إن من تفصيل الكتاب وأصول الخطاب أن اسم} الله {حيث ورد ذكره في الكتاب المنزل فإنما لبيان عبادة وتكليف من الله المعبود يسع جميع المخاطبين بها الطاعة والعصيان، أو لبيان أسباب العبادة التي أمدّ الله بها المكلفين، أو لبيان أثر الإيمان والطاعة، والكفر والمعصية على المكلفين في الدنيا، أو لبيان الحساب والجزاء في الآخرة.
وإن اسم} رب العالمين {حيث ورد ذكره في الكتاب المنزل فإنما ليقوم به أمر أو فعل خارق يعجز العالمون عن مثله وإيقاعه كما يعجزون عن دفعه أو لبيان نعمه التي لا كسب للمخلوق فيها وما يجب له من العبادة والشكر، ولاستعانته ليهب لنا في الدنيا ما لا نبلغه بجهدنا ولا نستحقه بعملنا القاصر.
ولهذه القاعدة في الكتاب تقييد له دلالات عميقة كرزق الله الذي يقع على ما لا كسب للمخلوق فيه ورزق ربنا الذي يقع على ما اكتسبه المخلوق بجهده من تمام نعمة ربه عليه.
وإنما أسند الرزق إلى الله في الكتاب المنزل على ما لم يكتسبه المرزوق به بجهده كما في قوله:
• ? ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا {الطلاق 11
• ? زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب {البقرة 212
• ? يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب {النور 38
• ? ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله {الأعراف 50
ولا تخفى دلالته على نعيم أهل الجنة الذين أدخلوها بفضل الله.
وكما في قوله:
• ? وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا وشربوا من رزق الله {البقرة 60
• ? وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب {عمران 37
• ? وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها {الجاثية 5
• ? وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم {العنكبوت 60
وكان الماء الذي انفجر من الحجر لما ضربه موسى بعصاه هو والمنّ والسلوى الذي نزل على بني إسرائيل مع موسى هما رزق الله بغير جهد منهم ولا كسب، أمروا أن يأكلوا ويشربوا منه، وكان ما يلقى إلى مريم من رزق وهي في المحراب هو رزق الله إياها من غير كسب منها ولا جهد، وكان الماء الذي نزله الله من السماء هو رزق الله الدواب والناس من غير جهد منهم ولا كسب.
وإنما وقع في الكتاب رزق ربنا على ما اكتسبه المكلف من تمام نعم ربه عليه كما في قوله:
• ? لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور {سبأ 15
• ? قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا {هود 88
ويعني أن أهل سبإ كانوا يحرثون ويأكلون من الجنتين ويعني أن شعيبا كان قويا كاسبا يأكل من كسبه ولم يكن متسولا يسألهم رزقا.
فأما بيان ما كلف الله به من العبادة فكما في قوله} اعبدوا الله {وقوله} اتقوا الله {وقوله} وقوموا لله قانتين {البقرة 232.
وأما بيان أسباب العبادة التي أمدّ الله بها المكلفين وأعانهم بها ليعبدوه فكما في قوله} فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له {العنكبوت 17 من قول إبراهيم يعني اسألوا الله أن يرزقكم لتقوى أجسامكم على الطاعة والعبادة، وقوله} وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين {الذاريات 56 ـ 58 يعني أن الله يرزق الإنس والجن ليتمكنوا بالرزق والقوت من العبادة، وكما في قوله} خلق الله السماوات والأرض بالحق {العنكبوت 44 أي لأجل أن يعبد ويذكر فيهما.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما أثر الطاعة على المكلفين في الدنيا فكما في قوله} ويزيد الله الذين اهتدوا هدى {مريم 76 وقوله} فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين {الفلاح 28 وقوله} هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين {يونس 22 فكانت نجاتهم بسبب أثر طاعتهم في دعوتهم الله مخلصين له الدين.
وأما بيان أثر المعصية على المكلفين في الدنيا فكما في قوله} إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم {البقرة 7 أي بسبب كفرهم وإعراضهم عن النذير عوقبوا بذلك، وقوله} إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون {البقرة 159 فلعنة الله إنما كانت بسبب أن كانوا يكتمون ما جاء به النبيون من البينات والهدى في الكتاب، وقوله} كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كفروا بآيات الله فأخذهم الله بذنوبهم إن الله قوي شديد العقاب {الأنفال 52 والمعنى أنهم بسبب كفرهم بنعم الله التي أنعم عليهم بها ليعبدوه ويطيعوه عذبهم في الدنيا.
وأما بيان الحساب بعد البعث فكما في قوله} ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب {النور 39 وقوله} يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين {النور 25.
وأما بيان الجزاء فكما في قوله} فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين {المائدة 85 وقوله} ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون {فصلت 28.
وأما بيان أن كل فعل أو أمر أسند إلى ربنا فإنما هو أمر خارق يعجز العالمون عن مثله فكما في قوله} قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر {الإسراء 102 من قول موسى في وصف الآيات المعجزة التي أرسله ربه بها وكما في قوله} قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم {فصلت 9 ـ 12، ولا يخفى أن عاقلا من العالمين لا يستطيع ادعاء مثل هذا.
وأما بيان أمر ربنا الذي يعجز العالمون عن دفعه فكما في قوله} يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود {هود 76 من قول رسل ربنا من الملائكة الذين أرسلوا بعذاب قوم لوط وكما في قوله} وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر {القمر 50.
وأما بيان نعم ربنا التي لا كسب للمخلوق فيها فكما في قوله} ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله {الإسراء 66 وقوله} ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره {الزخرف 9 ـ 13.
وأما بيان ما يجب لربنا من العبادة والشكر على نعمه فكما في قوله} ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه وتقولوا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون {الزخرف 13 ـ 14، وقوله} لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور {سبأ 15 وقوله} يأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم {البقرة21 ـ 21.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما بيان ما يجب علينا من استعانته ليهب لنا في الدنيا والآخرة من نعمه ويصرف عنا من الضر والكرب ما لا نستطيعه بجهدنا ولا نستحقه بعملنا القاصر القليل فكما في دعاء النبيين وضراعتهم لربهم حيث وقعت في القرآن كما في قوله} وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم {الأنبياء 83 ـ 84.
إن قوله} باسم الله {حيث وقع في الكتاب فإنما هو للدلالة على عبادة وتكليف من الله يجب أن يقوم به المكلف العابد مستعينا ومبتدئا باسم الله الذي شرع له ذلك الفعل ومخلصا له فيه من غير إشراك معه وكما بدأ طاعته بإعلان أنها باسم الله المعبود الذي شرعها له، وهكذا ركب نوح ومن معه في السفينة كما في قوله} وقال اركبوا فيها باسم الله مجراها ومرساها {هود 41 فأطاع أمر الله حين أوحي إليه قوله} قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن {هود 40 فجرت بهم الفلك على الماء الطوفان وجرت بعدها كل سفينة على الماء والعادة أن تستقر عليه وتغرق فكان جريانها في البحر بما ينفع الناس إنما هو باسم الله الذي أوجب على من في السفينة وعلى الناس أن يستعينوا بالسفن وبمنافعها في طاعة الله وعبادته، ولو قال نوح باسم ربي مجراها ومرساها لم تجر سفينة على البحر بعدها إلا لمثله، إذ ما كان باسم ربنا هو الآية الخارقة المعجزة مع رسله من الملائكة والبشر.
وهكذا لم يحل من الذبائح والصيد البري إلا ما ذكر اسم الله عليه كما في المائدة وثلاثة كل من الأنعام والحج.
إن حرف الأنعام} ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق {الأنعام 121 ليعني أن إزهاق الحياة في الطير والدواب إنما يجب أن يكون باسم الله الذي شرع لنا أكلها لنحيى ونقوى على العبادة، أما ما لم يذكر اسم الله عليه منها فتجرد من هذا القصد والنية فهو فسق خرج به الإنسان عن الوحي الذي جاء به النبيون وعن مقتضى العبودية إلى المعصية والعبث فحرم على المسلمين أكله، ولئن كان النهي عن الأكل من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكي منها بإنهار دمه وذكر اسم الله عليه فما ظنك بقتل الصحيح من الطير والأنعام عبثا وما ظنك بقتل الإنسان إذا لم يكن من المكلف به طاعة لله ورسوله.
إن الذي يقول " باسم الله " قبل طعامه وشرابه المباح قد أطاع الله في قوله} وكلوا واشربوا ولا تسرفوا {الأعراف 31، أما الذي يقول " باسم الله " ويأكل الخنزير والميتة والدم غير مضطر فقد افترى على الله كذبا وادعى أن الله قد شرع ذلك، وإن الذي يقول " باسم الله " ويطأ زوجته فقد أطاع الله في قوله} وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين {النساء 24 فهي كلمة الله التي استحللنا بها فروج النساء وأما الذي يقول " باسم الله " ويزني فقد افترى على الله وادعى أن الله شرع له الزنا وكلفه به وما أشبهه بسلفه من القرامطة الذين كانوا يقرأون القرآن لابتداء الليالي الحمراء فإذا سكت القارئ أطفئت المصابيح ووقع كل رجل على من تقع يده عليها ولو كانت أخته أو أمه كما سنه علي ابن الفضل الجدني القرمطي في آخر القرن الثالث الهجري في اليمن.
إن قوله} باسم الله الرحمن الرحيم {ليعني أن قائلها ككاتبها يشهد على نفسه ويقر بأنه يبتدئ فعلا هو من تكليف الله تماما كما تعني رسالة سليمان إلى ملكة سبإ والملإ معها من قومها} إنه من سليمان وإنه باسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين {النمل 30 ـ 31 أن سليمان رسول الله إلى الناس وأن كتابه هذا هو من رسالته إليهم وهم أعم من بني إسرائيل فزيادة التكليف بقدر زيادة التمكين كما بينت في فقه المرحلية، ويأتي لاحقا سبب ابتداء فاتحة الكتاب كالسور بـ} باسم الله الرحمن الرحيم {وسبب إيراد اسم الرحمة فيها وفي كتاب سليمان وإنما يتم المعنى في ما تقدم باسم الله إذ هو من تكليف الله عباده فهو من مقدوراتهم ويسع كلا الطاعة والعصيان.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولقد تضمن الكتاب الأمر بذكر الله بأسمائه الحسنى ودعائه بها ومنه} في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه {النور 36 ومن المثاني معه قوله} ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها {البقرة 114، ومنه ما تضمنت سورة الأعراف والإسراء وطه والحشر من الأمر بدعاء الله بأسمائه الحسنى.
وأما فاتحة العلق} اقرأ باسم ربك الذي خلق {فلإظهار أن قراءة النبي الأمي r القرآن من أوله إلى آخره كما نزله جبريل على قلبه هي خارقة معجزة لا يقدر عليها أحد من العالمين وإنما تمت باسم ربه الذي خلق كما أن خلق الإنسان من علق لا يقدر عليه غير ربه فكذلك قراءة النبي الأمي r القرآن لا يقدر على إيقاعها غير ربه، وقد يحسب الجاهل ذلك مبالغة بل لو أبدل النبي الأمي r اسما من أسماء الله الحسنى بآخر منها أو حرفا بآخر ولو كان من فواتح السور التسع والعشرين لانخرمت المثاني في الكتاب ولفسد نظم الكلام ومعناه ولوقع فيه اختلاف كثير كما سأثبته إن شاء الله ولبطل وصف البدل بأنه من كلام الله.
إن القرآن هو من عند الله وإنما محمد r رسول الله به وخاتم النبيين بلغ وحي الله ولم يزده حرفا أو ينقصه منه رغم أنه كان أميا لا علم له بالكتاب والإيمان قبل نزول الوحي عليه كما في قوله} بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين {يوسف 3 ومن المثاني معه قوله} وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان {الشورى 52، وهكذا كانت قراءة النبي الأمي r قد تمت باسم ربه لأنها خارقة معجزة، وكانت قراءة القرآن بعدها غير خارقة فابتدئت الفاتحة كما السور بقوله} باسم الله الرحمن الرحيم {وتعني أنها كسائر العبادات يسع كلا طاعتها وعصيانها.
الأسماء الحسنى
إن الوعد غير المكذوب كما في قوله} فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب {هود 65 هو الوعد الحسن كما في قوله} أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه {القصص 61 وكما في قوله} قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا {طه 86.
وإن قوله} ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون {القصص 5 ـ 6 لمن الوعد الحسن أي غير المكذوب، وقد وقع لما وافق الأجل الذي جعل الله له كما في قوله} وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون {الأعراف 137 ويعني أن كلمة ربنا الحسنى التي تمت أي نفذت هي وعده المذكور في القصص.
وإن من تفصيل الكتاب وأصول الخطاب أن الأسماء الحسنى حيث وقعت في الكتاب والقرآن فإنما لبيان وعد وعده الله سيتم إذا وافق الأجل الذي جعل الله له وهو الميعاد، ولو عقل الناس لانتظروا الميعاد وسيلاقون وعد الله ويجدونه وعدا حسنا غير مكذوب، وهكذا فلم يأت في الكتاب والقرآن ذكر أسماء الله الحسنى في سياق ما مضى وانقضى من القدر وإنما في سياق المنتظر منه، وما وجدته كذلك في سياق الماضي المنقضي فهو وعد أن يقع مثله بعد نزول القرآن وإن من تفصيل الكتاب أنه مسبوق بقوله} وكان {وكما سيأتي بيانه مفصلا.
الرحمان الرحيم
ومن الأسماء الحسنى اسمه الرحمان الرحيم ويعني حيث وقع في القرآن أن وعدا حسنا غير مكذوب سيلاقيه في الدنيا المرحوم من الرحمان الرحيم فلا يعذب أو سيكشف عنه الضر، ويعني حيث وقع في الكتاب أن وعدا حسنا غير مكذوب سيلاقيه المرحوم من الرحمان الرحيم فينجيه من العذاب الموعود في اليوم الآخر برحمته كما في قوله:
• ? قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين {الأنعام 15 ـ 16
• ? وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم {غافر 9
ويعني حرف الأنعام أن المرحوم في اليوم الآخر هو من صرف عنه العذاب.
ويعني حرف غافر أن المرحوم في يوم القيامة هو من وقاه الله السيئات فلم تعرض عليه ولم يحاسب بها.
وكما في قوله:
• ? قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين {هود 43
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? ربكم أعلم بكم إن يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم {الإسراء 54
• ? يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون {العنكبوت 21
• ? قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي {الأعراف 156 ـ 157
• ? قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا {الملك 28
ويعني حرف هود أن الطوفان الذي عذب به قوم نوح إنما نجا منه من رحمه الله، أي أن المغرقين به لم يرحمهم الرحمان بل عذبهم ولن يقدر أحد من العالمين أن يصيب برحمة من لم يرحمه الرحمان كما في قوله} أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمان إن الكافرون إلا في غرور {الملك 20.
ويعني حرف الإسراء والعنكبوت والأعراف أن الرحمان إنما يصيب بعذابه من لم يدخله في رحمته بل حرمه منها وأن المرحوم برحمة الرحمان هو الذي يسلم من عذابه.
ويعني حرف الملك أن الإهلاك وهو العذاب المحيط بصاحبه فلا ينجو منه إنما يقع على من حرم من الرحمة وكذلك دلالة قوله:
• ? يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمان فتكون للشيطان وليا {مريم 45
• ? وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمان بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون {يس 22 ـ 24
ويعني حرف مريم أن المحروم هو من لم يرحمه الرحمان وعذبه.
ويعني حرف يس أن من أراده الرحمان بضر لن يغني عنه أحد كائنا من كان ولن ينقذه مما أراده به الرحمان من الضر والعذاب.
ولن يحرم من رحمة الرحمان إلا من لا خير فيه ممن هم أضل من الأنعام لهم قلوب لا يفقهون بها ما جاء به النبيون من العلم والهدى والبينات، ولهم أعين لا يبصرون بها الهدى، ولهم آذان لا يسمعون بها آيات الله وهي تتلى عليهم كما في قوله:
• ? بسم الله الرحمان الرحيم {
• ? وما يأتيهم من ذكر من الرحمان محدث إلا كانوا عنه معرضين {الشعراء 5
• ? ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين {الزخرف 36
• ? وإذا رءاك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمان هم كافرون {الأنبياء 36
وتعني البسملة في أوائل السور أن من لم ينتفع بقراء القرآن فهو محروم من رحمة الرحمان كما هي دلالة قوله} وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون {الأعراف 204 ويعني أن قراءة القرآن والاستماع له والإنصات هي أسباب تعقل الذكر، ومن عقل الذكر فهو حري أن يخشى الرحمان بالغيب لينجو برحمته من العذاب الموعود في الدنيا وفي الآخرة.
وتعني البسملة في ابتداء الطاعات أن من لم ينتفع بطاعته فهو محروم من رحمة الرحمان الرحيم.
ويعني حرف الشعراء تخويف الناس من الإعراض عن ذكر الرحمان الذي يؤدي إلى تكذيب موعودات الكتاب المنزل يوم تقع ويومئذ لن يرحم الرحمان المعرضين المكذبين بل سيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون أي سيعذبون في الدنيا والآخرة ولا يرحمون.
ويعني حرف الزخرف أن من لم يبصر الحق والهدى في ذكر الرحمان وهو الكتاب المنزل فهو محروم من رحمة الرحمان ووليه الشيطان.
ويعني حرف الأنبياء أن الكافرين بذكر الرحمان لن يرحمهم من دونه أحد.
القادر القدير المقتدر
وإن من تفصيل الكتاب وبيان القرآن أن اسمه القادر القدير المقتدر حيث وقع في الكتاب فإنما لبيان وعد حسن غير مكذوب سيتم نفاذه بعد نزول القرآن وكذلك دلالة قوله:
• ? أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم وجعل لهم أجلا لا ريب فيه فأبى الظالمون إلا كفورا {الإسراء 99
• ? أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم {يس 81
• ? ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير {العنكبوت 20
• ? وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير {النحل 77
ويعني أن الله سيفني السماوات والأرض وما فيهما ويعدمهما حتى كأن لم يخلقا من قبل وينشئهما النشأة الآخرة بعد الأولى وهي خلق مثلهم يوم تقوم الساعة كما في المثاني معه في قوله} يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات {إبراهيم 48.
وإن قوله:
• ? ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير {الحج 6
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير {فصلت 39
• ? فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير {الروم 50
• ? أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير {الشورى 9
• ? أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير {الأحقاف 33
• ? أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى {خاتمة القيامة
• ? أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على أعلم أن الله على كل شيء قدير {البقرة 259
وشبهه ليعني أن إحياء الموتى وعد حسن من الله في الكتاب سيتم نفاذه يوم البعث.
وإن قوله:
• ? أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا إنه على كل شيء قدير {البقرة 148
• ? ومن آياته خلق الساوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير {الشورى 29
• ? إلى الله مرجعكم وهو على كل شيء قدير {هود 4
• ? إنه على رجعه لقادر {الطارق 8
وشبهه ليعني أن جمع من في السماوات والأرض في يوم الجمع هو وعد حسن من الله في الكتاب.
وإن قوله:
• ? ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء وهو على كل شيء قدير {المائدة 40
• ? لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير {البقرة 284
• ? إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر {خاتمة القمر
وشبهه ليعني أن الحساب والمغفرة والعذاب وعد حسن من الله في الكتاب سيتم نفاذه في يوم يقوم الحساب وفي اليوم الآخر.
وإن قوله:
• ? والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير {النور 45
• ? وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا {الفرقان 54
• ? ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير {المائدة 17
• ? الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما {خاتمة الطلاق
وشبهه ليعني أن خلق كل دابة من ماء وأن الله سيخلق ما يشاء وأن الأمر سيتنزل بين سبع سماوات ومن الأرض مثلهن حتى يعلمه الناس رأي العين بعد نزول القرآن لوعد حسن من الله في الكتاب سيقع نفاذه في الدنيا.
وإن من تفصيل الكتاب وبيان القرآن أن اسمه القادر القدير المقتدر حيث وقع في القرآن فإنما لبيان وعد حسن غير مكذوب سيتم نفاذه قبل انقضاء الحياة الدنيا وكذلك دلالة قوله:
• ? فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير {البقرة 109
• ? إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا {النساء 133
• ? ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير {البقرة 106
• ? إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير {التوبة 39
• ? الحمد لله فاطر السماوات جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير {فاطر
وسيأتي بيانه في بيان القرآن.
الغفور الغفار
ومن الأسماء الحسنى اسمه الغفور الغفار فهو غافر الذنب أي يستره يوم القيامة فلا يعرض على صاحبه بل يغفره الغفور، وما ستره الله يومئذ من السيئات فلن يكتبه الملائكة الكرام الكاتبون يوم يقوم الحساب ولن يعذب به العبد، كما هي دلالة قوله:
• ? قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم {القصص 16
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا {التحريم 8
• ? إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم {القتال 34
• ? والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين {الشعراء 82
• ? ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب {إبراهيم 41
• ? مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من عسل مصفى وأنهار من خمر لذة للشاربين ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم {القتال 15
وتعني أن يوم الحساب هو يوم مغفرة الذنوب، وحرف القصص صريح في أن الله غفر ذنب موسى ولا يخفى انتشار خبر قتله القبطي في الدنيا وخروجه هربا من القصاص، وإنما سأل موسى ربه أن يستر ذنبه في الآخرة وأجيبت دعوته فلن يعرض عليه يوم الحساب قتله القبطي ولن يكتبه الكاتبون ولن يؤاخذ به.
وحرف التحريم صريح في وصف يوم القيامة، وكذلك حرف القتال لأنه بعد الموت، وذكر بصيغة المستقبل، وإبراهيم يطمع أن يستر الله خطيئته يوم الدين فلا تعرض عليه، ودعاؤه صريح في أن محل المغفرة إنما هو يوم يقوم الحساب.
ويعني حرف القتال أن للمتقين في الجنة مغفرة من ربهم أي أن أعمالهم السيئة في الدنيا لن تعرض عليهم بل قد غفرها الله لهم وسترها عنهم فلا يضيقون بها ذرعا ولا تنغص عليهم ما هم فيه من الكرامة ودار الخلود خلافا لأهل النار الذين تعرض عليهم سيئاتهم وهم في النار ليزدادوا حسرة وقنوطا من الرحمة كما في قوله} كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار {البقرة 167.
وإن قوله:
• ? ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم {هود 52
• ? هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب {هود 61
• ? واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود {هود 90
ليعني أن كلا من هود وصالح وشعيب أمر قومه أن يسألوا ربهم أن يغفر لهم في يوم الحساب ما سلف من كفرهم إذ الإيمان بالله واليوم الآخر هو الخطوة أولى من الإيمان ثم يتبعون ذلك بالتوبة إلى ربهم أي الرجوع إليه بالعمل الصالح في الدنيا، ومن المثاني معهما قوله} وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله {هود 3 في خطاب المخاطبين بالقرآن وسيأتي بيانه في كلية خلافة على منهاج النبوة وكلية الكتاب.
بيان قوله} إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وءاثارهم {
إن من العجب أن من الكتاب ما لم تفهمه البشرية بعد ومنه قوله:
• ? إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين {يس 12
• ? أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمان عهدا كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ونرثه ما يقول ويأتينا فردا {مريم 77 ـ 79
• ? لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقول ذوقوا عذاب الحريق {عمران 181
• ? وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمان إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون {الزخرف 19
• ? ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون {الأنبياء 94
• ? وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون {الانفطار 10 ـ 12
وتعني هذه المثاني وغيرها أن أعمال المكلفين لن تكتب في حياتهم الدنيا وإنما بعد البعث حين يقع الحساب كما هو صريح حرف يس أن كتابة أعمال المكلفين هي مما يستقبل بعد نفاذ الوعد بإحياء الموتى.
ويعني حرف مريم أن الذي كفر بآيات ربه وزعم أن لو بعث فسيؤتى مالا وولدا ـ وهو مما مضى يوم نزل الكتاب على خاتم النبيين r ـ لم تقع بعد كتابة ما قال وإنما سيكتب ما يقول بصيغة المستقبل إذ سيعرض عليه يوم الحساب فيراه بأم عينيه فيكتبه الحفظة الكرام الكاتبون وهم الشهود عليه في الدنيا ويعذب ويمد له العذاب مدا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويعني حرف عمران أن الذين قالوا إن الله فقير ووصفوا أنفسهم بأنهم أغنياء وقتلوا النبيين بغير حق ـ ولا يخفى أنهم كانوا قبل خاتم النبيين r بعدة قرون ـ لم يكتب قولهم ولا قتلهم الأنبياء بعد، وإنما سيكتب يوم الحساب وهم يرون أعمالهم تعرض عليهم ويقول ذوقوا عذاب الحريق أي يعذبهم في نار جهنم ولا يظلم ربنا أحدا.ويعني حرف الزخرف أن الله وعد أن تكتب يوم القيامة شهادة الذين جعلوا الملائكة إناثا ويسألون عنها حينئذ، وكانوا من المشركين قبل النبي الأمي r ومن معاصريه.
ويعني حرف الانفطار أن الملائكة الذين يحفظون العبد في الدنيا هم الشهود عليه يوم الحساب لأنهم يعلمون ما يفعل في الدنيا أي يرونه لا يغيب عنهم منه شيء، ولا يعني علمهم ما يفعله العباد كتابته في الدنيا.
إن الله أحكم الحاكين لم يأمر الملائكة الكرام الكاتبين بكتابة أعمال المكلفين إلا قبيل الجزاء بها، وهكذا أخر عن أكثر الناس كتابة أعمالهم إلى يوم الحساب لتعرض عليهم والملائكة الشهود حاضرون فإن أقر كتبت وإن أنكر ختم على فمه وينطق الله الذي أنطق كل شيء جلودهم وتشهد أيديهم وأرجلهم، ثم يوبق بما عرض عليه من أعماله السيئة أي بما لم يغفره الله منها.
ولهذا الإطلاق استثناء كما في قوله:
• ? ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون {النساء 81
• ? أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون {الزخرف 79 ـ 80
• ? ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون {يونس 20 ـ 21
ويعني حرف النساء أن المنافقين الذين يخادعون نبيه r لن يغفر لهم وأن الله الذي سيحاسبهم يوم القيامة سيكتب ما يبيتون من المكر والنفاق، ولن يمحى ما كتب الله ولن يغفر ويلهم ما أصبرهم على النار.
وسيأتي بيان حرف الزخرف ويونس في كلية النصر في ليلة القدر أي أن ما كتبه الملائكة من أعمال العباد في الدنيا فلن يؤخر عنهم العذاب به إلى يوم الحساب بل سيعذبون به في الدنيا.
الغفور الرحيم
إن من تفصيل الكتاب أن الاسمين} الغفور الرحيم {حيث وقعا في الكتاب المنزل مسندين إلى الله فإنما للدلالة على ذنب سيغفره} الغفور {فلا يعرضه على صاحبه ولا يعذب به بل سيرحمه الله} الرحيم {كما في قوله:
• ? ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم {النور 30
• ? إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم {البقرة 173
• ? قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر 53
• ? فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم {البقرة 182
ويعني حرف النور أن المكرهة على الزنا سيغفر الله في يوم الحساب لها زناها في الدنيا فلا يعرضه عليها بل يستره وسيرحمها فلا يعذبها به، ويعني أن زنا المكرهة لا ينقلب إلى مباح.
ويعني حرف البقرة أن الجائع الذي لم يجد غير الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فاضطر إلى الأكل منها سيغفر الله له ذنب الأكل منها فلا يعرضه عليه في يوم الحساب وسيرحمه فلا يعذبه به إن كان غير متلبس بنية البغي والعدوان كالذي يأكل منها ليحيا ويقوى فيبغي على الناس ويعدو عليهم كقطاع الطرق واللصوص المقيمين في الفيافي والصحاري فلا يرخص لهم أكل المحرمات المفصلات في سورة النحل والبقرة والمائدة لأنهم يبغون ويعتدون.
وإن من تفصيل الكتاب أن الاسمين} الغفور الرحيم {حيث وقعا في الكتاب المنزل مسندين إلى رب العالمين فإنما للدلالة على أن ما قبلهما هو أمر خارق معجز لا يقدر العالمون على مثله وأن رب العالمين قد أذن لعباده بدعائه أن يبلغهم ما عجزوا عن مثله لأنفسهم فيغفر لهم عجزهم ويرحمهم مما هم فيه من القصور والضعف كما في قوله:
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم {الأنعام 145
• ? وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم {يوسف 53
• ? وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربي غفور رحيم {هود 41
• ? وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم {الأعراف 167
• ? وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعد لن يجدوا من دونه موئلا {الكهف 58
ويعني حرف الأنعام أمر المضطر إلى أكل المحرمات غير باغ ولا عاد بدعاء ربه الغفور الرحيم ليرزقه رزقا حسنا غير الميتة والدم ولحم الخنزير والفسق الذي أهل به لغير الله.
ويعني حرف يوسف أن يوسف لم يزك نفسه ولم يبرئها وإنما كان ما كان منه من إيثار السجن على الشهوة الحرام بما بلغه ربه الغفور الرحيم ما لم يكن قادرا على مثله لنفسه فربه الغفور غفر له عجزه وستره ورحم ضعفه فبلغه من الزكاة ما شاء الله.
ويعني حرف هود أن جريان السفينة على الطوفان لم يكن بجهد نوح والذين آمنوا معه وإنما كان بمغفرة ربهم ورحمته التي بلغوا بها ما لم يقدروا على مثله لأنفسهم كما هي دلالة قوله} قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم {هود 43.
ويعني حرف الأعراف أن الذي سيبعثه رب العالمين ليسوم بني إسرائيل سوء العذاب هو رجل من عامة الناس سيبلغه ربه الغفور الرحيم من الأسباب والتمكين ما يبلغ به من الملك أكثر وأكبر مما أوتيه بنو إسرائيل من قبل وما لم يكن يقدر على مثله لنفسه
كما بينت في كلية الآيات وكلية النصر في القتال في سبيل الله.
ويعني حرف الكهف أن تأخير العذاب عن المكذبين الذيم عاصروا نزول القرآن وعن أهل الأرض بما كسبوا من الظلم إنما بمغفرة ربنا ورحمته ولا يقدر على مثله أهل الأرض لأنفسهم.
يتواصل
الحسن ولد ماديك
باحث أكاديمي في علوم القرآن
متخصص منذ 1981 في الحركات الباطنية عبر التاريخ
متخصص منذ 1981 في الجماعات الإسلامية
متخصص منذ 1989 في القراءات العشر الكبرى
متفرغ منذ 2001 لتفسير القرآن تحت الطبع
انواكشوط ـ موريتانيا
الجوال: 002226728040
المكتب: 002225210953
E.MAIL : elhacenmadick@gmail.com(/)
بحث "من تفصيل الكتاب وبيان القرآن ج3
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[29 Dec 2007, 03:49 م]ـ
الجزء الثالث
العزيز الحكيم
وإن اسم الله العزيز حيث وقع في سياق ما كلف الله به العباد فإنما للدلالة على قضاء قضى الله به وحكم حكم به كرهه كثير من الناس، رغم ما فيه من الحكمة البالغة كما هي دلالة اسمه الحكيم بعد اسمه العزيز وإنما هو تكليف قضى به الله فمن شاء أطاع ومن شاء عصى كما في قوله:
• ? ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم {البقرة 220
• ? ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم {البقرة 228
• ? والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم {البقرة 240
• ? والسارقة والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم {المائدة 38
ولقد كره كثير من الناس صيانة الشرع أموال اليتامى وكرهوا درجة الرجال على النساء فنادوا بمساواتها مع الرجل في الميراث والنفقة والطلاق وكرهوا أن تتزوج امرأة سيدهم بعد موته ولو كانت دون سن العشرين وكرهوا قطع يد السارق وعدوه تجاوزا في حقه.
وإن اسم الله العزيز حيث وقع بعد في الكتاب والقرآن فإنما لبيان قضاء قضى به بين الفريقين وعد بإنفاذه، ودلالة اسمه الحكيم بعده تعني أن لإنفاذ القضاء الموعود ميعادا متأخرا لحكمة بالغة، ومنه قوله:
• ? إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم {لقمان 8 ـ 9
• ? ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم {غافر 8
• ? إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم {المائدة 118
• ? ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم {البقرة 129
• ? وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم {التوبة 40
• ? يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم {النمل 9
ويعني دعاء حملة العرش ومن حوله وعيسى وكلهم من المقربين أنهم تعلقوا بقضاء الله يوم القيامة ووعده أن يغفر للمؤمنين، وإنما سألوا الله ما علموا منه أنه من قضائه ووعده وكذلك كان دعاء إبراهيم وإسماعيل إذ علما بالوحي إليهما أن الله سيبعث في مكة رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم فتعلقا بقضاء الله ووعده الذي كرهه المشركون من قريش وقالوا كما في قوله} وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم {الزخرف 31 وكره أهل الكتاب كذلك أن يكون خاتم النبيين r من غيرهم، ولما سأل نوح ما لم يعلم من قبل أنه من قضاء الله ووعده أوحي إليه كما في قوله} فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين {هود 46 وكما بينته مفصلا في الدعاء من تفصيل الكتاب.
ويعني حرف التوبة أن الله قضى ووعد أن تكون كلمته هي العليا، وهو وعد سيتم بقوة الله لا بجهود المؤمنين كما في قوله} كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز {المجادلة 21.
ويعني حرف النمل أن الله وعد نبيا قبل موسى ـ ولعله يوسف الذي أدخل بني إسرائيل مصر ـ أن سيرسل رسولا من بني إسرائيل في مصر ليخرجهم منها إلى الأرض المقدسة التي كتب الله لهم، وقد تم ذلك الوعد بعزة الله رغم تأخره حتى ذاق بنو إسرائيل سوء العذاب من فرعون، وإنما تأخر لحكمة بالغة، وهكذا كان إخراج بني إسرائيل من مصر هو أول ما أمر به موسى فرعون لما جاءه وهو رسول من رب العالمين كما في قوله} فأتياه فقولا إنا رسولا ربك فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم {طه 47 وقوله} فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل {الشعراء 16 ـ 17 وقوله} وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل {الأعراف 104 ـ 105.
النبوة وسيأتي بيانها
النبوة
(يُتْبَعُ)
(/)
إن من تفصيل الكتاب أن النبوة عند إطلاقها هي الإخبار باليقين من العلم الغائب عنك، أو بما كان من الحوادث التي غابت عنك فلم تحضرها سواء كانت ماضية أو معاصرة
كما وقعت، أو بما ستؤول إليه الحوادث كما ستقع مستقبلا.
فمن الأول قوله ? قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض ? يونس 18 وقوله ? أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول ? الرعد 33 والمعنى أن الله لا يغيب عنه ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وقوله ? سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا ? الكهف 78.
ومن الثاني قوله ? ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم ? التوبة 70 وقوله ? ونبئهم عن ضيف إبراهيم? الحجر 51 في وصف الحوادث الماضية، ومنه قوله ? وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير ? التحريم 3 ومنه قوله ? فقال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبإ بنبإ يقين ? النمل 22 من قول الهدهد في وصف الحوادث المعاصرة.
ومن الثالث قوله ? وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ? هود 48 ـ 49 وقوله ? قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون ? سورة ص 67 ـ 68.
وإنه في يوم الدين ? يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ? الانفطار 19 ينبأ الإنسان بما قدم وأخر، وذلك أن إلى الله مرجع الناس فينبئهم بما عملوا وبما كانوا يصنعون وبما كانوا فيه يختلفون وإليه أمرهم فينبئهم بما كانوا يفعلون، ولا كرامة في هذه النبوة إذ هي بإحضار عمل الإنسان المنبإ به فيعرض عليه ليراه جهرة كما في قوله ? علمت نفس ما أحضرت ? التكوير 14 وقوله ? علمت نفس ما قدمت وأخرت ? الانفطار5 ولا علم قبل تمكن البصر من المعلوم كما في قوله ? يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ? النبأ 40 وقوله ? كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم ? البقرة 167 وقوله ? يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ? عمران 30 والمعنى أنه محضر كذلك وقوله ? ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا ? الكهف 49.
وإن قوله ? علمت نفس ما قدمت وأخرت ? الانفطار 5 لمن المثاني مع قوله ? ونكتب ما قدموا وآثارهم ? يس 12 وقوله ? ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغيرعلم ? النحل 25 وقوله ? وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ? العنكبوت 13 إذ الذي قدموه هو ما عملوا في حياتهم والذي أخروه هو الأثر الذي تركوه خلفهم ومنه الأشرطة المسموعة والمرئية فإن كان سيئا كان من أوزار الذين يضلونهم بغير علم ومن الأثقال مع أثقالهم.
وإنما ذكرت الحديث عن النبوة الآخرة العامة لتقريب علم اليقين الحاصل للنبي في الدنيا بما ينبئه به الله العليم الخبير.
إن الذين كانوا يقولون عن النبي ? ? هو أذن ? التوبة 61 بمعنى أنه يسمع ويقبل ما يتلقى من أعذارهم كالمغفل وهو أبعد ما يكون الرجل عن الوحي هم المنافقون الذين يحسبون النبي ? كذلك، لا يفقهون أن النبي تعرض عليه في يقظته ونومه أعمال أمته سواء منهم من عاصروه والذين سيتأخرون عنه ويعرض عليه مما سيكون من الحوادث في أمته إلى آخرها وإلى قيام الساعة فما بعده.
إن الله نبأ النبي ? بما سيكون في أمته فعرضه عليه عرضا ورأى رجال ونساء أمته حسب أعمالهم ودرجاتهم على نسق ما ينبئ الله به كل إنسان في يوم الدين والحساب بما قدم وأخر من أعماله، ولا تسل عن اليقين من العلم الحاصل للإنسان المنبإ في يوم الدين ولا للنبي في الدنيا لأن الله يري النبي ذلك العرض بأم عينيه في الدنيا كما في الأحاديث المتواترة ومنها:
1. حديث البخاري عن عقبة ابن عامر أن النبي خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر فقال إني فرطكم وأنا شهيد عليكم إني والله لأنظر إلى حوضي الآن… في كتاب المناقب باب علامات النبوة.
2. حديث البخاري عن أسامة قال أشرف النبي على أطم من الآطام فقال هل ترون ما أرى إني أرى الفتن تقع خلال بيوتكم مواقع القطر. في كتاب المناقب باب علامات النبوة.
(يُتْبَعُ)
(/)
3. حديث مسلم في كتاب الكسوف عن جابر ابن عبد الله قال كسفت الشمس على عهد رسول الله ? في يوم شديد الحر فصلى رسول الله ? بأصحابه فأطال القيام حتى جعلوا يخرون ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال ثم سجد سجدتين ثم قام فصنع نحوا من ذاك فكانت أربع ركعات وأربع سجدات ثم قال إنه عرض علي كل شيء تولجونه فعرضت علي الجنة حتى لو تناولت منها قطفا أخذته أو قال تناولت منها قطفا فقصرت يدي عنه وعرضت علي النار فرأيت فيها امرأة من بني إسرائيل تعذب في هرة لها ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ورأيت فيها أبا ثمامة عمرا ابن مالك يجر قصبه في النار… وفي رواية لمسلم أيضا …ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه لقد جيء بالنار وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار كان يسرق الحاج بمحجنه فإن فطن له قال تعلق بمحجني وإن غفل عنه ذهب به وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا ثم جيء بالجنة وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ثم بدا لي أن لا أفعل فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه. متفق عليه ومكرر فيهما ففي البخاري في كتاب الكسوف باب صلاة الكسوف جماعة.
4. حديث البخاري عن أنس ابن مالك أن رسول الله خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فقام على المنبر فذكر الساعة فذكر أن فيها أمورا عظاما ثم قال من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم مادمت في مقامي هذا فأكثر الناس البكاء وأكثر أن يقول سلوني فقام عبد الله ابن حذافة السهمي فقال من أبي قال أبوك حذافة ثم أكثر أن يقول سلوني فبرك عمر على ركبتيه فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فسكت ثم قال عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط فلم أر كالخير والشر. من كتاب مواقيت الصلاة باب وقت الظهر عند الزوال.
5. حديث البخاري عن أنس أن النبي خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فلما سلم قام على المنبر فذكر الساعة وذكر أن بين يديها أمورا عظاما ثم قال من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به مادمت في مقامي هذا قال أنس فأكثر الناس البكاء وأكثر رسول الله أن يقول سلوني فقال أنس فقام إليه رجل فقال أين مدخلي يا رسول الله قال النار فقام عبد الله ابن حذافة فقال من أبي يا رسول الله قال أبوك حذافة قال ثم أكثر أن يقول سلوني سلوني فبرك عمر فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا قال فسكت رسول الله حين قال عمر ذلك ثم قال رسول الله والذي نفسي بيده لقد عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط وأنا أصلي فلم أر كاليوم في الخير والشر. في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب ما يكره من كثرة السؤال ومن تكلف ما لا يعنيه.
6. حديث عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهيط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي هذا موسى ? وقومه ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب…متفق عليه واللفظ لمسلم عن ابن عباس.
7. حديث عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنهم أمتي فقيل لي هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى الأفق فإذا سواد عظيم فقيل لي انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون. متفق عليه عن ابن عباس وفي مسند أحمد.
8. حديث عرضت علي الأنبياء فإذا موسى ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى ابن مريم فإذا أقرب من رأيت به شبها عروة ابن مسعود ورأيت إبراهيم فإذا أقرب من رأيت به شبها صاحبكم (يعني نفسه) ورأيت جبريل فإذا أقرب من رأيت به شبها دحية. في مسلم والترمذي قال الألباني صحيح.
(يُتْبَعُ)
(/)
9. حديث عرضت علي أمتي بأعمالها حسنها وسيئها فرأيت في محاسن أعمال أمتي إماطة الأذى عن الطريق ورأيت في سيئ أعمالها النخاعة في المسجد لم تدفن، في مسلم وابن ماجه ومسند أحمد وصححه الألباني.
10. حديث البخاري في كتاب الإيمان عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ? بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون علي وعليهم قمص منها ما يبلغ الثدي ومنها ما دون ذلك وعرض علي عمر ابن الخطاب وعليه قميص يجره قالوا فما أولت ذلك يا رسول الله قال الدين. وكرره البخاري في كتاب فضائل أصحاب النبي وفي كتاب التعبير.
11. حديث مسلم عن أنس ابن مالك عن خالته أم حرام بنت ملحان أنها قالت نام رسول الله ? يوما قريبا مني ثم استيقظ يبتسم قالت فقلت يا رسول الله ما أضحكك قال ناس من أمتي عرضوا علي يركبون ظهر هذا البحر الأخضر …وفي رواية أخرى لمسلم قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة أو قال مثل الملوك على الأسرة (يشك أيهما قال قالت) فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك قالت فقلت ما يضحكك يا رسول الله قال ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله كما قال في الأولى قالت فقلت يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت من الأولين فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت وفي رواية قال أنت من الأولين فتزوجها عبادة ابن الصامت بعد فغزا في البحر فحملها معه فلما أن جاءت قربت لها بغلة فركبتها فصرعتها فاندقت عنقها، متفق عليه ومكرر فيهما ففي البخاري في كتاب الجهاد وفي مسلم في كتاب الإمارة أيضا.
قلت: إن الحديث الصحيح في البخاري عن أبي هريرة عن النبي ? " لم يبق من النبوة إلا المبشرات قالوا وما المبشرات قال الرؤيا الصالحة ". والحديث الصحيح في البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي ? " الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة " ليعني أن العرض في المنام أقل من درجة العرض يقظة الذي اختص به النبيون وهو مدلول نبوتهم وهو الذي انقطع وختم بخاتم النبيين محمد ?.
إن العرض للنبي ? يقظة كما في الحديث الأول والثاني والثالث والرابع والخامس
ومحتملا في السادس والسابع والثامن والتاسع، وسيأتي من بيان الحديث السادس والسابع والعرض مناما كما في الحديث العاشر والحادي عشر قد وقع في المدينة بعدما نزل به القرآن قبل الهجرة كما في المثاني:
? ? قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ? الفلاح 93 ـ 95
? ? فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون أو نريك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ? الزخرف 41 ـ 42
? ? وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك ? يونس 46 الرعد 40
? ? فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك ? غافر 77
? ? وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ? الإسراء 60
وكما بينته في كلية النصر في ليلة القدر وقد تحقق في الدنيا وكما تقدم في الأحاديث الصحيحة التي فيها إنه عرض عليه كل شيء تولجونه وفيها " فما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه " لإيقاع قوله ? وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ? والآيات المتلوة المذكورة آنفا.
إن النبي في الدنيا هو الذي يعرض عليه مما سيكون من الغيب في الدنيا والآخرة فيعلمه برؤيته عرضا عليه وذلك قوله ? أعنده علم الغيب فهو يرى ? النجم 35 أي ينظر إلى ما يعرض عليه في يقظته وهو ما اختص به النبيون جميعا إذ شاركهم بعض أتباعهم في العرض في المنام.
وإن النبوة المقيدة بالعلم كما في قوله ? نبئوني بعلم إن كنتم صادقين ? الأنعام 143 فإنما هي بأحد أمرين:الإخبار والعرض يقظة وهو ما اختص به النبيون أو الإخبار بالكتاب الذي جاء به النبيون وهو العلم، ويعني أن الله دعا المشركين الذين حرموا من ثمانية أزواج الأنعام ما لم يأذن به الله أن ينبئوه أي يخبروه بعلم أي يعرضوا عليه ساعة نزل عليهم لأول مرة من الله تحريم البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي وهو الدليل القوي لو استطاعوه وهو الذي تتأتى به معارضة ما جاء به النبيون من العلم أو يأتوا بكتاب من عند الله نزل فيه تحريم ما زعموا.
(يُتْبَعُ)
(/)
فالنبوة بعلم بمعنى العرض يقظة هي ما اختص به النبيون وهي أخص من قوله ? سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا ? الكهف 78 وقوله ? ونبئهم أن الماء قسمة بينهم ? القمر 28 أي أخبرهم ولم يسبق إليهم علم به.
إن التقدم العلمي اليوم لم يبلغ بعض ما عرض على النبي الأمي ? يقظة كما في المثاني:
? ? ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم ? البقرة 243
? ? ألم تر إلى الملإ من بني لإسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله ? البقرة 246
? ? ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب ? النساء 77
? ? ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر ? البقر 258
? ? ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار ? إبراهيم 28
? ? ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول ?
? ? ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد فرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب ? الفجر 6 ـ13
وشبهه ويعني الحوادث الماضية قبله التي عرضت عليه قبل أن ينزل عليه القرآن في شأنها، وليقعن في أمته من بعده حوادث مثلها كما هي دلالة نبوته التي تقدم بيانها.
وإن قوله:
? ? ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون ? عمران 23
? ? ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ? المجادلة 8
وشبهه ليعني الحوادث المعاصرة التي غابت عنه وعرضت عليه قبل أن ينزل عليه القرآن في شأنها وليقعن مثلها في الأمة بعد النبي ?.
وإن قوله:
? ? ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا ? غافر 69
? ? ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ? لقمان 31
وشبهه ليعني الحوادث التي لم تقع بعد وعرضت عليه قبل أن ينزل عليه القرآن في شأنها ولتقعن كما نبأ الله بها خاتم النبيين ? فعرضها عليه عرضا ونبأه وأمته بها في القرآن وكما سيأتي تفصيله.
وكذلك قوله:
? ? فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم ? المائدة 52
? ? فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ? الحاقة 7
فهو مما عرض عليه كذلك وسيقع مثله بعده في أمته سيأتي بيانه وكما هو مدلول أنه مما عرض عليه ونبئ به في القرآن.
أما ما خوطب به الناس في القرآن من ذلك كما في قوله:
? ? ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ? لقمان 20
? ? ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا ? نوح 15 ـ 16
? ? أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده ? العنكبوت 19
? ? أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون وجعلنا السماء سقفا محفوظا فهم عن آياتها معرضون ? الأنبياء 30 ـ 32
? ? أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ? الرعد 41
? ? أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون ? الأنبياء 44
(يُتْبَعُ)
(/)
ليعني أن المكذبين من قبل قد تعجلوا تكذيب الرسل قبل أن يبلغ السمع والبصر وأدوات الكسب لدى الإنسان نهاية البحث العلمي المجرد وكذلك أمر الرسل المكذبين بالنظر والتأمل والبحث العلمي الذي سيهديهم إلى أن الله خالقهم هو الذي سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة فلماذا يكذبون؟ وسيهديهم البحث العلمي المجرد إلى كيفية بدء الخلق وأنه سيفنى كذلك وأن الذي بدأه من العدم قادر على إعادة نشأته كما أخبر الرسل عنه فلماذا يكذب المكذبون؟ وسيعلمون رأي العين بالبحث العلمي المجرد كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر والشمس فلماذا الكفر والتكذيب؟ وسيعلمون رأي العين وهم يغزون الفضاء من آيات السماء ما لا يقدر عليه غير الله فلماذا الكفر والإنكار؟ وسيرون رأي العين أن أطراف الأرض ستغرق أو يخسف بها أو يسقط عليها كسف من السماء فلا يبقى من الأرض إلا أم القرى وما حولها كما سيأتي بيانه في كلية النصر في ليلة القدر.
وأما قوله ? ولا أعلم الغيب ? من قول نوح ومحمد ?، وقوله ? ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ? مما كلف به النبي الأمي ? فيعني ما لم يعرض عليهما من الغيب وما لم يظهرهم الله عليه منه بالوحي لأن النبيين كسائر الرسل لا يعلمون الغيب إلا ما علمهم الله منه.
إن العرض يقظة في الدنيا للنبي هو الذي يقع مثله لكل منا إذا بلغ منه الموت قبل أن تسيل نفسه إذ يعرض عليه مقعده في الجنة والنار كما في البخاري والنسائي وأحمد وهو الذي يقع مثله لابن آدم إذا مات ودخل البرزخ إذ يعرض عليه قبل البعث مقعده غداة وعشيا كما في البخاري ومسلم في كتاب الجنة وفي النسائي وابن ماجه وكما في قوله ? النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ? غافر 46 وقوله ? مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا ? نوح 25 للدلالة على عذاب القبر.
والعرضان هما في الكتاب كما في قوله ? كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ? التكاثر 3 ـ 7 فقوله ? كلا سوف تعلمون ? يعني به ? لترون الجحيم ? عند الموت عرضا وقوله ? ثم كلا سوف تعلمون ? يعني به ? ثم لترونها عين اليقين ? أي في يوم الدين فالعرضان عند الموت وفي يوم الدين هما اللذان وقع بهما العلم ولا يخفى أن العلم في الأخير منهما أكبر لقوله ? ثم لترونها عين اليقين ?.
وجميع أهل الجنة ينبئهم الله فيعرض عليهم وهم على سررهم ما يشاءون كما في المثاني في قوله:
? ? إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون ? التطفيف 22 ـ 23
? ? فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون ? التطفيف 34 ـ 35
? ? قال هل أنتم مطلعون فاطلع فرآه في سواء الجحيم ? الصافات 54 ـ 55
وأهل النار كذلك ينبأون كما في قوله ? كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ? البقرة 167 إذ تعرض عليهم أعمالهم السيئة التي قدموها في الدنيا ودخلوا بها النار ليزدادوا حسرة وقنوطا من الفرج والرحمة.
إن عدم حفظ التوراة من التحريف قدرا ـ بفتح الدال ـ إذ جعل الله أمر حفظها إلى الربانيين والأحبار من بني إسرائيل كما في قوله ? بما استحفظوا من كتاب الله ? المائدة 44 هو سبب تعدد الأنبياء في بني إسرائيل لأن الأحبار كانوا كما في قوله ? يحرفون الكلم عن مواضعه ? النساء 46 المائدة 13، فتعدد الأنبياء فيهم ليقوموا مقام حفظ التوراة يحكمون بها وهي غير محرفة ويعلنون لهم ما تقع عليه نبوة موسى في التوراة من الحوادث التي كانت غيبا يوم نزلت التوراة، ومنه بعث طالوت وداوود وسليمان ملوكا كما في قوله ? وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين ? المائدة 20 وإنما وقع ذلك كله بعد موسى ولا يخفى أن التوراة تقع نصوصها على ما سيكون من الحوادث بعدها لقوله ? وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء ? الأعراف 145 ومن المثاني معه قوله ? ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شيء ? الأنعام 154، وكان كل نبي بعد موسى يحكم بالتوراة دونما تحريف لأن الله آتى كل نبي الكتاب أي علمه إياه فحفظه وعلم بيانه عن ظهر قلب وكل نبي يعلن إيقاع التوراة على الحوادث.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما القرآن المحفوظ من التحريف فقد أغنى عن تعدد الأنبياء في هذه الأمة وكان نبيها هو خاتم النبيين ? كما في الأحزاب وبدليلين اثنين أولهما أن القرآن قد تضمن جميع نبوة محمد ?، فلم يأت من الحوادث منذ نزول القرآن إلى يومنا هذا إلا ما حواه القرآن ولن يأتي منها وإلى الأبد في الدنيا والآخرة إلا ما حواه كذلك أما في الآخرة فجميع الحوادث مفصلة في الكتاب وإنما ينغلق في الدنيا غير أن النبوة حرف من الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن وكل منها شاف كاف كما في الأحاديث الصحيحة فجميع ما في القرآن من أنباء سيتكرر مثله في هذه الأمة قبل الآخرة ولذلك خلا الكتاب من النبوة عن الجنة والنار وإنما نبأ القرآن ببعض ما كان من القصص والحوادث الماضية ودليله قوله:
? ? ولتعلمن نبأه بعد حين ? خاتمة سورة ص
? ? لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون ? الأنعام 67
ويعني أن جميع ما نبأ الله به خاتم النبيين ? في القرآن سيكون يوما معلوما لكل الناس بعد حين، ولقد مضى من الحين حوالي ألف وأربعمائة وأربعين عاما، وإنما يستقر النبأ إذا وافق الأجل الذي جعل الله له وليعلمه الناس رأي العين كما بينت.
وثانيهما أن محمدا ? هو رسول الله بآية خارقة معجزة محفوظة هي القرآن، وشهادة المسلم ـ وشرط الدخول في الإسلام ـ أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله تعني أن المسلم في كل وقت يشهد على نفسه أنه حضر رسالة الله التي أرسل بها محمدا وهي القرآن وما غاب عنها بل بلغته وآمن بما فيها من الغيب والنبوة، فالشهادة بأن محمدا رسول الله هي إقرار وإيمان بالآية المعجزة التي أرسل بها وهي القرآن، ويعني قوله ? والله يشهد إنك لرسوله ? سورة المنافقين1 أن الله سيظهر للعالم كله في الدنيا أنه رسول الله بهذه الآية المعجزة إذ ما شهد الله به لن يبقى سرا مجهولا أو مغمورا بل سيشاهده العالمون جميعا وذلك مدلول قوله ? قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم ? الأنعام 19 ويعني أن كل غيب في القرآن سيصبح شهادة معلوما لكل الناس ليعلم الناس أن محمدا ? قد أرسل بالقرآن من قبل.
من نبوة جميع النبيين قبل نزول القرآن
لقد تضمن القرآن المنزل على النبي الأمي r نبوة النبيين قبله، وهي قسمان:
أولهما: النبوة الأولى وقد تضمنها القرآن وأولها نبوة آدم كما في قوله:
• ? قلنا اهبطا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون {البقرة 38
• ? قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى {طه 123
• ? قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون {الأعراف 24 ـ 25
ولا يخفى أن المنبأ به هو آدم وسيأتي بيانه تفصيلا في كلية الرسالة وكلية الآيات، ومما نبأ الله به النبيين من ذرية آدم قبل نوح قوله:
• ? يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها {الأعراف 26 ـ 28
• ? ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم {يس 60 ـ 61
• ? يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين {الأعراف 31
• ? يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون {الأعراف 35 ـ 36
ولأن النبوة الأولى لم تنقض ولا يزال الشيطان عدوا يوسوس ويضل فقد نبأ الله بمثلها خاتم النبيين r كما في حرف يس وسيأتي من بيان النبوة الأولى في كلية الرسالة.
ونبأ الله نوحا بعد إغراق قومه بقوله} قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم {هود 48 وسيأتي بيانه مفصلا في كلية النصر في ليلة القدر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومما نبأ الله به جميع النبيين قبل نوح وبعده قوله} وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون {عمران 81 ـ 82 وسيأتي بيانه مفصلا في كلية الرسالة.
ومما نبأ الله به إبراهيم قوله} وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء {العنكبوت 22 وبينته في كلية النصر في ليلة القدر، وقوله} رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد {هود 73 وبينته في كلية الرسالة، وقوله} الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون {الأنعام 82 وبينته في كلية الخلافة على منهاج النبوة.
ومما نبأ الله به إبراهيم وإسماعيل قوله} ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم {البقرة 129.
ومما نبا الله به يوسف قوله} وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين {يوسف 99 وإنما قاله يوسف بعد أن دخل عليه أبواه وإخوته في قصره فهو من نبوته المنتظرة كما سيأتي بيانه.
وثانيهما: النبوة الثانية وهي نبوة موسى وهارون فمن بعدهما من النبيين إلى عيسى وقد تضمنها القرآن كذلك ومما نبأ الله به موسى قوله:
• ? سأوريكم دار الفاسقين سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا {الأعراف 145 ـ 146 وقد بينته في كلية الآيات.
• ? وذكرهم بأيام الله {إبراهيم 5 وبينته في كلية النصر في ليلة القدر.
• ? قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون {الأعراف 156 ـ 157 وبينته مفصلا في أكثر من موقع.
• ? قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه {طه 97 وبينته في المنظرين في كلية الآيات.
• ? إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين {الأعراف 128
ومما نبأ الله به النبي من بني إسراءيل من بعد موسى قوله} والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم {البقرة 247 وبينته في كلية النصر في القتال في سبيل الله.
ومما نبأ الله به جميع النبيين من بني إسراءيل بعد موسى ومنهم عيسى قوله} ولقد أخذ الله ميثاق بني إسراءيل وبعثنا منهم إثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل {المائدة 12 وبينته في كلية الرسالة.
ومما نبأ الله به عيسى قوله} ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد {الصف 6 وقوله} قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين {المائدة 115 وبينته في المنظرين في كلية الآيات.
ومما نبا الله به موسى في التوراة ونبأ به عيسى في الإنجيل في القرآن قوله} إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة الإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم {التوبة 111 وبينته في كلية النصر في القتال في سبيل الله، وقوله} الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون {الأعراف 157
القول
(يُتْبَعُ)
(/)
إن القول هو ما في القرآن من قوله} قل {للدلالة على أن ما بعدها هو من الغيب يوم نزل القرآن، فلن يقع في حياة النبي r وإنما بعده متأخرا في أمته قبل انقضاء الدنيا ومنه قوله:
• ? قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين {خاتمة الملك
• ? وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون {خاتمة النمل
وليس من القول ما في الكتاب من قوله} قل {كما في فاتحة الإخلاص والفلق والناس وكما في قوله} ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا {طه 105 ـ 107 وقوله} ويسألونك عن المحيض قل هو أذى {البقرة 222 وقوله} ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن {النساء 127 وقوله} قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم {الواقعة 49، وإن المثاني:
• ? إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا {المزمل 5
• ? أفلم يدبروا القول {الفلاح 68
• ? وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون {النمل 82
لتقع على القول في القرآن خاصة لأنه قد تضمن موعودات ثقيلة لن يسلم فيها إلا من تدبر القرآن، ولم تقع بعد منذ نزل القرآن إلى يومنا هذا ولو وقعت لأخرج ربنا دابة من الأرض تكلم الناس بما قصروا عنه من اليقين بآيات ربهم، ويومئذ يوقن الناس بقرب الساعة، وإن خروج الدابة لمن الآيات الخارقة الموعودة كما في قوله} سيريكم آياته فتعرفونها {ومن المثاني معه قوله} سأوريكم آياتي فلا تستعجلون {الأنبياء 37 وكما بينته في كلية الآيات.
ضرب الأمثال وتصريفها
لقد حوى القرآن ضرب الأمثال التي سيراها الناس في الدنيا، وليست الأمثال في القرآن هزلا ولا تسلية وكان حريا بالناس أن يعقلوها لولا قوله} وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون {العنكبوت 44
وإن المثاني:
• ? ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل {الروم 58 الزمر 27
• ? ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل {الإسراء 89
• ? ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل {الكهف 54
لتعني أن من قرأ القرآن سيجد فيه مثل الذي آمن واتقى والذي كفر وعصى ومثل الذي أسلم لرب العالمين ومشى على الأرض هونا والذي استكبر في الأرض بغير الحق، ومثل الجماعة المسلمة الممكنة في الأرض مع طالوت وداوود وسليمان وذي القرنين ومحمد r بعد غزوة الأحزاب ونموذج القلة المؤمنة الخائفة كأصحاب الكهف، ومثل الذي ادكر ونجا والذي أعرض وهلك ومثل الذين نجوا برحمة الله من بأس الله في أيام الله والذين حق عليهم القول فدمرهم ربهم تدميرا.
الذكر
إن الذكر هو ما سيتذكر من القصص والحوادث الماضية التي نبأ بها الله في القرآن رسوله وخاتم النبيين r ، ليتذكرها من عقلها في القرآن إذا وقع مثلها في الدنيا.
إن قوله:
• ? لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون {الأنبياء 10
• ? ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر {المكررة في القمر
• ? ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق {ص 1 ـ 2
ليعني أن القرآن إنما حوى من القصص والحوادث الماضية ما سيقع مثله في هذه الأمة ليتذكرها من يعقل، وإن الذين يحسبون القرآن للتسلية كأنما هو قول هزل وما هو بالفصل ولا بالقول الثقيل لم يفقهوا منه نقيرا ولا فتيلا، أفلا يتدبرون القرآن، وقد أمر الله فيه بالذكر والتذكر والذكرى مع كل حادثة أو قصة سيقع مثلها في هذه الأمة، إذ الذكر حرف من الأحرف السبعة وجميع ما في القرآن منه سيتذكر مثله في هذه الأمة كما في قوله} يأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم {المائدة 11 ومن المثاني معه قوله} يأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا {الأحزاب 9 ـ 12 ومنالذكر في القرآن قوله} وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم {الكهف 50 الإسراء 61 البقرة 34 وشبهه وبينته في كلية الآيات.
(يُتْبَعُ)
(/)
الغيب في القرآن
إن قوله:
• ? ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين {النمل 20
• ? وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين وما هم عنها بغائبين {الانفطار 14 ـ 16
• ? وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين {يوسف 81
ليعني أن الغيب هو ما غاب عنك من الحوادث فلم تشهده، وكان الهدهد من الغائبين غير حاضر حين تفقد سليمان الطير، وإن الفجار يوم الدين ليشهدون الجحيم ويكبكبون فيها وما هم عنها بغائبين بل حاضرين، ولم يك إخوة يوسف قادرين على منع ما غيب الله من الغيب ومنه ألا يرجع معهم أخوهم الذي أرسله معهم أبوهم ليكتالوا ويزدادوا كيل بعير.
وإن الموعود في الكتاب المنزل على خاتم النبيين r يوم نزل هو الغيب، ومنه موعودات في اليوم الآخر كجنات عدن التي وعد الرحمان عباده بالغيب، وكان الذين يتبعون الذكر ويخشون ربهم الرحمان في الدنيا قبل أن يحضروا يوم القيامة هم الذين يخشون ربهم بالغيب والمبشرون بمغفرة وأجر كبير.
وإن الموعود في القرآن يوم نزل هو الغيب وسيأتي من بيانه في بيان القرآن.
الوعد في الدنيا
إن من تفصيل الكتاب أن ما تضمن الكتاب عن يوم البعث فما بعده هو وعد من الله أن يقع كما أخبر كما في قوله} ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين {الأعراف 44 ولم يقع شيء منه بعد وإنما هو وعد من الله سيقع نفاذه في اليوم الآخر.
وقد تضمن القرآن وعدا في الدنيا بصيغ مختلفة كما هو مدلول بعض أسماء الله الحسنى وكما في قوله} فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون {التوبة 55 وكما في قوله} ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم ويخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون {يس 49 ـ 50 وإنما هو في الدنيا كما هو صريح حرف التوبة وكما هو مدلول الموت بصيحة واحدة وموطن الاختصام والوصية والأهل وقد بينته في كلية النصر في ليلة القدر، وكما في قوله} سأوريكم آياتي فلا تستعجلون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين {الأنبياء 36 ـ 37 وإنما يستعجل المنتظر الموعود وقد علم المشركون يوم نزل القرآن أنه وعد في الدنيا فسألوا النبي r متى هو وبينته في كلية الآيات.
ومن الوعد في الدنيا والآخرة:
ـ الكلمات
إن الموعودات من الله رب العالمين في الكتاب المنزل على النبي الأمي ? ليقع عليها حقا الوصف بأنها كلمات الله وكلمات ربنا الذي قال لها من قبل ? كن ? وستكون إذا وافقت الأجل الذي جعل الله لها وهكذا وعد الله في الكتاب المنزل أن لا تبديل ولا مبدل لها أي ستتم صدقا وعدلا كما أخبر الله من قبل في القرآن كما في قوله:
• ? اتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ? الكهف 27
• ? ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين ? الأنعام 34
• ? وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ? الأنعام 115
• ? ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ? يونس 62 ـ 64
إن من تفصيل الكتاب أن كلمة ربنا إنما تعني وعدا منه قد تضمنه الكتاب المنزل من عنده تفصيلا.
وإن من كلمات ربنا ما تضمنه الكتاب وسيتم نفاذه في اليوم الآخر.
وإن من كلمات ربنا ما تضمنه القرآن وسيتم نفاذه في الدنيا.
ومما تضمنه الكتاب من كلمات ربنا قوله:
• ? وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون {يونس 19
• ? ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم وإنهم لفي شك منه مريب {فصلت 45 هود 111
• ? وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب {الشورى 14
• ? ولقد بوأنا بني إسراءيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون {يونس 93
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? ولقد آتينا بني إسراءيل الكتاب والحكم والنبوة ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على العالمين وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون {الجاثية 15 ـ 16
ومن تأمل حرف هود وفصلت والشورى وأول يونس فقه أن كلمة قد سبقت من ربنا أن يؤخر القضاء بين المختلفين بعد إيتاء موسى التوراة إلى أجل مسمى، ولم تتضمن هذه الأحرف تفصيل الكلمة التي سبقت من ربنا.
ومن تأمل حرف الجاثية وثاني يونس فقه أن الكلمة التي سبقت من ربنا بعد اختلاف بني إسراءيل في التوراة هي وعده في الكتاب أن يؤخر القضاء بين المختلفين في الكتاب إلى يوم القيامة وفقه أن قوله} إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون {في الجاثية وثاني يونس هو الكلمة التي سبقت من ربنا كما في فصلت والشورى وهود وأول يونس أي وعده الذي سبق منه ولا يخلف الله وعده.
وكان من تفصيل الكتاب أن تفصيل الوعد الذي تضمنه حرف الجاثية وثاني يونس لم يصاحبه ذكر الكلمة التي سبقت، وحيث أجمل الوعد وقعت الإشارة إلية بالكلمة التي سبقت كما في حرف هود وفصلت والشورى وأول يونس.
وكذلك تضمن الكتاب كلمات من ربنا هي وعد منه حسن سيتم نفاذه في الآخرة كما في قوله:
• ? وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين {هود 119
• ? ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين {السجدة 13
• ? قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين {ص 84 ـ 85
• ? قال اخرج منها مذءوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين {الأعراف 18
• ? قال هذا صرط علي مستقيم إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين {الحجر 41 ـ 42
• ? وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار {غافر 6
• ? أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار {الزمر 19
• ? وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين {الزمر 71 ت 72
• ? قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا {القصص 62
ويعني قوله} لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين {وقوله} لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين {وقوله} لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين {وقوله} إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين {هو القول والكلمة أي الوعد الذي أخبر الله به يوم أبى إبليس واستكبر أن يسجد لآدم مع الساجدين، وهو القول والكلمة والوعد الذي سيحق أي يقع على الكافرين فيكونون من أصحاب النار في جهنم خالدون.
وتضمن القرآن كلمات من رب العالمين هي وعد حسن منه في الدنيا كما في قوله:
• ? وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون وجاوزنا ببني إسرائيل البحر {الأعراف 137 ـ 138
• ? وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم {الأنعام 115
• ? كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون {يونس 33
• ? إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم {يونس 96
وقد تقدم من بيان حرف الأعراف في الأسماء الحسنى، وسيأتي بيانه كله في بيان القرآن.
إن الحديث النبوي الصحيح " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " ليعني أن النبي الأمي r قد علّم المؤمنين أن يدعوا الله ليحفظهم ويعصمهم من شر ما خلق ومنه فتنة الدجال وإغواء الشيطان متوسلين إليه بإيمانهم بكلماته التامات أي وعوده التي ستتم أي تنفذ وتقع إذا وافقت الأجل الذي جعل الله لها في الدنيا كالآخرة، ومن العجب أن الذين يرددون دعاء النبي الأمي r منذ عشرات القرون لم يفقهوه ...
ـ الدعاء
إن الدعاء حيث ورد في المصحف فهو إذن من الله للمؤمنين أن يدعوه به فليس هو من الاعتداء في الدعاء وإنما هو دعاء الله بما علمنا من الكتاب المنزل من عنده أنه من وعده.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن كان الدعاء في الكتاب فهو وعد سيتم نفاذه في الدنيا أو الآخرة أو فيهما كما في قوله} ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار {البقرة 201 ومن الدعاء في الكتاب الذي سيقع نفاذه في الدنيا قوله} ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به {البقرة 286 ومنه من قبل قوله} وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين {الأنبياء 89، ومن الدعاء في الكتاب الذي سيقع نفاذه في الآخرة قوله} ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار {عمران 191 ـ 192.
وإن كان الدعاء من القرآن فهو وعد من الله سيتم نفاذه في الدنيا كما في قوله} اهدنا الصراط المستقيم {وقوله} واجعلنا للمتقين إماما {الفرقان 74 وقوله} ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا {عمران 193 وقوله} ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك {عمران 194 وسيأتي بيانه في كلية الرسالة.
وكان من علم النبيين أنهم لا يدعون الله إلا بما علموا من الكتاب المنزل عليهم أو علموا من الوحي إليهم أو علموا مما عرض عليهم أنه من وعد الله.
ولما دعا نوح ربه بما ليس له به علم بالوحي إليه به ولا بالكتاب المنزل إليه أوحي إليه كما في قوله} قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين {هود 46 ويعني قوله} إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح {صحة الحديث النبوي أن لا يرث الكافر المسلم.
يتواصل
الحسن ولد ماديك
باحث أكاديمي في علوم القرآن
متخصص منذ 1981 في الحركات السرية عبر التاريخ
متخصص منذ 1981 في الجماعات الإسلامية
متخصص منذ 1989 في القراءات العشر الكبرى
متفرغ منذ 2001 لتفسير القرآن قيد الإنجاز
انواكشوط ـ موريتانيا
الجوال: 002226728040
المكتب: 002225210953
E-mail : elhacenmadick@gmail.com
ـ[أسامة عبد الرحمن المراكبي]ــــــــ[12 Sep 2010, 10:49 ص]ـ
........(/)
بحث: مقاصد القرآن من المنظور النوري (قطب مصطفى سانو)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[29 Dec 2007, 10:48 م]ـ
عنوان البحث: مقاصد القرآن الكريم من المنظور النوري (نسبة إلى بديع الزمان النورسي) .. عرض وتحليل وموازنة
تأليف: د. قطب مصطفى سانو
تجدونه في المرفقات.(/)
اول تفسير للقرآن يشتمل على جميع القراءات القرآنيه المتواتره ج2 د محيسن
ـ[ياسر محيسن]ــــــــ[30 Dec 2007, 04:57 م]ـ
اول تفسير للقرآن يشتمل على جميع القراءات القرآنيه المتواتره ج2 للدكتور محمد سالم محيسن
ويشتمل على تفسير سور من آلعمران حتى سورة الانعام 608 صفحه
http://www.mediafire.com/?2zkdtgtjd9l
ـ[ياسر محيسن]ــــــــ[31 Dec 2007, 03:36 م]ـ
منهج تفسير فتح الرحمن الرحيم فى تفسير القرآن الكريم تاليف الدكتور محمد محمد محمد سالم محيسن رحمه الله
ـ[عبدالعزيز اليحيى]ــــــــ[02 Jan 2008, 01:46 ص]ـ
جزاك الله خيرا
ورحم الله الشيخ
ـ[ياسر محيسن]ــــــــ[02 Jan 2008, 01:10 م]ـ
الاخ الكريم عبدالعزيز بن إبراهيم اليحيى
اشكر تفضلك الدائم بالمشاركات وجزيل الشكر لدعائك للمرحوم والدى جزاك الله كل خير اخى الفاضل(/)
مسائل في المجاز (3) والعرب تعرف: ((اللسان)) ولا تعرف: ((اللغة))
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[30 Dec 2007, 08:58 م]ـ
قال أبو بكر الجصاص في كتابه: ((الفصول في الأصول)): ((وقال الله تعالى: {بلسان عربي مبين} يعني بلغة؛ لأن اللغة بالِّلسان تظهر)) انتهى بلفظه.
قلت: وكل ذلك لم يكن بل خطأ على العربية هو ....
والعرب يقولون: لسان القوم، ولسان العرب، ولسان عربي، ولا يقولون: لغة القوم، ولا لغة العرب، ولا لغة عربية، وليس ذلك من كلامهم.
وقول من قال: ((اللغة)) = خطأ على العرب كله وإنما هو من كلام المتكلمين والناقلين لكتب الفلاسفة .... فما كانت العرب تسميه لساناً صار أولئك المتكلمون يسمونه: لغة .. ثم كثر لفظ اللغة في كلام الخاصة والعامة ... وهو لسان محدث مولد، وليس بلسان العرب الذي نزل القرآن به ...
فأبو بكر الجصاص المعتزلي ... استبدل بلفظ محدث مولد اللفظ العربي وهو اللسان ....
ثم زعم أن اللفظ الذي لم تكن العرب تعرفه ولا تتكلم به (اللغة) هو الحقيقة، وهو أصل الوضع، وأن اللفظ العربي الذي كانت العرب تتكلم به (اللسان) هو المجاز المنقول إلى غير ما وضع له (!!!)
والعرب يقولون اللسان يعنون به ذلك اللحم الذي في الفم،ويقولون اللسان يعنون به كلام كل قوم الذي يعقلونه ويتكلمون به، ولا ندري بأي ذلك تكلموا أولاً، ولا سبيل إلى العلم به.
ولا يذكر لفظ اللسان في كلامهم إلا وفي كلام المتكلم أو أنبائه ما يبين ما أراده به ...
فقول الجصاص وغيره إن لفظ اللسان وضع في أصل اللغة لذلك اللحم الذي في الفم وهو حقيقة في ذلك اللحم مجاز في غيره، وهو يدل على ذلك اللحم من غير قرينة ولايدل على الكلام الذي يُنطق به إلا بقرينة كل ذلك زعم باطل لا حجة لهم به
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[31 Dec 2007, 02:46 ص]ـ
[
والعرب يقولون: لسان القوم، ولسان العرب، ولسان عربي، ولا يقولون: لغة القوم، ولا لغة العرب، ولا لغة عربية، وليس ذلك من كلامهم.
وقول من قال: ((اللغة)) = خطأ على العرب كله وإنما هو من كلام المتكلمين والناقلين لكتب الفلاسفة ..
[[/ COLOR][/SIZE][/B][/CENTER]
الحمد لله
جاء في صحيح البخاري 6227
حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ ـ رضى الله عنها ـ قَالَتْ أَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَنْفِرَ فَرَأَى صَفِيَّةَ عَلَى باب خِبَائِهَا كَئِيبَةً حَزِينَةً لأَنَّهَا حَاضَتْ فَقَالَ " عَقْرَى حَلْقَى ـ لُغَةُ قُرَيْشٍ ـ إِنَّكِ لَحَابِسَتُنَا " ثُمَّ قَالَ " أَكُنْتِ أَفَضْتِ يَوْمَ النَّحْرِ ". يَعْنِي الطَّوَافَ قَالَتْ نَعَمْ. قَالَ " فَانْفِرِي إِذًا ".
وفي صحيح مسلم 2005 - 5315 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ " إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ. يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغِيتَ ". قَالَ أَبُو الزِّنَادِ هِيَ لُغَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا هُوَ فَقَدْ لَغَوْتَ
5315 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، حَدَّثَنِي زَاذَانُ، قَالَ قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ حَدِّثْنِي بِمَا، نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَشْرِبَةِ بِلُغَتِكَ وَفَسِّرْهُ لِي بِلُغَتِنَا فَإِنَّ لَكُمْ لُغَةً سِوَى لُغَتِنَا. فَقَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَنْتَمِ وَهِيَ الْجَرَّةُ وَعَنِ الدُّبَّاءِ وَهِيَ الْقَرْعَةُ وَعَنِ الْمُزَفَّتِ وَهُوَ الْمُقَيَّرُ وَعَنِ النَّقِيرِ وَهْىَ النَّخْلَةُ تُنْسَحُ نَسْحًا وَتُنْقَرُ نَقْرًا وَأَمَرَ أَنْ يُنْتَبَذَ فِي الأَسْقِيَةِ.
وفي المسند 4944 - 7030
4944 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، وَابْنُ، جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ زَاذَانَ، قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ أَخْبِرْنِي مَا، نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَوْعِيَةِ وَفَسِّرْهُ لَنَا بِلُغَتِنَا فَإِنَّ لَنَا لُغَةً سِوَى لُغَتِكُمْ قَالَ نَهَى عَنْ الْحَنْتَمِ وَهُوَ الْجَرُّ وَنَهَى عَنْ الْمُزَفَّتِ وَهُوَ الْمُقَيَّرُ وَنَهَى عَنْ الدُّبَّاءِ وَهُوَ الْقَرْعُ وَنَهَى عَنْ النَّقِيرِ وَهِيَ النَّخْلَةُ تُنْقَرُ نَقْرًا وَتُنْسَجُ نَسْجًا قَالَ فَفِيمَ تَأْمُرُنَا أَنْ نَشْرَبَ فِيهِ قَالَ الْأَسْقِيَةُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَمَرَ أَنْ نَنْبِذَ فِي الْأَسْقِيَةِ.
7030 قَالَ قُرِئَ عَلَى سُفْيَانَ سَمِعْتُ أَبَا الزِّنَادِ، يُحَدِّثُ عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَيْتَ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ أَبُو الزِّنَادِ هِيَ لُغَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ.
أرجو أن تتأمل هذه الاحاديث فقد يكون فيها ما يتعلق بالموضوع ....
وقد أخذتها بمحرك البحث في موقع الايمان ..
فإن كان الذي فهمته من كلامك هو ما تقصده فإن كلمة اللغة ليست مولدة بل هي عربية و ليست من كيس المتكلمين و
الفلاسفة.
و ان لم يكن هذا قصدك فأرجو المعذرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[31 Dec 2007, 02:45 م]ـ
تأكيداً لما ذكره أخونا المجلسي الشنقيطي من أن لفظ اللغة معروف مستعمل عند الأوائل وليس بمولد
أذكر من الشواهد الشعرية
قول ذي الرمة:
من الطنابير يزهي صوته ثمل = في لحنه عن لغات العرب تعجيم
وقول الكميت بن زيد:
لهم لغة تبيّن مَن أبوهم = مع الغرر الشوادخ والحجول
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[31 Dec 2007, 02:48 م]ـ
أحسن الله إليك أخي المجلسي ولا حرمنا الله من مذاكرتك ....
أما اللغة في كلام العرب فتعني لسان القوم يخالفون به غيرهم من أهل اللسان نفسه ....
ويستعمل بعض العرب مكانها لفظ: اللحن
وهي التي ترادف في لسان المولدين لفظ: اللهجة،ولفظ اللهجة في الدلالة على هذا المعنى لفظ مولد ... واللفظ العربي الصواب مكانه هو لفظ: اللغة أو اللحن ...
أما اللغة التي في كلام الجصاص وغيره وتكون بمعنى (الكلام) فهو لفظ مولد أخذوه من اليونانية القديمة وأصله فيها ( LOGIC)....
ولفظ اللغة في كلام العرب ليس هو بمعنى (اللسان) أو (الكلام) وإنما معناه: لسان القبيلة المعينة أو الفئة المعينة يخالفون به غيرهم من أهل اللسان نفسه،وهو مع هذا استعمال نادر عندهم ...
فاختلاف دلالة الألفاظ،أو اختلاف الألفاظ الدالة من زمان إلى زمان هو اختلاف ألسنة ...
واختلاف ذلك بين أهل الزمان نفسه وأهل اللسان نفسه هو اختلاف لغات ويسميه المحدثون: اختلاف لهجات ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[31 Dec 2007, 02:49 م]ـ
ثم رأيت مشاركة أخينا عبد العزيز الداخل وفي شواهده الكريمة ما يؤيد ما ذكرت من استعمالهم لفظ اللحن مكان لفظ اللغة وكل ذلك على معنى ما ذكرت ... فجزاه الله خيراً ..
والكلام في التوليد والعربية ليس هو على الألفاظ فيقال: لفظ معروف عندهم .... وإنما هو على الألفاظ الدالة على المعاني .... فيقال: هل استعملوا هذا اللفظ في الدلالة على هذا المعنى (؟؟؟)
ولذلك كان احتراس أخي المجلسي ألذ في سمعي ....
.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[31 Dec 2007, 03:19 م]ـ
قارن قولك هذا مع قولك في أول الموضوع
والعرب يقولون: لسان القوم، ولسان العرب، ولسان عربي، ولا يقولون: لغة القوم، ولا لغة العرب، ولا لغة عربية، وليس ذلك من كلامهم.
وفقك الله للعلم النافع
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[31 Dec 2007, 03:30 م]ـ
قارن قولك هذا مع قولك في أول الموضوع
وفقك الله للعلم النافع
قارنتُه فإذا هو متآلف غير مختلف .... وقد يعيب المرء الكلام يظنه على غير وجهه فإذا طلب صوابه من كاتبه انتفع .... فالمشكل في الفهم لا في نفس الأمر ....
أدام الله توفيقك وسعادتك ....
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[03 Jan 2008, 06:05 م]ـ
استعمال اللغة بمعنى اللسان، وكذلك استعمال اللسان بمعنى اللغة كلاهما صحيح معروف في كلام العرب، وعليه وقع الاتفاق من أهل اللغة، فلا أعرف بينهم خلافا في ذلك، ومن كان عنده نقل عن أحد أهل اللغة يخالف ذلك فليتفضل بذكره.
ويكفي في ذلك ما جاء عن الصحابة أن القرآن نزل بلسان قريش.
وتقول العرب: هذا بلغة السودان، وبلغة الحبشة، ونحو ذلك.
وينظر هنا:
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=48861
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[21 Jul 2009, 05:56 م]ـ
كلام غير محرر سبق رده ..
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[06 Aug 2009, 11:26 ص]ـ
شكر الله لأخينا أبي فهر السلفي
وتعليقًا على مداخلات الأخوة الكرام، أرى أن نعود إلى القرآن العظيم، وننظر فيه، ففيه الاستعمال الأنسب والكلمة الأفصح. وهي "لسان" وليس "لغة". وكفى بقول ربّ العزّة هدىً وسدادا.
ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[14 Aug 2009, 09:51 ص]ـ
أتفق معك أخي أبي فهر فيما تقول ووفقك الله لما فيه النفع!(/)
دروس العلماء في التفسير (لطلاب العلم)
ـ[النورس]ــــــــ[30 Dec 2007, 11:13 م]ـ
أود في هذا الموضوع جمع أماكن وأوقات حلقات العلماء في التفسير، ارشادا لطلاب العلم لحضورها.
دعوة للمشاركة والدلالة(/)
صور من اتساع دلالة الألفاظ والتراكيب في تفسير الكشاف
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Dec 2007, 02:23 م]ـ
في المرفقات بحث بعنوان:
صور من اتساع دلالة الألفاظ والتراكيب في تفسير الكشاف
للدكتور محمد فاضل صالح السامرائي
المدرس بجامعة تعز باليمن.
وهو منشور في العدد 42 من مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها، رمضان 1428هـ.
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[01 Jan 2008, 01:26 ص]ـ
الحمد لله
جزاك الله خيرا شيخ عبد الرحمن
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[01 Jan 2008, 01:31 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا دكتور عبد الرحمن ..
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[01 Jan 2008, 11:07 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذا البحث المفيد.
ولي تعليق على مثال أورده د. السامرائي في ص. 349، حيث قال:
((ومن ذلك قوله تعالى على لسان موسى عليه السلام: و (اجعل لي وزيرا من أهلي) طه 29.
ذكر الزمخشري أن كلمة (وزير) تحتمل معاني عدة. فقد تكون من (الوزَر) .. وقد تكون من (الوزْر) .. وقد تكون من (المؤازرة) وهي المعاونة .. ))
ثم قال د. السامرائي:
(وليس بعيدا أن موسى عليه السلام قد قصد هذه الدلالات كلها في هذه اللفظة.)
وتساؤلي: هذا مسألة لغوية متعلقة بالعربية التي لم تكن لغة موسى عليه السلام، وإنما هي صياغة ربانية لما ورد على لسان موسى في سؤال ربه. فما الذي دعا د. السامرائي إلى القول بقصد هذه الدلالات كلها في هذه اللفظة؟
ـ[أحمد إسماعيل عبد الكريم]ــــــــ[02 Jan 2008, 11:31 م]ـ
أخى الدكتور عبد الرحمن الشهرى حفظه الله ورعاه
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته 0000 وبعد
فأرجو أن تقبل اعتذارى لغيابى عن المنتدى وعدم سؤالى عنك فى هذه المدة 000 ولكن يا أخى يعلم الله أننى منذ العشر الأواخر فى رمضان وأنا أهرول بين الأطباء وأخوتى لعلاج جدتى التى أصيبت بجلطة دماغية عفانا الله وإياكم من المرض والبلاء
أخى العزيز أرجو الحصول على ( Email مجلة الدراسات اللغوية التى تصدر فى مركز الفيصل
وتقبلوا فائق الشكر وعظيم الاحترام
أخوكم / أحمد إسماعيل عبد الكريم
ـ[منصور مهران]ــــــــ[03 Jan 2008, 12:12 ص]ـ
قول الأستاذ ابن جماعة
وتساؤلي: هذا مسألة لغوية متعلقة بالعربية التي لم تكن لغة موسى عليه السلام، وإنما هي صياغة ربانية لما ورد على لسان موسى في سؤال ربه. فما الذي دعا د. السامرائي إلى القول بقصد هذه الدلالات كلها في هذه اللفظة؟
قلت:
قول ربنا عز وجل فيه حكاية ما كان من حدث وفيه عِلم الله بما في النفوس ذات الصلة،
وقصص القرآن ليس لرواية الأحداث بل للعظة والعبرة،
ومقام العظة جعل الله عز وجل فيه ما يصلح الناس ويرشد إلى منهج حياة ففيه كل المعاني التي تعين على
دوام المنهج وثباته حتى يرث الله الأرض ومن عليها. فالمعاني الكامنة في الألفاظ ذات هدف ولا يجوز إغفالها.
وقد جاءت بلسان عربي مبين مثل سائر قصص القرآن دون الالتفات للغات السابقين فالعبرة بلغة القرآن المنزل من عالم الغيب والشهادة، وبالله التوفيق.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[03 Jan 2008, 09:01 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا أستاذ منصور. وأرجو أن أكون قد فهمت جيدا مراد قولك: فأنت تذهب إلى أن اختيار اللفظ هو من الله عز وجل، لخدمة غرض قرآني بحت، يتمثل في توظيف لفظ واحد للتعبير عن كل المعاني التي تعين على دوام المنهج وثباته حتى يرث الله الأرض ومن عليها، لأن المعاني الكامنة في الألفاظ القرآنية ذات هدف ولا يجوز إغفالها. وليس بالضرورة أن تكون جميع المعاني المحتملة من اللفظ القرآني مقصودة من موسى عليه السلام، وهذا ينطبق على جميع القصص القرآني. فقد يكون ما يجري على ألسنة المذكورين في القصة بلغتهم الأصلية يحتمل معنى واحدا، غير أن القرآن الكريم يتخير بطريقة مقصودة الألفاظ العربية التي قد تحتمل عدة معاني مطلوبة للاعتبار من القصة للأجيال اللاحقة.
فإن كان هذا هو محصلة قولك، فأجدني أميل إلى القول به.
مع خالص الدعاء لك بالتوفيق.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[03 Jan 2008, 11:51 ص]ـ
أخي الكريم الأستاذ محمد بن جماعة
شكر الله لك صنيعك؛ فقدأوجزتَ وأبنتَ ما لم يستطعه قلمي العاجز
ويعلم الله لقد جئتَ بما كنتُ أريده
فلك مني الشكر العميم
وإلى الله دعائي أن ينفك بك وبعلمك
آمين
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[03 Jan 2008, 06:58 م]ـ
جزاكم الله خيرا وبارك في علمكم جميعا.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[03 Jan 2008, 07:53 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الغالي الدكتور عبد الرحمن
على هذا البحث المفيد والرائع
وشكرا لك
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[11 Jan 2008, 11:44 م]ـ
إضافة لتوضيح الفكرة:
وردت في القرآن الكريم كثير من العبارات على لسان خلق الله، إلا أنها تعدّ من كلام الله. فالقرآن الكريم كلّه كلام الله.
يقول الإمام البقاعي، في تفسير سورة الفاتحة (في كتابة نظم الدرر في تناسب الآيات والسور): "ولكنْ منه ما هو كلام الله عن نفسه، ومنه ما هو كلام الله عما كان يجب أن ينطق به الخلق على اختلاف ألسنتهم، وأحوالهم، وترقي درجاتهم، ورتب تفاضلهم، مما لا يمكنهم البلوغ إلى كنهه، لقصورهم وعجزهم .. فتولى الله، الوكيلُ على كل شيء، الإنباءَ عنهم بما كان يجب عليهم، مما لا يبلغ إليه وُسْعُ خَلْقِه"
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سعاد عبداللطيف]ــــــــ[06 May 2010, 07:09 ص]ـ
بحث قيم، نفع الله به، وجعلكم مباركين.
اتساع دلالة الالفاظ والتراكيب - أنموذج له هذه الصور من تفسير الكشاف.
1 - الالفاط المشتركة.
2 - الصيغ المشتركة.
3 - تعدد إحتمالات مرجع الضمير.
4 - آيات تحتمل أكثر من معني غير أنه قد تتعين الدلالة بالتعليق.
5 - العدول من تعبير إلي آخر يحتمل أكثر من معني وأكثر من وجه إعرابي.
6 - آيات تحتمل في تأليفها أكثر من دلالة يصح أن تراد جميعاً في آن واحد.
7 - التضمين في النحو.
8 - الحذف الذي يؤدي الي إطلاق الدلالة وتوسعها.
9 - التقديم والتأخير.
10 - العطف بين متغايرين.
11 - احتمال الخبر والانشاء في التعبير الواحد.
12 - الاتساع في معاني حروف الجر.(/)
سؤال عن: الناسخ والمنسوخ لأبي عبيد + مكي بن أبي طالب + النحاس + ابن العربي
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[31 Dec 2007, 03:32 م]ـ
لدي أسئلة حول:
1 - الناسخ والمنسوخ في القرآن وما فيه من الفرائض والسنن , لأبي عبيد القاسم بن سلام , تحقيق: محمد بن صالح المديفر , مكتبة الرشد , الطبعة الأولى 1411.
2 - الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه , لأبي محمد مكي بن أبي طالب , تحقيق: أحمد حسن فرحات , دار المنارة - جدة الطبعة الأولى 1406 هـ.
3 - الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس , تحقيق: محمد عبدالسلام محمد , مكتبة الفلاح – الكويت , الطبعة الأولى 1411.
4 - الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم , القاضي أبي بكر بن العربي المعافري , تحقيق: عبدالكبير العلوي المدعري , مكتبة الثقافة الدينية – القاهرة.
س: هل هذه الكتب تغني عن غيرها من كتب الناسخ والمنسوخ؟
س: هل هذه هي الطبعات الوحيدة للكتب المذكورة؟ أم أن هناك طبعات أخرى جديدة؟
س: إن كانت هناك طبعات جديدة فهل بها إضافات؟
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[31 Dec 2007, 05:18 م]ـ
أخي السائل الكريم
راجع هذا الرابط؛ ففيه بغيتك
إن شاء الله:
المنسوخ من آيات القرآن الكريم (بحث مفيد للشيخ عبدالرحمن الشهري):
http://tafsir.org/vb/showpost.php?p=3000&postcount=1
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[01 Jan 2008, 01:26 ص]ـ
الأخ أبا الخطاب وفقه الله .. لاشك أن ما ذكرت من الكتب هي من أهم كتب الناسخ والمنسوخ خصوصاً كتاب ابن العربي فقد أشاد به عدد من المتقدمين، ولكن لا أظن ان كتاباً واحداً يغني عن غيره تماماً، ففي كل كتاب زيادة فائدة، ولكن ما ذكرته هو من أهم الكتب، إضافة لكتاب نواسخ القرآن لابن الجوزي ...
ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[01 Jan 2008, 02:51 ص]ـ
ومن أهم المصنفات في الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم غير ما ذكر:"الناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس في القديم و "النسخ في القرآن الكريم " للدكتور مصطفى زيد في العصر الحديث
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Jan 2008, 08:05 ص]ـ
كما تفضل الزملاء الفضلاء في أجوبتهم القيمة بارك الله فيهم ونفع بهم.
الكتب التي ذكرت في السؤال وفي التعقيبات من أجود وأجمع ما كتب في موضوع النسخ في القرآن الكريم، ومهما تتبع طالب العلم وجد في كل كتابٍ فائدة، غير أن الاقتصار على ما ذكرتم كافٍ شافٍ بإذن الله، والتوسع لا حد له في معظم الفنون العلمية.
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[06 Jan 2008, 07:14 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم على ما تفضلتم به ...
ولكني لم احصل على إجابة للسؤال الثاني والثالث فالأمر مهم عندي - حفظكم الله -؟
وأضاف أحد الأخوة الكتب التالية:
- الناسخ والمنسوخ لابن الجوزي
- الناسخ والمنسوخ للسخاوي علم الدين [وهو جزء من جمال القراء له]
- الناسخ والمنسوخ لمرعي الكرمي(/)
عااااجل .. كتب تفسير إلكترونية .. (لو تكرمتم)
ـ[لطيفة]ــــــــ[31 Dec 2007, 07:19 م]ـ
أحتاج إلى كتب تفسير إلكترونية تعنى بالناحية البلاغية، مثل: التحرير والتنوير لابن عاشور، والبحر المحيط للتوحيدي، والكشاف للزمخشري، وغيرها
أحتاجها في ورقة عمل لابد أن أقدمها خلال هذين اليومين
وحبذا لو تحمل خاصية الكتاب الورقي من حيث المعلومات الببلوجرافية (الدار، الطبعة، التاريخ .... ) ونحوذلك إضافة إلى رقم الصفحة
لايشترط أن تحوي خدمة البحث، لكن يشترط أن تكون عاجلة .. :)
ـ[خليل إسماعيل الياس]ــــــــ[31 Dec 2007, 07:57 م]ـ
الاخت الفاضلة تجدين ذلك بسهولة في الموسوعة الشاملة
وربنا يسهل عليك
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Dec 2007, 08:12 م]ـ
هنا ما تبحثين عنه إن شاء الله.
http://www.waqfeya.com/list.php?cat=11
ـ[لطيفة]ــــــــ[01 Jan 2008, 12:37 ص]ـ
شكر الله لكما أخَوَي الكريمين ..
وكلا الموقعين رائع!
لكن الموقع الأول فيه عبارة تقول: (الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع) .. وأنا أريده كتابا إلكترونيا ورقيا:)
أما الموقع الثاني فتحميل الكتب عن طريقه يحتاج إلى وقت طويل .. والإشكالية أن وقتي قصير .. وأحتاج إلى أكثر من كتاب
أكرر شكري لكما .. وفي انتظار إمدادات أخرى.
ـ[لطيفة]ــــــــ[22 Dec 2010, 11:57 ص]ـ
عفوا .. حاولت الدخول اليوم إلى الرابط الذي تفضل به د. عبد الرحمن
ووجدت أشياء أخرى غير الكتب .. حاولت تجريب خاصية البحث فلم يظهر لي شيء
فما الخطب .. ؟(/)
لماذا تفرد الريح في القرآن الكريم وتجمع؟ .. (دعوة للمدارسة)
ـ[لطيفة]ــــــــ[31 Dec 2007, 07:59 م]ـ
يذكر كثير من المفسرين أن الريح تفرد في القرآن الكريم إذا كانت في مقام العذاب، نحو: (ريح صرصر عاتية) (الريح العقيم)
وتجمع في سياق الرحمة: (الله الذي يرسل الرياح بشرا بين يديه)، ويستدلون بقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا)
فهل هذا القول على إطلاقه؟
وماذا عن الآيات التي جمعت فيها الريح وهي في سياق الرحمة: (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة .. )؟
وماذا عن الحديث السابق أهو صحيح، وهل الاستشهاد به يقوي ذلك القول؟
أسئلة تحتاج إلى المدارسة .. وكم أود أن يشاركنا أهل الحديث للدلو بدلوهم حول صحة الحديث ..
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[31 Dec 2007, 10:19 م]ـ
يذكر العلماء أن مثل هذه اللأمور ليست على إطلاقها، وإنما يمكن أن تكون قواعد أغلبية.
ويدل على هذا الآية التي أوردتها حيث تنقض الإطلاق.
كما ان في تعدد القراءات ما ينقض الإطلاق، حيث ان هناك مواضع اختلفت فيها الرواية بين الإفراد والجمع، فليس كل ما نقرؤه برواية حفص بالإفراد هو كذلك في باقي الروايات، والعكس بالعكس، ومحل تفصيل هذا كتب القراءات.
أما الحديث فلا يصح، وقد وأشار الألباني في الصحيحة 6/ 602 إلى أنه باطل، والله أعلم.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[01 Jan 2008, 02:23 م]ـ
جاء في كتاب؛
درة الغواص في أوهام الخواص؛ للحريري:
(وذكر أهل التفسير أنه لم يأت في القرآن لفظ الأمطار ولا لفظ الريح إلا في الشر كما لم يأت لفظ الرياح إلا في الخير قال سبحانه في الأمطار "وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل" وقال عز اسمه في الريح "وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم" وقال في الرياح "ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات" وهذا هو معنى دعائه عليه السلام عند عصوف الريح "اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا" وأخبرني أبو القاسم إبراهيم بن محمد ابن أحمد بن المعدل قراءة عليه قال حدثنا القاضي الشريف أبو عمر القاسم ابن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد الأثرم قال أحمد بن يحيى وهو السوسي قال حدثنا علي بن عاصم قال أخبرني أبو علي الرجي قال حدثنا عكرمة عن ابن عباس رحمه الله قال هاجت ريح أشفق منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استقبلها وجثا على ركبتيه ومد يديه إلى السماء ثم قال "اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا" وذكر ابن عمر رضي الله عنه أن الرياح المذكورة في القرآن ثمان أربع رحمة وأربع عذاب فأما التي للرحمة فالمبشرات والمرسلات والذاريات والناشرات وأما التي للعذاب فالصرصر والعقيم وهما في البر والعاصف والقاصف وهما في البحر -ويقولون في ضمن أقسامهم وحق الملح -إشارة إلى ما يؤتدم به فيحرفون المكنى عنه لأن الإشارة إلى الملح غي ما تقسم به العرب هو الرضاع لا غير والدليل عليه قول وفد هوزان للنبي صلى الله عليه وسلم لو كنا ملحنا للحارث أو للنعمان لحفظ ذلك فينا أي لو أرضعنا له ... ).
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[01 Jan 2008, 02:30 م]ـ
وجاء في كتاب؛
الفائق في غريب الحديث و الأثر؛ للزمخشريّ:
(كان صلى الله عليه وآله وسلم يقول إذا هاجت الريح: اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا.
عين الريح واو لقولهم: أرواح ورويحة. العرب تقول: لا تلقح السحاب إلا من رياح.
فالمعنى اجعلها لقاحا للسحاب، ولا تجعلها عذابا. ويصدقه مجيء الجمع في آيات الرحمة والواحدة في قصص العذاب ... ).
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[01 Jan 2008, 02:36 م]ـ
وفي كتاب الأم؛ للإمام الشافعي:
(قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم قال حدثنا العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس قال ما هبت ريح إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وقال اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا قال قال ابن عباس في كتاب الله عز وجل إنا أسلنا عليهم ريحا صرصرا و ?إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم وقال ?وأرسلنا الرياح لواقح وأرسلنا الرياح مبشرات قال الشافعي: أخبرني من لا أتهم قال أخبرنا صفوان بن سليم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا وعوذوا بالله من شرها قال الشافعي: ولا ينبغي لأحد أن يسب الريح فإنها خلق الله عز وجل مطيع وجند من أجناده يجعلها رحمه ونقمة إذا شاء قال الشافعي: أخبرنا محمد بن عباس قال شكا رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم الفقر فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلك تسب الريح .. ).
ـ[منصور مهران]ــــــــ[01 Jan 2008, 02:47 م]ـ
في قول ربنا عز وجل:
(حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة .. )
معنى بديع؛ ذلك أن السفن إذا تحركن بريح واحدة كان ذلك أفضل قصد لها وأحمد
وإذا تعاكست عليها الرياح أضرت بها ومكنت منها المخاطر،
فالريح للفلك رحمة والرياح لها مهلكة
قاله غير واحد من أهل التفسير
والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[01 Jan 2008, 05:33 م]ـ
للفائدة:
الموقع التالي مفيد ومختصر في تخريج الأحاديث، أدخل كلمة من الحديث المراد البحث عنه وتابع النتائج في ثوانٍ ..
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[01 Jan 2008, 05:33 م]ـ
http://www.dorar.net/hadith.php
ـ[لطيفة]ــــــــ[03 Feb 2008, 07:59 م]ـ
شكر الله لكم إخوتي الأفاضل .. وأسأل الله لكم التوفيق والسداد ..
ولايزال الموضوع مفتوحا للمدارسة
ـ[مها]ــــــــ[04 Feb 2008, 01:05 ص]ـ
جزاكم الله جميعا خير الجزاء.
وإليكم الحكم على الكليتين-الريح و الرياح، والمطر- من الكتاب البديع: كليات الألفاظ في التفسير، للباحث بريك القرني-وهي رسالة ماجستير- سبق التعريف بها على هذا الرابط:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5532
* بعد ن ساق الأقوال ذكر الحكم على الكلية الأولى:
هناك وجهان من الإطلاقات، يمكن إخراج الكلية به في قالب منضبط:
1 - جاءت الريح مفردة مع العذاب و الرحمة، ولم ترد في القرآن مجموعة "الرياح" مع العذاب، إلا في موطن الإسراء (فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم) وهذا على قراءة أبي جعفر.
2 - كل ما في القرآن من لفظة "ريح" هكذا منكرة، فهي سياق العذاب إلا آية يونس "وجرين بهم بريح طيبة"، فهي ريح الرحمة الطيبة.
3 - يمكن القول بأن أكثر القراء قرأوا بالجمع للرحمة، وبالإفراد للعذاب.
4 - هناك آيات لا يظهر استخدام الريح أو الرياح، لا في سياق رحمة و لا عذاب، مثل آية الكهف (فأصبح هشيما تذروه الرياح) و الحج (فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق).
*وأما ما يتعلق بالكلية الثانية -الواردة عرضا- في قوله:
جاء في كتاب؛
درة الغواص في أوهام الخواص؛ للحريري:
(وذكر أهل التفسير أنه لم يأت في القرآن لفظ الأمطار ولا لفظ الريح إلا في الشر ... ).
فقد قال في حكمه عليها-أي ما يتعلق بالمطر-:
1 - هذه الكلية أغلبية الحكم، وليست مطردة كما أطلقت.
2 - ما سمى الله (المطر) في القرآن إلا عذابا، باستثناء آية النساء: (إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى) إذ المطر ههنا بمعنى الغيث، وهو رحمة لا عذاب.
3 - لكم قد يقال: إن آية النساء المتقدمة (إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى) لا تخرج عن القاعدة؛ لأن ما أصابهم من المطر أذى و كونه مما يتأذى منه ليس فيه رحمة، وعليه فهذه الآية تلحق ببقية المواطن الأخرى، ولكن الأظهر أن هذا الموضع يستثنى من الكلية؛ لأنه وإن لحق منه أذى لكنه ليس مطر عذاب و هلاك، والله أعلم.
انتهى كلامه -وفقه الله-(/)
هل تكون الجملة الاعتراضية من عدة آيات ... أرجو المشاركة
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[31 Dec 2007, 09:04 م]ـ
الحمد لله
هذا سؤال له قصة و سبب.
وهما أنه لما كنت أشتغل بحفظ القرآن كانت تختلط علي كلمة ألم تر ب ألم تروا في القرآن ...
وحدث هذا معي في سورة لقمان تحديدا.
ثم لما يسر الله بعض المطالعة بدأت اهتم بالسياق و المخاطبين و إن طال وبعد مكانه من المقروء.
و تنبهت في الأخير الى ضابط أضبط به ما اختلط علي في سورة لقمان.
واليكم ذلك
قال تعالى في بداية السورة مخاطبا الجاحدين
هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دون
ثم جاءت قصة لقمان وهي سبع آيات تقريبا ..
ثم قال ربنا تبارك و تعالى
ألم تروا
فقلت في نفسي
إذن لازال الخطاب مع اولئك الذين قيل لهم في البداية فأروني ..
ثم تأملت بعد ذلك ما جاء في أواخر السورة نفسها حيث قال ربنا تبارك و تعالى مخاطبا نبيه صلى الله
عليه و سلم ...
ومن كفر فلا يحزنك كفره .... وقال له ... ولئن سألتهم .... قل الحمد لله
وبعدها جاء
ألم تر
فقلت الخطاب اذن هنا للنبي .....
وفي المثال الثاني لم يكن بين ألم تر و خطاب النبي الا آيتين ... لكني أسأل عن المثال الاول
فهل يمكن ان يقال إن قصة لقمان جمل اعتراضية متتابعة ... وبطبيعة الحال فالاعتراض لا يكون الا لنكتة بلاغية قوية.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[04 Jan 2008, 07:41 ص]ـ
الجملة الاعتراضية من شرطها أن تكون بين شيئين متلازمين كالمبتدأ والخبر، أو فعل الشرط وجوابه، أو الموصوف وصفته
وأما إذا تمت الجملة فلا يسمى ما بعدها جملة اعتراضية
وهي عند النحاة لا محل لها من الإعراب
وعند البلاغيين لها مقاصد كثيرة، منها تحسين الكلام، وتقويته، والتعليل، والاحتراس، وبيان الحكم، وغيرها
ومن أمثلتها قوله تعالى: (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار)
فجاءت جملة (ولن تفعلوا) معترضة لبيان عجزهم وعدم قدرتهم على أن يأتوا بمثله،
وقوله تعالى: (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم)
وقوله: (قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم)
وقوله: (ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة ياليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً)
وقوله: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين)
وأهل المعاني يعدون من عيوب الكلام تعدد الجمل الاعتراضية وذلك لطول الفصل بين المتلازمين،
كما يعيبون كثرة الإضافات، وانتقدوا قول الشاعر:
حمامة جرعا وادي الجندل اسجعي
لتعدد الإضافات المؤدي إلى طول الفصل بين ما حقهما التلازم
ويعاب في كثرة الاعتراضات قول الحارث بن ضابئ البرجمي:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني = تركت على عثمان تبكي حلائله
وهذا مما يجل عنه القرآن العظيم الذي هو آية الفصاحة والبيان.
ومن الطرائف في هذا ما ذكره محمود شاكر عند تحقيقه لتفسير الطبري من أن الطبري فصل بين المبتدأ والخبر بسبع وعشرين صفحة!!
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[04 Jan 2008, 09:28 ص]ـ
الحمد لله.
جزاك الله خيرا على الفائدة القيمة اخانا عبد العزيز.
و أضحك الله سنك على ملحة الطبري هذه.
وفعلا عندما يقرأ الانسان كلام الامام الطبري فعليه أن يتيقظ أشد التيقظ و يبحث عن أصل الكلام وينظر في سباقه و لحاقه رحمه الله تعالى.
وعلى ذكر تحقيق الشيخ الاديب محمود شاكر للطبري أرجو منك أخي ان تفيدني بمعلومات عن الكتاب.(/)
سؤال: عن معنى قول الله تعالى: " لا تقولوا راعنا "
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[01 Jan 2008, 12:09 م]ـ
قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنَا " سورة البقرة.
قال الإمام البغوي رحمه الله تعالى: " وقيل: هي من الرعونة إذا أرادوا أن يحمقوا إنسانا قالوا له: راعنا بمعنى يا أحمق ".
- هل التي بمعنى: يا أحمق، هي: " راعنًا " بالتنوين، أو بتركه؟
- إذا كان الجواب - كما هو الظاهر - هو: " راعنًا " بالتنوين، فهل وقف أحدٌ من الإخوة على كلامٍ لأهل اللغة أو التفسير يوافق كلام البغوي رحمه الله تعالى.
فقد بحثتُ فلم أجد إلا أن كلمة " راعنًا " - بالتنوين - بمعنى: حُمقًا، أي: لا تقولوا حمقًا، أما أن تكون " راعنا " بمعنى: يا أحمق، بهذا التركيب، فلم أجده.
فالرجاء الإفادة حول الموضوع.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[01 Jan 2008, 02:00 م]ـ
أخي الكريم:
جاء في كتاب:
تهذيب اللغة ا للأزهري:
(وقال الله-جلّ وعزَّ-: (لاتقولوا راعنا وقولوا انظرنا) كان الحسن يقرؤها: "لاتقولوا راعِناً" بالتنوين. والذي عليه قراءة القُرّاء: "راعِنَا" غير منون.
وقيل في "راعنا" غير منون ثلاثة أقوال قد فسرناه في معتلّ العين عند ذكرنا المراعاة وما يُشتق منها.
وقيل: إن "راعنا" كلمة كانت تجري مجرى الهُزء فنهى المسلمون أن يلفظا بها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم. وذلك أن اليهود-لعنهم الله-كانوا اغتنموها فكانوا يسبُون بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفوسهم، ويتسترون من ذلك بظاهر المراعاة منها، فأمروا أن يخاطبوه بالتعزيز والتوقير.
وقيل لهم: (لاتقولوا راعنا) كما يقول بعضكم لبعض وقولوا: انظرنا أي انتظرنا. وأما قراءة الحسن "راعناً" بالتنوين فالمعنى: لاتقولوا: حُمْقا، من الرعونة ... ).
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[01 Jan 2008, 02:03 م]ـ
وجاء فيه، في المعتل العين:
(وأما قول الله جل وعز: (لاتقولوا راعنا وقولوا انظرنا) فإن الفراء قال هو من الإرعاء والمراعاة.
وقال أبو العباس: راعنا: أي راعنا سمعك أي اسمع منا، حتى نُفَهِّمك وتفهم عنا.
قال: وهي قراءة أهل المدينة. ويصدّقها قراءة أُبي بن كعب: "لاتقولوا راعونا?والعرب تقول: أرْعِنا سمعك، وراعنا سمعك بمعنى واححد. وقد مرّ معنى ما أراد القوم براعنا من باب الرعن والرعونة ... ).
ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[01 Jan 2008, 11:25 م]ـ
قال أبو جعفر الخزرجي {ت582هـ} في "نفس الصباح في غريب القرآن وناسخه ومنسوخه ":
" {راعنا} أي تأملنا، وكانت اليهود تقول هذه الكلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم تظهر أنها تطلب منه المراعاة، وإنما كانت تريد شتمه
قال بعض أهل اللغة: إنهم أرادوا بها شتمه بالرعونة.
وأخبرني بعض أحبارهم أن هذه اللفظة بلغتهم إنما حقيقتها الكذب وهذا أقرب أن يكون قصدهم ... "
ومعلوم أن أبا جعفر الخزرجي كان أبرز شخصية أندلسية بعد ابن حزم اشتهر بخوض غمار الجدل الديني بين علماء المسلمين بالأندلس و أهل الكتاب
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[02 Jan 2008, 12:50 ص]ـ
جزاكم الله خيرا ..... لعل السؤال لا يزال محتاجا إلى توضيح.
لا يُنكَر تفسير " راعنا " بأنه من الرعونة .... هذا قول موجود في كتب اللغة وكتب التفسير ...
لكن الإشكال أن الإمام البغوي جعل معنى هذه الكلمة " راعنا " أي: يا أحمق، بهذا التركيب (أداة النداء، ومنادى).
فهل وافقه أحدٌ من المفسرين أو من أهل اللغة على كلامه هذا؟ (أقصد تفسير " راعنا " بـ: يا أحمق - مركبًا -).
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[02 Jan 2008, 08:20 م]ـ
وجاء في كتاب:
شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم ج4؛
للعلامة نشوان بن سعيد الحميري؛
في باب الراء والعين وما بعدهما:
قال الشاعر:
أبأْنا بقتلانا بسبينا = نساء وجئنا بالهيجان المرعل
المفاعلة:
(ن) قوله عز وجل (لا تقولوا راعنا).
قيل معناه: انتظرنا _ والمرعاة: الانتظار _ وقيل معناه: أرعنا سمعك؛ أي: استمع منا، ونستمعك _ وقيل: هي كلمة، كانت الأنصار تقولنا في الجاهلية، فنهوا عنها في الإسلام، لأنها مفاعلة بين اثنين، من أرعنا سمعك، ونرعك أسماعنا _ وقيل: راعنا، كلمة كانت اليهود تتساب بها، وهو من: الأرعن، وهو: الأحمق.
ومن قرأ (راعنا) بالتنوين، فتأويلنا (لا تقولوا حمقا) من القول.
وراعيت الأمر: نظرت إليه؛ أي: إلى أين تصير عاقبته _ وراعيته؛ أي: لاحظته _ والحمير يراعي الحمير؛ أي: يرعى معها.
الافتعال:
(ج) ارتعج؛ أي: تتابع في لمعانه، واضطرابه _ وارتعج ماله؛ أي: كثر _ وارتعج الوادي؛ أي: امتلأ.
(د) ارتعد؛ أي: اضطرب من الرعدة.
(ش) الارتعاش: الاضطراب.
(ص) وارتعصت الحية: تلوت.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[03 Jan 2008, 12:21 ص]ـ
جزاكم الله خيرا(/)
تعليقات الشيخ الدكتور مساعد الطيار على كتاب الإتقان على النوع (36) في معرفة غريبه.
ـ[بدر الجبر]ــــــــ[01 Jan 2008, 02:24 م]ـ
إخواني ومشايخي في هذا الملتقى المبارك السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أما بعد:-
فلما رأيت شغفكم وسعيكم الحثيث إلى العلم, وإلحاح بعضكم على الشيخ مساعد –وفقه الله- لتحرير تعليقاته على كتاب (الإتقان) للسيوطي التي يتحف بها طلابه في درسه في جامع الراجحي عشاء كل سبت؛ لما رأيت ذلك منكم ورأيت قيمة هذه الفوائد من هذا الشيخ –نفع الله بعلمه- عزمت على تدوين تلك التعليقات ونشرها في هذا الملتقى متتابعة, وأسأل الله العون والتسديد.
وقبل البدء بكتابة هذه التعليقات لعلي أذكر فكرة هذه التعليقات ومنهج الشيخ فيها, فأقول:
كما هو معلوم أن الدرس الأساسي للشيخ هو تفسير الطبري, ولكن الشيخ يعلق –بإيجاز- في كل درس على نوع من أنواع علوم القرآن التي ذكرها السيوطي, ويتحدث الشيخ في هذا النوع عن أمور:
- أنقليٌّ هو أم يدخله الاجتهاد؟
- علاقته بالتفسير, وحاجة المفسر إليه.
- علاقته بعلوم القرآن الأخرى.
- فوائد في هذا النوع.
ثم يستمع الشيخ مساعد لأسئلة الطلبة, ويفتح دائما باب المناقشة برحابة صدر, كما يحرص على التبسيط في عرض المسائل.
علمًا أن جميع دروس الشيخ منقولة وموجودة في أرشيف دروس جامع الراجحي على هذا الرابط:
http://www.grajhi.com/inc/ListbySpeakers.asp?id=41
وسأبدأ بنشر تعليقات الشيخ على النوع السادس والثلاثين (في معرفة غريبه) التي ألقيت بتاريخ 15/ 10/1428هـ
النوع السادس والثلاثون: في معرفة غريبه
مصطلح غريب القرآن معناه: تفسير المفردات من حيث الجملة, ولا يدخل في غريب القرآن ما كان ظاهرًا معروفًا لا يكاد يجهل, وإنما الذي يدخل فيه ما كان غريبًا على القارئ , وهذا أمر نسبي؛ والدليل على ذلك أنك عندما تطلع على كتب غريب القرآن تجد أن بعضهم يذكر لفظة والآخر لا يذكرها لماذا؟ لأن هذا يرى أن فيها غرابة والآخر لا يرى ذلك, ولا يعني هذا أن القرآن قد حوى غريبًا بحيث لا يكاد يعرف عند القارئ لكن من نزل عندهم يعرفونه من حيث الجملة, وتوقف أحد الصحابة عن معنى كلمة لا يدل على أن غيره لا يعرفها, وبعض المعاصرين يرى الابتعاد عن تسمية (غريب القرآن) , ونقول: هذا مصطلح مادام المعنى معروفًا فيه فلا إشكال خصوصًا أنه استخدام العلماء قاطبة.
• قال السيوطي: (أفرده بالتصنيف خلائق لا يحصون, منهم أبو عبيدة): لا زال الذي يبدو لي أن المراد بكتابه في غريب القرآن هو (مجاز القرآن) , لكن هل له كتاب في مجاز القرآن وآخر في غريبه هذا ما يذكره بعض الباحثين ويستند إلى بعض النقول عن أبي عبيدة وهي غير موجودة في المجاز, ولكن أبا عبيدة –رحمه الله- له كتب متعددة فقد يكون ذكر شيئا من هذا في بعض هذه الكتب, ولكن لا يمكن أن نثبت كتابه هذا أو ننفيه, وكتاب (مجاز القرآن) أكثر شواهد من كتاب ابن قتيبة الذي يتميز بعنايته بتفسيرات السلف.
• قال السيوطي: ( .... وأبو عمر الزاهد): كتابه مطبوع واسمه (ياقوتة الصراط).
• قال السيوطي: (وابن دريد): كما ذكر المؤرخون له كتاب في غريب القرآن ولم يكمله.
• قال السيوطي: (ومن أشهرها كتاب العُزيزي): نسبه إلى ابن عزيز (بضم العين) وكتابه يسمى (نزهة القلوب) , وهذا الكتاب يعده المتقدمون كتابًا نفيسًا؛ لأن مؤلفه أقام على تأليفه خمس عشرة سنة يحرره هو وشيخه أبو بكر الأنباري ويقرأه عليه لكن هذا الكتاب بعد أن صدرت كتب بعده لا يعد بهذه المثابة التي ذكرها عنه المتقدمون فقد جاء بعده ما هو أفضل منه وحتى إن ترتيبه لم يكن على السور ولا على اشتقاق المادة إنما هو ترتيب على اللفظة كما هي ملفوظة ثم يرتبها على الضم والفتح والكسر وهذا فيه صعوبة في الوصول إلى الكلمة.
(يُتْبَعُ)
(/)
• قال السيوطي: (ومن أحسنها: المفردات للراغب .... ): من أنفس كتب المتأخرين, ولولا ضيق المقام لتحدثنا عن مسألة مهمة عنده وهي المجال العقلي في تحديد دلالة المفردة بناء على سياقات العرب أي هل يمكن الاجتهاد في تحديد تقييدات اللفظة في مدلول اللغة من خلال سياقات العرب أم لا؟ وهذا يتميز فيه الراغب؛ لذا هو يرى أن بين الألفاظ فروقًا ولا يرى الترادف؛ ولذا نراه دائما يدقق ويميز في اللفظة حتى يحاول أن يضع لها حدًَّا, والكتاب فيه تحرير مدلول اللفظ باستخدام الأسلوب المعجمي والحرص على أصول معاني الكلمات كما عند ابن فارس في مقاييس اللغة, ورتبه على الترتيب الألفبائي وهو مفيد في جانب الاشتقاق بمعنى أننا نعرف الكلمات التي هي من جذر واحد, بينما المتقدمون ساروا على ترتيب السور وميزة هذا أنه الأفضل للحفاظ.
• قال السيوطي: (ولأبي حيان في ذلك تأليف مختصر): هو (تحفة الأريب فيما في القرآن من الغريب) وهو مطبوع وفيه وجازة, ويمكن أن يجعل متنا يستفاد منه في غريب القرآن.
• من كتب غريب القرآن: كتاب السمين الحلبي وذكر فيه تعقبات على الراغب, وكذلك كتاب أبي بكر الرازي (تفسير غريب القرآن) ورتبه على نظام التقفية كالقاموس المحيط، وهناك غير هذه الكتب كثير.
• قال السيوطي: (قال ابن الصلاح: وحيث رأيت في كتب التفسير (قال أهل المعاني) ... ): علم المعاني أوسع من علم الغريب؛ لأنه يشتمل على الغريب ويزيد كذلك ذكر أساليب العرب في خطابهم؛ ولذا يكثر عندهم: (تقول العرب) بناء على أنهم يحكون كيفية كلام العرب, ومن أنفس كتب التفسير التي أفادت من كتب معاني القرآن كتاب (البسيط) للواحدي وهو الآن يعد للطباعة في المراحل الأخيرة, فكتب معاني القرآن تشمل الغريب والنحو والأساليب ومنها ما ينحاز إلى العناية بالمعاني كما هو حال النحاس في كتابه (معاني القرآن) الذي اعتنى فيه بمعاني المفردات والجمل دون الإعراب وجعل للإعراب كتابا مستقلا, وبعض كتب المتأخرين تعتني ببيان معاني الجمل والأساليب ولم تعتن بالإعراب والمفردة على أنها مفردة.
• قال السيوطي: (فصل: معرفة هذا الفن للمفسر ضرورية ..... ): نقول: بناء على قول السيوطي هل يدخل هذا العلم في مرتبة العلم الضروري للمفسر أو لا؟
• نقول: نعم؛ لأنه يتوقف عليه فهم القرآن, فعلم الغريب هو أول لَبِنَاتِ معرفة التفسير؛ لأن عدم معرفة الغريب يورث الجهل بالمعنى, وكذلك ما من آية إلا ويكون فيها دلالات ألفاظ فلو جهلنا معنى (الحمد) أو غيرها فإننا سنجهل المعنى العام للآية.
ومن أهم كتب اللغة التي لم يذكرها السيوطي: كتاب (مقاييس اللغة) لابن فارس (395هـ) فهو من أنفس كتب المتقدمين, ولم يسبق بمثله ولم يأت بعده مثله, وأكبر ميزة في هذا الكتاب هو تأصيل مدلولات المادة اللغوية.
• قد يقول قائل: هل يعقل أن الصحابة الذين نزل القرآن بلسانهم أن يتوقفوا في فهم مدلولات بعض الألفاظ؟
• نقول: هذا مذهب لبعض المتأخرين، فقد زعم أن ألفاظ القرآن معروفة لدى كل واحد من الصحابة.
وهذا ليس بصحيح؛ لأن الآثار قد أثبتت أن بعضهم كان يجهل معاني بعض المفردات، وإذا ثبتت هذه الآثار فإننا نعمد إلى معرفة السبب في جهل الواحد من الصحابة لمدلول بعض الألفاظ.
ولعل من أسباب جهل بعضهم أن هذه المفردة لم تكن من لغة قومه التي يتخاطبون بها, ويدل على ذلك أن الآثار دلَّت على أن من القرآن ما نزل بغير لغة قريش.
ثم نقول: إنه إذا وقع لبعض أفراد الصحابة جَهْلُ بعض المعاني, فإنه ليس فيه إشكال حتى لو كان من كبار الصحابة.
• ابن عباس في تفسيره هل يفسر من جهة اللفظ (اللغة) فقط أو من جهة اللغة والسياق أو من جهة اللغة والسياق والتفسير على المعنى؟
نقول: كلها واردة عنه، فابن عباس يفسر اللفظة بالدلالة العربية المعروفة, وأحيانا يفسر اللفظة حسب السياق, وأحيانا يفسرها بالمعنى, هذا يقع منه ومن غيره من مفسري السلف , وممن اعتنى بربط تفسيراتهم التي على المعنى باللغة: الواحدي في البسيط ويشير إلى هذا أحيانا فيقول: هذا تفسير بالمعنى، وجاء بعده ابن عطية، واقتفى أثره فهل استفاد في هذا من الواحدي أو لا, لا يجزم بشيء من هذا؛ لأنه يلزم منه إثبات اطلاع ابن عطية على تفسير الواحدي، فإن لم يكن اطلع عليه، فإنه يكون من باب وقوع الحافر على الحافر.
• قال السيوطي: (وهذه ألفاظ لم تذكر في هذه الرواية سقتها من نسخة الضحاك): أقول: هذه النسخة كما هو معلوم من جهة الإسناد فيها ضعف واضح, وأوضح شيء فيها هو الانقطاع بين الضحاك (ت105هـ) وابن عباس, ولكن هذه الرواية من حيث الجملة مقبولة عند المتقدمين من المفسرين والمحدثين ولا يتوقفون فيها إلا إذا كان فيها نكارة أو غرابة, وكذلك القول في أمثال هذه الرواية فهي مقبولة, وهي قاعدة في أسانيد التفسير عموما عمل بها ابن كثير وغيره.
• متى لا يجوز الاحتجاج بالشعر على القرآن؟
إذا كان المراد من هذا الشعر إثبات شيء من عربية القرآن؛ لأن ألفاظ القرآن من حيث عربيتها يحتج بها ولا يحتج لها, لكن يجوز الاحتجاج بالشعر إذا كان المراد أن هذا مما استعملته العرب ومعناه كذا, وهو المراد بكلام ابن عباس: (إذا سألتموني عن شيء في القرآن فالتمسوه في الشعر) , وكذلك إذا كان المراد الاحتجاج على الزنادقة والرد عليهم لإثبات عربية القرآن.
• جميع طرق رواية أسئلة نافع بن الأزرق لا يسلم فيها شيء وضعفها شديد, وكذلك لا يوجد فيها مسألة الاحتجاج بالشعر, وكثرة الروايات يوحي بأن لها أصل لكن لا يعرف الصحيح من غيره فلا يعرف مقدار الأسئلة.
وانتظروا بقية الأنواع بإذن الله, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[01 Jan 2008, 09:24 م]ـ
جزاك الله خيرا
لكن هل بدأ الشيخ بهذا النوع حتى تبدأ به؟
ـ[بدر الجبر]ــــــــ[02 Jan 2008, 02:38 م]ـ
أخي العبادي -وفقه الله-
الشيخ بدأ بالتعليق على الإتقان قبل ثلاث سنوات تقريبا, ولم تأت فكرة تحرير ونشر تعليقات الشيخ إلا من هذا التاريخ, ولعل الله أن ييسر في نشر شيء من تعليقات الشيخ على ما سبق, وانظر:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3281&highlight=%C7%E1%C5%CA%DE%C7%E4
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[02 Jan 2008, 03:41 م]ـ
أحسنت أخي بدر الجبر، جزاك الله خيراً ...
وليته يتم تفريغ الماضي من الدروس ووضعها في الملتقى بعد مراجعة الشيخ ...
وآمل أن يكون ما نقل هو نص كلام الشيخ حفظه الله، بمعنى أن لا يتصرف فيه بإضافة أو حذف إلا بعد مراجعته وفقه الله ...
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[02 Jan 2008, 04:55 م]ـ
أحسنت أخي الكريم بدر .. فهمت مقصدك.
وهل الأحسن تفريغ الدروس الماضية من بدايتها أو تفريغ الجديد؟
في نظري أن البدء بالأول أحسن ..
وما ذكره الشيخ فهد مهم وينبغي مراعاته.
ـ[بدر الجبر]ــــــــ[06 Jan 2008, 11:32 ص]ـ
أخي فهد الوهيبي
أودأن أفيدك أنني لا أكتفي بما أكتبه مع الشيخ أثناء الدرس بل أقوم باستماع الدرس مرة أخرى وأنقل كلام الشيخ بنصه فعملي في الحقيقة هو تفريغ لتعليقات الشيخ - وفقه الله- ثم بعد ذلك أرسله للشيخ قبل نشره لمراجعته.(/)
مسائل في التفسير ..... أيحتج الشيخ الشنقيطي باستقراء ناقص (؟؟!!)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[01 Jan 2008, 03:15 م]ـ
ذكر الشيخ رحمه الله الخلاف في الأحرف المقطعة وصدره بقوله: ((وسنذكر الخلاف المذكور وما يرجحه القرآن منه بالاستقراء فنقول: ...................
ثم عرض الخلاف وختم العرض بقوله: ((أما القول الذي يدل استقراء القرآن على رجحانه فهو: أن الحروف المقطعة ذكرت في أوائل السور التي ذكرت فيها بياناً لإعجاز القرآن، وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله مع أنه مركب من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها. وحكى هذا القول الرازي في تفسيره عن المبرد، وجمع من المحققين، وحكاه القرطبي عن الفراء وقطرب، ونصره الزمخشري في الكشاف.
قال ابن كثير: وإليه ذهب الشيخ الإمام العلامة أبو العباس بن تيمية، وشيخنا الحافظ المجتهد أبو الحجاج المزي، وحكاه لي ن ابن تيمية.
ووجه شهادة استقراء القرآن لهذا القول: أن السور التي افتتحت بالحوف المقطعة يذكر فيها دائماُ عقب الحروف المقطعة الانتصار للقرآن وبيان إعجازه، وأنه الحق الذي لا شك فيه.
وذكر ذلك بعدها دائماَ دليل استقرائي على أن الحروف المقطعة قصد بها إظهار إعجاز القرآن، وأنه حق.))
ثم عرض للآيات آية آية وختم بقوله: ((وقد قدمنا كلا الأصوليين في الاحتجاج بالاستقراء بما أغنى عن إعادته هنا.))
قلت: وهذا الكلام مشكل جداً جداً .... لأن هذا الاستقراء ناقص ولا شك؛فقد افتتحت سور: الروم، والعنكبوت،والقلم .. بالأحرف المقطعة، ولم يُذكر فيها ما ذكر الشيخ ...
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[01 Jan 2008, 09:35 م]ـ
يا أخي المشكل جداً هو فهمك لمعنى الاستقراء , فالمراد هو جانب التغليب, وإلا لو لم يتخلف الوصف الذي أراده الشيخ في كل السور لما كان هذا استقراءاً , بل لصار قياساً , فالأغلب في السور المبتدأة بالحروف المقطعة التعقيب بالحديث عن النصرة للقرآن الكريم , وبذلك يعلم أنه إن تخلف هذا الوصف للسور القرآنية المبتدأة بالحروف المقطعة في الثلاث التي ذكرتها وفي سورة مريم التي غابت عنك فلا ضير , إذا الحكم للأغلب, والعلم عند الله تعالى.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[01 Jan 2008, 10:16 م]ـ
بارك الله فيك أخي ...
الذي أعلمه:
أن الاستقراء نوعان:
استقراء تام لا تتخلف فيه جزئية من الأجزاء محل البحث عن الحكم المنوط بها ... وهو حجة ..
استقراء ناقص يحدث فيه هذا التخلف .... وليس بحجة ....
وكلامك عن الاستقراء والقياس غريب جداً علي .... فهلا وثقت كلامك ...
وربما وثقت أنا كلامي غداً؛ فأنا خارج بيتي ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[02 Jan 2008, 12:13 ص]ـ
تنبيه مهم: أنا أعلم أن هناك من أهل العلم طائفة غير قليلة يحتجون بالاستقراء الناقص ... وإنما بحثي هل يُستدل بهذا على قول الشيخ بقولهم ...
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[02 Jan 2008, 01:20 ص]ـ
الحمد لله
الاستقراء تام تام تام
وأعلم ما اقول.
وافهم - هداك الله - الى كلام الشيخ الشنقيطي رحمه الله ... وكلام ابن كثير .... وراجع المسألة في كتاب الاعجاز
البياني للدكتورة بنت الشاطئ ....
وقوله رحمه الله الذي نقلته - انت -عنه ان كان كما نقلت وهو
السور التي افتتحت بالحروف المقطعة يذكر فيها دائماُ عقب الحروف المقطعة الانتصار للقرآن وبيان إعجازه، وأنه الحق
الذي لا شك فيه.
لا يعني بالضرورة قوله عقب ان يكون بعد الحروف المقطعة مباشرة ....
واذا كان حسن الظن واجبا بين الناس فهو في حق العالم أوجب .... والبحث عن توجيه كلامه و اتهام النفس و الرجوع الى المصادر التي أحال عليها كل
ذلك يفيد طالب الحق في فهم كلام العالم ..... و يتأكد ذلك أكثر اذا علم ان العالم من اهل التحقيق و سعة الاطلاع ... فمثل هذا لا يلقي الكلام
على عواهنه.
وانظر الى جهد ابن القيم في مدارج السالكين و هو من أئمة السلف وكيف تكلف الاعتذار و التاويل للامام الهروي ... أفكان أسلوبه مثل أسلوبك
في التشنيع و العناوين الصحفية.
ثم ما شنعت فيه على الشنقيطي لو رجعت الى كلام ابن كثير الذي احالك عليه الشيخ لفهمت مقصوده ...
قال ابن كثير رحمه الله في الكلام على هذه الحروف في سورة البقرة
ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن و بيان اعجازه وعظمته وهذا معلوم بالاستقراء
وهو الواقع في تسع و عشرين سورة. انتهى.
واقرأ السور التي ذكرتها أنت وانظر هل ورد فيها الانتصار للقرآن أم لا.
فيا أخي أصلحني الله و اياك
دع عنك أسلوب التشنيع على الاكابر ... فلابركة في علم لا أدب معه.
.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[02 Jan 2008, 02:21 م]ـ
مشكلتك يا أبا فهر كما قيل لك من قبلُ ولم تنتفع هي طرح الموضوعات العلمية بأسلوب التعالي واستخدام العناوين الصحفية التي تشغل بذاتها عن المضمون , ولربما بهر بعض ضعاف الإدراك تمكن فضيلتكم من الاستدراك الدقيق على العلماء فشغلوا بكم عن الحق حينها , وأرجو منك شخصيا كما رجتْ إدارة المنتدى من قبلُ من جميع الأعضاء تحديد شخصكم الكريم , حتى نعرف من نباحث , فقد تكونون عند كلنا أو بعضنا أهلاً للتسليم لكم بما تستقرئونه وتكتشفون به ضعف علماء المسلمين وما منَّ الله به على الأمة من وجودكم المبارك لادَّراك خروقاتهم العلمية.
أخي الكريم أبا فهر:
هذا الذي صنعه الشيخ رحمة الله عليه معروف شائع عند العلماء ولا إشكال فيه فهو إلحاق للفرد بالأعم الأغلب - لا الغالب - من جنسه, واستقراءه هو وغيره من المفسرين رحمهم الله وإن زعمت نقصه وحاولتَ الطعن فيه بعدم شموله جميع جزئيات البحث , وأنه مادام كذلك فهو ظني ,فعلى التسليم لفضيلتكم جدلاً بذلك ,فإنكم لا تخالفون قطعاً في أن الحكم الظني يختلف فيه الظن باختلاف الجزئيات. فكلما كان الاستقراء في أكثر أفراده كانت النتيجة أقوى ظنا وأقرب إلى الجزم والقطع , وهذا عين صنيع المفسرين الذين استقرأوا السور التسعة والعشرين ولم يتخلف الحكم بزعمكم إلا في أربع منها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[02 Jan 2008, 03:42 م]ـ
أنا لا أخالف في شيء ولا أشنع ولا ... ولا ... ولا غير ذلك من الألفاظ الكبار التي استعملها المشايخ ...
الشيخ احتج بالاستقراء ...
الاستقر اء ناقص .....
فهل الشيخ يحتج-كبعض أهل العلم بالاستقراء الناقص ....
بس ... انتهى ......
تنبيه: الاستقراء الناقص حجة عندي مالم يظهر دليل ينقضه .... وهذا يُبين للمشايخ أني ما قصدتُ ما وقع في وهمهم ...
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[02 Jan 2008, 04:03 م]ـ
ما دامت ال (بسْ) هذه هي ما ستؤول إليه في خاتمة (استفزازك) فلم لم تطرح سؤالك بشكل مباشر ,و (بسْ) دون الحاجة لقولك:
قلت: وهذا الكلام مشكل جداً جداً
والذي لا ينبئ عن سؤال مستخبر و (بسْ) , وختاماً نحمد الله الذي أكرم الشيخ الشنقيطي رحمه الله بموافقتك له في قولكم الجديد بحجية الاستقراء الناقص , إذ المشهور عنكم قديماً القول بعدم حجيته.!
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[02 Jan 2008, 04:49 م]ـ
بارك الله فيكم يا شيخ محمود .... و (بس) عربية فصيحة .....
سبب الإشكال ... أنَّ طريقة الشيخ هنا وفي مواضع كلامه عن الاستقراء لا توحي أنه يقصد الاستقراء الناقص ..
والمستشكل مستخبر .... ومعرفة الإشكال نصف العلم ...
.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[02 Jan 2008, 07:42 م]ـ
ثم وقفت على قول الشيخ رحمه الله:
وأما الاستقراء الذي ليس بتام وهو المعروف عندهم بإلحاق الفرد بالأغلب فهو حجة ظنية عند جمهورهم
وقوله: وقد تقرر في الأصول أن الاستقراء التام حجة بلا خلاف، وغير التام المعروف. بـ "إلحاق الفرد بالأغلب" حجة ظنية ..
فظهر أنه يحتج بالاستقراء الناقص .... ولكن يعده من باب الحجج الظنية لا القطعية
ويكون هذا هو توجيه كلام الشيخ لا غيره من التوجيهات التي لا تخلو من تكلف ...
...
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[02 Jan 2008, 10:20 م]ـ
الحمد لله
قال ابن كثير رحمه الله في الكلام على هذه الحروف في سورة البقرة
ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن و بيان اعجازه وعظمته وهذا معلوم بالاستقراء
وهو الواقع في تسع و عشرين سورة.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[02 Jan 2008, 11:34 م]ـ
الحمد لله
قال ابن كثير رحمه الله في الكلام على هذه الحروف في سورة البقرة
ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلا بد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن و بيان اعجازه وعظمته وهذا معلوم بالاستقراء
وهو الواقع في تسع و عشرين سورة.
على قول من يتلمس أي وجه من وجوه الإعجاز في السور التسع وعشرين تكون عبارة ابن كثير صحيحة تامة ... لأنه لم يذكر سوى مجرد وجود ما يدل على الإعجاز في السورة ..
أما عبارة الشيخ الشنقيطي فقد نص فيها على التعاقب ...
============================================
وأنا لا أسلم بأن تلمس وجوه من وجوه الإعجاز في السور التسع وعشرين ينفع هاهنا بل هو عندي قول مشكل؛لأنه لا تخلو آية من آيات القرآن فضلاً عن سوره من وجه إعجازي ... وكثير من سور القرآن ذكر فيها القرآن وإعجازه ... ولا يرتبط ذلك بأن تصدر السورة بالحروف المقطعة ...
وورود ذكر القرآن وإعجازه عقب الحروف المقطعة مباشرة كما استظهر الشنقيطي هو وحده الذي يفيد في بيان معنى الحروف المقطعة ... لا مجرد ذكر الإعجاز في تضاعيف السورة؛لأنه أمر يوجد دون وجود الحروف فبطل التناسب ... وهذا واضح جداً بحمد الله ......
ـ[محمد عامر]ــــــــ[02 Jan 2008, 11:43 م]ـ
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه ورحم الله الشيخ الشنقيطي وكل من أحبه فيه رآه أو لم يره وجمعنابه في دار كرامته
ومن خلال خلال اطلاعي على ما كتب يظهر لي ان العنوان وضع عن حسن نية للفت الانتباه فقط الى المتابعة وليته بغير
هذا،
وأما قول السائل مشكل جداً جدا ً فلعله يقصد بيان الحق الذي اشكل عليه، ووددت لو كانت الردود بعبارات الطف يبين
فيها الحق ويزال الاشكال من غير تثريب،
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[03 Jan 2008, 12:54 ص]ـ
الحمد لله
لو أردنا ان نتعامل مع كلامك كما تتعامل مع كلام اهل العلم أخي الكريم لرأيت ما يلي
أولا عنوانك الذي عليه علامتا استفهام و علامتي تعجب
وها هو
مسائل في التفسير ..... أيحتج الشيخ الشنقيطي باستقراء ناقص (؟؟!!) /اه
فعجبي مم تتعجب
ثم قلت بعدها
استقراء ناقص يحدث فيه هذا التخلف .... وليس بحجة .... /اه
ثم قلت للاخ الذي فصل لك في الاستقراء بالاغلب
وكلامك عن الاستقراء والقياس غريب جداً علي ا. ه
ثم قلت
تنبيه: الاستقراء الناقص حجة عندي مالم يظهر دليل ينقضه .... /اه
فإن كان الاستقراء الناقص عندك حجة فلا أدري ماالذي تعجبت منه في عنوانك .. ولا أدري كيف تقول للاخ ان كلامه
عن الاستقراء بالاغلب غريب .... ولا أيضا كيف تقول قبل هذا انه ليس بحجة.
فهذا مايدعو بالفعل للعجب بأكثر من علامتين.
فإن قلت
كلامي يوضح بعضه بعضا.
فيقال لك االعلماء أولى منك بهذا.
فهذا سيغنيك عن مثل هذه العناوين و التراجعات و الاستدراكات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[03 Jan 2008, 04:47 م]ـ
أخي المجلسي ...
الذي سبب استشكالي أنه قد رسخ في ذهني من دراستي القديمة لكتب الشيخ أنه لا يحتج بالاستقراء الناقص ... لذا قلت أولاً: ليس بحجة (أي عند الشيخ)
ثم ارتفع الإشكال لما تيقنت أن الشيخ يحتج به على سبيل الظن لا القطع ...
واستشكالي في كلام الشيخ محمود الشنقيطي هو قوله: ((يا أخي المشكل جداً هو فهمك لمعنى الاستقراء , فالمراد هو جانب التغليب, وإلا لو لم يتخلف الوصف الذي أراده الشيخ في كل السور لما كان هذا استقراءاً , بل لصار قياساً))
فهو نفى عن الاستقراء التام اسم الاستقراء وسماه قياساً ... وطلبتُ توثيق الكلام لأني لا أعلم أحداً قال به ... وفوق كل ذي علم عليم ..
دمتَ موفقاً ...
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[03 Jan 2008, 06:33 م]ـ
الأخ الموقر/ أبا فهر بارك الله فيك
أنا لست بشيخٍ قدراً ولا شرعاً.
كان قصدي من وصف عدم تخلف ما أراده الشيخ في جميع السور بال (القياس) أعني القياس المقسم الذي هو اسمٌ للاستقراءالتام. وحبذا لو أشرت بارك الله فيك إلى ما رسَّخ في ذهنك عدمَ احتجاج الشيخ بالاستقراء الناقص من كتبه رحمه الله و ذلك لأن بعضها متأخر عن بعض فنستفيد معرفة آخر الحالين منه أهو حجيته أم عدمها.
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[04 Jan 2008, 09:58 ص]ـ
قد رسخ في ذهني من دراستي القديمة لكتب الشيخ أنه لا يحتج بالاستقراء الناقص ... لذا قلت أولاً: ليس بحجة (أي عند الشيخ)
...
الحمد لله
كلامك الاول لا يوحي انك تقول هذا بحق الشيخ بل تقول ما تعتقده في نفس الامر
وارجع الى مشاركتك حيث تقول ما يلي
الذي أعلمه:
أن الاستقراء نوعان:
استقراء تام لا تتخلف فيه جزئية من الأجزاء محل البحث عن الحكم المنوط بها ... وهو حجة ..
استقراء ناقص يحدث فيه هذا التخلف .... وليس بحجة ....(/)
تفسير مقاتل وترقيمه موافق للمطبوع (كتاب إلكتروني)
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[01 Jan 2008, 03:35 م]ـ
الكتاب: تفسير مقاتل بن سليمان
المؤلف: أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي بالولاء البلخي
دار النشر: دار الكتب العلمية - لبنان/ بيروت - 1424 هـ - 2003 م
الطبعة: الأولى
عدد الأجزاء / 3
تحقيق: أحمد فريد
[ترقيم الشاملة موافق للمطبوع]
منقول من مشاركة الأخ أبو إبراهيم حسانين
ملتقى أهل الحديث
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[01 Jan 2008, 06:05 م]ـ
جزاك الله خيرا
وأحسن إليك
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[01 Jan 2008, 08:23 م]ـ
جزاك الله خيرا
وأحسن إليك
وإليك أستاذنا الفاضل(/)
هل كتاب الحوفي (البرهان في علوم القرآن) أو (في تفسير القرآن)؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[01 Jan 2008, 05:00 م]ـ
ذكر حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون (1: 241) كتاب علي بن إبراهيم الحوفي، وسماه (البرهان في تفسير القرآن)، فقال: (البرهان في تفسير القرآن، للشيخ أبي الحسن: علي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي، المتوفى: سنة ثلاثين وأربعمائة، وهو كتاب كبير، في عشر مجلدات، ذكر فيه: الإعراب والغريب والتفسير).
وسبق أن ذكرت في مشاركة بعنوان (نظرة في علوم القرآن) http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4006 ، أن اسم الكتاب (البرهان في علوم القرآن)، وقلت فيه: (الثاني: أن الاختلاف في تسمية كتاب الحوفي (ت: 430) لاتزال قائمة تحتاج إلى تحرير، فابن خير يروي الكتاب بسنده إلى المؤلف، ويسميه بهذا الاسم، لا باسم (البرهان في تفسير القرآن) كما جاء في بعض المصادر، وقد قال ابن خير في آخر روايته لهذا الكتاب: (( ... قال شريح بن محمد: وحدثني به أيضًا ـ إجازة ـ الفقيه أبو محمد عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن خزرج اللخمي رحمه الله، قال أجازني أبو الحسن علي بن إبراهيم بن علي الحوفي المقرئ النحوي جميع روايته وأوضاعه بخط يده على يدي أبي صاحب الوردة في ربيع الآخر سنة 421)) ص 71.
وهذ يفيد في معرفة زمن تأليف كتاب البرهان، وانه متقدم على تاريخ هذه الإجازة.
تنبيه: ورد في مطبوعة فهرست ابن خير (الجوفي) بالجيم، وهو تصحيف، والله أعلم).
وقد وقفت على نصٍّ آخر يقطع بأن كتاب الحوفي (البرهان في علوم القرآن)، لتلميذه إسماعيل بن خلف السرقسطي الأندلسي (ت: 455)، وقد ذكر في أول كتابه (إعراب القرآن): ((هذا كتاب إعراب القرآن، استخرجته من كتاب (البرهان) = الذي صنفه شيخنا أبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي؛ رحمه الله = (في علوم القرآن)؛ نصًّا على حسب ما ذكره فيه، غير أنِّي ربما زدت فيه اللفظة بعد اللفظة في مواضع يليق ذلك بها، أو نقصت منه اللفظة ... )). نقلاً عن كتاب علم إعراب القرآن تأصيل وبيان للدكتور يوسف بن خلف العيساوي (ص: 158).
تنبيه:
1 ـ يفيد التحقق من اسم الكتاب أن مصطلح (علوم القرآن) كان مستعملاً عند علماء هذه الفترة، وكذلك يفيد في طريقة تناولهم لهذا العلم.
2ـ أن هذه التسمية وردت عن تلميذين من تلاميذ الحوفي، فالأول: أبو محمد عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن خزرج اللخمي، والثاني: إسماعيل بن خلف السرقسطي الأندلسي، والله الموفق.
ـ[حسين المطيري]ــــــــ[03 Jan 2008, 09:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أقدم من رأيته من المعاصرين يحاول تصحيح تسمية كتاب (الحوفي) بـ (البرهان في تفسير القرآن) فضيلة الشيخ الدكتور محمد بن محمد أبوشهبة - رحمه الله – في كتابه المدخل لدراسة القرآن الكريم حيث ذكر تحت عنوان (علوم القرآن بمعنى الفن المدون) –وهو يتحدث عن تاريخ ظهور مصطلح علوم القرآن – أن المعروف لدى الكاتبين في هذا الفن أن ظهور هذا الاصطلاح كان في القرن السادس على يد ابن الجوزي استنتاجاً مما ذكره السيوطي في مقدمة (الإتقان)، ثم ذكر – رحمه الله – أنه وقف على مؤلف بعنوان (مقدمتان في علوم القرآن)، يتضمن: مقدمة كتاب المباني في نظم المعاني ومقدمة تفسير ابن عطية، بتصحيح وطبع المستشرق (آرثر جفري)، ثم احتفى الدكتور أبو شهبة – رحمه الله – بمقدمة كتاب المباني في نظم المعاني الذي ذكر مؤلفه المجهول – آنذاك - أنه ابتدأ تأليفه سنة (425هـ)، ورأى – رحمه الله – أن هذه المقدمة:
- لا يدانيها أغلب ما ذكره السيوطي في مقدمة الإتقان من الكتب المؤلفة في هذا الفن.
- وجديرة بأن تذكر في كتب هذا الفن.
- ومحاولة جدية في التأليف في هذا العلم.
ثم قال الدكتور أبوشهبة: "وبذلك أكون قد تقدمت بتاريخ هذا الفن نحو قرن ونصف من الزمان".
ثم قال: "ويرى أستاذنا الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني – رحمه الله وأثابه – في كتابه مناهل العرفان: أن هذا الاصطلاح ظهر في مستهل القرن الخامس على يد (الحوفي) المتوفى سنة (430هـ) في كتابه (البرهان في علوم القرآن).
والرأي عندي: أن هذا الكتاب لا يخرج عن كتب التفسير، التي تتعرض لذكر: التفسير، وأسباب النزول، والقراءات، والوقف والتمام.
ولا فرق بين صنيعه وصنيع القرطبي والفخر الرازي في تفسيرهما، فكتابه هذا أمس بالتفسير منه بعلوم القرآن، وإن كنت التسمية تُشْعِر أنه بعلوم القرآن أمس، وقد ذكر – رحمه الله – أن الجزء الأول مفقود، ولا أدري من أين عرف هذه التسمية؟! ولعله اعتمد على فهرس دار الكتب المصرية، وقد رجعت إلى كتاب كشف الظنون (الجزء الأول ص242) فتبين لي أن اسم الكتاب: (البرهان في تفسير القرآن)، وبذلك زالت الشبهة في عَدِّه من علوم القرآن، وثبت أنه كتاب تفسير، وهو الحق والصواب، كما يعلم ذلك من يرجع إلى الأجزاء الموجودة من الكتاب" ا. هـ.
كتاب المدخل لدراسة القرآن الكريم (ص33 - 34).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Jan 2008, 04:47 م]ـ
أشكر أخي الباحث حسين المطيري على هذه الإضافة، وأرى أن كلام الشيخ محمدأبو شهبة ـ رحمه الله تعالى ـ فيه إشكال:
إنه ـ رحمه الله ـ جعل مقدمة كتاب المباني الذي ابتدأ مؤلفه كتابته في سنة 425 كما أفصح عن ذلك في بداية هذه المقدمة = أقدم ما اطلع عليه في كتب علوم القرآن.
وفي هذا إشكال من جهتين:
الأول: إن هذه مقدمة لكتاب التفسير الذي سيكتبه صاحب المباني، وليست كتابًا مستقلاً كما يُفهم من عمل المستشرق بإخراجها مفردة عن التفسير.
الثاني: لو كانت كتابًا مستقلاً، فهل عنون لها مؤلفها؟
وهل سماها (علوم القرآن)؟
وهل المعتبر عند الشيخ محمد ـ رحمه الله ـ هذا العنوان الذي صنعه المستشرق أو المضمون الذي اكتنزته هذه المقدمة.
أما إذا كان المعتبر تسمية المستشرق، فتلك مشكلة ظاهرة لا تحتاج إلى ردٍّ.
وأما إذا كان المضمون هو المعتبر، فإن هذه المقدمة قد سُبقت بكتب تحتوي على مضمون علوم القرآن، كما هوالحال في كتاب (فهم القرآن) للحارث المحاسبي (ت: 342).
وعندي: أن من مشكلات البحث في (مصطلح علوم القرآن) أن الباحث ينطلق من المصطلح من حيث استقراره عندنا، ولا يتتبع تعامل العلماء مع هذا المصطلح ولا مع مضمونه.
وقد أحدث ذلك عند الشيخ محمد ـ رحمه الله تعالى ـ أ ن جعل كتاب الحوفي تفسيرًا محضًا، والعجيب أنه وازنه بكتاب القرطبي ـ مثلاً ـ مع اختلافهما في أداء معلومات التفسير وعلوم القرآن.
وعندي أن عمل الحوفي ـ ومن سار على هذا المنهج ـ (1) أنه خلط بين العلمين، فيمكن اعتباره كتاب تفسير من جهة، ومن جهة أخرى يمكن اعتباره من كتب علوم القرآن، ويكون أسلوب هذا الكتاب هو أحد الأساليب التي طرح العلماء بها علوم القرآن، وبهذا لا نغفل مراد المؤلف ولا المادة العلمية التي حواها كتابه.
ومن خلال نظري في تاريخ علوم القرآن رأيت أن بعض من كتب في تاريخ علوم القرآن =أغفل هذه الكتب، ولم يعدَّها في تاريخ هذا العلم، وذلك ـ في نظري ـ لأنه يبحث عن كتبٍ سارت على المصطلح الذي في ذهنه، ولم يبحث عن علوم القرآن كما هي في تاريخ التدوين الذي تنوع عند العلماء.
ولأجل هذا الطريقة في البحث في تاريخ علوم القرآن غفل الشيخ محمد ـ رحمه الله ـ عن عدِّ هذا النوع من التأليف في مراحل التأليف في كتب علوم القرآن.
وأما اعتراضه ـ رحمه الله ـ على شيخه الزرقاني ـ رحمه الله ـ في اسم كتاب الحوفي؛ فقد بان أنه ليس بصواب، وذلك بما نقلت عن تلميذين من تلاميذ الحوفي، كلاهما يسميان الكتاب (البرهان في علوم القرآن).
ــــــــــــــــــ
(1) قد ذكرت بعض هذه الكتب التي وقفت على طريقة مؤلفيها في كتابي (المحرر في علوم القرآن).
ـ[أبو العالية]ــــــــ[05 Jan 2008, 12:58 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
أظن من حكم على مصنف الحوفي؛ فحكمه من خلال ما كُتِب عنه؛ إذ لم أجد أحداً ذكر أنه وقف عليه من المتقدِّمين.
ولو وقف عليه باحث قديم، واستجلى مادته ومنهجه؛ لظهر لنا أن الكتاب في التفسير أو في علوم القرآن بكل وضوح لا بالاكتفاء باسم عنوان الكتاب؛ فهذا فيه ما فيه من مجانبة الصواب.
وعليه؛ فقد وقف علي بعضه شيخنا الدكتور خالد السبت حفظه الله، وبعد النظر فيه قال:
(ألفيته كتاباً من كتب التفسير، وطريقته في تفسيره:
_ أنه يورد الآيات القرآنية.
_ ثم يتكلم على الإعراب.
_ والوقف والتمام.
_ وما تضمَّنته الآيات من فوائد.
_ ثم تجده يقول: القول في القراءة.
_ ثم يقول: القول في المعنى والتفسير، وهكذا.
فهو كتاب تفسير مرتب على نحو ما سبق.
ثم ختم المبحث فقال:
والحاصل أنه من المتعذِّر القول؛ بأن كتاباً بعينه هو أول ما كُتِب في هذا الفن كما أسلفت، لكن الأحسن أن يقال: أول ما وقفنا عليه من مؤلفات هذا الفن) دراسته للمناهل (1/ 41 – 42)
وممن وقف عليه أيضاً الدكتور. حازم حيدر في دراسته (علوم القرآن بين البرهان والإتقان) (96 - 98) فأفاد بنحو ما ذُكِر.
ورجَّح أن المحاسبي هو من طابق العنوان والمحتوى في هذه التسمية.
وعليه فيقال:
_أن الحوفي رحمه الله يعد كتابه من كتب التفسير، وممن صرَّح بأن له كتاباً في التفسير:
- السيوطي في طبقاته (70) فقال: (له تفسير جيد). بَيْد أنه لم يُصرِّح باسمه، واقتصر على ذكر أنه له تفسيراً.
- الدَّاودي في طبقاته (1/ 388) فقد نقل قول السيوطي، وزاد عليه بالتصريح باسمه فقال: (له تفسير جيد، سمَّاه: (البرهان في تفسير القرآن)
- الأدنه وي في طبقاته (110) فقال: (وله التفسير المسمى: بالبرهان في تفسير القرآن) كُتِب في بعض المواضع هكذا، وهو تفسير جيد، في أربعة أسفار ضخام، وأعرب فيه ما يحتاج إلى إعراب.)
وفي عبارة الأدنه وي قلق حين قال: (كُتِب في بعض المواضع هكذا) وكأنها تشير إلى أن في بعض المواضع _ وقد تكون الأغلب _ بخلافه.
لكن تسميته بالتفسير فيها ترشيح له بأنه في التفسير لا علوم القرآن.
_ الإعلام للزِّرِكْلي (4/ 250) أيضاً صرح بأنه في تفسير القرآن.
_ وفي فهرست مصنفات تفسير القرآن الذي أعدّه مركز الدراسات القرآنية (1/ 114) آخر الترجمة ذكروا أن الداودي والحاج خليفة سمَّياه بـ (البرهان في تفسير القرآن) وقالوا: وهو في التفسير، والمؤلف تبع شيخه الأُدْفُوي، وتأثر به في المنهج أيضاً.) أهـ. أي: في كتابه (الاستغناء في علوم القرآن) وهو كتاب تفسير. وأظن هذا كافٍ لترجيح التسمية بالتفسير لا بالعلوم، ثم وإن صحَّت التسمية بالعلوم فتخرج على أنه مصطلح شاع اطلاقه على التفسير. انظر علوم القرآن بين البرهان والاتقان (102)
وينظر في قصة الشافعي الذي ذكرها د. محمد صفاء شيخ في كتابه علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير (1/ 116) فإن صحَّت؛ فيقال بأنه أول من عرف مضمون علوم القرآن، لا سيما وأنه قد فصَّل فيه وذكر بعضاً من هاته العلوم.
ولكن بقي أن يُخرَّج ما ذكره الشيخ د. أبو عبد الملك، وهذا يحتاج إلى مزيد نظر.
والله أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[05 Jan 2008, 01:38 م]ـ
أشكر أخي أبا العالية على هذا التعقيب، وأقول:
إن بعض كتاب الحوفي موجود، وهو يحقق في بعض الجامعات، ولقد اطلع عليه الزرقاني ووصفه، وقد اطلعت عليه أيضًا، وهو كتاب تفسير من جهة أنه يفسر سور القرآن آية آية، لكنه رتب كتابه على العلوم التي نقلتها عن الشيخ خالد السبت حفظه الله، وأنا أرى أن هذا مزيج بين علمي التفسير وعلوم القرآن، ولا يغفل مثل هذا الكتاب في حال الحديث عن تاريخ علوم القرآن أو تاريخ التفسير.
ولا إشكال في كونه يُعدُّ كتاب تفسيرٍ، لكن المؤلف لم يسمه (البرهان في تفسير القرآن)، بل سماه (البرهان في علوم القرآن)، وتلاميذه أدرى بما سماه شيخهم، ولعله وقع وهم عند بعض المتأخرين ممن ترجم للحوفي، ثم تتابع هذا الوهم، فسموه (البرهان في تفسير القرآن)، أو يكون المؤلف سمى كتابه بالتسميتين معًا، كما يحصل ذلك عند بعض العلماء في تسميتهم لبعض كتبهم، والله أعلم.
وإن أردت الاطلاع على جزء من المخطوط فيمكنك الرجوع إلى موقع الألوكة، ففيه جزء من المخطوط.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[05 Jan 2008, 07:03 م]ـ
إن تسمية علوم القرآن تسمية قديمة معروفة مشهورة عند قدماء العلماء، وسوف أقف عند هذه التسمية في كتاب:
الفهرست للنديم الوراق المتوفى نحو سنة 430 هجرية (كما أثبت ذلك قديما في إحدى مقالاتي)، وسوف أنقل هنا ماورد عنده من العلماء الذين عرفوا في التصنيف في هذا العلم (علوم القرآن):
1 ـ (ابن كامل أبو بكر:
أحد المشهورين في علوم القرآن وهو أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة ومولده بسر من رأى وكان مفتياً في علوم كثيرة وتوفي وله من الكتب كتاب غريب القرآن كتاب القراءات كتاب التقريب في كشف الغريب كتاب موجز التأويل عن معجز التنزيل كتاب الوقوف كتاب التاريخ كتاب المختصر في الفقه كتاب الشروط الكبير والصغير.).
وقد توفي ابن كامل هذا في سنة 350 هجرية.
2 ـ (ذكر أسماء قوم من القراء المتأخرين "ابن المنادي":
وهو أبو الحسن أحمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبي داود من أهل بغداد ينزل الرصافة وكان يعرب في القراءات كتبه ويتعاطى الفصاحة في تأليفه فأخرجه ذلك إلى الاشتغال وكان عالماً بالقراءات وغيرها وله مائة ونيف وعشرون كتاباً في علوم متفرقة وكان الغالب عليه علوم القرآن وتوفي سنة أربع وثلاثين وثلثمائة وله من الكتب كتاب اختلاف العدد كتاب دعاء أنواع الاستعاذات من سائر الآفات والعاهات.).
وقد توفي ابن المنادي أحمد بن أبي داود سنة 272 هجرية.
3ـ (أبو العباس:
محمد بن خلف بن المرزبان وله من الكتب كتاب الحاوي في علوم القرآن سبعة وعشرون جزءاً كتاب الحماسة كتاب أخبار عبد الله بن جعفر بن أبي طالب عليهم السلام.).
وتوفي محمد بن خلف بن المرزبان سنة 309 هجرية.
(ابن المرزبان:
أبو عبد الله محمد بن خلف بن المرزبان يتعاطى طريقته أحمد بن طاهر حافظاً للأخبار والأشعار والملح وله من الكتب كتاب الحاوى في علوم القرآن كبير سبعة وعشرون جزءاً كتاب أخبار أبي قيس الرقيات ومختار شعره كتاب المتيمين المعصومين كتاب الشراب ويحتوي على عدة كتب كتاب المساعدين كتاب الروض كتاب الجلساء والندماء كتاب السودان وفضلهم على البيضان كتاب ألقاب الشعراء كتاب الشعر والشعراء كتاب الهدايا كتاب الشتاء والصيف كتاب النساء والغزل كتاب أخبار عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنهم كتاب ذم الحجاب والعتب على المحتجب كتاب ذم الثقلاء كتاب أخبار العرجي.).
وهو السابق ..
وكثيرا ما وجدت من الأخبار التي راجعتها في الأغاني و معجم الأدباء أنها مروية عن محمد بن خلف المرزبان, و المرزبان تارة يروي عن ابن أبي طاهر, و تارة عن غيره ...
وثمة علماء ذكرهم النديم الوراق في كتابه الفهرست وهي مرادفة لعلوم القرآن يحسن التنبه إليها، وهي:
(علم القرآن)، وقد أعرضت عن هؤلاء العلماء، مكتفيا بما ورد عنده من العلماء الذين عرفوا بالتأليف في
(علوم القرآن) ليس غير ..
ومتابعة لما أوردته آنفا؛ ولما تفضل به الأخوة الفضلاء أحب أن أجمل هنا كل مايتعلق بهذا الموضوع ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد جاء عصر التدوين في القرن الثاني، وبدأ تدوين الحديث بأبوابه المتنوعة، وشمل ذلك ما يتعلق بالتفسير، وجمع بعض العلماء ما روي من تفسير للقرآن الكريم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة، أو عن التابعين.
واشتهر منهم: يزيد بن هارون السلمي المتوفى سنة 117 هـ، وشعبة ابن الحجاج المتوفى سنة 160 هـ، ووكيع بن الجراح المتوفى سنة 197 هـ، وسفيان بن عيينة المتوفى سنة 198 هـ، وعبد الرزاق بن همام المتوفى سنة 211 هـ.
وهؤلاء جميعا كانوا من أئمة الحديث، فكان جمعهم للتفسير جمعا لباب من أبوابه، ولم يصلنا من تفاسيرهم شيء مكتوب، سوى مخطوطة تفسير عبد الرزاق بن همام.
ثم نهج نهجهم بعد ذلك جماعة من العلماء وضعوا تفسيرا متكاملا للقرآن وفق ترتيب آياته، واشتهر منهم ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310 هـ.
وهكذا بدأ التفسير أولا بالنقل عن طريق التلقي والرواية، ثم كان تدوينه على أنه باب من أبواب الحديث، ثم دُوِّن على استقلال وانفراد، وتتابع التفسير بالمأثور، ثم التفسير بالرأي.
وبإزاء علم التفسير كان التأليف الموضوعي في موضوعات تتصل بالقرآن، ولا يستغني المفسر عنها.
فألف عليّ بن المديني شيخ البخاري المتوفى سنة 234 هـ في أسباب النزول.
وألف أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 224 هـ في الناسخ والمنسوخ، وفي القراءات.
وألف ابن قتيبة المتوفى سنة 276 هـ في مشكل القرآن.
وهؤلاء من علماء القرن الثالث الهجري.
وألف محمد بن خلف بن المرزبان المتوفى سنة 309 هـ "الحاوي في علوم القرآن ".
وألف أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري المتوفى سنة 328 هـ في علوم القرآن.
وألف أبو بكر السجستاني المتوفى 330 هـ في غريب القرآن.
وألف محمد بن علي الأدفوي المتوفى سنة 388 هـ الاستغناء في علوم القرآن. وهؤلاء جميعاً من علماء القرن الرابع الهجري.
ثم تتابع التأليف بعد ذلك.
فألف أبو بكر الباقلاني المتوفى سنة 403 هـ في إعجاز القرآن، وعلي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي المتوفى سنة 430 هـ في إعراب القرآن.
وألف الماوردي المتوفى سنة 450 هـ في أمثال القرآن.
وألف العز بن عبد السلام المتوفى سنة 660 هـ في مجاز القرآن.
وألف علم الدين السخاوي المتوفى سنة 643 هـ في علم القرآن.
وألف شيخ الإسلام ابن تيمية في: (جزء مقدمة في التفسير).
وألف ابن القيم المتوفى سنة 751 هـ في أقسام القرآن.
ولم يكن نصيب علوم القرآن من التأليف في عصر النهضة الحديثة أقل من العلوم الأخرى. فقد اتجه المتصلون بحركة الفكر الإسلامي اتجاها سديدا في معالجة الموضوعات القرآنية بأسلوب العصر، مثل كتاب: إعجاز القرآن لمصطفى صادق الرافعي، وكتابي: التصوير الفني في القرآن، و مشاهد القيامة في القرآن لسيد قطب، وترجمة القرآن للشيخ محمد مصطفى المراغي، وبحث فيها لمحب الدين الخطيب، ومسألة ترجمة القرآن لمصطفى صبري، والنبأ العظيم للدكتور محمد عبد الله دراز.
وهذه المؤلفات يتناول كل مؤلف منها نوعا من علوم القرآن، وبحثا من مباحثه المتصلة به.
هذا على صعيد التأليف الموضوعي في علوم القرآن، أما المصنفات الشمولية التي استوعبت علوم القرآن فهناك على امتداد تاريخ التأليف في العلوم الإسلامية مصنفات شهيرة، في هذا الباب، وهذه أشهرها:
ولعل من أوائل من جمع علوم القرآن في مصنف الإمام ابن الجوزي، المتوفى سنة 579 هـ في كتابه "فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن ".
ثم جاء بدر الدين الزركشي المتوفى سنة 794 هـ وألف كتابا وافيا سماه "البرهان في علوم القرآن ".
ثم أضاف إليه بعض الزيادات جلال الدين البلقيني المتوفى سنة 824 هـ في كتابه "مواقع العلوم من مواقع النجوم ".
ثم ألف جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911هـ كتابه الشهير "الإتقان في علوم القرآن ".
وألف الشيخ طاهر الجزائري كتابا سماه التبيان في علوم القرآن.
وألف الشيخ محمد علي سلامة كتابه "منهج الفرقان في علوم القرآن " تناول فيه المباحث المقررة بكلية أصول الدين بمصر تخصص الدعوة والإرشاد.
وتلاه الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني فألف كتابه "مناهل العرفان في علوم القرآن ".
وصدر أخيرا "مباحث في علوم القرآن " للدكتور صبحي الصالح.
"ومباحث في علوم القرآن " للشيخ مناع القطان. وهذه المباحث جميعها وما شابهها هي التي تعرف بعلوم القرآن، حتى صارت عَلَمًا على هذا العلم المعروف بهذا الاسم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[06 Jan 2008, 07:20 ص]ـ
أشكر الشيخ مروان على هذه الإضافة، وأرى أن محلها في المشاركة المعنونة بـ (نظرة في نشأة علوم القرآن) http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4006 ، لأن الحديث هنا عن تسمية كتاب الحوفي فقط.
وقد سبق أن نقدت ما ذكره الدكتور مروان، وهو قوله: (وهكذا بدأ التفسير أولا بالنقل عن طريق التلقي والرواية، ثم كان تدوينه على أنه باب من أبواب الحديث، ثم دُوِّن على استقلال وانفراد، وتتابع التفسير بالمأثور، ثم التفسير بالرأي)، وهذا القول أصله للشيخ محمد الذهبي في كتاب التفسير والمفسرون، ولم أجد من سبقه في تقسيم مراحل التفسير بهذه الطريقة، وإليك ـ مشكورًا ـ رابطها:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4608
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[06 Jan 2008, 04:44 م]ـ
أشكر الشيخ مروان على هذه الإضافة، وأرى أن محلها في المشاركة المعنونة بـ (نظرة في نشأة علوم القرآن) http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4006 ، لأن الحديث هنا عن تسمية كتاب الحوفي فقط.
