل امرأة نكرة تكتب بالتاء المقبوضة.
وتعريف المرأة يكون بالإضافة إلى زوجها بضمير متصل يدل عليه أو إلى اسمه مصرحًا به؛
أما إذا أضيفت إلى ضمير متصل فبسط التاء يكون وجوبًا، ولا صورة أخرى لها غير البسط، ولا تكون المرأة في هذه الحال إلا معرفة.
ومثالاً على ذلك قوله تعالى: (رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ .. (40) آل عمران.
قال تعالى: (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ (29) الذاريات.
والمرأة جاء اسمها من مادة "مَرَأَ"، التي من المروءة، والمروءة أن يكون فعل المرء من نفسه، لا يريد ممن فعل له الفعل أجرًا ولا شكورًا، وذكر المرأة في القرآن كان في المواضع التي كان فعلها من نفسها، فاستقلت به عن زوجها وانفصلت بهذا الاستقلال عنه؛
- فاستقلال زوجة زكريا عليه السلام عن زوجها كان بعقمها؛ فلم تستطع أن تعطيه الولد الذي يربط بينهما، ومثلها زوجة إبراهيم عليه السلام؛ .... فهذين المثالين الذَين كانا لزوجين مؤمنين.
- وحالة ثانية في استقلال المرأة عن زوجها وانفصالها: استقلالها بالسوء عن زوجها، ومثاله قوله تعالى: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) المسد، فقامت بأفعال لم يفعلها زوجها، وقد يستعظم على نفسه فعلها، كرمي القاذورات والأشواك على طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنه كان يصد الناس ويصرفهم عنه، فكان إيذاؤها خاصًا بها، وأم جميل دافعة لزوجها أبي لهب لقطع صلة رحمه بابن أخيه.
- وحالة ثالثة: خيانة زوجها في نفسها، فتطلب تحقيق رغبتها عند رجل آخر غير زوجها؛ ومثاله امرأة العزيز التي أرادت ذلك مع فتاها يوسف عليه السلام، قال تعالى: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (30) يوسف.
وحالة رابعة: أن يكون الزوج مؤمنًا والزوجة كافرة؛ ومثاله امرأة نوح، وامرأة لوط؛
قال تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَتَ نُوحٍ وَاِمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) التحريم.
وحالة خامسة: أن تكون هي مؤمنة وهو كافر؛ ومثاله امرأة فرعون؛ قال تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) آل عمران.
وحالة سادسة: أن تستقل في رغبتها في أمر ما عن زوجها؛ ومثاله نذر امرأت عمران ما في بطنها دون زوجها؛ قال تعالى: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35) آل عمران، فقالت نذرت، ولم تقل نذرنا، وقالت تقبل مني، ولم تقل تقبل منا، وقيل إن عمران مات قبل ولادتها، أو قبل تنفيذ نذرها.
وحالة سابعة: أن يكون بين الزوجين خلافًا؛ ومثاله قوله تعالى: (إِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ ... (128) البقرة، وهنا رسمت تاؤها مقبوضة لأنها نكرة غير معرفة.
وحالة ثامنة: أن تزوج المرأة نفسها بدون إذن وليها، ومثاله قوله تعالى: ( .. وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ .. (50) الأحزاب، وهذه رسمت تاؤها مقبوضة لأنها نكرة غير معرفة.
وتسمية الأنثى بالمرأة جاءت من تأنيث امرئ، وهي من المروءة، وهي تدل على أن الفعل كان من إقدام النفس عليه بغير سبب ..... وتسمية الأنثى بالمرأة يطلق على المتزوجة، وعلى غير المتزوجة؛ فليس الزواج هو السبب في هذه التسمية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولفظ المرأة يثنى ولا يجمع، والسر في ذلك؛ أن النفس تستقل بفعلها وهي منفردة لوحدها، ولا تتأثر كثيرًا عند اجتماعها بثانٍ غيرها، فليس هناك تبعية من إحداهما للأخرى ... أما عندما يكون الفرد مع جمع، فسينقاد الجمع خلف أحد منهم يقودهم ويكونون هم تبعًا له ... وهنا تنتفي الصفة عن موصوفها، وتخرج التسمية عن مضمونها، فلا يظل الفعل صادر من نفس صاحبه وبقرار منه، وهذا هو السر في عدم جمع المرأة بلفظ من جنسها. ولا امرئ كذلك.
ولما كانت البنت محدودة التصرف في بيت والدها، ومطْلَقَة اليد في بيت زوجها؛ تتصرف فيه في أمور كثيرة كما تشاء من نفسها وبكامل إرادتها، غلب استعمال لفظ المرأة للمتزوجة دون البنت والأيم من النساء.
ووصفت بنتا الرجل الصالح من مدين بالمرأتين؛ لأنهما نابتا عن أبيها في رعاية الغنم، وليس هذا العمل من أعمال النساء، وانفردتا بنفسيهما مبتعدتين عن الرعاء في مكان السقي؛ قال تعالى: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) القصص.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(5) - (ابنت) اشتهرت ... و (ابنة) لم تذكر
"ابنة" لم ترد في القرآن إلا مرة واحدة، وهي معرفة بالإضافة إلى عمران، بل إن ابنة عمران أكثر امرأة نالت شهرة في الأرض، فكان حقها أن ترسم تاؤها مبسوطة، وكذلك رسمت؛
قال تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12) التحريم.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(6) - بسط تاء لعنت
لعنت: وردت كلمة لعنة في القرآن (14) مرة؛ قبضت تاؤها في (12) موضعًا، وبسطت مرتان فقط.
جاء ذكر اللعنة التي قبضت تاؤها في (7) آيات لأولئك الذين ماتوا على الكفر فكانوا من أصحاب النار ...
كقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161) البقرة.
وجاء ذكر اللعنة المقبوضة التاء في (3) آيات لمن لعنوا في الدنيا وفي الآخرة ...
كقوله تعالى: (وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (99) هود.
وآيتان متعلقة بلعن إبليس إلى يوم القيامة ومن هلك ملعونًا بعث ملعونًا؛
كقوله تعالى: (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) الحجر.
فهذه المواضع الاثنا عشر؛ قبضت فيها التاء؛ لأن الذين لعنوا دخلوا في اللعنة، وهي محيطة بهم، ولا مخرج لهم منها، فقبضت تاؤها على الصورة التي عليها الملعونين ... نعوذ بالله من كل ذلك.
أما الموضعان التي بسطت فيهما التاء فهما لأناس لم يلعنوا بعد، حتى يقدموا على عمل هم مخيرين فيه، فإن فعلوا فإن اللعنة تفتح لهم للدخول فيها ... فإن دخلوا فيها فلن يكون لهم مخرجًا منها بعد ذلك.
الموضع الأول كان في الابتهال؛ قال تعالى: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ .... فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) آل عمران.
وأما الموضع الثاني؛ فكان في حديث اللعان بين الزوجين ... فإذا شهد الزوج المتهم لزوجه، أربع شهادات بالله إنه من الصادقين، وهو كاذب، ثم طلب في الخامسة اللعنة عليه إن كان من الكاذبين، فتحت له اللعنة ليدخل فيها لأنه ارتضاها لنفسه؛
قال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (7) النور.
(يُتْبَعُ)
(/)
اللعنة في الآتيتين موجبة، وإذا وجبت فقد فتحت، ولا يخرجه منها استغفار بعد ذلك، ولا توبة، لعلم الملعون بنتائج عمله قبل طلب اللعنة لنفسه، وهو يعلم أنه كاذب، ومستحق لها، فيقدم على طلبها مستهينًا بها، غير مرتدع عن الاعتراف بكذبه وجرمه.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(7) - بسط تاء معصيت
معصيت: لم ترد إلا مرتين فقط، وبسطت في كلتيهما؛
قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنْ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) المجادلة.
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9) المجادلة.
بسطت تاء معصيت الرسول لأنه جاء في الآيتين تحذير من الله تعالى من دعوة بعضهم بعضًا سرًا وفي تناجيهم للدخول في معصيت الرسول صلى الله عليه وسلم .. فهم خارجين عنها، وغير مقترفين لها، ولم يدخلوا فيها، وليس لأحد عصمة في الدخول في معصيت الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان هذا التحذير ليحرص من الوقوع فيه بعلمه أو جهلا منه، وقد يجد من يبسط له الدخول فيها من قرناء السوء، فقد دخلها من قبل فاسقين، وكافرين، ومشركين، ومنافقين، وضالين، ومن أهل الكتاب، وما زال الباب مفتوحًا لم يغلق من يوم إرساله صلى الله عليه وسلم، ومعصيته عليه الصلاة والسلام مفتاح لمعصية الله في كل أمور الدين والدنيا .... ومعصيت الرسول صلى الله عليه وسلم معلومة لله مهما تستر عليها العاصي وأخفاها، ويكشفها الله عز وجل للناس كما كشف أقوال وأفعال المنافقين الذين أظهروا خلاف ما في قلوبهم ... واجتب الصحابة معصية الرسول صلى الله عليه وسلم لإيمانهم بالله ورسوله التي أوجبت عليهم الطاعة المطلقة لهما.
ولم ترد معصية مقبوضة في القرآن؛ فليس هناك معصية في الواقع لم يدخل فيها الناس؛ من أعظمها إلى أدناها، أي من الشرك بالله إلى اللمم من الذنوب.
لقد تكلمنا في أمثلة الحلقات السابقة على أن التاء المبسوطة هي علامة للمعلوم المعروف البين، وأن التاء المقبوضة علامة للشيء المجهول بعضه أو كله.
وبينا في هذين المثالين صورة أخرى لدلالة التاء المقبوضة والمبسوطة؛ صورة من هو في الداخل ومقفل عليه الخروج، أو من هو في الخارج ومقفل أيضًا عليه الدخول .... فكان في رسم التاء المقبوضة صورة لهذا الحال.
وصورة من هو في الخارج، وفتح وبسط له الطريق للدخول والولوج إلى الداخل، مما فيه غضب الله وسخطه .... فكان في رسم التاء المبسوطة صورة لهذا الحال ..... والله تعالى أعلم.
............. تابع معنا بقية الأمثلة في الأيام المقبلة إن شاء الله تعالى.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
ـ[العرابلي]ــــــــ[21 Aug 2008, 10:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(8) - بسط تاء رحمت
رحمت: بسطت تاء رحمت في (7) مواضع فقط، وقبضت في أكثر من (70) موضعًا، واستعمال مادة "رحم" هو في التواصل والاستمرار، ويكون بسبب العطاء الرباني، فالله سبحانه وتعالى هو الرحمن؛ ورحمته في الدنيا للجميع، بعطائه للناس من أنواع الرزق، وأسبابه كالمطر، فتتواصل حياة الناس، وبإعطائه الذرية تتواصل الأجيال، وهو الرحيم للمؤمنين في الدنيا والآخرة، وعطاؤه في الآخرة يكون خاصًا بهم فقط.
والرحم في المرأة هو سبب استمرار البشرية بنشأة الذرية فيه، وهو يمد هذه الذرية بالعطاء والنمو حتى يكتمل جسمه، ثم يولد ويخرج للحياة وهو قادر على تناول غذائه عن طريق الفم.
(يُتْبَعُ)
(/)
والرحم من النساء؛ كالبنات، والأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخوات، وبنات الإخوان، هن سبب التواصل بين الأسر والعائلات، وتوسيع دائرة العلاقات بينهم، فتنشأ المجتمعات القادرة على الدفاع عن نفسها، وبسبب حرمة الزواج من الأقارب الأدنين لهن، وزواجهن من رجال أغراب عليهن يجعل الأسر المختلفة تمد بعضها بعضًا بالجينات الوراثية التي تساعد على استمرار البشرية بذراري سليمة لئلا تضوى، هذه الأسر بعد أجيال عديدة.
والناس تفهم الرحمة على أنها عطف وشفقة ... والعطف يكون على الضعيف غير القادر، والشفقة تكون للضعيف الذي أثقله الفقر أو المرض أو المصائب ... والله تعالى يرحم الناس ليستمروا إلى الأجل الذي حدده لهم، ويرحمهم على طاعتهم له، أو ليقوموا بالعبادة له ... وهذا خلاف الشفقة والعطف ....
والمواضع التي بسطت فيها تاء "رحمت" كان لرحمة قد بسطت بعد قبضها؛ فبعد مرور السنين الطويلة، وتعدي الزوجة للسنين التي تستطيع أن تحمل وتلد، وتعطي الذرية فيها؛
- تأتي البشرى لإبراهيم عليه السلام وزوجه، قال تعالى: (قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتَ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73) هود.
- وتأتي كذلك استجابة لدعاء زكريا عليه السلام؛ قال تعالى: (ذِكْرُ رَحْمَتَ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) مريم، ثم يفصل تعالى بعدها قصة وهب يحي لزكريا عليهما السلام.
ففتحت هذه الرحمة لهما بعد قبضها زمنًا طويلاً.
- وبعد قبض المطر عن النزول وموت الأرض، يأتي الغيث وتستمر الحياة بهذه الرحمة التي بسطت؛ قال تعالى: (فَانظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتَ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (50) الروم.
- والله تعالى يطلب من الناس أن يدعوه خوفًا من عقابه الذي فيه قطع لرحمته عنهم، أو طمعًا بما عنده، فرحمته قد بسطت لهم ولم تقفل في وجوههم؛ قال تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (56) الأعراف.
- وها هي رحمت الله قد بسطت باختيار محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه نبيًا فيهم، وبسطت رحمته بمعرفة أسباب نيل الرحمة؛ بالأحكام التي أنزلت على نبيه، فبها تجنا الحسنات، وتمحا السيئات؛ قال تعالى: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ورَحْمَتَ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) الزخرف، وجاءت هذه الآية بعد قوله تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) الزخرف.
- وها هم المؤمنون يطلبون لهذا الدين الثبات والاستمرار، والامتداد في الأرض بالإيمان والعمل الصالح، والهجرة، والجهاد؛ قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (218) البقرة. فبسطت لذلك فيها تاء رحمت ....
أما العابد القانت الساجد آناء الليل ويحذر الآخرة فهو يرجوا رحمة ربه في الآخرة؛ ألا وهي الجنة .. التي هي مقفلة دونه في الحياة الدنيا .. وستفتح له يوم القيامة؛ قال تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ (9) الزمر.
والوقوف على كل رحمة وردت في القرآن قبضت تاؤها أمر يطول، ويكفي أن يقال فيها أنها كتبت على القاعدة في رسمها، والالتباس يكون في معرفة سر بسطها أكثر من معرفة سر قبضها.
فبعض الرحمة التي قبضت تاؤها؛ هي رحمة مرجوة لم تفتح للسائل بعد، كما في قوله تعالى: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) آل عمران.
(يُتْبَعُ)
(/)
أو هي رحمة موعود بها، كما في قوله تعالى: (فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175) النساء.
أو هي رحمة هم فيها لم يخرجوا منها، بل لن يخرجوا منها؛ كما في قوله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107) آل عمران.
وأترك بقية الأمثلة للقراء والدارسين، لتعليلها بأنفسهم، مستفيدين مما قرؤوه، ففي تدبر الآيات خير كثير، وأجر عظيم، فإن شق على أحدهم مثال فليسأل عنه ...... ونسأل الله لنا ولهم التوفيق.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(9) - بسط تاء نعمت
ذكر لفظ النعمة غير مضافة لضمير متصل في القرآن الكريم في (36) موضعًا، منها (25) موضعًا قبضت فيها التاء، وبسطت التاء في (11) موضعًا.
- نعم الله تعالى على الإنسان كثيرة، ولا تحصى، فلا يمكن حصرها، وقد لا نستطيع أن نحصر النعم التي فتحت علينا، والتي نعلمها لكثرتها، سوى النعم الكثيرة التي لا نعلمها حتى نفقدها، أو يظهر لنا خلافها؛
كما في قوله تعالى: (وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (34) إبراهيم.
فوصف تعالى للإنسان بأنه ظلوم كفار؛ يدل على أنه النعمة معروفة، وقد بسطت لهم؛ لأن الظلم يدل على حصول النقصان، وصرف ما أخذ لغير صاحبه، ومن هو أهل له، والكفر يفيد إنكار النعمة التي قد نالها وتنعم بها، فبسطت لذلك تاء نعمة، وهي نعم قد سألوها ... فكيف لهم أن يجهلوها؟!
وأما قوله تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) النحل.
فوصف الله تعالى لنفسه أنه غفور رحيم، دل على أنهم ما زالوا في تلك النعمة، متواصلين بها، ولم يخرجوا منها، ولو لم يغفر ويرحم، لحرمهم من النعمة، وأخرجهم منها.
- ومن ذلك كفر النعمة التي سبق لهم التمتع بها، فبسطت تاؤها؛ قال تعالى: (وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) النحل.
- ومثلها النعمة التي عُرفت وأُنكرت وكُفر بها في قوله تعالى: (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمْ الْكَافِرُونَ (83) النحل.
- ومثلها النعمة التي بدلت في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ (28) إبراهيم. فبسطت تاؤها، ولا يبدل إلا كل معلوم.
- ومن النعمة التي بسطت تاؤها: (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (114) النحل. فالشكر لا يكون إلا على النعمة التي بسطت لهم، فعرفت، وتم التمتع بها.
- ومن النعم التي بسطت تاؤها النعم التي عرفت كالرزق؛ قال تعالى: (يَأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) فاطر.
- وكالريح المرسلة التي تجري الفلك في البحر في منفعة الناس: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31) لقمان.
- وكنعمة القرآن والإسلام الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وأظهرها وبلغها للناس، وذكر بها: (فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29) الطور.
وأما قبض التاء في قوله تعالى: (مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) القلم.
ففي هذه الآية وما يليها من سورة القلم مدح ومواساة للرسول صلى الله عليه وسلم بسبب دعوة الإسلام المتلبس بها تطبيقًا وخلقًا؛ قال تعالى بعدها: (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) القلم ... فهو محاط بنعمة لا يخرج منها.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما قوله تعالى: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) الضحى ... فآيات سورة الضحى هي مواساة ودعم للرسول صلى الله عليه وسلم أيضًا .. فكيف كان حاله من قبل، يتيم بفقد الوالدين، وضال عنهم؛ أي منفصل عن قومه، ومنفرد عنهم، وفي ذلك فقدان اتصالهم به فيما هو عليه، ثم العيلة التي كان فيها، وفقدانه المال الذي يغنيه عن الناس، وكيف أصبح حاله بنعمة الله عليه، فهو محاط بهذه النعمة ومحفوظ فيها، وما زال الدعم الإلهي له كبيرًا .. وإحاطة النعمة بصاحبها من أسباب رسم تائها مقبوضة، تصويرًا لحاله معها.
- ومن النعم التي بسطت تاؤها النعم التي يذكِّر الله تعالى بها المؤمنين؛ كما في قوله تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231) البقرة. فالكتاب لم يكن عندهم ولا الحكمة كانت لهم، فبسطت لهم هذه النعمة بعد نزول القرآن عليهم.
- ونعمة الإسلام التي بسطت لهم ليخرجوا من العداوة التي كانت بينهم، والشرك المهلك لهم، ليدخلوا في الإيمان وتؤلف قلوبهم عليه، ويسلموا من الشرك وتبعاته؛ قال تعالى: (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103) آل عمران.
وأما قبض تاء النعمة في تذكير موسى عليه السلام لقومه؛ فذلك لأن الحديث فيه كان عن نعمة بعث أنبياء من بينهم، وجعل ملوك فيهم، وليس من غيرهم، فحكموا أنفسهم بأنفسهم، وبشرع نزل على بعضهم: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَقَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ (20) المائدة.
- وبسطت تاء نعمة الخروج بالسلامة والعودة بها، بعد كف أيدي الفتك والأذى عنهم في قوله تعالى: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (11) المائدة.
وأما قوله تعالى: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) آل عمران.
فقد انقلبوا راجعين بالنعمة التي خرجوا بها، فظلوا فيها ولم يخرجوا منها.
وأما قبض تاء نعمة في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9) الأحزاب.
فقد ظلوا في نعمة السلامة، ولم تتمكن الأحزاب الدخول عليهم في المدينة والبطش بهم، وإخراجهم من هذه النعمة.
وأما قبض التاء في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (6) إبراهيم.
فقد كان التذكير بنعمة النجاة والأمن الذي هم فيه، بعيدًا عن فرعون وبطشه، بعد طول عذاب وحرمان، وقتل واستعباد.
فهذه أربع صور مختلفة لنعمة النجاة التي تحدثت الآيات الأربع عنها؛ وقد بسطت في واحدة منها، وقبضت في الثلاث الباقية؛ نجاة بالسلامة من العدو، والعودة سالمين إلى مقرهم، وكان المتوقع غير ذلك، فبسطت لذلك تاؤها، وحديث عن الانقلاب بنفس نعمة السلامة التي كانت لهم قبل الذهاب للعدو؛ فقضت تاؤها، وحديث عن نعمة النجاة بالثبات في موطنهم، وانصراف العدو عنهم؛ فقبضت ذلك تاؤها، ونعمة النجاة من عدو والدخول في مأمن بعيدًا عنه؛ فقبضت كذلك تاؤها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونوع آخر من النعمة التي قبضة تاؤها؛ نعمة لم يتم فتحها وبسطها بعد؛ قال تعالى: (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) آل عمران.
والأمثلة كثيرة، وفيما ذكرناه فيه البيان والكفاية إن شاء الله تعالى لكلا الحالين الذَين تم رسم تاء النعمة فيهما ... وسياق الآية، والموضوع الذي تتحدث عنه، وملابساته؛ هي التي تحدد بسط تاء النعمة، أو قبضها ... والله تعالى أعلم.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(10) - بسط تاء سنت
سنت: بسطت سنت في خمس مواضع، وقبضت في المواضع الثمانية الأخرى.
والملاحظ أن السُنَّة التي بسطت تاؤها يراد بها العذاب المهلك الذي يسلطه الله على الكفار عقابًا لهم، فتختم به حياتهم في الدنيا، ويمتد عليهم في الآخر.
وأما السُنَّة المقبوضة التاء؛ فيراد بها التزام الكفار بكفرهم، وتمسكهم به، لا يخرجون منه، ولا يفارقونه، استجابة لنداء الإيمان.
- قال تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38) الأنفال.
سنة الأولين التي مضت كانت إصرارهم على الكفر مع علمهم بأن الهلاك الذي تنتهي به حياتهم قادم، فإذا انفتح عليهم العذاب، فاتتهم المغفرة، واتصل عليهم عذاب الدنيا بعذاب الآخرة.
- وقال تعالى: (اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لسُنَّتُ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لسُنَّتُ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) فاطر.
فهل ينظرون غير ما حل بالأولين من العقوبة في الدنيا، ليستمر عليهم في الآخرة، عاقبة لهم على مكرهم السيئ، ولا يقفل بتبديله بنعمة، أو بصرفه عنهم.
- وقال تعالى: (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتُ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ (85) غافر.
سنة الله أنه لا يقبل من الكفار إيمان يرفع عنهم العذاب، إذا رأوا عقوبة الله قد نزل بهم.
في هذه المواضع الخمسة ربطت السنة بالهلاك، وأن ما كانوا عليه من الكفر لم يحفظهم، ولم يحصنهم من عقوبة الله الذي كان تنفتح عليهم منهية حياتهم الدنيا، وأن عقوبة الله لا يردها شيء يحول من وصولها إلى مستحقيها، لذلك رسمت تاؤها مبسوطة، وسميت عقوبة الله بالسنة لأنها أصبحت عادة من الله تعالى في عقاب أهل الكفر المصرين عليه، تتكرر كلما وجود من يكفر بالله ورسله.
وأما تاء السنة المقبوضة فقد جاءت في الآيات التالية؛
- قال تعالى: (وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11) كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13) الحجر.
خلت سنة الأولين في تكذيبهم واستهزائهم برسلهم، وتمسكهم بكفرهم الذي تمكن في قلوبهم، لا يخرجون منه إلى الإيمان، ولم يأت ذكر للهلاك كما في الآيات السابقة، وإن كانت العقوبة تنتظرهم.
* قال تعالى: (وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنْ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا (76) سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (77) الإسراء.
سنة دامت بتكذيب أقوام الرسل لهم، ومحاولة استفزازهم من الأرض ليخرجوهم منها؛ بالتهديد لهم والوعيد بالرجم وغيره، وكان الهلاك للكفار يقع في حياة الأنبياء، وفي هذه الآية هو تهديد لهم، وأنه لا يبقيهم الله من بعده، فالهلاك لم يقع عليهم .. وقد تحول الذين نزلت فيهم هذه الآيات بفضل الله بعد ذلك إلى الإيمان والإسلام وخاصة بعد فتح مكة.
* قال تعالى: (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمْ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ قُبُلًا (55) الكهف.
(يُتْبَعُ)
(/)
سنة الأولين في التكذيب بالرسل والصد عن سبيل الله، وبقائهم مصرين على كفرهم، وقوله تعالى بعدها "أو يأتيهم العذاب قبلاً" دل على أن السنة لم يرد بها العذاب بل التقوقع في الكفر، وعدم الخروج منه استجابة لدعوة الإيمان.
* قال تعالى: (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا (38) الأحزاب.
سنة الله تعالى أن يرفع الحرج عن أنبيائه؛ فبيان الأحكام الخاصة بهم يقطع على المنافقين، ومرضى القلوب، الكلام والطعن في فعله عليه الصلاة، وأمر الله ينفذه النبي ولو كان مستغربًا أو مستنكرًا من قومه؛ كالزواج من مطلقة الابن الدعي الذي ليس من صلبه، والزواج ممن تهب نفسها للنبي إن رغب النبي فيها، لأن رفض ولي أمرها للزواج من النبي خير هذه الأمة، هو كفر ونفاق يهلك صاحبه، فرفعت ولايته عنها للزواج من النبي عليه الصلاة والسلام فقط، رحمة بالمؤمنين، وقطع سبيل التقليل من شأن النبي صلى الله عليه وسلم وتفضيل غيره عليه.
* قال تعالى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62) الأحزاب.
سنة وحكم من الله مكتوب على أمثالهم بحصرهم باللعن والأخذ والقتل، ولن ينجوا منه، ولا تبديل لسنة الله في ترك أهل النفاق على ما هم عليه، ولم يكن للمنافقين بعدها دعوة ظاهرة غير إخفاء نفاقهم، والتعلل بالعلل الكاذبة في معصية الرسول صلى الله عليه وسلم.
* قال تعالى: (وَلَوْ قَاتَلَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوْا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23) الفتح.
سنة الله ألا يخرج أهل الكفر عن طوقهم، ولو خرجوا للقتال لولوا مدبرين لا يجدون وليًا ولا نصيرًا يثبتهم أمام المسلمين، ما دام المؤمنون ملتزمين بإيمانهم، ومتمسكين به، وسنة الله أن يدحر الكفار منهزمين.
في هذه المواضع السبعة تحدثت الآيات عن سنة الأولين؛ وهي بقاء أهل الكفر متقوقعين في كفرهم، ومحصورين فيه، وليس الحديث عن هلاكهم، فقبضت التاء في توافق مع الواقع الذي عليه أهل الكفر، وكذلك سنة الله في حفظ أنبيائه، أو حصر الكفار وأخذهم بالعقاب.
وسمي أيضًا طريق الكفر الذي ساروا عليه بالسنة؛ لأنهم أحدثوه، فكل فئة منهم جاءت من ذرية فئة مؤمنة نجت من قبل بعد هلاك أمثالهم في الكفر ممن سبقهم.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(11) - بسط تاء بقيت
بقيت: قبضت تاء بقية في موضعين من الثلاثة مواضع، وبسطت في الثالثة.
قال تعالى: (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (248) البقرة.
قبضت تاء بقية في هذا الموضع لأن هذه البقية هي مما تركه آل موسى، وآل هارون عليهما السلام، وقد حفظت من الاندثار والضياع، وأحضرت في التابوت الذي حفظت فيه.
وقبضت تاء بقية في الموضع التالي لعدم وجود أولوا بقية؛ أي جماعة عاملة، وليس أفراد متفرقين، تحافظ على دينها وتنهى عن الفساد في الأرض.
قال تعالى: (فَلَوْلَا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) هود.
أما بسط تاء بقية في الموضع الثالث؛ فلأن بقية الله في هذه الآية، هو ما بسط لهم من أبواب الكسب الحلال، ومباركة الله تعالى لهم فيه، وكان فيه كفايتهم، وما يغنيهم ... فليحذروا من غلقه والحرمان منه؛ بإفساد المكيال والميزان، بالنقص وعدم الوفاء بهما؛ في بيعهم وشرائهم.
قال تعالى: (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِين َ (85) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (86) هود.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[21 Aug 2008, 10:12 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(12) - بسط تاء فطرت
فطرت: لم ترد إلا مرة واحدة وكانت تاؤها مبسوطة.
قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (3) الروم.
فطرت الله التي خلق الناس عليها؛ هي قبول الدين الحنيف القيم، لذلك فتحت تاء فطرت لانفتاح النفس للدين، وقبولها له، والرضا به، ولو لم يخلقهم الله على ذلك؛ لكان لهم عذرًا في رفع العقاب عنهم، وعدم محاسبتهم على كفرهم.
ومادة "فطر" هي في الانفتاح بعد طول انقباض، ومن ذلك سمي أخذ الطعام في الصباح بعد امتناع عن تناوله طوال الليل، أو بعد صيام النهار فطورًا، ومن ذلك تفطر القدمين أي تشققهما من طول القيام.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(13) - بسط تاء كلمت
وردت "كلمة" بصيغة المفرد في (26) موضعًا غير مضافة إلى ضمير متصل؛ قبضت تاء كلمة في (21) موضعًا منها، وبسطت في (5) مواضع فقط، ومن الخمسة أربعة قرأت بالإفراد وبالجمع.
- وقال تعالى: (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الأعراف.
جاءت هذه الآية بعد آية سابقة في نفس السورة؛ (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) الأعراف ... فقد تم وتحقق لهم من الله ما وعدهم به موسى عليه السلام من قبل، وهذا الموضع الوحيد الذي قرأت فيه "كلمت" المبسوطة التاء بالإفراد فقط، والباقي بالإفراد والجمع فرسم التاء مبسوطة يصلح للقراءتين.
- قال تعالى: (أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمْ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) الأنعام.
لقد تمت كلمة الله التي وعدها لأهل الكتاب بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم، الذي يحل لهم الطيبات، ويحرم عليهم الخبائث، وتبين لهم صدق هذه الكلمة بعد إرسال الرسول إليهم، وقد بينت آية الأعراف ما كان من قبل في التوراة والإنجيل؛
قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (157) الأعراف.
والكلمة قد يراد بها لفظ واحد، وقد تكون من جملة، وقد تكون من قول طويل أو قصير، لذلك صلحت "كلمت" أو تقرأ بالإفراد والجمع لأن ما تحقق لهم أكثر من شيء وأكثر من أمر، ومثلها في الآية التالية فقد أقروا بأكثر من أمر، فكلها معًا كلمة، وفي التفصيل كلمات؛
- وقال تعالى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (31) فَذَلِكُمْ اللَّهُ رَبُّكُمْ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّا تُصْرَفُونَ (32) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33) يونس.
(يُتْبَعُ)
(/)
بعد إقرارهم بكل الذي ينجيهم إذا عملوا به، فسقوا وخرجوا من دائرة الإيمان، ودخلوا مع زمرة الذين حقت عليهم كلمة الله بأن يملأ بهم جهنم من الجنة والناس أجمعين، وكان بإمكانهم أن يظلوا خارجًا عنها.
- وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (97) يونس.
كل الآيات لن تحول بينهم وبين اتباع من حقت عليهم كلمة الله بملء جهنم بهم، والدخول معهم، حتى يروا العذاب الأليم فيموتوا على كفرهم، وكذلك صلحت "كلمت" أن تقرأ بالإفراد والجمع لأن المذكور أكثر من آية، والتكذيب بواحدة منها أو بكلها يجعل أصحابها من أصحاب النار.
- (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (5) وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (6) غافر.
ختمت حياة الأحزاب بالعقاب والهلاك، فكانوا أصحاب الجحيم، وبذلك حقت كلمة الله عليهم بأنهم ممن يملأ الله بهم النار،
والله تعالى جعل للإنسان الخيرة في الحياة الدنيا بين الإيمان والكفر، فمن شاء منهم خرج من زمرة الذين حقت عليهم كلمة الله بالعذاب، ومن شاء دخل في زمرتهم، والطريق مفتوح لكلا الطرفين بالدخول أو الخروج، لذلك بسطت تاء كلمة في المواضع الثلاثة الأخيرة لدخول الداخلين، وكذلك صلحت قراءة "كلمت" بالإفراد والجمع؛ لأن أفعالهم: التكذيب، والهم بالقتل للرسل، والجدال بالباطل؛ كلها مجتمعة أو منفردة تدخل أصحابها في النار.
وقبضت تاء كلمة في واحد وعشرين موضعًا لأسباب عدة، ولزم المرور عليها لخفاء أسباب قبضها؛
فمن المواضع التي قبضت فيها تاء كلمة؛ المواضع التي تدل فيها على أن الله تعالى حبس عنهم العذاب في الدنيا، وأخره ليوم القيامة، ولا مفر لهم منه يوم يأتيهم؛
- قال تعالى: (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) يونس.
- وقال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) هود، (45) فصلت.
- وقال تعالى: (وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (14) الشورى.
- وقال تعالى: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129) طه.
- وقال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنْ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (21) الشورى.
وقبضت تاء كلمة في المواضع التي تدل على أن هناك من يصر على كفره، واختلافه على أهل الإيمان، فحصر نفسه بفعله في زمرة الذين سيملأ الله بهم جهنم، لا يريد أن يخرج نفسه منهم؛
- قال تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (119) هود.
- وقال تعالى: (أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) الزمر.
- وقال تعالى: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) الزمر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقبضت تاء كلمة في المواضع التي يطلب فيها الأخذ بالكلمة وعدم الخروج عنها؛
- قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64) آل عمران.
- وقال تعالى: (وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28) الزخرف.
- وقال تعالى: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ - وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26) الفتح.
والكلمة من مادة "كلم" وهي مادة للأثر الثابت، فالكلمة هي قول ثابت لا يتغير، ومن ذلك الكلم للجرح؛ لأن أثره يبقى ثابتًا خلاف الضرب بالعصا أو السوط، وكلمة الله في علوها دائمة وثابتة، وكلمة الذين كفروا في منزلة سفلى دائمة وثابتة، والقبض من علامات الثبات، فلا خارج منها ولا داخل فيها؛ ومن قال كلمة الكفر أو الكذب مبلغًا بها عما في نفسه فقد لزمه ما قال، ولا يكون قائلها بين بين؛
- قال تعالى: (إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) التوبة.
- وقال تعالى: (يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (74) التوبة.
- وقال تعالى: (مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) الكهف.
والكلمة الطيبة لها صفة الطيب الثابت، والكلمة الخبيثة لها صفة الخبث الدائم، ويلزم القائل بإحداهما عواقب ما يقول من خير أو شر؛ فتثق ميزانه، أو يطيش بها؛
- قال تعالى: (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) إبراهيم.
- وقال تعالى: (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) إبراهيم.
وقبضت تاء كلمة المحتضر فهي لا تفتح لهم مخرجًا ولا نجاة من العذاب؛
- قال تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) المؤمنون.
وكلمة الله عيسى عليه السلام محفوظ من الله عز وجل، لم يستطع أحد الدخول عليه، والنيل منه، فتوفاه الله تعالى، ورفعه إليه، دون أن ينالوا منه بالقتل والصلب، وبعد نزوله يقتل المسيح الدجال الذي لاقى منه الناس أشد المحن والابتلاء؛
- قال تعالى: (إِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (45) آل عمران.
- قال تعالى: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ (39) آل عمران.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما بسط التاء في كل جمع مؤنث سالم؛ فلأن الفرد قد يختفي أثره بين الجمع، أو تذهب خصوصيته بانتمائه له، أما الجمع فيبقى لكثرته معلومًا مكشوفًا لا يُخفى بغيره .... والله تعالى أعلم.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(14) - بسط تاء بينت
1 - بينت: وردت بينة (19) مرة، واحدة منها فقط بالتاء المبسوطة، والباقي على الأصل مقبوضة.
- قال تعالى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمْ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا (40) فاطر.
قرأ ((ابن كثير، وأبو عمرو، وحفص، وحمزة، وخلف العاشر)) على الإفراد بغير ألف.
وقراء الباقون من القراء العشرة بإثبات الألف على الجمع.
ووقف عليها ((حفص، وحمزة، وخلف العاشر)) بالتاء، والباقون بالهاء.
ومرسومة في كل المصاحف بالتاء المبسوطة بلا خلاف.
فمن اختار قراءتها "بينات" بالجمع؛ فحجته أنه مرسومة في المصحف بالتاء المبسوطة.
ومن اختار قراءتها "بينة" بالإفراد؛ فعلى معنى البصيرة، وحجته أنه لها مثيل في قوله تعالى: (قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ (57) الأنعام.
وفي قوله تعالى: (أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَامًا وَرَحْمَةً أُوْلَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ (17) هود. راجع حجة القراءات لابن زنجلة ص: 594
والبينة إما أن تكون من حجة واحدة، وإما أن تكون من مجموعة حجج؛ فصلاح قراءتها بالإفراد لجملة الحجج، وأن مجموعها يعطي البينة، وصلاح قراءتها بالجمع على تفصيل الحجج المكونة منها، وأن كل واحدة منها تعطي للأخريات قوة ووضوحًا وجلاء للبينة.
وفي كلا الأمرين؛ بالإفراد والجمع، تعرف الحقيقة، وبسط التاء هو الأنسب في رسمها، والآية قد أشارت إلى أنهم قد أشركوا بالله شركاء؛ أي أكثر من شريك، والكتاب فيه إما بينة على جميع الشركاء، وإما بينات على عدد الشركاء؛ أي لكل شريك بينة عليه ... لهذا جاء في تعدد القراءات تفصيل الأمر، وفي الواقع ليس لديهم كتاب فيه بينة، ولا فيه بينات ... وإنما يأت القرآن بهذا الأسلوب؛ دفعًا للمشركين ليأصلوا عقائدهم بالأدلة والسلطان والحجج والبراهين؛ فإن أقدموا على الأخذ بهذا المنهج، توصلوا أنهم ليسوا على شيء.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(15) - بسط تاء آيت
آيت: وردت "آية" في القرآن في (86) موضعًا، كلها كتبت بالتاء المقبوضة إلا في موضعين فقط، بسطت التاء فيهما، وبسط التاء وافق قراء غير حفص، لذلك نحن نقرأهما في المشرق بالجمع، ولا يلاحظ ذلك غير المطلع على القراءات .... لذلك وجب بحثها من حيث صلاح الرسم للإفراد والجمع.
قال تعالى: (لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَتٌ لِّلسَّائِلِينَ (7) يوسف.
قرأ ابن كثير آية بالإفراد، وقرأ الباقون آيات بالجمع، ومنهم حفص.
أما صلاح قراءتها بالإفراد في آية يوسف فلأن حياة يوسف عليه السلام، كلها بلا استثناء عبرة؛ من أول حياته إلى آخرها، وأما صلاحها بالجمع فلأن حياة يوسف عليه السلام فيها تفاصيل كثيرة، مع أبيه، ومع أخوته، ومع السيارة، ومع العزيز وامرأته، ومع السجن وأهله، ومع الملك والوزارة له، وفي كل حال من أحواله آية، فصلحت أن تقرأ بالجمع على اختيار حفص، ومن معه.
وقال تعالى: (وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (50) العنكبوت.
قرأن ابن كثير، وشعبة، وحمزة، والكسائي، خلف، آية بالإفراد، ووقفوا عليها بالتاء وفقًا للرسم، وقرأ الباقون، ومنهم حفص آيات على الجمع.
أما صلاح قراءتها آية بالإفراد؛ فإن طلب أحدهم آية تنزل على النبي عليه الصلاة والسلام، وعلى مسمع من الجميع، وموافقتهم له في طلبه، ما يشير إلى أن المراد آية واحدة في مجلس واحد، وبلفظ واحد لأحدهم نائبًا عنهم، فكأن القائل جمعًا، وليس فردًا واحدًا.
وأما صلاحها بالقراءة بالجمع فلأن المشركين طلبوا أكثر من آية، وتفصيل ذلك موجود في سورة الإسراء، فدل على أن المراد بآيات وليس آية، وجاء الرسم صالحًا للقراءتين، وفي القراءتين تفصيلاً وبيانًا لاختلاف المواقف وإرادة السائلين، والآية والآيات المطلوبة شرطها أن تشاهد أمام أعين السائلين، فبسط التاء في كل الأحوال هو الأنسب.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[21 Aug 2008, 10:15 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
(16) - بسط تاء جمالت
- جمالت: وردة مرة واحدة فقط.
قال تعالى: (كَأَنَّهُ جِمَلَتٌ صُفْرٌ (33) المرسلات.
قرأ حفص وحمزة والكسائي وخلف: جُمالة؛ بالإفراد.
وقرأ رويس: جُمالات؛ بالجمع وضم الجيم.
وقرأ الباقون: جِمالات؛ بالجمع وكسر الجيم.
جمالة جمع جمل،والجمالات جمع الجمع.
وجاءت القراءتين بالجمعين معًا.
فمن رأى النار رأى الشرر يتطاير منها كأنه جمالة صفر.
ولما كانت النار من السعة بحيث لا يحصرها الناظر بنظره، فإن الناظر أو المعذب فيها؛ يرى بعضًا من الشرر الذي ترميه النار لا كله، وما يراه هو كثير، وما يخفى عنه أعظم، لذلك جاءت القراءتين في بيان عظم ما ترمي به النار من شرر، مما يراه الناظر له، ومما لا يراه من نفس الموضع الذي ينظر منه.
واختيار تشبيه الشرر بالجمالة بسبب ضخامة حجمها، وأن الجمل سبب تسميته هو تكدس الدهن في سنامه، والتجمل هو مسح الوجه والجلد عند العرب بالدهن، وهو مأخوذ من الجمال، والدهن من الوقود الشديد الاحتراق والحرارة، ويقفز بشدة من موضعه إذا اشتدت الحرارة عليه، أو إذا أصابه بعض الماء.
وأما اختيار التشبيه باللون الأصفر فلأن هذا اللون من الألوان الفاقعة الصارخة، فهو أجلب للنظر، وأرهب للنفس، وعلامة من علامات المرض، وموت النبات ويبسه وخلوه من الماء والرطوبة، ومن ذلك سمي شهر صفر لخلو مكة المكرمة من الحجاج والزوار بعد أشهر الحج ومحرم، والصفير يحصل من مرور الهواء بشدة في المكان المحصور الفارغ أو الخالي ... فبسط التاء هو الأنسب مع القراءتين، وهما جمع، والجمع من حقه أن تبسط تاؤه .. والله تعالى هو الأعلم.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(17) - بسط تاء ثمرت
ثمرات: وردت ثمرات (15) مرة بالجمع، واحدة منها فقط، قرأت بالإفراد في سورة فصلت.
قال تعالى: (إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَا تٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47) فصلت.
قرأ نافع، وابن عامر، وحفص، وأبو جعفر: ثمرات؛ بألف بعد الراء على الجمع.
وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، والكسائي، ويعقوب: ثمرة؛ بالإفراد ووقف عليها بالهاء.
وقرأ شعبة، وحمزة، وخلف العاشر: ثمرت؛ بالإفراد ووقف عليها بالتاء.
"ثمرة" في هذا الموضع هي اسم جنس؛ لأنه أتي قبلها "من" التي هي للتبعيض؛ فدل على أن المقصود أكثر من ثمرة، وبهذا الأسلوب يلغي لفظ المفرد عن وجود فوارق في مكونات الجمع، فيشمل بذلك كل الجنس؛ فهي إذن دالة أيضًا على الجمع كدلالة ثمرات، وجاء بعدها في نفس الآية "من أنثى" على نفس التفسير، وهي شاملة لكل أنثى يحصل لها حمل، والحمل يحصل للأكثر الإناث، ويحصل مع الأنثى الواحدة مرات عديدة.
أما مجيء "من" مع ثمرات؛ فليس كل الثمر يخرج من أكمام، وخاصة النبات الذي يتكون ثمره في بطن الأرض، وقال: من أكمامها ردًا على المفرد ولم يقل: من أكمامهن ردًا على الجمع؛ لأن الأكمام تسقط مع سقوط الثمر، ولا يتكرر منها إخراج الثمار، ومن الكم الواحد لا يخرج إلا ثمرة واحدة.
وبسط التاء ليس لصلاح القراءتين فقط، ولكن لدلالة المراد بالثمرة أنها اسم جنس؛ فهي جمع، ومن حق الجمع أن تبسط تاؤه؛ لأنه ظاهر لا يخفى بغيره، خلاف المفرد الذي يخفى بين الجمع من أقرانه.
وكذلك فإن حمل الأنثى يكون في باطنها غير ظاهر، والثمر يتكون من الأكمام، ويكون ظاهرًا بينًا، فبسط التاء هو الأنسب لتمثيل الحالة التي يشاهد عليها الثمار.
وثمرة: وردت مرة واحدة في البقرة بالإفراد، وهي مفردة عند الجميع؛
(يُتْبَعُ)
(/)
قال تعالى: (كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا ... (25) البقرة، وأما قبض تائها مع أنها اسم جنس يفيد الجمع؛ فلأن ثمر الآخرة موقوف لأصحاب الجنة فقط، وثمر الدنيا مبسوط لكل الناس؛ مؤمنهم وكافرهم، ويوم القيامة ينادي أصحاب النار أصحاب الجنة أن يفيضوا عليهم من الماء أو مما رزقهم الله، والثمر من الرزق، ومجيء القول بلفظ المفرد "ثمرة" اسمًا للجنس؛ ليدل على أن كل الثمر هو رزقًا لهم في الآخرة، بينما الثمر في الدنيا رزقًا للإنس والطير، والدواب، وللمؤمن وللكافر .... فما أعظم هذه الرزق؟! وما أكثره؟!
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(18) - بسط تاء غرفت
غرفات: وردت مرة واحدة في سورة سبأ
قال تعالى: (وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَتِ آَمِنُونَ (37) سبأ.
قرأ حمزة: الغرفة؛ بالإفراد.
وقرأ البقية: الغرفات؛ بالجمع.
في الجنة غرفات فلكل مؤمن نصيب منها، وهي مخصصة له، والغرفة إنما تسمى بهذا الاسم إذا خصصت لشخص، أو شيء ما؛ للطعام مثلاً، أو للنوم، أو لجلوس، ومن ذلك فعل الغرف من الإناء؛ فما يغرف يخصص لأحد الآكلين ... لذلك جاء اللفظ بالجمع عند الجميع ما عدا حمزة.
أما القراءة بالإفراد فهي لحال آخر؛ فالآية ذكرت الأولاد، وقبلها جاء ذكر كثرت الأولاد، والله تعالى يكرم أصحاب الجنة بأن يلحق بهم من ذريتهم من اتبعه على الإيمان، ومن كمال السعادة أن يجتمع له ذريته معه، ويأتونه إلى غرفته، فهم آمنون في الغرفات، وآمنون في الغرفة؛ لذلك جاءت القراءتان لبيان الحالين معًا، فصلحت الغرفات أن تقرأ بالإفراد وبالجمع.
وأما فتحها لو لم توجد قراءة بالجمع؛ فلأن وجود جمع في غرفة يدل على انفتاحها لهم ليدخلوا فيها على من خصصت الغرفة له.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
بسم الله الرحمن الرحيم
(19) - بسط تاء غيابت
غيابت: وردت مرتين في سورة يوسف فقط.
قال تعالى: (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَبَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10) يوسف.
وقال تعالى: (فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَبَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) يوسف.
قرأ نافع وأبو جعفر: غيابات؛ بالجمع.
وقرأ الباقون: غيابة؛ بالإفراد.
الفرق بين البئر والجب؛ أن البئر ضيق من أسفل وواسع من أعلى، والجب واسع في وسطه، فلو قيل أنه أُلقي في البئر؛ لأفاد القول أنه ألقي في الماء، وليس له مكان في البئر يقف فيه إلا الماء، الذي قد يغرقه ويقتله، وأما الجب فإن جوانبه واسعة فيحتمي من برد الماء بهذه الجوانب، ويغيب عن الناظر، والناظر في الجب لا يحيط بما فيه بنظرة واحدة كما هو الحال في البئر، فالناظر من أعلاه بما فيه يحتاج إلى تقليب النظر في كل جوانبه؛ لذلك أصبحت الغيابة غيابات، وبكلا القراءتين قرأت "غيبت الجب"، فهي غيابة لبئر واحد فقط، وهذه الغيابة غيابات موزعة على جوانب البئر في وسطه، ومحيطة بعينه.
والجب من مادة "جبب" مستعملة كلها في القطع، والجب جاء اسمه من القطع في الأرض أو الصخر، وتناسبت تسمية البئر بالجب مع فعل أخوة يوسف لقطع الصلة بين يوسف وأبيه يعقوب عليهما السلام.
وبسط تاء "غيابت" كائن ولو لم تكن هناك قراءة أخرى بالجمع، لأن أخوة يوسف عليه السلام لا يريدون من حبسه في الغيابة الإغلاق عليه، بل اختاروا له مكان يكون فيه سلامته من الغرق، ومن الحيوانات، وأن يكون له سبيل في النجاة بمرور السيارة عليه، ليأخذوه بعيدًا عن والدهم، وعن أرضهم، فيخلوا لهم وجه أبيهم من بعده .... والله تعالى هو الأعلم.
بهذه الحلقة في هذه السلسلة نختتم جميع التاءات المبسوطة التي وردت في القرآن الكريم على الرسم القرآني، وليس على الرسم الاصطلاحي أو الإملائي ... سائلين الله تعالى أن يبلغ ما في هذه المواضيع أكبر عدد من المسلمين ليزداد الذين آمنوا إيمانًا بأن هذا القرآن هو من عند الله، بلفظه ورسمه، وهو الذي تكفل سبحانه وتعالى بحفظه رحمة منه بنا، وحجة على العالمين.
أبو مسلم/ عبد المجيد العرابلي
الدال على الخير كفاعله
أدع إخوانك ومن يهمك أمرهم للدخول على هذه السلسلة
لجعل أكبر عدد من الناس يتفاعل مع هذا العلم المبارك المتعلق برسم كلمات الله تعالى
ـ[يزيد الصالح]ــــــــ[24 Aug 2008, 03:01 ص]ـ
شكر الله لك أخي أبا مسلم،، وجزاك خير الجزاء ...
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[24 Aug 2008, 10:21 ص]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
تبارك الله ... و ما شاء الله ... و الحمد لله ...
زدنا من علمك زادك الله من خيره و عطائه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[24 Aug 2008, 12:10 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء
ـ[العرابلي]ــــــــ[24 Aug 2008, 06:05 م]ـ
شكر الله لك أخي أبا مسلم،، وجزاك خير الجزاء ...
بارك الله فيك أخي الكريم يزيد الصالح
وبارك الله لك في مرورك
وجزاك الله بكل خير وفضل
ـ[العرابلي]ــــــــ[24 Aug 2008, 06:10 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.
تبارك الله ... و ما شاء الله ... و الحمد لله ...
زدنا من علمك زادك الله من خيره و عطائه.
بارك الله فيك وفي مرورك أخي الكريم لحسن بنلفقيه
وزادك الله تعالى من علمه وفضله وإحسانه
ـ[العرابلي]ــــــــ[24 Aug 2008, 06:23 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله في أخي "أبو مريم"
وبارك الله لك في مرورك
وجزاك الله بكل خير
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[24 Aug 2008, 06:42 م]ـ
شكر الله لك أبا مسلم عبد المجيد العرابلسي
ومرة أخرى أقول لك: ألا فدندن حول هذا العلم فهو فتح مبين
ولا يستخفنك عنه من لم يعرفه بعد
ـ[العرابلي]ــــــــ[24 Aug 2008, 07:01 م]ـ
شكر الله لك أبا مسلم عبد المجيد العرابلي
ومرة أخرى أقول لك: ألا فدندن حول هذا العلم فهو فتح مبين
ولا يستخفنك عنه من لم يعرفه بعد
بارك الله فيك يا أخي الكريم الحسن محمد ماديك
وبارك الله لك في مرورك
إنا يا أخي دندنة واضحة بينة تدركها العقول النيرة وتحفظها.
وجزاك الله بكل خير.
ـ[العرابلي]ــــــــ[27 Aug 2008, 06:05 ص]ـ
عنوان الموضوع " التاءات التي بسطت" و"ليست التاءات المبسوطة"
أي التي كان الأصل في كتابتها بالتاء المربوطة، حتى لا يختلط الفهم فيه من العنوان،
والإجابة عن سؤال عن سبب بسط التاءات المبسوطة بسيط جدًا
أن التاءات المبسوطة منها؛ أصلية في الكلمة، ومنها المضاف على حروف جذرها.
فما كان أصليًا فهو جزء من الكلمة، والكلمة وضعت لتعبر عن المسمى المعلوم بوضوح لا التباس فيه، ولذلك لا يصح أن يكون مجهولاً أو مجهول بعضه. سيان جاءت التاء الأصلية في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها
وإن كانت مضافة كتاء المتكلم في "كتبتُ"، فأوضح شيء في الوجود للمتكلم نفسه، فكانت التاء مبسوطة.
ثم المخاطب لديه، وتاء المخاطب في ضمير المخاطب "أنت" زائدة على "أنَ" والألف في أنا زائدة حتى لا يوقف على نون ساكنه، وتسقط الألف في الوصل، وتثبت في الوقف، ومثلها المتصلة بالأفعال مثل؛ قلتَ، كتبتَ
وتاء المضارعة لها نفس الحكم لأنها لفعل حاضر قائم، وليس لفعل ماض قد انتهى.
ثم الغائب الذي يكون في خفاء وعماء عن العيون في الدرجة الأخيرة.
أما التاء المربوطة أو المقبوضة فهي مضافة على حروف جذر الكلمة، ولا تكون أصلية؛ لتدل على المؤنث المفرد كمثل؛ كاتب، وكاتبة، وإن لم يكن منه لفظ مذكر، كمثل: "جنة" وفاطمة"، أو صاحب المكانة العالية أو للمبالغة؛ كمثل "علاَّمة" وغير ذلك.
فقد أنتهى إلى منزلة ليس بعدها منزلة، وغيره يتراجع في منزلة أو منازل دونه. هذا عند التعظيم والتفخيم، أما الأنثى فقد تراجعت إلى المنزلة الأخرى بعد الرجل وانتهت إلى منزلة ليس بعدها منزلة
ويرجع سبب اختيار التاء المقبوضة إلى معاني التاء والهاء فيها معًا؛
فنأخذ مثلا؛ كلمة "شجر"؛ وهو اسم يدل على الجمع، وسبقت تسمية الجمع فيه المفرد، لأن وجوده في الحياة بكثرة؛ فإذا أردنا إفراده قلنا "شجرة" فأضفنا التاء المقبوضة للفظ الجمع؛
وتقرأ بطريقتين:
بالتاء عند تحريكها واستمرار القراءة،
وبالهاء عند الوقوف وتسكينها.
وفي لوحة مفاتيح معاني الحروف الهجائية نجد أن:
استعمال التاء: للتراجع
فإذا تراجع الجمع انفرد كل واحد لوحده
والتراجع حركة فناسب قراءة التاء المربوطة تاء عند تحريكها.
ونجد استعمال الهاء: للانتهاء.
وإذا انتهى الجمع أصبح كل فرد لوحده
والانتهاء سكون؛ فناسب قراءة التاء المقبوضة هاء عند تسكينها والوقف عليها.
وهذا من أعظم خصائص هندسة الحروف في اللغة؛ فانظر كيف جمعت صورة واحدة لنطقين مختلفين، لحالين مختلفين، لأداء نتيجة واحدة.
أما تاء الجمع فقد أشرت إلى فتحها في موضعين:
وأما بسط التاء في كل جمع مؤنث سالم؛ فلأن الفرد قد يختفي أثره بين الجمع، أو تذهب خصوصيته بانتمائه له، أما الجمع فيبقى لكثرته معلومًا مكشوفًا لا يُخفى بغيره .... والله تعالى أعلم. رقم (14)
[=أبو مسلم العرابلي;251759] ومن حق الجمع أن تبسط تاؤه؛ لأنه ظاهر لا يخفى بغيره، خلاف المفرد الذي يخفى بين الجمع من أقرانه رقم (17)(/)
رسالة من الشيخ حمد بن عتيق إلى الشيخ صديق خان رحمهما الله بخصوص تفسيره فتح البيان
ـ[محمد براء]ــــــــ[22 Aug 2008, 01:41 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
من حمد بن عتيق، إلى الإمام المعظم، والشريف المقدم محمد، الملقب: صديق، زاده الله من التحقيق ; وأجاره في ماله من عذاب الحريق، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: وصل إلينا التفسير فرأينا أمرا عجيبا، ما كنا نظن أن الزمان يسمح بمثله، في عصرنا وما قرب منه، لما في التفاسير التي تصل إلينا من التحريف، والخروج عن طريقة الاستقامة، وحمل كتاب الله على غير مراد الله، وركوب التعاسيف في حمله على المذاهب الباطلة، وجعله آلة لذلك.
فلما نظرنا في ذلك التفسير، تبين لنا حسن قصد منشئه، وسلامة عقيدته، وبعده عن تعمد مذهب غير ما عليه السلف الكرام، فعلمنا أن ذلك من قبيل قوله: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً} [سورة الكهف آية: 65]، والحمد لله رب العالمين.
وهذا التفسير العظيم وصل إلينا في شعبان، سنة سبع وتسعين ومائتين وألف، فنظرت فيه في هذا الشهر، وفي شوال، فتجهز الناس للحج، ولم أتمكن إلا من مطالعة بعضه، ومع ذلك وقفت فيه على مواضع تحتاج إلى تحقيق، وظننت أن لذلك سببين.
أحدهما: أنه لم يحصل منكم إمعان نظر، في هذا الكتاب بعد تمامه، والغالب على من صنف الكتاب كثرة ترداده، وإبقاؤه في يده سنين يبديه ويعيده، ويمحو ويثبت، ويبدل العبارات، حتى يغلب على ظنه الصحة، ولعل الأصحاب عاجلوك بتلقيه قبل ذلك.
والثاني: أن ظاهر الصنيع، أنك أحسنت الظن ببعض المتكلمين، وأخذت من عباراتهم، بعضا بلفظه، وبعضا بمعناه، فدخل عليك شيء من ذلك، لم تمعن النظر فيها ; ولهم عبارات مزخرفة تتضمن الداء العضال، وما دخل عليك من ذلك مغفور إن شاء الله، بحسن القصد واعتماد الحق، وتحري الصدق والعدل، وهو قليل بالنسبة إلى ما وقع فيه كثير ممن صنف في التفسير وغيره، وإذا نظر السني المنصف، في كثير من التفاسير، وشروح الحديث، وجد ما قلته وما هو أكفر منه.
وقد سلكتم في هذا التفسير في مواضع منه، مسلك أهل التأويل، مع أنه قد وصل إلينا لكم رسالة في ذم التأويل مختصرة، وهي كافية ومطلعة على أن ما وقع في التفسير صدر من غير تأمل، وأنه من ذلك القبيل، وكذلك في التفسير من مخالفة أهل التأويل ما يدل على ذلك.
وأنا اجتريت عليك، وإن كان مثلي لا ينبغي له ذلك ; لأنه غلب على ظني إصغاؤك إلى التنبيه، ولأن من أخلاق أئمة الدين قبول التنبيه والمذاكرة، وذم الكبر، وإن كان القائل غير أهل ; ولأنه بلغني عن بعض من اجتمع بك، أنك تحب الاجتماع بأهل العلم، وتحرص على ذلك، وتقبل العلم، ولو ممن هو دونك بكثير، فرجوت أن ذلك عنوان التوفيق ; جعلك الله كذلك وخيرا من ذلك.
واعلم أرشدك الله أن الذي جرينا عليه، أنه إذا وصل إلينا شيء من المصنفات في التفسير، وشرح الحديث، اختبرنا واعتبرنا معتقده في العلو والصفات والأفعال، فوجدنا الغالب على كثير من المتأخرين أو أكثرهم مذهب الأشاعرة الذي حاصله نفي العلو، وتأويل الآيات في هذا
الباب، بالتأويلات الموروثة عن بشر المريسي وأضرابه من أهل البدع والضلال ; ومن نظر في شرح البخاري ومسلم ونحوهما، وجد ذلك فيها.
وأما ما صنفوا في الأصول والعقائد، فالأمر فيه ظاهر لذوي الألباب ; فمن رزقه الله بصيرة ونورا، وأمعن النظر فيما قالوه، وعرضه على ما جاء عن الله ورسوله، وما عليه أهل السنة المحضة، تبين له المنافاة بينهما، وعرف ذلك كما يعرف الفرق بين الليل والنهار؛ فأعرض عما قالوه، وأقبل على الكتاب والسنة، وما عليه سلف الأمة وأئمتها، ففيه الشفاء والمقنع ; وبعض المصنفين يذكر ما عليه السلف، وما عليه المتكلمون، ويختاره ويقرره. فلما اعتبرنا هذا التفسير، وجدناك وافقتهم في ذكر المذهبين ; وخالفتهم في اختيار ما عليه السلف تقرره، وليتك اقتصرت على ذلك، ولم تكبر حجم هذا الكتاب بمذهب أهل البدع، فإنه لا خير في أكثره.
وقد يكون لكم من القصد، نظير ما بلغني عن الشوكاني رحمه الله، لما قيل له: لأي شيء تذكر كلام الزيدية، في هذا الشرح؟ قال ما معناه: لا آمن الإعراض عن الكتاب، ورجوت أن ذكر ذلك أدعى إلى قبوله وتلقيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد قيض الله لكتب أهل السنة المحضة من يتلقاها، ويعتني بها، ويظهرها مع ما فيها من الرد على أهل البدع وعيبهم، وتكفير بعض دعاتهم وغلاتهم، فإن الله ضمن لهذا الدين أن يظهره على الدين كله.
والمقصود: أن في هذا التفسير مواضع تحتاج إلى تحقيق، ونذكر لك بعض ذلك.
فمنه: أني نظرت في الكلام على آيات الاستواء، فرأيتك أطلت الكلام في بعض المواضع، بذكر كلام المبتدعة النفاة، كما تقدم.
ومنه: أن في الكلام بعض تعارض، كقولكم في آية يونس: وظاهر الآية يدل على أنه سبحانه إنما استوى على العرش بعد خلق السماوات والأرض; لأن كلمة ثم للتراخي; ثم قلتم في سورة الرعد، وثم هنا لمجرد العطف لا للترتيب، لأن الاستواء عليه غير مرتب على رفع السماوات ; وكذلك قلتم في سورة السجدة: وليست ثم للترتيب، بل بمعنى الواو.
فالنظر في هذا من وجهين; أحدهما: أن ظاهره التعارض; الثاني: أن القول بأن ثم لمجرد العطف لا للترتيب في هذه الآيات، إنما يقوله من فسر الاستواء بالقهر والغلبة، وعدم الترتيب ظاهر على قولهم.
وأما السلف وأئمة السنة وأهل التحقيق، فقد جعلوا اطراد الآيات في جميع المواضع، دليلا على ثبوت الترتيب; وردوا به على نفاة الاستواء، وأبطلوا به تأويلاتهم، كما هو معروف مقرر في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره; فانظر من أين دخلت عليك هذه العبارات، وقد رأيت للرازي عبارة في التفسير تفهم ذلك، فلعلك بنيت على قوله. وهذا الرجل وإن كان يلقب بالفخر، فله كلام في العقائد قد زل فيه زلة عظيمة، وآخر أمره الحيرة ; نرجو أنه تاب من ذلك، ومات على السنة، فلا تغتر بأمثال هؤلاء.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: في المحصل، وسائر كتب الكلام المختلف أهلها، مثل كتب الرازي وأمثاله، وكتب المعتزلة والشيعة والفلاسفة ; ونحو هؤلاء، لا يوجد فيها ما بعث الله به رسله، في أصول الدين، بل وجد فيها حق ملبوس بباطل، انتهى من منهاج السنة.
قال: وقد قال بعض العلماء في المحصل:
محصل في أصول الدين حاصله ... أصل الضلالات والشرك المبين وما
من بعد تحصيله جهل بلا دين ... فيه فأكثره وحي الشياطين
وهذا من أجل كتبه، فكيف تسمح نفس عاقل أن يعتمد على قول مثل هؤلاء؟!.
ومن ذلك أنكم قلتم في سورة يونس أيضا: استوى على العرش، استواء يليق به، وهذه طريقة السلف المفوضين، وقد تقدس الديان عن المكان، والمعبود عن الحدود، انتهى.
فإن كان المراد بالتفويض ما يقوله بعض النفاة، وينسبونه إلى السلف; وهو أنهم يمرون الألفاظ ويؤمنون بها، من غير أن يعتقدوا لها معان تليق بالله; أو أنهم لا يعرفون معانيها، فهذا كذب على السلف من النفاة.
وإذا قال السلف: أمروها كما جاءت بلا كيف، فإنما نفوا حقيقة الصفة ; ولو كانوا قد آمنوا باللفظ المجرد، من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله، لما قالوا: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول ; وأمروها كما جاءت بلا كيف، فإن الاستواء لا يكون حينئذ معلوما، بل مجهولا بمنْزلة حروف المعجم.
وأيضا فإنه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم من اللفظ معنى ; وإنما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا ثبتت الصفات ; هذا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولا نشك أن هذا اعتقادك ; ولكن المراد: أنه دخل عليك بعض الألفاظ من كلام أهل البدع، لم تتصور مرادهم، فانتبه لمثل ذلك.
وأما قول القائل: يتقدس الديان عن المكان، فهذا لم ينطق السلف فيه بنفي ولا إثبات، وهو من عبارات المتكلمين، ومرادهم به نفي علو الله على خلقه ; لأن لفظ المكان فيه إجمال يحتمل الحق والباطل، كلفظ الجهة ونحوه، والكلام في ذلك معروف في كتب شيخ الإسلام وابن القيم، فارجع إلى ذلك تجده، ولا نطيل به.
وحسب العبد الاقتصار في هذا الباب على ما ورد في الكتاب والسنة، كما قال الإمام أحمد: لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، لا يتجاوز القرآن والحديث.
ومن ذلك ما ذكرتم، عند قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [سورة البقرة آية: 29] وقد قيل: إن خلق جرم الأرض متقدم على السماء، ودحوها متأخر، وقد ذكر هذا جماعة من أهل العلم، وهذا جمع جيد يجب المصير إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي حم السجدة، الجواب: أن الخلق ليس عبارة عن الإيجاد والتكوين فقط، بل عبارة عن التقدير أيضا ; والمعنى: قضى أن يحدث الأرض في يومين، بعد إحداث السماء ; والجواب المشهور: أنه خلق الأرض أولا، ثم خلق السماء بعدها، ثم دحا الأرض ومدها ; والأول أولى، ففي هذا نوع تعارض.
ومن ذلك قولكم في الكلام على البسملة: والرحمة إرادة الخير والإحسان لأهله ; وقيل: ترك عقوبة من يستحق العقاب، وإسداء الخير والإحسان إلى من لا يستحقه، فهو على الأول صفة ذات ; وعلى الثاني صفة فعل، انتهى.
وهذا هو التأويل المعروف عن بعض أهل البدع، يردون هذه الصفات إلى الإرادة، فرارا مما فهموه، حيث قالوا: إن الرحمة رقة في القلب لا يصلح نسبتها إلى الله تعالى ; فقال لهم أهل السنة: هذه رحمة المخلوق، ورحمة الرب تليق بجلاله، لا يعلم كيف هي إلا هو.
ويلزمهم في الإرادة نظير ما فروا منه في الرحمة ; فإن الإرادة هي ميل القلب، فإما أن تثبت إرادة تليق بالرب تعالى، وهو الحق في جميع الصفات، وإما أن تقابل بالتأويل وهو الباطل؛ والآفة دخلت على النفاة، من جهة أنهم لم يفهموا من صفات الرب إلا ما يليق بالمخلوق، فذهبوا لينفوا ذلك، ويقابلوه بالتأويلات.
قال شيخ الإسلام: إنهم شبهوا أولا فعطلوا آخرا، وأهل السنة والجماعة أثبتوا لله جميع الصفات على ما يليق بجلاله، ونفوا عنه مشابهة المخلوقين، فسلموا من التشبيه والتعطيل. ومن ذلك: أنكم أكثرتم في هذا التفسير من حمل بعض الآيات على المجاز وأنواعه، وقد علمتم أن تقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز، حدث بعد القرون المفضلة، ولم يتكلم الرب به ولا رسوله، ولا أصحابه ولا التابعون لهم بإحسان.
والذي تكلم به من أهل اللغة، يقول في بعض الآيات: وهذا من مجاز اللغة ; ومراده: أن هذا مما يجوز في اللغة، لم يرد هذا التقسيم الحادث، ولا خطر بباله، لا سيما وقد قالوا: إن المجاز يصح نفيه، فكيف يليق حمل الآيات القرآنية على مثل ذلك؟!.
وقد أتى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب الإيمان الكبير، بما كفى وشفى، وذكر الآيات التي استدلوا بها، وبعض الأمثلة التي ذكروها ; وأجاب عن ذلك بما إذا طالعه المنصف، عرف الصواب.
ومن قواعده: أن المجاز لا يدخل في النصوص، ولا يهولنك إطباق المتأخرين عليه، فإنهم قد أطبقوا على ما هو شر منه، والعاقل يعرف الرجال بالحق، لا الحق بالرجال.
ومن عرف غربة الإسلام والسنة، لم يغتر بأقوال الناس وإن كثرت ; والله يقول: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [سورة الأنعام آية: 116] الآية، ومن أبلغ الناس بحثا في المعاني، الزمخشري، وله في تفسيره مواضع حسنة.
ولكنه معروف بالاعتزال ونفي الصفات، والتكلف في التأويلات الفاسدة، والحكم على الله بالشريعة الباطلة، مع ما هو عليه من مسبة السلف وذمهم، والتنقص بهم، وفي تفسيره عقارب لا يعرفها إلا الخواص من أهل السنة.
وقد قال فيه بعض العلماء:
ولكنه فيه مقال لقائل ... وزلات سوء قد أخذن المخانقا
ويسهب في المعنى القليل إشارة ... بتكثير ألفاظ تسمى الشقاشقا
ويقول فيها الله ما ليس قائلا ... وكان مجافي الخطابة وامقا
ويشتم أعلام الأئمة ضلة ... ولا سيما إن أولجوه المضائقا
لئن لم تداركه من الله رحمة ... لسوف يرى للكافرين مرافقا
والمقصود: أن الاعتماد على أقوال مثل هؤلاء، لا يليق بالمحقق، لا سيما فيما يتعلق بمعرفة الله وتوحيده، وأنت ترى مثل محمد بن جرير الطبري رحمه الله، وأقرانه ومن قبله، ومن يقربه في أزمانه لم يعرج على هذه الأمور، وكذلك المحققون من المتأخرين كابن كثير ونحوه، وكما هو المأثور عن السلف رحمهم الله، وما استنبطوا منه. فنسأل الله تعالى أن يلحقنا بآثار الموحدين، وأن يحشرنا في زمرة أهل السنة والجماعة بمنه وكرمه، والله أعلم
الدرر السنية من الأجوبة النجدية (13/ 23 - 33)
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=11664
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[23 Aug 2008, 10:54 ص]ـ
قرات الرسالة وعلمت ما فيها وطريقة صاحبها معروفة مالوفة لا اريد الحديث عنها لكن يا ابا الحسنات الدمشقي هل تتكرم فتريني من كتب الاشاعرة اين قالوا انهم انكروا علو الله تعالى كما هو مسطور فيما جلبت من الرسالة
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو بقيت الرسالة حبيسة الادراج ما سالتك عنها لكن كونك ذكرتها دون تعقيب معناه انك تصدق كل ما فيها فاين هذا المسؤول عنه في كتب الاشاعرة لو تكرمت
ـ[محمد براء]ــــــــ[30 Nov 2008, 11:50 ص]ـ
عذرا لم أر تعليقك إلا الآن وأنا أتصفح في مواضيعي السابقة.
أما عن إنكار الأشاعرة - والكلام هنا عن متأخريهم أي بعد أبي المعالي الجويني - لعلو الله تبارك وتعالى فهذا أمر أشهر من أن يحتاج إلى دليل ونقل عنهم، والكلام هنا عن علو الله بذاته على العرش، وليس عن علو القهر وعلو الشان، وهذا ما يسميه الأشاعرة بالجهة ويجعلون مثبته مجسماً خبيثاً.
لذلك فإن الإمام ابن السبكي رحمه الله لما ذكر رد ابن جهبل على الفتوى الحموية لشيخ الإسلام ابن تيمية قال في الطبقات الكبرى (9/ 35): " ووقفت له على تصنيف صنفه في نفي الجهة ردا على ابن تيمية لا بأس به " ومعنى رد الجهة هنا: العلو، لأن ابن تيمية لم يكن بحثه إلا في إثبات العلو الذي يسمونه بالجهة تنفيراً للعوام وتضليلاً للخلق.
وانظر في رد السبكي الأب على ابن القيم لترى عبارات صريحة في إنكار العلو.
وهذا كما قلت لك أشهر من أن يحتاج إلى دليل، وحسبك قولهم: إن الله لا داخل العالم ولا خارجه وليس بمتصل ولا منفصل عن العالم ... إلخ .. .
ولهذا قال في العقيدة الصلاحية:
فقد غلا وزاد في الغلو - من خصه بجهة العلو
ولا أحسب أن من قدم لكتاب غايته إثبات التجسيم عند ابن تيمية إلا موافقاً لنفاة العلو في مذهبهم هذ ا، لأن هذا عندهم هو محض التجسيم كما ذكرت.
واعلم أن إثبات الأشاعرة لعلو القهر والشان دون العلو والفوقية على العرش، فيه إنقاص لمعنى هذه الصفة وجناية عليها، قال ابن القيم في النونية:
والفوق وصف ثابت بالذات من ... كل الوجوه لفاطر الأكوان
لكن نفاة الفوق ما وافوا به ... جحدوا كمال الفوق للديان
بل فسروه بأن قدر الله أعـ ... لى لا بفوق الذات للرحمن
قالوا وهذا مثل قول الناس في ... ذهب يرى من خالص العقبان
هو فوق جنس الفضة البيضاء لا ... بالذات بل في مقتضى الأثمان
والفوق أنواع ثلاث كلها ... لله ثابتة بلا نكران
هذا الذي قالوا وفوق القهر وال ... فوقية العليا على الأكوان
ناهيك عن ردهم للأدلة الكثيرة المثبتة لذلك من الفطرة والعقل والكتاب والسنة وتجدها في كتاب العلو لابن قدامة والعلو للذهبي واجتماع الجيوش لابن القيم والنونية له حتى قال بعض الشافعية: " إنها تفوق الألف دليل ".
لكن الأمر كما قال ابن القيم:
أم كيف يشعر تائه بمصابه ... والقلب قد جعلت له قفلان
قفل من الجهل المركب فوقه ... قفل التعصب كيف ينفتحان
ومفاتح الأقفال في يد من له ... التصريف سبحان العظيم الشان
فاسأله فتح القفل مجتهدا على الأسنان أن الفتح بالأسنان(/)
الشيخ غالب المزروع في الجوف
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[22 Aug 2008, 02:33 ص]ـ
ضمن برامج دورة المهارة في جامع الأمارة، والتي تنظمها الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الجوف، سيعقد لقاء
لفضيلة الشيخ / غالب بن محمد المزروع
الحاصل على الإجازة العالمية العالية في القراءات العشر الصغرى والكبرى،
مع الطلاب المشاركين في الدورة، وذلك بعنوان:
(رحلتي مع القرآن)
بعد صلاة عصر يوم الجمعة 21/ 8/1429هـ، في جامع الأمارة.
كن أحد المهرة ... لترافق الكرام البررة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[22 Aug 2008, 04:17 م]ـ
وفق الله الشيخ غالب المزروع لكل خير ونفع به أينما حل. وأشكركم يا أبا عمار على جهودكم العلمي والدعوية في الجوف جعلكم الله منارة خير وهدى.
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[22 Aug 2008, 11:08 م]ـ
وفق الله أخانا وشيخنا الشيخ غالب لكل خير.
وشكرا لمن يساهم في تنظيم هذه اللقاءات والمحاضرات النافعة.
ـ[غالب بن محمد المزروع]ــــــــ[25 Aug 2008, 07:13 ص]ـ
شكر الله لكل من الشيخين الفاضلين:
أخي المشرف العام على هذا الملتقى المبارك، وكذلك أخي ضيف الله على اهتمامهما، ودعائهما ...
كما لا يفوتني أن أشكر من له الفضل بعد الله، وهو أخي الشيخ أحمد الفالح -وفقه الله لما يحبه ويرضاه-
المشرف العام على هذه الدورة المباركة، وإمام جامع الإمارة، لما لقيته من حسن الحفاوة والترحيب،
وذلك من باب قوله عليه الصلاة والسلام: (لايشكر الله من لا يشكر الناس)
كما إنني -بحمد الله- سعدت كثيرًا بما شاهدته إبّان تشرفي بزيارتي لمنسوبي هذه الدورة التي ألفيتها اسمًا على مسمى
فقد تم التركيز على تخريج المهرة، (لا الحفظة غير المهرة)؛ وهو: التركيز في المخرجات على (الكيف) لا الكم ...
فما الفائدة من تخريج عدد كبيرٍ من الحفظة، وحفظهم على أساس غير سليم!!
وذلك من باب قوله عليه الصلاة والسلام: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة) ... الحديث
وليس ذلك بمستغرب؛ إذا علمنا أن القائم على هذه الدورة من أهل القرآن -جعلنا الله جميعًا منهم-
فقد أثلج صدري -والله- المستوى والإهتمام والتركيز على الإتقان والمهارة فيما يخص الطلاب المنتسبين لها،
ابتداءً بجلب المدرسين الأكفاء، بحيث يتم الحرص على الترتيل عمومًا،
والتجويد جزءٌ منه كما لايخفى، وهذا هو المطلوب،
إضافة لتشجيع الطلاب بالحوافز والجوائز، مع اختيار ومراعاة الوقت المناسب لهم
وغير ذلك كثير، ومازالت الدورة في بداياتها،
وننتظر من أخينا أبي عمار أن يبشرنا في الختام بالنتائج الطيبة إن شاء الله، وذلك بعد قطف الثمر ...
والله الموفق، والهادي إلى سواء السبيل ...
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[25 Aug 2008, 06:18 م]ـ
شكر الله لكم جميعاً مداخلاتكم ومشاركاتكم، ولقد كان لزيارة أخينا الشيخ غالب الأثر الواضح على أبنائنا الطلاب، أسأل الله أن لا يحرمه الأجر ....(/)
أمثال القرآن (رياض أدهمي)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[22 Aug 2008, 09:04 م]ـ
أمثال القرآن
أ. رياض أدهمي
المصدر: مجلة الرشاد ( http://www.alrashad.org/abhath/Adhami-Amthal-Quran.htm)
درج علماء اللغة و التفسير عند الحديث عن أمثال القرآن على اعتبار المعنى المراد من الأمثال محصوراً في الصورة الإجمالية المرسومة بالمثل , و أن العبرة تكمن في مطابقة حال من يضرب لهم المثل للصورة الإجمالية الكلية للتشبيه أو المثل. و يذهب علماء اللغة و التفسير إلى أبعد من مجرد تقرير القاعدة فيؤكدون أن أجزاء المثل و عناصر صورته ليست مقصودة و لا معتبرة في تعيين المعنى و استنباط الحِكَم و العِبَر.
و قد صرح الإمام الزمخشري في الكشاف عند شرح المثلين الأولين في سورة البقرة بهذه القاعدة فقال: و الصحيح الذي عليه علماء البيان لا يتخطونه أن التمثيلين جميعاً من جملة التمثيلات المركبة دون المفرقة , لا يتكلف الواحد واحد شيء يقدر شبهه به. و هو القول الفحل و المذهب الجزل. بيانه أن العرب تأخذ بأشياء فرادى , معزولاً بعضها من بعض , لم يأخذ هذا بحجزة ذاك فتشبهها بنظائرها , كما فعل امرؤ القيس و جاء في القرآن. و تشبه كيفية حاصلة من مجموع أشياء قد تضامت و تلاصقت حتى عادت شيئاً واحداً بأخرى مثلها. فأما أن يراد تشبيه الأفراد بالأفراد غير منوط بعضها ببعض و مصيره شيئاً واحداً , فلا.
و عند استعراض تفاسير القرآن و ما قرره المفسرون عند شرح أمثال القرآن نجد أن المفسرين قد التزموا بهذه القاعدة التي يقررها الإمام الزمخشري إلى حدٍ بعيد.
و قد لفت نظري عند تناول بعض أمثال القرآن بالشرح و التفصيل أن بعض العلماء المحدثين تناولوا بعض أمثال القرآن و عرضوا معانيها و دروسها بمنهج آخر لا يقف عند حدود الصورة الإجمالية بل يتجاوزها إلى أجزاء و تفاصيل صورة المثل ليستنتج من كل جزء من أجزاء المثل عبرة و حكمة أو معنىً تربوي أو أخلاقي معرضين في ذلك عن تقرير علماء اللغة و التفسير.
فقد شرح الأستاذ البهي الخولي في كتاب " تذكرة الدعاة " المثل القرآني " أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها. . . . . " و عقد مقارنات لطيفة بين عناصر المثل و جزئيات صورته و بين دلالاته التربوية و الأخلاقية و جاء في ذلك بالكثير من المعاني الطيبة التي ترتبط بشكل وثيق بالجزئيات و عناصر المثل ضمن مرجعية لغوية و قرآنية حديثية رصينة.
و كذلك شرح الدكتور عبد الله دراز في كتاب " النبأ العظيم " المثل القرآني في أول سورة البقرة " مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً " و المثل " أو كصيبٍ من السماء فيه ظلمات و رعد و برق " و جاء في شرحه لهذين المثلين بالمطرب المعجب من عجائب ارتباط جزئيات المثل و عناصر صورته بالعبر و الحكم التربوية و الأخلاقية , كل ذلك بمنهج رصين يستند إلى اللغة و يربط معاني الآيات بما يماثلها في آيات أخرى و أحاديث نبوية ترشح و تقوي ما ذهب إليه من دلالات المثل و عبره و دروسه.
و الناظر إلى ما قدمه الأستاذ البهي الخولي و الشيخ عبد الله دراز يرى طريقتهما في تناول الأمثال و بيان دلالاتها تفترق عن ما عرف بالتأويل أو التفسير الإشاري حيث يقفز صاحب التفسير الإشاري فوق ضوابط اللغة و دلالات الألفاظ و يتحدث عن مواجيد و أذواق و مشاعر من باب " الشيء بالشيء يذكر " و التي لا تصلح منهجاً جاداً لبيان معاني القرآن.
و هنا لا بد من طرح سؤال مهم يتعلق بمنهج النظر على أمثال القرآن:
هل هناك من مانع من اقتفاء أثر الشيخ الخولي و الدكتور دراز في شرح أمثال القرآن و استجلاء دلالاتها الأخلاقية و التربوية؟
وهل نستطيع القول أن ما قرره المفسرون و علماء البيان بشأن الأمثال هو كلام صحيح إذا تعلق بكلام الناس و أعمالهم الأدبية , أما القرآن الكريم فقد يكون من إعجازه و تفرده أن الأمثال فيه قد أحكمت و فصلت لتكون عناصر الأمثال و جزئيات صورها مقصودة و مناسبة لإستنباط المعاني و استخراج الدلالات؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد يكون من المفيد أن نذكر أن هذا التوجه في شرح و تناول أمثال القرآن قد مضى على تداوله أكثر من خمسين عاماً دون أن نسمع – على حد علمي – باعتراض على هذه المنهجية في الإستفادة من الجزئيات و التفاصيل. بل على العكس , فإن كثيراً من العلماء و الدعاة استعملوا هذا المنهج في شرح أمثال القرآن في كثير من المناسبات مستفيدين من معطيات علوم الطبيعة و النبات و الحيوان و غيرها , و جاؤوا في هذا بمعانٍ طيبة التي تلقاها الناس و العلماء بالثناء و القبول.
و قد وجدت من خلال محاولة فهم بعض أمثال القرآن أن مراعاة جزئيات و عناصر المثل تساهم في حل بعض الإشكالات التي تورط فيها بعض المفسرين و أطالوا في الإعتذار عن هجنة ما ذهبوا إليه بما لا يشفي الغليل.
و نجد ذلك التوجه أوضح ما يكون في شرح المثل القرآني: و مثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاءً , صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون.
فقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن المثل يمثل حال النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه للمشركين و إعراضهم عن دعوته بحال من ينعق ببهائم لا تفهم و لا تعقل. و قد استشكلت وصف كلام النبي الكريم بأنه ينعق فليس في هذه العبارة ما نرضاه من الأدب الواجب في حق النبي صلى الله عليه وسلم. و قد أطال المعتذرون عن إثبات هذا المعنى وهم يشعرون أنه غير لائق بمقام النبوة و لم يزيدوا على تكرار ما ذهبوا إليه من أن المثل هو صورة إجمالية و أن أجزاء الصورة و أفراد مكوناتها غير مقصودة.
و قريب من هذا الشرح الذي يتضمن إشكالاً يند عن الأدب الواجب شرح أكثر المفسرين للمثل الأول في سورة البقرة: مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً. حيث أثبتوا أن مستوقد النار هو المنافق.
و قد قدم الدكتور عبد الله دراز كلاماً لطيفاً متوجهاً في شرح المثل و جاء بما يزيل الإشكال و يقدم صورة متوازنة.
و في كلا المثلين وجدت أن العناية بتناسق معنى أجزاء المثل و مفردات صورته مع حال من يضرب لهم المثل أعانت على كشف كثير من المعاني و الحكم و العبر التي لم تكن ممكنة مع تجاهل هذا التوجه في دراسة الأمثال. و أعانت كذلك على التخلص من الإشكالات و ما وقع فيه المفسرون من إثبات معانٍ غريبة مستهجنة.
فالمطلوب هو عمل باتجاهين:
1 – تحقيق منهجية شرح الأمثال و وضع ضوابط تنأى بالشرح عن الرمز و الإشارة
2 – النظر في أمثال القرآن و تناولها بالشرح و التفصيل ضمن ما تأصل من منهجية تعتمد ضوابط اللغة و النقل و مرجعية النصوص من القرآن و الحديث.
و لعل هذا التوجه يفتح من أبواب الفهم لكتاب الله و إثبات تفرد أمثال القرآن بخاصية لا تشاركها فيها أمثال الناس و كلام الفصحاء و البلغاء. و في هذا فتح لباب من أبواب الإعجاز القرآني الذي ادخره الله تعالى لمن يبذل فيه الجهد و الدأب و الروية.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[25 Aug 2008, 11:45 ص]ـ
أمثال القرآن
أ. رياض أدهمي
المصدر: مجلة الرشاد ( http://www.alrashad.org/abhath/Adhami-Amthal-Quran.htm)
.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
اسمح لي أخي الفاضل محمد بن جماعة، سأعلق على الموضوع الذي نقلته.
نشرت مجلة الرشد مثل هذا البحيث.
أنا أيضا أريد أن أنشر هذا الكلام أقصد ما يلي، والله المستعان:
أنا كطالب علم علمني أساتذتي أن أغني المطلع على بحثي عن الاطلاع على غيره
ماذا يعني ذلك؟
يعني أن أدعم بحثي بالنقول التي لابد أن أنقلها،
والباحث هنا لم يدعم بحيثه القصير، بالأمثلة الضرورية،
والذي أقصده:
قال الباحث:
"و الناظر إلى ما قدمه الأستاذ البهي الخولي و الشيخ عبد الله دراز يرى طريقتهما في تناول الأمثال و بيان دلالاتها تفترق عن ما عرف بالتأويل أو التفسير الإشاري حيث يقفز صاحب التفسير الإشاري فوق ضوابط اللغة و دلالات الألفاظ و يتحدث عن مواجيد و أذواق و مشاعر من باب " الشيء بالشيء يذكر " و التي لا تصلح منهجاً جاداً لبيان معاني القرآن.
و هنا لا بد من طرح سؤال مهم يتعلق بمنهج النظر على أمثال القرآن:
هل هناك من مانع من اقتفاء أثر الشيخ الخولي و الدكتور دراز في شرح أمثال القرآن و استجلاء دلالاتها الأخلاقية و التربوية " أهـ
(يُتْبَعُ)
(/)
من هم الخولي والدراز، وأين المثال لماذا لم يمثل لما أشار إليه؟
نعمل بحوث نأخذ فيها زمنا طويلا ونراعي أساسيات البحوث العلمية فلا تنشر، فما بال مثل هذه البحوث تنشر؟ أمر عجيب، وانظروا ماذا يقول؟
يقول أن الخولي والدراز تفوقوا على أئمة التفسير!.
وبعد ذلك لم يبخل بالمثال حيث قال:
" فقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن المثل يمثل حال النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه للمشركين و إعراضهم عن دعوته بحال من ينعق ببهائم لا تفهم و لا تعقل. و قد استشكلت وصف كلام النبي الكريم بأنه ينعق فليس في هذه العبارة ما نرضاه من الأدب الواجب في حق النبي صلى الله عليه وسلم. و قد أطال المعتذرون عن إثبات هذا المعنى وهم يشعرون أنه غير لائق بمقام النبوة و لم يزيدوا على تكرار ما ذهبوا إليه من أن المثل هو صورة إجمالية و أن أجزاء الصورة و أفراد مكوناتها غير مقصودة"
ثم قال:
"و قد قدم الدكتور عبد الله دراز كلاماً لطيفاً متوجهاً في شرح المثل و جاء بما يزيل الإشكال و يقدم صورة متوازنة."
وأيضا بلا مثال. عجيب.
وقال:
" فقد ذهب أكثر المفسرين إلى أن المثل يمثل حال النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه للمشركين و إعراضهم عن دعوته بحال من ينعق ببهائم لا تفهم و لا تعقل. و قد استشكلت وصف كلام النبي الكريم بأنه ينعق فليس في هذه العبارة ما نرضاه من الأدب الواجب في حق النبي صلى الله عليه وسلم. و قد أطال المعتذرون عن إثبات هذا المعنى وهم يشعرون أنه غير لائق بمقام النبوة و لم يزيدوا على تكرار ما ذهبوا إليه من أن المثل هو صورة إجمالية و أن أجزاء الصورة و أفراد مكوناتها غير مقصودة " أهـ
ويا ترى أين اعتذر أهل التفسير؟
ما هذا الكلام المبتور؟
وقد ورد في لسان العرب:
"قال الشاعر يمدح رجلاً هو الرُّزْءُ المُبيّنُ لا كُباسٌ ثَقيل الرَّأْسِ يَنْعِق بالضَّئين."
ها هو يمدح الرجل، بقوله أنه ينعق.
إن القرآن الكريم نزل بلغة العرب أليس كذلك،
والمقصود من اللفظ ليس بيان حال الناعق، ولكن بيان حال من يتوجه إليهم النعيق
فالراعي في الغالب يصدر صوتا غير مفهوم للغنم فتفهم
فيقال للغنم
تك تك على سبيل المثال
وللدجاج
كش كش
وللحمير
حي حي.
قال تعالى:
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (النور:35)
الله سبحانه وتعالى مثل نوره كمشكاة، فما رأي الباحث الآن.
وقال الله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ} البقرة26
وما هو توجيه الباحث لهذا المثال؟
قال الشاعر:
فَانْعِقْ بِضَأْنِكَ يَا جَرِيرُ، فَإِنَّمَا ... مَنَّتْكَ نَفْسَكَ فِي الخَلاءِ ضَلالا
فالنعيق صوت الراعي الذي يصدره لسياسة غنمه.
