ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[25 Aug 2006, 09:32 م]ـ
حياك الله يا أبا عبدالله، ونسأل الله للدكتور محمد الشامخ التوفيق والسداد، ولا بأس عليك، وقد ذكرني هذا بقول المتنبي:
يَا مَنْ نُعيتُ على بُعْدٍ بمَجْلِسِهِ= كُلٌّ بمَا زَعَمَ النّاعونَ مُرْتَهَنُ
كمْ قد قُتِلتُ وكم قد متُّ عندَكُمُ =ثمّ انتَفَضْتُ فزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ
قد كانَ شاهَدَ دَفني قَبلَ قولهِمِ=جَماعَةٌ ثمّ ماتُوا قبلَ مَن دَفَنوا
ولا زلتُ أطمع منك أو من الأستاذ خالد الشبل وفقه الله مزيداً من التعريف بهذا الأستاذ الجليل وفقه الله.
وأما موضوع هذه المقالة التي أنشأتُ هذا الموضوع من أجلها، فلم أطرحه لأعترض على هذه الشهادات العلمية الأكاديمية المعترف بها، أو أقلل من شأن حملتها، وأغض من شأنهم. كلا فما لهذا طرحتُ الموضوع، فإن هذا اصطلاح اصطلح الناس عليه، ولا تثريب عليهم في ذلك، وقد نُسي أصله الكهنوتي الذي ذكره الدكتور الشامخ. وهو في نهاية المطاف رتبة علمية وظيفية، كغيرها من الوظائف مثل الرتب العسكرية التي لا يتعارض أن يحملها شخص طالب للعلم فيسمى شيخاً عميداً أو عقيداً أو نحو ذلك.
إلا أنني طرحتُ الموضوع للنقاش للبحث في ألقاب علمية إسلامية بديلة تبدأ قليلاً قليلاً حتى ترسخ في الأجيال القادمة، فلا يشوب الألقاب العلمية شائبة تمت إلى ملل وعقائد منسوخة ولو كانت طفيفة والله الموفق سبحانه وتعالى.
وأما قول أخي العزيز يوسف العليوي: ما لي أرى بعض القوم يقولون ما لا يفعلون؟!
فلم يظهر لي مراده منه، وأرجو ألا يكون قد فهم مقصدي من طرح الموضوع للنقاش فهماً على غير ما أردتُ منه.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Aug 2007, 01:35 م]ـ
وصلتني رسالة قبل مدة من الأخ الكريم خالد بن محمد بن عبدالرحمن الشامخ وهو ابن الدكتور محمد الشامخ صاحب المقالة يشكرنا فيها على طرح هذه المقالة، وأخبرني عن سبب كتابة الدكتور محمد لهذه المقالة منذ زمن بعيد، وذكر أنه سوف يوصل هذه المقالة والتعقيبات لوالده الكريم، وطلبت منه أن يعقب هنا ووعد بذلك لكنه لم يفعل، فأحببت تذكيره وفقه الله ووفق والده لكل خير.
في 26/ 7/1428هـ
ـ[لطيفة]ــــــــ[14 Aug 2007, 04:16 ص]ـ
جميل لو يُرفع ..
مع التحية لـ (دكاترتنا) الفضلاء: cool:
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Aug 2007, 01:31 م]ـ
مما له صلة بهذا الموضوع أمران:
الأول: ما حدثني به أستاذي الكريم الأستاذ الدكتور تركي بن سهو العتيبي عن أستاذه الأستاذ الدكتور محمد عبدالخالق عضيمة رحمه الله، الذي سبق أن كتب عنه بحثاً نشر في الملتقى بعنوان
العلامة محمد عبدالخالق عضيمة وكتابه دراسات لأسلوب القرآن بقلم تلميذه د. تركي العتيبي ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6717) أنه كان إذا كتب أمام اسمه حرف الدال فإنه يقوم بشطبه بيده، ولا يرى أن يكتب أمام اسمه هذا اللقب العلمي، مع كونه من أوائل الحاصلين على الدكتوراه والأستاذية رحمه الله، وعلمه وفضله أشهر من أن يُدَلَّ الباحثون عليه.
الثاني: أن مجلة الدراسات اللغوية التي يرأس تحريرها الأستاذ الدكتور تركي بن سهو العتيبي وتصدر عن مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية
قد ارتضت في منهجها إغفال ذكر هذه الألقاب العلمية قبل أسماء الباحثين، وأشار رئيس التحرير في تقديمه للعدد الأول منها إلى هذا الأمر مع حفظ ألقاب الباحثين المشاركين، مع كون أغلب من ينشر بحوثه في هذه المجلة من الأكاديمين الحاصلين على شهادات الدكتوراه وما فوقها من الرتب الأكاديمية. ولذلك تجد على غلافها الداخلي أسماء القائمين على أمر المجلة والباحثين دون ألقاب علمية
http://www.tafsir.net/images/derassssat.jpg
وعند نشر البحث يكتفى بالتعريف بالباحث تحت اسمه بذكر رتبته العلمية.
http://www.tafsir.net/images/algaaab.jpg
وهذه خطوة عملية من القائمين على أمر هذه المجلة اللغوية في سبيل التخفف من ترسيخ هذه الألقاب الوافدة على ارأي القائلين بذلك من الباحثين.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[14 Aug 2007, 07:39 م]ـ
ما أشرت إليه أخي د. عبد الرحمن، وتقوم به مجلة الدراسات اللغوية، هو ما يجري العمل به في الجامعات الدولية الغربية:
(يُتْبَعُ)
(/)
عند كتابة فهرس البحوث العلمية، يذكر اسم الباحث فقط بدون إشارة إلى درجته العلمية.
وعند نشر البحث يتم ذكر الدرجة العلمية.
وانظر أمثلة على ذلك في المجلات الدولية المحكمة التالية:
http://www.optimumonline.ca/frontpage.phtml
http://www.kluweronline.com/issn/0254-5330
http://www.emeraldinsight.com/Insight/viewContainer.do?containerType=Journal&containerId=10616
لذلك فلا أرى علاقة للأمر بالتخلص من الألقاب الوافدة.
وفي الحقيقة، لم أفهم موطن الإشكال في استعمال الألقاب العلمية: أهو حرج شرعي؟ أم رغبة في معرفة الأعراف الجارية لاستخدامها؟ أم رغبة في الحفاظ على الأصالة وعدم التشبه بالآخرين؟
وعلى كل، أود أن أعرض هنا نظرتي الخاصة للألقاب (وأرجو ألا يكون خروجا عن الموضوع):
الألقاب التي نستعملها نحن المسلمين ليس ألقابا (موضوعية) وانما هي (ألقاب عاطفية). ولعل هذا هو سر اختلاف استعمال لقب (الدكتور) عند المسلمين وعند الغرب. فالكثير من المسلمين يلهث وراء لقب من الألقاب (حتى وإن غلف لهثه بشيء من الوقار والتواضع المتكلف). أما في الغرب فاستعمال الألقاب (وخصوصا: الدكتور) لا يتم إلا في الإطار الأكاديمي أو الوظيفي، لتمييز القيمة العلمية للبحوث.
واستعمال هذه الألقاب عند الغرب هو استعمال (وظيفي) أكثر منه (تشريفي). أما عند المسلمين فهو تشريفي في أغلب الأحيان.
ولا أخفيكم مدى تحرجي من استعمال عبارات من قبيل: صاحب الفضيلة، وفضيلة الشيخ، وسماحة الشيخ، وسماحة الوالد، والداعية الشهير، والحبيب فلان، إلى غير ذلك من الألقاب التي لا أجد لها أي مبرر.
كما أجد حرجا شديدا عند سماع خطيب يخاطب المصلين: (يا أحباب رسول الله)، لما فيها من ابتذال وامتهان لهذا المفهوم عند مخاطبة من ليس بأهل لهذه العلاقة الروحية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أكثر الألقاب التي أنفر من استعمالها (وأرجو ألا ينزعج أحد لذلك) هي: شيخ الإسلام، وحجة الإسلام، وكل الألقاب التعظيمية المشابهة لأحد الرجال. فالدين ليس في حاجة لرجل أو امرأة كي يقيم الحجة على الناس، وليس من حجة على الناس سوى عبد الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم). والإسلام ليس له شيخ، ولا يجوز بحال ربط الدين بالأشخاص في أذهان الناس، إلا برسول الله صلى عليه وسلم، لأنه الشهيد الوحيد والحجة الوحيدة علينا: (لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيدا).
ولو كان الأمر متعلقا بألقاب السلاطين والملوك، لزال العجب. أما أن يحرص علماء الدين على استعمال هذه الألقاب كلما ذكر اسم ابن تيمية أو الغزالي، أو غيرهما، فهنا موطن العجب، لمناقضته لنهي الإسلام عن التكلف، ونهيه عن تعظيم البشر.
بل أرى أن الحرص على استعمال لقب (شيخ الإسلام) كلما تحدثنا عن ابن تيمية، لا يختلف في شيء عن تقديس الصوفية لمشايخهم. وكلا الأمرين مذموم.
وأكثر من ذلك: لا أخفيكم أيضا عدم حرصي على الترضي كلما ذكر اسم أحد الصحابة، لعدم عثوري على أي مبرر لذلك من القرآن والسنة. بل حتى الآية التي تتحدث عن أهل بيعة الرضوان، لا تستدعي أن نلتزم هذا الترضي. وأعتبر أن هذه العادة جاءت ردة فعل فقط على من يسبون بعض الصحابة من الشيعة. وفي تقديري، لا يليق بالمسلم أن يعتمد الفعل ورد الفعل كمنهج سلوكي مهما كان الظرف، وردات الفعل السلوكية لا تؤدي إلا إلى الانحراف المنهجي.
وإن كان الترضي الوارد في القرآن الكريم قد ذكر في سياق الحديث عن الصحابة في الموضعين التاليين:
- ((والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم)) (التوبة 100)
- ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا)) (الفتح 18).
فإنه لا يفيد يحصر رضى الله عز وجل في الصحابة. بل إن رضى الله شامل للمؤمنين، بدليل نفس الآية (والذين اتبعوهم بإحسان)، وبدليل الآية في سورة البينة:
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ .. جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ)) (البينة 7 - 8).
وفي كل الحالات، ليس هناك ما يفيد من الآيات القرآنية الحث على التزام صفة الرضوان أو الترضي عند الحديث عن الأشخاص.
وإن كان من أمر حث الإسلام على التزامه تجاه الصحابة، فهو الاستغفار لهم، وليس الترضي عنهم: ((وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [الحشر:10].
أما عن ألقاب (الدكتور) أو (الأستاذ) أو (الشيخ) فلا أستعملها إلا من قبيل الموادة، وحفظ مقامات الناس عند مخاطبتهم. أما عند الحديث عنهم مع الآخرين فلا تهمني هذه الألقاب لا من قريب ولا من بعيد. لأن احترامي للأشخاص ليس مقترنا بنوعية الألقاب التي أضيفها إليهم.
وفي المقابل: كم يعجبني عدم التكلف لدى الغربيين الذين أخالطهم في مكان إقامتي، حيث يخاطب بعضهم بعضا بلا ألقاب، حتى في المحافل الأكاديمية، ولا يتم التطرق إلى الألقاب العلمية إلا نادرا.
ويبقى لقب أخير (أو صفة أخيرة) كثيرا ما أتوقف عندها، ولا أستعملها إلا بعد التحري، وهو (أخي في الله).
فكثيرا ما يستعمل هذا اللقب بلا روح. وكم تشمئز نفسي ممن يصدرون حديثهم مع الآخرين بـ (أخي فلان) أو (أخي الحبيب) أو (أخي العزيز) إلخ، ثم لا تسمع منهم في باقي كلامهم إلا الأذى والاستفزاز والتحقير، بما يناقض مفهوم الأخوة وومستلزماتها. ويخيل إلي أن أغلب المتدينين يستعملون هذه الصفة من باب (النفاق الاجتماعي) لا غير.
لذلك، فإنني أتحرز (وأدعو إلى التحرز) من استعمالها، فلا تستعمل إلا عند استحضار معاني الأخوة بمسئولية وأمانة في التعامل مع الآخرين.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[14 Aug 2007, 07:44 م]ـ
ما تقوم به المجلة خطوة جيدة في تخفيف وطأة التأثر بالألقاب، أو ما يُسمى بـ (عقدة اللقب) وهي عقدة نفسية اشتهر بها العرب ... ويغذيها المجتمع العربي بتمجيده لصاحب اللقب، من دون النظر إلى شخصية الإنسان، وما يقدمه من سلوك، وقد قيل قديما: (إن آخر ما يتنازل عنه الإنسان العربي هو لقبه)!
لذا فإن ما ذكره الأخ ابن جماعة هو كلام رصين في محله إذ أشار إلى أن اللقب أصبح تشريفيا بالدرجة الأولى، بخلاف ما هو موضوع لأجله في المجتمعات التي استقينا منها الفكرة!
أرجو أن نرى قريبا اليوم الذي يُقدَّم ويُقدَّر فيه الناس بما يعلمون، لا بما يحملون من ألقاب قد يكون المال هو السبيل إليها!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Sep 2007, 11:09 م]ـ
أشكر الأخ الكريم محمد بن جماعة على تعقيبه النافع على هذا الموضوع، وقد استفدت منه كثيراً فبارك الله فيه، والحديث ذو شجون.
ـ[محب الطبري]ــــــــ[10 Sep 2007, 03:17 م]ـ
أخي في الله ابن جماعة، عفواً لست أخاك آسف لإزعاجك بهذه الكلمة
لم يبق مما تتحرز عنه إلا (صلى الله عليه وسلم)
عجبا لك هل يؤذيك الترضي عن الصحابة رضوان الله عليهم
هل لقب شيخ الإسلام مثل التبرك والتقديس لمشايخ الطرق
كان الأولى بك أن تنزعج من مخالطة المشركين والإقامة بين ظهرانيهم بدلا من الانزعاج من الشيخ أو رضي الله عنه أو أخي في الله,,
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[10 Sep 2007, 03:59 م]ـ
أخي في الله ابن جماعة، عفواً لست أخاك آسف لإزعاجك بهذه الكلمة
لم يبق مما تتحرز عنه إلا (صلى الله عليه وسلم)
عجبا لك هل يؤذيك الترضي عن الصحابة رضوان الله عليهم
هل لقب شيخ الإسلام مثل التبرك والتقديس لمشايخ الطرق
كان الأولى بك أن تنزعج من مخالطة المشركين والإقامة بين ظهرانيهم بدلا من الانزعاج من الشيخ أو رضي الله عنه أو أخي في الله,,
أخي محب الطبري، أرجو ألا تحرف كلامي بتغيير بعض ألفاظه فتتهمني بما لم أقل. ولو اكتفيت بقراءة ما في السطور عوض البحث عما بين السطور لكنت أعدل:
1 - ليس في كلامي (أو في مدلول كلامي) ما يعني أنني أتحرز من كل شخص سوى النبي صلى الله عليه وسلم
2 - ليس في كلامي (أو في مدلول كلامي) ما يفهم منه أنني أتأذى من الترضي عن الصحابة
3 - لك أن تعجب من مقارنتي بين عبارة (شيخ الإسلام) والعبارات الأخرى المستعملة عند الصوفية
4 - وأما عن ملاحظتك حول (مخالطة المشركين ... ) ففيها حديث عن موضوع طويل لا أرغب في الدندنة حوله. ولو التمست لأخيك بعض الأعذار (كما أمرت) لكان أحوط لك في تحديد ما هو الأولى لي. وفي كل الأحوال، لا علاقة لهذا الأمر بموضوع العبارات التي نتحدث عنها، وبالتالي لا مبرر لاعتبار أحدهما بديلا عن الآخر.
5 - وأما عن مخاطبتي بأخي في الله، فهي مما تسعدني ولا تؤذيني، عندما أحس من قائلها صدق المشاعر وتصديق الأفعال. وما أدعو إليه هو إخراجها من دائرة الاستعمال الروتيني الذي يجريها على ألسنة الكثير من المسلمين بحكم العادة، إلى دائرة الاستعمال الواعي الذي يستشعر معانيها ومقتضياتها كلما خاطبنا بها أحدا من المسلمين، وإلا أصبحت العبارة مبتذلة، وحينها فقط، (أي حين تكون العبارة مبتذلة) من الطبيعي أن تؤذيني، إلا إذا أردتني أن أكون بليد الإحساس أو عديم الإحساس.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[11 Sep 2007, 12:12 ص]ـ
أخي الكريم ابن جماعة ...
يحق لك أن تبدي رأيك، ويحق لغيرك أن يعترض عليك! فاسمح لي بمخالفتك في بعض ما قلتَ، بارك الله فيك.
ولك مني الأمان! فاعرض رأيك – إن كنتَ تخالفني - ولا تخف ... فلستُ ممن ينتهجون سياسة التصفية والإعدام مع مخالفيهم (ممازحة).
أولا: أحبّ أن أنقل لك كلاما للإمام القرطبي - رحمه الله - فيه بعض الفوائد المتعلقة
بموضوعنا ...
قال – رحمه الله – عند تفسيره لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ " [الحجرات: 11]:
(يُتْبَعُ)
(/)
" قال أبو عبد الله بن خُوَيْزِمَنْدَاد: تضمنت الآية المنع من تلقيب الإنسان بما يكره، ويجوز تلقيبه بما يحب؛ ألا ترى أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لَقّب عمر بالفاروق، وأبا بكر بالصدّيق، وعثمان بذي النُّورين، وخُزيمة بذي الشهادتين، وأبا هريرة بذي الشّمالين وبذي اليدين؛ في أشباه ذلك ... وقلّ من المشاهير في الجاهلية والإسلام من ليس له لَقَب. ولم تزل هذه الألقاب الحسنة في الأمم كلها ـ من العرب والعجم ـ تجري في مخاطباتهم ومكاتباتهم من غير نكير.
قال الماورديّ: فأما مستحب الألقاب ومستحسنها فلا يكره. وقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم عدداً من أصحابه بأوصاف صارت لهم من أجل الألقاب. " اهـ
الجامع لأحكام القرآن (19/ 394 - 395)
فما المانع أخي الكريم من قول أحدنا " سماحة الوالد " أو " فضيلة الشيخ " ونحوه طالما أننا ملتزمون بالضوابط الشرعية؟
أليس هذا من التأدِّب مع ورثة الأنبياء؟ أليس من العدل والإنصاف – أخي الكريم- أن ننزل الناس منازلهم؟
والناظر في كتب التراجم يجدها مليئة بعبارات المدح والثناء على العلماء.
وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد - رحمه الله - وغيره: " ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه ".
ومن حقهم علينا أن ندعو لهم، ونثني عليهم، ونشكرهم ... من غير مبالغة ولا غلو في الثناء والمدح.
قال الإمام النووي – رحمه الله – في " تهذيب الأسماء واللغات" (1/ 18):
" ... فإن شيوخه فى العلم آباء فى الدين، وصلة بينه وبين رب العالمين، وكيف لا يقبح جهل الإنسان والوصلة بينه وبين ربه الكريم الوهاب، مع أنه مأمور بالدعاء لهم، وبرهم، وذكر مآثرهم، والثناء عليهم، وشكرهم " اهـ
ولله در شوقي حين قال:
قم للمعلم وفه التبجيلا ** كاد المعلم أن يكون رسولا
ثانيا: أعجبني قولك: "وأما عن مخاطبتي بأخي في الله، فهي مما تسعدني ولا تؤذيني، عندما أحس من قائلها صدق المشاعر وتصديق الأفعال. وما أدعو إليه هو إخراجها من دائرة الاستعمال الروتيني الذي يجريها على ألسنة الكثير من المسلمين بحكم العادة ... " اهـ
أصبت في قولك! فإن البعض يُغرقك بألفاظ الحب والأخوة في الله ... ثم إنك لا تجد عنده شيئا من حقوق الأخوة وواجباتها! ولذا تراه حين تطرق بابه – مستعينا به – مكفهر الوجه، مقطب الحاجبين! وكأنه مفجوع أو موجوع!
فالواجب علينا أن نُعيد إلى مثل هذه العبارات وزنها وقيمتها ...
وجزاكم الله خيرا.
ـ[محمد بن جماعة]ــــــــ[11 Sep 2007, 05:20 ص]ـ
جزاك الله خيرا، أخي عمار، على ما ذكرت .. وتوقير العلماء وأهل الفضل وموادتهم من شعب الإيمان، ومكارم الأخلاق. ولا أرى اختلافا في ما بيننا حول هذا الموضوع.
أما تكنية العلماء والإخوان بما يحبون وإسباغ الأوصاف الحميدة عليهم والثناء عليهم والدعاء لهم وذكر مآثرهم، فحبذا لو ينتشر بيننا هذا الأدب، بدون مبالغة ممجوجة أو إفراط مبتذل. و لعلك ترى كم يصعب في عصرنا العدل في مدح الآخرين. بل وحتى في العصور السابقة. ويخيل إلي أن الوحيد الذي استطاع أن يكون صادقا ودقيقا في كل الأوصاف التي مدح بها معاصريه هو الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأرى أن الحكم على الأوصاف لا يخرج عن أحد الأقسام التالية:
فإما أن يتفق على استحبابها في حق الرجل لصدقها ودقتها في التعبير عن ميزة الموصوف بها وفضله.
أو أن يختلف في استحبابها لاعتبارات ذوقية أو للاختلاف في تقويم الرجل نفسه.
أو يختلف فيها للمبالغة التي قد تصل إلى حدود تستدعي الحذر.
وبالنسبة إلى عبارتي (سماحة الوالد) و (فضيلة الشيخ) فقد ذكرت في كلامي أنني أتحرج من استعمالهما ولا أجد مبررا لاستعمالهما. وهذا يعني أن موقفي من العبارتين ذاتي، وذوقي. أضف إلى ذلك أنني لا أجد أي فصاحة في العبارتين عندما تسبقان اسم العالم. فهل نعني بها أنه يجسد كل ما في الوالد من سماحة مع ولده؟ أو كل ما في الشيخ من الفضل؟ فلو كان الأمر كذلك، فهل العبارة فصيحة أو بليغة؟ شخصيا لا أرى ذلك.
مع خالص المودة.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[11 Sep 2007, 11:23 ص]ـ
ما قاله الأخ الفاضل ابن جماعة هو رأي له وعليه وقد سعدنا بمن داخلوه وبرده فالناس بخير ما تناصحوا، ولا نريد أن نزيد الحياة جفافاً برفع ما تبقى من كلمات يجامل من خلالها بعضنا بعضاً.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الألقاب العلمية المستحدثة فيمكن تصنيفها ضمن منظومة اجتماعية متكاملة تقوم على حب كل دخيل واحترام كل وافد، ومن اليوم سأفعل مغيراً توقيعي في الملتقى ليكون هذا آخر توقيع بلقب [د] رغم ثبوته فيما لا نملك، أطال الله عمر شيخنا الكاتب وبارك في الناقل وأثاب المناقش.
ولقد رجوت لو تفضل الشيخ عبد الرحمن برفع علامة [+] من العنوان رغم ورودها مطابقة للأصل وذلك بوضع [و] مكانها لأن الواو منا وعلينا [بسمة]
ـ[مهدي المشولي]ــــــــ[10 May 2010, 11:19 م]ـ
وبالنسبة إلى عبارتي (سماحة الوالد) و (فضيلة الشيخ) فقد ذكرت في كلامي أنني أتحرج من استعمالهما ولا أجد مبررا لاستعمالهما. وهذا يعني أن موقفي من العبارتين ذاتي، وذوقي. أضف إلى ذلك أنني لا أجد أي فصاحة في العبارتين عندما تسبقان اسم العالم. فهل نعني بها أنه يجسد كل ما في الوالد من سماحة مع ولده؟ أو كل ما في الشيخ من الفضل؟ فلو كان الأمر كذلك، فهل العبارة فصيحة أو بليغة؟ شخصيا لا أرى ذلك.
قولهم سماحة الوالد أو سماحة الشيخ أوفضيلة الشيخ: من إضافة الصفة إلى الموصوف وهو أسلوب عربي فصيح جاء في التنزيل فمن أمثلته:
قوله تعالى: "في يتامى النساء" أي النساء اليتامى.
وقوله:"شياطين الجن والإنس" أي الجن والإنس الشياطين.
وقوله: "أحسن القصص" أي القصص الحسن.
- الأمثلة السابقة من البحر المحيط لأبي حيان – رحمه الله –
و"فضيلة": فعيلة بمعنى فاعلة، وألحقت به علامة التأنيث للمبالغة كما ألحقت إلى "علامّة" و"نسابّة" وأمثالها، وسماحة مصدر سَمُح؛
فمعنى قولهم: فضيلة الشيخ: الشيخ الفاضل (الموصوف بالفضل).
وسماحة الوالد أو سماحة الشيخ معناها: الوالد أو الشيخ السّمْح (الموصوف بالسماحة)
والسماحة الجود والكرم يقال رجُل سَمْح أي: كريم كما في المخصص لابن سيدة،
ومن أعظم أبواب الكرم؛ الكرم بالعلم؛
فالمشايخ هم أكثر الناس فضلاً، وأوفرهم جوداً وسماحةً فهم أولى الناس وأحقهم بهذه الأوصاف ........
ـ[تيسير الغول]ــــــــ[11 May 2010, 01:57 م]ـ
كثيرة هي المسميات التي قد يتغير معناها الحقيقي بمرور الزمن واختلاف القيم. وهذا كثير في لغتنا العربيّة أو في لهجاتنا العاميّة فمثلاً عندنا في بلاد الشام نستخدم كلمة شاطر على سبيل المدح ولكن معناها في اللغة غير ذلك فقولهم فلانٌ شاطِرٌ معناه في كلام العرب هو المتباعد من الخير والذي شطر نحو الشر.
وكذلك كلمة زلمة أي رجل. ومعنى زلمة في اللغة صنم وجمعها أزلام.
ورغم أن كلمة دكتور كانت تحمل اسماً كهنوتياً فإني أظن أن استخدامها لا ضير فيه لأنه أصبح شائعاً بكل البلاد. ولكن للعلم فقط فإن ألامريكيين لا يستخدمون كلمة دكتور إلا للطبيب. أما إذا كانوا يقصدون درجة علمية تؤهل للتدريس الجامعي فإنهم يستخدمون كلمة (برفسور)
وإذا كان المعنى الاول لكلمة دكتور هو للعالم الديني الذي برز في دراسة اللاهوت، وعرف بالقداسة الشخصية
فإن الشيخ لا يخرج من هذه المعاني فالشيخ عالم ديني (لاهوت) يبحث في الدين الاسلامي ويعرف بالفضل والمكانة والاحترام بين الناس أيضاً. رغم أن هذا المعنى قد طمس تماماً في دول الغرب ولم يبق إلا أصله.
وأيضاً فإن الاقتراح بإعادة النظر في هذا الاسم قد جاءت متأخرة وإذا كانت هذه الدعوة جديّة فلا بد لها من قرار عربي شامل لاستبدالها بكلمة أخرى يُتفق عليها.
ولكن ما هو الضير أن تتعرب هذه الكلمة وتدخل ضمن المصطلحات الكثيرة التي أصلها لاتيني فعربت مثل تلفزيون وراديو وسينما وتكنولوجيا (تقنية) وغيرها من مصطلحات.
لا أظن أن قراراً ما سيمنع في تداول هذه الكلمة الشائعة التي تعوّد عليها اللسان. وقد ذكرني ذلك بقصة فيها فكاهة:
كان رجل يدمن على الحلف بالطلاق لأتفه الاسباب. فاستدعاه القاضي وهدده ووعده بأنه سوف يطلق منه امرأته إذا بقي يحلف بالطلاق. فقال للقاضي: حسناً يا سيدي وعليّ الطلاق أنني لن أقسم مرة أخرى بالطلاق.
وشكراً لفضيلة الدكتور عبدالرحمن الشهري وبارك الله بكم.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[14 May 2010, 07:07 م]ـ
ليس الإشكال في عدم عربية الكلمة فقط ..
بل أعظم منها المعاني التي تُحملها وهي نفس المعاني التي تُحملها كلمة (العالمية) في زماننا هذا ..
وكل ذلك تشبيع وقد يكون تشبع للملقب ومن الملقب بما لم يُعط وإكسابه هالة ليست له ..
ـ[أبو الوليد التويجري]ــــــــ[16 May 2010, 11:58 م]ـ
"فائدة:
قال قائل: أراني إذا دعيتُ باسمي دون لقبي شق ذلك علي جدًا بخلاف السلف؛ فإنهم كانوا يدعون بأسمائهم، فقيل له: هذا لمخالفة العادات؛ لأن أُنْس النفوس بالعادة طبيعة ثابتة، ولأن الاسم عند السلف لم يكن دالا على قلة رتبة المدعو، واليوم صارت المنازل في القلوب تعلم بإمارة الاستدعاء، فإذا قصَّر دل على تقصير رتبته فيقع السخط لما وراء الاستدعاء، فلما صار المخاطباتُ موازينَ المقادير؛ شق على المحطوط من رتبته قولا كما شق عليه فعلاً". بدائع الفوائد (3/ 1126).(/)
معاني الاستعارات للسمرقندي - دراسة وتحقيق
ـ[د. أبو عائشة]ــــــــ[04 Aug 2006, 07:55 م]ـ
هذا تحقيق رسالة الاستعارات وهي من أهم النصوص البلاغية على قصر حجمها
وضعته هنا للفائدة
ـ[رحمة]ــــــــ[23 Sep 2006, 02:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله حمد الشاكرين وأصلي وأسلم على النبي المصطفى الكريم سيدنا محمد ومن سار على نهجه إلى يوم الدين
وبعد
فإن من اهم المواضيع التي أثارت اهتمام أهل العلم مواضيع البلاغة لو تتبعنا البلاغة منذ نشأتها حتى الآن لعجزنا ولكن نكتفي بأن العرب هم أبلغ الناس وأن القرآن جاء ليعجز هؤلاء وما توصلوا إليه من علوم فقد شمل القرآن مختلف العلوم ومن ضمنها البلاغة وأن للإستعارة وقع في ذلك وأن موضوع معاني الاستعارات يستحق القراءة والتمعن فهو موضوع جاد وأنا كعضو في هذا الملتقى بحاجة إلى قراءة هذا الموضوع
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Sep 2006, 05:02 م]ـ
بارك الله فيكم د/ أبو عائشة، وأسأل الله لكم التوفيق والسداد.
ـ[د/ سعيد جمعة]ــــــــ[23 Sep 2006, 09:34 م]ـ
ما معني: لايمكنك مشاهدة المرفق إلا بعد الرد على الموضوع؟!!!!
إن هذا جعلني أستغرب وأزهد في الموضوع.
ياسادة إما أن تفسحوا المجال لمن يريد القراءة وإما أن تبقوا هذا العلم في خزائنكم.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Sep 2006, 09:39 م]ـ
الأخ الدكتور سعيد جمعة وفقه الله
هذا خيار في التصميم الجديد للملتقى طلبت من المبرمج استبعاده وسيفعل ذلك إن شاء الله، فظن بإخوانك خيراً رضي الله عنك. فلو كان يريد حجبه عن أحد ما وضعه للجميع هنا.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[23 Sep 2006, 09:52 م]ـ
د. عامر , وفقه الله , قمت بتحميل الرسالة , ولم استطع فتحها فما السبب , شكر الله لك.
ـ[العيدان]ــــــــ[23 Sep 2006, 09:59 م]ـ
بارك الله فيكم
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[25 Sep 2006, 02:09 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[عبدالكريم الشهري]ــــــــ[25 Sep 2006, 04:58 م]ـ
جزاك الله خيرا وبارك لك(/)
هل هذا الفعل مشروع؟
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[05 Aug 2006, 03:07 ص]ـ
الإخوة في الملتقى
أحد الإئمة يقرأ بجماعة المسجد في المغرب والعشاء والفجر من القرآن، يبدأ بالبقرة إلى أن ينتهي ثم يعيد، مع مراعاة أنه لا يفوت بعض السنن كأن يقرأ السجدة والإنسان فجر الجمعة وهكذا.
أرجوا من المشايخ الفضلاء إبداء وجهة النظر حول هذه المسألة، أو النقل عن أحد مشايخنا، فقد سمعت أن للشيخ بكر أبو زيد كلام فيها.
ولكم جزيل الشكر،،،،،،
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Aug 2006, 03:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أعلم مانعاً شرعياً يمنع من مثل عمل هذا الإمام، وسيره في إمامته للناس في الصلوات الجهرية على هذا المنوال، وهي مسألة تنظيمية للقراءة إن لم يسلكها الإمام، فسوف يقرأ في كل صلاة بما تيسر له دون ضابط وهذا لا إشكال فيه أيضاً، غير أنه يظهر لي في تنظيم القراءة أثناء الإمامة على هذه الطريقة فوائد جمة، أظن من يسير عليها يتوخاها، ومنها:
1 - إسماع المأمومين القرآن كاملاً طيلة مدة قراءته، إضافة إلى تكثيف ذلك في شهر القرآن الكريم شهر رمضان، ومع مراعاته لبعض السنن في فجر يوم الجمعة، أو في صلاة المغرب بين الحين والآخر.
2 - مراجعة الإمام لحفظه للقرآن الكريم وضبطه له، فإن المراجعة للحفظ أثناء إمامة المصلين من أقوى وأنفع ما يعين على تثبيت الحفظ وضبطه.
3 - إذهاب ما قد يعتري المأمومين من السأم، وإعانتهم على التدبر عندما يسمعون كل صلاة آيات جديدة من القرآن الكريم، بخلاف ما إذا داوم الإمام على قراءة مقاطع معينة لا يتجاوزها طيلة العام، كأواخر سورة البقرة، وسورة الحشر، وقصار السور، ونحوها. وقد كنت أعتب على أحد الإئمة الفضلاء مداومته على ثلاثة مقاطع لا يتجاوزها أبداً، حيث أصبحنا نعرف ماذا سيقرأ قبل أن يبدأ، مما يعني أن الملل قد يدخل إلى نفوس المأمومين من هذا الفعل. وما دام المقام مقام عبادة لله وخشوع وخضوع، فإن الحرص على ما يعين على التدبر والخشوع مطلوبٌ.
4 - في هذه الطريقة عون للإمام الذي يفسر القرآن الكريم لجماعة المسجد، حيث يفسر لهم ما تلاه في إحدى الركعتين بعد الصلاة كصلاة العشاء، ويأتي التفسير للآيات بعد سماعها مرتلة في الصلاة، فيكون ذلك أدعى لتدبرها وفهم معانيها بالنسبة للمأمومين، وقد جربت هذه الطريقة فوجدت فيها نفعاً عظيماً للإمام والمأموم على حد سواء.
وقد كتبت هذا دون مراجعة ما كتبه الدكتور بكر أبو زيد وفقه الله في كتابه (بدع القراء) إن كان له في ذلك كلام حسب إشارة أخي الكريم أحمد الفالح، أو كلام غيره ممن تناول هذا الموضوع، ولعله ييسر الله لي أو لغيري مراجعة ما قد يكون كُتب في هذا حتى يكتمل النظر في هذه المسألة إن شاء الله، والله الموفق.
ـ[ناصر الماجد]ــــــــ[08 Aug 2006, 06:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما ذكره السائل الكريم يفعله عدد من الأئمة بغية تحقيق عدد من المقاصد قد أشار إليها أخي د. عبد الرحمن وفقه الله
ولا أخفيكم فالنفس فيها شيء من هذا الفعل لا في أصله بل في المداومة عليه فإن البدع في الدين ـ ومن خلال الاستقراء ـ إما أن تقع في أصل الفعل المبتدع كمن يحدث عبادة جديدة في الدين، والقسم الثاني ما تعلق بصفة العبادة، فقد تكون العبادة مشروعة في أصلها، إلا أن المبتدع تتعلق بدعته بصفة العبادة، فالذكر والاستغفار مشروع في أصله لا يختلف في ذلك أحد، لكن بعض الصفات فيه قد تكون مبتدعة، كما يفعله طوائف من الصوفيه من الترنم والاهتزاز والاضطراب عند الدعاء وذكر الله تعالى، فهذه أمور مبتدعة لا في أصل العبادة، وإنما في في صفتها، وهذا قد يكون قريبا مما سأل عنه الأخ الكريم فإن قراءة القران مشروعة لا خلاف في ذلك، وإنما محل النظر إحداث طريقة في التلاوة لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم تؤثر عن صحابته، مع الملازمة لها والمداومة عليها.
هذا جانب، ومن جانب آخر؛ فإن من نظر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وهديه في قراءته؛ وجدها على خلاف ذلك، فقد كان النبي صلى الله يقرأ في صلاته بالسورة فيختمها جميعا، وربما قرأ من آخر السورة ـ وبحسب ما أعلم ـ فلم ينقل عنه عليه الصلاة والسلام أنه قرأ من وسط السورة، فالتزام سنته صلى الله عليه وسلم أولى وأحرى بنا.
ومما يمكن أن يحقق هذه المقاصد الحسنة التي أشار إليها أخي د. عبد الرحمن، أن يجعل الإمام لنفسه حزبا يقرأه في يومه وليلته شاملا للصلاة وخارجها يختم به القرآن، فحيث وقف استأنف قارئا بالمصلين، دون أن يخص ذلك بالصلاة خروجا من الإشكال. والله الموفق
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[08 Aug 2006, 07:26 م]ـ
جزاكم الله أخيراً يا أبا فارس على هذه الإضافة النافعة للموضوع، والمحذور الذي تفضلتم به هو في (الملازمة لها والمداومة عليها)، ويمكن الخروج منه كما تفضلتم بعدم المداومة على هذا الفعل طيلة العام، بل يفعله ثم يدعه حيناً وهكذا، وبأن يواصل الإمام حيث وقف به ورده. وفي التنويع بينهما تحقيق لكثير من الفوائد التي ذكرتها.
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لمرضاته، واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ففيها الخير كله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد الفالح]ــــــــ[08 Aug 2006, 10:30 م]ـ
أشكر لكما مروركما على هذا الموضوع
والحقيقة أنني أوافق الشيخ عبدالرحمن رأيه ونفسي تميل إلى ماقال، وأقول للشيخ ناصر ألا يكون فعل الإمام هذا داخل في قوله تعالى " فاقرؤا ماتيسر منه "، وحافظ القرآن متيسر له هذا، مع مراعاة أنه يتقيد بفعل السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لا سيما وأنه لم يرد مايمنع من فعله هذا، وقد جربت هذا بنفسي، وكان له وقعاً خاصاً على جماعة الجامع، وقد أخبروني بذلك،،،،
أرجوا إثراء الموضوع أكثر حتى نستفيد أكثر، ونصحح المسار إن كنا على خطأ،،،
أكرر الشكر والتقدير
ـ[مرهف]ــــــــ[13 Aug 2006, 05:32 ص]ـ
لعل وصف ما يفعله الإمام بالبدعة تحجير لواسع والاستدلال على ذلك بفعل النبي صلى الله عليه وسلم فيه نظر، وذلك لأن القرآن ما زال ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم واكتمل نزوله قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بفترة قصيرة، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن القراءة في الصلاة ليست وصفاً زائداً على العبادة بل هي عبادة وعند بعض الفقهاء واجب كما عند الحنفية مثلاً، أما طريقة القراءة في الصلاة فهذا أمر مسكوت عنه شرعاً فيدخل في المباحات ولكل إمام طريقته واجتهاده في القراءة وما فعله النبي صلى الله عليه وسلم في قراءته في الصلاة هو من باب التشريع والجواز لا من باب الإلزام ولا من باب منع غيره فقد ورد عن بعض الصحابة أنهم كانوا يختمون القرآن في التراويح في رمضان ولم يفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه أحد فهل نسمي فعلهم هذا بدعة!؟، وعلى فرض وجود الإنكار فإنه يكون من باب الاجتهاد من المنكر، والاختلاف في الاجتهاد باب واسع وفيه رحمة للأمة ولا يجوز حمل الناس على اجتهاد دون غيره ولذلك لا أرى أن فعل الإمام الذي يختم القرآن في القراءة في الصلاة له هذه الخطورة أو الأمر المبتدع كما ذكر بل هو أمر يجتهد فيه الإمام وله من الفوائد التي تعود على المصلين خاصة إن كان بينهم من يتعلم قراءة القرآن ويتابع الإمام في قراءته عداك عما ذكره الأخ د عبد الرحمن والله أعلم.
ولو كانت المداومة على القراءة بهذا الشكل من البدع إذن فالأئمة الذين يداومون على قراءة أربع آيات في كل ركعة من الصلوات الجهرية ـ وهذا أمر شهدته وحضرته في بعض المساجد ـ أيضاً مبتدعين في الصلاة وينجر الحكم بذلك على شريحة واسعة من الأئمة ..
ولذلك أرجو التمعن في الأمر والتروي في الحكم إذ لو اعتبرنا كل وصف غير وارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم أمراً مبتدعاً لفتح باب من الصعب سده ولنعتبر كل من يواظب مثلاً على لباس معين للصلاة ـ كما في بعض البلدان ـ أيضاً مبتدع مع أن اللباس أمر مشروع وهو متروك لأعراف الناس واجتهاداتهم وهكذا نوقع الناس في الحرج والاضطراب.
نعم إن ظن الناس أن المداومة على هذا العمل أو القراءة أن ذلك واجب أو فرض أو سنة فيترك أحياناً أو يبين الإمام الأمر لا على أنه بدعة وإنما رفعاً للبس يصيب الناس والله أعلم(/)
سؤال حول سورة الأحزاب
ـ[مهاجر]ــــــــ[05 Aug 2006, 06:25 م]ـ
بسم الله
السلام عليكم
في أي كتب الحديث أجد الروايات المتعلقة بمسألة نسخ آيات من سورة الأحزاب، حتى صارت 73 آية، فهذه من شبه الإمامية في زعمهم حذف آيات من القرآن الكريم، مع العلم بأن بعض علمائهم يرى جواز النسخ، ولكنه التحكم في تلمس الشبهات، وإنما أردت الاستيثاق، وأين أجد تعليقات أهل العلم على هذه الروايات، وجزاكم الله خيرا
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[06 Aug 2006, 10:40 ص]ـ
قال أحمد:
حدثنا عبد الله حدثني وهب بن بقية أخبرنا خالد بن عبد الله الطحان عن يزيد بن أبي زياد عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب قال
كم تقرءون سورة الأحزاب قال بضعا وسبعين آية قال لقد قرأتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البقرة أو أكثر منها وإن فيها آية الرجم
[المسند، برقم (20260)]
http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?Doc=6&ID=32179&SearchText= الأحزاب%20البقرة& SearchType=exact&Scope=0,1,2,3,4,5,6,7,8&Offset=0&SearchLevel=QBE
ـ[مهاجر]ــــــــ[11 Aug 2006, 11:53 م]ـ
بسم الله
السلام عليكم
جزاك الله خيرا أيها الكريم(/)
من لطائف النظم القرآني (الجملة الاسمية والفعلية)
ـ[عويض العطوي]ــــــــ[05 Aug 2006, 11:33 م]ـ
من لطائف النظم القرآني
الجملة الفعلية والاسمية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين أما بعد.
فهذا الموضوع يدخل ضمن إطار البلاغة التي يمثل النص القرآني قمتها، كما أنه يسهم في فهم دلالة النص لأنه يبين بعض الفروق في دلالات الألفاظ والتراكيب، ومن ذلك الجملة الاسمية والفعلية.
أولا: الجانب النظري:
مما لاشك في اختلاف دلالة الجملة عن المفرد، ولاشك في اختلاف دلالة نوعي الجملة (اسمية وفعلية)، وسنركز الحديث هنا في الدلالة الوضعية للجملة بغض النظر عن موقعها.
وسأجعل الشواهد الجامعة بين الجملتين هي الأساس.
لحظ الدارسون من خلال الموازنة بين الجملتين، أن هناك فوارق دلالية ناتجة عن التغيرات الأسلوبية فيهما، ويمكن أن نجمل ذلك فيما يأتي:
أ- أن الجملة الاسمية أكثر لواحق من الفعلية، ((ذلك أنها قد تتركب من اسم وفعل؛ فكل ما يُكوِّن الفعل في جملتها من لواحق تحمله معه … وبذلك تحمل الجملة الاسمية الفعل ولواحقه، ثم تتميز عنه بأشكال أخرى، أو قل بلواحق على صور شتى … وبجانب هذه اللواحق للخبر في الجملة الاسمية توجد لواحق أحياناً للاسم الأول المرفوع فيها [المبتدأ] … ومن لواحق مبتدأ الجملة الاسمية: التوابع: نعته، والعطف عليه وتوكيده والبدل منه … وهناك لواحق أخرى … وبذلك يتضح أن لواحق الجملة الاسمية تتعدد تعدداً واسعاً)) ().
وهذا ملحظ جدير بالعناية، وهو ربما يفسر لنا تنوع دلالة الجملة الاسمية بين الثبوت والدوام والتجدد، وذلك أنها تتداخل فيها كل مميزات الجملة الفعلية ولا عكس، ولهذا تحمل الاسمية من الدلالات ما لا تحمله الفعلية، ومن ذلك دلالة التأكيد مثلاً، وهي ما أشار إليه ابن الأثير في حديثه عن (الخطاب بالجملة الفعلية والجملة الاسمية والفرق بينهما) حيث يقول: ((وإنما يعدل عن أحد الخطابين إلى الآخر لضرب من التأكيد والمبالغة)) ().
ويظهر من شواهده التي ساقها أنه يقصد بدلالة التأكيد والمبالغة الجملة الاسمية أولاً وما فيها من مؤكدات مثل (إنّ)، و (اللام) في خبرها، و (لام) الابتداء، و (لام) القسم ()، وأما الفعلية فلم يذكر لها إلا نون التوكيد الثقيلة والخفيفة على سبيل الإلحاق حيث قال: ((وكذلك فاعلم أن لنون الثقيلة متصلة بهذا الباب)) ().
ب- أن التقديم للاسم أو الفعل في التركيب القابل لذلك يشعر بأهمية المقدم،فإن قيل مثلاً: سافر زيد، فهذه جملة فعلية، فإذا قُدِّم (زيد) فقيل: زيد سافر كانت اسمية، وهذه الجملة الاسمية لا تشعر بثبوت ولا استمرارية، بل هي مثل سابقتها، إلا أن هناك دلالات أخرى نتجت عن تغير موقع الكلمة، ففي الفعلية بُني الاسم على الفعل وجُعل الفعل هو الأهم وأنت به أعنى، وفي الاسمية بُني الفعل على الاسم، فاحتمل الفعل ضميره، فتعددت الدلالة، فقد دلت الجملة أولاً على أهمية الاسم واعتناء المتكلم أو المخاطب به، ودلت ثانياً على التأكيد لتكرر الإسناد ()، وربما دلت على الاختصاص ().
وهذا التقديم للمعتنى به منهما له مواطن تقتضي تقديمه وتأخير غيره، ولعلنا نجد بغيتنا في هذا الأمر فيما سطره عبد القاهر بقوله، عن تقديم المتحدث عنه بعد واو الحال: ((إذا علم السامع من حال رجل أنه على نية الركوب والمضي إلى موضع، ولم يكن شك وتردد أنه يركب أو لا يركب، كان خبرك فيه أن تقول: (قد ركب)، ولا تقول: (هو قد ركب)، فإن جئت بمثل هذا في صلة كلام، ووضعته بعد واو الحال حسن حينئذ، وذلك قولك: (جئته وهو قد ركب)، وذلك أن الحكم يتغير إذا صارت الجملة في مثل هذا الموضع، ويصير الأمر بمعرض الشك، وذاك أنه إنما يقول هذا من ظن أنه يصادفه في منزله، وأنه يصل إليه من قبل أن يركب، فإن قلت: فإنك قد تقول: (جئته وقد ركب) بهذا المعنى، ومع هذا الشك - فإن الشك لا يقوى حينئذ قوته في الوجه الأول أفلا ترى أنك إذا استبطأت إنساناً فقلت: أتانا والشمس قد طلعت، كان ذلك أبلغ في استبطائك له من أن تقول: أتانا وقد طلعت الشمس ... )) ()،وهذا كلام في غاية الجمال لكنه يحتاج إلى تبيين وإيضاح، ولعل ما سيأتي من تحليل للشواهد وموازنات بين الجمل الاسمية ما يسهم في ذلك.
(يُتْبَعُ)
(/)
د- أن الجملة الاسمية، الأصل فيها أنها تدل على الثبوت والاستمرار، بخلاف الفعلية فهي تدل على التجدد والحدوث، وهذا ليس على إطلاقه بل لذلك تفصيل مرده في الجملة الاسمية إلى نوع الخبر، فله الأثر الكبير في تغير الدلالة، يقول الكفوي: ((الجملة الاسمية تدل بمعونة المقام على دوام الثبوت، وإن دخل عليها حرف النفي دلت على استمرار الثبوت، وإذا دخل عليها حرف الامتناع دلت على استمرار الامتناع، وإذا كان خبرها اسماً فقد يقصد بها الدوام والاستمرار الثبوتي بمعونة القرائن، وإذا كان خبرها مضارعاً فقد يفيد استمراراً تجددياً)) ().
((أما الفعلية فإنها تفيد الحدوث: يجيء الشتاء، يفوز المجتهد ... وقد تفيد الاستمرارية بالقرائن ... ومنه قول المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم)) ()
وخلاصة القول في هذا أن الحكم على الجملة الاسمية بأنها تفيد الثبوت والاستمرار دائماً حكم لا يصح على إطلاقه بل هي خاضعة في ذلك لنوع خبرها، فإن كان اسماً مفرداً أو جملة اسمية مثل: الضوء ساطع، والله فضله عظيم، فهي تفيد الثبوت لعدم وجود منازع لدلالة الاسم فيها، وربما تدل على الدوام بالقرائن، وإن كان الخبر فيها فعلاً مضارعاً دلت على التجدد والنشوء، وإن كان ماضياً دلت على الانقضاء فلا استمرارية ولا تجدد ().
تحليل الشواهد القرآنية
ومما تنوع فيه الأسلوب بين الجملتين، قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنْ الْمَالِ} [247 البقرة]، فقوله جل ذكره: (ونحن أحق) و (ولم يؤت) حالان عطفت إحداهما على الأخرى ()، واختلفتا في الاسمية والفعلية، فما سر ذلك؟.
يقول الطاهر بن عاشور: ((وجعلوا الجملة حالاً للدلالة على أنهم لما ذكروا أحقيتهم بالملك لم يحتاجوا إلى الاستدلال على ذلك؛ لأن هذا الأمر عندهم مسلم معروف، إذ هم قادة وعرفاء وشاوول رجل من السوقة، فهذا تسجيل منهم بأحقيتهم عليه، وقوله: (ولم يؤت سعة من المال) معطوفة على الحال فهي حال ثانية، وهذا إبداء مانع فيه من ولاية الملك في نظرهم، وهو أنه فقير وشأن الملك أن يكون ذا مال ... )) ()، ولو عدنا إلى الجملة الاسمية: (ونحن أحق) لرأينا أنها تدل على أنهم أرادوا إظهار أنفسهم وإشهارها، لذا قدموا ضميرهم (نحن) ثم جاءوا بـ (أحق) الدالة على التفضيل، ثم ذكروا ما فيه التفضيل، ثم نصوا على المفضَّل عليه (منه)، فالكلام مبني على إظهار اختصاصهم وفخرهم، وهذا ما تنوء به الجملة الاسمية على النمط الذي سيقت عليه ()، يقول الحرالي: ((فثنوا اعتراضهم بما هو أشد، وهو الفخر بما ادعوه من استحقاق الملك على من ملكه الله عليهم، فكان فيه حظ من فخر إبليس حيث قال حين أمر بالسجود لآدم: أنا خير منه)) ().
أما الحال الثانية فقد جاءت فعلية فعلها مضارع منفي، وكان يمكن أن تجيء مكانها الاسمية فيقال: (وهو فقير) فتتناسق الجملتان، فما سر العدول عنها إلى الفعلية؟.
إن أول ما يلحظ في الفرق بينها أن الفعلية نافية، والاسمية مثبتة، والمناسب هنا النفي؛ لأنهم أرادوا بمجموع كلامهم إبراز أحقيتهم بالملك، فذكروا ذلك بإثبات الأحقية لهم، فكان من المناسب أن يضيفوا ما يبين عدم أحقيته وذلك بأن ينفوا عنه ما به يكون الملك في نظرهم وهو المال؛ لأن الحاكم يتقوى به ويجلب به الأعوان، و ((ليكفي نوائب الأمة فينفق في العدد والعطاء، وإغاثة الملهوف)) ()، فلو قيل: (وهو فقير) لكان في ذلك إثبات لفقره فحسب، وأما (ولم يؤت سعة من المال) ففيه تصريح بفقره، وأنه وإن ملك منه شيء إلا أنه لا يفي بالمطلوب، فلا بد من (سعة المال)، وفيه تنصيص على نوع المفقود وهو (المال)، وأنه لو ملكه لربما قبل منه ذلك، ولعل فيه إشعاراً بأنه لا سبيل إلى اغتنائه بحال من الحال، مثل قولهم: فلان لم يؤت العلم، أي: مهما تعلم لا يُفلح، فهذا مثله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن الشواهد أيضاً قوله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} [266 البقرة]، فقوله جل ذكره: (وأصابه الكبر) حال، وكذلك (وله ذرية ضعفاء) فهو حال من الهاء في (أصابه) ()، وهي حال متداخلة، إحداهما جاءت فعلية فعلها ماض، والثانية جاءت اسمية على تقديم الخبر شبه الجملة، فما سر مجيء كل منها على ما جاءت عليه؟.
لو قيل: له فيها من كل الثمرات وهو كبير محتاج لاحتمله الأسلوب، لكننا نجد أن جملة: (وأصابه الكبر) أدل على المطلوب وأعظم تصويراً لما سيقت له، وذلك لما في هذا الفعل (وأصابه) من الدلالة التي أشار إليها السمين بقوله: ((وأتى به في هذه الآيات كلها، نحو: فأصابه وابل، وأصابه الكبر، فأصابها إعصار؛ لأنه أبلغ وأدل على التأثير بوقوع الفعل على ذلك الشيء، من أنه لم يُذكر بلفظ الإصابة، حتى لو قيل: وَبَل، وكَبِر، وأعصرت لم يكن فيه ما في لفظ الإصابة من المبالغة)) ()، وهذا يعني أن (وهو كبير) لا تعطي من مدلول سطو الكبر فيه، وتأثيره عليه ما تعطيه (وأصابه)، ثم التعبير بالماضي يدل على وقوع ذلك وتحققه، وأن حالته هذه سابقة وما زالت، وهذا يشعر بشدة الحاجة التي هو فيها، ولو قيل بالاسمية: (وهو كبير) لما أشعر بذلك ألبتة؛ لأنه لا دلالة فيها على المضي.
أما جملة (وله ذرية ضعفاء) فكان يمكن أن يكون مكانها (وأبناؤه صغار محتاجون) لكن ما ذُكر، فيه تقديم للخبر (له) المشعر باختصاص ذلك به، ومجيء المبتدأ بهذا اللفظ: (ذرية) وهي كلمة تشعر بالضعف بخلاف (أبناء)، وقد جاءت في قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} [37 إبراهيم] وهو مشابه لهذا الموضوع في المسكنة والحاجة، وكذلك وصفها (بضعفاء)، ففيه إظهار لمدى مسكنة هذه الذرية، يقول الطاهر بن عاشور: ((وصف صاحبها بأقصى صفات الحاجة إلى فائدة جنته، بأنه ذو عيال فهو في حاجة إلى نفعهم وأنهم ضعفاء - أي صغار - ... ، وقد أصابه الكبر فلا قدرة له على الكسب غير تلك الجنة ... ، فحصل من تفصيل هذه الحالة أعظم الترقب لثمرة هذه الجنة)) ().
ويتضح لنا من هذا أن بيان اختصاص الاسمية بموقعها والفعلية بمكانها أمر لا يتوقف على دلالة الثبوت والاستمرار أو الحدوث والتجدد فقط، بل هناك نظم الجملة له دلالته، ونوع الفعل له دلالته، واختيار اللفظ المعبّر له دلالته، وإن كانت دلالة النشوء في الفعل ظاهرة؛ لأنه يدل على الحركة، وهي تقتضي التجدد، فهو -كذلك-أقدر من الاسم على التصوير الحركي، وربما تظهر تلك الدلالة بصورة أوضح في الشواهد التي يلتقي فيها الحالان في الإثبات أو النفي، ويمكن لأحدهما أن يحل مكان الآخر دون قلق في التركيب، وإن كان هناك تفاوت في المعنى، ومن ذلك قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [40 آل عمران]، فقوله تعالى: (وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر) جملتان حاليتان، جيء بهما لتعليل الاستعلام الحاصل من زكريا عليه السلام ((على سبيل الاستعظام لقدرة الله)) () ((لتعذر عمل المكانين الذين هما سبب التناسل وهما: الكبر، والعقْرة)) ()، يقول أبوحيان معللاً اختلاف الجملتين: ((وكانت الجملة الأولى فعلية؛ لأن الكبر يتجدد شيئاً فشيئاً، فلم يكن وصفاً لازماً، وكانت الثانية اسمية والخبر (عاقر)؛ لأن كونها عاقراً أمر لازم لها لم يكن وصفاً طارئاً عليها، فناسب لذلك أن تكون الأولى جملة فعلية، وناسب أن تكون الثانية جملة اسمية)) ().
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعلنا نلحظ أن في قوله: (وقد بلغني الكبر) إشارةً إلى أن هذا الكبر الذي لحقه هو المعهود عادة في منع الإنجاب، وهو ما توحي به (أل) في (الكبر)، ولو قيل: (وأنا كبير) لكان فيه إخبار بكبره فحسب، وليس فيه إشارة إلى بلوغ الكبر المانع؛ لأنه ليس كل كبر يمنع من الإنجاب، ثم إن في الجملة الاسمية: (وأنا كبير) لو قدرناها ما يدل على أن هذا الكبر وصف لازم، وهذا ليس بحق، بل الكبر وصف عارض طارئ بعد أن لم يكن، وأما جملة: (وامرأتي عاقر) فجاءت اسمية ولم تكن (وقد عقرت)؛ لأن ذلك يوحي بتجدد العقم بعد أن لم يكن، وهذا مخالف للواقع ولطبيعة العقم؛ إذ هو حالة قديمة مستديمة فيها كما أشار إليه أبو حيان من قبل.
ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ} [61 المائدة]، فقوله جل ذكره: (وقد دخلوا) في موضع الحال من فاعل (قالوا) أو (آمنا)، (وهم قد خرجوا به) حال أخرى ()، أما عن سر المخالفة بين الحالين فيقول ابن عطية: ((وقوله (وهم): تخليص من احتمال العبارة أن يدخل قوم بالكفر ثم يؤمنوا، ويخرج قوم وهم كفرة فكان ينطبق على الجميع: وقد دخلوا بالكفر وقد خرجوا به، فأزال الاحتمال قوله تعالى: (وهم قد خرجوا به) أي: هم بأعينهم)) ()، وبقيت الحال الأولى على فعليتها من غير ذكر ضميرهم؛ لأن الحديث عن اليهود المعاصرين له صلى الله عليه وسلم والمنافقين الذين لا ينتفعون بإرشاد ()، فهم معلومون ولا يلتبس معهم غيرهم فلا حاجة لذكر ضميرهم ليميزهم ويخصصهم.
ويلمح أبوحيان سراً آخر وراء هذه المخالفة فيقول: ((وقيل معنى (هم) للتأكيد في إضافة الكفر إليهم، ونفي أن يكون من الرسول ما يوجب كفرهم من سوء معاملته لهم، بل كان يلطف بهم ويعاملهم بأحسن معاملة، فالمعنى: أنهم هم الذين خرجوا بالكفر باختيار أنفسهم، لا أنك أنت الذي تسببت لبقائهم في الكفر، والذي نقول: إن الجملة الاسمية الواقعة حالاً المصدرة بضمير ذي الحال المخبر عنها بفعل أو اسم يحتمل ضمير ذي الحال آكد من الجملة الفعلية، من جهة أنه يتكرر فيها المسند إليه فيصير نظير: قام زيد زيد ()، ولما كانوا حين جاءوا الرسول أو المؤمنين قالوا: آمنا ملتبسين بالكفر، كان ينبغي لهم ألا يخرجوا بالكفر، ... بل يخرجون بالرسول مؤمنين ظاهراً وباطناً، فأكد وصفهم بالكفر بأن كرر المسند إليه تنبيهاً على تحققهم بالكفر وتماديهم عليه، وأن رؤية الرسول لم تجْدِ عنهم شيئاً ولم يتأثروا بها)) ().
ويقول أيضاً ((وخالف بين جملتي الحال اتساعاً في الكلام)) ()، وهذا القول الأخير وزنه في البلاغة قليل؛ لذلك نحاه أبوحيان جانباً، وأتبعه بالتحليل المطول الجميل السابق الذي أكد فيه أن دلالة الجملة الحالية الاسمية على التأكيد - وهو أحد دلالاتها - نابع من جهة تركيبها ونظمها، وما ذكره ابن عطية أيضاً كان رائعاً؛ لأن الكلام يحتمله،وهكذا تأتي الجملة القرآنية بكل مكوناتها مصورة للمعنى المراد أدق تصوير وأبينه بحيث لا يختلط مع غيره، ولا يختلط معه غيره.
ومن الشواهد أيضاً قوله تعالى: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأصْفَادِ، سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ} [49 - 50 إبراهيم]، فجاءت الحال مفردة في (مقرنين)، وجملة اسمية في (سرابيلهم من قطران) وفعلية في (وتغشى وجوههم النار) ()، ولعل السر في مجيء الحال المصورة للباسهم الناري اسمية أن المراد وصف نوع اللباس لا فعل اللبس، وهذا ثابت غير منشأ ولا محدث، ولو قيل: (يلبسون من قطران) لأفهم ذلك أنهم يحدثون فعل اللبس آناً بعد آن، وما تدل عليه الآية هو ديمومة لبسهم ذلك لا تجدده أما غشيان النار لوجوههم فهو حادث متجدد بدليل تغير الجلود وسقوط فروة الوجه عند شرب الحميم - حمانا الله من ذلك - فلما كان غشيان النار لوجوههم متكرراً متجدداً - وهو أنكى في العذاب - جاء التعبير معه بالفعل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن الشواهد الجامعة بين الجملتين قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى، وَهُوَ يَخْشَى، فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى} [8 - 10 عبس]، يقول السمين: (((يسعى): حال من فاعل (جاءك)، وقوله: (وهو يخشى) جملة حالية من فاعل (يسعى) فهو حال من حال، وجعلها حالاً ثانية معطوفة على الأول ليس بالقوي)) ()، فالأظهر فيها أنها حال متداخلة، يقول عبدالستار سعيد عن دلالة هاتين الجملتين: ((دلالة (يسعى) غير دلالة (وهو يخشى) ففي (يسعى) دلالة على تصوير حركة الماشي الذي يقطع الطريق شيئاً فشيئاً، وفي (وهو يخشى) إثبات الخشية من الله لذلك الماشي، والجملتان حاليتان لاتقوم إحداهما بما قامت به الأخرى)) ()؛ لأن الحال الأولى حركية فعلية فناسب إظهارها الفعل لما فيه من التنصيص على الحركة وهي (السعي) من أول الأمر، وهي حركة تنشأ شيئاً فشيئاً وهذه هي دلالة الفعل، ولو قيل: (وهو يسعى) لكان في ذلك لفتاً للساعي ذاته لا لفعله، فلما كان الساعي معلوماً والاهتمام إنما بتصوير حالته وهيئته في قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم طالباً للمزيد من الخبر كان الفعل هو الأنسب لتصوير تلك الحال، أما الحال الثانية فجاءت لبيان استقرار الخشية من الله في قلبه، أو لإظهار ضعفه حيث كان أعمى لا قائد له فهو يخاف العثار والسقوط والهوام ()، وجيء بالضمير للتنصيص على أن ذلك الساعي هو من هذه الحالة، أو لتأكيد اتصافه بالخشية وديمومتها فيه، خاصة إذا نظرنا للخشية بأنها عمل قلبي الأصل فيه الديمومة فتناسبه الجملة الاسمية الدالة على ذلك.
وهكذا تتعدد الشواهد وتتنوع الصيغ والأساليب، لكن يبقى للجملة الفعلية التي عمادها الفعل دلالتها الخاصة التي يسندها فيها لواحق وسوابق، كأدوات النفي ونونا التوكيد، وكل ذلك يؤثر في دلالة الجملة الفعلية، وكذلك الاسمية فدلالة التوكيد فيها أظهر وأقوى لتعدد أدوات التوكيد معها على ما سبق ذكره، وتبقى للفعل دلالة الإنشاء والحركة، وللاسم دلالة الثبوت والسكون، ويظل للسياق والقرائن في ذلك الأثر الكبير في الحكم بهذا أو ذاك.
_____________________
(1) - تجديد النحو 253، 254.
(2) - المثل السائر 2/ 269.
(3) - انظر المثل السائر 2/ 269 وما بعدها.
(4) - المثل السائر 2/ 274.
(5) - انظر بعض هذا في تجديد النحو 253 وما بعدها.
(6) - انظر الطراز 2/ 25 وما بعدها.
(7) - دلائل الإعجاز 135، 136.
(8) - الكليات: 1010 المتن والحاشية.
(9) - البلاغة فنونها وأفنانها (علم المعاني) 92،والبيتان في ديوان المتنبي (بشرح العكبري) 3/ 378،379، ولمزيد من معرفة هذه الفروق بين الجملتين يحسن الاطلاع على ما قيل حول قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ} [62 الأعراف] في حق نبي الله نوح عليه السلام، و قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} [68 الأعراف] في حق نبي الله هود عليه السلام، انظر ذلك بتوسع في: مفاتيح الغيب 14/ 127،وملاك التأويل1/ 401،والبحر المحيط 5/ 87، ونظم الدرر 7/ 436، وتفسير أبي السعود 3/ 238، وروح المعاني المجلد الرابع الجزء الثامن 156، والتحرير والتنوير 8 القسم الثاني 203.
(10) - ينظر بعض هذا في البلاغة فنونها وأفنانها (علم المعاني) 92.
(11) - انظر الكشاف، وكلام الزمخشري الممتع عن الفرق بين الواوين، وكذلك تعليق ابن المنير عليه 1/ 292 وانظر أيضاً البحر المحيط 2/ 575 والدر المصون 2/ 521.
(12) - التحرير والتنوير 2/ 491.
(13) - انظر الضمير المنفصل في النظم القرآني دراسة بلاغية تطبيقية (رسالة ماجستير) 270.
(14) - نظم الدرر 3/ 416، 417.
(15) - التحرير والتنوير 2/ 491.
(16) - انظر البحر المحيط 2/ 672،673، والدر المصون 2/ 597، 598.
(17) - الدر المصون 2/ 598.
(18) - التحرير والتنوير 3/ 54.
(19) - البحر المحيط 3/ 137.
(20) -التحرير والتنوير 3/ 242، وقد قال هذا على أن (أنّى) يقصد بها المكان.
(21) - البحر المحيط 3/ 136.
(22) - انظر التبيان 1/ 449.
(23) - المحرر الوجيز 5/ 147.
(24) - انظر المحرر الوجيز 5/ 146، والبحر المحيط 4/ 310.
(25) - لعل الصحيح أنه نظير: قام زيد، قام زيد ليظهر تكرر الإسناد، فالقيام أسند إلى زيد مرتين، أما ما ذكره فهو تكرار في الفاعل من غير تكرر للعامل؛ وبهذا لم يتكرر الإسناد، وإنما يتكرر في الجملة الواحدة في مثل آية الاستشهاد.
(26) - البحر المحيط 4/ 310، 311.
(27) - البحر المحيط 4/ 310.
(28) - انظر الفريد في إعراب القرآن المجيد 3/ 179،180.
(29) - الدر المصون 10/ 688.
(30) - الحال في الأسلوب القرآني 127.
(31) - البحر المحيط 10/ 407.
ـ[ناصر الصائغ]ــــــــ[07 Aug 2006, 03:04 م]ـ
بارك الله فيكم يا أبا عمر ونفع الله بعلمكم(/)
{وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ}!.
ـ[المعظم لربه]ــــــــ[06 Aug 2006, 03:51 م]ـ
{وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ}!.
وهناك غيرها مثلها ...
فهل ثبت أن بني إسرائيل يعبدون آلهة غير الله؟؟.
ثم إننا لا نكاد نجد في "موروث" اليهود ما يشير إلى قولهم إن عزيرا بن الله, كما تظهر جلية عند النصارى! ..
فما تقولون!.
ـ[سيف الدين]ــــــــ[06 Aug 2006, 07:28 م]ـ
لعل هذه الاية تكون فاتحة جواب:
{اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (31) سورة التوبة
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[06 Aug 2006, 07:45 م]ـ
الرد من وجوه:
الأول: ان النهي عن عبادة غير الله انما هو للتحذير من شر الشرك بغض النظر عن ماضي بني اسرائيل. وقد انزل علينا بمثل ما قال عيسى عليه السلام لقومه , فقصته تحذير لنا وبلاغ عن حاله وبراءة له مما يفعل النصارى , ثم ان الله عز وجل حذرنا من ذلك الى يوم القيامة بقوله تعالى:"إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ", (سورة النساء الاية 48) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116 من سورة النساء)
الثاني: ان بني اسرائيل قد عبدوا الهة واشركوا بالله:"وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ " (سورة البقرة الاية 92) وفي كتبهم انهم اشركوا بالله وعبدوا الهة غير الله. وقد ورد قول طائفة منهم عن عزير وما فعله اليهود والنصارى من اتخاذ احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله وهي في سورة المائدة:" وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) "
اما عزير فقد يكون اتخذه اليهود ابنا لله وقد يكون طائفة منهم فعلوا ذلك لان النصارى بعضهم لال يقول بان المسيح ابن الله كما أخبر الله في سورة المائدة بل زعموا بقولهم ما أخبر ربنا عز وجل:" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) " فقد تكون طائفة من اليهود دون اخرى قالت بذلك , وانخاذهم احبارهم ورهبانهم هو وجه من اوجه الشرك بل تعدوه وزعموا اعظم من ذلك:"وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) " (سورة المائدة)
وفي تفسير الآية قال ابن جرير وهو كلام متعلق بسؤالك:"
وكان السدي يقول في ذلك بما:
11614 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه"، أما"أبناء الله"، فإنهم قالوا: إن الله أوحى إلى إسرائيل أن ولدًا من ولدك، أدخلهم النار، فيكونون فيها أربعين يومًا حتى تطهرهم وتأكل خطاياهم، ثم ينادي منادٍ: أن أخرجوا كل مختون من ولدِ إسرائيل، فأخرجهم. فذلك قوله: (لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ) [سورة آل عمران: 24]. وأما النصارى، فإن فريقًا منهم قال للمسيح: ابن الله.
والعرب قد تخرج الخبرَ، إذا افتخرت، مخرجَ الخبر عن الجماعة، وإن كان ما افتخرت به من فعل واحد منهم، فتقول:"نحن الأجواد الكرام"، وإنما الجواد فيهم واحدٌ منهم، وغير المتكلِّم الفاعلُ ذلك،
نَدَسْنَا أَبَا مَنْدُوسَةَ القَيْنَ بِالقَنَا ... وَمَارَ دَمٌ مِنْ جَارِ بَيْبَةَ نَاقعُ
فقال:"نَدَسْنَا"، وإنما النادس رجل من قوم جريرٍ غيرُه، فأخرج الخبر مخرج الخبر عن جماعة هو أحدهم. فكذا أخبر الله عزّ ذكره عن النصارى أنها قالت ذلك، على هذا الوجه إن شاء الله." (تفسير ابن جرير ج 10 ص 151/ 152)
والله تعالى اعلم(/)
إلى المتخصصين: طلب مساعدة حول موضوع التشبيه في كتاب الله
ـ[كمال الجزائري]ــــــــ[06 Aug 2006, 10:34 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا بصددجمع المادة العلمية الخاصة لبحث علمي أكاديمي حول التشبيه في القرآن الكريم،
فالرجاء مساعدتي حول خطة البحث التي يمكن الإسترشاد بها،
ومظان المادة العلمية سواء في بطون الكتب أو في الشبكة العنكبوتية.
وجزاكم الله عني كل خير.
أخوكم كمال الجزائري عفا الله عنه
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[13 Aug 2006, 04:25 ص]ـ
هناك كتاب بعنوان: الجمان في تشبيهات القرآن لأبي القاسم عبد الله بن محمد بن ناقيا البغدادي (410 ـ 485)، حققه الدكتور محمد رضوان الداية، طبع دار الفكر بدمشق ودار الفكر المعاصر ببيروت.
ولعله يفيدك في ذلك.
كما أنه لا يخفى أمثالك أن كتب البلاغة، وكذا الكتب المعتنية ببلاغة القرآن لا تخلو من مثل هذا الموضوع.(/)
هل سبق الذهبي بذكر الخلاف في مقدار ما فسره الرسول صلى الله عليه وسلم؟
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[08 Aug 2006, 10:47 م]ـ
هل سبق الذهبي بذكر الخلاف في مقدار ما فسره الرسول صلى الله عليه وسلم؟
مسألة: مقدار التفسير النبوي من المسائل المشهورة، وممن تكلم عليها بذكر الأقوال والأدلة د. محمد الذهبي في (التفسير والمفسرون) فهل سبقه أحد في ذلك؟
وجزاكم الله خيرا ...
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[10 Aug 2006, 07:08 ص]ـ
لا شك أنه مسبوق في ذلك، إذ إن الشيخ الذهبي نفسه سرد الأقوال في المسألة وأدلتها، وإذا كان في المسألة أقوال وأدلة فلا يرتاب في سبق أهل العلم له في ذلك ... ولعلك تجد كلامًا لابن تيمية في الفتاوى.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[11 Aug 2006, 05:25 م]ـ
تركيب المسألة بأقوال وأدلة من صنيع الذهبي، وهو استخراج منه لأقوال العلماء، وإن كان لهم إشارات في هذه المسألة لكن ليس على هذا الأسلوب الذي نقله الذهبي.
وهو قد جعل ابن تيمية من القائلين بأن الرسول صلى الله عليه وسلم فسر القرآن كاملاً، وأخذ من قوله في أول فصول مقدمة في أصول التفسير أدلةً له، ورتبها على ذلك الترتيب.
ولو بحثت يا أخي خالد في حديث عائشة (ما كان رسول الله يفسر القرآن إلا أيات ذوات عدد كان بعلمهن إياه جبريل) = لوجدت شيئًا يتعلق بالمسألة.
والحديث ـ كما لا يخفاك ـ لا يصح، لكن تكلم بعض العلماء على هذه المسألة عند هذا الحديث.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[12 Aug 2006, 12:05 ص]ـ
الأخوين الكريمين:
الشيخ/ مهند .. أشكرك على مرورك ..
الشيخ/ مساعد
أشكرك على المشاركة والإفادة .. وهل تعلم أحدا تكلم عن حديث عائشة رضي الله عنها سوى الإمام الطبري في مقدمته؟.
وجزاكم الله خيرا ..
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[12 Aug 2006, 01:48 ص]ـ
وفاتني أن استثني أيضا حول حديث عائشة كلام ابن عطية في تفسيره وقد نقله عنه القرطبي وابن جزي وغيرهما في تفاسيرهم، ولم أجد في كلامهم عرض الخلاف في المسألة أو حتى الإشارة إليه.
فهل تعلمون غير هؤلاء، أفيدونا فالعلم رحم بين أهله ..
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[14 Aug 2006, 12:10 م]ـ
رجح الشيخ عبد الله السعد القول بأن الرسول صلى الله عليه وسلم فسر القرآن كاملا (في دروس شرح الترمذي).
وينظر هذا الرابط للفائدة:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=78921
ـ[مهاجر]ــــــــ[17 Aug 2006, 06:19 م]ـ
بسم الله
السلام عليكم
قال الأستاذ خالد: .............. كلام ابن عطية في تفسيره وقد نقله عنه القرطبي وابن جزي.
فأين يوجد كلام ابن عطية، رحمه الله، على هذه المسألة
وجزاكم الله خيرا
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[18 Aug 2006, 03:56 ص]ـ
ذكره في مقدمة تفسيره تحت باب بعنوان (ما قيل في الكلام في تفسير القرآن، والجرأة عليه، ومراتب المفسرين) الجزء الأول / الصفحة 28 من طبعة قطر.
لكن مع الأسف أن من نقل الكتاب ـ وكذا غيره من الكتب ـ في الموسوعات ـ كالمكتبة الشاملة وغيرها ـ لم ينقل المقدمة، ولا أدري ما حجة هذا الصنيع الذي يُفقِد الباحث كثيرًا من المعلومات المهمة حينما يبحث عن مثل هذه المعلومات.(/)
(ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء)
ـ[روضة]ــــــــ[09 Aug 2006, 12:56 ص]ـ
(ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً) [النساء:22]
حرّم الله عز وجل نكاح زوجات الآباء؛ تكرمة واحتراماً لهم، وهذا النهي يتناول العقد والوطء، فلا يجوز للابن أن يتزوج امرأةً عقد عليها أبوه أو وطئها؛ لورود اللفظ على المعنيين معاً، وهذا أمر مجمع عليه كما ذكر ابن كثير (1) ( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn1).
وقد دار خلاف بين المفسرين حول معنى (ما) في قوله: (ما نكح)، فذهبت جماعة منهم إلى أن (ما) موصولة، وتكون بمعنى (الذي) و (مَن)، والمراد: ولا تنكحوا النساء اللاتي نكح آباؤكم (2) ( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn2).
وذهبت جماعة إلى أن (ما) مصدرية، والمعنى: ولا تنكحوا نكاحَ آبائكم، أي: مثلَ نكاح آبائكم الفاسد أو الحرام الذي كانوا يتعاطونه في الجاهلية كالشغار وغيره من الأنكحة المخالفة لدين الله؛ إذ إن الله عز وجل قد أحكم وجه النكاح وفصّل شروطه، ويدخل في هذا التحريم نكاحُ حلائل الآباء، واختار هذا القول الإمام الطبري، وقال: لو كان معناه: ولا تنكحوا النساء التي نكح آباؤكم لوجب أن يكون موضع (ما): (مَن)؛ لأن (ما) يُخبر بها عما لا يعقل (3) ( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn3).
والوجه الأول أجود، واستدل عليه أصحابُه بأمور، منها: أن الصحابة إنما تلقت الآية على هذا المفهوم من إطلاق (ما) على منكوحات الآباء، واستدلوا بها على تحريم نكاح الأبناء حلائل الآباء (( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn4)4).
ومنها أن قوله: (إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً) تعقّب النهي بالذم البالغ المتتابع، وهذا دليل على انه انتهاء من القُبح إلى الغاية، وذلك هو خُلف الأبناء على حلائل الآباء؛ إذ كانوا في الجاهلية يستقبحونه ويستهجنون فاعلَه ويسمونه (المَقتي)، نسبوه إلى المقت، أما النكاح الفاسد فلم يكن عندهم، ولا يبلغ إلى هذا الحد (5) ( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn5).
أما اعتراض الفريق الآخر، وهو أنه يلزم من القول بأن (ما) موصولة أن يؤتى بـ (مَن) بدلاً منها، فأجابوا عنه بأنه "قد تقرر في علم العربية أن (ما) تقع على أنواع مَن يعقل، وهذا على مذهب من يمنع وقوعها على آحاد مَن يعقل" (6) ( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn6)، قال الشيخ زادة: "ليس المراد بـ (ما نكح آباؤكم) خصوصية ذات المرأة حتى يجب أن يعبر عنها بـ (مَن)، بل المراد وصف كونها منكوحة الأب، وقد تقرر أن كلمة (ما) يعبّر بها عن صفة من يعقل" (7) ( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn7).
**********************************
(1) (http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref1) ينظر: تفسير ابن كثير، (479:1).
(2) ( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref2) ينظر: تفسير القرطبي، (103:4)، البحر المحيط، أبو حيان، (575،574:3)، تفسير أبي السعود، (159:2).
(3) ( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref3) ينظر: تفسير الطبري، (395:4)، وممن ذهب إلى هذا القول القمي النيسابوري، في غرائب القرآن ورغائب الفرقان، (379:2).
(4) ( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref4) ينظر: البحر المحيط، (575:3).
(5) ( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref5) أحكام القرآن، ابن العربي، (417:1).
(6) ( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref6) البحر المحيط، (575:3).
(7) ( http://tafsir.org/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftnref7) حاشية شيخ زادة، (288:3).
ـ[روضة]ــــــــ[09 Aug 2006, 11:16 م]ـ
تابع ........
(يُتْبَعُ)
(/)
اسم (الآباء) ينتظم الأجداد؛ لأن المراد بالآباء الأصول، وقوله: (إلا ما قد سلف) استثناء من (ما نكح)، قال الزمخشري، فإن قلتَ: كيف استثنى ما قد سلف من (ما نكح آباؤكم)؟ قلتُ: كما استثنى (غير أن سيوفهم) من قوله: (ولا عيب فيهم)، يعني: إنْ أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف فانكحوه، فلا يحلّ لكم غيره؛ وذلك غير ممكن، والغرض المبالغة في تحريمه وسدُّ الطريق إلى إباحته، فأخرج الكلام مخرج التعليق بالمحال، نحو قوله تعالى: (حتى يلج الجمل في سمّ الخياط) [الأعراف:40] (1) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25885#_ftn1).
أشار بهذا الزمخشري إلى بيت النابغة:
ولا عيبَ فيهم غير أن سيوفهم،،،،،،،،،بهنّ فلولٌ من قراع الكتائب
"واستثناء (غير أن سيوفهم بهن فلول) من (العيب) للمبالغة في النفي، فإن معنى (أن سيوفهم بهن فلول) هو الشجاعة، واستثناء الشجاعة من العيب لا بدّ أن يكون على تقدير كونها عيباً، فيكون وجود العيب فيهم لا يكون إلا على تقدير أن تكون الشجاعة عيباً، لكن هذا محال، وما لا يثبت إلا على تقدير محال يكون محالاً، فوجود العيب فيهم محال، فهذا الطريق أبلغ من نفي العيب عنهم من أن يقال: لا عيب فيهم بدون استثناء" (2) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25885#_ftn2).
وذكر التفتازاني هذه الآية في (المطول) أثناء حديثه عن (المحسنات المعنوية) تحت عنوان: (تأكيد المدح بما يشبه الذم)، وقال: إن النظر في هذه التسمية على الأعم الأغلب، وإلا فقد يكون ذلك في غير المدح والذم (3) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25885#_ftn3)، والمقصود (تأكيد الشيء بما يشبه نقيضه)، وعلى هذا فالاستثناء متصل (4) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25885#_ftn4).
وذهب قوم إلى أن الاستثناء في قوله: (إلا ما قد سلف) منقطع؛ ووجه الانقطاع أن الماضي لا يجامع المستقبل، والنهي يتعلق بالمستقبل، "فالفعل المضارع مع النهي مدلوله إيجاد الحدث في المستقبل"، و (ما قد سلف) ماضٍ، فكيف يُستثنى الماضي من المستقبل؟ والمعنى: أنه لما حرم عليهم نكاحَ ما نكح آباؤهم، دلّ على أن متعاطي ذلك بعد التحريم آثم، وتطرّق الوهم إلى ما صدر منهم قبل النهي، ما حكمه؟ فقيل: (إلا ما قد سلف)، أي: لكن ما قد سلف، فلم يكن يتعلق به النهي فلا إثم فيه.
فمعنى الاستثناء هنا أن النكاح الواقع في الماضي من النكاح المنهي عنه لا مؤاخذة عليه، لا أن مقرر، لأنه صلى الله عليه وسلم ما أقرّ أحداً على نكاح امرأة أبيه، وإنْ كان واقعاً فيما مضى من زمن الجاهلية.
وهذا المذهب "يأباه قوله تعالى: (إنه كان فاحشة ومقتاً)، فإنه تعليل للنهي، وبيان لكون المنهي عنه في غاية القبح مبغوضاً أشدّ البغض، وأنه لم يزل في حكم الله تعالى وعلمه موصوفاً بذلك ما رخّص فيه لأمة من الأمم، فلا يلائم أن يوسّط بينهما ما يهوّن أمره من ترك المؤاخذة على ما سلف منه" (5) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25885#_ftn5).
( إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً): إن نكاح حلائل الآباء كان ولا يزال أمراً فاحشاً متجاوزاً الحدّ في قبحه، وممقوتاً شديد البغض والاحتقار، حتى إن العرب كانت تسمي الولد منه مقيتاً ومقتياً، أي: مبغوضاً محتقراً، (وساء سبيلاً) أي: وبئس طريقاً طريق ذلك النكاح الذي اعتادته الجاهلية.
يتبع ......
(وقفات مع نظم الآية)
*****************************
(1) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25885#_ftnref1) ينظر: الكشاف، (483:1).
(2) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25885#_ftnref2) حاشية شيخ زادة، (289:3).
(3) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25885#_ftnref3) ينظر: المطول شرح تلخيص مفتاح العلوم، التفتازاني، ص672.
(4) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25885#_ftnref4) ينظر: حاشية الشهاب، (235:3)، والدر المصون، السمين الحلبي، (339:2).
(5) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25885#_ftnref5) تفسير أبي السعود، (159:2).
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[10 Aug 2006, 07:02 ص]ـ
جزاكم الله خيرًا.
متابعون!
ـ[روضة]ــــــــ[10 Aug 2006, 10:53 ص]ـ
بارك الله فيكم ... شكراً على مروركم الكريم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[10 Aug 2006, 03:13 م]ـ
قال ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد في ذكره لأمثلة الاستثناء المنقطع:
(المثال الربع: قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف} فهذا من الاستثناء السابق زمان المستثنى فيه زمان المستثنى منه، فهو غير داخل فيه؛ فمن لم يشترط الدخول فلا يقدر شيئا ومن قال لا بد من دخوله قدر دخوله في مضمون الجملة الطلبية بالنهي؛ لأن مضمون قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم} الإثم والمؤاخذة، أي أن الناكح ما نكح أبوه آثم مؤاخذ إلا ما قد سلف قبل النهي وإقامة الحجة فإنه لا تتعلق به المؤاخذة.
وأحسن من هذا عندي أن يقال لما نهى سبحانه عن نكاح منكوحات الآباء أفاد ذلك أن وطأهن بعد التحريم لا يكون نكاحا البتة، بل لا يكون إلا سفاحاً، فلا يترتب عليه أحكام النكاح من ثبوت الفراش ولحوق النسب، بل الولد فيه يكون ولد زنية. وليس هذا حكم ما سلف قبل التحريم فإن الفراش كان ثابتا فيه، والنسب لاحق فأفاد الاستثناء فائدة جليلة عظيمة وهي أن ولد من نكح ما نكح أبوه قبل التحريم ثابت النسب وليس ولد زنا. والله أعلم.) انتهى
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[روضة]ــــــــ[11 Aug 2006, 12:18 ص]ـ
وًصلت هذه الآية بما قبلها، وللوصل ما يسوّغه ويقتضيه، فالسياق سياق أوامر ونواهٍ، وقوله: (من النساء) تتميم، جيء به زيادةً في البيان، و (قد) في قوله: (إلا ما قد سلف) للتأكيد، وتحقيق معنى المضي.
وفي إيثار (الأب) مفرد (آباء) على (الوالد) دقة عجيبة؛ فبينهما فروق لطيفة، "الأب: الوالد، ويسمّى كلُّ من كان سبباً في إيجاد شيء، أو صلاحه، أو ظهوره أباً" (1) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftn1)، ولفظ (الأب) لفظ عام يشمل الأب المباشر والجدّ وإنْ علا، قال تعالى: (ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين) [الحج:78]، أما الوالد فأصل (و ل د) يدل على "النجل والنسل .. وتولَّد الشيءُ عن الشيء: حَصَلَ عنه" (2) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftn2)، فالوالد الأب المباشر خاصة، ولم يرد لفظ (الوالد) في القرآن الكريم بمعنى الجدّ (3) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftn3)، وبناء على ما ذُكر فلفظة (آباؤكم) جاءت للدلالة على أن التحريم لا يقف عند زوجة الأب المباشر، وإنما يتناول زوجات الأجداد وإنْ علوا.
ثم أخبر عن نكاح حلائل الآباء بأنه فاحشة ومقتاً، مؤكِّداً الخبر بحرف (إنّ) مع ما له من رونقٍ وحُسنٍ وجمالِ إيقاع: (إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً)، والفصلُ لأن الجملة تعليل للنهي السابق في قوله: (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم).
ولمجيء (كان) هنا غاية تتصل بالمعنى، وليس زائداً، قال أبو حيان: " (كان) يستعمل كثيراً بمعنى (لم يزل)، فالمعنى أن ذلك لم يزل فاحشة، بل هو متصف بالفُحش في الماضي والحال والمستقبل، فالفحش وصف لازم له، وقال المبرِّد: هي زائدة، ورُدَّ عليه بوجود الخبر، إذ الزائدة لا خبر لها، وينبغي أن يُتأول كلامه على أن (كان) لا يُراد بها تقييد الخبر بالزمن الماضي فقط، فجَعَلها زائدة بهذا الاعتبار" (4) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftn4).
وزيادة في التنفير من هذا الأمر جاء بلفظتي (فاحشة) و (مقتاً) نكرتين؛ للتهويل، مع ما فيهما من معنى التناهي في الفحش والبغض، فالفاحشة "ما عَظُمَ قبحه من الأفعال والأقوال" (5) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftn5)، والمقت أشدّ من البغض، فهو بغض مقرون باستحقار، فهو أخصّ منه (6) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftn6)، كما أن (مقتاً) مصدر، فكأنه المقت نفسه، وهذا أبلغ من صيغة المفعول.
يتبع ....
************************
(1) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftnref1) المفردات، الراغب الأصفهاني، مادة (أبا).
(2) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftnref2) معجم مقاييس اللغة، ابن فارس، مادة (ولد).
(3) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftnref3) ينظر: الترادف في القرآن الكريم، محمد المنجد، ص (140 - 144).
(4) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftnref4) البحر المحيط، أبو حيان، (577،576:3).
(5) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftnref5) المفردات، مادة (فحش).
(6) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25914#_ftnref6) ينظر: عمدة الحفاظ، السمين الحلبي، مادة (مقت).
ـ[روضة]ــــــــ[11 Aug 2006, 01:20 م]ـ
"في (ساء) قولان:
أحدهما: أنها جارية مجرى (بئس) في الذمّ والعمل، ففيها ضميرٌ مبهمٌ يفسره ما بعده، وهو (سبيلاً)، والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره: (وساء سبيلاً سبيلُ هذا النكاح) كقوله: (بئس الشراب)، أي: ذلك الماء" (1) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25922#_ftn1). وقال الشهاب: "وذُمُّ الطريق مبالغةٌ في ذمّ سالكها وكناية عنه" (2) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25922#_ftn2).
(يُتْبَعُ)
(/)
"والثاني: أنها لا تجري مجرى (بئس) في العمل، بل هي كسائر الأفعال، فيكون فيها ضميرٌ يعود على ما يعود عليه الضميرُ في (إنه)، و (سبيلاً) على كلا التقديرين تمييز" (3) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25922#_ftn3).
وفي هذه الجملة وجهان: أحدهما: أنها مستأنفة، ويكون الوقف على قوله: (ومقتاً)، ثم يُستأنف: (وساء سبيلاً)، أي: وساء هذا السبيلُ من نكاح مَن نكحهن من الآباء، والثاني: أن تكون معطوفة على خبر (كان)، إما بتقدير قول مضمر هو المعطوفُ على الخبر، والتقدير: ومقولاً فيه: ساء سبيلاً. هكذا قدّره أبو البقاء (4) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25922#_ftn4). وإما أن تُعطف على خبر (كان) من غير إضمار قول؛ لأن هذه الجملة في قوة المفرد، ألا ترى أنه يقع خبراً بنفسه، تقول: (زيدٌ ساء رجلاً)، و (كان زيدٌ ساء رجلاً)، فغاية ما في الباب أنك أتيت بأخبار (كان) أحدها مفرد، والآخر جملة، اللهم إلا أن يقال: إن هذه جملة إنشائية، والإنشائية لا تقع خبراً لـ (كان)، فاحتاج إلى إضمار القول، وفيه بحث (5) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25922#_ftn5).
وقد جاء في سورة الإسراء قوله تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً) [الإسراء:32]، وذكر قوله: (ومقتاً) هنا في سورة النساء، وحذفه في سورة الإسراء؛ لأن نكاح حلائل الآباء يستوي مع الزنى في الفحش وسوء السبيل، ويزيد عليه قبحاً بأن فاعله يُمقت وتستخسه الطباع السليمة، فوُسمت فعلته بالمقت.
انتهى
****************************
(1) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25922#_ftnref1) الدر المصون، السمين الحلبي، (340:2).
(2) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25922#_ftnref2) حاشية الشهاب، (236:3).
(3) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25922#_ftnref3) الدر المصون، (340:2).
(4) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25922#_ftnref4) إملاء ما منّ به الرحمن، أبو البقاء، (173:1).
(5) ( http://tafsir.org/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25922#_ftnref5) ينظر: الدر المصون، (340:2).(/)
استفسار عن: أبي سليمان الدمشقي
ـ[التفسير1000]ــــــــ[09 Aug 2006, 03:29 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الإخوة المشاركون آمل إفادتي بكل ما يتعلق بالمفسر أبي سليمان الدمشقي، ينقل عنه ابن الجوزي في زاد المسير كثيراً، ولكن لم أهتد لتحديد شخصيته، ومن شيوخه إسماعيل بن محمد الصفار، آمل الإفادة يا سادة وجعلكم المولى من أهل السعادة. آمين
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[09 Aug 2006, 05:58 ص]ـ
هو: محمد بن عبدالله بن سليمان السعدي، أبو سليمان الدمشقي، صنّف كتباً في التفسير منها: مجتبى التفسير، والمهذب في التفسير، كان شافعياً أشعرياً كثير الاتباع للسنة، حسن التكلم في التفسير. يكثر ابن الجوزي في زاد المسير من ذكر أقواله معزوة إليه. لم يعرف تاريخ وفاته، غير أنه كان حياً سنة 351هـ. انظر طبقات المفسرين للسيوطي ص89، وطبقات المفسرين للداوودي 2/ 164، ومعجم المفسرين لنويهض 2/ 557.
ـ[التفسير1000]ــــــــ[11 Aug 2006, 02:24 ص]ـ
أبومجاهد العبيدي
جزاك الله خيراً على إفادتك الطيبة عن الموضوع، كما وأود اتحافي بكل جديد حول شخصية هذا العلم حيث أني بصدد الكتابة حالياً عن تفسيره، وقد قمت بجمعه من المصادر التي نقلت عنه، ولم أقف على أي كتاب من مؤلفاته التي ذكرت في ترجمته، ولقد استأنست برأيكم في تحديد شخصيته، إذ سبق أن توصلت إلى أنه السعدي ولكن بقي في النفس نوع شك، ولا زال، إذ أن ابن الجوزي يشير إليه دائما بالدمشقي ولم أره في موطن يذكره بالسعدي، ولا زال البحث لدي تحت النظر والتتبع، شاكرا ومقدرا لكم تواصلكم العلمي.
أخوك: أبو أنس
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Aug 2006, 10:08 ص]ـ
أقوال أبي سليمان الدمشقي بُحثت ودُرست في رسالة ماجستير بعنوان:
آراء أبي سليمان الدمشقي في التفسير. جمعا ودراسة. ( http://www.tafsir.net/dbs.php?rslj=yes&do=title&u=%D3%E1%ED%E3%C7%E4+%C7%E1%CF%E3%D4%DE%ED&submit.x=9&submit.y=8)
ـ[التفسير1000]ــــــــ[12 Aug 2006, 05:57 م]ـ
أشكرك أبا مجاهد فقد اختصرت عليَ الطريق. كما أزجي الشكر لكافة المشرفين القائمين على الموقع وجزى الله الجميع خيرا ...(/)
(ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض)
ـ[ام احمد]ــــــــ[11 Aug 2006, 12:18 م]ـ
الحكمة من تحريم معاشرة النساء أثناء المحيض كثيره ولكني ساركز على
كدر ما قبل الدورة الشهرية
(ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض) البقرة/ 222. والدراسات العلمية في هذا المجال كشفت لنا عن شيء من الأذى الذي أشارت إليه الآية الكريمة، ولكنهم لم يصلوا إلى التعرف على جميع الأذى الذي عناه النص القرآني، فالعلم في تقدم مستمر، وفي كل يوم يكتشف جديداً.
وهنا علم النفس فسر لنا كدر ما قبل الدورة الشهرية واثرة النفسي على الانثى
هذه حالة قديمة قدم وجود المرأة على الأرض، وقد وصفها أبقراط وصفاً طبياً منذ قرون عديدة ومع ذلك ما يزال هناك خلاف حول خصائصها التشخيصية، بل حول جدوى اعتبارها اضطراباً نفسياً مرضياً من الأساس، فالبعض يراها حدث شهري فسيولوجي طبيعي يحدث لغالبية النساء
والبعض الآخر يرى أنها في نسبة من النساء تؤثر في قدرتهن على العمل والإنجاز وتؤثر في نوعية حياتهن وفي أنشطتهن الاجتماعية بدرجة ترقى بها إلى مستوى المرض حتى ولو كان مرضاً دورياً يحدث لعدة أيام كل شهر.
والدورة الشهرية عموماً لها ارتباطات عميقة بالمفاهيم الثقافية والدينية، ففي بعض الشرائح كانوا يهجرون المرأة في فترة الحيض فلا يؤاكلونها ولا يشاربونها ولا يقربونها، ونظراً لهذا الموقف الموغل في الاشمئزاز من هذا الحدث نتوقع أن تعاني المرأة كثيراً في فترة حيضها حيث يشعرها المجتمع المحيط بها أنها منبوذة لأن بها شيئاً نجساً.
أما في الثقافة الإسلامية فهي حدث طبيعي جداً ولا يحرم على المرأة شيء غير أداء بعض العبادات والجماع، وفي ذلك راحة لها في تلك الفترة، ولا يوجد ما يستوجب النفور منها أو هجرها، بل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعمد أن يشرب من موضع فم السيدة عائشة وهي في فترة الحيض.
وبالطبع فإن هذا الموقف المتقبل لهذا الحدث الشهري يجعله يمر بسلام ودون مشاكل نفسية، ولقد رأيت بعض الأسر حين تحيض ابنتهم لأول مرة يحتفلون بذلك على أن ابنتهم أصبحت أنثى ناضجة وقاربت أن تصبح عروساً. هذه التوجهات الإيجابية حين تسود تجعل من هذا الأمر شيئاً مقبولاً وتجعل مواجهة آثاره البيولوجية أمراً محتملاً.
ونظراً للاختلاف في تعريف " كدر ما قبل الدورة" فإن هناك اختلاف في الأبحاث حول مدى انتشاره، ولكن وجد أن040% من النساء يعانين من بعض الأعراض في حين أن حوالي 2 - 10% من النساء يحتجن لمساعدة طبية للتغلب على الأعراض التي تسبق الدورة.
ولقد لوحظ أن هناك زيادة في معدلات دخول المستشفيات والحوادث والجرائم والانتحار في فترة ما قبل الدورة، حيث تكون المرأة في حالة حساسية نفسية عالية.
وفي محاولة للتفريق بين الحالات الطبيعية والحالات التي يمكن اعتبارها مرضية فإن الدليل التشخيصي والإحصائي الأمريكي الرابع DSM V I يضع اقتراحاً للخصائص التشخيصية للحالات المرضية كالتالي:
توجد خمسة فأكثر من الأعراض التالية في غالبية الشهور في الأسبوع الأخير من الدورة في السنة الأخيرة، وهذه الأعراض تبدأ في الزوال مع نزول الدورة أو بعد نزولها بأيام قليلة:-
1 - مزاج مكتئب بشكل واضح مع إحساس باليأس وتحقير الذات.
2 - قلق واضح، توتر، احساس بأنها " مقفولة " أو "على الحافة ".
3 - تغيرات سريعة في المشاعر (سيلان المشاعر)؛ فتجدها تبكي فجأة أو تشعر بالحزن بشكل مفاجئ أو تزيد حساسيتها للرفض.
4 - غضب وسرعة استثارة دائمين وزيادة في الصراعات الشخصية (فتكثر المشاكل والمشاجرات).
5 - ضعف الاهتمام بالأنشطة المعتادة (العمل– المنزل- الصديقات- الهوايات).
6 - ضعف التركيز.
7 - خمول، سرعة تعب وانخفاض الطاقة.
8 - تغير واضح في الشهية للطعام:حيث تزيد الرغبة بشكل واضح للطعام أو لبعض أنواعه على وجه التحديد وأحياناً تقل الرغبة فيه.