وقد سبق أن نقدت ما ذكره الدكتور مروان، وهو قوله: (وهكذا بدأ التفسير أولا بالنقل عن طريق التلقي والرواية، ثم كان تدوينه على أنه باب من أبواب الحديث، ثم دُوِّن على استقلال وانفراد، وتتابع التفسير بالمأثور، ثم التفسير بالرأي)، وهذا القول أصله للشيخ محمد الذهبي في كتاب التفسير والمفسرون، ولم أجد من سبقه في تقسيم مراحل التفسير بهذه الطريقة، وإليك ـ مشكورًا ـ رابطها:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4608
شكرا لشيخنا الحبيب العالم الدكتور مساعد الطيار
وجزاه الله خيرا
ومعذرة لأنني ماكنت أعلم أن هناك بحثا هنا باسم:
(نظرة في نشأة علوم القرآن)
مع أنني حريص على مثل ذلك!!!
وأنا أحببت هنا في هذه المشاركة
أن أوضح من خلال أحد كتب التراث القديمة
قدم تسمية علوم القرآن عند علمائنا القدامى
منذ بدايات الكتابة في ذلك
وأما الرأي المنسوب للشيخ محمد الذهبي
فهو رأي لأحد علمائنا القدماء؛
ولكنني الآن بعيد عن مصادري ومراجعي
وأنسيته؛ ولعلي أجده قابلا ـ بمشيئة الله ـ
وشكرا
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Apr 2009, 06:16 م]ـ
مما أفادة الدكتور محمد عثمان يوسف في كتابه اللطيف (الحوفي ومنهجه في التفسير) أن عنوان الكتاب المثبت في جميع أجزاء المخطوط الموجود بدار الكتب جاء على هذا النحو (البرهان في علوم القرآن من الغريب والإعراب والأحكام والتفسير والناسخ والمنسوخ وعدد الآي والتنزيل والوقفو التمام والاشتقاق والتصريف) (ينظر ص108) وصورة أحد المخطوطات (ص408).
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[09 Apr 2009, 07:21 م]ـ
شكرا للشيخ الفاضل الدكتور مساعد؛ هذه التذكرة المفيدة، وأيضا على لفتته البارعة
حول هذا الكتاب؛ والذي هو من بواكير التأليف في علوم القرآن ..
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[09 Apr 2009, 07:26 م]ـ
أحببت أن أذكر هنا ماكتبه شهاب الدين النويري؛ في معلمته الموسوعية؛
نهاية الأرب في فنون الأدب:
((قال الله تعالى:
"إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد، فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ردوها علي فطفق مسحاً بالسوق والأعناق".
قال أبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي في كتاب البرهان في علوم القرآن في تفسيره هذه الآية:
الصافن من الخيل الذي يجمع بين يديه.
وقال الفراء: الصافن هو القائم. وقال مجاهد: صفون الفرس إذا رفع رجليه حتى يكون عى طرف الحافر قال ابن زيد: أخرجها الشيطان لسليمان من مرج من مروج البحر. والصفن أن يقوم الفرس على ثلاث ويرفع رجلاً واحدة، يكون طرف الحافر على الأرض. قال: وكانت لها أجنحة.
قال: والجياد السراع. وذكر أنها كانت عشرين فرساً ذوات أجنحة. قال وقوله: "إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب" إنه لها عن الصلاة حتى فاتته.
قال قتادة والسدي: الخير: الخيل. وروي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن الصلاة الوسطى فقال: هي العصر، وهي التي فتن بها سليمان.
"حتى توارت بالحجاب"، يعني الشمس حتى تغيب في مغيبها.
وقوله "ردوها علي" أي الخيل التي عرضت علي فشغلتني عن الصلاة. "فطفق مسحاً بالسوق والأعناق"، أي جعل يمسح فهيا السوق وهو جمع ساق.
قال بعضهم: عقرها وضرب أعناقها؛ قاله قتادة والحسن والسدي.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: جعل يمسح أعرافها وعراقيبها بيده حباً لها.
وقيل: كشف عن عراقيبها وضرب أعناقها وقال: لا تشغليني عن عبادة ربي مرة أخرى.
قال أبو إسحاق: يجوز أن يكون الله أباح له ذلك لأنه لا يجعل التوبة من الذنب بذنب أعظم منه. والله أعلم.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[09 Apr 2009, 07:48 م]ـ
سؤال للشيخ الفاضل الدكتور مساعد ـ حفظه الله ـ:
جاء في كتاب:
إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب؛ معجم الأدباء؛ لياقوت الحمويّ؛ المتوفى سنة 626هـ:
((علي بن إبراهيم الحوفي:
بن سعيد بن الحوفي، يوسف الحوفي أصله من قرية تسمى شبرا النخلة من حوف بلبيس من الديار المصرية، أخذ عن أبي بكر محمد بن علي الإدفوي صاحب النحاس، وكان نحوياً قارئاً، مات في مستهل ذي الحجة سنة ثلاثين وأربعمائةٍ، وله من التصانيف: كتاب الموضح في النحو وهو كتاب كبير حسن، وكتاب البرهان في تفسير القرآن، بلغني أنه في ثلاثين مجلداً بخط دقيق)).
وفي كتاب:
حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة؛ لجلال الدين السيوطي؛ المتوفى سنة 911 هـ:
((الحوفي صاحب إعراب القرآن الإمام أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سعيد. كان إماماً في العربية والنحو والأدب، وله تصانيف كثيرة، وهو من قرية يقال لها شبرا من أعمال الشرقية.
قال في العبر: أخذ عن الأدفوي، وانتفع به أهل مصر. مات مسهل ذي الحجة سنة ثلاثين وأربعمائة)).
ألا يمكن أن يكون للحوفي كتاب آخر في تفسير القرآن، غير كتابه في علوم القرآن، وخاصة أنه يذكر له كتاب آخر كبير في إعراب القرآن!!؟
وجزاك الله خيرا(/)
هل هناك علاقة بين أسباب النزول والقراءات؟
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[01 Jan 2008, 08:50 م]ـ
السلام عليكم،
يقول أحد الباحثين أن هناك علاقة بين تعدد القراءات وأسباب النزول؛ وضرب لذلك
مثالاً بقوله تعالى (وما كان لنبي أن يغل)، حيث وجه كل قراءة في الآية على سبب
نزول ..........
آمل من المشايخ إيضاح الأمر، ولكم خالص الدعاء .....
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[04 Jan 2008, 04:58 م]ـ
هذه مسألة جديرة بالدراسة
وليتك تفيدنا برابط هذا البحث
وقد يفيد هذا المبحث في دراسة الآيات التي قيل بتعدد نزولها كما في قوله تعالى: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً)
كان الأعمش يقرؤها: (وما أوتوا) وهو راوي حديث ابن مسعود في نزول الآية بالمدينة
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[05 Jan 2008, 12:44 ص]ـ
أهلا بأخي عبدالعزيز،
لا يوجد رابط لهذا المبحث، وهو في كتاب لم يطبع بعد لفضيلة الدكتور عبدالرحمن المطرودي،
وقد ذكر أنه لم يقف على من سبقه في هذه المسألة، وفي نظري أنها مسألة جديرة بالاهتمام
ولا أتصور أنها لم تطرق من قبل، ولهذا طلبت الإفادة ....
ـ[د. أنمار]ــــــــ[05 Jan 2008, 08:30 ص]ـ
مرت علي مسألة ربط تعدد النزول بتعدد القراءات من مدة في أكثر من كتاب لكن ما عدت أذكر أين ولعلها في فتح الباري أو في الإتقان
وفي معظم الأحيان تأتي كأحد الاحتمالات عند ورود أكثر من سبب للآية
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[05 Jan 2008, 02:29 م]ـ
بارك الله فيك د. أنمار على مرورك، وبانتظار مشاركات الأفاضل .....(/)
هل إدريس عليه السلام هو أخنوخ؟
ـ[محمد براء]ــــــــ[01 Jan 2008, 10:24 م]ـ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
جاء في التوراة المحرفة في سفر التكوين في الإصحَاحِ الْخَامِسِ: "1هذَا كِتَابُ مَوَالِيدِ آدَمَ، يَوْمَ خَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ. عَلَى شَبَهِ اللهِ عَمِلَهُ. 2ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُ، وَبَارَكَهُ وَدَعَا اسْمَهُ آدَمَ يَوْمَ خُلِقَ. 3وَعَاشَ آدَمُ مِئَةً وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ وَلَدًا عَلَى شَبَهِهِ كَصُورَتِهِ وَدَعَا اسْمَهُ شِيثًا. 4وَكَانَتْ أَيَّامُ آدَمَ بَعْدَ مَا وَلَدَ شِيثًا ثَمَانِيَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 5فَكَانَتْ كُلُّ أَيَّامِ آدَمَ الَّتِي عَاشَهَا تِسْعَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَمَاتَ.
6وَعَاشَ شِيثُ مِئَةً وَخَمْسَ سِنِينَ، وَوَلَدَ أَنُوشَ. 7وَعَاشَ شِيثُ بَعْدَ مَا وَلَدَ أَنُوشَ ثَمَانِيَ مِئَةٍ وَسَبْعَ سِنِينَ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 8فَكَانَتْ كُلُّ أَيَّامِ شِيثَ تِسْعَ مِئَةٍ وَاثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً، وَمَاتَ.
9وَعَاشَ أَنُوشُ تِسْعِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ قِينَانَ. 10وَعَاشَ أَنُوشُ بَعْدَ مَا وَلَدَ قِينَانَ ثَمَانِيَ مِئَةٍ وَخَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 11فَكَانَتْ كُلُّ أَيَّامِ أَنُوشَ تِسْعَ مِئَةٍ وَخَمْسَ سِنِينَ، وَمَاتَ.
12وَعَاشَ قِينَانُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ مَهْلَلْئِيلَ. 13وَعَاشَ قِينَانُ بَعْدَ مَا وَلَدَ مَهْلَلْئِيلَ ثَمَانِيَ مِئَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 14فَكَانَتْ كُلُّ أَيَّامِ قِينَانَ تِسْعَ مِئَةٍ وَعَشَرَ سِنِينَ، وَمَاتَ.
15وَعَاشَ مَهْلَلْئِيلُ خَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً، وَوَلَدَ يَارَدَ. 16وَعَاشَ مَهْلَلْئِيلُ بَعْدَ مَا وَلَدَ يَارَدَ ثَمَانِيَ مِئَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 17فَكَانَتْ كُلُّ أَيَّامِ مَهْلَلْئِيلَ ثَمَانِيَ مِئَةٍ وَخَمْسًا وَتِسْعِينَ سَنَةً، وَمَاتَ.
18وَعَاشَ يَارَدُ مِئَةً وَاثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَوَلَدَ أَخْنُوخَ. 19وَعَاشَ يَارَدُ بَعْدَ مَا وَلَدَ أَخْنُوخَ ثَمَانِيَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 20فَكَانَتْ كُلُّ أَيَّامِ يَارَدَ تِسْعَ مِئَةٍ وَاثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَمَاتَ.
21وَعَاشَ أَخْنُوخُ خَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً، وَوَلَدَ مَتُوشَالَحَ. 22وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ بَعْدَ مَا وَلَدَ مَتُوشَالَحَ ثَلاَثَ مِئَةِ سَنَةٍ، وَوَلَدَ بَنِينَ وَبَنَاتٍ. 23فَكَانَتْ كُلُّ أَيَّامِ أَخْنُوخَ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَخَمْسًا وَسِتِّينَ سَنَةً. 24وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ".
قلت: وقد ذكر أهل السير والتوريخ أن إدريس عليه اسلام هو أخنوخ المذكور. قَالَ إمام المغازي اِبْن إِسْحَاق رحمه الله تعالى فِي أَوَّل السِّيرَة النَّبَوِيَّة لَمَّا سَاقَ النَّسَب الْكَرِيم فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى نُوح قَالَ: " اِبْن لَمْك بْن مَتُّوشَلَخ بْن خَنُوخٍ - وَهُوَ إِدْرِيس النَّبِيّ فِيمَا يَزْعُمُونَ- ". قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في الفتح (6/ 373): " وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْل مَأْخُوذ عَنْ أَهْل الْكِتَاب ".
وقال الحافظ العراقي رحمه الله تعالى في ألفية السيرة في سياق النسب الكريم:
وهْو ابنُ لامَكَ بنِ مَتُّوشَلَخا = ابْنِ خَنُوحَ وهْو فيما وُرِّخا
إدريسُ فيما زعموا يَرْدٌ أبُهْ = وهو ابنُ مَهْليلَ بنِ قَيْنن يَعْقِبُهْ
ومما يوهم أن أخنوخ المذكور في التوراة المحرفة هو إدريس ما جاء فيها: " 24وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ ". وقد ذكر الله تعالى في كتابه أنه رفع إدريس فقال: " وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57) " فيقال: إن الأخذ المذكور في العهد القديم هو الرفع الذي ذكره الله تعالى، ولذلك قال ابن عاشور رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: " قال جماعة من المفسرين: هو رفع مجازي. والمراد: رفع المنزلة لما أوتيه من العلم الذي فاق به على
(يُتْبَعُ)
(/)
من سلفه. ونقل هذا عن الحسن، وقال به أبو مسلم الأصفهاني.
وقال جماعة: هو رفع حقيقي إلى السماء. وفي الإصحاح الخامس من سفر التكوين: " وَسَارَ أَخْنُوخُ مَعَ اللهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لأَنَّ اللهَ أَخَذَهُ ". وعلى هذا فرفعه مثل رفع عيسى عليه السلام. - قال أبو الحسنات: هذا رواه ابن جرير عن مجاهد -
والأظهر أن ذلك بعد نزوع روحه وروْحنة جثته " ا. هـ كلامه.
ومما يستدل به على أن إدريس ليس أخنوخ ما جاء في حديث الإسراء والمعراج في الصحيحين: " فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِدْرِيسَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ ".
فأَخَذَ الإمام أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ رحمه الله تعالى مِنْ هَذَا أَنَّ إِدْرِيس لَمْ يَكُنْ جَدًّا لِنُوحٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل لِأَنَّ إِلْيَاس قَدْ وَرَدَ أَنَّهُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل، وَلَوْ كَانَ مِنْ أَجْدَاده لَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ لَهُ آدَم وَإِبْرَاهِيم: " وَالِابْن الصَّالِح ".
قال الحافظ: " وَهُوَ اِسْتِدْلَالٌ جَيِّد، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يُجَاب عَنْهُ بِأَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيل التَّوَاضُع وَالتَّلَطُّف فَلَيْسَ ذَلِكَ نَصًّا فِيمَا زَعَمَ ".
وقَالَ الْقَاضِي عِيَاض رَحِمَهُ اللَّه في شرح الحديث المتقدم: " هَذَا مُخَالِف لِمَا يَقُولهُ أَهْل النَّسَب وَالتَّارِيخ مِنْ أَنَّ إِدْرِيس أَب مِنْ آبَاء النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَنَّهُ جَدّ أَعْلَى لِنُوحٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ نُوحًا هُوَ اِبْن لَامِك بْن متوشلخ بْن خنوخ. وَهُوَ عِنْدهمْ إِدْرِيس بْن بُرْدَة بْن مهلاييل بْن قَيْنَان بْن أَنُوش بْن شيث بْن آدَم عَلَيْهِ السَّلَام. وَلَا خِلَاف عِنْدهمْ فِي عَدَد هَذِهِ الْأَسْمَاء وَسَرْدهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُونَ فِي ضَبْط بَعْضهَا وَصُورَة لَفْظه. وَجَاءَ جَوَاب الْآبَاء هُنَا إِبْرَاهِيم وَآدَم مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِح. وَقَالَ إِدْرِيس: مَرْحَبًا بِالْأَخِ الصَّالِح كَمَا قَالَ مُوسَى وَعِيسَى وَهَارُون وَيُوسُف وَيَحْيَى وَلَيْسُوا بِآبَاءٍ صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِمْ.
وَقَدْ قِيلَ: عَنْ إِدْرِيس إِنَّهُ إِلْيَاس وَأَنَّهُ لَيْسَ بِجَدٍّ لِنُوحٍ فَإِنَّ إِلْيَاس مِنْ ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم وَإِنَّهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ وَأَنَّ أَوَّل الْمُرْسَلِينَ نُوح عَلَيْهِ السَّلَام كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث الشَّفَاعَة ".
قلت: هذا القول يُذْكَرُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ - كما قال الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه - قال الحافظ: "أَمَّا قَوْل اِبْن مَسْعُود فَوَصَلَهُ عَبْد بْن حُمَيْدٍ وَابْن أَبِي حَاتِم بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْهُ قَالَ: إِلْيَاس هُوَ إِدْرِيس، وَيَعْقُوب هُوَ إِسْرَائِيل. وَأَمَّا قَوْل اِبْن عَبَّاس، فَوَصَلَهُ جُوَيْبِرٌ فِي تَفْسِيره عَنْ الضَّحَّاك عَنْهُ وَإِسْنَاده ضَعِيف، وَلِهَذَا لَمْ يَجْزِم بِهِ الْبُخَارِيّ " ثم قال: " إِنْ ثَبَتَ مَا قَالَ اِبْن عَبَّاس أَنَّ إِلْيَاس هُوَ إِدْرِيس لَزِمَ أَنْ يَكُون إِدْرِيس مِنْ ذُرِّيَّة نُوح لا أَنَّ نُوحًا مِنْ ذُرِّيَّته، لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَة الْأَنْعَام: (وَنُوحًا هَدْينَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدُ وَسُلَيْمَانُ) إِلَى قَوْله: (وَعِيسَى وَإِلْيَاس) فَدَلَّ عَلَى أَنَّ إِلْيَاس مِنْ ذُرِّيَّة نُوح سَوَاء قُلْنَا إِنَّ الضَّمِير فِي قَوْله: " وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ " لِنُوحٍ أَوْ لِإِبْرَاهِيم، لِأَنَّ إِبْرَاهِيم مِنْ ذُرِّيَّة نُوح فَمَنْ كَانَ مِنْ ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم فَهُوَ مِنْ ذُرِّيَّة نُوح لَا مَحَالَة ". والله أعلم.(/)
للتحميل: العلم والإيمان (د. إبراهيم أحمد عمر)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[01 Jan 2008, 10:36 م]ـ
العنوان: العلم والإيمان .. مدخل إلى نظرية المعرفة في الإسلام
الكاتب: د. إبراهيم أحمد عمر
هذا الكتاب دراسة قرآنية مركزة حول المصطلحات الثلاثة: العلم، الإيمان، المعرفة، وعلاقتها بمفهومي الغيب والشهادة.
وأصل الكتاب بحث مقدم للمؤتمر العالمي الرابع للفكر الإسلامي الذي انعقد بالخرطوم سنة 1987.
تجدونه في المرفقات.(/)
فن التعامل مع الوالدين
ـ[عبدالعزيز الجهني]ــــــــ[02 Jan 2008, 06:01 ص]ـ
كم يتحدث الناس وكم يعقدون من دورات في فن التعامل مع الناس وفن التعامل مع الجمهور وفن التعامل مع الزوجة وغير ذلك من المسميات والدورات ,ولم يطرق سمعي في يوم من الأيام هذا العنوان (فن التعامل مع الوالدين) مع أنه أس التعامل في هذه الحياة وأحق ما يتعلمه المسلم. وقد تظافرت نصوص الوحيين في بيان حقهما والدلالة على ما يجب لهما. وإني لأعلم يقينا أن هذه النصوص معلومة عند عامة المسلمين فضلا عن متعلميهم. ولكن من خلال تواصلي مع كثير من الشباب ورؤيتي لكيفية تعاملهم مع والديهم وجدت عند البعض منهم غفلة وقصورا في تطبيق دلالات النصوص الشرعية في تعاملهم مع الوالدين , وبشكل أدق هناك فجوة بين الجانب النظري والجانب العملي.فالكل يقر بحقوق الوالدين وحسن الأدب معهما ,لكن كيفية تطبيق هذه الحقوق وتطبيقها على أرض الواقع فيه خلل كبير سببه الغفلة والإلف والعادة, وهذا ما يجعل الغيور يشعر بالأسى والحزن لعظم حق الوالدين الذي يأتي بعد حق الله كما جاء في مواطن عدة من كتاب الله مما لا يخفى على ذي بصيرة. وقد أعجبني تعريف الراغب رحمه الله لبر الوالدين حيث قال: وبر الوالدين: التوسع في الإحسان إليهما. ولاحظ قوله:التوسع ,فكم له من دلالة. من هذا المنطلق ومن باب التواصي بالمعروف أضع هنا بعض النقاط كمفاتيح لفن التعامل مع الوالدين والتي تمثل جانبا عمليا نحتاجه في حياتنا مع التنبيه على بعض الأخطاء التي قد تقع في التعامل معهما ليكون ذلك سببا في وصولنا بإذن الله إلى البر الذي هو مبتغى كل مؤمن ولننال كذلك رضى المولى عز وجل فرضى الله من رضى الوالدين 1_نداؤهما باسم الأبوة والأمومة, ومن الخطأ الذي يقع فيه بعض الناس بحكم العادة مناداتهما بأبي فلان أو أم فلان , وأقبح منه من يخاطبهما بالشايب أو العجوز أو الكهل أو الكهلة , وهذا سوء أدب معهما , وانظر إلى أدب الخليل عليه السلام في ندائه اللطيف لوالده الكافر (يا أبتِ) ويكررها عدة مرات وبالعبارة اللطيفة نفسها. فما أجمله من أدب. 2_السلام عليهما بخصوصية تليق بهما وذلك بتقبيل الرأس واليد, وهذا من أقل الوفاء لهما.وإنك لتعجب من ابن يسلم على والديه كما يسلم على صديقه ,فأين حق الوالدين وأين إكرامهما؟ فوالذي نفسي بيده لو قبل قدميهما ما زاده ذلك إلا شرفا. 3_إظهار الذل لهما امتثالا لأمر الله عز وجل (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) وذلك بخفض الصوت عند الحديث معهما وعدم إحداد النظر إليهما. وقد يقع خلاف ذلك عند النقاش دون قصد ولكن المؤمن الحريص يحذر من ذلك لخطورته. 4_ويتعلق بهذه النقطة مراعاة الألفاظ والحركات أثناء الحديث معهما. وانظر إلى قول المولى عز وجل (ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما) فقد نص في هذه الآية على النهي عن يسير القول ويسير الحركة مما هو خارج عن الأدب. فأف من يسير القول الذي يخرج دون شعور عند طلب الوالدين أمرا قد لا يعجب الابن أولا يرتضيه, ويدخل في قوله (ولا تنهرهما) يسير حركة اليدين عند عدم الرضا كما جاء في تفسير عطاء رحمه الله. فانظر إلى هذين النهيين في يسير الأمور فما ظنك بما هو أكبر منهما مما لا يليق بمقام الوالدين العظيم عند الله, فاللهم ارزقنا حسن الأدب في القول والعمل. 5_التأدب في الجلوس معهما ,فتجد البعض هداهم الله يمد رجليه أمام والديه أو يتحدث معهما جالسا وهم وقوف. فأي أدب هذا وأي خلق 6_التأدب في السير معهما ,فلا يمشي أمامهما ولا يدخل مكانا قبلهما بل من الأدب التأخر قليلا عنهما والمسارعة بفتح الباب عند دخولهما ,ففي ذلك أدب وأي أدب. 7_الجلوس معهما ومحادثتهما بلطف وحنان وإدخال السرور عليهما بطرائف الحديث وجميل النوادر والحكم , فكم لك من أجر بإشاعة الابتسامة على محياهما. وهذا من البر المغفل إلا ما ندر ,فقد تجد البعض خفيف الظل كثير المرح مع أصدقائه فإذا جلس مع والديه فكأنه في مهمة رسمية , لاضحك ولا تبسم ولادعابة. فأين البر من هذا؟ 8_تفقد أحوالهما دائما بالزيارة والسؤال والاتصال. وإنك لتعجب من ابن يغيب عن والديه بالأيام وهو يسكن معهما في مدينة واحدة. فأي عقوق هذا , ولا يتعلل أحد بكثرة المشاغل ,فليس هناك من هو أولى منهما وشاهد ذلك قصة جريج العابد. فتمتع بالجلوس معهما قبل أن تفقدهما فتندم ولات حين مندم. فكم من الناس من يواظب على جلسات الأصدقاء أو اجتماعاتهم كل ليلة ويحرص على رياضة المشي كل مساء ,فلا أدري من الأولى.أما إذا كانا بعيدين فعليه أن يتعاهدهما بالاتصال كل يوم يسأل عن حالهما ويطمئن عليهما ويشعرهما باهتمامه بهما.فهو بذلك يلتمس بركتهما ويحوز على رضاهما وما أعظمه من مطلب. 9_تعاهدهما بالهدايا بين فترة وأخرى وإعطائهما من المال ولو شيئا يسيرا خصوصا الوالدة , وهذا مما قد يغيب عن بال كثير من الأبناء ظنا منه بعدم أهميته أو عدم احتياجهما , وهذه غفلة يجب التنبه لها فكم للهدية من أثر في النفس ,وكم نسمع عن هدايا الأزواج وأثره في إشاعة الحب بينهما ,أما الهدايا للوالدين فهي من المهملات. ويجدر التنبيه على مسألة تقديم المال لهمما خصوصا الوالدة ففي ذلك عون لها على الصدقة والبذل والعطاء ,فلهما أجر وأنت شريكهما في ذلك وهذا نور على نور. 10_تلمس بركتهما بطلب الدعاء منهما , فدعوة الوالد مستجابة ,والابن البار سيفوز بهذه الغنيمة وسيجني ثمرة ذلك في صحته وذريته وماله. 11_أخيرا الدعاء لهما كما أمر المولى بذلك في قوله (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) وهذا من أعظم البر وهو من الأجر الدائم لهما بعد موتهما <أو ولد صالح يدعو له> وبعد فهنيئا لمن كان له والدين ينعم بقربهما ويسعد ببرهما وهي نعمة جليلة يعلم قدرها من حُرمها. وفقنا الله جميعا لما يحب ويرضى وغفر لنا ولوالدينا وجمعنا بهم في الفردوس الأعلى من الجنة إنه ولي ذلك والقادر عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سامي السلمان]ــــــــ[02 Jan 2008, 04:16 م]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك فيك على هذا الموضوع , وكما قيل:
لايعرف الشوق إلا من يكابده ولا الصبابة إلا من يعانيها
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[02 Jan 2008, 08:41 م]ـ
موضوع رائع ومتميز
جزاك الله خيرا
وأحسن إليك
وغفر لك ولوالديك
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[02 Jan 2008, 10:24 م]ـ
_السلام عليهما بخصوصية تليق بهما وذلك بتقبيل الرأس واليد, وهذا من أقل الوفاء لهما.وإنك لتعجب من ابن يسلم على والديه كما يسلم على صديقه ,فأين حق الوالدين وأين إكرامهما؟ فوالذي نفسي بيده لو قبل قدميهما ما زاده ذلك إلا شرفا
أسمع كثيراً ممن ينتسبون للدعوة علي الفضائيات هذه المقولة وأمثالها وحاولت العثور علي مرجعية لها فلم أوفق لا في كتب الفقه ولا حتي في كتب الراسات الانسانية الحديثة فهل تكرمت وأصلت القول
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[05 Jan 2008, 11:00 م]ـ
جزاك الله خيرا - أخي عبد العزيز - على طرح هذا الموضوع القيم؛ وأحسنت في طرحك وأسلوبك فبارك الله فيك، وزادك من فضله.
ثم ياأخي الكريم: إن القلم ليعجز عن التحبير، وإن القلم ليلجم عن التسطير، متى ما أرادا شيئا من التعبير عن حقوق الوالدين وفضلهما العميم وبث حنين القلب وأشجان الفؤاد وسلوة الروح بهما، وأنى لهما ذلك ولو أنهما مكثا الدهر محاولة، لما وصلا مجازاة طلقة واحدة من طلقات الولادة، أو شكر ليلة سهر واحدة وقلقها ونزيف قلب الأب ألما لمجرد سماع أنين طفله السقيم.
وأود ان أشير إلى مسألة مجربة وهي أن الإنسان لا يدرك قيمة الوالدين ولا يحس مقدار تضحيتهما إحساسا حقيقيا - رغم أدبه وعلمه وكثرة مطالعته خصوصا في هذا الجانب- إلا بعد أن يرزق بالولد وينتقل هو بدورة إلى دور الوالد عندها يستشعر وبقوة مقدار التضحية العظيمة من والده (كلاهما).
وإني لأعجب من بعض الباحثين حين أراه يسطر إهداء باسم زوجته أو معلمه - ولا انتقص منهما، فحقهما بيِّنٌ - بل ترى من يسطره باسم زميلته أو صديقته أو .. أو .. ، غافلا أن تضحية والديه وفضلهما عليه بعد خالقه لها الفضل في ذلك ووصوله إلى ما وصل إليه، ولا أقصد احتكار ذلك لهما، أو أنه لا بد منه، ولكن أحدهما أو كلاهما أولى من غيرهما ابتداء، ثم إذا كثرت أبحاثه وتصانيفه، يخص ذلك بمن شاء.
ولقد حمدت الله أن وفقني بانجاز بحث الماجستير فلم أملك من رد جزء بسيط من أفضال والدي علي وحسن توجيهه لي إلا أن أخط كلمات حب وعرفان وامتنان له صغتها وكلي تواضع وذلة على النحو الآتي:
إهداء
إليك يا من جَنَيتَ عليَّ حُبَّ العلم والأدب ..
إليك يا منْ قلتَ في يوم مولدي:
أَمَلِي اليومَ أن أراكَ كبيراً ... ذُخْرَ شيخوختي وحصن اعتمادي
تَحتسي أَعْذَبَ العلومِ غذاءً ... به تَحْيَى على المَدَى في ازدياد
(انظر ديوان لحن الشاطئ: 77. وهو أول دواوينه، حفظه الله، ومد في عمره، ونفعنا بعلمه)
إليك عصاميا ً، فذاً، عظيماً، عبقرياً، فريداً، وفخراً لأحفادك ..
إليك يا من شَبَبْتَ عن الطوق يافعاً، وما انهزمت رهينا لمحابسك الثلاثة - (الفقر واليتم والعمى وهو في السادسة من عمره) - كما قلت في بعض قصائدك.
إليك وقد منحتني كرمَ أخلاقك، وجميلَ مودتك، وفيضَ مشاعرك، وحسنَ توجيهاتك.
حتى في حال شِدتك .. كنت مربياً، وأستاذاً حصيفاً، مؤهلاً لتلاميذك تزودهم ما يعينهم في معايشة حياتهم ومعرفة واقعهم.
إليك معلمي الأول، نبراس حياتي .. قدوتي الحبيب وأستاذي العزيز .. شكراً أبدياً، وحباً سرمديا.
إليك ثمرة غرسك الأولى يانعة، تزهو فرحاً .. أن كانت من صنيع تربيتك، وثقافتك، وأدبك.
إليك أبي الحبيب باكورةَ بحثي المتواضع، يجثو مقبلا قدميك، لينال رضاك، ويُشرق سروراً لسنا ابتسامتك.
أكرر شكري لك أخي الحبيب على طرح هذا الموضوع الهام، سآلا المولى أن يعيننا - جميعا- على البر بوالدينا، وأن يرزقنا الذرية الصالحة التي تقر بها أعيننا في حياتنا، وتلهج ألسنتها بالدعاء لنا بعد مماتنا، والحمد لله رب العالمين.(/)
في نقد الإعجاز العددي
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[02 Jan 2008, 10:35 ص]ـ
الموقف المعارض للإعجاز العددي
الإعجاز العددي هو وجه من الإعجاز حديث، وبالتالي فإن وجود فئة من المعارضين له، هي ظاهرة طبيعية، فهذه حال كل جديد، أن يجد من الناس من يحتفي بولادته، ومن يرفض الاعتراف به لسبب أو لآخر، ومن يتردد في قبوله أو يتخذ منه موقفا وسطا. إلا أن هذه المواقف عادة ما تبدأ بالتغير وربما بالتلاشي إذا تبين لهؤلاء أن في وجود هذا العلم الجديد فائدة للمسلمين. وهذا ما حصل فعلا حينما أشار الخليفة عمر رضي الله عنه على الخليفة أبي بكر رضي الله عنه بجمع القرآن، فقد تردد أبو بكر في هذا العمل لأنه رأى فيه عملا جديدا، فلما تبين له صواب هذا الرأي عمل به وقام بجمع القرآن. وتكرر المشهد حينما تم تنقيط المصحف وتشكيله بالحركات، وكذلك حين ترقيم آياته، فقد انقسم الناس بين مؤيد ومعارض،وكادت تحدث بسبب ذلك فتنة، فلما ظهر للناس الخير في ذلك العمل،قبلوا به وانتقل المعارضون إلى صف المؤيدين .. والمعارضة في رأينا ظاهرة صحية، تعني الحرص على كتاب الله قبل كل شيء، وقد تمتلك القدرة على التوجيه، والمشاركة في تصويب الخطأ، كما قد تمتلك المنهج والموضوعية وقوة الفكرة والطرح البديل، ولكن المعارضة التي تخلو من هذه الصفات، تصبح شيئا من العبث لا طائل من ورائها. (انظر رد الشيخ بسام جرار: موقع نون للدراسات القرآنية).
المعارضة المطلوبة:
إذن فالمعارضة والتردد في قبول الجديد ظاهرة صحية، نرى أنها نابعة من الحرص على القرآن، وإذا كان هذا هو علتها، فنحن معها ويجمعنا بها الهدف الواحد، ولكن المطلوب من هذه المعارضة، أن تكون علمية موضوعية حكيمة تمتلك الحجة وقوة الفكرة والمنهج الموضوعي والبديل المنطقي المقنع، وأن يكون الناطقون باسمها على دراية بما يتحدثون عنه، فليس من المعقول مثلا أن يرفض أحدهم أن عدد حروف البسملة 19 حرفا، متحديا حقيقة ثابتة، فهذا العدد هو فعلا الموجود في المصحف، لأن هناك من يقدس هذا العدد ...
نقد الإعجاز العددي:
حجج المعارضين للإعجاز العددي:
ليس تعصبا لفئة المتحمسين للإعجاز العددي – وأنا منهم – فإنني لم أعثر على أي حجة منطقية مقبولة لدى الطرف المعارض، تبرر رفض الإعجاز العددي والتنكر له جملة وتفصيلا، على نحو يمكن القبول به، ومع ذلك سنورد فيما يلي ما يبرر به المعارضون رفضهم للإعجاز العددي، ونرد على تلك الحجج واحدة واحدة.
(1) تعدد القراءات ومسائل الاختلاف:
لقد اختلف القدماء في كثير من المسائل المتعلقة بعلوم القرآن، نحو عدد آيات القرآن، وترتيب سوره، وأعداد آياتها، ورسم القرآن , وتعدد القراءات، وغير ذلك .. ولما كانت هذه المسائل هي المادة الأولى للباحثين في الإعجاز العددي (ترتيب السور والآيات والكلمات والحروف وأعدادها) فإن ما قد يصل إليه الباحث من نتائج باعتبار قراءة ما، لا ينطبق تماما على القراءات الأخرى، وبالتالي ينتفي فيه وجه الإعجاز المفترض. وبهذا الأسلوب يحتج المعارضون على من يعتبر من الباحثين أن رسم القرآن توقيفي،بأن هناك من الآراء ما يخالف ذلك، وعلى من يعتبر أن عدد آيات القرآن 6236 آية حسب العد الكوفي،بأن هناك أقوالا أخرى غيره، وهكذا. أين الطريق في هذه المتاهة؟ إن اكتشاف إعجاز عددي ما، باعتبار من قال إن رسم القرآن توقيفي،لا يلغيه قول من قال إن رسم القرآن اصطلاحي، كما أن من أخذ بعدد ما لعدد آيات القرآن معتبر في رواية ما،لا يلغيه مخالفته لرواية أخرى، مادام موجودا حقيقة في المصحف الذي نتداوله. وفي النهاية،كيف نبرر رفض ما يكتشف من إعجاز القرآن باعتبار أن الرسم القرآني " العثماني " توقيفي، بحجة أنه اصطلاحي مثلا، ولدينا مئات الأدلة من واقع القرآن تشهد بذلك؟
ولماذا نحول تعدد القراءات وما يترتب عليها من اختلاف في عدد آيات القرآن، إلى مبرر لإلغاء ما يكتشف من إعجاز عددي في إحداها؟ مؤيد بما يكفي من الأدلة ومن واقع المصحف؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لماذا لا نتوقع أن تتعدد صور الإعجاز العددي في القرآن، بتعدد الرسم، و بتعدد تلك القراءات؟ ولماذا لا نحتكم إلى القرآن، بدل أن نحتكم إلى أقوال واجتهادات لا نعلم يقينا مدى صحتها , فنحكم بها على ما يكتشف من إعجاز؟
إن معارضة على هذا النحو، وبهذا الأسلوب، ستؤدي إلى قرون أخرى من النقل والتكرار واجترار الماضي بكل ما فيه.
(2) محاكاة التناسق العددي في القرآن:
الحجة الثانية التي يتسلح بها البعض في مواجهة الإعجاز العددي،ما يرونه من أن مسألة العدد هي في متناول البشر، ففي إمكان فرد أو جماعة، تأليف كتاب مثلا، وتضمينه أسرارا عددية، أو يتحرون فيها تناسقا وتوازنا بين أعداد عدد من الكلمات. وانطلاقا من هذا التصور، يرون أن ما يعتبره البعض من التوازن والتناسق العددي في القرآن ليس إعجازا، وانه في متناول الناس. والواضح من هذه الحجة أن هؤلاء يظنون الإعجاز العددي هو تناسق أو توازن في عدد من الكلمات. وما هو كذلك.
يقول أحدهم: إن بإمكان مؤلف أن يضع كتابا من عدد من الصفحات من مضاعفات الرقم 19، وان يجعل كل فصل مؤلفا من 19 صفحة، وكل صفحة من 19 سطرا ... ويتساءل بعد ذلك: فأين هو الإعجاز في العدد 19؟
هكذا بكل بساطة، يتخيل صاحبنا الإعجاز العددي، ولسنا نرى في هذا التصور غير مقدمة خاطئة قادت إلى نتيجة خاطئة ..
هذه الحجة – القدرة على محاكاة الإعجاز العددي في القرآن - تدل على الجهل التام بحقيقة ترتيب القرآن بمستوياته المتعددة، فترتيب سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه ليس على هذه الصورة المتخيلة. إن ترتيب القرآن شيء مختلف تماما، والأرقام في القرآن مختلفة عن هذا التصور البسيط.
ويغيب عن أصحاب هذا الرأي، الطريقة التي نزل بها القرآن، والطريقة التي رتب بها. لقد نزل القرآن مفرقا حسب الأحداث والوقائع وحاجات الناس، سورة، فمجموعة من الآيات، فجزء من سورة لم تكتمل، فسورة كاملة .. ثم جمع في النهاية على نحو مغاير تماما لترتيب النزول (ترتيب التلاوة الآن) وان هذا الترتيب الذي انتهى إليه القرآن،قد تم بتوجيهات كان ينقلها جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم، و بدوره ينقلها إلى كتبة الوحي .. وبناء على ذلك،فإن من المستحيل أن نجد في أي كتاب بشري تناسقا يشبه ما في القرآن،إذا روعيت الطريقة نفسها التي نزل بها القرآن. يمكن للباحث مثلا بعد أن ينهي كتابه، أن يعود فيراجعه،ويحصي كلماته وحروفه، ثم يختار بعضها، ويقوم بالتعديل والحذف والزيادة ليحقق عددا من التناسقات العددية، حتى مع امتلاك القدرة على ذلك، يظل ما في القرآن مختلفا تماما. القرآن نزل مفرقا حسب الوقائع والأحداث، وجمع في النهاية على نحو مغاير تماما لترتيب نزوله، ثم اكتشف في هذا الكتاب بعد قرون طويلة أنه محكم الترتيب، ترتبط سوره وآياته وكلماته وحروفه بعلاقات رياضية لا حصر لها. إذا اتضح لنا هذا فإن من المستحيل أن يبدأ كاتب بتأليف كتاب، وبعد الانتهاء منه يجد فيه من الترابط والتناسق والتوازن مثل ما في القرآن.
ونضيف إلى ذلك، أن أخذ القرآن بنظام رياضي – عددي في ترتيبه ,لم يكن عائقا أمام انتهاء القرآن إلى نظام غاية في البيان والفصاحة، دون أدنى تعارض بينهما، ودون أن يكون أحدهما على حساب الآخر.
ونقول لأصحاب هذه الحجة: إن تفرد القرآن بهذه الميزة هي ما يؤكد أنه كتاب الله الكريم، وليس كتاب محمد صلى الله عليه وسلم كما يزعم المفترون والمشككون بالقرآن. فكيف نرفض وجها من الإعجاز هو ما يميز كتاب الله عن أي كتاب؟
إن محاكاة ترتيب القرآن أمر ليس في متناول البشر لا أفرادا ولا جماعات.
(3) تناسق وليس إعجازا:
ويرى البعض أن ما يكتشف من الترابط العددي، والعلاقات الرقمية بين سور القرآن وآياته وكلماته، هي من التناسق العددي، ولكنها ليست إعجازا.
والقائل هنا يعتبر إعجاز القرآن في لغته وبيانه، وليس في أعداد سوره وآياته وكلماته، وما يرتبط بذلك من علاقات يرى فيها البعض إعجازا، إلا أنه يقر بأن في هذا التناسق ما يدل على صدق الرسول وأن القرآن كتاب الله الكريم المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
ويبدو الخلاف هنا هو في المصطلح، هل هو تناسق أم إعجاز؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ونرد على هذه الحجة أيضا، بالآية نفسها التي يستشهدون بها على أن وجه التحدي الذي جاء في القرآن إنما هو في لغته وبيانه وهي قوله تعالى:
) قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرءان لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) (الإسراء 17/ 88)
هل نجد في هذه الآية تحديدا لوجه الإعجاز المتحدى به؟ الآية تقول " بمثل هذا القرآن " ولم تقل بمثل لغته وفصاحته. بعبارة أخرى إن الآية لم تحدد الوجه المتحدى به على سبيل الحصر، هل هو اللغة، التشريع، الأخبار، العلم، الترتيب .. لقد تركت الباب مفتوحا لأي اكتشاف جديد يؤكد إعجاز القرآن. فإذا كانت الآية لم تحدد وجها واحدا للإعجاز، فلماذا يتولى البعض القيام بهذه المهمة. القرآن هو المعجزة التي أيد الله بها خاتم الأنبياء والمرسلين , وبما أن هذه المعجزة باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فإن من صفات هذه المعجزة أنها متجددة بتجدد الأجيال والعصور، لكل جيل فيها نصيب، ولكل عصر فيها نصيب .. لقد وجد الذين عاصروا الرسالة في لغة القرآن وبيانه ما يعجزهم ويدلهم على صدق النبي المرسل إليهم، وكذلك ستجد الأجيال القادمة في معجزة القرآن الوجه الذي يناسبهم .. إن اقتصار إعجاز القرآن على لغته وبيانه، يعني الوقوف بإعجاز القرآن عند زمن البلاغة والبيان، فماذا لزماننا نحن؟
(4) الإعجاز العددي بدعة:
الإعجاز العددي بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. هكذا يرى البعض الإعجاز العددي. فهو مما لم يعلمه السلف الصالح، ولا العلماء الأجلاء الذين يؤخذ عنهم العلم، ولو علموا فيه خيرا لما فاتهم. هذه هي حجتهم في رفض هذا الوجه من إعجاز القرآن .. نقول: لو كان الأمر كما يزعمون، فنقط القرآن وتشكيله بالحركات هو مما لم يعرفه السلف الصالح، فلماذا السكوت عليه؟ أرقام الآيات في القرآن هي أيضا مما لم يعرفه الصحابة، فلماذا الأخذ بها؟ أليست بدعة؟ إن كثيرا مما يكتب في تفسير القرآن هو أيضا مما لم يكن معروفا، فما حاجتنا إليه؟ ولماذا لا نتوقف عند تفسير ابن عباس مثلا؟
كما أن اكثر ما يكتب عن الإعجاز العلمي اليوم،هو أيضا مما لم يكن معروفا من قبل، فلماذا نقبل به؟ هل المطلوب منا أن نتوقف عند ما عرفه القدماء، وأن لا نتجاوزه؟
إن أصحاب هذه الحجة لا يفرقون بين زمن وزمن، ويتناسون أن ما وفره لنا هذا العصر من أدوات المعرفة، هو مما لم يكن متوفرا من قبل، إن في وسع الباحث اليوم أن يجري من العمليات الحسابية في ساعة باستخدام الحاسوب، ما لو فكر أحد القدماء أن يفعلها لاحتاج إلى عمره كله، هذا إذا توفرت له الأوراق والأقلام، ومعنى ذلك، أن وصول الباحث اليوم إلى ما لم يعرفه القدماء أمر طبيعي، ليس فيه انتقاص من قدر أحد، بسبب ما وفره له العصر من أدوات. وبالتالي فإن ظهور هذا الوجه من الإعجاز في عصرنا هذا هو أمر طبيعي جدا. إن وجود هذا الوجه من الإعجاز في القرآن، دليل مادي ملموس على أن القرآن كتاب الله الكريم، وأنه المعجزة المتجددة بتجدد العصور والأجيال؟
(لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون) (الأنعام 6/ 67)
(5) تقديس الأعداد:
ويبرر البعض رفضه للإعجاز العددي،بأن هناك من الناس من يقدس العدد ويوظفه فيما يتعارض مع الدين (يعنون بذلك البهائيين وتقديسهم للرقم 19). وهي حجة أغرب من سابقتها. فماذا نفعل إذا وجد من الناس من يقدس البقر، هل سنحرم أكلها؟ وإذا قدس الناس القمر فماذا نفعل؟ هل سنحرم النظر إليه؟ وإذا كان هناك من يستغل العدد لأغراض خاصة تخالف الدين، فهل يكون موقفنا هو رفض كل ما له صلة بالعدد؟
إن هذه الانحرافات واستغلال جماعة ما للعدد بما يخالف الشرع،سبب لمزيد من الاهتمام والدراسات للعدد في القرآن، لبيان الصحيح من الخطأ للآخرين، وهذا يعني أخيرا أن تقديس بعض الناس للعدد في القرآن هي حجة للبحث في العدد لا حجة لتركه.
(6) القرآن كتاب هداية وإرشاد لا كتاب رياضيات وعلوم:
ويحتج البعض بالقول أن القرآن كتاب هداية وإرشاد وليس كتابا في الرياضيات والعلوم، وبالتالي فإن صرف الوقت في البحث عن الأعداد في القرآن، لإثبات إعجازه العددي، إضاعة للوقت وانصراف عن التدبر في آيات القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ونحن نقول أيضا ما يقوله هؤلاء: القرآن كتاب هداية وإرشاد وشريعة، ولكن ما الذي يمنع أن يكون القرآن كذلك، وأن يكون كتابا منظما مرتبا وفق أسس وعلاقات رياضية؟ أليس هذا ابلغ في الإعجاز وأقوى؟ ونسأل هؤلاء: هل يرتب الله كل شيء في هذا الكون ابتداء من الذرة وانتهاء بالمجرة ويستثني كتابه الكريم؟ لماذا نقبل بالترتيب المحكم في الكون كله ونتردد في قبوله في القرآن؟ أليس خالق الكون هو منزل القرآن؟
لقد وفر لنا القرآن وجها من الإعجاز، يصلح لمخاطبة من ليست العربية لغته، فلماذا نتنكر له؟ ونصر على أن نظل بعيدين عن لغة العصر الذي نعيش فيه؟
(7) أخطاء الباحثين وصحة الإحصاءات:
ويجعل البعض من افتراض عدم الدقة في الإحصاءات، وما يمكن أن يقع فيه الباحثون في الإعجاز العددي من أخطاء في العد، سببا لرفض الإعجاز العددي جملة وتفصيلا، ويرون في تلك الأخطاء إساءة للقرآن والقول بغير علم، ودرءا للوقوع في المعصية، فالموقف الأسلم هو تجنب هذا النوع من الأبحاث. وقد يكون هذا الموقف نتيجة لدراسة رشاد خليفة حول الرقم 19 المعروفة كما أسلفنا.
في مواجهة هذه الحجة أقول: لا أظن أن من بين الباحثين من يتعمد الخطأ المقصود في الإحصاء، فالجميع يسعى لعمل يخدم به القرآن، طمعا بالأجر والثواب من عند الله. ومع افتراضنا صحة هذا الكلام نسبيا، فهو غير كاف لاتخاذ موقف رافض للإعجاز العددي، فإن كان البعض قد اخطأ، فالبعض قد أصاب. ولا يضر القرآن خطأ باحث، فالقرآن هو كتاب الله المحفوظ، ورعاية الله له لا تنقطع.
(8) الانتقائية لدى بعض الباحثين والتفسير المحدث:
ومن المعارضين من يرى في أبحاث الإعجاز العددي المتوفرة حاليا، انتقائية من الباحث لما يخدم تصورا مسبقا في نفسه، يصبح معه همه الوحيد أن يصل إلى ما يوافق هواه، وقد يضطر بسبب ذلك إلى الخلط بين منهجين في العد أو طريقتين، أو اللجوء إلى حساب أقل ما يوصف به أنه متكلف.
مع افتراض وجود هذا النوع من الدراسات، فهي أيضا ليست مبررا لرفض الإعجاز العددي جملة وتفصيلا، وليس من المقبول أن نحكم على جميع الدراسات من خلال دراسة ما نراها باطلة، هناك الدراسة الجادة والهادفة، وهناك الباطلة أو الرديئة، فلماذا نحمل هذه وزر تلك، ونرفض الاثنتين معا؟.
(9) عدم الحاجة إلى إعجاز جديد:
ومن الحجج الواهية التي يظن البعض أنها مبرر لرفض الإعجاز العددي: الزعم بعدم الحاجة إلى هذا الوجه من الإعجاز، حيث يرى أصحاب هذه الحجة، أن لدينا من وجوه الإعجاز ما يكفي.
إن على من يزعم أننا لسنا في حاجة إلى وجه إعجاز جديد، أن يدرك أن إعجاز القرآن لا حدود له , إنه المعجزة المتجددة في كل عصر وجيل , لكل عصر منه نصيب ولكل جيل منه نصيب , نحن اليوم نكتشف ما لم يكن القدماء يعرفون عنه شيئا , والأجيال القادمة ستكتشف ما لا علم لنا به , وأن أي اكتشاف في إعجاز القرآن سيكون له أثره في زيادة اليقين لدى المؤمنين به , ومدهم بما يثبتهم ويقوي من عزائمهم , وهذا من رحمة الله بنا.
10 - التكلف لدى الباحثين في الإعجاز العددي:
ويرى بعض معارضي الإعجاز العددي، أن سمة التكلف ظاهرة في أبحاث الإعجاز العددي، فالباحث يلجأ إلى الانتقائية واختيار ما يؤدي إلى غاية مسبقة في نفسه، وهو بذلك يحمل النص القرآني ما لا يحتمل بل ويخرج به عن أهدافه ومقاصده.
وعلى افتراض صحة هذه التهمة على بعض الأبحاث، فليست مبررا لرفض الإعجاز العددي جملة وتفصيلا. ففي كل علم هناك البحث الجيد وهناك البحث الرديء، ولا يجوز أن نحكم على الجيد بالرديء. أظن أن على من يحتجون " بالتكلف " أن تكون لهم معايير واضحة يستندون إليها في أحكامهم، وان تكون تلك المعايير معقولة وغير متكلفة أيضا، حتى لا يقعوا فيما يحتجون عليه.
ـ[مرهف]ــــــــ[03 Jan 2008, 08:11 م]ـ
الأخ عبد الله:
(يُتْبَعُ)
(/)
اعتدنا في الدراسات الجادة إثبات الأصل ثم الفرش، فالأصل أن تبدأ بتعريف الإعجاز العددي على الطريقة التي درج عليها العلماء في التعاريف من حيث اللغة والاصطلاح، ومن حيث الإفراد والتركيب الإضافي، ثم أن تأتينا بأمثلة صحيحة لما تسمية (الإعجاز العددي) لتثبت دعواك، ثم بعد ذلك نناقشك في ما تفضلت به حول قبوله أو رده، فدعوى الإعجاز العددي ما زالت بحاجة إلى بينة تثبتها؛ وإلا فأصحابها أدعياء.
وحبذا لو تكرمتم بالاطلاع على كتاب (الإعجاز العددي في القرآن بين الحقيقة والوهم) لـ فاتح حسني محمود ط دار جهينة الأردن الطبعة الأولى منه 1424.ففيه الأجوبة على م تفضلتم به مع الأمثلة أيضاً.
ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[03 Jan 2008, 09:50 م]ـ
يقصد - اليوم - بالإعجاز العددي ذلك الجانب من إعجاز القرآن الذي يهتم بإحصاء الحروف والألفاظ والآيات والسور والذي يهدف الى دراسة الأعداد الواردة في كتاب الله العزيز
ويبدو أن أصل هذا اللون من الإعجاز يرجع الى العهود الإسلامية الأولى ولعل أول مظاهره اختلاف العلماء في تفسير فواتح السور وهم في ذلك فريقان:
فريق يذهب الى أنها من المتشابه الذي استأثر الله تعالى بعلمه ولا ينبغي أن يتكلم فيها، لكن نومن بها وتمر كما جاءت
وفريق قالوا بل تفسر، قال ابن عطية:"والصواب ما قاله الجمهور أن تفسر هذه الحروف ويلتمس لها التأويل " ومن ثم التمس عدد منهم تفسيرا لها وذكروا في معناها أكثر من عشرين وجها منها:فيما يعنينا - هنا -:
الزعم بكونها دالة على معرفة المدد وأنه يستخرج من ذلك أوقات الحوادث والفتن والملاحم بواسطة حساب الجمل
قال ابن كثير:" من زعم ذلك فقد ادعى ما ليس له وطار في غير مطاره "
وأنكر ابن حجر ذلك وقال إنه باطل لا يجوز الاعتماد عليه فقد ثبت عن ابن عباس الزجر عن عد أبي جاد والإشارة الى أن ذلك من جملة السحر ...
وتجدد الاهتمام في العصر الحاضر بهذا اللون من الإعجاز ومن الدارسين المعاصرين الذين اهتموا به الدكتور عبد الرزاق نفل الذي راعه التناسق فيما جاء في القرآن الكريم وهوما سياتي الحديث عنه لاحقا إن شاء ولعل طريقته هذ من أحسن ما كتب في الموضوع
وفي المقابل يوجد الدكتور رشاد خليفة الذي عد رقم 19 من معجزات القرآن كما سياتي كذلك
للحديث بقية
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[04 Jan 2008, 01:21 ص]ـ
الحمد لله
أخي الكريم
الاشكال عندي و أخبرك بصراحة أني أرى ما يشبه التلفيق في هذه المسائل
و أعطيك على ذلك مثالا
لماذا تقرؤون العدد 700 هكذا 7 x 100
لماذا لا تقرؤونه مثلا 5 x 120
أو تقرؤونه 4 x 175
أو تقرؤونه 70 x 10
أوليس
700 = 4 x 175 = 7x 100 = 5x 120
فلماذا تختارون ما يناسبكم و تطرحون ما لا يناسبكم مع ان كلا منها هو العدد نفسه.
وقل هذا في كل ما تتوصلون اليه من النتائج ...
فالعدد الذي تجدونه في حال عدم كونه أوليا غالبا ما تكون له مضاعفات و قواسم أي أن كتابته يمكن ان تكون
بطرق عدة فمالذي يحملكم على قبول كتابة و طرح كتابة مع انهما متساويتان.
وتقبل احترامي
.
ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[04 Jan 2008, 03:31 ص]ـ
اسمح لي أخي الكريم فأنا لم أفهم اعتراضك فمزيدا من البيان وبشكل مباشر فنحن نسعى جميعا للوصول الى الحقيقة
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[04 Jan 2008, 09:47 ص]ـ
*
الحمد لله
اعتراضي أخي الكريم يعني أن القائلين بالاعجاز العددي يبحثون مثلا في ظاهرة معينة وردت في سورة ما.
ولنفترض انهم وجدوها تكررت 7 مرات.
بعدها يبحثون في ظاهرة ثانية في نفس السورة فيجدونها تكررت 70 مرة مثلا فيقولون
اذن 70 = 7 x 10
ثم يبحثون مثلا في ظاهرة ثالثة فيجدونها تكررت مثلا 700 مرة فيقولون
اذن 700 =7 x 100
و لا أدري حقيقة لماذا يصرون على الرقم 7 هنا في الظاهرة الثانية و الثالثة مع ان قواسم العدد 70 و 700
كثيرة و ليست فقط في 7 وحدها.
لماذا لا يقولون مثلا 70 = 2 x 35
او لماذا لا يقولون 70= 5 x 14
لماذا يربطون دائما النتيجة الاولى بالنتائج بعدها مع ان النتائج الاخرى لها كتابات أخرى كثيرة غير التي ذكروا.
فهذه انتقائية ظاهرة.
وحتى السور التي يتحدثون عنها و التي توصلوا فيها الى النتائج التي زعموها
لو سألتهم
ما عدد الحروف المضمومة
وماعدد الحروف المكسورة
(يُتْبَعُ)
(/)
وما عدد الحروف المفتوحة
وما عدد الحروف الساكنة
وما عدد حروف العلة
وما عدد الحروف المشددة
لو بحثوا في هذه لوجدوا قاعدتهم في الرقم 7 او 6 او 19 متخلفة ... فهم يختارون مسبقا ما يريدون.
اي انهم يصورون احصائياتهم بناء على شيء ارادوه مسبقا و الا فلن يستقيم لهم ما يقولون لو زدنا أمورا أخرى لم
يحصوها على ىالتي احصوها و ادعوا فيها الاعجاز العددي.
و الله اعلم.
*
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[04 Jan 2008, 08:49 م]ـ
الأخ عبد الله:
اعتدنا في الدراسات الجادة إثبات الأصل ثم الفرش، فالأصل أن تبدأ بتعريف الإعجاز العددي على الطريقة التي درج عليها العلماء في التعاريف من حيث اللغة والاصطلاح، ومن حيث الإفراد والتركيب الإضافي، ثم أن تأتينا بأمثلة صحيحة لما تسمية (الإعجاز العددي) لتثبت دعواك، ثم بعد ذلك نناقشك في ما تفضلت به حول قبوله أو رده، فدعوى الإعجاز العددي ما زالت بحاجة إلى بينة تثبتها؛ وإلا فأصحابها أدعياء.
وحبذا لو تكرمتم بالاطلاع على كتاب (الإعجاز العددي في القرآن بين الحقيقة والوهم) لـ فاتح حسني محمود ط دار جهينة الأردن الطبعة الأولى منه 1424.ففيه الأجوبة على م تفضلتم به مع الأمثلة أيضاً.
الأخ الفاضل مرهف:
الكتاب الذي تستشهد به اقل ما يمكن أن يوصف به أنه كتاب فارغ زاخر بالأخطاء ولا قيمة له .. بل هو إساءة فاضحة لرسائل الماجستير التي يحصل عليها البعض في الدراسات الاسلامية ..
وقد رد عليه الأخوان الفاضلان بسام جرار وصدقي البيك وكشفا عن مغالطاته وبعده عن الدقة .. المصيبة أن بعض المشايخ - ومنهم انت - يطيرون فرحا بمثل هذا الكتاب، لأنهم يتصورون ان صاحبه قد قضى على الإعجاز العددي .. ووافق ما بأنفسهم ..
الكتاب المذكور وبسبب ما وقع فيه من أخطاء صار حجة على إثبات الإعجاز العددي ...
أدعوك لقراءة مشاركاتي في الملتقى ومن ثم قد نتحاور ..
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[04 Jan 2008, 09:06 م]ـ
*
الحمد لله
اعتراضي أخي الكريم يعني أن القائلين بالاعجاز العددي يبحثون مثلا في ظاهرة معينة وردت في سورة ما.
ولنفترض انهم وجدوها تكررت 7 مرات.
بعدها يبحثون في ظاهرة ثانية في نفس السورة فيجدونها تكررت 70 مرة مثلا فيقولون
اذن 70 = 7 x 10
ثم يبحثون مثلا في ظاهرة ثالثة فيجدونها تكررت مثلا 700 مرة فيقولون
اذن 700 =7 x 100
و لا أدري حقيقة لماذا يصرون على الرقم 7 هنا في الظاهرة الثانية و الثالثة مع ان قواسم العدد 70 و 700
كثيرة و ليست فقط في 7 وحدها.
لماذا لا يقولون مثلا 70 = 2 x 35
او لماذا لا يقولون 70= 5 x 14
لماذا يربطون دائما النتيجة الاولى بالنتائج بعدها مع ان النتائج الاخرى لها كتابات أخرى كثيرة غير التي ذكروا.
في مثالك هذا لأن العدد 7 هو المشترك بين جميع الأعداد
فهذه انتقائية ظاهرة.
هذه ليست انتقائية ........
وحتى السور التي يتحدثون عنها و التي توصلوا فيها الى النتائج التي زعموها
لو سألتهم
ما عدد الحروف المضمومة
وماعدد الحروف المكسورة
وما عدد الحروف المفتوحة
وما عدد الحروف الساكنة
وما عدد حروف العلة
وما عدد الحروف المشددة
لو بحثوا في هذه لوجدوا قاعدتهم في الرقم 7 او 6 او 19 متخلفة ... فهم يختارون مسبقا ما يريدون.
اي انهم يصورون احصائياتهم بناء على شيء ارادوه مسبقا و الا فلن يستقيم لهم ما يقولون لو زدنا أمورا أخرى لم
يحصوها على ىالتي احصوها و ادعوا فيها الاعجاز العددي.
و الله اعلم.
*
أين اعتراضك؟ ولماذا تطالب بإحصاء الحروف المضمومة والمفتوحة؟ هل تريد أن يكون عددها من مضاعفات العدد 7 ليطمئن قلبك؟
افترض أنني قلت لك آية البسمللة تتألف من 19 حرفا، من بينها 9 مكررة .. وهذا من الإعجاز العددي ...
هل تريد أن تاتي آيات القرآن كلها على هذا النحو من الترتيب؟
مع احترامي لك فاعتراضك لا وجه له .. وإذا أردت أن تعترض فهات مثالا حقيقيا ...
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[05 Jan 2008, 02:51 ص]ـ
الحمد لله
طيب
على رسلك أخانا عبد الله
لا تقل العدد 7 هو المشترك بين جميع الاعداد
دع عنك كلمة جميع الاعداد فإنك كما قلت لك لم تحص جميع الظواهر
و انما انت في هذا تحصي
فإذا وافق ما وجدته قاعدتك تذكره
واذا لم يوافقها تطرحه و تهمله
والا فمالذي يجعلك تتقيد فقط بالاشياء التي توافق ما تريده
مالذي يمنعك أن تحصي عدد الضمات في الفاتحة و عدد الكسرات و عدد الياءات و عدد احرف العلة الخ
طريقتك هي كالتالي
تضع تصورا في ذهنك
ثم تبدأ في العد
ثم تطرح ما لا يستقيم مع تصورك
وتجمع ما يوافق تصورك
و الا فكما قلت لك
مالذي يجعلك تقبل كتابة عددية فيها الرقم 7 و تطرح كتابة عددية تساويها ليس فيها الرقم 7 مثلا
لا شيء يجعلك تفعل هذا الا انك تريد ان تبدو الصورة كما وضعته في ذهنك مسبقا.
و الله اعلم
.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[05 Jan 2008, 11:34 ص]ـ
[مجلسي الشنقيطي]
الحمد لله .... طيب ...
على رسلك أخانا عبد الله
لا تقل العدد 7 هو المشترك بين جميع الاعداد
دع عنك كلمة جميع الاعداد فإنك كما قلت لك لم تحص جميع الظواهر
هذا في المثال الذي أوردته أنت فقط
و انما انت في هذا تحصي
فإذا وافق ما وجدته قاعدتك تذكره
واذا لم يوافقها تطرحه و تهمله
والا فمالذي يجعلك تتقيد فقط بالاشياء التي توافق ما تريده
بالنسبة لي أخي الكريم فأنا لا أضع قاعدة ثم أبحث عما يوافقها ..
مالذي يمنعك أن تحصي عدد الضمات في الفاتحة و عدد الكسرات و عدد الياءات و عدد احرف العلة الخ
أبحاثي بعيدة عن هذا المسلك، الفكرة الأساسية لدي هي ترتيب سور القرآن .. وما تطرحه يحتاج إلى فريق وليس بمققدور فرد واحد ..
طريقتك هي كالتالي
تضع تصورا في ذهنك .. ثم تبدأ في العد
ثم تطرح ما لا يستقيم مع تصورك ... وتجمع ما يوافق تصورك
هذا الاعتراض أو ما تظنه مأخذا يشاركك فيه آخرون، وهو تصور بعيد عن الصواب ..
بالنسبة لي:
أنا لا أضع تصورا مسبقا ...
بكل بساطة أنا وأنت والجميع يعرفون أن العدد 114 عدد سور القرآن = 19 × 6 ..
انا رأيت في هذه الحقيقة معادلة ن ورأيت فيها أن: 19 - 6 = 13 وأن 13 - 6 = 7 ...
أصبح لدي العداد: 19 - 13 - 6 - 7 ..
هذه هي محاور الترتيب القرآني ..
أضفت إلى هذه الحقيقة: أن العدد زوجي وفردي (قانون الزوجية)
ومن هنا تكشفت لي أسرار كثيرة في ترتيب القرآن ..
وسأعطيك مثالا:
رأيت القرآن يبدأ بسورة عدد آياتها 7 وينتهي بسورة عدد آياتها 6 ... (المجموع 13)
هذه الملاحظة لا تحتاج إلى تصور مسبق .. أنت وانا والجميع نعرفها ..
أنا تساءلت: ما السر إن كان هناك سر؟
بعد البحث والتدبر:
اكتشفت أن الله خلق الكون في 6 أيام وورد هذا اللفظ " في ستة أيام ": في 7 آيات ..
من السهل ملاحظة أن القرآن " الكتاب المقروء " يبدأ ب 7 وينتهي ب 6 ..
وأن الكون: خلق في 6 وعدد ورود اللفظ 7 .. [خالق الكون هو منزل القرآن]
حتى هنا يمكن اعتبار هذا التوافق مصادفة ...
للتأكد من القصد في هذه الأعداد علينا المتابعة: التدبر في الآيات السبع حيث ورد العدد 6 ... ...............
النتيجة: اكتشاف ما يؤكد الظاهرة السابقة ويبتعد بها عن شبهة المصادفة ..
هذه طريقتي في البحث ..
ملاحظة مهمة للجميع:
وهنا ملاحظة مهمة احب أن أوردها هنا للجميع: رأيت البعض يتصور أن إعجاز القرآن العددي يجب أن يكون وفق قاعدة مطردة ... وقد فهمت من قولهم هذا أن تأتي الظاهرة العددية على صورة واحدة .. مثلا: أن تتكرر الأعداد على نحو تكون جميعها من مضاعفات العدد 7 مثلا ..
وهذا تصور خاطي جدا ...
لماذا؟
سورة الفاتحة عدد آياتها 7 ..
لو افترضنا ان اعداد الآيات في سور القرآن كلها جاءت من أعداد جميعها من مضاعفات العدد 7 ..
هذه الظاهرة - على افتراض حصولها - ستثير الشبهة التالية:
لقد تعمد الصحابة رضي الله عنهم حينما جمعوا القرآن أن يأتي على هذا النحو، أي أنهم حذفوا بعض الآيات في مواقع وزادوا في بعضها ودمجوا بعض الايات وقسموا بعض الآيات حتى ينتهي القرآن إلى هذه الحالة ....
[هذه الحالة هي الموجودة في الانجيل - حسب ما اطلعت عليه في أحد المواقع - تكرار للرقم 7 ... والبعض يظنه أو يقدمه على انه إعجاز، ومن الواضح انه ليس كذلك .. فالانجيل لم ينزل باللغة العربية، مما يعني أن الذين كتبوا الانجيل تعمدوا ان ياتي التدوين وفق تلك الظاهرة، ولأنهم بشر فقد جاء تصورهم للترتيب قاصرا على هذه الناحية واختيار العدد 7 مثلا نتيجة للمعروف من أن عدد السماوات 7 وعدد ايام الاسبوع 7 وغير ذلك من الظواهر المعروفة]
وملاحظة مهمة أخرى لو افترضنا أن اعجاز القرآن العددي على هذه الصورة المفترضة - والتي يطالب البعض بها - فمن السهل القول ان بامكان اي كاتب ان يحاكي هذا الترتيب .. يكتب عشرين مقالة وحينما ينتهي منها يعود فيعد كلمات كل مقالة ويجعلها من مضاعفات العدد 7، ويختار ما يريد من الكلمات ويجعلها كذلك ...
(يُتْبَعُ)
(/)
اعجاز الترتيب القرآني لا يأتي على هذه الصورة. إنه نسيج سهل ومعقد ومعقد جدا ... السورة فيه ترتبط بعلاقات متشابكة مع سور القرآن الأخرى، الترتيب في القرآن هو كالنسيج خيوطه متشابكة ...
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[05 Jan 2008, 11:47 ص]ـ
إلى الأخ الفاضل محمد جماعة:
فيما يلي إحصاء بورود كلمة القرآن، نامل ان يكون فيه فائدة ..
وأقترح أن نضيف إلى تساؤلك سؤالا آخر: هل تعني كلمة [وقرآنه] في [إن علينا جمعه وقرآنه] القرآن أم تعني: الجمع والترتيب .. ؟ قرآنه من قرن - قران - اقتران ....
إحصاء كلمة القرآن بصورها المختلفة:
كلمة " القرآن " 50 مرة
الرقم رقم الآية والسورة الآية
1 - 185 البقرة شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
2 - 82 النساء أفلا يتدبرون القرآن
3 - 101 المائدة وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن
4 - 19 الأنعام وأوحي إلي هذا القرآن
5 - 204 الأعراف وإذا قرئ القرآن
6 - 111 التوبة وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن
7 - 37 يونس وما كان هذا القرآن أن يفترى
8 - 3 يوسف بما أوحينا إليك هذا القرآن
9 - 87 الحجر ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم
10 - 91 الحجر الذين جعلوا القرآن عضين
11 - 98 النحل فإذا قرأت القرآن فاستعذ
12 - 9 الإسراء إن هذا القرآن يهدي
13 - 41 الإسراء ولقد صرفنا في هذا القرآن
14 - 45 الإسراء وإذا قرأت القرآن جعلنا
15 - 46 الإسراء وإذا ذكرت ربك في القرآن
16 - 60 الإسراء والشجرة الملعونة في القرآن
17 - 82 الإسراء وننزل من القرآن ما هو شفاء
18 - 88 الإسراء أن يأتوا بمثل هذا القرآن
19 - 89 الإسراء ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس
20 - 54 الكهف ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل
21 - 2 طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى
22 - 114 طه ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى
23 - 30 الفرقان إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا
24 - 32 الفرقان لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة
25 - 1 النمل طس تلك آيات القرآن
26 - 6 النمل وإنك لتلقى القرآن
27 - 76 النمل إن هذا القرآن يقص
28 - 92 النمل وأن أتلوا القرآن
29 - 85 القصص إن الذي فرض عليك القرآن
30 - 58 الروم ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن
31 - 31 سبأ لن نؤمن بهذا القرآن
32 - 2 يس والقرآن الحكيم
33 - 1 ص ص والقرآن ذي الذكر
34 - 27 الزمر ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن
35 - 26 فصلت لا تسمعوا لهذا القرآن
36 - 31 الزخرف وقالوا لولا نزل هذا القرآن
37 - 29 الأحقاف نفرا من الجن يستمعون القرآن
38 - 24 محمد أفلا يتدبرون القرآن
39 - 1 ق ق والقرآن المجيد
40 - 45 ق فذكر بالقرآن
41 - 17 القمر ولقد يسرنا القرآن
42 - 22 القمر ولقد يسرنا القرآن للذكر
43 - 32 القمر ولقد يسرنا القرآن للذكر
44 - 40 القمر ولقد يسرنا القرآن للذكر
45 - 2 الرحمن الرحمن علم القرآن
46 - 21 الحشر لو أنزلنا هذا القرآن
47 - 4 المزمل ورتل القرآن ترتيلا
48 - 20 المزمل فاقرءوا ما تيسر من القرآن
49 - 23 الإنسان إنا نحن نزلنا عليك القرآن
50 - 21 الانشقاق وإذا قرئ عليهم القرآن
كلمة " قرآن " 8 مرات
1 - 15 يونس ائت بقرآن غير هذا أو بدله
2 - 61 يونس وما تتلو منه من قرآن
3 - 1 الحجر الم تلك آيات الكتاب وقرآن مبين
4 - 78 الإسراء إلى غسق الليل وقرآن الفجر
5 - 78 الإسراء إن قرآن الفجر كان مشهودا
6 - 69 يس إن هو إلا ذكر وقرآن مبين
7 - 77 الواقعة إنه لقرآن كريم
8 - 21 البروج بل هو قرآن مجيد
كلمة " قرءانا " 10 مرات
1 - 2 يوسف إنا أنزلناه قرءانا
2 - 31 الرعد ولو ان قرءانا
3 - 106 الإسراء وقرءانا فرقناه لتقرأه
4 - 113 طه وكذلك أنزلناه قرءانا عربيا
5 - 28 الزمر قرءانا عربيا غير ذي عوج
6 - 3 فصلت كتاب فصلت آياته قرءانا عربيا
7 - 44 فصلت ولو جعلناه قرءانا أعجميا
8 - 7 الشورى وكذلك أوحينا إليك قرءانا عربيا
9 - 3 الزخرف إنا جعلناه قرءانا عربيا
10 - 1 الجن فقالوا غنا سمعنا قرءانا عجبا
كلمة " وقرآنه " 2 مرتان
1 - 17 القيامة إن علينا جمعه وقرآنه
2 - 18القيامة فإذا قرأناه فاتبع قرآنه
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[05 Jan 2008, 12:08 م]ـ
وضعت هذه المشاركة هنا خطا ومكانها ليس هنا ..
يمكن للأخوة المشرفين حذفها لأنني أعدت وضعها في مكانها المناسب
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[05 Jan 2008, 06:38 م]ـ
*
الحمد لله
أرجو أن تتأمل كلامي جيدا اخي
اولا يمكن لأي واحد ان يرتب كلاما معينا على نسق معين و ترتيب معين و يضبط ذلك بمثل ما تقول.
قد تقول لي ان القرآن كل لا يتجزا و لا يمكن ان يفعل ذلك بشر وهو مترابط ..... الخ
فأقول لك
الذي سيفتري مثل هذا الكلام المعجز و يضبطه بترتيب عددي معين سيقول لك كلامي أيضا معجز فهاهو ذا
الاعجاز العددي ظاهر فيه ... و لا يمكنك ان تقول ان كلامه - بحسب فهمك - ليس معجزا عدديا.
لماذا لا يمكنك نزع صفة الاعجاز من كلامه
الجواب لأنه يدعي أن فيه اسرارا اخرى لم تدركها بعد و ربما لن تدركها و لن تستطيع فك كل الالغاز العددية التي فيه.
فكما ان هناك اشياء لم تكتشف اعجازها العددي في القران فكلامي ايضا فيه اسرار اعجازية لا تنتهي و قد
كشفت لك بعضا منها.
واختصارا أقول لك
أنت لا تزعم انك أحطت بكل الاسرار العددية في القرآن.
و لا أنك ستحيط بها كلها.
علمت شيئا و غابت عنك اشياء.
والذي يرد عليك اعجازك العددي سيؤلف كلاما مرتبا على نسق مثل الذي تتحدث عنه ثم يقول لك
هذه اسرار أكشفها لك و ابحث لتكتشف البقية.
فكلامه بمنطقك معجز.
هذا هو المنطق الصحيح.
فمالذي يمنع مثل هذا?!!
هذا اولا
ثانيا
غاية ما يمكن أن يسلم لك به - جدلا - هو ان القرآن ليس من عند البشر بسبب هذا الذي تسميه اعجازا .. فأنى لك أن
ترد على من يقول من المشركين ان القرآن من املاء الجن و الشياطين ....... تعالى الله عن ذلك سبحانه.
أنت ليس عندك أي ميزان تزن به قدرات الجن الفكرية و الرياضية ..... و لا تستطيع البتة ان تنفي ذلك بإعجازك
الرياضي لأن عالم الجن غيب عنك بمخلوقاته و مقاييسه و قوانينه ... وانظر الى الشياطين في القرآن كيف يغوصون
وكيف يحملون عرش الملكة في مدة يسيرة ولولا خبر القرآن لقيل في ذلك انه من المحال ....
أنت لاتملك بإعجازك العددي ان تدافع عن القرآن فترد على المشركين الاوائل الذين قالوا ان الشياطين تنزلت
بالقرآن .... لأنك لا تملك أدوات للحكم على الجن و الشياطين هل يستطيعون شيئا او لايستطيعونه ..
ومثل هذا لا يكون اعجازا.
أيكون هذا اعجازا و لا يستطيع ان يرد شبهة مثل هذه بل لا يملك لردها سبيلا ابدا لانسداد باب الغيب عنك.
أرجو أن تتدبر كلامي جيدا و لا تحيد عن أسئلتي و الزاماتي لك.
ـ[مرهف]ــــــــ[05 Jan 2008, 08:49 م]ـ
الأخ عبد الله وفقك الله:
تمنيت لو كان جوابك علمياً بالقدر الذي تعرض نفسك به، وأن تحرر لنا تعريف الإعجاز العددي على طريقة العلماء لغة واصطلاحاً، لأن التعاريف هي تعبير عن مناهج أصحابها، والكتاب الذي ذكرته لك يظهر أنك لم تقرأه بل قرأت الرد عليه، لأنه ليس رسالة ماجستير بل بحث مقدم لاستكمال مادة الإعجاز القرآني للدراسات العليا في كلية الشريعة في الأردن، وصاحبه لما كتبه كان يعتبر "الإعجاز العددي" مسلماً به، لكنه خرج من البحث بالمعارضة له، وقد أتى على حجج المشتغلين به بأمانة، وردود بسام الجرار والآخر ليست مقنعة ولا منضبطة بأصول التفسير وقواعده.
أما وصفك لي بالشيخ فقد وصفتني بما يشرفني ولا أجد نفسي أهلاً لهذا اللقب، ولكني لم أطر بعد بهذا الكتاب لأني لا أبحث في اتجاه واحد مثلك، وقد قرأت مشاركاتك في هذا الملتقى و كررتها في ملتقيات أخرى فقرأتها مرة أخرى، ولكني لا أحاور من لا يضبط لي منهجه ويتعامل مع كتاب الله تعالى بالمصطلحات الفضفاضة وغير المقررة بالأصول الشرعية، وأصول العلم.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[05 Jan 2008, 09:58 م]ـ
الأخوان الفاضلان
المجلسي الشنقيطي
مرهف سقا
بصراحة لقد أتعبني الحوار معكما،ولا ضرورة بنا أن ندخل الجن والشياطين في حوارنا - على افتراض ان الجن والشياطين من العرب الأقحاح ذوي السليقة السليمة والقدرات الخارقة -- فوقتي لا يسمح بكل هذا الإسراف ..
ولكنني احب ان أقول لكما:
هناك من العرب من عاصر الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان على مسافة قريبة منه، يراه وربما يخاطبه، ينزل القرآن ويسمع به كل يوم، يسمع او يرى المعجزات امام عينيه، و ........................
كل ذلك لم يستطع أن يغير في فكره أو معتقده، ولم يكن كل ذلك كافيا بالنسبة له لتصديق ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ....
(يُتْبَعُ)
(/)
إلا أنني على ثقة أن من أبناء تلك الفئة من الناس وأحفادهم من آمن بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم ..
إذن لا مشكلة في الأمر، فقد يأتي غدا من أبنائكما وأحفادكما من يؤمن بالإعجاز العددي ... لأجل هؤلاء سأظل أكتب ولا يهمني أن تقبلا بالإعجاز العددي أو ترفضاه ...
مع احترامي لكما
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[05 Jan 2008, 10:44 م]ـ
في البدء أحب أن أنوه بشكرك د. عبد الله جلغوم على إيرادك (منهجك في العد) في موضوع سابق، وكنت أود أن تفرده في موضوع مستقل لنتمكن على أساسه من تحديد وجهة النقاش والحوار.
وأنا أوافقك في أنه لا ينبغي أن نتكلم إلا بكلام علمي منضبط، مع التركيز على النقاط الجوهرية المجدي بحثها والكلام فيها، والبعد عما عدا ذلك.
ولستُ الآن بصدد حديثٍ منسَّق ومحضَّر في موضوع نقد الإعجاز العددي، لكن استوقفني كلام أوردتَه هنا فأحببت أن أعرض بعض الملاحظات عليه مما هي وليدة الخاطر.
قلتَ:
رأيتُ القرآن يبدأ بسورة عدد آياتها 7 وينتهي بسورة عدد آياتها 6 ...
أنا تساءلت: ما السر إن كان هناك سر؟
بعد البحث والتدبر:
اكتشفت أن الله خلق الكون في 6 أيام وورد هذا اللفظ " في ستة أيام ": في 7 آيات ...
ثم أشرت بعد هذا المثال إلى ما يفيد أن هذه هي طريقتك في البحث والكشف عن أوجه ما يُسمى بالإعجاز العددي للقرآن الكريم، وهذا في نظري ملحظ مفصلي في القضية، ويمكن الانطلاق منه، كما ان الكلام فيه ينطبق على ما سواه من الأمثلة والتطبيقات.
يظهر جليا أن البحث هنا غير مستند على أساس علمي، بل على الظن والتخمين.
أما الظن فلأن التساؤل (ما السر؟) ليس له مسبب أصلا، إذ ليس في كون أول سورة سبع آيات، وآخر سورة ست آيات =ما يثير التساؤل والاستغراب والبحث عن نكتة، ويشعر بهذا قولك: "إن كان هناك سر" فكيف يمكن أن نجعل مثل هذا أساساً لإثبات وجه إعجازي للقرآن الكريم؟!
ولا يخفى الجميع أن كل من تكلم في الإعجاز يشترط أن يكون الوجه المعجز مبنيا على ما تحقق ثبوته، وإلا كان تقوّلا مردودا.
وأما التخمين فهو مبني على الظن السابق، فلما لم يثبت وجه معجز ملفت للنظر وخارق للعادة ابتداءً =بدأ (البحث والتدبر) أملا في إيجاد ما يلبي التساؤل المفترض (ما السر؟) ولم يكن ثَم طريق -والحال هذه- إلا التخمين والانتقاء بلا دليل "اكتشفت أن الله خلق الكون في 6 أيام ... وهذا ورد 7 مرات"!
فما السبب في هذا الانتقاء؟
وما العلاقة بين الأمرين؟
وهل يصلح مثل هذا ان يكون جواباً وكشفا للسر المختبئ؟!
ثم بعد هذا وذاك -وعلى فرض التسليم بأن هناك توافقا بين الأمرين- هل يمكن أن نجعل مثل هذا التوافق مثالا صحيحا لقضية الإعجاز العددي وإثباته؟
هل نقول: إن الله أراد هذا الترتيب وهذه الأعداد وأعجز بها الخلق؟!
المسألة تحتاج إلى تروٍ ووقوف كما هو ظاهر ..
ولها ذيول أخرى لعلها تُذكر لا حقا ..
وفقنا الله جميعا للعلم النافع والعمل الصالح
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[06 Jan 2008, 02:14 ص]ـ
الحمد لله
أخي الفاضل عبد الله جلغوم
تقبل محبتي واحترامي وتقديري لشخصك الكريم
و أرجو ألا تربط بين كلامي وانتقادي للفكرة التي تحمله وتدافع عنهاا و بين العلاقة الاسلامية بيننا و التي أمر الله
جل وعلا بالحرص على دوامها و اتصالها.
وعليه فتأكد أني لا أكن لشخصك الكريم الا الاحترام والتقدير والمحبة
فأنت دافعت عما تراه صوابا و انا مثلك
أخوك
.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[06 Jan 2008, 04:00 ص]ـ
أخي الفاضل العبادي ..
- أحب أن تضع في اعتبارك قبل كل شيء أن القرآن نزل منجما حسب الأحداث والوقائع وحاجات الناس ورتب في النهاية على نحو مغاير لترتيب النزول. هذه مسألة مهمة لا يجوز ان تغيب عن البال إذا أردنا تدبر ترتيب القرآن ..
- التساؤل عن ترتيب القرآن هل تم بالوحي ام باجتهاد الصحابة جاء بعد عصر الصحابة، فليس من المعقول ان يطرح الصحابة التساؤل عن ترتيب القرآن على أنفسهم.
- في زمن نزول القرآن كات ترتيب سور القرآن في حركة متغيرة غير ثابتة، أي كان يتشكل تبعا لنزول السور والآيات، أما ترتيبه النهائي فسيكون بعد اكتمال نزول القرآن ..
(يُتْبَعُ)
(/)
- تخبرنا الروايات ان جبريل عليه السلام كان يعين للرسول صلى الله عليه وسلم موقع السورة وموقع الآية في سورتها.وهذا يعني أن عملية الترتيب لم تترك لاجتهاد الرسول ولا للصحابة من بعده، فجبريل هو من تولاها باوامر إلهية.
- فيما بعد تضاربت الآراء والأقوال في مسألة الترتيب ومازالت الى الان ..
بالله عليك، لو سأل سائل اليوم عن ترتيب سور القرآن، وقمت انا وأنت والأخ الشنقيطي بالاجابة على تساؤله، كل منا بواحد من الآراء والأقوال التي قيلت في هذه المسألة .. فهل ستكون إجاباتنا مقنعة له؟ ألا ترى أن الاجابات الثلاث سبب كاف للتشكيك بها كلها؟
ما الحل؟ في رأيي أن الإعجاز العددي [آلية فهم ترتيب القرآن] هو الحل في هذه المسألة وأمثالها ...
الآن سأعود بك إلى المثال الذي أوردته في المشاركة السابقة:
العلاقة الرياضية بين أول القرآن وآخره محورها العددان 6و7 [الكتاب المقروء]
خلق الكون في 6 أيام، ويرد هذا العدد في القرآن 7 مرات [العلاقة الرياضية نفسها] [الكتاب المنظور]
علاقة الجمع بين العددين: 13 ....
السؤال الأول: لماذا 6 و 7 و 13؟
الجواب: العدد 114 عدد سور القرآن هو أساس العلاقات الرياضية في القرآن، فالعدد 114 = 19 × 6
19 - 6 = 13، 13 - 6 = 7، 19 = 6 + 13 ....
وحتى الآن نفترض احتمال المصادفة ...
نتدبر الآيات السبع التي ورد فيها العدد 6 ...
- نكتشف أن مجموع أرقام الآيات السبع هو: 169 أي 13 × 13 ...
كيف نفسر مجيء الآيات السبع في مواقعها المحددة في سور القرآن بحيث جاء مجموع أرقام ترتيبها من مضاعفات العدد 13 والذي هو 6 + 7 .. ؟
[الآيات السبع هي: 54 الأعراف - 3 يونس - 7 هود - 59 الفرقان - 4 السجدة - 38 ق - 4 الحديد]
ولنفترض المصادفة ثانية:
نحصي أعداد الكلمات في الآيات السبع، نكتشف ان مجموع كلماتها هو 182 أي: 14 × 13 ..
وكيف نفسر أن يأتي مجموع الكلمات من مضاعفات العدد 13 ... ؟
هل يمكن أن يتم ذلك لمجرد مصادفة أيضا ..
نحصي أعداد الآيات في السور السبع ..
المفاجأة أن مجموع اعداد آياتها هو: 619 ..
ماذا يعني هذا العدد؟ العدد 619 هو العدد 114 في ترتيب الأعداد الأولية!!!!
[تأمل هذه الأعداد: 114 = 19 × 6، أرقام الآيات 169، أعداد الآيات 619]
والمفاجأة المذهلة أيضا:
إن مجموع أرقام ترتيب السور السبع هو 192، ومجموع أرقام ترتيب الآيات السبع هو 169 ...
ما وجه الإعجاز هنا؟
إن مجموع العددين هو 361 أي: 19 × 19 .... [الفرق بين المجموعين 23]
ما أريده منك أن تفسر لي هذه الظاهرة، وهي واحدة من كثير ...... ولا تنس أن القرآن نزل منجما مفرقا حسب الأحداث والحاجات وتم ترتيبه على نحو مغاير لترتيب النزول ...
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[06 Jan 2008, 06:11 م]ـ
لقد قام العلماء منذ قرون متطاولة بعد سور القرآن الكريم وآياته وكلماته وحروفه ... وحزبوه، وحددوا النصف والربع والثمن والعشر ... وحددوا الحرف الذي يتوسط القرآن بالدقة ... حددوا حرف كذا كم تكرر مرة، والمواطن التي أثبت فيها الحرف من كلمة معينة، والمواطن التي حذف منها ....
والكلام في مثل هذا يطول، وأمثلته لا يسعها المقام، ومحلها كتب علم الرسم.
في هذا دليل على أن هذه المسألة ليست مما خفيت عليهم أو مما لم يتوفر لهم أسبابها، فهم قد كانوا أولا أقرب للوحي، ثم إنهم كانوا أكثر حفظا، وأشد حرصا، مع توفر الذكاء والنجابة والإبداع، وكانت الدولة الإسلامية في أوج ازدهارها، وكان الحرصُ على خدمة الوحيين وعلوم الإسلام جميعا =هماً تظافرت فيه جهود العلماء بمختلف مشاربهم ومواطنهم.
وقد كانوا يذكرون جملة مما يصادفهم من موافقات، يذكرونها على أنها من المُلح واللطائف، ولم يرد عن أحد منهم أن هذا يمكن أن يُبنى عليه قضية معجزة، أو أمر خارق للعادة أراده الله تعالى وأودع سره في القرآن تحديا للخلق وإبهارا.
وما أشرت إليه أخي الكريم من مصادفات يلاحظ عليها ما يلي:
1/ أن الكلام فيها كله مبني على أمور لو تخلف منها شيء لانهار البناء ولو يبق للموافقة أو المصادفة وجه، فترتيب السور، وعد الآي، واختلاف الرسم، واختلاف القراءة ... كل هذه لو أخذنا بالخلاف المعروف في أحدها لانتقضت المصادفة وتخلف الاتفاق، ولم يبق بعدها لمن أراد البحث عن أسرار =من معتمد يبني عليه.
2/ من الخطأ الجلي أن نأتي لاختيار وقول محدد في الأمور السابقة كلها، ونأخذ به، ونلغي ما سواه، ثم نقول هذا هو الوجه ولا وجه غيره، والله تعالى أراد هذا الترتيب قطعا!
3/ لو سلمنا بأن وجها من أوجه المصادفة والاتفاق يمكن أن يتأتى على قراءة محددة، فإن هذا الوجه أو هذه الأوجه ينبغي أن تكون ظاهرة واضحة يصل إليها من أرادها بأقرب طريق.
لكن الملاحظ فيما ذُكر هنا ويذكر في مواطن أخرى أن التكلف والتلفيق يظهران بجلاء لكل أحد، والكلام في وجه هذا التكلف فيه إعادة وتطويل، ولو أردتَ ذكره لذكرتُه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[06 Jan 2008, 07:23 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشايخ الفضلاء
أرجو ترك الحوار في سفسطة ومكابرة عقلية عقيمة فالقرآن أنزله الله للتدبر والتفهم لمعانيه والعمل بدلالاته
وأما ما يخالف عادة الأميين في الخطاب فلا أحد سبق إلى القول به
والإشكالات التي قلتموها وما نوقش به الأخ الفاضل من قبل في هذا المنتدى المبارك واضح
وغفر الله لأخينا كثرة المغالطة وشدة التهجم على من يعارضه
وليس هذا من مصلحة البحث العلمي ولا القرآن بحاجة إلى حجج واهية كهذه لإثباته
فهو ثابت ويقر به الموافق والمخالف له في الجملة
والله عز وجل لما احتج على المخالفين احتج عليهم بآيات ظاهرة واضحة لا ينكرها أحد
وترك إلزامهم بمقتضى أقوالهم لفسادها بنفسها
ولذا أقول لكم جميعا
شكر الله لكم حرصكم وتتبعكم للخير في مظانه
وياليت تصرفون جهدكم فيما فيه نفع لكم ولأمتكم وطلابكم
والله المستعان وعليه التكلان
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[06 Jan 2008, 08:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشايخ الفضلاء
أرجو ترك الحوار في سفسطة ومكابرة عقلية عقيمة فالقرآن أنزله الله للتدبر والتفهم لمعانيه والعمل بدلالاته
وأما ما يخالف عادة الأميين في الخطاب فلا أحد سبق إلى القول به
والإشكالات التي قلتموها وما نوقش به الأخ الفاضل من قبل في هذا المنتدى المبارك واضح
وغفر الله لأخينا كثرة المغالطة وشدة التهجم على من يعارضه
وليس هذا من مصلحة البحث العلمي ولا القرآن بحاجة إلى حجج واهية كهذه لإثباته
فهو ثابت ويقر به الموافق والمخالف له في الجملة
والله عز وجل لما احتج على المخالفين احتج عليهم بآيات ظاهرة واضحة لا ينكرها أحد
وترك إلزامهم بمقتضى أقوالهم لفسادها بنفسها
ولذا أقول لكم جميعا
شكر الله لكم حرصكم وتتبعكم للخير في مظانه
وياليت تصرفون جهدكم فيما فيه نفع لكم ولأمتكم وطلابكم
والله المستعان وعليه التكلان
بوركت أبا أيوب فقد أتيت على ما في النفس وأكثر.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[06 Jan 2008, 10:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المشايخ الفضلاء
أقول لكم جميعا
شكر الله لكم حرصكم وتتبعكم للخير في مظانه
وياليت تصرفون جهدكم فيما فيه نفع لكم ولأمتكم وطلابكم
والله المستعان وعليه التكلان
أحسنت أخي الفاضل، فهذا هو ما أريده انا أيضا.
ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[07 Jan 2008, 03:27 ص]ـ
للأسف لم نخرج من هذا الطرح بنتيجة مع أن القضية قائمة وتظهر فيها بين الفينة والأخرى أبحاث ودراسات والقرآن مطروح على الأجيال وليست هناك حدود لإعجازه
نعم قد يدعى الإعجاز في أمور قد تختلف فيها الأنظار لكن ذلك لا يمنع من الانتصار للحق ودفع الوهم ... وإلا فإن الأباطيل ستسود دون أن تجد من يتصدى لها ....
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[07 Jan 2008, 04:35 م]ـ
للأسف لم نخرج من هذا الطرح بنتيجة مع أن القضية قائمة وتظهر فيها بين الفينة والأخرى أبحاث ودراسات والقرآن مطروح على الأجيال وليست هناك حدود لإعجازه
نعم قد يدعى الإعجاز في أمور قد تختلف فيها الأنظار لكن ذلك لا يمنع من الانتصار للحق ودفع الوهم ... وإلا فإن الأباطيل ستسود دون أن تجد من يتصدى لها ....
كلام منطقي أيها الأخ الفاضل، ولكن:
لدينا في الأردن مثل يقول [عنزة ولو طارت] ..
ويبدو لي أن بعض أعضاء هذا المنتدى يقدسون هذا المثل، وقد اتخذوا منه شعارا لهم ..
أيعقل أن الأمثلة التي ذكرتها هي مجرد مصادفات كما يراها هؤلاء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أليس القرآن كلام الله؟ أيها الأفاضل ..
فكيف تزعمون أن ما يتم الكشف عنه من الترتيب المحكم جاء في كلام الله مصادفة؟
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[07 Jan 2008, 04:52 م]ـ
ما أسهل الدعاوى بغير بينات!
للأسف أخي لم تُقٍم البينة العلمية الصحيحة على ما تدعي، ولم ترُد على من يعترض، ثم تستمرئ إطلاق مثل هذا الكلام ...
أعتقد أن هناك فراغا ينبغي أن نملأه أولا بالعلم وعلى سبيل العلماء قبل الدخول في حوار قد يكون من المضيعة بذل الوقت فيه بدون ذلك ..
(وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون)
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[07 Jan 2008, 06:03 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
جزاكم الله خيرا أساتذتي الأفاضل، وقد سرني قبيل المشاركات الأخيرة قول الشيخ الحبيب عمر المقبل: " شكر الله لكم حرصكم وتتبعكم للخير في مظانه ". وهذا هو ظننا في جميع إخوتنا في الملتقى، أوليسوا أهل القرآن؟!
إلا أن قوله - حفظه الله-:"وياليت تصرفون جهدكم فيما فيه نفع لكم ولأمتكم وطلابكم؛ والله المستعان وعليه التكلان ".
فشكر الله حرصه، ولكن ما ينفع به الله الأمة والطلاب كثير، من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة، وصولا إلى علماء الأمة اليوم. ولن ينقطع إلى يوم الدين.
والقرآن الكريم قد حوى علوم الأولين والآخرين، وهو المعجزة الخالدة المتلائمة مع كل عصر ومصر، وقضية الإعجاز العددي، قضية معاصرة تحتاج إلى مزيد استقصاء وبيان حق لطلبة العلم خصوصاً بل ولبعض العلماء، ولقد مرت قضايا قديما عورضت بشدة ثم تبين مع مرور الأيام وتقدم العلم صحتها- ولا يعني هذا أني مؤيد للإعجاز العددي - إنما أنطلق من فكرة إن كتاب الله معجز على الإطلاق، فكيف لا يكون معجزا في مثل هذه القضية- ولكن أين البينة التي تدحض التشكيك، وتؤكد الطرح؟ خاصة وأننا تهنا بين تيارين متضادين: الأول يطرح وبقوة، والآخر ينفي بعنف، وودت لو خرج لنا أساتذتنا الأكارم بنتيجة مقنعة، بما لا يخرج على الحوار العلمي والطرح الموضوعي.
ومن ثم فقد كنت وقفت على مقال قبل بضعة أشهر أورده لكم - أحبتي وأساتذتي الكرام- لأستفيد من رأيكم وأنتفع وأمثالي بعلمكم، وقد أوردته خدمة قدس برس- القاهرة- بتاريخ 23 - 5 - 2007 وهو على النحو الآتي:
باحثون مصريون: القرآن يحوي “شفرة رقمية” تحميه من التحريف.
تمكن عدد من الباحثين الإسلاميين، في إحدى شركات البرمجيات المصرية، من التوصل لكشف علمي جديد، يؤكد أن القرآن الكريم نزل من عند الله تعالى يحمل “شفرة رقمية 6? على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يستحيل معها على الإنس والجان التعرض لآيات القرآن الكريم بأي تأويل أو تحريف، مصداقاً لقوله تعالى “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”، وهو ما أقره الأزهر الشريف من خلال إجازة هذا الكشف عبر اللجنة الشرعية بالأزهر. وأكد الباحثون، في بيان أصدروه أنه على مدار 11 سنة من البحث الدءوب في مقر الشركة بمدينة “سرس الليان” بمحافظة المنوفية شمال مصر، التي يرأسها رجل الأعمال الدكتور إبراهيم كامل، توصل الباحثون “لكشف الشفرات الربانية التي يخاطبنا بها الله تعالى في آيات القرآن الكريم حتى اليوم وإلى يوم القيامة”.وقالت هناء جودة سيد أحمد، نائب رئيس مجلس إدارة الشركة، توصلنا بعد 11عاماً من البحث الدءوب لفك الشفرات الربانية للقرآن الكريم، التي تركزت في رقم 19 من خلال قوله تعالى «عليها تسعة عشر» (المدثر 30).وأضافت: “حينما قرأنا الآية القائلة « .. ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيماناً ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون .. » (المدثر 30)، وجدنا مجموع حروفها «57» وأنها تقبل القسمة على «19». ثم بحثنا في ترتيب نزول سورة «المدثر» فوجدناها الرابعة، ثم السورة التالية «الفاتحة»، التي وجهنا المولى عز وجل لأن نجعلها فهرس القرآن لقوله تعالي «ولقد آتيناك سبعاً من المثاني»، فقمنا بجمع حروف القرآن والآيات الشفع والوتر، فظهرت لنا أرقام تقبل القسمة على 19، وإذا أضفنا لها مجموع حروف «بسم الله الرحمن الرحيم» (3 + 4 + 6 + 6)، فوجدناها تقبل القسمة أيضاً على 19.وتابعت هناء: “إن هذا الاكتشاف العلمي يمثل طفرة تؤكد استحالة تحريف القرآن الكريم، وإمكانية كشف حدوث أي تحريف عن طريق هذه الشفرات الربانية، وكذلك يمكن استخدامها في كشف التحريف في الكتب السماوية الأخرى، وقمنا بالفعل بتطبيق ذلك على 200 صفحة، الأولي من التوراة فوجدنا حدوث تحريف في النص، وحينما حذفت كلمة “إسحاق” ووضعنا بدلاً منها “إسماعيل”، تم ضبط الشفرة ومطابقتها للنص. نموذج رياضي معجز للقرآن الكريموأوضحت أنه ثبت لديهم يقين رياضي بالإعجاز العددي في القرآن الكريم، مما يؤكد دون أدنى شك أنه مُنزل من عند الله تعالي، ويستحيل على البشر أو الجن الإتيان بمثله، منوهة إلى أن الشفرات الربانية رجحت احتمال وجود «نموذج رياضي معجز للقرآن الكريم»، وأنهم يجرون بحوثهم حالياً لكشف أسرار هذا النموذج الرياضي. وأشارت هناء إلى أنه تم تسجيل الكشف الجديد بحقوق الملكية الفكرية الدولية، باستخدام البصمة الرقمية من خلال اللجنة الشرعية، التي يرأسها الدكتور نصر فريد واصل، مفتي الجمهورية الأسبق، وضمت الدكتور محمد الشحات الجندي العميد السابق لكلية الحقوق بجامعة حلوان، والدكتور عبد الله مبروك النجار أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، وقام بالإشراف على جميع مراحل التدقيق لجنة المصحف الشريف بمجمع البحوث الإسلامية برئاسة الدكتور أحمد المعصراوي أستاذ علوم القرآن بجامعة الأزهر، وشيخ عموم المقارئ المصرية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[08 Jan 2008, 10:21 ص]ـ
ما أسهل الدعاوى بغير بينات!
للأسف أخي لم تُقٍم البينة العلمية الصحيحة على ما تدعي، ولم ترُد على من يعترض، ثم تستمرئ إطلاق مثل هذا الكلام ...
أعتقد أن هناك فراغا ينبغي أن نملأه أولا بالعلم وعلى سبيل العلماء قبل الدخول في حوار قد يكون من المضيعة بذل الوقت فيه بدون ذلك ..
(وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون)
إذا لم تكن قادرا على ان ترى بينة واحدة في كل ما اوردته لك من أمثلة فماذا استطيع أن أفعله لأجلك؟
بودي أن أساعدك على إدراك الحقيقة، ولكنك لا تريد أن تراها او أنك تدعي ذلك، والأدهى أنك تكيل الاتهام للآخرين ...
ما الذي تأخذه علي؟
هل وجدت فيما أوردته لك مخالفة للقرآن؟ هل وجدت خطأ في ما ذكرته من إحصاءات؟
كل ما لديك - ومن يؤيدك - معارضة فارغة لا قيمة لها ..
الإعجاز العددي عندي هو " إعجاز الترتيب القرآني " وقد بينه القرآن لنا في أكثر من آية:
في قوله تعالى " ورتلناه ترتيلا " وفي قوله تعالى " إن علينا جمعه وقرآنه " وفي قوله تعالى " فصلت آياته "
ومن القدماء من يرى أن ترتيب القرآن معجز ...........................
أنا اليوم أقدم الأدلة الرياضية على ما ذهب اليه علماء من القدماء ... ما وجه الاعتراض لديك؟؟
إذا كنت تفسر الأمثلة التي اوردتها لك من باب المصادفات فهذا يعني ببساطة ان هذه المسائل وغيرها جاءت في كلام الله مصادفة ...
كما أن وجود عينين لك وانف واحد جاء مصادفة .. والكون المحكم المرتب جاء مصادفة ...
بصراحة لقد أضعت كثيرا من الوقت في حوار يمكن ان نطلق عليه " حوار الطرشان "" ..
البسملة عندي " طبعا تعرف البسملة " تلك الاية التي لم يتفق عليها العلماء منذ 14 قرنا .. نظام زاخر بالإعجاز، تختزن أربعة انظمة عددية، محاورها:
9 و 10
3 و 16
1 و 18
7و 12
وإذا قمنا بترتيب سور القرآن تنازليا سنجد أنها تخضع لهذه الأنظمة ..
أترى كم هي المسافة بيننا؟
ـ[أبو المهند]ــــــــ[08 Jan 2008, 01:38 م]ـ
الإخوة الأعزاء هداني الله وإياكم للعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل، أحييكم بتحية الإسلام التي هي السلام والمودة والرحمة، الرحمة في كل ما يتصل بأحوالنا ومن ذلك النقاش، والنقاش عندما يصل إلى درجة معينة يجب أن يتوقف احتراما للعلم وأهله، فمن غير المعقول أن نكون جميعا على السوية في كل الأمور، وعلى هذا فالمنطق يقتضي أن يعذر بعضنا بعضا فيما لم نتوافق عليه.
وموضوع الإعجاز العددي في القرآن الكريم لم ولن " الزمخشرية كما يقول مشايخنا" نتفق عليه جميعا، لأن من لديه الميول والخبرات الرياضية يظن ـ إلى درجة اليقين ـ أنه قدَّم علماً نافعا في هذا المجال، ويرى أن غيره الذي لا يعترف بما وصل إليه إنما لم يقتنع لجهله بالرياضيات.
وسيظل علماء الشريعة يرون إعجاز القرآن في وجوهه المعروفة التي تحفل بها كتب الإعجاز كثمرة من ثمار التمكن من ناصية العلوم العربية الشرعية التي تدخل دخولا أولياً في معرفة كلام الله الذي نزل بلسان عربي مبين.
ومن هنا كانت نظرتي التوفيقية بين المؤيد والمعارض تقول:
بما أن القرآن نادانا بقوله " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" ودعانا في كثير من آيه إلى التدبر فيه، فإننا نجزم بأن الأمر يتسع للرياضي وللفيزيائي، ولكل متفكر لديه الأهلية المنسبكة مع الإمكانات التي بها يغوص في درر القرآن الكريم
والأهلية أهلية علم شرعي لا يصادم قوانين اللغة العربية ولا صحيح السنة ولا آية أخرى من القرآن الكريم
كما لا يكون العلم الرياضي الحسابي ظني وإلا كان ضرره على القرآن أكثر من نفعه، وأخيرا القرآن نزل من أجل غاية الغايات وهي هداية الخلق إلى الحق ودونكم أول سورة البقرة، والله يقولا الحق وهو يهدي السبيل.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[08 Jan 2008, 03:43 م]ـ
الإخوة الأعزاء هداني الله وإياكم للعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل ... .
بما أن القرآن نادانا بقوله " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر" ودعانا في كثير من آيه إلى التدبر فيه، فإننا نجزم بأن الأمر يتسع للرياضي وللفيزيائي، ولكل متفكر لديه الأهلية المنسبكة مع الإمكانات التي بها يغوص في درر القرآن الكريم
والأهلية أهلية علم شرعي لا يصادم قوانين اللغة العربية ولا صحيح السنة ولا آية أخرى من القرآن الكريم
كما لا يكون العلم الرياضي الحسابي ظني وإلا كان ضرره على القرآن أكثر من نفعه، وأخيرا القرآن نزل من أجل غاية الغايات وهي هداية الخلق إلى الحق ودونكم أول سورة البقرة، والله يقولا الحق وهو يهدي السبيل.
لا فض فوك - أستاذي الفاضل- دخضر، فلقد عبرت عما في نفسي وأجدت، وأؤكد أن القرآن أكبر من أن يحاط وأوسع من أن يدرك مافيه، وأبعد من أن يفرغ منه، أو تحويه العقول والأفهام، فهو الكتاب الذي (لا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه) ولا تسأم أو تكل العقول من النظر فيه، أو استلهامه عندما يجد الجديد من القضايا والمشاكل، أو تنحرف الأفعال وتزل العقول.
وإني لأرجو من أساتذتي الأفاضل: الطرح الموضوعي، والاحتجاج العلمي -كما عودونا- واجتناب التجريح بالتلميح أو التصريح.
ووفق الله الجميع للوصول للحق وإظهاره، ونفع الأمة به، وصلى الله على شفيعنا الحبيب وسلم تسليما كثيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[09 Jan 2008, 01:28 م]ـ
الأخوان الفاضلان:
د. خضر
محمد عمر الضرير
جزاكما الله خيرا وبارك بكما ..
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[09 Jan 2008, 03:10 م]ـ
آمين، وإياكم أخانا الحبيب.(/)
بعض الأسئلة لو تتكرمون بالإجابة عليها
ـ[الراجية]ــــــــ[02 Jan 2008, 11:05 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيوخي الأفاضل ..
لو تتكرمون بالإجابة على هذه الأسئلة من كتاب " مختصر التبيان في آداب حملة القرآن " جزاكم الله عنا خير الجزاء.
1 - ورد في نهاية الباب السادس قول الإمام النووي رحمه الله:
"فصل
وإذا وقف القارئ فلم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه وأراد أن يسأل عنه غيره فيستحب أن يتأدب بما قاله عبد الله بن مسعود وغيره من السلف وهو يقول: طيف يقرأ كذا وكذا بل يقرأ قبل مقصوده ثم يقول: أي شيء بعد هذا؟ "
هل طيف هذا يشار به لاسم القاريء؟
وهل هذا في حال من إن كان يقرأ من حفظه ثم وقف لم يعرف الآية التالية فيسأل عنها بهذا السؤال؟
2 - جاء في الباب السابع
في آداب الناس كلهم مع القرآن
"فصل
يحرم المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق فمن ذلك أن يظهر فيه دلالة الآية على شيء يخالف مذهبه ويحتمل احتمالا ضعيفا موافقة مذهبه فيحملها على مذهبه ويناظر على ذلك مع ظهورها في خلاف ما يقول وأما من لا يظهر له ذلك فهو معذور وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال المراء في القرآن كفر قال الخطابي المراد بالمراء الشك وقيل الجدال المشكك فيه وقيل وهو الجدال الذي يفعله أهل الأهواء في آيات القدر ونحوها "
أنا أفهم العبارة لكني أريد مثالا للتوضيح لو تفضلتم.
3 - جاء في الباب التاسع:
فصل
أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه
" ويحرم بيع المصحف من الذمي فإن باعه ففي صحة البيع قولان للشافعي أصحهما لا يصح والثاني يصح ويؤمر في الحال بإزالة ملكه عنه "
هل المقصود أن تزال ملكية المصحف عن الذمي؟؟
بارك الله فيكم وجزاكم عنا خير الجزاء
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[02 Jan 2008, 01:23 م]ـ
الأخ الكريمة
إليك جواب السؤال الأول:
جاء في الإتقان؛ لجلال الدين السيوطي:
(مسئلة قال في التبيان: إذا أرتج على القارئ فلم يدر ما بعد الموضع الذي انتهى إليه فسأل عنه غيره فينبغي له أن يتأدب بما جاء عن ابن مسعود والنخعي وبشير بن أبي مسعود قالوا: إذا سأل أحدكم أخاه عن آية فليقرأ ما قبلها ثم يسكت ولا يقول كيف كذا وكذا فإنه يلبس عليه انتهى.
وقال ابن مجاهد: إذا شك القارئ في حرف هل هوبالتاء أوبالياء فليقرأه بالياء فإن القرآن مذكر وإن شك في حرف هل هومهموز أوغير مهموز فليترك الهمز وإن شك في حرف هل يكون موصولاً أومقطوعاً فليقرأ بالوصل وإن شك في حرف هل هوممدود أومقصور فليقرأ بالقصر وإن شك في حرف هل هومفتوح أومكسور فليقرأ بالفتح لأن الأول غير لحن في موضع والثاني لحن في بعض المواضع.
قلت: أخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال: إذا اختلفتم في ياء وتاء فاجعلوها ياء ذكروا القرآن.
فهم منه ثعلب أن ما احتمل تذكيره وتأنيثه مكان تذكيره أجود.
وردّ بأنه يمتنع إرادة تذكير غير الحقيقي التأنيث لكثرة ما في القرآن منه بالتأنيث نحو: {النار وعدها الله}. ...
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[02 Jan 2008, 01:26 م]ـ
وأما السؤال الثاني؛ فإليك جوابه:
يحرم المراء في القرآن والجدال فيه بغير حقّ:
من ذلك أن يظهر فيه دلالة الآية على شيء يخالف مذهبه وتحتمل احتمالا ضعيفا موافقة مذهبه فيحملها على مذهبه ويناظر على ذلك مع ظهورها في خلاف ما يقول وأما من لا يظهر له ذلك فهو معذور، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال المراء في القرآن كفر قال الخطابي: المراد بالمراء الشك وقيل:
الجدال المشكوك فيه وقيل وهو الجدال الذي يفعله أهل الأهواء عي آيات القدر ونحوها.
كما يحرم المراء في القرآن والجدال فيه بغير حق فقد صح عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال:
(المراء في القرآن كفر).
والمراء: الشك أو الجدال المشكك فيه أو هو الجدال الذي يفعله أهل الأهواء في آيات القدر ونحوها.
ولمعرفة الأدوات والعلوم التي ينبغي استيعابها لتفسير القرآن راجعي:
كتاب البرهان في علوم القرآن؛ للزركشي،
أو الإتقان في علوم القرآن للسيوطي.
ـ[الراجية]ــــــــ[02 Jan 2008, 08:37 م]ـ
بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء(/)
خطورة الولع بالتجريد والتصنيف على الدقة في تحديد مذاهب العلماء ومناهجهم ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[02 Jan 2008, 07:56 م]ـ
البحث في تحقيق تأثر العلوم الإسلامية وناقليها بالمنطق الأرسطي = بحث شائق جداً، ومرهق جداً، وموغل في القِِدم جداً، وهو فوق كل ذلك مزلة أقدام ....
والشيء الذي أردتُ الإشارة إليه الآن هو أن هذا البحث لا يكون النظر فيه بالسطحية والتجريد اللذان يتبعهما بعض الباحثين ...
فتكاد تشم من سطحيتهم هذه أن:
من تأثر بأرسطو لابد أن يصرح وينادي ويذكر أرسطو في تعداد مشايخه ومن أخذ عنه العلم ...
ومن تأثر بالمعتزلة لابد أن يطوف بعتبات واصل والهذيل والنظام والجاحظ ...
والسني سني محض دائماً ولابد ...
والمعتزلي معتزلي محض دائماً ولابد ...
فمن صحت سنيته بطل اعتزاله ...
ومن قلى المنطق وجفاه .... يستحيل عند إخواننا هؤلاء أن يتأثر به وهو لا يشعر ...
وكل ذلك من السطحية والتجريد اللذان لا يليقان بمسائل العلم ولا بدارس أحوال البشر وتقلبهم في العالمين ...
ولنضرب على ذلك مثالاً:
الإمام أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء (ت 207) ..
قال الأزهري فيه: ((كان من أهل السنة)).
وقال الجاحظ: ((دخلتُ بغداد حين قدمها المأمون سنة أربع ومائتين، وكان بها الفراء، فاشتهى أن يتعلم الكلام، ولم يكن له طبع فيه)).
وقال أحمد: ((كنتُ أحسب الفراء رجلاً صالحاً حتى رأيت كتابه في معاني القرآن)).
ويقول شيخ الإسلام في نص له يبين مراد أحمد: ((و هذا الذي قالوه له معنى صحيح و هو قول الفراء و أمثاله لكن لم يقله أحد من مفسري السلف و لهذا كان أحمد بن حنبل ينكر على الفراء و أمثاله ما ينكره و يقول كنت أحسب الفراء رجلا صالحا حتى رأيت كتابه فى معاني القرآن)).
ويقول في موضع آخر: ((هو الفراء و أمثاله ممن أنكر عليهم الأئمة حيث يفسرون القرآن بمجرد ظنهم و فهمهم لنوع من علم العربية عندهم و كثيرا لا يكون ما فسروا به مطابقا)).
وقال المرزباني عنه: ((وكان يميل إلى الاعتزال)).
وقال ابن النديم: ((كان الفراء يتفلسف في تأليفاته وتصنيفاته؛ حتى يسلك في ألفاظه كلام الفلاسفة)).
وقال ياقوت الحموي: ((وكان ... متكلماً يميل إلى الاعتزال)).
وقال السيوطي: ((وكان يحب الكلام،ويميل إلى الاعتزال)).
وكانت للفراء صلة وثيقة بالأخفش المعتزلي ....
وبعد كل ما تقدم ....
فأنت تجد في كلام الفراء اعتزاليات ....
وأنت تجد في كلام الفراء نقضاً لاعتزاليات أخرى ...
وأنت تجد في كلام الفراء موافقات كثيرة لأهل السنة ...
ما حدا ببعض الباحثين إلى عده من الأشاعرة ... رغم كون الأشعري لم يولد بعد (!!!!!!!!)
وزعم آخرون أنه توسط بين أهل السنة والمعتزلة ..
وعده آخرون مضطرب المذهب ...
وكل هذه أقوال تعوزها الدقة، وإنما أتي أصحابها من قبل حب التجريد والتصنيف ...
والفراء –ومثله كثير من أهل العلم- عالم مجتهد لم ينص على قاعدة منهجية يسير عليها في الاعتقاد تُسهل نسبته لفرقة ما، وهو في زمان لم تكن فيه اللافتات الإعلانية قد وجدت بعد ... فلا منطق أرسطو ينادي على نفسه أنا منطق أرسطو ... ولا الاعتزال ينشر علمه في صوامع وصلوات وضع خصيصاً لنشر علم المعتزلة ....
وكانت الحياة العلمية يومها في بغداد والبصرة والكوفة والحجاز ومصر والشام تموج موجاً ...
والعالم –الفراء وغيره- صاحب عقل يقابل ويحاجج ويقبل ويرفض ....
تدخل عليه الفكرة من أفكار المعتزلة فيرجحها ويقبلها وهي عنده فكرة وفقط ...
وتدخل عليه الفكرة من أفكار المعتزلة فيدحضها ويرفضها وهي عنده فكرة وفقط ...
وحتى لو نسب هذه الفكرة للمعتزلة أو غيرهم فلازالت عنده فكرة وفقط ...
يدخل عليه القياس والتعليل والحدود والتركيب .... قد يراها فلسفة ومنطقاً يروم اتباعه كم يقول الجاحظ ...
وقد لا تعدو أن تكون عنده سبيل نحوي وفقط ....
والخلاصة:
أن التجريد والتصنيف لا يسلم في كثير من الأحيان، والإصرار على الألقاب وأن يرفع الفرء على طيلسانه راية أرسطو معيب جداً ....
والأصل فيما كانت هذه صفته أن يوصف حاله في كل أحواله من غير الحرص على تصنيف ذلك تحت اسم معين ... ومن غير البحث عن العلامة التجارية المسجلة باسم أرسطو على صفحات كتب الفراء ...
للبحث والتوسع انظر: ((أبو زكريا الفراء ومذهبه في النحو واللغة)) لأحمد مكي الأنصاري، و ((مناهج اللغويين في تقرير العقيدة)) لمحمد الشيخ ...
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[02 Jan 2008, 08:36 م]ـ
فهل نرفع التصنيف والتجريد عن جميع علماء الإسلام أم عن الفراء فقط؟
وهل نعدّ أقاويلهم مناقشات لأفكار فقط، كما كانت في مجملها.
هذا حسن جدا، وأحسن منه أن يصدر عمن صنف نفسه سلفيا، فإن أهل
هذا الصنف من الناس هم أكثر الناس تصنيفا للناس،،
فعلى ذلك يكون أبو فهر صاحب إصلاح في السلفية!
لم لا؟!
اللهم أصلح المسلمين وانصرهم وانتصر بهم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[02 Jan 2008, 08:52 م]ـ
جزاكما الله خيرا. وقد تأملت هذا الأمر منذ فترة طويلة، وتوصلت إلى الخطأ المنهجي في تصنيف الناس على أساس معتقداتهم. وخلاصة رأيي الذي قد يتيسر قريبا بيانه بأدلته الشرعية والمنطقية أن معتقدات الشخص هي بمثابة البصمة التي تميزه عن باقي خلق الله أجمعين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال الجمع بين شخصين حسب معتقداتهما، فما بالك بجماعات من الناس. وغاية ما يمكن للبشر أن يصنفوا الناس حسبه هو ما ورد في القرآن الكريم من تحديد ثلاثة أصناف كبرى فقط: أهل الإيمان، أهل الكفر، أهل النفاق. أما ما هو فوق هذا التصنيف فلا يدركه بعدل وإنصاف سوى الله المتكفل بالحساب.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[02 Jan 2008, 09:22 م]ـ
والفراء –ومثله كثير من أهل العلم- عالم مجتهد لم ينص على قاعدة منهجية يسير عليها في الاعتقاد تُسهل نسبته لفرقة ما ...
هذه واحدة ....
والثانية: كلامنا عمن تعددت أفكاره وتغايرت إتجاهاته .... من غير ضابط منهجي يذكره هو أو يظهر في كلامه ظهوراً بيناً يعين على تصنيفه ...
والثالثة: كلامنا عن الولوع بالتجريد والتصنيف لا عن أصل التجريد والتصنيف فهو حتم لازم ...
أما من صرح بكونه أشعري ....
أو ظهر الاعتزال في كلامه وغلب عليه ....
فأنى لنا أن نرفع عنه ما أثبته لنفسه ...(/)
سؤال: متى بدأت تسمية القرآن بمسمى (القرآن)؟
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[02 Jan 2008, 08:40 م]ـ
قرأت في تعريف القرآن:
القرآن في لغة العرب: مصدر كالقراءة، ومعناه الجمع، وسمي القرآن الذي أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم قرآنا لأنه يجمع السور ويضمها. وهذا التعريف أصح مما اختاره الشافعي أن (القرآن) اسم جامد كالتوراة والإنجيل، وكان لا يهمزه، على قراءة ابن كثير المكي.
وقد رغبت في معرفة تأريخ أول ظهور للفظ (القرآن) في الوحي، فبحثت عن هذه اللفظة في المصحف، فوجدتها وردت في 32 موضعا:
1. شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (البقرة - 2 - الآية: 185)
2. أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا (النساء - 4 - الآية: 82)
3. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (المائدة - 5 - الآية: 101)
4. قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (الأنعام - 6 - الآية: 19)
5. وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (الأعراف - 7 - الآية: 204)
6. وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (يونس - 10 - الآية: 37)
7. وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (يونس - 10 - الآية: 61)
8. نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (يوسف - 12 - الآية: 3)
9. إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (يوسف - 12 - الآية: 2)
10. وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (الرعد - 13 - الآية: 31)
11. الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (الحجر - 15 - الآية: 91)
12. فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (النحل - 16 - الآية: 98)
13. إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (الإسراء - 17 - الآية: 9)
14. وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا نُفُورًا (الإسراء - 17 - الآية: 41)
(يُتْبَعُ)
(/)
15. وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (الإسراء - 17 - الآية: 45)
16. وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا (الإسراء - 17 - الآية: 46)
17. وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلا طُغْيَانًا كَبِيرًا (الإسراء - 17 - الآية: 60)
18. وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا (الإسراء - 17 - الآية: 82)
19. قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (الإسراء - 17 - الآية: 88)
20. وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلا كُفُورًا (الإسراء - 17 - الآية: 89)
21. أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (الإسراء - 17 - الآية: 78)
22. وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا (الكهف - 18 - الآية: 54)
23. مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (طه - 20 - الآية: 2)
24. وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (طه - 20 - الآية: 113)
25. وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (الفرقان - 25 - الآية: 30)
26. قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (الزمر - 39 - الآية: 28)
27. كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (فصلت - 41 - الآية: 3)
28. وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ (فصلت - 41 - الآية: 44)
29. وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (الشورى - 42 - الآية: 7)
30. إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (الزخرف - 43 - الآية: 3)
31. قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (الجن - 72 - الآية: 1)
32. بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (البروج - 85 - الآية: 21)
سؤالي:
من خلال ترتيب النزول، يبدو أن أول ظهور للفظ (القرآن) في الوحي هو الآية 21 من سورة البروج. فهل هذا صحيح؟
وهل يمكن، بناء على ذلك، أن نحدد تاريخ ظهور هذا اللفظ بتاريخ نزول سورة البروج (لم أجد في ما تيسر لدي من الوقت تحديد سنة نزولها)؟
كما أرجو معرفة كيف كان النبي (ص) يعرّف السور التي تنزل عليه قبل نزول هذه السورة؟ وكيف يميز بينها؟ وهل كان يستعمل لفظ (الوحي) فقط لتعريفها؟
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[03 Jan 2008, 01:02 ص]ـ
[محمد بن جماعة;
قد رغبت في معرفة تأريخ أول ظهور للفظ (القرآن) في الوحي، فبحثت عن هذه اللفظة في المصحف، فوجدتها وردت في 32 موضعا:
الأخ الفاضل محمد بن جماعة:
ورد لفظ قرآن - القرآن في المصحف: 58 مرة، وقرآنا 10 مرات ..
انظر المعجم المفهرس ص 529 ..
مع التحية.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[03 Jan 2008, 01:51 ص]ـ
بل ورد لفظ القرآن في المصحف الشريف 69 مرة.
18 مرة منها بدون ال التعريفية وهي: 1 - يونس:15، 2 - يونس: 61، 3 - يوسف: 2، 4 - الرعد:31، 5 - الحجر:1، 6 - الإسراء:78، 7 - الإسراء:106، 8 - طه:113، 9 - يس:69، 10 - الزمر:28، 11 - فصلت:3، 12 - فصلت:44، 13 - الشورى:7، 14 - الزخرف:3، 15 - الجن:1، 16 - القيامة:17، 17 - القيامة:18، 18 - البروج:21.
ومن ثم فقد ذُكر 51 مرة بأل التعريفية، وسرد ذلك يطول.
إلا أني على استعداد تام لسردها في حال رغب إخوتي الأكارم في ذلك.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[03 Jan 2008, 03:27 ص]ـ
ورد لفظ القرآن بجميع صوره 70 مرة وليس 69 حسب المعجم المفهرس ص 539/ 540
القرآن: 50
قرآن: 8
قرآنا: 10
قرآنه: 2
المجموع: 70
الأخ محمد عمر الضرير:
بل ورد لفظ القرآن في المصحف الشريف 69 مرة.
ومن ثم فقد ذُكر 51 مرة بأل التعريفية، وسرد ذلك يطول.
إلا أني على استعداد تام لسردها في حال رغب إخوتي الأكارم في ذلك
...
الإحصاء الذي أتيت به ليس صحيحا
المسألة الان بينك وبين المعجم المفهرس، أيكما أصح ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[03 Jan 2008, 07:35 ص]ـ
أحسن الله إليكما. ويبدو أنني لم أقم بعد كامل الاشتقاقات، وسأعيد ذلك بإذن الله. وفي الحقيقة، ليس هذا هو مرادي من السؤال، وإنما مرادي معرفة تأريخ ظهور لفظ القرآن في الوحي.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[03 Jan 2008, 05:28 م]ـ
جزاك الله خيرا أستاذ عبد الله جلغوم: وللأسف ليس بين يدي الآن المعجم المفهرس، وطالما قد إطلعت عليه فهو كما قلت - أستاذي الفاضل- ومن ثم فأني متأكد أن ورود لفظ " القرآن" معرفا جاء ذكره 51 مرة وليس0 5 مرة كما جاء في المعجم المفرس- رغم دقته - وحبذا لو ذكرت لنا -جزاك الله خيرا- المواضع العشرين المتبقية.
وليعذرنا الشيخ محمد بن جماعة لو خرجنا عن موضوعه الأصلي، ونرجو أن نكون بخروجنا هذا قدمنا فائدة وأكملنا معلومة لم يتقصاها الشيخ محمد،وننتظر الإجابة عن السؤال المطروح من قبله من علمائنا في ملتقانا المبارك، ووفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[05 Jan 2008, 12:04 م]ـ
إلى الأخ الفاضل محمد جماعة:
الأخ الفاضل محمد عمر:
فيما يلي إحصاء بورود كلمة القرآن، نامل ان يكون فيه فائدة ..
وأقترح أن نضيف إلى تساؤلك سؤالا آخر: هل تعني كلمة [وقرآنه] في [إن علينا جمعه وقرآنه] القرآن أم تعني: الجمع والترتيب .. ؟ قرآنه من قرن - قران - اقتران ....
إحصاء كلمة القرآن بصورها المختلفة:
كلمة " القرآن " 50 مرة
الرقم رقم الآية والسورة الآية
1 - 185 البقرة شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
2 - 82 النساء أفلا يتدبرون القرآن
3 - 101 المائدة وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن
4 - 19 الأنعام وأوحي إلي هذا القرآن
5 - 204 الأعراف وإذا قرئ القرآن
6 - 111 التوبة وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن
7 - 37 يونس وما كان هذا القرآن أن يفترى
8 - 3 يوسف بما أوحينا إليك هذا القرآن
9 - 87 الحجر ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم
10 - 91 الحجر الذين جعلوا القرآن عضين
11 - 98 النحل فإذا قرأت القرآن فاستعذ
12 - 9 الإسراء إن هذا القرآن يهدي
13 - 41 الإسراء ولقد صرفنا في هذا القرآن
14 - 45 الإسراء وإذا قرأت القرآن جعلنا
15 - 46 الإسراء وإذا ذكرت ربك في القرآن
16 - 60 الإسراء والشجرة الملعونة في القرآن
17 - 82 الإسراء وننزل من القرآن ما هو شفاء
18 - 88 الإسراء أن يأتوا بمثل هذا القرآن
19 - 89 الإسراء ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس
20 - 54 الكهف ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل
21 - 2 طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى
22 - 114 طه ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى
23 - 30 الفرقان إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا
24 - 32 الفرقان لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة
25 - 1 النمل طس تلك آيات القرآن
26 - 6 النمل وإنك لتلقى القرآن
27 - 76 النمل إن هذا القرآن يقص
28 - 92 النمل وأن أتلوا القرآن
29 - 85 القصص إن الذي فرض عليك القرآن
30 - 58 الروم ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن
31 - 31 سبأ لن نؤمن بهذا القرآن
32 - 2 يس والقرآن الحكيم
33 - 1 ص ص والقرآن ذي الذكر
34 - 27 الزمر ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن
35 - 26 فصلت لا تسمعوا لهذا القرآن
36 - 31 الزخرف وقالوا لولا نزل هذا القرآن
37 - 29 الأحقاف نفرا من الجن يستمعون القرآن
38 - 24 محمد أفلا يتدبرون القرآن
39 - 1 ق ق والقرآن المجيد
40 - 45 ق فذكر بالقرآن
41 - 17 القمر ولقد يسرنا القرآن
42 - 22 القمر ولقد يسرنا القرآن للذكر
43 - 32 القمر ولقد يسرنا القرآن للذكر
44 - 40 القمر ولقد يسرنا القرآن للذكر
45 - 2 الرحمن الرحمن علم القرآن
46 - 21 الحشر لو أنزلنا هذا القرآن
47 - 4 المزمل ورتل القرآن ترتيلا
48 - 20 المزمل فاقرءوا ما تيسر من القرآن
49 - 23 الإنسان إنا نحن نزلنا عليك القرآن
50 - 21 الانشقاق وإذا قرئ عليهم القرآن
كلمة " قرآن " 8 مرات
1 - 15 يونس ائت بقرآن غير هذا أو بدله
2 - 61 يونس وما تتلو منه من قرآن
3 - 1 الحجر الم تلك آيات الكتاب وقرآن مبين
4 - 78 الإسراء إلى غسق الليل وقرآن الفجر
5 - 78 الإسراء إن قرآن الفجر كان مشهودا
6 - 69 يس إن هو إلا ذكر وقرآن مبين
7 - 77 الواقعة إنه لقرآن كريم
8 - 21 البروج بل هو قرآن مجيد
كلمة " قرءانا " 10 مرات
1 - 2 يوسف إنا أنزلناه قرءانا
2 - 31 الرعد ولو ان قرءانا
3 - 106 الإسراء وقرءانا فرقناه لتقرأه
4 - 113 طه وكذلك أنزلناه قرءانا عربيا
5 - 28 الزمر قرءانا عربيا غير ذي عوج
6 - 3 فصلت كتاب فصلت آياته قرءانا عربيا
7 - 44 فصلت ولو جعلناه قرءانا أعجميا
8 - 7 الشورى وكذلك أوحينا إليك قرءانا عربيا
9 - 3 الزخرف إنا جعلناه قرءانا عربيا
10 - 1 الجن فقالوا غنا سمعنا قرءانا عجبا
كلمة " وقرآنه " 2 مرتان
1 - 17 القيامة إن علينا جمعه وقرآنه
2 - 18القيامة فإذا قرأناه فاتبع قرآنه
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[05 Jan 2008, 08:17 م]ـ
أستاذي الفاضل عبد الله جلغوم:
تبين لي بعد التدقيق خطأي في الإحصاء، وأن ما ورد في المعجم المفهرس صحيح لا خطأفيه، وأنتم على صواب فسامحوني وتقبلو عذري الشديد، وزادكم الله حرصا وأنار بصيرتكم، وجزاكم الله خيرا.
وأقترح أن نضيف إلى تساؤلك سؤالا آخر: هل تعني كلمة [وقرآنه] في [إن علينا جمعه وقرآنه] القرآن أم تعني: الجمع والترتيب .. ؟ قرآنه من قرن - قران - اقتران ....
فمن حيث الرسم واللفظ فهي واضحة، وأما من حيث المعنى فقد تعددت أقوال العلماء ولم تختلف الا من ناحية الألفاظ، ولم يبتعد المعنى عن القراءة (الاستماع) وجري القرآن على لسانه صلى الله عليه وسلم (حفظه)،ثم (الكلمة الأخرى) اتباعه والعمل بما فيه.
قال شيخ المفسرين ابن جرير:"وقوله: {إنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرآنَهُ} يقول تعالى ذكره: إن علينا جمع هذا القرآن في صدرك يا محمد حتى نثبته فيه {وقُرآنَهُ} يقول: وقرآنه حتى تقرأه بعد أن جمعناه في صدرك. ...
ثم يقول": وكان آخرون يتأوّلون قوله: {وَقُرآنَهُ} وتأليفه. وكان معنى الكلام عندهم: إن علينا جمعه في قلبك حتى تحفظه، وتأليفه.
فيورد أقوال من قال ذلك نحو قوله:" حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {إنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وقُرآنَهُ} يقول حفظه وتأليفه.
ثم يبين أن اختلافهم من حيث الإرجاع للمصدر في قوله:" وكأنّ قتادة وجَّه معنى القرآن إلى أنه مصدر من قول القائل: قد قَرَأَتْ هذِ الناقةُ في بطنها جَنيناً، إذا ضمت رحمها على ولد، كما قال عمرو بن كلثوم:
ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أدْماءَ بِكْرٍ ... هِجانِ اللَّوْنِ لمْ تَقرأ جَنِينايعني بقوله: «لم تقرأ»: لم تضمّ رحماً على ولد. وأما ابن عباس والضحاك فإنما وجها ذلك إلى أنه مصدر من قول القائل: قرأت أقرأ قرآنا وقراءة.
ثم يتناول الآية الكريمة الموالية ويبين ما فيها من اختلاف أهل التأويل -وإن كان كما أشرت- مرجحا ما ذهب إليه بقوله:" وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك قول من قال: فإذا تُلي عليك فاعمل به من الأمر والنهي، واتبع ما أُمرت به فيه، لأنه قيل له: {إن علينا جمعه} في صدرك {وقرآنه} ودللنا على أن معنى قوله: {وقُرآنَهُ}: وقراءته، فقد بين ذلك عن معنى قوله: {فإذَا قَرأناهُ فاتَّبِعْ قُرآنَهُ ثُمَّ إنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ} يقول تعالى ذكره: ثم إن علينا بيان ما فيه من حلاله وحرامه، وأحكامه لك مفصلة.
وبارك الله فيكم وعلمكم، ووفقنا جميعا لما يحبه ويرضاه.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[06 Jan 2008, 07:40 ص]ـ
1 - من خلال الآيات المذكورة هل يمكن القول إن أول ظهور للفظ (القرآن) في الوحي كان في سورة البروج؟
2 - في أي سنة نزلت سورة البروج؟
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[03 Jun 2009, 09:01 م]ـ
سؤالي:
من خلال ترتيب النزول، يبدو أن أول ظهور للفظ (القرآن) في الوحي هو الآية 21 من سورة البروج. فهل هذا صحيح؟
وهل يمكن، بناء على ذلك، أن نحدد تاريخ ظهور هذا اللفظ بتاريخ نزول سورة البروج (لم أجد في ما تيسر لدي من الوقت تحديد سنة نزولها)؟
كما أرجو معرفة كيف كان النبي (ص) يعرّف السور التي تنزل عليه قبل نزول هذه السورة؟ وكيف يميز بينها؟ وهل كان يستعمل لفظ (الوحي) فقط لتعريفها؟
للتذكير.
أرجو الجواب.
ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[03 Jun 2009, 09:54 م]ـ
الأستاذ الفاضل ..
سؤالكم مهم، وأعتقد أن الجواب يعترضه مشكلة الحسم في ترتيب السور والآيات حسب النزول، للأسف أن الدراسات القرآنية المهتمة بأسماء القرآن وأوصافه (مثل دراسة عمر الدهيشي) لم تشر إلى أول استخدام لكلمة القرآن، وحتى الدراسات الاستشراقية - مثل دراسة دانييل ماديغان (الصورة الذاتية للقرآن: الكتابة والسلطة في كتاب الإسلام المقدس-2000) - أهملت هذا السؤال، ولا أدري إن كان هذا ينطبق على موسوعة القرآن التي طبعت في السنوات القليلة الماضية.
ولربما تكون دراسة خمساوي الخمساوي (أسماء القرآن الكريم في القرآن) أو دراسة محمد جميل غازي (أسماء القرآن في القرآن) أو محمد الراوي (حديث القرآن عن القرآن) قد أشارت إلى ذلك.
من جهة ثانية السؤال عن أول استعمال لاسم "القرآن" استدعى في ذهني السؤال عن تاريخ أول استعمال لاسم "المصحف" أيضاً.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[03 Jun 2009, 09:59 م]ـ
الأستاذ الفاضل ..
سؤالكم مهم، وأعتقد أن الجواب يعترضه مشكلة الحسم في ترتيب السور والآيات حسب النزول، للأسف أن الدراسات القرآنية المهتمة بأسماء القرآن وأوصافه (مثل دراسة عمر الدهيشي) لم تشر إلى أول استخدام لكلمة القرآن حتى الدراسات الاستشراقية - مثل دراسة دانييل ماديغان (الصورة الذاتية للقرآن: الكتابة والسلطة في كتاب الإسلام المقدس-2000) - أهملت هذا السؤال، ولا أدري إن كان هذا ينطبق على موسوعة القرآن التي طبعت في السنوات القليلة الماضية.
لا أدري اذا كانت دراسة خمساوي الخمساوي (أسماء القرآن الكريم في القرآن) أو دراسة محمد جميل غازي (أسماء القرآن في القرآن) أو محمد الراوي (حديث القرآن عن القرآن) قد أشارت إلى ذلك
من جهة ثانية السؤال عن أول استعمال لاسم "القرآن" استدعى في ذهني السؤال عن تاريخ أول استعمال لاسم "المصحف" أيضاً.
جزاكم الله خيرا على الإحالات. وأرجو المساعدة ممن اطلعوا عليها لمعرفة ذلك.
والسؤال عن استعمال لفظ (المصحف) ايضا هام جدا.
تحياتي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[03 Jun 2009, 10:03 م]ـ
يوجد رابط ذو صلة بالموضوع وإن لم يجب على هذه التساؤلات:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10200
والأستاذ عمر الدهيشي عضو في الملتقى، وارجو أن يفيدنا في الموضوع.
وهنا أيضا:
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=13670
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[03 Jun 2009, 11:09 م]ـ
إذا أردنا بكلمة (المصحف) كلام الله تعالى المجموع بين دفتين؛ فإن هذه التسمية لم تظهر إلا في عهد الصديق، فهو أول من جمع القرآن الكريم بين دفتين، وأصبح (المصحف) علَماً بالشهرة على كتاب الله تعالى بعد ذلك.
أما من حيث الإطلاق العام، فإن لفظة (المصحف) مأخوذة من جمع الصحف، فكل ما جمع بين دفتين فهو مصحف، وعليه تفهم بعض الروايات التي يرد فيها ذكر مصحف فلان أو فلان من الصحابة، فإنها مجاميع لكتب تضم شيئا من كتاب الله ومن التفسير وحديث رسول الله وغيره.
ولكن -كما سبق- أصبحت هذه الكلمة خاصة بالقرآن الكريم بعد جمع أبي بكر الصديق، بل أصبحت مرادفة للقرآن الكريم، فإذا قيل: المصحف، انطلق الذهن إلى القرآن الكريم دون سواه.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[03 Jun 2009, 11:14 م]ـ
الإخوة الأفاضل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فضل العلم ـ كما قال الشاطبي رحمه الله تعالى ـ لكونه وسيلة إلى العمل.
وكل علم ليس له ثمرة تعود على صاحبه بالنفع في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما معاً فلا حاجة إليه.
وأنا أسأل ما هي الثمرة من وراء معرفة متى أطلق لفظ القرآن على القرآن؟
أرجو أن أجد عند أحدكم إجابة
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[عبدالرحمن الحاج]ــــــــ[04 Jun 2009, 01:44 ص]ـ
عندما نحدد تاريخا معيناً لظهور مصطلح ما فإنه لا بد أن نقوم بأمرين في الوقت نفسه:
الأول: ان نثبت عبر نص منقول بأن هذا المصطلح وجد في ذلك الوقت
الثاني: أن نثبت أنه لم يرد قبل ذلك الوقت
ولصديقنا الدكتور الشهري إجابة مفيدة في تاريخ مصطلح "المصحف":
"قال الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن (1/ 377): (ذكر المظفري في تاريخه: لَمَّا جَمعَ أبو بكر القرآنَ قال: سَمُّوهُ. فقال بعضُهم: سَمُّوهُ إِنْجيلاً. فَكرهوه. وقال بعضُهم: سَمُّوهُ السِّفْرَ. فكرهوه مِن يهود. فقال ابنُ مَسعودٍ: رأيتُ للحَبَشَةِ كِتَاباً يدعونهُ المُصْحَفَ، فسمُّوهُ بهِ).
فهذه الرواية إن صحت تدل على أن صاحب الرأي بتسمية المصحف بهذا الاسم هو عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، وقد وافقه الصحابة واستمر إلى اليوم. وكلام ابن مسعود يدل على أن التسمية حبشية الأصل، غير أني لم أجد من ذكر كلمة مصحف في كتب (المُعَرَّب) في اللغة مثل الجواليقي والمُحبي وغيرهم، وذلك لأن أصل الكلمة وهي مادة (صحف) عربية معروفة"
ونقل عن بعض أئمة اللغة ما يفيد استحداث المصطلح ونفي معرفة العرب به قبل عهد الصديق رضي الله عنه
غير أن الدكتور الشهري يلفت الانتباه إلى حدود وثاقة النص بملاحظته التي يوردها على النص المنقول، ولربما من المفيد إضافة ملاحظة أخرى وهي أن نفي ورود "المصحف" في الشعر الجاهلي وما هو منقول من كلام العرب قد لا يفي به النقل عن أهل المعاجم، وعلى هذا الأساس الأمر يحتاج لمزيد من البحث.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[04 Jun 2009, 01:54 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة المزمل نزلت قبل سورة البروج في عامة الآثار المروية في ترتيب نزول سور القرآن كالآثار المروية عن ابن عباس وأثر عكرمة والحسن البصري وأثر قتادة والزهري وجابر بن زيد، وإن كان قد وقع الخلاف فيها هل نزلت قبل المدثر أو بعدها
وابن حجر له استشكال على ترتيب سورة المزمل وحله يستدعي بحثاً مبسوطاً
وقد ورد ذكر القرآن في سورة المزمل في قوله تعالى: (ورتل القرآن ترتيلا)
وهي قبل سورة البروج بغير خلاف أعلمه بين العلماء
وأما لفظ المصحف فقد روى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن ابن عمر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى أن يُسافر بالمصحف إلى أرض العدو.
بلفظ المصحف
ورواه مالك والبخاري ومسلم بلفظ: (بالقرآن) وبوب عليه عدد من الأئمة النهي عن السفر بالمصحف إلى أرض العدو
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[04 Jun 2009, 01:59 ص]ـ
أحسن الله إليكما (عبد العزيز وعبد الرحمن).
نقول مفيدة.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[04 Jun 2009, 07:30 م]ـ
روى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن ابن عمر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى أن يُسافر بالمصحف إلى أرض العدو.
بلفظ المصحف
ورواه مالك والبخاري ومسلم بلفظ: (بالقرآن) وبوب عليه عدد من الأئمة النهي عن السفر بالمصحف إلى أرض العدو
هذه الرواية تدل على أن هذه الكلمة كانت مما يتداول ويطلق على كل ما كتب عليه قرآن، ولكنها لا تدل على ما اصطلح عليه في عهد الصديق من إطلاق كلمة (المصحف) مرادفة لـ (القرآن).(/)
إشكال حول آيتين واحدة في السجدة و الأخرى في المعارج
ـ[ابن هاشم]ــــــــ[02 Jan 2008, 10:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
المشايخ الأجلاء؛ قال الله تعالى في سورة السجدة:
{يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}
وقال في سورة المعارج: {تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ} الآية
فكيف يتم الجمع بين الآيتين؟؟
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[02 Jan 2008, 10:33 م]ـ
الآية الأولي هي الآية 5 من سورة السجدة
جاء في تفسير الجلالين
يدبر الأمر من السماء إلى الأرض} مدة الدنيا {ثم يعرج} يرجع الأمر والتدبير {إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون} في الدنيا
وفي سورة {سأل} خمسين ألف سنة وهو يوم القيامة
ـ[اسلام1]ــــــــ[02 Jan 2008, 10:33 م]ـ
اخي الفاضل
يقول الامام ابو يحيى زكريا الانصاري رحمه الله تعالى
أن المراد باليوم هنا مدة عروج الله تعالى -اي عروج امره وتدبيره- من الارض الى الساء الدنيا، وبه تم عروج الملائكة من الارض الى العرش.
أو ان المراد في الموضعين "يوم القيامه" ومقداره الف سنة من حساب اهل الدنيا، اذا تولى الحساب فيه الله تعالى، وخمسين الف سنة لو تولى فيه الحساب غير الله تعالى.
او المراد أنه كالف سنة في حق خواص المؤمنين، وخمسين الف سنة في حق عوامهم.
أو المراد انه كالف سنة في حق المؤمن، وخمسين الف سنة في حق الكافر.
لكن الاظهر والله اعلم أن القيامة مواقف ومواطن، فيها خمسون موطنا، كل موطن الف سنة فيكون طوله باجمعه خمسون الف سنة، ولكن هذا اليوم الشديد العصيب يخف على المؤمنين، حتى يكون اخف عليهم من صلاة مكتوبة.
ـ[ابن هاشم]ــــــــ[02 Jan 2008, 10:56 م]ـ
الأخوان الكريمان مصطفى سعيد، و إسلام 1
جزاكما الله خيراً و بارك فيكما(/)
القرآن الكريم ولفظ اللغة
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[03 Jan 2008, 12:55 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
لفت انتباهي موضوع الأخ الفاضل أبو فهر السلفي المدون على هذا الرابط ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10514) ولقد هممت بالمشاركة والإسهام، إلا أني توقفت وقد بدأت في تحرير الكلام، وبدا لي أن أفرد الموضوع بحديث مستقل، لكوني سأتناوله من ناحية تأصيلية، مبتدأ بقول القرآن فيه، معرجا على ذكر كلام العرب الذين نزل القرآن بلسانهم، وفي الحقيقة لا أختلف مع أبي فهر كثيرا وأشكره على موضوعه وكل من أفادنا بمشاركته فيه. والفضل للمتقدم كما قيل.
وبالنسبة لتخطيء الجصاص - رحمه الله- بقولكم: " فقول الجصاص وغيره إن لفظ اللسان وضع في أصل اللغة لذلك اللحم الذي في الفم وهو حقيقة في ذلك اللحم مجاز في غيره، وهو يدل على ذلك اللحم من غير قرينة ولايدل على الكلام الذي يُنطق به إلا بقرينة كل ذلك زعم باطل لا حجة لهم به ".
ففي ذلك نظر؛ فالقسم الأول من كلامه صحيح لا بس فيه ولا يعارضه أحد، أما القسم الثاني فأعتقد - والله أعلم - أن مادعاه لذلك هو ما اشتهر من الاهتمام الكبير من جانب المعتزلة بالمجاز، وما يقابله من موقف يصل إلى حد الإنكار له من جانب أهل السنة - رحمهم الله جميعا- وقوله هذا لا أستطيع دفعه، وكذلك لا أقبله كلية دون تفصيل، والأمر يحتاج إلى تحقيق وتدقيق من أهل العلم ولست منهم؛ لكن ما أحسبه صحيحا أن كلا الأمرين صحيح: فاللسان هو الجارحة المعروفة، وهو كذلك اللغة دونما الحاجة إلى تصنيف مجازيته من عدمه (والأمر منظور للعلماء في الملتقى).
والذي يهمني في هذه المشاركة هو أن القرآن الكريم لم يستخدم لفظة " لغة" مطلقا (واستخدم الجذر (ل غ و) , إحدى عشرة مرة على ثلاث صور: فعل أمر في صيغة الجمع (مرة واحدة) اسم فاعل بصيغة المؤنث (مرة واحدة) , (والمصدر, لغو) (تسع مرات). وإنما استخدم في كثير من الآيات المصطلح "لغو"، الذي يشير بدلالته إلى ما لا فائدة فيه من الكلام أو الساقط منه، قال الراغب:" ويستعمل اللغو فيما لا يُعْتَدُّ به، ومنه اللغو في الأيمان. أي: ما لا عَقد عليه، وذلك ما يجري وصلا للكلام بضرب من العادة. قال تعالى {لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ} (البقرة: 225) ومنه أخذ الشاعر فقال:
ولستَ بمأخوذ بلغو تقوله * إذا لم تعمّد عاقدات العزائم ". (مفردات الراغب مادة (لغو).
ومتى أراد القرآن التعبير عن اللغة العربية وغيرها يستخدِم مصطلح"اللسان" (وقد ورد في القرآن التنصيص على ذلك في أربعة عشر موضعا كالآتي: المائدة:78، إبراهيم:4، النحل:103، مريم:50، مريم:97، طه:27، الشعراء:13، الشعراء:84، الشعراء:195، القصص: 34، الدخان:58، الأحقاف:12، القيامة:16، البلد: 9). "فاللسان أصدق وأدق من اللغة في الإفصاح والبيان عن المكنون الذاتي للمتكلم " - كما يقول أستاذنا الدكتور فريد الأنصاري- (انظر مفهوم العالميةص75)؛ فمثلا في قوله تعالى {لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} النحل103 يقول أبو حيان:" واللسان في كلام العرب اللغة" (البحر المحيط: 519/ 5).
والمُلاحظ: أن العرب لم تستخدم لفظة " لغة " إلا بمعنى اللهجة في استخدامها المعاصر، فتقول: لغة طئ، وقريش، وقيس، وكنانة، وبكر، وتغلب، وربيعة، ومضر، وتميم، وغطفان .. الخ (انظر أمثلة (النوع السابع والثلاثون: فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز) من الإتقان:/1 190 - 193. ومن مجمل كل الأمثلة المتعددة لا تجد سوى نص واحد مخالف عن الحسن بقوله: اللهو بلسان اليمن المرأة، والنادر لا حكم له، بل ولعل من رواه عنه نقله بمعناه فَغَيَّرَهُ من غير - قصد، إذ من غير المعقول أن يجهل الحسن الفرق بين اللغة واللسان). وعندما تتحدث عن اللغة بمعناها الشامل والمحدد لجنس من الناس، فإنها تستخدم التعريف بـ" اللسان "، فتقول لسان عربي، وحبشي، وفارسي، ورومي، وسرياني، وعجمي عموما (.مثلا / قولهم: غساق: البارد المنتن بلسان الترك؛ انظر الإتقان:197/ 1. أو المنسأة:العصا بلسان الحبشة؛ ومُزجاة: قليلة بلسان العجم، وقيل بلسان القبط. انظر الإتقان:199/ 1 .. الخ).
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو ما راعاه القرآن في استخدامه، ولعل في ذلك تأكيد على عربية القرآن، وأنه استخدم الألفاظ والمعاني بحسب الاستعمال العربي في الكلام والأساليب.
وعليه فنحن في حاجة إلى تعميم ذلك في استعمالنا لهذا المصطلح بصورة أكثر من مصطلح اللغة، كون مدلوله قاصرا عن المدلول القرآني في مصطلح (اللسان).
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[03 Jan 2008, 08:05 ص]ـ
استقراء القرآن يختلف عن استقراء لغة العرب.
فالأول سهل يستطيعه كل أحد، والثاني صعب جدا، لا يستطيعه إلا الأئمة الفحول، والاستقراء مسلم لأهل الاستقراء.
فإن قلنا: القرآن لم يستعمل لفظة (اللغة) بمعنى (اللسان) فهذا صواب.
ولكن هل يبيح لنا هذا أن نقول: أن استعمال (لغة) بمعنى (اللسان) لا يوجد في كلام العرب؟
الجواب لا؛ لأن كثيرا من كلام العرب لا يوجد في القرآن، بل كثير من الألفاظ المتواترة في كلام العرب لا توجد في القرآن، وقد ذكر بعضها السيوطي في المزهر.
والناظر في كلام العرب يجدهم استعملوا (اللغة) بمعنى (اللسان)، واستعملوا (اللسان) أيضا بمعنى (اللغة) التي هي اللهجة في الاستعمال المعاصر.
والذي يظهر للناظر أصلا أن العرب لم تكن تفرق بين (اللسان) بمعنى لغة قوم، وبين (اللسان) بمعنى كلام العرب عموما، فعندهم لغة قريش ولغة هذيل وأيضا لغة الحبشة ولغة السودان وغير ذلك.
وكذلك فعندهم لسان قومي ولسان جرهم، ولسان تميم ونحو ذلك، كما عندهم لسان الترك وغيره.
ونفي مثل هذه الأمور صعب جدا؛ لأنه كلية سالبة.
أما الإثبات أو نقض هذه الكلية السالبة فيكفي فيه ذكر شاهد واحد يدل على خلافها.
فإذا أضفنا إلى ذلك أن هذا الأمر موضع إجماع من أهل العلم لم يخالف فيه أحد منهم ظهر لنا أن هذا النفي لا يصح ولا يجوز إطلاقه.
الشافعي رحمه الله استعمل اللغة بمعنى اللسان، وقتادة رحمه الله فسر اللسان باللغة، وغير هذين كثير.
فإذا كان هؤلاء الأئمة أخطئوا في ذلك فإما أن نقول: إن خطأهم هذا ظل مخفيا حتى عرفناه نحن الآن، وفي هذا القول ما فيه.
وإما أن نقول: إن خطأهم هذا قد عرفه أهل العلم في زمنهم وبعد زمنهم، وحينئذ يلزمنا أن نذكر من من أهل العلم عرف ذلك أو أشار إليه، ولم أجد ذلك فيما وقفت عليه، فإن كان عند أحد علم في ذلك فليتحفنا.
فإذا افترضنا أنه لم يوجد أحد ينكر ذلك عليهم، ظهر لنا بجلاء أن إنكار مثل هذا لا يسوغ.
والله أعلم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[03 Jan 2008, 08:37 ص]ـ
وقد فسر أهل العلم قوله تعالى: {بلسان قومه} أي بلسان قريش، وهذا يدل على أن اللسان عندهم يطلق على اللهجة أيضا.
وبوب البخاري في صحيحه (باب نزل القرآن بلسان قريش)، ثم ذكر أثر عثمان بن عفان: إذا اختلفتم في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم.
وهذا شديد الوضوح في أن اللسان معناه اللهجة.
وقوله تعالى: {واختلاف ألسنتكم} يشمل اختلاف لغات العالم، وكذلك يشمل اختلاف اللهجات، كما صرح بذلك المفسرون.
فقصر معنى (اللسان) على لغات العالم فقط خطأ واضح.
فالخلاصة أن إطلاق (اللسان) يشمل اللهجة ويشمل اللغة، و (اللغة) أيضا تشمل اللسان واللهجة.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[03 Jan 2008, 02:35 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
ينظر تحرير أصل مادة (اللغة) في التفسير اللغوي للشيخ المفيد أبي عبد الملك رفع الله قدره.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[03 Jan 2008, 05:55 م]ـ
جزاك الله خيرا يا أبا مالك وأشكر لك مشاركتك واهتمامك بالتصويب، وأود أن أنبه أن ملاحظتي اعتمدت على الغالب،والقليل لا يؤخذ به كما هو معلوم، ولو استقرأت الموضوع لتبين لك ذلك بجلاء، ثم أننا اتفقنا في بيت القصيد كما يقال ولو بإشارة منك في أن اللسان أشمل ومدلوله أكبر، وهذا هو الأهم والذي أحرص على أن يتم توسيعه في خطاباتنا وتعليم إجيالنا، كون الاستخدام القرآني لم يتجاوزه، ولإن القرآن نزل بلسان عربي مبين، مع عدم إغفال الوضع اللغوي وقت تنزل القرآن، ووفق الله الجميع لكل خير.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[03 Jan 2008, 06:01 م]ـ
وفقك الله وسدد خطاك
اتساع مفهوم اللسان كما تفضلت لا أنازعك فيه، ولكن النزاع مع من يقول: (اللسان لا يطلق على اللهجة) لأن في ذلك مخالفة صريحة لما ورد عن الصحابة أن القرآن نزل بلسان قريش.
واستعمال اللغة بمعنى اللسان واللسان بمعنى اللغة ليس بقليل في كلام العرب، ويؤيد ذلك إجماع أهل العلم على ذلك.
وخلو القرآن من لفظة (اللغة) لا يعني أنها قليلة؛ لأن كثيرا من ألفاظ العرب وتراكيبها لا يوجد في القرآن مع أنه كثير في كلام العرب.
والله أعلى وأعلم.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[03 Jan 2008, 06:46 م]ـ
أبو مالك العوضي;48861] وفقك الله وسدد خطاك
اتساع مفهوم اللسان كما تفضلت لا أنازعك فيه، ولكن النزاع مع من يقول: (اللسان لا يطلق على اللهجة) لأن في ذلك مخالفة صريحة لما ورد عن الصحابة أن القرآن نزل بلسان قريش.
واستعمال اللغة بمعنى اللسان واللسان بمعنى اللغة ليس بقليل في كلام العرب، ويؤيد ذلك إجماع أهل العلم على ذلك.
آ مين وإياك أخي الحبيب.
كما أني لا أخالفك في استعمال اللسان بمعنى اللغة والعكس، ولكن الفرق أن استعمال اللغة مكان اللسان قليل، وليس العكس صحيحا. كما بيَّنَّاه سابقا.
وحبذا لو تثبت لنا - كي نستفيد - ما ذكرته من إجماع اهل العلم مفصلا إن أمكن، ولا عدمنا علمكم، وجزاكم الله عنا كل خير.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[06 Jan 2008, 07:48 ص]ـ
وفقك الله
نحن اتفقنا الآن على أن استعمال (اللسان) بمعنى اللغة والعكس موجود في كلام العرب، وهذه نقطة وفاق جيدة.
ونقطة الخلاف بيننا في الكثرة والقلة، وهذه المسألة قد يكون الخلاف فيها واسعا، ولكن أحب أن أسأل سؤالا:
ما المراد بالكثرة والقلة؟ هل المراد مثلا أن استعمال اللغة 40% واستعمال اللسان 60%؟
إن كان هذا هو المقصود، فخلافنا لفظي أو يكاد؛ لأن كل شيء في لغة العرب - وحتى في القرآن - تستطيع تصنيفه بهذه الطريقة إن استطعت الاستقراء، وستجد كثيرا من ألفاظ القرآن كذلك؛ لأن القرآن أحيانا يستعمل استعمالين أحدهما أكثر من الآخر.
أما إن كنت تقصد بالقلة والكثرة أن استعمال اللغة نادر لا يكاد يذكر، واستعمال اللسان هو الكثير الشائع الفاشي جدا في كلام العرب، فهذا هو الخطأ الذي أزعم أنه لم يقل به أحد من أهل العلم.
لم أقف على عالم واحد ممن صنف فيما يتعلق بالقرآن زعم هذا الزعم، فإن كان أحد قد وقف فليتفضل بذكره مشكورا.
وبغض النظر عن ذلك، فبالتتبع والنظر تجد عشرات العلماء المعروفين المشهورين المشهود لهم بأنهم أئمة في هذا المجال قد استعملوا هذين الاستعمالين، ولم يفرقوا بينهما، مثل الخليل وأبي عمرو وأبي عبيد وابن قتيبة وابن فارس والأزهري وغيرهم كثير جدا.
فحتى لو افترضنا أن بعض الناس فرق هذا التفريق فسيكون قولا شاذا مخالفا لباقي كلام أهل العلم، والشاذ لا عبرة به.
1 - يستعمل الطبري وغيره من أهل العلم كثيرا قولهم (العلم بلغة العرب) أو (العلماء بلغة العرب) وإنكار شهرة هذا الاستعمال لا يمكن، وغاية ما يمكن أن يقال: إن هذا الاستعمال منهم بعد عصور الاحتجاج.
وهذا إنما يقال عند عدم شهرة الكلام، أما عند الشهرة والاستفاضة البالغة مبلغ التواتر، فهو يغني عن النقل، مع أن النقل أيضا موجود.
وإذا سألنا من يقول إن هذا لحن لم تعرفه العرب عن أول من استعمل هذا الاستعمال (الملحون) فسيكون بين أمرين: إما أن ينكر كل ما ورد عن أهل العلم في عصور الاحتجاج كما سيأتي، وإما أن يدعي أن هؤلاء جميعا قد لحنوا، ويدعي أيضا أنهم مع لحنهم لم يجدوا عاقلا عارفا واحدا يصوب لهم هذا اللحن.
2 - عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: ابلعي ماءك: اشربي بلغة الهند
3 - عن الضحاك أنه قال: إستبرق: الديباج الغليظ بلغة العجم
4 - في مسائل نافع بن الأزرق عن ابن عباس أنه قال: حوبا إثما بلغة الحبشة
5 - عن ابن عباس قال: السجل بلغة الحبشة الرجل
6 - عن وهب بن منبه قال: ما من اللغة شيء إلا منها في القرآن شيء، قيل: وما فيه من الرومية؟ قال: فصرهن يقول قطعهن.
7 - عن سعيد بن جبير قال: القسطاس بلغة الروم الميزان
8 - عن مجاهد قال: المشكاة الكوة بلغة الحبشة.
9 - عن داود بن أبي هند قال: يحور: بلغة الحبشة يرجع، ومثله عن عكرمة وابن عباس.
10 - عن سعيد بن جبير قال: يس: يا رجل بلغة الحبشة
وغير ذلك كثير تجده مبثوثا في كتب التفسير، ويمكنك الرجوع إلى النوع الثامن والثلاثين من الإتقان للسيوطي.
ومن شواهد ذلك في كلام العرب قول أمية بن أبي الصلت:
والوحش والأنعام كيف لغاتها ........................ والعلم يقسم بينهم ويبدد
وفي الطبري: (لغات أحياء من قبائل العرب مختلفة الألسن)
وفيه أيضا: (لا تدافع بين جميع أهل المعرفة بلغات العرب وألسنها)
وفيه أيضا: (فنقول الآن .... بأي ألسن العرب أنزل: أبألسن جميعها أم بألسن بعضها؟ إذ كانت العرب وإن جمع جميعها اسم أنهم عرب، فهم مختلفو الألسن بالبيان)
وفيه أيضا: (صح وثبت أن الذي نزل به القرآن من ألسن العرب البعض منها دون الجميع، إذ كان معلوما أن ألسنتها ولغاتها أكثر من سبعة)
والله تعالى أعلم.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[06 Jan 2008, 08:41 م]ـ
بارك الله فيك أخي الحبيب وأقدر لك هذا المجهود الطيب وهمتك العالية عموما.
ولكونك لا تختلف معي في اتساع مفهوم اللسان، وأنه هو الأشمل، وهذا لا شك ليس بغائب عن علماء الأمة سلفا و خلفا، ومن ثم يمكنك تصور كم سيكون كم الأمثلة في ذلك.
ثم يا أخي الكريم يقول الخالق عز وجل {لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ} النحل103، أترى الخالق سبحانه استخدم لفظ اللسان وأعرض عن اللغة وهما مستويان في الدلالة؟! أم أنه - وكما تعلم- أن القرآن نزل بالأفصح والأشهر، وهل تجد في القرآن الكريم ذكر اللسان بمعنى اللهجة أم بمعنى لغة شعب من الشعوب المتباينة؟! أفنتبع اختيار القرآن أم أقوال الإنسان؟!
أما قولك سابقا:" وقد فسر أهل العلم قوله تعالى: {بلسان قومه} أي بلسان قريش، وهذا يدل على أن اللسان عندهم يطلق على اللهجة أيضا.
وبوب البخاري في صحيحه (باب نزل القرآن بلسان قريش)، ثم ذكر أثر عثمان بن عفان: إذا اختلفتم في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم".
فمن الطبيعي قول ذلك لأن لسان قريش يمثل اللسان العربي أكثر من غيره - لما تعلمه وإخوتنا في الملتقى من أسباب ذلك- فكأن لسان قريش هو الممثل للسان العربي في قمة فصاحته قاطبة.
ومربط الفرس والذي أردت الوصول إليه منذ البداية ولم تخالفني فيه - كما ذكرت- إتساع مدلول اللسان، ومن ثم فعندما نطلق هذا اللفظ على لغة خاصة وأقوام مختلفة في الدين والعرق والثقافة الخ، فهذا هو الدقيق والأصح تلاءما مع الاستخدام القرآني الذي نزل بلسان عربي مبين جريا على أساليب العرب في الخطاب.
وعليه يطلق لفظ اللغة على ما دون ذلك كقضية اللهجات في الاصطلاح المتأخر.
ودعني أسالك - أخي العزيز- أنت بشخصك الكريم إذا تحدثت عن لغة قوم آخرين كالروم أو الفرس أو اليونان في بحث لك شرعي،هل ستصف لغتهم بقولك: لسان الفرس أو الروم الخ؟ أم أنك تفضل القول: لغة كذا؟!
وفقني الله وإياك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[06 Jan 2008, 09:47 م]ـ
وفقك الله
عندما قال الصحابة في تفسير قوله تعالى: {بلسان قومه} أي بلسان قريش، هل كانوا يعنون أن لسان قريش يعبر عن اللسان العربي عموما؟ أو لأن لسان قريش يعبر عن لسان العرب أكثر من غيره؟
أراك يا أستاذي الكريم قد انطلقت في فهم هذا الأثر انطلاقا عكسيا من مفهوم معين لديك، فأردت أن تفهم النص بناء عليه، وهذا خطأ منهجي لا ينبغي أن يقع فيه الباحث.
فالأثر الذي رواه البخاري رحمه الله واضح الدلالة في أن المقصود أن القرآن نزل بلسان قريش دون لسان غيرهم من العرب، وبغض النظر عن وجود لغات قبائل أخرى في القرآن، فإن المراد من الأثر واضح، وهو أنهم عند الاختلاف في كتابة ألفاظ القرآن يكتبونها بلسان قريش، وهذا واضح جدا في أن المراد به ألسنة القبائل المختلفة.
وأما قولك:
(((أترى الخالق سبحانه استخدم لفظ اللسان وأعرض عن اللغة وهما مستويان في الدلالة؟! أم أنه - وكما تعلم- أن القرآن نزل بالأفصح والأشهر، وهل تجد في القرآن الكريم ذكر اللسان بمعنى اللهجة أم بمعنى لغة شعب من الشعوب المتباينة؟! أفنتبع اختيار القرآن أم أقوال الإنسان؟)))
فأقول:
ذكرت سابقا أنه لا يشترط أن يكون المذكور في القرآن أفصح من غيره، بل قد يستويان في الفصاحة، وقد يختلفان مع فصاحة كل منهما، ولذلك يستعمل القرآن ألفاظا في موضع ويستعمل غيرها في موضع آخر في نفس القصة، مثل (انفجرت) و (انبجست) وغير ذلك كثير، ولم يقع في القرآن النداء بالهمزة وهو فصيح اتفاقا.
ولو سلمنا أن لفظ اللسان استعمل في القرآن دون اللغة لسبب، فلا نسلم أن هذا السبب هو أن اللسان أفصح من اللغة، بل قد يكون السبب أن اللسان أدق في المقصود وأقرب إلى المراد، وقد يكون السبب أن هذه هي لغة قريش، وقد يكون السبب غير ذلك، فلا حاجة لحصر السبب في الفصاحة، وحتى لو كان السبب هو الفصاحة فلا يلزم من فصاحة لفظ أن غيره خطأ أو نادر أو شاذ، بل قد يكون صحيحا فصيحا وإن كان دون غيره.
وقد استعمل النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من الألفاظ والتعبيرات التي لم ترد في القرآن وهو أفصح العرب، كما في حديث (حمدك واسترجع) فإن الفصيح المذكور في القرآن (قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) ولم يقل: (استرجعوا) أفترى أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل لفظا غير فصيح لأن ما ورد في القرآن بخلافه؟!
وأما أن القرآن فيه ذكر اللسان بمعنى اللهجة، فقد قدمت ذكر الأثر الذي في صحيح البخاري، وهو واضح الدلالة في أن المراد اللهجة، ولو لم يكن في الباب غيره لكفى، فما بالك وفي الباب كثير من الآثار عن السلف.
وأما أننا نتبع اختيار القرآن أم أقوال الإنسان، فنحن نتبع القرآن ولا شك، ولكن من الذي يبين لنا المراد من القرآن؟ ومن الذي يشرح لنا معاني القرآن؟ لا سيما وقد اختلفنا الآن في بيان المراد، فإذا لم يكن أهل العلم الذين أفنوا أعمارهم في خدمة هذا الدين بهذه المنزلة فمن يكون؟
وأما سؤالك عني إذا أردتُ التعبير عن لغة قوم آخرين، فسأستعمل لفظ (اللغة) ولفظ (اللسان) على حد سواء؛ وهذا ما كنت أفعله بالفعل في مدوناتي وبحوثي من قبل؛ لأن هذا ما جرى عليه أهل العلم قديما وحديثا، وأتمنى أن أجد عن واحد منهم خلاف ذلك حتى أعرف أني مخطئ.
وأشكر لكم سيدي الفاضل سعة صدركم وحواركم المثمر، وجزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالغني الكعبوني]ــــــــ[07 Jan 2008, 02:02 ص]ـ
حفظك الله أبا مالك وسدد خطاك:
فكيف توجه قولك:" فالأثر الذي رواه البخاري رحمه الله واضح الدلالة في أن المقصود أن القرآن نزل بلسان قريش دون لسان غيرهم من العرب، وبغض النظر عن وجود لغات قبائل أخرى في القرآن" وقولي:" فمن الطبيعي قول ذلك لأن لسان قريش يمثل اللسان العربي أكثر من غيره " مع قول الحق عز وجل {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ ... } إبراهيم4، المؤطر بقوله تعالى {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} الشعراء195.