ورد في لسان العرب:
" (نعق) النَّعِيقُ دعاء الراعي الشاء يقال انْعِقْ بضأْنك أَي ادْعُها قال الأخطل انْعِقْ بضَأْنك يا جَريرُ فإنَّما مَنِّتْكَ نفسُك في الخَلاء ضلالا ونَعَق الراعي بالغنم يَنْعِقُ بالكسر نَعْقاً ونُعاقاً ونَعِيقاً ونَعَقاناً صاح بها وزجرها يكون ذلك في الضأْن والمعز وأَنشد ابن بري لبشر ولم يَنْعِقْ بناحيةِ الرِّقاقِ ... " أهـ
ولكن لي رأي في تفسير الآية السابقة بالنظر إلى القرآن الكريم.
فقد قال تعالى قبل هذه الآية:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ} البقرة170
ثم قال تعالى:
{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} البقرة171
فهناك علاقة بين الآية الأولى والثانية،
وإذا تأملنا بعض ما ورد عن السلف في تفسير هذه الآية،
*عن ابن عباس في قوله:"كمثل الذي يَنعق بما لا يَسمع" قال، هو كمثل الشاة ونحو ذلك.
* عن مجاهد:"كمثل الذي ينعِق"، مثلٌ ضربه الله للكافر يسمع ما يقال له ولا يعقل، كمثل البهيمة تسمع النعيقَ ولا تعقل.
سنرى أن الناعق والمنعوق عليه كفار، فالآباء هم الناعق والأبناء هم المنعوق عليه، والغنم تطيع راعيها، وإن كانت لا تفهم ما يقول.
والله أعلى وأعلم وأحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[25 Aug 2008, 02:59 م]ـ
ملاحظاتك وجيهة، أخي أبا الأشبال. بارك الله فيك.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[28 Aug 2008, 04:13 م]ـ
وبارك الله فيك أخي الفاضل محمد(/)
التلاوة الجماعية
ـ[الأثري]ــــــــ[23 Aug 2008, 03:43 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن قراءة القرآن جماعة لها أربع صور:
الصور الأولى: أن يقرأ واحد والباقون يستمعون له، فهذه الصورة مستحبة لا تكره بغير خلاف، لما في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: اقرأ علي، قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: فإني أحب أن أسمعه من غيري، فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً، قال: أمسك فإذا عيناه تذرفان.
قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى 5/ 345: وأما قراءة واحد والباقون يستمعون له فلا يكره بغير خلاف وهي مستحبة، وهي التي كان الصحابة يفعلونها كأبي موسى وغيره.
الصور الثانية: أن يقرأ قارئ ثم يقطع ثم يعيد غيره ما قرأ الأول لأجل مدارسة القرآن، فهذه الصورة مستحبة باتفاق الفقهاء لأن جبريل كان يدارس النبي صلى الله عليه وسلم برمضان يعرض كل منهما على الآخر. قال الحافظ في الفتح: يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، هذا عكس ما وقع في الترجمة لأن فيها أن جبريل كان يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعرض على جبريل وتقدم في بدء الوحي، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فيحمل على أن كلا منهما كان يعرض على الآخر.
وقال في مطالب أولي النهى 1/ 598: وأما لو أعاد ما قرأه الأول وهكذا فلا يكره؛ لأن جبريل كان يدارس النبي صلى الله عليه وسلم القرآن برمضان وهذا ما قرره البهوتي رحمه الله في كشاف القناع انظر 1/ 433.
وقال الخرشي في شرحه على مختصر خليل 1/ 353: كما لا نكره المدارسة بالمعنى الذي كان يدارس به جبريل النبي صلى الله عليه وسلم برمضان من قراءته وإعادة النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى
الصورة الثالثة: أن يقرأ قارئ ثم يقطع ثم يقرأ غيره بما بعد قراءته، فذهب جمهور أهل العلم إلى أن ذلك حسن لا يكره، وذهب الحنابلة إلى كراهة تلك الصورة، قال ابن مفلح في الفروع 1/ 554: وكره أصحابنا قراءة الإدارة، وقال حرب: حسنة، وحكاه شيخنا -أي ابن تيمية رحمه الله- عن أكثر العلماء.
والراجح في هذه الصورة أنها لا تكره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده. رواه مسلم وأبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وإذا اتفق الحنابلة مع الجمهور على استحباب الصورة الأولى فلا وجه للكراهة هنا .. إذ لا فرق بين أن يعيد القارئ ما قرأ الأول أو أن يقرأ من حيث ما وقف الأول.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى 5/ 345: وقراءة الإدارة حسنة عند أكثر العلماء.
وقال الإمام النووي في التبيان: فصل في الإدارة بالقرآن وهو أن يجتمع جماعة يقرأ بعضهم عشراً أو جزءاً أو غير ذلك ثم يسكت ويقرأ الآخر من حيث انتهى الأول، ثم يقرأ الآخر وهكذا، وهذا جائز حسن. وقد سئل مالك رحمه الله تعالى عنه فقال: لا بأس به. انتهى
الصورة الرابعة: أن يقرأ الكل مجتمعين بصوت واحد.
فمذهب الحنابلة والشافعية استحباب ذلك وهو القول الثاني عند الأحناف، قال البهوتي رحمه الله في شرح منتهى الإرادات 1/ 256: ولا تكره قراءة جماعة بصوت واحد.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى 5/ 345: وقراءة الإدارة حسنة عند أكثر العلماء ومن قراءة الإدارة قراءتهم مجتمعين بصوت واحد، وللمالكية قولان في كراهتها. انتهى
وقال محمد بن محمد الخادمي في بريقه محمودية: وكره أن يقرأ القرآن جماعة لأن فيه ترك الاستماع والإنصات المأمور بها، وقيل لا بأس به ولا بأس باجتماعهم على قراءة الإخلاص جهراً عند ختم القرآن، والأولى أن يقرأ واحد ويستمع الباقون. انظر 3/ 270
القول الثاني: كراهة قراءة الجماعة معاً بصوت واحد لتضمنها ترك الاستماع والإنصات، وللزوم تخليط بعضهم على بعض، وهو المعتمد عند الحنفية والمالكية.
قال صاحب غنية المتملي: يكره للقوم أن يقرءوا القرآن جملة لتضمنها ترك الاستماع والإنصات وقيل: لا بأس به.
وقد أثبت المالكية القول بالكراهة في كتبهم وشنعوا على القائلين بالجواز بلا كراهة، وقد عقد ابن الحاج رحمه الله فصلاً في المدخل 1/ 94 وما بعدها رد فيه على الإمام النووي رحمه الله، وما نقله من أدلة وآثار عن السلف فليراجع.
وقال الطرطوشي في الحوادث والبدع: لم يختلف قوله -يعني الإمام مالكاً - أنهم إذا قرؤوا جماعة في سورة واحدة أنه مكروه.
ونقل عن مالك كراهة القراءة بالإدارة وقوله: وهذا لم يكن من عمل الناس.
وقال أبو الوليد ابن رشد: إنما كرهه مالك للمجاراة في حفظه والمباهاة والتقدم فيه. انتهى
ولهذا ينبغي ترك هذه الصورة الأخيرة، فإن الخير في اتباع من سلف، وحذراً من المجاراة والمباهاة واختلاط الأصوات وترك الإنصات.
المصدر
http://www.islamweb.net/ver2/Fatwa/ShowFatwa.php?lang=A&Id=27933&Option=FatwaId(/)
رمضان والقرآن
ـ[ناصر الربيعان]ــــــــ[24 Aug 2008, 11:33 م]ـ
كان رمضان عند السلف شيئاً آخر فيه يتلون آيات القرآن آناء الليل وأطراف النهار
ولازال جمع من الخلف فيهم خير كثير.
نرى اقبال الناس على القرآن في رمضان ولله الحمد والفضل فهذا شهر القرآن
قال الله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن)؛وكان جبريل يدارس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن.
يجب علينا أن نعتني بالقرآن قراءة وحفظاً و تفسيراً وتدبراً ونربي عليه ابنائنا
وطلابنا ولانجعل شيئاً يزاحم القرآن البتة من البرامج الفضائية والتلفازية.
من الوسائل المعينة على تدبر القرآن قراءة مختصر تفسير ولعل من أفضل
الكتب في ذلك (زبدة التفسير للأشقر)
قال تعالى (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً).
وأوصي الجميع بتقوى الله والحرص على استغلال العمر بطاعة ربنا.(/)
الدورة البازية الرابعة 1429هـ لحفظ القرآن الكريم ومراجعته في شهر رمضان بالرياض
ـ[أبوعبدالملك التميمي]ــــــــ[25 Aug 2008, 08:28 م]ـ
الدورة البازية الرابعة 1429هـ لحفظ القرآن الكريم ومراجعته والمقامة في جامع ابن باز في حي الغدير بالرياض
http://arb7.com/uploads/d6079f343b.jpg
في الفترة من 9/ 1 - 9/ 20
الدورة بمشاركة المقرئ
الشيخ/أحمد الميناوي
شيخ المقرئين بمحافضة المينا بمصر
والمقرئ بالقراءات العشر الكبرى
فروع الدورة/
الأول: القرآن كاملا
الثاني:15جزء
الثالث:10أجزاء
الرابع:5أجزاء
الخامس:3أجزاء
مميزات الدورة/
حلقة خاصة لتحسين التلاوة.
مدرسين أكفاء.
شهادات مجازة.
جوائز للمتميزين.
فترات الدورة/
الفترة الأولى: الفجر.
الفترة الثانية: العصر.
يبدأ التسجيل يوم الأربعاء 1429/ 8/26هـ
للاستفسار
0505509184
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[27 Aug 2008, 12:47 م]ـ
تم تغيير فترات الدورة ..
فأصبحت:
1 - بعد العصر
2 - بعد التراويح
وبالمناسبة فقد كان ضيف شرف الحفل الختامي للعام المنصرم فضيلة الشيخ د. عبدالرحمن الشهري ..
فما أسرع الأيام ..
ولكأني والله أنظر إلى ذاك الحفل الآن ..
اللهم بارك لنا فيما بقي من شعبان وبلغنا رمضان ..(/)
الدكتور عبد الرحمن الشهري في الجوف
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[26 Aug 2008, 01:38 ص]ـ
ضمن برامج دورة المهارة في جامع الأمارة، والتي تنظمها الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الجوف، سيعقد لقاء
لفضيلة الشيخ الدكتور / عبد الرحمن بن معاضة الشهري
أستاذ القرآن الكريم وعلومه المساعد بجامعة الملك سعود والمشرف العام على ملتقى أهل التفسير،
مع الطلاب المشاركين في الدورة، وذلك بعنوان:
(كيف نحيا بالقرآن)
بعد صلاة عصر يوم الجمعة 28/ 8/1429هـ، في جامع الأمارة.
كن أحد المهرة ... لترافق الكرام البررة
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[26 Aug 2008, 05:29 ص]ـ
وفقكم الله لكل خير ..
ـ[أبو العالية]ــــــــ[26 Aug 2008, 09:56 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ...
فتح الله على الشيخ، ووفقه لكل خير وسداد ورشاد.
ونفع الحضور به، فما أسعدهم تكتحل أعينهم بالشيخ.
ـ[السرخسي]ــــــــ[03 Sep 2008, 05:16 ص]ـ
جزاكم الله خير .. وأسأل الله ان ينفع بكم الإسلام والمسملين.(/)
ملتقى (لنبدأ بالقرآن) .... وانطلاقة: [مشروع الحياة من جديد]
ـ[إيمان]ــــــــ[26 Aug 2008, 10:28 م]ـ
تقيم مؤسسة آسية يوم الجمعة الموافق 28/ 8/ 1429 هـ حفل انطلاق حملة (مشروع الحياة من جديد) في نادي مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وهذه الحملة بحسب ما صرحت الدكتورة أسماء بنت راشد الرويشد تهدف إلى تحقيق العبودية المطلقة لله رب العالمين من خلال فهم القرآن وتطبيقه ونشر مفهوم (التدبر) وترسيخ قيمه والتعرف بوسائله، وتأصيل أهمية هذا المشروع في نفوس الناس وإيجاد القناعة باضطرارهم إليه، والتحفيز للتطبيق العملي الجاد لتوجيهات القرآن في حياتنا، وتيسير البدء به. كما تهدف إلى رصد تجارب ناجحة لتطبيق المشروع (أفراد-مؤسسات) لإعداد منهجية منظمة وواقعية للتطبيق تفيد المراحل القادمة للمشروع.
وحول طبيعة الحملة أكدت الدكتورة الرويشد بأنها مشروع لتدبر القرآن وتطبيقه علما وعملا وتتضمن دعوة للمشاركة في تفعيله وتطبيقه على أرض الواقع من خلال حملة إعلامية دعوية تشمل جميع مناطق المملكة على مسابقة كبرى لإصدار شريط صوتي يحتوي على مادة من تأليف الدكتورة الرويشد بعنوان (مشروع الحياة من جديد)، يتولى تقديمه مجموعة من المقدمين المعروفين والمتميزين، مدمج معها مشاركات صوتية خاصة بالإصدار من مشائخ معروفين باهتمامهم بهذا الأمر، وهم: فضيلة الشيخ الدكتور ناصر العمر، وفضيلة الدكتور عمر المقبل، وفضيلة الدكتور عبد الرحمن الشهري.
وفي إطار الحديث عن المسابقة، صرحت الرويشد بأن المسابقة موجهة لجميع فئات المجتمع وأن شريط المسابقة مع الأسئلة متوفر لدى جميع التسجيلات الإسلامية بمناطق المملكة، وأنه سيكون هناك أكثر من 200 جائزة قيمة من بينها رحلات عمرة تشمل تذكرة سفر طيران وإقامة بفنادق راقية بجوار الحرم.
الجدير بالذكر أن الحملة الإعلامية مع المشروع تبدأ من تاريخ 1 - رمضان وحتى 30 من ذي الحجة، على أن يكون توزيع الجوائز والاحتفاء بالفائزين في بداية شهر محرم، وسيخصص للحملة صفحة خاصة مرتبطة بموقع آسية الالكتروني.
ويمكن للراغبين في المزيد من الاستفسار التواصل مع مؤسسة آسية عن طريق العناوين التالية:
جوال الرجال:0567633414
جوال النساء:0567633413
موقع آسية الإلكتروني: www.asyeh.com
بريد المسابقة: hyatminjadid@hotmail.com
ص ب:355954 الرمز البريدي: الرياض 11383
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Aug 2008, 12:42 م]ـ
أسأل الله أن يبارك في هذا المشروع وأن ينفع به، ويسدد القائمين عليه.
ـ[أمل بنت حسن]ــــــــ[24 Sep 2008, 12:33 ص]ـ
آمين آمين آمين
مبادرة طيبة] [] [O°^°O] [] [من الجانب النسائي] [] [O°^°O] [] [،،
دعواتنا لكم بالتوفيق
ونحن ...
لنسأل أنفسنا ..
مامقدار الإستجابة للقرآن في واقعنا العملي؟
هل يمكن أن يغير القرآن حياتنا؟
هل يمكن أن نحيا حياتنا من جديد بالقرآن؟!!
هنا …
مشروع فكرته {أن نحيا بالقرآن .. بمعنى أن نبدأ به ..
في تغيير أنفسنا ..
في إصلاح قلوبنا ..
في زيادة إيماننا ..
الحملة تدعو لتوسيع مفهوم تدبر القرآن الكريم
وتطبيقه في جميع مجالات حياتنا العمليه والعلميه
لتجديد الصلة بالله ومن ثم الحياة كلها ..(/)
لا ينبغي لأحد من بعدي
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[27 Aug 2008, 11:45 ص]ـ
لا ينبغي لأحد من بعدي
بقلم: بسام جرار - مركز نون
جاء في الآية 35 من سورة ص:" قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحدٍ من بعدي إنك أنت الوهاب". قد يستشكل هذا الطلب عند البعض؛ فلماذا يطلب هذا النبي الكريم مُلكاً يُحرم الناس من مثله إلى يوم القيامة؟! والأليق بمقام النبوة أن يطلب الخير للناس في زمنه ومن بعده. من هنا نرى أنّ ما طلبه هو أمر يعلم سليمان أنّ الله تعالى قضى أن لا يكون بعد زمنه عليه السلام.
عندما يولد الطفل يكون أشد ما يكون حاجة إلى رعاية الأهل، وكلما كبر قلّت حاجته إلى الرعاية والمساعدة والتلقين، حتى يبلغ رشده فيعتمد على نفسه. والإنسان في بداية نشأته يشبه الطفل في حاجته للتعليم والرعاية والدعم والمساعدة. وتبدأ قصة الإنسان بخلق آدم وزوجه وتعليمه الأسماء، كما نص القرآن الكريم. وتاريخ البشرية يشير إلى تواتر الوحي لتعليم الإنسان والأخذ بيده لإرشاده وتصويب مسيرته إلى أن بلغ رشده فختمت النبوات، فقد أصبح الإنسان قادراً على الاستمرار في خلافته في الأرض بإرشاد وهداية الرسالة الخاتمة.
لم تكن المساعدة مقتصرة على التعاليم الدينية، بل تعدتها إلى الأمور الحياتية، نظراً لحاجة الإنسان إلى هذه الدفعات التي تعينه وتسرع نضجه وتعرفه بواقعه، لأنّ هدايته عن طريق العقل في أصل خلقه أقوى من هدايته عن طريق الفطرة، على خلاف عالم الحيوان؛ فكيف يستطيع آدم، مثلاً أن يُميز بين الأسد والحصان، فيأخذ حذره من الأسد والنمر والأفعى .... ويأنس بالحصان والجمل .. الخ. وإذا كان الأمر يحتاج إلى تجربة فإنّ الثمن عندها سيكون مكلفاً في بداية عمر هذا الخليفة المكرم. وكيف لآدم وحواء، عليهما السلام، أن يعلما ضرورة ربط الحبل السري بعد قطعه وحاجة طفلهما الأول لألوان الرعاية والعناية ... فإذا كان ذلك يتم من خلال التجربة والخطأ فإن ذلك سيكون مكلفاً جداً.
عندما قتل أحد ابني آدم أخاه لم يدرك الحاجة إلى دفنه فما الذي حصل؟! انظر الآية 31 من سورة المائدة:" فبعث الله غُراباً يبحثُ في الأرض لِيُرِيَهُ كيف يواري سَوْءَةَ أخيه ... ". ومثل ذلك مساعدة نوح، عليه السلام في بناء السفينة، انظر ما جاء في الآية 27 من سورة المؤمنين:" فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا ... ". وكذلك تعليم داود، عليه السلام، انظر الآية 80 من سورة الأنبياء:" وعلمناهُ صنعةَ لَبُوسٍ لكم لِتُحصِنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون". وانظر قوله تعالى في الآيات (10 - 12) من سورة سبأ:" ولقد آتينا داود منا فضلاً يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد، أن اعمل سابغاتٍ وقدِّر في السرد واعملوا صالحاً إنّي بما تعملونَ بصير، ولسليمانَ الريحَ غُدوُّها شهرٌ ورواحها شهرٌ وأسلنا له عَينَ القِطر ومن الجن من يعملُ بين يديه بإذن ربه ... " وواضح في الآيات الكريمة أنّ الجن قد سخّرت أيضاً لمساعدة هذا المخلوق المكرم. بل إنّ الملائكة أيضاً كانت تقوم برعاية الإنسان ومساعدته؛ فقد رجح عندنا أنّ الملائكة هي التي ساعدت في بناء الكعبة، ومعلوم في الصحيح أنّ جبريل، عليه السلام، جاء في صورة رجل يُعلّم المسلمين أمور دينهم ....
يَعْلم سليمان، عليه السلام، أنّ هناك أموراً ستُرفع ولن تكون في الأجيال القادمة، لأنّ الإنسان قارب أن يبلغ رشده فيستقل بأموره الحياتية، فدعا الله تعالى أن يهبه من الملك الذي لا ينبغي أي يبقى في الناس من بعده، فاستجاب له سبحانه وتعالى وسخر له الريح تجري بأمره، وسخر له شياطين الجن يعملون بين يديه وسُلط عليهم إلى درجة وضعهم في الأصفاد. وهذا يعني أنّ شياطين الجن لا تسخر لأحد من الناس بعد سليمان، عليه السلام، لأنّ تسخيرها كان من أجل الإنسان في مرحلةٍ من مراحل تطور الوعي البشري. وعلى الرغم من وضوح النص في الدلالة على عدم قدرة البشر على تسخير الشياطين بعد سليمان، فليس هناك ما يمنع من احتمال أن تكون الجن قد سخرت أيضاً قبل عهده عليه السلام.
وخلاصة الأمر أنّ سليمان، عليه السلام، لم يطلب لنفسه مُلكاً يُحرم منه البشر من بعده، وإنما طلب بعضاً من الملك الذي كان عطاءً مؤقتاً من أجل دفع الإنسان وترقيته قبل أي يُترك ليمضي بقدراته. وهو عليه السلام يطلب ذلك لينفع الناس، كيف لا، وهو الذي تخطى مرتبة حب الخير ليكون في مرتبة من يحب حب الخير:" .. إنّي أحببت حب الخير .. ". ص:32(/)
تجزئة المفسر (ماذا وقد جزؤوا وحزبوا وربعوا وعشروا وثمنوا وخمسوا) - ناحية تقنية
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[27 Aug 2008, 03:44 م]ـ
برزت أهمية هذا الموضوع لمسايرة التطور التقني الحاصل في الوسائل السمعية البصرية لبيان معاني القرآن الكريم خصوصا لغير الناطقين باللغة العربية، حيث أسهمت وسائل الإعلام السمعية البصرية الممثلة في قنوات فضائية لتقديم خدمة جليلة للدعوة ولتعريف عوام المسلمين وترجمته لغير الناطقين بالعربية ببيان معاني كلمات القرآن بأسلوب سهل ميسر بربط نص التلاوة مع التفسير.
وتقدم تلك الخدمة بواسطة حاسة السمع والبصر فالاستماع يتم من خلال تلاوة وحاسة البصر تتبع تغير لوحات المشاهدة المبثوثة في عبر شاشات المشاهدة وحتى يحدث ترابط للمشاهد وتفعيل حواسه يجب تخلل تلك العملية بتوضيح معاني الآيات وتفسيرها تفسير مبسط مترابط بحيث تصبح وحدة البث مترابطة زمانيا لاستغلال الحاستي المذكورتين فلا تطول فيعرض عنها المشاهد ولا تبتر معنى فلا يستقيم الدور الآدائي ومن خلال هذا التمهيد صغت لكم نموذجا لتقسيم مرتبط بدلالة السياق وترابط المعاني مع وحدة الزمن.
ويسعدني إبداء ملاحظاتكم الكريمة:
تقسيم الآيات القرآنية حسب ما يقتضيه ترابط دلالة السياق والمعاني – والوحدات الزمانية الخاصة بالبث الصوتي وتبادل شاشات المشاهدة
الجزء الأول
سورة الفاتحة
1 1 - 4
1 5 - 7
سورة البقرة
2 1 - 5
2 6 - 7
2 8 - 12
2 13 - 16
2 17 - 20
2 21 - 24
2 25
2 26
2 27
2 28 - 29
2 30 - 32
2 33 - 34
2 35 - 37
2 38 - 39
2 40 - 43
2 44 - 46
2 47 - 48
2 49 - 52
2 53 - 54
2 55 - 57
2 58 - 59
2 60
2 61
2 62
2 63 - 66
2 67 - 68
2 69
2 70 - 71
2 74
2 75 - 77
2 78 - 79
2 80 - 82
2 83 - 84
2 85
2 86
2 87 - 88
2 89 - 90
2 91 - 92
2 93
2 94 - 96
2 96 - 98
2 99
2 100 - 101
2 102
2 103
2 104 - 105
2 106 - 107
2 108
2 109 - 110
2 111 - 112
2 113
2 114 - 115
2 116 - 117
2 118
2 119 - 120
2 121
2 122 - 123
2 124 - 125
2 126
2 127 - 129
2 130 - 132
2 133
2 134
2 135 - 136
2 137 - 138
2 139 - 140
2 141
================ انتهى الجزء الأول
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[27 Aug 2008, 06:48 م]ـ
سورةالفاتحة
! بِسْمِ اّللهِ اّلرَّحْمَنِ اّلرَّحِيمِ $1! اّلْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ اّلْعَاٌلَمِينَ $2! اّلرَّحْمَنِ اّلرَّحِيمِ $3! مَاٌلِكِ يَوْمِ اّلدِّينِ $4
الآيات:1 - 4
! إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ $5! اّهْدِنَا اّلصِّرَاُطَ اّلْمُسْتَقِيمَ $6! صِرَاُطَ اّلَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ اّلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا اّلضَّآلِّينَ $7
الآيات:5 - 7
سورة البقرة
! بِسْمِ اّللهِ اّلرَّحْمَنِ اّلرَّحِيمِ الََمََ $1! ذَلِكَ اّلْكِتَاٌبُ لَا رَيْبَِْ فِيهِِْ هُدًًى لِّلْمُتَّقِينَ $2! اّلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاُلْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ اّلصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاٌهُمْ يُنفِقُونَ $3! وَاّلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِاُلْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ $4! أُوِْلَئِكَ عَلَىَُ هُدًًى مِّن رَّبِّهِمْْ وَأُوِْلَئِكَ هُمُ اّلْمُفْلِحُونَ $5
الآيات:1 - 5
! إِنَّ اّلَّذِينَ كَفَرُواٌ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ $6! خَتَمَ اّللهُ عَلَىَُ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىَُ سَمْعِهِمْْ وَعَلَىََُ أَبْصَاٌرِهِمْ غِشَاٌوَةٌٌْ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌٌ $7
الآيات:6 - 7
! وَمِنَ اّلنَّاسِ مَن يَقُولُ آَمَنَّا بِاُللهِ وَبِاُلْيَوْمِ اّلْآَخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ $8! يُخَاٌدِعُونَ اّللهَ وَاّلَّذِينَ آَمَنُواٌ وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ $9! فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌٌ فَزَادَهُمُ اّللهُ مَرَضًاًْْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌَ بِمَا كَانُواٌ يَكْذِبُونَ ×10! وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُواٌ فِي اّلْأَرْضِ قَالُوََاٌ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ ×11! أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ اّلْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لَّا يَشْعُرُونَ ×12
الآيات:8 - 12
(يُتْبَعُ)
(/)
! وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُواٌ كَمَآ آَمَنَ اّلنَّاسُ قَالُوََاٌ أَنُؤْمِنُ كَمَآ آَمَنَ اّلسُّفَهَاءُْْ أَلَآ إِنَّهُمْ هُمُ اّلسُّفَهَاءُ وَلَكِن لَّا يَعْلَمُونَ ×13! وَإِذَا لَقُواٌ اّلَّذِينَ آَمَنُواٌ قَالُوََاٌ آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاٌ إِلَىَُ شَيَاٌطِينِهِمْ قَالُوََاٌ إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ×14! اّللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَاٌنِهِمْ يَعْمَهُونَ ×15! أُوِْلَئِكَ اّلَّذِينَ اّشْتَرَوُاٌ اّلضَّلَاٌلَةَ بِاُلْهُدَىَُ فَمَا رَبِحَت تِّجَاٌرَتُهُمْ وَمَا كَانُواٌ مُهْتَدِينَ ×16
الآيات:13 - 16
! مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ اّلَّذِي اّسْتَوْقَدَ نَارًًا فَلَمَّآ أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُُ ذَهَبَ اّللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاٌتٍٍ لَّا يُبْصِرُونَ ×17! صُمٌَّ بُكْمٌ عُمْيٌٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ×18! أَوْ كَصَيِّبٍٍ مِّنَ اّلسَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاٌتٌٌ وَرَعْدٌٌ وَبَرْقٌٌ يَجْعَلُونَ أَصَاٌبِعَهُمْ فِيََ آَذَانِهِم مِّنَ اّلصَّوَاُعِقِ حَذَرَ اّلْمَوْتِْْْ وَاّللهُ مُحِيطٌَ بِاُلْكَاٌفِرِينَ ×19! يَكَادُ اّلْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَاٌرَهُمْْ كُلَّمَآ أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْاٌ فِيهِ وَإِذَآ أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواٌْْْ وَلَوْ شَاءَ اّللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَاٌرِهِمْْْْ إِنَّ اّللهَ عَلَىَُ كُلِّ شَيُْءٍٍ قَدِيرٌٌ ×20
الآيات:17 - 20
! يَاٌأَيُّهَا اّلنَّاسُ اّعْبُدُواٌ رَبَّكُمُ اّلَّذِي خَلَقَكُمْ وَاّلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ×21! اّلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اّلْأَرْضَ فِرَاُشًاً وَاّلسَّمَاءَ بِنَاءًً وَأَنزَلَ مِنَ اّلسَّمَاءِ مَاءًً فَأَخْرَجَ بِهِِ مِنَ اّلثَّمَرَاُتِ رِزْقًاً لَّكُمْْ فَلَا تَجْعَلُواٌ لِلهِ أَندَادًًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ×22! وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىَُ عَبْدِنَا فَأْتُواٌ بِسُورَةٍٍ مِّن مِّثْلِهِِ وَاّدْعُواٌ شُهَداءَكُم مِّن دُونِ اّللهِ إِن كُنتُمْ صَاٌدِقِينَ×23! فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواٌ وَلَن تَفْعَلُواٌ فَاُتَّقُواٌ اّلنَّارَ اّلَّتِي وَقُودُهَا اّلنَّاسُ وَاّلْحِجَارَةُْ أُعِدَّتْ لِلْكَاٌفِرِينَ ×24
الآيات:21 - 24
! وَبَشِّرِ اّلَّذِينَ آَمَنُواٌ وَعَمِلُواٌ اّلصَّاٌلِحَاٌتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاٌتٍٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا اّلْأَنْهَاٌرُْ كُلَّمَا رُزِقُواٌ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍٍ رِّزْقًاًْْْْْ قَالُواٌ هَذَا اّلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُْ وَأُتُواٌ بِهِِ مُتَشَاٌبِهًاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَاُجٌٌمُّطَهَّرَةٌٌْ وَهُمْ فِيهَا خَاٌلِدُونَ ×25
الآيات:25
! *إِنَّ اّللهَ لَا يَسْتَحْيِيََ أَن يَضْرِبَ مَثَلًاً مَّا بَعُوضَةًً فَمَا فَوْقَهَاْْ فَأَمَّا اّلَّذِينَ آَمَنُواٌ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ اّلْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْْ وَأَمَّا اّلَّذِينَ كَفَرُواٌ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ اّللهُ بِهَذَا مَثَلًاًْْْْْ يُضِلُّ بِهِِ كَثِيرًًا وَيَهْدِي بِهِِ كَثِيرًًاْْ وَمَا يُضِلُّ بِهَِِ إِلَّا اّلْفَاٌسِقِينَ ×26
الآيات:26
! اّلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اّللهِ مِنَْ بَعْدِ مِيثَاٌقِهِِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اّللهُ بِهَِِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي اّلْأَرْضِْْْ أُوِْلَئِكَ هُمُ اّلْخَاٌسِرُونَ ×27
الآيات:27
! كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاُللهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاُتًاً فَأَحْيَاكُمْْْْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ×28! هُوَ اّلَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي اّلْأَرْضِ جَمِيعًاً ثُمَّ اّسْتَوَىََُ إِلَى اّلسَّمَاءِ فَسَوَّاِهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاُتٍٍْْْ وَهُوَ بِكُلِّ شَيُْءٍ عَلِيمٌٌ×29
الآيات:28 - 29
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[28 Aug 2008, 10:00 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
الأخ الفاضل أيمن شعبان سلمك الله قرات هذا المشروع بتمعن، ومافهمته أنه سيكون من المشروعات التطبيقية،
وقد لاحظت ياأخي الفاضل تفاوتا بين عنوان المشاركة والمقدمة المعروضة داخلها،
ولعلكم بارك الله فيكم توضحون النقاط بشكل أكثر
(يُتْبَعُ)
(/)
لكلامكم التالي ((ومن خلال هذا التمهيد صغت لكم نموذجا لتقسيم مرتبط بدلالة السياق وترابط المعاني مع وحدة الزمن.
ويسعدني إبداء ملاحظاتكم الكريمة:
تقسيم الآيات القرآنية حسب ما يقتضيه ترابط دلالة السياق والمعاني – والوحدات الزمانية الخاصة بالبث الصوتي وتبادل شاشات المشاهدة
الجزء الأول
سورة الفاتحة
1 1 - 4
1 5 - 7))
أرجو بيان العلاقة بينه وبين ماوضعتموه في المشاركة الثانية من آيات ذات ترقيم مجزء
دون ان تشيروا الى علاقته بالعنوان،
ولتتضح فكرتكم بارك الله فيكم ويعم نفعها. والله الموفق.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[30 Aug 2008, 05:24 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ورضوانه
فضيلة الدكتور أمين الشنقيطي حفظه الله.
صحيح ما تفضلتَ بذكره بكونه مشروع تطبيقي لقنوات البث الفضائية التي تخصص جانبًا لربط التلاوة بالتفسير المبسط الموجه إلى غير الناطقين باللغة العربية ولعوام المسلمين.
ولوضع ناحية تأصيلية في تناول النص القرآن المبثوث بالاستماع والمشاهدة وربطه بالتفسير لا يستقيم مع تجزئة أو تحزيب أو تربيع أو ...... بل خرج عن تلك التجزئة ومسّتْ الحاجة لوضع تجزئة تفي بالغرض المنشود - وهذا ما رميتُ إليه من عنوان المشاركة - وهو دلالة سياق الآيات مع ترابط المعاني شريطة توحيد كلا وحدتي البث الزمني للبث المسموع أو المرئي والتفسير في آن واحد لعدد وحدات زمانية معينة.
وبداية يجب تحديد وحدة الفترة الزمانية أمثلها وأكبرها لكل من العمليتين وهي مقدرة من 30 ثانية وتعتبر أفضلها وأمثلها، إلى دقيقة كاملة وهي أعلى قدر من البث للاستماع والبث المرئي.
فلو أعملنا هذا المقدار من:
الوحدة الزمانية ورمزنا لها بـ ك.
آيات ذات دلالة سياق وترابط معاني ورمزنا لها بـ ل.
كانت علمية البث = ك + ل
للخروج بناتج تطبيقي جيد لتلك الخدمة.
والمثل الذي قمتُ بتجزئته هو النص مرتبطا مع الزمن المقدر سالفا حتى لا يعرض المستمع إن طالت الوحدة الزمانية وتعلقت الآيات بغير موضوع ذي دلالة سياق واحدة ومن فوائد التطبيق هي سرعة تلبية حواس المستمع وإيصال المضمون له عند ولوجه للقناة في أي وقت فسيصل له معاني المبثوث المرئي والمسموع مع تفسيره باعتبار تماثل كل عملية بث وتفسير لتجزئة تصلح أن تكون موضوعا مستقلا لا ترتبط إرتباطا شرطي بما فاته.
مخافة السآمة على المستمع الغير ملم أو الغير متخصص ولتعريف غير المسلمين بتفسير القرآن الكريم.
ومن فوائد هذا الموضوع أيضا الخروج بفهرس موضوعي لكتاب الله تعالى.
وتصلح تلك التجزئة لإعمال النبغاء من مفسرين الملتقى في وضع التفاسير الميسرة المبسطة.
أرجو أن أكون أوضحتُ المراد.
وتفضل بقبول وافر الاحترام والتقدير.
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[30 Aug 2008, 05:53 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فتحية طيبة للأستاذ الفاضل ايمن شعبان وفقه الله على فكرته الرائعة والمشروع يذكرني بمشروع التفسير الميسر الذي وضعه مجمع طباعة المصحف في المدينة حيث تم وضع تصور لعلاقة الارقام بالايات المفسرة، وليكون القارئ مدركا لها،
وقد نجحت الفكرة تماما ولكن التفسير عبر الشاشة شيء والمصحف بالتفسير الميسر المكتوب شيء، ولوضحتم لنا نقطة الترابط بين المشروعين ليتم تصوره،
عموما البرنامج فيه ابداع وارجو ان يكون مبسطا نوعا ما ليصل الى مستهدفيه. والله الموفق.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[30 Aug 2008, 06:13 م]ـ
ولكن التفسير عبر الشاشة شيء والمصحف بالتفسير الميسر المكتوب شيء، ولوضحتم لنا نقطة الترابط بين المشروعين ليتم تصوره.
بداية أشكركم جزيل الشكر على متابعتكم وتشجيعكم ونصائحكم وإرشادكم لمرجع التفسير الميسر وقد حملته لكن أظن النسخة غير التي ذكرتَ سيادتكم حيث لم تقسم الآيات بتجزئة بل شكلت كل آية وحدة مستقلة للتفسير.
يبقى النموذج الألكتروني الصوتي للتجربة. وسوف انجزه قريبا بإذن الله تعالى لمعرفة رأيكم والنموذج الإلكتروني لا يختلف عن البث الرقمي.
وتقبلوا وافر احترامي وتقديري لشخصكم الكريم
محبكم(/)
إعلان مناقشة رسالة ماجستير (كتاب شفاء الصدور من تفسير القرآن) للنقاش
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[27 Aug 2008, 06:57 م]ـ
جامعة الشارقة
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
قسم أصول الدين
يسر كلية الشريعة والدراسات الإسلامية (قسم أصول الدين) أن تدعوكم لحضور مناقشة رسالة الماجستير
للطالبة: حمدة خليفة سيف المهيري
(في برنامج التفسير والحديث – تخصص التفسير وعلوم القرآن)
بعنوان: (كتاب شفاء الصدور من تفسير القرآن للشيخ أبي بكر محمد بن الحسن المعروف بالنقاش -ت 351 هـ)
دراسة وتحقيق وتخريج
لسور (الفرقان-الشعراء-النمل)
وتتكون لجنة المناقشة من:
- أ. د مصطفى إبراهيم المشني- أستاذ في التفسير وعلوم القرآن-جامعة الشارقة مشرفاً ورئيساً
- د. البشير الترابي- أستاذ مشارك في الحديث وعلومه-جامعة الشارقة - مشرفاً مشارك
- أ. د محمد عبد اللطيف رجب-أستاذ مشارك في التفسير وعلوم القرآن- جامعة الامارات - مناقشا خارجياً
- د. عبد الله الخطيب-أستاذ مشارك في التفسير وعلوم القرآن -جامعة الشارقة - مناقشا داخلياً
وذلك في يوم االخميس 27 شعبان 1429 هـ الموافق 28/ 8/2008 م الساعة الرابعة عصراً،في مسرح قاعة ابن حنبل ( W1 -012 ) بكلية الشريعة /طالبات.
ـ[أحمد تيسير]ــــــــ[28 Aug 2008, 12:19 ص]ـ
نسأل الله تعالى لها التوفيق والسداد وأن ينفع بها الإسلام والمسلمين.
ـ[محمد العمر]ــــــــ[29 Aug 2008, 10:24 ص]ـ
نسأل الله لها التوفيق والسداد وقد أفادني د مصطفى مسلم الأستاذ في جامعة الشارقة بأن الجامعة ستطبع تفسير النقاش بعد اكتمال مناقشته بإذن الله تعالى
د محمد بن فوزان العمر أستاذ الدراسات القرآنية المشارك -جامعة الملك سعود
ـ[نعيمان]ــــــــ[29 Aug 2008, 08:32 م]ـ
الحمد لله فقد حضرت المناقشة التي استغرقت أربع ساعات تخللتها صلاة المغرب، وقد سادتها العلميّة الموضوعيّة البحتة، والتعامل الراقي مع الطالبة المناقشة، مما جعل الطالبة تردّ على ملاحظات وأسئلة المناقشين بهدوء وأعصاب باردة؛ مما أثلج صدري، وتمنيت أن تكون المناقشات على هذا المنوال؛ إذ اعتدنا على كثير من المناقشات - من أسف - استعراض بعض المناقشين، والاستبداد بآرائهم، ولو كانت وجهات نظر قابلة للصواب أو الخطأ، أو خاضعة للخلاف المعتبر، ورفع الصوت على الطالب المناقش الذي يدخل القاعة وهو يتصبب عرقاً رعباً مما ينتظره من قسوة المناقشة، واتهامه غالباً بالجهل أو السرقة من غير إحسان الظن به ابتداء، ورفع معنوياته، وشدّ اعصابه - على الأقل ليستطيع الإجابة على الملاحظات والأسئلة والاستدراكات وغيرها، حتى إن المدعوين من أهل المناقش أو أصدقائه الذين يحضرون المناقشة يصيبهم الفزع مما يجري، وخيبة الأمل في المناقش، ثم تكون النتيجة: ناجح.
سامحوني لهذا اللفظ: (يمسح بالطالب الأرض، ويجلد جلد مرتكب جرائم عدة)، ثم يفوز في النهاية، بعد انحطاط معنوياته ومن حضر، فأية فرحة بعد شبه انهيار!
أهنئ الجامعة المباركة على هذا الأداء الراقي من الأساتذة الأفاضل، وأبارك للشيخة الفاضلة حمدة هذا الجهد المبارك، التي أضنت به نهارها، وأسهرت به ليلها، وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينفعها بما علمت، وأن يزيدها علماً، وأن تعمل بما علمت، وأن يتقبلها بقبول حسن، ويحسن خاتمتها، بعد طول عمر، وصالح عمل، إنه ولي ذلك والقادر عليه تبارك ربنا في عليائه، وتقدست أسماؤه.(/)
شخصية الشهر .. مقترح .. فيه فوائد جمة
ـ[د. عبد الله الجيوسي]ــــــــ[27 Aug 2008, 07:06 م]ـ
كثيرون هم العلماء الذين خدموا كتاب الله تعالى، لكننا نعرف القليل عن بعضهم، ولعلنا لو خصصنا في ملتقانا هذا زاوية تتناول كل شهر شخصية من هؤلاء الأعلام تتناول طرفا من حياتهم، وتعريفا بجهودهم وآثارهم، وشيئا من التعريف بمن كتب عنهم
أقترح هذا الأمر على إخواني في هذا الملتقى، ولعل فضيلة المشرف يخصص له زاوية ثابتة تحت عنوان:
شخصية الشهر
لكن، حتى تكون الفائدة أوقع، فإنني أقترح رصد الوفيات، ومعرفة الشهر الذي توفيت فيه الشخصية، وليكن مناسبا لمرور عقد أو اثنين أو ... على وفاة الشخصية، فمثلا نقول بمناسبة مرور 100عام على وفاة (فلان) اخترناه ليكون شخصية الشهر
ماذا نكتب؟؟
شيئا من سيرته ..
وخدمته لكتاب الله، وآثاره وكل ما له صلة بالقرآن الكريم
وأنا أكفيكم رصد بيلوغرافية كاملة عن الشخصية ما أمكن بإذن الله تعالى
ونسعد بمقترحاتكم فيما يخص هذه الزاوية تى تكون في أجمل حلة
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Aug 2008, 07:15 م]ـ
فكرة جميلة ومفيدة لو تم البدء بها والاستمرار فيها، ولكن من يتتبع هذه الشخصيات ويكتب عنها كتابة محررة تفي بأقل الواجب؟
ـ[عبد الله الراشد]ــــــــ[04 Sep 2008, 02:24 م]ـ
ويشبه هذه الفكرة ـ بعد إذن صاحب الموضوع ـ أن يكون هناك لقاء شهري مع أحد مشايخ الموقع، وتلقى عليه الأسئلة من الأعضاء في شتى الجوانب، ويتولى اختيار الشيخ أحد المشرفين ويثبت الموضوع وتتاح الأسئلة لمدة أسبوع ثم يغلق الموضوع ويبدأ الشيخ بالإجابة.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[04 Sep 2008, 03:44 م]ـ
اقتراح جيد ـ قد يمتد ـ عندما ينفّذ إن شاء الله ـ ليكون كتابا من كتب التراجم التي تخدم المسيرة العلمية القرآنية، وقد ترجم أحد المواقع الإسلامية للقراء المعاصرين،فكانت فكرة رائعة مفيدة، فعلى بركة الله تعالى.(/)
طباعة تفسير عبدالصمد الغزنوي (ت557هـ) في وزارة الشؤون الإسلامية بقطر
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Aug 2008, 07:11 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لفت نظري في مقدمة الطبعة الثانية لتفسير ابن عطية الأندلسي رحمه الله التي صدرت عن وزارة الشؤون الإسلامية بقطر قولهم في المقدمة:
ومما يشد الانتباه أن ثمة تطوراً حدث في المشرق والمغرب في الوقت نفسه في القرن السادس الهجري في حركة التفسير، تمثل في تفسير ابن عطية (ت541هـ) في الأندلس، وتفسير عبدالصمد الغزنوي (ت557هـ) في المشرق. وقد أثر هذا التطور على المفسرين اللاحقين في القرون التالية، مما يستدعي تتبع هذه الظاهرة بالبحث والدراسة، بعد أن قامت الوزارة بنشر التفسيرين المذكورين).
السؤال: هل تفسير الغزنوي طبع فعلاً هناك؟ وكيف يمكن الحصول عليه؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 Aug 2008, 04:00 ص]ـ
كنت قد سألت الإخوة القائمين على موقع قطر في معرض الرياض قبل سنتين، وأفادوا بأنهم لم يطبعوه، وعندي نظر في هذه المعلومة، إذ لا أرى أثرًا لعبد الصمد الغزنوي، بل هو في حال المجهول عند كثير من المفسرين، بخلاف ابن عطية الذي يظهر أثره في بعده بأدنى تأمل في النقول التي ينقلها عنه من جاء بعده.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[29 Aug 2008, 06:00 ص]ـ
جزاك الله خيراً.
استغربتُ الإشارةَ إلى طباعته، مع إنه دار حديث عدة مرات عن تفسير الغزنوي عندما نوقشت مسألة نسبة تفسير الطبراني المطبوع مؤخراً للطبراني والشك في كونه تفسير الغزنوي هذا ولم يَجْرِ ذكرٌ لطباعته ونشره في قطر كما في الكلام السابق. وهذا ما دعاني للسؤال.
أما تأثيره فيمن بعده فالأمر كما تفضلتم حيث لا تكاد تسمع له ذكراً في كتب التفسير التي صنفت بعده، وإن كان هذا ليس مؤشراً وحيداً على قيمته العلمية.(/)
من روائع القرآن للشيخ / صالح التركي _حفظه الله _ جمع الأخ عبد الرحمن المسلم
ـ[أبو عابد المكي]ــــــــ[28 Aug 2008, 02:11 ص]ـ
(من روائع القرآن)
(1) _ قال الله تعالى (إني و جدت امرأة تملكهم) استغرب الهدهد أن يجد قوما تملكهم امرأة ولهذا لم يقل ملكة إنما قال (امرأة) بل زاد في هذا أن عظم عرشها ولم يعظمها وقال (ولها عرش عظيم) فوضعها في مكانها المناسب اللائق بها حيث وضعها الإسلام كما جاء في الحديث (لايفلح قوم ولوا عليهم امرأة) فانظر لجمال اللفظ!!!،،،،،،،
(2) _ قال الحق تبارك وتعالى (واشتعل الرأس شيبا) فقال (واشتعل) لم يقل تبدل أو تغير ... لأن الاشتعال يقول عنه أهل اللغة هو تحول المادة من حالة إلى حالة أخرى بحيث لايمكن أن ترجع للحالة الأولى البتة وهكذا حال الشيب لايمكن رجوعه للسواد إطلاقا .. وقد حدث جدل عظيم بين أهل الفلسفة هل الشيب عرض أم جوهر و ببساطة أجاب القرآن على هذه إذ أن كلمة (شيبا) جاءت نكرة ومن قواعد اللغة أن النكرة فرع ليست أصلا والشيب كذلك ليس أصلا،، فياله من تعبير،،،،،،
(3) _ قال المولى جل شأنه (وأنه هو رب الشعرى) قال المفسرون الشعرى نجم تعبده العرب في الجاهلية. يقول الفلكيون عن هذا النجم إنه يدور حول الأرض وتستغرق منه الدورة تسعا وأربعين سنة والعجيب أن رقم هذه الآية في السورة هي تسع وأربعون!!!
(4) _ إذا أطلق الله لفظ (ميت) بتحريك الياء مع التشديد فهو الحي الذي سيموت فهو متحرك مثل لفظه كقول الله (إنك ميت وإنهم ميتون) يعني في المستقبل. وأما (ميت) بسكون الياء فهو الميت الذي فارقته الروح فهو ساكن مثل لفظه كقول الله (حرمت عليكم الميتة) وهي التي فارقتها الروح وهذا تناظر جميل في اللغة،،،،،
(5) _ جميع ماجاء في القرآن (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) إلأ التي في آل عمران (ولكن أنفسهم يظلمون) لأن آية آل عمرأن مثل يضربه الله للناس ليس له واقع في الحياة كما قال فيها (مثل ما ينفقون في هذه الحياة .... ) ولهذا خلت من لفظ (كانوا) أما بقية الآيات فهي أحداث وقعت ولهذا جاءت (كانوا) فيها،،،،قال الراجز ولفظ (كانوا) في الكتاب ماسقط،،،،إلا الذي في آل عمران فقط،،،،،
(6) _ قال الله جل وعز (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله بدأت باسم (الله) الذي لم يتسم به إله من الألهة لأن هناك من سمى نفسه برحمن اليمامة والعزى من العزيز وهكذا ... أما لفظ الجلاله (الله) فلم يتسم به أحد وانتهت الآية (بالعظيم) فالله عظيم فهي عظيمة تصف عظيما، وتتكون هذه الآية من عشر جمل كلها تصلح أن تكون أخبارا عن الله وهذا من عظمة هذه الآية،،،،،،،
(7) _ عدد سور القران مئة وأربعة عشر سورة المكي منها (86) والمدني منها (28) بمعنى أن المكي ثلاثة أرباع والمدني ربع تماما، الذين كتبوا المصحف العثماني هم أربعة من الصحابة ثلاثة من مكة وهم (عبدالرحمن بن الحارث بن هشام،عبدالله بن الزبير، سعيد بن العاص) وواحد من المدينة وهو (زيد بن ثابت)،،،،،
(8) _ قال الله تعالى (إن الله لا يخلف الميعاد) لفظ (الميعاد) تكرر بالقرآن ست مرات جاءت بالرسم الكامل (الميعاد) خمس مرات في وصف ميعاد الله بأنه كامل ولن ينقص فجاءت الكلمة كاملة لهذا الأمر، وأما الناقصة ففي قوله (ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعد) وهذا في وصف ميعاد الناس أنه ناقص و لن يكمل فجاءت ناقصة لهذا السبب والله أعلم،،،،،،
(9) _ أكثر أسماء الله ترددا وذكرإ في القرآن هو لفظ الجلالة (الله) وهو الاسم الذي انفرد به الله ولم يتسم به أحد، في حين أن أكثر الأرقام ورودا في القرآن هو الرقم (واحد) فالقرآن يخبرنا بأن الله واحد فيالا العجب،،،،،،،
(10) _قال الحق تبارك وتعالى (إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة) لم يقل الله خيلا ولا جملا لماذا لأن البقرة لها صلة عقدية عند بني أسرائيل فبنو أسرائيل عبدوا العجل والعجل من البقر فأراد الله أن يبين لليهود أن هذا العجل الذي أتخذتموه إلها أنظروا إليه قد مات فهل هذا يستحق العبادة! ولهذا لما سألوا عن لونها أجابهم الله بأنها (صفراء فاقع لونها تسر الناظرين) والعجل الذي عبدته اليهود من الذهب والذهب أصفر يسر الناظرين وأصحاب الفطر السليمة فانظر للترابط بين آيات القرآن واللوحة البيانية الرائعة،،،،،،،،
(يُتْبَعُ)
(/)
(11) _قال الحق جل ذكره (تلك إذا قسمة ضيزى) قال القرطبي في (ضيزى) جائرة عن العدل خارجة عن الصواب، يقول أهل اللغة أن كلمة (ضيزى) هي أغرب كلمة في القرآن وليس في كلام العرب صفة على وزن فعلى التي هي (ضيزى) أبدآ وجاءت غريبة للقسمة الغريبة التي قسمها الكفار بينهم وبين الله في شأن الملائكة كما قال (ألكم الذكر وله الأنثى) فالقسمة غريبة واللفظ غريب وهذا تناظر جميل في اللغة،،،،،
(12) _قال الله جل في علاه (فلبئس مثوى المتكبرين) الوحيدة في القرآن باللام (فلبئس) لأن هؤلاء الذين تكلم الله عنهم ضلوا أنفسهم وضلوا آخرين كما قال (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم ..... ) فلما جمعوا ضلالتين أضاف الله عليهم اللام للتوكيد على هذا الأمر،،،،،،،
(13) _ جميع ماجاء في القرآن من (يسألونك) جاء الجواب (قل) لأن هذه الأسئلة وقعت للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته نحو قوله (يسألونك عن الأهلة قل هي .... ) إلا ماجاء في (طه) (ويسألونك عن الجبال فقل .... ) فجاء الجواب (فقل) قال المفسرون إن هذا السؤال لم يقع للنبي وأنك إذا سئلت فقل، وأما ماجاء في النازعات (يسألونك عن الساعة أيان مرساها ... ) فالجواب هنا ضمني في الآية،،،،،،،
(14) _كل ماجاء في الأنعام (حكيم عليم) لأن السورة مبنية على أحكام فقهية والحكمة مقدمة في الفقه وقد جاءت ثلاث مرات في السورة، وكل ماجاء في يوسف (عليم حكيم) لأن السورة مبنية على العلم فقد ترددت مادة (علم) في السورة أكثر من سبع وعشرين مرة ولهذا تقدمت كلمة (عليم) وقد جاءت (عليم حكيم) في يوسف ثلاث مرات أيضا،،،،،،،
(15) _قال الله تقدس ذكره (للذي ببكة مباركا) لماذا التعبير (ببكة) يقول أهل اللغة منهم الراغب الأصفهاني في مفرداته على القرآن أن البك في اللغة هو شدة التدافع والازدحام وهذه الآية جاءت في سياق الحج في قوله (ولله على الناس حج البيت .... ) إذ هو مظنة التدافع والازدحام فانظر لجمال الكلمة في القرآن،،،،،،،
(16) _قال المولى جل وعز (وإذا كالوهم أو وزنوهم .... ) الأصل كالوا لهم ووزنوا لهم ولكن حذفت (اللام) من السياق لأن هؤلاء المطففين يأخذون حقوق الناس وينقصون الكيل عند الوزن فنقص اللفظ وحذفت اللام لهذا السبب البياني الرائع البديع وهذا تناظر جميل بين اللفظ والمعنى،،،،،،،،
(17) _ لا تجد عيسى عليه السلام في القرآن يقول لبني إسرائيل (ياقومي) إطلاقا إنما خطابه يبدأ (يابني إسرائيل) لأنه لا ينتسب لهم فهو عيسى بن مريم، أما موسى عليه السلام فإنه ينتسب لليهود ولهذا تجده أحيانا يقول (ياقومي)،،،،
(18) _ يقدم القرآن الأكل على الشرب دائما كقوله (وكلوا واشربوا ولاتسرفوا ..... ) وقد جاء هذا في سبع آيات فقد ثبت صحيا ضرر تقديم الشرب على الأكل في حال الجوع،،،،،،،،
(19) _يقدم القرآن الموت على الحياة في جميع القرآن لأن الأصل في الأنسان أنه ميت فأحياه الله كما قال الله (كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم .... ) أما ماورد من قوله تعالى مثلا (فأحيا به الأرض بعد موتها) فإن الأصل فيها أن الموت متقدم بدلالة الآية،،،،،،
(20) _جاء لفظ (السموات) مقترنا مع لفظ (سبع) بالقرآن سبع مرات بعدد السموات كقوله (فسواهن سبع سموات) فانظر لإحكام آيات القرآن،،،،،،،
(21) _قال الله تعالى (قالت نملة ..... مساكنكم لا يحطمنكم) عكف الفرنسيون على نقد القرآن ووقفوا عند قوله (لايحطمنكم) وقالوا إن القرآن أخطا في التعبير بهذا اللفظ وأن الذي يتحطم الزجاج لا النملة وإنما النملة تقتل فاعترض هذا القول عالم إسترالي وأخذ يشرح في النمل سنوات وأعلن أن لفظ القرآن صحيح 100% واستنتج هذا العالم أن النملة تتكون 70% من جسمها من زجاج وأعلن هذا
(22) _ جميع الرسل في القرآن يدعون أقوامهم (اعبدوا الله مالكم من إله غيره) إلا النبي لوط عليه السلام يخاطب قومه بقوله (أتأتون الفاحشة .... ) و (أتأتون الذكران ..... ) و ..... وذلك أن قوم لوط كفرهم باستحلالهم لهذا الفعل الشنيع فلما استحلوا هذا الفعل كفروا فخاطبهم لوط عليه السلام بما كفروا به،،،،،،،،،
(يُتْبَعُ)
(/)
(23) _ قال الحق تبارك وتعالى (فأضلونا السبيلا) الأصل السبيل لأن المعرف بأل عند النصب لا تلحقه ألف كما في قوله في أول السورة (وهو يهدي السبيل) غير أن تلك الألف هي ألف إطلاق جاءت لغرض بلاغي جميل وهو أن المجرمين يصرخون ويرفعون أصواتهم ويمدونها في النار ويطلقونها من الصراخ والعويل جراء العذاب كما قال الله (وهم يصطرخون فيها) فأطلق الله الألف نظير إطلاقهم أصواتهم في النار ومناسبة لهذا المعنى البديع،،،،،،،،
(24) _جاءت (غفور رحيم) في التنزيل إحدى وسبعين مرة كلها في سياق الذنوب والمعاصي كقوله (فمن خاف من موص جنفا ...... إن الله غفور رحيم) وأما (رحيم غفور) فجاءت مرة واحدة في شأن مايلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها،،،،
(25) _قال المولى في محكم التنزيل (قل فاتوا بعشر سور مثله) يعلن الحق تبارك اسمه التحدي للثقلين على الإتيان بمثل هذا القرآن فطلب عشر سور والعجيب أن هذه الآية في سورة هود وهود رقمها في المصحف الحادية عشرة فلو عددنا التي قبلها من الفاتحة حتى يونس لوجدناها عشرا وهي المقصودة بالتحدي فأي إحكام هذا،،،،،،،،
(26) _ يقدم الله سبحانه الليل على النهار في جميع القرآن ذلك أن الليل يلحق باليوم التالي له واليوم يبدأ من غروب الشمس فإذا غربت الشمس بدأ يوم جديد لا كما يفهم بعض الناس أن اليوم يبدأ بالساعة الواحدة ليلا وهذا من إحكام القرآن،،،،،،،،،،،
(27) _قال الله تعالى (ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات .... ) الله أعطى نبيه موسى تسع آيات هي (الطوفان،والجزاد، والقمل، والضفادغ، والدم، يده تخرج بيضاء،العصا، الظلمة،موت الأبكار من الناس والحيوانات.) والعجيب في هذا أن لفظ (موسى) في القرآن جاء مقترنا مع لفظ (آيات) تسع مرات إحكاما لهذا الأمر كذلك جاء لفظ (آيات) على تسع صيغ مختلفة في القزآن هي (آية، آياتنا، آيات، آياتها، آياتك،آيتين، آيتي، آياته، آيتك) فسبحان من قال (أفلا يتدبرون القرآن .... )،،،،،
(28) _افتتح الله سورة (ص) بهذا الحرف امعانا في التحدي للعرب وهذا الحرف له علاقة وارتباط وثيق بجو السورة فمحور السورة مبني كله على الاختصام كقوله (وهل أتاك نبأ الخصم .... ) (قالوا خصمان ..... ) (إن ذلك لحق تخاصم أهل النار) (ماكان لي من علم بالملأ الأعلى إذ يختصمون) فأخذت (ص) من مادة خصم ووضعت عنوانا على السورة وهذا من المعاني البلاغية لهذا الحرف،،فأي جمال هذا،،،،،،،،
(29) _ قال الله تعالى (فبأي آلآء ربكما تكذبان) جاءت هذه الآية إحدى وثلاثين مرة في الرحمن فجاءت ثمان مرات بعد عجيب صنع الله وبديع خلقه وجاءت سبع مرات بعد وصف النار وأهوالها بعدد أبواب النار وجاءت ثمان مرات بعد وصف الجنة الأولى ونعيمها بعدد أبواب الجنة وجاءت ثمان مرات بعد وصف الجنة الثانية ونعيمها بعدد أبواب الجنة،،،،،، أيكون هذا حديثا مفترى
(30) _ أخبرنا الله سبحانه أن أصحاب الكهف لبثوا في كهفهم (ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعا) في قصة قصها الله علينا بثلاث مئة وتسع كلمات فسبحان من قال (كتاب أحكمت آياته .... )،،،،،،
(31) _قال الحق تعالى (فأكله الذئب ..... ) لم يقولوا افترسه أو ذبحه إنما قالوا (أكله) وذلك أن إخوة يوسف أرادوا التخلص من يوسف نهائيا لأنهم لو قالوا افترسه لطالب أبوهم يعقوب ببقية المفترس وبالتالي يتبين كذبهم ويفتضح أمرهم فقالوا (أكله) أي لم يبق منه شئ فأنظر إلى الاختيار الدقيق لألفاظ القرآن،،،،،،،،
(32) _قال الله تعالى (وإذ يتحاجون في النار) إذا نظرنا إلى كلمة (يتحاجون) وجدنا فيها مدا لازما كلميا مثقلا وهذا المد يمد مقدار ست حركات والإخلال بهذا المد هو إخلال ببلاغةالقرآن وجمال اللغة إذ أن مد هذه الكلمة له ارتباط وثيق بمعنى الآية، فالمحاجة لأهل النار لم تكن لساعات أو لوقت محدود بل امتدت زمانا طويلا بدلالة القرآن حيث ذكر جانبا من هذه المحاجة في سبأ (يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم .... قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم ..... وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر ..... ) فإذا مد القارئ وأطال المد ست حركات أعطى فهما للسامع لهذه المحاجة التي أمتدت و طالت في النار، هذا هو السر البياني البلاغي لهذا المد وهذا له نظائركثيرة في القرآن!!! أرأيت أخي جمال القرآن،،،،،،،،،،
(33) _قال الله تعالى (قالت نملة ...... ادخلوا مساكنكم ... ) فقالت هذه النمله وهي تنادي (مساكنكم) لم تقل بيوتكم أو جحوركم لماذا؟ لأن النمل لما نادتها النملة كانت في حالة حركة والحركة عكسها السكون كما هو معلوم فناسب أن يكون اللفظ (مساكنكم) فلاحظ أخي كيف وضع القرآن هذه الكلمة في مكانها اللائق بها،،،،،،،،
(34) _ يقول الله تعالى في أول آية في القرآن (الحمد لله رب العالمين) من هم (العالمين)؟ يأتي تفسيرها في آخر آية في كتاب الله وهي (من الجنة والناس) فالعالمون هم الجن والإنس وهذا قول مجاهد رحمه الله فأول آية في كتاب الله تفسرها آخر آية، وهذا من الفن المقصود في هذا الكتاب العظيم الذي تحدى الله به أساطين اللغة وفن الكلام معلنا التحدي إلى قيام الساعة بقوله (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله ...... ) فأين الناس عن قراءة وتدبر كتاب الله!!!
(35) _ قال الحق تبارك وتعالى (فصل لربك وانحر) لماذا جاء اللفظ (انحر) ولم يقل اذبح؟ هل هذا لأجل الفاصلة في السورة فحسب أم هي روعة البلاغة القرآنية، يقول أهل اللغة أن النحر خاص بالإبل، والذبح خاص بالغنم وغيرها، فمعلوم أن الله أعطى نبيه الخير العميم وقال (إنا أعطيناك الكوثر) على أصح الأقوال ثم أمره بأفضل العبادات وهي الصلاة وأيضا أمره بأفضل القرابين وأنفسها عند العرب وهي الإبل وقال (انحر) فجمعت هذه الكلمة حسنا إلى حسن، روعة التعبير وجمال الفاصلة للآية، والله أعلم،،،،،،
دعواتكم لشيخنا الفاضل. . . .
منقول من بناء للعضو أبو عمار
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 Aug 2008, 04:05 ص]ـ
فوائد لطيفة جدًا، لكن من باب الفائدة:
قولكم ـ نقلاً ـ: ((وأن الذي يتحطم الزجاج لا النملة)).
أقول: من الذي يزعم أن التحطم لا يكون إلا للزجاج فقط؟!
هذا تحكم ظاهر، وقياس على اللغة بأمر بعيد عنها، والقرآن عربي، ولا يحتاج فيه إلى مثل هذا الاستدراك الغريب.(/)
سؤال عن ضوابط التمييز بين القواعد التفسيرية والقواعد الأصولية
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[29 Aug 2008, 06:45 ص]ـ
في مطالعتي لعدد من الكتب المتعلقة بالقواعد التفسيرية والترجيحية والأصولية، لاحظت تداخلا كبيرا بين ما يندرج ضمن أدوات البحث التفسيري وأدوات البحث الأصولي، خصوصا في الجوانب اللغوية والحقل الدلالي. وهذا أمر تتفهّم أسبابه. ولكن:
هل توجد ضوابط للتمييز بين ما هو تفسيري وما هو أصولي في هذه القواعد؟ وهل يوجد من تكلم في هذا الموضوع؟
أطرح هذا السؤال لأنني لاحظت، من خلال قراءتي لمجموعة من الكتب الجامعية التي اشتريتها مؤخرا، تقدم البحوث التقعيدية في أصول الفقه مقارنة بميدان التفسير، وكذلك تكرر عدد من القواعد التي أوردها أهل التفسير (أمثال مساعد الطيار، وخالد السبت وحسين الحربي) في بحوث أخرى في اختصاص أصول الفقه.
فتساءلت: لم لا يتم الاستفادة من هذا الوضع عن طريق الجمع بين مختلف القواعد لتحديد المشترك والمختلف بينها في التخصصين؟
وهذا الأمر يضطرني إلى طرح سؤال آخر: ما هي المباحث المشتركة بين التخصصين؟ أهي فقط المباحث اللغوية؟
أرجو المساعدة.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[31 Aug 2008, 02:04 م]ـ
الأخ الكريم محمد بن جماعة
ملاحظتكم مهمة جدًا، وقد سببت إرباكًا علميًا لبعض الباحثين، ولعل الأخ فهد الوهبي يشاركنا في هذه المقالة؛ لأنه يبحث الآن موضوع (المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه).
وأقول: إن سبب الاستشكال في هذه المسألة هو تقسيم العلوم إلى ما نعرفه اليوم، حتى كأنَّ هذه المسألة حكر على هذا العلم، ولا تدخل في غيره.
والذي يظهر لي أنه يوجد وجوه اشتراك بين مسائل هذه العلوم التي وقع عليها هذا التقسيم، ويظهر هذا في (أنواع علوم القرآن) ظهورًا بارزًا؛ لأن القرآن مرجع لجميع هذه العلوم.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[25 Dec 2008, 08:50 م]ـ
للرفع، رغبة في استثارة أفكاركم حول الموضوع.
وليت الأخ فهد الوهبي يحدثنا عن بعض ما خلص إليه في موضوع (المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه)
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[25 Dec 2008, 09:50 م]ـ
تلبية لرغبة أخينا الكريم محمد بن جماعة في إثراء الموضوع أحب أن أعلق تعليقاً يسيراً، وإن كنت أعلم أنه لا يخفى على كثير من الأعضاء والزوار ولكنه من باب المشاركة والتذكير والتأصيل لهذا الموضوع المهم.
فأقول:
* التشارك بين بعض العلوم في بعض المباحث ظاهرة عامة لا تختص بها العلوم الشرعية والعربية؛ فعلى سبيل المثال تجد بعض القوانين والنظريات الحسابية تدرس في علم الرياضيات وعلم الإحصاء وعلم الهندسة وعلم البرمجة
وكذلك تجد أبواباً كثيرة مشتركة بين علم الطب وعلم الصيدلة وعلم الأحياء وعلم النبات
وكذلك الحال في العلوم الاجتماعية والاقتصادية والإعلامية و غيرها
لكن أصحاب كل اختصاص يتناولون تلك المسائل وفق ما يخدم اختصاصهم فيدرسونها يتوسع أكثر فيما يعنيهم من تطبيقات ذلك العلم.
* والعلوم الشرعية والعربية بينها تشارك في عدد من المباحث وهو ما يسمى عند بعضهم بالتكامل العلمي، فإنه لا توجد مفاصلة تامة بين تلك التخصصات
فلا يمكن دراسة التفسير بمعزل عن علوم اللغة العربية، ولا يعني هذا أن جميع مباحث علوم اللغة تعني المفسر.
ولا يمكن دراسة التفسير بمعزل عن علم أصول الفقه، ولا يعني هذا أن جميع المباحث الأصولية تعني المفسر.
كما أنه لا يمكن دراسة أصول الفقه بمعزل عن علوم القرآن، ولا يعني هذا أن جميع مباحث علوم القرآن تعني الأصولي.
وكذلك الحال في عدد من فنون العلم الشرعي
ولذلك تجد بعض المباحث تدرس في عدد من العلوم
فمثلاً:
مبحث (العموم) يدرس في علوم القرآن الكريم لصلته الوثيقة بدلالة تفسير الآيات، وترجيح بعض الأقوال التفسيرية على بعض.
ويدرس في أصول الفقه لصلته بمعرفة من يشمله حكم الدليل من المكلفين، ولا يقتصرون في دراسة العموم على عموم الآيات بل يضمون معه عموم الأحاديث النبوية.
ويدرس في علم البلاغة لصلته بمعرفة فوائد أسلوب العموم من الناحية البلاغية ومعرفة أدواته، ومادته عندهم لا تقتصر على الآيات والأحاديث بل تشمل الكلام العربي كله.
- وتدرس بعض مباحث العموم في علم معاني الحروف لبيان إفادة الحروف الدالة على العموم لمعنى العموم وهو كما ترى جزء من مبحث العموم فإن أدوات العموم منها حروف ومنها أسماء ومنها أساليب
- وتدرس معاني تلك الحروف أيضاً وتبين بعض دلالاتها في المعاجم اللغوية.
فيدرس أصحاب كل علم هذا المبحث بتوسع فيما يخدم علمهم وتجدهم غالباً يعرضون عن التوسع في تطبيقات هذا العلم في العلوم الأخرى.(/)
من القواعد اللغوية في التفسير (صليحة بن عاشور)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[30 Aug 2008, 09:45 م]ـ
من القواعد اللغوية في التفسير
صليحة بن عاشور
جامعة ورقلة - الجزائر
المصدر: مجلة الأثر الصادرة عن كلية الآداب بجامعة ورقلة بالجزائر ( http://www.ouargla-univ.dz/Site-Fac-Lettre/04/a/12.htm) ( مجلة أكاديمية محكمة)
ملخص المقال
ترتبط علوم الشريعة باللغة العربية، ارتباطا وثيقا، بحيث يستحيل على طالب اللغة العربية أن يعرف كنه هذه اللغة وأسرارها و أعماقها ما لم يعد إلى أصلها ومصادرها و التي على رأسها القرآن الكريم، فللغة وجوه ابتدعها القرآن في الكلام فصارت من بعده نهج الألسنة و الأقلام، ولا يمكن لطالب الشريعة أن يقف على معاني القرآن الكريم ما لم يملك الأدوات التي توصله إلى ذلك، و على رأسها اللغة وقواعدها.
وإبرازا لهذه الصلة الوثيقة، و التكامل الذي لابد منه جاء هذا الموضوع الموسوم " من القواعد اللغوية في التفسير "، يثبت على وجه الخصوص أهمية اللغة في الوقوف على معاني الآيات القرآنية، وهذه القواعد كثيرة جدا سأكتفي بذكر بعضها.
مقدمة
قال تعالى: ?إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ? (1) وقال أيضا: ? بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ? (2).
لما كان القرآن الكريم قد نزل بلغة العرب استدلالا بهاتين الآيتين وبغيرهما كثير، كان لزاما على المفسر، الذي يريد بيان معاني القرآن الكريم، أن يتذوق أساليب اللغة العربية، ويدرك كنهها، وأسرارها ويلم بقواعدها، "فاللغة هي سبيل أساسية وعظمى لفهم المفردات والألفاظ القرآنية، وما تحتمله من مدلولات، وإن العلم باليسير من اللغة لا يكفي لتخويل أحد بالاضطلاع بمهمة التفسير. فإن هذه مهمة لا تتيسر لغير الضالعين في لسان العرب المتبحرين في علوم البيان" (3)
قال مجاهد- وهو أحد أئمة التفسير بالمأثور- "لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر، أن يتكلم في كتاب الله، إذا لم يكن عالما بلغات العرب".
وقال الإمام مالك بن أنس: "لا أوتي برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالا".
وقال محمد عبده: " فهم كتاب الله تعالى يأتي بمعرفة ذوق اللغة وذلك بممارسة الكلام البليغ منها". (4)
والحق كذلك، إذ كيف يمكن فهم معاني القرآن دون معرفة أسباب التعريف والتنكير، والجمع والإفراد، والتأنيث والتذكير، ومعرفة المفردات والتراكيب، ومواضع الخطاب بالاسم، ومواضع الخطاب بالفعل، والضمائر والعطف وغيرها كثير.
" .. وهل باستطاعة أحد أن يفسر قوله تعالى: "للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم". دون أن يعرف المعنى اللغوي للإيلاء، والتربص، والفيئ؟ " (5)
وقد ذكر السيوطي (6) أنواع العلوم التي يجب توفرها في المفسر، فأوصلها إلى خمسة عشر علما، وذكر على رأسها "اللغة". وليس هذا من قبيل الصدفة، ولكن لأهميتها، وأهمية قواعدها في فهم القرآن.
ومن القواعد اللغوية الأساسية التي لا يستغني عنها المفسرون مع الاستدلال لها بالقرآن الكريم ما يلي:
أولا: قاعدة التعريف والتنكير:
لكل من التعريف والتنكير مقاما لا يليق بالآخر.
I- مقامات التنكير: ومن مقاماته ما يلي:
1 - إرادة الوحدة: نحو قوله تعالى: ? وَجَآءَ رَجُلٌ مِّنَ اَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى? " (7) أي: رجل واحد.
2 - إرادة النوع: نحو قوله تعالى: ?هَذَا ذِكْرٌ ? (8) أي نوع من الذكر.
3 - ما يحتمل الوحدة والنوعية معا: نحو قوله تعالى: ? وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِن مَّآءٍ? (9). أي كل نوع من أنواع الدواب من نوع من أنواع الماء، وكل فرد من أفراد الدواب من فرد من أفراد النطف.
4 - التعظيم: نحو قوله تعالى: ?فَاذَنُواْ بِحَرْبٍ ? (10) أي: بحرب وأي حرب؟! بمعنى حرب عظيمة.
5 - التكثير: نحو قوله تعالى: ? أَينَّ لَنَا لأََجْرًا? (11) أي أجر وافر، جزيل، كثير.
6 - ما يحتمل التعظيم والتكثير معا: نحو قوله تعالى: ? وَإِنْ يُّكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ? (12)
أي: رسل عظام ذوو عدد كثير.
7 - التقليل: نحو قوله تعالى: ? وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ? (13) أي: رضوان قليل منه عز وجل أكبر من الجنات.
وإلى هذا أشار الشاعر حين قال:
قليل منك يكفيني ولكن قليلك لا يقال له قليل
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الزمخشري (14): في قوله تعالى: ? سُبْحَانَ الذِي أَسْرَىا بِعَبْدِهِ لَيْلاً? (15) أي: ليلا قليلا، أو بعض ليل" (16).
8 - التحقير: نحو قوله تعالى: ? مِنَ اَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ? (17) أي: خلقه من شيء حقير مهين.
وأضاف البعض (18): الشرط و الامتنان
9 - الشرط: نحو قوله تعالى: ?وَإِنَ اَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ? (19).
10 - الامتنان: نحو قوله تعالى: ? وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَآءِ مَآءً طَهُورًا ? (20) ".
II- مقامات التعريف: ومن مقاماته ما يلي:
1 - التعظيم: نحو قوله تعالى: ?مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ? (21).
2 - الإهانة: نحو قوله تعالى: ? تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ? (22) قال السيوطي – حول الآية – "وفيه أيضا نكتة أخرى، وهي الكناية عن كونه جهنميا" (23).
3 - بالإشارة لتمييزه أكمل تمييز بإحضاره في ذهن السامع جنسا: نحو قوله تعالى: ? هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الذِينَ مِن دُونِهِ? (24)
4 - لقصد تحقيره بالقرب: نحو قوله تعالى: ?وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ? (25).
5 - لقصد تعظيمه بالبعد: نحو قوله تعالى: ?ذَالِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ? (26).
6 - للتنبيه بعد ذكر المشار إليه بأوصاف قبله على أنه جدير بما يرد بعده من أجله: نحو قوله تعالى: ?أُوْلَئِكَ عَلَىا هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ? (27).
7 - إرادة العموم: " نحو قوله تعالى: ? إِنَّ الذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ? (28).
8 - الاختصار: نحو قوله تعالى: ? لاَ تَكُونُوا كَالذِينَ ءَاذَوْا مُوسَىا فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا? (29).
9 - وبالموصولية لكراهة ذكره بخاص اسمه إما سترا عليه، أو إهانة له: نحو قوله تعالى: ?وَالذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ ? (30). وقوله: ?وَرَاوَدَتْهُ التِي هُوَ فِي بَيْتِهَا? (31).
وذكر السيوطي فوائدا في التنكير والتعريف منها:
"ما الحكمة في تنكير "أحد" وتعريف "الصمد" من قوله تعالى: ? قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (1) اللهُ الصَّمَدُ?.
قال السيوطي: "وألفت في جوابه تأليفا مودعا في الفتاوى وحاصله أن في ذلك أجوبة –ذكر ثلاثا منها- وسأكتفي بذكر واحدة منها: أنه نكر للتعظيم، والإشارة إلى أن مدلوله وهو الذات المقدسة غير ممكن تعريفها والاحاطة بها" (32).
ومما أراه من روائع الفوائد التي ذكرت في التعريف والتنكير: ما اجتمع في قوله تعالى: ? فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ? (33). فقد اجتمعت معرفتان ونكرتان.
فالعسر الثاني هو عين الأول لكونهما معرفتين. واليسر الثاني غير الأول لكونهما نكرتين.
لذلك روى عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "لا يغلب عسر يسرين" فقد استدل على خاصية من أهم خصائص الشريعة الإسلامية وهي رفع الحرج والتيسير على الناس ما أمكن من خلال القاعدة اللغوية.
ثانيا: قاعدة الإفراد والجمع
بعض ألفاظ القرآن يكون إفراده لمعنى خاص، وجمعه لإشارة معينة أو يؤثر جمعه على إفراده، أو العكس (34).
ومن أمثلة ذلك (35):
- كلمة "الريح" ذكرت مفردة وجمعا.
فحيث ذكرت في سياق الرحمة جمعت، وحيث ذكرت في سياق العذاب أفردت.
وقد أخرج ابن أبي حاتم وغيره عن أبي بن كعب قال: "كل شيء في القرآن من الرياح فهو رحمة، وكل شيء من الريح فهو عذاب".
ولهذا ورد في الحديث "اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا".
ü ومن ذلك: "الألباب" لم يقع إلا جمعا، لأن مفرده "اللب" ثقيل لفظا.
ü ومن ذلك "السماء" و"الأرض" حيث وقع في القرآن ذكر "الأرض" فإنها مفردة، ولم تجمع بخلاف السموات، لثقل جمع "الأرض" وهو أرضون.
ولهذا لما أريد ذكر جميع الأرضين قال: "ومن الأرض مثلهن".
ü ومن ذلك: إفراد سبيل الحق لأنه واحد، وجمع سبل الباطل لتعددها قال تعالى: ?وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سبِيلِهِ? (36).
(يُتْبَعُ)
(/)
ü ومن ذلك أيضا: إفراد ولي المؤمنين، وجمع أولياء الكافرين نحو قوله تعالى: ? اللهُ وَلِيُّ الذِينَ ءَامَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَالذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ? (37).
ü ومن ذلك: إفراد "النار" حيث ذكرت، وجمع "الجنة" وإفرادها، لأن الجنات مختلفة الأنواع فحسن جمعها، و"النار" مادة واحدة، ولأن الجنة رحمة والنار عذاب، فناسب جمع الأولى، وإفراد الثانية على حد "الرياح" و"الريح".
ü ومن ذلك إفراد "السمع" وجمع "البصر"، لأن متعلق السمع الأصوات وهي حقيقة واحدة، ومتعلق البصر الألوان والأكوان، وهي حقائق مختلفة وقد ألف أبو الحسن الأخفش كتابا في الإفراد والجمع، ذكر فيه جمع ما وقع في القرآن
مفردا، ومفرد ما وقع جمعا.
ومن أمثلة ما أرى خفاءه:
ü المن: لا واحد له.
ü مدرارًا: جمعه مدارير.
ü قنوان: جمع قنو، وصنوان: جمع صنو. وليس في اللغة جمع ومثنى بصيغة واحدة إلا هذان.
ü نُشرًا: جمع نَشُور
ü عضين وعزين: جمع عضة وعزة
ü الحَرُور: جمع حُرور بالضَم.
ü غرابيب: جمع غِرْبيب.
ü الحوا يا: جمع حاوية.
ثالثا: قاعدة في السؤال والجواب.
الأصل أن يكون الجواب بحسب ما يقتضيه السؤال، إذ المطابقة بين الجواب والسؤال هي الأصل ولكن قد يحدث غير هذا (38):
1 - فقد يعدل في الجواب عن السؤال تنبيها على أنه كان من حق السؤال أن يكون كذلك: وهو المسمى بأسلوب الحكيم.
مثاله: قوله تعالى: ?يَسْأَلُونَكَ عَنِ الاَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ ? (39).
فقد سألوا عن الهلال لم يبدو دقيقا مثل الخيط، ثم يتزايد قليلا قليلا حتى يمتلئ، ثم لا يزال ينقص حتى يعودكما بدأ؟ فأجيبوا ببيان حكمة ذلك، تنبيها على أن الأهم السؤال عن ذلك لا ما سألوا عنه.
وذهب صاحب الإتقان إلى أن نظم الآية تحتمل بيان حكمة ذلك كما تحتمل ما سألوا عنه (40).
2 - وقد يكون في الجواب زيادة عن السؤال:
مثاله: قوله تعالى على لسان موسى: ?قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا، وَاَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي? (41) في جواب ? وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى? (41) فقد جاء الجواب أعم من السؤال للحاجة إليه (42).وفسره البعض استلذاذا بخطاب الله تعالى (43).
3 - وقد يكون في الجواب نقص عن السؤال:
مثاله: قوله تعالى: ? قُلْ مَا يَكُونُ لِيَ أَنُ اُبَدِّلَهُ? (44). في جواب? اَيتِ بِقُرْءَانٍ غَيْرِ هَذَآ أَوْ بَدِّلْهُ? (44).
فقد أجاب عن التبديل دون الاختراع.
قال الزمخشري: "لأن التبديل في إمكان البشر دون الاختراع فطوى ذكره لتنبيه على أنه سؤال محال" (45).
وقيل لأن التبديل أسهل من الاختراع، فقد نفى إمكانه، فالاختراع أولى.
4 - وقد يعدل عن الجواب أصلا إذا كان السائل قصده التعنت: نحو قوله تعالى? وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنَ اَمْرِ رَبِّي ? (46).
رابعا: قاعدة في الخطاب بالاسم والخطاب بالفعل
الاسم عند جمهور أهل البيان يدل على الثبوت والاستمرار، والفعل يدل على التجدد والحدوث (47)، ولكل منها مقامه (48):
- فمن ذلك قوله تعالى: ? هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم ? (49).
فلو قال "رازقكم" لفات ما أفاده الفعل من تجدد الرزق شيئا بعد شيء ولهذا جاء الفعل مضارعا رغم أن العامل الذي يفيده ماض وهو المسمى حكاية الحال الماضية.
- بينما في قوله تعالى: ? إِنَّمَا الْمُومِنُونَ الذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ? (50)
فقد جاء التعبير في "الإيمان" بالاسم، لأن الإيمان له حقيقة ثابتة تقوم بالقلب يدوم مقتضاها.
لذلك قال المفسرون في قوله تعالى: ?يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ? (51) لما كان الاعتناء بشأن إخراج الحي من الميت أشد أتى فيه بالمضارع ليدل على التجدد (52).
- وفي قوله تعالى: ? إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ ? (53)
أن سلام إبراهيم عليه السلام أبلغ من سلام الملائكة كيف ذلك؟
فقالوا: سلاما: النصب على أنه مصدر سد مسد الفعل، وأصله نسلم عليك سلاما، وهذه العبارة مؤذنة بحدوث التسليم منهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
بخلاف رده (قال سلام) فإنه معدول به إلى الرفع على الابتداء وخبره محذوف و المعنى: عليكم سلام للدلالة على إثبات السلام.
كأنه قصد أن يحييهم بأحسن مما حيوه به إكراما لهم وتأدبا بأدب الله.
الخاتمة:
و اختم كلامي بما قاله الرافعي عن تأثير القرآن في اللغة بأسلوب رائع قلما نجد له نظير: " نزل القرآن الكريم بهذه اللغة على نمط يعجز قليله وكثيره معا، فكان أشبه شيء بالنور في جملة نسقه، إذ النور جملة واحدة و إنما يتجزأ باعتبار لا يخرجه من طبيعته، وهو في كل جزء من أجزائه و في أجزائه جملة لا يعارض بشيء إلا إذا خلقت سماء غير السماء، و بدلت الأرض غير الأرض، و إنما كان ذلك لأنه صفى اللغة من أكدارها و أجراها في ظاهرها على بواطن أسرارها.
فجاء بها في ماء الجمال أملأ من السحاب، و في طراءة الخلق أجمل من الشباب ثم هو بما تناول بها من المعاني الدقيقة التي أبرزها في جلال الإعجاز، وصورها بالحقيقة و أنطقها بالمجاز، وما ركبها به من المطاوعة في تقلب الأساليب، وتحول التراكيب إلى التراكيب، قد أظهرها مظهرا لا يقضى العجب منه، لأنه جلاها على التاريخ كله لا على جيل العرب بخاصته، ولهذا بهتوا لها حتى لم يتبينوا أكانوا يسمعون بها صوت الحاضر أم صوت المستقبل أم صوت الخلود, لأنها هي لغتهم التي يعرفونها، ولكن في جزالة لم يمضغ لها شيح و لاقيصوم ... " (54)
الإحالات
1 - يوسف/2.
2 - الشعراء/195.
3 - أمير عبد العزيز- دراسات في علوم القرآن- دار الشهاب- باتنة- الجزائر- ط2 - 1408هـ- 1988 - ص154 - 155.
4 - مصطفى صادق الرافعي- إعجاز القرآن و البلاغة النبوية- دار الكتاب العربي – بيروت –لبنان-ط9 - 1393هـ - 1973 – ص 21.
5 - محمد علي الصابوني- التبيان في علوم القرآن- مكتبة رحاب-الجزائر- ط3 - 1407هـ- 1986 - ص158.
6 - السيوطي: عبد الرحمان بن كمال الدين أبي بكر بن محمد بن سابق الدين بن عثمان السيوطي، جلال الدين، أبو الفضل، إمام حافظ مؤرخ، محدث،مفسر، أديب من مؤلفاته: الاشباه و النظائر، جمع الجوامع،الدر المنثور، الإتقان في علوم القرآن وغيرها (ت 911هـ). أنظر هدية العارفين ج5 - ص 534 – 544 الشذرات ج8 - ص 51 - معجم المؤلفين ج2 - ص 82.
7 - القصص/19
8 - ص/49.
9 - النور/45.
10 - البقرة/279.
11 - الشعراء/41.
12 - فاطر/4.
13 - التوبة/73.
14 - الزمخشري: هو أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي الزمخشري، جار الله،كان واسع العلم كثير الفضل غاية في الذكاء، من كتبه: أساس البلاغة، الكشاف (ت 538 هـ) أنظر: سير أعلام النبلاء شمس الدين الذهبي-ج20 - ص151 - 156 و الإعلام بوفيات الأعلام الذهبي ص 221، شذرات الذهبي لأبي الفلاح عبد الحي بن العماد الحنبلي- ج4 - ص 118 - هدية العارفين ج6 - ص 402.
15 - الإسراء/1.
16 - الزمخشري: الكشاف.
17 - عبس/18 - 19.
18 - أنظر: السيوطي: الإتقان في علوم القرآن- دار التراث- القاهرة، مصر- ط3 - 1405هـ- 1988 - ج2 - ص 293.
19 - التوبة/6.
20 - الفرقان/48.
21 - الفتح/29.
22 - المسد/1.
23 - السيوطي: الإتقان- ج2 - ص 293.
24 - لقمان/11.
25 - العنكبوت/64.
26 - البقرة/2.
27 - البقرة/5.
28 - غافر/60.
29 - الأحزاب/69.
30 - الأحقاف/17.
31 - يوسف/23.
32 - السيوطي: الإتقان- ج2 - ص 295.
33 - الشرح/5 - 6.
34 - مناع القطان: مباحث في علوم القرآن، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، ط9، 1402هـ، 1982، ص 203.
35 - أنظر: الإتقان، ج2، ص 300، وأنظر مناع القطان، ص 202 - 203، وأنظر البرهان في علوم القرآن – الزركشي- ج2 - ص 148 وما بعدها.
36 - الأنعام/153.
37 - البقرة/257.
38 - أنظر الإتقان- ج2 - ص 310 - 313 - وأنظر مباحث في علوم القرآن، مناع القطان- ص 205 - 206.
39 - البقرة/189.
40 - أنظر الإتقان- ج2 - ص 311.
41 - طه/17 - 18.
42 - أنظر مناع القطان- ص 205.
43 - السيوطي- ج2 - ص 212.
44 - يونس/15.
45 - الزمخشري: الكشاف.
46 - الإسراء/85.
47 - 48 - أنظر الإتقان- ج2 - ص 316 - 317،- وأنظر مناع القطان- ص 206.
49 - فاطر/3.
50 - الحجرات/15.
51 - الأنعام/95.
52 - أنظر كتب التفسير.
53 - الذاريات/25.
54 - مصطفي صادق الرافعي- إعجاز القرآن و البلاغة النبوية دار الكتاب العربي – بيروت –لبنان- ط و- 1393 هـ - 1973 م -ص 74 - 75
يرجع في هذا الموضوع أيضا إلى كتب علوم القرآن على رأسها البرهان في علوم القرآن للزركشي-ج2 – و التفسير و المفسرون للذهبي – ج1 - كذلك كتب التفسير مثل الكشاف للزمخشري – التحرير و التنوير لإبن عاشور- روح المعاني للألوسي وغيرها.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[31 Aug 2008, 01:26 م]ـ
مقال مفيد جدًا، لكن البحث خلط بين علمي اللغة والبلاغة، ولو كان بدل (اللغوية) مصطلح (العربية) لكان أوسع؛ ليدخل فيه علوم العربية (النحو والصرف والبلاغة واللغة).
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[12 Sep 2008, 07:24 م]ـ
غياب هذه القاعدة التي ينبني عليها كل أنواع العلوم من تفسير وحديث وفقه وغيره هو الأساس الذي يقوم عليه نقد المستشرقين للقرآن والسنة، ومع أنهم يمعنون في دراسة اللغة العربية في بعض الأحيان لكن نيتهم الخبيثة التي تنطوي على الطعن من البداية لا البحث عن الحق تحول بينهم وبين تقبل الحق والإيمان به.