9 - اضطراب النوم بالزيادة أو النقصان.
10 - إحساس بزيادة الضغوط وفقد السيطرة على الأمور.
11 - أعراض جسمانية مثل: آلام وتورم في الثدي، صداع، آلام بالمفاصل والعضلات، شعور بالانتفاخ والتورم، زيادة الوزن .. الخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه الأعراض تؤثر بوضوح في نشاطات المرأة كالعمل أو الدراسة أو الأنشطة الاجتماعية أو الهوايات.
والسبب المباشر لهذه الاضطراب غير معروف على وجه التحديد ومع ذلك هناك نظريات تفسر حدوث هذه الأعراض نذكر منها:-
*عوامل بيولوجية:
الهرمونات الجنسية: حيث وجد زيادة في معدل الاستروجين/ بروجستيرون في الحالات التي تعاني أعراضاً شديدة. وتعتبر هذه الزيادة هي العامل الأساسي الذي يؤثر في المخ وفي الغدد الصماء فيحدث الاضطرابات المذكورة.
نقص مستوى الإندورفين (المورفين الداخلي) ويتبع ذلك زيادة القابلية للألم بأنواعه.
اضطراب نشاط الغدد الصماء مما يؤدي إلى اضطراب الهرمونات التالية: ثيروكسين، كورتيزون، برولاكتين، ميلاتونين.
زيادة البروستاجلاندين.
نقص الفيتامينات.
اضطراب الدورة البيولوجية.
عوامل جينية: 70% من بنات الأمهات المصابات يعانين من المرض.
*عوامل نفسية واجتماعية:
بينت بعض الدراسات أن النساء العصابيات يكن أكثر عرضه للاضطراب وأيضاً النساء اللاتي يرفضن الدور الأنثوي سواء شعورياً أو لاشعورياً.
يضاف إلى ذلك من لديهن تاريخ مرضي سابق للاضطرابات النفسية.
وللعوامل الاجتماعية أثر كبير، فالمعتقدات الدينية والاتجاهات الثقافية والاجتماعية تأثيرً كبيرً على حالة المرأة في مواجهة تقلبات الدورة الشهرية كما أسلفنا.
وفي غالبية الحالات الخفيفة والمتوسطة لا تحتاج المرأة إلى علاج طبي وإنما تحتاج لدعم ومساندة من المحيطين بها وتحتاج هي أن تتقبل هذا الحدث مثل أي حدث طبيعي على أنه ضرورة للحياة والتكاثر وهو جزء من الدورات البيولوجية الكثيرة التي تحدث في الإنسان.
والرياضة البدنية تساعد كثيراً على التوازن البيولوجي والنفسي حيث تنظم توزيع السوائل والدهون في الجسم وتساعد على إفراز الإندورفين،وهي وصفة علاجية قوية ومؤثرة ولكن للأسف الشديد يصعب على كثير من النساء الشرقيات أداءها لأسباب اجتماعية متعددة وغير منطقية.
أما العلاج الدوائي فهو يستخدم فقط في الحالات الشديدة التي تحتاج للعناية الطبية، وقد وجد أن مثبطات امتصاص السيروتونين ( SSRI) ومضادات الاكتئاب الأخرى التي ترفع مستوى السيرتونين عند الناقلات العصبية كلها تؤدي إلى تحسن في الحالة. وهناك طريقتين لأخذها: إما أن تؤخذ بشكل متواصل لعدة شهور، وإما أن تؤخذ في الأسبوع السابق لنزول الحيض ويتكرر ذلك أيضاً لعدة شهور.
وهناك أدوية مساندة ثبت فعاليتها في تقليل الأعراض مثل "البرازولام"
(زاناكس – زولام- برازولام).
وقد جرب البروجيسترون على أساس موازنة الاستروجين المرتفع وتحسنت بعض الحالات.
وهناك اتجاه حالياً لاستخدام بعض مستخلصات الاعشاب الطبيعية وظهر في الأسواق بعض هذه المستخلصات مثل: برايمروس – برايمروس بلس وبريماليف.
(منقول من واحة النفس المطمئنه)
وحدثتني اخصائية نفسيه تقول ان هذه الحاله ردة فعل طبيعيه لاي انثى تخسر جنين او طفل فتحزن وتبكي وتتالم
والمراة في وقت الدوره تكون في حالة نفسية متقلبة فتسالينها لما تبكين فتقول لا اعلم ولما تتالمين فتقول لا اعلم ولم انتي في مزاج عصبي فتقول لا اعلم ولكن جسدها يعلم فيعبر عما يحل بها بقدر تفاوت الشخصيات والتقبل
وهذه ردة فعل الجسم دون علمها بان جسدها يبكي جنينه ويتالم لما سيحل به لانها لو كانت متزوجه ولم تحمل او كانت انسه ولم تتزوج فجسدها يعبر بطريقته الخاصة
ودرجات الحزن والالم تتفاوت من شخصية الى اخرى وقدرة تحملها
فسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم عدد خلقك وزنة عرشك ورضا نفسك ومداد كلماتك وكما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
ام احمد
ـ[الغني بالله]ــــــــ[14 Aug 2006, 05:37 م]ـ
جزاك الله خيرا ياأم أحمد على هذا النقل.
ومن طريف ماسمعت أن الله عزوجل قال (فاعتزلوا النساء) ولم يقل نساءكم رحمة بالزاني.(/)
الألغاز في علم القرآن
ـ[أم صهيب]ــــــــ[11 Aug 2006, 09:07 م]ـ
السلام عليكم
المشايخ الأفاضل والأخوة الكرام
هل اعتنى علماء التفسير وعلوم القرآن بالتصنيف في الألغاز كما اعتنى علماء الفقه والنحو؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Sep 2006, 05:31 ص]ـ
منذ طرح هذا السؤال ترددت في الجواب بـ لا؛ لأن عدم العلم لا يعني العلم بالعدم، ولكني الذي أقوله: إنني بحسب اطلاعي وجدت كتباً كثيرة في الألغاز والمعاياة في الفقه واللغة، ولم أطلع على نظائر لها في علوم القرآن أو التفسير، وقد يكون هناك كتب في هذا إلا أنها لم تطبع أو لم تنتشر كغيرها. ولعل المانع هو هيبة القرآن وقدسيته عن المعاياة والإلغاز في مسائله وعلومه والله أعلم.
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[29 Sep 2006, 01:54 ص]ـ
القرآن نزل بلسان عربي مبين، واضح المعنى مفهوم الدلالة، خاطب الله به الناس جميعاً، ولو احتوى على الألغاز لتعذر فهمه على الكثير من الناس، بل لو احتوى على ألغاز لتخذ أهل الجاهلية ذلك ذريعة في عدم الاستجابة.
ـ[أم صهيب]ــــــــ[03 Oct 2006, 11:11 م]ـ
من خلال القراءة والإطلاع ظهر لي أن التأليف في الألغاز في علوم القرآن أقل من غيره
ومما وجدته في ذلك:
في مقدمة تحقيق كتاب درر الغواص لابن فرحون ذكر المحقق هذين الكتابين:
ألغاز شمس الدين محمد بن محمد بن علي بن يوسف الشهير بابن الجزري شيخ قراء زمانه ت 833 هـ ومنظومته الهمزية شرحها هو سماه (العقد الثمين) كشف الظنون (1/ 150) وهو كتاب ألغاز في القراءات
وكذلك كتاب: الألغاز العلائية، لعلاء الدين بن ناصر الدين الطرابلسي (5). نظم فيها المؤلف أسئلة تتعلق ببعض المشكلات والألغاز في القراءات العشر وعدة أبياتها مائة وستة عشرون بيتاً خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي (3/ 186)
ووجدت بعض الألغاز المنثورة في كتب العلماء كالبرهان للزركشي (1/ 164) قال: أي شيء إذا عددته زاد على المائة، وإذا عددت نصفه كان دون العشرين؟
جوابه: سور القرآن حيث يبلغ عددها 114 سورة
وكذلك نقل ابن البنا في إتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر عن ابن السمين عند قوله تعالى (وأكن من الصالحين) (2/ 540،541) قوله: ويلغز بهذا فيقال مع نية صالحة أين أتى صرف أظهره أبو عمرو، وأدغمه الباقون؟
وجوابه: في قوله تعالى: (وأكن من الصالحين) والحرف هو الواو، حيث أظهر أبو عمرو الواو بعد الكاف، ونصب النون عطفاً على (فأصدق) المنصوب بأن بعد جواب التمني، وهو لولا أخرتني والباقون بحذف الواو لالتقاء الساكنين، وبجزم النون، قال الزمخشري–رحمه الله- عطفاً على محل (فأصدق)، كأنه قيل: إن أخرتني أصدق وأكن
وقال الإمام الثعالبي _ رحمه الله _ عند تفسير سورة الأنعام (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ /504): قال عند تعليقه على الآية (وهذا هو طريق اللغز الذي برىء القرآن منه)
وقال أبو حيان _ رحمه الله _ في البحر المحيط (11/ 7): (وإنما هذا من باب اللغز المنزه عنه كلام الله تعالى)
قال ابن الأثير _ رحمه الله _ في المثل السائر (2/ 231): (وقد ورد من الألغاز شيء في كلام العرب المنثور غير انه قليل بالنسبة إلى ما ورد في أشعارها، وقد تأملت القرآن الكريم، فلم أجد فيه شيئاً منها، ولا ينبغي أن يتضمن منها شيئاً، لأنه لا يستنبط بالحدس والحرز كما تستنبط الألغاز)(/)
معنى قول الزمخشري والنسفي
ـ[خلود]ــــــــ[12 Aug 2006, 09:54 ص]ـ
ذكر الزمخشري، والنسفي وغيرهما في تفسير قوله تعالى: "أوليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم" [يس: 81]
أن المعنى: مثلهم في الصغر بالإضافة إلى السموات والأرض، أو أن يعيدهم؛ لأن المعاد مثل المبتدأ وليس به
وسؤالي: ما معنى قولهم: لأن المعاد مثل المبتدأ وليس به
ـ[روضة]ــــــــ[12 Aug 2006, 08:13 م]ـ
يقرر الزمخشري أن قوله تعالى: (يخلق مثلهم)، لها معنيان: الأول: أن الخلق بمعنى الإيجاد من عدم، على غير مثال سابق، وبدون مادة موجودة مسبقاً. وجاءت هذه الآية الكريمة في سياق إثبات القدرة الإلهية على البعث، فهذا استفهام تقريري (أو ليس ... )، فالذي تثبت له القدرة على خلق هذه الأشياء العظيمة ابتداءً من عدم قادرٌ على خلق مثلها وأصغر منها.
الثاني: أن الخلق هنا يكون بمعنى المعاد والبعث، وعلّل الزمخشري التعبير عن البعث بالخلق بقوله: (لأن المعاد مثل المبتدأ وليس به) [في بعض نسخ الكشاف: لأن المعاد مثل للمبتدأ وليس به]، والمقصود أن الإعادة تكون بخلق جسم جديد يشبه الجسم القديم وعلى مثاله، وليس بإعادة أجزاء الجسم القديم نفسه، فهي خلق لمثل الشيء في أصول ذاته وصفاته، لذلك صحّ إطلاق الخلق على الإعادة، ومعنى الآية بناء على هذا، أن القادر على خلق السموات والأرض من العدم قادر بلا شك على الإحياء بعد الإماتة.
يقول ابن عاشور:
"أي قادر على أن يخلق أمثالهم، أي أجساداً على صورهم وشَبههم لأن الأجسام المخلوقة للبعث هي أمثال الناس الذين كانوا في الدنيا مركبين من أجزائهم فإن إعادة الخلق لا يلزم أن تكون بجمع متفرق الأجسام بل يجوز كونها عن عدمها، ولعل ذلك كيفيات، فالأموات الباقية أجسادها تُبثّ فيها الحياة، والأموات الذين تفرقت أوصالهم وتفسخت يعاد تصويرها، والأجساد التي لم تبق منها باقية تعاد أجساد على صورها لتودع فيها أرواحهم، ألا ترى أن جسد الإِنسان يتغير على حالته عند الولادة ويكبر وتتغير ملامحه، ويجدّد كل يوم من الدم واللحم بقدر ما اضمحلّ وتبخّر ولا يعتبر ذلك التغير تبديلاً لذاته فهو يُحسّ بأنه هو هو والناس يميّزونه عن غيره بسبب عدم تغير الروح. وفي آيات القرآن ما يدل على هذه الأحوال للمعاد، ولذلك اختلف علماء السنّة في أن البعث عن عدم أو عن تفريق كما أشار إليه سيف الدين الآمدي في «أبْكار الأفكار» ومودعة فيها أرواحهم التي كانت تدبر أجسامهم فإن الأرواح باقية بعد فناء الأجساد".
وجدير بالذكر أن أبا حيان بعد أن ذكر قول الزمخشري، أورد عليه اعتراضاً، وهو: إن المعاد هو عين المبتدأ، ولو كان مثله لم يسم ذلك إعادة، بل يكون إنشاء مستأنفاً.
والله أعلم بالصواب
ـ[الجكني]ــــــــ[12 Aug 2006, 08:28 م]ـ
قد يعترض على أبي حيان رحمه الله ب "الفرق في المبني فرق في المعني ولو من وجه "فالمادتان مختلفتان:"عود" و "بدأ" 0والله أعلم0
ـ[روضة]ــــــــ[12 Aug 2006, 11:44 م]ـ
أرى أن هذا اعتراض بعيد، لا يرد على أبي حيان رحمه الله، إذ إنه يبيّن أن المعاد وهو البعث يكون بجمع أجزاء الجسم المتفرقة لا خلق جسم جديد يماثل الأول، فهو ينفي ما قاله الزمخشري حين فسر خلق المثل بالمعاد.
فلا يُفهم من قوله: (إن المعاد هو عين المبتدأ) أنه يرادف بين الكلمتين.
ـ[خلود]ــــــــ[13 Aug 2006, 07:29 ص]ـ
إذا علمنا أن للآية معنيين:
الأول: الذي خلق السموات والأرض قادر على خلق الناس ابتداء.
الثاني: الذي خلق السموات والأرض قادر على البعث والإعادة.
فهل يمكن القول: إن المعنى الثاني مشتمل على الأول؛ لأن في إثبات القدرة على البعث والإعادة إثبات لابتداء الخلق.
ـ[روضة]ــــــــ[13 Aug 2006, 11:10 ص]ـ
بل العكس ...
لأن الآية مسوقة لإثبات البعث، فالذي يخلق هذه المخلوقات العظيمة كالسموات والأرض من عدم قادر على إعادة بعثها من جديد، ففي إثبات القدرة على ابتداء الخلق إثباتٌ للقدرة على البعث والإعادة.
وهذا هو معنى الاستفهام التقريري الوارد في الآية الكريمة:
(أَوَ لَيْسَ ?لَّذِى خَلَقَ ?لسَّمَـ?وَاتِ وَ?لأَرْضَ بِقَـ?دِرٍ عَلَى? أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم)
وحاولي أن تتدبري السياق الذي وردت به هذه الآية لتتضح لك المسألة أكثر.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خلود]ــــــــ[13 Aug 2006, 08:52 م]ـ
نعم قولك هذا -بارك الله فيك- إنما هو على القول بأن مرجع الضمير في {مثلهم} للسموات والأرض.
وسؤالي إنما هو على القول الأظهر، وهو أن مرجع الضمير في {مثلهم} على الناس، خصوصا منكري البعث
ومعنى الآية: أوليس الذي خلق السموات والأرض في شدتها وعظمتها بقادر على أن يبعث الناس ويعيدهم.
إذ للآية ثلاثة معان:
1 - أوليس الذي خلق السموات والأرض في شدتها وعظمتها بقادر على أن يخلق مثل الناس في الضعف والصغر بالإضافة إلى السموات والأرض.
فخلق السموات والأرض دليل على خلق الناس ابتداء.
2 - أوليس الذي خلق السموات والأرض في شدتها وعظمتها بقادر على أن يخلق أجساد بني آدم بعد فنائها.
3 - أوليس الذي خلق السموات والأرض في شدتها وعظمتها بقادر على أن يخلق مثلهم أي: يعيد السموات والأرض.
فإن قيل: إنما أثبت قدرته على إعادة مثلهم لا على إعادتهم أنفسهم، فالجواب:
المقصود بـ {مثلهم} هنا إياهم، وذلك أن مثل الشيء مساو له، فجاز أن يعبر به عن نفس الشيء. يقال: مثلك لا يفعل هذا، أي: أنت.
"زاد المسير"، ص833. و"البرهان" ج4، ص31.
والمعنى الثالث من معاني الآية رده الزركشي بقوله: "يظن بعضهم أن معناه مثل السموات والأرض، وهو فاسد لوجهين:
أحدهما: أنهم ما أنكروا إعادة السموات والأرض حتى يدل على إنكارهم إعادتهما بابتدائهما، وإنما أنكروا إعادة أنفسهم فكان الضمير راجعا إليهم ليتحقق حصول الجواب لهم، والرد عليهم.
الثاني: لتبين المراد في قوله: {أولم يروا أن الله الذي خلق السموات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير} [سورة الأحقاف:33] "
"البرهان" ج4، ص31، 32.
فهل يترجح القول الثاني على الأول؛ لأنه-الثاني- مشتمل على ما يفيده الأول؟
فإثبات البعث يدل على الابتداء؛ لأن القادر على بعث الناس وإعادتهم هو الذي ابتدأ خلقهم؟(/)
سيد قطب ومنهجه في التفسير: هل من راغب في نشره؟
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[12 Aug 2006, 04:41 م]ـ
أعددت بحثا علميا عن سيد قطب ومنهجه في التفسير، وهو في الحقيقة جزء من رسالة علمية نوقشت بجامعة القاهرة، كلية دار العلوم، قسم الشريعة الإسلامي، للحصول على الماجستير، تحت إشراف الأستاذ الدكتور محمد بلتاجي ـ رحمه الله ـ، وقد أجيزت الرسالة بامتياز. أود طباعته ونشره. الرجاء من دور النشر التي تهتم بالموضوع الاتصال بي قصد إمدادها بالنسخة الأصلية.(/)
تفسير ابن برجان: هل من راغب في نشره؟
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[12 Aug 2006, 04:45 م]ـ
حصلت على نسخة فريدة لجزء كبير من تفسير ابن برجان، وقد قمت بتحقيقه خلال السنوات التي خلت، وهو الآن جاهز للطبع والنشر. من يرغب في طبعه و نشره يتصل بي لإمداده بالأصول والنص المحقق، والدراسة المرفقة.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[23 Mar 2009, 08:17 م]ـ
الأخ الكريم أحمد بزوي الضاوي
اطلعت مؤخراً على عرضكم الكريم، وهناك من يهتم بشدة بطباعة تفسير ابن برجان فهل لا يزال العرض قائماً؟!
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[27 Apr 2009, 04:30 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: أبو عمرو البيراوي ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكر لفضيلتكم اهتمامكم. وأخبركم أنني أود نشر ما حققته من هذا التفسير.
جزاكم الله خيرا.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[27 Apr 2009, 05:15 ص]ـ
وهناك من يهتم بشدة بطباعة تفسير ابن برجان!
جزاكم الله خيرا على هذا الإسهام، وليت كل كتب التفسير المفيدة ترى النور، ويزاح عنها غبار العصور، ليستفيد منها أهل العلم، ويغترفوا من تنوع ثقافات أصحابها، واختلاف اتجاهاتهم. وتصنيفها، وصولا إلى الحق منها، المهتدي بنور الله المبين.
ـ[محمد عمر الضرير]ــــــــ[27 Apr 2009, 05:18 ص]ـ
وأخبركم أنني أود نشر ما حققته من هذا التفسير.
.
أسأل الله أن يتمم هذا الأمر على خير ماتحب أستاذنا الكريم، وبما يعود بالنفع على أهل العلم، وودنا لو أعطيتنا -تكرما- نبذة موجزةعن التفسير، والمفسر، وأبرز جهودك فيه -إن أمكن-.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[27 Apr 2009, 03:31 م]ـ
الأخ الكريم أحمد بزوي الضاوي حفظه الله،
كنت ألمس من شيخي بسام جرار مدير مركز نون للدراسات القرآنية اهتماماً بمخطوط التفسير وعلى وجه الخصوص أمثال ابن برجان. وقد سر كثيراً بخبر تحقيقكم لجزء من تفسير ابن برجان. وهو يطمع أن تتصلوا به على البريد الالكتروني:
noon@p-ol.com(/)
مرويات السلف في التفسير: هل من متعاونين لطبع ونشر المشروع؟
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[12 Aug 2006, 04:54 م]ـ
منذ حوالي خمسة عشر سنة ونحن نشتغل على موضوع مرويات السلف في التفسير، وقد عملنا على إعداد فهارس خاص بالصحابة و التابعين وأتباع التابعين، واستخراج مروياتهم من أمهات كتب التفسير المعتمدة، وكتب الحديث، وقد تمكنا بحمد الله من الانتهاء من هذا المشروع، وهو جاهز للطبع و النشر، فهل من متعاون لإخراج موسوعة مرويات السلف في التفسير إلى حيز الوجود، وإغناء المكتبة التفسيرية بتفاسير السلف.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[27 Jun 2010, 12:01 م]ـ
هلا بين لنا أستاذنا
1) منهج العمل في المشروع، وماذا عن الروايات المتقاربة الألفاظ وما تم فيها.
2) ما هي الكتب التي اعتمدت في جمع المادة العلمية.
3) ما العدد الذي وصلت إليه المرويات المجموعة.
إلى غير ذلك من الأسئلة الموضحة للمشروع عسى أن تكون الإجابة الشافية سبيلا لنشر هذا العمل المبارك
وهل لا زال المشروع حبيس الأدراج أم وجد طريقه للنشر
وفقك الله وبارك فيك وفي جهودك
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Jun 2010, 02:05 م]ـ
يُمكنُني السعي لدى إحدى دور النشر الجيدة لنشره إن شئتم يا أبا معاذ وفقكم الله ورعاكم.(/)
كتاب المصاحف لابن الأنباري
ـ[التفسير1000]ــــــــ[13 Aug 2006, 02:01 ص]ـ
للعلم: فقد يسر الله تعالى بمنه جمع مرويات كتاب المصاحف لابن الأنباري، وقدم للتحكيم والطباعة، ولعله يرى النور قريباً، وهو عبارة عن جمع لما تيسر من نصوصه ليعطي لمحة عن أصله المفقود.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[03 Mar 2008, 08:34 م]ـ
جزاكم الله خيرا ياأخانا الفاضل المفضال
وكان الله في عونك
ويسر لك جميع أمورك
وإن شاء الله نرى كتابك هذا قريبا
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[04 Mar 2008, 04:23 م]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ايت عمران]ــــــــ[01 Jun 2010, 06:55 م]ـ
ما أخبار هذا المصحف؟
لقد مر على هذا الخبر ما يقارب أربع سنين، فهل من جديد يا أساتذتنا الكرام؟(/)
استفسار عن تفسيرالشيخ محمد عبده
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[13 Aug 2006, 10:51 ص]ـ
أيها الفضلاء هل يوجد تفسير للشيخ محمد عبده؟ وهل هو لجميع القرآن؟ وهل ثمت ملاحظات تأخذ في الاعتبار؟ وما هو حجم هذا التفسير وما أحسن طبعاته؟
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[13 Aug 2006, 04:24 م]ـ
هذه معلومات حول التفسير عند الامام محمد عبده من كتاب التفسير والمفسرون للشيخ الذهبي رحمه الله ارجو ان تفيدك حول بعض النقاط التي استفسرت عنها وسامحني على الاطالة فهي منقولة من الكتاب وفيها الاستفادة ان شاء الله
مدرسة الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده، وأثرها فى التفسير:
وإذا كان هذا اللًَّون الأدبى الاجتماعى يعتبر فى نظرنا عملاً جديداً فى التفسير، وابتكاراً يرجع فضله إلى مُفسِّرى هذا العصر الحديث، فإنَّا نستطيع أن نقول بحق: إن الفضل فى هذا اللَّون التفسيرى يرجع إلى مدرسة الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده للتفسير. هذه المدرسة التى قام زعيمها - ورجالها من بعده - بمجهود كبير فى تفسير كتاب الله تعالى، وهداية الناس إلى ما فيه من خير الدنيا وخير الآخرة.
نعم .. قامت هذه المدرسة بمجهود كبير فى تفسير كتاب الله تعالى. مجهود نحمد لها الكثير منه، ولا نوافقها على بعض منه قليل.
* محاسن هذه المدرسة:
فالذى نحمده لهذه المدرسة: أنها نظرت للقرآن نظرة بعيدة عن التأثر بمذهب من المذاهب، فلم يكن منها ما كان من كثير من المفسِّرين من التأثر بالمذهب إلى الدرجة التى تجعل القرآن تابعاً لمذهبه، فيؤوِّل القرآن بما يتفق معه، وإن كان تأويلاً متكلفاً وبعيداً.
كما أنها وقفت من الروايات الإسرائيلية موقف الناقد البصير، فلم تُشَوِّه التفسير بما شُوِّهَ به فى كثير من كتب المتقدمين، من الروايات الخرافية المكذوبة، التى أحاطت بجمال القرآن وجلاله، فأساءت إليه وجرَّأت الطاعنين عليه!!
كذلك لم تغتر هذه المدرسة بما اغتر به كثير من المفسِّرين من الأحاديث الضعيفة أو الموضوعة التى كان لها أثر سىء فى تفسير القرآن الكريم!!
ولقد كان من أثر عدم اغترار هذه المدرسة بالروايات الإسرائيلية، والأحاديث الموضوعة. أنها لم تخض فى تعيين ما أبهمه القرآن، ولم تجرؤ على الخوض فى الكلام عن الأُمور الغيبية، التى لا تُعرف إلا من جهة النصوص الشرعية الصحيحة، بل قررت مبدأ الإيمان بما جاء من ذلك مجملاً، ومنعت من الخوض فى التفصيلات والجزئيات، وهذا مبدأ سليم، يقف حاجزاً منيعاً دون تسرب شىء من خرافات الغيب المظنون إلى المعقول والعقائد.
كذلك نجد هذه المدرسة أبعدت التفسير عن التأثر باصطلاحات العلوم والفنون، التى زُجَّ بها فى التفسير بدون أن يكون فى حاجة إليها، ولم تتناول من ذلك إلا بمقدار الحاجة، وعلى حسب الضرورة فقط.
ثم إن هذه المدرسة، نهجت بالتفسير منهجاً أدبياً اجتماعياً، فكشفت عن بلاغة القرآن وإعجازه، وأوضحت معانيه ومراميه، وأظهرت ما فيه من سنن الكون الأعظم ونظم الاجتماع، وعالجت مشاكل الأمة الإسلامية خاصة، ومشاكل الأُمم عامة، بما أرشد إليه القرآن، من هداية وتعاليم، جمعت بين خيرى الدنيا والآخرة، ووفَّقت بين القرآن وما أثبته العلم من نظريات صحيحة، وجلت للناس أن القرآن كتاب الله الخالد، الذى يستطيع أن يساير التطور الزمنى والبَشرى، إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها، ودفعت ما ورد من شُبَه على القرآن، وفنَّدت ما أُثير حوله من شكوك وأوهام، بحجج قوية قذفت بها على الباطل فدمغته فإذا هو زاهق .. كل هذا بأسلوب شيق جذاب يستهوى القارئ، ويستولى على قلبه، ويُحَبب إليه النظر فى كتاب الله، ويُرَغبه فى الوقوف على معانيه وأسراره.
هذا ما نحمده لهذه المدرسة، ولا نستطيع أن نغمطها عليه، أو نقلل من فضلها فيه؟
* *
* عيوب هذه المدرسة:
أما ما نأخذه على هذه المدرسة، فهو أنها أعطت لعقلها حرية واسعة، فتأوَّلت بعض الحقائق الشرعية التى جاء بها القرآن الكريم، وعدلت بها عن الحقيقة إلى المجاز أو التمثيل، وليس هناك ما يدعو لذلك إلا مجرد الاستبعاد والاستغراب. استبعاد بالنسبة لقُدرة البَشر القاصرة، واستغراب لا يكون إلا ممن جهل قدرة الله وصلاحيتها لكل ممكن.
(يُتْبَعُ)
(/)
كما أنها بسبب هذه الحرية العقلية الواسعة جارت المعتزلة فى بعض تعاليمها وعقائدها، وحمَّلت بعض ألفاظ القرآن من المعانى ما لم يكن معهوداً عند العرب فى زمن نزول القرآن وطعنت فى بعض الأحاديث: تارة بالضعف، وتارة بالوضع، مع أنها أحاديث صحيحة رواها البخارى ومسلم، وهما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى بإجماع أهل العلم، كما أنها لم تأخذ بأحاديث الآحاد الصحيحة الثابتة، فى كل ما هو من قبيل العقائد، أو من قبيل السمعيات، مع أن أحاديث الآحاد فى هذا الباب كثيرة لا يُستهان بها.
وما يُقال من أن خبر الواحد لا تثبت به عقيدة إجماعاً. فيه نظر من وجوه:
الأول: أن دعوى الإجماع باطلة، فإن للعلماء أربعة أقوال فى إفادة خبر الواحد العلم:
1 - يفيد الظن مطلقاً.
2 - يفيد العلم بقرينة.
3 - يفيد العلم من غير قرينة باطراد.
4 - يفيد العلم من غير قرينة لا باطراد.
الثانى: إذا جرينا على أن خبر الواحد يفيد العلم، أمكن أن تثبت به عقيدة، وإذا جرينا على أنه يفيد الظن، أمكن أن تثبت به العقيدة إذا احتفت به قرائن - على المختار - لإفادته العلم حينئذ، ومن هنا جزم ابن الصلاح وغيره بأن أحاديث الصحيحين التى لم تُنقد عليهما تفيد العلم، فإن الأمة قد تلقتهما بالقبول، وهى معصومة من الخطأ، وظن المعصوم لا يخطىء.
الثالث: أنه ليس المراد من العقيدة كل ما يعتقَد، وإلا لتناول ذلك الفروع الفقهية، فإنه لا يسوغ العمل بها إلا بعد اعتقاد صحة الحكم فيها، وإنما المراد بالعقائد أُصولها، وهو ما كان الإخلال بها موجباً للكفر، كالإيمان بالله وباليوم الآخر. وأما الأحاديث الواردة فى الحوادث الماضية، أو المستقبلة، أو المتعلقة بتفاصيل اليوم الآخر وما فيه، فلا يُشترط فيها التواتر، لأن هذه الأمور ليست من قبيل العقائد التى يترتب على عدم تصديقها الكفر والعياذ بالله تعالى، ولكن يُكتَفى فيا بأن تكون من طريق صحيح.
* أهم رجال هذه المدرسة:
هذا .. وإن أهم رجال هذه المدرسة، وهو الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده زعيمها وعميدها، ثم المرحوم السيد محمد رشيد رضا، والمرحوم الأستاذ الأكبر الشيخ محمد مصطفى المراغى. وهما خير مَن أنجبت هذه المدرسة، وخير من ترسَّم خُطا الأستاذ الإمام، وسار على منهجه وطريقته فى التفسير.
ولست أرى القارئ بحاجة إلى أن أترجم لحياة هؤلاء الرجال الثلاثة، فالعهد بهم قريب، وليس يُخشى على مَن لم صلة بالحركة العلمية فى هذا العصر شىء من معالم حياتهم، ويكفى أن أتكلم عن إنتاج كل واحد منهم فى التفسير وعن منهجه الذى سلكه فيه، وسيقف القارئ - إن شاء الله تعالى - على ما قلته عن هذه المدرسة، وما ذكرته لها من أثر محمود فى التفسير، وما ذكرته عنها من أثر يُؤخذ عليها ولا يُحمد لها.
* * *
النصوص الواردة في (التفسير والمفسرون) ضمن الموضوع (الخاتمة .. كلمة عامة عن التفسير وألوانه فى العصر الحديث) ضمن العنوان (1 - الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده)
* إنتاجه فى التفسير:
إذا نحن ذهبنا نستقصى ما أنتجه لنا الأستاذ الإمام من عمل فى التفسير، فإنَّا نجد له تفسيره المشهور لجزء "عم" ذلك التفسير الذى ألَّفه بمشورة من بعض أعضاء الجمعية الخيرية الإسلامية، ليكون مرجعاً لأساتذة مدارس الجمعية فى تفهيم التلاميذ معانى ما يحفظون من سور هذا الجزء، وعاملاً للإصلاح فى أعمالهم وأخلاقهم، ولقد أتم الأستاذ الإمام تفسير هذا الجزء فى سنة 1321 هـ (إحدى وعشرين وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة)، ببلاد المغرب، وبذل جهده كما يقول: "فى أن تكون العبارة سهلة التناول، خالية من الخلاف وكثرة الوجوه فى الإعراب، بحيث لا يحتاج فى فهمها إلا أن يعرف القارئ كيف يقرأ، أو السامع كيف يسمع، مع حسن النية وسلامة الوجدان".
كذلك نجد له تفسيراً مطوَّلاً لسورة "العصر" كان قد ألقاه على هيئة محاضرات، أو دروس على علماء مدينة الجزائر ووجهائها فى سنة 1321 هـ (سنة 1902م) - ويقول الأستاذ الإمام: إنه قرأ تفسير هذه السورة فى سبعة أيام، وكل درس لا يقل عن ساعتين، أو ساعة ونصف.
(يُتْبَعُ)
(/)
كذلك نجد له بعض بحوث تفسيرية، عالج فيها بعض مشكلات القرآن، ودفع بها بعض ما أُثير حول القرآن من شكوك وإشكالات، كشرحه لقوله تعالى فى الآية [78] من سورة النساء: {وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـ?ذِهِ مِنْ عِندِ ?للَّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـ?ذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ ?للَّهِ فَمَالِ هَـ?ؤُلا?ءِ ?لْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً}، وقوله فى الآية [79] من السورة نفسها: {مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ ?للَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى? بِ?للَّهِ شَهِيداً} وجمعه بينهما. وتوفيقه بين ما يُظَن فيهما من تناف وتضاد، وهو نسبة أفعال العباد تارة إلى الله تعالى، وتارة إلى العبد.
وكشرحه لقوله تعالى فى الآية [52 - 55] من سورة الحج: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى? أَلْقَى ?لشَّيْطَانُ فِي? أُمْنِيَّتِهِ} .. إلى قوله: {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ}، وإبطاله لقصة الغرانيق، وتفنيده لما بُنِىَ عليها من تفسير يذهب بعصمة النبى صلى الله عليه وسلم، ويرفع الأمان عن الوحى الذى تكفَّل الله بحفظه.
وكتفسيره لقوله تعالى فى الآية [37] من سورة الأحزاب: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي? أَنعَمَ ?للَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَ?تَّقِ ?للَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ?للَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ?لنَّاسَ وَ?للَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى? زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ?لْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي? أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ?للَّهِ مَفْعُولاً}، ورده لما أُلصق بها من أحاديث باطلة، تُصوِّر النبى صلى الله عليه وسلم بصورة الرجل الشهوانى، وإبطاله لكل ما أُثير حول هذه القصة - قصة زيد وزينب - من مطاعن رُمِىَ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زوراً وبهتاناً.
وكذلك نجد من آثار الأستاذ الإمام فى التفسير، تلك الدورس التى ألقاها فى الأزهر الشريف على تلاميذه ومريديه، وكان ذلك بمشورة تلميذه السيد محمد رشيد رضا، وإقناعه به، كما يقول هو فى مقدمة تفسيره.
وقد ابتدأ الأستاذ الإمام بأول القرآن فى غُرَّة المحرَّم سنة 1317 وانتهى عند تفسير قوله تعالى فى الآية [126] من سورة النساء: {وَللَّهِ مَا فِي ?لسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ?لأَرْضِ وَكَانَ ?للَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً} .. وذلك فى منتصف المحرَّم سنة 1323 هـ، إذ توفى - رحمه الله - لثمان خلون من جُمادى الأولى من السنة نفسها.
وإذا كان الأستاذ الإمام قد ألقى هذه الدروس فى التفسير على طُلابه ولم يدون شيئاً، فإنّا لا نرى حَرَجاً من جعلها أثراً من آثاره فى التفسير.
وذلك لأن تلميذه السيد محمد رشيد رضا كان يكتب فى أثناء إلقاء هذه الدروس مذكرات يودعها ما يراه أهم أقوال الأستاذ الإمام، ثم يحفظ ما كتب ليمده بما يذكره من أقواله وقت الفراغ، ثم قام بعد ذلك بنشر ما كتب فى مجلته "المنار" وكان - كما يقول هو فى مقدمة تفسيره - يُطلع الأستاذ الإمام على ما أعده للطبع، كلما تيسر ذلك بعد جمع حروفه فى المطبعة وقبل طبعه، فكان ربما يُنَقِّح فيه بزيادة قليلة، أو حذف كلمة أو كلمات. قال: "ولا أذكر أنه انتقد شيئاً مما لم يره قبل الطبع، بل كان راضياً بالمكتوب، معجباً به".
هذا هو كل ما وصلت إليه من إنتاج الأستاذ الإمام فى التفسير، وهو وإن كان إنتاجاً يُعَد قليلاً بالنسبة لهذه الشخصية البارزة، إلا أنه - والحق يقال - كان له أثر بالغ فى تطور التفسير واتجاهاته، كما سيظهر لك فيما بعد إن شاء الله تعالى.
* *
* منهجه فى التفسير:
كان الأستاذ الإمام هو الذى قام وحده من بين رجال الأزهر بالدعوة إلى التجديد، والتحرر من قيود التقليد، فاستعمل عقله الحر فى كتاباته وبحوثه، ولم يجر على ما جمد عليه غيره من أفكار المتقدمين، وأقوال السابقين، فكان له من وراء ذلك آراء وأفكار خالف بها مَن سبقه، فأغضبت عليه الكثير من أهل العلم، وجمعت حوله قلوب مريديه والمعجبين به.
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الحرية العقلية، وهذه الثورة على القديم، كان لهما أثر بالغ فى المنهج الذى نهجه الشيخ لنفسه. وسار عليه فى تفسيره.
وذلك أن الأستاذ الإمام اتخذ لنفسه مبدءاً يسير عليه فى تفسير القرآن الكريم، ويخالف به جماعة المفسِّرين المتقدمين. وهو فهم كتاب الله من حيث هو دين يرشد الناس إلى ما فيه سعادتهم فى حياتهم الدنيا وحياتهم الآخرة، وذلك لأنه كان يرى أن هذا هو المقصد الأعلى للقرآن، وماوراء ذلك من المباحث فهو تابع له، أو وسيلة لتحصيله.
يقرر الأستاذ الإمام هذا المبدأ فى التفسير، ثم يتوده باللَّوم إلى المفسِّرين الذين غفلوا عن الغرض الأول للقرآن. وهو ما فيه من هداية وإرشاد، وراحوا يتوسعون فى نواح أخرى من ضروب المعانى، ووجوه النحو، وخلافات الفقه، وغير ذلك من المقاصد التى يرى الأستاذ الإمام أن الإكثار فى مقصد منها "يخرج بالكثيرين عن المقصود من الكتاب الإلهى، ويذهب بهم فى مذاهب تنسيهم معناه الحقيقى".
لهذا نرى الأستاذ الإمام يقسم التفسير إلى قسمين:
أحدهما: جاف مبعد عن الله وكتابه، وهو ما يقصد به الألفاظ، وإعراب الجمل، وبيان ما ترمى إليه تلك العبارات والإشارات من النكت الفنية. قال: وهذا لا ينبغى أن يُسمى تفسيراً. وإنما هو ضرب من التمرين فى الفنون، كالنحو، والمعانى، وغيرهما.
وثانيهما: ذهاب المفسِّر إلى فهم المراد من القول، وحكمة التشريع فى العقائد والأحكام، على الوجه الذى يجذب الأرواح، ويسوقها إلى العمل والهداية المودعة فى الكلام، ليتحقق فيه معنى قوله تعالى: {وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} ونحوهما من الأوصاف .. قال الأستاذ الإمام: "وهذا هو الغرض الأول الذى أرمى إليه فى قراءة التفسير".
هذا .. وإن الأستاذ الإمام لا يريد من كلامه السابق أن يُهمل الناحية البلاغية أو النحوية مثلاً فى تفسير القرآن، ولكنه يريد أن يأخذ المفسِّر من ذلك بمقدار الضرورة، فيبين المفسر - مثلاً - من وجوه البلاغة، وضروب الإعراب بقدر ما يحتمله المعنى، وعلى الوجه الذى يليق بفصاحة القرآن وبلاغته. وذلك بدون أن يتجاوز مقدار الحاجة.
ثم إنَّا نجد الأستاذ الإمام - وقد وضع لنفسه هذه الخطة فى التفسير - يشترط شروطاً لا بد من توفرها عند مَن يريد أن يُفسِّر القرآن تفسيراً يحقق الغرض منه، وقد ذكرنها بجملتها عند كلامنا عن العلوم التى يحتاج إليها المفسِّر.
* *
* القرآن لا يتبع العقيدة وإنما تؤخذ العقيدة من القرآن:
ويرى الأستاذ الإمام: أن القرآن الكريم هو الميزان الذى تُوزن به العقائد لتعرف قيمتها، ويقرر أنه يجب على مَن ينظر فى القرآن أن ينظر إليه كأصل تؤخذ منه العقيدة، ويُستنبط منه الرأى، وينعى على ما كان من أكثر المفسِّرين، من تسلط العقيدة عليهم، ونظرتهم للقرآن من خلالها، حتى تأوَّلوا القرآن بما يشهد لعقائدهم، وتتمشى معها، وفى هذا يقول: "إذا وزنا ما فى أدمغتنا من الاعتقاد بكتاب الله تعالى، من غير أن نُدخلها أولاً فيه، يظهر لنا كوننا مهتدين أو ضالين. وأما إذا أدخلنا ما فى أدمغتنا فى القرآن، وحشرناها فيه أولاً، فلا يمكننا أن نعرف الهداية من الضلال، لاختلاط الموزون بالميزان، فلا يُدرى ما هو الموزون به.
"أريد أن يكون القرآن أصلاً تُحمل عليه المذاهب والآراء فى الدين، لا أن تكون المذاهب أصلاً والقرآن هو الذى يُحمل عليها. ويُرجع بالتأويل أو التحريف إليها، كما جرى عليه المخذولون، وتاه فيه الضالون".
* كيف كان يقرأ الأستاذ الإمام التفسير ويكتبه:
تناول الأستاذ الإمام تفسير القرآن الكريم بالتأليف والتدريس، أما ناحية التأليف، فمحدودة ضيقة، كما ظهر لك فيما سبق، وأما ناحية التدريس فكانت أوسع إلى حد ما من ناحية التأليف، فقد ألقى - رحمه الله - دروساً في التفسير بالجامع الأزهر الشريف، مدة ست سنوات، قرأ فيها ما يقرب من خمسة أجزاء من أجزاء القرآن، كما ألمعنا إليه فيما تقدم.
كذلك ألقى دروساً فى التفسير بمدينة الجزائر من بلاد المغرب، كما ألقى دروساً فى التفسير أيضاً فى مساجد بيروت .. فى المسجد الكبير، وفى مسجد "الباشورة".
(يُتْبَعُ)
(/)
وكان من عادة الأستاذ الإمام فى دروسه: أنه يراعى حال مَن يستمعون إليه، فإذا حضره جماعة من البلداء الخاملى الفكر شرح لهم المعنى بكلمات قليلة، وإذا كان هناك مَن يتنبه ويُلقى له بالاً، يفتح الله عليه بكلام كثير. بهذا يُحدِّث الأستاذ الإمام عن نفسه.
ويحدثنا تلميذه السيدمحمد رشيد رضا عن طريقة الأستاذ الإمام فى دروس التفسير فيقول: "كانت طريقته فى قراءة الدرس على مقربة مما ارتآه فى كتابة التفسير، وهو أن يتوسع فيه فيما أغفله أو قصَّر فيه المفسِّرون، ويختصر فيما برزوا فيه من مباحث الألفاظ، والإعراب، ونكت البلاغة، وفى الروايات التى تدل عليها، ولا تتوقف على فهمها الآيات".
وكان الأستاذ الإمام يعتمد فى دروسه وكتابته فى التفسير على عقله الحر وكان - كما يقول عنه بعض الكاتبين - "لا يلتزم فى التفسير كتاباً، وإنما يقرأ فى المصحف، ويلقى ما يفيض الله على قلبه".
وكان من دأبه أنه لا يرجع إلى كتاب من كتب التفسير قبل إلقاء دروسه حتى لا يتأثر بفهم غيره، وكل ما كان منه أنه إذا عرض له وجه غريب من الإعراب، أو كلمة غريبة فى اللُّغة رجع إلى بعض كتب التفسير، ليرى ما كُتِب فى ذلك، وقد حدَّث عن نفسه بذلك فقال: "إننى لا أطلع عندما أقرأ، لكننى ربما أتصفح كتاب تفسير إذا كان هناك وجه غريب فى الإعراب، أو كلمة غريبة فى اللُّغة".
غير أننا نجد تلميذه السيد محمد رشيد رضا يذكر أن الأستاذ الإمام كان "يتوكأ فى ذلك - يعنى فى دروسه فى التفسير - على عبارة تفسير الجلالين الذى هو أوجز التفاسير، فكان يقرأ عابرته فيقرها، أو ينتقد منها ما يراه منتقداً ثم يتكلم فى الآية أو الآيات المنزَّلة فى معنى واحد بما فتح الله عليه، مما فيه هداية وعبرة".
وسواء أقلنا إن الأستاذ الإمام كان يرجع إلى كتب التفسير أم لا يرجع إليه، فإنه كان يُحَكّم عقله فيما يلقى وفيما يكتب، غير ملتفت إلى ما سُبِق به من أقوال فى التفسير، ولا بواقف عند اعتبارات المؤلفين وأفهامهم وقوف مَن يخضع لها، ويُسَلِّم بها، على ما فيها من غث وسمين.
نعم .. لم يجمد الأستاذ الإمام على ما فى كتب قدماء المفسِّرين، ولم يلغ عقله أمام عقولهم، بل على العكس من ذلك وجدناه يُنَدِّد بمن يكتفى فى التفسير بالنظر فى أقوال المتقدمين فيقول: "التفسير عند قومنا اليوم ومن قبل اليوم بقرون، هو عبارة عن الاطلاع على ما قاله بعض العلماء فى كتب التفسير، على ما فى كلامهم من اختلاف يتنزه عنه القرآن: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ?للَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ?خْتِلاَفاً كَثِيراً}، وليت أهل العناية بالاطلاع على كتب التفسير يطلبون لأنفسهم معنى تستقر عليه أفهامهم فى العلم بمعانى الكتاب، ثم يبثونه فى الناس ويحملونهم عليه، ولكنهم لم يطلبوا ذلك، وإنما طلبوا صناعة يفاخرون بالتفنن فيها، ويمارون فيها من يباريهم فى طلبها، ولا يخرجون لإظهار البراعة فى تحصيلها عن حد الإكثار من القول، واختراع الوجوه من التأويل والإغراب فى الإبعاد عن مقاصد التنزيل. "إن الله تعالى لا يسألنا يوم القيامة عن أقوال الناس وما فهموه، وإنما يسألنا عن كتابه الذى أنزله لإرشادنا وهدايتنا، وعن سُنَّة نبينا الذى بيَّن لنا ما نُزِّل إلينا: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ ?لذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ..
"يسألنا هل بلغتكم الرسالة؟ هل تدبرتم ما بُلِّغْتُم؟ هل عقلتم ما عنه نُهيتم وما به أُمرتم؟ وهل عملتم بإرشاد القرآن، واهتديتم بهدَى النبى، واتبعتم سُنَّته؟ عجباً لنا ننتظر هذا السؤال ونحن فى هذا الإعراض عن القرآن وهَديه، فيا للغفلة والغرور".
كما وجدناه يُعَرِّف لنا الفهم الصحيح للقرآن فيقول: " ... وأعنى بالفهم ما يكون عن ذوق سليم تصيبه أساليب القرآن بعجائبها، وتملكه مواعظه فتشغله عما بين يديه مما سواه. لا أُريد الفهم المأخوذ بالتسليم الأعمى من الكتب أخذاً جافاً، لم يصحبه ذلك الذوق وما يتبعه من رقة الشعور ولطف الوجدان، اللَّذين هما مدار التعقل والتأثر والفهم والتدبر".
(يُتْبَعُ)
(/)
ومما يُذكر فى هذا المقام أنه "لما أبدى الأستاذ الإمام رأياً طريفاً فى تفسير بعض الآيات، قال له أحد المجاورين: إن ما قلته لا يوافق عليه الجمل - يعنى بالجمل أحد المؤلفين ممن كتبوا الحواشى على تفسير الجلالين - فقال الأستاذ على الفور: إننى أقرر ما يدل عليه المعنى الجليل، والكلام البليغ، ولا يعنينى أوافق عليه الجمل أو الحمار".
كل هذا يدلنا على أن الأستاذ الإمام كان حراً فى تفكيره وفهمه للقرآن، صريحاً فى نقده ونُصحه للتفسير والمفسِّرين، جريئاً فى ثورته على القديم، ودعوته إلى التحرر مما أحاط بالعقول من القيود، وما أوغلت فيه من الركود والجمود.
هذا .. وإن الأستاذ الإمام لم يكن كغيره من المفسِّرين الذين كَلفوا بالإسرائيليات فجعلوا منها شروحاً لمبهمات القرآن، بل وجدناه على العكس من ذلك نفوراً منها، وشروداً من الخوض فيها، لاعتقاده أن الله تعالى لم يكلفنا بالبحث عن الجزئيات والتفصيلات لما جاء به مبهماً فى كتابه، ولو أراد منا ذلك لدلنا عليه فى كتابه أو على لسان نبيه، وهو يُصَرِّح بأن هذا هو "مذهبه فى جميع مبهمات القرآن يقف عند النص القطعى لا يتعداه، ويثبت أن الفائدة لا تتوقف على سواه".
وإذا نحن تتبعنا أقواله فى مبهمات القرآن وجدناه محافظاً على هذا المبدأ، لا يعدل عنه ولا يحيد، إلا فى مواضع قليلة نادرة.
فمثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآيتين [10، 11] من سورة الانفطار: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ} .. نجده يقول: "ومن الغيب الذى يجب علينا الإيمان به ما أنبأنا به فى كتابه: أن علينا حَفَظَة يكتبون أعمالنا حسنات وسيئات، ولكن ليس علينا أن نبحث عن حقيقة هؤلاء، ومن أى شىء خُلِقوا، وما هو عملهم فى حفظهم وكتابتهم، هل عندهم أوراق وأقالم ومداد كالمعهود عندنا ... وهو يبعد فهمه؟ أو هناك ألواح تُرسم فيها الأعمال؟ وهل الحروف والصور التى تُرسم هى على نحو ما نعهد؟ أو إنما هى أرواح تتجلى لها الأعمال فتبقى فيه بقاء المِداد فى القِرطاس إلى أن يبعث الله الناس؟ كل ذلك لا نُكَلَّف العلم به، وإنما نُكَلَّف الإيمان بصدق الخبر وتفويض الأمر فى معناه إلى الله، والذى يجب علينا اعتقاده من جهة ما يدخل فى عملنا، هو: أن أعمالنا تُحفظ وتُحصى، لا يضيع منها نقير ولا قطمير".
ومثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [4] وما بعدها من سورة البروج: {قُتِلَ أَصْحَابُ ?لأُخْدُودِ} .... إلى آخر القصة يقول: "أما تعيين أصحاب الأُخدود، وأنَّى كانوا؟ ومَن هم أُولئك المؤمنون؟ وأين كان منزلهم من الأرض؟ فقد كثرت فيه الروايات، والأشهر أن المؤمنين كانوا نصارى نجران، عندما كان دينهم دين التوحيد، ليس فيه حدث ولا بدعة، وأن الكافرين كانوا أُمراء اليمن، أو اليهود الذين لا يبعدون عن هؤلاء فى حقيقة الوثنية، غير أن المؤمن لا يحتاج فى الاعتبار وإشعار الموعظة قلبه إلى أن يعرف القوم، والجهة، وخاصة الدين الذى كان أولئك أو هؤلاء، حتى يطير وراء القصص المشحونة بالمبالغات، والأساطير المحشوة بالخرافات، وإنما الذى عليه: هو أن يعرف من القصة ما ذكرناه أولاً، ولو علم الله خيراً فى أكثر من ذلك لتفضَّل علينا به".
ومثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآيتين [6، 7] من سورة الفجر: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ ?لْعِمَادِ} .. نجده يقول: "وقد يروى المفسِّرون هنا حكايات فى تصوير إرم ذات العماد، كان يجب أن يُنزَّه عنها كتاب الله، فإذا وقع إليكَ شىء من كتبهم، ونظرتَ فى هذا الموضع منها، فتخط ببصرك ما تجده فى وصف إرم، وإياك أن تنظر فيه".
ومثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآيات [6 - 9] من سورة القارعة: {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} .. نجده يقول: " وتقدير الله الأعمال وما تستحقه من الجزاء فى ذلك اليوم، إنما يكون على حسب ما يعلم، لا طريقة ما نعلم، فعلينا أن نفوِّض الأمر فيه إليه سبحانه على الإيمان به، ومن عجيب ما قال بعض المفسِّرين: "إنه ميزان بلسان وكفَّتين كأطباق السموات والأرض، ولا يعلم ماهيته إلا الله" فماذا بقى من ماهيته بعد لسانه وكفَّتيه حتى يُفوَّض العلم فيه إلى الله؟ والكلام فيه
(يُتْبَعُ)
(/)
جرأة على غيب الله بغير نص صريح متواتر عن المعصوم، ولم يرد فى الكتاب إلا كلمة "ميزان"، وقد عرفت ما يمكننا أن نفهم منها لننتفع بما نعتقد، وما عدا ذلك فعلمه إلى الله سبحانه. وقد قالوا: إن منكر الميزان بالمعنى المعروف لا يكفر، إذا كان القائل به يحدد له لساناً وكفَّتين، مع أن البَشر اخترعوا من الموازين ما هو أتقن من ذلك وأضبط وأوفى ببيان الموزون. أفيأبى الحكيم الخبير إلا استعمال ذلك الميزان الخشن الناقص الذى هدى العلم عقول البَشر إلى ما هو أدق منه؟ أيأبى عالِمُ الغيب والشهادة أن يستعمل فى وزن المعانى والمعقولات إلا ذلك الميزان الذى اخترعه بعض البَشر قبل أن يبلغ بهم العلم ما بلغ بأهل العصر الحاضر وما سيبلغ بأهل العصور المقبلة؟ على أن جميع ما اخترع البَشر وما يخترعون مهما دقَّ ولَطُف، إنما هو معيار الأثقال الجسمانية، والأوزان المحسوسة، وهلا يكون الأليق بالمقام الإلهى أن يكون ميزان المعانى المعقولة لديه أسمى وأعلى من أن يكون على نمط ما يستعمله البَشر، مهما ارتقت المعارف وسمت بهم العلوم؟ وهل يليق بمن يخاف مقام ربه أن يجرؤ على القول بوجوب الاعتقاد بأن الميزان الذى يزن الله به الأعمال يوم القيامة هو الميزان الذى تستعمله القبائل التى لم تزل فى مهد الإنسانية الأُولى؟ .. ميزان ضعفاء العقول قصار الأنظار، الذين لا يعرفون قيمة للإيمان بالغيب، ولا لحياء العقل من الله، وإطراقه عن أن ينظر إلى ما تشامخ من غيوب الله تعالى علمه، وتعاظمت قدرته.
"عليك أيها المؤمن المطمئن إلى ما يخبر الله به أن توقن أن الله يزن الأعمال، ويميز لكل عمل مقداره. ولا تسل كيف يزن، ولا كيف يُقَدِّر، فهو أعلم بغيبه، والله يعلم وأنتم لا تعلمون".
* *
* معالجته للمسائل الاجتماعية:
ثم إنّا نجد الأستاذ الإمام لا يكاد يمر بآية من القرآن، يمكنه أن يأخذ منها علاجاً للأمراض الاجتماعية، إلا أفاض فى ذلك بما يُصَوِّر للقارئ خطر العِلَّة الاجتماعية التى يتكلم عنها، ويُرشده إلى وسيلة علاجها والتخلص منها، كل هذا يأخذه الأستاذ الإمام من القرآن الكريم، ثم يُلقى به على أسماع المسلمين وغير المسلمين، رجاء أن يعودوا إلى الصواب، ويثوبوا إلى الرشاد.
فمثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [3] من سورة العصر من التفسير المطوَّل لها: {وَتَوَاصَوْاْ بِ?لصَّبْرِ} .. نجده يقول: "والصبر مَلَكة في النفس يتيسر معها احتمال ما يشق احتماله، والرضا بما يكره فى سبيل الحق. وهو خُلُق يتعلق به بل يتوقف عليه كمال كل خلق، وما أُتِىَ الناس من شىء مثل ما أُتوا من فقج البصر أو ضعفه. كل أُمة ضعف البصر فى نفوس أفرادها. ضعف فيها كل شىء، وذهبت منها كل قوة، ولنضرب لذلك مثلاً: نقص العلم عند أمة من الأمم كالمسلمين اليوم، إذا دققت النظر وجدت السبب فيه ضعف الصبر، فإن مَن عرف باباً من أبواب العلم، لا يجد فى نفسه صبراً على التوسع فيه، والتعب فى تحقيق مسائله، وينام على فراش من التقليد هَيِّن لَيِّن، لا يكلفه مشقة، ولا يجشمه تعبأ، ويسلى نفسه عن كسله بتعظيم مَن سبقه، ولو كان عنده احترام حقيقى لسَلَفه، لاتخذهم أُسوة له فى عمله، فحذا حذوهم، وسلك مسلكهم، وكلَّف نفسه بعض ما حملوا أنفسهم عليه، واعتقد كما كانوا يعتقدون أنهم ليسوا بمعصومين.
"ثم هو إذا تعلَّم لا يجد صبراً على مشقة دعوة الناس إلى علم ما يعلم، وحملهم على عرفان ما يعرف، ولا جلداً على تحصيل الوسائل لنشر ما عنده، بل متى لاقى أول معارضة قبع فى بيته وترك الخلق للخالق كما يقولون.
"يجلس الطالب لدرسه سنة أو سنتين، ثم تعرضه مشقة التحصيل، فيترك الدرس أو يتساهل فى فهمه إلى حرفة أخرى يظنها أربح له، فينقطع عن الطلب، ويذهب فى الجهل كل مذهب، وكل هذا من ضعف الصبر.
"يبخل البخيل بماله، ويجهد نفسه فى جمعه وكنزه، وتعرض له وجوه البر فيعرض عنها، ولا يُنفق درهماً فى شىء منها، فيؤذى بذلك وطنه ومِلَّته، ويترك الشر والفقر يأكل قومه وأُمته، ولو نظرنا إلى ما قبض يده لوجدناه ضعف البصر، لما أُصيب بذلك المرض القاتل له ولأهله.
(يُتْبَعُ)
(/)
"يُسرف المسرف فى الشهوات، ويتهتك المتهتك فى المنكرات، حتى ينفد المال، وتسوء الحال، ويستبدل الذل بالعز، والفقر بالغنى، ولا سبب لذلك إلا ضياع صبره فى مقاومة الهوى، وضبط نفسه عن مواقع الردى، ولو صبر فى مجاهدة تلك النزعات لما كان قد خسر ماله، وأفسد حاله .. وهكذا لو أردت أن أعد جميع الرذائل، وأبحث عن عللها الأولى، لوجدتموها تنتهى إلى ضعف الصبر أو فقده. ولو سردتَ جميع الفضائل وطلبتَ ينبوعها الذى تستمد منه حياتها لما وجدتَ لها ينبوعاً سوى الصبر، أفلا يكون جديراً بعد هذا بأن يُخَص بالذكر".
ثم يبين بعد ذلك وسائل الدعوة إلى الخير فيقول: " ... يجب على العلماء ومَن يتشبه بهم، أن يتعلموا من وسائل القيام بالواجب ما تدعو إليه الحال، على حسب الأزمان واختلاف أحوال الأُمم، وأول ما يجب عليهم فى ذلك أن يتعلموا التاريخ الصحيح، وعلم تكوين الأُمم، وارتفاعها وانحطاطها، وعلم الأخلاق وأحوال النفس، وعلم الحس والوجدان، ونحو ذلك مما لا بد منه فى معرفة مداخل الباطل إلى القلوب، ومعرفة طرق التوفيق بين العقل والحق، وسُبُل التقريب بين اللَّذة والمنفعة الدنيوية والأُخروية، ووسائل استمالة النفوس عن جانب الشر إلى جانب الخير، فإن لم يحصلوا على ذلك كله فوزر العامة عليهم. ولا تنفعهم دعوى العجز، فإنهم ينفقون من أزمانهم في القيل والقال، والبحث فى الألفاظ والأقوال، ما كان يكفيهم أن يكونوا بحار علم، وأعلام هُدى ورُشد، فليطلبوا العلم من سُبُله التى قام عليها السَلَف الصالح، والله كفيل أن يمدهم بمعونته، أما وقد انقطعوا إلى ما يعجزهم عن القيام بأمره، فلن يقبل الله لهم عذراً، بل فليتربصوا حتى يأتى أمر الله.
"لو قضى الزمان بأن يكون من وسائل التمكن من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر واشتغال الناس بالحق عن الباطل، وبالطيب عن الخبيث أن يضرب الإنسان فى الأرض ويمسحها بالطول والعرض، وأن يتعلم اللُّغات الأجنبية، ليقف على ما فيها مما ينفعه فيستعمله، وما يخشى ضرره على قومه فيدمغه، لوجب على أهل العلم أن يأخذوا من ذلك بما يستطيعون، ولهم فى سَلَف الأُمة من القرون الأولى إلى نهاية القرن الرابع من الهجرة أحسن أُسوة، وأفضل قدوة، وكل ما يُهوِّنون به على أنفسهم مما يخالف ذلك فإنما هى وساوس شيطان. يشغلهم بها عن النظر فى معانى القرآن، ويحرمهم من التعرض لرحمة الرحمن".
ومثلاً عند قوله تعالى فى الآية [13] من سورة الانفطار: {إِنَّ ?لأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} .. نراه يوضح معنى البِّر وما يكون به الإنسان من الأبرار، ثم يقول: "فلا يُعَد الشخص بَرا ولا باراً حتى يكون للناس من كسبه ومن نفسه نصيب فلا يغترَّن أُولئك الكسالى الخاملون، الذين يظنون أنهم يدركون مقام الأبرار بركتعات من الخشية خاليات، وبتسبيحات وتكبيرات وتحميدات ملفوظات غير معقولات، وصيحات غير لائقات بأهل المروءة من المؤمنين والمؤمنات، ثم بصوم أيام معدودات، لا يجتنب فيها إيذاء كثير من المخلوقات، مع عدم مبالاة الواحد منهم بشأن الدين قام أم أسقط، ارتفع أو انحط. ومع حرصه وطمعه لما فى أيدى الناس، واعتقاده الاستحقاق لما عندهم، لا لشىء سوى أنهم عاملون فى كسب المال وهو غير عامل، وهم يجرون على سُنَّة الحق وهو مستمسك بسُنَّة الباطل، وهم يتجملون بحلية العمل موهو منها عاطل، فهؤلاء ليسوا من الأبرار، بل يجدر بهم أن يكونوا من الفُجَّار".
ومثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى في أول سورة العاديات: {وَ?لْعَادِيَاتِ ضَبْحاً * فَ?لمُورِيَاتِ قَدْحاً * فَ?لْمُغِيرَاتِ صُبْحاً * فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً} .. نجده يقول: "وكان فى هذه الآيات القارعات، وفى تخصيص الخيل بالذكر فى قوله: {وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ?سْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ?لْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ?للَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}، وفيما ورد فى الأحاديث التى لا تكاد تُحصر ما يحمل كل فرد من رجال المسلمين على أن يكون فى مقدمة فرسان الأرض مهارة فى ركوب الخيل، ويبعث القادرين منهم على قنية الخيل على التنافس فى عقائلها، وأن يكون فن السباق عندهم يسبق بقية الفنون إتقاناً، أفليس من أعجب العجب عندهم أن ترى أُمماً هذا كتابها قد أهملت شأن الخيل والفروسية، إلى أن صار يُشار إلى راكبيها بينهم
(يُتْبَعُ)
(/)
بالهزء والسخرية، وأخذت كرام الخيل تهجر بلادهم إلى بلاد أُخرى؟ أليس أغرب ما يُستغرب أن أُناساً يزعمون أن هذا الكتاب كتابهم، يكون طُلاب العلوم الدينية منهم أشد الناس رهبة من ركوب الخيل، وأبعدهم عن صفات الرجولية، حتى وقع من أحد أساتذتهم المشار إليهم بالبنان عندما كنت أكمله فى منافع بعض العلوم وفوائدها فى علم الدين أن قال: "إذا كان كل ما يفيد فى الدين نُعَلِّمه لطلبة العلم، كان علينا إذن أن نعلمهم ركوب الخيل"! يقول ذلك ليفحمنى وتقوم له الحُجَّة علىّ، كأن تعليم ركوب الخيل مما لا يليق ولا ينبغى لطلبة العلم، وهم يقولون إن العلماء ورثة الأنبياء، فهل هذه الأعمال وهذه العقائد تتفق مع الإيمان بهذا الكتاب؟ أنصف ثم احكم".
ومثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآية [3] من سورة الماعون: {وَلاَ يَحُضُّ عَلَى? طَعَامِ ?لْمِسْكِينِ} .. نجده يقرر: أن قوله: {وَلاَ يَحُضُّ عَلَى? طَعَامِ ?لْمِسْكِينِ}، كناية عن الذى لا يجود بشىء من ماله على الفقير المحتاج إلى القوت الذى لا يستطيع له كسباً".
ثم يقول: "وإنما جاء بالكناية ليفيدك أنه إذا عرضت حاجة المسكين، ولم تجد ما تعطيه، فعليك أن تطلب من الناس أن يعطوه. وفيه حث للمصدِّقين بالدين على إغاثة الفقراء ولو بجمع المال من غيرهم وهى طريقة الجمعيات الخيرية، فأصلها ثابت فى الكتاب بهذه الآية، وبنحو قوله تعالى فى الآيتين [17، 18] من سورة الفجر: {كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ ?لْيَتِيمَ * وَلاَ تَحَآضُّونَ عَلَى? طَعَامِ ?لْمِسْكِينِ}، ونعمت الطريقة هى لإغاثة الفقراء، وسد شىء من حاجات المساكين".
ومن أجل هذه الروح التى تسيطر على الأستاذ الإمام فى تفسيره، نجد الشيخ المراغى رحمه الله يقول: "وكانت دروسه يجد علماء الاجتماع فيها تطبيق القرآن على معارفهم".
* *
* تفسيره للقرآن على ضوء العلم الحديث:
كذلك نجد الأستاذ الإمام - رحمه الله - يتناول بعض آيات القرآن فيشرحها شرحاً يقوم على أساس من نظريات العلم الحديث، وغرضه بذلك: أن يوفق بين معانى القرآن التى قد تبدو مستبعَدة فى نظر بعض الناس، وبين ما عندهم من معلومات توشك أن تكون مُسَلَّمة عندهم، أم هى مُسلَّمة بالفعل، وهو - وإن كان يرمى من وراء ذلك إلى غرض نبيل - يخرج أحياناً بمثل هذا الشرح والبيان عن مألوف العرب، وما عُهِد لديهم وقت نزول القرآن.
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى أول سورة الإنشقاق: {إِذَا ?لسَّمَآءُ ?نشَقَّتْ} .. نجده يقول: "انشقاق السماء، مثل انفطارها الذى مَرَّ تفسيره فى سورة {إِذَا ?لسَّمَآءُ ?نفَطَرَتْ}، وهو فساد تركيبها، واختلال نظامها، عندما يريد الله خراب هذا العالَم الذى نحن فيه، وهو يكون بحادثة من الحوادث التى قد ينجر إليه سير العالَم، كأن يمر كوكب فى سيره بالقُرب من آخر فيتجاذبا فيتصادما فيضطرب نظام الشمس بأسره، ويحدث من ذلك غمام وأى غمام، يظهر فى مواضع متفرقة من الجو والفضاء الواسع، فتكون السماء قد تشققت بالغمام، واختل نظمها حال ظهوره".
هذا التفسير من الأستاذ الإمام عمل جليل يُشكر عليه، إذ غرضه من ذلك تقريب معانى القرآن وما يُخبر به من عقول الناس، بما هو معهود عندهم ومُسَلَّم لديهم. ولكن هل لا بد فى فساد الكون من أن يترتب على مثل هذه الظاهرة الكونية؟ وهل يعجز الله عن إفساده وإخلاله بأمر آخر غير ذلك؟ أليس الأولى بنا أن نؤمن بما جاء به القرآن، ولا نخوض فيما وراء ذلك من تفصيلات كما هو مذهب الشيخ؟ أحسب أن الشيخ يضرب ذلك مثلاً، ولا يريده على أنه أمر لا بد منه.
ومثلاً عندما يعرض لتفسير سورة الفيل، بعد أن ذكر ما قيل فى إرسال الطير على أبرهة، وما جاءت به بعض الروايات من أن الذى أصابهم هو داء الجدرى والحصبة يقول: "وقد بيَّنت لنا هذه السورة الكريمة، أن ذلك الجدرى أو تلك الحصبة نشأت من حجارة يابسة سقطت على أفراد الجيش، بواسطة فِرَق عظيمة من الطير مما رسله الله مع الريح، فيجوز لك أن تعتقد أن هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الذى يحمل جراثيم بعض الأمراض، وأن تكون هذه الحجارة من الطين المسموم اليابس، الذى تحمله الرياح فيعلق بأرجل هذه الحيوانات فإذا اتصل بجدسه دخل فى مسامه، فأثار يه تلك القروح التى تنتهى بإفساد الجسم وتساقط لحمه، وإن كثيراً من هذه الطيور الضعيفة يُعَد من أعظم
(يُتْبَعُ)
(/)
جنود الله فى إهلاك من يريد إهلاكه من البشر، وإن هذا الحيوان الصغير الذى يسمونه الآن بالميكروب لا يخرج عنها، وهو فِرَق وجماعات لا يحصى عددها إلا بارئها، ولا يتوقف ظهور أثر قُدرة الله تعالى فى قهر الطاغين على أن يكون الطير فى ضخامة رؤوس الجبال، ولا على أن يكون من نوع عنقاء مغرب، ولا على أن يكون له ألوان خاصة به، ولا على معرفة مقادير الحجارة وكيفية تأثيرها فلله جند من كل شىء.
*ولى كل شىء له آية * تدل على أنه الواحد"*
وهنا أيضاً نجد الأستاذ الإمام قد خالف طريقته فى مبهمات القرآن فراح يخوض فى التفصيلات والجزئيات، ثم جوَّز أن تكون الطير هى ما يُسمى اليوم بالميكروبات، كما جوَّز أن تكون الحجارة هى جراثيم بعض الأمراض، وهذا ما لا نُقره عليه، لأن هذه الجراثيم التى اكتشفها الطب الحديث لم يكن للعرب علم بها وقت نزول القرآن، والعربى إذا سمع لفظ الحجارة فى هذه السورة لا ينصرف ذهنه إلى تلك الجراثيم بحال من الأحوال، وقد جاء القرآن بلغة العرب، وخاطبهم بما يعهدون ويألفون.
وإذا كان الأستاذ الإمام قد أعطى لعقله الحرية الكاملة فى تفسيره للقرآن الكريم، فإنَّا نجده يُغرِق فى هذه الحرية ويتوسع فيها، إلى درجة وصلت به إلى ما يشبه التطرف فى أفكاره، والغلو فى آرائه.
* *
* موقف من حقيقة الملائكة وإبليس:
فمثلاً عندما تعرَّض لقوله تعالى فى الآيات [34] وما بعدها من سورة البقرة: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ ?سْجُدُواْ لأَدَمََ} ... إلى آخر القصة، نجده يقول: "وذهب بعض المفسِّرين مذهباً آخر فى فهم معنى الملائكة، وهو أن مجموع ما ورد فى الملائكة من كونهم موكلين بالأعمال من إنماء نبات وخِلْقة حيوان وحفظ إنسان وغير ذلك، فيه إيماء إلى الخاصة بما هو أدق من ظاهر العبارة، وهو أ، هذا النمو فى النبات لم يكن إلا بروح خاص، نفخه الله فى البذرة فكانت به هذه الحياة النباتية المخصوصة، وكذلك يقال فى الحيوان والإنسان، فكل أمر كلى قائم بنظام مخصوص تمت به الحكمة الإلهية فى إيجاده، فإنما قوامه بروح إلهى سُمِّى فى لسان الشرع مَلَكاً، ومَن لم يبال فى التسمية بالتوقيف يسم هذه المعانى القوى الطبيعية، إذا كان لا يعرف من عالَم الإمكان إلا ما هو طبيعة، أو قوة يظهر أثرها فى الطبيعة. والأمر الثابت الذى لا نزاع فيه، هو أن فى باطن الخِلْقة أمراً هو مناطها، وبه قوامها ونظامها، لا يمكن العاقل أن ينكره، إن أنكر غير المؤمن بالوحى تسميته مَلَكاً، وزعم أنه لا دليل على وجود الملائكة، أو أنكر بعض المؤمنين بالوحى تسميته قوة طبيعية أو ناموساً طبيعياً، لأن هذه الأسماء لم ترد فى الشرع، فالحقيقة واحدة، والعاقل مَن لا تحجبه الأسماء عن المسميات، وإن كان المؤمن بالغيب يرى للأرواح وجوداً لا يدرك كنهه، والذى لا يؤمن بالغيب يقول لا أعرف الروح، ولكن أعرف قوة لا أفهم حقيقتها، ولا يعلم إلا الله علام يختلف الناس، وكلٌ يقر بوجود شىء غير ما يرى ويحس، ويعترف بأنه لا يفهمه حق الفهم، ولا يصل بعقله إلى إدراك كنهه؟ وماذا على هذا الذى يزعم أنه لا يؤمن بالغيب - وقد اعترف بما غيب عنه - لو قال: أُصدِّق بغيب أعرف أثره، وإن كنت لا أُقدِّر قدره، فيتفق مع المؤمنين بالغيب، ويفهم بذلك ما يرد على لسان صاحب الوحى، ويحظى بما يحظى به المؤمنون؟
"يشعر كل مَن فَكَّر فى نفسه، ووازن بين خواطره عندما يهم بأمر فيه وجه للحق أو للخير، ووجه للباطل أو للشر، بأن فى نفسه تنازعاً كأن الأمر قد عرض فيها على مجلس شورى. فهذا يُورد وذاك يدفع، واحد يقول افعل، وآخر يقول لا تفعل، وآخر يقول لا تفعل، حتى ينتصر أحد الطرفين، ويترجح أحد الخاطرين، فهذا الشىء الذى أُودع فى أنفسنا ونسميه قوة وفكراً، وهى فى اللحقيقة معنى لا يدرك كنهه، وروح لا تُكتنه حقيقتها، لا يبعد أن يسميه الله ملَكَاً، أو يسمى أسبابه ملائكة، أو ما شاء من الأسماء، فإن التسمية لا حَجْرَ فيها على الناس، فكيف يُحجر فيها على صاحب الإرادة المطلقة، والسلطان النافذ والعلم الواسع".
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم قال الأستاذ الإمام بعد ذلك: "فإذا صح الجرى على هذا التفسير، فلا يُستبعد أن تكون الإشارة فى الآية أن الله تعالى لما خلق الأرض، ودبرها بما شاء من القوى الروحانية التى بها قوامها ونظامها، وجعل كل صنف من القوى مخصوصاً بنوع من أنواع المخلوقات، لا يتعداه ولا يتعدى ما حُدِّد له من الأثر الذى خُصَّ به.؟ خلق بعد ذلك الإنسان، وأعطاه قوة يكون بها مستعداً للتصف بجميع هذه القوى وتسخيرها فى عمارة الأرض، وعبَّر عن تسخير هذه القُوَى بالسجود الذى يُفيد معنى الخضوع والتسخير، وجعله بهذا الاستعداد الذى لا حد له، والتصرف الذى لم يُعط لغيره، خليفة الله فى أرضه، لأنه أكمل الموجودات فى الأرض، واستثنى من هذه القُوَى قوة واحدة، عبَّر عنها بإبليس، وهى القوى التى لزَّها الله بهذا العالَم لزا، وهى التى تميل بالمستعد للكمال، أو بالكامل إلى النقص، وتعارض مد الوجود لترده إلى العدم، أو تقطع سبيل البقاء، وتعود بالموجود إلى الفناء، أو التى تعارض فى اتباع الحق، وتصد عن عمل الخير، وتنازع الإنسان فى صرف قواه إلى المنافع والمصالح التى تتم بها خلافته، فيصل إلى مراتب الكمال الوجودى التى خُلِق مستعداً للوصول إليها. تلك القوة التى ضللت آثارها قوماً فزعموا أن فى العالَم إلهاً يسمى إله الشر، وما هى بإله، ولكنها محنة إله لا يعلم أسرار حكمته إلا هو".
قال: "ولو أن أنفسنا مالت إلى قبول هذا التأويل، لم تجد فى الدين ما يمنعها من ذلك، والعمدة على اطمئنان القلب، وركون النفس إلى ما أبصرت من الحق".
ثم يعود فى موضع آخر إلى تقرير التمثيل فى القصة فيقول: "وتقرير التمثيل فى القصة على هذا المذهب هكذا: أن إخبار الله الملائكة بجعل الإنسان خليفة فى الأرض هو عبارة عن تهيئة الأرض وقُوَى هذا العالَم وأوراحه، التى بها قوامه ونظامه، لوجود نوع من المخلوقات يتصرف فيها، فيكون به كمال الوجود فى هذه الأرض، وسؤال الملائكة عن جعل خليفة يُفْسِد فى الأرض لأنه يعمل باختياره، ويُعطَى استعداداً فى العلم والعمل لا حد لهما، هو تصوير لما فى استعداد الإنسان لذلك، وتمهيد لبيان أنه لا ينافى خلافته فى الأرض، وتعليم آدم الأسماء كلها بيان لاستعداد الإنسان لعلم كل شىء فى هذه الأرض، وانتفاعه به فى استعمارها، وعرض الأسماء على الملائكة، وسؤالهم عنها، وتنصلهم فى الجواب تصوير لكون الشعور الذى يُصاحب كل روح من الأرواح المدبرة للعوالم محدوداً لا يتعدى وظيفته، وسجود الملائكة لآدم عبارة عن تسخير هذه الأرواح والقُوَى له، ينتفع فى ترقية الكون بمعرفة سنن الله تعالى فى ذلك. وإباء إبليس واستكباره عن السجود تمثيل لعجز الإنسان عن إخضاع روح الشر، وإبطال داعية خواطر السوء، التى هى مثار التنازع والتخاصم والتعدى والإفساد فى الأرض، ولولا ذلك لجاء على الإنسان زمن يكون فيه أفراده كالملائكة بل أعظم، أو يخرجون عن كونهم من هذا النوع البَشرى".
والذى ينظر فى هذا التأويل الذى جوَّزه الشيخ، وفى سياق الآية وألفاظها وما فيها من محاورة ومقاولة، لا يسعه إلا أن يرده، وإن حاول قائله أن يروج له بجعله الأوامر التى وردت فى الآية من قبيل الأمر التكوينى، لا الأمر التكليفى.
* *
* موقفه من السحر:
ولقد كان من أثر إعطاء الأستاذ لنفسه الحرية الواسعة فى فهم القرآن الكريم، أنَّا نجده يخاف رأى جمهور أهل السُّنَّة، ويذهب إلى ما ذهب إليه المعتزلة، من أن السحر لا حقيقة له، ولذلك عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [4] من سورة الفلق: {وَمِن شَرِّ ?لنَّفَّاثَاتِ فِي ?لْعُقَدِ} .. نجده بعد أن يُفسِّر معنى النفث والعُقَد، يُفَسِّر المراد بالنفَّاثات فى الآية فيقول: "المراد بهم هنا هم النمامون، المقطِّعون لروابط الأُلفة، المُحرقون لها بما يلقو عليها من ضرام نمائمهم، وإنما جاءت العبارة كما فى الآية، لأن الله جَلَّ شأنه أراد أن يشبههم بأولئك السحرة المشعوذين، الذين إذا أرادوا أن يحلوا عقدة المحبة بين المرء وزوجه - مثلاً - فيما يُوهمون به العامة، عقدوا عقدة ثم نفثوا فيها وحَلُّوها، ليكون ذلك حلاً للعقد التى بين الزوجين. والنميمة تشبه أن تكون ضرباً من السحر، لأنها تحوِّل ما بين الصديقين من محبة إلى عداوة، بوسيلة خفية كاذبة، والنميمة تُضَلِّل وجدان الصديقين، كما يضلل الليل مَن يسير فيه
(يُتْبَعُ)
(/)
بظلمته، ولهذا ذكرها عقب ذكر الغاسق".
* * *
إنكاره لبعض الأحاديث الصحيحة:
ثم راح الشيخ - رحمه الله - يرد ما جاء من الروايات فى سحر الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: "وقد رووا هنا أحاديث فى أن النبى صلى الله عليه وسلم سحره لبيد بين الأعصم، وأثَّرَ سحره فيه، حتى كان يُخيل له أنه يفعل الشىء وهو لا يفعله، أو يأتى شيئاً وهو لا يأتيه، وأن الله أنبأه بذلك، وأُخْرِجت مواد السحر من بئر، وعُوفِىَ - صلى الله عليه وسلم - مما كان نزل به من ذلك، ونزلت هذه السورة، ولا يخفى أن تأثير السحر فى نفسه عليه السلام حتى يصل به الأمر إلى أن يظن أن يفعل شيئاً وهو لا يفعله، ليس من قبيل تأثير الأمراض فى الأبدان، ولا من قبيل عروض السهو والنسيان فى بعض الأمور العادية، بل هو ماس بالعقل، آخذ بالروح، وهو مما يُصَدِّق قول المشركين فيه: {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً}، وليس المسحور عندهم إلا مَن خولطَ فى عَقله، وخُيِّل له أن شيئاً يقع وهو لا يقع، فيُخيَّل إليه أنه يُوحَى إليه، ولا يُوحَى إليه، وقد قال كثير من المقلِّدين الذين لا يعقلون ما هى النبوة ولا ما يجب لها: إن الخبر بتأثير السحر فى النفس الشريفة قد صح فيلزم الاعتقاد به، وعدم التصديق به من بِدَع المبتدعين، لأنه ضرب من إنكار السحر، وقد جاء القرآن بصحة السحر، فانظر كيف ينقلب الدين الصحيح، والحق الصريح فى نظر المقلِّد بدعة - ونعوذ بالله - يحتج بالقرآن على ثبوت السحر، ويعرض عن القرآن فى نفيه السحر عنه - صلى الله ليه وسلم -، وعَدَّةُ من افتراء المشركين عليه، ويُؤوِّل فى هذه ولا يُؤوِّل فى تلك، مع أن الذى قصده المشركون ظاهر، لأنهم كانوا يقولون: إن الشيطان يلابسه عليه الصلاة والسلام، وملابسة الشيطان تُعرف بالسحر عندهم، وضرب من ضروبه، وهو بعينه أثر السحرالذى نُسب إلى لبيد، فإنه خولط فى عقله وإدراكه فى زعمهم.
"والذى يجب اعتقاده أن القرآن مقطوع به، وأنه كتاب الله بالتواتر عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم -، فهو الذى يجب الاعتقاد بما يُثبته، وعدم الاعتقاد بما يُنفيه، وقد جاء بنفى السحر عنه عليه السلام، حيث نسب القول بإثبات حصول السحر له إلى المشركين أعدائه، ووبخهم على زعمهم هذا، فإذن هو ليس بمسحور قطعاً. وأما الحديث - فعلى فرض صحته - هو آحاد، والآحاد لا يؤخذ بها فى باب العقائد، وعصمة النبى من تأثير السحر فى عقله عقيدة من العقائد، لا يؤخذ فى نفيها عنه إلا باليقين، ولا يجوز أن يؤخذ فيها الظن والمظنون، عل أن الحديث الذى يصل إلينا من طريق الآحاد، إنما يحصل الظن عند مَن صح عنده، أما مَن قامت له الأدلة على أنه غير صحيح، فلا تقوم به عليه حُجَّة، وعلى أى حال، فلنا - بل علينا - أن نُفوِّض الأمر فى الحديث. ولا نُحَكِّمه فى عقيدتنا، ونأخذ بنص الكتاب وبدليل العقل، فإنه إذا خولط النبى فى عقله - كما زعموا - جاز عليه أن يظن أنه بَلَّغ شيئاً وهو لم يُبَلِّغه، أو أن شيئاً نزل عليه وهو لم ينزل عليه، والأمر ظاهر لا يحتاج إلى بيان .. " إلخ.
وهذا الحديث الذى يرده الأستاذ الإمام رواه البخارى وغيره من أصحاب الكتب الصحيحة، وليس من وراء صحته ما يخل بمقام النبوة، فإن السحر الذى أُصيب به عليه الصلاة والسلام كان من قبيل الأمراض التى تعرض للبدن بدون أن تؤثر على شئ من العقل، وقد قالوا إن ما فعله لبيد بن الأعصم بالنبى صلى الله عليه وسلم من السحر لا يعدو أن يكون نوعاً من أنواع العقد عن النساء، وهو الذى يسمونه "رباطاً" فكان يخيل إليه أن عنده قدرة على إتيان إحدى نسائه، فإذا ما هَمَّ بحاجته عجز عن ذلك. أما السحر الذى نُفِىَ عنه - صلى الله عليه وسلم - فمراد به الجنون، وهو مخل ولا شك بمقام النبوة، وقد قالوا: {ي?أَيُّهَا ?لَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ?لذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}.
ثم إن الحديث رواية البخارى وغيره من كتب الصحيح، ولكن الأستاذ الإمام ومَن على طريقته لا يُفَرِّقون بين رواية البخارى وغيره، فلا مانع عندهم من عدم صحة ما يرويه البخارى، كما أنه - لو صح فى نظرهم - فهو لا يعدو أن يكون خبر آحاد لا يثبت به إلا الظن، وهذا فى نظرنا هدم للجانب الأكبر من السُّنَّة التى هى بالنسبة للكتاب فى منزلة المبيِّن من المبيَّن، وقد قالوا: إن البيان يلتحق بالمبيّن، وليس هذا الحديث وحده هو الذى يُضَعِّفه الشيخ، أو يتخلص منه بأنه رواية آحاد، بل هناك كثرة من الأحاديث نالها هذا الحكم القاسى، فمن ذلك أيضاً حديث الشيخين: "كل بنى آدم يمسه الشيطان يوم ولدته أُمه إلا مريم وابنها" .. فإنه قال فيه: "إذا صح الحديث فهو من قبيل التمثيل لا من باب الحقيقة".
فهو لا يثق بصحة الحديث رغم رواية الشيخين له، ثم يتخلص من إرادة الحقيقة - على فرض الصحة، بجعل الحديث من باب التمثيل، وهو ركون إلى مذهب المعتزلة. الذين يرون أن الشيطان لا تَسَلُّط له على الإنسان إلا بالوسوسة والإغواء فقط.
وبعد .. فهذا هو إنتاج الأستاذ الإمام فى التفسير، وهذا هو مسلكه ومنهجه فيه، ولعلِّى أكون قد أرضيت الحقيقة، ولم أتجن على الشيخ، أو أتهمه بما هو منه برئ.
* * *
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[14 Aug 2006, 08:36 ص]ـ
جزاك الله خيرا اخي الفاضل ... فقد أفدت من هذا النقل
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[27 Aug 2006, 11:40 ص]ـ
لم اقرا حول موضوع محمد عبده في التفسير احسن مما كتب شيخنا العلامة فضل عباس في كتابه مناهج المفسرين وهو الان قيد الطبع عجل الله تعالى فرجه
ـ[موراني]ــــــــ[27 Aug 2006, 03:58 م]ـ
تفسير المنار في 12 مجلدا من عمل رشيد رضا أدخل فيه تفسير محمد عبده الذي وصل الى تفسير سورة النساء , الآية 125 في درسه المتواصلة في رحاب الأزهر حيث وصل رشيد رضا الى تفسير يورة يوسف و الآية 107.
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[27 Aug 2006, 04:57 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قول مهم قيل في محمد عبده، وأذكره هنا على سبيل البحث فيه ولم أحقق الأمر بعد أو بحثت فيه منذ سنة تقريبًا وإليكم قول الشيخ محمود شاكر فيه، وكذا قول غيره، وأفضل للباحث أن يدخل جوجل ويكتب محمد عبده ماسوني
وينتظر نتيجة البحث
مشروع محمد عبده (الإصلاحي) وزرع الشوك
http://saaid.net/Doat/alkassas/1.htm
من هو الشيخ محمد عبده وجمال الدين الافغاني؟
http://saaid.net/Doat/Zugail/291.htm
وقال محمود شاكر رحمه الله
((محمد عمارة هذا تبلغ به الصفاقة والإدعاء والجهل مبلغاً
يجعله يصف كتاب محمد عبده (رسالة التوحيد) بأنه أهم ماكتب في التراث الإسلامي في علم الكلام!! لاياشيخ؟!!
هل قرأت ياسيد عمارة كل ماكتب في التراث الإسلامي في علم الكلام
ثم وصلت إلى اقتناع بأن هذا الكتاب الهزيل الحقير الغث لمؤلفه ضحل الثقافة من أهم الكتب في هذا الموضوع؟! ماهذا العبث وهذا الاستغلال لجهل الناس؟؟ لا .. الأمر أخطر من ذلك ..
إنها مؤامرة!
-مؤامرة؟؟
-مؤامرة تستهدف تمجيد رجلين من أخطر عملاء الاستعمار في تاريخ أمة الإسلام
جمال الدين الأفغاني الماسوني ومحمد عبده الصديق الصدوق لكرومر.))
http://www.al-barq.net/showpost.php?p=22713&postcount=13
فنرجو التأمل والتحقيق من الكل
ـ[موراني]ــــــــ[27 Aug 2006, 05:10 م]ـ
مصطفى على المحترم
أحترم رأيكم ورأي غيركم غير أنني أتساءل:
عندما دخلنا الأزهر من باب الحلاقين , وذلك قبل زمان , كان هناك على اليسار مدخل أدى لى المكتبة واسمها قاعة محمد عبده .... وكيف ذلك وما ذكرتم أعلاه؟
ـ[الجكني]ــــــــ[27 Aug 2006, 06:04 م]ـ
أقول وبالله التوفيق:
تعلمنا أن كل علم" يؤخذ عن أهله " ومع احترامنا وتقديرنا للشيخ محمود شاكر رحمه الله،فمثله -أديب أو مؤرخ - لايقبل قوله في مثل محمد عبده وغيره،فأين علماء الأزهر والمسلمين غيرهم الذين عاصروا الرجل 0
الحكم على الرجال له منهجه وضوابطه ولا دخل للعاطفة ألبتة فيه 0
ولا تنس يا أخي أنه (عند الله تجتمع الخصوم)
أقول هذا وبيني وبين الله عز وجل أني لا أعتقد العصمة إلا في رسول الله صلى الله عليه وسلم 0
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[27 Aug 2006, 09:50 م]ـ
أنا أضيف غلى الموضوع تساؤلاً عن منهجية طغت على بعض المجتمعات العلمية - إن صح التعبير-وهو: هل طلاب العلم أولى بهم أن يشتغلوا بالفوائد والفرائد في زمن طلبهم أم يتفانوا في جمع المَلاحظ والمآخذ على من سبق؟؟
أم أن هذا التتبع الهادف لإحقاق الحق (أما غير ذلك فهو تتبع للعورات) هو من عمل العلماء الراسخين الذين عرفوا المقاصد واطلعوا على وجهة كل متجه بدليله حتى تحصلت لديهم ملكة يَميَزونبها الخبيث من الطيب؟؟
وأنا في الحقيقة أنزِّه طارح الموضوع الأخ/أبو عاتكة عن أي قصد غير التعلم وزيادة الاطلاع في طرحه لهذ التساؤل , كما أفيد كل قارئ لما زبرتُه أني لا أدافع عن خطإ من أخطأ وضلال من ضلَّ كائنا من كان بقدر ما أرجو من المنتسبين للعلم الشرعي أن لا يحملهم اتساع الأوقات وزيادتها وقلة مشاغل الدين والدنيا لديهم أن يتوجهوا للأموات من المسلمين والبحث عن إخراجهم من ملة الإسلام , ولقد قرأت في بعض المنتديات الإسلامية - وللأسف - قبل يومين موضوعا أو محاكمةً بمعنى أدق حول العتب على من لم يجرأ على القول بتكفير محمد عبده, وإلقاء اللائمة على من لم يفعل ذلك من المتخصصين في التفسر ممن تناولوا تفسيره بالبحث, بل إن الكاتب أخذ يحجِّر رحمة الله التي قال الله عنها (وسعت كل شيء) ويقول بأسف (بل كلهم يقول: رحمه الله وغفر له) ولست أدري ما هو الدافع للبحث عن صحة إسلام من لقي ربه من المسلمين وما الفائدة المرجوة من تكفيره, فالتفريق بينه وبين زوجه حصل بقدر الله مذ توفاه الله إليه , وتركته لا شك أن وُرَّاثها قد تقاسموها منذ وفاته , وقد فات الأوان على أولئك - الذين ينوبون عن القضاة في إصدار أحكام الفسق والتكفير بالمجان - في منع ورثته من الميراث بعد حكمهم عليه بالكفر ..
وأعجبُ من ذلك قول أحدهم (هيا نبين العوار والضلال والكفريات في كتبه
ثم ننظر جميعا فيما تبقى من هل يكفر الذي مات على ذلك أو لا أو واجب تكفيره أو لا أو ..
المهم أولا هو تبيين الضلال والكفريات فلا يتفرع الموضوع)
وختاماً أذكر نفسي وإخواني بقول الله {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} قال القرطبي: أي يشغله عن غيره.
وقال البيضاوي: أي يكفيه في الاهتمام به.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[28 Aug 2006, 05:20 ص]ـ
أستاذنا الكبير الدكتور الجكني، الأستاذ موراني
لم أقر رأيًا وإنما أحلت إلى بحث عن ما هية الرجل
إذ في أوساط يوصف باحترام شديد وفي أوساط يوصف بأنه ماسوني خبيث
والذي أضعه هو أقوال توضع في الميزان ثم يحكم من انتهى إلى حكم معين
ورب باحث وقف على ما هو اليقين
واقرأوا هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=462109#post462109
وقد خرج الأخوة المناقشين فيه إلى تفرع الأمر وكبت هناك ما ستجده باسم مصطفى جعفر ومختصر هيا نبين العوار والضلال والكفريات.
فالباحث سيذكر أشياء ثم المحقق يرى هل فاسق بنأٍ أتى أم غيور على الإسلام كشف خبث رجل.
وكل هذه الموضوع بأهل الحديث ليس في في نظري ماينظر فيه إلا:
1 - قول الشيخ علي حشيش ....
2 - مشاركة محب آل مندة
3 - وقول في أثناء المشاركة فيه: (يقول الشيخ فهد الرومي في ص149: (الشيخ محمد عبده هو الذي صاغ برنامج الحزب الوطني المصري وجاء فيه في المادة الخامسة منه "الحزب الوطني حزب سياسي لا ديني فإنه مؤلف من رجال مختلفي العقيدة والمذهب .. ")، وعزاها الشيخ إلى (الأعمال الكاملة لمحمد عبده: تحقيق محمد عمارة، ج1 ص107).
)
4 - وقو في أثناء مشاركة يقول: (وإليكم نقلا جديداً من كتاب منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير.
"وهذا الشيخ محمد عبده يكتب رسالة إلى القس إسحاق طيلر يقول فيها (كتابي إلى الملهم بالحق الناطق بالصدق حضرة القس المحترم إسحاق طيلر أيده الله في مقصده ووفاه المذخور من موعده)
إلى أن قال ( ... ونستيشر بقرب الوقت الذي يسطع فيه نور العرفان الكامل فتهزم له ظلمات الغفلة فتصبح الملتان العظيمتان المسيحية والإسلام وقد تعرفت كل منهما إلى الأخرى وتصافحتا مصافحة الوداد وتعانقتا معانقة الألفة، فتغمد عند ذلك سيوف الحرب التي طالما انزعجت لها أرواح الملتين)
ويقول (وانا نرى التوراة والإنجيل والقرآن ستصبح كتبا متوافقة، وصحفا متصادفة يدرسها أبناء الملتين ويوقرها أرباب الدينين فيتم نور الله في أرضه ويظهر دينه الحق على الدين كله)؟!! "
انتهى كلام الشيخ فهد، بعلامات التعجب في ج2 ص138، وقد عزاها إلى الأعمال الكاملة لمحمد عبده، تحقيق محمد عمارة، ص363 - 364.
).
5 - وقول في أثناء المشاركة (وانتقل إلى ثناء الكفار عليه.
"قال كرومر في تقريره السنوي لعام 1905 عن محمد عبده (كان لمعرفته العميقة بالشريعة الإسلامية ولآرائه المتحررة المستنيرة أثرها في جعل مشورته والتعاون معه عظيم الجدوى) " من كتاب منهج المدرسة، ص804، وقد عزاها إلى الإسلام والحضارة الغربية لمحمد محمد حسين، ص78
وقال كرومر: "إن الشيخ محمد عبده يظل مفتيا في مصر ما ظلت بريطانيا العظمى محتلة لها"، منهج المدرسة، ص 805، وقد نقلها من الأعمال الكاملة لمحمد عمارة، ج1ص117).
6 - قول الأستاذ أبي مالك العوضي: سواء قلنا بكفره أو لم نقل بكفره، فكتبه مليئة بالضلال والفكر المنحرف.
ويلاحظ عليه أيضا دس السموم في العسل على طريقة كثير من أهل الأهواء.
7 - قول أثناء مشاركة يقول: أما الآن فسأضيف لكم نتائج جهالات محمد عبده من كتاب الشيخ فهد الرومي (منهج المدرسة العقلية في التفسير).
(في عام 1947م قدم الطالب محمد أحمد خلف الله في كلية الآداب بجامعة فؤاد رسالة للحصول على الدكتوراه عن (الفن القصصي في القرآن)، قال فيها بأن ورود الخبر في القرآن الكريم لا يقتضي وقوعه وأنه يذكر أشياء وهي لم تقع ويخشى على القرآن من مقارنة أخباره بحقائق التاريخ ... ويقرر أي الطالب أن التاريخ ليس من مقاصد القرآن، وأن التمسك به خطر على النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو جدير بأن يدفع الناس إلى الكفر بالقرآن كما كفروا من قبل بالتوراة ... ثم يقول: إنا لا نتحرج من القول بأن القرآن أساطير لأنا في ذلك لا نقول قولا يعارض نصاً من نصوص القرآن) انتهى النقل بتصرف يسير من ص445 - 446 .. وهذا الكلام الغريب طويل جدا وقد اختصرته.
المشرف على الرسالة أمين الخولي، يقول عن الرسالة التي رفضت جامعة فؤاد مناقشتها (إنها ترفض اليوم ما قرره الشيخ محمد عبده بين جدران الأزهر منذ اثنين وأربعين عاما) (منهج المدرسة: ص448).
يقول الشيخ فهد: "
وهم حين يلقون هذا القول [أي تنسيب الأقوال إلى محمد عبده] يعتقدون أنهم يلقونه على رجل لا تصعد غليه المسؤولية، بل تتلاشى قبل أن تصل إلى مقامه البعيد.
يقول الشيخ مصطفى صبري رحمه الله تعالى عن الرسالة تلك (وإني لأرى الرسالة المستنكرة وما سبقها من مصر من الأحداث والفتن المماثلة الماسة بدين الإسلام وعقائده المحفوظة إلى عصر الشيخ محمد عبده ... كلها ناشئة من الأسس التي ابتدعها هذا الشيخ الملقب بالأستاذ الإمام ... فلا مناص إذن للقضاء على تيار الفتنة من مصدرها أن تفصل الدعوى مع الإمام دون المؤتمين) "
أهـ النقل من ص449.
8 - سئل مُحدِّث الديار اليمينة العلاَّمة مقبل الوادعي - غفر الله له وأعلى درجته- ما نصه:
هل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده المصري من العلماء المعتبرين؟ وما حالهما؟ وما وجه انحرافهما؟
فأجاب - رحمه الله-:
هما ماسونيان؛ أفسدا الشباب بمصر في زمنهما، وبعد زمنهما، وأفسدوا كثيراً من الكتاب؛ ومنهم محمد رشيد رضا، ولنا رسالة - بحمد الله- بعنوان (ردود أهل العلم على الطاعنين في حديث السحر، وبيان بُعد محمد رشيد رضا عن السلفية).