ثم كيف تقول:" وأما أن القرآن فيه ذكر اللسان بمعنى اللهجة، فقد قدمت ذكر الأثر الذي في صحيح البخاري، وهو واضح الدلالة في أن المراد اللهجة، ولو لم يكن في الباب غيره لكفى، فما بالك وفي الباب كثير من الآثار عن السلف. فهل التنصيص والتفسير لا فرق بينهما. وهل هذا المنهج سليم.؟!!
أما قولك:" حتى أعرف أني مخطئ". فما خطأتك في شئ - أيها الشيخ الفاضل- ولا خلاف جوهري بيننا، ولو أفترضناه حتى، لن نحيد عن قول الإمام الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"!! وقوله أيضًا: "والله، لوددت لو أن الله يظهر الحق ولو على لسان خصمي"؛ فما بالك وفضيلتك وصاحبك، في حوار شيق نهدف من خلاله إلى الخروج بفائدة لعل أحدهم يطلع عليها ويدعو لنا في ظهر الغيب.
وعموما ولما كان الخلاف بسيطا ولكوننا متفقين في كبريات هذا الموضوع، فإني أتوجه إليك بجزيل الشكر وفائق الإحترام، على إثرائك هذا الموضوع، فجزاك الله خيرا وبارك في علمك وعملك. ووفقنا لما يحبه ويرضاه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[07 Jan 2008, 02:05 ص]ـ
حفظك الله أبا مالك وسدد خطاك:
فكيف توجه قولك:" فالأثر الذي رواه البخاري رحمه الله واضح الدلالة في أن المقصود أن القرآن نزل بلسان قريش دون لسان غيرهم من العرب، وبغض النظر عن وجود لغات قبائل أخرى في القرآن" وقولي:" فمن الطبيعي قول ذلك لأن لسان قريش يمثل اللسان العربي أكثر من غيره " مع قول الحق عز وجل {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ ... } إبراهيم4، المؤطر بقوله تعالى {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} الشعراء195.
ثم كيف تقول:" وأما أن القرآن فيه ذكر اللسان بمعنى اللهجة، فقد قدمت ذكر الأثر الذي في صحيح البخاري، وهو واضح الدلالة في أن المراد اللهجة، ولو لم يكن في الباب غيره لكفى، فما بالك وفي الباب كثير من الآثار عن السلف. فهل التنصيص والتفسير لا فرق بينهما. وهل هذا المنهج سليم.؟!!
أما قولك:" حتى أعرف أني مخطئ". فما خطأتك في شئ - أيها الشيخ الفاضل- ولا خلاف جوهري بيننا، ولو أفترضناه حتى، لن نحيد عن قول الإمام الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"!! وقوله أيضًا: "والله، لوددت لو أن الله يظهر الحق ولو على لسان خصمي"؛ فما بالك وفضيلتك وصاحبك، في حوار شيق نهدف من خلاله إلى الخروج بفائدة لعل أحدهم يطلع عليها ويدعو لنا في ظهر الغيب.
وعموما ولما كان الخلاف بسيطا ولكوننا متفقين في كبريات هذا الموضوع، فإني أتوجه إليك بجزيل الشكر وفائق الإحترام، على إثرائك هذا الموضوع، فجزاك الله خيرا وبارك في علمك وعملك. ووفقنا لما يحبه ويرضاه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[07 Jan 2008, 02:07 ص]ـ
ومعذرة على الخطأ الفني في دخول التعليق السابق باسم زميلي الكعبوني.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[07 Jan 2008, 06:44 ص]ـ
أحسن الله إليك يا شيخنا الفاضل
لم أفهم المراد من مشاركتكم الأخيرة، فهلا أوضحت المطلوب؟
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[07 Jan 2008, 11:45 ص]ـ
فالخلاصة أن إطلاق (اللسان) يشمل اللهجة ويشمل اللغة، و (اللغة) أيضا تشمل اللسان واللهجة.
نريد تحديد واحدا يشمل الآخر، أما القول أن اللسان يشمل اللغة واللغة تشمل اللسان فيه شيء ما
مسألة " لسان قومه " يعني قريش إذن هو لسان قرشيّ وليس عربيّ
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[07 Jan 2008, 05:19 م]ـ
أبو مالك العوضي: أحسن الله إليك يا شيخنا الفاضل
وإياك شيخنا الحبيب، مع التأكيد أن صاحبك ليس بشيخ، بل طالب علم عادي.
لم أفهم المراد من مشاركتكم الأخيرة، فهلا أوضحت المطلوب؟
مثل فضيلتكم بقليل من التمعن تفهم مرادي. وليس سوى ردود على طرحكم أو ردكم السابق علي.
ثم - أخي الحبيب - لا تكلف نفسك في الخروج عن ظاهر الألفاظ فيها، فلا إشارات أو باطن تعمدته بها.
وحتى لو غضضت الطرف عنها، أو أرحت البال منها، فلا ضير، إلا إذا أصررت على إفادتنا بمعلومات جديدة، فيا حبذا، وهكذا عودتنا. بارك الله فيك.
وكما أسلفت فلا كبير خلاف يستحق كثرة الوقوف عنده، وأنار الله بصيرتكم، وسدد خطاكم، ووفقني وإياكم لخدمة كتابه الكريم، وبارك في هذا الملتقى المبارك والقائمين عليه، لما يفتحه من آفاق رحبة في مجال علم كتاب الله ودينه العظيم، وما يتيحه من حوارات ماتعة مفيدة، ووفق الله الجميع لكل خير.(/)
مشروع إعداد المفسر (علم الصرف)
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[03 Jan 2008, 07:10 ص]ـ
الحمد لله الفتاح العليم، والصلاة والسلام على الرسول الكريم أما بعد:
فمن المطالب المهمة لطالب علم التفسير أن يكتسب العلوم والمهارات التي تعينه على اكتساب ملكة التفسير، وتعينه على تمييز الأقوال الصحيحة من الخاطئة في التفسير بالحجة والبرهان.
وقد كان هذا الأمر (إعداد المفسر) مشروعاً علمياً وحلماً طموحاً أسعى لتحقيقه منذ زمن، وكنت أسعى لإعداد مشاريع علمية تعين على تحقيق هذا المشروع العظيم الذي أرجو أن يكون له آثار عظيمة في نشر العلم النافع والدعوة بالقرآن العظيم على مراد الله جل وعلا ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد قطعت في هذا المشروع شوطاً لا بأس به، وأنهيت غالب مراحل التخطيط ولا زال قابلاً للإضافة، وبدأت التنفيذ منذ زمن على روية، وأحب أن أتباحث معكم أيها الفضلاء في تفاصيل هذا المشروع لعل الله تعالى يعين على إتمامه ويبارك فيه، وينتفع به طلاب علم التفسير.
وأنا أحب من الإخوة أن ينبهوني على ما يرون من الملاحظات أو الانتقادات حتى أستدرك ما يحتاج إلى استدراك.
وقد يكون من غير المناسب أن يطرح المشروع جملة فيضيع جملة لتشعب النقاش.
فلعلي أبدأ بحلقات فيه أخصص لكل حلقة موضوعاً محدداً تتم مناقشته، ونستفيد من آرائكم ونقدكم، بارك الله فيكم.
ولا مانع من قطع بعض الحلقات بمواضيع أخرى لغرض التنويع وإذهاب سآمة الرتابة في الطرح.
ولذلك سأذكرها غير مرتبة الأبواب، وبعضها في العلوم وبعضها في المهارات وأقتصر في كل موضوع على مثالٍ أو مثالين حتى لا يكثر الكلام فيملّ.
وأنا أعتذر لكم بادئ الأمر لأني أكتب بعيداً عن مكتبتي وليس لدي إلا محفوظاتي الإلكترونية، مما تم من مجمع التفاسير وغيره وفيه جملة صالحة من الأمثلة لعلها تفي ببيان المراد.
وهذا الموضوع في أهمية علم الصرف للمفسر.
وهو علم جليل القدر عظيم النفع قل من يعتني به، وهو معين على استنباط معانٍ صحيحة ربما لم يطرقها المفسرون، ومعين على معرفة بعض الأقوال الخاطئة في التفسير.
وسأذكر لكم مثالاً يوضح أهمية علم الصرف في تمييز بعض الأقوال الخاطئة في التفسير.
ففي معنى قوله تعالى: (يتساءلون) في سورة النبأ ثلاثة أقوال للمفسرين حسبما اطلعت عليه
وسأذكر لكم أولا ً هذه الأقوال، ثم أذكر ما له صلة بهذه المسألة من كلامهم في إعراب الآية معزواً ومرتباً حسب التسلسل التأريخي
ثم أعقب ذلك بمبحث في علم الصرف في معاني صيغة (تَفَاعَلَ) في كلام العرب، وتعدي هذه الصيغة ولزومها، وأثر دراسة هذا المبحث في معرفة القول الضعيف في الآية.
وقد أرفقت الملف ليقرأه من كان حريصاً على جودة التنسيق ممن كانت لديه الخطوط المستخدمة فيه.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[03 Jan 2008, 07:16 ص]ـ
التفسير
معنى قوله تعالى: {يتساءلون}
القول الأول: يتساءلون: أي يسأل بعضهم بعضا
قالَ أَبُو الْمُظَفَّرِ مَنْصُورُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمْعَانِيُّ (ت:489هـ): (ومعنى {يَتساءَلُون} أي: يَسألُ بعضُهم بعضًا). [تفسير القرآن: 6/ 135]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت:538هـ): ({يَتَسَاءَلُونَ}: يَسْأَلُ بعضُهم بعضاً، أو يَتَسَاءَلُونَ غيرَهم مِن رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنينَ، نحوَ: يَتَدَاعَوْنَهُم ويَتَرَاءَوْنَهم). [الكشاف: 6/ 294]
قالَ فَخْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرَّازِيُّ (ت:604هـ): (التساؤُلُ هو أن يَسألَ بعضُهم بعضًا، كالتقابُلِ). [مفاتيح الغيب: 31/ 4]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القُرْطُبِيُّ (ت:671هـ): (والمعْنَى: عنْ أيِّ شيءٍ يَسْأَلُ بعْضُهُمْ بَعْضًا؟). [الجامع لأحكام القرآن: 19/ 169 - 170]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ النَّسَفِيُّ (ت:710هـ): ({يَتَسَاءَلُونَ}: يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَوْ يَسْأَلُونَ غَيْرَهُمْ مِنَ المُؤْمِنِينَ). [مدارك التنزيل:3/ 1914]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بْنَ جَزِيٍّ الكَلْبِيُّ (ت:741هـ): (ومعناه: يَسألُ بعضُهم بعضًا). [التسهيل: 172]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت:1250هـ): (وَالمعنَى: عَنْ أيِّ شيءٍ يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً). [فتح القدير: 5/ 515]
(يُتْبَعُ)
(/)
قالَ مُحَمَّد صِدِّيق حَسَن خَان القنوْجِيُّ (ت:1307هـ): (وَالمعنَى: عَنْ أيِّ شَيْءٍ يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً). [فتح البيان: 15/ 27]
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُصْطَفَى المَرَاغِيُّ (ت:1371هـ): ({عَمَّ} أي: عن أَيِّ شَيْءٍ {يَتَساءَلُونَ} أي: يَسْأَلُ بَعْضُهم بَعْضًا). [تفسير المراغي: 30/ 4]
القول الثاني: {يتساءلون} أي يتحدثون، وإن لم يكن من بعضهم لبعض سؤال
قالَ يَحْيَى بْنُ زِيَادٍ الفَرَّاءُ: (ت:207هـ): (وَيُقَالُ: عَمَّ يَتَحَدَّثُ بِهِ قُرَيْشٌ فِي الْقُرْآنِ؟ ثُمَّ أَجَابَ، فَصَارَتْ: عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ؟ كَأَنَّهَا فِي مَعْنَى: لأيِّ شَيْءٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْقُرْآنِ؟). [معاني القرآن: 3/ 227]
قالَ أَبُو اللَّيْثِ نَصْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ (ت:375هـ): (ويقالُ: معناه: عن ماذا يَتحَدَّثونَ؟ وعن أيِّ شيءٍ يَتحدَّثونَ؟). [بحر العلوم: 3/ 438]
قالَ فَخْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرَّازِيُّ (ت:604هـ): (التساؤُلُ هو أن يَسألَ بعضُهم بعضًا، كالتقابُلِ، وقد يُستعمَلُ أيضًا في أنْ يَتَحَدَّثُوا به وإن لم يكنْ مِن بعضِهم لبعضٍ سؤالٌ، قالَ تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ. قالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ. يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ}. فهذا يَدُلُّ على معنى التحَدُّثِ، فيكونُ معنى الكلامِ: عَمَّ يَتحدثونَ. وهذا قولُ الْفَرَّاءِ). [مفاتيح الغيب: 31/ 4]
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْفَيْرُوزَآباَدِيُّ (ت: 817 هـ): (وَبِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} يَقُولُ: عَنْ مَاذَا يَتَحَدَّثُونَ يَعْنِي قُرَيْشًا). [تنوير المقباس: 582]
قالَ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بْنِ عَادِلٍ الدِّمَشْقِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت:880هـ): (فَصْلٌ، قالَ الْفَرَّاءُ: السُّؤَالُ هُوَ أَنْ يَسْأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا كالتَّقَابُلِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ أيضا في أَنْ يَتَحَدَّثُوا به، وإن لم يَكُنْ بَيْنَهُمْ سؤالٌ، قالَ تَعَالَى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ} [الصَّافَّاتِ: 50، 51] الآيَةَ، وهذا يَدُلُّ على التَّحَدُّثِ). [اللباب: 20/ 92]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الشَّوْكَانِيُّ (ت:1250هـ): (قالَ الفراءُ: التَّسَاؤُلُ هوَ أنْ يَسْأَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً كَالتَّقَابُلِ، وَقدْ يُسْتَعْمَلُ أيضاً في أنْ يَتَحَدَّثُوا بهِ وَإِنْ لمْ يكنْ بَيْنَهُمْ سُؤَالٌ، قالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ قالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّى كَانَ لِي قَرِينٌ} الآيةَ، وَهذا يَدُلُّ على أَنَّهُ التَّحَدُّثُ). [فتح القدير: 5/ 516]
قالَ مُحَمَّد صِدِّيق حَسَن خَان القنوْجِيُّ (ت:1307هـ): (قالَ الفَرَّاءُ: التَّسَاؤُلُ هوَ أنْ يَسْأَلَ بَعْضُهُم بعضاً كالتقابلِ، وَقدْ يُسْتَعْمَلُ أيضاً في أنْ يَتَحَدَّثُوا بهِ، وَإِنْ لمْ يكنْ بَيْنَهُمْ سُؤَالٌ، قالَ تَعَالَى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ}، وَهذا يَدُلُّ على أَنَّهُ التَّحَدُّثُ). [فتح البيان: 15/ 27 - 28]
القول الثالث: أي أن المشركينَ يتساءلونَ الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم والمؤمنينَ
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت:538هـ): ({يَتَسَاءَلُونَ}: يَسْأَلُ بعضُهم بعضاً، أو يَتَسَاءَلُونَ غيرَهم مِن رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنينَ، نحوَ: يَتَدَاعَوْنَهُم ويَتَرَاءَوْنَهم). [الكشاف: 6/ 294]
قالَ فَخْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرَّازِيُّ (ت:604هـ): (والاحتمالُ الثالث: أنهم كانوا يَسألونَ الرسولَ ويَقولون: ما هذا الذي تَعِدُنا به مِن أَمْرِ الآخِرةِ؟). [مفاتيح الغيب: 31/ 4]
قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ البَيْضَاوِيُّ (ت:691هـ): (يَتسَاءَلون عن البَعْثِ فيما بينَهم، أو يَسْأَلُونَ الرَّسولَ عليه الصلاةُ والسلامُ والمؤمنينَ عنه استهزاءً). [أنوار التنزيل: 2/ 1125]
(يُتْبَعُ)
(/)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ النَّسَفِيُّ (ت:710هـ): ({يَتَسَاءَلُونَ}: يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَوْ يَسْأَلُونَ غَيْرَهُمْ مِنَ المُؤْمِنِينَ). [مدارك التنزيل:3/ 1914]
قالَ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بْنِ عَادِلٍ الدِّمَشْقِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت:880هـ): (قالَ ابنُ الخَطِيبِ: ويُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ الرسولَ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ ويقولُون: ما هذا الَّذِي تَعِدُنَا بِهِ مِنْ أمرِ الآخرَةِ؟). [اللباب: 20/ 92 - 93]
قالَ أَبُو السُّعُودِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ العِمَادِيُّ الحَنَفِيُّ (ت:982هـ): ({يَتَسَاءَلُونَ} كقَوْلِهم: يَتَدَاعُونَهم أو يُدَعَّونَهُم ... فالمعنى: عنْ أيِّ شيءٍ يَسْأَلُ هؤلاءِ القومُ الرسولَ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ والمؤمنينَ؟
وتَحْقِيقُهُ أنَّ صيغةَ التفَاعُلِ في الأفعالِ المُتَعَدِّيَةِ مَوْضُوعَةٌ لإفادةِ صُدُورِ الفعلِ عن المُتَعَدِّدِ وَوُقُوعِهِ عليهِ، بحيثُ يَصِيرُ كُلُّ واحِدٍ مِنْ ذلكَ فاعِلاً ومفعولاً معاً، لكنَّهُ يُرْفَعُ بإسنادِ الفعلِ إليهِ تَرْجيحاً لجانِبِ فاعِلِيَّتِهِ، ويُحَالُ بمفعولِيَّتِهِ على دلالةِ العقلِ، كما في قوْلِكَ: تَراءَى القومُ؛ أيْ: رأَى كلُّ واحِدٍ مِنهم الآخَرَ، وقدْ تَجَرَّدَ عن المعنى الثاني، فيُرَادُ بها مُجَرَّدُ صُدُورِ الفعلِ عن المُتَعَدِّدِ عارِياً عن اعْتِبَارِ وُقُوعِهِ عليهِ، فيُذْكَرُ للفعلِ حينَئذٍ مفعولٌ مُتَعَدِّدٌ كما في المثالِ المذكورِ، أوْ واحدٌ كما في قولِكَ: تَراءَوُا الهلالَ.
وقدْ يُحْذَفُ لظُهُورِهِ، كما فيما نحنُ فيهِ، فالمعنى: عنْ أيِّ شيءٍ يَسْأَلُ هؤلاءِ القومُ الرسولَ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ والمؤمنينَ؟
ورُبَّمَا تَجَرَّدَ عنْ صُدُورِ الفعلِ عن المُتَعَدِّدِ أيضاً، فيُرادُ بها تَعَدُّدُهُ باعتبارِ تَعَدُّدِ مُتَعَلِّقِهِ معَ وَحْدَةِ الفاعلِ، كما في قولِهِ تعالى: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}). [إرشاد العقل السليم: 7/ 84]
مأخذ هذا القول
قلت: (هَذَا القَولُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ فِعْلَ (يَتَسَاءَلُونَ) مُتَعَدٍّ لإفَادَةِ تَكَرُّرِ وُقُوعِ السُّؤَالِ مِنهُم).
الإعراب
مفعول (يتساءلون)
القول الأول: الفعل لازم غير متعد فلا مفعول له
قلت: (وَعَلَيهِ يُحْمَلُ قَولُ جمهور المفَسِّرينَ مِن أَنَّ المعْنَى: يَسْأَلُ بَعْضُهمْ بَعضاً).
القول الثاني: المفعول جملة (عن النبأ العظيم)
قالَ مُحَمَّدُ بنُ طَيْفُورَ السَّجَاوَنْدِيُّ (ت:560هـ): (وقَوْلُهُ: {عَنِ النَّبَأِ} مَفْعُولُ: {يَتَسَاءَلُونَ} مُتَّصِلٌ بِهِ). [علل الوقوف:1079 - 1080]
قالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ الكَرِيمِ الأَشْمُونِيُّ (ت: ق11هـ): (فقولُهُ: {عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ} مَفُعولُ يَتَسَاءَلُونَ). [منار الهدى:296]
القول الثالث: المفعول محذوف تقديره: يتساءلون الرسولَ صلى الله عليه وسلم والمؤمنين
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت:538هـ): ({يَتَسَاءَلُونَ}: يَسْأَلُ بعضُهم بعضاً، أو يَتَسَاءَلُونَ غيرَهم مِن رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنينَ، نحوَ: يَتَدَاعَوْنَهُم ويَتَرَاءَوْنَهم). [الكشاف: 6/ 294]
قالَ فَخْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرَّازِيُّ (ت:604هـ): (والاحتمالُ الثالث: أنهم كانوا يَسألونَ الرسولَ ويَقولون: ما هذا الذي تَعِدُنا به مِن أَمْرِ الآخِرةِ؟). [مفاتيح الغيب: 31/ 4]
قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ البَيْضَاوِيُّ (ت:691هـ): (والضميرُ لأهْلِ مَكَّةَ، كانوا يَتساءلون عن البَعْثِ فيما بينَهم، أو يَسْأَلُونَ الرَّسولَ عليه الصلاةُ والسلامُ والمؤمنينَ عنه استهزاءً). [أنوار التنزيل: 2/ 1124 - 1125]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ النَّسَفِيُّ (ت:710هـ): ({يَتَسَاءَلُونَ}: يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، أَوْ يَسْأَلُونَ غَيْرَهُمْ مِنَ المُؤْمِنِينَ). [مدارك التنزيل:3/ 1914]
قالَ نِظَامُ الدِّينِ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ القُمِّيُّ (ت:728هـ): (ويَجُوزُ أَنْ يكونَ المفعولُ محذوفاً؛ أَيْ: يَتَساءَلُونَ النَّبِيَّ والمُؤْمنِينَ، نَحْوَ: تَرَاءَيْنَا الهِلاَلَ). [غرائب القرآن: 30/ 6]
(يُتْبَعُ)
(/)
قالَ عُمَرُ بنُ عَلِيِّ بْنِ عَادِلٍ الدِّمَشْقِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت:880هـ): (قالَ ابنُ الخَطِيبِ: ويُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ الرسولَ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ ويقولُون: ما هذا الَّذِي تَعِدُنَا بِهِ مِنْ أمرِ الآخرَةِ؟). [اللباب: 20/ 92 - 93]
قالَ أَبُو السُّعُودِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ العِمَادِيُّ الحَنَفِيُّ (ت:982هـ): ({يَتَسَاءَلُونَ} كقَوْلِهم: يَتَدَاعُونَهم أو يُدَعَّونَهُم ... فالمعنى: عنْ أيِّ شيءٍ يَسْأَلُ هؤلاءِ القومُ الرسولَ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ والمؤمنينَ؟). [إرشاد العقل السليم: 7/ 84]
قالَ مُحَمَّد صِدِّيق حَسَن خَان القَنُوجِيُّ (ت:1307هـ): (قالَ الرَّازِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أنَّهُم يَسْأَلُونَ الرسولَ وَيقولونَ: ما هذا الذي تَعِدُنَا بهِ مِنْ أمرِ الآخرةِ؟). [فتح البيان: 15/ 29]
قلت: (وهذا القولُ مبناهُ عَلَى أَنَّ صِيغَةَ (تَفَاعَلَ) لا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ بينَ مُتَقَابلينِ كِلاهُمَا فَاعِلٌ ومَفعُولٌ كَمَا في تَقَاتَلَ القَومُ وتَرَاءَى الْجَمْعَانِ، بَلْ قَدْ تَكُونُ مِنْ طَرَفٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي قَولِهم: تَرَاءَوُا الهِلالَ، وَتُفِيدُ هَذِه الصيغَةُ تَكَرُّرَ وُقُوعِ الفِعْلِ).
سبب حذف المفعول على هذا القول
قالَ مَحْمُود الأَلُوسِيُّ (ت:1270هـ): (فالتساؤلُ مُتَعَدٍّ، ومفعولُه مُقَدَّرٌ هنا، وحُذِفَ لظُهورِه, أو لأنَّ الْمُسْتَعْظَمَ السؤالُ بقَطْعِ النظَرِ عمَّنْ سَأَلَ، أو لِصَوْنِ المسؤولِ عن ذِكْرِه مع هذا السائلِ). [روح المعاني: 29/ 3]
الصرف
مبحث في صيغة (تفاعل)
معاني صيغة (تفاعل)
المعنى الأول: إفادة وقوع الفعل من طرفين على جهة التقابل
مثاله: تراءى الجمعان، وتقابل الخصمان، وتجادلا، وتناظرا
قالَ أَبُو السُّعُودِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ العِمَادِيُّ الحَنَفِيُّ (ت:982هـ): ({يَتَسَاءَلُونَ} كقَوْلِهم: يَتَدَاعُونَهم أو يُدَعَّونَهُم، وتَحْقِيقُهُ أنَّ صيغةَ التفَاعُلِ في الأفعالِ المُتَعَدِّيَةِ مَوْضُوعَةٌ لإفادةِ صُدُورِ الفعلِ عن المُتَعَدِّدِ وَوُقُوعِهِ عليهِ، بحيثُ يَصِيرُ كُلُّ واحِدٍ مِنْ ذلكَ فاعِلاً ومفعولاً معاً، لكنَّهُ يُرْفَعُ بإسنادِ الفعلِ إليهِ تَرْجيحاً لجانِبِ فاعِلِيَّتِهِ، ويُحَالُ بمفعولِيَّتِهِ على دلالةِ العقلِ، كما في قوْلِكَ: تَراءَى القومُ؛ أيْ: رأَى كلُّ واحِدٍ مِنهم الآخَرَ). [إرشاد العقل السليم: 7/ 84]
نقله مَحْمُود الأَلُوسِيُّ (ت:1270هـ) [روح المعاني: 29/ 3]
قال عبدُ الملكِ بنُ محمدِ بنِ إسماعيلَ النَّيْسابوريُّ الثَّعالبيُّ (ت: 430هـ): (تَفَاعَلَ يكونُ بينَ اثنينِ بينَ الجماعةِ؛ نحوُ: تَجَادَلاَ وتَنَاظَرَا وتَحَاكَمَا. اهـ). [فقهِ اللغةِ: 1/ 86]
قال يوسُفُ بنُ أبي بكرِ بنِ محمدٍ السَّكَّاكيُّ (ت: 626هـ): (تفاعَلَ يكونُ من الجانبينِ صَريحًا؛ نحوُ: تشارَكَا. اهـ). [مِفْتاح العلوم: 1/ 20]
قال ابنُ الحاجبِ عثمانُ بنُ عمرَ بنِ أبي بكرٍ الدُّوَِينيُّ (ت: 646هـ): (وتفاعَلَ لمشاركةِ أمرَيْن فصاعدًا في أصلِه صريحًا؛ نحوُ: تَشَارَكَا، ومِن ثَمَّ نقَصَ مفعولاً عن "فاعَلَ". اهـ). [الشافية في علم التصريف: 1/ 20]
وقال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ مالكٍ الطائيُّ الأَنْدَلُسيُّ (ت: 672هـ): (وأما تفاعَلَ الذي للاشتراكِ في الفاعليةِ لفظًا، وفيها وفي المفعوليةِ معنًى؛ كـ: تضارَبَ زيدٌ وعمرٌو. فـ (زيدٌ وعمرٌو) شريكان في الفاعليةِ لفظًا، ولذلك رُفِعا، وهما من جهةِ المعنى شريكانِ في الفاعليةِ والمفعوليةِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما قد فعَل بصاحبهِ مثلَ ما فعَلَ به الآخَرُ. اهـ). [شرحِ التسهيلِ: 3/ 454]
المناسبة:
قلت: (حَمَلَ جَمَاهِيرُ المُفَسِّرينَ قولَه تَعَالَى: {يَتَسَاءَلُونَ} عَلَى هَذَا المعْنَى، أي: يَسْأَلُ بَعْضُهُم بَعْضَاً)
المعنى الثاني: إفادة وقوع الفعل من متعدد في طرف واحد على مفعول واحد
مثاله: تراءوا الهلالَ
(يُتْبَعُ)
(/)
قالَ أَبُو السُّعُودِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ العِمَادِيُّ الحَنَفِيُّ (ت:982هـ): (وقدْ تُجَرَّدُ عن المعْنَى الثَّانِي، فيُرَادُ بها مُجَرَّدُ صُدُورِ الفعلِ عن المُتَعَدِّدِ عارِياً عن اعْتِبَارِ وُقُوعِهِ عليهِ، فيُذْكَرُ للفعلِ حينَئذٍ مفعولٌ مُتَعَدِّدٌ كما في المثالِ المذكورِ، أوْ واحدٌ كما في قولِكَ: تَراءَوُا الهلالَ.
وقدْ يُحْذَفُ لظُهُورِهِ، كما فيما نحنُ فيهِ، فالمعنى: عنْ أيِّ شيءٍ يَسْأَلُ هؤلاءِ القومُ الرسولَ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ والمؤمنينَ؟). [إرشاد العقل السليم: 7/ 84]
نقله مَحْمُود الأَلُوسِيُّ (ت:1270هـ) [روح المعاني: 29/ 3]
المناسبة:
قلت: (هذا المعنَى ذَكَرَهُ بَعْضُ المفَسِّرِينَ وَجْهَاً فِي تَفْسِيرِ الآيةِ مِنْهُم: الزَّمَخْشَرِيُّ، والرَّازِيُّ، والبيضاويُّ، والنسفيُّ، وابنُ عادِلٍ).
المعنى الثالث: إفادة وقوع الفعل من متقابلين على مفعول مشترك
مثاله: تنازعا الحديث، وتعاطيا الكأس، وتقاسما المال
قالَ مَحْمُود الأَلُوسِيُّ (ت:1270هـ): (وذَكَرَ بعضُ الْمُحَقِّقِينَ أنه قد يكونُ لصيغةِ التفاعُلِ على الوَجْهِ الأوَّلِ مفعولٌ أيضًا، لكنَّه غيرُ الذي فَعَلَ به مِثلَ فِعْلِه، كما في: تَعَاطَيَا الكأْسَ، وتَفَاوَضَا الحديثَ. وعليه قولُ امرِئِ القيْسِ:
فلَمَّا تَنَازَعْنا الحديثَ وأَسْمَحَتْ هَصَرَتْ بغُصنٍ ذي شَماريخَ مَيَّالِ). [روح المعاني: 29/ 3]
قالَ مَحْمُود الأَلُوسِيُّ (ت:1270هـ): (وكذا مَجيئُه مُتَعَدِّيًا إلى غيرِ الذي فُعِلَ به مِثلَ فِعْلِه كما سَمِعْتَ). [روح المعاني: 29/ 3]
المعنى الرابع: إفادة تكرر وقوع الفعل من فاعل واحد
مثاله: تمارى، تثاءب
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ مالكٍ الطائيُّ الجَيَّانيُّ الأَنْدَلُسيُّ (ت: 672هـ): (والذي أغْنَى عن المجردِ؛ كـ: تثاءَبَ، وتَمَارَىَ). [شرحِ التسهيلِ: 3/ 455]
قال عبدُ الرحمنِ بنُ أبي بكرِ بنِ محمدٍ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (والإغناء عنه؛ كـ: تثاءَبَ وتَمَارَى). [همعِ الهوامعِ: 3/ 304]
قالَ أَبُو السُّعُودِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ العِمَادِيُّ الحَنَفِيُّ (ت:982هـ): (ورُبَّمَا تَجَرَّدَ عنْ صُدُورِ الفعلِ عن المُتَعَدِّدِ أيضاً، فيُرادُ بها تَعَدُّدُهُ باعتبارِ تَعَدُّدِ مُتَعَلَّقِهِ معَ وَحْدَةِ الفاعلِ، كما في قولِهِ تعالى: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}). [إرشاد العقل السليم: 7/ 84]
نقله مَحْمُود الأَلُوسِيُّ (ت:1270هـ) [روح المعاني: 29/ 3]
قالَ مَحْمُود الأَلُوسِيُّ (ت:1270هـ): (فمَن قالَ: إنَّ (تَفاعَلَ) لا يكونُ إلا من اثنين, ولا يكونُ إلا لازِمًا، فقد غَلِطَ، كما قالَ الطبليوسيُّ في شرْحِ أَدَبِ الكاتبِ إن أرادَ ذلك على الإطلاقِ، وَلَيْتَ شِعرِي كيفَ يَصِحُّ ذلك مع أنَّ مَجيءَ تَفَاعَلَ بمعنى فَعَلَ غيرُ مُتَعَدِّدِ الفاعِلِ كتوانَى وتَدَانَى الأمْرُ, وتعالى اللهُ عمَّا يُشرِكون جِدًّا، وكذا مَجيئُه مُتَعَدِّيًا إلى غيرِ الذي فُعِلَ به مِثلَ فِعْلِه كما سَمِعْتَ). [روح المعاني: 29/ 3]
قالَ مُحَمَّدُ الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت:1393هـ): (والتَّساؤُلُ: تَفاعُلٌ، وحقيقةُ صِيغَةِ التَّفاعُلِ تُفيدُ صُدورَ مَعنى المادَّةِ الْمُشْتَقَّةِ منها مِن الفاعِلِ إلى الْمَفعولِ، وصُدورَ مِثْلِه مِن الْمَفعولِ إلى الفاعِلِ، وتَرِدُ كَثيراً: لإفادَةِ تَكَرُّرِ وُقوعِ ما اشْتُقَّتْ منه، نحوُ قولِهم: ساءَلَ، بمعنى: سَأَلَ.
قالَ النابِغَةُ: أُسَائِلُ عنْ سُعْدَى وقدْ مَرَّ بعْدَنا على عَرَصَاتِ الدارِ سَبْعٌ كوَامِلُ
وقالَ رُوَيْشِدُ بنُ كَثيرٍ الطائِيُّ: يا أيُّها الراكِبُ الْمُزْجِي مَطِيَّتَهُ سائِلْ بَنِي أسَدٍ ما هذه الصَّوْتُ). [التحرير والتنوير: 30/ 7 - 9]
المعنى الخامس: إفادة قوة وقوع الفعل من الفاعل
مثاله: تعالى الله، تبارك الله
قالَ مُحَمَّدُ الطَّاهِرُ بْنُ عَاشُورٍ (ت:1393هـ): (وتَجيءُ لإِفادَةِ قُوَّةِ صُدورِ الفِعْلِ مِنَ الفاعِلِ؛ نَحْوُ قولِهم: عافاكَ اللهُ، وذلك إمَّا كِنايةٌ أو مَجازٌ). [التحرير والتنوير: 30/ 7 - 9]
المعنى السادس: تفاعل بمعنى فعل
قال عبدُ الملكِ بنُ محمدِ الثَّعالبيُّ (ت: 430هـ): (ويكونُ من واحدٍ؛ نحوُ: تَرَاءَى له). [فقهِ اللغةِ: 1/ 86]
(يُتْبَعُ)
(/)
قال محمودُ بنُ عمرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (وبمنزلةِ (فعَلْتُ)؛ كقولِك: توانَيْتُ في الأمرِ، وتَقَاضَيْتُه، وتَجاوَز الغايةَ). [المُفَصَّل: 1/ 372]
قال يوسُفُ بنُ أبي بكرِ السَّكَّاكيُّ (ت: 626هـ): (ويمعنى (فعَلَ)؛ نحوُ: تَبَاعَدَ؛ أي: بَعِدَـ). [مفْتاحِ العلومِ: 1/ 20]
قال ابنُ الحاجبِ عثمانُ بنُ عمرَ الدُّوَِينيُّ (ت: 646هـ): (وبمعنى (فعَلَ)؛ نحوُ: توانَيْتُ). [الشافيةِ في علمِ التصريفِ: 1/ 20]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ مالكٍ الطائيُّ (ت: 672هـ): (والذي لموافقةِ المجردِ؛ كـ: (تعالى وعلا، وتَوانَى ووَنَى). [شرحِ التسهيلِ: 3/ 455]
المناسبة
قالَ مُحَمَّدُ جَمَالُ الدِّينِ القَاسِمِيُّ (ت:1332هـ): (والتفاعُلُ إمَّا على بابِهِ، أوْ هوَ بمعنى (فَعَلَ):
والمعنى على الأوَّلِ: يَتساءلونَ فيما بينَهم.
وعلى الثاني: يَسْأَلُونَ الرسولَ صَلواتُ اللَّهِ عليهِ وسلامُهُ، أو المؤمنينَ.
قيلَ: مَجِيءُ تَفَاعَلَ بمعنى فَعَلَ إذا كانَ في الفاعلِ كَثْرَةٌ، مُراعاةً لِمَعْنَى التَّشَارُكِ بقَدْرِ الإمكانِ.
ونُوقِشَ بأنَّ (تَفَاعَلَ) يكونُ بمعنى (فَعَلَ) كثيراً وإنْ لم يَتَعَدَّدْ فَاعِلُهُ؛ كَتَوَانَى زيدٌ وتَدَانَى الأمرُ، بلْ حيثُ لا يُمْكِنُ التَّعَدُّدُ؛ نحوُ: {تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}). [محاسن التأويل: 9/ 388] (؟؟)
المعنى السابع: إفادة تدرج وقوع الفعل
مثاله: تعافى المريض، وتوافد القوم، وتناسى الأمر
قال أحمدُ بنُ محمدِ بنِ أحمدَ الحَمَلاويُّ (ت: 1351هـ): (وثالثُها: حصولُ الشيءِ تدريجًا؛ كـ: تَزَايَدَ النِّيلُ، وتوارَدَتِ الإبلُ؛ أي: حصَلَتِ الزيادةُ بالتدريجِ شيئًا فشيئًا). [شَذَا العَرْفِ: 36]
قال محمدٌ أمينُ بنُ عبدِ اللهِ الأثيوبيُّ الهرريُّ: (ومنها وقوعُ الفعلِ تدريجيًّا؛ نحوُ: توارَدَ القومُ؛ أي: ورَدُوا دفعةً بعدَ أخرى). [شرحِ لاميةِ الأفعالِ:]
المعنى الثامن: إظهار خلاف الحقيقة
مثاله: تمارض، وتماوت، وتغافل، وتغابى، وتعاظم، وتجاهل
قال المُبَرِّدُ محمدُ بن يزيدَ الثُمًالِيُّ (ت: 285هـ): (ويكونُ على ضَرْبٍ آخرَ، وهو أن يُظْهِرَ لك من نفسِه ما ليس عندَه؛ وذلك نحوُ: تَعَاقَلَ وتَغَابَى وتَغَافَل، كما قال: إذا تَخَازَرْتُ وما بي مِن خَزَرْ). [المُقْتَضَب: 1/ 78] (وتخازر: تكَلَّف الخَزَر، وهو النظر بمُؤْخِر العين)
قال عبدُ الملكِ بنُ محمدِ الثَّعالبيُّ (ت: 430هـ): (ويكونُ بمعنى (أظْهَرَ)؛ نحوُ: تَغَافَلَ وتَجَاهَلَ وتَمَارَضَ وتَسَاكَرَ؛ إذا أظْهَرَ غَفْلةً وجهلاً ومرضًا وسُكرًا، وليس بغافلٍ، ولا جاهلٍ، ولا مريضٍ، ولا سَكْرانَ. اهـ). [فقهِ اللغةِ: 1/ 86]
قال محمودُ بنُ عمرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (ويَجِيءُ لِيُرِيَكَ الفاعلُ أنه في حالٍ ليس فيها؛ نحوُ: تَغَافَلْتُ وتعامَيْتُ وتجاهَلْتُ، قال: إذا تَخَازَرْتُ وما بي مِن خَزَرْ). [المُفَصَّلِ: 1/ 372]
قال يوسُفُ بنُ أبي بكرٍ السَّكَّاكيُّ (ت: 626هـ): (ولإظهارِكَ من نفسِكَ مَا لَيسَ لكَ؛ نحوُ: تجاهَلْتُ). [مِفْتاحِ العلومِ: 1/ 20]
قال ابنُ الحاجبِ عثمانُ بنُ عمرَ الدُّوَِينيُّ (ت: 646هـ): (ولِيَدُلَّ على أنَّ الفاعلَ أظْهَرَ أن أصلَه حاصلٌ له، وهو مُنْتَفٍ؛ نحوُ: تجاهَلَ وتَغَافَلَ. اهـ). [الشافيةِ في علمِ التصريفِ: 1/ 20]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ مالكٍ الطائيُّ الأَنْدَلُسيُّ (ت: 672هـ): (والذي لتخييلِ تاركِ الفعلِ كونَه فاعلاً؛ كـ: تَغَافَلَ زيدٌ. إذا ظَهَر بصورةِ غافلٍ، وهو غيرُ غافلٍ، وكذلك تجاهَلَ، وتبالَهَ، وتَطَارَشَ وتَلاَكَنَ وتَمَارَضَ، ومنه قولُ الراجزِ: إذا تَخَازَرْتُ وما بي مِن خَزَرْ). [شرحِ التسهيلِ: 3/ 454، 455]
قال جَلالُ الدينِ عبدُ الرحمنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (والتجهيلِ؛ كـ: تَغَافَلَ وتجاهَلَ وتبالَهَ وتَمارَضَ وتَطَارَشَ. اهـ). [همعِ الهوامعِ: 3/ 304]
قال أحمدُ بنُ محمدٍ الحَمَلاويُّ (ت: 1351هـ): (ثانِيها: التظاهُرُ بالفعلِ دونَ حقيقتِه؛ كـ: تَنَاوَمَ، وتَغَافَلَ، وتَعَامَى؛ أي: أظْهَرَ النومَ والغفلةَ والعمى، وهي منتفيةٌ عنه، قال الشاعرُ: ليس الغَبِيُّ بسَيِّدٍ في قومِهِ لكنَّ سيدَ قومِه المُتَغابِي). [شَذَا العَرْفِ: 36]
(يُتْبَعُ)
(/)
المعنى التاسع: مُطاوَعَةُ (فاعَلَ) الذي بمعنى (أَفْعَلَ):
قال المُبَرِّدُ محمدُ بن يزيدَ الثماليُّ (ت: 285هـ): (المطاوعةُ، وذلك نحوُ: ناوَلْتُه فتَنَاوَلَ. وليس كقولِك: كسَرْتُه فانكَسَر؛ لأنك لم تُخْبِرْ في قولِك: انْكَسَرَ. بفعلٍ منه على الحقيقةِ، وأنت إذا قلتَ: قدَّمْتَه فتقَدَّم، وناوَلْتَه فتَنَاوَلَ. تُخْبِرُ أنه قد فعَلَ على الحقيقةِ ما أرَدْتَ منه، فإنما هذا كقولك: أدْخَلْتُه فدَخَل). [المُقْتَضَب: 1/ 78]
قال محمودُ بنُ عمرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (وَمُطَاوعُ فاعَلْتُ؛ نحوُ: باعَدْتُه فتَبَاعَدَ). [المُفَصَّلِ: 1/ 372]
قال ابنُ الحاجبِ عثمانُ بنُ عمرَ الدُّوَِينيُّ (ت: 646هـ): (وَمُطَاوِعُ (فاعَلَ)؛ نحوُ: باعَدَتُه فتَبَاعَدَ). [الشافيةِ: 1/ 20]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ مالكٍ الطائيُّ الأَنْدَلُسيُّ (ت: 672هـ): (والذي لمطاوعةِ (فاعَلَ) فكـ: باعَدْتُه فتَبَاعَدَ، وضاعَفْتُ الحسابَ فتَضَاعَفَ). [شرحِ التسهيلِ: 3/ 455]
قال جَلالُ الدينِ عبدُ الرحمنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (ومطاوعةِ (فاعَلَ)؛ كـ: باعَدْتُه فتَبَاعَدَ، وضاعَفْتُ الحسابَ فتَضَاعَفَ). [همع الهوامع: 3/ 304]
قال أحمدُ بنُ محمدٍ الحَمَلاويُّ (ت: 1351هـ): (مطاوعةُ (فاعَلَ)؛ كـ: باعَدْتُه فتَبَاعَدَ). [شَذَا العَرْفِ: 36]
تَعَدِّي صيغة (تَفَاعَلَ) ولُزُومُها:
قلت: (لا يَخْلُو الفِعْلَ قَبْلَ دَخُولِ التَّاءِ عَلَيهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّيًا إِلَى مَفْعُولَينِ أَو إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا دَخَلَتِ التَّاءُ عَلَيهِ قَصَرَتِ الأَوَّلَ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَصَارَ الثَّانِي لازِمَاً).
لزوم الفعل المتعدي إلى مفعول واحد بعد دخول التاء عليه
قال محمودُ بنُ عمرَ بنِ محمدٍ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (ولا يَخْلُو من أن يكونَ من (فاعَلَ) المتعدِّي إلى مفعولٍ، أو المتعدِّي إلى مفعولين، فإن كان من المتعدِّي إلى مفعولٍ؛ كـ: ضارَبَ. لم يَتَعَدَّ). [المُفَصَّلِ: 1/ 371]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ ابنُ مالكٍ الطائيُّ (ت: 672هـ): (فلو كان التعدِّي دونَ التاءِ إلى واحدٍ لَعُدِمَ بوجودِها؛ نحوُ: ضارَبَ زيدٌ عَمْرًا، وتَضَارَبَ زيدٌ وعمرٌو، وأدَّبْتُ الصبيَّ، وتأدَّب الصبيُّ). [شرحِ التسهيلِ:؟؟]
قال ابنُ هشامٍ عبدُ اللهِ بنُ يوسُفَ الأنصاريُّ (ت: 761هـ): (وإن كانَ متَعدِّيًا إلى واحدٍ فإنه يَصِيرُ قاصِرًا؛ نحوُ: تَضَارَبَ زيدٌ وعمرٌو، إلا قليلاً؛ نحوُ: جاوَزْتُ زيدًا وتجاوَزْتُه). [مغني اللبيبِ: 2/ 599]
قصر المتعدي إلى مفعولين على مفعول واحد
قال محمودُ بنُ عمرَ بنِ محمدٍ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (وإن كان من المتعدِّي إلى مفعولين؛ نحوُ: نازَعْتُه الحديثَ، وجاذَبْتُه الثوبَ، وناسَيْتُه البغضاءَ، تعَدَّى إلى مفعولٍ واحدٍ؛ كقولِك: تَنَازَعْنا الحديثَ، وتجاذَبْنا الثوبَ، وتناسَيْنا البغضاءَ). [المُفَصَّلِ: 1/ 371]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ ابنُ مالكٍ الطائيُّ (ت: 672هـ): (وَإنْ كَانَ (تَفَاعَلَ) أو (تفَعَّل) متَعَدِّيًا دونَ التَّاءِ إلى مفعُولَينِ، تَعَدَّى بالتَّاءِ إلَى مفعُولٍ واحِدٍ: فمنْ مثلِ ذلك في (تفاعَلَ): نازَعْتُه الحديثَ، وناسَيْتُه البغضاءَ، وتنازَعْنا الحديثَ، وتناسَيْنا البغضاءَ، ومن مثلِ ذلك في (تفَعَّلَ): عَلَّمْتُه الرمايةَ فتعَلَّمَها، وجنَّبْتُه الشرَّ فتجَنَّبَه؛ فَصَارَ (تَنَاسَى) وَ (تَنَازَع) متعدِّيَيْنِ إلى مَفعُولٍ واحِدٍ حينَ وُجِدَت التاءُ؛ لأنَّهُمَا كَانَا قَبلَ وُجُودِها مُتَعَدِّيَيْنِ إلى مفعُولَيْنِ، وَكَذَا (تعَلَّم) وَ (تجَنَّب)). [شرحِ التسهيلِ:؟؟]
قال ابنُ هشامٍ عبدُ اللهِ بنُ يوسُفَ الأنصاريُّ (ت: 761هـ): (إن كانَ قبلَ دخولِ التاءِ متعدِّيًا إلى اثنينِ فإنَّه يَبْقَى بعدَ دخولِها متعدِّيًا إلى واحدٍ؛ نحوُ: عاطَيْتُه الدَّرَاهِمَ، وتَعَاطَيْنا الدَّرَاهِمَ). [مغني اللبيبِ: 2/ 599]
مناسبة إيراد هذه المسألة
قلت: (أَصلُ (يَتَسَاءَلُونَ) (سَاءَل) وَهُو مُتَعَدٍّ إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، فَلا يَتَعَدَّى بَعْدَ دُخُولِ التَّاءِ؛ فَيكُونُ مَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ احْتِمَالاً في تَفسيرِ الآيَةِ وَنَصَرَهُ أَبُو السُّعُودِ مِنْ أَنَّ المعْنَى: يَتَسَاءَلونَ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ والمُؤْمِنينَ، خِلافاً لِمُقتَضَى قَواعِدِ اللغَةِ وَدَلالاتِهَا، وَالمعْنَى الصَّحِيحُ: يَسْأَلُ بَعضُهم بَعضاً، وَهُو الَّذِي عَليهِ جمهور المفَسِّرينَ.
وهذه بخلاف ساءل التي فيها معنى الطلب كما يقال: ساءل بنو زيد بني عمروٍ أموالهم؛ ومنه قوله تعالى: (ولا يسألكم أموالكم) فإنها عند دخول التاء عليها تقصر على مفعول واحدٍ يلزم ذكره، فيقال: يتساءلون أموالهم، ويقال في الاستفهام: ماذا يتساءلون؟
ولا يقال -عند إرادة هذا المعنى -:عم يتساءلون؟).
الخلاصة:
معنى قوله تعالى: (يتساءلون) أي يسأل بعضهم بعضاً، وتفيد هذه الصيغة تكرر وقوع الفعل منهم، وهو أسلوب معروف عند العرب، قال الكلحبة العرني:
تُسائلني بنو جشم بن بكر أغراء العرادة أم بهيمُ
هي الفرس التي كرت عليهم عليها الشيخُ كالأسد الكليمُ
وقال السمهري العكلي وعداده في شطار الإسلاميين:
لقد جمع الحداد بين عصابة تساءل في الأسجان ماذا ذنوبها
فائدة:
بتأمل أقوال المفسرين في القول الثاني يتبين أن كتاب اللباب في علوم الكتاب لابن عادل الحنبلي من المصادر التي اعتمد عليها الشوكاني في تفسيره، وذلك أن الرازي لما قال عقب شرحه لكلام الفراء: وهذا قول الفراء، ظن ابن عادل أنه نص كلام الفراء فنسبه إليه، وتبعه على ذلك الشوكاني.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[03 Jan 2008, 11:41 ص]ـ
الحمد لله
جزاك الله خيرا على الموضوع اخي الكريم.
ـ[أمة الرحمن]ــــــــ[07 Jan 2008, 01:44 م]ـ
معنى (يتساءلون)
1 - يسأل بعضهم بعضا، وعليه فالفعل لازم فلا مفعول له.
2 - يتحدثون، والمفعول: جملة (عن النبأ العظيم).
3 - يتساءلون الرسول – صلى الله عليه وسلم – والمؤمنون، والمفعول محذوف.
مبحث في صيغة (تفاعل)
معاني صيغة (تفاعل)
المعنى الأول: إفادة وقوع الفعل من طرفين على جهة التقابل
مثاله: تراءى الجمعان، وتقابل الخصمان، وتجادلا، وتناظرا
المعنى الثاني: إفادة وقوع الفعل من متعدد في طرف واحد على مفعول واحد
مثاله: تراءوا الهلالَ
المعنى الثالث: إفادة وقوع الفعل من متقابلين على مفعول مشترك
مثاله: تنازعا الحديث، وتعاطيا الكأس، وتقاسما المال
المعنى الرابع: إفادة تكرر وقوع الفعل من فاعل واحد
مثاله: تمارى، تثاءب
المعنى الخامس: إفادة قوة وقوع الفعل من الفاعل
مثاله: تعالى الله، تبارك الله
المعنى السادس: تفاعل بمعنى فعل، مثاله: تراءى، توانى.
المعنى السابع: إفادة تدرج وقوع الفعل.
مثاله: تعافى المريض، وتوافد القوم، وتناسى الأمر
المعنى الثامن: إظهار خلاف الحقيقة
مثاله: تمارض، وتماوت، وتغافل، وتغابى، وتعاظم، وتجاهل
المعنى التاسع: مُطاوَعَةُ (فاعَلَ) الذي بمعنى (أَفْعَلَ): ناولته فتناول، باعدته فتباعد.
تَعَدِّي صيغة (تَفَاعَلَ) ولُزُومُها:
لزوم الفعل المتعدي إلى مفعول واحد بعد دخول التاء عليه.
قصر المتعدي إلى مفعولين على مفعول واحد.
وعليه يكون المعنى من يتساءلون: يسأل بعضهم بعضا، وهي فعل لازم، ودلالة صيغة (تفاعل)
دلالة على تكرر وقوع الفعل منهم ,
جزاكم الله خيرا شيخنا الفاضل، استفدت كثيرا من هذا المبحث، سأعيد قراءته مرة أخرى للاستفسار عن بعض الأمور
أجزل الله لكم الأجر والمثوبة، ولعل فضيلتكم يتابع مثل هذه المباحث النافعة.
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[07 Jan 2008, 06:47 م]ـ
الحمد لله
جزاك الله خيرا على الموضوع
قد تصفحت موضوعكم القيم سريعاً، لضيقٍ في وقتي اليوم، وأكثر ما أعجبني فيه ترتيب أقاويل العلماء المستشهَد بأقوالهم تاريخياً.
ووددت أن أسألكم عن ضبط اسم ابن جُزيّ، إذ قد ضبطتموه جَزِيّ، فهل أنتم متعمدون في ذلك؟
وأما الملاحظات فاستوقفني قولكم
الخلاصة:
معنى قوله تعالى: (يتساءلون) أي يسأل بعضهم بعضاً، وتفيد هذه الصيغة تكرر وقوع الفعل منهم، وهو أسلوب معروف عند العرب، قال الكلحبة العرني:
تُسائلني بنو جشم بن بكر أغراء العرادة أم بهيمُ
هي الفرس التي كرت عليهم عليها الشيخُ كالأسد الكليمُ
على حين أن الشاهد هو عن صيغة ساءل، لا تساءل، لأن تُسائلني مضارع
ساءل الرباعي ولذلك ورد مضموم حرف المضارعة، فلا يصح شاهداً
وجل من لا يسهو
معنى (يتساءلون)
3 - يتساءلون الرسول – صلى الله عليه وسلم – والمؤمنون، والمفعول محذوف.
.
الذي في الأصل أعلاه والمؤمنين بالياء، لأن الكفار يتساءلون الرسول والمؤمنين أي يسألونهم، فيبدو أن كتابتها بالرفع (والمؤمنون) وهمٌ من الأخت أمة الرحمن غفر الله لنا ولها
وجلّ من لا يهم
ـ[أمة الرحمن]ــــــــ[07 Jan 2008, 08:39 م]ـ
الذي في الأصل أعلاه والمؤمنين بالياء، لأن الكفار يتساءلون الرسول والمؤمنين أي يسألونهم، فيبدو أن كتابتها بالرفع (والمؤمنون) وهمٌ من الأخت أمة الرحمن غفر الله لنا ولها
وجلّ من لا يهم
فضيلة الشيخ: عبدالرحمن الصالح
نعم وهمتُ، والصواب ما ذكرتموه
جزاكم الله خيرا على التنبيه
فضيلة الشيخ: عبد العزيز الداخل
لدي بعض الاستفسارات وفقكم الله
1 - (يتساءلون): على المعنى الأول والثاني فعل لازم، فلا يكون لها مفعول به، أليس كذلك؟
2 - هل يصح في النحو أن يكون المفعول به شبه جملة؟ لأننا ذكرنا أن شبه الجملة (عن النبأ العظيم) مفعول به على قول السجاوندي والأشموني - رحمهما الله -؟
3 - أحمد بن عبد الكريم الأشموني (ت: ق 11هـ) لو توضحون المقصود بـ (ق) هل هي قبل أو قرن؟
4 - عنوان الموضوع: مشروع (إعداد المفسر) كيف يمكن الاستفادة من هذا المشروع؟
وبارك فيكم ونفع بكم وبعلمكم
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[08 Jan 2008, 08:42 ص]ـ
الأخوة الأفاضل
ألا يمكن اختصار هذه المعاني مثل
المعنى الثاني: إفادة وقوع الفعل من متعدد في طرف واحد على مفعول واحد
مثاله: تراءوا الهلالَ
المعنى الثالث: إفادة وقوع الفعل من متقابلين على مفعول مشترك
مثاله: تنازعا الحديث، وتعاطيا الكأس، وتقاسما المال
الاختلاف في الثاني في الفاعل بمعني أنه يمكن القول -تعاطوا الكأس فتكون كالمعني الثاني
[ quote] المعنى السادس: تفاعل بمعنى فعل، مثاله: تراءى، توانى اللللللللل [/ quote
ولماذا لم تكن فعل مالفائدة من استخدام تفاعل هنا فنقول إنها للتدرج أو للقوة أو للتكرار وكلها لا تصلح لها فعل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[09 Jan 2008, 09:03 م]ـ
أعتذر عن التأخر لعوارض أسأل الله تعالى أن يعجل بزوالها
أمة الرحمن:
أولاً: أحسنت بالتلخيص بارك الله فيك.
وهذه بعض التوضيحات اليسيرة أرجو أن تفيد في استدراك بعض العبارات الواردة في تلخيصك:
الفعل (سأل) في لغة العرب له استعمالان مشهوران:
الأول: (سأل) العلمية التي يراد بها الاستعلام والاستفهام.
وهذا النوع يتعدى إلى مفعول واحد، كما في قوله تعالى: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) فضمير الخطاب (الكاف) في (سألك) في محل نصب مفعول به.
وربما حُذِفَ المفعول لفائدة بلاغية ومن أشهر الفوائد البلاغية في حذف المفعول إرادة العموم كما في قوله تعالى: (يسألون عن أنبائكم) حذف المفعول لإرادة العموم أي يسألون كل أحد، وحينئذ يقدر المفعول تقديراً في الإعراب.
وإذا دخلت تاء التفاعل على هذا الفعل صيرته لازماً
الاستعمال الثاني: (سأل) الطلبية وهي التي فيها معنى الطلب كما في قوله تعالى:
وقوله: (ولا يسألكم أموالكم) وهذا النوع يتعدى إلى مفعولين
فالكاف في محل نصب مفعول أول، و (أموال) مفعول ثانٍ
وعند دخول تاء التفاعل على هذا الفعل تقصره على مفعول واحد كما سبق توضيحه
والنوع الوارد في هذه الآية هو النوع الأول، وعليه فالصحيح أن الفعل يتساءلون فعل لازم
والذين قالوا بأن المفعول جملة (عن النبأ العظيم) لهم مذهب آخر في الإعراب يأتي توضيحه في جواب سؤالك.
وأما بالنسبة لا ستفساراتك:
1: نعم هو كذلك وعليه جمهور أهل العلم.
2: هذا مذهب لبعض النحاة يجعلون الجار والمجرور في مثل هذا المثال في موضع نصب لأنها تؤول بمفرد كما قالوا في التعجب في نحو قول القائل: أكرم بزيد، بعضهم يجعل الجار والمجرور في موضع نصب ويقدر في الفعل ضميراً يكون فاعلاً.
3: (ق11) أي في القرن الحادي عشر
4: مشروع إعداد المفسر يمكن الاستفادة منه بعدة أوجه، وانا عازم على طباعته في كتاب بإذن الله تعالى، وكذلك تضمينه في موقع إلكتروني تعليمي، وكذلك التعاون مع بعض الجهات العلمية ليتمكنوا من الاستفادة.
ولي عودة لإجابة الإخوة الفضلاء بإذن الله تعالى
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[10 Jan 2008, 03:33 ص]ـ
د. عبد الرحمن الصالح
أشكرك على ملاحظاتك الدقيقة والسديدة
توضيح:
كتاب مجمع التفاسير كتاب كبير قصدت فيه جمع أقوال العلماء فيما يتعلق بآيات الكتاب العزيز بنصوصها على طريقة التصنيف العلمي
فكل مسألة تجمع فيها أقوال العلماء ذات الصلة وترتب على التسلسل التاريخي، لما وجدته في هذه الطريقة من فوائد عظيمة ربما أخصص موضوعاً لبعض فوائدها
لذلك لم يكن بد من اتباع طريقة العمل المؤسسي في إعداد هذا الكتاب
فقسمت العمل فيه على فرق عمل في الإعداد العلمي والنسخ والمقابلة والتشكيل والمراجعة والضبط والتقسيم والتصنيف العام
وتوليت ما يتعلق بالتصنيف الخاص داخل العلوم والتحرير العلمي وأسأل الله الإعانة والتوفيق
والحمد لله على ما وفقنا وهدانا إليه فقد اختصرنا بهذه الطريقة كثيراً من الجهد والوقت وتيسر لنا جمع مادة علمية كبيرة ولله الحمد والمنة
فما جمع في سورة النبأ فقط جاوز أربعة آلاف نقل عن العلماء في مختلف الفنون
فمن المتعذر أن أتولى الضبط بنفسي لكني أسأل عما أستغربه، فإذا وجدت له مستنداً أقررت عملهم حتى يأتيني ما هو أرجح منه فأثبته، ولذلك أحببت أن أتدارس معكم بعض مباحث الكتاب لأستفيد من ملاحظاتكم ونقدكم فإن تدارس العلم مع أهله من أفضل سبل التعلم، وأدعى لإتقان العمل وهذا ما أنشده، وقد أمرنا الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى، والعلم النافع هو سبيل معرفة البر والتقوى، وهو من البر والتقوى.
وكنت قد استغربت ضبط الإخوة في لجنة الضبط لاسم ابن جزي، حيث كان المعروف لدي أنه تصغير لاسم (جَزْء) وهو من الأسماء المعروفة عند العرب، وممن سمي بذلك جزء بن ضرار الفزاري أخو الشماخ الذي رثى عمر بقصيدته الجميلة التي فيها البيت المشهور:
عليك سلام من إمام وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزق
ومنهم أيضاً المؤسِّي جزء بن الحارث من حكماء العرب
وجزء بن سنان، وجزء بن الحدرجان صحابي وغيرهم كثير
(يُتْبَعُ)
(/)
فسألت الإخوة فأفادوني بأنهم لم يجدوا ضبط اسمه تحديداً عند رجوعهم لعدة كتب ترجمت له فرجعوا إلى كتب المعاجم لمعرفة الضبط الشائع لهذا الاسم، وهذه طريقة يسلكها بعض المحققين عند تعذر ضبط الاسم المعين، والحاصل أنهم وجدوا بعض النقول التي توصلوا بها إلى هذا الضبط ومنها ما قاله الزبيدي في تاج العروس: ((وجزي بالكسر وكسُمَي وعَلِيٍّ أسماء) فمن الأول: خزيمة بن جزي صحابي؛ قال الدارقطني: أهل الحديث يكسرون الجيم، وقال الخطيب: هو بسكون الزاي، والصواب أنه كعَلِيٍّ ... ).
وقال ابن ماكولا في الإكمال: (وأما جزى بكسر الجيم يقوله أصحاب الحديث - قاله الدارقطني، وقال الخطيب: بسكون الزاي ولم يذكر حركة الجيم، وقال عبد الغني: جزى - بفتح الجيم وكسر الزاي فهو جزي أبو خزيمة وحبان له صحبة ورواية).
وقال ابن ناصر الدين الدمشقي في توضيح المشتبه في ضبط أسماء الرواة (ويجوز جزي بكسر الزاي وتشديد المثناة تحت).
فأقررت عملهم لما أفادوني به لاشتغالي بما هو أهم.
ولما سألتني بحثت فوجدت الضبطين شائعين وهو بالضم أشهر، وقد ذكر ابن حجر العسقلاني في تبصير المنتبه بتحرير المشتبه عدداً من الرواة ضبهم بالضم والتصغير
ووجدت أيضاً ما هو نص في المسألة وهو ما تفضل بالإرشاد إليه الإخوة الفضلاء ياسر القحطاني ود. عبد الرحمن الشهري على هذا الرابط
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=1335
إلا أنه ضبطه هكذا: (يُعْرفُ بابن جُزَيّء بضم الجيم وفتح الزاي بعدها ياء ساكنة بعدها همزة)
بالتشديد ولا وجه له إلا أن يكون خطأ طباعياً
ولذلك سأصوب تسميته في الكتاب
فجزاك الله خيراً على هذا التنبيه، وجزى الله الإخوة الفضلاء خيراً على ما أفادونا به.
وأما بالنسبة للشاهد الشعري الأول (تسائلني بنو جشم بن بكر ... ) فأحسنت بالتنبيه فهو لا يصح شاهداً وإن كان يدل على معنى التكرار، ولاشتغال الذهن بمعنى التكرار تبادر هذا الشاهد إلى ذهني فذكرته.
ويعجبني أن يكون في الملتقى من يتنبه لمثل هذا.
وما ذُكر في الخلاصة ليس في كتاب مجمع التفاسير وإنما أضفته للتوضيح وكتبت الشاهد من حفظي على عجالة وهو صدر القصيدة الثالثة من المفضليات، والشاهد الثاني صحيح كاف في الدلالة.
ـ[أمة الرحمن]ــــــــ[10 Jan 2008, 11:47 م]ـ
وفيكم بارك الله و جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Jan 2008, 12:00 ص]ـ
أحسن الله إليكم جميعاً على هذه الفوائد المتتابعة، وأجزل الله لكم الأجر أيها الأخ الداخل على هذه الهمة العالية، والتحرير الظاهر لمسائل العلم، وبمثل هذه الهمم بإذن الله نبلغ في تحقيق العلم مبلغاً إن شاء الله، وأسأل الله أن يحقق لك مرادك في إنجاز هذا المشروع العلمي وغيره، وأن يزيدك توفيقاً وسداداً، والحمد لله أن هداكم لهذا الأمر وأعانكم عليه.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[11 Jan 2008, 02:58 م]ـ
الأخوة الأفاضل
ألا يمكن اختصار هذه المعاني مثل
المعنى الثاني: إفادة وقوع الفعل من متعدد في طرف واحد على مفعول واحد
مثاله: تراءوا الهلالَ
المعنى الثالث: إفادة وقوع الفعل من متقابلين على مفعول مشترك
مثاله: تنازعا الحديث، وتعاطيا الكأس، وتقاسما المال
الاختلاف في الثاني في الفاعل بمعني أنه يمكن القول -تعاطوا الكأس فتكون كالمعني الثاني
لو قلت: تعاطوا الكأس لأصبح كالمعنى الثاني، وبقي مثال: تعاطيا الكأس منطبقاً على المعنى الثالث
وهذه المعاني قسمت هكذا لغرض التوضيح والبيان، والمعاني الثلاث الأولى بينها تقارب من وجه واختلاف دقيق من وجه آخر لذلك أحببت التنبه لها
وكنت أود أن أسهب في انتقاد المثال الذي ذكره الزمخشري ولكن خشيت أن يتشعب بنا البحث ويطول الكلام فيمل
المعنى السادس: تفاعل بمعنى فعل، مثاله: تراءى، توانى
ولماذا لم تكن فعل مالفائدة من استخدام تفاعل هنا فنقول إنها للتدرج أو للقوة أو للتكرار وكلها لا تصلح لها فعل
علماء الصرف جعلوا هذا النوع مستقلاً لأنه لم يجدوا تلك الصيغة تفيد أياً من المعاني السابق ذكرها
وبعض الأمثلة يدخلها التنازع وبعضها مستقيم على ما ذكروه
ومما يستقيم على ما ذكروه قول قيس بن الخطيم:
ولم أرها إلا ثلاثاً على منى = وعهدي بها عذراء ذات ذوائب
تبدَّت لنا كالشمس تحت غمامة = بدا حاجب منها وضنت بحاجب
فقوله: (تبدت) لا يفيد التكرار ولا التدرج ولا القوة، وإنما رآها على عجالة رؤية غير تامة كما ترى الشمس ودونها غمامة تستر جانباً منها ويظهر جانب.
فهي في معنى بدت.
والعلماء الذين ينفون الترادف في اللغة لا يقرون بذلك، ولهم أمثلة أجادوا في تحريرها وتقرير الفروق بين ما ادعي فيه الترادف، وأمثلة أخرى ظهر في ادعائهم الفرق شيء من التكلف
واللغة لا يحيط بها إلا نبي كما قال الشافعي رحمه الله.
ومما ينبغي التنبيه عليه الفرق بين (تراءى الشيءَ) و (تراءى لأحد)
فالأولى: هو الرائي وتفيد الصيغة محاولة الرؤية وفيها معنى تكرار النظر لمحاولة الرؤية.
والثانية: هو المرئي وإنما تراءى له ليمكنه من رؤيته، وهذه لا يلزم فيها التكرار، ولذلك مثل بها في تفاعل بمعنى فعل
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[11 Jan 2008, 04:00 م]ـ
أحسن الله إليكم جميعاً على هذه الفوائد المتتابعة، وأجزل الله لكم الأجر أيها الأخ الداخل على هذه الهمة العالية، والتحرير الظاهر لمسائل العلم، وبمثل هذه الهمم بإذن الله نبلغ في تحقيق العلم مبلغاً إن شاء الله، وأسأل الله أن يحقق لك مرادك في إنجاز هذا المشروع العلمي وغيره، وأن يزيدك توفيقاً وسداداً، والحمد لله أن هداكم لهذا الأمر وأعانكم عليه.
آمين
وأشكر لكم مشاركتكم بارك الله فيكم(/)
دعوة لحضور اللقاء العلمي الشهري عن الشيخ الطاهر بن عاشور وتفسيره التحرير والتنوير
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[03 Jan 2008, 02:58 م]ـ
يسر الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه دعوتكم لحضور اللقاء العلمي الشهري الخاص بأعضاء الجمعية مغرب يوم الأحد القادم 28/ 12/ 1428 هـ في قاعة المقصورة بالرياض، وضيف اللقاء الدكتور محمد بن إبراهيم الحمد، وسيتحدث عن الشيخ محمد الطاهر بن عاشور وتفسيره التحرير والتنوير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Jan 2008, 12:26 م]ـ
بارك الله فيكم يا ابا سلمان على هذا التنبيه، وأدعو الزملاء أعضاء الجمعية في الرياض للحضور.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[06 Jan 2008, 01:00 م]ـ
وفقكم الله وبارك في جهودكم
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[06 Jan 2008, 02:19 م]ـ
بارك الله في جهود الإخوة العاملين في الجمعية، وأجزل لهم الأجر والمثوبة ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jan 2008, 12:01 ص]ـ
بحمد الله وتوفيقه عقد هذا اللقاء، وحضره ما يقارب الستين من أعضاء الجمعية الفضلاء من أهل الاختصاص والعناية بالدراسات القرآنية، وقد أتحفناء الدكتور محمد الحمد وفقه الله بمعلومات مركزة ونفيسة حول سيرة ابن عاشور وكتابه التحرير والتنوير، وكان في التعقيبات والأسئلة والمداخلات إثارة لكثير من القضايا العلمية المتصلة بابن عاشور وكتابه التفسير. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات. وأشكر أخي الكريم الدكتور إبراهيم الحميضي الذي نسق هذا اللقاء مع الشيخ الدكتور محمد الحمد، كما أكرر شكري للشيخ محمد الحمد على تجشمه عناء الحضور من الزلفي إلى الرياض لمشاركتنا في هذه الليلة الرائعة.
رحم الله العلامة محمد الطاهر بن عاشور وأسكنه فسيح جناته، وجمعنا به في جنات النعيم.
في 28/ 12/1428هـ
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[07 Jan 2008, 02:14 ص]ـ
رحم الله العلامة محمد الطاهر بن عاشور وأسكنه فسيح جناته، وجمعنا به في جنات النعيم.
آمين، وجزاك الله خيرا أستاذنا على هذا التعليق الموجز، وحبذا لو أتحفتنا كعادتك بأهم النقاط التي تم طرحها في هذا اللقاء المبارك، أو أحد الإخوة ممن حضرها واستوعب من طرح الشيخ الحمد فيها. خاصة وأنها تناولت جهبذا من جهابذة التفسير في العصر الحديث. وبارك الله فيكم، وأدام فضلكم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[07 Jan 2008, 07:08 ص]ـ
حقا لقد كان لقاءً ممتعًا جلَّى فيه الشيخ محمد شيئًا من السيرة العطرة لهذا الإمام الذي يُعدُّ كتابه (التحرير والتنوير) مما يفاخر فيه أهل هذا القرن القرون الماضية، كما يقول الدكتور عبدالمحسن العسكر ـ وهو من أساتذة البلاغة المتخصصين ـ في مداخلته في هذا اللقاء المبارك، وقوله حقٌ لا مرية فيه، فكتاب الطاهر في التفسير لا يدانيه كتاب من كتب أهل العصر.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[07 Jan 2008, 11:10 ص]ـ
الأخ الكريم محمد بن عمر الضرير يمكن أن تجد ماطلبت أو بعضه في كتيب صدر للشيخ محمد الحمد بعنوان مدخل إلى تفسير التحرير والتنوير، كذلك يمكن أن تستفيد من موقع الشيخ: دعوة الإسلام.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[07 Jan 2008, 04:48 م]ـ
فكتاب الطاهر في التفسير لا يدانيه كتاب من كتب أهل العصر.
الحمد لله الذي بسط القبول لتفسير إمام بلدنا ووالد شيخ شيخنا رحمهم الله تعالى الشيخ العلامة الطاهر بن عاشور ... سيما عند من يعتبرون أن تفسيره العظيم مليء بما يسمونه "الأخطاء العقدية" .. وليت شعري كيف يوفق الله تعالى من جهل بذاته وصفاته وخالف فيها "السلف" إلى صياغة مثل هذا التفسير الجليل؟ َ أم كيف يكون من يعتبر عند البعض من "المرجئة" في باب الإيمان من المؤسسين لثورة عملية إصلاحية في مجال التعليم الديني؟
هل هذه مفرقة غريبة من مفارقات العصر؟ أم هو خطأ في إطلاق بعض الأحكام من بعض الجهات؟
في كل من الحالتين .. هو أمر يدعو للحيرة ...
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[07 Jan 2008, 06:11 م]ـ
إبراهيم الحميضي; الأخ الكريم محمد بن عمر الضرير يمكن أن تجد ماطلبت أو بعضه في كتيب صدر للشيخ محمد الحمد بعنوان مدخل إلى تفسير التحرير والتنوير، كذلك يمكن أن تستفيد من موقع الشيخ: دعوة الإسلام.
جزاك الله خيرا دكتور/ إبراهيم وأحسن إليك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jan 2008, 09:44 م]ـ
هذا نص المحاضرة كاملة محررة، وفيها ما لم يسعف الوقت بطرحه، وفيها إضافات أضافها المحاضر بعد تعقيبات ومداخلات الزملاء في اللقاء، وقد نسقها مكتب فضيلته وبعث بها لي، ومعها بعض الخطوط أرجو تركيبها لديكم ليقرأ الملف منسقاً وهي في إحدى وخمسين صفحة.
جزى الله الدكتور محمد الحمد خيراً وبارك فيه، ونفع بعلمه.
والملف في المرفقات.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[07 Jan 2008, 11:47 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه الفوائد.
مما يلفت الانتباه في سيرة الشيخ ابن عاشور رحمه الله جمعه بين العطاء العلمي والنشاط الأكاديمي والاجتماعي. وقد كانت هذه أيضا حال عبد الحميد بن باديس في الجزائر، وعلال الفاسي في المغرب، وهم من تحضرني أسماؤهم من علمائنا.
وقد تذكرت وأنا أقرأ ما جاء في هذه المقالة، كلاما للدكتور مساعد الطيار حول التفرغ لمن هم في تخصص علوم القرآن. حيث وجه نداء لأساتذته وزملائه في تخصص الدراسات القرآنية، (نقلا عن هذا الرابط ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10164)):
( إن الله قد من علينا جميعا بأن اختارنا لهذا التخصص الشريف الذي هو مطلب كل عالم، فحري بي وبكم أن نحيي علوم هذا التخصص، وأن نتفرغ له، وألا تشغلنا الأمور الدعوية والاجتماعية وغيرها مما يمكن أن يقوم به غيرنا، وأن نجدد في هذا العلم ما نستطيع. فكم آسى على زميل لي ينشغل بلجنة إغاثة يمكن لغيره أن يقوم بها، ويترك ما من الله عليه بالتخصص في القرآن وعلومه، فلا يقوم بتعليم الناس والتأليف لهم في هذا المجال).
وفي تقديري: أن التخصص العلمي والعطاء الفكري لا يستوجبان التفرغ، بل يمكن التحلي بهما مع القيام بمهام أخرى طالما توفرت في الشخص القدرات والمهارات الللازمة في إدارة الوقت وتحديد الأولويات وتركيز الجهود.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[08 Jan 2008, 12:01 ص]ـ
لقاء محوره وحديث بابه العلامة الطاهر بن عاشور المفسر اللغوي النحوي الأثري الفقيه المجاهد هو اللقاء بل هو معقد الفائدة، ومنبع الإثراء العلمي، ولكن أرجو الإجابة على هذا السؤال:
ماذا قيل عن عقيدة العلامة، وعن موقفه من وجود المجاز في القرآن الكريم؟
نريد الإفادة أفادكم الله معشر الحضور الكريم والله الموفق.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[08 Jan 2008, 12:32 ص]ـ
هذا نص المحاضرة كاملة محررة، وفيها ما لم يسعف الوقت بطرحه، وفيها إضافات أضافها المحاضر بعد تعقيبات ومداخلات الزملاء في اللقاء، وقد نسقها مكتب فضيلته وبعث بها لي، ومعها بعض الخطوط أرجو تركيبها لديكم ليقرأ الملف منسقاً وهي في إحدى وخمسين صفحة.
جزى الله الدكتور محمد الحمد خيراً وبارك فيه، ونفع بعلمه.
والملف في المرفقات.
حفظك الله أبا عبد الله ورعاك، ولا نملك لك إلا القول جزاك الله خيرا، ثم قول الشاعر:
حقا إذا صيغ الكلام جميعه شعرا ... لقصَّرَ عن مدى ما تفعلُ
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[08 Jan 2008, 12:36 ص]ـ
ماذا قيل عن عقيدة العلامة، وعن موقفه من وجود المجاز في القرآن الكريم؟
نريد الإفادة أفادكم الله معشر الحضور الكريم والله الموفق.
نعم نطرح نفس سؤال الدكتور/ خضر - حفظه الله- فهل من مبادر بالفائدة، مأجورا مشكورا.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[08 Jan 2008, 03:44 ص]ـ
ليس من عادتي أن أعقب على مثل هذه الأسئلة، وقد ترددت كثيرا قبل كتابة ما سأكتبه خشية أن يؤدي إلى عكس ما أرجو فهمه.
غير أنني أتساءل متكلا على الله: ما المقصد من وراء هذا السؤال:
أهو التحذير من كتب الشيخ؟
أم هو الانتقاص من شأنه؟
أم هو الرغبة في معرفة أخطاء الرجل؟
ما الفائدة من تعيير رجل ما بأخطائه عوض الاكتفاء بنقد الأفكار الخاطئة في كتبه؟
أليس من الظلم اختزال كتب الرجل والمسائل العلمية الغزيرة والفوائد الدقيقة التي قد تعد بالمئات وربما بالآلاف، في حكم عام نستنبطه من جواب سؤال عام كهذا السؤال؟
ماذا لو لم نعرف حقيقة معتقده من خلال كتبه، بمعنى أنه يعتقد أمورا لم يذكرها في كتبه، أو اعتقدها ثم تخلى عنها ولم يسعفه الوقت للحديث عنها في آخر حياته، أو اعتقدها وأخطأ في التعبير عنها، إلخ؟ ألا يكون الإلحاح على معرفة معتقده في تلك الحالة مضيعة للوقت، أو مؤديا إلى الخطإ، وربما يستبطن ظلما فادحا للرجل؟
وفي المقابل: ماذا يفيد لو حكمنا على معتقد الرجل بالسلامة ثم اكتشفنا أخطاء منهجية لا تغتفر؟ لم نطلب الرحمة لهذا ولا نكتفي بطلب الرحمة لذاك؟
وهب أننا اكتشفنا أن الرجل أشعري (وهو أمر أجزم بصعوبة العثور على أدلته)، هل سيجعلنا نتخلى عن كتابات الرجل وتفسيره بحجة "التطهر" العقائدي؟
العلماء أو الكتاب المعروفون بغزارة إنتاجهم عادة ما يتطلب الحكم عليهم الدقة والتفصيل كي لا نظلمهم. فكاتب أسهمت كتاباته في عدة علوم دقيقة لا يمكن اختزال علم بحكم تعميمي، إلا إذا قد قصدنا الانتقاص من إنتاجه الفكري.
لذلك: أليس من الأفضل الاكتفاء بتوجيه التساؤلات إلى الأقوال المطروحة في كتبه وتناولها بالنقد العلمي الصارم، وترك الخوض في معتقد الرجل، وإيكال تلك المهمة لله عز وجل الذي تكفل بحساب الناس بميزان عدل توزن به الأمور بمثقال الذرة، ولا يظلم ربك أحدا؟
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[08 Jan 2008, 04:00 ص]ـ
فاتني أن أذكر السبب الذي جعلني أقول عن مدى أشعريته (وهو أمر أجزم بصعوبة العثور على أدلته)، وهو أن هذا الرجل، بحكم تكوينه العلمي المتنوع، متحرر فكريا من التجاذبات العقائدي الحدّية، وكتاباته تدل على استقلاله بالفهم والتفكير، وعدم خوضه في هذا التجاذب من منطلق التزام مطلق بمدرسة عقائدية دون أخرى. ولو كان تمذهبه واضحا من خلال كتبه، لما عدمنا باحثين نقلوا ذلك خلال الأربعين سنة الماضية.
أما والحال على هذه الصعوبة، أفلا يصبح إعمال البحث بمنظار "ميكروسكوبي" للعثور على عبارة هنا أو هناك عملا يخرج عن إطار البحث العلمي ومقاصده؟
ـ[المستكشف]ــــــــ[08 Jan 2008, 08:16 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
الحقيقة أن الموضوع شغلني، وأنا أذكر من خلال قراءتي أن مصادر العلامة الطاهر في الاعتقاد أشعرية، ولا أذكر له اعتمادًا على كتب الاعتقاد التي تنحو إلى الاستدلال بالكتاب والسنة ككتاب التوحيد للبخاري وكتابه المفرد في خلق أفعال العباد وغيرها من كتب العقائد، ولا رأيته استفاد من كتب المتأخرين من المتبعين للسلف الذين بينوا عقائدهم وأوضحوا ما كانوا عليه من الإثبات واعتماد ما جاء في الكتاب والسنة لا ما جاء عن علماء الكلام الذين ذمهم الشافعي، ونظَّار المذهب الأشعري المتأخرون دخلوا في علم الكلام لكثرة ردهم على المعتزلة.
والعلامة الطاهر علم لا يشق له غبار لكنه ليس معصومًا، وليس بيان ما وقع فيه من الخطأ مشكلاً، لكن لا يكون خطؤه سببا في عدم الاعتداد به والاستفادة منه، فهذا الأسلوب لا يكون إلا من غلب عليه جهله في هذا السبيل.
وهو قد سار على طريقة الأشاعرة في العموم الأغلب من الاعتقاد، وإن كان محررا متحررا لا يلتزم هذا المذهب وهو يرى فيه الخطأ، بل حاشاه وحاشا عقلاء المسلمين من أفذاذ علمائهم أن يكونوا كذلك، فالأذكياء المعروفون: الباقلاني والجويني والرازي والشهرستاني وغيرهم، كل هؤلاء كانوا يرون التنزيه ويغلبون جانبه حتى خالفوا بعض ظواهر النصوص، وهؤلاء ـ إن ظهر لأحدنا خطؤهم في مسألة عقدية ـ يجب حفظ حقوقهم، والاعتراف بفضلهم، والاستفادة من تراثهم، وترك ما يظهر لنا من خطئهم شأننا في بحث ذلك كشأننا في أي مسألة علمية من مسائل الفقه وغيرها.
ولا يضيق أحدنا بالاختلاف، فأمة محمد صلى الله عليه وسلم لم تُعصم منه، لكن أين أدب الإسلام في التعامل بين المسلمين؟!
وقد جمعت لكم بعض النصوص لعلها تفيد في تبين شيء من المسألة التي نظرتم إليها، مع أنني ألاحظ أن الحديث عن العلامة الطاهر قد انحنى إلى مسار الاختلاف بدل مسار الاتفاق، وهو أن تفسيره تفسير عظيم، وقد شهد له بذلك المتخصصون، فلماذا لا نعود إلى تبيين مزايا هذا الكتاب بدل النظر في المثالب يا أولي الالباب.
1 ـ قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)
وفيه أيضاً تمثيلية تبعية، وهذا ينظر إلى قوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً} [الأنعام: 125].
فحصل في الآية أربع استعارات وثلاثة محسنات من البديع وأسلوب بياني، وحجة قائمة، وهذا إعجاز بديع.
ووُصف الضلال بالمبين دون وصف الهدى بالمبين لأن حقيقة الهدى مقول عليها بالتواطؤ وهو معنى قول أصحابنا الأشاعرة: الإِيمان لا يزيد ولا ينقص في ذاته وإنما زيادته بكثرة الطاعات، وأما الكفر فيكون بإنكار بعض المعتقدات وبإنكار جميعها وكل ذلك يصدق عليه الكفر. ولذلك قيل كفرٌ دون كفر، فوصف كفرهم بأنه أشدّ الكفر، فإن المبين هو الواضح في جنسه البالغ غاية حده.
2 ـ رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)
فأمّا جمهورُ أهل السنّة، الذين تترجم عن أقوالهم طريقة الأشعري، فعمّموا وقالوا: لا يثبت شيء من الواجبات، ولا مؤاخذة على ترك أو فعل إلاّ ببعثة الرسل حتّى معرفة الله تعالى، واستدلّوا بهذه الآية وغيرها: مثل {وما كنّا معذّبين حتّى نبعث رسولاً} [الإسراء: 15] وبالإجماع. وفي دعوى الإجماع نظر، وفي الاستدلال به على أصل من أصول الدين نظر آخر، وفي الاستدلال بالآيات، وهي ظواهر، على أصل من أصول الدين نظر ثالث، إلاّ أن يقال: إنَّها تكاثرت كثرة أبلغتها إلى مرتبة القطع، وهذا أيضاً مجال للنظر، وهم ملجَئُون إلى تأويل هذه الآية، لأنّهم قائلون بمؤاخذة أهل الفترة على إشراكهم بالله. والجواب أن يقال: إنّ الرسل في الآية كلٌّ إفْرادِي، صادق بالرسول الواحد، وهو يختلف باختلاف الدعوة. فأمّا الدعوة إلى جملة الإيمان والتوحيد فَقد تقرّرت بالرسل الأوّلين، الّذين تقرّر من دعواتهم عند البشر وجوبُ الإيمان والتوحيد، وأمّا الدعوة إلى تفصيل الآيات والصفات وإلى فروع الشرائع، فهي تتقرّر بمجيء الرسل الذين يختصّون بأمم معروفة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأمّا المعتزلة فقد أثبتوا الحسن والقبح الذاتيين في حالة عدم إرسال رسول؛ فقالوا: إنّ العقل يثبت به وجوب كثير من الأحكام، وحرمة كثير، لا سيما معرفة الله تعالى، لأنّ المعرفة دافعة للضرّ المظنون، وهو الضرّ الأخروي، من لحاق العذاب في الآخرة، حيث أخبر عنه جمع كثير، وخوف ما يترتَّب على اختلاف الفِرق في معرفة الصانع قبل المعرفة الصحيحة من المحاربات، وهو ضرّ دنيويّ، وكلّ ما يدفع الضرّ المظنونَ أو المشكوك واجب عقلاً، كمن أراد سلوك طريق فأخبر بأنّ فيه سَبُعاً، فإنّ العقل يقتضي أن يتوقّف ويبحث حتّى يعلم أيسلك ذلك الطريق أم لا، وكذلك وجوب النظر في معجزة الرسل وسائر ما يؤدّي إلى ثبوت الشرائع.
3 ـ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)
وأمّا جمهور المسلمين وهم أهل السنّة من الصّحابة فمن بعدهم فهي عندهم قضيّة مُجملة، لأنّ ترك الحكم بما أنزل الله يقع على أحوال كثيرة؛ فبيان إجماله بالأدلّة الكثيرة القاضية بعدم التكفير بالذنوب
4 ـ وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86)
وقد ذكر صاحب» المقاصد» أنّ إرسال الرّسل محتاج إليه، وهو لطف من الله بخلقه وليس واجباً عليه. وقالت المعتزلة وجمع من المتكلمين (أي من أهل السنّة) ممّا وراء النّهر بوجوب إرسال الرّسل عليه تعالى.
5 ـ وفي قوله: {وجعلها كلمة باقيةً في عقبه} إشعار بأن وحدانية الله كانت غير مجهولة للمشركين، فيتجه أن الدعوة إلى العلم بوجود الله ووحدانيته كانت بالغة لأكثر الأمم بما تناقلوه من أقوال الرّسل السابقين، ومن تلك الأمم العرب، فيتجه مؤاخذَةُ المشركين على الإشراك قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم لأنهم أهملوا النظر فيما هو شائع بينهم أو تغافلوا عنه أو أعرضوا. فيكون أهل الفترة مؤاخذين على نبذ التوحيد في الدّنيا ومعاقَبين عليه في الآخرة وعليه يُحمل ما ورد في صحاح الآثار من تعذيب عَمرو بن لُحيَ الذي سنّ عبادة الأصنام وما روي أن امرأ القيس حامل لواء الشعراء إلى النّار يوم القيامة وغير ذلك. وهذا الذي يناسب أن يكون نظر إليه أهل السنة الذين يقولون: إن معرفة الله واجبة بالشرع لا بالعقل وهو المشهور عن الأشعري، والذين يقولون منهم: إن المشركين من أهل الفترة مخلَّدون في النّار على الشرك. وأما الذين قالوا بأن معرفة الله واجبة عقلاً وهو قول جميع المَاتريدية وبعض الشافعية فلا إشكال على قولهم.
6 ـ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)
فدلالة الآية على أن المؤمنين يرون بأبصارهم رؤية متعلقة بذات الله على الإِجمال دلالة ظنية لاحتِمَالها تأويلات تأوَّلَها المعتزلةُ بأن المقصود رؤية جلاله وبهجة قدسه التي لا تخوِّل رؤيتها لغير أهل السعادة.
ويلحق هذا بمتشابه الصفات وإن كان مقتضاه ليس إثبات صفة، ولكنه يؤول إلى الصفة ويستلزمها لأنه آيل إلى اقتضاء جهة للذات، ومقدارٍ يُحَاطُ بجميعه أو ببعضِه، إذا كانت الرؤية بصرية، فلا جرم أن يُعد الوعد برؤية أهل الجنة ربَّهم تعالى من قبيل المتشابه.
ولعلماء الإِسلام في ذلك أفهام مختلفة، فأما صدر الأمة وسلفها فإنهم جَروا على طريقتهم التي تخلقوا بها من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم من الإِيمان بما ورد من هذا القبيل على إِجماله، وصرف أنظارهم عن التعمّق في تشخيص حقيقته وإدراجه تحت أحد أقسام الحكم العقلي، فقد سمعوا هذا ونظائره كلَّها أو بعضَها أو قليلاً منها، فيما شغلوا أنفسهم به ولا طلبوا تفصيله، ولكنهم انصرفوا إلى ما هو أحق بالعناية وهو التهمّم بإقامة الشريعة وبثّها وتقرير سلطانها، مع الجزم بتنزيه الله تعالى عن اللوازم العارضة لظواهر تلك الصفات، جاعلين إِمامهم المرجوع إليه في كل هذا قولَه تعالى: {ليسَ كمثله شيء} [الشوى: 11]، أو ما يقارب هذا من دلائل التنزيه الخاصة بالتنزيه عن بعض
(يُتْبَعُ)
(/)
ما ورد الوصف به مثل قوله: {لا تدركه الأبصار} [الأنعام: 103] بالنسبة إلى مقامنا هذا، مع اتفاقهم على أنّ عدم العلم بتفصيل ذلك لا يقدح في عقيدة الإِيمان، فلما نبعَ في علماء الإِسلام تطلّب معرفة حقائق الأشياء وألْجأهُم البحثُ العلمي إلى التعمق في معاني القرآن ودقائق عباراته وخصوصيات بلاغته، لم يروا طريقة السلف مقنعة لأَفهام أهل العلم من الخَلف لأن طريقتهم في العلم طريقةُ تمحيص وهي اللائقة بعصرهم، وقارِن ذلك ما حدث في فرق الأمة الإِسلامية من النِحل الاعتقادية، وإلقاء شبه الملاحدة من المنتمين إلى الإسلام وغيرهم، وحَدَا بهم ذلك إلى الغوص والتعمق لإِقامة المعارف على أعمدة لا تقبل التزلزل، ولدفع شبه المتشككين ورد مطاعن الملحدين، فسلكوا مسالك الجمع بين المتعارضات من أقوال ومعان وإقرارِ كلِّ حقيقة في نصابها، وذلك بالتأويل الذي يقتضيه المقتضي ويعضده الدليل.
فسلكت جماعات مسالك التأويل الإِجمالي بأن يعتقدوا تلك المتشابهات على إجمالها ويوقنوا التنزيه عن ظواهرها ولكنهم لا يفصِّلون صَرفها عن ظواهرها بل يُجملون التأويل، وهذه الطائفة تُدعى السلفية لقرب طريقتها من طريقة السلف في المتشابهات، وهذه الجماعات متفاوتة في مقدار تأصيل أصولها تفاوتاً جعلها فرقاً: فمنهم الحنابلة، والظاهرية، الخوارج الأقدمون غير الذين التزموا طريقة المعتزلة.
ومنهم أهل السنة الذين كانوا قبل الأشعري مثل المالكية وأهل الحديث الذين تمسكوا بظواهر ما جاءت به الأخبار الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم مع التقييد بأنها مؤوَّلة عن ظواهرها بوجه الإِجمال. وقد غلا قوم من الآخذين بالظاهر مثل الكَرامية والمشبهة فألحقوا بالصنف الأول.
ومنهم فِرق النُّظَّارين في التوفيق بين قواعد العلوم العقلية وبين ما جاءت به أقوال الكتاب والسنة وهؤلاء هم المعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية.
فأقوالهم في رؤية أهل الجنة ربَّهم ناسجة على هذا المنوال:
فالسلف أثبتوها دون بحث، والمعتزلة نفوها وتأولوا الأدلة بنحو المجاز والاشتراك، وتقدير محذوف لمعارضتها الأصول القطعية عندهم فرجحوا ما رأوْه قطعياً وألْغَوْها.
والأشاعرة أثبتوها وراموا الاستدلال لها بأدلة تفيد القطع وتبطل قول المعتزلة ولكنهم لم يبلغوا من ذلك المبلغ المطلوب.
وما جاء به كل فريق من حجاج لم يكن سالماً من اتجاه نقوض ومُنُوع ومعارضات، وكذلك ما أثاره كل فريق على مخالفيه من معارضات لم يكن خالصاً من اتجاه مُنُوع مجردة أو مع المستندات، فطال الْأخذ والرد. ولم يحصل طائل ولا انتهى إلى حد.
ويحسن أن نفوض كيفيتها إلى علم الله تعالى كغيرها من المتشابه الراجع إلى شؤون الخالق تعالى.
وهذا معنى قول سلفنا: إنها رؤية بلا كيف وهي كلمة حق جامعة، وإن اشمأزّ منها المعتزلة.
هذا ما يتعلق بدلالة الآية على رؤية أهل الجنة ربهم، وأمّا ما يتعلق بأصل جواز رؤية الله تعالى فقد مضى القول فيها عند قوله تعالى: {قال لن تراني} في سورة الأعراف (143).
7 ـ قل هو الله أحد
وقد اصطلح علماء الكلام من أهل السنة على استخراج الصفات السلبية الربانية من معنى الأحدية لأنه إذا كان منفرداً بالإلهية كان مستغنياً عن المخصِّص بالإِيجاد لأنه لو افتقر إلى من يُوجده لكان من يوجده إلها أوَّلَ منه فلذلك كان وجود الله قديماً غير مسبوق بعدم ولا محتاج إلى مخصص بالوجُود بدَلاً عن العدم، وكان مستعيناً عن الإمداد بالوجود فكان باقياً، وكان غنياً عن غيره، وكان مخالفاً للحوادث وإلا لاحتاج مثلَها إلى المخصص فكان وصفه تعالى: ب {أحد} جامعاً للصفات السلبية. ومثلُ ذلك يُقال في مرادفه وهو وصف وَاحد.
واصطلحوا على أن أحدية الله أحدية واجبة كاملة، فالله تعالى واحد من جميع الوجوه، وعلى كل التقادير فليس لكُنْه الله كثرة أصلاً لا كثرة معنوية وهي تعدد المقوّمات من الأجناس والفصول التي تتقوم منها المواهي، ولا كثرةُ الأجزاء في الخارج التي تتقوم منها الأجسام. فأفاد وصف {أحد} أنه منزه عن الجنس والفصل والمادة والصورة، والأعراض والأبعاض، والأعضاء والأشكال والألوان وسائر ما ينافي الوحدة الكاملة كما إشار إليه ابن سينا.
وأسأل الله لنا وللعلامة ابن عاشور الفوز بالجنة.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 Jan 2008, 03:04 م]ـ
الأخ الفاضل المستكشف أشكرك كثيرا على نقولك المفيدة المدلله على المراد.
أما الأخ الفاضل ابن جماعة فأقول له أشهد الله أني أحترم القيمة العلمية المستنيرة لما تطرح، ولكن هذه المرة ما أصاب قوسك الرمية، ومن حقك أن تتردد في جوابك عن معتقد الشيخ ابن عاشور وكذلك موقفه من المجاز في القرآن الكريم؛ لأن جوابك فعلا يستحق التريث والتردد كونك ستدخل عالم النوايا لمن يطرح السؤال، فشككت بقلمك في السائل حيث صورته بصورة متربص بعالم فاضل لا يشق له غبار.وكل ذلك لم يكن.
فالشيخ نحبه ونحب علمه برمته جملة و تفصيلا، لا نفرق بين عقيدته وبلاغته وشوارد ما كتب وجواهر ما خط يمينه ـ رحمه الله تعالى ـ وقد كنت في مرحلة الماجستير أعد خطة علمية ليكون تفسير ابن عاشور هو موضوع دراستي، لكنني وجدت بكلية البنات جامعة الأزهر من سبقني بدراسة منهج الشيخ، وفي كلية أ صول الدين بالقاهرة من سجل عن التحرير والتنوير، ومن شغفي بابن عاشور وولده العالم الجليل محمد الفاضل بن عاشور الذي كان عضوا علميا في مجمع البحوث بالأزهر ومات في حياة والده وله " التفسير ورجاله " تمت بيني وبين أسرة ابن عاشور بتونس مراسلات لازالت عندي عن الشيخ ولم تنشر بعد.
ومن هنا أقول لكم لقد أخطأ سمك الرمية عندما افترضت في السائل سوء النية، ولكن بتجرد شديد قد أجد في الشيخ ما لا تجده أنت مثلا، ومن هنا كان السؤال الذي لا زلت أكرره لذات المعرفة والعلم " ماذا عن معتقد الرجل، وعن وجود المجاز في كتابه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[09 Jan 2008, 04:48 م]ـ
الأخ الفاضل المستكشف أشكرك كثيرا على نقولك المفيدة المدلله على المراد.
أما الأخ الفاضل ابن جماعة فأقول له أشهد الله أني أحترم القيمة العلمية المستنيرة لما تطرح، ولكن هذه المرة ما أصاب قوسك الرمية، ومن حقك أن تتردد في جوابك عن معتقد الشيخ ابن عاشور وكذلك موقفه من المجاز في القرآن الكريم؛ لأن جوابك فعلا يستحق التريث والتردد كونك ستدخل عالم النوايا لمن يطرح السؤال، فشككت بقلمك في السائل حيث صورته بصورة متربص بعالم فاضل لا يشق له غبار.وكل ذلك لم يكن.
فالشيخ نحبه ونحب علمه برمته جملة و تفصيلا، لا نفرق بين عقيدته وبلاغته وشوارد ما كتب وجواهر ما خط يمينه ـ رحمه الله تعالى ـ وقد كنت في مرحلة الماجستير أعد خطة علمية ليكون تفسير ابن عاشور هو موضوع دراستي، لكنني وجدت بكلية البنات جامعة الأزهر من سبقني بدراسة منهج الشيخ، وفي كلية أ صول الدين بالقاهرة من سجل عن التحرير والتنوير، ومن شغفي بابن عاشور وولده العالم الجليل محمد الفاضل بن عاشور الذي كان عضوا علميا في مجمع البحوث بالأزهر ومات في حياة والده وله " التفسير ورجاله " تمت بيني وبين أسرة ابن عاشور بتونس مراسلات لازالت عندي عن الشيخ ولم تنشر بعد.
ومن هنا أقول لكم لقد أخطأ سمك الرمية عندما افترضت في السائل سوء النية، ولكن بتجرد شديد قد أجد في الشيخ ما لا تجده أنت مثلا، ومن هنا كان السؤال الذي لا زلت أكرره لذات المعرفة والعلم " ماذا عن معتقد الرجل، وعن وجود المجاز في كتابه؟
أحسن الله إليك يا د. خضر. ووددت لو لم تشبه كلامي بالرمي والسهم ولو بالمجاز. فأنا لا أحبذ هذه التشبيهات خصوصا عند الحديث بين الإخوان. والأخ لا يوجه سهما لأخيه ولو بالمزاح.
وأما بالنسبة للموضوع، فلم أحكم على نية السائل، ويشهد الله أني لا أفعل ذلك في أي حوار من حواراتي (ما استطعت).وأحترم رأيك مع تحفظي على السؤال عن معتقد الأعيان عموما لعدم تعلقه بالبحث العلمي، واعتقادي الجازم أن البحث العلمي والإطار الشرعي يستوجبان الاكتفاء بنقد المعتقدات والأفكار والمناهج.
مع خالص التحية.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[09 Jan 2008, 07:02 م]ـ
ماذا عن معتقد الرجل، وعن وجود المجاز في كتابه؟ [/ size][/color]
د. خضر، الإمام اببن عاشور أشعري العقيدة، ولن أقول مائة بالمائة، لكن سأقول تسعة وتسعون بالمائة، أما الواحد بالمائة المتبقية فهي ما يتسامح فيه الشيخ من استعمال بعض عبارات ابن سينا - الذي كان يقدره - وبعض عبارات المعتزلة كالتولد وغيرها مما تساهل فيه نظرا لكونه لا يميل إلى إثارة الخلافات العقدية بين كبريات الفرق الإسلامية .. لذا تعقب الشيخ ابن تيمية بكل لطف في رفضه لعبارة مذهب السلف أسلم والخلف أعلم ..
ولا ننسى أن مشايخ الإمام ابن عاشور أشاعرة كالشيخ العلامة الجهبذ محمد النجار .. وهذا الأخير شيخه الإمام إسماعيل التميمي صاحب الرد على الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي ..
وبالجملة .. تونس .. وجامع الزيتونة لم يعرف عقيدة غير عقيدة أهل السنة الأشاعرة .. وهذه حقيقة تاريخية لا يسع إنكارها، ومن هنا تعجبت للأخ محمد بن جماعة في عدم معرفته بعقيدة الشيخ ابن عاشور .. اللهم أن تكون الغربة أنسته ذلك. الله أعلم.
أما عن المجاز في تفسير الشيخ، فلو لا قول الشيخ بالمجاز لما كان التحرير تحريرا ولا التنوير تنويرا ...
ولمعلومات الدكتور خضر التي لا أظنها خفيت عليه .. أن الشيخ الفاضل بن عاشور كان يدرس في مادة العقيدة شرح العقائد النسفية للإمام التفتازاني، ووما يحكى عنه أنه كان يفعل ذلك من حفظه .. وهو ابن الشيخ وتلميذه.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[09 Jan 2008, 08:12 م]ـ
.. ولا ننسى أن مشايخ الإمام ابن عاشور أشاعرة كالشيخ العلامة الجهبذ محمد النجار .. وهذا الأخير شيخه الإمام إسماعيل التميمي صاحب الرد على الشيخ محمد بن عبد الوهاب النجدي .. وبالجملة .. تونس .. وجامع الزيتونة لم يعرف عقيدة غير عقيدة أهل السنة الأشاعرة .. وهذه حقيقة تاريخية لا يسع إنكارها، ومن هنا تعجبت للأخ محمد بن جماعة في عدم معرفته بعقيدة الشيخ ابن عاشور .. اللهم أن تكون الغربة أنسته ذلك. الله أعلم ..
قرأت للشيخ ابن عاشور كتابه في مقاصد الشريعة، وقدرا لا بأس به من تفسيره، وبعضا من مقالاته وكتبه الأخرى، وعددا من الدراسات حول آرائه واجتهاداته. والانطباع القوي الذي تكوّن لديّ هو تحرر الرجل من التجاذبات المذهبية في الاعتقاد، وعدم التزامه التزاما مطلقا بمدرسة عقائدية. وتتلمذ الرجل على يدي شيخ لا يدل على تطابق معتقداتهما.
أعلم أن رأيي هذا يحتاج لتوضيح ودقة. وقد أرسل إلي أحد الإخوة على البريد الخاص طالبا توضيح ما قلته في تعقيبي على د. خضر. وسأعود بإذن الله لتفصيل رأيي حين أجد متسعا كافيا من الوقت. وبما أنني أشرت إلى هذا الرأي في عدد من مداخلاتي المتناثرة في المنتدى، فلعل من المفيد أن أفرده في موضوع مستقل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[10 Jan 2008, 02:08 ص]ـ
لتوضيح رأيي في تصنيف معتقدات الأشخاص، أفردت موضوعا مستقلا أعرض فيه بعض الأفكار تحت عنوان: (تصنيف المعتقدات أم تصنيف الأشخاص؟)، تجدونه في هذا الرابط:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=10616
ـ[أبو المهند]ــــــــ[10 Jan 2008, 02:20 ص]ـ
شكر الله لكم يا أستاذ ابن جماعة، ويقيني نبل مقصدك ونظافة هدفك حيث إنك تذب عن العلماء بكل ما أوتيت، ونحسب أننا من ذلك الرجل، أما الفاضل " أبو عبيدة الهاني " الذي توصل إلى سبق مؤداه " أن الإمام ابن عاشور أشعري العقيدة، ولن يقول مائة بالمائة، لكن يقول تسعة وتسعون بالمائة، ثم تفضل بتحليل الواحد في المئة تحليلا معتبرا، أما عن المجاز في تفسير الشيخ، فقال: لو لا قول الشيخ بالمجاز لما كان التحرير تحريرا ولا التنوير تنويرا ... أ. هـ قوله
قلت: ما مدى مقبوليتكم يا أبا عبيدة لهذه الحقيقة على مستواها العقدي، واللغوي المجازي؟ مع تحياتي
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[10 Jan 2008, 03:33 م]ـ
حفظكم الله أيها الفضلاء جميعا.
وننتظر تفصيلك شيخ محمد في الجانب الثاني، ولك رأيك الذي نحترمه وشخصك الذي نجله.
ورعى الله د. خضر فقد شفى وكفى.
وابن عاشور قامة علمية سامقة، تجاوزت حدود المذهبية والنقل، وانطلقت إلى عالم فسيح من الاستنباطات والابتكارات، باثة علومها ومعارفها الجمة في شتى ميادين العلوم أصالة ومعاصرة، وصدق المتنبي في قوله، وكأنه يعينه:
كالبحر يقذف للقريب جواهرا جودا **** ويبعث للبعيد سحائبا
وأحمد للأخ المستكشف قوله:" والعلامة الطاهر علم لا يشق له غبار لكنه ليس معصومًا، وليس بيان ما وقع فيه من الخطأ مشكلاً، لكن لا يكون خطؤه سببا في عدم الاعتداد به والاستفادة منه، فهذا الأسلوب لا يكون إلا من غلب عليه جهله في هذا السبيل.
وهو قد سار على طريقة الأشاعرة في العموم الأغلب من الاعتقاد، وإن كان محررا متحررا لا يلتزم هذا المذهب وهو يرى فيه الخطأ، بل حاشاه وحاشا عقلاء المسلمين من أفذاذ علمائهم أن يكونوا كذلك، فالأذكياء المعروفون: الباقلاني والجويني والرازي والشهرستاني وغيرهم، كل هؤلاء كانوا يرون التنزيه ويغلبون جانبه حتى خالفوا بعض ظواهر النصوص، وهؤلاء ـ إن ظهر لأحدنا خطؤهم في مسألة عقدية ـ يجب حفظ حقوقهم، والاعتراف بفضلهم، والاستفادة من تراثهم، وترك ما يظهر لنا من خطئهم شأننا في بحث ذلك كشأننا في أي مسألة علمية".
وقد كان غرضي من السؤال: الاستفادة أولا من إجابات العلماء الفضلاء، ثم التأكيد - وكما تفضل الشيخ بن جماعة- على التوجه نحو المسائل العلمية في كتاب العالم هذا أو ذاك ونقدها بميزان العلمية والموضوعية، وكم تألمت كثيرا عند سماعي من بعض تلامذة العلم سبهم وشتمهم المقذع لعلماء عظماء، حقهم الإكبار والإجلال، لما قدموه من خدمة عظيمة للمسلمين والإسلام، وما ذاك إلا لكون الشيخ الفلاني أو العلاني وقف على رأي لم يسبره حق السبر، ولم يعمل الأدوات الأزمة، لفهم القول، وبنى على ما ظهر له تسرعا، وربما قال كلمة مقبولة ففهمها تلاميذه بصورة خاطئة، وتطاولوا بما لو مزج بما البحر لعكَّره، والعياذ بالله، فمن لنا برجال منصفين علماء مدركين حال الأمة وما وصلت إليه من الفرقة والخلاف حول قشور فكرية، لا تزيدنا من الله إلا بعدا، ومن بعضنا إلا كرها.
حاشا من ثبتت زندقته، وتبين مكره، وفشا شره، بما لا يدع مجالا للشك في زواغ فكره وانحراف عقيدته، فهذا من يشهر ويُعرّف الناس حقيقته، بل ويحارب وكل من على شاكلته.
ونصحي لأخوتي (طلاب العلم) أن يبتعدوا عن باب المهاترات والمجادلات العقيمة، ويتوجهوا للتعمق في العلوم العائدة بالنفع على الأمة، ويكونوا رسل تقريب ودعاة وحدة طالما فقهوا كتاب الله وسنة رسوله حق الفهم، فـ"من يريد الله به خيرا يفقهه في الدين"، ويجتنبوا الطعن في ظهور علماء الأمة، ويتركوا أمر تقرير ذلك لكبار العلماء فهم أدرى بمن هو مكبا، ومن يمشي سويا على صراط واضح مستقيم لا اعوجاج فيه.
وبحمد الله يتميز ملتقانا المبارك بنخبة علمية أكاديمية، وكوكبة فكرية راقية، قل نظيرها في أي تجمع الكتروني آخر، وهذا مما يحمد للأساتذة القائمين عليه، فجزاهم الله خيرا، وبارك في إعمارهم وأعمارهم.
والله أسال أن يهدينا صراطه المستقيم. وأن يجمع كلمة المسلمين،وأن يظهر ديننا العظيم، ويطفيء كيد الكافرين ويخزي أعوانهم الخائنين، والحمد لله رب العظيم.(/)
توجيه الشيخ الفاضل الجديع لمعنى الاحرف السبعة .... فتح لباب التحاور
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[03 Jan 2008, 09:49 م]ـ
*
الحمد لله
تكلم الشيخ الفاضل عبد الله بن يوسف الجديع في كتابه القيم المقدمات الاساسية في علوم القرآن عن معنى الاحرف
السبعة بقليل من التفصيل ثم ذكر فضيلته اشهر الاقوال التي تناولت معنى الاحرف السبعة و ابتداها بأولها قائلا
في الصفحة 77 من الطبعة الاولى ما يلي
1 - سبع لغات للمعنى الواحد وهذا بمنزلة قولك هلم تعال أقبل فهي و ان اختلفت في لفظها فقد اتحدت في معناها
ولم تتخالف./اه
ثم ضرب الشيخ الجديع حفظه الله أمثلة بما ورد من الاحاديث و أقتصر في التمثيل على أثر قراءة عمر رضي الله
عنه فامضوا الى ذكر الله مع أن الذي في المصحف فاسعوا الى ذكر الله.
وقال الشيخ بعد ايراده للامثلة ما يلي
... الى أمثلة أخرى مروية عنهم تدل على أن ذلك من تلك الاحرف التي قرأ عليهم بها رسول الله صلى الله عليه و سلم
و لاترى بين شيء منها وبين ما في المصحف مخالفة في المعنى./اه
ثم ضعف الشيخ الجديع الاقوال الاخرى بعد ذلك ... وضعف معها أرجح الاقوال و اقواها في نظر العبد الضعيف وهو قول
الرازي الذي اورده الزرقاني في مناهل العرفان وقريب منه قول ابن قتيبة وابن الجزري رحمهم الله.
وكان من حجج الشيخ الجديع حفظه الله قوله
فإن كانت تلك الحروف لا زالت جميعا موجودة في المصحف فلا معنى اذا لما صنع عثمان./اه
وهذا فيه تلميح الى موقفه في بقاء الاحرف السبعة غير انه لم يصرح بمراده في هذه المسألة و انما قال بعده
بسطرين ما يلي
ولكن اعلم ان هذا الامر قبل المصحف العثماني فإن تلك الاحرف كانت معروفة لاصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قبل
ذلك أما بعده فإن الناس لم يبق لهم طريق لتمييز تلك الاحرف السبعة الا بالمقدار الذي تضمنه المصحف العثماني./اه
هذه خلاصة كلامه حفظه الله.
و يظهر لي و العلم عند الله ان القول الذي رجحه الشيخ عليه مآخذ كثيرة بعضها يظهر بعد التأمل و بعضها قد
ذكره العلماء و اما المآخذ التي ضعف بها قول الرازي و من معه قد أجاب عنها العلماء بما فيه كفاية و مقنع.
فأرجو من الاخوة أن يثروا هذا الموضوع و قد اكون جانبت الصواب في فهم كلام الشيخ فلعلنا نستفيد ... و اخص بالدعوة
الشيخ الفاضل عبد الرحمن الشهري فلعل عنده توضيحا أو مزيدا مما لم اقف عليه .... ولست أغمط الكتاب حقه فهو ان
شاء الله كما قال فيه الشيخ المشرف وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Jan 2008, 02:29 م]ـ
كلام الجديع في هذا الموضوع فيه اختصار وتركيز لرأيه هو، وقد بسط الموضوع في دراسته لأحاديث الأحرف السبعة في كتاب سماه (طرق حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف).
وليتك أخي الكريم - لإكمال الصورة- أن تذكر رأي الرازي الذي ترى رجحانه، وتذكر المآخذ الكثيرة التي تأخذها على الرأي الذي اختاره الجديع في كتابه. والأقوال كما تعلم في توجيه الحديث كثيرة جداً وعدد من الأقوال له حجج يرى القائلون به وجاهتها، ويجيبون على الأقوال المخالفة. بارك الله فيكم ونفع بكم.
ـ[محب القراءات]ــــــــ[05 Apr 2010, 09:54 م]ـ
من أحسن ما قرأت في موضوع الأحرف السبعة كتاب فضيلة الشيخ د/ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ حفظه الله, وهو بعنوان:
(حديث الأحرف السبعة دراسة لإسناده ومتنه واختلاف العلماء في معناه وصلته بالقراءات القرآنية) طبعته مؤسسة الرسالة, عدد صفحاته 144.
وقد بدأ كتابه بذكر الأحاديث الواردة في الأحرف السبعة وأسانيدها , ثم ذكر أقوال العلماء في المراد بالأحرف السبعة , وذكر أنهم اختلفوا في ذلك اختلافا كثيرا حتى بلغت الأقوال التي عدها السيوطي في الإتقان أربعين قولا؟!! أقواها ستة أقوال , وقد ناقش هذه الأقوال كلها , ومن ضمنها هذا القول الذي رجحه الدكتور/ الجديع.
وخلص إلى أن المراد بالأحرف السبعة: وجوه متعددة متغايرة منزلة من وجوه القراءة يمكنك أن تقرأ بأي منها فتكون قد قرأت قرآنا منزلا, والعدد هنا مراد, بمعنى أن أقصى حد يمكن أن تبلغه الوجوه القرائية المنزلة هو سبعة أوجه, وذلك في الكلمة القرآنية الواحدة ضمن نوع واحد من أنواع الاختلاف والتغاير, ولا يلزم أن تبلغ الأوجه هذا الحد في كل موضع من القرآن.
ثم ذكر الحكمة من الأحرف السبعة وفوائدها.
والكتاب (من أنفس ما كتب في شرح الأحرف السبعة وفيه تحليلات وفوائد جليلة) كما قال الدكتور مساعد الطيار في كتابه [المحرر في علوم القرآن ص 98]
وموضوع الأحرف السبعة يحتاج إلى تأمل وطول نظر, ومن العجيب أن العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان لم يتوصل إلى المراد منه؟!! وذلك لما سأله الشيخ د/ عبد العزيز القارئ إلى ما ترجح عنده في المراد بالأحرف السبعة فإذا به يقول: الذي ترجح عندي أني لا أعرف معناه؟!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[06 Apr 2010, 06:30 م]ـ
من أحسن ما قرأت في موضوع الأحرف السبعة كتاب فضيلة الشيخ د/ عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ حفظه الله, وهو بعنوان:
(حديث الأحرف السبعة دراسة لإسناده ومتنه واختلاف العلماء في معناه وصلته بالقراءات القرآنية) طبعته مؤسسة الرسالة, عدد صفحاته 144.
والكتاب (من أنفس ما كتب في شرح الأحرف السبعة وفيه تحليلات وفوائد جليلة) كما قال الدكتور مساعد الطيار في كتابه [المحرر في علوم القرآن ص 98]
الأمر كما ذكرت أخي الفاضل , إلا أن في هذا البحث مواضع تحتاج إلى تأمل , ومزيد تثبت في الفهم والاستنتاج وتوجيه الأقوال , وقد ظهرت لي بعد قراءة مكررة للبحث قبل عدة أيام.
والذي أؤكده لك أخي الحبيب -مطمئناً إليه-: أن الكلام في الأحرف السبعة لم ينته .. ولم يُقارِب.
فأين الباحثون؟!
ـ[نورة العنزي]ــــــــ[06 Apr 2010, 11:17 م]ـ
أنزل اللهُ القرآنَ على سبعة أحرف للتوسيع على الأمة. ومن قرأ بحرف منها أجزأه. ثم لما حدث ما حدث من الاختلاف بعد اتساع الفتوحات، السبب الذي جعل الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه- يجمع الناس على حرف واحد، إذ أصبح وجود كل هذه الأحرف مشكلا، وقد كانت تلك الأحرف للمصلحة، فقد أصبح الاقتصار على واحد منها هو المصلحة للأمة. (وهذا من رحمة الله بالأمة أن وقع الاختلاف في عصره، فهو أحد الخلفاء الذين أوصى الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأخذ بسنتهم، فتأمل). العلماء لا يزالون يبحثون في معناها -أي الأحرف السبعة- ولمّا يتبين المعنى الراجح، أليس يمكن أن تكون قد أخفيت عنا بعد أن كانت معلومة؛ رحمةً بنا، لئلا تقع الأمة في الخلاف ثانية؟ أفيدوني ...(/)
من تفصيل الكتاب وبيان القرآن ج4
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[04 Jan 2008, 02:20 م]ـ
من مقدمة التفسير "من تفصيل الكتاب وبيان القرآن ج4
للحسن محمد ماديك
الأمر بالصبر
إن من تفصيل الكتاب وبيان القرآن أن التكليف بالصبر أو الوصف به حيث وقع في الكتاب المنزل فإنما يعني الإيمان بموعود والصبر على انتظاره من غير تعجل وكذلك دلالة قوله:
• ? فاصبر إن وعد الله حق {الروم 60 وغافر 55، 77
• ? فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون {خاتمة الأحقاف
ويعني تأكيد نفاذ وعد الله وأنه حق ولو تراءى بعيدا للمكلف بالإيمان به أو للمكلف بالصبر، وسيأتي بيان الأحرف الثلاثة أي حرف الروم وحرفي غافر في بيان القرآن، وسيأتي بيان حرف الأحقاف في كلية النصر في ليلة القدر.
وإن من المثاني قوله:
• ? وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين {الأعراف 87
• ? واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين {خاتمة يونس
• ? فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت {القلم 48
• ? واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا {الطور 48
ويعني حرف الأعراف أن رسول الله شعيبا قد أمر قومه مدين أن يصبروا ولا يتعجلوا حكم الله بين الطائفتين وهو صريح في أن الله قد وعدهم أن يحكم بين الفريقين في الدنيا فينجي المؤمنين ويهلك بالعذاب المجرمين.
ويعني حرف يونس أن الله وعد في القرآن أن يحكم بين الفريقين في الدنيا كما يأتي تفصيله وتحقيقه وبيانه في كلية النصر في ليلة القدر.
ويعني حرف القلم أن وعد الله المفصل في قوله} فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين {القلم 44 ـ 45 هو حكمه الذي كلف النبي الأمي r بالصبر على انتظاره.
ويعني حرف الطور أن الله قد كلف النبي الأمي r بالصبر على انتظار حكمه بين الفريقين في الدنيا كما هو مفصل في قوله} فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون واصبر لحكم ربك {الطور 45 ـ 48
وكان أمر النبي الأمي r بالصبر حيث وقع في الكتاب المنزل عليه من سنّته التي كلف بها ولزم من اتبعه أن يصبر وينتظر حكم الله ووعده.
وإن قوله:
• ? قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين {هود 48 ـ 49
• ? قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين {الأعراف 128
• ? وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون {الأعراف 137
• ? ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين {الأنعام 34
• ? ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين {عمران 124 ـ 125
ويعني حرف هود أن قوله} وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم {لمن أنباء الغيب المنتظرة بعد نزول القرآن ولقد نبّأ الله به نوحا من قبل وسيتم نفاذ وعد الله به لتكون العاقبة للمتقين وكلف النبي الأمي ? بالصبر قبل نفاذ وعد الله فكان من سنته ولزم من آمن به اتباع سنته.
ويعني أول الأعراف أن قوله} إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده {لمما وعد به موسى قومه قبل هلاك فرعون وتعني التذكرة به في القرآن أن الوعد لم ينقض بعد يوم نزل به القرآن ولا يزال منه ما شاء الله إلى أن يكون آخره نفاذ وعد الله} والعاقبة للمتقين {على لسان موسى وكلف قومه بالصبر قبل نفاذه.
ويعني ثاني الأعراف أن تدمير ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون وأن ونجاة بني إسرائيل إذ جاوزوا البحر هو كلمة ربنا التي تمت أي وعده الذي نفذ وتمّ لما صبروا أي آمنوا بوعد الله وانتظروه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويعني حرف الأنعام أن الله قد وعد رسله بالآيات قبل نزول القرآن أن ينصرهم في الدنيا وأنهم قد آمنوا بوعد الله وصبروا على انتظاره وأوذوا حتى أتاهم نصر ربهم فأهلك عدوهم واستخلفهم في الأرض من بعدهم.
ويعني حرف عمران أن قوله} ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين {لمن وعد الله في القرآن وكلف المؤمنون بالصبر قبل نفاذه المؤكد بالحرف} بلى {وبينته في كلية النصر في ليلة القدر.
الحمد
إن قوله} يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده {الإسراء 52 ليعني أن الناس سيبعثون في يوم البعث فلا يبقى منهم أحد بل يتم ذلك الوعد بحمد الله، وهكذا كان من تفصيل الكتاب أن " الحمد لله " حيث وقع فإنما لبيان نعمة قد تمت ونفذت يوم نزل القرآن أو لبيان نعمة هي من وعد الله سيتم نفاذه في الدنيا أو في الآخرة.
ومن الأول قوله:
• ? الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور {الأنعام
• ? الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب {الكهف
• ? الحمد لله الذي وهب لي على الكبر إسماعيل وإسحاق {إبراهيم 39
ولا يخفى أن جميعه مما مضى وانقضى.
ومن الثاني قوله:
• ? فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين {الأنعام 45
• ? فإذا استويت أنت ومن معك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين {الفلاح 28
• ? وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء {الزمر 74
ويعني حرف الأنعام أن قطع دابر القوم الذين ظلموا من قوم نوح والأحزاب من بعدهم هو مما وعد الله به رسلهم نوحا وهودا وصالحا ولوطا وشعيبا وموسى وقد تمت النعمة به على المؤمنين، ويعني كذلك أن قطع دابر الذين ظلموا من هذه الأمة وعد من الله نزل به القرآن وسيتم بحمد الله كما بيّنته مفصلا في كلية النصر في ليلة القدر.
ويعني حرف الفلاح أن الله وعد نوحا أن ينجيه هو ومن معه من الطوفان وأمرهم بحمده إذا تم الوعد به، ويدل على الوعد به قوله} ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق {هود 45 يعني تمسك نوح بوعد الله أن ينجيه ومن معه ظنا منه دخول ابنه في من معه.
ويعني حرف الزمر أن أهل الجنة يوم يدخلونها سيحمدون الله أن صدقهم الوعد بها في الدنيا.
وإن قوله:
• ? دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين {يونس 10
• ? وقيل للذين اتقوا ماذا قال ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون {النحل 30 ـ 32
• ? أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسئولا {15 ـ 16
• ? من خشي الرحمان بالغيب وجاء بقلب منيب ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد {سورة ق 33 ـ 35
• ? والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير {الشورى 22
• ? والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين {الزمر 34 ـ 35
ويعني حرف يونس أن أهل الجنة تجاب دعوتهم عند فراغهم من الدعاء فيعطون ما يشاءون فيكون آخر دعواهم} الحمد لله رب العالمين {يعني أن صدقهم الوعد وأتم النعمة فأعطاهم ما يشاءون ويبتغون، وإنما دعاؤهم التسبيح أي تنزيه الله أن يخلف وعده أن لهم في الجنة ما يشاءون وكما بيّنت في دلالة التسبيح.
وإن من المثاني قوله:
• ? ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون {النحل 75
• ? ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويان مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون {الزمر 29
ويعني أن البشرية قبل نزول القرآن قد عرفت المثلين وأن من وعد الله أن ستعرفهما بعد نزول القرآن كما هو دلالة قوله} هل يستوون {وكما هي دلالة الحمد ولو جهل أكثر الناس فسيتم ذلك الوعد.
وإن من المثاني قوله:
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? ولئن سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون {العنكبوت 63
• ? ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون {لقمان 25
ويعني حرف العنكبوت أن الله الذي نزل من السماء ماء فأحيا به الأرض من بعد موتها وعد أن يحيي الموتى يوم البعث وسيتم بحمد الله ذلك الوعد ولو كذّب الذين لا يعقلون.
ويعني حرف لقمان أن الله الذي خلق السماوات والأرض سيخلق مثلهم ليوم البعث أي بعد إعدامهما فلا يبقى منهم شيء وعدا منه سيتم نفاذه بحمد الله ولو جهله أكثر الناس.
الظن
إن للظن في تفصيل الكتاب أكثر من دلالة فمنه ما هو مذموم ومنه ما هو حسن ومنه ما لا يقع عليه وصف الذم ولا الحسن إذ لا تكليف فيه.
أما الظن المذموم فكما في قوله:
• ? إنه ظن أن لن يحور ? الانشقاق 14
• ? وما أظن الساعة قائمة ? الكهف 36 فصلت 50
• ? وما يتبع أكثرهم إلا ظنا ? يونس 36
• ? وما لهم به من علم إن هم إلا يظنون ? الجاثية 24
• ? وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين ? الجاثية 32
ويعني أن الظن المذموم هو ما كان في مقابلة العلم واليقين أي هو الشك في موعودات الكتاب وغيبه وفي ما أنزل الله.
وأما الظن الحسن فكما في قوله:
• ? وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ? التوبة 118
• ? واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون ? البقرة 46
• ? قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين ? البقرة 249
ويعني اليقين بوعد الله، فالمخلفون الثلاثة صدقوا ولم يرتدوا عن الإسلام بل أسلموا للعقاب أن لا يكلمهم المسلمون وأن يعتزلهم الأزواج وأن لا يقطع بإيمانهم حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وأنكرهم المؤمنون لكن أيقنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه فتاب عليهم بصدقهم.
ويعني أول البقرة أن الخاشعين هم الذين يظنون في كل وقت أنهم ملاقوا ربهم أي ميتون، قصر أملهم فاستعدوا للموت في كل ساعة فكانت صلاتهم أبدا صلاة مودع فخشعوا فيها ولم يعبثوا أو يغفلوا، ويقينهم بالموت سمي ظنا من جهة مبلغ العلم ولو تأخر عنهم الموت أكثر من ظنهم.
ويعني ثاني البقرة أن الذين أيقنوا أنهم ملاقوا الله للحساب في يوم القيامة هم الذين صدقوا مع طالوت ولم يتولوا عنه يوم الزحف ـ خوفا من الحساب والعقاب يوم يلاقون الله ـ وهم قلة رغم كثرة عدوهم جالوت وجنوده واستعانوا بالله فنصرهم.
وإن قوله:
• ? كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفّت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق ? القيامة 26 ـ 29
• ? حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم ? يونس 22
ليعني اليقين بالموت في تلك الحال وليس هو بمذموم ولا حسن وإنما سمي بالظن لتعلق الإنسان بأسباب النجاة وحرصه على الحياة في كل وقت والله أعلم.
الإيمان
إن من تفصيل الكتاب المنزل أن الإيمان المعدى باللام يعني التصديق من المعاصر كما في قوله:
• ? فآمن له لوط ? العنكبوت 26
• ? فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم ? يونس 83
• ? قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون ? الشعراء 111
• ? وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ? يوسف 17
ولا يخفى أن لوطا قد عاصر إبراهيم وأن ذرية من بني إسرائيل قد عاصروا موسى وأن قوم نوح قد عاصروا نوحا وأن بني يعقوب إخوة يوسف قد عاصروا أباهم.
ويعني قوله ? قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ? التوبة 61 أن النبي ? يؤمن بالله لدلالته على الغيب إذ لم يره في الدنيا ويصدّق النبي ? المؤمنين فلا يكذبهم فيما يزعمون إذ كان ? على خلق عظيم.
وإن من تفصيل الكتاب المنزل أن الذين آمنوا حيث وقعت في الكتاب فإنما هم صحابة النبي أو الرسول الذين آمنوا به إيمانا مستأنفا.
أما صحابة نوح فهم الموصوفون في قوله:
• ? وما أنا بطارد الذين آمنوا ? هود 29
• ? وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن ? هود 36
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل ? هود 40
وأما صحابة هود فهم الموصوفون في قوله ? ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ ? هود 58.
وأما صحابة صالح فهم الموصوفون في قوله:
• ? قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم ? الأعراف 75
• ? فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ ? هود 66
• ? وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ? النمل 53
• ? ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ? فصلت 18
وأما صحابة شعيب فهم الموصوفون في قوله:
• ? ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به ? الأعراف 86
• ? قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا ? الأعراف 88
• ? ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا ? هود 94
وآمن لوط بإبراهيم كما في قوله ? فآمن له لوط ? العنكبوت 26.
وأما صحابة موسى فهم الموصوفون في قوله:
• ? قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم ? غافر 25
• ? فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه ? يونس 83
• ? وقال الذي آمن ? غافر 30، 38
وأما صحابة خاتم النبيين ? فهم الموصوفون في قوله:
• ? لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم ? التوبة 88
• ? ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى ? التوبة 113
• ? إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا ? عمران 68
أما المؤمنون فهم أعم من صحابة الرسول أو النبي إذ يقع لفظ المؤمنين على الرسول والذين آمنوا معه كما في قوله ? ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين ? الروم 47، ويقع على الصحابة كالذين آمنوا كما في قوله ? إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون ? الحجرات 15 ولتسميتهم بالمؤمنين رد على الذين يزعمون أنهم مؤمنون ويتخلفون عن الرسول يرغبون بأنفسهم عن نفسه، ويقع على المؤمنين من الأمة الذين لم يدركوا النبي ? ابتداء من التابعين للصحابة فمن يأتي بعدهم ...
وأما الإيمان المعدى بالباء فيقع على الغيب المنتظر الذي سيكون شهادة فيما بعد، وهكذا مدلول الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله.
أما الإيمان بالله فلأنه لن يرى في الدنيا كما هي دلالة قوله ? الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ? غافر 7 ويعني أنهم وهم المقربون من الملائكة يؤمنون بالله ولم يروه بعد وهم يعلمون أنهم سيرونه في يوم الحساب وعدا من الله كما هو مدلول تسبيحهم بحمد ربهم وكما فصلت في بيان اقتران التسبيح مع الحمد.
وأما الإيمان بالملائكة واليوم الآخر فظاهر كذلك أنهما من الغيب في الدنيا وسيشهد العالمون جميعا بعد البعث للحساب كلا من الملائكة واليوم الآخر.
وأما الإيمان بالقدر كله فلإيمان المؤمن أن ما أصابه من القدر لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه منه لم يكن ليصيبه، فالقدر مسطور في اللوح المحفوظ غيب يؤمن به المؤمن قبل أن يقدّر عليه كما في قوله ? قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم ? الأحقاف 9 أي لم يطلع على القدر المغيب عنه قبل وقوعه.
وأما الإيمان بالكتب المنزلة من عند الله فهو من الغيب لتضمنها غيبا في الدنيا لم يقع بعد نفاذه كما سيأتي، ولتضمنها غيبا في الآخرة كما هو معلوم.
وأما الإيمان برسل الله فلأن الدين الذي جاءوا به وهو الكتاب والبيّنات لم ينقض ما فيهما من العلم والوعد والتكليف ولا يزال الخطاب به قائما وكما سيأتي تفصيله في بيان القرآن.
العلم
(يُتْبَعُ)
(/)
إن من تفصيل الكتاب المنزل أن العلم يقع على الوحي كما في قوله ? يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك ? مريم 43 من قول إبراهيم، وكان يعقوب ذا علم كما في قوله ? وإنه لذو علم لما علمناه ? يوسف 68 أي صاحبه بالوحي إليه وكان الرسل والنبيون هم أولوا العلم أي أصحابه كما في قوله ? شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم ? عمران 18، ولقد علم الملائكة وهم في الملإ الأعلى والرسل والنبيون بالوحي ما جعل شهادة كل منهم أنه لا إله إلا الله أكبر من شهادتنا نحن عامة الناس، وكان إسحاق غلاما عليما كما في قوله ? قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم ? الحجر 53 ومن المثاني معه قوله ? قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم ? الذاريات 28 إذ هو نبي، وكذلك قوله ? إنما يخشى الله من عباده العلماء ? فاطر 28 يعني النبيين والرسل كما سيأتي تحقيقه في بيان القرآن.
وكان صحابة كل نبي أو رسول الذين تعلموا منه هم الذين أوتوا العلم بالتجهيل كما في قوله ? ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا ? القتال 16 يعني أن المنافقين لم يفقهوا القرآن إذ لم يتجاوز آذانهم بل سألوا عن معانيه ودلالاته الذين أوتوا العلم وهم أصحاب النبي ? الذين جعل القرآن في صدورهم كما في قوله ? بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ? العنكبوت 49 أي أنهم سمعوا القرآن وتجاوز آذانهم واستقر في صدورهم لكن دون مرتبة النبي الأمي ? الذي نزل على قلبه أي علم ما فيه من العلم.
ويقع العلم على البينات لما في الكتاب المنزل من عند الله كما في قوله ? وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ? عمران 19 أي أن اليهود لم تختلف إلا من بعد ما جاءهم الرسل ببينات التوراة وهكذا اختلفوا أكثر لما جاءهم عيسى بالبينات.
ويقع العلم على المشاهدة بالعين كما في قوله:
• ? فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق ? القصص 13
• ? أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن الله على كل شيء قدير ? البقرة 259
ولقد أوحي إلى أم موسى بقوله ? إنا رادوه إليك ? القصص 7 وهو وعد من الله، وكانت تؤمن بأنه وعد حق، ولكن علمت برأي العين لما ردّ إليها وقرّت عينها به أن وعد الله حق، وكان الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها يؤمن بأن الله سيحييهم بعد موتهم يوم البعث، وعلمه لما رآى مثله في الدنيا.
وإن من تفصيل الكتاب المنزل أن ما علّمك الله فهو بالكسب والتجربة كما في قوله ? والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ? النحل 78 ويعني أن السمع والبصر والذاكرة في الدماغ هي أدوات التعلم بالكسب، ومنه قوله ? وما علّمتم من الجوارح مكلّبين تعلّموهن مما علّمكم الله ? المائدة 4 يعني الجوارح من الطير والكلاب يعلّمها الناس الصيد بالترويض والكسب والتجربة ومن زعم أن تعلمها للصيد هو من الوحي الخارق المعجز فهو أحمق، وإنما الصيادون يعلّمونها مما تعلّموا هم أنفسهم بالكسب والتجربة أي مما علّمهم الله، ومنه قوله ? ولا يأب كاتب أن يكتب كما علّمه الله ? البقرة 282 أي كما علم شهادته بالمشاهدة والسماع، ومنه قوله ? واتقوا الله ويعلّمكم الله ? البقرة 282 وليست التقوى شرطا لزيادة العلم وحصوله من غير تعلم وكسب ولو كان كذلك لما كان من فرق بينه وبين قولنا "واتقوا الله يعلمكم الله" بجزم الفعل أي بإسكان الميم في يعلمكم على جواب فعل الأمر اتقوا وعلى نسق المتفق عليه في قوله:
• ? فاتبعوني يحببكم الله ? عمران 31
• ? ذروني أقتل موسى ? غافر 26
• ? فقل تعالوا ندع ? عمران 61
• ? قل تعالوا أتل ? الأنعام 151
• ? اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم ? يوسف 9
وقد تم جزم الأفعال الواقعة في جواب فعل الأمر الواقع في موضع الشرط.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن قوله ? واتقوا الله ويعلمكم الله ? لمتفق على قراءته برفع الفعل ? ويعلمكم ? والمعنى اتقوا الله والله يعلمكم ما تتقونه به من الأحكام والتشريع أي أن الله لم يكلف العباد بتقواه كما يتصوره كل واحد منهم ويتخذه دينا لنفسه وإنما الله يبيّن لهم ما يتقونه به وهو مما يعلمهم إذ نزل من عنده في الكتاب وكما في قوله ? وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبيّن لهم ما يتقون ? التوبة 115 وقوله ? واتقوا الله ويعلّمكم الله ? في آخر آية الدين، وقد علّم الله المسلمين فيها وفي ما قبلها من الأحكام والتكاليف الفردية والجماعية وفي سائر الكتاب ما يتقون ـ بامتثال مأموراته واجتناب منهياته ـ عذابه وعقابه.
ولا يخفى أن قوله ? ولا يأب كاتب أن يكتب كما علّمه الله ? في أول آية الدّين لمن المثاني مع قوله ? ويعلمكم الله ? في آخر آية الدين إذ ما كلّف به الكاتب من الأمانة والنقل وأن يأتي بالشهادة على وجهها هو مما علّمه الله في الكتاب كذلك أما الأول ففي قوله ? ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا ? الإسراء 36 وأما الثاني ففي قوله ? ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها ? المائدة 108 وقوله ? كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ? النساء 135 وقوله ? كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ? المائدة 8.
وإن من تفصيل الكتاب المنزل أن ما علّم ربنا ملائكته ورسله وأنبياءه هو ما خصوا به من العلم فعلموه تعلما خارقا معجزا من غير كسب منهم وتلك دلالة المثاني:
• ? قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علّمتنا ? البقرة 32
• ? وعلّم آدم الأسماء كلها ? البقرة 31
• ? وإنه لذو علم لما علّمناه ? يوسف 68
• ? ذلكما مما علّمني ربي ? يوسف 37
• ? فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلّمناه من لدنا علما ? الكهف 65
• ? وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علّمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء ? النمل 16
وتعني أن ربنا علّم الملائكة من غير كسب منهم ولا جهد وكذلك علّم آدم ويعقوب ويوسف والخضر وداوود وسليمان وسائر الرسل والنبيين.
وأما قوله ? وأعلم من الله ما لا تعلمون ? الأعراف 62 من قول نوح، وفي يوسف 86 من قول يعقوب فيعني أن كلا منهما علم من الله بالوحي إليه ما لم يعلمه غيره، فيعقوب قد علم بالوحي أن أولاده كاذبون بزعمهم أن الذئب قد أكل يوسف وعلم بالوحي أنه سيجتمع بيوسف وأن الله سيتم نعمته عليه وعلى أولاده رغم ما سلف منهم مع أخيهم يوسف.
وإن قوله:
• ? ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض ? البقرة 107 المائدة 40
• ? ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض ? الحج 70
ليعني أن النبي ? قد نزل عليه من قبل في الكتاب مثله فعلمه بالكتاب المنزل عليه.
وإن قوله ? ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم ? التوبة 63 ليعني أن قد نزل مثله من قبل في الكتاب كما في قوله ? إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين ? المجادلة 5 وهكذا فحرف المجادلة قد نزل قبل حرف التوبة.
وإن قوله ? ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم ? التوبة 104 ليعني أن قد نزل في الكتاب من قبل مثل جميع ذلك كما في قوله ? وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ? الشورى 25 وكما في قوله ? خذ من أموالهم صدقة ? التوبة 103 ولقد نزل في أكثر من حرف قبل سورة التوبة أن الله هو التواب الرحيم.
وإن قوله ? ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب ? التوبة 78 ليعني أن الكتاب من قبل قد تضمن مثل ذلك كما في قوله ? ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ? المجادلة 7.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن قوله ? أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ? الزمر 52 ليعني أن الناس قد علموا من قبل ذلك رأي العين كما في قوله ? أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون ? الروم 37 ويعني حرف الزمر كذلك أن مثل ذلك قد نزل من قبل في الكتاب كما في قوله ? قل إن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون ? سبأ 36 ويعني أن حرف الزمر تأخر نزوله عن الحرفين.
وسيأتي مزيد من التفصيل والبيان.
الهداية
إن قوله:
• ? سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى ? بداية الأعلى
• ? قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ? طه 50
ليعني أن رب العالمين قد هدى كل مخلوق إلى ما جبله عليه مما يصلح لبقائه وحفظ نوعه، فذلك التوفيق الذي فتح به المولود فاه ساعة يولد ليمص الثدي، وذلك التوفيق الذي جعل كل مخلوق على الأرض يسلك سلوكا خاصا لبقائه هو الهداية التي هداه بها رب العالمين، ولو لم يفتح المولود ساعة يولد فاه ولم يستطع مص ثدي أمه أو المرضع لما كان من المهتدين إلى أسباب بقائه.
وإن رب العالمين هو الذي هدى أنثى الطير إلى فقص بيضها في أجل معلوم لا تضل عنه ولا تخطئه.
وإن قوله:
• ? إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ? الإنسان 2 ـ 3
• ? ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين وهديناه النجدين ? البلد 8 ـ 10
• ? ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها ? الشمس 7 ـ 8
ليعني أن رب العالمين بما أنعم على الإنسان بما متع به من سمع وبصر وكلام وتخيير بين السبيلين أي النجدين والطريقين سبيل الشكر والإيمان وسبيل الكفر والشرك فهو ممتحن مبتلى، وهدايته هذه هي إلهامه الخير والشر أي ما جبل عليه وخلق فيه من القدرة على تسخير عينيه ولسانه وشفتيه وسائر قواه إلى كل من الخير والشر إذا شاء.
وكذلك قوله:
• ? وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون ? النحل 15
• ? وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا وسبلا لعلهم يهتدون ? الأنبياء 31
• ? الذي جعل لكم الأرض مهدا وجعل لكم فيها سبلا لهلكم تهتدون ? الزخرف 10
• ? إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ? النساء 98
ويعني حرف النحل والأنبياء والزخرف أن من نعمة ربنا علينا أن جعل في الأرض جبالا وأنهارا وفجاجا وسبلا هن علامات يهتدي بها الناس في قوافلهم وضربهم في الأرض.
ويعني حرف النساء المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة تخلصهم من الاستضعاف ولا يعرفون الطريق التي توصلهم إلى حيث يبتغون إذ لا يهتدون إليها.
وإن قوله:
• ? وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر ? الأنعام 97
• ? وبالنجم هم يهتدون ? النحل 16
ليعني أن النجوم يهتدى بها في ظلمات البر والبحر.
وإن من المثاني قوله:
• ? قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون ? البقرة 70
• ? قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون ? النمل 41
ويعني حرف البقرة أن الهداية التي حرص عليها بنو إسرائيل هي أن يعرفوا البقرة الموصوفة فلا يضلوا عنها إلى ما تشابه عليهم من البقر غيرها.
ويعني حرف النمل أن سليمان اختبر عقل ملكة سبإ ليعلم رأي العين هل ستهتدي إلى معرفة عرشها رغم ما لحقه من التنكير أم سيلتبس عليها وتضل عنه فلا تعرفه.
وإن قوله:
• ? أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ? الأعراف 100
• ? أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم ? السجدة 26
• ? أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم ? طه 128
ليعني أن الذين سيرثون الأرض من بعد أهلها هم الذين سيعمرون مساكن الذين ظلموا أنفسهم قبل نزول القرآن كمساكن عاد وثمود وقوم لوط الذين ظلموا أنفسهم وبين القرآن كيف عذبوا في الدنيا بذنوبهم كما في قوله ? وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم ? إبراهيم 45.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويعني حرف الأعراف أن قوما سيرثون ديار أولئك الذين ظلموا أنفسهم وسيسكنونها سيتبيّنون ويهتدون إلى أن الله قادر على أن يعذبهم بذنوبهم في الدنيا كما عذب من قبل أهل تلك الديار عادا وثمود وقوم لوط، وهو من الوعد في القرآن لم يقع بعد نفاذه إذ لم تسكن بعد ديار عاد وثمود وقوم لوط كما بينت في كلية النصر في ليلة القدر.
ويعني حرف السجدة وطه أن المعرضين عن القرآن سيهتدون ويتبينون أن الله قد أهلك قرونا من قبلهم كانوا يمشون في مساكنهم وأنهم سيعرفون من ذلك آيات أي علامات وقرائن على أن سيقع مثله بعد نزول القرآن كما بينت في كلية النصر في ليلة القدر.
ومن المثاني قوله:
• ? قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ? غافر 29
• ? وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ? البقرة 170
• ? وإذا قيل لهم تعالوا ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ? المائدة 104
• ? بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ? الزخرف 22
• ? ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون ? الزخرف 36 ـ 37
ويعني حرف غافر أن فرعون قد حجر على عقول وأبصار قومه فلم يشأ منهم أن يروا لأنفسهم رأيا غير ما يراه هو لهم وادعى أنه يهديهم سبيل الرشاد كما يراه هو ويدلهم عليه فلا يخطئونه ولا يضلون عنه إذا قلدوا فرعون واتبعوه.
ويعني حرف البقرة والمائدة وأول الزخرف أن المشركين الذين عاصروا نزول القرآن كانوا كلما دعوا إلى القرآن وإلى الرسول به ? أعرضوا واختاروا اتباع ما كان عليه آباؤهم، وأنكر القرآن عليهم تقليد الآباء ولو كانوا لا يعلمون شيئا ولا يعقلونه ولا يهتدون إلى الحق.
ويعني ثاني الزخرف أن الشياطين يصدون عن سبيل الله من عشي عن القرآن فلم يبصره ولم يهتد به وأنهم يضلونه بعيدا إذ يجردونه من الاستعداد للتلقي منه والبحث فيه وتدبره إذ يحسب نفسه مهتديا سبيل الرشاد كفرعون ذي الأوتاد.
وإن قوله:
• ? ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير ? الحج 3 ـ 4
• ? احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ? الصافات 22 ـ 23
ليعني أن الهداية إلى العذاب هي موافقة الطريق الموصلة إليه وعدم الضلال عنها إلى طريق أخرى غير موصلة إلى العذاب.
ومن المثاني قوله:
• إ ?ن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد ? الحج 23 ـ 24
• ? إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم ? يونس 9
ويعني أن أهل الجنة يهديهم ربهم بإيمانهم إلى الطيب من القول فلا يستطيعون الضلال عنه إلى اللغو والعبث والمنكر.
وإن قوله:
• ? وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى ? طه 121 ـ 122
• ? أولئك الذين أنعم الله عليهم من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمان خروا سجدا وبكيا ? مريم 58
• ? ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ? الأنعام 84
• ? اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون ? يس 21
• ? ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ? الضحى 6 ـ 7
• ? قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ? الأنعام 56
(يُتْبَعُ)
(/)
ليعني أن النبيين والرسل في الدنيا كأهل الجنة قد هداهم ربهم إلى الطيب من القول وإلى صراط مستقيم ولا يملك أحدهم لنفسه ضلالا ولا زيغا كما في قوله ? أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله ? النور 50 ويعني أن رسل الله لا يحيفون ولا يميلون عن الحق أبدا بما هداهم ربهم ووفقهم إذ هداهم ربهم فاهتدوا ومن قبل قد آتاهم حكما وعلما وجعلهم أئمة يهدون غيرهم من الناس بأمره وإذنه وأوحى إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وهداهم في الدنيا إلى الطيب من القول وإلى العمل الصالح فلا يخطئونه ولا يضلون عنه، وسيأتي من البيان في كليتي ? اهدنا الصراط المستقيم ?.
وأما هداية عامة الناس فإنما تعني تبينهم ما جاء به النبيون والرسل من الهدى والبينات والإيمان به واتباعه من غير ضلال عنه إلى غيره مما تهوى الأنفس.
ولقد تضمن تفصيل الكتاب وبيان القرآن أن لكل من الهداية المعداة ب" إلى " والهداية المعداة ب "اللام " والهداية المجردة منهما مدلول خاص مختلف عن الآخر.
أما الهداية المباشرة المجردة من التعدية بالحرف كما في قوله:
• ? وهديناهما الصراط المستقيم ? الصافات 118
• ? ويهديك صراطا مستقيما ? الفتح 2
• ? ولهديناهم صراطا مستقيما ? النساء 68
فسيأتي بيانها في كليتي ? اهدنا الصراط المستقيم ?.
وأما الهداية المعداة بـ "إلى " فتعني التبيّن وعدم اللبس ولقد أسند فعلها إلى الله وإلى الرسل وإلى القرآن.
فأما إسنادها إلى الله رب العالمين فكما في قوله:
• ? ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ? الأنعام 87
• ? إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم ? النحل 120 ـ 121
• ? لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ? النور 46
• ? وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم ? الحج 54
ويعني أن الله بيّن لهم الصراط المستقيم وعرفه لهم بالوحي كما سيأتي بيانه.
وأما إسنادها إلى الرسل فكما في قوله:
• ? وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ? الشورى 52
• ? أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ? يونس 35
ويعني حرف الشورى أن النبي الأمي ? قد بين الصراط المستقيم للناس ودلهم عليه إذ قرأ عليهم القرآن المنزل من عند الله إليهم.
ويعني حرف يونس وصف الرسل بأنهم هم الذين يهدون إلى الحق وأنهم أحق أن يتبعوا أما الله فهو الذي يهدي الرسل والنبيين للحق قبل أن يكلفهم بأن يهدوا الناس إلى الحق وهكذا لم يكن في تفصيل الكتاب تكليف الناس باتباع الذي يهدي للحق في هذا الحرف إذ هو الله الكبير المتعالي.
وأما إسنادها إلى القرآن فكما في قوله:
• ? قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ? الجن
• ? قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم ? الأحقاف 30
ويعني أن القرآن يهدي إلى الرشد وإلى طريق مستقيم أي يجعل من تدبره يتبين منه الرشد والطريق المستقيم إلى النجاة فلا يلتبسان عليه بالغي والضلال إلى طريق الهلاك والعذاب وكذلك دلالة قوله:
• ? إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ? الإسراء 9
• ? ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ? الشورى 52
• ? وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله يهدي من يريد ? الحج 16
ويعني أن الكتاب المنزل من عند الله قد تضمن علامات وأوصاف لن يضل معها من تدبره واهتدى بهداه بل سيهتدي به للتي هي أقوم وإلى الرشد وأن الله يهدي به من يشاء أي يجعله يتبين الحق ويهتدي إلى الصراط المستقيم كما سيأتي بيانه.
ولقد تضمن تفصيل الكتاب أن الهداية المعداة بـ " اللام " إنما أسندت إلى الله وإلى القرآن، أما إسنادها إلى الله ففي قوله:
• ? وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا ? الكهف 24
• ? قل الله يهدي للحق ? يونس 35
• ? فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه ? البقرة 213
• ? يهدي الله لنوره من يشاء ? النور 35
(يُتْبَعُ)
(/)
ويعني حرف الكهف أن الله يهدي بالوحي النبي ? لأقرب من ذي قبل يوم نزلت سورة الكهف قبل الهجرة وكذلك أنزل الله عليه من الكتاب والقرآن بعد سورة الكهف، وتقدم قريبا من بيان حرف يونس.
ويعني حرف البقرة أن الذي اختلف فيه أهل الكتاب قبل نزول القرآن من الحق قد هدى الله له الذين آمنوا وهم صحابة النبي الأمي ?، وإنما هداهم له بتوفيقه إياهم لاتباع القرآن.
وسيأتي من بيان حرف النور في كلية في بيان القرآن.
وأما إسنادها إلى القرآن ففي قوله ? إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ? الإسراء 9 ويعني أن لن يهتدي بعد نزول القرآن إلا من اهتدى بالقرآن للتي هي أقوم إلى الحق وإلى الرشد كما هو مدلول قوله:
• ? ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ? الشورى 52
• ? قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ? المائدة 16
ويعني أن الناس سيظلون في ظلمات الغي والزيغ والشرك والضلال عن الهدى والرشد إلى أن يهتدوا بالقرآن الذي جعله الله نورا يهدي به من يشاء من عباده ممن اتبع رضوانه وتدبر القرآن.
إن الكتاب المنزل من عند الله هدى للناس يهتدون به إلى رضوان الله وإلى أسباب النجاة، وهكذا القرآن هدى يهتدى به الناس إلى رضوان الله وإلى أسباب النجاة في الدنيا والآخرة من عذاب الله كما في قوله:
• ? هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ? عمران 138
• ? هذا بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون ? الأعراف 203
• ? هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون ? الجاثية 20
• ? فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة ? الأنعام 157
• ? هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ? التوبة 33 الفتح 28 الصف 9
• ? وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا ? القصص 57
• ? وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به ? الجن 13
• ? ولقد جاءهم من ربهم الهدى ? النجم 23
• ? وما منع أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا ? الإسراء 94
وشبهه ويعني أن الكتاب المنزل على الرسول النبي الأمي ? هو الهدى الذي أرسل به فمن قال به فقد صدق ومن تمسك به فقد نجا ومن اتبعه فقد اهتدى ولو خالفه الناس أجمعون وخالفه التراث أي جميع الاجتهادات والآراء.
إن من تبيّن من القرآن هدى وكتمه مخافة أن يخالف التراث الإسلامي لشيطان أخرس سيلعنه الله ويلعنه اللاعنون ولا خلاق له في الآخرة ولن يكلمه الله في يوم القيامة ولن ينظر إليه ولن يزكيه وإنه لمن الموصوفين بالمثاني في قوله:
• ? إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم ? البقرة 159 ـ 160
• ? وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ? عمران 187
• ? إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ? عمران 77
ولعل كل باحث تجرد من التقليد وقرأ القرآن ودرسه وتأمله سيستنبط مثل ما استنبطت من تفصيل الكتاب وبيان القرآن أو أكثر لا سيما إذا ما استعان بأصول من التفسير وكليات منه سأعلنها للناس على الملإ واحدة تلو الأخرى هي مفاتيح ما انغلق فهمه من الكتاب المنزل من عند الله.
يتواصل
الحسن محمد ماديك(/)
فتح الرحمن فى اسباب نزول القرآن كتاب تاليف الدكتور محمد سالم محيسن
ـ[ياسر محيسن]ــــــــ[05 Jan 2008, 02:54 م]ـ
نسالكم الدعاء لمؤلف الكتاب
http://www.mediafire.com/?dxyzxx0hijx(/)
عاجل
ـ[ابن الجزري]ــــــــ[05 Jan 2008, 10:05 م]ـ
اعتذرعلى (طول الإنقطاع ووضع السؤال في غير محله)
هل هناك رسالة أو بحث عن الكتب السماوية في القرآن ولكم جزيل الشكر(/)
كيف نجعل للقرآن اثراً على خطبائنا في خطبهم للجمعة؟
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[06 Jan 2008, 12:22 م]ـ
الحمد لله،وبعد:
فإن خطبة الجمعة من محاسن هذا الدين العظيم،وقد تميزت هذه الخطبة بمزايا لا توجد في أي نوع من الخطب في الشريعة الإسلامية،من أهمها:
1 ـ أنها الخطبة الوحيدة في الشرع التي اتفق المسلمون على وجوب الإنصات لها.
2 ـ أنها الخطبة التي تتكرر وجوبا كل أسبوع.
إلى غير ذلك من المزايا.
وإن مما يحز في النفس أن عددا ليس بالقليل ـ على مستوى العالم الإسلامي ـ لا يولون الخطبة العناية التي تليق بها ـ وقد لمست هذا في عدد من الدول الإسلامية التي قدر لي زيارتها وسمعت من أهلها ذات الشكوى ـ ولعل من صور الضعف التي تلاحظ على هذه الخطب، غياب أثر القرآن الحقيقي على عدد ليس بالقليل منها،فترى الخطيب يشرق ويغرب في مواضيع غيرها أهم منها،حتى إنك لو أحصيت الموضوعات التي تعالج قضية القلوب،وعلاقة العبد بربه،وما يطرأ على هذه العلاقة من مؤثرات ... الخ،لوجدت أن عدد الموضوعات المطروقة في هذا الصدد ـ مع أنها هي الأصل ـ قليلة جداً.
ثم إن بعضهم إذا عالج بعض هذه الموضوعات لم تر الأثر الذي ينبغي أن يكون للقرآن في معالجة تلك الموضوعات،فربما أغرب بذكر بعض الأحاديث الواهية،أو القصص الغريبة ... الخ.
لا أطيل .. فالذي أود أن نتعاون على مدارسته: كيف نجعل للقرآن اثراً على خطبائنا في خطبهم للجمعة؟!
لعلي أدلي بدلوي في البداية،فأذكر ما تيسر الآن:
1 ـ توعية نفس الخطباء بهذا الموضوع، إذ فاقد الشيء لا يعطيه،وهذا يمكن تحقيقه عن طريق بعض الوسائل،منها:
أ ـ المناصحة الخاصة،والتواصل مع ذات الخطيب بطريقة مناسبة.
ب ـ إعداد دورات متخصصة في كل منطقة في هذا الباب، ولعل ملتقانا العزيز يضطلع بها، ففيه من أهل العلم والخطباء من هو قادر على ذلك.
2 ـ إعداد كتيب يناسب لعلاج هذا الموضوع،وهذا أيضاً يمكن أن يكون من إصدرات الملتقى،بحيث يوضع له خطة،في بيان الأسباب،والمظاهر،والعلاج،مع ضرب نماذج عملية ليقاس عليها في علاج الموضوعات،ومشاكل المجتمع من خلال القرآن.
3 ـ ربط الخطباء بوسائل التقنية الحديثة التي تعزز هذا الجانب في نفوسهم ـ أعني جانب العناية بالقرآن عموماً ـ كربطهم بهذا الملتقى،أو الاشتراك بخدمة جوال تدبر [دعاية مجانية]،ليمكنه ذلك من تقوية معلوماته المتعلقة بالقرآن،وعلومه.
وللحديث بقية .. وبانتظار ما تجود به قرائح الإخوة ـ وفقهم الله لكل خير ـ.(/)
مواضيع مقترحة لرسائل الماجستير والدكتوراة في باب الاستنباط من القرآن الكريم
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[06 Jan 2008, 03:19 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد ..
فلا شك أن باب الاستنباط من القرآن لا يزال بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الدراسة والبحث، وهو باب ممتع ودقيق، كما أنه مجال فسيح للبحث والتأمل والخروج بنتائج مفيدة متصلة بكتاب الله تعالى ..
وحيث قد كانت دراستي في الماجستير بعنوان (منهج الاستنباط من القرآن الكريم)، وقد طبع الكتاب بحمد الله تعالى كما في موضوع:
صدر حديثاً كتاب (منهج الاستنباط من القرآن الكريم) ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=40156)
أحببت التنبيه إلى بعض المواضيع التي بحاجة إلى دراسة في هذا الباب، اسأل الله أن يوفقنا لخدمة كتابه الكريم والانتفاع بما فيه من الهدى ..
مواضيع مقترحة (غير مرتبة):
1 - مناهج كتب أحكام القرآن في الاستنباط من القرآن. (هذا الموضوع كبير ويمكن تجزئته إلى مواضيع كمنهج أحد الأئمة من الكُّتاب في أحكام القرآن في الاستنباط من القرآن وسأذكر أهم تلك المواضيع الفرعية في هذا السرد).
2 - أسباب الانحراف في الاستنباط من القرآن.
3 - أثر الاعتقاد المنحرف على الاستنباط من القرآن.
4 - قواعد الاستنباط من القرآن الكريم من خلال كتاب ابن جرير الطبري.
5 - قواعد الاستنباط من القرآن الكريم من خلال كتاب الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
6 - قواعد الاستنباط من القرآن من خلال تفاسير الصحابة رضي الله عنهم.
7 - أثر المذاهب الفقهية على الاستنباط من القرآن الكريم.
8 - استنباطات العلماء من القرآن في أبواب علوم القرآن. (وفي هذا الموضوع يتم تأصيل مواضيع علوم القرآن من خلال كتاب الله حيث تجمع الاستنباطات في كل باب من أبواب علوم القرآن وتدرس لتأصيل هذه الأبواب).
9 - منهج الاستنباط من القرآن عند الصحابة رضي الله عنهم.
10 - منهج الاستنباط من القرآن عند الأئمة الأربعة.
11 - منهج الاستنباط من القرآن عند الجصاص.
12 - منهج الاستنباط من القرآن عند ابن الفرس.
13 - منهج الاستنباط من القرآن عند ابن عطية.
14 - منهج الاستنباط من القرآن عند الرازي.
15 - منهج الاستنباط من القرآن عند ابن كثير.
16 - منهج الاستنباط من القرآن عند ابن عاشور.
17 - منهج الاستنباط من القرآن عند الشنقيطي.
18 - منهج الاستنباط من القرآن عند ابن عثيمين.
19 - منهج الاستنباط من القرآن من خلال كتب أحكام القرآن.
20 - مناهج المفسرين في الاستنباط من القرآن (ويقصد هنا الخروج بنتيجة عن أبرز المفسرين عنايةً بالاستنباط، وأهم ملامح الاستنباط عندهم، بلا توسع، حيث لا يُدرج غالباً الحديث عن عنايتهم بالاستنباط خلال الحديث عن مناهجهم) ..
وهذه خطة مقترحة لدراسة موضوع منهج الاستنباط من القرآن عند أحد العلماء أو المفسرين:
عنوان البحث:
منهج الاستنباط من القرآن عند (أحد العلماء)
مخطط البحث:
- مقدمة وتشتمل على:
(أهمية الموضوع ـ أسباب الاختيار ـ أهداف الموضوع ـ الدراسات السابقة ـ خطة البحث ـ منهج البحث ـ تمهيد)
- الفصل الأول: التعريف بالعالم وكتابه: ويشتمل على:
المبحث الأول: ترجمة العالم وعصره.
المبحث الثاني: العوامل المؤثرة عليه في الاستنباط:
مثل: عقيدته وتأثيرها عليه في الاستنباط، مذهبه الفقهي والأصولي، عصره وتنزيله الآيات على الواقع ... الخ.
المبحث الثالث: التعريف بالكتاب.
الفصل الثاني: مفهوم الاستنباط من القرآن الكريم: ويشتمل على:
المبحث الأول: تعريف الاستنباط في اللغة والاصطلاح.
المبحث الثاني: تعريف التفسير في اللغة والاصطلاح.
المبحث الثالث: الفرق بين الاستنباط والتفسير.
الفصل الثالث: أقسام الاستنباط عند (العالم المراد دراسته): ويشتمل على:
المبحث الأول: أقسامه باعتبار موضوعه: (عقدي، فقهي، أصولي، لغوي، تربوي ... الخ)
المبحث الثاني: أقسامه باعتبار صحته وبطلانه: (استنباط صحيح، واستنباط باطل).
المبحث الثالث: أقسامه باعتبار ظهور النص المستنبط منه وخفائه: (استنباط من نص ظاهر، واستنباط من نص خفي).
المبحث الرابع: أقسامه باعتبار الإفراد والتركيب في النص: (استنباط من نص واحد، واستنباط من مجموع نصين فأكثر)
الفصل الرابع: شروط الاستنباط من القرآن عند (العالم):
وتذكر الشروط التي ذكرها ويمكن تقسميها إلى شروط خاصة بالمستنبِط ـ أي الذي يستنبط ـ كمثل صحة الاعتقاد، والعلم باللغة العربية، ومعرفة التفسير الصحيح، ومعرفة طرق الاستنباط.
وشروط خاصة بالمعنى المستنبط: كمثل: سلامة المعنى المستنبط من معارض شرعي راجح، وأن يكون بينه وبين اللفظ ارتباط صحيح، وأن يكون مما للرأي فيه مجال.
ويتنبه إلى أنه لا يشترط أن ينص العالم على هذه الشروط بل يكفي أن يعمل عليها ويطبقها أو يرد استنباطات لمخالفتها تلك الشروط.
الفصل الخامس: طرق الاستنباط من القرآن عند (العالم):
وتذكر هنا الطرق التي اتبعها العالم في استخراج الأحكام من النصوص مثل:
المبحث الأول: دلالة الإشارة.
المبحث الثاني: دلالة النص.
المبحث الثالث: دلالة المفهوم.
المبحث الرابع: دلالة الاقتران.
المبحث الخامس: الاستنباط بشرع من قبلنا.
وغيرها من الدلالات والطرق.
الفصل السادس: أسباب الانحراف والخطأ في الاستنباط عند (العالم):
تذكر أسباب الخطأ أو الانحراف من خلال اعتراضاته على الاستنباطات الخاطئة ومعرفة سبب الاعتراض أو من خلال تصريحه بالسبب.
كمثل: الخطأ في التفسير، والانحراف في العقيدة، وتقديم العقل على النقل، اعتقاد المعاني ثم الاستدلال عليها ... الخ.
ثم الخاتمة والفهارس ..
والله أعلم ..
تنبيه:
لتصور موضوع الاستنباط يمكن مراجعة الرابط: (منهج الاستنباط في القرآن الكريم) ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=8254)
والله أعلم ولعل للحديث بقية ...
الأحد 27/ 12 / 1428هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[06 Jan 2008, 04:50 م]ـ
جزاكم الله خيرا أخانا الفاضل فهد الوهبي؛ فقد فتح موضوعكم أمامنا آفاقاً رحبة في البحث
ولعله يكون فاتحة خير لتناول محاور وجزئيات قضية الاستنباط من القرآن، هذا الموضوع الذي ينبغي أن يأخذ العناية التي يستحقها.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[07 Jan 2008, 09:10 ص]ـ
بارك الله فيك يا شيخ فهد على إحسانك إلينا بهذا المقترح المفيد.
ـ[البهيجي]ــــــــ[07 Jan 2008, 09:26 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم جزاك الله خيرا أخي الكريم فهد .... كما أني أود الأشارة الى ضرورة أستنباط الأمور التي تساعد
في نقد واقع المسلمين وأخطائهم وماأكثرها ...... وكمثال لذلك لونرى تفسير آية المجادلة وهي (قد سمع الله قول التي
تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله ..... الآية) لم أجد تفسيرا نبه حول أنصراف المشتكية الى الدعاء من الله سبحانه
مباشرة لكي يجد لها حلا فلم تطلب من الرسول وهو جالس أمامها أرى ان من واجب المفسر ان ينبه المسلم الى أخلاص
الدعاء من الله تعالى وأن مايفعله بعض المسلمين من الدعاء من قبور الأولياءوالصالحين هو شرك بالله يجب تركه
وجزاكم الله خيرا
البهيجي
ـ[اسلام1]ــــــــ[07 Jan 2008, 09:46 ص]ـ
جزاك الله خيرا أخانا الفاضل
فهذه الدراسات تفتح عقل الانسان وتجعله اكثر قدرة على استنباط الامور التي تخص الواقع الذي نعيشه
لكن هذه الدراسات ليست سهله كما يتصور بعض الاخوة بل هي بحاجة الى شيء من العناء والتفكير ..
والاهم من ذلك ان يكون الاخ الذي يريد ان يكتب في مثل ها الموضوع مقتنعا به ..
وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[07 Jan 2008, 06:17 م]ـ
جزاكم الله خيرا أستاذي الفاضل د. فهد، وأدام فضلك.
وفعلا أفكر جديا في دراسة " قواعد الاستنباط في القرآن الكريم" لدى المفسر .... ، وحاليا أدرس الفكرة، وسأتناقش مع مشرفي الفاضل فيها إن شاء الله، فما نصيحتكم، وتوجيهكم لي في هذا الموضوع.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Jan 2008, 08:19 م]ـ
بارك الله فيكم يا أبا سلاف على هذه الفوائد والمقترحات النافعة. وقد سجلت إحدى الباحثات موضوعاً للماجستير في القسم عندنا بعنوان (منهج الاستنباط عند ابن العربي في كتابه أحكام القرآن) وهي الآن في طور كتابة البحث بعد الموافقة على موضوعها، وقد استفادت الباحثة من كتابكم بارك الله فيكم.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[09 Jan 2008, 11:26 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخانا الفاضل فهد الوهبي؛ فقد فتح موضوعكم أمامنا آفاقاً رحبة في البحث
ولعله يكون فاتحة خير لتناول محاور وجزئيات قضية الاستنباط من القرآن، هذا الموضوع الذي ينبغي أن يأخذ العناية التي يستحقها.
أشكرك أخي زهير على اهتمامك .. وأرجو أن يكون الموضوع فاتحة خير بإذن الله .. جعلنا الله وإياك مفاتيح للخير ..
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 Jan 2008, 01:51 م]ـ
جزى الله أخانا المفضال فهد بن مبارك خيرا فكم فك أسيرا بتسطيره هذه الموضوعات.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Jan 2008, 04:48 م]ـ
جزاكم الله خيراً د. فهد.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[10 Jan 2008, 11:46 ص]ـ
بارك الله فيك يا شيخ فهد على إحسانك إلينا بهذا المقترح المفيد.
وإياكم أخي الكريم، اسأل الله أن ينفع به ..