لكن تبقى حقيقة ثابتة لا يمكن ان تتغير ألا وهي أن علمهم هذا أصبح حجة عليهم يلجمون به في النار يوم القيامة، كما قال اشعراوي رحمه الله "يحاسب العوام على أعمالهم ويحاسب العلماء على أفكارهم"
والله الهادي إلى سبيل الرشاد(/)
أهمية الشاهد النحوي في تفسير القرآن الكريم (د. لخضر روبحي)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[30 Aug 2008, 09:49 م]ـ
أهمية الشاهد النحوي في تفسير القرآن الكريم: تفسير (جامع البيان لابن جرير الطبري) نموذجا
د. لخضر روبحي
جامعة المسيلة - الجزائر
المصدر: مجلة الأثر الصادرة عن كلية الآداب بجامعة ورقلة - الجزائر ( http://www.ouargla-univ.dz/Site-Fac-Lettre/06/b/2.htm) ( مجلة أكاديمية محكمة)
من الحقائق الثابتة أن علم النحو لم يكن معروفا عند العرب قبل الإسلام، والسبب يكمل في جودة قرائحهم ونطقهم بالسليقة التي جبلوا عليها، فقد نشأت اللغة في أحضان الجزيرة العربية خالصة لأبنائها نقية سليمة مما يكدر صفائها وبيانها أو يخدش كرامتها. ولهذا السبب اتفق جمهور العلماء على أن العربي صاحب لغة يصرفها كيف يشاء. فاللحن يتناقض مع إعرابه وإفصاحه بل يحط من قدره ويتنافى مع شخصيته. ويكاد يجمع علماء العرب القدماء والمحدثين على أنه لا لحن في الجاهلية، ويحددون ظهور اللحن بحدود ظهور الإسلام أو بعده بقليل.يقول أبو بكر الزبيدي:"فاختلط العربي بالنبطي والتقى الحجازي بالفارسي ودخل الدين أخلاط الأمم وسواقط البلدان فوقع الخلل في الكلام وبدأ اللحن في ألسنة العوام (1). كما ذهب الرافعي إلى القول: "نقطع بأن اللحن لم يكن في الجاهلية البتة وكل ما كان من بعض القبائل في خور الطباع وانحراف الألسنة فإنما هو لغات لا أكثر" (2). وكان ظهوره خفيفا ونادرا أيام الرسول صلى الله عليه وسلم فقد روي أن وفدا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعلن إسلامه فلما قام خطيبهم من بين يديه يتكلم لحن في كلامه فاستفظعوا لحنه فقال النبي للوفد:"أر شدوا أخاكم فإنه قد ضل (3).
وأخذ اللحن ينتشر أكثر منذ العصر الأموي لاسيما بعد تأسيس البصرة والكوفة وتضخم المجتمع الإسلامي بها بدخول أقوام أعجمية مختلفة إلى أن أصبح يعد الذين لا يلحون قليلا وفي هذا السياق يقول أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي (ت379):"ولم تزل العرب تنطق على سجيتها في صدر إسلامها وماضي جاهليتها حتى أظهر الله الإسلام على سائر الأديان فدخل الناس فيه أفواجا وأقبلوا عليه أرسالا، واجتمعت فيه الألسة المتفرقة واللغات المختلفة ففشا الفساد في اللغة العربية واستبان منها في الإعراب الذي هو حليها لمعانيها والموضح فتفطن لذلك من نافر بطباعه سوء إفهام الناطقين من دخلاء الأمم بغير المتعارف من كلام العرب فعظم الإشفاق من فشو ذلك وغلبته حتى دعاهم الحذر من ذهاب لغتهم وفساد كلامهم إلى أن سببوا الأسباب في تقييدها لمن ضاعت عليه وتثقيفها لمن زاغت عنه" (4).
صلة النحو بالقرآن الكريم:
يمثل النحو خطوة كبيرة في العناية بالقرآن الكريم والمحافظة على سلامته. والروايات التي تثبت وقوع بعض الأخطاء اللغوية والإعرابية في قراءة القرآن كثيرة (5). وكلها تجمع بأن اللحن وما ترتب عليه من الخطأ في النطق واختلال الألسنة كان سببا فعالا في نشأة النحو. فوظيفة هذا العلم لا تقتصر على ضبط الكلمات ومعرفة المرفوع و المنصوب والمجرور والمعنى والمعرب وإنما تتسع إلى توجيه النصوص والتحكم في دلالتها ومقاصدها. ففي قول الله تعالى:) إنما يخشى الَّلهَ من عباده العُلَمَاء’ ((6). يفرض المعنى رفع العلماء (فاعلا) ونصب اسم الجلالة (مفعولا به) لأن المراد هو حصر الخوف من الله في العلماء.
فالنحو ليس علامات لفظية فحسب بل هو مناط إيضاح المعنى يقول ابن فارس (ت 395 ه) " فأما الإعراب فبه تميز المعاني ويوقف على أغراض المتكلمين وذلك أن قائلا لو قال: (ما أحسن زيد) غير معرب أو (ضرب عمر زيد) غير معرب لم يوقف على مراده فإذا قال (ما أحسن زيدا) أو (ما أحسن زيد؟) أو (ما أحسن زيد) أبان بالإعراب عن المعنى الذي أراده" (7).
كما بين ابن جني (ت 392هـ) قيمته أيضا في باب أفرده من كتاب الخصائص بعنوان: (باب القول على الإعراب) فقال:"هو الإبانة عن المعنى بالألفاظ ألا ترى أنك إذا سمعت: أكرم سعيد أباه علمت برفع أحدهما ونصب الآخر الفاعل من المفعول؟ ولو كان الكلام شرجا واحد لا ستبهم أحدهما على صاحبه" (8). فالرفع هو الذي حدد الفاعل ولو لا هذه العلامات الإعرابية لما أمكن تحديد أحدهما من صاحبه.
اهتمام علماء النحو والتفسير بالشاهد النحوي:
(يُتْبَعُ)
(/)
يعد الاحتجاج بالشاهد النحوي من أبكر صور الدراسات اللغوية فكتب (معاني القرآن) جمعت المحاولات الأولى في تحليل الآيات تحليلا لغويا وذكر ما تعلق بها من شواهد نحوية. وخير دليل على ذلك (معاني القرآن) للفراء الذي جمع بين التحليل اللغوي والتفسير الأثري لما يحتويه من: تفسير، ونحو، وصرف، وبلاغة. ودأب علماء عصره على دراسة القرآن حيث هو مصدر التشريع ومصدر حفظ اللغة العربية. فمن أساتذة الفراء: الرؤاسي (ت175ه)، والكسائي (ت189ه) ويونس بن حبيب (ت182ه) الذين لهم كتب في معاني القرآن أيضا.
وكتب (إعراب القرآن الكريم) تعتبر فرعا عن (المعاني) بتناولها أحد مقاصدها أو اهتماماتها وهو الإعراب، عنى أصحابها بالشواهد النحوية ككتاب (إعراب القرآن) للزجاج (ت 310ه) وأبي جعفر النحاس (ت 338ه).
وإذا عدنا إلى كتاب سيويه (ت 182ه) فإننا نجده يجمع بين دفتيه شواهد كثيرة من القرآن ومن الشعر والنثر وبعض أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم. فغدا سوق الشواهد أمرا تقليديا يمارسه المصنفون في كل ماله علاقة بالدرس النحوي على تفاوت واضح بين المصنفات في جمعها وعرضها مع تأثرهم بما حفظوا من القرآن الكريم ومن الشعر وبما وعوا من كتب السابقين فبعضهم عنى بالشواهد من القرآن الكريم وأولاها عناية ففاقت الشواهد الشعرية عددا كما فعل ابن هشام في (شرح شذ ور الذهب) إذ بلغ عدد الآيات ست مائة وتسعا وخمسين (359) آية، وعدد الأبيات ثلاث مائة وتسع وثلاثين (339) بيتا، وكما فعل ابن معطي في كتابه (الفصول الخمسون) إذ بلغ عدد الآيات مائة وثلاثا وعشرين (123) آية، وعدد الأبيات سبعة وستون (67) بيتا. وبعضهم عنى بشواهد الشعر ففاقت في العدد الشواهد من القرآن الكريم كما فعل سيبويه في (الكتاب) إذ بلغ عدد الآيات أربع مائة وسبعا وأربعين (447) آية، وبلغ عدد الأبيات ألفا وخمس مائة (1500) بيتا.
وتأتي كتب التفسير لتستفيد مما ورد من شواهد في تفسير الآيات، فكتاب (جامع البيان) لابن جرير الطبري مثلا لم ينطق إلا من أرضية خصبة زرعت فيها الآراء النحوية، حتى إذا ما نضجت واستوت أعمل علمه الواسع وفكره الثاقب فاستفاد وأفاد. ومن خلال استقراءنا لهذا التفسير لمسنا عناية كبيرة بالشواهد النحوية، وقد أحصيت شواهد القرآن فوجدت عدتها ستة وعشرين ومائة (126) شاهد، وشواهد القراءات نحو خمسة وخمسين مائة (155) شاهدا، وهي نسبة عالية تبرز اهتمامه بالقراءات واعتماده عليها، وعدد الشواهد الشعرية نحو ثلاثة وأربعين ومائة (143) شاهد، أما الشواهد النثرية فأكثرها أمثلة تعليمية.
فاعتماد الطبري على المأثور في تفسير آي الذكر الحكيم وعنايته الفائقة بالقراءات لم يصرفه عن الاهتمام البالغ بالمباحث النحوية وكثرة الاستشهاد عليها حتى أصبح الإعراب معلما أساسيا من معالم منهجه في التفسير. نجده يفسر الآية من القرآن الكريم ويربط بينها والإعراب فيعدد آراء النحاة، ويوازن، ويرجح بينها ثم يذكر شاهدا أو أكثر على ما اختاره من توجه نحوي أو تفصيل مذهب من المذاهب. وكل ذلك وفق تمكن نحوي وقدرة في التحليل والاستنباط، جعلت من تفسيره اتجاها جديدا"إذ تجاوز المأثور إلى غيره، وتخطى التفسير المحكي إلى موضوعات أخرى تدخله في جانب منه في كتب التفسير العقلي بالرأي والاجتهاد، وتجعله نقطة تحول في تاريخ التفسير وإلتقاء مع بعض الاتجاهات الأخرى في التفسير، كما تجعله معلما من معالم نشأة التفسير العقلي" (9).ففي تفسيره لقوله:) غير المغضوب عليهم ((10) قال:"والقراء مجمعون على قراءة (غير) بجر الراء، والخفض بآيتها من وجهين:
أحدهما: أن يكون (غير) صفة لـ (الذين) ونعتا لهم فتخفضها إذ كان (الذين) خفضا، وهي لهم نعت وصفة، وإنما جاز أن يكون (غير) نعتا ل (الذين) و (الذين) معرفة، و (غير) نكرة، لأن الذين بصلتها ليست بالمعرفة المؤقتة (11). كالأسماء التي هي أمارات بين الناس، مثل: زيد وعمرو وما أشبه ذلك ... وفي النهاية يدلي الطبري برأيه فيقول: «والصواب من القول في تأويله وقراءته عندنا القول الأول وهو قراءة: (غير المغضوب عليهم) بخفض الراء من (غير) بتأويل أنها من صفة للذين أنعمت عليهم ونعمت لهم-لما قدمنا من البيان-إن شئت، وإن شئت فبتأويل تكرير (صراط) كل ذلك صواب حسن" (12).
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكر القرطبي في تفسيره لهذه الآية:"قرأ عمر بن الخطاب وأبي بن كعب غير المغضوب عليهم وغير الضالين وروي عنهما في الراء النصب والخفض في الحرفين، فالخفض على البدل من الذين أو من الهاء والميم في عليه، أو صفة للذين والذين معرفة ولا توصف المعارف بالنكرات ولا النكرات بالمعارف، إلا أن الذين ليس بمقصود قصدهم فهو عام، فالكلام بمنزلة قولك: إني لأمر بمثلك فأكرمه، أو لأن غير تعرفت لكونها بين شيئين لا وسط بينهما، كما تقول: الحي غير الميت، والساكن غير المتحرك، والقائم غير القاعد، قولان: الأول للفارسي، والثاني للزمخشري. والنصب في الراء على وجهين: على الحال من الذين، أو من الهاء والميم في عليهم، كأنك قلت: أنعمت عليهم لا مغضوباً عليهم. أو على الاستثناء، كأنك قلت: إلا المغضوب عليهم. ويجوز النصب بأعني، وحكي عن الخلي" (13).
كما اهتم الطبري بالقواعد النحوية من خلال عرضه لمباحث النحو، فكثيرا ما نجده يعرف بها ويصوغها ويثبت أحكامها بالشواهد ومختلفة الآراء من ذلك:
- يرى أن (اليوم) إذا أضيف إلى فعل ماض نصبوه. ففي تأويله للآية:) يوم لا تملك نفس ((14). ذكر اختلاف القراء (15) فقال:"قرأته عامة قراء الحجاز والكوفة بنصب (يوم) إذ كانت إضافته غير محضة. وقرأ بعض قراء البصرة بضم (يوم) ورفعه ردا على اليوم الأول، والرفع فيه أفصح في كلام العرب، وذلك أن اليوم مضاف إلى (يفعل). والعرب إذا أضافت اليوم إلى تفعل أو يفعل أو أفعل رفعوه، فقالوا: هذا يوم أفعل كذا، وإذا أضافته إلى فعل ماض نصبوه" (16).
- إذا كان في الكلام مدح أو ذم، فالاسم المدخلة عليه (الباء) في موضع رفع: يقول الطبري في تأويله لقوله تعالى:) وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا ((17). أدخلت الباء في قوله: (بربك) وهو في محل رفع، لأن معنى الكلام: وكفاك ربك ... وكذلك تفعل العرب في كل كلام كان بمعنى المدح أو الذم فتدخل في الاسم الباء، والاسم المداخلة عليه (الباء) في موضع رفع لتدل بدخولها على المدح أو الذم كقولهم: أكرم به رجلا، وناهيك به رجلا، وجاء بثوبك ثوبا، وطاب بطعامك طعاما وما أشبه ذلك من الكلام. ولو أسقطت الباء مما دخلت فيه من هذه الأسماء رفعت لأنها في محل رفع، كقول الشاعر (18):
ويخبرني عن غائب المرء هديه كفى الهدي عما غيب المرء مخبرا
فأما إذا لم يكن مدح أو ذم فلا يدخلون في الاسم الباء، ولا يجوز أن يقال: قام بأخيك، وأنت تريد: قام أخوك، إلا أن تريد: قام رجل آخر به، وذلك معنى غير المعنى الأول» (19). فالاسم يكون في موضع رفع سواء دخلت عليه الباءأوحذفت مادام في الكلام المعنى المدح أو الذم.
وهذه القاعدة ذكرها الفراء في تفسيره لقوله عز وجل:) كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ((20) قال: «وكل ما في القرآن من قوله: وكفى بربك، وكفى بنفسك، فلو ألقيت الباء كان الحرف مرفوعا ... ولو لم يكن مدحا أو ذما لم يجز دخولها» (21)
- ويقول الطبري بأن (أما) لابد لها من أن تجاب بالفاء وتسقط الفاء إذ سقط الفعل الذي أضمر. ففي تأويله لقوله تعالى:) وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين ((22) قال: «يقول تعالى ذكره وأما الذين جحدوا وحدانية الله وأبوا إفراده في الدين بالألوهية فيقال لهم: ألم تكن آياتي في الدنيا تتلى عليكم. فإن قال قائل: أو ليست (أما) تجاب (بالفاء) فأين هي، فإن الجواب أن يقال هي الفاء التي في قوله (أفلم)، وإنما وجه الكلام في العربية لو نطق على بيانه وأصله أن يقال: وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم، لأن معنى الكلام: وأما الذين كفروا فيقال لهم: ألم تكن آياتي تتلى عليكم" (23).
- ويرى الطبري بأن الاسم إذا ورد بعد (من) التبعيضية فإنه يحذ ف لدلالتها عليه في قوله:" أن (من) في قوله تعالى:) ومن آيته يريكم البرق خوفا وطعاما ((24)، تدل على المحذوف، وذلك أنها تأتي بمعنى التبعيض، وإذا كانت كذالك كان معلوما أنها تقتضي البعض، فلذلك تحذف العرب معها الاسم لدلالتها عليه" (25). وهذا الذي ذهب إليه الفراء باستشهاده بقول الشاعر (26):
وما الدهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغى العيش أكدح
«كأنه أراد فمنهما ساعة أموتها وساعة أعيشها» (27).
(يُتْبَعُ)
(/)
- ومن تأصيله لقواعد عامة في النحو ما ذكره في الفرق بين (بلى) و (نعم) مستفادة من تأويله بقوله تعالى:) بلى من كسب سيئة ((28) قال:" وأما (بلى) فإنها إقرار في كل كلام في أوله جحد، كما نعم إقرار في الاستبهام الذي لا جحد فيه، وأصلها بل التي هي رجوع عن الجحد المحض في قولك: ما قام عمرو بل زيد، فزيدت فيها الياء ليصلح عليها الوقوف إذ كانت عطفا ورجوعا عن الجحد، وتكون أعني (بلى) رجوعا عن الجحد فقط وإقرار بالفعل الذي بعد الجحد فدخلت الياء منها على معنى الإقرار والإنعام، ودل لفظ (بل) على الرجوع عن الجحد" (29).
تخريجه لعدد من الآيات الكريمة تخريجا نحويا معززا بالشواهد:
اعتمد ابن جرير على الشواهد النحوية أيضا في تخريجه لعدد من الآيات تخريجا نحويا يتفق مع المعنى الذي يقتضيه النص القرآني. ومن تخريجاته ما يلي:
- تخريج) إن هذان لساحران ((30): من ظوهر المثنى التي ارتبطت بآية من آيات القرآن وأثارت نقاشا وجدا لا بين العلماء قديما وحديثا إعراب كلمة (هذان). فالقياس أن تكون بالياء (هذين) نصبا لوجود (إن). قال الطبري:"والصواب من القراءة في ذلك عندنا (إن) بتشديد نونها و (هذان) بالألف لإجماع الحجة من القراءة عليه. وأنه كذالك هو في خط المصحف. وأقر في جميع الأحوال الإعراب على حال واحدة وهي لغة بلحرث بن كعب وخثعم وزبيد ومن وليهم من قبائل اليمن" (31). وهذا التخريج اختاره ابن يعيش فقال: "فأمثل الأقوال فيها أن تكون على لغة بني الحارث في جعلهم المثنى بالألف على كل حال" (32).
وكذلك أبو حيان في تفسيره بإسناده هذه اللغة إلى عدد من العشائر العربية "والذي نختاره في تخريج هذه القراءة أنها جاءت على لغة بعض العرب من إجراء المثنى بالألف دائما، وهي لغة الكنانة، حكى ذلك أبو لخطاب، ولبني الحارث بن كعب وخثعم وزبيد، وأهل تلك الناحية حكى ذلك عنهم الكسائي" (33).
- تخريجه) وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين (: من الظواهر النحوية التي بحث فيها الطبري ووجه من خلالها القراءة التي اختارها ظاهرة الاتباع في الإعراب مع استقلال في المعنى (إلى حد ما) لكل من التابع والمتبوع.
هذه الظاهرة التي أثارت خلافا بين العلماء ودار النقاش حولها بينهم: وذلك في كلمة (أرجلكم) من قوله تعالى:) وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ((34). فقد رأى بعض العلماء أن (أرجلكم) جر على الجوار (35)، ورفض كثيرا من العلماء هذه الظاهرورأى بعضهم أنها تقع قليلا في النعت ولا تقع في العطف (36). وأعرض هنا رأي الإمام الطبري حيث قال: «اختلفت القراء (37) في قراءة ذلك فقرأه جماعة من قراء الحجاز والعراق) وأرجلكم إلى الكعبين (نصبا فتأويله: إذ قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم وإذا قرئ كذلك كان من المؤخر الذي معناه التقديم، وتكون الأرجل منصوبة عطفا على الأيدي. وتأول قارئو ذلك كذلك أن الله جل ثناؤه إنما أمر عباده بغسل الأرجل دون المسح بها. وقرأ ذلك آخرون من قراء الحجاز والعراق بخفض الأرجل وتأول قارئو ذلك أن الله إنما أمر عباده بمسح الأرجل في الوضوء دون غسلها وجعلوا الأرجل عطفا عل الرأس فخفضوها لذلك.
والصواب من القول عندنا في ذلك أن الله أمر بعموم مسح الرجلين بالماء في الوضوء كما أمر بعموم مسح الوجه بالتراب في التيمم. وإذا فعل ذلك بهما المتوضئ كان مستحقا (اسم ماسح غاسل)، لأن غسلهما إمرار اليد أو مقام اليد عليهما فإذا فعل ذلك بهما فاعل هو غاسل ماسح" (38).
- المخالفة في الإعراب بين المتعاطفين: ففي تأويله بقوله تعالى:) ولَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِم ِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء ((39) قال": وأما (لصابرين) فنصب وهو من نعت (من) على وجه المدح، لأن من شأن العرب إذا تطاولت صفة الواحد الاعتراض بالمدح والذم بالنصب أحيانا وبالرفع أحيانا. كما قال الشاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم
(يُتْبَعُ)
(/)
وذا الرأي حين تغم الأمور بذات الصليل وذات اللجم
فنصب (ليث الكتيبة) و (ذا الرأي) على المدح والاسم قبلها مخفوض، لأنه من صفة واحدة " (40).
- قبح العطف بظاهر من الأسماء على مكنى في حال الخفض: ففي تأويله بقوله تعالى:) واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ((41) قال الطبري": والقراءة التي لا نستجير القارئ أن يقرأ غيرها في ذلك النصب لما قد بينا أن العرب لا تعطف بظاهر من الأسماء على مكنى في حال الخفض إلا في ضرورة شعر (42).
ومن خلال هذه الوقفة مع تفسير (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) لابن جرير الطبري وصلنا لنتيجة عامة تمثلت في صلة النحو بالقرآن الكريم، فهو وسيلة المفسر في تفسيره وكشف تأويله. كما تبين لنا أن الشواهد النحوية قد ملأت هذا السفر الكبير على امتداد ثلاثين جزءا صيغت من خلالها قواعد نحوية كثيرة وتخريجات معززة بشواهد من القرآن الكريم وشعر منسوب إلى شعراء يحتج بشعرهم. وأحسب أن هذه الدراسة من شأنهاأن تضيف لهذا التفسير قيمة أخرى بالتعريف بشواهده النحوية والاستفادة منها في البحوث القرآنية والدراسات اللغوية.
الإحالات
1 – أبو بكر الزبيدي: لحن العوام، تحقيق رمضان عبد التواب، المطبعة الكمالية القاهرة،1964، ص 4.
2 - الرافعي: تاريخ آداب العرب، ط 2، 1359 هـ – 1940 م ج 1، ص 239
3 - أبو البركات
4 - أبو بكر الزبيدي: طبقات النحويين واللغويين، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، ط2، ص 11.
5 - انظر مثلا: ابن خلدون: المقدمة، دار الرائد العربي بيروت،ط 5، 1402 هـ – 1982 م، ص 546. والقرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الفكر، ط 2، 1407 ه – 1987 م، ج 1، ص 24.
6 - فاطر: 28.
7 - ابن فارس: الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها، تحقيق مصطفى الشويمي، بيروت، 1964م ص309.
8 - ابن جني: الخصائص، تحقيق محمد علي النجار، دار الهدى للطباعة والنشر، بيروت (د.ت) ج 1،ص 35.
9 - عبد الله رفيده: النحو وكتب التفسير، دار الجامهرية للنشر والتوزيع، ط 3، ج 1، ص 547.
10 - الفاتحة:7.
11 - أي المحددة.
12 - الطبري: جامع البيان، دار المعرفة بيروت، لبنان، 1986 م، ج 1، ص 61.
13 - القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، ج 1 ص 67.
14 - الانفطار: 19.
15 - قرأ بالنصب زيد بن علي والحسين وأبو جعفر وشيبة والأعرج وباقي السبعة (أبو حيان: البحر المحيط ج 8، ص 437).
16 - الطبري: جامع البيان، ج 30، ص 57.
17 - الإسراء: 17.
18 - هو زياد بن زيد العدوي: ابن منظور: اللسان ج 20، ص 231 (هدى)
19 - الطبري: جامع البيان، ج 15، ص 44.
20 - الإسراء: 14.
21 - الفراء: معاني القرآن، تح: محمد علي النجار وأحمد يوسف نجاتي، عالم الكتب،بيروت،ط 3، 1983م، ج 2 ص 219 –220.
22 - الجاثية: 31.
23 - الطبري: جامع البيان ج 25 ص 95.
24 - الروم: 24.
25 - الطبري: جامع البيان ج 21 ص 22.
26 - البيت من الطويل وهو لتميم بن مقبل في ديوانه.
27 - الفراء: معاني القرآن ج 2،ص 223.
28 - البقرة: 81 وتمامها ? بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ?.
29 - الطبري: جامع البيان ج 1، ص 304 – 305.
30 - طه: 23.
31 - الطبري: جامع البيان، ج 16، ص 136 – 137.
32 - ابن يعيش: شرح المفصل، مطبعة الطباعة المنيرة، القاهرة، ج 3، ص 130 – 131.
33 - أبو حيان: البحر المحيط، ج 6،ص 255.
34 - المائدة: 6.
35 - الزجاج: إعراب القرآن ج 1 ص 173، وابن الأنباري: الإنصاف في مسائل الخلاف ج 2، ص 603.
36 - السيوطي: الإتقان في علوم القرآن، دار المعرفة بيروت لبنان ج 2 ص 256.
37 - قرأ نافع وابن عامر (وأرجلكم) بالنصب. وروى الوليد بن مسلم عن نافع أنه قرأ (وأرجلكم) بالرفع وهي قراءة الحسن والأعمش، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وحمزة (وأرجلكم) بالخفض. وبحسب هذه القراءات اختلف الصحابة والتابعون.
38 - الطبري: جامع البيان ج 6 ص 81 – 84.
39 - البقرة: 177.
40 - الفراء: معاني القرآن ج 1 ص 105.
41 - النساء:1
42 - الطبري: جامع البيان ج 4 ص 151 – 152.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Nov 2009, 07:10 م]ـ
ومن خلال استقراءنا لهذا التفسير لمسنا عناية كبيرة بالشواهد النحوية، وقد أحصيت شواهد القرآن فوجدت عدتها ستة وعشرين ومائة (126) شاهد، وشواهد القراءات نحو خمسة وخمسين مائة (155) شاهدا، وهي نسبة عالية تبرز اهتمامه بالقراءات واعتماده عليها، وعدد الشواهد الشعرية نحو ثلاثة وأربعين ومائة (143) شاهد، أما الشواهد النثرية فأكثرها أمثلة تعليمية.
بحث قيم وفق الله الباحث والناقل لكل خير. وقد لفت نظري قوله أعلاه، ولا أدري عن مقصد الباحث من استقراءه للكتاب،فإن كان يقصد التفسير كاملاً فهذا مستغرب حيث إن عدد الشواهد التي أوردها الطبري في النحو أكثر من هذا العدد بكثير، ومجموع شواهده الشعرية أكثر من 2600 وشواهد النحو منها خاصة كثير يفوق العدد الذي تفضل به الباحث الدكتور لخضر ربحي وفقه الله.
شكر الله للباحث والناقل.(/)
تأملات قرانية خلال شهر رمضان
ـ[أبو عابد المكي]ــــــــ[31 Aug 2008, 03:12 م]ـ
بمناسبة شهر رمضان المبارك أهنئ المسلمين عموما و أعضاء ملتقى أهل التفسير خصوصا و أسأل الله أن يوفقنا لصيام نهاره إيمانا و احتسابا و قيام ليله إيمانا و احتسابا و تلاوة القران في هذه الشهر المبارك.
و أود أن أطرح فكرة - قابلة للتغيير أو التطوير - مستقاة من برنامج بينات و هي عبارة عن تأملات قرانية بعنوان (آية استوقفتني) بحيث أن كل قارئ للقران يكتب في كل ليلة آية واحدة فقط استوقفته - و يحتفظ بالباقي - فيكتب الآية و ماهي الوقفة التي استوقفته فيه هذه الآية؟
بحيث تصبح عنده خلال شهر رمضان ثلاثين وقفة أو تسعا و عشرين وقفة؟ ثم يضع كل مشارك في هذا الفكرة هذه الآيات مع الفوائد في الموضوع الذي سأكتبه خلال شهر شوال إن أمد الله في عمري أو تقوم الإدارة بذلك عني.(/)
الدورة القرآنية المكثفة في جامع الراجحي ببريدة
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[31 Aug 2008, 03:46 م]ـ
الجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه
بالتعاون مع المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالفايزية ببريدة
تدعوكم لحضور الدورة القرآنية المكثفة
في جامع الراجحي ببريدة لمدة أسبوعين
من تاريخ 6/ 9/1429هـ حتى 17/ 9/1429هـ
- الشيخ عبد العزيز المزيني، بعد صلاة الفجر، تجويد تحفة الأطفال
- د. إبراهيم الحميضي، بعد صلاة الظهر، التبيان في آداب حملة،القرآن الأسبوع الأول
- د. أحمد البريدي،بعد صلاة الظهر، أصول في التفسير للشيخ محمد العثيمين، الأسبوع الثاني
- د. محمد المحيميد، بعد صلاة العصر،تفسير جزء عمّ للدكتور مساعد الطيار
ـ[إيمان]ــــــــ[01 Sep 2008, 01:49 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[01 Sep 2008, 02:34 ص]ـ
وفقكم الله يا دكتور إبراهيم ...(/)
سر الواو والضمة في الجذور والنحو والرسم القرآني (1)
ـ[العرابلي]ــــــــ[01 Sep 2008, 02:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سر الواو والضمة في الجذور والنحو والرسم القرآني (1)
من أين تكون البداية؟ ..... وكيف تكون؟ ....... وبأي حرف نبدأ؟؟؟!!!
أسئلة حيرني!! ...........
لأختصر فيها الجدل .... وأبعد فيها عسر الفهم .... ولكي لا يكون هناك ملل ... !!!
ومع أن أول حرف عرفت استعماله هو شين الاستمرار، وآخر حرف كان همزة الامتداد المتصل،
إلا أني اخترت أن أبدأ بالواو من بين الحروف الهجائية .... لأهميته، وكثرة وروده في البناء والاستعمال؛
1. فعدد الجذور المستعمل فيها: (1247) جذرًا من جذور اللغة ...
2. وشمله الرسم القرآني في الحذف والزيادة والإبدال ...
3. وله استعمال كبير في النحو مع أخته الضمة التي تحمل معناه ...
فستكون حاجتنا إلى أبحاث كثيرة في حرف الواو وأخته الضمة؛ ...
أبحاث عديدة عن وضع الواو التي في الجذور؛
• عندما تكون فاء للجذر في (357) جذرًا ...
• وعندما تكون عينًا للجذر في (509) جذرًا ...
• وعندما تكون لامًا للجذر في (381) جذرًا ...
وأبحاث عديدة عن الواو في الرسم القرآني؛
• التي نالها الحذف ...
• أو تحققت بها زيادة ...
• أو حدث معها إبدال ...
وأبحاث عديدة عن الواو في النحو؛
• كحرف يضاف ليكون اسمًا يدل على الجمع ...
• وكحرف يضاف في البناء ليدل على الاسم المفعول ...
• وكعلامة للإعراب في جمع المذكر السالم ...
• وكعلامة إعراب للأسماء الخمسة ...
• وكحرف يفيد العطف، والاستئناف، والحال، والمعية، والقسم، ...
• وفي حذفه كعلامة لجزم لفعل المضارع ...
• وفي حذفه كعلامة على فعل الأمر ...
• وإبداله بالألف في الفعل الماضي ...
وأبحاث عن الضمة في النحو.
• كعلامة للفاعل ...
• وكعلامة للمبتدأ والخبر ...
• وكعلامة للفعل المضارع ...
• وكعلامة للفعل المبني للمجهول ...
• وكعلامة لاسم كان وأخواتها ...
• وكعلامة لخبر إن وأخواتها ...
• وكعلامة ل ....................
وللواو والضمة استعمالات كثيرة في أوزان الصرف في الأفعال والأسماء ومنها الجموع ...
والحديث عما تعلق بالواو حديث واسع ومتشعب ...
البحث الأول: الجذور التي بدأت بحرف الواو
الحرف الأول دائمًا له الوجاهة، وله قوة الدلالة على استعمال الحرف المذكور في الجذر.
لذلك يعرف استعمال الحرف من دراسته؛ عندما يكون فاء للجذور ... قبل غيره من الأوضاع الأخرى، لأن أبين وأوضح دلالة له؛ عندما يكون الحرف هو الحرف الأول في الجذر.
والحرف في الجذر يدل على معنى جزئي منه، وليس على الاستعمال العام له، واجتماع المعاني الجزئية لحروف الجذر تدل على استعمال هذا الجذر في اللسان العربي.
فتعلق بحثنا هو في؛ "إشارة الواو إلى الباطن والداخل"؛ في الجذور التي كانت فيها الواو حرفًا أولاً؛ حيث له الصدارة والوجاهة.
وسيكون في شرحنا لبيان دلالة حرف الواو؛ والتلميح أحيانًا لا التصريح بمعاني الحروف الأخرى، إلا إذا وجب الأمر. وترك الإشارة إليها حتى لا يتشتت ذهن القارئ بين معانٍ كثيرة، لكن سينالها البحث إن شاء الله تعالى؛ ولو بعد حين.
فمن يحفظ معاني الحروف الهجائية سيدرك ذلك من كلامنا.
ومن أراد له الاستفادة والتمكن في معاني الحروف الهجائية؛ فعليه أن يحفظها كحفظ اسمه، وهذه الأبحاث ستساعد على حفظ معاني الحروف لمن يتابعها؛ بالتسلسل في عرضها إن شاء الله تعالى.
لقد اخترنا: (137) جذرًا ثلاثيًا من بين: (357) جذرًا بدأت بحرف الواو؛ كما هو مدون لدي، وهي الجذور الحية الأكثر استعمالاً في الحياة اليومية وفي اللغة وآدابها.
سنختصر الشرح على القدر الذي يوصل المعنى من غير استفاضة فيه.
وسيكون الشرح لأهم فعل أو اسم في الجذر.
ولا تنس (في كل كلمة) أن استعمال الواو: ... للإشارة إلى الباطل أو الداخل ... ؛
فالحروف الثلاثة في الجذور الثلاثية اختيرت في كل مرة للتعبير عن الواقع بهذه الحروف؛ ومبني هذا الاختيار على المعاني المستعملة لهذه الحروف.
ويتضح معناها بالإشارة إلى ذات الباطن،
أو الإشارة إلى عملية الدخول التي لا تكون إلا في باطن،
أو الإشارة إلى عملية الخروج التي لا تكون إلا من باطن.
أو بألفاظ تدل على الباطن كـ "في"، "بين"، "داخل"، "وسط"، "منتصف"، "الجوف"، ونحو ذلك ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ولفظ " النفس"، لأن النفس مكانها الدائم داخل الجسد مستبطنة فيه.
ولتوضيح إشارة الواو في الجذر إلى الباطن والداخل لونا الجمل والألفاظ المتعلقة بهذه الإشارة:
ـ[العرابلي]ــــــــ[01 Sep 2008, 02:13 ص]ـ
1. وأد: الوأد هو إدخال البنت الحية في حفرة ودفنها فيها لأجل قتلها.
2. وأل: الوأل هو الدخول في ملجأ (الموئل) طلبًا للأمن فيه؛ قال الله تعالى: (لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا (58) الكهف.
3. وأم: واءمه وافقه، والوئام الموافقة؛ وهو الرضا بالدخول في الحال الذي عليه الآخر؛ فيكون بينهما صحبة وعشرة.
4. وبأ: الوَبَأُ والوباء: هو كلُّ مَرَضٍ عامَ، وفيه دخول المرض جموع الناس، وانحصار خروجه منهم، وامتداده فيهم.
5. وبخ: التَّوْبِيخُ التهديد والتأنيب واللوم، ووبَّخَه: لامَه وعذله، أخرج من نفسه غضبه عليه بإسماعه من الكلام الذي يصغر فيها عليه نفسه ... فالغضب خرج من نفس ودخل الكلام في النفس الثانية الموبخة. والفعل هو رباعي تكررت فيه الباء.
6. وبر: الوبر كالصوف للغنم يغطي جسم الأرانب والثعالب وحيوان يسمى الوبر مثل الأرنب، يكاد لاشتماله الجلد أن يخفى تحته، لكن طوله ينحصر بحد معين لا يزيد عليه، إلا في بقع من جلد الإبل؛ على السنام والرقبة تطول ثم تسقط من نفسها.
7. وبش: الأَوْبَاشُ من الناس الأخلاط؛ وهم أناس دخل بعضهم في بعض من غير أن يبرز فيهم رأسًا منهم يتفضل عليهم، ويستمروا دائمين على هذا الحال.
8. وبق: المَوْبِقُ: المَحْبِسُ. وقد أَوْبَقه أَي حبسه. وقوله تعالى: (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا (34) الشورى؛ أَي يَحْبس السفن في داخل البحر بتسكين الريح، والمُوبِقات الذنوب المهلكات؛ فالوبق هو الدخول فيما لا مخرج له منه؛ فيثبت فيه بالحبس أو الهلاك
9. وبل: والوَابِلُ المطر الشديد؛ قال تعالى: (كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ (265) البقرة، أي مطر شديد ملأ بطن (ثرى) الجنة ماء، (فَأََخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلا (16) المزمل؛ شديدًا فأغرقه الله في داخل اليم وملأ بطنه منه.
10. وتد: الوتد قطعة من خشب أو حديد يثبت بإدخال أكثره في الأرض
11. وتر: الوتر قطعة جلد داخل القوس مشدودة إلى طرفيه.
12. وتن: الوَتِينُ عِرق مستبطن في القلب إذا انقطع مات صاحبه
13. وثب: الوثوب هو القعود على كرسي أو سرير أو مخدة أو فراش؛ أي أن تجعل بينك وبين الأرض شيئًا أخر داخل بينكما. ووثب عليه: جعله بينه وبين الأرض
14. وثق: وَثِقَ به: ائتمنه، أي أدخل إليه أمانة أو سرًا لثقته به، وأَوْثَقَهُ في الوَثَاقُ أحكم شَدَّه بالحبل؛ قال الله تعالى: (فشُدوا الوَثَاقَ (4) محمد؛ أي أحكم إدخال يديه ورجليه في الحبل لتثبيته لئلا يفر.
15. وثن: قال ابن الأَثير: الفرق بين الوَثَنِ والصَّنَم أَن الوَثَنَ كل ما له جُثَّةٌ معمولة من جواهر الأَرض أَو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي تُعمَلُ وتُنْصَبُ فتُعْبَدُ، والصَّنَمُ الصورة بلا جُثَّةٍ؛ أي إدخال صورة في الحجارة وغيرها لآدمي قبل أن تنصب وتعبد.
16. وجب: وجوب الأمر؛ دخول الوقت اللازم لعمله أو أدائه.
17. وجد: وجد الشيء؛ وصل إليه وعرفه في داخل أحد الأماكن التي كان يبحث عنه فيها.
18. وجر: الوَِجارُ: جُحْرُ الضبع والأَسد والذئب والثعلب ونحو ذلك، يكون في باطن جبل أو أرض. و الوَجْرُ: مثل الكهف يكون في الجبل.
19. وجز: وَجُزَ الكلامُ: قَلَّ في بلاغة، و أَوْجَزَه: اختصره. وأَمرٌ وَجِيزٌ وكلام وَجِيز أَي خفيف مقتصر؛ أي أخذ لب الكلام وترك تفرعه وأطرافه، ولب الشيء أفضله المستبطن فيه.
20. وجس: الوجْس الصوت الخفي، والفزع يحس به في القلب، والواجس: الهاجس، فالوجس هو الهاجس الذي يدخل في القلب.
21. وجع: الوجع ألم يحس به المصاب في داخل جسمه.
22. وجف: قلب واجف شديد الاضطراب من الخوف الذي يدخله؛ قال تعالى: (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (8) النازعات، وقال تعالى: (فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ (6) الحشر؛ أي لم تنالوا الفيء بإدخال الخوف عليهم بخيل ولا ركاب؛ (وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) الحشر
(يُتْبَعُ)
(/)
23. وجل: فالوجل: خوف يدخل القلب ويلتصق به من سماع ذكر الله؛ قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ (2) الأنفال.
24. وجم: الوجم اشتداد الحزن الذي يدخل النفس والقلب حتى يسكت عن الكلام.
25. وجن: الوجنة تبرز في الوجه من نتوء عظم المحجر داخلها، وما يجتمع عليه من لحم وشحم
26. وجه؛ الوجه هو العضو من الجسد الذي يكشف عما في داخل النفس من أسرار، ومن رضا أو سخط، وفرح أو حزن، وراحة أو تعب، وتوجه إلى الشيء انطلق لرؤية ما فيه، والاطلاع عليه، أو نيله والحصول عليه، قال تعالى: (أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ (76) النحل.
27. وحد: الواحد هو الذي لا يتسع شأنه ليدخل غيره معه فيه؛ كعدم دخول آخر مع الله تعالى في ألوهيته. كقوله تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) البقرة.
28. وحش: الوحش من الحيوان هو الذي يبقى في داخل البرية وفي الجبال والغابات منفردًا في الأماكن البعيدة عن سكنى الناس.
29. وحل: الوحل هو الطين الرقيق الذي تدخل فيه أرجل من يطؤه.
30. وحم: الوحم هو حالة اشتهاء شديدة تدخل في نفس المرأة الحامل لأكلة محددة.
31. وحي: الوحي أمر خفي يلقي في نفس الموحى إليه، ولا يطلع عليه من كان حوله حتى يعلمهم به.
32. وخز: الوَخْزُ الطعن بالرمح ونحوه ولا يكون نافذا؛ فالوخز دخول الرمح في داخل المطعون به.
33. وخط: وَخَطَهُ الشيب خالط سواد شعره، فالوخط هو دخول الشيب وظهوره بين سواد الشعر واختلاطه به.
34. وخم: رجل وَخِمٌ و وَخِيمٌ أي ثقيل، وبلدة وَخْمَةٌ و وَخِيمَةٌ إذا لم تُوافِق ساكنها، فالوخم هو ثقل يدخل نفسه من دخول ثقيل عليه، أو دخول بلدة لا يوافقه سكناها.
35. وخي: تَوَخَّى مرضاته تحَرَّى وقصد، الوَخْي: الطريقُ المُعْتَمد القاصد؛ فالتوخي هو الدخول في الطريق والأمر الموصل لرضا من يقصده.
[ size="4"]36. ودج: الوَدَجان عرقان غليظان عريضان عن يمين ثُغْرَةِ النحر ويسارها، متصلان من الرأْس إِلى السَّحْرِ، فالأوداج هي عروق تستبطن في الأعناق
37. ودد: الودُّ الحُبُّ يكون في جمع مَداخِل الخَيْر؛ ومحله في داخل القلب وكأن حبه مغروس فيه.
38. ودع: الوَدَعَاتُ خرز بيض تخرج من البحر جُوفٌ في بطونها، والتوديع: السلام على من سيخلي مكانه ويتركه، وقوله تعالى: (ما وَدَّعك ربُّك وما قلى (3) الضحى؛ أي لم يخل مكانك عنده، وتسقط منزلتك، ولا قلاك، وقوله تعالى: (وَدَعْ أَذاهُم وتَوَكَّلْ على الله (48) الأحزاب؛ أخل قلبك من أثر أذاهم فيه، وتوكل على الله في دعوتك لهم. والموادعة: المصالحة وفيها خلو القلوب من الضغينة على بعض، وأودع الثوب: صانه من دخول غبار أو ريح عليه.
39. ودف: وَدَفَ الشحْمُ ونحوه يَدِف: سالَ وقَطَر، ووَدَفَ الإِناءُ: قَطَر؛ فالودف هو خروج الماء من داخل الإناء كقطر، ومثله خروج الزيت من داخل الشحم.
40. ودق: الوَدَقُ المطر كله شديدهُ وهيّنُه، و الوَدِيقةُ: شدة حَرُّ نصف النهار، فالودق والوديقة هو خروج المطر أو الحر لهم، واتساعه وانتشاره وثباته، فيدخل الكل في المطر أو الحر.
41. ودك: الوَدَك دسم اللحم؛ وهو ما يخرج من اللحم في الطبخ ليكون في المرق.
42. ودي: الوَدْيُ بالسكون ما يخرج بعد البول، و الودِيُّ صغار الفسيل الذي يخرج من أسفل النخلة ويلحق بها، والدية ما يخرج لأهل القتيل من المال ويعطى لهم وكأنه كسب خرج للميت مع موته وأدخل في الإرث الذي يرثوه عنه.
43. وذي: الوَذْيُ و الوَذِيُّ وهو المَنْيُ والمَنِيُّ الذي يخرج من الرجل، والوذية ما يخرج من الجلد بسبب داء يصيبه أو جرح، ما به وذية؛ ليس به جراح، أو ما به داء.
44. ورأ: وَرَاءُ و الوَرَاءُ، جميعاً، يكون خَلْفَ وقُدَّامَ، الوَراءُ: الخَلْفُ لأنه مستور عن العين، والقادم الذي لم يخرج ويظهر بعد؛ قال تعالى: (وكان وَرَاءَهُم مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينةٍ غَصْباً (79) الكهف، وقوله عز وجل: (فمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذلك (7) المؤمنون؛ أي ذهب ودخل على ما لا يحل له، و الوراءُ: ولَدُ الوَلَدِ؛ (ومِن وراءِ إِسْحقَ يَعْقُوبُ (71) هود؛ أي يكون خروج وظهور يعقوب من إسحاق عليهما السلام بعد وجود إسحاق أولا.
45. ورث: الوِرْثِ ما يتركه الميت للناس بعد موته، فيخرج ويوزع عليهم
46. ورد: وَرْدُ كلّ شجرة: نَوْرُها، الذي يُشمّ، وذلك لأن الحشرات تردها فتصيب مما تخرجه من رحيقها، وَردْتُ الإبل الماءَ: حضرته لتشرب منه ما يخرج لها. وقوله تعالى: (وإنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُهَا (71) مريم إلا آتيها ليصيب نصيبه منها، ولو كان نصيبه الخوف والرهبة فقط من المرور عليها.
47. ورط: كل غامِضٍ ورْطةٌ. الأَمر تقع فيه من هَلَكةٍ وغيرها؛ و أَوْرَطه: أَوقعه فيما لا خلاص (خروج) له منه. الوَرْطةِ، وهي الهُوَّة العَمِيقة في الأَرض ثم اسْتُعِير للناس إِذا وقَعوا في بَلِيَّة يَعْسُر المَخْرجُ منها.
48. ورع: الوَرَعُ: التَّحَرُّجُ، و الوَرِعُ: الرجل التقي المُتَحَرِّجُ، الذي يكف نفسه؛ أي يحبسها عن الدخول في المحارم، أو الخروج إليها، ويكفها كذلك عن الدخول في المباح، والتوسع في الحلال. فيجعل نفسه في حصن من ذلك.
49. ورف: أَوْرَف الظلُّ و وَرَفَ و ورَّف إِذا طال وامتدَّ، والظلُّ وارِفٌ أَي واسع ممتد؛ الظل الوارف يُدخل فيه ليستظل به.
50. ورق: ورق الشجر معروف وهو ما يخرج من نفس الشجرة، وهو سبب في خروج ثمارها وصلاحها، لذلك تسمى الدراهم المضربة المعدة للمبادلة في البيع الوَرِقُ و الوِرْقُ و الوَرْقُ؛ لأنها تخرج ويشترى بها ما رخص ثمنه كالخضار والفاكهة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[01 Sep 2008, 02:16 ص]ـ
51. ورك: الوَرِكُ: ما فوق الفَخِذ، الورك له بروز بما اجتمع فيه من لحم وعضل، ويبطن فيه العظم ولا يشتد عليه
52. ورم: الأَورام النّتوء والانتفاخ في داخل اللحم تحت الجلد،
53. وري: الوَرْيُ: قَيْح يكون في الجَوف، وَارَيْتُه: أَخْفَيْتُهِ في جوف شيء. وتَوَارى هو: استتر، والتَّوْرِيةُ: السَّتر، وَرَّيْت النار تَوْرِيةً إِذا استخرجتها مما بطنت فيه.
54. وزب: وَزَبَ الشيءُ: سالَ. والمِيزابُ المِثْعَبُ الذي يخرج منه ماء المطر الساقط على ظهر البيت.
55. وزر: كلّ مَعْقِلٍ الْتَجَأْتَ إِليه وتحصّنت به، فهو وَزَرٌ. وفي التنزيل العزيز: (كَلاَّ لا وَزَرَ (11) القيامة؛ أي لا شيء يعتصم فيه من أَمر الله، والوزير: من يلجأ إليه الملك، ويدخله في أمره ليكون عونًا له في رأيه، والأوزار: السلاح الذي يعتصم به في الحرب، وآزره ووازره: أعانه وقواه، والوِزر بكسر الواو: الذنب والإثم الذي يخرج المذنب من مأمنه وحصنه.
56. وزز: الوَزْوَزَة ُ: الخِفَّة والطَّيْشُ، مقاربة الخَطْوِ مع تحريك الجسد، و الوَزَّة ُ البَطَّة؛ لأنها تجعل خط سيرها بين خطين من تمايلها على الجنبين.
57. وزع: وزَّع الشيء قسمه وفرقه، الوزَع كفُّ النفْسِ عن الخروج لتلحق بهَواها كأنه من منعها من الاستئثار بالشيء ومنع وصوله لمستحقيه، وفي التنزيل: (فهم يُوزعُونَ (17) النمل؛ أَي يُحْبَسُ أَوّلُهم على آخِرهم، أي يوقف الأول قبل الوصول ويمنع من الاستمرار حتى يلحق به المتأخر فصار مكان حبسه وسطًا بين مكاني الخروج والوصول.
58. وزن: الوَزْنُ ثَقْلُ شيء بشيء مثله كأَوزان الدراهم، يقال للآلة التي يُوزَنُ بها الأَشياء مِيزانٌ أَيضاً؛ والوَزْنُ: رَوْزُ الثِّقَلِ والخِفَّةِ. والوزن يحدد عندما يستويا طرفي الميزان الحاملان للكفتين مع نقطة التعليق الواقعة في المنتصف بينهما. أو بمعنى آخر؛ ما في الكفة الأولى من ثقل يساوي ما في الكفة الثانية من ثقل.
59. وسخ: الوسَخ: ما يعلو الثوب والجلد من الدرَن وقلة التعهد بالماءِ؛ فيبطن الجلد والثوب تحته. أو ما يدخل في الجلد والثوب من الدرن ويعلوه.
60. وسد: و الوِسادُ: كل ما يوضع تحت الرأْس ويرفعه ويكون بين رأسه الأرض؛ من مخدة أو متكأ، وإِن كان مِن تراب أَو حجارة.
61. وسط: وسَطُ الشيء: ما بين طرَفَيْه؛
62. وسع: اتساع الشيء يكون من تباعد أطرافه، وكبر جوفه، فيحتمل المزيد في بطنه.
63. وسق: الوَسْقُ و الوِسْقُ: مِكْيَلَة معلومة، وقيل: هو حمل بعير وهو ستُّون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، يجمع فيه الكيل ثم يغلق على ما في داخله من الحب. وفي التنزيل: (والليل وما وسق (17) الانشقاق؛ أي وما جمع في ظلمته وسترهم بها.
64. وسل: الوَسِيلةُ: المَنْزِلة عند المَلِك. والدَّرَجة. والقُرْبة. فالوسيلة هي ما يكون بين المتوسل والمتوسل إليه من منزلة أو درجة أو قربة أو عمل تقرب به الأول للثاني.
65. وسم: الوَسْم أَثَر الكَيّ الذي يدخل في الجلد من أثر الحرق ويستمر علامة فيه يعرف بها، ويقال: تَوَسَّمْتُ في فلان خيراً؛ أَي رأَيت وتخيلت فيه أَثراً منه، و المِيسَمُ و الوَسامةُ: أَثر الحُسْنِ.
66. وسن: السِّنةُ: النُّعَاس يدخل في الرأْس من غير نوم. فإِذا صار إِلى القلب فهو نوم.
67. وشج: وَشَجَتِ العُروقُ والأَغصان: اشْتَبَكَتْ، وَشَجَ: تداخل وتَشابك والْتَفَّ؛ مُلْتَفَّاً دخل بعضُه بعضاً، الواشِجة: الرَّحمُ المشتبكة المتصلة.
68. وشح: الوِشاحُ يُنْسَجُ من أَديم عريضاً ويرَصَّعُ بالجواهر، والوُشاحُ: كله حَلْيُ النساءِ، كِرْسانِ من لؤلؤ وجوهر منظومان مُخالَفٌ بينهما معطوف أَحدُهما على الآخر. والتوشُّح أَن يَتَّشِحَ بالثوب، ثم يُخرجَ طَرَفه الذي أَلقاه على عاتقه الأَيسر من تحت يده اليمنى، ثم يَعْقِدَ طرفيهما على صدره؛
69. وشك: الوَشِيكُ: السريع والقريب، أَمْرٌ وَشِيكٌ: سريع، أي قد انحصر الأمد بينك وبينه وقرب ظهوره.
70. وشم: الوَشْمُ ما تجعله المرأَة على ذراعِها بالإِبْرَةِ ثم تَحْشُوه بالنَّؤُور، وهو دُخان الشحم، وهو النَّيلجُ. الذي يدخل في الجلد ويظل علامة ثابتة فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
71. وشا: وَشَى به إلى السلطان وِشَاية؛ إذا نَمَّ عليه وسعى به، فالوشاية هي إدخال قول عن امرئ عند السلطان يضر بمكانته عنده ويفسد عليه أمره.
72. وشي: الوَشْيُ في اللون: خَلْطُ لَوْنٍ بلون، وَشى الثوبَ: نَمْنَمَه ونَقَشَه وحَسَّنه. وفي التنزيل العزيز: (مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا (71) البقرة؛ أَي ليس فيها لَوْنٌ يُخالِفُ سائر لونها. فالوشي إدخال شيء في شيء يخالفه فيختلطا ببعض.
73. وصب: الوُصُوبُ: دَيمومةُ الشيء. وفي التنزيل العزيز: (ولَهُ الدِّينُ واصِباً (52) النحل، الوَصَب: دوامُ الوَجَع ولُزومه، والوَصَبُ: شِدَّة التَّعَب. وفيه: (دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) الصافات؛ أَي دائم ثابت، وأَوْصَبَتِ الناقةُ الشحم: ثَبَتَ شحمُها، ولا يثبت دوام الشيء إلا إذا تمكن فيما هو داخل فيه، ويصعب نزعه منه.
74. وصف: الوصف وصفك الشيء بحِلْيته ونَعْته.والنعت يقوم مقام الشيء في غيابه كأنه حاضر، فالوصف هو للغائب في بطن المجهول لم تمتنع معرفته بالوصف؛ فكأنه بالوصف موجود أوحي متحرك يرى أمامك. والوَصِيفُ الخادم غلاما كان أو جارية، لأنه يقوم بالعمل مقام صاحبه ويسد مسد غيابه عنه.
75. وصل: الوَصْل خلاف الفَصْل. وَصَلَ الشيءُ إِلى الشيء انتهى إِليه وبَلَغه؛ (فأصبح معه في نفس المكان) و المَوصِل مَعْقِد الحبْل في الحَبْل. و الأَوْصَال: المَفاصِل، الوصل هو إدخال طرفي شيئين في بعضهما؛ فالوصل هو تداخل بين طرفين، أو دخول طرفين في أمر واحد، أو مكان واحد.
76. وصم: و وَصَمَ الشيءَ: عابه. والوَصْمُ: المَرَضُ، والعيب والعار في الحَسَب؛، والوَصْمَةُ: العيب في الكلام، فالوصم هو دخول شيء في الجسم فيمرضه، أو دخول شيء في الحسب والكلام فيكون عيبًا وعارًا.
77. وصي: أَوْصى الرجلَ و وَصَّاه: عَهِدَ إِليه؛ وصَى الرجلَ وَصْياً: وَصَلَه.وَصَتِ الأَرضُ: اتَّصل نباتُها بعضُه ببعض، وسمّيت وَصِيَّةً لاتصالها بأَمر الميت، فاتصل عطاؤه بعد الموت بما قبل الموت. فالوصية هو إدخال من يشارك الورثة في ماله الذي يفرق بعد موته. ويوصله إليه. وأوصاه؛ أدخل في فعله ما أمره به. [/ size]
78. وضؤ: الوَضيءِ، وهو الحَسَنُ النَّظِيفُ والوَضاءَةُ: الحُسْنُ والنَّظافةُ، الوَضُوءُ، وهو الماء الذي يُتَوَضَّأُ به، والوُضُوءُ، وهو الفعلُ، فالوضوء هو إخراج ما يغسل بالماء بمظهر حسن ونظيف أو إخراج ما به من وسخ، أو نجاسة مادية أو معنوية.
79. وضح: الوَضَحُ: البياضُ من كل شيء؛ وَضَحَ الشيءُ: بان وظهر، و الواضحُ: ضدّ الخامل لوُضُوح حاله وظهور فضله؛ فالوضوح خروج الشيء وظهوره من بين ما يخفيه ويستره.
80. وضر: الوَضَرُ: الدَّرَنُ والدَّسَمُ. ووَسَخُ الدسمِ واللبن، وما يشمه الإِنسان من ريح يجده من طعام فاسد. فالوضر هو ما يلتصق في باطن الآنية من الدسم، ويخرج منه ريحًا فاسدة.
81. وضع: الوَضِيعُ: الدَّنِيءُ من الناس، ووَضَعَ عنه الدَّيْنَ والدمَ: أَسْقَطَه عنه، وَضَعَ الشيءَ في المكانِ: أَثْبَتَه فيه. ووَضَعَتِ الحامِلُ الوَلَدَ: ولدَتْه. وَضَعَتِ المرأَةُ خِمارَها: خَلَعَتْه، فالوضع عامة هو انتهاء الشيء بخروجه كوضع الحامل أو إخراجه مما لزمه كإسقاط الدين عنه.
82. وضم: الوَضَم: كلُّ شيء يوضع عليه اللحمُ من خشب وغيره يُوقى به من الأَرض؛ الوَضِيمُ ما بين الوُسْطى والبِنْصر. فاستعمال وضم فيما وقع بين شيئين. (الخشب بين اللحم والأرض) وكذلك (الوضيم بين الأصابع)
83. وضن: وَضَنَ الشيءَ: ثنى بعضه على بعض وضاعَفَهُ. وسرير مَوْضونٌ: مضاعَفُ النسج، المَوْضُونةُ الدِّرْع المنسوجة، بعضها مُداخَلٌ في بعض، فثني الشيء ومضاعفته في الوضن؛ يجعل له باطنًا.
84. وطأ:. الوطيءُ من كلِّ شيءٍ: ما سَهُلَ ولان، الوَطِيءُ: السَّهْلُ من الناسِ والدَّوابُ والأَماكِنِ. واطأَه على الأَمر مُواطأَةً: وافَقَه. أَشَدُّ وَطْأً أَي أَثْبَتُ قِياماً. وَطِىءَ الشيءَ يَطَؤُهُ وَطْأً: داسَه، (لسهولته).فالوطأ يكون لما يقبل الدخول فيه أو معه أو عليه، والتوسط فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
85. وطر: الوَطَرُ كل حاجة يكون لك فيها هِمَّةٌ، فإِذا بلغها البالغ قيل: قضى وَطَرَه وأَرَبَهُ، ولا يبنى منه فعل. فالوطر (يفهم من استعمال جميع حروفه) هو الدخول في طلب الرغبة والشروع بها/ ثم ينحصر استعلاءه وامتداده فيها/ فيلزم أمر لا بد منه بمفارقته له، .... وهذا ما حدث لزيد رضي الله عنه؛ فقد دخل بزوجته، ثم انحصر امتداده واستعلاءه وهيمنته كزوج له القوامة عليها، بنشوزها واستعلائها عليه، فلزمه من الأمر ما لا بد منه، ولا عودة فيه؛ فطلقها. قال تعالى: (فلما قضى منها زيد وطرًا زوجناكها (37) الأحزاب.
86. وطس: وَطَسَ الشيءَ وَطْساً: كسره ودقَّه. من حروفه يفهم أنه؛ أدخل فيه شيء فحصر تماسكه فتفلت وتقطع، وقد يحمى الشيء في تنور أو حفرة قبل دقه لينكسر ويتفتت، وعلى ذلك قيل؛ الوَطِيس: التنور، والوَطِيس: حُفَيْرَةٌ تحتفر في الأرض ويختبز فيها ويشوى، الوَطِيس حجارة مُدَورةٌ فإِذا حميت لا يمكن لأَحد الوطء عليها، يُضْرب مثلاً للأَمر إِذا اشتد: قد حَمِي الوَطِيسُ. ويقال ذلك عند اشتداد المعركة فالداخل فيها يتعرض للنيل منه بالقتل أو الجرح. وتتكسر فيها السيوف والرماح.
87. وطن: الوَطَنُ: المَنْزِلُ تقيم بداخله، وهو مَوْطِنُ الإِنسان ومحله؛ و أَوْطانُ الغنم والبقر: مَرَابِضُها وأَماكنها التي تأْوي إِليها، لتبيت فيها.
88. وظب: وَظَبَ على الشيءِ، و واظَب: لَزِمَه، وداومه، وتَعَهَّده. أي ظل فيه لا يخرج منه.
89. وعب: وعَبَ الشيءَ واسْتَوْعَبَه: أَخَذَه أَجْمَعَ؛ فكان كله في داخله، و اسْتَوْعَبَ المكانُ و الوِعاءُ الشيءَ: وَسِعَه.
90. وعث: الوَعْثُ من الرمل ما غابت فيه الأَرجل والأَخفاف؛ الوَعَثُ رِقَّةُ التراب ورخاوة الأَرض تغيب فيه قوائم الدواب؛
91. وعد: المَوْعِدُ العَهْد؛ وكذلك قوله تعالى: (وأَخلفتم مَوْعِدي (86) طه؛ أي عَهْدي، فالوعد هو تعهد من النفس بتقدير منها بفعل شيء أو أدائه في زمن مستقبل؛ وهذا الزمن في غيب مستور حتى يأتي وقته فينكشف عنه. وعن الفعل أو الشيء الموعود.
92. وعر: المكانُ الحَزْنُ ذو الوُعُورَةِ ضدّ السَّهْل؛ الوُعُورَة تكون غِلَظاً في الجبل وتكون وُعُوثَة في الرمل. و الوَعْرُ: المكانُ الصُّلْبُ؛ فالسير في المكان الوعر يتحرى السائر فيه إدخال الرجل في الفواصل بين الحجارة والأشواك، وتدخل رجله في الوعث من الرمل.
93. وعز: الوعز: التَّقْدِمةُ في الأَمر والتَّقَدُّمُ فيه وأَوْعَزْتُ إِلى فلان في ذلك الأَمر إِذا تقدمت إِليه. فأوعز أدخل في أفعاله فعلا لم يكن يريد فعله. والواو في أوعز أصبحت محصورة فأصبح إرادة الفعل من غيره لا من نفسه.
94. وعظ: الوَعْظ و العِظَةُ و العَظةُ و المَوْعِظةُ: النُّصْح والتذْكير بالعَواقِبِ؛ هو تذكيرك للإِنسان بما يُلَيِّن قلبَه من ثواب وعِقاب. فالوعظ هو إدخال أثر في القلب والنفس بكلام مؤثر يرغبه في ثواب، أو يخوفه من عقاب.
95. وعك: الوعْكُ: الأَلم يجده الإِنسانُ من شدَّة التعب. وأَذَى الحمى ووجعها في البدن، فالوعك ما يجده الإنسان في نفسه وبدنه؛ من الوجع، والألم؛ بسبب شدة تعب، أو مرض أو حمى.
96. وعل: والوَعْلُ: المَلْجَأُ، الوَعْلُ و الوَعِلُ: الأُرْوِيُّ. الوَعِل و الوُعِلُ تَيْس الجبل يكون في رؤوس الجبال، فالوعول مكانها في رؤوس الجبال بين الصخور والشعاب ملتجئة دائمًا إليها.
97. وعي: الوَعْيُ: حِفْظ القلبِ الشيءَ. الوَعِيُّ الحافِظُ الكَيِّسُ الفَقِيه، وفلان أَوْعَى من فلان أَي أَحْفَظُ وأَفْهَمُ.وفي التنزيل: (أُذُنٌ وِاعِيَةُ (12) الحاقة، وفيه: (واللهُ أَعْلَمُ بما يُوعُونَ (23) الانشقاق؛ أي بما يجمعون في قلوبهم وصدورهم من التكذيب والإثم، والوعاء الأداة التي يجمع فيها الأشياء وتحفظ. وأوعاه جمعه. والوَعْيُ: القَيْحُ والمِدَّة؛ فمحل الوعي يكون في داخل القلب والنفس، وفي الجلد، وفي الشيء، لما هو خير، أو شر وأذى.
98. وغد: الوَغْدُ: الخفيف الأَحمقُ الضعيفُ العقْلِ الرذلُ الدنيءُ، والذي يَخْدمُ بطعام بطنه، فالوغد: وصف لمن كانت نفسه ضعيفةً وباطنه خبيثًا.
99. وغر: في صدره عليَّ وَغْرٌ، أَي ضِغْنٌ وعداوة وحقد وتَوَقُّدٌ من الغيظ، وفي الحديث: الهَدِيَّةُ تُذْهِبُ وَغَرَ الصدر؛ والوَغْرَةُ: شدَّةُ تَوَقُّدِ الحَرِّ.الذي يلزم الناس داخل بيوتهم.
99. وفد: الوَفْدُ الرُّكبان المُكَرَّمُون، يدخلون على ملك أو أمير؛ يفدون إليه نيابة عن قومهم في رفع حاجاتهم. وهم أرفع قومهم، فصار الرفع لذلك وفدًا، أَوْفَدَ الشيءَ: رَفَعَه. أَوْفَدَ الرِّيمُ: رفع رأْسَه ونصَب أُذنيه؛ الإِيفادُ على الشيء: الإِشرافُ عليه.
100. وفر: الوَفْرُ من المال والمتاع: الكثيرُ الواسعُ وقيل: هو العامُّ من كل شيء، الموفور: الشيء التام؛ و وَفَرَ الشيءَ: أَكمَلَهُ فالخير الواسع التام الكامل الكثير يلزم أهله فيه ولا يخرجون منه، ولا يرحلون عنه طلبًا لغيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[01 Sep 2008, 02:18 ص]ـ
101. وفض: أَوْفَضْتُ لفلان بَسَطْتَ له بِساطاً يَتَّقي به الأَرضَ، الوِفاضُ: وِقاية ثِفالِ الرَّحى، الوَفْضةُ: خَرِيطةٌ يَحْمِلُ فيها الرَّاعي أَداتَه وزاده. و الوَفْضةُ: جَعْبةُ السِّهامِ، فالوفض مستعمل لما يوضع فيه، أو يجعل بين الشيء والأرض.
102. وفق: وَفْقُ الشيء ما لاءَمَه، من المُوافقة بين الشيئين كالالْتِحام وافَقْتُه أَي صادفته. فهي للداخلين في أمر واحد على اتفاق بينهما.
103. وفي: كلُّ شيء بلَغ تمامَ الكمال فقد وَفَى وتمَّ، الوفاء بالشيء إخراجه كاملا غير منقوص، والوفاء بالعهد الخروج منه بعد تمامه، والوفاة حفظ النفس بتمام عملها بعد الموت أو في النوم.
104. وقب: الوَقْبةُ: كُوَّة عظيمة فيها ظِلٌّ. و الوَقْبُ و الوَقْبةُ: نَقْرٌ في الصَّخْرة يجتمع فيه الماء؛ وَقَبَ الشيءُ يَقِبُ وَقْباً: دَخَلَ، والوُقُوبُ: الدُّخولُ في كل شيء؛ وقيل: كلُّ ما غابَ فقد وَقَبَ.
105. وقت: المِيقاتُ: الوَقْتُ المضْروبُ للفعل والموضع. وَوَقَتَهُ يَقِتُه إِذا بَيَّنَ حَدَّه، الوَقْتُ: مقدارٌ من الزمانِ، وكلُّ شيء قَدَّرْتَ له حِيناً، فهو مُؤَقَّتٌ، فالوقت مقدار من الزمن؛ قبله زمن، وبعده زمن؛ فهو وسط بين زمنين
106. وقح: وَقِحَ الرجل إِذا صار قليل الحياء، وامرأَة وَقاحُ الوجه، حافر وَقاحٌ: صُلْبٌ باق على الحجارة، الوقاحة صفة لمن لا يدع للكلام أثر يثبت في نفسه كأنه لم يسمعه.
107. وقد: الوَقُودُ: الحطَب. الوَقود ما ترى من لهبها، تَوَقَّدَتْ و اتَّقَدَتْ و اسْتَوْقَدَتْ، كله: هاجَتْ؛ و توَقَّدَ الشيءُ: تَلأْلأَ؛ وكَوْكَبٌ وقَّادٌ: مُضِيءٌ. و الوَقْدةُ: أَشَدُّ الحَرِّ، فتوقد الشيء: هو خروج النار والضوء منه. وما يخرج منه فهو وقود له.
108. وقر: الوَقْرُ: ثِقَلٌ في الأَذن، يذهب السمع كله، الوِقْرُ الحِمْل الثقيل، أَوْقَرَتِ النخلةُ أَي كَثُرَ حَمْلُها؛ الوَقار: الحلم والرَّزَانة؛ و التوقير: التعظيم والتَّرْزِينُ. الوَقار: السكينة والوَداعَةُ، (وَقِرْنَ في بيوتكن (33) الأحزاب؛ اجلسن ساكنات في بيوتكن فالوقر: في بقاء الشيء في مكانه أو مكانته لا يخرج منه لثقله أو بقائه على حاله في الحلم والرزانة.
109. وقع: وَقَعَتِ الدَّوابُّ و وَقَّعَتْ: رَبَضَتْ. و وَقَعَتِ الإِبلُ و وَقَّعَتْ: بَرَكَتْ، الوَقِيعةُ: الحرْبُ والقِتالُ، وقيل: المَعْرَكةُ، لأن فيها من يقع قتيلا، وَقَعَ الحديدَ والمُدْيةَ والسيفَ والنصلَ يَقَعُها وَقْعاً: أَحَدَّهَا لأن في ذلك تثبيت لحدها وفعلها عند العمل بها. فالوقوع هو ثبات الشيء في مكانه، وفي عمله عند العمل به.
110. وقف: وقفَ معه في حرب أَو خُصومة. دخل معه فيها، الوقف: المال الثابت الذي يُدخل في مال الصدقة، والوقف: الخلجال والسوار من العاج يدخل في الرجل أو اليد، ووقف: نهض قائمًا للدخول في أمر يريده.
111. وكأ: تَوَكَّأَ على الشيء و اتَّكَأَ: تَحَمَّلَ واعتمَدَ، التَّوَكُّؤُ: التَّحامُل على العَصا في المَشْي. المُتَّكِىءُ في العَرَبِيَّةِ كُلُّ مَنِ اسْتَوَى قاعِداً على وِطاءٍ مُتَمَكِّناً، والعامّة لا تعرف المُتَّكِىءَ إِلاَّ مَنْ مالَ في قُعُودهِ مُعْتَمِداً على أَحَدِ شِقَّيْه؛ وفي التنزيل: (وأَعْتَدَتْ لهنَّ مُتَّكَأً (31) يوسف، فالتوكأ هو أن تعتمد على ما جعلته بينك وبين الأرض.
112. وكب: القومُ الرُّكُوبُ للزينة والتَّنَزُّهِ، واكَبْتُ القَوم إِذا رَكِبْتَ معهم، وكذلك إِذا سابَقْتَهم. المَوْكِبُ: الجماعةُ من الناس رُكْباناً ومُشاةً، والوكب هو الركوب مع الجماعة وفي الركوب رفع عن الأرض لكون الدواب بينهم وبينها، ولا يضر الموكب في التسمية إن كان بعضهم مشاة. أو هم في أمر اجتمعوا عليه ودخلوا فيه واقتضى الأمر الخروج له.
113. وكد: وَكَّدَ الرَّحْلَ والسَّرْجَ: شَدَّه، الوكائِدُ: السُّيورُ التي يُشَدُّ بها، وَكَّدَ العَقْدَ والعَهْدَ: أَوثَقَه، تَوَكَّدَ الأَمر، و تأَكَّدَ بمعنىً، فالتوكيد هو لما يخشى سقوطه؛ فيشد فيكون بين السيور التي يشد بها وبين ما يسند إليه.
114. وكر: وَكْرُ الطائر: عُشُّه في الخُرُوقُ في الحيطان والشجر والجبال.
(يُتْبَعُ)
(/)
115. وكز: الوَكْزُ: الطعن. وَكَزَتْهُ الحية: لدغته. وَكَزَه أَيضاً: طعنه بالعصا أو بجُمْعِ كفه. والطعن واللدغ يكون بإدخال الأداة أو الإبرة في الجسد. وفي التنزيل: (فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ (16) القصص؛ لكنني أفهم من اجتماع حروف الجذر؛ إحداث خرق في جلده من طعنة لا يتوقف نزف الدم منه بسبب الطعن، فيهلك، ولا يتوقف فعل السم بسبب اللدغ؛ لأن دلالة (انحصار كاف الرجوع) لا يكون إلا بهذا الوصف.
116. وكس: الوَكْسُ: النقص، والخسارة. الوَكْس منزل القمر الذي يُكْسف فيه. فالوكس هو خروج بعض ماله من يده يخسره في تجارته. وذهاب بعض ضوء القمر أو كله.
117. وكل: وَكَلْت أَمري إِلى فلان أَي أَلْجأْتُه إِليه واعتمدت فيه عليه، توكَّل بالأَمر إِذا ضَمِن القِيامَ به، وَكَّل فلانٌ فلاناً إِذا استَكْفاه أَمرَه ثِقةً بكِفايته أَو عَجْزاً عن القِيام بأَمر نفسه. وَكَلَه إِلى رأْيه: تركه؛ التَّوَكُّل: إِظْهارُ العَجْزِ والاعْتماد على غيرك، فالتوكل إدخال غيرك في أمرك معتمدًا عليه، أو ثقة به، أو ضعفًا منك وعجزًا.
118. وكن: الوَكْنُ، بالفتح: عُشّ الطائر؛ في جبل أَو جدار، الوَكْرُ و الوَكْنُ جميعاً المكان الذي يدخل فيه الطائر.
119. ولت: وَلَتَه حَقَّه وَلْتاً: نَقَصَه. (ولا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمالكم (14) الحجرات؛ أَي ينقصها بعدم إخراجها لصاحبها؛ فالولت هو نقصان حق الآخر بمنع المتحكم في المال إخراج حقه له.
120. ولج: الوُلُوجُ الدخولُ. و المَوْلَجُ: المَدْخَلُ. و الوِلاجُ: الباب. الوَلِيجَة البِطانَةُ، وقوله تعالى: (يُولِجُ الليلَ في النهار و يولج النهار في الليل) يغيب كل منها في الآخر.
121. ولد: الوالدُ: الأَب، والوالدةُ: الأُم، والوَلِيدُ: المولود حين يُولَدُ، فالولد هو الذي يخرج من نفس الأبوين؛ لذلك تسمى الأم والدة، والأب والد، ولذلك فالأم تلد، والأب يلد، فقال تعالى: (لم يلد ولم يولد (3) الإخلاص؛ أي لم يأت بأحد من نفسه، ولا كان من نفس غيره.
122. ولع: وَلَعَ فلان بحَقِّي وَلْعاً أَي ذهَب به. وَلِعَ به إِذا لَجَّ في أَمره وحَرَصَ على إِيذائِه. أَوْلَعَه به: أَغْراه. ما أَدري ما وَلَعَه أَي ما حَبَسَه، فالولع به هو حبس النفس في عداوة غيره وإيذائه.
123. ولغ: الوَلْغُ: شُرْبُ السِّباع بإدخال أَلْسِنتها في الماء.
124. وله: الوَلَهُ: ذهاب العقل والتحير من شدّة الوجد أَو الحزن لفِقْدانِ الحبيب أَو من شدة الخوف؛ فالوله هو الدخول في حالة شديدة يتحير فيها ويذهب عقله.
125. ولي: فالوَلايةُ بالفتح في النسب والنُّصْرة والعِتْق، الوَلِيُّ؛ الرَّبُّ والمالِك والسَّيِّدُ والمُنْعِم والمُعْتِقُ والنَّاصِر والمُحِبُّ والتَّابع والجارُ وابن العَم وابن الأُخت، والحَلِيفُ والعَقِيدُ والصِّهْرُ والعَبْدُ والمُعْتَقُ والمُنْعَمُ عليه، والوِلايةُ بالكسر في الإِمارة، و الوَلاءُ في المُعْتَق، و المُوالاةُ من والى القومَ؛ و تَوَلَّى الشَّيءَ: لَزِمه. والوِلاية تُشعر بالتَّدْبير والقُدرة والفِعل، فالولي هو من تدخل في حمايته فيحميك بتدبيره وقدرته وفعله.
126. ومض: وَمَضَ البَرْقُ وغيره: لَمَعَ لَمْعَاً خَفِيّاً ولم يَعْتَرِضْ في نَواحي الغَيم؛ فالومض البرق يلمع في داخل الغيمة، ولا يخرج منها، ولا يغلب عليها لخفته.
127. وني: الوَنى: الفَتْرَةُ في الأَعمال والأُمور والضَّعْفُ والفُتور والكَلالُ والإِعْياء، وفي التنزيل: (ولا تَنِيا في ذِكري (42) طه؛ معناه لا تَفْتُرا، المِينا: مَرْفأُ السُّفُن، لأَن السفن فيه تَفْتُرُ عن جَرْيِها، فالوني الدخول في حالة من الضعف والفتور.
128. وهب: الهبةُ: العَطِيَّة الخاليةُ عن الأَعْواضِ والأَغْراضِ، فالهبة عطية يخرجها الواهب من ماله، لا عوض لها، ولا تسترد.
129. وهج: الوَهَجُ والتَّوَهُّجُ: حرارة الشمس والنار من بعيد، ونجم وَهَّاجٌ: وَقَّادٌ. وفي التنزيل: (وجعلنا سِراجاً وَهَّاجاً (13) النبأ، وَهَجُ الطِّيب: انتشارُه. فالوهج: حر يخرج من الشمس والنار
(يُتْبَعُ)
(/)
130. وهل: وَهِل وَهَلاً: ضَعُفَ وفَزِعَ وجَبُنَ، وسَهَا، وَهِل في الشيء وعنه: غَلِط فيه ونَسِيه، ولَقِيته أَوَّل وَهْلةٍ أَي أَوَّل شيء، وقيل: هو أَوّل ما تراه. الوَهْلة المَّرة من الفزَع، فالوَهَل: هو ما يدخل في النفس من أول رؤية للشيء فينتج عن أثر تلك الرؤية ما ذكر من الضعف والفزع والجبن والسهو والغلط والنسيان.
131. وهم: تَوَهَّمَ الشيءَ: تخيَّله وتمثَّلَه، وَهِمْتُ في كذا وكذا أَي غلِطْتُ، وسهوت. وظننت، والتُّهَمةُ الظنُّ، فالوهم ما يدخل في نفس أو العمل أو الحساب، أو الكلام ما ليس له حقيقة.
132. وهن: الوَهْن: الضَّعف في العمل والأَمر، وكذلك في العَظْمِ ونحوه. وامرأَة وَهْنانةٌ: فيها فُتُورٌ عند القيام وأَناةٌ، الكَسْلى عن العمل تَنَعُّماً. وقوله عز وجل: (فما وَهَنُوا لِما أَصابهم في سبيل (164) آل عمران؛ أَي ما فَتَرُوا وما جَبُنُوا عن قتال عدوِّهم. فالوهن ضعف يدخل الأبدان ويدخل الأعمال.
133. وهي: أَوْهاه: أَضْعَفه. وكلُّ ما اسْتَرْخَى رِباطه فقد وَهَى. وَهَى الثَّوْبُ والقِربةُ والحَبْلُ، إِذا تَفَزَّرَ واسْتَرْخَى، وهِيَ الحائطُ إِذا ضَعُفَ وهَمَّ بالسُّقُوطِ. فالوهي ضعف يدخل في الإنسان والجلد، والثوب، والحبل، والحائط.
134. ويح: وَيْحٌ: كلمة تَرَحُّم وتَوَجُّع وتندم وزجر، لمن وقع في بلية وأَشرف على الهَلَكَة، ويُدْعى له بالتخلص منها، فويح تقال لمن دخل في شيء صعب عليه التحول عنه ويخشى عليه من الهلاك، ولا منقذ له.
135. ويل: وَيْلٌ: كلمة تَفَجُّع، الوَيْل: حُلولُ الشرِّ، والحُزْن، والهَلاك، والمشقَّة من العَذاب، والوَيْلةُ: الفضيحة والبَلِيَّة، وكلُّ مَن وقَعَ في هَلَكة دَعا بالوَيْل،
فالويل هو الدخول في شيء يعجز عن التحول عنه فيستمر التصاقه به
هذه الأمثلة التي ذكرناها؛ هي من الجذور الحية في حياتنا اليومية، وقد اختصرتها من بين (357) جذرًا.
وقد كنت أريد أن أحلل الكلمات بحروفها الثلاث؛ فرأيت أني أشتت القاري والعالم على السواء؛ لأن معاني الحروف لم تألفها الأنفس بعد ...
لكن تحليل بعض الأمثلة ممكن ........
أبو مسلم / عبد المجيد العرابلي
ـ[العرابلي]ــــــــ[01 Sep 2008, 02:19 ص]ـ
تحليل معنى الكلمة الأخير "ويل" بمعاني حروفها الثلاثة؛
الواو: إشارة للباطن والداخل
والياء: للتحول؛ وفي وسط الكلمة لانحصارها؛ تفيد انحصار التحول، ومع سكونها عجز التحول.
واللام: للقرب والإلصاق وفي آخر الكلمة استمرار وثبات الالتصاق.
فمعنى ذلك؛ أن المنادي يقول: دخلت في شيء، وعجزت عن التحول عنه، وثبت فيه واستمر التصاقي به.
فتلك مصيبة كبرى لا نهاية لها إلا الهلاك
وفي النداء يا ويلتى
أداة النداء "يا" مكونة من حرفين؛
الياء: للتحول.
والألف: للامتداد المنفصل.
فكأن المنادي يقول للمنادى عليه:
تحول عما أنت فيه، وامدد انفصالك عنه، واستجب إلي في الشأن الذي أطلبك فيه.
ولما نادى المنادي (يا ويلتى)؛ ولم يحدد من ينادي؛ فدل ذلك على شدة اليأس من وجود من يخرجه مما وقع فيه.
وتحليل آخر للوقت
الواو: إشارة للباطن والداخل
والقاف: للثبات، وهي محصورة أيضًا فتفيد معنى الفاء في الحركة.
والتاء: للتراجع
فعندما تضرب لأحد الناس موعدًا ليكن الساعة السابعة مساء وأنت الآن في العاشرة صباحًا
فالوقت الذي ضربته واقع بين زمنين:
الأول: وهو ما بينك وبينه وقدره تسع ساعات.
والثاني: الزمن الذي بعده، لأن الزمن لن يتوقف عند الموعد المضروب
فمثل حرف الواو هذا الواقع للوقت المضروب بينكما
وهذا الوقت هو ثابت وقد مثله حرف القاف
وفي نفس الوقت فإن القاف في الوسط قد انحصر عملها أو بعضه فتتحول إلى الفاء وهي تفيد الحركة فأصبح هذا الثبات متحركًا
وهذا التحرك يقصر الزمن
ففي الساعة العاشرة تقول: بقي للوقت تسع ساعات
وفي الساعة الواحدة بعد الظهر تقول: بقي للوقت ست ساعات
وفي الساعة السادسة مساء تقول: بقي للوقت ساعة واحدة
فهذه الحالة من ثبات الوقت مع حركته مثلته القاف بمعنى القاف والفاء معًا.
وبعد دخول الوقت تبدأ عملية التراجع
فتقول في الساعة العاشرة مساء تقول: التقيت به قبل ثلاثة ساعات
وبعد يومين تقول: التقيت به قبل يومين، ثم قبل أسبوع، ثم قبل شهر، وهكذا إلى أن يأتي زمن تنسى فيه اللقاء وصاحبه.
فمثلت هذا الحال في تباعد الوقت بعد الحلول؛ تاء التراجع
نلاحظ أن الوقت قد اختيرت له الحروف الدالة بمعانيها على حاله اختيارًا دقيقًا
ورتبت حروفه الترتيب الذي يوافق ما يحدث فيه فعلاً، ويصوره على حقيقته
فلك أن تسأل بعد هذا البيان ... ما يخطر ببالك؟!!!!!!
أبو مسلم / عبد المجيد العرابلي(/)
من آيات الصيام
ـ[مهاجر]ــــــــ[01 Sep 2008, 09:59 ص]ـ
كل عام وأنتم بخير أيها الكرام.
هذه بعض الوقفات مع آيات الصيام.
فمن قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)
يا أيها: نداء للبعيد استحضارا لذهن السامع، إن كان غافلا كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ)، أو غير غافل، وإنما أريد بذلك شحذ ذهنه، كنداء المؤمنين في مثل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا).
الَّذِينَ آَمَنُوا: تعليق لما هو آت بوصف الإيمان المستفاد من جملة الصلة، فيكون الإيمان علة الحكم الآتي، على طريقة من يقول: تعليق الحكم بوصف مشتق، مؤذن بعلية ما منه الاشتقاق، والحكم إما:
أمر، فيكون وصف الإيمان مناسبا له، إذ الإيمان مظنة التكليف بالفعل
أو: نهي، فيبدو، للوهلة الأولى، أن الأنسب أن يخاطب به الكافر المعرض، أو حتى المؤمن حال غفلته، فلا يحسن النداء بوصف الإيمان، وهو مظنة المدح، والسياق: سياق زجر لكافر أو تنبيه لغافل مؤمن، ولكن ذلك معارض بنحو قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)، فالتقدم بين يدي الله ورسوله وصف مذموم، والخطاب للمؤمنين بالصفة التي مُدِحوا بها، والجواب: أن ذلك منزل منزلة التحذير من الوقوع فيما يسلبهم وصف المدح، على طريقة: الوقاية خير من العلاج، فاجتناب الذنب ابتداء أليق بحال المؤمن اليقظ، بخلاف الكافر أو المؤمن الغافل فإن حاله أدعى إلى الوقوع في المحظور، فيكون المعنى: يا أيها الذين آمنوا إياكم والغفلة التي تؤدي بكم إلى التقدم بين يدي الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتهلكوا كما هلك من قدم رأيه أو ذوقه على شريعة رب العالمين.
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ: حُذِفَ الفاعل للعلم به، والكتابة مظنة الوجوب، كالفرض، إذ فيها معنى الإلزام.
كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ: تشبيه لا يلزم منه التطابق التام من كل وجه، ومنه استنبط بعض أهل العلم أن الصوم في أول أمره كان كصوم أهل الكتابين من قبلنا، فكان الرجل إذا نام إلى العشاء حرم عليه الأكل والشرب والجماع إلى غروب شمس اليوم التالي، كما في حديث قيس بن صرمة، رضي الله عنه، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ ................. ).
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ: تعليل، أي: لتتقوا الله، عز وجل، بإقامة شعيرة الصوم تعبدا، فليس المراد تعذيب الأبدان، ولكن المراد تهذيب الأرواح وتربية النفوس على الصبر في سبيل الله.
*****
أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ: تهوين لمشقة الصيام وتنبيه إلى سرعة انقضاء أيامه لئلا يتفلت ولما يعمل الإنسان فيه ما يشفع له عند ربه جل وعلا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي الكلام إيجاز بالحذف، إذ حذف عامل النصب في "أياما" المقدر بنحو: صوموا أياما، لدلالة السياق عليه، كما أشار إلى ذلك الألوسي، رحمه الله، وفي قوله: "أياما معدودات": إزالة لإبهام الصيام في الآية الأولى، وكأنك ترى المخاطب لما تُلِيَ عليه الأمر بالصيام، تبادر إلى ذهنه السؤال عن مدة الصوم بنحو: وكم يوما نصوم؟، فجاء البيان: صوموا أياما معدودات، ولكنه بيان جزئي لا يشفي الغليل، إذ ما زال الإبهام واقعا في عدد تلك الأيام ومكانها من أيام العام، أفي شعبان أم في رمضان؟ أفي الصيف أم في الشتاء ......... إلخ من الاحتمالات العقلية، فجاء البيان الشافي الوافي في صدر الآية الثالثة: "شهر رمضان"، كما سيأتي إن شاء الله، وإلى هذا التدرج في البيان أشار الألوسي، رحمه الله، في تفسيره.
فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ: أي: فله أن يفطر ويكون صيامه عدة من أيام أخر، ففي الكلام إيجاز بالحذف، دل عليه السياق اقتضاء، ودلالة الاقتضاء أصل يفزع إليه في مثل هذه المضائق، وفيه رد على الظاهرية، رحمهم الله، الذين أوجبوا الفطر على كل مريض أو مسافر عملا بظاهر الآية دون التفات إلى دلالة الاقتضاء على عادتهم في اعتبار الظاهر المنطوق دون ما سواه من دلالة إشارة أو اقتضاء أو مفهوم.
وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ: تقديم ما حقه التأخير. وفيه من التكليف بـ: "على" التي تفيد وجوب الشيء على المخاطب ما يشعر بأنه، وإن كان جائزا، إلا أنه خلاف الأولى.
فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ: بيان للفدية بعد إجمالها، وهو من أجلى أقسام البيان، إذ جاء عقب الإجمال مباشرة، فالبدل أو عطف البيان: "طعام مسكين" مبين لإجمال الفدية.
فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَه: شرط جيء به لاستنهاض همة المكلف فلا يرضى إلا بما هو خير.
وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ: التعبير بأن ومدخولها يفيد من استحضار معنى الصوم طيلة يومه ما لا يفيده التعبير بالمصدر المؤول: "وصيامكم خير لكم"، فالتجدد المستلزم لتمام المراقبة في: "وأن تصوموا" لا يتحقق في الإتيان بالاسم، وكأنك ترى الصائم في اليوم القائظ، وقد تطلعت نفسه إلى الماء البارد فاستحضر معنى الصيام المتجدد في: "وأن تصوموا" فكفها عن خاطر السوء وردها إلى جادة الصواب.
تماما كما قيل في قوله تعالى: (ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فاستحضار معنى الصبر المتجدد في: "وأن تصبروا" يكف النفس عن نكاح الإماء وإن كان مباحا فهو رخصة، فلا تتطلع النفس إلى شهوة حرام، تتجدد بتجدد أسبابها، إذ يجدد لها من معاني الصبر ما يكف بأسها، لاسيما في الأعصار المتأخرة التي عدمت فيها الرخصة والعزيمة!!!!، فلم يبق إلا الصبر إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، وفي الصوم من معاني الصبر ما فيه، ولذلك كان دواء ناجعا لمن هذا حاله.
إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ: إلهاب لمشاعر المخاطب على طريقة: (فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
والالتفات من غيبة: "فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ" إلى خطاب: " إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ": يزيد الإلهاب والتهييج على الفعل شدة، فصار الحض على الصوم حاصلا بثلاث جمل:
الأولى: "فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ". فتعليق الخيرية على الصيام، ولو كان تطوعا، مشعر برجحان فعله على تركه كما تقدم.
والثانية: "وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لكم": على التفصيل السابق في تجدد المعنى في الفعل: "تصوموا".
(يُتْبَعُ)
(/)
والثالثة: "إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ": فهو شرط ثان باعث على الفعل، وجوابه محذوف دل عليه السياق اقتضاء، فيكون فيه، إيجاز بالحذف، فتقدير الكلام: إن كنتم تعلمون اخترتموه، (أي: الصوم)، أو سارعتم إليه وقيل: معناه إن كنتم من أهلِ العلمِ والتدبُّر علمتم أن الصومَ خيرٌ من ذلك، كما أشار إلى ذلك أبو السعود، رحمه الله، وكل ذلك بمنزلة التوطئة إلى إيجاب الصوم لزوما في الآية التالية، فإن ذلك الحث المؤكد بالتكرار على الصوم مع مشروعية الفدية مؤذن بنسخ الرخصة، وإلزام المكلفين بالعزيمة.