ولا يتسع الكلام فأحيل كتاب (منهج المدرسة العقلية في التفسير)، وكتاب (جمال الدين الأفغاني في ميزان الإسلام)، فهما من أئمة الضلال، وهما إلى الكفر أقرب.
[تحفة المجيب على أسئلة الحاضر والغريب ص211].
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[28 Aug 2006, 06:04 ص]ـ
أستاذنا الكريم الدكتور محمود الشنفيطي
السلام عليكم
عفواً ماذا أغضبك مني إذ قلت لما وجدت الأخوة بأهل الحديث تفرعوا عن موضوع خطير في المشاركة (وهو هل هذا الرجل على ضلال أو كفر أو ... إلى هل يكفر أو لا يجوز تكفيره).
أن أدعوهم إلى من يعرف العوار فليبينه. ثم بعد ذلك نعود إلى الموضوع الآخر)
أما قول حضرتك:
ولست أدري ما هو الدافع للبحث عن صحة إسلام من لقي ربه من المسلمين وما الفائدة المرجوة من تكفيره ............
يا شيخنا ليست هذه الذي صببت عليها اهتمامي ولا هذه التي شاركت بها هنا.
وإنما القضية عندي هل هو معظم حقًا أم هو ماسوني.
عفوًا أستاذنا الكريم الدكتور محمود الشنفيطي: لو ثبت قوله: "إن قصة آدم في القرآن تمثيل"
وقول القائل: ولقد وقف شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود رحمه الله في قاعة الإمام محمد عبده في المحاضرة التي ألقاها في 27 مارس 1962 ..... : ولكن حين نقرأ له قصة تفسير آدم فنجده يقول: بأنها تمثيل. نتساءل: لماذا اتجه الشيخ محمد عبده هذا الاتجاه؟ لماذا اتجه في قصة آدم إلى أنها تمثيل؟ حينما نتسائل حقيقة عن السر العميق في الشعور واللا شعور نجد أن الشيخ محمد عبده رأى أن فكرة التطور منتشرة في جميع أوربا، بل والعالم وهي- فيما يرى- تتعارض مع التعاليم التي تنبئ أن آدم هو أول البشر، وهو الذي خلقه وسواه وخاطب الملائكة في شأنه وأمرهم أن يسجدوا له رأى الشيخ محمد عبده أن كل ذلك لا يتلاءم كثيرا مع فكرة التطور المزعومة فماذا صنع؟
فقرر بأنها قصة، وأنها تمثيل ... وأصبحت فكرة التطور مسيطرة على الكثيرين فانقادوا لها وأدخلوها في المحيط الديني، فأفسدوا كثيرا من القضايا
شيخنا الكريم أقول بصيغة أخرى: لو كان ماسونيًا حقًا هل يجب عليك تبين عواره أم تستره ميتًا فيظل معظمًا في أمة كبيرة وبذلك تكون الماسونية فازت بذلك.
وحدنا أقوالاً تقول بذلك هل نتحقق منعا ويقوم علماء التحقيق منا بانهاء أمره بأن دعوى الماسونية تصورات والرجل جليل. أو نرى فعلاً أنه ماسوني ويجب تحذير الأمة منه ومن اتباعه.
ونحن نستلهم فيك العقل والعلم ونحملك أمانة أن تفرغ القليل من وقتك للنظر في هذا وتريح من تداخل مع أخيه في عذا الموضوع.
علمًًًًا شسخما الكريم أن فتح الموضوع في أهل التغسير مهم إذ به من الأساتذة الكرام ومحمد عبده مفسر فالموضوع بين علماء وطلبة
فليرح العلماء الطلبة.
أما عن تضييع الأوقات، فلعل جزى الله خيرًا من صرف جزءًا من همته من أعمال الارتزاق إلى مناقشة مواضيع ..........
فهل من عُدل كمن رُمي .....
وهل من رُمي منهم فيهم من أصابه الرمي. فيكون مجرحًا.
أرجو ألا أكون ضايقت أستاذي وأنا طويلب العلم الذليل
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[28 Aug 2006, 03:23 م]ـ
أخي الكريم/ مصطفى علي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
وبعد فأنا لست دكتوراً, ولا أستطيع أن أكون أستاذاً لك حفظك الله , مع رجائي لربي جل جلاله ان يجعلني خيراً مما تظن إنه سميع قريب ..
ثمَّ إنكم لو تأملتم في بداية كلامي لعلمتم أن الغضب لم يجد في نفسي محلاًّ, فانا لا أنتقد بيان الخطإ والتحذير منه وعدم المتابعة عليه, فهذه أمانةعلمية يجب على من رأى في نفسه القدرة ألا يتساهل أو يتصامم عنها ..
ولكن؛؛
هل تبيان الخطإ أو (العور) كما قلتم يلزم منه التعرض لذوات المخطئين وعلاقتهم بالله وتحجير رحمة الله عليهم؟؟
أم يكفي الرد على أخطائهم وبيانها للناس مع الكف عن الوقيعة في أعراضهم, سيما من كان مثل (محمد عبده) ممن افضى إلى ما قدم , فلُحمة الإسلام التي تربطنا به تفرض علينا ان يحب كلّ منا لأخيه ما يحب لنفسه, ولا شك أن من كان منا بين طبائق الأرض لا يحب من إخوانه الأحياء إلا أن يعينوه على نفسه بالدعاء له والاستغفار , خصوصا ممن يظن أنه كان - رحمه الله - ذاضلال وخطإ وعوار.
أما عن قصة آدم وخطإ محمد عبده - رحمه الله- في وصفها بالتمثيل ,فكما بينتُ سابقا وأبينه الان أنه لا أحد يبلغ من الكرامة مبلغا يحملنا على أن يُقَرَّ الباطل أو يُترَكَ الحق لأجله ..
ولكن؛؛
ألا ترى أن حكمك على سبب اتجاهه إلى هذا الاتجاه يحتاج إلى مزيد من التثبت والتحقيق لأنه صادر عن اجتهاد شخصي, فقط لا غير.
فيحتمل أن يكون ما ذكرته هو السبب , ويحتمل أن يكون غيره , ويحتمل أن يكون رجع عن ذلك وتاب منه, ويحتمل انه مات عليه ... الخ.
وختاماً فإني أتفق معكم تماماً في قولكم بجدارة طرح هذا الموضوع في ملتقى اهل لتفسير الزاخر بالعديد من العلماءالباحثين والأساتذة المحققين, الذين لهم القدم الراسخ في التجرد للحق في بيان الأخطاء مع الورع التام عن إهداءالحسنات للمخطئين - كما نحسبهم -بالوقيعة فيهم بتفسيق او تكفير والله تعالى أعلم
والله تعالى أعلم ونسبة العلم إليه أحكم وأسلم ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[28 Aug 2006, 10:08 م]ـ
هل يمكن العودة الى الأسئلة الأصلية التي طرحها أبو عاتكة في البداية؟ وذلك نظرا الى أنّ جميع التفاصيل لما تجري المناقشة حولها قد تم توضيحها في مجلة المنار نفسها , واقترح على المشاركين الكرام مراجعة الأمر في موضعه.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[29 Aug 2006, 12:01 ص]ـ
موراني ..
المداخلة الثانية بقلم الفاضل /نضال دويكات فيها أجوبة جميع ما طرحه الأخ السائل ,وما نحن بصدده هذا محله كما أن مجلة المنار أيضا محل له ..
وشكراً ..
ـ[موراني]ــــــــ[29 Aug 2006, 12:20 ص]ـ
محمود الشنقيطي المحترم
المداخلة الثانية المشار اليها بمثابة رأي صاحبها
وهل هي المعوّل عليها في جميع ما جاء (ويأتي مستقبلا ان شاء الله) في أمر الشيخ محمد عبده؟ كلا!
قراءة المنار, أي قراءة الأصل: هي ما ستستفيد منها أكثر مما تستفيد من غيره. انني ألاحظ منذ مدة أن الناس لا يعتمدون على قراءة الأصول بل يتمتعون بما كتب غيرهم وينضمون اليه ويقولون:
قال فلان .... قال فلان .. وهلم جرا.
وهنا أسال سيادتكم: وماذا تقولون أنتم؟
أتمنى لكم التوفيق في جميع أموركم التي فيها خير للجميع
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[29 Aug 2006, 08:48 م]ـ
الأستاذ موراني: أنت ضيف والضيف له حق القرى. وسأجيبك لما طلبت بأن أقول لك قال دون نقل.
ولكن ما الذي في نقل، فمثلاً أنا مؤمن بفكرة وجدتك تقولها فبدلاً من أن أذكر قولي ذكرته عنك مثل عدم وصف ما يطبع الآن وهو في أيدي النصارى ويسمونه الكتاب المقدس بأن الذي بين أيديهم ليس من لغة نبي الله عيسى إذن هو ترجمات، والترجمات لفظ بشري، وأنه ليس ينسب إلى نبي الله عيسى وإنما هو حسب أسماء كاتبيه فرأيت لك قولاً وهو:
فأنا أقول: لا ينبغي أن يقال ان الانجيل كتاب مقدس لسبب واحد:انّ اسماء مؤلفي هذه الكتب الأربعة مسجلة في بداية كتبهم فكيف يكون مقدسا؟ حتى لو رووا كلام عيسي بألفاظه المختلفة.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=4385
وأنا أوافقك فيما ذهبت إليه فنقلت قولك بدلاً من ذكر قولي، ما في ذلك.
أو رأيت كلاماً أثق في ناقله، أو لا يتصور فيه الكذب فنقلته بدلاً من الذهاب إلى نفس الكتاب ورؤيته ما في ذلك.
ولكن لك حق القرى فسألبي الطلب وهذا وعد.
ولكن تصبرًا انظروا هذا الرابط
http://www.alqlm.com/index.cfm?method=home.con&ContentId=276
ـ[الجكني]ــــــــ[29 Aug 2006, 09:39 م]ـ
عذراً أخي مصطفي:
1 - لا أوافقك على كلمة (أستاذنا الكبير) لأني لست كبيراً لا سناً ولا قدراً،فهناك من هو أكبر مني في الاثنتين،وأرى أنه ما أضاع كثيراً من المنتسبين للعلم إلا هذه (السموم؟؟؟) أجارنا الله والمسلمين منها 0
2 - بخصوص مداخلتك مع د/ موراني فأرى أن المنهج العلمي هو أن تنقل من الأصل مباشرة إذا كان موجوداً،ثم بعد ذلك تذكر (فهمك) منه،وأما في النقل عن من لا يتصور منه (الكذب) فهذا غير مقنع في الأمور الحساسة التي فيها (تكفير) و (تبديع) و (تضليل) ليس طعناً في ذلك الذي لا يتصور منه الكذب،ولكن من باب أنه قد يغفل أو أنه قد يحكم في حالة ما،وكلنا نعرف أن "الإنسان يعتريه ما يعتريه " وأحب دائماً أن أذكر نفسي بأنه (عند الله تجتمع الخصوم) 0
ـ[موراني]ــــــــ[29 Aug 2006, 09:43 م]ـ
مصطفى علي الفاضل
بمنتهى الايجاز أقول لكم:
أنا شخصيا لا أذمّ أحدا على لسان غيري , بالمعنى: من يذم محمد عبده لسبب ما , لا أذمه , فإن ذكرت ذمه علقت عليه.
وأنت أيضا ضيف مثلي في هذا الملتقى.
ولكم الخير والعافية
ـ[أبو فاطمة الأزهري]ــــــــ[30 Aug 2006, 07:34 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
فقد قرأت اختلاف الأعضاء الموقرين في محمد عبده وأرى أن خير ما يفيد في الحكم على الرجل كلامه هو. فهاكم بعض كلامه في مخاطبته لجمال الدين الأفغاني ـ عفواً الإيراني ـ ولعله يعطي فائدة في الحكم على الرجل وقطع النزاع إن شاء الله تعالى.
في كتاب الأعمال الكاملة للإمام الشيخ محمد عبده جمع محمد عمارة (ج 1 ص 625 وما بعدها)
رسالة إلى جمال الدين الأفغاني
مولاي الأعظم حفظه الله وأيد مقاصده
ليتني كنت أعلم ماذا أكتب إليك وأنت تعلم ما في نفسي كما تعلم ما في نفسك صنعتنا بيديك وأفضت على موادنا صورها الكمالية وأنشأتنا في أحسن تقويم فبك عرفنا أنفسنا وبك عرفناك وبك عرفنا العالم أجمعين فعلمك بنا كما لا يخفاك علم من طريق الموجب وهو علمك بذاتك وثقتك بقدرتك وإرادتك فعنك صدرنا وإليك إليك المآب.
أوتيت من لدنك حكمة أقلب بها القلوب وأعقل العقول وأتصرف بها في خواطر الناس ومنحت منك عزمة أتعتع بها الثوابت وأذل بها شوامخ الصعاب وأصنع بها جم المشاكل وأثبت بها في الحق للحق حتى يرضى الحق.
وكنت أظن قدرتي بقدرتك غير محدودة ومكنتي لا مبتوتة ولا مقدودة فإذا أنا من الأيام كل يوم في شأن جديد.
تناولت القلم لأقدم إليك من روحي ما أنت به أعلم فلم أجد من نفسي سوى الأفكل ـ الرعدة ـ والقلب الأشل واليد المرتعشة والفرائص المرتعدة والفكر الذاهب والعقل الغائب كأنك يا مولاي منحتني نوع القدرة. وللدلالة على قوة سلطانك حصرته في الأفراد فاستثنيت منه ما يتعلق بالخطاب معك والتقدم إلى مقامك الجليل هذا مع أنني منك في ثلاث أرواح لو حلت إحداها في العالم بأسره وكان جمالاً لحال إنساناً كاملاً فصورتك تجلت في قوتي الخيالية وامتد سلطانها على حسي المشترك ومعي رسم الشهادة وشبح الحكمة وهيكل الكمال.
يتبع إن شاء الله تعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فاطمة الأزهري]ــــــــ[31 Aug 2006, 07:53 ص]ـ
QUOTE= أبو فاطمة الأزهري
فصورتك تجلت في قوتي الخيالية وامتد سلطانها على حسي المشترك ومعي رسم الشهادة وشبح الحكمة وهيكل الكمال [/ QUOTE]
فإليها ردت جميع محسوساتي وفيها فنيت مجامع مشهوداتي وروح حكمتك التي أحييت بها مواتنا وأنرت بها عقولنا ولطفت بها نفوسنا بل التي بطنت بها فينا فظهرت في أشخاصنا فكنا أعدادك وأنت الواحد وغيبك وأنت الشاهد.
ورسمك الفوتوغرافي الذي أقمته في قبلة صلاتي رقيباً على ما أقدم من أعمالي ومسيطراً علي في أحوالي وما تحركت حركة ولا تكلمت كلمة ولا مضيت إلى غاية ولا انثنيت عن نهاية حتى تطابق في علمي احكام أرواحك ومعي ثلاثة فمضيت على حكمها سعياً في الخير وإعلاء لكلمة الحق وتأييداً لشوكة الحكمة وسلطان الفضيلة ولست في ذلك إلا آلة لتنفيذ الرأي المثلث وما لي من سوائي إرادة حتى ينقلب مربعاً ..........
ثم قال:
أما اختلال ثقتكم بالدواهي والبلايا فقد صادف محلاً فقد نقضت عهدك وحالفت عدوك فاستبقته في الوجود وأنت موجود أرغم الله أنفها وجعلها طوع يدك ترمي بها من تشاء من أعدائك.
أما ما يتعلق بنا فإني على بينة من أمر مولاي وإن كان في قوة بيانه ما يشكك الملائكة في معبودهم والأنبياء في وحيهم ولكن ليس في استطاعته أن يشكك نفسه في نفسه ولا أن يقنع عقله الأعلى بالمحالات وإن كان في طوعه أن يقنع بها من أراد من الشرقيين والغربيين.
................
وإني أعلم أن كلامي لا يزيد في يقين مولاي شيئاً وسكوتي لا ينقص منه فلنعد عن هذا ونستمنح من كرمه الواسع أن يمن علينا بأمرين:
أحدهما: إرسال رسمه الفوتوغرافي الجديد فإن هذا الخادم ـ يقصد نفسه ـ كان عنده نسختان من الفوتوغرافية.
الأولى إحداهما أخذها أعوان الضبطية من بيتي عندما أودعت السجن كما أخذوا كتاب الماسون بخط مولاي المعظم.
والثانية: كان استجدانيها سعد أفندي زغلول وهو من خواص محسوبيكم ولشفقتي عليه تركته له أياماً ليعيش عليها أعواماً.
والثاني: أن يتابع إرسال ما ينشره من فصوله السياسية والأدبية في الجرائد أياً كانت.
..... .
أظن أن هذا الكلام لا يحتاج إلى تعليق.
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[04 Sep 2006, 09:40 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الشنقيطي هل نسكت عن رجل يتعلم المسلمون من كتبه؟ ويؤخذ منه الدين؟ ويظن به أنه مجدد كبير بين مجددي الأمة؟؟؟؟
الأخ الجنكي حفظه الله: هل أنت أعلم بالرجل ممن قضى عمره وهو يدافع عن الإسلام ضد أمثال محمد عبده وهو بالطبع أورع من أن يلقي الكلم جزافاً.
ما زلت أعجب ممن يدافع عن مثل هذا الرجل، ألم تقرؤوا كتبه!!!!!!
وهل تفسير المنار الذي يحوي آراءه الضالة منكم ببعيد؟؟!!!!
وهل مذكرات اللورد كرومر غير مقروءة بالنسبة لكم؟؟؟!!
إذا أردتم أن تعرفوا هذا الرجل فليس هناك أسهل من مطالعة تفسيره وهو موجود على الشبكة وستجدون بكل بساطة ووضوح أن المعتزلة كانوا معتدلين بالنسبة له، هذا الرجل ينكر كل ما لم يصدقه العقل الغربي ويأوله تأويلات مضحكة بل مخزية.
أما من تخرج من مدرسته الـ ......... فهم مثله وعلى نهجه ومن قرأ عن المراغي الذي كان شيخاً للأزهر قضى عجباً من حال المسلمين في تلك الأيام.
أما نفوق ذلك على أهل مصر فلا عجب من ذلك إذ إنهم يسمون رجلاً أعمى الله بصيرته قبل بصره عميد الأدب العربي مع أنه حاول نسف الأدب العربي من أساسه وغير هذا كثير.
وهذا غيض من فيض فمثل حال هذا الرجل لا تخفى على باحث منصف جاد.
والله يتولاني وإياكم
ـ[الجكني]ــــــــ[04 Sep 2006, 10:49 م]ـ
الأخ:محمد الأبرش حفظني الله وإياه:وعليك السلام ورحمة الله وبركاته وبعد
قرأت تعليقك السابق وأقول جواباً عن نفسي:
1 - اعلم يا أخي أني لا أدافع عن محمد عبده أو غيره، وما كتبت الذي كتبته دفاعاً عن شخص وإنما دفاعاً عن (فكرة) و (منهج) وهو أني لا أحكم حكماً (نهائياً) غير قابل للرد على من لم (يجمع) العلماء المسلمون على الحكم عليه سواء سلباً أو إيجاباً، ومن هنا كانت (مداخلتي)،وعليه فإني أقول لك: لست أعلم ممن قضى عمره 000الخ، ولكن قلت:أين علماء الأزهر والمسلمين الذين عاصروا محمد عبده؟؟؟
2 - أما "مذكرات "اللورد المذكور فوالله لم أقرأها ولم أطلع عليها،ولو رأيتها فوالله لن أقرأها،لسبب بسيط –مع الاعتذار لأهل اللغة في هذا التعبير– أنها بقلم رجل أنت تعرفه وتعرف دوافعه،فما ذا عساه أن يقول،وحسب اطلاعي القاصر فإن "المذكرات "الغربية عموماً هي داخلة ضمن "المخطط"المرسوم لأصحابها في زيارتهم للشرق الإسلامي،واللبيب بالإشارة يفهم "
3 - أما ما وصفت به أهل مصر فهم أقوى مني وأعلم في الرد عليك،فهذا لا يخصني 0
4 - أما عبارتك "أعمى الله بصيرته قبل بصره " فهذا أسلوب كنت أبرأ من ينتسب للقرآن أن يستخدمه حتى ولو مع كافر، خاصة وأن الواقع يخالفه،حيث إن المشار إليه معروف -حسب علمي -أنه فقد بصره قبل أن يذهب إلى الغرب ويأتي بما أتي به،وأهل الأدب أدرى مني بذلك 0
5 - وختاماً أذكر نفسي بقول القائل رحمه الله تعالى "عند الله تجتمع الخصوم "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[05 Sep 2006, 01:39 م]ـ
محمد سعيد الأبرش/ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته,,
لو تأملت وتمعنت في كلامي السابق قبل كتابتك لهذا الرد لما كنتَ محتاجا إلى طرح هذا السؤال, مع أني سأجيبك أخرى وأقول: نعم نسكت عن ذاته, ونترك التدخل في علاقته مع ربه والحكم عليه بما لا فائدة منه بعد وفاته سواءاً بالتفسيق أو التكفير, امتثالاً لنهي أغْيَر خلق الله على دين الله بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه يوم قال كما عند البخاري عن عائشة (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)
ونعمد إلى مزالقه وأخطائه في كتبه من غير تحامل ولا تهويل ونبين للمفتونين بها الظانين أنه مجدد وإمام أنها خطأ وضلال ولا تجوز متابعته عليها ..
وبذلك تتحصل الفائدة الشرعية من الذب عن الدين وحمايته وتبرأ الذمة أمام الله, ويتبين الحق للناس, أما نعته -رحمه الله-بعمى البصيرة وغيرها من الشتائم فلا تحقق أدنىفائدة أبداً لأن السب يحسنه كل ناطق, والله تعالى أعلم ..
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[05 Sep 2006, 01:39 م]ـ
محمد سعيد الأبرش/ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته,,
لو تأملت وتمعنت في كلامي السابق قبل كتابتك لهذا الرد لما كنتَ محتاجا إلى طرح هذا السؤال, مع أني سأجيبك أخرى وأقول: نعم نسكت عن ذاته, ونترك التدخل في علاقته مع ربه والحكم عليه بما لا فائدة منه بعد وفاته سواءاً بالتفسيق أو التكفير, امتثالاً لنهي أغْيَر خلق الله على دين الله بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه يوم قال كما عند البخاري عن عائشة (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)
ونعمد إلى مزالقه وأخطائه في كتبه من غير تحامل ولا تهويل ونبين للمفتونين بها الظانين أنه مجدد وإمام أنها خطأ وضلال ولا تجوز متابعته عليها ..
وبذلك تتحصل الفائدة الشرعية من الذب عن الدين وحمايته وتبرأ الذمة أمام الله, ويتبين الحق للناس, أما نعته -رحمه الله-بعمى البصيرة وغيرها من الشتائم فلا تحقق أدنى فائدة أبداً لأن السب يحسنه كل ناطق, والله تعالى أعلم ..
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[05 Sep 2006, 10:01 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ الشنقيطي حفظه الله كلامك عين الصواب لو كان في رجل لا تأثير له على المسلمين أما من كان في مقام محمد عبده فإني أظن أن فضح مخازيه أمام المسلمين فرض على كل عارف لذلك وهذا نهج سلفنا الصالح من قبلنا ولولا ذلك لأخذ المسلمون دينهم عن كل من هب ودب وكتب السلف مليئة بفضح مخازي كل من تسول له نفسه أدنى من ذلك بل تجد في عباراتهم رحمهم الله أقسى من ذلك بكثير وما ذلك إلا غيرة على دين الله.
أما سؤال أهل مصر عنه أو العلماء المعاصرين له فهل قرأت عن كل معاصريه ووجدت أن أحداً منهم لم ينتقده؟؟؟؟؟
يا حبذا لو قرأت كتاب الشيخ مصطفى صبري موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين فقد رد عليه وعلى من تخرجوا عليه.
وقبل كل هذا وبعده كتب محمد عبده بين يديك فاقرأها ولو أني أعتقد جازماً أن المقالة التي وضعها الأخ الكريم أبو فاطمة الأزهري كافية ووافية فهل تصر على أنه مسلم!!!!!!
(((وإن كان في قوة بيانه ما يشكك الملائكة في معبودهم والأنبياء في وحيهم ولكن ليس في استطاعته أن يشكك نفسه في نفسه)))
هل هذا كلام مسلم!!!!!!!
إن كنت تعتقد قائل هذا الكلام كذلك فإني أدين الله بعكس ما تعتقد
أما عمى البصيرة فلم أقصده بذلك لو تمعنت في كلامي ولو أنه حري أيضاً بذلك
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[05 Sep 2006, 10:14 م]ـ
الأخ الجنكي حفظه الله
(((أما عبارتك "أعمى الله بصيرته قبل بصره " فهذا أسلوب كنت أبرأ من ينتسب للقرآن أن يستخدمه حتى ولو مع كافر، خاصة وأن الواقع يخالفه،حيث إن المشار إليه معروف -حسب علمي -أنه فقد بصره قبل أن يذهب إلى الغرب ويأتي بما أتي به،وأهل الأدب أدرى مني بذلك 0)))
أما أسلوبي فأعوذ بالله أن أكون منتصراً لنفسي فيه وفي كلام السلف الصالح ما هو أقسى وذلك يتبع مدى الإيذاء الذي حصل للمسلمين من المردود عليه وعندما أرد على شخص قد أضحى بين يدي ربه فإني حتماً لا أقصد شخصي لأنه ببساطة لا يهمني في شيء.
أما عمى البصيرة فمن قال إنه حصل بعد ذهابه للغرب حتى تحكم بمخالفة الواقع!!!
وأما قولك (((وأهل الأدب))) فليعلم أن من تأثيره تخطى ذلك بكثير بل إن كل ما يمس اللغة العربية فهو يمس الدين كيف لا وهي لغة القرآن
وعلى كل حال فإن كان كلامي قاسياً فما ذلك إلا غيرة على دين الله أن يعبث به العابثون
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[05 Sep 2006, 10:15 م]ـ
الأخ الجنكي حفظه الله
(((أما عبارتك "أعمى الله بصيرته قبل بصره " فهذا أسلوب كنت أبرأ من ينتسب للقرآن أن يستخدمه حتى ولو مع كافر، خاصة وأن الواقع يخالفه،حيث إن المشار إليه معروف -حسب علمي -أنه فقد بصره قبل أن يذهب إلى الغرب ويأتي بما أتي به،وأهل الأدب أدرى مني بذلك 0)))
أما أسلوبي فأعوذ بالله أن أكون منتصراً لنفسي فيه وفي كلام السلف الصالح ما هو أقسى وذلك يتبع مدى الإيذاء الذي حصل للمسلمين من المردود عليه وعندما أرد على شخص قد أضحى بين يدي ربه فإني حتماً لا أقصد شخصه لأنه ببساطة لا يهمني في شيء.
أما عمى البصيرة فمن قال إنه حصل بعد ذهابه للغرب حتى تحكم بمخالفة الواقع!!!
وأما قولك (((وأهل الأدب))) فليعلم أن تأثيره تخطى ذلك بكثير بل إن كل ما يمس اللغة العربية فهو يمس الدين كيف لا وهي لغة القرآن
وعلى كل حال فإن كان كلامي قاسياً فما ذلك إلا غيرة على دين الله أن يعبث به العابثون
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فاطمة الأزهري]ــــــــ[05 Sep 2006, 10:52 م]ـ
سبحان الله، قد كنت أظن أن ما نقلته قاطع.
فإن لم يكن فقد قال عنه النبهاني في قصيدته الرائية:
لهم شيخ سوء من بني القبط أصله ***** بسحنته الشوهاء نسبته تقرا
على قلبه ساد الهوى فهو عبده ***** وقد سكن الشيطان من رأسه وكراً
أبو مرة في مصر أحرز إمرة ***** فصير عيش المسلمين بها مراً
أبو جهل هذا العصر قد صار مفتياً ***** بمصر فأحيا الجاهلية في مصرا
كنمرود لكن لا سلام لناره ***** وفي بحره فرعون لا يحسن العبرا
به بلغ الشيطان في الدين قصده ***** وقطب وجه الحق والباطل افترا
جريء على الفتوى بحق وباطل ***** بحكم الهوى والجهل ما شاءه أجرى
وليس بعلم الفقه يلحق محضرا ***** وإن راح يعدو خلفه أبداً حضرا
ومع جهله في ديننا وعلومه ***** يرى نفسه أعلى أئمته قدرا
فنون جنون الجاهلين كثيرة ***** وأقبحها قرد يرى نفسه بدرا
ثم قال:
وقد ضل في القرآن مع عظم نوره ***** كما خبطت عشواء في الليلة القمرا
فتفسيره في رأيه ليس خالياً ***** فإما يرى فسقاً وإما يرى كفرا
أحذر كل الناس من كتب دينه ***** وبالرد والإعراض تفسيره أحرى
إلى آخر ما قال .....
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[06 Sep 2006, 01:07 ص]ـ
أبو فاطمةالأزهري ..
الضميرفي (لهم) على من يعود؟؟
وشكراً
ـ[الجكني]ــــــــ[06 Sep 2006, 01:35 ص]ـ
الأخ الأبرش حفظه الله:
أبرأ بك كما أبرأ بنفسي أن نكون ممن ينتصر لغرض "نفسي" لا للحق والعدل 0
أخي الكريم:قولك:" وفي كلام السلف الصالح 000الخ" أرى أنه ما وسّع "الاختلاف " وشعّبه بين المسلمين في العصور المتأخرة إلا هذه العبارة الطاهرة التي "استخدمت " في غير محلها،حتى أصبحت هي السلاح لمن لا سلاح معه،أعني كلمة "السلف الصالح " وأعني بشكل خاص استعمالها بصيغة العموم،كما فعلت أنت هنا، إذ توحي عبارتك أن (كل) السلف الصالح اتبع هذا المنهج الذي تدافع عنه،ولك الحق أن تدافع عن كل ما تراه صواباً وحقاً،ولكن ليس من حقي ولا من حقك أو غيرك أن (تجيّر) الخلاف وتجعله (للسلف الصالح قاطبة) إلا إذا كان الحكم مما (أجمع) عليه،وأما فلا فلا 0
وأما قولك:"فما ذلك إلا غيرة 00الخ " فوالله لست أكثر غيرة على دين الله من رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل "اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم " والقائل:"لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا " مع أني لا أجهل "خلاف " العلماء في المسألة ولله الحمد 0
أما أخي أبو فاطمة الأزهري فأقول له:
عجباً من "استدلالك "بهذه القصيدة وأنا – وأعوذ بالله من هذه الكلمة – أجزم أنك تخالف قائلها "مشرباً " و"فكراً " وإلا لكنت توافقه في (السبب) الذي نظم من أجله هذه القصيدة، وكأنك (تجاهلت) سهواً أو عمداً ما ذكره الألوسي (الحفيد) في رده عليها عندما ذكر أقسام هذه القصيدة وأنها خمسة والذي له علاقة بالبحث هنا هو القسمان:الثاني والثالث حيث قال:
القسم الثاني:في شتم الشيخ جمال الدين الأفغاني العلامة الشهير 0
القسم الثالث:في شتم مفتى الديار المصرية (الإمام الشهير الشيخ محمد عبده رحمه الله بسبب انتصاره لشيخ الإسلام تقي الدين) 00
والذي يهمنى هنا هو رأي الألوسي (الحفيد) في محمد عبده،وهو من المعاصرين له،وليس معنى هذا أني أوافقه أو أخالفه،فالرأي الشخصي لا علاقة له بالبحث في المنهج حسب رأيي والله أعلم
ـ[أبو فاطمة الأزهري]ــــــــ[06 Sep 2006, 09:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ محمود الشنقيطي
بارك الله فيه
الضمير في (لهم) يعود على من تبع جمال الدين المعروف بالأفغاني وذلك لأن النبهاني قال:
فساق على الإسلام منهم جحافلاً ***** يرى فرقة سارت فيتبعها أخرى
أغاروا على الإسلام في كل بلدة ***** فما تركوا نجداً وما تركوا غورا
ثم أخذ في بيان حالهم حتى وصل إلى هذا القول.
الدكتور الجكني
بارك الله فيه
أما أني أخالف قائلها فهو كذلك فأنا أخالفه تمام المخالفة ولكن ذلك لا يمنعني من أخذ الحق منه فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأبي هريرة رضي الله عنه: " صدقك وهو كذوب " فلم يمنعه مجيء الحق على لسان شيطان من الإقرار به.
فالنبهاني قد عايش الرجل ولقيه وانظر إلى قوله:
وقد كنت في لبنان يوماً صحبته ***** لقرب غروب الشمس من ضحوة كبرى
وصليت فرض الظهر والعصر بعده ***** لديه وما صلى هو الظهر والعصرا
وكان صحيح الجسم لا عذر عنده ***** بلى إن ضعف الدين كان له عذرا
ومع كل هذا فهو أستاذ عصره ***** فأف له شيخاً وأف له عصرا
وقبل غروب الشمس صاحبت شيخه **** لقرب العشا أيام جاورت في مصرا
ولم أره أدى فريضة مغرب ***** فقاطعت شيخ السوء من أجلها الدهرا
فهذا كلامه فيما رآه وعلمه فلذا نقلت كلامه.
وحقيقة فإني لم أطلع على سبب قوله لهذه القصيدة ولا على رد الألوسي عليها حتى ألزم بما ذكرت ولذا فكم في: (تجاهلت) من مجانبة لإحسان الظن كنت أود أن لو تتركها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[06 Sep 2006, 11:45 م]ـ
الأخ أبو فاطمة: وأيضاً الشيخ محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله صاحب تفسير "التحرير والتنوير " قد عايش الرجل وعاش معه والتقى به وانتفع به ولم يذكر عنه إلا كل خير،وانظر ذلك في كتابه "أليس الصبح بقريب " 0
أما كلمة (تجاهلت) فاعلم أني تركتها إن كانت غير صواب 0
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[07 Sep 2006, 12:56 ص]ـ
الأخ الجكني حفظه الله
ربما لفهمي القاصر لم أدرك أنك فهمت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كما لم يفهمه السلف وأعني بالسلف هنا الصحابة والتابعون وتابع التابعين ومن استن بستنهم ومشى على دربهم فولله ما عهدنا منهم سكوتاً عن ميت إن كان الأمر يتعلق بدين الله وإلا فأرجو أن تشرح لي وللإخوة آلاف الأقوال التي سطرت في كتب الجرح والتعديل هل كان الجارحون لا يجرحون إلا حياً!!!!!!!!!!!!!
كما إن عجبي لا ينقضي من نقلكم لأقوال معاصري محمد عبده ممن مدحه فهل لكم أن تشرحوا لنا ما قاله في رسالته لأستاذه؟؟!!!
أم إنها تحتاج إلى تأويل!!!!
وإن كانت هذه ليست كافية فقولوا لنا لنأتيكم بعشرات بل مئات من أمثالها لتشرحوها لنا!!!!!
ثم .... إن كان هذا مقياسكم فما قولكم في ابن عربي وابن سبعين والسهروردي وأمثالهم؟؟؟؟
هم أيضاً أموات ولهم من دافع عنهم بل وأطنب في مدحهم من معاصريهم وليس بينهم واحد إلا وله المصنفات الكثيرة بل وآلاف الطلاب والمريدين وقد ألفت كتب في الدفاع عنهم فما تقولون في ذلك؟؟؟؟؟؟؟؟
لقد أتاكم الأخ أبو فاطمة بنص ساطع لا يقبل التأويل وهذا النص يعتبر دليلاً قاطعاً فبماذا أجبتم؟؟؟؟
أول ما نطقتم به كان طعنكم في النبهاني
أليس له من مدحه من معاصريه؟؟؟؟؟؟؟
أليس ميتاً ويجب أن لا نتكلم عنه؟؟؟؟؟
أرجو أن تتفضلوا بالرد مع إرفاق الدليل
ودمتم سالمين
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[07 Sep 2006, 01:13 ص]ـ
الأخ الجكني حفظه الله
لا أظن أن أي كاشف لحال محمد عبده وأمثاله بحاجة لعبارات تمثل سلاحاً لمن لا سلاح له
فإن شئت الكلام على هذا المنوال فأبشرك بأن لدي من الأسلحة ما يغنيني عن غيرها
ويا حبذا - ونحن هنا في منتدى تخصصي - أن يكون ردك علمياً أي أن تأتي برد أدلتي أو تأتي بأدلة تقابلها.
وإن أردت - وأظنك في غنى عن ذلك - أن آتيك بعشرات الأقوال من علماء ربانيين أجمعت الأمة على قبول قولهم في كشف كل زائغ أو ضال أو مبتدع ممن سبقهم بعشرات بل بمئات السنين فحباً وكرامة.
وقبل كل هذا فأرجو أن يتسع صدرك لفهمي القاصر وأن توضح لي هذه العبارة وحكم قائلها:
(((وإن كان في قوة بيانه ما يشكك الملائكة في معبودهم والأنبياء في وحيهم ولكن ليس في استطاعته أن يشكك نفسه في نفسه)))
وأرجو أن تعذرني في تكرار الطلب وعذري أني لم أجد رداً.
ودمتم سالمين(/)
دعوة لمشاركة في مؤتمر علمي بجامعة الزرقاء
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[13 Aug 2006, 01:10 م]ـ
تعليمات للمشاركين
يرجى من الراغبين في المشاركة في هذا المؤتمر تعبئة استمارة الاشتراك في هذه النشرة وإرسالها إلى العنوان المدون فيها بأسرع وقت ممكن لنتمكن من تزويده بالنشرات اللاحقة الخاصة ببرنامج المؤتمر وترتيباته. ونرجو من المشاركين ببحوث أن يراعوا ما يلي:
1. اختيار أحد المحاور السبعة للكتابة فيه، وتجليته في ضوء الأهداف التي يقصد المؤتمر إلى تحقيقها، وبإمكان الباحث أن يضيف ما يراه مناسباً للمحور الذي اختار الكتابة فيه.
2. أن يكون البحث أصيلا، وأن تتوافر فيه شروط البحث العلمي المتعارف عليها، وسيخضع البحث للتقويم الأولي.
3. للباحث أن يعطي البحث حقه من الدراسة بحد أقصى (35) صفحة على أن يضع مختصراً له يمكن إلقاؤه في المؤتمر بما لا يزيد على (15) دقيقة.
4. يقدم البحث مطبوعاً على الحاسوب على برنامج ( word ) حجم الخط (14) ونوع الخط ( Simplified Arabic ) ولا يطبع على أي برنامج مع ملخص له ويخزن على قرص مرن "ديسك كمبيوتر" ويرسل قبل تاريخ / / 2006م.
5. ترسل قسيمة المشاركة وملخص البحث قبل تاريخ / /2006م.
6. يذكر في خاتمة البحث أهم النتائج التي توصل إليها الباحث وأهم التوصيات التي يوصي بها.
7. يبلغ الباحث بقبول البحث أو الاعتذار عن ذلك خلال شهرين من استلام النسخة النهائية.
8. يمكن إرسال البحوث بصورتها النهائية مع ملخصاتها بواسطة البريد الإلكتروني.
9. لا تعاد نسخ البحوث المرسلة سواء قبلت أو اعتذر لأصحابها.
10. ستنشر الجامعة، وقائع المؤتمر وأبحاثه في كتاب خاص يحمل اسم المؤتمر.
11.الباحثون القادمون من خارج الأردن الذين تقبل أبحاثهم في المؤتمر تكون إقامتهم ولمدة
أربعة أيام على حساب الجامعة، أما نفقات سفرهم فتكون على حسابهم الخاص.
12.من تستكتبه الجامعة شخصياً تكون نفقاته ذهاباً وإيابا واقامة على حساب الجامعة
جامعة الزرقاء الأهلية
منارة علمية، أقيمت على حدود الصحراء، لتقف في وجه التصحر الفكري والبيئي.
تنبع فلسفتها من عقيدة الأمة والحضارة الإسلامية العريقة.
رسالتها مبنية على أركان خمسة هي: (الإيمان والعلم والعمل والخلق والتعاون).
أنشئت هذه الجامعة عام 1994م وهي أول جامعة تقام في محافظة الزرقاء.
وتضم الجامعة سبع كليات هي:
1. كلية الشريعة 2. كلية الآداب 3. كلية العلوم.
4. كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية. 5.كلية الحقوق
6. كلية العلوم التربوية. 7.كلية العلوم الطبية المساندة.
اللجنة التحضيرية للمؤتمر:
د. رحيل غرايبة – رئيساً
د. عبد المجيد ديه – مقرراً
د. بسام العموش – عضواً
د. جمال أبو حسان - عضواً
د. عدنان عزايزة – عضواً
سكرتاريا المؤتمر: حسام الحاج علي
سهى كمال
جامعة الزرقاء الأهلية
الزرقاء – الأردن
مؤتمر كلية الشريعة الثامن
قضايا معاصرة في الفقه السياسي الاسلامي
/ ربيع أول /1427 هـ
17 - 19/ نيسان / 2007مـ
ص. ب: 2000 الزرقاء 13100 الأردن
هاتف: 3821100 - 5 - 962
فاكس: 3821120 - 5 - 962
بريد الكتروني:
Email: sharia@zpu.edu.jo
قسيمة الاشتراك:
الاسم الكامل:
الصفة: (دكتور، السيد، السيدة، ... )
الجنسية:
جهة العمل:
الوظيفة:
العنوان البريدي:
المدينة:
البلد:
الهاتف: العمل:
المنزل:
الهاتف المتحرك:
الفاكس:
ص. ب:
البريد الإلكتروني:
أريد الاشتراك بالمؤتمر ببحث عنوانه:
أريد الاشتراك بالمؤتمر كمشارك فقط:
موضوع المؤتمر:
اختار القائمون على المؤتمر الثامن في كلية الشريعة أن يتخصص هذا العام في قضايا النظام السياسي الاسلامي وأن يتم التركيز على القضايا المعاصرة والمستجدة التي تحتاج الى اجتهاد جماعي وحوار معمق من أجل تأصيليها وتوضيحها وبيان معالجتها بطريقة قادرة على الاجابة على مختلف الأسئلة المثارة حولها والاسهام في صياغة نظرية سياسية اسلامية معاصرة حول ادارة الدولة في الاسلام.
أهداف المؤتمر:
1. الاسهام في تنمية الفقه الاسلامي المتعلق بالنظام السياسي ومسائل ادارة الدولة وشؤون السلطة.
2. توضيح الدولة وأركانها في الاسلام وكيفية اختيار الحاكم.
3. التعرف على مكونات شعب الدولة في الاسلام وقضايا الجنسية والمواطنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
4. بلورة رأي فقهي مدروس بشأن التعددية السياسية وتشكيل الأحزاب ووجود المعارضة السياسية ومبدأ تولي السلطة في النظام السياسي الاسلامي.
5. توضيح موقف الفقه الاسلامي من حقوق المرأة السياسية مثل الانتخاب والترشيح وتولي الولايات العامة في ظل الدولة الاسلامية.
6. التعرف على موقف الشريعة الاسلامية من العلاقة مع المؤسسات والمواثيق الدولية، وقضايا التمثيل الدبلوماسي.
7. الاجابة على مختلف الأسئلة المتعلقة بحكم المشاركة في السلطة وادارة الحكم في ظل الأنظمة العلمانية وصولاً إلى صياغة خطاب سياسي معاصر.
محاور المؤتمر
المحور الأول: الدولة وشكلها وأركانها
1. دولة الاسلام الأولى وأركانها.
2. شكل الدولة ومؤسساتها.
3. اختيار رئيس الدولة.
4. الانتخاب والاستفتاء.
5. سلطات الدولة:التشريعية والتنظيرية والفضائية.
6. تعدد الدول الاسلامية.
7. دستور الدولة.
المحور الثاني: شعب الدولة الاسلامية:
1. مكونات شعب الدولة.
2. الجنسية والمواطنة.
3. غير المسلمين في الدولة الاسلامية
4. الحقوق والواجبات.
5. الاقامة المؤمنة في الدولة الاسلامية.
المحور الثالث: التعددية السياسية في النظام السياسي الاسلامي
1. وجود الأحزاب وتشكيلها وتعددها.
2. المعارضة السياسية.
3. الشورى والديمقراطية.
4. مبدأ تداول السلطة.
5. حرية الرأي والاختلاف.
المحور الرابع: المرأة في النظام السياسي الاسلامي:
1. حق الترشيح.
2. حق الانتخاب.
3. تولي الولايات العامة والخاصة.
4. المرأة والعمل العام.
5. المرأة والجهاد.
الحور الخامس: الدولة الاسلامية والشرعية الدولية:
1. التعامل مع التشريعات والمواثيق الدولية.
2. العلاقة مع الهيئات والمؤسسات الدولية.
3. العلاقة مع الدول الأخرى.
4. التمثيل الدبلوماسي.
المحور السادس: العمل السياسي في ظل الأنظمة العلمانية:
1. المشاركة البرلمانية.
2. المشاركة في الحكومة.
3. تولي الوظائف العامة والخاصة.
4. تشكيل الأحزاب السياسية.
5. الخطاب السياسي.(/)
سؤال من أحد النصارى لي عن عيسى عليه السلام
ـ[محمد محمد احمد]ــــــــ[13 Aug 2006, 01:32 م]ـ
أرجو أن أعرف هل يوجد اية في القران الكريم تقول صراحة ان عيسى عليه السلام ما زال حيا و لم يمت بعد أن رفعه الله تعالى اليه؟
قرأت الاية 55 في سورة ال عمران و قرأت ايضا الاية 158 في سورة النساء ولكن لم اعرف ان كان عيسى عليه السلام حيا بعد انتهاء عملية رفعه الى السماء حيث اني ايضا أسأل عن معنى كلمة "متوفيك" في الاية 55 من سورة ال عمران.
أما بالنسبة للاية " وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته و يوم القيامة يكون عليهم شهيدا" فيبدو انها الاية الوحيدة التي تشير الى ان عيسى عليه السلام ما زال حيا.
هل السنة النبوية الشريفة هي المصدر الاكبر في شرح الموضوع؟
والسلام عليكم و رحمة اللة وبركاته
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[03 Mar 2008, 08:31 م]ـ
استدل جمهور العلماء على أن عيسى عليه السلام لم يمت، وأنه مازال حياً يرزق لقوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا) (سورة النساء / 159).
فإن هذه الآية تحسم النقاش في شأن حياة عيسى ومماته، إذ أنها تقرر أن أهل الكتاب سيؤمنون به قبل موته، وأنه سوف يكون شاهداً عليهم يوم القيامة، وطالما أن إيمان أهل الكتاب لم يتحقق، ولم يحصل، فمعنى ذلك أن موت عيسى لم يحصل أيضاً، وهذا عكس ما ذهب إليه شيخنا العلامة رشيد رضا، بأن لا وجود في القرآن لنص صريح في أن عيسى رفع بروحه وجسده إلى السماء، وليس فيه نص صريح بأنه ينزل من السماء (انظر تفسير المنار،ج10 في تفسير الآية).
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[03 Mar 2008, 09:46 م]ـ
تفيد الآية 55 من سورة آل عمران " .... متوفيك ورافعك ... " أنه عليه الصلاة والسلام قد توفي ورفع،يقيينا.
فما الوفاة؟ إذا قلت أن الوفاة غير الموت، إذن فكل الناس عندما يأتيهم ملك الموت لايموتون لأن الآية تقول " قل يتوفاكم ملك الموت الذي وُكِل بكم "
وحسبي هنا أن أقرر أن الوفاة التي تحدث في آحاد الناس قد حدثت للمسيح عليه السلام،وكما أن الناس عندما يتوفون لا يكونون أحياءا فإن المسيح الذي توفاه الله ليس حياً كحياتي وحياتك الآن.
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[05 Mar 2008, 10:30 م]ـ
أما بالنسبة للاية " وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته و يوم القيامة يكون عليهم شهيدا" فيبدو انها الاية الوحيدة التي تشير الى ان عيسى عليه السلام ما زال حيا.
هلا شرحت لنا كيف كانت لاهذه الاية دليلا علي ذلك
فالآية تقول " وان من أهل الكتاب إلا ليؤمنن ... " هل يؤمن بنبوته أو رسالته وأنه لم يقتل ولم يصلب؟ فالكتابي حينئذ يكون مؤمنا بما جاء في القرآن فلما الشهادة عليه يوم القيامة حيث أنه يعتقد الاعتقاد الصحيح في المسيح ولذلك نسأل ما هو الايمان المقصود في الآية ولما لا ينجي صاحبه؟
ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[05 Mar 2008, 10:37 م]ـ
قوا الأخ الظفيري -
إذ أنها تقرر أن أهل الكتاب سيؤمنون به قبل موته،
وأنه سوف يكون شاهداً عليهم يوم القيامة،
وطالما أن إيمان أهل الكتاب لم يتحقق، ولم يحصل،
فمعنى ذلك أن موت عيسى لم يحصل أيضاً،-----
أتصور أن الاستدلال الصحيح أن الآية تقرر أنهم يؤمنون به قبل موته وطالما هم غير مؤمنون الآن فمعناه أنه مات ولو كان حيا لكانوا مؤمنين حسب الآية
ـ[وليد شحاتة بيومي]ــــــــ[29 Sep 2008, 04:15 ص]ـ
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد
بالروجع إلى كتب التفسير يتبين الآتي:-
يذكر القرطبي أن الفراء والضحاك قد خرجا الآية على التقديم والتأخير وعليه يكون المعنى (إني رافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك بعد أن تنزل من السماء) واستشهدا بقوله تعالى "ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى" طه:129، كما عضد رأيهما بالاستشهاد من الشعر العربي" ألا يانخلة ذات عرق ثم والله السلام"، أي عليك سلام الله، بمعنى أن هذا الأسلوب تتبعه العرب، وذكر ابن كثير في تفسيره الأخذ بالتقديم والتأخير عن قتادة، كما أورد القرطبي آراء أخرى مثل رأي بن منبه بأن الله توفى عيسى عليه السلام ثلاث ساعات من نهار ثم رفعه إلى السماء ويعقب القرطبي على هذا الرأي بأنه "فيه بعد" أي بعيد عن الرأي الصواب، وأكد الحسن وابن جريج على المعنى اللغوي في قوله "متوفيك" بمعنى القبض تقول توفيت مالي أي قبضته، ومن ثم ليس فيه معنى الموت.
وأورد الطبري رواية اخرى بسنده عن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع في قوله "إني متوفيك" يعني وفاة المنام ورفعه الله في منامه، وهذا التفسير له ما يعضده من القرآن، إذ يقول الحق جل وعلا "الله يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها" الزمر:42، ففي هذه الآية الوفاة نوعان هما وفاة موت ووفاة نوم، وكلاهما حالة يغيب فيها المرأ عن الدنيا إما لميقات البعث وإما لميقات اليقظة. وذكر ابن كثير عن ابن عباس "متوفيك" أي مميتك ولا يمنع أن يكون قصد ابن عباس موت المنام وليس موت البعث والنشورـ إذ لم يرد عن ابن عباس مايثبت الرأي الثاني على وجه اليقين. ولفظ البخاري يدل عليه إذ ذكره مقتضبا عن ابن عباس دون تفصيل، مما يعضد ما ذهب إليه أصحاب الرأي الثاني بأن الوفاة موت المنام وليست موت البرزخ والبعث والنشور ويعضد ذلك أيضا ماورد في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم من نزول عيسى علسه السلام وقتله الدجال.
هذا والله أعلى وأعلم
والله الهادي إلى سبيل الرشاد(/)
التأويل الباطني
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[13 Aug 2006, 05:54 م]ـ
التأويل الباطني
لون من ألوان الصد عن الإسلام، ووسيلة خبيثة لصرف الناس عنه، وغاية يُسعى من خلالها لطمس معالمه، وستر جماله، ويسره، ووضوحه.
فالإسلام دين واضح ميسور، وأدلته المستقاة من الكتاب والسنة تسبق إلى الأفهام ببادئ الرأي، وأول النظر؛ فهي سائغة جلية تقنع العقول، وتسكن النفوس، وتغرس الاعتقادات الصحيحة الجازمة الملائمة للفطرة في القلوب.
والتأويل الباطني يخالف ذلك، وينبذه وراء ظهره.
والحديث عن التأويل الباطني سيكون حول المسائل التالية:
أولاً: تعريف التأويل الباطني:
أ- تعريفه في اللغة: هذا المصطلح يتركب من كلمتين (التأويل): ومعناه يدور حول التفسير، والمصير، والعاقبة وغيرها من المعاني.
و (الباطني): وأصل هذه الكلمة مادة بَطْن، وهو خلاف الظهر، والباطن: اسم فاعل وهو ضد الظاهر (1).
ب- المعنى الاصطلاحي للتأويل الباطني: هو الزعم بأن لنصوص الشرع ظاهراً وباطناً.
هذا تعريف مختصر، وهناك تعريفات أوسع وأشمل تبين معنى ذلك، وسبب الأخذ به، ومنها تعريف من يقول إنه: "تفسير الكتب المقدسة تفسيراً رمزياً أو مجازياً يكشف عن معانيها.
فالشريعة - كما يقول بعضهم - مشتملة على ظاهر وباطن؛ لاختلاف فطر الناس، وتباين قرائحهم في التصديق؛ فكان لا بد من إخراج النص من دلالته الظاهرية إلى دلالته الباطنية بطريق التأويل؛ فالظاهر هو الصور والأمثال المضروبة للمعاني، والباطن هو المعاني الخفية التي لا تتجلى إلا لأهل البرهان؛ فالتأويل -في نظرهم- هو الطريقة المؤدية إلى رفع التعارض بين ظاهر الأقاويل وباطنها" (2).
ثانياً: سبب التسمية: لعل التعريفين السابقين قد بينا سبب التسمية؛ فالباطنية سميت بذلك لأخذهم بالتفسير أو التأويل الباطني.
فكل من أخذ به سمي باطنياً، وكل طائفة أخذت به دخلت في مسمى الفرق الباطنية.
ثالثاً: طوائف الباطنية: الباطنية مسمى واسع، ويدخل تحته فرق كثيرة، وتكاد تنحصر في طائفتين، ويدخل تحت كل طائفة فرق عديدة.
الطائفة الأولى: باطنية تتظاهر بحب آل البيت، وتبطن الكفر، وتزعم أن للنصوص ظاهراً علمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- لأمته، وباطناً علمه علياً -رضي الله عنه- وبلغه علي سراً إلى الأئمة من بعده.
ويدخل تحت هذه الطائفة فرق عديدة كالشيعة الإمامية، والإسماعيلية، والنصيرية، والدروز، والبابية، والبهائية، وسائر الفرق الباطنية التي انبثقت من الشيعة الاثني عشرية.
الطائفة الثانية: وهي التي تتظاهر بحب النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم غلاة الصوفية القائلين بتقسيم الدين إلى حقيقة وشريعة.
فالشريعة عندهم: أحكام الدين الظاهرة، أو الأحكام التكليفية.
والحقيقة: هي ما وراء هذه الأحكام من إشارات وأسرار؛ فإذا وصل العابد إلى الحقيقة لم يحتج معها إلى القيام بأمور الشرع.
هاتان هما طائفتا التأويل الباطني على وجه الإجمال، وسيأتي مزيد بيان وأمثلة على ذلك.
رابعاً: هدفهم من القول بالتأويل الباطني: قد تبين فيما مضى شيء من ذلك، ويمكن إجماله فيما يلي:
1 - إبطال الشرائع.
2 - ترويج الباطل.
3 - إضفاء الصبغة الشرعية على ما يقولون، وإيهام الناس أن آراءهم متفقة مع نصوص الشرع.
وبذلك صارت تلك الطوائف تأخذ بالتأويل الباطني لنصوص القرآن.
وتزعم أن من تقاعد عَقْلُه عن الغوص في الخفايا والأسرار، والبواطن والأغوار، وقنع بظواهرها - كان تحت الآصار والأغلال.
وأرادوا بالأغلال: التكاليف الشرعية؛ لأن من ارتقى إلى علم الباطن -بزعمهم- سقطت عنه التكاليف، واستراح من أعبائها (3).
ومن هنا جاؤوا بتأويلات باطلة لا تستند إلى شرع، ولا عقل، ولا عرف، ولا لغة، بل إنها تخالف ذلك كله -كما سيأتي بيان ذلك-.
خامساً: مصادر الفكر الباطني: مصادر الفكر الباطني ليست من الإسلام في شيء، وإنما هي أفكار دخيلة على عقائد الإسلام؛ فهي مستقاة من الفلسفة اليونانية والهندية، ومن الديانات المجوسية، واليهودية، والنصرانية، وغيرها.
وقد تستر أصحابها بحب آل البيت تارة، وبحب النبي -صلى الله عليه وسلم- تارة.
وأرادوا من ذلك هدم المجتمع الإسلامي، وزعزعة أمنه، وإفساد عقيدته.
والمجال لا يتسع لتفصيل ذلك (4).
(يُتْبَعُ)
(/)
سادساً: بطلان القول بالتأويل الباطني: لا شك أن للقرآن العظيم أسرارَه العظيمةَ، ولفتاتِهِ الباهرةَ، وإيماءاتِه، وإيحاءاتِه.
ولا ريب أنه بحر عظيم لا تنفد كنوزه، ولا تنقضي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء.
ولكن ذلك كله منوط بما يتسع له اللفظ، ويشهد له الدليل الصحيح، ولا يخرج عن إطار المعنى العام، وأن يكون ذلك عن علم وبصيرة لا عن تخرص وهوى.
ولكن دعوى أولئك الباطنيين بعيدة كل البعد عن هذا المقصد؛ فهي تأويلات -كما سيأتي- لا تتصل بمدلول الألفاظ، ولا بمفهومها، ولا بالسياق القرآني.
بل هي مخالفة للنص القرآني تماماً، باحثة في كتاب الله عن أصل تتشبث به؛ ليؤيد شذوذهم، وغاياتهم في الصد عن كتاب الله ودينه.
وحاصل هذا الاتجاه الباطني في تأويل نصوص الشريعة هو الانحلال عن الدينِ.
وعمومُ البشر على اختلاف لغاتهم يعدون ظاهر الكلام هو العمدة في المعنى.
وأما أسلوب التعمية والإلغاز فلا وجود له إلا في الفكر الباطني.
ولو اتُّخِذ هذا الأسلوبُ قاعدةً لما أمكن التفاهم بحال، ولما حصل الثقة بمقال؛ لأن المعاني الباطنية لا ضابط لها ولا نظام.
هذا في الكلام عموماً؛ فكيف بكلام الله المنزل، الذي وصفه الله - عز وجل - بأنه "بيان للناس".
وفي الناس عالمون، و جاهلون، ومنهم أميون، وكاتبون قارئون.
ولكن الله جعله بياناً لهم جميعاً، مُيَسَّراً للذكر؛ ليعبد الناس ربهم على بصيرة.
والمتأمل لمقالة التأويل الباطني يدرك خطورتها في تفسير القرآن، وأنها تقتضي بطلان الثقة بالألفاظ، وتسقط الانتفاع بكلام الله ورسوله، ويصير ما يسبق إلى الفهم لا يوثق به.
وبهذا الطريق يحاول الباطنية التوصل إلى هدم الشريعة بتأويل ظواهرها، وتنزيلها على رأيهم دون ضابط، أو رادع.
ولو كانت تلك التأويلات الباطنية هي معاني القرآن ودلالاته لما تحقق الإعجاز، ولكان من قبيل الإلغاز (5).
سابعاً: نماذج من التأويلات الباطنية عند الشيعة: كما انحرف الشيعة في القرآن، وقالوا إنه بُدِّل وحُرِّف انحرفوا في تأويله وتفسيره؛ حيث تضمنت كتب التفسير عند الشيعة - والتي يزعمون تلقيها عن آل البيت - تأويلاتٍ باطنيةً لآيات القرآن، وتلك التأويلات لا تتصل بمدلولات الألفاظ، ولا بالسياق القرآني، ولا بمفهوم اللغة العربية.
ومن العجيب أن تُسند هذه الأكاذيب إلى آل البيت، ويُسند معظمُها إلى جعفر الصادق -رحمه الله-.
وهي في حقيقة الأمر طعن مُبَطَّن في الآل، كما أنها إلحاد في آيات الله، وصد عن سبيله، ولكنهم أسندوها لآل البيت؛ لينخدع بها الأغرار (6).
"وهذه التأويلات مدونة في تفاسيرهم المعتبرة عندهم، كتفسير القمي، وتفسير العياشي، وتفسير البرهان، وتفسير الصافي، كما أن كتبهم في الحديث قد أخذت من تلكم التأويلات بقسط وافر، وعلى رأسها أصول الكافي للكليني، والبحار للمجلسي، وغيرهما.
ويرى بعض الباحثين أن أول كتاب وضع الأساس الشيعي في التفسير هو تفسير القرآن الذي وضعه في القرن الثاني للهجرة جابر الجعفي (ت128هـ).
فكان هذا نواةً لتفسير شيعي سرعان ما اتسع وأغرق في باطنيته" (7).
وفيما يلي من أسطر أمثلة وشواهد لبعض تلك التأويلات (8):
1 - ما ورد في كتاب الله من آيات تتحدث عن القرآن يفسرونها بالأئمة:
فقوله - سبحانه -: [فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا] (التغابن: 8).
يقولون: "النور: نور الأئمة".
ويفسرون قوله - سبحانه -: [إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ] (الإسراء: 9).
بقولهم: يهدي إلى الإمام.
2 - يفسرون ما ورد في الآيات من لفظ النور ونحوه بالأئمة بلا أدنى دلالة.
يروي الكليني عن أبي عبدالله - جعفر الصادق - في قوله - تعالى -: [اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ] (النور: 35): فاطمة -عليها السلام-[فِيهَا مِصْبَاحٌ]: الحسن [الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ]: الحسين [الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ]: فاطمة كوكب دري بين نساء أهل الدنيا [يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ]: إبراهيم - عليه السلام -[زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ]: لا يهودية ولا نصرانية [يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ]: يكاد العلم ينفجر بها [وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ]: إمام بعد إمام [يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن
(يُتْبَعُ)
(/)
يَشَاءُ]: يهدي الله للأئمة من يشاء.
[وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً] (النور: 40): إماماً من ولد فاطمة - عليها السلام -[فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ]: إمام يوم القيامة.
3 - يؤولون ما جاء في كتاب الله - من النهي عن الشرك والكفر - بالشرك في ولاية علي، أو الكفر بولاية علي.
4 - يؤولون ما جاء في عبادة الله - وحده - واجتناب الطاغوت بولاية الأئمة، والبراءة من أعدائهم.
5 - يؤولون بعض الآيات الواردة في الصلاة بالأئمة والإمامة:
عن زرارة عن عبدالرحمن بن كثير عن أبي عبدالله - عليه السلام - في قوله: [حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ (238)] (البقرة) قال: الصلاة: رسول الله، وأمير المؤمنين والحسن والحسين، والوسطى أمير المؤمنين [وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ] طائعين للأئمة.
6 - يؤولون ما ورد في كتاب الله عن المؤمنين، وولاة الأمر، وأهل الذكر بالأئمة.
7 - والأئمة - عندهم - هم آيات الله الكونية، ومخلوقاته، وآلاؤه.
8 - وهم الراسخون في العلم، وهم الذين أوتوا العلم.
9 - والأئمة وشيعتهم هم الذين يعلمون، وهم أولوا الألباب
10 - والأئمة هم نعمة الله التي ذكرها في كتابه.
11 - وهم آيات الله، والسبع المثاني، والصافون، والمسبحون.
12 - وهم النبأ العظيم.
13 - والآيات المحكمات.
14 - وهم العلامات التي ذكرها الله في كتابه.
15 - وولايتهم هي الطريقة المذكورة في قوله - سبحانه -: [وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَاء غَدَقاً] (الجن: 16).
16 - بل إن تأويلهم الكثير من آيات القرآن بالإمامة يربو على الحصر، وكأن القرآن لم ينزل إلا فيهم، بل إن تأويلهم للآيات بالإمامة والأئمة تجاوز حدود الشرع والعقل، ونزل إلى درك من العته والبله الذي لا تفسير له سوى أنه محاولة للهزء والسخرية بآيات الله حتى إنهم ليقولون:
17 - الأئمة هم النحل في قوله - سبحانه -: [وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ] (النحل: 68).
18 - وهم الحفدة في قوله -تعالى-: [وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً] (النحل: 72).
19 - وعلي هو سبيل الله في قوله - سبحانه -: [وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ] (إبراهيم: 3).
20 - وهو الحسرة على الكافرين في قوله -سبحانه-: [وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ] (الحاقة:50).
21 - وهو حق اليقين في قوله -سبحانه-: [وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ] (الحاقة:51).
22 - وهو الصراط المستقيم في قوله -سبحانه-: [اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ] (الفاتحة:6).
23 - وهو الهدى في قوله: [فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (38)] (البقرة).
24 - والأئمة هم الأيام والشهور.
25 - وهم بنو إسرائيل في قوله - سبحانه -: [يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ] (البقرة:40).
26 - وهم الأسماء الحسنى التي يدعى الله بها.
27 - وهم الماء المعين، والبئر المعطلة، والقصر المشيد.
28 - وهم السحاب، والمطر، والفواكه، وسائر المنافع الظاهرة بعلمهم وبركتهم.
29 - وهم الصلاة، والزكاة، والحج، وسائر الطاعات، وأعداؤهم الفواحش والمعاصي.
30 - وهم حرمات الله، وأنوار الله.
31 - وهم خير أمة أخرجت للناس.
32 - وهم المظلومون، والمستضعفون.
33 - وهم أهل الأعراف، وهم الوالدون، والولد، والأرحام، وذوو القربى.
34 - وهم الكعبة والقبلة.
35 - وهم اللؤلؤ والمرجان.
36 - يتأولون الآيات الواردة في الكفار والمنافقين بخيار صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم -.
37 - يفسرون الجبت والطاغوت بأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -.
38 - يفسرون خطوات الشيطان بأنها ولاية أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما-.
39 - قالوا في تفسير قوله - تعالى -: [أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً] (الكهف:95) قالوا: (التقية).
40 - يفسرون الآيات التي في الآخرة - بالرجعة.
كل ما مضى من أمثلة لتأويلاتهم للقرآن، تدل على تعسفهم في فهم آياته، وعلى إغراقهم في التأويل الباطني، الذي لا تربطه بالآيات أدنى صلة، وكأن القرآن لم ينزل بلسان عربي مبين، ولم يجعله الله دستوراً لخلقه أجمعين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذه التمحلات ليست من قبيل الخطأ في الرأي، والزلل في فهم الآيات، وإنما هي مؤامرة مدبرة ضد الإسلام، وخطة محبوكة لإلغاء هداية القرآن للناس، وكأنها جاءت تالية لإخفاق مؤامرة التحريف التي ادعوها في كتاب الله، ولكن الله متم نوره ولو كره الكافرون (9).
ثامناً: نماذج من تأويلات النصيرية: التأويل الباطني هو أحد مرتكزات العقيدة النصيرية، ويزعم النصيريون أنهم وحدهم هم العالمون ببواطن الأسرار والأمور "وفي اعتقاد النصيرية أن معرفة المراتب ظاهراً وباطناً هو ذروة العبادة وتُغْنيهم عن الفروض والعبادات؛ لأنها في نظرهم أغلال للجاهلين والمقصِّرين" (10).
فالنصيريون يرون أن "من عرف الباطن سقط عنه عمل الظاهر وخرج من حد المملوكية ورق العبودية إلى حد الحرية" (11).
ومن هذا المنطلق ذهب النصيريون إلى تأويل العبادات كلها تأويلاً بعيداً عن فهم العقل، ومنطق اللغة، ومنهج الدين (12).
وإليك بعض تأويلاتهم:
1 - الشهادة: التي هي أول ركن من أركان الإسلام ما هي عند النصيرية؟
"هي أن تشير إلى صيغة (ع - م - س) التي هي رموز لـ: علي بن أبي طالب-رضي الله عنه- ومحمد -صلى الله عليه وسلم- وسلمان الفارسي -رضي الله عنه- على الترتيب" (13).
2 - الصلاة: وهي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي عمود الدين ما هي عند النصيرية؟
"يزعمون - إجمالاً - أنها معرفة النصيريين بأسرار دينهم، وهذا لا يكون إلا بالولاء لخمسة أشخاص هم: علي، ومحمد، والحسن، والحسين، وفاطمة التي يدعونها بـ فاطر، وهؤلاء الخمسة معروفون في المذهب النصيري بنعت: الخمسة المصطفون".
أو يذكرون: بدلاً من محمد: محسن.
3 - الصيام: الصيام المفروض عندهم هو كتمان أسرارهم، وهو -أيضاً- حفظ السر المتعلق بثلاثين رجلاً تمثلهم أيام رمضان، وثلاثين امرأة تمثلهن ليالي رمضان، فمعرفة هذه الأسماء الستين وتلاوتها يجزيهم عن الصيام".
4 - الزكاة: "أما الزكاة عندهم فهي رمز لسلمان الفارسي" فمجرد ذكر سلمان الفارسي يغني عن دفع الزكاة.
5 - الحج: أما الحج "فيزعمون أن جميع مناسكه وشعائره ما هي إلا رموز لأشخاص معينة، وما الحج عندهم إلا مجرد التوصل إلى معرفة الأشخاص بأسمائهم".
يقول سليمان الأذني صاحب الباكورة السليمانية في تفسير السورة الرابعة عشرة واسمها البيت المعمور: "اعلم أن هذه السورة قد رتبها سلفاؤهم بإقامة الحج وهو أن البيت المعمور به في القرآن زيارته، وأركان البيت وسقفه وحيطانه هو كناية عن معرفة أولئك الأشخاص كقول الشيخ إبراهيم الطوسي في عينيته:
أيا قلب بيت الله وهو حجابه = وأما الصفي المقداد للضد قامع
ومروة مذكور أبو الدر شخصها = شعايره سلسل إلى الذات خاضع
وعتباته الحاءات أيا قلب شخصها = وحلقة باب البيت جعفر طالع
البيت هو: الحجاب السيد الميم، والصفي هو: المقداد، والعتبتان هما: الحسن والحسين، وحلقة الباب هي: معرفة جعفر الصادق، والمروة: معرفة أبي الدر، والمشعر الحرام: معرفة سلمان الفارسي، ويوجد ذلك مصرحاً في أكثر كتبهم، ومعرفة هؤلاء الأشخاص وهو نهاية حجهم ومعنى معرفتهم.
وأما سعي المسلمين إلى مكة فهو باطل عندهم ومذموم كما قال بعض شيوخهم في هذا المعنى:
ولقد لعنت لمن يحرم شربها = وجميع أهل الشام والحجاج" (14)
6 - الجهاد: أما الجهاد عند النصيرية فهو على نوعين ذكرها صاحب الباكورة السليمانية "أولها الشتائم على أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم، وعلى جميع الطوائف المعتقدين بأن علي بن أبي طالب أو الأنبياء، أكلوا، أو شربوا، أو تزوجوا، أو ولدوا من نساء؛ لأن النصيرية يعتقدون بأنهم نزلوا من السماء بدون أجسام، وأن الأجسام التي كانوا فيها إنما هي أشياء، وليست هي بالحقيقة أجسام.
والنوع الثاني إخفاء مذهبهم عن غيرهم، ولا يظهرونه ولو أصبحوا في أعظم خطر، ولو خطر الموت" (15).
7 - الجنابة: "هي موالاة الأضداد والخصوم والجهل بالعلم الباطني" (16).
8 - الطهارة: "هي معاداة الأضداد والخصوم ومعرفة العلم الباطني" (17).
يقول الدكتور محمد الخطيب معلقاً على تلك التأويلات الباطنية: "وهكذا نتبين أن جميع الفرائض والعبادات الإسلامية لا اعتبار لها عند هذه الطائفة بأفعالها وأعمالها الظاهرة، وإنما ذِكْر بعض الأشخاص يغني عن كل هذه الأعمال التي يقوم بها الجهلة المقصرون من أهل الظاهر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهذا يفسر لنا عدم وجود المساجد في قراهم ومدنهم؛ حيث يقيمون الصلاة في أماكن خاصة وسرية؛ لأن الصلاة -كما ذكرنا من قبل- لا تُؤدَّى وفق الأسلوب المعروف عند المسلمين، ولكنها مجموعة رموز تدل على أشخاص معينين يرددها النصيري في مواقف العبادة والابتهال" (18).
ويضيف قائلاً: "ولهذا فهم لا يشترطون الطهارة في صلاتهم هذه؛ فالجماع، والاحتلام لا يفسدان الطهارة، وإنما الذي يفسدها موالاة الأضداد، والجهل بالعلم الباطني؛ فتكون الطهارة -إذن- معاداة الأضداد، ومعرفة العلم الباطني" (19).
9 - يوم القيامة: "أما يوم القيامة عندهم فهو ظهور القائم (محمد بن الحسن العسكري) الذي يقتل جميع أعدائهم" (20).
تاسعاً: مثال من تقسيم الدين إلى شريعة وحقيقة عند الصوفية:
يقول عبدالكريم الجيلي، وهو من أهل وحدة الوجود، والقائلين بوحدة الأديان:
وأسلمت نفسي حيث أسلمني الهوى = ومالي عن حكم الحبيب تنازعُ
فطوراً تراني في المساجد راكعاً = وأنيَ طوراً في الكنائس راتعُ
إذا كنت في حكم الشريعة عاصياً = فإنيَ في حكم الحقيقة طائعُ (21)
يقول إذا كانت الشريعة تحظر علي أن أجمع بين تلك الأديان على تباينها - فإن حكم الحقيقة علي هو أني طائع لا عاص.
ـــــــــــــــــــ
[1]- انظر لسان العرب 13/ 53 - 54.
[2]- المعجم الفلسفي د. جميل صليبا 1/ 234، وانظر الحركات الباطنية د. محمد الخطيب ص30.
[3]- انظر فضائح الباطنية لأبي حامد الغزالي ص11 - 12، والحركات الباطنية ص30.
[4]- انظر الحركات الباطنية ص36 - 45.
[5]- انظر فتح الباري لابن حجر 1/ 216، وهذه هي الصوفية ص70 - 71، وأصول مذهب الشيعة د. ناصر القفاري 1/ 153 - 154.
[6]- انظر مسألة التقريب 1/ 214.
[7]- مسألة التقريب 1/ 215.
[8]- انظر منهاج السنة 7/ 244 - 296، ومسألة التقريب 1/ 214 - 246، وأصول مذهب الشيعة 1/ 150 - 199.
[9]- انظر مسألة التقريب 1/ 240 - 241.
[10]- الحركات الباطنية ص349.
[11]- النصيرية د. سهير الفيل ص87.
[12]- انظر الحركات الباطنية ص66، وكشف أسرار الباطنية للشيخ محمد بن مالك بن أبي الفضائل الحمادي اليمني ص55.
[13]- النصيرية ص87.
[14]- الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية العلوية لسليمان أفندي الأذني ص40ـ41.
[15]- الباكورة السليمانية ص34ـ35.
[16]- 3 - النصيرية ص91.
[18]- الحركات الباطنية ص 392ـ393.
[19]- الحركات الباطنية ص 392ـ393.
[20]- نفس المرجع ص375.
[21]- هذه هي الصوفية للشيخ عبدالرحمن الوكيل ص96.
ـ[رضا التومي]ــــــــ[24 Aug 2006, 01:29 ص]ـ
شيخنا الفاضل .. جزاكم الله خيرًا و نفع بكم.
و كفانا الله شرور الباطنيين الظاهرة و الباطنة.
* و كم استفدت من كتبكم المطبوعة أيضا , فبارك الله في علمكم.(/)
هل نزلت آيات من سورة ما قبل نزول السورة؟
ـ[سيف الدين]ــــــــ[14 Aug 2006, 01:25 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله:
هل حدث ان نزلت آيات من سورة قرآنية قبل ان تنزل السورة؟
وللمجيب دعوة بالغيب ..
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[03 Mar 2008, 08:14 م]ـ
لعل هذا ماتريده يا أخانا الكريم:
قال الفريابي: حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة} قال: هي أول ما أنزل الله من سورة براءة.
وقال أيضاً: حدثنا إسرائيل أنبأنا سعيد عن مسروق عن أبي الضحى قال: أول ما نزل من براءة {انفروا خفافاً وثقالاً} ثم نزل أولها ثم نزل آخرها.
وأخرج ابن أشتة في كتاب المصاحف عن أبي مالك قال: كان أول براءة {انفروا خفافاً وثقالاً} سنوات ثم أنزلت براءة أول السورة فألفت بها أربعون آية.
وأخرج أيضاً من طريق داود عن عامر في قوله {انفروا خفافاً وثقالاً} قال: هي أول آية نزلت في براءة في غزوة تبوك فلما رجع من تبوك نزلت براءة إلا ثماناً وثلاثين آية من أولها.
وأخرج من طريق سفيان وغيره عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير قال: أول ما نزل من آل عمران {هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين} ثم أنزلت بقيتها يوم أحد ..(/)
إذا كانت التكنية عند العرب تكريما فلماذا كني عبدالعزى (أبو لهب)؟
ـ[حارث الهمام]ــــــــ[14 Aug 2006, 02:24 م]ـ
هذا بحث مقتضب كتبته قديماً وعثرت عليه اليوم قدراً فقلت أثبته قبل أن يضيع مرة أخرى!
(تبت يدا أبي لهب)، لماذا كناه؟
قال ابن الجواليقي في شرح أدب الكاتب:"يقال كنوت عن الشيء إذا تكلمت بما يدل عليه، وكنيت الرجل سميته باسم ابنه توقيراً له عن ذكر اسمه وتعظيماً".
وليس من شرط ذلك أن يكون له ولد وإن كان ذلك منه قال الصفدي: "العلم الدال على شخص معين إذا كان مصدراً بأب كأبي بكر وأبي حفص، أو بأم كأم كلثوم وأم المؤمنين فهو الكنية"، وهو نحو ما ذكر القلقشندي في صبح الأعشى. وأضاف الجرجاني في التعريفات شيئاً فقال: "الكنية: ما صدِّر بأب أو بأم، أو ابن أو إبنة"، وبعض أهل اللغة كما أشار الزبيدي في التاج يخرج بعض الكنا مخرج الألقاب كبنت النقا: "دويبة صغيرة"، وذكر عن شيخه أن على هذا أكثر المتقدمين.
وإذا كان الأمر كما ذكر الجواليقي من حيث الأصل فلماذا ذكر عبدالعزى في الآية بكنيته فقال: (تبت يدا أبي لهب وتب)؟
قال الزمخشري: "فإن قلت: لم كناه، والتكنية تكرمة؟ قلت: فيه ثلاثة أوجه. أحدها: أن يكون مشتهراً بالكنية دون الاسم، فقد يكون الرجل معروفاً بأحدهما، ولذلك تجري الكنية على الاسم، أو الاسم على الكنية عطف بيان، فلما أريد تشهيره بدعوة السوء، وأن تبقى سمة له، ذكر الأشهر من علميه ويؤيد ذلك قراءة من قرأ «يدا أبو لهب»، كما قيل: علي بن أبو طالب. ومعاوية بن أبو سفيان؛ لئلا يغير منه شيء فيشكل على السامع، ولفليتة بن قاسم أمير مكة ابنان، أحدهما: عبد الله - بالجرّ، والآخر عبد الله بالنصب. كان بمكة رجل يقال له: عبد الله - بجرّة الدال، لا يعرف إلاّ هكذا.
والثاني: أنه كان اسمه عبد العزّى، فعدّل عنه إلى كنيته.
والثالث: أنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب، وافقت حاله كنيته؛ فكان جديراً بأن يذكر بها. ويقال: أبو لهب، كما يقال: أبو الشر للشرير. وأبو الخير للخير، وكما كنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا المهلب: أبا صفرة، بصفرة في وجهه. وقيل: كنى بذلك لتهلب وجنتيه وإشراقهما، فيجوز أن يذكر بذلك تهكماً به، وبافتخاره بذلك" أهـ المراد.
وقد ذكر النووي في الأذكار باب: جواز تكنية الكافر والمبتدع والفاسق إذا كان لايعرف إلاّ بها أو خيف من ذكره باسمه فتنة، واستدل له بالآثار الثابتة الصحيحة ومن قبلها الآية.
قال أبو حيان بعد أن ذكر نحوا من الزمخشري مضيفاً سبباً آخرا: "أو لأن الاسم أشرف من الكنية، فعدل إلى الأنقص؛ ولذلك ذكر الله تعالى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأسمائهم ولم يكنّ أحداً منهم"، وقد ذكره من قبله القرطبي، ومن قبله ابن العربي.
فعكسوا بهذا الوجه ما خرج لأجله الزمخشري ذكر التكنية وهي تكرمة. وقد أشار ابن عادل إلى قول أبي حيان ثم ذكر قول الزمخشري، وعلق قائلاً: "وهذا يقتضي أن الكنية أشرف، وأكمل لا أنقص، وهو عكس القول الذي تقدم آنفاً"، ولم يمل إلى شيء.
وأما الحافظ ابن حجر فذهب مذهباً قريباً من أبي حيان ومن تقدمه، فقال: "ويمكن جواب آخر وهو أن التكنية لا تدل بمجردها على التعظيم، بل قد يكون الاسم أشرف من الكنية، ولهذا ذكر الله الأنبياء بأسمائهم دون كناهم"، فلم يرجح هذا على هذا وإنما قد وقد. وعلى هذا فهو كالاسم قال اليوسي في المحاضرات: "الاسم العلم ثلاثة: اسم وكنية ولقب. أما الاسم فهو من حيث هو ما أريد به من تعيين المسمى لا يعطى مدحاً ولا ذماً، لصلاحية كل اسم لكل مسمى عند المحققين، ولكن إذا كان منقولاً فكثيراً ما يلاحظ فيه زيادة على تعيين المسمى مدلوله الأول الحقيقي أو المجازي فيشعر بمقتضاه إشعاراً".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد قال ابن القيم في تحفة المولود: "الفصل السادس في الفرق بين الاسم والكنية واللقب: هذه الثلاثة وإن اشتركت في تعريف المدعو بها فأنها تفترق في أمر آخر وهو أن الاسم إما أن يفهم مدحا أو ذما أو لا يفهم واحد منهما فإن أفهم ذلك فهو اللقب وغالب استعماله في الذم ... وإما أن لا يفهم مدحا ولا ذما، فإن صدر بأب وأم فهو الكنية، كأبي فلان وأم فلان، وإن لم يصدر بذلك فهو الاسم، كزيد وعمرو وهذا هو الذي كانت تعرفه العرب وعليه مدار مخاطباتهم، وأما فلان الدين، وعز الدين، وعز الدولة، وبهاء الدولة، فإنهم لم يكونوا يعرفون ذلك وإنما أتى هذا من قبل العجم". أهـ
وقد يبدو هذا قريباً من قول ابن حجر الآنف، وهو كذلك لو لا أنه قال قبلها: "والتكنية نوع تكثير وتفخيم للمكنى وإكرام له كما قال: أكنيه حين أناديه لأكرمه * ولا ألقبه والسوأة اللقب".
فلعله أراد أن الكنية بلفظها لايفهم من وضعه مدح ولاذم كالاسم، و أن مدلولها ومدلول الاسم علم مسمى واحد، أما المخاطبة والنداء بها فهو للتكثير والتفخيم والإكرام للمكنى، كما لو قلت: حارث الهمام، اسمه حارث، أو كنية: أبو همام، فإن هذا اللفظ لايدل بذاته على مدح أو ذم، أما إذا ناديت المسمى به عادلاً عن اسمه، فهذا ما جرى مجرى الإكرام وتفخيم. ولهذا قرن هذا بالكلام على اللقب الذي يفهم من وضعه ولفظه إما مدحاً أوذماً.
فائدة: حاصل كلام بعضهم -ويأتي- أن اللكنية من حيث دلالتها على المدح أو الذم تجتمع مع الاسم باعتبار، وتجتمع مع اللقب باعتبار، فباعتبار دلالتها على المدلول الأصلي مجرداً تجتمع مع الاسم، فلا تفيد مدحاً ولا ذماً إلاّ بقرينة مشعرة. وباعتبار إطلاقها في المخاطبة والنداء فالأصل أن تجتمع مع ألقاب التكريم، وعلى خلاف الأصل اجتماعها مع ألقاب الذأم. وكلامنا هنا إطلاقها في الخطاب والنداء.
فتحصل بهذا ثلاثة أوجه في الآية (تبت يدا أبي لهب):
1 - كناه والأصل في التكنية التشريف، لأحد الأسباب الثلاثة التي اقتضت ذكر الكنية وأشار إليها الزمخشري وهذا يبين أن الأصل التشريف وقد ينتقل عن ذلك الأصل لنحو ما ذكر، وفي غير الآية قد ينتقل عنه إذا جرت الكنية مجرى النبذ باللقب كأبي جهل وكنيته أبو الحكم، وقد ذكر طرفاً من هذا البيهقي في المحاسن والمساوئ (محاسن مضاحيك وألقاب) فلينظره من شاء.
2 - كناه لأن التكنية أقل شأناً من التسمية. ومن ذكر هذا القول لاينبغي أن يحتاج إلى ذكر الثلاثة التي قبله، إلاّ على فرض التسليم لمعترض فيذكر في جوابه الثلاثة المذكورة أولاً، ثم ينتقل من التسليم إلى الاعتراض فيذكر هذا. وإلاّ فما الحاجة لأن يذكر الثلاثة التي قبلها وكأنه يخرج بها شيئاً عن أصله، مع أنه لايقول بالأصل [فضل التكنية على التسمية] أصلاً.
3 - اللتكنية والتسمية على حد سواء فاختار التكنية لمناسبتها حاله يوم القيامة، وإليه أشار ابن حجر.
فائدة: ومن يقول بهذا القول الثالث لايعني أن التكنية كالتسمية في مدلولهما فالمكنى هو عين المسمى بلا إشكال، ولكن المراد نفس إطلاق الكنية أو الاسم في الخطاب أو النداء سواء عنده.
كما أنهم يردون بالتسوية عند الإطلاق بغير قرائن وإلاّ فمن الشائع أن التعبير بالاسم في مواطن مقيدة أشرف في بعض الأعراف، قال الصولي في أدب الكاتب: "ويعنون إلى الأمير بالإسم والتأمير، بغير دعاء ولا كنية اكتفاء بجلالة التأمير، والإسم مع التأمير أجل من الكنية لأنه أشبه بمكاتبة الخلفاء لأنهم يقولون في التصدير للإمام (لعبد الله فلان الإمام أمير المؤمنين)، ولا يأتون بكنية فكذلك شبهوا هذا به، فكان الإسم مع التأمير أجل من الكنية. ثم يكتبون في التصدير للإمام (لعبد الله فلان الإمام أمير المؤمنين). ولولي العهد للأمير أبي فلان فلان بن فلان، كناه الإمام أو لم يكنه ففرقوأ بينه وبين الإمام. وقد يذكر الإمام في سكة الضرب باسمه، ويذكرون ولي العهد يكنيته كما ذكرت لك".
(يُتْبَعُ)
(/)
ولعل هذا الذي ذكره أمر عرفي حادث في الإسلام ولهذا قال القلقشندي في صبح الأعشى: "واعلم أن الأولين أكثر ما كانوا يعظمون بعضهم بعضا في المخاطبات ونحوها بالكنى، ويرون ذلك في غاية الرفعة ونهاية التعظيم، حتى في الخلفاء والملوك فيقال: أبو فلان فلان، وبالغوا في ذلك حتى كنوا من اسمه في الأصل كنية فقالوا في أبي بكر أبو المناقب اعتناء بشأن الكنية، وربما وقف الأمر في الزمن القديم في تكنية خاصة الخليفة وأمرائه على ما يكنيه به الخليفة، فيكون له في الرفعة منتهى ينتهي إليه ثم رجع أمرهم بعد ذلك إلى التعظيم بالألقاب.
على أن التعظيم بالكنى باق في الخلفاء والملوك فمن دونهم إلى الان على ما ستقف عليه في مواضعه إن شاء الله تعالى وكذلك القضاة والعلماء بخلاف الأمراء والجند والكتاب فإنه لا عناية لهم بالتكني ثم لا فرق في جواز التكني بين الرجال والنساء .. ".
ولعل الذي يظهر في وجه تكنية عبدالعزى في آية سورة المسد قرب ما اختاره الزمخشري وتبعه عليه غير واحد من المفسرين، أما القول الرابع ففيه ضعف ظاهر.
وذلك لأسباب منها:
- ما روي ونقل في الكنى والنداء بها، كنحو ما يروى عن عمر -رضي الله عنه-: "أشيعوا الكنى، فإنها منبهة"، أو فإنها سنة، ولم أقف على سند له ولكن إيراد أهل العلم له بلا نكير يدل على المراد بصرف النظر عن مسألة الثبوت. وقد روي عن ابن عمر بسند ساقط حديثاً مرفوعاً: "بادروا أولادكم بالكنى لا تغلب عليهم الألقاب" قال ابن حجر: "والصحيح عن ابن عمر قوله". ولاشك أن النبي صلى الله عليه وسلم كنى أقواماً صغاراً كأبي عمير وكباراً ما أكثرهم.
- ذكر غير واحد من أهل اللغة وفحولها أن التكنية إعظام وإكرام. قال ابن رشيق في العمدة: "ومن الكناية اشتقاق الكنية؛ لأنك تكني عن الرجل بالأبوة، فتقول: أبو فلان، باسم ابنه، أو ما تعورف في مثله، أو ما اختار لنفسه؛ تعظيماً له وتفخيماً، وتقول ذلك للصبي على جهة التفاؤل بأن يعيش ويكون له ولد"، وقال المبرد من قبله: "والضرب الثالث من الكناية: التفخيم والتعظيمُ، ومنه اشتقت الكنيةُ وهو أن يعظم الرجل أن يدعى باسمه، ووقعت في الكلام على ضربين: وقعت في الصبيِّ على جهة التفاؤل؛ بأن يكون له ولدٌ ويدعى ولده كنايةً عن أسمه، وفي الكبير أن ينادى باسم ولده صيانةً لاسمهِ؛ وإنما يقال: كنيَ عن كذا بكذا، أي تركَ كذا إىل كذا، لبعض ما ذكرنا".
- تشهد نصوص الشعراء على أن التكنية إكرام، كقول القائل -وقد نقله الزمخشري في ربيع الأبرار وغيره:
أكنيه حين أناديه لأكرمه * ولا ألقبه والسوأة اللقب
ولايفهم من هذا أن اللقب سوأة بإطلاق بل هو عندهم محل تفصيل ليس هذا موضوعه، وإن كان هو الأغلب، بيد أن أول من لقب في الإسلام أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعتيق وبالصديق ولم يكن أي ألقابه سوأة بل قيل عتيق لعتق وجه وجماله، وقيل غير ذلك.
- كثير من أقوال الشعراء يفهم منها أن التكنية تعظيم، ومن ذلك: كلمة البحتري:
يتشاغفن بالصغير المسمى * موبصات وبالكبير المكنى
وقول ابن الرومي:
بكت شجونها الدنيا فلما تبينت * مكانك منها استبشرت وتثنت
وكان ضئيلاً شخصها فتطاولت * وكانت تسمى ذلة فتكنت
- يشهد له كذلك شيء من قصص العرب وأخبارهم.
وجميع ما سبق نقل الزمخشري في ربيع الأبرار طرفاً منه ثم قال: "والذي دعاهم إلى التكنية الإجلال عن التصريح بالاسم بالكناية عنه، ونظيره العدول عن فعل إلى فعل في نحو قوله تعالى: وغيض الماء وقضى الأمر، وقول الكتاب أمر بكذا ونهي عن كذا".
وهذا مشاهد معروف الآن عن بعض من لبسن ثوب الحياء، وتدثرن بدثار الأدب، فلا تراها تنادي زوجها أو من تجل باسمه ولكن تعدل عنه إلى التكنية أو نحوها.
بل عهدت من بعض المشايخ الأفاضل المربين المؤدبين من ذلك أمراً عجباً فلا يكدا ينادي أقل من معه إن عرف له كنية -وإن صغرت سنه- بغيرها، ولمست أثر ذلك.
- قال ابن حجر في الفتح: "قال العلماء: كانوا يكنون الصبي تفاؤلا بأنه سيعيش حتى يولد له، وللأمن من التلقيب، لأن الغالب أن من يذكر شخصا فيعظمه أن لا يذكره باسمه الخاص به فإذا كانت له كنية أمن من تلقيبه، ولهذا قال قائلهم: بادروا أبناءكم بالكنى قبل أن تغلب عليها الألقاب، وقالوا: الكنية للعرب كاللقب للعجم، ومن ثم كره للشخص أن يكني نفسه إلا إن قصد التعريف".
(يُتْبَعُ)
(/)
- منع عدد من أهل العلم من تكنية الكافر وعللوا لما فيه من إكبار وتعظيم. وكثير ممن سوغ تكنيته ردها إلى نوع من الإكرام المباح ولاسيما للمصلحة من نحو قول ابن عبدالبر: "وفيه إجازة تكنية الكافر إذا كان وجها ذا شرف، وطمع بإسلامه، وقد يجوز ذلك وإن لم يطمع بإسلامه، لأن الطمع ليس بحقيقة توجب عملاً وقد قال: «إذا أتاكم كريم قوم، أو كريمة قوم، أو كريمة قوم، فأكرموه»، ولم يقل إن طمعتم بإسلامه".
- إشار بعضهم كالنووي إلى أن من الأدب أن لايكني المرء نفسه قال: "والأدب أن لا يذكر الرجل كنيته في كتابه ولا في غيره إلا أن لا يعرف إلا بكنيته أو كانت الكنية أشهر من اسمه". وعللوا: لأن الكنية تفيد التعظيم.
- عد بعضهم ترك تكنية صاحب المنصب والجاه لغير كما يقع من قبل بعض الخلفاء مع من هم دونهم من جملة التكبر [التمهيد 19/ 202].
- ما ثبت من تكنية النبي صلى الله عليه وسلم لعدد من أصحابه من ولد له ومن لم يولد وكذلك السلف، فإن كان هو الاسم سواء أو كان الاسم خيراً ما عدلوا إليها، خاصة مع إرشاده صلى الله عليه وسلم للدعاء بأحب الأسماء. ولهذا قال النووي: "ويستحب تكنية أهل الفضل من الرجال والنساء، سواء كان له ولد، أم لا، وسواء كني بولده، أم بغيره". أهـ من روضة الطالبين، وذكره غيره.
فائدة: من العجيب أن أبا حيان رحمه الله بعد أن قرر الاحتمال الرابع المذكور رجع في أول سورة الحجرات فقال: "وفي الحديث: «كنوا أولادكم». قال عطاء: مخافة الألقاب. وعن عمر: «أشيعوا الكنى فإنها سنة». انتهى، ولا سيما إذا كانت الكنية غريبة، لا يكاد يشترك فيها أحد مع من تكنى بها في عصره، فإنه يطير بها ذكره في الآفاق، وتتهادى أخباره الرفاق، كما جرى في كنيتي بأبي حيان، واسمي محمد. فلو كانت كنيتي أبا عبد الله أو أبا بكر، مما يقع فيه الاشتراك، لم أشتهر تلك الشهرة، وأهل بلادنا جزيرة الأندلس كثيراً ما يلقبون الألقاب، حتى قال فيهم أبو مروان الطنبي:
يا أهل أندلس ما عندكم أدب * بالمشرق الأدب النفاخ بالطيب
يدعى الشباب شيوخاً في مجالسهم * والشيخ عندكم يدعى بتلقيب ... "!
فرجع على الوجه الأخير الذي ذكره بالنقض، وماذا إلاّ لرسوخ ما قُرر في عرف العرب، وكذلك ابن حجر قرر ما قرر ثم نقل ما نقل.
فإذا تقرر ذلك، فقد يرد سؤال أشار إليه أبو حيان وهو: لماذا لم يكن الله أحداً من الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، وهم بالإكرام أولى، وبالإعظام أحرى؟
وجوابه ما قاله الزمخشري: "قالوا: لم تكن الكنى لشيء من الأمم إلا للعرب وهي من مفاخرها"، وقد استجل السيوطي هذه الفائدة في المزهر، وهذا شائع معروف إلى يوم الناس هذا. فالعجم عندهم الألقاب كما أشار ابن القيم وعندهم النداء باسم الجد أو نحوه للرجل، وباسم الزوج للمرأة.
فإن قيل: فلماذ ما أكرم محمداً صلى الله عليه وسلم بالتكنية؟ أجيب عليه من وجوه فيقال" 1 - لقد أكرم الله نبيه عليه الصلاة والسلام بما هو فوق ذلك فأشار إليه في مقامات التشريف باسم العبودية المحضة المنسوبة لرب البرية.
2 - ولأن محمداً صلى الله عليه وسلم مذكور باسمه في كتب أهل الكتاب، (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ) الآية، فلما كان الخطاب لهم باسمه ناسب أن يصرح في القرآن بما ذكره لهم.
3 - ووجه آخر ذكره غزالي عصره أبوعلي الحسن اليوسي في المحاضرات فقال: "وأما الكنية واللقب فيعتبران بوجهين: الأول نفس إطلاق الكنية واللقب، وهما في هذا مختلفان، فإن الكنية الكثير فيها إذا لم تكن اسماً أن يراد بها التعظيم وينبغي أن يعلم أن الناس باعتبارها ثلاثة أصناف:
1 - صنف لا يكنى لحقارته، وهو معلوم من أن الحقارة أمر إضافي، فرب حقير يكون له من يراه بعين التعظيم فيكنيه، والمقصود أن التحقير من حيث هو حقير لا يكنى إلاّ هزءاً أو تلميحاً.
2 - وصنف لا ينبغي أن يكنى لاستغنائه عنها وترفعه عن مقتضاها، ومن ثم لا يكنى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنهم أرفع من ذلك حتى إنهم أشرفت رفعتهم على أسمائهم فشرفت، فإذا ذكروا بها كانت أرفع من الكنى في حق غيرهم، وللملوك وسائر أكابر الناس نصيب من هذا المعنى.
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - وصنف متوسط بين هذين، وهو الذي يكنى تعظيماً، ثم إن كان التعظيم مطلوباً ككنية أهل العلم والدين ومن يحسن شرعاً تعظيمه فحسن، وكذا اكتناء المرء بنفسه إن كان تحدثاً بالنعمة أو تبركاً بالكنية باعتبار من صدرت عنه أو نحو ذلك من المقاصد الجميلة فحسن، وإلاّ فمن الشهوات النفسانية، فما كان تكبراً أو تعظيماً لمن لا يجوز تعظيمه بغير ضرورة ونحو ذلك فحرام، وإلاّ فمباح، وليس من هذا الباب ما يقصده به مجرد الإخبار فقط كقولك جاء
أبي أو أبو فلان هذا أي والده، ولا يقصد به معناه على وجه التفاؤل مثلاً نحو أبي الخير وأم السعد. وأما اللقب فيقصد به كل من المدح والذم وغير ذلك، والحكم كالذي قبله. الوجه الثاني النظر إلى مدلولهما الأصلي، وهما في ذلك كما مرّ في الاسم بل ذلك هنا أولى، لأن الأصل فيه أوضح".
فهذه ثلاثة أوجه تقضي على الاعتراض المذكور.
أما الاعتراض بتكنية بعض الكفار من قبل النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة فجوابه من أوجه:
- منها ما قرره النووي من اشتراط شروط لها من نحو عدم اشتهاره إلاّ بها، أو خيف من ذكره باسمه محظور أو فتنة. وكلا الوجهين استعملهما الزمخشري في تخريج آية سورة المسد.
- وقد يقال الأصل أن التكنية إكرام وهذا الأصل قد ينتقل عنه لناقل ظاهر، يفيد غير الإكرام كالتهكم مثلاً، وقد مثل له الزمخشري في تفسير الآية وغيره. كما سمى الحميم للكفار نزلاً، وقال: (إنك أنت العزيز الكريم) تهكماً، وكذلك قوله (أبي لهب * سيصلى ناراً ذات لهب)، كما يقال اليوم على سبيل التهكم: لأنتفن شاربك يا أبا الشوارب! ألا ترى أن ذلك أبلغ في السخرية إن عرف بإكرام الناس له بما أهنته به.
- وقد يقال ليس من الإكرام المنهي عنه تكنية غير الحربي أصلاً، بل هو مندرج تحت قوله: (لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) الآية، وبالأخص إذا اجتمع مع هذا قصد إلى ترغيبه في الإسلام ودعوته، ولعل هذا هو الأقرب غير أنه غير متوجه في الآية.