ـ[عبدالعزيز الضامر]ــــــــ[10 Jan 2008, 09:43 م]ـ
لقد سعدت يادكتور فهد بهذه المقترحات وأتمنى أن تجد صدى في قلوب الدارسين, وجعل الله ذلك في ميزان حسناتك.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[11 Jan 2008, 05:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم جزاك الله خيرا أخي الكريم فهد .... كما أني أود الأشارة الى ضرورة أستنباط الأمور التي تساعد
في نقد واقع المسلمين وأخطائهم وماأكثرها ...... وكمثال لذلك لونرى تفسير آية المجادلة وهي (قد سمع الله قول التي
تجادلك في زوجها وتشتكي الى الله ..... الآية) لم أجد تفسيرا نبه حول أنصراف المشتكية الى الدعاء من الله سبحانه
مباشرة لكي يجد لها حلا فلم تطلب من الرسول وهو جالس أمامها أرى ان من واجب المفسر ان ينبه المسلم الى أخلاص
الدعاء من الله تعالى وأن مايفعله بعض المسلمين من الدعاء من قبور الأولياءوالصالحين هو شرك بالله يجب تركه
وجزاكم الله خيرا
البهيجي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
لا شك أخي الكريم أن دراسة القرآن واستخراج ما فيه من وسائل وطرق للنهضة بالأمة الإسلامية هدف نبيل، والاستنباط من القرآن باب عظيم لذلك ...
بارك الله فيك ...
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[12 Jan 2008, 08:18 م]ـ
أخي الدكتور فهد والأخوة الأعضاء
نهنئك أخي فهد على مافتح الله عليك في هذا الموضوع الحيوي الجديد الذي يمكن أن نسميه مدرسة الاستنباط
وأحب أن أطرح سؤالين مهمين للنقاش لك وللأخوة الأعضاء:
الأول: ماعلاقة الاستنباط بالتدبر الذي أمر الله به في كتابه
الثاني: ألا يمكن أن نعد الاستنباط طريقاً إلى استخلاص منهج القرآن في إصلاح الأمة وتصحيح واقعها وكيف ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[14 Jan 2008, 03:48 م]ـ
جزاك الله خيرا أخانا الفاضل
فهذه الدراسات تفتح عقل الانسان وتجعله اكثر قدرة على استنباط الامور التي تخص الواقع الذي نعيشه
لكن هذه الدراسات ليست سهله كما يتصور بعض الاخوة بل هي بحاجة الى شيء من العناء والتفكير ..
والاهم من ذلك ان يكون الاخ الذي يريد ان يكتب في مثل ها الموضوع مقتنعا به ..
وجزاكم الله خيرا
وإياكم أخي إسلام ..
نعم .. موضوع الاستنباط كما ذكرتكم يُعمل العقل في استخراج مكنونات النصوص الشرعية، وخصوصاً ما يمس الواقع ..
كما أؤكد ما تفضلتم به من وجود بعض الصعوبة في تناوله ..
والقناعة مع صحة الفهم للموضوع مهمة للسير فيه ..
ـ[أبو الياس]ــــــــ[14 Jan 2008, 04:19 م]ـ
جزاكم الله خيرا أيها الأحبه
من الكتب المهمة والرائعة في مجال قواعد التدبر وطريقته
_ قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل لـ] [®] [^] [®] [(عبدالرحمن حبنكه)] [®] [^] [®] [
الكتاب في حدود 800 صفحة في مجلد واحد طبعة دار القلم
الكتاب يحتوي على أمثلة وتطبيقات كثيرة جدا
وجزاك الله خيرا
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[16 Jan 2008, 11:51 م]ـ
جزاكم الله خيرا أستاذي الفاضل د. فهد، وأدام فضلك.
وفعلا أفكر جديا في دراسة " قواعد الاستنباط في القرآن الكريم" لدى المفسر .... ، وحاليا أدرس الفكرة، وسأتناقش مع مشرفي الفاضل فيها إن شاء الله، فما نصيحتكم، وتوجيهكم لي في هذا الموضوع.
وإياكم أخي الكريم ..
وأنا أشجعك على الإقدام، وفقك الله لكل خير ...
وقد تناقشنا على الخاص ... وآمل أن توفقوا للكتابة في هذا الموضوع ..
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[17 Jan 2008, 10:13 م]ـ
...
وقد تناقشنا على الخاص ... وآمل أن توفقوا للكتابة في هذا الموضوع ..
بإذن الله تعالى، ولا غنى لنا عن توجيهكم ونصحكم، وجزاكم الله خيرا.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[23 Jan 2008, 02:58 ص]ـ
بارك الله فيكم يا أبا سلاف على هذه الفوائد والمقترحات النافعة. وقد سجلت إحدى الباحثات موضوعاً للماجستير في القسم عندنا بعنوان (منهج الاستنباط عند ابن العربي في كتابه أحكام القرآن) وهي الآن في طور كتابة البحث بعد الموافقة على موضوعها، وقد استفادت الباحثة من كتابكم بارك الله فيكم.
وإياكم أبا عبد الله ..
وأبارك للباحثة قبول الموضوع، والإمام ابن العربي من أبرز من اعتنى بالاستنباط من العلماء في عدد من كتبه .. ومن أهمها أحكام القرآن ..
والحمد لله رب العالمين ..
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[25 Jan 2008, 11:57 ص]ـ
فضيلة الأستاذ فهد لا زال محفوظا .... آمين.
نرغب منكم أن تفتحوا موضوعا تبينوا فيه الخطوات المنهجية في دراسة " منهج الاستنباط " عند مفسر من المفسرين ..... بإلحاح شديد.
ـ[الراية]ــــــــ[25 Jan 2008, 08:18 م]ـ
2 - أسباب الانحراف في الاستنباط من القرآن.
3 - أثر الاعتقاد المنحرف على الاستنباط من القرآن.
مواضيع مهمة جداً
سؤال: [أثر الاعتقاد المنحرف على الاستنباط من القرآن]
ألم يتم بحث هذا الموضوع او قريباً منه؟
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 Jan 2008, 11:04 ص]ـ
سؤال: [أثر الاعتقاد المنحرف على الاستنباط من القرآن]
ألم يتم بحث هذا الموضوع او قريباً منه؟
هو من ضمن كتابي: أسباب الخطأ في التفسير, والأقوال الشاذة في التفسير, ويصلح بحيثاً.
ـ[عبدالغني الكعبوني]ــــــــ[30 Jan 2008, 08:18 م]ـ
أشكرأستاذي العزيزفهد الوهبي على هذه المقترحات الممتازة
وأنا الآن أفكربالبحث في أحد هذه المواضيع الهامة
ـ[أبوعامر]ــــــــ[02 Feb 2008, 12:46 م]ـ
فضيلة الأستاذ فهد لا زال محفوظا .... آمين.
نرغب منكم أن تفتحوا موضوعا تبينوا فيه الخطوات المنهجية في دراسة " منهج الاستنباط " عند مفسر من المفسرين ..... بإلحاح شديد.
أنا أضم صوتي للأخ زكريا
لو ساعدتم يا شيخ فهد في بيان خطوات دراسة منهج مفسر من المفسرين في الاستنباط
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[05 Feb 2008, 01:47 م]ـ
أنا أضم صوتي للأخ زكريا
لو ساعدتم يا شيخ فهد في بيان خطوات دراسة منهج مفسر من المفسرين في الاستنباط
الأخوين الكريمين زكريا توناني وأبا عامر ..
هذا مخطط مقترح لدراسة منهج الاستنباط من القرآن عند أحد العلماء استجابة لطلبكم الكريم، عسى أن يلقى القبول والتوفيق ..
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو كما ذكرت مقترح يمكن التعديل عليه والإضافة من خلال مداخلاتكم ..
عنوان البحث:
منهج الاستنباط من القرآن عند (أحد العلماء)
مخطط البحث:
- مقدمة وتشتمل على:
(أهمية الموضوع ـ أسباب الاختيار ـ أهداف الموضوع ـ الدراسات السابقة ـ خطة البحث ـ منهج البحث ـ تمهيد)
- الفصل الأول: التعريف بالعالم وكتابه: ويشتمل على:
المبحث الأول: ترجمة العالم وعصره.
المبحث الثاني: العوامل المؤثرة عليه في الاستنباط:
مثل: عقيدته وتأثيرها عليه في الاستنباط، مذهبه الفقهي والأصولي، عصره وتنزيله الآيات على الواقع ... الخ.
المبحث الثالث: التعريف بالكتاب.
الفصل الثاني: مفهوم الاستنباط من القرآن الكريم: ويشتمل على:
المبحث الأول: تعريف الاستنباط في اللغة والاصطلاح.
المبحث الثاني: تعريف التفسير في اللغة والاصطلاح.
المبحث الثالث: الفرق بين الاستنباط والتفسير.
الفصل الثالث: أقسام الاستنباط عند (العالم المراد دراسته): ويشتمل على:
المبحث الأول: أقسامه باعتبار موضوعه: (عقدي، فقهي، أصولي، لغوي، تربوي ... الخ)
المبحث الثاني: أقسامه باعتبار صحته وبطلانه: (استنباط صحيح، واستنباط باطل).
المبحث الثالث: أقسامه باعتبار ظهور النص المستنبط منه وخفائه: (استنباط من نص ظاهر، واستنباط من نص خفي).
المبحث الرابع: أقسامه باعتبار الإفراد والتركيب في النص: (استنباط من نص واحد، واستنباط من مجموع نصين فأكثر)
الفصل الرابع: شروط الاستنباط من القرآن عند (العالم):
وتذكر الشروط التي ذكرها ويمكن تقسميها إلى شروط خاصة بالمستنبِط ـ أي الذي يستنبط ـ كمثل صحة الاعتقاد، والعلم باللغة العربية، ومعرفة التفسير الصحيح، ومعرفة طرق الاستنباط.
وشروط خاصة بالمعنى المستنبط: كمثل: سلامة المعنى المستنبط من معارض شرعي راجح، وأن يكون بينه وبين اللفظ ارتباط صحيح، وأن يكون مما للرأي فيه مجال.
ويتنبه إلى أنه لا يشترط أن ينص العالم على هذه الشروط بل يكفي أن يعمل عليها ويطبقها أو يرد استنباطات لمخالفتها تلك الشروط.
الفصل الخامس: طرق الاستنباط من القرآن عند (العالم):
وتذكر هنا الطرق التي اتبعها العالم في استخراج الأحكام من النصوص مثل:
المبحث الأول: دلالة الإشارة.
المبحث الثاني: دلالة النص.
المبحث الثالث: دلالة المفهوم.
المبحث الرابع: دلالة الاقتران.
المبحث الخامس: الاستنباط بشرع من قبلنا.
وغيرها من الدلالات والطرق.
الفصل السادس: أسباب الانحراف والخطأ في الاستنباط عند (العالم):
تذكر أسباب الخطأ أو الانحراف من خلال اعتراضاته على الاستنباطات الخاطئة ومعرفة سبب الاعتراض أو من خلال تصريحه بالسبب.
كمثل: الخطأ في التفسير، والانحراف في العقيدة، وتقديم العقل على النقل، اعتقاد المعاني ثم الاستدلال عليها ... الخ.
ثم الخاتمة والفهارس ..
والله أعلم ..
في يوم الثلاثاء 27/ 1 / 1429هـ
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[05 Feb 2008, 09:34 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء فضيلةَ الشيخ فهد.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[05 Feb 2008, 09:55 م]ـ
هذا مخطط مقترح لدراسة منهج الاستنباط من القرآن عند أحد العلماء استجابة لطلبكم الكريم، عسى أن يلقى القبول والتوفيق ..
وهو كما ذكرت مقترح يمكن التعديل عليه والإضافة من خلال مداخلاتكم ..
ما دام المخطط موجودا، فلم لا يتوجه إلى دراسة المقارنة مباشرة، بتجميع مناهج التفسير ومقارنتها في رسالة جامعية واحدة؟ ألا يكون هذا العمل أكثر إفادة واختصارا للبحث العلمي؟
ـ[أبوعامر]ــــــــ[05 Feb 2008, 10:01 م]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخ فهد
كنت أكثر من التوقعات
سلمت يمينك
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[06 Feb 2008, 01:01 ص]ـ
تنبيه على سبق قلم أو سبق لوحة مفاتيح (ابتسامة)
الفصل الخامس: مكرر، وبدله: الفصل السادس.
أكرمكم الله بجنته فضيلة الشيخ فهد ... آمين
ـ[البهيجي]ــــــــ[07 Feb 2008, 07:03 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ..... الأساتذة والمشايخ الكرام ... يعلق. سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى على قول الله
سبحانه (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) بقوله:لما مسكوا برأس الأمر
جعلناهم رؤوسا) ...... هل يعتبر هذا القول من باب الأستنباط .... أرجو التعليق .... وجزاكم الله خيرا.
البهيجي
ـ[أحمد النقيب]ــــــــ[08 Feb 2008, 01:11 ص]ـ
السلام عليكم
أشكر الشيخ فهد على هذه الموضوعات المقترحة
وحبذا لو أضيف إلى هذه الموضوعات الكتابة حول منهج الإمام ابن القيم في الاستنباط فهو من الأئمة المحققين إضافة إلى أن له وقفات نفيسة مع بعض الآيات فلو جمعت استنباطاته ثم درست لكان في نظري موضوعا قويا وكذلك شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله على الجميع
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[14 Feb 2008, 01:47 م]ـ
أخي الدكتور فهد والأخوة الأعضاء
نهنئك أخي فهد على مافتح الله عليك في هذا الموضوع الحيوي الجديد الذي يمكن أن نسميه مدرسة الاستنباط
وأحب أن أطرح سؤالين مهمين للنقاش لك وللأخوة الأعضاء:
الأول: ماعلاقة الاستنباط بالتدبر الذي أمر الله به في كتابه
الثاني: ألا يمكن أن نعد الاستنباط طريقاً إلى استخلاص منهج القرآن في إصلاح الأمة وتصحيح واقعها وكيف ذلك.
أحمد الله تعالى على ما منَّ به وفتح في هذا الباب، وهو مدرسة كبيرة ..
بالنسبة للسؤالين:
1 - علاقة الاستنباط بالتدبر سأجيب عنه إن شاء الله لاحقاً.
2 - نعم استخلاص منهج القرآن في إصلاح الأمة وتصحيح واقعها لا شك أنه من أهم ما يستنبط من القرآن، ويكون ذلك بمعرفة الأمراض والمشاكل التي حلت بالأمة ثم علاجها في القرآن، وقد بحثت في هذا الموضوع أحد أسباب التأخر في الأمة في بحث يتناول المصلحين في القرآن الكريم، وصفاتهم ثم النظر في واقعنا نسأل الله الهداية ..
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[23 Feb 2008, 03:23 ص]ـ
2 - أسباب الانحراف في الاستنباط من القرآن.
3 - أثر الاعتقاد المنحرف على الاستنباط من القرآن.
مواضيع مهمة جداً
سؤال: [أثر الاعتقاد المنحرف على الاستنباط من القرآن]
ألم يتم بحث هذا الموضوع او قريباً منه؟
الأخ الكريم الراية ..
بالنسبة لهذين الموضوعين فأرى أن كل واحد منهما صالح للبحث في رسالة علمية، فأسباب الانحراف كما تعلم كثيرة وقد نبه الشاطبي رحمه الله تعالى إلى ذلك بقوله: "إن للراسخين طريقاً يسلكونها في اتباع الحق، وأن الزائغين على طريق غير طريقهم، فاحتجنا إلى بيان الطريق التي يسلكها هؤلاء لنتجنبها، كما نبين الطريق التي سلكها الراسخون لنسلكها؛ وقد بين ذلك أهل أصول الفقه وبسطوا القول فيه، ولم يبسطوا القول في طريق الزائغين ... ولا يأتي زمان إلا وغريبة من غرائب الاستنباط تحدث إلى زماننا هذا " [الاعتصام: 1/ 180 ـ 181].
كما أن الاعتقاد المنحرف مؤثر بلا شك في الاستنباط، وسبب رئيس لانحرافات أخرى متعددة ومتفرعة.
قال أبو طالب الطبري في أوائل تفسيره: " اِعْلَمْ أنَّ مِنْ شرطه صِحَّةَ الاعتقاد أولاً، ولزومَ سنة الدين، فإن مَنْ كان مغموصاً عليه في دينه، لا يُؤْتَمَنُ على الدُّنْيا فكيف على الدين!. ثم لا يُؤْتَمَنُ مِنَ الدِّين على الإخبار عن عالم، فكيف يُؤْتَمَنُ في الإخبار عن أسرار الله تعالى!. ولأنه لا يُؤْمَنُ إنْ كان مُتَّهماً بالإلحاد أن يبغي الفتنة ويغر الناس بليِّه وخداعه، كدأب البَاطِنِيَّة وغُلاة الرَّافِضَة. وإنْ كان متهماً بهوى لم يُؤْمَنْ أن يحملَه هواه على ما يوافق بِدْعَتَه، كدأب القَدَرِيَّة، فإنَّ أحدهم يُصَنِّفُ الكتابَ في التفسير، ومقصوده منه الإيضاع خلال المساكين، ليصدهم عن اتباع السلف ولزوم طريق الهدى". [نقله عنه السيوطي في الإتقان: (2/ 435)].
والفرق المنحرفة ـ كما تعلم ـ ذات مناهج مختلفة في التعامل مع القرآن الكريم، فمنهم من يسلك المنهج الباطني، ومنهم من يسلك المنهج العقلي، ومنهم من يسلك المنهج التأويلي، ومنهم من يسلك المنهج الحرفي، وكل ذلك بحاجة إلى تأصيل ودراسة وهو باب كما أظن بحاجة إلى عناية ودراسة وتأمل، ولم يوف حقه حتى الآن حسب علمي ..
وليس المراد استقصاء جميع أسباب الانحراف أو جميع الطرق المنحرفة في الاستنباط لأن ذلك لا يمكن حصره كما قال الشاطبي: " فإن أوجه المخالفة لا تنحصر أيضاً، فثبت أن تتبع هذا الوجه عناء. لكنا نذكر من ذلك أوجهاً كلية يقاس عليها ما سواها ". [الاعتصام: 1/ 181 ـ 182].
وأما ما أشار إليه أخونا الفاضل أبو بيان فالكتابان يتحدثان في التفسير كما هو ظاهر من العناوين وليس في الاستنباط، كما أن كتاب الأقوال الشاذة للدكتور عبد الرحمن الدهش وفقه الله تحدث في الفصل الرابع عن التعصب العقدي كسبب من أسباب الأقوال الشاذة في التفسير وذلك في (11) صفحة فقط، فهل يُعد ذلك كافياً عن البحث في كونه سبباً في الخطأ في الاستنباط، علماً بأن الكتاب في الشذوذ في التفسير، وهو كتاب نافع بلا شك ..
وأما كتاب أسباب الخطأ في التفسير للدكتور طاهر يعقوب فهو كذلك يتحدث عن الخطأ في التفسير، وليس عن الخطأ في الاستنباط، وقد تحدث في مواطن من الكتاب عن الاستناد للعقل، والتأويل الفاسد، وتحريف الأدلة، والتعصب العقدي، وبإمكانك مطالعة الكتاب وهو مطبوع في مجلدين وهو كتاب قيم ونافع ..
وبعد ما سبق يتبين أهمية البحث في هذه المواضيع، وهي بحسب علمي لم تبحث حتى الآن مع أن الحاجة ماسة للبحث فيها مع التطبيق من كتب تلك الفرق المنحرفة التي تستنبط من القرآن ما يوافق اعتقادها ومذهبها ...
والله أعلم ...
16/ 2/1429هـ
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[04 Mar 2008, 07:50 م]ـ
جزاكم الله خيرا أيها الأحبه
من الكتب المهمة والرائعة في مجال قواعد التدبر وطريقته
_ قواعد التدبر الأمثل لكتاب الله عز وجل لـ] [®] [^] [®] [(عبدالرحمن حبنكه)] [®] [^] [®] [
الكتاب في حدود 800 صفحة في مجلد واحد طبعة دار القلم
الكتاب يحتوي على أمثلة وتطبيقات كثيرة جدا
وجزاك الله خيرا
نعم أخي الكريم هو من الكتب المفيدة، وقد استفدت منه في رسالتي منهج الاستنباط ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[22 Mar 2008, 08:59 ص]ـ
هو من ضمن كتابي: أسباب الخطأ في التفسير, والأقوال الشاذة في التفسير, ويصلح بحيثاً.
ليسمح لي أخي الكريم أبو بيان بمخالفته فأرى أنه صالح للبحث وقد سبق أن بررت ذلك في ردي على الأخ الراية ..
14/ 3 / 1429هـ
ـ[عبد الله العمر]ــــــــ[25 Mar 2008, 05:09 م]ـ
مواضيع نيرة أرجو الإستفادة منها
وليست غريبة من الشيخ فهد
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[19 Mar 2009, 05:31 م]ـ
بفضل الله تعالى تم تسجيل عدد من الموضوعات في باب الاستنباط من القرآن الكريم ومنها:
1 - منهج الاستنباط من القرآن الكريم عند الإمام ابن العربي (جامعة الملك سعود).
2 - منهج الاستنباط من القرآن الكريم عند الإمام السعدي (دكتوراة جامعة الإمام محمد بن سعود).
3 - منهج الاستنباط من القرآن الكريم عند الإمام ابن عطية (ماجستير جامعة أم القرى).
وسوف أذكر البقية حال التأكد منها، وآمل من الإخوة الذين لديهم إضافة أن يتكرموا بذكرها هنا .. والله الموفق
22/ 3/1430هـ
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[20 Mar 2009, 10:32 ص]ـ
4 - منهج الاستنباط عند الإمام الطاهر بن عاشور (ماجستير - كلية العلوم الإسلامية - جامعة الجزائر).
ـ[أبوحمزه المدني]ــــــــ[20 Mar 2009, 01:45 م]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[24 Mar 2009, 02:30 م]ـ
4 - منهج الاستنباط عند الإمام الطاهر بن عاشور (ماجستير - كلية العلوم الإسلامية - جامعة الجزائر).
مبارك تسجيل الموضوع أخي الكريم زكرياء توناني وأتمنى لك التوفيق والسداد ..
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[25 Mar 2009, 10:11 ص]ـ
مبارك تسجيل الموضوع أخي الكريم زكرياء توناني وأتمنى لك التوفيق والسداد ..
موضوع الاستنباط عند الطاهر بن عاشور هو لزميلي.
أما أنا فقد أنهيت رسالتي منذ زمن، وأنتظر الفرج من الله أن يهديَ المناقشين لقراءة الرسالة بدل أن يزينوا بها رفوف مكتباتهم!! والله المستعان.
ـ[رائد الكحلان]ــــــــ[02 May 2010, 10:47 م]ـ
بفضل الله تعالى تم تسجيل أطروحتي في الماجستير بعنوان: "الاستنباط عند العلامة الشنقيطي من خلال تفسيره أضواء البيان, جمع ودراسة", وشكر الله للشيخ فهد فتحه على إخوانه بمثل هذه الموضوعات ..
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 May 2010, 01:03 ص]ـ
بفضل الله تعالى تم تسجيل أطروحتي في الماجستير بعنوان: "الاستنباط عند العلامة الشنقيطي من خلال تفسيره أضواء البيان, جمع ودراسة", وشكر الله للشيخ فهد فتحه على إخوانه بمثل هذه الموضوعات ..
ما شاء الله .. مبارك يا شيخ رائد تسجيل الموضوع، والحقيقة موضوع قيم فعلاً، والشيخ الشنقيطي ممتع حقاً، وكتابه فيه تأصيل كبير، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وسنستفيد منك في هذا الموضع بإذن الله تعالى ...
س: في أي جامعة تم التسجيل؟
ـ[رائد الكحلان]ــــــــ[03 May 2010, 04:39 م]ـ
فضيلة الشيخ فهد: أشكر لكم مروركم وتهنئتكم .. ولكم الفضل الذي يُذكر فيشكر في إسدائكم للمشورة والنصح قبل تسجيل الموضوع, وقد قرأت كتابكم كاملاً -ولله الحمد- قبل عمل الخطة, واستفدت منه كثيراً خاصة فيما يتعلق بالدلالات التي تستعمل في الاستنباط, وتم التسجيل بجامعة أم القرى.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[03 May 2010, 11:00 م]ـ
وفقك الله وسددك وأعانك ...
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[29 Oct 2010, 09:24 م]ـ
5 - الدلالات التربوية المستنبطة من ايات الصبر في القران الكريم وتطبيقاتها. ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=21701)
6- التنبيهات التربوية المستنبطة من آيات نداء الرحمن لبني آدم في سورة الاعراف وتطبيقاتها التربوية. ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=20297)
وأرجو من الإخوة إضافة ما عندهم بارك الله فيهم.
ـ[عبدالرحمن الرحيلي]ــــــــ[29 Oct 2010, 09:51 م]ـ
السلام عليكم ... مساك الله بالخير يا دكتور فهد، وجزاك الله خيراً على هذا المجهود الرائع من الاقتراحات لهذه المواضيع، وأبارك لكم المنصب الجديد:
(نائب المشرف العام لمشروع تعظيم القرآن الكريم بالمدينة المنورة)
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[30 Oct 2010, 12:24 ص]ـ
7 - الاستنباط عند الشيخ محمد أبي زهرة في كتابه زهرة التفاسير. ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=22840) سجلته الباحثة منال القرشي بجامعة أم القرى.
8 - مشروع الاستنباط من قصص الأنبياء. ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=22840) سجل بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[30 Oct 2010, 12:29 ص]ـ
9 - الاستنباط عند العلامة الشنقيطي من خلال تفسيره أضواء البيان, جمع ودراسة. للباحث الشيخ رائد الكحلان.(/)
جميع مؤلفات الدكتور محمد سالم محيسن فى باب واحد
ـ[ياسر محيسن]ــــــــ[06 Jan 2008, 04:37 م]ـ
بناءآ على طلب العديد من الاعضاء بتجميع مؤلفات المرحوم الدكتور محمد سالم محيسن فى باب واحد حتى ييسر عليهم
عناء البحث فى اماكن متفرقه سيتم تجميع جميع روابط الكتب الموجودى فى شبكة التفسير فى هذا الباب
نسالكم الدعاء لمؤلف هذه الكتب المرحوم الدكتور محمد سالم محيسن رحمه الله
اولا: تفسير فتح الرحمن الرحيم فى تفسير القرآن الكريم وهو اول تفسير يشتمل على جميع القراءات القرآنيه المتواتره
التى ثبتت فى العرضة الاخيره مع القاء الضوء على توجيهها ونسبة كل قراءه الى قارئها وهو ستة اجزاء
هذا هو الرابط للجزء الاول والثانى من التفسير
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10324
ثانيآ: تفسير اللؤلؤ المنثور للتفسير بالماثور للدكتور محيسن ج 1
هذا هو الرابط للجزء الاول
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10345
ثالثآ: فتح الرحمن فى اسباب نزول القرآن
هذا هو الربط
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10569
رابعآ: تاريخ القرآن الكريم
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10387
خامسآ: ديوان خطب الجمعه
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10453
سادسآ: روائع البيان فى اعجاز القرآن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10486
سابعآ: علاقة القراءات بالرسم العثمانى 28 حلقه صوتيه اعداد وتقديم الدكتور محمد سالم محيسن مسجله من ازاعة القرآن الكريم بالرياض
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10264
ثامنآ: المغنى فى توجيه القراءات العشر المتواتره كتاب للدكتور محيسن ج 1
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10510
تاسعآ: الهادى شرح طيبة النشر فى القراءات العشر والكشف عن علل القراءات وتوجيهها للدكتو محيسن ج 1
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10372
عاشرآ: الافصاح عما زادته الدره على الشاطبيه كتاب للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10451
حادى عشر: الارشادات الجليه فى القراءات السبع من طريق الشاطبيه كتاب للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10500
ثانى عشر: فى رحاب القرآن الكريم كتاب للدكتور محيسن ج1
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10447
ثالث عشر: علم من حفاظ القرآن 4 حلقات صوتيه للدكتور محيسن
ابى بن كعب
عبد الله بن مسعود
زيد بن ثابت
سعد بن ابى وقاص
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10434
رابع عشر: علاقة القراءات بالرسم العثمانى كتاب للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10329
خامس عشر: تراجم لبعض علماء القراءات كتاب للشيخ محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10401
سادس عشر: مرشد المريد الى علم التجويد كتاب للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10397
سابع عشر: القول السديد فى الدفاع عن قراءات القرآن المجيد
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10396
ثامن عشر: الرائد فى تجويد القرآن للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10353
تاسع عشر: معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ كتاب للدكتور محيسن ج 1
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10371
عشرون: شرح التحفه والجزريه لبيان الاحكام التجويده المعروفه بتحفة الاطفال كتيب للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10361
واحد وعشرون: ارشاد الطالبين الى ضبط الكتاب المبين للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10352
هذا ما تم رفعه حتى اليوم وسيتم ارفاق اى كتب يتم رفعها فى هذا الباب
نسالكم الدعاء لمؤلف هذه هذه الكتب المرحوم الدكتور محمد سالم محيسن رحمه الله
ـ[لحسن بنلفقيه]ــــــــ[06 Jan 2008, 04:45 م]ـ
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله ...
تبارك الله و ما شاء الله و سبحان الله و الله أكبر و لله الحمد ....
اللهم ارحم هذا العبد الصالح، و بارك في ذريته و عشيرته ...
و لمثل هذا فليعمل العاملون.
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[06 Jan 2008, 04:55 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[محمد براء]ــــــــ[06 Jan 2008, 09:10 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ياسر محيسن]ــــــــ[06 Jan 2008, 09:11 م]ـ
الاخوه الكرام
لحسن بن لفقيه
زهير هاشم ريالات
جزيل الشكر للمشاركات الودوده والف شكر للدعاء للمرحوم والدى فهذا هو غاية المراد
ـ[ياسر محيسن]ــــــــ[07 Jan 2008, 01:16 ص]ـ
الاخ الكريم ابو الحسنات الدمشقى اشكر تفضلك بالمشاركه واسالكم الدعاء للمرحوم والدى الدكتور محمد سالم محيسن
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[07 Jan 2008, 09:10 ص]ـ
جزاك الله خيراً وبارك فيك أخي ياسر، ورحم الله والدكم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أنمار]ــــــــ[07 Jan 2008, 02:47 م]ـ
صدقة جارية إلى يوم الدين في ميزان حسنات الشيخ محمد سالم محيسن وكل من دل على الخير الذي فيها وإرشاد الناس إليها من أبنائه وتلامذته وأحبابه آمين
ـ[ياسر محيسن]ــــــــ[07 Jan 2008, 02:49 م]ـ
المهذب فى القراءات العشر وتوجيهها من طريق طيبة النشر
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=49102#post49102
ـ[محمد عامر]ــــــــ[07 Jan 2008, 08:51 م]ـ
رحم الله شيخنا رائد علم القراءات في العصر الحديث ورفع درجته في عليين ونفع بعلمه وأصلح ذريته وأصلح لهم
ـ[ياسر محيسن]ــــــــ[08 Jan 2008, 06:13 ص]ـ
الاخوه الافاضل الكرام
الاخ العزيز فهد بن مبارك بن عبد الله الوهبي
فضيلة الدكتور انمار
صاحب الافضال اخى محمد عامر
جزيل الشكر للمشاركات الجميلة الودوده وانتم اصحاب الافضال بدعائكم للمرحوم والدى جزاكم الله كل الخير
ـ[ياسر محيسن]ــــــــ[08 Jan 2008, 07:09 ص]ـ
الاخوه الافاضل الكرام
الاخ العزيز فهد بن مبارك بن عبد الله الوهبي
فضيلة الدكتور انمار
صاحب الافضال اخى محمد عامر
جزيل الشكر للمشاركات الجميلة الودوده وانتم اصحاب الافضال بدعائكم للمرحوم والدى جزاكم الله كل الخير
ـ[ابو مريم الجزائري]ــــــــ[26 Jan 2008, 07:48 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اللهم ارحم محمد سالم محيسن رحمة واسعة، اللهم اغفر له، و أدخله الفردوس الأعلى من الجنة، اللهم أجعل كل ما قدمه في خدمة كتابك الكريم صدقة جارية إلى يوم الدين في ميزان حسناته، و ميزان إبنه البار ياسر محيسن وكل من دل على الخير الذي فيها آمين يا رب العامين
ـ[خادمة القرآن]ــــــــ[27 Jan 2008, 12:03 ص]ـ
عمل رائع وجهد مبارك، نفع الله بكم، ورحم والدكم رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، ونسأل الله له الأجر والمثوبه والدرجات العالية من الجنة.
آمين
فدعاؤنا له حق علينا مقابل خدمته لكتاب الله.
ـ[بلال]ــــــــ[27 Jan 2008, 08:48 م]ـ
أريد الأجزاء البقية من كتاب المغني لو تكرمت
ـ[عبدالعزيز اليحيى]ــــــــ[29 Jan 2008, 05:34 م]ـ
جزاكم الله خيرا على اجتهادكم في نشر علم والدكم
وأسأل الله أن يرحم الشيخ ويغفر له ويرفع درجته ويبارك في علمه ويجعله ذخرا له يوم يلقاه
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[04 Feb 2008, 10:18 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذا العرض الطيب، ورحم الله والدك وأسكنه فسيح الجنات
لقد شرفت بمعرفته ومجالسته والاستفادة منه أثناء تدريسه بكلية الشريعة بأبها، وقد كان سمته - رحمه الله - يذكر بالله، وكان دائم الابتسامة، قليل الكلام إلا فيما ينفع ويفيد، رحمه الله وبارك في ذريته
ـ[ياسر محيسن]ــــــــ[04 Feb 2008, 10:36 م]ـ
الاخوه الكرام الافاضل
ابو مريم الجزائري
خادمة القرآن
بلال
عبد العزيز اليحيى
د. فاضل بن صالح الشهري
جزيل الشكر لمروركم الكريم الودود
وخالص تقديرى لتعقيباتكم الاخوية الرقيقه
وجزاكم الله افضل الجزاء لدعائكم لوالدى رحمه الله
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[05 Feb 2008, 10:18 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: ياسر محيسن ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
جزاكم الله خيرا.
و جعل أعمال السيد الوالد الأستاذ الدكتور محمد محمد سالم محيسن ـ رحمه الله ـ صدقة جارية، ومبرة دائمة. و علما نافعا، و عملا صالحا، ينتفع به الناس إلى أن تقوم الساعة لله رب العالمين. وادخر له عنده أجره إلى يوم لا ينفع فيه مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[ياسر محيسن]ــــــــ[05 Feb 2008, 05:39 م]ـ
الاب الحنون الاستاذ أحمد بزوي الضاوي
لا حرمنا الله من وفير ودك وعطفك وبارك الله فى يديك التى تفيض بالخيرات وجزاك الله افضل الجزاءعلى ما تتفضلون
به دائمآ من كلمات رقيقه يشع من بين طياتها كل نبل ونقاء
ابنك ياسر محيسن
ـ[محمود بن سعيد]ــــــــ[22 Nov 2010, 10:13 ص]ـ
بناءآ على طلب العديد من الاعضاء بتجميع مؤلفات المرحوم الدكتور محمد سالم محيسن فى باب واحد حتى ييسر عليهم
عناء البحث فى اماكن متفرقه سيتم تجميع جميع روابط الكتب الموجودى فى شبكة التفسير فى هذا الباب
(يُتْبَعُ)
(/)
نسالكم الدعاء لمؤلف هذه الكتب المرحوم الدكتور محمد سالم محيسن رحمه الله
اولا: تفسير فتح الرحمن الرحيم فى تفسير القرآن الكريم وهو اول تفسير يشتمل على جميع القراءات القرآنيه المتواتره
التى ثبتت فى العرضة الاخيره مع القاء الضوء على توجيهها ونسبة كل قراءه الى قارئها وهو ستة اجزاء
هذا هو الرابط للجزء الاول والثانى من التفسير
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10324
ثانيآ: تفسير اللؤلؤ المنثور للتفسير بالماثور للدكتور محيسن ج 1
هذا هو الرابط للجزء الاول
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10345
ثالثآ: فتح الرحمن فى اسباب نزول القرآن
هذا هو الربط
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10569
رابعآ: تاريخ القرآن الكريم
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10387
خامسآ: ديوان خطب الجمعه
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10453
سادسآ: روائع البيان فى اعجاز القرآن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10486
سابعآ: علاقة القراءات بالرسم العثمانى 28 حلقه صوتيه اعداد وتقديم الدكتور محمد سالم محيسن مسجله من ازاعة القرآن الكريم بالرياض
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10264
ثامنآ: المغنى فى توجيه القراءات العشر المتواتره كتاب للدكتور محيسن ج 1
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10510
تاسعآ: الهادى شرح طيبة النشر فى القراءات العشر والكشف عن علل القراءات وتوجيهها للدكتو محيسن ج 1
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10372
عاشرآ: الافصاح عما زادته الدره على الشاطبيه كتاب للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10451
حادى عشر: الارشادات الجليه فى القراءات السبع من طريق الشاطبيه كتاب للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10500
ثانى عشر: فى رحاب القرآن الكريم كتاب للدكتور محيسن ج1
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10447
ثالث عشر: علم من حفاظ القرآن 4 حلقات صوتيه للدكتور محيسن
ابى بن كعب
عبد الله بن مسعود
زيد بن ثابت
سعد بن ابى وقاص
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10434
رابع عشر: علاقة القراءات بالرسم العثمانى كتاب للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10329
خامس عشر: تراجم لبعض علماء القراءات كتاب للشيخ محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10401
سادس عشر: مرشد المريد الى علم التجويد كتاب للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10397
سابع عشر: القول السديد فى الدفاع عن قراءات القرآن المجيد
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10396
ثامن عشر: الرائد فى تجويد القرآن للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10353
تاسع عشر: معجم حفاظ القرآن عبر التاريخ كتاب للدكتور محيسن ج 1
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10371
عشرون: شرح التحفه والجزريه لبيان الاحكام التجويده المعروفه بتحفة الاطفال كتيب للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10361
واحد وعشرون: ارشاد الطالبين الى ضبط الكتاب المبين للدكتور محيسن
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=10352
هذا ما تم رفعه حتى اليوم وسيتم ارفاق اى كتب يتم رفعها فى هذا الباب
نسالكم الدعاء لمؤلف هذه هذه الكتب المرحوم الدكتور محمد سالم محيسن رحمه الله
أخي ياسر حفظك الله
هل انتهيتم من طباعة التفسير كاملا أم بعد؟(/)
سؤال حول قوله تعالى"وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ 14 ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ 15
ـ[** متفكرة فى خلق الله **]ــــــــ[06 Jan 2008, 09:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم ... والحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على حبيبنا
المصطفى صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه بإحسانٍ إلى يومِ الدين ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لي سؤال حول قوله تعالى:" وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ 14 ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ 15"
كنت درست من قبل شرح كتاب "لمعة الإعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد" للإمام ابن قدامة المقدسي-رحمه الله- بشرح الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- وعلق الشيخ ابن عثيمين على صفة الإستواء على العرش ومن ضمن ما ذكر معنى العرش لغة وشرعا فقال الشبخ:
"والعرش لغة: السرير الخاص بالملك.
وفي الشرع: العرش العظيم الذي استوى عليه الرحمن جل جلاله، وهو أعلى المخلوقات وأكبرها، وصفه الله بأنه عظيم، وبأنه كريم، وبأنه مجيد."أ. هـ
وهذا رابط لكتاب من موقع صيد الفوائد:
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=1&book=1491
اسأل عن قول الشيخ بوصف الله عز وجل للعرش بأنه "مجيد"!
وما استدعى سؤالى إنى قدرا سمعت اليوم دكتور في النحو وهو يعرب الآية الكريمة وذكر أن المجيد في الآية الكريمة إعرابها خبر رابع للمبتدأ "وهو" وكأنى أسمع لأول مرة أن تشكيل كلمة المجيد بالضمة بالرغم من أنى أحفظ السورة عن ظهر قلب -بفضل الله-.
وآيات وصف العرش التى وردت في القرآن الكريم-على حسب علمي- وردت في سورة المؤمنون في قوله تعالى:
" قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ 86 "
" فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ 116 "
وسؤالي طبعا ليس مقام تخطئة للشيخ .. فالشيخ رحمه الله له اكبر الفضل على بعد الله عز وجل!
لكن لوصح كلام الشيخ بأن الله عز وجل وصف العرش بأنه مجيد لكان تشكيلها "ذو العرشِِ المجيدِ" بالكسرة وليست مرفوعة كما في الآية الكريمة.
وسؤالى هل هناك قراءة آخرى تعضد قول الشيخ بأن الله عز وجل وصف العرش بأنه مجيد؟
وإن لم يكن هناك قراءة آخرى فهل يوجد حديث قد يخفى عليّ أو أثر او تفسير لأحد أئمة السلف يقول بوصف الله عز وجل للعرش بأنه مجيد؟
وما دلالة صفة المجيد لله عز وجل؟ ... وهل يصح تأويلها على نحو ما قال الشيخ حتى مع إختلاف التشكيل؟
فى انتظار الإجابة .. وجزكم الله جميعا خير الجزاء ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[06 Jan 2008, 09:50 م]ـ
الحمد لله
بارك الله فيكم.
هاتان قراءتان متواتران.
المجيد بالرفع و الجر ايضا.
ويكون بالرفع خبر رابع ل * وهو * كما ذكرتم.
وبالجر نعت للعرش.
وللاشارة فقوله تعالى في لوح محفوظ .... كلمة محفوظ في الوصل فيها قراءتان ايضا.
محفوظ بالرفع صفة للقرآن و بالجر صفة للوح.
و الله أعلم.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[07 Jan 2008, 06:53 ص]ـ
قال الشيخ ابن عثيمين عندَ تفسيره لقوله تعالى {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} (البروج:15)
:" وقوله {الْمَجِيدُ} فيها قراءتان: {الْمَجِيدِ} و {الْمَجِيدُ} () فعلى القراءةِ الأولى تكونُ وصْفًا للعرْشِ، وعلى الثانيةِ تكونُ وصْفًا للرَّبِّ ?، وكلاهما صحيحٌ فالعرْشُ مجيدٌ، وكذلكَ الرَّبُّ ? مجيدٌ، ونحنُ نقولُ في التشهدِ: إنّكَ حميدٌ مجيدٌ
والقراءتان كما تفضل الأخ من القراءات السبع المتواترة.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[07 Jan 2008, 08:24 ص]ـ
السياق يقتضي أنها وصف للرب
" لابتغوا إلي ذي العرش سبيلا " كلمة ذي العرش جاءت وحدها في هذه الآية
وفي آية البروج، كلمة المجيد وصف للرب مثلها مثل ذو العرش وبعدها فعال فلا يقال بدل من المجيد التي هي وصف للعرش
والله أعلم
ـ[محمد عامر]ــــــــ[08 Jan 2008, 11:03 ص]ـ
قال الشيخ محمد سالم محيسن رحمه الله في "المستنير": "مجيد " قرأ حمزة،والكسائئ، وخلف العاشر،بخفض الدال
صفة للعرش،وقرأ الباقون برفعها، خبر بعد خبر،؟ أوصفة لذو.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[08 Jan 2008, 12:45 م]ـ
قلتم ـ يا كرام ـ فوفيتم وجزى الله الجميع خيراً.(/)
تأملات حول سورة طه
ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[08 Jan 2008, 12:29 ص]ـ
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد.
لا شك أن تدبر القراّن من أعظم القربات إلى الله عز وجل، ومن أثمن ما تنفق فيه الأوقات، وتفنى فيه الأعمار، ومن إعجاز القراّن العظيم أنه لا تفنى عجائبه فكلما قرأته لاحت لك معانٍ جديدة، وكأنك تقرأ لأول مرة! و لا عجب أن يكون كلام الله عز وجل كذلك.
وهذه بعض الخواطر التي لاحت لي أثناء قراءتي لسورة طه - وهي من أكثر السور التي أحببتُها منذ صغري - أردتُ أن أضعها بين يديكم؛ لعلها تكون فيها فائدة ينتفع بها، أو خطأ فأنبه عليه شاكرا من نبهني، مع التذكير أن معظم ما أذكره - إن لم يكن كله - قد أخذته عن علمائنا إما من قدماء المفسرين، أو من المشايخ الذين أتعلم منهم التفسير كالدكتور محمد إسماعيل المقدم حفظه الله والأستاذ الدكتور عبد البديع أبي هاشم حفظه الله وغيرهما.
وقد وضعت هذه التأملات على هيئة عناصر موضوعية أذكر تحتها الاّيات الكريمة التي وردت في هذا العنصر من هذه السورة المباركة، فالله الموفق.
1 - الجزاء من جنس العمل:
أ -" قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) "
فكما أن السامري مس ما لا يحل له من أثر الرسول جبريل عليه السلام عوقب بأنه لا يَمس أحدا و لا يمسه أحد.
ب - "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) "
فكما أنه تعامى عن اّيات الله في الدنيا حشر يوم القيامة أعمى، وكما أنه ترك اّياتِ الله عز وجل في الدنيا سيترك في النار يوم القيامة.
ج - " قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135) "
فكما أنهم أعرضوا عن ذكر الله عز وجل، أعرض الله عن توجيه الكلام لهم مباشرة، بل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم ذلك.
2 - من مظاهر حب موسى عليه السلام لربه:
أ -" قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18) "
والشاهد منه أنه كان يكفيه أن يقول (هي عصاي) ولكن أراد الإطناب في الكلام؛ حبا لربه وأنسا بحديثه.
ب - " وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) "
فلم يتحمل موسى عليه السلام أن ينتظر قومه، بل سارع إلى ميعاد ربه؛ شوقا إليه، وطمعا في رضاه، وترك أخاه هارون عليه السلام مع بني إسرائل، وطلب منهم أن يلحقوا به.
ج - "فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) "
فلا شك أن الغضب عند انتهاك حرمات الله من علامات حب الله عز وجل.
3 - دعوة المرسلين دعوة واضحة لا خفاء فيها:
* " قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59) "
فاختياره موعدا يجتمع فيه الناس، بل وفي وقت الضحى - فلم يختره ليلا - دليل على وضوح دعوة المرسلين، وقد أُمرنا بالاقتداء بهم.
4 - الأم أرحم من الأب غالبا:
"قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) "
رغم أن موسى عليه السلام شقيق هارون عليه السلام إلا أنه ناداه بأمه، لما في الأمومة من رأفة ورحمة، وكأنها يقول له لقد كنا في رحِم واحد فلتكن بيننا رحمة.
5 - الرجل هو القائم على أهله:
(يُتْبَعُ)
(/)
أ - "إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) "
فموسى عليه السلام طلب من زوجه البقاء في مكانها، وهو الذي يذهب للبحث عن النار؛ حتى يحصلوا على الدفء وعلى الإضاءة.
ب - " فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) "
فلم يقل (فتشقيا) لأن الرجل هو الذي يسعى على أهله.
6 - الكفر سبب الفرقة والإيمان سبب للوَحدة:
فالسحرة عندما كانوا كفرة قال الله عز وجل عنهم: " فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) "
أما بعد إسلامهم فاجتمعت كلمتهم.
7 - الأخذ بالأسباب منهج الإسلام:
* "وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77) "
فالإسراء هو السير ليلا، وقد كان الله قادرا أن يأمرهم بالغدو من الصباح، ولكن حتى يعلمنا الأخذ بالأسباب.
8 - الداعي حريص على هداية الناس:
أ - " فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) "
فموسى وهارون عليهما السلام أرادا لفرعون التذكرة والخشية.
ب - " قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61) "
رغم أن الموقف ينبىء عن صعوبة تقبل السحرة لدعوة موسى، إلا أنه عليه السلام دعاهم إلى الله عز وجل، في الوقت الذي يقفون خصوما له، ولقد كانت لدعوته صدى " فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62) " ولكن لم يسلموا، حتى إذا ما رأوا الاّيات الباهرات أسلموا لله رب العالمين.
ج - " فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) "
فلقد كان سبب خوف موسى عليه السلام هو خوفه أن يغتر الناس بسحر السحرة، فينصدوا عن الإيمان بالله عز وجل.
9 - الداعي يقطع أي احتمال خطأ يمكن أن يدور على ذهن المرء:
* " قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) "
فعندما أخبر موسى عليه السلام فرعون أن كل شيء قد كتبه الله عز وجل في اللوح المحفوظ أخبره أنه لا يغيب عن الله شيء، و لا ينسى ربنا شيئا عز وجل، وذلك لأن الهدف الأساسي من كتابة الإنسان هو النسيان (قيدوا العلم بالكتابة) فكأن موسى عليه السلام خشي أن يظن فرعون ذلك برب العالمين، فقطع الشك باليقين.
10 - إذا كنت تناظر أحدا فإياك أن يخرجك عن موضوعك الأصلي:
* "قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51) قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52) "
فموسى عليه السلام يدعو فرعون إلى التوحيد، فأخرجه فرعون بسؤال ليس من صلب الموضوع، فلم يسترسل موسى في الإجابة، بل اكتفى بأن علم ذلك عند الله.
11 - براعة الاستهلال:
"وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) "
ففي استفتاح قصة موسى عليه السلام بهذا السؤال الذي فيه تشويق وإثارة لذهن السامع براعة استهلال.
12 - حسن التخلص:
" كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) "
فبعد أن انتهت قصة موسى عليه السلام لم يشعر القارىء بنقلة مفاجئة، بل هناك تدرج في الانتقال وهذا ما يسمى بحسن التخلص، وعلى إخواننا الخطباء والمتحدثين أن يراعوه، فبعض الخطباء يقسمون خطبتهم إلى عناصر، ويكون الانتقال من عنصر إلى اّخر انتقالا مفاجئا متكلفا، لكن المهارة في الانتقال الحسن الذي يشعر المستمع بترابط أجزاء الخطبة.
13 - الصلاة والدعوة إليها سبب للرزق:
" وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132) "
14 - الدنيا قصيرة جدا:
" وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131) "
(يُتْبَعُ)
(/)
فتشبيه الحياة بالزهرة فيه دلالة على قصر الدنيا، فهي كالزهرة التي تكون خضراء مزهرة، ثم لا تلبث بعد أن تذبل وتموت.
15 - تكرير الوعيد منهج قراّني:
" وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113) "
قال الجلال المحلي رحمه الله في قوله صرفنا:كررنا.
وهذا فيه رد على من ينكر على الدعاة تكريرهم الوعيد والتحذير من عذاب القبر والنار وأهوال القيامة.
16 - نفي المفسدين ومنعهم من نشر فسادهم هو منهج الأنبياء:
" قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) "
فلما كان السامري من المفسدين نفاه موسى عليه السلام، وعاقبه الله تعالى بأنه لا يمس أحدا و لا يمسه أحد، وهكذا لا بد أن يكون التعامل مع رءوس الكفر والبدع، فلا بد أن يحول السلطان بينهم وبين الناس؛ حتى لا يفتنوا بهم، وهذا فيه رد على المتشدقين بحرية الفن والإبداع - هكذا دون أي ضوابط! -.
17 - تحطيم التماثيل منهج الأنبياء:
" قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) "
لم يقل موسى عليه السلام هذه من مظاهر حضارات الأمم!
18 - عداء العلم الشرعي صفة الكافرين:
" مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2) "
فالقراّن والعلم سبب للرحمة والنور والهداية فيالدارين، وليس سببا للشقاوة كما زعم الكافرون، وهكذا المنافقون في كل عصر تجدهم مبغضين للعلم الشرعي والعلماء.
19 - التعريف بالعدو منهج رباني:
" فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) "
فلا بد أن تعرف أمتنا حقيقة الصهيونية والماسونية والعالمانية والروافض ..... إلخ
20 - من أسلحة الباطل في مواجهة الحق:
أ - الترهيب:
" قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) "
وهذا أسلوب الطواغيت في كل عصر ومصر!
ب - الترغيب:
" فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) "
فقد استخدم إبليس أسلوب الإغراء والشهوات، كما يصنع أرباب القنوات والمواقع الإباحية وغيرهم ممن يفسدون الأمة بالشهوات.
ج- التضليل والتلبيس:
* "فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58) "
* " فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)
وما أشبه اليوم بالبارحة! ما أكثر الشبهات والتلبيسات والنظريات الكفرية في عصرنا!
21 - أسلحة الحق في مواجهة الباطل:
أ - الدعاء:
قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)
ب - ذكر الله عز وجل:
اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)
ج - حب الله عز وجل ودينه:
قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)
وهذا على التفسير بأن (الذي فطرنا) معطوفة على (البينات) بمعنى لن نفضلك يا فرعون على ديننا وربنا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وللاّية تفسير اّخر أن الواو هنا واو القسم، فيكون المعنى (والي فطرنا لن نفضلك على ديننا).
د - تحقير الدنيا:
قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) فقد حقر الشهداء البررة (السحرة سابقا) من شأن عذاب فرعون عندما علموا أن الدنيا محله.
ه - تذكر الجنة والنار:
إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى (74) وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)
على رأي من قال إن هذا من كلام الشهداء البررة.
و - التعرف إلى الله بأسمائه وصفاته:
قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)
فإذا خفتَ من ظالم فتذكر أن الله يرى كل شيء ويسمعه وهو قادر على كل شيء.
ي - الصبر والصلاة
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
22 - النبوة وهبية وليست كسبية:
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13)
23 - سرعة الاستجابة لأمر الله حتى وإن لم ندر العلة من التشريع:قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20)
لم يقل موسى ولمَ ألقي عصاي يا رب ومال لحكمة من ذلك؟؟ بل امتثل أمره بسرعة كما دل حرف الفاء على لك.
24 - لا تنتظر إذنا من أحد لكي تؤدي فرض الله:
قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)
25 - الدعاة هم عباد الله المصطفون:
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)
فبعد أن ذكر الله عزوجل لموسى أنه اصطنعه لنفسه أي اصطفاه واجتباه، عقب ذلك في الاّية التي تليها، بالتكليف بالدعوة إلى الله عز وجل، وكأنها إشارة إلى التلازم بين الدعوة والاصطفاء والله أعلم.
26 - التعاون على طاعة الله من أهم سمات الأخوة في الله:
وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34)
27 - العقائد وأصول العبادات ثابتة في جميع الشرائع:
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)
فهاهي شرعة موسى عليه السلام بها توحيد الله والأمر بعبادته وإقام الصلاة والإيمان باليوم الاّخر.
28 - تبرئة هارون عليه السلام من ترك إنكار المنكر كما يزعم البعض:
وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)
29 - الحرص على حقوق الإنسان الشرعية من سمات دعوة الأنبياء:
فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47)
فعلى الدعاة أيضا أن يضعوا نصب أعينهم حقوق الإنسان الشرعية، وأن يقفوا أمام أي اعتداء عليها.
30 - أنت المستفيد بالعبادة يا ابن اّدم وليس ربك:
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
فأنت الذي سترضى، إذا سرت على شرع الله.
31 - الحياة الذليلة لا تسمى حياة ً
(يُتْبَعُ)
(/)
(إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيَا (74))
فحياة الكافر في جهنم لا تستحق أن تسمى حياة!
32 - الأنبياء لا يعلمون الغيب
(وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85))
ظن موسى عليه السلام أن قومه على أثره قادمون، ولم يدر أنهم قد فتنوا من بعده وعبدوا العجل.
33 - العبادة بالخوف والرجاء والحب
(قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73))
ففي قولهم (لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا) عبادة له بالحب على تفسير الواو بأنها عاطفة وليست واو القسم.
وفي قولهم (والله خير) عبادة بالرجاء إذ المعنى خير منك ثوابا فطمعوا في ثواب الله.
وفي قولهم (وأبقى) عبادة بالخوف إذ المعنى والله أبقى منك عذابا، فخافوا من عذاب الله عز وجل.
وهكذا حال المؤمن لا بد أن يجمع في عبادته لله عز وجل بين الحب والرجاء والخوف.
34 - أهم حاجات النفس البشرية:
أ - الأمن من كل ما يخيفها.
ب - نيل ما يحتاجه الجسد.
ج - نيل ما تحتاجه الروح.
(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأيْمَنَ وَنزلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80))
فقد أمنهم من فرعون وجنوده، ورزقهم المن والسلوي - حاجات الجسد -، وأعطاهم التوراة - حاجات الروح -.
35 - من فطنة هارون عليه السلام:
(وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90))
من فطنته سلام الله عليه اختيار اسم الله الرحمن؛ حتى يغلق أمامهم أبواب القنوط من رحمة الله.
36 - خوارق العادات ليست دليلا على الولاية دائما:
(قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96))
37 - التوبة اجتباء من الله عز وجل:
(ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122))
38 - نشر الشائعات حول الدعاة منهج قديم
(قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63))
وما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك، فتارة يتهم الدعاة بالتطرف والرجعية، وتارة بالإرهاب واستخدام العنف، وتارة بمحاولة قلب نظام الحكم، وتارة بالتعاون مع الأجنبي وأخذ الدعم منه!
39 - إذا لم تجد إلا رزقا حراما فاعلم أنك عن ذكر الله معرض!
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124))
فسر الضحاك وعكرمة ومالك بن دينار المعيشة الضنك بالرزق الخبيث، أما المؤمنون فلهم الرزق الطيب كما قال تعالى في سورة النحل: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97))
فسر ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة الحياة الطيبة بالرزق الحلال الطيب.
40 - زيارة المقابر وديار الفانين ترقق القلوب:
(أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأولِي النُّهَى (128))
فالعاقل يتعظ بأنه يمشي في مساكن قوم رحلوا عن هذه الحياة.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه والتابعين.
ـ[الراية]ــــــــ[10 Jan 2008, 01:56 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الفوائد النفيسة والقيمة ..
1 - الجزاء من جنس العمل:
أ -" قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) "
فكما أن السامري مس ما لا يحل له من أثر الرسول جبريل عليه السلام عوقب بأنه لا يَمس أحدا و لا يمسه أحد.
لدي استفسار حول ما تكرمتم به في هذه الخاطرة:
أ- هل هناك ما يدل على تحريم مس أثر الرسول في هذه السورة او في غيرها؟
ب- عقاب الله -عزو وجل-- للسامري هل هو بسبب مسه لأثر الرسول أم بسبب صده عن عبادة الله واتخاذه العجل يعبد من دونه؟
بارك الله فيكم ونفع بكم
أخوكم الراية
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد إبراهيم العبادي]ــــــــ[14 Jan 2008, 12:36 ص]ـ
جزاكم الله خيرا أخي الكريم.
لقد سمعتُ هذا من الأستاذ الدكتور عبد البديع أبي هاشم حفظه الله، ولعل حرمة المس يرجع إلى نية السامري في الإضلال أثناء مسه والله أعلم وجزاكم الله خيرا.(/)
تعريف الإعجاز العلمي بالسبق هل هو دقيق في التعبير عن مضمونه؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[08 Jan 2008, 09:54 م]ـ
لا يفتأ من يقرأ في تقريرات العلماء في التعريفات = أن يجد حرصهم على دفع الإشكالات عنها، وعلى جعل المصطلح منطبقًا على مضمون القضية التي يتحدثون عنها، وقد قامت سجالات علمية في تحرير مططلحات العلوم، ولك أن تنظر في مصطلح (النحو) (أصول الفقه) (البلاغة) (التفسير) إلى غيرها من المصطلحات التي لا يخفى على طالب العلم ما دار حولها من النقاشات.
ولا يخفى على طالب العلم ما في تحرير مصطلح جديد من العناء والتعب، حتى يرى أنه لا يكاد يُوفَّق إلا فيه إلا بعد جهد جهيد، وعرض على كثير من العقول تختبره وتبلوه حتى يخرج حسنًا مقبولاً.
وطالب الحقِّ لا ينزعج من أن يُعترض عليه في تعريفه، بل أن يُنقض تعريفه؛ لأن الحقَّ مطلبُه وبغيته، ولا ينزعج من ذلك إلا قليل البضاعة في العلم أو ضيق النفس الذي لا يحتمل الصولة في العلم.
وإذا كان المطلوب من خُلقِه أن لا يكون كذلك، فمطلوب منه ـ أيضًا ـ أن لا ينزعج من عدم قبول انتقاده لأمر ما، وهذا هو ديدن طالب العلم في خلقه، ديدنه أن يكون قولُه محاطًا بصفتي (العدل والعلم)، فالعدل يقيه من أن يُعرِض عن الحقَّ إذا كان الحقُّ مع غيره، والعلم يقيه من الجهل الذي يُبعده عن معرفة الحق، وإن لم يتصف بهما كان كما قال الله تعالى: (وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولاً).
وإذا أتينا إلى تعريف الإعجاز العلمي كما رضيه المعتنون به، فإننا سنجد من تعريفاتهم:
1 ـ تقول الأمانة العامة لهيئة الإعجاز العلمي في كتاب (الإعجاز العلمي تأصيلاً ومنهجًا): (الإعجاز العلمي هو إخبار القرآن الكريم أو السنة النبوية بحقيقة أثبتها العلم التجريبي وثبت عدم إمكانية إدراكها بالوسائل البشرية في زمن الرسول مما يظهر صدقه فيما أخبر به عن ربه سبحانه وتعالى). http://www.nooran.org/O/1/1O1.htm
2 ـ يقول الأستاذ الدكتور زغلول النجار: إن تعبير (الإعجاز العلمي للقرآن الكريم يُقصد به سبق هذا الكتاب العزيز بالإشارة إلى عدد من حقائق الكون وظواهره التي لم تتمكن العلوم المكتسبة من الوصول إلى فهم شيء منها إلا بعد قرون متطاولة من تنزل القرآن الكريم ... ) الموقع الرسمي للأستاذ الدكتور زغلول النجار ( http://www.elnaggarzr.com/?l=ar&id=877&cat=29)
وبين التعريفين تداخل، فإخبار القرآن نوع من السبق، وهو ما وقع التصريح به في التعريف الثاني، ومؤداهما واحد، فكلاهما يدَّعي وجود تلك القضايا من العلوم المكتسبة المعاصرة في القرآن (أو في السنة، حسب التعريف الأول)، والذين قرؤوه من الصحابة ومن بعدهم لم تظهر لهم هذه الحقائق، ثم ظهرت للمعاصرين، فكان إخبار القرآن بها سبقًا عندهم.
ويقع هاهنا سؤال:
هل يُعدُّ هذا سبقًا، وهل هذا السبق ـ لو صحَّ ـ إعجاز؟!
إننا بحاجة إلى تأمل هذا المعنى (السبق) الذي قام عليه تعريف الإعجاز العلمي، والنظر في دِقَّةِ مضمونه.
أين وجه السبق الذي يدَّعيه متعاطي الإعجاز العلمي؟!
إن حقيقة السبق تكمن في المجهود البشري البحت، وليس في ادِّعاء سبق القرآن للعلم المعاصر؛ لأن إدعاء السبق ظنِّي بلا ريب، ولا يمكن لأحد أن يجزم بأن هذه القضية المعاصرة تفسير وتأويل لآيةٍ ما.
وإنما يصحُّ إدعاء السبق في حالين:
الأولى: أن تكون الآية ظاهرة واضحة بلا نزاع في أن المراد منها ما اكتشفه العلم المعاصر، وفي هذه الحالة، فإن فهم السلف لها يُخرجها عن كونها لم تُكتشف إلا بالعلوم المعاصرة المكتسبة، ويبدو أنه إذا وُجد أمثلة من هذا النوع فإنها خارجةٌ عن كلام أهل الإعجاز العلمي.
الثانية: إذا قام الباحث المسلم باكتشاف القضية المعاصرة، ثم اكتشفها الكافر بعده، فتلك حقيقة السبق.
أما أن يُعلَّق السبق ـ وكذا دعوى الإخبار ـ على قضية ظنية (وهي الزعم بأن الآية تدل على هذا الاكتشاف المعاصر)، فتلك مشكلة علمية تحتاج إلى نظر وتأمُّل.
هل هناك فرق بين دلالة الآيات القرآنية ودلالة الأحاديث على المكتشفات المعاصرة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
إذا تأملت مجموعة من الأحاديث النبوية التي نُسب إليها (الإعجاز) ـ كما هو الحال في التعريف الأول ـ فإنك ستلاحظ أن دلالة الحديث النبوي على القضية المكتشفة المعاصرة أقوى من دلالة الآية التي تأتي مجملة ـ في كثير من الأحيان ـ غير محدَّدة الدلالة على القضية بعينها، ولأضرب لذلك مثالاً:
فيما روى البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم، فليغمسه، ثم لينزعه، فإن في إحدى جناحيه داء والأخرى شفاء)، فهذا صريح في الدلالة، بخلاف كثير من الآيات التي يستدل بها أهل الإعجاز العلمي.
ومثال ذلك: قوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون)، فتفسير لفظ (موسعون) عند السلف على وجهين:
الأول: بنيناها واسعة الأرجاء، وهذا إخبار عن حال السماء في السعة.
الثاني: بنيناها وإنا لقادرون على بنائها، من الوُسع؛ أي: القُدرة.
ثم حمل بعض المعتنين بالإعجاز لفظ (لموسعون) على ما قالوا بأنه اكتُشف في هذا العصر من أن الكون يتمدد.
فلو ثبت يقينًا أن الكون يتمدد، فإن السؤال الذي يقع هنا: هل دلالة الآية على تمدد الكون ظنية أو قطعية؟
لاشكَّ أن هذه الدلالة ظنية؛ لأن من يقول بهذا التفسير لا يمكنه أن يجزم في إثبات هذه الدلالة.
وإذا كانت الدلالة ظنيةً، فإن دعوى السبق تبقى ظنية أيضًا.
ومن المهم النظر والتدقيق في هذا الأصل الذي يقوم عليه الإعجاز العلمي، ثمَّ في الأمثلة التي حُملت عليه؛ لأن مقام بيان كتاب الله ليس بالأمر الهيِّن الذي يستطيع كل مسلم مثقف أو متعلم، بل لابدَّ من اعتماد أصول التفسير التي لا يقوم التفسير إلا بها، ولَمَّا لم يعتمد بعض متعاطي الإعجاز العلمي على هذه الأصول ظهر خلل كبير في الأمثلة التي يذكرونها في الإعجاز العلمي، وهذا ظاهر لمن قرأ في كتبهم أو بحوثهم.
ويمكن لسائل أن يسأل:
أين التفسير الصحيح للآية مادامت الدلالة عندك ظنية؟
فأقول: إن الجواب عن هذا يحتاج إلى التذكير بقاعدة مهمة يغفل عنها بعض من يعتني بالإعجاز العلمي، وهي أن الأمة لا يمكن أن تجتمع على ضلالة، ومن ثَمَّ، فإنه لم يفُتْها فهمُ كلام ربها على وجهٍ صحيح معتبرٍ، وهذه القاعدة تبدأ بزمن الصحابة ثمَّ من بعدهم، فلا يصحُّ أن يقال: إن الصحابة لم يفهموا شيئًا من معاني القرآن، ولا أن يقال: إن من بعدهم ـ كذلك ـ قد وقع لهم ذلك. وإذا كانت هذه القاعدة معتبرةً عند المسلمين، فإن من لوازمها أن الحق قد وقع في فهم القرآن، وأنه لا يمكن أن توجد آية ضلَّ المسلمون عن فهمها على وجهٍ صحيح معتبرٍ.
وإذا ركَّبت هذه المسألة مع المسألة السابقة ـ في كون دلالة الآية على القضية المعاصرة ظنية ـ فإنه سيظهر لك الآتي:
1 ـ أن من اعتمد تفسير السلف ومن قال بقولهم ـ ممن جاء بعدهم ـ فإنه قد قال بالقول الحقِّ والصواب، ولا يمكن أن يخرج عن الحقِّ.
2 ـ أن من اعتمد على المكتشفات المعاصرة، وأعرض عن قول السلف فإنه قد أخطأ الصواب بلا ريب؛ لأن وجود التفسير الصحيح في كلام السلف متيقنٌ منه، وأما قوله المعاصر فإنه يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ؛ لأن دلالة الآية ـ كما قلتُ ـ ظنية.
وإذا اعتمد قول السلف، وأضاف إليه ما ظهر من المكتشفات المعاصرة، فإنه لا يغير من الأمر شيء، فتفسير السلف قطعي في تضمنه للقول الصحيح في معنى الآية، والتفسير المعاصر ظَنِّي في ذلك.
وينتج عن هذا مسألة مهمة جدًا، وهي:
هل ينقص فهمنا للقرآن إذا لم نقل بالإعجاز العلمي؟
والجواب مبنيٌّ على التفصيل السابق، فمادام أن السلف لم ينقص فهمهم للقرآن ـ وهم لا يعرفون هذا النوع من العلم ـ فمن باب أولى أن لا ينقص فهمنا نحن.
ومن هنا، فلو اقتصر المفسر على ما وصله من تفسير السلف، فإنه قد تمسَّك بالحق بلا ريب، وخرج من عُهدة المساءلة، بخلاف من تعرض للإعجاز العلمي (الظني الدلالة)، فإنه لا يسلم من ذلك بأن يقال له: من أين علمت أن هذا هو مراد الله؟
أما الأول فيقول: علمته من كون الأمة خلفًا عن سلف تناقلت هذه الأقوال بلا نكير، واعتمدتها في التفسير، ولم يجعلوا ما جاء عن سلفهم باطلاً، ولم يتركوه وراءهم ظهريًّا، وإن احتاج العلماء المحرِّرون في التفسير إلى بيان أقرب الأقوال أو أولاها بالصحة والصواب من الأقوال المختلفة في تفسير سلفهم اعتمدوا القواعد العلمية، وبينوا ذلك بالطرق المعتبرة عند أولي العلم بالتفسير.
وهذا حقٌّ ظاهر بلا ريب، وإن كان قد يخفى عن بعض من يتكلم في الإعجاز العلمي لغلبة هذا الموضوع عليه، وتمكنه من نفسه، حتى يظنَّ أن ما جاء به فإنه حقٌّ لا شكَّ فيه. ولا يخفاك أن من ظنَّ هذا الظنَّ فإنه مخطئٌ.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[08 Jan 2008, 10:10 م]ـ
كلام متين واضح مختصر ..
بارك الله فيك فضيلة الشيخ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[09 Jan 2008, 04:50 م]ـ
لا زلت أقلب في عقلي هذا الموضوع القيّم، وقد استشكلت قولكم فضيلة الشيخ: " فمادام أن السلف لم ينقص فهمهم للقرآن ـ وهم لا يعرفون هذا النوع من العلم ـ فمن باب أولى أن لا ينقص فهمنا نحن "
وقولكم: " وإذا اعتمد قول السلف، وأضاف إليه ما ظهر من المكتشفات المعاصرة، فإنه لا يغير من الأمر شيء "
هل هذا يعني أنه لا فائدة مما يُذكر من أقوال جديدة في تفسير الآية مما يحتمله لفظها، ولا يناقض ما جاء عن السلف؟
وما الذي نفهمه من قول علي رضي الله عنه: (إلا فهما يؤتيه الله في كتابه)؟
ألا يُحمل هذا على فهمٍ زائد للآية لم يدركه من سبق؟ وأنه باقٍ للأجيال الآتية بعده؟
صحيحٌ ان السلف قد فهموا القرآن كاملا، وأن الفهم الصحيح لا يخرج عن أقوالهم، لكن هل هذا يعني أن باب زيادة الفهم قد أغلق؟
أو أنه لا قيمة له؟
أرجو أن أجد عندكم ما يبصرني ..
وجزاكم الله خيرا.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[09 Jan 2008, 10:25 م]ـ
من متين هذا الموضوع التعرض للدلالة الظنية لهذه الدراسات , وأثرها الضعيف في باب التفسير , وقد سبقت الإشارة إلى هذه الجزئية في موضوع الدكتور سعود العريفي وفقه الله: (منهج الاستدلال بالإعجاز العلمي على النبوة ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=9185)) .
أما استشكال أخي العبَّادي حول ما يُذكَر من أقوال جديدة في تفسير الآية مما يحتمله لفظها، ولا يناقض ما جاء عن السلف, فلا يعنيه الحديث هنا فيما يظهر لي , واقرأ تعريف الدكتور النجار لتدرك ذلك: (الإعجاز العلمي للقرآن الكريم يُقصد به سبق هذا الكتاب العزيز بالإشارة إلى عدد من حقائق الكون وظواهره التي لم تتمكن العلوم المكتسبة من الوصول إلى فهم شيء منها إلا بعد قرون متطاولة من تنزل القرآن الكريم) , فهو يبين بوضوح أن ما فهم الآن لم يفهم من قبل , فإن قصد أن هذه الحقائق لم تفهم من المعاني المباشرة والظاهرة من الآيات من قبل فصحيح , ولهذا كانت دلالاتها جميعها ظنية؛ لأنها مما يفهم بالرأي والاستنباط , وأهم شرط لقبولها على ضعف دلالتها ألا تناقض ما جاء عن السلف , وألا يحصر المعنى فيها , وما أكثر ما يتجرأ الباحثون في هذا الباب على هذين الشرطين.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[10 Jan 2008, 10:18 ص]ـ
والخلاصة التي ينبغي إيصالها إلى جميع حاملي راية هذا الدراسات الإعجازية هي:
منذ متى كان الإعجاز مبنياً على دلائل ظنية؟!
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[10 Jan 2008, 12:12 م]ـ
أشكر أخوي الكريمين محمد العبادي وأبا بيان على هذه المداخلات.
أما ما استشكلتموه يا أخ محمد في قولكم: (هل هذا يعني أنه لا فائدة مما يُذكر من أقوال جديدة في تفسير الآية مما يحتمله لفظها، ولا يناقض ما جاء عن السلف؟) فقد أوضحت في عدد من مقالاتي وكتبي أن الزيادة الصحيحة التي تحتملها الآية ولا تناقض قول السلف وتبطله؛ أنها ممكنة، وعلى هذا سار العلماء جيلاً بعد جيل، وقد بينت ذلك بأدلته، وبأقوال العلماء الصريحة في ذلك.
وإنما قصدت أن أبين أمرًا مهمًا في هذا المقام فحسب، وليس يعني أني أردُّ كل تطبيقات الإعجاز العلمي جملة وتفصيلاً، لكني أقول: إن انصراف بعض المسلمين إلى هذا الموضوع ـ مع ضعف تأصيلهم لأسس التفسير فيه ـ أحدث خللاً في كثير من التطبيقات، فاحتاج الأمر إلى العودة إلى التوازن في الموضوع.
وإلاَّ فإلى متى سيبقى المعتنون بالإعجاز يفسرون القرآن بهذه الطريقة؟!
هل سيأتون على كل آياته الكونية بالإعجاز العلمي؟!
أليس عندهم حدٌّ يمكن أن يقفوا عنده، ويكونون مجرد مكررين لما سبق أن اكتشفوه من ربط بعض الامور الكونية بالآيات؟
إنني ألاحظ أن بعض المؤتمرات صارت تكرر الأشخاص والموضوعات، حتى كأنه إيذانٌ بانتهاء تلك الاكتشافات.
وأقول ـ أيها الإخوة ـ من باب النصيحة لكتاب الله: إن علينا نحن المتخصصين واجب كبير كبير كبير في تقويم مسيرة الإعجاز العلمي، وترشيد مساره، وأن لا نتركه لمن عُرف عنهم أنهم ليسوا متخصصين في التفسير، وهم يدعون إلى احترام التخصص، لكن لا أراهم يطبقون هذا على علم التفسير؛ حتى جاءوا بالعجيب من القول!
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[10 Jan 2008, 01:37 م]ـ
فضيلة الشيخ أبا بيان
فضيلة الشيخ: مساعد
(يُتْبَعُ)
(/)
جزاكما الله خيرا وأحسن إليكما على التفضل بالرد.
وأرجو أن نجد التطبيق العملي الصحيح لضوابط الأقوال الجديدة في التفسير، فمع كوننا ننادي جميعا بضرورة هذا الانضباط إلا أن ثمت اختلافا يبقى عند محاولة تنزيل هذه الضوابط على هذه الأقوال.
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[10 Jan 2008, 03:16 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الموضوع له أطرافه وجوانبه المتعددة
وأحب أن أعلق على مقالة أخي د. مساعد، بأمرين:
الأمر الأول: أظن أن رأيك أخي الكريم فيما يتعلق بالإعجاز العلمي ومن خلال تتبع كثير من مقالاتك القيمة في هذا المجال ينبني على أصل لا أظنه حظي بحقه من التحقيق والتحرير، ولو تحرر هذا الأصل لزال إشكال كبير يتعلق بهذا المجال، ولتوضيح هذا الأصل أطرح عدة أسئلة أرجو أن تلقي الضوء على ما أريد الوصول إليه:
1. هل الأمة بمجموعها ملزمة بفهم كل معاني القرآن ودلالته؟
2. وهل في وسعها ذلك؟
3. وهل معاني القرآن الكريم كلها قد فهمتها الأمة؟
4. وهل بقاء شي من تلك المعاني غير مفهوم يقدح في الأمة؟
5. ألا يمكن أن يفرق بين الدلالات الأصلية والتابعة؟
6. ألا يمكن أن يفرق بين الدلالات المتعلقة بالتكليف الذي يتعلق به الثواب والعقاب، من تلك المتعلقة بالهدايات العامة التي هي في معنى قوله تعالى: إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم.
أن مدار الإشكال أن تضيق دلالات القرآن الكريم مع ما تواضع عليه أهل العلم من أن القرآن حمال للوجه واسع الدلالة.
الأمر الثاني: يتعلق بمسألة الظنية في تلك الدلالات ـ وقد أشار إلى هذا أيضا أخي الكريم أبو بيان سلمه الله، وأيضا أحب أن أطرح تساؤلا:
هل كون تلك المعاني التي يقررها الإعجاز العلمي ظنية الدلالة ـ على فرض صحة هذا ـ يقدح في دلالاتها على الإعجاز العلمي، لأنه لو صح هذا فإن ذلك قادح أيضا في دلالة الإعجاز البياني والتشريعي وغيره من مجالات الإعجاز؛ لأن كثيرا من المعاني التي تقرر هناك مما يتعلق ببلاغة القرآن أو تشريعاته ونحو ذلك هي في حقيقتها اجتهاد من الناظر فيها وليبست مسألة قطعية.
والمقصود أن هذه القضايا الظنية المفردة إذ جمعت شكلت في مجموعها مسألة قطعية، وإن كان آحادها ربما كان فيه ما هو ظني الدلالة
والله أعلم
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[10 Jan 2008, 11:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أحب أن أضيف إلى ما ذكره الدكتور الفاضل مساعد الطيار ما يلي:
أولاً: أنه ينبغي أن يُعلم أن التفسير بمفهومه العام ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: معرفة معاني مفردات القرآن: وهذا هو عمل غالب المفسرين، وهذا القسم الذي لا يمكن أن يقال أن السلف قد جهلوا منه شيئاً، فمعرفة معاني كتاب الله تعالى معلومة كلها للسلف، وفي جيل الصحابة رضي الله عنهم استقرت تلك المعرفة، إذ هم العرب الأقحاح، والقرآن نزل بلسان عربيٍّ مبين، فالصحابة بمجموعهم علموا جميع معاني كتاب الله تعالى، وهكذا تناقل من بعدهم علمَهم ثم دوِّن في كتب التفسير.
القسم الثاني: معرفة حقائق ما ذكر في القرآن: وهذا ما قد يطلق عليه مصطلح التأويل في أحد معانيه، وهذا القسم الذي نجزم بعدم معرفة السلف رحمهم الله لبعضه، ويدخل في ذلك أمور:
أ ـ حقيقة الساعة وأهوالها، وحقيقة صفات الله تعالى المذكورة في القرآن.
ب ـ الحقائق الكونية المذكورة في القرآن: كحقيقة إنزال المطر وتكوينه، وحقيقة الرعد والبرق وتكوينهما، وحقيقة الزلازل، وغيرها، وقد يوجد لدى العرب بقيةٌ من علوم الأقدمين في هذه الحقائق ولكنها لا تصل إلى ما وصل إليه العلم المعاصر فيها.
ج ـ حقيقة بعض ما ذكره القرآن مما استقر في أذهان العرب التمثيل به، كرؤوس الشياطين التي مثل الله تعالى بها طلع شجرة الزقوم في قوله تعالى: (طلعها كأنه رؤوس الشياطين)، فالعرب لا تعرف حقيقة رؤوس الشياطين، وإنما استقر في أذهانها قبحها، وقريبٌ من ذلك، ظلمات البحار التي مثل الله تعالى بها في قوله: (ظلماتٌ بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها) فالعرب لم تصل إلى تلك الظلمات وإنما هو امرٌ قد استقرَّ في أذهانهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي هذا القسم يكون للإعجاز العلمي مدخل في معرفة ما يمكن الوصول إليه من الحقائق كمعرفة إخراج الأرض للأثقال عند حدوث الزلازل، وإن كانت الآية في يوم القيامة، وذلك في قوله تعالى: (إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها)، فههنا يتكلم أهل الإعجاز فيما يستنبطونه من القرآن.
القسم الثالث: معرفة دلالات القرآن الكريم: وهذا الباب هو باب الاستنباط من القرآن، ولا يمكن لأي جيل أن يدَّعي معرفة جميع ما يستنبط من القرآن، بل كل جيل يستخرج من مكنونات القرآن ما يدل ذلك على عظمة هذا الكتاب ومنزله جل وعلا، وكل ما يستنبطه العلماء داخل في هداية القرآن التي ذكرها الله جل وعلا بقوله تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم)، ولأهل الإعجاز أيضاً ههنا مدخلٌ؛ إذ كثير مما يذكرونه داخل في باب دلالات القرآن، ولكن الخطأ يقع في صحة تلك الدلالات، أي: صحة ارتباط تلك المعاني الإعجازية بالقرآن. ومثال دخول ما يذكره الإعجازيون في هذا القسم؛ قوله تعالى: (كأنما يصعد في السماء) إذ يربطون بالآية النظرية القائلة أن الأكسجين يقل كلما صعد الإنسان في السماء. ويبقى النقاش في صحة هذا الربط.
ثانياً: أن النقاش في المعاني الإعجازية المأخوذة من القرآن يكون في أمرين:
أ ـ صحة ذلك المعنى في نفسه، أي: ثبوت تلك النظرية واستقرارها، إذ لا يجوز ربط القرآن بأمر مشكك، لا تعلم صحته، ومن باب أولى بما ثبت خطأه.
ب ـ صحة دلالة القرآن على ذلك المعنى، فلا بد من دلالة لفظية أو قاعدة استنباطية تدل على ذلك المعنى، إذ ليست نسبة هذا المعنى بالقرآن أولى من نفيه عنه إذا لم يوجد وجه صحيح يدل على الربط.
ثالثاً: قضية السبق من عدمها، المراد بها من وجهة نظري؛ محاجة غير المسلمين، وإلزامهم بصحة ما جاء به القرآن، ودعوتهم لهذا الدين، وهذا الهدف في حد ذاته صحيح، ولكن ينبغي أن يُحذر أشد الحذر من وقوع الخطأ في ذلك لكونه قد يوصل إلى ضد المقصود فقد يفرح أعداء الله بما قد يقوله بعض من يتكلم في الإعجاز ويطعنون به في الإسلام وعلماءه، لذا فإن الحاجة ماسة كما ذكر شيخنا الدكتور مساعد إلى تقويم مسار الإعجاز ودخول المتخصيين بالدراسات القرآنية ليصلوا به إلى الهدف المنشود وليكون مساره قائماً على أصول علمية صحيحة ..
اسأل الله تعالى أن يوفقنا لفهم كتابه الكريم، والانتفاع بهديه ...
1/ 1 / 1429هـ
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[11 Jan 2008, 11:35 ص]ـ
- في مقال الدكتور العريفي بيان لأثر اعتماد الأدلة الظنية في الدراسات الإعجازية.
- أما مجال المعاني التي يتداولها دارسوا هذا الجانب فتتبين بما يأتي:
أولاً: المعاني الظاهرة المباشرة التي لا يتم فهم القرآن إلا بها = انتهى الحديث فيها جمعاً وحصراً بانتهاء عصر الصحابة رضي الله عنهم, فلا يخرج الحق من معاني القرآن عن أقوالهم.
ثانياً: كل ما وراء المعاني الظاهرة المباشرة يدخل في باب الاستنباط, والمعاني المستنبطة تتفاوت تفاوتاً عظيماً في الصحة والخطأ والظهور والخفاء والقرب والبعد.
ثالثاً: يشترط لقبول أي استنباط شروط معروفة من أهمها: أن لا يضاد المعنى المستنبط معنى الآية الذي هو تفسيرها المباشر. وأيضاً لا يلغيه لأنه تابع له. وأيضاً لا يجعل هذا الاستنباط مهما صح عنده تفسيراً للآية؛ لما يفضي إليه من التحريف وسوء الفهم.
وواقع الدراسات الإعجازية في الجملة لا تنطبق عليه هذه الشروط أو أكثرها, ومن هنا كان الخلل.
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[11 Jan 2008, 09:07 م]ـ
فأقول: إن الجواب عن هذا يحتاج إلى التذكير بقاعدة مهمة يغفل عنها بعض من يعتني بالإعجاز العلمي، وهي أن الأمة لا يمكن أن تجتمع على ضلالة، ومن ثَمَّ، فإنه لم يفُتْها فهمُ كلام ربها على وجهٍ صحيح معتبرٍ، وهذه القاعدة تبدأ بزمن الصحابة ثمَّ من بعدهم، فلا يصحُّ أن يقال: إن الصحابة لم يفهموا شيئًا من معاني القرآن.
باعتبار هذه السطور، وعلى القاعدة نفسها؛ فإن "الإعجاز" برمته، علمياً كان أم بيانياً، لا أصل له البتّة في "فهم" الصحابة ولا في تفسيراتهم أبداً!!.
فعلى عمق وجهة الشيخ الطيار -حفظه الله- ومتانة خوضه، إلا أن البنيان -أقصد بنيان الإعجاز- كله مهلهل منتقض منقض ..
فحبذا لو تحاملنا الشجاعة وقلنا مقالة الحق ..
أنْ: "الإعجاز برمته -لفظاً وتوجيهاً علمياً أو غير علمي- بدعة لا أصل لها"!.
وما أجمل مقالة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "كل بدعة سيئة، ولو رآها الناس حسنة"!.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[12 Jan 2008, 05:40 م]ـ
جزى الله الإخوة على ما أفادوا خيراً
وأما رأيك أخي خالد وفقك الله فيَرِدُ لو قالوا: ما نذكره من الإعجاز العلمي في هذه الآيات هو تفسيرها. ولا أظن أحداً بقي يقول ذلك.
فما دام حديثهم في دائرة الاستنباط ومعاني المعاني فلا سبيل إلى منع أحد من الاستنباط وقد أثنى الله على أهله فقال: {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم} , بشرط الالتزام بأصوله كأي علم معتبر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالدعبدالرحمن]ــــــــ[12 Jan 2008, 10:55 م]ـ
"الإعجاز" أخي بيان، مثله مثل القول بـ"خلق القرآن" .. كلاهما من خارج التفسير والتأويل ..
فمن قال إن القرآن مخلوق، فقد أتانا بما لم نسمعه من نبينا ومن أصحابه -ولو احتمل جبال البراهين ..
ومثله تماماً من قال إن القرآن "معجز"، فقد وصف القرآن بما لم يقله أعلم الناس به ..
فهل لك -حفظك الله- أن تبرر لي لمّ لمْ يقل به أحد من الصحابة، ولا النبي طبعاً.؟. غفلة كان، أم جهلا، حاشاهم الله؟؟
فيسعنا ما وسع النبي وأصحابه!.
أما الكيل بالانتقاء فلا يعدل في ميزان الدين.
ـ[عبدالغني الكعبوني]ــــــــ[13 Jan 2008, 08:15 م]ـ
أشكر المشرف الكريم°مساعد الطيارّ
أقول في إطار تسابق الكثير للكتابة في الموضوع،أصبح لزاما محاولة وضع ضوابط مشتركة متفق عليها قصد إخراج من لاعلاقة له بالمجال
ـ[مرهف]ــــــــ[14 Jan 2008, 04:50 ص]ـ
في ما تقدم من كلام أخينا الدكتور مساعد مناقشات عديدة تحتاج لبسط طويل، ولعلي آخذ منها هذه الفقرة: (إن الجواب عن هذا يحتاج إلى التذكير بقاعدة مهمة يغفل عنها بعض من يعتني بالإعجاز العلمي، وهي أن الأمة لا يمكن أن تجتمع على ضلالة، ومن ثَمَّ، فإنه لم يفُتْها فهمُ كلام ربها على وجهٍ صحيح معتبرٍ، وهذه القاعدة تبدأ بزمن الصحابة ثمَّ من بعدهم، فلا يصحُّ أن يقال: إن الصحابة لم يفهموا شيئًا من معاني القرآن، ولا أن يقال: إن من بعدهم ـ كذلك ـ قد وقع لهم ذلك. وإذا كانت هذه القاعدة معتبرةً عند المسلمين، فإن من لوازمها أن الحق قد وقع في فهم القرآن، وأنه لا يمكن أن توجد آية ضلَّ المسلمون عن فهمها على وجهٍ صحيح معتبرٍ.
وإذا ركَّبت هذه المسألة مع المسألة السابقة ـ في كون دلالة الآية على القضية المعاصرة ظنية ـ فإنه سيظهر لك الآتي:
1 ـ أن من اعتمد تفسير السلف ومن قال بقولهم ـ ممن جاء بعدهم ـ فإنه قد قال بالقول الحقِّ والصواب، ولا يمكن أن يخرج عن الحقِّ.
2 ـ أن من اعتمد على المكتشفات المعاصرة، وأعرض عن قول السلف فإنه قد أخطأ الصواب بلا ريب؛ لأن وجود التفسير الصحيح في كلام السلف متيقنٌ منه، وأما قوله المعاصر فإنه يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ؛ لأن دلالة الآية ـ كما قلتُ ـ ظنية.
وإذا اعتمد قول السلف، وأضاف إليه ما ظهر من المكتشفات المعاصرة، فإنه لا يغير من الأمر شيء، فتفسير السلف قطعي في تضمنه للقول الصحيح في معنى الآية، والتفسير المعاصر ظَنِّي في ذلك).
أقول: المعروف أن هذا أثر مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم أخرجه أحمد في المسند وابن أبي عاصم في السنة وله شاهد عند الترمذي عن ابن عمر [ينظر المقاصد الحسنة للسخاوي ومجمع الزوائد للهيثمي]، وهو حديث مشهور، ولا خلاف لدى المشتغلين بالإعجاز العلمي حول ما قدمته من استيعاب المسلمين في جميع العصور إلى يومنا هذا لفهم القرآن على الشكل الصحيح المعتبر، ولكن ما ظهر لك من تركيب المقدمتين مصادرة في الحكم، وحصر في النتيجة، وهو ينطبق على بعض الأبحاث المسماة (بأبحاث الإعجاز العلمي) فمنها أبحاث اعتمدت تفسير السلف ومن بعدهم، ومنها أبحاث أعرضت عن تفسير السلف وهذه ميزة الأبحاث التجارية، ولكن ألا يوجد غير هذين النوعين من المشتغلين بالإعجاز العلمي؟!
ألا يوجد أبحاث زادت على تفسير السلف دون أن تنفيه، بمعنى أنها ذكرت أقوال السلف في تفسير الآية وأثبتته واعتمدته ثم وسعت في بيان معاني الآية زيادة على ما ذكره السلف؟ مثال ذلك في تفسير قوله تعالى: (والسماء ذات الرجع) فإن ما ورد في تفسيرها عن ابن عباس وقتادة أن السماء ترجع المطر ورزق العباد إلى الأرض، وورد عن ابن زيد أن السماء ترجع النجوم والأفلاك، فأنت ترى أن معنى السماء عند ابن عباس وقتادة يختلف عن معنى السماء عند ابن زيد رحمهم الله، وما ترجعه السماء يختلف عند ابن زيد عما قاله ابن عباس، ألا تحتمل الآية أشياء أخرى ترجعها السماء زيادة على ما ذكره ابن عباس وقتادة وابن زيد، وقد وسع في بيان ما ترجعه السماء د زغلول النجار في كتابه السماء في القرآن الكريم وذكر أن ثمة غازات وغيرها ترجعها السماء أيضاً، ولم ينف ما ورد عن ابن عباس وقتادة، وهذا المعنى لا يخالف دلالة الآية إن كان الرجع بمعنى الإعادة لغة.
أقول: بل وهناك آيات لم يرد في تفسيرها شيء عن السلف رضي الله عنهم وفهمها يحتاج إلى الاستعانة بالعلوم الحديثة مع الانضباط بقواعد وأصول التفسير، ومثال ذلك في تفسير قوله تعالى: (نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبناً) الآية من النحل، فهل لك أن تأتيني من المأثور شيئاً يفسرها على الوجه الصحيح المعتبر، فأنا لم أعثر على ذلك، فالآية تضمنت ذكر تولد اللبن والله تعالى يمتن علينا به، وهذه الآية ينطبق عليها تعريف الإعجاز العلمي بالسبق الذي انتقدته. وأتمنى عليك أنت والأخوة الذين شاركوا هنا أن يبحثوا في تفسير الآية هذه بحثاً مفصلاً، لأن النقد النظري سهل والحجة بالمنهج العملي لا بالاعتماد على أخطاء الآخرين.
ومن جهة أخرى فهل تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم قطعي أم ظني؟! فإن كان قطعياً في بيان الصحيح من مراد الله تعالى فإذاً لم الاختلاف في التفسير إلى وقتنا الحالي والبحث عن عجائب القرآن التي لا تنقضي كما في الحديث، وإن كان تفسير السلف ظنياً فهو مقدم على غيره لقرب العهد من نزول القرآن ومن حيث اللغة وقوة الاستنباط، ولعلك تتفق معي أن كثيراً من تفاسير الصحابة والتابعين وتابعيهم يدخل في الاجتهاد والتفسير بالرأي. المحمود المعتبر ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[14 Jan 2008, 02:39 م]ـ
من أخطائي في الكتابة (الاجتزاء)، فأنا أذكر جزءً متعلقًا بالموضوع، وأترك ما كنت قد بينته سابقًا؛ لئلا أعيد وأكرر على القارئ، وأقول ـ في نقاط ـ:
أولاً: أنأ أوافق الأخ مرهف في قوله (ألا يوجد أبحاث زادت على تفسير السلف دون أن تنفيه، بمعنى أنها ذكرت أقوال السلف في تفسير الآية وأثبتته واعتمدته ثم وسعت في بيان معاني الآية زيادة على ما ذكره السلف؟)، وقد أشرت إليه في المداخلة رقم (6)، ولعله يرجع إليها.
ثانيًا: في قولكم: (ولا خلاف لدى المشتغلين بالإعجاز العلمي حول ما قدمته من استيعاب المسلمين في جميع العصور إلى يومنا هذا لفهم القرآن على الشكل الصحيح المعتبر)، لا أدري بمن أستشهد لك بقوله من أكبر المعتنين بالإعجاز العلمي الذي قضوا معه ردحًا من الزمن، وصدرت منهم عبارات بهذا المعنى، وسأكتفي ببعض النقول ـ دون ذكر اسم صاحب القول ـ ليكون مناط الحكم على القول دون الأشخاص:
1 ـ (وقد تحقق وعد الله، وكان مما تحقق في عصرنا هذا عصر العلوم الكونية أنه كلما تقدمت الكشوف العلمية في ميدان من الميادين، كشفت للناس عن آيات الخلق الباهرة التي تزيد الناس إيماناً بربهم وخالقهم، وكشفت أيضاً عن معنى من المعاني، فإن القرآن قد تحدث بصراحة أو أشار إليه؛ وبقيت تلك الآية تؤول أو تفسر على غير معناها لعدم معرفة السابقين بحقائق خلق الله، ودقائق ما أشارت إليه الآية، فكان هذا نوعاً من إعجاز القرآن يظهر في عصر العلم الكوني يشهد بأن القرآن: كلام الله بما حوى من حقائق جهلها البشر جميعاً طوال قرون متعددة وأثبتها القرآن في آياته قبل أربعة عشر قرناً من الزمان فكان ذلك شاهداً بأن هذا القرآن ليس من عند رجل أمي أو من عند جيل من الأجيال البشرية لا يزال يعيش في جهل كبير، إنما هو من عند الذي خلق الكون وأحاط بكل شيء علماً وصدق الله القائل لنبيه?وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ? [النمل: 6]
2 ـ ويقول آخر: (ولقد أشار القرآن الكريم إلى حركة الأرض السنوية حول الشمس بآية كريمة تكاد تكون صريحة الدلالة على الحركة الانتقالية للأرض في قوله تعالى (وترى الجبار تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي اتقن كل شيء). وليس عجيبًا أن يفوت المفسرين جميعًا المعنى العلمي الذي تحتويه هذه الآية؛ لأنهم لم يكونوا يعرفون أن للأرض حركة يومية أو سنوية، ولكن الآن نحن نعيش عصر العلم ت وقد تكشفت لنا حركة الأرض حول الشمس، نجد أن هذه الآية معجزة علمية قرآنية تقرر أن الجبال ليست ثابتة، ولكنها تمر مر السحاب، فالسحاب كما هو معروف لا يتحرك بذاته، ولكنه ينقل محمولاً على الرياح، وكذلك الجبال يراها الإنسان ويظنها جامدة في مكانها مع أنها تمر مسرعة؛ لأنها محمولة بواسطة الأرض التي تجري في مدارها حول الشمس.
ولقد أخطأ المفسرون حينما اعتقدوا أن هذه الآية تشير إلى زوال الجبال يوم القيامة، ومن هنا صرفوا المعنى عما تحتويه الآية من الإشارة إلى ظاهرة كونية عظيمة فيها إتقان الصنع ما يدل على جلال حكمة الله وقدرته سبحانه طبقًا لقول (صنع الله الذي أتقن كل شيء).
ثالثًا: قولكم ـ حفظكم الله ـ (أقول: بل وهناك آيات لم يرد في تفسيرها شيء عن السلف رضي الله عنهم وفهمها يحتاج إلى الاستعانة بالعلوم الحديثة مع الانضباط بقواعد وأصول التفسير، ومثال ذلك في تفسير قوله تعالى: (نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبناً) الآية من النحل، فهل لك أن تأتيني من المأثور شيئاً يفسرها على الوجه الصحيح المعتبر، فأنا لم أعثر على ذلك، فالآية تضمنت ذكر تولد اللبن والله تعالى يمتن علينا به، وهذه الآية ينطبق عليها تعريف الإعجاز العلمي بالسبق الذي انتقدته. وأتمنى عليك أنت والأخوة الذين شاركوا هنا أن يبحثوا في تفسير الآية هذه بحثاً مفصلاً، لأن النقد النظري سهل والحجة بالمنهج العملي لا بالاعتماد على أخطاء الآخرين).
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول: هل وجدت خلاف التفسير المعاصر عند السلف؟ إن ظاهر الآية واضح يفهمه العربي بلا إشكال، أما التفصيل الذي توصل إليه الباحثون المعاصرون، فهو لا يخاف هذا المعنى الظاهر، ولو كان فيها إشكال عندهم لأبانوا عن هذا الإشكال، وكوننا لم نفهم الآية إلا بالاستعانة بالعلوم الحديثة فإن هذا الكلام فيه نظر؛ وإنما لم نفهم تفاصيل في المعنى الإجمالي الواضح الظاهر، وهذا لا إشكال في وجوده في مسائل التفسير لا في صلب التفسير، وأعني بذلك أن المعاصرين قد يذكرون من التفاصيل التي تزيد على التفاسير المجملة التي ذكرها السلف، ولا يكون في تفسيراتهم نقض لما جاء عن السلف، وهذا كثيرٌ.
وأما كون (الحجة بالمنهج العلمي لا بالاعتماد على أخطاء الآخرين)، فلا أختلف معك في هذا، لكن هل ترى أن تُترك مثل هذه الأخطاء بلا بيان؟!
وإذا كنت رأيت في كلامي ما يخاف الحجة العلمية فلا تبخل عليَّ بها، وفقني الله وإياك إلى ما يحب ويرضى.
رابعًا: قولكم: (ومن جهة أخرى فهل تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم قطعي أم ظني؟! فإن كان قطعياً في بيان الصحيح من مراد الله تعالى فإذاً لم الاختلاف في التفسير إلى وقتنا الحالي والبحث عن عجائب القرآن التي لا تنقضي كما في الحديث، وإن كان تفسير السلف ظنياً فهو مقدم على غيره لقرب العهد من نزول القرآن ومن حيث اللغة وقوة الاستنباط، ولعلك تتفق معي أن كثيراً من تفاسير الصحابة والتابعين وتابعيهم يدخل في الاجتهاد والتفسير بالرأي. المحمود المعتبر).
فأقول:
1 ـ هل يمكننا القول بأن في القرآن ما جُهل معناه على الصحابة قاطبة، ثم على التابعين وأتباعهم؟
2 ـ أقول: إنه ما من آية تحتاج إلى بيان معنى ـ وليس ما يتعلق بها من مسائل التفسير ـ إلا وُجِد فيها عن السلف بيانٌ، وإن خفي علينا وجهه، فلنقص عندنا.
والخلاف بينهم لا يُخرج قولهم عن البيان، سواءٌ اكان اختلاف تنوع أم اختلاف تضاد.
والذين جاءوا من بعدهم كان لهم إضافات، ولا خلاف في أنها إما أن تكون صحيحة، وإما أن تكون باطلة، كما أنها قد تكون في بيان المعنى، وقد تكون في مسائل الآيات التي هي خارج بيان المعنى.
وإن ما كان خارج بيان المعنى فإن كلام المتأخرين فيه كثير جدًّا، ولا يلزم فيه إلا الصحة بخلاف المعنى الذي تكلم فيه السلف فإنه يلزم فيه ـ مع الصحة واحتمال الآية له ـ عدم مناقضة قول السلف؛ لأن هذا يفضي إلى أن الأمة كانت تجهل شيئًا من معاني كلام ربها، وهذا ـ عندي ـ محال؛ لأن هذا يناقض أن تكون آيات الكتاب مبينة، ويلزم منه أن الله تكلم لمن نزل عليهم الخطاب بما لا يدركون له معنى فيما يعرفونه من لغتهم.
وأعود فأقول: إن الزيادة الصحيحة التي تحتملها الآية قد أثبتها العلماء جيلاً بعد جيل، وقد بينت هذا في شرحي لمقدمة شيخ الإسلام وغيرها، لذا أرجو أ، يُفهم كلامي على وجهه، وأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد.
ـ[مرهف]ــــــــ[14 Jan 2008, 04:36 م]ـ
دعنا نذكر مواطن الاتفاق حتى لا تتكرر مني ومنكم أيدكم الله ثم نتناقش في ما اختلفت فيه الآراء، فكلانا حفظكم الله نتفق على:
1 - أن الأمة مع تقدم العصور لم يفتها شيء من تفسير القرآن على وجه صحيح معتبر.
2 - لا يجوز تجاهل ما ورد عن سلفنا الصالح في تفسير الآيات واعتباره في كل اتجاهات التفسير، ومن فعل ذلك - كالذين نقلت عنهم - مخالف لطرق التفسير الصحيحة المعتبرة، وكلامهم يضرب به عرض الحائط.
3 - الزيادة في المعنى على ما ورد عن السلف أمر مطلوب وشأن معروف لا ينكر إن كان يتفق مع الأصول العلمية المقررة.
4 - ينكر على من يطوع نصوص القرآن ودلالاته للمصطلحات الاختصاصية ويحكمها فيه وينبه على خطأه بالطريقة العلمية.
بالنسبة لآية النحل فإني لم أجد كما قلت سابقاً أثراً يبين هذه الآية عن الصحابة ولا عن التابعين ولا تابعيهم اللهم إلا ما روي عن ابن عباس وسنده شديد الضعف، وأما متنه فهو مخالف لما ثبت في العلوم التشريحية ولذلك حاول أبو السعود تأويله وتوجيهه ولكن تعقبه الألوسي، وهذه الآية مما تناولتها بالدراسة التحليلية في رسالتي الدكتوراه التي ستناقش إن شاء الله بعد أشهر، وأعيد المطالبة لكم بالبحث التفصيلي في هذه الآية لتكون مثالاً عملياً في الإجابة على أسئلتكم فيما بعد، [ينظر مثلاً الدر المنثور للسيوطي وموسوعة الصحيح المسبور من التفسير التفسير بالمأثور د حكمت ياسين] فإذا لم يثبت لدينا ورود أثر عن الصحابة والتابعين وتابعيهم في بيان الآية والبينية في آية اللبن من سورة النحل فقد وقع الجواب عن سؤالكم بأن في القرآن ما جهل معناه على الصحابة حسب ما ورد إلينا ولا أقول قاطبة، لأن عدم الوجود لا يعني عدم الوجدان في نفس الأمر، ونحن نعمل بما ثبت بين أيدينا ولا نرجم بالغيب.
والذي أعلمه منكم أخانا أبا عبد الملك من قراءتي لما كتبته حول الإعجاز العلمي عدم معارضتكم لهذا الاتجاه في الأصل ولكن للأخطاء الواردة فيه، فإن كان تعريف الإعجاز بما انتقدت في رأيك غير صحيح فما هو التعريف السليم، فإن الوقوف عند النقد فقط دون بيان الوجهة الصحيحة يفهم للقارئ غير حقيقة الحال عن الكاتب، كما أود القول أني بنقاشي لكم في هذا الموضوع لا أدافع عن أشخاص ولا أحامي عنهم، وإنما نتحاور في قضية علمية لنستبين وجه الحق فيها بقدر الطاقة فأسأل الله أن يهدي قلبي وقلبكم ويسدد قلمي وقلمكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[15 Jan 2008, 12:59 م]ـ
أخي الكريم مرهف
لا يخطئني يقيني فيكم أبدًا، فأنا أعرف من مناقشاتكم أنكم تريدون العلم والوصول إلى الثمرة المرجوة في هذا النقاش، وسأراجع الآية إن شاء الله، وأوافيكم بما يحصل عندي منها.
وأنا أوافقكم على تلخيصكم للنقاط المشتركة التي كتبتموها، وأسأل الله أن يسددني وإياكم، إنه سميع مجيب.(/)
قصة يونس عليه السلام .. أرجو التقييم
ـ[عبدالله بن عمر]ــــــــ[08 Jan 2008, 10:28 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:-
كنت في فترة ماضية قد أعددت بحثاً مبسطاً بعضه رؤوس أقلام لإلقاءه على الطلاب في أحد الحلقات القرآنية عن قصة يونس عليه السلام في القرآن وأرغب من مشايخي الفضلاء التقييم والإضافة والتقريظ شاكراً ومقدراً وممتناً.
قصة يونس عليه السلام
-الآيات:
• وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآَمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148)
• فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آَمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آَمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (98)
• فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ (49) فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (50)
• وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)
-القصة إجمالاً:
-الفوائد التفسيرية:
• يونس بن متّى، وهو من أنبياء بني إسرائيل أرسله الله إلى أهل (نينوَى)
• و {أبَقَ} مصْدره إِباق بكسر الهمزة وتخفيف الباء وهو فرار العبد مِن مالكه .. ففِعل {أبَق} هنا استعارة تمثيلية، شبّهت حالة خروجه من البلد الذي كلّفه ربه فيه بالرسالة تباعداً من كلفة ربه بإباق العبد من سيده الذي كلّفه عملاً.
• و {الفُلك المشحون}: المملوء بالراكبين،
• وعن ابن عباس ووهب بن منبه أن القرعة خرجت ثلاث مرات على يونس.
• {فساهم فكان من المدحضين} والإِدحاض: جعل المرء داحضاً، أي زالقاً غير ثابتتِ الرِجلين وهو هنا استعارة للخسران والمغلوبية.
• والنبذ: الإِلقاء وأسند نَبذه إلى الله لأن الله هو الذي سخر الحوت لقذفه من بطنه إلى شاطىء لا شجَر فيه. والعراء: الأرض التي لا شجر فيها ولا ما يغطيها.
• وعن ابن عباس: كل تسبيح في القرآن فهو صلاة
• واليقطين: الدباء
• قوله تعالى: {فلولا أنّه كان مِنَ المُسَبِّحِينَ} فيه ثلاثة أقوال:
o أحدها: مِنَ المُصَليِّن، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير.
o والثاني: من العابدِين، قاله مجاهد، ووهب بن منبه.
o والثالث: قول {لا إِله إِلاّ أنتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمينَ} [الأنبياء: 87]، قاله الحسن.
• قوله تعالى: {وأرسلْناه إِلى مائةِ ألفٍ} اختلفوا، هل كانت رسالته قبل التقام الحوت إيّاه، أم بعد ذلك؟ على قولين:
o أحدهما: أنها كانت بعد نبذ الحوت إيّاه، على ما ذكرنا في [يونس: 98]، وهو مروي عن ابن عباس.
o والثاني: أنها كانت قبل التقام الحوت له، وهو قول الأكثرين، منهم الحسن، ومجاهد، وهو الأصح. والمعنى: وكنَّا أرسلناه إِلى مائة ألف
• وفي قوله: {أو} ثلاثة أقوال:
o أحدها: أنها بمعنى «بل» قاله ابن عباس، والفراء.
o والثاني: أنها بمعنى الواو، قاله ابن قتيبة. وقد قرأ أبيّ بن كعب: {ويزيدون} من غير ألف.
o والثالث: أنها على أصلها، والمعنى: أو يزيدون في تقديركم
• قوله تعالى: {فآمَنوا} في وقت إِيمانهم قولان:
o أحدهما: عند معاينة العذاب.
o والثاني: حين أُرسل إليهم يونس {فمتَّعْناهم إِلى حين} إِلى منتهى آجالهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
• وذكر بعضهم في القرع فوائد، منها: سرعة نباته، وتظليلُ ورقه لكبره، ونعومته، وأنه لا يقربها الذباب، وجودة أغذية ثمره، وأنه يؤكل نيئا ومطبوخا بلبه وقشره أيضا. وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُحِبّ الدُّبَّاء، ويتتبعه (6) من حَوَاشي الصَّحْفة (7) (8).
• واختلف المفسرون: هل كُشف عنهم العذاب الأخروي مع الدنيوي؟ أو إنما كشف عنهم في الدنيا فقط؟ على قولين، أحدهما: إنما كان ذلك في الحياة الدنيا، كما هو مقيد في هذه الآية. والقول الثاني فيهما لقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [الصافات: 147، 148] فأطلق عليهم الإيمان، والإيمان منقذ من العذاب الأخروي، وهذا هو الظاهر، والله أعلم.
• وقوله: {إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا}: قال الضحاك: لقومه، {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [أي: نضيق عليه في بطن الحوت. يُروَى نحو هذا عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وغيرهم، واختاره (7) ابن جرير، واستشهد عليه بقوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق:7]. وقال عطية العَوفي: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} (8)، أي: نقضي عليه
• قال ابن مسعود: ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل. وكذا روي عن ابن عباس (1)، وعمرو بن ميمون، وسعيد بن جُبَير، ومحمد بن كعب، والضحاك، والحسن، وقتادة.
• وقوله: {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} فيه وجهان من التفسير لا يكذب أحدهما الآخر:
o الأول أن المعنى {لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} أي لن نضيق عليه في بطن الحوت. ومن إطلاق «قدر» بمعنى «ضيق» في القرآن قوله تعالى: {الله يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ} [الرعد: 26] أي ويضيق الرزق على من يشاء، وقوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ الله} [الطلاق: 7] الآية. فقوله: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أي ومن ضيق عليه رزقه.
o الوجه الثاني أن معنى {أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} لن نقضي عليه ذلك. وعليه فهو من القدر والقضاء. «وقدر» بالتخفيف تأتي بمعنى «قدر» المضعفة: ومنه قوله تعالى: {فَالْتَقَى المآء على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: 12] أي قدره الله.
o أما قول من قال: إن {أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} من القدرة فهو قول باطل بلا شك. لأن نبي الله يونس لا يشك في قدرة الله على كل شيء، كما لا يخفى.
• وقوله في هذه الآية الكريمة: {مُغَاضِباً} أي في حال كونه مغاضباً لقومه. ومعنى المفاعلة فيه: أنه أغضبهم بمفارقته وتخوفهم حلول العذاب بهم، وأغضبوه حين دعاهم إلى الله مدة فلم يجيبوه، فأوعدهم بالعذاب. واعلم أن قول من قال {مُغَاضِباً} أي مغاضباً لربه كما روي عن ابن مسعود، وبه قال الحسن والشعبي وسعيد بن جبير، واختاره الطبري والقتبي، واستحسنه المهدوي يجب حمله على معنى القول الأول.أي مغاضباً من أجل ربه.
• وبين في بعضها: أن الله تداركه برحمته. ولو لم يتداركه بها لنبذ بالعراء في حال كونه مذموماً، ولكنه تداركه بها فنبذ غير مذموم
• وقوله: {لولا أن تداركه نعمة من ربّه لَنُبذ بالعراء} وتنكير {نعمة} للتعظيم لأنها نعمة مضاعفة مكررة
• قال بعض العلماء: في إنبات القرع عليه حكم جمة ; منها أن ورقه في غاية النعومة، وكثير وظليل، ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره، نيا ومطبوخا، وبقشره وببزره أيضا. وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك.
-الفوائد المستنبطة:
• تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وسواء (دنيا وآخرة)
• ضرورة الالتجاء إلى الله في الشدائد
• منزلة التسبيح ومكانته.
• الصبر عند الشدائد ولا يشترط أن تكون مالية كما يظن البعض بل تشمل جميع أنواع الشدائد (النفسية، والاجتماعية، ... )
• بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين
• أدب الدعاء من دعاء يونس: لا إله إلا أنت، سبحانك، إني كنت من الظالمين.
• توحيد، تنزيه، اعتراف.
• حال الداعي ومكانه وأسلوب الدعاء وشعوره بشدة الحاجة والرغبة لما يطلبه من ربه.
• الاعتراف بالذنب في قوله (إني كنت من الظالمين) وسيد الاستغفار
o يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف ثم ارعوى ثم اهتدى ثم اعترف
o أبشر بقول الله في آياته إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
• أن الدعوة ليست جولة واحدة وفترة محددة فلا لليأس والملل.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علماً وعملاً ودعوة وصبرا.
ـ[عبدالله بن عمر]ــــــــ[10 Jan 2008, 01:24 ص]ـ
أيها الإخوة:
إنما التقييم للفوائد المستنبطة وجودة التحضير فلا يظن غير ذلك.
حقيقة: خجلت من نفسي لمّا لم أر ردوداً، فأردت حل الإشكال إن وجد.
وهاهو المكتوب أعلاه في ملف وورد لمن يريده (منسقاً).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Jan 2008, 02:34 ص]ـ
أخي الكريم عبدالله بن عمر رعاه الله ووفقه، ولماذا الخجل حفظك الله؟
لقد قرأت الدرس مرتين واستفدت منه، وقد أحسنتَ في عرضه وأظن أكثره كما ذكرتم نقاط تنطلقون منها للتفصيل والشرح للطلاب، والفوائد قيمة حقاً وتحتمل المزيد أيضاً لو تأملتم أكثر لظهرت لكم.
وتحضيرك موفق، وقد استوعبتَ المعاني الأساسية للآيات، والتأنق والتوسع لا حدود له، ولعلك راعيتَ مستوى طلابك أيضاً نفع الله بكم وجزاكم خيراً، ورزقنا جميعاً العلم النافع، وما أجمل العبر في قصة هذا النبي الكريم.
ولدي سؤال لعلك تتلطف بالنظر فيه وإفادتي حوله:
* ما يذكره المفسرون من أن اليقطين هو الدباء، وذكرتم من فوائده: (أن ورقه في غاية النعومة، وكثير وظليل) وهذا يثير لدي دوماً تساؤلا وهو أن الدباء نبات معروف لا ساق له، صحيح أن ورقه عريض، لكنه ملتصق بالآرض تقريباً، فكيف يستظل به الرجل من الشمس. وتأمل في صورته هذه.
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6478559bb999f3.jpg
http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/6478559bb2c6ef.jpg
تجد أنه لا يمكن الجلوس في ظله، فلعل الغرض من إنباتها الأكل منها فحسبُ دون الظل، إلا أن يكون المقصود بها نبات آخر له ساق، أو يكون لها توجيه آخر لم يظهر لي وأنتظر فوائدكم بارك الله فيكم.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[10 Jan 2008, 09:12 ص]ـ
قال الإمام الرازي (مفاتيح الغيب 26/ 166):
" قال الواحدي رحمه الله والآية تقتضي شيئين لم يذكرهما المفسرون، أحدهما أنّ هذا اليقطين لم يكن قبل فأنبته الله لأجله، والآخر أنّ اليقطين كان معروشا ليحصل له ظل، لأنه لو كان منبسطا على الأرض لم يمكن أن يستظل به. " اهـ
لعل هذا التوجيه من الإمام الواحدي - يا شيخنا الكريم - جدير بالتأمل.
...............................................
جزاك الله خيرا أخي عبد الله على الهدية، وأسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[10 Jan 2008, 09:40 ص]ـ
بارك الله في الجميع
لدي بعض أسئلة لعل عندكم إجابتها
لماذا تُهي الرسول عن أن يكون " كصاحب الحوت "في أوائل الوحي في سورة القلم
هل في آية الأنبياء من قرينة تجعل ذا النون هو يونس حيث أنني لم أجد ذكر لرسول بإسمه واللقب بدون الاسم إلا يونس
" لنبذ " في القلم السياق أنه لم ينبذ ولكن " فنبذناه بالعراء " في الصافات تفيد أنه نُبذ، فهل من ازالة لهذه الشبهة
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالله بن عمر]ــــــــ[10 Jan 2008, 05:13 م]ـ
- إنما النهي عن أن يكون كصاحب الحوت في قلة صبره واستعجاله.
- وقد يقال أن عدم ذكر اسمه الصريح تكريماً له وعدم إشهار له مع ذكر ذنبه وعكسه لما ذكره باسمه الصريح في موضع المدح كما في قوله تعالى {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ (86) [الأنعام/86]} وتفضيله بالرسالة في قوله: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139)}
ونظير ذلك تكريم شعيب بعدم ذكر الأخوة قبل اسمه كما في غيره من الأنبياء لما نسب قومه إلى الصنم - أصحاب الأيكة -.
-النون: الحوت، وذا النون: أي صاحب الحوت كما هو واضح من اللفظ.
- النبذ كما سبق له حالان:
الأولى: نبذ مع ذم
والأخرى: نبذ بغير ذم
وبذلك نستطيع الجمع بين الآيتين.
والله أعلم.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[10 Jan 2008, 05:46 م]ـ
[ QUOTE= عبدالله بن عمر;49296
- النبذ كما سبق له حالان:
الأولى: نبذ مع ذم
والأخرى: نبذ بغير ذم
وبذلك نستطيع الجمع بين الآيتين.
والله أعلم. [/ QUOTE]
قال الإمام ابن الجوزي (زاد المسير 8/ 343):
" ومعنى الآية: أنه نبِذَ غير مذموم لنعمة الله عليه بالتوبة والرحمة. وقال ابن جريج: نُبِذَ بالعراء، وهي: أرض المحشر، فالمعنى: أنه كان يبقى مكانه إلى يوم القيامة " اهـ
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Jan 2008, 06:22 م]ـ
بارك الله فيكم يا أبا حازم على هذا التوضيح والإفادة كعادتكم جزاكم الله خيراً.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[11 Jan 2008, 01:40 ص]ـ
بارك الله فيكم يا أبا حازم على هذا التوضيح والإفادة كعادتكم جزاكم الله خيراً.
وبارك الله فيكم يا أبا عبد الله، وجزاك الله خيرا.
كنتُ قد قرأتُ كلاما للإمام ابن الجوزي يذكر فيه فوائد إنبات شجرة اليقطين على يونس عليه السلام دون غيرها، وأحب أن أنقله هنا للفائدة (زادر المسير 7/ 89):
" فإن قيل: ما الفائدة في إنبات شجرة اليقطين عليه دون غيرها؟
فالجواب: أنه خرج كالفرخ على ما وصفنا، وجلده قد ذاب، فأدنى شيء يمر به يؤذيه، وفي ورق اليقطين خاصية، وهو أنه إذا تُرك على شيء، لم يقربه ذباب، فأنبته الله عليه ليغطيه ورقها ويمنع الذبابَ ريحه أن يسقط عليه
فيؤذيه " اهـ(/)
دعوة من مشروع تعظيم القرآن التابع للجمعية العلمية السعودية للقرآن وعلومه بالمدينة
ـ[محب القراءات]ــــــــ[09 Jan 2008, 02:34 م]ـ
مشروع تعظيم القرآن الكريم التابع للجمعية السعودية للقرآن وعلومه
يدعو الجميع لحضور محاضرة بعنوان (النبأ العظيم)
يلقيها فضيلة الشيخ الدكتور / محمد العريفي
في مسجد قباء بالمدينة النبوية بعد صلاة المغرب من يوم الإثنين الموافق 5/ 1 / 1428
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 Jan 2008, 02:44 م]ـ
نفعكم الله بالعلم ولقاء مبارك ـ إن شاء الله ـ ولولا تتابع الأعمال السابقة على الاختبارات النهائية لتشرفت بالحضور لأنتفع معكم وفقكم الله تعالى.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[09 Jan 2008, 05:49 م]ـ
وفقكم الله ...
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[10 Jan 2008, 02:45 ص]ـ
بارك الله في جهودكم ...
ـ[إيمان]ــــــــ[10 Jan 2008, 06:53 ص]ـ
شكر الله لك أخي أبا أسامة إعلان هذه المحاضرة، ومن فضلك عندي سؤال:
هل ستنقل المحاضرة عن طريق إحدى مواقع الشبكة العنكبوتية ليتسنى لنا استماعها فنحن غير موجودين في المدينة النبوية؟
آمل الرد وجزاك الله خيراً ...........
ـ[محب القراءات]ــــــــ[10 Jan 2008, 07:02 ص]ـ
شكر الله لك أخي أبا أسامة إعلان هذه المحاضرة، ومن فضلك عندي سؤال:
هل ستنقل المحاضرة عن طريق إحدى مواقع الشبكة العنكبوتية ليتسنى لنا استماعها فنحن غير موجودين في المدينة النبوية؟
آمل الرد وجزاك الله خيراً ...........
لا علم لي بذلك , وسأسأل الإخوة الذين يرتبون للقاء وأوافيكم بالرد إن شاء الله.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[12 Jan 2008, 11:23 م]ـ
هل ستوجه دعوة لأعضاء الجمعية داخل المدينة لحضور البرنامج المصاحب وهل هناك وسيلة لمعرفة أنشطة الجمعية بصورة دائمة خصوصاً لمن كان عضواً بها ...
آمل من فرع المدينة الاهتمام بذلك وفقكم الله لكل خير ..
ـ[يزيد الصالح]ــــــــ[13 Jan 2008, 12:49 م]ـ
جزاكم الله خيراً ....
ـ[محب القراءات]ــــــــ[13 Jan 2008, 11:57 م]ـ
شكر الله لك أخي أبا أسامة إعلان هذه المحاضرة، ومن فضلك عندي سؤال:
هل ستنقل المحاضرة عن طريق إحدى مواقع الشبكة العنكبوتية ليتسنى لنا استماعها فنحن غير موجودين في المدينة النبوية؟
آمل الرد وجزاك الله خيراً ...........
بلغني أن المحاضرة ستسجلها قناة المجد , وأما نقلها على الانترنت فلم أجد عند من سألته من المنظمين للقاء جوابا عن ذلك.
ـ[محب القراءات]ــــــــ[15 Jan 2008, 02:16 ص]ـ
البرنامج المصاحب الذي أشار إليه الشيخ فهد الوهبي (حفظه الله) كان بعد صلاة العشاء في قاعة المحمدية , بحضور عدد من أعضاء الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه , وأساتذة كلية القرآن الكريم , وعدد من الباحثين من مجمع الملك فهد.
وقد عرض في هذه الأمسية نبذة عن مشروع تعظيم القرآن الكريم بالمدينة النبوية ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?p=49552#post49552)
عرضها الأخ / عبد المحسن الحربي , مدير المشروع , ثم دار حوار حول هذا المشروع.(/)
من بيان القرآن "تفسير سورة القدر" ج 1
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[09 Jan 2008, 08:39 م]ـ
من بيان القرآن
تفسير سورة القدر
الحسن محمد ماديك
الوعد في الدنيا
إن قوله ? قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ? هود 32 ليعني أن نوحا قد وعد قومه بالعذاب في الدنيا إن لم يؤمنوا، وأن قومه لفرط تكذيبهم قد تعجلوا ما وعدهم به من العذاب.
وإن قوله ? قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ? الأعراف 70 وقوله ? قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ? الأحقاف 22 ليعني أن هودا قد وعد عادا بالعذاب في الدنيا إن لم يؤمنوا، وأن عادا لفرط تكذيبهم قد تعجلوا ما وعدهم به من العذاب.
وإن قوله ? وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين ? الأعراف 77 وقوله ? فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ? هود 65 ليعني أن صالحا قد وعد ثمود بالعذاب في الدنيا إن لم يؤمنوا، وأن ثمود لفرط تكذيبهم قد عقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وتعجلوا ما وعدهم به من العذاب.
وإن قوله ? وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم ? غافر 28 ليعني أن موسى قد وعد آل فرعون بالعذاب في الدنيا إن لم يؤمنوا، وأن رجلا مؤمنا من آل فرعون قد حذّر قومه أن يصيبهم العذاب الذي وعدهم به موسى.
وإن قوله ? كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبّع كل كذّب الرسل فحقّ وعيد ? ق 12 ـ 14 ليعني أن القرون الأولى قد كذبوا الرسل فحق عليهم أول الوعيد الذي جاءهم به الرسل وهو إهلاكهم في الدنيا إن لم يؤمنوا.
وإن قوله ? وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين ? الأنبياء 7 ـ 9 ليعني أن رب العالمين قد صدق وعده رسله فأنجاهم ومن معهم وأهلك المسرفين أي عذّبهم عذابا استأصلهم في الدنيا كما هو مدلول أهلك الرباعية بخلاف هلك الثلاثية التي تعني الموت كما في قوله ? ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبيّنات فما زلتم في شك مما جاءكم به حتى إذا هلك ? غافر 34 أي مات.
وإن الله قد وعد رسوله وخاتم النبيين ? بمثل ما وعد به الرسل قبله كما يأتي بيانه، وقد صدقهم الله وعده، أفلا يصدق رسوله خاتم النبيين ? كذلك وعده بإهلاك المجرمين المكذبين بعذاب من عنده كالذي أهلك به الأولين، وتساءل المجرمون الذين عاصروا نزول القرآن لفرط تكذيبهم متى يقع الوعد بإهلاكهم وتعجلوه كما في المثاني:
• ? قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون ? النمل 69 ـ 72
• ? ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع آمنتم به ءالآن وقد كنتم به تستعجلون ? يونس 48 ـ 51
• ? ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإليّ المصير ? الحج 47 ـ 49
ويعني أن العذاب الموعود في هذه الأمة سيتأخر إلى أن يحين أجلها، وقد سمّى يوما واحدا وهو ألف سنة ستنقضي قبل العذاب الموعود في الدنيا، وسكت عن اليوم الثاني فلن يتم وإلا لسمّى يومين كما سمّى يوما واحدا والله أعلم.
وإن المثاني:
• ? قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون ? الفلاح 93 ـ 95
• ? أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ومن كان في ضلال مبين فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون أو نريك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون ? الزخرف 40 ـ 42
• ? فاصبر إن وعد الله حق فإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا يرجعون ? غافر 77
• ? وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب ? الرعد 40
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ? يونس 46
• ? قل إن أدري أقريب ما توعدون أو يجعل له ربي أمدا ? الجن 25
• ? فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ? الأنبياء 109
• ? وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور? فاطر 4ـ 5
وشبهها ليعني أن المكذبين في هذه الأمة موعودون بانتقام في الدنيا لن يدركه النبي ? في حياته، وكما في قوله ? وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ? الأنفال 33، ويعني وصف وعده بأنه حق أنه سيتأخر كثيرا حتى يوسوس الشيطان، وكذلك دلالة أمره بالصبر قبله في حرف غافر.
وإن المثاني:
• ? فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ? خاتمة الأحقاف
• ? كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ? الشعراء 200 ـ 207
• ? وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ? مريم 74 ـ 75
• ? ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ? الجن 23 ـ 24
ليعني أن الفاسقين والمجرمين ومن كان في الضلالة ومن يعص الله ورسوله سيرون ما يوعدون من العذاب الذي يهلكهم ولا يؤخرون حين يسألون التأخير كما هي دلالة قوله ? كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار ? وكما هو صريح قوله ? فيقولوا هل نحن منظرون ? بل يهلكون إذ كانوا يستعجلون العذاب الذي سيصيبهم منه مثل ما أصاب الأولين وسيعلمون أنهم شر مكانا وأضعف جندا وأقل عددا من جند الله من الملائكة التي ستتنزل عليهم بالعذاب كما يأتي تقريره وبيانه وتفصيله قريبا.
وإن المثاني في قوله:
? ? فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون ? خاتمة الذاريات
? ? وربك الغني ذو الرحمة إن يشأ يذهبكم ويستخلف من بعدكم ما يشاء كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار? الأنعام 133 ـ 135
? ? فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ? المعارج 40 ـ 42
? ? فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون ? الزخرف 83
? ? والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات أمرا إن ما توعدون لصادق ?
? ? والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا والناشرات نشرا فالفارقات فرقا فالملقيات ذكرا عذرا أو نذرا إن ما توعدون لواقع ?
لتعني أن الله وعد المكذبين في هذه الأمة بعذاب في الدنيا سيأتيهم ولا يعجزون بل يهلكون به وسيلاقيهم إذ هو وعد صادق واقع بهم كما يأتي قريبا تحقيقه.
? ثم نتبعهم الآخرين ?
وإن من الموعود في القرآن قوله:
? ? ألم نهلك الأولين ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين ? المرسلات 16 ـ 18
• ? وكم أرسلنا من نبي في الأولين وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين ? الزخرف 6 ـ 8
• ? وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب ? خاتمة سبإ
• ? فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ? الزخرف 55 ـ 56
• ? فأخذه الله نكال الآخرة والأولى إن في لك لعبرة لمن يخشى ? النازعات 25 ـ 26
(يُتْبَعُ)
(/)
ويعني أن الأولين وهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم ومنهم فرعون وجنوده قد أهلكوا من قبل، ولم تعذب أمة بعد فرعون وجنوده بمثل ما عذب به الأولون، ويعني الوعد به في القرآن أنه من الغيب المنتظر كما هي دلالة قوله ? ثم نتبعهم الآخرين كذلك نفعل بالمجرمين ? بالقطع والرفع، وهو من المثاني مع قوله ? ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى ? القصص 43 ولم تهلك أمة بعد نزول التوراة التي أهلكت قبلها القرون الأولى.
ويعني أول الزخرف أن مثل الأولين وهم القرون الأولى قد مضى وانقضى وأن الغيب المنتظر الموعود هو مثل الآخرين وإهلاك القرون الأخرى.
ويعني حرف سبأ أن الآخرين سيحال بينهم وبين ما يشتهون من الأمن ومتاع الحياة الدنيا كما فعل بأشياعهم من قبل وهم القرون الأولى.
ويعني ثاني الزخرف أن فرعون وجنوده قد أغرقوا في البحر وأنهم سلف لخلف منتظر هم الآخرون الذين سيغرقون كذلك.
ويعني حرف النازعات أن الإغراق الذي أهلك به فرعون هو النكال في المرة الأولى أي العذاب الذي عذب به قوم نوح، وهو النكال المنتظر الذي سيعذب به في المرة الآخرة خلفه من الآخرين، ولن ينجو من نكال الآخرة إلا من اعتبر وخشي ربه.
? فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم ?
إن قوله:
• ? وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا ? الكهف 59
• ? وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة ? الأنبياء 11
• ? وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم ? إبراهيم 45
• ? فقطع دابر القوم الذين ظلموا ? الأنعام 45
• ? ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا ? يونس 13
• ? كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآيات ربهم فأهلكناهم بذنوبهم وأغرقنا آل فرعون وكل كانوا ظالمين ? الأنفال 54
وشبهه ليعني أن الله وصف أهل القرى إجمالا من قبل بالظلم وأهلكهم، وكذلك وصفهم تفصيلا بالظلم كما في قوله ? ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ? العنكبوت 14 ويعني أن الله وصف قوم نوح بالظلم وأهلكهم بالطوفان، وقوله ? وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود ? هود 67 يعني أن الله وصف ثمود بالظلم وأهلكهم، وقوله ? وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود ? هود 94 يعني أن الله وصف مدين بالظلم وأهلكهم، وقوله ? إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين ? العنكبوت 31 يعني وصف قوم لوط بالظلم قبل إهلاكهم، وقوله ? وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم ? الحجر 78 يعني أن الله وصف أصحاب الأيكة بالظلم وأهلكهم، وقوله ? فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ? القصص 40 يعني أن الله وصف فرعون وجنوده بالظلم وأهلكهم، وأما عاد فيشملها الوصف بالظلم الموصوف به كل من كانوا قبل فرعون في حرف الأنفال وغيره.
وإن المثاني كما في قوله:
? ? قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ? الفلاح 94
? ? ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالين ? الأنبياء 46
? ? قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون ? الأنعام 47
? ? ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم ? الأنعام 93
? ? فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون فويل للذين كفروا من يومهم الذي يوعدون ? خاتمة الذاريات
? ? وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا رنا أخرنا إلى أجل قريب ? إبراهيم 44
? ? وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون يوم لا يغني كيدهم شيئا ولا هم ينصرون وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون ? الطور 44 ـ 47
? ? قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسون فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين ? الزمر 50 ـ 51
? ? وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون ? الأحقاف 12 ـ13
(يُتْبَعُ)
(/)
? ? وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ? خاتمة الشعراء
لتعني أن سيكون في هذه الأمة ظالمون مثل الظالمين من قوم نوح والأحزاب من بعدهم وسيهلك الظالمون في هذه الأمة كما أهلك أولئك، والظالمون في هذه الأمة هم الموعودون في الدنيا أن تمسهم نفحة من عذاب ربنا في حرف الأنبياء وأن يأتيهم عذاب الله بغتة أو جهرة في أول الأنعام وأن تعذبهم الملائكة في الدنيا بعذاب الهون يوم تتوفاهم وهم في غمرات الموت في ثاني الأنعام.
والذين ظلموا في هذه الأمة هم الموعودون بذنوب من العذاب كالذي أهلك به من قبلهم من المكذبين كما في خاتمة الذاريات وأن يأتيهم العذاب في الدنيا كما في حرف إبراهيم وأن يصعقوا في الدنيا فلا يغني عنهم كيدهم شيئا وأن يعذبوا بعذاب من قبله كما في حرف الطور وأن يصيبهم سيئات ما كسبوا أي يعذبون به كما في حرف الزمر وهم الذين أنذروا في القرآن بالعذاب كما حرف الأحقاف وهم الموعودون بسوء المنقلب في الدنيا كما في خاتمة الشعراء.
? الحاقة ما الحاقة ?
إن قوله:
• ? كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب ? ص 12 ـ 14
• ? كذبت قبلهم قوم نوح وأصحاب الرس وثمود وعاد وفرعون وإخوان لوط وأصحاب الأيكة وقوم تبع كل كذب الرسل فحق وعيد ? ق 12 ـ 14
• ? كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار ? غافر5 ـ 6
• ? ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ? النحل 36
وشبهه ليعني أن المكذبين من قبل هم الذين حقت عليهم الضلالة وحق عليهم الوعيد والعقاب الذي جاءهم به الرسل أي عذبوا في الدنيا وسيحقّ عليهم كذلك العذاب المقيم في يوم القيامة.
وإن حرف ص لمن المثاني إذ سيقع مثله في هذه الأمة لقوله ? جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ? سورة ص 11 وهو من الوعد المنتظر في الدنيا إذ لا أحزاب في يوم القيامة، ولقوله ? وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب اصبر على ما يقولون ? ص 15 ـ 17، والصيحة الواحدة ما لها من فواق من الوعد في الدنيا كذلك، ويعني الأمر بالصبر في القرآن انتظار موعود بعيد. وإن قوله ? كذبت قبلهم ? في كل من حرف ص وحرف ق وحرف غافر وحيث وكيف وقعت في القرآن لتعني أنه من المثاني والمعنى وإن يكذبوك فسيهلكون كما أهلك الذين كذبوا من قبلهم. وإن حرف غافر لمن المثاني لقوله ? ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد ? غافر 3 ويعني أن الله سيمهلهم حتى يتقلبوا في البلاد كناية عن التمكين في الأرض قبل أن تحق عليهم كلمة ربنا أي وعده بالعذاب الموعود في كل من الدنيا والآخرة.
وإن حرف النحل لمن المثاني لقوله ? قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين ? ويعني ليعتبروا ولا يكذبوا كما كذب الذين من قبلهم وحقت عليهم الضلالة فأهلكوا في الدنيا بعذاب من عند الله، ولقوله ? إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وما لهم من ناصرين ? النحل 37 أي أن الله لا يهديهم بل سيهلكهم في الدنيا ويعذبهم في الآخرة وما لهم من ناصرين.
وإن المثاني في قوله:
• ? وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا ? الإسراء 16 ـ 17
• ? كذلك حقت كلمة ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون ? يونس 33
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين ? يونس 97 ـ 102
• ? الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية فهل ترى لهم من باقية وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذ رابية إنا لما طغا الماء حملناكم في الجارية لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية ? الحاقة 1ـ 12
ويعني حرف الإسراء أن من القول في القرآن أن سيحق على المترفين الذين سيفسقون في القرى أي يستوجبون العذاب قبل أن يدمرها الله بمن فيها تدميرا.
وإن ما تضمن القرآن من الوعد بالعذاب في الدنيا هو كلمة ربنا التي ستقع على الذين سيفسقون ولا يؤمنون حتى يعذبوا في يوم مثل أيام الذين خلوا من قبل وهي أيام الله التي أهلك فيها الذين لم يؤمنوا بآيات ربهم الخارقة للتخويف والقضاء.
ويعني حرف الحاقة أن الحاقة هي كلمة العذاب أي الوعد به الذي سيحق أي يقع على المكذبين في هذه الأمة في الدنيا كما حقت على ثمود وعاد وعلى فرعون ومن قبله وعلى قوم لوط المؤتفكات فأهلكوا، وإن من الموعود في القرآن أن ينجي الله المؤمنين ـ إذا حق العذاب المنتظر وطغا الماء ـ كما نجى نوحا ومن معه في الفلك فهلا تذكروا من قصص القرآن ووعيت أذن واعية.
? فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون ?
إن قوله:
• ? وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين ? الذاريات 43 ـ 45
• ? فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ? فصلت 13
ليعني أن الصاعقة قد عذب بها الأولون فأهلكت بها ثمود، وحرف الذاريات من المثاني لقوله ? وفي ثمود ? ردا على قوله ? وتركنا فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم ? الذاريات 37 والمعنى وفي ثمود وعتوهم والصاعقة التي أخذتهم آية ـ وهي التي تقع دليلا على التكرار ـ للذين يخافون العذاب الأليم في الدنيا والآخرة كالموعود فيهما.
وحرف فصلت كذلك من المثاني إذ لم ينذر الله ونبيه ? إلا بما سيكون.
وإن المثاني:
• ? ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال ? الرعد 13
• ? فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون ? الطور 45 ـ 46
ليعني أن الصاعقة سيعذب بها بعض المتأخرين في هذه الأمة فيرسلها الله ويصيب بها الذين يجادلون في الله كما أصاب بها أهل الكتاب من قبل وأصاب بها ثمود.
ويعني حرف الطور أن المكذبين في هذه الأمة سيلاقون يومهم الذي فيه يصعقون ولا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون بل يصعقون ويهلكون، ودلالة أمر النبي ? بالصبر تعني أن ذلك سيكون متأخرا ودلالة أمره بالتسبيح بحمد ربه تعني أن ذلك الوعد سيتم بحمد الله وأنه سبحانه لن يخلف وعده.
? فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون ?
إن قوله:
• ? فلما كشفنا عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم ? الأعراف 135 ـ 136
• ? فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ? الزخرف 55 ـ 56
• ? وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين ? الحجر 78 ـ 79
• ? قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين ? الزخرف 24 ـ25
• ? ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين ? الروم 47
(يُتْبَعُ)
(/)
لتعني أن رب العالمين قد انتقم من الأولين أن كذبوا بآياته الخارقة وكانوا عنها غافلين وكانوا مجرمين وظالمين.
وإن المثاني:
• ? ومن أظلم ممن ذكّر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون ? السجدة 22
• ? فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون ? الدخان 10 ـ 16
• ? وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام ? إبراهيم 44 ـ 47
لتعني أن وعد الله بالانتقام من المجرمين والذين ظلموا في هذه الأمة لمما يرتقب وليعذبهم في الدنيا، وإنما سيقع الوعد على الذين سيكذبون الرسل الموعودين الذين سيذكرون الناس بآيات ربهم الخارقة.
وسيأتي بيان حرف الدخان وإبراهيم مفصلا تفصيلا هنا وفي كلية الرسالة.
? حتى يروا العذاب الأليم ?
وإن قوله:
• ? ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ? يونس 88
• ? فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ? خاتمة غافر
• ? فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم ? الأحقاف 24 ـ 25
لتعني أن المكذبين من قبل قد رأوا بأعينهم بأس ربهم أي العذاب الذي أرسل عليهم ليهلكهم قبل أن يهلكوا به، ولم يؤمن فرعون وملؤه حتى رأوا العذاب الأليم لما أدركهم الغرق، ورأت عاد الريح العقيم قبل أن تهلك بها، وآمنوا كلهم لما رأوا العذاب ولم ينفعهم إيمانهم وإنما أهلكوا إلا قوم يونس.
وإن المثاني في قوله:
? ? كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ? الشعراء 200 ـ207
• ? إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ? يونس 97
• ? وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا ? الفرقان 42
• ? وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم ? الطور 44
• ? فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ? خاتمة الأحقاف
• ? وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ? مريم 74 ـ 75
• ? حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ? الجن 24
• ? ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون فتول عنهم حتى حين وأبصرهم فسوف يبصرون أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين وتول عنهم حتى حين وأبصر فسوف يبصرون ? الصافات 171 ـ 179
ليعني أن المجرمين الذين لا يؤمنون بآيات ربهم سوف يرون العذاب الموعود في الدنيا وسيقولون سحاب مركوم كما قالتها من قبلهم عاد لما رأوا العذاب وسيعلمون رأي العين أنهم شر مكانا وأضعف جندا وناصرا وأقل عددا وأضل سبيلا، وإذا نزل العذاب بساحتهم فسيبصرونه بالعين المجردة بعد أن كانوا يستعجلونه لفرط تكذيبهم، وإن ذلك لمما ينتظر لقوله ? وأبصرهم ? وقوله ? وأبصر? يأمره بانتظار الموعود.
? ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت ?
إن قوله:
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في شك مريب ? خاتمة سبإ
• ? ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم ? الأنعام 93
• ? ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ? الأنفال 50
ليعني أن النبي ? لن يدرك هذا الموعود في القرآن وإنما سيقع بعده في أمته، ولو رآه في الدنيا أي أخر عنه الموت حتى يدركه لسرّ به، وكما بيّنت في كلية النبوة.
وإن قوله:
• ? ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ... ?
• ? ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب ? الفجر 6 ـ 13
• ? ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار ? إبراهيم 28
ليعني الحوادث الماضية التي سبقت النبي الأمي ? وعرضت عليه فرآها عرضا بعينيه يقظة كما بينت في النبوة وكما هي دلالة قوله ? كذبت ثمود وعاد بالقارعة فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية ? الحاقة 4 ـ7 ويعني أنه قد عرض عليه القوم وهم صرعى يوم صرعوا بالصاعقة وصرعوا بالريح العقيم، ولهذا العرض الذي نبئ به النبي الأمي ? دلالة كبرى تعني أنه سيقع مثله في أمته كما بينت في النبوة، وسيغزو جيش الكعبة فيفعل بهم ربنا كما فعل بأصحاب الفيل ولو عقل المتأخرون القرآن لكانوا كأنما أدركوا النبي ? وعاصروه.
وسيصب ربنا سوط عذاب على خلف عاد الأولى وهم عاد الأخرى الذين سيبنون بكل ريع آية يعبثون ويبطشون جبارين لا يرحمون وعلى خلف ثمود وهم الذين سيتخذون من الصخر والجبال بيوتا وعلى خلف فرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد وهم الحكام الذين سيتخذون أركانا لنظمهم يطلقون أيديهم في شعوبهم فيطغون ويكثرون الفساد ثم يجدون ربهم بالمرصاد أي يعذبهم في الدنيا كما سيأتي قريبا بيانه والله المستعان.
? وسوف يعلمون حين يرون العذاب ?
إن قوله:
• ? قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ? هود 39
• ? ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ? هود 93
• ? سيعلمون غدا من الكذاب الأشر ? القمر 26
ليعني أن كلا من نوح وشعيب قد وعد قومه أنهم سيعلمون رأي العين أيا من الفريقين سيأتيه عذاب يخزيه في الدنيا ويحل عليه في الآخرة عذاب مقيم، ويعني حرف القمر أن الله قد أوحى إلى صالح أن ثمود سيعلمون رأي العين من الكذاب الأشر، وقد علمت ثمود لما عقروا الناقة أنهم هم الكذاب الأشر وأن صالحا مرسل من ربه.
وإن المثاني كما في قوله:
• ? قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ? الزمر 39
• ? وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا ? الفرقان 42
• ? وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورءيا قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمان مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ? مريم 74 ـ 75
• ? حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا ? الجن 24
• ? لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون ? الأنعام 67
لتعني العلم بالمشاهدة رأي العين، وحرف الزمر يعني أن من القول في القرآن ـ الذي لن يقع في حياة النبي ? وإنما بعده في أمته ـ أن يعلم المكذبون من أمته بعده رأي العين العذاب في الدنيا يأتيهم فيخزيهم قبل العذاب المقيم في الآخرة، ولقد وعد الله في حرف الزمر هذه الأمة بمثل ما وعد به نوح وشعيب قومهما، وقد تحقق في قومهما وعد رسوليهما، وإني لأنتظر وعد الله في هذه الأمة إيمانا به وبقوله ? فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ? إبراهيم 47.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن حرف الفرقان ? وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا ? لمن المثاني مع حرف القمر ? سيعلمون غدا من الكذاب الأشر ? ويعني حرف الفرقان أن المكذبين في هذه الأمة سيعلمون حين يرون العذاب بأعينهم أنهم كانوا أضل سبيلا إذ لم يهتدوا إلى الإيمان بموعودات القرآن لينجوا من العذاب الموعود، وحرف مريم وحرف الجن صريحان في أن المكذبين من هذه الأمة سيرون بأعينهم الملائكة تتنزل بالعذاب فيعلمون رأي العين أنهم شر مكانا وأضعف جندا وناصرا وأقل عددا، ويعني حرف الأنعام أن ما نبأ الله به خاتم النبيين ? في القرآن سيكون معلوما رأي العين في الدنيا ومنه العذاب في الدنيا.
? فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ?
إن قوله:
• ? كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ? الزمر 25 ـ 26
• ? فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون ? فصلت 16
• ? قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ? هود 38 ـ 39
• ? فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين ? هود 66 ـ 68
• ? ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود ? هود 93 ـ 95
• ? فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين ? يونس 98
ويعني حرف الزمر أن الخزي في الحياة الدنيا هو العذاب الذي أهلكت به الأمم المكذبة من قبل، وهو في حرف فصلت الريح الصرصر التي أهلكت عادا، وهو في أول هود الطوفان الذي أغرق به قوم نوح، وهو في ثاني هود الصيحة التي أخذت ثمود فأهلكتها، وهو في ثالث هود الصيحة التي أخذت مدين فأهلكتها، وهو في حرف يونس العذاب الذي كشف عن قوم يونس لما آمنوا فمتعوا إلى حين.
وإن المثاني:
• ? ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى قل كل متربص فتربصوا فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى ? خاتمة طه
• ? قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ? الزمر 40
• ? فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين ? التوبة 2
لتعني أن العذاب الذي أهلك الله به الأولين فأخزاهم سيخزي به الله كذلك الكافرين في هذه الأمة.
والقرينة في حرف طه أن الإهلاك بالعذاب هو الذل والخزي الذي سينتظره الفريقان بعد نزول القرآن كما هي دلالة القول ? قل كل متربص فتربصوا ?.
والقرينة في حرف الزمر أن العذاب المخزي سيأتي المكذبين بعد نزول القرآن كما هي دلالة القول.
والقرينة في حرف التوبة أن الله سيخزي الكافرين وعدا منه في القرآن أي يعذبهم في الدنيا كما هي دلالة أمرهم بالعلم الذي يعني وعدا سيعلمونه رأي العين في الدنيا كما بينت في كليات من التفسير.
? وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ?
إن قوله ? ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ? هود 58 ـ 60 ليعني أن عادا لعنوا بالعذاب الغليظ وهو الريح العقيم أبعدوا بها عن رحمة الله التي نجّى بها هودا والذين آمنوا معه، ويعني قوله ? وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ? أن عذابا غليظا بالريح العقيم كذلك سيبعد الله به قوما آخرين عن رحمته، ولم تهلك أمة بعد عاد بالريح العقيم إلى يومنا هذا.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن ثمود ومدين قد أبعدا عن رحمة الله بالصيحة كما في قوله ? ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود ? هود 95 ويعني أنهما أبعدا بنفس العذاب، وقد كان بينهما قرون كثيرة، وكانت ثمود بعد عاد من غير فصل بينهما كما في قوله ? واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد ? الأعراف 74 من قول صالح، ولم يأت في القرآن أن ثمود قد أبعدت كما أبعدت عاد لاختلاف العذاب الذي عذبت به كل منهما.
إن اللعنة التي أتبعها عاد هي من نبوة خاتم النبيين ? في القرآن وهي منتظرة ستحل بعاد الأخرى، وهم الذين سيوافقون عادا الأولى في أوصافهم كما في قوله ? أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين ? الشعراء 128 ـ 130 وسيقولون مثل قولهم كما في قوله ? وقالوا من أشد منا قوة ? فصلت 15، وستهلك عاد الأخرى بالريح العقيم.
وإن قوله ? وأتبعوا في هذه لعنة ? هود 99 لمن المثاني مع قوله ? وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ? القصص 42 يعني فرعون وجنوده لعنوا إذ أبعدوا بالإغراق عن رحمة الله التي نجّى بها موسى ومن معه، وإن اللعنة التي أتبعها قوم فرعون لمن نبوة خاتم النبيين ? في القرآن وهي منتظرة إذ لم تقع بعد منذ نزل القرآن، وسيغرق الله خلف فرعون لتقع عليهم اللعنة التي أتبعها فرعون وجنوده.
وإن المثاني في قوله ? إن الله لعن الكافرين ? الأحزاب 64 وقوله ? فلعنة الله على الكافرين ? البقرة 89 لتعني أنهم سيعذبون في الدنيا بعذاب يبعدهم عن رحمة الله كالذي عذب به الكافرون من الأمم من قبل.
وإن المثاني في قوله:
• ? ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم ? الفتح 6
• ? فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ? القتال 22 ـ 23
• ? والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ? الرعد 25
لتعني أن المنافقين والمشركين سيعذبون بعذاب يبعدهم عن رحمة الله.
وقد بينت لعن إبليس في كلية الآيات.
وإن قوله:
? ? قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت أولئك شر مكانا وأضل عن سواء السبيل ? المائدة 59 ـ 60
? ليعني أن من القول في القرآن الذي سيقع متأخرا عن حياة النبي ? أن تقع لعنة الله على اليهود والنصارى أي يعذبون في الدنيا بعذاب يبعدهم عن رحمة الله كما يأتي بيانه وتفصيله في كلية خلافة على منهاج النبوة
? وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ?
إن قوله:
• ? قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون ثم يوم القيامة يخزيهم ? النحل 26 ـ 27
• ? كذب الذين من قبلهم فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون فأذاقهم الله الخزي في الحياة الدنيا ? الزمر 25 ـ 26
• ? قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ? هود 39
• ? ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب ? هود 93
ليعني أن المكذبين من قبل قد أتاهم العذاب في الدنيا فأهلكوا به، وكذلك وعد الله بمثله في هذه الأمة كما في المثاني معه:
• ? وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل ? إبراهيم 44
• ? قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ? الزمر 39 ـ 40
• ? قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون ? الزمر 54 ـ 55
• ? قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون ? الأنعام 47
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع آمنتم به ءالآن وقد كنتم به تستعجلون ? يونس 50 ـ 51
• ? وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى ويستغفروا ربهم إلا أن تأتيهم سنة الأولين أو يأتيهم العذاب قبلا ? الكهف 55
• ? ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ? هود 8
• ? كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ? الشعراء 201 ـ 208
• ? ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم ? الحج 55
وتعني أن العذاب في الدنيا كالذي أهلك به المكذبون من قبل سيأتي المكذبين من هذه الأمة كذلك.
ويعني حرف إبراهيم أن الله كلف خاتم النبيين ? أن ينذر الناس عذابا سيأتيهم في الدنيا، وأن الله علام الغيوب أخبر عن الذين ظلموا أنهم سيتمنون تأخير العذاب عنهم ليتأتى لهم الإيمان، وسبحان الله أن يكلف نبيه بإنذار عذاب في الدنيا لن يكون.
وتقدم أول الرمز، ويعني ثانيه أن الله وعد بعذاب سيأتي الذين أسرفوا على أنفسهم ثم لا ينصرون ووعدهم بعذاب سيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون، وإنما هو في الدنيا موطن التكليف حيث كلفوا قبله أن ينيبوا إلى ربهم ويسلموا له وأن يتبعوا أحسن ما أنزل إليهم من ربهم.
ويعني حرف الأنعام ويونس أن المكذبين موعودون بعد نزول القرآن كما هي دلالة القول بعذاب سيأتيهم بغتة أي بياتا وبعذاب سيأتيهم جهرة أي نهارا فيهلك الظالمين ولا ينفع المجرمين إيمانهم به حين يرون العذاب بل يهلكون به.
ويعني حرف الكهف أن المكذبين لن يؤمنوا حتى يأتيهم العذاب قبلا أي أنواعا متقابلة منه، فتعذب طائفة بالإغراق، وطائفة بالريح العقيم، وطائفة بالصاعقة، وطائفة بالصيحة والرجفة والخسف والحاصب.
ويعني حرف هود أن العذاب إنما أخر عن هذه الأمة إلى أجل معدود معلوم فيأتي العذاب ولا يصرف عن المكذبين بل يهلكهم.
ويعني حرف الشعراء أن المجرمين من هذه الأمة لن يؤمنوا بالقرآن حتى يروا العذاب الأليم الموعود الذي متعوا قبله سنين فإذا رأوه آمنوا وسألوا الإنظار أي تأخير الإهلاك.
ويعني حرف الشعراء أن العذاب الأليم سيأتي المجرمين بغتة وهم لا يشعرون فيسألون التأخير بعد أن كانوا يستعجون بالعذاب وقد وعد الله أن يأتيهم ما كانوا يوعدون في القرآن ومنه العذاب الموعود ثم لا يغني عنهم ما متعوا به سنين قبله بل يهلكون.
ويعني حرف الحج أن الذين كفروا لن يزالوا في شك وتردد حتى تأتيهم الساعة بغتة وهو الموعود المتأخر، تقدم ذكره في سياق خطاب المؤمنين لإيمانهم بالغيب، وحتى يأتيهم عذاب يوم عقيم هو الموعود في الدنيا.
إن العذاب العقيم هو الذي لا حياة بعده بل سيهلك المكذبين به وكذلك الريح العقيم كما في قوله ? وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ? الذاريات41 ـ 42 أي أنها بعد سبع ليال وثمانية أيام أهلكت ما أتت عليه حتى جعلته كأنما فني وتآكل في الأرض منذ مئات السنين حتى أصبح بعد سبع ليال وثمانية أيام كالرميم وهي العظام التي يفتتها اللمس وهي أبعد ما تكون عن الحياة.
? لهم عذاب في الحياة الدنيا ?
إن المثاني في قوله:
• ? وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير ? التوبة 74
• ? فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون ? التوبة 55
• ? ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون? التوبة 85
لتعني أن المنافقين سيعذبهم الله في الحياة الدنيا كما هو صريح القرآن ولن يتأتى تأويله بالعذاب في القبر إذ هو قبل أن تزهق أنفسهم وهم كافرون.
وإن من المثاني قوله:
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد لهم عذاب في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أشق وما لهم من الله من واق ? الرعد 33 ـ 34
• ? ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم ? عمران 54 ـ 58
• ? وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ? عمران 141
ويعني حرف الرعد أن الله وعد الذين كفروا ومكروا وصدوا عن السبيل في هذه الأمة عذابا أليما في الدنيا وما لهم من يقيهم العذاب الأليم في الدنيا ولا من يقيهم العذاب الأشق في الآخرة.
وأما حرف عمران فهو من نبوة عيسى المنتظرة التي لم تقع بعد ونبّأ الله بها كذلك خاتم النبيين ? في القرآن وجعله من الذكر الحكيم وهو الذي سيتذكر متأخرا عن نزول القرآن كما هي دلالة وصف الذكر بالحكمة، ويعني أن مما نبأ الله به عيسى قبل رفعه إليه أن الله وعده وعدين سيتم نفاذهما بعد نزول عيسى إلى الأرض في آخر هذه الأمة قبيل الساعة، أما الوعد الأول فقوله ? وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ? أي أنه سينصر المؤمنين نصرا من عنده دونما جهد منهم ثم لن يغلبهم الكفار إلى يوم القيامة، وأما الوعد الثاني فقوله ? فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا ? وهو العذاب الموعود في الدنيا.
ويعني حرف عمران أن الله وعد بمحق الكافرين أي إتلافهم وتدميرهم بعد أن يمحص الذين آمنوا أي يبتليهم ليميز الله الخبيث من الطيب وسيأتي بيانه في كلية القتال في سبيل الله.
? ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده ?
إن قوله:
• ? وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم ? غافر 28
• ? ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد ? هود 89
• ? قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ? هود 81
• ? هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ? النحل 34 ـ 35
• ? قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فأصابهم سيئات ما كسبوا والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين ? الزمر 50 ـ51
ليعني أن الذي أصاب المكذبين من قبل هو العذاب الذي أهلكوا به.
ويعني حرف غافر أن رجلا مؤمنا من آل فرعون حذر قومه أن يصيبهم بعض ما يعدهم به موسى من العذاب إن لم يتبعوا الهدى.
ويعني حرف هود أن شعيبا حذر قومه أن يصيبهم مثل العذاب الذي أهلك الله به قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح، أو قوم لوط، وقد أصابهم مثل العذاب الذي أهلكت به ثمود. ويعني حرف النحل أن الذين أهلكوا من قبل قد أصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون أي أهلكوا في الدنيا كما سيأتي قريبا وقد وعد الله المكذبين من هذه الأمة بمثل ذلك كما هي دلالة قوله ? هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم ? ويعني حرف الزمر أن الأولين قد أصابهم سيئات ما كسبوا أي عذبوا فأهلكوا في الدنيا، وكذلك الذين ظلموا من هذه الأمة وعدهم الله أن يصيبهم سيئات ما كسبوا أي سيهلكهم وما هم بمعجزين أي لن يفلتوا من العذاب.
وإن المثاني كما في قوله:
? ? قال عذابي أصيب به من أشاء ? الأعراف 156
? ? سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون ? الأنعام 124
? ? قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون ? التوبة 52
(يُتْبَعُ)
(/)
? ? أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون ? الأعراف 100
? ? ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال ? الرعد 13
لتعني أن الله وعد في القرآن أن يصيب بعذاب من عنده المنافقين والذين أجرموا وأن يرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله.
إن حرف الأعراف من نبوة موسى يوم اختار سبعين رجلا ليعتذروا عن عبادة قومهم العجل وأخذتهم الرجفة فنبئ موسى يومئذ بقوله ? قال عذابي أصيب به من أشاء ? ونبّأ الله به كذلك خاتم النبيين ? في القرآن وهو منتظر إذ لم تهلك أمة بعذاب كالذي أهلك به الأولون بعد نزول التوراة التي أوتيها موسى وهو وعد لم يقع بعد نفاذه وذكر به القرآن لأجل ذلك.
ويعني حرف الأنعام أن الذين سيجرمون في آخر هذه الأمة ويعرضون عن الآيات الخارقة للتخويف والقضاء، أولئك الموصوفون بالذين أجرموا سيصيبهم صغار عند الله وعذاب شديد في الدنيا كما في الآخرة وهو وعد في القرآن لم يقع بعد نفاذه وسيأتي بيانه ضمن بيان القرآن.
ويعني حرف التوبة أن من القول في القرآن ومما أمر النبي ? والمؤمنون بتربصه أن يصيب الله المنافقين بعذاب من عنده وهو وعد متأخر في سياق خطاب المؤمنين بالغيب وأن يصيب المنافقين عذاب بأيدي المؤمنين وهو الوعد المتقدم كما بينت في كلية النصر في القتال في سبيل الله.
ويعني حرف الأعراف أن الذين سيرثون الأرض من بعد أهلها أي سيسكنون في مساكن الذين ظلموا أنفسهم أي سيتخذون من ديار عاد وثمود وقوم لوط مساكن سيهديهم البحث العلمي المجرد إلى أن الله قادر على أن يصيبهم بذنوبهم أي يعذبهم في الدنيا كما عذب أهل تلك الديار من قبل كما سيأتي قريبا بيانه في هذه الكلية.
ويعني حرف الرعد أن من الوعد في القرآن أن الله سيعذب بالصواعق قوما يجادلون في الله.
وإن المثاني:
? ? إن عذاب ربك كان محذورا وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة أو معذبوها عذابا شديدا كان ذلك في الكتاب مسطورا ? الإسراء 57 ـ 58
? ? ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين ? الأنبياء 46
لتعني أن عذاب ربنا المحذور هو قبل يوم القيامة وهو عذاب سيأتي على كل قرية ليهلك أهلها ومتى كانت القرى في يوم القيامة، والوعد مسطور في الكتاب أي في التوراة، وها قد سطر في القرآن، وسيقول الظالون إذا مستهم نفحة من عذاب ربنا يا ويلنا إنا كنا ظالمين.
إن قوله:
? ? إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ? الأعراف 59 الأحقاف 21 الشعراء 135
? ? قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم ? الشعراء 155ـ 156
? ? قالوا إنما أنت من المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم ? الشعراء 185 ـ 189
ليعني أن كلا من نوح وهود وصالح وشعيب قد خاف على قومه عذاب يوم عظيم، ويقع الوصف بعذاب يوم عظيم على العذاب في الآخرة وعلى العذاب في الدنيا الذي أهلك الله به المجرمين المكذبين من قبل، ولقد كان الطوفان الذي أغرق قوم نوح هو عذاب يوم عظيم الذي أغرقوا به كما في حرف الأعراف، وكان العذاب الذي أهلك عادا هو عذاب يوم عظيم الذي أهلكهم كما في حرف الأحقاف وأول الشعراء، وكانت الصاعقة التي أصابت ثمود هي عذاب يوم عظيم الذي أهلكهم كما في ثاني الشعراء، وكان عذاب يوم الظلة هو عذاب يوم عظيم الذي أهلك أصحاب الأيكة كما في ثالث الشعراء، ولن يتأتى تأويل عذاب يوم عظيم في ثالث الشعراء بالعذاب في اليوم الآخر لأن الله وصف به عذاب يوم الظلة الذي أخذ أصحاب الأيكة.
وإن المثاني:
? ? قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ? الزمر 13 الأنعام 15
? ? قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ? يونس 15
(يُتْبَعُ)
(/)
لتعني أن عذاب يوم عظيم هو من القول الذي لن يقع في حياة النبي ? وإنما في أمته بعده كما هي دلالة القول، وإن الخوف من عذاب يوم عظيم لمما كلف به النبي ? كما هي دلالة أمره بالخوف منه، فكان من سنة النبي ? وليخف كذلك منه كل مؤمن، ومن لم يخف مثله فقد رغب عن سنته ومن رغب عنها فليس منه. وليقعن في أمة النبي ? بعده يوم كالذي أهلك به المكذبون من قبل كما هي دلالة قوله ? كتابا متشابها مثاني ? الزمر 23 ودلالة قوله ?ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم ? الأعراف 52 وأهلكت عاد وثمود وأصحاب الأيكة وقوم نوح وقد خاف عليهم رسلهم عذاب يوم عظيم وكذلك سيهلك المكذبون في هذه الأمة، وهل يخاف النبيون والرسل وهم أعلم الناس ما لن يكون أبدا معاذ الله إنهم لا يخافون الأوهام.
? حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون ?
إن قوله:
• ? فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا ? المزمل 16
• ? وعادا وثمود وقد تبين لكم من مساكنهم وزيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ? العنكبوت 38 ـ 40
• ? وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية ? الحاقة 9 ـ 10
• ? ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ? الأعراف 96
ويعني أن الأخذ الوبيل في حرف المزمل الذي أخذ به آل فرعون هو الإغراق، ويعني حرف العنكبوت أن أخذ عاد بذنبها هو الحاصب الذي أرسل عليها، وأن أخذ ثمود بذنبها هو الصيحة التي أخذتهم أي عذبوا بها، وأن أخذ قارون بذنبه هو خسف الأرض به، وأن أخذ فرعون وقارون بذنبهما هو الإغراق، ويعني حرف الحاقة أن المكذبين من قبل وهم فرعون ومن قبله من الأمم المكذبة قد أخذهم رب العالمين أخذة رابية أي أهلكوا بأقل مما أخذهم من العذاب، ويعني حرف الأعراف أن أهل القرى الذين كذبوا رسلهم بالآيات قبل نزول القرآن قد عذبوا في الدنيا كما فصلته سورة الأعراف وهو أخذهم بما كانوا يكسبون.
وإن المثاني في قوله:
• ? أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين أو يأخذهم على تخوف ? النحل 45 ـ47
• ? ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون ? يس 49
• ? بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذا هم يجأرون لا تجأروا اليوم إنكم منا لا تنصرون ? الفلاح 63 ـ 65
• ? ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب ? سبأ 51
لمن الموعود المنتظر بعد نزول القرآن في هذه الأمة، وسيأخذ العذاب الذين مكروا السيئات والمترفين وستأتي صيحة واحدة على المكذبين فتهلكهم، وستتنزل الملائكة كما سيأتي بيانه قريبا إلى الأرض فتأخذهم من مكان قريب، ولن يتأتى تأويله بالعذاب الموعود في اليوم الآخر وإنما هو العذاب الذي سيأخذ المكذبين من هذه الأمة فيهلكهم كما أخذ من قبلهم فأهلكهم، ومتى كان في اليوم الآخر رجوع إلى الأهل ووصية إليهم قبل الهلاك كما في حرف يس.
إن قوله ? ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون ? لمن المثاني مع قوله ? ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال ? الرعد 13 فتخاصمهم في حرف يس هو مجادلتهم في الله في حرف الرعد، والصواعق الموعودة في حرف الرعد هي الصيحة الموعودة في حرف يس.
يتواصل
الحسن محمد ماديك(/)
مسائل في المجاز (4) .. الردُّ على قولهم: إنَّ اللغة بدأت بالوضع والاصطلاح ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Jan 2008, 11:14 م]ـ
(4)
الردُّ على قولهم: إنَّ اللغة بدأت بالوضع والاصطلاح
لعل أبا هاشم الجبائي كان هو أوَّل من تكلم في ذلك من المسلمين , فأخذ أبو عبد الله البصريُّ المعتزلي لفظ الوضع من كلام شيخه أبي هاشم في بدء اللغة , فأدخله في حدِّه للحقيقة والمجاز , ثم زاد فيه أبو الحسين البصري المعتزلي لفظ الاصطلاح؛ وقولهم: إن اللغة بدأت بالوضع والاصطلاح ينسب إلى الفيلسوف اليوناني ديموقراطيس (1) , وهو من فلاسفة القرن الخامس قبل الميلاد , وهو من الفلاسفة الذريِّين , وهم أول من تكلم في الذرة وزعموا أن الكون كله مادة , وتلك المادة تتكون من ذرات , والذرات لا أول لها , فيهم من الدهريين الذين يقولون إن العالم لا أوَّل له , ولا يؤمنون بالغيب , وأكثر ما بقي من تراث ديموقراطيس هو ما نقله أرسطو في كتبه , وقسم تراسيليوس كتب ديموقراطيس إلى روابيع , وجعلها ثلاث عشر رابوعة , فيها اثنان وخمسون رسالة , وقيل: ستون رسالة , ومنها رابوعتان في اللغة والموسيقى والفن (2) , ولا يبعد أن أولئك المعتزلة كانوا وجدوا كلامه في بدء اللغة في بعض كتب أرسطو وشروحها , وكان بأيديهم كثير من تلك الكتب والشروح , وكان منهم من ينقل عن اليونانية بنفسه إلى آخر المائة الرابعة وبعدها , ولا يكتفون بما نقله حنين بن إسحاق وابنه إسحاق بن حنين , ولا ما نقله المترجمون قبلهما وبعدهما , وكان النظام وغيره قد نقلوا كثيراً من كلام ديموقراطيس وأصحابه في الذرة , وسمَّوها الجزء الذي لا يتجزأ , والجوهر الفرد , فكلام المعتزلة في الجزء الذي لا يتجزأ وكلامهم في بدء اللغة , وكلاهما نقلاً عن أولئك الفلاسفة الدهريين ديموقراطيس وأصحابه , ولم يك كلامهم بعيداً عن أولئك المعتزلة , ولعله لذلك قرن عبد القاهر الجرجاني بينهما , ولما أطال الكلام في المجازات والاستعارات , اعتذر بقوله: إن الكلام في الجزء الذي لا يتجزأ يملأ أجلاداً كثيرة.
وتكلم ديمواقرطيس في التاريخ , والأخلاق والسياسة واللغة وقال: إنها كلها ترجع إلى المادة والذرات , وكلام ماركس ولينين في التاريخ والسياسة مثل كلامه فيها , وقال ماركس: إنه أول عقل موسوعي بين مجموعة الفلاسفة اليونان , وقا ل لينين: إنه أعمق وأذكى رجل أوضح الفكر المادي في العصر القديم , وهو موجد الذرية وصاحبها. اهـ
وأعجب أصحاب دارون بقول ديموقرطيس في بدء اللغة , وذلك أنه يضاهي قولهم في التطور والنشوء والارتقاء , وكلامهم في بدء اللغة هو نفس كلام ديموقراطيس , أو هو بيان وتفصيل له , واتبعهم جورجي زيدان في كتابه: ((الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية)) وغيره ممن اغترَّ بهم.