*****
شَهْرُ رَمَضَانَ: بيان نهائي مزيل لإجمال زمن الصوم قدرا ومكانا، فالصوم الواجب قدره: شهر، ومكانه: رمضان، وفي الكلام إيجاز بالحذف إما على قراءة:
"شهرُ": فيكون تقدير الكلام: هو شهر رمضان، أو: ذلك شهر رمضان، فيكون في الإضمار أو الإشارة نوع توكيد، فما سبق من الإجمال بيانه هو شهر رمضان.
أو على قراءة: "شهرَ": بتقدير عامل محذوف كـ: صوموا شهرَ رمضان، أو يكون النصب على الاختصاص بتقدير: أعني شهرَ رمضان، أو أخص شهرَ رمضان بما سبق من إيجاب الصوم، ففيه، أيضا، من العناية بشأنه والتوكيد على وجوب صومه ما فيه.
الذي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ: توضيح للشهر بأشرف أوصافه ففيه نزلت أشرف الكتب الإلهية.
وجاء بالفعل: "أنزل": مبنيا لما لم يسم فاعله، للعلم به، فالمنزل على قلب الرسول البشري بواسطة الرسول الملكي هو الرب العلي جل شأنه وتقدس وصفه.
وأنزل من "الإنزال": الذي يفيد النزول جملة واحدة، وهو ما وقع بالفعل ليلة القدر، إذ أنزل فيها القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا، بخلاف "نزل" بالتشديد، فهو من "التنزيل"، فيفيد التكرار، على طريقة: الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى، وهو ما وقع بالفعل طيلة بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ كان القرآن ينزل نجوما مفرقة: ابتداء بلا سبب، أو على سبب كما قرر أهل العلم.
هُدًى لِلنَّاسِ: بيان لعلة الإنزال ففيه من المسائل الخبرية والأحكام العملية ما يهدي الناس إلى خيري المعاش والمعاد.
وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ: فليست مسائله خبرية بلا براهين عقلية، كما ادعى من ادعى من أرباب الفلسفة والكلام، وإنما احتوى: الأخبار والأحكام بأدلتها النقلية والعقلية، ففيه من طرق الجدال العقلي الصحيح ما يلزم المخالف الحجة، ويورث الناظر فيه طمأنينة القلب وقوة العقل.
فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ: نسخ لما سبق من رخصة، بعد تمام التوطئة لذلك في الآيات السابقة، و "أل" في "الشهر" عهدية تشير إلى المعهود الذكري المتقدم: "شهر رمضان".
وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ: دلالة اقتضاء سبق بيانها، فتقدير الكلام: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فأفطر فصيامه َعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ.
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ: إرادة شرعية، وإن لم يرده كونا في حق بعض المكلفين ممن شددوا فشدد الله عليهم، وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، مرفوعا: (عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَادَامَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ).
والرهبانية مظنة السآمة والملل، وفي التنزيل: (وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا)، إذ كل ما خرج عن حد المألوف مظنة الانقطاع.
وعند أبي داود، رحمه الله، في "سننه"، وأبي يعلى الموصلي، رحمه الله، في "مسنده"، واللفظ له، من حديث أنس، رضي الله عنه، مرفوعا: "لا تشددوا على أنفسكم فيشدد الله عليكم، فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات: (رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم) ".
والتعبير بالمضارع: دليل التجدد، ففيه من إظهار الله، عز وجل، العناية بإصلاح شئون عباده ما فيه.
وفي المقابلة بين: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ" و: "وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"، أو: طباق السلب في: "يريد" و "لا يريد"، وطباق الإيجاب في: "اليسر" و "العسر"، في كل ذلك من بيان نعمة الله، عز وجل، على عباده بالتخفيف ما فيه، إذ بضدها تتميز الأشياء.
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: تعداد لبعض حِكَمِ الصوم ففيه إتمام للعبادة يعقبه تكبير وتحميد، لعل العبد يؤدي بعض شكر نعم الرب، جل وعلا، عليه، فلن يبلغ تمام ذلك، وإن واصل الليل بالنهار شكرا وذكرا.
والله أعلى وأعلم.(/)
لماذا كان صلى الله عليه و سلم يحب سورة الأعلى؟
ـ[المرابط]ــــــــ[01 Sep 2008, 01:18 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله.
هنيئا لكم بقدوم شهرالبركات
قرأت في العديد من التفاسير هذا الحديث.
عن علي رضي الله عنه " كان يحب صلى الله عليه و سلم سبح اسم ربك الأعلى." (1)
و قد حاولت البحث عن سر محبته صلى الله عليه و سلم لها فوجدت كلاما نافعا لسيد قطب رحمه الله قال فيه:" وحق لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يحب هذه السورة وهي تحيل له الكون كله معبداً تتجاوب أرجاؤه بتسبيح ربه الأعلى وتمجيده، ومعرضاً يحفل بموحيات التسبيح والتحميد: {سبح اسم ربك الأعلى. الذي خلق فسوى. والذي قدر فهدى. والذي أخرج المرعى، فجعله غثاء أحوى} .. وإيقاع السورة الرخي المديد يلقي ظلال التسبيح ذي الصدى البعيد ..
وحق له ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يحبها، وهي تحمل له من البشريات أمراً عظيماً. وربه يقول له، وهو يكلفه التبليغ والتذكير: {سنقرئك فلا تنسى ـ إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى ـ ونيسرك لليسرى. فذكر إن نفعت الذكرى} .. وفيها يتكفل له ربه بحفظ قلبه لهذا القرآن، ورفع هذه الكلفة من عاتقه. ويعده أن ييسره لليسرى في كل أموره وأمور هذه الدعوة. وهو أمر عظيم جداً.
وحق له ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يحبها، وهي تتضمن الثابت من قواعد التصور الإيماني: من توحيد الرب الخالق وإثبات الوحي الإلهي، وتقرير الجزاء في الآخرة. وهي مقومات العقيدة الأولى. ثم تصل هذه العقيدة بأصولها البعيدة، وجذورها الضاربة في شعاب الزمان: {إن هذا لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى} .. فوق ما تصوره من طبيعة هذه العقيدة، وطبيعة الرسول الذي يبلغها والأمة التي تحملها .. طبيعة اليسر والسماحة .. "
وكل واحدة من هذه تحتها موحيات شتى؛ ووراءها مجالات بعيدة المدى ..
فهل من سر آخر يبين سبب محبة رسول الله صلى الله عليه و سلم لهذه السورة؟
ــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرج أحمد في مسنده: 1/ 96 و الهيثمي في المجمع 7/ 136 و البزار برقم: 775 , 776 , وابن عدي في الكامل: 2/ 533 بسند ضعيف.(/)
بمناسبة شهر رمضان المبارك: فتح باب التسجيل في ملتقى أهل التفسير
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Sep 2008, 11:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بناء على طلبات واقتراحات كثيرة وقديمة وحديثة من كثير من الأعضاء الفضلاء والمتصفحين للملتقى أن يفتح باب التسجيل في ملتقى أهل التفسير ليستفيد منه أكثر عدد ممكن، ويتم تنشيط الملتقى بذلك.
والمرجو من الفضلاء الذين سيقومون بالتسجيل مراعاة:
- التسجيل بالاسم الصريح إن أمكن وهو المفضل عندنا وإلا فليختر اسماً مناسباً بأحرف عربية، وليكتب مؤهله العلمي إن شاء في توقيعه.
- الالتزام بضوابط وأخلاقيات الكتابة في مثل هذا الملتقى وهي معروفة ويمكن الاطلاع على هذه الإرشادات:
- التذكير بمنهج ملتقى أهل التفسير. ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=195)
- النقاشُ الحَسَنُ في ملتقى أهل التفسير ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=2920)
1/9/1429 هـ.
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[02 Sep 2008, 12:41 ص]ـ
جزاكم الله خيرا وأحسن إليكم وغفر لكم ولوالديكم.
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[02 Sep 2008, 08:55 ص]ـ
شيخنا المفضال بارك الله فيكم
أعلنت عن فتح باب التسجيل في ملتقى الحديث، وفي ملتقى الألوكة، وقد بدأ التفاعل من ملتقى الحديث، لكنهم فوجئوا بمنعهم من التسجيل
يقول الأخ صخر:
حاولت عشرة مرات التسجيل ...
ولاشيء ..
الأخطاء التالية حدثت أثناء تسجيلك:
The string you entered for the image verification did not match what was displayed
وتقول الأخت ندى الشمري:
The string you entered for the image verification did not match what was displayed
وأنا كذلك نفس المشكلة
فأطلب من شيخنا أبي عبد الله حل هذه المشكلة، وتسجيل الإخوة الفضلاء المذكورين تقديرا لمحاولاتهم الكثيرة الدالة على حرصهم.
ولكم جزيل الشكر.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Sep 2008, 10:54 ص]ـ
أبشر وفقكم الله يا أبا سفيان.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[02 Sep 2008, 04:03 م]ـ
جزاكم الله خيرا؛ وأنا في انتظار بشرى خاصة بي بمناسبة شهر رمضان (المعهد العلمي بمكة) إن شاء الله - ابتسامة -.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[02 Sep 2008, 09:42 م]ـ
تقبل الله منا ومنكم وبارك الله فيكم
لكم جزيل الشكر على ما تبذلون من جهد أحبابنا المشرفين.
وهو خبر سار.
ـ[مستضيف]ــــــــ[03 Sep 2008, 01:46 ص]ـ
الحمد لله،، تم علاج الخلل بالتسجيل في الملتقى المبارك
وفق الله الجميع لما يحبه و يرضاه، و كل عام و الجميع و أحبتهم بألف خير
أخوكم
أبو أحمد
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[03 Sep 2008, 02:02 ص]ـ
شكر الله جهودكم أبا عبد الله ...
ـ[ابن رجب الحنبلي]ــــــــ[03 Sep 2008, 02:07 ص]ـ
أشكر الإخوة القائمين على الموقع , وعلى إتاحتهم فرصة المشاركة
فمنذ فترة ليست بالقصيرة انتظر فتح باب التسجيل
وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[03 Sep 2008, 03:12 ص]ـ
فمنذ فترة ليست بالقصيرة انتظر فتح باب التسجيل
وجزاكم الله خيرا
مرحبا بأخي الحبيب ابن رجب بين إخوانك، وننتظر مواضيعك المفيدة، وكل عام وانت بخير.
ـ[محب القران]ــــــــ[03 Sep 2008, 06:10 ص]ـ
اللهم لك الحمد اشكر الله عز وجل ثم اشكر اخواني في ملتقى التفسير على اتاحة الفرصة لنا للمشاركة معهم واسأل الله عز وجل ان ينفعنا واياهم بما نكتب وما نقرأ وما نشارك به
ـ[عبدالاله التويجري]ــــــــ[03 Sep 2008, 02:19 م]ـ
شكر الله لكم وبارك في أعمالكم وأعماركم
ـ[أبو عبدالله الخليلي]ــــــــ[03 Sep 2008, 08:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم على اتاحة الفرصة للانضمام لكم
ونسأل الله تعالى أن نكون ممن يحسن الكلام إذا تكلم ويحسن الإستماع إذا استمع
ـ[محمد أبو الخير]ــــــــ[03 Sep 2008, 08:52 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم الإخوة المسؤولون عن هذا الملتقى الطيّب السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أشكركم على فتح باب التسجيل أثابكم الله ووفقكم لما يحبه ويرضاه أخوكم محمد أبو الخير
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[04 Sep 2008, 10:53 ص]ـ
نرحب بجميع الإخوة الذين سجلوا في الملتقى وبانتظار مشاركاتهم النافعة إن شاء الله تعالى ..
ـ[شتا العربي]ــــــــ[04 Sep 2008, 11:42 ص]ـ
جزاكم الله عنا خيرا وبارك فيكم وجعلكم من عتقائه من النار
استفسار: أحيانا لا يفتح الموقع معي كما حصل مساء الأمس فما سبب ذلك وعلاجه؟
الخط في المشاركات أرى فيه بعض التكسير أو كأنه يختلف عن بقية المواقع وقد حاولت تكبيره فلم أوفق لهذا
ملاحظة: ممكن تكبيره في خانة الكتابة لكن بعد عرضه للموقع لا يكون بنفس التنسيق.
فما سبب ذلك وعلاجه؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[الدكتور عمار أمين الددو]ــــــــ[04 Sep 2008, 12:12 م]ـ
شكراً لك أخي الأعز الدكتور عبد الرحمن الشهري، على تأسيس الموقع وإدارته أولاً، وعلى تفضلك بفتح باب التسجيل في رمضان ثانياً، ولكن قل لي ما الذي دعاك لإغلاقه في غير رمضان، يرحمك الله؟!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Sep 2008, 01:45 م]ـ
الحمد لله رب العالمين.
مرحباً بكل الزملاء الجدد الذين انضموا لملتقى أهل التفسير، ونسأل الله لهم التوفيق وننتظر فوائدهم.
وأما سؤالكم يا دكتور عمار عن سبب إغلاق الملتقى قبل رمضان، فقد فتح باب التسجيل في أول الأمر فدخل أناس لا يقدرون قدر الكلمة، ولا يرعون أدب الحوار، فتذمر كثير من الأعضاء من إتاحة الفرصة لكل أحد للكتابة في الملتقى إذا شئنا أن يبقى له قيمته العلمية ومستواه المتميز. وهذه حقيقة لا ننكرها لأن المكان الذي يتاح الدخول فيه لكل أحد يصعب ضبطه. ولذلك تم الإغلاق والتسجيل بعد النظر في نوعية المشاركين والإبقاء على الكتاب الذين يفيدون بكتابتهم وأسئلتهم ولا سيما أننا وضعنا هدفاً للملتقى أنه يغلب عليه وصف التخصص العلمي في الدراسات القرآنية وهذا سبب الإقبال عليه من المتخصصين.
ـ[عبد الله الراشد]ــــــــ[04 Sep 2008, 02:21 م]ـ
سلام عليكم ورحمة الله
وأشكركم على إتاحة الفرصة للانضمام إلى هذا الموقع الكريم.
وأرجو أن ينفعنا الله به.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[04 Sep 2008, 03:31 م]ـ
بارك الله في أبي عبد الله والمشرفين على الموقع وأشهد أن طريقة الموقع التمحيصية في التسجيل هي الطريقة الصحيحة والنافعة وهي ـ أيضا ـ من أسباب تثمير موضوعاته، ولا أخال فتح التسجيل سيخرج عن هذا النمط الجيد ـ إن شاء الله تعالى ـ وأحيي الدكتور عبد الرحمن على تمسكه بالاسم الصريح، فذلك أدعى للجدية في الطرح، والاستحياء من الخوض غير المسؤول، والله الموفق.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[04 Sep 2008, 04:59 م]ـ
جزاكم الله خيرا
أنا أيضا أردت التسجيل منذ مدة لكن وجدته مغلقا.
الحمد لله أنكم فتحتموه ولو مؤقتا لنتمكن من التسجيل.
ـ[الحربي]ــــــــ[04 Sep 2008, 11:48 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكركم على اتاحة الفرصة لنا بالتسجيل والانضمام الى هذا المنتدى المبارك
اثابكم الله وجعل ذلك في موازين حسناتكم
ـ[أبوالعباس]ــــــــ[05 Sep 2008, 12:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا لكل القائمين على هذا الموقع المبارك وشكرا لفتح باب التسجيل
شكرا لإعطائنا الفرصة للإلتحاق بهذا الركب المبارك وأسأل الله سبحانه
أن ينفع بهذا الموقع الإسلام والمسلمين في كل مكان
وجزاكم الله خيرا
ـ[المرتضى]ــــــــ[05 Sep 2008, 01:17 ص]ـ
السلام عليكم ..
بارك الله لكم وأسعدني أن أكون بين مشايخي وأساتذتي لأتعلّم كما تعلمت منهم سابقا وأسأل الله أن يوفّقني لأكون تلميذا نجيبا لأرتوي ممّا علّمكم الله فأسعد به بإذن الله في الدنيا والآخرة ..
وجزاكم الله خيرا ..
وأقدم كل الشكر والتقدير للأستاذ المشرف عبد الرحمن الشهري ولجميع القائمين على هذا المنتدى المبارك وأسأل الله أن يرزقكم جنة الخلد ويكرمكم برؤية وجهه الكريم ..
والسلام عليكم ..
ـ[ش. خضر]ــــــــ[05 Sep 2008, 10:02 ص]ـ
والله يا دكتور ان حاولت كثير التسجيل فى اوقات مختلفة ولكن لم يكن سو التسجيل مقفل
وكنت انزعج من هذه الرسالة
وفقكم الله لما فية خير
ـ[محمد الماجد]ــــــــ[05 Sep 2008, 04:36 م]ـ
إن من بشاير الخير أن تسير الركبان بأخبار هذا الملتقى الهادف وتحرص على تصفحه والنظر الى جديده بل وتتاقل ما يكتب فيه
وفتح الباب امر حسن لكل من يستحقه ..
أسأل الله أن يوفق القائمين على هذا الملتقى للخير
ـ[أبو الحسن الأزهري]ــــــــ[06 Sep 2008, 09:19 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم.
ـ[احب الصالحين]ــــــــ[07 Sep 2008, 12:19 ص]ـ
شكرا لكم
فكم كان المرء يحب ان ينال شرف اتسجيل في ملتقاكم العامر
ـ[سيف التوحيد]ــــــــ[07 Sep 2008, 01:23 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نشكركم على اتاحة الفرصة لنا بالتسجيل والانضمام الى هذا المنتدى المبارك
اثابكم الله وجعل ذلك في موازين حسناتكم
ـ[وليد]ــــــــ[07 Sep 2008, 03:22 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أشكركم على إتاحة الفرصة للتسجيل في هذا المنتدى المبارك
أسأل الله أن ينفعنا بالقرآن و يرزقنا فهمه و العمل به و الإيمان بمتشابهه
وأن ينفعنا بهذا المنتدى
من لا يشكر الناس لا يشكر الله فشكرا لك ياشيخ عبدالرحمن فقد أحدثت نقلة واسعة للاهتمام بالقرآن
اللهم اجعل شهر رمضان مباركا علينا جميعا
ـ[نوري قرآني]ــــــــ[09 Sep 2008, 05:12 ص]ـ
جزاكم الله خير وبارك فيكم
الحمدلله ان يسرلي التسجيل في مثل هذا الموقع ..
كنت اتوقف كثيرا عند بعض الآيات واتساءل ولا اجد جوابا ..
الحمدلله الحمدلله الحمدلله
أولا واخيرا
ـ[وليد الحربي]ــــــــ[09 Sep 2008, 06:40 ص]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخ عبدالرحمن وايضا إدارة الملتقى أثابهم الله على فتح التسجيل
ونسأل المولى سبحانه لنا ولكم التسديد والإعانة
ـ[لا إله إلا الله]ــــــــ[09 Sep 2008, 03:58 م]ـ
جزاكم الله خيرا ونفعنا بكم ونفع بكم الاسلام
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[طالبة المعالي]ــــــــ[12 Sep 2008, 10:36 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم على جهودكم 000أنا لي مع التسجيل قرابة السنتين كل ما أريد التسجيل يُقال توقف حتى إشعار آخر،، فلله الحمد من قبل ومن بعد000
جزاكم الله الخير كله وبارك لكم المسعى00
ـ[أمل الأمة المنتظر]ــــــــ[12 Sep 2008, 10:52 م]ـ
جزاكم الله خيراً وغفر لكم ولوالديكم وسدد خطاكم
ـ[نادرةالوجود]ــــــــ[12 Sep 2008, 11:19 م]ـ
جزاك الله خيرا ياشيخنا وسدد على الخير خطاك
ـ[هبة المنان]ــــــــ[13 Sep 2008, 12:45 ص]ـ
أختي نادرة الوجود جمعنا الله وإياكم على مائدة القرآن وجعلنا من أهله ...
ولكن يظهر لي كأن معرفك فيه تزكية للنفس وقد قال تعالى " ولاتزكوا أنفسكم هو أعلم
بمن اتقى " .. ألهمنا الله وإياكم الصواب ..
ـ[الرضا جنة الدنيا]ــــــــ[13 Sep 2008, 02:43 م]ـ
جزاكم الله خيرا،،
وبارك فيكم وفي جهودكم
سعدنا كثيرااااااا بفتح باب التسجيل في هذا الصرح الذي أسأل الله أن يكون مباركاً
نافعاً وأن ينفعنا به
اللهم آمين.
ـ[وليد النجدي]ــــــــ[13 Sep 2008, 03:09 م]ـ
فتح الله لكم أبواب رحمته ..
وقد سررت كثيرا , بالانضمام إليكم ,,
أسأل أن يجعلنا من أهل القرأن الذين هم اهل الله وخاصته ... آمين.
ـ[مصطفى الشكيري]ــــــــ[14 Sep 2008, 12:23 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاكم الله خيرا على هذا الملتقى الذي أسأل الله عز وجل أن يكون سببا لنا في طلب العلم الشرعي وأن نرجع للمفسرين القدامى رحمهم الله والوقوف على أقوالهم والله الموفق للصواب آمين
ـ[عبدالسلام شيث]ــــــــ[14 Sep 2008, 03:31 ص]ـ
السلام عليكم جزاكم الله خيرا على إتاحة هذه الفرصة
ـ[~ سمو مسلمه ~]ــــــــ[14 Sep 2008, 08:37 ص]ـ
شكر الله لكم وبارك فيكم ..
عرفتكم وأتيت إليكم راغبه من برنامج بينات الرااااااااااائع .. فجزاكم الله خيرا ..
وأما عن طلبكم في كتابة الإسم الصريح فنحن البنات كما تعلمون لا يرغب أهلنا في تبيانها وإن كان المنتدى خيّراً كهذا لذلك بحثت عن لقب نزولاً عند رغبتهم حفظهم الله ..
وأما التخصص فأخشى إن كتبته في التوقيع أدرتم لنا ظهوركم .. : (: (
التخصص علمي بحت: بكالوريس في الفيزياء ..
أسأل الله أن ينفعنا وإياكم .. وجزاكم الله خيرا ..
ـ[ jamal] ــــــــ[15 Sep 2008, 06:41 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[عمر جاكيتي]ــــــــ[19 Sep 2008, 06:31 ص]ـ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.
ثمّ الشكر موصول للقائمين على هذا الملتقى المبارك، على إتاحة هذه الفرصة لنا للتسجيل والمشاركة في هذا المجتمع العلمي الكبير!
وقد كنت تمنّيت ذلك مراراً
أسأل الله أن يجعلنا من المستفيدين والمفيدين في هذا الملتقى المبارك
وشكرا لكم.
ـ[إبراهيم محجب]ــــــــ[19 Sep 2008, 09:55 ص]ـ
جزاكم الله شيخنا عبد الرحمن ونفع بكم
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[06 Oct 2008, 01:36 م]ـ
أرحب بالأخ الحبيب والزميل العزيز (عمر جاكيتي) ...
وأقول له: مرحبا بك بين إخوانك وأحبابك ممن يتشرفون بك وبأمثالك ...
ونحن بانتظار ما تجودون به من شريف علمكم ومدارساتكم القيمة ...
وأسأل الله أن يسددك ويبارك فيك.
ـ[عمر جاكيتي]ــــــــ[06 Oct 2008, 01:42 م]ـ
بارك الله فيك أخي محمد العبادي
بل نحن نتشرف بالانضمام إلى هذه الزمرة المباركة ...
والاستفادة من خبراتهم ومعلوماتهم القيمة ...
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
وشكرا جزيلا لكم على مبادراتكم الكريمة.(/)
للتحميل: قضايا اللغة في كتب التفسير .. المنهج، التأويل، الإعجاز
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[03 Sep 2008, 06:35 ص]ـ
في هذا الرابط ( http://www.alwihdah.com/downloads/qadaya_lugha_fi_kutub_attafsir.rar): رسالة دكتوراه في اللغة والآداب العربية، بعنوان: قضايا اللغة في كتب التفسير: المنهج، التأويل، الإعجاز، تأليف: د. الهادي الجطلاوي، أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة (تونس).
وقد أشرف على هذه الرسالة: د. محمد الهادي الطرابلسي، وناقشها: د. عبد القادر المهيري، ود. عبد المجيد الشرفي، ود. حمادي صمّود، ود. صلاح الدين الشريف.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[03 Sep 2008, 11:19 ص]ـ
الحمد لله، وبعد ..
جزاك الله خيراً، تم التحميل.
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[12 Sep 2008, 06:36 م]ـ
جزاك الله خير الجزاء
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[13 Sep 2008, 01:17 م]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيكم يا أستاذ محمد(/)
ترجمة العلامةعبدالباسط هاشم بصوته
ـ[عبدالرحمن المشد]ــــــــ[03 Sep 2008, 02:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حيااكم الله وبيااكم إخوانى الكرام
إخوانى الكرام يسرنى أن تكون هذه أول مشاركة لى معكم فى هذا الملتقى المبارك وهى ترجمة صوتية للشيخ العلامة / عبد الباسط هاشم، وهى بصوت الشيخ نفسه كما كنت قد طلبتها منه فلبى الطلب مشكورا فجزاه الله خيرا
وهذا جزء منها قد تم رفعه وإن شاء الله نأتيكم بباقيها
http://www.4shared.com/file/61197013/ea6b69d0/_part2.htm
لا تنسوا من ساعد فى رفع المادة من دعوة صالحة
ـ[أبو المهند]ــــــــ[04 Sep 2008, 03:56 م]ـ
أهلا بك يا شيخ عبد الرحمن في موقعنا المبارك، ومع مشاركتك الأولى، ورجونا لو ذكرت لنا في عجالة تسبق التحميل طرفا من سيرة شيخ القراء الشيخ عبد الباسط هاشم كتمهيد مدخلي لتحميل سيرة الشيخ العطرة، ولكم تحياتي.(/)
ملتقى فقه الصيام، ملتقى المذاهب الفقهية [الموضوعات المميزة]
ـ[أبو فراس فؤاد]ــــــــ[03 Sep 2008, 02:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
يسر أسرة ملتقى المذاهب الفقهية والدراسات العلمية أن تهنئكم بمقدم شهر رمضان المبارك، سائلين الله عز وجل أن يعيننا وإياكم على صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيه.
كما يسرها أن تقدم لكم بعض الموضوعات المميزة، والتي تم انتخابها من قسم ملتقى فقه الصيام، الذي تم تفعيله بمناسبة هذا الشهر الكريم:
من حلف أن يطأ امرأته في نهار رمضان فهل يسافر ويطؤها لتحلَّ يمينه؟
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1376
فقه الصيام المشجر عند ابن حزم رضي الله عنه
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1130
إتحاف الكرام بعشر فوائد من رسالة"إعلام الأنام بأحكام الصيام"
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1406
الوقفات الخمسة عشر في فتوى يحيي بن يحيى الليثي لأمير الأندلس.
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1409
دراسة تحليلية في أسباب الخلاف في حكم الإفطار بالقيء عمدا
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1379
اعتبار اختلاف المطالع في ثبوت الأهلة وآراء الفقهاء فيه لشيخنا الدكتور محمد علي فركوس
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1229[/quote]
كتاب الصيام من الشرح الممتع سؤال وجواب:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1419
مسائل تتعلق بنوازل الصيام - لشيخنا القاضي العلامة محمد بن إسماعيل العمراني
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1415
المختصر في مسائل الصيام
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1403
دارسة تفصيلية في مذهب المضيقين في المفطرات: البخاري، ابن حزم، ابن تيمية، القرضاوي، العلوان.
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1428
هدية المعتكف:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1418[/quote]
فتوى تركية تجيز لاصقا يمنع جوع الصائم:
http://www.mmf-4.com/vb/showthread.php?t=1435(/)
أكثر من 70 فائدة من جوال تدبر
ـ[عبدالله المحمدي]ــــــــ[04 Sep 2008, 02:09 م]ـ
هكذا كانوا يتدبرون القرآن:
عن قتادة في قوله تعالى: {ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى [طه:2]} لا والله، ما جعله الله شقيا، ولكن جعله الله رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة. [الدر المنثور] فتأمل الآية وتعليق هذا الإمام عليها، ثم لك أن تتعجب أن يتقلب مسلم في الشقاء وكتاب الله بين يديه ...
{أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور * وحصل ما في الصدور} ومناسبة الآيتين لبعضهما أن بعثرة ما في القبور إخراج للأجساد من بواطن الأرض، وتحصيل ما في الصدور إخراج لما تكنه فيها، فالبعثرة بعثرة ما في القبور عما تكنه الأرض، وهنا عما يكنه الصدر، والتناسب بينهما ظاهر. [ابن عثيمين]
{ويدعوننا رغبا ورهبا [الأنبياء:90]} قال الحسن البصري: دام خوفهم من ربهم فلم يفارق خوفه قلوبهم، إن نزلت بهم رغبة خافوا أن يكون ذلك استدراجا من الله لهم، وإن نزلت بهم رهبة خافوا أن يكون الله عز وجل قد أمر بأخذهم لبعض ما سلف منهم. [الدر المنثور]
عن ابن عباس قال: أجار الله تابع القرآن من أن يضل في الدنيا أو يشقى في الآخرة، ثم قرأ: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى} قال: لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة.
[تفسير ابن أبي حاتم]
{إذ نادى ربه نداء خفيا [مريم:3]}
"إخفاء الدعاء، والإسرار بالمسألة: مناجاة للرب، وإيمان بأن الله سميع، وذل واستكانة، وسنة من سنن المرسلين"
[د. عبد الله السكاكر]
" {إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم} حفظها القرآن في ثلاثة مواضع عن نبينا صلى الله عليه وسلم لما أريد على دينه ورسالته، فما أحوج المؤمن أن يعلنها مدوية كلما أريد على دينه، أو عرضت له معصية تقطعه عن سيره إلى الله تعالى"
[د. عمر المقبل]
"لو لم يكن للعلم وأهله العاملين به من شرف إلا أن بركة علمهم تبقى، ويمتد أثرها حتى في عرصات القيامة، فهم شهود الله على بطلان عبادة المشركين كما في سورة النحل [27]، وشهود على منكري البعث كما في سورة الروم [55 - 56] " [ابن القيم]
"سورة الكافرون فيها توحيد العبادة، وسورة الصمد فيها توحيد الربوبية والأسماء والصفات، وتسميان سورتي الإخلاص؛ ولذا تشرع فراءتهما في أول يوم في سنة الفجر وفي ركعتي الطواف، وفي آخر الوتر، تحقيق للتوحيد وتجديدا له"
[د. محمد الخضيري]
"لما نهى الله عباده عن إتيان القبيح قولا وفعلا: {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج [البقرة: 197]} حثهم على فعل الجميل، وأخبرهم أنه عالم به، وسيجزيهم عليه أوفر الجزاء يوم القيامة: {وما تفعلوا من خير يعلمه الله} " [ابن كثير]
وصف الله المسجد الحرام بقوله: {الذي جعلناه للناس [الحج: 52]} "للإيماء إلى علة مؤاخذة المشركين بصدهم عنه؛ لأجل أنهم خالفوا ما أراد الله منه, فإنه جعله للناس كلهم يستوي في أحقية التعبد به العاكف فيه - أي: المستقر في المسجد - والبادي - أي: البعيد عنه إذا دخله -" [ابن عاشور]
" {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى [البقرة:197]} أمر الحجاج بأن يتزودوا لسفرهم ولا يسافروا بغير زاد, ثم نبههم على زاد سفر الآخرة وهو التقوى, فكما أنه لا يصل المسافر إلى مقصده إلا بزاد يبلغه إياه, فكذلك المسافر إلى الله تعالى والدار الآخرة لا يصل إلا بزاد من التقوى, فجمع بين الزادين, فذكر الزاد الظاهر والزاد الباطن"
[ابن القيم]
{من خشي الرحمن بالغيب [ق: 33]} "هو الرجل يذكر ذنوبه في الخلاء، فيستغفر الله منها" [الفضيل بن عياض] ومما يدخل في هذا المعنى أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله: "ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه" أي: من تذكره لعظمة الله ولقائه، ونحو ذلك من المعاني التي ترد على القلب. (ابن كثير)
{هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم [الجمعة: 2]} في قوله: "منهم" فائدتان:
الأولى: أنه كأمته الأمية، لم يقرأ كتابا، ولا خطه بيمينه، ومع ذلك أتى بهذا القرآن الذي ما سمعوا بمثله، وهذا برهان صدقه.
والثانية: التنبيه على معرفتهم بنسبه، وشرفه، وعفته، وصدقه، بل لم يكذب قط، فمن لم يكذب على الناس أفيكذب على الله؟ [ابن رجب]
(يُتْبَعُ)
(/)
{وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون [البقرة: 216]} في هذه الآية عدة حكم وأسرار ومصالح للعبد، فإن العبد إذا علم أن المكروه قد يأتي بالمحبوب، والمحبوب قد يأتي بالمكروه لم يأمن أن توافيه المضرة من جانب المسرة، ولم ييأس أن تأتيه المسرة من جانب المضرة؛ لعدم علمه بالعواقب فإن الله يعلم منها مالا يعلمه العبد"
[ابن القيم]
- كلُّ ما ورد في القرآن "زعم" فالمراد به الكذب.
- وكلُّ "ظن" ورد في القرآن في الآخرة أو يوم القيامة فهو يقين.
- كلُّ ما ذكر في القرآن "رزق كريم" فالمقصود به الجنة ونعيمها.
[عن كتاب كليات الألفاظ في التفسير]
{قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به [الرعد:36]} سئل سهل التستري: متى يصح للعبد مقام العبودية؟ قال: إذا ترك تدبيره ورضي بتدبير الله فيه. [منار السالكين]
"تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" من كتب التفسير القيمة التي كتب الله لها قبولا حسنا، للعلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله: وهو تفسير يعين القارئ على استنباط الأحكام الشرعية، واستخراج القواعد الأصولية والتفسيرية.
فمن أراد أن ينمي ملكة التدبر لديه فعليه بإدامة النظر والقراءة في هذا التفسير المبارك. [د. محمد القحطاني]
"تأمل في قول ذي القرنين: {أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا * وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا [الكهف: 87 - 88]} إذ لما ذكر المشرك بدأ بتعذيبه ثم ثنى بتعذيب الله، ولما ذكر المؤمن بدأ بثواب الله أولا ثم بمعاملته باليسر ثانيا؛ لأن مقصود المؤمن الوصول إلى الجنة، بخلاف الكافر فعذاب الدنيا سابق على عذاب الآخرة".
[ابن عثيمين]
"في قول موسى للخضر: {هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا [الكهف:66]} التأدب مع المعلم، وخطابه بألطف خطاب، وإقراره بأنه يتعلم منه، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر، الذي لا يظهر للمعلم افتقاره إلى علمه، بل يدعي
أنه يتعاون هو وإياه، بل ربما ظن أنه يعلم معلمه، وهو جاهل جدا، فالذل للمعلم، وإظهار الحاجة إلى تعليمه، من أنفع شيء للمتعلم" [ابن سعدي]
(إنه يعلم الجهر من القول [الأنبياء:110]): "اختص الله تعالى بعلم الجهر من القول من جهة أنه إذا اشتدت الأصوات وتداخلت فإنها حالة لا يسمع فيها الإنسان, ولا يميز الكلام, أما الله عز وجل فإنه يسمع كلام كل شخص بعينه، ولا يشغله سمع كلام عن سمع آخر" [الوزير ابن هبيرة]
"ذكر الله في كتابه أوقات الصلوات، تارة ثلاثة كما في: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل [الإسراء: 78]} وتارة يذكر الخمسة أوقات، فقد ذكرها أربعة في: {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون * وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون [الروم: 17 - 18]} وقوله: {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب [ق: 39]} والسنة فسرت ذلك وبينته وأحكمته" [ابن تيمية]
تأمل هذه القاعدة جيدًا:
"كثيرا ما ينفي الله الشيء لانتفاء فائدته وثمرته، وإن كانت صورته موجودة، ومثال ذلك: قوله تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها [الأعراف:179]} فلما لم ينتفعوا بقلوبهم بفقه معاني كلام الله، وأعينهم بتأمل ملكوت الله، لم تتحقق الثمرة منها". [الألوسي]
"الله تعالى إذا ذكر (الفلاح) في القرآن علقه بفعل المفلح" [ابن القيم]
وليتضح كلامه - رحمه الله - تأمل أوائل سورة البقرة، فإن الله تعالى بين أن سبب فلاح أولئك المتقين هو إيمانهم بالغيب، وإقامتهم للصلاة والإنفاق مما رزقهم الله ... الخ صفاتهم، وعلى هذا فقس، زادك الله فهما.
قال الإمام أحمد: "عزيز علي أن تذيب الدنيا أكباد رجال وعت صدورهم القرآن" [الآداب الشرعية]
فانظر كيف تحسر هذا الإمام على من هذه حالهم؟! ولعل الإمام استنبطه من قوله تعالى: {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم * لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم [الحجر: 88]}
"سورة المؤمنون أولها {قد أفلح المؤمنون} وآخرها: {إنه لا يفلح الكافرون} " [الزمخشري]
فتأمل - يا عبدالله - في الصفات التي جعلت أولئك المؤمنين يفلحون، وتأمل أواخر هذه السورة لتدرك لم لا يفلح الكافرون؟!
لفتة من عالم ناصح:
(يُتْبَعُ)
(/)
"وإني أحثكم أيها الشباب على الحرص التام على تدبر القرآن ومعرفة معانيه؛ لأن القرآن إنما نزل ليدبر الناس آياته وليتذكروا به، إذ لا فائدة بتلاوة اللفظ دون فهمٍ للمعنى، وإذا أشكل عليكم شيء فاسألوا عنه" [ابن عثيمين]
{وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين [القصص:7]} ذكر القرطبي - في تفسيره - أن الله تعالى جمع في هذه الآية بين أمرين، ونهيين، وخبرين، وبشارتين، فتأملها فتح الله على قلبك.
علق ابن تيمية على قول الله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون [الواقعة: 79]} بقوله: "كما أن اللوح المحفوظ الذي كتب فيه حروف القرآن لا يمسه إلا بدن طاهر، فمعاني القرآن لا يذوقها إلا القلوب الطاهرة، وهى قلوب المتقين"
[ابن تيمية]
{ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها [الكهف:49]} قال عون بن عبد الله: ضج والله القوم من الصغار قبل الكبار.
فتأمل - وفقك الله - هذه اللفتة من هذا الإمام في التحذير من صغار الذنوب التي يحتقرها كثير من الناس، مع أنها قد تجتمع على المرء فتهلكه.
{إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا [التوبة: 40]} قال الشعبي: عاتب الله عز و جل أهل الأرض جميعا - في هذه الآية - إلا أبا بكر الصديق رضي الله عنه. [تفسير البغوي]
"فمن تدبر القرآن، وتدبر ما قبل الآية وما بعدها، وعرف مقصود القرآن تبين له المراد، وعرف الهدى والرسالة، وعرف السداد من الانحراف والاعوجاج" [ابن تيمية]
{المال والبنون زينة الحياة الدنيا [الكهف:46]} "وتقديم المال على البنين في الذكر؛ لأنه أسبق لأذهان الناس، لأنه يرغَب فيه الصغير والكبير، والشاب والشيخ، ومن له من الأولاد ما قد كفاه"
[ابن عاشور]
نقل ابن عطية عن أبيه في تفسير قوله تعالى: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا [الكهف:7]} قوله: "أحسن العمل: أخذ بحق، وإنفاق في حق مع الإيمان، وأداء الفرائض، واجتناب المحارم، والإكثار من المندوب إليه".
قال قتادة في قوله تعالى: {ألا تطغوا في الميزان [الرحمن/8]}: "اعدل يا ابن آدم كما تحب أن يُعدل لك, وأوف كما تحب أن يُوفَى لك، فإن العدل يصلح الناس" [الدر المنثور]
قال ابن عقيل: "من حسن ظني بربي، أن لطفه بلغ أن وصى بي ولدي إذا كبرت فقال: {فلا تقل لهما أف} " [الآداب الشرعية]
فما أحوجنا - أهل القرآن - أن نحسن الظن بربنا مهما طال الزمن واشتدت المحن، قال تعالى - في الحديث القدسي -: "أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء".
"قد لا تختم الآية الكريمة بأسماء الله الحسنى صراحة، ولكن قد تذكر فيها أحكام تلك الأسماء، كقوله تعالى - لما ذكر عقوبة السرقة، فإنه قال في آخرها -: (نكالا من الله، والله عزيز حكيم [المائدة:38])، أي: عز وحكم فقطع يد السارق، وعز وحكم فعاقب المعتدين شرعا، وقدرا، وجزاء". [ابن سعدي]
(فما لهم عن التذكرة معرضين * كأنهم حمر مستنفرة * فرت من قسورة [المدثر/50 - 51]) "فشبه هؤلاء في إعراضهم ونفورهم عن القرآن بحمير رأت أسودا، أو رماة ففرت منهم، وهذا من بديع القياس والتمثيل، فإن القوم في جهلهم بما بعث الله به رسوله كالحمير، وهي لا تعقل شيئا، فإذا سمعت صوت الأسد أو الرامي نفرت منه أشد النفور وهذا غاية الذم لهؤلاء" [ابن القيم]
"الحنف" ميل عن الضلال إلى الاستقامة، كقوله تعالى عن الخليل عليه السلام: (قانتا لله حنيفا [النحل/120])، أما "الجنف" فهو ميل عن الاستقامة إلى الضلال، كقوله تعالى في شأن الوصية: (فمن خاف من موص جنفا [البقرة/182]).
[الراغب الأصفهاني]
المتدبر لمناسبة مجيء سورة الشرح بعد "الضحى" ينكشف له كثير من المعاني المقررة في السورة، ومنها ما في قوله: (فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا) فمجموع السورتين يعطيان مثالا حيا لتقرير هذه السنة، فسورة الضحى تمثل جوانب العسر التي عانها نبينا عليه السلام؛ ليعقبها جوانب اليسر في "الشرح" حتى إذا انتهى المثل، يأتي التعقيب بأن مجيء اليسر بعد العسر سنة لا تتخلف.
[د. فلوة الراشد]
"سورة النحل افتتحت بالنهي عن الاستعجال، واختتمت بالأمر بالصبر، وسورة الإسراء افتتحت بالتسبيح، وختمت بالتحميد".
[السيوطي]
(يُتْبَعُ)
(/)
في قول امرأة إبراهيم: (عجوز عقيم [الذاريات/29]) "فيه حسن أدب المرأة عند خطاب الرجال، واقتصارها من الكلام على ما تحصل به الحاجة؛ فلم تقل: أنا عجوز عقيم، واقتصرت على ذكر السبب الدال على عدم الولادة، ولم تذكر غيره، وأما في سورة هود فذكرت السبب المانع منها ومن إبراهيم وصرحت بالعجب. [ابن القيم]
"ثلاث سور تجلت فيها عظمة وقوة الخالق سبحانه، تفتح الأبصار إلى دلائل ذلك في الكون القريب منا، من تدبرها حقاً، شعر ببرد اليقين في قلبه، وأدخل عظمة الله في كل شعرة من جسده: (الرعد، فاطر، الملك). [د. عصام العويد]
"إن أمة الإسلام - في كثير من مواقعها وأحوالها - تحتاج إلى أن تراجع نفسها في موقفها من قرآن ربها؛ فإن كثيراً منهم يجهلون أن للقرآن العظيم تأثيرا حقيقيا في حياتهم المعاشية والمدنية، يتشككون ويترددون في أثره في تحقيق السعادة المنشودة في الدين والدنيا معا".
[د. صالح ابن حميد]
" (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الهداية تشمل: هداية العلم، وهداية العمل، فمن صام رمضان وأكمله، فقد منّ الله عليه بهاتين الهدايتين، وشكره سبحانه على أربعة أمور: إرادة الله بنا اليسر، وعدم إرادته العسر، وإكمال العدة، والتكبير على ما هدانا، فهذه كلها نِعَم تحتاج منا أن نشكر الله بفعل أوامره، واجتناب نواهيه".
[ابن عثيمين]
قيل ليوسف بن أسباط: بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن؟ فقال: أستغفر الله؛ لأني إذا ختمته ثم تذكرت ما فيه من الأعمال خشيت المقت، فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح.
"الاستغفار بعد الفراغ من العبادة هو شأن الصالحين، فالخليل وابنه قالا - بعد بناء البيت -: (وتب علينا) وأمرنا به عند الانتهاء من الصلاة: (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله) وبينت السنة أن البدء بالاستغفار، وكذا أمرنا به بعد الإفاضة من عرفة، فما أحوجنا إلى تذكر منة الله علينا بالتوفيق للعبادة، واستشعار تقصيرنا الذي يدفعنا للاستغفار. [د. عمر المقبل]
يزداد التعجب ويشتد الاستغراب من أناس يقرؤون سورة يوسف ويرون ما عمله أخوته معه عندما فرقوا بينه وبين أبيه، وما ترتب على ذلك من مآسي وفواجع: إلقاء في البئر، وبيعه مملوكًا، وتعريضه للفتن وسجنه، واتهامه بالسرقة .. بعد ذلك كله يأتي منه ذلك الموقف الرائع: (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم) .. يرون ذلك فلا يعفون ولا يصفحون؟ فهلا عفوت أخي كما عفى بلا من ولا أذى؟ ألا تحبون أن يغفر الله لكم؟ ". [أ. د. ناصر العمر]
فتدبر القرآن إن رمت الهدى ... فالعلم تحت تدبر القرآن
[ابن القيم في النونية]
"تأمل هذا التاريخ: (من 1 - 29 رمضان)!
كم قرأت وسمعت فيه من الآيات .. ؟
والسؤال: كيف كان أثر القرآن على قلبك وسلوكك وأخلاقك؟
إن كان قلبك في آخر الشهر كما هو في أوله فهذه علامة خلل ..
فبادر بإصلاحه؛ فالمقصد الأعظم من نزول القرآن صلاح القلب".
[د. عبد الرحمن الشهري]
"لما افتخر فرعون بقوله: (وهذه الأنهار تجري من تحتي) عذب بما افتخر به فأغرق في البحر!
وعاد عذبت بألطف الأشياء - وهي الريح - لما تعالت بقوتها، وقالت: (من أشد منا قوة)؟ ". [ابن عثيمين]
"كرم الرب يتجاوز طمع الأنبياء فيه - مع عظيم علمهم به - فهذا زكريا لهج بالدعاء ونادى: (رب لا تذرني فردا) فاستجيب له وجاءته البشرى فلم يملك أن قال: (أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر!) .. فلله ما أعظم إحسان ربنا! وما أوسع كرمه! فاللهم بلغنا - برحمتك - فوق ما نرجو فيك ونؤمل". [إبراهيم الأزرق]
كان الحسن البصري يردد في ليلة قوله تعالى: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها)! فقيل له في ذلك؟! فقال: إن فيها لمعتبرا، ما نرفع طرفا ولا نرده إلا وقع على نعمة، وما لا نعلمه من نعم الله أكثر!
"تأمل قوله تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) وما فيها من تربية الذوق والأدب في الكلام، إضافة إلى ما في اللباس من دلالة (الستر، والحماية، والجمال، والقرب) .. وهل أحد الزوجين للآخر إلا كذلك؟ وإن كانت المرأة في ذلك أظهر أثرا كما يشير إلى ذلك البدء بضميرها (هن) ". [د. عويض العطوي]
"من تدبر القرآن طالبا الهدى منه؛ تبين له طريق الحق". [ابن تيمية].
(يُتْبَعُ)
(/)
وكلمةهذا الإمام جاءت بعد سنين طويلة من الجهاد في سبيل بيان الحق الذي كان عليه سلف هذه الأمة، والرد على أهل البدع، فهل من معتبر؟
ذكر ابن كثير أن بعض الشيوخ قال لفقيه: أين تجد في القرآن أن الحبيب لا يعذب حبيبه؟ فلم يجب! فتلا الشيخ: (وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم)؟ علق ابن كثير قائلا: "وهذا الذي قاله حسن"
"تفرق القلوب واختلافها من ضعف العقل، قال تعالى: (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شتى) وعلل ذلك بقوله: (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ)، ولا دواء لذلك إلا بإنارة العقل بنور الوحي؛ فنور الوحي يحيي من كان ميتا، ويضيء الطريق للمتمسِّك به".
[الأمين الشنقيطي]
"بعض المسلمين يعرفون القرآن للموتى، فهل يعرفونه للأحياء؟ وهل يعرفونه للحياة؟ إن القرآن للحياة والأحياء، إلا أن الأحياء أبقى وأولى من الأموات، والاهتداء بالقرآن في مسارب الحياة أحق من مقابر الأموات (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا؟!} ".
[د. سلمان العودة]
التأمل في الأسماء الحسنى التي تختم بها الآيات الكريمة من مفاتيح فهم القرآن وتدبره، ومثاله: قوله تعالى: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [المائدة/118] فلم تختم الآية بقوله: (الغفور الرحيم)؛ لأن المقام مقام غضب وانتقام ممن اتخذ إلها مع الله، فناسب ذكر العزة والحكمة، وصار أولى من ذكر الرحمة". [ابن سعدي]
"وليس في القرآن لفظ إلا وهو مقرون بما يبين به المراد، ومن غلط في فهم القرآن فمن قصوره أو تقصيره ". [ابن تيمية]
"مع أهمية حفظ القرآن الكريم، إلا أننا نجد أمراً غريباً في عالمنا الإسلامي، حيث إن فيه مئات الألوف من المدارس التي تعتني بحفظ القرآن، على حين أننا لا نكاد نجد مدرسة واحدة متخصصة بتدبره وفهمه والتفكر فيه".
[أ. د.عبدالكريم بكار]
قال عباس بن أحمد في قوله تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا .. الآية [العنكبوت/69])، قال: الذين يعملون بما يعلمون، نهديهم إلى ما لا يعلمون.
[اقتضاء العلم العمل، للخطيب البغدادي]
"تدبر قوله تعالى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ [النساء/102]) حيث قال: (لهم) مما يدل على أن الإمام ينبغي أن يعتني بصلاته أكثر؛ لأنه لا يصلي لنفسه، بل يصلي لمن خلفه من المأمومين أيضا".
[د. عبدالرحمن الدهش]
في قوله تعالى: (رب اشرح لي صدري ... ) إلى قوله: (كي نسبحك كثيرا [طه/25 - 33])، وقوله: (فهب لي من لدنك وليا يرثني [مريم/5 - 6]) أدب من آداب الدعاء، وهو نبل الغاية، وشرف المقصد، وقريب منه قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم اشف عبدك فلانا، ينكأ لك عدوا، ويمشي لك إلى صلاة).
[د. محمد الحمد]
لو سألت أي مسلم: أتؤمن بأن القرآن هدى، ونور، ورحمة، وشفاء، وحياة للقلب؟ لأجابك - وبلا تردد -: نعم! ولكنك تأسف إذا علمت أن الكثير من المسلمين لا يعرف القرآن إلا في "رمضان"! فهو كمن يعلن عن استغنائه عن هدى الله، ونوره، ورحمته، وشفائه، وحياة قلبه أحد عشر شهرا! (د. عمر المقبل)
"فوالله الذي لا إله إلا هو! ما رأيت - وأنا ذو النفس الملأى بالذنوب والعيوب - أعظم إلانة للقلب، واستدرارا للدمع، وإحضارا للخشية، وأبعث على التوبة، من تلاوة القرآن، وسماعه".
[عبدالحميد بن باديس]
قال ابن مسعود: (اقرؤوا القرآن وحركوا به القلوب، ولا يكن هم أحدكم آخر السورة) فمما يعين على قراءة "التدبر" المحركة للقلوب أن يكون حزب القارئ (وقت القراءة) لا (مقدار القراءة)، فمثلاً: بدلا من تحديد جزء يوميا، يكون نصف ساعة يوميا؛ لئلا يكون الهم آخر السورة. [عبدالكريم البرادي]
"إذا كان كلام العالم أولى بالاستماع من كلام الجاهل، وكلام الوالدة الرؤوم أحق بالاستماع من كلام غيرها، فالله أعلم العلماء وأرحم الرحماء، فكلامه أولى كلام بالاستماع والتدبر والفهم". [الحارث المحاسبي]
(يُتْبَعُ)
(/)
عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَرَأَ: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ*حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ)، فبكى، ثم َقَالَ: يَا مَيْمُونُ! مَا أَرَى الْمَقَابِرَ إِلا زِيَارَةً، وَلابد لِلزَائِرِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ في الجنة أو النار!
[تفسير ابن أبي حاتم، الرقة والبكاء لابن أبي الدنيا]
شأن أهل الإيمان مع القرآن: " (وإِذا تليت عليهم آَياته زادتهم إيمانا [الأنفال/2])؛ لأنهم يلقون السمع، ويحضرون قلوبهم لتدبره، فعند ذلك يزيد إيمانهم؛ لأن التدبر من أعمال القلوب؛ ولأنه لا بد أن يبين لهم معنى كانوا يجهلونه، أو يتذكرون ما كانوا نسوه، أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير، أو وجلا من العقوبات، وازدجارا عن المعاصي". [السعدي]
"ذكر ابن أم مكتوم في قصته في سورة عبس بوصفه (الأعمى) ولم يذكر باسمه؛ ترقيقا لقلب النبي عليه؛ ولبيان عذره عندما قطع على النبي حديثه مع صناديد مكة؛ وتأصيلا لرحمة المعاقين، أو ما اصطلح عليه في عصرنا بذوي الاحتياجات الخاصة".
[د. محمد الخضيري]
ما الذي جعل العلامة الشنقيطي يقول عن هذه الآية: (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون [الروم/7]): "يجب على كل مسلم أن يتدبر هذه الآية تدبرا كثيراً، ويبين ما دلت عليه لكل من استطاع بيانه له من الناس"؟
الجواب في قوله - رحمه الله -: "لأن من أعظم فتن آخر الزمان - التي ابتلي بها ضعاف العقول من المسلمين - شدة إتقان الإفرنج لأعمال الدنيا، مع عجز المسلمين عنها، فظنوا أن من قدر على تلك الأعمال على الحق، وأن العاجز عنها ليس على حق، وهذا جهل فاحش، وفي هذه الآية إيضاح لهذه الفتنة، وتخفيف لشأنها، فسبحان الحكيم الخبير ما أعلمه، وأحسن تعليمه! "
تأمل قوله تعالى: (والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين) فإذا كان الخليل طامعا في غفران خطيئته، غير جازم بها على ربه، فمن بعده من المؤمنين أحرى أن يكونوا أشد خوفا من خطاياهم". [الإمام القصاب]
"ومن أصغى إلى كلام الله، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - بعقله، وتدبره بقلبه، وجد فيه من الفهم، والحلاوة، والهدى، وشفاء القلوب، والبركة، والمنفعة ما لا يجده في شيء من الكلام؛ لا نظماً، ولا نثرا". [ابن تيمية]
قال وهب بن منبه - في قوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون
[لأعراف/204]) -: "من أدب الاستماع سكون الجوارح، والعزم على العمل: يعزم على أن يفهم، فيعمل بما فهم".
قال تعالى: (والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة) أي: خائفة، يقول الحسن البصري: "يعملون ما يعملون من أعمال البر، وهم يخافون ألا ينجيهم ذلك من عذاب ربهم، إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة، وإن المنافق جمع إساءة وأمنا".
[تفسير الطبري]
كثير من الناس لا يفهم من الرزق - في قوله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب [الطلاق/2 - 3]) - إلا الرزق المالي ونحوه من المحسوسات، ولكن تأمل ماذا يقول ابن الجوزي: "ورزق الله يكون بتيسير الصبر على البلاء". [صيد الخاطر]
ليكن همك مافي الآيه من دلالات دون النظر إلى أخر الصفحات.
شاهد سحرة موسى عصاه وهي تلقف ما يأفكون {فألقي السحرة ساجدين * قالوا آمنا برب العالمين} [الشعراء:46]، فكان ما هم عليه من العلم بالسحر -مع كونه شرا- سببا للفوز بالسعادة؛ لأنهم علموا أن هذا الذي جاء به موسى خارج عن طوق البشر، ولم يحصل هذا الإذعان من غيرهم ممن لا يعرف هذا العلم من أتباع فرعون، وإذا كانت المهارة في علم الشر قد تأتي بمثل هذه الفائدة، فما بالك بالمهارة في علم الخير؟! [الشوكاني]
قوله تعالى: {فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} [هود:71] استدل بهذه الآية على أن الذبيح إسماعيل، وأنه يمتنع أن يكون إسحاق؛ لأنه وقعت البشارة به، وأنه سيولد له يعقوب، فكيف يؤمر إبراهيم بذبحه وهو طفل صغير، ولم يولد له بعد يعقوب الموعود بوجوده؟!، ووعد الله حق لا خلف فيه، وهذا من أحسن الاستدلال وأصحه وأبينه، ولله الحمد. [ابن كثير]
(يُتْبَعُ)
(/)
{الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات} [التوبة:79] هكذا المنافق: شر على المسلمين، فإن رأى أهل الخير لمزهم، وإن رأى المقصرين لمزهم، وهو أخبث عباد الله، فهو في الدرك الأسفل من النار. والمنافقون في زمننا هذا إذا رأوا أهل الخير وأهل الدعوة، وأهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قالوا: هؤلاء متزمتون، وهؤلاء متشددون، وهؤلاء أصوليون، وهؤلاء رجعيون، وما أشبه ذلكم من الكلام". [ابن عثيمين]
قال تعالى: {وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} [آل عمران:103] ثم قال في آية بعدها: {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير} أي: كما عرفتم النعيم والكمال بعد الشقاء والشناعة، فالأحرى بكم أن تسعوا بكل عزم إلى انتشال غيركم من سوء ما هو فيه إلى حسنى ما أنتم عليه. [ابن عاشور]
{قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به [الرعد:36]} سئل سهل التستري: متى يصح للعبد مقام العبودية؟ قال: إذا ترك تدبيره ورضي بتدبير الله فيه. [منار السالكين]
تأمل كيف قرن الله بين أكل الطيبات وعمل الصالحات في قوله تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} [المؤمنون:51] فأكل الحلال الطيب مما يعين العبد على فعل الصالحات، كما أن أكل الحرام أو الوقوع في المشتبهات, مما يثقل العبد عن فعل الصالحات.
[فهد العيبان]
انظر إلى قوله تعالى: {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون} [التوبة:92] أترى أن الله يهدر هذا اليقين الراسخ؟ وهذه الرغبة العميقة في التضحية؟ إن النية الصادقة سجلت لهم ثواب المجاهدين؛ لأنهم قعدوا راغمين.
[محمد الغزالي]
أمر الله عباده أن يختموا الأعمال الصالحات بالاستغفار، فكان صلى الله عليه و سلم إذا سلم من الصلاة يستغفر ثلاثا، وقد قال تعالى: {والمستغفرين بالأسحار} [آل عمران:17] فأمرهم أن يقوموا بالليل ويستغفروا بالأسحار، وكذلك ختم سورة (المزمل) وهي سورة قيام الليل بقوله تعالى: {واستغفروا الله إن الله غفور رحيم}.
[ابن تيمية]
تأمل قوله تعالى: {ألم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضالا فهدى * ووجدك عائلا فأغنى} [الضحى:6 - 9] فلم يقل: فآواك, فهداك, فأغناك؛ لأنه لو قال ذلك لصار الخطاب خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وليس الأمر كذلك، فإن الله آواه وآوى به، وهداه وهدى به، وأغناه وأغنى به. [ابن عثيمين]
تأمل هذه الآية: {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه} [فاطر:11] قف قليلا، وتفكر: كم في هذه اللحظة من أنثى آدمية وغير آدمية؟ وكم من أنثى تزحف، وأخرى تمشي، وثالثة تطير، ورابعة تسبح، هي في هذه اللحظة تحمل أو تضع حملها؟! إنها بالمليارات! وكل ذلك لا يخفى على الله تعالى! فما أعظمه من درس في تربية القلب بهذه الصفة العظيمة: صفة العلم. [د. عمر المقبل]
أليس من الغبن العظيم أن يقرأ الإنسان القرآن سرا وجهارا، وليلا ونهارا، أزمنة مديدة، وأياما عديدة، ثم لا تفيض عيناه من الدمع؟ والله تعالى يقول: {إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا * ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا * ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا} [الإسراء:107 - 109]. [صالح المغامسي]
كان هرم بن حيان يخرج في بعض الليالي وينادي بأعلى صوته: عجبت من الجنة كيف نام طالبها؟ وعجبت من النار كيف نام هاربها؟ ثم يقول: {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون} [الأعراف:97]
{وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات} [البقرة:126] تأمل التلازم الوثيق بين الأمن والرزق، وبين الخوف والجوع, تجده مطردا في القرآن كله، مما يؤكد أهمية ووجوب المحافظة على الأمن؛ لما يترتب على ذلك من آثار كبرى في حياة الناس وعباداتهم, واستقرارهم البدني والنفسي، وأي طعم للحياة والعبادة إذا حل الخوف؟ بل تتعثر مشاريع الدين والدنيا، وتدبر سورة قريش تجد ذلك جليا.
[أ. د.ناصر العمر]
في قوله تعالى: {فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا} [الكهف:11] خص الآذان بالذكر هنا؛ لأنها الجارحة التي منها يأتي فساد النوم، وقلما ينقطع نوم نائم إلا من جهة أذنه، ولا يستحكم النوم إلا من تعطل السمع. [القرطبي]
(يُتْبَعُ)
(/)
قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب: اعلم أرشدك الله لطاعته, أن مقصود الصلاة وروحها ولبها هو إقبال القلب على الله تعالى فيها, فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه, ويدل على هذا قوله تعالى: {فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون} [سورة الماعون:4، 5].
{إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق} [البروج:10]، قال الحسن رحمه الله: انظروا إلى هذا الكرم والجود، هم قتلوا أولياءه وأهل طاعته، وهو يدعوهم إلى التوبة!
{وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق} [الفرقان:20] هذا يدل على فضل هداية الخلق بالعلم، ويبين شرف العالم الداعي على الزاهد المنقطع, فإن النبي صلى الله عليه وسلم كالطبيب، والطبيب يكون عند المرضى، فلو انقطع عنهم هلك [ابن هبيرة]
{كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} [المطففين:15]، قال الحسين بن الفضل: كما حجبهم في الدنيا عن توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته. [تفسير البغوي]
في قوله تعالى: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين} [النساء:69] قدم الله تعالى الرسول، ثم قدم السعداء من الخلق بحسب تفاضلهم، فبدأ بالنبيين وهم أقل الخلق ثم الصديقين وهم أكثر، فكل صنف أكثر من الذي قبله، فهو تدرج من القلة إلى الكثرة ومن الأفضل إلى الفاضل. [د. فاضل السامرائي]
قال تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} [العنكبوت:69] علق سبحانه الهداية بالجهاد، فأكمل الناس هداية أعظمهم جهادا، وأفرض الجهاد جهاد النفس وجهاد الهوى وجهاد الشيطان وجهاد الدنيا، فمن جاهد هذه الأربعة في الله هداه الله سبل رضاه الموصلة إلى جنته، ومن ترك الجهاد فاته من الهدى بحسب ما عطل من الجهاد. [ابن القيم]
قوله تعالى: {وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض} [التحريم:3] فيه جواز إسرار بعض الحديث للزوجات، وأنه يلزمهن كتمانه، وإذا أذنب أحد في حقك فلك أن تعاتبه؛ ولكن ينبغي عدم الاستقصاء في التثريب وذكر الذنب.
[د. محمد الخصيري]
في قوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} [آل عمران:32] عبر بلفظ الاتباع دلالة على التقرب؛ لأن من آثار المحبّة تطلّب القرب من المحبوب، وعلق محبة الله تعالى على لزوم اتباع الرسول، لأنه رسوله الداعي لما يحبه. [ابن عاشور]
التحذير من الذنب وسببه واضح في كتاب الله, كما في قوله تعالى: {يا أيها اللذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا} [الحجرات:12]، فانظر لهذا الترتيب: إذا ظن الإنسان بأخيه شيئا تجسس عليه؛ فإذا تجسس صار يغتابه.
[ابن عثيمين]
قوله تعالى: {ورفعنا لك ذكرك} [الشرح:4]، قال قتادة: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله!
قال ابن رجب: إذا ذاق العبد حلاوة الإيمان ووجد طعمه وحلاوته ظهر ثمرة ذلك على لسانه وجوارحه، فاستحلى اللسان ذكر الله و ما والاه، وأسرعت الجوارح إلى طاعة الله، ويشهد لذلك قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم و إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون * الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * أولئك هم المؤمنون حقا} [الأنفال2]
خطب حذيفة بن اليمان بالمدائن فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: {اقتربت الساعة وانشق القمر}، ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق.
في قوله تعالى عن المنافقين: {كأنهم خشب مسندة} [المنافقون4]، شبهوا بالخشب لذهاب عقولهم، وفراغ قلوبهم من الإيمان، ولم يكتف بجعلها خشباً، حتى جعلها مسندة إلى الحائط، لأن الخشب لا ينتفع بها إلا إذا كانت في سقف أو مكان ينتفع بها، وأما إذا كانت مهملة فإنها مسندة إلى الحيطان أو ملقاة على الأرض. [أبو حيان]
(يُتْبَعُ)
(/)
العارف إنما يشكو إلى الله وحده, وأعرف العارفين من جعل شكواه إلى الله من نفسه لا من الناس، فهو يشكو من تقصيره الذي كان من أسباب تسليط الناس عليه، ناظر إلى قوله {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} {وما أصابك من سيئة فمن نفسك} {قل هو من عند أنفسكم} فيعود إلى نفسه فحاسبها، ويرى مواطن الزلل فيها فيصلحها.
(ابن القيم، بتصرف)
{إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} [ق:37] من يؤتى الحكمة وينتفع بالعلم على منزلتين: إما رجل رأى الحق بنفسه فقبله واتبعه؛ فذلك صاحب القلب، أو رجل لم يعقله بنفسه، بل هو محتاج إلى من يعلمه ويبينه له ويعظه ويؤدبه؛ فهذا أصغى فألقى السمع وهو شهيد، أي حاضر القلب. [ابن تيمية]
إذا عبر عن شيء بأحد أجزائه فهذا دليل على أنه ركن فيه ومن هنا أخذت ركنية الركوع والسجود في الصلاة من قوله: {يا أبها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} [د. محمد الخضيري].
{أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا} [الكهف:71] هنا ملمح لطيف: فموسى عليه السلام قال: لتغرق أهلها، ولم يذكر نفسه ولا صاحبه، رغم أنهما كانا على ظهر السفينة؛ لأن هذه أخلاق الأنبياء: يهتمون بأوضاع الناس أكثر من اهتمامهم بأنفسهم، عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين. [د. عويض العطوي]
قوله تعالى: {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم} [القلم:51] أي يعينونك بأبصارهم، بمعنى يحسدونك؛ لبغضهم إياك .. وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل. [ابن كثير]
قوله تعالى: {أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم} [الملك:22] شبه الكافر في ركوبه ومشيه على الدين الباطل بمن يمشي في الطريق الذي فيه حفر وارتفاع وانخفاض، فيتعثر ويسقط على وجهه، كلما تخلص من عثرة وقع في أخرى. [حاشية الجمل]
{وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله} [آل عمران:101] في الآية دلالة على عظم قدر الصحابة، وأن لهم وازعين عن مواقعة الضلال: سماع القرآن، ومشاهدة الرسول عليه السلام، فإن وجوده عصمة من ضلالهم. قال قتادة: أما الرسول فقد مضى إلى رحمة الله، وأما الكتاب فباق على وجه الدهر. [ابن عاشور]
من أوضح ما يكون لذوي الفهم: قصص الأولين والآخرين، قصص من أطاع الله وما فعل بهم، وقصص من عصاه وما فعل بهم. فمن لم يفهم ذلك ولم ينتفع به فلا حيلة فيه. كما قال تعالى: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص} [ق:36] ولهذا قال بعدها: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} [ق:37]. [محمد بن عبدالوهاب]
{ثم استوى على العرش} [السجدة:3]، يقرن الله تعالى استواءه على العرش باسم (الرحمن) كثيرا؛ لأن العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها. والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم، كما قال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء} [الأعراف:56]، فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات، فلذلك وسعت رحمته كل شيء. [ابن القيم]
في قول إبليس: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} علق الشنقيطي على ذلك فقال: بل الطين خيرٌ من النار؛ لأن طبيعة النار الخفة والطيش والإفساد والتفريق، وطبيعة الطين الرزانة والإصلاح، تودعه الحبة فيعطيكها سنبلة، والنواة فيعطيكها نخلة، فانظر إلى الرياض الناضرة وما فيها من الثمار اللذيذة، والأزهار الجميلة، والروائح الطيبة؛ تعلم أن الطين خير من النار. [أضواء البيان]
إذا تأملت قوله تعالى: {ولقد آتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين} [النمل:15] بدا لك فضل العلم على كثير من نعم الحياة، قال السبكي: "فإن الله آتى داوود وسليمان من نعم الدنيا والآخرة ما لا ينحصر، ولم يذكر من ذلك – في صدر الآية – إلا العلم؛ ليبين أنه الأصل في النعم كلها". أ. هـ
فيا من أنعم الله عليه بسلوك سبيل العلم، لا زلت تفضل بعلمك أقواما، فاشكر الله على ذلك، وقل كما قالا: (الحمد لله الذي فضلني.) [إبراهيم الأزرق]
(يُتْبَعُ)
(/)
{كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} [النازعات:46] تنطوي هذه الحياة الدنيا التي يتقاتل عليها أهلها ويتطاحنون، فإذا هي عندهم عشية أو ضحاها! أفمن أجل عشية أو ضحاها يضحون بالآخرة؟ ألا إنها الحماقة الكبرى التي لا يرتكبها إنسان يسمع ويرى! [سيد قطب]
إن تحويل القرآن إلى ألحان منغومة فحسب، يستمع إليه عشاق الطرب، هو الذي جعل اليهود والنصارى يذيعون القرآن في الآفاق، وهم واثقون أنه لن يحيي موتى! [محمد الغزالي]
إن المؤمنين قوم ذلت - والله - منهم الأسماع والأبصار والأبدان حتى حسبهم الجاهل مرضى، وهم - والله - أصحاب القلوب، ألا تراه يقول: {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} [فاطر:34] والله لقد كابدوا في الدنيا حزنا شديدا، والله ما أحزنهم ما أحزن الناس، ولكن أبكاهم وأحزنهم الخوف من النار. [الحسن البصري]
ومن أعجب ما ظاهره الرجاء وهو شديد التخويف، قوله تعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} [طه:82] فإنه علق المغفرة على أربعة شروط، يبعد تصحيحها. [ابن قدامة]
من تأمل قوله تعالى - في خطاب لوط لقومه -: {أليس منكم رشيد}؟ [هود:78] أدرك أن إدمان الفواحش - كما أنه يضعف الدين - فهو يذهب مروءة الإنسان، ويقضي على ما بقي فيه من أخلاق ورشد. [د. عمر المقبل]
ضرب الله مثل الذي لا ينتفع بما أوتي: بالحمار يحمل أسفارا، ولعل من حكم ذكر هذا المثل في سورة الجمعة ألا يكون حظُّ الخطيب والمأموم من خطبة الجمعة كحظهما قبلها!
قال ابن هبيرة عند قوله تعالى: {ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله} [الكهف:39]: "ما قال: (ما شاء الله كان) أو (لا يكون)، بل أطلق اللفظ؛ ليعم الماضي والمستقبل والراهن" [ذيل طبقات الحنابلة]
{ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة} [البقرة:74]، فائدة تشبيه قسوة القلب بالحجارة مع أن في الموجودات ما هو أشد صلابة منها: هي أن الحديد والرصاص إذا أذيب في النار ذاب، بخلاف الحجارة. [ابن سعدي]
الأمن: الطمأنينة مع زوال سبب الخوف كقوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}، والأمنة: الطمأنينة مع وجود سبب الخوف كقوله تعالى: {إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به}
[كتاب لطائف قرآنية]
{يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون} [المنافقون:9] في ذلك تحذير من فتنة المنافقين الذين غفلوا عن ذكر ربهم، إذ هذه علامتهم، ولذا فإن كثرة ذكر الله أمان من النفاق، والله تعالى أكرم من أن يبتلي قلبا ذاكرا بالنفاق، وإنما ذلك لقلوب غفلت عن ذكر الله عز وجل. [ابن القيم]
{إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} [ق:37] من يؤتى الحكمة وينتفع بالعلم على منزلتين: إما رجل رأى الحق بنفسه فقبله واتبعه؛ فذلك صاحب القلب، أو رجل لم يعقله بنفسه، بل هو محتاج إلى من يعلمه ويبينه له ويعظه ويؤدبه؛ فهذا أصغى فألقى السمع وهو شهيد، أي حاضر القلب. [ابن تيمية]
ورد ذكر الانتقام في سياق عداوة الكفار للمسلمين وحربهم لهم في أكثر من موضع، كما في قوله تعالى: {هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله} [المائدة:59]، وقوله تعالى: {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد} [البروج:8]، وهذا يدل على قسوة الحرب وعنفها وعدم إنسانيتها. [د. صلاح الخالدي]
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن المرء قد ينسى بعض العلم بالمعصية، وتلا قوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به} [المائدة:13]
كل ظالم معاقب في العاجل على ظلمه قبل الآجل، وكذلك كل مذنب ذنبا، وهو معنى قوله تعالى: {من يعمل سوءا يجز به} [النساء:123] وربما رأى العاصي سلامة بدنه وماله، فظن أن لا عقوبة، وغفلته عما عوقب به عقوبة! [ابن الجوزي]
قوله تعالى: {وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون} [العنكبوت:13] بيان لما يستتبعه قولهم ذلك في الآخرة من المضرة لأنفسهم بعد بيان عدم منفعته لمخاطبيهم أصلا، والتعبير عن الخطايا بالأثقال للإيذان بغاية ثقلها وكونها فادحة. [الألوسي]
هذه المشاركة من انتقاء إحدى الأخوات:
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى: {الزجاجة كأنها كوكب دري} [النور:35] شبه الله تعالى الزجاجة بالكوكب، ولم يشبهها بالشمس والقمر؛ لأن الشمس والقمر يلحقهما الخسوف، والكواكب لا يلحقها الخسوف. [تفسير البغوي]
في قوله تعالى: {قال رب احكم بالحق} [الأنبياء:112]: المراد منه: كن أنت - أيها القائل - على الحق؛ ليمكنك أن تقول: احكم بالحق، لأن المبطل لا يمكنه أن يقول: احكم بالحق! [ابن هبيرة]
{حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا} [يوسف:110] هذه الآية تجعل الداعية يترقب الخروج من الضيق إلى السعة، مبشرة بعيشة راضية، ومستقبل واعد، رغم المحن القاسية، والظروف المحيطة؛ فالحوادث المؤلمة مكسبة لحظوظ جليلة من نصر مرتقب، وثواب مدخر، وتطهير من ذنب، وتنبيه من غفلة، وكل ذلك خير، فـ (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير)، فلماذا اليأس والقنوط؟
[أ. د.ناصر العمر]
عن الضحاك في قوله تعالى: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل ... الآية} [الحشر:21]، قال: لو أنزل هذا القرآن على جبل فأمرته بالذي أمرتكم به وخوَّفته بالذي خوفتكم به إذا لخشع وتصدع من خشية الله، فأنتم أحق أن تخشوا وتذلوا وتلين قلوبكم لذكر الله. [الدر المنثور]
{يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد} [المائدة:1] فتأمل - أيها المؤمن - في سطرين فقط، وفي آية واحدة: نداء وتنبيه، أمر ونهي، تحليل وتحريم، إطلاق وتقييد، تعميم واستثناء، وثناء وخبر، فسبحان من هذا كلامه!
[د. عويض العطوي]
صيغة الاسم تفيد الثبات والدوام, وصيغة الفعل تفيد التجدد والاستمرار, ومن لطائف هذا التعبير قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [الأنفال:33] فجاء الفعل (ليعذبهم) لأن بقاء الرسول بينهم مانع مؤقت من العذاب, وجاء بعده بالاسم (معذبهم)؛ لأن الاستغفار مانع ثابت من العذاب في كل زمان. [د. فاضل السامرائي
{ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون} [الأنعام:110] دلت هذه الآية على الإنسان إذا علم الحق ولم يذعن له من أول وهلة، فإن ذلك قد يفوته والعياذ بالله. [ابن عثيمين]
في قوله تعالى في أول سورة الفجر: {هل في ذلك قسم لذي حجر} أي: عقل، فنأخذ منها معنى يحسن التنبيه إليه: وهو أن القرآن يخاطب العقول، وبالتالي فلا تناقض بين هداية القرآن ودلالة العقل، بل العقل الرشيد الصادق لا تخطئ دلالته، ولهذا أحالنا القرآن عليه: {لقوم يعقلون}، {لقوم يتفكرون}.
[د. سلمان العودة]
قوله تعالى: {فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب} [هود:71] استدل بهذه الآية على أن الذبيح إسماعيل، وأنه يمتنع أن يكون إسحاق؛ لأنه وقعت البشارة به، وأنه سيولد له يعقوب، فكيف يؤمر إبراهيم بذبحه وهو طفل صغير، ولم يولد له بعد يعقوب الموعود بوجوده؟!، ووعد الله حق لا خلف فيه، وهذا من أحسن الاستدلال وأصحه وأبينه، ولله الحمد. [ابن كثير]
هناك طوائف كبيرة وأعداد عظيمة ممن ينتسب إلى الإسلام حرمت من القيام بحق القرآن العظيم وما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخشى أن ينطبق على كثير منهم قوله تعالى: {وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا} [الفرقان:3]. [ابن باز]
{ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه} [البقرة:231] إنها تربية قرآنية تؤكد على أن الاعتداء على الآخرين هو ظلم للنفس أولا؛ بتعريضها لسخط الله وغضبه. [د. عبد العزيز العويد]
تدبر قوله تعالى {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق} [البقرة:109] تجده دليلا واضحا على أن حرمان التوفيق أقعدهم عن الإيمان، فإنهم لم يحسدوا غيرهم عليه، إلا بعد أن تبينت لهم حقيقته, إذ محال أن يحسدوا غيرهم على ما هو باطل عندهم، وفي أيديهم ما يزعمون أنه خير منه.
[الإمام القصاب]
تأمل قول يوسف عليه السلام: {وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن} [يوسف:100] فلم يذكر خروجه من الجب، مع أن النعمة فيه أعظم، لوجهين:
أحدهما: لئلا يستحيي إخوته، والكريم يغضي عن اللوم، ولاسيما في وقت الصفاء.
والثاني: لأن السجن كان باختياره، فكان الخروج منه أعظم، بخلاف الجب. [الزركشي]
(يُتْبَعُ)
(/)
في قوله تعالى: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان} [الحشر:10] إشارة إلى أنه يحسن بالداعي إذا أراد أن يدعو لنفسه ولغيره أن يبدأ بنفسه ثم يثني بغيره، ولهذا الدعاء نظائر كثيرة في الكتاب والسنة. [د. محمد الحمد]
في قوله تعالى: {إن الإِنسان لربه لكنود} [العاديات:6] قال قتادة والحسن: الكفور للنعمة. [الدر المنثور]
وفي هذا تسلية للمرء إذا وجد قلة الوفاء من الخلق، فإذا كان جنس الإنسان كنودا جحودا لربه؛ وهو الذي أوجده وأكرمه، فكيف لا يكون فيه شيء من ذلك الجحود مع سائر الخلق وهم نظراؤه وأقرانه؟
في قوله تعالى {قد علمنا ما تنقص الأرض منهم} [ق:4] عبر بالانتقاص دون التعبير بالإعدام والإفناء؛ لأن للأجساد درجات من الاضمحلال تدخل تحت معنى النقص، فقد يفنى بعض أجزاء الجسد ويبقى بعضه، وقد يأتي الفناء على عامة أجزائه، وقد صح أن عجب الذنب لا يفنى, فكان فناء الأجساد نقصا لا انعداما. [ابن عاشور]
{ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا} [الطلاق:4] إذا رأيت أمورك متيسرة ومسهلة، وأن الله يعطيك من الخير -وإن كنت لا تحتسبه- فهذه لا شك بشرى، وإذا رأيت عكس ذلك، فصحح مسارك فإن فيك بلاء، وأما الاستدراج فيقع إذا كان العبد مقيما على المعصية. [ابن عثيمين]
في قوله تعالى: {فيهن قاصرات الطرف} [الرحمن:56] قال الحسن: (قاصرات الطرف على أزواجهن لا يردن غيرهم، والله ما هن متبرجات ولا متطلعات). [الدر المنثور]
وفي هذا دلالة على عظم خلق الحياء، وأنه ممتد إلى عالم الآخرة.
في قوله تعالى: {يتيما ذا مقربة} [البلد:15] تعليم أن الصدقة على القرابة أفضل منها على غير القرابة، كما أن الصدقة على اليتيم الذي لا كافل له أفضل من الصدقة على اليتيم الذي يجد من يكفله. [القرطبي]
في قوله تعالى: {يسأله من في السماوات والأرض} من الإنس والجن والملائكة وكل المخلوقات, {كل يوم هو في شأن} [الرحمن 29] وفي هذا حفاوة بالدعاء والسؤال والتعرض لنفحات ذي الجلال، فإنها مظنة تعجيل التبديل والتغيير، فإذا سألوه وألحوا في سؤالهم، كان من شأنه أن يجيب سائلهم، ويغير أحوالهم من الهوان والتخلف والجهل والمرض والفرقة والضياع, إلى الرفعة والمجد والعلم والعافية والاتحاد. وهذه مناسبة اتصال أول الآية بآخرها. [د. سلمان العودة]
{إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع} [الجمعة:9] إذا أمر الله بترك البيع الذي ترغب فيه النفوس، وتحرص عليه، فترك غيره من الشواغل من باب أولى، كالصناعات وغيرها. [السعدي]
في قصة أصحاب الكهف تكرر رد العلم إلى الله: {ربكم أعلم بما لبثتم} [19] , {ربهم أعلم بهم} [21] , {قل ربي أعلم بعدتهم} [22] , {قل الله أعلم بما لبثوا} [26]؛ لأن العبرة هو العلم بثباتهم وتبرؤهم مما عليه قومهم، وأما غيره فالجهل به لا يضر.
[د. محمد الخضيري]
قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا, يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما} [الأحزاب:70، 71] وعد من الله لمن قال قولا سديدا أن يصلح عمله، ويغفر ذنبه، فهل ترانا نشتري إصلاح أعمالنا وغفران ذنوبنا بتسديد أقوالنا؟
مخالفة ما تهوى الأنفس شاقة، وكفى شاهدا على ذلك حال المشركين وغيرهم ممن صمم على ما هو عليه، حتى رضوا بإهلاك النفوس والأموال ولم يرضوا بمخالفة الهوى، حتى قال تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم} [الجاثية:23]. [الشاطبي]
عن أبي المثاب القاضي قال: كنت عند القاضي إسماعيل يوما؛ فسئل: لم جاز التبديل على أهل التوراة، ولم يجز على أهل القرآن؟ فقال: قال الله تعالى في أهل التوراة: {بما استحفظوا من كتاب الله} [المائدة:44]، فوكل الحفظ إليهم. وقال في القرآن: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الحجر:9] فلم يجز التبديل عليهم!
[تاريخ قضاة الأندلس]
كان سهل بن عبد الله التستري يقول: إنما خوف الصديقين من سوء الخاتمة عند كل خطرة، وعند كل حركة، وهم الذين وصفهم الله تعالى بقوله: {وقلوبهم وجلة} [المؤمنون:60]
(يُتْبَعُ)
(/)
تأمل قوله تعالى: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا} [الأنبياء:87] وقوله تعالى: {ولا تكن كصاحب الحوت} [القلم:48] تجد أنه أضاف كلمة (ذا) إلى (النون)، وكلمة (صاحب) إلى (الحوت) والمقصود واحد وهو يونس عليه السلام وسر ذلك -والله أعلم- أن النون اسم للحوت العظيم، وكلمة (ذا) تطلق مع ما يدل على العظمة. [د. عويض العطوي]
في قوله تعالى {قد علمنا ما تنقص الأرض منهم} [ق:4] عبر بالانتقاص دون التعبير بالإعدام والإفناء؛ لأن للأجساد درجات من الاضمحلال تدخل تحت معنى النقص، فقد يفنى بعض أجزاء الجسد ويبقى بعضه، وقد يأتي الفناء على عامة أجزائه، وقد صح أن عجب الذنب لا يفنى, فكان فناء الأجساد نقصا لا انعداما. [ابن عاشور]
{ومن شر حاسد إذا حسد} العائن حاسد خاص، وهو أضر من الحاسد؛ ولهذا جاء في السورة ذكر الحاسد دون العائن؛ لأنه أعم، فكل عائن حاسد ولا بد, وليس كل حاسد عائنا، فإذا استعاذ العبد من شر الحسد دخل فيه العين، وهذا من شمول القرآن الكريم وإعجازه وبلاغته.
[ابن القيم]
قوله تعالى لنبيه: {فلا تطع المكذبين} [القلم:8] ذلك أبلغ في الإكرام والاحترام، فإن قوله: لا تكذب، ولا تحلف، ولا تشتم، ولا تهمز، ليس هو مثل قوله: لا تطع من يكون متلبسًا بهذه الأخلاق؛ لما فيه من الدلالة على تشريفه وبراءته من تلك الأخلاق.
[ابن تيمية]
{يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين * قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء} [هود:42، 43] إن سلوك طريق المؤمنين ومجالستهم، والانحياز إليهم هو سبيل النجاة الحقة؛ لأنهم في كنف الله وعنايته، حتى وإن تقاذفتهم الفتن، وكانت أسبابهم يسيرة، كسفينة من خشب في أمواج كالجبال، كما أن سلوك طريق الكافرين والمنافقين والانحياز إليهم هو سبيل الهلاك، حتى وإن توفرت لهم الأسباب المادية المنيعة كالجبال في علوها وصلابتها. [فهد العيبان]
قال بعض السلف: متى أطلق الله لسانك بالدعاء والطلب فاعلم أنه يريد أن يعطيك؛ وذلك لصدق الوعد بإجابة من دعاه، ألم يقل الله تعالى: {فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان}.
[البقرة:186] [شرح الحكم]
{ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل عمران:159] ليعتبر بهذه الآية من يتولى أمرا يستدعي أن يكون بجانبه أصحاب يظاهرونه عليه, حتى يعلم يقينا أن قوة الذكاء وغزارة العلم، وسعة الحياة وعظم الثراء: لا تكسبه أنصارا مخلصين, ولا تجمع عليه من فضلاء الناس من يثق بصحبتهم, إلا أن يكون صاحب خلق كريم، من اللين والصفح والاحتمال.
[محمد الخضر حسين]
{إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت} [هود:88] أي: ليس لي من المقاصد إلا أن تصلح أحوالكم، وتستقيم منافعكم، وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي، شيء بحسب استطاعتي، ولما كان هذا فيه نوع تزكية للنفس، دفع هذا بقوله: {وما توفيقي إلا بالله}. [ابن سعدي]
تأمل في خطاب شعيب لقومه: {أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا، وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت} [هود:88] فلهذه الأجوبة الثلاثة -على هذا النسق- شأن: وهو التنبيه على أن العاقل يجب أن يراعي في كل ما يأتيه ويذره أحد حقوق ثلاثة: أهمها وأعلاها حق الله تعالى، وثانيها: حق النفس، وثالثها: حق الناس. [البيضاوي]
{إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم} [البقرة:218] لو قال قائل في هذه الآية العظيمة: أنا أرجو رحمة الله وأخاف عذابه. ننظر: هل هو من المتصفين بهذه الصفات؟ فإن كان كذلك فهو صادق، وإلا فهو ممن تمنى على الله الأماني؛ لأن الذي يرجو رحمة الله حقيقة، لا بد أن يسعى لها. [ابن عثيمين]
من بلاغة القرآن ما فيه من أسلوب الاحتراس إذا خشي أن يفهم من الآية خلاف المقصود، ولذلك أمثلة، منها: ما حكاه الله عن النملة: {لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون} [النمل:18] , فقوله: (وهم لا يشعرون) احتراس يبين أن من عدل سليمان وفضله وفضل جنوده أنهم لا يحطمون نملة فما فوقها إلا بألا يشعروا. [الزركشي]
(يُتْبَعُ)
(/)
كان سحرة فرعون آية في اليقين الصحيح, والإخلاص العالي, عندما رفضوا الإغراء, وحقروا الإرهاب, وداسوا حب المال والجاه, وقالوا للملك الجبار: {فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا} [طه:72، 73] وشتان بين هؤلاء الذين يستهينون بالدنيا في سبيل الله, وبين الذين يسخرون الدين نفسه في التقرب من كبير, أو الاستحواذ على حقير. [محمد الغزالي]
{فمن عفي له من أخيه شيء} [البقرة:178] إطلاق وصف الأخ على المماثل في الإسلام أصل جاء به القرآن؛ وجعل به التوافق في العقيدة كالتوافق في نسب الإخوة بل أشد، وحقا فإن التوافق في الدين رابطة نفسانية، والتوافق في النسب رابطة جسدية، والروح أشرف من الجسد! [ابن عاشور]
الشريعة جامعة بين القيام بحق الله تعالى كالصلاة والذكر، وبين القيام بمصالح النفس كالسعي في الرزق؛ وذلك ظاهر من قوله تعالى {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون} [الجمعة:10].
{وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد} [الكهف:18] إذا كان بعض الكلاب قد نال هذه الدرجة العليا بصحبته ومخالطته الصلحاء والأولياء -حتى أخبر الله تعالى بذلك في كتابه- فما ظنك بالمؤمنين الموحدين، المخالطين المحبين للأولياء والصالحين؟ بل في هذا تسلية وأنس للمقصرين، المحبين للنبي صلى الله عليه وسلم وآله خير آل. [القرطبي]
{عفا الله عنك لم أذنت لهم} [التوبة:43] هل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذه؟ بدأ بالعفو قبل المعاتبة.
[مورق العجلي]
{وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن} [القصص:80] إيثار ثواب الآجل على العاجل حالة العلماء، فمن كان هكذا فهو عالم, ومن آثر العاجل على الآجل فليس بعالم. [ابن هبيرة]
في قوله تعالى عن موسى عليه السلام: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} [القصص:24] إشارة إلى سبب عظيم من أسباب إجابة الدعاء، وهو إظهار الافتقار إلى الله عز وجل.
[د. محمد الحمد]
عن قتادة في قوله تعالى: {من الجنة والناس} قال: (إن من الناس شياطين, فنعوذ بالله من شياطين الإنس والجن). [الدر المنثور]
قال الشافعي في قوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} [المطففين:15]: في هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عز وجل يومئذ.