فإن قيل سقط الوجه الرابع في تخريج آية المسد، فبأي الأوجه الثلاثة الأخرى ينبغي أن يقال؟ قيل بجميعها فكلها صحيحة، وكل واحد منها بمجرده كفيل بإدراك سبب العدول عن التسمية فلما اجتمعت جميعها كان العدول عن ذكر الاسم إلى الكنية بديعاً بليغاً معجزاً عن الإتيان بنظير أو بديل. والله أعلم، وأحكم.
وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحابه أجمعين.
ـ[الغني بالله]ــــــــ[14 Aug 2006, 05:33 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ويضاف إلى بحثك الماتع
النكت والعيون - (ج 4 / ص 467)
وفي ذكر الله له بكنيته دون اسمه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه كان بكنيته أشهر منه باسمه.
الثاني: لأنه كان مسمى بعبد هشم، وقيل إنه عبد العزى فلذلك عدل عنه.
الثالث: لأن الاسم أشرف من الكنية، لأن الكنية إشارة إليه باسم غيره، ولذلك دعا الله أنبياءه بأسمائهم.أهـ.
قلت:
والعرب تكني إبليس بأبي مرة.
ـ[حارث الهمام]ــــــــ[15 Aug 2006, 05:33 م]ـ
جزاك الله خيرا.
ويضاف إلى بحثك الماتع
النكت والعيون - (ج 4 / ص 467)
وفي ذكر الله له بكنيته دون اسمه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه كان بكنيته أشهر منه باسمه.
الثاني: لأنه كان مسمى بعبد هشم، وقيل إنه عبد العزى فلذلك عدل عنه.
الثالث: لأن الاسم أشرف من الكنية، لأن الكنية إشارة إليه باسم غيره، ولذلك دعا الله أنبياءه بأسمائهم.أهـ.
قلت:
والعرب تكني إبليس بأبي مرة.
شكر الله لكم
أما الأولى ففي المبحث:
قال الزمخشري: "فإن قلت: لم كناه، والتكنية تكرمة؟ قلت: فيه ثلاثة أوجه. أحدها: أن يكون مشتهراً بالكنية دون الاسم، فقد يكون الرجل معروفاً بأحدهما، ولذلك تجري الكنية على الاسم، أو الاسم على الكنية عطف بيان، فلما أريد تشهيره بدعوة السوء، وأن تبقى سمة له، ذكر الأشهر من علميه ويؤيد ذلك قراءة من قرأ «يدا أبو لهب»، كما قيل: علي بن أبو طالب. ومعاوية بن أبو سفيان؛ لئلا يغير منه شيء فيشكل على السامع، ولفليتة بن قاسم أمير مكة ابنان، أحدهما: عبد الله - بالجرّ، والآخر عبد الله بالنصب. كان بمكة رجل يقال له: عبد الله - بجرّة الدال، لا يعرف إلاّ هكذا.
أما الثانية فمما جاء:
والثاني: أنه كان اسمه عبد العزّى، فعدّل عنه إلى كنيته.
وأما الثالثة فقد ورد ما يلي نصه:
قال أبو حيان بعد أن ذكر نحوا من الزمخشري مضيفاً سبباً آخرا: "أو لأن الاسم أشرف من الكنية، فعدل إلى الأنقص؛ ولذلك ذكر الله تعالى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأسمائهم ولم يكنّ أحداً منهم"، وقد ذكره من قبله القرطبي، ومن قبله ابن العربي.
وقد تعقب هذا الأخير، ولا عدمنا فوائدكم، فجزاك الله خيراً.
ـ[الغني بالله]ــــــــ[16 Aug 2006, 12:41 ص]ـ
لن تعدم من الاضافة فائدة ولو لم يكن غير المرجع.
حفظك الله وسدد خطاك ونفع بك.
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[21 Oct 2010, 06:18 م]ـ
جزا الله الخير الكثير أخي الكريم على هذا البحث، وأنا أقرأ تذكرت قوله تعالى:
(((ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ)))
فكونه أبا لهب ذا الجاه المعروف والمكانة المعروفة لن يدفع عنه العقاب الذي ينتظره جزاء كفره وظلمه.
والله أعلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[موراني]ــــــــ[21 Oct 2010, 10:37 م]ـ
تحيةً للجميع،السلام علينا جميعا،
أود أن أذكر قصة ماتعة وقعت بين المحدث طاوؤس بن كيسان وهشام بن عبد الملك أثناء زيارة الخليفة لمكة المكرمة: لما دخل المحدث المذكور على مجلس الخليفة خلع نعليه كالعادة غير أنه لم يسلم عليه بإمرة المؤمنين بل قال: (السلام عليك يا هشام!) ولم يقل بكنيته! وجلس بإزائه وقال: كيف أنت (يا هشام)؟ وغضب الخليفة من هذا الكلام ولم يمنعه من أمر قتل المحدث إلا المكان الذي كان هو فيه ... فلم يبق له إلا أن يسأل طاؤوس بن كيسان عما أدى به إلي هذا الكلام، فقال: إن الله عز وجل دعا أنبياءه إسما، مثل (يا داوود) مثل (يا يحيى)، مثل (يا عيسى)، أمّا أعدائه فكنّاهم مثل (تبت يدا أبي لهب)
أنظر إحياء علوم الدين للغزالي، في كتاب الحلال والحرام، باب حالة .....
ويقول القرطبي في أحكام القرآن في موضعه: سُمي باللهب لحسنه وإشراق وجهه.
فلا ننسى ما ذكر السيوطي في الإتقان:
أما الكنى فليس في القرآن منها غير أبي لهب واسمه عبد العزى ولذلك لم يُذكر باسمه لأنه حرام شرعا. (في آخر الفصل 69 عندي).
وهذا الموضوع واسع جدا.
ودام الجميع بخير
ـ[أم عبدالله الجزائرية]ــــــــ[22 Oct 2010, 11:32 ص]ـ
تحيةً للجميع،السلام علينا جميعا،
أود أن أذكر قصة ماتعة وقعت بين المحدث طاوؤس بن كيسان وهشام بن عبد الملك أثناء زيارة الخليفة لمكة المكرمة: لما دخل المحدث المذكور على مجلس الخليفة خلع نعليه كالعادة غير أنه لم يسلم عليه بإمرة المؤمنين بل قال: (السلام عليك يا هشام!) ولم يقل بكنيته! وجلس بإزائه وقال: كيف أنت (يا هشام)؟ وغضب الخليفة من هذا الكلام ولم يمنعه من أمر قتل المحدث إلا المكان الذي كان هو فيه ... فلم يبق له إلا أن يسأل طاؤوس بن كيسان عما أدى به إلي هذا الكلام، فقال: إن الله عز وجل دعا أنبياءه إسما، مثل (يا داوود) مثل (يا يحيى)، مثل (يا عيسى)، أمّا أعدائه فكنّاهم مثل (تبت يدا أبي لهب)
أنظر إحياء علوم الدين للغزالي، في كتاب الحلال والحرام، باب حالة .....
ويقول القرطبي في أحكام القرآن في موضعه: سُمي باللهب لحسنه وإشراق وجهه.
فلا ننسى ما ذكر السيوطي في الإتقان:
أما الكنى فليس في القرآن منها غير أبي لهب واسمه عبد العزى ولذلك لم يُذكر باسمه لأنه حرام شرعا. (في آخر الفصل 69 عندي).
وهذا الموضوع واسع جدا.
ودام الجميع بخير
شكرا د. موراني على هذه الإضافة.
وسؤال موجه للجميع، هل قولهم " أمير المؤمنين " لقب أم كنية؟
فابن كيسان كما في المشاركة أعلاه يراه كنية، والله أعلم.
ولابن كيسان توجيه جيد ونصيحة مهمة أيضا أذكرها والشيء بالشيء يذكر، فقد ورد في سير أعلام النبلاء ما يلي:
روى معمر، عن صالح، قال: اجتمعت أنا وابن شهاب ونحن نطلب العلم، فاجتمعنا على أن نكتب السنن، فكتبنا كل شئ سمعنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: نكتب ما جاء عن أصحابه، فقلت: ليس بسنة، فقال: بل هو سنة، فكتب ولم أكتب فأنجح وضيعت." أهـ(/)
على من نزلت السكينة في الغار
ـ[الغني بالله]ــــــــ[14 Aug 2006, 04:42 م]ـ
تفسير ابن أبي حاتم - (ج 7 / ص 263)
10384 - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَهْدِيٍّ الْمِصِّيصِيُّ، وَالسِّيَاقُ لإِبْرَاهِيمَ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ، عَنْ حَبِيبِ ابْنِ أَبِي ثَابِتٍ، فِي قَوْلِهِ: " فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ " قَالَ:"نَزَلَتْ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ".
10385 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَمَّادٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ " قَالَ:"عَلَى أَبِي بَكْرٍ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَزَلْ السَّكِينَةُ مَعَهُ".
تفسير الألوسي - (ج 7 / ص 231)
{فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ} وهي الطمأنينة التي تسكن عندها القلوب {عَلَيْهِ} أي على النبي صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن أبي حاتم. وأبو الشيخ. وابن مردويه. والبيهقي في الدلائل. وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن الضمير للصاحب. وأخرج الخطيب في تاريخه عن حبيب بن أبي ثابت نحوه، وقيل: وهو الأظهر لأن النبي عليه الصلاة والسلام لم ينزعج حتى يسكن ولا ينافيه تعين ضمير {وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا} له عليه الصلاة والسلام لعطفه على {نَصَرَهُ الله} لا على {أَنَزلَ} حتى تتفكك الضمائر على أنه إذا كان العطف عليه كما قيل به يجوز أن يكون الضمير للصاحب أيضاً كما يدل عليه ما أخرجه ابن مردويه من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله تعالى عنه: " يا أبا بكر إن الله تعالى أنزل سكينته عليك وأيدك " الخ وأن أبيت فأي ضرر في التفكيك إذا كان الأمر ظاهراً.
واستظهر بعضهم الأول وادعى أنه المناسب للمقام، وإنزال السكينة لا يلزم أن يكون لدفع الانزعاج بل قد يكون لرفعته ونصره صلى الله عليه وسلم، والفاء للتعقيب الذكرى وفيه بعد، وفسرها بعضهم على ذلك الاحتمال بما لا يحوم حوله شائبة خوف أصلاً، والمراد بالجنود الملائكة النازلون يوم بدر.
تفسير الألوسي - (ج 7 / ص 233)
واستدل بالآية على فضل أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وهو لعمري مما يدع الرافضي في حجر ضب أو مهامه قفر فانها خرجت مخرج العتاب للمؤمنين ما عدا أبا بكر رضي الله تعالى عنه.
تفسير الألوسي - (ج 7 / ص 234)
وكونه المراد من الصاحب مما وقع عليه الإجماع ككون المراد من العبد في قوله تعالى: {سُبْحَانَ الذى أسرى بِعَبْدِهِ} [الإسراء: 1] رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هنا قالوا: إن إنكار صحبته كفر.
مع ما تضمنته من تسلية النبي عليه الصلاة والسلام له بقوله: {لاَ تَحْزَنْ} وتعليل ذلك بمعية الله سبحانه الخاصة المفادة بقوله: {إِنَّ الله مَعَنَا} ولم يثبت مثل ذلك في غيره بل لم يثبت نبي معية الله سبحانه له ولآخر من أصحابه وكأن في ذلك إشارة إلى أنه ليس فيهم كأبي بكر الصديق رضي الله عنه.
زاد المسير - (ج 3 / ص 178)
وفي هاء «عليه» ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها ترجع إلى أبي بكر، وهو قول علي بن أبي طالب، وابن عباس، وحبيب بن أبي ثابت، واحتجَ من نصر هذا القول بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مطمئناً.
والثاني: أنها ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قاله مقاتل.
والثالث: أن الهاء هاهنا في معنى تثنية، والتقدير: فأنزل الله سكينته عليهما، فاكتفى باعادة الذِّكر على أحدهما من إعادته عليهما، كقوله: {والله ورسوله أحق أن يرضوه} [التوبة: 62] ذكره ابن الأنباري ..
تفسير الرازي - (ج 8 / ص 30)
والوجه العاشر: قوله: {فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} ومن قال الضمير في قوله: {عَلَيْهِ} عائداً إلى الرسول فهذا باطل لوجوه:
الوجه الأول: أن الضمير يجب عوده إلى أقرب المذكورات، وأقرب المذكورات المتقدمة في هذه الآية هو أبو بكر، لأنه تعالى قال: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ} والتقدير: إذ يقول محمد لصاحبه أبي بكر لا تحزن، وعلى هذا التقدير: فأقرب المذكورات السابقة هو أبو بكر، فوجب عود الضمير إليه.
والوجه الثاني: أن الحزن والخوف كان حاصلاً لأبي بكر لا للرسول عليه الصلاة والسلام، فإنه عليه السلام كان آمناً ساكن القلب بما وعده الله أن ينصره على قريش فلما قال لأبي بكر لا تحزن صار آمناً، فصرف السكينة إلى أبي بكر ليصير ذلك سبباً لزوال خوفه، أولى من صرفها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، مع أنه قبل ذلك ساكن القلب قوي النفس.
والوجه الثالث: أنه لو كان المراد إنزال السكينة على الرسول لوجب أن يقال: إن الرسول كان قبل ذلك خائفاً، ولو كان الأمر كذلك لما أمكنه أن يقول لأبي بكر: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا} فمن كان خائفاً كيف يمكنه أن يزيل الخوف عن قلب غيره؟ ولو كان الأمر على ما قالوه لوجب أن يقال: فأنزل الله سكينته عليه، فقال لصاحبه لا تحزن، ولما لم يكن كذلك، بل ذكر أولاً أنه عليه الصلاة والسلام قال لصاحبه لا تحزن، ثم ذكر بفاء التعقيب نزول السكينة، وهو قوله: {فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ} علمنا أن نزول هذه السكينة مسبوق بحصول السكينة في قلب الرسول عليه الصلاة والسلام، ومتى كان الأمر كذلك وجب أن تكون هذه السكينة نازلة على قلب أبي بكر.
تفسير ابن كثير [جزء 2 - صفحة 472]
{فأنزل الله سكينته عليه} أي تأييده ونصره عليه أي على الرسول صلى الله عليه وسلم في أشهر القولين وقيل على أبي بكر وروي عن ابن عباس وغيره قالوا: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم تزل معه سكينة وهذا لا ينافي تجدد سكينة خاصة بتلك الحال ولهذا قال: {وأيده بجنود لم تروها} أي الملائكة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[روضة]ــــــــ[14 Aug 2006, 06:27 م]ـ
سبق الحديث عن هذا الموضوع في الرابط:
(فأنزل الله سكينته عليه) لأبي بكر، لا للنبي صلى الله عليه وسلم! (شارك)
( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4928&highlight=%D3%DF%ED%E4%CA%E5)
ـ[الغني بالله]ــــــــ[16 Aug 2006, 12:37 ص]ـ
شكر الله لكم وجزاكم خيرا وأرشدكم إلى الحق.(/)
أوضح درجات التفسير النبوي ماذا تسمى؟
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[14 Aug 2006, 11:38 م]ـ
نعلم أن أوضح ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير القرآن هو التفسير اللفظي الصريح مثل: تفسير المغضوب عليهم باليهود، والقوة بالرمي، ونحو ذلك.
لكن ما رأيكم في التسمية الدقيقة لهذا النوع؟
هل يسمى: التفسير الصريح كما ذكر السيوطي وتبعه من بعده؟
أو يسمى: التفسير اللفظي باعتباره لفظيا ويراعي ألفاظ الآية؟
أو يسمى: التفسير النصي لأنه نص في بيان المعنى؟
أو يسمى التفسير المباشر؟
أو يجمع بين ما سبق كله؟
أرجو إعمال أفكاركم وتفتيق أذهانكم في هذا ..
وجزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Aug 2006, 01:44 م]ـ
الذي يبدو لي أنها تعبيرات متقاربة للدلالة على المعنى نفسه، فبأيها عبرت فقد أصبت، وإن جمعت بينها زيادة في التوضيح فهذا في رأي مقبول وقريب، وفقكم الله يا أبا عبدالعزيز.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[15 Aug 2006, 03:25 م]ـ
السلام عليكم:
هل يندرج وصف هذه الأحاديث تحت بابة الأحاديث القدسية باعتبار أنها وحي مبين لتفسير كلمات الله تعالى، فالذي ينقح في فكري القاصر أن كل ما يندرج من أقوال نبوية لها علاقة مباشرة بالوحي أو نعت صفة لله سبحانه من هذا الباب سواء كان تفسير مباشر لكلمات الله تعالى بالأوصاف التي ذكرها أخونا خالد أو ما ورد فضل عمل ما مثلا بإثبات صفة مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم إن الله يحب ثلاث. أو إن الله ليرضى ..
فهل يصح تصنيف هذه الأحاديث في تبويب الأحاديث القدسية!
ـ[مرهف]ــــــــ[19 Aug 2006, 07:43 م]ـ
أود التعليق بشيئين: الأول: لم لا نسمي تفسير النبي صلى الله عليه وسلم بالتفسير المحكم لأنه لا خلاف عليه.
الأمر الثاني: وهو تعليق على ما قاله الأخ أيمن شعبان أن جعل هذه الأحاديث من الأحاديث القدسية بعيد برأيي، لسببين الأول مخالفة اصطلاح العلماء في تعريف الحديث القدسي إذ واجبنا احترام ما اتفق عليه العلماء، الثاني: أهم قيد في الحديث القدسي هو نسبة الكلام إلى الله تعالى إبتداءً، وأرى أن هذا غير متوفر في ما تفضلتم به والله أعلم
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[23 Aug 2006, 02:54 ص]ـ
أشكر الاستاذ المفضال مرهف لرده(/)
ما تفسير هذا القول عن مجاهد في تفسير الطبري رحمه الله؟
ـ[سلسبيل]ــــــــ[15 Aug 2006, 12:27 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما تفسير هذه العباره (باللون الأحمر) الوارد ه في تفسير الطبري وما هو المقصود بها؟
عند تفسير قوله تعالى:
وَإِذْ أَخَذَ اللَّه مِيثَاق النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَاب وَحِكْمَة ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُول مُصَدِّق لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ}
(فَقَالَ بَعْضهمْ: إِنَّمَا أَخَذَ اللَّه بِذَلِكَ مِيثَاق أَهْل الْكِتَاب , دُون أَنْبِيَائِهِمْ , وَاسْتَشْهَدُوا لِصِحَّةِ قَوْلهمْ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} قَالُوا: فَإِنَّمَا أَمَرَ الَّذِينَ أُرْسِلَتْ إِلَيْهِمْ الرُّسُل مِنْ الْأُمَم بِالْإِيمَانِ بِرُسُلِ اللَّه , وَنُصْرَتهَا عَلَى مَنْ خَالَفَهَا. وَأَمَّا الرُّسُل فَإِنَّهُ لَا وَجْه لِأَمْرِهَا بِنُصْرَةِ أَحَد , لِأَنَّهَا الْمُحْتَاجَة إِلَى الْمَعُونَة عَلَى مَنْ خَالَفَهَا مِنْ كَفَرَة بَنِي آدَم , فَأَمَّا هِيَ فَإِنَّهَا لَا تُعِين الْكَفَرَة عَلَى كُفْرهَا وَلَا تَنْصُرهَا. قَالُوا: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرهَا وَغَيْر الْأُمَم الْكَافِرَة , فَمَنْ الَّذِي يَنْصُر النَّبِيّ , فَيُؤْخَذ مِيثَاقه بِنُصْرَتِهِ؟ ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ: 5786 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّه مِيثَاق النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَاب وَحِكْمَة} قَالَ: هِيَ خَطَأ مِنْ الْكَاتِب , وَهِيَ فِي قِرَاءَة اِبْن مَسْعُود: " وَإِذْ أَخَذَ اللَّه مِيثَاق الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب ". * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ: ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله. 5787 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا إِسْحَاق , قَالَ: ثنا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع فِي قَوْله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّه مِيثَاق النَّبِيِّينَ} يَقُول: وَإِذْ أَخَذَ اللَّه مِيثَاق الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب , وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا الرَّبِيع: " وَإِذْ أَخَذَ اللَّه مِيثَاق الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب " , إِنَّمَا هِيَ أَهْل الْكِتَاب , قَالَ: وَكَذَلِكَ كَانَ يَقْرَؤُهَا أُبَيّ بْن كَعْب , قَالَ الرَّبِيع: أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُول: {ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُول مُصَدِّق لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} يَقُول.: لَتُؤْمِنُنَّ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَتَنْصُرُنَّهُ , قَالَ: هُمْ أَهْل الْكِتَاب ... ))
http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?nType=1&bm=&nSeg=0&l=arb&nSora=3&nAya=81&taf=TABARY&tashkeel=0
السؤال:
ماذا يقصد بقوله عن مجاهد رحمه الله (هي خطأ من الكاتب)؟
ـ[سلسبيل]ــــــــ[15 Aug 2006, 12:43 ص]ـ
وايضا كيف نرد على من يتخذ من عبارة مشابهه ذكرت عن ابن عباس عند قوله تعالى حتى تستأنسوا قال هي وهم من الكتاب في تفسير الطبري ايضا عند قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أهلها)
من يتخذها ذريعه لإتهام اهل السنه بالقول بالتحريف؟؟
حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ: ثنا هُشَيْم , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس , أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأ: " لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْر بُيُوتكُمْ حَتَّى تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلهَا " قَالَ: وَإِنَّمَا " تَسْتَأْنِسُوا " وَهْم مِنَ الْكُتَّاب. * - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ: ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ: ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنِ ابْن عَبَّاس فِي هَذِهِ الْآيَة: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْر بُيُوتكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلهَا} وَقَالَ
(يُتْبَعُ)
(/)
: إِنَّمَا هِيَ خَطَأ مِنَ الْكَاتِب: " حَتَّى تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُوا ". * - حَدَّثَنَا ابْن الْمُثَنَّى , قَالَ: ثنا وَهْب بْن جَرِير , قَالَ: ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي بِشْر , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , بِمِثْلِهِ , غَيْر أَنَّهُ قَالَ: إِنَّمَا هِيَ حَتَّى تَسْتَأْذِنُوا , وَلَكِنَّهَا سَقْط مِنَ الْكَاتِب. 19611 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ: ثنا ابْن عَطِيَّة , قَالَ: ثنا مُعَاذ بْن سُلَيْمَان , عَنْ جَعْفَر بْن إِيَاس , عَنْ سَعِيد , عَنْ ابْن عَبَّاس: {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلهَا} قَالَ: أَخْطَأَ الْكَاتِب. وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقْرَأ: " حَتَّى تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُوا " وَكَانَ يَقْرَؤُهَا عَلَى قِرَاءَة أُبَيّ بْن كَعْب. 19612 - حَدَّثَنَا ابْن بَشَّار , قَالَ: ثنا أَبُو عَامِر , قَالَ: ثنا سُفْيَان , عَنِ الْأَعْمَش أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا: " حَتَّى تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُوا " قَالَ سُفْيَان: وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْن عَبَّاس كَانَ يَقْرَؤُهَا: وَحَتَّى تَسْتَأْذِنُوا وَتُسَلِّمُوا " وَقَالَ: إِنَّهَا خَطَأ مِنْ الْكَاتِب. 19613 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ: ثني أَبِي , قَالَ: ثني عَمِّي , قَالَ: ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنِ ابْن عَبَّاس , قَوْله: {يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْر بُيُوتكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلهَا} قَالَا: الِاسْتِئْنَاس: الِاسْتِئْذَان
http://quran.al-islam.com/Tafseer/DispTafsser.asp?nType=1&bm=&nSeg=0&l=arb&nSora=24&nAya=27&taf=TABARY&tashkeel=0
وأيضا:::::::
في تفسير ابن عطيه
الجزء الرابع ص290
لَّـ?كِنِ ?لرَّاسِخُونَ فِي ?لْعِلْمِ مِنْهُمْ وَ?لْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَ?لْمُقِيمِينَ ?لصَّلاَةَ وَ?لْمُؤْتُونَ ?لزَّكَاةَ وَ?لْمُؤْمِنُونَ بِ?للَّهِ وَ?لْيَوْمِ ?لآخِرِ أُوْلَـ?ئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً}
(واختلف الناس في معنى قوله {والمقيمين} وكيف خالف إعرابها إعراب ما تقدم وتأخر، فقال أبان بن عثمان بن عفان وعائشة رضي الله عنها: ذلك من خطأ كاتب المصحف، وروي أنها في مصحف أبيّ بن كعب " والمقيمون " وكذلك روى عصمة عن الأعمش، وكذلك قرأ سعيد بن جبير، وكذا قرأ عمرو بن عبيد والجحدري وعيسى بن عمر ومالك بن دينار، وكذلك روى يونس وهارون عن أبي عمرو، .. )
http://www.altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=0&tTafsirNo=14&tSoraNo=4&tAyahNo=162&tDisplay=yes&UserProfile=0
ـ[سلسبيل]ــــــــ[15 Aug 2006, 02:07 ص]ـ
وايضا في المحرر الوجيز الجزء العاشر ص 50 جاء عند قوله تعالى:
(إن هذان لساحران) طه
قال القاضي أبو محمد: وفي هذا التأويل دخول اللام في الخبر وقال بعض النحاة ألف " هذان " مشبهة هنا بألف تفعلان وقال ابن كيسان لما كان هذا بحال واحدة في رفعه ونصبه وخفضه تركت تثنيته هنا كذلك، وقال جماعة، منهم عائشة رضي الله عنها وأبو بكر، هذا مما لحن الكاتب فيه وأقيم بالصواب وهو تخفيف النون من أن ع وهذه الأقوال معترضة إلا ما قيل من أنها لغة، .. )
http://www.altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=0&tTafsirNo=14&tSoraNo=20&tAyahNo=63&tDisplay=yes&Page=2&Size=1
وكذلك ما ورد في تفسير روح المعاني عند قوله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه)
((ثم إن لزوم أن لا يعبد أحد غير الله تعالى ادعاه ابن عباس فيما يروى للقضاء من غير تفصيل، فقد أخرج أبو عبيد. وابن منيع، وابن المنذر. وابن مروديه من طريق ميمون بن مهران عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال: أنزل الله تعالى هذا الحرف على لسان نبيكم {وَوَصَّى? * رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّـ?هُ} فلصقت إحدى الواوين بالصاد فقرأ الناس {وَقَضَى? رَبُّكَ} ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد، وأخرج مثل ذلك عنه جماعة من طريق سعيد بن جبير. وابن أبي حاتم من طريق الضحاك ورويت هذه القراءة عن ابن مسعود. وأبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما أيضاً وهذا إن صح عجيب من ابن عباس
(يُتْبَعُ)
(/)
http://www.altafsir.com/Tafasir.asp?tMadhNo=0&tTafsirNo=52&tSoraNo=17&tAyahNo=23&tDisplay=yes&UserProfile=0
كيف نرد على من يستشهد بهذه النصوص بأن الصحابه رضي الله عنهم يقولون بتحريف القرآن الكريم وان فيه اخطأء او لحن من الكتاب؟؟؟؟؟؟؟
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[15 Aug 2006, 10:00 ص]ـ
هذا تعليق محمود شاكر على قول مجاهد الأول: (بمثل هذا الأثر، يستدل من يستدل من جهله المستشرقين وأشياعهم، على الخطأ والتحريف في كتاب الله المحفوظ. وهم لم يكونوا أول من قال به، بل سبقهم إليه أسلافهم من غلاة الرافضة وأشباههم من الملحدة. ولم يقصر علماء أهل الإسلام في بيان ما قالوه، وفي تعقب آرائهم وبيان فسادها، ووهن حجتها. ومن أعظم ما قرأت في ذلك، كتاب"الانتصار لنقل القرآن"، للقاضي الباقلاني، وهو كتاب مخطوط لا يزال، وهي في ملك أخي السيد أحمد صقر، وهو أمين على نشره. وقد عقد القاضي بابًا، بل أبوابًا، في تعلق القائلين بذلك، بالشواذ من القراءات، والزيادات المروية عن السلف رواية الآحاد، وكشف عن فساد تعلقهم بذلك فيما راموه من الطعن في نقل المصحف. وقد أطال في ذلك واستوعب، وذكرها مفصلة، وذكر الروايات التي رويت في ذلك. ومما قال في باب منه: "وأما نحن، وإن كنا نوثق جميع من ذكرنا من السلف وأتباعهم، فإنا لا نعتقد تصديق جميع ما يروى عنهم، بل نعتقد أن فيه كذبًا كثيرًا قد قامت الدلالة على أنه موضوع عليهم، وأن فيه ما يمكن أن يكون حقًا عنهم، وما يمكن أن يكون باطلا، ولا يثبت عليهم من طريق العلم البتات، بأخبار الآحاد. وإذا كان ذلك كذلك، وكانت هذه القراءات والكلمات المروية عن جماعة منهم، المخالفة لما في مصحفنا، مما لا نعلم صحتها وثبوتها، وكنا مع ذلك نعلم اجتماعهم على تسليم مصحف عثمان، وقراءتهم وإقراءهم ما فيه، والعمل به دون غيره = لم يجب أن نحفل بشيء من هذه الروايات عنهم، لأجل ما ذكرنا".
قلت: والقول الذي ذكره مجاهد، أنه: "خطأ من الكاتب"، إنما عنى به أن قراءة ابن مسعود هي القراءة التي كانت في العرضة الأخيرة، وأن الكاتب كتب القراءة التي كانت قبل العرضة الأخيرة، وأنه كان عليه أن يكتب ما كان في العرضة الأخيرة، فأخطأ وكتب القراءة الأولى. ولم يرد بقوله: "خطأ من الكاتب"، أنه وضع ذلك من عند نفسه. كيف؟ والقرآن متلقى بالرواية والوراثة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا بما هو مكتوب في الصحف!! هذا بيان قد تعجلته، ولتفصيل هذا موضع غير الذي نحن فيه.)
ـ[سلسبيل]ــــــــ[17 Aug 2006, 03:33 ص]ـ
ومما قال في باب منه: "وأما نحن، وإن كنا نوثق جميع من ذكرنا من السلف وأتباعهم، فإنا لا نعتقد تصديق جميع ما يروى عنهم، بل نعتقد أن فيه كذبًا كثيرًا قد قامت الدلالة على أنه موضوع عليهم، وأن فيه ما يمكن أن يكون حقًا عنهم، وما يمكن أن يكون باطلا، ولا يثبت عليهم من طريق العلم البتات، بأخبار الآحاد. وإذا كان ذلك كذلك، وكانت هذه القراءات والكلمات المروية عن جماعة منهم، المخالفة لما في مصحفنا، مما لا نعلم صحتها وثبوتها، وكنا مع ذلك نعلم اجتماعهم على تسليم مصحف عثمان، وقراءتهم وإقراءهم ما فيه، والعمل به دون غيره = لم يجب أن نحفل بشيء من هذه الروايات عنهم، لأجل ما ذكرنا".
جزاكم الله خير الجزاء شيخنا الفاضل وزادكم الله علما ولا حرمنا الله من المشايخ امثالكم المدافعين عن كتاب الله والمنتصرين له في وجه تطاولت فيه ألسنة السوء على كتاب الله وصحابه رسول الله ولكن الله هيأ لهذا الدين رجالا يلقمون افواه المبطلين ويلجمونهم كما لجمهم من قبل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى
واقترح أن يتم في هذا المنتدى ولا سيما هو متخصص في القرآن الكريم رد شبهات المبطلين والدفاع عن الصحب الكرام مما يقول به اعداء الدين لا سيما من غلاة الرافضه المارقين والنصارى الحاقدين
وجزاكم الله خيرا عن الإسلام والمسلمين
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[18 Aug 2006, 07:12 م]ـ
أخي ابو مجاهد بارك الله فيك.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[27 Aug 2006, 11:32 ص]ـ
قد كنت كتبت حول هذا الموضوع بحثين نشرا في مجلة جامعة الزرقاء الاهلية في الاردن وارسلتهما عبر البريد الى شيخنا الطيار وشيخنا الشهري احدهما بعنوان دراسة ماروي عن عثمان في شان لحن القران والثاني بعنوان الجواب عما خطأت به عائشة كتاب المصاحف ارجو ان يكون بهما نفع وافادة
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[11 Nov 2009, 12:31 ص]ـ
قد كنت كتبت حول هذا الموضوع بحثين نشرا في مجلة جامعة الزرقاء الاهلية في الاردن وارسلتهما عبر البريد الى شيخنا الطيار وشيخنا الشهري احدهما بعنوان دراسة ماروي عن عثمان في شان لحن القران والثاني بعنوان الجواب عما خطأت به عائشة كتاب المصاحف ارجو ان يكون بهما نفع وافادة
أرجو أن نتمكن من الاطلاع على هذين البحثين إن أمكن.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[12 Nov 2009, 09:45 ص]ـ
البحثان الان منشوران في ملتقى البيان لتفسير القران وهذا رابطهما
http://www.bayan-alquran.net/forums/showthread.php?t=3609
واقبلوا تحياتي(/)
تعريف بسيد قطب وآثاره العلمية:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[15 Aug 2006, 03:46 ص]ـ
تعريف بسيد قطب وآثاره العلمية.
ولد سيد قطب عام 1326هـ الموافق لسنة 1906م، وقد عاش في أسرة وسط، لا هي بالثرية ثراء فاحشا، ولا هي بالفقيرة التي تعيش الفاقة والخصاصة. وكان للجو والبيئة اللذين ولد فيهما أثر عظيم على حياته، فقد ولد في بيئة مليئة بالأولياء والمشعوذين، فكان أن ارتسمت في نفسه معالم الانحراف عن المحجة البيضاء، ونهج سبل الشيطان، فوجدناه بعد أن شب ونضج فكره يولي اهتمامه لتصحيح عقيدة المسلم، فكانت كتاباته كلها تقريبا تصب في مصب واحد، ألا وهو تحديد خصائص التصور الإسلامي ومقوماته.
اما البيت الذي نشأ فيه سيد قطب فهو بيت صلاح وفلاح، فضلا عما كان عليه أفراده من علم ووعي سياسي، فأبوه كان من الوطنيين الغيورين الذين شاركوا في ثورة عرابي (1882م)، وأخواله كانوا على قدر غير يسير من العلم، مما هيأ لسيد فرصة التعلم والتحصيل، فقد دفع به أبوه وهو طفل صغير إلى الكتاب ليحفظ القرآن الكريم، ونظرا للحالة المزرية التي كانت عليها الكتاتيب أخرجه منها ليلحقه بالمدرسة النظامية بالقرية، وذلك دون أن يهمل تحفيظه القرآن، فكان أن جمع بين حسنات التعليم النظامي الجاد والمثمر، وحفظ القرآن الكريم الذي أتم حفظه ولما يبلغ العاشرة من عمره.
وبعد أن أتم دراسته الابتدائية بمدارس القرية، رحل إلى القاهرة ليلتحق بمدرسة ثانوية كانت تسمى "تجهيزية دار التعليم"، التي تخرج منها بعد مدة من الزمن، مما جعله مؤهلا لإتمام دراسته العليا بكلية دار العلوم، وقد كان من ألمع طلبتها نجابة ونبوغا وخلقا، وفي هذه المرحلة من عمره بدأت مواهبه الفنية عامة، والأدبية خاصة تتفتح، ولعل أولى ثمراتها كتابه "مهمة الشاعر في الحياة" الذي قدم له الدكتور محمد مهدي علام وهو من أساتذة سيد قطب بدار العلوم بقوله: «إنني لأعد سيد قطب مفخرة من مفاخر دار العلوم، وإذا قلت دار العلوم فقد عنيت دار الحكمة والأدب». وبعد تخرجه من دار العلوم أصبح أستاذا بمدرسة ابتدائية بدمياط، ومارس في هذه الفترة كتابة الأدب بكل فنونه وأجناسه، من نقد، وقصة وشعر، وخاطرة، كما أن الصحف عرفته كصحفي مبدع، فكتب في كثير من الصحف كالأهرام، والأسبوع، والرسالة، والشرق الجديد، والعالم العربي، وغيرها من الصحف والمجلات، ولم يكن متقيدا بإحداها، بل كان ينتقل من واحدة إلى أخرى مما يبرهن على حرصه الشديد على حريته الفكرية.
وفي سنة 1948 ابتعث من طرف الحكومة المصرية إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليقضي عامين هناك قصد دراسة نظم ومناهج التربية الحديثة، ولكنه خيب آمال باعثيه بعد عودته إلى مصر سنة 1950، ذلك أنه رفض الإسهام في جعل مصر حقلا من حقول التجارب التي تطبقها أمريكا على أبناء وأجيال الدول النامية. وقد كان سفر سيد قطب إلى أمريكا نقطة تحول كبير في حياته الفكرية، ذلك أنه وقف على معالم ومظاهر الفساد الأخلاقي في المجتمع الغربي، وتدني قيمة الإنسان أمام الآلة، بحيث أصبح عبدا لها. فكان أن أعلن سخطه على مادية الغرب ومساوئها، فراح يحذر المسؤولين والقائمين على تربية أبناء المسلمين من خطر الثقافة الغربية على عقيدتنا، وقيمنا وأخلاقنا، وعلى استقرار مجتمعاتنا، فأعلنها حربا شعواء على الثقافة الغربية، ومن يتبناها من المستغربين وكان يبث ذلك في المقالات الصحفية، والندوات الفكرية، وقد جمع كل انتقاداته للثقافة الغربية المادية في كتابه، وهو "أمريكا التي رأيت ".
وبعد عودته من أمريكا، واطلاعه على ما آلت إليه الإنسانية من مصير ينذر بالشؤم أصدر مجلة "الفكر الجديد" التي كان يمولها صاحب مطبعة وهو السيد "محمد حلمي المناوي"، وكان من أهداف المجلة التصدي لمعالم الفساد في المجتمع المصري، والمتمثل في بعض الإقطاعيين (الباشوات) والرأسمالية الجشعة التي كانت يومئذ تدير دفة الأمور السياسية والاقتصادية. وفي سنة 1951 انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين، ليصبح من أبرز مفكريها ودعاتها وفور خروج الإخوان المسلمين من معتقلات فاروق سنة 1952 انتخب سيد قطب عضوا في مكتب الإرشاد للجماعة، وعين رئيسا لقسم نشر الدعوة في المركز العام للجماعة. وفي مارس 1953 انتدبته لجنة حلقة الدراسات الاجتماعية المصرية ليمثلها في مؤتمر حلقة
(يُتْبَعُ)
(/)
الدراسات الاجتماعية المنعقد في دمشق، وفي نفس السنة مثل جماعة الإخوان المسلمين في المؤتمر الإسلامي الشعبي بالقدس الشريف. وفي سنة 1954 انتخب من قبل مجلس الإرشاد ليكون رئيسا لتحرير مجلة "الإخوان المسلمون"، وظل يديرها إلى أن أوقف إصدارها في العاشر من سبتمبر من السنة نفسها، وذلك لمعارضتها للاتفاقية المصرية البريطانية التي عقدها رجال الثورة مع الحكومة البريطانية. وكان ذلك بداية مسلسل دموي مخز، حيث سبق سيد قطب وصحبه إلى سراديب الإهانة والعذاب، وزج بهم في زنازين سجون "القلعة" و " السجن الحربي"، و"أبى زعبل" و " ليمان طرة"، ولكن سيد قطب ظل صابرا محتسبا، ولم يستطع الطغاة بوسائلهم الإرهابية أن ينالوا من عزيمته الصلبة أو أن يزعزعوا إيمانه الراسخ بعدل الله تعالى، فقاسى أشد العذاب بقلب مفعم بالصبر والإيمان والاحتساب.
وفي سنة 1955 نقل إلى المستشفى العسكري للمعالجة مما أصابه من آثار التعذيب، والأمراض المختلفة التي أصيب بها نتيجة ظروف السجن غير الإنسانية، وحكم عليه في الثالث من يوليه 1955 من قبل محكمة الشعب بالسجن خمسة عشر عاما مع الأشغال الشاقة، وقد كان السجن مناسبة طيبة لإعادته النظر في كتاباته التي كتبها قبل أن يلتزم مع جماعة الإخوان المسلمين.
والغريب في الأمر أن السجن كان بالنسبة لسيد قطب فتحا من الله سبحانه وتعالى، على عكس ما كان يأمله جلادوه، فقد أتاه الله رغم ضعف بنيته، وتكالب الأمراض عليه مكنته من الصمود في وجه الجلادين، وإنجاز الأعمال الشاقة المفروضة عليه، وفوق ذلك بعد ان يعود إلى زنزانته يركن إلى الكتابة والبحث والتحقيق.
وفي سنة1963 وبمبادرة من رئيس الجمهورية العراقية عبد السلام عارف أفرج عن سيد قطب، ولكنه لم يلبث أن اعتقل من جديد، وذلك بتهمة الإعداد لانقلاب عسكري، وأذاقوه الأمرين طيلة عامين كاملين، ثم قدم لمحاكمة صورية قضت بإعدامه مع زمرة من إخوانه وتلامذته، ونفذ فيه رحمه الله حكم الإعدام فجر يوم 29 أغسطس 1966م.
2 - سيد قطب: تراثه الفكري والأدبي.
خلف سيد قطب تراثا أدبيا وفكريا ضخما، يشهد بما كان يتمتع به الرجل من موهبة أدبية أصيلة، وطاقة فكرية فذة، ورؤية إسلامية لواقع أمته المتدني، وعي تام بمشكلات العصر السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية. ويمكننا أن نقسم كتاباته إلى ثلاث مراحل، هي جماع حياته، فهو قد بدأ حياته أديبا ناقدا، ثم مفكرا إسلاميا، ثم مفسرا للقرآن الكريم.
أ. تراثه الأدبي:
جرب سيد قطب رحمه الله أغلب الأجناس الأدبية المتعارف عليها في العصر الحديث، من شعر، وقصة، ونقد، وخاطرة، ومقالة أدبية وفكرية مما يشهد له بالنبوغ في مجال الأدب، ويمكننا أن نصنف كتاباته الأدبية إلى ثلاثة أقسام:
1 - القصة:
أ- طفل من القرية (1945).
ب- أشواك.
ج- المدينة المسحورة.
د- الأطياف الأربعة (بالاشتراك مع إخوته).
2 - الشعر:
أ- الشاطئ المجهول.
ب- حلم الفجر.
ج- قافلة الرقيق.
3 - النقد:
أ- مهمة الشاعر في الحياة (1932).
ب- نقد مستقبل الثقافة في مصر.
ج- كتب وشخصيات.
د- النقد الأدبي: أصوله ومناهجه.
ب. تراثه الفكري الإسلامي.
يمكننا ان نقسم تراث سيد قطب الفكري الإسلامي إلى قسمين:
1 - الكتابات الإسلامية العامة:
وهي التي دعا فيها سيد قطب إلى الالتزام بالإسلام، والسعي إلى تطبيقه، وتغلب عليها النزعة الخطابية، وتظهر فيها حماسة واندفاع الشباب ويمكن حصرها في الكتب التالية:
أ- العدالة الاجتماعية في الإسلام (1948م).
ب- معركة الإسلام والرأسمالية (1950م).
ح- السلام العالمي والإسلام (1951).
2 - الكتابات الإسلامية الحركية الهادفة:
وهي خلاصة تجربته، ومعاناته ودراسته لقضايا ومشكلات أمته في العصر الحديث، ويمكن حصرها في الكتب التالية:
أ- هذا الدين.
ب- المستقبل لهذا الدين.
ح- الإسلام ومشكلات الحضارة.
د- معالم في الطريق (1965).(/)
التراث التفسيري لسيد قطب.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[15 Aug 2006, 03:58 ص]ـ
هناك عدة عوامل قد تآزرت لتجعل من سيد قطب مفسرا للذكر الحكيم ويمكننا أن نجملها في ما يلي:
1. نشأته في بيت علم وصلاح، يتردد في جنباته عبير تلاوة القرآن، وشذى ترديد آيه، فتنسم سيد هذا الشذى، وذلك العبير، وهو طفل صغير، فترسخ في وجدانه حب القرآن.
2. دراسته بدار العلوم، وهي معقل من معاقل العلم والأدب، مما جعل سيد قطب يتكون تكوينا علميا وأدبيا رفيعا، أهله لأن يكون مفسرا للذكر الحكيم.
ويمكننا ان نحصر كتاباته حول تفسير القرآن الكريم في الكتب التاليه:
أ- التصوير الفني في القرآن (1945)
ب- مشاهد القيامة في القرآن (1945)
ح- خصائص التصور الإسلامي
د- في ظلال القرآن (1953 - 1964)
ويعتبر تفسير "في ظلال القرآن" الذي فسر فيه صاحبه القرآن الكريم كله، بمنهج خاص ورؤية خاصة اهم ما تركه لنا سيد قطب رحمه الله، وفي الوقت نفسه من أهم تفاسير القرآن الكريم الحديثة.
3 - التطور التاريخي لتفسير " في ظلال القرآن".
إن أي إنجاز علمي ضخم لا يمكن أن يولد مرة واحدة، كاملا، لا تعتوره أي هنات فكرية أو منهجية أوعلمية، بل لابد له من مراحل يقطعها، ولابد له من مدة زمنية تصهر فيها ذات العالم أو المؤلف أوالكتاب، وتختمر فيها أفكاره، وتعركه فيها الأيام، وتحنكه الشدائد، فتتضح الرؤية، ويرتفع الغبش وتنجلي الحجب.
فإذا كان هذا الإنجاز العلمي الضخم يدور حول كتاب الله تعالى، فإن الأمر يصبح عاديا، بل مطلوبا. إن القرآن الكريم تتكشف حقائقه، وتشع أنواره كلما التحم به المؤمن التحاما حقيقيا وصادقا، وخالصا، والإيمان، والصدق، والإخلاص في جملتها تشكل مفتاح كنوز القرآن الكريم، وتعاقب الأيام، وتوالي الابتلاءات، ومجاهدة الواقع، والنفس، والهوى، والشيطان كلها براهين على الإيمان بالحقيقة التي يعيش الإنسان من أجلها، وصدق التوجه إليها والعمل على تحقيقها في الواقع، والإخلاص في تنفيذها بتعليق الأجر والثواب على الله سبحانه، والإيمان والصدق والإخلاص قيم ثلاث لا توجد في الإنسان دفعة واحدة، ولا يتملكها مرة واحدة، فهي درجات يرتقيها المرء واحدة تلو الأخرى، وكلما ارتقى درجة تكشفت حقيقة، وارتفع حجاب من الحجب التي تعتم الرؤية، وشعت في النفس أنوار قدسية تمنحها الشفافية، وتؤهلها للعيش في ظلال القرآن الوارفة. وهذا هو ما حصل بالنسبة لسيد قطب رحمه الله فإن تفسيره "في ظلال القرآن " لم يولد دفعة واحدة، بل سبقت ميلاده إرهاصات تمثلت في ثلاثة كتب وهي:
1 - التصوير الفني في القرآن الكريم الذي لم ينجزه هو الآخر دفعة واحدة، بل ولد عبارة عن مقال بمجلة المقتطف سنة 1939 بنفس العنوان (1)، وقد حاول فيه الكشف عن جوانب من الإعجاز الفني للقرآن الكريم، وبين فيه «القدرة القادرة التي تصور بالألفاظ المجردة ما تعجز عن تصويره الريشة الملونة، والعدسة المشخصة» (2).
ولم يتمكن سيد قطب رحمه الله من إخراج بحثه هذا في صورة كتاب إلا سنة 1945. وعندها اكتشف «أن الصور في القرآن ليست جزءا منه يختلف عن سائره، إن التصوير هو قاعدة التعبير في هذا الكتاب الجميل، القاعدة الأساسية المتبعة في جميع الأغراض، فيما عدا التشريع بطبيعة الحال ... » (3).
ويعترف سيد رحمه الله أن كتابه "التصوير الفني في القرآن" كان فاتحة فهمه وتذوقه للقرآن الكريم، ففيه اكتشف الوحدة الفنية والجمالية الجامعة لطرائق التعبير في القرآن الكريم، والمتمثلة في قاعدة "التصوير" وفي ذلك يقول: «وحين انتهيت من التحضير للبحث، وجدتني أشهد في نفسي مولد القرآن من جديد، لقد وجدته كما لم أعهده من قبل أبدا، لقد كان القرآن جميلا في نفسي نعم، ولكن جماله كان أجزاء وتفاريق أما اليوم فهو عندي جملة موحدة، تقوم على قاعدة خاصة، قاعدة فيها من التناسق العجيب ما لم أكن أحلم من قبل به، وما لا أظن أحدا تصوره» (1).
2 - أما الكتاب الثاني فهو "مشاهد القيامة في القرآن" الكريم وهو عبارة عن تطبيق للنظرية الفنية الجمالية للتعبير في القرآن الكريم، والتي فصل الحديث عنها في كتابه الأول، والتي تستند إلى قاعدة "التصوير".
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - هناك كتاب آخر يعتبر من المحاولات السابقة لتفسير "في ظلال القرآن" على الشكل الذي يوجد عليه اليوم، وهو " خصائص التصور الإسلامي ومقوماته"، الذي حاول فيه استخلاص العقيدة الإسلامية من القرآن الكريم، بعيدا عن تعقيدات المتكلمين والفلاسفة. وقد اكتشف فيه وحدة وشمولية المفاهيم والمبادئ الإسلامية.
ويتوج سيد قطب رحمه الله أعماله التفسيرية بتفسيره " في ظلال القرآن" والذي أنجزه على أربعة مراحل:
1. عندما صدرت مجلة "المسلمون" سنة 1950 كتب فيها سيد قطب رحمه الله موضوعا تابثا تحت عنوان " في ظلال القرآن" وقد لقي قبولا واستحسانا من طرف القراء مما جعل إحدى المكتبات القاهرية وهي " دار إحياء الكتب العربية" تسعى لشراء حق طبع ونشر تفسير سيد قطب، واشترطت عليه أن يقدم لها جزءا من تفسيره كل شهر وقد دفع لها حتى غاية شهر يناير 1954 ثمانية أجزاء.
2. بعد أن اعتقل سيد قطب رحمه الله على يد قادة النظام الجديد سنة 1954 استمر في الكتابة والتأليف، وقد كانت حصيلة المدة التي قضاها بالسجن ثلاثة أجزاء من تفسيره " في ظلال القرآن"، وذلك رغم صنوف التعذيب التي كان يلاقيها. وقد أنعم الله عليه بذلكم الابتلاء. فجاء تفسيره للذكر الحكيم تفسير رجل ذاق الإيمان، واثق بعدل ربه، صابر على ابتلائه، شاكر لفضله وإحسانه. وقد مكنته تجربة المعتقل من إجادة تفسير الآيات التي تتحدث عن طغيان، واستعلاء، وتعنت الجبابرة، وعن صبر الأتقياء، وتحملهم لصنوف العذاب، واحتساب ذلك عند الله تعالى، ويوضح لنا الأستاذ يوسف العظم في كتابه عن سيد قطب رحمه الله الأثر البليغ لسجنه وتعذيبه على تفسيره حيث يقول: «الحقيقة التي يعرفها المقربون من الشهيد، المحبون لفكره، الأوفياء لذكراه، أن الرجل كان قد كتب معتمدا على ثقافة حصل عليها من قبل في بطون الكتب، وصدور الرجال فلما عاش بالتجربة الحقة مع القرآن، وذاق المعاناة التي أنارت له طريق أصحاب الدعوات، كان إلى القرآن أقرب، وبه ألصق، فأعاد الكتابة، وراجع الصفحات ليكون الكتاب من جديد متكاملا، يقدمه قلم ممتحن، وقلب مصهور في بوتقة العذاب والصبر على البلاء، فجاء "في ظلال القرآن" منهاجا حركيا، وتجربة حياة، وملحمة من ملاحم الفداء والبلاء، والثبات والتضحيات».
3. أعاد سيد قطب رحمه الله تنقيح ما كتبه من أجزاء تفسيره " في طلال القرآن" وذلك بعد أن أفرج عنه سنة 1964، ذلك أنه لما كان معتقلا كانت مصادره التفسيرية قليلة بل قد نقول نادرة، مما جعل عمليه التنقيح أمرا ضروريا ليستكمل التفسير بعده العلمي والمنهجي، وإن كانت الخطوط المنهجية العريضة لتفسير " في ظلال القرآن " لم يطرأ عليها أي تغيير يذكر لأنها كانت مستوحاة من القرآن الكريم نفسه، ومن ثم لم يكن في المصادر والمراجع التي رجع سيد عند قيامه بتنقيح تفسيره، ما يحمله على ذلك.
4. بعد ان ألقي القبض عليه مرة ثانية (1965) منع من إتمام تفسيره، مما جعل الشركة التي تعاقد معها سيد رحمه الله على طبع ونشر تفسيره، تقاضى النظام الجديد. ولما كان هذا الأخير لم يحكم قبضته بعد على البلاد والعباد، فإننا نجده يرضخ لحكم المحكمة، ويسمح لسيد قطب بالاستمرار في كتابة تفسيره للقرآن الكريم، وذلك شريطة أن تراجع كتاباته قبل نشرها من قبل لجنة أعدت لذلك الغرض. وكان مما حذفته اللجنة المذكورة، مقدمة سورة الفجر، ومقدمة سورة البروج التي ضمنها المؤلف كتابه "معالم في الطريق" بعنوان "هذا هو الطريق".
والملاحظ أن هناك نوعا من التكامل بين " في ظلال القرآن" و"معالم في الطريق"، ذلك أن ما فات الكاتب في الأول استدركه في الثاني، والذي أراد منه أن يكون منهاجا لفكر حركي منظم مستخلص من كتاب الله الذي اعتنى بتفسيره، وبسنة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي اهتدى بهديها، واستعان بها في تفسيره لآي الذكر الحكيم.
مما سبق نخلص إلى أن تفسير القرآن عند سيد قطب مر بمراحل ثلاث وهي:
المرحلة الأولى:
ويمكننا أن نسميها "بالأداة" وهي تتمثل في كتابيه "التصوير الفني في القرآن" الذي اكتشف فيه القاعدة الأساسية للتعبير في القرآن الكريم وهي " التصوير الفني"، أما الكتاب الثاني فهو "مشاهد القيامة في القرآن" والذي طبق فيه النظرية التي توصل إليها في كتابه الأول.
المرحلة الثانية:
(يُتْبَعُ)
(/)
ويمكننا أن نسميها "بالتصور"، وهي تتمثل في كتاب "التصور الإسلامي ومقوماته"، وهو الكتاب الذي حدد فيه معالم العقيدة الإسلامية من خلال القرآن الكريم، وقد اكتشف في كتابه هذا خصائص التصور الإسلامي وهي:
1 - الربانية: فمن خصائص التصور الإسلامي ربانية المنهاج الذي وضعه الخالق لسعادة البشرية جمعاء.
2 - الشمول: الإسلام دين شامل ومتكامل يكفل للإنسان السعادة الخالصة في الدارين.
3 - التوازن: فالإسلام دين متوازن، يوفق بين أشواق الروح، ورغبات الجسد.
4 - الثبات: الإسلام دين ثابت في أصوله، فهي لا تتبدل ولا تتغير.
5 - الإيجابية: يسهم الإسلام في بناء المجتمع الإنساني الراقي، والحياة الإنسانية الفاضلة.
6 - الواقعية: الإسلام دين واقعي، بمعنى أنه قابل للتطبيق، وخير دليل على ذلك تطبيق المسلمين الأوائل للإسلام، وتحكيم شريعة الله في كل أمورهم، فسادوا الدنيا، وملأوها نورا وعدلا.
7 - التوحيد: وهو الدعامة الأساسية والثابتة في التصور الإسلامي.
المرحلة الثالثة:
ويمكننا أن نسميها "بالوحدة" وهي تتمثل في تفسير سيد قطب " في ظلال القرآن" الذي جمع فيه بين ما توصل إليه في المرحلتين السابقتين، مع شيء من التوسع ليشمل كل القرآن الكريم وبذلك جاء تفسيره جامعا بين النزعة الأدبية الفنية، والنزعة الهدائية التوجيهية.
وهناك خاصية مشتركة بين المراحل التفسيرية الثلاث، وهي التي عبر عنها سيد قطب رحمه الله في كتابه "خصائص التصور الإسلامي ومقوماته"، حيث الانطلاق من القرآن مباشرة للكشف عن القيم التعبيرية الجمالية، وإيضاح خصائص ومقومات التصور الإسلامي، ونفى كل مقررات سابقة، واجتناب الرد على الشبهات. وهذه الخاصية المنهجية لتفسير سيد قطب للقرآن الكريم. تبين أنه كان يطمح إلى تكوين حصانة إسلامية عند الأمة الإسلامية خاصة عند شبابها ضد أي غزو ثقافي، وإرجاع الثقة إلى النفوس الحائرة والمتخاذلة، وكسر قيد التبعية الذليلة للغرب، وإزالة شبح الهزيمة الحضارية التي تشكل عقدة نفسية خطيرة لدى المسلمين، تجعلهم يفقدون الثقة والأمل في عودة الإسلام والمسلمين إلى مقام الريادة والقيادة.
ـ[يسري خضر]ــــــــ[19 Mar 2007, 11:38 ص]ـ
احسن الله اليكم ونفع بما ذكرتم
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[19 Mar 2007, 08:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور يسري خضر ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد فإني أشكر لفضيلتكم تواصلكم و تقديركم. جزاكم الله خيرا.
وتفضلوا بقبول خالص تحياتي و تقديري.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
ـ[أبو مجاهد الشهري]ــــــــ[24 Mar 2007, 10:21 ص]ـ
الشيخ أحمد بزوي الضاوي ... لقد أمتعت عيني بهذه الكلمات البراقه ... والتى تتحدث عن الإمام الشهيد / سيد قطب -رحمه الله- ... وكم والله استفدت من هذه الكلمات الرائعات ... جعلها ربي في موازين حسناتك ...
ـ[ناصر الغامدي]ــــــــ[26 Mar 2007, 11:26 ص]ـ
جزاكم الله خيراً وهنا مشاركة سابقة لها علاقة بالموضوع
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=7106&highlight=%D3%ED%CF+%DE%D8%C8
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[04 Apr 2007, 10:03 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الإخوة الأفاضال: الأستاذ الدكتور يسري محمد عبد الخالق خضر، و السادة الأساتذة الأماجد أبو مجاهد الشهري، و ناصر الغامدي ـ حفظهم الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد، فإني أحمد الله إليكم أن يسر التواصل معكم عبر هذا الموقع المبارك، شاكرا لفضيلتكم تقديركم، و متفهما و مقدرا الخلاف الحاصل حول شخصية الشهيد سيد قطب ـ رحمه الله ـ، ونحب أن نبين أن مواقفنا الشخصية شيء،و البحث العلمي، و ما يقتضيه من تجرد و نزاهة و صرامة علمية شيء آخر، و إني أشهد الله تعالى أنني رغم حبي الشديد لسيد قطب ـ رحمه الله ـ الناتج عن معرفة دقيقة بمواقفه المتميزة، و آرائه النيرة، فإني لم أتعصب له و لا عليه، و إنما حاولت في بحثي أن ألتزم المقاييس العلمية المتفق عليها في البحث العلمي، و يكفي أن ما كتبته عن سيد قطب و منهجه في التفسير هو جزء من رسالة علمية نوقشت بكلية دار العلوم سنة 1407 هـ / 1987 م بعنوان: " أثر الواقع الثقافي في أهم التفاسير الحديثة " و قد أشرف عليها في البداية الأستاذ الدكتور عبد الله محمود شحاتة ـ رحمه الله ـ و بعد تعذر متابعة الإشراف بسبب الإعارة للتدريس بعُمان، أشرف عليها الشيخ الأصولي و العالم المتميز الأستاذ الدكتور محمد بلتاجي ـ رحمه الله ـ و ساعده في الإشراف الأستاذ الدكتور نبيل غنايم ـ حفظه الله ـ و قد أجيزت الرسالة بامتياز.
آمل أن نعيد النظر في كثير من مواقفنا التي نتخذها نتيجة التعصب للرأي أو الموقف، أو التحكيم الصارم للمعتقد، مما يجعلنا نبتعد عن الإنصاف، ونكون بذلك ممن يهدمون حصونهم من الداخل بتصغير رموزنا الفكرية و الدعوية، وإن كان الأمر لا يعني أن الإنسان معصوم من الخطأ.
وتفضلوا أيها الإخوة الأماجد بقبول خالص تقديري و مودتي.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محسن المطيري]ــــــــ[05 Apr 2007, 12:47 ص]ـ
أمنية كنت أطرحها منذ زمن وهي أن تتصدى إحدى دور النشر لكتب سيد قطب فتعيد طباعتها من جديد وخاصة أن
النسخ المتداولة قد عفا عليها الزمن .... أسأل الله أن يعلي درجته في الجنات.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[24 May 2009, 02:20 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: الشيخ محسن المطيري ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكر لفضيلتكم تواصلكم و اهتمامكم. سائلا الله تعالى أن يوفقنا لما يحبه و يرضاه.
ويسعدني بهذه المناسبة التذكير بروابط عن سيد قطب ومنهجه في التفسير:
منهج سيد قطب في التفسير: الدراسة التفصيلية للسورة، و التفسير الموضوعي.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6398
منهج سيد قطب في التفسير: الدراسة الإجمالية للسورة.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6397
الأسس المنهجية لتفسير " في ظلال القرآن" لسيد قطب.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6233
الأسس الفكرية لتفسير "في ظلال القرآن" لسيد قطب.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6232
شبهات حول تفسير "في ظلال القرآن" لسيد قطب.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6231
التراث التفسيري لسيد قطب.
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6230
تعريف بسيد قطب وآثاره العلمية:
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6229
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[24 May 2009, 02:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزى الله عنا وعن المسلمين خيرا أستاذنا الفاضل الدكتور أحمد.
أستاذنا الفاضل وشيخنا المحترم هل بإمكاننا الحصول على وسيلة للإتصال بكم والاستفسار عن بعض القضايا العلمية. ولم لا شد الرحال لزيارتكم.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[24 May 2009, 03:39 م]ـ
.
أسأل الله تعالى أن ينفع بعلم الأستاذ سيد قطب وأن يجعل فيه الأثر.
كما أسأله سبحانه أن يرفع درجات أستاذنا الدكتور المحترم الموسوعي أحمد بزوي الضاوي، فقد أمتعنا متعه الله بالصحة والعافية، وأفادنا أفاده الله ورزقه من لدنه علما.
ـ[شاكر]ــــــــ[24 May 2009, 07:47 م]ـ
نسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بكم
وأن لا يحرمكم الأجر على ما حررتم.
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[26 May 2009, 01:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مشايخنا الأفاضل على قدر من الله تعالى وقعت عيناي على كتاب وجدت مجموعة من الشباب الملتزم والحمد لله انكبوا على تصفحه واقتنائه.
فإذا به كتاب للشيخ ربيع صغير الحجم تحت عنوان:
سيد قطب هو مصدر تكفير المجتمعات الاسلامية.
وفيه:
* اعتبار سيد قطب مساجد المسلمين معابد جاهلية ...
* حكم سيد قطب هلى المجتمعات الاسلامية بأنها مجتمعات مرتدة وأنها أشد عذابا عند الله من الكفار الأصليين ..
وفي المقدمة جاء فيها المؤلف هداه الله إلى الهدى بما روج لتشويه منهج سيد رحمه الله تعالى وفيها:
" فعلى كل من شارك في هذه الدعاية وفي هذا الاعلام والترويج أن يتوبوا إلى الله توبة نصوحا، وأن يعلنوا هذه التوبة، وأن يعلنوا أحكامهم الاسلامية العادلة دون مراوغة على ما يأتي من القضايا:"
فذكر منها:
طعن سيد في نبي الله موسى.
.. .. .. الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه.
قوله بالحلول
تعطيله للصفات.
أزلية الروح
انكار معجزات الرسول عليه السلام.
قوله بالاشتراكية.
نصوص كلها أوجلها ميدان للفن من أنواع الموسيقى والمسرحيات ...
وهكذا تابع المؤلف هداه الله للهدى اطلاق تحذيراته من فكر سيد ومنهجه ..
مع بعض التعليقات في الحواشي على نقولاته عن بعض أهل العلم الذين نقل عنهم لرد
فكر سيد وخدمته لقضية كتابه هذا ثم يأسف لمناهجهم .. كقوله بعد كلام الشيخ القرضاوي حفظه الله: " نأسف لمثل هذا المنهج أعني منهج الموازنات بين الحسنات والسيئات الحائد عن منهج الاسلام الذي ضيع شباب الأمة. وقذف في قلوبهم حب البدع وأهلعا ... "
وحتى لا أسلك نفس مسلك الشيخ في تأليفه لمثل هذه الرسائل فيظن بي سوءا فسأكتفي بما ذكر لأفسح المجال أما أساتذتنا الفضلاء للتعليق على هذا المنهج
(يُتْبَعُ)
(/)
دون مساس بصاحبه .. هذا المنهج الذي لم يسلم منه مسلم حمل لواء الدعوة أو التأليف اوالطلب ... حيث يتم رفض الفكر وصاحب الفكر. وللأسف في كثير من الأحيان نغفل عن الخطأ ونركز على صاحب الخطأ. وعندنا مثل معروف عند العوام:
" إما قديس وإما إبليس"
ـ[شاكر]ــــــــ[26 May 2009, 05:47 م]ـ
تُرى ما يقول الشيخ ربيع في الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ والذي استدل بمثل هذه الفقرة من كلام سيد رحمه الله على سبيل المدح والثناء ووصفه بالأستاذ الكبير في مختصر العلو؟
فهذا مما قاله الشيخ الألباني في مختصر العلو:
"ثم ذكر ـ أي سيد ـ رحمه الله عاملين آخرين، ثم قال:" نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام أو أظلم. كل ما حولنا جاهلية .. تصورات الناس وعقائدهم، عاداتهم وتقاليدهم، موارد ثقافتهم، فنونهم وآدابهم، شرائعهم وقوانينهم، حتى الكثير مما نحسبه ثقافة إسلامية، ومراجع إسلامية، وفلسفة إسلامية، وتفكيراً إسلامياً .. هو كذلك من صنع هذه الجاهلية .. فلا بد إذن في منهج الحركة الإسلامية أن نتجرد في فترة الحضانة والتكوين من كل المؤثرات الجاهلية التي نعيش فيها ونستمد منه .. ".
******
قال الشيخ عبد الله الجبرين:
" إن سيد قطب وحسن البنا من علماء المسلمين، ومن أهل الدعوة .. وقد نفع الله بهما وهدى بدعوتهما خلق كثير، ولهما جهود لا تنكر. لأجل ذلك شفع الشيخ عبدالعزيز بن باز في سيد قطب عندما قرر عليه القتل، فلم يقبل شفاعته الرئيس جمال عبدالناصر – عليه من الله ما يستحق -، ولما قتل كل منهما أطلق على كل واحد أنه شهيد لأنه قتل ظلما وشهد بذلك الخاص والعام ونشر ذلك في الصحف والكتب بدون إنكار. ثم تلقى العلماء كتبهما ونفع الله بها ولم يطعن أحد فيها منذ أكثر من عشرين عاما، وإذا وقع منهما أخطاء يسيرة في التأويل ونحوه فلا يصل إلى حد التكفير، فإن العلماء الأولين لهم مثل ذلك كالنووي والسيوطي وابن الجوزي وابن عطية والخطابي والقسطلاني وأمثالهم كثير.
وقد قرأت ما كتبه الشيخ ربيع المدخلي في الرد على سيد قطب ورأيته جعل العناوين لما ليس بحقيقة، فرد عليه الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله ..
وكذلك تحامل على الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق وجعل في كلامه أخطاء مضللة مع طول صحبته له من غير نكير:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ***** ولكن عين السخط تبدي المساويا"
****
فضيلة الشيخ حمود بن عقلاء الشعيبي حفظه الله:
كثرت الأقوال في سيد قطب رحمه الله، فهذا ينزهه من كل خطأ، وذاك يجعله في عداد الفاجرين بل الكافرين فما هو الحق في ذلك؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
وبعد:
فإن المفكر الأديب سيد قطب رحمه الله له أعداء كثيرون، يختلفون في كيفية النقد وأهدافه والغايات منه، ويتفقون في مصالح مشتركة، وقبل أن أكشف بطلان مثالب الجراحين والمطاعن الموجهة إلى سيد رحمه الله، أبين أولا لماذا يستهدف سيد قطب خاصة؟ ومن المستفيد من إسقاطه؟
إن سيدا رحمه الله يعد في عصره علما من أعلام أصحاب منهج مقارعة الظالمين والكفر بهم، ومن أفذاذ الدعاة إلى تعبيد الناس لربهم والدعوة إلى توحيد التحاكم إلى الله، فلم يقض إلا مضاجع أعداء الله ورسوله كجمال عبدالناصر وأمثاله .. وما فرح أحد بقتله كما فرح أولئك، ولقد ضاق أولئك الأذناب بهذا البطل ذرعا، فلما ظنوا أنهم قد قتلوه إذا بدمه يحيي منهجه ويشعل كلماته حماسا، فزاد قبوله بين المسلمين وزاد انتشار كتبه، لأنه دلل بصدقه وإقدامه على قوة منهجه، فسعوا إلى إعادة الطعن فيه رغبة منهم لقتل منهجه أيضا وأنى لهم ذلك.
فاستهداف سيد قطب رحمه الله لم يكن استهدافا مجردا لشخصه، فهو ليس الوحيد من العلماء الذي وجدت له العثرات، فعنده أخطاء لا ننكرها، ولكن الطعن فيه ليس لإسقاطه هو بذاته فقد قدم إلى ربه ونسأل الله له الشهادة، ولكن الذي لا زال يقلق أعداءه وأتباعهم هو منهجه الذي يخشون أن ينتشر بين أبناء المسلمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإني إذ أسمع الطعن في سيد قطب رحمه الله لا أستغرب ذلك لقوله الله تعالى: ? وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا ? فكل من معه نور من النبوة أيضا له أعداء من أهل الباطل بقدر ما معه من ميراث نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فما يضير سيدا طعن الطاعنين، بل هو رفعة له وزيادة في حسناته، ولكن الذي يثير الاستغراب هو فعل أولئك القوم الذين يدّعون اتباع الحق ومع ذلك ينقصون الميزان ولا يزنون بالقسطاس المستقيم والله يقول: ? ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ? , فأولئك إذا أرادوا مدح أحد عليه من المآخذ ما يفوق سيدا بأضعاف قالوا كلمتهم المشهورة "تغمس أخطاؤه في بحر حسناته" وقالوا "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث" وغير ذلك، وإذا أرادوا ذم آخر كسيد رحمه الله الذي يعد مجددا في باب (إن الحكم إلا لله) سلكوا معه طريق الخوارج وكفروه بالمعاصي والزلات.
وسيد رحمه الله لا ندعي له العصمة من الخطأ، بل نقول إن له أخطاء ليس هذا مجال تفصيلها، ولكنها لا تخل بأصل دعوته ومنهجه، كما أن عند غيره من الأخطاء التي لم تقدح في منزلتهم وعلى سبيل المثال ابن حجر والنووي وابن الجوزي وابن حزم، فهؤلاء لهم أخطاء في العقيدة إلا أن أخطاءهم لم تجعل أحدا من أبناء الأمة ولا أعلامها يمتنع من الاستفادة منهم أو يهضمهم حقهم وينكر فضائلهم، فهم أئمة إلا فيما أخطئوا فيه، وهذا الحال مع سيد رحمه الله فأخطاؤه لم تقدح في أصل منهجه ودعوته لتوحيد الحاكمية وتعبيد الناس لربهم.
والقاعدة التي يجب أن تقرر في مثل هذه الحالات هي ما يستفاد من قول الله تعالى ? يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ? فكل من حقق ما يجب تحقيقه من أصل الدين، ينظر بعد ذلك في سائر منهجه فإن كان خطؤه أكثر من صوابه وشره يغلب على نفعه فإنه يهمل قوله وتطوى كتبه ولا تروى، وعلى ذلك فالقول الفصل في سيد رحمه الله أن أخطاءه مغمورة في جانب فضائله ودفاعه عن (لا إله إلا الله)، لا سيما أنه حقق أصول المعتقد الصحيح، وإن كان عليه بعض المآخذ وعبارات أطلقها لا نوافقه عليها رحمه الله.
وختاما:
لا يسعني إلا أن أذكر أنني أحسب سيدا والله حسيبه يشمله قوله عليه الصلاة والسلام ((سيد الشهداء حمزة، ورجل قام عند سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله)) فنحسب أن سيدا رحمه الله قد حقق ذلك الشرط حيث قال كلمة حق عند سلطان جائر فقتله .. وأنقل كلمة له رحمه الله قبل إعدامه بقليل عندما أعجب أحد الضباط بفرح سيد قطب وسعادته عند سماعه نبأ الحكم عليه بالإعدام "الشهادة" وتعجب لأنه لم يحزن ويكتئب وينهار ويحبط فسأله قائلا: أنت تعتقد أنك ستكون شهيدا فما معنى شهيد عندك؟ أجاب رحمه الله قائلا: الشهيد هو الذي يقدم شهادة من روحه ودمه أن دين الله أغلى عنده من حياته، ولذلك يبذل روحه وحياته فداء لدين الله.
وله رحمه الله من المواقف والأقوال التي لا يشك عارف بالحق أنها صادرة عن قلب قد مليء بحب الله وحب رسوله صلى الله عليه وسلم، وحب التضحية لدينه، نسأل الله أن يرحمنا ويعفو عنا وإياه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
قاله؛ حمود بن عقلاء الشعيبي 16/ 5/1421هـ
ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[28 May 2009, 08:04 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكر الله لك أخي شاكر.وجزى الله خيرا شيخنا حمود على التأصيل الرزين الذي ينبغي أن يستحضر في كل مواطن التعريف التي وإن كانت تخلو من الغيبة فهي من القدح المذموم الذي يغير قلوب المؤمنين لذكر إخوانهم بما يكرهون.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[07 Jun 2009, 10:10 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعاللمين.
الإخوة الأفاضل السادة: الأستاذ الدكتور عبد الفتاح محمد خضرـ حفظه الله ـ، والأستاذان شاكر و يوسف محمد مازي ـ حفظهما الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكر لكم اهتمامكم و تواصلكم. وبالنسبة لموضوعنا فإننا نلاحظ للأسف الشديد رغبة مبيتة للنيل من أعلام الأمة، ومن ذلك تلكم الصيحات التي تتعالى من هنا و من هناك لتدمير تراثنا بصفة عامة، و التفسيري بصفة خاصة بدعاوى باطلة، تخدم مصالح (الاستعمار الجديد) بوعي أو بغير وعي. أما البحث العلمي الذي يعتمد الموضوعية، والأمانة العلمية، والرغبة المخلصة، والأكيدة للوصول إلى الحقيقة فإنه أمر مطلوب، لأنه يبين الجوانب الإيجابية ويعمل على تنميتها، والجوانب السلبية ويعمل على تجاوزها، وهو ما يمكننا من إنتاج المعرفة و تنميتها. ويحصن الأمة، ويحافظ على هويتها. و يضمن انفتاحها على الآخر انفتاحا إيجابيا، يصون الذات، ويحفظ كرامتها، دون تضخيم للأنا أو تفريط في الهوية.
أما عن طريقة التواصل معي ـ التي تساءل عنها الأستاذ مازي ـ حفظه الله ـ فيمكن أن تتم بالمراسلة على البريد الإلكتروني الشخصي: Ahmedbezoui@yahoo.fr
أو المراسلة عن طريق البريد العادي:
أحمد بزوي الضاوي.
شعبة الدراسات الإسلامية.
كلية الآداب و العلوم الإنسانية.
جامعة شعيب الدكالي.
الجديدة 24040.
المغرب.
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[احب الصالحين]ــــــــ[10 Jun 2009, 01:15 م]ـ
فضيلة الأخ الشيخ / ربيع بن هادي المدخلي .. الموقر
السلام عيكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد
فأشير إلى رغبتكم قراءة الكتاب المرفق "أضواء إسلامية على عقيدة سيد قطب وفكره" .. هل من ملاحظات عليه ثم هذه الملاحظات هل تقضي على هذا المشروع فيطوى ولا يروى، أم هي مما يمكن تعديلها فيترشح الكتاب بعد الطبع والنشر ويكون ذخيرة لكم في الأخرى، بصيرة لمن شاء الله من عباده في الدنيا، لهذا أبدي ما يلي ..
1 - نظرت في أول صفحة من فهرس الموضوعات فوجدتها عناوين قد جمعت في سيد قطب رحمه الله، أصول الكفر والإلحاد والزندقة، القول بوحدة الوجود، القول بخلق القرآن، يجوز لغير الله أن يشرع، غلوه في تعظيم صفات الله تعالى، لا يقبل الأحاديث المتواترة، يشكك في أمور العقيدة التي يجب الجزم بها، يكفر المجتمعات .. إلى أخر تلك العناوين التي تقشعر منها جلود المؤمنين .. وأسفت على أحوال علماء المسلمين في الأقطار الذين لم ينبهوا على هذه الموبقات .. وكيف الجمع بين هذا وبين انتشار كتبه في الآفاق انتشار الشمس، وعامتهم يستفيدون منها، حتى أنت في بعض ما كتبت، عند هذا أخذت بالمطابقة بين العنوان والموضوع، فوجدت الخبر يكذبه الخبر، ونهايتها بالجملة عناوين استفزازية تجذب القارئ العادي، إلى الوقيعة في سيد رحمه الله، وإني أكره لي ولكم ولكل مسلم مواطن الإثم والجناح، وإن من الغبن الفاحش إهداء الإنسان حسناته إلى من يعتقد بغضه وعداوته.
2 - نظرت فوجدت هذا الكتاب يفتقد:
أصول البحث العلمي، الحيدة العلمية، منهج النقد، أمانة النقل والعلم، عدم هضم الحق.
أما أدب الحوار وسمو الأسلوب ورصانة العرض فلا تمت إلى الكتاب بهاجس .. وإليك الدليل…
أولاً: رأيت الاعتماد في النقل من كتب سيد رحمه الله تعالى من طبعات سابقة مثل الظلال والعدالة الاجتماعية مع علمكم كما في حاشية ص 29 وغيرها، أن لها طبعات معدلة لاحقة، والواجب حسب أصول النقد والأمانة العلمية، تسليط النقد إن كان على النص من الطبعة الأخيرة لكل كتاب، لأن ما فيها من تعديل ينسخ ما في سابقتها وهذا غير خاف إن شاء الله تعالى على معلوماتكم الأولية، لكن لعلها غلطة طالب حضر لكم المعلومات ولما يعرف هذا؟؟، وغير خاف لما لهذا من نظائر لدى أهل اعلم، فمثلاً كتاب الروح لابن القيم لما رأى بعضهم فيما رأى قال: لعله في أول حياته وهكذا في مواطن لغيره، وكتاب العدالة الاجتماعية هو أول ما ألفه في الإسلاميات والله المستعان.
ثانيًا: لقد اقشعر جلدي حينما قرأت في فهرس هذا الكتاب قولكم (سيد قطب يجوز لغير الله أن يشرع)، فهرعت إليها قبل كل شيء فرأيت الكلام بمجموعه نقلاً واحدًا لسطور عديدة من كتابه العدالة الاجتماعية) وكلامه لا يفيد هذا العنوان الاستفزازي، ولنفرض أن فيه عبارة موهمة أو مطلقة، فكيف نحولها إلى مؤاخذة مكفرة، تنسف ما بنى عليه سيد رحمه الله حياته ووظف له قلمه من الدعوة إلى توحيد الله تعالى (في الحكم والتشريع) ورفض سن القوانين الوضعية والوقوف في وجوه الفعلة لذلك، إن الله يحب العدل والإنصاف في كل شيء ولا أراك إن شاء الله تعالى إلا في أوبة إلى العدل والإنصاف.
ثالثًا: ومن العناوين الاستفزازية قولكم (قول سيد قطب بوحدة الوجود).
إن سيدًا رحمه الله قال كلامًا متشابهًا حلق فيه بالأسلوب في تفسير سورتي الحديد والإخلاص وقد اعتمد عليه بنسبة القول بوحدة الوجود إليه، وأحسنتم حينما نقلتم قوله في تفسير سورة البقرة من رده الواضح الصريح لفكرة وحدة الوجود، ومنه قوله: ((ومن هنا تنتفي من التفكير الإسلامي الصحيح فكرة وحدة الوجود)) وأزيدكم أن في كتابه (مقومات التصور الإسلامي) ردًا شافيًا على القائلين بوحدة الوجود، لهذا فنحن نقول غفر الله لسيد كلامه المتشابه الذي جنح فيه بأسلوب وسع فيه العبارة .. والمتشابه لا يقاوم النص الصريح القاطع من كلامه، لهذا أرجو المبادرة إلى شطب هذا التكفير الضمني لسيد رحمه الله تعالى وإني مشفق عليكم.
رابعًا: وهنا أقول لجنابكم الكريم بكل وضوح إنك تحت هذه العناوين (مخالفته في تفسير لا إله إلا الله للعلماء وأهل اللغة وعدم وضوح الربوبية والألوهية عند سيد).
(يُتْبَعُ)
(/)
أقول أيها المحب الحبيب، لقد نسفت بلا تثبت جميع ما قرره سيد رحمه الله تعالى من معالم التوحيد ومقتضياته، ولوازمه التي تحتل السمة البارزة في حياته الطويلة فجميع ما ذكرته يلغيه كلمة واحدة، وهي أن توحيد الله في الحكم والتشريع من مقتضيات كلمة التوحيد، وسيد رحمه الله تعالى ركز على هذا كثيرًا لما رأى من هذه الجرأة الفاجرة على إلغاء تحكيم شرع الله من القضاء وغيره وحلال القوانين الوضعية بدلاً عنها ولا شك أن هذه جرأة عظيمة ما عاهدتها الأمة الإسلامية في مشوارها الطويل قبل عام (1342هـ).
خامسًا: ومن عناوين الفهرس (قول سيد بخلق القرآن وأن كلام الله عبارة عن الإرادة) .. لما رجعت إلى الصفحات المذكورة لم أجد حرفًا واحدًا يصرح فيه سيد رحمه الله تعالى بهذا اللفظ (القرآن مخلوق) كيف يكون هذا الاستسهال للرمي بهذه المكفرات، إن نهاية ما رأيت له تمدد في الأسلوب كقوله (ولكنهم لا يملكون أن يؤلفوا منها ـ أي الحروف المقطعة ـ مثل هذا الكتاب لأنه من صنع الله لا من صنع الناس) .. وهي عبارة لا شك في خطأها ولكن هل نحكم من خلالها أن سيدًا يقول بهذه المقولة الكفرية (خلق القرآن) اللهم إني لا أستطيع تحمل عهدة ذلك .. لقد ذكرني هذا بقول نحوه للشيخ محمد عبد الخالق عظيمة رحمه الله في مقدمة كتابه دراسات في أسلوب القرآن الكريم والذي طبعته مشكورة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فهل نرمي الجميع بالقول بخلق القرآن اللهم لا، واكتفي بهذا من الناحية الموضوعية وهي المهمة.
ومن جهات أخرى أبدي ما يلي:
1 - مسودة هذا الكتاب تقع في 161 صفحة بقلم اليد، وهي خطوط مختلفة، ولا أعرف منه صفحة واحدة بقلمكم حسب المعتاد، إلا أن يكون اختلف خطكم، أو اختلط علي، أم أنه عُهد بكتب سيد قطب رحمه الله لعدد من الطلاب فاستخرج كل طالب ما بدا له تحت إشرافكم، أو بإملائكم. لهذا فلا أتحقق من نسبته إليكم إلا ما كتبته على طرته أنه من تأليفكم، وهذا عندي كاف في التوثيق بالنسبة لشخصكم الكريم.
2 - مع اختلاف الخطوط إلا أن الكتاب من أوله إلى أخره يجري على وتيرة واحدة وهي: أنه بنفس متوترة وتهيج مستمر، ووثبة تضغط على النص حتى يتولد منه الأخطاء الكبار، وتجعل محل الاحتمال ومشتبه الكلام محل قطع لا يقبل الجدال…وهذا نكث لمنهج النقد: الحيدة العلمية.
3 - من حيث الصيغة إذا كان قارنًا بينه وبين أسلوب سيد رحمه الله، فهو في نزول، سيد قد سَمَا، وإن اعتبرناه من جانبكم الكريم فهو أسلوب "إعدادي" لا يناسب إبرازه من طالب علم حاز على العالمية العالية، لا بد من تكافؤ القدرات في الذوق الأدبي، والقدرة على البلاغة والبيان، وحسن العرض، وإلا فليكسر القلم.
4 - لقد طغى أسلوب التهيج والفزع على المنهج العلمي النقدي…. ولهذا افتقد الرد أدب الحوار.
5 - في الكتاب من أوله إلى آخره تهجم وضيق عطن وتشنج في العبارات فلماذا هذا…؟
6 - هذا الكتاب ينشط الحزبية الجديدة التي أنشئت في نفوس الشبيبة جنوح الفكر بالتحريم تارة، والنقض تارة وأن هذا بدعة وذاك مبتدع، وهذا ضلال وذاك ضال .. ولا بينة كافية للإثبات، وولدت غرور التدين والاستعلاء حتى كأنما الواحد عند فعلته هذه يلقي حملاً عن ظهره قد استراح من عناء حمله، وأنه يأخذ بحجز الأمة عن الهاوية، وأنه في اعتبار الآخرين قد حلق في الورع والغيرة على حرمات الشرع المطهر، وهذا من غير تحقيق هو في الحقيقة هدم، وإن اعتبر بناء عالي الشرفات، فهو إلى التساقط، ثم التبرد في أدراج الرياح العاتية.
هذه سمات ست تمتع بها هذا الكتاب فآل غير ممتع، هذا ما بدا إلي حسب رغبتكم، وأعتذر عن تأخر الجواب، لأنني من قبل ليس لي عناية بقراءة كتب هذا الرجل وإن تداولها الناس، لكن هول ما ذكرتم دفعني إلى قراءات متعددة في عامة كتبه، فوجدت في كتبه خيرًا كثيرًا وإيمانًا مشرفًا وحقًا أبلج، وتشريحًا فاضحًا لمخططات العداء للإسلام، على عثرات في سياقاته واسترسال بعبرات ليته لم يفه بها، وكثير منها ينقضها قوله الحق في مكان أخر والكمال عزيز، والرجل كان أديبًا نقادة، ثم اتجه إلى خدمة الإسلام من خلال القرآن العظيم والسنة المشرفة، والسيرة النبوية العطرة، فكان ما كان من مواقف في قضايا عصره، وأصر على موقفه في سبيل الله تعالى، وكشف عن سالفته، وطلب منه أن يسطر بقلمه كلمات اعتذار وقال كلمته الإيمانية المشهورة، إن أصبعًا أرفعه للشهادة لن أكتب به كلمة تضارها ... أو كلمة نحو ذلك، فالواجب على الجميع … الدعاء له بالمغفرة … والاستفادة من علمه، وبيان ما تحققنا خطأه فيه، وأن خطأه لا يوجب حرماننا من علمه ولا هجر كتبه .. اعتبر رعاك الله حاله بحال أسلاف مضوا أمثال أبي إسماعيل الهروي والجيلاني كيف دافع عنهما شيخ الإسلام ابن تيمية مع ما لديهما من الطوا م لأن الأصل في مسلكهما نصرة الإسلام والسنة، وانظر منازل السائرين للهروي رحمه الله تعالى، ترى عجائب لا يمكن قبولها ومع ذلك فابن القيم رحمه الله يعتذر عنه أشد الاعتذار ولا يجرمه فيها، وذلك في شرحه مدارج السالكين، وقد بسطت في كتاب "تصنيف الناس بين الظن واليقين" ما تيسر لي من قواعد ضابطة في ذلك.
وفي الختام فأني أنصح فضيلة الأخ في الله بالعدول عن طبع هذا الكتاب "أضواء إسلامية" وأنه لا يجوز نشره ولا طبعه لما فيه من التحامل الشديد والتدريب القوي لشباب الأمة على الوقيعة في العلماء، وتشذيبهم، والحط من أقدارهم والانصراف عن فضائلهم ..
واسمح لي بارك الله فيك إن كنت قسوت في العبارة، فإنه بسبب ما رأيته من تحاملكم الشديد وشفقتي عليكم ورغبتكم الملحة بمعرفة ما لدي نحوه… جرى القلم بما تقدم سدد الله خطى الجميع ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أخوكم بكر عبدالله أبوزيد
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[11 Jun 2009, 02:23 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل: أحب الصالحين ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أما بعد، فإني أشكركم على ما تفضلتم بنشره من كلام الشيخ بكر عبدالله أبي زيد ـ رحمه الله ـ.
وإني لأستغرب لمصلحة من ننال من علمائنا و رموز الأمة؟ و لمصلحة من نقزم أعلامنا؟.
لا يستفيد من ذلك إلا أعداء الأمة.
ولعلكم تلاحظون الحملة الهوجاء التي يشنها أعداء الأمة على تراثنا الإسلامي، وأعلام الملة، متدثرين بالعلم والمناهج العلمية الحديثة، و ما هي إلا ترويج لإحن، وجر الأمة إلى المحن.
وهاهي القراءات الحداثية للقرآن الكريم بدأت تغزونا في عريننا، فبعض جامعاتنا الإسلامية أصبحت مرتعا لأنصارها، بل إنك تجد بعضهم لم يعد يستحيي أن يقتحم عليك دارك، ويهدم جوارك، ليجردوا الأمة من هويتها لتصبح أي شيء.
نسأل الله تعالى العفو و العافية.
رحم الله سيد قطب رحمة واسعة، وألحقنا به مِؤمنين غير مبدلين و لا مغيرين.
وتفضلوا أخي الكريم بقبول تحياتي و تقديري لشخصكم الكريم، ولكل غيور على الدين وأعلامه.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.(/)
شبهات حول تفسير "في ظلال القرآن" لسيد قطب.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[15 Aug 2006, 04:01 ص]ـ
يمكننا أن نجمل الشبهات التي أثيرت حول تفسير " في ظلال القرآن" في ثلاث شبهات وهي:
1. شروط المفسر غير متوفرة في سيد قطب رحمه الله.
2. تفسير " في ظلال القرآن" يخالف منهج أهل السنة في التفسير.
3. تفسير "في ظلال القرآن" ليس كتاب علم.
أ- الشبهة الأولى:
إن الشبهة الأولى لا تقوم على أي أساس علمي، بل هي فرية يطلقها أعداء الشهيد سيد قطب رحمه الله، ومناهضة فكره الإسلامي الحركي، وهي فضلا عن ذلك دعاية مغرضة ضد تفسيره "في ظلال القرآن" الذي يعتبر بحق أهم تراثه الفكري، والذي لا زالت الأجيال تربى على موائده، ولا زالت له قيمته العلمية والأدبية.
ولعلنا إذا رجعنا إلى ترجمة سيد قطب، سنجد أنه حفظ القرآن ولم يبلغ العاشرة من عمره، كما أن أخواله كانوا على نصيب غير يسير من العلم، وفضلا عن ذلك فسيد من خريجي كليه دار العلوم، وهي معقل لعلوم اللغة العربية، والدراسات الإسلامية فكيف يقال عنه إنه لا تتوفر فيه شروط المفسر؟.
ثم إذا دققنا النظر في شخصية سيد قطب العلمية، وجدناه متوفرا على أهم الشروط العلمية والأدبية والأخلاقية، التي تؤهله لأن يكون مفسرا للقرآن الكريم. ويمكننا أن نحددها في النقط التالية:
1. كان سيد قطب رحمه الله على معرفة تكاد تكون تامة باللغة العربية كما أنه خبر الأساليب العربية، واطلع على خفاياها البلاغية، ويتضح لنا ذلك من خلال كتاباته الأدبية والنقدية.
2. يملك سيد قطب رحمه الله موهبة أدبية، وطاقة فكرية، مكنته من أن يبدع في مختلف الأجناس الأدبية، كالقصة، والشعر، والنقد، كما صنف كتابات فكرية نالت إعجاب كل متتبعي الحركة الفكرية الإسلامية المعاصرة، بل هناك من الباحثين من يعد سيد قطب رائد الحركة والنهضة الفركية الإسلامية المعاصرة.
3. كان سيد قطب على اطلاع واسع على الفكر الغربي، ووعي شامل بمشكلات العصر وأزماته، مما جعله يضع يده على مكمن الداء في الأمة الإسلامية، ويعالج قضاياها ومشكلاتها من وجهة نظر إسلامية خالصة، فكما قدم لها فكرا إسلاميا نابعا من الكتاب والسنة، يشكل في جملته مناعة وحصانة ضد أي غزو ثقافي يستهدق عقيدتها وكيانها.
4. ومن أهم آداب المفسر التي كان يتمتع بها سيد قطب رحمه الله الإخلاص وصدق التوجه إلى الله تعالى، وقد زادت الابتلاءات المتوالية عليه تأكيد إخلاصه، وسعيه إلى مرضاة الله، وزهده في الدنيا وإصراره على قول كلمة الحق، ولو كان ذلك يساوي حبل المشنقة، وقد حصل!.
ب- الشبهة الثانية:
أما الشبهة الثانية والتي يدعي أصحابها أن " في ظلال القرآن" يخالف منهج أهل السنة في التفسير، المبني على القواعد الخمس الأساسية:
1. تفسير القرآن بالقرآن.
2. تفسير القرآن بالسنة النبوية الشريفة.
3. تفسير القرآن بقول الصحابة.
4. تفسير القرآن بقول التابعين.
5. تفسير القرآن بمطلق اللغة.
ونحب أن نوضخ أن منشأ هذه الفرية هو السطحية في قراءة ودراسة "في ظلال القرآن"، وتعميم الأحكام المستخلصة من دراسة جزء بسيط من التفسير على التفسير كله، وفضلا عن ذلك نجدهم قد وقعوا في خطأ منهجي صارخ. فهم لا يرون أن تفسيرا ما يوافق منهج التفسير عند أهل السنة إلا إذا طبق المراحل التفسيرية تطبيقا حرفيا، في حين أن ذلك ليس ضروريا لإدراج تفسير ما تحت إطار تفاسير أهل السنة، لأنه يكفي أن لا يتعارض ما توصل إليه المفسر مع ما توصل إليه أهل السنة سواء تعلق الأمر بالقضايا العقدية او الفقهية، وذلك بناء على القاعدة الأصولية التي تفيد أن أي حكم أو رأي يمكن الأخذ به، وتبنيه واعتباره حجة شرعية شريطة أن يستند إلى نص أو ألا يعارض نصا آخر.
وبغض النظر عما سبق فإن تفسير سيد قطب قد التزم في الأغلب الأعم منهج أهل السنة في التفسير، وذلك ما ستحاول هذه الدراسة الكشف عنه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وهناك نقطة أخرى قد تزيل كثيرا من اللبس والغموض، وتبوئ تفسير "في ظلال القرآن" مكانته المتميزة، وهي أنه على خلاف ما يدعى من أن هذا التفسير تفسير أدبي أو اجتماعي، أو هما معا، فإن التفسير في حقيقته غير ذلك كله، وتصنيفه التصنيف الصحيح لا يتم إلا بدراسة نصية مقارنة، ومتأنية، ولعل دراسة من هذا النوع تكشف عن مقومات وخصائص منهجية وتصورية، تجعل في "ظلال القرآن" تفسيرا متميزا عن التفاسير ذات الصبغة الأدبية، أو الاجتماعية، ويمكننا بعد قيامنا بدراسة مستفيضة لهذا التفسير أن نؤكد بأن له منهجا خاصا، وتصورا خاصا يميزانه عما سواه، بل حتى الهدف من إعداده، وإخراجه إلى الناس، هدف خاص ومتميز، فصاحبه قد أعده ليكون زادا للمسلم المعاصر ليتسلح به في معترك الحياة، وليحيا به حياة إسلامية، وليدفعه إلى الحركة والعمل والجهاد من أجل إقامة مجتمع مسلم. ومن ثم نرى أن يسمى هذا التفسير بإحدى التسميتين:
1 - تفسير حركي للقرآن الكريم.
2 - تفسير داعية.
والنظر إلى تفسير سيد قطب من هذه الزاوية - أي على أنه تفسير حركي أو تفسير داعية - سيجعلنا ندرك الأسباب التي جعلته، لا نقول يتخفف من الالتزام الحرفي بمنهج أهل السنة في التفسير، ولكن لا يكرر ما يوجد في كل تفاسير القرآن الكريم - قديمها وحديثها- فهو لم يرد لتفسيره أن يكون اجترارا لما سبق أن قيل في التراث التفسيري الضخم، ولم يرد أن يضيع طاقته ووقته في مواجهة عصره بكل تياراته الفكرية، واتجاهاته السياسية وخططه الاقتصادية، وأنماطه الحضارية، وإنما أراد أن يطلع الناس على ما يتضمنه القرآن الكريم من عقيدة توقظ الضمير، وتملأ القلب، وتحرك الجوارح، وتدفع إلى العمل والكفاح من أجل إثبات الذات، وتحقيق الكرامة الضائعة، وسحق المؤامرة، ودحر أعداء الإسلام في الداخل والخارج، ثم العمل على أن يعود الإسلام مرة ثانية لقيادة البشرية. فتفسير " في ظلال القرآن "، قد جاء استجابة لحاجة إيمانية وثقافية للمسلم المعاصر، ولذلك نجد سيد قطب في تفسيره هذا، يبعد عن الخوض في القضايا الفلسفية أو الكلامية، أو الرد على الشبهات، أو الجدل العقيم، ويوجه كل همه إلى عرض التصور الإسلامي بأسلوب جزل بسيط، وخال من كل تعقيد، وذلك حتى يكون لدى المسلم عقيدة صحيحة، وفهما سليما لمبادئ ومفاهيم الإسلام الأساسية، يشكلان في مجملهما حصانة ضد أي غزو ثقافي وتدفعانه بالتالي إلى تحقيق الإسلام جملة وتفصيلا في عالم الواقع، بقلب مؤمن، وجنان ثابت، وعزيمة قوية، وبحماسة، وصدق، وإخلاص.
ج- الشبهة الثالثة:
واما الشبهة الثالثة فنجدها عند كثير من الباحثين، ولعل الدكتور صبحي الصالح من أبرز من قالوا بها، وذلك في كتابه "مباحث في علوم القرآن"، وهذا نص قوله: «ولسيد في تفسير "في ظلال القرآن" لمحات موفقة في فهم أسلوب القرآن في التعبير والتصوير، إلا أن الغرض الأول منه تبسيط المبادئ القرآنية للنشئ، فهو إلى التوجيه أقرب منه إلى التعليم».
ويفهم من هذا القول أن تفسير " في ظلال القرآن" لا يفيد معرفة، وإنما هو كتاب تربوي للنشئ يبسط لهم مبادئ الإسلام، ويوجههم إلى فعل الخيرات، وترك المنكرات. أما غيرهم ممن حصلوا شيئا من العلم، ونما وعيهم وإدراكهم فإنهم لن يجدوا ضالتهم في هذا التفسير، ولن يقدم لهم معرفة تزكي رصيدهم العلمي، وتنمي وعيهم.
والظاهر أن منشأ هذه الشبه راجع إلى عنوان التفسير ذاته، فهو يوحي بأنه ليس تفسيرا للقرآن الكريم. مؤسسا على قواعد علمية، وأصول منهجية واضحة، تهدف إلى تقديم معرفة نافعة ومثمرة. وإنما هو انطباعات، وخواطر حول العقيدة، والنفس، والحياة، والناس. وفي حقيقة الأمر فإن واقع تفسير سيد قطب هو غير ما يوحي به عنوان " في ظلال القرآن"، ولعل مرد هذه التسمية إلى تواضع العلماء.
والدراسة العلمية، والقراءة المتأنية، كفيلة بأن تثبت أنه ليس كتاب توجيه فقط، وإنما هو كتاب توجيه وتعليم معا، فهو يقدم معرفة واسعة بأساليب القرآن البلاغية، وشيء من علم القرآن والحديث، والسيرة والتاريخ، والفكر المعاصر بتياراته الفكرية المتضاربة، كما يقدم فكرا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا نابعا من الكتاب والسنة.