وأولئك الفلاسفة يزعمون أن الإنسان كان لا يتكلم , ولم تكن له لغة , وكان يعيش كما يعيش الحيوان , ثم إنه حكى الأصوات التي يسمعها من الريح والماء والرعد وغيرها , فنشأت له بذلك ضعيفة , ثم تطورت تلك اللغة شيئاً فشيئاً , وكثر الناس وصاروا يعيشون بعد التفرق في جماعات , فتواضعت كل جماعة منهم على لغة يتكلمون بها , وساعدتهم اللغة الأولى , والأصوات التي كانوا ينطقون بها على ذلك التواضع والاصطلاح , وأنهم وضعوا الألفاظ أولاً للصور المحسوسة , وأنهم وضعوا تلك الألفاظ للصور عشواء من غير أن يدل اللفظ على خاصة أو صفة في تلك الصورة , ثم صارت تلك الصور المحسوسة رمزاً لما لها من الخصائص والصفات المعقولة , ونقلت تلك الألفاظ من الصور المحسوسة إلى الصفات المعقولة في تلك الصور وغيرها , وشبَّه الإنسان المعقولات بالمحسوسات فالإنسان عند أولئك الفلاسفة وضع الألفاظ أولا للمحسوسات , ثم نقلها إلى المعقولات , وشبه المعقولات بالمحسوسات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأولئك الفلاسفة اليونانيون كانوا وثنيين , والوثنية أينما كانت تعبد الصُّور وهم كانوا يجعلون لكل شيء إلها , للحرب إليه , وللحب إله , وللمطر إله , وللريح إله , وغيرها , ويجعلون لكل إله صورة , فتكون ذلك الإله رمزاً لما ينفعهم به بزعمهم , فكذلك زعموا أن الألفاظ وضعت للصور , ثم صارت الصورة رمزاً للصفات المعقولة , ونقلت الألفاظ من الصور إلى الصفات وذلك القول هو شعبة من وثنيتهم , وعبادتهم للصور وسفاهة أحلامهم , وكفرهم بالغيب.
وقول أولئك الفلاسفة في بدء اللغة هو بعض قولهم في بدء الخلق , وهو باطلٌ كله وضلالٌ مبين , والقرآن يكذبه , والله تعالى خلق آدم بيده , وأسجد له ملائكته , وعلمه البيان , وعلمه الأسماء كلها وأمره ونهاه , وأسكنه جنته , وأهبطه منها , وأنزل إليه كلمات , وتاب عليه , وكان آدم أتم وأعظم خلقاً من بنيه , ولا زال الخلق بعده ينقص والأحاديث في ذلك بينة , ولا ريب أن لسان آدم كان لساناً تاماً بيناً , وأن آدم عليه السلام ذكر به الله تعالى , وذكر به ملائكته ,وجميع خلقه , وتكلم به عن الغيب والشهادة , وما يبصره بعينه , ويسمعه بأذنه , ويمسه بيده , ويعقله بقلبه , وتوسوس به نفسه , ونبّا بالأسماء كلها , وتكلم به بنوه من بعده حتى تفرقوا , فاختلفت ألسنتهم ونقصت.
فقولهم: إن الإنسان كان لا يتكلم ثم حكى ما يسمع من أصوات الرعد , والريح وغيرها , ثم اجتمعت كل أمة فتواضعت على لغة , ووضعوا الألفاظ أولاً للمحسوسات , ثم نقلوها بعد للمعقولات , كل ذلك باطل , لا برهان له.
وذلك القول الدهري الوثني يقيد البيان بالحسِّ , ويجعل القلب عبداً أسيراً للصور المحسوسة , لا يعقل شيئاً إلا أن يشبهه بتلك الصور , ويجعل الإنسان عاجزاً أن يتكلم عن شيء من الغيب إلا أن يشبهه بشيء من الشهادة , وأن يذكر الله إلا أن يشبهه بخلقه والبيان الذي علمه الله الإنسان أعظم وأعم من ذلك , والإنسان به يذكر الله وخلقه , ويتكلم عن الغيب والشهادة , ولا يشبه الله بخلقه ولا الغيب بالشهادة.
وأنكر قول أولئك الفلاسفة في بدء اللغة كثير من المتقدمين والمتأخرين والعرب والعجم (3).
وأبو هاشم الجبائي وأصحابه أخذوا كلام أولئك الفلاسفة في بدء اللغة وتركوا كلامهم في بدء الخلق وحسبوا أنهم بذلك لم يخالفوا القرآن , وزعم ابن جنِّي أن قول الله تعالى: ((وعلم آدم الأسماء كلها)) لا يتناول موضع الخلاف , وذلك أنه قد يجوز أن يكون تأويله: أقدر آدم على أن يواضع عليها. قال: وهذا المعنى من عند الله سبحانه لا محالة , فإذا كان ذلك محتملاً غير مستنكر سقط الاستدلال به (4) اهـ؛ وذلك التأويل الذي زعمه ابن جنِّي لم يقل به أحد قبله , وآدم عليه السلام حين خلقه الله تعالى لم يكن معه بشر غيره , فمن الذي واضعه آدم على اللغة , والله تعالى كلم آدم , وكلم آدم ربه , وكلم الملائكة , وكلم زوجه , وكلمته زوجه , ووسوس الشيطان لهما وكلمهما ,والآيات والأحاديث في ذلك كثيرة , وكلها حجة بينة على أن الله تعالى علم آدم الكلام والبيان، والقول الذي نقله ابن جني في أن اللغة بدأت بحكاية الأصوات المسموعة من الرعد والريح وغيرها , وقال: إنه عنده وجهٌ صالحٌ ومذهبٌ متقبَّل أهـ هو طور من الأطوار التي ذكرها القائلون بالوضع والاصطلاح , قالوا: إنه كان قبل الوضع والاصطلاح وليس هو قولاً وحده كما حسب ابن جنِّي.
وزعم أبو عبد الله البصريُّ وأصحابه أن الحقيقة هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في أصل اللغة , فصارت الحقيقة عندهم هي اللفظ المستعمل ليدل على شيء محسوس , والمجاز هو تشبيه المعقول بالمحسوس , ونقل اللفظ من المحسوس إلى المعقول , وزعموا أن لفظ أسد وضع للسبع أولاً , وضع لصورة ذلك السبع , وضع لها عشواء من غير أن يدل على شيء لا شجاعة , ولا غيرها , ثم صارت تلك الصورة المحسوسة رمزاً للجرأة والشجاعة , فسمِّي الرجل الشجاع أسداً , وشبه الرجل بالسبع ونقل ذلك اللفظ من تلك الصورة المحسوسة إلى الشجاعة المعقولة , ولعله ذلك قال السكَّاكي: إن لفظ أسد وضع للهيكل المخصوص , ولم يقل للحيوان , ولا السبع , ولا غيرها من الألفاظ التي ذكرها من قبله , ولا ريب أنه اختار ذلك اللفظ الهيكل المخصوص قصداً وعمداً , وأراد أن يؤكد به قول أولئك الفلاسفة , إن اللفظ وضع أولاً للصورة وحدها
(يُتْبَعُ)
(/)
من غير شيء فيها , وضع لها عشواء , ذلك الصوت لتلك الصورة , وكان الجرجاني قبله زعم أن لفظ أسد وضع للشجاعة في تلك الجثة والصورة خاصة دون غيرها , وكلام السكَّاكي أشبه بمذهب أولئك الفلاسفة من كلام الجرجاني , وهو يدل على أن السكَّاكي كان أدرى بذلك المذهب الدهري الحسي في اللغة من الجرجاني وغيره , وكان لسان السكاكي وألفاظه أقرب إلى كلام أولئك الفلاسفة الدهريين وألفاظهم , ولعله لذلك فرَّق أولئك المعتزلة بين الاسم والصفة , وزعم أبو علي الفارسي وغيره منهم أن الاسم يكون واحداً وغيره صفات عند أولئك المعتزلة (5) , والأسد له اسم واحد عند العجم وليس عند العرب (6)؛ وأراد أولئك المعتزلة أن يجعلوا الاسم للصورة وحدها دون ما فيها من الصفات , ولعلهم لذلك زعموا أن لفظ أسد نقل من السبع إلى الرجل الشجاع , ولم يزعموا أن لفظ الشجاع ليس اسماً لتلك الصورة , وأن اسمها هو الحية , وهذه الصورة صورة الحية ليست هي عندهم رمز الشجاعة وصورتها ولكن صورة الشجاعة عندهم هي الأسد.
وكذلك زعم أولئك المعتزلة أن لفظ اللسان وضع أولاً لذلك اللحم الذي يتكلم به الإنسان خاصة , ثم نقل إلى الكلام الذي يلفظ الإنسان به , ولفظ جناح وضع في أصل اللغة لجناح الطائر خاصة , ثم شبِّه به جناح الرجل , وجناح الملك , وجناح الجيش , وغيرها , ولفظ رأس وضع لرأس الإنسان خاصة , ثم قيل: رأس الأمر ورأس القوم , ورأس المال , ورأس الجبل , وغيرها , ولفظ اليد وضع لتلك الجارحة من الإنسان خاصة , وغيره مشبَّه به ,وغير ذلك من زعمهم , وجعلوا يدعون في كل معقول أنه مشبه بمحسوس , وأن اللفظ وضع للمحسوس حقيقة , ثم نقل إلى المعقول مجازاً , وزعم ابن جنّي وغيره أنه لابد في كل مجاز من التوكيد والتشبيه , والتوكيد عنده هو تشبيه المعقول بالمحسوس والعرض بالجوهر.
ولما زعم أولئك المعتزلة أن تلك الألفاظ وما يشبهها وضعت كلها في أصل اللغة لتلك الصورة المحسوسة , قالوا: إنها لا تليق بالله تعالى , وإنها تشبيه لله عز وجل بتلك الصور المحسوسة فأخذوا يخبطون ويتهوكون في تأويلها بتلك المجازات والاستعارات , وزعموا أنهم بذلك يوحدون الله تعالى , وينزهونه عن مشابهة خلقه , واتبعوا أولئك الفلاسفة , وأعجبهم ذلك القول الدهري الوثني في بدء اللغة , وحسبوه حجة يجادلون بها عن بدعتهم , وتلك المجازات والاستعارات التي يذكرونها كلها تشبيهات , واللغة كلها عند أولئك الفلاسفة الذين اتبعوهم هي تشبيه للمعقول بالمحسوس والغائب بالشاهد , وسلفهم من المعتزلة والجهمية الذين أحدثوا تلك البدعة ونفوا تلك الألفاظ عن الله تعالى , كانوا مثل أولئك الفلاسفة عجماً , قلوبهم أسيرة للصور , وألسنتهم مقيدة بالتشبيه , فلذلك أحدثوا تلك البدعة وأهلكتهم العجمة.
واتبعهم عبد القاهر الجرجاني وغيره , وحسب أن تلك التشبيهات والتمثيلات والمجازات والاستعارات هي أسرار البلاغة , ودلائل الإعجاز , وتشبيه المعقول بالمحسوس على طريقتهم هذه هو عجزٌ وعيٌّ , وليس بلاغة وإعجازاً , وأي بلاغة أو إعجاز في ذلك التشبيه الحسي؟ ولو كانت أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز في شيء من تلك المجازات والاستعارات , والتشبيهات والتمثيلات , لكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نزل القرآن بلسانهم فعلموا إعجازه وآمنوا به , أسبق الناس إلى بيان تلك المجازات والاستعارات , وذكرها لمن بعدهم؛ لئلا يخفى عليهم إعجاز القرآن.
وذلك القول الدهري الوثني في بدء اللغة كله باطلاً , لا حجة له , ولعل بعض اللغويين قبل أبي هاشم وأصحابه كانوا يقولون به , ويبدءون اشتقاق الألفاظ من شيء محسوس , فيزعمون أن ذلك اللفظ كان لكذا وكذا من المحسوسات , ثم ينتقلون منه إلى غيره , ولكن أبا هاشم وأصحابه كانوا هم أول من صرح بذلك القول وأظهره , ونقلوه عن الفلاسفة , واحتجُّوا به لبدعتهم.
وقولهم: المحسوسات والمعقولات , والحسي والمعنوي , كلها من ألفاظ المتكلمين , وليست من كلام العرب , وكلها تقسيمات باطلة , وتلك الألفاظ والتقسيمات كانت أضر شيء على دين الناس وقلوبهم , وكانت أفسد شيء لفطرتهم وبيانهم.
========================== (الحواشي)
1 - ترجمته في ((طبقات الأطباء الحكماء)) لابن جلجل ص 33 , رقم (11) , و ((الملل والنحل)) (2/ 112, 114 , رقم (11) , و ((فلاسفة يونانيون من طاليس إلى سقراط)) ص 93 - 101 , و ((تاريخ الفلسفة اليونانية)) وولتر ستيس , ترجمة /مجاهد عبد المنعم ص 65 - 69الذريون , و ((خريف الفكر اليوناني)) د. عبد الرحمن بدوي , ص 170 , و ((موسوعة الفلسفة)) له 1/ 507 - 509 الذريون , وعربه بعضهم ديموكريت
2 - ((فلاسفة يونانيون من طاليس إلى سقراط)) ص 94
3 - ومنهم فرنسوا لامي (1636 - 1711) , ودوبونال (1754 - 1840) , وغيرهما , وانظر: ((اللغة)) ج. فندريس , ص 29 - 42 , ترجمة الدواخلي والقصاص , و ((الفلسفة اللغوية)) جورجي زيدان , ص 127 - 129 , و132 - 134 و ((علم اللغة)) د. علي وافي , ص88 وما بعدها , و ((المدخل إلى علم اللغة)) د. رمضان عبد التواب , ص111 , و ((في علم اللغة العام)) د. عبد الصبور شاهين ص 71 , وغيرها.
4 - الخصائص: (1/ 41)
5 - الصاحبي: (ص114) , المزهر: (1/ 404 - 405)
6 - الصاحبي: (ص21)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[11 Jan 2008, 02:30 ص]ـ
إن مسألة أصل اللغة ونشأتها من المسائل الشائكة أخي الكريم! وقد اختلف العلماء في ذلك على أقوال (1):
الأول: أن الواضع هو الله سبحانه وتعالى، وبه قال الأشعري وأتباعه، وابن فورك.
الثاني: أن اللغة من وضع البشر، وإليه ذهب أبو هاشم ومن تابعه من المعتزلة.
الثالث: أنّ ابتداء اللغة وقع بالتعليم من الله سبحانه وتعالى، والباقي بالاصطلاح.
الرابع: أن ابتداء اللغة وقع بالاصطلاح أما الباقي فهو توقيف، وإليه ذهب الأستاذ أبو إسحاق وقيل: إنه قال بالرأي السابق!
الخامس: أن نفس الألفاظ دلت على معانيها بذاتها، وبه قال عباد بن سليمان الصيمري.
السّادس: أنه يجوز كل واحد من هذه الأقوال - عدا قول عبّاد فإنهم جزموا ببطلانه - من غير جزم بأحدها، وبه قال الجمهور.
وقال الإمام الغزالي:
" أما الواقع من هذه الأقسام فلا مطمع في معرفته يقينا إلا ببرهان عقلي، أو بتواتر خبر، أو سمع قاطع، ولا مجال لبرهان العقل في هذا، ولم ينقل بتواتر ولا فيه سمع قاطع، فلا يبقى إلا رجم الظن في أمر لا يرتبط به تعبد عملي، ولا ترهق إلى اعتقاده حاجة، فالخوض فيه إذا فضول لا أصل له. " (2)
والنفس تجنح للرأي الثالث ... والله أعلم.
-----------------------------------------------------------
(1) ينظر: الرازي: المحصول 1/ 181 - 183، والشوكاني: إرشاد الفحول 1/ 69 – 70
(2) المستصفى 3/ 9
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 Jan 2008, 02:44 م]ـ
بارك الله فيكم ...
الذي حاولتُ توضيحه كون هذه مسألة أجنبية عن علوم الشرع مبدؤها وفلسفي وثني ... ومن الأقوال فيها مالايجوز حكايته، وهي فوق كونها تكلف علم لم نكلف بعلمه فهي ضرب في عماية وقضاء على مالم يُر أو يُشاهد ... مبدؤ اللغة تعليم من الله لآدم عليه السلام وما بعد ذلك فلا يستطيع إقامة الحجة على كنهه إلا من كان من شهد آدم ومن بعدهم ...(/)
تصنيف المعتقدات أم تصنيف الأشخاص؟
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[10 Jan 2008, 02:04 ص]ـ
ترددت منذ فترة في الحديث بتفصيل عن رأيي في ما يسمى بـ (المدارس العقائدية) و (علم الفرق)، وتصنيف المعتقدات، وتصنيف الأشخاص، وأسباب الاختلاف العقائدي، لتعلق هذه المواضيع بكتابين لم أفرغ منهما، وحرصي على التريث والتأكد من استقراء كل الأدلة وسلامتها.
وسأعرض هنا بعض الأفكار المكثفة، راجيا أن تجد حظا من التأمل، ورحم الله امرءا أهدى إليّ أخطائي:
عقيدة الإنسان عبارة عن نظام متشابك متكون من عدد لا يمكن حصره من الأجزاء والتفاصيل والذرات. وبعض هذه الأجزاء والتفاصيل والذرات ديني، وأكثرها دنيوي (ثقافي، اجتماعي، سياسي) ناشئ من الوراثة والبيئة والتأثر بالآخرين والملاحظة والتجربة والتعلم.
والمعتقدات نظام تراكمي سريع النمو، تتشكل أجزاؤه وتتوالد وتتطور بشكل يومي نتيجة تدافع المعتقدات السابقة وتلاقحها وتنافسها. ونتيجة هذا التلاقح والتوالد تنشأ المعتقدات لدى الإنسان، وقد تحيى وتقوى بمرور الزمن، وقد تمر بها مراحل ضعف ووهن، وفي بعض الأحيان يتخلى عنها (أو بمعنى آخر: تموت) لتترك مكانها لمعتقدات أخرى.
وما يصبح معتقدا دينيا جديدا قد ينشأ عن خليط من معتقدات سابقة دينية ودنيوية، وقد يكون ناتجا عن معتقدات دينية بحتة. وقد يتولد فقط من معتقدات دنيوية وليس له علاقة بمعتقدات دينية سابقة.
ولذلك، فالمعتقدات دائمة الحركة ("ديناميكية") في عقل الإنسان طيلة حياته، لا تستقر على حال، وكلما توفرت معلومات أو أدلة أو ملاحظات جديدة، تتغير درجة قوتها والاقتناع بها. وقد تقوى هذه المعتقدات يوما، وقد تضعف يوما (بمعنى: تزيد وتنقص) في درجة فهمها والاطمئنان إلى صحتها ووضوحها وعلاقتها بالمعتقدات الأخرى، وقيمتها مقارنة بهذه المعتقدات الأخرى.
وهي أيضا دائمة الحركة ("ديناميكية") في تمثلها في سلوك الإنسان، يعبر عنها الإنسان لحظة أو ساعة أو يوما أو فترة من حياته، بحماس وعاطفة وحرارة بالكلام أو الكتابة أو السلوك أو الفعل، فنعرف درجة تمسكه بهذا المعتقد. وقد يفتر هذا الحماس والعاطفة لحظة أو ساعة أو يوما أو فترة أخرى من حياته، وقد تضعف قيمة هذا المعتقد حتى يصبح وجوده كعدمه في العقل.
والمعتقدات بعضها شعوري إرادي (حاضر في الذهن أو الذاكرة القصيرة)، يستطيع الإنسان أن يكتشفه في نفسه ويحدده ويعرّفه بدقة (من خلال إدامة الفكر والتأمل والدربة)، وقد يكون لا شعوريا (غائبا عن الذهن، أو غارقا في الذاكرة العميقة) يظهر في بعض السلوكيات اللاواعية، ولا يقدر الإنسان على تحديده وتعريفه بدقة.
والمعتقدات يكون بعضها (سلبيا) وقد يكون (إيجابيا). والسلبي هو ما يعتقده الإنسان فكريا، دون أن يكون له أثر في عمله وسلوكه. والإيجابي هو ما ترتب عليه أثر ما في القول أو الفعل أو الخلق (صالحا أو غير صالح، جيدا أو سيئا ... ).
والمعتقدات بعضها يستطيع الإنسان أن يعبر عنه بدقة ووضوح في كلامه، وقد لا يستطيع التعبير عنه بالكلام، إما لقصور الفهم أو قصور القدرة اللغوية.
والمعتقدات قد يرغب الإنسان في إعلانها، وقد يحرص على كتمانها. وعندما يكتمها: قد يظهر خلافها وقد لا يظهر خلافها. وقد يظهرها لبعض من حوله، ويكتمها عن آخرين.
والمعتقدات قد تكون صوابا وقد تكون خطأ. والخطأ في معتقد ما قد يتجاوز حدود الفكر فيكون له أثر خاطئ في السلوك والعمل. وقد لا يتجاوز حدود العقل، وحينها لا يجوز إعطاؤه قيمة أكبر من قيمته الفعلية.
مما يزيد الأمر تعقيدا وصعوبة: أن معتقد الإنسان لا يمكن تحديده إلا إذا أعلن عنه أو عبر عنه من خلال القول أو الفعل أو الخلق. غير أننا لا يمكن أن نجزم بالحكم على قول أو فعل أو خلق بأنه أثر لبعض المعتقدات، لأن القول (أو الفعل أو الخلق) قد يصدر بحكم العادة أو التقليد، وقد يصدر بقصد أو بغير مقصود، وقد يصدر نتيجة تسرع فيندم الإنسان عليه في لحظته أو بعد حين، وإذا ندم عليه، قد يحتفظ بهذا الندم في قلبه ولا يبديه لأحد. وقد يقول الإنسان كلمة حق أو كلمة باطل ولا يلقي لها بالا. وقد يصدر عنه قول أو فعل أو سلوك، فيفهم على خلاف قصده.
بعبارة أخرى: معتقدات الإنسان ظاهرة وباطنة، وباطنها الخفي أكثر بكثير من ظاهرها. وما يظهر منها لا يمكن تتبعه وحصره بكامله، إلا إذا وضعنا الإنسان تحت المجهر لتسجيل كل حركاته وسكناته. وهذا أمر مستحيل، حتى على الإنسان نفسه، إذ يستحيل على الإنسان نفسه أن يحصي أعماله الشخصية والظاهرة. وهو أعجز عن معرفة باطنه.
لهذا ولغيره (مما قد أفصله مرة أخرى)، فإن عقيدة الإنسان (كل إنسان) تشكل نسيجا متميزا عن غيره، ولا يمكن العثور في تاريخ البشرية كلها على شخصين لهما نفس المعتقدات، فما بالك بجماعات من البشر. لذلك فهي تشبه البصمة التي تميز الإنسان عن غيره.
وإذا كان الأمر بهذا القدر من التشعب والتعقيد والتفصيل، فكيف يمكن حصر معتقدات الإنسان؟ وكيف يمكن تصنيفها؟
لا ريب أن معرفة عقيدة الإنسان تحتاج لميزان دقيق يستطيع معرفة الظاهر والباطن، ومنشأ كل ذرة من ذرات هذه العقيدة لدى الإنسان، وما صدر بوعي وما صدر بغير وعي، والنية الحقيقية وراء ما صدر. وهذا لا يتأتى إلا لمن يعلم السر وأخفى، فيرى مثقال الذرة من عمل الإنسان، خيرا أو شرا (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره). وهذا من أدق وأصدق التعبيرات عن معتقد الإنسان وأثر هذا المعتقد وطريقة معرفته بعدل.
هذا هو الجانب الأول من الموضوع. وكما هو ملاحظ، تم الحديث فيه عن المعتقدات الذاتية ومنشئها بشكل عام (دينية كانت أو دنيوية).
أما الجانب الثاني منه فينحصر الحديث في المعتقدات الدينية الناشئة عن فهم الوحي (القرآن الكريم والسنة النبوية الثابتة). وهو ينقسم إلى قسمين: أولهما يتعلق بعقائد الإسلام، أو ما عبر عنه المصطلح النبوي بشعب الإيمان. والثاني يتعلق بمنهجية تصنيف الناس إلى فرق حسب الاعتقاد.
وسأتعرض لهذا بشيء من التفصيل في وقت لاحق بإذن الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[12 Jan 2008, 02:59 م]ـ
مرحبا بتمام مرادكم ـ جزاك الله خيرا ـ(/)
التفسير المنتخب هل اعتمده؟
ـ[يوسف الحوشان]ــــــــ[10 Jan 2008, 02:55 م]ـ
غفر الله للجميع
هل اعتمد على (المنتخب في تفسير القرآن الكريم) وهو من تأليف لجنة من علماء الأزهر، وقد طبعه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية
لبرنامج حاسوبي جديد للمبتدئين
وهل هناك دراسة تفصيلية عن هذا التفسير للاستفادة منها وتجنب الاخطاء (ان وجدت)
شكر الله للجميع جهدهم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Jan 2008, 03:02 م]ـ
هذا التفسير من أجود التفاسير المختصرة المطبوعة، لجودة أسلوبه ومتانة عبارته.
ولكن لماذا لا تعتمدون على التفسير الميسر الذي طبعه مجمع الملك فهد؟
ـ[يوسف الحوشان]ــــــــ[10 Jan 2008, 06:02 م]ـ
هل ترى -شيخنا - أنه أولى؟
وهل انتهت طبعته الجديدة؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[10 Jan 2008, 06:20 م]ـ
أما طبعته الجديدة فحسب علمي أنها منتهية منذ أشهر، وعسى أن يكون ظهوره قريباً.
وأما أنه أولى ولا سيما بعد التصويبات في الطبعة الجديدة فنعم، والمنتخب رائع أيضاً واعتماده مناسب أيضاً فالخياران مناسبان إن شاء الله وفقكم الله ونفع بكم وبارك في جهودكم التي تبذلونها يا أبا عبدالله لخدمة القرآن وأهله.
ـ[يوسف الحوشان]ــــــــ[10 Jan 2008, 06:23 م]ـ
لاعدمتك
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[11 Jan 2008, 01:55 م]ـ
[ size=4] المنتخب في تفسير القرآن الذي أعده لجنة من علماء الأزهر شأنه شأن كثير من الكتب التي يتعدد مؤلفوها حيث يظهر التفاوت فيها فبعض المواضع متقن جيد وبعضها يسيء إلى ما أتقن منه.
وأتمنى أن يتم تدارك هذا التفاوت بإعادة تحرير بعض العبارات وبإحسان صياغتها، ومصر بلد زاخر بالعلماء والأدباء المشهود لهم بحسن الكتابة ومراعاة قواعد البيان.
وأهم من هذا التنبه لبعض المواضع التي خالف فيها معدوا المنتخب عقيدة أهل السنة والجماعة مخالفة ظاهرة،
وهذا الأمر وإن كان معروفاً لدى المختصين في التفسير من أهل السنة إلا أنه ليس كذلك بالنسبة للعوام وطلاب العلم المبتدئين والكتاب موجه إليهم في الأصل.
ولما رأيت الإشادة بالكتاب دون التنبيه على ذلك خشيت أن يؤخذ الكتاب على علاته فينشر في موقع موجه للعوام وطلاب العلم المبتدئين فتنشر بذلك البدعة ويسيء الإنسان إلى دين الإسلام من حيث يحتسب النفع
وهذا التنبيه لا يقلل من جهد معدي الكتاب ولا يمنع من نشره مع التنبيه على بعض ما فيه من الأخطاء التي لا يجوز التغاضي عنها.
ولا يمنع أيضاً من التعاون معهم إن وجد سبيل إلى ذلك لتحقيق الكمال المنشود، وليكون العمل متسقاً على وتيرة واحدة من الحسن والجودة.
وهذه بعض الأمثلة لما ورد فيه من التأويلات المنتقدة ولبعض ما فيه مما هو هضم للمعنى وتقصير به عن مدلوله
ولا أقصد بذلك التشهير وإنما قصدت التعريف والتنبيه لأن مخالفة البيان عند السؤال محرمة وكتاب الله أمانة وتفسيره أمانة
سورة الأعراف
إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (54)
54 - إن ربكم الذى يدعوكم رسله إلى الحق وإلى الإيمان باليوم الآخر والجزاء فيه، هو خالق الكون ومبدعه، خلق السموات والأرض فى ست أحوال تشبه ستة أيام من أيام الدنيا، ثم استولى على السلطان الكامل فيها، وهو الذى يجعل الليل يستر النهار بظلامه، ويعقب الليل النهار بانتظام وتعاقب مستمر كأنه يطلبه، وخلق الله سبحانه الشمس والقمر والنجوم، وهى خاضعة لله تعالى مُسَيَّرات بأمره، وأنه له - وحده - الخلق والأمر المطاع فيها، تعالت بركات منشئ الكون وما فيه ومن فيه.
لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103)
- لا تبصر ذاته العيون، وهو يعلم دقائق العيون وغير العيون، وهو اللطيف فلا يغيب عنه شئ، الخبير فلا يخفى عليه شئ.
سورة الرعد
وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (3)
3 - وهو سبحانه الذى بسط لكم الأرض، وجعلها ذلولاً تسيرون فيها شرقاً وغرباً، وجعل فى هذه الأرض جبالا ثابتة وأنهاراً تجرى فيها المياه العذبة، وجعل من ماء هذه الأنهار الثمرات المختلفة التى تتوالد، والأصناف المتقابلة، منها الحلو والحامض، ومنها الأبيض والأسود، وأنه سبحانه يستر النهار بالليل، وأن فى هذا الكون وعجائبه لعلامات بينة تثبت قدرة الله ووحدانيته لمن يتفكر ويتدبر.
سورة الفرقان
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا (59)
59 - والله هو الذى خلق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام، وقد استولى على العرش والملكوت وعم سلطانه كل شئ، وهو الرحمن، وإن ابتغيت أن تعرف شيئاً من صفاته فاسأل الخبير عنه يجبك وهو الله العليم الحكيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[11 Jan 2008, 09:24 م]ـ
المنتخب في تفسير القرآن الكريم عبارته محررة جدًا، وفي ظني أن من كتب التفسيرالميسر قد استفاد منه؛ لأنه أقدم التفسيرين، ومما يُحمد لهم أن المعاني المعاصرة الجديدة قد جعلوها في الحاشية، ولا يخلو أي تفسير من ملاحظة الملاحظين لاختلاف النظر في التوجيه والترجيح، ويظهر لي أنه د وقع عندهم تأثر ببعض أراء المدرسة العقلية الحديثة، ومما وقع عندي من ذلك:
1 ـ - قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)
واذكروا يوم قال لكم رسولكم موسى: يا قوم، لقد ظلمتم أنفسكم باتخاذكم عجل السامرى معبوداً، فتوبوا إلى ربكم خالقكم من العدم، بأن تغضبوا على أنفسكم الشريرة الآمرة بالسوء وتذلوها، لتتجدد بنفوس مطهرة، فأعانكم الله على ذلك ووفقكم له وكان ذلك خيراً لكم عند خالقكم، ولهذا قَبِل توبتكم وعفا عنكم، فهو كثير التوبة على عباده، واسع الرحمة بهم.
وتفسيرهم لقتل النفس بهذا التفسير غريب جدًّا.
2 ـ قوله تعالى: ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)
ثم أيقظناكم من غشيتكم وهمودكم، وعلمناكم لكى تشكروا نعمتنا فى ذلك، وتؤيدوا حق الله عن طريق هذا الشكر.
وهذا التفسير كأنه لا يرى وقوع الموت حقيقة كما هو ظاهر قوله تعالى (بعثناكم من بعد موتكم).3 ـ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65)
- وأنتم بلا ريب قد عرفتم أولئك الذين تجاوزوا الحد منكم فى يوم السبت، بأن صادوا السمك فيه - مع أنه يوم راحة وعيد والعمل محرم فيه - فمسخ الله قلوب المخالفين، وصاروا كالقردة فى نزواتها وشهواتها، وجعلناهم مبعدين من رحمتنا ينفر الناس من مجالستهم ويشمئزون من مخالطتهم.
وهذا مخالف للتفسير الصحيح الذي عليه جمهور المفسرين بأن المسخ حقيقي، والذي اختاروه هو ما ذهب إليه مجاهد وحده، وقد استدركه عليه المفسرون بعده.
4 ـ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (73)
ذكروا التفسير الصحيح الآية، فقالوا: ((فقلنا لكم على لسان موسى: اضربوا القتيل بجزء من هذه البقرة، ففعلتم: فأحيا الله القتيل وذكر اسم قاتله، ثم سقط ميتاً، وكانت معجزة من الله لموسى.
لأن الله قادر على كل شئ، وبقدرته هذه يحيى الموتى يوم القيامة، ويريكم دلائل قدرته لعلكم تعقلونها وتعتبرون بها)).
ثم ذكروا في الحاشية قولاً للشيخ عبدالوهاب النجار، قالوا: ((ذكر بعض الكتاب في عصرنا الحاضر، وهو المرحوم عبدالوهاب النجار أن قوله: (اضربوه ببعضها) المراد به بعض أجزاء القتيل، والمراد بإحيائه القصاص له؛ لأن الضرب ببعض أجزاء المقتول يحمل القاتل على الاعتراف، وكثيرًا ما تكون رؤية القتيل باعثة على الاعتراف، وتكون هذه القصة منفصلة عن الأمر بالذبح ... وأن أمر الله تعالى لهم أن يذبحوا بقرة كان ليأكلوا منها، وفي ذلك تربية نفسية لهم؛ لأنهم كانوا مع المصريين الذين يقدسون البقر، وكانت فيهم بقية من هذا التقديس بدليل أنهم عبدوا تمثال العجل بعد ذلك، فكان لابد لاقتلاع هذه البقية في نفوسهم بتكليفه ذبح البقرة، فكان لذلك الأمر بالذبح، وكان لذلك المجادلة والتلكؤ منهم فذبحوها وما كادوا يقومون بالذبح)).
وهذا التفسير عجيب جدًّا، وهو إلى التحريف أقرب منه إلى التأويل الذي يقوم عليه دليل، ولا أدري لماذا يذكرونه مجرَّدًا بلا ردٍّ عليه، فإن ذكره ـ هكذا ـ يدل على قناعة به، ثم مافائدة القارئ الذي وُجِّه إليه هذا التفسير من هذه التفسيرات العجيبة الغريبة؟!
ولو سلم التفسير من مثل هذه الأمور لكان، لكن الكمال عزيز، والله الموفق للصواب.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 Jan 2008, 11:00 م]ـ
إذا كانت الأخطاء العقدية التي أشار لها الشيخ عبد العزيز الداخل والأخرى التي أشار لها الشيخ مساعد موجودة في الكتاب= فهل يصح أن يوضع هذا التفسير في ((لبرنامج حاسوبي جديد للمبتدئين)) (؟؟؟)
ـ[يوسف الحوشان]ــــــــ[12 Jan 2008, 12:03 ص]ـ
شكر الله للمشايخ جهدهم
ولعل بعض الاحبة ينشط لبيان الملحوظات على هذا التفسير حتى يتسنى الاستفادة من مافيه من صواب
أما نشره (في برنامج حاسوبي للمبتدئين) فلن يكون والحال هذه (:
ـ[سامي السلمان]ــــــــ[12 Jan 2008, 03:17 ص]ـ
إتصلت العام الماضي بالشيخ العلامة عبدالعزيز قاري - حفظه الله ورعاه - وسألته عن رأيه في أفضل تفسير مختصر يصلح للمبتدئين. فأثنى على تفسير (المنتخب) وذكر: أنه أفضل الموجود , وأن الحاجة مازالت قائمة لتأليف تفسير مختصر لهذا الغرض!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Jan 2008, 07:13 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعاً على هذه الفوائد، وما دام الأمر كذلك فالتفسير الميسر أجدر بالاعتماد في هذا البرنامج يا أبا عبدالله.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[12 Jan 2008, 02:02 م]ـ
الأخ يوسف الحوشان حفظه الله أهمس في أذنك قائلا: من الظلم البيِّن تبخير جهود العلماء بهذا الشكل، الذي ينتهي إلى أن التفسير الذي عليه بعض الملحوظات من البعض ينتهي إلى نتيجة مؤداها " أنه لايصلح للاستفادة منه " فهل يا عباد الله نحن نسير في منهج نقدي علمي ينتهي إلى نتائج مقبوله؟؟؟؟!!!!
قلت: ماذا لو تفهمنا نقاط الخلل في الأعمال البشرية، وأثبتنا جدارة هذه الأعمال وأسبقيتها المطلقة في باب تصنيفها ثم أتممنا طباعتها أو أفدنا منها كبرامج حاسوبية، ثم تم التعليق على ما جانب الصواب منها، وتمت المصلحة.
في لحظات تم هدم أبراج نيويورك الفولاذية وتغير وجه العالم عقيبها، ولكن هل يدري من نظر إلى لحظات تهاويها متلفزة كم سنة تمت فيها وكم من الثروات أُنفق عليها، وكم وكم .......... ؟؟؟ أقول هذا مع الفارق التشبيهي، فالعلماء أفنوا زهرة أيامهم في تأليف كتاب كالمنتخب، ثم ننتهي إلى أنه كتاب لا يستحق الاستفادة منه بالمره، أقول هذا كلام يجب تصويبه، وللجميع حرية الاختيار ولكن مع شيء من التحفظ في إعلان النتائج خاصة في إعلانات الرسوب، وأحكام الإعدام.فتأمل
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[12 Jan 2008, 03:43 م]ـ
أستاذنا الفاضل ...
فقط قلنا: لا يصلح للمبتدئين .....
ولم نعدمه بل الألسنة جرت وتجري وستجري بالثناء على الجهد العظيم الذي بُذل فيه ...
ـ[يوسف الحوشان]ــــــــ[12 Jan 2008, 06:32 م]ـ
وهو ما قاله الشيخ:ابي فهر
فالكلام على تفسير للمبتدئين مع الدعوة الى الاستفادة والتقويم
من باب التعاون على البر والتقوى
زادك الله -اخي عبدالفتاح-غيرة وعلما وهدى وتقى ومن قرأ
ـ[أبو المهند]ــــــــ[13 Jan 2008, 12:16 م]ـ
آمين وإياكم(/)
ما له أهجر؟ شفقة الصحابة ورأفتهم بالنبي
ـ[العرابلي]ــــــــ[10 Jan 2008, 03:02 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شفقة الصحابة ورأفتهم بالنبي صلى الله عليه وسلم
بقولهم: ما له أهجر؟
جاء هذا القول في رواية للبخاري رقم (2997):
"حدثنا محمد حدثنا بن عيينة عن سليمان الأحول سمع سعيد بن جبير سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى قلت يا أبا عباس ما يوم الخميس قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع - فقالوا ما له أهجر استفهموه فقال ذروني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه فأمرهم بثلاث- قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، والثالثة خير إما أن سكت عنها وإما أن قالها فنسيتها قال سفيان هذا من قول سليمان" صحيح البخاري ج3/ص1155
وفي رواية أخرى؛ رقم (4168)؛ "فقالوا: ما شأنه أهجر استفهموه فذهبوا يردون عليه فقال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه وأوصاهم بثلاث" صحيح البخاري ج4/ص1612
وفي رواية أخرى؛ رقم (4169)؛ "فقال: بعضهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلون بعده ومنهم من يقول غير ذلك فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا" صحيح البخاري ج4/ص1612
وفي رواية في صحيح مسلم رقم (1637)
"وحدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد قال عبد أخبرنا وقال بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس قال لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلم أكتب لكم كتابا لا تضلون بعده فقال عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت فاختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا لن تضلوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم". صحيح مسلم ج3/ص1259
ذكر عمر رضي الله عنه في هذه الرواية ولم يذكر قولهم: (ما له أهجر؟)
وفي رواية أخرى عند مسلم: (1637) "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقالوا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر " صحيح مسلم ج3/ص1259
لبيان مراد الصحابة بقولهم: "ما له أهجر" و "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر" بعد الرجوع إلى أهم المعاجم والقواميس كلسان العرب، والقاموس المحيط، وتاج العروس، ومحيط المحيط، والوسيط وغيرها نقول:
إن استعمال مادة (هجر) في القرآن واللغة؛ كان في طلب الأفضل مع تحمل المشقة؛
(الهجرة): الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، و (المُهاجَرَةُ) من أَرض إِلى أَرض: تَرْكُ الأُولى للثانية. وهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون من مكة إلى المدينة كانت في طلب الأفضل للدين ولحياة المؤمنين، وكانت هناك مشقة البقاء في مكة ومشقة الانتقال منها. وبعد فتح مكة صارت الجزيرة كلها دار إسلام وليس هناك مشقة في بقاء كل مسلم في بلده. وفي الحديث: "لا هِجْرَةَ بعدَ الفَتْح ولكنْ جِهادٌ ونِيَّة".
و (هَجَر) اسم لجميع بلاد البحرين (منطقة القطيف والإحساء اليوم)؛ المشهورة بعذوبة ماء ينابيعها، وجودة تمرها، لكن الوصول إلى ذلك لا يكون إلا بعد مشقة قطع صحراء الدهناء؛ وفي المثل: كجالب التمرِ إلى هَجَر، أو كمبضع التمرِ إلى هَجَر.
و (هاجَر): الجارية الحسناء الفارعة الطويلة؛ وفي المثل: من طلب الحسناء لم يغله المهر؛ فمن طلب جارية بهذا الحسن وجب عليه تحمل مشقة الزيادة في المهر والنفقة.
و (المُهْجِرُ): الفائقُ الفاضلُ من كل شيء. يقال: بعيرٌ مُهْجِرٌ، ونخلةٌ مُهْجِرٌ. وعددٌ مُهْجِرٌ: كثيرٌ.
(يُتْبَعُ)
(/)
و (المُهْجِرَةُ) كذلك- يقال: فتاةٌ مُهْجِرَةٌ: تَفُوق غيرَها حُسنًا واكتمالاً. وناقةٌ مُهْجِرَةٌ: فائقةٌ في الشحم والسِّمَن وفي السَّير. يقال نخلة مُهْجِرٌ ومُهْجِرَةٌ طويلة عظيمة، وذَهَبَتِ الشَّجرَةُ (هَجْراً) أي طُولاً وعِظَماً. وعلى هذا فمن طلب ناقة مهجرة أو بعير مهجر تحمل زيادة الثمن فيه، ومن أراد ثمر النخلة المهجر، تحمل مشقة الصعود والوصول إلى ثمرها وقطفه وإنزاله.
وهذا (أهْجَرُ) منه أطْوَلُ أو أضْخَمُ، أو أكرم، أو أحسن.
و (هَجَر) في الشَّيء وبه: أُولع بذكره؛ مفضلا له وتاركًا ذكر ما دونه.
و (الهجيرُ) الحَوْضُ العظيمُ الواسِعُ، فهو أفضل لسقي الإبل، لكنه لا يمتلئ إلا بعد مشقة على الساقي.
و (الهاجِرِيُّ) البَنَّاءُ لأن يطول البناء، وكلما طال البناء زاد حسنًا، وزادت مشقة رفع حجارته، ومواد بنائه، والعمل في بنائه.
و (التَّهْجيرُ) في قوله صلى الله عليه وسلم: "المُهَجِّرُ إلى الجُمُعَةِ كالمُهْدِي بَدَنَةً"، وقَوله: "ولو يَعْلَمونَ ما في (التَّهْجِير) لاسْتَبَقُوا إليه" بمعنى التَّبْكِير إلى الصَّلوات، وهو المُضِيُّ في أوائِلِ أوقاتِها، وليسَ من الهاجِرَةِ، فمن طلب فضل أجر التبكير عليه تحمل مشقة حبس نفسه في المسجد مدة أطول في انتظار خطبة وصلاة الجمعة.
و (الهاجرَةُ) إنّما تكون في القَيْظ وهي قَبْلَ الظُّهرِ بقليل وبَعدَه بقليل، وقيل نصف النهار عند اشتداد الحر; عند زوال الشمس إِلى العصر، وذلك أن الناس يطلبون الظل في هذا الوقت ويتركون أعمالهم، طلبًا لسلامتهم وسلامة ماشيتهم، والسائر فيها مُهَجِّر لأنه يطلب منفعة له ويتحمل مشقة السير في الحر؛ وفي القول: وهل مُهَجِّر كمن قالَ؛ أَي هل من سار في الهاجرة كمن أَقام في القائلة.
و تكلم (بالمَهَاجِر) أي القبيح والفحش. ورماهُ (بمُهجِرات). أي بما يفسد عليه الإقامة في بلده وموطنه، أو مجلسه، فيكون غيره أفضل له منه، فيهجره طلبًا لفضل غيره.
و (هجر) الدابَّةَ: أوثقها (بالهِجار)؛ وهو حبل يشد رجل الدابة ويدها بشقها حتى تقصر خطوتها فلا تهجر بعيدًا عن صاحبها، وفي هذا مشقة على الدابة ولا ينشغل هو ببعدها عنه.
و (هَجَرَ) في النوم: حَلَمَ وهَذَى. إذا أكثر الكلام والقول السيّئ في المنام، فهو (هاجِرٌ) وفي فعله هذا يفسد نوم من ينام عنده، فيطلب منامًا بعيدًا عنه وخيرًا منه. وعليه القول؛ (هَجَرَ) المريضُ: هذى؛ إذا ارتفعت حرارته.
و (الهُجْرُ) الإِفحاش في المنطق والقول، والكلام فيما لا ينبغي. فيصرف السامعين عن القائل، مفارقين له إلى مجالسة غيره.
و (الهجر) في قوله تعالى: (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ)؛ فمعناه أن تتركون القرآن مفضلين عليه غيره في سمركم في مجالسكم، وجعل حديثكم في اللهو والضلال.
و في قوله تعالى: (إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا)؛ فهجر القرآن تفضيل غيره عليه بترك العمل بأحكامه، والانشغال عن تلاوته، فهذا هو الهجر للقرآن كما هو حاصل في زمننا هذا.
و في قوله تعالى في اعتزال النساء في المضاجع: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ)؛ فمعالجة نشوز المرأة بعقابها بالهجر، وتحمل المشقة في ذلك، خير وأفضل له ولها من طلاقها.
و في قوله تعالى: (وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً)؛ النبي عليه الصلاة والسلام رسول مكلف بتبليغ رسالة ربه، فيجب عليه أن يصبر على أذاهم، وعلى قولهم من الفحش المسبب للهجر، وألا يطيل هجرهم فينقطع عنهم. فطلب منه أن يكون هجره لهم هجرًا جميلا ليس بقبيح. لأن في الهجر ترك للشيء وشدة بعد وطول مفارقة.
و في قوله صلى الله عليه وسلم: " ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام": فإن في الهجر قطع لمواصلة الخصام وتهيئة للنفس للعودة بعد ذلك للوئام، وهذا الفعل خير وأفضل من مواصلة التخاصم.
هذا هو الاستعمال الجذري لمادة (هجر) في اللغة والقرآن، وهو مبني على طلب الأفضل والتحول إلى الأفضل مع حصول المشقة وبسبب وجود المشقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
لكن قواميس اللغة جمعت فيها مشتقات ومبنيات كل جذر، مقطوعة في معظمها بعضها عن بعض، دون بيان استعمال الجذر، والرابط الذي يربط بين المشتقات، فمن أراد أن يفسر كلمة أخذ معناها بمعزل على بقية الشجرة التي تنتمي إليها، فأوقع ذلك بعض المفسرين، وأهل اللغة في أخطاء لا يصح لهم الوقوع فيها، واستغل ذلك أهل الأهواء والضلالات بالاستشهاد بأقوالهم للطعن في الدين، والتشنيع على الصحابة رضي الله عنهم في مسائل عدة.
و من ذلك تفسير استفسار الصحابة رضي الله عنهم "ما له أهجر؟ " التي ذكرناها <بالهذيان>.
كان استفسار الصحابة رضي الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما له أهجر؟ " وفي الرواية الأخرى: قولهم: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر" بلغتهم التي يعرفونها ويستعملونها؛ فمادة هجر هي في [طلب الأفضل مع تحمل المشقة] والرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن يرفع خلافًا سيحدث بينهم بأحقية من يخلفه من بعده - لم يعلموه إلا بعدما حدث- يكون سببًا في ضلال طائفة منهم من بعده، فيكتب لهم كتابًا في ذلك ومسائل أخرى، وهو بفعله هذا إنما يحمل نفسه مشقة فوق ثقل وشدة وطأة الحمى عليه صلى الله عليه وسلم، فأشفق عليه من حضر الموقف من الصحابة رضي الله عنهم فقالوا قولهم هذا طالبين له الراحة وعدم إشغال نفسه بذلك.
لأن كتابة الكتاب يعني أنه سيتكلم ويملي كلامًا مطولا فيه مشقة على النبي عليه الصلاة والسلام.
وعللوا ترددهم في تنفيذ أمره بقولهم: "وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله" مطمئنين الرسول صلى الله عليه وسلم على تمسكهم بالكتاب من بعده، وحفظهم له بالعمل به، والرجوع إليه. وهو كفيل بحفظهم من الضلالة، كان هذا في ردهم على النبي وبيان عذرهم في عدم إحضار اللوح والدواة، يبين ذلك قولهم: "استفهموه فذهبوا يردون عليه".
وقولهم هذا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم "يهجر" و "ما له أهجر" لم يغضب أحدًا من الصحابة ولم ير فيه أدنى إساءة للنبي عليه الصلاة والسلام، ولم يحتج عليه أحد منهم، مما يدل على خلاف الفهم السيئ الذي فهمه بعض أهل اللغة، وأهل الضلال والهوى؛ لقد هم الصحابة بالفتك بمن قال للنبي عليه الصلاة والسلام اعدل؟ فكيف لو أساء إليه أحد ووصفه بالهذيان؟! ... ثم يسكت جميع الصحابة على ذلك؟! بل إن القول كان من أكثرهم ..
وهل هذا حال من يطلب أن يكتب لهم كتابًا، ثم يرد على قولهم، ثم يوصيهم بثلاث أمور .. ثم يأمرهم أن يقوموا من عنده .. دالا على الهذيان؟!! .. بل هذا الفهم من هذيان أهل الهوى والضلال .. وفاقدي الفقه في روح اللغة.
ثم كان رد النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، وعلى شفقتهم عليه، وطلبهم الراحة له، وطمأنته أنه عندهم كتاب الله: "فقال ذروني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه"، "فقال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه"؛ أي في دعوتي بأن أكتب لكم كتابًا خير مما تدعونني للراحة وترك الكتابة، فلا شك فيه أن الذي فيه النبي عليه الصلاة والسلام من الخوف على أمته مما سيحدث بينهم من بعده، وطلب السلامة لهم من الفتنة، خير وأعظم من خوفهم على النبي صلى الله عليه وسلم. وأن حرصه على راحة أمته وسلامتها أعظم عنده من خوفه وحرصه على نفسه عليه الصلاة والسلام.
ولو كتب عليه الصلاة والسلام وصية لوصى بالأمر لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، فكل الإشارات كانت تدل عليه، وكان لا يساوي به أحدًا من الصحابة حتى عمر رضي الله عنهما، ولذلك أحجم علي رضي الله عنه عن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لمن الأمر من بعده ... خشية أن لا تكون لأحد من آل هاشم أبد الدهر إن منعها النبي عليًا في حياته، وسيكون رفض تولي علي للخلافة بعد وفاته أعظم إذا احتج عليه بالمنع له في حياة النبي عليه الصلاة والسلام. ... وهذه من حكمة علي ولم يطع عمه العباس رضي الله عنهما الذي كان يدفعه لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم لمن الأمر من بعده؟.
وبين ابن عباس رضي الله عنهما في عدم كتابة الوصية رزية كبرى، "فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم"، فقد طلب كتب الكتاب من خوف الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته فيما وقعت فيه بعده فتفرقت إلى شيعة بجانب السنة؛ رزية كبرى بعد الرزية بموت النبي عليه الصلاة والسلام.
لقد كان ذلك القول من جمع من الصحابة، وليس محبوسًا على صحابي واحد، ولكن بغض أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من قبل الشيعة الذين حملوا عمر هذا القول بفهمهم، وتحاملوا عليه بجهلهم بلغة العرب، وليس فيه إلا طلب الرسول صلى الله عليه وسلم الأفضل لأمته وهو يحمل نفسه المشقة مع هذا الطلب، ودل قولهم هذا على إشفاق الصحابة رضي الله عنهم بنبيهم وقائدهم وقدوتهم ومعلمهم عليه الصلاة والسلام، ولو كتب الكتاب فلن يصرف من يريد الضلالة عن ضلاته، وقد رضي الطاعنون بوصف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهذيان ليجعلوا من ذلك الوصول إلى حقيقة دعوتهم بإسقاط من أوصلوا الإسلام للناس، ونشروه في الأرض، وضحوا من أجله بأنفسهم وأموالهم، فيسقط الإسلام بإسقاط هؤلاء الذين حملوه وبلغوه.
وهذا الأحاديث التي رواها البخاري ومسلم وغيرهما شهادة لعلمائنا بأنهم يتبعون منهجًا في قبول الحديث بعيدًا عن الهوى في غياب الفقه اللغوي القاطع الذي يبين حقيقة مثل هذا القول؛ فلم يسقطوا هذا الأحاديث من كتبهم خشية استغلال أهل الأهواء والضلال لها.
أبو مسلم العرابلي
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[13 Jan 2008, 11:11 م]ـ
أولاً: أحيي فيك اهتمامك بالجانب اللغوي لدرجة اكتشاف أصل هذه المادة في اللغة واستعمالاتها عند العرب وفي نصوص الكتاب والسنة وهو مركب صعب قل من يساوره من العلماء المحققين لأنه يستدعي إلماماً واسعاً بالمفردات اللغوية وأساليب العرب في تخاطبها وقراءة ناقدة للمعاجم اللغوية وما استدرك عليها
واسمح لي ببعض المناقشات تحقيقاً لمبدأ التعاون للوصول إلى الكمال المنشود
بعد الرجوع إلى أهم المعاجم والقواميس كلسان العرب، والقاموس المحيط، وتاج العروس، ومحيط المحيط، والوسيط وغيرها نقول:
إن استعمال مادة (هجر) في القرآن واللغة؛ كان في طلب الأفضل مع تحمل المشقة؛
كنت أتمنى لو رجعت للمعاجم الأصول التي اعتمدت عليها هذه المعاجم المتأخرة ومن أهمها كتاب العين للخليل بن أحمد أو أحد تلاميذه على الخلاف في نسبته وهو أول المعاجم اللغوية وكذلك تهذيب اللغة والصحاح وجمهرة اللغة وإصلاح المنطق والمحكم والمخصص
وكذلك معجم مقاييس اللغة لابن فارس الذي يعد أهم معجم تعرض لأصول الاستعمالات اللغوية.
وكذلك كتب المتقدمين في غريب القرآن والحديث فإنها من الأصول التي اعتمدت عليها المعاجم المتأخرة
وأهم منها في علم اللغة كتب علماء اللغة المتقدمين كالأصمعي ومؤرج السدوسي والكسائي وأبي عمرو الشيباني وابن سلام الجمحي والفراء وثعلب والمبرد وأبي علي القالي وأضرابهم فكتب هؤلاء من الأصول التي تعتمد عليها المعاجم اللغوية
وقد ذكر ابن فارس لهذه الكلمة أصلين:
فقال: (الهاء والجيم والراء أصلانِ يدلُّ أحدهما على قطيعةٍ وقَطْع، والآخر على شَدِّ شيءٍ ورَبْطِه).
فلعلك تراجعه في موضعه
وقد قال ابن الأثير في النهاية عن هذا الحديث: (ومنه حديث مَرضِ النبي صلى اللَّه عليه وسلم قالوا: ما شأنُه؟ أهَجَرَ؟) أي اخْتَلَف كلامُه بسبب المرضِ على سبيل الاستفهام. أي هل تَغَيَّر كلامُه واخْتَلَط لأجل ما به من المرض؟ وهذا أحْسَنُ ما يقال فيه ولا يُجْعل إخباراً فيكون إمَّا من الفُحْش أو الهَذَيان. والقائل كانَ عُمَر ولا يُظَنُّ به ذلك).
وهو يصدق على الأصل الذي ذكرته من ترك الكلام حال الصحة والاعتدال إلى الكلام الذي يقوله المريض ولا يشعر به من شدة المرض والإعياء
ولا يلزم منه أن يتكلم بكلام فاحش منكر حاش لله
ولكن كما حصل في قصة اللَّدّ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أغشي عليه ولُدَّ وهو لا يشعر
وليس في ذلك ما يقدح في مقام النبوة بل هو من مقتضيات كونه بشراً يأكل كما يأكل الناس ويشرب كما يشربون ويمرض كما يمرضون
وأصرح منه في الدلالة حادثة سَحر النبي صلى الله عليه وسلم حتى خيّل إليه أنه يأتي الشيء وهو لا يأتيه، ليس فيه ما يقدح في مقام النبوة ولا في تبليغ الرسالة
و (الهاجرَةُ) إنّما تكون في القَيْظ وهي قَبْلَ الظُّهرِ بقليل وبَعدَه بقليل، وقيل نصف النهار عند اشتداد الحر; عند زوال الشمس إِلى العصر، وذلك أن الناس يطلبون الظل في هذا الوقت ويتركون أعمالهم، طلبًا لسلامتهم وسلامة ماشيتهم ....
تأمل معي قول امرئ القيس:
فدع ذا وسل الهم عنك بجسرة = ذمول إذا صام النهار وهجَّرا
يريد إذا استوت الشمس في كبد السماء (وصام) في هذا الموضع بمعنى سكن وأمسك عن الحركة
كما قال جزء بن ضرار الغطفاني يصف حصانه:
تقول إذا استقبلته وهو صائم = خباء على نشز أو السِّيد ماثل
وقريب من الدلالة على هذا المعنى للهاجرة قول عنترة العبسي:
ولقد شربت من المدامة بعدما = ركد الهواجر بالمشوف المعلم
والركود فيه معنى السكون.
والهواجر مشترك لفظي يطلق على وقت الظهيرة ويطلق أيضاً على القول الذي يستنكر
كما قال سلمة بن الخرشب الأنماري يهجو عامر بن الطفيل:
وإنك يا عامِ بن فارس قرزل = معيد على قيل الخنا والهواجر
فيمكن أن يقال: إن الإطلاق الثاني بينه وبين المعنى المذكور تناسب لكون الكلام المنكر غير مألوف وترك المتكلم للكلام المألوف وإتيانه بالكلام المنكر فيه معنى الهجر.
ولكن زيادة شرطي تحمل المشقة وطلب المنفعة أظنها زيادة لا تقتضيها عدة إطلاقات للألفاظ التي ترجع إلى هذا الجذر.
وفقك الله وسدد خطاك
ـ[العرابلي]ــــــــ[19 Jan 2008, 11:21 ص]ـ
أشكر لأخي الكريم على ما تفضل به
وذكري للقواميس هي الرجوع إلى المفردات المستعملة في اللغة وهي مجموعة ممن سبقهم ولو تأخر زمن بعضها
ولعلي لم أذكر كل مفردات هذا الجذر ومنها الهاجرة وهي شدة الحر في الظهر التي تدفع الناس والبهائم للبحث على أفضل منها وهو الظل والا أفضل
ما خير منها وهو الظل وانقطاع الناس عن العمل ولو كانوا مضطرين لإكماله وإنجازه
وإطلاقه على القول المستنكر دافع لسامعه على ترك صاحبه والذهاب عنه بعيدًا إلى غيره
وللعلماء جهود في نفي أن يوصف الرسول صلى الله عليه وسلم بصفة فيها ذم ونقيصة وأن يكون ذلك من الصحابة رضي الله عنهم
رضي الله عنهم.
وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم واضح وبين وكان يقصده النبي عليه الصلاة والسلام وهجر المريض كلامه إما غير واضح وبين وإما كلام لا
غير واضح وبين وإما يدري عنه ولا يقصده وشتان بين الوصفين
وهجر المريض لغيره بفعله
والله تعالى أعلم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[العرابلي]ــــــــ[19 Jan 2008, 11:32 ص]ـ
آسف على تكرار بعض الكلمات وها أنا أعيده مرة أخرى
أشكر لأخي الكريم على ما تفضل به
وذكري للقواميس هي الرجوع إلى المفردات المستعملة في اللغة وهي مجموعة ممن سبقهم ولو تأخر زمن بعضهم
ولعلي لم أذكر كل مفردات هذا الجذر، ومنها الهاجرة؛ وهي شدة الحر في الظهيرة التي تدفع الناس والبهائم للبحث على مكان أفضل لهم وهو الظل وسينقطع الناس عن عملهمولو كانوا مضطرين لإكماله وإنجازه بسبب الحر
وإطلاقه على القول المستنكر دافع لسامعه على ترك صاحبه والذهاب عنه بعيدًا إلى غيره
وللعلماء جهود في نفي أن يوصف الرسول صلى الله عليه وسلم بصفة فيها ذم ونقيصة وأن يكون ذلك من الصحابة رضي الله عنهم
رضي الله عنهم.
وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم واضح وبين وكان يقصده النبي عليه الصلاة والسلام وهجر المريض كلامه إما غير واضح وبين وإما لا يدري عنه ولا يقصده وشتان بين الوصفين
وهجر المريض يكون لغيره بفعله
والله تعالى أعلم
ـ[محمد براء]ــــــــ[24 Jan 2008, 10:35 م]ـ
عذراً .. هل هناك من العلماء من فسر الهجر بما ذكرتَه؟
قال القاضي عياض رحمه الله تعالى في الشفا: " فإن قلت: قد قررت عصمته صلى الله عليه و سلم في أقواله في جميع أحواله و أنه لا يصح منه فيها خلف و لا اضطراب في عمد و لا سهو و لا صحة و لا مرض و لا جد و لا هزل و لا رضا و لا غضب و لكن ما معنى الحديث في وصيته صلى الله عليه و سلم الذي [حدثنا به القاضي الشهيد أبو علي رحمه الله قال: حدثنا القاضي أبو الوليد حدثنا أبو ذر حدثنا أبو محمد و أبو الهيثم و أبو إسحاق قالوا: حدثنا محمد ابن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل حدثنا علي بن عبد الله حدثنا عبد الرزاق ابن همام أنبأنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: لما حضر رسول الله صلى الله عليه و سلم و في البيت رجال فقال النبي صلى الله عليه و سلم: هلموا أكتب كتابا لن تضلوا بعده]
فقال بعضهم: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد غلبه الوجع الحديث
و في رواية: [ائتوني أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي أبدا فتنازعوا] فقالوا: ماله أهجر! استفهموه فقال [دعوني فإن الذي أنا فيه خير]
و في بعض طرقه: أن النبي صلى الله عليه و سلم يهجر
و في رواية: هجر و يروى: أهجر و يروى: أهجرا
و فيه فقال عمر: إن النبي صلى الله عليه و سلم قد اشتد به الوجع و عندنا كتاب الله حسبنا
و كثر اللغط فقال: [قوموا عني]
و في رواية: و اختلف أهل البيت و اختصموا فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه و سلم كتابا
و منهم من يقول ما قال عمر
قال أئمتنا في هذا الحديث: النبي صلى الله عليه و سلم غير معصوم من الأمراض و ما يكون من عوارضها من شدة وجع و غشي و نحوه مما يطرأ على جسمه معصوم أن يكون منه من القول أثناء ذلك ما يطعن في معجزته و يؤدي إلى فساد في شريعته من هذيان و اختلال كلام
و على هذا لا يصح ظاهر رواية من روى في الحديث: هجر إذ معناه هذى يقال: هجر هجرا إذا هذى و أهجر هجرا إذا أفحش و أهجر تعديه هجر و إنما الأصح و الأولى أهجر على طريق الإنكار على من قال: لا نكتب
و هكذا روايتنا فيه في صحيح البخاري من رواية جميع الرواة في حديث الزهري المتقدم و في حديث محمد بن سلام عن عيينة و كذا ضبطه الأصيلي بخطه في كتابه و غيره من هذه الطرق و كذا رويناه عن مسلم في حديث سفيان و عن غيره
و قد تحمل عليه رواية من رواه هجر على حذف ألف الاستفهام و التقدير:
أهجر أو أن يحمل قول القائل هجر أو أهجر دهشة من قائل ذلك و حيرة لعظيم ما شاهد من حال الرسول صلى الله عليه و سلم و شدة وجعه و هو المقام الذي اختلف فيه عليه و الأمر الذي هم بالكتاب فيه حتى لم يضبط هذا القائل لفظه و أجرى الهجر مجرى شدة الوجع لا أنه اعتقد أنه يجوز عليه الهجر كما حملهم الإشفاق على حراسته و الله تعالى يقول: {و الله يعصمك من الناس} و نحو هذا
(يُتْبَعُ)
(/)
و أما على [261] رواية: أهجرا ـ و هي رواية أبي إسحاق المستملي في الصحيح في حديث ابن جبير عن ابن عباس من رواية قتيبة ـ فقد يكون هذا راجعا إلى المختلفين عنده صلى الله عليه و سلم و مخاطبة لهم من بعضهم أي جئتم باختلافكم على رسول الله صلى الله عليه و سلم و بين يديه ـ هجرا و منكرا من القول
و الهجر ـ بضم الهاء: الفحش في المنطق
و قد اختلف العلماء في معنى هذا الحديث و كيف اختلفوا بعد أمره لهم ـ عليه السلام ـ أن يأتوه بالكتاب فقال بعضهم أوامر النبي صلى الله عليه و سلم يفهم إجابها من ندبها من إباحتها بقرائن فلعله قد ظهر من قرائن قوله صلى الله عليه و سلم لبعضهم ما فهموا أنه لم تكن منه عزمة بل أمر رده إلى اختيارهم و بعضهم لم يفهم ذلك فقال: استفهموه فلما اختلفوا كف عنه إذا لم يكن عزمة و لما رأوه من صواب رأي عمر ثم هؤلاء قالوا و يكون امتناع عمر إما إشفاقا على النبي صلى الله عليه و سلم من تكليفه في تلك الحال إملاء الكتاب أو تدخل عليه مشقة من ذلك كما قال: أن النبي صلى الله عليه و سلم اشتد به الوجع
و قيل: خشي عمر أن يكتب أمورا يعجزون عنها فيحصلون في الحرج بالمخالفة و رأى أن الأفق بالأمة في تلك الأمور سعة الاجتهاد و حكم النظر و طلب الصواب فيكون المصيب و المخطيء مأجورا
و قد علم عمر تقرر الشرع و تأسيس الملة و أن الله تعالى قال: [اليوم أكملت لكم دينكم] و قوله صلى الله عليه و سلم [أوصيكم بكتاب الله و عترتي]
و قول عمر: حسبنا كتاب الله ـ رد على من نازعه لا على أمر النبي صلى الله عليه و سلم
و قد قيل: إن عمر تطرق المنافقين و من في قلبه مرض لما كتب في ذلك الكتاب في الخلوة و أن يتقولوا في ذلك الأقاويل كادعاء الرافضة الوصية و غير ذلك
[و قيل: إنه كان من النبي صلى الله عليه و سلم لهم على طريق المشورة و الاختيار هل يتفقون على ذلك أم يختلفون؟ فلما اختلفوا تركه]
و قالت طائفة أخرى: إن معنى الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم كان مجيبا في هذا الكتاب لما طلب منه لا أنه ابتدأ بالأمر به بل اقتضاه منه بعض أصحابه فأجاب رغبتهم و كره ذلك غيرهم للعلل التي ذكرناها
و استدل في مثل هذه القصة بقول العباس لعلي: انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فإن كان الأمر فينا علمناه و كراهة علي هذا و قوله: و الله لا أفعل الحديث
و استدل بقوله: دعوني فإن الذي أنا فيه خير أي الذي أنا فيه خير من إرسال الأمر و ترككم و كتاب الله و أن تدعوني مما طلبتم
و ذكر أن الذي طلب كتابه أمر الخلافة بعده و تعيين ذلك ".
ـ[العرابلي]ــــــــ[30 Jun 2008, 02:49 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم على هذا الاستعراض
وفي نقلك [إما إشفاقا على النبي صلى الله عليه و سلم من تكليفه في تلك الحال إملاء الكتاب أو تدخل عليه مشقة من ذلك كما قال: أن النبي صلى الله عليه و سلم اشتد به الوجع] ما فيه الإجابة على تساؤلك
والمعنى اللغوي المبني على فقه مادة "هجر" ليس فيه أي إدانة للصحابة رضي الله تعالى عنهم.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[30 Jun 2008, 05:03 م]ـ
بحث قيم جزاكم الله خيراً ...
لقد كانت هناك تساؤلات حول هذه الكلمة قد بينت وشفيت بارك الله فيكم ..
ـ[يسري خضر]ــــــــ[30 Jun 2008, 07:07 م]ـ
بارك الله فيك ونفع بك ونحن في انتظار المزيد
ـ[العرابلي]ــــــــ[01 Jul 2008, 11:01 ص]ـ
بحث قيم جزاكم الله خيراً ...
لقد كانت هناك تساؤلات حول هذه الكلمة قد بينت وشفيت بارك الله فيكم ..
وبارك الله فيكم
وجزاكم الله بكل خير وفضل
ـ[العرابلي]ــــــــ[01 Jul 2008, 11:02 ص]ـ
بارك الله فيك ونفع بك ونحن في انتظار المزيد
وبارك الله فيك
وأحسن الله إليك(/)
مسائل في المجاز (5) نحاة في اعتزالهم ... معتزلة في نحوهم ... فهلا أفاق المغترون ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[10 Jan 2008, 03:57 م]ـ
(5)
وقال ابن جنِّي: بابٌ في أن المجاز إذا كثر لحق بالحقيقة: اعلم أن أكثر اللغة مع تأمله مجازٌ لا حقيقة وذلك عامَّة الأفعال؛ نحو: قام زيدٌ , وقعد عمرو , وانطق بشر , وجاء الصيف , وانهزم الشتاء , ألا ترى أن الفعل يفاد منه معنى الجنسية , فقولك: قام زيد , معناه: كان منه القيام , أي: هذا الجنس من الفعل , ومعلوم أنه لم يكن منه جميع القيام , وكيف يكون ذلك وهو جنسٌ , والجنس يطبق جميع الماضي وجميع الحاضر , وجميع الآتي الكائنات من كل منْ وجد منه القيام , ومعلومٌ أنه لا يجتمع لإنسان واحد في وقت واحد ولا في مائة ألف سنة مضاعفة القيام كله الدَّاخل تحت الوهم , هذا محالٌ عند كل ذي لبٍّ , فإذا كان كذلك علمت أن قام زيدٌ مجازٌ لا حقيقة , وإنما هو على وضع الكل موضع البعض للاتساع والمبالغة وتشبيه القليل بالكثير , ويدلُّ على انتظام ذلك لجميع جنسه , أنك تعلمه في جميع أجزاء ذلك الفعل , فتقول: قمت قومةً , وقومتين , ومائة قومةٍ , وقياماً حسناً , وقياماً قبيحاً , فإعمالك إياه في جميع أجزائه يدل على أنه موضوع عندهم على صلاحه لتناول جميعها , وإنما يعمل الفعل من المصادر فيما فيه عليه دليلٌ؛ ألا تراك لا تقول: قمت جلوساً ولا ذهبت مجيئاً , ولا نحو ذلك , لما لم تكن فيه دلالة عليه , ألا ترى إلى قوله:
لعمري لقد أحببتك الحب كله وزدتك حبّا لم يكن قبل يعرف
فانتظامه لجميعه يدل على وضعه على اغترافه واستيعابه , وكذلك قول الآخر:
فقد يجمع الله الشيئين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا
فقوله: كل الظن يدل على صحة ما ذهبنا إليه , قال لي أبو علي: قولنا: قام زيد , بمنزلة قولنا: خرجت فإذا الأسد , ومعناه أن قولهم: خرجت فإذا الأسد تعريفه هنا تعريف الجنس , كقولك: الأسد أشد من الذئب , وأنت لا تريدُ أنك خرجت , وجميع الأُسْد التي يتناولها الوهم على الباب , هذا محالٌ , واعتقاده اختلال , وإنَّما أردت: خرجت فإذا واحدٌ من هذا الجنس بالباب , فوضعت لفظ الجماعة على الواحد مجازاً , لما فيه من الاتساع والتوكيد والتشبيه , أما الاتساع فإنك وضعت اللفظ المعتاد للجماعة على الواحد , وأما التوكيد فلأنك عظَّمت قدر ذلك الواحد , بأن جئت بلفظه على اللفظ المعتاد للجماعة , وأما التشبيه فلأنك شبهت الواحد بالجماعة؛ لأن كل واحدٍ منهما مثله في كونه أسداً , وكذلك قولك: ضربت عمراً , مجازٌ أيضاً من غير جهة التجوز في الفعل وذلك إنما فعلت بعض الضرب لا جميعه , ولكن من جهة أخرى , وهو أنك إنما ضربت بعضه لا جميعه , ألا تراك تقول: ضربت زيداً , ولعلك إنما ضربت يده أو إصبعه أو ناحية من نواحي جسده ولهذا إذا احتاط الإنسان واستظهر جاء ببدل البعض , فقال: ضربت زيداً وجهه أو رأسه , ثم إنه مع ذلك متجوزٌ , ألا تراه قد يقول: ضربت زيداً وجهه أو رأسه , نعم , ثم إنَّه مع ذلك متجوزٌ , ألا تراه قد يقول: ضربت زيداً رأسه , فيبدل للاحتياط , وهو إنما ضرب ناحية من رأسه لا رأسه كله ولهذا ما يحتاط بعضهم في نحو هذا , فيقول: ضربت زيداً جانب وجهه الأيمن , أو ضربته أعلى رأسه الأسمق؛ لأن أعلى رأسه قد تختلف أحواله , فيكون بعضه أرفع من بعض.
وبعد , فإذا عرف التوكيد لم وقع في الكلام , نحو نفسه وعينه وأجمع وكله وكلهم وكليهما , وما أشبه ذلك , عرفت منه حال سعة المجاز في هذا الكلام , ألا تراك قد تقول: قطع الأمير اللص , ويكون القطع له بأمره لا بيده , فإذا قلت: قطع الأمير نفسه اللص , رفعت المجاز من جهة الفعل وصرت إلى الحقيقة , لكن يبقى عليك التجوز من مكان إلى آخر , وهو قولك: اللص. وإنما لعله قطع يده أو رجله , فإذا احتطت قلت: قطع الأمير نفسه يد اللص أو رجله. وكذلك جاء الجيش أجمع , ولولا أنه قد كان يمكن أن يكون إنما جاء بعضه , وإن أطلقت المجيء على جميعه لما كان قولك أجمع معنىً , فوقوع التوكيد في هذه اللغة أقوى دليل على شياع المجاز فيها واشتماله عليها , قال ابن جني: وكذلك أفعال القديم سبحانه , نحو: خلق الله السماء والأرض وما كان مثله , ألا ترى أنه عزَّ اسمع لم يكن منه بذلك خلق أفعالنا , ولو كان حقيقة لا
(يُتْبَعُ)
(/)
مجازاً لكان خالقاً للكفر والعدوان وغيرهما من أفعالنا عز وعلا , وكذلك علم الله قيام زيد مجاز أيضاً , لأنه ليست الحال التي علم عليها قيام زيد هي الحال التي علم عليها قعود عمرو , ولسنا نثبت له سبحانه علماً؛ لأنه عالم بنفسه , إلا أنا مع ذلك نعلم أنه ليست حال علمه بقيام زيد هي حال عمرو , ونحو ذلك (الخصائص: (2/ 449 - 453)) اهـ
قلت: فأطال ابن جني كل تلك الإطالة , ولبَّس كل ذلك التلبيس , وتكلم بما لم يتكلم به عاقل من الناس , فلما ظنَّ أنه أحكم التلبيس صر بالشرِّ وأعلن البدعة , وقال: إن الله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض مجازاً , وأنه لم يخلق أفعال عباده , وأنه سبحانه يعلم ما في السماوات والأرض مجازاً , ولا يعلم أفعال خلقه , وأنه لا يثبت لله سبحانه علماً , تعالى الله عن قوله علواً كبيراً , وذلك الكلام حجةٌ بينة على ضلال ابن جني وشيخه ابن الفارسي وأصحابهم من المعتزلة , وأنهم إنما اتخذوا القول بالمجاز طريقا لنصر بدعتهم , ولا حجة على أن قام وضع في أصل اللغة ليدل على كل قيام كان في الدنيا والآخرة ولكن قام عند العرب والعجم يدل على أنه كان منه قيامٌ , أي قيام ويعرف ذلك القيام بمن ينسب إليه , فإذا قيل: قام زيدٌ. عرف أنه قام قيام رجل من الناس , وكذلك أحب كل الحب , أحب كل حبٍّ يكون رجل من الناس , وكذلك كل فعل , والألف واللام في الأسد وما يشبهه قد يدل على الكل , ويدل على الجماعة والواحد () , ولا حجة على أنها كانت وضعت أولاً للكل ثم نقلت مجازاً للواحد , ولا على أنها كانت وضعت للواحد , ثم نقلت للكل , وما أدري ابن جنِّي ولا غيره أنهم كانوا وضعوها أولا للكل ثم نقلوها للواحد , أو وضعوها ثم نقلوها للكل , وكل ذلك مزاعم لا حجة لها , وقول ابن جني إن الحقيقة ما أقرَّ في الاستعمال على أصل وضعه في اللغة , والمجاز ما كان بضد ذلك , هو نفس قول أبي عبد الله البصري المعتزلي , وزاد عليه ابن جني أن كل مجاز فلابدَّ فيه من ثلاث , وهي: التشبيه , والتوكيد , والإتساع؛ وكل ذلك تكلف باطلٌ , وخطأ مبين.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[11 Jan 2008, 05:00 م]ـ
بارك الله فيك
أصبت حين قلت
وتكلم بما لم يتكلم به عاقل من الناس , فلما ظنَّ أنه أحكم التلبيس صر بالشرِّ وأعلن البدعة , وقال: إن الله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض مجازاً
ولقد سمعت القول التالي لعلك تقيمه لي،
قال أحد المشايخ لي في شرح قوله تعالي " وقال نسوة في المدينة "
هل المقصود الحديث عن القول أم عن القائل؟
وقال ان الكلام عن القول حيث جاءت الآية بنصه " امرأة العزيز تراود فتاها ... " وهو مكر منهن ولذلك لايهم من هن القائلات بقدر ما يهم المكر بهن كما مكروا(/)
مسائل في المجاز (6) اختلاف الألسنة ...
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[10 Jan 2008, 07:59 م]ـ
(6)
اختلاف الألسنة ..
1 - نقل الألفاظ إلى غير ما كانت تدل عليه هو اختلاف الألسنة , لا الحقيقة والمجاز
قال الله تعالى تعالى: ((ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين)) , وألسنة الناس تختلف في الأحرف التي ينطقون بها , وهو ما يسمى علم الأصوات , وفي الألفاظ المفردة , وهو التصريف أو الصرف , وفي أوجه تأليف الألفاظ وجمع بعضها إلى بعض , وهو النحو , وفيما تدل عليه الألفاظ المفردة والمؤلفة , وهو علم الدلالة, وتكلم المستشرق الألماني برجشتراسر في اختلاف الألسنة , وسمَّاه التطور اللغوي , وتبعه على ذلك د. رمضان عبد التواب وغيره (1) , وأخذوا تلك التسمية من كلام دارون وأصحابه في التطور , وكلامهم كله باطل , وقول الله تعالى هو الحق المبين , والألسنة لا تتطور , ولكنها تختلف.
وأسرع ما تختلف فيه الألسنة هو ما تدل عليه الألفاظ , فاللفظة الواحدة قد تدل بلسان قوم على غير ما تدل عليه بلسان قوم آخرين , ويختلف ما تدل عليه اللفظة الواحدة بلسان نفس القوم من قرن إل قرن , وقد يحدث ذلك الاختلاف في قرن واحد منهم , وقد يحدث في قرون متقاربة , وكلما كان أولئك القوم أكثر عزلة عن غيرهم , قل اختلاف لسانهم من قرن إلى قرن , وظلت أكثر ألفاظهم تدل بلسان القرن اللاحق على نفس ما كانت تدل عليه بلسان القرن السابق , وأعظم ما تختلف به الألسنة هو اختلاط الأمم , ونقل الكتب من لسان إلى لسان , فالناس ينقلون الألفاظ كثيراً إلى غير ما كانت تدل عليه عند غيرهم , وبذلك النقل تختلف ألسنتهم , ولا يظل اللسان بعد ذلك النقل لساناً واحداً , ولكنه يصير ألسنة مختلفة , وإذا نقل رجلٌ لفظة أو ألفاظاً إلى غير ما تدل عليه عند قوم اختلف لسانه عن لسانهم , وحدث لسان جديد , وقد يكون ذلك الرجل شاعراً أو خطيباً , أو كاتباً وقد يكون سيداً مطاعاً أو عامياً وقد يتبعه على ذلك اللسان الجديد قومه , أو تتبعه طائفة من الناس فلسان كل قوم أو رجل هو ما تدل عليه الألفاظ في كلام ذلك الرجل وأولئك القوم , ولا ريب أن لكل قوم أولاً اتبعوه على لسانه , فإذا علم ذلك الأول نسب اللسان إليه , وإذا نسي وبعد العهد به ينسب اللسان إلى أولئك القوم.
ونقل الألفاظ إلى غير ما كانت تدل عليه قد يكون خطأ أو جهلاً باللسان الأول , أو خلطاً بينه وين لسان آخر , وبين لسان آخر , وقد يكون عمداً , واللفظة قد تنقل من العموم إلى الخصوص , فتصير خاصة بعد ما كانت عامَّة , وتنقل من الخصوص إلى العموم , فتصير عامَّة بعدما كانت خاصة , وتعزل عن الإضافة بعدما كانت تذكر إلا مضافة , أو تضاف إلى غير ما كانت تضاف إليه وتقرن به وقد يزاد فيما تدل عليه شيء أو أشياء أو تنقل من شيء إلى غيره , وقد يكون ما نقلت إليه يشبه ما كانت له أو يقاربه , فيسمي الشيء باسم ما يشبهه , أو باسم مكانه , أو ما يجاوره , أو يتصل به ويسمى الكل باسم البعض , أو البعض باسم الكل , وكل ما ذكروه من المجازات والاستعارات فهي أوجه من ذلك النقل , وقد تنقل اللفظة إلى شيء لا يشبه ما كانت له ولا يقاربه , وقد يكون ما نقلت إليه أبعد شيء عما كانت عليه , وذلك النقل كله خطأه وعمد لا ميزان له , ولا يجري طريقة واحدة , بل قد يكون ما نقلت اللفظة إليه أبعد شيء عما كانت له , ولو كان نقل الألفاظ إلى غير ما كانت تدل عليه له بميزان يوزن به , أو له طريقة واحدة أو طرق معدودة يجري عليها , لكان ما نقلت إليه اللفظة باللسان الآخر , يدلُّ على ما كانت له باللسان الأول , ولكن ذلك النقل لا ميزان له , ولا يجري على طريقة واحدة , ولا طرق معدودة , وهو يكون بأوجه من العمد والخطأ لا سبيل إلى حصرها , فما نقلت اللفظة إليه باللسان الآخر لا يهدي إلى ما كانت له باللسان الأول , ولا يدل عليه , والمتكلم بلسان قوم لا يعني إلا ما تدل عليه الألفاظ بلسان أولئك القوم , ولا يخطر بقلبه ما تدل عليه بلسان قوم آخرين لا قبلهم ولا بعدهم , وإذا كان اللسان الأول محفوظاً , علم ما كانت تدل عليه الألفاظ أولاً , وما نقلت إليه بعد ذلك , وأما إذا كان اللسان الأول ليس محفوظاً , فلا يعلم ما كانت تدل عليه الألفاظ أولاً , ولا يدري أنقلت
(يُتْبَعُ)
(/)
أم لم تنقل , فذلك النقل لا سبيل إلى علمه إلا في لسانين محفوظين , أحدهما قبل الآخر.
ولسان العرب الذي حفظه الله تعالى لنا هو لسان العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم قومه صلى الله عليه وسلم , ولا ريب أن لسان أولئك العرب كان يختلف عن لسان العرب القديم الأول قبلهم , ولسان العرب قبلهم لم يحفظ لنا , فلا ندري ما كانت تدل عليه الألفاظ بلسان العرب الأول , ولا ما نقل منها إلى غير ما كان يدل عليه , ولا ما لم ينقل , ولو حفظ لسان العرب الأول لم ينفع في دين الله شيئاً , والله تعالى أنزل كتابه وبعث نبيه صلى الله عليه وسلم بلسان العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وليس بلسان العرب قبلهم ولا بعدهم , فما تدل عليه الألفاظ في كتاب الله تعالى وحديث رسوله هو ما كانت تدل عليه عند أولئك العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وليس ما ما كانت تدل عليه قبلهم.
فإذا كانت العرب قوم النبي صلى الله عليه وسلم , يقولون أسدٌ لذلك السبع , ويقولون أسدٌ للرجل الجرئ الذي لا يفر , فلا تدري بأيهما تكلموا أولاً , ولا سبيل إلى العلم به , لا بنبأ صادق , ولا ببرهان , فإن لسان العرب القديم الأول ليس محفوظاً , وما ثقلت اللفظة إليه بلسان الآخر , لا يهدي إلى ما كانت له بلسان الأول , ولئن قلنا إنها كانت قبلهم تدل على أحدهما دون الآخر , فلقد صارت بلسانهم تدل عليها جميعاً , وصاروا يقولون: أسد للسبع والرجل سواءً , فلا تدل تلك اللفظة على أحدهما دون الآخر إلا بينة من كلام المتكلم أو حاله , والمحفوظ من كلامهم يشهد بذلك وسيأتي ذكره إن شاء الله , فقولهم: إنها وضعت للسبع , ثم نقلت للرجل , فهي حقيقة في السبع , مجازٌ في الرجل , زعم باطلٌ , وقولهم: إنها تدل على السبع بغير قرينة , ولا تدلُّ على الرجل إلا بقرينة , زعم باطل مثله , ولابدَّ لهم من هذين الزَّعمين في كل لفظة يدَّعون فيها حقيقة ومجازاً , وكلاهما زعم باطل لا حجّة لهم به , وإذا صارت اللفظة بلسان قوم تدل أكثر من دلالة , فلابدَّ أن يكون في كلام المتكلم أو حاله ما يبيِّن ما أراده بها , وسواءٌ أراد بها ما كانت له أوَّلاً , أو ما نقلت إليه بعد ذلك , وسواءٌ علمنا ما كانت له أولاً , وما نقلت إليه بعد ذلك , أم لم نعلمه.
2 - اختلاف ألسنة العرب قبل النبي صلى الله عليه وسلم بعده
وألسنة العرب قبل النبي صلى الله عليه وسلم وبعده ألسنة كثيرة مختلفة , وليس لسان العرب واحداً من لدن معد بن عدنان إلى آخر الدهر , ولا ألسنة غيرهم من الأمم , وألسنة العرب القدماء قبل النبي صلى الله عليه وسلم ليست محفوظةً , ولو وُجد منها شيء , فلا يعلم ما يدل عليه إلا ظناً؛ وكذلك كل لسان ذهب القوم الذين كانوا يتكلمون به , ثم وجد منه شيء قليل بعدهم مكتوباً , فلا يعلم ما كان يدل عليه عندهم إلا ظناً؛ وحدثت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ألسنة كثيرة , ونقل كثيرٌ من ألفاظ العرب إلى غير ما كان يدل عليه , فإن العرب بعد النبي صلى الله عليه وسلم خالطوا كثيراً من الأمم غيرهم , وتكلم بلسانهم من ليس منهم من المستعمرين من العجم والموالي , وكل من نشأ بين لسانين أخطأ فيه وغيره , ولم يزل ينزع به إلى لسانه الأول , ونقلت إلى العربية كثير من كتب الفلاسفة وغيرها , والذين نقلوا تلك الكتب لم يكونوا عرباً , فخلطوا كثيراً من ألفاظهم وكلامهم بكلام العرب وكلامهم إلى غير ما كان يدل عليه , وأحدثت طائفة من الكتاب والشعراء مذهب البديع , وأخذوه من كتاب العجم وشعرائهم وتوسعوا في الاستعارات , فنقلوا كثيراً من ألفاظ العرب وكلامهم إلى غير ما كانت تدل عليه , وتكلموا بما لم تتكلم به العرب , والمتكلمون من المعتزلة وغيرهم أخذوا كثيراً من ألفاظ الناقلين لكتب الفلاسفة ومن ألفاظ المتكلمين من اليهود والنصارى وغيرها من الأمم , وخلطوها بكلام العرب , ونقلوا كثيراً منه إلى غير ما كان يدل عليه وكانوا من العجم والموالي , وكذلك النحويون نقلوا كثيراً من ألفاظ العرب إلى غير ما تدل عليه , وكثير من ألفاظ النحويين تدل على نفس ما تدل عليه عند المعتزلة , وأكثر النحويين من البصريين والكوفيين ومن بعدهم كانوا معتزلة , وزعم كثيرٌ منهم أنهم كانوا لا يخلطون بين كلامهم في المنطق والفلسفة وكلامهم في النحو ,
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو زعم باطلٌ , وكلامهم في النحو يكذبه , وما يدل عليه لفظ الاسم والصفة والعلة وغيرها عند النحويين هو نفس ما يدل عليه عند المعتزلة , والفقهاء من أهل الرأي والحديث , والصوفية وغيرهم من الخاصة والعامة , كلهم تكلموا بما لم تكن تتكلم به العرب , ونقلوا ألفاظ العرب إلى غير ما كانت تدل عليه , وحدثت ألسنة أخرى عربية مولدة , وكثرت تلك الألسنة واختلط بعضها ببعض وصارت اللفظة الواحدة تدل عند كل طائفة منهم على غير ما تدل عليه عند غيرهم , وقد تدل اللفظة في كلام رجل على غير ما تدل عليه عند غيره من الناس كلهم , وينقل ذلك الرجل تلك اللفظة إلى شيء لم يسبقه إليه أحدٌ , ولا تبعه عليه أحدٌ , فيكون ما تدل عليه بلسان ذلك الرجل خاصة غير ما تدل عليه بلسان غيره من الناس كلهم , وتلك الألسنة المحدثة كلها عربية أخرى غير لسان العرب الذي نزل القرآن به.
وتلك الألسنة المحدثة المولدة كانت قريباً من عهد النبي صلى الله عليه وسلم , ولعل بعضها حدث أوائله في آخر المائة الأولى , وقال أبو سليمان الخطابي في كتابه ((بيان إعجاز القرآن)): أخبرني الحسن بن عبد الرحيم , عن أبي خليفة , عن محمد بن سلام الجمحي , قال: قال أبو عمرو بن العلاء: اللسان الذي نزل به القرآن , وتكلمت به العرب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم عربية أخرى غير كلامنا هذا (2). اهـ , وهو في طبقات الشعراء لابن سلام , وقال ابن سلام بعده: قال أبو عمرو بن العلاء: ما لسان حمير وأقاصي اليمن اليوم بلساننا ولا عربيتهم بعربيتنا (3) اهـ؛ وقال الخطابي: وقد زعم بعضهم أن كلام العرب كان باقياً على نجره الأول وعلى سطح طبعه الأقدم , إلى زمان بني أمية , ثم دخله الخلل , فاختل منه أشياء , قال: ولهذا صار العلماء لا يحتجون بشعر المحدثين , ولا يستشهدون به , كبشار بن برد , والحسن بن هانئ , ودعبل , والعتَّابي , وأحزابهم من فصحاء الشعراء والمتقدمين في صنعة الشعر , وإنما يرجعون في الاستشهاد إلى شعراء الجاهلية , وإلى المخضرمين منهم , وإلى الطبقة الثالثة التي أدركت المخضرمين , وذلك لعلمهم بما دخل الكلام في الزمان المتأخر من الخلل , والاستحالة عن رسمه الأول (4) اهـ وقال ابن برهان في كتابه ((الوصول إلى الأصول)): وأما كلام الشافعي , وأبي حنيفة رضي الله عنهما فلا يحتج به؛ لأن الحجة إنما تثبت بأقوال العرب والفصحاء الأقحاح الأفصاح , الذين أنطقتهم طباعهم , فأما من أخذ اللغة عن العلماء وتلقف من الأدباء , وقال ما قال عن الاجتهاد , فقوله لا يكون حجة , بل لابد من النظر في دليله (5) يعني لا يكون حجة في العربية وعلم لسان العرب , قال الشاطبي في كتابه ((الموافقات)): ووجه آخر وهو أن كثيراً مما ليس بمحتاج إليه في علم الشريعة قد أدخل فيها وصار من مسائلها , ولو فرض رفعه من الوجود رأسا لما اختل مما يحتاج إليه في الشريعة شيء , بدليل ما كان عليه السلف الصالح في فهمها , دع العرب المحفوظة اللسان , كالصحابة ومن يليهم من غيرهم , بل من ولد بعدما فسد اللسان , فاحتاج إلى علم كلام العرب , كمالك والشافعي وأبي حنيفة ومن قبلهم أو بعدهم , وأمثالهم , فلما دخلت تلك الأمور وقع الخلاف بسببها , ولو لم تدخل فيها لم يقع ذلك الخلاف , ومن استقرأ مسائل الشريعة وجد منها في كلام المتأخرين عن تلك الطبقة كثيراً , وقد مر في المقدمات تنبيه على هذا المعنى (6).اهـ وكلام أئمة العربية في ذلك كثير معروف.
3 - لسان العرب الذي نزل القرآن به , هو لسان العرب قوم النبي
صلى الله عليه وسلم
فما تدل عليه الألفاظ في كتاب الله تعالى , وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم هو ما كانت تدل عليه في كلام أولئك العرب , قوم النبي صلى الله عليه وسلم , وليس ما كانت تدل عليه قبلهم , ولا ما صارت تدلُّ عليه بعدهم , ولا يفقه أحدٌ في الدين حتى يعلم ما كانت تدل عليه تلك الألفاظ عند أولئك العرب الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم ويعلم ما تدل عليه الألفاظ عندهم من كلام أئمة العربية الموثوق بهم , وما تشهد به مواضع تلك الألفاظ في كتاب الله تعالى , وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي رواها الثقات وحفظت ألفاظها , وأشعار العرب وأمثالهم التي يوثق بعربيتها ورواتها وكلام كل قوم المحفوظ عنهم يفسر بعضه بعضاً , ويبين ما تدل عليه الألفاظ عندهم , وإذا جمعت مواضع اللفظ في كلام قوم أو كثير منها ما يدل عليه عندهم , وما اختلف فيه أئمة العربية , فتلك الشواهد تدل المجتهد على الصواب فيه إن شاء الله تعالى.
وكل من فسر شيئاً من القرآن والحديث بغير ما كان يدل عليه عند العرب قوم النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخطأ فيه؛ والمتكلمون من المعتزلة وغيرهم فسروا كثيراً من القرآن والحديث بأهوائهم , وبما تدل عليه الألفاظ عند الفلاسفة والناقلين عنهم , وليس بما تدل عليه عند العرب , فأخطأوا واختلفوا , وضلوا وأضلوا كثيراً من الناس , وكان لسان الفلاسفة والناقلين عنهم هو أضر الألسنة للمتفقهين؛ وروي عن الشافعي رحمه الله أنه قال: ما جهل الناس ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب , وميلهم إلى لسان أرسطوطاليس (7). (7).
==========================
الحواشي:
(1) ((التطور النحوي للغة العربية)) محاضرات ألقاها برجشتراسر في جامعة القاهرة 1929 م ونشرها د. رمضان عبد التواب , و ((التطور اللغوي مظاهره وعلله وقوانينه)) د. رمضان عبد التواب
(2) ((بيان إعجاز القرآن)) ضمن ثلاث رسائل ص 45, 46
(3) ((طبقات فحول الشعراء)) 1/ 10 - 11
(4) ((بيان إعجاز القرآن)) ص 46
(5) ((الوصول إلى الأصول)) 1/ 347
(6) ((الموافقات)) 3/ 96
(7) صون المنطق والكلام: (1/ 47 - 48).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[11 Jan 2008, 01:25 ص]ـ
(6)
اختلاف الألسنة ..
1 - نقل الألفاظ إلى غير ما كانت تدل عليه هو اختلاف الألسنة , لا الحقيقة والمجاز
قال الله تعالى تعالى: ((ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين)) , وألسنة الناس تختلف في الأحرف التي ينطقون بها , وهو ما يسمى علم الأصوات , وفي الألفاظ المفردة , وهو التصريف أو الصرف , وفي أوجه تأليف الألفاظ وجمع بعضها إلى بعض , وهو النحو , وفيما تدل عليه الألفاظ المفردة والمؤلفة , وهو علم الدلالة, وتكلم المستشرق الألماني برجشتراسر في اختلاف الألسنة , وسمَّاه التطور اللغوي , وتبعه على ذلك د. رمضان عبد التواب وغيره (1) , وأخذوا تلك التسمية من كلام دارون وأصحابه في التطور , وكلامهم كله باطل , وقول الله تعالى هو الحق المبين , والألسنة لا تتطور , ولكنها تختلف.
الأخ كاتب المقال
هبك توافق من أنكر المجاز أفيجوز لك أن تستخدم تعريفه لغير ما استُعمل له؟
وهبك فعلت ذلك أفيجوز لك أن تفسر القرآن بمحض الرأي، وتحتج بالآية على غير ما هي له؟
أصلحك الله وإيانا
أنت في ملتقى أهل التفسير فلا يليق بك أن تضع فيه مثل هذا الكلام المُلقى على عواهنه
ومثل هذا المقال المتهاوي، فإن فيه استخفافاً بعقول القراء بله المتخصصين،،
وددت من الإخوة المشرفين حذف المقال برمته وإبلاغ كاتبه على الخاص
نسأل الله السلامة
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 Jan 2008, 02:35 م]ـ
الشيخ الفاضل عبد الرحمن صالح .... أطمع منكم في حجة ينقاد لها الرأي .... أما ما ذكرتم فلا يليق بمقامكم ....
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 01:42 ص]ـ
بمناسبة ما دار في حلقة الإعجاز اليوم وأترك وجه الدلالة للقراء ..
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 Sep 2009, 03:04 ص]ـ
(6)
اختلاف الألسنة ..
1 3 - لسان العرب الذي نزل القرآن به , هو لسان العرب قوم النبي
صلى الله عليه وسلم
فما تدل عليه الألفاظ في كتاب الله تعالى , وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم هو ما كانت تدل عليه في كلام أولئك العرب , قوم النبي صلى الله عليه وسلم , وليس ما كانت تدل عليه قبلهم , ولا ما صارت تدلُّ عليه بعدهم , ولا يفقه أحدٌ في الدين حتى يعلم ما كانت تدل عليه تلك الألفاظ عند أولئك العرب الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم ويعلم ما تدل عليه الألفاظ عندهم من كلام أئمة العربية الموثوق بهم , وما تشهد به مواضع تلك الألفاظ في كتاب الله تعالى , وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي رواها الثقات وحفظت ألفاظها , وأشعار العرب وأمثالهم التي يوثق بعربيتها ورواتها وكلام كل قوم المحفوظ عنهم يفسر بعضه بعضاً , ويبين ما تدل عليه الألفاظ عندهم , وإذا جمعت مواضع اللفظ في كلام قوم أو كثير منها ما يدل عليه عندهم , وما اختلف فيه أئمة العربية , فتلك الشواهد تدل المجتهد على الصواب فيه إن شاء الله تعالى.
وكل من فسر شيئاً من القرآن والحديث بغير ما كان يدل عليه عند العرب قوم النبي صلى الله عليه وسلم فقد أخطأ فيه.
: (1/ 47 - 48).
أخانا الفاضل أبا فهر
كلامك يحتاج إلى توضيح حقيقة ففيه الكثير من الخلط والتناقض فانظر إلى كلامك المقتبس أعلاه وانظر إلي قولك:
"ولسان العرب الذي حفظه الله تعالى لنا هو لسان العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم قومه صلى الله عليه وسلم , ولا ريب أن لسان أولئك العرب كان يختلف عن لسان العرب القديم الأول قبلهم , ولسان العرب قبلهم لم يحفظ لنا , فلا ندري ما كانت تدل عليه الألفاظ بلسان العرب الأول , ولا ما نقل منها إلى غير ما كان يدل عليه , ولا ما لم ينقل , ولو حفظ لسان العرب الأول لم ينفع في دين الله شيئاً , والله تعالى أنزل كتابه وبعث نبيه صلى الله عليه وسلم بلسان العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وليس بلسان العرب قبلهم ولا بعدهم , فما تدل عليه الألفاظ في كتاب الله تعالى وحديث رسوله هو ما كانت تدل عليه عند أولئك العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وليس ما ما كانت تدل عليه قبلهم."
فقل لي كيف نفرق بين لسان العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولسان العرب بعده؟
وإذا أشكل علينا فهم المعنى في الكتاب أو السنة فكيف نفسره؟
أرجو أن تعيد القراءة لتكتشف الخلط أو توضح لنا الأمر وجزاك الله خيرا.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 04:28 ص]ـ
الأخ الكريم ..
إذا وجدت خلطاً فقل هاهنا موضع الخلط وهاهنا وجهه ..
أما إذا كنت تستفسر عن مذهب محاورك وفقه كلامه = فنح عنك الخلط وإخوانه جانباً ..
في انتظار الخلط فصيحاً ...
أو الاستفسار فصيحاً ..
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 Sep 2009, 05:16 ص]ـ
الأخ الفاضل
أما الخلط فتقول في أول كلامك:
"وأخذوا تلك التسمية من كلام دارون وأصحابه في التطور , وكلامهم كله باطل , وقول الله تعالى هو الحق المبين , والألسنة لا تتطور , ولكنها تختلف."
ثم تقول بعد:
"ولسان العرب الذي حفظه الله تعالى لنا هو لسان العرب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم قومه صلى الله عليه وسلم , ولا ريب أن لسان أولئك العرب كان يختلف عن لسان العرب القديم الأول قبلهم , ولسان العرب قبلهم لم يحفظ لنا , فلا ندري ما كانت تدل عليه الألفاظ بلسان العرب الأول"
فهل تطورت لغة العرب في زمن النبي صلى الله عليه وسلم عن لغة العرب قبله؟ أم تحورت؟ أم تبدلت؟ أم ماذا حدث؟
وكذلك ما الذي حدث للغة العرب بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم .... ؟
وهناك الكثير من الأسئلة حول الموضع ولكن هذه البداية، وعسى أن نظفر منك بالجواب وجزيت خيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 05:27 ص]ـ
يا مولانا أنت إلى الآن تبدأ مشاركتك بعبارة الخلط ولا تبين وجه الخلط ولا أجد أنا في كلامي خلطاً ولا في تعليلك للخلط = دليلاً على الخلط (إن كان في كلامك ثم تعليل للخلط أصلاً)
ثم تثني باستفسارات من غير بيان للخلط وتطلب الإجابة ... وهذا حشف وسوء كيلة ...
طلبي إليك:
إما أن تقول: خلطت حينما زعمت كذا وكذا بينما الحق كذا وكذا وقد خلطت الحق بالباطل ...
وإما أن تحذف لفظ الخلط وتكتفي باستفساراتك في باقي الموضوع = فتجد الجواب لديك محضراً ..
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 Sep 2009, 06:22 ص]ـ
يا مولانا أنت إلى الآن تبدأ مشاركتك بعبارة الخلط ولا تبين وجه الخلط ولا أجد أنا في كلامي خلطاً ولا في تعليلك للخلط = دليلاً على الخلط (إن كان في كلامك ثم تعليل للخلط أصلاً)
ثم تثني باستفسارات من غير بيان للخلط وتطلب الإجابة ... وهذا حشف وسوء كيلة ...
طلبي إليك:
إما أن تقول: خلطت حينما زعمت كذا وكذا بينما الحق كذا وكذا وقد خلطت الحق بالباطل ...
وإما أن تحذف لفظ الخلط وتكتفي باستفساراتك في باقي الموضوع = فتجد الجواب لديك محضراً ..
غفر الله لي ولك دع عنك مسألة الخلط وأجب عن الأسئلة السابقة ومعها هذا السؤال:
هل عربيتنا اليوم مختلفة عن العربية زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟
وإذا كان الجواب بنعم فكيف نخاطب بلغة قد تغيرت وتبدلت أو تطورت أو اختلفت؟
وماذا عن من لم يأت بعد
والله يقول:
" وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ"؟
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 01:42 م]ـ
أحسن الله إليك وبارك الله فيك أن لنت بيد أخيك ... وإنما أردت العجلة بجواب حسن صنيعك ... هاروح أشتري إفطار لهذه الأفواه الجائعة ثم ألبي طلبك بِإذن الله ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 05:42 م]ـ
هل عربيتنا اليوم مختلفة عن العربية زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟
الجواب: نعم.بل عربية أحمد والشافعي تختلف عن العربية الأولى.
وإذا كان الجواب بنعم فكيف نخاطب بلغة قد تغيرت وتبدلت أو تطورت أو اختلفت؟
كما يُخاطب الأعجمي بالعربية وأي حرج في هذا؟؟
فيُطلب من الجميع طلب فقه هذا اللسان الأول ..
وماذا عن من لم يأت بعد؟
كمن أتى قبل .. كل يجب عليه طلب الهدي الأول واللسان الأول ..
والله يقول:
" وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ"؟
وما علاقة هذه الآية بمحل النزاع؟؟
أخانا الكريم:
نزل القرآن بعربية القرن الذي بعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم .. وتلك العربية تختلف عن عربية جرهم وعاد وثمود وتختلف عن عربية أحمد والشافعي وتختلفان جميعاً عن عربية أحمد رامي وعائض القرني.
وهذا الاختلاف بين الألسنة محل اتفاق عند فقهاء اللغات جميعاً ونص عليه الله سبحانه في كتابه ...
وأنت ربما جهلت تماماً معنى ألفاظ نص بالروسية ..
وأنت ربما جهلت تماماً معنى ألفاظ نص بالعربية (ولا أظنك ستحوجني للتمثيل) ..
وربما أدركت بعضاً وفاتك بعض من نص إنجليزي .. وربما أدركت بعضاً وفاتك بعض من نص عربي.
والإنجليز اليوم يعجزون عن فهم نص شكسبيري بدون شرح ..
ونحن قد نعجز عن فهم نص عربي بدون شرح ..
وغاية الأمر أن القرآن المحفوظ هو الذي ضيق دائرة اختلاف الألسنة العربية وهو الذي وسع من دائرة الاشتراك في الألفاظ والدلالات ولولا القرآن المحفوظ = لما فقه عرب اليوم من لسان العرب قرن النبي شيئاً يذكر ...
فمن بعد قرن النبي صلى الله عليه وسلم = استحدثوا ألفاظاً لم يك يعرفها العرب قرن النبي.
واستحدثوا دلالات لألفاظ كانت موجودة ..
ووسعوا وضيقوا دلالات ألفاظ كانت موجودة ...
وكل هذا هو من اختلاف الألسنة ...
والله خاطبنا باللسان الأول .. وواجب على العرب بعد هذا اللسان الأول ما هو واجب على الأعاجم = من طلب فقه هذا اللسان الأول.
الآن تأمل هذا النص من كلام ابن سلام ثم اعرض استشكالاتك ثانية = تجد الجواب ..
قال محمد بن سلام: ((قال أبو عمرو بن العلاء: ما لسانُ حمْير وأقاصي اليمن لساننا ولا عربيتهم عربيتنا.
قال ابن سلام: فكيف بها على عَهْد عاد وثمود)).
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 Sep 2009, 06:40 م]ـ
وغاية الأمر أن القرآن المحفوظ هو الذي ضيق دائرة اختلاف الألسنة العربية وهو الذي وسع من دائرة الاشتراك في الألفاظ والدلالات ولولا القرآن المحفوظ = لما فقه عرب اليوم من لسان العرب قرن النبي شيئاً يذكر ...
فمن بعد قرن النبي صلى الله عليه وسلم = استحدثوا ألفاظاً لم يك يعرفها العرب قرن النبي.
واستحدثوا دلالات لألفاظ كانت موجودة ..
ووسعوا وضيقوا دلالات ألفاظ كانت موجودة ...
وكل هذا هو من اختلاف الألسنة ...
.
هل تقصد أن القرآن الكريم حفظ لغة العرب المستخدمة زمن التنزيل؟
وأن لغة العرب تطورت وتحورت بعد ذلك وأصبحت دلالات الألفاظ اليوم مختلفة عنها بالأمس؟
إذا كان الجواب بنعم هل يمكن ذكر أمثلة على ذلك؟ لأنه بالأمثلة تتضح الأمور.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 06:57 م]ـ
بارك الله فيك: لا يوجد شيء من ألفاظ اللسان الأول التي يحتاج إليها في الدين إلا وهو موجود معلوم بيانه في الوحي وكلام العرب المحفوظ ..
قصدي: أن القرآن المحفوظ المنقول عبر القرون هو الذي حفظ اللسان الأول أن يضيع كما ضاعت كل الألسنة التي كانت معاصرة له ..
لاشك أن لسان العرب الأول قد اختلف ودخلته ألسنة أخرى وتغيرت دلالات الألفاظ والأمثلة كثيرة جداً ..
ومنها:
1 - لفظ السيارة في اللسان الأول هل دلالته هي نفس دلالته في لساننا اليوم؟
2 - الشيء الذي يُعقل به كان اسنه في اللسان الأول: القلب وصار اسمه في الألسنة بعده: العقل.
3 - استعمل الناس في الألسنة بعد اللسان الأول لفظ الإباحة للدلالة على المعنى الأصولي المعروف،ولا أثر لهذا اللفظ في اللسان الأول.
4 - استعمل الناس لفظ السنة للدلالة على المستحب لا يكادون يستحضرون غيرها.
5 - وهذا تضييق لدلالة اللفظ في اللسان الأول.
6 - [الصحيح والحسن والموضوع والمطلق والمقيد والمشترك] وغيرها كثير كلها من ألفاظ الألسنة بعد اللسان الأول ولا تعرف في اللسان الأول تدل على هذه المعاني.
والباب الذي يولج منه لاختلاف الألسنة هو باب التوليد ..
.والتوليد نوعان:
الأول: استعمال اللفظ العربي القديم بإزاء معنى لا تعرفه العرب الأولى ومثاله: استعمال لفظ الذرة للدلالة على المعنى الفيزيائي المعروف. وهو التوليد الدلالي.
الثاني: تركيب لفظ الحروف العربية تركيباً لا تعرفه العرب الأولى سواء عرفوا المعنى الذي وضع هذا اللفظ بإزاءه أم كان اللفظ والمعنى جميعاً مولدين. كلفظة الإباحة ولفظة أرسطوطاليس. وهو التوليد اللفظي.
وثم أنواع أخر تتعلق بتضييق وتوسيع الدلالة القديمة يمكن طلبها من كتب علم الدلالة ..
وكل ذلك توليد ليس هو من كلام أهل اللسان الأول .. ولا يُقال هو من لسانهم إلا على طريق الكذب والمين ..
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[09 Sep 2009, 10:55 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ما تفضل به الأخ: أبو فهر حفظه الله تعالى واضح وبين وهو معروف في الدراسات اللسانية، ولكن السؤال المهم هو: ما تأثير هذا التغيير والتداخل اللساني في توسيع وتضييق الدلالات اللفظية في كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وخاصة عند تعذر وجود تفسير مكتمل لكتاب الله تعالى في قرن النبي صلى الله عليه وسلم؟
يضاف إلى ذلك أن التغير اللساني الذي ذكر أبو فهر لا شك أنه نسبي بمعنى أنه يتم بصفة تدريجية وهذا يخلق إشكالا تفسيريا آخر وهو ما الموقف من أقوال الذين ولدوا في قرن النبي صلى الله عليه وسلم، فكل يوم كان يموت أناس ويولد آخرون، والتغير اللساني التدريجي كان مستمرا مع الوقت.
والله تعالى أعلم.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:38 م]ـ
أحسنت يا شيخ إبراهيم ..
وهذا الجزء المتعلق بالتدريج والذين ولدوا بل وعن درجة الاختلاف بين لسان التابعين والصحابة = هو من محال الاجتهاد،ولي تصور عنه ليس هنا وقت بيانه، لكن الذي لا ينبغي أن نتناقش فيه هو هذه النظرية المتفق عليها عند علماء اللسانيات كما تفضلت ..
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:38 م]ـ
يبدو أني وضعت الموضوع في الملتقى مرتين دون أن أنتبه!
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:39 م]ـ
الأخ الفاضل أبا فهر
لعلك تدرك أكثر مني أن الكلام في هذا الباب يحتاج إلى قدر كبير من الدقة، وأظن أن من أهداف هذا المنتدى هو محاولة الوصول إلى فهم صحيح لكتاب الله بقدر الإمكان، والكلام في مثل هذا الموضوع الدقيق إذا لم يكن مبني على قواعد سليمة فإنه يزيد من شقة الخلاف ويبتعد بالقارىء عن الهدف الذي يتطلع الموقع إلى تحقيقه.
من خلال ما سطرته أخانا الكريم أفهم أنك تقول بتطور اللغة أو تغيرها وتحورها من زمن إلى آخر، ونقاشي معك هو محاولة لبيان أثر هذا التطور أو التغير أو التحور على فهم كتاب الله تعالى.
وأنا أتفق معك أن الله حفظ لغة العرب ـ اللسان العربي المبين الذي نزل به القرآن ـ بأصلي الدين: القرآن والسنة، وهذا الحفظ أثره باق وبخاصة في لغة العلم والتأليف والفهم والممارسة لأحكام الدين.
وما ذكرته أنت من أن هناك ألفاظا مستحدثة فلا أظن أن لها ذلك الأثر في تغير الفهم لكتاب الله أو لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدليل ما ذكرته من أمثلة: السيارة، والذرة.
وعليه فما ذكرته في أول مقالك سواء من كلامك أو ما نقلته عن بن برهان والشاطبي يحتاج أن ينقل من الحيز النظري إلى العمل والتطبيق حتى تتضح للمسألة للقراء على مختلف مداركهم.
وفق الله الجميع لما فيه الخير والسعادة في الدارين.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:44 م]ـ
بارك الله فيك ..
1 - القول باختلاف الألسنة ليس قولي بل هو إجماع علماء اللسانيات.
2 - أثر هذا التغير عظيم جداً وأنا مثلت بأمثلة للتوضيح والتقريب فقط ولم أتطرق للأمثلة التي جرت جنايات كالعقل والقياس والمجاز والتأويل والحقيقة والكراهة والاسم والعلم والظن والفقه والإيمان ونحوها؛كي لا أفتح مجالات نزاع أخرى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[09 Sep 2009, 11:44 م]ـ
وبارك الله فيك على مدارستك النافعة ..
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[10 Sep 2009, 02:47 ص]ـ
وتكلم المستشرق الألماني برجشتراسر في اختلاف الألسنة , وسمَّاه التطور اللغوي , وتبعه على ذلك د. رمضان عبد التواب وغيره (1) , وأخذوا تلك التسمية من كلام دارون وأصحابه في التطور , وكلامهم كله باطل , وقول الله تعالى هو الحق المبين , والألسنة لا تتطور , ولكنها تختلف.
أخي أبا فهر، ائذن لي بتعليق مختصر على هذه الجزئية.
نعم تكلم برجشتراسر عما ذكرت، وسماه ما ذكرت، ولكن عنوان كتابه "التطور النحوي"، وليس اللغوي كما قد يتبادر إلى أذهن البعض. كذلك نعم تبعه رمضان عبد التواب رحمه الله ولكن تبعه في ماذا؟ فإني أراك - ولا تؤاخذني - جازفت بالإطلاق وجمعت السيء مع الحسن ثم عممتهما بحكم واحد هو غاية في التعميم بقولك "وكلامهم كله باطل". نعم أصل التسمية ناشيء عن تلك الحقبة التي انتشرت فيها نظرية دارون ولكن المبدأ الذي تقوم عليه نظرية دارون كما أراده هو مبدأ مقيّد ألا وهو "التطور من أجل الترقي"، وتبعه على ذلك مئات العلماء في أكثر من حقل، حتى في العلوم الإجتماعية والطبيعية وكذلك اللسانية، ومبدأ التطور المدفوع بقوة الترقي ير ى أن كل شيء في الوجود كان بدائياً وفوضوياً: اللغة، الإنسان، الكائنات، العلوم والمعارف، بل حتى الكون ثم أخذ في التطورالتلقائي - لأنهم ينكرون الخالق - باتجاه التنظيم والكمال ( Progress towards perfection) كما يقولون ... والكلام يطول في هذا المقام ولكن الخلاصة أمران:
الأول: وهو الأهم أن الدكتور رمضان عبدالتواب لم يتبنى إطلاقاً هذا التطور بهذه الصورة، فهو لم يلمح ولم يصرح أن الإنسان أو لغته تطورا تطوراً داروينياً أي من العي والعجز عن الكلام إلى هذا التعقيد والتنوع اللغويان. وهذا الإتجاه يسمى بالاتجاه التلخيصي ( reductionistic) وموجزه أن "اللغة البشرية نشأت في الأساس من محاكاة الأصوات الطبيعية، ثم ارتقت بارتقاء عقلية الإنسان وتقدم الحضارة، وهي في ذلك نمط من أنماط النظرية التلخيصية التي ترى بأن نمو الفرد يلخص نمو الإنسان، ومن ثم فالتطور الذي يحدث للطفل حين ينتقل من مرحلة الصراخ والإنفعالات إلى مرحلة النطق البطيء غير المكتمل، ثم يصل إلى مرحلة اللغة الكاملة - يماثل التطور الذي حدث للإنسان فلغة الإنسان البدائي تماثل لغة الطفل الأول مثلما تماثل لغة الإنسان الحالي لغة الراشدين" [1]. هذا هو الفرض المغلوط للتطور ولم يتبناه الدكتور رمضان ولم يقصده وإنما قصد بالتطور التغير المستمر الذي ينال اللغات عبر الأزمان، وقد بين هذا بنقولاته المفيدة في أول كتابه (التطور اللغوي، ص 10 - 14) [2]، وأما جمع كلامه مع كلام برجشتراسر في سلة واحدة ثم وصمهما بحكم واحد فتجن على الدكتور رحمه الله الذي سائر كتابه من ص 24 إلى آخره شاهد على منهجه ومدعم بالأدلة والنقولات الرصينة، فكلامه كله عن التغير المستمر لا عن حالة نقص وتخلف تترقى مع مرور الوقت إلى حالة كمال وتقدم.
الأمر الثاني: أن علماء التطور المتأخرين أنكروا على دارون مبدأه المذكور وعلى رأسهم عظيمهم وكبيرهم المعروف بـ ستيفن جي جاود ( Stephen Jay Gould) الذي بين فساد هذا المبدأ، وبين أن التطور موجود ولكنه على شكل افقي لا عمودي، أي ليس باتجاه كمال مستقبلي مزعوم بل باتجاهات مختلفة ومتباينة تختلف باختلاف الظروف والأحوال [3]، وهذا بالضبط هو معنى التطور الذي سلكه رمضان عبدالتواب، بمعنى التغير والتبدل المستمرين، لأن اللغة كما يقول "ظاهرة اجتماعية" (التطور اللغوي، ص9) ... ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.
أما الحديث حول الحقيقة والمجاز فقد ناقشتك في غير هذا الموضع.
= = = = = = = = = = = == = = =
[1] سيكولوجية اللغة، ص 17. وقد تمسك الدكتور أنيس إبراهيم رحمه الله بطرف من هذا المنهج في تصويره لنشأة اللغة (انظر: في علم اللغة العام، عبدالصبور شاهين، ص77). وهو منهج خطأ ولكن التخطئة تحتاج إلى تفصيل أيضاً، وإلا فآدم قد تلقى وتفوه بأرقى لغة ((رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ))، وكذلك ابني آدم إذ قربا قرباناً، فقد تحدثا بمعان لغوية راقية ومجردة بعكس ما ذهب إليه الدكتور أنيس من أن الإنسان الأول إنما تكلم للهو واللعب مع قلة معنى.
[2] ولا تغتر ببعض ألفاظه هنالك مثل: تتطور، تترقى، تنمو، الخ فإن منهجه في سائر الكتاب شاهد جلي على غير ما توهم به هذه الألفاظ لأول وهلة.
[3] Gould, Stephen J. (1996) The Shape of Life. Art Journal, Vol. 55, No. 1, Contemporary Art and the Genetic Code, (Spring), p. 44, Published by: College Art Association
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[10 Sep 2009, 03:02 ص]ـ
كلامي عن المتابعة في أصل التسمية وقد خالفناهم نحن بتسميتنا ولم أزعم أنهم وافقوا صاحب أصل الأنواع في تمام النظرية. قلنا: ((وأخذوا تلك التسمية)) ..
وإن أوهم كلامنا غير هذا = فأعتذر عنه.
وردك علي في المجاز قد رددت عليه وفيه موضع لم تجب فيه سؤالي حتى الآن ..
وأنا أستفيد منك يا مولانا فعلق براحتك ...
جمعنا الله على الخير وهدانا للحق ...
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[10 Sep 2009, 03:40 ص]ـ
جزاك الله خيرا. نعم كان كلامك موهم جداً بقولك (كلامهم كله باطل)، وعذرك على العين والرأس. أما سؤال المجاز فإني تركته لأني قد أجبت عما هو أهم وأولى منه في نظري ولذلك تركته تركاً للتطويل في ذلك الوقت الذي كتبت فيه كثيراً حتى مللت من التكرار.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[10 Sep 2009, 05:19 م]ـ
كلامي عن المتابعة في أصل التسمية وقد خالفناهم نحن بتسميتنا ولم أزعم أنهم وافقوا صاحب أصل الأنواع في تمام النظرية. قلنا: ((وأخذوا تلك التسمية)) ..
حتى التسمية لا ضير فيها إذا اختلفت المناهج والنوايا، ومجرد تبني التسمية لا يقضي ببطلان الكلام واستواء مضمونه مع مضمون غيره.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[10 Sep 2009, 05:35 م]ـ
ليس هذا من أصول منهجي .. بل التسمية تضر لمجرد المشابهة هذه واحدة .. والثانية = العدول عن الاسم الذي سماها الله به (عندي) .. ولا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير .. وقد شرحتُ هذا من قبل في مقال منفصل ..
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[10 Sep 2009, 11:48 م]ـ
نعم تضر، والضرر نسبي يختلف باختلاف الأشخاص، ونشوء كلمة "تطور" كاصطلاح هو نفسه من نتائج "اختلاف الألسنة"، إذا أخذنا كلمة "اختلاف" على ظاهرها الذي هو الإطلاق. فسبب "اختلاف" الألسنة، استعمل قوم "تطور" واستعمل قوم آخرين غيرها.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[11 Sep 2009, 03:00 ص]ـ
واللسان الأول هو الحاكم وهو الذي يُطلب ..(/)
حاشية التفتازاني على الكشاف.
ـ[المرابط]ــــــــ[11 Jan 2008, 09:27 م]ـ
الإخوة الكرام في ملتقى أهل التفسير
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته.
من يملك حاشية التفتازاني على الكشاف، وحاشيته على تلخيص المفتاح؟
نحن في حاجة إليهما (عاجل)
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[12 Jan 2008, 04:53 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تجدهما في مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث
مخطوطين:
حاشيته على الكشاف برقم: 105622
وشرحه على تلخيص المفتاح برقم: 110880(/)
سد يأجوج ومأجوج في رحلة سلام الترجمان
ـ[سمير القدوري]ــــــــ[11 Jan 2008, 09:46 م]ـ
رحلة ورحالة
واقعة تاريخية
"سلام الترجمان" الذي اشتهرت رحلته إلى الأصقاع الشمالية من قارة آسيا بحثاً عن سد ذي القرنين، فقد اعتبر المستشرق "دي خويه "رحلته واقعة تاريخية لاشك فيها وأنها جديرة بالاهتمام، وأيده في هذا الرأي خبير ثقة في الجغرافيا التاريخية هو "توماشك"، وفي الآونة الأخيرة يرى عالم البيزنطيات "فاسيلييف "أن سلاماً نقل ما شاهده في رحلته للخليفة العباسي الذي أوفده لهذه المهمة، وبعد أن نقل المستشرق الروسي "كراتشكوفسكي" هذه الآراء مع آراء المشككين في الرحلة، قال: ويلوح لي أن رأي - فاسيلييف - هذا لا يخلو من وجاهة رغماً من أن وصف الرحلة لا يمكن اعتباره رسالة جغرافية، بل مصنف أدبي يحفل بعناصر نقلية من جهة وانطباعات شخصية صيغت في قالب أدبي من جهة أخرى.
وبدأت قصة الرحلة عندما رأى الخليفة العباسي الواثق باللّه (232 - 722م) في المنام حلماً تراءى له فيه أن السد الذي بناه الإسكندر ذو القرنين ليحول دون تسرب يأجوج ومأجوج، قد انفتح، فأفزعه ذلك، فكلف سلام الترجمان بالقيام برحلة ليستكشف له مكان سد ذي القرنين.
ويروي لنا الإدريسي في كتابه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق)، وابن خرداذيه في كتابه (المسالك والممالك) قصة هذه الرحلة على النحو التالي:
"إن الواثق باللّه لما رأى في المنام أن السد الذي بناه ذو القرنين بيننا وبين يأجوج ومأجوج مفتوحاً، أحضر سلاماً الترجمان الذي كان يتكلم ثلاثين لساناً، وقال له إذهب وانظر إلى هذا السد وجئني بخبره وحاله، وما هو عليه، ثم أمر له بأصحاب يسيرون معه وعددهم 60 رجلاً ووصله بخمسة آلاف دينار وأعطاه ديته عشرة آلاف درهم، وأمر لكل واحد من أصحابه بخمسين ألف درهم ومؤونة سنة ومئة بغل تحمل الماء والزاد، وأمر للرجال باللبابيد وهي أكسية من صوف وشعر.
وحمل سلام رسالة من الخليفة إلى إسحاق بن إسماعيل صاحب أرمينية بتفليس، وكتب صاحب أرمينية توصية لهم إلى صاحب السرير، وذلك كتب لهم إلى صاحب اللان، وهكذا إلى فيلا شاه وطرخان ملك الخزر، الذي وجه معهم خمسة أدلاء ساروا معهم 25 يوماً حتى انتهوا إلى أرض سوداء منتنة الرائحة، "فسرنا فيها عشرة أيام، ثم وصلنا إلى مدن خراب فسرنا فيها عشرين يوماً وسألنا عن خبرها فقيل لنا هي المدن التي خربها يأجوج ومأجوج، ثم صرنا إلى حصون بالقرب من الجبل الذي في شعبة منه السد، وفي تلك الحصون قوم يتكلمون العربية والفارسية، مسلمون يقرؤون القرآن ولهم كتاتيب ومساجد، وبين كل حصن وآخر فرسخان، ثم صرنا إلى مدينة يقال لها (إيكة) لها أبواب من حديد وفيها مزارع وهي التي كان ينزلها ذو القرنين بعسكره، بينها وبين السد مسيرة ثلاثة أيام، ثم صرنا إلى جبل عال، عليه حصن، والسد الذي بناه ذو القرنين هو فج بين جبلين عرضه 200 ذراع، وهو الطريق الذي يخرجون منه، فيتفرقون في الأرض، فحفر أساسه 30 ذراعاً وبناه بالحديد والنحاس، ثم رفع عضادتين مما يلي الجبل من جنبتي الفج عرض كل منهما 25 ذراعاً في سمك 50 ذراعاً، وكله بناء بلبن مغيّب في نحاس، وعلى العضادتين عتبة عليا من حديد طولها 120 ذراعاً، وفوقها بناء بذلك اللبن الحديد إلى رأس الجبل وارتفاعه مد البصر".
"فيكون البناء فوق العتبة 60 ذراعاً وفوق ذلك شرف من حديد، في كل شرفة قرنتان تنثني كل واحدة على الأخرى، طول كل شرفة خمسة أذرع في أربعة، وعليه سبع وثلاثون شرفة، وباب من حديد بمصراعين معلقين عرض كل مصراع 50 ذراعاً في 75 ذراعاً في ثخن خمسة أذرع، وقائمتان في دوارة على قدر العتبة، لا يدخل من الباب ولا الجبل ريح، وعلى الباب قفل طوله سبعة أذرع في غلظ باع في الاستدارة، والقفل لا يحتضنه رجلان وارتفاع القفل من الأرض 25 ذراعاً، وفوق القفل بخمسة أذرع غلق طوله أكثر من طول القفل، وقفيزاه كل واحد ذراعان وعلى الغلق مفتاح معلق طوله ذراع ونصف، وله 21سناً من الأسنان واستدارة المفتاح 4 أشبار معلق في سلسلة ملحومة بالباب طولها 8 أذرع في 4 أشبار، والحلقة التي فيها السلسلة مثل المنجنيق، وعتبة الباب عرضها 10 أذرع في بسط مائة ذراع، ومع الباب حصنان يُكوِّن كل منهما 200 ذراع.
(يُتْبَعُ)
(/)
"وفي أحد الحصنين آلة البناء التي بني بها السد، من قدور الحديد ومغارف حديد، وهناك بقية من اللبن الذي التصق ببعضه بسبب الصدأ، ورئيس تلك الحصون يركب في كل يومي إثنين وخميس، وهم يتوارثون ذلك الباب كما يتوارث الخلفاء الخلافة، يقرع الباب قرعاً له دوي، والهدف منه أن يسمعه مَن وراء الباب فيعلموا أن هناك حفظة وأن الباب مازال سليماً، وعلى مصراع الباب الأيمن مكتوب {فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقاً}، والجبل من الخارج ليس له متن ولا سفح، ولا عليه نبات ولا حشيش ولا غير ذلك، وهو جبل مسطح، متسع، قائم أملس أبيض".
وبعد تفقد سلام الترجمان للسد انصرف نحو خراسان ومنها إلى طبانوين، ومنها إلى سمرقند في ثمانية أشهر، ومنها إلى أسبيشاب، وعبر نهر بلخ ثم صار إلى شروسنة فبخارى وترمذ ثم إلى نيسابور، ومات من الرجال في الذهاب 22 رجلاً وفي العودة 24 رجلاً.
وورد نيسابور وبقي معه من الرجال 14 ومن البغال 23 بغلاً، وعاد إلى (سر من رأى) فأخبر الخليفة بما شاهده .. بعد رحلة استمرت 16 شهراً ذهاباً و12 شهراً إيابا.
المرجع:
نوفمبر 2006 مجلة " أهلا وسهلا."
http://pr.sv.net/aw/2006/November2006/arabic/pages060.htm
ورحلة سلام رواها عنه ابن خردادبه في المسالك والممالك وعنه نقل ياقوت وغيره مثل السيوطي في كتابه رفع الغبش في فضل السودان والحبش حيث قال في الباب 14 "قال ابو الحسين بن المنادى: و بلغنى عن ابن خرداذبة قال: حدثنى سلام الترجمان ان الواثق لما رأى فى المنام ان السد الذى سده ذو القرنين قد انفتح وجّهنى فقال: عاينه و ائتنى بخبره. و ضمّ الىّ خمسين رجلآ و وصلنى بخمسة آلاف دينار و اعطانى ديتى عشرة آلاف درهم و امر باعطاء كل رجل معى الف درهم، و رزق ستة اشهر و اعطانى مائتى بغل تحمل الزاد و الماء، فشخصنا من سر من رأى بكتاب من الواثق الى ابى اسحاق بن اسماعيل صاحب ارمينية فى انفاذنا فكتب لنا اسحاق الى صاحب السّرر، فكتب لنا الى اللاب و كتب لنا الى فيلا نشاه، فكتب لنا الى الخزر، فأقمنا عند ملك الخزر يومآ و ليلة، ثم وجه معنا خمسين رجلآ ادلاء، فسرنا من عنده خمسآ و عشرين يومآ ثم صرنا الى ارضآ سوداء منتنة الريح، و قد كنا تزودنا قبل دخولها طيبآ نشمه للرائحة المكروهة فسرنا فيها عشرة ايام، ثم صرنا الى مدن خراب، فسرنا فيها سبعة و عشرين يومآ، فسألنا عن تلك المدن فخبّرنا انها المدن التى كان يأجوج و مأجوج يطرقونها، فخربوها، ثم صرنا الى حصون بالقرب من الجبل الذى السّد فى شعب منه، و فى تلك الحصون قوم يتكلمون بالعربية و الفارسية، و مسلمون يقرءون القرآن لهم كتاتيب و مساجد، فسألونا من اين اقبلتم؟ فاخبرناهم انا رسل امير المؤمنين فأقبلوا يتعجبون و يقولون: امير المؤمنين! قلنا: نعم، فقالوا شيخ هو ام شاب؟ فقلنا: شاب، فقالوا: اين يكون؟، قلنا: بالعراق فى مدينة يقال لها سر من رأى، فقالوا: ما سمعنا بهذا قط.ثم صرنا الى جبل املس ليس عليه خضراء، و اذا جبل مقطوع بواد عرض مائة وخمسون ذراعآ، و اذا عضادتان مبنيتان مما يلى الجبل من جنبتى الوادى عرض كل عضادة خمس و عشرون ذراعآ، الظاهر من تحتها عشرة اذرع خارج الباب، و عليه بناء بلبن من حديد مغيب فى نحاس فى سمك خمسين ذرعآ، و اذا دروند حديد طرفاه على العضادتين طوله مائة و عشرون ذراعآ، قد ركب على العضادتين على كل واحد بمقدار عشرة اذرع فى عرض خمسة اذرع، و فوق الدروند بناء بذلك الحديد المغيب فى النحاس الى رأس الجبل فى ارتفاعه مد البصر، و فوق ذلك شرف حديد كل شرفة قرنان، ينثنى كل واحد منها الى صاحبه، و اذا باب حديد عليه مصراعان مغلقان عرض كل مصراع خمسون ذراعآ، فى ارتفاع خمسين فى نحو خمسة اذرع و قائمتاهما فى دوارة فى قدر الدروند و على الباب قفل طوله تسعة اذرع فى غلظ ذراع الاستدارة و ارتفاع القفل من الارض خمس و عشرون ذراعآ، و فوق القفل بقدر خمسة اذرع غلق طوله اكثر من طول القفل، و قفيز كل واحد منهما ذراعان، و على الغلق مفتاح معلق طوله ذراع و نصف، و له اثنتان عشرة دريجة، كل واحدة قدر فرسخ اكبر ما يكون من هاون معلق فى سلسلة طولها ثمان اذرع فى استدارة اربعة اشبار، و الحلقة التى فيها السلسلة مثل حلقة المنجنيق، و عتبة
(يُتْبَعُ)
(/)
الباب عشرة اذرع بسط مائة ذراع سوى ما تحت العضادتين، و الظاهر منها خمسة اذرع، و هذا الذراع كله بالذراع السرداء، و رئيس تلك الحصون يركب فى كل جمعة فى عشرة فوارس مع كل فارس مرزبة حديد، فى كل واحدة خمسون و مائة منّآ، فيضرب القفل بتلك المرزبة فى كل يوم مرات ليسمع من وراء الباب الصوت، فيعلموا ان هنالك حفظة، و يعلم هؤلاء ان اولئك لم يحدثوا فى الباب حدثآ، و اذا ضرب اصحابنا القفل وضعوا آذانهم فيسمعون لمن داخل دويآ، و بالقرب من هذا الموضع حصن كبير يكون عشرة فراسخ فى عشرة فراسخ تكسير مائة فرسخ، و مع الباب حصنان يكون كل واحد منهما مائتى ذراع فى مائتى ذراع، و على باب هذين الحصنين شجرتان، و بين الحصنين عين عذبة، و فى احد الحصنين آلة البناء الذى بنى به السد من القدور الحديد و المغارف الحديد، على كل اثفية اربع قدور مثل قدور الصابون، و هناك بقية من اللبن قد التزق بعضها ببعض من الصدأ، و اللبنة ذراع و نصف فى سمك شبر، و سألوا من هنالك؟ هل رأوا احدآ من يأجوج و مأجوج فذكروا انهم رأوا مرة عددآ فوق الشرف فهبت ريح سوداء فالقتهم الى جانبهم، و كان مقدار
الرجل منهم فى رأى العين شبرآ و نصف
قال سلام الترجمان فلما انصرفنا اخذتنا الادلاء
الى ناحية خراسان فسرنا اليها حتى خرجنا خلف سمرقند بسبع فراسخ، و قد كان اصحاب الحصون زودونت ما كفانا، ثم صرنا الى عبدالله بن طاهر، قال سلام: فوصلنى بمائة الف درهم، و وصل كل رجل معى بخمسمائة درهم، و اجرى للفارس خمسة دراهم، و للراجل ثلاثة دراهم فى كل يوم الى الرّى، فرجعنا الى سرّ من رأى بعد خروجنا بثمانية و عشرين شهرآ ".
وزيادة في البيان ننقل قول ياقوث الخموي عن رحلة سلام الترجمان
قال ياقوت الحموي في معجم البلدان (3/ 197 - 200):
((سد يأجوج ومأجوج ...
ومن مشهور الأخبار حديث سلام الترجمان قال: ((إن الواثق بالله رأى في المنام أن السد الذي بناه ذو القرنين بيننا وبين يأجوج ومأجوج مفتوح؛ فأرعبه هذا المنام فأحضرني، وأمرني بقصده والنظر إليه والرجوع إليه بالخبر.
فضم إليَّ خمسين رجلاً، ووصلني بخمسة آلاف دينار وأعطاني ديني عشرة آلاف درهم ومائتي بغل، تحمل الزاد والماء.
قال: فخرجنا من (سرَّ من رأى) بكتاب منه إلى إسحاق بن إسماعيل، صاحب أرمينية، وهو بتفليس؛ يؤمر فيه بإنفاذنا وقضاء حوائجنا، ومكاتبة الملوك الذين في طريقنا بتيسيرنا؛ فلما وصلنا إليه قضى حوائجنا.
وكتب إلى صاحب السرير، وكتب لنا صاحب السرير إلى ملك اللان، وكتب ملك اللان إلى فيلانشاه، وكتب لنا فيلانشاه إلى ملك الخزر، فوجه ملك الخزر معنا خمسة من الأدلاء.
فسرنا ستة وعشرين يوماً، فوصلنا إلى أرض سوداء، منتنة الرائحة، وكنا قد حملنا معنا خلا لنشمه من رائحتها بإشارة الأدلاء فسرنا في تلك الأرض عشرة أيام، ثم صرنا إلى مدن خراب، فسرنا فيها سبعة وعشرين يوماً، فسألنا الأدلاء عن سبب خراب تلك المدن؛ فقالوا خرَّبها يأجوج ومأجوج.
ثم صرنا إلى حصن بالقرب من الجبل الذي السد في شعب منه، فجزنا بشيء يسير إلى حصون أخر، فيها قوم يتكلمون بالعربية والفارسية، وهم مسلمون يقرؤون القرآن، ولهم مساجد وكتاتيب.
فسألونا من أين أقبلتم؟ وأين تريدون؟
فأخبرناهم أنا رسل أمير المؤمنين؛ فأقبلوا يتعجبون من قولنا، ويقولون: أمير المؤمنين؟!؛ فنقول: نعم، فقالوا: أهو شيخ أم شاب، قلنا: شاب، قالوا: وأين يكون؟، قلنا: بالعراق، في مدينة يقال لها: سر من رأى، قالوا: ما سمعنا بهذا قط.
ثم ساروا معنا إلى جبل أملس، ليس عليه من النبات شيء، وإذا هو مقطوع بواد عرضه مائة وخسمون ذراعاً، وإذا عضادتان مبنيتان مما يلي الجبل، من جنبي الوادي، عرض كل عضادة خمسة وعشرون ذراعاً، الظاهر من تحتها عشرة أذرع خارج الباب، وكله مبني بلبن حديد، مغيب في نحاس، في سمك خمسين ذراعاً، وإذا دروند حديد طرفاه في العضادتين طوله مائة وعشرون ذراعاً، قد ركب على العضادتين على كل واحد مقدار عشرة أذرع، في عرض خمسة أذرع، وفوق الدروند بناء بذلك اللبن الحديد والنحاس إلى رأس الجبل، وارتفاعه مد البصر، وفوق ذلك شرف حديد في طرف كل شرفة قرنان بنثي كل واحد إلى صاحبه، وإذا باب حديد بمصراعين
(يُتْبَعُ)
(/)
مغلقين عرض كل مصراع ستون ذراعا في ارتفاع سبعين ذراعاً، في شخن خمسة أذرع وقاتمتاها في دوارة على قدر الدروند، وعلى باب قفل طوله سبعة أذرع، غلظ باع وارتفاع القفل من الأرض خسمة وعشرون ذراعا، وفوق القفل نحو خمسة أذرع غلق طوله أكثر من طول القفل، وعلى الغلق مفتاح معلق طوله سبعة أذرع، له أربع عشرة دندانكة، أكبر من دستج الهاون، معلق في سلسلة طولها ثمانية أذرع، في استدارة أربعة أشبار، والحلقة التي فيها السلسلة مثل حلقة المنجنيق، وارتفاع عتبة الباب عشرة أذرع، في بسط مائة ذراع سوى ما تحت العضادتين، والظاهر منها خمسة أذرع، وهذا الذرع كله بذراع السواد، ورئيس تلك الحصون يركب في كل جمعة في عشرة فوارس، مع كل فارس مرزبة حديد، فيجيئون إلى الباب، ويضرب كل واحد منهم القفل والباب ضربات كثيرة ليسمع من وراء الباب ذلك، فيعلموا أن هناك حفظة، ويعلم هؤلاء أن أولئك لم يحدثوا في الباب حدثاً، وإذا ضربوا الباب وضعوا آذانهم؛ فيسمعون من وراء الباب دويا عظيماً، وبالقرب من السد حصن كبير يكون فرسخاً، في مثله يقال أنه يأوي إليه الصناع، ومع الباب حصنان، يكون كل واحد منهما مائتي ذراع، في مثلها، وعلى بابي هذين الحصنين شجر كبير، لا يدرى ما هو، وبين الحصنين عين عذبة، وفي أحدهما آلة البناء التي بني بها السد، من القدور، الحديد والمغارف، وهناك بقية من اللبن الحديد، قد التصق بعضه ببعض من الصدإ، واللبنة ذراع ونصف في سمك شبر.
وسألنا من هناك: هل رأوا أحدا من يأجوج ومأجوج؟؟
فذكروا أنهم رأوا منهم مرة عددا فوق الشرف، فهبت ريح سوداء فألقتهم إلى جانبنا؛ فكان مقدار الواحد منهم في رأي العين شبراً ونصفا، فلما انصرفنا أخذ بنا الأدلاء نحو خراسان، فسرنا حتى خرجنا خلف سمرقند بسبعة فراسخ.
قال: وكان بين خروجنا من سر من رأى إلى رجوعنا إليها ثمانية عشر شهراً.
• قال ياقوت: قد كتبت من خبر السد ما وجدته في الكتب، ولست أقطع بصحة ما أوردته لاختلاف الروايات فيه، والله أعلم بصحته.
وعلى كل حال فليس في صحة أمر السد ريب، وقد جاء ذكره في الكتاب العزيز))
ـ[هشام الشويكي]ــــــــ[07 Oct 2008, 08:00 م]ـ
5. [سيوقد المسلمون من قسي يأجوج ومأجوج ونشابهم وأترستهم سبع سنين]. (صحيح).
(صححه الألباني)
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[08 Oct 2008, 03:43 ص]ـ
مرحباً بك أخي سمير بعد طول غياب , وما أخبار الدكتوراه وفقك الله , وجزاك خيراًَ على هذا النقل المفيد.(/)
ما هي افضل الكتب التي تتحدث عن نشأة علم التفسير؟؟؟
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[11 Jan 2008, 09:52 م]ـ
ما هي افضل الكتب التي تتحدث عن نشأة علم التفسير؟؟؟
الرجاء ذكرها وإن امكن وضع روابط لها وبارك الله فيكم
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[11 Jan 2008, 11:41 م]ـ
أخي الكريم:
من أشهر وأجود وأحسن الكتب المعاصرة التي تحدثت عن النشأة كتاب (التفسير والمفسرون) لمحمد حسين الذهبي، إذ وصف كتابه بأنه بحث تفصيلي عن نشأة التفسير وتطوره وألوانه ومذاهبه، مع عرض شامل لأشهر المفسرين وتحليل كامل لأهم كتب التفسير من عصر النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا الحاضر.
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[12 Jan 2008, 12:04 ص]ـ
أخي قطرة مسك بارك الله فيك
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[12 Jan 2008, 09:07 ص]ـ
الأخ نضال
راجع هذه المشاركة، فقد تفيدك في موضوع تاريخ التفسير:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4608
ـ[النجدية]ــــــــ[12 Jan 2008, 09:50 ص]ـ
بسم الله ...
و هناك كتاب قد أفادني كثيرا في هذا الموضوع،
عنوانه: بحوث فى أصول التفسير و مناهجه
تأليف:د. فهد الرومى
الناشر:مكتبه التوبة
رقم الطبعة:4
تاريخ الطبعة:1419ه
وهذا الكتاب من جزء واحد.
عدد الصفحاته:186
و الله الموفق.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[12 Jan 2008, 02:10 م]ـ
بجوار ما تقدم ذكره راجع قصة التفسير للدكتور الشرباصي ـ رحمه الله ـ وهو كتاب مطبوع منذ زمن، والتفسير ومناهجه للدكتور محمود فوده. والله الموفق
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[12 Jan 2008, 02:26 م]ـ
بارك الله فيكم جميعا على الإفادة
ـ[مرهف]ــــــــ[14 Jan 2008, 05:23 ص]ـ
ينظر أيضاً:
دراسات في التفسير وأصوله د محيي الدين البلتاجي، ط دار الثقافة أولى 1987.
دراسات في القرآن الكريم د السيد أحمد خليل ط دار المعارف مصر 1972
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[14 Jan 2008, 11:23 م]ـ
وهنالك كتاب قيم للشيخ/ محمد الفاضل بن عاشور، سماه " التفسير ورجاله" طبعته سنة 1390هـ/1970م المكتبة العصرية ببيروت، وتحدث في بدايته عن نشأة الفسير.
ـ[النجدية]ــــــــ[15 Jan 2008, 01:11 م]ـ
بسم الله ...
و هناك كتاب:
علوم القرآن و إعجازه و تاريخ توثيقه، للدكتور عدنان محمد زرزور
دار الأعلام، عمان، ط1، 1426ه
فيه فوائد في هذا الموضوع.
و الله الموفق(/)
وقفات مع تفسير ابن عطية الأندلسي (1)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[11 Jan 2008, 10:52 م]ـ
المحرر الوجيز في تفسير كتاب الله العزيز، لابن عطية الأندلسي (ت: 542).
عندما يختار مفسر عنوانًا لكتابه، ويأتي مضمونه مطابقًِا لهذا العنوان، فإنه يدل على براعة في اختيار العنوان ومطابقة المضمون له.
والإمام عبد الحق بن غالب بن عطية الغرناطي، أبو محمد، المتوفى سنة 542 للهجرة النبوية ألف كتابه (المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)، وقد بدأ كتابه بمقدمة علمية تشتمل على عدد من مسائل علوم القرآن المهمة، وعلى منهجه في هذا التفسير، وعلَّق على تفسير بعض المفسرين تعليقًا مجملاً.
ومن لطائف عباراته في هذه المقدمة العلمية:
المقطع الأول:
((وقصدتُ أن يكون جامعًا وجيزًا، لا أذكر من القصص إلا مالا تنفكُّ الآية إلا به، وأثبتُّ أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم على ما تلقى السلف الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ كتاب الله تعالى من مقاصده العربية، السليمة من إلحاد أهل القول بالرموز، وأهل القول بعلم الباطن، وغيرهم، فمتى وقع لأحد من العلماء الذين قد حازوا حسن الظن بهم لفظٌ ينحو إلى شيء من أغراض الملحدين نبَّهت عليه)) المحرر الوجيز الطبعة الثانية قطر (1: 9).
1 ـ أقول: إن هذا القولَ من الإمام يدل على أن هدف التأليف ومقصده كان واضحًا له منذ البداية، لذا جاء التفسير على حسب ما ذكره، فكان جامعًا لعلوم التفسير وأقاويل المفسرين على طريق الوجازة.
2 ـ وقوله: ((لا أذكر من القصص إلا مالا تنفكُّ الآية إلا به)) هذا هو أحد المناهج التي اتخذها العلماء في عرض قصص القرآن من خلال تراث السابقين كالقصص الإسرائيلية المأخوذة عن بني إسرائيل، وإن كان ـ رحمه الله ـ الغالب عليه هو هذا المنهج، إلا أنه قد يورد اختلاف المفسرين في مقطع من المقاطع، ومن ذلك:
تفسيره لقوله تعالى: (ويصنع الفلك)، قال: ((التقدير: فشرع يصنع، فحكيت حال الاستقبال، إذ في خلالها وقع مرورهم.
قال ابن عباس: صنع نوح الفلك ببقاع دمشق وأخذ عودها من لبنان وعودها من الشمشار وهو البقص. وروي أن عودها من الساج وأن نوحاً عليه السلام اغترسه حتى كبر في أربعين سنة؛ وروي أن طول السفينة ألف ذراع ومائتان، وعرضها ستمائة ذراع، ذكره الحسن بن أبي الحسن وقيل: طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعاً، وطولها في السماء ثلاثون ذراعاً، ذكره قتادة، وروي غير هذا مما لم يثبت، فاختصرت ذكره)) تفسير سورة هود (آية: 38).
3 ـ قوله: ((وأثبتُّ أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم على ما تلقى السلف الصالح)).
أقول: قديمًا قيل: إن من بركة العلم أن تضيف الشيء إلى قائله. وقد اعتمد ابن عطية هذا الأصل في تفسيره، لذا تراه ينسب الأقوال إلى قائليها.
4 ـ القول بالرمز:
قال: ((السليمة من إلحاد أهل القول بالرموز، وأهل القول بعلم الباطن، وغيرهم، فمتى وقع لأحد من العلماء الذين قد حازوا حسن الظن بهم لفظٌ ينحو إلى شيء من أغراض الملحدين نبَّهت عليه)).
وقد ذكر بعض الأمثلة في تفسيره ونقدها، ومن ذلك قوله:
((وحكى النقاش عن جعفر بن محمد قولاً: أن «الورقة» يراد بها السقط من أولاد بني آدم، و «الحبة» يراد بها الذي ليس يسقط، و «الرطب» يراد به الحي، و «اليابس» يراد به الميت، وهذا قول جار على طريقة الرموز، ولا يصح عن جعفر بن محمد رضي الله عنه، ولا ينبغي أن يلتفت إليه
قال القاضي أبو محمد: وروي عن ابن عباس أنه قال: قوله تعالى: {أنزل من السماء ماء} يريد به الشرع والدين. وقوله: {فسالت أودية}: يريد به القلوب، أي أخذ النبيل بحظه. والبليد بحظه.
قال القاضي أبو محمد: وهذا قول لا يصح - والله أعلم - عن ابن عباس، لأنه ينحو إلى أقوال أصحاب الرموز، وقد تمسك به الغزالي وأهل ذلك الطريق، ولا وجه لإخراج اللفظ عن مفهوم كلام العرب لغير علة تدعو إلى ذلك، والله الموفق للصواب برحمته، وإن صح هذا القول عن ابن عباس فإنما قصد أن قوله تعالى: {كذلك يضرب الله الحق والباطل} معناه: {الحق} الذي يتقرر في القلوب المهدية، {والباطل}: الذي يعتريها أيضاً من وساوس وشبه حين تنظر في كتاب الله عز وجل.
(يُتْبَعُ)
(/)
وذهب قوم من الملحدين إلى أن هذه الأشياء المذكورة استعارات في كل ابن آدم وأحواله عند موته، والشمس نفسه والنجوم عيناه وحواسه، والعشار ساقاه، وهذا قول سوء وخيم غث ذاهب إلى إثبات الرموز في كتاب الله تعالى)).
فتأمل هذا المقطع، وانظر كيف بنى ابن عطية إنكار القول بالرمز على قاعدة (لاوجه لإخراج اللفظ عن مفهوم كلام العرب لغير علة تدعو لذلك)، وياترى؛ هل سيوجد علة تُخرج الآيات عن معنى الكلام العربي؟!
لا أعتقد بوجود ذلك، وإنما ذكر ابن عطية قيد العلة ـ في ظنِّي ـ تنزُّلاً لا اعتقادًا، والله أعلم.
والكلام الذي نقله عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ لا مشكل فيه ـ إن شاء الله ـ لأن الله ـ سبحانه ـ ضرب مثلاً بالماء النازل من السماء، وابن عباس ذكر وجهًا مما يحتمله هذا المثل.
روى الطبري بسنده عن ابن عباس قوله: (أنزل من السماء ماء فسالت أوديه بقدرها) فهذا مثل ضربه الله، احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكّها، فأما الشك فلا ينفع معه العمل، وأما اليقين فينفع الله به أهله، وهو قوله: (فأما الزبد فيذهب جفاء)، وهو الشك= (وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)، وهو اليقين، كما يُجْعل الحَلْيُ في النار فيؤخذ خالصُه ويترك خَبَثُه في النار، فكذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك).
والأمثال المضروبة فيها سعة في ذكر ما ضُربت له، مادام المثل يحتملها، لذا لا يدخل قول ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ في القول بالرموز كما حكاه الإمام ابن عطية رحمه الله تعالى.
وقد سبق أن نبهت على احتمال بعض الأمثال القرآنية لأكثر من صورة، انظر ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=8234 ) .
المقطع الثاني:
قال رحمه الله ((وأنا، وإن كنت من المقصِّرين، فقد ذكرت في هذا الكتاب كثيرًا من علم التفسير، وحملت خواطري فيه على التعب الخطير، وعَمَرْت به زمني؛ إذ كتاب الله تعالى لا يتفسَّر إلا بتصريف جميع العلوم فيه، وجعلته ثمرة وجودي، ونخبة مجهودي، فليُستصوب للمرء اجتهاده، وليُعذر في تقصيره وخطئه، وحسبنا الله ونعم الوكيل)) المحرر الوجيز الطبعة الثانية قطر (1: 9 ـ 10).
أقول: رحم الله الإمام، فما أعظمه من انشغال، لقد كان موفَّفًا في الاختيار، أسأل الله أن يختار لنا خيرًا من فضله الواسع، إنه سميع مجيب.
أيها القارئ تفكَّر، متى عاش هذا الإمام ـ رحمه الله تعالى (481 ـ 542)، لقد مات رحمه الله، وبقي أثره الطيب بيننا ننهل منه، إن في ذلك لعبرة، عبرة لمن يمنُّ الله عليه بالتأليف والتصنيف، أن يخلص لله، ويحسن الظنَّ به، ويدعوه بأن يكون في تأليفه نفعٌ للمسلمين.
المقطع الثالث:
((وكتاب الله؛ لو نُزِعت منه لفظة، ثم أُدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لما وُجِد، ونحن تبين لنا البراعة في أكثره، ويخفى علينا وجهها في مواضع؛ لقصورنا عن مرتبة العرب ـ يومئذ ـ في سلامة الذوق، وجودة القريحة، ومَيْزِ الكلام)).المحرر الوجيز الطبعة الثانية قطر (1: 45).
وهذه الفائدة قد ذكر قريبًا منها الخويِّي (1)، قال السيوطي في: ((وقد رأيت الخويِّي ذكر لوقوع المعرب في القرآن فائدة أخرى فقال: إن قيل إن استبرق ليس بعربي وغير العربي من الألفاظ دون الفصاحة والبلاغة فنقول: لو اجتمع فصحاء العالم وأرادوا أن يتركوا هذه اللفظة ويأتوا بلفظ يقوم مقامها في الفصاحة لعجزوا عن ذلك)) الإتقان، طبعة مجمع الملك فهد (3: 938).
ــــــــــــــــــــــــــ
(1) الخويِّي: أحمد بن الخليل بن سعادة (ت: 637) له كتاب: تتمة التفسير الكبير للرازي. نقلاً عن تحقيق الإتقان في علوم القرآن طبعة مجمع الملك فهد (ح5/ 1: 39).
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[11 Jan 2008, 11:50 م]ـ
جزاك الله خيرا، وبانتظار مزيد من الفوائد.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[12 Jan 2008, 08:47 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا دكتور مساعد على هذه الوقفات الجميلة، ورحم الله الإمام ابن عطية ...
ـ[النجدية]ــــــــ[12 Jan 2008, 09:40 ص]ـ
بسم الله ...
جزاكم الله خيرا، و إن هناك عبر و فوائد ... تحتاج إلى وقفات في تفاسير السلف -رضي الله عنهم- كتفسير الطبري، و أبي حيان و غيرهم ...
جعلكم الله سبّاقين إلى الخير دوما!!
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[21 Jan 2008, 10:20 م]ـ
بورك فيكم أبا عبدالملك ..
ومن الأمثلة التي تضاف إلى الفقرة رقم (4) المتعلقة بالرمزية في التفسير،ما ذكره في تفسير سورة التكوير، حيث قال رحمه الله ـ بعد أن بين المراد بتكوير الشمس،وانكدار النجوم ... الخ تلك الآيات التي صدرت بها السورة ـ:
(وذهب قوم من الملحدين إلى أن هذه الأشياء المذكورة استعارات في كل ابن آدم وأحواله عند موته، والشمس نفسه والنجوم عيناه وحواسه، والعشار ساقاه، وهذا قول سوء وخيم غث ذاهب إلى إثبات الرموز في كتاب الله تعالى).
والظاهر من كثرة تنبيهه رحمه الله على هذه المسألة أن هذا النوع من التفسير المغرق في الرمزية قد انتشر في وقته،أو قبل وقته،وصار له رواج، وربما كان هذا أثرا من آثار انتشار أفكار إلحادية في بلاد الأندلس بالذات.
والسؤال: هل هذا النوع من التنبيهات موجود في غيره من تفاسير الأندلسيين؟!.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[22 Jan 2008, 04:47 م]ـ
تعقيبا على ماتفضل به الشيخ الجليل الدكتور مساعد
في بحثه الشائق الماتع عن:
(وقفات مع تفسير ابن عطية الأندلسي)؛
ولفت نظري قوله في آخر حاشية لهذا البحث:
{{(1) الخويِّي: أحمد بن الخليل بن سعادة (ت: 637) له كتاب: تتمة التفسير الكبير للرازي. نقلاً عن تحقيق الإتقان في علوم القرآن طبعة مجمع الملك فهد (ح5/ 1: 39).}}.
فبحثت عن هذا العالم، وعن كتابه: تتمة التفسير، ووجدت العلامة الطبيب ابن أبي أصيبعة الدمشقي، يقول في كتابه الموسوعي: عيون الأنباء في طبقات الأطباء:
(شمس الدين الخويي:
هو الصدر الإمام العالم الكامل قاضي القضاة شمس الدين، حجة الإسلام، سيد العلماء والحكام، أبو العباس أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى من مدينة خوي كان أوحد زمانه في العلوم الحكمية، وعلامة وقته في الأمور الشرعية، عارفاً بأصول الطب وغيره من أجزاء الحكمة، عاقلاً، كثير الحياء، حسن الصورة، كريم النفس، محباً لفعل الخير، وكان رحمه اللّه ملازماً للصلاة والصيام وقراءة القرآن، ولما ورد إلى الشام في أيام السلطان الملك المعظم عيسى بن الملك العادل استحضره، وسمع كلامه فوجده أفضل أهل زمانه في سائر العلوم، وكان الملك المعظم عالماً بالأمور الشرعية والفقه فحسن موقعه عنده، وأكرمه وأطلق له جامكية وجراية، وبقي معه في الصحبة، ثم جعله مقيماً بدمشق، وله منه الذي له، وقرأ عليه جماعة من المشتغلين وانتفعوا به، وكنت أتردد إليه، وقرأت عليه التبصرة لابن سهلان، وكان حسن العبارة قوي البراعة، فصيح اللسان بليغ البيان، وافرالمروة كثير الفتوة،
وكان شيخه الإمام فخر الدين بن خطيب الري لحقه وقرأ عليه، ثم ولاه الملك المعظم القضاء وجعله قاضي القضاة بدمشق، وكان مع ذلك كثير التواضع لطيف الكلام، يمضي إلى الجامع ماشياً للصلوات في أوقاتها، وله تصانيف لا مزيد عليها في الجودة، وكان ساكناً في المدرسة العادلية ويلقي بها الدرس للفقهاء، ولم يزل على هذه الحال إلى أن توفي رحمه اللّه، وهو في سن الشباب، وكانت وفاته بحمى الدق بدمشق، وذلك في شهر شعبان سنة سبع وثلاثين وستمائة.
ولشمس الدين الخويي من الكتب تتمة تفسير القرآن لابن خطيب الري، كتاب في النحو، كتاب في علم الأصول، كتاب يشتمل على رموز حكمية على ألقاب السلطان الملك المعظم، صنفه للملك المعظم عيسى بن أبي بكر بن أيوب.).
وانظر ترجمته أيضا، في:
بغية الطلب في تاريخ حلب 2|734، سير أعلام النبلاء 23|64 برقم 47، تاريخ الاِسلام (سنة 631 ـ 640هـ) 295 برقم 451، الوافي بالوفيات 6|375 برقم 2878، مرآة الجنان 4|222، طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8|16 برقم 1044، طبقات الشافعية للاِسنوي 1|240 برقم 458، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2|70 برقم 370، النجوم الزاهرة 6|316، كشف الظنون 1|69، شذرات الذهب 5|183، ايضاح المكنون 1|588، هدية العارفين 1|92، الاَعلام 1|121، معجم الموَلفين 1|216، معجم المفسرين 1|35.(/)
مصطلح الإعجاز العلمي عند الطاهر بن عاشور
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[12 Jan 2008, 09:00 ص]ـ
كان من بركات اللقاء بالشيخ المفيد الدكتور محمد الحمد؛ اللقاء الذي عقدته الجمعية السعودية للقرآن الكريم وعلومه ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10560) مساء الأحد (28/ 12/ 1428 هـ) = كان من بركاته أن فتح الذهن على موضوع (الإعجاز العلمي) عند الطاهر بن عاشور، وقد فتح هذا الباب الدكتور عادل الشدي بسؤاله للشيخ الدكتور محمد الحمد: هل تحدث الطاهر بن عاشور عن الإعجاز العلمي؟
وقد توقف الشيخ محمد آنذاك في الإجابة نفيًا أو إثباتًا، وصار بيني وبينه مباحثة سريعة حول الموضوع بعد اللقاء، وقررنا مراجعة التفسير، ولما ظفر بمواطن من تصريحه بذلك هاتفني بها، ثم تتبعت مواطن ورود هذا المصطلح عنده فرأيت أن أكتب في هذا الموضوع مقالة سريعة، وأملي أن أتبعها ببحث أكثر تقصِّيًا إن شاء الله، ودونكم هذا الموضوع.
لقد ذكر الطاهر بن عاشور (الإعجاز العلمي) في حديثه في المقدمة العاشرة في إعجاز القرآن، وقد نبَّه على نوعين من أنواع العلم، فقال: ((إن العلم نوعان علم اصطلاحي وعلم حقيقي، فأما الاصطلاحي فهو ما تواضع الناس في عصر من الإعصار على أن صاحبه يعد في صف العلماء، وهذا قد يتغير بتغير العصور ويختلف باختلاف الأمم والأقطار، وهذا النوع لا تخلو عنه أمة.
وأما العلم الحقيقي فهو معرفة ما بمعرفته كمال الإنسان، وما به يبلغ إلى ذروة المعارف وإدراك الحقائق النافعة عاجلا وآجلا، وكلا العلمين كمال إنساني ووسيلة لسيادة أصحابه على أهل زمانهم، وبين العلمين عموم وخصوص من وجه. وهذه الجهة خلا عنها كلام فصحاء العرب، لأن أغراض شعرهم كانت لا تعدو وصف المشاهدات والمتخيلات والافتراضات المختلفة ولا تحوم حول تقرير الحقائق وفضائل الأخلاق التي هي أغراض القرآن، ولم يقل إلا صدقا كما أشار إليه فخر الدين الرازي)) التحرير والتنوير (1: 126).
ثم ذكر اشتمال القرآن على النوعين، ومما ذكر في النوع الثاني: ((وأما النوع الثاني من إعجازه العلمي فهو ينقسم إلى قسمين: قسم يكفي لإدراكه فهمه وسمعه، وقسم يحتاج إدراك وجه إعجازه إلى العلم بقواعد العلوم فينبلج للناس شيئا فشيئا انبلاج أضواء الفجر على حسب مبالغ الفهوم وتطورات العلوم، وكلا القسمين دليل على أنه من عند الله لأنه جاء به أمي في موضع لم يعالج أهله دقائق العلوم، والجائي به ثاو بينهم لم يفارقهم. وقد أشار القرآن إلى هذه الجهة من الإعجاز بقوله تعالى في سورة القصص) قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم (ثم إنه ما كان قصاراه مشاركة أهل العلوم في علومهم الحاضرة، حتى ارتقى إلى ما لم يألفوه وتجاوز ما درسوه وألفوه ... )) التحرير والتنوير (1: 127).
ويلاحظ أن مدلول العلم عند الطاهر بن عاشور أوسع من مدلول المعتنين بالإعجاز العلمي الذين جعلوه في (العلوم التجريبية)، وقد ظهر أثر توسع المدلول عنده في التطبيقات التي استخرجتها من كتابه، وهي قريبة من العشرين موضعًا، وسأذكر منها ما يدل على هذا المقال:
أولاً: إطلاقه على ما يُسمى عن بعض المعاصرين بالإعجاز التاريخي:
1 ـ في قوله تعالى: وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43)، قال: ((هذا عطف جزء من قصة على جزء منها تكملة لوصف خلاص يوسف عليه السّلام من السجن.
والتعريف في {الملك} للعهد، أي ملك مصر. وسماه القرآن هنا ملكاً ولم يسمه فرعونَ لأن هذا الملك لم يكن من الفراعنة ملوك مصر القبط، وإنما كان ملكاً لمصر أيامَ حَكَمَها (الهِكسوس)، وهم العمالقة، وهم من الكنعانيين، أو من العرب، ويعبر عنهم مؤرخو الإغريق بملوك الرعاة، أي البَدو. وقد ملكوا بمصر من عام 1900 إلى عام 1525 قبل ميلاد المسيح عليه السّلام. وكان عصرهم فيما بين مدة العائلة الثالثة عشرة والعائلة الثامنة عشرة من ملوك القبط، إذ كانت عائلات ملوك القبط قد بقي لها حكم في مصر العليا في
(يُتْبَعُ)
(/)
مدينة (طِيبة) كما تقدم عند قوله تعالى: {وقال الذي اشتراه} [سورة يوسف: 21]. وكان ملكهم في تلك المدة ضعيفاً لأن السيادة كانت لملوك مصر السفلى. ويقدّر المؤرخون أن ملك مصر السفلى في زمن يوسف عليه السّلام كان في مدة العائلة السابعة عشرة.
فالتعبير عنه بالملك في القرآن دون التعبير بفرعون مع أنه عبّر عن ملك مصر في زمن موسى عليه السّلام بلقب فرعون هو من دقائق إعجاز القرآن العلمي.
وقد وقع في التوراة إذ عبر فيها عن ملك مصر في زمن يوسف عليه السّلام فرعون وما هو بفرعون لأن أمته ما كانت تتكلم بالقبطية وإنما كانت لغتهم كنعانية قريبَة من الآرامية والعربية، فيكون زمن يوسف عليه السّلام في آخر أزمان حكم ملوك الرعاة على اختلاف شديد في ذلك)).
2 ـ في قوله تعالى ((وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم)) البقرة: 44
، قال: ((ومن لطائف القرآن في اختيار لفظ العهد للاستعارة هنا لتكليف الله تعالى إياهم أن ذلك خطاب لهم باللفظ المعروف عندهم في كتبهم فإن التوراة المنزلة على موسى عليه السلام تلقب عندهم بالعهد لأنها وصايات الله تعالى لهم ولذا عبر عنه في مواضع من القرآن بالميثاق وهذا من طرق الإعجاز العلمي الذي لا يعرفه إلا علماؤهم وهم أشح به منهم في كل شيء بحيث لا يعرف ذلك إلا خاصة أهل الدين فمجيئه على لسان النبيء العربي الأمي دليل على أنه وحي من العلام بالغيوب)).
ثانيًا: الإعجاز العلمي في اصطلاح المعاصرين
1 ـ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (الحج:14)
قال: ((وحرف (ثم) في قوله: {ثم خلقنا النطفة علقة} للترتيب الرتْبي إذ كان خلق النطفة علقة أعجبَ من خلق النطفة إذ قد صُير الماء السائل دَماً جامداً فتغير بالكثافة وتبدل اللون من عواملَ أودعها الله في الرحم.
ومن إعجاز القرآن العلمي تسمية هذا الكائن باسم العلَقة فإنه وضْع بديع لهذا الاسم إذ قد ثبت في علم التشريح أن هذا الجزء الذي استحالت إليه النطفة هو كائن له قوة امتصاص القوة من دم الأم بسبب التصاقه بعروق في الرحم تدفع إليه قوة الدم، والعلقة: قطعة من دم عاقد.
والمضغة: القطعة الصغيرة من اللحم مقدار اللقمة التي تمضغ. وقد تقدم في أول سورة الحج كيفية تخلق الجنين.
وعطف جَعل العَلقةِ مُضغةً بالفاء لأن الانتقال من العلقة إلى المضغة يشبه تعقيب شيء عن شيء إذ اللحم والدم الجامد متقاربان فتطورهما قريب وإن كان مكث كل طورٍ مدة طويلة)) وانظر أيضًا (خلق الإنسان من علق) في سورة العلق.
2 ـ في قوله تعالى: (خلق من ماء دافق. يخرج من بين الصلب والترائب) (الطارق 7)
قال: ((وأُطنب في وصف هذا الماء الدافق لإِدماج التعليم والعبرة بدقائق التكوين ليستيقظ الجاهل الكافر ويزداد المؤمن علماً ويقيناً.
ووُصف أنه يخرج من {بين الصلب والترائب} لأن الناس لا يتفطنون لذلك.
والخروج مستعمل في ابتداء التنقل من مكان إلى مكان ولو بدون بروز فإن بروز هذا الماء لا يكون من بين الصلب والترائب.
و {الصلب}: العمود العظمي الكائن في وسط الظهر، وهو ذو الفقرات.
و {الترائب}: جمع تريبة، ويقال: تَريب. ومحرّر أقوال اللغويين فيها أنها عظام الصدر التي بين الترقُوَتَيْن والثَّديين ووسموه بأنه موضع القلادة من المرأة.
والترائب تضاف إلى الرجل وإلى المرأة، ولكن أكثر وقوعها في كلامهم في أوصاف النساء لعدم احتياجهم إلى وصفها في الرجال.
وقوله: {يخرج من بين الصلب والترائب} الضمير عائد إلى {ماء دافق} وهو المتبادر فتكون جملة {يخرج} حالاً من {ماء دافق} أي يمر ذلك الماء بعد أن يفرز من بين صلب الرجل وترائبه.
وبهذا قال سفيان والحسن، أي أن أصل تكَوُّن ذلك الماء وتنقله من بين الصلب والترائب، وليس المعنى أنه يمر بين الصلب والترائب إذ لا يتصور ممر بين الصلب والترائب لأن الذي بينهما هو ما يحويه باطن الصدر والضلوع من قلب ورِئَتَيْن.
(يُتْبَعُ)
(/)
فجعل الإِنسان مخلوقاً من ماء الرجل لأنه لا يتكوّن جسم الإنسان في رحم المرأة إلا بعد أن يخالطها ماء الرجل فإذا اختلط ماء الرجل بما يُسمى ماء المرأة وهو شيء رطب كالماء يحتوي على بُوَيضات دقيقة يثبت منها ما يتكوّن منه الجنين ويُطرح ما عداه.
وهذا مخاطبة للناس بما يعرفون يومئذ بكلام مجمل مع التنبيه على أن خلق الإِنسان من ماء الرجل وماءِ المرأة بذكر الترائب لأن الأشهر أنها لا تطلق إلا على ما بين ثديي المرأة.