وعلق ابن كثير فقال: وهذا الذي قاله الإمام الشافعي في غاية الحسن، وهو استدلال بمفهوم هذه الآية، كما دل عليه منطوق قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة, إلى ربها ناظرة} [القيامة:22 - 23]
{قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين}؟ [الأنبياء:55] هكذا قال قوم إبراهيم -لما دعاهم إلى التوحيد- فهم يدركون أن الدين الحق لا يجتمع مع اللعب والباطل، فكيف يريد بعض المنهزمين أن تعيش الأمة بدين ملفق يجمع أنواعا من اللعب والباطل مع شيء من الحق؟ {فماذا بعد الحق إلا الضلال}؟ [د. عمر المقبل]
{كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون} [البقرة:187] إن العلم الصحيح سبب للتقوى؛ لأنهم إذا بان لهم الحق اتبعوه، وإذا بان لهم الباطل اجتنبوه، ومن علم الحق فتركه, والباطل فاتبعه, كان أعظم لجرمه, وأشد لإثمه. [الشيخ السعدي]
{فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا} [آل عمران:95]، {واتبع سبيل من أناب إلي} [لقمان:15]، {فبهداهم اقتده} [الأنعام:90] تأمل الرابط بينها، تجد أنه أمر باتباع السبيل والملة والهدى مع أن هؤلاء أئمة معصومون؛ وذلك لتوجيه الأمة بأن لا تقتدي بالأفراد لذواتهم مهما علا شأنهم وارتفعت مكانتهم, وإنما تقتدي بهداهم، فإن زل أحد عن المنهج بقيت هي على الطريق، وهذا درس عظيم لو وعاه كثير من المسلمين لسلموا من التعصب الذي أضل الأمة. [أ. د.ناصر العمر]
الجنود التي يخذل بها الباطل، وينصر بها الحق، ليست مقصورة على نوع معين من السلاح، بل هي أعم من أن تكون مادية أو معنوية، وإذا كانت مادية فإن خطرها لا يتمثل في ضخامتها، فقد تفتك جرثومة لا تراها العين بجيش عظيم: {وما يعلم جنود ربك إلا هو} [المدثر:31]. [محمد الغزالي]
{فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى} [طه:117] تأمل كيف جمع بينهما في الخروج من الجنة، وخص الذكر بالشقاء فقال: (تشقى) ولم يقل تشقيان؛ لأن الأصل أن الذكر هو الذي يشتغل بالكسب والمعاش، وأما المرأة فهي في خدرها. (ابن القيم)
فهل يعي هذا من يدعو إلى خروج المرأة إلى ميادين العمل بإطلاق وكأن ذلك هو الأصل؟!
هكذا فهموا القرآن فماذا فهمنا نحن فهمنا الدنيا فقط وأعرضنا عن الأخرة أنظر ماذا قال تعالى [{يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}
أكثر الناس لاعلم له إلا بشؤون الدنيافهو ذكي في تحصيلهاغافل عما ينفعه في الآخرة
قال الحسن: بلغ والله من علم أحدهم بالدنيا أنه ينقد الدرهم فيخبرك بوزنه ولايخطئ ولايحسن أن يصلي
ومن البلية أن ترى لك صاحبا*في صورة الرجل السميع المبصر
فطن بكل مصيبة في ماله*وإذا يصاب بدينه لم يشعر]
فلماذا لانتأمل ونتدبر مانقرأه؟
هذه الفوائد قد قمت بجمعها بفضل من الله من خلال إشتراكي في جوال تدبر
لاتنسونا من صالح دعواتكم بالعلم النافع والعمل الخالص
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[التواقة]ــــــــ[11 Sep 2008, 04:57 ص]ـ
رائعة الفوائد
ـ[أبو سلمان أنورصالح]ــــــــ[17 Feb 2009, 09:47 ص]ـ
[مأجمل وأفضل من كلام الله إذاتدبره الإنسان يقول عثمان رضي الله عنه (والله لوطهرت قلوبكم ماشبعت من كلام ربكم) نسأل الله أن يرزقنا حسن التدبر لكلامه سبحانه)(/)
تأويل قوي لقوله تعالى: ((إنّ الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم))
ـ[حمد]ــــــــ[04 Sep 2008, 05:51 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أشكركم يا إخوة على فتح المجال للتسجيل في هذا الملتقى المبارك.
والله إني فرح جداً بهذا. الحمد لله
ندخل في الموضوع:
اختلف المفسرون في تأويل الآية الكريمة في سورة آل عمران: {إِنَّ ?لَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ?زْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـ?ئِكَ هُمُ ?لضَّآلُّونَ}
اختلفوا في تأويل: ((لن تقبل توبتهم)).
وأنا سأنقل أقوى تأويل في نظري، وأتمنى أن نتناقش في ذلك لأزداد علماً.
فأنا إلى الآن لم أطمئن إلى أي تأويل تماماً.
يقول الإمام البقاعي في تفسيره:
ولما رغّب في التوبة رهّب من التواني عنها فقال: {إن الذين كفروا} أي بالله وأوامره، وأسقط الجار لما مضى من قوله {من بعد إيمانهم} بذلك. ولما كان الكفر لفظاعته وقبحه وشناعته جديراً بالنفرة عنه والبعد منه نبه سبحانه وتعالى على ذلك باستبعاد إيقاعه، فكيف بالتمادي عليه فكيف بالازدياد منه! وعبر عن ذلك بأداة التراخي فقال: {ثم ازدادوا كفراً} أي بأن تمادوا على ذلك ولم يبادروا بالتوبة {لن تقبل توبتهم} أي إن تابوا، لأن الله سبحانه وتعالى يطبع على قلوبهم فلا يتوبون توبة نصوحاً يدومون عليها ويصلحون ما فسد، أو لن توجد منهم توبة حتى يترتب عليها القبول لأنهم زادوا عن أهل القسم الأول بالتمادي، ولم يأت بالفاء الدالة على أنه مسبب عما قبله إعلاماً بأن ذلك إنما هو لأنهم مطبوع على قلوبهم، مهيؤون للكفر من أصل الجبلة، فلا يتوبون أبداً توبة صحيحة، فالعلة الحقيقية الطبع لا الذنب، وهذا شامل لمن تاب عن شيء وقع منه كأبي عزة الجمحي، ولمن لم يتب كحيي بن أخطب
ها، ما رأيكم؟
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[05 Sep 2008, 01:09 ص]ـ
هل من نقطة فاصلة يقال عندها أن هذا كافر وذاك ازداد كفرا
فالآية" كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [آل عمران: 86]
وصفت الذي كفر بعد إيمانه بالظلم إلا أنه في الآية " إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران: 89]
هناك استثناء لمن تاب أي مازالت التوبة ممكنة منه ومقبولة بفضل الله
والآية 90 أفادت عدم قبول التوبة ممن ازداد كفرا بعد أن كفر من بعد ايمانه،ورأي المفسرون أنها في اليهود آمنوا بموسي وكفروا بعيسى ثم ازدادوا كفرا إذ لم يؤمنوا بالرسول الخاتم عليه الصلاة والسلام،وهذا الأخير إنما هو أمر عظيم بناءا علي تحققه فيهم وصفوا أنهم ازدادوا كفرا
والقول ولم يأت بالفاء الدالة على أنه مسبب عما قبله إعلاماً بأن ذلك إنما هو لأنهم مطبوع على قلوبهم، مهيؤون للكفر من أصل الجبلة،
لاعلاقة له بالآية لأن الطبع يأتي بعد الكفر ويتسبب عنه كما في قوله تعالي
"وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً [النساء: 155]
والأمر الثاني أنه ستقع منهم توبة ولكنها لن تقبل،فإن كان الكفر من أصل الجبلة، ماآمنوا،وما تابوا
فالنقاش أري أن يكون في علامات الازدياد في الكفر التي توجب عدم قبول التوبة
ـ[حمد]ــــــــ[05 Sep 2008, 01:56 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الحبيب مصطفى على التفاعل معي
فالنقاش أرى أن يكون في علامات الازدياد في الكفر التي توجب عدم قبول التوبة
أحتاج قبل ذلك إلى دفع الإشكال الوارد على (عدم قبول توبتهم)؛ حيث أنّ الله يقبل التوبة عن عباده. ولو كانت أعظم الذنوب.
وظاهر الآية أنّ توبة هؤلاء لن تُقبل؛ فمن يزيل الإشكال عني؟
أعلم أنّ لها عدة تأويلات، وتأويل البقاعي أقربها إليّ.
ولكن فيه إشكال أيضاً، وهو: لو جاءنا رجل كفر بعد إيمانه ثم ازداد كفراً -بغضّ النظر عن معنى ازدياد الكفر-،
هل نقبل توبته على التأويل الذي ذكره البقاعي؟؟
أفيدونا أثابكم الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2008, 02:27 م]ـ
أرحب أولاً بأ خي الكريم حمد وفقه الله بين إخوانه في ملتقى أهل التفسير واسال الله له التوفيق والسداد.
موضوع قبول التوبة من التائب أمر خالص لله سبحانه وتعالى، وكذلك نفي قبول التوبة حيث إن هذا يرجع لعلم الله سبحانه وتعالى المحيط بكل شيء. فقولنا: لو جاءنا رجل كفر بعد إيمانه ثم ازداد كفراً -بغضّ النظر عن معنى ازدياد الكفر-،
هل نقبل توبته على التأويل الذي ذكره البقاعي؟؟
ليس دقيقاُ. لأنه لو جاءنا أكفر الكافرين تائباً مقبلاً قبلناه. لكن هل يقبله الله أم لا؟ الجواب: العلم عند الله سبحانه وتعالى. والآية تتحدث عن هذا، وأنت لا يمكنك الاطلاع على درجة كفر الكافر أو نفاق المنافق أو إيمان المؤمن وإنما هي أمور قلبية لا يعلمها إلا الله سبحانه. ولكن هناك علامات قد يستأنس بها في معرفة هذه الأمور القلبية.نسأل الله أن يثبت قلوبنا على الحق والهدى حتى نلقاه، والمغرور من يغتر بعمله أو بعلمه فيظن أنه بمنأى عن الفتن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حمد]ــــــــ[05 Sep 2008, 02:44 م]ـ
جزاك الله خيراً مشرفنا.
فما تأويل الآية الكريمة النافية لقبول توبة هؤلاء؟
والله يقبل التوبة عن عباده
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[05 Sep 2008, 02:45 م]ـ
أوصي طلاب العلم فيما يستشكلونه من مسائل التفسير بأمرين:
الأمر الأول: رد ما اشتبه عليهم إلى المحكم والإيمان بكل ما أنزل الله.
فيسير على الطريق المأمون الذي أرشد الله إليه ويرجى له أن يوفق لفهم ما أشكل عليه.
الأمر الثاني: أن يرجع إلى تفاسير الأئمة المتقدمين ويقرأ أقوالهم بتمعن إن كان له أهلية النظر في أقوال التفسير، وإلا سأل من يثق بعلمه من العلماء الربانيين.
وأما تفسير البقاعي فقد اشتغل فيه بالتناسب وأجاد في مواضع، وظهر منه تكلف غير مقبول في مواضع كثيرة
وله طريقة في الجمع بين الأقوال التي قيلت في التفسير وتوظيفها في عدة سياقات واستعمالها في الربط بين الآيات، ما هو محل نظر في بعض المواضع، ومردود غير مقبول في مواضع أخرى.
وأما ما استشكلته في قوله تعالى: (إن الذي كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون)
فالمختار في تفسيرها أنها في أهل الأديان الذين يتوبون من بعض الذنوب وهم مقيمون على الكفر كاليهود والنصارى الذين شهدوا أن الرسول حق ولكنهم كفروا بعد إقرارهم وشهادتهم بأنه حق وجاءهم البينات وعرفوا بها أن دين الإسلام حق، وأبو إلا الإقامة على دينهم
ألا ترى أن الله يقول: (وأولئك هم الضالون) فلا تقبل توبة من غير مسلم
ويشهد لصحة هذا التفسير وهو مروي عن أبي العالية الرياحي رحمه الله قوله تعالى قبلها: (ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)
ـ[محمد الماجد]ــــــــ[05 Sep 2008, 04:54 م]ـ
جزاك الله خيرا على ما ذكرت من منهجية في التفسير يا عبدالعزيز الداخل
ـ[حمد]ــــــــ[12 Sep 2008, 06:03 م]ـ
أشكر الإخوة الأفاضل على تفاعلهم.
وهذا تأويل قوي للواحدي:
تفسير الواحدي ج1/ص222
((لن تقبل توبتهم)): لأنهم لا يتوبون إلا عند حضور الموت، وتلك التوبة لاتقبل.
ـ[أخوكم]ــــــــ[12 Sep 2008, 06:35 م]ـ
هذه الآية كانت مشكلة عليّ سنين طويلة حتى قرأت فيها تفسيرا شفى ما في نفسي
فهم كفروا ثم تابوا فهذه التوبة هي التي لن تقبل أما لو تابوا فيما بعد فباب التوبة مفتوح، فهذا القول ينظم النصوص كلها دون تعارض
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ الأولى
قال في فتح القدير:
... وقيل: المعنى: لمن تقبل توبتهم التي كانوا عليها قبل أن يكفروا؛ لأن الكفر أحبطها ...(/)
الشيخ عادل الكلباني بديلاً للشيخ ماهر المعيقلي في الحرم المكي وفقهما الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2008, 12:42 ص]ـ
كشفت مصادر مطلعة لشبكة "الإسلام اليوم" بأنه صدرت توجيهات بتكليف الشيخ عادل بن سالم الكلباني بالمشاركة في إمامة صلاة التراويح بالحرم المكي الشريف، بديلاً للشيخ ماهر بن حمد المعيقلي الذي نقل إلى الحرم النبوي الشريف.
والشيخ الكلباني من مواليد الرياض عام 1378هـ، وعُرف إمامًا وخطيبًا لجامع الملك خالد بالرياض، وبإقرائه للقرآن الكريم، ويعد أحد الأئمة المحببة أصواتهم لدى كثير من الناس.
أما الشيخ المعيقلي فقد ولد 1386هـ، وعرف إمامًا للحرم النبوي ثم المكي، وقبلهما إمامًا وخطيبًا لجامع الشيخ عبد الرحمن السعدي، وعرف بصوته الخاشع وقراءته المؤثرة.
هذا، وقد غادر فضيلة الشيخ الكلباني الرياض عصر هذا اليوم الخميس متوجهًا إلى مكة، ومن المتوقع أن يعمل بالقرارات في صلاة التراويح خلال الأيام القادمة.
المصدر ( http://www.islamtoday.net/albasheer/show_news_content.cfm?id=88790)
نسأل الله لهما التوفيق جميعاً لكل خير.
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[05 Sep 2008, 01:57 ص]ـ
الشيخ قارئ مرتل مجود على علم بأحكام التجويد بل بالقراءات نسأل الله أن يبارك فيه
وقد حادثته قبل قليل وقال أن الخبر صحيح وسيبدأ غداً في صلاة التراويح إن شاء الله
تبارك الله رب العالمين
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يمن عليه بفضله ويتقبله في الصالحين
أشكر الأخ صاحب الموضوع فجزاه الله خيراً
وهنا بعض تلاواته النادره:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=118265&highlight=%C7%E1%DF%E1%C8%C7%E4%ED
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[05 Sep 2008, 01:57 ص]ـ
سيرته الذاتية
عادل بن سالم بن سعيد الكلباني
من مواليد مدينة الرياض الحبيبة، عام 1378 للهجرة. يوم الجمعة الخامس والعشرين من رمضان.
متزوج، ولي من الذرية خمسة أبناء، وسبع بنات.
.
مشايخي:
قرأت أول ما قرأت على فضيلة الشيخ حسن بن غانم الغانم. وكان إذ ذاك مسئولا عن الكتب في الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
قرأت عليه الأصول الثلاثة، وكشف الشبهات، وشيئا من صحيح البخاري، وشيئا من سنن الترمذي، وشيئا من تفسير ابن كثير.
وقرأت على شيخنا الدكتور مصطفى مسلم، الأستاذ في جامعة الإمام، كلية أصول الدين، في تفسير البيضاوي، حاشية زادة. وقرأت عليه الفرائض، ثم انتقل، إلى الشارقة، وبقي أن يجيزنا فيها.
قرأت على شيخنا الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين، آخر التدمرية، والوصيتين الصغرى والكبرى لشيخ الإسلام، وكتاب التوحيد من صحيح البخاري، جزءا كبيرا من كتاب الإيمان في صحيح مسلم.
قرأت القرآن على شيخنا الشيخ أحمد مصطفى، وأجازني برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية.
وأجازني شيخنا الشيخ محمد نبهان بن حسين مصري بقراءة عاصم براوييه من الشاطبية.
وكذلك أجازني شيخنا الشيخ محمد أبو رواش بحفص من طريق الفيل - الطيبة – بقصر المنفصل.
كما أجازني الشيخ محمد عبدالحميد برواية قالون عن نافع من الشاطبية.
وقرأت البقرة على شيختنا الشيخة أم السعد بقراءة أبي عمر البصري، براوييه الدوري والسوسي.
وأجازني الشيخ إسماعيل الأنصاري بحديث مشهور عند أهل الحديث بالمسلسل بالأولية، وهو حديث الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وهو من السلسلة فقد كان أول حديث سمعته منه. رحمه الله.
وأجازني بعض العلماء بكتبهم، للنظر فيها انظر الإجازات.
وأداء للأمانة وسعيا للخلود في سجل أهل القرآن، نشرت ما تعلمته، رجاء الدخول في الحديث، وهذا بيان بأسماء من قرأ علي القرآن فأجزته، جعل الله ذلك في ميزان أعمالنا، وأدخلنا في قوله صلى الله عليه وسلم: خيركم من تعلم القرآن وعلمه. وفي رواية: إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه.
1. فضيلة الشيخ / خلف بن متعب الرقاص. مدرس. وإمام وخطيب جامع أرطاوي الرقاص.
2. أمين بن عبدالحميد أبو دعمة. {عاصم}. مدرس في حلقة التحفيظ في جامع الملك خالد.
3. المهندس. جمال بن محمد العبدالله. {عاصم}.
4. وائل بن حسين صنبع. {عاصم}. مدرس.
5. أمين بن سليمان. مدرس حلقة تحفيظ.
6. فضيلة الشيخ / عبدالله الشبانات. القاضي بجدة.
7. محمد بن حسين صنبع. طالب بجامعة الملك سعود.
8. وليد الغامدي. صيدلي.
9. الرائد / حامد المطيري. {عاصم}. بوزارة الداخلية.
10. يحيى دائلي. {عاصم}. مدرس.
11. أحمد عاصم. {عاصم} وحفص من الطيبة.
12. عبدالعزيز الريس {عاصم}. مدرس وإمام في القصيم.
13. عبدالرحمن السعود. موظف في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
14. د. عصمت. أستاذ الفيزياء في جامعة الملك سعود.
15. ناصح البقمي. عاصم. موظف في وزارة الخارجية.
16. د. عمرو جمال. طبيب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[05 Sep 2008, 01:58 ص]ـ
ومن موقع الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي:
4 رمضان 1429 هـ - الخميس, 4 سبتمبر - 10:23 م
الشيخ عادل الكلبانى يشارك في الأمامه بالمسجد الحرام خلال شهر رمضان المبارك
في تصريح لمعالي نائب الرئيس العام لشئون المسجد الحرام الشيخ الدكتور محمد بن ناصر الخز يم أشارفيه بأن معالى الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوى الشيخ صالح بن عبد الرحمن الحصين ابلغ فضيلة الشيخ عادل بن سالم الكلبانى بالمشاركه في الأمامه بالمسجد الحرام خلال شهر رمضان المبارك 1429
http://www.gph.gov.sa/index.cfm?do=c...*******ID=5189
ـ[السرخسي]ــــــــ[05 Sep 2008, 02:20 ص]ـ
نسأل الله التوفيق والسداد للشيخين الفاضلين.
ـ[حسام خوجة]ــــــــ[05 Sep 2008, 03:54 ص]ـ
وفقه الله
ـ[أبو يحيى بن يحيى]ــــــــ[05 Sep 2008, 05:24 ص]ـ
لكم فرحت بقدوم الشيخ عادل
لكن مصيبتي في نقل الشيخ ماهر عظيمة
فقد كنت أعد الأيام عدا في انتظار شد الرحال إلى المسجد الحرام لأداء العمرة ثم التمتع بالصلاة خلف الشيخ ماهر في العشر الأواخر
لكن قدر الله تعالى و ما شاء فعل
فإنا لله و إنا إليه راجعون
ـ[محمد الماجد]ــــــــ[05 Sep 2008, 04:58 م]ـ
لكن مصيبتي في نقل الشيخ ماهر عظيمة
فقد كنت أعد الأيام عدا في انتظار شد الرحال إلى المسجد الحرام لأداء العمرة ثم التمتع بالصلاة خلف الشيخ ماهر في العشر الأواخر
..
ياليته لم ينقل فله طعم متميز هو والشريم ..
اعظم الله لنا الاجر ولعلنا نشد الرحال الى المسجد النبوي هذه السنة
ـ[أحمد الغصن]ــــــــ[05 Sep 2008, 05:09 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء على هذه البشرى المباركة
سائلين المولى ان يوفقك فضيلة الشيخ عادل بن سالم الكلباني في أمامته للحرم
والسؤال فضيلة الشيخ ماهر المعيقلي
هل انتقل للمسجدالنبوي؟
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[05 Sep 2008, 05:31 م]ـ
يبدو - والله أعلم - بقاء الشيخ ماهر، وإليكم خبر من موقع لجينيات:
لُجينيات ـ خاص ـ سيصلي الشيخ عادل الكلباني إماماً لصلاة التراويح في الحرم المكي الشريف ابتداءاً من مساء اليوم الجمعة ليلة السبت حيث يؤم المصلين الشيخ سعود الشريم في الخمس التسليمات الأولى، ثم يعقبه الشيخ عبد الله الجهني في ثلاث تسليمات، ثم الشيخ عادل الكلباني في الأربع ركعات الأخيرة لصلاة التراويح بالإضافة إلى صلاة الشفع والوتر، أما يوم السبت يبدأ الشيخ ماهرالمعيقلي بالتسليمتين الأوليان، ثم يعقبه الشيخ الكلباني في ثلاث تسليمات، وبقية التسليمات يصليها الشيخ السديس مع الشفع والوتر، وستكون صلاة الشفع والوتر حتى ليلة العشرين من رمضان بالتناوب بين الشيخ السديس والشيخ الكلباني.
أما في العشر الأخيرة فالشيخ الكلباني يصلي أول الليل خمس تسليمات ثم يكمل الشيخان الجهني والمعيقلي الخمس الثانية، وفي التهجد ثلاث تسليمات للشيخ الشريم والبقية مع الشفع والوتر للشيخ السديس، وصلاة العيد للشيخ صالح بن حميد.
http://www.lojainiat.com/?action=dnews&mid=4964
ـ[أبو يحيى بن يحيى]ــــــــ[05 Sep 2008, 06:25 م]ـ
يبدو - والله أعلم - بقاء الشيخ ماهر، وإليكم خبر من موقع لجينيات:
لُجينيات ـ خاص ـ سيصلي الشيخ عادل الكلباني إماماً لصلاة التراويح في الحرم المكي الشريف ابتداءاً من مساء اليوم الجمعة ليلة السبت حيث يؤم المصلين الشيخ سعود الشريم في الخمس التسليمات الأولى، ثم يعقبه الشيخ عبد الله الجهني في ثلاث تسليمات، ثم الشيخ عادل الكلباني في الأربع ركعات الأخيرة لصلاة التراويح بالإضافة إلى صلاة الشفع والوتر، أما يوم السبت يبدأ الشيخ ماهرالمعيقلي بالتسليمتين الأوليان، ثم يعقبه الشيخ الكلباني في ثلاث تسليمات، وبقية التسليمات يصليها الشيخ السديس مع الشفع والوتر، وستكون صلاة الشفع والوتر حتى ليلة العشرين من رمضان بالتناوب بين الشيخ السديس والشيخ الكلباني.
أما في العشر الأخيرة فالشيخ الكلباني يصلي أول الليل خمس تسليمات ثم يكمل الشيخان الجهني والمعيقلي الخمس الثانية، وفي التهجد ثلاث تسليمات للشيخ الشريم والبقية مع الشفع والوتر للشيخ السديس، وصلاة العيد للشيخ صالح بن حميد.
http://www.lojainiat.com/?action=dnews&mid=4964
بشرك الله بكل الخير
ليت أحد الأخوة يتأكد لنا
بارك الله فيك
فأنا و الله في هم عظيم منذ الفجر بسبب هذا الخبر
ـ[الجكني]ــــــــ[05 Sep 2008, 08:43 م]ـ
لكن مصيبتي في نقل الشيخ ماهر عظيمة
اعظم الله لنا الاجر ولعلنا نشد الرحال الى المسجد النبوي هذه السنة
وأيضاً:
لكن مصيبتي في نقل الشيخ ماهر عظيمة
لكن قدر الله تعالى و ما شاء فعل
فإنا لله و إنا إليه راجعون
لاتعليق؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[06 Sep 2008, 03:29 ص]ـ
أسأل الله للشيخين الفاضلين التوفيق والسداد في الدنيا والآخرة، وأن يرزقنا وإياهم الإخلاص في القول والعمل ...
ـ[ابن ماجد]ــــــــ[06 Sep 2008, 09:40 م]ـ
الشيخ عادل الكلباني بديلاً للشيخ ماهر المعيقلي في الحرم المكي وفقهما الله
الشيخ ماهر مازال في الحرم المكي، وهاهو في هذا الوقت يؤم الناس في صلاة التراويح:
ومن أراد الاستماع له وهو في الحرم في هذه الساعة فليضغط على هذا الرابط:
http://live.gph.gov.sa/
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[07 Sep 2008, 01:43 ص]ـ
الحمد لله اجتمع الشيخان المعيقلي والكلباني في المسجد الحرام، وللشيخ الجكني نقول: نشهد الله على حب أهل المدينة الأحياء والأموات وما فرحنا بمن في مكة إلا لقربهم منا في المكان، أما في الحب والشوق فلا يعدل أهل المدينة أحد
وكل له ميل لأحد المشائخ وميلي للشيخ المعيقلي لا يعني انتقاصي لغيره فكلهم أصحاب فضل ومما لا أشك فيه أنهم خير مني، ولا يفوتني أن اترحم على من تربع حبه في القلب الشيخ علي بن جابر رحمه الله واسكنه فسح جناته، فمهما حاولت أن اتناساه لا أملك غير تذكره واستحضاره
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
ـ[أبو المهند]ــــــــ[07 Sep 2008, 02:34 ص]ـ
وفق الله كل أهل القرآن في مشارق الأرض ومغاربها لما يحبه ربي ويرضاه.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[07 Sep 2008, 05:34 م]ـ
ولا يفوتني أن اترحم على من تربع حبه في القلب الشيخ علي بن جابر رحمه الله واسكنه فسح جناته، فمهما حاولت أن اتناساه لا أملك غير تذكره واستحضاره
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
صدقت ياشيخ فاضل، مع حبي لجميع المشايخ في الحرم، إلا انني لم استمع لأفضل منه رحمه الله، أسأل الله أن يجعل تلك الأيام شاهدة لنا جميعا.
ـ[طه محمد عبدالرحمن]ــــــــ[10 Sep 2008, 01:48 ص]ـ
لا أدرى ماذا يحصل؟؟؟
الشيخ سعد الغامدى صاحب الصوت الندى الخاشع و القراءة المتقنة ..
أقولها و بصراحة تمنيتُ لو كان هو إماما للحرم بدلا من الشيخ الكلبانى ..
و علم الله أنى ما أكن للشيخ الكلبانى الا كل خير و لكن هذا رأيى ...
ـ[نوري قرآني]ــــــــ[10 Sep 2008, 02:49 ص]ـ
هل سيعود الشيخ الكلباني إلى الرياض بعد انتهاء رمضان؟؟
ـ[بوعلام]ــــــــ[12 Sep 2008, 03:13 ص]ـ
أشكر الجميع على ما قدموه من الخير و السلام علييييييييييييييييييكم
ـ[فداء الرسول]ــــــــ[12 Sep 2008, 08:42 ص]ـ
وفق الله الشيخين ونفع بهما.(/)
تفسير النيسابوري؟
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[05 Sep 2008, 12:43 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل النيسابوري المطبوع تفسيره بهامش تفسير الطبري، هو الفقيه الشافعي أبوبكر عبدالله بن محمد بن زياد المتوفى سنة 324 هـ؟
آمل ممن يملك هذه النسخة، أو يعرف الإجابة التفضل بسرعة الرد.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2008, 01:32 م]ـ
هذه الطبعة عهدي بها قديم وليتك ذكرت تاريخ الطبعة المسؤل عنها. لكن الذي أذكره أن التفسير المطبوع بهامش تفسير الطبري هو تفسير (غرائب القرآن ورغائب الفرقان) لمؤلفه الشيعي نظام الدين الحسن بن محمد بن حسين القمي النيسابوري وهو متأخر الوفاة وقد رأيت تاريخ وفاته في المكتبة الشاملة هو 850هـ وإن كنت أشك في ذلك، فلعله ممن عاش في القرن الرابع تقريباًُ. ولعلي أراجع الكتاب وأتحقق منه إن لم يتفضل أحد الزملاء في الملتقى بعمل ذلك مشكوراً.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[05 Sep 2008, 02:13 م]ـ
نظام الدين القمي صاحب تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان ربما سرت تهمة التشيع له من نسبته إلى (قم) ولترجمة بعض الشيعة له فبالغوا في الثناء عليه
وقد قرأت مواضع كثيرة من تفسيره ولم أجد فيها ما يشير إلى تشيعه
وتفسيره من أجود مختصرات تفسير الرازي وقد قارنت بينهما في مواضع كثيرة. فوجدته يعرض عن بعض ما لا تعلق له بالتفسير، وعن بعض ما لا يوافق عليه الرازي في تكلفاته، وزاد عليه ذكر الوقوف وقسمه تقسيما حسناً.
إلا أنه أشعري المعتقد من خلال تفسيره، ويظهر أيضا تأثره بالتصوف في بعض المواضع.
وقد وجدت في غلاف نسخة في مكتبة جامعة الملك سعود أنه توفي سنة: (728هـ)
وأن جامعة الأزهر قررت تدريس هذا الكتاب
وتلك الطبعة قديمة في عدة مجلدات
وقد أكثر المترجمون له في الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير (1/ 717 - 738)
من الكلام في نفي تهمة التشيع عنه
واستشهدوا بعدة أمور:
- منها دفاعه عن عائشة في حادثة الإفك، ونفي هذه التهمة الشنيعة عنها.
- ومنها قوله في مسألة الإمامة: (أما ما زعمه الشيعة فلأنا نعلم بالضرورة أنا في زماننا هذا عاجزون عن معرفة الإمام المعصوم والاستفادة منه فلو وجب علينا طاعته على الإطلاق لزم تكليف ما لا يطاق)
وذكروا أشياء أخرى
ونقلوا قول الدكتور محمد حسين الذهبي عنه: (وليس في تفسير النيسابوري ما يدل على تشيعه)
وقوله: (وعلى كثرة ما قرأت في هذا التفسير لم أقع على نص منه يدل على تشيعه).
ـ[أضواء البيان]ــــــــ[05 Sep 2008, 10:47 م]ـ
جزاكما الله خيرا.(/)
تسجيل لحلقات برنامج بينات في دورته الثانية
ـ[طالبة القرآن وعلومه]ــــــــ[05 Sep 2008, 02:32 ص]ـ
تسجيل لحلقات برنامج بينات في دورته الثانية
الحلقة الأولى:
رابط تسجيل مرئي ( http://ia311219.us.archive.org/0/items/muslim2006_737/bayenat01_01-09.avi)
رابط تسجيل صوتي ( http://ia311219.us.archive.org/0/items/muslim2006_737/bayenat01_01-09.wma)
رابط mp4 (http://ia311219.us.archive.org/0/items/muslim2006_737/bayenat01_01-09_512kb.mp4)
رابط فلاش flv (http://ia311219.us.archive.org/0/items/muslim2006_737/bayenat01_01-09.flv)
الحلقة الثانية:
رابط تسجيل مرئي ( http://ia311202.us.archive.org/2/items/muslim2006_746/bayenat02_02-09.avi)
رابط تسجيل صوتي ( http://ia311202.us.archive.org/2/items/muslim2006_746/bayenat02_02-09.wma)
رابط mp4 (http://ia311202.us.archive.org/2/items/muslim2006_746/bayenat02_02-09_512kb.mp4)
رابط فلاش flv (http://ia311202.us.archive.org/2/items/muslim2006_746/bayenat02_02-09.flv)
جميع الروابط منقولة
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[06 Sep 2008, 03:19 ص]ـ
شكر الله جهودكم في خدمة القرآن وأهله ...
ـ[نايف السحيم]ــــــــ[06 Sep 2008, 05:05 ص]ـ
جزاكم الله خير
نريد باقي الحلقات بارك الله فيكم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Sep 2008, 03:07 م]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم خيراً.
سيكون هناك الليلة - يوم السبت 6 رمضان 1429 - لقاء حول برنامج (بينات) مع المشاركين في البرنامج في حلقة خاصة من برنامج (ليالي رمضان) عند الساعة الحادية عشرة تقريباً أو الحادية عشرة والنصف بتوقيت مكة المكرمة على قناة المجد العلمية إن شاء الله. وهي حلقة مباشرة.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[06 Sep 2008, 09:13 م]ـ
جزاكم الله خيرا. وحبذا لو لم توضع دعاية لمواقع المشايخ والعلامة المميزة للمنتدى الذي قام بتسجيل ملفات الفيديو، حتى يكون الملف خاصا بمادة البرنامج فقط.
ومثل هذه الدعاية توحي للمشاهد بأنها مدرجة من قبل القناة التلفزية أو من قبل المشرفين على البرنامج، في النسخة الأصلية. ويبدو لي أن الأمر ليس كذلك.
وأرجو إبلاغ المتطوعين على تسجيل الملفات بهذا الاقتراح كي يحذفوا هذه الدعاية، حتى لا يقع المشاهد في مغالطة.
ووجود هذه الدعاية سيحرمني من إمكانية إتاحة هذه الملفات للأصدقاء
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2008, 12:54 م]ـ
لم أفهم قصدك يا أبا أحمد! لأني لم أشاهد هذه الملفات بعدُ.
ـ[طالبة القرآن وعلومه]ــــــــ[07 Sep 2008, 01:09 م]ـ
جزاكم الله خيرا جميعا
بارك الله فيكم وجزاكم خيراً.
سيكون هناك الليلة - يوم السبت 6 رمضان 1429 - لقاء حول برنامج (بينات) مع المشاركين في البرنامج في حلقة خاصة من برنامج (ليالي رمضان) عند الساعة الحادية عشرة تقريباً أو الحادية عشرة والنصف بتوقيت مكة المكرمة على قناة المجد العلمية إن شاء الله. وهي حلقة مباشرة.
حفظكم الله شيخنا, وحفظ علماءنا الأفاضل
وزادكم علما
وللأسف لم نتمكن من مشاهدتها لعدم توفر قناة المجد العلمية
جزاكم الله خيرا. وحبذا لو لم توضع دعاية لمواقع المشايخ والعلامة المميزة للمنتدى الذي قام بتسجيل ملفات الفيديو، حتى يكون الملف خاصا بمادة البرنامج فقط.
ومثل هذه الدعاية توحي للمشاهد بأنها مدرجة من قبل القناة التلفزية أو من قبل المشرفين على البرنامج، في النسخة الأصلية. ويبدو لي أن الأمر ليس كذلك.
وأرجو إبلاغ المتطوعين على تسجيل الملفات بهذا الاقتراح كي يحذفوا هذه الدعاية، حتى لا يقع المشاهد في مغالطة.
ووجود هذه الدعاية سيحرمني من إمكانية إتاحة هذه الملفات للأصدقاء
كما ذكرت في المشاركة الأولى (جميع الروابط منقولة) , فلستُ من سجلها, وإنما نقلتها فقط من باب الفائدة للاستفادة من الحلقات خاصة مع عدم توفر قناة المجد العلمية لدى الجميع.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[07 Sep 2008, 05:58 م]ـ
لم أفهم قصدك يا أبا أحمد! لأني لم أشاهد هذه الملفات بعدُ.
أرجو أن تطلع على الملفات.
فالملفات تضع دعاية دائمة لأحد المنتديات (فرسان الحق) تحت كلمة بينات التي تظهر في البرنامج.
ودوريا (كل 10 دفائق تقريبا) يتم بث شريط أسفل الشاشة للدعاية لمواقع الشيوخ الحويني وحسان والنقيب وغيرهم من الدعاة المصريين. والمشاهد عندما يراها قد يتوهم أن هذه الدعاية يقوم بها البرنامج لأمر يتعلق بمحتوى الحلقة.
وبقطع النظر عن احترامي لهؤلاء الدعاة (وأنا شبه متأكد من الأمر يجري بدون علمهم أصلا)، فإن مثل هذا العمل أعتبره مضرا ببرنامج بينات.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Sep 2008, 01:56 ص]ـ
الآن فهمتُ.
لكن ماذا نستطيع نحن أن نفعل إذا كان الذين سجلوها وصنعوا هذا الصنيع لا معرفة لنا بهم. جزاهم الله خيراً وليتهم يبلغون بعدم رضانا عن هذا التصرف. وإيكفي نشره كما هو هذا مع تجاوز حقوق قناة المجد في ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[التواقة]ــــــــ[08 Sep 2008, 05:09 ص]ـ
ولماذامثل الدورة الأولى لا يقوم منتدى أهل التفسير بتسجيل الحلقات بالتعاون مع قناة المجد؟
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[08 Sep 2008, 06:11 ص]ـ
الآن فهمتُ.
لكن ماذا نستطيع نحن أن نفعل إذا كان الذين سجلوها وصنعوا هذا الصنيع لا معرفة لنا بهم. جزاهم الله خيراً وليتهم يبلغون بعدم رضانا عن هذا التصرف. وإيكفي نشره كما هو هذا مع تجاوز حقوق قناة المجد في ذلك.
لعل رسالة مباشرة منكم يا أبا عبد الله إلى المشرفين على المنتدى المذكور تحقق الغرض.(/)
ميل ابن عاشور إلى ضعف دلالة (ومن يشاقق الرسول) على حجية الإجماع.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[05 Sep 2008, 04:16 ص]ـ
{وَمَن يُشَاقِقِ ?لرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ?لْهُدَى? وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ?لْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى? وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً}
قال رحمه الله:
((وقد شاع عند كثير من علماء أصول الفقه الاحتجاج بهذه الآية، لكون إجماع علماء الإسلام على حكم من الأحكام حجّة، وأوّل من احتجّ بها على ذلك الشافعي. قال الفخر: «روي أنّ الشافعي سئل عن آية في كتاب الله تدلّ على أنّ الإجماع حجّة فقرأ القرآن ثلاثمائة مرة حتّى وجد هذه الآية. وتقرير الاستدلال أنّ اتّباع غير سبيل المؤمنين حرام، فوجب أن يكون اتّباع سبيل المؤمنين واجباً. بيان المقدمة الأولى: أنّه تعالى ألحق الوعيد بمن يشاقق الرسول ويتّبع غير سبيل المؤمنين، ومشاقّة الرسول وحدها موجبة لهذا الوعيد، فلو لم يكن اتّباع غير سبيل المؤمنين موجباً له، لكان ذلك ضمّا لما لا أثر له في الوعيد إلى ما هو مستقلّ باقتضاء ذلك الوعيد، وأنّه غير جائز، فثبت أنّ اتّباع غير سبيل المؤمنين حرام، فإذا ثبت هذا لزم أن يكون اتّباع سبيلهم واجباً». وقد قرّر غيره الاستدلال بالآية على حجّيّة الإجماع بطرق أخرى، وكلّها على ما فيها من ضعف في التقريب، وهو استلزام الدليل للمدّعي، قد أوردت عليها نقوض أشار إليها ابن الحاجب في «المختصر». واتّفقت كلمة المحقّقين: الغزالي، والإمام في «المعالم»، وابنِ الحاجب، على توهين الاستدلال بهذه الآية على حجّيّة الإجماع)).
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[05 Sep 2008, 06:06 ص]ـ
وممن اعترض على هذا الاستنباط من المفسرين:
الكلبيُّ في التسهيل: (135) قال: " وفي ذلك نظر ".
وأبو حيان: البحر المحيط: (3/ 366)، والشوكانيٌّ حيث قال: " ولا حجة في ذلك عندي؛ لأن المراد بغير سبيل المؤمنين هنا هو: هو الخروج من دين الإسلام إلى غيره ... ". فتح القدير: (416).
وقال الآلوسيُّ: " وبالجملة لا يكاد يسلم هذا الاستدلال من قيل وقال وليست حجية الإجماع موقوفة على ذلك كما لا يخفى". روح المعاني: (3/ 142).
وقال الشنقيطي: "وفي الاستدلال عليه بهذه الآية بحوث ومناقشات". مذكرة أصول الفقه للشنقيطي: (150).
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 Sep 2008, 02:35 م]ـ
جزاكما الله خيراً ووفقكما على هذه المدارسة.
وقد توقفت قديماً عند هذا الاستدلال ولم أفهمه وأقتنع به تماماً غير أنني دائم الاستدلال به على دقة فهم الشافعي للقرآن. ولعل هذه المناقشة تكشف لنا وجه الصواب في الفهم لهذه الآية.
الشافعي يرى أن الوعيد على ترك سبيل المؤمنين يدل على أنه يجب اتباع سبيل المؤمنين. وليتكما تتفضلان - كلاكما أو أحدكما - بنقل كلام ابن الحاجب والغزالي والجويني ومن توسع في دفع هذا الاستدلال حتى تتضح المسألة تماماً حيث إن وجه الاستدلال الذي استدل به الشافعي غير بعيد عندي على الأقل.
كأن في قول الرازي: (فقرأ القرآن ثلاثمائة مرة حتّى وجد هذه الآية) مبالغة، ولعله لم يقرأه إلا مرة أو قريب منها.
وليتنا نبحث أدلة حجية الإجماع القرآنية خاصة في هذه المسألة جزاكم الله خيراًُ فهذا من أنفع أوجه تدبر القرآن.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[05 Sep 2008, 05:38 م]ـ
قال المزني والربيع: " كنا يوماً عند الشافعي إذ جاء شيخ فقال: اسْأَلُ؟ قال الشافعي: سَلْ. قال: إيش الحجة في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله. قال: وماذا؟ قال: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وماذا؟ قال: اتفاق الأمة. قال: ومن أين قلتَ اتفاق الأمة، من كتاب الله؟ فتدبر الشافعي رحمه الله ساعةً. فقال الشيخ: أَجَّلْتُكَ ثلاثة أيام. فتغيَّرَ وجهُ الشافعي، ثم إنه ذهب فلم يخرج أياماً. قال: فخرج من البيت في اليوم الثالث، فلم يكن بأسرع أن جاء الشيخ فسلَّم فجلس فقال: حاجتي؟ فقال الشافعي رحمه الله: نعم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم قال الله عز وجل: {وَمَن يُشَاقِقِ ?لرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ?لْهُدَى? وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ?لْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى? وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً} [النساء: 115]، لا يصليه جهنم على خلاف سبيل المؤمنين إلا وهو فرض. قال: فقال: صدقتَ. وقام وذهب. قال الشافعي: قرأتُ القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات حتى وقفت عليه". أحكام القرآن للشافعي: (1/ 39 ـ 40).
قال ابن كثير (ت:772هـ): " والذي عَوَّلَ عليه الشافعيُّ (ت: 204هـ) ـ رحمه الله ـ في الاحتجاج على كَوْنِ الإجماعِ حجةً تحرمُ مخالفتُه؛ هذه الآية الكريمة بعد التروِّي والفِكْرِ الطويل، وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها، وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك فاستبعد الدلالة منها على ذلك"
[تفسير القرآن العظيم: (361 ـ 362). وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: (5/ 385)].
ووجه هذا الاستنباط:
أن الله تعالى توعَّد على اتباع غير سبيل المؤمنين ـ وسبيلُهم هو ما أجمعوا عليه ـ ولو لم يكن محرماً لما توعَّد عليه.
ولَمَا حَسُنَ الجمعُ بينه وبين المُحَرَّمِ مِنْ مُشَاقَّة الرسول عليه السلام في التَّوَعُّد.
[انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي: (1/ 200)، وذكر بعض الاعتراضات على هذا الاستدلال، والإشارات الإلهية للطوفي: (2/ 49 ـ 56)، وذكر أوجه الاستدلال والاعتراض عليها. والكشاف للزمخشري: (2/ 149)، والتفسير الكبير للرازي: (11/ 43 ـ 44].
تحليل الاستنباط:
أخذ هذا الاستنباط من طريقين:
الأول: أن ما توعد الله عليه في كتابه فإنه يدل على تحريمه، وعلى إيجاب ضده.
الثاني: بدلالة الاقتران حيث قرن الله تعالى بين مخالفة سبيل المؤمنين وبين مشاقة الرسول فدل على اشتراكهما في الحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[06 Sep 2008, 01:02 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على ماأفدتم به.
استدلال الشافعي من أحسن ما يستدل به لو أعدنا إلى الأذهان أن الإجماع المنضبط هو إجماع السلف وأما بعد ذلك فتفرق الناس في الأمصار والنواحي، كما قال ابن تيمية. لماذا؟ لأن سبيل المؤمنين هو سبيل السلف الصالح، قال (ويتبع غير سبيل المؤمنين)، وقال في آية أخرى ( ... والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم)، والمتبوعون هم السلف الصالح وخاصة متقدمي القرون الثلاثة الأولى. وبذلك يكتسب الوعيد الوارد قوته المعنوية على وجه لا خلاف فيه، لأن مُخالِف السلف لا خلاف في استحقاقه للوعيد المذكور، فعلاً: هل يعذر أحد بذلك وقد صح في الحديث الذي أخرجه ابن ماجة وغيره: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي))، وقوله ((خير القرون قرني ثم اللذين يلونهم ثم اللذين يلونهم))؟
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[07 Sep 2008, 04:27 ص]ـ
ومما استُدل به على حجية الإجماع من كتاب الله قوله سبحانه: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) أي: عدولا، فإن مقتضى ذلك أنهم عصموا من الخطأِ فيما أجمعوا عليه قولا وفعلا
[انظر: شرح الورقات للشيخ عبدالله الفوزان/195] [تيسير الوصول إلى قواعد الأصول ومعاقد الفصول له أيضا/296]
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[08 Sep 2008, 02:58 ص]ـ
جزلك الله خيرا. ولكن مما قد يؤخذ على الاستدلال بهذا الدليل أنه للأمة عامة "أمة وسطاً"، وهذا لا يستقيم مع تعريف الإجماع الذي يرتضيه الجمهور لأنه يقصر الإجماع على نخبة قليلة من الأمة وهم العلماء المجتهدين، ولكن ربما يستقيم الاستدلال في المقابل مع من عرّف الإجماع بأنه اتفاق المسلمين أو الأمة على حكم ما.
والدليل الذي أميل إليه وأراه أقرب لإثبات حجية الإجماع من دليل الشافعي هو ((أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم))، والشاهد منه "أولي الأمر منكم"، ووجه ذلك أن أولي الأمر "نخبة" وهذا يستقيم مع تعريف الجمهور للإجماع بأنه اتفاق المجتهدين من أمة محمد على أمر شرعي، وكذلك لأن الأقوال متضافره من المتقدمين والمتأخرين على أن المراد بأولي الأمر هم العلماء. والوجه الآخر أن في الآية إلزام بالطاعة، وفائدة أخرى أن ترتيب الآية منسجم مع ترتيب الأدلة الشرعية الأصولية: "أطيعوا الله": الكتاب - "أطيعوا الرسول": السنة - "أولوا الأمر منكم": الإجماع. وفائدة أخيرة هي عدم تكرار العامل قبل "أولي الأمر"، وهو فعل الأمر، للإشارة إلى أن قرار أولي الأمر مبني على الدليل من كتاب الله وسنة رسوله وأن أولي الأمر لا يستقلون بالطاعة، فهم تبع للشارع، وهذا يتمشى مع قول من قال من العلماء أن الإجماع استفاد قوته من أصل أو نص شرعي يستند إليه ويعتمد عليه، حتى ولو خفي علينا. والله تعالى أعلم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[10 Sep 2008, 11:49 م]ـ
لا يصح الاستدلال على حجية الإجماع بدليل واحد؛ لأن كل دليل في الوجود بانفرداه يمكن الطعن فيه بوجوه كثيرة من الطعن، وحينئذ لا يمكن أن يكون قطعيا، والفرض أن القوانين الكلية لأصول الفقه قطعية، وهذا خلف.
والذي يظهر للناظر عند التأمل أن حجية الإجماع لم تكن عند الشافعي ولا عند من سأل الشافعي، ولا عند من قبل الشافعي موضع شبهة أصلا، وإنما كان السؤال عن الدليل الدال، لا عن صحة المدلول، فالمدلول معروف ولا إشكال فيه، وإنما الإشكال في معرفة النص الدال عليه، وهذا كما نقول: كل ما يشرعه الله فله حكمة، ثم بعد ذلك نبحث عن هذه الحكمة، فإذا لم نجد هذه الحكمة فليس معنى هذا عدم وجودها، وإنما معناه عدم قدرتنا على معرفتها، والفرق شاسع بين الأمرين.
والأدلة الدالة - كما يقول الشاطبي وغيره من أهل العلم - مأخوذة من نصوص تفوق الحصر، وهذا الكلام عند التأمل صحيح؛ لأن الأدلة التي يستفاد منها أن الأمة لا تجتمع على باطل أكثر من أن تحصى، ولكن دلالة كل منها تكون في سياق يختلف عن سياق الدليل الآخر، ومع هذا فالحكم الكلي المفهوم منها صحيح، وهذا يشبه ما يمثل به أهل العلم كثيرا في كتب الأصول، من شجاعة علي وجود حاتم، فنحن ما علمنا هذين الأمرين من نص بعينه، وإنما عرفناه من وقائع كثيرة تفوت الحصر، فحصل التواتر المعنوي على هذا المعنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
فحجية الإجماع وحجية القياس وحجية العموم وغير ذلك من القواعد الأصولية كلها مأخوذة من أدلة ونصوص تفوت الحصر، بحيث يثبت بها القطع أو التواتر المعنوي، ولو رام رائم أن يثبت أيا من هذه القواعد بنص معين أمكن إيراد الإيرادات على استدلاله بحيث تقدح فيه، أو على الأقل تجعله ضعيفا.
وينبغي أن نفرق بين بحث المسائل الأصولية وبين بحث المسائل الفروعية، فإنه من السهل عادة أن تبحث مسألة فروعية في استحباب شيء أو كراهته استنادا إلى عموم حديث أو ظاهر آية أو نحو ذلك، أما القواعد الأصولية فلا يصح الاستدلال عليها بنحو ذلك من الأدلة منفردة، وإنما يكون البحث فيها باستعمال الاستقراء لجميع الأدلة الشرعية في سياقاتها المختلفة بحيث يستخرج من كل منها ما يشير إليه مطابقة أو تضمنا أو التزاما.
فمن أراد أن يتكلم في حجية القياس فلا يصح أن يستند إلى نص بعينه منفردا في حجيته أو إلى نص بعينه في منعه؛ لأن كل طرف من الطرفين يسهل عليه أن يفعل هذا، ولا ينفعك دليل واحد إذا كان يخالفه مئات الأدلة الأخرى.
والنكتة هنا هي لزوم التفريق بين دلالة الدليل وبين ما يفهمه الناظر من الدليل، فأنت عندما تستدل بدليل إنما تستدل في الحقيقة بفهمك لهذا الدليل، فقد يكون فهمك صحيحا، وقد يكون خطأ، وإنما يعرف هذا بالنظر في أمرين: الأمر الأول: في فهم باقي العلماء لهذا الدليل، والأمر الثاني في دلالة باقي الأدلة على هذا المدلول، فإذا وجدت أن جميع الأدلة تتفق على الدلالة المشتركة التي تريد الاستدلال عليها، فحينئذ يخرج الدليل من الظنية إلى القطعية، وتثبت القاعدة بالاستقراء، أما إذا وجد اختلاف في دلالة الأدلة، فحينئذ ينظر إلى أقواها دلالة، وحينئذ يتسع المجال لاختلاف آراء العلماء.
ولكي لا أترك المجال بغير فائدة، فإنه من عجائب الاتفاقات أنني قد خطر في بالي أن أستقري المواضع التي تدل على حجية الإجماع من القرآن الكريم، فجمعت قدرا لا بأس به من الآيات، وها هي ذي، ويمكن الناظرَ أن يستخرج أدلة أخرى من البابة نفسها، وغني عن البيان أن دلالة كل منها تختلف قوة وضعفا على المراد، ولكن المراد - كما سبق ذكره - الدلالة الإجمالية التي تتقوى بالمجموع.
وبعضها يكون وجه الدلالة فيه خفيا، فأتركه لذكائكم:
- {هذا ذكر من معي وذكر من قبلي}
- {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}
- {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه}
- {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين}
- {ولا تكونوا أول كافر به}
- {ويتبع غير سبيل المؤمنين}
- {فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك}
- {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب}
- {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
- {لعلمه الذين يستنبطونه منهم}
- {فأتوا بسورة من مثله}
- {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}
- {فإن تنازعتم في شيء}
..... إلخ إلخ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Sep 2008, 01:51 ص]ـ
أشكر أخي العزيز أبا مالك العوضي على تعقيبه النافع، وما سرده في آخر تعقيبه هو ما قصدته مع بيان وجه الاستدلال إن تيسر ذلك لاحقاً إن شاء الله.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[11 Sep 2008, 02:24 ص]ـ
تعقيب نافع فعلا ..
وهذه بعض التعليقات عليه:
1 ـ أدلة حجية الإجماع ظنية، ولا ترتقي إلى القطع بحال من الأحوال. وإنما القطعي هو العلم بوجوب العمل بتلك الحجة، بناء على جواز إعمال الظنون في الفرعيات، بل وجوبه في حق المجتهدين. فالظن له مصادره ومجالات العمل به، والقطع له مصادره ومجالات العلم به. والظن يصير قطعا استنادا إلى القطعيات، لا إلى الظنيات، فالظن مع الظن مع الظن لا يفيد إلا ظنا ما لم ينضم إليها قاطعا. والقطعيات لا تثبت من الظنيات.
2 ـ كون الظواهر إذا تكاثرت أفادت العلم، قاعدة تفتقر إلى استدلال ثم إجماع عليها ليعمل بها، فهي متوقفة على الإجماع أصلا، فكيف يثبت بها دليل الإجماع؟ أليس في ذلك دور قبلي.
3 ـ أقوى آية استدل بها على وجوب العمل بحجية الإجماع هي التي استشهد بها الإمام الشافعي وبين وجه دلالتها، ودفع عنها الأصوليون الانتقادات الواردة على وجه دلالتها، ولو كان غيرها من الآيات يرقى إليها من حيث جهة دلالتها على حجية الإجماع لأوردها الأيمة، فلا بأس بتدبر باقي الآيات ولكن لن تكون دالة على المقصود إلا من بعيد جدا دلالة غير معتبرة في إثبات حجية الإجماع. فالأولى على ذلك تركيز الكلام على تلك الآية وبيان وجوه دلالتها مع دفع الاعتراضات عليها. والله تعالى أعلم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 Sep 2008, 02:49 ص]ـ
الأخ الكريم (نزار حمادي)
قولك (الظن مع الظن مع الظن لا يفيد إلا ظنا) هذا فيه نظر واضح.
ولو كان هذا صحيحا، لما كان هناك حديث متواتر، ولما كانت نصوص القرآن قطعية الثبوت، ولما كان هناك قطعيات في الشرع أصلا.
الحديث المتواتر ما هو؟ هو في الأصل رواية واحد ثم واحد ثم واحد حتى صار متواترا، فلو كان الاجتماع لا يفيد شيئا لما كان هناك شيء اسمه التواتر أصلا.
القرآن لماذا هو قطعي الثبوت؟ لأنه نقل إلينا بالتواتر، ولولا ذلك لما كان قطعيا.
هل يمكن أن يوجد نص في الشرع قطعي في دلالته؟
الجواب نعم، ولكن باجتماع أشياء أخرى مع هذا النص ترفعه من الظن إلى القطع.
أما أن يكون هناك نص قطعي في دلالته بانفراده من غير اجتماع شيء معه مطلقا، فهذا لا وجود له.
وبيان ذلك عند ذكر الاعتراضات العشرة المشهورة في أصول الفقه، فلولا ما يحتف بالنصوص من قرائن لما أمكن أن تفيد القطع مطلقا.
فمثلا قوله تعالى (وأقيموا الصلاة)، كيف عرفنا أن (أقيموا) فعل أمر؟ وكيف عرفنا أن كلمة (الصلاة) تفيد المعنى المعروف؟
الجواب: لا يمكن معرفة ذلك بدليل قطعي منفرد، وإنما عرف ذلك باستقراء كلام العرب، واستقراء النصوص الشرعية، والاستقراء لا معنى له إلا اجتماع دلالات ظنية كثيرة جدا حتى تفيد القطع.
أردت التنبيه باختصار فقط، والمسألة واضحة في نظري، إلا إن كنت تريد شيئا آخر غير ما فهمتُ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 Sep 2008, 02:53 ص]ـ
2 ـ كون الظواهر إذا تكاثرت أفادت العلم، قاعدة تفتقر إلى استدلال ثم إجماع عليها ليعمل بها، فهي متوقفة على الإجماع أصلا، فكيف يثبت بها دليل الإجماع؟ أليس في ذلك دور قبلي.
هذه القاعدة بديهية أو ترجع إلى بديهيات قريبة، وذلك أن الأخبار عند جميع العقلاء منها ما هو مقطوع به ومنها ما هو غير ذلك، فإذا كان خبر الواحد لا يفيد القطع بانفراده فكيف صارت بعض الأخبار مقطوعا بها عند جميع العقلاء من غير اعتبار للفرق بين الكثرة والقلة؟
ولمزيد البحث ينظر هنا:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=108517
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 Sep 2008, 03:02 ص]ـ
إعجاز القرآن نفسه لا يمكن إثباته دون التسليم بحجية الإجماع، لماذا؟
لأن أكثر منكري الإجماع ماذا يقولون؟
يقولون: يحتمل أن يكون هناك بعض الأقوال التي لم تصل إلينا.
فنقول: كيف تجيبون عمن يقول: يحتمل أن يكون هناك من عارض القرآن وجاء بسورة من مثله ولم يصلنا، ويحتمل أن يأتي في المستقبل من يستطيع معارضة القرآن ولا نعرفه نحن الآن!!
فإذا كان هذا باطلا بطل في الموضعين، وإذا كان صحيحا صح في الموضعين، فهو لازم لا محيد لكم عنه، والخروج عن هذا اللزوم لا يمكن إلا بالتسليم بحجية الإجماع.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[11 Sep 2008, 04:16 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا الإثراء المتسارع النافع إن شاء الله.
سأعود بإذنه تعالى للتعليق على المشاركات المتقدمة ولكن، في هذه اللحظة، لي تعليق سريع على مقارنة أبي مالك بين ما يورده الخصم من احتمالات عدم وقوع الإجماع واحتمالات من يرد إعجاز القرآن (على سبيل الفرض)، وتعليقي هو أن الاحتمال الأول وارد وممكن، بل وارد جداً ومنه قول أحمد "لعلهم اختلفوا"، واستبعاد ابن تيمية لتحقق الإجماع المنضبط بعد عصر السلف، أما الاحتمالات المفروضة في رد إعجاز القرآن فغير وارده ولا ممكنة إلا إذا كان الخصم كافراً و هذا خارج محل النزاع، أما المسلم فلا يقول باحتمالات كهذه، والحجة تستقيم لو استقام طرفاها، بأن تكون المقابلة بين تصورين متماثلين، أي لا يقارن احتمال وارد باحتمال يعلم الطرفان أنه غير وارد أصلاً. فلا تلازم عندئذ. إعجاز القرآن ثابت من غير التفات لاحتمالات الماضي أو المستقبل لأن الله تعالى حسم القضية بنصوص مستقلة، قال سبحانه ((قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله)) الآية، وقال ((فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة)) الآية. وهذه الآيات أخبار تسمتد صدقها من صدق منزلها سبحانه، لذا لا يورد الاحتمالات حول عدم إعجاز القرآن إلا مكذب بهاتين الآيتين وأمثالها، ولا يقول بهذا مبتدع فضلاً عن مسلمٍ متّبِع، في حال سلمنا أن النزاع بين مسلمَيْن.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 Sep 2008, 04:25 ص]ـ
وفقك الله وسدد خطاك
لا يكفي أن يقال: (هذا احتمال وارد وهذا احتمال غير وارد) إلا مع بيان سبب ورود هذا مع عدم ورود الآخر، فإن الاعتراض في البابين واحد.
وكونه لا يقول به مسلم، فهذا صحيح، ولكن النقاش الآن في إثبات إعجاز القرآن نفسه، وهو أعم من كون الخطاب مع مسلم، وهذا واضح فيما أرى.
وأما قولك إن الله حسم القضية، فمن العجيب أن يصدر منك يا أخي الكريم.
لأن الكلام هنا في موطن إثبات إعجاز القرآن، فكيف تستدل عليه بالقرآن؟
وعموما، فهذا النقاش له موضع آخر، لأنه خارج عن الموضوع، ولعلنا نكمله فيما بعد، وإن كنت أخشى أن يفسد الموضوع كما أفسد في الألوكة.
فليكن تركيز الحوار على استقراء مواضع القرآن الدالة على ذلك ومناقشة دلالتها.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[11 Sep 2008, 04:38 ص]ـ
بارك الله فيك.
قصدت - وكنت أظنه واضحاً - أن النقاش حول إعجاز القرآن مفروغ منه مع المسلم، لأن المسلم لا يتمادى فى فرض الاحتمالات إلى هذه الدرجة، والذي يمنعه من ذلك النصوص المستقلة التي تقطع دابر الاحتمال. ذكرت أن الأكثرون ممن ينكر الإجماع يقولون كذا وكذا، ومن هؤلاء الأكثرون مسلمون كثر حملوا هذا الاعتراض، والحجة تستقيم لو تصورنا أيضاً وجود أكثرون - أو بعض - من نفس البابة يمكن أن يقولوا باحتمال عدم إعجاز القرآن في الماضي أو في المستقبل، وهذا غير متصور إلا من كافر، والكافر قد كفر بالقرآن فكيف يُجادل ويُناقش في الإجماع وقد أنكر أصله الأصيل وهو القرآن.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 Sep 2008, 04:46 ص]ـ
هذا واضح كما تفضلت، ولكن لا علاقة له بكلامي على الإطلاق.
فاستدلالي المذكور من باب الإلزام، وهي طريقة معروفة في الاستدلال.
مثلا:
يستدل الخصم بدليل فأقول له: يلزمك على هذا أن تجعل اليهودي مسلما.
مع أن كل عاقل يعرف أنه لا يقول بذلك.
سأعيد لك الحجة بطريقة أخرى:
- المسلم يعرف أن القرآن حق وأن الله أنزله وأنه معجز، ولكن لا يشترط أن يستحضر دليل ذلك، فإذا كان ينكر الإجماع، ويستدل على إعجاز القرآن بدليل يقدح في هذا الإنكار، فحينئذ يكون قد وقع في التناقض، ويلزمه أن يحل هذا التناقض وإلا كان كلامه باطلا في أحد الأمرين.
فإما أن يكون كلامه في إعجاز القرآن باطلا (وهو ما لا يمكن أن يقوله مسلم) وإما أن يكون كلامه في الإجماع باطلا، فإذا بطل الأول ثبت الثاني، وهو المطلوب.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 Sep 2008, 04:55 ص]ـ
وأزيدك فائدة أخرى، وهي أن هناك علاقة واضحة جدا بين إنكار الإجماع وبين أهل البدع.
فمعظم الفرق المبتدعة والطوائف الضالة لا يمكن الرد عليها ولا إبطال كلامها إلا بالإجماع؛ لأنه لا توجد فرقة تنتسب إلى الإسلام تقول: (نحن لا نأخذ بالقرآن والسنة)، فكل الطوائف الضالة تقول نأخذ بالكتاب والسنة، والفرق الوحيد بين أهل السنة وبين غيرهم من الفرق الضالة هو قولهم ( ... بفهم السلف الصالح).
فالروافض يقولون نأخذ بالقرآن والسنة ويكفرون الصحابة.
والفلاسفة يأخذون بالعقل.
والحلولية يأخذون بالوجد.
وهكذا.
فالخلاصة أنك لا يمكنك أن تؤسس فقها صحيحا، ولا معتقدا سليما، مع إنكار الإجماع الذي هو (فهم السلف الصالح).
ولذلك تجد كل من أنكر الإجماع إما أنه قد وقع في آراء شاذة وأقوال باطلة، وإما أنه اضطر إلى أن يخالف نفسه ويتناقض، وإما أنه صحح مذاهب الفرق الضالة، وفي الجملة لا بد أن تجد في كلامه دخنا.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[11 Sep 2008, 05:01 ص]ـ
جزاك الله خيرا، ولا تؤاخذني على الاستطراد. ولكن هل الحديث عن إنكار "الإجماع" مطلقاً، أم إنكار "إمكان وقوع الإجماع"؟ وبينهما فرق لا يخفى فيما أظن. فمن يقول باحتمال وجود الخلاف إنما ينكر الثاني لا الأول، وفي الإطلاق مجازفة، ولكنها غير مقصودة فيما أحسب.
تنبيه: لعل بعض الإخوة يخفى عليه معرفتي الشخصية بأبي مالك وما بيننا من الحوارات والمدارسات العميقة المتنوعة، في هذا المنتدى وغيره، أقول هذا لعلهم يصفحوا عن استرسالنا بعض الشيء في غير لب الموضوع.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[11 Sep 2008, 05:06 ص]ـ
.. أما إشارتك المهمة للفرق بيننا وبين أهل البدع فلا مزيد عليها، وفهم الصحابة وأتباعهم بإحسان هو الغرة على جبين سالكي سبل الهداية، ومجانبته هو الوسم على خرطوم منتحلي نحل الغواية.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 Sep 2008, 05:11 ص]ـ
= قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}
وجه الدلالة من الآية أن الله أمرنا أن نسأل أهل الذكر إذا كنا لا نعلم، وهذا معناه أننا سنجد العلم عندهم وإلا كانت الإحالة عليهم بلا فائدة.
فإذا سألنا أهل الذكر فوجدناهم متفقين على قول من الأقوال، فهذا معناه أن هذا القول هو المطابق لما أمرنا الله عز وجل به.
= قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}
وجه الدلالة أن الله أمرنا أن نرجع إلى النصوص عند التنازع، وهذا معناه أننا عند عدم التنازع مأمورون باتباع ما اتفقنا عليه، وإلا لم يكن للكلام معنى.
= قوله تعالى: {ويتبع غير سبيل المؤمنين}
وجه الدلالة أن هذا العطف إما أن يكون له فائدة وإما أن لا تكون له فائدة، ومحال أن لا تكون له فائدة؛ لأن هذا طعن في كلام رب العالمين، ولا يمكن أن يكون المراد (يتبع غير سبيل المؤمنين) في طاعة الرسول؛ لأنه حينئذ يكون تحصيلا للحاصل.
فالخلاصة أنه لولا أن (سبيل المؤمنين) له خاصة مفيدة في الاحتجاج لما كان لذكره في الآية فائدة.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 Sep 2008, 05:12 ص]ـ
.. أما إشارتك المهمة للفرق بيننا وبين أهل البدع فلا مزيد عليها، وفهم الصحابة وأتباعهم بإحسان هو الغرة على جبين سالكي سبل الهداية، ومجانبته هو الوسم على خرطوم منتحلي نحل الغواية.
اتفقنا (ابتسامة)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 Sep 2008, 05:17 ص]ـ
قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
وجه الدلالة أن الله عز وجل أخبر أن الذكر محفوظ، وبغض النظر عن تفسير الآية، إلا أنه مما لا يشك فيه عاقل أن المراد ليس حفظ الرسوم والحروف فقط دون المعاني؛ لأن الكافر لا يعجز أن يقول لك: أنا أؤمن بهذا القرآن على أنه حروف ورسوم فقط، ولكن لا يلزمني أن أؤمن بمعاني آياته ولا بأحكامه.
فإذا كان من المحال أن يكون هذا صحيحا، ثبت أن المراد بحفظ الذكر حفظه لفظا ومعنى، والآن نسأل: قد عرفنا حفظ اللفظ، فكيف يكون حفظ المعنى؟
حفظ المعنى معناه أن تكون معاني الآيات معروفة ولو لبعض الأمة، ولا يمكن أن يتم حفظ المعنى بأن يخفى المعنى الصحيح عن جميع الأمة، وإلا لم يكن المعنى محفوظا.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإذا ثبت أن حفظ المعنى الصحيح للشريعة لا بد أن يكون معروفا ولو لبعض الأمة، ثبت أن الحق لا يخرج عن هذه الأمة، وهو المطلوب.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[11 Sep 2008, 05:19 ص]ـ
قوله تعالى: {لعلمه الذين يستنبطونه منهم}
وجه الدلالة أن الله عز وجل أخبر أن العلم لا بد أن يقع لمن يستنبط، بغض النظر عن كون هذا العلم لبعض المستنبطين أو لجميع المستنبطين.
فالمهم أن بعضهم لا بد أن يعرف الحق، وأن الحق لا يمكن أن يخرج عن جميع أقوالهم، وهو المطلوب.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[11 Sep 2008, 05:41 ص]ـ
قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
وجه الدلالة أن الله عز وجل أخبر أن الذكر محفوظ، وبغض النظر عن تفسير الآية، إلا أنه مما لا يشك فيه عاقل أن المراد ليس حفظ الرسوم والحروف فقط دون المعاني؛ لأن الكافر لا يعجز أن يقول لك: أنا أؤمن بهذا القرآن على أنه حروف ورسوم فقط، ولكن لا يلزمني أن أؤمن بمعاني آياته ولا بأحكامه.
فإذا كان من المحال أن يكون هذا صحيحا، ثبت أن المراد بحفظ الذكر حفظه لفظا ومعنى، والآن نسأل: قد عرفنا حفظ اللفظ، فكيف يكون حفظ المعنى؟
حفظ المعنى معناه أن تكون معاني الآيات معروفة ولو لبعض الأمة، ولا يمكن أن يتم حفظ المعنى بأن يخفى المعنى الصحيح عن جميع الأمة، وإلا لم يكن المعنى محفوظا.
فإذا ثبت أن حفظ المعنى الصحيح للشريعة لا بد أن يكون معروفا ولو لبعض الأمة، ثبت أن الحق لا يخرج عن هذه الأمة، وهو المطلوب.
إضافة حول المعنى:
حفظ بيان الألفاظ، وحفظ بيان الأحكام، والأول بحفظ اللغة وما إليها، والثاني بحفظ السنة والأثر [1]، ولكن العلم بهما يحفظ بحفظ العلماء، ولهذا السبب كان ذهاب العلماء ذهاب العلم، مع وجود القرآن والسنة في أيدي الناس. وفي هذا يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: كنّا مع رسول الله فشخص ببصره إلى السماء، ثم قال: ((هذا أوان يختلس العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء))، فقال زياد بن لبيد الأنصاريّ: يا رسول الله، وكيف يختلس منّا، ونحن نقرأ القرآن، فوالله لنقرأنّه ولنقرئنّه نساءنا وأبناءنا، فقال: ((ثكلتك أمّك يا زياد، إن كنت لأعدك من فقهاء المدينة، أوليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل، لا يعملون بشيءٍ ممّا فيهما؟))
===============================
[1] قال تعالى ((فإذا قرأناه فاتبع قرآنه * ثم إن علينا بيانه))، ثم قال تعالى في موضع آخر ((لتبين للناس ما نزل إليهم))، فاتضح أن البيان الذي جعله الله من شأنه (علينا بيانه) هو البيان الذي أفاضه على نبيه وأجراه على لسانه، وفي هذا دليل من القرآن على حجية السنة وأنها وحي، إلا أنه غير متلو.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[11 Sep 2008, 05:55 ص]ـ
ومن الأدلة:
((وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء)) الآية
وجه الاستدلال:
أنه إذا كان الحق مع عوام الناس ومساكينهم (وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي) ممن لا علم راسخ لديهم ولا فقه بأسرار الشريعة (بادي الرأي) ومع ذلك يؤمر الوجهاء من القوم وأهل الأحلام منهم - في الظاهر - بتقليد هؤلاء ومحاكاة صنيعهم والسير في طريقهم، أفلا يكون اتباع جماعة العلماء المجتهدين العارفين، لا سيما مع اتفاقهم على أمر ما، أولى وأحرى وآكد، بل أوجب؟
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[12 Sep 2008, 04:12 ص]ـ
فائدة:
(وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم)
(الأنفال آية 63).
قال الحافظ المجاهد محمد بن علي الكرجي [1] في هذه الآية:
((حجة على قبول الإجماع ولزومه لزوم نص القرآن، إذ محال أن تتفق الألسن على شيء إلا وقد ائتلفت قلوب الناطقين به، لأن الألسنة مترجمة عن الضمائر وما حوتها، وقد أخبر الله تعالى كما ترى أنه مؤلفها)).
==============================
[1] من كتابه الجامع للفوائد العزيزة وجواهر التدبر الثمينة: "نكت القرآن الدالة على البيان في أنواع العلوم والأحكام"، ص474، ت. الدكتور/ علي بن غازي التويجري وآخرين. انظر حول نفاسة هذا الكتاب تعليق الدكتور مساعد الطيار: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=2661&highlight=%E4%DF%CA+%C7%E1%DE%D1%C2%E4+%C7%E1%CF%C 7%E1%C9+%C7%E1%C8%ED%C7%E4
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 Sep 2008, 04:41 ص]ـ
فائدة نفيسة من العلامة القصاب رحمه الله.
وبفضل من الله ومنة، انتهيت من قراءة هذا الكتاب، واستخرجت الفوائد منه وما بقي إلا كتابتها على الوورد، وقد رجعت إلى نسختي فوجدت علامة كبيرة على هذه الفائدة الرائعة، فأسأل الله التيسير في تيسير هذه الفوائد.
والكرجي القصاب رحمه الله من أكثر الظاهرية اعتدالا، ومن أوسعهم علما بالعربية، ويندر أن تجد في كلامه شذوذا، ومن نفيس كلامه قوله عن الظاهر (1/ 393):
(( ... وبلية القوم [يعني المبتدعة] إضاعة النصح لدين الله، واتخاذ كل ما احتمله ظاهر الكلام دينا ولا يحفلون بتناقضه عليهم، ولا يعرفون مع ذلك سعة لسان العرب وتصاريف الكلام وتعارضه، إذ في الكلام ما يحتمل وجوها مستعملة كلها، وفيه ما يحتمل وجهين لا يجوز استعمال أحدهما، وفيه ما لا يجوز استعمال ظاهره بتة ... )).
ومعذرة من الاستطراد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[12 Sep 2008, 05:49 ص]ـ
جزاك الله خيرا. ويسر الله لك رقم الفوائد على صفحات المنتدى. بمناسبة كلامك عن ظاهرية الشيخ - رحمه الله وجميع المسلمين - تجد - كما مر عليك - إنكار القصاب للقياس في مواضع، وهذا عيب موقوف على الظاهرية، والمحققون يجعلون ذلك من سمات الظاهرية الخارجة عن حد "الاعتدال".
فائدة:
سمّي "القصّاب" لكثرة ما قتل بيده من الكفار في المعارك، وقد ترجم له بعض الأيمة بقولهم: الحافظ المجاهد، فلله دره: قوة علمية وعملية (أولي الأيدي والأبصار).
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 Sep 2008, 05:55 ص]ـ
نعم يا أخي الكريم
ولكن الذي بدا لي من تأمل كلام المؤلف في مواضع كثيرة جدا من الكتاب أنه لا ينكر القياس مطلقا، وإنما ينكره حيث لا يوجد ما ينبئ عن العلة والمراد، بخلاف باقي الظاهرية.
وقد جمعت من كلامه عشرات المواضع التي يثبت ضمنيا فيها القياس.
وعند التأمل يظهر أن كلامه في هذا الباب لم يخرج عن قول جماهير العلماء؛ لأنه حتى العلماء الذين يثبتون القياس لا يقبلونه إلا بعد سلامته من القوادح العشرة المعروفة، وقل أن يسلم قياس منها.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[12 Sep 2008, 06:14 ص]ـ
نعم. أما ضمنياً فتجده يسلك القياس. بل رجعت فوجدت تصريحاً محتملاً، يقول:"وهو عندي خلاف الكتاب والسنة والنظر والقياس معاً ... " (سورة النور: 3). ولكن الذي يظهر عند التدقيق أنه لا ينكر القياس رأساً وإنما ينكر على من يتكلف تأويل بعض الآي لإثبات القياس، كما في هذا الموضع (4ج: ص44)، أو إنكار القياس - كما أشرت إليه أنت - الذي لا قوام له إلا بالشرائط الموضوعة، التي تضيق مجال تحققه. كأنه يرى القياس شيئاً أعم وأوسع من الذي جاء بالاصطلاح الحادث، وهذا النوع من الإنكار هو الأكثر في ثنايا الكتاب.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[12 Sep 2008, 06:20 ص]ـ
كما وجدته يشير إلى ما جره القياس - أو التوسع فيه وإساءة فهمه - من الشطط في فهم الصفات (من جانب المعتزلة والقدرية) أو التعسف في تقرير بعض الأحكام.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[12 Sep 2008, 08:10 ص]ـ
{وَمَن يُشَاقِقِ ?لرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ?لْهُدَى? وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ?لْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى? وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً}
قال رحمه الله:
((وقد شاع عند كثير من علماء أصول الفقه الاحتجاج بهذه الآية، لكون إجماع علماء الإسلام على حكم من الأحكام حجّة، وأوّل من احتجّ بها على ذلك الشافعي. قال الفخر: «روي أنّ الشافعي سئل عن آية في كتاب الله تدلّ على أنّ الإجماع حجّة فقرأ القرآن ثلاثمائة مرة حتّى وجد هذه الآية. وتقرير الاستدلال أنّ اتّباع غير سبيل المؤمنين حرام، فوجب أن يكون اتّباع سبيل المؤمنين واجباً. بيان المقدمة الأولى: أنّه تعالى ألحق الوعيد بمن يشاقق الرسول ويتّبع غير سبيل المؤمنين، ومشاقّة الرسول وحدها موجبة لهذا الوعيد، فلو لم يكن اتّباع غير سبيل المؤمنين موجباً له، لكان ذلك ضمّا لما لا أثر له في الوعيد إلى ما هو مستقلّ باقتضاء ذلك الوعيد، وأنّه غير جائز، فثبت أنّ اتّباع غير سبيل المؤمنين حرام، فإذا ثبت هذا لزم أن يكون اتّباع سبيلهم واجباً». وقد قرّر غيره الاستدلال بالآية على حجّيّة الإجماع بطرق أخرى، وكلّها على ما فيها من ضعف في التقريب، وهو استلزام الدليل للمدّعي، قد أوردت عليها نقوض أشار إليها ابن الحاجب في «المختصر». واتّفقت كلمة المحقّقين: الغزالي، والإمام في «المعالم»، وابنِ الحاجب، على توهين الاستدلال بهذه الآية على حجّيّة الإجماع)).
جزا الله المشايخ كل خير فقد استفدت من مناقشتهم، وأود أن أضيف:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله تعالى، والصلاة والسلام على نبينا محمد.
أما بعد:
قال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ ?لرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ?لْهُدَى? وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ?لْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى? وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً}
حديث " إن الله قد أجار أمتي من أن تجتمع على ضلالة " (صححه الألباني)
و" لا يجمع الله أمتي على ضلالة أبدا ويد الله على الجماعة " (صححه الألباني)
و" إن الله تعالى قد أجار لي على أمتي من ثلاث لا يجوعوا ولا يجتمعوا على ضلالة ولا يستباح بيضة المسلمين" (حسنه الألباني)
ومعنى {يشاقق} كما ذكر ابن كثير:
" أي: ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، فصار في شق والشرع في شق، وذلك عن عَمْد منه بعدما ظهر له الحق وتبين له واتضح له "
وقوله: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} هذا ملازم للصفة الأولى، ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع، وقد تكون لما أجمعت عليه الأمة المحمدية، فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقًا، فإنه قد ضُمِنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ، تشريفًا لهم وتعظيما لنبيهم [صلى الله عليه وسلم]." أهـ
وكما ذكر الشيخ مساعد الطيار في موضوعه:وقفات مع تفسير ابن عطية الأندلسي (5):
" حمل بعض الآيات التي نزلت في الكفار على من يصلح أن يخاطب بها من أهل الإيمان .... وهذا الفقه قد درج عليه علماء الأمة من لدن الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يرد منهم اعتراض على هذا المنهج "
وإذا علمنا أن شقاق الرسول صلى الله عليه وسلم هو مخالفة كتاب الله تعالى وسنته صلى الله عليه وسلم، إذن ما فائدة قوله تعالى بعد ذلك، {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ?لْمُؤْمِنِينَ}، بالنسبة لأهل الكفر فإن المؤمنين اتفقوا على الإيمان، أما بالنسبة للمسلمين متى يتبع المسلم غير سبيل المؤمنين، هل يكون ذلك بمخالفة الكتاب والسنة، هذا واضح من قوله تعالى {يشاقق الرسول}، ولابد من فائدة زائدة لقوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ?لْمُؤْمِنِينَ}، وهذا ما استنبطه الإمام الشافعي، أليس سبيل المؤمنين يحدده فهمهم للكتاب والسنة، واتخذوه سبيلا لا محالة بعد أن أجمعوا عليه أليس كذلك، والله أعلم وأحكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[19 Sep 2008, 11:48 م]ـ
وهناك آية أخرى استدل بها على الإجماع، وضعف الاستدلال بها العلامة ابن عاشور رحمه الله.
وهي قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}
قال بعد أن ذكر ملخص ما قاله أهل الأصول:
((والحق عندي أن الآية صريحة في أن الوصف المذكور فيها مدحٌ للأمة كلها لا لخصوص علمائها فلا معنى للاحتجاج بها من هاته الجهة على حجية الإجماع الذي هو من أحوال بعض الأمة لا من أحوال جميعها، فالوجه أن الآية دالة على حجية إجماع جميع الأمة فيما طريقه النقل للشريعة، وهو المعبر عنه بالتواتر وبما علم من الدين بالضرورة وهو اتفاق المسلمين على نسبة قول أو فعل أو صفة للنبيء (صلى الله عليه وسلم) مما هو تشريع مؤصل أو بيان مجمل مثل أعداد الصلوات والركعات وصفة الصلاة والحج ومثل نقل القرآن، وهذا من أحوال إثبات الشريعة، به فسرت المجملات وأسست الشريعة، وهذا هو الذي قالوا بكفر جاحد المجمع عليه منه، وهو الذي اعتبر فيه أبو بكر الباقلاني وفاق العوام واعتبر فيه غيره عدد التواتر، وهو الذي يصفه كثير من قدماء الأصوليين بأنه مقدم على الأدلة كلها.
وأما كون الآية دليلاً على حجية إجماع المجتهدين عن نظر واجتهاد فلا يؤخذ من الآية إلاَّ بأن يقال إن الآية يستأنس بها لذلك .... )).
قلت: قوله الأخير هو مرادي من النقل، لأن الاستئناس بالآية معناها أن دلالتها ظنية لا قطعية، فإذا انضمت إلى نصوص أخرى كثيرة ذات دلالة ظنية ارتقت دلالتها إلى القطعية.
ومع ما في كلام ابن عاشور من قوة إجمالا، إلا أنه لا يخفى ما فيه من ضعف في إدخال العوام في الاعتبار؛ لأن العقلاء متفقون على أن خلاف الجاهل لا يعتد به في أي مجال مطلقا، لا في الدنيا ولا في الدين، فإذا اتفق جميع علماء الأمة على قول فكيف يظن ظان أن الصواب يمكن أن يكون مع العامة دونهم؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Sep 2008, 03:42 م]ـ
نفع الله بكما وبعلمكما، فما أجمل هذه المناقشات والفوائد والتأملات في الأدلة.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[21 Sep 2008, 07:53 ص]ـ
وما رأيكم لو تعودون إلى صلب الموضوع؟:)
وبودي، إضافة إلى الأدلة القرآنية، لو يذكر الإخوة الأفاضل إن كانت هناك أدلة أخرى من الأحاديث النبوية على حجية الإجماع.
جزاكم الله خيرا.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[21 Sep 2008, 10:48 م]ـ
وما رأيكم لو تعودون إلى صلب الموضوع؟:)
وبودي، إضافة إلى الأدلة القرآنية، لو يذكر الإخوة الأفاضل إن كانت هناك أدلة أخرى من الأحاديث النبوية على حجية الإجماع.
جزاكم الله خيرا.
وفقك الله وسدد خطاك، لو استطردنا في باب الأحاديث النبوية لخرج الموضوع عن نصابه وطال؛ لأن مجال الاستدلال فيه أوسع، ويمكن أن يقال إجمالا إن كل النصوص التي شيئا مما يلي يمكن أن يستدل بها في هذا الباب:
- النصوص التي تفيد عصمة الأمة.
- النصوص التي تفيد الأمر باتباع الجماعة وترك الشذوذ.
- النصوص التي تفيد بقاء طائفة من الأمة على الحق.
- إلخ إلخ
ومن الأحاديث الخفية في هذا الباب ما استدل به بعض العلماء، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (أرى رؤياكم قد تواطأت على السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر)، ووجه الدلالة منه أن توافق الصحابة في الرؤيا دليل صحة هذه الرؤيا، فمن باب أولى أن يكون توافقهم في الاجتهاد دليلا على صحة هذا الاجتهاد.
ومن هذا الباب أيضا قصة الأذان لما رآه عبد الله بن زيد ووافقه عمر بن الخطاب، فهذا التوافق دليل الصحة.
فالتوافق في الجملة يدل على الصحة والصواب، فكلما كثر التوافق زاد الاطمئنان إلى الحجية، وكلما قل التوافق قل الاطمئنان إلى الحجية، ولذلك لا ينظر عند البحث عن الإجماع إلى عدد المجمعين، ولكن ينظر إلى نسبة عدد القائلين في كل قول، فمثلا إذا قال مائة عالم بقول وخالفهم واحد، فقد يقال: لا يعتد بهذا الخلاف، ولكن إذا لم ينقل لنا إلا قول اثنين من العلماء في مسألة، فلا يمكن أن يقال حينئذ إنه لا يعتد بخلاف أحدهما.
ومن الأدلة أيضا على أن التوافق دليل الصحة حديث تميم الداري في قصة الجساسة في صحيح مسلم، لما فرح النبي صلى الله عليه وسلم بموافقته إياه، فلولا أن هذه الموافقة دليل صحة لما كان لفرحه صلى الله عليه وسلم معنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
والمقصود بكل ما سبق بيان الضعف الشديد في الاحتجاج الذي احتج به بعض منكري الإجماع، وهو قوله (الإجماع إما أن يوافق الكتاب والسنة وإما أن يخالفهما؛ فإن وافقهما فهو تحصيل حاصل، وإن خالفهما فلا عبرة به)!!
فإن هذا الكلام واضح التهافت، ولا يخيل إلا على الصغار أو المبتدئين من طلبة العلم؛ لأنه يفترض ابتداء أننا نعلم المقصود من الكتاب والسنة، ثم يفترض حالتين لا ثالث لهما في الموافقة والمخالفة، وكل هذا واضح البطلان، وهو يشبه قول من قال: (إذا اختلف العقل والنقل فإما أن نقدم العقل وإما أن نقدم النقل .... إلخ).
فالعقل والنقل أصلا لا يمكن أن يختلفا؛ فكذلك الإجماع لا يمكن أن يخالف الكتاب والسنة، وأنا أتحدى أي إنسان على ظهر الأرض أن يأتيني بنص من الكتاب والسنة أجمع العلماء على خلافه بشرط أن يكون هذا النص واضحا لا يختلف اثنان في فهمه.
فالذي ينكر الإجماع أو يقول: لا عبرة به إذا خالف النصوص، كلامه متهافت ساقط؛ لأن الإجماع هو الضابط الذي نفهم النصوص من خلاله، فهو مجرد قيد لكي لا نفتح الباب للجهلاء أن يناقضوا العلماء، أو أن يجتهدوا بحسب فهومهم السقيمة، فلو لم يتقيد المجتهد بهذا القيد انفتحت أمامه كل سبل الضلال والفساد، ولم يكن هناك شيء يحكمه في اجتهاده المزعوم.
فنصوص الكتاب والسنة المعلومة الواضحة لا يمكن أن تخالف إجماع الأمة، ولكن يمكن أن يخالف فيها بعض الناس، أما أن يأتي النص من الكتاب أو السنة واضحا لا يتمارى اثنان في دلالته، ثم تجمع الأمة على خلافه؟! فهذا ما لا وجود له فيما أزعم.
بل الأمر أكبر من ذلك في نظري، فأنا أدعي أنه لا يمكن أن يستقيم استدلال على أمر شرعي من غير استعمال الإجماع إما صريحا وإما ضمنيا، ومن استطاع أن يستدل على مسألة شرعية واحدة من غير أن يستعمل الإجماع مطلقا لا تصريحا ولا تضمنا، فله مني جائزة.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[21 Sep 2008, 11:38 م]ـ
الأخ الكريم (نزار حمادي)
قولك (الظن مع الظن مع الظن لا يفيد إلا ظنا) هذا فيه نظر واضح.
ولو كان هذا صحيحا، لما كان هناك حديث متواتر، ولما كانت نصوص القرآن قطعية الثبوت، ولما كان هناك قطعيات في الشرع أصلا.
الحديث المتواتر ما هو؟ هو في الأصل رواية واحد ثم واحد ثم واحد حتى صار متواترا، فلو كان الاجتماع لا يفيد شيئا لما كان هناك شيء اسمه التواتر أصلا.
السلام عليكم
أراك تكثر من الاعتماد على القياسات الاستثنائية في استدلالاتك، لكن اللزوم غير متحقق في أكثرها. كقولك مثلا: لو كان هذا صحيحا لما كان هناك حديث متواتر، وتشير في المقدم من قياسك إلى قولي: الظن مع الظن مع الظن لا يفيد إلا ظنا، وهو حق لأنه ما لم ينضم إلا الظنون قاطع لن يتغير حالها وستبقى مفيدة للظن فحسب، وأما في مسألة الأخبار التي بلغ أصحابها حد التواتر فقد انضم إليها قياس عقلي خفي اقتضى أفادتها القطع، وهو قولنا:
هذا خَبَرُ جَمْعٍ يستحيلُ كذِبُهم (مقدمة صغرى)
وكل ما كان كذلك فهو حَقٌّ (كبرى)
فهذا خَبَرٌ حَقٌّ (نتيجة)
فالتواتر ثابت في القرآن والسنة، لكن ليس بمجرد جمع الآحاد بدون ملاحظة ذلك القياس العقلي القطعي الخفي، وهذا مقصودي من أنه ما لم ينضم القطع إلا الظن لم يفد الأخير إلا ظنا.
ثم لا يخفى أنا نتحدث عن إفادة التواتر القطع بأن المسموع من الأخبار إنما هي منسوبة إلى الله تعالى أو إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، أما مفهوم تلك الأخبار ومدلولاتها فشيء آخر، فمثلا الآية التي استدل بها الإمام الشافعي على حجية الإجماع مقطوع بنسبتها إلى الله تعالى بالتواتر المفيد للقطع بأنها من القرآن، لكن دلالتها على حجية الإجماع مظنونة ولذلك اختلف العلماء الأخيار فيها هل تدل على حجية الإجماع دلالة قاطعة أم لا. والله تعالى أعلم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[21 Sep 2008, 11:55 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قولك (هذا خبر جمع يستحيل كذبهم) ليست مقدمة، بل هي النتيجة المقصودة هنا.
فما الدليل على أن هذا خبر جمع يستحيل كذبهم؟
هذا أولا.
وثانيا: متى صار خبر هذا الجمع مستحيل الكذب؟ أبعد سماع أول واحد أو ثاني واحد أو ثالث واحد أو رابع واحد .... إلخ؟
لو سرنا بطريقتك في النظر فسنقول: عند سماع أول مخبر يكون خبر واحد وهو ظني، فإذا جاءنا الثاني فسمعناه فهو أيضا خبر واحد وهو ظني، فإذا جاء الثالث فسمعناه فهو أيضا خبر واحد وهو ظني، وهكذا، فلن يمكننا بطريقتك في الاستنباط أن نصل إلى القطع مطلقا؛ إلا إذا اعترفت أن الظن يقوى تدريجيا حتى يصل إلى اليقين.