كما ان النظر إلى تفسير " في ظلال القرآن" على أنه تفسير كغيره من التفاسير قد يسقط في هذه الشبهة، ولن تزول آثارها إلا إذا نظر إليه على أنه تفسير متميز في منهجه وتصوره، وأنه قد جاء استجابة لظروف العصر التي يعيشها المسلمون، وأن صاحبه لم يرد أن يجعل منه مدونة لما سبق أن قيل في تفاسير القرآن الكريم السابقة، لأن ذلك لن يضيف شيئا جديدا إلى التراث التفسيري الضخم، ولا يحقق منفعة تذكر بالنسبة للمسلم المعاصر، الذي هو في أشد الحاجة إلى من يوقفه على العقيدة الصحيحة، والفكر المتنور الذي يستطيع به أن يصمد في وجه أي غزو ثقافي. وفضلا عن ذلك فإن المباحث العلمية الدقيقة والمعمقة، سواء في علوم القرآن و الحديث و الأصول و الفقه، و الفلسفة وعلم الكلام لا تعدو أن تكون صارفة عن «استلهام آيات القرآن الكريم في التوجيه والهداية في كل شؤون الحياة بما تكشف عن وفاء القرآن بحاجة البشرية وفاء لا يعوزها إلى غيره من طرائف الهدايات». فسيد قطب كان يهدف من وراء تفسيره للقرآن الكريم أن يربط المسلم المعاصر بكتاب دعوته "القرآن"، ويجعله يعيش في ظلاله الوارفة لا أن يجعله يحوم حوله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عدنان البحيصي]ــــــــ[22 Apr 2007, 10:41 ص]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم
لقد أستفدت من مروري هاهنا
هل تتكرم بزيارة الرابط التالي؟
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?p=35329&posted=1#post35329
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[24 Apr 2007, 11:03 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم.
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الأخ الفاضل عدنان البحيصي ـ حفظه الله ـ.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا، و مزيدا من التواصل و التعاون خدمة للدراسات القرآنية.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(/)
الأسس الفكرية لتفسير "في ظلال القرآن" لسيد قطب.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[15 Aug 2006, 04:12 ص]ـ
إن فهم تفسير "في ظلال القرآن" - في نظرنا- يتوقف على تحديد الأسس الفكرية التي يقوم عليها، فبها نستطيع إدراك الأهداف التي يرمي إليها المفسر، ثم إذا أضفنا إلى تلكم الأسس الدراسة النصية القائمة على التحليل والمقارنة، تمكنا من تحديد المنهج والاتجاه التفسيري الذي يمكن أن نصنف إليه هذا التفسير.
ويمكن تقسيم هذه الأسس الفكرية إلى أربعة أسس رئيسية وهي:
1 - أسس تتعلق بالعقيدة.
2 - أسس تتعلق بطبيعة الدين الإسلامي.
3 - أسس تتعلق بطبيعة الإنسان وعلاقته بخالقه، وبأخيه الإنسان، وبالكون من حوله.
4 - أسس تتعلق بواقع البشرية في العصر الحديث.
وهذه الأسس الفكرية تشكل المحور الأساسي لتفسير "في ظلال القرآن"، كما أنها تمثل خلاصة فكر سيد قطب -رحمه الله- بعد أن تدرج في الحياة، كأديب مبدع، ثم مفكر إسلامي، ثم مفسر للقرآن الكريم، كما أنها تعتبر نتيجة موضوعية للوعي الكامل والشامل بواقع الأمة الإسلامية في العصر الحديث والرغبة الطموح إلى كسر رتابة حياتها، ورفع نير التبعية والاستعباد عن رقاب أبنائها، وإحداث انقلاب شامل في حياتها، وحياة الأمم الأخرى من حولها، انقلاب في التصورات والمبادئ والقيم، وانقلاب في الأشواق والرغبات، ليستعلى الإيمان.
1 - أسس تتعلق بالعقيدة:
أ- التوحيد:
عقيدة التوحيد هي أصل الأصول في العقيدة الإسلامية، وهي تمثل القاعدة الأساسية للتصور الإسلامي، وهي «مفرق الطريق بين النظام والفوضى في العقيدة لتتجه العوالم كلها إلى رب واحد تقر له بالسيادة المطلقة، وتنفض عن كأهلها زحمة الأرباب المتفرقة ... ومن ثم كان التوحيد الكامل الخالص، المجرد الشامل، الذي لا تشوبه شائبة من قريب ولا من بعيد، هو قاعدة التصور التي جاء بها الإسلام وظل يجلوها في الضمير، ويتتبع فيه كل هاجسة، وكل شائبة حول حقيقة التوحيد، حتى يخلصها من كل غبش، ويدعها مكينة راكزة لا يتطرق إليها وهم في صورة من صوره».
وتخصيص الله وحده بالعبودية ما هو إلا إعلان لتحرير الإنسان تحريرا كاملا من ربقة التبعية والخضوع لغير الله سواء أكان بشرا أو حجرا أو بقرا أو هوى أو شيطانا، «وإذا كان الله وحده هو الذي يعبد، والله وحده هو الذي يستعان فقد تخلص الضمير البشري من استذلال النظم والأوضاع والأشخاص، كما تخلص من استذلال الأساطير والأوهام والخرافات».
ب- الحاكمية:
لا يفرق سيد قطب رحمه الله بين توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وبين التلقي من الله وحده في التشريع، فهي جميعا من مقتضيات التوحيد، وفي ذلك يقول: «هذه الوحدانية الحاسمة الناصعة هي القاعدة التي يقوم عليها التصور الإسلامي، والتي ينبثق منها منهج الإسلام للحياة كلها، فعن هذا التصور ينشأ الاتجاه إلى الله وحده بالعبودية والعبادة، فلا يكون الإنسان عبدا إلا لله، ولا يتجه بالعبادة إلا لله، ولا يلتزم بطاعة إلا طاعة الله، وما يأمره الله به من الطاعات، وعن هذا التصور تنشأ قاعدة: الحاكمية لله وحده، فيكون الله وحده هو المشرع للعباد ويجيء تشريع البشر مستمدا من شريعة الله».
وهذا الرأي قد ذهب إليه من قبل الأستاذ أبو الاعلى المودودي رحمه الله في كتابه "الحكومة الإسلامية" حيث نص على أن القرآن الكريم يوضح «توضيحا تاما حاكمية الله القانونية، ويقدمها جنبا إلى جنب مع عقيدة "معبودية" الدينية، ويؤكد على أن هاتين الصفتين هما المقتضيات اللازمة لألوهيته تعالى، وأن كلا منهما لا تنفصم عن الأخرى، وإنكار إحداهما يستلزم بالضرورة إنكار ألوهية الله، ولم يدع القرآن مجالا يظن منه احتمال فهم القانون الإلهي على أنه قانون الفطرة، بل على العكس أقام دعوته على أساس حتمية تسليم الإنسان بقانون الله الشرعي في حياته الأخلاقية والمجتمعية، وهو القانون الذي بعثه الله على يد الأنبياء، وقد سمى قبول هذا القانون الشرعي، والتخلي أمامه عن الحرية الشخصية "إسلاما"، ورفض في عبارات وألفاظ واضحة حق الإنسان في أن يفصل برأيه في الأمور التي أصدر الله ورسوله فيها حكما وفصلا {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا}». بل إن سيد قطب يعد توحيد الحاكمية
(يُتْبَعُ)
(/)
دليلا على وجود الإيمان في القلب، والإشراك في الحاكمية بمعنى رفض شرع الله تعالى، وعدم الاستسلام لتوجيهاته أمرا أو نهيا، يقوم دليلا على عدم وجود الإيمان في القلب، فتحكيم المنهج الرباني في الحياة كلها، ورد الأمور - صغيرها وكبيرها شريفها وحقيرها- إلى الله تعالى، وإلى رسوله الكريم، ليس من قبيل الترف الفكري، وليس موكولا إلى أهوائنا، بل هو ضرورة إيمانية، قبل أن يكون ضرورة تشريعية أو تنظيمية للحياة البشرية وفي ذلك يقول سيد قطب:
«إن الاحتكام إلى منهج الله في كتابه ليس نافلة ولا تطوعا، ولا موضع اختيار، إنما هو الإيمان أو فلا إيمان {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} .. {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا، وإن الظالمين بعضهم أولياء بعض، والله ولي المتقين}.
والامر إذن جد .. إنه أمر العقيدة من أساسها .. ثم هو أمر سعادة هذه البشرية أو شقائها - إن هذه البشرية- وهي من صنع الله - لا تفتح مغاليق فطرتها إلا بمفاتيح من صنع الله، لا تعالج أمراضها وعللها إلا بالدواء الذي يخرج من يده -سبحانه- وقد جعل في منهجه وحده مفاتيح كل مغلق، وشفاء كل داء {وننزل من القرآن ما هو شفاء وراحة للمؤمنين} .. {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} ... ».
ج- الاعتقاد بالآخرة:
إن الاعتقاد بالآخرة، والإيمان بيوم القيامة، يوم الدين الذي يبعث فيه الناس جميعا، ليقفوا بين يدي الله تعالى ليجزي كل نفس ما كسبت «كلية من كليات العقيدة الإسلامية، ذات قيمة في تعليق أنظار البشر وقلوبهم بعالم آخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد بهم ضرورات الأرض، وعندئذ يملكون الاستعلاء على هذه الضرورات، ولا يستبد بهم القلق على تحقيق جزاء سعيهم في عمرهم القصير، المحدود، وفي مجال الأرض المحصور، وعندئذ يملكون العمل لوجه الله، وانتظار الجزاء حيث يقدره الله في الأرض أو في الدار الآخرة سواء في طمأنينة لله، وفي ثقة بالخير، وفي إصرار على الحق، وفي سعة وسماحة ويقين، ومن ثم فإن هذه الكلية تعد مفرق الطريق بين العبودية
للنزوات والرغائب، والطلاقة الإنسانية اللائقة ببني الإنسان، بين الخضوع لتصورات الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بالقيم الربانية، والاستعلاء على منطق الجاهلية، مفرق الطريق بين الإنسانية في حقيقتها العليا التي أرادها الله الرب لعباده، والصور المشوهة المنحرفة التي لم يقدر لها الكمال. وما تستقيم الحياة البشرية على منهج الله الرفيع ما لم تتحقق هذه الكلية في تصور البشر، وما لم تطمئن قلوبهم إلى أن جزاءهم على الأرض ليس هو نصيبهم الأخير، وما لم يثق الفرد المحدود العمر بأن له حياة أخرى تستحق أن يجاهد لها، وأن يضحى لنصرة الحق والخير معتمدا على العوض الذي يلقاه فيها .. وما يستوي المؤمنون بالآخرة والمنكرون لها في شعور، ولا خلق، ولا سلوك، ولا عمل، فهما صنفان مختلفات من الخلق، وطبيعتان متميزتان في الأرض في العمل، ولا تلتقيان في الآخرة في جزاء. وهذا هو مفرق الطريق ... ».
د- طبيعة العلاقة بين الله ومخلوقاته:
إن الله سبحانه وتعالى قد خلق الكون كله بما فيه ومن فيه، ولم يتركه هملا، بل شمله بالرعاية والعناية التي «لا تنقطع ولا تغيب، لا كما كان أرقى تصور فلسفي لأرسطو مثلا يقول بأن الله أوجد هذا الكون ثم لم يعد يهتم به، لأن الله أرقى من أن يفكر فيما هو دونه، فهو لا يفكر إلا في ذاته! وأرسطو ـ وهذا تصوره ـ هو أكبر الفلاسفة، وعقله هو أكبر العقول .. ». واما علاقة الله تعالى بالكون كله عامة، وبالإنسان خاصة فهي علاقة «الرحمة التي تستجيش الحمد والثناء، إنها الصلة التي تقوم على الطمأنينة وتنبض بالمودة، فالحمد هو الاستجابة الفطرية للرحمة الندية. إن الرب الإله في الإسلام لا يطارد عباده مطاردة الخصوم والأعداء كآلهة الأولمب في نزواتها وثوراتها كما تصورها أساطير الإغريق، ولا يدبر لهم المكائد الانتقامية كما تزعم الأساطير المزورة في "العهد القديم" كالذي جاء في أسطورة برج بابل في الإصحاح الحادي عشر من سفر التكوين".
2 - أسس تتعلق بطبيعة الدين الإسلامي:
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الأسس التفسيرية المتعلقة بطبيعة الدين الإسلامي تتركز حول خصائص ومميزات الإسلام، التي تجعله يختلف عن غيره من الديانات والمذاهب والمعتقدات، سواءا كانت سماوية وعبثت بتعاليمها يد جهال البشر، أم كانت من صنع الإنسان، وابتكار هواه ابتداء. ويمكننا ان نقسم هذه الأسس التفسيرية إلى تسعة أسس:
أ- الإسلام دين الفطرة، فهو يسير هينا لينا معها «يدفعها من هنا، ويردعها من هناك، ويقومها حتى لا تميل، ولكنه لا يكسرها، ولا يحطمها، إنه يصبر عليها صبر العارف الواثق من الغاية المرسومة، والذي لا يتم في هذه الجولة يتم في الجولة الثانية والثالثة، والعاشرة أو المائة او الألف ... فالزمن ممتد، والغاية واضحة، والطريق إلى الهدف الكبير طويل، وكما تنبت الشجرة
الباسقة، وتضرب بجذورها في التربة، وتتطاول فروعها وتتشابك .. كذلك ينبت الإسلام ويمتد في بطء وعلى هينة وفي طمأنينة، ثم يكون دائما ما يريده الله أن يكون .. والزراعة قد تسقى عليها الرمال، وقد يأكل بعضها الدود، وقد يحرقها الظمأ، وقد يغرقها الري، ولكن الزارع البصير يعلم أنها زرعة للبقاء والنماء وانها ستغالب الآفاق كلها على المدى الطويل، فلا يتعفن ولا يقلق، ولا يحاول إنضاجها بغير وسائل الفطرة الهادئة المتزنة السمحة الودودة، إنه المنهج الإلهي في الوجود كله {ولن تجد لسنة الله تبديلا}».
ب- شريعة الله التي ارتضاها -سبحانه- لعباده ما هي إلا جزء من القانون الكلي في الكون، ومن ثم فتطبيقها يعمل - لا ريب - على تحقيق التناسق والتجاوب والتوازن مع كل مخلوقات الله سبحانه في الوجود: «إن شريعة الله للناس هي طرف من قانونه الكلي في الكون، فإنفاذ هذه الشريعة لابد أن يكون له أثر إيجابي في التنسيق بين سيرة الناس، وسيرة الكون، والشريعة إن هي إلا ثمرة الإيمان، لا تقوم وحدها، بغير أصلها الكبير، فهي موضوعة لتفذ في مجتمع مسلم، كما أنها موضوعة لتساهم في بناء المجتمع المسلم، وهي متكاملة مع التصور الإسلامي كله للوجود الكبير، وللوجود الإنساني، ومع ما ينشئه هذا التصور من تقوى في الضمير، ونظافة في الشعور، وضخامة في الاهتمامات، ورفعة في الخلق، واستقامة في السلوك، وهكذا يبدو التكامل والتناسق بين سنن الله كلها، سواء ما نسميه القوانين الطبيعية، وما نسميه القيم الإيمانية، فكلها أطراف من سنة الله الشاملة لهذا الوجود».
ج- المنهج الإسلامي منهج صالح للتطبيق في كل الأزمنة والبيئات، وهو منهاج عمل موضوع للإنسان، وآخذ في الاعتبار فطرته، وإمكانياته المادية والمعنوية، وهو فضلا عن ذلك موضوع للآماد الطوال، ومن ثم فهو بعيد النظر «فالمنهج الإلهي - كما يبدو في ظلال القرآن - موضوع ليعمل في كل بيئة، وفي كل مرحلة من مراحل النشأة الإنسانية، وفي كل حالة من حالات النفس البشرية الواحدة، وهو موضوع لهذا الإنسان الذي يعيش في هذه الأرض، آخذ في الاعتبار فطرة الإنسان وطاقاته واستعداداته، وقوته وضعفه، وحالاته المتغيرة التي تعتريه. إن ظنه لا يسوء بهذا الكائن فيحتقر دوره في الأرض، أو يهدر قيمته في صورة من صور حياته، سواء وهو فرد، او وهو عضو في جماعة، كذلك هو لا يهيم مع الخيال، فيرفع هذا الكائن فوق قدره، وفوق طاقته، وفوق مهمته التي أنشأه الله لها يوم أنشأه، ولا يفترض في كلتا الحالتين أن مقومات فطرته سطحية، تنشأ بقانون، أو تكشط بجرة قلم! الإنسان هو هذا الكائن بعينه، بفطرته وميوله، واستعداداته، يأخذ بحسب تكوينه ووظيفته، ويحترم ذاته وفطرته، ومقوماته، وهو يقود في طريق الكمال الصاعد إلى الله، ومن ثم فإن المنهج الإلهي موضوع للمدى الطويل - الذي يعمله خالق هذا الإنسان، ومنزل هذا القرآن - ومن ثم لم يكن معتسفا، ولا عجولا في تحقيق غاياته العليا من هذا المنهج».
(يُتْبَعُ)
(/)
د- القيم الإيمانية والقوانين الطبيعية صنوان لا ينفصلان، فكلاهما من السنن الإلهية المترابطة، فهناك قوم - انطلاقا من دوافع مغرضة، أو نتيجة الجهل وسوء الفهم، والتدبر - يفصلون «بين نوعين من السنن الإلهية هما في حقيقتهما غير منفصلين، فهذه القيم الإيمانية هي بعض سنن الله في الكون كالقوانين الطبيعية سواء بسواء، ونتائجها مرتبطة ومتداخلة، ولا مبرر للفصل بينهما في حس المؤمن وفي تصوره .. وهذا التصور الصحيح الذي ينشئه القرآن في النفس حين تعيش في ظلال القرآن، ينشئه وهو يتحدث عن أهل الكتاب السابقة، وانحرافهم عنها، وأثر هذا الانحراف في نهاية المطاف: {ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم سيئاتهم، ولأدخلناهم جنات النعيم، ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم}. وينشئه وهو يتحدث عن وعد نوح لقومه {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء عليكم مدرارا، ويمددكم بأموال وبنين، ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} وينشئه وهو يربط بين الواقع النفسي للناس، والواقع الخارجي الذي يفعله الله بهم: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
إن الإيمان بالله، وعبادته على استقامة، وإقرار شريعته في الأرض .. كلها إنفاذ لسنن الله، وهي سنن ذات فاعلية إيجابية، نابعة من ذات المنبع الذي تنبثق منه سائر السنن الكونية التي نرى آثارها الواقعية بالحس والاختبار».
هـ - لا مجال للصدفة في الوجود، فكل شيء فيه لحكمة، والمؤمن مطالب بالأخذ بالأسباب، والله هو الذي يقدر آثارها ونتئجها «وفي ظلال القرآن تعلمت أنه لا مكان للمصادفة العمياء، ولا للفتلة العارضة {إنا كل شيء خلقناه بقدر}، {وخلق كل شيء فقدره تقديرا}، وكل أمر لحكمة، ولكن حكمة الغيب العميقة لا تتكشف للنظرة الإنسانية القصيرة، {فعسى أن تكرهوا شيئا، ويجعل الله فيه خيرا لكم}. {وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون}. والأسباب التي تعارف عليها الناس، قد تتبعها آثارها، وقد لا تتبعها، والمقدمات التي يراها الناس حتمية، قد تعقبها نتائجها، وقد لا تقعبها، ذلك أنه ليست الأسباب والمقدمات هي التي تنشئ الآثار والنتائج، وإنما هي الإرادة الطليقة، التي تنشئ الآثار والنتائج، كما تنشئ الأسباب والمقدمات سواء {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا}، {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله}. والمؤمن يأخذ بالأسباب لأنه مأمور بالأخذ بها، والله هو الذي يقدر آثارها ونتائجها، والاطمئنان إلى رحمة الله، وعدله، وإلى حكمته، وعلمه، هو وحده الملاذ الأمين، والنجوة من الهواجس والوساوس {الشيطان يعدكم الفقر، ويأمركم بالفحشاء، والله يعدكم مغفرة وفضلا، والله واسع عليم} .. ».
وـ ليس هناك أدنى تعارض بين المنهج الإلهي، والإبداع الإنساني، فالإسلام لا يصادر فكر الإنسان، ولا يعطل قدراته العقلية، والنفسية والعضلية، بل يفسح لها المجال جميعا لتحقق مفهوم الاستخلاف بكل أبعاده التي حددها التصور الإسلامي، «وهناك عصابة من المضللين الخادعين، أعداء البشرية، يضعون لها المنهج الإلهي في كفة، والإبداع الإنساني في عالم المادة في الكفة الأخرى، ثم يقولون لها: اختاري! اختاري إما المنهج الإلهي في الحياة والتخلي عن كل ما أبدعته يد الإنسان في عالم المادة، وإما الأخذ بثمار المعرفة الإنسانية والتخلي عن منهج الله! وهذا خداع لئيم خبيث. فوضع المسألة ليس هكذا أبدا، إن المنهج الإلهي ليس عدوا للإبداع الإنساني، إنما هو منشئ لهذا الإبداع وموجه له الوجهة الصحيحة .. ذلك كي ينهض الإنسان بمقام الخلافة في الأرض. هذا المقام الذي منحه الله له. وأقدره عليه، ووهبه من الطاقات المكنونة ما يكافئ الواجب المفروض عليه فيه. وسخر له من القوانين الكونية ما يعينه على تحقيقه، ونسق بين تكوينه وتكوين هذا الكون ليملك الحياة والعمل والإبداع .. على ان يكون الإبداع نفسه عبادة الله، ووسيلة من وسائل شكره على آلائه العظام، والتقيد بشرطه في عقد الخلافة، وهو أن يعمل ويتحرك في نطاق ما يرضي الله. فأما أولئك الذين يضعون المنهج الإلهي في كفة والإبداع الإنساني في عالم المادة في الكفة الأخرى، فهم سيئوا النية، شريرون، يطاردون البشرية
(يُتْبَعُ)
(/)
المتعبة الحائرة كلما تعبت من التيه والحيرة والضلال، وهمت أن تسمع لصوت الحادي الناصح، وأن تؤوب من المتاهة المهلكة، وأن تطمئن إلى كنف الله ... ».
زـ الأصل في الحياة كلها الخير والصلاح والإحسان، وهي في منهج الله أصيلة في بناء هذا الوجود، شأنها شأن الحق، وهي «باقية في الأرض {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها، فاحتمل السيل زبدا رابيا، ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله، كذلك يضرب الله الحق والباطل، فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، كذلك يضرب الله الأمثال} .. {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار، يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ويضل الله الظالمين، ويفعل الله ما يشاء}.
أي طمأنينة ينشئها هذا التصور؟ وأي سكينة يفيضها على القلب؟ وأي ثقة في الحق والصلاح؟ وأي قوة واستعلاء على الواقع الصغير يسكبها في الضمير؟ ... ».
ح ـ النصرة والغلبة للحق، ولدعاته وإن كانوا قلة، وكان أنصار الباطل كثرة {قال الذين يطنون أنهم ملاقو الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله، والله مع الصابرين}.
«فهذه هي القاعدة في حس الذين يوقنون أنهم ملاقو الله، القاعدة: ان تكون الفئة المؤمنة قليلة لأنها هي التي ترتقي الدرج الشاق حتى تنتهي إلى مرتبة الاصطفاء والاختيار ولكنها تكون الغالبة، لأنها تتصل بمصدر القوى، ولأنها تمثل القوة الغالبة، قوة الله الغالب على أمره، والقاهر فوق عباده، محطم الجبارين، ومخزي الظالمين، وقاهر المتكبرين».
3 - أسس تتعلق بطبيعة الإنسان، وعلاقته بخالقه، وبأخيه الإنسان وبالكون من حوله.
I. جنسية المسلم عقيدته: الإنسان مخلوق كريم، سخر الله له كل ما في الوجود لخدمته، ومكنه منه ليتحقق مفهوم الاستخلاف: «ولأن الإنسان بهذا القدر من الكرامة، والسمو، جعل الله الآصرة التي يتجمع عليها البشر، هي الآصرة المستمدة من النفحة الإلهية الكريمة، آصرة العقيدة في الله، فعقيدة المؤمن هي وطنه، وهي قومه، وهي أهله، ومن ثم يتجمع البشر عليها وحدها، لا على أمثال ما تتجمع عليه البهائم من كلأ ومرعى وقطيع، وسياج!».
Ii. الإنسان قوة فعالة من قوى الوجود: «وعلمه وإرادته، وإيمانه، وصلاحه، ونشاطه، هي كذلك قوى ذات آثار إيجابية في هذا الوجود، وهي مرتبطة بسنة الله الشاملة للوجود، وكلها تعمل متناسقة، وتعطى ثمارها كاملة حين تتجمع وتتناسق، بينما تفسد آثارها، وتضطرب، وتفسد الحياة معها، وتنتشر الشقوة بين الناس، والتعاسة حين تفترق، وتتصادم {ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}. فالارتباط قائم وثيق بين عمل الإنسان، وشعوره وبين مجريات الأحداث في نطاق السنة الإلهية الشاملة للجميع_».
Iii. المؤمن ذو نسب عريق يتمثل في أنبياء الله الصالحين، وتجربته مع الجاهلية لا تختلف في شيء عن تجربتهم معها، ومصيره هو مصيرهم، ويقينه هو نفس يقينهم «هذا الموكب الكريم الممتد في شعاب الزمان من قديم، يواجه - كما يتجلى في ظلال القرآن- مواقف متشابهة، وأزمات متشابهة، وتجارب متشابهة، على تطاول العصور، وكر الدهور، وتغير المكان، وتعدد الأقوام، يواجه الضلال، والعمى والطغيان، والهوى، والاضطهاد، والبغى، والتهديد، والتشريد، ولكنه يمضي في طريقه ثابت الخطو، مطمئن الضمير، واثقا من نصر الله، متعلقا بالرجاء فيه، متوقعا في كل لحظة وعد الله الصادق الأكيد {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا، فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين، ولنسكننكم الأرض من بعدهم، ذلك لمن خاف مقامي، وخاف وعيد}.
موقف واحد، وتجربة واحدة، وتهديد واحد، ويقين واحد، ووعد واحد للموكب الكريم، وعاقبة واحدة ينتظرها المؤمنون في نهاية المطاف، وهو يتلقون الاضطهاد، والتهديد والوعيد».
Iv. علاقة الإنسان بالكون من حوله علاقة صداقة ومودة، فالكون له روح تتلقى وتستجيب، وتشارك الإنسان عبوديته لله، ومن ثم فلا
(يُتْبَعُ)
(/)
تنافر، ولا تصادم بينهما، بخلاف ما يدعيه الغربيون من تصارع مع قوى الطبيعة، وسعي حثيت لقهرها، وما يترتب عن هذا المفهوم الخاطئ لتصور العلاقة بين الإنسان والكون من حوله، من اختلال في ناموس الحياة، مما يجعل الإنسان يرتكس في الحمأة الوبيئة ليذوق وبال أمره، وعاقبته أنكى وأمر. وقد عبر سيد قطب - رحمه الله - عن هذا الأساس - في أسلوب مشرق، ودقة فكرية متناهية تعبر عما تأصل في نفسه من موهبة أدبية رفيعة، وفكر مبدع، وروح مؤمنة، وعقل متقد - بقوله: «إن المرحلة التي يقطعها (الإنسان) على ظهر هذا الكوكب إنما هي رحلة في كون حي مأنوس، وعالم صديق ودود، كون ذي روح تتلقى وتستجيب، وتتجه إلى الخالق الواحد الذي تتجه إليه روح المؤمن في خشوع {ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال} .. {تسبح له السماوات السبع، والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده}. أي راحة وأي سعة وأي أنس، وأي ثقة يفيضها على القلب هذا التصور الشامل الكامل الفسيح الصحيح؟».
4 - أسس تتعلق بواقع البشرية في العصر الحديث.
وركز سيد قطب فيها على مظاهر البعد عن منهاج الله، واتباع الهوى أوالشيطان، وانتقد فيها تضخيم الجانب المادي على الجانب الروحي في الحياة، مما جعل الإنسان يعيش حياة الضنك والضيق، والشقاء، رغم ما حققه من تقدم مادي - لم تعهد البشرية له مثيلا عبر تاريخها المديد- يوفر له أسباب الراحة والسعادة المادية يمكننا أن نجمل هذه الأسس في أساسين هما:
أ- المجتمع الإنساني يعيش اليوم في جاهلية فلسفية بغيضة حادت به عن المنهاج الذي ارتضاه الله لخلقه حتى يتحقق مفهوم الاستخلاف، وقد أشار سيد قطب إلى هذا الأساس في مقدمة تفسيره، حين قال: «وعشت - في ظلال القرآن- أنظر من علو إلى الجاهلية التي تموج في الأرض، وإلى اهتمامات أهلها الصغيرة الهزيلة، أنظر إلى تعاجب أهل هذه الجاهلية بما لديهم من معرفة الأطفال، وتصورات الأطفال واهتمامات الأطفال، كما ينظر الكبير إلى عبث الأطفال، ومحاولات الأطفال، ولثغة الأطفال، وأعجب ما بال هذا الناس؟! ما بالهم يرتكسون في الحمأة الوبيئة، ولا يسمعون النداء العلوي الجليل، النداء الذي يرفع العمر ويباركه ويزكيه؟».
ب- إن تنحية الإسلام عن واقع الحياة هو أكبر مصيبة عرفتها البشرية، وكان ذلك إيذانا بتمزقها نفسيا، وانحلالها اجتماعيا، فعاشت معيشة ضنكا لا تعرف فيها إلا الشقاوة والحيرة والحروب والكوارث، فكانت هذه التنحية «نكبة قاصمة في حياتها، لم تعرف لها البشرية نظيرا في كل ما ألم بها من نكبات. لقد كان الإسلام قد تسلم القيادة بعدما فسدت الأرض، وأسنت الحياة، وتعفنت القيادات، وذاقت البشرية الويلات من القيادات المتعفنة، و {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس}. تسلم الإسلام القيادة بهذا القرآن، وبالتصور الجديد الذي جاء به، وبالشريعة المستمدة من هذا التصور، فكان ذلك مولدا جديدا للإنسان أعظم في حقيقته من المولد الذي كانت به نشأته، لقد أنشأ هذا القرآن للبشرية تصورا جديدا عن الوجود والحياة والقيم، والنظم، كما حقق لها واقعا اجتماعيا فريدا، كان يعز على خيالها تصوره مجرد تصور، قبل أن ينشئه لها القرآن إنشاء.
نعم! لقد كان هذا الواقع من النظافة والجمال، والعظمة والارتفاع، والبساطة واليسر، والواقعية الإيجابية، والتوازن والتناسق، بحيث لا يخطر للبشرية على بال لولا أن الله أراده لها، وحققه في حياتها في ظلال القرآن، ومنهح القرآن، وشريعة القرآن. ثم وقعت تلك النكبة القاصمة ونحي الإسلام عن القيادة، نحي عنها لتتولاها الجاهلية مرة أخرى، في صورة من صورها الكثيرة، صورة التفكير المادي الذي تتعاجب به البشرية اليوم، كما يتعاجب الأطفال بالثوب المبرقش، واللعبة الزاهية الألوان!».
وهذه الأسس الفكرية لتفسير في "ظلال القرآن" يمكن إرجاعها جميعا إلى أصل واحد وهو الحاكمية، والعبودية المطلقة لله رب العالمين، وسيد قطب - رحمه الله - لم يصرح بذلك في تفسيره. ولكننا نستخلصه من قوله إن القيم الإيمانية والقوانين الطبيعية، كلها من سنن الله تعالى، وأن الشريعة التي ارتضاها الحق سبحانه لعباده، ما هي إلا جزء من القانون الكلي في الكون، ومن ثم يصبح إعلان الحاكمية والعبودية لله وحده وسيلة وغاية. فبها تتحقق السعادة، وإدراكها هو السعادة، حيث يكون الإنسان منسجما مع نفسه، ومع اخيه الإنسان، ومع الكون من حوله.(/)
الأسس المنهجية لتفسير " في ظلال القرآن" لسيد قطب.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[15 Aug 2006, 04:16 ص]ـ
هناك جملة أسس منهجية يقوم عليها تفسير "في ظلال القرآن" والقصد منها أن تكون عملية التفسير عملية علمية منضبطة بقواعد منهجية صارمة لا تخرج عنها، والملاحظ أن المنهج ليس مفروضا على السورة بصورة تعسفية، بل إنه يستمد من السورة ذاتها، أو بمعنى آخر إن السورة هي التي تفرض منهج التعامل معها، وهذا يرجع إلى سببين:
أولاهما: أن سيد قطب رحمه الله يؤمن بأن لكل سورة من سور القرآن الكريم شخصيتها المتميزة التي تجعلها مغايرة لباقي السور، وإن كان هناك تشابه ظاهري بينها جميعا، وقد صرح بذلك في أكثر من موضع من تفسيره، من ذلك ما جاء في تفسيره لسورة الأعراف: «إن كل سورة من سور القرآن ذات شخصية متفردة، وذات ملامح متميزة، وذات منهج خاص، وذات أسلوب معين، وذات مجال متخصص في علاج هذا الموضوع الواحد، وهذه القضية الكبيرة، إنها كلها تتجمع على الموضوع والغاية، ثم تأخذ بعد ذلك سماتها المستقلة وطرائقها المتميزة، ومجالها المتخصص في علاج هذا الموضوع، وتحقيق هذه الغاية.
إن الشأن في سور القرآن من هذه الوجهة كالشأن في نماذج البشر، التي جعلها الله متميزة .. كلهم إنسان، وكلهم له خصائص الإنسانية، وكلهم له التكوين العضوي والوظيفي الإنساني، ولكنهم بعد ذلك نماذج منوعة أشد التنويع، نماذج فيها الأشباه القريبة الملامح، وفيها الأغيار التي لا تجمعها إلا الخصائص الإنسانية العامة. وهكذا عدت أتصور سور القرآن، وهكذا عدت أحسها، وهكذا عدت أتعامل معها، بعد طول الصحبة، وطول الألفة، وطول التعامل مع كل منها وفق طباعه واتجاهاته، وملامحه وسماته، وأنا أجد في سور القرآن تبعا لهذا وفرة بسبب تنوع النماذج، وأنسا بسبب التعامل الشخصي الوثيق، ومتاعا بسب اختلاف الملامح والطباع والاتجاهات والمطالع».
ولما كان لكل سورة شخصيتها المتميزة، فإنه يتعذر على المفسر أن يفرض عليها كلها منهجا واحدا، لأن ذلك يهدر هذه الخاصية ويتجاهلها.
وثانيهما: ان سيد قطب، قبل أن يكون مفسرا كان أديبا وناقدا، ومن ثم كان واعيا بأن عملية تحليل النصوص - لكي تكون مثمرة وإيجابية -لابد أن تنطلق من النص ذاته لا من خارجه، ولابد أن يكون مقصدها هو قول النص والترجمة عنه ومحاولة للكشف عن بنائه الفني، ثم في الأخير الربط بينهما ليحصل الإلمام التام بمعاني وتعابير وأساليب النص، وإدماج القارئ في أجوائه ليعيشها لأنه بذلك يكون أكثر وعيا بدقائق المعاني، وأكثر إحساسا بجماليات الأسلوب والتعبير، وهكذا تنطلق عملية التحليل من النص لتقوله معنى ومبنى، وتنتهي بإدماج القارئ في أجواء النص ليعيشه.
إذا أتينا إلى تفسير "في ظلال القرآن" نجد أن هذه الخلفية المنهجية كانت تسيطر على سيد قطب وهو يباشر عملية التفسير، بل إننا سنجدها أكثر إلحاحا عليه لأنه - كداعية إلى الله - كان يهدف إلى أن يقرب الناس من الخطاب القرآني كخطوة اولى، تتلوها الخطوة الثانية وهي الاندماج فيه، بحيث يحس تاليه أنه يعيش في الأجواء التي كان ينزل فيها القرآن، فيعي معانيه، ويتذوق جماله الفني، ويحس في النهاية انه المخاطب والمعني به، وأنه حجة له أو عليه. وليس هذا شيئا استخلصناه من دراستنا لتفسير سيد قطب - رحمه الله - بل هي حقيقة عبر عنها بكل وضوح، حين قال: «وهذه السورة - شأنها شأن سورة الأنعام من قبلها - من بين هذه النصوص التي لا أكاد أجرؤ على مسها بتفسير أو إيضاح، ولكن ماذا أصنع ونحن في جيل لابد أن يقدم له القرآن مع الكثير من الإيضاح لطبيعته ولمنهجه، ولموضوعه كذلك، ووجهته، بعد أن ابتعد الناس عن الجو الذي تنزل فيه القرآن، وعن الاهتمامات والأهداف التي تنزل لها. وبعد ما انماعت وذبلت في حسهم وتصورهم مدلولاته، وأبعاها الحقيقية وبعد ما انحرفت في حسهم مصطلحاته عن معانيها، وهم يعيشون في جاهلية كالتي نزل القرآن ليواجهها، بينما هم لا يتحركون بهذا القرآن في مواجهة الجاهلية كما كان الذين تنزل عليهم القرآن أول مرة يتحركون، وبدون هذه الحركة لم يعد الناس يدركون من أسرار هذا القرآن شيئا، فهذا القرآن لا يدرك أسراره قاعد، ولا يعلم مدلولاته إلا إنسان يؤمن به ويتحرك به في وجه الجاهلية لتحقيق مدلوله ووجهته، ومع هذا كله
(يُتْبَعُ)
(/)
يصيبني رهبة ورعشة كلما تصديت للترجمة عن هذا القرآن. إن إيقاع هذا القرآن المباشر في حسي محال أن أترجمه في ألفاظي وتعبيراتي، ومن ثم أحس دائما بالفجوة الهائلة بين ما استشعره منه، وما أترجمه للناس، في هذه الظلال ... إنني لأهيب بقراء هذه الظلال أن لا تكون هي هدفهم من الكتاب، إنما يقرؤونها ليدنوا من القرآن ذاته، ثم ليتناولوه عند ذلك في حقيقته ويطرحوا عنهم هذه الظلال».
وبذلك تكون عملية التفسير متميزة عن عملية تحليل النصوص عند سيد قطب - رحمه الله- وإن كانتا تشتركان في بعض المراحل مثل قول النص ثم إدماج القارئ فيه، لأنها عملية هادفة، فهي لا تقف عند حد الفهم والتأثر، بل تتجاوزه إلى الحركة والانطلاق والعمل والبناء والتعمير، وتحقيق مفهوم الاستخلاف بمعناه الشامل، في حين نجد عملية تحليل النصوص تهدف - في الغالب - إلى تحقيق المتاع الفني، وقلما دفعت إلى الحركة والانطلاق والعمل.
ويمكننا إجمال الأسس المنهجية لتفسير " في ظلال القرآن" في الأسس التالية:
1. الانطلاق من القرآن والاعتماد عليه في استخلاص التصور الإسلامي وإخلاء الذهن من كل مقررات مسبقة.
2. نسقية السورة القرآنية.
3. الدراسة الإجمالية للسورة القرآنية.
4. الدراسة التفصيلية للسورة القرآنية.
5. الدراسة الموضوعية.
6. الثنائيات الضدية، او أسلوب المقابلة.
1 - الانطلاق من القرآن والاعتماد عليه في استخلاص التصور الإسلامي وإخلاء الذهن من كل مقررات مسبقة.
هذا الأساس المنهجي التزمه سيد قطب - رحمه الله - في تفسيره، بل إنه قد نص عليه صراحة عند انتقاده للمنحى العقلاني في التفسير، الذي سارت عليه مدرسة المنار، وذلك بقوله: «إن هنالك قاعدة مأمونة في مواجهة النصوص القرآنية، لعل هنا مكان تقريرها، إنه لا يجوز لنا أن نواجه النصوص القرآنية بمقررات عقلية سابقة، لا مقررات عامة، ولا مقررات في الموضوع الذي تعالجه النصوص، بل ينبغي ان نواجه هذه النصوص لنتلقى منها مقرراتنا، فمنها نتلقى مقرراتها الإيمانية، ومنها نكون قواعد منطقنا، وتصوراتنا جميعا، فإذا قررت لنا أمرا فهو المقرر كما قررته، ذلك أن ما نسميه "العقل" و- نريد أن نحاكم إليه مقررات القرآن عن الأحداث الكونية والتاريخية، والإنسانية، والغيبية- هو إفراز واقعنا البشري المحدود، وتجاربنا البشرية المحدودة، وهذا العقل وإن يكن في ذاته قوة مطلقة لا تتقيد بمفردات التجارب والوقائع بل تسمو عليها إلى المعنى المجرد، وراء ذواتها، إلا أنه في النهاية محدود بحدود وجودنا البشري، وهذا الوجود لا يمثل المطلق كما هو عند الله، والقرآن صادر عن هذا المطلق فهو الذي يحكمنا، ومقرراته هي التي نستقي منها مقرراتنا العقلية ذاتها، ومن ثم لا يصلح أن يقال: إن مدلول هذا النص يصطدم مع العقل، فلابد من تأويله كما يرد كثيرا في مقررات أصحاب هذه المدرسة، وليس معنى هذا هو الاستسلام للخرافة، ولكن معناها ان العقل ليس هو الحكم في مقررات القرآن. ومتى كانت المدلولات التعبيرية مستقيمة واضحة فهي التي تقرر كيف تتلقاها عقولنا، وكيف تصوغ منها قواعد تصورها، ونطقها تجاه مدلولاتها، وتجاه الحقائق الكونية الأخرة» (1). وسيد قطب إذ يفعل ذلك إنما يطبق قاعدة أساسية من قواعد نظرية التفسير عند أهل السنة التي تنص على أن يكون القرآن إماما يقتدي وأميرا يتبع، وعلى إعطاء النص القرآني مكان الصدارة، ومعنى ذلك أنه كان يحاول إبعاد تفسيره عن السقوط في مطب التفسير على المذهب.
وهناك مقصد آخر من الارتباط بالنص وهو محاولة الالتحام به كأساس للتأمل والتدبر، واستلهام الهداية، وسيد قطب إذ ينحو ذلك المنحى إنما يطبق أصلا من أصول نظرية أهل السنة في التفسير والذي نص عليه الإمام الزركشي (745/ 794هـ) في "البرهام": «أصل الوقوف على معاني القرآن التدبر والتفكر، واعلم أنه لا يحصل للناظر فهم معاني الوحي حقيقة، ولا يظهر له أسرار العلم من غيب المعرفة، وفي قلبه بدعة أو إصرار على ذنب، أو في قلبه كبر أو هوى، أو حب الدنيا، أو يكون غير متحقق الإيمان، أو ضعيف التحقيق، أو معتمدا على قول مفسر ليس عنده إلا علم بظاهر، أو يكون راجعا إلى معقوله، وهذه كلها حجب وموانع، وبعضها آكد من بعض .. ».
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن ثم فإن سيد قطب في تفسيره قد تجنب مواجهة القرآن الكريم بمقررات عقلية، أو أن يجعل سبيله إلى إدراك معانيه، واستلهام هدايته المصادر والمراجع المتنوعة المعارف، وهذا لا يعني أنه لم يعتمد أي مرجع سواء في التفسير أم السنة، و السيرة و التاريخ، و الفكر الإسلامي الحديث، و العلوم الطبيعية، بل إننا نجد في "الظلال" طائفة من المصادر والمراجع العلمية التي استعان بها في تفسيره، وسنقف على اقتباسات مطولة من بعض الكتب التي تأثر سيد قطب بفكر أصحابها، عندما سنتحدث عن مصادر ومراجع " في ظلال القرآن" في الفصول القادمة.
وهناك مقصد ثالث من اعتماد سيد قطب في تفسيره للقرآن الكريم على القرآن أساسا، وهو أن يجعل عملية التفسير تحقق أهداف القرآن، ألا وهي «إنشاء أمة، وإقامة دولة، وتنظيم مجتمع على أساس من عقيدة خاصة، وتصور معين، وبناء جديد، الأصل فيه إفراد الله - سبحانه- بالألوهية والربوبية، والقوامة والسلطان، وتلقي منهج الحياة وشريعتها ونظامها وموازينها وقيمها منه وحده بلا شريك».
وهذا كله لا يمكن تحقيقه إلا بالالتحام بالنص القرآني، والصدور عنه، والبعد عن كل ما يمكن أن يحجب هدايته وإرشاده.
ولعل أول من رفع شعار الالتحام بالخطاب القرآني، في العصر الحديث هو الأستاذ أبو الأعلى المودودي - الذي تأثر به سيد قطب كثيرا - والذي يقول في رسالة بعنوان "مبادئ أساسية لفهم القرآن":
«يجب - كخطوة أولى- على كل من يريد فهم القرآن سواء آمن به أو لم يؤمن أن يخلي ذهنه ما أمكن من جميع ما استقر فيه من قبل من التصورات، والنظريات، ويطهره من سائر ما يكنه من الرغبات الموالية أو المناوئة، ثم يكب على دراسته بقلب مفتوح، وأذن واعية، وقصد نزيه لفهمه، أما الذين يدرسونه واضعين طائفة من التصورات في أذهانهم مقدما، فما يقرءون بين دفتيه إلا تصورات أنفسهم. ولا يجدون شيئا من رائحة القرآن، ولا يصلح هذا المنهج لدراسة أي كتاب من الكتب، فكيف بالقرآن، الذي لا يفتح كنوز معانيه أبدا للذين يدرسونه باتباع مثل هذا المنهج». ولعل سيد قطب متأثر في الأسس المنهجية التي وضعها لتفسيره بما كتبه أبو الأعلى المودودي، في هذه الرسالة، وسيتأكد لنا ذلك عند الحديث عن الأسس المنهجية الخاصة بالدراسة الإجمالية، والتفصيلية، والموضوعية.(/)
سؤال عن كتاب فصول في أصول التفسير
ـ[أبو حسن]ــــــــ[15 Aug 2006, 06:24 ص]ـ
هل كتاب فصول في أصول التفسير للشيخ مساعد الطيار
شامل لموضوعات مقدمة في أصول التفسير لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[15 Aug 2006, 02:20 م]ـ
إن أردت الشمول لمباحث المقدمة تحديدا فللدكتور مساعد شرح على المقدمة طبعته دار ابن الجوزي
ـ[أبو حسن]ــــــــ[16 Aug 2006, 12:50 م]ـ
هل يغني هذا الكتاب عن مقدمة في أصول التفسير لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
بحيث يكون لمسائلها وزيادة
ـ[عقيل الشمري]ــــــــ[17 Aug 2006, 02:23 ص]ـ
أما شرح الشيخ / مساعد للمقدمة .... فسأقول ما لدي لأن لدي عناية بشرح الشيخ ...
وقد وفق الله في هذه الإجازة ... وشرحت الشرح لمجموعة من الطلبة .... ولذلك أقول:
أولا: الجميل في شرح الشيخ أنه استطاع أن يقسم مباحث المقدمة بحيث تسهل على القارئ فقسمها إلى أربعة أقسام.
ثانيا: جملها أكثر بالعناوين الجانبية.
ثالثا: ترتيبها وتلوينها كان مساعدا أكثر في الفهم، خاصة مع أقوال ابن تيمية.
رابعا: وفق الشيخ في سرد أمثلة للقضايا التي يذكرها ابن تيمية.
خامسا: كانت المعلومات على شكل نقاط " أولا، ثانيا، ثالثا ... ".
والملاحظة في ظني:
1ـ أن الشرح جدا أكاديمي، فلايناسب كثيرا من القراء، لاسيما والمقدمة من المتون التي تشرح دائما
فيستفيد منها في ظني المتخصص، نظرا للمعلومات الخاصة التي طرحها الشيخ.
2ـ فصل الشيخ للشرح عن المقدمة من مسببات انقطاع المعلومات وتتابعها، فلو أن الشيخ سار على الطريقة المعروفة في التأليف بحيث يضع المتن في الأعلى، والشرح في الأسفل كان أجمل في ظني
والمقترح:
إن كان مثلي يقترح على أمثال فضيلته، فأقترح أن يكون للشيخ عليها شرحان، أحدهما مبسط يناسب
المبتدئ، والآخر متعمق يناسب الأرقى درجة.
ذكرت ذلك لأني أحسب أني من أول من شرَح شرْح المقدمة.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[22 Aug 2006, 04:38 م]ـ
هل من مجيب
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Aug 2006, 02:47 م]ـ
أخي أبو حسن، حسَّن الله عملي وعملك
يظهر لي أنك تستطيع أن تعرف الفرق بين الكتابين، إذ في كتابي الفصول تلخيص لبعض ما في مقدمة ابن تيمية، وفيه إضافات، لكنه ليس شاملاً لكل ما ذكره شيخ الإسلام، فهل هذا مرادك؟
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[24 Aug 2006, 02:51 م]ـ
أرجو من فضيلة الدكتور مساعد تطوير هذا الكتاب القيم الذي لاأعرف له نظيرا على منواله، والذي حرر فيه مسائل لم يسبقه إليها أحد من المعاصرين، وكان هو مفتاح التعرف على فضيلته، وذلك بتقسيمه إلى قسمين القسم الأول للمبتدئين ويكون بتهذيب وتسهيل الكتاب الحالي، والثاني للمتخصصين أو المتوسطين ويكون بزيادة بعض المباحث اولإكثار من الأمثلة، وأظن أن هذا لن يكلف الشيخ جهداً كبيراً، والحاجة داعية بل ماسة إليه.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[24 Aug 2006, 11:09 م]ـ
نعم هذا مرادي حفظك الله
وأسأل الله أن يجزيك خير الجزاء على ماتبذله لخدمة هذا العلم الجليل
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 Aug 2006, 01:42 م]ـ
الأخ أبو حسن
هذا رسم توضيحي لأفكار الكتابين:
الأول:
http://up700.com/uploads/c733e6aa85.jpg (http://up700.com)
الثاني:
http://up700.com/uploads/cba0ef2ba6.jpg (http://up700.com)
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 Aug 2006, 04:32 م]ـ
أشكر الشيخ الدكتور إبراهيم الحميضي على ثنائه، وذلك من حسن ذاته، وأرجو أن يوفقني الله لما يقترحه من مشروعات تتعلق بأصول التفسير، وهناك نية للعمل مع بعض الإخوة في مثل هذا المشروع وغيره، فأسأل الله أن يوفقنا للقيام به، وأن يتقبله منا خالصًا لوجهه الكريم.
ـ[أبو صالح التميمي]ــــــــ[26 Aug 2006, 06:31 م]ـ
وأضم صوتي إلى صوت الشيخ إبراهيم فهذا الكتاب من الكتب التجديدية والتي تلذذت بقراءته أكثر من مرة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Aug 2006, 12:03 ص]ـ
أشكر أخي الكريم الدكتور مساعد الطيار على هذا الكتاب النافع الذي كان باكورة مؤلفاته، وأحسبه بصدد عمل متمم لهذا الكتاب إن شاء الله. كما أشكره على رسمه التوضيحي البديع الذي أتحفنا به في هذا الموضوع بارك الله فيه، وإلى الأمام في تذليل علوم القرآن لطلابه، فكم على المناهل من الوُرَّاد الظِّماء مثلي!
ـ[أبو حسن]ــــــــ[27 Aug 2006, 06:35 ص]ـ
أسأل الله أن يجزيك خير الجزاء يا أبا عبد الملك
ـ[مهران ماهر]ــــــــ[09 Jul 2007, 06:51 ص]ـ
كيف السبيل إلى تحصيل شرح د. مساعد الطيار على المقدمة؟ في أي مكتبة أجده؟
علماً بأنني من السودان
ـ[أبو حسن]ــــــــ[09 Jul 2007, 01:29 م]ـ
بإمكانك أخي الكريم
مراسلة مكتبة الرشد أو دار ابن الجوزي
بالمملكة العربية السعودية
ـ[محمد براء]ــــــــ[22 Nov 2007, 11:26 م]ـ
هل الشيخ شرح كتابه هنا ( http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=10093) ؟
إن كان كذلك، أهو شرح كامل؟(/)
ألا توجد منظومة في علوم القرآن؟
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[15 Aug 2006, 08:41 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ألا توجد منظومة في علوم القرآن لأحد العلماء السابقين؟
اطلعت على منظومة الشيخ سعود الشريم في هذا الباب فوجدتها مختصرة مقتصرة
فهل سُبِق إلى هذا الباب؟
لست أعني المنظومات المخصصة في التجويد أو القراءات أو نحو ذلك، وإنما أعني (علوم القرآن) على نحو ما ذكره الزركشي في البرهان والسيوطي في الإتقان.
وجزاكم الله خيرا
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Aug 2006, 01:38 م]ـ
بحث عن منظومة في علوم القرآن جملة ( http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3352)
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[15 Aug 2006, 05:07 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع النفيس(/)
حكاية لابن مجاهد رحمه الله
ـ[الجكني]ــــــــ[15 Aug 2006, 08:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الكريم المنان، الواسع العطاء، المعبود في السراء والضراء، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين: وبعد:
فهذا " جزء " لطيف، فيه حكاية مروية بالإسناد عن إمام القراء والقراءات، وأول من سبّع السبعة، الإمام ابن مجاهد رحمه الله تعالى. تحكي جانباً من جوانب شخصيته وسلوكه، وهو جانب التواضع والكرم والسعي في مصالح الضعفاء والفقراء ومساعدتهم في أزماتهم، والشفاعة لهم لدى أهل اليسر والإفادة.
وهناك جانب آخر مهم جداً نلحظه في هذه الحكاية متعلق بشخصية هذا الإمام وهي بذل كل ما لديه في وقته مقابل إعفائه من سؤال غيره، وهذا نجده في قوله لصاحب الحكاية: " خذ هذه الأربع مائة درهم واستعن بها على أمورك ورفه عني العنا والسؤال " إلى غير ذلك مما هو مسطر في هذه الحكاية.
هذا، ولما وقفت على هذا الجزء اختلست برهة من الزمن فنسخته، متمنياً نشره بين أهل القراءات والأدب.ويسرني أن أتحف به قراء هذا الملتقى المبارك 0
النسخة الخطية: مصورة من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة،برقم (1505) وأصلها من "الظاهرية
والله الموفق 0
محب القراء والقراءات:
السالم محمد محمود الجكني الشنقيطي
المدينة المنورة:12/ 7/1427
جزء فيه حكاية أبي بكر
أحمد بن العباس بن مجاهد المقرئ رحمه الله برواية
أبي القاسم عمر بن عبدان بن القاسم بن محمد بن داود
بن عبد الغفار الثاني عن أبي بكر بن مجاهد برواية الشيخ الإمام
الصالح أبي القاسم عبد الواحد بن محمد بن علي بن فهد العلاف عنه.
برواية الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن عبد الله بن نصر بن الزاعوني
سماع صاحبه إسماعيل بن عمر بن أبي بكر المقدسي نفعه الله برواية
الشريف أبي محمد يونس بن يحي بن أبي الحسن الهاشمي عنه.
وقف مستقره بالمدرسة (000) تقبل الله من واقفها
إجازة ليوسف بن عبد الهادي
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر وأعن
أخبرنا الشيخ الشريف يونس بن يحي بن أبي الحسن الهاشمي قراءة عليه، وأنا أسمع قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن عبيد الله نصر بن الزاغوني قراءة عليه وأنا حاضر السمع فأقر به وأجازه، قيل له: أخبركم الشيخ الصالح أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد العلاف قراءة عليه وأنا حاضر أسمع بجامع (القصر) من سنة سبع وسبعين وأربع مئة قال: سمعت أبا القاسم عمر بن عبدون بن القاسم بن محمد بن داود بن عبد الغفار الثاني في يوم السبت لست خلون من ربيع الأول سنة ثمان عشرة وأربع مئة يقول: كنت حاضراً عند الشيخ / أبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد المقرئ نضر الله وجهه فجاء رجل فجلس في المسجد إلى أن فرغ أبو بكر من الإقراء وخلا المسجد فالتفت إليه الشيخ أبو بكر فقال له:
ألك حاجة؟
قال: نعم.
قال: وما هي؟
قال: قد جاءني مولود وما في الدار سوى المولود ومن ولد له والجبار تعالى الذي لا يخلو منه مكان فقالت زوجتي أم المولود: امض إلى الشيخ أبي بكر فاشرح له حالنا وصورتنا واسأله أن يمضي إلى عند ابن كثير فليشرح له صورتنا وما نحن فيه، فإن تفضل الله بشيء فالحمد لله وله. وقال لي ابن عمر: كان ابن كثير من بعض / من يقرأ على أبي بكر وكان موسراً.
فلما سمع أبو بكر بذلك وثب فدخل إلى منزله وأخرج له كيساً فيه مائة درهم ثم قال: يا هذا خذه واستعن بها على أمورك.
فقال له الرجل: أيها الشيخ ما لهذا جئتك، فرجع أبو بكر فأخرج له مائة أخرى، فرد عليه الرجل ما قال أولاًً، فرجع فأخرج له مائة أخرى فقال له كقوله الأول، فرجع فأخرج له مائة أخرى ثم قال له: يا هذا خذ هذه الأربع مائة درهم واستعن بها على أمورك ورفِّه عني العنا والسؤال، ثم قال: اللهم إنك تعلم أن ابن مجاهد لا يملك في هذا الوقت غيرها. فقال له: يا أيها الشيخ ما جئتك لهذا، وإنما جئتك لسبب ابن كثير، قال: فاستحى أبو بكر / من تكريره فوثب ووثب الرجل ووثبت معهما حتى جئنا إلى ابن كثير، وكان منزله في درب الآجر فوصلنا إلى باب الدار فدق أحدنا الباب، فقال: من بالباب؟ فقال: ابن مجاهد، فلما سمع باسمي خرج مهرولاً وهو يقول: لبيك وسعديك .. مراراً ففتح الباب
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم دخلنا إلى منزله ثم قال: هل من حاجة أيها الشيخ؟
فقال: جاء إلي هذا الرجل، وقص عليه القصة كلها، وسألني أن أقصدك في ذلك فأبيت دفعة ودفعتين وثلاثة وأربعة وأخرجت له ما حضر عندي لأدفعه عن هذا 0
فقال: أيها الشيخ بئس ما فعلت / معي أردت أن تقطع عني ثواباً ساقه الله إلي، وتأخذه لنفسك.
ثم وثب وقدّم المائدة وعليها من كل شيء فأكلنا فلما فرغنا أخذ ما كان على المائدة مما فضل فوضعه في منديل وشده ثم عمد إلى خازنة له فأخرج منها صرة فدفعها إليه فأخذها وأخذ المنديل وانصرف إلى منزله ولم أعلم ما فيها فحدثني الرجل أنه مضى إلى منزله ففتحها فإذا هي خمسمائة ديناراً جياداً.
فقالت امرأته: يا هذا لعل الرجل قد غلط عليك، أراد أن يدفع إليك دراهم فدفع إليك دنانير، قم فارجع إليه واسأله عن هذا حتى يجعل الله لنا فيها البركة، فرجع الرجل إلى ابن /كثير فقال له: يا هذا ما الذي دفعت إلي؟ دنانير أم دراهم؟
فقال له: أرني الصرة، فدفعتها إليه ففتحها فإذا فيها رقعة مكتوب فيها: من وصلت إليه هذه الصرة فله في كل حول مثلها، فقال: يا هذا خذ هذه واحتفظ بهذه الرقعة ولك في كل سنة مثلها.
قال: فأخذت الصرة والرقعة ورجعت إلى منزلي، وكان سبب عيالي بركة الشيخ ابن مجاهد رحمه الله.
آخر الجزء
وجدت بخط شيخي قال: وجدت بخط ابن كامل رحمه الله / وكان الشيخ بن عمر مائة سنة وثمان سنين؛ لأن مولده كان في سنة عشر وثلاث مائة وثلاث سنين وكان ينزل في درب الديوان في جوار الشيخ أبي القاسم بن بسران رحمه الله.
والحمد لله وحده وصلواته على محمد وآله وسلم تسليماً كثيراً.
ووافق الفراغ منه في يوم السبت سادس عشر من شوال سنة أربع وسبعين وخمسمائة بالقاهرة حماها الله تعالى: وكتب إسماعيل بن عمر بن أبي بكر صاحبه نفعه الله.
سمع جميع هذه الحكاية، وهي حكاية بن مجاهد المقرئ على الشيخ الأجل الشريف المحدث يونس بن يحي بن أبي الحسن بن أبي الحسن الهاشمي بروايته عن الزاعوني بقراءة معمر بن سالم بن نعمة الحميري، فسمعه صاحبه أبو الفدا إسماعيل بن عمر بن أبي بكر والفقيه ضياء الدين محمد بن عبد الواحد بن أحمد، ورضي الدين عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار وعبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة وأحمد بن عبد الملك بن عثمان، وعبد الرحمن بن الإمام الحافظ تقي الدين أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي ومحمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم وإبراهيم بن محمد بن خلف المفدسيون، وجماعة آخرون وسمع بجميع الجزء كاتب الأسماء عيسى بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي وصح ذلك في يوم الأحد السابع من شوال من سنة أربع وسبعين وخمسمائة والحمد لله وصلواته على سيدنا محمداً وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً دائماً
صحح ذلك وكتبه: يونس بن يحي بن أبي الحسن الهاشمي بخطه.
انتهى المخطوط،ونسخته كما وجدته 0
والحمد لله رب العالمين 0
ـ[أبو فاطمة الأزهري]ــــــــ[16 Aug 2006, 11:26 ص]ـ
قال: قد جاءني مولود وما في الدار سوى المولود ومن ولد له والجبار تعالى الذي لا يخلو منه مكان
هذا مخالف لاعتقاد أهل السنة والجماعة فليتنبه لذلك. قال تعالى: " الرحمن على العرش استوى " وقال تعالى: " أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور "
وفي صحيح مسلم من حديث معاوية بن أبي الحكم السلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للجارية: " أين الله؟ " قالت: في السماء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية: " أعتقها فإنها مؤمنة ".
والنصوص على ذلك متواترة.
ـ[الجكني]ــــــــ[16 Aug 2006, 11:58 ص]ـ
أين عقلك يا أزهري؟؟ يلزم من (تعليقك) هذا أن المولى عز وجل -وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً -يخلو مكان عن علمه 0
أما استدلالك بالآيات الكريمة فليست من هذا الباب 0
وعلى كل حال: الكلام المنقول ليس لي،ويكفي أسماء العلماء الذين سمعوا هذه الحكاية ولم يعترضوا هذا الاعتراض،مع أني لا أحجر أحداً على الاعتراض والإنكار 0
ـ[أبو فاطمة الأزهري]ــــــــ[16 Aug 2006, 02:42 م]ـ
أين عقلك يا أزهري؟؟ يلزم من (تعليقك) هذا أن المولى عز وجل -وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً -يخلو مكان عن علمه 0
أما استدلالك بالآيات الكريمة فليست من هذا الباب 0
0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الدكتور السالم وفقه الله
لم أكن أتوقع هذا الجواب خاصة ممن هو على درجة علمية تنأى به عن مثل هذه الردود وما زلت وأنا أسطر هذه السطور في عجب من أمري لما تقدم ولأن كاتبه في المدينة النبوية ـ مع ما يعلم عن أهل العلم في هذه البلاد من العمل على نشر التوحيد والدعوة إليه ـ.
أما ما ألزمتني به فليس بلازم ولا يقول به مسلم فإن الله عز وجل في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو من علمه مكان كما قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى.
ثم ما تعليقي؟!!! أليس آيات من الذكر الحكيم وحديث خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم؟
وقل لي بربك كيف خرجت هذه الآيات من هذا الباب؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فاطمة الأزهري]ــــــــ[16 Aug 2006, 02:47 م]ـ
0
وعلى كل حال: الكلام المنقول ليس لي،ويكفي أسماء العلماء الذين سمعوا هذه الحكاية ولم يعترضوا هذا الاعتراض،مع أني لا أحجر أحداً على الاعتراض والإنكار 0
وهل كان في تعليقي تعرض للناقل؟؟؟؟؟؟؟؟؟
إنما ذكرت الكلام المخالف وبينت وجه مخالفته ونبهت عليه. فليرجع إلى تعليقي.
ثم احتجاجك بعدم اعتراض العلماء الذين سمعوا الحكاية احتجاج بما هو كبيت العنكبوت. أهذه حجة؟؟؟؟؟
ثم أي حجر أعظم من قولك: أين عقلك يا أزهري؟
ليت القائمين على هذا المنتدى الطيب ينظرون إلى الحجج العلمية وأدب الحوار. والله المستعان.
ـ[الجكني]ــــــــ[16 Aug 2006, 07:40 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي أبو فاطمة الأزهري حفظك الله:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
أولاً:أعتذر إليك من كل كلمة فهمتَ منها أنها جارحة لك،فليس القصد كما تبادر إلى ذهنك حفظك الله 0
ثانياً: قولك:":"أي حجر أعظم من قولك " أين عقلك يا أزهري " أقول فيه:
هذه العبارة يستخدمها العلماء فيما بينهم لغرض التنبيه على وهم أو غفلة وقع فيها أحدهم،ويحضرني الآن العبارة الشهيرة للإمام الذهبي رحمه الله في حق العقيلي رحمه الله عندما ذكر (جرحاً) في حق الإمام البخاري رحمه الله هذه العبارة هي قوله:"أين عقلك يا عقيلي " فهل يعني هذا الحط من مكانة العقيلي؟ الجواب لك يا أخي الأزهري،ووالله ما قصدت إلا اتباع الذهبي في التنبيه بهذا الأسلوب،0
ثالثاً: قولك:"لم أكن أتوقع هذا الجواب 00الخ "أقول:
أما أن كاتبه في المدينة (النبوية) فهو يحمد الله تعالى على أن جعله من أهل المدينة (المنورة) على ساكنها أفضل الصلاة والسلام،وأسأل الله الثبات على الإيمان والموت فيها،وهذا لا دخل له في مسألتنا 0
وأما قولك:" مع ما يعلم في هذه البلاد من العمل على نشر التوحيد والدعوة إليه " فأقول:
نعم:نحمد الله تعالى أننا في هذه البلاد التي تنشر التوحيد وتدعو إليه؛ ومن دعوتها إليه (صونه) عن أن (يدخل) في كل شيء لا علاقة له به، ومن الدعوة إليه:صحة الاستدلال على المستَدَل به 0
رابعاً: قلت:"أما ما ألزمتني به 000"لا أحد ألزمك بشيء،كلامك هو الذي يلزمك لأنك اعترضت على عبارة:"وما في الدار سوى المولود ومن ولد له و (الجبار الذي لا يخلو منه مكان) " لأنك عندما تأتي وتستدل على هذا الكلام بآيات العلو والاستواء فأنت واحد من اثنين:
1 - إما أنك لا تفرق بين معية الذات والعلم والنصرة 000الخ
2 - أو أنك لا تعرف ربط المستدَل به مع المستدَل عليه
أما أولا:فالرجل صاحب الحكاية لا يقصد بحال من الأحوال أن "الجبار جل جلاله " معهم في الدار بذاته حتى تستدل عليه بالآيات المذكورة 0
وأما ثانياً: كان المناسب في هذه المسألة الاستدلال بقوله تعالى" وهو معكم أينما كنتم " وما وافقها من الأدلة،فهي التي في مسألتنا هذه 0
وأما قولك:"ثم ما تعليقي؟ أليس آيات من الذكر الحكيم 0000
الجواب: المسألة ليست في "آيات من الذكر الحكيم " المسألة هي في (تنزيلك) هذه الآيات الكريمة على غير محلها 0
أما قولك:" احتجاج بما هو كبيت العنكبوت " فلا تعليق لي عليه 0
وأما قولك:"ليت القائمين على هذا المنتدى الطيب ينظرون إلى الحجج العلمية وأدب الحوار "فإني أضم صوتي لصوتك،وأطلب منهم إن كانت العبارة المذكورة جارحة أو خارجة عن أدب الحوار أن يزيلوها بتاتاً،وهم في حل من كل ما أكتبه إن كان كذلك 0
ولولا أني آليت على نفسي عدم الخوض في المسائل (الكلامية والعقدية) منذ زمن لفتحت النقاش معك ومع غيرك 0
وفي الختام أكرر اعتذاري لك مع تمنياتي لنا جميعاً بالعفو والستر من الله تعالى 0
ـ[السائح]ــــــــ[16 Aug 2006, 09:29 م]ـ
ويحضرني الآن العبارة الشهيرة للإمام الذهبي رحمه الله في حق العقيلي رحمه الله عندما ذكر (جرحاً) في حق الإمام البخاري رحمه الله
هذا تنبيه على هامش الموضوع
الصواب أن العقيلي غمز ابن المديني رحمهما الله
نبهت على هذا حتى لا يُظن أن العقيلي ذكر (جرحًا) يغمز من قناة الإمام البخاري رحمه الله
ـ[الجكني]ــــــــ[17 Aug 2006, 01:10 ص]ـ
جزاك الله عني كل خير أخي السائح،فلقد صدق من قال:الذاكرة دائماً ما تخون 0
ـ[السائح]ــــــــ[17 Aug 2006, 01:39 ص]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
وجزاك خيرا وأحسن مثوبتك أخي الجكني
وكان ينزل في درب الديوان في جوار الشيخ أبي القاسم بن بسران رحمه الله.
الصحيح أنه ابن بشران (بالشين المعجمة)
وأبو القاسم هو: عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران الواعظ
ـ[أبو فاطمة الأزهري]ــــــــ[17 Aug 2006, 11:39 ص]ـ
فضيلة الدكتور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا عليك إن شاء الله تعالى وعذراً إن تبادر إلى ذهني خلاف ما قصدت كما تقول ونسأل الله أن يعفو عنا.
ومن دعوتها إليه (صونه) عن أن (يدخل) في كل شيء لا علاقة له به، ومن الدعوة إليه:صحة الاستدلال على المستَدَل به 0
رابعاً: قلت:"أما ما ألزمتني به 000"لا أحد ألزمك بشيء،كلامك هو الذي يلزمك لأنك اعترضت على عبارة:"وما في الدار سوى المولود ومن ولد له و (الجبار الذي لا يخلو منه مكان) " لأنك عندما تأتي وتستدل على هذا الكلام بآيات العلو والاستواء فأنت واحد من اثنين:
1 - إما أنك لا تفرق بين معية الذات والعلم والنصرة 000الخ
2 - أو أنك لا تعرف ربط المستدَل به مع المستدَل عليه
أما أولا:فالرجل صاحب الحكاية لا يقصد بحال من الأحوال أن "الجبار جل جلاله " معهم في الدار بذاته حتى تستدل عليه بالآيات المذكورة 0
وأما ثانياً: كان المناسب في هذه المسألة الاستدلال بقوله تعالى" وهو معكم أينما كنتم " وما وافقها من الأدلة،فهي التي في مسألتنا هذه 0
0
ولولا أني آليت على نفسي عدم الخوض في المسائل (الكلامية والعقدية) منذ زمن لفتحت النقاش معك ومع غيرك 0
0
وبم أن فضيلتكم قد آلى على نفسه عدم الخوض في المسائل (الكلامية والعقدية) منذ زمن ـ مع أني لا أدري أهذا من عطف المترادفات أم المتغايرات ـ فإني أتوجه لإخواني من أعضاء المنتدى ممن هم على معرفة باعتقاد أهل السنة والجماعة أن يبينوا هل هذه العبارة الواردة في القصة مخالفة لاعتقاد أهل السنة أم لا؟ وهل كنت مصيباً في تعليقي أم لا؟ وهل كان الأولى التعليق بما ذكرت أم بآيات المعية؟
ونسأل الله أن يهدينا للحق.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[17 Aug 2006, 12:24 م]ـ
(والجبار تعالى الذي لا يخلو منه مكان)
هذه من العبارات التي يحتاج الحكم عليها إلى تفصيل، فإن كان المراد بها لا يخلو من علمه ومعيته مكان؛ فلا إشكال في صحتها.
وإن كان المراد ما تبادر إلى فهم الأخ أبي فاطمة من أن المراد بها وجوده جل وعلا بذاته في ذلك المكان؛ فلا شك في بطلانها بهذا المعنى. والله أعلم
ـ[الجنيدالله]ــــــــ[18 Aug 2006, 04:55 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخ أبومجاهد فصل موقف أهل السنة في المسألة.
هذا إذا كان هناك في القصة ما يستدعي كل هذه الجلبة من الأخ الأزهري.
وإن أخذنا بكلامه أن قصد المرأة هو المعية الذاتية فيكون ابن مجاهد على قولها هذا لأنه لم ينكر ومثل هذا الأمر لا يترك بدون إنكار؟
وتحميل الكلام ما لا يحتمل دندنة كثرت في زماننا، فمال المرأة ومعية الذات؟ ومن أين لها التفصيل فيه؟
الحكاية عن أناس عاديين من سكان بغداد.
ولا يزال واحدنا في الحجاز يسمع أخاه أو أباه أو من يحبه يقول له الله معاك , وتركت عيالي ومعاهم الرحمن.
فنحن إذن في قمة الخطأ إذ لم نتثبت منهم ما يقصدون بهذا؟
وكثير منهم أميون أو محدودوا التعليم، فنفتح نحن الباب ونناقشهم أي معية تقصدون؟ وينتهي الأمر أن معظمهم لن يستوعب كلامنا العلمي المقنن؟ على أنهم كلهم إن حاققته يقول الله فوق عرشه وعلمه في كل مكان.
اعتراض الأخ الأزهري في محله إن كان سياق الكلام في كتاب للعقيدة أو في أثناء كلام لعالم حول مسألة وليس في قصة؟
على كل جزاك الله خيراً على غيرتك ولكن رفقاً.
ـ[الجكني]ــــــــ[07 Oct 2006, 02:28 ص]ـ
وهذه حكاية أخرى عنه رحمه الله:
روى الإمام تاج الدين السبكي رحمه الله في كتابه الشيق الممتع "طبقات الشافعية الكبرى:7/ 113 - 114" عن طاهر بن سعيد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن غالب ببغداد،سمعت أبا القاسم عيسى بن علي الوزير يقول: كان ابن مجاهد يوماً عند أبي،فقيل له:الشبلي على الباب،فقال: يدخل، فقال ابن مجاهد: سأسكته الساعة بين يديك،وكان من عادة الشبلي إذا لبس شيئاً خرق فيه موضعاً،فلما جلس قال ابن مجاهد: يا أبا بكر:أين في العلم إفساد ما ينتفع به؟ فقال له الشبلي:فأين في العلم:" فطفق مسحاً بالسوق والأعناق " فسكت ابن مجاهد،فقال له أبي: أردتَ أن تُسكت أبا بكر فأسكتك 0ثم قال له الشبلي: لقد أجمع الناس على أنك مقرئ الوقت،أين في القرآن:الحبيبُ لا يعذب حبيبه؟ فسكت ابن مجاهد،فقال أبي: قل يا أبا بكر،فقال قوله تعالى:" وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم " فقال ابن مجاهد: كأني ما سمعتها قط 0انتهى 0والله أعلم
ـ[الجكني]ــــــــ[14 Feb 2007, 07:42 م]ـ
ذكر ابن مهران عن ابن مقسم أن ابن مجاهد ذهب إلى أبي أيوب الضبي فقال له: كيف يقف حمزة على "أنبئهم " و "نبئهم " فقال:"أنبيهم "؛خفف الهمزة والهاء،فقال له ابن مجاهد:أخطأت،وكان يقرأ على أبي أيوب الأجلاء من أولاد بني هاشم، فأخذوا النعال وقصدوه بها، فوثب ابن مجاهد وأخذ يعدو والهاشميون خلفه بالنعال حتى خرج المسجد ففلت – كذا- ثيابه واستخفى منهم حتى تخلص من أيديهم،فوقع في أفواه الناس أن ابن مجاهد خطَأ أبا أيوب الضبي،قال: فمن هنا ذكر في بغداد واشتهر اسمه عند الناس 0انتهى
مصدر القصة: شرح الكرماني على غاية ابن مهران (ق 37/ب)
والله أعلم(/)
هل الوليد بن عقبة فاسق.
ـ[الغني بالله]ــــــــ[16 Aug 2006, 12:51 ص]ـ
التحرير والتنوير [جزء 1 - صفحة 4093]
(يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين [6]) صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام هذا نداء ثالث ابتدئ به غرض آخر وهو آداب جماعات المؤمنين بعضهم مع بعض وقد تضافرت الروايات عند المفسرين عن أم سلمة وابن عباس والحارث بن ضرارة الخزاعي أن هذه الآية نزلت عن سبب قضية حدثت. ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق من خزاعة ليأتي بصدقاتهم فلما بلغهم مجيئه أو لما استبطأوا مجيئه فإنهم خرجوا لتلقيه أو خرجوا ليبلغوا صدقاتهم بأنفسهم وعليهم السلاح وأن الوليد بلغه أنهم خرجوا إليه بتلك الحالة وهي حالة غير مألوفة في تلقي المصدقين وحدثته نفسه أنهم يريدون قتله أو لما رآهم مقبلين كذلك " على اختلاف الروايات " خاف أن يكونوا أرادوا قتله إذ كانت بينه وبينهم شحناء من زمن الجاهلية فولى راجعا إلى المدينة
" هذا ما جاء في روايات أربع متفقة في صفة خروجهم إليه مع اختلافها في بيان الباعث لهم على ذلك الخروج وفي أن الوليد أعلم بخروجهم إليه أو رآهم أو استشعرت نفسه خوفا " وأن الوليد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن بني المصطلق أرادوا قتلي وأنهم منعوا الزكاة فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أن يبعث إليهم خالد بن الوليد لينظر في أمرهم وفي رواية أنه بعث خالدا وأمره بأن لا يغزوهم حتى يستثبت أمرهم وأن خالدا لما بلغ ديار القوم بعث عينا له ينظر حالهم فأخبره أنهم يقيمون الأذان والصلاة فأخبرهم بما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وقبض زكاتهم وقفل راجعا
وفي رواية أخرى أنهم ظنوا من رجوع الوليد أن يظن بهم منع الصدقات فجاؤوا النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يخرج خالد إليهم متبرئين من منع الزكاة ونية الفتك بالوليد بن عقبة. وفي رواية أنهم لما وصلوا إلى المدينة وجدوا الجيش خارجا إلى غزوهم
فهذا تلخيص هذه الروايات وهي بأسانيد ليس منها شيء في الصحيح
وقد روي أن سبب نزول هذه الآية قضيتان أخريان وهذا أشهر
ولنشتغل الآن ببيان وجه المناسبة لموقع هذه الآية عقب التي قبلها فإن الانتقال منها إلى هذه يقتضي مناسبة بينهما فالقصتان متشابهتان إذ كان وفد بني تميم النازلة فيهم الآية السابقة جاؤوا معتذرين عن ردهم ساعي رسول الله صلى الله عليه وسلم لقبض صدقات بني كعب بن العنبر من تميم كما تقدم وبنو المصطلق تبرؤوا من أنهم يمنعون الزكاة إلا أن هذا يناكده بعد ما بين الوقتين إلا أن يكون في تعيين سنة وفد بني تميم وهم
وإعادة الخطاب ب (يا أيها الذين آمنوا) وفصله بدون عاطف لتخصيص هذا الغرض بالاهتمام كما علمت في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي)
فالجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا للمناسبة المتقدم ذكرها
ولا تعلق لهذه الآية بتشريع في قضية بني المصطلق مع الوليد بن عقبة لأنها قضية انقضت وسويت
والفاسق: المتصف بالفسوق وهو فعل ما يحرمه الشرع من الكبائر
وفسر هنا بالكاذب قاله ابن زيد ومقاتل وسهل بن عبد الله
وأوثر في الشرط حرف (إن) الذي الأصل فيه أن يكون للشرط المشكوك في وقوعه للتنبيه على أن شأن فعل الشرط أن يكون نادر الوقوع لا يقدم عليه المسلمون
واعلم أن ليس الآية ما يقتضي وصف الوليد بالفاسق تصريحا ولا تلويحا
وقد اتفق المفسرون على أن الوليد ظن ذلك كما في الإصابة عن ابن عبد البر وليس في الروايات ما يقتضي أنه تعمد الكذب. قال الفخر: إن إطلاق لفظ الفاسق على الوليد شيء بعيد لأنه توهم وظن فأخطأ والمخطئ لا يسمى فاسقا.
(يُتْبَعُ)
(/)
قلت: ولو كان الوليد فاسقا لما ترك النبي صلى الله عليه وسلم تعنيفه واستتابته فإنه روى أنه لم يزد على قوله له " التبيين من الله والعجلة من الشيطان " إذ كان تعجيل الوليد الرجوع عجلة. وقد كان خروج القوم للتعرض إلى الوليد بتلك الهيئة مثار ظنه حقا إذ لم يكن المعروف خروج القبائل لتلقي السعاة. وأنا أحسب أن عملهم كان حيلة من كبرائهم على انصراف الوليد عن الدخول في حيهم تعيرا منهم في نظر عامتهم من أن يدخل عدو لهم إلى ديارهم ويتولى قبض صدقاتهم فتعيرهم أعداؤهم بذلك يمتعض منهم دهماؤهم ولذلك ذهبوا بصدقاتهم بأنفسهم في رواية أو جاؤوا معتذرين قبل مجيء خالد بن الوليد إليهم في رواية أخرى
صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام ويؤيد هذا ما جاء في بعض روايات هذا الخبر أن الوليد. أعلم بخروج القوم إليه وسمع بذلك فلعل ذلك الإعلام موعز به إليه ليخاف فيرجع. وقد اتفق من ترجموا للوليد بن عقبة على أنه كان شجاعا جوادا وكان ذا خلق ومروءة
واعلم أن جمهور أهل السنة على اعتبار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عدولا وإن كل من رأى النبي صلى الله عليه وسلم وآمن به فهو من أصحابه. وزاد بعضهم شرط أن يروي عنه أو يلازمه ومال إليه المازري. قال في أماليه في أصول الفقه " ولسنا نعني بأصحاب النبي كل من رآه أو زاره لماما إنما يريد أصحابه الذين لازموه وعززوه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه وأولئك هم المفلحون شهد الله لهم بالفلاح " اه
وإنما تلقف هذه الأخبار الناقمون على عثمان إذ كان من عداد مناقمهم الباطلة أنه أولى الوليد بن عقبة إمارة الكوفة فحملوا الآية على غير وجهها وألصقوا بالوليد وصف الفاسق وحاشاه منه لتكون ولايته الإمارة باطلا. وعلى تسليم أن تكون الآية إشارة إلى فاسق معين فلماذا لا يحمل على إرادة الذي أعلم الوليد بأن القوم خرجوا له ليصدوه عن الوصول الى ديارهم قصدا لإرجاعه
وفي بعض الروايات أن خالدا وصل إلى ديار بني المصطلق. وفي بعضها أن بني المصطلق وردوا المدينة معتذرين واتفقت الروايات على أن بين بني المصطلق وبين الوليد بن عقبة شحناء من عهد الجاهلية
وفي الرواية أنهم اعتذروا للتسلح بقصد إكرام ضيفهم. وفي السيرة الحلبية أنهم قالوا: خشينا أن يبادئنا بالذي كان بيننا من شحناء. وهذه الآية أصل في الشهادة والرواية من وجوب البحث عن دخيلة من جهل حال تقواه. وقد قال عمر ابن الخطاب لا يؤسر أحد في الإسلام بغير العدول وهي أيضا أصل عظيم في تصرفات ولاة الأمور وفي تعامل الناس بعضهم مع بعض من عدم الإصغاء إلى كل ما يروى ويخبر به
والخطاب ب (يا أيها الذين آمنوا) مراد به النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه ويشمل الوليد بن عقبة إذ صدق من أخبره بأن بني المصطلق يريد له سوءا ومن يأتي من حكام المؤمنين وأمرائهم لأن المقصود منه تشريع تعديل من لا يعرف بالصدق والعدالة
ومجيء حرف (إن) في هذا الشرط يومئ إلى أنه مما ينبغي أن لا يقع إلا نادرا
والتبيين: قوة الإبانة وهو متعد إلى مفعول بمعنى أبان أي تأملوا وأبينوا. والمفعول محذوف دل عليه قوله بنبإ أي تبينوا ما جاء به وإبانة كل شيء بحسبها
والأمر بالتبيين أصل عظيم في وجوب التثبت في القضاء وأن لا يتتبع الحاكم القيل والقال ولا ينصاع إلى الجولان في الخواطر من الظنون والأوهام
ومعنى (فتبينوا) تبينوا الحق أي من غير جهة ذلك الفاسق. فخبر الفاسق يكون داعيا إلى التتبع والتثبت يصلح لأن يكون مستندا للحكم بحال من الأحوال وقد قال عمر بن الخطاب " لا يؤسر أحد في الإسلام بغير العدول "
وإنما كان الفاسق معرضا خبره للريبة والاختلاق لأن الفاسق ضعيف الوازع الديني في نفسه وضعف الوازع يجرئه على الاستخفاف بالمحظور وبما يخبر به في شهادة أو خبر يترتب عليهما إضرار بالغير أو بالصالح العام ويقوي جرأته على ذلك دوما إذا لم يتب ويندم على ما صدر منه ويقلع عن مثله
والإشراك أشد في ذلك الاجتراء لقلة مراعاة الوازع في أصول الإشراك
وتنكير (فاسق) و (نبإ) في سياق الشرط يفيد العموم في الفساق بأي فسق اتصفوا وفي الأنباء كيف كانت كأنه قيل: أي فاسق جاءكم بأي نبإ فتوقفوا فيه وتطلبوا بيان الأمر وانكشافه.
قال المحقق لتفسير ابن كثير - (ج 7 / ص 372) سامي بن محمد سلامة كلاما جميلا أنقله بنصه
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد ذهب إلى ذلك كثير من المفسرين، وهذا القول فيه نظر؛ فإن الروايات التي ساقت القصة معلولة، وأحسنها وهي رواية أحمد عن الحارث بن ضرار الخزاعي، وفي إسنادها مجهول، وقد أنكر القاضي أبو بكر بن العربي في كتابه "العواصم من القواصم" (ص102) هذه القصة قال: "وقد اختلف فيه، فقيل: نزلت في ذلك -أي في شأن الوليد. وقيل: في علي والوليد في قصة أخرى- وقيل: إن الوليد سيق يوم الفتح في جملة الصبيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح روءسهم وبرك عليهم إلا هو فقال: إنه كان على رأسي خلوق، فامتنع صلى الله عليه وسلم من مسه، فمن يكون في مثل هذه السنن يرسل مصدقا، وبهذا الاختلاف يسقط العلماء الأحاديث القوية، وكيف يفسق رجل هذا الكلام؟ فكيف برجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وللشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله كلام على الوليد بن عقبة في الأنوار الكاشفة (ص263) أثبت فيه أنه لم يؤثر له رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جملة ما نفاه هذا الحديث الذي ذكره ابن العربي.
الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع
الطبعة: الثانية 1420هـ - 1999 م.
ولي وقفة مع تحسين العلامة الألباني للحديث الذي رواه الامام أحمد والبزار وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني واللفظ له قال:
2335 - حدثنا يعقوب بن حميد نا عيسى عن جده عن أبيه علقمة رضي الله عنه قال: بعث إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط يصدق أموالنا فسار حتى إذا كان قريبا منا وذلك بعد وقعة المريسيع رجع فركبنا في أثره وسقنا طائفة من صدقاتنا ونفقات يحملونها فقدم قبلهم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أتيت قوما في جاهليتهم جدوا القتال ومنعوا الصدقة فلم يغير ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت عليه يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ الآية قال وأتى المصطلقيون النبي صلى الله عليه وسلم على أثر الوليد بطائفة من فرائضهم يسوقونها ونفقات يحملونها فذكروا ذلك له وأنهم خرجوا يطلبون الوليد بصدقاتهم فلم يجدوه قال فرفعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان معهم وقالوا يا رسول الله بلغنا مخرج رسولك فسررنا بذلك وقلنا نتلقاه فبلغنا رجعته فخفنا أن يكون ذلك سخطة علينا وعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتروا منه ما بقي فقبل منهم الفرائض وقال ارجعوا بنفقاتكم فإنا لا نبيع شيئا من الصدقات حتى نقبضه فرجعوا إلى أهاليهم وبعث إليهم من قبض بقية صدقاتهم.
(الآحاد والمثاني [جزء 4 - صفحة 309](/)
مصادر التفسير
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[17 Aug 2006, 03:03 ص]ـ
ذهب الزركشي إلى أن تفسير القرآن قسمان، منه ما ورد تفسيره بالنقل، ومنه ما لم يرد، وبهذه الطريقة المنهجية الرائعة استطاع هذا العالم الجليل أن يبين أن مصادر التفسير الأساسية - والتي كاد العلماء يجمعون عليها أمرهم - خمسة:
1 - القرآن الكريم.
2 - السنة النبوية الشريفة.
3 - أقوال الصحابة.
4 - أقوال التابعين.
5 - اللغة وعلومها.
وفي ذلك يقول: "واعلم أن القرآن قسمان أحدهما ورد تفسيره بالنقل عمن يعتبر تفسيره، وقسم لم يرد.
والأول على ثلاثة أنواع: إما أن يرد التفسير عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أو عن الصحابة، أو عن رؤوس التابعين. فالأول يبحث فيه عن صة السند، والثاني ينظر في تفسير الصحابي، فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم، وإن فسره بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه، وحينئد إن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة فإن أمكن الجمع فذاك، وإن تعذر قدم ابن عباس، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- بشره بذلك حيث قال:"اللهم علمه التأويل". وقد رجح الشافعي قول زيد في الفرائض، لقوله -صلى الله عليه وسلم- "أفرضكم زيد"، فإن تعذر الجمع جاز للمقلد أن يأخذ بأيها شاء. وأما الثالث وهم رؤوس التابعين إذ لم يرفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا إلى أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- فحيث جاز التقليد فيما سبق، فكذا هنا، والأوجب الإجتهاد.الثاني: مالم يرد فيه نقل عن المفسرين. وهو قليل، وطريق التوصل إلى فهمه النظر إلى مفردات الألفاظ من لغة العرب ومدلولاتها، واستعمالها بحسب السياق ... ".
أولا: القرآن:
يقسم العلماء القرآن الكريم من حيث الوضوح والبيان إلى قسمين: الأول بين بنفسه، والثاني يحتاج إلى بيان، وهذا البيان قد نجدله في القرآن، أو في السنة أو غيرها من المصادر التي أوردناها سابقا.
فالقرآن الكريم كلما قرأه الإنسان قراءة واعية، وصادقة مترفعة عن كل هوى، إلا تفتقت له أسراره، وعندها يتضح له أن هناك بعض الآيات التي أشكل عليه أمرها في سورة من السور، قد ارتفع إشكالها بقراءة آية أخرى تكون موضحة ومفسرة لها، كما يتبين له أن ما أجمل في موضع قد فصل في آخر، وما اختصر في مكان قد بسط في مكان آخر. ومن ثم دأب المفسرون على القول إن القرآن يفسر بعضه بعضا، وفي ذلك يقول الدكتور صبحي الصالح: " "القرآن يفسر بعضه بعضا"،
يردد المفسرون هذه العبارة كلما وجدوا أنفسهم أمام آية قرآنية تزداد دلالتها وضوحا بمقارنتها بآية أخرى، وإن لهم أن ينهجوا في تأويل القرآن هذا المنهج لأن دلالة القرآن تمتاز بالدقة والإحاطة والشمول، فقلما نجد فيه عاما أو مطلقا أو مجملا، ينبغي أن يخصص أو يقيد أو يفصل، إلا تم له في موضع آخر ما ينبغي له من تخصيص أو تقييد أو تفصيل ولقد كانت هذه الدلالة الشاملة جديرة أن توحي إلى العلماء وضع مصطلحات خاصة يرمز كل منها إلى السمة البارزة في كل فكرة يدعو إليها القرآن، وفي كل مشهد يصوره، ومن هنا نشأ في الدراسات الإسلامية ما يسمى بمنطوق القرآن ومفهومه، وعامه وخاصه، ومطلقه ومقيده، ومجمله ومفصله."
فإذا كانت هذه هي طبيعة الذكر الحكيم، فإنه يتعين على مفسره جمع الآيات التي أشكل عليه فهمها، ثم يعرضها على الآيات الأخرى ليزيل إشكالها ويرفع غموضها، وبذلك يخرج بتفسير قرآني للقرآن الكريم. ومن ذلك أن يحمل المجمل على المبين ليفسره، ومثاله قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه}، فسرتها الآية الثالثة والعشرون من سورة الأعراف: {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين}، كما أنه يحمل العام على الخاص، وقد غالى بعض العلماء في ذلك وهو القاضي جلال الدين البلقيني لدرجة لا يتصور معها بقاء العام على عمومه دون تخصيص، ومثاله -أي العام الباقي على عمومه- عزيز، إذ ما من عام وإلا يتخيل فيه التخصيص. فقوله تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم} قد يخص منه غير الكافر. و {حرمت عليكم الميتة} خص منه حالة الاضطرار، وخص منه السمك والجراد. و {حرم الربا} وخصص منه العرايا".
(يُتْبَعُ)
(/)
ويؤكد ذلك الدكتور صبحي الصالح فيقول:"ومن المحقق أن العالم غالبا تصحبه قرينة تمنع بقاءه على عمومه نحو {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله}. فلا يراد من أهل المدينة والأعراب إلا القادرون على الجهاد، أما العجزة فلا يشملهم التعبير لأن العقل يقضي بخروجهم ".
وقد يحمل المطلق على المقيد كلفظ مسفوح في قوله تعالى: {قل لا أجد في ما أوحي إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير}، فلفظ مسفوحا "قيد لفظ الدم المطلق في قوله جد وعلا: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخزير}.
ومنه كذلك الجمع بين ما يتوهم أنه مختلف كالآيات التي تتحدث عن خلق آدم، ومنه كذلك حمل بعض القراءات على بعضها، مثال ذلك قراءة ابن مسعود -رضي الله عنه-: (أو يكون لك بيت من ذهب) المفسرة للفظ الزخرف في القراءة المشهورة: {أو يكون لك بيت من زخرف}. ومن القراءات ما يختلف زيادة ونقصانا، فتكون الزيادة في إحداها مفسرة ومبينة للقراءة الأخرى.
وهناك من العلماء من يرى أنها من أوجه القرآن. والبعض يرى أنها ليست قرآنا، بل هي من قبيل التفسير، إلا أنهم لا يختلفون في كونها مرجعا مهما من مراجع تفسير القرآن بالقرآن، وفي ذلك يقول الدكتور محمد حسين الذهبي: "ومما يؤيد أن القراءات مرجع مهم من مراجع تفسير القرآن بالقرآن ما روى عن مجاهد أنه قال: "لو كنت قرأت قراءة ابن مسعود قبل أن أسأل ابن عباس ما احتجت أن أسأله عن كثير مما سألته عنه".
وهكذا يتضح لنا أن القرآن هو المصدر الأول للتفسير، وهو عمل يتميز بصفتين: بالأهمية والصعوبة. وتتمثل أهميته في أننا إذا توصلنا إلى استخراج تفسير قرآني للقرآن الكريم، فإن ذلك سيخلصنا من كثير من التناقضات التي نجدها في بعض التفاسير، كما أنه سيوقفنا على المعنى الحق للذكر الحكيم.
أما صعوبته فتكمن في تفرق الآيات التي يفسر بعضها بعضا مما يتطلب عملا دؤوبا من أجل جمعها ثم تصنيفها حسب الموضوعات ثم النظر فيها من حيث منطوق القرآن ومفهومه، ومجمله ومفصله، ومطلقه ومقيده، وعامه وخاصه.
ثانيا: السنة النبوية الشريفة:
يعتبر المصطفى -عليه الصلاة والسلام- أعلم البشر بكتاب الله تعالى جملة وتفصيلا، فقد وقف على معرفة مطلقة ومقيده، وعامه وخاصه، ومفهومه ومنطوقه، وحلاله وحرامه، ونهيه وأمره، وكان كلما أشكل عليه شيء من الذكر الحكيم راجع جبريل - عليه السلام- الذي يبلغه عن ربه ما يرفع الإشكال، ويوضح الغرض ويتم الحجة. ومن ثم يحق لنا أن نعتبر الرسول- عليه الصلاة والسلام - أول مفسر للذكر الحكيم، وقد فهم الصحابة -رضوان الله عليهم- ذلك فكانوا يراجعونه -عليه الصلاة والسلام- في كل ما أشكل عليهم فهمه من القرآن الكريم، حتى إننا لنجد في كتب الحديث المعتبرة بابا خاصا بالتفسير، وهو متضمن للكثير من التفسير المأثور عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم-مثال ذلك ما رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الصلاة الوسطى صلاة العصر) ".
وبذلك أصبحت السنة -من أقواله وأفعاله وتقريراته -عليه الصلاة والسلام- مصدرا أساسيا من مصادر التفسير، فإذا "لم يستطع القارئ أن يفهم القرآن من القرآن، فإنه يتجه إلى السنة كما أسلفنا تحقيقا لقوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (ألا إني أوتيت علم الكتاب، وأوتيت مثله معه) ".
والأخذ بالسنة في التفسير يحتاج إلى شيء من التفقه في علوم الحديث وذلك حتى يميز صحيحها من ضعيفها وموضوعها، وقد حذر العلماء من النقل عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بغير علم، لأن ذلك قد يوقعهم في الكذب عليه من غير أن يشعروا، ومثال تحذيراتهم ما أثبته الزركشي في البرهان حيث يقول:"وهذا هو الطراز الأول، لكن يجب الحذر من الضعيف فيه والموضوع، فإنه كثير، وإن سواد الأوراق سواد في القلب، قال الميموني: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ثلاث كتب ليس لها أصول: المغازي والملاحم والتفسير. قال المحققون من أصحابه: ومراده أن الغالب أنها ليس لها أسانيد صحاح متصلة، ولا فقد صح من ذلك كثير".
أوجه بيان السنة للقرآن
يمكننا النظر إلى بيان السنة للقرآن الكريم من وجهين:
الأول:
(يُتْبَعُ)
(/)
هو ما يتعلق ببيان السنة النبوية الشريفة لمجمل القرآن الكريم نحو بيانه -صلى الله عليه وسلم - لمواقيق الصلاة، وعدد ركعاتها وكيفيتها، وفي ذلك يقول -عليه الصلاة والسلام -: (صلوا كما رأيتموني أصلي).
كما أنها توضح مشكله، ومن ذلك تفسيره لقوله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجرثم أتموا الصيام إلى الليل}.
فقد عمل عدى ابن حاتم بحرفية النص، وقال: يا رسول الله إني أجعل تحت وسادتي عقالين، عقالا أبيض وعقالا أسود أعرف الليل من النهار. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: (إن وسادتك لعريض، إنما هو سواد الليل وبياض النهار).
وقد كان بعض الصحابة يراجع الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيما أشكل عليه من القرآن، مثلما حدث من عمر بن الخطاب الذي لم يتبين له معنى الكلالة فراجع الرسول الكريم.
كما أن السنة تخصص عا القرآن الكريم وتقيد مطلقه. ومثال ذلك تخصيصه -صلى الله عليه وسلم - لكلمة "الظلم " في قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} بالشرك، وكذلك تقييده "اليد" في قوله تعالى: {فاقطعوا أيديهما} باليد اليمنى. كما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم - قد يبين معنى لفظة مبهمة أو غامضة، كبيان المغضوب عليهم باليهود، والضالين بالنصارى. وذلك في قوله تعالى: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين}.
وقد يكون بيانه -عليه الصلاة والسلام - للقرآن الكريم عبارة عن تأكيد لما جاء فيه نحو قوله: (إنه لا يحل مال امرىء إلى بطيب منه)، فإنه يوافق قوله تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}.
الثاني:
من حيث الموضوعات الكبرى التي تعرض لها الذكر الحكيم وهي ثلاث:
1 - الأحكام الفقهية المتعلقة بالحلال والحرام، وبالعبادات والمعاملات: ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم -: (لا وصية لوارث) فهذا بيان منه أن آية الوصية للوالدين والأقربين منسوخ حكمها وإن بقيت تلاوتها.
وقد بين كذلك أحكاما زائدة على ما جاء في القرآن الكريم، كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها، وتحريم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع، والقضاء باليمين مع الشاهد. وقد يكون بيانه -صلى الله عليه وسلم- لما ورد من أحكام فقهية في القرآن الكريم إما "بالقول وحده أو بالفعل وحده، أو بهما معا، كما صلى وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) وحج وقال: (خذوا مناسككم) ".
2 - ما يتعلق بالعقيدة وضرب الأمثال لها: من ذلك ما ورد في السنة من وصف الجنة وما بها من نعيم مقيم، والنار وما بها من جحيم وعذاب أليم، فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ولا يتغوطون ولا يمتخطون ولا يتبولون، ولكن طعامهم ذلك جشاء كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتكبير كما يلهمون النفس).