ولا شك أن النسل يتكون من الرجل والمرأة فيتكون من ماء الرجل وهو سائل فيه أجسام صغيرة تسمى في الطب الحيوانات المنوية، وهي خيوط مستطيلة مؤلفة من طرف مسطح بيضوي الشكل وذَنب دقيق كخيط، وهذه الخيوط يكون منها تلقيح النسل في رحم المرأة، ومقرها الأنثيان وهما الخصيتان فيندفع إلى رحم المرأة.
ومن ماء هو للمرأة كالمني للرجل ويسمى ماء المرأة، وهو بويضات دقيقة كروية الشكل تكون في سائل مقره حُويصلة من حويصلات يشتمل عليها مَبيضان للمرأة وهما بمنزلة الأنثيين للرجل فهما غدتان تكونان في جانبي رحم المرأة، وكل مَبيض يشتمل على عدد من الحُويصلات يتراوح من عشر إلى عشرين. وخروج البيضة من الحُويصلة يكون عند انتهاء نمو الحويصلة فإذا انتهى نموها انفجرتْ فخرجت البَيضة في قناة تبلغ بها إلى تجويف الرحم، وإنما يتم بلوغ البيضة النموَّ وخروجُها من الحويصلة في وقت حيض المرأة فلذلك يكثر العلوق إذا باشر الرجل المرأة بقرب انتهاء حيضها.
وأصل مادة كِلا الماءين مادة دموية تنفصل عن الدماغ وتنزل في عرقين خلف الأذنين، فأما في الرجل فيتصل العرقان بالنخاع، وهو الصلب ثم ينتهي إلى عرق يسمى الحَبْل المَنَوي مؤلف من شرايين وأوْرِدَةٍ وأعصاببٍ وينتهي إلى الأنثيين وهما الغدتان اللتان تُفرزاننِ المني فيتكون هنالك بكيفية دُهنية وتبقى منتشرة في الأنثيين إلى أن تفرزها الأنْثيان مادةً دهنية شحمية وذلك عند دغدغة ولَذع القضيب المتصل بالأنثيين فيندفق في رحم المرأة.
وأما بالنسبة إلى المرأة فالعرقان اللذان خلف الأذنين يمران بأعلى صدر المرأة وهو الترائب لأن فيه موضع الثديين وهما من الأعضاء المتصلة بالعروق التي يسير فيها دم الحيض الحاملُ للبويضات التي منها النسل، والحيض يسيل من فَوهات عروق في الرحم، وهي عروق تنفتح عند حلول إبان المحيض وتنقبض عقب الطُّهر. والرحم يأتيها عصب من الدماغ.
وهذا من الإِعجاز العلمي في القرآن الذي لم يكن علمٌ به للذين نزل بينهم، وهو إشارة مجملة وقد بينها حديث مسلم عن أم سلمة وعائشة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن احتلام المرأة، فقال: تغتسل إذا أبصرت الماء فقيل له: أترى المرأة ذلك فقال: وهل يكون الشبه إلا من قِبَل ذلك إذا علا ماءُ المرأة ماءَ الرجل أشبه الولد أخواله وإذا علا ماء الرجل ماءَها أشبه أعمامه»)).
ثالثًا: موافقة العقل الحق:
هذا النوع الذي ذكره لا يستريب فيه مسلم، إذ العقل الصحيح لا يناقضه النص الصريح مطلقًا، وكون العقل يتوصل إلى حدود وتقسيمات ومعلومات صحيحة فإنه لا يمكن أن يختلف ما يتوصل إليه الناس بعقولهم الصحيحة مع ما جاء في القرآن.
وفي قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)
قال: ((ويندرج في التي هي أحسن ردّ تكذيبهم بكلام غير صريح في إبطال قولهم من الكلام الموجّه، مثل قوله تعالى {وإنّا أو إيّاكم لعلى هدى أو في ضلال مبين} [سورة سبأ: 24]، وقوله: {وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون} [سورة الحج: 68].
والآية تقتضي أن القرآن مشتمل على هذه الطرق الثلاثة من أساليب الدعوة، وأن الرسول إذا دعا الناس بغير القرآن من خطبه ومواعظه وإرشاده يسلك معهم هذه الطرق الثلاثة. وذلك كله بحسب ما يقتضيه المقام من معاني الكلام ومن أحوال المخاطبين من خاصّة وعامّة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وليس المقصود لزوم كون الكلام الواحد مشتملاً على هذه الأحوال الثلاثة؛ بل قد يكون الكلام حكمة مشتملاً على غِلظة ووعيد وخالياً عن المجادلة. وقد يكون مجادلة غير موعظة، كقوله تعالى: ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرّم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض.
وكقول النبي إنك لتأكل المِرباع وهو حرام في دينك، قاله لعديّ بن حاتم وهو نصراني قبلَ إسلامه.
ومن الإعجاز العلمي في القرآن أن هذه الآية جمعت أصول الاستدلال العقلي الحقّ، وهي البرهان والخطابة والجَدل المعبّر عنها في علم المنطق بالصناعات وهي المقبولة من الصناعات. وأما السفسطة والشعر فيَرْبَأُ عنهما الحكماء الصادقون بله الأنبياء والمرسلين.
قال فخر الدين: إن الدعوة إلى المذهب والمقالةِ لا بدّ من أن تكون مبنيّة على حُجّة. والمقصود من ذكر الحجّة إما تقرير ذلك المذهب وذلك الاعتقاد في قلوب السامعين، وإما إلزام الخصم وإفحامُه.
أما القسم الأول فينقسم إلى قسمين لأن تلك الحجّة إما أن تكون حُجّة حقيقية يقينية مبرأة من احتمال النقيض، وإما أن لا تكون كذلك بل تكون مفيدة ظناً ظاهراً وإقناعاً، فظهر انحصار الحجج في هذه الأقسام الثلاثة:
أولها: الحجّة المفيدة للعقائد اليقينية وذلك هو المسمّى بالحكمة.
وثانيها: الأمارات الظنّية وهي الموعظة الحسنة.
وثالثها: الدلائل التي القصد منها إفحام الخصم وذلك هو الجَدل.
وهو على قسمين، لأنه: إما أن يكون مركّباً من مقدّمات مسلّمة عند الجمهور وهو الجدل الواقع على الوجه الأحسن، وإما أن يكون مركّباً من مقدّمات باطلة يحاول قائلها ترويجها على المستمعين بالحيل الباطلة. وهذا لا يليق بأهل الفضل» ا ه.
وهذا هو المدعو في المنطق بالسفسطة، ومنه المقدمات الشعرية وهي سفسطة مزوّقة.
والآية جامعة لأقسام الحجّة الحقّ جمعاً لمواقع أنواعها في طرق الدعوة، ولكن على وجه التّداخل، لا على وجه التباين والتقسيم كما هو مصطلح المنطقيين، فإن الحجج الاصطلاحية عندهم بعضها قسيم لبعض، فالنسبة بينها التبايُن. أما طرق الدعوة الإسلامية فالنسبة بينها العموم والخصوص المطلق أو الوجهي. وتفصيله يخرج بنا إلى تطويل، وذهنك في تفكيكها غير كليل.
فإلى الحكمة ترجع صناعة البرهان لأنه يتألف من المقدمات اليقينية وهي حقائق ثابتة تقتضي حصول معرفة الأشياء على ما هي عليه.
وإلى الموعظة ترجع صناعة الخطابة لأن الخطابة تتألف من مقدّمات ظنّية لأنها مراعى فيها ما يغلب عند أهل العقول المعتادة. وكفى بالمقبولات العادية موعظة. ومثالها من القرآن قوله تعالى {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلا} [سورة النساء: 22] فقوله: {ومقتاً} أشار إلى أنّهم كانوا إذا فعلوه في الجاهلية يُسمونه نكاح المَقت، فأجري عليه هذا الوصف لأنه مُقنع بأنه فاحشة، فهو استدلال خطابي.
وأما الجدل فما يورد في المناظرات والحجاج من الأدّلة المسلّمة بين المتحاجَيْن أو من الأدّلة المشهورة، فأطلق اسم الجدل على الاستدلال الذي يروج في خصوص المجادلة ولا يلتحق بمرتبة الحكمة. وقد يكون مما يُقبل مثله في الموعظة لو ألقي في غير حال المجادلة. وسمّاه حكماء الإسلام جدلاً تقريباً للمعنى الذي يطلق عليه في اللغة اليونانية)).
وقبل أن أختم هذا المقال أحبُّ أن أبين نظر الطاهر بن عاشور مقام الإعجاز العلمي بأنواعه، قال: ((وهذه الجهة من الإعجاز إنما تثبت للقرآن بمجموعه أي مجموع هذا الكتاب إذ ليست كل آية من آياته ولا كل سورة من سوره بمشتملة على هذا النوع من الإعجاز، ولذلك فهو إعجاز حاصل من القرآن وغير حاصل به التحدي إلا إشارة نحو قوله: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) ... )) التحرير والتنوير (1: 129).
وهذا يفيد في أن بيان الإعجاز في هذه القضية ـ عنده ـ إنما هو بالأمر الكلي، وليس بالتفاصيل، فالآية الواحدة المبينة للإعجاز العلمي لا يلزم أن تقوم مقام الحجة في الإعجاز، وإنما يكون مقام الحجة بمجموعها الذي نص عليه القرآن أو أشار إليه، وهذه مسألة مهمة تحتاج إلى بيان وإيضاح.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[12 Jan 2008, 06:51 م]ـ
أشكر لأخي الكريم الفاضل الشيخ د. مساعد الطيار همته، ومبادرته للكتابة عن الإعجاز العلمي عند ابن عاشور.
وإن كان هناك من بركة فهي بسببه، وبسبب الشيخ د. إبراهيم الحميضي؛ فالشيخ د. إبراهيم هو صاحب الفكرة والدعوة الأولى، والشيخ د. مساعد صاحب الدعوة الأخيرة.
ثم يزجى الشكر للشيخ د. عبدالرحمن الشهري لنشره نص اللقاء، وبيانه ما دار فيه، وكذلك للإخوة المشاركين الذين تكرموا بإثراء هذا الموضوع.
والمقصود بالإعجاز العلمي ههنا الحقائقُ العلمية التي كشف عنها العلم، ووافقت أحدث ما انتهى إليه الكشف العلمي في هذا العصر مع كونها مجهولة في عصر النبوة وما بعده لقرون عديدة.
والشيخ ابن عاشور -كما يقول الدكتور بلقاسم الغالي-: "حين يأخذ بهذا اللون من الإعجاز إنما يأخذ به في اعتدال فهو يخالف الشاطبي الذي يرى (أن الشريعة أمية ليس فيها من علوم المتقدمين والمتأخرين شيء؛ لذلك لا ينبغي تناول آيات القرآن من وجهة نظر العلوم الحكمية بجميع أنواعها).
وهو يخالف المغالين الذين أسرفوا في تأويل آيات إلى حد التكلف والمجافاة للفظ القرآن وسياقه، ولم يخرج الألفاظ والتراكيب عند مدلولاتها اللغوية، ولم يحمل النصوص ما لا تحتمل" ا-هـ.
وقد تعرض الشيخ ابن عاشور في تفسيره لمسائل في الإعجاز العلمي، ونص على هذه التسمية في مواضع عديدة كما في المقدمة العاشرة من تفسيره، وكما في تفسيره لقوله -تعالى-: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً ... ) الأنبياء:30.
وكما في تفسيره لقوله -تعالى-: (خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) العلق.
ولقد أوغل الشيخ ابن عاشور في هذا الباب برفق؛ حيث لم يكن ممن أنكروا ذلك، ولم يكن -أيضاً- ممن أغرق في النظريات العلمية، واسترسل مع دقائقها؛ فلعل هذا هو المنهج الراشد في هذه المسألة.
وعلى كل حال فهناك مادة طيبة في تفسير ابن عاشور حول هذا الشأن؛ فلو استقصى باحث مادة الإعجاز العلمي بجميع تفريعاتها -أي أنه بحث في كلمة إعجاز، أو معجزة علمية، أو نحو ذلك من مشتقات هذه المادة– لظفر بمادة لا يستهان بها؛ فكيف إذا أضاف إليها ما لم ينص عليه بأنه إعجاز، وإنما ساقه في نحو ذلك المساق، وذلك عندما يتعرض إلى كثير من النظريات في علم الطب، أو التشريح، أو الفلك، أو المعادن، أو الطير، أو الحيوان، أو نحو ذلك مما له مساس بالإعجاز العلمي، كحديثه عن حالة النوم 21/ 76 وعن ألوان لحوم البشر 21/ 47 - 75؟.
لا شك أن ذلك سيكون إضافة علمية عظيمة لعلها تؤيد هذا العلم، وترشِّده، وتُعْظِم الفائدة منه –إن شاء الله-.
وعسى الله أن يقيض لهذا البحث من يقوم به، ولعل الشيخ د. مساعداً ينبري لهذا العمل الجليل، وله دعاء وثناء جميل في العاجل، وثواب جزيل وأجر غير مجذوذ في الآجل.
وقبل الختام أود أن أشير إلى أن نسخة التفسير التحرير والتنوير الموجودة على الشبكة العالمية تحتوي على سقط وخطأ كثير جداً، إلا إن كان هناك نسخ جديدة نزلت حديثاً.
وأختم هذه المشاركة بأنه لا ينبغي الاستهانة بموضوع الإعجاز العلمي؛ لأن نفراً غير قليل من المسلمين وغير المسلمين يستهويهم هذا الباب، خصوصاً الباحثين الجادين من غير المسلمين في مجالات العلوم المادية البحتة، فربما دخلوا الإسلام بسبب ما وقفوا عليه من نصوص الكتاب والسنة في هذا الشأن.
ولقد اعتنق بعض الأوربيين الإسلام لما وجد وصف القرآن للبحر وصفاً شافياً مع كون النبي –صلى الله عليه وسلم- لم يركب البحر طول عمره، و1لك مثل قوله –تعالى-: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) النور: 40.
ولقد كان لهذا النوع –أعني الإعجاز العلمي- رواج إبان موجة الإلحاد الذي روجت له الشيوعية، وقد أنقذ الله به أمماً من مستنقع الإلحاد الآسن.
ومن نظر في كتاب (الله يتجلى في عصر العلم) -وقد كتبه ثلاثون من علماء الطبيعة، والفلك ممن انتهت إليهم الرياسة في هذه الأمور (1) - ومثله كتاب (كريسي مريسون) رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك (الإنسان لا يقوم وحده) وترجم إلى العربية تحت عنوان (العلم يدعو إلى الإيمان) (2) – يدرك أن العالِمَ الحقيقي لا يكون إلا مؤمناً، وأن العامي لا يكون إلا مؤمناً، وأن الإلحاد والكفر لا يكونان إلا من أنصاف العلماء وأرباع العلماء، ممن تعلم قليلاً من العلم، وخسر بذلك الفطرة المؤمنة، ولم يصل إلى العلم الذي يدعو إلى الإيمان.
وقل مثل ذلك في كتاب (التوراة والإنجيل والقرآن والعلم) للدكتور الفرنسي موريس بوكاي حيث بين في هذا الكتاب أن التوراة المحرفة، والإنجيل المحرف الموجودين اليوم يتعارضان مع الحقائق العلمية، في الوقت الذي سجل فيه هذا الكتاب شهادات تفوق للقرآن الكريم سبق بها القرآن العلمَ الحديث.
وأثبت الكاتب من خلال ذلك أن القرآن لا يتعارض أبداً مع الحقائق العلمية، بل إنه يتفق معها تمام الاتفاق.
ــــــــ
(1) تأليف نخبة من العلماء الأمريكيين بمناسبة السنة الدولية لطبيعيات الأرض، أشرف على تحريره: جون كلوفرمونسيما، ترجمة د. الدمرداش عبدالمجيد سرحان، راجعه وعلق عليه د. محمد جمال الفندي.
(2) ترجمه إلى العربية محمد صالح الفلكي، والكتابان من منشورات دار القلم – بيروت.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[13 Jan 2008, 11:11 م]ـ
ذكر الأخ/ العبادي هنا ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=10598)
أن هناك رسالة علمية مقدمة من الأخ: محمود البعداني لقسم التفسير بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بعنوان: (الإعجاز عند الطاهر ابن عاشور)
ـ[مرهف]ــــــــ[14 Jan 2008, 03:39 ص]ـ
للدكتورة هند شلبي مقال في مجلة المنهل العدد 450 بعنوان إعجاز القرآن تكلمت فيه عن كتاب العلامة ابن عاشور رحمه الله (تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد) والذي اختصره بعبارة (التحرير والتنوير)، وأشارت في آخر مقالها إلى بعض المواضع التي تناول فيها الشيخ ابن عاشور رحمه الله تفسير الآيات في ضوء العلوم الحديثة بعدما ذكرت أنها كثيرة، وذكرت أن تفسير الشيخ ابن عاشور قد جمع في طريقة تأليفه بين تيارين:
1 - تيار تناول التفسير من ناحية بلاغية ولا شك من أنه قد أبدع في هذه الناحية.
2 - تيار تناول التفسير من ناحية علمية وهذا الجانب وإن لم يكن هو الطابع المميز غير أنه رحمه الله قد وفاه حقه ...
وختمت الدكتورة هند مقالها بنعت تفسير ابن عاشور بما نعته صاحبه حين قال عنه: (ففيه أحسن ما في التفاسير ... وفيه أحسن مما في التفاسير)
أقول: يعد تفسير ابن عاشور من التفاسير التي انتهجت اتجاه التفسير العلمي المنضبط في زحمة المؤلفات التي شطت في هذا الاتجاه، وإن لم يكن هذا الاتجاه طابعاً مميزاً ومقصوداً فيه، ومما تميز به رحمه الله في بعض تفسيره أنه يشير إلى جوانب علمية استناداً إلى دقائق بلاغية، مثال ذلك عند قوله تعالى: (فيه تسيمون) من سورة النحل، فيقول رحمه الله: (ومن الدقائق البلاغية الإتيان بحرف (في) الظرفية، فالإسامة فيه تكون بالأكل منه والأكل مما تحته من العشب) وهذه الجملة منه استدعتني سؤال المختصين بالرعي والزراعة إن كانت الأنعام تقصد ما تحت العشب بالأكل كالجذور مثلاً، فكان الجواب أنها تقصد ما تحت العشب بالرعي إن كانت من الأعشاب الدرنية كالبطاطا والجزر و ... نحو ذلك، ولكنها لا تقصد الجذور في الأكل إلا إن كانت العشبة ضعيفة فيخرج جذرها معها عند الأكل فتأكله، وهذه طريقة عزيزة في التفسير، ثم انظر كلامه في تفسير قوله تعالى: (ويخلق ما لا تعلمون) من النحل أيضاً وهذا من المواضع التي تكلم فيها عن الإعجاز العلمي في تفسيره، وله في بيانها كلامٌ نفيسٌ.(/)
ما الإعراب المختار لكلمة في سور الحاقة؟
ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[12 Jan 2008, 03:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في الآية 13 من سورة الحاقة: {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة} قرئت " واحدة "بالضم في كل القراءات وقرئت في الشواذ بالنصب وهو المتبادر الى الذهن لأول وهلة كما تقتضي قواعد الإعراب ويبقى المهم وهو ما قاله العلماء في إعراب " نفخة " بالضم وهذا ما آمل الاتفاق فيه على قول راجح
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[12 Jan 2008, 04:38 م]ـ
الخلاف في توجيه النصب على المذهبين المشهورين للنحاة على المفعولية المطلقة أو على إسناد الفعل إلى الجار والمجرور
أما قراءة الرفع فهي على النيابة عن الفاعل ولا إشكال فيها وهو الذي تقتضيه قواعد الإعراب
نُفخ: فعل مبني لما لم يسم فاعله
نفخة: نائب فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمه الظاهرة
ولو سمي الفاعل لكان الذي تقتضيه قواعد الإعراب أن تقرأ بالنصب
وكذلك لو ناب المفعول عن الفاعل لكان الوجه النصب كما في قوله تعالى في الآية التي تليها: (وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة)
فدكتا: ناب ضمير الرفع التاء عن المفعول فكان الوجه نصب (دكةً) على المفعولية المطلقة
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[12 Jan 2008, 06:36 م]ـ
جاء في كتاب السمين الحلبي /
الدر المصون في علم الكتاب المكنون؛ في:
إعراب الآية رقم (13) من سورة (الحاقة):
{فَإِذَا نُفِخَ فِي ?لصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}:
{قوله: {وَاحِدَةٌ}: تأكيدٌ ونَفْخَةٌ مصدرٌ قام مقامَ الفاعلِ. وقال ابن عطية: "لَمَّا نُعِتَ صَحَّ رَفْعُهُ" انتهى.
ولو لم يُنْعَت لصَحَّ رفعُه لأنه مصدرٌ مختصٌ لدلالتِه على الوَحْدة، والممنوعُ عند البصريين إنما هو إقامةُ المبهمِ نحو:
ضُرِب ضَرْبٌ. والعامَّةُ على الرفعِ فيهما، وقرأ أبو السَّمَّال بنصبِهما كأنه أقام الجارَّ مُقامَ الفاعلِ،
فترك المصدرَ على أصله، ولم يؤنِّثِ الفعلَ وهو "نُفخَ"؛
لأنَّ التأنيثَ مجازيٌ، وحَسَّنه الفَصْلُ ... ).
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[12 Jan 2008, 08:32 م]ـ
الحمد لله
فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة
نفخة هنا مصدر ناب عن الفاعل لعدم وجود المفعول .... وهذا هو المتبادر الى اللسان السليقي .. ومقتضى الصناعة
النحوية .. لأن المفعول به اذا غاب ناب عنه المصدر المتصرف المختص او الظرف المتصرف المختص او المجرور.
و المصدر هنا متصرف و مختص لا ابهام فيه ... قد زال عنه الابهام بنعت واحدة.
ولو لم يزل عنه الابهام بهذا النعت لكان الأشبه أن يكون منصوبا ... و سيبويه فيما أعلم يجيز البناء للمفعول
حتى في الافعال الازمة فيكون المصدر عنده نائبا عن الفاعل ولو كان مبهما. و الله اعلم.(/)
نص مقدمة كتاب (أحكام القرآن) لابن العربي المالكي التي خلت منها جميع الطبعات
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Jan 2008, 12:31 ص]ـ
http://tafsir.net/vb/mwaextraedit4/extra/01.png
طبع كتاب أحكام القرآن للقاضي أبي بكر بن العربي المالكي الأندلسي المتوفى سنة 543هـ عدة طبعات، الأولى عام 1331هـ بأمر السلطان عبدالحفيظ العلوي المغربي، وبعدها في دار المعارف بالقاهرة، ثم بعد ذلك في دار الكتب العلمية في بيروت، غير أن الكتاب في طبعاته كلها خالٍ من المقدمة مع أهميتها.
وقد تتبع الباحث المختص بابن العربي المالكي الدكتور محمد بن الحسين السليماني وفقه الله مخطوطات هذا الكتاب حتى عثر على المقدمة في مكتبة متحف طوب قبو بإستانبول تحت رقم 1/ 130 أ، رقم التصنيف 1820، كما وجدها ثابتة في نسخة مكتبة برلين بألمانيا تحت رقم 46 MF 801 .
ونظراً لأهميتها فقد أثبتها في تقديمه ودراسته وتحقيقه لكتاب القاضي ابن العربي المالكي (المسالك في شرح موطأ مالك) عند حديثه عن مؤلفاته وأخبارها.
وقد رأيتُ الحاجة ماسة لنشر هذه المقدمة لأهميتها في ملتقى أهل التفسير لينتفع بها من عنده كتاب (أحكام القرآن)، ولما فيها من الفوائد العلمية، سائلاً الله تعالى أن يجزي الدكتور محمد السليماني خيراً على بحثه وتتبعه لهذه المقدمة حتى عثر عليها ونشرها، وإليكم نص المقدمة.
بسم الله الرحمن الرحيم، عونك اللهم برحمتك
قال الإمام القاضي أبو بكر محمد بن عبدالله بن العربي - رضي الله عنه:
ذِكْرُ الله مقدمٌ على كل أمرٍ ذي بال، ومن لم يطع الله فعمره عليه وبال، فحق على كل متعاطي أمرٍ أن يجعله مفتتحه ومختتمه، عسى الله أن يسامحه فيما اجترمه، فما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله. ولو كنا مفيضين في غير الباب الذي تصدينا، وإياه انتحينا، لالتزمناه في كل فصل، وأعددناه ذخيرة ليوم الفصل، ولكنا بعون الله وتأييده وتوفيقه وتسديده، في كتابه نتكلم وبذكره سبحانه نبدأ ونختتم، ومتناولنا القول في جمل من علوم القرآن، وإن كانت علومه لا تحصى، ومعارفه - كما سبق بيانه مني - لا تستقصى، وعلى الخبير سقطت فإنا جعلناه أيام طلبنا غرضنا الأظهر ومقصدنا الأكبر، لأنه الأول في المعلومات، والآخر في المبادئ من المعارف والغايات.
وقد انتحى العلماء هذا الغرض الذي نحن فيه، فآخذ بحظ ومقصر في آخر، وربنا تعالى يعلم المستقدم من المستأخر، فالعلم مقسوم كما أن الرزق محتوم وهو فيه.
وقد نجز القول في القسم الأول من علوم القرآن وهو التوحيد، وفي القسم الثاني وهو الناسخ والمنسوخ على وجه فيه إقناع، بل غاية لمن أنصف وكفاية، بل سعة لمن سلم للحق واعترف، فتعين الاعتناء بالقسم الثالث وهو القول في أحكام أفعال المكلفين الشرعية، وهو باب قرعه جماعة، فأولجوا وأغاروا فيه على صاحبه، فبحثوا فيه ما بحثوا واستخرجوا، والفضل للمتقدم.
ولم يؤلف في الباب أحدٌ كتاباً به احتفال إلا محمد بن جرير الطبري، شيخ الدين فجاء بالعجب العجاب، ونشر فيه لباب الألباب ... )
انظر كتاب: المسالك في شرح موطأ مالك للقاضي ابن العربي / المقدمة الدراسية للمحققين / 1/ 101 - 102، تحقيق الدكتور محمد بن الحسين السليماني وعائشة بنت الحسين السليماني، ط. دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى 1428هـ
في 5/ 1/1429هـ
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[13 Jan 2008, 09:02 ص]ـ
مقدمة مفيدة جزاك الله خيراً يا دكتور عبد الرحمن ..
وهل يقصد تفسير ابن جرير بقوله: (ولم يؤلف في الباب أحدٌ كتاباً به احتفال إلا محمد بن جرير الطبري) فيعده من كتب أحكام القرآن ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Jan 2008, 10:50 ص]ـ
في هذه المقدمة - على وجازتها - فوائد، ويمكن ذكر بعضها:
(يُتْبَعُ)
(/)
أولاً: في قوله: (ومتناولنا القول في جمل من علوم القرآن، وإن كانت علومه لا تحصى، ومعارفه - كما سبق بيانه مني - لا تستقصى، وعلى الخبير سقطت فإنا جعلناه أيام طلبنا غرضنا الأظهر ومقصدنا الأكبر، لأنه الأول في المعلومات، والآخر في المبادئ من المعارف والغايات) إشارة إلى أنه لا يرى حصر علوم القرآن بعلوم معينة كما هو عند من كتب في علوم القرآن، وإنما يتناول بعض علومه المهمة في مصنفات متفرقة، وفي هذا تأكيد لما ذكره هو في بعض كتبه - لا أتذكر هل هو قانون التأويل أو غيره - من أن أنواع علوم القرآن تبلغ الآف العلوم، ولا أتذكر نص عبارته بدقة فهي عبارة متداولة له.
ثانياً: أنه يعد الحديث في التوحيد والعقيدة وأصول الدين من جملة (علوم القرآن)، وقد صنف في ذلك كتباً، ولكن اليوم لا يعد علم العقيدة من علوم القرآن.
ثالثاً: اعتبر الحديث في الناسخ والمنسوخ من علوم القرآن وكتابه في ذلك من الكتب المهمة وقد حققه المدغري وطبعته وزارة الأوقاف المغربية، وعلم الناسخ والمنسوخ من أهم علوم القرآن حتى اليوم.
رابعاً: قدم لمقصوده بكتابه أحكام القرآن بقوله بعد ذلك: (فتعين الاعتناء بالقسم الثالث وهو القول في أحكام أفعال المكلفين الشرعية) وهو في الحقيقة علم الفقه، لكنه يقصد به من خلال آيات القرآن التي تناولت الأحكام كما يظهر من خلال الكتاب. ولا أدري عن طريقته في تقسيمها إلى القسم الأول والثاني والثالث، هل هي قسمة حاصرة سبق أن ذكرها في أحد كتبه، أم أنه يتناولها واحداً واحداً ويسمي ما بدأ به القسم الأول والثاني الثاني وهكذا دون حصر لها بأقسام محددة.
ولم يتبين لي مقصوده بقوله: (وهو باب قرعه جماعة، فأولجوا وأغاروا فيه على صاحبه، فبحثوا فيه ما بحثوا واستخرجوا، والفضل للمتقدم) هل يقصد به ما قام به القاضي إسماعيل بن إسحاق القاضي في كتابه أحكام القرآن مثلاً وهو مالكي متقدم توفي سنة 282هـ صنف في أحكام القرآن قبل ابن العربي بكثير، أم يقصد غيره الله أعلم.
خامساً: أما قوله عن الإمام الطبري: (ولم يؤلف في الباب أحدٌ كتاباً به احتفال إلا محمد بن جرير الطبري، شيخ الدين فجاء بالعجب العجاب، ونشر فيه لباب الألباب) فلا يعني به فيما يبدو لي كتاب التفسير (جامع البيان في تأويل آي القرآن) وإن كان محتملاً - وإنما يعني به أحد كتابين:
1 - كتابه الفقهي الذي سماه البسيط، وفي بعض التراجم (بسيط القول في أحكام شرائع الإسلام) وهو كتاب حافل كما يذكرون عنه. قال الذهبي: (وابتدأ بكتابه البسيط فخرج منه كتاب الطهارة، وجاء في نحو ألف وخمسمائة ورقة؛ لأنه ذكر في كل باب منه اختلاف الصحابة والتابعين وحجة كل قوم، وخرج منه أكثر كتاب الصلاة وآداب الأحكام، وكتاب الحكام والمحاضر والسجلات) فهذا يعني أنه كتاب حافل في أحكام المكلفين.
2 - لطيف القول في البيان عن أصول الأحكام. وهو كتاب حافل كما يذكر عنه في أصول الأحكام الشرعية، ولعل جانباً كبيراً منه في أصول الفقه والله أعلم. وله اختصار له سماه (الخفيف في الفقه).
وكتاب الطبري في التفسير كتاب مليء أيضاً بالحديث عن أحكام القرآن، فقد يكون هو المقصود والله أعلم، لكن الطبري لم يفصل في الأحكام في تفسيره، وكان يقظاً للحدود التي ينبغي للمفسر أن يقف عندها ولا يتجاوزها فيدخل في علوم أخرى ليست من صلب التفسير. هذا مجرد رأي أعرضه بين أيديكم للنقاش حوله والله أعلم بالصواب.
ـ[يسري خضر]ــــــــ[13 Jan 2008, 11:10 ص]ـ
شكرا
ـ[يزيد الصالح]ــــــــ[13 Jan 2008, 12:49 م]ـ
جزاكم الله خيراً ....
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[13 Jan 2008, 07:04 م]ـ
سابق لكل خير أبا عبد الله , كنت في طريق كتابة هذه المقدمة للملتقى , نفع الله بكم.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[13 Jan 2008, 08:46 م]ـ
جزاكم الله خيراً
وأحسن إليكم
أخانا الكريم الفاضل
الدكتور عبدالرحمن الشهري
ـ[السائح]ــــــــ[13 Jan 2008, 08:46 م]ـ
ولم يؤلف في الباب أحدٌ كتاباً به احتفال إلا محمد بن جرير الطبري، شيخ الدين فجاء بالعجب العجاب، ونشر فيه لباب الألباب
جزاكم الله خيرا.
هل أصل العبارة هكذا: شيخ الدين؟ أم شيخ المفسّرين؟
ولباب الألباب لها وجه، لكن هل أصلها: لباب اللباب؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Jan 2008, 10:13 م]ـ
الزملاء الفضلاء: د. يسري خضر، يزيد الصالح، أبا بيان، د. مروان الظفيري، السائح
جزاكم الله خيراً على دعواتكم، ونحن نفرح بأي معلومة نعثر عليها لنشرك فيها أمثالكم من محبي العلم، والراغبين في فرائده وفوائده.
جزاكم الله خيرا.
هل أصل العبارة هكذا: شيخ الدين؟ أم شيخ المفسّرين؟
ولباب الألباب لها وجه، لكن هل أصلها: لباب اللباب؟
العبارة كما في الكتاب هي: شيخ الدين، وليست شيخ المفسرين، وهو جدير بهما رحمه الله وجمعنا به في جنات النعيم فقد أحببناه في الله ودعونا الله له بالمغفرة كثيراً على مصنفاته البديعة الفريدة.
وكذلك لباب الألباب، ولها وجه - كما تفضلتم- بمعنى: خلاصة العقول وزبدتها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[السائح]ــــــــ[13 Jan 2008, 11:19 م]ـ
بارك الله فيكم.
ـ[محمد براء]ــــــــ[16 Jan 2008, 02:18 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[محمد العواجي]ــــــــ[16 Jan 2008, 05:43 م]ـ
وفقك الله شيخنا الجليل للخيرات وأصلح لك النية والذرية وبارك في علمك وعملك وجعلك مباركا أينما كنت
ولكن هل ترون مناسبا إعادة تحقيق الكتاب على هيئة رسائل علمية؟
لإكمال ما نقص ولبيان ماحرِّف في الطبع
ولبيان وجه ما قد يستغربه غير الفطن من مسائله وفرائده
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[17 Jan 2008, 01:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة كتاب الهادي في المقاطع والمبادي
ذكَّرني الموضوع الذي تفضل بعرضه الدكتور عبد الرحمن الشهري حول العثور على مقدمة كتاب أحكام القرآن لابن العربي بكتاب الهادي في المقاطع والمبادي لأبي العلاء العطار فيبدو أن مقدمة الكتاب قد سقطت أيضا، وقد تكون مقدمة طويلة كما جرى المؤلف على كتابة مقدمات طويلة لكتبه، فالنسخة التي حققها الدكتور عمر الطلالقة في الجامعة الإسلامية ببغداد من الكتاب تبدأ بقول المؤلف بعد الافتتاح بالحمد لله والصلاة على نبيه:" فهذه جملة الأصول وأنا على بركة الله وعونه أذكر ما في كل سورة من الوقف من فاتحة الكتاب إلى خاتمته".وهذه العبارات واردة في كتابه (غاية الاختصار في العشر) فبعد أن تحدث عن الأسانيد وأصول القراءات في عشرة أبواب طوال استغرقت المجلد الأول من الكتاب قال:" فهذه جمل الأصول مختصرة وأنا على بركة الله وعونه أذكر الحروف المختلف فيها في السور ".
والأمر يحتاج للتأكد من ذلك الاطلاع على نسخ الكتاب الخطية التي لم يطلع عليها المحقق الفاضل، وهي ثلاث نسخ في الأقل اثنتان في استانبول والأخرى في تونس، وسمعت من قبل أن الكتاب محقق في إحدى الجامعات السعودية ولعل الدكتور عبد الرحمن الشهري وفقه الله تعالى يتمكن من الاطلاع على هذا التحقيق وينقل إلينا ما يجده حول المقدمة المفترضة للكتاب، والله ولي التوفيق.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Nov 2009, 08:01 م]ـ
حياكم الله يا دكتور غانم
أنا لا أعرف أين حقق هذا الكتاب حتى أتحقق من الأمر، فلعل الزملاء الذين لهم معرفة بالكتاب أن يفيدونا بذلك مشكورين، وأخص منهم أخي حسين المطيري فهو خبير بالكتاب.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[16 Nov 2009, 09:52 م]ـ
ألم يناقش الأمر هنا فيما مضى
http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?p=81660
وجزاكم الله خيرا، وأحسن إليكم
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[17 Nov 2009, 12:46 ص]ـ
طبع كتاب أحكام القرآن للقاضي أبي بكر بن العربي المالكي الأندلسي المتوفى سنة 543هـ عدة طبعات، الأولى عام 1331هـ بأمر السلطان عبدالحفيظ العلوي المغربي، وبعدها في دار المعارف بالقاهرة، ثم بعد ذلك في دار الكتب العلمية في بيروت، غير أن الكتاب في طبعاته كلها خالٍ من المقدمة مع أهميتها.
وقد تتبع الباحث المختص بابن العربي المالكي الدكتور محمد بن الحسين السليماني وفقه الله مخطوطات هذا الكتاب حتى عثر على المقدمة في مكتبة متحف طوب قبو بإستانبول تحت رقم 1/ 130 أ، رقم التصنيف 1820، كما وجدها ثابتة في نسخة مكتبة برلين بألمانيا تحت رقم 46 MF 801 .
ونظراً لأهميتها فقد أثبتها في تقديمه ودراسته وتحقيقه لكتاب القاضي ابن العربي المالكي (المسالك في شرح موطأ مالك) عند حديثه عن مؤلفاته وأخبارها.
وقد رأيتُ الحاجة ماسة لنشر هذه المقدمة لأهميتها في ملتقى أهل التفسير لينتفع بها من عنده كتاب (أحكام القرآن)، ولما فيها من الفوائد العلمية، سائلاً الله تعالى أن يجزي الدكتور محمد السليماني خيراً على بحثه وتتبعه لهذه المقدمة حتى عثر عليها ونشرها، وإليكم نص المقدمة.
بسم الله الرحمن الرحيم، عونك اللهم برحمتك
قال الإمام القاضي أبو بكر محمد بن عبدالله بن العربي - رضي الله عنه:
(يُتْبَعُ)
(/)
ذِكْرُ الله مقدمٌ على كل أمرٍ ذي بال، ومن لم يطع الله فعمره عليه وبال، فحق على كل متعاطي أمرٍ أن يجعله مفتتحه ومختتمه، عسى الله أن يسامحه فيما اجترمه، فما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله. ولو كنا مفيضين في غير الباب الذي تصدينا، وإياه انتحينا، لالتزمناه في كل فصل، وأعددناه ذخيرة ليوم الفصل، ولكنا بعون الله وتأييده وتوفيقه وتسديده، في كتابه نتكلم وبذكره سبحانه نبدأ ونختتم، ومتناولنا القول في جمل من علوم القرآن، وإن كانت علومه لا تحصى، ومعارفه - كما سبق بيانه مني - لا تستقصى، وعلى الخبير سقطت فإنا جعلناه أيام طلبنا غرضنا الأظهر ومقصدنا الأكبر، لأنه الأول في المعلومات، والآخر في المبادئ من المعارف والغايات.
وقد انتحى العلماء هذا الغرض الذي نحن فيه، فآخذ بحظ ومقصر في آخر، وربنا تعالى يعلم المستقدم من المستأخر، فالعلم مقسوم كما أن الرزق محتوم وهو فيه.
وقد نجز القول في القسم الأول من علوم القرآن وهو التوحيد، وفي القسم الثاني وهو الناسخ والمنسوخ على وجه فيه إقناع، بل غاية لمن أنصف وكفاية، بل سعة لمن سلم للحق واعترف، فتعين الاعتناء بالقسم الثالث وهو القول في أحكام أفعال المكلفين الشرعية، وهو باب قرعه جماعة، فأولجوا وأغاروا فيه على صاحبه، فبحثوا فيه ما بحثوا واستخرجوا، والفضل للمتقدم.
ولم يؤلف في الباب أحدٌ كتاباً به احتفال إلا محمد بن جرير الطبري، شيخ الدين فجاء بالعجب العجاب، ونشر فيه لباب الألباب ... )
انظر كتاب: المسالك في شرح موطأ مالك للقاضي ابن العربي / المقدمة الدراسية للمحققين / 1/ 101 - 102، تحقيق الدكتور محمد بن الحسين السليماني وعائشة بنت الحسين السليماني، ط. دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى 1428هـ
في 5/ 1/1429هـ
و ما تفضل الأخ الفاضل د. عبد الرحمن الشهري بنقله - للمقدمة التي كتبها الإمام أبو بكر بن العربي - يمكن الاطلاع على أصله و تحميله من هذه الروابط، الجزء الأول، صفحة 102
http://www.kabah.info/uploaders/o_za...k/masalik0.pdf
http://www.kabah.info/uploaders/o_za...k/masalik1.pdf
http://www.kabah.info/uploaders/o_za...k/masalik2.pdf
http://www.kabah.info/uploaders/o_za...k/masalik3.pdf
http://www.kabah.info/uploaders/o_za...k/masalik4.pdf
http://www.kabah.info/uploaders/o_za...k/masalik5.pdf
http://www.kabah.info/uploaders/o_za...k/masalik6.pdf
http://www.kabah.info/uploaders/o_za...k/masalik7.pdf
http://www.kabah.info/uploaders/o_za...k/masalik8.pdf
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[31 Oct 2010, 07:45 ص]ـ
بارك الله فيكم جميعاً.
تبين لي بعد الاطلاع على رسالة الدكتوراه للدكتور علي بن سليمان العبيد (تفاسير آيات الأحكام ومناهجها) (1) التي نوقشت في 24/ 6/1407هـ أنه قد سبق إلى نقل مقدمة أحكام القرآن لابن العربي كاملةً مصحوبةً بصورة المخطوطة، غير أن تأخر نشر الرسالة حتى عام 1431هـ جعل هذه الفائدة تغيب عنا.
حيث ذكر في كتابه 1/ 265 أن جميع طبعات الكتاب فيها خرم من أولها حيث تبدأ من قول ابن العربي: ( ... الطبري شيخ الدين، فجاء فيه بالعجب العجاب ... ).
قال د. علي العبيد: (وقد عثرت على المقدمة كاملة في نسختين يبدو أن المحقق لم يطلع عليهما /
الأولى: في متحف طوبقبوسراي بمدينة استانبول بتركيا برقم 1/ A130 رقم التصنيف 1820.
الثانية: في مكتبة برلين الوطنية بألمانيا الغربية برقم MF46 ، 801 .
وتمكنت بحمد الله من نسخ المقدمة التي في تركيا، ومن تصوير التي في ألمانيا، ونصها ما يلي ... ) ثم أوردها كاملة وأرفقها بصورة المخطوطة ..
وقد أرفقتها لكم في المرفقات مأخوذة من الكتاب ..
ـــ الحواشي ــــ
(1) نشرته دار التدمرية بالتعاون مع الجمعية العلمية للقرآن وعلومه، وقام أخي المساهم بتصويره ورفعه للملتقى في موضوع: الهدية الرمضانية الرابعة: تفاسير آيات الأحكام ومناهجها (لأول مرة) Pdf (http://tafsir.net/vb/showthread.php?t=21720)
ـ[عبدالعزيز الضامر]ــــــــ[31 Oct 2010, 02:18 م]ـ
شكراً دكتور عبد الرحمن على هذه الإضافة, وأُحب أن ألفت نظركم -أخواني في الملتقى- إلى الإنسان الذي يكون له مشروعاً حياتياً يعود عليه بالنفع والفائدة له ولغيره, وبين الذي ليس له مشروعاً في حياته سوى الأكل والشرب و .. , وهذه المقدمة الجميلة بينت لنا المشروع العلمي لابن العربي الذي تنسم هواه, وعاش معه, إلى أن لقي ربه.
فاختر -أخي الكريم- أي الطريقين!!
ـ[عالية بهمتي]ــــــــ[31 Oct 2010, 09:23 م]ـ
جزاك الله خيرا
ونفع الله بعلمك ..
ـ[ابن عبدالسلام]ــــــــ[01 Nov 2010, 12:48 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Nov 2010, 06:15 م]ـ
ليت أحد الإخوة أو إحدى الأخوات تكتب لنا نصَّ المقدمة كاملةً كما في المخطوطة المصورة المرفقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[08 Nov 2010, 07:03 م]ـ
سأرفعها لكم الليلة إن شاء الله.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[08 Nov 2010, 07:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
عونك اللهم برحمتك. قال الامام القاضي أبو بكر محمد بن عبدالله بن العربي – رضي الله عنه -:
ذِكر الله مقدم على كل أمر ذي بال , ومن لم يطع الله فعمره عليه وبال , فحق على كل متعاطي أمر أن يجعله مفتتحه ومختتمه عسى الله أن يسامحه فيما اجترمه , فما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله, ولو كنا مفيضين في غير الباب الذي إليه تصدينا واياه انتحينا لالتزمناه في كل فصل وأعددناه ذخيرة ليوم الفصل , ولكنا بعون الله وتأييده , وتوفيقه وتسديده , في كتابه نتكلم , وبذكره سبحانه نبدأ ونختم , ومتناولنا القول في جمل من علوم القرآن , إذ كانت علومه لا تحصى ومعارفه كما سبق بيانه مني لا تستقصى , وعلى الخبير سقطت فإنا جعلناه أيام طلبنا غرضنا الأظهر , ومقصدنا الأكبر , لأنه الأول في المعلومات والآخر في المبادي من المعارف والغايات , وقد انتحى العلماء هذا الغرض الذي نحن فيه فآخذ بحظ ومقصر في آخر , وربنا تعالى يعلم المستقدم من المستأخر , فالعلم مقسوم كما أن الرزق محتوم وهو فيه.
وقد نجز القول في القسم الأول من علوم القرآن وهو التوحيد , وفي القسم الثاني وهو الناسخ والمنسوخ , على وجه فيه إقناع بل غاية لمن أنصف وكفاية , بل سعة لمن سلّم للحق واعترف , فتعين الإعتناء الآن بالقسم الثالث وهو: القول في أحكام أفعال المكلفين الشرعية , وهو باب قرعه جماعة فأولجوا وأغاروا فيه على صاحبه، فبحثوا فيه ما بحثوا واستخرجوا , والفضل للمتقدم.
ولم يؤلف في الباب أحد كتاباً به احتفال إلا محمد بن جرير الطبري شيخ الدين فإنه فجاء فيه بالعجب العجاب ونثر فيه لباب الألباب .. ".
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[08 Nov 2010, 07:45 م]ـ
قد كتبته من بعد المغرب مباشرة. ولا أدري هل هذا هو المقصود فقط.
ـ[الفجر الباسم]ــــــــ[08 Nov 2010, 11:29 م]ـ
وهذه بقية المقدمة، وما بين القوسين لم أستطع أن أتبين ما هو، وليت أحد الأخوة ينسخها كذلك وتتم المقارنة بين النسخين ليتأكد من صحة الكلام:
" وفتح الحلّ من جاء بعده إلى مغارفة الباب، فكل أحد غرف منه على قدر إنائه، وما نقصت قطرة من مائه. وأعظم من انتقى منه الأحكام بصيرة القاضي أبو إسحاق، فاستخرج دُررها، واستجلب دَررها وهو وإن كان قد غير أسانيدها فقد ربط معاقدها، ولم يأت بعدهما من يلحق حَدّهما.
ولما منّ الله () الاستبصار في استثارة العلوم من الكتاب العزيز حسب ما مهدتّه لنا المشيخة، الذين () من ذلك المطرح.
ثم عرضناها على ما جلبه العلماء وسبرناها بمعيار الأشياخ وما اتفق عليه (النظر) إن أثبتناه. وما تعارفنا فيه شجرناه وشحذناه حتى خلص من ().
ورقى () فبذكر الآية ثم نعطف على كلماتها () حروفها، فنأخذ معرفتها مفردة ثم نركبها على أخواتها مضافة، ونلحظ في ذلك قسم البلاغة () عن المناقضة في الأحكام والمعارضة، و (محتاط) على جانب اللغة، ونقابل ما في القرآن بما ورد في السنة الصحيحة، ويتحرى وجه الجمع إذ الكل من عند الله، وإنما بُعث محمد صلى الله عليه وسلم ليبين للناس ما نزل إليهم. ونعقب ذلك بتوابع ووظائف لابد في تحصيل العلم منها، حرصاً بأن يأتي القول مستقلاً بنفسه إلا إن خرج عن الباب فنحيل عليه في موضعه، مؤثر من الاختبار المفيد الاستيفاء مجانبين () وسنة الله ورسوله نقتدي، وإياه سبحانه نستهدي فمن يهد الله فهو المهتدي لا رب غيره ".
ـ[حسين بن محمد]ــــــــ[09 Nov 2010, 04:58 ص]ـ
ليت أحد الإخوة أو إحدى الأخوات تكتب لنا نصَّ المقدمة كاملةً كما في المخطوطة المصورة المرفقة.
تفضلوا؛ عن مصورة مخطوطة برلين:
بسم الله الرحمن الرحيم. عونَك اللهم برحمتِك.
قالَ الفقيهُ الإمامُ الحافظُ أبو بكرٍ محمّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ العربيِّ رضيَ اللُّهُ عنه:
(يُتْبَعُ)
(/)
ذِكْرُ اللهِ مُقدَّمٌ على كُلِّ أمْرٍ ذي بالٍ، ومَن لم يُطِعِ اللَّهَ فعُمرُه عليه وبالٌ، فحقٌ على كلِّ مُتعاطي أمرٍ أن يجْعلَه مُفتتحَه ومُختتمَه؛ عسى اللَّهُ أن يُسامِحَه فيما اجْترمَه، فما عمِلَ ابنُ آدمَ مِن عملٍ أنجى له مِن عذابِ اللَّهِ مِن ذِكْرِ اللَّهِ، ولوْ كُنّا مُفيضين في غيْرِ البابِ الذي إليه تصدَّيْنا وإيّاه انتحيْنا - لالْتزمْناه في كُلِّ فصْلٍ، وأعْددْناه ذخيرةً ليومِ الفصْلِ؛ ولكنا - بعونِ اللَّهِ وتأييدِه وتوفيقِه وتسديدِه - في كتابِه نتكلّمُ، وبِذِكْرِه الكريمِ نبْدأُ ونخْتِمُ، ومُتناولُنا القولُ في جُملٍ من علومِ كِتابِه العزيزِ؛ إذ كانتْ عُلومُه لا تُحْصى، ومعارِفُه - كما سبق بيانُه منّي - لا تُسْتقْصى، وعلى الخبيرِ سقطتَّ، فإنّا جعلْناه أيامَ طلبِنا غرضَنا الأظهرَ، ومقصدَنا الأكبرَ؛ لأنّه الأوّلُ في المعْلوماتِ، والآخِرُ في المبادي مِنَ المعارفِ والغاياتِ. وقدِ انتحى العلماءُ هذا الغرضَ الذي نحن فيه، فآخِذٌ بِحظٍّ ومُقصِّرٌ في آخَر، وربُّنا يعلمُ المُسْتقدِمَ مِنَ المُسْتأْخِر؛ فالْعِلم مقسومٌ كما أنَّ الرِّزْقَ محْتومٌ، وهو مِنّةٌ.
قد نجز القول في القسمِ الأولِ من علومِ القرآنِ وهو التوحيدُ، وفي القسمِ الثاني وهو الناسخُ والمنسوخُ - على وجهٍ فيه إقْناعٌ، بل غايةٌ لِمَن أنصفَ وكِفايةٌ، بل سعةٌ لمن سلّم للحقِّ واعترفَ؛ فتعيّنَ الاعتناءُ الآنَ بالقسمِ الثالثِ؛ وهو القولُ في أحكامِ (أقوالِ) المكلَّفين الشرعيةِ، وهو بابٌ قرَعَه جماعةٌ (فما ولجوا) وأغاروا فيه على صاحبِه، فبحثوا منه ما بحثوا واستخْرجوا، والفضلُ للمتقدِّمِ. ولم يؤلِّفْ في البابِ أحدٌ كتاباً [به] احتفالٌ إلا محمدُّ بنُ جريرٍ الطبريُّ شيخُ الدينِ، فجاء فيه بالعجبِ العُجابِ، ونثر فيه لُبابَ الألبابِ، وفتحَ لِكُلِّ مَن جاءَ بعْدَه إلى معارفِه البابَ؛ فكُلُّ أحدٍ غرَفَ مِنْه على قدْرِ إنائِه، وما نقصَتْ قطْرةٌ مِن مائِه. وأعْظَمُ مَنِ انتَقى مِنْهُ الأحكامَ بَصِيرَةً القاضي أبو إسْحقَ؛ فاسْتخْرَجَ دُرَرَها، وَاسْتَحْلبَ دِرَرَهَا، وهو وإن كانَ قد غيّرَ أسانيدَها فقَدْ ربطَ مَعاقِدَها. ولم يأْتِ بعْدهما مَن يلْحقُ حدَّهما.
ولَمّا مَنَّ اللَّهُ بالاسْتِبْصارِ في اسْتِثارةِ العُلومِ مِنَ الكِتابِ العزيزِ حسْبَ ما مهَّدَتْهُ لنا المَشيَخةُ الّذين لقينا - نظرناها مِن ذلك المطرحِ، ثُمّ عرضْناها على ما جاءَ بِه العلماءُ، وسبرْناها بِمِعْيارِ الأشْياخِ، فما اتّفقَ عليه النّظرانِ أثْبتْناه، وما تعارضا فيه شجرْناهُ وشحذْناهُ حتى خلُصَ [نضا] رُه ورق عرارُه؛ فنذْكُرُ الآيةَ، ثُمّ نعْطِفُ على كلِماتِها، بلْ حُرُوفِها، فنأْخُذُ معْرِفتَها مُفْردةً، ثُمّ نُركِّبُها على أخواتِها مُضافةً، ونلحَظُ في ذلكَ قِسْمَ البلاغةِ، ونحْترِزُ عن المُناقضةِ في الأحكامِ والمُعارضةِ، ونحْتاطُ على جانِبِ اللُّغةِ، ونُقابِلُ ما في القرآنِِ بما وردَ في السُّنّةِ الصَّحيحةِ، ونتحرّى وجْهَ الجمْعِ؛ إذِ الكُلُّ مِنْ عِندِ اللَّهِ، وإنّما بُعِثَ مُحَمَّدٌ - صلّى اللَّهُ عليه وسلّمَ - لِيُبيِّنَ لِلنّاسِ ما نُزّلَ إليْهِمْ، ونُعقِّبُ ذلكَ بِتوابِعَ ووظائِفَ لا بُدَّ في تحْصيلِ العِلْمِ بها منها؛ حِرْصاً بِأن يأْتِيَ القوْلُ مُسْتقِلاًّ بِنفْسِه، إلاّ أن يخْرُجَ عنِ البابِ فنُحيلَ عليه في موْضِعِه مؤْثِرين للاخْتِصارِ المُفيدِ للاسْتيفاءِ، مُجانبين للتّقْصيرِ والإكْثارِ، وبسنة اللَّهِ ورسولِه نقْتدي، وإيّاه سُبحانَه نسْتهْدي، فمَن يهْدِ اللَّهُ فهُو المُهْتدِي، لا ربَّ غَيْرُه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Nov 2010, 09:12 ص]ـ
الأخت الكريمة الفجر الباسم: وفقك الله وأحسن إليك.
الأخ الكريم حسين بن محمد: وفقك الله وبارك فيك، وهذه المقدمة تامة ولله الحمد كما في مخطوطة برلين، وهي جديرة بأن تطبع وتوضع في موضعها من نسخة الباحث في المكتبة، حتى يقيض الله للكتاب من يقوم بتحقيقه تحقيقاً علمياً يليق به وبمكانة مؤلفه رحمه الله.
ـ[ضيف الله الشمراني]ــــــــ[09 Nov 2010, 11:45 ص]ـ
فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن الشهري: ذكر فضيلتكم في برنامج مداد أن أحكام القرآن لابن العربي مودع بكامله في جامع القرطبي.
فما الحاجة إذاً لإعادة تحقيقه؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Nov 2010, 12:02 م]ـ
فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن الشهري: ذكر فضيلتكم في برنامج مداد أن أحكام القرآن لابن العربي مودع بكامله في جامع القرطبي.
فما الحاجة إذاً لإعادة تحقيقه؟
كلُّ الشموعِ لا تغني عن الشمس يا أبا غادة، وقولي بأَنه مودعٌ بكامله في الجامع أقصد من حيث العموم والمسائل المهمة، وأَما أنه مودع بكل تفاصيله فكلامي مردود عليَّ إن قصدتُ ذلك. ولكلام ابن العربي مكانته الخاصة التي لا ينوب عنه فيها كتاب آخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[09 Nov 2010, 01:04 م]ـ
ولكلام ابن العربي مكانته الخاصة التي لا ينوب عنه فيها كتاب آخر.
عبارة جميلة ومهمة جداً جداً.
وليسمح لي الدكتور بأن أفرّع عليها هذا التفريع فأقول:
ولأسلوب ابن العربي نمودجه الخاص الذي لا ينوب عنه أي أسلوب آخر.
مع التحية والتقدير.
ـ[بلال الجزائري]ــــــــ[11 Nov 2010, 11:34 ص]ـ
عنوان المشاركة جذاب، لعله من باب اصطياد القارئ، لكن الحقيقة أنني اطلعت على المقدمة ـ مع أن بعض الطبعات بل أهمها كطبعة البجاوي قديماً، وطبعة عبد الرزاق المهدي حديثاً، كلاهما ـ وربما غيرهما ـ ذكرها نصف المقدمة الأخير، وكنت أظن أن المقدمة أهم من ذلك وأكبر حجما، دار في خلدي أنها كمقدمة الطبري أو القرطبي أو ابن كثير، لكن المقدمة كلها في صفحتين اثنتين!
وأشكر لشيخي أبا عبد الله هذا الاستدراك، بذكر جهد د/ علي العبيد.(/)
نقاش حول شروط التجديد
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[13 Jan 2008, 10:21 ص]ـ
نقاش حول شروط التجديد
د. أحمد خيري العمري
"هل يمكن أن يكون التجديد بشروط وضوابط، وهل التجديد إلا خروج على الشروط والضوابط؟ " ..
هذه العبارة قد لا تستوقف أحداً إن صدرت من ناقد فني يؤرخ للتكعيبية أو السريالية أو الدادائية – أو للرواية الحديثة او للرواية الحديثة جداً (أي التي ليس فيها رواية ولا يحزنون) أو مسرح اللا معقول الذي اسمه خير دليل عليه، ويستشهد بأسماء مثل بابلو بيكاسو وسلفادور دالي وبيكيت و فوكنر و جويس وآلان روب جرييه.
الأمر الغريب هو عندما تصدر هذه العبارة، ويكون موضوع التجديد هو الفكر الديني، كما حصل مع مقالة أحد الفضلاء الذي ردَّ على مقولة سابقة عن ان التجديد لا بد ان يكون بشروط و ضوابط واضحة، بعيداً عن التفلت الموجود من قبل بعض مدعي التجديد، وبعيداً في الوقت نفسه، عن الحرس القديم من المشايخ الذي يمنع أي تجديد بالمطلق.
ولكي أكون صريحاً، فأنا لا أنفي سروري ولا أخفيه، من وجود هذه العبارة الصريحة بالذات في مقالة الأخ الفاضل،لأنها تضع النقاط على الحروف، و تساهم في احداث "فرز" لا بد من حدوثه،و لأنها تدلل بالذات على صحة ما اؤمن به، من أن "بعض" تيارات التجديد تخلت تماماً- و صراحة - عن أي ضابط وأي شرط، ومضت بعيداً في "تجديدها" بطريقة أقل ما يقال عنها إنها أساءت إلى مفهوم التجديد، وقوَّت موقف بعض التقليديين الرافضين للتجديد (الذي أصر أنه صار يبدو أفضل من حقيقته بفضل هؤلاء، لأن جمودهم صار مبررا تحت شعارات حماية الدين من تفلت هؤلاء) ..
وسروري نابع من ندرة اعترافات كهذهِ، ذلك أن منظري هذه التيارات لا يعترفون بسهولة بعدم وجود شروط وضوابط، إنما يضعون شروطاً مطاطة، وضوابطَ واسعة (مثل أن يواكب التجديد التطور .. !) – وبما أن التطور كلمة واسعة، فإن التجديد سيكون هو الآخر واسعاً جداً دونما حدود ..
والحقيقة أن هذه الشروط المطاطة – بما أنها ترتبط بمفاهيم غير محددة فأنها مساوية تماماً لعدم وجود الشروط، لكنهم نادراً ما يعترفون بهذا، ولهذا يأتي تصريح الأخ الفاضل مناسبة سارة، في هذا السياق، وصراحته هذه، هي نقطة له لا عليه ..
عندما يكون الشرط الوحيد للتجديد، هو" أن لا يكون هناك شرط"، وأن تكسر كل القواعد والضوابط وما يسميه القيود، كما يشير عموم ما قاله الأخ الفاضل، فأن التجديد سيبدو كما لو كان نصاً شعرياً متمرداً على بحور الشعر التقليدية أو لوحة متمردة على القواعد الفنية، معتمداً على ما يحتاجه الفنان"المجدد في هذه الحالة" من (حدس) أو ربما (إلهام)! .. - وذلك يشير ضمناً إلى أنهم غير جادين في عملية التجديد وغير مقتنعين أصلاً بأهميتها.
إذا كان لا بد من تشبيه، فالتجديد في الفكر الديني لا يمت بصلة للتجديد في الفن أو الأدب – بل هو أقرب إلى التجديد في المهن الطبية.
فأذا كنت مستعداً لقراءة قصيدة متمردة أو قضاء الوقت في مشاهدة لوحة فنية سريالية – فهل أنت مستعد لأن تجري لابنك عملية جراحية غير منضبطة بأي تجربة أو أي قاعدة أو أي قانون طبي – فقط من أجل حدس الطبيب الذي يرغب بكسر القواعد والشروط التي تقيد حركة تجديده .. هل أنت مستعد لأن تعطي لوالدك (عقاراً) غير منضبط بأي قاعدة كيميائية فقط من أجل تحطيم القواعد؟ ..
التجديد ليس بأقل خطورة أو حساسية من هذين المثالين، الغريب أن الأخ الفاضل يورد في سياق مقاله حديثاً عن (الباراديم) – مع العلم أن هذا الحديث يناقض كل حديثه السابق، فالباراديم يتطلب، بالتعريف، وجود هذا "النسق الخاص" في الرؤية، صحيح أنه نسق مختلف عن الرؤى السابقة، لكنه "نسق" أيضاً، وهو يعني وجود قانون خاص وشروط خاصة، وليس رؤية بلا شرط ولا ضابط كما يوحي المقال.
السؤال الذي لا يمكن إلا أن يطرح في هذا السياق، هو كيف نميز تجديدا حقيقيا، عم مجرد قول محكوم بالاهواء، كيف يمكن فصل قول من قال" إن الخمر ليست حراماً، وليست حلالاً أيضاً، وإنما فقط من الممنوعات.! "عن كون أن قائل هذا القول يشرب الخمر شخصياً؟؟.
سيهب من يهب هنا قائلاً: كفى شخصنة، لا دخل لكم بحياته الشخصية. تحدثوا عن أفكاره فقط ..
(يُتْبَعُ)
(/)
بالله عليكم .. نتحدث عن الأفكار فقط عندما يكون هناك قانون داخلي واضح يحكمها، ويحكم نتاجها، أما عندما يكون الأمر محكوماً بأن لا شرط ولا ضابط، - او ان يكون القانون مصمما على قياسه هو -،فلا يمكن فصل النتاج عن الشخص الذي أنتج (هذا إذا كان يمكن إيجاد أي فصل حتى في ظل وجود قانون واضح) ..
وغني عن القول أن تجديداً كهذا، يقوي موقف بعض التقليديين من رافضي التجديد بالمطلق، لأنه صنو (التفلت) لا أكثر، فعندها سيبدو التقليدي أكثر محافظةً على دينه، وأكثر جدية، وجزء من قوته ومن التفاف الناس حوله هو تفلت أدعياء التجديد هذا ..
بين التجديد، الذي لا ضابط له، والتجديد بشروط تعجيزية كالتي يضعها الحرس القديم، هناك خيار ثالث علينا أن ننحاز إليه وأن نسعى له: تجديد بشروط قرآنية، يسعى لتحريك روح الأمة، ويرنو إلى بناء عالم على أسس أكثر عدالة وتوازناً، يبني حضارة القرآن، لا أن يكون أقصى طموحه أن يكون ترساً في محرك الآخرين وحضارتهم ..
الملفت للنظر، أن هذا التيار (عموماً) معروف بقبوله للرأي الآخر، إلى درجة التماهي معه – خاصة عندما يكون هذا (الآخر) من دين آخر، (ما دام مصدر الوحي الإلهي واحداً، كما يفسرون) – وحتى عندما يكون الدين ليس سماوياً، بل وثنياً يعج بالأبقار المقدسة – فلا بأس في ذلك بالنسبة إليهم (فالحكمة ضالة المؤمن، كما سيعللون) ..
هذه النفاذية العالية التي يمتلكونها كما كل الكائنات وحيدة الخلية، تبين عبر المقال انها لا تعامل الجميع بالطريقة نفسها: إنها نفاذية تقبل آراء الهندوس والسيخ والملاحدة بصدر رحب وابتسامة عريضة، لكنها نفاذية تغلق أبوابها ويضيق صدرها، عندما يتجرأ أحد من المسلمين بالدعوة إلى" تجديد بشروط"، عندها لا ابتسامة هنا، ولا نفاذية، بل اتهامات يحسدهم على بلاغتها التكفيريون من نوع: إنه عبدٌ للتاريخ! لا يفهم معنى الانسان! لم يرح برائحة القرآن! ..
كل هذا، من أجل التصريح بما يجب ان يكون بديهة: إن التجديد لا بد أن يكون بشروط! ..
1 - 1 - 2008
جريدة العرب القطرية(/)
بشرى برنامج (ندوة الدراسات القرآنية) في إذاعة القرآن الكريم
ـ[شعلة]ــــــــ[13 Jan 2008, 12:09 م]ـ
ضمن الدورة البرامجية الجديدة لإذاعة القرآن الكريم سيبث – بإذن الله – في يوم الجمعة الساعة 8:20 مساءً برنامج (ندوة الدراسات القرآنية)، وهو من تقديم د. يوسف العقيل الذي يستضيف فيه عدد من العلماء والمشايخ المتخصصين، وهو من اقتراح وإشراف الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه. فليست هذه بأولى بركات الجمعية، فأسأل الله أن يوفق القائمين عليها لكل خير، كما أسأله سبحانه أن يسدد د. يوسف ويعينه ويبارك في جهوده
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[13 Jan 2008, 12:15 م]ـ
ما شاء الله بشرك الله بالخير ..
جهد مشكور لنشر الدراسات القرآنية عبر أثير إذاعة القرآن الكريم ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Jan 2008, 01:18 م]ـ
بارك الله في الجميع لكل خير.
والجمعية تدعو الزملاء في الدراسات القرآنية وأعضاء الجمعية للمشاركة في هذا البرنامج، فمن لديه رغبة في طرح موضوعات متعلقة بالقرآن والدراسات القرآنية من خلال هذا البرنامج فيمكنه التكرم بالتواصل مع الجمعية للتنسيق في هذا الموضوع، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
والبرنامج يهدف إلى طرح موضوعات الدراسات القرآنية والموضوعات من خلال القرآن بشكل مبسط لنشر هذا العلم بين فئات المسلمين الذين يتابعون هذه الإذاعة المباركة وهم كثيرون، وقد تم تسجيل ما يقارب العشر حلقات حتى الآن والبقية تأتي بإذن الله.
ـ[مها]ــــــــ[13 Jan 2008, 04:17 م]ـ
بشرك الله بالخيرات.
الحمد لله صار للدراسات القرآنية اهتمام إعلامي، فهذه الندوة انطلاقة مباركة من الجمعية عبر إذاعة عريقة، وما سبقها من برامج في قناة المجد (أفانين القرآن، محاسن التأويل، أهل التفسير، يتدارسونه).
وإلى المزيد، وفق الله الجميع.
ـ[عبدالعزيز الضامر]ــــــــ[13 Jan 2008, 11:18 م]ـ
ممتاز وخطوة مباركة نحو الأمام(/)
مسائل في المجاز (7) من أين أتت فكرة المجاز وممن نقلها المتكلمون (؟؟؟)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[13 Jan 2008, 03:57 م]ـ
الحقيقة والمجاز في كتب الفلاسفة1 -
1 - كتاب الخطابة والشعر لأرسطو
قال النديم في ((الفهرست)) كتاب الخطاية لأرسطو طاليس , يصاب بنقل قديم ,رأيت أحمد بن الطيب هذا الكتاب نحو مائة ورقة بنقل قديم (1) , اهـ ووجدت نسخة من نقل عربي لكتاب الخطابة فى مكتبة باريس , وهى منقولة من خط ابن السمح وهو البغدادي المنطقي (2) وقال ابن السمح إنه قابلها على نسختين عربيتين سقيمتين , وإحداهما أشد سقما من الأخرى , وكان إذا أشكل عليه شيء منها رجع فيه إلى نسخة سريانية , ونشر د. عبد الرحمن بدوى تلك النسخة , وقال إنها قد تكون من ذلك النقل القديم الذي ذكره النديم , والنقل القديم في كلام النديم هو ما كان قبل نقل حنين بن إسحاق العبادي النصراني , فلعل ذلك النقل كان فى المائة الثانية من الهجرة.
وذكر المجاز والاستعارة في مواضع من المقالة الثالثة من تلك النسخة , قال: ((ومعظم التعبيرات فيما بعد , ويزداد إدراكا كلما ازداد علما , وكلما كان الموضوع مغايرا لما كان يتوقعه , وكان النفس تقول: هذا حق و وأنا التى أخطأت , واللطيف الرشيق من الأمثال ما يوحى بمعنى أكثر مما يتضمنه اللفظ , ولسبب عينه كانت الألغاز لذيذة , إنها تعلمنا أمورا على سبيل المجاز (3) , وقال: وفي جميع هذه الأحوال إذا كان الاشتراك اللفظي أو المجاز هو الذي يأتي بالكلمة المناسبة , فإن النجاح مؤكد (4) , وقال: وكلما تضمنت العبارة معانى ازدادت روعة , مثل أن تكون الألفاظ مجازية , وكانت الاستعارة مقبولة , وثم تقابل أو طباق , وثم فعل , أما الصور فكما قلنا من قبل: إنها تغييرات – مجازات – مرموقة جدا , وتتألف دائما من حدين مثل الاستعارة التمثيلية (5). اهـ بلفظة.
وأما كتاب الشعر , فقال النديم , إن الكندي – فيلسوف العرب – كان اختصره (6) , والكندي كان معاصرا للجاحظ , ولا حجة على أنه كان هو أول من نقل كتاب الشعراء لأرسطو إلي العربية , ولعله كان نقل قبله , فاختصره هو من ذلك النقل , ووجدت منه نسخة بنقل أبى بشر متى من السرياني إلى العربي , وهو نقل رديء,
وطبع باليونانية عدة مرات , ونقله د. عبد الرحمن بدوي من اليونانية إلى العربية نقلا جديداً.
وكذلك ذكر فيه المجاز , قال: وكل اسم هو إما شائع, أو غريب , أو مجازى , أو حيلة , أو مخترع , أو مطول , أو موجز , أو معدل , قال: والمجاز نقل اسم يدل على شيء إلى شيء آخر , والنقل يتم إما من جنس إلى نوع , أو من نوع إلى جنس أو من نوع إلى نوع , أو بحسب التمثيل , وأعنى بقولي: من جنس إلى نوع ما مثاله , هنا توقفت سفينتي , لأن الإرساء ضرب من التوقف , وأما من النوع إلى الجنس فمثالة , أجل: لقد قام أودوسوس بآلاف من الأعمال المجيدة , لأن آلاف معناها كثير , والشاعر استعملها مكان كثير , ومثال المجاز من النوع إلى النوع قوله: انتزع الحياة بسيف من نحاس , وعندما قطع بكأس متين من نحاس , لأن انتزع هاهنا معناها قطع , وقطع معناها انتزع , وكلا القولين يدل على تصرم الأجل الموت , وأعنى بقولي: بحسب التمثيل , جميع الأحوال التي فيها تكون نسبة الحد الثاني إلى الحد الأول كنسبة الرابع إلى الثالث , لآن الشاعر سيستعمل الرابع بدلا من الثاني بدلا من الرابع و وفى بعض الأحيان يضاف الحد الذي تتعلق به الكلمة المبدل بها المجاز , ولإيضاح ما أعنى بالأمثلة أقول: إن النسبة بين الكأس وديونوسس هي النسبة بين الترس وأرس , ولهذا يقول الشاعر عن الكأس إنها ترس ديونوسس , وعن الترس إنه كأس أرس , وكذلك النسبة بين الشيخوخة والحياة هي بعينها النسبة بين العشية والنهار , ولهذا يقول الشاعر عن العشية ما قاله أنبا دقليس إنها شيخوخة النهار, وعن الشيخوخة إنها عشية الحياة أو غروب العيش , وفى بعض أحوال التمثيل لا يوجد اسم , ولكن يعبر عن النسبة , فمثلا نثر الحب يسمى البذر , ولكن للتعبير عن فعل الشمس وهى تنثر أشعتها لا يوجد لفظ , ومع ذلك فإن نسبة هذا الفعل إلى أشعة الشمس , هي بعينها نسبة البذر إلى الحب , ولهذا يقال: تبذر نورا إلهيا , ويمكن أيضا استعمال هذا الضرب من المجاز بطريقة أخرى , فبعد الدلالة على شيء باسم يدل على آخر ,
(يُتْبَعُ)
(/)
ننكر صفة من الصفات الخاصة بهذا الأخير , فمثلا بدلا من أن نقول عن الترس إنه كأس أرس , نقول عنه إنه كأس بلا خمر , قال: والاسم المخترع هو الذي لم يكن مستعملا قط ووضعه الشاعر من تلقاء نفسه , إذ يبدو أن هذه حال بعض الأسماء (7).
وقال: فمن المهم إذن حسن استخدام كل ضرب من ضروب التعبير التي تحدثنا عنها من أسماء مضاعفة مثلاً , أو كلمات غريبة , وأهم من هذا كله البراعة في المجازات لأنها ليست مما نتلقاه عن الغير , بل هي آية المواهب الطبيعية , لأن الإجادة في المجازات معناها الإجادة في إدراك الأشباه (8).
وقال: وبعض العبارات ينبغي أن يفهم على أنه قيل على سبيل المجاز , مثلاً قوله: جميع الآلهة وجميع المحاربين ناموا الليل كله , بينما يقول أيضاً , لما أن جلي ببصره إلى سهل طروادة , ذهل حينما سمع صوت النايات والصفارات , لأن جميع وضعت مكان كثير مجازاً , لأن الجميع يفترض العدد الكبير , وكذلك قوله: وحيدة لا تغرب , مقول مجازاً , لأن المعروف هو: وحدها , قال: والبعض الآخر (9) يفسر بكون اللفظ ذا معنيين, ومنها ما يفسر بالإستعمال اللغوي فلفظ خمر يطلق على أي مشروب ممزوج , ومن هنا أمكن أن يقال: إن غانوميدس يصب الخمر لزيوس (10) وإن كان الآلهة لا يشربون الخمر , ويطلق على الذين يعملون في الحديد اسم النحاسين , ومن هنا أمكن أن يقال: ساق من القصدير حديثة الصنع , ولكن هذا يمكن أن يفسر أيضاً بواسطة المجاز (11) ا هـ وذكر فيه المجاز في مواضع أُخر.
وكل ما ذكر في هذين الكتابين – الخطابة والشعر – من المجازات بحسب التمثيل وإدراك الأشباه , والاستعارة التمثيلية , والاشتراك اللفظي , والاستعمال اللغوي , ووضع اللفظ في موضع غيره , ونقل اسم يدل على شيء إلى شيء غيره , واختراع الشعراء لأسماء لم تستعمل قط قبلهم , كل ذلك هو نفسه ما ذكره الجاحظ ومن بعده من المتكلمين , وبعض ما ذكر فيها من الأمثلة هو نفسه ذكره عبد القاهر الجرجاني وغيره , وأخذ الجاحظ كلام أرسطو فعبر عنه بعبارته , وبسطه وشرحه , والتمس له الأمثلة في ألفاظ العامة والمولدين , وخلطها بلسان العرب , وزعم أن النابغة أحدث اسم المظلومة للأرض التي لم تحفر , ولم تحرث إذا فعل ذلك بها , ولم يتكلم به أحد قبله قط (12).
وكلام النظام , وأبي الهذيل العلاف , وثمامة بن أشرس , وبشر المريسي وغيرهم من رؤساء المتكلمين يدل على سعة علمهم بكتب أرسطو طاليس وغيره من الفلاسفة , وأنهم كانوا قرءوها كلها , وقرءوا كثيراً من شروحها , وروي ان جعفر بن يحيى البرمكي ذكر أرسطو طاليس , فقال النظام , قد نقضت عليه كتابه فقال جعفر: كيف وأنت لا تحسن أن تقرأه؟ فقال: أيما أحب إليك أن أقرأه من أوله إلى آخره إلى أوله؟ ثم اندفع يذكر شيئاً فشيئاً وينقص عليه , فتعجب منه جعفر , (13)
وروي كذلك أنه كان نظر في شئ من كتب الفلاسفه, ثم ناظر أبا الهذيل العلاف فوجده أعلم بها منه (14) , ونقل الجاحظ في كتاب ((الحيوان)) كلام النظام في طائفة من المفسرين , ومنه: وقال رجل لعبيد الله بن الحسن القاضي, إن أبي اوصى بثلث ماله في الحصون, قال: اذهب فاشتر به خيلا, فقال الرجل, إنه إنما ذكر الحصون, قال: أما سمعت قول الأسعر الجعفي:
ولقد علمت على تجنبي الردى .... أن الحصون الخيل لا مدر القرى
قال النظام: فينبغي في مثل هذا القياس علي هذا التأويل, أنه ما قيل للمدن والحصون حصونا إلا على التشبيه بالخيل (15) اهـ , وسواء أكان القاضي يذهب إلى هذا التأويل أم كذب عليه, فكلام النظام في تسمية الحصون و المدن على التشبيه بالخيل, هو نفس كلام الجاحظ في تسمية الشيء باسم غيره على التشبيه والمثل والاشتقاق. وكل ذلك حجج بينة على أن الناقلين لكتب أرسطو طاليس وغيره من الفلاسفة كانوا هم أول من أحدث في الإسلام ذكر المجاز و والاستعارة ,والاستعارة التمثيلية , والاشتراك اللفظي , ونقل الاسم من شيء إلى غيره , وكان ذلك في الشطر الآخر من المائة الثانية من الهجرة , وكانوا هم كذلك أول من أحدث القول بأن الاسم هو اللفظ , وكان ذلك القول شر مصيبة على علم اللسان العربي وفقهه , وأسأل الله القريب المجيب أن أبين ذلك في موضع يليق به
(يُتْبَعُ)
(/)
وعن أولئك الناقلين لكتب الفلاسفة أخذ ذلك أبو إسحاق النظام , وأبو الهذيل العلاف , وثمانة بن أشرس , وبشر المريسي , وأبو عبيدة , والجاحظ , وابن المعتز , وغيرهم من المتكلمين , ونهج أولئك المتكلمون في تفسير كلام العرب نهج أرسطو في تفسير كلام اليونان , واتبعوا في تفسير كلام الله تعالى , وكلام رسول صلى الله عليه وسلم سنن أرسطو في تفسير ضلالات اليونان وأساطيرهم , وجادل أولئك المتكملون بذلك عن قولهم بالمترلة بين المترلتين , وهي أول مسألة فرقت بين المعتزلة وغيرهم , وقولهم إن أسماء الإيمان والكفر والفسق نقلت فى الإسلام إلى غير ما كانت تدل عليه بلسان العرب , وعن كثير من إلحادهم في أسماء الله تعالى وقدره , وغيرها من بدعتهم وإفكهم , وأضلتهم تلك الفلسفة عن لسان العرب , فأهلكتهم العجمة.
2 - كتاب الشفاء لابن سينا
وفسر ابن سينا في كتابه ((الشفاء)) كثيراً من كلام أرسطو في الخطابة والعبارة والشعر , وذكر المجاز , والاستعارة والتغيير والنقل , والتشبيه , وغيرها , وكلامه فيها هو نفس كلام أولئك المعتزلة , ومن ذلك قوله: والحقيقي هو اللفظ المستعمل في الجمهور المطابق بالتواطؤ للمعنى , وأما النقل فإنما يكون أول الوضع والتواطؤ على معنى , وقد نقل عنه إلى معنى آخر , وأما المغير فهو المستعار والمشبه (16) وقوله: وعندما يقول هوميروس في حديثه عن آخيل: كر كالأسد , فهذا تشبيه , وعندما يقول: كر هذا الأسد , فهذا مجاز , لنه لما كان الرجل والحيوان في هذا المثال ممتلئين شجاعة , صح أن يسمى آخيل أسداً على سبيل المجاز (17) ا هـ.
وهو نفس كلام أبي عبد الله البصري في النقل وفي الأسد , ونفس كلام الرماني في الفرق بين التشبيه والاستعارة , وذلك يدل على أن أولئك المعتزلة أخذوا كلامهم في المجاز والاستعارة من كتب أرسطو , وكان ما بأيديهم من النقل لتلك الكتب وشروحها أتم وأحسن من النقل القديم , وكان النقل القديم ناقضاً سقيماً , ولعله لذلك كان كلام أبي عبد الله البصري , والرماني أشبه بكلام أرسطو , واقرب لعبارته من كلام الجاحظ
وإذاً فهذا هو مصدر هذه الترهات جميعاً .. وكذلك كل قول فاسد في الاعتقاد واللغة والأصول والحديث فإنما نشأ في الأغلب الأعم من الاطلاع والنقل عن خرافات أولئك الوثنيين .. ولذلك فضل بيان في موضع آخر بإذن الله ..
============
الحواشي:
(1) الفهرست .. الفن الأول من المقالة السابعة: (ص 310).
(2) ذكره التوحيدي في المقابسات (ص 60).
(3) ((الخطابة)) (ص 220).
(4) ((الخطابة)) (ص 221).
(5) ((الخطابة)) (ص 223).
(6) ((الفهرست)) الفن الأول من المقالة السابعة (ص 310).
(7) فن الشعر لأرسطوطاليس , ترجمة عبد الرحمن بدوي (ص 57 - 59).
(8) فن الشعر (ص64).
(9) أي: من العبارات.
(10) غانوميدس في الأساطير اليونانية هو ابن طروس , وكانت اختطفته الآلهة , وزيوس أحد آلهتهم , وآلهة أرسطوطاليس لا يشربون الخمر , ولكنهم يشربون أي شراب ممزوج , ولفظ ممزوج , ولفظ الخمر في رأي أرسطو يطلق على أي شراب ممزوج , فلذلك جاز في نظره لهوميروس – شاعر الإلياذة , وسيد الشعراء غير مدافع في نظر أرسطو-أن يقول: إن غانوميدس كان يصب الخمر لزيوس , وكل الأمثلة التي ذكرها هنا هي من الإلياذة , وآلهة أرسطو طاليس كما يشربون أي شراب ممزوج , ولا يشربون الخمر , كذلك ينامون الليل كله , وخاب أقوام وخسروا يسمونه المعلم الأول ويتخذونه إماماً!.
(11) ((فن الشعر)) (ص 74 – ص 76).
(12) كتاب الحيوان: (1/ 331 – 332 , 5/ 279 – 280).
(13) ((طبقات المعتزلة)) (ص50)
(14) ((طبقات المعتزلة)) (ص44)
(15) كتاب ((الحيوان)) (1/ 345 _ 346)
(16) نقله د. المطعني (ص1053) وعزاه إلى كتاب ((الشفاء)) تحقيق د. عبد الرحمن بدوي (ص66 - 67).
(17) ((مقدمة النثر)) د. طه حسين (ص14).
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[07 Nov 2008, 12:05 ص]ـ
جزاك الله خيرا على جهدك،
هل من الممكن تحميل هذا الكتاب على شبكة المعلومات للإفادة منه؟
والله الهادي إلى سبيل الرشاد
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[09 Nov 2008, 12:03 ص]ـ
أخي الكريم: المجاز موجود في كل اللغات فهو ليس خاصاً بلغة العرب أو اليونان أو غيرهم لأنه ليس قضية لغوية بالأساس وإنما هو قضية عقلية فلا يتوقف على لغة بعينها.
وستجد المجاز في اللاتينية، والفارسية، والسريانية والعبرية وغيره فهل كانوا جميعاً مصدراً للمتكلمين؟(/)
ما الحكمة من تحريم نكاح المحرمات؟ .. أبحث عن الحكمة .. فمن يفيدني؟
ـ[هتاف الضمير]ــــــــ[13 Jan 2008, 04:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
1 - ما الحمكة من تحريم نكاح المحرمات - كل المحرمات -؟
2 - وما المراجع المتخصصة بذكر هذا الموضوع ..
وجزيتم خيراً ..
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[13 Jan 2008, 04:43 م]ـ
لعل زميلنا في الملتقى الأخ: أبو عبد الرحمن المدني يفيدك في هذا الشأن، فقد كتب رسالة علمية (ماجستير) في الحِكَم من المعاملات في القرآن الكريم
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[13 Jan 2008, 09:54 م]ـ
الحمد لله الحكيم الخبير والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين ..
فإن الله تعالى لما حرم نكاح من ذكرهن في سورة النساء إنما حرمهن لحكمة عظيمة علمها من علمها وجهلها من جهلها وعلى المؤمن التسليم لأمر الله على كل حال ..
ومن الحٍكم التي تُلتمس في هذا الباب:
أولا: تحريم نكاح زوجة الأب, وتحريم نكاح زوجة الابن: وذلك أن حق الأب من أعظم الحقوق, ومن حق الأب احترامه ولو بعد موته والبعد عما يؤذيه
وكما نهى الله الأبناء عن نكاح زوجة الأب فقد نهى الآباء عن نكاح حليلة الابن لما يسبب ذلك من القطيعة والتباغض بين الأب وابنه
ثانيا: تحريم نكاح أم الزوجة, و تحريم نكاح بنت الزوجة. وذلك أن الرجل إذا تزوج المرأة ثم تزوج أمها أو العكس أدى ذلك إلى فساد ذات بينهن مما يؤدي إلى العقوق والتباغض بينهن.
ثالثا: الجمع بين الأختين: فقد حرم الله تبارك وتعالى الجمع بينهما حرصا على إبقاء الصلة والمودة التي أمر بها بين ذوي القرابات وخصوصا إن كانت قرابة شديدة, فإن في الجمع بينهما سبب لحصول الغيرة والخصومة بينهما.
رابعا: باقي المحرمات كالأم والبنت والعمة والخالة: ففي تحريمهن حكمة عظيمة وهي حفظ هذا العرض من المهانة وحفظ وقار الولادة أصلا وفرعا و ما تعلق به من أخوة وعمومة وخؤولة, ولما في نكاح ما حرمهن الله في الآية من اختلاط الأنساب مما فيه فساد المجتمع واضطرابه,
ومن المراجع في هذا الباب: (تفسير الطبري- تفسير ابن كثير-التحرير والتنوير- في ظلال القرآن- أضواء البيان) في كلامهم على هذه الآيات والله أعلم
وصلى الله على نبينا محمد
ـ[عبدالله جلغوم]ــــــــ[13 Jan 2008, 11:45 م]ـ
أبو عبد الرحمن المدني
ومن الحٍكم التي تُلتمس في هذا الباب:
أولا: .............
ثانيا: ................
ثالثا: .............................
رابعا: .................................
ألا يصلح التمييز بين البشر والحيوانات خامسا؟(/)
من بيان القرآن "تفسير سورة القدر ج 2
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[13 Jan 2008, 05:53 م]ـ
من بيان القرآن تفسير سورة القدر ج 2
الحسن محمد ماديك
من الغيب في القرآن
ومن الغيب في القرآن قوله:
• ? ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل ويقذفون بالغيب من مكان بعيد ? سبأ 51 ـ 53
• ? قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ? هود 48 ـ 49
• ?حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصرا وأقل عددا قل إن أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدا عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ? الجن 25 ـ 27
• ? قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ? الزمر 46 ـ 48
• ? وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين ? يونس 19 ـ 20
ويعني حرف سبإ أن الذين سيفزعون من العذاب الموعود في الدنيا سيؤمنون كما في قوله ? وقالوا آمنا به ? وهو التناوش الذي سيتعلقون به بأسباب النجاة، وهيهات نجاتهم إذ هي بالإيمان بالغيب من قبل، أي بموعودات القرآن يوم كانت غيبا قبل أن تصبح شهادة، وهو ما قذفوا به من مكان بعيد أي فرطوا فيه من قبل.
ويعني حرف هود أن قوله ? وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ? هو من الغيب الذي نبّأ الله به نوحا قبل أن يهبط من الفلك ونبّأ به رسوله بالقرآن خاتم النبيين ? فهو من الغيب في القرآن.
ويعني حرف الجن أن العذاب الموعود في الدنيا الذي سيراه المكذبون هو من الغيب في القرآن الذي أظهر عليه رسوله النبي الأمي ?.
ويعني حرف الزمر إجابة استفتاح النبي ? وهو قوله ? قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ? وهو الموعود المتأخر في سياق خطاب المؤمنين ـ كما بيّنت في كليات من التفسير ـ وهو الفتح في يوم القيامة بعذاب الظالمين كما في قوله ? ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة ? وتأخر ذكر الموعود المتقدم كما في قوله ? وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ? يعني الإهلاك في الدنيا.
ويعني حرف يونس أن الكلمة التي سبقت من ربنا وأخر بسببها العذاب عن المكذبين الذين عاصروا النبي ? هي وعده بتأخير العذاب إلى آخر الأمة، وأن العذاب الموعود في الدنيا والآيات الخارقة للتخويف والقضاء هما من الغيب في القرآن الذي لن يأتي به غير الله وأنه مما يجب على المؤمنين انتظاره لتكليف النبي ? بانتظاره فمن يرغب من المؤمنين عن وعد وعد به الله وكلّف نبيه ? بانتظاره.
من النبوة
? تلك القرى نقص عليك من أنبائها?
إن قوله ? تلك القرى نقص من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع لله على قلوب الكافرين ? الأعراف 101 لمن المثاني مع قوله ? ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ? هود 100 ـ 103 ويعني الحرفان أن ما تضمنه قصص القرآن من مصارع القرى التي أهلكت من قبل هو مما نبّأ الله به خاتم النبيين ? في القرآن وسيقع في هذه الأمة مثله والقرينة في حرف الأعراف أن قوم نوح قد أهلكوا كما في قوله ? وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين ? الأعراف 64 وأهلكت عاد كما في قوله ? وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين ?
(يُتْبَعُ)
(/)
الأعراف 72 وأهلكت ثمود كما في قوله ? فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين ? الأعراف 78 وأهلكت قوم لوط كما في قوله ? وأمطرنا عليهم مطرا ? الأعراف 84 وأهلكت مدين كما في قوله ? فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين ? الأعراف 91 وجميعه في وصف القرى التي أهلكت تفصيلا في سورة الأعراف ثم قال تعالى ? ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ? الأعراف 96 وهو في وصف القرى التي أهلكت إجمالا ثم خوطبت هذه الأمة بقوله ? أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون أوأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون أمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين ? الأعراف 96 ـ 102 ويعني أن القرى العامرة اليوم في مشارق الأرض ومغاربها موعودة ببأس الله سيأتيهم بياتا وهم نائمون وهو عذاب الله بغتة، أو يأتيهم ضحى وهم يلعبون وهو عذاب الله جهرة كما في قوله ? قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون ? يونس 50 وقوله ? قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون ? الأنعام 47.
وإن البيات والنوم والبغتة والتخوف والقيلولة كما هو مدلول قوله ? أو هم قائلون ? أوصاف واحدة لا حيلة للإنسان فيها ولا حول.
وإن الضحى واللعب والجهرة أوصاف واحدة فتدبروا قولا فصلا وما هو بالهزل، ومتى كان البيات والنوم والضحى واللعب من أوصاف يوم القيامة، إنه الوعد في الدنيا وليس هو العذاب يوم القيامة.
إن الذين يرثون الأرض من بعد أهلها الذين أهلكوا من قبل هم الذين سيسكنون في مساكن الذين ظلموا أنفسهم كما سيأتي سيطبع الله على قلوبهم فلا يؤمنون حتى يروا العذاب فيهلكون كما أهلك أهل القرى من قبل كما هي دلالة قوله ? كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين ?.
والقرينة في حرف هود أن قوم نوح أهلكوا كما في قوله ? حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور ? إلى قوله ? قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين ? هود 40 ـ 43.
وأن عادا أهلكوا كما في قوله ? ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ? هود 58 ـ 60.
وأن ثمود أهلكت كما في قوله ? فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود ? هود 66 ـ 68.
وأن قوم لوط أهلكوا كما في قوله ? فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد ? هود 82 ـ 83.
وأن مدين أهلكت كما في قوله ? ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود ? هود 94 ـ 95.
ثم خوطبت هذه الأمة بقوله ? ذلك من أنباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب ? هود 100 ـ 101، حكاية عن القرى التي أهلكت من قبل.
ونبّأ الله خاتم النبيين ? بقوله ? وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ? هود 102 ـ 10 أي أن أخذ ربنا القرى الظالمة الموعود سيكون كذلك أي مثل ما فصّلته سورة هود، ونبّئ به النبي الأمي ? في القرآن.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن قوله ? ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد ? التغابن 5 ـ 6 لمن المثاني مع قوله ? ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ? التوبة 70 ويعني أن الله نبّأ النبي الأمي محمدا ? في القرآن بأن الكفار والمنافقين سيهلكون في الدنيا بمثل ما أهلكت به الأمم المكذبة من قبل، ودلالة قوله ? فذاقوا وبال أمرهم ? هي أنهم قد عذّبوا في الدنيا بعذاب جامع ماحق وعطف عليه أن لهم عذابا أليما يعني في الآخرة، ودلالة قوله ? فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ? حيث وقعت في القرآن أنهم قد عذبوا.
إن قوله ? وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار ? في حرف التوبة قد تعدى إلى موعودين تقدم ذكر المتأخر منهما كما هو تفصيل الكتاب في سياق خطاب المؤمنين، فالموعود الأول المتأخر ذكره هو قوله ? ولعنهم الله ?، والموعود الثاني المتقدم ذكره هو قوله ? نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ?، ولعنهم في الدنيا يعني إهلاكهم بعذاب من عند الله كما تقدم والمعنى أن الله لعنهم كالذين من قبلكم وهم الأمم المهلكة من قبل، وكذلك وعدهم نار جهنم كالذين من قبلكم من الأمم المكذبة المهلكة.
فالوعدان متعلقان بقوله ? كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة ?.
وإن قوله ? وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله ? إبراهيم 8 ـ 9 لمن المثاني مع قوله ? أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ... ? النجم 36 ـ 54
ويعني حرف إبراهيم أن موسى نبّأ قومه بني إسرائيل بمثل مصارع قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وهم القرون الكثيرة بين ثمود وقوم لوط، وإنما خاطب موسى في نبوته هذه بني إسرائيل وهم قومه بقرينتين أولاهما أن القرآن لم يصف فرعون وقومه بأنهم قوم موسى وإنما وصف به بني إسرائيل، وثانيهما قوله ? وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ? إبراهيم 6 وإنما تمت نجاة بني إسرائيل من آل فرعون بعد إهلاك فرعون، مما يعني أن قوله ? ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم ? هو من خطاب موسى بني إسرائيل بعد هلاك فرعون وكذلك قوله ? وذكّرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ? إبراهيم 5 يعني تذكيرهم بأيام الله أن يوما كالذي أهلكت فيه كل أمة مكذبة من قبل سيأتي مثله فيتذكر به بنو إسرائيل أيام الله وبقرينة قوله ? إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور? كما بينت في كلية الآيات.
ولقد نبّأ الله موسى بمثل ذلك بعد هلاك فرعون وبعد أن آتاه التوراة وذلك قوله ? وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء فخذها بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سأوريكم دار الفاسقين ? الأعراف 145 فقوله ? سأوريكم دار الفاسقين ? هو مما نبّأ الله به موسى ولم يقع بعد إلى يومنا هذا، وليقعنّ ما وعد الله به موسى ونبّأه به ونبّأ به سائر النبيين مما لم يقع بعد.
وإن قوله ? وأنه أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى ? النجم 50 ـ 54 لمما تضمنته الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى ونبئ به خاتم النبيين ? في القرآن كذلك فهو منتظر.
إن قوله ? قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ? هود 48 ـ49 ومن المثاني معه قوله ? ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر? القمر 4
(يُتْبَعُ)
(/)
ويعني حرف هود أن قوله ? وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ? هو مما نبّأ الله به نوحا بعد إغراق قومه المكذبين، ولقد متّعت أمم بعد نوح مثل عاد وثمود ومدين وقوم فرعون ثم مسّها عذاب أليم في الدنيا، لكن نبوة نوح لم تنقض بعد، بل تضمنها القرآن ونبّأ بها خاتم النبيين ? وذلك قوله ? تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين ?، ويعني أن الله نبّأ خاتم النبيين ? بمثل ما نبّأ به نوحا من قبل ولم يتم إيقاعه منذ نزول القرآن إلى يومنا هذا وإنما سيتم في آخر هذه الأمة لإيقاع وعد الله ? والعاقبة للمتقين ? القصص 83 لدلالتها على نهاية الصراع في الدنيا بين الحق والباطل كما سيأتي بيانه في كلية الخلافة على منهاج النبوة.
ويعني حرف القمر أن الساعة إذا اقتربت، وانشق القمر، وكذّب المكذبون بآيات ربهم للتخويف والقضاء سيستقرّ عليهم كل أمر أهلك به الأولون ليهلك بمثله الآخرون الذين أعرضوا عن أنباء القرآن ولو عقلوا لازدجروا عن التكذيب فلا يهلكون بمثل ما أهلك به الأولون.
إن قوله ? فتول عنهم يوم يدع الداع إلى شيء نكر خشعا أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر? القمر 6 ـ 8 لمن الموعود المتأخر الذي تقدم ذكره في خطاب النبي ? والمؤمنين والمعنى فتولّ عنهم فسيهلكون كما أهلكت الأمم المكذبة قبلهم كما هي دلالة قوله ? كذبت قبلهم قوم نوح ? القمر 9 وقوله ? كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر? القمر 18 وقوله ? كذبت ثمود بالنذر? القمر 23 وقوله ? كذبت قوم لوط بالنذر ? القمر 33 وقوله ? ولقد جاء آل فرعون النذر كذبوا بآياتنا كلها ? القمر 41 ـ 42 ولقد بيّن الله مصارع كل منهم، فأما مصرع قوم نوح فكما في قوله ? ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر ? القمر 11 ـ 12 وبيّن الله أن هذا المصرع سيقع مثله في هذه الأمة ليتذكر بالقرآن كما هي دلالة قوله ? فكيف كان عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل مدكر ? القمر 16 ـ 17 أي عاقل يذّكّر فينجو من هذا المصرع الموعود مثله، وأما مصرع عاد فكما في قوله ? إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر ? القمر 19 ـ 20 وبيّن الله أن مصرعهم سيقع مثله في هذه الأمة ليتذكر بالقرآن كما هي دلالة قوله ? فكيف كان عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ? القمر 21 ـ 22 أي عاقل يذّكّر فينجو من هذا الموعود، وأما مصرع ثمود فكما في قوله ? إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر ? القمر 31 وبيّن الله أن مصرعهم سيقع مثله في هذه الأمة ليتذكر بالقرآن كما هي دلالة قوله ? ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ? القمر 32 أي عاقل يذّكّر فينجو من هذا الموعود، وأما مصرع قوم لوط فكما في قوله ? ولقد صبّحهم بكرة عذاب مستقر فذوقوا عذابي ونذر ? القمر 38 ـ 39 وبيّن الله أن مصرعهم سيقع مثله في هذه الأمة ليتذكر بالقرآن كما هي دلالة قوله ? ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر? القمر 40 أي عاقل يذّكّر فينجو من هذا الموعود، وأما مصرع آل فرعون فكما في قوله ? فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر ? القمر 42 وبيّن الله أن مصرعهم سيقع مثله في هذه الأمة كما هي دلالة الاسمين العزيز المقتدر كما بيّنت في حرف الأسماء الحسنى في مقدمة التفسير، ثم خاطب الله هذه الأمة بقوله ? أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر ? القمر 43 ويعني أن الله سيهلك الكفار في هذه الأمة بمثل مصارع المذكورين في هذه السورة فهو الموعود المتأخر ذكره بعد قوله ? فتول عنهم ?، ويعني أن الله لم ينزل في الزبر وهو الكتب المنزلة من قبل عهدا منه أن لا يهلك المكذبين في هذه الأمة بمثل ما أهلك به المكذبين من الأمم السابقة.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن قوله ? ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة الله كفرا وأحلّوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار ? إبراهيم 28 لمن المثاني مع قوله ? سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدّل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب ? البقرة 211 ويعني حرف إبراهيم أن مما عرض على النبي الأمي ? عرضا رآه ونبئ به أن قوما سيبدّلون نعمة الله كفرا بدل شكرها وسيحلّون قومهم دار البوار أي يجعلونهم يعذبون في الدنيا كما يأتي تحقيقه، ويعني حرف البقرة أن الله شديد العقاب سيعذّب في الدنيا قوما من بني إسرائيل سيبدلون نعمة الله كفرا بدل شكرها كما يأتي تحقيقه.
وإن قوله ? ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ? لقمان 31 لمن المثاني مع قوله ? إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية ? الحاقة 11 ـ 12 ويعني أن مما نبئ به النبي ? عرضا عليه كما هو مدلول قوله ? ألم تر ? ومما وعد به في القرآن أن الفلك ستجري بنعمة الله بطائفة من المؤمنين ينجيهم الله فيها من الإغراق كما يأتي تحقيقه.
الأحزاب
إن قوله ? أم يقولون نحن جميع منتصر ? القمر 44 ليعني أن الجميع المنتصر هم الجمع وهم الأحزاب الذين سيهزمون في آخر هذه الأمة وقد بدأت الأحزاب تتحزب عليها وتتداعى.
وإن قوله ? سيهزم الجمع ويولون الدبر ? القمر 45 لمن المثاني مع قوله ? جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ? ص 11 ويعني أن الله وعد في القرآن أن يهزم الأحزاب المتأخرين عن نزول القرآن كما هزمت الأحزاب من قبل كما في قوله ? كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب ? غافر 5.
وقد هزمت الأحزاب من قبل كما في قوله ? وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ? الأنبياء 11 ـ 14 وقوله ? وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم? غافر 30 ـ 33 و قوله ? جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ? ص 11.
وإن قوله ? ويولون الدبر ? لمن المثاني مع قوله ? إذا هم منها يركضون ? وقوله ? يوم تولون مدبرين ? فالذين يركضون طلبا للنجاة قد ولّوا مدبرين وولوا الدبر وإنما ذلك كله من أوصاف الدنيا لا الآخرة.
وسيأتي من البيان في من بيان القرآن.
دلالة الاستهزاء بالرسل
إن قوله ? وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين فقد كذبوا بالحق لما جاءهم فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ? الأنعام 4 ـ 5 لمن المثاني مع قوله ? وما يأتيهم من ذكر من الرحمان محدث إلا كانوا عنه معرضين فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون? الشعراء 5 ـ 6 ويعني أن المكذبين في هذه الأمة سيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون وهو العذاب في الدنيا الذي كانوا به يستعجلون استهزاء به وتكذيبا، وكما في قوله ? ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا يستهزئون ? هود 8 أي سيحلّ عليهم العذاب الموعود الذي كانوا يستهزئون بالوعد به ولا يأخذونه بقوة، وكذلك حاق بالذين كفروا من قبل ما كانوا به يستهزئون أي أهلكوا في الدنيا كما في قوله ? ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون? الأنبياء 41 الأنعام 15 وحذّر الله هذه الأمة من ذلك كما في المثاني:
• ?هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ? النحل 33 ـ 34
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون ? الروم 9 ـ 10
• ? أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أكثر منهم وأشد قوة وآثارا في الأرض فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ? خاتمة غافر
• ? واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف ? إلى قوله ? فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ? الأحقاف 21 ـ 26
• ? يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون ? يس 30
وفي حرف النحل قرينتان على أن ذلك سيتكرر مثله في هذه الأمة أولاهما قوله ? هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة ? أي للإهلاك كما في قوله ? ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين ? الحجر 8 وكما فصلته في بيان قوله ? تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم ?، وثانيهما قوله ? كذلك فعل الذين من قبلهم ? أي مثل تكذيب هؤلاء كذّب به من قبلهم فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون أي أهلكوا في الدنيا وكذلك سيهلك هؤلاء، والقرينة في حرف الروم أمر المكذبين في هذه الأمة بالسّير في الأرض للاعتبار بعاقبة الذين أهلكوا من قبل بسبب تكذيبهم بآيات الله واستهزائهم بوعده فلا يصيبهم مثل ما أصابهم، وكذلك القرينة في حرف خاتمة غافر.
والقرينة في حرف الأحقاف أنه من الذكر كما هي دلالة الذكر.
والقرينة في حرف يس أنه من المثل الذي ضربه الله لهذه الأمة كما هي دلالة ضرب الأمثال في القرآن ولكن لا يعقلها إلا العالمون.
ضرب الأمثال
إن قوله ? وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ? العنكبوت 43 ليعني أن ضرب الأمثال في القرآن ليس للتسلية والترفيه وإنما هو للدلالة على التخويف من موعود قد وقع مثله من قبل وسيقع مثله من بعد أي بعد نزول القرآن، كما سيأتي تحقيقه في من بيان القرآن.
? وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال ?
إن قوله ? وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم وجعلناهم للناس آية وأعتدنا للظالمين عذابا أليما وعادا وثمود وأصحاب الرس وقرونا بين ذلك كثيرا وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا ? الفرقان 37 ـ 39 ليعني أن لا عذر بعد ضرب الأمثال وأن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون حيث وقعت وكيف وقعت في سياق إهلاك القرون الأولى.
إن المثاني في قوله:
• ? وكم أرسلنا من نبي في الأولين وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين ? الزخرف 6 ـ 8
• ? فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين فجعلناهم سلفا ومثلا للآخرين ? الزخرف 56
لتعني أن المكذبين من الأمم الماضية إنما هم سلف سيأتي بعدهم خلف متأخر هم الآخرون وسيهلكون في الدنيا بمثل ما أهلك به الأولون.
ويعني أول الزخرف أن الأمم المهلكة قبل نزول القرآن كانوا أشد بطشا من آبائهم الذين عاصروا النبيين واستهزأوا بهم ويعني أن الذين استهزأوا بخاتم النبيين ? ما كانوا ليهلكوا في الدنيا بمثل ما أهلك به الأولون وكما في المثاني معه في قوله ? وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون ? الأعراف 94 ـ 95 وقوله ? وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ? الأنفال وإنما سيهلك من هم أشد منهم بطشا وهم كالذين عفوا وقالوا قد مسّ آباءنا الضراء والسراء.
ويعني ثاني الزخرف أن ربنا قد جعل آل فرعون الذين انتقم منهم فأغرقهم أجمعين سلفا ومثلا للآخرين أي سيأتي في آخر هذه الأمة من يسيرون سيرتهم كلها وينتقم الله منهم فيغرقهم أجمعين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن قوله ? ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم وموعظة للمتقين ? النور 34 لمن المثاني مع قوله ? كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ? الحشر 15 وقوله ? ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات ? الرعد 6 ويعني أن القرآن قد تضمن مثلا من الأمم المكذبة المهلكة من قبل، ووعد المكذبين في آخر هذه الأمة بالإهلاك كما هي دلالة التشبيه بمثل الذين خلوا من قبلهم، والمثلات التي خلت من قبل منها تدمير المكذبين.
وإن قوله ? واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون ? إلى قوله ? إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون ? يس 13ـ 29 لمن المثاني مع قوله ? وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون ? النحل 112 ـ 114
ويعني أن مثل الفريتين سيتكرر بعد أن أرسل الله رسوله النبي ? بالقرآن وأن سيقع الاستهزاء فتأتي على المستهزئين صيحة واحدة تجعلهم خامدين، وأن سيقع كفر النعمة فيذيقهم الله لباس الجوع والخوف ويأخذهم العذاب وهم ظالمون.
وإن قوله ? وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال ? إبراهيم 44 ـ 45 ليعني أن المتأخرين الذين سيأتيهم العذاب الموعود في الدنيا سيسألون ربهم أن يؤخرهم ليؤمنوا ولن يؤخرهم الله وإنما سيهلكهم وهم ظالمون لأن الأمثال قد ضربت لهم في القرآن من قبل.
وقد بدأ الوعد يقترب لقوله ? أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ? وهو من المثاني مع قوله ? وظن أهلها أنهم قادرون عليها ? يونس 24 ولقد اقتربت البشرية من هذه المرحلة بما بلغته من التقدم التقني والعلمي.
إن قوله ? فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب ? ليعني أن هذا الموعود هو في الدنيا، أما في الآخرة فلا يسأل الظالمون التأخير وإنما يسألون أن يردوا إلى الدنيا كما في قوله ? ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ? الأنعام 27 وقوله ? وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل ? الشورى 44 وقوله ? هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل ? الأعراف 53 ويعني أنهم يوم القيامة يتمنون أن يردوا أي يرجعون إلى الدنيا موطن التكليف ليعملوا صالحا.
أما التأخير كما في قوله ? وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب? فإنما هو في الدنيا كما في المثاني:
• ? ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ليقولن ما يحبسه ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ? هود 8
• ? لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ? يونس 49
• ? ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ? الأعراف 34
• ? ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم مسمى فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ? النحل 61
• ? ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون ? الحجر 5 الفلاح 43
• ? وأنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون ? خاتمة المنافقين
• ? إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون ? نوح 4
من القول
? أفلم يدبروا القول ?
(يُتْبَعُ)
(/)
إن نوحا خاطب قومه كما في قوله ? قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ? هود 38 ـ 39 وقد حلّ على قومه في الدنيا عذاب أخزاهم وهو الطوفان وسوف يحلّ عليهم في الآخرة في جهنم عذاب مقيم، وخاطب شعيب قومه كما في قوله ? ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب ? هود 93 وقد جاءهم في الدنيا عذاب أخزاهم وهو الصيحة وجاء السياق بترتيب الموعودين الأول قبل الثاني لأنه في خطاب الذين لا يؤمنون بالغيب وهم قوم نوح وقوم شعيب.
ومن القول في القرآن قوله ? قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم ? الزمر 39 ـ 40 ويعني أن المكذبين بعد حياة النبي ? كما هي دلالة القول سيعلمون رأي العين أنهم هم الذين سيأتيهم عذاب يخزيهم في الدنيا وسيحلّ عليهم في جهنم عذاب مقيم.
ومنه قوله ? قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين ? الأنعام 40 ومن المثاني معه قوله ? قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمان مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا ? مريم 75 ويعني أن عذاب الله سيأتي على المجرمين في الدنيا قبل الساعة إذ غاير بينهما.
ومنه قوله ? قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون ? الأنعام 47 ومن المثاني معه قوله ? قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون ? يونس 50.
ومنه قوله ? فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين ? الأنعام 147 ويعني أن رحمة ربنا الواسعة ستشمل بعد حياة النبي ? قوما لا يكذبونه، وأن بأس ربنا يومئذ لن يردّ عن القوم المجرمين ومن المثاني معه قوله ? ولا يردّ بأسنا عن القوم المجرمين ? يوسف 110 أي سيهلكهم وعدا منه.
ومنه قوله ? قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين ? الأنفال 38 ويعني أن الذين كفروا بعد حياة النبي ? سيؤمرون بالإسلام فإن أسلموا يغفر لهم ما قد سلف والإسلام يجبّ ما قبله وإن يعودوا إلى الكفر فستأتي عليهم سنة الأولين وهو الإهلاك الذي دمّر قوم نوح وعادا وثمود والذين من بعدهم.
ومنه قوله ? قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما ? خاتمة الفرقان ويعني أن الذي سوف يكون لزاما هو العذاب الموعود بعد حياة النبي ? كما هي دلالة القول وكما في المثاني معه في قوله ? أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى ? طه 128 ـ 129 ويعني أن الكلمة التي سبقت من ربنا هي تأخير العذاب إلى أجل مسمى وإلى أمة معدودة كما في حرف هود، فلولا تأخير العذاب إلى آخر الأمة لكان لزاما أن يعذب المكذبون الذين عاصروا النبي ?.
ومنه قوله ? قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون وكذّب به قومك وهو الحق قل لست عليكم بوكيل لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون ? الأنعام 65 ـ 67 ويعني أن الله سيبعث على طائفة من مكذبي هذه الأمة عذابا من فوقهم ويبعث على طائفة أخرى منهم عذابا من تحت أرجلهم كما هي دلالة القول وأنه مما ينتظر في أمة النبي ? بعد حياته ودلالة قوله ? انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون ? ويعني أن الله قد جعل من الصواعق وما يتساقط من الشهب وهي القطع أو الكسف من السماء آيات على أن الله قادر على أن يبعث علي المكذبين عذابا من فوقم فهلا فقهوا ذلك، وجعل من الزلازل والخسف والبراكين ونحوها آيات ودلائل على أن الله قادر على أن يبعث عليهم عذابا من تحت أرجلهم فهلا فقهوا ذلك، وإن العذاب من فوق ومن تحت أرجل المكذبين سيحل عليهم كما في قوله ? وكذّب به قومك وهو الحق ? أي كذّب قومه بالقرآن ومنه هذا الوعد وهو الحق غير الباطل واللعب، وكما هي دلالة قوله ? لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون? ويعني أن هذا الوعد والقول من النبوة في القرآن وسيعلمه الناس رأي العين كما هي دلالة النبوة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومنه قوله ? قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون ? التوبة 52 وقوله ? ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون ? خاتمة السجدة وقوله ? فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين ? يونس 102 ويعني حرف التوبة أن الله سيصيب المنافقين بعذاب من عنده في الدنيا بعد حياة النبي ? كما هي دلالة القول ودلالة أنه مما ينتظر، ويعني حرف يونس أن يوما مثل أيام الذين خلوا من قبل هذه الأمة سيأتي على المكذبين بعد حياة النبي ? كما هي دلالة القول ودلالة أنه مما ينتظر، ويعني حرف السجدة أن يوم الفتح إذا جاء فلن ينفع الذين كفروا إيمانهم بل سيهلكون، وأنه مما ينتظر بعد حياة النبي ? في أمته وهو اليوم الذي سيفتح الله فيه بين الفريقين من هذه الأمة فينجي المؤمنين ويستخلفهم في الأرض ويهلك المكذبين كما أهلك سلفهم المجرمين من الأمم الماضية.
إن يوم الفتح هو الذي سأله الرسل من قبل كما في قوله:
• ? قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين ? الشعراء 118
• ? ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ? الأعراف 89
• ? واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ? إبراهيم 15
ويعني أن نوحا وشعيبا وسائر الرسل بالآيات استفتحوا ربهم طلبا للنصر وقد أجاب الله دعاءهم فنجاهم ومن معهم وأهلك المجرمين في يوم الفتح.
من الذكر
? ولقد يسرنا القرآن للذكر ?
إن قوله ? ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ? المكررة في القمر بعد ذكر تكذيب وإهلاك كل من قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط ليعني أن سيقع في هذه الأمة مثل تلك المصارع سواء بسواء ولن ينجو منها إلا من ادكر أي تذكر بالقرآن لينجو من العذاب الموصوف في سورة القمر.
وأمر الله الناس أن يعقلوا الذكر بقوله ? لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون ? الأنبياء 10 قبل قوله ? وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين فلما أحسوا بأسنا إذا منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ? الأنبياء 11 ـ 15، أفلا يعقل الناس أن هذا مما سيتذكر مثله في هذه الأمة.
وأمر الله كذلك بالذكر قبل قوله ? وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين ? الأعراف 4 ـ5، وتضمنت سورة الأعراف نماذج الذين اتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم ولم يتبعوا من دونه أولياء وهم الذين اتبعوا نوحا وهودا وصالحا ولوطا وشعيبا وموسى وقد نجوا جميعا من بأس الله في أيام الله، وليعلم الناس في هذه الأمة أنهم قد أنزل إليهم ذكر من الأولين وأنهم لم يكلفوا إلا بما يطيقون ليمتثلوا قوله ? اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون ? الأعراف 3، وليعرضوا عن نماذج المكذبين من قوم نوح ومن عاد وثمود وقوم لوط ومدين وفرعون وملئه، وقد أهلكوا جميعا.
وإن من الذكر قوله ? وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون ? الأعراف 172 ـ 173 ويعني أن من الذكر في القرآن كما هي دلالة قوله ? وإذ ? أن المشركين سيهلكون في الدنيا بعذاب من عند الله ولن يعذروا بما اعتذروا به أي بتقليد سلفهم.
وأمر الله في القرآن بتأمل مثل الفريقين وتذكره كما في قوله ? مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون ? هود 24 قبل ذكر الفريقين من قوم كل من نوح وهود وصالح ولوط وشعيب، فالفريق البصير والسميع هم الذين نجوا برحمة ربهم من العذاب الذي أهلك به الفريق الأعمى والأصم من قوم نوح ومن عاد وثمود ومن قوم لوط ومن مدين وفرعون وملئه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأما مثل الفريقين فمنتظر في هذه الأمة وسيقع ليصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه هو مثل البصير والسميع وإلى فسطاط نفاق وكفر لا إيمان فيه هو مثل الأعمى والأصم ليهلك مثل الأعمى والأصم وينجو برحمة ربنا مثل السميع والبصير.
وتضمنت سورة الشعراء من ذكر الفريقين مثل ما تضمنت سورتا هود والأعراف، وهو ذكر من الرحمان كما في قوله ? وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ? الشعراء 5 ـ 6 أي سيهلك بالعذاب الموعود المعرض عن ذكر الرحمان كما أهلك به الأولون وفصلته سورة الشعراء تفصيلا وحذرت من مثله في قوله ? كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين ? الشعراء 200 ـ 209 ويعني أن ذكرى أي سيتذكر مثله في القرى القائمة قبل إهلاكها.
إن قوله:
• ? وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ? سورة ق 26 ـ 27
• ? وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين ? الشعراء 208 ـ 209
ليعني أن إهلاك المكذبين بعد نزول القرآن قد وعد به الله في القرآن وسيتذكّره من كان له قلب وألقى السمع إلى القرآن وهو شهيد أي حاضر بعقله وفكره وتدبره وهم الذين سينجون من ذلك العذاب الموعود.
إن قوله:
• ? مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون ? هود 24
• ? وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون ? غافر 58
• ? ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ? إبراهيم 25
ليعني أن الذين هداهم الله هم الذين يستمعون القول فيتذكرون ويتبعون أحسن ما أنزل إليهم من ربهم وهو مثل البصير والسميع الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويعرضون عن مثل الأعمى والأصم وهو المسيء فتأمل دلالة قوله ? فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ? الزمر 17 ـ 18
بيان سورة القدر
? إنا أنزلناه ?
إن قوله ? إنا أنزلناه ? بإسناد الفعل إلى رب العالمين كما بينت في دلالة الاسمين الله رب العالمين ليعني أن المنزل خارق معجز لا يقدر عليه غير رب العالمين، وكذلك المنزل في قوله ? إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ? الأنفال 41 ويعني أن الذي أنزل على النبي? وأصحابه يوم بدر هو النصر والملائكة والفرقان الخارق المعجز كما في رميه بيده الحصى فأصابت وجوه العدو يوم بدر، وليس المنزل في حرف الأنفال هو القرآن إذ لم تنزل سورة الأنفال إلا بعد رجوعهم إلى المدينة وأخذهم الفداء من الأسرى.
وكما أنزل النصر أنزل العذاب في القرآن كما في قوله ? فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ? البقرة 59 وقوله ? إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ? العنكبوت 34 وقوله ? أفبعذابنا يستعجلون فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين ? الصافات 176 ـ 177 وقوله ? وقل إني أنا النذير المبين كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين ? الحجر 89 ـ 91 ولا يخفى أن الذي أنزل على ظالمي بني إسرائيل يومئذ هو الرجز الذي عذبوا به، وأن المنزل على قوم لوط هو الحاصب الذي أمطروا به، وحرف الصافات صريح في أن الموعود إنزاله هو العذاب ويعني فإذا نزل العذاب بساحة المجرمين فسيسوء صباحهم، ولا يخفى أن المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين هم الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، والنبي الأمي ?هو النذير المبين الذي أنذرهم ما أنزل في شأنهم من العذاب الموعود الذي سينزل عليهم كما في قوله ? أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ? البقرة 85 ويعني أنهم موعودون في الدنيا بعذاب شديد ينزل عليهم فيهلكهم وموعودون في يوم القيامة أن يردوا إلى أشد العذاب مما يعني
(يُتْبَعُ)
(/)
أنهم قد عذبوا في الدنيا بعذاب شديد قبله.
إن قوله ? إنا أنزلناه في ليلة القدر? ومن المثاني معه قوله ? إنا أنزلناه في ليلة مباركة ? الدخان 3 هو من الماضي الذي يراد به المستقبل كما بينت من خلال هذا البحث ومن القرائن في حرف القدر قوله ? واسجد واقترب ? في خاتمة العلق ويعني أن أمر النبي ? بالسجود هو لطلب النصر على الذي ينهى عبدا إذا صلى ويتوعد بناديه، وسينزل الله النصر في ليلة القدر ولن يبقى على ظهر الأرض بعد مطلع فجرها من ينهى عبدا إذا صلى إذ سيعذب فيه المشركون والكفار والمنافقون كما بينت ويبقى أهل الكتاب في الأرض المباركة وقد حقّ عليهم وعد الله ? وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ? البقرة 61 ويومئذ يقاتلهم المسلمون فيختبئون وراء الحجر والشجر كما يأتي بيانه في كلية القتال في سبيل الله، ويومئذ يقع عليهم وعد الله في القرآن ? غلّت أيديهم ولعنوا بما قالوا ? المائدة 64 أي أن فعل الأمر في القرآن ? غلّت أيديهم ? سيقع عليهم يومئذ فلا يستطيعون حمل السلاح ولا تحريك أيديهم فيختبئون وراء الحجر والشجر ويقاتلهم في سبيل الله يومئذ المسلمون وإمامهم منهم ومعهم عيسى ابن مريم كما بيّنت كذلك في كلية المنظرين ذلك مما نبّأ الله به محمدا في القرآن ولم يتدارسه الناس، والقرينة في حرف الدخان قوله ? وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون ? في خاتمة الزخرف ويعني أن النبي ? سأل ربه النصر على الذين لا يؤمنون فأمر بالصفح عنهم وأخبر بأن المكذبين سيعلمون رأي العين ما وعدهم به الله في الدنيا وفي الآخرة وإن من موعوداته في الدنيا تنزل النصر من الله دونما جهد من المؤمنين في ليلة مباركة هي ليلة القدر.
? في ليلة القدر ?
إن ليلة القدر في أحرفها الثلاثة لمتفق على قراءتها بإسكان الدال أي من القدرة كما في اسمه القادر القدير المقتدر كما في قوله ? قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم ? الأنعام 65 وقوله ? فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير? البقرة 109 وقوله ? عند مليك مقتدر ? خاتمة القمر وكما في قوله ? وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها ? الفتح 21.
وإن القدر ـ بإسكان الدال من القدرة ـ ليس مثل القدر بفتح الدال كما في قوله? وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم? الحجر 21 وقوله ? ثم جئت على قدر يا موسى ? طه 40 وقوله ? وأنزلنا من السماء ماء بقدر? الفلاح 18.
نعم إن ربنا خلق كل شيء بقدر ـ بفتح الدال ـ كما في قوله ? إنا كل شيء خلقناه بقدر? القمر 49 وليلة القدر كذلك مخلوقة بقدر.
ولا أعترض على القول بنزول القدر بفتح الدال في ليلة من السنة معلومة أو متغيرة في رمضان أو غيره.
إن نصرا من عند الله موعودا في القرآن سينزل على المؤمنين في ليلة القدر لم يأت بعد ولم تعرفه الأمة منذ نزول القرآن إلى يومنا هذا بل هو مما نبأ الله به خاتم النبيين ? والنبيين قبله وسيتم وقوعه في آخر هذه الأمة قبيل الساعة.
إن ليلة القدر سيدمر الله في ساعتها بين مطلع الفجر ومطلع الشمس المجرمين المكذبين في آخر هذه الأمة بمثل ما دمر الله به سلفهم قوم نوح وقوم لوط وبمثل ما دمر به عادا وثمود وأصحاب الأيكة وأصحاب مدين وفرعون وقومه، أي أن الله سيهلك طائفة من المكذبين في آخر هذه الأمة بالطوفان والغرق وطائفة بالريح العقيم وطائفة بالصاعقة وطائفة بالصيحة وطائفة بعذاب يوم الظلة وطائفة بالخسف وأن يمطروا بحجارة من سجيل منضود ...
? وما أدراك ما ليلة القدر ?
إن من تفصيل الكتاب أن جميع ما في الكتاب والقرآن من قوله ? وما أدراك ? حيث وقع فإنما لبيان الإخبار عن غيب ذي هول وفزع منتظر بعد نزول القرآن لن يدركه النبي ? في حياته كما في قوله:
• ? وما أدراك ما يوم الفصل ? المرسلات 14
• ? وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله ? خاتمة الانفطار
• ? وما أدراك ما القارعة ? القارعة 3
• ? وما أدراك ما هيه نار حاميه ? خاتمة القرعة
• ? وما أدراك ما الحطمة ? الهمزة 5
• ? وما أدراك ما سقر ? المدثر 27
• ? وما أدراك ما سجين ? التطفيف 8
• ? وما أدراك ما عليون ? التطفيف 19
(يُتْبَعُ)
(/)
وجميعه من الغيب الموعود في يوم القيامة أو في اليوم الآخر، وأما قوله ? وما أدراك ما الحاقة ? الحاقة 3 فهو من الغيب المنتظر في الدنيا كما بينت وفي الآخرة كذلك، وأما قوله ? وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب ? الطارق 2 ـ3 فهو من الغيب المنتظر في الدنيا لا في الآخرة ومن المثاني معه قوله ? والنجم إذا هوى ? وإنما أقسم الله به لتأكيد أنه من الغيب المنتظر كما هي دلالة القسم في القرآن كما بيّنت في مقدمة التفسير، وكذلك قوله ? وما أدراك ما ليلة القدر ? هو من الغيب المنتظر بعد نزول القرآن ولن يدركه النبي ? في حياته قبل موته.
? ليلة القدر خير من ألف شهر ?
إن قوله ? ليلة القدر خير من ألف شهر ? ليعني أن ألف شهر هي التي سيمتع فيها من سيهلكون في فجر ليلة القدر كما في قوله ? أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون ? الشعراء 205 ـ 207 والمعنى أن العذاب الموعود سينتهي به ما متع به المكذبون قبله إذ سيدمر الله في فجر ليلة القدر ما سيمتعون به سنين قبلها.
ويعني قوله ? ليلة القدر خير من ألف شهر ? أنها ليست جزءا مما خيّرت عليه وإذا لاختلّ المعنى وفسد النظم، وإن من تفصيل الكتاب أن الذي هو خير ليس جزءا من الذي هو أدنى، مما يعني المغايرة كما في قوله:
• ? قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى ? البقرة 263
• ? من جاء بالحسنة فله خير منها ? القصص 84
• ? فما آتاني الله خير مما آتاكم ? النمل 36
ويعني أن الأذى ليس جزءا من الصدقة والمعروف، وأن مغفرة الله وجنته ليست جزءا من الأعمال الصالحة في الدنيا، وأن ما آتى الله سليمان من النبوة والملك والتمكين ليس جزءا من ملك أهل سبأ.
وكذلك ليلة القدر خير من ألف شهر، وليست جزءا منها كما زعم التراث أنها تأتي كل عام أو في كل رمضان أي أنها متكررة في ألف شهر ثلاثا وثمانين مرة وإنما المعنى أن الكفار سيغلبون بالنصر يتنزل على المؤمنين في ليلة واحدة هي ليلة القدر، ولا ينفع المكذبين ما متعوا به ألف شهر قبلها وسيهلك الله فيها من الأحزاب أكثر مما قتل الأحزاب في ألف شهر قبلها من المسلمين.
? تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم ?
إن المثاني:
• ? هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ? النحل 33 ـ34
• ? هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون ? الأنعام 158
• ? سندع الزبانية ? العلق 18
• ? ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين ? الحجر 8
• ? ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ? الأنعام 8
• ?وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا ? مريم 64
• ? تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم ? الفجر 4
ويعني حرف النحل أن المكذبين إنما يؤخرون إيمانهم لفرط تكذيبهم بالغيب كأنما ينتظرون أن تأتيهم الملائكة في الدنيا أو يأتيهم أمر ربنا وهو العذاب، وكذلك فعل الذين من قبلهم فلم يؤمنوا حتى جاءتهم الملائكة منزلة بالعذاب كما يأتي تحقيقه.
ويعني حرف الأنعام أن المكذبين إنما يؤخرون إيمانهم لفرط تكذيبهم بالغيب كأنما ينتظرون أن تأتيهم الملائكة في الدنيا أو يأتي ربنا للحساب في يوم القيامة أو تأتيهم الآيات الخارقة الموعودة كما بينت في كلية الآيات، وقد وعد الله أن سيكون جميع ذلك كما هي دلالة قوله ? قل انتظروا إنا منتظرون ?، ويعني قوله ? إنا منتظرون ? أن انتظار جميع ذلك هو مما كلف به النبي ? أي هو من سنته وأن المؤمنين ينتظرون ذلك الوعد تبعا لنبيهم ? ومن لم ينتظره منهم فقد رغب عن سنته وما هو من أمته.
ويعني حرف الحجر أن تنزل الملائكة لن يكون لأجل أن تقرّ أعين الكفار بهم، ولن يكون عبثا أو هزلا أو لعبا وإنما سينزل ربنا الملائكة بالحق لإنفاذ وعده بإهلاك المجرمين في آخر الأمة، فإذا تنزلت الملائكة بالعذاب فسيسأل المكذبون التأخير ليؤمنوا ولن ينظروا بل سيهلكون كما في قوله ? وما كانوا إذا منظرين ? ومن المثاني معه قوله ? ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ?.
وسيأتي بيان حرف العلق مفصلا كثيرا وطويلا.
ويعني حرف مريم أن الملائكة لن تتنزل إلى الأرض إلا بأمر ربنا أي بعذابه كالذي أهلك به الأولون وفي إضافة الملائكة الأمر إلى رب النبي الأمي ? دلالة إخباره أن ربه سينصره على المجرمين بعذاب من عنده لا بجهود المؤمنين، وتعني دلالة قوله ? له ما بين أيدينا ? أنه تبارك وتعالى هو الذي أذن لهم بالتنزل من قبل لإهلاك المكذبين من الأمم السابقة، فتنزلهم من قبل بالعذاب هو ما بين أيديهم وأما ما خلفهم من التنزل بالعذاب كما في قوله ? وما خلفنا ? فهو المنتظر وما يستقبل من تنزلهم ومن المثاني معه قوله ? تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم ?، فالله وحده هو الذي يملكه وسيأذن به مهما تأخر كما في قوله ? وما كان ربك نسيا ? ويعني أن تنزل الملائكة بالعذاب سيتأخر كثيرا عن نزول القرآن.
ويعني حرف القدر أن الملائكة ستتنزل في ليلة القدر وأن الروح أي جبريل سينزل كذلك مع الملائكة فيها بإذن ربهم كما يأتي قريبا تفصيله وبيانه.
يتواصل
الحسن محمد ماديك(/)
" معلمة القرآن .. إلى أين "
ـ[إيمان]ــــــــ[13 Jan 2008, 09:08 م]ـ
تحت عنوان: " معلمة القرآن .. إلى أين "
يقيم قسم الإشراف النسائي في مركز الجمعيةبالدائري الشمالي برنامجا تدريبيا موجها لمعلمات القرآن الكريم، في دار الفتح النسائية الواقعة في حي التعاون شمال الرياض بجوار جامع السدلان، في الفترة من3 - 7/ 1/1429هـ. وسيشارك في تقديم الدورات هذا البرنامج عدد من التربويات الفاضلات:
تأتي في مقدمتهن الأستاذة أسماء الرويشد، وتتفضل بتقديم دورة بعنوان: " التربية القرآنية وأثرها على السلوك "
1 - تليها الأستاذة راوية سلامة، وتقدم دورة بعنوان:" مهارات التدريس في الحلقة القرآنية ".
2 - وبعنوان: " قواعد تدبر القرآن " دورة للأستاذة منال الناجي.
3 - ودورة: " كيف تكونين داعية في حلقتك " للأستاذة أمل الحميضي.
4 - ويختم البرنامج بدورة للأستاذة ميسون السويلم بعنوان: " كوني مميزة ".
وستقام جميع الدورات في الفترة المسائية ابتداءً من الساعة الرابعة وحتى الساعةالسابعة مساءً
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[13 Jan 2008, 10:14 م]ـ
جزاهم الله خيراً على هذه الجهود الطيبة
وأسأل الله تعالى أن يبارك فيها وتؤتي ثمارها المرجوة
وجزيت خيراً على الدلالة على الخير والسعي في نشر العلم
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[13 Jan 2008, 10:21 م]ـ
نفع الله بهذه المحاضرات وجزاكم الله خيراً على الدلالة عليها.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[14 Jan 2008, 03:44 م]ـ
وفقكن الله لكل خير .. جهد مشكور ..(/)
إعلان عن إصدار مجلة علمية محكمة، تعنى بالدراسات الإسلامية
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[14 Jan 2008, 12:38 ص]ـ
جمعية البحث في العلوم الإسلامية
مرتيل، ولاية تطوان /المغرب
البريد الإلكتروني Rihabalmaarifa@hotmail.fr
الهاتف 039677638/ 33069900 (00212) الفاكس 39995636 (00212).
صندوق البريد 116 مرتيل، ولاية تطوان / المغرب.
إعلان
تعلن جمعية البحث في العلوم الإسلامية إلى علم جميع الباحثين، أنها ستصدر العدد الأول من مجلتها، المسماة: «مجلة رحاب المعرفة، مجلة علمية محكّمة، تعنى بالدراسات الإسلامية».
والمجلة ترحب بالمشاركات ذات العلاقة بالدراسات الإسلامية في جميع فروعها العلمية. والسلام.
*المواد العلمية التي تتلقاها المجلة
1 - البحوث والدراسات العلمية الأصيلة، المتصلة بالدراسات الإسلامية التي لم يسبق نشرها.
2 - دراسة وتحقيق مخطوطات التراث الإسلامي.
3 - مراجعات الكتب وتعليقات عليها.
4 - تقارير المؤتمرات والندوات التي لها علاقة بموضوعات المجلة.
5 - قضايا تقترحها هيئة التحرير، قد تستكتب فيها أهل العلم وأصحاب الخبرة والرأي.
6 - يشير الباحث كتابة بأن مشاركته في المجلة لم يسبق له أن نشرها في منابر أخرى من المنابر العلمية، أو المجلات الثقافية.
مجلة رحاب المعرفة
مجلة علمية محكّمة، تعنى بالدراسات الإسلامية
تصدر مرتين سنويّاً مؤقتاً
مدير المجلة ورئيس التحرير: الأستاذ الدكتور المكي اقلاينة
نائب رئيس التحرير: الدكتور الهاشمي برعدي الحوات
المدير المالي: الدكتور عبد اللطيف الإدريسي.
*الهيئة العلمية:
الأستاذ الدكتور المكي اقلاينة
الأستاذ الدكتور توفيق الغلبزوري
الأستاذ الدكتور عبد السلام فيغو
الأستاذ الدكتور محمد حماد
الأستاذ الدكتور عبد الرحيم العلمي
الدكتورة وداد العيدوني.
*هيئة التحرير:
الدكتور الهاشمي برعدي الحوات
الدكتور عبد اللطيف الإدريسي
الدكتور عبد المجيد عطيمو
الدكتورة حنان الحداد
الدكتورة مهدية لغريش
الأستاذة نزيهة مصباح
الأستاذة فوزية التوري.
الأستاذة سكينة البقالي
الأستاذة حسناء بنعجيبة
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[14 Jan 2008, 01:02 ص]ـ
ربنا يوفقكم ويعينكم.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[14 Jan 2008, 01:51 ص]ـ
ما أسعدنا بهذه الأنشطة العلمية المتميزة في بلاد المغرب الحبيب، فجزاك الله خيرا دكتور برعدي الحوات على هذا الخبر السار، وأعان الله القائمين على هذه المجلة ووفقهم في رفد الدراسات اللإسلامية بالجديد والمفيد.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[14 Jan 2008, 02:07 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: الأستاذ الدكتور الهاشمي برعدي الحوات ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أحمد الله إليكم أن وفقكم لهذا العمل العلمي المتميز، الذي سيعمل ـ إن شاء الله ـ على تنمية البحث العلمي في الدراسات الإسلامية ببلدنا، مع إتاحة الفرصة أمام الباحثين لنشر أعمالهم العلمية.
متمنياتي لكم بالتوفيق و النجاح.
وتفضلوا أخي الكريم بقبول خالص تحياتي و تقديري.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Jan 2008, 08:33 ص]ـ
ما شاء الله.
نسأل الله لكم التوفيق والسداد، ونرجو لهذه المجلة العلمية النجاح والسداد والانتشار.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[14 Jan 2008, 08:49 ص]ـ
بارك الله فيكم
وكان في عونكم
راجين لكم التوفيق والتقدم والازدهار
وإن شاء الله نراها قريبا هنا
على صفحات منتدانا الحبيب هذا
ـ[أبو المهند]ــــــــ[14 Jan 2008, 10:08 ص]ـ
نسأل الله لهذا الوليد أن يشب عملاقاً آمين
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[14 Jan 2008, 12:23 م]ـ
مشروع مبارك ...
وفق الله القائمين عليه لكل خير .. وليتهم يضعون لها موقعاً في الانترنت ليتم التواصل من خلاله ..
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[14 Jan 2008, 01:07 م]ـ
مشروع موفق إن شاء الله، وأسأل الله أن يسدد خطاكم، ويكمل مسيرتكم، ويجعلها مباركة، عامةَ النفع.
ـ[يزيد الصالح]ــــــــ[14 Jan 2008, 01:39 م]ـ
أسأل الله أن يبارك فيكم ولكم،،
وأن يوفقكم في مسعاكم،،
هل لهذه المجلة موقع على الانترنت؟
تقبلوا تحياتي،،
أخوكم
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسن عبد المعتمد بيومى]ــــــــ[17 Jan 2008, 01:31 ص]ـ
نلتقي على خيرسعدت بهذا الخبر مع تمنياتي بالتوفيق وسوف نساهم بعدة بحوث للنشر في المجلة
ـ[عبدالله بن عمر]ــــــــ[17 Jan 2008, 02:26 م]ـ
وفقكم الله وسددكم ..
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[18 Jan 2008, 01:21 ص]ـ
جمعية البحث في العلوم الإسلامية
مرتيل، ولاية تطوان /المغرب
البريد الإلكتروني Rihabalmaarifa@hotmail.fr
الهاتف 039677638/ 33069900 (00212) الفاكس 39995636 (00212).
صندوق البريد 116 مرتيل، ولاية تطوان / المغرب.
إعلان
تعلن جمعية البحث في العلوم الإسلامية إلى علم جميع الباحثين، أنها ستصدر العدد الأول من مجلتها، المسماة: «مجلة رحاب المعرفة، مجلة علمية محكّمة، تعنى بالدراسات الإسلامية».
والمجلة ترحب بالمشاركات ذات العلاقة بالدراسات الإسلامية في جميع فروعها العلمية. والسلام.
*المواد العلمية التي تتلقاها المجلة
1 - البحوث والدراسات العلمية الأصيلة، المتصلة بالدراسات الإسلامية التي لم يسبق نشرها.
2 - دراسة وتحقيق مخطوطات التراث الإسلامي.
3 - مراجعات الكتب وتعليقات عليها.
4 - تقارير المؤتمرات والندوات التي لها علاقة بموضوعات المجلة.
5 - قضايا تقترحها هيئة التحرير، قد تستكتب فيها أهل العلم وأصحاب الخبرة والرأي.
6 - يشير الباحث كتابة بأن مشاركته في المجلة لم يسبق له أن نشرها في منابر أخرى من المنابر العلمية، أو المجلات الثقافية.
ضوابط النشر
* إذا كان العمل مما ذكر في (1، 2) فيستحسن ألا يزيد عن ثلاثين صفحة، وإذا كان مما ذكر في (3، 4) فيستحسن ألا يتجاوز عشر صفحات
*ترتيبُ الموضوعات يخضع لاعتبارات فنية.
*تعبر المواد المنشورة في المجلة عن آراء أصحابها.
*يقدم الباحث عمله منسوخاً على أنظمة الحاسب الآلي في قرص مدمج ( C.D)، أو يرسل بحثه عن طريق البريد الإلكتروني على نظام الوورد، بخط ( Traditional Arabic)، العناوين بمقاس 16، والهوامش بمقاس 12، والنص بمقاس 14، بمسافة 1 بين الأسطر، ويمين النص ويساره وأعلاه وأسفله: 2.5.
*تُوضح المصادر والمراجع في نهاية البحث مرتبة حسب الترتيب الهجائي بدءاً بعنوان الكتاب، مع ذكر اسم المؤلف، ثم المحقق، ومكان الطبع، والطبعة، وتاريخها، فإن لم يوجد، كتب: د. ت (أي دون تاريخ).
*توثق المعلومات الواردة في البحث أسفل كل صفحة، يذكر فيها اسم المؤلف (اسم الشهرة، ثم بقية اسمه عندما يذكر أول مرة، ويقتصر على اسم الشهرة بعد ذلك)، ثم يكتب بعد نقطتين عنوان الكتاب كاملا أول مرة، ثم يختصر إذا تكرر، ويحدد الجزء والصفحة من غير حرفي ج ص، وإنما يفصل بينما بالخط المائل (/)، فإن لم يكن في أجزاء، يكتب بعد الفاصلة ص: ثم رقم الصفحة أو الصفحات.
*عزو الآيات إلى سورها.
*تخريج الأحاديث مع ذكر الكتاب والباب والجزء والصفحة ورقم الحديث، ودرجته من حيث الصحة.
*تخضع المواد العلمية المنشورة للتحكيم العلمي، المتعارف عليه في المجلات المحكمة؛ وللهيئة أن تضع القواعد المناسبة لذلك.
*يخبر الباحث بنتيجة التحكيم، ويطلب منه إجراء التعديلات الضرورية.
*تُسلم للباحث نسختان من العدد الذي شارك به في المجلة.
*لا تلتزم المجلة برد البحوث غير المقبولة للنشر.
مجلة رحاب المعرفة
مجلة علمية محكّمة، تعنى بالدراسات الإسلامية
تصدر مرتين سنويّاً مؤقتاً
مدير المجلة ورئيس التحرير: الأستاذ الدكتور المكي اقلاينة
نائب رئيس التحرير: الدكتور الهاشمي برعدي الحوات
المدير المالي: الدكتور عبد اللطيف الإدريسي.
*الهيئة العلمية:
الأستاذ الدكتور المكي اقلاينة
الأستاذ الدكتور توفيق الغلبزوري
الأستاذ الدكتور عبد السلام فيغو
الأستاذ الدكتور محمد حماد
الأستاذ الدكتور عبد الرحيم العلمي
الدكتورة وداد العيدوني.
*هيئة التحرير:
الدكتور الهاشمي برعدي الحوات
الدكتور عبد اللطيف الإدريسي
الدكتور عبد المجيد عطيمو
الدكتورة حنان الحداد
الدكتورة مهدية لغريش
الأستاذة نزيهة مصباح
الأستاذة فوزية التوري.
الأستاذة سكينة البقالي
الأستاذة حسناء بنعجيبة.
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[18 Jan 2008, 01:48 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العلمين، والصلاة والسلام على خير الورى أجمعين، وعلى آله وأصحابه الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فالشكر موصول لكل السادة الشيوخ والدكاترة الباحثين على إحساسهم الطيب حول ميلاد مجلة رحاب المعرفة، (مجلة علمية محكمة تعنى بالدراسات الإسلامية)، راجياً من الله عز وجل للجميع دوام الصحة والعافية، والتوفيق في العلم والعمل.
وارتباطاً بموضوع المجلة، أرجو من كل الإخوة الراغبين في النشر بالمجلة السالفة الذكر أن يلتزموا بضوابط النشر المدرجة في الإعلان الثاني المعدل، والسلام عليكم.
الدكتور الهاشمي برعدي الحوات.
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[19 Jan 2008, 01:25 م]ـ
مرحباً بفضيلة الدكتور الهاشمي برعدي الحوات
وأسأل الله أن يوفقكم للخير ويسددكم
نعم المسئولين عن هذه المجلة فهم كوكبة من الفضلاء نسأل الله لهم التوفيق وأن ينفعنا بعلومهم.
وتحية خاصة إلى فضيلتكم وإلى شيخنا الدكتور توفيق الغلبزورى وأرجو أن يصل سلامى إلى فضيلته فأنا ممن كان لى شرف قراءة بعض كتبه التى تزخر بالعلم النافع والاطلاع الواسع والاستقراء التام والبحث العلمى الموسوعى ...
بارك الله في الجميع ووفقهم وأسبغ عليهم نعمه وعلمهم وجعلهم ممن يفيد خلقه ويهديهم إلى الحق والخير.(/)
حول خصوصية النهي في قوله تعالى: (ولاتمنن تستكثرُ) للنبي عليه الصلاة والسلام
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[14 Jan 2008, 01:59 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد:
*معنى قول الله تعالى: (ولاتمنن تستكثرُ):
أي: لاتعط عطية تلتمس أكثر منها.
قال به: عكرمة ومجاهد وعطاء وطاوس وأبو الأحوص وإبراهيم النخعي والضحاك وقتادة والسدي ومقاتل واختاره القرطبي وابن كثير. وذكره البغوي وقال: وهذا قول أكثر المفسرين.
*معنى قول الله تعالى: (وماآتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله .. ):
قال ابن كثير رحمه الله: (أي: من أعطى عطية يريد أن يرد عليه الناس أكثر مما أهدى لهم فهذا لاثواب له عند الله، بهذا فسره ابن عباس مجاهد والضحاك وعكرمة ومحمد بن كعب والشعبي، وهذا الصنيع مباح وإن كان لاثواب فيه إلا أنه قد نهي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة، قاله الضحاك واستدل بقوله تعالى: (ولاتمنن تستكثر) أي: لاتعط العطاء تريد أكثر منه)
*ممن قال بخصوصية النهي للنبي صلى الله عليه وسلم:
الضحاك وذكر ابن كثير والبغوي والقرطبي وقال به عكرمة.
قال القرطبي في علة التخصيص:
(لأنه مأمور بأشرف الآداب وأجل الأخلاق .. [إلى أن قال:] فكأنه أمر بأن تكون عطاياه لله لا لارتقاب ثواب من الخلق عليها لأنه عليه السلام ماكان يجمع الدنيا [وقال:] وقد عصمه الله تعالى عن الرغبة في شيء من الدنيا ولذلك حرمت عليه الصدقة وأبيحت له الهدية فكان يقبلها ويثيب عليها وقال: (لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع لقبلت) قال ابن العربي: وكان يقبلها سنة ولايستكثرها شرعة، وإذا كان لايعطي عطية يستكثر بها فالأغنياء أولى بالاجتناب، لأنها باب من أبواب المذلة، وكذلك قول من قال: إن معناها لاتعطي عطية تنتظر ثوابها فإن الانتظار متعلق بالأطماع وذلك في حيزه بحكم الامتناع وقد قال الله تعالى له: (ولاتمدن عينيك إلى مامتعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى) وذلك جائز لسائر الخلق، لأنه من متاع الدنيا وطلب الكسب والتكاثر بها)
السؤال:
هل القول بخصوصية النهي للنبي صلى الله عليه وسلم قول ناهض؟
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[16 Jan 2008, 01:38 ص]ـ
...
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[16 Jan 2008, 01:42 ص]ـ
للرفع ..
رفع الله منازلكم في الدنيا والآخرة ..
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[16 Jan 2008, 10:28 ص]ـ
السياق في اعداد الداع نفسه لتحمل الدعوة
فلو أعطي عطية تأليفا للقلوب واستكثارا للاتباع فلا شيء فيه
ولكن هل المن يكون استكثارا في مثل هذا؟ لا، سينفر المدعوين
ولا يقال أن المن يكون استكثارا للأجر
ولكن قد يكون المن أن تمن علي نفسك أن علمت ودعوت فتستعجل وتستكثر –تطلب مزيدا –من الوحي ولذلك جاء بعدها " ولربك فاصبر "
والله أعلم
ـ[أبو عبدالعزيز الشثري]ــــــــ[17 Jan 2008, 03:21 ص]ـ
أشكرك أيها الفاضل على هذه المشاركة ..
لكن ردك هذا خارج محل البحث ...
ـ[أبو المهند]ــــــــ[17 Jan 2008, 12:58 م]ـ
الأخ الفاضل الشثري حياه الله أقول: القول بخصوصيته ـ صلى الله عليه وسلم ـ بهذا النهي يرجحه السياق، حيث إن الآيات من أول السورة تخاطب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " يا أيها المدثر ....... ولا تمنن تستكثر، وكلام القرطبي واضح في هذا الترجيح، حيث إن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مأمور بأشرف الآداب وأجل الأخلاق، ومن هنا كان عطاؤه ـ صلى الله عليه وسلم ـ يباين عطاء غيره، فغيره من الناس يعطي ونفسه طامحة ليس للأخذ فحسب، بل للأخذ مع الزيادة، أما عطاؤه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلوجه الله تعالى، إذن فمجيء النهي هنا لخصوصيته صلوات الله وسلامه عليه، وقد أكد هذا المعنى شيخ القرطبي الإمام ابن العربي في قوله عن الهدية في حقه ـ صلى الله عليه وسلم وقبوله إياها: "كان يقبلها سنة ولايستكثرها شرعة"، ومضمون الآية يبين أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ليس للدنيا خُلق بل لإصلاحها وإصلاح أهلها، ومن إصلاح أهلها احتساب العطاء لوجه الله الكريم، ومن هنا ندب للأغنياء أن يتخلقوا بأخلاقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما نص العلامة القرطبي.
وعلى قراءة الحسن: ولا تَمُن وتستكثر مرفوع منصوب المحل على الحال، أي: لا تعط مستكثراً رائياً لما تعطيه كثيراً، فإن الأمر يختلف حيث إن النهي عن المنّ والأذى في القرآن الكريم بصفة عامة منهي عنه يدخل في ذلك النهي عموم الأمة وبهذه القراءة يكون النهي للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لفظاً، والمراد أمته. والعلم عند الله تعالى.(/)
استفسار
ـ[أبو عبيدة]ــــــــ[14 Jan 2008, 05:20 م]ـ
السلام عليكم
أحبتي في الله:
لدي سؤالين أتمنى الإجابة عليهما
ماحكم الاحتجاج بالمنطوق؟
وماحكم الاحتجاج بالمفهوم؟(/)
هل الاشتغال بالتفسير العلمي والإعجاز العلمي بدعة وانحراف!!؟
ـ[مرهف]ــــــــ[14 Jan 2008, 05:33 م]ـ
هل الاشتغال بالتفسير العلمي والإعجاز العلمي بدعة وضلال؟! بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الذي أكرمنا وشرَّفنا بهذا الكتاب المبين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
لقد أخذت قضية الإعجاز العلمي في القرآن الكريم جدلاً واسعاً بين المثقفين كما العلماء، وما زال تداولها بين التأييد والرفض، إما من حيث الأصل أو بالاستناد لمنهج العاملين في الإعجاز العلمي أو التفسير العلمي.
فبعض المعارضين ينتحلون التمحل والتكلف في بعض الأبحاث عذراً لرفضه، وبعض المؤيدين يدافعون عن ذلك بذكر الضوابط والحرص على اجتناب التكلف.
وما تزال الكتابات والمقالات حول قضية التفسير العلمي والإعجاز العلمي في القرآن من كلا الفريقين تتسابق في الطرح والنقاش.
وقد استوقفتني ثلاث مقالات لأحد الكاتبين؛ يختلف الطرح والأسلوب فيها عن غيرها مما قرأته، إذ شدد فيها النكير بعنف على من يؤيد قضية الإعجاز العلمي والمهتمين بها، حتى وصف ذلك بالبدعة، وجعلها تفسيراً لليقين بالظن - كما في عنوان أحدى مقالاته -، ووصف العاملين بالإعجاز العلمي بأصحاب الفكر المنحرف، وممن وسوس فيهم الشيطان وسولت لهم أنفسهم صرف الناس بالفكر عن الوحي، وبالظن عن اليقين وبالفنون الدنيوية عن علوم الشريعة (1).
واعتبر الكاتب أن الغزالي (505هـ)، ومن بعده الرازي (606هـ) أول المبتدعين لشبهة الإعجاز العلمي في القرآن، ثم زعم أنه زاد في الطين بلة ابن أبي الفضل المرسي (655هـ) بعدهما، كما اعتبر الكواكبي (1320هـ) من السابقين إلى هذا الابتداع في العصر الحديث، واعتبر عاقد لواء بدعة الإعجاز العلمي طنطاوي جوهري (1358هـ) في كتابه تفسير الجواهر، بل واعتبر المشتغلين بالإعجاز العلمي متتبعين لسنن اليهود والنصارى لأنهم بزعمه أول من اشتغل بالإعجاز العلمي في كتبهم قبل المسلمين، ثم ختم أحد مقالاته بالقول: (وبدعة الإعجاز العلمي للقرآن لا تعدو أن تكون إهانة للقرآن، وإعلاء لنظريات الملحدين).
صراحة ما كنت لأقف على هذه المقالات لولا ما فيها من مغالطات وإساءات علمية وأدبية، يخال لقارئها أن علماء الأمة في السابق والآن؛ يتآمرون على الإسلام ويحرفون كلام الله تعالى تحت لواء الإعجاز العلمي، وأن المشتغلين بالإعجاز العلمي من الأفراد والمؤسسات أعداء لهذا الدين، منحرفون ضالون، ويهيج عليهم ولاة الأمور، فرأيت من الواجب العلمي أن أبين أصل المسألة، وأضع إضاءة انطلاق لمن يبحث عن الحق قولاً وعملاً، وأوضح لصاحب المقالات أنه تطرف في الحكم وابتعد عن أصول البحث العلمي في مصادرة الأحكام والانطلاق من أحكام مسبقة متحاملة على القضية قبل تحريها من كافة جوانبها، فأدى به إلى اتهام العلماء اتهاماً وصل إلى الفرية عليهم.
ولذلك فلن أتعرض لتهجمه الشخصي على العلماء والهيئات باختصاصاتهم؛ فهم حجيجه يوم القيامة وهو خصمهم أمام الله، كما سأضرب صفحاً عن أسلوبه النابي الجارح في النقاش، تحت راية نصرة الدين والحمية لمنهج السلف الصالح رضي الله عنهم.
ولكني أوجه له نصيحة أستهل بها كلامي فأقول: ما هكذا تورد الإبل يا سعد، وما هكذا منهج سلفنا الصالح –إن كنت منتسباً إليهم - في النصيحة والإرشاد؛ أن يكيلوا الناس بالتهم والتجريح والتشكيك بمصداقيتهم لخلفيات شخصية أو غير ذلك.
يفترض في كل باحث عندما يسجل موقفه من قضية علمية؛ أن ينطلق في بحثه من خلفية متجردة مخلصة لله تعالى، وأن يقف من القضية العلمية بين مؤيديها ومعارضيها على مسافة متساوية؛ ويدقق ويبحث بحثاً عملياً لا نظرياً فقط، ثم يسجل رأيه مدعماً بالدليل، لا أن ينطلق من خلفية جاهزة وحكم مسبق، ليس عليه إلا أن يلصق التهم ويوزعها على الناس يميناً ويساراً، فالإنكار والمعارضة دون دراية يحسنها كل أحد، ولكن البحث العلمي يحتاج لرجال.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويبدو أن كاتب المقالات الثلاث ليس لديه دراية كافية في القضية التي يتكلم فيها من حيث التاريخ والمنهج، وذلك لاعتماده على مرجع واحد في ما سماه "نشأة الإعجاز العلمي"، وكذلك عدم تفريقه بين مسألتين أساسيتين: أحدهما: التفسير العلمي، والثانية: الإعجاز العلمي، وإن كان كلاهما شيئاً واحداً عنده؛ فهذه قضية أخرى، ومع ذلك سأناقش فكرته على العموم من حيث أصلها؛ وهو استنباط المعارف من القرآن الكريم، وتسخير العلوم الكونية والمعارف البشرية في بيان القرآن الكريم، ولن أناقش هذين المصطلحين والفرق بينهما فهذا شأن يطول ويحتاج مبحثاً لوحده؛ هذا مع العلم أن مصطلح "الإعجاز العلمي" مصطلح جديد لم يقصده الغزالي عندما كتب جواهر القرآن، ولكن أشار إليه السيوطي في كتابه معترك الأقران إذ جعل من وجوه إعجاز القرآن اشتماله على العلوم المختلفة المستنبطة منه، واستدل على ذلك بنحو عمله في الإتقان (2).
وقد قسمت البحث إلى مطالب أربعة:
المطلب الأول: استنباط العلوم في عهد النبي ? والسلف الصالح.
المطلب الثاني: أصل مشروعية الاستفادة من علوم غير المسلمين في بيان أمور الدين.
المطلب الثالث: توسع استنباط المعارف وتسخير العلوم في تفسير كتاب الله.
المطلب الرابع: ملامح الانحراف في اتجاه التفسير العلمي والإعجاز العلمي.
هذا وأسأل الله أن يجعل هذا البحث نافعاً، ويضع الباحث في هذه القضية في الجادة التي ترشده للوصول إلى ما يرضي الله، فما كان من صواب فذلك توفيق من الله، وما كان من زلل فخطأ اجتهاد مني أسأل الله الأجر عليه والحمد لله رب العالمين.
المطلب الأول: استنباط العلوم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح:
لقد كان أثر القرآن في تصحيح مفاهيم الناس عند نزوله أثراً عظيماً، فقد محا الخرافات المتداولة بين الناس حول الشمس والقمر، وحول نزول المطر، وخلق الإنسان وغير ذلك، كما صحح مفاهيمهم اتجاه القضايا الكونية التي انطبعت في أذهان الجاهلية بالخرافات كالطيرة وغير ذلك، وكان ارتباط تصحيح هذه المفاهيم بالعقيدة ارتباطاً وثيقاً، كما أن منهج الآيات القرآنية في المرحلة المكية كان منهجاً يفتق العقل ويعصف به؛ ليستيقظ من غفوة الجهل ويدرك عظمة الخالق؛ ويتفكر بالآيات القرآنية الدالة على الآيات الكونية، وكان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم بيان معارف القرآن الكريم، مثال ذلك ما ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ?ِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ? [الانفطار:8] قال: (لكن في الصحيحين عن أبي هُرَيرة أن رَجُلا قال: يا رسول الله، إن امرأتي وَلَدت غُلامًا أسودَ؟. قال: "هل لك من إبل؟ ". قال: نعم. قال: "فما ألوانها؟ " قال: حُمر. قال: "فهل فيها من أورَق؟ " قال: نعم. قال: "فأنى أتاها ذلك؟ " قال: عسى أن يكون نزعة عِرْق. قال: "وهذا عسى أن يكون نزعة عرق") (3)، وأراد ابن كثير بذلك أن يجعل الحديث بياناً للآية، وبيان ذلك: أن الله تبارك وتعالى يخلق الإنسان ويخلق صفاته وهيأته على شبه أحد أجداده وليس على شبه أحد أبويه، ومرد ذلك لإرادة الله تعالى يجعل المولود في أي صورة من صور أجداده يركبه بها، لأنه تعالى هيأ النطفة حاملة جينات الأجداد الوراثية.
ولم يكن الصحابة يقفون في فهم القرآن على العبادات والتوحيد فقط -كما ذكر صاحب المقالات الثلاث -، وإنما كان استنباطهم وفهمهم أوسع من ذلك بكثير، فقد أدرك سلفنا الصالح أن القرآن جامع للعلوم، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبر القرآن .. ) (4).
ويقول مسروق رحمه الله: (من سره أن يعلم علم الأولين والآخرين وعلم الدنيا والآخرة فليقرأ سورة الواقعة) (5)، وكانت معرفتهم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسليقتهم العربية ومعاينتهم التنزيل مستنداً في فهم معاني كتاب الله تعالى واستنباط العلوم، ومن ذلك يقول "ابن عباس في قوله: ?مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ? (يعني: ماء الرجل وماء المرأة إذا اجتمعا واختلطا، ثم ينتقل بعد من طور إلى طور، وحال إلى حال، ولون إلى لون). وهكذا قال عكرمة، ومجاهد، والحسن، والربيع بن أنس: الأمشاج: هو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة" (6). وكتب التفسير بالمأثور غنية بالأدلة على ذلك، وما علينا إلا أن نتعب أنفسنا في استخراجها قبل رمي الناس بأحكام جائرة جزافاً دون
(يُتْبَعُ)
(/)
تحقيق.
المطلب الثاني: أصل مشروعية الاستفادة من علوم غير المسلمين في بيان أمور الدين:
لقد وردت الإشارة من الرسول صلى الله عليه وسلم في أصل مشروعية الاستفادة من علوم غير المسلمين للاستفادة منها في بيان ما نحتاج من أمور الدين؛ وكان فهم سلفنا الصالح لهذه الإشارة من أسباب الانفتاح على العلوم عند الفتوحات الإسلامية، ففي الحديث الذي أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها عَنْ جُدَامَةَ بِنْتِ وَهْبٍ أُخْتِ عُكَّاشَةَ قَالَتْ: حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ ? فِي أُنَاسٍ وَهُوَ يَقُولُ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيلَةِ فَنَظَرْتُ فِي الرُّومِ وَفَارِسَ فَإِذَا هُمْ يُغِيلُونَ أَوْلَادَهُمْ فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ) (7).
وفي حديث آخر عن أسامة بن زيد أن رجلا جاء إلى النبي ? فقال: إني أعزل عن امرأتي، فقال له رسول الله ?: لم تفعل ذلك؟ فقال الرجل: أشفق على ولدها، فقال رسول الله ?: لو كان ذلك ضارا ضر فارس والروم - وفي لفظ: إن كان لذلك فلا، ما ضار ذلك فارس ولا الروم) (8).
يقول النووي: (قَالَ الْعُلَمَاء: سَبَب هَمّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّهْيِ عَنْهَا أَنَّهُ يَخَاف مِنْهُ ضَرَر الْوَلَد الرَّضِيع، قَالُوا: وَالْأَطِبَّاء يَقُولُونَ: إِنَّ ذَلِكَ اللَّبَن دَاء وَالْعَرَب تَكْرَههُ وَتَتَّقِيه) (9).
ومن المعلوم أن الروم وفارس كانتا أعلم بكثير من العرب في أمور الطب، ولذلك يقول المناوي في فيض القدير: (يعني لو كان الجماع أو الإرضاع حال الحمل مضرا لضر أولاد الروم وفارس، لأنهم يفعلونه مع كثرة الأطباء فيهم فلو كان مضرا لمنعوه منه فحينئذ لا أنهى عنه) (10)، فاحتج النبي صلى الله عليه وسلم على عدم الضرر بعمل الروم وفارس لكونهم أعلم بالأمور الطبية، وفي ذلك إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى جواز الاستدلال بعلوم غير المسلمين، والاستفادة من علومهم في تقرير الأحكام الشرعية، التي هي توقيع عن رب العالمين، وكذلك التفسير هو الرواية عن الله تعالى كما يقول مسروق: (اتقوا التفسير فإنما هو الرواية عن الله).
والتفسير في ضوء المعارف العلمية والحقائق الكونية إنما هو بيان لكلام الله بأفعال الله تعالى إذ هي من خلقه سبحانه، مع ضبط هذا البيان بضوابط التفسير المقررة، واستناداً إلى هذا الأصل بنى الغزالي دعواه إلى استنباط المعارف من القرآن الكريم، ثم عرض الغزالي مثلاً لما ذهب إليه بقوله تعالى: ?وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ? [الشعراء:80]، فقال: (وهذا الفعل لا يعرفه إلا من عرف الطب بكماله، إذ لا معنى للطب إلا معرفة المرض بكماله وعلاماته ومعرفة الشفاء وأسبابه .. ) (11).
أقول: وفي المثال الذي ذكره الغزالي إشارة إلى حاجة إظهار هذه العلوم لمختصين متأهلين للخوض في كتاب الله تعالى منضبطين بمقصد القرآن في الهداية والإرشاد، فإن معاني القرآن مكنونة في ألفاظه وتراكيبه، ولا يستطيع غوص غماره لاستكشاف عجائبه إلا من ألم بآلات العلوم وأصول الاستنباط.
المطلب الثالث: توسع استنباط المعارف وتسخير العلوم في تفسير كتاب الله:
"وبمجيء العصر العباسي واجهت حركة تفسير القرآن تيارات فكرية وتغييرات اجتماعية جديدة، دخلت على المجتمع المسلم نتيجة الاختلاط الحضاري بين الحضارة الإسلامية والحضارات السابقة، التي انتقلت فلسفاتها وعلومها إلى المجتمع الإسلامي، فحاول علماء الإسلام أن يستفيدوا منها لفهم القرآن الكريم وتوسيع معارفهم العقلية والفلسفية والعلمية حول كثير من المسائل التي وردت في آياته، فمن جهة حاولوا فهم كثير من أسرار الشريعة الإسلامية من خلال تطويرهم الكبير للعلوم الكونية والطبيعية، ومن جهة أخرى رأوا أن بناء العقائد الإسلامية التي وردت في القرآن الكريم على المرتكزات العقلية الفلسفية المنطقية غدا أمراً ضرورياً أمام المطاعن التي وجهت إلى الكتاب الكريم من قبل اللاهوتيين من أهل الأديان الأخرى ومنكري النبوات الذين شنوا هجوماً فكرياً مركزاً على أصول تلك العقائد، فانبرى علماء الكلام يفندون آراءهم ويردون اعتراضاتهم ويثبتون إعجاز القرآن العقلي والمنطقي" (12).
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان من أبرز العلماء الذين عرفوا بهذا الاتجاه: الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله (505هـ)، وذلك في كتابيه إحياء علوم الدين، وجواهر القرآن.
وتبعه القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله (543هـ) في كتابه قانون التأويل، بل إن القاضي رحمه الله – مع معرفتنا بمعارضته للغزالي في قضايا علمية متعددة – فإنه يقول ما قاله الغزالي في عدد العلوم في القرآن دون اعتراض، فقد ذكر في قانون التأويل مقرراً أن "علوم القرآن خمسون علماً وأربع مئة علم، وسبعة آلاف وسبعون ألف علم على عدد كلم القرآن مضروبة في أربعة، إذ لكل منها ظاهر وباطن وحد ومطلع، هذا مطلق دون اعتبار تركيبه، و [نضم] بعضها إلى بعض وما بينها من روابط على الاستيفاء في ذلك كله، وهذا مما لا يحصى ولا يعلمه إلا الله تعالى" (13) ا. هـ. ويقول الإمام ابن العربي في موطن آخر: (وإنما عني العلماء بقولهم إن العلوم كلها في كتاب الله ما كان علماً لذاته، لا ما وقعت الدعوى فيه أنه علم وهو جهل، وذلك يرجع إلى العلوم الشرعية والحقائق العقلية، فإن جميعها مضمَّن في كتاب الله، والدليل عليه مبيَّن، وكل جهالة أو سخافة ادعتها طائفة فالرد عليها في كتاب الله موجود أيضاً مبيَّن) (14).
ثم طبق الفخر الرازي رحمه الله (606هـ) ذلك في تفسيره الكبير مفاتيح الغيب، وكان شأنه شأن كل مفسر مجتهد، فأصاب وأخطأ.
وإلى هذا القول – أي أن جميع العلوم في القرآن – ذهب الزركشي في البرهان وذكر أن "العلوم كلها داخلة في أفعال الله وصفاته وفي القرآن شرح ذاته وصفاته وأفعاله" (15)، وأكثر من النقول عن السلف الصالح وعن العلماء من بعدهم في هذه القضية، ثم أفرد فصلاً في برهانه ليقول: (وفي القرآن علم الأولين والآخرين وما من شيء إلا ويمكن استخراجه منه لمن فهمه الله تعالى) (16).
وكذلك فعل السيوطي في الإتقان عندما عقد (النوع الخامس والستون في العلوم المستنبطة من القرآن) (17)، صدره بقوله تعالى: ?مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ? [الأنعام:38]، فقال: (وأنا أقول: قد اشتمل كتاب الله العزيز على كل شيء، أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل؛ إلا وفي القرآن ما يدل عليها، وفيه عجائب المخلوقات وملكوت السموات والأرض، ومافي الأفق الأعلى وتحت الثرى وبدء الخلق و .. و .. الخ) (18). وأكد دعواه هذه في كتابه الإكليل في استنباط التنزيل.
وممن طبق منهج استنباط العلوم والاستدلال على صحتها أوإبطالها باجتهاده على ضوء العلوم والمعارف في عصره من المفسرين: العلامة محمود الآلوسي (1270هـ) في تفسيره روح المعاني، ثم حفيده العلامة السيد محمود شكري الآلوسي (1341هـ) في كتابه: (ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئةَ الجديدةَ القويمةَ البرهانِ) (19)، عرض الآلوسي الحفيد في كتابه هذا ما تقول به الهيئة الجديدة –هيئة الأفلاك- على ما قاله فيثاغوس، إذ انتشرت في عصره، يقول الآلوسي: (فقد رأيت كثيراً من قواعدها لا يعارض النصوص الواردة في الكتاب والسنة، على أنها لو خالفت شيئاً من ذلك لم يلتفت إليها، ولم تؤول النصوص لأجلها، والتأويل فيهما ليس من مذاهب السلف الحرية بالقبول، بل لا بد أن نقول: إن المخالف لهما مشتمل على خلل فيه، فإن العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح، بل كل منهما يصدق الآخر ويؤيده، واعلم أن الشريعة الغراء لم ترد باستيعاب قواعد العلوم الرياضية، إنما وردت بما يستوجب سعادة المكلفين في العاجل والآجل، وبيان ما يتوصلون به إلى الفوز بالنعيم المقيم، وربما أشارت –لهذه الأغراض- إلى ما يستنبط منه بعض القواعد الرياضية، .. ) (20).
وأما معارضة الإمام الشاطبي رحمه الله قديماً فقد كانت فردية، ولظروف عصرية، ولم تلق أدلته صدى لدى العلماء، إلا في العصر الحديث عندما ظهر الانحراف في التفسير العلمي (21).