فإن لم تعترف بهذا فلا معنى لتحول الظن إلى اليقين فجأة، وإن قلت إن تحول الظن إلى يقين عند إخبار الشخص العاشر أو الحادي عشر أو غير ذلك فهو تحكم.
فسبب الإشكال في هذه المسألة هو التسوية بين الظنون وجعلها كلها شيئا واحدا، وهو أمر واضح البطلان بالضرورة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[22 Sep 2008, 12:52 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قولك (هذا خبر جمع يستحيل كذبهم) ليست مقدمة، بل هي النتيجة المقصودة هنا.
فما الدليل على أن هذا خبر جمع يستحيل كذبهم؟
رب نتيجة في شكل مقدمة في آخر ...
العلم الحاصل من الخبر المتواتر يتوقف على العلم بامتناع تواطئ وتواف المخبرين على الكذب، ويتوقف على العلم بأن لا داعي لهم إلى الكذب من حصول منفعة أو دفع مضرة.
وجوابا على سؤالك إليك الدليل:
هذا خبر من غير تواطئ المخبرين على الكذب ولا داع إليه. (صغرى)
وكل خبر كذلك فهو مفيد للعلم. (كبرى)
فهذا خبر مفيد للعلم. (نتيجة)
وتواتر الإخبار بخبر واحد هو مستند القياس العقلي الذي حقق في أذهاننا إفادة التواتر القطع، فلا ينبغي أن يفهم من كلامي أن سماع الخبر الأول كسماع الثاني والثالث وهلم جرا، بل سأضرب لك المثال المشهور الدال على أنه يحصل من الاجتماع ما لا يحصل من الانفراد، كقوة الحبل المؤلف من الشعرات فإن قوته حدثت عند اجتماع آحاد شعراته التي كل واحدة منها على انفرادها غير قوية وتحتمل الانقطاع بأدنى جذب، لكن عند بلوغها عددا من الشعرات حكم العقل حكما مستندا إلى الحس والتجربة بقوتها، وليس الحبل إلا آحاد الشعرات، وكذا الحكم في المتواتر كل من آحاده إنما يوجب الظن، فإذا اجتمعت وبلغت عددا ما حكم العقل بالقياس المذكور حكما قطعيا مستندا إلى العادة والتجربة (المفيدة للقطع) بإيجابها اليقين، فوصف الاجتماع في المثال الأول أفاد بالحس قوة الحبل، ووصف الاجتماع في الأخبار أفاد بالعقل إفادة المتواتر القطع. فالشعرات على حدتها لم تفد القوة، كما أن الأخبار على حدتها لم تفد القطع، وكما أنه الحس لا يشترط عددا معينا من الشعرات (بل يكفي كثرتها) ليحكم بقوة الحبل، فكذلك لا يشترط العقل عددا معينا من الآحاد ليحكم بالقياس المذكور إفادة المتواتر القطع، والحاصل أنه لا بد من ملاحظة القياس العقلي لحصول العلم بإفادة تلك الآحاد التي صارت خبرا متواتر العلم، وهذا ما أقصده من انضمام القطع إلى الظن، وهو ظاهر. والله أعلم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[22 Sep 2008, 01:03 ص]ـ
يبدو أنك لا تنازع في النتيجة وإنما تنازع في كيفية الوصول إليها.
وأنا ظننت تعني العكس؛ لأن كلامي في الأول كان عن أن انضمام الأخبار الظنية إلى بعضها واجتماعها يفيد القطع وإن كانت آحادها ظنية، وأنت توافق على ذلك كما هو ظاهر من كلامك هنا، مع أن ظاهر كلامك الأول أنك تخالف في هذه القاعدة من أصله.
الخلاصة:
= كلامك هنا أن (الاجتماع يحصل به ما لا يحصل بالانفراد)
= كلامك السابق (كون الظواهر إذا تكاثرت أفادت العلم يفتقر إلى استدلال ومتوقف على الإجماع)
ألا ترى تناقضا بين الأمرين؟
وأنا لا أفهم مرادك بـ (القياس العقلي) هنا.
فإن اليقين الحاصل للإنسان عند إخبار الجمع الكثير من غير تواطؤ، يقين ضروري، لا يحتاج لقياس ولا نظر مكتسب.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[22 Sep 2008, 01:16 ص]ـ
لا تناقض لأن الكلام الأول في المسموع، والثاني في المفهوم، فتأمل.
أما القياس العقلي فقد سطرته لك بقياس اقتراني، ولعلي أذهب إلى نظرية إفادة التواتر القطع، وأنت تذهب إلى ضروريته، وكلاهما قول للعلماء في المسألة كما هو مسطور في كتب أصول الفقه، لكن حتى من ذهب إلى ضروريته قصد أن القياس المذكور يدرك بأدنى تأمل قريب بحيث يندرج ضمن الضروريات، وكلاها متفق على أن الأخبار من أقسام الكلام التي تحتمل الصدق والكذب لذاتها ولا بد من أمر خارج عنها ليرجح أحدهما، وفي مسألتها الأمر الخارج هو القياس المذكور، والله تعالى أعلم.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[23 Sep 2008, 12:06 ص]ـ
لا يصح الاستدلال على حجية الإجماع بدليل واحد؛ لأن كل دليل في الوجود بانفرداه يمكن الطعن فيه بوجوه كثيرة من الطعن،
فائدة:
يقول عبدالمؤمن البغدادي الحنبلي في "قواعد الأصول": (( ... وقد يكون في الظاهر قرائن يدفع الاحتمال مجموعها دون آحادها)). [1]
ومناسبة هذا الاستشهاد ظاهرة.
============================
[1] بشرحه "تيسير الوصول"، ص231.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[23 Sep 2008, 12:24 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
بالمناسبة: صدر حديثاً للعلامة الأصولي يعقوب الباحسين، كتاب "الإجماع: حقيقته - أركانه - شروطه - إمكانه - حجيته - بعض أحكامه"، مكتبة الرشد. وهو من أحسن ما كتب في نظري إلى الآن، ففيه تحليل ونقد دقيقين لبعض قضايا الإجماع التي صارت عند البعض من جملة المسلّمات والقطعيات! الحمد لله، كنت قد صارحت بعض طلاب العلم والمشايخ حول حساسية موضوع الإجماع، وضرورة ضبطه قدر الإمكان بما يعيد له قوته الدليلية وحجيته الشرعية على الوجه اللائق، والسبب أنني لا حظت نوعاً من الإسراف في حكاية الإجماعات، أو الجزم بها في مسائل كثيرة، وهذا أمر له خطورته، فإن الإجماع كما يعلم البعض يصل إلى قوة تخصيص النصوص القطعية من القرآن والسنة، عند بعض العلماء، وعند البعض يصل إلى قوة النسخ، بل يصل بالمجتهد إلى الجزم بنص لم يبلغنا استند إليه الإجماع، لأن الإجماع على قول الجمهور لابد له من مستند علمه من علمه وجهله من جهله ... كل هذه القضايا الحساسة وغيرها كثير تتطلب وقفة موضوعية جادة مع الإجماع، والحمد لله أن مرادي قد تحقق إلى حد كبير في عمل البحاثة يعقوب الباحسين، فقد خلص في خاتمة كتابه إلى نتائج كنت أقررها و أطرحها باستمرار، ولكن لم أجد من يتقبل الحديث حول هذا الموضوع، فضلاً عن نقد المناهج المستشرية حول الإجماع، قديماً وحديثاً. شكر الله للشيخ الدكتور يعقوب الباحسين هذا الجهد الطيب، والطرح الجريء، والمعالجة المباشرة الصريحة، لواحد من أهم مصادر الاستدلال الشرعي.
بكل صدق، أنصح بقراءته وتأمله، وهو مثل كتاب المليباري "نظرات جديدة في علوم الحديث"، أول ما خرج لطلبة العلم تقطعوا أمرهم بينهم، وصاروا بين مؤيد ومعارض، ولكن تبينت أهمية موضوعه بعد زمن، ورجع كثير عن تزمتهم العلمي، وانفتحت لهم آفاق جديدة حول علوم المصطلح. من أراد شيئاً شبيهاً، ممن يظن أن قضية الإجماع واضحة، وأن معينها صافٍ لا كدر فيه، وأن إعادة النظر فيها من باب الترف العلمي ... من كان يظن ذلك فليحاول النظر في كتاب الدكتور يعقوب الباحسين، لعل وعسى.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[26 Sep 2008, 01:55 ص]ـ
قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}
في هذه الآية دلالة واضحة على أن الناس في حاجة إلى بيان معاني النصوص القرآنية، والنبي صلى الله عليه وسلم قد بين للناس بيانا واضحا شافيا تقوم به الحجة.
ولكن هذا البيان كان بلغته التي كانت معهودة في عصره، وهي لغة العرب الفصحاء، ومما لا يخفى على عاقل أن من يجهل لغة العرب لا يمكنه أن يصل إلى هذا البيان إلا إذا جاءه من يبين له بلغته التي يعرفها، أو بتعلم هذه اللغة الأصلية، وفي الحالين هو مفتقر إلى التعلم من أهل العلم.
فلو كان يمكن أن يكتفى في فهم النص بمجرد اللفظ لكان من الممكن أن يستغني النص القرآني عن البيان النبوي، ولكن هذا لم يحدث.
وكذلك فالبيان النبوي بالنسبة للتابعين مفتقر إلى بيان الصحابة؛ لأنهم هم الذين عاينوا هذا البيان النبوي.
وكذلك أيضا فهذا البيان بالنسبة لأتباع التابعين مفتقر لبيان التابعين؛ لأنهم هم الذين تلقوا هذا البيان عن الصحابة.
وهكذا نجد أن كل جيل يفتقر في البيان إلى الأجيال السابقة له، ولا يمكنه مطلقا أن يستقل بفهم النصوص مع البعد التام عن فهم السلف.
ولذلك فنحن إذا اختلفنا في فهم النصوص ننظر في فهم الصحابة، فإذا اختلفنا في فهم كلام الصحابة ننظر في فهم التابعين لكلام الصحابة، فإذا اختلفنا في فهم كلام التابعين ننظر في فهم أتباع التابعين لكلام التابعين، وهكذا.
ـ[أبوسليمان المحمد]ــــــــ[26 Sep 2008, 05:15 ص]ـ
الأصل في إطلاق الإمام في كتب أصول الفقه-خاصة كتب الشافعية- أنه الرازي
وأما كتب كتب الفقه الشافعي فإنه الجويني.
(هذا كالتنبيه على تعليق الشيخ عبدالرحمن الشهري).
-هناك كتب مطبوعة في الاعتراضات والأجوبة عن أدلة الإجماع ككتاب (حجية الإجماع) لعدنان الرميني و (قوادح الاستدلال بالإجماع) لسعد الشثري
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Oct 2008, 12:32 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
بالمناسبة: صدر حديثاً للعلامة الأصولي يعقوب الباحسين، كتاب "الإجماع: حقيقته - أركانه - شروطه - إمكانه - حجيته - بعض أحكامه"، مكتبة الرشد. وهو من أحسن ما كتب في نظري إلى الآن، ففيه تحليل ونقد دقيقين لبعض قضايا الإجماع التي صارت عند البعض من جملة المسلّمات والقطعيات! الحمد لله، كنت قد صارحت بعض طلاب العلم والمشايخ حول حساسية موضوع الإجماع، وضرورة ضبطه قدر الإمكان بما يعيد له قوته الدليلية وحجيته الشرعية على الوجه اللائق، والسبب أنني لا حظت نوعاً من الإسراف في حكاية الإجماعات، أو الجزم بها في مسائل كثيرة، وهذا أمر له خطورته، فإن الإجماع كما يعلم البعض يصل إلى قوة تخصيص النصوص القطعية من القرآن والسنة، عند بعض العلماء، وعند البعض يصل إلى قوة النسخ، بل يصل بالمجتهد إلى الجزم بنص لم يبلغنا استند إليه الإجماع، لأن الإجماع على قول الجمهور لابد له من مستند علمه من علمه وجهله من جهله ... كل هذه القضايا الحساسة وغيرها كثير تتطلب وقفة موضوعية جادة مع الإجماع، والحمد لله أن مرادي قد تحقق إلى حد كبير في عمل البحاثة يعقوب الباحسين، فقد خلص في خاتمة كتابه إلى نتائج كنت أقررها و أطرحها باستمرار، ولكن لم أجد من يتقبل الحديث حول هذا الموضوع، فضلاً عن نقد المناهج المستشرية حول الإجماع، قديماً وحديثاً. شكر الله للشيخ الدكتور يعقوب الباحسين هذا الجهد الطيب، والطرح الجريء، والمعالجة المباشرة الصريحة، لواحد من أهم مصادر الاستدلال الشرعي.
بكل صدق، أنصح بقراءته وتأمله، وهو مثل كتاب المليباري "نظرات جديدة في علوم الحديث"، أول ما خرج لطلبة العلم تقطعوا أمرهم بينهم، وصاروا بين مؤيد ومعارض، ولكن تبينت أهمية موضوعه بعد زمن، ورجع كثير عن تزمتهم العلمي، وانفتحت لهم آفاق جديدة حول علوم المصطلح. من أراد شيئاً شبيهاً، ممن يظن أن قضية الإجماع واضحة، وأن معينها صافٍ لا كدر فيه، وأن إعادة النظر فيها من باب الترف العلمي ... من كان يظن ذلك فليحاول النظر في كتاب الدكتور يعقوب الباحسين، لعل وعسى.
جزاك الله خيراً. فقد عملت بنصيحتك واشتريته وقرأته كاملاً وفيه فوائد كثيرة وترتيب لمسائل الإجماع يشكر المؤلف - حفظه الله- عليها.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[06 Oct 2008, 12:47 ص]ـ
جزاك الله خيرا على حسن ظنّك. ولا أرى استجابتك إلا جانباً من جوانب تواضعك.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[06 Oct 2008, 05:28 ص]ـ
"وأقوى اعتراض على هذه الآية كما ذُكر:
هو أن الاستدلا بهذه الآية على حجية الإجماع ليس بقاطع.
لأن قوله ويتبع غير سبيل المؤمنين يحتمل وجوها من التخصيص:
لجواز أن يريد سبيلهم في متابعة الرسول.
أو في مناصرته.
أو في الاقتداء به.
أو فيما صاروا به وهو الإيمان به."
أقول: من قال أن الاستدلال بهذه الآية ينحصر على " الإجماع " بل إن المعاني المذكورة لازمة فعلى ماذا يجمع المجمعون أليس على ما فهموه من الكتاب والسنه، وهذا ما دعى إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ويحثهم عليه إيمانهم، فادعاء احتمال التخصيص تحكم بلا دليل كما يظهر.
والله أعلم وأحكم.
وللفائدة:
ناقش الدكتور عدنان كامل السرميني هذا الدليل في (19) صفحة،في كتابه حجية الإجماع.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[06 Oct 2008, 05:42 ص]ـ
جزلك الله خيرا. ولكن مما قد يؤخذ على الاستدلال بهذا الدليل أنه للأمة عامة "أمة وسطاً"، وهذا لا يستقيم مع تعريف الإجماع الذي يرتضيه الجمهور لأنه يقصر الإجماع على نخبة قليلة من الأمة وهم العلماء المجتهدين، ولكن ربما يستقيم الاستدلال في المقابل مع من عرّف الإجماع بأنه اتفاق المسلمين أو الأمة على حكم ما.
والدليل الذي أميل إليه وأراه أقرب لإثبات حجية الإجماع من دليل الشافعي هو ((أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم))، والشاهد منه "أولي الأمر منكم"، ووجه ذلك أن أولي الأمر "نخبة" وهذا يستقيم مع تعريف الجمهور للإجماع بأنه اتفاق المجتهدين من أمة محمد على أمر شرعي، وكذلك لأن الأقوال متضافره من المتقدمين والمتأخرين على أن المراد بأولي الأمر هم العلماء. والوجه الآخر أن في الآية إلزام بالطاعة، وفائدة أخرى أن ترتيب الآية منسجم مع ترتيب الأدلة الشرعية الأصولية: "أطيعوا الله": الكتاب - "أطيعوا الرسول": السنة - "أولوا الأمر منكم": الإجماع. وفائدة أخيرة هي عدم تكرار العامل قبل "أولي الأمر"، وهو فعل الأمر، للإشارة إلى أن قرار أولي الأمر مبني على الدليل من كتاب الله وسنة رسوله وأن أولي الأمر لا يستقلون بالطاعة، فهم تبع للشارع، وهذا يتمشى مع قول من قال من العلماء أن الإجماع استفاد قوته من أصل أو نص شرعي يستند إليه ويعتمد عليه، حتى ولو خفي علينا. والله تعالى أعلم.
أعدت رفع هذا ليتأمل فيه الإخوة، فلا زلت أراه أقرب الأدلة وأصرحها في إثبات حجية الإجماع، لا سيما إذا أردنا أن نتحدث عن آحاد الأدلة، وإلا فمفهوم مجموعها يفيد ذلك بالضرورة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[19 Dec 2009, 10:23 م]ـ
الحمد لله وحده
هذه أول مشاركاتي معكم في منتداكم المبارك، أسأل الله أن ينفعني وإياكم بالمشاركة فيه.
قد تابعت هذا الحوار الماتع الطويل بين الإخوة والمشايخ الكرام، ولعمري إن فيه لفوائد تضرب لأجلها أكباد الإبل، بارك الله في كل من شارك وجزاه عن إخوانه خيرا.
ولي تعقيبات أرجو ألا تكون تغريدا خارج السرب، أو خروجا على الدرب، والله الموفق للسداد.
الإخوة متفقون على أن اجتماع الظن إلى الظن الموافق له من مصدر آخر أو من استدلال ظني آخر = يقويه، فلا إشكال من هذه الجهة ولله الحمد.
وأضيف إن هذا المعنى هو عين الأصل العقلي القطعي الذي لأجله أصبح التواتر قطعيا في المرويات، وأصبح التوافق قرينة تقوي الظن حتى يصل إلى حد القطع في النظريات.
فقول أخينا نزار وفقه الله إن التواتر في نقل الأخبار استمد قطعيته من دليل عقلي قطعي مفاده امتناع التواطؤ على الكذب، هذا صحيح، ولكن مرده عند التأمل إلى ذات القاعدة العقلية التي يثبتها أبو مالك حفظه الله في مقام النظريات والاجتهادات، ولكن على تخريج آخر = كأن يقال بامتناع أو بُعد خفاء الصواب على كل هذا الجمع من المجتهدين النبهاء .. ويضاف إلى ذلك امتناع أن يكون القول الحق في خفية عن أنظار جميع من اتفقت الأمة على علمهم وأهليتهم للنظر، وجعل الله لهم منزلة في العلم والفقه، وأنه كلما كثر الموافقون منهم كلما زادت قوة القول الذي يتفقون عليه، فيبقى الأمر في مرتبة الظن حتى لا يبقى في هؤلاء من نقل عنه القول بالمخالفة، فحينئذ يكون القطع.
هذا المعنى كقاعدة عقلية يستوي عند التأمل مع امتناع تواطؤ الكثرة من الصحابة على الكذب من حيث إفادة القطع، والله أعلم.
/// قال أخونا الحبيب الأريب الشيخ أبو مالك - وفقه الله:
لا يصح الاستدلال على حجية الإجماع بدليل واحد؛ لأن كل دليل في الوجود بانفرداه يمكن الطعن فيه بوجوه كثيرة من الطعن، وحينئذ لا يمكن أن يكون قطعيا، والفرض أن القوانين الكلية لأصول الفقه قطعية، وهذا خلف.
قلتُ ألا ترى يا أبا مالك - بارك الله فيك - أن في هذا الإطلاق نظرا، إذ تقولون "كل دليل في الوجود"؟
لابد من اتفاق أهل الصناعات جميعها على فئات من الأدلة يقوم بها الاستدلال عندهم - كل في صنعته - بانفراد آحادها مع استحالة الطعن على أي منها بمطعن يستحق النظر.
ومثال ذلك اتفاق العقلاء جميعا على ضروريات العقل، فهذه الضروريات المعنوية أدلة لا تحتاج إلى الاعتضاد بغيرها عند الاستدلال، وهي قطعية في ذاتها لا يسع العقلاء المخالفة فيها!
/// أنبه أخي الكريم أبا الأشبال إلى أن قوله:
وأقوى اعتراض على هذه الآية كما ذُكر
كان يحسن به أن يجعله: "أقوى اعتراض على الاستدلال بهذه الآية"
ومعلوم أنه لا يقصد إلا هذا، ولكن نبهته من باب ((لا تقولوا راعنا)) .. بارك الله فيكم.
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[19 Dec 2009, 11:35 م]ـ
لا يصح الاستدلال على حجية الإجماع بدليل واحد؛ لأن كل دليل في الوجود بانفرداه يمكن الطعن فيه بوجوه كثيرة من الطعن، وحينئذ لا يمكن أن يكون قطعيا، والفرض أن القوانين الكلية لأصول الفقه قطعية، وهذا خلف.
أخي ابو مالك. أظن أن موضوع القطعي لا يمكن أن ينظر اليه هكذا في أصول الفقه.
لأن تلك الأصول لو كانت قطعية لما اختلفوا فيها لأنها أصول مذاهب:
فالظاهرية لم يقبلوا القياس. وقبله أغلب أهل الفقه.
فالشافعية لا يقولوا بالاستحسان وكذا الظاهرية. والاستحسان من اصول الفقه عند غيرهم من الحنفية والمالكية والحنابلة.
وكذلك الامر بالاستصحاب والمصلحة المرسلة وسد الذرائع.
وانما هي اصول مذهب يمتاز عن غيره بتلك الامور.
فأصول الشافعية: الكتاب والسنة والاجماع والقياس.
والظاهرية لا يرون القياس. فمن لا يقبل القياس يسمى ظاهريا. ومن قبله لا يقال عنه شافعيا حتى يوافق باقي اصول الشافعية قبولا ورفضا.
لذا يقال هذه اصول الفقه الشافعي وتلك اصول الفقه الحنفي.وهكذا ..
وكما هو مقررفي الاصول اذا دخل الاحتمال بطل الاستدلال.فلو عملت بهذه القاعدة في كل ما يطلق عليه أصل لما استقام الأمر.
ولكن أصول المذهب من يخالفها يخالف المذهب وهذا لا يعني انه خالف اصول الاسلام.
ـ[أبو الفداء]ــــــــ[20 Dec 2009, 07:36 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم تبين لي أن لكلام أبي مالك الذي عقبتُ عليه في مشاركتي الآنفة وجها، فمأخذي غير مأخذه عند التأمل. فهو يتكلم في مقام بناء الدليل وتحقيقه عند استقصاء النظر في بنائه، وأنا أتكلم في مقام حجية الدليل وقوته عند الاستدلال به بين أصحاب الصناعات .. ففي المقام الأول فكل دليل يحتاج إلى تحقيق مستفيض لأصول بنائه والرجوع بذلك إلى مصادر عقلية معرفية اتفق عليها العقلاء وبها تنبني المعاني عندهم، ولا يستثنى من ذلك شيء مما يوصف لغةً بأنه دليل. وفي المقام الثاني فإنه لا يقال إنه لا يوجد دليل يصلح للاحتجاج منفردا دون الاعتراض عليه، بل توجد أمثال تلك الأدلة ولا تُعارض في بابها إلا بما ينتج عنه تسلسل لا اعتبار به عند أهل الفنون المختلفة في المحاججة والاستدلال.
وعودٌ على أصل الموضوع ..
فأما بخصوص دلالة الآية على الإجماع فظاهرة، من جهة أن سبيل المؤمنين هو ما اجتمع عليه المؤمنون واتخذوه سبيلا وعدوه من الدين، فلا فرق في ذلك بين الأصول الكبرى والفروع! ومن فرَّق بينهما في هذا المقام فقد خصَّص العموم بغير مخصِّص.
فالذي يقول إنها هنا جاءت في مقام التمييز بين سبيل الإسلام وما سوى الإسلام من السبل، هذا يخصص معنى المشاققة للرسول بلا قرينة، إذ العاصي يقال له إنه مشاقق للرسول كما يصح ذلك المعنى في حق الكافر كذلك (جملة) .. فمن أين يفهم السامع أن المراد بالمشاققة ههنا الكفر والخروج عن الإسلام فقط كما ذكر الشوكاني ومن وافقه؟
ومفارقة سبيل المؤمنين معنى زائد في الآية على تلك المشاققة كما هو واضح وإلا لم يكن للعطف فيها فائدة ..
بل لعل في الآية نكتة بلاغية لطيفة يجدر التنبيه إليها، إضافة إلى كون العطف في مجرده يستلزم الزيادة في المعنى ..
وهي أن هذه العبارة معطوفة مع التأخير، فكان من الممكن - ومن المستقيم لغة - أن يأتي النص هكذا "ومن يشاقق الرسول ويتبع غير سبيل المؤمنين من بعد ما تبين له الهدى .. " ولكن أُخرت عبارة ((ويتبع غير سبيل المؤمنين)) إلى ما بعد قوله تعالى ((من بعد ما تبين له الهدى)) لفائدة معنوية دقيقة.
فلو جاءت العبارة على هذا النحو لصح من الإقتران المباشر لكل من (المشاققة) و (اتباع غير السبيل) أن يكون المعطوف والمعطوف عليه كلاهما بمعنى الخروج على الإسلام، ويقال حينئذ إن العطف جاء ههنا من باب التوكيد بالترادف أو بعطف الخاص على العام .. ولكن هذا التأخير يوحي بأن اتباع غير سبيل المؤمنين ليس هو مشاققة الرسول، وليس يساويه في المنزلة (وإن اتفق معه في المآل والحكم).
وتأمل الفرق بين قيمة الفعل (ص) في الصيغة:
"ومن يفعل (س) ويفعل (ص) من بعد أن كان كذا فهو كذا"
وفي الصيغة:
"ومن يفعل (س) من بعد أن كان كذا، ويفعل (ص)، فهو كذا."
فكأنه يقول: "ومن يفعل (س) من بعد أن تبين له كذا، بل ويفعل (ص) أيضا، فهو كذا"
ففي الصيغة الأخيرة، (ص) تختلف عن (س) في المعنى وفي القيمة كذلك ولابد ..
ومعرفة ذلك السبيل منوطة بأولي العلم من المؤمنين ولا شك، فلا عبرة بالجهال والعوام منهم في بيانه ودلالة الناس عليه، كما لا يماري في ذلك أحد .. إذ مما لا يخفى على عاقل أن المؤمنين في العلم والفهم عن الله تعالى ليسوا على درجة واحدة. فليس كل مؤمن يكون أهلا لدلالة الناس على السبيل .. وإنما ينطبق هذا المعنى على من لهم الأهلية من المؤمنين دون غيرهم، بدليل قوله تعالى ((فاسألوا أهل الذكر))، والله أعلم.
ولهذا اتفق مثبتوا الإجماع - وهم الوفرة الوافرة من أهل العلم - على خصوصية من يُعتبر بخلافهم من المجتهدين وينعقد بهم الإجماع، وإن اختلفوا في شرط معرفتهم وإحصائهم.
ـ[عبدالله العمري]ــــــــ[20 Dec 2009, 10:27 م]ـ
أسأل لنا ولكم الفقه في كتابه وسنة رسوله /
أود أن أشارك بعدة نقاط:
الأولى: لعل ما نقله الإمام الرازي – رحمه الله – في تفسيره (11/ 35) من باب المبالغة، أو خطأ في النقل، أو تحريف في الطباعة، إذ أني أعتقد أنه لم يقله أحدٌ غيره.وقد رأيت أبو حفص الحنبلي في كتابه اللباب (7/ 18) نقله بصيغة التمريض فقال: " رُويَ أن الشافعي ... ".
(يُتْبَعُ)
(/)
ولأنَّ المنقول عن الشافعي – رحمه الله – أنه قرأ القرآن ثلاث مرات كما نقله الشيرازي في شرح اللمع (2/ 668) وكذلك البيهقي بسنده عن المزني والربيع في كتابه أحكام القرآن للإمام الشافعي (1/ 39)، إلا أنهما قالا: " قال الشافعي: قرأت القرآن كل يوم وليلة ثلاث قراءات حتى وقفت عليه ". وأكثر المفسرين نقل هذا – أي الثلاث مرات _ كالألوسي في تفسيره (5/ 146) وكذلك في حاشية البيضاوي (3/ 178) وغيرهم.
الثانية: أنَّ سبب نزول الآية قد يكون له أثر في التفسير – فليُتأمل – على قول من قال إنها نزلت في طعمة بن أُبيرق عندما سرق درع قتادة بن النعمان، على قول بعض المفسرين كابن الجوزي في زاد المسير (2/ 190) والقرطبي في الجامع (5/ 375) والنيسابوري في أسباب النزول (1/ 172). وغيرهم.
أو على رواية أنها نزلت في بشر بن أبيرق حينما لَحِقَ بالمشركين فنزل على سُلافَة بنت سعد بن سُمَيَّة، على قول البعض الآخر كالترمذي في سننه (5/ 278) وقال حديث غريب. – ولعله ضعيف لأجل عمر بن قتادة ومحمد بن إسحاق _، وكذلك الحاكم (4/ 385) والطبراني في الكبير (19/ 9) وغيرهم. ولجمع من أهل الحديث كلام عليه بين محسّنٍ ومضعف كالشوكاني في فتح القدير (1/ 118) والألباني في صحيح سنن الترمذي (3285).
وقال بعضهم إن قصة طعمة بن أبيرق نزلت فيها آية المائدة: " والسارق والسارقة ....... " حكاها النيسابوري في أسباب النزول (1/ 186) ونسبه للكلبي! مع أنَّ الكلبي ذكره في التسهيل (1/ 211) عند آية " ومن يشاقق الرسول ... "، وابن الجوزي في زاد المسير (2/ 348).
الثالثة: مفهوم الإجماع عند الشافعي – رحمه الله – هو إجماع الصحابة – رضي الله عنهم – كما قال في الرسالة (409): " قال الشافعي: فقال لي قائل: قد فهمت مذهبك في أحكام الله ثم أحكام رسوله وأنَّ مَن قَبِلَ عن رسول الله فعن الله قَبِلَ، بأن الله افترض طاعة رسوله، وقامت الحجة بما قلتَ بأن لا يحل لمسلم علم كتاباً ولا سنةً أن يقول بخلاف واحد منهما، وعلمتُ أنَّ هذا فرض الله. فما حُجَّتُكَ في أن تتبع ما اجتمع الناسُ عليه، مما ليس فيه نصُّ حكم لله، ولم يحكوه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ أتزعم ما يقول غيرك أن إجماعهم لا يكون أبداً إلا على سُنَّة ثابتة وإن لم يَحْكُوها؟!
قال: فقلت له: أمَّا اجتمعوا عليه فذكروا أنه حكايةٌ عن رسول الله، فكما قالوا، إن شاء الله.
وأمَّا ما لم يحكوه؛ فاحتمل أن يكون قالوا حكاية عن رسول الله، واحتمل غيره، ولا يجوز أن نَعُدَّهُ له حكايةً، لأنه لا يجوز أن يحكي إلا مسموعاً، ولا يجوز أن يحكي شيئاً يُتَوهَّمُ، يمكن فيه غير ما قال.
فكنَّا نقول بما قالوا به اتباعاً لهم. ونعلم أنهم إذا كانت سنن رسول الله لا تَعْزُبُ عن عامَّتهم، وقد تَعْزُبُ عن بعضهم. ونعلم أن عامتهم لا تجتمع على خلاف لسنة رسول الله، ولا على خطأ، إن شاء الله. ".
وقال في كتابه الأم (5/ 138): " وواجب على الحكام والمفتين أن لا يقولوا إلا من وجه لزم من كتاب الله أو سنة أو إجماع؛ فإن لم يكن في واحد من هذه المنازل؛ اجتهدوا عليه حتى يقولوا مثلَ معناه. ولا يكون لهم - والله أعلم - أن يُحْدِثوا حكماً ليس في واحد من هذا ولا في مثل معناه. ".
فهذا الإجماع الذي قصده الشافعي هو إجماع الصحابة – رضي الله عنهم – لأنهم:
1. الذين بلغوا ما سمعوا عن رسول الله.
2. أنهم هم الذين لا تعزب عن عامتهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
الرابعة: أنّ من العلماء من اعترض على استدلال الإمام الشافعي – رحمه الله – ومنهم /
جمال الدين الأسنوي في كتابه نهاية السول شرح منهاج الوصول (2/ 81) وذكر تسعة اعتراضات وأجاب عنها بشيء من الاختصار فقال: " اعترض الخصم بتسعة أوجه: ........... ".
ومنهم علي السبكي في كتابه الإبهاج في شرح المنهاج (2/ 354) وذكر أيضاً تسعة أوجه اعتراضية، وقد نقل استدلال الشافعي، ثم ذكر الأوجه التسعة وأجاب عن كل اعتراض.
على أنَّ إمام الحرمين أبو المعالي الجويني ذكر في كتابه البرهان في أصول الفقه (1/ 435) أنّ تلك الاعتراضات متكلفة فقال: " فإذا أجمع المؤمنون على حكم في قضية فمن خالفهم فقد شاقهم المعترضون، وظني أن معظم تلك الاعتراضات الفاسدة تكلفها المصنفون حتى ينتظم لهم أجوبة عنها ولسن لأمثالها ".
ومنهم محمد الرازي في كتابه المحصول في علم الأصول (4/ 46) فقد ذكر شيئاً مما استُشكل حول الاستدلال بالآية على الإجماع وكلامه جميل وأجاب عليه.
ولولا طولها لذكرتها مع الردود.
والله تعالى أعلم
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[21 Dec 2009, 09:40 ص]ـ
الحمد لله وحده
/// أنبه أخي الكريم أبا الأشبال إلى أن قوله:
كان يحسن به أن يجعله: "أقوى اعتراض على الاستدلال بهذه الآية"
ومعلوم أنه لا يقصد إلا هذا، ولكن نبهته من باب ((لا تقولوا راعنا)) .. بارك الله فيكم.
شكرا لك أخي الكريم، وتنبيه في محله، أستغفر الله وأتوب إليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Jul 2010, 09:15 ص]ـ
أشكر جميع المشاركين في هذا الحوار العلمي الماتع، وأشكر الأخ أبا سليمان المحمد والأخ أبا الفداء والأخ عبدالله العمري على إضافتهم الرائعة، وارجو استكمال هذا الحوار طلباً للفائدة، فمثل هذه الحوارات تزيد في العقل والعلم.
ـ[السراج]ــــــــ[12 Jul 2010, 08:22 ص]ـ
أنا مع الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى، ومن أراد الاستزادة في هذه المسألة فعليه بالرجوع إلى كتابه النفيس إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول.
فإنه قد بسط الكلام في هذه الآية، مع إيراد الأسئلة المحتملة، وإن شأتم نقلتها لكم، والله أعلم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 Jul 2010, 12:39 م]ـ
قول الإمام الشوكاني في الإجماع لا ينبغي الاعتماد عليه لوضوح فساده؛ إذ إنه أنكر حجية إجماع الأمة نفسه حتى بفرض ثبوته القطعي، يعني عنده لا يمتنع اتفاق الأمة على باطل في نفس الأمر، وهذا ما لا ينبغي أن يقوله مسلم.
والعلماء الذين نسب إليهم القول بإنكار الإجماع -كالطوفي والشوكاني وغيرهما- تراهم يحتجون بالإجماع كثيرا في مصنفاتهم، بل تراهم يتناقضون أحيانا فيثبتون حجية الإجماع كما فعل الطوفي.
فالمقصود أن مسألة إنكار الإجماع هذه مسألة مفروغ منها، وإنما النقاش في أفراد الأدلة ودلالتها كما في هذا الموضوع.
وقد ذكرت في المشاركة (37) أنه لا يمكن أحدًا أن يستدل بدليل غير مفتقر إلى الإجماع ولو بالالتزام.
بل إن أهلية المستدل نفسها لا يمكن معرفتها من غير اعتماد على الإجماع كما بينتُ هنا:
http://majles.alukah.net/showthread.php?t=11139
ـ[السراج]ــــــــ[12 Jul 2010, 09:31 م]ـ
تابع القراءة من قوله رحمه الله في إرشاد الفحول:
" فمن جملة ما استدلوا به قوله سبحانه: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}
ووجه الاستدلال بهذه الآية أنه سبحانه جمع بين مشاقة الرسول وأتباع غير سبيل المؤمنين في الوعيد فلو كان اتباع غير سبيل المؤمنين مباحًا لما جمع بينه وبين المحظور فثبت أن متابعة غير سبيل المؤمنين "محظورة، ومتابعة غير سبيل المؤمنين"* عبارة عن متابعة قول أو فتوى يخالف قولهم أو فتواهم وإذا كانت تلك محظورة وجب أن تكون متابعة قولهم وفتواهم واجبة.
وأجيب: بأنا لا نسلم أن المراد بسبيل المؤمنين في الآية هو إجماعهم لاحتمال أن يكون المراد سبيلهم في متابعة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو في مناصرته أو في الاقتداء به أو فيما به صاروا مؤمنين وهو الإيمان به ومع الاحتمال لا يتم الاستدلال .. ".
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[23 Jul 2010, 07:11 ص]ـ
تابع القراءة من قوله رحمه الله في إرشاد الفحول:
وأجيب: بأنا لا نسلم أن المراد بسبيل المؤمنين في الآية هو إجماعهم لاحتمال أن يكون المراد سبيلهم في متابعة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو في مناصرته أو في الاقتداء به أو فيما به صاروا مؤمنين وهو الإيمان به ومع الاحتمال لا يتم الاستدلال .. ".
في هذا دور، فما الفرق بين هذا وذاك.
ـ[رصين الرصين]ــــــــ[23 Jul 2010, 11:39 م]ـ
لي تعليق لغوي إذا أذنتم، وهو
أن أل في المؤمنين في قوله تعالى {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} النساء115
هي أل العهدية، وليست الجنسية، فليست تعني مطلق المؤمنين، ولا يدخل فيها كل مؤمن
وإنما هي تعني حصرا وقصرا صحابة - رسول الله صلى الله عليه وسلم - وحدهم دون غيرهم
فلو افترضنا أن اتباع الإجماع حتم لازم، وأن مخالفه عاص آثم
فهو إجماع الصحابة، وليس سواهم
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[24 Jul 2010, 09:35 ص]ـ
لي تعليق لغوي إذا أذنتم، وهو
أن أل في المؤمنين في قوله تعالى {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} النساء115
هي أل العهدية، وليست الجنسية، فليست تعني مطلق المؤمنين، ولا يدخل فيها كل مؤمن
وإنما هي تعني حصرا وقصرا صحابة - رسول الله صلى الله عليه وسلم - وحدهم دون غيرهم
فلو افترضنا أن اتباع الإجماع حتم لازم، وأن مخالفه عاص آثم
فهو إجماع الصحابة، وليس سواهم
وفقك الله وسدد خطاك
هذا ليس تعليقا لغويا، بل هو مجرد دعوى مخالفة لما عليه أكثر العلماء؛ لأن تقسيم أل إلى عهدية وجنسية لا يعلم منه خصوص ذلك في الآية إلا بدليل آخر منفصل أو قرينة تدل على ذلك في الآية، وأنت لم تذكر هذا ولا ذاك.
واتباع الإجماع حتم لازم ولا يختص ذلك بالصحابة.
وحتى لو فرضنا أن (أل) في الآية عهدية فهذا لا يستفاد منه أن الحجة فقط في إجماع الصحابة؛ لأنه من المقطوع به أن الصحابة لم يكونوا كلهم موجودين وقت نزول هذه الآية، بل بعضهم لم يكن قد ولد، وبعضهم كان قد مات، فيلزمك على ذلك أن تقول: إن الآية تدل على أن الإجماع حجة فقط بقول الصحابة الذين كانوا موجودين وقت نزول هذه الآية، ومن الواضح أن هذا عبث لا قائل به.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[24 Jul 2010, 10:04 ص]ـ
ومثله في الاحتياج للحجة القول بأن المؤمنين الواجب اتباع سبيلهم والمقصودون بالإجماع الشرعي الملزم المذكور في الآية وفي قول النبي صل1: ((لا تجتمع أمتي على ضلالة)) = هم علماء عصر من العصور إن اتفقوا على قول.
وهذا ضرب من الخرص لم يقل به واحد من الصحابة ولا التابعين ولا أتباعهم ولا واحد من الأئمة الأربعة وإنما هو من اختراعات المتكلمين، وهي فكرة فلسفية شبيهة بفكرة المجامع النصرانية ..
والإجماع حجة بلا ريب،ولكن الإجماع المذكور في الآية وفي الخبر هو إجماع الأمة وهو الإجماع الذي تقضي على الغيب أنه ما من مؤمن من أمة محمد صل1 يسعه شرعاً القول بخلافه،ولا يمكن أن يخرج منه صحابة النبي صل1 فهم أول الأمة ورأس طبقاتها، وكل إجماع يحكى ليس فيه الصحابة رض3 فليس بإجماع لا للأمة ولا للمؤمنين، وإنما هو اتفاق قوم مخصوصين بزمان ليس اتفاقهم حجة؛فليسوا إلا بعض الأمة.
وليسوا كالبعض الأول (الصحابة) والذين يختصون بخصيصة وهي أن إجماعهم إن انعقد فهم الطائفة المخصوصة الوحيدة التي يصدق على إجماعها -إن وقع- أنه إجماع الأمة،وليست هذه الخصيصة لغيرهم من الطوائف المخصوصة إن أجمعت.
ثم هذا الإجماع إن كان على سبيل القطع الظاهر فهو حجة ملزمة لا يخالفها إلا مبتدع ضال ..
وإن كان دركنا لهذا الإجماع هو بطريق ظني كان هذا مما يحتج به السلف لكنهم لا يُبدعون ولا يُضللون من خالفه، ويجوز مخالفة هذا الإجماع الظني لمن ظهر له من الحجة ما يدل عنده على عدم ثبوت هذا الإجماع ويمنعه من القضاء بالغيب أن كل مؤمن يقول بهذا لا يخالفه ..
ومن مات من الصحابة رض3 فإنما هو كمن لم يبلغنا قوله منهم،لا يمنعنا ذلك من حكاية الإجماع إن كان ما معنا من الأدلة يحملنا على القضاء بالغيب أنه لا يمكن أن يُنقل عنهم خلاف هذا القول،وهل يشك فقيه أنه من مات من الصحابة ومن حي ومن نقل إلينا قوله ومن لم ينقل إلينا قوله أن جميع أولئك قد أجمعوا على مشروعية سجود السهو؟
فمتى كانت قوة حكايتك لإجماع الصحابة رض3 من هذا الجنس فهو الإجماع القطعي الحجة الشرعية، وهو إجماع المؤمنين فما من مؤمن بعدهم إلا وهو محجوج بسبيلهم وإجماعهم ..
ومتى كانت قوة حكايتك دون هذا الجنس = فهو الإجماع الظني تحتج به على مخالفك ويخالفك هو إن كان معه من الحجة ما يُضعف قوة القضاء بالغيب على إجماعهم ..
والحمد لله وحده ..
ـ[عصام العويد]ــــــــ[26 Jul 2010, 05:14 ص]ـ
أبا مالك .. شكر الله لك فقد أمتعتنا ..
لكن كيف هذا؟ (وعند التأمل يظهر أن كلامه في هذا الباب لم يخرج عن قول جماهير العلماء؛ لأنه حتى العلماء الذين يثبتون القياس لا يقبلونه إلا بعد سلامته من القوادح العشرة المعروفة، وقل أن يسلم قياس منها)
وإعمال الجمهور للقياس قد ملأ ما بين الجلدتين،
فلو (قلّ) القياس السالم من القادح كما ذكرتم؛ لما تضمنت كتب المحققين الأكابر من القياس ما يُعد بالمئين بل ويجاوز ذلك.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[26 Jul 2010, 09:43 ص]ـ
وفقك الله وسدد خطاك
أولا: جزاك الله خيرا على التنبيه؛ لأن عبارتي موهمة فأستغفر الله.
ثانيا: مقصودي أن القياس السالم من هذه القوادح قليل إذا قيس إلى القياس الذي لا يسلم منها، لا أنه في نفسه قليل؛ كما قال تعالى: {وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} أي إذا قيس إلى ما لا تعلمون.
ولا يخفى عليكم ما جاء عن الإمام الشافعي رحمه الله والإمام أحمد رحمه الله من أن القياس يلجأ إليه عند الضرورة، وهذا فيه إشارة إلى قلته النسبية.
والله تعالى أعلم.
ـ[رصين الرصين]ــــــــ[26 Jul 2010, 06:40 م]ـ
تقسيم أل إلى عهدية وجنسية لا يعلم منه خصوص ذلك
في الآية إلا بدليل آخر منفصل أو قرينة تدل على ذلك في الآية، وأنت لم تذكر هذا ولا ذاك.
لم أذكر ذلك لأني لم أظن به حاجة؛ فإذ هذا غير مسلم، فهاكم
{الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} النساء141
{فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} الفتح26
{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} الفتح18 {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً} الأحزاب25 {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} الأحزاب23 {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} النور51
فكل (مؤمنين) في الآيات السابقة - ولم أستقص - فلا يقصد بها سوى أصحاب رسول الله؛ فإن شئت التحديد فهم أكابرهم كما تدل عليه {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} الفتح18
والمقصود في آية التوبة هو الإجماع في العقيدة، وليس هذا اجتهادي، بل هو من الأدلة المستفيضة على صواب المنهج السلفي في العقيدة، وقد استشهد بها الألباني رح1 غيرما مرة
فهذي الآيات لايدخل فيها صغار الصحابة، وإنما يقصد بها حصرا وقصرامن قال فيهم ربنا
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ {10} أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ {11} فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ {12} ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ {13} وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ {14}
أما الدليل العقلي فهو ما تفضلت بالإشارة إليه، وهو يعضد أنها عهدية، لا ينفيه
وكلامنا في العقيدة، أما في الفقه فالأمر واسع/ وادعاء إجماع الصحابة - فضلا عمن دونهم - فيه صعب عسير
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[رصين الرصين]ــــــــ[26 Jul 2010, 06:45 م]ـ
إذا كان الإجماع المقصود هو على الفقه - وأراكم قد اتفقتم على أن أدلته ظنية - فلا حرج إذن على من خالفه
كالقرضاوي؛ إذ أفتى بجواز بقاء المرأة - إذا أسلمت - في ذمة الكافر.
وقد فهمت من كلام الشيخ أبي مالك أن الدليل الواحد ضعيف
فهل يعني هذا أنه لا يجوز الإفتاء بناء على دليل واحد، مهما بدا قويا
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[26 Jul 2010, 07:14 م]ـ
إن كان المقصود أن كل مواضع ورود (المؤمنين) في النصوص الشرعية يقصد بها الصحابة، فهذا غير صحيح اتفاقا، ولا يحتاج إلى جواب.
وإن كان المقصود أن في هذه الآية من القرائن ما يدل على ذلك، فحينئذ لا يفيد الاستشهاد بآيات أخرى، بل يُحتاج إلى بيان القرائن الدالة على ذلك من هذه الآية بخصوصها.
وأما القول بأن هذه الآية يقصد بها حصرا وقصرا من قال فيهم ربنا (والسابقون السابقون ... إلخ) فهذه الآية غير خاصة بالصحابة بلا نزاع.
فالخلاصة أن من أراد أن يذكر قولا له فيه سلف فأهلا وسهلا، ولا سيما في تفسير القرآن.
أما مجرد الآراء الشخصية والاستحسانات العقلية فلا يوجد وقت لقراءتها فضلا عن مناقشتها.
ـ[رصين الرصين]ــــــــ[26 Jul 2010, 07:36 م]ـ
إن كان المقصود أن كل مواضع ورود (المؤمنين) في النصوص الشرعية يقصد بها الصحابة، فهذا غير صحيح اتفاقا، ولا يحتاج إلى جواب
إن كنت تقصدني، فأنا لم أقل بذلك، ولا يتصور أن يأتي به أحد
والدليل - بالنسبة لي - أنني تخيرت آيات تخيرا
وإن كان المقصود أن في هذه الآية من القرائن ما يدل على ذلك، فحينئذ لا يفيد الاستشهاد بآيات أخرى، بل يُحتاج إلى بيان القرائن الدالة على ذلك من هذه الآية بخصوصها.
هذا كان ردا على رفضك اعتبار أل عهدية
فالخلاصة أن من أراد أن يذكر قولا له فيه سلف فأهلا وسهلا، ولا سيما في تفسير القرآن. أما مجرد الآراء الشخصية والاستحسانات العقلية فلا يوجد وقت لقراءتها فضلا عن مناقشتها
هذي هي ديكتاتورية المأمون بعينها، وأظنك لو صار إليك شيء تعرض الناس على السيف
وأراك ترفض حجية الإجماع ثم تفرضه علينا في التفسير، ولو كان في العقيدة ما قبناه
أرغب في تسجيل موضوع للدكتوراة في جامعة مثلا
فما فائدة أن أجمع الآراء: قال الصنعاني، وقال الطبري، وقال القرطبي ..
وأي علم في هذا؟ وقاعدتكم هذي تنسف البحث الأكاديمي من أساسه
وهي دعوة جديدة للتقليد وتغميض العيون
ـ[محب البشير]ــــــــ[26 Jul 2010, 07:57 م]ـ
ما شاء الله، مذاكرة طيبة استفدنا منها كثيرا، و الحمد لله
و أود من شيخنا الفاضل أبي مالك - حفظه الله - لو استطاع أن يتفصل علينا بيانه و شرحه لدلالة الآيات الأربعة عشر الدالة على الإجماع و التي سطرها يراعه في المشاركة الثامنة، فقد تفضل مشكورا ببيان خمسة آيات منها، و ذكر آيتين أخريين، وذكر الشيخ عبد الله الشهري آيتين، و بقي للشيخ أبي مالك تسع، إضافة إلى ما أشار إليه بإلخ إلخ ...... (ابتسامة)
وهي:
- {هذا ذكر من معي وذكر من قبلي}
- {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}
- {فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه}
- {أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين}
- {ولا تكونوا أول كافر به}
- {ويتبع غير سبيل المؤمنين}
- {فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك}
- {قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب}
- {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}
- {لعلمه الذين يستنبطونه منهم}
- {فأتوا بسورة من مثله}
- {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده}
- {فإن تنازعتم في شيء}
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[27 Jul 2010, 10:38 م]ـ
فالخلاصة أن من أراد أن يذكر قولا له فيه سلف فأهلا وسهلا، ولا سيما في تفسير القرآن
بل تفسير القرآن بالذات يتسع لأكثر من هذا فيما لا يناقض أقوال السلف، لكن هذا باب آخر ..
السؤال: من سلف الذين استدلوا بهذه الآية على اتفاق المجتهدين في عصر من العصور، هل فسرها أحد من السلف بهذا؟
ـ[طارق عبدالله]ــــــــ[28 Nov 2010, 11:08 ص]ـ
يقول الامام الفقيه الأصولي: أبو بكر أحمد بن أبي سهل السرخسي المتوفى 490 للهجرية
فصل في بيان أن إجماع هذه الأمة موجب للعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
اعلم أن إجماع هذه الأمة موجب للعلم قطعاً كرامة لهم على الدين لا لانقطاع توهم اجتماعهم على الضلالة بمعنى معقول، فاليهود والنصارى والمجوس أكثر منا عددا وقد وجد منهم الاجتماع على الضلالة، وللأن الاتفاق قد يتحقق من الخلف على وجه المتابعة للآباء من غير حجة كما أخبر الله عن الكفرة بقوله: ((إنا وجدنا آباءنا على أمة)) وقال تعالى: ((اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أربابا من دون الله)) فعرفنا أنه إنما جعل اجتماع هذه الأمة حجة شرعا كرامة لهم على الدين.
هذا هو مذهب الفقهاء وأكثر المتكلمين.
وقال النظام وقوم من الإمامية: لايكون الاجماع حجة موجبة للعلم بحال لأنه ليس فيه إلا اجتماع الأفراد وإذا كان قول كل فرد منهم غير موجب للعلم لكونه غير معصوم من الخطأ فكذلك أقاويلهم لأن توهم الخطأ لا بنعدم بالاجتماع ....................
((ثم ناقشهم ورد مزاعمهم))
وتابع قائلا:
: ((ثم الدليل على أن الإجماع من هذه الأمة حجة موجبة شرعاً وأنهم إذا اجتمعوا في شيء فالحق لايعدوهم أصلاً الكتاب والسنة:
أما الكتاب: فقوله تعالى: ((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر)) ...
وكلمة ((خير)) بمعنى أفعل فيدل على النهاية في الخيرية، وذلك دليل على أن النهاية في الخيرية فيما يجتمعون عليه، ثم فسر ذلك بأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وإنماجعلهم خير أمة بهذا، والمعروف المطلق ما هو عند الله، فأما ما يؤدي إليه اجتهاد المجتهد فإنه غير معروف مطلقاً؛ إذ المجتهد يخطيء ويصيب، ولكنه معروف في حقه على معنى أنه يلزمه العمل به مالم يتبين له خطؤه، ففي هذا بيان أن المعروف المطلق ما يجتمعون عليه ..... ))
ثم يناقش ما قد يرد عليه من اعتراض ويفنده
ثم يقول:
((وقال تعالى: ((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ..... الآية)). فقد جعل الله اتباع غير سبيل المؤمنين بمنزلة مشاقة الرسول في استيجاب النار ثم قول الرسول موجب للعلم قطعاً فكذلك ما اجتمع عليه المؤمنون، ولا يجوز أن يقال المراد اجتماع الخصلتين لأن في ذكرهما دليلا على أن تأثير أحدهما كتأثير الآخر بمنزلة قوله: ((واللذين لايدعون مع الله الله إلهاً آخر)) إلى قوله ((ومن يفعل ذلك يلق أثاما)) وأيد هذا قوله تعالى: ((ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله وال المؤمنين وليجة)) ففي هذا تنصيص على أن من اتخذ وليجة من دون المؤمنين فهو بمنزلة من اتخذ وليجة من دون الرسول.
وقال الله تعالى: ((وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم)) وفيه تنصيص على أن المرضي عند الله ما هم عليه حقيقة، ومعلوم أن الارتضاء مطلقاً لا يكون بالخطأ - وإن كان المخطيء معذورا - وإنما يكون بالصواب؛ فعرفنا أن الحق مطلقا فيما اجتمعوا عليه.))
يتبع بإذن الله(/)
برنامج بيِّنات لعـ[حوارات اللقاءات]ـــ 1429هـ ــــام
ـ[تيماء]ــــــــ[05 Sep 2008, 08:28 ص]ـ
http://www.3lm-alkitab.com/bg/3.gif
اللقاء الأول
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
موضوعات اللقاء:
- في مفهوم مقاصد السور وموضوعاتها.
- التفاسير و الكتب التي عنيت بهذا الموضوع.
- اسماء سورة الفاتحة ومعانيها وأسباب تسميتها.
- فضائل سورة الفاتحة.
- تفاضل سور و القرآن وآياته.
- تسميات سور القرآن توقيفية أو اجتهادية.
- التنبيه على بعض الأحاديث الموضوعه في فضائل سور القرآن.
http://www.3lm-alkitab.com/bg/21.gif
الدكتور عبد الرحمن الشهري:
سوف تكون لقاءاتنا -بمشيئة الله -حول سور القرآن الكريم من حيث أسماء السور ومقاصدها و فضائلها وأسباب نزولها.
الدكتور محمد الخضيري: هذه تسمى علوم السورة لكي يكون للمشاهدين معرفة بمقصود هذا اللقاء , نتعرف على كل سورة بعلومها لن ندخل في تفاصيل تفسيرها ولكن نقتصر على ما يبين هذه السورة ويميزها عن سور القرآن ويفهم المشاهدين والمتابعين ماذا ترمي إليه هذه السورة بحيث يستطيع أن يربط بين مقاطعها وقصصها وأحكامها و أولها وآخرها فتكون عنده معرفة بحقيقة هذه السورة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: أنا في تصوري أن العناية بالسور والحديث عن سور القرآن الكريم ربما يحببه كثير من المشاهدين لأن الناس يعتنون بالقرآن الكريم كسور , سورة الفاتحة سورة البقرة آل عمران , وربما يكون هذا أجود من الحديث عنه كأجزاء.
الدكتور مساعد الطيار: خصوصا أن تجزيء القرآن و تحزيبه إلى أحزاب وأثمان وأرباع هذا أمر متأخر أما السور فهي شيء توقيفي فالفاتحة معروفة من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والبقرة وآل عمران , فربط الناس بهذا المعنى الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أولى.
الدكتور مساعد الطيار: من الأشياء المهمة جدا أن أي قارئ للسورة سواء كان يريد أن يقرأ أو يفسر يكون مطلع وملم بالموضوعات التي تتحدث عنها السورة , وهذا يعطيه فرصة في قضية التدبر فهي وسيلة من وسائل التدبر أن تكون معرفة بموضوعات السورة وستجد أنه تثور عندك أسئلة خلال النظر في هذه الموضوعات وعلى سبيل المثال في سورة الطارق: لما تقرأ وتريد أن تنظر للموضوعات التي تحدثت عنها السورة ستجد أنك تأتي لقوله تعالى: {إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13)} الضمير أنه عندما تنظر لما قبله لا يوجد حديث عن القرآن فيستوقفك مثل هذا , كيف جاء الضمير على شيء لم يذكر سابقا , فهذا حينما تتأمل الموضوعات يتبين لك أن هذا حديث عن كذا ثم جاء الحديث عن القرآن , الحديث عن القسم الأول أقسم بالطارق ثم الحديث عن أصل الإنسان ونشأته ثم بعثه ثم يأتي الحديث عن القرآن , عندما تنظر بهذا النظر قد يكون لديك شيء من الجواب على هذا السؤال.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لا شك أن النظر إلى السورة بصورة كليه تفيد القارئ حتى إذا انتقل إلى دراسة السورة كدراسة تفصيلية يكون مستحضر للموضوعات الأساسية للسورة و وسبب نزولها و وقت نزولها و متى نزلت هذه مهمة جدا.
الدكتور محمد الخضيري: بل حتى هذا يفيد الإنسان في حياته كلها نفترض مثلا في باب العلم لو تأتي لعلم الفرائض , ماهو هذا العلم , فتقول هذا العلم الذي يهتم بقسمة التركات على الورثة بعد وفاة ثم بعد ذلك الدخول في التفاصيل ويخوض فيها.
أنت لو تقول لإنسان ما الرياض أو مكة تشرحها شرحا مبسط ثم تفصل ما فيها من مباني وشوارع وطرق ومؤسسات وأنظمة يكون ذلك أدعى للفهم , فالدخول من الأجمال للتفصيل هو الموافق للفطرة والواقع.
الدكتور مساعد الطيار: أيضا لو تأملت الآن من يؤلف من سنن المؤلفين أنه يذكر لك في المقدمة نقاط فيها فكرة عن الموضوع الذي سيتحدث عنه أشبه ما يكون بالفهرسة , فيكون عندك تصور عام , فأحيانا قد يكون العنوان لا يهديك إلى تفاصيل الموضوعات , وعندنا نفس القضية لما نقول سورة البقرة فسورة البقرة فيها تفاصيل كثيرة جدا وحادثة البقرة هي جزء بسيط من هذه التفاصيل.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: قبل أن ندخل في سورة الفاتحة ما هي الكتب التي ترون أنها جديرة بالمطالعة حتى يعرف قارئ القرآن الكريم مقاصد السور وموضوعات السور وعلوم السورة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: أول ما يرجع إليه في هذا - من وجهة نظري - كتب التفسير , لأن كتب التفسير كثير منها يقدم للسورة بمقدمة قد تفيد في هذا الجانب وإن كانت قد لا تكون واسعة ومستوعبة ومشتملة على كل المطلوبات.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: خاصة بعض كتب التفسير المتقدمة تغفل هذا في الغالب ولا تفصل في موضوعات السورة
الدكتور محمد الخضيري: عندك التحرير والتنوير للطاهر ابن عاشور كل سورة يضع لها اسم السورة وفضل السورة وموضوعات السورة ومقصوداتها هذا يفيد في هذا الجانب.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: وفي كتب البقاعي؟
الدكتور مساعد الطيار: في كتابيه مصاعد النظر في الإشراف على مقاصد السور , ونظم الدرر في تناسب الآيات والسور وهو كتاب كبير في التفسير ,وكتاب مصاعد النظر خاص بهذا الجانب فقط.
الدكتور محمد الخضيري: بين يدي كتاب قد يفيد في هذا الباب اسمه معاني سور القرآن الكريم واتحافات درره للدكتور جمعة عبد القادر.
الدكتور مساعد الطيار: أيضا كتاب بصائر ذوي التمييز للفيروز آبادي - صاحب القاموس - , هذا الكتاب حقيقة فيه نفائس وطريقة للمؤلف لم يسبقه إليها أحد ولم يتبعه فيها أحد من المفسرين وهي جميلة جدا .. استفاد من مجموعة كتب و وضعها في كتابه على سبيل المثال المفردات: استفاد كثيرا من مفردات الراغب الأصفهاني وكفائدة علمية الفيروز آبادي يثبت الترادف و يشنع على من يقول بالفروق اللغوية - الدقيقة - بين الألفاظ المتقاربة ولكنه في هذا الكتاب يثبت الفروق وبعض الباحثين تساءل كيف ذهب الفيروز آبادي هذا المذهب وألف فيه في إثبات الترادف وكيف أنه يقول بهذا , والذي يظهر لي لأن الفيروز آبادي اعتمد على الراغب الأصفهاني في هذا الكتاب , والراغب من أكبر من يقول بقضية الفروق اللفظية وعلى العموم فهذا الكتاب نفيس ونافع وفيه أسلوب ومنهج جديد في طرح التفسير .. وهو كتاب يقع في ست مجلدات هناك فائدة أذكرها حول كتاب بصائر ذوي التمييز فقد كان مقدمة لموسوعة ضخمة في التفسير ويرها فالملك الذي في عهد الفيروز آبادي طلب منه تصنيف موسوعة وكان الملك متحمس للموسوعة وانجازها وكان الفيروز آبادي عضو في هذه اللجنة فبدأ الفيروز آبادي في وضع بصائر التميز في لطائف الكتاب العزيز على أساس أن يكون مقدمة ثم مات الملك فلما جاء أبنه بعده لم يتحمس للموضوع ولم يدعمه فأضطر الفيروز آبادي أن يخرج كتاب بصائر ذوي التميز على هيئته.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: نبدأ بالحديث عن سورة الفاتحة وعن تسميتها وموضوعاتها.
الدكتور محمد الخضيري: قبل ذلك ندعو إخواننا المشاهدين إلى أن يكون من عنايتهم عندما يريدون قراءة سورة من سور القرآن البحث عن هذه المقدمات سواء بالاستماع لها من خلال هذا البرنامج نسأل الله أن يوفقنا إتمام سور القرآن كاملة فيه , المهم قبل أن تدخل في تفاصيل أي سورة من سور القرآن الكريم احرص على معرفه هذه المضامين أو المقدمات التي تتضمن اسم السورة فضائل السورة مكان نزل السورة هل هو قبل الهجرة أو بعد الهجرة , موضوعات السورة , مقصود السورة مناسبة السورة لما قبلها فما هو وجه التناسب والارتباط بينها وبين ما قبلها , فهذه القضايا مهمة جدا من اجل أن يعرف الإنسان الأمر الذي تحدثنا عنه قبل قليل.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: من كتب المتميزة في هذا الموضوع قبل الدخول للسورة كتاب في ظلال القرآن لسيد قطب -رحمه الله - ففي مقدمة تفسيره لكل سورة يتحدث بتفصيل عن موضوعاتها ومقاصدها بأسلوب يستحق القراءة والاستفادة.
الدكتور محمد الخضيري: ويربط أيضا بين المقاطع عندما يحدد الهدف والمقصود الأعظم للسورة يحاول أن يربط بين المقاطع بناء على ذلك الهدف الذي حدده في أول السورة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: نبدأ يا دكتور مساعد حول اسم سورة الفاتحة ونتحدث عنها.
الدكتور مساعد الطيار: الفاتحة لها أسماء كثيرة وهم يقولون أن كثرة الأسماء تدل على الأهمية هل هو مهم لأنه شريف أو مهم لأنه خطير كالأسد و السيف. و العجيب أن هذه السورة بالذات قد ثبتت التسمية النبوية لها بل و القرآنية دون غيرها من السور في الكثرة ,سميت فاتحة الكتاب.
الدكتور محمد الخضيري: لأنه أفتتح بها الكتاب
الدكتور مساعد الطيار: ومنها اختصرت وسميت الفاتحة , ومنه أم القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: لأنها جامعة لمعاني القرآن.
الدكتور مساعد الطيار: وبعض أهل العلم قال لأن الفاتحة في أول المصحف فسميت بذلك وكذلك تسمى السبع المثاني
الدكتور محمد الخضيري: لأنها سبع آيات ولأنها تثنى في كل ركعة.
الدكتور مساعد الطيار:: وكذلك سميت بالقرآن العظيم وهذه تسمية قرآنية نبوية كما سيأتي بعد قليل , ومنها سورة الصلاة كما ورد في الحديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي , فسمي الجزء باسم الكل اعتناء به لأن الفاتحة جزء من الصلاة وسميت هي الصلاة.
الدكتور محمد الخضيري: فهذا يدل على أن هذا الجزء مهم في ذلك الكل حتى أنه يعبر عنه به , وأنه ركن فيه , وهكذا وضع الصلاة.
الدكتور مساعد الطيار: ومثله وقريب منه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الحج عرفة) مع أن عرفة جزء من الحج , إذن سميت الفاتحة بسورة الصلاة عناية بها.
الدكتور محمد الخضيري: والعكس صحيح , إذا سمي الكل باسم الجزء , دل على هذا, لأنه قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)} الحج, عبر عن الصلاة بالركوع دل على أن الركوع ركن في الصلاة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: هنا سؤال , قوله صلى الله عليه وسلم "لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ, قد يسأل سائل ويقول لماذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب ونحن نعلم أن المصحف ما جمع إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم , فلم يكن هناك مصحف مكتوب ومجموع يمكن أن نسميه كتاب وأن الفاتحة في أوله؟
الدكتور مساعد الطيار: ولماذا لا نقلب ونقول أن هذا دليل على وجوده - أي الترتيب - في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , و لا أذكر أن أحد استدل بهذا الدليل فلا أذكر أن أحد ممن تكلم عن ترتيب السور استدل بهذا الدليل فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) فهذا دليل على أن الصحابة يعرفون ترتيب هذه السورة وان الفاتحة المراد بها قول سبحانه وتعالى الحمد لله رب العالمين.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: وأيضا قوله الكتاب هذا معناه أما أن بعضهم جامع لهم المصحف مجموع عنده مرتب بهذه الصورة , لأن كل الذين يتحدون عن جمع المصحف يقولون انه بدأ في عهد أبي بكر الصديق.
الدكتور مساعد الطيار: السبع المثاني والقرآن العظيم: هذه اجتمع فيها ذكر الآية وتفسير النبي صلى الله عليه وسلم. في حديث أبي سعيد.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: نقول أن سورة الفاتحة سميت بالسبع المثاني والقرآن العظيم , طيب ما معنى هذه الآية: {وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ) (87)} الحجر.
الدكتور مساعد الطيار: نقول أن هذا عطف صفات وليس عطف لغات , في قوله السبع المثاني والقرآن العظيم ,
الدكتور عبد الرحمن الشهري: إذن السبع الثاني هي الفاتحة والقرآن العظيم هو الفاتحة.
الدكتور مساعد الطيار: الرسول صلى الله عليه وسلم لما فسر هذا لأبي سعيد ماذا قال له؟: قال: (هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) يقصد الفاتحة لهذا ينتبه المسلم لأنه ورد خلاف بين المفسرين في تفسير السبع المثاني والقرآن العظيم. فبعضهم قال هي السبع الطوال , ومثل هذا القول أمام قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لا شك أنه يسقط كما يقول ابن حجر و إذا ثبت النص طاح ما دونه فما دام أنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها هي تسمى السبع المثاني.
فليلاحظ القارئ أن بعض العلماء من الصحابة والتابعين ومن جاء بعدهم أطلق تسميات وهي في الحقيقة أوصاف مثل الشافية والرقية والكافية.
(يُتْبَعُ)
(/)
طبعا الرقية بناء على حديث أبي سعيد الخدري لما مروا على قوم فاستطعموهم فلم يطعموهم فتنحوا عن الحي قليلا فجاءهم واحد وقال هل فيكم من راق فقام أحد الصحابة وقال: أنا اعرف الرقية وجعلوا لهم جعلا , فذهب ولما قرأ على الرجل برء وقد كان لديغا فأخذوا الجعل و أتو النبي صلى الله عليه وسلم وكأنهم شكوا في هذا الأمر كيف يأخذونه فذهبوا للنبي صلى الله عليه وسلم وأخبروه بذلك, فقال: وما يدريك أنها رقية؟ استعجابا من فهم الصحابي وقال اضربوا لي معكم سهما ,, وقد أخذ معهم سهما تطيبا لخواطرهم وهذه القضية لو كان في الوقت يسمح لكي نبين منزلة النبي صلى الله عليه وسلم في قلوب المسلمين وكيف أن بعض الناس قد يقولوا ما هذا كيف يأخذ منهم , فنقول: لابد أن تعلم أن هذا أحب إلى قلوبهم مما لو لم يأخذه.
الدكتور محمد الخضيري: هذا واحد, الثاني أنه هو المعلم الأساسي لهذا الأمر فله حق عليه الصلاة والسلام.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: وأخذه عليه الصلاة والسلام منها , دليل على أنها في غاية الحل والإباحة.
الدكتور مساعد الطيار: لما قال صلى الله عليه وسلم وما يدريك أنها رقية؟ هي من السنة الإقرارية فهو من باب السنة الإقرارية , فقد أقره أنها رقية.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: فالسؤال كان استعجابا من فهم الصحابي وكيف عرف أنها رقية.
الدكتور مساعد الطيار: في فائدة مرتبطة بهذا مهمة جدا , وهي نلاحظ في الأيام الماضية في بعض القنوات في الشريط الإعلاني يقول من أرادت أن تتزوج فلتقرأ سورة البقرة كذا مرة فإني سمعت شيخ يقول كذا , والحجة عندهم أنها مجربة , القرآن كما قال سبحانه وتعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)} الإسراء , فكونه شفاء للأبدان وشفاء للروح هذا ثابت بلا خلاف , ولكن تبقى القضية الثانية وهي أن التجارب قد تختلف من شخص لآخر.
الدكتور محمد الخضيري: حسب إيمانه وتوكله.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: فنجاحها لدى شخص لا يعني بالضرورة نجاحها مع غيره.
الدكتور مساعد الطيار: وأيضا قضية صدق النية أني أتوجه إلى الله بكلامه سبحانه وتعالى قصدا أن يحصل لي كذا وكذا فقد يحصل لي ولا يحصل لفلان , وقد يقرأ أخر بسورة أخرى بقصد آخر فيحصل له ما حصل لي, هذه التجارب ليست قواعد عامة
فلا نقول من قرأ سورة كذا حصل له كذا إلا إن ثبت عليها أجماع والإجماع في هذه المسائل عزيز ..
الدكتور محمد الخضيري: أو نص في ذلك.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: كونها تجربة فهل يمنع لو جرب الشيخ محمد تجربة في سورة من السور ونفعت , هل هناك مانع شرعي من أنه ينقل هذه التجربة ويقول أنا أنصح بكذا؟
الدكتور محمد الخضيري: هذه محل إشكال.
الدكتور مساعد الطيار:: نحن نقول أنها حتى لو ثبتت لفلان قد لا تحصل للآخر , فلما يتعلق الإنسان بهذه الطريقة ويفعل مرة بعد مرة ولا يحصل له .. ربما يقع في نفسه شيء تجاه القرآن , ولهذا الإنسان يجرب بنفسه مع نفسه يعني لما بعض الرقاة يقول لك هذه الآيات تنفع مع السحر وهذه تفيد في العين , نعم يمكن نقل هذا بناء على تجارب أكثر من واحد وتكون بالفعل نجحت فنحن نعلم يقينا أن القرآن كله نافع.
الدكتور محمد الخضيري: بمناسبة الحديث عن السبع المثاني في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ} الحجر, أريد أن أخذ من هذه الآية دليل على ما أريد أن أتحدث عنه وهو هل هذه السورة هل هي مكية أم مدنية؟
الدكتور عبد الرحمن الشهري::مكية.
الدكتور محمد الخضيري: كيف عرفنا ذلك؟
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لأن سورة الحجر الذي جاء فيها قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ} هي مكية بالإجماع, وطالما جاءت فيها الإشارة إلى الفاتحة فهي مكية بلا شك.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: الحقيقة اختلف العلماء في ذلك فمنهم من قال أنها مكية ومنهم من قال إنها مدنية ومنهم من قال أنها نزلت مرتين ولكن الذي يظهر إنها مكية أولا بهذه الآية التي أشارت إليها وهي مكية بالإجماع , ثانيا قال بعض العلماء أنه لم تعرف صلاة بلا فاتحة فمن أول ما فرضت الصلاة فرضت معها الفاتحة والصلاة فرضت في مكة فدل ذلك على أن الفاتحة كانت موجودة قبل الهجرة وتسمى بذلك مكية.
يأتي السؤال الآخر طالما رجحنا أنها مكية ما هو فائدة العلم بهذا؟ هل هو من طريف العلم وفضوله أو هو من الأمور المهمة لمن أراد أن يفهم التفسير والقرآن؟
الدكتور عبد الرحمن الشهري: هو من الأمور المهمة جدا.
الدكتور محمد الخضيري: لماذا؟
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لأسباب كثيرة جدا منها أولا أن تعرف الناسخ والمنسوخ بناء على معرفتك بالمكي والمدني , المتأخر والمتقدم.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: أريد أن أشير لمسألة فقد ذكر الدكتور مساعد قبل قليل حديث هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته هذا حديث أبي سعيد المعلى الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم سأخبرك بأي سورة في القرآن أعظم قبل أن تخرج من المسجد قال فنسي فقلت للنبي صلى الله عليه وسلم وذكرته فقال الفاتحة هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته , أليس هناك فهم آخر لموضوع السبع المثاني و القرآن العظيم أن معنى النص السبع المثاني هي الفاتحة و القرآن العظيم هو القرآن المتبقي؟
الدكتور محمد الخضيري: لكن النص يقول هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته وهو يعني الفاتحة.
الدكتور مساعد الطيار: من لطائف نفس الآية:
علم عد الآي تجد أنه قد نص عليه في هذه الآية إذ سماها السبع المثاني.
الدكتور محمد الخضيري: ولذلك أجمع العلماء قاطبة أن سورة الفاتحة سبع آيات و إن اختلفوا هل البسملة معها أو لا , فليست ثمان ولا ست.
و إن كنت أرى أنها سبع بلا البسملة للحديث مسلم القدسي قسمت الصلاة بيني وبين عبدي وبدأ بقول الحمد لله رب العالمين ثم إذا عددت النصفين وجدت أن
وهي ثلاث ونصف لله وثلاث ونص للعبد
الحمد لله رب العالمين,
الرحمن الرحيم,
مالك يوم الدين,
إياك نعبد ... هذه ثلاث ونصف لله,
وإياك نستعين,
أهدنا الصراط المستقيم,
صراط الذين أنعمت عليهم,
غير المغضوب عليهم ولا الضالين ..
وهذه ثلاث ونصف للعبد,
ولو قلنا أن البسملة داخلة في عد الآي لأشكل هذا صار هناك أربع آيات وثلاث آيات وهذه مشكلة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: استغرب من الذين يسوقون الخلاف في هذه المسألة مع وضوح الدليل , وهو الحديث القدسي وهو صحيح قسمت الصلاة هذا دليل واضح على أن البسملة ليست من آيات سورة الفاتحة.
الدكتور محمد الخضيري: وإنما هي آية مستقلة أنزلت للفصل بين السور وهذا رأي ابن عباس وهو مرجع في هذا الباب.
في سورة تبارك قال سورة ثلاثون آية شفعت لصاحبها .. والعلماء مجمعون أنها ثلاثون بدون البسملة.
الدكتور مساعد الطيار: وهناك أدلة أخرى ولكن لا نريد أن نطيل في هذا ولكن أحينا المذهب الفقهي قد يتأثر من يرى أن بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة فيجهر بها في الصلاة كالشافعية ..
الدكتور عبد الرحمن الشهري: انتهينا من أسماء الفاتحة و وصلنا لتسع تسميات الفاتحة أم الكتاب الشافية الكافية الرقية الصلاة القرآن العظيم السبع المثاني , أسماء كثيرة!
الدكتور محمد الخضيري: وهذا يدل على شرفها وعلو منزلتها وأنها اشرف شيء في الكتاب , هذا قد يسوقنا إلى مبحث قد يؤدي إلى إشكال بين الناس كيف تقول أنها أعظم واشرف ما في القرآن , هل هناك تفاضل بين آيات القرآن وسوره؟ الذي يظهر أن المعنى الذي نحققه الآن يدل على ذلك وإن كان القرآن كله غاية في الشرف والمكانة والمنزلة إلا أن بعضه أشرف من بعض وربك يخلق ما يشاء ويختار هذا بين الرسل والمخلوقات الأخرى وكذلك في الكلام , أعظم آية؛آية الكرسي أعظم سورة؛ سورة الفاتحة .. سورة الإخلاص؛ تعدل ثلث القرآن ..
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور عبد الرحمن الشهري: وطبعا هذه المسألة ذكرها العلماء وهل يجوز التفضيل بين الآيات أو السور في القرآن الكريم لفعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك يقول السيوطي: وإني لأستعجب ممن يرى عدم الجوار في المفاضلة بين آيات القرآن , والنبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يقول أعظم سورة في كتاب الله وأعظم آية في كتاب الله.
الدكتور مساعد الطيار: هو أذن مثل ما يقول ابن حجر إذا ثبت النص طاح ما دونه ونحن لو كنا نعتمد النص لزال الإشكال , ولكن بعض الأحيان تأتي بعض الشبهة العقلية , التي تؤخر هذه الآثار والأحاديث فيقدم الشبه العقلية بناء على أنه كيف يتفاضل كلام الله وكلام الله واحد فتقع عنده الإشكالية ..
الدكتور عبد الرحمن الشهري: المسألة لها جانبان الذين يرون جواز التفاضل يستدلون بالحديث والذين يرون عدم الجواز يقولون لأنه يفضي إلى التقليل من شأن بعض السور فلما تقول هذه السورة أفضل من هذه السورة قد يوهم أن السورة تلك ناقصة , وهذا غير صحيح.
الدكتور مساعد الطيار: هو كله قد تعدى في الفضيلة واحدة ولكن صار بعده أفضل من بعض مثل قضية هل في آيات القرآن أبلغ من بعض , نفس القضية كله في درجة واحدة من البلاغة ثم يتفاضل في البلاغة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: ما رأيكم في استنتاج السيوطي؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم قال أعظم سورة سورة الفاتحة , و قال أي آية في القرآن أعظم قال آية الكرسي , وقال قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن , فالسيوطي نظر لكل الآيات التي فضلت عن البقية وما هو القاسم المشترك بينها كالفاتحة و الكرسي والإخلاص , فوجد إنها كلها تتكلم عن الله ذاته وصفاته.
الدكتور مساعد الطيار: والكلام عن الله أشرف الكلام.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: بالضبط , فقال إذن ما كان عن الله فهو أشرف من غيره ما رأيكم في استنباطه؟
الدكتور الخضيري والدكتور مساعد: جميل جدا.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: ممكن أن تأتي الآن لآيات مثل الآيات في أواخر سورة الحشر وهو قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)} وتقول هذه الآيات أفضل من آية تبت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1)}. بناء على الموضوع الذي تتحدث عنه.
الدكتور محمد الخضيري: أيضا شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - لما جاء لأدعية الاستفتاح قال أفضلها سبحانك اللهم وبحمدك أفضل من اللهم باعد بيني وبين خطاياي قال لأن هذا فيه تسبيح وتنزيه لله عز وجل وهذا فيه دعاء والثناء على الله أبلغ من الدعاء ..
الدكتور مساعد الطيار:: أيضا هناك فائدة مرتبطة بأسماء السور قد يسأل عنها كثير .. فقد ذكرنا أن سورة الفاتحة لها أكثر من اسم وذكرنا أن بعض السور لها اسم واحد معروفه به ,, قد يقول قائل هل هذه التسميات الشافية والكافية كما ذكرناها واردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض العلماء جاء يبحث في هذا الموضوع و انطلق من مسألة التوقيف والاجتهاد ,وعندي إشكالية في هذا المصطلح فإذا قلنا بالاجتهاد ينعدم التوقيف وإذا قلنا بالتوقيف ينعدم الاجتهاد وهذا فيه إشكال ولكن إذا قلنا أن بعضها بالتوقيف وبعضها بالاجتهاد فهذا قول ثالث والذي ظهر لي أن الأولى أن نقول أن تسمية السور على مراتب المرتبة الأولى ما ثبتت تسميته عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل السبع المثاني و أم الكتاب.
(يُتْبَعُ)
(/)
والمرتبة الثانية ما ثبت تسميته عن الصحابي وهو في المرتبة الثانية لأنه احتمال سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم, والبخاري روى عن ابن عباس -رضي الله عنه - أن سعيد بن جبير- رحمه الله - سأله عن سورة الأنفال قال تلك سورة بدر وكذلك وسألته عن سورة الحشر فقال تلك سورة بني النضير هذه تسميات للسورة فقد يكون سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم أو سمعها ممن سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد يكون باجتهاد .. وتسمية الصحابي جعلناها في المرتبة الثانية لهذه العلة ,ومن دون الصحابي وهو من التابعين إلى يومنا هذا مرتبة ثالثة والناس قد يتعارفون على تسمية معينة ولكن الغالب في تسمية الناس أنها منتزعة من مبادئ السورة "سورة لم يكن" , " سورة طه" هذه من مبادئ السور, وغالب عمل الكتاتيب على هذا , و قليل جدا أن تسمى سورة من خلال موضوعاتها مثل سورة النحل يسمونها سورة النعم هذا اجتهاد لأنها تحدثت عن نعم كثيرة وفيها قوله: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18)} النحل , وهذا من باب الاجتهاد في التسميات المقصد من ذلك نبتعد عن مسألة التوقيف والاجتهاد لأن الأمر فيه فسحة وسعة , فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بإلتزام تسمية معينة ولم ينهى عن تسمية معينة فدل على أن الأمر فيه سعة.
الدكتور محمد الخضيري: ولكن متى ثبت الاسم عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو أولى , وهذا يدعونا لأن نفكر لماذا اختار النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاسم دون غيره من الأسماء الموجودة في السورة , يعني سيكون له من الحكمة والمزية مالا يكون لغيره من الأسماء.
الدكتور مساعد الطيار: أيضا فيه فائدة في اسم أم الكتاب قد يقول البعض عند قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} (4) الزخرف, أنا سمعت منكم أن أم الكتاب هي الفاتحة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم سماها أم الكتاب , وهنا هل تفسر أم الكتاب بأنها الفاتحة؟ ..
الجواب: لا هنا شيء أسمه علم النظائر والأشباه , فهذا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من كلام الله , فالفاتحة التي سماها النبي صلى الله عليه وسلم أم الكتاب ليس المراد بها ماهو مقصود في هذه الآية فالآية تقصد اللوح المحفوظ.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: هنا مسألة لو تلاحظون الاختلاف في أسماء السور بين المصاحف المطبوعة فتجد فيها سورة الفاتحة سورة البقرة سورة آل عمران الأسماء المعروفة يختارون الاسم الذي عليه معظم الناس والخلاف يكون في سور محدود مثل سورة الإسراء بعضهم يكتبونها سورة بني إسرائيل و سورة غافر يكتبون سورة المؤمن سورة محمد يكتبون سورة القتال .. أما بقية السور فهي الأسماء المعروفة الموجودة في المصاحف فالأغلب متفق في التسمية.
الدكتور مساعد الطيار: مع البحث قد تجد في مصاحف قديمة بعض الأسماء والمبحث هو مبحث لطيف.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: في كتاب للكاتبة منيرة الدوسري, اسمه أسماء سور القرآن الكريم وآياته , فكان الأشياء الجيدة في البحث أنها تتبعت الأسماء القديمة كي تنظر في التسميات السور فوجدت بعض التسميات الغير مشهورة.
والآن نذكر فضائل سورة الفاتحة من فضائلها الحديث الذي ذكرناه عن أبي سعيد رافع بن المعلى رضي اللَّه عنه قال: قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «ألا أعلمك أَعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد؟ فأخذ بيدي، فلما أردنا أن نخرج قلت: يا رسول اللَّه إنك قلت أعلمنك أعظم سورة في القرآن قال: {الحَمْدُ للَّهِ رَبِّ العَالمِينَ} هي السبع المثاني و القرآن العظيم الذي أوتيته» رواه البخاري.
ومنها حديث عن ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح مسلم، قال: «بينا جبرائيل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم، لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض، لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم، وقال: أبشر بنورين أوتيتهما، لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أوتيته»
فأطلق عليهما نورين وهذا من الأحاديث التي تدل على فضل سورة الفاتحة وسورة البقرة أيضا
(يُتْبَعُ)
(/)
و إن كان هذا الحديث ورد في أواخر سورة البقرة وهذا يجرنا إلى الحديث عن المناسبة بين سورة الفاتحة وأواخر سورة البقرة ما في المناسبة بينهما ولماذا سميا بهذا الاسم.
هل تذكرون أي حديث في فضائل الفاتحة غير هذان الحديثان؟
الدكتور محمد الخضيري: طبعا حديث الرقية فسماها رقية وهذه فضيلة لها وحديث قسمت الصلاة بيني وبين عبدي وحديث لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب وحديث كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج أي ناقصة كالخديج الطفل الذي ينزل من بطن أمه قبل ميعاده.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: نأتي للحديث الذي قد نختم به وهو موضوع مقصد سورة الفاتحة نتحدث عنه الآن.
الدكتور مساعد الطيار: الحديث عن المقصد يحتاج لوقت فلم لا نكمل في الحديث عن الفضائل , في فائدة مهمة جدا للمسلم.
أن يبحث في السورة التي ذكر فيها فضائل مثل ما ذكرت عن السيوطي - رحمه لله - أنه أنقدح في ذهنه أن يبحث عن ما هي الموضوعات المرتبطة بهذه السور فأقول حري بنا كمسلمين أن ننظر للسور التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن فضائل فيها ونبحث في معاني هذه السور , فمثلا سورة الكهف من حفظ عشر آيات من أولها عصم من فتنة الدجال .. ما العلاقة بين الدجال وهذه السورة , فالرسول صلى الله عليه وسلم ما قال هذا إلا وهناك علاقة بلا شك فلعلنا نأتي على سورة الكهف إن أمكن ذلك ونتكلم عن هذا وكيف أن الكهف الذي أوى إليه الفتية وأنه آواهم من هؤلاء المشركين الذين أرادوهم بسوء وأن سورة الكهف , كهف يحمي المسلم من الدجال , المقصد من ذلك أن يكون لدينا عناية بالسور التي ورد فيها فضائل ولو أن بعض طلاب العلم انبرى في الكلام عن موضوعات هذه السور والآيات وتفسيرها تفسير مجملا يصل إلى عامة الناس يكون شيء طيب .. بحيث تكون السور التي اختصت بفضائل مجموعة في مكان واحد.
الدكتور محمد الخضيري: لكن السور و الآيات التي لها فضائل التي ثبتت قليلة جدا في جانب ما يذكره المفسرون عن فضائل القرآن لذلك نقول للمسلمين انتبهوا فأكثر ما يروى في هذا الباب هو من باب الضعيف وأحيانا الموضوع ..
الدكتور عبد الرحمن الشهري: وفي الحديث المشهور لأبن أبي مريم الذي يقول رأيت الناس انصرفوا للمغازي والسير وتركوا القرآن فوضعت لهم حديث في فضائل سور القرآن وكل سورة فيها حديث.
والعجيب أن بعض المفسرين ممن ليس لهم عناية بالحديث أورد هذا الحديث!
الدكتور محمد الخضيري: مثل الزمخشري.
الدكتور مساعد الطيار: وقبله الثعلبي.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لعلنا نناقش هذا في الجلسة القادمة فقد انتهى الوقت.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك.
انتهى اللقاء
ـ[لطيفة]ــــــــ[05 Sep 2008, 09:19 ص]ـ
شكرا لك عزيزتي .. لكن ليتك وضعت أوقات عرض البرنامج.
ـ[محمد الماجد]ــــــــ[05 Sep 2008, 05:01 م]ـ
بورك فيكم
ـ[تيماء]ــــــــ[06 Sep 2008, 12:53 ص]ـ
الأخت لطيفة ,,,
يعرض البرنامج يوميا على قناة المجد العلمية الساعة الرابعة عصرا بتوقيت مكة المكرمة.
ويعاد على قناة المجد العامة بعد صلاة الفجر.
بارك الله في كل من مر وشارك ..
ـ[أمة الرحمن]ــــــــ[06 Sep 2008, 01:41 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[تيماء]ــــــــ[06 Sep 2008, 01:53 ص]ـ
http://www.3lm-alkitab.com/bg/3.gif
اللقاء الثاني
موضوع اللقاء الرئيسي:
- في مقاصد سورة الفاتحة وموضوعاتها.
موضوعات اللقاء الفرعية:
- تتمة الحديث عن الأحاديث الموضوعة في فضائل السور.
- تناسخ الفوائد في كتب العلماء.
- معايير لضبط السور التي له فضل عن غيرها.
- حديث أبي عصمة الموضوع في فضائل السور.
- تعدد مقاصد السورة الواحدة.
- مقاصد السور إجتهادية.
- معنى توقيفي واجتهادي.
- مقصد سورة الفاتحة.
- معايير تحديد مقاصد السورة.
- أسباب أختلاف المفسرين في تحديد مقاصد السورة.
- طريقة البقاعي في تحديد مقاصد السور.
- الفرق بين مقاصد السورة وموضوعاتها.
- موضوعات سورة الفاتحة.
- التناسب بين أول سورة في القرآن وآخر سورة.
http://www.3lm-alkitab.com/bg/21.gif
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد:
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور عبد الرحمن الشهري: انتهينا في اللقاء السابق على تنبيه الدكتور محمد الخضيري على أن الكثير من أحاديث فضائل السور ليست صحيحة.
الدكتور محمد الخضيري: صحيح كثير ما يأتي السؤال عن سورة كذا وهل فيها من فضيلة وسورة كذا هل فيها من فضيلة , ونقول أن فضائل السور غالبها أحاديثها ضعيفة بل بعضها يصل للموضوع, و السور والآيات التي ثبت لها فضائل قليلة بالنسبة للقرآن الكريم, فعلى المسلم إذا سمع شيئا غريبا أن يتأكد منه ,لأن الأصل في هذا الباب أن غالبه ضعيف وليس من الصحيح ,وأن الثابت في هذا الجانب قليل, أليس كذلك يا دكتور مساعد؟
الدكتور مساعد الطيار: صحيح وأيضا من باب الفائدة لو رجعنا للمفسرين نجد أن اللذين لم يكن لهم صنعة في علم الحديث هم الذين ذكروا هذا الحديث الموضوع الذي ذكرته يا أبا عبد الله في الحلقة الماضية وهو حديث أبي عصمة فأول من رواه في تفسيره هو الثعلبي وكان يجعله في مقدمة كل سورة وهو أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي توفي سنة 427 هـ
صاحب كتاب الكشف والبيان في تفسير القرآن , ثم أخذه عنه الواحدي في تفسيره الوسيط ..