3 - والقسم الثالث من بيان السنة للقرآن الكريم هو ما يتعلق بالقصص القرآني: وقد ورد شيء قليل منه في كتب السنة المعتبرة، ومن ذلك ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه فقال: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو بن دينار، قال أخبرني سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس -رضي الله عنهما- إن نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو صاحب بني إسرائيل، إنما هو موسى آخر، فقال: كذب عدو الله. حدثنا أبي بن كعب، عن النبي -صلى الله عليه وسلم - أن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل أي الناس أعلم؟ فقال: أنا. فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه. فقال له: بلى لي عبد بمجمع البحرين هو أعلم منك ... إلى آخر الحديث).
ومما ورد في كتب السنة الصحيحة من تفسيره -صلى الله عليه وسلم - لبعض آي القرآن الكريم يتبين لنا أنه قد أوتي جوامع الكلم، وأن من القرآن ما لا يتوصل إلى تفسيره إلا عن طريقه. من ذلك "تفصيل وجوه أمره ونهيه، ومقادير ما فرضه الله من أحكام. وهذا البيان هو المقصود بقوله -صلى الله عليه وسلم -: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه) ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وبذلك تكون السنة هي المصدر الوحيد لتفصيل أحكام الحلال والحرام، والعبادات والمعاملات، ومن تجاوز تفسير السنة لتلكم الأمور المجملة فقد افترى على القرآن، وتجنى على صحب الرسالة ذلك "أن الإتجاه إلى تفسير القرآن من غير اعتماد على السنة، والإستعانة بها في هذا الباب خروج على الشريعة. فقد قال تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم}.
والذين يتركون السنة زاعمين أنهم يأخذون بالقرآن يهجرون القرآن والسنة معا ويحاربون تبليغ النبي -صلى الله عليه وسلم - لرسالته".
ومما سبق يمكننا القول إن القرآن خير مفسر لكتاب الله تعالى، لأنه سبحانه وتعالى، أعلم بما جاء في كتابه، ويأتي بعده في الأهمية والأفضلية السنة النبوية المطهرة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يتصف بالعصمة، ومعرفته مستمدة من علم الله سبحانه وتعالى، كما أن وظيفته الأساسية هي التبليغ والشرح والبيان، ومن ثم فتفسيره - صلى الله عليه وسلم- للقرآن أمر توقيفي لا مجال للإجتهاد فيه.
هل فسر الرسول -صلى الله عليه وسلم - القرآن الكريم؟
اختلف أهل السنة في الكمية التي فسرها الرسول -صلى الله عليه وسلم- من القرآن الكريم. وقد نشأ هذا الخلاف بين العلماء بعد أن تناقل الناس الحديث الذي روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- والذي مفاده أن الرسول- عليه الصلاة والسلام- ما كان يفسر من كتاب الله إلا آيا يعلمه إياهن جبريل. ومن ثم انقسموا إلى فريقين:
1 - الفريق الأول يقول إن الرسول قد فسر القرآن كله، وقد قال به جمع من السلف، وحكى ذلك عنهم القرطبي في تفسيره حيث قال:"وروى الأوزاعي عن حسان ابن عطية قال كان الوحي ينزل على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ويحضره جبريل بالسنة التي تفسر ذلك (2)، وروى سعيد بن منصور: حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن مكحول قال: القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن، وبه عن الأوزاعي قال: قال يحيى بن أبي كثير: السنة قاضية على الكتاب وليس الكتاب بقاض على السنة. قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - وسئل عن هذا الحديث الذي روى أن السنة قاضية على الكتاب، فقال: ما أجسر على هذا أن أقوله، ولكن أقول: إن السنة تفسر الكتاب وتبينه ".
وهذه الأقوال كلها وإن كانت لم تصرح بأن السنة قد فسرت القرآن كله، إلا أننا إذا أمعنا فيها النظر وجدناها تفيد ذلك.
ولعل الإمام الطبري (224هـ/310هـ) هو أول مفسر بين أن السنة مفسرة لكل القرآن الكريم، وإن كان لم يصرح بذلك، وإنما يفهم من خلال مناقشته لحديث السيدة عائشة السابق الذكر. وهذا نص كلامه: "أما الخبر الذي روى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه لم يكن يفسر من القرآن شيئا إلى آيا بعدد، فإن ذلك مصحح ما قلنا من القول في الباب الماضي قبل وهو: إن من تأويل القرآن ما لا يدرك علمه إلا ببيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وذلك تفصيل جمل ما في آيه من أمر الله ونهيه، وحلاله وحرامه، وحدوده وفرائضه، وسائر معاني شرائع دينه الذي هو مجمل في ظاهر التنزيل، وبالعباد إلى تفسيره الحاجة، لا يدرك علم تأويله إلا ببيان من عند الله على لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- وما أشبه ذلك مما تحويه آي القرآن من سائر حكمه الذي جعل الله بيانه لخلقه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا يعلم أحد من خلق الله تأويل ذلك إلا ببيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا يعلم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بتعليم الله إياه ذلك بوحيه إليه، إما مع جبريل أو مع من شاء من رسله إليه، فذلك هو الآي التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفسرها لأصحابه بتعليم جبريل إياه، وهن لا شك آي ذوات عدد ...
ولو كان تأويل الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يفسر من القرآن شيئا إلا آيا بعدد، هو ما يسبق إليه أوهام أهل الغباء، من أنه لم يكن يفسر من القرآن إلا القليل من آيه واليسير من حروفه، كان إنما أنزل إليه -صلى الله عليه وسلم - الذكر ليترك للناس بيان ما أنزل إليهم، لا ليبين ما أنزل إليهم ... ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وهو نفس ما يستخلص من مناقشة الإمام عبد الحق بن عطية (481هـ/542هـ) لدلالة الحديث الذي روته السيدة عائشة، من أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يفسر شيئا من القرآن برأيه إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل.
ولعل أول من صرح بأن الرسول -صلى الله عليه وسلم -قد فسر القرآن كله هو الإمام ابن تيمية، وذلك في تابه "مقدمة في أصول التفسير" حيث يقول: "يحب أن يعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه، فقوله تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم} (يتناول هذا وهذا ".
وإذا كان الرسول قد بين المعاني والألفاظ القرآنية، فإن ذلك يعني أنه قد فسر لصحابته كل القرآن الكريم: أمره ونهيه، حلاله وحرامه، محكمه ومتشابهه ناسخه ومنسوخه، عمومه وخصوصه.
ولا يفهم من هذا أن ابن تيمية يعتبر أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد فسر القرآن كله آية آية تفسيرا قوليا، وإنما قصده أنه قد فسره كله بالمعنى الشامل للسنة، أي بالقول والفعل والإقرار. وفي ذلك يقول الدكتور صبري متولي: "إن التفسير النبوي للقرآن ليس معناه الحجم المقروء الذي وصل إلينا، بل إن أقوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وأفعاله وتقريراته تعد تفسيرا للقرآن. وقد قالت عائشة -رضي الله عنها-: (كان خلقه القرآن) ".
ويفهم هذا كله من قول ابن تيمية -رحمه الله-: "كل ما حكم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فهو مما فهمه من القرآن: قال الله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما}. وقال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}. وقال تعالى: {وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون}. ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ألا إني أوتيت القرىن ومثله معه) يعني السنة، والسنة أيضا تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن لأنها تتلى كما يتلى ".
وجدير بالذكر أن ما بين أيدينا من تفسيرات الرسول -صلى الله عليه وسلم- للذكر الحكيم ليست هي كل ما قاله في ذلك، بل هو ما وصلنا عن طريق الرواة، وهناك احتمال كبير في أن قسما كبيرا من تفسيراته -صلى الله عليه وسلم - للقرآن الكريم قد ضاعت مع موت الصحابة أو استشهادهم في حروب الردة التي استشهد فيها جمع كبير من علماء الصحابة، وقراء القرآن الكريم، وحفظة السنة النبوية.
2 - وأما الفريق الثاني فيرى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسر جزءا من القرآن الكريم، وقد قال بذلك الإمام السيوطي، وصاحب مقدمة كتاب المباني، وهو كتاب مجهول اعتنى آرثر جفري بنشر مقدمته في التفسير، وقد جاء فيها ما نصه: " إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يفسر إلا آيا معدودة من قبله. إن الذين شاهدوا نزول القرآن نجما نجما، وعاينوا الحوادث التي نزل فيها، وعرفوا المتقدم فيه والمتأخر، لم يحتاجوا في بيان أحكامه في باب الخصوص والعموم، والناسخ والمنسوخ إلى ما يحتاج إليه من بعدهم ممن لم يشاهد تلك الأحوال، لا سيما وهم أرباب اللغة العربية التي نزل بها القرآن، قد نشأوا عليها حتى كانت لهم طبعا وسجية لم ينكت فيها مراس لغة أخرى بفساد، فما الذي كان يحوجهم إلى تفسير ما يتلى عليهم مما هم بحقيقته عارفون إلا آيا معدودة قد أجملت فيها أحكام الشريعة بحيث لا يوقف عليه إلا بيان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما الذي يغنينا عن طلب ما عرفوه لمشاهدة أحوال النزول، ولسلامة طباعهم في اللغة العربية بما أمكننا من شدة الجهد لعلنا نقف من ذلك بعد الجهد على بعض ما كانوا يقفون عليه عفوا".
وقد قال بذلك أيضا جماعة من العلماء المحدثين، ومنهم الدكتور عبد شحاته الذي يرى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يمكنه أن يفسر كل القرآن لأن منه ما استأثر الله سبحانه بعلمه. وفي ذلك يقول:
(يُتْبَعُ)
(/)
"والحق أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين الكثير من معاني القرآن لأصحابه كما تشهد بذلك كتب الصحاح، ولم يبين كل معاني القرآن، لأن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها، ومنه ما لا يعذر أحد في جهله، قال ابن عباس (التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير تعرفه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله) ".
وللشيخ متولي شعراوي رأي قويم في هذه المسالة، فهو ينظر إليها بناء على التفريق بين آيات الأحكام والآيات الكونية، فإذا جاز لنا أن نقول إن الرسول فسر القرآن كله فإن ذلك سيضعنا أمام مفارقة غريبة، إذ كيف سيفسير الآيات الكونية، أيفسرها على حقيقتها التي هي عليها في الواقع، أم يفسرها بما تطيقه عقلية معاصريه؟، وفي ذلك يقول: "لم يفسر لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن، لأنه لو فسره لكان يجب أن يفسره بما تطيقه عقول معاصريه، ولو فسره بالأشياء التي توجد في القرن العشرين أو الثلاثين أو الأربعين لتعجب معاصروه أيما تعجب، ولاستعظموه أيما استعظام، لأنه للآن مازال أناس ينكرون أن الأرض تدور، ولو أنه -صلى الله عليه وسلم - فسره على قدر عقل معاصريه ومعلوماتهم الكونية لحجر علينا ولجمد القرآن، لأن من يتصدر لتفسير القرآن بعد ذلك سيواجه بأن الرسول فسره هكذا، وعليك ألا تزيدعن ذلك، ولذلك فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك تفسير القرآن حتى تأخذ كل مرحلة فكرية من لمحات القرآن بقدر ما تستطيع، وذلك في أمور الكونيات، أما المطلوب من الأحكام فقد بينها صلوات الله عليه وأوضحها للناس".
ويستخلص من ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يفسر القرآن كله، لأنه لو فسره كله لكان أحد أمرين:
1 - ستصبح تفاسير القرآن الكريم عبارة عن تحصيل حاصل، لا تضيف شيئا.
2 - سينتج عن ذلك جمود القرآن جمودا يجعله متجاوزا بمضي الزمن، فضلا عن أنه يشكل مصادرة خطيرة للعقل البشري.
ويرى الدكتور محمد بلتاجي أنه ليس في قولنا بعدم تفسيره -صلى الله عليه وسلم- لكل القرآن تعارض مع وظيفة الرسول كمبين للذكر الحكيم، وهذا نص كلامه:"ولايعارض هذا كله قوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون}، لأن البيان المطلوب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هنا هو أن يبين للصحابة وللمسلمين من بعدهم ما يفسر لهم ما ورد في القرآن من أصول العقيدة وأصول الدين، وما ورد فيه من الأحكام التشريعية العملية التي احتاج إليها المسلمون في عصره. وحديث معاذ بن جبل صريح في أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرر لمعاذ أنه سيقابل قضايا لا يجد نص حكمها مفصلا في آيات القرآن، ولا فيما فسره من السنة، ومن ثم أقره رسول الله -صلى الله عليه وسلم - على بذل جهده فيها بقياس الشبيه، وبغير ذلك من أوجه الاعتبار التي علمها لهم، فالبيان الذي أمر به الله رسوله، وقام به الرسول هو ما يفسره القرطبي بقوله: "وأنزلنا إليك الذكر: يعني القرآن، لتبين للناس ما نزل إليهم في هذا الكتاب من الأحكام، والوعد والوعيد، بقولك وفعلك، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- مبين عن الله عز وجل مراده مما أجمله في كتابه من أحكام الصلاة والصيام، وغير ذلك مما لم يفصله".
والراجح أنه ليس هناك تعارض بين الرأيين خاصة إذا أخذنا في الإعتبار أن ابن تيمية - وهو من أشد من يصرون على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد فسر القرآن كله لأصحابه- لم يجعل تفسير الرسول قاصرا على السنة القولية وحدها، بل أخذ بعموم مفهوم مصطلح السنة من قول وفعل وإقرار، هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن ما كان يحثه على الإصرار على موقفه السابق هو خشيته أن يظن الناس أن في القرآن ما لا يدرك علمه إلى الله، وأن الخطاب القرآني بالنسبة للمخاطبين به من قبيل الكلام الأعجمي، حيث اتخذ ذلك تكأة لكل التأويلات المنحرفة والضالة، خاصة ما يتعلق منها بالصفات، حيث اعتبروها من المتشابه الذي لا يعلم معناه. وفي ذلك يقول ابن تيمية: "ويبين ذلك أن الصحابة والتابعين لم يمتنع أحد منهم عن تفسير آية من كتاب الله، ولا قال هذه من المتشابه الذي لا يعلم معناه، ولا قال قط أحد من سلف الأمة ولا من الأئمة المتبوعين إن في القرآن آيات لا
(يُتْبَعُ)
(/)
يعلم معناها ولا يفهمها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أهل العلم والإيمان جميعهم وإنما قد ينفون علم بعض ذلك عن بعض الناس. وهذا لا ريب فيه.
وإنما وضع هذه المسألة المتأخرون من الطوائف بسبب الكلام في آيات الصفات وآيات القدر وغير ذلك ".
فابن تيمية قد ناقش هذه القضية بشكل مفصل، وبين أن القرآن قد جاء ليتعبد به، وليتدبر، فيكون هداية وعبرة للعالمين، ومن ثم يستحيل أن نكون مأمورين بتدبره والتفكر فيه ثم يعجم علينا بعضه أو جله. وقد دفعه ذلك إلى التفريق بين فهم معنى الآية وإدراك تأويلها على ما سنبينه عند الحديث عن الفرق بين التفسير والتأويل عند أهل السنة.
كما أن الذين قالوا إن الرسول لم يفسر إلى بعض القرآن قد يكونون على حق وصواب، ذلك أن ما وصلنا من السنة القولية في تفسير القرآن الكريم لا يشمله كله ولا حتى جله، بل لا يتجاوز بعض الآيات التي أشكل فهمها على بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- ومن ثم فإن هذا الفريق لم يعبر أفعال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتقريراته من قبيل التفسير المباشر لكلام الله تعالى وفضلا عن ذلك فإن
أكثر ما وصلنا من تفسيراته -عليه الصلاة والسلام- قد تزيده علي القصاص والوضاع، وغيرهم من أهل الضلالة والهوى، حتى إن ذلك ليخدش في قيمته العلمية.
وقد نص ابن تيمية وغيره من علماء أهل السنة على ضرورة دراسة ما ينسب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في هذا المجال دراسة علمية نقدية تتناول السند والمتن، وذلك لتمحيص صحيحها من زائفها. وقد تناولنا ذلك بشيء من التفصيل عند حديثنا عن موقف أهل السنة من الحديث النبوي الشريف.
ويستخلص مما سبق أن من قالوا إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسر القرآن كله قد أخذوا بمفهوم التفسير العملي، وهو الذي كان شائعا في صدر الإسلام. وأما من قالوا إنه - عليه الصلاة والسلام- لم يفسر إلا بعض القرآن الكريم فإنهم أخذوا بمفهوم التفسير النظري وهو الذي ظهر بعد أن بدأت مرحلة تدوين العلوم، ومن ثم يجوز لنا القول إن كلا الرايين صحيح باعتبار صحة المبدأ الذي صد عنه.
ثالثا: الصحابة:
اشتهر كثير من الصحابة رضوان الله عليهم بالتفسير، منهم الخلفاء الأربعة. وأكثر من روى عنه منهم الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أما الثلاثة الباقون فلم يرو عنهم إلا النزر القليل، ومنهم عبد الله بن مسعود، وابن عباس، وأبي بن كعب، وأبو موسى الأشعري، وعبد الله بن الزبير.
واختلف العلماء في حكم التفسير المأثور عنهم، ويمكننا أن نصنف آراءهم إلى ثلاثة أقسام:
1 - من يقول بالأخذ بقول الصحابي في التفسير مطلقا، وممن قال بذلك الحاكم في تفسيره، حيث اعتبره بمنزل الحديث المرفوع إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذهب إلى ذلك ابن تيمية -رحمه الله- حيث قال في "مقدمة في أصول التفسير": "إذا لم نجد التفسير في القرآن، ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، لاسيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهديين منهم عبد الله بن مسعود".
بل إننا نجده يتهم كل من يتأول القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف على غير ما أثر عن الصحابة، وذلك حيث يقول: "إن من فسر القرآن أو الحديث وتأوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين، فهو مفتر على الله، ملحد في آيات الله، محرف للكلم عن مواضعه، وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد، وهو معلوم البطلان بالإضطرار من دين الإسلام".
وفي هذا ما يثبت إيمان ابن تيمية بأهمية قول الصحابي وضرورة الإحتجاج به مطلقا.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - من يرده مطلقا ولا يعتبره حجة نحو ما ذهب إليه الإمام الغزالي الذي انتصر لعدم الإحتجاج بقول الصحابي. قد رجح الشيخ محمد الخضري قوله على أقوال غيره محتجا بأن "الصحابي ليس محجورا عليه أن يستنبط أو يقيس فلعله قال ما قال عن استنباط أو اجتهاد. وتعيين الأشياء التي لا مجال للرأي فيها عسر ضبطه، ولنضرب لذلك مثلا أقل الحيض وأكثره، فقد قال الحنفية: إن أقله ثلاثة أيام وأكثره عشرة، لا ينقص عن ذلك لحظة ولا يزيد عملا بفتوى بعض الصحابة. وقالوا إن هذا لا مجال للرأي فيه مع أنه من الأمور التي يمكن للفقيه أن يفتي فيها بالمشاهدات وسؤال ذوات الشأن".
3 - وذهب الأحناف إلى التفصيل فقالوا: إذا كان قول الصحابي في بيان أسباب النزول ونحوه مما لا مجال للرأي فيه فله حكم المرفوع، لانه لا يعقل -عندهم- أن يقول فيه برأيه. ومن ثم اتفقوا على الأخذ به، كما أنهم اتفقوا على الأخذ بقوله في الأمور التي فيها مجال للرأي شريطة أن تكون مما تعم به البلوى ولم يعرف له مخالف من الصحابة، وقد اعتبروه إجماعا سكوتيا.
أما إذا كان قوله فيما يكون مظنة للإجتهاد والإستنباط فقد اختلفوا فيه، فمنهم من اعتبره موقوفا مادام لم يسنده إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وفي هذه الحالة لا يعتبرونه ولا يأخذون به، لأنه لما لم يرفعه علم أنه اجتهد فيه، والمجتهد قد يصيب ويخطئ. ومنهم من جعله حجة لظن سماعه من الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحتى إن فسروه برأيهم فإصابتهم للحق أقرب لأنهم أدرى الناس بكتاب الله لما شاهدوه وعاينوه من الأحوال حال نزوله، ولما تلقوه من تفسيره عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
ونستنتج من مجموع هذه الأقوال ما يلي:
1 - تفسير الصحابي له حكم المرفوع مالم يكن للرأي فيه مجال، وهو موقوف إن كان كذلك مادام لم يسنده إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
2 - إذا كان قول الصحابي من قبيل المرفوع فلا يجوز رده، بل يتعين على المفسر الأخذ به، ولا يعدل عنه إلى غيره.
3 - اختلف العلماء في وجوب الأخذ بقول الصحابي المحكوم عليه بالوقف، وقد يرجح الاخذ به لما يمتاز به الصحابة من جملة صفات وخصائص لا تتوفر في من أتى بعدهم، والواقع أن المأثور عن الصحابة هو أحد أمرين:
أ- ما يروونه عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويكون حكمه عندئذ سنة نبوية يتعين الأخذ بها مطلقا.
ب- ما هو من قبيل الرأي والإجتهاد منهم، ونقل عنهم الإختلاف فيه، كما وقع بينهم في بعض الأحكام الفقهية التي لم يرد فيها نص من الكتاب أو السنة فهذا يستأنس به في تأويل النص. أما إذا أجمع الصحابة على رأي فقهي معين فإن قولهم يكون حجة، فيؤخذ به، ولا يتجاوز إلى غيره.
وخلاصة الأمر أن قول الصحابي حجة خاصة فيما لا سبيل فيه للرأي، أسنده أم لم يسنده إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- لاحتمال روايته عن الرسول من جهة، إذ لا يعقل أن يقول برأيه في قضايا لا مجال للإجتهاد فيها.
أما ما يصدر فيه عن رأيه واجتهاده فيؤخذ به مالم يكن فيه مصادرة عقلية، أو مخالف صريحة لنص مأثور، أو تناقض مع معطيات العلم الحديث.
رابعا: التابعون:
عمل التابعون على تفسير القرآن الكريم، وقد اشتهر منهم في ذلك أعلام منهم: الحسن البصري، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والضحاك.
وقد كانوا يعتمدون في فهمهم للقرآن الكريم على ما جاء في القرآن نفسه، ثم على صحيح ما روى عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم على ما سمعوه من الصحابة من أقوال وآراء، وعلى ما أخذوه عن أهل الكتاب، ثم على رأيهم واجتهادهم.
أما حكم تفسير التابعي للقرآن الكريم، فقد اختلف فيه العلماء، ويمكننا أن نصنفهم إلى طوائف ثلاث:
الأولى: وهي التي قالت بعدم حجية قول التابعي وقد قال بذلك ابن عقيل، وشعبة بن الحجاج، وهو أحد روايتي الإمام أحمد، وهو رأي الإمام أبي حنيفة النعمان الذي كان يقول: إذا آل الأمر إلى الحسن وإبراهيم فهم رجال ونحن رجال.
الثانية: وهي تتشكل من المفسرين الذين يأخذون بأقوال التابعين في التفسير مطلقا، وأحد روايتي أحمد بن حنبل وبعض المالكية.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثالثة: وأما الطائفة الثالثة فقد ذهبت إلى التفصيل، فقالوا إذا فسر التابعي القرآن الكريم برأيه فرأيه ليس حجة على من خالفه، وأما إذا أجمعوا على رأي ما فيكون قولهم حجة وهو ما ذهب إليه ابن تيمية -رحمه الله - "وقال شعبة بن الحجاج وغيره، (أقوال التابعين في الفروع ليست حجة، فكيف تكون حجة في التفسير) يعني أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح. أما إذا اجتمعوا على الشيء فلا يرتاب من كونه حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح. أما إذا اجتمعوا على الشيء فلا يرتاب من كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك".
وتفسير التابعي رغم اعتماده أساسا على الرواية والنقل، يمكن أن يتطرق إليه النقد من جهات ثلاث:
1 - لم يعاصر التابعون الرسول -صلى الله عليه وسلم- مما يرجح أن ما وصلنا عنهم هو من قبيل آرائهم واجتهاداتهم الشخصية، مما يجعله لا يرقى إلى قوة ومرتبة المسند إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
2 - يندر فيه الإسناد الصحيح مما يقوي الشك فيه، كما أن الصحيح فيه قد اختلط بغير الصحيح بسبب حذف الإسناد.
3 - اشتماله على الإسرائيليات التي تسربت إليهم عن طريق أهل الكتاب أو زنادقة الشعوب الداخلية، مما يشوه -في عمومه- صفاء العقيدة،
وواقعية المنهاج الإسلامي في الحياة. ولعل ذلك هو ما جعل ابن تيمية -رحمه الله - رغم ميله الشديد إلى الأخذ بالمأثور والإبتعاد ما أمكن عن الرأي - لا يأخذ بقول التابعي مطلقا، بل وجدناه يميل إلى التفصيل كما سبق أن بينا.
4 - ما لفقه أصحاب المذاهب المتطرفة لإعطاء وجودهم شرعية.
ولا يفهم مما سبق أنه يمكننا أن نتجاوز كل ما قاله التابعون إلى الإجتهاد والرأي بل لا بد من الإستئناس بأقوالهم، خاصة ونحن نعلم أنهم أدرى وأعلم منا في شتى المجالات التي تعتبر أساسا في فهم النص القرآني، كاللغة وعلومها وعلوم القرآن، ثم ما يمتازون به من صفات نفسية عالية، وما يتمتعون به من أخلاق ربانية تتمثل في الصفاء والزهد، والورع، والتقوى والإخلاص، مما يجعلهم عاملين بما علموا. وقد وعد الله سبحانه من كان ذلك شأنه بأن يعلمه مالم يعلم.
خامسا: اللغة وعلومها:
من البديهي أن تكون اللغة العربية وعلومها من المصادر الأساسية في تفسير الخطاب القرآني، ذلك أن القرآن الكريم قد أنزل إلى العرب خاصة، وإلى الناس عامة، ومن ثم فهو يخاطبهم بلغتهم ويتحداهم بأن يأتوا بمثله، فكان ذلك تأكيدا لإعجاز بيانه، وسمو بلاغته.
وقد اشترط العلماء بالتفسير الإحاطة باللغة العربية وعلومها في كل من يريد اقتحام باب التفسير، وقد نص على ذلك الشيخ أبو زهرة في كتابه "المعجزة الكبرى"، حيث يقول:"ولا شك أن اللغة هي الأساس الأول لكل هذه المصادر. ولا نقصد باللغة ما تومىء إليه المعاجم فقط، فإن تفسير النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يمكن أن يكون مخالفا للعربية ومعانيها، لأنه العربي الذي ينطق بجوامع الكلم، وليس في الكلام العربي ما يكون أصدق مصدر للإستعمال العربي الصحيح من أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم- ".
وهذا المنهج قد سلكه الصحابة رضوان الله عليهم في تفسير القرآن الكريم، فكانوا كلما أشكل عليهم معنى آية كريمة راجعوا أهل الفصاحة والبلاغة من العرب الخلص فكانوا يحلون إشكالها بتفسيرها لغويا والإستشهاد على ذلك بما جاء في شعرهم "فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يسأل أصحابه عن معنى قوله تعالى في الآية 47 من سورة النحل {أو يأخذهم على تخوف} فيقول له شيخ من هذيل: هذه لغتنا. التخوف: التنقص. فيقول له عمر: هل تعرف العرب ذلك في أشعارها؟ فيقول له نعم، ويروي قول الشاعر:
تخوف الرحل منها تامكا قردا كما تخوف عود النبعة السفن
فيقول عمر رضي الله عنه لأصحابه: عليكم بديوانكم لا تضلوا. قالوا: وما ديواننا؟ قال: شعر الجاهلية، فإن فيه تفسير كتابكم، ومعاني كلامكم ".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد اشتهر ابن عباس بالرجوع إلى الشعر القديم عند تفسيره للذكر الحكيم مما يدل على معرفته الواسعة بلغة العرب وإلمامه الكبير بغريبها. ومن ذلك ما يروى عنه في تفسير قوله تعالى: {وابتغوا إليه الوسيلة} (1)، فقال الوسيلة الحاجة، واستدل على ذلك ببيت من شعر عنترة:
إن الرجال لهم إليك وسيلة إن يأخذوك تكحلي وتخضبي
كما أننا نجد علماء المسلمين ينصون على أن من معايير الحكم على تفاسير المفسرين موافقتها لما تعارفت عليه العرب في لغاتها، فمن تجاوز دلالتها ومعانيها فهو مجحف، وتفسيره مغرض. وقد نقل صاحب الإتقان عن الزركشي أن من أهم شروط المفسر إحاطته باللغة وعلومها، كما عرض آراء العلماء في هذا المصدر فوجدناهم يقررونه كأساس لأي تفسير سليم، باستثناء الإمام أحمد في إحدى الروايات المأثورة عنه فإنه يكره الإستشهاد على معنى من القرآن الكريم ببيت من الشعر: "إن القرآن نزل بلسان عربي، وهذا قد ذكره جماعة، ونص عليه أحمد في مواضع، لكن نقل الفضل بن زياد عنه أنه سئل عن القرآن يمثل له بيت من الشعر. فقال: ما يعجبني، فقيل ظاهره المنع، ولهذا قال بعضهم في جواز تفسير القرآن بمقتضى اللغة روايتان عن أحمد. وقيل الكراهة تحمل على صرف الآية عن ظاهرها إلى معان خارجة محتملة يدل عليها القليل من كلام العرب ولا يوجد غالبا إلا في الشعر ونحوه، ويكون المتبادر خلافها، وروى البيهقي في الشعب عن مالك قال: لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلى جعلته نكالا ".
بل إن العلماء بالتفسير وعلومه لا يجوزون تفسير القرآن إلا لمن كان محيطا إحاطة شافية كافية باللغة وعلومها، وقد نص على ذلك كثير من العلماء، من ذلك ما أورده السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن ": "ومنهم من قال يجوز تفسيره لمن كان جامعا للعلوم التي يحتاج المفسر إليها وهي خمسة عشر علما:
أحدهما: اللغة، لأن بها يعرف شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع، قال مجاهد: لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب " وتقدم قول الإمام مالك في ذلك، ولا يكفي في حقه معرفة اليسير منها، فقد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين والمراد الآخر.
الثاني: النحو، لأن المعنى يتغير ويختلف باختلاف الإعراب فلا بد من اعتباره، أخرج أبو عبيد عن الحسن أنه سئل عن الرجل يتعلم العربية يلتمس بها النطق ويقيم بها قراءته، فقال حسن فتعلمها، فإن الرجل يقرأ الآية فيعيا بوجهها فيهلك فيها.
الثالث: التصريف، لأن به تعرف الأبنية والصيع. قال ابن فارس: ومن فاته علمه فاته المعظم، لأن "وجد " مثلا كلمة مبهمة فإذا صرفناها اتضحت بمصادرها ...
الرابع: الإشتقاق، لأن الإسم إذا كان اشتقاقه من مادتين مختلفتين اختلف باختلافهما كالمسيح هل هو من السياحة أو المسح.
الخامس والسادس والسابع: المعاني والبيان والبديع، لأنه يعرف بالأول خواص تراكيب الكلام من جهة إفادتها المعنى، وبالثاني خواصها من حيث اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها، وبالثالث وجوه تحسين الكلام، وهذه العلوم الثلاثة هي علوم البلاغة وهي من أعظم أركان المفسر".
مما سبق يتضح لنا أن اللغة وعلومها مصدر أساسي في تفسير القرآن وأي تجاهل له يفضي -لا محالة - إلى التفسيرات الباطلة التي صنفها العلماء بالتفسير ضمن التفسير بالتأويل المذموم. أو التفسير على المذهب.
وفي ختام حديثنا عن مصادر التفسير عند أهل السنة نشير إلى أن المنهج التفسيري الذي وضعوه لا يكفي فيه أن تكون هذه المصادرة الخمسة هي عمدته، بل لا بد من احترام التسلسل الذي وضعوه بحيث لا نتجاوز المصدر الأول إلى المصدر الذي يليه إلى بعد التأكد بأنه لا يوجد له تفسير فيه. وفي ذلك يقول ابن تيمية: "فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر، وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له ... وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في النسة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن، والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح، لاسيما علماؤهم وكبراؤهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، ومنهم عبد الله بن مسعود ".
ويقول في موضح آخر: "وإذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين". وجاراه في ذلك ابن كثير (ت 774هـ) في تفسيره.
وهو نفس رأي الإمام الزركشي (ت 794هـ) في كتابه "البرهان في علوم القرآن"، وإن كان لم ينص على قول التابعي بل تجاوزه إلى ذكر النظر والإستنباط - أي الرأي القائم على أسس علمية رصينة - كمرجع من مراجع التفسير.
ويتضح لنا مما سبق أنه لا يكون متبعا لمنهج اهل السنة في التفسير من فسر القرآن بغير هذه المصادر أو من تجاوز مرحلة من مراحل التفسير إلى المرحلة التي تليها، كأن يكون للآية المزمع تفسيرها تفسير قرآني ولكنه يتجاوزه إلى تفسير الصحابي أو التابعي.
هذا ما اتضح لنا من خلال تتبعنا لنظرية أهل السنة في التفسير، وإن كنا نميل إلى أن اتباع منهج أهل السنة في التفسير لا يعني بالضرورة التمسك الحرفي بالخطوات المنهجية التي اتبعوها في تفسيرهم للخطاب القرآني، بقدر ما يعني عدم التعارض مع المبادئ الأساسية التي سطروها في نظريتهم التفسيرية، ومع النتائج التي توصلوا إليها في تطبيقاتهم.
كما أننا نلاحظ أن هذه المصادر التفسيرية تنقسم إلى قسمين:
1 - مصادر أساسية في التفسير وهي:
أ- القرآن الكريم.
ب- السنة المطهرة.
ح- أقوال التابعين، ويحتج بإجماعهم على أمر ما، أما إذا اختلفوا فيستحسن أن يختار أحد أقوالهم.
2 - مصادر فرعية، وهي:
أ- الفقه وأصول الفقه.
ب- علوم البلاغة
ح - علوم العربية.
وهذه تشكل مجموعة العلوم الضرورية التي يتعين على المفسر الإستعانة بها عند مباشرته تفسير القرآن الكريم، ويسمونها العدة الكسبية. وقد وضعوا على رأس هذه المصادر، شرطا أساسيا ينبغي توفره في المفسر حتى تتحقق أهليته للقيام بهذه الوظيفة الشريفة، وهو ما تعارفوا على تسميته بالعدة الوهبية، أو علم الموهبة، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء}.
موقف مفسري أهل السنة من الحديث
لما كان أهل السنة يعتمدون في تفسيرهم للقرآن الكريم على النقل والرواية أكثر من اعتمادهم على الرأي والدراية، فإننا نجدهم قد وضعوا نظرية نقدية متكاملة الجوانب، وذلك لنقد الأحاديث والأخبار، احترازا من تسرب الموضوعات إلى تفاسيرهم، مما يكون له الأثر السيء على كيان الأمة الإسلامية.
وهذه النظرية النقدية في الحديث تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول:
ينظر إلى المتن خاصة وبالأساس، وهذا عمل جليل قام به رواد أهل السنة خاصة منهم ابن تيمية الذي بين في "مقدمة في أصول التفسير" بعض الأحاديث المردودة بسبب متنها لا إسنادها. من ذلك قوله: "وكما أن على الحديث أدلة يعلم بها أنها صدق، وقد يقطع بذلك، فعليه أدلة يعلم بها أنها كذب ويقطع بذلك، مثل ما يقطع بكذب ما يرويه الوضاعون من أهل البدع والغلو في الفضائل، مثل حديث عاشوراء وأمثاله مما فيه: أن من صلى ركعتين كان له كأجر كذا وكذا نبى، وفي التفسير من هذه الموضواعات قطعة كبيرة، مثل الحديث الذي يرويه الثعلبي والواحدي والزمخشري في فضائل سور القرآن سورة سورة، فإنه موضوع باتفاق أهل العلم".
وهذا المنهج ليس حادثا في الأمة بل هو ما جرى عليه الصحابة الذين لم يكن لهم سبيل إلى نقد الحديث النبوي الشريف إلا من حيث المتن، حيث لا توجد بين الصحابي والرسول -صلى الله عليه وسلم- سلسلة إسناد، فكان أن نما بينهم هذا النوع من النقد الداخلي للنصوص، وعلى أساسه ردوا كثيرا من الأحاديث التي تأكد لهم مخالفتها لهدى الرسول -صلى الله عليه وسلم - ولم يكونوا يتهمون الصحابي ناقل الحديث بالكذب، بل كانوا يحملون ذلك على السهو والنسيان، "وإنما يقع له الوهم غالبا لأحد الأسباب التالية:
1 - أن يحدث بما سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يدري أنه منسوخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - أن يقع له انقلاب بين شيئين أو لفظين، فيجعل كل واحد منهما مكان الآخر وهذا هو "المقلوب".
3 - أن يقول مع رواية الحديث قولا من عند نفسه متصلا بنص الحديث، فيظنه السامعون أنه مرفوع وهذا هو "المدرج".
4 - أن يروي الحديث في مورد يجعله يتحمل من المعنى أكثر مما يحتمل.
5 - أن لا يضبط لفظ الحديث بحيث يختلف المعنى.
6 - أن يروي الحديث على غير وجهه لغفلته عن سبب الورود.
7 - أن يقع له غلط فيروي واهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما لم يسمعه منه ".
وقد اشتهرت السيدة عائشة -رضي الله عنها- بنقد متن الأحاديث، وذلك لما علمته من أحوال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ولما امتازت به من فكر متوقد وما حباها الله به من فهم وتبصر. وقد كثر نقدها لروايات أبي هريرة، وعمر، وابن عمر، وجابر، كما نقدت تفسير كعب الأحبار لآية الرؤية.
ويعترف أهل السنة بأن نقد المتن ليس لكل من هب ودب، بل هو لصفوة مختارة علمت السنة الصحيحة علما وعملا، وطالت خبرتها بعلم الحديث والسيرة النبوية العطرة، وبما كانت عليه أحواله -صلى الله عليه وسلم - في الغضب والرضى، وفي الشدة والرخاء، وفي السلم والحرب. يقول ابن قيم الجوزية في كتابه "المنار المنيف في الصحيح والضعيف ": "وسئلت هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير أن ينظر في سنده؟ فهذا سؤال عظيم القدر، وإنما يعلم ذلك من تضلع في معرفة السنن الصحيحة واختلطت بلحمه ودمه، وصار له فيها ملكة، وصار له اختصاص شديد بمعرفة السنن والآثار ومعرفة سيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وهديه فيما يأمر به وينهى عنه. ويخبر عنه ويدعو إليه، ويحبه ويكرهه ويشرعه للأمة بحيث كأنه مخالط للرسول - صلى الله عليه وسلم - كواحد من أصحابه فمثل هذا يعرف من أحوال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهديه وكلامه، وما يجوز أن يخبر به وما لا يجوز: ما لا يعرفه غيره
وهذا شأن كل متبع مع متبوعه، فإن للأخص به، الحريص على تتبع أقواله وأفعاله مع العلم بها، والتمييز ما يصح أن ينسب إليه وما لا يصح، ما ليس لمن لا يكون كذلك، وهذا شأن المقلدين مع أئمتهم يعرفون أقوالهم ونصوصهم ومذاهبهم، والله أعلم".
ونقد المتن ليس عملية ذاتية، ذوقية أو مزاجية، بل هي عملية علمية معيارية، مبنية على أصول ومقاييس وضوابط جمعها ابن القيم في اثنى عشر معيارا وهي:
1 - "فمنها اشتماله على أمثال هذه المجازفات التي لا يقول مثلها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
2 - ومنها تكذيب الحسن له.
3 - ومنها سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه.
4 - ومنها مناقضة الحديث لما جاءت به السنة الصريحة.
5 - ومنها أن يدعى على النبي -صلى الله عليه وسلم - أنه فعل امرا ظاهرا بمحضر من الصحابة كلهم، وأنهم اتفقوا على كتمانه ولم ينقلوه.
6 - ومنها أن يكون الحديث باطلا في نفسه، فيدل بطلانه على أنه ليس من كلام الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
7 - ومنها أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء، فضلا عن كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي هو وحي يوحى.
8 - ومنها أن يكون في الحديث تاريخ كذا وكذا.
9 - ومنها أن يكون الحديث بوصف الأطباء والطرقية أشبه وأليق.
10 - ومنها أن يكون الحديث مما تقوم الشواهد الصحيحة على بطلانه.
11 - ومنها مخالفة الحديث صريح القرآن.
12 - ومنها ما يقترن بالحديث من القرائن التي يعلم بها أنه باطل".
وبالوقوف على نظرية أهل السنة في نقد المتن، أو ما يسمى بالنقد الداخلي للنصوص، وعدم اقتصارهم على نقد السند وحده، يتبين لنا تهافت ما وصموا به من أنهم "زوامل أسفار" لا شأن لهم بالنظر والدارية، وإنما همتهم النقل والرواية، بل إننا نجد كثيرا من أهل السنة من ينص على أن العبرة بالدراية لا بالرواية. يقول القرطبي: "قال معاذ بن جبل: اعلموا ما شئتم أن تعلموا، فلن يأجركم الله بعلمه حتى تعملوا. قال ابن عبد البر: وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل قول معاذ من رواية عباد بن عبد الصمد وفيه زيادة: إن العلماء همتهم الدراية وإن السفهاء همتهم الرواية ... ".
(يُتْبَعُ)
(/)
والواقع أن أهل السنة والجماعة لم تكن لديهم تفرقة حادة بين النقل والعقل، والرواية والدراية، بل كان لديهم منهج قويم يستفيد من الإثنين ويجعلهما متأزرين متعاضدين، فالنقل الصحيح لا يتعارض عندهم أبدا مع العقل الصريح.
القسم الثاني:
أما بالنسبة لنقد السند فقد وضع أهل السنة قواعد لمعرفة الموضوع من الأحاديث جمعها الدكتور مصطفى السباعي في أربع قواعد وهي:
1 - أن يكون راوية كذابا معروفا بالكذب، ولا يرويه ثقة غيره، وقد عنوا بمعرفة الكذابين وتواريخهم وتتبعوا ما كذبوا فيه بحيث لم يفلت منهم أحد.
2 - أن يعترف واضعه بالوضع، كما اعترف أبو عصمة نوح بن ابي مريم بوضعه أحاديث فضائل السور.
3 - أن يروي الراوي عن شيخ لم يثبت لقياه له، أو ولد بعد وفاته، أو لم يدخل المكان الدي ادعى سماعه فيه، كما ادعى مأمون بن أحمد الهروي أنه سمع من هشام بن عمار، فسأله الحافظ ابن حبان: متى دخلت الشام؟ قال: سنة خمسين ومائتين. قال ابن حبان: فإن هشاما الذي تروى عنه مات سنة خمس وأربعين ومائتين ...
4 - وقد يستفاد الوضع مع حال الراوي وبواعثه النفسية، مثل ما أخرجه الحاكم عن سيف بن عمير التميمي أنه قال: كنا عند سعد بن طريف فجاء ابنه من الكتاب يبكي فقال: مالك؟ قال ضربني المعلم. فقال سعد: لأخزينهم اليوم. حدثني عكرمة عن ابن عباس مرفوعا: (معلمو صبيانكم شراركم، أقلهم رحمة لليتيم، وأغلظهم على المسكين) ".
والملاحظ أن العلماء اهتموا بنقد السند أكثر من اهتمامهم بنقد المتن، وذلك لأنه يجوز أن تكون هناك أخبار تتمثل فيها كل مواصفات الحديث الصحيح، ولكنها رغم ذلك قد تكون غير صحيحة النسبة إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومن ثم فنقد السند هو العملية الأولى التي يتعين على دارس الحديث القيام بها وتأتي بعد ذلك عملية نقد المتن التي تزكي وتعضد العملية الأولى.
وأهل السنة وهم يضعون نظريتهم في التفسير -فضلا عما سبق- عنوا بمسألتين هامتين بالنسبة للتفسير، وهما:
* خبر الآحاد.
* الحديث المرسل.
خبر الآحاد:
تعريفه لغة: " الآحاد جمع أحد بمعنى الواحد، وخبر الواحد هو ما يرويه شخص واحد ".
تعريفه اصطلاحا: وأما تعريفه اصطلاحا فقد عرفه الحافظ ابن حجر بأنه الحديث الذي لم يجمع شروط المتواتر. ويوضح ابن حزم ذلك فيشير إلى أنه ما ينقله من الأخبار واحد عن واحد.
حكمه: يرى ابن حزم أن خبر الآحاد إذا اتصل برواية العدول إلى الرسول-صلى الله عليه وسلم- وجب العمل به ووجب العمل بصحته أيضا، وهو رأي الإمام مالك والحسين بن علي الكرابيسي والحارث المحاسبي، وهو قول الإمام أحمد أيضا.
وأما الجمهور فيرون أنه حجة العمل به وإن أفاد الظن: "وقال الحنفيون والشافعيون وجمهور المالكيين وجميع المعتزلة والخوارج: إن خبر الواحد لا يوجب العلم. ومعنى هذا عند جميعهم أنه قد يمكن أن يكون كذبا أو موهوما فيه ... وقال سائر من ذكرنا: إنه يوجب العمل".
وأما ابن تيمية فيرى أن جمهور العلماء على اختلاف مذاهبهم يرون أن خبر الأحاد يوجب العلم إذا تلقته الأمة بالقبول. "ولهذا كان جمهور أهل العلم من جميع الطوائف على أن خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول تصديقا له أو عملا به أنه يوجب العلم. وهذا هو الذي ذكره المصنفون في أصول الفقه من أصحاب أبي حنيفة، ومالك والشافعي وأحمد إلى فرقة قليلة من المتأخرين اتبعوا في ذلك طائفة من أهل العلم أنكروا ذلك. ولكن كثير من أهل الكلام أو أكثرهم يوافقون الفقهاء وأهل الحديث والسلف على ذلك. وهو قول أكثر الأشعرية كأبي إسحاق وابن فورك" ثم يورد ابن تيمية أسماء علماء المذاهب الأربعة الذين قالوا إن خبر الآحاد يوجب العلم: "والأول هو الذي ذكر الشيخ أبو حامد، وأبو الطيب، وأبو إسحاق وأمثاله من أئمة الشافعية،
وهو الذي ذكره القاضي عبد الوهاب وأمثاله من المالكية، وهو الذي ذكره شمس الدين السرخسي وأمثاله من الحنفية. وهو الذي ذكره أبو يعلى وابو الخطاب. وأبو الحسن بن الزاغوني وأمثالهم من الحنبلية ".
كما يذكر أسماء من أنكر ذلك من العلماء. "وأما الباقلاني فهوالذي أنكر ذلك وتبعه مثل أبي المعالي، وأبي حامد، وابن عقيل، وابن الجوزي، وابن الخطيب، والآمدي، ونحو هؤلاء".
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد بين ابن تيمية أنه لا قيمة لمخالفة هؤلاء لإجماع أهل العلم بالحديث لأن العبرة بأصحاب الإختصاص في الحديث الذين وقفوا حياتهم لخدمة هذا العلم الجليل:"وإذا كان الإجماع على تصديق الخبر
موجبا للقطع به فالإعتبار في ذلك بإجماع أهل العلم بالحديث، كما أن الإعتبار في الإجماع على الأحكام بإجماع أهل العلم بالأمر والنهي والإباحة".
ويرى ابن تيمية أن مما يوقع الغلط في الحديث الذين يقولون فيه أقوالا ويصدرون فيه أحكاما على غير هدى، ولا بصيرة ولا علم، فيصححون الضعيف، وقد يضعفون الصحيح، ويعتمدون ذلك في مقالاتهم ومناظراتهم.
والثاني: أدعياء علم الحديث الذين ينتسبون له وليسوا من أهله، بحيث لم تتكون لديهم خبرة واسعة به، ولم يملكوا بعد ملكة نقدية، ولا حسا حديثيا يمكنهم من دراسة الحديث من حيث السند والمتن، فيكون قولهم فيه وحكمهم عليه قول العالم المدقق الذي يصدر في حكمه عن بينة وعلم "والناس في هذا الباب طرفان: طرف من أهل الكلام ونحوهم من هو بعيد عن معرفة الحديث وأهله، لا يميز بين الصحيح والضعيف، فيشكك في صحة أحاديث أو في القطع بها مع كونها معلومة مقطوعا بها عند أهل العلم به، وطرف ممن يدعي اتباع الحديث والعمل به، كلما وجد لفظا في حديث رواه ثقة، أو رأى حديثا بإسناد ظاهره الصحة يريد أن يجعل ذلك من جنس ما جزم أهل العلم بصحته، حتى إذا عارض الصحيح المعروف أخذ يتكلف له التأويلات الباردة، أو يجله دليلا له في مسائل العلم، مع أن أهل العلم بالحديث يعرفون أن مثل هذا غلط".
وكأن ابن تيمية -رحمه الله - يلمح للمفسرين أن لا يسارعوا في الحكم على الحديث، ويبنوا عليه أحكاما، أو يحملوا عليه معنى آية من آي الذكر الحكيم إلى بعد أن يستفتوا أهل العلم بالحديث، ويعملوا بفتواهم، فهذا هو المنهج القويم الذي يتعين على المفسر العمل به وصولا إلى الحقيقة، وعملا بالعلم لا بالظن الباطل أو الزيغ والهوى. وقد بين ابن تيمية أن كثيرا من المفسرين قد جانبوا الحقيقة وبعدوا عن الصواب لما تنكبوا هذا الطريق.
الحديث المرسل:
عرفه ابن الصلاح بأنه: " حديث التابعي الكبير الذي أدرك جماعة من الصحابة وجالسهم، كعبيد الله بن عدي بن الخيار، ثم سعيد بن المسيب وأمثالهما إذا قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". وقد قيده ابن الصلاح برواية التابعي الكبير. وجمهور الفقهاء والأصوليين يعممون ذلك، فيجعلونه الحديث الذي يرسله التابعون وغيرهم.
وأما حكمه فقد اختلفوا فيه، ويمكننا أن نصنف آرائهم إلى ثلاثة أقسام:
1 - الفريق الأول: قال بحجية الحديث المرسل. وقد قال بذلك الإمام مالك، وأبو حنيفة، وهو المشهور عن الإمام أحمد بن حنبل. "قال: والإحتجاج به مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما في طائفة والله أعلم.
قلت: وهو محكي عن الإمام أحمد بن حنبل في رواية ".
2 - وأما الفريق الثاني فلا يعتبر الحديث المرسل حجة في الدين، وقد قال بذلك ابن حزم في كتابه "الإحكام في أصول الأحكام": "المرسل من الحديث هو الذي سقط بين أحد رواته وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- ناقل واحد فصاعدا، وهو المنقطع أيضا، وهو غير مقبول ولا تقوم به حجة لأنه عن مجهول، وقد قدمنا أن من جهلنا حاله ففرض علينا التوقف عن قبول خبره، وعن قبول شهادته حتى نعلم بحاله".
وذهب إلى ذلك كل من الإمام مسلم في مقدمة كتابه. ورواه ابن عبد البر في جماعة من أصحاب الحديث، وقال فيه ابن الصلاح: "وما ذكرناه من سقوط الإحتجاج بالمرسل والحكم بضعفه هو الذي استقر عليه آراء حفاظ الحديث، ونقاد الأثر وتداولوه في تصانيفهم" (3). ويعلق على ذلك الشيخ أحمد شاكر بقوله: "لأنه حذف منه راو غير معروف، وقد يكون غير ثقة، والعبرة في الرواية بالثقة واليقين، ولا حجة في المجهول ".
3 - الفريق الثالث: يعتبره حجة بشرط، وهو قول الإمام الشافعي، وبعض العلماء. "وهذه الشروط أربعة: ثلاثة في الراوي المرسل، وواحد في الحديث المرسل. وإليك هذه الشروط:
أ- أن يكون المرسل من كبار التابعين.
ب- وإذا سمي من أرسل سمي ثقة.
ج- وإذا شاركه الحفاظ المأمونون لم يخالفوه.
د- وأن ينضم إلى هذه الشروط الثلاثة واحد مما يلي:
1) أن يروي الحديث من وجه آخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
2) أو يروي من وجه آخر مرسلا أرسله من أخذ العلم عن غير رجال المرسل الأول.
3) أو يوافق قول الصحابي.
4) أو يفتي بمقتضاه أكثر أهل العلم".
وقد ذهب إلى قبول الحديث المرسل بشروط الإمام ابن تيمية، ويمكن أن نجمعها في ثلاثة شروط:
1 - أن تتعدد طرف الحديث المرسل.
2 - أن يخلو عن المواطأة قصدا، أو الإتفاق بغير قصد. وفي هذين الشرطين يقول: "والمراسيل إذا تعددت طرقها، وخلت عن المواطأة قصدا، أو الإتفاق بغير قصد كانت صحيحة قطعا، فإن النقل إما يكون صدقا مطابقا للخبر، وإما أن يكون كذبا تعمد صاحبه الكذب، أو أخطأ فيه، فمتى سلم من الكذب العمد والخطأ كان صادقا بلا ريب".
3 - أن يكون الحديث طويلا يذكر فيه واقعة أو قصة بتفاصيل ما جاء فيها من أحداث وأقوال، وجاء آخر فحدث بمثل ما حدث به الأول من غير زيادة ولا نقصان إذ " المقصود أن الحديث الطويل إذا روي مثلا من وجهين مختلفين من غير مواطأة امتنع عليه أن يكون غلطا، كما امتنع عليه أن يكون كذبا، فإن الغلط لا يكون في قصة طويلة متنوعة وإنما يكون في بعضها. فإذا روى هذا قصة متنوعة، ورواها الآخر مثلما رواها الأول من غير مواطأة امتنع الغلط في جميعها، كما امتنع الكذب في جميعها من غير مواطأة".
ودفاع ابن تيمية عن الإحتجاج بالحديث المرسل هو بمثابة رد اعتبار للتفسير الأثري خاصة، وللتفسير عامة، ذلك أن أغلب ما يروى في التفسير من أحاديث يكون مرسلا مما يجعل البعض يطعن فيه. والمدقق في كتب تفسير القرآن الكريم يجد أن أغلب ما يحتاجه المفسر من أحاديث هو من نوع الأحاديث الطويلة التي تكلم عنها ابن تيمية، ثم هو يوضح أن الشروط التي اشترطها في الحديث المرسل حتى يؤخذ به، ليس تهمة للصحابة، ولا للتابعين - وهم من هم في التقوى والصلاح والفضل والعلم - وإنما احترازا من أن يكونوا قد غلطوا فيه، "فإن من عرف الصحابة كابن مسعود، وأبي بن كعب، وابن عمر، وجابر وأبي سعيد، وأبي هريرة، وغيرهم علم يقينا أن الواحد من هؤلاء لم يكن ممن يتعمد الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضلا عمن هو فوقهم ... وكذلك التابعون بالمدينة ومكة والشام والبصرة فإن من عرف مثل أبي صالح السمان، والأعرج، وسليمان بن يسار، وزيد بن أسلم، وأمثالهم، علم قطعا أنهم لم يكونوا ممن يتعمد الكذب في الحديث، فضلا عمن فوقهم ... وإنما يخاف على الواحد من الغلط، فإن الغلط والنسيان كثيرا ما يعرض للإنسان ".
وبذلك رد ابن تيمية الإعتبار إلى التفسير الأثري، وبين أن اعتماده على المراسيل ليس قادحا فيه، فالحديث المرسل حجة، وصحيح بل مقطوع بصحته. أما الشروط التي اشترطها فيه فإنما يقصد منها طمأنينة القلب والإحتراز مما قد يكون فيه من الغلط، وإلا فالصحابة والتابعون منزهون عن تعمد الكذب.(/)
تصنيف أهل السنة لمناهج التفسير:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[17 Aug 2006, 03:24 ص]ـ
من خلال تتبعنا لمواقف أهل السنة من التفاسير والمناهج المتبعة فيها، ومن خلال مناقشتهم للأفكار الواردة فيها، يمكننا القول إن أهل السنة يرون أن مناهج التفسير يمكن حصرها في منهجين:
1 - التفسير المأثور وهو الذي له أصل في الدين.
2 - التفسير على المذهب وهو الذي لا أصل له في الدين، وينقسم إلى قسمين:
أ- التفسير بالرأي أو المنهج العقلي في التفسير.
ب- التفسير الصوفي أو الإشاري.
ولعلنا نتساءل عن الاعتبارات التي تبنوها في تصنيفهم هذا، والواقع أن هذا التصنيف ليس اعتباطيا، بل هو نتاج دراسة نقدية تحليلية لعدة تفاسير، ولمفسرين من مختلف الإتجاهات والفرق التي عرفها تاريخ الفكر الإسلامي. وقد مكنتهم هذه الدراسة الموضوعية المتأنية - خاصة ما قام به ابن تيمية في "مقدمة في أصول التفسير "، وفي "فتاويه" - من الوقوف على الأسس العلمية، والقواعد المنهجية التي يتعين علينا اعتمادها عند محاولة تصنيف مناهج التفسير. وهذا المجهود العلمي الجبار يدل على ما يتمتع به منهج أهل السنة في البحث من قواعد منهجية تجريبية، تعتمد الوصف والتحليل، والمقارنة والإستنباط. وهي التي مكنتهم من التوصيف العلمي لمناهج التفسير.
ويمكننا أن نحدد هذه الأسس والقواعد في مايلي:
1 - الأدوات المعرفية الموظفة في التفسير، وهذا يعطينا التصنيف التالي لمناهج التفسير.
أ- التفسير المأثور وهو الذي يعتمد النقل وحده. ولا جهد للمفسر فيه إلا جمع الروايات وتنظيمها، من غير بذل أي مجهود عقلي.
ب- التفسير العقلي وهو الذي يعتمد العقل ويركز عليه، ويجعله حجة يحسن ما حسنه ويقبح ما قبحه، ويقاس عليه ولا يقاس على غيره. وهذا نجده في تفاسير الفلاسفة وبعض الفرق الكلامية.
ح- التفسير الصوفي: وهو الذي يعتمد على الوجد والذوق كأداة رئيسية بل وحيدة في المعرفة الحقة والكاملة.
2 - النظر إلى طبيعة التفاسير: وذلك بغض النظر عن الأدوات المعرفية الموظفة في التفسير، أو الأصول التي يقوم عليها، أو الأهداف والمقاصد التي يرمي إليها، بحيث يكون هم الباحث جمع التفاسير ذات المجال العلمي الواحد في خانة واحدة، ومن ثم يمكن تقسيم التفاسير إلى مدارس تفسيرية متميزة نحو:
أ- المدرسة البيانية.
ب- المدرسة الفقهية.
ح- المدرسة الكلامية.
د- المدرسة الفلسفية.
ه- المدرسة الصوفية.
ويعتبر كتاب "التفسير والمفسرون "النموذج الأمثل لتصنيف التفاسير حسب طبيعتها، وحسب المجالات العلمية التي تنتمي إليها.
وهناك فئة من الباحثين قد نظروا إلى التفاسير نظرة تاريخية تطورية، فكان تصنيفهم لمناهج التفسير على الشكل التالي:
1 - مرحلة النشأة: وهي تتضمن أصول كل المناهج التفسيرية التي عرفت في ما بعد. ومنهم من يسميها بمرحلة التفسير العلمي، وهي تشمل تفسير الرسول والصحابة والتابعين.
2 - مرحلة النمو والتطور: وهي التي تبدأ بتدوين كتب التفسير، وفصله عن الحديث النبوي الشريف، وتنتهي بظهور أمهات كتب التفسير، كتفسير ابن جرير الطبري (223هـ- 310هـ) المسمى "جامع البيان في تفسير القرآن"، وتفسير جار الله الزمخشري (467هـ - 538هـ): "الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل"، وتفسير عبد الحق بن عطية (481هـ - 546هـ): "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)، وتفسير الرازي (544هـ- 606هـ) "مفاتيح الغيب "، وتفسير أبي عبد الله القرطبي (ت 671هـ): "الجامع لأحكام القرآن ". ومن الباحثين من يسمي هذه المرحلة بمرحلة التفسير النظري.
3 - مرحلة الركود: وهي التي يقتصر دور المفسر فيها على الشرح والتعليق وشرح الشروح والتلخيص، ومن ثم فالسمة البارزة في هذه
المرحلة هي ترديد المعارف السابقة من غير أي إضافة علمية تذكر.
ونحن نرى في هذه الدراسات والبحوث تركيزا على جانب واحد من الجوانب التي يتعين على الباحث اعتبارها عند محاولة تصنيف مناهج التفسير، مما يجعل السمة الغالبة عليها هي السطحية وعدم الشمولية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومما يؤكد أن أهل السنة في تصنيفهم لمناهج التفسير لم يقتصروا على الأدوات المعرفية ولا على النظرة إلى طبيعة التفاسير التي بين أيدي الناس، بل تجاوزوها إلى اعتبار الأصول التي ينطلق منها المفسر، والمقاصد والأهداف التي يرمي إليها، ما نجده عندهم -وبالاخص عند ابن تيمية- من اعتبار بعض الكتب من التفسير المأثور تجوزا. بل قد لا يتحرجون من جعلها من التفسير على المذهب، لا لأنها تعتمد المعقول أساسا، ولكن لاعتمادها على أصول وقواعد غير التي يعتمدها أهل السنة في مباحثهم العقدية والشرعية بصفة عامة. وسنقف على ذلك بتفصيل عند حديثنا عن التفسير المأثور كما تصوره أهل السنة.
التفسير المأثور
إن كتاب ابن تيمية "مقدمة في أصول التفسير " يبين أن أهل السنة كانوا يفرقون بين المنهج والإتجاه، وإن لم يصرحوا بذلك. فهذا الكتاب ينقسم إلى قسمين: القسم الأول -وهو يشغل جل الكتاب- عبارة عن دراسة نظرية لأسباب الإختلاف في التفسير، مبينا أيها يتمثل منهج أهل السنة في التفسير ولا يحيد عنه أو يخالف هذا المنهج ويعارضه، وأيها ينتسب إلى منهج أهل السنة وتتخلله في بعض الأحيان سمات التفسير على المذهب. ومن ثم يمكننا أن نطلق على القسم الاول مصطلح المنهج، والقسم الثاني مصطلح الإتجاه.
فالمنهج هو تتبع الخطوات التي نصوا عليها في مصادرهم بحيث يبدأ بالكتاب، ثم بالسنة، ثم بأقوال الصحابة، فالتابعين. وهذه تعتبر بمثابة أصول يعتمدها المفسر الأثري في تفسيره ولا يتجاوزها إلى الرأي إلا بعد أن يستنفد الجهد في تفسير ما يروم تفسيره منها، فإن عجز جاز له عند ذلك الإجتهاد على القواعد التي بينوها وهي أن لا يعارض اجتهاده نصا صحيحا، أو يستند إلى نص صحيح. ومعنى ذلك أن النقل هو الأساس، والعقل إنما يوظف في التفسير "للتصديق والإذعان، وبيان تقريب المنقول من المعقول، وعدم المنافرة بينهما، فالعقل يكون شاهدا ولا يكون حاكما، ويكون مقررا مؤيدا، ولا يكون ناقضا رافضا، ويكون موضحا لما اشتمل عليه القرآن من أدلة ".
وأما الإتجاه النقلي وهو الذي اصطلح عليه بالتفسير المأثور فهو لا يعد أصلا ولا حجة في مجمله، بل هو التطور الطبيعي للمنهج النقلي. وتبدأ هذه المرحلة من تابعي التابعين، أي بدايات عهد التدوين، ودور المفسر الاثري - في هذه المرحلة - ليس قاصرا على ترديد أقوال السابقين، بل هو يقوم على دعامتين: الأولى صحيح المنقول، والثانية صريح المعقول.
المنهج النقلي:
وهناك نتساءل عن مفهوم النقل، فهل النقل هو الإقتصار على ترديد ما قاله السابقون أي السلف الصالح، أم النقل أوسع من ذلك بكثير؟
والواقع أن هذا يحتاج منا إلى تحديد مفهوم السلف، وبتضح لنا مما كتبه ابن تيمية وغيره أن السلف لا يحدد مفهومهم باعتبار القدم أو الحداثة، وإنما السلف هو التزام بمذهب وبمنهج واضح المعالم، هذا المنهج هدفه الأسمى هو الوصول إلى الحقيقة، من غير أن يكون للهوى أو المذهب، أو الرأي أدنى حذ فيها. ومن ثم نجد السلف هم الذين التزموا المنهج الذي وضعه القرآن الكريم في العقيدة والشريعة، والذي بينه الرسول إما بالسنة القولية أو الفعلية. ويتضح لنا ذلك من قول ابن تيمية: "فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلا اتباعا لما جاء به الرسول، ولا يتقدم بين يديه، بل ينظر ما قال، فيكون قوله تبعا لقوله، وعلمه تبعا لأمره، فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين، فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله، ولا يؤسس دينا غير ما جاء به الرسول. وإذا أراد معرفة شيء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول، فمنه يتعلم، وبه يتكلم، وفيه ينظر ويتفكر، وبه يستدل، فهذا أصل أهل السنةّ".
ومن ثم فالسلفي هو من تمسك بالكتاب والسنة، ولم يعارضهما لا بمعقوله ولا بوجوده وذوقه. وبذلك يكون النقل أوسع مما فهم ومما حدد، وإلا فكيف سنفسر ما أثر عن الصحابة وعن التابعين - وهم خيار هذه الأمة بنص الحديث- فهل نعده تفسيرا أثريا، أم نعده من التفسير المعقول، أو باصطلاح ابن تيمية من التفسير على المذهب؟
(يُتْبَعُ)
(/)
إن النقل إذن هو ما وصل إلينا من كتاب وسنة، وأقوال الصحابة والتابعين، لأن هؤلاء لم يكن قصدهم معارضة الكتاب والسنة ولا اتباع الهوى كما أنهم لا يناقشوا الأمور والقضايا التي حسم فيها الحق -سبحانه-، أو بينها الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما أن منهجهم في الإجتهاد، والإستدلال والإستنباط لا يتعارض مع أهداف
ومقاصد القرآن أو الحديث. وفضلا عن ذلك فالأدوات المعرفية الموظفة في اجتهادهم هي أدوات متصلة بالنقل أكثر من اتصالها بالعقل. فهم قد استعانوا في تجلية بعض القضايا التي أجملها القرآن ولم تبينها السنة - والتي ظهرت الحاجة إلى تفسيرها بعد أن قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلم يكن أمامهم إلا أن يلبوا الحاجيات الوقتية -باللغة والشعر، وبأحوال العرب في الجاهلية، وبما سمعوه من أهل الكتاب مما لا يخالف الشرع.
وهنا نجد أنفسنا ملزمين بمناقشة رأيين:
الرأي الأول:
يدعى صاحبه أن التفسير بالمأثور لا يخرج عن دائرة أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصحيحة، أو الأخبار التي هي بمثابة أحاديث مرفوعة كأسباب النزول مثلا، وهذا نص قوله: "ولكن التفسير بالمأثور يبقى محتفظا بميزاته وحدوده ليشمل فيما يشمل ما كان بيانا لمناسبة نزلت فيها آية، أو توضيحا لمعنى مبهم بينه الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- وغير هذا لا يعد من التفسير بالمأثور، حتى ولو روى من أعظم الصحابة واعلمهم. وليس معنى هذا أننا نقلل نم شأنهم رضي الله عنهم ... والذي أريد أن أقوله: إن التفسير بالمأثور ما لا مجال فيه إلا للسماع الثابت، إما في بيان مناسبة نزول،أو في توضيح مبهم بينه الرسول الكريم. أما ما كان ناشئا من معرفة باللغة، أو أخبار أهل الكتاب فلا ينبغي أن ندرجه ضمن التفسير بالمأثور، ولو أن ذلك قد تعارف عليه كثير من الناس فيما بعد. وبهذا نتبين أن دائرة التفسير بالمأثور ليست من الإتساع بحيث تشمل هذه الكثرة من الأقوال، المتفقة حينا والمتناقضة حينا آخر ".
وهذا رأي غريب، ولا يمكن أن نقبله، ذلك أنه يلغي أقوال كبار الصحابة بدعوى أن التفسير النقلي أو المأثور قد كثر فيه التناقض والإختلاف والتعارض بين الأقوال والآراء بسبب توسيع دائرة النقل، والواقع أنه قد أخطأ الطريق من جهتين:
1 - إن إلغاء أقوال الصحابة والتابعين من التفسير الأثري هو خسارة علمية جسيمة واختيار لأسهل الطرق وأبسطها، فضلا عن كونها عملية غير علمية. أما العمل الحق الذي يستحق كل إعجاب وتقدير فهو أن نخضع هذه الأقوال والآراء للدراسة العلمية الجادة على طريقة أهل الحديث، فنختار منها ما هو صحيح النسبة إلى الصحابة والتابعين ونترك ما عداها، مثل ما فعل علماء الحديث عندما أرادوا تدوين الحديث. فلم يقولوا: نتركه ونأخذ بالقرآن وحده لأنه هو الصحيح الورود قطعا، أما الحديث فقد اختلط فيه الصحيح بالضعيف والموضوع، وإنما كانت لهم همم أكبر من ذلك، فما كان منهم إلا أن عكفوا على دراسة الحديث من حيث المتن والسند، فاستخلصوا الأحاديث الصحيحة وأتبتوها، وتركوا الاحاديث الضعيفة والموضوعة، ونبهوا على مواطن العلة فيها.
2 - إن اختلاف الصحابة والتابعين وعموم السلف لم يكن اختلاف تعارض، بل كان اختلاف تنوع، كما أوضح ذلك ابن تيمية في "مقدمة في أصول التفسير "، وفي أكثر من موضع من فتاويه، كما نبه إلى ذلك غيره من علماء وأئمة أهل السنة.
ومن ثم فإن الطريق الصحيح هو ما أثبته أهل السنة من ضرورة اعتبار الصحابة والتابعين من المصادر الأساسية في الفسير، لأن قواعدهم المنهجية، واجتهاداتهم لا تتعارض مع القرآن أو السنة. وفي ذلك يقول ابن تيمية: "ولهذا كان معرفة أقوالهم في العلم والدين وأعمالهم خيرا وأنفع من معرفة أقوال المتأخرين وأعمالهم في جميع علوم الدين وأعماله، كالتفسير، وأصول الدين، وفروعه، والزهد، والعبادة، والأخلاق، والجهاد وغير ذلك. فإنهم أفضل ممن بعدهم كما دل عليه الكتاب والسنة، فالإقتداء بهم خير من الإقتداء بمن بعدهم، ومعرفة إجماعهم ونزاعهم في العلم والدين، خير وأنفع من معرفة ما يذكر من إجماع غيرهم ونزاعهم. وذلك أن إجماعهم لا يكون إلا معصوما، وإذا تنازعوا فالحق لا يخرج عنهم. فيمكن طلب الحق في بعض أقاويلهم،ولا يحكم بخطأ قول من أقوالهم حتى يعرف
(يُتْبَعُ)
(/)
دلالة الكتاب والسنة على خلافه، قال تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويل} ".
الراي الثاني:
لقد أدى عدم وضوح مفهوم المنهج النقلي، واعتبار دلالته اللغوية لا الإصطلاحية لدى بعض الباحثين إلى القول إن التفسير بالرأي أو العقل قد وجد سندا له عند ابن عباس، وقد قال بذلك السيد أحمد خليل: "وأغلب التفسير بالرأي أو أكثره ينتهي بسنده إلى ابن عباس ابن عم الرسول ... ".
وهذا قول غير صحيح، لأن التفسير بالرأي -كما بين ابن تيمية وغيره من أهل السنة - تفسير لا أصل له في الدين وإنما منبعه الهوى والرأي والتعصب للمذهب. وقد ذهب إلى شيء من ذلك الدكتور عفت الشرقاوي، حيث قسم التفسير بالمأثور على عهد الصحابة إلى قسمين، وفي ذلك يقول: "يستطيع الباحث أن يفرق بين جيلين من المفسرين بالمأثور يمثلان اتجاهين مختلفين، الجيل الأول وعلى رأسه الخلفاء الأربعة وعدد من الصحابة عدا ابن عباس.
والجيل الثاني ويمثل طلائعه ابن عباس ومجاهد وبعض التابعين. والفرق بين الجيلين أن أولهما كان يلتزم السكوت فيما لم يرد فيه شيء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يكتفي ببيان أسباب النزول بوصفه شاهدا لها ومعاصرا لأحداثها، أو راويا لها عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالإضافة إلى ما أثر عنه من بيان لبعض الآيات، أو توضيح لبعض المجملات أو تمييز لناسخ ومنسوخ. ولقد اعتبر حديث الصحابي في حكم الحديث المرفوع إذا كان يتعلق بسبب النزول، أو نحو ذلك ... وهناك اتجاه ثان في التفسير بالمأثور يلتزم المنقول عن الرسول -صلى الله عليه وسلم - والصحابة، ولكنه قد يستعين بالشعر أو يجتهد فيما يغيب عنه. ويعد ابن عباس طليعة هذا الإتجاه، فقد سمي (ترجمان القرآن) لأنه كان زعيم حركة التفسير في هذا العصر ".
والواقع ان منهج الصحابة واحد وقواعدهم وأصولهم واحدة، وليس هناك فريق سكت عن تفسير مالم يرد فيه شيء، وفريق انطلق مجتهدا، وإنما حقيقة الأمر أن الصحابة قد التزموا السكوت عما لا علم لهم به، لا على ما لم يرد فيه شيء عن الرسول، وهناك فرق بين الأمرين. فلئن وجدنا بعضهم قد روى عنه أكثر من غيره فما ذلك إلا لسببين -حسب رأينا- الأول لما حباه الله به من علم وموهبة فتح الله له بها كنوز كتابه العزيز، والثاني لأنه عاش إلى عصر التابعين حيث ظهرت الحاجة ملحة إلى تفسير كل القرآن الكريم، وقد اجتمعت هاتان الصفتان في الصحابة الذين كثرت عنهم الرواية. فليس الامر إذن أمر تخلص وتحرر من القواعد المنهجية التي ألزموا بها أنفسهم، وإنما هو العلم والحاجة التي كانت وراء كثرة الرواية عن بعض الصحابة.
ونؤكد هنا على ضرورة التفريق بين المعنى المعجمي للنقل، والمعنى الإصطلاحي له، فالأول يجعل دائرة النقل ضيقة جدا، إذ يحصرها في تفسير القرآن للقرآن، وبيان السنة الصحيحة الثابتة لما أجمله القرآن الكريم، أما المعنى الإصطلاحي فيجعل النقل أوسع من ذلك - وهو ما ذهب إليه أهل السنة - حيث يشمل الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والتابعين. وبذلك نستطيع أن نفهم كيف تضخم التفسير المعتمد بالأساس على النقل والذي يعرف بالتفسير المأثور، ذلك أن المفسر الأثري لم يقتصر في تفسيره على "ذكر بالروايات فقط، ولا تنتهي مهمته عند رصدها فحسب. وإنما تبدو فعاليته في اتجاهه إلى مرويات بعينها ويجمعها حول الىية الواحدة، وفي الترجيح بين هذه المرويات وتفضيل واحدة منها، أو الحكم بضعفها جميعا، والقول في الآية بما يراه في ضوء المسائل المعينة على فهم النص القرآني كأسباب النزول، أو المألوف من كلام العرب، أو الرجوع إلى الدلالة اللغوية للألفاظ في عصر النبوة، وغير ذلك مما يعين على القول في القرآن برأي".
وهذا يبرز -كما سبق أن قلنا - خطأ التصنيفات التي تجعل التفسير المأثور مرتبطا بالمعنى المعجمي للنقل، حيث يلغي المفسر عقله ويستخدم حافظته، ومن ثم وجدنا أهل السنة عندما ناقشوا قضية التأويل نصوا على أن الإجتهاد قسمان:
1 - محمود: وهو المستند إلى نص أو لا يعارض نصا.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - مذموم: وهو الذي يتبع الهوى وينتصر للمذهب، فيلوي عنق النص وينحرف به عن حقيقته الصريحة الواضحة، ويجنح به إلى الخيالات والأوهام. وفضلا عن ذلك فإن أهل السنة، خاصة منهم ابن تيمية، ينصون على أن صريح المعقول لا يتعارض مع صحيح المنقول. وبذلك يكون التفسير الأثري ليس هو الذي يعتمد النقل بالمعنى العجمي، بل الذي يستند إلى النقل بالمعنى الإصطلاحي، وأما المفسر الأثري الحق فهو الذي يجعل القرآن أمامه، والسنة سبيله إلى تكشف معاني الذكر الحكيم، ويجعلهما أصلا وحجة يقاس عليهما ولا يقاسان على غيرهما من الآراء والمذاهب، ولا يعارض القرآن لا بعقل ولا بذوق أو وجد، ولا يخالف منهج الصحابة، مما يجعل تفسيره يجمع بين النقل الذي هو الأساس الذي تقوم عليه عملية التفسير، ثم يعززه ويعضده بالعقل وذلك عن طريق دراسة الأقوال الماثورة من حيث السند والمتن، وترجيح إحداها على الأخرى، وتفسير القرآن بناء على ما استجد في حياة الأمة من أوضاع وأحوال، بحيث يمثل التفسير حالة الجيل الذي يعيش فيه المفسر. وهو في اجتهاداته واستنباطاته يوظف أدوات معرفية ألصق بالمأثور منها بالعقول، كمعرفة أحوال العرب وأهل الكتاب وقت تنزل القرآن الكريم، والمألوف من كلام العرب، وتحديد معاني الألفاظ على ما كانت عليه في عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- والإلمام بسيرة الرسول وأصحابه، والوقوف على منهج الدعوة، ومعرفة أسباب النزول والأصول والقراءات المشهورة التي أجمعت الأمة على قبولها. وفي ذلك يقول صاحب "مقدمة كتاب المباني" مبينا هذه الإزدواجية بين النقل والعقل في التفسير المأثور: "وليس لمن بعدهم ممن لم يتحققوا تلك الأحوال إلا بأخبار تنقل إليهم على ألسنة الرواة مما لا ينقطع على مغيبه باليقين، أن يتعاطوا مذاهبهم وأقوالهم في ذلك، فيأخذوا بما أجعوا عليه أخذا لا معدل عنه، وينظروا فيما اختلفوا فيه، فيتخيروا ما هو أهنأ وأهد، وأرفق بالأصول.وها هنا وجه آخر وهو أوسع -مما تقدم ذكره- مجالا وأيسره حالا، وهو حمل اللفظ على ما يحتمله من مقتضى لغة العرب واستقراء الوجوه الممكنة فيه، وهذا هو التأويل المسوغ لأهل العلم في كل وقت وزمان".
ولا يستفاد من قولنا إن أهل السنة قد ركزوا في أبحاثهم النظرية والتطبيقية في التفسير على المفهوم الإصطلاحي للنقل، أنهم قد تجاهلوا النقل بالمعنى المعجمي، بل إن هذا الأخير يعدونه قاعدة أساسية في التفسير المأثور، ومن ثم نجدهم يهتمون أيما اهتمام بمصطلح الحديث لأنه يمكنهم من مناقشة من مناقشة الطرق المختلفة التي تنقل عبرها الروايات المأثورة. كما نجدهم قد بينوا أن الخطأ في التفسير المأثور أو النقلي يرجح إلى سببين هما:
1 - نقول صحيحة لا حجة للناقل فيها.
2 - الإعتماد على أخبار موضوعة او مكذوبة أو على إسرائيليات.
ولذلك اجتنب أهل السنة - ومنهم ابن تيمية وابن كثير - الخبر الضعيف والموضوعات والإسرائيليات خاصة ما يخالف الشرع منها.
الإتجاه النقلي او التفسير المأثور:
إن التفريق بين المعنى المعجمي للنقل، والمعنى الإصطلاحي يمكننا من فهم كيفية تضخم التفسير المأثور، فالبداية كانت من القرآن حيث ما أجمل في موضع قد فصل في آخر، حتى قال العلماء بالتفسير إن القرآن يفسر بعضه بعضا. ثم إن السنة قد فصلت وبينت بعض ما أشكل فهمه على بعض الصحابة، ثم إن هؤلاء بعد أن قبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- أصبحوا مفسرين ومبينين للقرآن الكريم، ومصادرهم في ذلك الكتاب والسنة والإجتهاد. ويكننا أن نجمل أدوات الإجتهاد عندهم فيما يلي:
1 - معرفة أوضاع اللغة العربية.
2 - معرفة عادات العرب قبل الإسلام.
3 - معرفة أحوال اليهود والنصارى في الجزيرة العربية وقت نزول القرآن.
4 - قوة الفهم وسعة الإدراك، وعلم الموهبة.
وهناك مصدر رابع من مصادر الصحابة في التفسير وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وخاصة من دخل منهم الإسلام كعبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، ولكنهم لم يكونوا يأخذون عنهم إلا ما يرافق الشرع. وكان أن تفرق الصحابة في الأمصار بسبب الفتوحات المباركة، فكونوا في كل مصر حلوا به مدرسة تفسيرية واضحة المعالم، ومتميزة عن غيرها، وأقطاب هذه المدارس هم الذين يعرفون بالتابعين. ويمكننا أن نقف عند ثلاث مدارس، وهي:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - مدرسة مكة وإمامها ابن عباس -رضي الله عنهما- ومن مشاهير تلامذتها:
أ- سعيد بن جبير (ت 95هـ).
ب- مجاهد بن جبر المكي (21هـ/106هـ)
ح- عكرمة مولى ابن عباس (ت 105هـ).
د- عطاء بن أبي رباح (ت 114هـ).
2 - والمدرسة التفسيرية الثانية هي مدرسة المدينة المنورة، وقد تزعمها صحابيان من جلة الصحابة وخيارهم وهما: علي بن أبي طالب (1) وأبي بن كعب، ومن تلامذتها المبرزين:
أ- أبو العالية (ت 90هـ)
ب- محمد بن كعب القرظي (ت118هـ).
ح- زيد بن أسلم (ت136هـ).
3 - وأما المدرسة الثالثة فقد كانت بالعراق، خاصة ببغداد والبصرة والكوفة، ويعد عبد الله بن مسعود رائد هذه المدرسة. وقد تأثر أهل العراق "بطريقته في الإجتهاد في الفقه، والأحكام والتفسير، وهي حرية الرأي في الإجتهاد وحسن التصرف في النصوص، وعدم الجمود عليها ".
ومن أعلام هذه المدرسة:
أ- مسروق بن الأجدع (ت 63هـ).
ب- الضحاك بن مزاحم (ت 105 هـ)
ح - الحسن البصري (ت110هـ).
د- قتادة بن دعامة السدوسي (117هـ).
وقد كان لهذه المدارس الثلاث شأن عظيم في التفسير عامة والتفسير المأثور خاصة، حتى إن ابن تيمية يعدها أهم المدارس التفسيرية إطلاقا، وفي ذلك يقول:"وأما التفسير فإن أعلم الناس به أهل مكة لأنهم أصحاب ابن عباس-كمجاهد، وعطاء بن أبي رباح، وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم من أصحاب ابن عباس كطاوس، وأبي الشعتاء، وسعيد بن جبير وأمثالهم، وكذلك أهل الكوفة من أصحاب ابن مسعود ومن لك ما تميزوا به على غيرهم، وعلماء أهل المدينة في التفسير مثل زيد بن أسلم الذي أخذ عنه مالك التفسير، وأخذه عنه أيضا ابنه عبد الرحمن، وأخذه عن عبد الرحمن عبد الله بن وهب".
ويمكننا أن نجمل مميزات التفسير على عهد الصحابة والتابعين في المميزات التالية:
1 - الإعتصام بالقرآن، وتجنب معارضته بالعقل، أو الذوق، أو الوجد مما يجعل من القرآن إماما يقتدى به، وكل الآراء والمذاهب تقاس عليه، ولا يقاس على غيره. وقد أفاض القول في هذه الميزة التي تفرد بها تفسير الصحابة والتابعين ابن تيمية في فتاويه، ومما قاله في ذلك:"وكان من أعظم ما أنعم الله به عليهم اعتصامهم بالكتاب والسنة، فكان من الأصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان، أنه لا يقبل من أحد قط، أن يعارض القرآن لا برأيه ولا ذوقه ولا معقوله، ولا قياسه ولا وجده ... فكان القرآن هو الإمام الذي يقتدى به، ولهذا لا يوجد في كلام أحد من السلف أنه عارض القرآن بعقل ورأي وقياس، ولا بذوق ووجد ومكاشفة، ولا قال قط قد تعارض في هذا العقل والنقل، فضلا عن أن يقول: فيجب تقديم العقل، والنقل - يعني القرآن والحديث وأقوال الصحابة والتابعين - وإما أن يفوض وإما أن يؤول".
2 - ليس في الصحابة أو التابعين من تعمد الكذب على الرسول -صلى الله عليه وسلم- مما جعل تفسيرهم يخلو من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ومن ثم يكتسب قيمته العلمية، وعن هذه الميزة يقول ابن تيمية: "إن من عرف الصحابة كابن مسعود، وابي بن كعب، وابن عمر وجابر، وأبي سعيد وأبي هريرة وغيرهم، علم يقينا أن الواحد من هؤلاء لم يكن ممن يتعمد الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضلا عمن هو فوقهم، كما يعلم الرجل من حال من جربه وخبره خبرة باطنة طويلة أنه ليس ممن يسرق أموال الناس، يقطع الطريق، ويشهد بالزور ونحو ذلك. وكذلك التابعون بالمدينة ومكة والشام والبصرة، فإن من عرف مثل أبي صالح السمان، والأعرج وسليمان بن يسار، وزيد بن أسلم وأمثالهم، علم قطعا أنهم لم يكونوا ممن يتعمد الكذب في الحديث فضلا عمن هو فوقهم مثل محمد بن سيرين، والقاسم بن محمد، أوسعيد ابن المسيب، أو عبيدة السلماني، أو علقمة، أوالأسود، أو نحوهم".
3 - قلة اختلافهم في فهم معاني القرآني، وإن كان الخلاف في التابعين أكثر مما هو عليه عند الصحابة. يقول ابن تيمية: "ولهذا كان النزاع بني الصحابة في تفسير القرآن قليلا جدا، وهو وإن كان في التابعين أكثر منه في الصحابة، فهو قليل بالنسبة إلى من بعدهم، وكلما كان العصر أشرف كان الإجتماع والإئتلاف، والعلم والبيان فيه أكثر".
(يُتْبَعُ)
(/)
وببداية عصر تابعي التابعين تبدأ مرحلة تدوين التفسير، وقد قام بهذه العملية العلمية الجليلة في الأول رجال الحديث، ويمكن أن نعتبر الإمام مالك (93هـ/179هـ) هو أول جامع للتفسير. وفي هذه المرحلة كان المحدثون يفردون في كتبهم بابا للتفسير يجمعون فيه ما أثر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة والتابعين من تفسير للذكر الحكيم.
وأما المرحلة الثانية من مراحل تدوين التفسير المأثور فهي التي انفصل فيها التفسير عن الحديث، وأفرد بتأليف خاص. وقد كانت مهمة المفسر الأثري في هذه المرحلة هي:"نقل الروايات بأسانيدها دون تعليق عليها، ودون مزج لهذه الروايات بلون آخر من الدراسة، كتفسير يزيد بن هارون السلمي المتوفى سنة 117هـ، ومقاتل بن سليمان. وتفسير عبد الرزاق الصنعاني".
وأما المرحلة الثالثة من مراحل التفسير الأثري فهي التي ألفت فيها الموسوعات التي تعتمد التفسير المأثور، ويأتي في مقدمتها تفاسير: ابن ماجة المتوفى سنة (273)، وابن جرير الطبري المتوفى سنة (310هـ)،وأبي بكر بن المنذر النيسابوري (ت 318هـ). وفي هذه المرحلة نجد تدوين التفسير المأثور يتميز بميزتين، إحداهما يشترك فيها مع المرحلة السابقة نجد تدوين المأثور يتميز بميزتين،إحداهما يشترك فيها مع المرحلة السابقة حيث دون التفسير مسندا من غير أن يكون للمفسر دور كبير وواضح ومتميز في تفسيره. والميزة الثانية تتمثل في تفسير ابن جرير الطبري، حيث نجده لا يقتصر علىنقل الروايات والأقوال والآراء. وترجيح بعضها على بعض، والإهتمام بالقراءات. وبذلك يكون ابن جرير قد خطا بالتفسير خطوة جبارة بدأت تتضح معها معالم التفسير المأثور وتتسع دائرته، وفي ذلك يقول د. محمد حسين الذهبي: "إن ما جمعه ابن جرير في تابه من أقوال المفسرين الذين تقدموا عليه، وما نقله لنا من مدرسة ابن عباس، ومدرسة ابن مسعود، ومدرسة على بن ابي طالب، ومدرسة أبي بن كعب، وما استفاده مما جمعه ابن جريج، والسدى، وابن إسحق، وغيرهم من التفاسير بالمأثور، كما أن ما جاء في الكتاب من إعراب، وتوجيهات لغوية، واستنباطات في نواح متعددة، وترجيح لبعض الأقوال على بعض كان نقطة التحول في التفسير ".
وأما المرحلة الرابعة من مراحل تطور التفسير المأثور فهي التي رويت فيها الأقوال والآراء غير مسندة، وقد كان حذف الإسناد من الأسباب الجوهرية في ضعف التفسير بالمأثور. وجدير بالذك أن حذف الإسناد مع عدم تحري الصحة، فاختلط الصحيح بالضعيف والموضوع، واستمر الأمر على ذلك إلى أن حدفت الأسانيد فكان أن ساد الكذب على السف. وممن حذف أسانيد مروياته أبو الليث نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي، الفقيه الحنفي المعروف بإمام الهدى المتوفى سنة 373هـ، وذلك في تفسيره "بحر العلوم"، وكذلك فعل البغوي (510هـ) في تفسيره "معالم التنزيل " حيث كان ميالا إلى الرواية عن السلف من غير ذكر الإسناد وإن كان قد ذكر أسانيد في مقدمة كتابه، ولكن ذلك لا يفي بالمقصود.
وأما المرحلة الخامسة فهي التي توجهت فيها العناية إلى جمع آثار السلف مع الحفاظ على المضامين، وعدم تجريدها من الأسانيد. وقد ظهرت هذه المحاولات بعد ان عظم خطب الإتجاهات الضالة والفرق المذهبية المنحرفة، وانعكس ذلك على حياة الأمة، حيث بدأ نوع من التفكك والإنحلال والضعف يصيبها نتيجة البعد عن الكتاب والسنة، ومخالفة منهج الصحابة والتابعين في مسائل العقيدة والشريعة، كما دعت له ظروف المواجهة مع أعداء الإسلام: المغول والتتار القادمين من الشرق، والصليبيين القادمين من الغرب فكان أن بدت الحاجة ملحة إلى إرجاء الأمة إلى منهج السلف الصالح، فهو السبيل إلى إقامة الأمة من عثرتها، وتصحيح المسار، وإذكاء روح الجهاد في النفوس من جديد. وقد قام بهذه المحاولة الرائدة أربعة من أعلام أهل السنة،وهم:
1 - ابن عطية (481هـ/546هـ) في تفسيره " المحرز الوجيز في تفسير الكتاب العزيز".
2 - عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (ت597هـ) وذلك في تفسيره "زاد المسير في علم التفسير".
3 - عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن عمرو بن كثير (ت 774هـ) ويعتبر تفسيره محاولة موفقة لتطبيق نظرية أهل السنة في التفسير، وذلك كما سطرها ابن تيمية في رسالته "مقدمة في أصول التفسير".
(يُتْبَعُ)
(/)
4 - الحافظ جلال الدين ابو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر محمد السيوطي (849هجرية /911هـ) في تفسيره "الدر المنثور في التفسير المأثور" وهو عبارة عن موسوعة للتفسير المأثور.
ويمكننا أن نصنف كتب التفسير المأثور إلى طبقات، لا باعتبار الفارق الزمني بينها، ولكن باعتبار قربها أو بعدها عن تمثل المنهج النقلي المعتمد على الكتاب والسنة في المرتبة الأولى، وأقوال الصحابة والتابعين في المرتبة الثانية، ثم طرق الإستدلال والإستنباط العقلي، والبعد عن البدعة، ونقل أقوال السلف من أصح الطرق، واجتناب الإسرائيليات والأحاديث الضعفية والموضوعة، في المرتبة الأخيرة.
وقد قام بهذه العملية النقدية لكتب التفسير المأثور الإمام تقي الدين أحمد بن تيمية (661هـ/728هـ) وذلك في رسالته "مقدمة في أصول التفسير" حيث يتبين لنا أنه يعتبر جملة من التفاسير في طبقة واحدة، وإن لم يصرح بذلك، ولا أورد الكلام عنها في موضع واحد، ويمكننا أن نجزم أنه يعتبر الطبقة الأولى مكونة من:
1 - تفسير وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي (ت 196هـ)
2 - تفسير سفيان بن عيينة الأعور الكوفي (107هـ / 198هـ).
3 - تفسير عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري الصنعاني (126هـ/211هـ).
4 - تفسيير سنيد بن داود المصيصي المحتسب (ت220هـ)
5 - تفسير إسحاق بن رواهوية (161هـ- 238هـ).
6 - تفسير الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (164هـ/241هـ)
7 - تفسير عبد الرحمن إبراهيم دحيم (170هـ/245هـ)
8 - تفسير عبد بن حميد بن نصر (ت 249هـ)
9 - تفسير أبي سعيد الأشج عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي الكوفي، المتوفى سنة 257هـ.
10 - تفسير محمد بن يزيد بن عبد الله بن ماجة القزويني صاحب السنن (209هـ/273هـ).
11 - تفسير بن مخلد بن يزيد القرطبي حافظ الأندلس في القرن الثالث (231هـ/276هـ).
12 - تفسير أبي بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر شيخ الحرم بمكة (ت 309هـ).
13 - تفسير أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (224هـ/310هـ).
14 - تفسير ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد بن إدريس الرازي (240هـ/327هـ).
15 - تفسير أحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني (323هـ/401هـ) (1).
16 - تفسير أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري البغدادي الماوردي، المتوفى سنة 450هـ.
17 - تفسير عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (ت597هـ).
وهذا الإختيار تم كما قلنا بناء على مقاييس علمية ومنهجية حددها ابن تيمية في رسالته السالفة الذكر، وبتتبعنا لها فيها قد لا نجدها تخرج عما يلي:
1 - القرآن إمام وقائد يتبع ولا يتبع غيره، وأصل يقاس عليه ولا يقاس على غيره.
2 - لا يقتصر هؤلاء في تفسييرهم للذكر الحكيم على ظاهرة اللغة، لأنه ليس خطابا عاديا، ومن ثم فهم يراعون فيه أنه كلام الله سبحانه وتعالى الخالد المحكم المفصل. والذي جاء نورا وهدى وشفاء لما في القلوب، وأنه نزل على الرسول الصادق الامين -صلى الله عليه وسلم- وأن المخاطبين به هم العرب أولا ثم الناس أجمعون. فعملية التفسير عند رجال الطبقة الأولى تشمل كل أبعاد الخطاب القرآني وتتمثل عملية الوحي، وهي غير عملية الخطاب العادي أو الكلام اليومي، وقد دفعهم ذلك إلى الإهتمام بدراسة الظروف والملابسات المصاحبة لنزول القرآن الكريم، وهو ما يعرف باسباب النزول.
3 - نقل أقوال السلف من أصح الطرق والبعد عن البدعة، وقد تحدث ابن تيمية عن هاتين الميزتين عند تقويمه لتفسير ابن الطبري حيث قال: "أما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها (تفسير محمد بن جرير الطبري) فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين كمقاتل بن بكير والكلبي.".
وأما الطبقة الثانية فيمكن أن نعد من ضمنها:
1 - تفسير عبد الحق بن عطية (481هـ/546هـ).
2 - تفسير أبي عبد الله القرطبي (ت671هـ).
3 - تفسير أبي محمد الحسين البغوي (ن 510أو 516هـ) (1).
(يُتْبَعُ)
(/)
وابن تيمية يضع تفسير ابن عطية في أول هذه الطبقة لحرصه على النقل عن السلف، وفي ذلك يقول:" (تفسير ابن عطية) خير من تفسير الزمخشري، وأصح نقلا وبحثا وأبعد عن البدع وإن اشتمل على بعضها، بل هو خير منه بكثير، بل لعله أرجح هذه التفاسير" وأما البدع التي تضمنها تفسير ابن عطية فقد بين ابن تيمية أنها ترجع إلى تركه في بعض الأحيان الاخذ أقوال السلف، وميله إلى الأخذ عمن يسميهم بالمحققين،وهم طوائف المتكلمين الذين يعتمدون أقوال مشايخهم ويجعلونها هي الأصل الذي يقاس عليه. ومن ثم فإنه كاد أن يعده من التفسير على المذهب. "وتفسير ابن عطية وأمثاله اتبع للسنة والجماعة، واسلم من البدعة من تفسير المخشري، ولو ذكر كلام السلف الموجود في التفاسير المأثورة عنهم على وجهه، لكان أحسن وأجمل، فإنه كثيرا ما ينقل من تفسير محمد بن جرير الطبري، وهو من أجل التفاسير وأعظمها قدرا، ثم إنه يدع ما نقله ابن جرير عن السلف لا يحكيه بحال، ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين، وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم، وإن كانوا أقرب إلى السنة من المعتزلة. لكن ينبغي أن يعطى كل ذي حق حقه، ويعرف أن هذا من جملة التفسير على المذهب، فإن الصحابة والتابعين والأئمة إذا كان لهم في تفسير الآية قول وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر لأجل مذهب اعتقدوه، وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان، صاروا مشاركين للمعتزلة وغيرهم من أهل البدع في مثل هذا ".
وأما الإعتبارات التي جعلته يجمع هذه التفاسير الثلاث في طبقة واحدة، فنجملها في النقط التالية:
1 - سلامتها من البدعة والأحاديث الضعيفة في الأعم الأغلب.
2 - تمثلها للكتاب والسنة في التفسير، وجعلهما الأصل الذي يقاس عليه كل ما سواهما.
3 - النقل عن السلف بالأساس، وإن كانوا في بعض الأحيان يتركون أقوالهم إلى أقوال بعض الفرق الكلامية التي أسست مذاهبها على أصول ابتدعها مشايخهم، وإن كانت قريبة لما عليه أهل السنة والجماعة.
* وفي الطبقة الثالثة نجد تفسير أبي إسحق أحمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري (ت 427هـ) المسمى ب "الكشف والبيان عن تفسير القرآن"، وقد جعله ابن تيمية في هذه الطبقة لأنه كان رجلا صالحا في نفسه إلا أن تفسيره يؤخذ عليه حشد الأقوال من غير دراسة وتمحيص، فاختلط فيه الصحيح بالضعيف والموضوع.وفي ذلك يقول:"والثعلبي هو نفسه كان فيه خير ودين، وكان حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع".
* وأما الطبقة الرابعة والأخيرة من طبقات التفسير المأثور فقد وضع فيها ابن تيمية تفسير الواحدي أبي الحسن علي بن أحمد (ت 468هـ)، الذي شهد له بطول الباع في علوم العربية إلا أنه كان بعيدا عن طريق أهل السنة والجماعة.
وأما تفسير الزمخشري فلا موضع له ضمن كتب التفسير الماثور، لأنه من التفسير على المذهب الذي يتبنى أصولا وقواعد مخالفة لتلك التي يتبناها أهل السنة والجماعة، ومن ثم فضل عليه التفاسير السابقة على ما به من علم.
ـ[جابر ابن عتيق]ــــــــ[30 Nov 2009, 07:47 م]ـ
جزاك الله خيرا ...
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[25 Jun 2010, 07:06 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الأخ الفاضل الأستاذ جابر بن عتيق ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أشكركم على تواصلكم و تقديركم.
جزاكم الله خيرا.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.(/)
التفسير على المذهب:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[17 Aug 2006, 04:00 ص]ـ
"والتفسير على المذهب " مصطلح استعمله ابن تيمية عند تصنيفه لمناهج التفسير، حيث بين أن هذا التصنيف ينبغي أن لا يقوم على الأساس التاريخي، أو على أساس الكتاب والسنة وأقوال السلف من صحابة وتابعين.
وقد بينا سابقا أن المنهج النقلي هو الذي له أصل في الدين إذ يرتكز على هذه المبادئ الأربعة، وقد يتجاوزها إلى الإستدلال والإستنباط، ولكن مع استحضارها دائما في وعي المفسر بحيث تكون عملية الإجتهاد إما قائمة على نص، أو غير تعارضة معه، كما يراعي فيها عدم التعارض مع مقاصد الشريعة.