المطلب الرابع: ملامح الانحراف في اتجاه التفسير العلمي والإعجاز العلمي:
(يُتْبَعُ)
(/)
أما ما ذكره د. نعناعة بأن نزعة "التفسير العلمي" عند الغزالي والرازي لقصد التوفيق بين القرآن وما جد من العلوم (22)، وتابعه على هذا صاحب المقالات الثلاث؛ فهذا إسقاط لواقع الحال الذي نعيشه نحن من التخلف والكسل، على العصر الذهبي الذي كان العالم الإسلامي ينعم فيه بالعلوم ويصدرها للأمم الأخرى، والمتتبع لتاريخ العلوم يعلم ذلك، وإنما فكرة التوافق بين القرآن وما جد من العلم؛ ظهرت حديثاً في عصر التراجع العلمي وسيطرة الاستعمار والغزو الفكري في عالمنا الإسلامي (23)، وللرد على من ادعى التناقض بين العلم والدين تأثرأ بالثورة الأوربية على الكنيسة التي حرمت العلم، وأنها ما نهضت إلا بنبذ الدين والأخذ بالعلم، وتجلت فكرة التوافق واضحة على يد المنبهرين بالحضارة الأوربية والتقدم العلمي فيها، الذين ولوا وجوههم شطر أوربة؛ كالسيد أحمد خان (1314هـ) في الهند، وجمال الدين الأفغاني (1314هـ) وتلميذه الشيخ محمد عبده (1323هـ) في البلاد العربية – وليس الكواكبي الأول كما ذكر صاحب المقالات الثلاث -، وعزز ذلك الشيخ رشيد رضا (1354هـ) في نشره تفسير الشيخ محمد عبده في مجلة المنار.
فقد أوّل محمد عبده الطير الأبابيل بالجراثيم مثلاً، وأنكر رشيد رضا بعض المعجزات بحجة تقريب الفكرة للغرب (24)، وتبعهما على ذلك خلق كثير على شاكلتهم، وبدأ بذلك الانحراف في اتجاه التفسير العلمي من منهج الاستنباط والاستدلال، إلى منهج التطويع والتكلف والتمحل لإثبات العلوم من القرآن الكريم والرد على العلمانيين والقادمين من أوربا من الوفود، الداعين لرفض الدين بحجة التعارض بين العلم والدين، وتمثل هذا المنهج كاملاً في تفسير الشيخ طنطاوي جوهري يرحمه الله، فقد غالى الشيخ طنطاوي جوهري في ذلك كثيراً في تفسيره مع حسن المقصد منه رحمه الله، وحكّم النظريات العلمية والفلسفية في دلالات الآيات القرآنية، وقد أثر منهجه على الباحثين من بعده إلى يومنا هذا، مما دفع ببعض العلماء الأفاضل كالشيخ حسين الذهبي ومن تابعه أن ينكروا هذا العمل، واستدلوا بما استدل به الشاطبي.
ومع ذلك فقد وجدت تفاسير حوت اتجاه التفسير العلمي وتسخير العلوم الكونية في تفسير كتاب الله تعالى بمنهج علمي سليم بحسب القواعد المقررة في التفسير، كما فعل الشيخ سعيد النورسي، والشيخ جمال الدين القاسمي، والشيخ عبد الحميد بن باديس، والشيخ محمد بن الطاهر عاشور، ثم تبنت لجنة الشؤون الإسلامية في الأزهر إخراج التفسير المنتخب على هذا الاتجاه وفيه تعليقات لما يستنبط من العلوم من الآيات، ولا يبعد أن يوجد في عمل هؤلاء العلماء الأفاضل أخطاء اجتهادية، فالتفسير عمل بشري، يخطئ ويصيب، وكل عمل بما أوتيه من علم دون تعدٍّ.
الخاتمة:
إذن فدعوى احتواء القرآن للعلوم ليست مما انفرد به الغزالي، واستنباط العلوم وتسخيرها في فهم القرآن ليس بدعاً من الأمر قام به الغزالي والرازي بقصد تضليل الناس، وإنما هو منهج في التفسير من نشأته وسيبقى إلى يوم القيامة، ولا شك أن هناك تعسفاً وتمحلاً وتكلفاً من بعض المشتغلين بالتفسير العلمي أو الإعجاز العلمي، لأن دافعهم الحماسي والعاطفي للكتابة في هذا المجال بنية حسنة دون تمكن من العلوم الشرعية، أو من العلوم التي ليست من اختصاصهم أدى بهم لهذا المنزلق الخطير في الكلام في كتاب الله تعالى، لكن هذا لا يعني أن نعلن الحرب الضروس على منهج من مناهج التفسير؛ له أصل شرعي وأصل عملي؛ ونبدع ونضلل المشتغلين فيه جزافاً وتشفياً.
ومن عجائب كلام صاحب المقالات الثلاث قوله: (فليس بين علماء الأمة المعتدّ بهم في القرون المفضلة طبيب ولا فيزيائي ولا فلكي ولا فيلسوف، وكانوا يحصرون العلم والتعليم الديني في الاعتقاد والعبادات والمعاملات من الوحي في الكتاب والسنة وفقه السلف في نصوصهما، ولم يلتفت المسلمون إلى المهن والفنون التي ذكرها إلا بعد مرحلة الضعف والانبهار بالفكر اليوناني والاهتمام بترجمته ثم النّسج على منواله في الفكر المنسوب إلى الدين.)!!
هذا كلام من لم يعرف مفهوم العلم في القرآن والسنة، ولم يكن لديه دراية في تاريخ العلوم الإسلامية، والجواب عنه يحتاج إلى تعليم قائله مراحل تطور العلوم الإسلامية ولا يكفيه أسطر أو صفحات.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإذا كان الأمركما يقول؛ فلم قام هو بشد الرحال إلى أمريكا وتعلم فيها، وحصل على الماجستير في التربية من جامعة جنوبي كلفورنيا ـ لوس أنجلس كما في ترجمته على موقعه الإلكتروني، ولم يحصر نفسه بهذه العلوم الشرعية اتباعاً لمنهج علماء القرون المفضلة كما يدعي؛ فلم يعهد عنهم أنهم رحلوا لغير العلوم الشرعية، فكيف لو كانت هذه الرحلة إلى بلد تشبعت بدماء المسلمين كأمريكا؟!.
فلا أدري: هل هذه دعوة من صاحب المقالات الثلاث لنبذ المسلمين العلوم وتركهم التعلم؛ بحجة عدم وجود علماء من القرون المفضلة في هذه الاختصاصات.
ثم هل عدم وجود علماء من السلف الصالح اشتغلوا بالعلوم الكونية – على فرض صحة ذلك – يعني تحريم تعلمها وتحريم دراستها، لعل الجواب يعرفه كل مطلع على علم أصول الفقه، فإن ترك السلف الصالح لأمر ما لا يعني تحريمه، كما أن فعلهم لأمر لا يعني وجوبه، فالعبرة في الوجوب والتحريم نصوص الشرع من الكتاب والسنة، لا فعل غير المعصوم (25)، والله الهادي للصواب والحمد لله رب العالمين.
الحواشي: ـــــــــــــــــــــــــــ
1 - انظر مقال: بدعة الانشغال بالإعجاز الظني عن التدبر اليقيني، ومقال الإعجاز العلمي للقرآن، ومقال بدعة الانشغال بالإعجاز الظني عن التدبر اليقيني كلها للشيخ سعد الحصين على موقعه: http://www.saad-alhusayen.com/articles/
وكل النصوص التي استشهدت بها من كلامه موجودة على موقعه قسم المقالات.
2 - انظر: معترك الأقران 1/ 17 وما بعد ط دار الكتاب العربي.
3 - تفسير ابن كثير 8/ 343 ط دار طيبة.
4 - أخرجه سعيد بن منصور كما في الإتقان 2/ 226.ط دار الفكر.
5 - أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 7/ 148 تحقيق كمال يوسف الحوت ط مكتبة الرشد الرياض أولى1409، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء 4/ 68 تحقيق شعيب أرناؤط ومجموعة من العلماء ط الرسالة 1413 هـ
6 - تفسير ابن كثير 8/ 285ط دار طيبة.
7 - مسلم في كتاب النكاح باب جواز الغيلة رقم 1442.، والحديث أخرجه أبو داود والترمذي وأحمد في المسند. والغيلة على ما ذكره أهل اللغة أن يجامع الرجل زوجته وهي مرضع فتحمل،
8 - أخرجه مسلم في كتاب كتاب النكاح باب جواز الغيلة رقم 1443.
9 - شرح النووي لصحيح مسلم.
10 - فيض القدير شرح الجامع الصغير 5/ 280 ضبطه أحمد عبد السلام، ط دار الكتب العلمية، وحبذا لو يرجع للتعليل الطبي الذي ذكره ابن القيم في هذا الحديث كما في فيض القدير ليتبين لنا أن ابن القيم أيضاً استخدم العلوم الكونية في شرح الحديث النبوي.
11 - جواهر القرآن صـ 26، 27.
12 - دراسات في أصول تفسير القرآن د محسن عبد الحميد صـ 11، ط دار الثقافة المغرب الثانية 1404
13 - قانون التأويل: صـ 540، وهذا الكلام قاله الغزالي قبله في الإحياء 1/ 29 ط الحلبي
14 - قانون التأويل للقاضي أبي بكر بن العربي تحقيق د محمد السليماني صـ 418 ط دار القبلة ومؤسسة علوم القرآن 1406.
15 - البرهان 2/ 87 تحقيق المرعشلي ط دار المعرفة عند الكلام على تدبر القرآن. وأعاد هذا الكلام 2/ 291 في باب معرفة تفسيره وتأويله، ونحن نلاحظ أن الزركشي هنا يعيد كلام الغزالي السابق رحمهما الله.
16 - البرهان 2/ 320.
17 - الإتقان 2/ 125 ط دار الفكر.
18 - الإتقان 2/ 129.
19 - قام بتحقيقة الشيخ زهير الشاويش ط المكتب الإسلامي، الطبعة الأولى 1960.
20 - المصدر السابق صـ4، وللآلوسي كتاب يظهر ما كان عند العرب من العلوم وتوارثوها خلفاً عن سلف وقد صحح منها القرآن وأقر منها، وهو كتاب (بلوغ الأرب في أحوال العرب) ي ثلاث مجلدات.
21 - ينظر مناقشة رأي الشاطبي في: التفسير العلمي للقرآن في الميزان د أحمد عمر أبو حجر ط دار قتيبة، و القرآن العظيم هدايته وإعجازه للصادق عرجون صـ 269 إلى 273، وبحث: مع الإمام أبي إسحاق الشاطبي في مباحث علوم القرآن وتفسيره د شايع بن عبده بن شايع الأسمري، مجلة الجامعة الإسلامية السعودية العدد 115 لعام 1422 صـ 75، 78.
22 - انظر بدع التفسير صـ79.ط مؤسسة نوار للنشر 1971،الرياض. كما أن الدكتور نعناعة لم يأت بجديد في كتابه بدع التفاسير، بل إنه أخذ كتاب الشيخ حسين الذهبي رحمه الله (الاتجاهات المنحرفة في تفسير القرآن) بحرفه دون عزو إليه ووضع له عنوان (بدع التفاسير) ونشره باسمه، قارن بين كتاب بدع التفاسير لرمزي نعناعة ط مؤسسة نوار للنشر 1971، وكتاب الاتجاهات المنحرفة للذهبي ط دار الحديث القاهرة 2005، وقد نبه على ذلك الذهبي في آخر كتابه؛ فلتراجع.
23 - انظر: النفسير ورجاله لابن عاشور صـ458 فما بعد. واتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر الهجري د فهد الرومي 2/ 716 ط دار البحوث العلمية والإفتاء في السعودية 1407.
24 - ينظر: منهج المدرسة العقلية د فهد الرومي من صـ75 فما بعد، وتفسير جزء عم للشيخ محمد عبده صـ158، وكتاب الشيخ محمد رشيد رضا السلفي المصلح د. محمد عبد الله السلمان صـ59 فما بعد، ط جامعة الإمام محمد بن سعود القصيم 1414، وفي الكتاب الأخير رسالة من الشيخ المفسر عبد الرحمن السعدي رحمه الله لرشيد رضا يعاتبه وينكر عليه ما بلغه من إنكار بعض المعجزات.
25 - ينظر مبحث فعل الصحابي هل هو حجة أم لا في كتب أصول الفقه.(/)
تفسير القرآن بالقرآن: دراسة في المفهوم والمنهج (أ. سعاد كوريم)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[14 Jan 2008, 06:56 م]ـ
تفسير القرآن بالقرآن: دراسة في المفهوم والمنهج
أ. سعاد كوريم
المصدر: مجلة إسلامية المعرفة (العدد 49) ( http://www.eiiit.org/eiiit/eiiit_article_read.asp?articleID=874&catID=256&adad=313)
يتضمن كل عمل تفسيري لنص ما، اقتراحاً لمعادلة تفسيرية، أحد طرفيها هو النص المفسَّر، وطرفها الثاني هو المقولة المفسِّرة. وتتسع هوة المفارقة بين الطرفين أو تضيق، تبعاً لمقصدية النص، وكفاءة المتلقي، وكفاية المنهج، ومدى التقارب بين النص وتفسيره. ولا يخرج تفسير القرآن الكريم عن هذا الإطار، من حيث إن هاجسه الأساس، هو إدراكُ قصد الله من كلامه وإيصالهُ إلى المخاطبين به. فإذا علمنا أن أحد طرفي المعادلة في تفسير القرآن الكريم هو كلام الله تعالى، تبين لنا مدى الحرج المعرفي الذي يقع فيه المفسر؛ إذ ما من مقولة تفسيرية، ترتقي إلى درجة التقارب مع النص القرآني، والوفاء بأداء معناه، إلا إذا كانت من نفس جنسه ومادته. ولعل المدخل الأقدر في هذه الحالة على إيجاد معادلة متكافئة الأطراف، هو تفسير القرآن بالقرآن، نظراً لما قد يكفله من وحدة في النسق، وانسجام في الدلالة، ناتجين عن انتماء كل من المفسِّر والمفسَّر إلى نظم واحد، مشَكل من لغة واحدة، وصادر عن متكلم واحد. ويستلزم التحقق من هذا الافتراض القيام بدراسة لمفهوم تفسير القرآن بالقرآن ومنهجه، تهدف إلى تكوين تصور دقيق عن مصاديقه وأدواته، على نحو يمكِّن من اختبار كفايته، والحكم على طبيعته ووظيفته؛ إذ من شأن التصور الذي تكفله تلك الدراسة، أن يكشف عن حدود قدرة تفسير القرآن بالقرآن على تقليص هامش التأويل، وتقليل فوارق المعنى بين النص وتفسيره، وتأمين طريق الفهم عن الله تعالى، وإدراك قصده من كلامه. ولا يخفى ما لذلك من أهمية بالنسبة للخطاب الشرعي فِقهاً وامتثالا وحفظا، فلابد من فِقه معهود المتكلم في استعمال عناصر الخطاب، وضمان امتثاله من قبل المكلفين به؛ لأن صحة العمل بالقول تبعٌ لصحة العلم به، ولابد أيضا من حفظه من التحريف الدلالي، الذي يفضي إلى ضياع المعنى الأول المقصود في أصل النظم.
وتزداد الحاجة إلى تناول هذا الموضوع إلحاحاً؛ نظراً لافتقار الدراسات القرآنية إلى أدبيات تُفرِدُه بالبحث والتصنيف؛ إذ الملاحظ أن أعمال القدماء، وإن تضمنت مادة مهمة في تفسير القرآن بالقرآن، وشملت جملة من مباحثه وأنواعه، إلا أنها لم تخصه بمؤلف حامل لاسمه، جامع لكل ما يتعلق به على نحو يتسم بالإحاطة والاستيعاب، يُفصّل مفهومه، ويؤصل لمنهجه، ويشرح طريقة اشتغاله. ويمكن التأكد من ذلك بالرجوع إلى مكتبة التراث التفسيري بمعناه الواسع، الذي يشمل كل عمل تناول القرآن الكريم، بنوع من الدرس العلمي، كما هو الحال بالنسبة لكتب التفسير، وعلوم القرآن، والمناسبة، والوجوه، والنظائر، وتوجيه المتشابه وغيرها.
ولا تخرج أعمال المحدَثين أيضا عن هذا الحكم؛ فرغم تضمنها لمؤلفات تحمل عنوان "تفسير القرآن بالقرآن"، إلا أن الغالب عليها، كان الاهتمام بالجانب التطبيقي أكثر من غيره؛ إذ غاب عنها التفصيل في المفهوم، والتأصيل للمنهج، وشرح طريقة الاشتغال، إلا في حالات قليلة، تضمنت إشارات إلى بعض ما سبق، دون أن تتسم بالعمق المطلوب. ويمكن التمثيل لذلك بجملة من العناوين منها؛ كتاب "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" لمحمد بن الأمين الشنقيطي، و"التفسير القرآني للقرآن" لعبد الكريم محمود الخطيب.
واستدعت هذه العوامل مجتمعة، إعادة دراسة "تفسير القرآن بالقرآن"، بحسب ما تقتضيه طبيعة الموضوع من مناهج؛ إذ تطلب البحث في المفهوم تحليلَه إلى وحدات صغرى، هي المفردات المكونة له، ووصفَ كل مفردة منها، بحسب ما تفيده مختلف مستويات الدلالة، ثم إعادةَ تركيب ذلك كله، للبث فيما يتولد عنه من إشكالات. وتطلب البحث في المنهج، التعريف به، والبيان التحليلي لأصوله النظرية، والحلقات الأساسية للعمل الذي يقوم به، مع تصنيف أدواته الإجرائية ووصفها، مشفوعة بتطبيقاتها من القرآن الكريم.
أولاً: مفهوم تفسير القرآن بالقرآن
(يُتْبَعُ)
(/)
لتحليل مفهوم تفسير القرآن بالقرآن، يلزم تحقيق الألفاظ المفردة المكونة له، وتحصيل معانيها المستقلة المستفادة من المعطيات الصوتية، والصرفية، والمعجمية، ثم التداولية، تمهيداً للوصول إلى الألفاظ المركبة، واستخراج دلالتها، مما يكفل الاستثمار الوظيفي لما يفيده كل من الواقع الاستعمالي المحقَّق للكلمة، ونظامها الافتراضي المجرد.
1. تحليل المفردات:
* مفهوم التفسير:
الدلالة الصوتية:
تقع الفاء والسين والراء في الطرف العلوي للجهاز الصوتي؛ فالفاء من الحروف الشفهية، والراء من الحروف الذلقية، والسين من الحروف الأسلية، مما ييسر نطقها، خاصة أن الفاء تخرج من بين الشفتين، وأن الراء تخرج من ذلق اللسان، فهي من الحروف التي مذل بها اللِّسان، وسهلت عليه في المنطق، فكثرت في أبنية الكلام. أي أن الكلمة المؤلفة منها تتضمن معنى تيسير التداول، وتعميم الاستعمال، وهي مهمة التفسير الذي يقرب معاني المفسَّر ويبسطها للمتلقين. ويؤكد هذا، ما يفيده حرف السين دلالياً وجمالياً، فهو من جهة يوحي بالسعة والشمول، وهما ما يتسم به التفسير، نظراً لمحاولته الإحاطة بمعاني المفسَّر، واستيعاب آفاق انتظار المخاطبين، وهو من جهة أخرى لا يدخل على بناء إلا حسّنه، لأن السين لانت عن صلابة الصاد وكزازتها، وارتفعت عن خُفوت الزاي فحسنت، ومعلوم أن حسن منهج التفسير، وحسن طريقة عرضه، هما الضامن لانسجامه وقبوله.
وتكرس الراء هذه المعاني وتقويها، لأنها تحمل معنى ترديد الشيء وتكراره مرات عديدة، ولأن التكرار تقويةٌ للمعنى المحدَّث به والمستفاد من مجموع الكلمة. ولكن يضعف من قيمتها دخول الفاء، لأنها إذا اقترنت في كلمة بحرف أو أكثر من الحروف الآتية: الدال والتاء والطاء والراء واللام والنون، دلت على الوهن والضعف، ومنه ينتقل هذان المعنيان إلى 'التفسير' عبر الاشتقاق. ولا يخفف من حدتهما إلا صياغة الكلمة على وزن (تفعيل) المفيد للتكثير والتقوية. ويترجم ذلك دلالياً إلى أن الحكم بالضعف والرد، مصيرُ كل تفسير ينسب معنى ما إلى المفسَّر، دون أن يكون مشفوعا بما يقويه. وكما أن الصياغة هي التي جعلت لفظ التفسير يرتفع نوعاً ما عن معنيي الضعف والوهن، فإن العمل التفسيري لا يتقوى، إلا بأن يصاغ وفق نسق منهجي منظم، يوصل للكشف عن المراد.
الدلالة المعجمية:
تدل مادة الفاء والسين والراء، كيفما وقعت، على الوضوح والبيان، وهذا من باب الاشتقاق الأكبر. فكون الفاء والسين والراء مادة واحدة، يعني أنها مهما شُكلت على صور مختلفة، فكأنها لفظة واحدة من حيث دلالتها على معنى معين هو الوضوح والبيان. وقد أفضى النظر في جهات تركيبها الست، إلى رد ثلاثة منها (ف. س.ر - ف. ر.س - س. ف.ر) إلى أصل الوضوح والبيان. ذلك أن مادة الفاء والسين والراء، إذا ركبت على شكل "فسر"، فإنها تعني كشف المغطى ببيانه وإيضاحه، ويكون التفسير بمعنى كشف المراد من اللفظ المشكل عن طريق إيضاحه وتبيينه، وإذا جاءت على شكل (ف. ر. س) فمنها تأتي الفراسة، التي تعني عمقاً في النظر، والتثبت للشيء والبصر به، وفراسة المؤمن: ملكة باطنة، تجعل صاحبها ينظر بنور الله، فيستشعر الأمر الخفي بصدق حس أو دلالة خبر. أما إذا جاءت السين قبل الفاء والراء فهي أصل واحد يدل على الانكشاف والجلاء.
الدلالة الصرفية:
وهي آخر محطات تفكيك المعنى على المستوى الإفرادي، وتمكِّن من تسييج المساحة التي يحيل عليها التفسير داخل المجال المعجمي المشترك. ونكتفي هنا باستثمار صيغة (تفعيل) في جانبها الإفرادي، بمعزل عن نوع مقولتها التركيبية، فننطلق من أن صيغة (تفعيل) تفيد المبالغة والتكرار والتكثير. وبذلك تكون دلالة "التفسير"، هي ناتج تركيب معنى "التفعيل"، على معنى "الفسر"، وفقاً للعملية الإجرائية التالية:
التفسير = الفسر+التفعيل لتفسير = الوضوح والبيان+المبالغة والتكرار والتكثير
(يُتْبَعُ)
(/)
أي أنه يحمل معاني المبالغة والتكرار والتكثير، التي تتسق مع مهامه وطريقة اشتغاله. فهو أولا مبالغة في الفسر، أي استفراغ للوسع، طلباً للإيضاح والبيان، ويبلغ هذا الاستفراغ مداه، إذا كان موضوع التفسير هو كلام الله، لأنه يروم آنذاك، تأمين طريق الفهم عن الله، وَفِقْهَ مراده من كلامه، مما يشعر بأن تحري مطابقة التفسير للمفسر، من جهةِ إصابةِ القصد، وتعيينِ المراد، واحدٌ من أكبر هواجس العمل التفسيري. والتفسير أيضاً تكرار للفسر، أي أنه عمل قائم على العود المستمر. ويتخذ هذا العود وجهتين، فهو يحدد وظيفة التفسير في علاقته بالنص، ووظيفته في علاقته بالمتلقين. فالتكرار من جهة، لصيق بمنهجية التفسير؛ إذ بموجبه، يصير لزاماً على المفسر، أن يرجع مراراً إلى النص المفسَّر، ويعرض عليه عمله، حتى يطمئن إلى صحة ما توصل إليه. وهو من جهة أخرى، متسق مع ما ينتظره المتلقون من التفسير؛ إذ هو بالنسبة إليهم مترجمُ تَوْقِهم المستمر إلى مساءلة النص القرآني، لفهم أوضاعهم المتجددة. وفي كلتا الحالين، فإنه وصف مُشعِر بأن الحرص على ترسيخ المعنى القرآني، وتوسيع مجال تداوله، واحدٌ من أكبر هواجس العمل التفسيري. كما أن التفسير تكثير للفسر، وفي ذلك تنصيص على ضرورة تنويع مداخل الإيضاح والبيان، وعدم الاقتصار على واحد منها فقط، ومنه يصير لزاماً على كل تفسير، استجلابُ الأدلة والأدوات التي تكفل له الانضباط المنهجي، والكفاية التفسيرية، وتَضْمَنُ مصداقيته. فالتكثير مظنة اكتساب القوة، لأن قوة التفسير من قوة المنهج والدليل، وفي الاهتمام به إشعارٌ بأن الحرصَ على الإقناع، واحدٌ من هواجس العمل التفسيري.
وبناء على كل ما سبق نقول، إن التفسير عمل بياني بشري، يُقرّب معاني المفسَّر إلى المتلقين، باعتماد متواليات منهجية، توصل إلى كشف المراد، وتكسبه قوة ومسؤولية، تمكنان من ترسيخ نتائجه والإقناع بها.
* مفهوم القرآن:
الدلالة الصوتية: تحدد الشحنات الدلالية لمخارج وصفات (ق. ر.أ)، الإيحاءات التي أفادها تأليفها في أصل الوضع، لأن مكونات الكلمة تُنتقى على سَمْت الأحداث المعبر بها عنها، حذواً لمسموع الأصوات على محسوس الأحداث. وقد جمع هذا الجذر مخارج مختلفة؛ فالقاف تنتمي إلى المجموعة اللهوية، والراء إلى المجموعة الذلقية، وتخرج الهمزة من الجوف، والجمع خاصية لصيقة بالقرآن نفسه، فهو يهدي العالمين إلى الصراط المستقيم. والملاحظ أيضا أن مادة (ق. ر.أ) مؤلفة من أصوات مجهورة وشديدة، صدراً وحشواً ونهاية، مما يكسبها قوة في النطق ووضوحاً في السمع. وحين يكون الكلام قرآناً، تبلغ القوة ذروتها، محققة مرتبة الإعجاز، ويدرك الوضوح مداه عند نزول القرآن بلسان عربي مبين.
والملاحظ كذلك انفراد كل صوت بمزايا تخصه، فالقاف تضفي معنى الحسن، والراء تتصف بالإذلاق، الذي يؤدي معنى اليسر، كما تحمل معنى الترديد والتكرار، الذي يفيد الحركة المستديمة ويرسخ المعنى ويقويه. أما الهمزة فتضفي على الكلمة التي تركب فيها مسحة إطلاقية. وتعكس هذه الإيحاءات الدلالية خصائص لصيقة بالقرآن؛ ففيه يقول الله عز وجل: ?الله نزل أحسن الحديث? (الزمر:23) وفيه يقول أيضا: ?ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر? (القمر:17). ويتصف القرآن أيضا بقوة هائلة صورها قوله تعالى: ?لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله? (الحشر:21)، ويعمل على ترديد الوعيد ليتعظ الناس: ?وكذلك أنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا? (طه:113). كما أنه ذو صفات فيها معنى الحركة المستديمة والفعل المستمر، فعطاؤه دائم لا ينفد لقوله تعالى:?إنه لقرآن كريم? (الواقعة:77)، وهو ذو وجود مستمر مزدوج الاتجاه؛ مصدق لكتب السابقين، ومورَّث للمصطفين اللاحقين ?والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن الله بعباده لخبير بصير ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير?. (فاطر:31 - 32)، والقرآن أيضا كتاب مطلق لإحاطة مصدره، وانفتاح وجهته، مصداقاً لقوله تعالى: ?وإنه لتنزيل رب العالمين? (الشعراء:192).
(يُتْبَعُ)
(/)
الدلالة المعجمية: (ق. ر.أ) أصل صحيح دال على الجمع والاجتماع والضم، وهي معان تفيد القوة. وترد سائر المشتقات إلى هذا الأصل باطّراد. ولا ينقض هذا الأصل استعمال مادة قرأ في القراءة أو الإلقاء، فالقراءة تؤول إلى الجمع، لأن المراد بها ضم الحروف والكلمات في الترتيل، والتلفظ بها وإلقاؤها مجموعة. وكلمة "قرآن"، وإن صارت علماً مختصاً بكتاب الله، فإنها تتضمن هذه المعاني لاشتقاقها من مادة قرأ.
الدلالة الصرفية: تبلغ مادة (قرأ) ذروة القوة، حين تصاغ على وزن (فعلان)، لأن هذه الصيغة ذات قوة دلالية خاصة بين الصيغ والكلمات التي تم تشكيلها وفقا لهذا القالب دليل ذلك.
ومن هنا تكون كلمة (قرآن)، قد جمعت عبر رحلتها التكوينية، كافة مقومات القوة التي يوفرها الدرس اللغوي للخطاب في حالته الإفرادية. ولما كانت هذه الكلمة عَلماً مختصاً بكتاب الله، بحيث لا يشاركه في ذلك غيره، وكان العَلم، علامة مقصورة على المسمى، وشارة خاصة به، وافية في الدلالة عليه، صح القول: إن سمات لفظة (القرآن)، انعكاس لسمات مماثلة مقصودة الحضور في محمولها، وأمكن تنزيل الخصائص المستفادة من التحليل اللغوي، على النص القرآني نفسه، لنخلص إلى أن القرآن، نص مطلق وجامع، على نحو مستوعب للزمان والمكان والإنسان، وقوي بالقدر الذي يتحقق به التحدي والإعجاز، أنزله الله عز وجل للهداية، فبلغت فيه مواصفات اليسر والوضوح والحسن الغايةَ، كما أودع فيه مقومات تكفل له الحفظ، لتؤمن عطاءه المستمر، وتعمل على تثبيت مفاهيمه، لتضمن رسوخها الدائم.
2. تحليل التراكيب:
* تفسير القرآن:
تثير إضافة التفسير إلى القرآن، إشكالاً معرفياً يترجمه التساؤل عن مدى حاجة هذا الكتاب الفعلية إلى مفسر، يضطلع بمهمة بيانه، ويتولى النطق عن مراده، وعمّا إذا كانت تلك الحاجة - في حال تأكدها- ذاتية لصيقة بالنص، ونابعة عن نقصان في قدرته البيانية، أو عرضية راجعة إلى التدني التدريجي لملكات المتلقي، ومحدودية سقفه المعرفي. ويقتضي حل هذا الإشكال، تسليط الضوء على مسألتين مهمتين هما: القدرة البيانية للنص القرآني، والطاقة الاستيعابية للمتلقي البشري، وذلك لتحديد وجه الحاجة إلى التفسير، ومعرفة القصور - الذي يتهدد كل قناة اتصال- إن حصل ذلك.
القدرة البيانية للنص القرآني: على نقيض ما توهم به وساطة التفسير، من إدانة لقدرة القرآن البيانية، على اعتبار أن غير المبيَّن هو الذي يحتاج إلى بيان، فقد تضافرت أدلة عدة، تجعله في قمة الوضوح والبيان:
أولها، ما نبه عليه الزركشي، من أن كل من وضع كتاباً، فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح، ومفاد ذلك، أن الحاجة إلى الشروح أمر حادث، يستدعيه طارئ عرضي يلزم من وجوده حصول تلك الحاجة، ومن ارتفاعه انتفاؤها.
وثاني الأدلة، كون الله وصف القرآن بأنه نور مبين، وكتاب مبين، نزل بلسان عربي مبين، وأن آياته بينات ومبينات، تؤهله ليكون بينة، لا تبين للناس ما اختلفوا فيه فحسب، وإنما هي تبيان لكل شيء. وفضلاً عن صفة البيان، فقد أكد الله تعالى أن القرآن ميسر للذكر فقال: ?ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر? (القمر:7). وإذا علمنا أن "التيسير هو إيجاد اليسر في الشيء، وأن اليسر هو السهولة وعدم الكلفة في تحصيل المطلوب، وأن القرآن المتصف به في الآية كلام، تبين لنا أن معنى تيسيره يرجع إلى تيسير ما يراد من الكلام، وهو فهم السامع المعاني التي عناها المتكلم به، دون كلفة ولا إغلاق. وهذا اليسر يحصل من جانب الألفاظ وجانب المعاني؛ فأما من جانب الألفاظ، فذلك بكونها في أعلى درجات فصاحة الكلمات وفصاحة التراكيب، أي فصاحة الكلام، وانتظام مجموعها. وأما من جانب المعاني فبوضوح انتزاعها من التراكيب."
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الدليل الثالث فهو أن القرآن يعلن عن أهدافه بوضوح، بعيداً عن العبارات الاحتراسية الموارية للقصد، وبمنأى عن الالتواءات الأسلوبية المعتمة للخطاب، مما يجعله على درجة سامقة من البيان، ويجعل فهمه عملاً ميسوراً يتم عبر عرض الدلالات المستفادة من الألفاظ على المقاصد، للتأكد من أنها عين المراد. ومن هذه الأهداف المعلنة أن القرآن كتاب هداية، أمر الله بتلاوته وتدبره واتباعه، وهذا يجعل تعذر فهمه أمراً مستحيلاً؛ إذ لا يعقل أن يكون غرضه هداية العالمين، ومع ذلك لا يمكن لأحد أن يفهمه، خاصة وأن الامتثال فرع عن الفهم وفِقْه الخطاب. ومن هذه الأهداف أيضاً، أن القرآن نزل ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه، ومعلوم أن الحكم لا يكون فيصلا تقوم به الحجة، ولا قاطعاً يقبل التنفيذ، إلا إذا كان واضح الدلالة، وعليه فالاختلاف لا يرجع إلى أصل القرآن، بل هو وليد معطيات خارجية، كتلك التي ترجع إلى سلوكات الناس اتجاهه، التي تختلف باختلاف خلفياتهم. وبناء على ما سبق يتضح أن القرآن واضح، وأن القول بحاجته الذاتية إلى تفسير خطأ منهجي، فالتفسير لا يمكن أن يضيف إلى النص القرآني شيئاً، لأن كل العناصر البيانية ثاوية فيه، ولأنه النور الذي جعله الله تفسيراً للحياة والأحياء، "ومتى ما عمد الإنسان إلى النور ينيره وإلى الضوء يضيئه وإلى المفسر يفسره فقد قلب المنهج."
ولقائل أن يقول: إن ما يشكك في صحة هذا الأصل أمران اثنان، أحدهما ما يفيده ظاهر قوله تعالى: ?هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب? (آل عمران:7) ويفهم من ذلك أن القرآن يتضمن آيات متشابهة، لا سبيل لأحد إلى يتبين مدلولها لأنه مما استأثر الله بعلمه، ويترتب على ذلك، أن قدراً من القرآن مستحيل الإدراك، وما كانت هذه حاله، فلا يكون بيّناً ولا مبينا. أما الأمر الثاني الذي يعود على هذا الأصل بالنقض، فهو ما يدل عليه ظاهر قوله تعالى: ?وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم? (النحل:44) من أن الله أوكل مهمة بيان القرآن إلى النبي عليه السلام، مرشداً إلى مكانته المركزية، التي تخول له توضيح مراد الله، وجاعلاً منه حلقة في الفهم غير ممكنة التجاوز. وفي ذلك إيذان بأن حاجة القرآن إلى التفسير ذاتية، طالما أن فهمه لا يمكن أن يتم من داخله، وفي غنى عن أي مبين خارجي؛ إذ لو كان الأمر بخلاف ذلك، لما كان للتعبير بلام التعليل في الآية وجه يُعتبر.
والواقع أن هذا الاعتراض لا ينقص من قيمة ذلك الأصل، وإمعان النظر في الآيتين يفضي إلى العدول عن ظاهرهما، والاطمئنان إلى أنه غير مراد. ففيما يخص آية التشابه، فهي لا تقوم دليلا على ما استشهد بها لأجله، لأسباب أهمها اثنان؛ أحدهما كون المتشابه - الذي يفترض أنه غامض وملتبس الدلالة وأن لا أحد غير الله قد اطلع على معناه- قليلاً جداً، بالمقارنة مع القدر المحكم الذي يمثل المعظم من آيات القرآن. ذلك أن آية آل عمران لما قابلت بين المحكم والمتشابه، صار من اللازم أن يفسر المتشابه بما يقابله، ويعضد ذلك أسلوب الآية وهو الجمع مع التقسيم، لأنه تعالى فرّق ما جمع في معنى الكتاب بأن قال: ?هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات? (آل عمران:7) ويستفاد من هذا التقابل الماثل في قوله تعالى في المحكمات: ?هُنَّ أمُّ الكتاب وأُخَرُ متشابهات? أن المحكم كثير والمتشابه قليل، وتدل المحكمات بذلك على أنها "المعظم والجمهور وأم الشيء معظمه وعامته، كما قالوا أمّ الطريق بمعنى معظمه،" ويستفاد من هذا التقابل أيضاً أن المحكم أصل، وأن المتشابه فرع، لأن لفظ "أمّ" في الآية يعني الأصل أيضاً. وبإضافة هذا المعنى إلى الذي قبله، يظهر أن التشابه لا يقع في الأصول الكلية، وإنما يختص بالفروع الجزئية؛ إذ لو وقع في أصل من الأصول اشتباه، للزم سريانه في جميعها، لأن الأصول منوط بعضها ببعض في التفريع عليها، فكثيراً ما يكون التفريع على أصل، متوقفاً على أصل آخر. وبهذا الموجب لا يكون المحكم أُمّ الكتاب، ولكن الآية أفادت كونه كذلك، فدلّ هذا على
(يُتْبَعُ)
(/)
أن المتشابه ليس أصلاً، وأنه لا يكون في شيء من الأصول. ولما كان المتشابه، الذي يفترض أنه يورث إشكالا وحيرة قليلاً، كان الالتباس المترتب عليه مثله في القلة أيضا، وبذلك فالتشابه لا ينافي ما يتصف به القرآن من وضوح وبيان، لأن قلته تزكي هذه الصفات وتؤكد أنها الأصل.
وإذا كان السبب الأول لبطلان الاعتراض على أصل البيان في القرآن، هو قلة المتشابه، وندرته الكمية، مما يفيد قلة نسبة الغموض، ومن ثم قلة الحاجة الذاتية إلى تفسير، فإن السبب الثاني، ومن خلال استناده إلى تحقيق مفهوم المتشابه في آية آل عمران، ينفي هذه الحاجة نفياً كلياً. ذلك أن مبعث التشابه في القرآن ليس احتمال اللفظ لمجموعة من المعاني وتردده بينها، أي أن التشابه لم ينشأ من ناحية الاختلاط والتردد في معاني اللفظ ومفهومه اللغوي، لأن الاتّباع المذكور في الآية ?فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله? (آل عمران:7) لا يكون، إلا إذا كان للفظ مفهوم لغوي يكون العمل به اتباعاً له. فالتشابه الذي وصف به القرآن هنا، نوع خاص، لابد فيه أن يكون قابلاً للاتباع، وهذه القابلية ناتجة عن وجود مفهوم لغوي معين للفظ، يكون العمل به اتباعاً له. وعلى هذا الأساس لا يكون التشابه حاصلاً من هذه الجهة؛ إذ لابد أن يكون للَّفظ المتشابه مفهوم لغوي معين، وإنما ينشأ التشابه من الاختلاط والالتباس في تجسيد الصورة الواقعية، والمصداق الخارجي لذلك المفهوم اللغوي.
وإذا كان هذا شأن المتشابه، تَبين أن الطريقة المثلى للتعامل معه، هي التسليم له، والإيمان به من غير خوض فيه وبحث عن مآله، لأن ذلك لا يتعلق به تكليف من جهة، ولا يؤدي من جهة أخرى إلا إلى إيقاظ الفتن. فإذا أخذنا مثلا قوله تعالى: ?الرحمن على العرش استوى? (طه:5) وجدنا لِلفظ الاستواء ظهوراً لغوياً معيناً يدل من خلاله على الاستقامة والاعتدال، ولكنه في الآن نفسه كلام متشابه، تبعاً لما ينتج عنه من لبس في تحديد صورة هذا الاستواء الواقعية، وتجسيد حقيقته الخارجية، على النحو الذي يتناسب مع الرحمن الذي ليس كمثله شيء. وفي مقابل المتشابه يأتي المحكم الذي ينصرف إلى ما تعينت دلالته، وأمكن تصوره. وعلى هذا الأساس ينتفي كل غموض ذاتي عن النص القرآني، وتبقى آياته بينة بنفسها، واضحة، ومقدوراً على الوصول إلى معناها، ومن ثم تكون الحاجة إلى التفسير، عائدة إلى المتلقي لا إلى أصل النص.
أما الآية الثانية فتفيد معنيين، لا يدل أي منهما على أن القرآن غيرُ بيّن بذاته، ومفتقر إلى دعم مِن مُبين خارجي، فقوله تعالى: ?وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم? (النحل:44) يفيد أن الرسول عليه السلام مباشر للبيان تبليغاً وتفسيراً؛ فهو يبين بسرده نص القرآنِ ما نُزل، وهو يبين بتفسيره، ما أشكل على المتلقين مما نُزل. وبمقتضى ذلك، فإن الآية تكرس وساطة النبي في عملية تلقي القرآن، جاعلة منه وسيطاً معرفياً يتولى أمر البيان التبليغي ووسيطاً منهجياً يتكفل بمهمة البيان التفسيري. ويزيد هذه الوساطة تأكيداً الإتيان بضمير المخاطب في قوله: ?وأنزلنا إليك?، ففيه إيماء من الله إلى تشريفه للرسول بمرتبة الوساطة بين الله والناس، بأن جعل الإنزال إليه ولم يقل إليكم أو إليهم. إذن فالبيان الموكول إلى النبي عليه السلام، هو بيان للفظ وللمعنى المستقى منه، وهو في الحالة الأولى بيان تبليغ وإخبار، وفي الحالة الثانية بيان تفسير وإظهار، ولا بد من تناول كل حالة بيانية بالتحليل والتفصيل، للتأكد من مدى حاجة القرآن أو غناه عن التفسير، وذلك عبر خطوتين منهجيتين اثنتين، تتمثل أولاهما في بحث وجه دلالة الآية على المعاني المستفادة منها، وتتمثل الثانية في بحث النهايات المعرفية التي تفضي إليها تلك المعاني، وعلاقتها بقدرة النص القرآني البيانية.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن أول ما ينبغي التنبيه عليه، هو أن البيان الذي ذكره الله في الآية ?لتبين? وجعله غاية الإنزال، يُستعمل للدلالة على مجموعة من المعاني التي حفظت المعاجم اللغوية جملة منها، ويتطلب تعيين المراد من بينها الاحتكامَ إلى السياق، فهو الذي يعطي للكلمة شخصيتها المستقلة، ودلالتها النهائية، من خلال الكشف عن أبعاد العلاقات التي تربطها بما يجاورها، من كلمات داخل التركيب. ومن هذا المنطلق لزم الكشف عن مفهومين مفتاحيين في الآية، من شأنهما توضيح معنى البيان الموكول إلى النبي عليه السلام وهما ?الذكر? و?ما نزل إليهم?. وتدل اللفظة الأولى على القرآن بإجماع المفسرين، أما الجملة الثانية، فإكسابها معناها يتوقف على مدى قبولها النحوي وانسجامها وما يشكل معها جملة داخل السياق النصي، ذلك أنها تقتضي أن "ما صدق الموصول غيرُ الذكر المتقدم، والذي هو القرآن بإجماع المفسرين؛ إذ لو كان إياه لكان مقتضى الظاهر أن يقال لتبينه للناس. ولذا فالمراد بما نزل إليهم الشرائع والوعد والوعيد وغير ذلك مما أرسل الله به محمداً صلى الله عليه وسلم، فجعل القرآن جامعاً له ومبيناً له ببليغ نظمه، ووفرة معانيه، فيكون في معنى قوله تعالى: ?ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء?. (النحل:89) وتم إسناد التبيين إلى النبي عليه الصلاة والسلام؛ إذ هو مبلغ الناس هذا البيان." ومن هذا المنظور يكون البيان المقصود في الآية هو بيان التبليغ، ويكون القرآن في الآن نفسه كتاباً بيناً في نفسه، ومبيناً لما أراد الله من عباده امتثالَه والاتعاظ به، ومن ثم فلا دلالة في الآية من هذا الوجه على ما استدل بها لأجله، من افتقار كلام الله إلى تفسير وإيضاح.
غير أن تركيب الآية يسمح أيضا بتفسير ?ما نزل إليهم? على أنه عين الذكر المنزل، فيكون المعنى: أنزلنا إليك الذكر لتبينه للناس، أما استعماله للإظهار في مقام الإضمار، فهو لإفادة أن إنزال الذكر إلى النبي، هو إنزاله إلى الناس، كما في قوله تعالى: ?لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم? (الأنبياء:10). وإنما ذكره في هذه الآية مرتين للإيماء إلى التفاوت بين الإنزالين؛ إنزاله إلى النبي مباشرة، مع تخويله صلاحيات البيان، وإيضاح المعنى، وإنزاله إلى عامة الناس - لأن التعريف في ?للناس? يفيد العموم - الذين لا بد لهم، بمقتضى لام العلة الغائية في ?لتبين?، من مبين يوضح لهم هذا القرآن الذي نزل إليهم. وواضح من هذا التحليل، أن هناك بيانا آخر تقصد إليه الآية، غير بيان الإبلاغ والإخبار، وهو بيان الإيضاح والإظهار. فهل يعني ذلك أن فهم القرآن رهين شرح النبي، القادر وحده على حل رموز النص الإلهي وفك (شفرته)؟ أوليس هذا مؤشرا على وجود "عوز بياني" في النص القرآني أحوجه منذ نزوله إلى التفسير؟
للإجابة ينبغي النظر إلى المسألة من زاوية مختلفة، وذلك من خلال تسليط الضوء على واحدة من أهم الحقائق المرتبطة بملكات النبي صلى الله عليه وسلم، التي تجعله أعلم الناس بالقرآن، وتجعل العودة إليه لا تستلزم الطعن في البيان القرآني، بقدر ما تترجم الرغبة في تمثل أمثل مناهج التعامل مع الوحي على الإطلاق، وهذا هو مغزى جواب مطرف بن عبد الله لمن قال له "لا تحدثونا إلا بالقرآن"؛ إذ قال "والله ما نريد بالقرآن بدلاً، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا." وقد نبّه الشافعي إلى هذه الحقيقة في مناقشته لعربية القرآن، فبعد أن بيّن أن "جماع علم كتاب الله، العلم بأن جميع كتاب الله إنما نزل بلسان العرب" أكد على ضرورة معرفة الحيثيات التي لأجلها كان "الموضع الذي وضع الله به نبيه من الإبانة عنه فيما أراده من كلامه،" وما يهُمُّنا منها هنا، قدرة النبي عليه السلام على الإحاطة باللسان الذي نزل به القرآن، تلك الإحاطة التي عبر عنها الشافعي قائلاً: "والقرآن يدل على أن ليس من كتاب الله شيء إلا بلسان العرب، ( ... ) ولسان العرب أوسع الألسنة مذهباً، وأكثرها ألفاظاً ولا نعلمه يحيط بجميع علمه غير نبي، ولكنه لا يذهب منه شيء على عامتها، حتى لا يكون موجوداً فيها."
(يُتْبَعُ)
(/)
ويتضح من هذه الصورة، عن الممارسة اللغوية المواكبة لنزول الوحي، أن لغة القرآن مثالية، مبينة، ومؤلفة من أمشاج من اللهجات المختلفة التي استخدمها العرب، مما جعلها لغة مختلطة، وهو أمر تؤكده نوعية الألفاظ والتراكيب القرآنية، التي تعود لمختلف القبائل العربية. ولما كانت هذه طبيعة لغة القرآن، وكانت وظيفتها مخاطبة البشر جميعاً، كان لزاماً على من يروم الأَوْل بلفظ القرآن إلى صحيح معناه، أن يحيط علماً باللسان الذي نُظِم به مبناه. والنظر إلى واقع الاستعمال اللغوي، إبان نزول القرآن وبعده، يفيد أن الإحاطة الفردية خصيصة نبوية، وأن الإحاطة الجماعية واقع تداولي؛ فالنبي محيط باللسان العربي بمقتضى مهمة التبليغ، والجماعة اللغوية محيطة به، بمقتضى وظيفة التواصل. وعلى هذا الأساس تتأكد مرجعية النبي عليه السلام، وتبرز أهمية تمثل كلامه، بصفته مرشداً للمعنى المراد، ما دام متعذراً على من دونه أن يجمعوا علم اللسان، فلا يذهب عليهم شيء منه. والحاجة إلى البيان النبوي، ليست من جهة ضعف بيان القرآن، أو استحالة إدراك معناه، وإنما هي من جهة عجز الأفراد عن الإحاطة بعلم اللسان. فالعجز، عجز الفرد المستقل، الذي لا قدرة له بمعزل عن جماعته اللغوية - آنية كانت أو تاريخية- على تحصيل سائر مخزون ما تدل عليه الصيغ في أصل وضعها على الإطلاق، وكذا ما تدل عليه بحسب المقاصد الاستعمالية، التي تقضي العوائد بالقصد إليها.
الطاقة الاستيعابية للمتلقي البشري: يلزم تحويل وجهة الاستشكال، صوب الموطن الحقيقي للإشكال. وذلك بربط قضية اللغة والتفسير، بمعرفة الذات، وتعميق النظر في قدرة المتلقي ومؤهلاته الإدراكية. وعليه ينبغي تجاوز النهج الذي يركز على واجبات المرسل، متناسياً حظوظ المتلقي في فهم اللغة، ومدى قدرته على استيعابها؛ إذ لابد أن نضع موضع تساؤل، قدرة استيعابنا الكامنة، ومستوى تفهمنا الفعلي، خاصة أن النص الذي استشكلناه، يتأسس على البيان منذ لحظة الانطلاق.
قدرة الاستيعاب الكامنة: يكون النص واضحاً، إذا مر عبر قناة تواصلية مشتركة، يستعملها المتكلم والمتلقي، وكذا إذا توفر المتلقي على الملكة المؤهلة لتحليل الخطاب. ويمكن الجزم باجتماع ذلك في متلقي القرآن لأن:
- قدرة المتلقي على استيعابه، مختبرة تاريخياً، حسبما يستفاد من واقع العصر الإسلامي الأول، وحالِ الذين نزل عليهم القرآن؛ فالعرب كانوا على مستوى يمكنهم من التفاعل معه، وإدراك معانيه؛ إذ المادة اللغوية المستعملة واحدة، والأبنية المجردة المعتمدة لا تكاد تختلف، لأن الله "خاطب بكتابه العرب بلسانها على ما تعرف من معانيه." فضلاً عن ذلك، أن البيان كان في العرب سليقة وطبعاً، يصرفونه حيث يشاؤون حسبما هداهم إليه تصورهم لمعناه، وتفهمهم لغايته، مما يسر للعرب التعامل مع القرآن، ورشح رصيدهم المعجمي، وقواعد التركيب المعتمدة من قبلهم، وسنن التخاطب بينهم، لأن تكون منفذاً إلى المعنى القرآني، ما دام المجال التداولي للغة القرآن ينتمي إلى عصر الوحي.
- المتلقي التالي لعصر التلقي الأول، قادر مبدئيا على فهم القرآن كفهم سابقيه له. وقد تضافرت عدة نصوص، لبيان أن الخطاب القرآني يقصد إفهام المخاطَبين، وتوصيل مرادات المعنى إليهم، وأنهم قادرون على استيعابه، وتعقل معناه، تبعاً لقدرتهم على التفكر والنظر المؤدي إلى المعرفة، وتبعاً لامتلاكهم رصيداً يؤهلهم لتحليله وفقهه، أو قدرتهم على تحصيل ذلك الرصيد. وهذا يدل على أن القدرة الاستيعابية، ليست حصرية مقصورة على جماعة تاريخية؛ إذ "لما أمر الله جل ثناؤه عباده بتدبره وحثهم على الاعتبار بأمثاله، كان معلوماً أنه لم يأمر بذلك من كان بما يدل عليه آيه جاهلاً؛ إذ لم يجز أن يأمرهم بذلك إلا وهم بما يدلهم عليه عالمون." فطلب التدبر والاعتبار، دالٌ على أن الامتثال في وسع المخاطبين، لأن الله تعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، وسبيل الامتثالِ، التوسلُ بالتفكر، والنظر المؤدي إلى المعرفة، بالنسبة لمن يعرف كلام العرب، مع تعلم معاني كلام العرب بالنسبة للجاهل بها. وهذا يجعل القرآن حجة على العالمين، فاتجاهه إليهم ومخاطبته لهم بحسب طاقاتهم، وإمكان بلوغه إلى جميعهم، لا يجعل في وسعهم جهل ما فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
مستوى التفهم الفعلي: في ضوء هذا الواقع، يبقى واقع الحاجة إلى التفسير، في حاجة إلى تفسير، لأن الصورة المقدمة آنفاً، تحيل على تصور يصطدم بحال معظم المتلقين المقبلين بتزايد على الأعمال التفسيرية، وكذا بواقع الأعمال التفسيرية نفسها، نظراً لما تتضمن من حالات الاختلاف في تعيين القصد، أو العجز عن تعيينه. ولتفسير هذه الظاهرة، لابد من الكشف عن أسبابها، التي ترجع أساساً إلى الفرق بين الكامن الموجود بالقوة، والمتشيئ الموجود بالفعل، فوجود طاقة استيعابية كامنة لدى سائر المتلقين، لا يستلزم استثمارها من لدنهم جميعا، لأن الاستثمار المؤدي إلى التفهم الفعلي، يبقى رهين أمرين هما:
أولاً: توفر القبليات المعرفية اللغوية: أي المعرفة اللغوية التي تسبق قراءة النص وتمهد لها، وتمكن من تبادر المعنى وانسيابه إلى الذهن مباشرة، عند سماع اللفظ أو قراءته، سواء كان قصد المتكلم مصرحاً به في ظاهر الكلام، أو كان مبثوثاً في ثناياه، لأن القبليات في هذه الحالة الأخيرة، تعطي المتلقي زاداً لغوياً، يتمكن بفضله من تشغيل طاقته الاستيعابية الكامنة، ومن إعمال ذهنه وقدراته التخيلية، لإلحاق الأشباه بنظائرها، وملء الفراغات التي قصد المتكلم إلى إهمال إتمامها. وبديهي، والحال هذه، أن يفضي الجهل بالقبليات اللغوية لدى المتلقي –وإن أدرك هذا الأخير مرحلة النضج والكمال العقلي- إلى العجز عن تعيين القصد الثاوي في إنجاز كامل يستعمل لغة كاملة.
ثانياً: التناول المنهجي الكلي للنص القرآني: وبمقتضاه يلتزم كل تعامل مع النص بنظرة كلية لخطابه، من أجل تفادي كل خطأ في الفهم، أو توهم للتعارض؛ ذلك أن النظرة التجزيئية للقرآن الكريم، لا تجعل صاحبها قادراً على فهمه حق الفهم، لأن من "فرق النظر في أجزائه فلا يتوصل به إلى مراده،" ومن ثم فإن تلك النظرة لا تصلح لأن تعتمد، إلا في المراحل الأولى للقراءة، بغرض معرفة مدلولات المفردات في القاموس العربي، والوقوف على ما يحيل عليه ظاهر الخطاب، وبعد ذلك ينبغي تخطيها إلى القراءة الكلية النسقية، التي تمكن من اختبار كفاية القراءة السابقة من جهة، وتخول الوقوف على مقصد المتكلم من جهة أخرى. وممن نبه على هذا الأمر الشاطبي حين قال: "لا يصح الاقتصار في النظر على بعض أجزاء الكلام دون بعض إلا في موطن واحد، وهو النظر في فهم الظاهر بحسب اللسان العربي وما يقتضيه، لا بحسب مقصود المتكلم، فإذا صح له الظاهر على العربية، رجع إلى نفس الكلام، فعمّا قريب يبدو له منه المعنى المراد." ثم إن الاقتصار على النظرة الجزئية في تحليل الخطاب، يؤدي إلى التعامل مع القرآن تعاملاً سطحياً، ينظر إلى آيات الكتاب نظرة عجلى، تعجز عن الربط بينها وفهمها داخل السياق، مما يفقد المتلقين القدرة على ملاحظة قوة الترابط، وعظيم التناسق في الكلام الإلهي، إلى حد تبدو معه معانيه للنظرة العجلى مقولات متناثرة فحسب.
لا ننكر أن للتناول التجزيئي أهميته، ما دام يمكّننا من تعرف معهود العرب إفراداً وتركيباً، لكن التناول الكلي يستطيع أن يلامس الطبقة الثانية من الدلالات التي تُظهر تماسك المعنى وترابط السياق؛ إذ من خلال تعامله مع الآيات بوصفها نصاً واحداً تَقبل كل آية فيه أن تنفتح دلالتها على غيرها من الآي، يكون قد تجاوز عتبة الاكتفاء بالحدود الدلالية، التي تفيدها ألفاظ الآية مستقلةً، ووعى ضرورة تجاوزها للنظر في دلالة السياق برمته، مما يكفل معرفة أعلى من الدراية بمعهود العرب فحسب، وتلك هي المعرفة بمعهود المتكلم في استعمال عناصر الخطاب.
إن وحدة الخطاب القرآني، تقتضي النظرَ إلى سائر آياته، على أنها كلام واحد، والتعاملَ معها بناء على ذلك، لأن "كلام الله في نفسه كلام واحد لا تعدد فيه بوجه ولا باعتبار،" ومنه فلازم فهم وبيان بعضه على ضوء بعضه الآخر، خاصة وأن "كثيرا منه لا يفهم معناه حق الفهم، إلا بتفسير موضع آخر أو سورة أخرى، ولأن كل منصوص عليه فيه من أنواع الضروريات مثلا مقيد بالحاجيات، فإذا كان كذلك فبعضه متوقف على البعض في الفهم، فلا محالة أن ما هو كذلك فكلام واحد." وعلى هذا الأساس تكون وحدة الخطاب القرآني سارية في سائر مكوناته، إلى حد تصير معه سور القرآن الكريم، بمنزلة الآيات من السورة الواحدة. وفي ذلك ينقل ابن هشام عن أبي علي الفارسي
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله: "القرآن كلُّه كالسورة الواحدة، ولهذا يذكر الشيء في سورة وجوابه في سورة أخرى، نحو ?وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون? (الحجر:6) وجوابه: ?ما أنت بنعمة ربك بمجنون?. (القلم:2)." وتتحقق الوحدة الفعلية للخطاب بالنسبة للمتلقي، على نحو يكفل له تخطي سلبيات التجزئة، من خلال"العلم بخصائص أسلوب القرآن، فإن كل ذي كلام له في كلامه أساليب تخصه،" لابد من مراعاتها والاهتداء بها عند التفسير، وإلا كان المعنى المتوصل إليه بعيدا عن مراد المتكلم.
وبناء على المعرفة الدقيقة بالأسلوب القرآني، يتمكن المتلقي من فهم الخطاب الإلهي، من خلال التوسل بمدخلين اثنين، أشار إليهما الفراهي في التكميل، وهما، وإن كانا متعلقين أساساً بالتعارض بين النصوص أو بين تفاسيرها، فإنهما صالحان أيضا للنظر في النصوص والتفاسير، التي لا تعارض (آني) بينها، خاصة وأن التعارض أمر مفتوح تتسع، دائرته أو تضيق بحسب أحوال المتلقي، ومستوى تفهمه الفعلي. ومن هذا المنظور، فإن الدراية بالأسلوب، تمهد لاعتماد مدخل الموافقة بين الآيات عند التفسير، وذلك برد بعضها إلى البعض الآخر، مما يسهم في حل إشكال التعارض الظاهري بين النصوص، وتكثير سبل التحقق من الدلالة. وتمكن تلك الدراية أيضاً من حل إشكال التعارض الظاهري والحقيقي بين التفاسير، ومعرفة أقربها إلى مقصود المتكلم، باعتماد مدخل آخر، وهو معاملة نتائج الأعمال التفسيرية التي هذه حالها – ويلحق بها غيرها مما ليس هذا شأنه - على أنها من قبيل المشترك، وفي ذلك يقول الفراهي عند حديثه عن الأصول التي تهدي إلى معنى واحد: "إذا كثرت وجوه التأويل في آية، كان الأمر كاشتراك اللفظ موقع استعماله. فهكذا عند اشتراك الوجود في آية، لا سبيل إلا بالنظر إلى موقع الآية."
* تفسير القرآن بالقرآن:
يثير "تفسير القرآن بالقرآن" إشكالات، يقتضي فكها تحديد ماهيته، ببيان الجهة المسؤولة عنه، وتعيين المقدار الذي يدخل في مسماه، والنظر في مدى حجيته.
من يفسر القرآن في تفسير القرآن بالقرآن؟ يتبادر إلى الذهن عند إطلاق عبارة "تفسير القرآن بالقرآن" أن القرآن مفسر لنفسه بنفسه، وأن ليس للمفسر البشري دور، سوى جمع ما يراد تفسيره من نصوص بما يفسره منها، وكأن عملية التفسير عملية مغلقة، تنم عن وجود علاقات ثابتة محددة سلفا، ً لا دخل فيها للعنصر البشري بنسبيته ومتغيراته. إننا هنا أمام انغلاق للمتن، وانغلاق للعلاقات الدلالية في الوقت نفسه، غير أن لهذا التصور أسبابه المعرفية التي تدعمه، فمن دليل العقل، وجوب التماس تفسير القرآن منه أولاً؛ إذ لا يعلم مراد الله على الحقيقة والقطع إلا هو، وذلك نظراً لكون المتكلم أولى من يوضّح مراده بكلامه، فإذا تبيّن مراده به منه، فلا يُعدل عنه إلى غيره. ونظراً لأن التفسير رواية عن الله تعالى، و (ترجمة) لحكمه وحكمته، وشهادة عليه بما أراد من كلامه، فإذا لم يكن من كلامه دليل على ذلك المراد، فهو محض تَقَوُّل، والتقول محظور بنص قوله تعالى: ?قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.? (الأعراف: 33) ومن دليل النقل آيات عديدة، لكن قصارى ما يستفاد من مجموع المنقول والمعقول، هو ضرورة العودة إلى القرآن لاستقاء التفسير، بمعنى أنها أدلة متجهة في المقام الأول إلى بيان المصدرية، لا تحديد الجهة العاملة على استثمارها وتوظيفها، والفرق دقيق بينهما.
ولقائل أن يقول إن هذا الحكم غير صالح للتعميم على سائر الأدلة؛ إذ يستثنى منها قوله تعالى: ?ثم إن علينا بيانه? (القيامة: 19)، والذي يظهر من خلاله، أن الله عز وجل لم يحدد المصدر التفسيري فحسب، وإنما حدد الجهة المفسرة أيضاً بأن أوكل إلى نفسه مهمة البيان. غير أن هذا الاعتراض لا يلبث أن يتلاشى، عند استحضار السياق النصي والتاريخي الذي وردت فيه هذه الآية. وممن اعتمد السياقين لاستخراج الدلالة عبد الله بن عباس رضي الله عنه، فعن موسى بن أبي عائشة عن سعيد ابن جبير عن عبد الله بن عباس في قوله: ?لا تحرك به لسانك لتعجل به? (القيامة: 16) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه، وكان يعرف منه،
(يُتْبَعُ)
(/)
فأنزل الله الآية التي في ?لا أقسم بيوم القيامة? (القيامة: 1): ?لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه? (القيامة:17) قال: علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه، ?فإذا قرأناه فاتبع قرآنه? (القيامة:18) فإذا أنزلناه فاستمع، ?ثم إن علينا بيانه? (القيامة:19) علينا أن نبينه بلسانك، قال: فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله." ومنه يتضح أن الآيات تدل على مصاحبة العناية الإلهية للرسول صلى الله عليه وسلم في سائر مراحل تلقي القرآن الكريم وأدائه، من التنزيل إلى الجمع في الصدر، فالتلفظ والتبليغ، لتطمئنه بذلك، فلا يحتاج بعدُ إلى تحريك لسانه، استعجالا لتبليغه مخافة نسيانه.
ومن هذا المنطلق فلا تكون لقوله تعالى: ?ثم إن علينا بيانه? (القيامة:19) علاقة تذكر بالتفسير عموماً، ولا بتفسير القرآن بالقرآن على وجه الخصوص، إنْ تحديدا لمصدره، أو بياناً، لجهته، لأن غاية ما سيقت له، هو الدلالة على أن القرآن نص إلهي في قمة الحفظ، منذ أن تكلم الله به، إلى حين تكلم به رسوله. وبذلك يكون معنى قوله تعالى: ?ثم إن علينا بيانه? (القيامة: 19) أي علينا أن تبلغه وتتلفظ به تماماً، كما أنزلناه عليك، وجعلنا صدرك يعيه، فالمراد بالبيان هنا الأداء والتلفظ والقراءة، أما ?علينا? ففيها وعد من الله بحصول ذلك البيان. ويؤكد ذلك، الربطُ بين ترتيب الجمل داخل الآية، وترتيب وجود مدلولاتها في واقعي الغيب والشهادة؛ ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حرك لسانه عجلة بالقرآن، أنبأه الله عز وجل بأنه قد تعهد بحفظه جمعاً وقراءة، ثم طلب منه الاستماع والإنصات إلى تلاوة جبريل بدقة وتركيز شديدين، عبرت عنهما الآية باتباع القراءة، وعقِب ذلك نصَّ على اتساع دائرة الحفظ، لتشمل ما لأجله تحرك اللسان عجلة بالقرآن، وهو هاجس التبليغ، فطمأنه بأنه قد تكفل بالبيان، أي بإبراز النص وإخراجه من عالم الغيب إلى عالم الشهادة من خلال تأمين تلفظ النبي به. وبذلك تكون غاية الآية هي تسليط الضوء على مطابقة الملفوظ للمحفوظ، وهو ما فطن إليه ابن عباس رضي الله عنه فربط بينها وبين مآلها ومصداقها الخارجي فقال: "فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله."
ثم إن دلالة البيان على التفسير في هذا المقام أمر مستبعد لسببين؛ أحدهما انعدام المناسبة بينه وبين القضية التي جاءت الآية لعلاجها كما تبين قبل، والثاني أن صرفه إلى ذلك المعنى، يفضي إلى التلويح بانخرام واحدة من أهم حلقات التلقي وانفراطها عن عقد الحفظ، ومن ثم التشكيك في صحة النقل النبوي للنص القرآني، واحتمال تطرق النسبية البشرية إليه، هذا في حين لا يعقل أن يتم النص على حفظ التفسير وتعهد الله به، دون أن يكون سياق الآية محله، ويُسكت عن بيان حظ الأداء والتبليغ من الحفظ في موضع الحاجة إلى بيانه؟
ثم إن تحديد الجهة القائمة على تفسير القرآن بالقرآن، يستدعي استحضار ملحظ آخر، يفضي اعتباره إلى معالجة المسألة من زاوية مختلفة للنظر، فيما إذا كان المفسر في هذا النوع من التفسير، هو المفسر البشري، أو النص القرآني الناطق عن القصد الإلهي. ويتمثل هذا الملحظ في خصوصية القرآن الكريم، وفي أنه كما قال علي كرم الله وجهه: "خط مسطور لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال." ومعلوم أن ما كان هذا شأنه، فلا سبيل إلى استنطاقه، أو الجزم بأن كذا هو عين مراده، لأن ذلك يتضمن نطق المتكلم، ببيان كلامه بعد التكلم به، وهو أمر لم يقع بالنسبة للقرآن الكريم؛ إذ القرآن "كلام متكلم لم يصل الناس إلى مراده بالسماع منه، ولا إمكان للوصول إليه، بخلاف الأمثال والأشعار، فإن الإنسان يمكن علمه بمراد المتكلم بأن يسمع منه أو يسمع ممن سمع منه. أما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم، إلا بأن يسمع من الرسول عليه السلام، وذلك متعذر إلا في آيات قلائل." يتبين إذن أن الوصول إلى قصد الله بالسماع منه. أمر متعذر، لأن الله عز وجل غير مدرَك حسياً ولا ظاهر ماديا، ولأن وساطة الرسول صلى الله عليه وسلم قد انتهت بوفاته. واستنادا إلى هذا الواقع، يصعب أن ينسب المعنى المتوصل إليه عبر تفسير القرآن بالقرآن إلى القرآن أو إلى الله عز وجل، خاصة إذا كان ذلك التفسير، مفتقراً إلى الوساطة النبوية التي فُوض إليها وحدها نقل كلام الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هنا نخلص إلى أن تفسير القرآن بالقرآن، عمل يقوم به المفسر البشري، يعتمد فيه القرآنَ مصدراً لاستقاء المادة التفسيرية، وهو ما تدل عليه المقاربة اللغوية للفظة "تفسير القرآن بالقرآن"، من خلال المحددين التاليين:
- المحدد الأول: وهو دلالة التغيير الذي تدخله الصيغة الصرفية على بنية الجملة، على اعتبار أن التصريف يجعل الكلمة على صيغ مختلفة لضروب من المعاني. ويتعلق الأمر هنا بالفعل "فسَّر"، لأنه الأصل الذي اشتقت منه كلمة "تفسير". وقد صيغ هذا الفعل على وزن فعَّل، الذي يفيد أغراضاً كثيرة، يهمنا منها هنا دلالته على التعدية، وفي ذلك يقول صاحب المفصل: "فعَّل يواخي أفعل في التعدية نحو: فرّحته وغرّمته ومنه خطأته وفسّقته ( ... ) وفي السلب نحو فزّعته وقذّيت عينه وجلّدت البعير وقرّدته أي أزلت الفزع والقذى والقراد"، وعن أفعل يقول هي "للتعدية في الأكثر"، فدل ذلك على أن فعَّل تحمل أيضا معنى التعدية في الأكثر. وكون فسَّر فعلاً متعدياً، يقتضي وجود فاعل ومفعول به معمولين له يسهم تحديدهما في تعيين الجهة المسؤولة عن التفسير. وبالنظر إلى الإمكانات التي يتيحها التركيب، نجد أنفسنا مبدئيا أمام احتمالين اثنين؛ أحدهما أن يكون أصل الجملة "فسّر القرآنُ القرآنَ"، والثاني أن يكون أصلها "فسر المفسرُ القرآنَ بالقرآن" بتقدير فاعل غير بارز في السياق هو "المفسِّر". ويقتضي الترجيح بين هذين الأصلين المفترضين استجلاب معطيات إضافية، وهو ما يكفله المحدد الثاني.
- المحدد الثاني: دلالة حروف المعاني؛ إذ بحسب الحرف الذي وُظف يترجح أحد الاحتمالين. ولما كان حرف الباء هو المستعمل في هذا التركيب "تفسير القرآن بالقرآن"، تبين أن تقدير "المفسِّر" فاعلاً مضمراً أصح وأولى بالاعتبار؛ إذ لو كان القرآن هو الفاعل، للزم أن نقول "تفسير القرآن للقرآن" بدلاً من تفسير القرآن بالقرآن. ومن هذا المنطلق يكون أصل الجملة هو "فسّر المفسّر القرآنَ بالقرآن"، وهذا يدل على وجود علاقة عاملية بين الفعل، ومصحوب حرف الباء، أي القرآن. وبوجود هذه العلاقة، تؤدي الباء معنى الاستعانة نحو (كتبت بالقلم)، فيكون المفسر هو المسؤول عن عملية التفسير، ويكون القرآن مصدراً مستعاناً به، لاستمداد ذلك التفسير.
تفسير القرآن بالقرآن بين المطابقة والتوسع: أول ما يلفت الانتباه، بعد تبين المراد بتفسير القرآن بالقرآن ومصدرِه والجهةِ المسؤولة عنه، أسئلة تبحث في مقدار التفسير الذي يدخل في هذا المسمى كالآتي: هل كل ما قيل إنه تفسير للقرآن بالقرآن، يراد به وقوع البيان عن شيء في الآية بآية أخرى، أم أن المصطلح أوسع من ذلك، بحيث يضم كل أشكال الربط بين الآيات؟ وما معيار التفريق بين ما هو من تفسير القرآن بالقرآن وما ليس كذلك؟ وما أسباب الاختلاف في تحديد ذلك المعيار بين موسع ومضيق؟
إن الربط بين الآيات لا يُعدّ كله من تفسير القرآن بالقرآن بالمعنى المطابق، خاصة إذا لم يتحقق فيه معنى البيان عن شيء في الآية بآية أخرى تجليه، ولم يتوافر في الآية المفسَّرة شرط حصول الإشكال وفي الآية المفسِّرة شرط رفع الإشكال. ففي هذه الحالة يكون الربط محض توسع في ما يمكن أن يشمل تفسير القرآن بالقرآن، وهو توسع تندرج ضمنه كل استفادة من آيات القرآن؛ كالاستشهاد أو الاستدلال بها مثلا. وعلى هذا الأساس يمكن القول إن العلاقة التي تربط الآيات فيما بينها، علاقة متفاوتة بتفاوت حاجة الآيات المفسَّرة إلى البيان، فمنها ما لا يمكن الوقوف على المراد منه، إلا بعد ربطه بآيات أخرى تجليه، وفي هذه الحالة يرتبط الجميع بعلاقة تفسيرية وطيدة ومباشرة، بحيث لا يمكن فهم بعض النصوص بمعزل عن بعضها الآخر، أي دون الكشف عن هذه العلاقة. ومنها ما يمكن فهمه دون رده إلى غيره، وفي هذه الحالة لا يكون في الآية غامض يحتاج إلى إيضاح، ويكون استحضار المفسّر للآيات الأخرى، من قبيل إيراد ما له علاقة بالموضوع نفسه، مما يعد توسعاً في التفسير.
والخلاف حول إدراج التوسع في الربط بين الآيات، ضمن تفسير القرآن بالقرآن، مبني على الاختلاف في مفهوم التفسير، هل يختص بالإيضاح الذي يسبقه إشكال، أم يشمل كل إيضاح سواء تقدمه إشكال أم لا؟
(يُتْبَعُ)
(/)
فمن زاوية النظر الأولى، يتعامل التفسير مع الألفاظ – كلمات كانت أو عبارات- التي يلفها الغموض، ويحول دون فهمها الكامل الدقيق، وتتمثل مهمته في الوصول إلى الفهم التام، من خلال التوسل بجملة من القواعد التي تعين على إجلاء غوامض النص. ويمكن أن نلمس حضور هذه النظرة، في مجموعة من التعريفات، التي تلتقي في اشتراط خفاء المعنى، واعتبار الإيضاح الذي يأتي بعده، هو الذي يصدق عليه اسم التفسير. ومن ذلك ما أورده أبو هلال العسكري في الفروق اللغوية من أن "التفسير إما أن يستعمل في غريب الألفاظ، نحو البحيرة والسائبة والوصيلة، أو في وجيز يتبين بشرح نحو: ?وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة? (المزمل:20)، أو في كلام متضمن لقصة لا يمكن تصويره إلا بمعرفتها كقوله تعالى: ?إنما النسيء زيادة في الكفر? (التوبة:37) " فجعل التفسير مشتملا على إيضاح الغريب، وتفصيل المجمل، وبيان مناسبات الآيات وقصصها، التي لا يمكن إدراك المعنى بمعزل عنها.
أما الزركشي فقد عدّ التفسير وثيق الصلة بالكشف والإظهار، وبيّن أنه يدل في الأصل على "كشف المغلق من المراد بلفظه وإطلاق للمحتبس عن الفهم به." وبذلك يكون من فسّر آية، فكأنما أطلق معناها السجين في ألفاظها ليصير إلى السامع. ويفيد هذا الكلام أن التفسير يشتغل على كل ما أشكل فهمه من ألفاظ، وهو ما عبر عنه الزركشي بالمغلق والمحتبس عن الفهم، ويروم رفع ما به من خلال الكشف عن المعنى وإظهاره. وذهب أبو البقاء الكفوي المذهب نفسه في بعض التعريفات التي ساقها في الكليات؛ إذ قال: "التفسير: الاستبانة والكشف والعبارة عن الشيء بلفظ أسهل وأيسر من لفظ الأصل." وقال أيضا: "التفسير هو أن يكون في الكلام لبس وخفاء، فيؤتي بما يزيله ويفسره." فبحسب التعريف الأول، يكون الأصل المراد تفسيره صعباً ممتنعاً، ومستعصياً عن الفهم، ويؤتى بالتفسير بغرض التسهيل والتبسيط وتيسير الفهم. ولا يخرج التعريف الثاني عن هذا الإطار؛ إذ صرح باختصاص التفسير واتجاهه إلى الكلام الخفي والملتبس دون غيره، ثم أوكل إليه مهمة بيان ذلك الكلام ورفع اللبس والخفاء عنه.
وإلى جانب هذا الاتجاه، يوجد اتجاه آخر، لا يحصر التفسير في رفعِ ما يلحق الكلام، من إشكال وتفصيلِ ما يطاله من إجمال، إنما يوسع دائرته، لتشمل كل إخراج من مقام الخفاء إلى مقام التجلي، سواء تعلق الخفاء بالنص، أو تولد عن عنصر خارجي؛ كأن يتخذ شكل إشكال، يود المفسّر علاجه من خلال القرآن الكريم، أو يتخذ شكل قضية، يروم استجماع عنصرها منه، والكشف عن صورتها فيه. ومن هذا المنطلق تكون مهمة التفسير هي بيان معاني القرآن، بغض النظر عن ظهورها أو خفائها في ذاتها. وممن نحا هذا المنحى من المتقدمين، الأصبهاني حين قال: "اعلم أن التفسير في عرف العلماء كشف معاني القرآن، وبيان المراد أعم من أن يكون بحسب اللفظ المشكل وغيره." فهو انطلق مما هو معروف ومتداول بين العلماء، من دلالة التفسير على كشف المعاني، وأصَّل لتوسيع المفهوم وتعميمه على نحو يشمل كل بيان للمراد، سواء كان خفيا أم لا. وبهذا الموجب، لا يتجه الكشف إلى الألفاظ المشكلة وغيرها، مما هو على شاكلتها فحسب، وإنما يتناول اللفظ في سائر أحواله. وبذلك، يصير التفسير دالا على مطلق إيصال المعنى المراد إلى المتلقي. ويقدم الطاهر بن عاشور تعريفاً للتفسير، يصب في هذا السياق أيضاً يقول فيه: "التفسير ( ... ) اسم للعِلْم الباحث عن بيان معاني ألفاظ القرآن، وما يستفاد منها باختصار أو توسع. ( ... ) وموضوع التفسير: ألفاظ القرآن من حيث البحث عن معانيه، وما يستنبط منه ( ... ) [فهو] تفسير ألفاظ أو استنباط معان. فأما تفسير الألفاظ فهو من قبيل التعريف اللفظي، وأما الاستنباط فمن دلالة الالتزام." ويتضمن هذا التعريف ثلاث إشارات تدل على توسيع مفهوم التفسير:
- الإشارة الأولى: أن التفسير بيان لمعاني ألفاظ القرآن الكريم على الإطلاق؛ إذ عدم تقييد الألفاظ القرآنية بوصف من الأوصاف، يجعلها شاملة تتناول القرآن الكريم برمته، مما يفيد أن التفسير يسع اللفظ المشكل وغيره من جهة، وأنه من جهة أخرى يهتم بالمعاني وكيفية دلالة الألفاظ عليها.
(يُتْبَعُ)
(/)
- الإشارة الثانية: أن التفسير أيضاً، استنباط معان باعتماد دلالة الالتزام، فهو لا يقتصر على استخراج معاني الآيات فقط، وإنما يمتد إلى استخلاص لازم معانيها أيضاً، على اعتبار أن دلالة الالتزام، هي دلالة الكلام على معنى لازمٍ للمعنى الذي سيق الكلام لإفادته. والبحث عن لازم المعنى، يعدّ من التوسع في التفسير.
- الإشارة الثالثة: أن التفسير بيان للمعاني ولوازمها باختصار أو توسع. ومع أن التوسع ورد هنا في مقابل الاختصار، فدلّ، من ثَمَّ على الإسهاب، إلا أنه يدل أيضا على ما نحن بصدده؛ لأن التوسع، أياً كانت صورته، فهو مظنة الخروج عن حد المطابقة.
ويظهر من مقارنة الاتجاهين أن الاتجاه الثاني، القائل بالتوسع أولى بالاعتبار، خاصة أن هناك عوائق معرفية تمنع من ترجيح سابقه؛ ومنها أن واقع الأعمال التفسيرية، يحول دون حصر التفسير في الإيضاح الذي يسبقه خفاء، فهو واقعٌ يقضي بنسبية الخفاء في حد ذاته، وبالارتفاع المستمر لنسبة النصوص التي تستعصي على فهم المتلقي. ويتحكم في ذلك تفاوت مَلَكات المتلقين اللغوية، ومدى معرفتهم بمعهود القرآن في استعمال الألفاظ. وتنتج عن هذا الواقع حركة دائبة للحدود الفاصلة، بين ما يحتاج إلى تفسير، وما هو في غِنىً عنه. وبموجب هذه الحركة تصير رقعة التفسير أكثر امتداداً، مما كانت عليه قبل حدوث الخفاء، ويؤول التفسير إلى التوسع على حساب المطابقة. ومن ذلك أيضا أن تضييق دائرة التفسير يتعارض مع قصد الإفهام. وفَهْمٍ يحظى بالدقة، ويرقى إلى مستوى الفقه، وينسجم مع قصد الله تعالى، لابد أن يستند إلى معرفة تحليلية تتناول القرآن كله، وهي معرفة يتيحها التوسع في التفسير، ولا يسعف فيها تضييق دائرته. وبهذا الموجب، فالتوسع أقرب إلى قصد الإفهام، لأنه مظنة تحقيق فهم المتلقين لكلام الله برمته، رغم تعددهم واختلاف مشاربهم وتفاوت سقوفهم المعرفية.
تفسير القرآن بالقرآن بين التوقيف والاجتهاد: يستمد كل تفسير حجيته من معطيين اثنين؛ من المصدر المستقى منه والجهة المسؤولة عنه. فكلما كان المصدر موثوقاً به، وكانت الجهة (أي المفسِّر) تتمتع بقدر كبير من العلم، وحظ وافر من التجرد والموضوعية، كان التفسير أحرى بالقبول.
علاقة المصدر بالحجية: يجدر التنبيه بداية إلى أن القرآن هو المصدر الذي يستمد منه تفسير القرآن بالقرآن، لأن التقييد بعبارة "بالقرآن" في هذا المقام، جاء للدلالة على أن المقصود هو التفسير، الذي يكون استمداده محصوراً في كتاب الله تعالى وحده، وبذلك تُستثنى بقية المصادر الأخرى، لأنها غير مقصودة بهذه الدراسة. والمراد بالمصادر تحديداً؛ تلك المراجع الأولية التي يرجع إليها المفسر عند تفسيره لكتاب الله، كالقرآن والسنة وغيرهما. ويعد القرآن حجة في التفسير، لأنه أقوى المصادر التفسيرية على الإطلاق، وهي قوة يكتسبها من جهتي النقل والنظم. فباعتبار الجهة الأولى، تنبع قوته من قوة سنده وصحة نقله عن المتكلم به، فهو نص قطعي الثبوت، تكفل الله تعالى بحفظه، واعتنت به الأمة الإسلامية عناية فائقة، فحفظته حفظ صَدْرٍ وسطر، مستشعرة أنه النص المقدس الذي يضمن ببقائه بقاء الشريعة والأمة ويحفظ وجودها واستمرارها. وباعتبار الجهة الثانية، تنبع قوته المصدرية من وحدة النظم واتحاد النسق، وبذلك ينتمي كل من المفسَّر والمفسَّر به إلى لغة واحدة هي لغة الوحي، ويتحقق انسجامهما الدلالي. ومبدئيا تساعد المقابلة بين النصوص المنتمية إلى اللغة نفسها، على الاقتراب من معهود استعمال المتكلم لعناصر الخطاب، والإقنتاع بصحة التفسير المتوصل إليه.
علاقة المفسر بالحجية: يتم الوصول إلى التفسير من أحد طريقين، طريق النقل أو طريق الاستدلال، وقد اصطلح على تسمية الأول تفسيراً بالمأثور، وتسمية الثاني تفسيراً بالرأي. وتصنيف "تفسير القرآن بالقرآن" ضمن أحدهما، يكون بالنظر إلى القائل بهذا التفسير أولاً، وكيفية توصله إليه، لا بالنظر إلى طريقة وصوله إلى من بعد القائل، التي هي طريق الأثر بطبيعة الحال. ومن هذا المنطلق يُنسب تفسير القرآن بالقرآن، إلى من فسّر به أول الأمر، لأنه هو الذي عمل على الربط بين الآيات، فجعل بعضها تفسيرا لبعضها الآخر، وفي ذلك دلالة واضحة على أن طريق الوصول إلى هذا النوع من التفسير هو الاستنباط. ولما كان الأمر كذلك،
(يُتْبَعُ)
(/)
تبين أن حجية القرآن الكريم، لا تستلزم دائما حجية التفسير المعتمد عليه، ذلك أن الحسم في هذه المسألة يقتضي استحضار دور المفسِّر، ومدى تدخله في الربط بين الآيات؛ إذ بحسب مقامه في العلم، ونزاهته في الفهم، يكون حال تفسيره قبولاً وإلزاماً أو رداً وإهمالاً. وتبنى على هذه المسألة قضيتان:
القضية الأولى: لا يلزم قبول كل قول، يرى أن آية ما تفسر آية أخرى، نظراً لما قد يعتريه من خطأ في الربط بين الآيات. وذلك لأن تفسير القرآن بالقرآن يدل على جهد ذاتي، والمفسِّر حين يردّ آية إلى آية، أو لفظة في آية إلى لفظة في آية أخرى، فهو يقوم بعملية ذهنية ذاتية واضحة، تتطلب قبل كل شيء، تتبعاً لنصوص القرآن في الذهن، كما تتطلب مهارة وفهما، أي أن عملية التفسير بالقرآن عملية مقارنة، يقوم الممارس لها من المفسرين بدور المقارن، حتى يفضي به ذلك إلى تحديد المعنى. وبالنظر إلى طبيعة هذه العملية، فإن المفسِّر قد يقع في بعض المنزلقات المنهجية، سواء على مستوى تتبع النصوص القرآنية، أو على مستوى فهمها، أو على مستوى المقارنة بينها لتحديد المعنى. ومن جهة أخرى، فإن المفسر قد يتأثر بقبلياته المعرفية؛ إذ يبدو في الظاهر، أن المعنى الموضوعي قد انتقل من النصوص – المفسَّرة والمفسِّرة - إلى الذهن، في حين أن المعنى الذاتي، هو الذي انتقل من الشعور إلى النصوص، فتم إسقاطه عليها دون أن يفطن المفسِّر إلى ذلك. ومن هذا المنظور، لا ينبغي إغفال دور الافتراضات والمعلومات القبلية، لأن الحكم على التفسير يُعدّ عملاً عقيماً من دون الحكم على مقدماته.
القضية الثانية: من اللازم ملاحظة المكانة العلمية التي يحظى بها المفسِّر نظراً لدورها في تحديد الحجية؛ فإذا جاء التفسير بالقرآن عن مفسر معتمد، فهو دليل علو مكانة ذلك التفسير. وعليه فورُود تفسير القرآن بالقرآن عن النبي عليه السلام أبلغ، لأن ما صح مما ورد عنه، ملزم ومَحَلّهُ القبول، وقبوله لم يكن لأنه تفسير قرآن بقرآن فحسب، بل لأن المفسر هو النبي بوصفه أعلم عباد الله بكتاب الله على الإطلاق. وبارتباط مع هذا الملحظ، وجب تقديم التفسير الثابت عنه على الثابت عن غيره، "فإن ما كان من التفسير ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان المصير إليه متعيناً، وتقديمه متحتماً ( ... ) فهو واجب التقديم له، متحتم الأخذ به." واستنادا إلى هذا المعطى عدّ الزركشي النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أول أمهات مآخذ التفسير، ويدخل في هذه الأفضلية، تفسير القرآن بالقرآن الثابت عنه عليه السلام. أما تفسير القرآن بالقرآن الصادر عمن دونه، فهو اجتهاد من صاحبه، قابل للصواب والخطأ بحسب التزامه المنهجي. فكلما استطاع المفسر أن ينفض عن ذهنه أي تصور قبلي، ويدخل إلى عالم القرآن، بغير مقررات تصورية عقلية أو شعورية سابقة، ويلتزم المنهج النبوي في الربط بين الآيات ما أمكن، حظي عمله بالقبول. وإذا كان تفسير القرآن بالقرآن رأياً واجتهاداً من غير أصل فحسب، فهو محض تلفيق بين النصوص، مرفوض بنص القرآن نفسه، وذلك في قوله تعالى: ?قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون? (الأعراف، 33) وقد جمعه الله تعالى بالفواحش والإثم والبغي والشرك في مقام واحد، وهو أبلغ في الدلالة على حرمته. ويدخل في هذا النطاق التفاسير التي وجهتها الأهواء، فصار معها جهد المفسر تبريرياً يُتخذ فيه القرآن سنداً لرأي قد اعتُقد سلفاً، دون اهتمام بالسياق العام للنص.
ثانياً: منهج تفسير القرآن بالقرآن:
إن القدر المجزوم بصحته من تفسير القرآن بالقرآن خصوصا، ومن التفسير على وجه العموم، هو الصادر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما ما عداه، فتعددت مواقف الدارسين منه، بين مانع ومجيز ومتوسط بينهما. فالمانع حرص على مصداقية التفسير، فحصر المقبول منه في المنقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمجيز يمم وجهه صوب تعميم الفهم، وجعل إدراك مراد كلام الله حقاً مشروعا لسائر متلقيه. أما المتوسط ففطن إلى ضرورة ضبط التعامل مع النص، ونصَّ على مجموعة من الشروط والأدوات، ونصبها معايير للقبول والرد، واحتكم إليها لحسم الخلاف. والتفسير المعتبر هو الذي تتوافر فيه
(يُتْبَعُ)
(/)
سائر هذه المقومات، فهو الذي يلتزم بضوابط تضمن عدم خروجه عن المعاني التي يقبلها النص، وهو الذي يوافق مراد الله عز وجل ما أمكن، كما أنه ذاك الذي ييسر للمتلقين، أمر التعامل مع القرآن الكريم، ويمكنهم من استيعابه تمهيداً للاهتداء به.
ولكي يرقى المفسر بعمله إلى هذا المستوى، لابد له من الاعتماد على المنهج، بصفته إطاراً يضمن اضطلاع التفسير بهذه الوظائف. ولا يخرج تفسير القرآن بالقرآن عن هذه القاعدة؛ إذ يحتاج فهم القرآن من خلال القرآن نفسه إلى المنهج الذي يرقى إلى مقام تحليل الخطاب الإلهي، ويمكن من معرفة الطريقة التي تتوزع بها الألفاظ، ويساعد على إدراك العلاقات التي تربط بينها في إطار النظم القرآني، ويُبِين عن مدى تأثيرها في حركة الخطاب، ويكشف عن وجه دلالتها على القصد الإلهي. ويقتضي الحديث عن منهج تفسير القرآن بالقرآن اعتمادَ مدخلين؛ أحدهما معرفي، يتناول التعريف بهذا المنهج وبأهميته، والثاني إجرائي، يعرفنا على الأصول النظرية للأدوات الإجرائية التي يوظفها المنهج وعلى طريقة اشتغالها.
1. المدخل المعرفي:
تعريف منهج تفسير القرآن بالقرآن:
اشتقت كلمة "منهج" من الجذر (ن. ه.ج). و"نهَج" أبان وأوضح، وأنهج وضح واستبان، والمنهج والمنهاج كالنهج في الدلالة على البيان والوضوح. والطريقة الناهجة أي الواضحة، ومنه قول العباس "لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ترككم على طريقة ناهجة". و"نهِج" نهجاً تواتر نفسه من شدة الحركة، وفي حديث عائشة "فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج". ولم يرد في القرآن لفظ المنهج، وإنما ورد لفظ المنهاج بمعنى يوافقه في النتيجة، وذلك في قوله: ?لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا? (المائدة، 48) أي طريقة واضحة في الدين.
من هذا المنطلق يمكن القول إن الألفاظ المركبة من مادة (ن. هـ. ج)، كالنهج والمنهج والمنهاج والمنهجية والمنهاجية، ترد في اللغة بمعنى واحد، وتشترك في الإشارة إلى الطريق المستقيم الواضح، الموصل إلى الغاية بسهولة ويسر، وهي صفات تضفي على المنهج طابع الدقة والوثوق. وتتضمن هذه الألفاظ أيضاً معنى الإسراع في السير في الطريق لوضوحه، أو في إنجاز العمل لوضوح طريقته. وقد حضرت هذه المعاني، أو بعضها، في التعريفات الاصطلاحية المتداولة عن المنهج، ومن ذلك أنه: "طريقة يصل بها إنسان إلى حقيقة"، وأنه "إجراء يُستخدم في بلوغ غاية محدّدة"، وأنه "الترتيب الصائب للعمليات العقلية التي نقوم بها بصدد الكشف عن الحقيقة، والبرهنة عليها."
وبذلك يكون المنهج "طرقة التفكير والإجراءات التي يتبعها الباحث، بهدف الكشف عن الحقيقة في مجال معرفي معين، والتي تحكم سير العقل وتحدد عملياته حتى يصل بيسر ووضوح إلى نتيجة معينة." ومن هذا التعريف يتبين لنا:
- أن المنهج هو الطريق الموصل إلى المقصد، ومصدر الوعي الحقيقي بالموضوع المدروس. ويستتبع العلم به معرفة الطريق، وكيف أفضت إلى النتيجة المتوصل إليها، فهدفه ليس الوصول فحسب، بل تأمين الوصول أيضا. ولما كان الوصول إلى الشيء يتم عند نهاية طريقه، كان اتباع المنهج ضرورياً في كافة مراحل البحث، ومن دونه يظل الطريق مفتوحا على آلاف الافتراضات.
- أن المنهج لا يرتكز على الميل والذوق الشخصيين، ولا يحيل على البديهيات والمسلمات التي تلتقي عندها العقول والطبائع، لأن ما كان هذا شأنه، لا يصلح أن يصف طريقة تفكير الفئات المختلفة من الناس، وطريقة فهمهم لمصادر المعرفة وتعاملهم معها، من أجل استنباط الأحكام أو تحديد قواعد السلوك، كما أنه لا يكفل نتيجة علمية دقيقة وموضوعية.
- أن المنهج وسيلة للإثبات والاستدلال على المعرفة، مما يجعله مقياسا يتيح للباحثين عملية التقييم والمعالجة. وبه تحاكم الأعمال العلمية ونتائجها المعرفية، مما يكفل الاطلاع على الأهداف ووسائل تحقيقها، ومدى الانسجام أو المجافاة بينها، ومشروعية وصلاحية الوسائل المعتمدة للوصول إلى الأهداف المرجوة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولكل حقل معرفي منهجه الذي تحدده طبيعة المادة المدروسة، ولكل فرع علمي منهجه الأخص الذي تحدده خصوصية موضوعه، فللتفسير منهج يميزه عن سائر العلوم ولتفسير القرآن بالقرآن، منهج يستقل به عن باقي أنواع التفسير. وباستصحاب التعريف العام للمنهج إلى مجال التفسير، يمكن القول إن منهج التفسير هو الطريقة التي يتعامل بها المفسر مع القرآن، والإجراءات التي يتبعها، ليكشف عن معاني آياته، ويتمكنَ من الوصول إلى مراد الله من كلامه. فالمنهج إذن هو الذي يضبط مسيرة التفسير ويوجهها، ويحدد مدى صلاحيته للتعبير عن لغة القرآن، وترجمة أهدافه ومقاصده. فالتفسير بطبيعته، عمل قابل للتنوع والاختلاف. وتقديم تفسيرات متعددة لآية واحدة، أمر ممكن عقلاً وموجود فعلاً، خاصة إذا علمنا أن التحولات التي يعرفها هذا المجال، تخضع لتجدد متلقيي القرآن الكريم، وتغير أحوالهم، وسعة أو ضيق معارفهم، وتنوع احتياجاتهم؛ فكل يتجه إلى كتاب الله، وفي جعبته آلاف الأسئلة التي ينتظر إجابة عنها، وكلٌّ يتوصل إلى نتائج بحسب المؤهلات التي تخول له ذلك. وحيال هذا الوضع، الذي يفرض تعدد الأجوبة بتعدد المستفسرين، تثار أحياناً مجموعة من الأسئلة من قبيل: هل يمكن التوفيق بين التفسيرات المتعددة؟ وإذا كان الأمر ممكناً فما الذي يسعنا استخدامه لتحقيق ذلك؟ وعلى أي أساس تختلف التفاسير؟ ثم كيف للمتلقين أن يفهموا النص؟ إن المنهج هو الذي يجيب عن هذه الأسئلة ويحل إشكالاتها، فهو الذي يقنن عملية التفسير، ويضفي عليها صبغة العلمية والإقناع، وهو الذي يمكن من وصل النتائج بأصولها ومنطلقاتها، وتبرير الصحيح منها والاستدلال عليه، وبيان الأسباب المؤدية إليه، ورد الفاسد منها بعد كشف عُواره، تمهيداً لتضييق دائرة الخلاف.
ولكل منهج تفسيري منطق يناسب مصدر استمداده، فللتفسير المعتمد على اللغة منهجه الذي يميزه عن التفسير المعتمد على الذوق، وهكذا دواليك. وإذا علمنا أن منهج تفسير القرآن بالقرآن، هو طريقة في التفسير تعتمد القرآن مصدراً وحيداً لاستمداد المادة المفسِّرة، أمكن تحديد خصوصياته في ما يلي:
- إن التعامل مع سائر مصادر التفسير يبدأ عبر النظر في مصداقيتها، ومناقشة حجيتها، وإذا كانت تلك المصادر نصوصاً، فلا بد من توثيق أسانيدها، وتحقيق متونها، ومعرفة أصحابها، وبيئاتهم، وثقافتهم، وتاريخ حياتهم. وذلك ما يعفينا منه القرآن، لكونه وحياً منزلاً من الله تعالى، ولأنه حظي بحفظ وتوثيق لم يمسسه بفضلهما أدنى تبديل أو تحريف.
- إن التفسير عمل يعترف بإشكالية التعامل مع نَسَق. ولحل هذه الإشكالية، يقترح منهج تفسير القرآن بالقرآن، التعامل مع النسق من داخله، لأنه يعدّ ذلك أنجع وسائل الحفاظ على وحدته، وأمثل سبل النطق عن مراده. غير أن هذا الاقتراح لا يستلزم الوقوع في الدور لسببين اثنين؛ أولهما؛ أن الرجوع إلى النص يستهدف الاستيضاح والفهم وتكوين تصور معمق، ولا يقصد إثبات النص وتصديقه والاستدلال عليه من داخله. والثاني؛ أن هناك فرقاً بين الدور والآصرة المتبادلة، فالقرآن نصٌّ يتكون من سور وآيات وجمل ومفردات، أي أنه نصٌّ كلي يضم نصوصاً جزئية متلاحمة يبين بعضها بعضاً. وعليه فإن تفسير القرآن بالقرآن، يعني تفسير بعض هذه النصوص ببعضها الآخر، ولا يعني مطلقا تفسير النص موضوع الدراسة من داخله، وبذلك تنتفي شبهة الدور عن هذا المنهج.
- إن قضية التفسير تتضمن استبدال النص المفسَّر بالنص المفسِّر أثناء الفهم، ومغزى هذا الاستبدال يحتاج إلى وقفة قصيرة. فالنصَّان ينتميان عادة إلى مستويين لغويين مختلفين، وهذا يعني أنهما غير متساويين، مما يحول دون توازن طرفي المعادلة التفسيرية. غير أن المسافة بين الطرفين تضيق أو تكاد تنعدم، إذا انتمى النصان إلى نفس المصدر، وتم الربط بينهما على نحو منهجي، بعيداً عن التعسف والاعتباطية، وهذا ما يكفله منهج تفسير القرآن بالقرآن.
- إن منهج تفسير القرآن بالقرآن يختص بمجموعة من الأدوات الإجرائية، التي يستقل بها عن غيره من مناهج التفسير، ومن ذلك اختصاصه - على سبيل المثال - باعتماد كلّ من الضابطين: السياقي، والموضوعي، في الجمع بين الآيات وبيان بعضها ببعض. وهذا ما سيتناوله بعد قليل بشيء من التفصيل.
أهمية منهج تفسير القرآن بالقرآن
(يُتْبَعُ)
(/)
من الضروري الحرص على استقامة المنهج في مجال البحث العلمي؛ "إذ العلم –كما هو معلوم- ليس هو القناطير المقنطرة من المعلومات، يتم تكديسها وخزنها في أدمغة بني آدم، وإنما هو صفة تقوم بالشخص، نتيجة منهج معين في التعلم والتعليم، تجعله قادراً على علم ما لم يعلم. والعالِم ليس هو الذي يحمل في رأسه خزئين ومكتبات، ولكنه الذي يعرف كيف يوظف ما في رأسه، وما هو في الخزائن والمكتبات، من أجل إضافة بعض الإضافات. حقاً إنه لا بد من الاستيعاب أولاً –وهو جزء من المنهج- ولكن المهم هو ما بعد ذلك من تحليل وتعليل وتركيب."
ولما كان كتاب الله هو الدليل الهادي الذي يصلح به حال الإنسان ومآله، وكان تفسير القرآن بالقرآن فرعاً علمياً، يتناول بالدراسة كتاب الله عز وجل، كان التزام المنهج فيه بالغ الأهمية، لأنه القادر على ترشيد الوعي بالنص. فالمفسر حين يحاول نقل المعنى كما يدركه، فإنه لا يوفق دائما في مطابقة ما قصده المتكلم، لأن الاقتراب أو الابتعاد عن ذلك القصد، تحدده نتيجة التفاعل بين عنصرين اثنين، الأول؛ هو المدركات القبلية المستقرة في ذهن المفسر، وتتمثل عادة في مجموع المبادئ والقيم والمسبقات المعرفية والكفاءة اللغوية، والثاني؛ هو الأدوات الإجرائية التي يستخدمها، والعمليات العقلية التي يمارسها في سبيل استنطاق النص من داخله، وربط الآيات ببعضها، على نحو لا يجافي مقاصد القرآن.
وفيما يخص العنصر الأول، فإن المنهج هو المقترب الذي يجنب المفسِّر الشططَ والغلو والتخبط في الربط بين الآيات القرآنية؛ إذ يحول دون الجمع بين الآيات، على نحو مستهتر يخضع للرأي الصوري أو الذوقي الصرف، كما يمنع من تدخل القبليات التي لا تتناسب بتاتاً مع أهداف النص ومقاصده، ويعمل على تضبيط المقبول منها، في حدود صائنة من التعدي على روح النص وفضائه العام. وهذا ما يكفل للمتلقين تفسيراً منهجياً بديلاً عن التفسير المذهبي، الذي تتضخم فيه قناعات المفسر المسبقة، لتتحكم في النتائج المحصل عليها، وتدفعَ بالعمل التفسيري كي يقود إليها. ويحقق المنهج هذه الإنجازات، من خلال ترجيح كفة العنصر الثاني وتغليبه أثناء البحث، فيفرض على المفسر التزود بالعدة التي تتيح له الفهم الدقيق للنصوص، والربط الصحيح بينها، ويفرض عليه استعمال أدوات تنتمي إلى حقل الدراسة المنهجية، حتى يتمكن من العثور على إجابات حقيقية، حيال الأسئلة المطروحة على الوحي.
وتزداد أهمية اتباع المنهج لكونه الأقدر على تحقيق هدف تفسير القرآن بالقرآن، والمتمثل في ضمان مطابقة القصد الإلهي. ومن شأن هذا الهدف إذا تحقق، أن ييسر فقه كلام الله على حقيقته، وتثوير النصّ، وتفجير طاقاته في مواجهة الزمان المتغيّر، والمثقل بالوقائع والمستجدات. ومن هذا المنطلق، فإصابة المنهج في تفسير القرآن بالقرآن، تمكن من قراءة الواقع بالنص، وفهم حركته، تمهيداً للتأثير فيه، و تمكننا كذلك من تفعيل الدور التفسيري للقرآن في علاقته بالكون.
2. المدخل الإجرائي:
تأصيل الأدوات الإجرائية:
إن تعيين المعنى الذي يدل عليه القول بدقة، لا يتحقق بمعزل عن مقاصد البَاثّ. والتعرف على هذه المقاصد يعتمد على سبيلين؛ أحدهما استفسار المتكلم مباشرة عند حضوره، والثاني رد بعض كلامه إلى بعض عند غيابه. ولما كان القرآن الكريم كلاماً كان هذان السبيلان، أولى الوسائل بالاعتبار عند إرادة التعرف على مراد الله، واتباعهما أمثل طرق تفسير القرآن بالقرآن.
وقد تحقق السبيل الأول تاريخياً، عبر الاتصال المباشر الذي يؤمنه الوحي، واتخذ شكلين نتج كلٌّ منهما عن صور إشكال المعنى على المتلقين؛ إذ يتمثل الشكل الأول في بعض حالات النزول التدريجي لآيات القرآن، التي نذكر منها ما رواه أنس رضي الله عنه، عندما نزل تحريم الخمر: "فقال بعض القوم: قُتل قوم وهي في بطونهم، قال: فأنزل الله ?ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات.? (المائدة:93) " أما الشكل الثاني فتمثله حالات الربط النبوي بين الآي، ومنها قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "لما نزلت: ?الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم? (الأنعام:82) قلنا: يا رسول الله أيّنا لا يظلم نفسه؟ قال: ليس كما تقولون. ?لم يلبسوا إيمانهم بظلم?: بشرك، أولم تسمعوا إلى قول
(يُتْبَعُ)
(/)
لقمان لابنه: ?يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم.? (لقمان:13) "
أما السبيل الثاني؛ فيضم حالات الاستفسار حين لا يغيب الباث غياباً مادياً فحسب، بل يستحيل كل اتصال مباشر به تبعاً لختم النبوة. وهذا أحد وجوه عسر التفسير التي صورها الزركشي، فعدّ القرآن "كلام متكلم لم يصل الناس إلى مراده بالسماع منه، ولا إمكان للوصول إليه، بخلاف الأمثال والأشعار، فإن الإنسان يمكن علمه بمراد المتكلم، بأن يسمع منه أو يسمع ممن سمع منه. أما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم إلا بأن يسمع من الرسول عليه السلام، وذلك متعذر إلا في آيات قلائل." فعدم تحديد المتكلم لمعاني كلامه إزاء حالات الاستفسار المتجددة، يعوق تحديد المعنى المقصود، ويحول دون القطع به، فيغيب المعنى ويتعذر إدراكه.
وهذا مأزق دلالي لا خلاص منه إلا باعتماد مدخلين منهجيين؛ أولهما رد بعض الكلام إلى بعض قدر الإمكان، خاصة إذا وردت مؤشرات تشعر بقصد المتكلم إليه، وهو قصد يثبت بالنظر إلى المواضع التي وظف فيها الإحالة. وهذا الرد تسعف فيه مظان كثيرة، منها إحالة الله تعالى في النص المجمل المحتاج إلى تفسير، على نص آخر ورد فيه التفصيل كقوله تعالى: ?وعلى الذين هادوا حرمنا ما قصصنا عليك من قبل? (النحل، 118)؛ إذ حرم عليهم أموراً لم يبينها هنا، ولكنه أحال على تفصيلها الوارد في سورة أخرى، فتحتم الرجوع إليه وحمل الكلام عليه، وهو قوله تعالى: ?وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون.? (الأنعام:146)
أما المدخل الثاني فيقوم على الاستصحاب المنهجي لحالات البيان السابقة، فهو انتقال من الجزء (النموذج التفسيري) إلى الكل (القاعدة التفسيرية)، ويتم من خلال الوقوف على أوجه الربط بين الآية المفسِّرة والآية المفسَّرة، لاستخلاص الضوابط التي حكمت هذا الربط وتعديتها إلى غيرها، ومن ثم تأسيس قواعد تفك الإشكالات المستجدة. ومثاله ما جاء في بيان قوله تعالى: ?الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم? (الأنعام، 82) إذ ربطه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: ?يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم? (لقمان، 13) مبينا أن المراد بالظلم هنا هو الشرك. بينما ذكر علي رضي الله عنه، أن الآية نزلت في إبراهيم عليه السلام وأصحابه فربطها بسياقها. فبالنسبة للحالة الأولى، نبّه الربط النبوي إلى ضابط مهم، هو الوحدة الموضوعية، أي الضابط الذي يراعي الملحظ التكاملي بين النصوص، فيجمع ما كان منها ذا صلة بالموضوع في مقام واحد. وقد جمع هنا نصين، أولهما موضع استفسار، والثاني مفتاح تفسير، والقاسم المشترك بينهما هو الحديث عن "الظلم". وبالتدقيق في الحديث، يبدو أن مثار الإشكال في قوله تعالى: ?ولم يلبسوا إيمانهم بظلم? (الأنعام:82) هو تقرير الآية لحكم شرعي بلفظ عام، وسبب العموم مجيء النكرة في سياق النفي، فكان ذلك مظنة لأن يفهم منه العموم في كل ظلم، دقّ أو جلّ، ولأجل هذا سأل الصحابة ليتبينوا أي أنواع الظلم أراد الله في الآية. فأجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: ?يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم،? (لقمان:13) دلالة منه على أن المراد بالظلم في آية الأنعام، هو الشرك بالله تعالى. وعلى هذا الأساس تكون علاقة الظلم بالشرك، علاقة كل بجزء؛ إذ الشرك من مشمولات الظلم، ويلزم النظر إلى علاقتهما بمقتضى الضابط الكلي. و هناك ضابط آخر دل عليه التفسير المأثور عن علي رضي الله عنه، وهو الضابط السياقي؛ إذ اكتنف الآية من طرفيها، تنديد بالشرك والأوثان، إضافة إلى أن السورة جاءت مقررة لقواعد التوحيد وهادمة لقواعد الشرك.
رصف الأدوات الإجرائية ووصفها:
بعد أن تَمَّ تأصيل أبرز الأدوات الإجرائية، التي يعتمدها منهج تفسير القرآن بالقرآن، نأت إلي رصف ووصف للأدوات السالفة ولأدوات أخرى، تبعاً لاعتبارات متعددة، يترجم كل منها مستوى للتعامل مع نص قرآني، وهذه الاعتبارات هي:
(يُتْبَعُ)
(/)
باعتبار نقل النص: وبه يدخل في التفسير بالقرآن، البيانُ بالقراءات المتواترة، لأن تعددها كتعدد الآي، ولأن المعنى المراد هو ما دلت عليه الآية بقراءاتها المتواترة، وهذا من صور الإعجاز بالإيجاز؛ إذ يدل على معان متعددة مقصودة للشارع، معبَّر عنها بلفظ واحد. ثم إن القراءات المتواترة التي تتوارد على الآية الواحدة إما أن تكون:
- متحدة في المعنى العام ومبينة لبعضها كما في قوله: ?ولهم عذاب عظيم بما كانوا يكذبون? (البقرة:10)، فقد قرأ الكوفيون?يَكْذِبُونَ? بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد، والقراءتان "متداخلتان ترجعان إلى معنى واحد، لأن من كذب رسالة الرسل وحجة النبوة، فهو كاذب على الله، ومن كذِب على الله وجحَد تنزيله فهو مكذب بما أنزل الله."
- أو مستقلة عن بعضها البعض في المعنى، وفي هذه الحالة تكون لها صورتان:
الصورة الأولى: أن تضيف كل قراءة معنى جديداً دون تعارض، كما في قوله: ?بضنين? (التكوير:24) فقرأها نافع وابن عامر وعاصم وحمزة بالضاد، وقرأها الباقون بالظاء، والآية الأولى نفت عن الرسول صلى الله عليه وسلم الضنة والبخل بالوحي، بينما نفت عنه الثانية الزيادة والنقصان فيه. ولا تعارض بين القراءتين؛ فقد دلتا معاً على تنزيه الرسول عما يضاد مقصود الرسالة من كتمان.
الصورة الثانية: أن تضيف كل قراءة معنى جديدا مع ظهور التعارض، وهنا يلزم توجيه الخلاف لرفع التعارض الظاهري. ومن ذلك قوله تعالى: ?وأرجلَكم إلى الكعبين? (المائدة:6) مع قراءة ?وأرجلِكم? فقد قال الشنقيطي في بيانهما: قراءة الخفض المفهمة مسح الرجلين في الوضوء، تبينها قراءة النصب الصريحة في الغَسل، فهي مبينة وجوب غسل الرجلين في الوضوء، فيفهم منها أن قراءة الخفض لأجل المجاورة للمخفوض أو لغير ذلك من المعاني."
باعتبار القرب الموضعي للنص: وهو البيان الفوري الذي يقع فيه الاتصال المباشر بين الآية المفسَّرة والآية المفسِّرة، ومثاله قوله تعالى: ?وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود،? (البقرة:187) فقد بين المراد من الخيط الأبيض والأسود قوله: ?من الفجر?. وهذا النوع من البيان يستدعي استحضار الضابط السياقي، وما من شك في أنه كان حاضراً في ذهن المفسر الأول – رسول الله صلى الله عليه وسلم- عند بيانه لمراد الله من كلامه، كما تؤكد حالات البيان النبوي، والتي نذكر منها قوله: "الدعاء هو العبادة، ثم قرأ ?وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين.? (غافر:60) " فهنا فسّر "الدعاء" الوارد في هذا السياق بـ"العبادة" اعتمادا على ما ورد في آخر الآية: ?إن الذين يستكبرون عن عبادتي? وهو ترجيح أحد المعاني المحتملة بقرينة السياق.
باعتبار القرب الموضوعي للنص: وهو البيان المتراخي الذي تنفصل فيه الآية المفسِّرة عن الآية المفسَّرة موضِعياً، وتتصل بها موضوعياً. ويستدعي هذا النوع مراعاة الضابط الموضوعي في التعامل مع النصوص، وذلك بجمع الآيات التي تعالج قضية واحدة في مقام واحد، والنظر في بعضها على ضوء بعضها الآخر. وقد كان هذا الضابط حاضراً في البيان النبوي، ومن ذلك أن النبي جمع الآيات التي تتحدث عن ماء أهل النار، وفسر بعضها ببعض، ففي قوله تعالى: ?ويسقى من ماء صديد يتجرعه? (إبراهيم، 16 - 17) قال عليه السلام:"يقرب إليه فيكرهه، فإذا دنا منه شوى وجهه ووقع فروة رأسه، فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره، يقول الله عز وجل: ?وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم? (محمد، 15) ويقول الله عز وجل: ?وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب? (الكهف، 29) ". ولهذا النوع من البيان صور منها:
- أن يذكر شيء في موضع، ثم يقع عنه سؤال وجواب في موضع آخر، يزيده وضوحا وتفصيلا ومن ذلك قوله تعالى: ?ملك يوم الدين? (الفاتحة:3)، فقد جاء بيانه عن طريق السؤال والجواب في موضع آخر، وهو قوله تعالى: ?وما أدراك ما يوم الدين ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله? (الانفطار، 17 - 19).
(يُتْبَعُ)
(/)
- أن يذكر وقوع شيء، ثم يذكر في محل آخر كيفية وقوعه كقوله تعالى: ?وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة? (البقرة:51)، فلم يبين كيفية الوعد هل كانت مجتمعة أو مفرقة؟ ولكنه بينها في موضع آخر بقوله: ?وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة? (الأعراف:142).
- أن يُذكر شيء في موضع، ثم يذكر في موضع آخر شيء يتعلق به كسببه مثلا: ومثال ذلك قوله تعالى: ?ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة،? (البقرة:84) فهو لم يبين هنا سبب قسوة قلوبهم، ولكنه بينه بقوله: ?فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية? (المائدة:13) وقوله: ?فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم.? (الحديد:16)
باعتبار بنية النص: أي الشكل الذي يتخذه المفسِّر والمفسَّر، والتفسير بالقرآن بهذا الاعتبار له صور منها:
أ. أن تفسر لفظة بلفظة، وفي هذه الحالة تكون اللفظة الأولى غريبة، وتكون الثانية أشهر منها. ومن ذلك قوله تعالى: ?وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل? (الحجر:74)، فالسجيل هنا هو الطين بدليل قوله تعالى: ?لنرسل عليهم حجارة من طين.? (الذاريات:33)
ب. أن تفسر لفظة في آية بجملة في آية أخرى. ومن ذلك آية: ?أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما? (الأنبياء:30) فقوله: ?ففتقناهما? يعرف معناه من قوله تعالى: ?والسماء ذات الرجع والأرض ذات الصدع.? (الطارق:11 - 12)
ج. أن تفسر جملة في آية بجملة في آية أخرى. ومن ذلك قوله تعالى: ?يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا? (النساء:42)، فجملة: ?تسوى بهم الأرض? تفسرها جملة: ?ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا.? (النبأ:40)
باعتبار المجال الدلالي للنص: ويحدد العلاقة الدلالية للمفسِّر بالمفسَّر ومن ثم نوع البيان الذي يجمعهما، وهو إما:
- بيان المجمل: وله حالات متعددة بتعدد أسباب الإجمال، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: الإجمال بسبب الاشتراك: وهو ثلاثة أنواع، اشتراك في الاسم أو الفعل أو الحرف. ونمثل هنا بالاشتراك في الحرف؛ إذ يقول الشنقيطي في تفسير قوله تعالى: ?ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة? (البقرة:7) "الواو في ?وعلى سمعهم،? وقوله ?وعلى أبصارهم? محتملة للعطف على ما قبلها وللاستئناف، ولكنه تعالى بين في سورة الجاثية أن قوله هنا ?وعلى سمعهم? معطوف على ?قلوبهم? وأن قوله: ?وعلى أبصارهم غشاوة? جملة مستأنفة، مبتدأ وخبر، فيكون الختم على القلوب والأسماع، والغشاوة على خصوص الأبصار؛" الإجمال بسبب الإبهام: وله حالات متعددة، منها الإبهام في صلة الموصول كقوله تعالى: ?أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم? (المائدة:1) فأبهم المتلو هنا، وهو صلة الموصول، وبيّنه بقوله: ?حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير? (المائدة:3).
- تقييد المطلق: ومثاله قوله تعالى: ?إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم? (آل عمران:90) فأطلق هنا عدم قبول التوبة منهم، ويمكن تفسيرها، بمن أخروا التوبة إلى حضور الموت فتابوا حينئذ، ويشهد لهذا التفسير قوله تعالى: ?وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار? (النساء:18).
- تخصيص العام: كقوله تعالى: ?وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا? (النساء:20) فقد خصصته آية ?ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به? (البقرة:229).
- البيان بالمنطوق أو المفهوم: وينقسم إلى أربعة أقسام: بيان المنطوق بالمنطوق: في آية: ?أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم? (المائدة:1) فقد بينتها آية ?حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير؛? (المائدة:3) وبيان المفهوم بالمنطوق: في قوله تعالى: ?هدى للمتقين? (البقرة:2) فمفهوم هذه الآية أنه ليس بهدى لغيرهم. وقد جاء هذا المفهوم صريحا بقوله: ?قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذنهم وقر وهو عليهم عمى؛? (فصلت:44) وبيان المنطوق بالمفهوم كبيان قوله تعالى: ?والزاني? (النور:2) بمفهوم الموافقة في آية: ?فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب? (النساء:25)؛ إذ يفهم منه أن العبد
(يُتْبَعُ)
(/)
الذكر كالأمة يجلد خمسين، فبين هذا المفهوم أن المراد بالزاني في آية النور خصوص الحر؛ وبيان المفهوم بالمفهوم: في قوله تعالى: ?والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب? (المائدة:5)؛ إذ إن تفسير المحصنات هنا بالحرائر، يدل بمفهومه على عدم جواز نكاح الأمة الكتابية. ويدل على هذا المعنى كذلك مفهوم قوله تعالى: ?ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات.? (النساء:25)
خاتمة
حاولت هذه الدراسة ضبط مفهوم "تفسير القرآن بالقرآن" من خلال تحليل ألفاظه إفراداً وتركيباً، مستثمرةً معطيات الدرس اللغوي، وموظفةً لها في استخلاص خصائص القرآن، وخصائص تفسيره وخصائص التفسير به. وحاولت الدراسة مقاربة إشكالات جوهرية مرتبطة بالتفسير عموماً، وبتفسير القرآن بالقرآن على وجه الخصوص، من قبيل مناقشة مدى حاجة الكتاب الفعلية إلى ما يُبَيِّنُه، ومدى حاجة المتلقي إلى وساطة تقرِّب إليه مدلولات كلام الله، ومن قبيل تحديد الجهة التي يَصْدُر عنها تفسير القرآن بالقرآن، ومستوى حجيته، والمقدار الذي يدخل في مسماه. كما حاولت الدراسة، تأصيل منهج هذا النوع من التفسير، مع بيان سبل استقاء أدواته الإجرائية وسبل توظيفها.
ويمكن إجمال أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة، في فكرة أساس مفادها، أن تفسير القرآن بالقرآن ليس هو أقوى التفاسير على الإطلاق، فكونه مستمداً من القرآن الكريم نفسه، لا يكفي لتحديد مستوى حجيته، لأن ذلك المستوى تابع لمستوى مؤهلات المفسِّر؛ إذ هو المسؤول عن الربط بين آيات القرآن الكريم. فالتفسير بطبيعته، عملية مركبة تتدخل في تشكيل نتيجتها أمورٌ منها: تصورُ المفسر لحدود عمله، وتصورُه للنص القرآني وطبيعته، وتصورُه للتفسير ووظيفته.
ومن هذا المنطلق فإن أصح ربط تفسيري بين آيات القرآن الكريم، هو الربط الصادر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يمكن أن نسميه "البيان النبوي للقرآن بالقرآن"، أما ما عداه من ربط، فإن تقييمه يكون بناء على ملاحظة مدى قربه أو بعده المنهجي من ذلك البيان النبوي.
أما الجوانب التي تدعو هذه الدراسة إلى الإقبال عليها، بمزيد من تعميق النظر والبحث، لتكوين صورة متكاملة عن حقيقة هذا النوع من التفسير فتتمثل فيما يلي:
- إنجاز دراسة تاريخية ترصد تطور تفسير القرآن بالقرآن منذ نشأته في عهد النبوة، إلى حاله في واقع الدراسات القرآنية المعاصرة، ويقتضي ذلك البحث عن مظان تفسير القرآن بالقرآن، واستخراج مادته العلمية منها.
- التأصيل لسائر الأدوات الإجرائية المعتمدة في منهج تفسير القرآن بالقرآن، بردها إلى أصولها النظرية التي تستمد منها مشروعيتها.
- إنجاز دراسات نقدية تنظر في التفاسير التي ترفع شعار تفسير القرآن بالقرآن، للكشف عن مدى تمثلها لمفهومه والتزامها بضوابط منهجه.
وإضافة إلى هذه الجوانب فإن مجال التفكير يبقى مفتوحاً لمعالجة قضية ذات طبيعة جوهرية، تثيرها النهايات المعرفية لمفهوم تفسير القرآن بالقرآن ومنهجه. ذلك أن حصر الصحيح المعتبر من هذا التفسير في البيان النبوي للقرآن بالقرآن، وفي التفاسير التي تستقي منه ضوابط المنهج، ثم تُوظفها في الربط بين الآيات، يفرض معالجة الأسئلة الآتية:
- هل يفضي اعتماد البيان النبوي واستصحاب منهجه، إلى حصول اليقين من إدراك القصد الإلهي الثاوي في القرآن الكريم، ومن ثم الاطمئنان إلى أن ما توصل إليه المفسر هو عين مراد الله تعالى؟
- وهل يُمَكِّن البيان النبوي ومنهجه من الوصول إلى المعنى الأول المقصود في أصل النظم؟ أم أن المعنى الذي تقترحه المعادلة التفسيرية، يبقى محتمِلاً لأن يصيب القصد أو يخطئه، مهما كانت العدة المنهجية التي يعتمد عليها المفسر؟
ولعل التناول المنهجي الأنسب، لحسم النقاش الذي تثيره هذه الأسئلة، هو النظر في روافد احتمال انفتاح الدلالة وعدم إدراك القصد؛ إذ بحسب حال الروافد وجوداً أو عدماً وقوةً أو ضعفاً يتم الحكم على الاحتمال بالاعتبار أو الإلغاء. ولعل المداخل الأنسب للنظر في تلك الروافد، هما مدخلا اللغة و المقاصد؛ فمن جهة اللغة يتجاذب قضية القصد طرفان: أحدهما هو ما تفرضه الطبيعة التواصلية للغة، من أن الأصل هو إدراك المعنى ما لم يوجد ما يحول دون ذلك، والثاني هو ما تفرضه العلاقة الجدلية بين إطلاقيّة الكلام الإلهي، ونِسْبِيِّة التعقل البشري، من أن الأصل هو تعذر الإحاطة بمراد الله. ومن جهة المقاصد يتجاذب قضية القصد طرفان آخران: أحدهما هو ما يقتضيه أصل وضع الشريعة للإفهام من إمكان الوصول إلى المعنى المقصود، المتضمن في الخطاب الشرعي، والثاني ما يقتضيه النظر في مقدار الفهم المجزِئ، الذي يحصل به التكليف من أن الشارع لم يطالب المجتهدين بإدراك عين مراده، وإنما طالبهم بما ترجح لديهم أنه المراد، ومعلوم أن ذلك محكوم بمتغيرين نسبيين هما: السقف المعرفي وتأثير الواقع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Jan 2008, 10:00 ص]ـ
أشكر أخي الأستاذ محمد على إتاحة الاطلاع على هذا البحث القيم حقاً، والماتع صدقاً، فقد قرأته بتأمل ومراجعة، وأفدت منه كثيراً، وهو من أجود البحوث التي قرأتها في موضوع تفسير القرآن بالقرآن، وهو يدل على دقة علمية تتمتع بها الباحثة الكريمة الأستاذة سعاد كوريم وفقها الله، حيث تسلسلت أفكار بحثها للمسألة تسلسلاً منطقياً يدل على تمكنها من موضوع البحث، كما أضافت إضافات قيمة كثيرة في بحثها لتعريف التفسير في جوانبه الدلالية والصوتية والصرفية قلَّ من عني بها ودقق النظر في جوانبها.
وفي الحق إن موضوع تفسير القرآن بالقرآن - مع أهميته الظاهرة - لم يحظ بعدُ بالدراسات التأصيلية التي تضع الضوابط والقواعد وترصد وتحلل التجارب السابقة في تطبيقه من لدن بدء التفسير في عهد النزول وبعده حتى اليوم، مروراً بالتجارب البارزة في أهم المصنفات التي عنيت به كتفسير مقاتل بن سليمان وتفسير ابن كثير والشنقيطي. بل إن هناك بعض التجارب جديرة بالدرس العلمي للنظر في مدى صحة ما قام به أصحابها مثل تجربة الشيخ ثناء الله الأمرتسري الهندي في كتابه تفسير القرآن بالقرآن، ومثله الشيخ عبدالحق الهاشمي تلميذه، حيث يبدو للوهلة الأولى أن هناك تعسفاً شديداً في حمل بعض آيات القرآن على بعض، وأنا أقول هذا من نظرات متفرقة في بعض المواضع من التفسيرين، ولو أتيح لأحد الباحثين الجادين الدراسة العميقة لهذه التجارب لكان في ذلك إضافة علمية نشكره عليها، ونثمنها له.
بقي أن أكرر شكري للباحثة الكريمة على بحثها المتميز، وأستغرب من عدم وجود مصادر للبحث.
وأحب التأكيد على ما ختمت به بحثها من الحاجة إلى بحث موضوعات ذات صلة بتفسير القرآن بالقرآن والتي ذكرتها بقولها:
- إنجاز دراسة تاريخية ترصد تطور تفسير القرآن بالقرآن منذ نشأته في عهد النبوة، إلى حاله في واقع الدراسات القرآنية المعاصرة، ويقتضي ذلك البحث عن مظان تفسير القرآن بالقرآن، واستخراج مادته العلمية منها.
- التأصيل لسائر الأدوات الإجرائية المعتمدة في منهج تفسير القرآن بالقرآن، بردها إلى أصولها النظرية التي تستمد منها مشروعيتها.
- إنجاز دراسات نقدية تنظر في التفاسير التي ترفع شعار تفسير القرآن بالقرآن، للكشف عن مدى تمثلها لمفهومه والتزامها بضوابط منهجه.
علماً أن هناك دراسة أُعدُّها - حسب اطلاعي - من أجود الدراسات في الموضوع، وهي بعنوان (تفسير القرآن بالقرآن: دراسة تاريخية ونظرية) للباحث الكريم محمد قجوي، وهي رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه من جامعة محمد الخامس, كلية الآداب فاس المغرب عام 1992م. وتجدون هنا ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=10783) عرض لهذه الرسالة.
وهناك دراسة بعنوان (تفسير القرآن بالقرآن: أصوله ومنهجه) للباحث السيد عبد المقصود عبد الهادي جعفر, حصل بها على درجة الدكتوراه عام 1985م من جامعة القاهرة, كلية الآداب، لم أطلع عليها، وقد اطلع عليها أخي الكريم محسن المطيري الذي يقوم الآن بإعداد بحثه للدكتوراه حول موضوع له صلة بموضوع البحث أرجو أن يوفقه الله في إنجازه.
كما يوجد بحث بعنوان (تفسير القرآن بالقرآن) للباحث فاضل عبد العباس محسن النعيمي, وهي رسالة مقدمة لدرجة الدكتوراه بجامعة بغداد, كلية العلوم الإسلامية عام 1997م لم أطلع عليها أيضاً وأظنها لم تطبع بعدُ.
كما يوجد بحث لزميلنا الكريم الدكتور أحمد البريدي بحث محكم منشور في مجلة معهد الإمام الشاطبي في عددها الثاني وقد نشرته مكتبة الرشد مؤخراً بعنوان (تفسير القرآن بالقرآن دراسة تأصيلية).
وكلها جهود مشكورة تثري هذا الجانب الأصيل من جوانب الدراسات القرآنية، جزى الله من قام بها خيراً ونفعنا جميعاً بالعلم.
ـ[سعاد كوريم]ــــــــ[08 Feb 2008, 04:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر للدكتور عبد الرحمن بن معاضة الشهري حسن ثنائه على البحث، وأشكر للأستاذ محمد بن جماعة نقل البحث إلى هذا الموقع القيم. وفيما يلي ذكر المصادر والمراجع التي اعتمدتها في دراسة الموضوع:
- ابن الأثير، مجد الدين. النهاية في غريب الحديث. تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي. بيروت: المكتبة الإسلامية، (د. ت).
(يُتْبَعُ)
(/)
- ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي. زاد المسير في علم التفسير. الطبعة الثالثة، بيروت: المكتب الإسلامي، 1404 هـ.
- ابن جني، أبو الفتح عثمان. الخصائص. تحقيق محمد علي النجار. القاهرة: مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986.
- ابن حنبل، أحمد بن محمد. المسند. شرحه ووضع فهارسه أحمد محمد شاكر. الطبعة الأولى، القاهرة: دار المعارف، 1949.
- ابن عاشور، محمد الطاهر. تفسير التحرير والتنوير. تونس: الدار التونسية، 1984.
- ابن عصفور. الممتع في التصريف. بيروت: دار الآفاق الجديدة، 1970.
- ابن عطية، أبو محمد عبد الحق بن غالب. المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. المجلس العلمي بفاس، المجلس العلمي بمكناس، المغرب، 1975.
- ابن فارس، أبو الحسين أحمد. معجم مقاييس اللغة. تحقيق محمد هارون. القاهرة: دار الفكر، 1979.
- ابن قيم الجوزية، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر. بدائع التفسير. جمعه ووثق نصوصه وخرج أحاديثه يسرى السيد محمد. الرياض: دار ابن الجوزي، 1993.
- ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن عمر. تفسير القرآن العظيم. كتب هوامشه وضبطه حسين بن إبراهيم زهران. بيروت: دار الكتب العلمية، 1986.
- ابن المثنى، أبو عبيدة معمر. مجاز القرآن. عارضه بأصوله وعلق عليه محمد فؤاد سزكين. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1981.
- ابن هشام، أبو محمد عبد الله بن يوسف. مغني اللبيب عن كتب الأعاريب. تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد. صيدا- بيروت: المكتبة العصرية، 1422هـ/2001م.
- ابن يعيش، موفق الدين يعيش بن علي. شرح المفصل. القاهرة: إدارة الطباعة المنيرية، (د. ت).
- أبو الفضل، جمال الدين محمد بن مكرم. لسان العرب. بيروت: دار صادر، 1968.
- أبو حيان، محمد بن يوسف بن علي بن يوسف الأندلسي. البحر المحيط. القاهرة: دار السعادة، 1328هـ/1910م.
- الآلوسي، أبو الفضل شهاب الدين السيد محمود. روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني. بيروت: دار الفكر، 1978.
- البخاري، أبو عبد الله محمد بن إسماعيل. الجامع الصحيح. تحقيق مصطفى ديب البغا. الطبعة الثالثة، بيروت: دار ابن كثير، 1987.
- البوشيخي، الشاهد. مصطلحات النقد العربي لدى الشعراء الجاهليين والإسلاميين قضايا ونماذج. الطبعة الأولى، منشورات القلم، 1412هـ، 1993م.
- البيضاوي، أبو سعيد بن عبد الله بن عمر. أنوار التنزيل وأسرار التأويل. بيروت: دار الجيل، 1329هـ/1911م.
- الترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى. سنن الترمذي. حققه وصححه عبد الوهاب عبد اللطيف. بيروت: دار الفكر، 1983.
- الجاحظ، أبو عثمان عمرو بن بحر. كتاب العثمانية. تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون. القاهرة: مطبعة دار الكتاب العربي، 1955.
- الجوهري، إسماعيل بن حماد. الصحاح: تاج اللغة و صحاح العربية. تحقيق أحمد عبد الغفور عطار. بيروت: دار العلم للملايين، 1979.
- حسن، عباس. النحو الوافي. الطبعة الثالثة، دار المعارف بمصر، 1966.
- الخطيب، عبد الكريم محمود. التفسير القرآني للقرآن. دار الفكر العربي، (د. ت).
- الراغب الأصفهاني، أبو القاسم الحسين بن محمد. المفردات في غريب القرآن. تحقيق وضبط محمد خليل عيتاني. بيروت: دار المعرفة، 1998.
- الزركشي، بدر الدين محمد بن عبد الله. البرهان في علوم القرآن. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الجزء الأول، بيروت: دار الفكر، 1980.
- الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمر. الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل. تحقيق محمد الصادق قمحاوي. القاهرة: مطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1972.
- الزمخشري، أبو القاسم محمود بن عمر. المفصل في علم العربية. بيروت: دار الجليل، (د. ت).
- السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن. الإتقان في علوم القرآن. القاهرة: مطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1978.
- السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن. المزهر في علوم اللغة وأنواعها. شرح محمد أحمد جاد المولى وعلي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم. بيروت: دار الفكر، (د. ت).
- الشاطبي، أبو إسحاق إبراهيم بن موسى. الموافقات. شرح الشيخ عبد الله دراز. الطبعة الرابعة، بيروت: دار المعرفة، 1420هـ- 1999م.
(يُتْبَعُ)
(/)
- الشافعي، أبو عبد الله محمد بن إدريس. الرسالة. إعداد ودراسة محمد نبيل غنايم، إشراف ومراجعة عبد الصبور شاهين. القاهرة: مركز الأهرام للترجمة والنشر، 1988.
- الشنقيطي، محمد الأمين بن محمد المختار الجكني. أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن. الرياض: رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، 1983.
- الشوكاني، محمد بن علي بن محمد. فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير. القاهرة: مطبعة مصطفى البابي الحلبي، 1964.
- الصنعاني، أبو بكر عبد الرزاق بن همام. المصنف. تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي. الطبعة الثانية، المكتب الإسلامي، 1403هـ.
- الطاهر، علي جواد. منهج البحث الأدبي. الطبعة الرابعة، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1988.
- الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير. تاريخ الأمم والملوك. تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الجزء الأول، بيروت: دار سويدان، (د. ت).
- الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير. جامع البيان عن تأويل آي القرآن. بيروت: دار الفكر، 1984.
- الطيار، مساعد بن سليمان بن ناصر. مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير. الطبعة الأولى، الرياض: دار المحدث وشبكة التفسير والدراسات القرآنية، 1425 هـ.
- عبادي، أحمد. نظرية الترتيل في القرآن المجيد: دراسة في المفهوم والمستويات. مجلة رسالة القرآن، السنة الأولى، العدد 2، 1425 - 1426/ 2005، مكناس، المغرب.
- العسقلاني، أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر. فتح الباري بشرح صحيح البخاري. تحقيق عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
- العسكري، أبو هلال. الفروق اللغوية. الطبعة الأولى، طرابلس الشرق: دار جروس برس، 1994م.
- الفراهي، عبد الحميد. التكميل في أصول التأويل. الطبعة الأولى، المطبعة الحميدية، 1388هـ.
- الفراهيدي، أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد. كتاب العين. تحقيق مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي. بغداد: دار الرشيد، 1980.
- الفيروزآبادي، مجد الدين محمد بن يعقوب. القاموس المحيط. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1986.
- قاسم، محمد محمد. المدخل إلى مناهج البحث العلمي. الطبعة الأولى، بيروت: دار النهضة العربية، 1999م.
- القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد. الجامع لأحكام القرآن. تحقيق أحمد عبد العليم البردوني. الطبعة الثانية، القاهرة: دار الشعب، 1372 هـ.
- القيسي، أبو بكر مكي بن أبي طالب. الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها. تحقيق محيي الدين رمضان. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1984.
- الكفوي، أبو البقاء. الكليات. الطبعة الأولى، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1412 - 1992.
- النيسابوري، أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري. صحيح مسلم بشرح الإمام النووي. راجعه الشيخ خليل الميس. الطبعة الأولى، بيروت: دار القلم، 1408هـ-1987م. [/ size][/size]
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[08 Feb 2008, 04:59 م]ـ
مرحبا بك أستاذة سعاد بين أهلك في ملتقى أهل التفسير، وننتظر بكل تقدير مشاركاتك القيمة كعادتنا بك، ولقد اطلعت على بعض عروضك المقدمة لوحدة الدرس القرآني، وكتاباتك في بعض الصحف كصحيفة المحجة، ودائما أخرج بفائدة، فبارك الله فيك، وزادك من فيض علمه، ووفقنا وإياك لخدمة كتابه الكريم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[11 Feb 2008, 01:57 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم ولعلكم تطرحون لنا بعض الأبحاث والمقالات التي أشار إليها أخي محمد الضرير في هذا الملتقى.
وأنا أكتب هذا الآن وأنا في الدار البيضاء بالمغرب لحضور معرض الكتاب الدولي الرابع عشر وقد لقيت عدداً من الأساتذة الفضلاء في المغرب وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور أحمد بزوي الضاوي رعاه الله.
ليلة الإثنين 4 صفر 1429هـ
ـ[عبدالغني الكعبوني]ــــــــ[11 Feb 2008, 04:50 م]ـ
بسم الله الرحمان الرحيم
أهلا بك أستاذي العزيز عبد الرحمان الشهري على أرض المغرب
أملي أن ألتقي بك إن شاء الله
في خلال بحر هذا الأسبوع
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[19 Feb 2008, 10:41 ص]ـ
الأخت سعاد، يظهر أنك من محبي العلم لذك
سأبدي وجهة نظري في بعض الأمور التي حواها بحثك:
قلت:
(يُتْبَعُ)
(/)
". فإذا علمنا أن أحد طرفي المعادلة في تفسير القرآن الكريم هو كلام الله تعالى، تبين لنا مدى الحرج المعرفي الذي يقع فيه المفسر؛ إذ ما من مقولة تفسيرية، ترتقي إلى درجة التقارب مع النص القرآني، والوفاء بأداء معناه، إلا إذا كانت من نفس جنسه ومادته. ولعل المدخل الأقدر في هذه الحالة على إيجاد معادلة متكافئة الأطراف، هو تفسير القرآن بالقرآن"
هذا النص فيه دور.
وكما قلت زبدة الموضوع:
"وبناء على كل ما سبق نقول، إن التفسير عمل بياني بشري، يُقرّب معاني المفسَّر إلى المتلقين، باعتماد متواليات منهجية، توصل إلى كشف المراد، وتكسبه قوة ومسؤولية، تمكنان من ترسيخ نتائجه والإقناع بها."
لكن مؤكد لا تعنين تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن وفهم الصحابة الكرام للنص القرآني الذي يأخذ حكم الرفع.
وقلت:
"لأن مكونات الكلمة تُنتقى على سَمْت الأحداث المعبر بها عنها،"
ويظهر ذلك أكثر عند التأمل في الوضع الذي وضعت فيه في سياق النص مما يخدم الوحدة الموضوعية.
وقلت:
" فهل يعني ذلك أن فهم القرآن رهين شرح النبي، القادر وحده على حل رموز النص الإلهي وفك (شفرته)؟ أوليس هذا مؤشرا على وجود "عوز بياني" في النص القرآني أحوجه منذ نزوله إلى التفسير؟
للإجابة ينبغي النظر إلى المسألة من زاوية مختلفة، وذلك من خلال تسليط الضوء على واحدة من أهم الحقائق المرتبطة بملكات النبي صلى الله عليه وسلم، التي تجعله أعلم الناس بالقرآن، وتجعل العودة إليه لا تستلزم الطعن في البيان القرآني، بقدر ما تترجم الرغبة في تمثل أمثل مناهج التعامل مع الوحي على الإطلاق"
لماذا تفترضين مشكلة لا وجود لها، الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العزيز:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (النحل:43).
وقال تعالى:
{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً} (النساء:83).
وقلت:
" وعلى هذا الأساس تتأكد مرجعية النبي عليه السلام، وتبرز أهمية تمثل كلامه، بصفته مرشداً للمعنى المراد، ما دام متعذراً على من دونه أن يجمعوا علم اللسان، فلا يذهب عليهم شيء منه. والحاجة إلى البيان النبوي، ليست من جهة ضعف بيان القرآن، أو استحالة إدراك معناه، وإنما هي من جهة عجز الأفراد عن الإحاطة بعلم اللسان. فالعجز، عجز الفرد المستقل، الذي لا قدرة له بمعزل عن جماعته اللغوية - آنية كانت أو تاريخية- على تحصيل سائر مخزون ما تدل عليه الصيغ في أصل وضعها على الإطلاق، وكذا ما تدل عليه بحسب المقاصد الاستعمالية، التي تقضي العوائد بالقصد إليها"
سبحان الله، وماذا تفهمين من قوله تعالى:
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى} {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (النجم
إن تفسير الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن الكريم وحي من الله تعالى.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[20 Feb 2008, 12:40 م]ـ
قلت:
"من يفسر القرآن في تفسير القرآن بالقرآن؟ يتبادر إلى الذهن عند إطلاق عبارة "تفسير القرآن بالقرآن" أن القرآن مفسر لنفسه بنفسه، وأن ليس للمفسر البشري دور، سوى جمع ما يراد تفسيره من نصوص بما يفسره منها، وكأن عملية التفسير عملية مغلقة، تنم عن وجود علاقات ثابتة محددة سلفا، ً لا دخل فيها للعنصر البشري بنسبيته ومتغيراته. إننا هنا أمام انغلاق للمتن، وانغلاق للعلاقات الدلالية في الوقت نفسه، غير أن لهذا التصور أسبابه المعرفية التي تدعمه، فمن دليل العقل، وجوب التماس تفسير القرآن منه أولاً؛ إذ لا يعلم مراد الله على الحقيقة والقطع إلا هو، وذلك نظراً لكون المتكلم أولى من يوضّح مراده بكلامه، فإذا تبيّن مراده به منه، فلا يُعدل عنه إلى غيره. ونظراً لأن التفسير رواية عن الله تعالى، و (ترجمة) لحكمه وحكمته، وشهادة عليه بما أراد من كلامه، فإذا لم يكن من كلامه دليل على ذلك المراد، فهو محض تَقَوُّل، والتقول محظور بنص قوله تعالى: ?قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير
(يُتْبَعُ)
(/)
الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.? (الأعراف: 33) ومن دليل النقل آيات عديدة، لكن قصارى ما يستفاد من مجموع المنقول والمعقول، هو ضرورة العودة إلى القرآن لاستقاء التفسير، بمعنى أنها أدلة متجهة في المقام الأول إلى بيان المصدرية، لا تحديد الجهة العاملة على استثمارها وتوظيفها، والفرق دقيق بينهما".
لابد أن يدلنا العقل على أننا لابد أن نتأمل النصوص الشرعية لنعرف الطريقة المثلى لتفسير كتاب الله تعالى القرآن الكريم، وهذا ما حاول ابن كثير بيانه فيما يلي:
فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟
فالجواب: إن أصح الطرق في ذلك أن يُفَسَّر القرآن بالقرآن، فما أُجْمِل في مكان فإنه قد فُسِّر في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، رحمه الله: كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن. قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105]، وقال تعالى: {وَأَنزلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نزلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]، وقال تعالى: {وَمَا أَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: 64].
ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" (1) يعني: السنة. والسنة أيضًا تنزل عليه بالوحي، كما ينزل (2) القرآن؛ إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن، وقد استدل الإمام الشافعي، رحمه الله (3) وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك.
والغرض أنك تطلب تفسيرَ القرآن منه، فإن لم تجدْه فمن السنة، كما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "بم تحكم؟ ". قال: بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد؟ ". قال: بسنة رسول الله. قال: "فإن لم تجد؟ ". قال: أجتهد برأيى. قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره، وقال: "الحمد لله الذي وفَّق رَسُولَ رسولِ الله لما يرضى رسول الله" (4) وهذا الحديث في المساند (5) والسنن بإسناد جيد، كما هو مقرر في موضعه.
وحينئذ، إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة والخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين، وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنه (6).
وبين المسألة أيضا ابن السعدي فقال:
"قرآن العظيم كله محكم كما قال تعالى {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير} فهو مشتمل على غاية الإتقان والإحكام والعدل والإحسان {ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} وكله متشابه في الحسن والبلاغة وتصديق بعضه لبعضه ومطابقته لفظا ومعنى، وأما الإحكام والتشابه المذكور في هذه الآية فإن القرآن كما ذكره الله {منه آيات محكمات} أي: واضحات الدلالة، ليس فيها شبهة ولا إشكال {هن أم الكتاب} أي: أصله الذي يرجع إليه كل متشابه، وهي معظمه وأكثره، {و} منه آيات {أخر متشابهات} أي: يلتبس معناها على كثير من الأذهان: لكون دلالتها مجملة، أو يتبادر إلى بعض الأفهام غير المراد منها، فالحاصل أن منها آيات بينة واضحة لكل أحد، وهي الأكثر التي يرجع إليها، ومنه آيات تشكل على بعض الناس، فالواجب في هذا أن يرد المتشابه إلى المحكم والخفي إلى الجلي، فبهذه الطريق يصدق بعضه بعضا ولا يحصل فيه مناقضة ولا معارضة، ولكن الناس انقسموا إلى فرقتين {فأما الذين في قلوبهم زيغ} أي: ميل عن الاستقامة بأن فسدت مقاصدهم، وصار قصدهم الغي والضلال وانحرفت قلوبهم عن طريق الهدى والرشاد {فيتبعون ما تشابه منه} أي: يتركون المحكم الواضح ويذهبون إلى المتشابه، ويعكسون الأمر فيحملون المحكم على المتشابه {ابتغاء الفتنة} لمن يدعونهم لقولهم، فإن المتشابه تحصل به الفتنة بسبب الاشتباه الواقع فيه، وإلا فالمحكم
(يُتْبَعُ)
(/)
الصريح ليس محلا للفتنة، لوضوح الحق فيه لمن قصده اتباعه، وقوله {وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله} للمفسرين في الوقوف على {الله} من قوله {وما يعلم تأويله إلا الله} قولان، جمهورهم يقفون عندها، وبعضهم يعطف عليها {والراسخون في العلم} وذلك كله محتمل، فإن التأويل إن أريد به علم حقيقة الشيء وكنهه كان الصواب الوقوف على {إلا الله} لأن المتشابه الذي استأثر الله بعلم كنهه وحقيقته، نحو حقائق صفات الله وكيفيتها، وحقائق أوصاف ما يكون في اليوم الآخر ونحو ذلك، فهذه لا يعلمها إلا الله، ولا يجوز التعرض للوقوف عليها، لأنه تعرض لما لا يمكن معرفته، كما سئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله {الرحمن على العرش [استوى]} (1) فقال السائل: كيف استوى؟ فقال مالك: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، فهكذا يقال في سائر الصفات لمن سأل عن كيفيتها أن يقال كما قال الإمام مالك، تلك الصفة معلومة، وكيفيتها مجهولة، والإيمان بها واجب، والسؤال عنها بدعة، وقد أخبرنا الله بها ولم يخبرنا بكيفيتها، فيجب علينا الوقوف على ما حد لنا، فأهل الزيغ يتبعون هذه الأمور المشتبهات تعرضا لما لا يعني، وتكلفا لما لا سبيل لهم إلى علمه، لأنه لا يعلمها إلا الله، وأما الراسخون في العلم فيؤمنون بها ويكلون المعنى إلى الله فيسلمون ويسلمون، وإن أريد بالتأويل التفسير والكشف والإيضاح، كان الصواب عطف {الراسخون} على {الله} فيكون الله قد أخبر أن تفسير المتشابه ورده إلى المحكم وإزالة ما فيه من الشبهة لا يعلمها إلا هو تعالى والراسخون في العلم يعلمون أيضا، فيؤمنون بها ويردونها للمحكم ويقولون {كل} من المحكم والمتشابه {من عند ربنا} وما كان من عنده فليس فيه تعارض ولا تناقض بل هو متفق يصدق بعضه بعضا ويشهد بعضه لبعض (2) وفيه تنبيه على الأصل الكبير، وهو أنهم إذا علموا أن جميعه من عند الله، وأشكل عليهم مجمل المتشابه، علموا يقينا أنه مردود إلى المحكم، وإن لم يفهموا وجه ذلك. ولما رغب تعالى في التسليم والإيمان بأحكامه وزجر عن اتباع المتشابه قال {وما يذكر} أي: يتعظ بمواعظ الله ويقبل نصحه وتعليمه إلا {أولوا الألباب} أي: أهل العقول الرزينة لب العالم وخلاصة بني آدم يصل التذكير إلى عقولهم، فيتذكرون ما ينفعهم فيفعلونه، وما يضرهم فيتركونه، وأما من عداهم فهم القشور الذي لا حاصل له ولا نتيجة تحته، لا ينفعهم الزجر والتذكير لخلوهم من العقول النافعة." أهـ
وقلت:
"ولقائل أن يقول إن هذا الحكم غير صالح للتعميم على سائر الأدلة؛ إذ يستثنى منها قوله تعالى: ?ثم إن علينا بيانه? (القيامة: 19)، والذي يظهر من خلاله، أن الله عز وجل لم يحدد المصدر التفسيري فحسب، وإنما حدد الجهة المفسرة أيضاً بأن أوكل إلى نفسه مهمة البيان. غير أن هذا الاعتراض لا يلبث أن يتلاشى، عند استحضار السياق النصي والتاريخي الذي وردت فيه هذه الآية. وممن اعتمد السياقين لاستخراج الدلالة عبد الله بن عباس رضي الله عنه، فعن موسى بن أبي عائشة عن سعيد ابن جبير عن عبد الله بن عباس في قوله: ?لا تحرك به لسانك لتعجل به? (القيامة: 16) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه جبريل بالوحي وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه، وكان يعرف منه، فأنزل الله الآية التي في ?لا أقسم بيوم القيامة? (القيامة: 1): ?لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه? (القيامة:17) قال: علينا أن نجمعه في صدرك وقرآنه، ?فإذا قرأناه فاتبع قرآنه? (القيامة:18) فإذا أنزلناه فاستمع، ?ثم إن علينا بيانه? (القيامة:19) علينا أن نبينه بلسانك، قال: فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله." ومنه يتضح أن الآيات تدل على مصاحبة العناية الإلهية للرسول صلى الله عليه وسلم في سائر مراحل تلقي القرآن الكريم وأدائه، من التنزيل إلى الجمع في الصدر، فالتلفظ والتبليغ، لتطمئنه بذلك، فلا يحتاج بعدُ إلى تحريك لسانه، استعجالا لتبليغه مخافة نسيانه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن هذا المنطلق فلا تكون لقوله تعالى: ?ثم إن علينا بيانه? (القيامة:19) علاقة تذكر بالتفسير عموماً، ولا بتفسير القرآن بالقرآن على وجه الخصوص، إنْ تحديدا لمصدره، أو بياناً، لجهته، لأن غاية ما سيقت له، هو الدلالة على أن القرآن نص إلهي في قمة الحفظ، منذ أن تكلم الله به، إلى حين تكلم به رسوله. وبذلك يكون معنى قوله تعالى: ?ثم إن علينا بيانه? (القيامة: 19) أي علينا أن تبلغه وتتلفظ به تماماً، كما أنزلناه عليك، وجعلنا صدرك يعيه، فالمراد بالبيان هنا الأداء والتلفظ والقراءة، أما ?علينا? ففيها وعد من الله بحصول ذلك البيان. ويؤكد ذلك، الربطُ بين ترتيب الجمل داخل الآية، وترتيب وجود مدلولاتها في واقعي الغيب والشهادة؛ ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حرك لسانه عجلة بالقرآن، أنبأه الله عز وجل بأنه قد تعهد بحفظه جمعاً وقراءة، ثم طلب منه الاستماع والإنصات إلى تلاوة جبريل بدقة وتركيز شديدين، عبرت عنهما الآية باتباع القراءة، وعقِب ذلك نصَّ على اتساع دائرة الحفظ، لتشمل ما لأجله تحرك اللسان عجلة بالقرآن، وهو هاجس التبليغ، فطمأنه بأنه قد تكفل بالبيان، أي بإبراز النص وإخراجه من عالم الغيب إلى عالم الشهادة من خلال تأمين تلفظ النبي به. وبذلك تكون غاية الآية هي تسليط الضوء على مطابقة الملفوظ للمحفوظ، وهو ما فطن إليه ابن عباس رضي الله عنه فربط بينها وبين مآلها ومصداقها الخارجي فقال: "فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده الله."
ثم إن دلالة البيان على التفسير في هذا المقام أمر مستبعد لسببين؛ أحدهما انعدام المناسبة بينه وبين القضية التي جاءت الآية لعلاجها كما تبين قبل، والثاني أن صرفه إلى ذلك المعنى، يفضي إلى التلويح بانخرام واحدة من أهم حلقات التلقي وانفراطها عن عقد الحفظ، ومن ثم التشكيك في صحة النقل النبوي للنص القرآني، واحتمال تطرق النسبية البشرية إليه، هذا في حين لا يعقل أن يتم النص على حفظ التفسير وتعهد الله به، دون أن يكون سياق الآية محله، ويُسكت عن بيان حظ الأداء والتبليغ من الحفظ في موضع الحاجة إلى بيانه؟ "
لا بل لقوله سبحانه: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} بالتفسير، والمؤمنين سيردون المتشابه الذي لم يفسر إلى المحكم، وما لن يعلموه سيؤمنون به:
ورد في تفسير الطبري:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) يقول: حلاله وحرامه، فذلك بيانه.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) بيان حلاله، واجتناب حرامه، ومعصيته وطاعته.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ثم إن علينا تبيانه بلسانك.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) قال: تبيانه بلسانك.
وقال القرطبي:
وقوله: (ثم إن علينا بيانه) أي تفسير ما فيه من الحدود والحلال والحرام، قاله قتادة.
وقيل: ثم إن علينا بيان ما فيه من الوعد والوعيد وتحقيقهما.
وقيل: أي إن علينا أن نبينه بلسانك.
وقال الماوردي:
{ثم إنْ علينا بَيانَه} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: بيان ما فيه من أحكام وحلال وحرام، قاله قتادة.
الثاني: علينا بيانه بلسانك إذا نزل به جبريل حتى تقرأه كما أقرأك، قاله ابن عباس.
الثالث: علينا أن نجزي يوم القيامة بما فيه من وعد أو وعيد، قاله الحسن.
وهذه التفاسير للآية الكريمة لا تعارض بينها، لذلك قال ابن كثير:
"هذا تعليم من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في كيفية تلقيه الوحي من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملك في قراءته، فأمره الله عز وجل إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له، وتكفل له أن يجمعه في صدره، وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه، وأن يبينه له ويفسره ويوضحه. فالحالة الأولى جمعه في صدره، والثانية تلاوته، والثالثة تفسيره وإيضاح معناه؛ ولهذا قال: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} أي: بالقرآن، كما قال: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114].
ثم قال: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ} أي: في صدرك، {وَقُرْآنَهُ} أي: أن تقرأه، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} أي: إذا تلاه عليك الملك عن الله عز وجل، {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} أي: فاستمع له، ثم اقرأه كما أقرأك، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} أي: بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا."
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[01 Mar 2008, 03:46 م]ـ
في هذا الرابط أكملت ما بدأته،وربما أزيد:
والله أعلم وأحكم.
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=770690#post770690
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مصطفى فوضيل]ــــــــ[29 Oct 2008, 12:37 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أضم صوتي إلى صوت أخينا السيد المشرف فضيلة الدكتور عبدالرحمن الشهري في التنويه بهذا البحث القيم، وأسأل الباحثة عن الهوامش كما سأل أخونا عبدالرحمن عن المصادر.
مع الدعاء إلى الباري عز وجل لك بمسيرة علمية نامية موفقة.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[29 Oct 2008, 04:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أضم صوتي إلى صوت أخينا السيد المشرف فضيلة الدكتور عبدالرحمن الشهري في التنويه بهذا البحث القيم، وأسأل الباحثة عن الهوامش كما سأل أخونا عبدالرحمن عن المصادر.
مع الدعاء إلى الباري عز وجل لك بمسيرة علمية نامية موفقة.
أخي الفاضل مصطفى
أنا الوحيد الذي أبدى رأيا قد يظن البعض أنه خالف رأي المشايخ الفضلاء.
وهذه المناقشة من حق كل مطلع، وقد بدأت معبرا عن شعوري بمحبة الاخت الفاضلة للعلم.
ومؤكد أنه لم يكمل إلا كتاب الله تعالى.
فلا يعني قولك أن بحثا ما جيد أنه كامل.
ولا يعني انتقادك لبعض ما فيه أنه مطروح.
فلا تحمل كلامي ما لا يحمل يا أيها الفاضل، وإني لأقدر أهل المغرب ومجهودهم، وأعرف قدرهم بورك فيهم.
وأتمنى أن أقرأ باقي بحوث الفاضلة إن تكرمت.
أكرمنا الله وإياكم بمحبة كتابه وخدمته،.
ـ[مصطفى فوضيل]ــــــــ[30 Oct 2008, 01:20 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الكريم أبا الأشبال
زادك الله حرصا على الحق وغيرة عليه وانتفاعا به
أود –زيادة في البيان- التنبيه على ما يلي:
1 - أن الغرض من التنويه بأي بحث هو تنبيه الباحثين على قيمته، وتحفيز صاحبه على مزيد من العطاء.
2 - أن التنويه ببحث ما لا يعني التسليم بكل ما فيه، وإنما القصد هو استحسانه في الجملة، وإلا فإن كل كلام بشري قابل لأن تَرِدَ عليه اعتراضات وإشكالات تقل أو تكثر.
وقد استوقفتني –وأنا أتصفح البحث- قضايا ومفاهيم قد تحتاج إلى تحقيق وتدقيق، ولكني فضلت التأنّي، ومن أجل ذلك طلبت من الباحثة تزويدنا بالهوامش، لنتمكن من فرز مكونات مادة البحث، ونعرف ما لها وما لغيرها؛ فإن هذا من أهم ما يكشف عن شخصية الباحث ومدى اجتهاده وإبداعه.
3 - أن التنويه بالبحث لا يدل بالضرورة على الاعتراض عليك أخي أبا الأشبال، وقد تعجّبتُ كثيرا من قولك وأنت تخاطبني: "فلا تحمل كلامي ما لا يحمل" فليس في كلامي –وهو ما زال معروضا أمام القراء- ما يشير -لا من قريب ولا من بعيد- إليك ولا إلى كلامك. وإنما هو تعبير عن شعور تلقائي شعرتُ به وأنا أتصفح البحث. وقد انتابني هذا الشعور قبل أن أقرأ كلامك، بل قبل أن أعرف الباحثة إن كانت من المغرب أو من المشرق.
وأما كلامك فصاحبة البحث أولى بمناقشته والرد عليه إن رأت ذلك.
وأما شعورك الكريم تجاه أهل المغرب فهو واجب شرعي عليك، كما أنه واجب علينا أن نحب إخواننا المشارقة ونقدرهم على ما لهم من السبق في كثير من القضايا، وكذلك الشأن بالنسبة لإخواننا في الشمال وفي الجنوب وفي كل أقطار الأرض. فالتَّحَابُّ بين المسلمين واجب مؤكد.
لكني في الحقيقة لم أفهم العلاقة بين هذه المسألة وبين التنويه بالبحث؛ فقد اجتهدت في خاصة نفسي ألا يكون لهذا التنويه أي دافع عصبي أو جغرافي، ونسأل الله تعالى أن يحفظنا من كل هوى مضل أو مزل.
ودمت في رعاية الله تعالى وحفظه.
ـ[أم الأشبال]ــــــــ[30 Oct 2008, 03:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي الفاضل د. مصطفى.
يعيش الفقيه متأثرا بدراسته وينطبق ذلك حتى على فهمه لكلام البشر
ولقد اعتمدت على القرائن، ونسيت أن كلام البشر لابد أن لا يعامل معاملة النصوص.
وإني لأشكر لك توضيحك الطيب، وأسأل الله أن يوفقك في كل أمورك إنه قادر على ذلك ومولاه.(/)
المعني الدقيق لحقيقة النسيان عند حفاظ القرآن
ـ[أبو الخير صلاح كرنبه]ــــــــ[14 Jan 2008, 08:21 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إنني أنقل هنا مقطعا من كتابي فضائل القرآن وحملته
على أن يتأمل القارئ الكريم المعني الدقيق لحقيقة النسيان عند حفاظ القرآن وهذا لايعفي الحافظ من مداومة التلاوة حتى لا يتفلت القرآن من الصدودر
مدارسة القرآن والقيام به
فإذا ما عاش المؤمن في هذه النعمة العظيمة مع القرآن الكريم، وتفيَّء ظلاله، فأحل حلاله، وحرم حرامه، فما عليه إلا أن يتعاهده من أن يضيع، أو يتفلت؛ وذلك بكثرة تلاوته والقيام به في صلاته وباتخاذ أخ صالح من أهل القرآن أو جماعة يتدارسه معهم. آناء الليل وآناء النهار؛ والأسوة والقدوة في ذلك سيدنا رسول الله الله صلى الله عليه فقد كان يقوم بالقرآن أدني من ثلثي الليل ونصفه؛ وطائفة من الذين آمنوا معه. وقد كان جبريل ـ عليه السلام ـ يدارسه القرآن في كل عام مرة ودارسه في العام الذي توفي الله صلى الله عليه فيه مرتين أخرج البخاري:
_ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان يعرض على النبي الله صلى الله عليه القرآن كل عام مرة فعرض عليه مرتين في العام الذي قبض فيه ... ) الحديث. (البخاري: 9/ 43/والحديث برقم 4998)
_ وأخرج البخاري ومسلم عن جندب بن عبدالله عن النبي الله صلى الله عليه قال: (اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه). (البخاري: 9/ 101 والحديث برقم 5060 ومسلم برقم2667)
_عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما- أن رسول الله الله صلى الله عليه قال: (إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت). (البخاري: 9/ 79 كتاب فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده الحديث رقم 5031، ومسلم: 1/ 543 كتاب صلاة المسافر، باب فضائل القرآن وما يتعلق به، والحديث برقم (789).
_ وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله الله صلى الله عليه: (بئس ما لأحدكم يقول: نَسِيتُ آية كيت وكيت، بل هو نُسِّي. استذكروا القرآن؛ فلهو أشد تَفَصِّياً (تَفَصِّيًا: بفتح الفاء وكسر الصاد المهملة الثقيلة بعدها تحتانية خفيفة، أي تفلتا وتخلصا، تقول: تفصيت كذا أي أحطت بتفاصيله والاسم الفصة. ووقع في حديث عقبة بن عامر (تفلتا) الفتح 9/ 81)
من صدور الرجال من النَّعَمِ بعقلها) (البخاري: 9/ 79 كتاب فضائل القرآن، باب استذكار القرآن وتعاهده الحديث رقم 5032 ومسلم: 1/ 544 كتاب صلاة المسافر، باب فضائل القرآن وما يتعلق به، والحديث برقم (790)).
كل ذلك لحرص صحابة رسول الله الله صلى الله عليه على القرآن الكريم من أن يتفلت من صدورهم. أخرج الترمذي:
_عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله الله صلى الله عليه (عرضت علي أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد، وعرضت علي ذنوب أمتي فلم أرَ ذنباً أعظم من سورة من القرآن أُتيها رجل ثم نسيها) (الترمذي: 5/ 178 ـ 179 كتاب فضائل القرآن باب / 19 والحديث برقم / 2916)
قال أبو عيسى (يعني الترمذي): هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وقال القرطبي في كتابه التذكار في أفضل الأذكار بعد أن أورد هذا الحديث:} وكان ابن عيينة يذهب في أن النسيان الذي يستحق صاحبه الذم ويضاف عليه الإثم: هو الترك للعمل به وأن النسيان في لسان العرب: الترك، قال الله تعالى: (فلما نسوا ما ذكروا به) (الأنعام / الآية الكريمة: 44) أي تركوا وقال عز وجل (نسو الله فأنساهم أنفسم) (الحشر / الآية الكريمة: 19) أي تركوا طاعة الله فترك رحمتهم قال سفيان: وليس من اشتهر بحفظ شيء من القرآن وتفلت منه بناس إذا كان يُحل حلاله ويحرم حرامه (التذكار في أفضل الأذكار: 218 ـ 219).
_ فإذا أردت العزة في الدنيا والآخرة، فاقرأ القرآن الكريم، وإذا أردت أن تدَّخر لنفسك الأجر العظيم، والجزاء الأوفى، فاقرأ القرآن العظيم، وإذا أردت أن ترتقي في درجات الجنان، فتكون مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فاقرأ آيات الكتاب المبين، وإذا أردت أن تكون في تجارة مع الله ـ تبارك وتعالى ـ خيرٌ لك من حُمْر النَّعَم، فتعال معي واستمع قول رسولك الكريم الله صلى الله عليه: ـ
_ عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصُّفَّة فقال: (أيُّكم يُحبُّ أن يغدو كل يوم إلى بُطْحان، أو إلى العقيق، فيأتي منه بناقتين كوماوينفي غير إثم ولا قطع رحم؟ فقلنا: يا رسول الله كلنا يحب ذلك، قال: (أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد، فيعلم (أو يقرأ) آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين، وثلاث خير له من ثلاث، وأربع خير له من أربع، ومن أعدادهن من الإبل). فإذا أردت القوة والمنعة، وأن تأوي إلى ركن شديد: فعليك بحفظ كتاب ربك العظيم؛ فهو حبل الله المتين ومأدبته والنور المبين الذي لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوج فيقوم ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، وإن الله عز وجل يأجرك على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، والله يضاعف لمن يشاء؛ والله ذو الفضل العظيم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[14 Jan 2008, 08:54 م]ـ
الحمد لله
جزاك الله خيرا
ـ[محمد براء]ــــــــ[15 Jan 2008, 12:49 م]ـ
قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى في تفسيره: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّنَافِسِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، قَالَ:" مَا نَعْلَمُ أَحَدًا حَفِظَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ إِلا بِذَنْبٍ "، ثُمَّ قَرَأَ الضَّحَّاكُ: " وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ "، ثُمَّ يَقُولُ الضَّحَّاكُ: وَأَيُّ مُصِيبَةٍ أَعْظَمُ مِنْ نِسْيَانِ الْقُرْآنِ! ".(/)
مشروع تعظيم القرآن الكريم بالمدينة النبوية (أسباب قيامه وأهدافه ووسائله)
ـ[محب القراءات]ــــــــ[15 Jan 2008, 02:03 ص]ـ
مشروع تعظيم القرآن الكريم بالمدينة النبوية (أسباب قيامه وأهدافه ووسائله)
• نشأ هذا المشروع في المدينة النبوية قبل أكثر من شهرين تقريبا.
• هذا المشروع هو أحد مشاريع فرع الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه بالمدينة النبوية.
• يدير المشروع الأخ / عبد المحسن الحربي.
وهذا عرض موجز لأسباب قيام المشروع وأهدافه ووسائل تحقيقه:
أولا: أسباب قيام المشروع:
1. المكانة العظيمة التي بوأها الله تعالى للقرآن الكريم وأرادها أن تكون حاضرة في ضمير الأمة وحياتها.
2. إحياء شعبة من أعظم شعب الإيمان في النفوس من حب القرآن الكريم وتعظيمه , وتعزيز ربط الناس بهذا الكتاب المبارك تلاوة وتدبرا وعملا.
3. بروز بعض مظاهر الهجر للقرآن الكريم والغفلة عنه والجهل به وعدم تقديره حق قدره.
4. خدمة كتاب الله تعالى والنصيحة له لمزيد الكشف عن وجوه عظمته واستخراج كنوزه.
5. تتابع الهجمات الشرسة الحاقدة من أعداء الدين تجاه القرآن الكريم تحريفا وطعنا وإساءة وصرفا للناس عن هديه.
ثانيا: أهداف المشروع:
1. إبراز مظاهر عظمة القرآن الكريم وفضله , وكريم منزلته , وبيان وجوه إعجازه.
2. تنبيه الأمة على حقوق القرآن الكريم عليهم وواجباتها ومسؤولياتها تجاهه.
3. تقريب مقاصد القرآن الكريم للناس , وتجديد معالم ما اندرس من مثله العليا ومفاهيمه وأخلاقه السامية.
4. تبصير الناشئة بقدر القرآن الكريم وتعزيز صلتهم به وتعظيمه في نفوسهم.
5. توعية المسلمين بخطر هجر القرآن الكريم وخطر جهله , والآثار المترتبة على ذلك.
6. الدفاع عن كتاب الله تعالى واستنهاض حمية الأمة وغيرتها تجاه ما يوجهه أعداء الدين من هجمات حاقدة وشبهات ماكرة.
ثالثا: وسائل تحقيق المشروع:
1. إنشاء مقرأة لإقراء القرآن الكريم وتعليمه عبر الشبكة العنكبوتية لمن أراد تعلم لاقرآن الكريم وإتقانها أو أخذ إجازة لإقراء القرآن الكريم بالسند المتصل.
2. إنشاء مركز نسائي متخصص يعنى بإقراء القرآن الكريم بالسند المتصل , وتعليم علومه.
3. إقامة حفل سنوي لتكريم المتميزين بخدمة القرآن الكريم إقراء أو تأليفاً أو تعليما أو غير ذلك.
4. إقامة معرض متخصص في القرآن الكريم يتضمن (مخطوطات , مطبوعات , لوحات , عروض مصورة , ومجسمات) ونحوها , تبين فيه مسيرة الأمة مع كتاب ربها وعنايتها به , ويشارك من خلاله في المعرض المحلية والعالمية.
5. إقامة ملتقى عن: تعظيم القرآن الكريم يتضمن عدة محاور يطرح فيها أهل التخصص والمهتمون الموضوعات ذات الصلة.