ثم أخذه عنه بعد ذلك فئام من الناس منهم الزمخشري , و الزمخشري أعتمد عليه كثير ممن جاء بعده مثل البيضاوي فأخذه عنه , وهذه فائدة ينتبه لها قارئ التفسير وهي ما قد نسميها تناسخ الفوائد: أي العالم يأخذ الفائدة عمن قبله وإن لم ينسبها إليه, وهذا كثير في التفسير أو في العلم عموما , لأن العلم في النهاية محصور , بعض الناس قد يقول لماذا يفعلون هذا؟ فنقول هم يفعلون هذا لأن العلم في النهاية محصور فلا يستطيع الإنسان أن يأتي بجديد .. وكونه يأخذ من هذه المعلومات فليس بمشكل جدا , لكن نحن لأننا ولعنا بالجديد .. ما لجديد ما لجديد , صار عندنا هذا الهاجس ..
الدكتور عبد الرحمن الشهري: بعد أن ظهرت برامج الحاسب الآلي الآن وأصبحت أتتبع كلام المفسرين حسب ترتيب الوفيات فتجد هذه الظاهرة واضحة جدا أن المتأخر يأخذ عن المتقدم نقلا كثيرا , ولا توجد أشارة فالبرامج الحاسوبية بينت هذا النسخ.
الدكتور مساعد الطيار:وهو متقدم كثير عنه فالفراء توفي سنة 207 هـ و الزمخشري توفي سنة 538 هـ , فسبحان الله , بعدها بدأت أرتب الكتب أمامي على حسب الوفيات وأنا أبحث , و كنت أرتب كتب التفسير فقط على الوفيات , وقد استفدت من هذا الترتيب فوائد كثيرة جدا , فبنظرة واحدة تستطيع أن تعرف هذا القرن كم من تفسير مطبوع فيه, وأحيانا هذا القرن مَن مِن المؤلفين فيه , وأحيانا تبنى على ذلك فوائد جميلة جدا.
الدكتور محمد الخضيري: في مسألة الفضائل بودي لو أن هناك مسألة أثرناها ولو لم نجب عليها وهي مسألة ليست من متين العلم ولكنها مفيدة , هل يعد من فضائل السور كون النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأها في صلاة ما ويكررها في صلاة ما , هل يعتبر ذلك من الفضائل؟ أو أن الفضيلة مقصورة فقط على وضع رغيبة أو أجر على هذه السورة؟ أنا أظن أن هذا محل نظر .. فمن الممكن أن يقال أن هذا - أي فعل النبي صلى الله عليه وسلم - وسيلة من وسائل تفضيل سورة على أخرى .. ويقال أن من فضائلها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأها مثلا في صلاة الوتر أو الجمعة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: وهذا وجه وجيه.
الدكتور مساعد الطيار: وهذا يبدو كعمل من فات في وضع فضائل القرآن على هذا ,أنهم ينظرون إلى مدى عناية الرسول - صلى الله عليه وسلم - بسورة ما أو آية معينة كقوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)} آل عمران , فكونه يخصص هذه الآيات لهذا الوقت فهذا نوع من الاختيار والتناسب أيضا , وكونه يقرأ سبح والكافرون في الشفع ويقرأ قل هو الله أحد في الوتر و يداوم عليها ..
الدكتور عبد الرحمن الشهري: فهذا يدخلها من ضمن السور التي لها فضائل , أريد أن اذكر بصنيع أبي عصمة ابن أبي مريم يقول أنه لفت نظره انجراف الناس للمغازي وانشغالهم عن القرآن الكريم فقال لنفسه لو وضعت لهم حديثا .. انظر سبحان الله التهاون في الوضع عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنه يكذب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ويقول قال النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا وهو يأتي بحديث من رأسه.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور مساعد الطيار: قالها وهو يكذب على زعمه من أجله.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: نعم يقول أنا كذبت له وما كذبت عليه , فبدأ يأخذ سور القرآن الكريم ويضع حديث من قرأ سورة كذا فله كذا حتى أتى على سور القرآن كله وكل هذا من رأسه.
لذلك يقول العراقي في ألفيته:
225. شَرُّ الضَّعِيْفِ: الخَبَرُ الموضُوْعُ
الكَذِبُ، المُختَلَقُ، المَصْنُوْعُ
226. وَكَيْفَ كَانَ لَمْ يُجِيْزُوا ذِكْرَه
لِمَنْ عَلِمْ، مَا لَمْ يُبَيِّنْ أمْرَهْ
227. وَأكْثَرَ الجَامِعُ فِيْهِ إذْ خَرَجْ
لِمُطْلَقِ الضُّعْفِ، عَنَى: أبَا الفَرَجْ
231. نَحْوَ أبي عِصْمَةَ إذْ رَأَى الوَرَى
زَعْمَاً نَأوْا عَنِ القُرَانِ، فافْتَرَى
232. لَهُمْ حَدِيْثَاً في فَضَائِلِ السُّوَرْ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فبئسَمَا ابْتَكَرْ
233. كَذَا الحَدِيْثُ عَنْ أُبَيٍّ اعْتَرَفْ
رَاوِيْهِ بِالوَضْعِ، وَبِئسَمَا اقتَرَفْ
234. وَكُلُّ مَنْ أوْدَعَهُ كِتَابَهْ
- كَالوَاحِدِيِّ - مُخْطِيءٌ صَوَابَهْ
الدكتور مساعد الطيار: سبحان الله , قبل البرامج الحاسوبية لما كنت أبحث خلال الماجستير هداني الله لطريقة ثم سمعت أن بعض من له عناية بالكتب يفعل هذا بمكتبته كلها ,رتبت كتب التفسير حسب الوفيات , وكان هذا مقصدي والذي هداني لهذا أني كنت أبحث عن فائدة ذكرها الزمحشري فوجدت أن الفراء قالها قبله و أنتم ذكرتم أن أول من أورده في كتابه الثعلبي وتبعه الناس فيما بعد لذلك ينبغي التحذير من هذا الحديث الذي وضع في فضائل السور ووزع على سور القرآن عند بعض المفسرين.
الدكتور محمد الخضيري: وها هنا مسألة مهمة جدا أنبه عليها , عامة من يدخلون في كتب العلم وخصوصا كتب المتقدمين, أن لا يغره مكانة إنسان وعلمه وفضله أو مكانة كتابه أن يتحقق من مسائل ويتثبت, ولا يأخذ هذه الأمور مسلَّمات , فأبي عصمة ابن أبي مريم هذا قاضي ومع هذا وضع ما وضع , والثعلبي إمام من أئمة المسلمين في علوم شتى , و الواحدي كذلك في اللغة والقراءات , الزمخشري في البلاغة , البيضاوي قاضي في عهد الدولة العثمانية ,كل هؤلاء تتابعوا في ذكر هذا الشيء.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: هذا شيء مستغرب لماذا يتهاونون مع فضلهم وعلمه وبلاغتهم في إيراد مثل هذا الحديث هل هذا لأنهم يرون أن إيراد الحديث الضعيف في مثل هذه الموضوعات لا يضر , كما يذكر عن بعض المتقدمين أن الحديث إذا كان في فضائل الأعمال فإنه يتساهل في رواية الحديث؟
الدكتور محمد الخضيري: هذا إذا كان ضعيفا أما إذا كان موضوعا فليس محلا له مثل هذا الكلام.
الدكتور مساعد الطيار: بعض العلماء انتقدا هؤلاء بأنهم لم يكونوا أصحاب صنعة في الحديث.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: في تصوري الشخصي أن هذا لا يحتاج إلى من يكون متخصص في الحديث .. يعني الواحدي عالم لا شك في التفسير واللغة و مثل هذا الحديث واضح أنه موضوع , حتى من صياغته ففي بعضها ورد فله سبعين ديك وفي كل ديك سبعين ريشة ..
الدكتور محمد الخضيري: أنا أق d
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[06 Sep 2008, 02:45 ص]ـ
أحسن الله إليك وجزاك خيرا.
وتفريغ الحلقات مفيد كثيرا. وأرجو أن يستمر حتى تتوفر لدينا جميع الحلقات.
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[06 Sep 2008, 03:22 ص]ـ
هذا جميل جداً، خطوة تشكرون عليها، أشد على إيديكم بالمضي في هذا المشوار ...
ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[06 Sep 2008, 04:35 ص]ـ
جزاك الله خيرا ...
و الحلقة الثانية كأنها غير تامة!
ـ[طالبة القرآن وعلومه]ــــــــ[07 Sep 2008, 02:37 م]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[تيماء]ــــــــ[08 Sep 2008, 03:38 ص]ـ
لا أعلم لماذا لم يظهر تفريغ الحلقة الثانية كاملا فقد أرسلته كاملا سأحاول أن أكمله في الرد التالي - إن شاء الله تعالى -
ـ[تيماء]ــــــــ[08 Sep 2008, 03:39 ص]ـ
الدكتور محمد الخضيري: أنا أقول مما يوصى به في هذا المقام الرجوع إلى تفسير ابن كثير بحكم أن هذا الرجل كان مفسرا ومحدثا , فالروايات ينخلها ويتكلم عليها , ويذكر الغريب من الضعيف من الموضوع من الموقوف من المقطوع , ويعطي أحكام في هذا الباب.
الدكتور مساعد الطيار: وله عناية بفضائل السور ويذكرها في مقدمة كل سورة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: فهو مرجع في هذا الباب , وفي هذا الزمن كتاب لسمير زهيري اسمه موسوعة فضائل السور يمكن أن يرجع لها في هذا الباب فهو قد تكلم في كل هذه القضايا وحكم عليها بما يناسب.
الدكتور مساعد الطيار: اطلنا في موضوع الفضائل ونرجع لسؤال الحلقة السابقة وهو المقاصد.
الدكتور محمد الخضيري: الحقيقة أن الحديث عن المقاصد حديث مهم جدا في معرفة الإنسان لمقصود السورة لأن ذلك هو الذي يفهم الإنسان مقاطع السورة وكل قضاياها.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: طبعا يا دكتور محمد هل تقصد أن لكل سورة مقصد واحد أساسي؟
الدكتور محمد الخضيري: قد يكون هذا , وقد يكون لها أكثر من مقصد إذ لم نهتدي للمقصد الجامع , فقد يقال أن هذه السورة لها مقصدان وقد يقال أن لهذه السورة ثلاث مقاصد عامة, والحقيقة هذا محل اجتهاد , أحيانا يتضح من السورة كلها أنها ذات مقصد واحد خصوصا في السور القصيرة , مثل القارعة واضح جدا أن الحديث عن القيامة فلا يوجد أي إشكال في هذا الأمر.
وفي سورة الإخلاص الحديث عن الرب , وفي المعوذتان ذكر الشرور التي تجتاح الإنسان, وفي سورة الضحى النعم الحسية على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وفي سورة الشرح النعم المعنوية على الرسول صلى الله عليه وسلم , وفي سورة الليل الإنفاق وما يتصل به.
أما بعض السور فتشكل عليك , مثلا لو جئت لسورة مثل آل عمران هل هي عن غزوة أحد أو هي عن النصارى الذين جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ونزلت فيهم قرابة بضع وثمانين آية من هذه السورة , وهكذا بعض سور القرآن , فنقول هذا محل اجتهاد لأهل العلم , يعني مسبح كل يخوض فيه بما يراه وعلى الإنسان أن يجتهد ويبحث عن ما يراه أكثر لصوقا بهذه السورة ووضوحا في آياتها.
الدكتور مساعد الطيار: يعني يا أبا عبد الله المقصد أن مقاصد السور اجتهادية هذا في الأصل؟
الدكتور محمد الخضيري: نعم.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: كررنا كم مرة كلمة توقيفي واجتهادي وقد يكون بعض المشاهدين لا يعرف معناها , فالتوقيفي المقصود بها أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي ذكره ونص عليه , فعندما نقول سورة الفاتحة اسمها التوقيفي الفاتحة , فهذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد سماها بهذا الاسم فكأنما أوقفنا على هذا الاسم لا نتعداه .. فنقف عنده هذا هو المعنى.
أما الاجتهادي فهو الاجتهاد من بعد النبي -صلى الله عليه وسلم - سواء قام به الصحابة أو التابعون أو أحد العلماء يجتهد فيسمي هذه السورة باسم آخر غير الذي سميت به.
الدكتور مساعد الطيار: الآن يا أبا عبد الله في مسألة مقاصد السورة قد يسأل سائل فيقول كيف اهتدي إلى مقصد السورة وهذا سؤال مهم جدا , سأبدأ الحديث بأن أقول أننا لما تكلمنا عن الأسماء النبوية وأشرتم في اللقاء السابق إلى أن الاسم النبوي بالنسبة لنا يكون محط نظر , في كون النبي صلى الله عليه وسلم وهو الحكيم سمى هذه السورة بهذا الاسم فما يصدر عنه يكون من أجل حكمة , فيكون إذن أول ما ننطلق منه لتبين المقصد هو اسم السورة فنربط بين مقصود السورة واسم السورة .. فهو أحد المرتكزات هذا إذا كان اسم السورة من الأسماء النبوية.
الدكتور محمد الخضيري: الثاني في نظري مقدمة السورة ففي الغالب بالتتبع تجد أن مقدمة السورة هي المنطلق لفهم كل قضايا السورة ..
الدكتور مساعد الطيار: وهو ما يسمى عند البلاغيين براعة الاستهلال.
الدكتور محمد الخضيري: فتلاحظ أنه كثير من المفسرين إذا أراد أن يستخرج مقصد السورة يلتفت إلى المقدمة ويحاول أن يربط بين المقدمة والخاتمة وسائر مقاطع السورة , فكأنه لما يقال للناس مثلا في سورة مريم: {كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)} مريم ,سمى بعض العلماء هذه السورة سورة الرحمة ,فجعل كل قضاياها في الرحمة, وذكر اسم الرحمن فيها وحدها 11 مرة , {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)} مريم
فسموها بسورة الرحمة من هذا , وكذلك: {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2)} طه , فهناك علاقة بين السورة وهذه المقدمة التي استفتحت بها السورة , و أمثلة أخرى لهذا المعنى ..
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور عبد الرحمن الشهري: قبل ذكر الأمثلة دعونا نرجع للفاتحة وننظر ماهو مقصود سورة الفاتحة؟
الدكتور محمد الخضيري: العلماء رحمهم الله ذكروا عدد من المقاصد للفاتحة و هي تختلف في معانيها لكن تجتمع في مقاصدها.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: أي متقاربة.
الدكتور محمد الخضيري:فمنهم من قال أن مقصدها توحيد الله ,و منهم من قال أنها منهج الحياة , ومنهم من قال هي لب الكتاب , وما جاء بعدها من السور هو تفسيرًا لها , وقد ورد في الأثر عن الحسن البصري -رحمه الله -: [أن الله أنزل مائة كتاب وأربعة كتب جمع سرها في الأربعة وجمع سر الأربعة في القرآن وجمع سر القرآن في الفاتحة وجمع سر الفاتحة في هاتين الكلمتين إياك نعبد وإياك نستعين] فلو نظرت إلى" إياك نعبد وإياك نستعين "هي الجامعة للتوحيد وجامعة للعمل وجامعة لعلاقة العبد بربه - سبحانه وتعالى - وعلاقة الرب بالعبد وهي وسط السورة وهي النصف الذي بين العبد و ربه؛ فإياك نعبد في النصف الذي لله؛ و إياك نستعين في النصف الذي للعبد , ومنهم من قال أنها منهج حياة في أهدنا الصراط المستقيم فهذا الثناء الذي في مقدمة السورة من أجل أن يصل العبد للصراط المستقيم , وما هو الصراط المستقيم إن قلت الإسلام , السنة والجماعة , القرآن الذي جاء ذكره بعد قليل في سورة البقرة {الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)} هذا هو الصراط ,
ورد في الحديث الذي روي عن علي - رضي الله عنه - في تفسير الصراط أنه هو القرآن.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: وأيضا هذا يؤكد سبب تسمية الفاتحة بأم القرآن , فمن أسباب تسميتها أم القرآن أنها جامعة للمعاني التي نثرت في القرآن الكريم , فكل ما جاء في القرآن الكريم بعدها فهو كالتفسير والبيان والشرح لها , ومن الموضوعات التي تنقدح في ذهني أن المقصد الأساسي لسورة الفاتحة العهد والميثاق بين العبد ربه , فكأنه يؤكد هذا العهد والميثاق في كل ركعة , فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فيؤكد في كل ركعة هذا العهد والميثاق بينه وبين الله - عز وجل - , حتى من الأشياء التي تؤكد لي هذا .. وكما تحدث الدكتور مساعد أنها اجتهادية - أي المقاصد - تأملوا معي سورة الفاتحة " إياك نعبد وإياك نستعين "وأقول أن هذا هو العهد والميثاق بين الرب والإنسان ثم تأمل في سورة البقرة بعد ذلك كيف يأتي التأكيد على هذا الميثاق والتنديد بمن نقضه: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)} البقرة.
{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63)} البقرة.
وقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)} البقرة
الدكتور مساعد الطيار: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (231)} البقرة , هذا أيضا داخل في الميثاق.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: تلاحظ أن الميثاق تكرر في سورة البقرة أكثر من مرة كأنه تأكيد على هذا الميثاق الذي ذكر في إياك نعبد و إياك نستعين , ولعل هذا من أوجه الارتباط بين سورة الفاتحة والبقرة التي جاءت بعدها.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور مساعد الطيار: ومن الفوائد المهمة في قضية المقاصد وأشار إليها الدكتور محمد قضية أنه عندما يكون للسورة عند العلماء أكثر من مقصد , يختلفون فكل يخرج بمقصد , والملاحظ أنه لا يمكن أن تتناقض المقاصد فلا تتزاحم , لكن يمكن أن يدخل بعضها في بعض أو يكون ما بينها من باب التلازم, أو يكون فيها شيء من التنوع , فهذا يذهب لمقصد والآخر لمقصد آخر , مثلا سورة آل عمران كما ذكرتم؛ قد يكون مقصدها الأساسي الحديث عن أُحد وما حصل فيها و في المنهج , أو قد يكون الحديث عن مجادلة النصارى, هذان المقصدان لا يتعارضان ولا يتزاحمان , كما يقول راعي روح المعاني الألوسي: [النِكت لا تتزاحم] فهذا صحيح وهذا صحيح , وأنت لو تأملت ستجد أن السورة وأنت تتحدث عنها لو وضعت هذا المقصد فإن كثير من آيات السورة تخدم هذا , و إذا وضعت لها مقصد آخر وجدت أيضا أن كثير من آيات هذه السورة تخدم أيضا المقصد الآخر, وأنا عندي أن هذا فيه إشارة إلى شيء من إعجاز القرآن فيما يتعلق بموضوعاته ومقاصده , وهذا الاختلاف - الذي نراه بين العلماء - لأنه قد يظهر لشخص مالا يظهر لغيره , فيظهر لشخص جانب وهو صحيح لا إشكال فيه , ولذا فأنا استغرب من الذين يخطئون بعضهم في مثل هذه الأمور الاجتهادية ويزعم أن ما ذكره هو الصحيح دون غيره , مع أن الأمر اجتهادي , فالأولى أن يقول الأقرب عندي كذا ..
الدكتور عبد الرحمن الشهري: اذكر أحد الباحثين المعاصرين يكتب في موضوع نظام الآيات والوحدة الموضوعية و السور ومقاصدها فله عناية كبيرة بكتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي , وهو من لبنان نسبة لسهل البقاع , فيقول أن البقاعي قد بالغ في الثناء على كتابه نظم الدرر, وقد توقفت عند كثير من المناسبات التي يذكرها فوجدت أنها ليست كما ذكرها بل أنه في المقدمة يقول وقد استغرق مني البحث في بعض مناسبات الآيات شهورا كمثل قول تعالى: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)} آل عمران , فتتبعت كثير من المناسبات التي يذكرها فوجدت أنها ليست كما يذكرها , وهو- رحمه الله - يقول وقد استغرق مني البحث فيها شهورا , وذكر أمثلة أخرى فيقول بقيت فيها شهور, ولا يظن الظان أن المناسبة كانت قبل اكتشافي لها كما هي الآن ظاهرة له , فقد تعبت فيها, فيقول الباحث فعندما تتأمل في المناسبة التي ذكرها تجد أن السياق لا يخدمها , الشاهد أنك تقول أن بعض المؤلفين يخطئ الآخرين؛ فيقول أخطأ في فهم مقصود السورة والصحيح هو ما ذكرته أنا , وأنا أقول أن السبب في ذلك ما يجده الباحث في نفسه من تكاثر الأدلة على الشيء الذي ذهب إليه وكأنها تسعفه ,فيذهب لتخطئة الأقوال الأخرى, ويرى أنها ضعيفة ,لأن ليس هناك من أدلة مما يدعم وجهة نظر قائلها , وأنا أتصور كما تفضل الدكتور مساعد أن هذا يعتمد على العلم الذي يحظى به الباحث أولا, فبعضهم أكثر وأغزر علما ومعرفة بالقرآن الكريم وما يتعلق به مثل المعرفة بالسنة واللغة و االبلاغة ودقائقها , فهذه كلها مؤثرة في وصول الباحث إلى مقصود السورة.
الدكتور محمد الخضيري: وطول المعايشة لكتاب الله ,لكن دعونا ننتقل لأمر مهم جدا وهو ما هو الفرق بين مقاصد السورة وموضوعات السورة؟
قد يقول بعض الأخوة الآن ستتحدثون عن الموضوعات إذا عما كنتم تتحدثون قبل قليل؟ نقول المقصود بمقصد السورة هو الأمر الجامع والكلي , أما الموضوعات فهي القضايا الداخلية التي تتحدث عنها السورة التي يمكن أن تنظر إليها على أنها أجزاء لكن هناك شيء يجمعها ويربطها جميعا وهو المقصد.
الدكتور مساعد الطيار: وأيضا الموضوعات تدلك إلى المقصد.
إذن ذكرنا للسامع مما يعين على معرفة المقصد: اسم السورة , مقدمة السورة وموضوعات السورة فهذه ثلاث قضايا لو نظر فيها الناظر تؤدي به إلى المقصد.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لو لاحظنا صنيع البقاعي- رحمه الله - كيف كان يصل للموضوعات , كان يصل إليها بطريقتين إما عن طريق اسم السورة أو بمقصد السورة, فيستدل بالاسم والمقصد على الموضوعات, ولذلك يُنتقد في هذا فكيف يصل للمقصد وهو لم يأخذ الموضوعات ويرتبها؟ ثم من خلال الموضوعات يصل للمقصد الجامع بينهما فما رأيكم هل طريقته أفضل؟ خاصة أن البقاعي عندما يذكر المقصد ليس له ضابط في طريقة الوصول إليه, فكأنه أشبه ما يكون بالفتح أو الإلهام , ولذلك لا تستطيع أن تتبع قاعدات خلال استنباطاته, فتقول هذه القواعد التي اتبعها البقاعي واستدل بها على المقصد فيمكن تطبيقها على سور أخرى , ولكنه يذكر لك موضوع أو مقصد يرى أن هذا هو المقصد الجامع ثم يبدأ بذكر الموضوعات.
الدكتور مساعد الطيار: لكن لا أدري هل هو وصل للمقصد قبل النظر للموضوعات فلا يمكن ذلك! فلابد من النظر للموضوعات , لكن قد يكون قدم المقصد وترك الموضوعات, ومن لطائف (ذكر اسم مفسر لم أتبين اسمه) كذلك في تفسير القرآن و تفسيره صوفي فهو متصوف ولكن فيه لطائف , إذا فسر بسم الله الرحمن الرحيم في كل موطن تجده يفسرها بطريقة مختلفة عن الموطن الآخر بناء على المقصد أو الموضوع الذي ظهر له في السورة , فلما ذكر الشيخ محمد قضية سورة مريم لا أذكر الآن تأكيدا, ولكن يكاد يكون عندي حدس كبير أنه سيشير إلى قضية الرحمة , في تفسيره للبسملة فيأتي بها بطريقة لطيفة وعجيبة جدا ويقول هذا مدخل للفكرة التي أريد طرحها.
الدكتور محمد الخضيري: استعين بسم الله على ذكر الرحمة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: اذكر من مفسرين الأندلس الذين اعتمد عليهم البقاعي -أبي حسن الحراري- (غير متأكدة من الاسم) وله كتاب مطبوع اسمه فتح الباب المقفل في معاني الكتاب المنزل ...
الدكتور مساعد الطيار: يعني كأنه في أصول فهم السور.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: الشاهد أنه يقول كيف تعرف مقصود السورة وكيف تعرف المناسبة بين الموضوعات فيقول أنك تنظر في اسم السورة ثم تنظر في المقصد الأساسي لها ثم ما هو الذي يناسب أن يبتدئ به عندما يأتي الحديث لهذا المقصد , فالمسألة اجتهادية.
الدكتور محمد الخضيري: ما هي الأسباب التي تستدعي الاهتمام بالموضوع حتى تصل.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: ما هو الشيء الذي ينبغي تقديمه ثم ما هو الشيء الذي ينبغي الثنية به وهكذا فأنه سوف ينكشف لك المقصود وتنكشف لك المناسبة بين هذا المقطع والذي يليه , ولذلك استفاد منه البقاعي كثيرا في عصره.
الدكتور مساعد الطيار: وقد كان عنده تصوف مغرق لذلك زعم في كتابه فتح الباب المقفل أن العلم لا يكون إلا من طريق علي بن أبي طالب - رضي الله - عنه فالعلم بابه علي بن أبي طالب وما سواه لا وهذا بلا شك ضلال.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: حجر واسع.
الدكتور مساعد الطيار: نعم , ولكن لا شك أن هذا مبني على منهج عنده كما تعرف أصحاب الإغراق في التصوف يرون هذا المنهج.
الدكتور محمد الخضيري: هذا يبدو لي تصوف فيه شيء من الرفض لحديث:" أنا مدينة العلم وعلي بابها ".
الدكتور مساعد الطيار: وهذا من التوافق بين الرافضة والمتصوفة المغرقين في التصوف , في أن العلم لا يكون إلا من علي بن أبي طالب- رضي الله عنه - ,لكن الرافضة يستمرون مع أبناءه وهؤلاء يقفون عند علي- رضي الله عنه - فقط, وإنما يتفقون فيه فقط.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: طيب ما هي موضوعات سورة الفاتحة حتى يتميز لنا المقصد عن الموضوعات.
الدكتور مساعد الطيار: جميل , الموضوعات لو تأملنا بعد ما تكلمنا عن المقصد وتكلمنا عن أكثر من مقصد لو رجعنا لحديث (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين, فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين , قال الله: حمدني عبدي, وإذا قال العبد: الرحمن الرحيم , قال الله: أثنى علي عبدي , وإذا قال: مالك يوم الدين , قال الله: مجدني عبدي) و المجد يدل على العظمة وهو ملك يوم الدين , هذا إذا تأملته تجد أنه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} قد جاءت خمس أسماء لله في هذا الموطن فهذه الأسماء دلت على الموضوع الأول وهو موضوع الثناء على الله تعالى , الموضوع الثاني وهو في
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله:"إياك نعبد وإياك نستعين" وهو موضوع العبادة التي بين العبد وبين الرب ,فالرب له إياك نعبد, والعبد له إياك نستعين ,وقدم حق الرب على حق العبد , فالرب له العبادة والعبد له الاستعانة , وقدم وتوحيد الألوهية على توحيد الربوبية , فهذا الموضوع الثاني ممكن أن نقول قضية العبادة , ولا تكون عبادة إلا باستعانة.
الدكتور محمد الخضيري: لو قلنا يا دكتور مساعد إن الموضوع الثاني هو التوحيد فالأول الثناء ثم يفضي بك هذا الثناء إلى أن توحد توحيدا عمليا فلا تعبد إلا الله ولا توحد إلا الله.
الدكتور مساعد الطيار: نعم , ثم نأتي إلى حال السالكين في هذه العبادة , أي من الذي يعبد الله واستعان ومن الذي لم يعبد ولم يستعين , فقال {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} الذين جانبوا هذه العبادة , لذلك يمكن تقسيم الموضوعات إلى ثلاث موضوعات كلية وهي موضوعات القرآن , جانب الثناء على الله عز وجل , وجانب العبودية التي لا تأتي إلا عن وحي , ثم جانب طرق الناس في هذه العبودية , فهذه الموضوعات الرئيسة , وكما ذكرتم قبل قليل الميثاق , كلها تصب في هذه الأصول الثلاث.
الدكتور محمد الخضيري: أنا أقول في الثالثة يا دكتور مساعد , أضيف تعديلا فأذن لي , لو قلنا بدل العبادة , وموقف الناس من العبادة لو قلنا العلم والعمل , والعمل هو ما أشرت إليه بالعبادة , لكن العلم مهم جدا , لماذا؟ لأن العبادة؛النصارى لم يقصروا في العبادة , ولكن قصروا في الجانب العلمي, وأما اليهود فكان الجانب العلمي مكتملا لكن قصروا في العمل , فنقول أن الثالثة هي البصيرة أو المنهج , فالصراط ما هو؟ هو العلم الصحيح والعمل الصالح , وقد ذكر نموذج مكتمل له وهو أهل الصراط المنعم عليهم الذين جاؤوا بالعلم الصحيح , فعرفوا الله حقا وعبدوه صدقا , و الثاني اليهود علموا الحق ولكنهم لم يعملوا به, والثالث النصارى وهم الذين عملوا واجتهدوا ولكن بلا بينة فهم على ضلال فتجافوا عن الصراط المستقيم , إذن عندنا صراط مستقيم يجمع علما وعملا , وصراطان ضالان منحرفان صراط المغضوب عليهم وصراط الضالين , ولذلك مما يؤكد هذا المعنى في نظري أنه في سورة البقرة جاء الحديث عن اليهود وقبل الحديث عن اليهود تحدثت السورة عن المنافقين وأسهبت في ذلك ليبين حال أولئك الذين يعلمون الحق ثم يتجافون عن العمل به , وفي سورة آل عمران جاء الحديث عن النصارى, فكأن السورتين أصبحتا تفصيل لقوله {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} , قال سفيان بن عيينة كلمة جميلة , وسفيان له استنباطات غاية في الروعة -سبحان الله - أتمنى أن يجمعها أحدا, يقول: [من ضل من علماءنا ففيه شبه من اليهود ,ومن ضل من عبادنا ففيه شبه من النصارى] , وهي كلمة عجيبة.
الدكتور مساعد الطيار: العلماء والعباد ,العلماء يعلمون ولا يعملون ,والعباد يعبدون ولا يعلمون.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: عندي تعليقان لو تلاحظون سورة الفاتحة لم يذكر فيها المنافقين؟ ولكن ذكرت اليهود والنصارى؟
الدكتور مساعد الطيار:و هم يشبهونهم لأنهم علموا ولم يعملوا , ولهذا تجد - سبحان الله - أهل النفاق فيهم شبه من اليهود , و شبه كبير من هذا الجانب.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: التعليق الثاني وهو عن سفيان بن عيينة , أذكر له موقف فيه استنباط جميل ,فعندما حدثه يحي بن أكثم وهو قاضي في عهد المأمون وذكر له قصة وهي معروفة و ذكرها القرطبي وغيره , يقول يحي بن أكثم: دخل على المأمون فيمن دخل رجل يهودي وكان حسن الخط , فقال له المأمون: إسرائيلي؟ قال:نعم , فقال: أسلم واصنع لك كذا وكذا , فقال: ديني يا أمير المؤمنين ودين أبائي, فتركه المأمون , وبعد فترة رجع فإذا به قد أسلم فسر المأمون له -والذي يروي القصة يحي بن أكثم - فسأله ماذا جرى لك؟ فقال يا أمير المؤمنين تعلم خطي وحسنه , عمدت إلى كتاب اليهود فكتبت منه وزدت فيه ونقصت وبعته على علماء اليهود فاحتفوا به وبالغوا في إكرامه , قال فتركتهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: وهم يقرؤون التحريف الذي وضعه في كتابهم.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: نعم وما تنبهوا له , قال وعمدت إلى كتاب النصارى فصنعت مثل ذلك قال فقبلوه مني فتركتهم , قال فعمدت إلى القرآن وفعلت به مثل ما فعلت مع التوراة والإنجيل قال فأعطيته الوراقين فقلبوه - لم يعطه العلماء بل الوراقين الذين يبيعون الكتب في سوق بغداد- فقالوا له: لا حاجة لنا فيه؛ففيه كذا وكذا , قال فقلت هذا دين محفوظ , فأسلمت , فيقول يحي بن أكثم لما ذهبت إلى مكة حدثت سفيان بن عيينة بذلك فقال سفيان بن عيينة: مصداق ذلك في كتاب الله , ألم يقل الله سبحانه وتعالى عن كتاب اليهود والنصارى: {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ} من آية 44 المائدة , فبدلو وغيروا , وقال عن القرآن: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} الحجر , فتكفل بحفظه , فهذا من استنباطات سفيان بن عيينة فلا شك فأنه من فقهاء القرآن.
الدكتور مساعد الطيار: في فائدة مرتبطة بمدخل الفاتحة الحمد لله رب العالمين , أشار إليها أبو عبد الله لما قال أنه بدأ بتوحيد الألوهية ثم توحيد الربوبية , اللطيف في الأمر أن الله سبحانه وتعالى لما أنزل أول سورة الخمس الآيات الأولى من سورة العلق لم يذكر فيها اسم الله وإنما اسم الرب فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1)} و السورة الثانية وهي سورة النبوة فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)} المدثر , ولما كلم الله عز وجل موسى عليه السلام في سورة طه قال: {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)} طه , فقدم الربوبية هنا على الألوهية في مقدمات النبوة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: وما هو الاستنباط الذي يظهر لك؟
الدكتور مساعد الطيار: من المعاني التي تظهر لي أن الأصل هو توحيد الربوبية , بمعنى أنه إذا آمن الإنسان بتوحيد الربوبية من لوازمه أن يؤمن بالألوهية , ولذلك عاب الله على المشركين أنهم يؤمنون الربوبية ولا يحققون توحيد الألوهية , فإذن في مبادئ الأمر يعطي جانب العظمة في اسم الرب وأيضا جانب تربية الرحمة ,لأن هناك جانبان , ولما يأتي جانب الألوهية- الله - هذا فيه تربية المهابة فلفظ الجلالة -الله - فيه تربية المهابة , كأننا نقول أنه لما ذكر توحيد الربوبية في تلك السور الأولى في سورة الفاتحة قدم توحيد الألوهية لأنه هو المقصد (الحمد لله) لأن المقصد هو عبادة الله - سبحانه وتعالى -, ثم قال بعد ذلك (رب العالمين) وتلاحظ لو تأملت في قضية الحمد لله رب العالمين هل يمكن لأحد من الناس حتى لو كان ملحدا أن يقول أنا لا رب لي فحتى في قرارة نفسه إذا آذاه شيء يلجأ إلى الله شاء أم أبى.
الدكتور محمد الخضيري: يلحد بلسانه {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} النمل من آية 14.
الدكتور مساعد الطيار: نعم , ولهذا يذكرون عن خرتشوف وهو من كبار الملحدين أنه في موضوع كان يكلم من معه فقال عبارة بمعنى إن شاء الله فقالوا له: كيف تقول إذا أراد الله وأنت ملحد فلم يستطع أن يجيب , فهذا رغما عنه , أقصد من ذلك أنه من الحسن للمتدبر أن يتدبر هذان الاسمان اسم الرب واسم الله.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: هذان الوصفان؟
الدكتور مساعد الطيار: الاسمان وما فيهما من وصف؛ وصف الألوهية و وصف الربوبية , سيجد أشياء وأسرار كثيرة جدا , الدعاء مثلا تجده -سبحان الله- باسم الربوبية فلم يأتي يا الله وإنما ربنا و ربِّ , ولما يأتي جانب التشريع في الغالب تجد اسم الله.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: جميل جدا , و من هذه المعاني يا دكتور في معنى الرب (اقرأ بسم ربك الذي خلق) ثم قال في الآية التي بعدها (اقرأ و ربك الأكرم) ويقول في أول سورة الفاتحة (الحمد لله رب العالمين) في كتاب بعنوان اقرأ وربك الأكرم جميل, كان يدور حول هذا المعنى, يقول أن الله - سبحانه وتعالى- لما ذكر هذه الصفة؛ صفة الربوبية في الحث على القراءة والحث على العلم ,كإشارة إلى أن الله -سبحانه وتعالى- يرعاك ويعتني بك عناية خاصة, وهذا من معاني التربية , فرب إشارة للربوبية , لذلك تلاحظون من التفاسير الرائعة جدا في تفسير الطبري رحمه الله لقوله تعالى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} من آية 79 من المائدة , فقال: الربانين هم العلماء الحكماء , يعني ليس معلم فقط أو عالم فقط وإنما يحسن التربية , ويحسن التعليم ولذلك يقولون كما عرفهم ابن عباس- رحمه الله - (هم الذين يربون الناس بصغار العلم قبل كباره) يعني يعرفون كيف يربون , فلعل ذلك من المعاني التي ذكرتها في الربوبية.
الدكتور محمد الخضيري: سأختم بواحدة وهي مناسبة للختم , انظر لفاتحة الكتاب (الحمد لله - رب العالمين - مالك يوم الدين) أليس كذلك وآخر سورة في القرآن ما هي؟ سورة الناس (رب الناس - ملك الناس - إله الناس) فافتح القرآن بهذه الأسماء الثلاثة واختتم القرآن بها , قال ابن القيم - رحمه الله -[وهذا يدل على أن مدار أسماء الله كلها والخلق والأمر على هذه الأسماء الثلاثة].
الدكتور عبد الرحمن الشهري: فائدة جميلة.
سبحانك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله أنت استغفرك وأتوب إليك , وصلى اللهم على محمد وآله وسلم.
انتهى اللقاء.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[ام عبدالله السلفية]ــــــــ[10 Sep 2008, 08:14 ص]ـ
بارك الله فيك وجزيت خيرا
ـ[ابوزياد]ــــــــ[10 Sep 2008, 05:57 م]ـ
شكر من القلب والله كنت اتسأل كيف احصل على حلقات البرنامج الله يجزاك خير ويغفر ذنبك و الف الف شكر
ـ[تيماء]ــــــــ[11 Sep 2008, 02:43 ص]ـ
http://www.3lm-alkitab.com/bg/3.gif
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد ..
اللقاء الثالث
موضوع اللقاء الرئيسي:
- في أسماء سورة البقرة وفضلها ومقاصدها.
موضوعات اللقاء الفرعية:
- أسماء سورة البقرة و أوصافها.
- اجتهاد الصحابة في حفظ سورة البقرة.
- الحكمة من تسمية السورة بهذا الاسم.
- نزول سورة البقرة ومدنيتها.
- آخر آية نزلت في القرآن الكريم.
- اختلاف القضايا التي تناولتها السور المكية عن القضايا التي تناولتها السور المدينة.
- ترتيب بعض العلماء سور القرآن بناء على ترتيب نزوله.
- أثر معرفة المدني والمكي في قصة نوح عليه السلام.
- فضائل سورة البقرة.
- فائدة في تسمية السورة.
- مقاصد سورة البقرة.
- في ذكر المقصد الجامع لسورة البقرة.
- في المناسبة بين سورة الفاتحة والبقرة.
http://www.3lm-alkitab.com/bg/21.gif
الدكتور مساعد الطيار::لعلنا نبتدئ الحديث اليوم عن سورة البقرة و طبعا هي أطول سور القرآن.
الدكتور محمد الخضيري:: لذلك سماها العلماء فسطاط القرآن
الدكتور مساعد الطيار:: قاله خالد بن معدان , و الفسطاط هو السرادق.
الدكتور محمد الخضيري:: أو الميدان الذي يكون قريب من البيت.
الدكتور مساعد الطيار:: دلالة على الاتساع.
الدكتور محمد الخضيري:: حتى قال بعضهم إن فيها ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر , طبعا بغض النظر عن صحة هذا ,إلا أن هذه السورة ميدان واسع لأحكام الشريعة وعقائدها وما فيها من العظات والعبر.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: لاشك في الحقيقة أنها من أعظم سور القرآن ولذلك كان الصحابة - رضوان الله عليهم - يقولون: كان الرجل إذا حفظ سورة البقرة جدَّ في أعيننا أي عظم , والنبي - صلى الله عليه وسلم - عندما كان يدفن شهداء أحد يقول أيهما أكثر أخذا للقرآن فيقدمه , وأذكر أن أحد الصحابة زوجه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان يحفظ سورة البقرة.
الدكتور محمد الخضيري:: و أيضا تتميما لكلامك فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يؤمر رجلا على أهل سرية , نظر من كانت معه سورة البقرة فأمره عليهم , كأنه كتاب من كتب الشريعة.
الدكتور مساعد الطيار:: وهذه القضية لعلنا نلمح إليها , كما قال بعض العلماء [من حفظ القرآن فكأنما أدرجت النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه] , في قضية مهمة جدا , فليس المراد مجرد الحفظ فقط والتلاوة , وإنما الحفظ و إدراك المعاني.
فابن عمر - رضي الله عنه - كما أورد عنه الإمام مالك في الموطأ أنه جلس ثمان سنوات يحفظ البقرة , وليس المراد أنه قضاها في الحفظ فقط.
الدكتور محمد الخضيري:: بالنسبة للصحابة يستطيعون حفظها في أيام يسيرة , ولكن عمر - رضي الله عنه - ورد أنه تعلمها في اثني عشر سنة , وهذا يدل على أنه بالفعل لوا ستغرق الإنسان فيها عمرا فليس بكثير عليها , لكثرة ما فيها.
الدكتور مساعد الطيار:: لو نظرنا للفضائل التي ذكرت فيها ستدل على هذه القضية , قضية العناية بسورة البقرة.
الدكتور محمد الخضيري:: دعنا نبدأ بالاسم ونقول ما هي أسماء هذه السورة كالعادة.
الدكتور مساعد الطيار:: الاسم المشتهر ولا أذكر لها اسم آخر.
الدكتور محمد الخضيري:: لكن يقال أيضا الزهراء.
الدكتور مساعد الطيار:: هذا بناء على قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (اقرؤوا الزهراوين؛ البقرة وآل عمران) , لكن هذه يسمونها الأسماء المجموعة أي جمعت مع غيرها.
الدكتور محمد الخضيري:: السنام.
الدكتور مساعد الطيار:: هذه كلها أوصاف كما قال خالد بن معدان [فسطاط القرآن] , لكن الاسم المشتهر والغالب هو البقرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري:: طبعا لا تكاد تعرف عند سائر العلماء إلا باسم البقرة , لكن السؤال الذي يفرض نفسه لماذا اختيرت هذه القصة لتكون عنوانا لهذه السورة , هذا في الحقيقة مدعاة للسؤال , إذا قيل السورة الجامعة لم يكن بغريب , لو قيل كلية الشريعة ليس بغريب , لكن أن تختار هذه القصة لتكون عنوان هذه السورة العظيمة! هذه القصة أخذت من السورة عشر آيات فقط والباقي ليس له علاقة بهذه القصة.
الدكتور مساعد الطيار:: وهذا من الغرائب كما ذكرنا في اللقاءات السابقة أنه إذا كان الاسم نبويا , فعلى المسلم أن يبحث عن الحكمة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: البقرة ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سماها.
الدكتور مساعد الطيار:: نعم قال: (اقرؤوا الزهراوين؛ البقرة وآل عمران) , والحقيقة تأملت هذه السورة وسبب هذه التسمية وقرأت ما ذكره بعض العلماء , فبعضهم يذكر أنها سميت سورة البقرة لأنه يذكر فيها اسم البقرة , هذا لا يختلف عليه اثنين , لكن لماذا اختير هذا الاسم دونا عن غيره , فنظرت فإذا كما ذكر بعض العلماء أنها مليئة بالشرائع , وهذه السورة من أوائل ما نزل في المدينة , والمدينة هي محط التشريعات من أوامر ونواهي , والمدينة كانت مليئة باليهود , واليهود إذا تأملنا حالهم نجدهم كما أخبرنا الله - سبحانه وتعالى - عنهم في قصة البقرة وكيف أنهم كانوا أصحاب تعنت لا يطيعوا الأوامر مباشرة , فموسى ابن عمران- عليه السلام - يقول لهم: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)} البقرة ,ثم بدءوا يجادلونه في وصف هذه البقرة فشددوا فشدد الله عليهم , فهذا يفيدنا بأن هذه الأوامر التي ستنزل عليكم اقبلوها واعملوا بها , بادروا بالتنفيذ ولا تكونوا كأصحاب البقرة تشددوا فيشدد الله عليكم.
الدكتور محمد الخضيري:: تتلكئوا فتعاندوا رسول الله ولا يكون عندكم السمع والطاعة وسرعة الاستجابة التي هي أليق ما يكون بالمؤمنين و مما يدل على هذا ويؤكد المعنى الذي ذكرته أنه في آخر السورة ماذا قال: {آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)} البقرة , لم يكتفوا بقول سمعنا وأطعنا بل قالوا غفرانك ربنا , لأن العبد قد يقصر أو يحدث منه تأخر أو يصيبه شيء من التلكؤ , فغفرانك على شيء يحدث لا نشعر به أو لا اختيار لنا فيه أو لا قدرة لنا على دفعه, ولذلك لما نزلت الآية التي قبلها وهي قوله تعالى: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)} البقرة , جاء الصحابة يشتكون إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا يا رسول الله: لا طاقة لنا بهذا قال: أتريدون أن تقولوا كما قالت بنو إسرائيل سمعنا وعصينا , بل قولوا سمعنا وأطعنا ,فأخذوا يستغفرون الله ويقولون غفرانك ربنا و إليك المصير , فنزلت الآية التي بعدها وكانت استجابة من الله سبحانه وتعالى لدعائهم فقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ .. (286)} البقرة.
الدكتور مساعد الطيار:: في فائدة أيضا نأخذها بناء على هذه الآية التي ذكرناها , وهي أن من تأمل حال الصحابة لا يكاد يجد اعتراض من صحابي على النبي صلى الله عليه وسلم أو تلكؤ في الاستجابة, إلا أن يكون تحت صدمة معينة, مثل ما حصل لهم في غزوة الحديبية , لم يتأخروا لأنهم لم يقبلوا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - الأمر ولكن كانوا في حالة من الاندهاش واليأس.
الدكتور محمد الخضيري:: كانوا يؤملون في العمرة يقولون لعل الأمر يتغير حتى نعتمر فقد جاؤوا سفرا طويلا وفي النهاية أمرهم بأن يرجعوا.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور مساعد الطيار:: لكن لما رأوا النبي - صلى الله عليه وسلم- يعمل كما أشارت عليه أم سلمة ,بادروا بذلك فهذه فائدة مهمة جدا ينبغي أن ينتبه لها المسلم كيف أن هؤلاء الصحابة - رضي الله عنهم - لا يذكر عنهم مثل ما يذكر عن بني إسرائيل أو كما يحصل للأسف اليوم , تجد الإنسان عندما تقول له لماذا لم تؤدي السنن بعد الصلاة فيقول: هي سنة يثاب فاعلها و لا يعاقب تاركها , والعجيب في هذا الأمر -كما تلاحظون- أنه يأخذ هذا الحكم الأصولي الذي ذكره علماء الأصول ,لكي يتملص من هذا الأمر , لكن الصحابة - رضي الله عنهم - لم يكونوا يسألون هل هذه يثاب فاعلها أو لا , بل ينظرون هل أمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم- أو لم يأمر , هل نهى النبي- صلى الله عليه وسلم -أم لم ينهى فقط , و القصد من ذلك أننا كمسلمين علينا أن نتنبه لهذا , و أن لا تؤثر علينا التقسيمات العلمية , في ترك بعض هذه الفضائل العظيمة جدا , بل نقول هل أمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فنعمل بها.
الدكتور محمد الخضيري:: ننتقل إلى شيء آخر وهو مبحث مهم في مقدمات السورة أيضا , , كنا نريد أن نفيض فيه المرة الماضية , عندما تحدثنا في سورة الفاتحة , ولكن لعلنا نتحدث عنه الآن , وهو هل سورة البقرة مكية أو مدنية , طبعا لا إشكال عند أهل العلم أنها سورة مدنية , بل هي من أوائل ما نزل في المدينة لكنها استمرت في النزول إلى آخر آية في القرآن فآخر أية في القرآن موجودة في سورة البقرة أيضا.
الدكتور مساعد الطيار:: إذا هي سميت بسورة البقرة قبل أن تكتمل؟
الدكتور محمد الخضيري:: نعم , سميت بذلك قبل أن تكتمل فآخر آية نزلت في القرآن , وهي قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (281)} البقرة , وهذه هي الآية التي قبل آية الدين , إذن سورة البقرة استمرت في النزول مدة بقاء النبي -صلى الله عليه وسلم - في المدينة من بعد هجرته إلى أن توفي , وهي تنزل لأنها سورة طويلة وتعالج قضايا كثيرة , السؤال الذي يهم في هذا الموضوع , لماذا نبحث هل السورة مدينة أو مكية؟ ذكر الدكتور عبد الرحمن من قبل من أجل معرفة الناسخ والمنسوخ , ولكن هناك قضية مهمة جدا في الفهم والتدبر ,عندما تعلم أن السورة مكية تعلم أن قضاياها القضايا المدنية , قضايا التشريع والنفاق والجهاد , واليهود , مناظرة أهل الكتاب , بخلاف السور المكية التي كانت قضاياها التأسيس والبناء لأصول وعقائد الإيمان من الإيمان بالله والرسول والرسالة واليوم الآخر , فتجد محور السور المكية يدور حولها , ولذلك نلاحظ في سورة البقرة كثرة التشريعات , و محاورة اليهود , وذكر المنافقين وفضح أخلاقهم, وبيان عوارهم فكل هذا موجود فيها , فهذا يفيدني وأنا اقرأ السورة أن أعرف أن موضوعات السورة لا تخرج عن هذه الحدود لأنها سورة مدنية, أما إذا كانت مكية فتكون في موضوعات أخرى وهي تأصيل العقيدة وبناء الإيمان.
الدكتور مساعد الطيار:: هناك فائدة لو يحدثنا الدكتور عبد الرحمن عنها و لها علاقة بهذا , فبعض العلماء رتب القرآن حسب نزوله بناء على المكي والمدني , ثم بنى تفسيره على هذا , فهل تذكرون لنا بعض الأمثلة وفائدة هذا العمل؟
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: يذكرون أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان المصحف الخاص به مرتب حسب النزول , فكان كلما نزلت سورة يكتبها , فجاء ترتيبه كالتالي؛ يكتب سورة العلق ثم المدثر , والحقيقة أن في هذا الموضوع عدة مسائل , وهي هل هناك فائدة من ترتيب القرآن حسب النزول برأيكم , المسألة الثانية الحكم الشرعي , المسألة الثالثة لماذا جاء ترتيب القرآن الكريم دون اعتبار لزمن نزوله , فقد نزل بترتيب معين لكنه جمع كما هو بين أيدينا اليوم على خلاف ذلك الترتيب , فهل معنى ذلك أن الزمن غير معتبر لأن القرآن جاء لكل زمان ومكان فلا يتقيد بزمن نزوله وترتيبه على هذا الأساس؟ أما بالنسبة لمحاولات بعض العلماء كما ذكر الدكتور مساعد فمعظمها كان متأخر , أو كل التي نعرفها محاولات متأخرة , والترتيب فيها يكون حسب ترتيب نزول السور فلا تجد أحد من العلماء يفسر لك أول سورة العلق ثم يفسر صدر سورة المدثر ثم يعود لسورة العلق , وإنما يذكر
(يُتْبَعُ)
(/)
سورة العلق كاملة بالرغم من أنها لم تنزل كلها ابتداء كاملة ثم يذكر سورة المدثر كاملة , فترتيب الذين صنعوا هذا الصنيع ترتيب للسور.
الدكتور محمد الخضيري:: بيان هذا الأمر في نظري وهو ترتيب نزول القرآن هذا لا إشكال فيه , أما أن تعاد صياغة ترتيب القرآن على هذا النحو فهذا خرق للسنة المعروفة عند أهل العلم أن القرآن قد تلقته الأمة على هذه الصورة من عهد الصديق إلى اليوم , و أظن أن مخالفة هذا الأمر أنها خرق للسنة ...
الدكتور مساعد الطيار:: مخلفة للإجماع هذا أقل ما يكون.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: في نقطة أخرى فقد كان ابن مسعود- رضي الله عنه - يقسم ويقول: [والله ما من آية في كتاب الله نزلت إلا وأنا اعلم متى نزلت وفيما نزلت وفيمن نزلت] , معنى ذلك أنه يعرف المكان والزمان و من نزلت فيه , ولكن لماذا لم يحفظ هذا بدقة , فالذين قاموا بترتيب سور القرآن الكريم حسب النزول اعتمدوا في كثير من ترتيبهم على اجتهادهم , لأنك لا تجد دليل على الترتيب ..
الدكتور مساعد الطيار:: حتى ترتيب النزول مختلف فيه , كما ذكره السيوطي في الإتقان.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: لدي فائدة تعزز ما ذكره الدكتور محمد في معرفة المكي والمدني وترتيب نزول الآيات , وهي تأتي في مرحلة متقدمة من تدبر نظم القرآن الكريم , أضرب دوما مثال واستحسنه في قصة نوح عليه السلام , قصة نوح عليه السلام وردت تفاصيلها كلها في العهد المكي ولذلك إذا وجدت تفصيلا عن قصة نوح في أي سورة من السور فاعلم أنها مكية.
الدكتور مساعد الطيار:: التفصيل وليس ذكر اسم نوح عليه السلام.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: نعم التفصيل , ولذلك تجد آخر سورة ذكر فيها نوع من التفصيل في قصة نوح -عليه السلام - هي سورة العنكبوت , فما هو الذي ذكر عن نوح في هذه السورة؟ تجد أنه ورد ذكر المدة الزمنية التي استغرقها لبث نوح - عليه السلام- في قومه , قال تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14)} العنكبوت , فوردت قصة نوح عليه السلام في سورة نوح وسورة هود وسورة الأعراف , السور الطويلة ذكر الله فيها تفصيل قصة نوح لم يذكر الله فيها المدة الزمنية التي لبثها , لكن في آخر آيتين أنزلت في هذه القصة في سورة العنكبوت والتي تعتبر آخر سورة نزلت في العهد المكي , وبعضهم يقول أن آخر سورة نزلت في العهد المكي هي سورة المطففين نزلت بعد العنكبوت , لكن هي أن لم تكون آخر سورة فهي ما قبل الأخيرة , لماذا لم يذكر الله من قصة نوح -عليه السلام -في هذه السورة إلا مدة لبثه, وهي مسألة مهمة, فأربطها ببقاء النبي- صلى الله عليه وسلم- في مكة , فكم لبثت يا محمد في مكة؟ ثلاث عشرة سنة , وكم الذين استجابوا لك؟ قليل! لا يكاد يذكر , فهل تعلم كم بقي نوح -عليه السلام- في قومه؟ لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما , فكم نسبة بقاءك إلى بقاء نوح -عليه السلام- في قومه؟ شيء لا يكاد يذكر , فهذا تعزية للنبي -صلى الله عليه وسلم -ولذلك تأتي وتجد نظم هذه الآية وورودها في هذا الموقع ,وفي هذا الوقت مناسب جدا للظرف الذي نزلت فيه , فهي تعزي النبي -صلى الله عليه وسلم- , فلا تحزن يا محمد , فقد لبثت ثلاثة عشرة سنة وستنتقل الآن للمدينة , ونوح قد لبث تسع مائة وخمسون عام وما آمن معه إلا قليل حتى ابنه لم يؤمن معه.
الدكتور محمد الخضيري:: سبحان الله الآن ورد على ذهني فائدة - ارجوا أن توافقوني عليها أو تبينوا لي - من خلال كلام الدكتور عبد الرحمن السورة التي قبلها سورة القصص وفي آخرها: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (85)} القصص , رادك إلى معاد , سترجع إلى مكة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: بعض المفسرين يفسرونها بأن المراد رادك إلى مكة.
الدكتور محمد الخضيري:: وكثير منهم يرون منها أنك ستهاجر ثم تعود إلى مكة كما خرجت منها. فهي عملية تهيئة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: عندما نتحدث عن علوم السورة في البرنامج قد يقول البعض هل هذا العلم مهم بالنسبة للتفسير , لأن البعض يرى أن الذي يهمه في علوم القرآن هو ما كان متعلق بفهمه للقرآن , فهل هذا العلم من علوم القرآن يتعلق به زيادة فهم؟ في بعض الأحيان قد تقول أن هذا العلم لا يظهر أنه مؤثر في الفهم , ولكن في بعض المواطن ترى أنه مؤثر.
, فعندما تأتي في قصة نوح عليه السلام وتجد أنها وردت في السور المكية ولماذا وردت في هذا الموطن بالذات تجد أنها تزيدك فهما للقرآن والآيات , وتشعر بأن معرفتك للمكي والمدني مؤثرة.
الدكتور مساعد الطيار:: واللطيف أيضا من باب تكميل فائدتكم أن قوله تعالى: {فَآَمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (26)} العنكبوت , تأكيد لمعنى الهجرة , لكن على من يقول إنها مفيدة أم لا ,يجب أن يعلم أن المقصود من القرآن ليس فهم المعاني فقط , ففهم المعاني هذه مرحلة , ومن قصر نفسه على فهم المعاني فقط , فهذا قد قصر , ففهم المعاني مرحلة من المراحل , ونحن عندما نتكلم عن علوم السورة , وإن كان كثير منها قد لا يكون له أثر في فهم المعاني إلا أن له أثر آخر وهو المعرفة بهذا القرآن , الآن تجد عندنا كمسلمين تقصير بهذا الموضوع , لو تسأل أحيانا بعض المتخصصين - لا أقول طلاب العلم أو العامة - عن بعض القضايا المرتبطة بالقرآن لا يكاد يعلم عنها شيئا , مع أنها مرتبطة بالكتاب , فهذا كتابك فما هي ثقافتك وعلومك عن كتابك , أتكون ضعيف فيها؟ هذه مشكلة.
الدكتور محمد الخضيري:: انظر لابن مسعود - رضي الله عنه - يقول: " إلا وأنا اعلم متى نزلت وفيما نزلت وفيمن نزلت" , وعلي- رضي الله عنه - قال أبلغ من هذا يقول: "ما نزلت آية إلا وأنا اعلم أنزلت في سهل أم جبل بليل أو نهار" - إلى هذه الدرجة من شدة عنايته بكتاب الله -!
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: و ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول: " ولو أعلم أحدا أعلم منى بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه"
الدكتور مساعد الطيار:: وهو تكلمه للأثر السابق.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: نعم , و لم يستطع أحد من الصحابة أن يرد عليه هذا الكلام فكلهم يقرون له بذلك , ولما انتقل ابن مسعود - رضي الله عنه - إلى الكوفة و جاء رجل إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فقال: يا أمير المؤمنين أدرك لقيت رجل يقول: اسألوني عما شئتم في كتاب الله؛ فو الله إني أعلم الناس به! فاضطرب عمر فقال:من؟ قال: ابن مسعود , قال: أما ابن مسعود فنعم.
الدكتور مساعد الطيار:: ولهذا لما أرسله إلى الكوفة قال , يا أهل الكوفة أني قد آثرتكم بابن مسعود ,فهم يقرون له بذلك, لكن لو رجعنا إلى موضوع المكي والمدني , يمكن أن نذكر أنه قدم بحث في المكي والمدني في رسالتين , الرسالة الأولى طبعت من سورة الفاتحة إلى الإسراء , للدكتور عبد الرزاق حسين أحمد , والثانية لم تطبع بعد , والحقيقة أن هذه الرسائل في المكي والمدني نفيسة جدا وفيها فوائد , وكم أتمنى لو أكمل هذا المشروع , ولو طبعت هذه الرسالتين معا وخرجت في مجلد واحد - بالرغم من أني سمعت أن هناك اختلاف في المنهجية - لكن لا يضر هذا لأن القارئ سيستفيد من هذه الرسائل.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: ميزتها أن فيها تحليل لما قيل بمكيته ومدنيته.
الدكتور مساعد الطيار:: سورة الأنفال كلها مدنية إلا قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30)} روي عن مقاتل , فتجد الباحث يناقش هذا.
الدكتور محمد الخضيري:: نرجع لفضائل سورة البقرة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: أذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما»
الدكتور محمد الخضيري:: هذه فضيلة عظيمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: وانظر لتصوير النبي- صلى الله عليه وسلم -أنها تأتي يوم القيامة وهو يوم هول وكرب عظيم فيبحث الإنسان عن أي شيء يتعلق به ويحاجج عنه , وهذا الموقف - نسأل الله أن يخفف عنا وعنكم - يقول الله عنه: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37)} عبس , وفي هذا الموقف يقول صلى الله عليه وسلم أنه تأتي البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان , فكل الأوصاف التي وصفت بها مريحة , ففيها ظل , وتحاجان عن صاحبهما.
الدكتور محمد الخضيري:: وقال صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة» والبطلة هم السحرة , ففعل هذه السورة مضاد وهائل جدا , ضد أي عدوان خفي ضد الإنسان من الشياطين والسحرة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: وقال في فضلها صلى الله عليه وسلم «البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه الشيطان»
الدكتور مساعد الطيار:: والآن الأمر متيسر فلديك الكمبيوتر ساعتان ونصف ويكمل لك سورة البقرة تلاوة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: هل هذا في رأيك يكفي يا دكتور؟
الدكتور مساعد الطيار:: في نظري أنه يكفي للحديث السابق فقد قال البيت الذي [تقرأ فيه سورة البقرة] , والآن تحققت القراءة لكن ليس هو الأفضل, فكونك أنت الذي يقرأ هذا الأفضل, وفضله أعم , ولكن مالا يدرك لا يترك.
الدكتور محمد الخضيري:: ومن فضائلها أن فيها أعظم آية في كتاب الله وهي آية الكرسي وفيها الآيتان الأخيرتان من سورة البقرة , فقد قال صلى الله عليه وسلم: «من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» , وقيل كفتاه من قيام الليل وهذا غير صحيح والذي يظهر أن معنى كفتاه هو الكفاية من الشرور وهذا هو المعنى المعروف في الشريعة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: وقد ذكرنا في فضائل سورة الفاتحة حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: «بينا جبرائيل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم، لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض، لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم، وقال: أبشر بنورين أوتيتهما، لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أوتيته»
الدكتور مساعد الطيار:: ولاحظ قول النبي صلى الله عليه وسلم: " اقرءوا الزهراوين" , الزهراء من النور , وسمي آخر آيتين في البقرة نور , فهذا يدل على فضل هذه السورة.
الدكتور محمد الخضيري:: وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤمر على السرية من كان معه سورة البقرة.
الدكتور مساعد الطيار:: هناك فائدة مرتبطة باسم السورة وبغيرها من أسماء السور قد يطلع القاري على كتاب شعب الإيمان البيهقي أو لشيخه الحليمي أو من كتب علوم القرآن ,نهي بعض العلماء وينسب لبعض الصحابة أن يقال سورة البقرة , وإن يقال عوضا عن ذلك السورة التي يذكر فيها البقرة , فنقول هنا أنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم -هذه التسمية سورة البقرة , فكون بعض العلماء يحترز بهذا الاحتراز , لا مقام له مع كلام النبي- صلى الله عليه وسلم -.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: هل تذكرون سبب تحرزهم؟
الدكتور محمد الخضيري:: كون أن السورة تنسب للبقرة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: يقولون أن السور التي تنسب للحيوانات فيها تقليل من شأنها , وهذا من وجهة نظرهم. فنحن نقول سورة البقرة والعنكبوت , والنحل والنمل , البعض يسخر ويقول هذه حيوانات بينما هي أسماؤها وليس في ذلك تحرج فالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال سورة البقرة.
الدكتور محمد الخضيري:: و هناك ملحظ ينبغي أن ننتبه له , تلاحظ أن الشارع أهتم بالمعاني العظيمة وقضايا الأسماء وما يتصل به هي مكملات ,وليس من عادة السلف أو النبي -صلى الله عليه وسلم -التدقيق فيها , فالمقصود تميز هذه السورة عن بقية السور.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: وظيفة الاسم عند العرب هو للتميز , اسم يعيين للمعين مطلقا, فإذا تعين المسمى انتهت القضية , لكن كما تعلمون المتأخرون قد أوبؤا بالتدقيق في المسائل , وإيراد الاعتراضات و الأمور الافتراضية التي ليس لها مستند.
الدكتور محمد الخضيري:: لذلك تجدهم في التعريفات يبالغون في ذكر التعريف المانع الجامع و يطيلون الكلام فيه , حتى أنه في بعض الأحيان في تعريف علم معين أو باب من أبواب العلم خمسين تعريف يذكر , كم تعريفا للتفسير أنا اعرف قرابة ستة عشرة تعريفا , بينما اذكر الشيخ (لم أتبين اسمه) قال هو بيان معاني القرآن.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: هذه من آثار المنطق والإطلاع على كتب علماء المنطق , لذلك - المتنبي أو غيره - يقول أن البلاء موكل بالمنطق , يحرصون على تدقيقات لا يكون لها أثر , ولم يكن هذا من عادة السلف فهذا عمر - رضي الله عنه - قرأ سورة عبس حتى وصل لقوله تعالى: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31)} فقال: [كل هذا قد عرفناه، فما الأب؟ ثم رفع عصا كانت بيده وقال: هذا لعمر الله التكلف، وما عليك يا بن أم عمر ألا تدري ما الأب .. ]
الدكتور محمد الخضيري:: هناك فرق بين المتقدمين والمتأخرين من النحاة , المتقدمين لما يقال ماهو الفاعل يقول الفاعل هو محمد في قولك قال محمد وقس عليه , أما المتأخرون فيقولون هو من قام بالفعل , أو قام به الفعل.
الدكتور مساعد الطيار:: لا شك أن التشقيق أو البحث عن العلل قد لا تكون محمودة في العلم , لكن لا يعني هذا عدم التحرير في العلم فهناك فرق بين هذا وذاك.
إذا كانت هذه فضائل سورة البقرة , وسبق التنبيه على ذلك سابقا , كون النبي - صلى الله عليه وسلم - وصف هذه السورة بهذه الأوصاف العظيمة , وذكر فيها هذه الفضائل , يحسن بنا أن نعرف ماهو المقصد الجامع لهذه السورة.
الدكتور محمد الخضيري:: يمكن أن نقول مقصود سورة البقرة - والله أعلم -فهي كما ذكر خالد بن معدان هي فسطاط القرآن والفسطاط يعني الميدان الواسع فيه الشرع والعبادة والسلوك وممكن بعض المتأخرين قال: لو قيل أنها جاءت لذكر الضرورات الخمس وللتأكيد على حفظها , حفظ الدين , والعقل , والمال , والعرض والنفس , هذه الخمس مدار سورة البقرة على حفظها والحرص عليه , ودلل على ذلك بما يؤكد على هذا المعنى الدكتور محمد الربيعة , والحقيقة لما تنظر إلى سورة البقرة تجدها هي الشريعة , وبعض المفسرون كالشاطبي يقول هي كلية الشريعة , وكلية الشريعة أي أنها جامعة للشرع كله , فالأركان الخمسة موجودة فيها , الشهادتان , الصلاة " ويقيمون الصلاة " آيات الزكاة و آيات الصدقة ,ومن يتصدق عليه , وآيات الإنفاق بشكل عام , وما يضاده وهو الربا , الصوم لم يذكر إلا في سورة البقرة: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} , و تفاصيل هذه العبادة من الدعاء والاعتكاف ونحو ذلك , الحج {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} الجهاد , ذكرت هذه الأركان الخمسة وذكر معها أيضا الجهاد في سبيل الله , ثم ذكرت موضوعات مالية وفي الأسرة , الطلاق ,العدة , وفي تفاصيل حياة الناس والمعاملات المالية كآية الدين وهي أطول آية في كتاب الله ذكرت في هذه السورة , هذا يدل على أنها بالفعل كلية الشريعة أو سورة الضرورات الخمس , أو فسطاط الدين أو كما ذكر القرطبي أن بعض أشياخه قال فيها ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: ولذلك تجد الذين كتبوا في أحكام القرآن فإن أطول سورة تناولوا فيها الأحكام هي سورة البقرة فهي مليئة بالأحكام والتشريعات.
الدكتور مساعد الطيار:: وهي أيضا أطول سورة فسرت.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: وهذا من أسباب اجتهاد الصحابة في تعلمها في هذه المدة الطويلة ثمان سنوات واثني عشرة سنة , من هو الذي في زمننا هذا تعرفون أنه بقي في حفظها سنتان أو ثلاث سنوات , ولذلك أود أن أنبه على هذا , لماذا لا يخصص شهر رمضان و يكون لسورة البقرة فقط, ولا سيما أن هناك كتب كثيرة خصصت لسورة البقرة وهناك كتب في التفسير , إذا جاءت لسورة البقرة أطالت , مثل تفسير الطبري سورة البقرة في أربع مجلدات أو ثلاث.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور مساعد الطيار:: على حسب الطبعات , مثلا ابن حيان الطبعة القديمة ثمان مجلدات المجلد الأول في البقرة.
الدكتور محمد الخضيري:: وأيضا الرازي- رحمه الله - قرابة المجلدين أو الثلاثة الأولى كلها في البقرة , والسبب في ذلك أن المفسرين يحبون أن يذكرون التفاصيل في أول موطن تذكر فيه ثم يحيلون بعد ذلك إلى ما تقدم.
الدكتور مساعد الطيار:: طبعا هذا سبب آخر ولكن لا شك أن السبب الأول سبب وجيه كونها السورة العظيمة والطولى نجد أنه يحصل فيها هذا الطول عند المفسرين في تفسيرها.
الدكتور محمد الخضيري:: نريد أن نتحدث عن الموضوعات لكن أتوقع أن الوقت لا يتسع للموضوعات فلعلنا ننتقل للمناسبة بين الفاتحة والبقرة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري:: من المناسبات تقدم أن قلنا أن سورة الفاتحة في أم القرآن ,ذكر الله فيها الثناء على نفسه ,والتوحيد في إياك نعبد وإياك نستعين, وذكر فيها أصناف الناس المؤمنين واليهود والنصارى , ثم جاء في سورة البقرة تفاصيل لهذا الموجز , كأن سورة الفاتحة الموجز وإليكم التفاصيل في سورة البقرة , {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)} وذكر بعد ذلك أوصافهم , وقد ذكرهم في الفاتحة في قوله {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فهؤلاء هم المتقين , ثم جاء ذكر تفاصيل عن المنافقين , وتفاصيل عن الكافرين ,تفاصيل عن بني إسرائيل وفصل فيهم تفصيلا كثيرا , وأيضا في سورة الفاتحة قلنا أن من المعاني الجامعة فيها العهد والميثاق و تأتي سورة البقرة فتتحدث عن {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (27)} البقرة , ثم يأتي بعد ذلك {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63)} , {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84)} , {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (93)} وتكرر فيها ذكر العهد والميثاق أكثر من عشر مرات , فهذه أيضا مناسبة بين قوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} في سورة الفاتحة وقد قلنا أنها العهد والميثاق و بين تكرار الميثاق والإشارة إليه في هذه السورة.
الدكتور محمد الخضيري:: أيضا من المناسبة بين السورتين أن يقال ذكر في سورة الفاتحة الأصناف الثلاثة وجاء التفصيل في جزء في البقرة وجزء في آل عمران , ومن المناسبات ذكر العبادة في سورة الفاتحة , وأول أمر جاء في سورة البقرة وهو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)}.
الدكتور مساعد الطيار:: الوقت داهمنا لكلن لعلنا في اللقاء القادم نكمل نفس الفكرة , ولعلنا نشير لهم , إلى كيفية أدراك المناسبات , فنحن الآن نعطيهم أمثلة ومناسبات جاهزة , لكن كيف يستطيعوا أن يستنبطوا المناسبات لعلنا في اللقاء القادم نذكر هذا- بمشيئة الله تعالى -
جزاكم الله خيرا
ويجعل مجالسنا من مجالس الذكر
سبحانك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله أنت استغفرك وأتوب إليك , وصلى اللهم على محمد وآله وسلم.
انتهى اللقاء.
ـ[تيماء]ــــــــ[11 Sep 2008, 02:45 ص]ـ
بارك الله في الجميع وجعلنا و إياكم من عتقاء هذا الشهر ..
ـ[ام عبدالله السلفية]ــــــــ[11 Sep 2008, 10:15 ص]ـ
جزيت خيرا مرة اخرى ونفع بك اشجعك للاستمرار وبارك الله فيك
ـ[نواف الشلاحي]ــــــــ[11 Sep 2008, 11:13 م]ـ
بورك فيكم
همة علت القمة وفقكم الله وسددكم
ـ[طالبة المعالي]ــــــــ[12 Sep 2008, 12:39 ص]ـ
شكر الله لك أختي الكريمة وأسأل الله أن يكتب أجرك وأجر كل من يقرأ00آمين
ـ[ديني يقيني]ــــــــ[12 Sep 2008, 02:08 ص]ـ
كتب الله أجرك أختي
مجهود تشكرين عليه حقاً
ـ[يسري بن حمدان المحمدي]ــــــــ[12 Sep 2008, 09:14 ص]ـ
لماذا لا يستفاد من برنامج بينات، بجوال كجوال تدبر مثلاً، فإني أرجوا أن ينفع الله به نفعاً عظيماً، وقد لمست كغيري فوائد ذلك الجوال، فمما يميز برنامج بينات، ما اكتسبه من قبول وانتشار في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وبهذا يتسنى لنا الإستفادة منه بأكبر قدر، ولا يمنع أن تتعدد مثل هذه الجوالات التي تحث على تدبر كلام الله، بل قد تكون الفائدة أكبر حيث أن بعضها يعضد بعضا، ويمكن أن يقوم الأخوات الفاضلات يتفريغ اللقاءات على هيئة رسائل جوال. هذا وأرجوا منكم التعليق. وجزى الله الجميع على ما يقدمونه من خدمة للقرآن العظيم.
يقول الإمام الطبري - رحمه الله -: (إني لأعجب ممن يقرأ القرآن، كيف يلتذ بتلاوته ولم يفهم معناه).
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً إنك أنت العليم الحكيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أسامة طارق]ــــــــ[12 Sep 2008, 12:29 م]ـ
تجدوا الحلقات إن شاء الله فيديو بجودات مختلفة وصوتية على الرابط التالي
الحلقة الأولى
http://www.forsonna.info/showthread.php?t=83347
الحلقة الثانية
http://www.forsonna.info/showthread.php?t=83545
نسأل الله لكم العلم النافع والعلم الصالح
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Sep 2008, 03:13 م]ـ
لماذا لا يستفاد من برنامج بينات، بجوال كجوال تدبر مثلاً، فإني أرجوا أن ينفع الله به نفعاً عظيماً، وقد لمست كغيري فوائد ذلك الجوال، فمما يميز برنامج بينات، ما اكتسبه من قبول وانتشار في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وبهذا يتسنى لنا الإستفادة منه بأكبر قدر، ولا يمنع أن تتعدد مثل هذه الجوالات التي تحث على تدبر كلام الله، بل قد تكون الفائدة أكبر حيث أن بعضها يعضد بعضا، ويمكن أن يقوم الأخوات الفاضلات يتفريغ اللقاءات على هيئة رسائل جوال. هذا وأرجوا منكم التعليق. وجزى الله الجميع على ما يقدمونه من خدمة للقرآن العظيم.
يقول الإمام الطبري - رحمه الله -: (إني لأعجب ممن يقرأ القرآن، كيف يلتذ بتلاوته ولم يفهم معناه).
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً إنك أنت العليم الحكيم.
بارك الله فيكم أخي العزيز ونفع بكم.
فكرتكم جيدة وسنناقشها بإذن الله بجدية.
ـ[تيماء]ــــــــ[14 Sep 2008, 07:58 م]ـ
http://www.3lm-alkitab.com/bg/3.gif
اللقاء الرابع
موضوع اللقاء الرئيسي:
- في مقاصد سورة البقرة وموضوعاتها.
موضوعات اللقاء الفرعية:
- الألفاظ وأثرها على معرفة المناسبة بين السور.
- معنى المناسبة.
- المناسبة بين سورة الفاتحة والبقرة.
- مدلول الفعل المضارع في قوله إياك نعبد وإياك نستعين.
- دلالة تقديم ما حقه التأخير في القرآن وهو إفادة الحصر والاختصاص.
- تجديد العبد للعهد والميثاق في كل ركعة من الصلاة.
- موضوعات سورة البقرة.
- أين ذكر اليهود والنصارى في بداية سورة البقرة.
- أول أمر ونداء في القرآن الكريم.
- الاستدلال بالربوبية على الألوهية.
- قصة آدم وهي أول قصة ذكرت في القرآن.
- المراد بقوله خليفة في الآيات.
- عدم الخوض في مبهمات القرآن الكريم.
- تكريم آدم عليه السلام بالعلم.
http://www.3lm-alkitab.com/bg/21.gif
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الدكتور مساعد الطيار: توقفنا في اللقاء السابق عند المناسبة بين سورتي الفاتحة والبقرة , وكنا وعدنا أن نقف مع المناسبات ونعطي بعض الإلماحات لكيفية معرفة المناسبات , فقد تكون المناسبة بين سورة وأخرى قد تكون واضحة وبعضها تكون خفية , ومن قرأ في كتاب المناسبات كنظم الدرر يجد أنه بالفعل أحيانا تكون المناسبة ظاهرة وأحيانا تكون خفيفة , قد لا تستطيع الموفقة عليها مباشرة.
الدكتور محمد الخضيري: المناسبات أكثرها أو كلها اجتهادية.
الدكتور مساعد الطيار: نعم مبنية على الاجتهاد.
الدكتور محمد الخضيري: لو قلنا ما هي الأشياء التي نعرف بها المناسبة بين السورتين.
الدكتور مساعد الطيار: هل نقول أن الألفاظ لها آثر على المناسبة بين السورة والسورة التي تليها , مثلا سورة القمر انتهت بقوله تعالى: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)} وثم ابتدأت سورة الرحمن بقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ (1)} فكأنه يقول أن المليك المقتدر هو الرحمن , ولذلك بعض القراء من طرائفه أنه يصل بين آخر سورة القمر مع بداية سورة الرحمن.
وفي قوله: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)} في آخر آية في الواقعة , وقوله: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)} في بداية الحديد, وقوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ (49)} في نهاية سورة الطور ,وقوله {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1)} في بداية سورة النجم ..
الدكتور عبد الرحمن الشهري: إذن نحتاج أن نبسط موضوع المناسبة, فالبعض يسأل ما معنى مناسبة وما معنى تناسب؟.
التناسب هو وجوه الارتباط بين السور الفاتحة والبقرة وآل عمران مثلا , وهي اجتهادية , فالبعض قد تظهر له أوجه لا تظهر لغيره.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور مساعد الطيار: عندنا أيضا قضية موضوع السورة , فموضوع سورة الفاتحة مرتبط بالموضوعات التي طرحت في سورة البقرة.
الدكتور محمد الخضيري: وهكذا بين كل سورتين ينبغي أن ينظر القارئ في موضوع السورة ويحاول أن يبحث عن الرابط الذي يربط بينه وبين السورة التي تقدمت فهذا يفيد كثيرا في معرفة المناسبات , بمعنى لا تنظر في الموضوعات الجزئية فقط , وإنما انظر للمضامين الكلية , وحاول أن تقارن هذه بهذه ليظهر لك بعد ذلك وجوه المناسبة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: تكلمنا عن المناسبة بين الفاتحة والبقرة.
الدكتور مساعد الطيار: أشرنا إليها , وقلنا سنعطي السامع بعض الفوائد في فهم المناسبات , أحيانا تكون المناسبة بين فاتحة سورة وفاتحة السورة التي تليها , وأحيانا كما ذكرنا قبل قليل المناسبة تكون بين خاتمة السورة وفاتحة السورة التي تليها , وأحيانا قد تكون موضوعات , فعندنا مجموعة من الطرق التي يعرف بها المناسبة.
الدكتور محمد الخضيري: مما ذكره الدكتور عبد الرحمن في الحلقة الماضية قال قضية العهد والميثاق , فإياك نعبد وإياك نستعين عهدا وميثاقا وقد تكرر هذا في سورة البقرة في مواطن كثيرة جدا؛ يؤكد الله - عز وجل - العهد والميثاق على الأمم المتقدمة وعلى هذه الأمة , مما يجعل هذا من أجدى المناسبات بين السورتين , وعندي مناسبة أخرى بين قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)} في الفاتحة , هذا الصراط أين هو؟ وقوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)} البقرة , فهذا الكتاب هو الصراط المستقيم ,هذا الذي تسألون الله إياه , وهذه تفاصيله , ولذلك سميت هذه السورة جامعة القرآن أو سنام القرآن أو فسطاط القرآن لأنها قد جمعت شرائعه كلها , ففيها من العبادات والمعاملات والأموال والقصاص والوصايا والجهاد الخ.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: أيضا هناك وجه ارتباط آخر ففي سورة الفاتحة عندما ذكر الله الذين أنعم عليهم فقال: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ... (7)} , ثم فصل صفات الذين أنعم عليهم في سورة البقرة , فهناك صفات كثيرة من وفاءهم بعهدهم واستجابتهم لأمر الله ورسوله , وقصص الذين أنعم الله عليهم كثيرة في هذه السورة.
الدكتور محمد الخضيري: بل في أول السورة أيضا ,في قوله: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)} هؤلاء الذين أنعم الله عليهم , وفي المقابل في آخر السورة بين أن هناك طائفة للمؤمنين قد قامت بهذه الموصفات في قوله: {آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285)}.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: أيضا وجه ارتباط آخر في المغضوب عليهم والضالين , أشار الله إليهم في سورة الفاتحة ثم فصل لنا من قصصهم وصور ضلالهم في سورة البقرة , فكلمة ابن عاشور وغيرهم من المفسرين قال: [سورة الفاتحة هي ديباجة القرآن و مقدمته الذي جاء القرآن كله لكي يفصل معانيها] كلمة رائعة جدا والذي لا تظهر لك معانيها إلا إذا تأملت في سورة البقرة.
الدكتور مساعد الطيار: وذكر هذا بعض المفسرين فهناك من أشار لهذه الفكرة؛وهي أن الفاتحة جامعة لمعاني القرآن,
الدكتور محمد الخضيري: أيضا هناك قضية - وهي تتمة لما ذكره الدكتور عبد الرحمن في الحلقة السابقة - وهي قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} في الفاتحة , نحن الآن تعهدنا أن نعبد ربنا والتزمنا بذلك الأمر , فما هي العبادات؟ العبادات دونكم إياها؛ فأركان الإسلام الخمس والتي هي أجل العبادات, موجودة في سورة البقرة, ففيها التوحيد والصلاة والصوم والزكاة والحج كلها مذكورة في سورة البقرة.
الدكتور مساعد الطيار: نعم وجوه العبادات كلها.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور عبد الرحمن الشهري: هناك فائدة لطيفة لعلنا نناقشها , ففي قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} قلنا أنها عهد وميثاق , ثم ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم - أنه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب , فتأمل كيف أنك في كل ركعة تجدد هذا العهد والميثاق , لفت نظري الفعل المضارع في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} فالنحويون يقولون أن الفعل المضارع يدل على الثبوت والتجدد , فكلما نطقت بفعل مضارع دل على تجدد الفعل , فليس فعل مستمر بل هو فعل يحتاج لتجديد من وقت لآخر.
لاحظ كيف أنك في كل ركعة تجدد هذا العهد والميثاق الذي تردد بالفعل المضارع " نعبد " و" نستعين" , للدلالة على أنك في كل ركعة تصليها وكل مرة تقرأ فيها الفاتحة تجدد هذا العهد والميثاق بينك وبين الله -سبحانه وتعالى- و أنك لا تعبد إلا هو ولا تستعين إلا به فهو غاية في التوحيد- توحيد الألوهية وتوحيد العبودية -.
الدكتور مساعد الطيار: وهذا مدلول الفعل المضارع - من باب الفائدة كما ذكرتم - قضية الحدوث والتجدد, لو تأمله المتدبر وهو يقرأ - في شهر رمضان - ويتأمل في صياغة الفعل, ففي أول البقرة قال: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} ثم قال: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)} ولم يقل وينفقون مما رزقناهم فمثل هذه تجعل المتدبر يتساءل لماذا اختلفت صياغة الجملة , فجاء بفعل ثم عطف عليه فعل ثم يأتي بجملة اسمية , فلو يجعل المتدبر لنفسه حظا من النظر في الأفعال وكيف صيغت.
الدكتور محمد الخضيري: قال سبحانه وتعالى في سورة الأنعام: {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)} , وهذا سؤال طرحه المفسرين , لماذا خالف في الجملتين فمرة أتى بالجملة الفعلية ومرة جاء بالجملة الاسمية , وقد أجاب السيوطي إجابة , ولا أدري هل نقلها عن غيره كعادته - رحمه لله - و أنا أنقلها عنه وهي في غاية الروعة , قال: في يخرج الميت من الحي , لما كان إخراج الحي من الميت أدل على القدرة أتي بالجملة الفعلية ليدلل على أن هذا يحدث دائما وأبدا يتجدد , أما مخرج الميت من الحي , فهذا ثابت لله- عز وجل -فليس أدل على القدرة من الأول ولذلك جاء بالجملة الاسمية لإثبات أنه وصف يستحقه الرب - سبحانه وتعالى -.
الدكتور مساعد الطيار: هذا وصف ثابت فليس فيه إشكال.
الدكتور محمد الخضيري: نعم ثابت فليس فيه إشكال, أما الأول فأتي بالصيغة الفعلية ,ليقول للعباد أن ذلك لم يحدث مرة واحد في الكون وإنما يتجدد ويحدث مرة بعد أخرى.
- القصور في تعلم اللغة العربية ومدلولاتها.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: هذا من اللفتات الجميلة في تدبر القرآن وتدبر لغتنا الجميلة , لدينا قصور كبير فيه لضعفنا في اللغة العربية , وتلاحظ أن مناهجنا العلمية لا تساعد على العمق الفهمي في هذا الجانب , ندرس النحو على أنه قواعد جافة , ننجح في إقامة الكلام واستقامته , لكننا لا نصل إلى درجة تذوق الأساليب, بحيث تفرق بين من يخاطبك بفعل مضارع , ومن يخاطبك بفعل أمر , أو من يقدم المفعول به على الفاعل, فما نشعر بهذا الفرق الدقيق بينها, مع أن علم البلاغة خاصة عندما تكلم فيه عبد القاهر الجرجاني في كتابة دلائل الإعجاز , نصح - جزاه الله خيرا - بالعناية بالنحو وفهم المقاصد الذي يقصدها العرب من الكلام من خلال ترتيب الكلام , ففي قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} فيها حكم بلاغية كثيرة , منها أن التعبير بالمضارع يدل على التجدد وهناك فكرة أدق منها وهي قضية تقديم المفعول به على الفاعل.
الدكتور محمد الخضيري: أي تقديم ما حقه التأخير.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: نعم , فقدم إياك على نعبد.
الدكتور مساعد الطيار: ولم يقل نعبدك.
الدكتور محمد الخضيري: مع أنها اقصر.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور عبد الرحمن الشهري: بالضبط , فتقديم المفعول به يدل على الاختصاص , فهذا يدل على أننا نفردك بالعبادة ونخصك بالعبادة , أي لا نعبد إلا إياك , هذه كان يفهمها العرب دون الحاجة إلى تعليم ودراسة , أما نحن اليوم فنحتاج إلى الدراسة , ولذلك أقول أنه ينبغي على كل مسلم أن يحرص على ما يعينه للوصول إلى هذه المرحلة , وأنصح بكتاب جيد في هذا الباب خاصة كتب البلاغة مثل كتب عبد القاهر الجرجاني فهي رائعة في هذا الباب , وفيها نتائج تعتبر من دقائق أسرار القرآن الكريم وبلاغته , وكلما ظهر لك منها وجه زاد إيمانك , حتى وأنت تستمع للإمام في التراويح يقدم المفعول به هنا و يعبر بالفعل المضارع هناك , فلأنك قرأت وعلى بينه تستفيد وتتأثر بالقرآن , في كتاب رائع كتبه الدكتور السامرائي معاني النحو هذا الكتاب من أروع الكتب التي صنفت في هذا الموضوع في أربع مجلدات ويقول بقيت فيه أكثر من عشر سنوات يبحث فيه عن المقاصد البلاغية من الأساليب النحوية عند العرب , لماذا قدموا هذا ولماذا أخروا ذاك , و لماذا عبروا باللام هنا ولماذا أكدوا بالنون ولم يؤكدوا بكذا , ويقول كثيرا منها لم ينص عليها لا اللغويون ولا البلاغيون من قبل , فأعملت ذهني بالاستنباط فقد يصيب وقد يخطئ , فهذا علم شريف , غفلنا عنه حتى المعنيين بالدراسات القرآنية بصفة عامة , فقد يستغرب المتخصص في الدراسات الإسلامية عندما تسأله أسئلة بلاغية دقيقة فيقول هذا ليس فني, وأنا أرى أنه من صلب عمل المتخصص في التفسير والمعني به , أن يتتبع أسرار البلاغة في هذا الكلام البليغ ,حتى يستطيع أن يوصله للناس.
الدكتور مساعد الطيار: بمناسبة ما ذكرتم , هناك من المتقدمين من كتب في ذلك , الأول الطيبي وله حاشية على الكشاف , وله شرح على المصابيح وفيه إخراج لنفائس البلاغة النبوية وكذلك القرآنية, والآخر السهيلي وله إبداعات عجيبة جدا في هذا.
الدكتور محمد الخضيري: أضف إلى هذا ابن القيم رحمه الله - وإن كان استفاد من السهيلي- في بدائع الفوائد , ومن يقرأ في الكتب التي أخرجت في جمع تفسير ابن القيم يجد أن كثيرا منها يدور في هذا المعنى ,فابن القيم - أظنه - لا يملك نفسه في كل مرة يقول وهذه من لطائف التنزيل وهذه لا يتفطن لها إلا الفطن وهذه لم تأتي إلا بعد جهد.
الدكتور مساعد الطيار: وأيضا الرازي -رحمه الله تعالى - في كتابه ولكن لأ كتابه كبيرا جدا والاتساع أضاع كثير من هذه الشوارد ,التي تحتاج إلى جمع , ولو انبرى أحد طلبة العلم في جمع لطائف التفسير في تفسيره سيجد الكثير جدا.
الدكتور محمد الخضيري: تتميما لكلام الدكتور عبد الرحمن في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} ولماذا قدم ما حقه التأخير , وقد يكون لم ينتبه لها الكثير من الأخوة وهو ما الفرق بين إياك نعبد و نعبدك , فإياك نعبد توحيد , ونعبدك ليست توحيدا.
خذ مثلها في سورة يحفظها كثيرا من الناس بل ويرددونها في الصلوات وهي سورة قل هو , آخرها قال فيها: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} الصمد , فهذه مقلوبة قلبا , فهي" ولم يكن أحد كفوا له " فالجملة الأخيرة مقلوبة قلب كامل , لماذا؟ لهذه الحكمة البلاغية وهي أن تقديم ما حقه التأخير يدل على الحصر , هذا كله من أجل إثبات هذا المعنى العظيم.