أما التفسير على المذهب فهو التفسير الذي لا أصل له في الدين حيث ينطلق من أصول ابتدعها مشايخ الطرق الصوفية، وأصحاب المذاهب الكلامية والفلسفية ويعتبرونها هي الأصل الذي ينبغي أن يقاس عليه. وفي ذلك يقول ابن تيمية:"إن السلف كان اعتصامهم بالقرآن والإيمان، فلما حدث في الأمة ما حدث من التفرق والإختلاف صار أهل التقرف والإختلاف شيعا، صار هؤلاء عمدتهم في الباطن ليست على القرآن والإيمان،ولكن على أصول ابتدعها شيوخهم، عليها يعتمدونفي التوحيد والصفات والقدر والإيمان بالرسول وغير ذلك، ثم ما ظنوا أنه يوافقها من القرآن احتجوا به، وما خالفها تأولوه. فلهذا تجدهم إذا احتجوا بالقرآن والحديث لم يعتنوا بتحرير دلالتهما ولم يستقصوا ما في القرآن من ذلك المعنى إذ كان اعتمادهم في نفس الأمر على غير ذلك، والآيات التي تخالفهم يشرعون في تأويلها شروع من قصد ردها كيف أمكن، ليس مقصوده أن يفهم مراد الرسول بل أن يدفع منازعه عن الإحتجاج بها".
وهذا النص يوضح لنا أن الخلاف بين أهل السنة ومن عداهم من فلاسفة، ومتكلمين، وصوفية خلاف جوهري وليس خلافا جوهريا وليس خلافا عرضيا أو لفظيا كما يدعي البعض، إذ إن الأصول التي يعتمدها أهل السنة في التفسير، وفي مباحثهم العقدية هي غير الأصول التي يعتمدها أهل البدع والضلالة، كما ان المقصد من البحث يختلف تماما.
والامر لا يختلف عن هذا كثيرا في ما يتعلق بالموقف السلفي، والموقف الصوفي من تفسير النص القرآني حيث نجد السلف -كما أسلفنا - ينطلق من القرآن، ويعتبره هو مصدر المعرفة الوحيد،ومعين الحقيقة الذي لا ينضب، فمنه يغترف،وإليه يلجأ. أما الصوفية فموقفهم مخالف تماما، فهم يعتبرون الذوق والوجد هو مصدر المعرفة الحقة، ومعنى ذلك أن المعرفة ينبغي أن تنطلق من ذات الإنسان لا من شيء خارج عنه. وقد ترتب عن نظريتهم في المعرفة أن صاروا يعبدون
الله بالذوق والوجد، لا بالشرع والإتباع، ويفضلون الأولياء على الانبياء "وأما عرافهم الذين يعلمون حقيقة قولهم فيعلمون أنه ليس الأمر كذلك، ويقولون ما يقول ابن عربي ونحوه أن الأولياء أفضل من الأنبياء وأن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء. وأن جميع الأنبياء يستفيدون معرفة الله من مشكاة خاتم الأولياء، وأنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يأتي خاتم الأنبياء. فإنهم متجهمة متفلسفة، يخرجون أقوال المتفلسفة والجهمية في قالب الكشف".
فالموقف الصوفي هو نفس الموقف الكلامي أو الفلسفي، وإن بدا الإختلاف في الظاهر في الأدوات المعرفية، حيث يعتمد الأوائل على الذوق والوجد والمكاشفة، ويعتمد الآخروه على العقل وحكمة اليونان. والهدف والمقصد واحد وهو نسخ الشرائع والتحلل منها وإفشاء الزندقة والإلحاد في الأمة. ولعل ذلك هو ما خول لنا جمع تفسيرات المتكلمة والفلاسفة والصوفية تحت عنوان: التفسير على المذهب.
ويمكننا أن نحدد وجوه الإختلاف بين أهل السنة وغيرهم من المتكلمة والفلاسفة والصوفية في النقط التالية:
1 - أهل السنة يعتمدون الأصول الأربعة، وهي الكتاب والسنة وأقوال الصحابة وإجماع التابعين، وهي عندهم أصل وحجة يقيسون عليها كل ما سواها، ولا تقاس على غيرها، مع مراعاة التدرج والترتيب المذكور أثناء مباشرة عملية تفسير الخطاب القرآني. أما المتكلمون، والفلاسفة، والصوفية فكل واحد منهم يجعل العقل أو الذوق أو أقوال المشايخ وحكماء اليونان حجة وأصلا يقيس عليه كل ما خالفه من كتاب وسنة وأقوال الصحابة والتابعين.
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - أهل السنة ينظرون في القرآن وهم مسلمو القياد له، ويعتبرونه أميرا يتبع، ويحاولون الوصول إلى الحقيقة من خلاله. وأما تعامل المتكلمين والفلاسفة والصوفية مع القرآن فينقسم إلى قسمين:
أ- ينظرون في القرآن قصد البرهنة على أصولهم الفاسدة، فليس هناك تجرد للحقيقة، كما أن الموضوعية العلمية تكون غائبة تماما مما يضطرهم إلى التعسف في تأويل النصوص، وهو ما عبر عنه أهل السنة بلَي عنق النص.
ب- أما النصوص التي ليس لهم فيها حجة بل تتعارض بينا مع مقرراتهم وأصولهم، وتعذر عليهم تأويلها وفق ما يؤمنون به، فإنهم يحاولون أن يتناولوها لا لتوافق مذهبهم، ولكن حتى لا يجد فيها معارضهم حجة يعارضهم بها.
وهذا كله يوضح ان عملية تفسير القرأن الكريم عند هؤلاء القوم لم تكن عملية نزيهة ولا موضوعية ولا علمية، بل كانت عملية مغرضة -في اغلب الأحيان- تستهدف حمل النص على مقرراتهم وأصولهم التي يؤمنون بها.
3 - أهل السنة يعتبرون ما جاءت به الانبياء هو الحق الذي لا حق بعده، وكل ما دونه فهو باطل ووسوسة من الشيطان أما المتكلمة والفلاسفة فإنهم -خاصة الفلاسفة- يعتقدون بأن الأنبياء لم يأتوا بالحق، ويجوزون عليهم الكذب من أجل المصلحة. وهم بصفة عامة يرفعون من شأن العقل ويدعون بأن الحسن ما حسنه العقل والقبيح ما قبحه العقل، مما يجعل حكم العقل مقدما على حكم الشرع. وفي ذلك -لا محالة - إهدار للنص مهما ادعوا من أن المقصد ليس هو المفاضلة بين النقل والعقل، ولكن الواقع ولسان الحال ينطقان بذلك.
4 - أهل السنة وهم يفسرون القرآن الكريم لا يتجاوزون ظاهر اللغة إلى ما يسمى الآن بمعنى المعنى او المعنى الثاني، أو الباطن، بتعبير الصوفية والروافض وسائر غلاة الشيعة والزنادقة والملاحدة. أما المتكلمة والفلاسفة فهم يتركون ظاهر النص الواضح الدلالة الذي تعززه نصوص أخرى من القرآن أو من السنة النبوية، وهو الذي يوافق مقاصد الشريعة، ويتجاوزونه إلى المعنى الثاني او المعنى الباطن، بحيث يصرفون اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوح من غير ما ضرورة تحوجهم إلى ذلك إلا التعسف ورجاء فك التعارض الحاصل بين النص القرآني وبين مقرراتهم ومعتقداتهم.
وهذا هو نفس ما توصلت إليه الدكتورة فوقية حسين، وهي بصدد بحثها المتعلق بالإمام الأشعري، حيث عقدت مقارنة بين المنهج السلفي والمنهج الإعتزالي في التفسير، وفي بحث القضايا العقدية بصفة عامة، فتبين لها أن: "أسلوب أهل الإعتزال لا يمكن أن يشترك مع وقفة السلف الصالح بحيث يتيسر استخراج موقف وسط بينهم، فكل منهما على طرف نقيض من الأخرى، فبينما ينطلق المعتزلة من أصول ذهنية، لا تلتزم بالمعاني الدينية، نجد السلف يشرعون من دلالة النص المنزل ويحرصون على استجلاء المعاني من كلمات الله تبارك وتعالى".
وقد أكدت ذلك في نصوص سابقة حيث أوضحت أن التأويل الصحيح لنصوص الخطاب القرآني هو الذي تمثله عملية تفسير السلف الصالح للنصوص المتشابهة، أي النصوص المشكلة التي اشكل معناها على الخواص، أو التي تحتمل أكثر من معنى -على ما سنبين مستقبلا- حيث واجهوا هذه النصوص كما هي من غير أن يفرضوا عليها أنساقا فكرية معينة، وعقائد ومللا ونيحلا قد تتعارض مع حقائق الدين الإسلامي التي اوضحتها الآيات المحكمات من الذكرالحكيم.
فهذا الموقف يبين لنا أن السلف الصالح كانوا يستقون معارفهم من القرآن والسنة، ويجعلون هواهم تبعا لما جاء به الرسول-صلى الله عليه وسلم- وهو غير الموقف الإعتزالي، أو الصوفي،أو الفلسفي الذي يواجه النص القرآني بأنساق فكرية، وأذواق ومواجيد، ويحاول أن يجعل القرآن ناطقا بها،ومعبرا عنها: "ولما كان التأويل الصحيح له أصول، فقد أبرزها رجال السلف الصالح وبينوها من خلال التطبيق، أي من خلال تناولهم للنصوص لبيان معانيها. وينطلق جميعهم من الوقفة التالية وهي:
(يُتْبَعُ)
(/)
مواجهة النص المنزل بدون افكار مسبقة، أي بدون أنسقة فكرية أو مذاهب في تفسير الوجود أو المعرفة، تؤدي إلى إخراج النص عن حقيقته، وبعبارة أخرى إعطاء مكان الصدارة والأولوية للنص المنزل ليكشف عن مضمونه من واقع الفهم اللغوي للألفاظ، وبالستعانة بالنصوص المنزلة الأخرى، وبمختلف اصول التفسير. وهذا ما كان من أحمد بن حنبل، فقد أثبت النصوص المنزلة وفسرها على النحو الذي تؤدي إليه الألفاظ معطيا للنص الأولوية في الكشف عن مضمونه.
وهناك نصوص أخرى لابن تيمية توضح أن الخلاف بين أهل السنة والمتكلمين والفلاسفة والصوفية، في ما يخص تفسير الخطاب القرآني، خلاف جوهري. وهذا أحد تلك النصوص التي تؤكد ما قررناه سابقا: "فعلى كل مؤمن أن لا يتكلم في شيء من الدين إلا تبعا لما جاء به الرسول، ولا يتقدم بين يديه، بل ينظر ما قال، فيكون قوله تبعا لقوله، وعلمه تبعا لأمره، فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم بإحسان وأئمة المسلمين فلهذا لم يكن أحد منهم يعارض النصوص بمعقوله، ولا يؤسس دينا غير ما جاء به الرسول، وإذا أراد معرفة شيء من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول، فمنه يتعلم وبه يتكلم، وفيه ينظر ويتفكر، وبه يستدل، فهذا أصل أهل السنة. وأهل البدع لا يجعلون اعتمادهم في الباطن ونفس الأمر على ما تلقوه عن الرسول، بل على ما رأوه أو ذاقوه ثم إن وجدوا السنة توافقه وإلا لهم يبالوا بذلك، فإذا وجدوها تخالفه أعرضوا عنها تفويضا أو حرفوها تأويلا".
فهذا النص يوضح أن أهل البدع -والمقصود المتكلمون والفلاسفة والصوفية - إذ ينظرون في القرآن الكريم لا يكون قصدهم من ذلك البحث عن الحقيقة بقدر ما هو تعزيز مقرراتهم ومعتقداتهم بدليل نقلي، فإن عجزوا عن ذلك تأولوا النص أو فوضوا علمه لله تعالى.
ولما كان تحريف النص القرآني ناتجا عن سوء الفهم وحسن النية، وسلامة المقصد مرة، وأخرى عن معرفة، وقصد وإصرارا على نصرة الباطل - كما هو الحال عند الجهمية والزنادقة وهم أسلاف المعتزلة وغيرهم م الفرق الكلامية - فإن حكم أهل السنة عليهم تنوع
حسب هذين الأمرين، بحيث يؤثمونهم إذا أخطأوا الفهم ولم يتعمدوا التحريف، بل إنهم يؤتمونهم حتى وإن أصابوا، لأنهم لم يتبعوا في بحثهم طريق الرسول وهديه، مما يجعل طريقهم غير مامون ومحفوفا بالأخطار، فلئن أصابوا هذه المرة فمن المؤكد أنهم سيخطئون في المرات القادمة. وفي ذلك يقول شارح العقيدة الطحاوية: "وكيف يتكلم في أصول الدين من لا يتلقاه من الكتاب والسنة، وإنما يتلقاه من قول فلان؟! وإذا زعم أنه يأخذه من كتاب الله لا يتلقى تفسير كتاب الله من أحاديث الرسول، ولا ينظر فيها، ولا فيما قاله الصحابة والتابعون لهم بإحسان، والمنقول إلينا عن الثقات النقلة الذين تخيرهم النقاد، فإنهم لم ينقلوا نظم القرآن وحده، بل نقلوا نظمه ومعناه، ولا كانوا يتعلمون القرآن كما يتعلم ..... ، .... يتعلمونه بمعانيه. ومن يسلك سبيلهم فإنما يتكلم برأيه، ومن يتكلم برأيه والسنة فهو مأجور وإن أخطأ، لكن إن أصاب يضاعف أجره ".
وأما إذا حرفوا النصوص عن علم وقصد فإنهم يخرجونهم من الملة: "إن من فسر القرآن أو الحديث وتاوله على غير التفسير المعروف عن الصحابة والتابعين فهو مفتر على الله، ملحد في آيات الله، محرف للكلم عن مواضعه. وهذا فتح لباب الزندقة والإلحاد، وهو معلوم البطلان بالاضطراب من دين الإسلام ".
وهو نفس حكم ابن أبي العز (731هـ/792هـ) وإن كان تعبيره غير قوي ولا شديد اللهجة كما هو الشأن بالنسبة لشيخ الإسلام ابن تيمية (661هـ/728هـ) وهذا نص قوله: "لا يثبت إسلام من لم يسلم لنصوص الوحيين وينقاد إليها ولا يعترض عليها ولا يعارضها برأيه ومعقوله وقياسه ".
ويمكننا أن نقسم التفسير على المذهب إلى قسمين رئيسيين هما:
1 - التفسير بالرأي أو المنهج العقلي في التفسير.
2 - التفسير الصوفي والإشاري أو المنهج الكشفي في التفسير.
التفسير بالرأي أو المنهج العقلي في التفسير:
(يُتْبَعُ)
(/)
وينبغي أن نوضح أن سلف هذه الأمة لم يعارضوا علم الكلام في ذاته، ولا حاربوا الإستدلال العقلي-كما يزعم البعض- إذا كان القصد منه نصرة الدين والدفاع عن حقائقه بإقامة الأدلة العقلية والنقلية على صحتها، بل ذموا ما خاض فيه علماء الكلام والفلاسفة من أمور غيبية صادموا فيها منطوق النصوص الصريحة. وفي ذلك يقول ابن تيمية: "والسلف لم يذموا الكلام، فإن كل آدمي يتكلم، ولا ذموا الإستدلال والنظر والجدل الذي أمر الله به رسوله، والإستدلال بما بينه الله ورسوله، بل ولا ذموا كلاما هو حق. بل ذموا الكلام الباطل وهو المخالف للكتاب والسنة، وهو المخالف للعقل أيضا وهو الباطل.
فالكلام الذي ذمه السلف هو الكلام الباطل وهو المخالف للشرع والعقل.
وقد يظن البعض أن هذا القول مجاف للحقيقة، إذ نقل عن جلة من علماء السلف تحريم الخوض في علم الكلام، ومنهم الإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل، والإمام سفيان الثوري، ولكن تحريمهم لذلك لا ينبغي أن يؤخذ على عمومه، بل لا بد من تفصيل وتخصيص. فهم لم يحرموا منه إلا الكلام الباطل وهو المخالف للعقل والنقل، أما ما كان هدفه الذب عن العقيدة ونصرة الدين بالأدلة العقلية وعلى هدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإنهم لم يحرموه ولم يعارضوه بل حبذوه، حتى إن الإمام أحمد ليعتبر من منة الله على الامة أن قيض لها علماء يدافعون عن عقيدتها وينصرون دينها بالدليل النقلي والعقلي من غير تحريف للنصوص أو تزييف للحقائق: "الحمد لله الذي جعل في كل زمان بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الآذى يحيون بكتاب الله الموتى، ويصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم".
وتعلق الدكتورة فوقية حسين على هذا النص بقولها:"فإذا كان قد رفض الكلام فإنه لا يرفض مواقف الدفاع عن العقائد التي حمد الله من أجل أنه سبحانه قد جعل في كل زمان بقايا من أهل العلم يهدون الضال والتائه، وإنه يرفض الكلام ويعني به مواقف المخالفين في العقائد. فابن حنبل يقر موقف الدفاع عن العقيدة كلما اقتضى الامر ذلك، وهو ما فعله إزاء موقف جهم عندما شرع في مواجهة النصوص المنزلة وفي رأسه فكرة مسبقة هي فكرة أن الله (روح-، وهو مالم يذكره الله سبحانه وتعالى عن نفسه فبين له خطأ موقفه، كما لجأ إلى الشرح والتبسيط بأمثلة لتقريب فكره".
وقد ذهب إلى التفصيل في هذا الأمر الإمام الغزالي (ت505هـ) حيث بين في كتابه "إحياء علوم الدين " أن علم الكلام "فيه منفعة وفيه مضرة: فهو في وقت الإنتفاع حلال، أو مندوب، أو واجب كما يقتضيه الحال، وهو باعتبار مضرته وقت الإستضرار ومحله حرام".
وقد بين أهل السنة أن محاربة السلف الصالح لعلم الكلام ليس لأنه أمر حادث في الأمة ولم يكن فيها من قبل، أي أنه بدعة، ولا لأنه يدافع عن الدين والعقيدة عن طريق الإستدلال العقلي، ولكنهم ناصبوه العداء وشنوا عليه حربا شعواء لما فيه من تحريف وكذب، وفي ذلك يقول ابن أبي العز الحنفي (731هـ/792هـ):
"والسلف لم يكرهوه لمجرد كونه اصطلاحا جديدا على معان صحيحة، كالإصطلاح على ألفاظ العلوم الصحيحة، ولا كرهوا أيضا الدلالة على الحق والمحاجة لأهل الباطل، بل كرهوه لاشتماله على أمور كاذبة مخالفة للحق، ومن ذلك: مخالفتها للكتاب والسنة وما فيه من علوم صحيحة، فقد وعروا الطريق إلى تحصيلها وأطالوا الكلام في إثباتها مع قلة نفعها".
كما أنهم حاربوا علم الكلام لأن ضرره كان أعظم بكثير من نفعه فهو بما أثاره من شبهات قد فتح الباب أمام الزنادقة والملاحدة للطعن في الدين، حيث إنهم كانوا يثيرون الشبهة بأسلوب منطقي وعقلي قوي السبك، متين الإرتباط، ويردون الشبهة ذاتها بأسلوب بارد، خال من أي حجة منطقية أو دليل عقلي يفندها، وقد كان ذلك مدعاة لتقرير الشبهة، وإثارة الشك والريبة في حقائق الدين ويقينياته. وقد نص على ذلك الإمام الغزالي (ت505هـ) في كتابه " الإحياء" فقال:"فأما مضرته فإثارة الشبهات، وتحريك العقائد وإزالتها عن الجزم والتصميم، وذلك مما يحصل بالإبتداء، ورجوعها بالدليل المشكوك فيه، ويختلف فيه الأشخاص، فهذا ضرره في اعتقاد الحق، وله ضرر في
(يُتْبَعُ)
(/)
تأكيد اعتقاد البدعة وتثبيتها في صدورهم".
والمتكلمون قد اعتمدوا -نتيجة الجدل الدائر بينهم وبين بعض زنادقة وملاحدة الشعوب الدخيلة - على نفس الأدوات والمناهج التي يعتمدونها قصد إقناعهم من خلال ما يؤمنون به، ولكن هذه العملية قد جنت على الفكر الإسلامي جناية عظيمة، حيث ربطت أصوله ومبادئه بفلسفات الشعوب الدخيلة، كما أنها وضعت حقائقه ويقينياته موضع تساؤل واستفسار، كما أنها سوت بينها وبين الخرافات والأساطير الوافدة من الشرق أو الغرب، كما ان المتكلمين أقحموا عقلهم في موضوعات ومباحث هو غير مؤهل للخوض فيها، مما جعلهم يقعون في شراك الحيرة والشك والجهل والتناقض. وفي ذلك يقول ابن تيمية (661هـ/728هـ): "وأيضا فمن اعتبر ما عند الطوائف الذين لم يعتصموا بتعليم الأنبياء وإرشادهم وإخبارهم وجدهم كلهم حائرين، ضالين، شاكين، مرتابين، أو جاهلين جهلا مركبا".
وابن تيمية -رحمه الله - يفرق بين فريقين من المتكلمين، وإن كان جميعا مبدعة:
1 - أما الفريق الأول من المتكلمين فهم الذين اعتبروا متشابه القرآن محكما، ومحكمه متشابها، وعلى رأس هؤلاء الخوارج. وفي ذلك يقول: " وهؤلاء أضل ممن تمسك بما تشابه عليه من آيات الكتاب، وترك المحكم النصارى والخوارج وغيرهم، إذ كان هؤلاء أخذوا بالمتشابه من كلام الله وجعلوه محكما، وجعلوا المحكم متشابها".
2 - أما الفريق الثاني من المتكلمين فهم الذين وضعوا أصولا غير الكتاب والسنة، بحيث جعلوا أقوال مشايخهم البدعية محكمة يجب اتباعها والإهتداء بها، واعتبروا من خالفهم أو عارضهم فيها إما كافرا أو جاهلا. وفي ذلك يقول ابن تيمية: "وعمدة الطائفتين في الباطن غير ما جاء به الرسول، يجعلون أقوالهم البدعية محكمة يجب اتباعها واعتقاد موجبها، والمخالف إما كافر وإما جاهل لا يعرف هذا الباب، وليس له علم بالمعقول ولا بالأصول، ويجعلون كلام الله ورسوله الذي يخالفها من المتشابه الذي لا يعرف معناه إلا الله، او لا يعرف معناه إلا الراسخون في العلم. والراسخون عندهم من كان موافقا لهم على ذلك القول، وهؤلاء أضل ممن تمسك بما تشابه عليه من آيات الكتاب وترك المحكم ".
وقد دفع هذا الموقف أهل السنة إلى مناقشة المحكم والمتشابه مناقشة مستفيضة، حتى إننا لنجد الإمام القرطبي (ت671هـ) يحاول في تفسيره جمع كل الأقوال على طريقة السلف في رواية الخلاف،، ثم يثبت ما يراه صحيحا، فينفي أن يكون المتشابه مما استأثر الله تعالى بعلمه، وذلك لأنه ينطلق من القاعدة المنهجية التي ألزم أهل السنة أنفسهم بها. ومفادها أنه لا يوجد في القرآن الكريم ما لا يدرك علمه، ومما هو من قبيل الطلسمات التي لا يستطيع الإنسان فك أسرارها. وفي ذلك يقول: "وليس هذا من معنى الآية في شيء، فإن قوله تعالى {كتاب أحكمت آياته}، أي في النظم والرصف وأنه حق من عند الله، ومعنى {كتابا متشابها} أي يشبه بعضه بعضا، ويصدق بعضه بعضا وليس المراد بقوله {آيات محكمات} {وأخر متشابهات} هذا المعنى، وإنما المتشابه في هذه الآية من باب الإحتمال والإشتباه من قوله {إن البقر تشابه علينا} أي التبس علينا، أي يحتمل أنواعا كثيرة من البقر، والمراد بالمحكم ما في مقابلة هذا، وهو ما لا التباس فيه ولا يحتمل إلا وجها وحدا وقيل: إن المتشابه ما يحتمل وجوها ثم إذا ردت الوجوه إلى وجه واحد وأبطل الباقي صار المتشابه محكما، فالمحكم أبدا أصل ترد إليه الفروع، والمتشابه هو الفرع".
وابن تيمية له نفس الرأي وإن كان أكثر تفصيلا واستيعابا للموضوع، ولما لشعثه، فهو يثبت أن المتشابه ليس هو ما لا يدرك علمه إلى الله، لأن هذا هو مفهوم التفويض الذي يلجأ إليه أهل البدع كلما واجهتهم آية صريحة تعارض مذهبهم، وصعب أو امتنع عليهم تأويلها فيجعلونها من المتشابه الذي لا يعلمه إلى الله. وهذا نص قوله: "والمتفرقة من أهل الضلال تجعل لها دينا وأصول دين قد ابتدعوه برأيهم، ثم يعرضون على ذلك القرآن والحديث، فإن وافقه احتجوا به اعتضادا لا اعتمادا، وإن خالفه فتارة يحرفون الكلم عن مواضعه، ويتأولونه على غير تأويله وهذا فعل أئمتهم، وتارة يعرضون عنه ويقولون نفوض معناه إلى الله وهذا فعل عامتهم".
(يُتْبَعُ)
(/)
وفضلا عن ذلك فإن المتشابه أمر نسبي لا يشترك فيه كل الناس، ثم هناك آيات محكمات لا تشابه فيها على الإطلاق مما يتعين معه حمل المتشابه من آي الذكر الحكيم على محكمه: "إن التشابه أمر نسبي، فقد يتشابه عند هذا ما لا يتشابه عند غيره، ولكن ثم آيات محكمات لا تشابه فيها على أحد، وتلك المتشابهات إذا عرف معناها صارت غير متشابهة، بل القول كله محكم".
وقد يعترض أحد على هذا المسلك بأن بعض السلف الصالح -وهو ما حكاه عنهم القرطبي في الجزء الثاني من تفسيره- يقولون إن المتشابه هو ما لا يعلمه إلا الله. ولكن ابن تيمية يرد هذه الشبهة انطلاقا من القاعدة المنهجية التي تنص على التفريق بين تأويل الآية ومعرفة معناها، فالتأويل الذي استأثر الله بعلمه هو إدراك الحقيقة الخارجية للقضايا الغيبية، أي معرفتها على ما هي عليه في واقع أمرها، وليس هو معرفة معناها: "ومن قال من السلف إن المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله فقد أصاب أيضا، ومراده بالتأويل ما استأثرالله بعلمه، مثل وقت الساعة، ومجيء أشراطها، ومثل كيفية نفسه وما أعده في الجنة لأوليائه".
والواقع أن المعتزلة خاصة والفرق الكلامية والفلسفية عامة ليست أفكارهم إلا صدى للأصول التي اعتقدوها، وحكموها في عملية تفسير النصوص الشرعية، وللقواعد المنهجية التي ابتكروها بغية الإنتصار للرأي أو للمذهب. ففي مسألة المحكم والمتشابه لم يقفوا عند المفهوم القرآني، وإنما جعلوا كل ما تعارض مع مذهبهم أو قولهم أو رأيهم متشابها والمحكم هو ما اعتقدوه، ومن ثم فإن ابن تيمية حاول أن يحصر جميع معاني المحكم والمتشابه فوجدها لا تخرج عن ثلاث وهي:
1 - المحكم في مقابل المتشابه وفيه يقول:"وتارة يكون الإحكام في التأويل والمعنى، وهو تمييز الحقيقة المقصودة من غيرها حتى لا تشتبه بغيرها، وفي مقابلة المحكمات الآيات المتشابهات التي تشبه هذا وتشبه هذا فتكون محتملة للمعنيين. قال احمد: المحكم الذي ليس فيه اختلاف، والمتشابه الذي يكون في موضع كذا وفي موضع كذا ".
ثم بين أن هذا التفريق بين الآيات المحكمات والأخر المتشابهات لا يستفاد منه أن المحكم هو ما يعلم تفسيره، والمتشابه هو ما استأثر الله بعلمه، إذ إن أهل السنة يفرقون بين فهم الآية وإدراك معناها، وبين تأويلها. ومفاده الوقوف على الحقيقة العينية للقضايا الغيبية، أي إدراكها على ما هي عليه في عالم الشهادة: "ولم يقل في المتشابه لا يعلم تفسيره ومعناه إلا الله، وإنما قال: {وما يعلم تأويله إلى الله}، وهذا هو فصل الخطاب بين المتنازعين في هذا الموضع، فإن الله أخبر أنه لا يعلم تأويله إلى هو، والوقف هنا على ما دل عليه أدلة كثيرة، وعليه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجمهور التابعين، وجماهير الأمة ولكن لم ينف علمهم بمعناه وتفسيره بل قال: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته}، وهذا يعم الآيات المحكمات والآيات المتشابهات، وما لا يعقل له معنى لا يتدبر. وقال: {أفلا يتدبرون القرآن} ولم يستثن شيئا منه نهى عن تدبره، والله ورسوله إنما ذم من اتبع المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، فأما من تدبر المحكم والمتشابه كما أمره الله وطلب فهمه ومعرفة معناه فلم يذمه الله، بل أمر بذلك ومدح عليه".
2 - المحكم في مقابل نسخ ما ألقاه الشيطان: "إن الإحكام تارة يكون في التنزيل فيكون في مقابلته ما يلقيه الشيطان، فالمحكم المنزل من عند الله أحكمه الله أي فصله من الإشتباه بغيره، وفصل منه ما ليس منه فإن الإحكام هو الفصل والتمييز، والفرق والتحديد الذي به يتحقق الشيء ويحصل إتقانه. ولهذا دخل فيه معنى المنع كما دخل في الحد، فالمنع جزء معناه لا جميع معناه".
(يُتْبَعُ)
(/)
3 - المحكم في مقابل النسخ مطلقا: "وتارة يكون الإحكام في إبقاء التنزيل عند من قابله بالنسخ الذي هو رفع ما شرع وهو اصطلاحي، أو يقال- وهو أشبه بقول السلف- كانوا يسمون كل رفع نسخا سواء كان رفع حكم أو رفع دلالة ظاهرة. وإلقاء الشيطان في أمنيته قد يكون في نفس لفظ المبلغ، وقد يكون في سمع المبلغ وقد يكون في فهمه، كما قال: {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها} .. الآية. ومعلوم أن من سمع النس الذي قد رفع حكمه أو دلالة له فإنه يلقي الشيطان في تلك التلاوة اتباع ذلك المنسوخ فيحكم الله آياته بالناسخ الذي به يحصل رفع الحكم وبيان المراد، وعلى هذا التقدير فيصح أن يقال: المتشابه المنسوخ بهذا الإعتبار".
ومن هذا المنطلق ناقش ابن تيمية وغيره من اهل السنة -كالإمام أحمد بن حنبل، والإمام الطبري (224هـ/310هـ) والإمام أبي الحسن الاشعري (260هـ/324هـ) والإمام ابن قيم الجوزية (ت 751هـ) والإمام ابن العز الحنفي (731هـ/792هـ) - كثيرا مما ذهبت إليه بعض الفرق الكلامية والفلسفية من إنكار بعض الحقائق الغيبية لتشبثهم بالمتشابه من القرآن الكريم، وعدم رده إلى محكمه باعتباره أصلا ولعل السبب في فتنتهم هو تشبثهم وإيمانهم بقاعدة منهجية خاطئة عقليا وعلميا وهي قياس الغائب على الشاهد، أي قياس الأمور الغيبية على ما هو معهود في حياة في البشر اليومية، وهو ما يعرف في اصطلاحات أهل الكلام بعالم الشهادة. وفي ذلك يقول ابن تيمية: "وفي هذا رد على اليهود، والنصارى، والصابئين من المتفلسفة وغيرهم فإنهم ينكرون أن يكون في الجنة أكل وشرب ولباس ونكاح، ويمنعون وجود ما اخبر به القرآن. ومن دخل في الإسلام ونافق المؤمنين تأول ذلك على أن هذه أمثال مضروبة لتفهيم النعيم الروحاني إن كان من المتفلسفة الصابئة المنكرة لحشر الأجساد، وإن كان من منافقة الملتين المقرين بحشر الأجساد تأول ذلك على تفيهم النعيم الذي في الجنة من الروحاني والسماع الطيب والروائع العطرة. فكل ضال يحرف الكلم عن مواضعه إلى ما اعتقد ثبوته، وكان في هذا أيضا متبعا للمتشابه، إذ الأسماء تشبه الأسماء والمسميات تشبه المسميات، ولكن تخالفها أكثر مما تشابهها. فهؤلاء يتبعون هذا المتشابه {ابتغاء الفتنة} بما يوردونه من الشبهات على أمتناع أن تكون في الجنة هذه الحقائق {وابتغاء تأويله} ليردوه إلى المعهود الذي يعلمونه في الدنيا، قال الله تعالى {وما يعلم تأويله إلا الله}، فإن تلك الحقائق قال الله فيها {فلا تعلم نفس ما أخفى لهم نم قرة أعين}، لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل ".
وقد أنكر أهل السنة عامة وابن تيمية خاصة على المتكلمين والفلاسفة أن تكون أسماء الله وصفاته من المتشابه الذي لا يعلم تأويله إلا الله: " من قال: إن هذا من المتشابه، وأنه لا يفهم معناه فنقول أما الدليل على بطلان ذلك فإني ما أعلم عن أحد من سلف الأمة، ولا من الأئمة لا أحمد بن حنبل ولا غيره أنه جعل ذلك من المتشابه الداخل في هذه الآية، ونفى أن يعلم أحد معناه".
وقد ناقش ابن تيمية المعتزلة في نفيهم للصفات بدعوى أنها من المتشابه الذي لا يعلمه إلى الله فبين أننا لا نفهم من جميع الصفات والأسماء معنى واحد، بل إننا نفهم من العلم غير ما نفهمه من القدرة، وما نفهمه من الإستواء هو غير ما نفهمه من النزول. ويمكن أن نطبق ذلك على جميع الصفات والاسماء، فليس هناك خلط بينها، بل هناك الوضوح والتباين في معانيها جملة وتفصيلا: " فيقال لمن ادعى في هذا أنه متشابه لا يعلم معناه: أتقول هذا في جميع ما سمى الله ووصف به نفسه أم في البعض؟ فإن قلت: هذا في الجميع، كان هذا عناد ظاهرا وجحدا لما يعلم بالإضطرار من دين الإسلام بل كفر صريح، فإنا نفهم من قوله: {إن الله بكل شيء عليم} معنى، ونفهم من قوله: {إن الله على كل شيء قدير} معنى ليس هو الأول، ونفهم من قوله: {ورحمتي وسعت كل شيء} معنى، ونفهم من قوله: {إن الله عزيز ذو انتقام} معنى، وصبيان المسلمين بل وكل عاقل بفهم هذا".
(يُتْبَعُ)
(/)
ومن خلال هذه المناقشة يمكننا أن نتبين منهج أهل السنة في تفسير آيات الصفات، فهم يصفون الله بما وصف به نفسه من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل، وإنما يمرون الآيات كما جاءت، وفي ذلك يقول الإمام ابن كثير (701هـ/774هـ): "وأما قوله تعالى {ثم استوى على العرش} فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جدا ليس هذا موضع بسطها، وإنما نسلك في هذا المقال مذهب السلف الصالح مالك والأوزاعي والثوري والليث بن سعد الشافعي، وأحمد وإسحاق بن راهويه، وغيرهم، من أئمة المسلمين قديما وحديثا، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله، فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه وليس كمثله شيء {وهو السميع البصير}، بل الأمر كما قال الأئمة منهم نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري قال: من شبه الله بخلقه كفر، ومن
حجد ما وصف الله به نفسه فقد كفر. وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله، ونفى عن الله تعالى النقائض فقد سلك سبيل الهدى".
وعلى ذلك درج أهل السنة في تفسير آيات الصفات، وهو خلاف المنهج الذي اتبعه المعتزلة وغيرهم من المتكلمين والفلاسفةالذين حاولوا تنزيه الخالق عز وجل عن المشابهة للحوادث فوقعوا في المحظور، بأن نفو الصفات أو عطلوها. بل إن ابن تيمية يوضح أن المعتزلة قد وقعوا في التناقض عندما أثبتوا الأسماء ونفوا الصفات:"وإن كان ممن يثبت الأسماء وينفي الصفات كالمعتزلة قيل له في الصفات ما يقوله هو في الأسماء. فإذا كان يثبت حيا عالما قادرا، وهو لا يعرف من هو متصف بذلك إلا جسما كان إثبات أن له علما وقدرة كما نطق به الكتاب والسنة".
ثم إن هذه المصطلحات التي استعملها المتكلمون والفلاسفة ليست مصطلحات إسلامية أصيلة، فيه لم تستعمل لا في القرآن ولا في السنة بالمعنى الذي نصوا عليه بل هي غير موجودة في اللغة بالمعنى الذي استعملوها به: "ومثل هذا لفظ المركب، والجسم، والتحيز، والجوهر، والجهة، والحيز، والعرض، ونحو ذلك، فإن هذه الألفاظ لم تأت في الكتاب والسنة بالمعنى الذي يريده أهل الإصطلاح، بل ولا في اللغة، بل هم يخصون بالتعبير بها عن معان لم يعبر غيرهم عنها بها، فتفسر تلك المعاني بعبارات أخر، وينظر مادل عليه القرآن من الأدلة العقلية والسمعية، وإذا وقع الإستفسار والتفصيل تبين الحق من الباطل".
كما بين ابن تيمية أن القول بالتجسيم قول مبتدع، وإن كان يقصد به تنزيه الله -سبحانه وتعالى- عن المشابهة للحوادث من جهة، والرد على ملاحدة الشعوب الوافدة الذين لازالت فيهم بقية من شوائب دياناتهم الوثنية. ذلك أن هذا التنزيه لم يأت على هدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يسمع مقالات اليهود التي يصفون فيها الله تعالى بصفات فيها نوع من التجسيم الصريح، ورغم ذلك لم يقل لهم إنكم مجسمون. ومن تم قام الدليل النقلي على فساد وبطلان هذا المنهج الذي اتبعه المتكلمون والفلاسفة وخاصة منهم المعتزلة:"ولهذا لم لما ذكروا المقالات الباطلة في الرب جعلوا يردونها بأن ذلك تجسيم، كما فعل القاضي ابو بكر في هداية المسترشدين وغيره، فلم يقيموا حجة على أولئك المبطلين، وردوا كثيرا مما يقول اليهود بأنهم تجسيم. وقد كان اليهود عند النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، وكانوا أحيانا يذكرون له بعض الصفات، كحديث الحبر، وقد ذم الله اليهود على أشياء كقولهم: {إن الله فقير} وإن يده مغلولة وغير ذلك، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم - قط إنهم يجسمون، ولا إن في التوراة تجسيما ولا عابهم بذلكن ولا رد هذه الأقوال الباطلة بأن هذا تجسيم كما فعل ذلك من فعله النفاة ".
وقد لاحظ أهل السنة أن هناك فرقا بين منهج المتكلمين ومنهج الفلاسفة في تفسير الذكر الحكيم، فالمتكلمون يقوم منهجهم على الأسس التالية:
1 - لا يجوزون الكذب على الأنبياء والرسل.
2 - يعظمون القرآن ويهتمون بتفسيره.
3 - يقرون بأن القرآن يشتمل على الأدلة العقلية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولولا مشاركتهم للفلاسفة، وأخذهم عنهم في الأمور العقلية، ومخالفتهم لمنهج الأنبياء والرسل في الأمور الغيبية التي لا سبيل لمعرفتها وإدراكها إلا عن طريق الوحي، لكانوا أقرب ما يكون لأهل السنة.
وأما الفلاسفة فمنهجهم يقوم على الأسس التالية:
1 - لا يستدلون بما جاء به الرسل من وحي.
2 - الرسول لم يأت بعلم يستفيد منه الناس، وإنما خاطبهم خطابا جمهوريا واعظا ومذكرا.
3 - جوزوا الكذب على الأنبياء والرسل من أجل المصلحة.
4 - القرآن لا يشتمل على أدلة عقلية.
ومن ثم وجدنا الفلاسفة لا يعتنون بعلوم القرآن وتفسيره، ولا بالحديث وعلومه وحتى إن فعلوا ذلك فمن أجل أن يتعلق الناس بهم، لا لأنهم اقتقدوا صحته وضرورة الإهتداء بهديه، والإقتداء بنوره، وفي ذلك يقول ابن تيمية:
" إن أولئك القوم -الفلاسفة- من أبعد الناس عن الإستدلال بما جاء به الرسول، فإن الرسول بعث بالبينات والهدى، يبين الأدلة العقلية، ويخبر الناس بالغيب الذي لا يمكنهم معرفته بعقولهم، وهؤلاء المتفلسفة يقولون: إنه لم يفد الناس علما بخبره ولا بدلالته،وإنما خاطب الناس خطابا جمهوريا ليصلح به العامة فيعتقدوا في الرب والمعاد اعتقادا ينفعهم، وإن كان كذبا وباطلا. وحقيقة كلامهم أن الأنبياء تكذب فيما أخبرت به، لكن كذبا للمصلحة، فامتنع أن يطلبوا من خبرهم علما. وإذا لم تكن أخبارهم مطابقة للمخبر فكيف يثبتون أدلة عقلية على ثبوت ما أخبروا به ... ولهذا لا يعتنون بالقرآن ولا بتفسيره، ولا بالحديث وكلام السلف، وإن تعلموا من ذلك شيئا فلأجل تعلق الجمهور به ليعيشوا بينهم بذكره، لا لاعتقادهم موجبه في الباطن ".
ورغم هذه الفروق المنهجية بين المتكلمين والفلاسفة فإنهم أخطأوا جميعا في تفسير القرآن الكريم، ذلك أن مقصدهم من التفسير لم يكن نزيها. فهم يعتقدون معتقدات مخالفة لما في القرآن، ثم يحاولون حمل معاني القرآن عليها. وفي ذلك تقول الدكتورة فوقية حسين: "فإذا أردنا أن نتبين حقيقة موقف الزنادقة والجهمية وهم أسلاف المعتزلة، نجد أنهم يصدرون عن بضعة أفكار مستقاة من آراء ومعتقدات غريبة عن الإسلام، وهذا ما يتبين من واقع عرض ابن حنبل عندما يتحدث عن (السمنية) ولقائهم مع جهم ... ثم المعتزلة الذين ورد ذكرهم عند ابن حنبل ... فهؤلاء وإن لم يتعرض لذكر أصولهم كاملة إلا أنهم في وقته كانت أصولهم الخمسة تمثل النسق الفكري الذي يصدرون عنه عند مواجهتهم للعقائد، الأمر الذي يجعل وقفتهم تختلف في أساسها عن وقفة السلف، لأنهم لا يعطون مكان الصدارة للنص المنزل قرآنا كان أم سنة، وإنما يضعون في المقدمة نسقهم الفكري الذي يجيء النص المنزلة بعد ذلك من أجل الإستدلال به على صحته، الأمر الذي أخرجهم عن التفسير الصحيح، فجاء تأويلهم على غير تأويله".
وخطأهم لم يكن في الدليل وحده، أو المدلول وحده، بل أخطأوا فيهما معا. وخطأهم في الدليل جاء نتيجة صرفهم الآيات عن معانيها ومدلولاتها الحقيقية وذلك عن طريق تأويل اللفظ تأويلا مجازيا، أو لغويا، أو نحويا بحيث يصير متطابقا مع ما ذهبوا إليه، ومجافيا للسياق القرآني ولأيات أخرى تضمنت نفس اللفظ وأما الخطأ في المدلول فهو نتيجة طبيعية لمصادرة النصوص القرآنية أو النصوص من الحديث النبوي الشريف، بحيث يكون ما وصلوا إليه متعارضا تماما مع نصوص صريحة لا مجال لتأويلها.
وعدد ابن تيمية الفرق الكلامية التي أخطأت في الدليل والمدلول عند تفسيرها للقرآن الكريم فقال: "فالذين أخطأوا في الدليل والمدلول مثل طوائف من أهل البدع اعتقدوا مذهبا يخالف الحق الذي عليه الأمة الوسط الذين لا يجتمعون على ضلالة كسلف الأمة وأئمتها، وعمدوا إلى القرآن فتأولوه على آرائهم، تارة يستدلون بآيات على مذهبهم ولا دلالة فيها، وتارة يتأولون ما يخالف مذهبهم بما يحرفون به الكلم عن مواضعه.
ونم هؤلاء فرق الخوارج، والروافض، الجهمية، والمعتزلة، والقدرية، والمرجئة، وغيرهم".
(يُتْبَعُ)
(/)
ونمثل للخطأ في الدليل والمدلول في تفسير القرآن الكريم بتفسيرهم لآيات الصفات نحو تفسير المعتزلة لقوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}. فقد فسروها بما يوافق مقرراتهم وهي نفي الصفات -لاعتقادهم أن ذلك هو التنزيه الشامل والكامل لله تعالى - وترتب عن ذلك قولهم بنفي الرؤية وذلك بأنهم تساءلوا عن الكيفية التي تتم بها الرؤية، فلكي تتم الرؤية لابد وأن يكون هناك رائي ومرئي، ومسافة بينهما، وشعاع ينطلق من المرئي. إذن فالرؤية ستتم في مكان وزمان، وذلك يسقطنا في التجسيم المجافي لمفهوم التوحيد الخالص. وقد دفعهم هذا الامر إلى تأويل آية الرؤية السابقة الذكر، فقالوا إن، "ناظرة" معناها منتظرة نعم ربها، وراجية فضله ونواله، وراغبة في عطائه وكرمه، ومن ذلك ما جاء في تفسير "الكشاف" لجار الله الزمخشري (ت 528هـ): "الوجه عبارة عن الجملة، والناضرة من نظرة النعيم (لى ربها ناظرة) تنظر إلى ربها خاصة لا تنظر إلى غيره، وهذا معنى تقديم المفعول. ألا ترى إلى قوله: {إلى ربك يومئذ المستقر"، "إلى ربك يومئذ المساق"، "إلى الله تصير الأمور"، "وإلى الله المصير"، " وإليه ترجعون"، "عليه توكلت وإليه أنيب"، كيف دل فيها التقديم على معنى الإختصاص. معلوم أنهم ينظرون إلى أشياء لا يحيط بها الحصر، ولا تدخل تحت العدد في محشر يجتمع فيه الخلائق كلهم، فإن المؤمنين نظارة ذلك اليوم، لأنهم الآمنون الذين لا خوف عليهم ولاهم يحزنون فاختصاصه والذي يصح معه أن يكون من قول الناس أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بي تريد معنى التوقع والرجاء. ومنه قول القائل:
وإذا نظرت إليك من ملك ** والبحر دونك زدتني نعما
... والمعنى أنهم لا يتوقعون النعمة والكرامة إلا من ربهم كما كانوا في الدنيا لا يخشون ولا يرجون إلا إياه".
وقد بين أهل السنة خطأ المعتزلة -وغيرهم من المتكلمة - في تفسير هذه الآية المدلول، وذلك من جانبين:
1 - الجانب الأول هو ما تنبه إليه ابن المنير (ت683هـ) في كتابه "الإنتصاف" - الذي تعقب فيه ما في تفسير الزمخشري من اعتزال - حيث بين أن تقديم المفعول في آية الرؤية يفيد الحصر فعلا، ولكنه لا يقوم دليلا أو حجة على انتقاء الرؤية، وهذا نص كلامه: "قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} قال: الوجوه كناية عن الجملة، زقدم {إلى ربها} ليفيد الحصر إلخ. قال أحمد ما أقصر لسانه عند هذه الآية، فكم له يدندن ويطيل في جحد الرؤية، ويشقق القباء، ويكثر ويتعمقه. فلما فغرت هذه الآية فاه صنع في مصادمتها بالإستدلال على أنه لو كان المراد الرؤية لما انحصرت بتقديم المفعول لأنها حينئذ غير منحصرة على تقدير رؤية الله تعالى، وما يعلم أن المتمتع برؤية جمال وجه الله تعالى لا يصرف عنه طرفه ولا يؤثر عليه غيره، ولا يعدل به عز وعلا منظورا سواه، وحقيق له أن يحصر رؤيته إلى من ليس كمثله شيء، ونحن نشاهد العاشق في الدنيا إذا أظفرته برؤية محبوبه لم يصرف عنه لحظة ولم يؤثر عليه، فكيف بالمحب لله عز وجل إذا أحظاه النظر إلى وجهه الكريم".
2 - أما الجانب الثاني فقد تكفل به ابن أبي العز الحنفي (731هـ/792هـ) وذلك في رده على المعتزلة الذين تأولوا (ناظرة) في الآية السالفة الذكر، بمعنى منتظرة، حيث استقصى المعاني اللغوية السياقية لمادة "نظر" ليثبت أن "نظر" إذا جاءت بعدها "إلى" فهي تفيد الرؤية، ولا معنى لها غير ذلك في هذا السياق: "إن النظر له عدة استعمالات بحسب صلاته وتعديه بنفسه فإن عدى بنفسه فمعناه: التوقف والإنتصار: {انظرونا نقتبس من نوركم} الحديد: 13. وإن عدى ب "في" فمعناه: التفكر والإعتبار، كقوله {أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض} الأعراف: 184. وإن عدى ب "إلى" فمعناه: المعاينة بالأبصار، كقوله تعالى: {انظروا إلى ثمره إذا أثمر} الأنعام: 99 فكيف إذا أضيف إلى الوجه الذي هو محل البصر؟ ".
وقال في نص سابق مؤكذا هذه الحقيقة:"وإضافة النظر إلى الوجه الذي هو محله، في هذه الآية،وتعديته بأداة "إلى" الصريحة في
نظر العين، وإخلاء الكلام من قرينة تدل على خلافه حقيقة موضوعة صريحة في أن الله أراد بذلك نظر العين التي في الوجه إلى الرب جل جلاله".
(يُتْبَعُ)
(/)
أما الخطأ في المدلول فيتمثل في نفيهم للرؤية، وهي ثابتة بنص القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، وفي ذلك يقول ابن كثير: "وقال آخرون من المعتزلة بمقتضى ما فهموه من الآيات أنه لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة. فخالفوا أهل السنة والجماعة في ذلك، مع ما ارتكبوه م الجهل بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله. أما الكتاب فقوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}، وقال تعالى عن الكافرين: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}. قال الإمام الشافعي فدل هذا على أن المؤمنين لا يحجبون عنه تبارك وتعالى. وأما السنة فقد تواترت الأخبار عن أبي سعيد وأبي هريرة وأنس وجريج وصهيب وبلال، وغير واحد من الصحابة عن النبي، أن المؤمنين يرون الله في الدار الآخرة في العرصات، وفي روضات الجنات ".
وقد بين ابن ابي العز أن أحاديث الرؤية قد رواها نحو ثلاثين صحابيا، وعمل ابن خزيمة (ت 311هـ) على روايتها في مصنفه "كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل "قد وزع هذه الآحاديث على خمسة أبواب أولها: (باب ذكر البيان أن الله عز وجل ينظر إليه جميع المؤمنين يوم القيامة، برهم وفاجرهم وإن رغمت أنوف الجهمية المعطلة المنكرة لصفات خالقنا جل ذلكره). وأما الباب الخامس فقد خصصه للأحاديث التي تثبت رؤية الرسول -صلى الله عليه وسلم- لله رب العالمين، وعنونه ب (باب ذكر الأخبار الماثورة في إثبات رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم - خالقه). وكل هذه الأحاديث التي ذكرها ابن خزيمة (223هـ/311هـ) صريحة في أن المؤمنين سيرون الله تعالى يوم القيامة، وقد صادرتها مقولة نفي الرؤية عند المعتزلة وأسلافهم من جهمية وزنادقة.
ولم يقتصر الأمر على ما تأوله المعتزلة وغيرهم من الفرق الكلامية التي تؤمن بما جاء في القرآن الكريم، وبما أخبر به الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإن كانت مبتدعة، بل تطور الأمر تطورا خطيرا، بحيث أصبح تأويل القرآن يهدف إلى التحلل من الشعائر والشرائع، وتأويلها تاويلا باطنيا على نحو فعل القرامطة وهم من غلاة الشيعة: "فإنهم يدعون أن للقرآن والإسلام باطنا يخالف الظاهر فيقولون: "الصلاة" المأمور بها ليست هذه الصلاة، أو هذه الصلاة إنما يؤمر بها العامة. أما الخاصة فالصلاة في حقهم معرفة اسرارنا. و"الصيام" كتمان أسرارنا. و "الحج" السفر إلى زيارة شيوخنا المقدسين. ويقولون: إن "الجنة" للخاصة، هي التمتع في الدنيا باللذات، و"النار" هي التزام الشرائع والدخول تحت أثقالها، ويقولون: إن "الدابة" التي يخرجها الله للناس هي العالم الناطق بالعلم في كل وقت، وإن "إسرافيل" الذي ينفخ في الصور هو العالم الذي ينفخ بعلمه في القلوب حتى تحيا، و "جبريل " هو العقل الفعال الذي تفيض عنه الموجودات، و"القلم" هو العقل الأول الذي تزعم الفلاسفة أنه المبدع الأول".
كما أن تأويلاتهم الباطنة تهدف إلى النيل من صاحب الرسالة، والإزراء به -عليه الصلاة والسلام- وبأصحابه وأزواجه -رضوان الله عليهم أجمعين: "ثم إنه لسبب تطرف هؤلاء، وضلالهم دخلت الرافضة الإماءية ثم الفلاسفة ثم القرامطة وغيرهم في ما هو أبلغ نم ذلك، وتفاقم الأمر في الفلاسفة والقرامطة والرافضة، فإنهم فسروا القرآن بأنواع لا يقضي العالم منها عجبه، فتفسير الرافضة كقولهم: {تبت يدا أبي لهب} وهما أبو بكر وعمر، و {لئن أشركت ليحبطن عملك} أي بين أبي بكر وعمر وعلي في الخلافة، و {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} هي عائشة. و {قاتلوا أئمة الكفر} طلحة والزبير، و {مرج البحرين} علي وفاطمة، و {اللؤلؤ والمرجان} الحسن والحسين، {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} في علي بن أبي طالب، و {عم يتساءلون عن النبأ العظيم} علي بن أبي طالب، و {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} هو علي. ويذكرون الحديث الموضوع بإجماع أهل العلم، وهو تصدقه بخاتمه في الصلاة، وكذلك قوله: {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة} نزلت في علي لما أصيب بحمزة ".
كما عاب ابت تيمية على المفسرين التعسف في تفسير بعض آي الذكر الحكيم، وصرفها عن المعنى الظاهر المراد إلى معنى باطن مجاف للسياق القرآني: " ومما يقارب هذا- من بعض الوجوه- ما يذكره كثير من المفسرين في مثل قوله {الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار}، أن الصابرين رسول الله، والصادقين أبو بكر، والقانتين عمر، والمنفقين عثمان، والمستغفرين علي، وفي مثل قوله {محمد رسول الله والذين معه} أبو بكر، {أشداء على الكفار} عمر {رحماء بينهم} عثمان، {تراهم ركعا سجدا} علي. وأعجب من ذلك قول بعضهم {والتين} أبو بكر، {والزيتون} عمر، {وطور سينين} عثمان {وهذا البلد الأمين} علي، وأمثال هذه الخرافات التي تتضمن تارة تفسير اللفظ بما لا يدل عليه بحال، فإن هذه الألفاظ لا تدل على هؤلاء الأشخاص".(/)
التفسير الصوفي أو المنهج الرمزي والإشاري:
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[17 Aug 2006, 04:03 ص]ـ
فرق أهل السنة والجماعة بين نوعين من التصوف هما (1):
1 - التصوف العلمي
وهو الذي ترتبط أصوله بالكتاب والسنة، وتعتبر حياة الرسول-صلى الله عليه وسلم- هي مصدره ومعينه الذي يغترف منه، وقوامه الزهد والتقشف والتفاني في طاعة الله تعالى، أي أنه فكر وسلوك واتباع، لا فلسفة وابتداع. فهو إذن تصوف إسلامي خالص، خال من كل بدعة، نحو بدعة التفلسف والإتحاد والحلول، ووحدة الوجود، وفكرة المقامات اليونانية الأصل، والتفريق بين الحقيقة والشريعة، ومن ثم تلقته الأمة بالقبول. وفي ذلك يقول ابن تيمية -رحمه الله-: "وفيهم جماعات لهم عبادة وزهد وصدق فيما هم فيه، وهم يحسبون أنه حق. وعامتهم الذين يقرون ظاهرا وباطنا بأن محمدا رسول الله، وأنه أفضل الخلق، أفضل من جميع الأنبياء والأولياء، لا يفهمون حقيقة قولهم، بل يحسبون أنه تحقيق ما جاء به الرسول، وأنه من جنس كلام أهل المعرفة الذين يتكلمون في حقائق الإيمان والدين، وهم من خواص أولياء الله. فيحسبون هؤلاء من جنس أولئك، من جنس الفضيل بن عياض (1)، وإبراهيم بن أدهم (2)، وأبي سليمان الداراني (3)، والسري السقطي (4)، والجنيد بن محمد (5)، وسهل ابن عبد الله (6)، وأمثال هؤلاء" (7).
فهؤلاء الأعلام لم يكونوا يفرقون بين الحقيقة والشريعة -كما هو الشأن بالنسبة لمتأخري الصوفية- بل كانت طريقتهم محكومة بالكتاب والسنة، ولم يعبدوا الله بالوجد والذوق والمكاشفة، بل بالإقتداء والإتباع. ومن يراجع أقوالهم وأحوالهم يجدهم متبعين وغير مبتدعين، وقد ورد شيء من ذلك في كتاب "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء " لأبي نعيم (ت 430هـ). ونحن ننقل منه كمثال على ما قلناه ما أورده في ترجمته للعابد الزاهد الجنيد بن محمد الجنيد (ت297هـ): "كان كلامه بالنصوص مربوطا، وبيانه بالأدلة مبسوطا، فاق أشكاله بالبيان الشافي، واعتناقه للمنهج الكافي، ولزومه للعمل الوافي ... سمعنا أبا القاسم الجنيد بن محمد غير مرة يقول: علمنا مضبوط بالكتاب والسنة، ومن لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث، ولم يتفقه، لا يقتدي به. وكان في أول أمره يتفقه على مذهب أصحاب الحديث" (1).
2 - التصوف النظري
وهو نقيض التصوف العملي، حيث يقوم على الدراسة والبحث، أي أنه معرفة أو بالأحرى نظرية في المعرفة، ذات أصول فكرية يونانية وهندية ومسيحية، وفارسية (2). وقد تتبع ابن تيمية أقوال معتنقيه، وبين حقيقة مذهبهم، والمآخذ التي يمكن أن تؤخذ على هذا التصوف المجافي لروح الإسلام. ويمكننا أن نجملها في النقط التالية:
أ- عبادة الله بالذوق والوجد والرأي واتباع الهوى: "هؤلاء العباد الزهاد الذين عبدوا الله بآرائهم وذوقهم ووجدهم، لا بالأمر والنهي، منتهاهم اتباع أهوائهم {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} (3) لا سيما
إذا كانت حقيقتهم هي قول "الجهمية المجبرة". فرأوا أن جميع الكائنات اشتركت في المشيئة ولم يميزوا بعضها عن بعض، بأن الله يحب هذا ويرضاه، وهذا يبغضه ويسخطه. فإن الله يحب المعروف ويبغض المنطر، فإذا لم يفرقوا بين هذا وهذا نكت في قلوبهم نكت سود فسود قلوبهم، فيكون المعروف ما يهوونه، ويجدونه ويذوقونه، ويكون المنكر ما يهوون بغضه وتنفر عنه قلوبهم، كالمشركين الذين كانوا {عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة} (1). ولهذا يوجد في هؤلاء (2) وأتباعهم من ينفرون عن القرآن والشرع، كما تنفر من الرماة ومن الأسد، ولهذا يوصفون بأنهم إذا قيل لهم قال المصطفى نفروا " (3).
ب- تفضيل الأولياء على الأنبياء والرسل (4)، وجعل خاتم الأولياء خيرا من خاتم الأنبياء والرسل: "يقول ابن عربي (5) ونحوه: إن
الأولياء افضل من الانبياء، وإن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء، وإن جميع الأنبياء يستفيدون معرفة الله من مشكاة خاتم الأولياء، وإنه ياخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يأتي خاتم الأنبياء " (1).
(يُتْبَعُ)
(/)
ج- اعتناق مذهب وحدة الوجود والحلول (2)، وإن كان ابن تيمية -رحمه الله - يرى أن القول بوحدة الوجود أشد افتراء وإلحاد، وأعظم كفرا من القول بالحلول والإتحاد: "إن القائلين بأن وجود الخالق هو وجود المخلوق هم أعظم افتراء ممن يقول إنه يحل فيه. وهؤلاء يجهلون من يقول بالحلول أو يقول بالإتحاد، وهو أن الخالق اتحد مع المخلوق، فإن هذا إنما يكون إذا كان شيئان متباينان، ثم اتحد أحدهما بالآخر، كما يقول النصارى من اتحاد اللاهوت مع الناسوت. وهذا إنما يقال في شيء معين، وهؤلاء هندهم ما ثم وجود لغيره حتى يتحد مع وجوده، وهم من أعظم الناس تناقضا، فإنهم يقولون ما ثم غير ولا سوى، تقول
السبعينية (1) ليس إلا الله بدل قول المسلمين لا إلا إلا الله ... " (2).
وقد ناقش ابن تيمية -رحمه الله- الصوفية القائلين بوحدة الوجود، والآخرين المعتنقين نظرية الإتحاد والحلول، مناقشة عقلية صرفة (3)، بين فيها تناقضهم، والتباس الأمر عليهم في ما يخص الواحد بالنوع، والواحد بالعين، أي أنهم لم يفرقوا بين العالم والله حين جعلوهما شيئا واحدا، في حين هناك وجودان:
* "واجب الوجود: وهو ما كان وجوده لذاته: أزلي أبدي.
* ممكن الوجود: وهو ما وجد لسبب: محدث فان.
وهذا يعني (اثنينية الوجود) أي (الله والعالم). فالله خالق والعالم مخلوق، والله مدبر، والعالم مدبر. وليس الله حالا في العالم وإنما هو خالقه ومدبره، والله بيده الخير والشر يثيب الناس ويعاقبهم جزاء لما كانوا يعملون. أما مذهب الحلول فيرى أن الله والعالم امتزجا، وأن الله والقوى الداخلة الفاعلة في العالم مترادفان" (4).
كما ناقشهم مناقشة نصية تستند إلى الكتاب والسنة (5)، فاقام
الحجة على فساد مذهبهم، وعلى ضلالهم بالدليل العقلي والنقلي.
د- التحلل من الشعائر والشرائع، وهي نتيجة طبيعية لقولهم بوحدة الوجود ذلك أن الله -عندهم- هو الوجود، والوجود هو الله، فليس هناك تفريق بين واجب الوجود وممكن الوجود، فمن سيكلف من؟ الله سيكلف نفسه أم غيره (1)؟ -تعالى ربنا على ذلك علوا كبيرا - وفي ذلك يقول ابن تيمية -رحمه الله- "وكثير من أهل النسك، والعبادة، والعلم، والنظر ممن سلك طريق بعض الصوفية والفقراء، وبعض أهل الكلام والفلسفة، يسلك مسلك الباطنية في بعض الأمور لا في جميعها، حتى يرى بعضهم سقوط الصلاة عن بعض الخواص، أو حل الخمر وغيرها من المحرمات لهم، أو أن لبعضهم طريقا إلى الله عز وجل غير متابعة الرسول. وقد يحتج بعضهم بقصة موسى والخضر، ويظنون أن الخضر خرج عن الشريعة، فيجوز لغيره من الأولياء ما يجوز له من الخروج عن الشريعة. وهم في هذا ضالون .. " (2).
هـ- التفريق بين الحقيقة والشريعة: وأظن أن التفريق بين الحقيقة والشريعة مترتب عن نظريتهم في المعرفة، القائمة على الذوق والوجد والمكاشفة، مما دفعهم إلى التفريق بين ظاهر القرآن وباطنه. وهو لعمري مرادف لتفريقهم بين الحقيقة والشريعة، فالظاهر هو الشريعة، وهو للمحجوبين، أي للعوام وهم الذين لم يسلكوا طريقهم، والباطن هو الحقيقة، وهي للخواص أي الشيوخ أرباب الطرق، والمريدين، ولا سبيل إلى الوصول إليها إلا عن طريق الذوق والوجد والمكاشفة، أي أنها معرفة ذاتية ليست فيها وساطة. ومن ثم فالصوفي يعتقد أنه يدرك حقائق الأمور لأنه اطلع عليها مكاشفة، فتمت له المعرفة من المصدر والمعين مباشرة، وبغير وسائط.أما غيرهم أو من يسمونهم بالمحجوبين، فهؤلاء ليس لهم إلا ظاهر النصوص، ولم يرقوا إلى مستوى التلقي المباشر، بل هم عالة على الأنبياء والرسل. وفي ذلك يقول ابن تيمية -رحمه الله - وهؤلاء كلهم يدعون على الحقيقة، ويقولون: الحقيقة لون، والشريعة لون آخر، ويجمعهم شيئان: أن لهم تصرفا وكشفا خارجا عما للعامة، وأنهم معرضون عن وزن ذلك بالكتاب والسنة، وتحكيم الرسول في ذلك. فهم بمنزلة الملوك الذين لهم ملك يسوسونه بغير أمر الله ورسوله، لكن الملوك لا يقول أحدهم إن الله أمرني بذلك، ولا إني ولي الله، ولا إن لي مادة من الله خارجة عن الرسول، ولا إن الرسل لم تبعث إلى مثلي ... " (1).
الفرق بين التفسير الصوفي النظري، والتفسير الصوفي الإشاري
لما كان التصوف ينقسم إلى قسمين -كما أسلفنا- وهما:
1 - التصوف العملي.
2 - التصوف النظري.
(يُتْبَعُ)
(/)
فإن التفسير - هو الآخر - عند الصوفية قد انقسم إلى قسمين هما:
1 - تفسير صوفي فيضي إشاري.
2 - تفسير صوفي نظري (1).
وقد يظن البعض أنهما شيء واحد، خاصة أن بعض المفسرين قد كانت لهم محاولات تفسيرية تشمل الإتجاهين كما هو الشأن بالنسبة لابن عربي، الذي اعتبره الدكتور محمد حسين الذهبي - رحمه الله - من روادهما (2).
والواقع أن هناك فروقا دقيقة بينهما يمكن أن نجملها في النقط التالية:
1 - التفسير الصوفي النظري والتفسير الصوفي الإشاري يعتمدان منهجين مختلفين، فالأول يعتمد المنهج الرمزي الذي لا يقف عند دلالة النص اللغوية، ويحاول أن يفرض على الخطاب القرآني آراء وأفكارا مسبقة بحيث يجعله يرمز إليهما. أما الإتجاه الثاني فهو يعتمد المنهج الإشاري، أي ينطلق من إشارة النص، وهي ما يرادف إيحاءاته، بحيث يكون النص بالنسبة للمفسر منطلقا إلى آفاق رحبة يومىء إليها. ومن ثم فإنه يظل مرتبطا بالنص وله شاهد فيه (3).
2 - التفسير الصوفي النظري مبني على مقدمات فلسفية ينزل عليها القرآن الكريم، في حين نجد التفسير الصوفي الإشاري يرتكز على رياضة روحية، وعلى معرفة ذوقية، يتمكن بفضلها من تفجير معاني الخطاب القرآني (1).
3 - يعتقد الصوفي النظري ان تفسيره هو كل ما يحتمله الخطاب القرآني، أما المفسر الإشاري فهو يرى أن تفسيره ما هو إلا إمكانية من ضمن جملة إمكانيات معنوية وروحية يتيحها النص القرآني (2).
1 - التفسير الصوفي النظري أو المنهج الرمزي في الفسير
وهذا التفسير ينكره أهل السنة، لأنهم ينكرون الأسس التي يقوم عليها وهي:
1 - القرآن له ظاهر وباطن، وهذا الأخير هو الذي يتضمن حقائق الأمور، وأما الظاهر فما هو إلا رموز وأمثال لمعان باطنية لا سبيل إلى معرفتها إلا عن طريق المشايخ الذين كشفت لهم الحجب. فصاروا لا يحتاجون إلى وساطة الأنبياء والرسل للوصول إلى الحقيقة، وإدراكها، وهو نفس قول الروافض (3).
2 - وحدة الوجود والإتحاد والحلول (1).
3 - التفريق بين الحقيقة والشريعة (2).
4 - نظرية المقامات "وهي أن للنفس البشرية مقامات ترقى من واحدة منها إلى الاخرى حتى تتصل بالملأ الأعلى مصدر المعرفة ومعينها، وهذه النظرية جديدة على الإسلام بهذا الترتيب الذي وضعه المتصوفة ودعوا الناس إليه " (3).
وهذه الأسس كلها لا صلة لها بالتصور الإسلامي الخالص، بل هي خلاصة غزو ثقافي متمثل في الفلسفة اليونانية، والفكر المشرقي -الهندي والفارسي- والديانة المسيحية، وذلك هو سبب رفض أهل السنة للتفسير الصوفي النظري. بل إن منهم من يرى بأن تفسيرات الصوفية المبنية على هذه الأسس لا ينبغي أن تعد من التفسير، بل يكفرون من يدعي ذلك. يقول الزركشي -رحمه الله- (794هـ): "فأما كلام الصوفية في تفسير القرآن، فقيل ليس تفسيرا، وإنما هي معان ومواجيد يجدونها عند التلاوة، كقول بعضهم في: {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار} (4): إن المراد النفس، وأمرنا بقتال من يلينا لأنها أقرب شيء إلينا، وأقرب شيء إلى الإنسانية نفسه.
قال ابن الصلاح في فتاويه: وقد وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي (ت 468هـ) أنه صنف أبو عبد الرحمن السلمي (1) "حقائق التفسير"، فإن كان اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر ..
قال وأنا أقول: الظن بمن يوثق به منهم إذا قال من أمثال ذلك أنه لم يذكره تفسيرا، ولا ذهب به مذهب الشرح للكلمة المذكورة في القرآن العظيم، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية، وإنما ذلك منهم ذكر لنظير ما ورد به القرآن: فإن النظير يذكر بالنظير " (2).
وبين ابن تيمية (661هـ/728هـ) أن طريقة أصحاب التفسير الصوفي النظري مشابهة لطريقة المفسرين على المذهب، حيث يخطئون في الدليل والمدلول لأنهم ينطلقون من أفكار وآراء، وتصورات ومتعقدات خاطئة عقلا ونقلا، ثم يعتبرونها مقدمات أو مسلمات يحملون القرآن عليها في تعسف شديد، ودون وجود أدنى ملابسة بين ما يعتقدونه وبين ما يستشهدون به على صحته وفي ذلك يقول: "وجماع القول في ذلك أن هذا الباب نوعان:
(يُتْبَعُ)
(/)
أحدهما أن يكون المعنى المذكور باطلا، لكونه مخالفا لما علم. فهذا هو في نفسه باطل، فلا يكون الدليل عليه إلا باطلا لأن الباطل لا يكون عليه دليل يقتضي أنه حق" (1). وهذا النوع "يوجد كثيرا في كلام القرامطة، والفلاسفة المخالفين للمسلمين في أصول دينهم، فإن من علم أن السابقين الأولين قد رضي الله عنهم ورضوا عنه علم أن كل ما يذكرونه على خلاف ذلك فهو باطل، ومن أقر بوجود الصلوات الخمس على كل أحد ما دام عقله حاضراعلم أن من تأول نصا على سقوط ذلك عن بعضهم فقد افترى. ومن علم أن الخمر والفواحش محرمة على كل أحد مادام عقله حاضرا علم أن من تأول نصا يقتضي تحليل ذلك لبعض الناس انه مفتر" (1).
وإذا علمنا أن ابن تيمية -رحمه الله- قبل تقرير هذه القاعدة مباشرة، كان يتحدث عن تفسير ابن عربي (560هـ/638هـ) ويبين بعض تفسيراته المنحرفة، التي بناها على اعتقاده بوحدة الوجود والحلول والإتحاد، ونظرية الولاية، ونظرية المقامات الصوفية (2)، تأكد لدينا أن هذا النص هو في الصوفية الفلسفية وإن لم يذكرهم صراحة، وإنما ذكر القرامطة وهم من غلاة الشيعة، وذكر الفلاسفة. ونحن نعلم أن التصوف الفلسفي أو النظري قد جمع في طياته بين الفكر الشيعي
الباطني الغالي (1)، وبين الفكر الفلسفي اليوناني والهندي والفارسي (2). ومن ثم فإن طريقتهم في التفسير هي طريقة الباطنية والفلاسفة نفسها.
مما يؤكذ ما ذهبنا إليه أن ابن تيمية قد خصص النوع الثاني من القاعدة التي قررها، للتفسير الصوفي الإشاري (3)، كما أنه بين أن هناك فارقا واحدا بين تفسيرات باطنية الشيعة والفلاسفة وبين الصوفية، وهو أن الأوائل -خاصة الروافض من الشيعة- يفسقون بل يكفرون بعض الصحابة، في حين أغلب الصوفية لا يفعلون ذلك: "وقد دخل في كثير من أقوال هؤلاء كثير من المتكلمين والمتصوفين لكن أولئك الفرامطة ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض، وعامة الصوفية والمتكلمين ليسوا رافضة يفسقون الصحابة ولا يكفرونهم" (4). ثم يورد نماذج من تفسيرات باطنية الشيعة، وباطنية الصوفية، وباطنية الفلاسفة وهي تبين وحدة المنهج الذي اتبعوه في تفسير آي الذكر الحكيم، حيث يحملون القرآن على معتقداتهم وآرائهم وأذواقهم ومواجيدهم من غير أية قرينة تسمح بذلك: "وهؤلاء الباطنية قد يفسرون: {وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} (1) أنه علي، ويفسرون قوله تعالى: {تبت يدا أبي لهب وتب} (2) بأنهما أبو بكر وعمر، وقوله: {فقاتلوا أئمة الكفر} (3)، أنهم طلحة والزبير، و {الشجرة الملعونة في القرآن} (4) بأنها بنو أمية.
وأما باطنية الصوفية فيقولون في قوله تعالى: {اذهب إلى فرعون} (5) إنه القلب، و {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة} (6) إنها النفس، ويقول أولئك (7) هي عائشة. ويفسرون هم والفلاسفة تكليم موسى بما يفيض عليه من العقل الفعال أو غيره، ويجعلون {خلع النعلين} ترك الدنيا والآخرة، ويفسرون {الشجرة} التي كلم منها موسى {الوادي المقدس} ونحو ذلك بأحوال تعرض للقلب عند حصول المعارف له ... وباطنية الفلاسفة يفسرون الملائكة والشياطين بقوى النفس، وما وعد الناس به في الآخرة بأمثال مضروبة لتفهيم ما يقوم بالنفس بعد الموت من اللذة والألم، لا بإثبات حقائق منفصلة يتنعم بها ويتألم بها. وقد وقع في هذا الباب في كلام كثير من تأخري الصوفية لم يوجد مثله عن أئمتتهم ومتقدميهم " (8).
وإذا كان التصوف الفلسفي قد وصل مع ابن عربي (560هـ/638هـ) إلى أرقى مداه في البعد عن تعاليم الدين الإسلامي، والإيغال في الفلسفة اليونانية والمشرقية، فإنه بالتالي يمثل أحسن نموذج للتفسير الصوفي النظري. ومن ثم ركز ابن تيمية على تفسيراته المنحرفة للقرآن الكريم، والتي تستند إلى نظرته إلى الوجود، ومؤداه أن الله والعالم شيء واحد: "وهو (1) دائما يحرف القرآن عن مواضعه، كما قال في هذه القصة: {مما خطيئاتهم} (2) فهي التي خطت بهم فغرقوا في بحار العلم بالله وهي الحيرة. {فأدخلوا نارا} (3) في عين الماء في المحمديين، {وإذا البحار سجرت} (4) سجرت التنور أوقدته {فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا} (2). فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد وقوله: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه}، فجعل معناه أنه قدر وشاء أن لا تعبدوا إلا إياه، وما قدره فهو كائن. فجعل معناه كل
(يُتْبَعُ)
(/)
معبود هو الله، وأن أحدا ما عبد غير الله قط، وهذا من أظهر الفرية على الله، وعلى كتابه، وعلى دينه، وعلى أهل الأرض" (5).
وقد بين ابن تيمية -رحمه الله - أن ابن عربي قد دفعه القول بوحدة الوجود إلى تفضيل قوم نوح الكفرة على سيدنا نوح- عليه
السلام-: "ولهذا عاب ابن عربي نوحا أول رسول بعث إلى أهل الأرض، وهو الذي جعل ذريته هم الباقين، وأنجاه ومن معه في السفينة، وأهلك سائر أهل الأرض لما كذبوه، فلبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما. وعظم قومه الكفار الذين عبدوا الأصنام، وأنهم ما عبدوا إلا الله، وأن خطاياهم خطت بهم فغرقوا في بحار العلم بالله. وهذا عادته ينتقص الأنبياء ويمدح الكفار، كما ذكر مثل ذلك في قصة نوح وإبراهيم وموسى وهارون وغيرهم" (1).
وأفضى به ذلك الأمر إلى "مدح عباد العجل، وتنقص هارون، وافترى على موسى، فقال: وكان موسى أعلم بالأمر من هارون، لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى أن لا يعبد إلا إياه، وما قضى الله بشيء إلاوقع فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه، فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه عين كل شيء" (2).
وجدير بالذكر أن أصحاب التصوف الفلسفي لم يخلفوا تفسيرا متكاملا للقرآن الكريم، بل كل ما لهم نصوص مبثوثة في التفسير المنسوب لابن عربي (560هـ/638هـ) وكتابيه: الفتوحات المكية، وفصوص الحكم (3).
2 - التفسير الصوفي الإشاري
التفسير الصوفي الإشاري له تعريفات متعددة (1) لعل أشملها وأدقها ما عرفه به الشيخ الصابوني حيث قال: "التفسير الإشاري هو تأويل القرآن على خلاف ظاهره، لإشارات خفية تظهر لبعض أولي العلم، أو تظهر للعارفين بالله من أرباب السلوك والمجاهدة للنفس، ممن نور الله بصائرهم فأدركوا أسرار القرآن العظيم، أو انقدحت في أذهانهم بعض المعاني الدقيقة، بواسطة الإلهام الإلهي أو الفتح الرباني، مع إمكان الجمع بينهما وبين الظاهر المراد من الآيات الكريمة" (2).
ومن هذا التعريف وغيره من التعريفات، يتبين لنا أن المنهج الإشاري في التفسير يختلف عن المنهج الرمزي حيث يمكن في الأول الجمع بين ظاهر النص وبين الباطن الذي ينصون عليه، أما في المنهج الثاني فإن المفسر يلغي دلالات النص اللغوية، بحيث يصبح التفسير عبارة عن تموجات فوق النص، ومعاني متوهمة لا يربطها بالنص المفسر أدنى رابط، لا شرعي، ولا لغوي، ولا منطقي.
وقد تتبع ابن تيمية المنهج الإشاري في التفسير، فأوضح أن مفهوم الإشارة عند المتصوفة هو كالتالي:"والثاني ما كان في نفسه حقا، لكن يستدلون عليه من القرآن والحديث بألفاظ لم يرد بها ذلك، فهذا الذي يسمونه "إشارات" و"حقائق التفسير " لأبي عبد الرحمن فيه من هذا الباب شيء كثير" (1).
ثم بين أن الإشارات بهذا المفهوم تنقسم إلى قسمين:
" أحدهما: أن يقال: إن ذلك المعنى مراد باللفظ. فهذا افتراء على الله، فمن قال: المراد بقوله: {تذبحوا بقرة} (2) هي النفس، وبقوله {اذهب إلى فرعون} (3) هو القلب، {والذين معه} (4) أبو بكر {أشداء على الكفار} (4) عمر {رحماء بينهم} (4) عثمان {تراهم ركعا سجدا} (4)، علي، فقد كذب على الله إما متعمدا وإما مخطئا " (5).
وأما القسم الثاني فهو الذي لا تحمل فيه المعاني على أنها مراد الله تعالى. فيكون ذلك من باب الإعتبار والقياس، وهو شبيه بالقياس الأصولي. فكما ينقسم القياس إلى صحيح وباطل، فإن الإشارة هي
الآخرى تخضع لنفس التقسيم: "فالذي تسميه الفقهاء قياسا هو الذي تسميه الصوفية إشارة، وهذا ينقسم إلى صحيح وباطل، كانقسام القياس إلى ذلك. فمن سمع قول الله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} (1) وقال: إنه اللوح المحفوظ أو المصحف، فقال: كما أن اللوح المحفوظ الذي كتب فيه حروف القرآن لا يمسه إلى بدن طاهر، فمعاني القرآن لا يذوقها إلى القلوب الطاهرة، وهي قلوب المتقين، كان هذا معنى صحيحا واعتبارا صحيحا، ولهذا يروي هذا عن طائفة من السلف ... وكذلك من قال: (لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا جنب) (2) فاعتبر بذلك أن القلب لا يدخله حقائق الإيمان إذا كان فيه ما ينجسه من الكبر، والحسد، فقد أصاب. قال تعالى: {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم} (3) {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق، وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها، وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلا، وإن يروا سبيل الغنى يتخذوه سبيلا} (4)، وأمثال ذلك " (5).
وتشبيه ابن تيمية -رحمه الله- إشارات الصوفية بالقياس الأصولي يبين أن التفسير الصوفي الإشاري منه ما يدخل تحت إطار التأويل المنقاذ- أي المحمود- وهو الذي يوافق نصا أو لا يعارضه،
ومنه ما يدخل تحت إطار التأويل المستكره -باصطلاح الراغب الاصفهاني- أو التفسير على المذهب -باصطلاح ابن تيمية - وهو التأويل المذموم الذي لا أصل له في الدين، بحيث لا يستند إلى النص، بل قد يتعارض مع كثير من النصوص المحكمة
ومن ثم اعتنى علماء أهل السنة بوضع الشروط التي إذ توفرت في التفسير الصوفي الإشاري أخرجته من دائرة التفسير على المذهب. وقد جمعها أبو عبد الله شمس الدين بن قيم الجوزية (751هـ) -رحمه الله - في أربعة شروط وهي:
1 - أن لا يناقض معنى آية.
2 - أن يكون معنى صحيحا في نفسه.
3 - أن يكون في اللفظ إشعار به
4 - أن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم (1).(/)
أولويات البحث العلمي في الدراسات القرآنية
ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[17 Aug 2006, 07:52 م]ـ
لأهمية المقالة العلمية و لمكانة صاحبها الشيخ الدكتورالشاهد البوشيخي ولأنها ألقيت في المغرب الأقصى بعيداً عن الإخوة في المشرق .. لتعميم الفائدة اخترت نشرها هنا نقلا عن موقع الدرس القرآني.
[ line]
بسم الله الرحمن الرحيم , وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "ربنا آتنا من لدنك رحمة و هيئ لنا من أمرنا رشدا".
أيها المهتمون بالدراسات الإسلامية و لا سيما القرآنية ,نحمد الله تعالى أن يسرنا هذا اللقاء فأن نشغل أساسا بالأولويات هذا في حد ذاته رشد منهجي , حين نفكر في أن تكون هناك ندوة موضوعها الأولويات مطلقا في البحث العلمي أو في غير العلمي , حين نفكر هذا التفكير نكون بإذن الله عزوجل داخلين ضمن الراشدين منهجياً.
أيها الحضور الكريم هذه الكلمة التي عبارة عن رؤوس أقلام ستدور على النقط الآتية:
أولا: مقدمة في أهمية العمل بالأولويات.
1 –الدين كله نظام من الأولويات.
إذا نظرنا إلى الدين نظرة أفقية و قد تم تنزله بعد أن قال الله عزوجل "اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا" إذا نظرنا إليه في هذه الصورة التامة الكاملة نجده أيضا نظاما من الأولويات.
إذا نظرنا إليه في الصورة المنهجية أي في كيفية إحلال الله عزوجل له في الأرض في التجربة الأولى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم نجده أيضا نظاما من الأولويات وحسبنا أن نشير إشارة فقط إلى الحديث جبريل عليه السلام المشهور.
حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أولا , ثم الإيمان ثانيا , ثم الإحسان ثالثا. وحين ذكر ما بداخل الإسلام , فذكر الأركان الخمسة أولا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله , ثم الصلاة , ثم الزكاة , ثم الصيام , ثم الحج. وحين ذكر ما ذكر أيضا في أمر الإيمان وأمر الإحسان كل ذلك على نظام الأولويات في العلاقة الكبيرة وفي العلاقات الصغيرة.
2 – أن العمل بالأولويات رشد منهجي.
أي أن الشخص الذي يروض نفسه ويحملها على أن تتعود هذا الضرب من السلوك , وهو أن تسير وفق نظام الأولويات , فيه الثابت وفيه متغير, إذا حمل الشخص نفسه على هذا ووطن نفسه عليه , فإنه يكون راشدا منهجيا ...
3 – شروط تحديد الأولويات.
ويمكن اختصارها في الفقه بأنواعه الثلاثة:
فقه الدين في كلياته ونظام أولوياته أفقيا وعموديا.
و فقه الواقع في القوى المكنة له , و البنية التي لهذه القوى التي تتدافع فيه , والتوجهات الكبرى التي إليها في تدافعها فيه و تستشرف المستقل.
فقه التنزيل في علاقته بالمنزل عليه فردا أو جماعة أو حالا أو عملا أو أي شيء إذا فقه هذا أمكن تحديد الأولويات بدقة , وهذا الفقه بأنواعه الثلاثة شرط صحة في تحديد الأولويات.
ثانيا: تحديد مفاهيم ألفاظ العنوان.
1 – مفهوم الأولويات:
واضح أنه جمع لأولوية و الأولوية مصدر صناعي من الأولى وهو الذي على غيره لسبب من الأسباب , و الأولوية التي يجب أن تقدم على غيرها لخصائص فيها بعد إمعان النظر فيها انطلاقا من فقه الدين, و فقه الواقع و فقه التنزيل.
2 –مفهوم البحث العلمي:
البحث بحث ,فيه كشف و فيه جهد يبذل لكشف الخبء.هذا الأصل في البحث.ووصف بالعلمية لأنه مقدمات و طرائق و نتائج كلها موزونة بميزان العلم , فالبحث العلمي إذن هو ذالك الدرس المنهجي مؤسس على صحة المنطلقات وصحة المقدمات , و صحة الطريقة بهدف الوصول إلى نتائج صحيحة.
إذا لم يكن هناك كشف في البحث عن الخبء فليس بحثا , وإذا لم يكن هناك كشف بطريقة منهجية فليس بحثا علميا.
3 – مفهوم الدراسات القرآنية: و هي كل الدراسات التي جعلت موضوعا لها القرآن الكريم و علومه ما يتصل بذلك , فكل تلك الدراسات هي من الدراسات القرآنية.
ثالثا: أولوية المصطلح القرآني
والأولوية الأولى في نظري هي أولوية المصطلح القرآني:
1 - ماذا أقصد بالمصطلح القرآني؟
إنه ذلك اللفظ الذي أكتسبه استعماله في القرآن الكريم دلالة التي له في اللسان العربي , فصار بذلك له مفهوم خاص ضمن رؤية القرآنية الشاملة , وصار بذلك التعبير عن ذلك المفهوم مصطلحا من المصطلحات القرآنية.وهذا الكلام مؤسس على:
(يُتْبَعُ)
(/)
أ- أن المصطلح ليس ضرورة أن يتفق عليه الناس ,كما هو سائد في تعريف المصطلح.إذ يمكن أن يكون هناك مصطلح يأتي من جهة ما جاهز الاصطلاحية.
ب- أنه في تاريخنا وعبر نصوص كثيرة وفي واقعنا وواقع غيرنا أيضا يوجد هذا الاستعمال للمصطلح إذ يوجد كثيرا مثل قولهم " هذه اللفظة في اصطلاح فلان".
ج – أن كل المذاهب و التيارات عندنا و عند غيرنا, تأسست على نصوص بعينها ,استعمل أصحابها فيها ألفاظا بعينها ,صارت بعد ,لاستعمالهم إياها بمفاهيم معينة داخل الرؤية العامة التي قدموها للناس, صارت لها دلالات خاصة ,أي مفاهيم خاصة ,تبناها من جاء بعد واستعملها ,فهي في الحقيقة لم تصر مصطلحات بسبب الاستعمال الذي طرأ بعد – و إن كان ذلك أكد اصطلاحاتها - و لكن صارت مصطلحات لذالك التخصيص المفهومي الذي كان لها من قبل المؤسس.
و هذا كثير ,و في التيارات و الذاهب .. فأي كلام عندنا أو عند غيرنا هو مؤسس على هذا الكلام.
2 – لماذا المصطلح القرآني أولوية؟
الأمر بسيط جدا , لأننا نحن الآن لا نفقه قرآننا و لا نفقه ديننا , و هذا عليه أمثلة كثيرة لدى النخبة و لدى العامة, و بتعبير القدماء لدى الخاصة و العامة , لقد بعدنا جدا عن كتاب ربنا , بعدنا على لمستوى الفهم , و بعدنا على المستوى العملي , و هو نتيجة لمستوى الفهم , و من ثم على مستوى الأحوال, نتيجة بعنا على المستوى الأعمال.
فلذلك وجب تجديد الفهم , من أجل تجديد العمل , من أجل تحسين الحال بصفة عامة.
نحن نحتاج إلى الدخول من باب الدخول "و إنما تؤت البيوت من أبوابها " فقبل أن ندخل إلى الجملة القرآنية , يجب أن نفتح باب الألفاظ القرآنية , إذ الجملة مكونة من ألفاظ وليس المقصود الألفاظ التي تكون في النص العادي ولكن المقصود الألفاظ المصطلحات التي تعبر عن مفاهيم والتي بها يتم الدخول إلى المفهوم الكلي ألنسقي للقرآن الكريم.
هناك نسق مفهومي لهذا الدين كامن في كتاب اله غز وجل وفي سنة رسول الله "ص" التي تبينه.
هو كامن يحتاج إلى تجلية جزئية والكلية.
هذا الأمر إذا لم يتم على وجهه الصحيح لم تتضح الصورة على وجهها الصحيح.
وقد تعرض المصطلح القرآني خلال أربعة عشر قرنا لاعتداءات متعددة بأشكال مختلفة صغرته , أو حرفته عن موضعه أو عن مفهومه أو جاءت ببدل عنه نهائيا وأهميته. وقد كان هذا كان موضوعا لعرض خاص قدم في جامعة الإمارات العربية المتحدة تحت عنوان:نحن والمصطلح القرآني".وذلك لبيان ماذا فعلنا عبر تاريخنا وفي واقعنا بالمصطلح القرآني.
3 - كيف ندرس المصطلح القرآني؟
الأمر بسيط أيضا ,لأنه مسطرا في هذا الكتيب الصغير"القرآن الكريم والدراسة المصطلحية "وخلاصته بالإشارة أن الدراسة المصطلحية مدارها على خمسة أركان:
الإحصاء أولا للفظ ثم بعد ذلك الدراسة المعجمية له ثم بعد ذلك الدراسة المفهومة له ثم بعد ذلك عرضه على نمط خاص ببيان تعريفه وبيان صفاته بأنواعها وبيان علاقاته بأنواعها وبيان ضمائمه بأنواعها مشتقاته بأنواعها.
وأخير بالدخول إلى عالم قاضيات بأبعاده.
هذا الأمر في حد ذاته يحتاج إلى كلام طويل عريض ويكفي أن أقول: إن معهد الدراسات المصطلحية قد خصص لكل ركن من تلك الأركان دورة تدريبية كاملة فيها أشياء متعددة وأمور كثيرة.
رابعا:أولوية الهدى المنهاجي:
الأولوية الثانية هي أولوية الهدى ألمنهاجي.
1 - ماذا أقصد بالهدى ألمنهاجي؟
أقصد بالتحديد ما جعله الله عز وجل طلبا في قوله: "اهدنا الصراط المستقيم " ,وهو الطلب الوحيد الإجباري الذي للمؤمن في حياته كلها , في جميع صلواته ذلك بأن الفاتحة كما تعلمون مؤسسة على هذا الدعاء ما قبل "أهدنا" مؤسس له وما بعد" أهدنا" مفصل له وليس في الفاتحة دعاء إلا "أهدنا الصراط المستقيم " ما قبلها يؤسس لأدب الدعاء وما بعدها يفصل في هذا الدعاءُ.
وليس في الكتاب بعد إلا " الهدى" قال تعالى: "ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه الهدى للمتقين" وقال أيضا "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس بينات الهدى والفرقان" وقال جل جلاله:"إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم" ... إلى غير ذلك من الآيات.
فلذلك أقول:إني أقصد بالهدى المنهاجي تلك الطريقة المثلى للتفكير والتعبير والتدبير.
الفردي والجماعي في مختلف الأحوال هذا ما أقصد بالهدى المنهاجي.
2 - لماذا الهدى المنهاجي؟
(يُتْبَعُ)
(/)
لأننا بصدد الاستئناف الآن والعودة من جديد إن شاء الله تعالى في التاريخ عائدون ... سنعود من جديد وستعود الأمة من جديد ," بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ " رواه مسلم.
هذه العودة لابد من تسريعها للتعجيل بتخليص العالم ولا يمكن تسريعها إلا بالاهتداء في الأمر كله للتي هي أقوم. ولذلك لابد من اكتشاف واستخلاص واستخراج الهدى المنهاجي من باطن الوحي ليستبين السبيل وليستقيم ويرشد السير.
3 - كيف نستنبط الهدى المنهاجي؟
لا سبيل إلى ذلك بغير الدرس والتدارس للقرآن الكريم:
أما الدرس فهو الصورة الفردية النافعة لصحبة القرآن ولن تكون ربانيا عن الحقيقة بغير الدرس للقرآن "ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون" ولكن الدرس وحده لا يفضي إلى كل النتائج المرجوة من صحبة القرآن.
وأما التدارس فهو الصورة الجماعة المثلى لصحبة القرآن كما جاء في الحديث الصحيح المشهور الذي تعرفون "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكره الله فيمن عنده ". رواه مسلم.
هذا الترقي في مقامات الفهم ومقامات العلم بالكتاب يبدأ بالتلاوة والتدارس فتنزل السكينة فإذا نزلت السكينة ازداد الإيمان "هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا أيمانا مع أيمانهم" ثم يكون غشيان الرحمة وإذا غشيت الرحمة أذهبت الاختلاف و جاءت بالائتلاف " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك " ثم يكون حفوف الملائكة وإذ ترقى الأمر إلى درجة حفوف الملائكة وإحاطتهم بالمتدارسين أدت المصاحبة لملائكة إلى تخلق بأخلاق الملائكة " والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"رواه أبو داود والترمذي.
والدرجة الرابعة: ذكر الله "ولذكر الله أكبر"أن يتأهل العبد نتيجة عروجه في هذه المقامات إلى حال أن يذكر في الملا الأعلى عند الله تعالى كما ذكر الأنبياء قبل عليهم الصلاة والسلام.
هذا التدارس إذن هو أسرع طريق لاستخلاص هذا الهدى واستنباطه وهو الشرط الذي يشير إلى الجهد الجماعي المشترك الذي لا تحصل تلك النتائج كلها إلا بوجوده.
خامساً: أولوية الأعجاز العلمي.
الأولوية الثالثة هي أولوية إعجاز العلمي.
1 - ماذا أقصد بالإعجاز العلمي؟
أقصد بالإعجاز العلمي ما يكتشفه بعض العلماء في القرآن الكريم مما يستحيل أن يصدر عن غير الله إبان نزوله القرآن الكريم وأقول "اكتشاف" لأن أمر الإعجاز ليس أمرا استنباطيا ولكنه أمر اكتشافي إذ هو موجود في الكتاب.
فأي صاحب تخصص علمي اكتشف شيئا أو أمرا في كتاب الله عز وجل تبين له بحكم تخصصه أن هذا الأمر الذي تحدث عنه الكتاب نزوله يستحيل أن يكون من بشر فقد اكتشف إعجازا علميا أي أمرا يعجز غير الله أن يصدر منه.
ولا أقصد بالعلم هنا المفهوم المعاصر المقصور على مجال العلوم المادية كما هو شائع اليوم.
كلا ثم كلا , إنما هو العلم بمفهومه الواسع الذي يبتدئ من الوحي أصلا "ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذي جاءك من العلم " ثم العلوم الشرعية بكاملها المستنبطة من الوحي ثم العلوم الإنسانية بصفة عامة ثم العلوم المادية.
فصاحب العلوم الشرعية يكتشف الإعجاز التشريعي إذا تضلع في مجاله وفي تخصصه وغيره يكتشف غير ذلك. وكذلك صاحب العلوم الإنسانية وصاحب العلوم المادية.
فالإعجاز العلمي الذي أقصده عام وعملية فه عامة وليس كما يستعمل اليوم في الإعلام وغير الإعلام.
2 - لماذا صار الإعجاز العلمي أولوية؟
ذلك لرد الناس إلى الله تعالى بأسرع طريق لأنهم حين يتبين لهم بوضوح أن هذا الأمر وذاك مستحيل أن يقوله محمد "ص" ولا العرب. بل لا هو ولا هم ولا غيرهم من الأمم إذاك يقتنعون أن هذا القرآن ليس من عند غير الله.
فمثلا وقف بعض علماء الأجنة عند قوه تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين" تعجب من إشارة القرآن الكريم إلى هذه المرحلة العظيمة التي يمر بها الجنين فلا يبقى فيه إلا النسيج العظمي في الصورة الغضروفية أولا ثم بعد ذلك تكسى تلك العظام بأنسجة لحمية ثم ينفخ في الجنين بعد الروح فيصير خلقا آخر.
(يُتْبَعُ)
(/)
وبما أن علم تشريح الأجنة بكامله لم يظهر إلا منذ نحو قرن تقريبا ولم يكتشف هذه الحقيقة إلا حديثا فمن أخبر محمدا أو من أخبر غيره من بقية الأمم بشيء من هذا.
هذا الاكتشاف هو اكتشاف لإعجاز علمي في القرآن الكريم يثبت أن هذا القرآن ليس إن من عند الله تعالى.
3 - كيف نكتشف الإعجاز العلمي؟
لابد أولا من تفوق في التخصص إذ القوة في التخصص أي تخصص في أي علم من العلوم تفضي بصاحبها إلى اكتشاف المجهول.
ثم أيضا التفوق في تذوق القرآن بما يستلزم ذلك من إتقان للغة العربية ومن علوم الآية بصفة عامة. ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ثم بعد ذلك وقبل ذلك اليقين لأنه إذا حضر التفوق في التخصص والتفوق في التذوق ولم يحضر اليقين أي الإيمان بما في هذا القرآن إلى درجة اليقين فإنه لا يحصل الاهتداء " قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء واللذين لا يومنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى أولائك ينادون من مكان بعيد".
سادسا: أولوية إعداد النصوص
الأولوية الرابعة هي أولوية إعداد النصوص.
1 - ماذا اقصد بإعداد النصوص؟
المقصود بإعداد النصوص في هذه الإشارات هو تصييرها صالحة للاعتماد العلمي. ولا يكون ذلك إلا بالتوثيق والتحقيق والتكشيف.
2 - لماذا يجب إعداد النصوص؟
لماذا لابد من إعداد النصوص: نصوص الدراسات القرآنية؟ ذلك لتحقيق شرط العملية في مادة الخام والاستكمال الشخصية النصية لتخصص فتحضر المادة كلها لتعم الأحكام وتحضر موثقة محققة لتصح الأحكام وتحضر مكشفة ليسهل جمع ما تفرق من المادة الخام.
3 - كيف تعد النصوص للدراسة؟
المراحل الثلاث:
مرحلة توثيق النسبة أي توثيق نسبة النص إلى صاحبه.
ثم مرحلة توثيق المتن وهو ما يسمى بالتحقيق عادة لأنا نريد أن نستوثق من أن هذا النص لفلان. وإلا فجميع النتائج ستفسد سنحكم على عصرنا حكما غير صحيح أو على شخصية ما أو اتجاه أو تيار .. ثم ينبغي أن نستوثق من أن هذا النص هو أقرب شيء للنص الذي خرج من قلم صاحبه إن لم يكن يطابقه.
ثم مرحلة ثالثة ينبغي أن نخضع هذا النص لعملية تكشيف في مستوياتها الأربعة تكشيف أسماء الأعيان وتكشيف الموضوعات وتكشيف النقول وتكشيف المصطلحات. وفي ذلك الفوائد يطول الكلام فيها.
سابعا: أولوية تكميل أصول البيان
الأولوية الخامسة هي أولوية تكميل أصول البيان.
1 - ما المقصود بأصول البيان؟
أقصد بأصول البيان ما تعرفونه من أصول التفسير وأزعم أن لفظة البيان هي اللفظة الأنسب للمراد "فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه " وهي اللفظة التي ترددت في القرآن كثيرا. أما التفسير فلم يرد إلا مرة واحدة وفي سياق بعينيه لا صلة له بهذا الموضوع.