6. إنشاء موقع على الشبكة العنكبوتية باللغة العربية وآخر بالانجليزية لبيان مظاهر عظمة القرآن الكريم والدفاع عنه.
7. إقامة محاضرات وندوات في المساجد والجامعات والمدارس وغيرها لبيان تعظيم قدر القرآن الكريم.
8. العناية والاهتمام بالفتاوى والمقالات والكتب والرسائل ذات الصلة بتعظيم القرآن الكريم ونشرها.
9. رصد الكتابات المغرضة عن القرآن الكريم ومعالجتها.
حرر في 6/ 1 / 1429
ـ[أبو المهند]ــــــــ[15 Jan 2008, 12:57 م]ـ
أسأل الله تعالى أن يجزيكم خير الجزاء على هذا الجهد الموفق ـ إن شاء الله تعالى ـ.(/)
حاجة الأمة الإسلامية إلى الأعمال المؤسسية
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[15 Jan 2008, 03:24 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لا له إلا هو وسع كل شيء علما، وقهر كل مخلوق عزة وحكما، خلق الإنسان من العدم، ورباه بالنعم، وعلمه ما لم يكن يعلم،
وأصلي وأسلم على من بعثه الله رحمة للعالمين، وهداية للسالكين، وحجة على الناكبين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فيا أيها الإخوة النبلاء ... لا يخفى على متأمل بصير ما آلت إليه أحوال الأمة الإسلامية، من ضعف شديد، ووهن مزري، في مجالات عديدة في الوقت الذي تسارع فيه أعداؤها إلى غزوها فكرياً وسياسياً، واقتصادياً … الخ، بتفنن عجيب، وتضخم مرعب؛ وتكاتف رهيب.
ولا شك أن هذا الغزو لا بد وأن تكون له آثاره السلبية، ونتائجه المؤلمة، مما يجعل ردود الفعل تجاه هذا الغزو من أفراد الأمة الإسلامية متباينة أشدَّ التباين:
- فمنهم المستجيب لهذا الغزو، المنساق وراء الشهوات البهيمية، والأفكار الجحيمية.
-ومنهم المتبلد الإحساس، الداعي إلى التطبيع المهون لشأن هذا الغزو، بل ربما أنكره،
وليس يصح في الأذهان شيء = إذا احتاج النهار إلى دليل
- ومنهم من لا يبالي إذا سلم له ماله، وتوفرت له سبل المعيشة- ولو على غضاضة- ما حلَّ بالأمة الإسلامية.
-وفي المقابل تجد منهم من تدفعه الغيرة والعاطفة غير المنضبطة بضوابط العلم المؤصل بالأدلة الشرعية إلى إساءة رد هذا الغزو فينحى فيه منحىً غير حميد يكون ضرره أكبر من نفعه، بل قد لا يكون فيه نفع أصلاً.
-ومنهم من يتصدى له بغير علم فتغلبه الكثرة الكاثرة والشبه الواردة والشهوات المردية؛ فيتكلم بغير علم كما تصدى بغير فقه، فيضل ويُضِلْ أو يبهت ويسكت فيحصل للمسلمين من هزيمته ضرر وفساد كبير.
-ومنهم من تتحرق نفسه للتصدي لهذا الغزو فيمنعه من ذلك قلة علمه وضعف تأهيله فيكتفي بالتحسر والأمنيات.
ومنهم من يشمر عن ساعد الجد ويجتهد في محاولة النهوض بالأمة الإسلامية بالعلم والإيمان فلا يجد ممن حوله إلا التخلي والخذلان.
والمقصود أنكم لو تأملتم ما حل بالأمة الإسلامية وجدتموه راجعاً إلى أمر واحد وهو ضعف التأهيل العلمي والعملي.
وهو راجع أيضا إلى ضعف العلم والإيمان.
سبيل الرفعة
فكان تأهيل أكبر عدد ممكن من طلبة العلم وتوجيههم الوجهة الصحيحة وتيسير سبل تعلمهم وتعليمهم وحصولهم على المعلومات المؤصلة المحققة من مصادرها الأصلية بأيسر طريق وأسرع ما يمكن، بجمع متفرقه، وتذليل صعبه، وشرح مشكله، واستثمار الطاقات المهدرة، والقدرات المهملة، وتجنيدها لنصرة هذا الدين ورفعة هذه الأمة، من أعظم المطالب الملحة على الأمة الإسلامية حتى تستعيد مجدها ورفعتها ومكانتها بين الأمم، وتتمكن من مقاومة هذا السيل الجارف والغزو الغاشم الذي أتانا من كل حدب وصوب، من منطلق العلم المؤصل المستند إلى الأدلة الصحيحة والثوابت الأصيلة.
معاناة طالب العلم
وتُوفر الجهود المضنية والأوقات الهائلة، التي تضيع سدى على علماء الأمة، فضلا عن طلاب العلم والباحثين، فيبقون ردحا من الزمان معطلين عن نفع الأمة بأمور كان بالإمكان أن يكفوا مؤونتها
وأنا أضرب لكم مثالا واحدا تستجلون به هذه الحقيقة ...
فقد يقضي طالب العلم وقتاً طويلاً في البحث والتنقيب عن مسألة ما في بطون الكتب، أو محتويات البرامج ثم يقضي وقتاً آخر ربما كان أطول منه في مقابلة أقوال العلماء في المسألة وربما تبين أن ما تحصَّل له من المعلومات لا يشفي غليله لنقص المراجع أو اختلاف في النقول، أو اضطراب في النسخ، فيحاول أن يحرر الكلام في المسألة وهو لم تكتمل لديه بعد المعلومات الشافية.
ثم قد يفاجأ بعد أن يلقي قلم البحث جانباً بأن أحد الأئمة الأعلام قد أفرد هذه المسألة بمصنف مستقل أجاد فيه وأفاد وأتى على المراد!!
ترى كيف يكون تحسر هذا الطالب على ما أمضى من وقته وأهدر من طاقته بسبب جهله بوجود هذا الكتاب النفيس؟!!
هذا مثال واحد من أمثلة كثيرة متعددة ومتنوعة تدل فيما تدل عليه على أهمية العناية بالجمع المؤسسي للكتب التي صنفها الأئمة قبلنا، بل وفي هذا العصر أيضاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعلى الجهود الكثيرة المتكررة والطاقات العظيمة المهدرة التي يمكن أن يوفرها للأمة عمل مؤسسي تقوم به الأمة مرة واحدة فينهل منه الناهلون من طلاب العلم والعلماء، ويكفون مشقة جمع المراجع الفردي بجمع مؤسسي، ويكفون عناء التحقق من صحة النسخ المطبوعة، وتصنيفها، حسب المسائل فيبقى جهد العالم وطالب العلم مقتصرا على الاطلاع والتحرير والمناقشة، وهو القدر الذي يحتاج فيه إليه.
وكم يؤلمني ما يعانيه الباحثون وما يضيع من أوقاتهم في البحث عن المراجع فتجد أحدهم يُنقب هنا وهناك ويسأل مَنْ يتوسم فيه سعة الإطلاع: هل مرَّ بك كتاب في موضوع كذا وكذا؟!! وربما كلَّف غيره بالبحث في المكتبات وزيارة عدد من الباحثين … الخ.
فلك أن تتساءل: كم يُمضي هذا الباحث من الوقت وقلمه معطل عن الكتابة، وذهنه مشتغل بتحصيل مراجع الموضوع لا بالتفكير في الموضوع نفسه؟!!
ثم ربما لا يجد ضالته التي أضنى نفسه في البحث عنها، مع أنها قابعة في رف من أرفف إحدى المكتبات، يمر عليها متعهد المكتبة بين وقت وآخر ليمسح عنها الغبار!!.
فتخيَّل .. كم تخسر الأمة الإسلامية من تعطل هذا الباحث زمناً طويلاً عن الكتابة والتحرير مع أنه يملك قدرات عقلية ومهارات فكرية وإبداعاً في تحرير المسائل ومناقشتها؟!
ربما أثر هذا التعطل سلباً على ما لديه من ملكات ونبوغ.
ولعل هذه المعاناة مع غيرها مما يفسر ظاهرة لها مدلول خطير قل من يتفطن له، وهي أن كثيراً من الباحثين المجيدين الذين نالوا درجات الامتياز في الرسائل العلمية في الجامعات واستفاض الثناء على حسن تحريرهم وبحثهم حتى عُدَّت رسائلهم من المراجع المهمة لا تكاد تجد لهم مؤلفات أخرى!
فإذا كانت الخسارة عظيمة ببقاء هذا الباحث ردحاً من الزمان معطلاً عن الإنتاج كالعضو المشلول من الجسد، فلك أن تضرب هذا القدر الكبير من الخسارة في عدد الباحثين في الأمة الإسلامية!!، وبعدها ستجد جواب السؤال الذي طالما آلمنا وقْعهُ في نفوسنا: لماذا لا تزال الأمة الإسلامية تعاني من ضعف التأهيل العلمي مع تقدم وسائل العلم وتطور آلياته؟
15/ 4/1420هـ
تصفحت محفوظاتي الإلكترونية فوجدت هذا المقال وتذكرت الظروف التي كتبته فيها (والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
فهذبت بعض عباراته وزدت فيه ونقصت قليلاً
وأحببت أن أنشره في هذا الملتقى الكريم لعله يحرك ساكناً أو يشد أزر متحرك
والنحاة يقولون: الشَّدَّة لا تليق بالسكون فلا يشدد إلا متحرك
فالساكن ينبغي أن يحرك أولاً
ـ[محب القراءات]ــــــــ[15 Jan 2008, 07:16 ص]ـ
سلمت يداك على هذا المقال الرائع عن (العمل المؤسسي وخاصة في مجال العلم) والذي نتمنى أن نراه واقعا في يوم من الأيام , وعسى أن يكون قريبا.
وحبذا لو تعاونا جميعا في وضع بعض الأفكار والخطوات العملية لحل هذه المشكلة وعلاجها.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Jan 2008, 07:18 ص]ـ
لا شك أن الأعمال المؤسسية أدعى للاستمرار والقوة والعمق، وإذا أُحسِنَ إدارة المشروعات العلمية المؤسسية فإنها تؤتي ثمارها الطيبة على أكمل وجه، والمثال الذي مثلتم به واحد من الأمثلة التي يمكن للمشروعات البحثية المؤسسية أن تسهم في إنجازه لو وضعت له الخطة الصحيحة، وأحسبك قد قطعت شوطاً في تنفيذه إن شاء الله.
والمشروعات البحثية المتعلقة بالدراسات القرآنية وتذليلها للأمة وتذليل أدوات البحث للباحثين من أهم ما ينبغي أن يتصدى له أهل العلم في الأمة الإسلامية ولا يكفينا مركز أبحاث واحد أو اثنين أو ثلاثة بل لا بد أن يكون هناك مئات المراكز البحثية المتخصصة في الدراسات القرآنية وغيرها وأن تدعم وتنتشر على مستوى العالم الإسلامي خاصة وغيره عامةً حتى تصبح هذه المراكز قادرة على الوفاء بحاجة الأمة إلى بذل العلم الصحيح للناس وعقد الدورات العلمية لطلبة العلم وترشيد الجهود وتوفيرها واستقطاب الطاقات البحثية وتفعيلها بدل أن تبقى معطلة مهدرة كما هو الحال الذي ذكره أخي عبدالعزيز الداخل في مقالته هذه التي كتبها قبل ثمان سنوات، والحال لم يتغير كثيراً بعدُ.
نسأل الله أن يوفق الجميع للعمل المنظم في هذا السبيل فهو الموفق سبحانه.
وقد طرحنا على الدكتور عبدالعزيز القارئ في لقاءنا به السؤال التالي:
ما رأيكم في إنشاء المراكز العلمية المتخصصة في الدراسات القرآنية، وهل من رؤية لمثل هذه المراكز؟
فأجاب حفظه الله بقوله:
من الظواهرِ المؤسفةِ في حياةِ المسلمين العلميةِ في العصرِ الحديثِ قِلَّةُ وجودِ مراكزِ الدراساتِ القرآنيةِ؛ بل الأعجبُ من ذلك أنَّ الكلياتِ الجامعيةَ المتخصصةَ بعلوم القرآن لم تُنْشَأْ إلا قريباً؛ ولعلَّ كليةَ القرآنِ الكريم بالجامعةِ الإسلاميةِ بالمدينةِ النبويةِ أَوَّلُهَا؛ نعم كان قبلَهَا قِسْمٌ للقراآتِ أُنْشِئَ بكليةِ اللغةِ العربية بجامعةِ الأزهر بالقاهرة لكنه كان تابعاً وليس مستقلاً ..
كيف يكون ذلك وعلومُ القرآنِ بَلغَتْ أكثرَ من ثمانين علماً عند السيوطيِّ في "الإتقان"، وأكثَرَ من مائةٍ في "التحبير علوم التفسير"؛ ألا يستحق ذلك كلياتٍ جامعيةً، ومعاهدَ متخصصةً، ومراكزَ للبحثِ؟!
التوراةُ والإنجيلُ المُحَرَّفَانِ المُمْتَلِئَانِ بالخرافاتِ والأكاذيبِ بَذَلَ اليهودُ والنصارى في سبيلهما بلا حسابٍ؛ آلافَ المراكز "الأكاديمية"، وكليات اللاهوت، والجمعياتِ الدينيةَ، ولم نبذل نحن عُشْرَ مِعْشَارِ ذلك في سبيلِ القرآن الكريمِ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد؛ وهذا من أمَّةِ القرآنِ نقصٌ لا مُبَرِّرَ له، إنه نقصُ القادرينَ على التمامِ.
كنْتُ سبَقَ أن قدَّمْتُ مشروعاً لإنشاءِ مركزٍ للدراساتِ القرآنيةِ في مُجمَّع المصحفِ بالمدينة النبوية، ويُوجدُ الآن جناحٌ متواضع في المجمَّع عليه هذا العنوان؛ يبدو أنه ليس أكثر من دارٍ للنشر؛ شأنُهُ شأنُ المجمَّع كلِّه!!
وهذا يدل على أن الجميع يشعرون بهذه المشكلة وبهذا الغياب لمثل هذه المشروعات، وهذا أوان العمل إن شاء الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[15 Jan 2008, 08:03 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.
إذا كان هذا المقال مكتوبا منذ 8 سنوات، فلا شك أن عدم تحقيق ما دعا إليه له أسبابه ومعوقاته. ولا بد من التصارح بطرح سؤالين:
1 - ما هي الإمكانيات المطلوبة للقيام بمثل هذا العمل المؤسسي؟ وهل هي متوفرة أم لا؟
2 - ما هي المعوقات أمام قيام مثل هذا العمل؟ وكيف يمكن تجاوزها؟
الأمر الآخر الذي أود أن ألفت الانتباه إليه: هو أن مثل هذا العمل لن يكتب له النجاح (عند قيامه) إلا بفريق متعدد التخصصات من علوم الدين ومن غيرها.
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[15 Jan 2008, 09:28 ص]ـ
إجابة على الأستاذ الفاضل / محمد جماعة
بالنسبة للسؤال الثاني
2 - ما هي المعوقات أمام قيام مثل هذا العمل؟ وكيف يمكن تجاوزها؟
أكبر معوق أن الباحثين يتكلون على الحكومات لعمل مثل هذا العمل
ومعظم الحكومات للأسف لا يعنيها هذا الأمر، بل تهتم بتنظيف أكبر صليب في الشرق الأوسط.، وعلى غرارها المعظم
فمتى تحرر الباحثون من ذلك لا بد أن ينظروا إلى أنفسهم كيف السبيل؟
فلا بد أن يكون العمل من جماعتهم هم، ومن تنظيمهم هم.
وإنني أرى في هذه المنتديات الأمل أن تكون نواة البحث العلمي من نخبة متجردة لوضع السبيل إلى ذلك.
وفي هذا المنتدى نودي بأن تكون كالجامعة العلمية المفتوحة يصب فيها الثقافات الدولية العلمية - نظرًا لتعدد أعضاء المنتدى وبلدانهم -، وأن يضع كل دكتور محاضراته التي يلقيه في جامعته ويكون لذلك قسم بالمنتدى فيكون عندنا تجمع ثقافي كبير، وجامعة عالمية مفتوحة للاطلاع.
كما نودي بأن يكون هناك مشروع علمي ضخم يقوم عليه أعضاء المنتدى في قالب إدارته .... ولكن
فعيب آخر وعائق مهم أيضًا غير الحكومات هو الأنفس.
فالباحث الحالي إما مشغول بفقره فيصارعه ليقيم قوته وأولاده.
إما مشغول بتخريج رسالة تزيد رصيده المادي والعلمي، وقد لا تكون الساحة تريدها أكثر من موضوع البحوث المؤسسة
إما يمنعه كبرياؤه أن يكون في كوكبة هو ليس بقائدها.
عندك من المشاريع الكبيرة التي جال فيها الفكر (((جامع الاشتقاقات))) بحيث يكون مشروع لغوي قوي ومتين وبعد إعداده يباع لناشر ويطبع.
وغيره من المشاريع التي تتطلب العمل المؤسسي، ولكن العوائق ....
أما عن السؤال الأول: - ما هي الإمكانيات المطلوبة للقيام بمثل هذا العمل المؤسسي؟ وهل هي متوفرة أم لا؟
أقول الأول الكوكبة
تجتمع كوكبة من الباحثين - وهنا في هذا الملتقى يوجد الكثير - لو تصورنا ولو ساعة بدون أجر من عشرات الباحثين - وعندنا مئات - تجتمع تلك الساعات مع قيادة الملتقى التي نرى فيها الحكمة.
أقول: ساعات، مع عدد، مع إدارة حكيمة سيولد هذا مولودًا علميًا طيبًا بإذن الله تعالى ولو بعد فترة.
ثم لو وضعنا أن العمل يحتاج إلى مال، فطباعة هذا العمل والانتفاع بماله للنواة للمشروع الثاني سيكون مسهلاً، كما أنه من تلك الكوكبة سنجد من نستطيع تفريغه بالمقابل المادي لانجاز جزء من المشروع، ولعلنا نجد من يستطيع إقناع مستثمر أو منفق في الخير ليكون عضدًا للمشروع.
ولأنني أعرف أن مما ابتليت به الأمة هو الكلام فقط
فأرى أن يكون هذا المقال كأنه الموقد للثورة المرادة
فأنا أتبرع بساعة يوميًا لمدة سنة لأي عمل في هذا، كما لعلمي بالطباعة أتبرع بتنسيق العمل النهائي للطبع، كما أتبرع بفهرسته فهرسة علمية.
وأدعو هنا من أراد جمع الحطب، ومن أراد التنقيب، ومن أراد أن يذكر ما يرى نفسه يصلح له أن يسجل اسمه ومجاله
فهل من مجيب؟
كما أدعو إلى ذكر ما يراه كل منا أنه المفيد للبحث المؤسسي، كما أدعو إلى ترشيح مجلس إدارة للمشروع.
أما إذا تأخر الانطلاق لمثل هذا العمل لمدة ثلاثة أشهر فأنا غير ملتزم بأي شيء مما قلت
ـ[جليسة العلم]ــــــــ[15 Jan 2008, 01:05 م]ـ
فهذبت بعض عباراته وزدت فيه ونقصت قليلاً
وأحببت أن أنشره في هذا الملتقى الكريم لعله يحرك ساكناً أو يشد أزر متحرك
والنحاة يقولون: الشَّدَّة لا تليق بالسكون فلا يشدد إلا متحرك
فالساكن ينبغي أن يحرك أولاً
جزاكم الله خيرا،ونفع بكم
لكن كيف بقليل بضاعة يود التحرك!!!!
كيف يتحرك؟
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[18 Jan 2008, 05:54 ص]ـ
نعم هذا أوان العمل الجاد
(يُتْبَعُ)
(/)
وإدراك المشكلة هو أول مراتب تحمل المسؤولية تجاه هذا الأمر الجلل
والأمة بحاجة إلى عدد من الأعمال العلمية المؤسسية وعدد من المنتجات التعليمية حتى تتجاوز أزمة ضعف التأهيل العلمي.
والعلم الشرعي هو بيانٌ لدين الله عز وجل الذي من قام به وسعى لإعلائه أعزه الله وأعلاه ورفع شأنه وبوأه العزة والرفعة في الدنيا والآخرة
ومن خذله ولم يرفع به رأساً وخذل من قام به وآذاهم وضَيَّق عليهم ولم يعرف لهم حقهم في ذلك أذاقه الله الخزي في الدنيا والآخرة.
فتلك سنة الله الماضية ولن تجد لسنة الله تبديلاً.
ونصوص الشريعة والتاريخ والواقع شهود على ذلك.
والأمة على وجه العموم لا تنقصها الإمكانات ولا القدرات ولا الطاقات فهي تمتلك من كل ذلك ما يجعلها خليقة بأن تكون في طليعة الأمم.
ولكن لا ينهض بالأمم إلا أصحاب الهمم.
والنجاح لا يدرك إلا بالكفاح
والتواني والتواكل
والتحاسد والتباغض
والحرص على المال والشرف
كل ذلك من الآفات التي أعاقت كثيراً من الأعمال التي لو قدر لها أن تتم لتغيرت حال الأمة
ولو أن المرء أدرك أن فضل الله عز وجل لا ينال إلا من الله (ذلك الفضل من الله)
وتجاوز هذا الاختبار لأعقبه ذلك نجاحاً لم يكن يخطر على باله أو يدور في خياله
ولكنَّ سعي الإنسان لتحقيق الفضل لنفسه واشتغاله عن سنة الابتلاء بتحقيق الحظ الدنيوي يقطع عليه الطريق ويجعله يعيش في تيهٍ لا مخرج منه إلا بالرجوع إلى الجادة التي حاد عنها، وسَيرِه مع الرَّكب السائرين، وعِلْمِه أنَّ تقدُّمَه وشرفه إنما يكون على قدر اجتهاده في السير على هذه الجادة.
وإذا تأملت حال الأمة وما صارت إليه، وكيف كان يمكن أن تكون؛ فلا تقل: أين فلان؟ وأين فلان؟
بل قل: أين أنا؟
فالتفاتك إلى من سقطوا في حمأة حظوظ أنفسهم وشهواتهم، واشتغالك بلومهم وعتابهم يقطع عليك الطريق ويوقعك في آفة أخرى
وكم من رجل كانت تتعلق به الآمال أن يكون له شأن في قيادة النهضة العلمية فلما تبوأ المكانة والمنصب صار حرباً على أهل العلم والفضل، يضيق عليهم ويؤذيهم، ويعيق أعمالهم ومشاريعهم العلمية ويتقرب بذلك إلى من يبغضهم الله ويمقتهم ممن يحاد الله ورسوله.
فاستحال حبهم بغضاً، وعاد مدحهم ذماً، وأذاقهم الله الخزي في الدنيا، وصاروا عبرة لمن يعتبر.
وسنة الله ماضية ولن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً.
فمن أراد الله به خيراً استعمله على عمل وتقبله منه، وبارك له فيه، ووقاه وكفاه، ونصره وأيده بروح منه.
فما أحسن تولي الله تعالى لعبده المؤمن الصابر الشاكر، وما أحسن وقايته وكفايته له، (وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً)
ومن سار على هذا الطريق فإنه يحتاج إلى أمرين:
الأمر الأول: الهداية، وفي معناها التوفيق والسداد، وأن يسير في طريقه على نور وبصيرة.
الأمر الثاني: النصرة، ويدخل في معناها ما يحتاج إليه في تحقيق مقصده من المال والجاه والعلم والمؤازرة وغير ذلك من معاني القوة التي يتحقق له بها معنى النصر.
وليعلم أن الله تعالى قد اقتضت حكمته أن يقيض لمن سار على هذا الطريق أعداء من المجرمين يؤذونه ويدافعهم ابتلاء لصبره ويقينه فإذا ثبت كتب الله له الإمامة في الدين ورفع ذكره في العالمين (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون)
فبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.
والعلماء ورثة الأنبياء، تابعون لهم، يصيبهم من نوع ما أصابهم، ويتحقق لهم من النصر والتوفيق والتسديد على قدر اتباعهم وصبرهم ويقينهم.
وهذه المعاني تجدها ظاهرة في قوله تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً من المجرمين وكفى بربك هادياً ونصيراً)
فتكفل الله بالهداية والنصر لمن سار على سبيل الأنبياء يريد إعلاء كلمة الله عز وجل.
وتقديمُ الهداية على النصر من باب تقديم العلم على العمل؛ فالهداية من ثمرات العلم، والنصر من جزاء العمل.
وكل ذلك لا يكون إلا بتوفيق الله عز وجل، فالتعرض لنفحاته، وسؤاله من فضله وبركاته، وصدق المحبة لله ولرسوله ولدينه، والعزم الصادق على العمل، كل ذلك من أسباب التوفيق التي يرجى لمن أخذ منها بحظ وافر أن يكتب له الله في هذا المضمار عملاً رشيداً.
فها قد فتح لكم الباب فاعملوا واجتهدوا، وتعاونوا على البر والتقوى، وثقوا بهداية الله ونصره؛ فقد يأتي عليكم يوم تتذكرون فيه ملتقاكم هذا وتواصيكم بالحق وتواصيكم بالصبر، وأنتم على الأرائك متكئون.
وإياكم وآفات الطريق
وابدؤوا يتطهير النفس وتخليصها من الشهوات الخفية المردية، واصدقوا الله يصدقكم، وتدبروا قوله تجدوا فيه آيات بينات فيها هدى وبشرى، وبلاغاً وذكرى، وتثبيتاً على الحق ونصراً
(إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد)
فالنصرة موعود بها للمؤمنين في هذه الحياة الدنيا ويوم القيامة إن الله لا يخلف الميعاد.
ودعوا قوماً كفاكم الله شأنهم (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم)
وهو القائل جل وعلا: (من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب)
ذلك أن السائر في هذا الطريق وليٌّ من أولياء الله يريد نصرة دين الله بالعلم والحجة والبيان، داعٍ إلى الله على بصيرة، متبع لسبيل رسوله صلى الله عليه وسلم، مؤمن بالله متقٍ، محب لما أحبه الله، مبغض لما أبغضه الله، قد تاقت نفسه إلى لقائه، وشمرت عن ساعد الجد لنصرة دينه؛ فقد جمع أسباب الولاية وأخذ بعراها التي لا تنفصم.
فمن آذاه وعاداه تولى الله قتاله، ومن تولى الله قتاله فلن تجد له ولياً ولن تجد له نصيراً.
فالأمر والله جَلَل، وليس بعد العلم إلا العمل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم)
اللهم إنا بك نستهدي وبك نستكفي وبك نستنصر لا حول ولا قوة إلا بك، وأنت حسبنا ونعم الوكيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أمة الرحمن]ــــــــ[18 Jan 2008, 02:32 م]ـ
جزاكم الله خيرا
شيخنا الفاضل
ولا مزيد على كلام فضيلتكم فهو أمر ندركه ونلمس الحاجة إليه
لكن متى ينتقل الكلام إلى أفعال ويبدأ التطبيق؟
لعل فضيلتكم قطع شوطا في ذلك لكن كيف توسع الدائرة؟
ومثل هذه الأعمال ينبغي أن يتصدى لها علماء الأمة ويوجهوا الشباب إليها
كثير من طلبة الكليات الشرعية نلمس فيهم همة ونشاطا وطاقة منقطعة النظير
فلا تزال تفتر وتنطفئ وتهدر في التخبط في الطلب
خصوصا عند النساء لقلة المعين وانعدام التوجيه
حتى - والله - تصبح طالبة العلم بعد تخرجها وانغماسها في المجتمع كعوام الناس
فكأنها لم تحفظ كتاب الله ولم تتعلم علما
نسأل الله الثبات حتى الممات
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[18 Jan 2008, 11:42 م]ـ
وإذا أُحسِنَ إدارة المشروعات العلمية المؤسسية فإنها تؤتي ثمارها الطيبة على أكمل وجه.
هذه أهم نقطة وأول نقطة في بداية العمل المؤسسي.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[19 Jan 2008, 12:07 ص]ـ
للعمل المؤسسي قواعده وأساليبه ومناهجه، التي يجب استيعابها كي يكون الفرد المتعاون عنصرا من عناصر نجاح هذا العمل، عوض أن يكون عنصرا من عناصر فشله، أو تعطيله.
ونجاح العمل المؤسسي لا يقع على عاتق الإدارة فقط، ولن تنجح أفضل إدارة في الدنيا إذا لم تتوفر لديها جميع عوامل النجاح (أو أغلبها).
وأقرب مثال على ذلك، هو فريق كرة القدم الناجح، إذ لا ينفع أن يكون للفريق إدارة جيدة فقط، أو مدرب جيد فقط ... نجاح الفريق يتطلب:
- إدارة جيدة
- مدربا جيدا (أو طاقم تدريب، أحدهم للتحمية، والآخر للخطط، والآخر لحارس المرمى ... )
- لاعبين جيدين
- جمهور جيد
- خطة تكتيكية جيدة
- ميزانية جيدة
- طاقم طبي جيد
- استقرار نفسي واجتماعي
- روافد جيدة لفريق الأكابر من خلال اكتشاف الطاقات الناشئة، وتهيئتها لتصبح عناصر احتياطية في الفريق الرئيسي
- ...
والعمل المؤسسي هو بالأساس: عمل فريق. لذا فيجب التفكير في كل عوامل النجاح بالتوازي.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[19 Jan 2008, 07:37 ص]ـ
الحمد لله الموفق والهادي والذي بنعمته تتم الصالحات
فلم أكن أتوقع عند نشري لهذا المقال أن يلاقي كل هذا التفاعل فمشاركات الإخوة كانت مشجعة جداً
وكذلك ما وردني عبر البريد الإلكتروني وعبر الاتصال ممن يعرفني شخصياً ومن قابلته من النبلاء والأفاضل
وقد أذهلني وأدهشني ما أطلعني عليه بعضهم من أعمال جليلة بذلوا في سبيل إنجازها جهوداً كبيرة مشكورة.
وكذلك ما أبدوه من رغبة جادة في التعاون على القيام بمثل هذه الأعمال المؤسسية
وأنا على ثقة بإذن الله تعالى بأن غيرهم سيلحق بهم
مما يبين أن الخير موجود في هذه الأمة وأن العزيمة الصادقة على تنفيذ تلك المشاريع العلمية موجودة.
مما دفعني إلى أن أعكف حالياً على تحليل وتصميم برنامج أتمكن به من نقل ما لدي من أعمال مؤسسية إلى قواعد بيانات عامة يتمكن الجميع من الإضافة عليها بأسمائهم الصريحة بطريقة آلية ميسرة
ويتمكن الإخوة الذين رغبوا في إضافة ما لديهم من أعمال علمية أن يضيفوه إلى هذه القاعدة منسوباً إليهم
وكذلك تحويل كتاب مجمع التفاسير وغيره إلى كتاب مفتوح يتمكن المختصون من الإضافة إليه بأسمائهم الصريحة ومناقشة بعض الأقوال والمشاركة في التحرير العلمي
بالإضافة إلى عدد من المزايا التي تحسن إضافتها
هذا ما أستطيع فعله حالياً لتلبية رغبة الإخوة والأخوات المشاركين في هذا الموضوع
وننطلق به جميعاً من التنظير إلى التطبيق ومن القول إلى الفعل، وتوسع الدائرة، ونتعاون فيما بيننا، ويتمكن من رغب التحرك من الحركة.
والأمة بحاجة إلى عدد من الأعمال المؤسسية والتنوع مطلوب
وأسأل الله تعالى أن يمدنا بعونه وتوفيقه
ولعلي أوافيكم بما يستجد من أمور ذات شأن في هذا الأمر بمشيئة الله تعالى.(/)
دعوة لإلقاء نظرة وإبداء نصيحة!
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[15 Jan 2008, 09:34 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
تم بفضل الله تعالى افتتاح ملتقى الصراط لطلاب فلسطين المحتلة (48)، وهو الأول من نوعه هناك.
فنحب أن تزوروه وتبدو نصيحتكم، فإن الملتقى في أوله ويحتاج إلى آراء أهل العلم.
www.alsrat.com/vb
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[16 Jan 2008, 04:18 ص]ـ
بارك الله في جهودكم.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[17 Jan 2008, 01:07 م]ـ
أرى أنه على الملتقى المشار إليه تخفيف اللهجة في النقد لأنني طالعت موضوعا وحيدا فوجدته عبارة عن شتم وسب فتدبر
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[18 Jan 2008, 01:59 م]ـ
شكرًا لكم!
ما هو هذا الموضوع أخي د. خضر؟
ـ[أبو المهند]ــــــــ[19 Jan 2008, 11:45 ص]ـ
اطلع يا أخي العزيز http://www.alsrat.com/vb/showthread.php?t=329 ومن يقول أخرجوا فلانا الرافضي ... وكلام للمطلع عليه يستطيع الحكم، وربنا يصلح حال الجميع آمين.(/)
بعض الأغراض السيئة من خلال ترجمة القران الكريم
ـ[خليل إسماعيل الياس]ــــــــ[16 Jan 2008, 08:21 ص]ـ
بعض الأغراض السيئة
من خلال ترجمة القران الكريم
لا شك ان القران الكريم كلام الله عزوجل الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو اعظم الكتب على الاطلاق وقد انزله الله على نبيه محمد عليه الصلاة والسلام وقد كانت دعوة القران دعوة عالمية دعا فيها الناس الى الله عزوجل ومن هنا كان من حق الدعاة ان يحرصوا على تبليغ هذا الدين للعالم اجمع واستوجب هذا الامر ان يعرفوا لغاتهم ليكلموا كلٌ بلغته {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} المائدة67.
وهنا ظهرت قضية ترجمة القران الكريم الى اللغات الاجنبية وقد كثر الجدل كثيرا في هذا الامر بين مجوز ومانع وبين مفصل بين ترجمة حرفية واخرى تفسيرية وهل الترجمة تعني لفظ القران ام المعنى المراد من اللفظ ...
وعلى اية حال فقد اتفق الجميع على استحالة ترجمة النص اللفظ القراني المعجز الذي تحدى الله الانس والجن بان يأتوا بمثل هذا القران وكانت النتيجة اثبات عجزهم ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا لانه امر متعذر لما فيه من انتقاص للمعنى الاصلي، واكاد اجزم بان الجميع اتفقوا ايضا على جواز الترجمة التفسيرية للقران الكريم، وقد ادت الترجمات الصحيحة الى انتشار واسع للدين الاسلامي وهداية للحيارى الباحثين عن الحقيقة.
بيد ان هناك من استغل هذه الترجمات لاغراض عدائية للاسلام فراح من خلال ترجمته يدس على الاسلام تشويها وتزويرا لكثيرمن الحقائق وتلفيقا وتنفيرا لكثير من الناس، ومنهم من استغل هذه الترجمات لنشر فكر معين ومذهب معين باطل، ومنهم من أساء الى القران الكريم بسبب جهله باحدى اللغتين المترجم منها او المترجم اليها وغالبا ما يكون الجهل في اللغة المترجم منها وهي اللغة العربية، وفي بعض الاحيان ينشأ الخطأ بسبب اللغة المترجم اليها وذلك لعدم وجود مفردات وكلمات في تلك اللغة، ومنهم من اعتمد على الروايات الضعيفة واهمل الروايات الصحيحة ليثبت فكرة ما بلباس اسلامي من خلال الرواية، ومنهم من ترجم نقلا عن ترجمة اخرى وليس عن الاصل فبات الامر اضعف، ومنهم من لم يكن امينا في ترتيب النص القراني، نعم لم يستطع الكثير منهم الحذف لكنهم استطاعوا ان يتلاعبوا بالتقديم والتأخير في النصوص القرانية، ومنهم من وقع في الخطأ في الترجمة سواء عن قصد سيء ام عن غير قصد، وهناك من كانت له دوافع سياسية وقومية من خلال الترجمة وبعضهم كانت دوافعه مادية اقتصادية وهناك من كان دافعه الاعلام المعادي للاسلام من خلال ترجمة القران.
وساحاول في هذه السطور ان انقل بعض الامثلة التي تمثل لما سبق، ولنبدا بالاغراض العدائية فقد كان المنصرون والمستشرقون اسبق الى ترجمة القران الكريم من غيرهم وذلك بهدف تقديم صورة مشوهة عن الاسلام والقران ولصد ابناء جلدتهم عن سبيل الله فحرفوا ودسوا.
في التراجم الصربية للقران الكريم نجد ان الغلاف كان يحمل صليبا تحت اسم المترجم لوبيبراتيتش.
وليس الغلاف فحسب بل ان العداء يظهر في الاسم والعنوان ففي ترجمة دافيد نيريتر كانت الترجمة بعنوان (افتتاح جديد لمسجد محمدي القران الكامل).
وهناك ترجمة فرنسية تسمى ترجمة فاطمة الزهراء ويشير روبي واترلو الى ان اكثر ما يلفت الانتباه هو الاسم.
وفي الترجمة الروسية لفاليريا بوروخوفا تجدها تترجم لفظة التوراة وتستبدلها بالقانون وهو رمز توراتي اقحم على الترجمة القرانية، وقد عكست لنا هذه الترجمة عداوة مبطنة للاسلام وعداوة كبيرة للرسول صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ان المترجمة ترى ان موضوع نبوة محمد موضوع خلافي، وفي تفسير قوله تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ} آل عمران144 تقول: محمد ليس اكثر من رسول سبقه كثيرون آخرون، والمترجمة الروسية تصر على رفض ترجمة الاسلام بالاسلام او المسلم بالمسلم او المسلمين بالمسلمين، ففي ترجمة قوله تعالى {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ} البقرة128 قالت ربنا اجعلنا طائعين لك.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهناك من كتب لفظة مسلم ( Muslim) كتبها بهذا الشكل ( Moslim) وهي بهذا الشكل تقرأ ( Mozlum) وتعني الفظ المتوحش، وهي طريقة درج الحاقدون على الاسلام ليوحوا ان المسلم شخص فظ متوحش.
وفي ترجمة يوسف علي وهي ترجمة مشهورة ومتداولة ومع ذلك فاننا نرى التشويه للفظ المسجد بشكل واضح ففي مطلع سورة الاسراء ذكر الله سبحانه وتعالى المسجد مرتين فقال تعالى {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى} الإسراء1 وجاء المترجم ففسر لفظة المسجد في المسجد الحرام بـ ( Mosque) والتي تعني المسجد بينما نراه ترجم لفظة المسجد في المسجد الاقصى بـ ( Temple) والتي تعني الهيكل فهل بعد هذه الانتقائية كلام!!!
وهناك من ذهب ابعد من ذلك فنرى بعض المترجمين يعمدون الى كتابة لفظ الجلالة بـ ( God) وهذه الكلمة تعني في الثقافة الانكليزية المعبود الذي يعبد في النصرانية واليهودية المشتمل على التثليث، بينما لفظ الجلالة (الله) يعني الاله الواحد الاحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد ولفظ الجلالة (الله) لفظ لا يوجد له مرادف في كافة لغات العالم، ولذلك يترجم المسلم الحريص بسم الله بـ
in the name of Allah
ويترجمها غيره بـ in the name of God
مع الاشارة الى ان هناك من يفرق في الاستعمال في لفظة ( God) اذا كانت بحرف كبير او صغير، لكن الاولى استعمال لفظ الجلالة ( Allah) دفعا لهذه الشبه.
وقد استغل البعض ترجمة القران الكريم لنشر فكر منحرف وهو فكر القاديانية فجعل غلام احمد هو المهدي المنتظر من خلال تحريف بعض الايات المتعلقة بالمسيح عليه السلام وزعموا بان الملائكة والجن ما هم الا رموز تمثيلية للدلالة على قو الخير والشر وجعلوا المعجزات الواردة في القران الكريم ما هي الا من قبيل المجاز والتعبر الرمزي لا اكثر وقد اعتمدوا على بعض الروايات الضعيفة والباطلة للترويج لافكارهم وتسويق اراءهم الباطلة.
واما من جهل اللغة العربية ومعانيها او تجاهلها فقد أساء الى معاني القران الكريم فقلب نظام المعطوف والمعطوف عليه والبدل والمبدل منه سواء كان في كلمة ام في جملة وما ذلك الا الشذوذ بعينه ونستطيع ان نقول انه عبث منظم، وبعضهم ذهب الى اكثر من ذلك فسمح لنفسه ان يتلاعب بترتيب السور القرانية بحيث جعلها غير مرتبة بحسب ترتيبها في المصحف الشريف مع ان الاصل يقتضي بان يكون المترجم امينا في نقل النصوص وليس له التلاعب باي نص يترجمه لا تقديما ولا تاخيرا لان ذلك يخرج الترجمة عن وظيفتها الاصلية ثم يؤدي الى تغيير جذري في معاني النص، والامثلة على ذلك كثيرة جدا منها قوله تعالى {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} النساء29 ترجمتها ف. بوروخوفا (انفسكم لا تقتلوا)، اما في قوله تعالى {فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} البقرة54 ترجمتها فيجب عليكم ان تقتلوا بعضكم بعضا بانفسكم.
وهناك من ترجم قوله تعالى {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} النحل67 فسرها تتخذون منه المسكرات والخمور.
ونقل الاستاذ مصطفى صادق الرافعي عن الترجمة الفرنسية في ترجمة قوله تعالى {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} البقرة187 ان ترجمتها كانت هن بنطلونات لكم وانتم بنطلونات لهن ..
وبعضهم اراد ان يصور ان الاسلام يظلم المرأة فترجم قوله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} النساء34 الرجال متفوقون او مسيطرون على النساء، بينما كان الاجدر ان تترجم الرجال قائمون في مسؤولية النساء او حاملون المسؤولية عنهم، ولعل هذا الامر وامثاله من خفاء هذه الكنايات ووجوه اللغة العربية عن المترجمين دفع بعض العلماء الى تحريم ترجمة معاني القران الكريم.
ووصل البعض من الاستخفاف بالنص القراني الى ان يفسر قوله تعالى {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} العصر1 ان جميع البشر يكونون بعد الزوال وقبل غروب الشمس في حالة ردئية وخسران.
ويصل الجهل ايضا الى تجاهل الحقائق التاريخية، ففي قوله تعالى {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} الكهف60 نجد في الترجمة الالمانية أي قال موسى لفتاه وهو عيسى ابن مريم، وهذا قول شاذ وباطل اذ بين زمان موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام قرونا كثيرة، والفتى هنا هو يوشع بن نون.
وفي قوله تعالى {فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا} الكهف65 فسرها فوجدا النبي محمدا، وهذا اسراف في التاريخ ايضا اذ زمان موسى بعيد جدا عن زمان النبي محمد عليهما الصلاة والسلام والصواب انهما وجدا الخضر.
ومن نافلة القول ان احد الاسباب المهمة التي اوصلت هذه الترجمات الى هذا الضعف هو عدم الترجمة عن الاصل انما نقلا عن ترجمة اخرى وفي بعض الاحيان نجد هذه الترجمة المنقول عنها هي نفسها عن ترجمة ثالثة وذلك كما في الترجمة الالبانية والصربية والبوسنية والتي ترجمت نقلا عن الترجمة الروسية والاخيرة ترجمت نقلا عن الترجمة الفرنسية فالعربية، لانهم لم يكونوا ملمين باللغة العربية ومن هنا كان من السهل ادخال الدس ومن ثم نقله من لغة الى اخرى.
ولو تتبعنا هذه الاغراض لوجدنا منها الكثير ولعل الله يسخر من ذوي الاختصاص من يتفرغ لدراسة شاملة يرصد فيها كل هذه المساوئ وغيرها.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خليل إسماعيل الياس]ــــــــ[25 Jan 2008, 01:09 ص]ـ
ارجو من الاخوة الفضلاء الاضافة لكي يتسنى لنا استقصاء اكبر ما يمكن من هذه الاغراض
لزيادة الفائدة وشكرا(/)
تعليقات الشيخ الدكتور مساعد الطيار على كتاب الإتقان من النوع 37 - 40
ـ[بدر الجبر]ــــــــ[16 Jan 2008, 09:15 ص]ـ
تنبيه وتوضيح:
هذه تعليقات الشيخ مساعد -وفقه الله- على كتاب الإتقان بنصها بعد تفريغها ثم مراجعة الشيخ لها.
النوع السابع والثلاثون: فيما وقع فيه بغير لغة الحجاز 29 - 10 - 1428هـ
• هذا المبحث ليس فيه إفادة مباشرة بالتفسير فنعرف المعنى ولا يعنينا من الذي تكلم به وبأي لغة ورد, ولكنه علم من علوم القرآن له ارتباط بعلم غريب القرآن وعلم النزول (ما نزل بغير لغة قريش) , والأحرف السبعة بناء على أنها لغات العرب وأيضا له علاقة بالقراءات من وجه بناءً على أن بعض الوجوه المقروء بها مرتبطة بلهجات العرب هذه, وهذا العلم من علوم القرآن النقلية والذي يُنقل عنه هذا هو إما تفسير السلف أو كلام أهل اللغة ولا مجال للعقل فيه.
• من الفوائد في هذا النوع:
1. أن خفاء بعض الألفاظ على بعض الصحابة بسبب أنها لم تكن بلغة قومه, ومما ورد في الأثر عن ابن عباس قال: (ما كنت أعلم معنى قوله: ((ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق)) حتى سمعت امرأة من أهل اليمن تقول: افتح بيننا أي اقض) فابن عباس جهل المعنى فهل يمكن أن يجهل الصحابة معنى كلمة بالقرآن نقول: نعم لكن لا يمكن أن يجهلوه جميعا, وسبب جهل بعضهم أنها نزلت بغير لغة قريش وإنما كانت بلغة قوم آخرين.
2. من فوائد هذا النوع أيضا: تزيين الفاصلة واللفظ على السمع كما في قوله تعالى ((كلا لا وزر)) بمعنى: (جبل) فالفاصلة في الآيات التي قبلها وبعدها هي الراء ولو جاء بكلمة (جبل) لصار في الكلام نُبُوَّا, فالمجيء بهذه الكلمة مقصود لتحسين الصوت, وهذا في الحقيقة من إعجاز القرآن وهو اختيار اللفظ المناسب في الموضع المناسب, ومن ثَمَّ فإن ما يدعيه بعضهم من أنه ينافي كمال إعجاز القرآن وبلاغته.
فنقول: هذا غير صحيح بل هو من تمام إعجاز القرآن وبلاغته ومراعاته للفظ والسمع معًا ما دام المعنى لم يختل ولم يتغير ولم ينقص.
• البحث عن العلل في بعض المواطن المرتبطة بالنقل أو المرتبطة بالصوتيات والأداء هو في الحقيقة بحث عن أمر غير ممكن وغير مفيد, مثلا نقول إن حفص قرأ ((فيه مهانا)) ومدَّ هاء الصلة من أجل التنبيه على عظم هذا العذاب, فهو وجه قرائي لا علاقة له بهذا التعليل.
• مسألة: عندما يقولون عن اللفظة إنها في لغة أسد هل يلزم أنها ليست في لغة الحجاز فنقول: لا فقد تكون هي الأشهر والأكثر استعمالا وتكون أقل عند الآخرين.
• قول عثمان –رضي الله عنه- (إذا اختلفتم أنتم وزيد فاكتبوه بلسان قريش) نقول: هذا مرتبط بالرسم أي اكتبوه بالرسم الذي يتناسب مع لسان قريش ولا يمنع أن يقرأ بغيره بدلالة أن هناك من المكتوب ما قرئ بغير ما كتب به وسبق الحديث عن هذا في الأحرف السبعة.
النوع الثامن والثلاثون: فيما وقع فيه بغير لغة العرب 14 - 11 - 1428هـ•
هذا المبحث نقلي, وليس له أثر في فهم المعنى قطعًا, وهو من علوم القرآن بلا ريب.
• قال السيوطي: (وقال ابن فارس لو كان فيه من لغة غير العرب ..... ): أقول: هذا تحليل جيد؛ لأنه رجع إلى مبدأ الإعجاز, والإعجاز إنما وقع بهذا النظم العربي وتحدى العرب بكونه نظما عربيا, فالعرب لم يتوقفوا في كونه عربي.
• قال السيوطي: (وقال ابن جرير ...... ): ناقش ابن جرير ذلك في مقدمته وهو يرى أنه ورد نسبة شيء من القرآن عند السلف إلى غير العرب بلا ريب ولكن الطبري ينبه إلى ملمح لطيف وهو أن من نسبها إلى غير العربية لم ينفها عن العربية فهو يرى أنه يستخدم في لغة وفي لغة أخرى فهو مستعمل في أكثر من لغة.
• ذكر السيوطي آراء العلماء في المعرَّب, وقد ظهر رأي معاصر مستفاد من أقوال المتقدمين، وفيه زيادة عليهم من جهة تحليل ألفاظ الللغات القديمة، وقد ظهر لهم أن أصول الكلمات التي يقال بعجميتها أنها عربية محضة، لكن قد يكون حصل لها بعض التحويرات والاختلافات في النطق عن اللغة التي نزل بها القرآن، وقد نبه هؤلاء إلى أن اللغة العربية المكتوبة هي الطريق لمعرفة لغات القدماء، كالهيروغلفية التي كانت في مصر فمثلاً: (حجر رشيد) كتب بثلاثة رسوم وهي كلام واحد وقد قام العالم الفرنسي شمبليون بفكِّ هذه الرسوم بعد تعلمه العربية التي استفاد منها في فكِّ هذه المدونة.
(يُتْبَعُ)
(/)
• قال السيوطي: (وقد رأيت الخويِّي ذكر لوقوع المعرب ..... ): رأي الخويي هذا جيد وقد أشار إلى طرف من ذلك ابن عطية في مقدمته وأن ألفاظ القرآن لو انتزع منها شيء ثم بحثنا في كلام العرب عن كلمة توافق هذه الكلمة في هذا المقام لما وجدنا.
• الصحيح أن العبرية الآن ليست لغة مستقلة محفوظة بدليل أن أبناء يعقوب الاثني عشر كانوا في بادية الشام كما في قول يوسف: ((وجاء بكم من البدو)) وأبوهم إبراهيم عليه السلام جاء من العراق فبين إبراهيم -الذي يتكلم إحدى لهجات العربية الشمالية- وأحفاده الأسباط فترة قصيرة جدا, ولهم ارتباط بمن حولهم فلغتهم واحدة؛ ولذا لما هاجر لوط عليه السلام مع عمه إبراهيم عليه السلام أرسله الله ـ وهم في الطريق إلى بادية الشام ـ إلى قرى سدوم وعمورة والله يقول: ((وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه))، وهذا يعني أن لسان لوط هو لسان قرى سدوم وعمورة.
وكذلك إبراهيم لما انتقل إلى مصر مع زوجته سارة ووهب لها الملك امرأة اسمها هاجر وهو اسم عربي صريح فهؤلاء الأسباط انتقلوا إلى مصر فهل يعقل أنهم بقوا على لغتهم ولم يختلطوا بغيرهم نقول: لا بل خالطوا غيرهم وتأثرت لغتهم ثم انتقلوا إلى مصر وعاشوا في بادية سيناء وهي فترة التيه ثم أذن لهم سبحانه بالدخول إلى فلسطين فهل يعقل أنهم بقوا على لغتهم ثم إذا علمنا أن بختنصر ملك بابل أحرق عليهم المسجد الأقصى وأخذ نسخ التوراة وأحرقها, ثم كتب التوراة رجل منهم اسمه (عزرا)، وباتفاقهم أنه كان بعد خروجهم من الأسر، فكتبها بلغتهم التي يتحدثون بها آنذاك، ثم جاءت الترجمة السبعينية, فالصحيح أن العبرية الآن ليست القديمة, مع العلم أن العبرية القديمة هي لهجة من لهجات العرب القدماء الذين خرجوا من جزيرة العرب.
النوع التاسع والثلاثون: في معرفة الوجوه والنظائر21 - 11 - 1428هـ
• هذا النوع يحتاجه المفسر بلا ريب, وله علاقة بالمعنى, لذا هو من علوم القرآن, وهو مبني على النقل ويدخله الرأي والاجتهاد.
• الذي يظهر أن أول من صنف فيه هو مقاتل بن سليمان, وينسب إلى ابن عباس مصنفٌ في هذا العلم لكن ـ فيما يظهر ـ لم تثبت نسبته إليه، إلا إن كان أحد المتأخرين جمع شيئًا من ذلك من تفسير ابن عباس, فإنه لم يثبت عندي من خلال الاطلاع على المرويات أن أحدًا من الصحابة صنف في التفسير أو في علوم القرآن, وإنما يذكر صحائف جمعت حديث النبي صلى الله عليه وسلم كصحيفة عبد الله بن عمرو بن العاص وغيرها.
• تصنيف مقاتل بن سليمان طبع بتحقيق: عبد الله شحاتة باسم (الأشباه والنظائر) , وتسميته بذلك خطأ؛ لأن الأشباه هي النظائر وكل من عرَّف بكتاب مقاتل ذكر بأن اسمه (الوجوه والنظائر) , فالوجوه شيء والنظائر شيء آخر, أما الأشباه فهي النظائر, ثم طبع كتاب مقاتل مؤخرًا بتحقيق: د. حاتم الضامن في مركز جمعة الماجد في جزء لطيف, على نسخة غير النسخة التي طبعها عليه: عبد الله شحاتة, وقد زعم حاتم الضامن واعترض على نسخة عبد الله شحاتة وأنها لهارون الأعور, لكنه لم يبين هذا بيانًا تامًا, والذي يظهر –والله أعلم- أن المسالة فيها نظر, لا من هذا ولا من ذاك؛ فالكتب القديمة كان يضاف فيها ويزاد, ولو عملنا موازنة بين كتاب هارون الأعور (ت170هـ) , وكتاب مقاتل (150هـ) لوجدنا تشابهًا كبيرًا, ثم ما كتبه يحيى بن سلام (200هـ) بعدهما واسم كتابه (التصاريف) نجد أنه أيضا يشابه هذه الكتب.
• كل من جاء بعد مقاتل فإنه يضيف على كلام مقاتل ويزيد عليه الوجه والوجهين ونحوه, ولذا يصح القول: إن كل المتأخرين الذين ألفوا في هذا العلم هم عيال على مقاتل.
• ممن ألف: ابن الجوزي, وأصل عمله كتاب مقاتل ثم زاد عليه زوائد, وقد بحَث (فهد الضالع) في رسالته للماجستير زوائد ابن الجوزي على مقاتل في النظائر, وبحثه جيد, وفيه نفائس ولطائف خصوصًا فيما يتعلق بالقضايا المرتبطة بين المعنى السياقي الذي يأتي في الوجوه والنظائر وبين المعنى اللغوي.
• كتاب (الأفراد) لابن فارس حُقق في مجلات علمية, وحققه وطبعه مؤخرًا حاتم الضامن في رسالة صغيرة.
(يُتْبَعُ)
(/)
• فيما يتعلق بتعريف السيوطي للوجوه والنظائر أقول: هذا يحتاج إلى بسط وتفصيل فيما ذكره رحمه الله ليس بدقيق فيما يتعلق بتعريف هذا العلم, والدليل على هذا هو عمل مقاتل ومن جاء بعده, فنأخذ قوله: (المشترك): اللفظ المشترك الأصل فيه أن يكون محكيًا عن العرب, مثل قوله ((والليل إذا عسعس)) يستخدم في: (أقبل) و (أدبر) , ومثله ((فرت من قسورة)) يستخدم في: (الأسد) و (الرامي) , ثم لو نظرنا إلى قوله: (الذي يستعمل في عدة معان): لو نظرنا إلى ما ذكر من الأمثلة في القرآن مثلا (الهدى) فيها سبعة عشر وجهًا, فهل هذه المعاني استخدمها العرب الجواب: لا, وإنما هي معانٍ سياقية, وبناءً على ذلك قوله: (اللفظ المشترك) لا يصلح أن يكون هو المراد بالوجوه.
• أيضًا: قوله: (كالألفاظ المتواطئة) هذا من المصطلحات المنطقية, وليست هي النظائر, فالنظائر في حقيقتها كما عند مقاتل هي الآية التي تأتي على معنى واحد من معاني الوجوه فلا علاقة لها بالألفاظ المتواطئة.
• قيل في تعريف الوجوه والنظائر: الوجه: الاتفاق في اللفظ, والنظائر: اختلاف المعنى, وهذا أيضا ليس بدقيق.
• الصواب من خلال عمل مقاتل أن مراده بالوجوه: تعدد المعاني التي وردت للفظة الواحدة في القرآن, مثلا: (الهدى) وردت بمعنى الثبات والدين ونحوها فهذه وجوه, وإذا جاء في أحد هذه الوجوه أكثر من آية فهي نظائر.
• قال السيوطي: وقد أفردت في هذا كتابا سميته: (معترك الأقران في مشترك القرآن): أقول: المشهور للسيوطي كتاب: (معترك الأقران في إعجاز القرآن) ولا يُدرى هل هو هذا أم أن له كتابا آخر قريبا من هذا العنوان؛ لأن كتابه: (معترك الأقران في إعجاز القرآن) ذكر أن من وجوه إعجاز القرآن وجود المشترك فهو أحد وجوه الإعجاز, وقد أشار محقق كتابه: محمد علي البجاوي في تحقيقه لـ (معترك الأقران) , وزعم أن السيوطي ذكر هذا الكتاب بهذا الاسم في كتاب الإتقان في هذا النوع (الوجوه والنظائر).
• قول السيوطي: (وذكر مقاتل في صدر كتابه حديثا مرفوعا: (لا يكون الرجل فقيها كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة): أقول: هذا لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما الذي ثبت عن أبي الدرداء قوله: (وإنك لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها) , ومراد أبي الدرداء: أن الآية تحتمل أكثر من وجه, وليس مراده ما يقول الباطنية أن للقرآن ظاهرًا وباطنًا, وكذلك ليس مراد مقاتل ما ذهب إليه الباطنية أن للقرآن ظهرًا وبطنًا, بل مراد أبي الدرداء على الصواب: أن الآية قد تحتمل أكثر من معنى صحيح فإذا رأيت العلماء قد حملوها على معان متعددة كلها صحيحة فاقبلها, ولو رجعنا إلى تفسير السلف نجد مصداق ذلك في تطبيقاتهم. إذن لا علاقة بقول أبي الدرداء بالوجوه والنظائر ولا علاقة له بكلام الباطنية.
• قول علي بن أبي طالب لابن عباس: ( .... ولا تحاجهم بالقرآن فإنه ذو وجوه ولكن خاصمهم بالسنة): (ذو وجوه) أي: وجوه المعاني, وعليُّ أراد من ابن عباس –رضي الله عنهما- أن يحيد عن الآيات؛ نظرا للاحتمال فيها , وأن يذهب للسنة؛ لقلة الاحتمال فيها, وهذا يدلنا على أن المحتملات في القرآن أكثر من المحتملات في السنة.
• هناك فكرة وهي تطبيق الوجوه والنظائر مع طلاب التحفيظ, فيعطون هذه المعاني ويحاولون استحضار الآيات.
النوع الأربعون: في معرفة معاني الأدوات والمعاني التي يحتج إليها المفسر 28 - 11 - 1428هـ
• هذا النوع مرتبط بالمعاني ولذا هو مما يحتاج إليه المفسر وما دام كذلك فهو من علوم القرآن, ومرجع هذا المبحث هو اللغة؛ ولذا سيعتوره أمران: النقل والاجتهاد, النقل من جهة أن أصول هذه الأدوات وكثير من معانيها منقول, ولكن قد يدخله الرأي من حيث نظر بعض العلماء في معاني هذه الأدوات, والذي يدل على وجود الرأي فيها هو اختلافهم في دلالة بعض هذه الأدوات.
• بعض المباحث التي ذكرها السيوطي في هذا النوع تتعلق بنواحٍ نحوية وصرفية ليس لها أثر على المعنى مباشرة, وهي إن كانت مهمة في بابها إلا أنها لا تتعلق بعلم التفسير.
• من الكتب التي ذكرها السيوطي: الأزهية لأبي الحسن علي بن محمد الهروي, وكتابه مطبوع من مطبوعات المجمع العلمي بدمشق, وكذلك كتاب الجنى الداني, وللرماني كتاب في هذا أيضاً, ولكن أنفس هذه الكتب وأوسعها كتاب مغني اللبيب.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[16 Jan 2008, 12:57 م]ـ
جزاك الله خيراً تعليقات مباركة ..
ـ[أبو عبيدة]ــــــــ[17 Jan 2008, 02:48 م]ـ
أثابك الله ورفع قدرك
وجزاك الله خيرا على هذا المجهود(/)
منهج الاستدلال بالمكتشفات العلمية على النبوة والربوبية (دراسة نقدية)
ـ[سعود العريفي]ــــــــ[16 Jan 2008, 11:14 ص]ـ
في المرفقات بحث قدمته للنشر في مجلة جامعة أم القرى للعلوم الشرعية واللغة العربية وآدابها، المجلد (19) العدد (43) ذو الحجة 1428هـ || ديسمبر (كانون1) 2007م بعنوان:
منهج الاستدلال بالمكتشفات العلمية على النبوة والربوبية
والبحث كاملاً مرفق في هذه المشاركة. ورابطه على موقع جامعة القرى هو:
منهج الاستدلال بالمكتشفات العلمية على النبوة والربوبية ( http://www.uqu.edu.sa/majalat/shariaramag/mag43/6.pdf)
دراسة نقدية
وقد سبق نشر ملخص البحث في ملتقى أهل التفسير على هذا الرابط في موضوع:
منهج الاستدلال بالإعجاز العلمي على النبوة ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=9185)
8/1/1429 هـ
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[16 Jan 2008, 06:46 م]ـ
جزاك الله خيراً د. سعود.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[17 Jan 2008, 01:41 م]ـ
جزاك الله خيراً ولا يزال موضوع الإعجاز العلمي بحاجة للبحوث والدراسات ..
ـ[سعود العريفي]ــــــــ[30 Jan 2008, 01:29 ص]ـ
(الحمد لله، والصلاة والسلام على نبيه محمد، وبعد ..
فهذا بحث يحاول تحديد معالم المنهج الصحيح في الاستدلال بالمكتشفات العلمية على مسألتي
الربوبية والنبوة، كما يتعرض بالنقد الطريقة السائدة في الساحة الإسلامية لمعالجة هذه المسألة، ويعتبرالبحث أن المكتشفات العلمية دالة على الربوبية من جهة زيادة التفاصيل الدقيقة المؤكدة على افتقار الكون إلى خالق مدبر، دون أن تكون معرفة هذه التفاصيل شرطا في كمال اليقين، كما يعتبر هذه المكتشفات دالة على النبوة من جهة عدم تكذيبها لشيء مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، أما أن تكون دالة على النبوة من جهة أن النصوص القرآنية والنبوية قد سبقت بالإشارة إليها فقد كشف البحث عن إشكالات منهجية لا يكاد ينجو منها أي من النماذج المتداولة بين المتحمسين لهذه القضية، ومن أخطر هذه الإشكالات اتهام الجيل الأول من المسلمين - وفيهم الرسول صلى الله عليه وسلم – بالخطأ في فهم شيء من القرآن، أو خفائه عليهم، ومنها فتح باب الاستدلال بالاحتمالات والظنيات على المطالب اليقينية، فيفتح باب القدح والتكذيب، وادعاء التعارض بين محتملات القرآن والسنة وبين المكتشفات العلمية، ومنها دخول الدور الممتنع في الإلزام بحمل عبارات القرآن والسنة على أوسع محتملاتها وأصحها بناء على الكمال العلمي لمصدرهما، وفي سبيل تحديد المعالم والضوابط التي تضمن السلامة من هذه الإشكالات ينتهي البحث إلى اشتراط ما يلي لصحة الاستدلال بالمكتشفات
العلمية على النبوة:
1 - أن يكون النص مفهوم المعنى تماما لمجموع المخاطبين به منذ صدوره.
2 - أن يكون المعنى الإعجازي مدلولا متعينا للنص.
3 - ألا يكون صدق هذا المعنى ومطابقته للواقع في الأمر نفسه معلوما من َقبلُ للمخاطبين.
4 - ألا يحتمل كونه مقولا بظن النبي صلى الله عليه وسلم واجتهاده.
5 - إجماع المختصين على كون الاكتشاف العلمي المدعى وقوع الإعجاز العلمي به حقيقًة قطعيةنهائية تمتنع إعادة النظر فيها، واشتهار ذلك بما تنتفي معه شبهة التقول عليهم).ا. هـ
ـ[سعود العريفي]ــــــــ[30 Jan 2008, 01:35 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
فإنه لما كانت النبوة المحمدية خاتمة النبوات، وآخر الرسالات، والتكليف بها عاما
للثقلين، جعل الله تعالى أعظم دلائلها في القرآن العظيم، المحفوظ إلى يوم القيامة بكفالة رب
العالمين، ونوع وجوه دلالته عليها بما ييسر وقوف الناس على هذه الدلالة العظمى، فهو دال
على النبوة من جهة بلاغته وفصاحته، كما أنه دال على النبوة من جهة ما جعل الله فيه من
أنواع العلوم الإلهية والتشريعات الربانية المفصلة، الهادية إلى أحسن الأقوا ل والأخلاق
والأعمال، وهو كذلك دال على النبوة من جهة ما فيه من أنباء الغيب الماضية التي ما كان
يعلمها محمد ولا قومه من قبل أن يوحى إليه، وشهد بصدقها المنصفون من أهل الكتاب السابق، وكذا أنباء الغيب المستقبلية التي تحققت ولا تزال تتحقق شاهدة بأنه من عند عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأيا من هذه الوجوه تجده يحمل خاصيًة ملازِمًة ضرورية في دلائل المطالب العقدية الكبرى، ألا وهي الارتباط اليقيني الواضح بين الدليل والمدلول، فلا مجال هنا للاحتمال، ولا لغلبة الظنون وترجيحات الأقوال، ومما هو مقرر أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال (1)، وإلا يكن ذلك في جميع الأحوال، فإنه دون شك جار في المطالب اليقينية.
ومع تعدد هذه الوجوه اليقينية، وتنوعها و َ غنائها التام في إثبات النبوة المحمدية، وإقامة الحجة بها على كل إنسان، في كل زمان ومكان، فقد ظهر اتجاه جديد في بيان وجه دلالة القرآن على النبوة، ينظر إلى الوجوه السابقة التقليدية على أنها مع صحتها ومناسبتها وتأثيرها وجدواها في العصور السابقة لم تعد مجدية في الخطاب الديني المعاصر، وراح أصحاب هذا الاتجاه يتبنون لونا جديدا يرونه من دلالات القرآن على النبوة، هو ما اصطلحوا على تسميته: "الإعجاز العلمي "، الغرض منه دفع تهمة مصادمة الدين الصحيح للمكتشفات العلمية
التجريبية الحديثة التي ولدت بعيدا عن الدين عند غير المسلمين؛ بل بيان أن كثيرا من هذه المكتشفات سبق الإيماء إليه في النصوص الدينية الموثقة، على وجه يثبت أنها إلهية المصدر، لكنه وجه خفي على السابقين، وتجلى بعد ظهور هذه المكتشفات واشتهارها مطاِبقًة لتلك النصوص.
وإمعانا من أصحاب هذا الاتجاه في تحقيق هذا الغرض الشريف، عمموا هذه المطابقة لتشمل كل ما له صلة صحيحة وثيقة بالدين، فلم تقتصر على نصوص الوحي الأول: القرآن، الذي هو بألفاظه ومعانيه من الله، بل شملت الوحي الثاني: السنة النبوية، الصادرة من النبي صلى الله عليه وسلم قولا أو فعلا أو تقريرا، بل ربما ألحق بذلك ما قد تكون نسبته للوحي والدين محل اجتهاد ونظر، كالشمائل والإرشادات النبوية في الطب والتغذية والرياضة وغيرها من شؤون الحياة التفصيلية الخارجة عن موضوع النبوة الأساس (2)، وهو هداية الناس للتي هي أقوم في عقائدهم وعباداتهم وأخلاقهم، وسياستهم بما يوافق ذلك ويحقق مقاصده من الأحكام التشريعية الكلية والجزئية، بل ربما ألحقوا بذلك أيضا بعض الاجتهادات الفقهية الظنية، وتعبيرا عن ذلك كله ظهر مصطلح "الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية " ليكون اتجاها جديدا في إثبات أن القرآن الكريم كلام الله حقا، وأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله صدقا، وأن دين الإسلام بعقائده وأحكامه دين الله اَلمرضي، الصالح لكل زمان ومكان، وتلك لعمرو الحق غاية نبيلة، وقصد عظيم يشكر أصحاب هذا الاتجاه على التفاني في بلوغه، والصدق في السعي إليه، والحماسة في الحرص عليه، غير أني بعد رصد هذا الاتجاه، والتأمل في
نتاجه من نماذج الإعجاز العلمي في نصوص القرآن والسنة، لحظت خللا منهجيا أحسبه ليس
بالهين، لا يكاد يسلم منه شاهد من شواهد هذا الإعجاز المدعى، وأخشى أن يفوت على هؤلاء
الحريصين المتحمسين قصدهم، بلْه أن يقلب الأمر عليهم إلى الضد، فتعود الدلائل شبهات، والاكتشافات انكسافات، واليقينيات ظنيات، ويرتد الإعجاز عجزا، والإنجاز أزا، فرأيت من النصيحة أن أ عرض ما عندي في هذه القضية، لعلي أظفر بمن يحل هذه العَقد التي أراها مخلة بعامة ما ُقدم إلى الآن من نماذج الإعجاز العلمي، أو أن تكون لفتة من ناصح يرجو أن يكون أمينا، لا يخفى عليه ما أخذته هذه المسألة من أبعاد علمية ووجدانية ودعوية وإعلامية، وما اكتسبته من رسوخ عميق لدى شرائح واسعة من أهل العلم والفضل على اختلاف تخصصاتهم،
وما تحظى به من دعم وتبن من كثير من الهيئات العلمية والجهات الدعوية، حتى صارت المنازعة في صحتها والمناقشة حول جدواها وأهميتها لدى بعض أنصارها ضربا من الاعتراض على الثوابت القطعيات، ونوعا من مكابرة الضروريات، بله تقليلا من شأن القرآن والسنة والعياذ بالله.
وقد رأيت تصنيف بحثي بعد هذه المقدمة على النحو التالي:
- المبحث الأول: قواعد في منهج الاستدلال بالقرآن على النبوة.
- المبحث الثاني: خلاصة مواقف العلماء من التفسير العلمي للقرآن الكريم.
- المبحث الثالث: منهج الاستلال بالمكتشفات العلمية على الربوبية.
- المبحث الرابع: منهج الاستدلال بالمكتشفات العلمية على النبوة.
- الخاتمة والتوصيات.
وبعد فهذا جهد المقل، فإن أصبت فمن الله وحده، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان،
ومن الله وحده أستمد العون والتوفيق والسداد.(/)
من بيان القرآن "بيان قوله "قال فإنك من المنظرين" ج 1
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[16 Jan 2008, 01:22 م]ـ
من بيان القرآن
بيان قوله "قال فإنك من المنظرين " ج 1
الحسن محمد ماديك
المنظرون
إبليس من المنظرين
إن الله لم يجب دعاء إبليس إلى الإنظار كما في قوله ? قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ? الحجر 36 سورة ص 79 ومن المثاني معه قوله ? قال أنظرني إلى يوم يبعثون ? الأعراف 14 وقوله ? لئن أخرتن إلى يوم القيامة ? الإسراء 62 بل كان إبليس كما في قوله ? وكان من الكافرين ? البقرة 34 وسورة ص 74 والله لا يجيب دعاء الكافرين أبدا كما في قوله ? وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ? الرعد 14 غافر 50 لكن الله أخبر أن إبليس من المنظرين كما في قوله ? قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ? الحجر 37 ـ 38 وسورة ص 80 ـ 81 ومن المثاني معه قوله ? قال إنك من المنظرين ? الأعراف 15 وقوله ? قال اذهب ? الإسراء 63 أي أخر عنه الموت كغيره من المنظرين.
وإبليس من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم وهو في الدنيا قبل يوم الدين يوم القيامة الذي طلب الإنظار أي تأخير موته إليه ويوم يموت إبليس معلوم للناس جميعا غير مجهول ألا ترى أن حرف الحجر وحرف سورة ص قد تضمنا قوله ? قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ? وتضمن حرف الأعراف ? قال إنك من المنظرين ? ولم يقل بعده إلى يوم الوقت المعلوم إذ قال الله قبله قوله ? فاخرج إنك من الصاغرين ? الأعراف 13، ولقد تضمن القرآن أن الصاغرين هم المجرمون الذين لن يؤمنوا بالآيات الخارقة للتخويف والقضاء الموعودة كما يأتي بيانه في كلية الآيات فالذين سيتكبرون عنها هم الموصوفون بقوله ? سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما يمكرون ? الأنعام 124 يعني في فجر ليلة القدر كما بينت وهي ليلة معلومة وأجل مسمى كما بينت في كلية النصر في ليلة القدر.
السامري من المنظرين وهو الدجال المنتظر
وإن السامري الدجال كذلك من المنظرين لقوله ? قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه ? سورة طه 97 من قول موسى ومن أعلم من موسى الذي كلمه ربه وآتاه التوراة ـ بخبر السامري ـ ويعني قول موسى أن السامري منظر لن يموت في عهده وإلا لقتله موسى بيده ولا يخفى أن موسى أمر بقتل عبدة العجل كما في قوله ? وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ? البقرة 54.
وقوله ? قال فاذهب فإن لك ? في خطاب السامري من المثاني مع قوله ? قال اذهب فمن تبعك منهم ? في خطاب إبليس لدلالة كل منهما على الإنظار أي أن العقاب أخر عن كل منهما.
وقوله ? فإن لك في الحياة ? يعني أن إنظاره هو إلى آخر الحياة وهي أعم من حياة السامري لو لم يكن من المنظرين وكما في الحديث الصحيح "إن يكن هو فلن تسلط عليه " قاله النبي ? لعمر لما أراد قتل ابن صياد ظنا منه أنه هو الدجال.
وقوله ? أن تقول لا مساس ? دليل على أنه يسجن في حيث لا يمسه أحد ولا يمس هو أحدا في سجنه ذلك كما في الأحاديث النبوية.
وقوله ? وإن لك موعدا لن تخلفه ? دليل آخر على الإنظار وأن موعده متأخر عن موسى وإلا لقتله موسى ولكن موعده هو خروجه في آخر هذه الأمة ليعيث فيها فسادا أربعين يوما ثم ينزل الله عيسى ابن مريم فيقتله في باب لد كما أخبر خاتم النبيين ? في بيان موعد لن يخلفه السامري الدجال بعد خروجه من سجنه، والعجيب أن النبي ? لم ينكر حياة الدجال لما أخبر عن ابن صياد في المدينة وإنما ذهب ليراه ولو لم يكن الدجال حيا آنذاك لأخبرهم أنه لم يولد بعد.
إن فتنة السامري الدجال في قوم موسى بعده قبل رجوعه بالتوراة ستتكرر ولم تنقض برجوع موسى وذلك قول موسى ? إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء ? الأعراف 146 أي بعد أن أخذت الرجفة سبعين رجلا من خيار قوم موسى الذين اعتذروا وتابوا من عبادة قومهم العجل وكان ذلك بعد قول موسى ? فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه ? سورة طه 97 ولو كانت فتنة السامري قد انقضت بذلك لما قال موسى بعد أن أخذت الرجفة قومه مناجيا ربه قوله ? إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء ? بصيغة المستقبل في ? تضل ? و ? وتهدي ? ولقال بدله أضللت بها من
(يُتْبَعُ)
(/)
تشاء وهديت من تشاء أي ممن لم يفتن بالسامري والعجل.
وستتكرر فتنة السامري الدجال كما هو مدلول قوله ? وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ? وهو مما قاله ربنا لموسى بعد أن كلمه وآتاه التوراة بعد أربعين ليلة بينتها المثاني في حرف البقرة والأعراف، والعجيب حقا أن موسى لما تسلم التوراة المكتوبة قد قال الله له كلاما هو من نبوة موسى المتأخرة كثيرا إذ لم يقع منها شيء بعد حتى يومنا هذا وذلك قوله ? سأوريكم دار الفاسقين سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلا ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ? الأعراف 145 ـ 146، وجميعه من نبوة موسى التي تضمنها القرآن للتذكير بها كما في قوله ? ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون ? القصص 51 وهي منتظرة لأن قوله ? سأوريكم دار الفاسقين ? لم يقع بعد إذ لم تهلك أمة ـ بعذاب جامع كالذي أهلكت به قوم نوح والأحزاب من بعدهم ـ بعد أن نزلت التوراة وكما سيأتي بيانه ضمن بيان القرآن.
وكان من تفصيل الكتاب أن قصّ الله بعد نبوة موسى في سورة الأعراف خبر السامري الدجال ابتداء من قوله ? واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ? الأعراف 148 على نسق تفصيل الكتاب في ذكر الموعود المتأخر قبل القريب وهو أن موسى بعد أن آتاه الله التوراة ونبّأه سيجد قومه قد أضلهم السامري بالعجل.
إن سورة طه التي تضمنت قصة السامري باسمه هي من القرآن نبوة خاتم النبيين ? كما هي دلالة قوله ? كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا ? طه 99.
وإن السامري من بني إسرائيل الذي فتن قوم موسى بالعجل هو الدجال الأعور كما هو دلالة قوله ? بصرت بما لم يبصروا به ? طه 96 وهو الطعن في الذين يتمتعون بعينين سالمتين.
وإن قوله ? وكذلك سولت لي نفسي ? طه 96 من قول السامري هو من المثاني مع قوله ? واتبع هواه ? الأعراف 176 إذ هو نفسه الدجال الأعور المنظر ولا يعني وصفه بقوله ? واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ? أنه كان من المكرمين كالرسل والنبيين إذ وصف الله ثمود بمثل ذلك في قوله ? وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها ? أي أن آية خارقة قد جاءهم بها رسولهم صالح وكذلك رأى السامري آية خارقة جاء بها موسى.
والعجيب أن النبي ? قد اعتبر السامري الدجال أكبر فتنة من جميع الفتن ما بين خلق آدم والساعة وكذلك قال الله ? فأتبعه الشيطان ? الأعراف 175 يعني أن السامري أصبح سيد إبليس ومتبوعه لأن السامري سيدعي أنه إله الناس إذ غضب من قبل أن حرق موسى عجله ومعبوده وسيدعي ما ادعاه من قبل للعجل وقصر إبليس عن ادعاء ذلك.
إن قوله ? ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ? النحل 89 ـ 90 ومن المثاني معه قوله ? قل إن الله لا يأمر بالفحشاء ? الأعراف 28.
ويعني حرف النحل أن من تبيان الكتاب لكل شيء أن الدجال سيزعم للناس أنه هو الله ويأمرهم بالفحشاء والمنكر والبغي وقد أخبر الله في الكتاب أن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى خلاف ما سيأمر به الدجال وأن الله وعظ بهذا البيان لعل الناس يتذكرونه إذا جاءهم الدجال وزعم أنه هو الله ليتذكروا بمنهاجه أنه دجال شيطان وليعلموا بحرف الأعراف بعد حياة النبي ? كما هو مدلول القول أن الدجال الذي يأمر بالفحشاء ليس هو الله وقد أمر الله المسلمين يومئذ بقوله ? وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا ? النحل 91 ـ 92 أي ليثبتوا على الإيمان ولا يفتنوا بالدجال ومخارقه.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن قوله ? ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ? البقرة 155 لمن المثاني مع قوله ? لتبلون في أموالكم وأنفسكم ? عمران 186 ويعني أن المتقين في آخر هذه الأمة سيبتلون بالخوف والجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات التي ستفيض على الدجال ومن معه كما في قوله ? أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به ? النحل 92.
إن قوله ? واستفزز منهم من استطعت بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم ? الإسراء 64 لمنتظر وسيتم إيقاعه يوم يخرج الدجال فيتبعه الشيطان كما في قوله ? فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ? الأعراف 175 يعني أن الشيطان إبليس سيسخر لمتبوعه السامري الدجال خيله ورجله وهكذا يمخرق على الناس فيتبعونه بخوارقه وخوارق الشيطان معه.
وكان إبليس من الجن والسامري من بني إسرائيل من بني آدم شيطانان من المنظرين كما بينت.
عيسى وأمه من المنظرين
وإن عيسى وأمه من المنظرين كما في قوله ? قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير ? المائدة 17 ويعني أن المسيح ابن مريم وأمه لم يكونا قد أهلكا يوم نزل القرآن لأربع قرائن أولاها أن ذلك من القول كما هي دلالة قوله ? قل ? وثانيها قوله ? فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ? أي أن الله لم يرد ذلك بعد وأنه إذا أراده مستقبلا فلن يستطيع منعه أحد.
إن السياق لا يستقيم لو كان المسيح عيسى وأمه قد ماتا قبل نزول القرآن كما لا يستقيم أن يقال فمن يملك من الله شيئا أي يستطيع منعه إن أراد أن يهلك عادا الأولى قوم هود بالريح العقيم لأن إهلاكهم قد مضى وانقضى ولم يأت في القرآن القول الفصل مثل هذا النظم الهزل، لأن الشرط بقوله ? إن أراد ? يعني أن إرادة الله لم تقع بعد يوم نزل القرآن وأن موت المسيح عيسى وأمه لا يزال منتظرا وهو مقدمة إهلاك من في الأرض جميعا ومنه ما على ظهرها يومئذ من الناس والدواب.
وثالثها قوله ? يخلق ما يشاء ? بصيغة المستقبل أي أن الله قبل أن يريد إهلاك المسيح ابن مريم وأمه سيخلق ما يشاء من الخلق ومنه الجيل الذي سيعاصر نزولهما.
ورابعها قوله ? إن الله على كل شيء قدير ? لدلالتها على أن ما قبلها هو من الغيب المنتظر وقوعه بعد نزول القرآن كما هي دلالة اسمه القدير الذي تضمن وعدا حسنا لم يقع بعد يوم نزل القرآن كما بينت في الأسماء الحسنى.
وإن قوله ? ويكلم الناس في المهد وكهلا ? عمران 46 لمن المثاني مع قوله ? تكلم الناس في المهد وكهلا ? المائدة 110 وقد مضت الأولى وهي كلامه في المهد ونحن في انتظار الثانية وهي أن يكلم المسيح وهو كهل الناس أي بعد أكثر من ألفي عام على ولادته.
وإن قوله ? وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما ? النساء 157 ـ 158 لمن المثاني مع قوله ? إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ? عمران 55 ويعني حرف النساء الذي تضمن الاسمين العزيز الحكيم أن رفع عيسى وعد من الله كما فصله حرف عمران وقد تحقق الجزء الأول من الوعد في الدنيا وهو أن الله قد توفاه ورفعه إليه وطهره من الذين كفروا أما الجزء الثاني من الوعد في الدنيا فمنتظر وهو قوله ? وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ? وقوله ? فأما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا ? عمران 56 كما بينت في كلية النصر في ليلة القدر وسيتم بعزة الله وحكمته أن يكون الذين يتبعون عيسى بعد نزوله فوق الذين كفروا وكما في الحديث أنه سيقتل الدجال ويقاتل اليهود حتى يختبئوا وراء الحجر والشجر من الذلة، وهم يختبئون لأن أيديهم ستكون يومئذ مغلولة ليقع فيهم وعد الله الذي نبّأ به في القرآن ? غلّت أيديهم ? المائدة 64 ولم يقع بعد وهو منتظر، إذ هو من الوعد في الدنيا والغيب في القرآن، ويعني تطهيره من الذين كفروا أنه يوم ينزل إلى الأرض لا يحل لكافر أن يجد نفسه بتحريك الفاء بالفتح إلا مات وإن نفسه لينتهي حيث ينتهي طرفه كما في الحديث.
(يُتْبَعُ)
(/)
إن قوله ? إني متوفيك ? ليعني أن الله قد ألقى النوم على عيسى قبل رفعه كما في قوله ? وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ? الأنعام 60 ومن المثاني معه قوله ? الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ? الزمر 42 والتوفي في الأحرف الثلاثة قد أسند إلى الله على نسق واحد لعدم اختصاص عيسى والرسل به بل جميع الناس يعرفون النوم كما بينت في اسم الله ضمن الأسماء الحسنى.
ولقد قتل وصلب الذي كان حريصا على قتل عيسى إذ ألقي عليه شبهه كما في قوله ? ولكن شبه لهم ? النساء 157 ومن المثاني معه قوله ? ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ? عمران 54 إذ كان من مكر الله أن شبّه لهم الأحمق فقتل وصلب ظنا منهم أنه عيسى الذي رفعه الله إليه.
إن قوله ? وجعلناها وابنها آية للعالمين ? الأنبياء 91 لمن المثاني مع قوله ? وجعلنا ابن مريم وأمه آية ? الفلاح 50 ويعني أنهما سيجعلهما ربهما آية للعالمين وهم أعم من بني إسرائيل من قبل وكما في قوله ? واصطفاك على نساء العالمين ? عمران 42 وهي لم تعاصر من قبل إلا بني إسرائيل.
نعم لقد كان عيسى مثلا لبني إسرائيل أي رسولهم وإنما يعني جعلهما آية للعالمين أنهما من المنظرين ومن الآيات الخارقة الموعودة في القرآن ليشهدها العالمون وهم أعم من العرب وبني إسرائيل كما يأتي بيانه في كلية الآيات.
ويأتي من بيان حرف عمران في كلية الآيات.
يحيى من المنظرين
وإن يحيى لمن المنظرين لقوله ? وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ? مريم 15 وهو من قول الله وإخباره في القرآن ويعني أنه يوم نزل القرآن فإن يحيى قد ولد بصيغة الماضي وأنه يوم نزل القرآن لم يمت بعد وإن يومي موته وبعثه لا يزالان منتظران كما هي صيغة المستقبل ولو كان قد مات قبل نزول القرآن لكان السياق وسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث.
إن إخبار الله عن يحيى ليس مثل إخبار عيسى عن نفسه وهو في المهد إذ لا يزال يوما موته وبعثه منتظران وإنما عرف إنظار عيسى وتأخيره من غير حرف مريم ? والسلام عليّ يوم ولدتّ ويوم أموت ويوم أبعث حيا ? مريم 33.
إن السلام على كل من يحيى وعيسى يوم يموتان ليعني أن يحيى لم يقتل كما زعم التراث وأن رأسه صار مهرا لبغيّ طلب خالها الملك أن يتزوجها إذ لا سلام على مقتول إذ السلام هو انتفاء الخوف والحزن كما بينت في كلية النصر في ليلة القدر.
إن الله عالم الغيب والشهادة قد سمّى يحيى في القرآن بـ ? يحيى ? خمس مرات أفيموت أو يقتل قبل أن تطول به الحياة آلاف السنين سبحان الله أن يخفى عليه يوم سمّى يحيى ولم يجعل له من قبل سميا أن يكون ممن يقتل وهو شاب فيقع فيه خلاف ما أخبر الله عنه يوم قال عنه يحيى بل يبقى يحيى حيا مصدقا بكلمة الله عيسى بعد نزوله إلى الأرض وليقع نفاذ وعد الله الذي نبّأ الله به نبيّه زكريا كما في قوله ? فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله بيشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله ? آل عمران 39.
يتواصل
الحسن محمد ماديك(/)
مقالة: ما بين النص الديني ومعناه (إبراهيم غرايبة)
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[16 Jan 2008, 07:22 م]ـ
ما بين النص الديني ومعناه
إبراهيم غرايبة
المصدر: جريدة الغد الأردنية ( http://www.alghad.jo/?article=7957)
إذا كان النص الديني يحتمل معاني وقراءات عدة وفق المناهج المتبعة وحدود اللغة وظروف الزمان والمكان والبيئة المحيطة بالإنسان، وهذا ما كان عليه الحال طوال التاريخ الإسلامي، فإن تجدد وتغير فهم النصوص وتطبيقها سيتواصل عبر التطور الإنساني واختلاف المجتمعات والحضارات.
ويعتقد مفكرون مثل محمد الطالبي ومحمد أركون أن معرفة العالم وإنتاج المعنى هما مسؤولية الإنسان وحده، وهذا يعني إسناد الأهلية للإنسان لفهم هذه النصوص وتدبرها (الأنسنة)، فإن الرؤية الحديثة لمسألة القراءة تتصل اتصالا وطيدا بمسألة تعدد المعنى، وخصوصا فيما يتعلق بالنص الديني.
فالنص القرآني الذي نعتبره من النصوص الثرية الراقية التي تستعمل الإشارة والإيحاء والرمز والمجاز، يحتمل عددا غير محدود من وجوه التأويل، وهي ثمرة التفاعل الخصب بين النص وقرّائه على اختلاف نفسياتهم وثقافتهم وظروفهم.
فهناك علاقة جدلية بين المجتمع وقيمه من ناحية ومستوى المعرفة السائدة فيه ونوعيتها، والقارئ لا ينفك وهو يقرأ يؤول وينتج المعنى بما يتلاءم مع ظروفه العامة والخاصة، والمعرفة البشرية ليست معطى جامدا بل هي إبداع مستمر متدفق تدفق الحياة، متناغم مع حركة التاريخ في بطئها أو تسارعها.
ويقترح محمد الطالبي المنهج المقاصدي لقراءة النص الديني، وجوهر هذا المنهج الاعتماد على التحليل الاتجاهي للنص، ويستشهد الكاتب هنا بالمنهج التاريخي والمقاربي للباحث عبد المجيد الشرفي، الذي يجمع بين النظر التاريخي الصارم، وأخلاقية قوامها المسؤولية العلمية.
وينادي الشرفي بصياغة نظرة علمية للتراث قوامها الأخذ بعين الاعتبار تغير وضعية الدين، الذي أصبح خاضعا للتفسير واستقلت عنه العلوم، مثلما تخلت المؤسسات المجتمعية عن تبريراته، ثم إخضاع الفكر الديني لقوانين عامة يمكن أن تشترك فيها مختلف الديانات، وخاصة الديانات التوحيدية.
وفيما يتعلق بالتعامل مع النص القرآني فتنهض منهجية الشرفي على قراءة النص في كليته بعيدا عن ضروب الإسقاط والانتقائية، واعتماد القراءة المقاصدية للنص وتجاوز الرؤية الحرفية له.
وأما محمد أركون فيسعى إلى نقد العقل الإسلامي بوضع التجربة الدينية بكل أنواعها من تفسير وحديث وعلم كلام وفقه باعتبارها نتاجا بشريا يحق للدارس نقدها وتفكيكها وتجاوزها.
فيدعو أركون إلى "العقل المنبثق حديثا" الذي يعتمد فكرة التنازع بين التأويلات بدلا من الدفاع عن فكرة واحدة في التأويل، ومن شروط هذا العقل ألا يتورط في بناء منظومة معرفية تؤصل للحقيقة، ويتبنى أركون النقد المنفتح على آخر مكتسبات علوم الإنسان والمجتمع، ويطبق القراءة الحية والمتحركة، لأنها قراءة تشكل ما هو بديهي، وتزحزح المفاهيم التقليدية من مواقعها لتفكيكها من النسق الذي ركبت عليه في الوعي الإسلامي.
فهو يحاول أن يخضعها باستمرار للتحديات التي تطرح على التاريخ المقارن للأديان، ويقترح أركون إعادة النظر في العلوم الإسلامية، التي شكلت منهجا وسبيلا إلى فهم النص القرآني ومن بينها علم الناسخ والمنسوخ، وعلم أسباب النزول وغيرهما، التي تكشف برأيه عن التلاعبات الخطيرة التي يقوم بها العلماء.
إن العصر الحديث الذي اخترقته الحداثة أخلاقيا واجتماعيا واقتصاديا وحتى جماليا ورمزيا يتميز بانتشار قيم جديدة قامت على نقيض القيم القديمة وأهمها قيم المساواة والحرية والتسامح والديمقراطية، وجعلت الثورة الاتصالية التي يشهدها العالم القيم الحديثة تتجاوز الحدود الجغرافية لها وتكتسب بعدا كونيا، واتجهت نحو الفرد بعد أن كانت تتجه إلى المجموعة، حتى صارت القيم الحديثة وبالخصوص قيم المساواة والتسامح وحرية الفكر والحرية الدينية مطلبا ملحا في الضمير الديني الحديث، ولم تعد هذه المسألة ترفا يدعو إليه بعض المثقفين، بل ضرورة من المقتضيات اللازمة للمعاصرة، حتى أصبحت مقولة الإسلام صالح لكل زمان ومكان لا تتعارض لدى العديد من المفكرين مع منطق تحديث الفكر الإسلامي، ذلك أنه من الممكن الاحتفاظ بها لكن بشرط تحديد بعض العناصر التي من شأنها أن تكون قيما خالدة لا تشكل عقبة في وجه الرسالة واستجابتها للمقتضيات المعرفية وتعبيرها عن نزعة الضمير الديني الحديث إلى المواءمة بين موروثه الديني والقيم الحديثة.(/)
أرجو من الأساتذة الكرام توضيحا لكلام الإمام السيوطي.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[17 Jan 2008, 12:19 ص]ـ
قال الإمام السيوطي في " الإكليل " عن قول الله تعالى: " وقالوا اتخذ الله ولدا ":
" تدلُّ على امتناعِ اجتماعِ الْمُلْكِ والولادةِ ".
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[17 Jan 2008, 12:36 ص]ـ
أخي زكرياء ..
استنبط العلماء من قوله تعالى: (وقالوا اتخذ الله ولداً، سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون) [البقرة: 116] ومن قوله تعالى: (وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً، إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً) [مريم: 92 ـ 93]؛ أن الولد لا يكون مملوكاً لأبيه ..
لذا استنبط منها الشافعي رحمه الله عِتْقَ الأصل والفرع بمجرد المِلْك (1).
وقال الكيا الهراسي (ت:504هـ): " فيه دلالة على أن الولد لا يكون مملوكاً لأبيه" (2).
وذكره ابن عطية (ت: 542هـ) بقوله: " واستدل بعض الناس بهذه الآية على أن الولد لا يكون عبداً" ثم قال: " وهذا انتزاع بعيد " (3).
وذكره ابن عاشور (ت: 1393هـ) في آية البقرة عن بعض الفقهاء ثم قال: " وهو استرواح حسن " (4).
ووجه هذا الاستنباط:
أن الله تعالى جعل العبودية منافية للولادة حيث ذكرت في مقابلها فدل على أنهما لا يجتمعان (5).
قال ابن العربي (ت: 543هـ): " ووجه الدليل عليه من هذه الآية أن الله تعالى جعل الولديَّة والعَبْدِيّة في طرَفي تقابل، فنفى إحداهما وأثبت الأخرى، ولو اجتمعتا لما كان لهذا القول فائدةٌ يقع الاحتجاج بها، والاستدلال عليها، والتبرّي منها" (6).
وقال ابن الجوزي (ت:597هـ): " لأن الله تعالى نفى البُنُوَّةَ لأجل العبودية، فدلّ على أنه لا يجتمع بنُوَّةٌ ورِقٌّ" (7).
والله أعلم ...
ــــــــــــــ
حواشي:
(1) أحكام القرآن للهراسي: (4/ 271)، وزاد المسير لابن الجوزي: (897) وذكره عن القاضي أبي يعلى، والمحرر الوجيز لابن عطية: (1243)، وأحكام القرآن لابن العربي: (3/ 188)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي: (11/ 166)، والإكليل للسيوطي: (1/ 312) و (3/ 947)، والبرهان للزركشي: (2/ 4)، الإشارات الإلهية للطوفي: (1/ 292)، جواهر الأفكار لابن بدران: (329)، وأحكام القرآن للجصاص: (1/ 79). التحرير والتنوير لابن عاشور: (1/ 685)، روح المعاني للآلوسي: (8/ 457)، العذب النمير للسبت: (2/ 489).
(2) أحكام القرآن للهراسي: (4/ 271).
(3) المحرر الوجيز: (1243).
(4) التحرير والتنوير: (1/ 685).
(5) أحكام القرآن للهراسي: (4/ 271)، والبرهان للزركشي: (2/ 4).
(6) أحكام القرآن: (3/ 188)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: (11/ 166).
(7) زاد المسير: (897).
ـ[أبو المهند]ــــــــ[17 Jan 2008, 01:01 م]ـ
أحسنتم أحسن الله إليكم
ـ[أمة الرحمن]ــــــــ[17 Jan 2008, 10:59 م]ـ
وفقكم الله وبارك فيكم
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 Jan 2008, 12:54 م]ـ
الآن فهمت كلام الإمام السيوطي ...
فجزاكم الله خيرا فضيلة الأستاذ فهد.
زادكم الله علما وتوفيقا ... آمين
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[18 Jan 2008, 01:16 م]ـ
فضيلة الأستاذ فهد، عنَّ لي سؤال آخر.
وهو أنني قمت بتشكيل كلام السيوطي هكذا: " تدلُّ على امتناعِ اجتماعِ الْمُلْكِ والولادةِ " ..
فهل - بالمعنى الذي ذكرتموه - تُضبط كلمة " الملك " بضم الميم أم بكسرها؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[19 Jan 2008, 05:09 ص]ـ
تضبط إن شاء الله بالكسر لا بالضم. لأنها بالكسر تعني الامتلاك وبالضم تعني السيادة العامة.
ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[19 Jan 2008, 10:45 ص]ـ
جزاكم الله خيرا.(/)
وقفات مع تفسير ابن عطية الأندلسي (2)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[17 Jan 2008, 02:31 م]ـ
رأيت أن أتتبع التفسير من أوله، وأضع بعض الفوائد التي ذكرها ابن عطية، مما يفيد المفسر حال الاطلاع عليها؛ خصوصًا ما يكون فيها ارتباط بالتعليق على أقوال المفسرين، ثم إن رأيت غيرها مفيدًا نقلته، وأسأل الله أن يعينني على إتمام هذا المشروع، إنه سميع مجيب.
أولاً: التمثيل للفظ العام
1 ـ في قوله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) (البقرة: 3).
قال ابن عطية: ((وقوله: (بالغيب) قالت طائفة: معناه يصدقون إذا غابوا وخلوا، لا كالمنافقين الذين يؤمنون إذا حضروا ويكفرون إذا غابوا. وقال آخرون: معناه يصدقون بما غاب عنهم مما أخبرت به الشرائع.
واختلفت عبارة المفسرين في تمثيل ذلك، فقالت فرقة: الغيب في هذه الآية هو الله عز وجل.
وقال آخرون: القضاء والقدر.
وقال آخرون: القرآن وما فيه من الغيوب.
وقال آخرون: الحشر والصراط والميزان والجنة والنار.
قال القاضي أبو محمد: وهذه الأقوال لا تتعارض، بل يقع الغيب على جميعها، والغيب في اللغة: ما غاب عنك من أمر، ومن مطمئن الأرض الذي يغيب فيه داخله)).
2 ـ (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (البقرة: 3)
قال ابن عطية: ((قال ابن عباس: (ينفقون) يؤتون الزكاة احتساباً لها.
قال غيره: الآية في النفقة في الجهاد.
قال الضحاك: هي نفقة كانوا يتقربون بها إلى الله عز وجل على قدر يُسْرهم.
قال ابن مسعود وابن عباس أيضاً: هي نفقة الرجل على أهله.
قال القاضي أبو محمد: والآية تعمّ الجميع. وهذه الأقوال تمثيل لا خلاف)).
في هذه الأمثلة يقف ابن عطية موقف الفقيه بتفسير السلف، العارف بطريقتهم في التعبير عن التفسير، فاللفظ القرآني عامٌّ، وعبارات السلف قد تُوهم ـ من لا يفهم طريقتهم ـ التخصيص، لكن ابن عطية ينبهنا على أن هذا صدر منهم على سبيل التمثيل للفظ العام، وليس على سبيل التخصيص؛ لأن التخصيص لا يكون إلا بموجب له.
لذا إذا أخذت المثال الأول، فقلت: هل الحشر والصراط والميزان والجنة والنار هي جميع الغيب؟
فالجواب: لا.
وإذا قلت: هل في عبارات السلف ما يُشعر بأنهم أرادوا التخصيص؟
فالجواب: لا.
إذن، فإن مرادهم التمثيل للغيب بمثال يفهم منه السامع (أو القارئ) المراد بما تحتويه هذه اللفظة من المعنى أو الأنواع.
ويقع هاهنا سؤال يرد على الذِّهن، وهو: لماذا اختار المفسر هذا المثال دون غيره؟
والجواب: إن البحث والتنقيب عن هذا عسرٌ جدًّا، وقد يكون ظاهرًا حينًا، وقد يخفى في أحيانٍ كثيرة، لكن لا بأس من تلمُّس أسباب اختيار هذه الأمثلة، ومن إبداعات ابن عطية في هذا المقام، وما ورد عنه في قوله تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران: 134)، قال: ((وقال أبو العالية: (والعافين عن الناس)، يريد المماليك.
قال القاضي أبو محمد: وهذا حسن على جهة المثال، إذ هم الخدمة، فهم مذنبون كثيراً، والقدرة عليهم متيسرة، وإنفاذ العقوبة سهل، فلذلك مثَّل هذا المفسر به).
وهذا، وايم الله، فقه تفسيريٌّ عالٍ، فلا يفوتنَّك.
ولأقف بك مع مثال آخر يدلك على هذا الفقه التفسيري المتميِّز عند ابن عطية، وستراه ـ إن شاء الله ـ يفك عنك شيئًا من مشكلات التفسير التي تمر بك وأنت تقرأ في تفسير السلف.
3 ـ في قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (آل عمران 7)
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن عطية: ((واختلفت عبارة المفسرين في تعيين المحكم والمتشابه المراد بهذه الآية، فقال ابن عباس المحكمات هي قوله تعالى: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) (الأنعام: 151) إلى ثلاثة آيات، وقوله في بني إسرائيل: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه) (الإسراء: 23) وهذا عندي مثال أعطاه في المحكمات.
وقال ابن عباس أيضاً: المحكمات ناسخة وحلاله وحرامه وما يؤمن به ويعمل، والمتشابه منسوخة ومقدمه ومؤخره وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به.
وقال ابن مسعود وغيره: المحكمات الناسخات، والمتشابهات المنسوخات.
قال الفقيه الإمام: وهذا عندي على جهة التمثيل أي يوجد الإحكام في هذا والتشابه في هذا، لا أنه وقف على هذا النوع من الآيات، وقال بهذا القول قتادة والربيع والضحاك، وقال مجاهد وعكرمة: المحكمات ما فيه الحلال والحرام، وما سوى ذلك فهو متشابه يصدق بعضه بعضاً، وذلك مثل قوله: (وما يضل به إلا الفاسقين) (البقرة: 26) وقوله: (كذلك يجعل الله الرجس على الذني لا يؤمنون) (الأنعام: 125).
قال الفقيه أبو محمد: وهذه الأقوال وما ضارعها يضعفها أن أهل الزيغ لا تعلق لهم بنوع مما ذكر دون سواه.
وقال محمد بن جعفر بن الزبير: المحكمات هي التي فيهن حجة الرب وعصمة العباد ودفع الخصوم والباطل ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه، والمشتابهات لهن تصريف وتحريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد.
قال الفقيه الإمام أبو محمد: وهذا أحسن الأقوال في هذه الآية.
وقال ابن زيد: المحكم ما أحكم فيه قصص الأنبياء والأمم وبين لمحمد وأمته، والمتشابه هو ما اشتبهت الألفاظ به من قصصهم عند التكرير في السور بعضها باتفاق الألفاظ واختلاف المعاني، وبعضه بعكس ذلك نحو قوله: (حية تسعى) (طه: 20) و (ثعبان مبين) (الأعراف: 107) ونحو: اسلك يدك، وأدخل يدك.
وقالت جماعة من العلماء منهم جابر بن عبد الله بن رئاب وهو مقتضى قول الشعبي وسفيان الثوري، وغيرهما: المحكمات من آي القرآن ما عرف العلماء تأويله وفهموا معناه وتفسيره والمتشابه ما لم يكن لأحد إلى علمه سبيل مما استأثر الله بعلمه دون خلقه قال بعضهم: وذلك مثل وقت قيام الساعة وخروج يأجوج ومأجوج والدجال ونزول عيسى ونحو الحروف المقطعة في أوائل السور.
قال القاضي رحمه الله: أما الغيوب التي تأتي فهي من المحكمات، لأن ما يعلم البشر منها محدود وما لا يعلمونه وهو تحديد الوقت محدود أيضاً، وأما أوائل السور فمن المتشابه لأنها معرضة للتأويلات ولذلك اتبعته اليهود وأرادوا أن يفهموا منه مدة أمة محمد عليه السلام، وفي بعض هذه العبارات التي ذكرنا للعلماء اعتراضات، وذلك أن التشابه الذي في هذه الآية مقيد بأنه مما لأهل الزيغ به تعلق، وفي بعض عبارات المفسرين تشابه لا يقتضي لأهل الزيغ تعلقاً)).
تأمَّل ـ رحمني الله وإياك ـ كيف وقف ابن عطية من تفسيرين متغايرين وردا عن ابن عباس، فجعل الأمر منه على سبيل المثال للمحكم والمتشابه، ولو نظر بعض من ضعُف فهمه في طريقة السلف في تعبيرهم لأوصل الأمر إلى الحكم بالتناقض في أقوال ابن عباس، وتلك ـ والله ـ بسبب جهلنا بطريقتهم في التفسير، ولاشكَّ أن ذلك نقص في الأداة التفسيرية عندنا، لكن من كمُلت عنده ـ كابن عطية ـ لم تشكل عليه مثل هذه الاختلافات، بل حكم بها على أنها من قبيل التمثيل لما هو محكم وما هو متشابه، لكنه لم يفته ـ رحمه الله تعالى ـ أن يعطيك ضابطًا فيما يدخل في مراد الآية، فتراه ينبهك على أن بعض الأقوال لا يدخل في مراد الآية؛ لأن (في بعض هذه العبارات التي ذكرنا للعلماء اعتراضات، وذلك أن التشابه الذي في هذه الآية مقيد بأنه مما لأهل الزيغ به تعلق، وفي بعض عبارات المفسرين تشابه لا يقتضي لأهل الزيغ تعلقاً).
وإلى مقال آخر إن شاء الله تعالى.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[17 Jan 2008, 03:07 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
جزاكم الله خيراً ونفع بكم.
دررٌ، وصيدٌ ثمين، فلا حرمنا خيركم وفضلكم أيها الشيخ المفيد.
وفي انتظار فضل علمكم.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[18 Jan 2008, 02:18 ص]ـ
جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم
وأسأل الله تعالى أن يعينكم على الإتمام وأن ينفع به ويبارك فيه
فهو عمل مهم جداً يدرك فوائده من عانى البحث في التفسير بالجمع والتحرير
وقيامكم به يُضفي عليه أهمية خاصة لما عُرف عنكم من حسن النظر وجودة التحرير
ورحم الله ابن عطية رحمة واسعة ورفع درجته
فهو من الأئمة المفسرين المقتدى بهم، وجمع هذه الدرر من أقواله وتسليط الضوء عليها بالشرح والبيان والتحرير من أنفع الأشياء لطالب علم التفسير ذلك أنها تعطيه دروساً تطبيقية في علم التفسير يستقيها من مدرسة إمام مفسِّر مشهود له بالتقدم والإمامة في هذا الشأن، يهتدي بها إلى النظر بعمق في أقوال المفسرين، نظراً يدرك به مآخذ الأقوال، ومَنَازِعَ الاعتراضات عليها، وطرق الجمع والترجيح وتنزيل الأقوال منازلها اللائقة بها، مما يفتح للطالب مشرَع الفهم الصحيح لكتاب الله عز وجل.
نفع الله بكم وبارك في جهودكم ورفع منزلتكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[18 Jan 2008, 10:11 م]ـ
ا
لحمد لله
جزاك الله خيرا أخي الكريم
درر ثمينة
وهذه أبيات لها بعض التعلق بما تفضلتم به
قال الناظم ....... ثامنا الكلام على اختلاف السلف في التفسير
[ align=center] وغالب المنقول مما يؤثر
عنهم من الخلاف فيما فسروا
خلاف الاسم و المسمى واحد
كما يقال صارم مُهند
أو ذكر أوصاف الذي قد بينوا
تنوعت اوصافهم وأحسنوا
أو ذكر فرد م العموم مثلا
وليس حصرا قد وفى واكتملا
أو لازم اللفظ ومقتضاه
وقول تربه له ضاهاه
ورب آية تلوها فُسِّرت
بأوجه كسُكِرت و سُكِّرت
كل بما قرأها يُؤوِّل
إذن على قرآنه المعوَّل
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[18 Jan 2008, 11:05 م]ـ
وفقك الله
أخي المجلسي الشنقيطي
هلا بينت لنا ناظم هذه الأبيات المفيدة، وجزاك الله خيرا.
وجزى الله خيرا شيخنا الفاضل مساعدا الطيار حفظه الله.
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[19 Jan 2008, 12:29 ص]ـ
الحمد لله
أخي الكريم أبا مالك
هكذا نقلت الابيات و ليس في المصدر المنقول عنه اسم ناظمها فاعذرني على التقصير.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[19 Jan 2008, 01:57 م]ـ
أشكر الإخوة الذين عقبوا على الموضوع، وبمناسبة ما طرحه الأخ المجلسي الشنقيطي، فإنه نظم للاخنلاف الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في (مقدمة في أصول التفسير)، وسآتي ـ إن شاء الله ـ في مقال لاحق بذكر من استفاد من اين عطية في فكرة (التفسير بالمثال).
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[16 Jul 2010, 10:34 ص]ـ
ومما يدخل في هذا الباب ما ذكره عند تفسيره لقوله تعالى (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس) الآية
قال رحمه الله (الحال المشار إليها بهذه الآية فقالت فرقة هي الأكثر هي حال مكة في وقت بداءة الإسلام والناس الذين يخاف تخطفهم كفار مكة والمأوى على هذا التأويل المدينة والأنصار والتأييد بالنصر وقعة بدر وما أنجز معها في وقتها و " الطيبات " الغنائم وسائر ما فتح الله عليهم به وقالت فرقة الحال المشار إليها هي حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزوة بدر والناس الذين يخاف تخطفهم على هذا عسكر مكة وسائر القبائل المجاورة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخوف من بعضهم والمأوى على هذا والتأييد بالنصر هو الإمداد بالملائكة والتغليب على العدو و " الطيبات " الغنيمة
قال القاضي أبو محمد وهذان قولان يناسبان وقت نزول الآية لأنها نزلت عقب بدر وقال وهب بن منبه وقتادة الحال المشار إليها هي حال العرب قاطبة فإنها كانت أعرى الناس أجساما وأجوعهم بطونا وأقلهم حالا ونعما والناس الذين يخاف تخطفهم على هذا التأويل فارس والروم والمأوى على هذا هو النبوءة والشريعة والتأييد بالنصر هو فتح البلاد وغلبة الروم و " الطيبات " هي نعم المآكل والمشارب والملابس
قال القاضي أبو محمد وهذا التأويل يرده أن العرب كانت في وقت نزول هذه الآية كافرة إلا القليل
ولم تترتب الأحوال التي ذكر هذا المتأول وإنما كان يمكن أن يخاطب العرب في هذه الآية في آخر زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإن تمثل أحد بهذه الآية لحالة العرب فتمثله صحيح وأما أن تكون حالة العرب هي سبب الآية فبعيد لما ذكرناه(/)
من تفصيل الكتاب وبيان القرآن ج 5
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[17 Jan 2008, 09:16 م]ـ
من تفصيل الكتاب وبيان القرآن ج 5
الحسن محمد ماديك
تقديم الموعود الأول وتأخير الثاني في سياق خطاب المكذبين بالغيب
إن من تفصيل الكتاب وبيان القرآن ترتيب الكلام بتقديم الموعود الأول في سياق خطاب منكري البعث واليوم الآخر والغيب في القرآن كما في قوله ? قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يردّ إلى ربه فيعذبه عذابا نكرا ? االكهف 87 ويعني أن الموعود الأول الذي سيلاقيه من ظلم أن سوف يعذبه ذو القرنين في الدنيا وأن الموعود الثاني الذي سيلاقونه هو أن يردوا إلى ربهم في اليوم الآخر فيعذبهم عذابا نكرا في النار.
وكما في قوله ? قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد ? آل عمران 12 ويعني أن الموعود الأول الذي سيلاقيه الذين كفروا بعد نزول القرآن وحياة النبي ? كما هي دلالة القول أنسيهزمون في الدنيا ويولون الدبر ويغلبهم المؤمنون كما بينت في كلية ? والعاقبة للمتقين ? وأن الموعود الثاني الذي سيلاقيه الذين كفروا أن يحشروا إلى جهنم أي في اليوم الآخر.
وكما في قوله ? أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب ? البقرة 85 ويعني أن الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض وهم الذين آمنوا بالتوراة وكفروا بالإنجيل أو آمنوا بالتوراة والإنجيل وكفروا بالقرآن وكما بينت في كلية الكتاب قد وعدوا في القرآن بوعدين أولهما أن سيلاقون خزيا في الحياة الدنيا وثانيهما أن سيردون يوم القيامة إلى أشد العذاب ويعني أنهم قد أصابهم في الدنيا عذاب سيردون يوم القيامة إلى عذاب أشد منه كما بينت في كلية الكتاب.
وكما في قوله ? قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم ? الزمر 39 ويعني أن من القول في القرآن المتأخر عن حياة النبي ? أن سيأتي المكذبين بالقرآن عذاب يخزيهم في الدنيا وهو الموعود الأول وأن سيحلّ عليم عذاب مقيم في النار وهو الموعود الثاني.
وقد تضمن تفصيل الكتاب المنزل ترتيب الوعدين على الأصل بتقديم الأقرب وتأخير المتأخر عنه.
تقديم الموعود المتأخر في سياق خطاب المؤمنين بالغيب
إن من تفصيل الكتاب وبيان القرآن تقديم الموعود الثاني "المتأخر زمانه" يوم نزل القرآن وتأخير الموعود الأول "المتقدم زمانه" في سياق خطاب المؤمنين بالغيب كما في قوله ? وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا ? الكهف 88 ويعني أن من آمن وعمل صالحا قد وعد وعدين على لسان ذي القرنين تقدم ذكر المتأخر منهما وهو قوله ? فله جزاء الحسنى ? يعني بالجنة في اليوم الاخر، وتأخر ذكر الموعود المتقدم منهما وهو قوله ? وسنقول له من أمرنا يسرا ? وهو في الدنيا لدلالته على ما سينالهم من ذي القرنين.
ومنه قوله ? فلا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ? إبراهيم 42
ولقد أضيف إليه موعودان تقدم ذكر المتأخر منهما وهو قوله ? إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء ? إبراهيم 42 ـ 43 ولا يخفى أنه موعود أخر عن الظالمين سيقع بهم يوم القيامة تقدمت تلاوته وسيقع متأخرا عن الموعود الأول الذي سيأتي أولا رغم تأخر تلاوته وهو قوله ? وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب فيقول الذين ظلموا ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل ? إبراهيم 44 وإنما هو وعد في الدنيا وبقرينة طلب التأخير الذي يعني أنهم لا يزالون في الدنيا وأما المكذبون في الآخرة فيسألون أن يردوا إلى إلى الحياة الدنيا كما بينت في كلية النصر في ليلة القدر وكما يأتي بيانه ضمن بيان القرآن، وبقرينة أن الدنيا هي محل التكليف والإيمان بالرسل.
ومنه قوله ? والله يعدكم مغفرة منه وفضلا ? البقرة 268 وقد تضمن وعدين اثنين في خطاب المؤمنين بالغيب وتأخر ذكر الأول منهما وهو قوله ? وفضلا ? يعني أن الله يعدهم فضلا ومحله الدنيا وهو فضل عريض كما بينت في كلية الكتاب وفي بيان القرآن، وتقدم ذكر الموعود المتأخر منهما وهو قوله ? والله يعدكم مغفرة منه ? يعني في الأخرة محل المغفرة كما هي دلالة قوله:
(يُتْبَعُ)
(/)
• ? والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين {الشعراء 82
• ? ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب {إبراهيم 41
• ? مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم {القتال 15
وحرف الشعراء وإبراهيم صريحان في أن محل المغفرة هو اليوم الآخر وكذلك دلالة حرف القتال الذي يعني أن من تمام نعمة الله على أهل الجنة وهم فيها يتنعمون مغفرة من ربهم فلا تعرض عليهم أعمالهم السيئة في الدنيا لئلا تنغّص عليهم ما هم فيه من النعيم بخلاف أهل النار الذين تعرض عليهم أعمالهم وهم في النار ليزدادوا قنوطا من الرحمة كما هي دلالة قوله ? كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ? البقرة 167 وهكذا نتبين علم موسى قبل الرسالة يوم قتل القبطي كما في قوله ? قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ? القصص 16
ومنه قوله:
• ? وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه ? هود 3
• ? ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين ? هود 52
• هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب ? هود 61
• ? واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود ? هود 90
ويعني خطاب هذه الأمة في أول هود وخطاب هود قومه وخطاب صالح قومه وخطاب شعيب قومه أن المخاطبين جميعا خوطبوا بخطابين تقدم ذكر الأكبر منهما وهو الاستغفار أي طلب المغفرة من الله في يوم القيامة فمن رهب الحساب وسأل غفران الذنوب فلا تعرض عليه ليحاسب عليها فقد آمن بالغيب وأصبح حريا بالخطاب الثاني المتأخر ذكره وهو التكليف بالتوبة إلى رب العالمين أي التكليف بالاستقامة بالأعمال الصالحة في الدنيا موطن التكليف، ومن العجائب أن مدين قد قالت لشعيب كما في قوله ? قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول ? هود 91 أي أنهم لم يفقوا أمرهم بالاستغفار قبل التوبة وما أكثر من لم يفقهوا ذلك منذ نزل القرآن على يومنا هذا فاعلم.
من دلالة الوعيد في الكتاب المنزل
إن من تفصيل الكتاب وأصول الخطاب أن الوعيد في الكتاب المنزل قرينة على أن سيقع من الناس بعد نزول القرآن عمل يجزون به الوعيد في الكتاب في الدنيا أو في الآخرة كما في قوله ? إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ? النور 19 ويعني أن قد أحب إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا قوم يوم نزل القرآن ومنهم الذين قذفوا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وسيأتي بعد نزول القرآن قوم يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ويرمون بالإفك مطهرة مبرأة مصطفاة كما بينت في المنظرين في كلية الآيات وسيلعنون في الدنيا والآخرة وسيعذبون عذابا أليما.
وكما في قوله ? إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق ? البروج 10 ويعني أن قد وقع يوم نزل القرآن وقبله أن فتن قوم المؤمنين والمؤمنات ولم يتب أولئك الفاتنون وسيعذبون بعذاب الحريق في اليوم الآخر وسيقع بعد نزول القرآن مثله.
النهي في الكتاب المنزل
إن من تفصيل الكتاب وأصول الخطاب أن الله علام الغيوب لم ينه إلا عمّا علم أن سينتهك وهكذا أكل آدم وزوجه من الشجرة التي نهاهما ربهما عنها، وفتن الشيطان من بني آدم رغم قوله ? يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان ? الأعراف 27 ووقع من الناس الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله قتلها فقتلوها بغير حق وقتلوا أولادهم خشية إملاق وأكلوا مال اليتيم ووقع بعضهم في الزنا وفي ما ظهر وبطن من الفواحش وأكلوا الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير الله به وسائر المحرم أكله وشربه رغم النهي عنه في الكتاب المنزل.
وهكذا غلا أهل الكتاب في دينهم غير الحق واتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل، وقال أهل الكتاب على الله غير الحق رغم نهيهم عنه في الكتاب المنزل.
أما ما نهي عنه الملائكة والنبيون فإنما هو أعلى درجات التحريم كنهيهم عن الشرك وكنهي النبيين عن الغلول ونهي النبي عن الطلاق المحرم كما بينت في من أصول الفقه وسيأتي تفصيله.
فعل الأمر في الكتاب
(يُتْبَعُ)
(/)
إن قوله ? قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم ? الإسراء 50 ـ 51 ليعني أن الأجساد بعد الموت ستكون حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدور منكري البعث وأنهم سيبعثون بعد ذلك.
وإن قوله ? إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير ? فصلت 40 ليعني أن الذين يلحدون في آيات ربهم سيعملون كثيرا مما يشاءون في الدنيا وأن الله غير غافل عما يعملون.
فعل الأمر في القرآن
إن المثاني في قوله:
? يحذر المنافقون أن تنزل عليه سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون ? التوبة 64
? واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه ? البقرة 235
ليعني أن الله سيخرج ما يحذر المنافقون فينزل سورة تنبئهم بما في قلوبهم وأن سيعلم الناس كلهم أن الله يعلم ما في أنفسهم حين يأتي أمر من عند الله يفضح المنافقين الذين يسارعون في الكفر كما في قوله ? فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين ? المائدة 52 ـ 53 وجميعه من الوعد في الدنيا ومن الآيات الخارقة الموعودة كما بينته في كلية الكتاب وكلية الآيات.
وإن قوله:
? فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون ? غافر 14
? ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون ? عمران 104
ليعني أن سيكون في هذه الأمة بعد نزول القرآن أمة يدعون الله مخلصين له الدين يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وهم الطائفة المنصورة التي لا يضرها من خذلها ولا من خالفها كما في الأحاديث النبوية وسيأتي بيانه في كلية الخلافة على منهاج النبوة.
ومن المثاني قوله:
? قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه ? سورة طه 97
? قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم ? الإسراء 63 ـ 64
ويعني حرف طه أن السامري سيسجن في حيث لا يمسه أحد ولا يمس هو أحدا إلى أن يبلغ أجلا لن يخلفه أي هو من المنظرين كما بينت في كلية الآيات.
ويعني حرف الإسراء أن إبيس يوم أبى أن يسجد لآدم لم يعجل له العذاب بل حعل من المنظرين كما بينت في كلية الآيات وأن من وعد الله في الدنيا أن سيتبعه من بني آدم من سيعذبون في جهنم ممن سيصرفهم بصوته عن الهدى من عند الله وسيخوفهم بخيله ورجله وممن سيشاركهم في الأموال والأولاد ويعدهم النصر على أولياء الله كما سيأتي بيانه.
أولئك
إن من تفصيل الكتاب وأصول الخطاب أن الموصين المشار إليهم ب"أولئك" في الكتاب المنزل إنما لبيان أن قد مضى بعضهم يوم نزل القرآن ولما يلحق بهم آخرون من الأجيال اللاحقة سيعملون مثل عملهم ويتصفون بصفتهم وكما هي دلالة قوله ? والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ? الفلاح 5 ـ 7 المعارج 29 ـ 31 ويعني أن قد ابتغى الفواحش وترك ما أحل له من الأزواج جمع من الناس يوم نزل القرآن وسيبتغيها كذلك آخرون بعد نزول القرآن وهم الذين لم يتعظوا بالقرآن ولم ينتهوا به وهم العادون.
وكمافي قوله ? والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنزن ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلدفيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ? الفرقان 68 ـ 70 ويعني أن قد مضى يوم نزل القرآن قوم أشركوا بالله وقتلوا النفس التي حرم الله قتلها وزنوا ثم تابوا وآمنوا وعملوا عملا صالحا وسوف يبدل الله في اليوم الآخر سيئاتهم حسنات وهو الغفور الذي سيغفر سيئاتهم ويسترها فلا يفضحهم بها يوم يقوم الحساب وهو الرحيم الذي سيرحمهم بحسناتهم ولا يعذبهم بسيئاتهم، وسيعمل قوم بعد نزول القرآن مثل ذلك وسيبدل الله سيئاتهم حسنات وكما هي دلالة قوله ? وكان الله غفورا رحيما ? أي أنه قد غفر ورحم من قبلهم يوم نزل القرآن كما بينت في الأسماء الحسنى.
وكما في قوله ? وإن تعجب فعجب قولهم أءذا كناترابا أءنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ? الرعد 5 ويعني أن قد أنكر البعث والحساب قوم يوم نزل القرآن فكفروا وسيعذبون في النار والأغلال في أعناقهم وسينكره بعد نزول القرآن قوم آخرون لم يتعظوا بالقرآن.
يتواصل
الحسن محمد ماديك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[18 Jan 2008, 12:25 م]ـ
الأغ المجلسي الشنقيطي، الإخوة المشرفين على ملتقى أهل التفسير المكرمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أرجوكم تدارك التحريف في حرف القتال " مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى " هذه الآية المتلوة وردت في المشركة أعلاه في موضوع تقديم الموعود المتأخر في سياق خظاب المؤمنين بالغيب.
وغفر الله لك يا أخي في الله المجلسي الشنقيطي إذ نبهتني عبر رسالة خاصة ولكن القرآن أكبر مني ومنك ومن العالم أجمع فهذا مما ينبه عليه على الملإ فمن ساءه ذلك فلا بارك الله فيه ونحن منه براء والله يجزيك عني خيرا،
أما أنا فلا أستطيع تعديل المشاركات ولا تصحيح أخطائها لأني لا أملك آلية ذلك
الحسن محمد ماديك
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[18 Jan 2008, 01:20 م]ـ
أخي الكريم الحسن محمد ماديك ... تم التعديل ..
ـ[الحسن محمد ماديك]ــــــــ[19 Jan 2008, 11:51 ص]ـ
أخي العزيز فهد الوهبي غفر الله لك:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
والله لما أهديتني خير من الدنيا بحذافيرها، إذ لا معنى لحياتنا إن خلت من تعلم القرآن وتدارسه وابتغاء العزة من عند الله بذلك(/)
دعوة لحضور مناقشة رسالة دكتوراه لزميلنا الشيخ خالد الباتلي وفقه الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Jan 2008, 07:11 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بإذن الله وتوفيقه سوف تتم مناقشة رسالة الدكتوراه التي تقدم بها الزميل العزيز والصديق الفاضل الشيخ خالد بن عبدالعزيز الباتلي المحاضر بقسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى قسم السنة بعنوان:
الأحاديث المرفوعة الواردة في تفسير القرآن
جمعاً وتخريجاً ودراسة
وذلك بعد مغرب يوم الأربعاء القادم الموافق 14 محرم 1429هـ الموافق 23 يناير 2008م بقاعة المحاضرات بكلية أصول الدين.
لجنة المناقشة والحكم على الرسالة:
أ. د. إبراهيم بن محمد الصبيحي / المشرف على الرسالة مقرراً.
د. أنيس بن أحمد جمال / الأستاذ المشارك بكلية الحديث بالجامعة الإسلامية عضواً.
د. عبدالله بن عبدالرحمن الشريف / الأستاذ المشارك بقسم السنة بكلية أصول الدين عضواً.
نسأل الله أن يوفق أبا عبدالعزيز ويسدده، ونبارك له مقدماً هذه الدرجة العلمية جعلها الله عوناً له على طاعة الله وبذل العلم. والشيخ خالد الباتلي له عدد من الدروس المتميزة في الفقه وشرح أحاديث الأحكام يلقيها في مسجد الأميرة شاهناز بنت فيصل بن فهد بحي التعاون وغيره وقد استفدت منها كثيراً عندما كنت جاراً له في الحي عدة سنوات جزاه الله خيراً وزاده توفيقاً وعلماً.
في 11/ 1/1429هـ
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[19 Jan 2008, 11:45 ص]ـ
وفق الله الشيخ خالد الباتلي ويسر له، ومبارك مقدماً ..
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[19 Jan 2008, 05:38 م]ـ
نبارك للدكتور خالد مقدماً , ونسأل الله له التوفيق والسداد.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[19 Jan 2008, 06:04 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
مبارك سلفاً. وأسأل الله العلي القدير أن يفتح عليه، ويثبته ويقوي حجته، ويسدده.
ـ[محمد الربيعة]ــــــــ[19 Jan 2008, 10:46 م]ـ
نبارك لأخينا ونهنئه على موضوعه الجميل وتمامه نفع الله به.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[19 Jan 2008, 11:28 م]ـ
موضوع بحث جميل , وباحث متميز , ومناقشة مفيدة بإذن الله , ومبارك للشيخ خالد مقدماً , وفقه الله ويسر له.
ـ[الخطيب]ــــــــ[20 Jan 2008, 09:03 ص]ـ
نبارك لأخينا الشيخ خالد الباتلي هذا الموضوع أولا والحصول على الدرجة العلمية بإذن الله ثانيا ولقد أخبرني الشيخ خالد أن موضوعه خاص بما هو صريح في التفسير من الأحاديث المرفوعة نسأل الله عز وجل أن يوفقه وأن يجعل موضوعه هذا فاتحة خير لما يليه
ـ[يسري خضر]ــــــــ[20 Jan 2008, 12:24 م]ـ
وفق الله الشيخ خالد الباتلي ويسر له، ومبارك مقدماً
ـ[خالد البكري]ــــــــ[20 Jan 2008, 12:59 م]ـ
مبارك عليك يا شيخ خالد هذه الدرجة العلمية مقدماً، وأسأل الله - عز وجل - أن تكون هذه الرسالة في موازين حسناتك.
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[20 Jan 2008, 05:34 م]ـ
وفق الله الشيخ خالد ويسر له أمره، ومبارك مقدماً.
نفعه الله بها في الدنيا والآخرة.
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[21 Jan 2008, 07:03 ص]ـ
أبارك لك أخي خالد، وأسأل الله تيسير المناقشة
ـ[عبدالله بن عمر]ــــــــ[21 Jan 2008, 07:28 ص]ـ
رعاه الله بتوفيقه وأيده بتسديده ...
ـ[أبو المهند]ــــــــ[21 Jan 2008, 12:20 م]ـ
نبارك له مقدماً ونسأل الله تعالى أن يفهمه عن السؤال حجته.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[21 Jan 2008, 02:11 م]ـ
أسأل الله لاخي الشيخ خالد التوفيق والتسديد، وأتمنى عليه أن يتحفنا بملخص للرسالة في الملتقى بعد أن ينتهي من مناقشتها.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[21 Jan 2008, 02:40 م]ـ
أبارك للصديق الأثير،والزميل القديم أبي عبدالعزيز الشهادة مقدما، سائلا الله تعالى أن يجعلها سببا في مزيد من الرفعة في مراقي العلم والعمل،واضم صوتي لصوت الشيخ مساعد بذكر ملخص الرسالة في هذا الملتقى المبارك.
ـ[الردادي]ــــــــ[22 Jan 2008, 09:48 م]ـ
نرسل إليكم أخي الكريم خالد الباتلي بأصدق التهاني والتبريكات بهذه المناسبة المباركة ..
أسأل الله أن ينفع بعلمك ويبارك فيه، وأن يعلي قدرك في الدارين ويجزل لك الأجر والثواب ..
وأدام الله أفراحكم وأفراح أهل الملتقى المبارك "ملتقى أهل التفسير" ..
محبكم الردادي
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Jan 2008, 11:12 م]ـ
بفضل الله وتوفيقه تمت مناقشة الرسالة هذه الليلة - ليلة الخميس 16/ 1/1429هـ، وقد استمرت المناقشة من بعد صلاة المغرب بتوقيت الرياض (السادسة مساءً) حتى العاشرة والنصف مساء، وقد أوصت اللجنة بمنح الشيخ خالد بن عبدالعزيز بن حَمَد الباتلي درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى.
أسأل الله أن يبارك للدكتور خالد هذه الدرجة، وأن ينفعه بها وأن يجعلها عوناً له على طاعة الله وبذل العلم وتعليمه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حسين المطيري]ــــــــ[24 Jan 2008, 12:16 ص]ـ
أبارك للشيخ خالد الباتلي درجة الدكتوراه ومرتبة الشرف الأولى، وأسأل الله أن تكون عوناً له على طاعته، وأن ينفع به الإسلام والمسلمين، وأن يرزقه العلم النافع والعمل الصالح.
ـ[مها]ــــــــ[24 Jan 2008, 01:10 ص]ـ
نبارك للشيخ خالد الباتلي حصوله على هذه الدرجة، جعلها الله فاتحة خير له، و نفع به. آمين.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[24 Jan 2008, 03:43 ص]ـ
مباركٌ لك أستاذنا الفاضل.
هنأك الله بها، وجعلها عونا على طاعته.
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[24 Jan 2008, 03:55 ص]ـ
ألف مبروك لأخينا الدكتور خالد
ونحن باشتياق لقراءة هذه الرسالة القيمة في عنوانها ومضمونها إن شاء الله تعالى
أسأل الله تعالى أن يبارك فيها وينفع بها
وآمل أن يواصل بحوثه القيمة ويتحف إخوانه بما من الله عليه
ـ[محب القراءات]ــــــــ[24 Jan 2008, 09:32 ص]ـ
أبارك للشيخ / خالد الباتلي حصوله على درجة الدكتوراه , وأسأل الله أن يجعلها عونا له على طاعته , وأن يبارك في علمه وينفع به.
ـ[الكشاف]ــــــــ[24 Jan 2008, 10:18 ص]ـ
أبارك للشيخ / خالد الباتلي حصوله على درجة الدكتوراه , وأسأل الله أن يجعلها عونا له على طاعته , وأن يبارك في علمه وينفع به.
ـ[الراية]ــــــــ[25 Jan 2008, 08:28 م]ـ
مبروك للشيخ خالد الباتلي الدكتوراه
وجعلها الله عونا على الخير
ويسر الله طبعها
آمين
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[26 Jan 2008, 06:54 ص]ـ
مبارك للشخ خالد جعلها الله عوناً على الطاعة ..
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 Jan 2008, 08:36 ص]ـ
أسأل الله أن يبارك للشيخ خالد، وأتمنى عليه أن يعجل بطباعة الرسالة حتى لا تبقى حبيسة أرفف قليلة لا يكاد يُستفاد منها.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[26 Jan 2008, 09:53 ص]ـ
أشكر الإخوة الفضلاء جميعا على مشاعرهم الطيبة ودعواتهم الصادقة، وأخص منهم الأخ العزيز الشيخ/ عبدالرحمن الشهري على لطفه ونبله وهذه عوائده التي عرفناه بها.
والواقع أنني مدين لكم جميعا بما استفدته من هذا الملتقى المتميز الذي أعده في بحر الأنترنت كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، وأعتذر عن تأخري في الرد لعدم وجود انترنت عندي فأنا أكتب لكم من خارج المنزل.
وما اقترحه الإخوة من طباعة الرسالة فهو في النية إن شاء الله ولكن بعد استشارتكم وعرض بعض النقاط عليكم لأستفيد من مرئياتكم، فهذا الملتقى يحفل بكوكبة من المتخصصين في هذا العلم الشريف يعز اجتماعهم في غيره، ولاسيما في بعض المسائل التأصيلية حول تفسير القرآن بالسنة فقد لفت نظري افتقار المكتبة الإسلامية إلى دراسة تأصيلية وافية في هذا الموضوع مع أهميته، وأتعجب كيف لم تكتب رسالة علمية إلى الآن - حسب علمي - في أقسام التفسير وعلوم القرآن، فتطفلت على موائدكم وارتقيت ما ليس لي، ونسأل الله العفو.
وفي البدء أطلعكم على خطة هذا البحث التي اشتملت على مقدمة وقسمين وخاتمة وفهارس على النحو التالي:
المقدمة: وتتضمن أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وخطة البحث فيه، والمنهج المتبع في ذلك.
القسم الأول: الدراسة النظرية، وفيه خمسة فصول:
الفصل الأول: بيان الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن.
وفيه ثلاثة مباحث: 1. أهمية الرجوع للسنة في تفسير القرآن الكريم
2.هل فسر الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن كله أو بعضه؟
3.أنواع البيان النبوي للقرآن الكريم، وصوره
الفصل الثاني: الأحاديث الواردة في التحذير من القول في القرآن بغير علم.
الفصل الثالث: عناية المحدثين بتفسير القرآن الكريم.
الفصل الرابع: عناية المحدثين بتخريج كتب التفسير.
الفصل الخامس: منهج ابن كثير في تفسير القرآن بالسنة في تفسيره.
القسم الثاني: جمع وتخريج الأحاديث المرفوعة في التفسير مرتبة على سور القرآن الكريم. - وهو صلب البحث وذروة سنامه-
الخاتمة: وفيها أهم النتائج والتوصيات.
الفهارس الفنية.
والسلام عليكم ..
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 Jan 2008, 10:58 ص]ـ
جزاك الله خيراً د. خالد , ومبارك عليك
وبانتظار أن تزين ملتقى الرسائل الجامعية بعرض كامل الرسالة فيه , أو نكفيك؟(/)
تفسير القرآن بين عصر الحضارة و عصر الانهيار
ـ[عزام عز الدين]ــــــــ[19 Jan 2008, 09:22 ص]ـ
تفسير القرآن بين عصر الحضارة و عصر الانهيار
د. أحمد خيري العمري
جريدة العرب القطرية
رغم إيماننا المطلق بتعالي النص القرآني عن تغيرات الزمان والمكان، إلا أننا نؤمن ولا بد، بأن بشرية القراءة لهذا النص (او التفسير) ليست منزهة عن تغيرات الزمان والمكان، وأن التفاعل الإنساني مع هذا النص محكوم بشروط تحدد نتائجه وتتحكم بمنطلقاته ومعطياته .. وهي شروط مرتبطة ببوتقة التفاعل وبيئته العامة .. وليس المقصود هنا، ببوتقة التفاعل وبيئته تفاصيله الصغيرة، بل الاتجاه المجتمعي العام الذي يتحكم بآليات التفكير واتجاهاته، وبالتالي يتحكم بالتفاعل مع هذا النص .. وبطريقة قراءته ..
وهكذا فإن النص القرآني نفسه، قد يفسر، في مرحلة معينة ما، مرحلة نهضة وازدهار ونمو حضاري واجتماعي، فإذا بالقراءة الناتجة تتسق مع ما في هذه المرحلة من نهضة ونمو وعقلانية قرآنية، وقد يفسر النص نفسه في مرحلة لاحقة، مرحلة انحدار وجمود وصولاً إلى انحطاط على كافة المستويات، فينتج قراءة تعكس الواقع المتردي الجامد، قراءة قد تصل إلى رفض القراءة الأولى باعتبارها تهمة لا بد أن ترد، وقد تصل إلى الخرافة الممجوجة في بعض الأحيان ..
ليس أدلَّ من هذا، وجود نص واحد، وقراءات مختلفة بحسب طبيعة المحيط الثقافي، من الآيات الكريمة التي تتحدث عن التجربة الإبراهيمية، أولاً في سورة الأنعام {فَلَمّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قالَ هَذا رَبِّي فَلَمّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (*) فَلَمّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هَذا رَبِّي فَلَمّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضّالِّينَ (*) فَلَمّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هَذا رَبِّي هَذا أَكْبَرُ فَلَمّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمّا تُشْرِكُونَ (*) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [الأنعام: 6/ 76 - 79] وثانياً في سورة البقرة {وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 2/ 260] ..
يمكن تمييز خطين تفسيريين في القراءة لهذه الآيات:
التفسير الأول: يتمثل في قراءة أنتجت في عصر ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، ممثلة على الأقل في قراءة ابن إسحاق (المتوفى 151 هـ) وابن جرير الطبري (المتوفى 224 هـ) ..
والتفسير الثاني: يتمثل في قراءة أنتجت في عصر تآكل الحضارة العربية الإسلامية وانهيارها ونشوء الدويلات المختلفة، وممثلة في (علماء أجلاء لهم كل الاحترام، لكن الاحترام لن يلغي حقيقة أن قراءاتهم أنتجت في عصر انهيار وتأثرت ولا بد بذلك) هذا الخط ممثلاً في (القرطبي المتوفى 671 هـ)، وابن كثير (المتوفى 774 هـ) .. أي بعد حدوث ما حدث من قواصم للدولة العربية الاسلامية من الصليبيين والمغول وانهيار الدولة المركزية ونشوء الدويلات .. خمس أو ست قرون تفصل بين القراءتين، وهي قرون حدث فيها ما حدث وكان لا بد لذلك أن يؤثر على المناخ الثقافي الفكري الذي يتعامل مع النص ..
فلنرَ كيف اختلفت القراءتين بشكل مباشر خاصة وأن موضع الخلاف الأساسي كان في سورة الأنعام، هو هل كان إبراهيم في موضع (النظر) – أي البحث في الكون عن الإله الحق، أو كان في موضع (المناظرة) مع قومه، حيث كان يؤدي ما يؤديه كي يستدرجهم إلى الإيمان بالله عز وجل ..
(يُتْبَعُ)
(/)
التفسير الأول، يحسم الأمر بشكل واضح باتجاه "النظر" – أي إن إبراهيم عليه السلام كان يبحث فعلاً عن الحق والحقيقة، وذلك قبل مرحلة النبوة والوحي .. ينقل ابن كثير عن ابن إسحاق (ت 151 هـ) اختياره النظر على المناظرة، بينما يستفيض الطبري في شرح ذلك .. حيث قال في تفسير {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْل رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} تفسيرا مسنودا لأبن عباس جاء فيه (فَعَبَدَهُ (= الكوكب) حَتَّى غَابَ , فَلَمَّا غَابَ قَالَ: لَا أُحِبّ الْآفِلِينَ ; فَلَمَّا رَأَى الْقَمَر بَازِغًا قَالَ: هَذَا رَبِّي! فَعَبَدَهُ حَتَّى غَابَ ; فَلَمَّا غَابَ قَالَ: لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَن مِنْ الْقَوْم الضَّالِّينَ. فَلَمَّا رَأَى الشَّمْس بَازِغَة قَالَ: هَذَا رَبِّي , هَذَا أَكْبَر! فَعَبَدَهَا حَتَّى غَابَتْ ; فَلَمَّا غَابَتْ قَالَ: يَا قَوْم إِنِّي بَرِيء مِمَّا تُشْرِكُونَ) و رد على الأقوال التي تعارض ذلك بعد ان استعرضها قائلا (وَفِي خَبَر اللَّه تَعَالَى عَنْ قِيل إِبْرَاهِيم حِين أَفَلَ الْقَمَر: {لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَن مِنْ الْقَوْم الضَّالِّينَ} الدَّلِيل عَلَى خَطَأ هَذِهِ الْأَقْوَال الَّتِي قَالَهَا هَؤُلَاءِ الْقَوْم. وَأَنَّ الصَّوَاب مِنْ الْقَوْل فِي ذَلِكَ: الْإِقْرَار بِخَبَرِ اللَّه تَعَالَى الَّذِي أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ وَالْإِعْرَاض عَمَّا عَدَاهُ ... ) ..
التفسير الثاني: يحسم الأمر بشكل لا لبس فيه، نحو "المناظرة"، بل إنه يرد بشدة على التفسير الأول باعتبار أن النظر هنا تهمة يجب دفعها، وأنها تمس مقام النبوة .. حيث يستفيض ابن كثير والقرطبي في ذلك .. و يذكر ابن كثير (والحق أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان في هذا المقام مناظرا لقومه مبينا لهم بطلان ما كانوا عليه من عبادة الهياكل والأصنام ... وكيف يجوز أن يكون إبراهيم ناظرا في هذا المقام وهو الذي قال الله في حقه (ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين * إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون) الآيات ... كيف يكون إبراهيم الخليل الذي جعله الله أمة قانتا لله حنيفا ولم يكن من المشركين ناظرا في هذا المقام بل هو أولى الناس بالفطرة السليمة السجية المستقيمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا شك ولا ريب ومما يؤيد أنه كان في هذا المقام مناظرا لقومه فيما كانوا فيه من الشرك لا ناظرا قوله تعالى .. ) أما القرطبي فينقل: قال قوم: هذا لا يصح؛ وقالوا: غير جائز أن يكون لله تعالى رسول يأتي عليه وقت من الأوقات إلا وهو لله تعالى موحد وبه عارف، ومن كل معبود سواه بريء. قالوا: وكيف يصح أن يتوهم هذا على من عصمه الله وآتاه رشده من قبل، وأراه ملكوته ليكون من الموقنين، ولا يجوز أن يوصف بالخلو عن المعرفة، بل عرف الرب أول النظر. قال الزجاج: هذا الجواب عندي خطأ وغلط ممن قال؛ وقد أخبر الله تعالى عن إبراهيم أنه قال: "واجنبني وبني أن نعبد الأصنام" [إبراهيم: 35] وقال جل وعز: "إذ جاء ربه بقلب سليم" [الصافات: 84] أي لم يشرك به قط.
ومن الواضح، من خلال الخطين، أن سؤال النظر و المناظرة كان موجوداً في المرحلتين. لكن الفرق أنه كان محسوماً تماماً باتجاه (النظر) في قراءة الخط الأول – وكان محسوماً بالعكس، في الاتجاه الآخر في قراءة الخط الثاني ..
ذات الاختلاف ينتج مرة أخرى في آية سورة البقرة {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 2/ 260] ..
فقراءة الخط الأول، على الأقل الطبري، أنتجت تفسيراً تعامل مع النص القرآني دون محاولة للهروب إلى الأمام أو إلى الخلف، بل يقرر الطبري – بعقلانية وواقعية – بعد أن عرض لمجموعة من الأقوال، أن يقول بعد ان عرض مختلف الاقوال: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَال بِتَأْوِيلِ الْآيَة , مَا صَحَّ بِهِ الْخَبَر عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى أَنَّهُ قَالَ , وَهُوَ قَوْله: " نَحْنُ أَحَقّ بِالشَّكِّ مِنْ إبْرَاهِيم , قَالَ رَبّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى , قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن " وَإِنْ تَكُون مَسْأَلَته رَبّه مَا سَأَلَهُ أَنْ يُرِيه مِنْ إحْيَاء الْمَوْتَى لِعَارِضٍ مِنْ الشَّيْطَان عَرَضَ فِي قَلْبه."
(يُتْبَعُ)
(/)
أما قراءة الخط الثاني، فهي ترفض قراءة الطبري تماماً، وتعتبر أن هذا "لا يجوز على الأنبياء صلوات الله عليهم مثل هذا الشك فإنه كفر، والأنبياء متفقون على الإيمان بالبعث. وقد أخبر الله تعالى أن أنبياءه وأولياءه ليس للشيطان عليهم سبيل فقال: {إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ} [الحجر: 15/ 42]، وقال اللعين: إلا عبادك منهم المخلصين، وإذا لم يكن له عليهم سلطنة فكيف يشككهم ..
وإنما سأل أن يشاهد كيفية جمع أجزاء الموتى بعد تفريقها وإيصال الأعصاب والجلود بعد تمزيقها، فأراد أن يترقى من علم اليقين إلى علم اليقين .. القرطبي .. انتهى ..
أما ابن كثير فمضى في تأويل حديث البخاري، الذي اعتمده الطبري (فيه نفي للشك عنهما يقول: إذا لم أشك أنا في قدرة الله تعالى على إحياء الموتى فإبراهيم أولى بألا يشك، وقال ذلك على سبيل التواضع والهضم من النفس) ..
قد يتبادر إلى الذهن أن الأمر مجرد مسألة خلافية. و هي قد تكون كذلك فعلاً – لكن هناك مياه كثيرة مرت تحت الجسر خلال القرون الستة الفاصلة بين القراءتين، وهي المياه التي بررت هذا الاختلاف ..
فبغداد، حاضرة الحضارة العباسية، التي أنتجت قراءة الطبري، كانت عاصمة النهضة والنماء، وكان التيار العقلاني فيها شديد الرسوخ والوضوح، لذلك فإن حسم (الطبري) هو نتيجة طبيعية لهذه البيئة، على العكس من القراءة الأخرى، التي نتجت في عصر أفول هذه الحضارة، والجمود على موجوداتها، فعكست هذا الأفول والجمود، وأبرزت الخوف الكامن في نمط التفكير من كل ما يتصور أنه يمس هذه الموجودات ..
ولم يكن الطبري، أو ابن إسحاق، وهما الأقرب لعصر النبوة، أقل حرصاً على مقام النبوة، لكن مقام النبوة، عندما يكون المناخ نهضوياً ومرتفعاً، يكون مناخ الاقتداء بهذا المقام هو الأساس، والاقتداء يتطلب الإيمان بإنسانية هذا المقام في الدرجة الأولى – وهو اقتداء لن يخدشه أن إبراهيم بحث عن الحق قبل الوحي، بل سيعززه ويعزز مكانة العقل في الإسلام ككل، كما أنه مقام لن يخدشه حقيقة ان سيدنا إبراهيم كان إنساناً قد يكون وقع له ما يقع على البشر ..
أمران مهمان يجب ألا ننساهما هنا: الأول: سيكون من الخطأ وضع التراكم الفقهي والتفسيري كله في سلة واحدة. فما نتج في عصر النهضة الإسلامية الأولى – مختلف تماماً عما نتج في عصور أخرى، خاصة إذا كان هذا النتاج الأخير مكرساً لما ترسخ في المجتمع من جمود وتقليد. لذا فإن الحديث عن "القطيعة" أو عن "التواصل" مع "التراث" لا ينبغي أن يكون بمعزل عن البيئة التي أنتجت هذا التراث، هل كانت بيئة النهضة والحضارة والنمو؟ .. أو كانت بيئة النكوص والجمود؟ ..
الثاني: لا يعني هذا أبداً أن كل ما أنتج في قرون الجمود جامداً .. فهناك قراءة استطاعت أن تخرج من إطارها الحضاري وكانت تقصد النهضة والبناء، ابن تيمية وابن خلدون والعز بن عبد السلام والشاطبي، كلهم أمثلة على قراءات أنجزت في عصر لا يمكن اعتباره مقاربا لعصر النهضة الاولى، ولكنها كانت تنزع إلى غير ما هو سائد في المجتمع، ولذلك نرى، أن هذه القراءات لم تكرس ولم ترسخ في أذهان عموم الناس .. لم تدخل في صلب ما هو "مؤسس" في أذهان الناس ...
اللافت هنا، أن السائد والمهيمن حتى الآن، والذي يجري تداوله، هو قراءة الخط الثاني، بحسم تام احيانا وحتى دون أن يذكر وجود تفسير آخر، وهو أمر لا يجب أن يكون مستغرباً .. فعصرنا الحالي بالتأكيد هو أقرب إلى القرن السابع الهجري، عصر الانهيار والدويلات، من عصر الطبري، عصر النهضة والبزوغ و الحضارة ..
من جريدة العرب القطرية-18 - 1 - 2008(/)
منهج الحكم على الآثار بين المفسرين والمحدثين
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[19 Jan 2008, 09:39 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبي الله، وبعد:
من المسائل العلمية المتعلقة بأصول التفسير، منهج الحكم على الآثار المروية عن السلف، والآليات المتبعة في ذلك، وفي ظني أنها من المسائل التي تحتاج إلى مزيد نظر وتأمل.
لقد وضع أئمة الجرح والتعديل، لقبول الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، ضوابط منهجية في غاية الدقة والإتقان، وهي بحق أحد المآثر العلمية التي تفاخر بها الأمة الإسلامية.
ولقد كان الهدف من هذه الضوابط المنهجية المتعلقة بقبول الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ التثبت من صحة ما نسب إليه، ولهذا فقد كانت تتسم بالتشدد فيمن تقبل روايته، وما ذاك إلا أن الأمر يتعلق بالتكليف، إذ لا يجوز أن يكلف الناس إلا بما تحققنا ثبوته، أو غلب على ظننا ذلك، وفي مقولة ابن المبارك رحمه الله المشهورة ما يدل على ذلك، قال:" الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء" قال الحاكم معقبا على هذه المقولة: "فلولا الإسناد وطلب هذه الطائفة له وكثرة مواظبتهم على حفظه لدرس منار الإسلام، ولتمكن أهل البدع بوضع الأحاديث وقلب الأسانيد"
وإذن فهذه القواعد والآليات العليمة الفنية المتشددة، خاصة بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وليس شي من المروي من كلام البشر له هذا الميزة التي لكلام النبي صلى الله عليه وسلم.
بل حتى إن بعض أهل العلم فرقوا في ذات كلام النبي صلى الله عليه وسلم، باعتبار موضوعه ومتعلقه، ومقولة الإمام أحمد مشهورة في ذلك يقول:" إذا رواينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد، وإذا رواينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكما أو يرفعه تساهلنا في الأسانيد" ومثل هذه المقولة رويت عن عبد الرحمن بن مهدي، وبعيدا عن الكلام الذي قد يقال عن هذه المقولة، فإنها تدل على الميزة الخاصة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم عن سائر حديث الناس.
ولهذا فإن منهج جرح الرجال وتعديلهم عند الأئمة روعي فيه هذا المعنى، فقد كانوا يردون الحديث عن النبي الذي إذا كان فيه راو ضعيف، مع اعتمادهم على ذات الراوي في الأخبار والسير، وهذا ابن حجر رحمه الله يقول عن سيف بن عمر" ضعيف في الحديث عمدة في التاريخ" ويقول عن ابن إسحاق: " إمام في المغازي صدوق يدلس" فهو في حديث الني صلى الله عليه وسلم ضعيف إن لم يصرح بالرواية، وفي المغازي و الأخبار إمام حجة حتى إن مدار المغازي تدور عليه مع نفر قليل معه، ولو طبقنا المنهجي الحديثي لضاع علينا غالب السير والمغازي.
وهذا التمهيد يسلمنا إلى الكلام عن المنهجية التي يتبعها بعض الباحثين والمختصين في الدراسات القرآنية القائمة على نقد الروايات والآثار عن السلف في التفسير ولنسمها "الروايات التفسيرية" في مقابل "الروايات الحديثية" حيث نجد من يتعامل مع تلك الروايات التفسيرية وفق القواعد المتعلقة بالروايات الحديثية، وأصل هذا الخلل المنهجي يعود إلى الخلط بين الراويات وأنواعها، فجعلوا ما تعلق بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يبنى عليه الحكام والحلال والحرام، مساو لما يروى عن غيره فيما لا تعلق له بالأحكام.
وهذه المنهجية خطيرة العواقب والنتائج لو أخذت بإطلاق، فهي ولا شك تتضمن رد أكثر الروايات والآثار في التفسير والتاريخ، ولن يبق لنا منها إلا أقل القليل، وهذا فعلا ما وقع فيه بعض من كتب في أسانيد التفسير، حتى قرر بعضهم أن المروي عن الصحابة لا يصح منه إلا القليل النادر.
ومن أثار هذه المنهجية القدح في جل كتب التفسير وخصوصا الأثري منها، وهذا في حقيقة الأمر قدح في أحد الركائز المنهجية التي يعتمدها المفسر لفهم كلام الله ـ عز وجل ـ القائمة على اعتماد فهم السلف، ومن عجب أن هذه النتيجة هي ما يسعى إليها الاتجاه الحداثي المعاصر في قراءتهم للقرآن الكريم وفهمه.
وربما يصح أن يقول أصحاب هذا الاتجاه في الروايات التفسيرية: إن تلك الروايات فيها كلام يتعلق ببيان مراد الله تعالى ويجب علينا التثبت في ذلك، وهذا الكلام حق لا منازعة فيه، وإنما السؤال عن المنهجية الواجب اتباعها في ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن الجدير الإشارة إليه: أن هذه الروايات التفسيرية بكل حال، لا تعدو أن تكون فهما فهمه عالم في معنى كلام الله، غير معصوم يصيب ويخطئ، فلا يعني رواية قوله أن يكون مقبولا في ذاته.
ومن العجب الدال على الخلل المنهجي في نقد الروايات التفسيرية، أن أصحاب هذه الاتجاه، مع تشددهم في قبول الروايات التفسيرية، تجدهم يحكون القول من كتب غريب القرآن واللغة، وربما حملوا معنى الآية ورجحوا أحد المعاني فيها، بناء على قول حكي عن أعرابي مجهول لم يسم، وإن سمي لم تعرف عدالته، وإن عرفت عدالته لم يعرف اتصال السند عنه، يفعلون هذا بغير نكير فإذا جئنا للروايات التفسيرية عن السلف تشددوا وأخذوا بالمنهج الحديثي في قبولها، مع أن بعض تلك الروايات تتعلق ببيان غريب القرآن الكريم فما الفارق بين الأمرين إلا أن الأول كتاب غريب والآخر كتاب تفسير.
وهذا الذي أقوله لا أريد به قبول الروايات التفسيرية بإطلاق وإنما هي دعوة لوضع ضوابط منهجية تتعلق بقبول الروايات التفسيرية، مستفيدين من المنهجية العلمية التي وضعها أئمة الجرح والتعديل في قبول الروايات الحديثية.
وهذا أمر يجب أن يتصدر له الراسخون في العلم ممن أشغلوا أوقاتهم بكتاب الله تعالى، مسترشدين بهذا التراث الضخم العلمي، ليستنبطوا منه منهج سلف الأمة في قبول الروايات التفسيرية أو ردها.
وعندي الآن عدد من الاعتبارات التي لم تتحرر يمكن أن تساعد في وضع الضوابط المنهجية اكتفي بتعدادها:
ـ منها: اعتبار مضمون الرواية، فيفرق بين ما يروى في العقائد والأحكام والمغيبات وبين ما يروى في غيرها.
ـ اعتبار التفريق بين رواية القول وقبوله، فلا يعني أن يقبل القول من حيث الرواية أن يسلم بصوابه في ذاته.
ـ اعتبار ما وضعه أئمة الجرح والتعديل في تعديل الراوي، مع تخفيف القيود على المتعلقة بقبول الرواية.
ـ اعتبار استفاضة القول واشتهاره.
ـ اعتبار موافقة لغة العرب والمشهور منها.
ـ اعتبار حال الراوي فيفرق بين شديد الضعف كالكذاب والمتهم وبين خفيف الضعف.
ـ اعتبار الرواية التي يرويها الراوي تؤيد بدعته.
ـ اعتبار موافقة المشهور عن السلف أو معارضته، فقد يرد بناء على شذوذه.
ـ اعتبار مخالفة السنن الكونية، والحقائق العقلية.
وبعد فهذه اعتبارات ذكرتها دون تحرير آملا أن يكون في إخواني من رواد هذا الملتقى من يكون أصلب عودا وأشد قلما ليحرر هذه الضوابط، وبالله التوفيق.
هذا والله أعلم و صلى الله عليه وسلم على نبيا محمد
ـ[أمة الرحمن]ــــــــ[19 Jan 2008, 02:39 م]ـ
جزاكم الله خيرا فضيلة الشيخ
كان لدي إشكال في هذا الموضوع كنت أود طرحه في هذا المنتدى المبارك
ووجدت فضيلتكم قد وفق في طرحه
والذي فهمته من كلام فضيلتكم ما يلي:
- الرويات التفسيرية ينبغي أن يكون منهج قبولها مختلفا عن الروايات الحديثية.
- التفريق في الروايات بين المرفوع للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وبين الموقوف والمقطوع من آثار الصحابة والتابعين.
- يجري على المرفوعات قواعد الروايات الحديثية وفق منهج المحدثين في ذلك.
- معرفة منهج السلف في قبول الآثار الواردة في التفسير.
- وضع ضوابط واعتبارات لمنهج السلف في قبول آثار التفسير.
وعلى ذلك فالروايات في التفسير لا ينغي أن تعامل معاملة الروايات الحديثية.
ولدي استفسارت بناء على ذلك:
س: لو تم دراسة روايات كتب التفسير بالمأثور كتفسير الطبري أو تفسير الدر المنثور وفق منهجية المحدثين
هل يقبل هذا العمل أم يحتاج إلى نظر؟
س: أليست كتب التفسير بالمأثور تسوق الحديث بإسناده، فلا يؤاخذ المفسر لو أورد رواية موضوعة أو شديدة الضعف لوجود الإسناد؟
س: معظم الاعتبارات التي ذكرها فضيلتكم هل اعتبارات قائمة لدى المحدثين في قبول الحديث ورده وهي:
ـ اعتبار التفريق بين رواية القول وقبوله، فلا يعني أن يقبل القول من حيث الرواية أن يسلم بصوابه في ذاته.
ـ اعتبار ما وضعه أئمة الجرح والتعديل في تعديل الراوي، مع تخفيف القيود على المتعلقة بقبول الرواية.
ـ اعتبار حال الراوي فيفرق بين شديد الضعف كالكذاب والمتهم وبين خفيف الضعف.
ـ اعتبار الرواية التي يرويها الراوي تؤيد بدعته.
ـ اعتبار موافقة المشهور عن السلف أو معارضته، فقد يرد بناء على شذوذه.
ـ اعتبار مخالفة السنن الكونية، والحقائق العقلية.
فيمكن في صياغة الضوابط اعتماد منهج المحدثين أولا، واستثناء بعض ما يكون في اللغة مثلا،
فيعتمد منهج المحدثين أصلا، ويضاف إلى هذا المنهج ما يستفاد من منهج السلف في كتب التفسير.
ـ[أمة الرحمن]ــــــــ[25 Jan 2008, 02:56 م]ـ
أرجو من المشايخ الفضلاء إبداء رأيهم حول هذا الموضوع
لأنه بناء على ذلك سيتبن مدى جدوى دراسة أسانيد كتب التفسير على منهج المحدثين
وهذا يهم طلبة الدراسات العليا في رسائلهم العلمية
فهل يختار العمل وفق مجموعة تدرس الأسانيد على منهج المحدثين
أو يختار غيره لأنه لا طائل منه؟
فقد تم إيقاف مشروع من هذا القبيل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[01 Feb 2008, 03:18 م]ـ
أشكر أخي الكريم أبا فارس على طرحه لهذا الموضوع للمناقشة، وهو موضوع جدير بالبعث والنقاش والحوار في أوساط أهل العلم للوصول فيه إلى رأي معتبر يطمئن إليه.
وقد سبقت إشارات متفرقة عن الموضوع في الملتقى هذه بعضها:
- صحيفة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما؟ ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=244)
- تعليقات الشيخ عبد الله الجديع على مقال أسانيد التفسير للدكتور مساعد الطيار ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3577)
- كلام مهم لابن أبي حاتم بشأن أسانيد التفسير فليتكم تدلون بدلوكم ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=6534)
وقد صدر كتاب وأعلم أنكم اطلعتم عليه للشيخ عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي وفقه الله بعنوان (أسانيد التفسير) وقد تكرم علي وفقه الله بإهداء ما يقارب الخمسين نسخة منه وتم توزيعه على الزملاء أعضاء الجمعية في اللقاء السابق. وهذا الكتاب في حاجة إلى نقاش علمي حول المنهجية الصحيحة في دراسة أسانيد التفسير. ولذلك فلعلنا في الجمعية العلمية للقرآن وعلومه أن نعقد لقاء علمياً للنقاش حول هذه المسألة وربما عدد من اللقاءات. وهناك العديد من المهتمين بأسانيد التفسير يكتبون في موضوعاته، مثل الدكتور حاتم الشريف والدكتور مساعد الطيار والدكتور يحيى الشهري والدكتور خالد الباتلي والشيخ عبدالعزيز الطريفي وعشرات الباحثين الذين كانت بحوثهم ورسائلهم في دراسة وتحقيق وتخريج كتب التفسير المسندة، وفقهم الله جميعاً لكل خير.
ولعلنا نبدأ باستضافة الدكتور حاتم الشريف العوني وفقه الله للحديث حول موضوع أسانيد التفسير في لقاء قريب من لقاءات الجمعية بإذن الله، ولعل الموضوع هنا يحظى بالنقاش والحوار الذي يجيب عن سؤال:
ما هي الطريقة العلمية المنهجية الصحيحة للحكم على أسانيد التفسير؟ هل هي منهج المحدثين في قبول الأحاديث وردها بكل تفاصيله؟ أم في ذلك تفصيل؟
وأؤيد الأخت أمة الرحمن في أهمية هذا الموضوع وجدارته بالبحث وفقها الله.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[02 Feb 2008, 10:34 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
ينظر في ذلك، ما ذكره الشيخ المحدِّث أبو إسحاق الحويني حفظه الله في مقدمة تحقيقه لتفسير ابن كثير، فقد ذكر هذا عن الشيخ الألباني رحمه الله، وكذا الشيخ العلامة الدكتور بكر أبو زيد حفظه الله.
والله اعلم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Mar 2008, 06:39 ص]ـ
ولذلك فلعلنا في الجمعية العلمية للقرآن وعلومه أن نعقد لقاء علمياً للنقاش حول هذه المسألة وربما عدد من اللقاءات. وهناك العديد من المهتمين بأسانيد التفسير يكتبون في موضوعاته، مثل الدكتور حاتم الشريف والدكتور مساعد الطيار والدكتور يحيى الشهري والدكتور خالد الباتلي والشيخ عبدالعزيز الطريفي وعشرات الباحثين الذين كانت بحوثهم ورسائلهم في دراسة وتحقيق وتخريج كتب التفسير المسندة، وفقهم الله جميعاً لكل خير.
ولعلنا نبدأ باستضافة الدكتور حاتم الشريف العوني وفقه الله للحديث حول موضوع أسانيد التفسير في لقاء قريب من لقاءات الجمعية بإذن الله
تقرر عقد اللقاء العلمي بعد موافقة الدكتور حاتم الشريف بعد مغرب يوم الأحد 15/ 3/1429هـ بإذن الله، وسيكون ذلك ضمن اللقاءات العلمية الدورية لأعضاء الجمعية العلمية السعودية للقرآن الكريم وعلومه بالرياض في قاعة المقصورة، ونسأل الله أن يبارك في هذه اللقاءات العلمية وأن ينفع بها، وسنحرص على تسجيل اللقاء ونشره عبر الملتقى وموقع الجمعية بإذن الله.
ـ[أمة الرحمن]ــــــــ[14 Mar 2008, 02:14 م]ـ
وسنحرص على تسجيل اللقاء ونشره عبر الملتقى وموقع الجمعية بإذن الله.
جزاكم الله خيرا ونفع بكم
وبانتظار التسجيل
بارك الله جهودكم وسددكم
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[14 Mar 2008, 04:54 م]ـ
عودا حميدا ياشيخ ناصر
ـ[أمين الشنقيطي]ــــــــ[15 Mar 2008, 06:51 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فاستاذن الإخوة في المداخلة بينهم في هذه المشاركة الطيبة، وأتمنى ممن سيحضر إن شاء الله لهذه المحاضرة القيمة المعلن عنها، للدكتور الشريف العوني حفظه الله، أن يقدم لهذا الملتقى تقريرا، أو رؤوس أقلام لما تم الحديث عنه فيها.
أسأل الله التوفيق للجميع.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[15 Mar 2008, 09:49 ص]ـ
قد بحثت هذه المسألة في رسالة الماجستير، وانتهيت باستقراء صنيع الطبري وغيره من المفسرين المحررين إلى أن هناك منهجا خاصا يسلك في التعامل مع أسانيد التفسير ويتمثل هذا المنهج فيما يلي:
1) إذا كان التفسير مرويا عن رسول الله ? فلا بد من بيان صحته أو ضعفه لكون التفسير النبوي حجة على ما عداه، فإن ثبت ضعفه كان النظر إلى صحة المعنى المروي في تفسير الآية ومناسبته لها من عدمه، فقد يكون الحديث ضعيفا لكن معناه مفسر للآية وصادق عليها ومناسب لها، فيعتبر معنى الحديث في تفسير الآية دون الجزم برفعه
2) رواية الكذاب لا يسوغ الاعتماد عليها في التفسير أو في غيره، فالكذاب لا يصلح أن تتلقى رواياته وتوضع موضع القبول، وقد نص العلماء على كون رواية الكذاب متروكة مطرحة فقد قال ابن أبي حاتم في كلامه على طبقات الرواة ومنازلهم ((ومنهم من قد ألصق نفسه بهم -يقصد بالرواة المقبولة روايتهم - ودلسها بينهم؛ ممن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال منهم الكذب فهذا يترك حديثه، ويطرح روايته، ويسقط ولا يشتغل به)) ()
وقال ابن المبارك () ((من عقوبة الكذاب أن يرد عليه صدقه)) ()
وقال البيهقي ((… وأما النوع الثاني من الأخبار، فهي أحاديث اتفق أهل العلم بالحديث على ضعف مخرجها، وهذا النوع على ضربين:
ضرب رواه من كان معروفًا بوضع الحديث والكذب فيه، فهذا الضرب لا يكون مستعملاً في شيء من أمور الدين إلا على وجه التليين…)) ()
3) إذا كان التفسير المروي مما لا يقال مثله بالرأي فلا بد من بيان صحته أو ضعفه، فمثل هذا لو صح كان له حكم الرفع، ومما يدخل فيه أسباب النزول، أو الإخبار عن أمر غيبي، أو نحو ذلك.
وتجدر الإشارة إلى: أن السلف كانوا يطلقون النزول على كل ما تصدق عليه الآية من الأحداث والمعاني والقصص، سواء كان هذا الحدث أو هذا المعنى سابقا على الآية، أو مقارنا لها أو متأخرا عنها، وسواء كان هو سبب النزول أم لا، وبناء عليه فالذي يجب بيان صحته أو ضعفه ما كان مرادا به أنه سبب نزول الآية لا غير.
كما تجدر الإشارة إلى: أن الأخبار الغيبية لا تعامل كلها معاملة واحدة، بل ينبغي التفريق بين ماكان واردا عن بني إسرائيل وما لم يكن واردا عنهم، فالأول لا يمكن الحكم عليه بصحة أو ضعف بخلاف الثاني؛ إذ ضابط القبول والرد لأخبار بني إسرائيل ليس هو الإسناد، إذ الإسناد خاصية من خصائص هذه الأمة، وإنما الضابط هو: موافقة الشرع أو عدم موافقته فما كان موافقاً قُبِلَ، وما كان مُخَالِفاً رد، وما لم تظهر موافقته أو مخالفته تُوقِّف فيه وجازت حكايته.
نعم قد يكون الحكم على السند الموصل للصحابي أو التابعي الذي نقل هذه الإسرائيلية بالصحة أو الضعف، وأما الرواية الإسرائيلية نفسها فضابط قبولها أو ردها موافقة الشرع أو لا.
4) النظر في السند عند كون التفسير المروي عن السلف مخالفا لما ثبت عن رسول الله ?، أو مخالفا لما هو متقرر وثابت في الشرع، فإذا روي عن مفسر من السلف قول بخلاف ما دل عليه الحديث النبوي، فإما أن يكون هذا القول غير ثابت عنه، وإما أن يكون الحديث لم يبلغه، ولذا يجب التأكد من ثبوت هذا القول عنه أوْ لا، وكذا إذا روي عنه ما يخالف المتقرر في الشرع.
5) النظر في السند عند كون المعنى المفسر به مخالفا للمشهور أو الغالب من معنى الكلمة، أو مخالفا للسياق
6) النظر في صحة السند أو ضعفه عند ورود معنى مخالف للمعنى المجمع عليه، فإذا أجمع السلف على معنى ما، وروي عن واحد منهم ما يخالف هذا الإجماع فلا يسوغ نسبته لمخالفة الإجماع إلا بعد ثبوت هذا القول عنه.
7) النظر في السند عند ورود قولين متعارضين عن مفسر واحد، فإذا ورد عن مفسر واحد قولان متعارضان تعين النظر في السند لمعرفة الثابت منهما عنه
8) التحقق من صحة السند أو ضعفه عند إرادة إثبات قراءة ما عن واحد من الصحابة؛ إذ صحة الإسناد أحد الأركان التي تثبت بها القراءة، كما هو مشتهر عند أهل الإقراء ()، ويتأكد ذلك إذا كانت القراءة المروية مخالفة للقراءة المشهورة المعروفة.
9) النظر في الإسناد عند كون المروي في التفسير متعلقا بالأحكام، أو بالحلال والحرام.
(يُتْبَعُ)
(/)