الدكتور مساعد الطيار: وكأنه لو قال نعبدك لا يلزم منها نفي عبادة الغير.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: من المعاني الرائعة في القرآن الكريم , هو العناية بالتقديم والتأخير ودلالاته ,قد يقول البعض هل تتوقعون أن العرب في الجاهلية أو في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كانوا يتفطنون لهذه الأشياء , وهي انك لو قدمت ما حقه التأخير أن له معنى؟ تأملت هذا في أشعار الجاهلية بالذات ففيها عناية بهذا الجانب لا تكاد تصدق وهذا دليل على أنهم أصحاب سليقة , ولذلك جاء القرآن الكريم على هذه السليقة الرائعة ,فلو تأملت شعر امرؤ القيس فقط تجد الأدوات في شعره تستخدم بمهارة عالية , متى يستخدم ما " ومتى يستخدم "لم" متى يقدم اللام ومتى يستخدم التأكيد, وتجد فيها بلاغات عالية جدا من أعلى البلاغات في لسان العرب , ثم إذا جئت للقرآن الكريم فإذا بينه وبينها مسافات , ولذلك - أنا كنت و لا زلت - أنتقد القاضي الباقلاني فقد قال
(يُتْبَعُ)
(/)
في كتابه إعجاز القرآن دعونا نأخذ قصيدة امرؤ القيس التي أجمع العلماء أنها من أجود شعر العرب فنبين ما فيها من الضعف والخلل , وبعد ذلك يأتي ويقارنها بالقرآن , فقلت ما صنعت شيئا- رحمك الله -, فليتك بينت ما فيها من الجمال وإلا فلماذا اختارها كل هؤلاء , ثم إذا بينت ما فيها من الجمال وازن بعد ذلك بينها وبين القرآ، الكريم لتبين الفرق الكبير بينهم , أما أن تأتي تشتمها ثم توازن بينها وبين القرآن , ما صنعت شيئا , لأنك وزانت بينه وبين شيء ضعيف.
الدكتور مساعد الطيار: يبدو انه لم ينتبه لهذه الحيثية مع ما أعطاه الله من العقل.
الدكتور محمد الخضيري: عندي قصة عجيبة في هذا الباب تؤكد اهتمام العرب بهذه الأمور وعنايتهم بها , يذكر في القصص عند تفسير {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} , أن رجلا قام فسب رجلا فلم يلتفت له المسبوب , فاغتاظ , فقال إياك أعني - أراد لا اعني أحدا سواك - فقال المسبوب له وأنت أعرض - أي لا اعرض عن أحد سواك - لم يقل أنا أعرضت عنك , فرد عليه بأقوى منه.
الدكتور مساعد الطيار: لعلنا في اللقاءات القادمة نبين هذه الفكرة بالذات وهي عناية العرب بلغتهم وفهمهم لهذه الدقائق , فنحن نحتاج إلى هذه الصنعة لنفهم هذا القرآن الكريم على وجهه.
و لعلنا ننتقل إلى موضوعات سورة البقرة والتي هي أطول سور القرآن الكريم, فالمتوقع أن تكون مليئة بالموضوعات , فأول موضوعات كما نعلم هو التقسيم.
الدكتور محمد الخضيري: ذكر صفات المؤمنين والكافرين والمنافقين.
الدكتور مساعد الطيار: قد يقول قائل أنه في القسم الأول ذو التقسيم الثلاثي لم يذكر أهل الكتاب فبعض العلماء يقول أنهم ذكروا ضمنا في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} لأن نهاية أمرهم إلى الكفر, وبعضهم يقول أنها في قوله {وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ} أي خلا المنافقون إلى شياطينهم , وشياطينهم هم اليهود الذين كانوا في المدينة , فأين النصارى إذن , هنا فائدة لطيفة قد لا يدركها كثير من الذين ممن يسمع عن هذه الطوائف , فالنصارى تبع لليهود بمعنى أنه إذا خوطب اليهود في القرآن فالنصارى يلحقهم هذا الخطاب , لماذا؟ لأن النصارى يؤمنون بدين اليهود , ولكن اليهود لا يؤمنون بدين النصارى , لذلك خذها قاعدة وأنت تتكلم مع النصارى , إذا جاءت وقلت لنصراني في مزمور كذا ذكر كذا وكذا وتحتج عليه لا يقول أنا لا أؤمن بالمزمور لا يمكن , لكن لو جئت ليهودي وقلت له في إنجيل متى كذا , يقول لك أنا لا أؤمن أصلا بالإنجيل , فلاحظ هذه القضية فهي قضية مهمة , لذلك إذا قال يا بني إسرائيل وهو يتكلم عن الديانة اليهودية فالنصارى تبع لهؤلاء.
الدكتور محمد الخضيري: إذن لي يا دكتور مساعد في تفسير الطاهر ابن عاشور التحرير والتنوير- قبل أن نذكر موضوعات في هذه السورة- ذكر أمرين , من المهم أن نطلع على ما ذكره فيهما من أجل أن نتبين فيما تدور هذه السورة وموضوعاتها إلى أين تتجه.
يقول: [ومعظم أغراضها ينقسم إلى قسمين: قسم يثبت سمو هذا الدين على ما سبقه وعلو هديه وأصول تطهيره النفوس] هذا واحد , وهذا الذي ذكر فيه أصناف المؤمنين ومحاجة أهل الكتاب وذكر معايبهم والخصومة معهم وذكر أخلاقهم الخ , [وقسم يبين شرائع هذا الدين لأتباعه وإصلاح مجتمعهم] فيقول هذه السورة تدور في هذين الغرضين تقريبا.
الدكتور مساعد الطيار: إذن الموضوع الأول تقسيم الناس.
الدكتور محمد الخضيري: الثاني الدعوة لتوحيد الله -عز وجل- فبعد أن ذكر هذا قال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)} واستدل على هذا التوحيد لأنه هو المقصود.
الدكتور مساعد الطيار: يقولون هو أول أمر في القرآن الكريم ,, وهو مرتبط بقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)} , وهو أول نداء في القرآن الكريم.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: أضف إلى ذلك أنه لما ذكر التوحيد لم يذكره مجردا لم يقل: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} فقط , بل ذكره بدليل: {الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ} ثم أكد: {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} ففي البداية قال" أعبدوا ربكم "وفي الختام قال:"فلا تجعلوا لله أندادا" , في الأولى بصيغة الإثبات وفي الثانية بصيغة النفي , فذكر التوحيد بدليله هذا مهم جدا , فتوحيد الألوهية هو الربوبية.
الدكتور مساعد الطيار: إذن الوقوف على الربوبية وهذا يقع أحيان عند بعض المسلمين وأحيانا بعض العلماء , يستغرق في توحيد الربوبية ولا يأخذ بتوحيد الألوهية , فنقول أن المقصد الأعظم من ذكر توحيد الربوبية هو الوصول لتوحيد الإلوهية , فإذا عرفت أنه ربك , ماذا يجب أن يكون؟ المراد أن تعبده , ولذلك عندما ندعو الكفار من اليهود والنصارى بأي أسلوب من أساليب الدعوة المعاصرة وبأي طريقة من الطرق , لا نقتصر على قضية وقوع الاقتناع من هذا الكافر بأن ديننا حق , لأن هذه مرحلة وليست هي المرادة , وإنما المراد تعبيد هذا الكافر لله - سبحانه وتعالى - إذن ننتقل للمرحلة الأخرى و هي مرحلة تعبيد هذا الكافر لله , وإما دعوته ليقتنع بما عندي ليست هي المهمة عندي بل الدخول في دين الله.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: الموضوع الثالث الذي ننتقل إليه و إن كانت موضوعات سورة البقرة لو أخذت تفصلها آية آية لو جدت فيها آلاف الموضوعات.
فكما ذكر الدكتور محمد مرارا قول من قال أن سورة البقرة اشتملت على ألف حكم وألف أمر وألف نهي , فهي مليئة جدا , ولكن لعلنا نذكر أبرز الموضوعات , مثل قصة خلق آدم عليه السلام: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} وهذه قصة لها ما بعدها.
الدكتور محمد الخضيري: وهي أول قصة من قصص القرآن وهي آخر قصة حكيت في القرآن , فقصة الخلق وكيف أخرج آدم عليه السلام من الجنة وأهبط للأرض , وما حصل له من التكريم المسبق , كيف أن الله كرمه وأعلى منزلته ثم وقعت منه الخطيئة فنزل , ثم في آخر سورة من سور القرآن: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)} الناس , تذكروا أول حدث في القرآن والآن النتيجة والثمرة انتبهوا يا أبناء آدم من هذا العدو , الذي لن يترككم حتى تشركوه في نار جهنم - نسأل الله السلامة والعافية -.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: تعتبر قصة خلق آدم من أبرز موضوعات سورة البقرة , ولو تلاحظون في أولها في قوله: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30)} البقرة , والناس يتساءلون دائما , لماذا تقول الملائكة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} , كيف عرف الملائكة أنهم سيسفكون الدماء؟ هل كان هناك مخلوقات سابقة في الأرض؟ تجد المفسرين يتكلمون بكلام كثير , فقالوا: أنه كان فيها طوائف من الجن , لكن هل هناك أدلة تثبت ذلك , ليس هناك أدلة , ولكن تلاحظ أن هناك أمور قد يتشوف الذهن لمعرفتها في القرآن الكريم ولم يأت لها خبر لا في القرآن ولا في السنة , بالرغم من أن الناس تتشوف إليها , فليس من الصحيح أن تأتي بروايات باطلة وضعيفة, لتملأ بها هذا الفراغ بحجة كما يقول بعضهم إن في قصص القرآن الكريم هناك فراغات كثيرة , والقصة في عالم الأدب تحتاج أن تملأ هذه الفراغات , لو تجوزنا بهذا في عالم القصة العادية , لكن في القرآن الكريم ليس من حقك أن تملا فراغات القصص القرآني بخزعبلات و أشياء غير صحيحة وباطلة.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور مساعد الطيار: هل هناك مانع أن نقول أن الله الله سبحانه وتعالى لما قال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} و قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} أن يكون قد كان عندهم من العلم المجمل ما استنبطوا منه هذا الأمر - علم مجمل من الله - فالآن حصل قدر في وجود هذا الخليفة ,و الخليفة كما هو معلوم يخلف بعضه بعضا ,وهم يعلمون أنه سيدخل في محيط التكليف , فيكون عندهم من العلم المجمل ما استنتجوا من خلاله أن هذا الشيء سيقع منه وأقرهم الله عليه؟.
الدكتور محمد الخضيري: وقد قيل قول آخر وهو أنهم علموا ذلك إما بوحي أو إلهام , فالله أوحي إليهم أو ألهمهم ذلك فعرفوا أن ذلك سيقع منهم.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: عفوا يا دكتور محمد مالمانع أن تكون قبلهم مخلوقات سابقة وقد كانوا يعرفون هذا لكن هذا ما حكي لنا.
الدكتور مساعد الطيار: لا يمنع , ومن باب الفائدة بعض الناس- أحيانا - مثل هذا الأمر يكون كبيرا عنده , وتجده ينافح عنه , والقضية و السؤال هل أنت مطالب بهذا علما وعملا أو لا , ونحن نغفل -أحيانا كثيرة -عن هذه المسألة , ماذا أراد الله منا , فتجد أننا نقصر في ماذا أراد الله منا ونشتغل بماذا أراد الله بنا - القدر - فكونه وجد أو لم يوجد ما الفائدة , فلا فائدة عليمة ولا عملية لأن النتيجة منتهية.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: ممكن أن نقول أن هذا يلحق بالمبهمات في القرآن الكريم , فالمبهمات في القرآن الكريم هي الشخصيات التي وردت في القرآن الكريم غير محددة بالعين كقوله: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} القصص: 20 , فمن هو هذا الرجل؟ هذا مبهم , وكقوله: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ} يوسف: 50, ما اسم الملك؟ هذا مبهم , فيقول العلماء: كل ما ورد في القرآن الكريم من المبهمات لا يتعلق به حكم و لا منه فائدة , ولولا أن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - سأل عن المبهم لقلنا أنه ليس من المشروع أن تبحث عنه , لكن أقول أنه يلحق بالمبهم؛ما سكت عنه في فواصل القصص القرآن , فهناك بعض المناطق في القصص القرآني ترك الحديث عنها , وليس هناك أدلة تملأ هذه الفراغات , فنرى أنه يعرض عن هذا.
الدكتور مساعد الطيار: إذن كيف استفيد من الموجود ولا أبحث عما سكت عنه , اذكر قديما ابن عقيل لما كان يلقي في الإذاعة تفسير التفاسير - إن لم تخني الذاكرة - نقل عن الخفاجي ولكن لا أدري من أين هذا النقل قرأت تفسيره لسورة الفاتحة بحثا عن هذا القول في قضية المحذوف , عندما يقول العلماء أن هذا فيه حذف , فكان يشدد في هذا ويقول أن هذا من القول على الله بغير علم أن تزعم أن الله قد ترك شيئا , هذا معناه.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: ما ريكم في هذا القول فالمفسرين والنحويون إذا قالوا محذوف يقصدون محذوف تقديرا مثلا إذا سأل أحد:" أين محمد " فأجبت: " في البيت" ولم تقل:"محمد في البيت" فأنت حذفت محمد للعلم به لأنه ذكر , فالحذف في كلام المفسرين المقصود به هذا وليس المقصود ما سكت عنه من القصص أو التفاصيل.
الدكتور مساعد الطيار: أحيانا قد تدخل محذوفات في القصص من نفس هذا النوع , بعض الناس يسأل أين أم يوسف - عليه السلام , وأين أبو موسى - عليه السلام -.
الدكتور محمد الخضيري: صحيح أبو موسى ليس له أي ذكر.
الدكتور مساعد الطيار: أين أبي مريم؛عمران- و سيأتينا بمشيئة الله الكلام عنه - لم يذكر , ذكر اسمه فقط ولم يذكر عنه أي خبر.
فهناك شيء من الفراغات التاريخية , تدخل في هذا الجانب , جانب القدر الذي إن وصلنا إلى علم فيه فلا يزيدنا في قضية العمل , وإن كان فيه فائدة علمية , لكن ماذا أراد الله منا في جانب العمل هذا الذي يجب أن نحرص عليه و لا نقصر فيه.
الدكتور محمد الخضيري: استفدت من كلامك قبل قليل في قوله خليفة , فكثير من الناس يفهمون خليفة لله عز وجل والله عز وجل ليس بحاجة أن يخلفه أحد في شيء من ملكه - سبحانه وتعالى - لكن خليفة الصحيح من كلام أهل التفسير أنه يخلف بعضه بعضا , فالله خلق ابن آدم على وجه المخالفة بمعنى أنه يأتي جيل ثم بعده جيل وهكذا حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور عبد الرحمن الشهري: وهذا له شواهد في اللغة ففي قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا (62)} الفرقان , يخلف بعضه بعضا يذهب الليل ويأتي النهار.
الدكتور مساعد الطيار: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ} الأنعام:165
الدكتور عبد الرحمن الشهري: يخلف بعضكم بعضا.وفي قصيدة زهير ابن أبي سلمى المعلقة التي يقول في مطلعها:
أمن أم أوفى دمنه لم تكلم **بحومانة الدراج فلمتثلم
ديار لها بالرقمتين كأنها مراجع** وشم في النواشر معصم
وهو يصف أطلال آل أم أوفى فيقول أن بها العين - بقر الوحش - يقول أنها أسراب من بقر الوحش تسكن هذه الأطلال ولم يبقى فيها أثر للساكنين فيقول:
بها العين والآرام يمشين خلفة** وأطلاؤها ينهضن من كل مجثم
الشاهد أن خلفة كلمة معروفة المقصود بها يخلف بعضهم بعضا.
الدكتور مساعد الطيار: لم يبقى إلا شيء قليل فلعلنا نذكر الفوائد من قصة آدم؟
الدكتور محمد الخضيري: لعلي أذكر أمرين , أن الله كرم آدم - عليه السلام - بالعلم وهذه الحقيقة كونها تأتي في سورة البقرة , للدلالة على أن هذا الدين وهذا كتابه هو كتاب العلم , فكأن الله يوقظنا لأهمية العلم وأن الإنسان ينبغي أن يهتم به فلا يمكن للإنسان أن يدرك سعادة الدنيا ولا سعادة الآخرة إلا به , وهذا ادم لو كان هناك شيء يفضل به آدم على الملائكة وهم خيار خلق الله خير من العلم لفضل الله به آدم , ولكن الله جعله العلم لأنه يعتبر أعلى ما يفضل به الإنسان.
الدكتور مساعد الطيار: اذكر أحد الطلاب أرسل لي بحث مقترح له وهو العلم في سورة البقرة , عجيب فعلا , ومثل هذا التقوى في سورة البقرة ستجد أن هذه السورة وغيرها من السور مليئة , وكأن هذه السورة لم تتحدث إلا عن هذا الموضوع.
الدكتور محمد الخضيري: الأمر الآخر قصة آدم - عليه السلام - في خلقه و إهباطه , هي خلاصة تقدم للبشرية كلها يقال لهم أيها الناس أنتم خلقتم ومستقركم الجنة فوسوس الشيطان لأبيكم فاستحق عقوبة له أن يهبط للأرض , الآن المطلوب منكم الرجوع للمقر , والرجوع للمقر يحتاج للصعود , والصعود يحتاج لجهد وتعب , يحتاج إلى صلاة صيام حج زكاة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر , جهاد , وأشياء كثيرة جدا , كما قال ابن القيم- رحمه الله -
فحيى على جنات عدن فإنها ___ منزلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى___ نعود إلى أوطاننا ونسلم
الدكتور مساعد الطيار: انتهى الوقت ولعلنا نكمل في موضوعات السورة في الحلقة القادمة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: جزاكم الله خيرا
سبحانك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك , وصلى اللهم على محمد وآله وسلم.
انتهى اللقاء.
ـ[الغامدي1]ــــــــ[16 Sep 2008, 03:51 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء وجعل ما تقومين به من العلم النافع الذي تنتفعين به بعد عمر طويل في طاعة الرحمن
ـ[~ سمو مسلمه ~]ــــــــ[16 Sep 2008, 11:04 ص]ـ
تيماء بارك الله فيك وجزاك خيرا ...
ـ[ديني يقيني]ــــــــ[23 Sep 2008, 03:51 ص]ـ
الله يجزاك خير الجزاء .... ويجزى المشايخ الفضلاء عنا كل خير
لكننا نطمع بالمزيد من الحلقات بارك الله فيك ...
فقد فاتتني أوائلها ... وارجو ان اجدها هنا مفرغه
وفقنا الله واياكم جميعاً .. ونفنا بما عندكم من علم
ـ[صوت الحق]ــــــــ[23 Sep 2008, 07:35 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء ..
مجهود راااااااااااائع ...
أسأل الله أن ينفع بك ...
أكملي بارك الله فيك ..
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[23 Sep 2008, 08:02 ص]ـ
جزاك الله خيراً أختي الفاضلة تيماء على هذا الجهد المبارك وهذا النقل وجعل كل حرف تنقلينه في ميزان حسناتك اللهم آمين. ننتظر باقي الحلقات بفارغ الصبر إن شاء الله تعالى. سلمت يمينك وبارك الله في وقتك
ـ[أم إبراهيم]ــــــــ[23 Sep 2008, 02:55 م]ـ
جزاك الله خير أختي تيماء وشكر سعيك
ـ[ندى الكندي]ــــــــ[24 Sep 2008, 05:13 ص]ـ
جهد مبارك أختي تيماء
جزاك الله خيرا .. هي أبلغ الثناء
جعلك الله من عتقائه
وصب عليك رحمات منه وبركات
فتكوني مرحومة في كل شأنك .. مباركة أينما حللت
ـ[تيماء]ــــــــ[28 Sep 2008, 10:53 م]ـ
http://www.3lm-alkitab.com/bg/3.gif
(يُتْبَعُ)
(/)
اللقاء الخامس
موضوع اللقاء الرئيسي:
- تابع موضوعات سورة البقرة.
موضوعات اللقاء الفرعية:
- صيغ الإشارة لليهود والنصارى في القرآن وسبب الاختلاف في صيغ الإشارة.
- في كون أن الخطاب لليهود يشمل النصارى ولكن خطاب النصارى لا يشمل اليهود.
- العلة في إشارة القرآن ليعقوب مرة بيعقوب وأخرى بإسرائيل.
- الأعلام الأعجمية في القرآن و تحرج بعض العلماء من قول أن في القرآن أعجمي.
- أصل اسم يعقوب وإسحاق.
- بعض الألفاظ الأعجمية وأصولها العربية.
- تذكير الله لبني إسرائيل بنعمته على آبائهم, وفيه أن النعم على الآباء نعم على الأبناء ,و أن مخازي الآباء تلحق الأبناء.
- الإجمال قبل التفصيل و نظرة إجمالية لآيات بني إسرائيل في سورة البقرة.
- المغزى من تقديم ذكر الحل في قصة البقرة على أصل الإشكال.
- المغزى من ذكر مخازي بني اسرائيل وقصصهم هو للاعتبار والتحذير منها , وهذا ما فهمه الصحابة.
http://www.3lm-alkitab.com/bg/21.gif
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن واله وبعد:
الدكتور محمد الخضيري: وصلنا في الحلقات الماضية إلى قصة بني إسرائيل , والتي تعتبر أخذت حيزا كبيرا من هذه السورة , وهي قصة جوهرية في تحديد هدف هذه السورة ومقصودها ,وافتتحت بقول الله -عز وجل-: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ .. } فما تعليقكم؟
الدكتور مساعد الطيار: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله , في قوله سبحانه وتعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ}
من الأشياء التي يحسن أن ينتبها لها قارئ القرآن, أن الله - سبحانه وتعالى- إذا خاطب أهل الكتاب قبلنا, فهناك عدة خطابات , فهناك خطاب بـ يا بني إسرائيل , وخطاب بـ يا أهل الكتاب , وخطاب قالت اليهود , وخطاب قالت النصارى, أما أمر النصارى فواضح جدا ,أما إذا قال يا بني إسرائيل فالذي يظهر لي - والله اعلم - هو النظر للقومية بمعنى النظر للنسبة ويراد بهم الأبناء الذي انحدروا من نسل يعقوب عليه السلام -والذي هو إسرائيل - فيكون هنا التذكير بالوشيجة النسبية , وهذا بلا شك نوع من التشريف , كما تنادي أي إنسان فتقول يا ابن بني فلان , أما قوله: "قالت اليهود" ففي الغالب تأتي في القضايا المرتبطة بالديانة أو ذكر بعض الأخبار المخزية عنهم , مثل قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} وقوله: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى} فهو من جهة الديانة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: فلم يرد في القرآن الكريم ولن ترضى عنك بنو إسرائيل.
الدكتور محمد الخضيري: لأن من بني إسرائيل من اسلم.
الدكتور مساعد الطيار: أما قوله: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ} فهذه أحيانا قد يراد بها اليهود وأحيانا قد يراد بها اليهود والنصارى و قد ترد في سياق النداء لأحد الطائفتين , لكن في الغالب أن المراد بها اليهود والنصارى.
ومن باب الفائدة إذا وقع الخطاب لليهود فيلحق بهم النصارى لأن النصارى يؤمنون بكتاب اليهود , أما إذا كان الخطاب للنصارى فهو خاص بهم لأن اليهود لا يؤمنون بكتاب النصارى , فهذه تقريبا أربع ألفاظ يحسن للمتأمل أن يتأمل سياقاتها حين تأتي ," بنو إسرائيل , يا أهل الكتاب , قالت اليهود , قالت النصارى".
الدكتور محمد الخضيري: وفي هذا الصدد , نذكر أيضا إسرائيل و هو يعقوب - عليه السلام - فمرة يذكر باسم يعقوب ومرة يذكر باسم إسرائيل , وقد ذكر الزركشي لطيفة جميلة في هذا الباب فقال: إذا أريد تذكير بنيه بعبوديته لله وتحبيبهم بهذه العبودية وبالعهد الذي بينهم وبين ربهم - سبحانه وتعالى - ذكروا باسم أبيهم إسرائيل لأنه بمعنى عبد الله , وإذا أريد ذكر يعقوب وحده أو ذكر التبشير بالعقب في إبراهيم عليه السلام: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72)} الأنبياء , ولم يقل و إسرائيل نافلة , فيعقوب بشارة بأنه سيكون له عقب , وأن ذرية إبراهيم - عليه السلام - ستبقى في نسل إسحاق - عليه السلام - فذكر يعقوب , وهي من اللطائف الجميلة التي أدعو إلى تأملها في موضوع تتبع الأسماء ودلالاتها واختلافاتها في القرآن الكريم.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور مساعد الطيار: من باب الفائدة طالما ذكرت قضية دلالة الأسماء هناك كتاب لرؤوف أبو سعده اسمه "العلم الأعجمي في القرآن مفسرا بالقرآن" , هذا الكتاب فيه لفتات جميلة جدا , وإن كان القارئ عندما يقرأ هذا الكتاب قد لا يستطيع أن يوافق أو يخالف المؤلف؛لأن المؤلف يعتمد على لغات قديمة , وأذكر مرة أني ذكرت الكتاب في ملتقى التفسير وقلت من اشتراه ولم يعجب به فعلي غرمه , لأن الكتاب جمع بين التاريخ واللغة والثقافة , والمؤلف لا يعرف له غير هذا الكتاب.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: الكتاب نادر , وأنا أؤيد الدكتور مساعد , والحقيقة أني قرأت نصف الكتاب , وقد قدم له الدكتور محمود محمد الطناحي , و أثنى عليه ثناء عاطر , وكان هذا سبب قراءتي للكتاب بعد ذلك, وهناك كتاب آخر, وقد كنا أجرينا لقاء في ملتقى أهل التفسير , مع الدكتور فاء عبد الرحيم , وهو رئيس قسم الترجمات في مجمع الملك فهد , وقد ألف كتابا مماثلا , تتبع فيه الأعلام الأعجمية في القرآن الكريم وتتبع أصولها ودلالاتها , وكتابه قيم , وأثني على ما ذكره الدكتور محمد من العناية بالأسماء الأعجمية في القرآن والسياقات التي ترد فيها , فمتى يرد يعقوب ومتى يرد إسرائيل.
الدكتور مساعد الطيار: ومثله إلياس و إلياسين فهو واحد فلماذا قيل مرة إلياس ومرة إلياسين.
وهذه ستقودك إلى البحث عن هل في القرآن الكريم مفردات أعجمية أم لا؟
الدكتور محمد الخضيري: كالسندس والإستبرق.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: بعض المتأخرين و المتقدمين أيضا من علماء العرب يتحرج من هذه الكلمة , ويقول أن من قال أن في القرآن كلمة أعجمية فقد جحد , أو قدح في القرآن , أو أنه أعظم الفرية على الله.
الدكتور مساعد الطيار: هذا قول أبو عبيدة ..
الدكتور عبد الرحمن الشهري: نعم , قالها في مقدمة كتاب المجاز.
الدكتور محمد الخضيري: لأن فيها مخالفة للنص فيما يظهر.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لقوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)} يوسف, لكن في تصوري الأمر أبسط من هذا خاصة الأسماء.
الدكتور محمد الخضيري: يظهر لي أن الأسماء هي في محل إجماع في خروجها من هذا الأمر , لكن يبقى في الأعلام.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: مثل الأدوات التي كان يستخدمها العرب ولم تكن من إنتاجهم , كالسندس والإستبرق , لا يعرفها العرب إلا من استيرادها من الفرس , فليس هناك حرج من تسميتها بالأسماء التي سماها بها من صنعها , لكن حتى هذه الأسماء , هناك إشكالية وهي: أن العرب تتصرف في العلم , فتغير فيه.
الدكتور مساعد الطيار: مثل إستبرق يقولون أن أصله ستبرك.
الدكتور محمد الخضيري: لكن من يؤكد أن الأصل كان فارسيا؟
الدكتور مساعد الطيار: هذا قاله الطبري.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: هذا لا يستطيعه إلا من يتقن اللغة.
الدكتور محمد الخضيري: أو ما يستطيعه إلا نبي لأن اللغات حقيقة أقرب ما تكون إلى علم النبوات في أصولها , لذلك قال الشافعي: [لا يحيط باللغات إلا نبي]
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لغات العرب يقصد؟.
الدكتور محمد الخضيري: بل حتى في اللغات الأخرى , تحتاج إلى عبقرية عالية حتى تحيط بأصولها.
الدكتور مساعد الطيار: بما أننا فتحنا هذا الموضوع ولكي يكون هناك تكامل فيما يتعلق بالعلم الأعجمي , فقد ذكرتم أن العلم الأعجمي لا إشكال في وجوده في القرآن بمعنى لو افترضنا أن أحدا كتب قصة من عشر صفحات وذكر فيها اسم بريطاني أو ذكر اسم مدينة , لا نقول أن هذا يعتبر عجمة في القصة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: فذكر بعض المفردات الأعجمية لا يخرجه عن كونه عربيا.
الدكتور مساعد الطيار: لكن المراد أنه لا يوجد في أساليبه شيء أعجمي , ولا يأتي بألفاظ ذات دلالة غامضة لا تعرف معانيها.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: والأصل في هذا أن يقال , أن القرآن الكريم به ألفاظ أعجمية في أصلها , ولكن القرآن نزل بعد أن استخدمتها العرب, فنزل القرآن بلغة العرب التي تستخدمها.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور مساعد الطيار: و لبعض المعاصرين بحث جديد فيه إثارة لهذا الموضوع من جديد , والعلماء -كما نعلم - البعض منهم ينفي والبعض يثبت والبعض يتوسط في هذا , و الطبري يرى أنه لا يوجد في القرآن ما هو أعجمي، فيقول لا يمكن أن ثبت أن هذه لفظة عربية وأخذتها العجم أو أنها أعجمية وأخذتها العرب , ولكن بعض العلماء يقولون أن هذه الأعلام الأعجمية أصولها الأولى عربية, ولكن حصل لها تعجيم على مدى من الزمن ,وذكروا أمثلة من لطائفها مثل ما ذكرتم يعقوب ,فلو حذفنا الزوائد فيه" الياء والواو" أصبح لدينا مادة عقب, وهي مناسبة لاسم يعقوب, فهو الذي يعقب أباه , وكذلك حللو اسم إسحاق بالتحورات التاريخية التي حصلت له , وقالوا أن أصله بمعنى الضاحك أو الذي يضحك , لذلك جاء في قصة سارة " فضحكت " وكيف تحول إلى إسحاق فالعبريين ... يقولون يصحاق فالصاد أصلها ضاد والقاف أصلها كاف وهذه متقاربة في النطق , وإذا أزلت الزوائد منها تصبح يضحك , هي لفة طويلة ولكنها ليست بغريبة فمن قرأ في تاريخ المفردات سيجد أن مثل هذه التحولات ليست بغريبة.
الدكتور محمد الخضيري: هذا يدعوني إلى أن نؤكد على مسألة مهمة لطلاب العلم , فعندما تحدث مسألة خلافية بين أهل العلم, فمن الضروري جدا عندما تريد القراءة في خلاف بين أهل العلم أو تقرأ في مسألة ما أن تحرر محل النزاع أي: أين أختلف العلماء ,فمسألة العجمة في القرآن وهل يوجد عجمة في القرآن , نقول أولا حرر محل النزاع فالأعلام بإجماع العلماء موجودة في القرآن الكريم , أما الأساليب والجمل فا بإجماع العلماء ليست موجودة , فتحرر الخلاف, فهناك أسماء أعجمية موجودة في القرآن كالسندس والإستبرق والسلسبيل الزنجبيل وهكذا.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: أذكر فائدتين في هذا الموضوع , ولا أريد أن استطرد حتى لا نخرج عن موضوعات سورة البقرة.
الدكتور محمد الخضيري: لأن هذا التفسير ليس تفسيرا تحليليا.
الدكتور مساعد الطيار: لكنه مرتبط بموضوع بني إسرائيل والعلم الأعجمي في جميع القرآن.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: الفائدة الأولى: في أن بعض المفردات الأعجمية التي يقال بعجمتها في القرآن الكريمأصولها عربية , ولكن استخدمتها العجم , فرجعت مرة أخرى واستخدمتها العرب بعد بقاء التغيرات التي أحدثها العجم , فهناك من الباحثين الآن من يتتبع هذا ويصر عليه ,ويقول كل الألفاظ الموجودة في اللغات أصلها عربي , و أن اللغة العربية هي أم هذه اللغات , وأذكر قصة طريفة للأب انستاس الكرملي العراقي - وهو من علماء اللغة الكبار وكان نصرانيا من بغداد -يقول أنني تتبعت اللغة العربية واللغات الأخرى فوجدت أن ما يقارب تسع ألفاظ من عشر ألفاظ من الانجليزية أصلها عربي.
الدكتور محمد الخضيري: أي ما يقارب تسعين بالمائة من الألفاظ الإنجليزية أصلها عربي.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: نعم , ثم يقول أحد الباحثين العراقيين لفتت نظري هذه المقولة , فتتبعت بحث انستاس فذهبت للمتحف حتى أجد بحث الكرملي فلم أجده , يقول فتتبعت بنفسي اللغة وكتب بحثا عنها- أظنها كانت رسالة علمية قدمها , يقول فأكملت الكلمات فإذا عشر كلمات من عشر كلمات أصلها عربي , وضرب أمثله مثل مستشفى أصلها hospital هوسبيتل ,والمستشفى بالعربية أصلها "حوزة البيطار" - والحوزة هي المكان- و الآن يطلق بيطري على طبيب الحيوانات, أما سابقا فكان كل من يعالج يسمى بيطار , فيصبح المعنى "المكان الذي يعالج فيه البيطار" , فحورت إلى هوسبيتل , وهناك مفردات في الانجليزية لا شك أنها عربية مثل الكهف بالانجليزية Cave, والحناء Henna.
الدكتور مساعد الطيار: البعض سيتساءل ما هذا الإغراق , لكن نقول له لاحظ اللهجة العامية وحاول أن تؤصلها ستجد نفس الطريقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
لعلنا نتحدث الآن عن خطاب الله لبني إسرائيل في قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)} البقرة , الخطاب هنا ليس لبني إسرائيل الذين مروا وإنما لمن كانوا في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم -, و قوله: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ .. } 49: البقرة , نلاحظ في الخطابات التي مثل هذه قد يقول القائل: ما علاقة من كان في زمن فرعون بمن كان في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- , فنقول إن إنجاء الآباء نعمة على الأبناء فلو لم ينجوا الآباء لم يكن الأبناء.
الدكتور محمد الخضيري: {وَآَيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41)} يس.
الدكتور مساعد الطيار: و أيضا حين تُذكر مخازي الآباء التي لم يعترض عليها الأبناء ولم ينكروها فإنها تلحقهم , لذلك قال الله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51)} البقرة , فهم لم يتخذوا العجل وإنما اتخذه آباؤهم من قبل , فإذن هذه قاعدة على القارئ أن ينتبه لها أن الخطاب لبني إسرائيل الذين كانوا في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- إذا جاء في أمور كانت من آباءهم فهي تلحق بهم.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: ومصداقا لذلك قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آَبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173)} الأعراف.
الدكتور محمد الخضيري: المفترض أن نبدأ بصورة إجمالية ثم نمر على التفاصيل , فهي الطريقة المثلى للنظر في السور والآيات و المعاني وجميع ما يعتري الإنسان , فينظر نظرة إجمالية ثم يخوض في التفاصيل حسب ما يريد , حتى في التفسير فالأفضل أن يبدأ القارئ بقراءة تفسيرا أجماليا , لا في تفسير يخوض في التفاصيل, فهذا قد يمنعه من الفهم , ويحول بينه وبين معرفة مراد الرب - عز وجل - من جملة هذه الآيات ,وتأكيد لذلك دعونا نأخذ نظرة أجمالية لهذه الآيات , فالآيات بدأت بنداء لبني إسرائيل تناديهم وتذكرهم بنعم الله عليهم فالله يذكر هذه النعم ويذكر العهود والمواثيق التي أخذها عليهم , وهو كما أسلفنا من الروابط بين هذه السورة والفاتحة " موضوع العهد والميثاق" , فيقول: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)} البقرة , فما هو هذا العهد , فذكر عدة أعمال في قوله: {آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)} , ثم: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} ثم بدأ يذكر نعم الله عليهم و بما قابلوها من الكفران والجحود والعنت والتجاهل والتأبي والطغيان والاستكبار والنكوص.
الدكتور مساعد الطيار: وعبادة العجل.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: يذكرالله- سبحانه وتعالى - نعمته عليهم , ثم بعد ذلك ما حدث منهم , فيقول لهم هذا ما فعلتموه , ومازال السياق على هذا النحو , حتى يأتي إلى المعاصرين في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- فيقول فيهم: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76)} , فبدأ يذكر مخازي المعاصرين , وكثير من كفراياتهم , ومقابلتهم للرسول - صلى الله عليه وسلم - بالكفران والجحود , وهم أعلم الناس بأنه رسول الله حقا , يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وهي دلالة على المعرفة القطعية , كما قال عبد الله بن سلام - رضي الله عنه -:" إني لأعرف أن هذا رسول الله أشد من معرفتي لأبني , فإني لا أدري من خلفني على أمه , لكني أعلم أن هذا رسول الله حقا ", إذن فمازالت الآيات تعدد مخازيهم: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ .. } {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ .. } {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ} {وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} , ثم يذكر بعد ذلك المجادلات والخصومات معهم , و إلزامهم بالحجج: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} {أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ} {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} فهي ترد عليهم وتجادلهم , ثم ننتقل لمواضيع أخرى في بقية السورة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لفت نظري ما تكرر من الأمر بالوفاء بالعهد ثم التفصيل في تعداد مخالفات بني إسرائيل: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)} , وهذا فيه جانبان؛الجانب الأول شدة عتو هؤلاء , وكثرة مخالفتهم , وقد كانت عندما تنزل الآيات على النبي -صلى الله عليه وسلم -و يتلوها على الصحابة تبلغ اليهود , كما كان حال كفار قريش, شديدي الحرص على تتبع الجديد من الوحي , فكانوا كالمسلمين أو أشد حرصا , وقد يكون ذلك للرد عليه أو تسفيهه أو دهشة من جماله ,كما في قصة أبو سفيان والأخنس بن شريق.
الدكتور محمد الخضيري: عندما كانوا يأتون في الليل ليستمعوا لتلاوة الرسول- صلى الله عليه وسلم -للقرآن.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: والأمر الثاني: أن فيها تحذير من مخازي بني إسرائيل وتنبيه عليها ونهي عنها, فالصحابة - رضوان الله عليهم - كانوا يعرفون أن هذه الرسائل أتت لكي يجتنبوا ما وقع فيه بني إسرائيل , والسورة كما تقدم معنا مرارا تدور حول هذا , وقصة البقرة قصة رمزية في ذلك.
الدكتور محمد الخضيري: ولذلك نقول ونؤكد أنه ينبغي للقارئ عندما يرى مثل هذه الوصايا الربانية أن يدونها , ثم ينظر في القرآن و أوامر الرب لنا - أمة محمد - سيجدها موجودة , ولعلي أضرب مثال واحد فهنا يقول: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)} , و بعد أن بدأ ينزل القرآن عليهم وتتابع الأوامر , يقول لله - عز وجل -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} نفس الأوامر , وهنا قال أيضا: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ
(يُتْبَعُ)
(/)
تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)} , يعني أحذروا يا أمة محمد هذا أيضا قد أنزل عليكم فإياكم أن تتولوا مثل ما تولوا وتعرضوا كما أعرضوا فيصيبكم ما أصابهم , فحري بنا نحن؛ ونحن نقرأ القرآن أن ننظر لوصايا الرب - سبحانه وتعالى - للأمم السابقة ثم نحصيها وننظر فيها لأنه في الغالب مثل هذه الوصايا أمر مشترك.
الدكتور مساعد الطيار: هناك أيضا من الفوائد في بني إسرائيل ما ينبغي أن ننتبه له: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60)} لماذا اثنا عشرة عينا ألا تكفيهم عين واحدة؟ لا شك أن هذا يرتبط بطريقة عيش بني إسرائيل والذين هم أبناء يعقوب- عليه السلام- , وعند تأمل الخطابات القرآنية لهم , تجد مثلا لما ضربموسى عليه السلام البحر لهم: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63)} الشعراء , وكان أيضا اثنا عشرة طريقا , هذا يدعوك للتساؤل , و الذي يظهر؛ أولا: أنه لكل سبط طريقه الذي يخصه , لكن السؤال الثاني لماذا لكل سبط ما يخصه؟ فهناك أشياء من المفترض أن تكون عامة , وأشياء تكون خاصة , كما في الجيوش الإسلامية مثلا , كانت كل قبلية مع بعضها فيكون هناك نوع من الحمية , لكنه في النهاية يختلط الكل , وقد لا تنتبه لهذا إلا عندما يقال أن الميمنة كانوا بني فلان والميسرة كانوا بنوا فلان , والذي يظهر لي -وهي قضية نلاحظها في بني إسرائيل -قضية الافتراق والتنازع , وأن هذه الطريقة كانت بسبب تنازعهم , ومن التنازع لديهم مثلا لما بعث لهم طالوت ملكا قالوا: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)} , مع أنهم في البدء: {إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .. (246)} أي واحد , لكن -سبحان الله -هذا بسبب المنازعة والخصومة , وهذا يشير لهذا المعنى ,و فيه تنبيه لنا كمسلمين أن لا يكون عندنا مثل هذا التفرق.
الدكتور محمد الخضيري: هذه اللطائف وأمثالها لا نستطيع أن نجزم بصدق واحده منها ولا بخطئها فنستفيد منها مدامت في الأصل هي صحيحة , فأنا انظر لهذا التقسيم أنه كان نوع من التنظيم والضبط الإداري بين قبائل وأناس متشاحين إذا جاءهم الخير تزاحم عليه , فجعل الله لهم هذا حتى لا يختلفوا , ويكون هذا قدوة للبشر, فنضبط دوما أمورنا ونوزع المهام وندير الأمور إدارة جيدة ,فمثلا لو تقرأ في قصة سليمان- عليه السلام- وإدارته لمملكته تجد غاية الضبط , يوسف -عليه السلام -تجد طريقته في توزيع الأموال على الناس في غاية الدقة و الإحكام؛حتى وصف نفسه بقوله إني عليم حفيظ , لعل هذا ما تشير إليه الآية , ولا نستطيع أن نجزم أن هذا مراد الآية , أو ما ذكره الدكتور مساعد سابقا, فكلاهما لو نظرت إليه تجد أنه صحيح في نفسه ويمكن أن يطبق , ولذلك نقول أن هذه اللطائف لا تتزاحم ما دام أصلها صحيح و دلت الشريعة عليه.
الدكتور مساعد الطيار: الخلاف سيكون في " هل دلت الآية عليه " وهذا ملمح مهم جدا , أود أن ينتبه له من يستنبط , فلا نخالف في أصل القاعدة , ولكن في ربطها بالآية.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: تأييد لقول الدكتور مساعد قول الله تعالى: {وإذ فرقنا ... } فسماها فرق , لكن فكرة التوزيع الذي ذكره الدكتور محمد فكرة سائغة و لا سيما أنه أتى ذكر اثنا عشرة عينا واثنا عشرة طريقا في مقام الامتنان عليهم والتفضيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: أضف إلى ذلك في قصة البحر عندما يدخلون في اثنا عشرة طريقا يمشون سريعا وحتى يتفقدون كل من معهم فهم قادمون على معمعة وقد يفقد أحد أو يتخلف أحدا , وأفضل طريقة لهذا أن يقسم الناس ,فليس هناك طريقة يمكن أن تنادي بها بالأسماء أو بالأرقام , وإنما يقال بنو فلان وبنو فلان وهذا أيسر ما يكون , فمثلا في الحج وأنت في حملة فتقسم الناس أهل نجران, أهل جيزان ,أهل أبها, أهل الرياض وهكذا.
نأتي الآن لقصة البقرة فهناك مسألة في القصة - قد تشكل على القارئ - فعندما تقرأ القصة تقرأها وكأنما تقرأها من منتصفها , ثم إذا أتيت لآخرها تجد قوله تعالى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72) فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)} فهل هذا تابع للقصة جاء بعدها , أو حدث ذلك قبلها , أو هي قصة منفصلة؟ ما قول أهل العلم في ذلك؟
الدكتور عبد الرحمن الشهري: يرى المفسرون أنها قصة واحدة و أنه أخر ما حقه التقديم , فقدم الله -سبحانه وتعالى- الحل ثم ذكر سببها , فذكر أن سبب أمر بني إسرائيل بذبح بقرة أنه قد قتل فيهم قتيل , واختلف فيمن هو القاتل فكان الحل الذي أمر به موسى - عليه السلام - أن يذبحوا بقرة ويضربوا بلحمها هذا المقتول , فيحيا بإذن الله تعالى ويخبر عمن قتله , وفيما يبدوا لي أن تقديم العلاج في القصة قبل ذكر السبب لأن العبرة في القصة هو في الحل وفي استجابتهم لأمر الله الذي جاء به موسى - عليه السلام - فقدمت على سببها ,لأن السبب قد يقع في أي مكان , ففي أي مكان قد يقتل قتيل ويختلف فيمن قتله , لكن الحل الإلهي الذي أمر الله به كان هو العبرة , فلاحظوا أن سورة البقرة كلها كانت بسبب هذه القصة فتقديمها في نفس سياقها وجيه.
الدكتور محمد الخضيري: وتشير لأمر مهم , وهو أن تعطى هذه الأمة نموذجا على ما فعله بنو إسرائيل فيقال لهم انظروا ماذا فعل بنو إسرائيل مع نبيهم موسى - عليه السلام - فيأمرهم بأمر {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} فيقولوا له: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} فيقول: {أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67)} قالوا: {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} وبدأت الأسئلة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لاحظ الأدب في قولهم "ربك".
الدكتور محمد الخضيري: كأنك أنت ربك شيء ونحن شيء آخر.
الدكتور مساعد الطيار: وكما قالوا: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)} المائدة.
الدكتور محمد الخضيري: فلما أعطيت الأمة هذا المعنى , قيل لهم أن سبب هذه القصة والمشكلة وأمر موسى لقومه أن يذبحوا بقرة- هو قوله: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (72)} فقدم هذا الأمر ليبرزه للأمة , فيقال لهم انتبهوا أن تفعلوا كما فعل بنو إسرائيل أو أن يحصل لكم مع نبيكم مثل ما حصل من بني إسرائيل مع نبيهم من التلكؤ والتباطؤ وعدم الاستجابة والعناد وتكرار الأسئلة , لذلك في الحديث يقول -صلى الله عليه وسلم -: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم» رواه البخاري ومسلم , فالاختلاف على أنبيائهم جاء هنا في قوله" أتتخذنا هزوا" ,وكثرة مسائلتهم في قوله "ادع لنا "مرة بعد أخرى , وفي الأخير قالوا "الآن جئت بالحق"!
الدكتور مساعد الطيار: بني إسرائيل قال فيهم الله -سبحانه وتعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69)} الأحزاب.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لا مقارنة بينهم وبين أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
الدكتور مساعد الطيار: وأيضا قال: { .. لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ .. (5)} الصف, فأذيتهم لموسى - عليه السلام - وهو من أولو العزم من الرسول , وهو الذي أنقذهم الله به من ضيم فرعون فانظر كيف تعاملوا معه.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: هذا المعنى كان حاضرا في ذهن الصحابة وفي ذهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: " إن الله كتب عليكم الحج" فقال رجل: أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه، حتى عاد مرتين أو ثلاثًا، ... فقال: "والذي نفسي بيده، لو قلت: نعم لوَجَبَتْ، ولو وجبت عليكم ما أطقتموه .. "والثانية في غزوة بدر لما قال:" أشيروا علي أيها الناس", فقام له أبو بكر والمهاجرين ,وفي كل مرة يقول:"أشيروا علي أيها الناس" وهو يريد الأنصار لأن العهد بينه و بينهم أن يدافعوا عنه إذا جاء عدو للمدينة ,فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم -أن يتأكد أن العهد وراء ذلك إذا خرجوا خارج المدينة, فقام سعد بن معاذ و أسيد بن حضير وقام صحابة من الأنصار وقالوا:والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل: {فاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)} المائدة, ولكن نقول اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون.
الدكتور مساعد الطيار: وهذا يدل على استفادتهم من قصص بني إسرائيل.
الدكتور محمد الخضيري: وأنهم كانوا يستفيدون منها في الحياة , فليست الفائدة هي ثمرات ثقافية وتحليلات, بل علم وعمل مباشر في الحياة.
الدكتور مساعد الطيار:وهذه فيها إشارة إلى أن قصة موسى - عليه السلام -في المائدة قد نزلت قبل بدر , لأنه استشهد بها في هذا المقام.
الدكتور محمد الخضيري: ومن اللطائف الدكتور يحي بن إبراهيم اليحي - أستاذ التاريخ والسيرة النبوية في الجامعة الإسلامية- يقول: " أستطيع أن أرتب الأحاديث النبوية على ترتيب السيرة من بداية البعثة إلى وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- " فقلت له: هذا صعب ,فقال: اعطني ما شئت و أستطيع أن أقول لك متى وقع هذا في السنة الأولى أو الثانية أو العاشرة, وبالفعل ذكرت له عدة أحاديث وأجاب عليها , وهو لا يقول وقعت في اليوم الفلاني أو الشهر الفلاني لكن يستطيع ذلك بجمع النصوص وذكر بعض الأحداث.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: ولماذا لا يفعل ذلك؟
الدكتور محمد الخضيري:هو يتمنى ذلك ولكنه يقول أن هذا المشروع ضخم جدا ويحتاج إلى جهد كبير.
الدكتور مساعد الطيار: لعله يرسم المنهج فلعله يأتي بعده من يكمله.
الدكتور محمد الخضيري: ذكرت له حديث , فقال لي هذا من رواه فقلت له رواه الصحابي كذا , فقال هذا لم يسلم إلا في السنة الفلانية , وهكذا ..
الدكتور عبد الرحمن الشهري: هذا ممكن ولكنه يحتاج إلى علم بالأحاديث والسيرة والتفسير , لكنه ممكن.
الدكتور مساعد الطيار: إذا كان عندنا مشاريع علمية أو عملية نجزم يقينا أننا لا نستطيع أن نقوم بها , فليس من الحكمة أن نميتها أيضا , على الأقل ننشرها بين الأمة بطريقة ما , لعل أحد يأتي ويتمها.
الدكتور محمد الخضيري: كأن يكتب مقالة عن هذا مثلا.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: يذكرون أن ابن العربي ذكر في كتابه التفسير - وقد تكلم عن علم المناسبات بين السور - , يقول وهذا علم قد فتح علينا فيه , ثم لم أجد له طالبا فطويته وجعلته بيني وبين الله , وليته كتب.
الدكتور محمد الخضيري: لعلنا بهذا نصل لختام الحلقة نسأل الله أن يعيننا في الحلقات القادمة.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت , استغفرك وأتوب إليك.
انتهى اللقاء
ـ[تيماء]ــــــــ[28 Sep 2008, 11:08 م]ـ
http://www.3lm-alkitab.com/bg/3.gif
اللقاء السادس
موضوع اللقاء الرئيسي:
- تابع موضوعات سورة البقرة.
موضوعات اللقاء الفرعية:
- تفسير معنى قوله تعالى: {واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان}
- بيان أن السحر كفر.
- حقيقة هاروت وماروت وكونهم فتنة.
- تقرير أن لله أن يبتلي عباده بما يشاء.
- ألفاظ القرآن جاءت بأبين ما يكون.
- الجمع بين مسألة عصمة الأنبياء وما وقع منهم من ذنوب.
- قواعد عامة في مسألة عصمة الأنبياء.
- إنكار ذنوب الأنبياء التي جاءت الإشارة إليها في القرآن الكريم تكذيب لله تعالى.
- الخلط الذي وقع فيه بعض المفسرين في قصة داود عليه السلام مع الخصم الذين تسوروا المحراب.
- تقرير أن الآية في القرآن قد يراد بها الآية الشرعية أو الآية الكونية.
- إثبات نسخ الآيات الشرعية وأنه لحكمة يعلمها الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
- تبسيط لعلم الوجوه والنظائر مع ذكر أمثله (آية , خير , أمة).
- ذكر بعض الكتب التي أُلفت في هذا العلم.
- الحديث عن تفسير الرازي صاحب مختار الصحاح وذكر بعض المسائل التي فيه.
- في معنى كلمة فناقل.
- القرآن يتدرج في معالجة القضايا وطرحها.
- التمهيد بالآيات لقضية تحويل القبلة.
- معنى السفيه.
- تحويل القبلة للكعبة وأثر ذلك على اليهود والكفار.
- ذكر أمر تحويل القبلة في كتب بني إسرائيل رغم تحريفها.
- استمرار أهل الكتاب في تحريف كتبهم حتى اليوم.
- في معنى إنجيل برنابا و إنجيل متى أو مزمور رقم كذا.
- توالي التشريعات في سورة البقرة بعد الأمر بتحويل القبلة.
- التربية تحتاج لطول وقت وطول نفس.
http://www.3lm-alkitab.com/bg/21.gif
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن واله
الدكتور محمد الخضيري: ما زلنا أحبائي نتحدث حول سورة البقرة هذه المائدة العظيمة من كلام الله -عز وجل -والتي فيها - يصح أن نقول- مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ لكثرة ما فيها من خير وتنوعه, كنا نتحدث في الحلقة الماضية عن قضية من أهم قضايا هذه السورة وهي قضية بني إسرائيل و ذكر مخازيهم وصفاتهم وعهد الله لهم ونعمه عليهم , أشياء كثيرة ذكرت في هذه السورة لتكن موعظة لأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وأن لا نصير إلى ما صاروا ونقول لنبينا ما قالوه لأنبيائهم ونفعل مثل ما فعلوا ونقابل نعم الله كما قابلوها , وذكرنا في نهاية الحلقة الماضية أن الصحابة استفادوا فائدة كبرى من قصص بني إسرائيل في سورة البقرة , و ما زالت الآيات تتابع و إن كنا لا نتوقف عند كل آية كما ذكرنا ولكن نقف عند المعاني المهمة التي نرى أنها تبين وتوضح ملامح هذه السورة ,حتى يدخل الإنسان إلى تفاصيلها وهو مطمئن إلى أنه يسير في ذات الأهداف التي تحققها هذه السورة.
وصلنا لقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)} هذه خصومة لبني إسرائيل ورد على بني إسرائيل لأنهم أدعو دعوى وهي: كيف يأت نبي وينسخ رسالة موسى -عليه السلام -فالله -عز وجل- يبين ويرد أنه هو الذي ينسخ وهو الذي ينزل وأن كل شيء من عنده , وفي الوقت ذاته هي مقدمة لشيء سيأتينا بعد قليل وهي قضية نسخ القبلة , فالقبلة أساسا كانت جهة بيت المقدس وجاءت هذه الآية لتعطي المقدمة , وتقول أن النسخ بيد الله, فالله هو المشرع , وفي الوقت ذاته هو الذي ينسخ ويرفع ويزيل , تعليقكم يا شيخ مساعد في هذا الموضوع.
الدكتور مساعد الطيار: لو سمحت فقط هناك موضوع مهم -في نظري - بودي لو نبدأ به وهو في قوله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)} , كما نلاحظ انتشر في هذا لعصر السحر - نسأل الله السلامة والعافية - وله قنوات , ونلاحظ في الآيات إن الله - سبحانه وتعالى - ينفي عن سليمان - عليه السلام - هذا الأمر , ولكننا نجد أن بعض السحرة يزعم أنه علم يتلقى من سليمان - عليه السلام - وهذا من تلبيس الشيطان , والآية من الآيات المشكلة , وقد وقع فيها خوض من بعض من تعرض لتفسيرها ,كما أن كثير من الناس لا يفهم معنى الآية الإجمالي , فالله - سبحانه وتعالى - يقول: {وَاتَّبَعُوا} أي اليهود {مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} ولم يقل على سليمان , ومعنى ذلك أنهم كانوا يلقونه في عهد سليمان في مملكة سليمان - عليه السلام - ثم نفى الله - سبحانه
(يُتْبَعُ)
(/)
تعالى - عن سليمان الكفر فقال: {وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} وهذا فيه إشارة إلى أن السحر كفر, ثم قال: {وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا} , لأنهم: {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} و أيضا يعلمون الناس: {مَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ} هذان الملكان كما أخبر عنهما الله لا يعلمان من أحد حتى يقولا له: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}
فالله- سبحانه وتعالى - أنزل هذان الملكان ابتلاء للناس فيعلمونهم السحر , ونعلم أن القاعدة في هذا؛أن الله لا يبتلى عباده بمثل هذه الأمور إلا إذا هم وقعوا فيها وصارت سجية لهم , مثل ما قال تعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (5)} الصف , فهو عقاب لهم من جنس العمل الذي يقومون به , فلما أنزل الله هذان الملكان أنزلهم على قوم قد عج فيهم السحر , ومع ذلك إذا جاءهم أحد ليتعلم منهما فيقولان له إنما نحن فتنة فلا تكفر , فيبينون ويوضحون له , لكن هؤلاء يأتون إليهما باختيارهما ليتعلموا السحر , قال: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102)} قد يقول قائل أن هذا غريب فكيف ينزل الله تعالى ملكين لتعليم السحر , وهذا يرجع لقاعدة كلية وهي أن الله - سبحانه وتعالى - له أن يبتلي عباده بما شاء.
الدكتور محمد الخضيري: لعل الدكتور عبد الرحمن يجيب على هذا؛كيف يبتلي الله العباد بأن يعلمهم السحر.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: الله -سبحانه وتعالى- له مطلق الحق بأن يبتلي عباده بما شاء ,والله- سبحانه وتعالى- لا يسأل عما يفعل ولذلك قال في سورة المائدة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآَنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101)} ذكر العلماء ما هي المسائل المكروهة , كأن تتعنت في السؤال فهذا مكروه , و السؤال عن علل الأمور التعبدية؛ لماذا أمرنا الله بكذا , ونحن نؤكد في حديثنا عن سبب تسمية سورة البقرة بهذا الاسم أنها سميت بذلك لدلالة هذه القصة الرمزية على الاستسلام لأوامر الله والانقياد له , فإذا أمر الله بشيء انقادوا له ,و لذلك عائشة - رضي الله عنها - لما جاءتها امرأة تسأل وقالت لماذا نقضي الصيام ولا نقضي الصلاة فقالت لها: أحرورية أنت؟ بمعنى لم تسألين عن ذلك؟ وإلا كان بالإمكان أن تجيبها أنه بذلك أمرنا , فكثرة السؤال لماذا أمر الله بكذا من المسائل المكروهة , فالله -سبحانه وتعالى -يذكر أنه أنزل ملكين وأنه ابتلى الخلق بأن جعل هذان الملكان يعلمان الناس السحر ابتلاء منه , وقد يستكبر بعض الناس فيقول الله سبحانه وتعالى ينزل ملكين يعلمون السحر؟ وينكر هذا , ونحن نقول أن الله له مطلق الحق في ذلك , الأمر الثاني أنهم ينبهون {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} وانظر للأسلوب فالمعنى أنهم لا يمكن أبدا أن يغفلوا هذا التنبيه فقوله من أحد - فتشمل كل أحد - فهم ينبهونه وينذرونه بقولهم: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} لكن يدخل على النفوس شبهات كثيرة عندما يغفلون جانب الاستسلام والانقياد لأوامر الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: أضف لذلك أن الإنسان أحيانا قد يشكل عليه أمر يسير , وهو يذعن لما هو أعظم منه ,وهذه من العجائب -سبحان الله -, فنقول من الذي خلق إبليس؟ أليس الله - سبحانه وتعالى- , و أليس إبليس فتنة لبني آدم؟ من الذي خلق الكفر؟ أليس الله؟ إذن؛إذا كان الله خلق الكفر والمعاصي وقدرها , وخلق إبليس وجعله فتنة لبني آدم فهذه كتلك أيضا , فكيف تقبل بهذه وتستعظم تلك؟ وهذه تدعونا لقضية مهمة جدا , لأن هذه الآية تشكل على فهم كثير من الناس بل قد أشكلت على كثير من المفسرين قالوا ذلك وذكروه في تفاسيرهم , والحق مع ظاهر القرآن , فظاهر القرآن جاء بأبين ما يكون في بيان حقيقة هذا الأمر , فنذهب ونلوي أعناق النصوص!! ونحاول أن نأتي بتأويلات باردة وسمجة وفيها تكلفات!! في غالبها هي رد على أمور وقعت في النفس ويريد الإنسان أن يردها , لكن الحقيقة أن هذه الأمور التي وقعت في النفس لا حقيقة لها , فكون الإنسان يقول كيف ينزل الرب ملكان ليعلمان الناس السحر وما يقبل بهذا , فيستعظمه وينكره , فيقول حقيقة الأمر أن هاروت وماروت ليسا بملكين!! أو أن التعليم ليس منها وإنما من اليهود أو من الجن والشياطين!! , تكلفات كثيرة جدا , مع أن الآيات واضحة جدا , فلا إشكال في الآية فالقضية أو العقدة هي؛هل لله أن ينزل أحد يعلم الناس السحر؟ الجواب: له ذلك , ومع هذا يبين - فالحمد لله -.
الدكتور مساعد الطيار: رأيت بعض المتأخرين كتب كتاب يبين قصة هاروت وماروت وأغلب ما تكلم فيه مجانب للمعاني التي ذكرناها والتي يشير لها ظاهر الآيات , والمحقق - حفظه الله - أخذ عنه وتبع المؤلف في هذا وأشاد بجهوده في التأويل , أحيانا يرد الكاتب عن شيء توهمه وليس واقع.
الدكتور محمد الخضيري: مسألة عصمة الأنبياء مثلا , وقع في نفوس كثير من الناس أن الأنبياء معصومون عن كل ذنب. ثم إذا جاءت الذنوب المذكورة في القرآن للأنبياء وتوبتهم لله واستغفارهم منها أشكل عليهم ذلك ,إذن حل العقدة من أصلها , فالأنبياء معصومون في أصل التبليغ وقبائح الذنوب التي هي لا تليق بأن تنسب إليهم لأنها تخل بالمروءة وتنقص مقادير الأنبياء , فهذه لاشك أنهم معصومون منها , لكن الذنوب التي تقع من سائر البشر , كأن يغضب فيضرب أو أن يسب إنسان أو شيء من هذا القبيل والذي يقع مثله من سائر البشر , نقول هذا لا ملامة فيه , الملامة في أن يقع منه الذنب ولا يتوب ولا يستغفر , ولذلك تذكر ذنوب الأنبياء ويذكر بعدها التوبة , ولذلك داود -عليه السلام -لما قال: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآَبٍ (25)} ص , فانظر إلى قوله فاستغفر ولم يقل ثم استغفر , فمن حين ما وقع في الذنب استغفر , فمما استغفر داود إلا من ذنب , هنا انتهت المشكلة.
الدكتور مساعد الطيار: بمناسبة ذكر عصمة الأنبياء يحسن بنا وضع قواعد عامة لكي يتبصر بها المسلم وهو يقرأ القرآن , يقول - سبحانه وتعالى: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)} الإسراء , فعندنا جانب بشري ,في النبي وجانب رسالي وهو نبوي , كما ذكرتم الجانب النبوي معصوم فيه وهو جانب التبليغ , أما الجانب البشري الأصل فيه أنه مثل البشر لا يعطى مزية إلا بما ورد فيه النص , فمثلا كون أن رائحة عرق النبي - صلى الله عليه وسلم - كرائحة المسك , هذا جانب كمال بشري نثبته لوجود الدليل عليه من الأخبار الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - لكن لا يمكن أن نقول مثلا أن النبي - عليه الصلاة والسلام - يطير لعدم ثبوت ذلك عنه , إذا لا نثبت في الجانب البشري للنبي ما لم يثب عنه , و هذا الجانب هو الذي وقع فيه بعض الإشكال عند العلماء مما يقع من الجانب البشري في النبي , فاستغرب مع وضوح الآيات التي أثبتت بعض الذنوب من الأنبياء كيف يأتي من ينكرها , ويكون عنده حشمة لمقام النبي أكثر من حشمة الرب - سبحانه وتعالى - لأن في إنكار وقوعها نوع من تكذيب الله , فالله -سبحانه وتعالى -يقول: {
(يُتْبَعُ)
(/)
لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)} الفتح , هذه نعمة للنبي- صلى الله عليه وسلم-.
الدكتور محمد الخضيري: وكذلك قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3)} الشرح ,
الدكتور مساعد الطيار: وقوله تعالى: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68)} النبي - صلى الله عليه وسلم - فسرها وقال: (لقد عُرِض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة) وقال: (ولو نزل ما نجا منه إلا عمر وسعد بن معاذ).
الدكتور عبد الرحمن الشهري: أيضا {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7)} الضحى.
الدكتور مساعد الطيار: الضلال عن تفاصيل الشرائع وإلا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - فقد كان من الحنفاء , وأيضا استغرب في تفسير آية: {وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75)} الإسراء , فهذا خطاب للنبي مباشرة فكيف يأتي من يتمحل ويتكلف في التأويل , ولهذا فالسلامة هي مع ظاهر النص فنثبت للنبي ما أثبته الله له ولا ننفي عنه ما أثبته الله عليه.
الدكتور محمد الخضيري: تأكيدا لهذه الكلمة يجب أن نبين ونقرر أن القرآن بيِّن واضح , وأن ألفاظه سهلة ميسرة , و لذلك كل ما استعصى الفهم فيه أو الإفهام فيه؛نعلم أننا جانبنا الطريق فيه , ففي قصة داود - عليه السلام - في سورة ص خاض الناس في الذنب الذي وقع منه , فقالوا أنه تزوج امرأة القائد , وأن القصة رمزية لشيء معين , بينما عندما تتأمل القصة تجدها واضحة جدا!! فعندما تقرأ كلام السعدي - رحمه الله - وكلام شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - تجد المسألة أوضح من أن تتكلف لها شيئا , فداوود - عليه السلام - حكى له أحد الخصوم القضية فقضى داود - عليه السلام- قبل أن يسمع من الخصم الآخر , و قال: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24)} فكيف يقضي قبل أن يسمع من الخصم الآخر , فربما كان عنده من الحجة ما يدفع به خصومة صاحبه , وانظر لقوله تعالى بعدها: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)}.
الدكتور مساعد الطيار: لذلك تلاحظ في بداية القصة قوله تعالى: {وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (20)} ثم القصة عن القضاء ثم ختمها بكونه خليفة ليحكم بين الناس بالعدل , فكل القصة من مبدأها إلى خاتمتها في القضاء وآدابه.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: تعليقا على قوله تعالى: {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26)} , هذه لعل فيها فائدة ودلالة تدل على المعنى الصحيح لقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً .. (30)} البقرة , لأن البعض ذهب لقول خليفة يخلف الله في الأرض , وهذا غير صحيح , فخليفة المقصود به آدم -عليه السلام -بحيث يخلف ذريته بعضهم بعضا فهذا معنى , ومعنى آخر أن آدم - عليه السلام - كان هو الخليفة الذي يحكم بين ذريته حتى توفي -عليه السلام -ثم أصبح الأنبياء بعد ذلك هم الذين يصنعون ذلك , فالخليفة من معانيها الحاكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: لكن المعنى الذي ينبغي أن ندرأه في هذا الموضوع هو أن لا يكون خليفة لله بمعنى أنه وكيل لله في تدبير الأمور فهي بيد الله.
الدكتور مساعد الطيار: الآية التي ذكرتها وهي قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106)} لو تأملنا هذه الآية نجدها تثبت النسخ وأن الذي ينسخ هو الله - سبحانه وتعالى - وهذه قاعدة يجب أن ينتبه لها المسلم , أن الذي ينسخ هو الذي أمر , وهذا الأمر مرتبط بحكم إلهية ومصالح مرتبطة بالبشر , سواء قل وقت الأمر أو طال ,فليس طول الأمر أو قصره مقصدا , وإنما المقصد النظر للحكمة والمصلحة , لأن البعض يقول كيف يأمر الله بالصدقة بين يدي الرسول قبل أن يكلموه في آية النجوى ثم تنسخ بعدها وقبل التمكن من فعلها , فلم يتمكن من فعلها إلا علي - رضي الله عنه - فنقول أن هذه قضايا مرتبطة بحكم إلهية ومصالح , والنظر في تطبيق هذه الأمور , وهي تربية من الله- عز وجل - للمسلمين , انظروا لهذا الفعل الذي فرض عليكم وفيه مشقة فإنما هو بسبب شيء ما فعلتموه فلم تتأدبوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم - فجاءكم مثل هذا الأمر الذي قد يكون فيه نوع من القسوة والمشقة , ثم الله رحمة بكم نسخه , فلننتبه إلى أن هذه القضية مرتبطة بحكمة الله -سبحانه وتعالى - وأيضا من القضايا المرتبطة بهذه الآية , أن فيها علم جميل وقد يغفل عنه هو علم الوجوه والنظائر , فعلم الوجوه والنظائر من علوم القرآن المهمة, فهل كل لفظة آية وردت في القرآن المقصود بها آية قرآنية متضمنة لحكم , نقول: وردت آية والمراد بها آية كونية وقد نفي التبديل والنسخ في الآيات الكونية: {لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ... (64)} يونس , والمقصود أن الآية تأتي بمعنى الآية الشرعية وتأتي بمعنى الآية الكونية , والذي يقع عليه النسخ هو الآية الشرعية أم الآية الكونية فلا يقع عليه نسخ , فبعض من لا يفهم , وبعض النصارى من الذين يريدون أن يطعنوا في الإسلام يأتي بلفظ الآية في مقام الاحتجاج على المسلمين في أن القرآن مرة يثبت أنه يبدل الآيات ومرة يثبت أنه لا يبدل الآيات , فيقول في قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)} النحل, هذه إثبات للتبديل والنسخ, وتأتي آيات آخر تنفي تبديل الآيات , فنقول هنا يجب أن ننتبه فالآية التي أثبت نسخها غير الآية التي نفي نسخها وتبدليها , وهذا علم الوجوه والنظائر , فهناك آية شرعية و آية كونية.
الدكتور محمد الخضيري: من علم الوجوه والنظائر؛كلمة خير مثلا فترد مرة فتكون بمعنى أفضل و مرة بمعنى المال كما في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)} العاديات , وكلمة أمة مرة ترد ويراد بها الجماعة من الناس ومرة يراد به الرجل الجامع لخصال الخير كما في قوله تعالى: {إنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120)} النحل , ومرة يراد بها الزمن كما في قوله { .. وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ... (54)} يوسف, فهذا تأكيد لمعنى الوجوه والنظائر.
الدكتور مساعد الطيار: يمكن أن نلخص معنى وجوه بأنها اللفظة التي يكون لها أكثر من معنى في القرآن , والنظائر هي الآيات التي تأتي على أحد هذه المعاني , مثلا كلمة أمة في قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ .. (23)} القصص, فهي هنا بمعنى الجماعة من الناس , نظيره قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)} الأنبياء.
الدكتور محمد الخضيري: وأُلفت فيها كتب مثل كتاب إصلاح الوجوه والنظائر للدامغاني.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: و الوجوه والنظائر في القرآن العظيم لمقاتل بن سليمان وهو قديم جدا.
الدكتور مساعد الطيار: من باب الفائدة فالمحقق قد تصرف في عنوان إصلاح الوجوه والنظائر وإلا فاسمه الوجوه والنظائر , وهو أصلحه فزاد وعدل وبدل في الكلمات.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: أيضا كتاب بصائر ذوي التمييز فيه جملة كبيرة من هذا الباب.
الدكتور مساعد الطيار: كتاب يحي بن سلام التصاريف.
الدكتور محمد الخضيري: يدعونا هذا إلى أن نتعرف على هذا الكتاب المسمى بتفسير الرازي أو ما يعرف بإنموذج جريء لأن له صلة بهذا الموضوع , فهو يبين بعض الوجوه , لمن هو هذا الكتاب؟
الدكتور مساعد الطيار: الكتاب معروف باسم تفسير الرازي - وهو ليس فخر الرازي المشهور - وإنما صاحب مختار الصحاح , ويسمى إنموذج جريء لأسئلة وأجوبة من غرائب التنزيل , هذا الكتاب فكرته والباعث على تأليفه و كما يذكر المؤلف- رحمه الله تعالى - أنه جمع فيه نموذجا يسيرا من أسئلة القرآن المجيد و أجوبتها , يقول فيه: [ونقلت من كتب العلماء إلا أني نقحته ولخصته - وهذا يكثر - و منه ما فتح الله تعالى علي به؛بسبب مذاكرتي أخ من أخوان الصفاء في دين الله ومحبة كتابه , وكان صالحا تقيا سليم الفطرة وقاد الذهن جامع لجملة من مكارم الأخلاق وصفات كمال الإنسان, انعم الله تعالى علي بصحبته ومذاكرته في معاني كتابه وكان شديد العناية بها, كثير البحث والسؤال عنها , قد هداه الله إليها وفتح عليه فيها بغرائب لم نسمعها من العلماء ولا رأيناها في كتبهم , فحملتني فكرته القادحة ونيته الصالحة على جمع هذه الصبابة , وهي تزيد على الألف ومائة سؤال وإن كانت بالنسبة لما في القرآن من الغرائب والعجائب كالقطرة من الدأماء- البحر - والسهى من نجوم السماء] فهو كتاب مهم جدا وفيه بعض ما يتعلق بعلم النظائر و الوجوه , وعلينا أن نعلم أن العلماء كانوا يقيدون مثل هذه اللطائف , وستجد في هذا الكتاب من فؤاد هذين العلَمين الرازي وصاحبه الذي لم يسمه لنا , والمدارسة ماذا ولدت؟ ولدت ألف ومائة سؤال.
الدكتور محمد الخضيري: من الأمثلة في قوله تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)} البقرة, قتل النبيين أصلا بغير الحق ,فكيف يقول بغير بالحق.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: كأن السؤال هل هناك قتل للنبيين بحق؟
الدكتور محمد الخضيري: فيبين الجواب على المسائل , ومن الأمثلة قوله تعالى: { .. وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ .. (38)} الأنعام , فهل هناك طائر يطير بغير جناحين , وأيضا قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ... (282)} البقرة , هل هناك تداين بغير دين.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)} الحج.
الدكتور محمد الخضيري: وهل هناك قلوب ليست في الصدور , فيذكر الجواب عليها باجتهاد ولكنه اجتهاد عالم متمكن فيستفيد منها من يريد أن يتدبر الآيات والمقاصد.
الدكتور مساعد الطيار: كل الكتاب مبني على فعل قيل و قلنا.
الدكتور محمد الخضيري: هذه تسمى كتب الفناقل- يراد بها اختصار لـ فإن قيل كذا قلنا كذا - , نعود للآية السابقة: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آَيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} هذه الآية كانت مقدمة لتحويل القبلة , وأتعجب من شيء يرد في القرآن , وهو أن القضية التي تحتاج لمعالجة شديدة ترد في القرآن على درجات , سواء كانت هذه المعالجة معالجة للإفهام أو القلوب , مثلا آيات الإنفاق في هذه السورة , من أول السورة وهي تذكر الإنفاق في كل مقطع تأتي إشارة إلى أن أتى في آخر السورة فنزلت الآيات التي تبين الإنفاق وأوجهه وعلى من يكون وفي الحث عليه , لكن البداية كانت من قوله تعالى: { .. وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)} , ثم {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ .. } شيئا فشيئا إلى أن وصل لآية الإنفاق.
و هذه القضية وهي قضية نسخ القبلة كانت من أشد القضايا على أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى اليهود والمشركين , فاليهود قالوا كيف يغير و يبدل , والمشركين قالوا ألم يقل أنه يتبع دين إبراهيم , والمسلمون أعياهم موقف هؤلاء من هذه الشريعة.
الدكتور مساعد الطيار: فأنت ترى أن الآية تمهيد لتحويل القبلة؟.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور محمد الخضيري: نعم وهذا ذكره ابن القيم في زاد المعاد قال إن التمهيد بدأ من ما ننسخ , ولذلك قال بعدها: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا .. (114)} ثم بعدها يقول: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)} فلم يأت بعد قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ... (142)} وبعدها أيضا يقول: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ .. } ثم بعدها يقول: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ .. } فالآن أنت ستتبع قبلة بناها إبراهيم فمن هو إبراهيم , وما هو مقامه وما موقف الناس منه بل أنه يؤكد هذا فيقول: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136)} كل هذه ممهدات , ثم يأتي قوله: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا ... (142)} لماذا سماهم سفهاء؟
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لخفة عقولهم وقلة علمهم وجهالتهم وأنه لا يعترض على أوامر الله إلا السفيه , والسفاهة عند العرب هي الخفة , والحقيقة أن كلام الدكتور محمد جميل في كون أن هذه الآيات , من منتصف السورة وهي تمهد لهذه القضية الكبرى , فتحويل القبلة من بيت المقدس إلى مكة ليست مسألة بسيطة , فاليهود كانوا يعارضون النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا شك , لكن آلمهم ألم شديد أنه ترك القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة, لأنه بذلك خالفهم مخالفة تامة , وبالرغم من أنهم كانوا يخالفونه إلا أنهم كانوا يشعرون بنوع من التعالي لأنه كان لازال يتمسك بشيء من شريعتهم , لكن لما جاء القرار الحاسم: { .. فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)} فكان هذا الأمر كضربة قاضية لليهود.
الدكتور محمد الخضيري: تأكيدا لكلامك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في بداية الهجرة , كان فيما لم يوحى إليه فيه ينظر إلى ما يفعل اليهود لأنهم أصحاب شريعة فيفعل مثلهم ,ثم في نهاية الأمر أمر بمخالفتهم , فهذه ضربة حاسمة لهم.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: وهذه أوقدت الحسد في نفوسهم لذلك جاء ذكر الحسد في الآيات: { .. حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ .. }
الدكتور مساعد الطيار:قرأت مرة بحث في موضوع هل شأن القبلة كشأن الجمعة ضل عنه اليهود والنصارى وهدى الله له هذه الأمة وكذلك القبلة ضل عنها اليهود والنصارى وهدى الله له المسلمين فلم أجد جوابا.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: هذا من تكريم الله لهذه الأمة وادخاره الفضل لهذه الأمة فهداها للجمعة والكعبة.
الدكتور مساعد الطيار: لكن هل شرعت لهم وضلوا عنها فقد اخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم - أن اليهود والنصارى ضلوا عن يوم الجمعة فاتخذ اليهود يوم السبت بدلا عنه و اتخذ النصارى يوم الأحد بدلا عنه وهدانا الله ليوم الجمعة.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لكن هذه تبقى اصطفاء من الله و توجيه فلو أمره بالتوجه لليمن لتوجه لها , فلله المشرق والمغرب.
(يُتْبَعُ)
(/)
الدكتور مساعد الطيار: القصد أن نقارن بين الأمرين , العجيب أن أمر القبلة وتحويلها موجود في كتب النصارى إلى اليوم , لكن من باب الفائدة من خلال قراءتي في المواضيع التي تتعلق بكتب اليهود والنصارى, أنهم إذا وجدوا أن المسلمين يتشبثون بشيء من كتبهم ويستدلون به عليهم , فالطبعة التي بعدها يغيرون أحيانا عبارة أو كلمة لتضييع الموضوع .. ففي مزامير داوود كانت فيه عبارة [ويسيرون في وادي بكة] وموجود في النسخ الإنجليزية بكة , أما النسخ العربية فيقولون وادي البكاء , وبعضها وادي الجفاف , في إنجيل يوحنا ..
الدكتور عبد الرحمن الشهري: البعض قد يستغرب إذا سمعوا "إنجيل برنابا و إنجيل متى أو حين تقول في مزمور كذا" , فهذه تقسيمات لكتب بني إسرائيل كما في تقسيم الأجزاء للقرآن الكريم.
الدكتور مساعد الطيار: يوحنا إنجيل كامل فيه ذكر حياة عيسى -عليه السلام- من المولد إلى وقت صلبه- حسب زعمهم - , ومثلها الأناجيل الأخرى.
وهذا لقاء بين عيسى -عليه السلام -وامرأة من يهود السامرة , قالت له المرأة: (يا سيد أرى أنك نبي , آباءنا سجدوا في هذا الجبل - تقصد يهود السامرة - وأنتم تقولون أن في أورشليم - تقصد القدس - الموضوع الذي ينبغي أن يسجد فيه , قال له يسوع: يا امرأة صدقيني أنه تأتي ساعة لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون للآب - يعني لله - أنتم تسجدون لما لستم تعلمون , أما نحن فنسجد لما نعلم , لأن الخلاص هو من اليهود , ولكن تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح و الحق , لان الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين ... ) الخ , لا في هذا الجبل ولا في أورشليم تسجدون لله , أين سيسجد الناس بعدها؟ هذه إشارة لتحويل القبلة إلى مكة.
الدكتور محمد الخضيري: على ذكر كلمة السجود قابلت شخص فرنسي اسلم فقلت له ماهي الآيات التي دلتك على الإسلام , فقال قرأت في الإنجيل السجود , والسجود على الجباه فنظرت للأمم كلها ما وجدت أمة تسجد على جباهها إلا الأمة الإسلامية , فقلت هذه آية في التوراة أو الإنجيل تدل على أن هذه هي أمة الحق , فكانت سبب في هدايتي.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لعل هذه من البقايا التي بقت في الكتاب لم تحرف , فمهما حاولوا التحريف تبقى نصوص لم تحرف.
الدكتور محمد الخضيري: الآيات بعد آيات القبلة ذكر الله فيها: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)} فبدأت التهيئة لاستقبال الشرائع بعد ذكر اليهود والكفار وذكر مخازيهم ومعايبهم وأشياء من هذا القبيل, فبدأ يمهد لذكر الشرائع , فلو لخصنا القادم حتى نقف عند أول الشرائع.
يقول: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)} بدأ بالشكر فما هو الشكر؟ فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)} إلى آخر ما هنالك , الآن بدأت النقلة من موطنين في هذه السورة الموطن الأول ذكر ما حصل لليهود وكيف أن هذا درس لكم يا أمة محمد , والموطن الثاني الآن استمعوا لتوجيهات الرب وأوامره وامتثلوها واعملوا بها , وأتمنى لو يسجل أحد منا ماذا يريد الله منا في هذه السورة , فقد بدأت الأوامر بشكل مكثف ففي السابق كانت موجودة لكن بشكل يسير تعليقكم يا دكتور عبد الرحمن.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: لا شك أن هذا ملحظ لطيف وفيه فائدة تربوية ,التربية تحتاج إلى طول نفس وتحتاج لطول وقت , وتعجبني كلمة للشافعي يقول فيها: أخي لن تنال العلم إلا بستة سأنبيك عن تفصيلها ببيان؛ذكاء، وحرص، واجتهاد، وبلغة وصحبة أستاذ، وطول زمان , فطول الزمن مطلب لابد منه في التربية والتعليم ورسوخ العلم والاستجابة والفهم ,
فانظر للمقدمة ما أطولها في التربية والتعليم , ثم تأتي الأوامر فتستجيب لله.
الخضير: نسأل الله أن ينفعنا بكتابه.
سبحانك اللَّهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك.
انتهى اللقاء
ـ[تيماء]ــــــــ[28 Sep 2008, 11:11 م]ـ
بارك الله في الجميع , إياكم يارب.
ـ[ام عبدالله السلفية]ــــــــ[29 Sep 2008, 12:48 ص]ـ
اختى الحبيبة تيماء بارك الله فيك وجزاك الله خيرا كثيرا
ـ[طالبة الفردوس]ــــــــ[29 Sep 2008, 07:58 ص]ـ
أختي في الله تيماء
جزاكـ الله خيرا على هذا الجهد
وجعله الله في موازين حسناتك
استمري رعاكـ المولى ...
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سمر الأرناؤوط]ــــــــ[29 Sep 2008, 10:28 ص]ـ
سلمت يمينك وبرك فيك أختي الفاضلة وأجزل لك الثواب والأجر
ـ[صوت الحق]ــــــــ[29 Sep 2008, 12:33 م]ـ
جهد رائع بارك الله فيك ولكن هل تمانعين أن أجمع الحلقات عندما تكتمل وأضعها في مستند وورد وأقوم بنشرها .. لتعم الفائدة
وجزاك الله خيرا
ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[03 Oct 2008, 03:42 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ـ[حنين للجنان]ــــــــ[04 Oct 2008, 04:53 م]ـ
بارك الله فيك
ونفع بك الإسلام والمسلمين
بانتظار المزيد
حفظك المولى
ـ[حنين للجنان]ــــــــ[07 Oct 2008, 07:35 م]ـ
بارك الله فيكم
هل ستكملون تفريغ حلقات برنامج (بينات)
ننتظركم بفارغ الصبر!!!!!
لا حرمكم الله الأجر والمثوبة ....
ـ[دار التوحيد]ــــــــ[08 Oct 2008, 09:22 م]ـ
اللهم اجزِّ أختنا التي أحسنت إلينا جنة الفردوس الأعلى وارضَ عنها وارضها وإملأ قلبها ثباتا ويقينا واختم بالصالحات عملها،وتقبل منها وضاعف لها الأجر والمثوبة
آآآآمين
ـ[تيماء]ــــــــ[11 Oct 2008, 03:59 ص]ـ
اللقاء السابع من مقاصد السور
http://www.3lm-alkitab.com/bg/3.gif
اللقاء السابع
موضوع اللقاء الرئيسي:
- تابع موضوعات سورة البقرة.
موضوعات اللقاء الفرعية:
- أهمية معرفة أسباب النزول لفهم الآية فهم صحيحا.
- في بيان متى يكون كتمان العلم محرما.
- الربط بين الأحكام العقدية والأحكام الفقهية.
- بيان أن السور المدنية تضمنت الأحكام العقدية والأحكام الفقهية.
- بيان أن الأصل في الطيبات الحل وأن المحرم محصور في الخبائث.
- أسلوب القرآن الكريم في الربط بين التوحيد والأحكام الفقهية بختم الآية المتضمنة لحكم شرعي باسم أو أكثر من أسماء الله الحسنى.
- أسلوب القرآن في استثارة الإيمان في النفس للدخول في الأحكام الشرعية.
- في التنبيه على ضرورة الانقياد لله تعالى والإذعان له , وبيان أن الحب هو اعظم قائد يسوق الإنسان للامتثال.
- خطورة التنصل من الأوامر بحجة أنها سنة وليست بواجب, وبيان أنه قد يحال بين المرء وقلبه إذا استمرأ العبد ذلك.
- في ذكر سبب تسمية آية البر بهذا الاسم , وبيان أن البر في حقيقته هو توحيد الله والانقياد له وليس محصورا بأمر معين.
- قاعدة التخلية قبل التحلية؛ كما في آية البر: جاء بالنفي (التخلية) ثم الإثبات (التحلية).
- سبب عدم ذكر الإيمان بالقدر مع بقية أركان الإيمان في آية البر.
- في بيان أن الوفاء بالعهد صفة ملازمة للمؤمن.
http://www.3lm-alkitab.com/bg/21.gif
الدكتور مساعد الطيار: الحمد لله والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وبعد: كنا في اللقاء السابق قد وصلنا إلى آية 157 من سورة البقرة واليوم نبدأ بقوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} وكنا ذكرنا ما تسلسلت به الأفكار والموضوعات فلعلنا نتابع في تتمة هذه الأفكار.
الدكتور محمد الخضيري:هذا المقطع بشكل عام هو بداية ذكر الأوامر والتوجيهات الربانية لهذه الأمة بعد أن ذكر الله - عز وجل - حال الأمم السابقة وهم بنو إسرائيل بشكل خاص لأنهم أقرب الأمم لهذه الأمة ليستفاد منها ويؤخذ منها العبرة , فبدأت بقضية القبلة ثم قال - عز وجل -: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)} وتتابع الآيات إلى أن نأتي لقول الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)} ثم بعهدها: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)} , وقد ذكر الكتمان سابقا في حق بني إسرائيل , أما الآن فجاء الكتمان في حقنا نحن , فالآية الآن توجه خطاب للأمة فلم تخاطب بني إسرائيل فهناك قال: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)} وهنا يقول: {إِنَّ
(يُتْبَعُ)
(/)
الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)} , لكن لدي وقفة مع قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (158)} هذه الآية أتت لإزالة لبس وإشكال وقع فيه الصحابة -رضوان الله عليهم - لما أرادوا أن يسعوا بين الصفا والمروة تحرجوا , لأنه كان عليهما صنمان -إسافا و نائلة- , فخشوا أن يطوفوا بين صنمين , فتحرجوا من ذلك فأنزل الله هذه الآية ليقول لهم أن لا حرج عليهم في ذلك لأن الصفا والمروة من شعائر الله وليست من شعائر الجاهلية , وهذا يبين لنا أهمية معرفة أسباب النزول لفهم الآية , لأن هذه الآية أشكلت على عروة بن الزبير - رضي الله عنه - فقال: كيف يقول الله فلا جناح أن يطوف بهما والطواف بينهما من أركان الحج يذكر هذا لأم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - فقالت له: ليست كما تقول يا ابن أختي وذكرت له السبب فلما ذكرت له السبب زال الإشكال.
الدكتور مساعد الطيار: بمناسبة ذكر أسباب النزول فالشيخ خالد المزيني قدم رسالة الدكتوراه باسم المحرف في أسباب النزول من الكتب التسعة , وهي رسالة نافعة.
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)} هذه قد يقع فيها سؤال ما نوع الشيء المكتوم , فلو سألك أحدا سؤال ولم تجبه وهو يعلم أنك تعلم ولكنك لم تجبه فقد يستشهد بهذه الآية عليك , فمتى يكون معنى هذه الآية متحقق.
الدكتور محمد الخضيري: أقول والله أعلم متى كان المسئول عنه من البينات والهدى التي أُمر أهل العلم أن يبينوها للناس فإن كتمانها يحرم ما لم تكن هناك مفسدة في بيانها , لأن أبو هريرة- رضي الله عنه - قال: (حفظت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعائين من العلم , أما أحدهما فبثثته في الناس , وأما الآخر لو بثثته لقطع مني هذا الحلقوم) قالوا أنه كان يقصد بذلك بعض الأحاديث التي رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما يتعلق بأخبار المستقبل والفتن , لذلك كان أبو هريرة يقول اللهم إني أعوذ بك من إمرة الصبيان وبلوغ الستين , قالوا كأنه يشير إلى إمارة يزيد بن معاوية أو شيء من هذا القبيل , وهذا يدل على أنه كان عنده علم عن هذا الذي سيحصل وتوفي في سنة 59 أو 57 على اختلاف بين المؤرخين في هذا الباب.
الدكتور مساعد الطيار: قصدت من هذا أنه قد تكون الإجابة عن قضية ما فرض عين , فليس الجواب محصور في عالم ما , فعندما يتوقف أحد العلماء عن البيان في مسألة ما لا يعتبر كاتم , لأن العلم ليس مكتوما في علماء الأمة الآخرين.
الدكتور محمد الخضيري: لكن الوعيد في الآية خطير جدا على كل مسلم وبالمناسبة هذه الآية ليست خاصة بأهل العلم , فهناك أشياء قد يظن أنها مخصوصة بأناس والحقيقة أنه عند التحقيق في نصوصها الواردة في الكتاب والسنة نجد أنها ليست خاصة بهم بل هي عامة , فكل من علم شيء من الحق و وثق أنه من الحق وجب عليه تبليغه وحرم عليه كتمانه سواء كان من العلماء البارزين المشار إليهم بالبنان أو كان من طلبة العلم أو حتى من المثقفين و العامة لكنه يعلم أن هذه حق فيجب عليه أن يبينه ولا يستحى من الناس في بيان الحق - ولأن الشيء بالشيء يذكر - على قضية أن بعض الأمور تفهم أنها خاصة بالبعض وهي عامة , قضية القضاء مثلا وقوله صلى الله عليه وسلم: (قاضيان في النار وقاض في الجنة) , يفهم كثير من الناس أن هذا الحديث في القضاة , بينما هي في الحقيقة لكل أحد , فكل من قضى كالزوج بين زوجاته والأب بين أبناءه والمدرس بين طلابه والمدير بين موظفيه يدخلون في هذا , كنت عند أحد من القضاة فقال لي هل تدري أن مدير المدرسة أقرب إليه هذا الحديث مني , فأنا يأتيني في اليوم أربع خصوم , وهو لديه طوال اليوم أكثر من ذلك بكثير فلدية أكثر من 1700 طالب و 70 مدرس في المدرسة ,
(يُتْبَعُ)
(/)