2 - لماذا أصول البيان؟
السبب هو أن هذا الأمر لما يحسم فيه ولما يجمع حتى الساعة وينظم في صورة نظرية متكاملة لفهم القرآن حق الفهم. لقد خدم الحديث، حديث رسول "ص" وخدم النحو وخدمت البلاغة حتى قالوا إنها علوم نضجت واحترقت. لكن علم بيان القرآن لم ينضج ولم يحترق, و ما زال الباب مفتوحا على مصراعيه.
وإني بحمد الله تعالى لعلى علم بما هو كائن.
فلماذا نكمل أصول البيان إذن , لأجل نقصانها في الواقع, ولضرورتها للاستنباط الصحيح.
3 - كيف نكمل أصول البيان؟
لابد أن نجمع المتفرق و هو في مقدمات أصول التفسير و في بواطن كتب التفسير و في كتب علوم القرآن بأشكالها و ألوانها و في كتب الأصول و في كتب اللغة و في غير ذالك. هو مفرق في عدد من العلوم. و القواعد الأصولية كثير منها أصول تفسيرية أي أصول بيانية.
ثم بعد ذالك لابد أن نخلص الملتبس و لابد أن نضيف الناقص.
و على سبيل المثال: فقد بقي جهد مدرستين خارج الإطار:جهد مدرسة المقاصد و جهد المدرسة الاجتماعية المعاصرة. فجهودهما مشتتة لما تجمع لتلحق بالضوابط العامة.
ثم من بعد ذالك لابد من عمليات للتمحيص و التقعيد و التصنيف قبل أن يصاغ كل الناتج في صورة نظرية شاملة كاملة.
ثامنا: خاتمة فيها قبل الأولويات
أولا: تكوين الأطر العلمية القوية الأمينة المؤهلة: و هذا أمر فيه كلام عريض لابد أن نحرس على أن ندفع بالمعدن الممتازة إلى مجال العلوم الشرعية"لأن التصفية بلغة اليوم تتم في التاسعة أي في نهاية مرحلة الإعدادي هناك" يصفى " العلم الشرعي "التصفية الجسدية ".أي إن خيرة العقول يذهب بها إلى اختصاص الرياضيات أو يذهب بها إلى العلوم التجريبية وما بقي يعطى للعلوم الأدبية وما يلحق بها من علوم شرعية على قاعدة " ويجعلون لله ما يكرهون".
فتكوين الأطر القوية الأمينة إذن لابد منه. و هو يبدأ باختيار المعدن الكريمة و تأهيلها التأهيل العالي. لابد من تحررنا من ضغط الخبز و من ضغط غير الخبز لابد من تحررنا من كل الضغوط لنستطيع أن نأتي بما ينفع الناس و يمكث في الأرض.
ثانيا: اعتماد العلمية والمنهجية و التكاملية في البحث:
العملية بشروطها التي أشير إليها قبل بأن نلتزم بصحة المقدمات و صحة الطريقة و صحة النتائج. و تبعا لذالك نهيئ ما يلزم لذالك.
و المنهجية تتجلى في أنك تسير بطريقة معينة انطلاقا من الجزئيات لتركيب الكليات و ترسم الطريق عبر مراحل يفضي بعضها إلى بعض.
و التكاملية تعني التنسيق في العمل و التكامل فيه, فإذا اشتغل مثلا بالأذن فينبغي أن يشتغل الآخر بالعين والآخر اليد و الآخر الرجل وهكذا. نحن بحاجة إلى التكامل في البحث. وإن هذه النقطة فيها نقص كبير و فيها كوارث ليس التكرار الكثير في البحوث الذي يقع حتى الكلية الواحدة و الشعبة الواحدة.
و أخيرا استصحاب الرؤية الشاملة في المسألة العلمية بمعنى ألا ننظر إلى موضوعنا مجردا عن غيره أو إلى تخصصنا مجردا عن غيره أو إلى المكان الذي نبحث فيه مجردا عن غيره وهكذا ... و هكذا .. و بالله التوفيق
المصدر http://www.adarsalquran.net/
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Aug 2006, 09:54 م]ـ
للدكتور الشاهد البوشيخي جهده العلمي المشكور، فجزاك الله خيراً على إطلاعنا على هذه المحاضرة. والمكتوب فيما يبدو كتبه أحد طلابه سماعاً أثناء المحاضرة.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[22 Aug 2006, 06:24 ص]ـ
أشكرك أخي (محمد البويسفي) على مشاركتك الماتعة.
وبما أنك عضو في "النادي العلمي للطلبة الباحثين في الدراسات الإسلامية"، فحبذا لو تعرفنا بهذا النادي وجهوده، وواقعه الحالي، لكونه متخصصا بالدراسات القرآنية بالدرجة الأولى.
وجزاك ربي خيرا.
ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[26 Aug 2006, 02:44 م]ـ
هدا النادي أسسناه السنة الماضية بصحبة مجموعة من الطلبة الباحثين في الدراسات الإسلامية الدين لهم هم طلب العلم و البحث في الدراسات القرآنية.
" النادي العلمي للطلبة الباحثين في الدراسات الإسلامية "
نادي, علمي , متخصص, جعل من أهدافه:
1. إغناء البحث العلمي في مجال الدراسات الإسلامية
2. مواكبة التطورات العلمية في مجال الدراسات الإسلامية
3. إرساء قواعد و مناهج البحث العلمي في:
- القرآن و السنة باعتبارهما المصدران لكل العلوم الإسلامية.
- التراث العربي الإسلامي.
4. التكوين في مجال تحقيق الكتب و المخطوطات العربية و الإسلامية
و لتحقيق هذه الأهداف يعتمد النادي الوسائل الآتية:
1. المحاضرات و الندوات العلمية و الرحلات العلمية.
2. الدورات التدريبية, الأيام الدراسية , المدارسات العلمية المتخصصة
3. اللقاءات المفتوحة مع أساتذة مختصي
لجان النادي
أنشأ النادي لجنتين متخصصتين:
اللجنة العلمية.
و هي لجنة استشارية , وظيفتها:
1. دراسة تدابير و إجراءات تنزيل أهداف النادي علميا.
2. دراسات الملفات و القضايا المقرحة من لدن المكتب المسير.
3. رصد الأولويات العلمية و المنهجية , و تقديم مقترحات عملية بشأنها.
4. تحديد المواضيع العلمية ذات الأهمية و الأولوية , في مجال الدراسات الإسلامية.
5. إعداد بيبليوغرافية تتضمن: أسماء المصادر, المراجع ,المخطوطات , و الدراسات الحديثة , و ذالك بتنسيق مع لجنة الإعلام و التواصل.
اللجنة الإعلامية و التواصلية.
و هي لجنة استشارية تنفيذية , وظيفتها:
1. الإشراف على الموقع الإلكتروني للنادي.
2. الإشراف على الإصدارات العلمية للنادي.
3. التعريف بالنادي وبأهدافه العلمية و نشاطاته.
4. متابعة الإصدارات المحلية و الدولية ذات الشأن العلمي, و كذا الندوات. والدورات العلمية , بالإضافة إلى الرسائل الجامعية.
5. تنسيق الجهود العلمية مع الهيئات و المؤسسات المتخصصة.
6. تحرير الإعانات و الطلبات.
الأنشطة التي قام بها:
نشاطه الإفتتاحي كان تحت عنوانّ " البحث العلمي في الدراسات القرآنية قضايا و مناهج ّ " من الدين حاضروا فيه الشيخ الدكتور فريد الأنصاري "ّآفاق البحث العلمي في الدراسات القرآنيةّّ"
ثم ندوة بعنوان " البحث في الدراسات الإسلامية ّالإطار و المنهجّ ّ "
لأن يسر الله تعالى سنعمل على نشر أعمال هده الأنشطة إن شاء الله تعالى
و هده دعوة للتواصل معكم و مع الطلبة و الشيوخ من أجل التعاون و الإستفادة في كل ما يهم البحث العلمي في العلوم الشرعية عموما و الدراسات القرآنية خصوصا
و لمزيد من المعلومات: http://www.adarsalquran.net
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 Aug 2006, 05:12 م]ـ
ماشاء الله تبارك الله
أسأل الله تكثر مثل هذه الملتقيات والنوادي العلمية، فهذا مما يسر ويُفرح، فالحمد لله الذي وفقكم إلى مثل هذا النادي المبارك بإذن الله.
وكم اتمنى لو كان هناك تواصل بين هذه النوادي والمراكز والملتقيات العلمية المتخصصة في القرآن وعلومه لتبادل الخبرات والاستشارات، والتعاون في سبيل الرقي بهذه المراكز والملتقيات.
ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[26 Aug 2006, 08:13 م]ـ
بارك الله فيكم اقتراح جيد جداحبدا لو تجعلوا ركنا خاصا للجمعيات و النوادي .. العلمية دات التخصص المشترك يكون لكم فضل السبق في تجميع الجهود العلمية و ... نحن نبارك هده الخطوة و نكون أول المستجبين. و جزاكم الله خيرا
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[27 Aug 2006, 10:37 م]ـ
أنت أخي (محمد الويسفي) تُعدّ سفير النادي العلمي لدى هذا الملتقى
وعلى هذا فأرى أن من أولى مهامك -فضلا لا أمرا- هو أن تباشرنا بكل جديد من الأعمال والأخبار المفيدة عن ناديكم المبارك.
كما أدعو الإخوة في هذا الملتقى أن يدلو بدلوهم بالمشاركة في منتديات النادي العلمي. ( http://www.adarsalquran.net/forums/)
ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[28 Aug 2006, 02:18 م]ـ
أنا رهن الإشارة على قدر استطاعتي فيما يخص هدا النادي و أخباره و أيضا فيما يتعلق بالأخبار العلمية في المغرب الأقصى أو شيء من هدا القبيل -طبعا على قدراستطاعتي- و أنا مسرور لدلك.
كما أدعو السادة الشيوخ و الإخوة الطلاب للمشاركة معنا في هدا النادي و الموقع, بإنتاجاتهم العلمية لتعم الإفادة و يتم التواصل و التأثير و التأثر العلمي.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نور القرآن]ــــــــ[20 Sep 2006, 12:34 ص]ـ
أيها الاخوة الافاضل أبحث عن كتب تتناول منهجيةالبحث العلمي في مجال الدراسات الاسلامية بعينها ووكلما وجدت كتابا في منهجية البحث وجدت كتبا عن البحث في الدراسات الادبية أو التاريخية أو التربوية علم النفس أما الدراسات الاسلامية بفروعها فنحن منها ببعيد
وقد أصابني اليأس في الحصول على هذه النوعية من الكتب
فهل من مساعد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Sep 2006, 05:30 ص]ـ
هناك كتاب جيد عن (منهجية البحث في الدراسات الإسلامية) للأستاذ الدكتور فريد الأنصاري أرجو أن يكون فيه فائدة للأخت نور القرآن بارك الله فيها. وأجود منه في رأيي كتاب الأستاذ الدكتور فاروق حمادة في نفس الموضوع إضافة إلى كلامه عن تحقيق المخطوطات. وكتاب الدكتور فاروق حمادة من منشورات دار القلم في دمشق في طبعته الثانية.
ـ[محمد البويسفي]ــــــــ[20 Sep 2006, 02:37 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله
فيما يخص كتاب الدكتور فريد الأنصاري هو موجود في السوق -خاصة في المغرب-و لست أدري في هل لازال موجودا في المشرق أم نفذ؟
على كل حال هو موجود عندي.
أما منهجية البحث العلمي في الدراسات القرآنية فهو من ضمن المواضيع التي ينوي النادي العلمي للطلبة الباحثين في الدراسات الإسلامية تناولها ضمن أنشطته خلال هذه السنة في كلية الأداب و العلوم الإنسانية جدامعة المولى إسماعيل /مكناس /المغرب(/)
اقتراح بتخصيص حلقات تتناول كافة علوم القرآن
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[17 Aug 2006, 09:19 م]ـ
اخوتي في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد
فمما يلاحظ وبكثرة استئثار علم التفسير بالنصيب الأكبر في هذا الباب مع انه مخصص لعلوم القرآن أيضا
لذا فليت الأخوة الفضلاء بمن فيهم المشرفين يخصصون حلقات عديدة للحديث عن كافة علوم القرآن ,, على غرار حلقات برنامج مبادئ العلوم التي بثتها قناة المجد بتقديم الأستاذ: معمر حفظه الله
تكون مرجعا مبسطا لمن أراد السؤال او الاستفادة خاصة من المعلمين ومن لهم اهتمام بهذا الفن
ولكم جزيل الشكر
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[26 Aug 2006, 06:31 م]ـ
ارجو ان يلقى هذا الاقتراح قبولا لدى مشرفي هذا الموقع حفظهم الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Aug 2006, 06:20 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي العزيز، وأرجو أن نوفق لتلبية طلبكم على الوجه المناسب بإذن الله. وشكر الله لكل حرصك على الموقع الذي هو ملك للجميع.(/)
إشكال في معنى (أرأيت) في كتاب الله
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[18 Aug 2006, 09:25 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حيى الله مشايخي الأفاضل وزملائي الأكارم.
أيها المشايخ الكرماء: مر علي في كتاب قواعد التفسير للشيخ خالد السبت وفقه الله قاعدة في معنى أرأيت يقول فيها: (قاعدة: إذا دخلت همزة الاستفهام على (رأيت) امتنع أن تكون رؤية البصر أو القلب، وصار بمعنى أخبرني) (2/ 543).وذكر شواهد على هذه القاعدة من القرآن، وأحال على كتابي: (الإتقان، والبرهان) وقد وجدت النص في البرهان،ولم أجده في الإتقان، فلعل أحدا يرشدني إلى مكانها.
سؤالي هو: الذي فهمته من كلام الشيخ وفقه الله أن هذا مطرد في القرآن، ومع ذلك لما أردت البحث في تفسير سورة الماعون، في قوله تعالى: {أرأيت الذي يكذب بالدين} في عدة تفاسير، فلم أجد أحدا نص على أن معنى (أرأيت) هنا: أخبرني، بل بعضهم صرح بأنها رؤية بصرية. فهل القاعدة هذه أغلبية أو مطردة؟
علما أن التفاسير التي بحثت فيها هي تفسير ابن جرير وابن كثير وكلام ابن القيم الذي نقله الشيخ علي الصالحي في الضوء المنير، والسعدي، وتفسير التحرير والتنوير لابن عاشور، وتفسير جزء عم للشيخ محمد بن عثيمين رحمهم الله، وتفسير جزء النبأ للشيخ مساعد الطيار.
فمن يرشدني إلى الجواب الصحيح،وله من الله الأجر الربيح.
ـ[أحمد بن سالم المصري]ــــــــ[19 Aug 2006, 08:41 م]ـ
انظر - لزاماً - تفسير "البحر المحيط" لأبي حيان؛ فستجد فيه ما تريد.
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[24 Aug 2006, 07:54 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي أحمد فقد رجعت إلى البحر فوجدته بحرا، ووجدت فيه ما أريد ولله الحمد(/)
مبادئ العلوم: من د. ابراهيم الحميضي , إلى د. أحمد البريدي
ـ[معمر العمري]ــــــــ[19 Aug 2006, 01:35 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بفضل الله وتوفيقه تم تسجيل وبث حلقة من برنامج مبادئ العلوم , مع د. ابراهيم الحميضي , عن (آداب حامل القرآن).
وهذا الأسبوع بإذن الله ستبث حلقة عن علم (الوجوه والنظائر) مع د. أحمد البريدي , أحد مشرفي هذا الموقع المتميز, وذلك يوم الثلاثاء:28/ 7.
شكر الله للشيخين الفاضلين تكبدهما عناء السفر من أجل مشاركتنا , وجعل عملهما في موازين حسناتهما , والله الموفق.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[19 Aug 2006, 10:33 م]ـ
أشكرك أخي الغالي (معمر) على خدمتك الجليلة لطلاب العلم ببث مثل هذه الأخبار ..
وأود أن تكون مستمرة، لأننا في الحقيقة نجهل مواعد البث وأوقاته، مع حاجتنا وانتفاعنا بما يُقدم ..
فأرجو -وبشدة- أن يكون هذا الفعل منك دِيمَة .. تلبية لمحبي برنامجك، وخدمك لطلاب العلم ومحبيه.
وجزاك الله خيرا
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[21 Aug 2006, 01:59 م]ـ
في أي ساعة يُبث البرنامج؟
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[22 Aug 2006, 07:50 ص]ـ
بارك الله فيك وياليت تجيب على سؤال الأخ العبادي.
ـ[معمر العمري]ــــــــ[23 Aug 2006, 02:39 ص]ـ
جزى الله الجميع خير الجزاء
بثت الحلقة التاسعة مساء , وستعاد _ بإذن الله _ غدا الأربعاء , الساعة الواحدة ظهرا.
وأعتذر عن التأخر في الرد.(/)
بين المفسر والداعية
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[20 Aug 2006, 02:20 م]ـ
السلام عليكم أيها المشائخ الفضلاء لا يخفى على شريف علمكم أهمية الدعوة إلى الله وحديثي تحديدا عن دعوة غير المسلمين للإسلام.فالمسلم الداعية معرض للحوار مع النصارى أو اليهود أو الملحدين ففي سياق الحديث يحتاج الداعية إلى ردود على أفكارهم وإبطال لججهم وخير معين في هذا الجانب هو كتب الله عز وجل.فهل أجد من تطرق لهذا الموضوع بحيث يذكر طريقة القرآن في جدال النصارى أو اليهود باستقصاء الردود وتبيين السياق المناسب لذكرها في الحوار
خاطرة: لو وجدت أو جمعت ثم ترجمت هل تعتقدون أن في هذا مصلحة؟
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[21 Aug 2006, 12:26 م]ـ
الأخ الكريم ..
هناك رسال ماجستير بعنوان:
الحوار مع أهل الكتاب
إعداد: د. خالد القاسم
انظر معلومات لدار:
http://www.dar-almuslim.com/jamea.htm(/)
الحلول والاتحاد
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[20 Aug 2006, 07:54 م]ـ
هاتان اللفظتان تردان كثيراً في كتب العقائد، وغيرها، وهما من المصطلحات الصوفية والباطنية؛ فتردان في كتبهم، وفي كتب من يتعرضون للرد عليهم.
كما أنهما تردان في كتب الأديان الباطلة كالبرهمية، والبوذية، وغيرهما.
فما معنى هاتين اللفظتين، وما الفرق بينهما، وأيهما أشد ضلالاً؟
الجواب سيتضح من خلال ما يلي:
أولاً: معنى الحلول: الحلول في اللغة يطلق على عدة معان منها: النزول، والوجوب، والبلوغ (1).
ومعناه في الاصطلاح العام: أن يحل أحد الشيئين في الآخر.
وهو حلول سَرَياني، وحلول جواري.
يقول الجرجاني -رحمه الله-: "الحلول السرياني: عبارة عن اتحاد الجسمين بحيث تكون الإشارة إلى أحدهما إشارة إلى الآخر كحلول ماء الورد في الورد؛ فيُسمى الساري حالاًّ، والمسري فيه محلاًّ.
الحلول الجواري: عبارة عن كون أحد الجسمين ظرفاً للآخر كحلول الماء في الكوز" (2).
هذا هو الحلول: إثبات لوجودين، وحلول أحدهما في الآخر.
ويراد منه باصطلاح القائلين به من الصوفية وغيرهم: حلول الله - عز وجل - في مخلوقاته، أو بعض مخلوقاته.
وهو على قسمين - كما سيأتي بيانه -.
ثانياً: معنى الاتحاد: معناه: كون الشيئين شيئاً واحداً.
قال الجرجاني -رحمه الله-: "الاتحاد: امتزاج الشيئين، واختلاطهما حتى يصيرا شيئاً واحداً" (3).
ومعناه باصطلاح القائلين به: اتحاد الله - عز وجل - بمخلوقاته، أو ببعض مخلوقاته.
أي اعتقاد أن وجود الكائنات أو بعضها هو عين وجود الله - تعالى -.
وهو على قسمين - كما سيأتي بيان ذلك -.
ثالثاً: الفرق بين الحلول والاتحاد: الفرق بينهما يتلخص فيما يلي:
1 - أن الحلول إثبات لوجودين، بخلاف الاتحاد فهو إثبات لوجود واحد.
2 - أن الحلول يقبل الانفصال، أما الاتحاد فلا يقبل الانفصال.
ولهذا؛ فإن القائلين بالحلول غير القائلين بالاتحاد.
رابعاً: أمثلة يتبين بها الفرق بين الحلول والاتحاد: هناك أمثلة كثيرة منها: السُّكَّر إذا وضعته في الماء دون تحريك فهو حلول؛ لأنه ثَمَّ ذاتان، أما إذا حركته، فذاب في الماء صار اتحاداً؛ لأنه لا يقبل أن ينفصل مرة أخرى.
أما لو وضعت شيئاً آخر في الماء كأن تضع حصاة فهذا يسمى حلولاً لا اتحاداً؛ لأنها أصبحت هي والماء شيئين قابلين للانفصال.
مثال آخر يجتمع فيه الأمران: ورق الشاي التي توضع في الماء المغلي؛ فبمجرد وضعها وتحريكها يتغير لون الماء ويصبح شاياً، لا ماءاً.
فهو بهذا الاعتبار اتحاد؛ لأن الماء والشاي لا يمكن أن ينفصلا.
وورقة الشاي يمكنك رفعها وفصلها؛ فالحالة - بهذا الاعتبار - حلول لا اتحاد (4).
خامساً: أقسام الحلول: ينقسم الحلول - كما مر - إلى قسمين:
1 - حلول عام: هو اعتقاد أن الله - تعالى - قد حل في كل شيء.
ولكن ذلك الحلول من قبيل حلول اللاهوت -أي الإله الخالق- بالناسوت -أي المخلوق- مع وجود التباين بمعنى أنه ليس متحداً بمن حل فيه، بل هو في كل مكان مع الانفصال؛ فهو إثبات لوجودين.
وهذا قول الجهمية، ومن شاكلهم.
2 - حلول خاص: وهو اعتقاد أن الله - جل وعلا - قد حل في بعض مخلوقاته.
مع اعتقاد وجود خالق ومخلوق.
وذلك كاعتقاد بعض فرق النصارى أن اللاهوت -الله- حل بالناسوت -عيسى- وأن عيسى -عليه السلام- كان له طبيعتان: لاهوتية لما كان يتكلم بالوحي، وناسوتية عندما صلب وهكذا ...
وكذلك اعتقاد بعض غلاة الرافضة - كالنصيرية - أن الله - عز وجل - حل في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وأنه هو الإله؛ حيث حلت فيه الألوهية.
وذلك من عقائدهم الأساسية.
ولهذا تراهم يمجدون قاتله ابن ملجم، ويحبونه، ويخطِّؤون من يلعنه، أو يذكره بسوء.
وهذا من المفارقات العجيبة، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب؛ فلماذا يحبون ابن ملجم مع أنه قتل علي بن أبي طالب الذي يؤلهونه ويعبدونه من دون الله؟
الجواب: أنهم يزعمون أنه خلص اللاهوت من الناسوت بقتله، وبذلك تخلص اللاهوت من ظلمة الجسد، وكدره!! (5)
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذلك الحال بالنسبة للدروز القائلين بألوهية (الحاكم بأمر الله) فهم يعتقدون أن له حقيقةً لاهوتية لا تدرك بالحواس ولا بالأوهام، ولا تعرف بالرأي ولا بالقياس مهما حاول الإنسان أن يعرف كنهها؛ لأن هذا اللاهوت ليس له مكان، ولكن لا يخلو منه مكان، وليس بظاهر كما أنه ليس بباطن حتى إنه لا يوجد اسم من الأسماء، ولا صفة من الصفات يطلق عليه!!
ويرون أن الناسوت لا ينفصل عن اللاهوت؛ وذلك أن الحجاب هو المحجوب، والمحجوب هو الحجاب؛ فالناسوت في اللاهوت مثل الخط من المعنى (6).
وقل مثل ذلك في اعتقاد بعض طوائف الصوفية أن الله - عز وجل - قد حل في بعض مشايخهم.
سادساً: أقسام الاتحاد: الاتحاد أو وحدة الوجود - كما مر - ينقسم إلى قسمين:
1 - الاتحاد العام: وهو اعتقاد كون الوجود هو عين الله - عز وجل -.
بمعنى أن الخالق متحد بالمخلوقات جميعها.
وهذا هو معنى وحدة الوجود، والقائلون به يسمون الاتحادية، أو أهل وحدة الوجود كابن الفارض، وابن عربي، وغيرهما.
يقول الشيخ عبدالرحمن الوكيل -رحمه الله- عن ابن الفارض: "يؤمن هذا الصوفي ببدعة الاتحاد، أو الوحدة سمها بما شئت، بصيرورة العبد رباً، والمخلوق خلاقاً، والعدم الذاتي الصرف وجوداً واجباً.
وإذا شئت الحق في صريح من القول، فقل: هو مؤمن ببدعة الوحدة، تلك الأسطورة التي يؤمن كَهَنَتُها بأن الرب الصوفي تعين بذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله في صورة مادية، أو ذهنية، فكان حيواناً وجماداً وإنساً وجناً وأصناماً وأوثاناً.
وكان وهماً وظناً وخيالاً، وكانت صفاته وأسماؤه وأفعاله عينَ ما لتلك الأشياء من صفات وأسماء وأفعال؛ لأنها هي هو في ماهيته ووجوده المطلق، أو المقيد، وكل ما يقترفه البُغاة من خطايا، وما تنهش الضاريات من لحوم، أو تَعْرَق من عظام فهو فعل الرب الصوفي، وخطيئته وجرمه" (7).
ثم تناول -رحمه الله- قصيدة ابن الفارض التائية المليئة بما يقرر وحدة الوجود بشيء من الشرح والتحليل.
ومن ذلك قول ابن الفارض مقرراً عقيدة وحدة الوجود:
جَلَتْ في تجليها الوجودَ لناظري = ففي كل مرئيٍّ أراها برؤيةفهو يزعم أن الذات الإلهية هتكت عنه حجب الغَيْريَّة، وجلت له الحق المغيب، فرأى حقيقة الله متعينة بذاتها في كل مظاهر الوجود.
ويقول:
فوصفي إذا لم تدع باثنين وصفُها = وهيئتها - إذ واحدٌ نحن - هيئتي يزعم أن كل ما وصف به الله نفسه فالموصوف به على الحقيقة هو ابن الفارض؛ لأنه الوجود الإلهي الحق في أزليته، وأبديته، وديموميته، وسرمديته.
ويقول:
فإن دُعيَتْ كنتُ المجيبَ وإن أكن = منادى أجابت من دعاني ولبتِويقول - وبئس ما يقول -:
وكلُّ الجهات الستِّ نحوي توجهت = بما تمَّ من نسك وحجٍ وعمرةِ
لها صلواتي بالمقام أقيمها = وأشهد فيها أنها ليَ صلتِ
إلى أن يقول - قبحه الله -:
ففي النشأة الأولى تراءت لآدم = بمظهر حوَّا قبل حكم البنوةٍ
وتظهر للعشاق في كل مظهرٍ = من اللبسْ في أشكال حُسْنٍ بديعةِ
ففي مرة (لبنى) وأخرى (بثينة) = وآونة تُدعى (بعَزَّة) عَزَّتِ
يزعم أن ربه ظهر لآدم في صورة حواء، ولقيس في صورة لبنى، ولجميل في صورة بثينة، ولكثيِّر في صورة عزَّة.
فما حواء أم البشر إلا الحقيقة الإلهية، وما أولئك العشاق سَكِرت على شفافههن خطايا القبل المحرمة، وتهاوت بُنْيَةُ اللهفة الجسدية الثائرة تحت شهوات العشاق، ما أولئك جميعاً سوى رب الصوفية تجسد في صور غَوَانٍ تطيش بهُدَاهُنَّ نزوةٌ وَلْهَى، أو نشوةٌ سكرى، أو رغبة تتلظى في عين عاشق!! (8).
ومن أهل وحدة الوجود ابن عربي، ومن أقواله في ذلك:
العبد ربٌّ والرب عبدٌ = يا ليت شعريْ مَن المكلف
إن قلت: عبدٌ فذاك ربٌّ = أو قلت: ربٌّ أنَّى يكلف (9) وقوله: "سبحان من أظهر الأشياء وهو عينها" (10).
وقوله: "إن العارف من يرى الحق - الله - في كل شيء، بل يراه عين كل شيء" ([11]).
2 - الاتحاد الخاص: هو اعتقاد أن الله - عز وجل - اتحد ببعض المخلوقات دون بعض.
فالقائلون بذلك نزهوه من الاتحاد بالأشياء القذرة القبيحة، فقالوا إنه اتحد بالأنبياء، أو الصالحين، أو الفلاسفة، أو غيرهم.
فصاروا هم عين وجود الله - جل وعلا -.
كقول بعض فرق النصارى: إن اللاهوت اتحد بالناسوت، فصارا شيئاً واحداً.
وهذا بخلاف القائلين بالحلول فهم يرون أن له طبيعتين لاهوتيةً وناسوتيةً.
فالاتحادية قالوا بواحد، والحلولية قالوا باثنين.
ولا ريب أن القول بالحلول أو الاتحاد أعظم الكفر والإلحاد عياذاً بالله.
ولكن الاتحاد أشد من الحلول؛ لأنه اعتقاد ذات واحدة، بخلاف الحلول -كما مر-.
ثم إن القول بأنه اتحد في كل شيء أعظم من القول بأنه اتحد في بعض مخلوقاته.
وبالجملة فإن اعتقاد الحلول والاتحاد اعتقاد ظاهر البطلان، وقد جاء الإسلام بمحوه من عقول الناس؛ لأنه اعتقاد مأخوذ من مذاهب، وفلسفات ووثنيات هندية، ويونانية، ويهودية ونصرانية، وغيرها تقوم على الدجل، والخرافة.
ــــــــــــــــــــ
[1]- انظر الكليات للكفوي ص389.
[2]- التعريفات ص92.
[3]- التعريفات ص9.
[4]- انظر شرح الشيخ صالح آل الشيخ للحموية (مصور).
[5]- انظر الحركات الباطنية د. محمد أحمد الخطيب ص356، والنصيرية ص119.
[6]- انظر الحركات الباطنية ص223 - 238.
[7]- هذه هي الصوفية ص24 - 25.
[8]- انظر هذه هي الصوفية ص24 - 25.
[9]- الفتوحات المكية 1/ 2.
[10]- الفتوحات المكية 2/ 604، وانظر هذه هي الصوفية ص35.
[11]- نصوص الحكم ص374، وانظر هذه هي الصوفية ص35.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الطبيب]ــــــــ[21 Aug 2006, 03:25 م]ـ
جزاك الله خيراً شيخنا الفاضل على هذا البيان الشافي ..
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[21 Aug 2006, 07:10 م]ـ
بحث طيب وفوائد جميلة!
ـ[بدر الجبر]ــــــــ[25 Aug 2006, 02:32 م]ـ
أحسن الله إليك شيخنا الفاضل؛ فقد غمرتنا بعلمك ولطفك وتواضعك، ولا غرو فما زلنا ننهل من كتبك وموقعك المتجدد:
http://www.toislam.net/index.asp
نفع الله بك الإسلام والمسلمين.(/)
التعريف بكتب التفسير للشيخ الطيار
ـ[الطبيب]ــــــــ[21 Aug 2006, 03:21 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته،،،
الإخوة الفضلاء ...
للشيخ مساعد الطيار حفظه الله دورة علمية بعنوان (التعريف بكتب التفسير) ألقاها على ما أظن صيف عام 1424 هـ بالدمام، وكأني أذكر أن الشيخ كان يعتزم إخراج مادتها في كتاب، فهل خرج الكتاب؟ وهل هي موجودة على الشبكة؟
أفيدونا رعاكم الله ..
ودمتم،،،
ـ[الطبيب]ــــــــ[28 Aug 2006, 12:07 ص]ـ
أفيدونا مأجورين ...
ودمتم،،،
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 Aug 2006, 06:14 ص]ـ
الأخ الفاضل الطبيب
كنت قد عزمت على إخراج هذه المعلومات في كتاب، وجلُّها مكتوبٌ عندي، وقد نفَّذت (دار المحدِّث) الكََتْبَةَ الأولى لما كنت أعددته من هذه المادة العلمية، لكني لما نظرت فيها وجدتها تحتاج إلى جهد كبير لإخراجها بما يليق بها، فتركتها لأجل أن يتيسر وقت مناسب لإخراجها، أسأل الله العون والتوفيق والإخلاص في القول والعمل.
ـ[الطبيب]ــــــــ[29 Aug 2006, 12:42 ص]ـ
آمين ...
وأسأل الله أن يعجل بذلك.
ودمتم،،،(/)
(أسانيد التفسير) للشيخ / عبدالعزيز الطريفي وفقه الله.
ـ[المسيطير]ــــــــ[23 Aug 2006, 07:28 م]ـ
المشايخ الفضلاء /
محاضرة علمية، متقنة، من فضيلة الشيخ / عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي وفقه الله تعالى، بعنوان:
أسانيد التفسير
ألقاها الشيخ وفقه الله في / جامع الأميرة نورة بنت عبدالله - حي النخيل في الرياض.
بتاريخ / 21 - 2 - 1427 هـ
أنقلها للفائدة مسموعةً.
وستنزل مكتوبةً بإذن الله.
للإستماع:
http://www.liveislam.net/browsearchive.php?sid=&id=22147(/)
كيف يبني طالب الدراسات القرانية مكتبته؟
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[23 Aug 2006, 09:44 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى اله وصحبه وبعد
ان موضوعا بهذا الحجم يحتاج الى متخصص بنفس الحجم من كثرة الاطلاع والمنهجية العلمية والكل يعلم أنه يحتاج الى وقت ومجهود كبيرين ولعلمي بان مشايخنا الفضلاء يضيق وقتهم للتفرغ لمثل هذا الموضوع فاني أحببت أن أورد فكرة المشاركة الجماعية في توضيح وترتيب مكتبة الدراسات القرانية من رواد ومتخصصي هذا الملتقى المبارك.
كانت فكرة بناء المكتبة العلمية من بركات الشيخ الدكتور عبدالكريم بن عبدالله الخضير رعاه الله فقد تحدث عن هذا الموضوع وأبدع فيه أيما ابداع - كيف وهو الخبير بصناعة الكتب - لكن الذي يلاحظ على تطرق الشيخ للحديث عن كتب التفسير وعلوم القران واعرابه جاء دون مزيد تفصيل من الشيخ على خلاف كتب السنة .. ثم ان الشيخ لم يتطرق الى كتب التجويد أو رسم المصحف أو القراءات وطرقها الينا .... الخ
فياليت هذا الأمر يعالج من متخصصي الدراسات القرانية وينظر فيه حتى نخرج بعمدة القول في هذه المكتبة التي يحتاجها كل طلاب العلم ناهيك على المتخصصين ونخرج ببحث علمي متين يكون عونا لنا وللأجيال القادمة من بعدنا، ولعل خير مايبدء به هو تقسيم أحببت أن نجعله محور البحث في هذا:
أ - تقسيم المكتبة الى عدة أقسام بحسب التصنيف المعتبر في هذا التخصص
كتب القراءات، والرسم، و علوم القران وماتفرع عنها، والتفسير ومافيه من أصوله .... الخ
ب - توضيح ماأمكن من الطبعات وبيان أفضلها ن مع ذكر من حقق في هذه الطبعات وإبراز المتميز منهم
ج - ذكر المختصرات ان وجدت لكي يتسنى للمبتدئين البدء بها.
* وياليتنا نظفر بخاتمة من شيخنا الدكتور مساعد الطيار في كيفية التعامل مع هذه الكتب قراءة وجردا واستخراجا لكنوزها ....
هذا ماحلمت به، ثم كتبته، لعلي أجد من مشايخنا وإخواننا تضامنا و تأييدا وتعديلا لعل الله أن ينفع به وييسره
والله ولي التوفيق وهو أحكم الحاكمين
العقل ذكر والعاطفة أنثى (وليس الذكر كالأنثى)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[23 Aug 2006, 11:01 م]ـ
طالب الدراسات القرآنية ينبغي أن يكون من أولى معارفه هو الكتب المؤلفة في كل فن من فنون المتعلقة بالقرآن الكريم، كأقل شيء يجعله فعلا من المنتسبين لهذا المنقبة السامية.
وتبقى الحاجة التي يتفاوت فيها الدارسون قوة وضعفا تدور حول أمور:
1/ بعض الكتب غير المشهورة، أو التي يجهلها غير المتخصص في مجالها، فهنا تظهر الحاجة إلى الدلالة على أبرز الكتب ومنزلتها بين قريناتها.
2/ أفضل الطبعات، ومزايا كل طبعة، وسلبياتها، وأفضل التحقيقات فيها.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[24 Aug 2006, 12:16 ص]ـ
3/ كيفية الاستفادة الحقيقية من هذه الكتب والمؤلفات، فالطالب كثيرا ما يقع مع بعض الكتب بين مشكلتين:
عدم معرفة قدرها ومكانتها، مما يجعله غافلا عنها، تاركا لها بالكلية.
أو أن يقتنيها لكنه يجهل كيفية التعامل معها، والوصول إلى خباياها وكنوزها.
وما سبق يؤكد لنا أهمية ما طرحه الأخ الكريم (أبو حنيفة) جزاه الله خيرا.
ـ[قطرة مسك]ــــــــ[28 Feb 2008, 01:53 ص]ـ
يرفع للأهمية.
فتح الله عليك أخانا أبا حنيفة، موضوع قيم ورائع، نرجو من الأساتذة الفضلاء إثراءه بالتوجيه والإفادة.
ـ[عصام]ــــــــ[28 Feb 2008, 02:45 ص]ـ
للرفع
ـ[عبد الله العمر]ــــــــ[28 Feb 2008, 04:54 م]ـ
موضوع رائع يستحق الاشادة به
للرفع
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[04 Mar 2008, 04:42 م]ـ
لا بد من مشاركة أهل الخبرة في هذا الموضوع حتى يستفيد الجميع منه(/)
كتابة القرآن الكريم بنظام برايل للمكفوفين د. عبد الله الخميس
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[24 Aug 2006, 12:51 ص]ـ
هذا بحث مطول في هذا الموضوع جدير بالإطلاع أضع بين أيديكم رابطه:
كتابة القرآن الكريم بنظام برايل للمكفوفين ( http://www.almoslim.net/rokn_elmy/show_article_main.cfm?id=1658)
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[24 Aug 2006, 05:47 ص]ـ
بسم الله ما شاء الله بحث ماتع ودسم جدا
أشكرفضيلة المشرف أحمد البريدي لهذا الرابط الهام(/)
سؤال حول (فهرست مصنفات تفسير القرآن) الذي حوى أكثر من 6000 عنوان
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[24 Aug 2006, 02:20 ص]ـ
صدر عن مجمع الملك فهد (فهرست مصنفات تفسير القرآن الكريم) الذي حوى أكثر من 6000 عنوان في ثلاثة مجلدات، وسؤالي لمن اطلع عليه:
ما صفة التعريف بهذه التفاسير؟ هل اقتصر على مجرد ذكرها، أم يبين منهجها باختصار، وهل يشير إلى كون التفسير مطبوعا أو مخطوطا أو مفقودا؟
وهل الكتاب متوفر في المكتبات التجارية؟
أرجو الإفادة ..
وجزاكم الله خيرا
ـ[سامح عبد السلام]ــــــــ[25 Aug 2006, 06:10 م]ـ
السلام عيكم اخي الكريم انا ايضا انضم ايك واطلب الإجابة على سؤالك جزاك الله خيرا
ـ[طالب المعالي]ــــــــ[26 Aug 2006, 06:18 م]ـ
نرجو الرد لمن يعلم عن هذا المؤلف من الاخوة الكرام
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[26 Aug 2006, 09:48 م]ـ
أخي الفاضل
هذه مقدمة الكتاب، ولعلها تفيدك إن شاء الله:
كلمة تعريفية بفهرست مصنفات تفسير القرآن الكريم
يعد مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف صرحا متميزا يُعنى بخدمة القرآن الكريم وعلومه، وقد انبثقت دواعي إعداد " فهرست مصنفات تفسير القرآن الكريم " لديه من الحاجة إلى توافر مادته العلمية في مصنف جامع لها، ويتأكد هذا إذا علمنا أن المكتبة القرآنية خالية من مؤلَّف يلمُّ أشتات كتب التفسير المتعددة، مع بيان المخطوط منها، أو المطبوع، أو ما هو في حكم المفقود، ويحقق في عناوينها وأصحابها.
ويقوم "الفهرست" على استقراء ما دُوِّن شرحا لكتاب الله تعالى باللغة العربية دون غيرها من لغات الشعوب الإسلامية، منذ صدر الإسلام حتى العصر الحاضر (1422هـ)، سواء أكان هذا الشرح تفسيرا كاملا للقرآن الكريم، أم كان مقتصرا على تفسير بعض سوره أو آياته.
وتشتمل مادة الفهرست على الموضوعات التالية:
1 - تفاسير القرآن الكريم بمختلف مناهجها واتجاهاتها وأحجامها.
2 - كتب غريب القرآن الكريم.
3 - كتب أحكام القرآن= التفسير الفقهي.
4 - كتب الوجوه والنظائر القرآنية.
5 - كتب مناسبات الآي والسور.
6 - كتب تعليل المتشابه اللفظي وتوجيهه.
7 - كتب مشكل القرآن.
8 - كتب متشابه القرآن المعنوي.
9 - كتب تشبيهات القرآن.
10 - كتب أمثال القرآن.
11 - كتب أقسام القرآن.
وقد أدخلنا في هذا الفهرست الكتب التي مزجت بين التفسير وغيره من العلوم كالإعراب، إذا غلبت مادة التفسير عليها، ولم ندخل فيه المقالات المطبوعة في التفسير، المنشورة في المجلات والدوريات.
ولم ندخل كذلك من كتب "آيات الأحكام" في هذا الفهرست ما كان عنوانه مجردا من الشرح نحو "آيات الأحكام" لابن الوزير اليماني (ت: 840 هـ).
وبهذا الإطار تحدد نطاق الفهرست وما يدخل فيه من مؤلفات من حيث الموضوع.
ولم يدخل في نطاق الفهرست.
1 - الأعلام الذين تصدوا لتدريس التفسير وعلومه، ولم تذكر لهم المصادر التي اطلعنا عليها تصنيفا في علم التفسير.
2 - الكتب التي تخدم جوانب من علم التفسير، كالكتب التي خرجت أحاديث تفسير ما، أو شرحت شواهده الشعرية، أو كتب علوم القرآن التي ليست لها صلة مباشرة بموضوع التفسير.
3 - كتب أصول التفسير وقواعده؛ لأنها وُضِعَتْ لضبط قواعد علم التفسير وأسسه، إلا إذا تضمنت شيئا من التفسير.
أما الكتب المؤلفة بعدة لغات- ومنها العربية- نحو " المفردات القرآنية " لمراد بن علي الحنفي (ت: 1132 هـ) فقد تم إدخالها في هذا الفهرست.
وقد جمعت معلومات الفهرست ضمن خمسة حقول- غالبا-، وهي:
1 - عنوان الكتاب
2 - اسم المؤلف
3 - البيانات عن الكتاب
4 - مصادر التوثيق
5 - الملاحظات.
وقد راعينا في كل حقل من هذه الحقول الضوابط التالية:
ا- عنوان الكتاب:
اعتمدنا الترتيب المعجمي في سرد عناوين المصنفات، وكنا نختار العنوان الصحيح للكتاب، وأردفنا الاسم المشهور الذي طبع به، أو رآه أهل العلم بين علامتي=، وعند اختلاف المصادر في عنوان كتاب ولم يكن هناك قرينة ترجح تقديم مصدر على آخر أخذنا بالعنوان الواضح البعيد عن الإبهام والإجمال.
وأما إذا كان الكتاب لمؤلِّف مجهول فقد أخَّرْناه إلى نهاية المعجم في فصل مفرد، ولم نثبته في حرفه المعجمي.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد أفردنا لكل كتاب بطاقة ولو كان للمؤلف عدة كتب، أما المصنف الذي اشترك في وضعه أكثر من مؤلف فجعلناه في بطاقة واحدة، ويُذْكَرُ المصنفون المشاركون في حقل البيانات.
وثمة كتب نقلنا عناوينها من فهارس المخطوطات ولم نعلم تراجم واضعيها على وجه التعيين، لذا فقد نقلنا عناوين تلك الكتب كما وردت في الفهرس المنقول عنه، ولم نتدخل فيه إلا إذا كان في العنوان خطأ ما.
2 - اسم المؤلف:
رتبنا اسم المؤلف على هذا المنهج:
الشهرة، الاسم الأول، الأب، الجد، الكنية واللقب، النحلة أو المذهب الفقهي (بعض الأوصاف الكاشفة) الميلاد، الوفاة.
أما الشهرة فنبدأ بها، وهي مدخل للمؤلف، وفي حقل الاسم الثلاثي ذكرنا المؤلف باسمه الذي رأيناه صحيحا، ثم اسم أبيه فجده. وجمعنا بين الكنية واللقب، فإن لم يوجد إلا أحدهما اقتصرنا عليه.
وعني الفهرست بالنص على نحلة العلم إذا أسعفتنا المراجع التي رجعنا إليها في تحديدها، والمراد بها: تسمية من انتحل طريقا أو اتبع فرقة تخالف أهل السنة والجماعة، أو اشتهر ببدعة.
وذكرنا المذهب الفقهي للمؤلف إن كان من أهل السنة، سواء أكان المذهب من المذاهب المندثرة كالثورية والجريرية، أم كان من المذاهب المشهورة التي لمدارسها امتداد كالمذاهب الأربعة والمذهب الظاهري، وذلك فيمن عُيِّن مذهبه.
وإذا عرف العلم بتحوله المذهبي بين مذهبين فأكثر، اقتصرنا على نسبته للمذهب الذي استقر عليه أخيرا حسب ما نصت عليه المراجع المعتمدة.
وذكرنا بعض الأوصاف التي تُعَرِّف بالعلم وتميزه عن غيره بعد النحلة أو المذهب الفقهي إن احتيج إليها.
أما الميلاد والوفاة فوضعناهما بين قوسين بالتاريخ الهجري، ورمزنا لهما بـ (هـ) بعد تاريخ الوفاة، أو بعد تاريخ الميلاد إن كان المؤلف حيا.
أما من لم نهتد إلى تاريخ ولادته أو وفاته فوضعنا مكانهما علامة استفهام (؟) لتدل على جهالتهما لدينا، وأما من لم تعين وفاته فذكرنا له تاريخ وفاة تقريبيا، واعتمدنا فيه على بعض القرائن المساعدة. وأما من لم تحدد وفاته فذكرنا القرن الذي عاش فيه على نحو مجمل هكذا، مثل: (ق 8هـ). أما المعاصرون الذين ما زالوا على قيد الحياة- وقت إعدادنا للفهرست فوضعنا لهم نقاطا هكذا ( ... ) في حقل الوفاة؛ دلالة على ذلك.
3 - البيانات عن الكتاب:
أشير للكتب المطبوعة بذلك، دون تسمية الطبعة أو مكانها أو تاريخها، وأما إذا كان الكتاب المطبوع مُضَمَّنا في كتاب آخر، أو طبع في مجلة، فقد ذكرنا الجزء والصفحة، أو عدد المجلة.
وإذا كان الكتاب مخطوطا نصصنا على ذلك، ولم نذكر أماكن نسخه، أو بيانات عنه اكتفاء بالإحالة على المصدر المنقول منه، إلا ما كان بخط المؤلف أو عليه خطه، أو قرئ عليه؛ وذلك فيما علمناه من المصادر. أما ما عَلِمْناه من نسخ الكتاب بطريق خاص ولم تذكره المصادر، فقد أشرنا إلى مكانها ورقمها في المكتبة التي تحتفظ بها.
وإذا لم نتيقن من كون الكتاب مطبوعا أو مخطوطا لم نرمز له بأنه مفقود، لأن الحكم بذلك يحتاج إلى استقصاء واستقراء، وذكرنا حجم هذا الكتاب بذكر أجزائه أو مجلداته إذا وقفنا على ذلك.
وإذا علمنا أن الكتاب لم يتم أشرنا إلى ذلك، وإذا علمنا السور أو الآيات المفسَّرة عَيَّنَّا ما فُسِّر إذا كان عنوان الكتاب لا يفي بذلك.
وقد أضفنا بعض العبارات المختصرة التي توضح عنوان الكتاب وموضوعه، وأضفنا فوائد عن بعض الكتب رأيناها مناسبة للمقام.
4 - المصادر:
استقينا مادة الفهرست من (116) مصدرا (عنوانا)، وقد راعينا في هذه المصادر اتصافها بالتنوع، من حيث الزمن قديما وحديثا، ومن حيث الطبقة، والبلدان، والمذاهب، والتخصصات العلمية؛ لتكون قاعدة الفهرست متصفة بالعموم والشمول.
ولم نذكر في حقل المصادر الخاصة بالكتاب إلا من نصت على اسمه، دون من ترجم للعَلَم.
ورتبنا المصادر في ذكرها ترتيبا تاريخيا بناء على وفيات المؤلفين، أو تاريخ طبع الكتاب إن كان مؤلفه حيا، وإن اتفق كتابان أو أكثر في سنة الطبع قدمنا أولهما ترتيبا من حيث الحروف.
وأبقينا بعض المصادر التوثيقية الدالة على أن الكتاب مخطوط، لبعض الكتب المطبوعة؛ لكون تلك الكتب لها نسخ خطية بخط المؤلف أو عليها خطه.
وقد نلجأ- أحيانا- للتوثيق في حقل الملاحظات من بعض المصادر التي استفيد منها ولم تذكر الكتاب.
5 - الملاحظات:
وهي حقل مفتوح يشار فيه إلى تصحيحات رأيناها في مجمل عناصر حقول الكتاب، كالإشارة إلى صواب اسم المؤلف، أو وفاته إذا كان خلاف ما نصت عليه المصادر المعتد بها، أو الإشارة إلى تصحيح نسبة كتاب نُسِب لغير واضعه، أو الإشارة إلى تصحيح عنوان الكتاب، أو تصحيح محتواه، ولم نلتزم التنبيه على تصحيح الوفيات التي خولف فيها المشهور.
وقد ظهرت عدة أعمال معجمية في حقل الدراسات القرآنية حاولت رصد حركة التأليف في هذا المجال المعرفي لم يكن لها منهج واضح، أو لم تتعامل مع مصادر الموضوع على نحو مباشر، أو لم تُعْنَ بتحرير المعلومات وصحتها، ومن هنا فاتها معلومات كثيرة.
وبالمقارنة بين هذا العمل المعجمي وغيره من الأعمال السابقة يتبين للناظر بجلاء الفرق الشاسع بينهما.
وقد تم إعداد هذا الفهرست في فترة سنتين ونصف، وذلك في مركز الدراسات القرآنية الذي يتبع إدارة الشؤون العلمية في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، وقام بإعداده فريق عمل متخصص في حقل الدراسات القرآنية تاريخا وأداء وعلوما متصلة. وإدارة الشؤون العلمية في المجمع ترحب باستدراكات الباحثين وتأملهم في المادة العلمية للفهرست.
والحمد لله رب العالمين
منقول من هذا الرابط http://www.qurancomplex.org/tbooks/indexintro/default.asp?TabID=7&SubItemID=1&l=arb&SecOrder=7&SubSecOrder=1
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[31 Aug 2006, 07:00 م]ـ
الشيخ الفاضل/مساعد الطيار
جزاك الله خيرا على هذا النقل الوافي، وأشكر لك تجاوبك واهتمامك.
ولكن هل الكتاب متوفر في المكتبات التجارية؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Sep 2006, 01:30 م]ـ
أنا شخصياً لم أجد هذا الكتاب، وقد سألت عنه مراراً في ركن مجمع الملك فهد في المعارض الأخيرة ولكن لم أجد منه إلا نسخة واحدة للعرض. فيبدو أنه لا بد من زيارة المجمع في المدينة النبوية لشراء نسخة من الكتاب.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[03 Sep 2006, 10:56 ص]ـ
لقد اتصلت بقسم المبيعات بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف وسألتهم عن الفهرست فأفادوني بأنه لم ينزل في قسم المبيعات إلى الآن. ولا يعلم عن وقت نزوله.
ـ[الكشاف]ــــــــ[14 Sep 2006, 01:21 م]ـ
بارك الله فيكم على هذه المعلومات.(/)
من نقل من تفسير بقي بن مخلد؟
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[24 Aug 2006, 03:00 م]ـ
متابعة لموضوع مدح ابن حزم لتفسير بقي بن مخلد (انظر هذا الرابط: http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6044&highlight=%C8%DE%ED+%E3%CE%E1%CF )
، بدا لي أن أتتبع عبر (المكتبة الشاملة) من استفاد من تفسير بقي بن مخلد، فإنه مع هذا الإطراء لتفسيره يندر النقل عنه، وقد وجدت هذه النقول الآتية:
قال ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري 5: 121:
(وقد روى: أن خديجة قالت للنبى - صلى الله عليه وسلم - حين أبطأ عنه الوحى: إن ربك قد قلاك، فنزلت: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 1، 5]، فأعطاه الله ألف قصر فى الجنة من لؤلؤ ترابها المسك فى كل قصر ما ينبغى له. ذكره بقى بن مخلد فى التفسير).
قال ابن بطال في شرحه لصحيح البخاري: (17: 41):
(ووجدت هذا الذى فسره قتادة روى عن النبى عليه السلام ذكر بقى بن مخلد فى التفسير عن سعيد، عن قتادة، عن أنس «أن النبى عليه السلام بينا هو جالس مع أصحابه، إذ أتى يهودى فسلم عليهم فردوا عليه، فقال عليه السلام: هل تدرون ما قال؟ قالوا: سلم يا رسول الله. قال: سام عليكم، أى تسأمون دينكم»).
قال ابن حجر في الإصابة (2: 86):
خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث ذكرها بقي بن مخلد في تفسير آل عمران في قوله تعالى: " يخرج الحي من الميت ". آل عمران 27. وذكره بسنده عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فرأى عندها امرأة تصلي في المسجد وكانت متعبدة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " يا عائشة من هذه؟ " قالت إحدى خالاتك. قال: " إن خالاتي بهذه البلاد الغرائب فأي خالاتي هذه؟ ". قالت: هذه خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث قال: " سبحان الله الذي يخرج الحي من الميت ".
إن صح هذا الحديث فإنما كانت خالته لأن الأسود ابن عبد يغوث بن وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم فخالدة بنت الأسود بنت بن خال بن عبد مناف بن زهرة والد خالدة هذه هو ابن أخي آمنة بنت وهب النبي صلى الله عليه وسلم فهي من خالاته ولم أعرف من ذكرها غير بقي بن مخلد).
فهل يمكن من خلال متابعة نقول العلماء أن نعرف آخر من نقل من تفسير بقي بن مخلد، لعل الله أن ييسر الوصول إلى مخطوطات هذا التفسير الذي لقي مثل هذا الثناء، ومؤلفه ممن لا يخفى فضله على طالب علم، وهو من العلماء الذين يحسن بطالب العلم قراءة تراجمهم؛ لما فيها من الفوائد في العلم والتزكية.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[24 Aug 2006, 06:08 م]ـ
نقل المباركفوري في تحفة الأحوذي أن "مسند بقي بن مخلد" موجود في مكتبة برلين بألمانيا، وكان الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله يقول عن هذه المكتبة إنها مسيلة للّعاب.
ويجزم بعض الإخوة أنه يوجد على الأقل قطعة من هذا المسند في المغرب، والكتب المبتورة وغير المعنونة في خزانات المغرب كثيرة جدا، ويصعب حصرها، وللأسف الدولة لا تقوم بشيء من هذا، وما زال متأخري المغاربة ينقلون من مسند بقي بن مخلد، وقد تفرد الأندلسيون بروايته.
فهل يمكن أن يقود هذا للوصول إلى مخطوط التفسير لهذا الإمام الجهبذ؟
ـ[موراني]ــــــــ[25 Aug 2006, 04:21 م]ـ
العبادي المحترم
في هذه القائمة المسماة بمسيلة للّعاب نظر. لقد جرى الحديث حولها من قبل في هذا الملتقى. لو كانت التحف التى ذكرها الشيخ حماد الأنصاري موجودة لكان لي شخصيا علم بها. وبعد مراسلات كثيرة مع عديد من المكتبات وبعد البحث عن هذه المجموعة بحثا طويلا تبين لنا أنّ هذه القائمة ليست الا بمثابة الأساطير الكثيرة الشائعة ,ولم تزل شائعة حتى اليوم , لا يعلم مصدرها الا الله ...
كما أنّ الكلام حول وجود قطعة من المسند في برلين غير صحيح.
ودام الجميع بخير
موراني
ـ[موراني]ــــــــ[25 Aug 2006, 06:41 م]ـ
تلقيت اجابة من الزملاء في أسبانيا تفيد أن المخطوط لتفسير بقي بن مخلد غير معروف لديهم
وأشاروا الى الكتاب التالي:
مدرسة التفسير للمسيني (أو الماسني؟؟ كتب الاسم بحروف لاتنية وأنا لا أعرف هذا المؤلف) ص 83 الى 85
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Aug 2006, 09:35 م]ـ
كتاب مدرسة التفسير في الأندلس، تأليف مصطفى إبراهيم المشيني. وليس فيه جديد من جهة تفسير بقي بن مخلد، فقد نقل قول ابن حزم الموجود في نفح الطيب.
وقد وقفت على هذا النص في كتاب سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي، للعصامي
(المكتبة الشاملة):
قال الإمام أبو القاسم السهيلي: ذكر ابن مخلد في تفسيره: أن إبليس - لعنه الله تعالى - رن أربع رنات: حين لعن، وحين أهبط، وحين ولد النبي صلى الله عليه وسلم وحين أنزلت فاتحة الكتاب.
ولعله بقي بن مخلد؛ إذ السهيلي أندلسي، ويقرب أن يكون اطلع على تفسير بقي
وهناك ابن مخلد آخر، وهو شجاع بن مخلد (ت: 235) له تفسير، وقد نقل منه ابن كثير، فقد ورد في تفسسير آية الكرسي قوله: وقال شجاع بن مخلد في تفسيره: أخبرنا أبو عاصم عن سفيان عن عمار الدُّهْني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ} قال: "كرسيه موضع قدميه والعرش لا يقدر قدره إلا الله عز وجل".
وتفسير شجاع بن مخلد كتاب ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (9: 251).
كما وقفت في كتاب تفسير مبهمات القرآن الموسوم بصلة الجمع وعائد التذييل لموصول كتابي الإعلام والتكميل لأبي عبد الله محمد بن علي البلنسي (ت: 782) على هذا النص المتعلق بأسماء أصنام قوم نوح، قال: ( ... ورى بقي بن مخلد أإن هذه الأسماء المذكورة في السورة كانوا أبناء آدم لصلبه، وأن يغوث كان أكبرهم، والله أعلم) (2: 651 ـ 652).
ولعل هذا النقل من كتاب التفسير لبقي بن مخلد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[د. أنمار]ــــــــ[25 Aug 2006, 10:00 م]ـ
العبادي المحترم
كما أنّ الكلام حول وجود قطعة من المسند في برلين غير صحيح.
موراني
إنما قال قطعة من المسند في المغرب
ـ[موراني]ــــــــ[25 Aug 2006, 11:50 م]ـ
نقل المباركفوري في تحفة الأحوذي أن "مسند بقي بن مخلد" موجود في مكتبة برلين بألمانيا
مرة أخرى: هذا الكلام غير صحيح
أما الكلام حول ما في مكتبات المغرب فهو أيضا موضوع الشك في الغالب حسب تجربتي.
مساعد الطيار المحترم , لكم الشكر على هذه المعلومات. لا علم لي بهذا الكتاب , لقد نقلت اليكم ما تلقيته اليوم من اسبانيا فحسب.
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[26 Aug 2006, 03:00 م]ـ
الأستاذ موراني:
أنت نفيت ما أثبته غيرك، والمثبت مقدم على النافي، فيبقى الاحتمال قائما.
وليس هذا هو المقصد من الموضوع الذي طرحه فضيلة الشيخ مساعد، فنبقى في حدود ما أراد، وهو البحث عن الروايات التي تثبت آخر من نقل من هذا التفسير القيّم، لعل الله أن ييسر الوصول إلى مخطوطاته.
ـ[موراني]ــــــــ[26 Aug 2006, 04:53 م]ـ
العبادي الفاضل
ما ذكر المباركفوري لا يتمشى مع الواقع ومن هنا كلامه موضوع النفي. ليس هناك مخطوط من الكتاب المذكور في برلين , هذا هو الواقع والاحتمال لا يبقى قائما فيما يتعلق بمكتبة برلين.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[27 Aug 2006, 11:09 ص]ـ
صاحب كتاب مدرسة الاندلس في التفسير اسمه الاستاذ الدكتور مصطفى ابراهيم المشني بحذف الياء الاولى التي ذكرها شيخنا الطيار طارت فضائله عبر الافاق
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[15 Sep 2006, 05:23 م]ـ
أود أن أشير هنا إلى فائدتين:
1. كلام ابن حزم في تفسير بقي الذي أشار إليه الشيخ مساعد يظهر عليه مسحة المبالغة، وقد تعقب الحافظ ابن كثير عبارة ابن حزم تلك، فقال في (البداية والنهاية) 14/ 685: "وفيما زعم ابن حزم نظر".
2.قد اختصر هذا التفسير الحافظُ أبو محمد عبد الله بن محمد بن حسن الكلاعي القرطبي، كما أفاد ذلك الذهبي.
والسلام عليكم،،،(/)
مذاكرة ومباحثة حول نص من تفسير ابن أبي حاتم
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[24 Aug 2006, 06:15 م]ـ
قال ابن أبي حاتم في مقدمة تفسيره: " سألني جماعة من إخواني إخراج تفسير القرآن مختصرا بأصح الأسانيد وحذف الطرق والشواهد والحروف والروايات وتنزيل السور، وأن نقصد لإخراج التفسير مجردا دون غيره، متقص تفسير الآي حتى لا نترك حرفا من القرآن يوجد له تفسير إلا أخرج ذلك".
وغرضي من نقل هذا النص أمران:
الأول: ما المراد بما حذفه من التفسير - والتي جعلتها باللون الأزرق -؟.
الثاني: هل يفهم من كلامه معنى آخر لمصطلح (التفسير) وهو قصره على المعنى المباشر دون غيره ولو كان مما يعين على فهم معنى الآية؟
أنتظر فوائدكم، ولي عودة _ إن شاء الله_ لأطرح عليكم ما جال في خاطري ..
حفظكم الله ..
ـ[الكشاف]ــــــــ[04 Sep 2006, 09:44 م]ـ
بسم الله
أما حذف الطرق والشواهد فلعلها ظاهرة لفضيلتكم، وهي من اصطلاحات أهل الحديث، الطرق المتعددة للخبر الواحد.
وأما الحروف والروايات وتنزيل السور، فلعله يعني أنه أخلى كتابه من مسائل القراءات التي لا علاقة لها بالمعنى، وكذلك الروايات القرآنية، وتنزيل السور وهو المكي والمدني وما يتعلق به، فكأنه أفرده للتفسير المباشر للمعنى. والتأمل في الكتاب يؤكد هذا المقصد. وفي هذا دلالة على وضوح المقصود بالتفسير ومباينته للعلوم الأخرى ذات الصلة بكتاب الله كالقراءات وعلوم القرآن. ولعل فيما جال في خاطركم ما يصحح هذا الفهم أو يصوبه والله أعلم.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[05 Sep 2006, 06:10 م]ـ
وأنا مع أخي الكشاف،وأضيف: أن من جملة ما يدخل في قوله (وتنزيل السور) أي أسباب نزولها ـ وهذا أقوله احتمالاً ـ.
والأمر الثاني ـ الذي تفضلت بذكره ـ أنا معك فيما استظهرته.
وإن كنت أرى أن مسح الكتاب مسحاً شاملاً ـ ولو بسرعة ـ يكشف أكثر عن مقصوده هذا،وتكون النتيجة ـ في الوصول إلى مراده ـ أدق،والله أعلم.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[06 Sep 2006, 01:43 ص]ـ
الأخوين الكريمين/ الكشاف والشيخ عمر
أشكركم على مشاركتكم وبعث الموضوع بعد مواته
وأود أن استوضح من الأخ الكشاف عن مراده بـ (الروايات القرآنية)؟
والذي تبادر إلى ذهني أن مراده بالحروف القراءات عن أئمة القراءة، والروايات اختلاف الآخذين عن ذلك الإمام، كما نقول: قراءة عاصم، ورواية حفص عن عاصم، وعلى كل فالأمران (الحروف والروايات) يدوران في فلك القراءات.
وقوله (تنزيل السور) يشير إلى المكي والمدني كما ذكر الكشاف، وقد وجدناه يذكر أسباب النزول.
والذي جال في خاطري أنه يريد بالتفسير قدرا أخص مما نفهمه ونعتمده في معناه، وهو كل ما أفاد في بيان المعنى، ولذلك نجد أحيانا في بعض ما حذفه ما يفيد في بيان المعنى أو تقويته.
تأملوا عبارته مرة أخرى، ثم قوموا ما فهمته.
وجزاكم الله خيرا(/)
لماذا خاطب الله رسوله الكريم بقوله إقرأ مع انه أمي
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[25 Aug 2006, 04:13 م]ـ
من المعلوم ان اول آية نزلت قوله تعالى (إقرأ باسم ربك الذي خلق) ومن المعلوم كذلك ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان أميا فما هي الفائدة المرجوة من امره بالقراءة
مع علمي ان الخطاب عام لكل الامة الاسلامية لكن اول مخاطب بذلك هو الرسول الكريم(/)
أوتوا العلم
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[25 Aug 2006, 06:01 م]ـ
سمعت قارئًا يتلو قصة قارون حتى إذا بلغ قوله تعالى: ? وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ ? ورد تساؤلات حول قوله: ?أوتوا العلم?:
لِمَ لَمْ يسند طلب العلم إليهم؟ في مقابل إسناد طلب الدنيا إلى أصحابها في الآية التي تسبقها: ?قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ?.
ولِمَ كان الفعل ”أوتوا“ مبنيًا على ما لم يسم فاعله؟
وهل لهذه الآية نظائر؟ أ كلها جاءت في مقام واحد؟ أم أن مقاماتها مختلفة؟
وإذا كان العلم أسند إلى محصليه في القرآن، فما مقامات ذلك؟
بحثت عن نظائر لهذه الآية فوجدت تسعة مواضع ذكر فيها ?أوتوا العلم? وهي:
1 - النحل: ? ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ (27) ?
2 - الإسراء: ? قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109) ?
3 - الحج: ?وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54) ?
4 - القصص: ? فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ (80) ?
5 - العنكبوت: ? وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48) بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49) ?
6 - الروم: ? وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ (55) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (56) ?
7 - سبأ: ?وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6) ?
8 - محمد: ? وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آَنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) ?
9 - المجادلة: ? يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11) ?
وبحثت في جملة من التفاسير من خلال برنامج المكتبة الشاملة، لكني لم أجد ما يشفي.
وتأملت في هذه المواضع فبدا لي أنها جميعًا في مقامات يحمد فيها الذين أوتوا العلم.
لكن هل إسناد العلم إلى محصليه في القرآن أتى في مثل هذه المقامات، أو في غيرها؟ وإذا كان لم يأت فما دلالة إسناد الفعل إلى غيرهم ?أوتوا?، وبصورة ما لم يسم فاعله؟ وأي علم أوتوه؟ وهل التعريف له أثر في بيان العلم؟ ما فائدة ذلك لنا؟
لو كان عندي وقت لبحث هذه المسائل .. ولكني أرجو ممن يفتح الله عليه أن يفيدنا، وله جزيل الشكر وخالص الدعاء.
فائدة: قال ابن عاشور في تفسير آية الروم: (الظاهر أن المؤمنين يسمعون تَحَاجَّ المشركين بعضهم مع بعض فيبادرون بالإنكار عليهم لأن تغيير المنكر سجيتهم التي كانوا عليها. وفي هذا أدب إسلامي وهو أن الذي يسمع الخطأ في الدين والإيمان لا يقره ولو لم يكن هو المخاطَب به).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Nov 2009, 08:07 م]ـ
لفتة مهمة ليت أحد الباحثين يتتبعها ويأتينا بالجواب.
وفقكم الله يا دكتور يوسف ونفع بكم.
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[12 Nov 2009, 11:50 م]ـ
ليس عندي وقت كثير ولكن بالبحث السريع وجدت أن كلمة العلم تكررت في القرآن الكريم 28 مرة، وهي:
{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 120]
{وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة: 145]
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 247]
{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7]
{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18]
{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [آل عمران: 19]
{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61]
{لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 162]
{وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [يونس: 93]
{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ} [الرعد: 37]
{ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ} [النحل: 27]
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]
{قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: 107]
(يُتْبَعُ)
(/)
{يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا} [مريم: 43]
{وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الحج: 54]
{فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ} [النمل: 42]
{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ} [القصص: 80]
{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} [العنكبوت: 49]
{وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الروم: 56]
{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [سبأ: 6]
{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} [فاطر: 28]
{فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [غافر: 83]
{وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ} [الشورى: 14]
{وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الجاثية: 17]
{قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ} [الأحقاف: 23]
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 16]
{ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى} [النجم: 30]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} [المجادلة: 11]
{قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الملك: 26]
وبتتبعها وجدت ما يأتي:
1 – عبر بكلمة جاءك وجاءني وكلمة أوتينا في معرض المدح وكل لنبي.
2 – عبر بكلمة "جاءهم العلم" في معرض ذم.
2 – عبر بكلمة أولوا العلم في آية واحدة.وكانت في معرض مدح.
3 – عبر بكلمة الراسخون في العلم في آيتين وكانتا في معرض مدح أيضا.
5 – عبر بكلمة عندهم في معرض ذم في قوله تعالى: "فرحوا بما عندهم من العلم"
6 – عبر بكلمة "أوتوا" العلم في الآيات التي ذكر الشيخ.
وللبحث بقية إن فسح الله في العمر.(/)
مالفرق بين الخوف والوجل والشفقة والخشية والرهبة
ـ[عبدالله الرابغي]ــــــــ[25 Aug 2006, 11:32 م]ـ
الأساتذة الفضلاء ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا جديد في هذا الملتقى ولست متخصصا في التفسير، وإنما فضولي على موائد علمكم وبحار معارفكم.
جمعت بعض الآيات المتعلقة بالخوف لأنظر فيها وأستفيد غير أني وجدت ألفاظاً متقاربة ولم أعرف الفرق بينها وهذه هي:
الخوف والوجل والشفقة والخشية والرهبة
مع العلم أنه في بعض الأحيان تأتي كلمتان في آية واحدة.
مثل قوله تبارك وتعالى: " والذين هم من خشية ربهم مشفقون"
آمل منكم التكرم بالتوجيه.
وشكرا
ـ[روضة]ــــــــ[26 Aug 2006, 01:51 م]ـ
ذكر الراغب الأصفهاني الفرق بين هذه الكلمات، في كتابه (الفروق اللغوية)، ص270، وما بعدها، ولكني سأنقل هنا ما جاء في بحث لفضيلة الدكتور فضل حسن عباس، بعنوان: (المفردات القرآنية مظهر من مظاهر الإعجاز)، نشرته مجلة (دراسات)، الجامعة الأردنية، مجلد11، عدد4، عام 1984.
يقول: جاء فيما كتبه السيوطي رحمه الله ألفاظ يُظن بها الترادف، وليست منه، من ذلك الخوف والخشية، لا يكاد اللغوي يفرق بينهما، ولا شك أن الخشية أعلى منه، وهي أشد من الخوف؛ فإنها مأخوذة من قولهم: شجرة خشية، أي يابسة.
وهو فوات بالكلية، والخوف من قولهم: ناقة خوفاء، أي بها داء وهو نقص، وليست بفوات، ولذلك خصّت الخشية بالله في قوله: (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ).
وفرق بينهما أيضاً أن الخشية تكون من عظم المختشى، وإن كان الخاشي قوياً، والخوف يكون من ضعف الخائف، وإن كان المخوف أمراً يسيراً، ويدل على ذلك أن الخاء والشين والياء في تقاليبها تدل على العظمة، نحو: شيخ، للسيد الكبير، وخيش لما غلظ من اللباس، ولذا وردت الخشية غالباً في حق الله، من خشية الله (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)، وأما (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ)، ففيه نكتة لطيفة، لأنه وصف الملائكة، ولما ذكر قوتهم وشدة خلقهم عبر عنهم بالخوف لبيان أنهم وإن كانوا غلاظاً شداداً فهم بين يديه تعالى ضعفاء، ثم أردفه بالفوقية الدالة على العظمة، فجمع بين الأمرين، ولما كان ضعف البشر معلوماً لم يحتج إلى التنبيه عليه.
وأقول: إن الوجه الأخير الذي أشار إليه السيوطي هو الذي اقتصر عليه الراغب الأصفهاني، حيث قال: الخشية خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك من علم بما يخشى منه، ولكن السيد محمد رشيد رضا رحمه الله لم يرتضِ ما ذكره الراغب، فقال رحمه الله: "إن القيد الذي ذكره الراغب لا يظهر في كل الشواهد التي وردت من هذا الحرف في القرآن وكلام العرب ـ وبعد أن استشهد على ذلك بشيء من أقوال العرب قال ـ: فإن كان بين الخوف والخشية فرق فالأقرب عندي أن تكون الخشية هي الخوف في محل الأمل، ومن دقق النظر في الآيات التي ورد فيها حرف الخشية يجد هذا المعنى فيها، ولعل أصل الخشية مادة خشت النحلة تخشو، إذا جاء ثمرها دقلاً (رديئاً)، وهي مما يرجى منها الجيد".
وإذا تتبعنا الآيات القرآنية الكريمة، ندرك الفروق سواء ما ذكره الراغب، أم غيره، فلا ضير أن يكون هناك أكثر من فرق بين الكلمتين، فقوله سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء)، يشهد لما قاله صاحب المنار، من أن الخشية خوف في محل الأمل، ومن أحق من العلماء بهذا الخوف وبذلك الأمل؟! ولا يتنافى مع ما قاله الراغب، من أن الخشية: خوف يشوبه التعظيم، والعلماء حقيقون بهذا التعظيم، حريصون عليه.
وما دمنا نتحدث عن الخوف والخشية واستعمالها في كتاب الله تعالى، فإنه يجمل بنا أن نذكر بعض الألفاظ التي تشبه هاتين الكلمتين، والتي كثيراً ما تفسَّر بمعنى واحد، فمن ذلك كلمة (الإشفاق)، والكثيرون يفسرونها بالخوف، ولكننا حينما نمعن النظر في آي القرآن الكريم نجد بوناً بينهما شاسعاً، فهذه الكلمة (الإشفاق) تكاد تقتصر استعمالاتها على عباد الله تبارك وتعالى.
(يُتْبَعُ)
(/)
(وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) والذين آمنوا مشفقون منها (أي الساعة)، ومن هنا كان الإشفاق عناية مشوبة بخوف، وقد يغلب جانب هذا أو ذاك، أعني العناية أو الخوف حسب ما يقتضيه السياق، (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ) يغلب فيه جانب العناية، (أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ) يغلب فيه جانب الخوف.
وما أجمل ما قاله ابن فارس من أن الشين والفاء والقاف أصل واحد يدل على رقة في الشيء، ثم يشتق منه، فمن ذلك قولهم: أشفقت من الأمر إذا رفقت وحاذرت.
ومن ذلك كلمة (وجل)، فهذه الكلمة التي تفسر بالخوف، كذلك نجدها في كتاب الله تعالى تستعمل في سياق أخص من الخوف، فالوجل هو استشعار الخوف، وهو حالة نفسية تعرض للنفس عند بداية شيء ما، وحينما نمعن النظر فيما يشبه هذه المادة، بخاصة في حرفيها الأولين ندرك دقة المعنى للكلمة من جهة، وما بين الكلمات العربية من وشائج القربى، وذلك مثل كلمات (وجس)، وهي الإحساس بالشيء، و (وجد) و (وجف)، فالوجل أحد مقدمات الخوف، قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ).
والقرآن الكريم وهو يأسرنا بروعة بيانه (وإن من البيان لسحراً)، وهو يحدثنا عن قصة إبراهيم عليه اسلام يذكر الوجل تارة والخوف تارة أخرى.
وإجالة للفكر بعض الشيء، نجد أن كلاً من الكلمتين استعملت في مكانها اللائق بها الذي لا يصلح فيه غيرها، ففي سورة الحجر (وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ)، وفي سورة الذاريات: (هلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ {24} إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ {25} فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ {26} فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ {27} فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ)، فلقد ذكرت كلمة (الوجل) عند دخولهم وتسليمهم عليه، ولكن كلمة (الإيجاس بالخوف) جاءت في السياق القرآني بعد ذلك حينما امتنعوا عن الأكل.
وهكذا نجد أن كلاً من الوجل والخشية والإشفاق لا يمكن أن تفسر بالخوف.
ـ[عبدالله الرابغي]ــــــــ[26 Aug 2006, 05:37 م]ـ
شكرا لك أ. روضة،
مالمقصود بـ" فوات"؟
هل يمكنني أن أختصر ما سبق فيما يلي:
* يمكن أن يفرق بين الخشية والخوف بأن يقال: الخوف من ضعف الخائف والخشية من عظم المختشى. والخشية أشد من الخوف (السيوطي)
* أو أن يقال إن الخشية خوف مع أمل (محمد رشيد رضا) ويمكن الجمع بين هذين.
* الاشفاق: عناية مشوبة بخوف، وقد يغلب أحد الجانبين بحسب السياق.
* الوجل هو من مقدمات الخوف وبداياته.
وآمل أن تضيف "الرهبة".
أكرر لك شكري وامتناني
ـ[روضة]ــــــــ[27 Aug 2006, 08:01 م]ـ
ما قيل من أن الخشية فوات بالكلية والخوف نقص وليس بفوات: (شجرة خشية، أي يابسة، وهو فوات بالكلية. وناقة خوفاء، أي بها داء وهو نقص، وليست بفوات).
فالمقصود به أن الخشية تبلغ غاية أعلى من الخوف، فحين توصف الشجرة بأنها خشية فهذا يعني أنه لا فائدة منها ألبتة، فقد فاتت الفائدة منها بالكيلة، على حين أن الناقة حين توصف بأنها خوفاء، فهذا لا يعني فوات الفائدة منها نهائياً، وإنما هو نقص وداء، قد يزول.
وهذا تعبير عن التفاوت بين مرتبتي الخشية والخوف، وأن الخشية أشد من الخوف.
والله أعلم.
أما الرهبة ...
قال أبو الهلال العسكري: إن الرهبة هي طول الخوف واستمراره، لذلك قيل للراهب: راهب؛ لأنه يديم الخوف.
وأصله من قولهم: جمل رَهْبٌ، إذا كان طويل العظام مشبوح الخلق.
ـ[عبدالله الرابغي]ــــــــ[28 Aug 2006, 04:47 م]ـ
تمّمَ اللهُ عليكَ النّعمى، وأقرَّ عينكَ، ورزقكَ السعادةَ في المالِ والأهلِ والولدِ، وحفِظَ عليكَ نفسكَ وعقلكَ ودينكَ
شكرا جزيلا
ـ[روضة]ــــــــ[28 Aug 2006, 07:37 م]ـ
آمين، ولكم مثل ذلك وأفضل إن شاء الله.
وأحسن الله إليكم.
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[31 Aug 2006, 10:25 م]ـ
حقًّا بارك الله فيكم!
ـ[منصور مهران]ــــــــ[05 Sep 2006, 02:05 م]ـ
جاء في كلام الأستاذة / روضة؛ في السطر الأول منه اسم كتاب (الفروق اللغوية) للراغب الأصفهاني، وورد رقم صفحة الإحالة 270
ونأمل من الكاتبة التكرم ببيانات وافية عن هذا الكتاب؛ حيث إني لم أره من قبل، وكل ما أعرفه عن عنوان الكتاب أنه يشبه عنوان كتاب أبي هلال العسكري، فليت شعري: أهو وهمٌ في النسبة؟ أم هو كتاب آخر؟ برجاء الإيضاح ونحن للكاتبة الموقرة من الشاكرين.
ـ[روضة]ــــــــ[05 Sep 2006, 02:12 م]ـ
الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري، ونَسَبْتُه سهواً للراغب الأصفهاني، فشكراً للتنبيه، ومعذرة على السهو والخطأ غير المقصود.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[زهير هاشم ريالات]ــــــــ[16 Aug 2007, 09:03 ص]ـ
مرفق بحث كنت قد أعددته يتناول قضية الخوف والخشية(/)
دراسة لأقوال المفسرين في المراد بـ: (أمرنا مترفيها) مع التعقيب على رأي ابن القيم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[25 Aug 2006, 11:48 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: ? وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ? (الاسراء:16)
قرر ابن القيم أن الأمر في قول الله تعالى هنا: ? أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ? هو الأمر الكوني القدري، لا الأمر الشرعي، وبيّن أن هذا التفسير أرجح من تفسير من فسّر الآية بقوله: "أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا" من وجوه كثيرة.
قال رحمه الله وهو يذكر الأمثلة من القرآن على الأمر الكوني:
(وقوله: ? وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا ?، فهذا أمر تقدير كوني لا أمر ديني شرعي؛ فإن الله لا يأمر بالفحشاء. والمعنى: قضينا ذلك وقدرناه.
وقالت طائفة: بل هو أمر ديني. والمعنى: أمرناهم بالطاعة فخالفونا وفسقوا.
والقول الأول أرجح لوجوه:
أحدها: أن الإضمار على خلاف الأصل؛ فلا يصار إليه إلا إذا لم يمكن تصحيح الكلام بدونه.
الثاني: أن ذلك يستلزم إضمارين، أحدهما: أمرناهم بطاعتنا، والثاني: فخالفونا أو عصونا، ونحو ذلك.
الثالث: أن ما بعد الفاء في مثل هذا التركيب هو المأمور به نفسه، كقولك: أمرته ففعل، وأمرته فقام، وأمرته فركب؛ لا يفهم المخاطب غير هذا.
الرابع: أنه سبحانه جعل سبب هلاك القرية أمره المذكور. ومن المعلوم أن أمره بالطاعة والتوحيد لا يصلح أن يكون سبب الهلاك، بل هو سبب للنجاة والفوز.
فإن قيل: أمره بالطاعة مع الفسق هو سبب الهلاك.
قيل: هذا يبطل بالوجه الخامس: وهو أن هذا الأمر لا يختص بالمترفين، بل هو سبحانه يأمر بطاعته واتباع رسله المترفين وغيرهم؛ فلا يصح تخصيص الأمر بالطاعة للمترفين.
يوضحه الوجه السادس: أن الأمر لو كان بالطاعة لكان هو نفس إرسال رسله إليهم. ومعلوم أنه لا يحسن أن يقال: أرسلنا رسلنا إلى مترفيها ففسقوا فيها؛ فإن الإرسال لو كان إلى المترفين لقال من عداهم: نحن لم يرسل إلينا.
السابع: أن إرادة الله سبحانه لإهلاك القرية إنما يكون بعد إرسال الرسل إليهم وتكذيبهم، وإلا فقبل ذلك هو لا يريد إهلاكهم، لأنهم معذورون بغفلتهم وعدم بلوغ الرسالة إليهم، قال تعالى: ? ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ? (الأنعام:131)، فإذا أرسل الرسل فكذبوهم أراد إهلاكها، فأمر رؤساءها ومترفيها أمراً كونياً قدرياً – لا شرعياً دينياً - بالفسق في القرية، فاجتمع على أهلها تكذيبُهم وفسقُ رؤسائهم؛ فحينئذ جاءها أمر الله، وحق عليها قوله بالإهلاك.) ([1])
وقال في موضع آخر: (ونظير هذا لفظ الأمر؛ فإنه نوعان: أمر تكوين، وأمر تشريع. والثاني قد يعصى ويخالف، بخلاف الأول، فقوله تعالى: ? وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا ? لا يناقض قوله: ? إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ? (لأعراف: من الآية28)، ولا حاجة إلى تكلف تقدير: أمرنا مترفيها بالطاعة فعصونا وفسقوا فيها، بل الأمر ههنا أمر تكوين وتقدير، لا أمر تشريع، لوجوه:
أحدها: أن المستعمل في مثل هذا التركيب أن يكون ما بعد الفاء هو المأمور به، كما تقول: أمرته فقام، وأمرته فأكل، كما لو صرح بلفظه:» أفعل «، كقوله تعالى: ? وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا ? (البقرة: من الآية34)، وهذا كما تقول: دعوته فأقبل. وقال تعالى: ? يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ ? (الإسراء: من الآية52).
الثاني: أن الأمر بالطاعة لا يختص بالمترفين؛ فلا يصح حمل الآية عليه، بل تسقط فائدة ذكر المترفين؛ فإن جميع المبعوث إليهم مأمورون بالطاعة فلا يصح أن يكون أمر المترفين علة إهلاك جميعهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
الثالث: أن هذا النسق العجيب، والتركيب البديع مقتضٍ ترتب ما بعد الفاء على ما قبلها ترتب المسبب على سببه، والمعلول على علته؛ ألا ترى أن الفسق علة» حق القول عليهم «، و» حق القول عليهم «علة لتدميرهم؛ فهكذا الأمر سبب لفسقهم ومقتض له، وذلك هو أمر التكوين، لا التشريع.
الرابع: أن إرادته سبحانه لإهلاكهم إنما كانت بعد معصيتهم، ومخالفتهم لرسله؛ فمعصيتهم ومخالفتهم قد تقدمت، فأراد الله هلاكهم، فعاقبهم بأن قدر عليهم الأعمال التي يتحتم معها هلاكهم .... ) ([2])
الدراسة:
تضمن كلام ابن القيم السابق قولين في المراد بقول الله U : ? وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا ?، وهما:
القول الأول: أمرنا المترفين أمراً كونياً قدرياً بالفسق، أي: قضينا ذلك، وقدرناه عليهم.
القول الثاني: أمرنا مترفيهم بالطاعة، فعصونا وفسقوا، فحق عليهم القول، فدمرناهم تدميراً.
وقد رجح القول الأول من عدة وجوه – كما سبق -.
والأقوال المشهورة في المراد بـ» أَمَرنا «هنا ثلاثة أقوال ([3]):
القول الأول منها: أنه من الأمر، وفي الكلام إضمار، تقديره: أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا. وهذا القول مروي عن ابن عباس ([4])، وسعيد بن جبير ([5]). قال الزجاج: (ومثله في الكلام: أمرتك فعصيتني؛ فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر.) ([6])
القول الثاني: كثَّرنا يقال: أمرت الشيء وآمرته، أي: كثَّرته. وهو قول أبي عبيدة ([7])، وابن قتيبة ([8]). ويؤيد هذا القول قراءة: ? آمَرنا ? ([9]). وبهذا المعنى رويت الأقوال في تفسير الآية عن ابن عباس، وعكرمة، والحسن، وقتادة، وابن زيد. ([10])
القول الثالث: أنَّ معنى أَمرنا: أمّرنا، يقال: أَمَرْت الرجل، بمعنى: أمّرته. والمعنى: سلّطنا مترفيها بالإمارة. ويؤيد هذا القول قراءة:» أَمَّرنا «([11])، وعلى هذه القراءة جاء تفسير ابن عباس، حيث قال:» أَمَّرْنَا مُتْرَفِيهَا «سلطنا أشرارها فعصوا فيها، فإذا فعلوا ذلك أهلكتهم بالعذاب، وهو قوله: ? وكذلكَ جَعَلنا فِي كُلّ قَرْيَةٍ أكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها ? (الأنعام:123). ([12])
ومثله قول مجاهد: بعثنا ([13])، وقول الربيع بن أنس: سلّطنا. ([14])
وأما موقف أئمة التفسير من هذه الأقول؛ فيتضح من خلال هذا العرض:
بدأ ابن جرير في تفسيره لهذه الآية بذكر القراءات التي قرئ بها قول الله U : ? أَمَرْنَا ?، ثم ذكر معنى الآية على كل قراءة. وقد ذكر الأقوال الثلاثة السابقة، ووجه كل قول منها، وذكر من قال بكل قول من أهل التأويل، وأهل اللغة.
وقد ختم ذلك ببيان موقفه من تلك القراءات، وتلك الأقوال، فرجح قراءة جمهور القراء المشهورة، وبيّن أنها أولى القراءات بالصواب، ورجّح القول الأول من الأقوال الثلاثة السابقة في معنى الآية قائلاً: (وإذا كان ذلك هو الأولى بالصواب بالقراءة، فأولى التأويلات به تأويل من تأوّله: أمرنا أهلها بالطاعة فعصوا وفسقوا فيها، فحقّ عليهم القول؛ لأن الأغلب من معنى» أمرنا «: الأمر الذي هو خلاف النهي دون غيره، وتوجيه معاني كلام الله جلّ ثناؤه إلى الأشهر الأعرف من معانيه، أولى ما وجد إليه سبيل من غيره.) ([15])
وكذلك ابن عطية، والقرطبي؛ ذكرا الأقوال الثلاثة السابقة، ونقلا القراءات التي قرئ بها هنا، وذكرا التوجيه المناسب لكل قراءة، ومعنى الآية على كل قول، إلا أنهما لم يذكرا ترجيحاً أو اختياراً، واكتفيا بعرض تلك الأقوال كاحتمالات لا مانع من قبولها كلها. ([16])
وذكر الرازي قولين في معنى: ? أَمَرْنَا ?:
الأول: أنه المراد به الأمر بالفعل. ثم في المأمور به قولان: أشهرهما أنه أمرٌ بالطاعة - كما في القول الأول من الأقوال الثلاثة السابقة -. والقول الثاني: أن المأمور به الفسق – كما هو قول الزمخشري ([17]) -. وقد بيّن الرازي بطلان هذا القول، واستغرب اختيار الزمخشري له، ثم قال: (فثبت أن الحق ما ذكره الكل، وهو أن المعنى: أمرناهم بالأعمال الصالحة - وهي الإيمان والطاعة -، والقوم خالفوا ذلك الأمر عناداً، وأقدموا على الفسق.)
(يُتْبَعُ)
(/)
والقول الثاني في معنى ? أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ?: أكثرنا فساقها. ثم بيّن وجه هذا القول، ولم يبين موقفه منه. ([18])
وتوسع أبو حيان في ذكر القراءات، والأقوال التي قيلت في توجيهها، ونقل الكثير من أقوال من سبقه في ذلك، مع تعليقات واستدراكات، أكثرها على كلام الزمخشري فيما ذكره في تفسيره للآية.
ومما ذكره أبو حيان من أحكام، وتعليقات:
· الظاهر على القراءة المشهورة أن» أمرنا «من الأمر الذي هو ضد النهي.
· علّق على ما ذكره الزمخشري من كون القول الذي اختاره لا يحتاج إلى تقدير محذوف، بخلاف القول المشهور الذي يحتاج الكلام فيه إلى تقدير محذوف لا دليل عليه، ثم قوله: (لأن حذف ما لا دليل عليه غير جائز)؛ علق عليه بقوله: (وقوله "لأن حذف ما لا دليل عليه غير جائز" تعليلٌ لا يصح فيما نحن بسبيله بل ثَمَّ ما يدل على حذفه.
· في هذه الآية يستدل على المحذوف بنقيضه، ودلالة النقيض على النقيض كدلالة النظير على النظير.
وبقية ما ذكره وافق فيه ابنَ عطية، والقرطبي من حيث عدم بيان موقفه منه، واقتصاره على النقل، والتعليق. ([19])
وتميّز ابن كثير بذكر القول الذي رجحه ابن القيم، مع الأقوال الثلاثة الأخرى التي نقلها المفسرون، إلا أنه لم يذكر ترجيحاً ولا اختياراً. وقد يؤخذ من طريقته في عرضه للأقوال ميلُه إلى القول الذي رجحه ابن القيم؛ لأنه بدأ به، وذكر الأقوال الأخرى بصيغ تدل التضعيف، مثل:» قيل «،» وقد يحتمل «. ([20])
وأما ابن عاشور فلم يذكر أقوالاً في معنى الآية، واقتصر في تفسيره لها على القول الأول من الأقوال الثلاثة المشهورة، فقال: (ومتعلق ? أَمْرُنَا ? محذوف، أي: أمرناهم بما نأمرهم به، أي بعثنا إليهم الرسول وأمرناهم بما نأمرهم على لسان رسولهم فعصوا الرسول، وفسقوا في قريتهم.).
ومما نبّه إليه في سياق تفسيره للآية: سبب تخصيص المترفين بالأمر؛ فقد ذكر علة هذا التخصيص بقوله: (وتعليق الأمر بخصوص المترفين مع أن الرسل يخاطبون جميع الناس؛ لأن عصيانهم الأمرَ الموجه إليهم هو سبب فسقهم وفسق بقية قومهم؛ إذ هم قادة العامة، وزعماء الكفر؛ فالخطاب في الأكثر يتوجه إليهم، فإذا فسقوا عن الأمر اتبعهم الدهماء، فعم الفسق أو غلب على القرية، فاستحقت الهلاك.) ([21])
وبعد هذا العرض يتبين أن القول الذي رجحه ابن القيم غير معروف عند أكثر المفسرين، بل لم أرَ من ذكره قبله منهم، وأول من رأيته ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية فقد أشار إليه في أكثر من موضع، وفي أحدها حكم عليه بأنه أظهر القولين في تفسير هذه الآية، ولم يزد على ذلك. ([22])
وقد ذكر الشنقيطي أشهر الأقوال في تفسير هذه الآية، وعدّ منها القول الذي رجحه ابن القيم، ثم رجح القول الأول من الأقوال الثلاثة السابق ذكرها في أول الدراسة، وذكر أنه الصواب الذي دلّ عليه القرآن، وعليه جمهور العلماء. قال: (وهذا القول الصحيح في الآية جار على الأسلوب العربي المألوف، من قولهم: "أمرته فعصاني"، أي أمرته بالطاعة فعصى. وليس المعنى: أمرته بالعصيان كما لا يخفى.) ([23])
النتيجة:
الأقوال الثلاثة المشهورة في تفسير الآية كلها صحيحة مقبولة، ولا تعارض بينها؛ فالمختار حمل الآية عليها جميعاً، ويكون المعنى: إذا أراد الله إهلاك قرية – لعلمه السابق أنهم يكفرون – كثّر مترفيها، وجعلهم أمراء متسلطين، وأمرهم على لسان رسله والدعاة إلى دينه بالطاعة فعصوا، فتكون المعصية والفسوق غالبين؛ فإذا تحققت هذه المور مجتمعة حق عليها القول، فدمرها الله تعالى تدميراً. ([24])
وجميل ما قاله ابن العربي بعد ذكره لهذه الأقوال الثلاثة: (والقول فيها من كل جهة متقارب متداخل.) ([25])
وأما القول الذي رجحه ابن القيم فيبقى قولاً محدثاً في تفسير الآية، ليس له فيه سلف من أئمة التفسير المتقدمين فيما أعلم؛ ففي النفس منه شيء.
وكل الوجوه التي ذكرها لا تكفي لترجيحه؛ لأنها وجوه اجتهادية غير مسلمة. وقد ورد في سياق كلام المفسرين المذكور في أثناء الدراسة الجواب عن أكثرها.
(يُتْبَعُ)
(/)
تنبيه: من قواعد التفسير: (إذا تكلم أحد من المتأخرين في معنى آية من القرآن قد تقدم كلام المتقدمين فيها، فخرج عن قولهم لم يلتفت إلى قوله، ولم يعدّ خلافاً.) ([26])
وعبر بعضهم عن هذه القاعدة بقوله: (إذا اختلف السلف في تفسير الآية على قولين لم يجز لمن بعدهم إحداث قول ثالث يخرج عن قولهم.) ([27])
وقد بيّن ابن القيم سبب رد القود المحدث بقوله: (إحداث القول في تفسير كتاب الله الذي كان السلف والأئمة على خلافه يستلزم أحد أمرين: إما أن يكون خطأً في نفسه، أو تكون أقوال السلف المخالفة له خطأً؛ ولا يشك عاقل أنه أولى بالغلط والخطأ من قول السلف.) ([28])
والقول المحدث يُرد إذا كان يلزم منه ردّ أقوال السلف، وأما إذا كانت الآية تحتمله مع أقوال السلف، وهو غير مخالف لها؛ فلا وجه لرده، ولا مانع من قبوله إذا كان صحيحاً في نفسه.
التعليقات والحواشي: --------------------------------------------------------------------------------
([1]) شفاء العليل 2/ 769 - 771، وبدائع التفسير 3/ 75 - 76.
([2]) شفاء العليل 1/ 190 - 191.
([3]) انظرها في زاد المسير 5/ 18 - 19.
([4]) أخرج قوله ابن جرير 14/ 527.
([5]) أخرجه قوله ابن جرير 14/ 528.
([6]) معاني القرآن وإعرابه 3/ 232.
([7]) انظر مجاز القرآن 1/ 372 - 373.
([8]) انظر تفسير غريب القرآن ص252.
([9]) قراءة عشرية متواترة، قرأ بها يعقوب كما في النشر 2/ 306، ورويت عن نافع، وابن كثير كما في معاني القراءات للأزهري 2/ 89.
([10]) انظر أقوالهم في تفسير ابن جرير 14/ 530 - 532.
([11]) قراءة شاذة قرأ بها ابن عباس بخلاف، وأبو عثمان النهدي، وأبو العالية بخلاف، ورويت عن أبي عمرو والسدي وعاصم كلهم بخلاف. انظر المحتسب 2/ 16. وعزاها في السبعة ص 379 إلى أبي عمرو من رواية أبي العباس الليثي المعروف بخَتَن ليث. وهي مروية عن ابن كثير كذلك كما في معاني القراءات للأزهري 2/ 89.
([12]) أخرجه ابن جرير 14/ 529 بإسناد جيد كما في التفسير الصحيح للدكتور حكمت بن بشير 3/ 236.
([13]) أخرجه ابن جرير 14/ 529 - 530 بإسناد صحيح كما في التفسير الصحيح للدكتور حكمت بن بشير 3/ 236.
([14]) أخرجه ابن جرير 14/ 529.
([15]) انظر جامع البيان 14/ 527 - 532.
([16]) انظر المحرر الوجيز 9/ 39 - 43، الجامع لأحكام القرآن 10/ 232 - 234.
([17]) انظر قوله في تفسيره الكشاف 2/ 354 - 355.
([18]) انظر التفسير الكبير 20/ 139 - 140.
([19]) انظر البحر المحيط 7/ 24 - 27.
([20]) انظر تفسير القرآن العظيم 5/ 2079.
([21]) انظر التحرير والتنوير 15/ 53 - 55.
([22]) انظر الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 1/ 151.
([23]) انظر أضواء البيان 3/ 441 - 445.
([24]) انظر القراءات وأثرها في التفسير والأحكام للدكتور محمد بن عمر بازمول 2/ 589 - 590.
([25]) أحكام القرآن 3/ 183.
([26]) كتاب الناسخ والمنسوخ في كتاب الله U للنحاس 2/ 328 - 329.
([27]) انظر تفصيل هذه القاعدة في كتاب قواعد التفسير للدكتور خالد السبت 1/ 200 - 205.
([28]) مختصر الصواعق المرسلة 3/ 892.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[26 Aug 2006, 02:03 م]ـ
جزاك الله خيرًا يا شيخنا على هذه الدراسة المفيدة.
ـ[أبو عبدالرحمن]ــــــــ[28 Aug 2006, 12:14 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا شيخنا أبا مجاهد وبارك فيك وفي علمك ونفع بك الإسلام والمسلمين.
حقا إنها فوائد جمة تكتب بماء الذهب، وليتك تجعل هذا الموضوع (أعني دراسة تفسير ابن القيم رحمه الله) على شكل سلسلة لكي تعم الفائدة.
ـ[الطبيب]ــــــــ[29 Aug 2006, 01:00 ص]ـ
جزاكم الله خيراً على هذه الدراسة النافعة.
ودمتم،،،
ـ[أبو علي]ــــــــ[27 Nov 2006, 06:31 ص]ـ
السلام عليكم
[ size=4] القول الأول منها: أنه من الأمر، وفي الكلام إضمار، تقديره: أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا. وهذا القول مروي عن ابن عباس ([4])، وسعيد بن جبير ([5]). قال الزجاج: (ومثله في الكلام: أمرتك فعصيتني؛ فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر size]
هذا القول وجدنا له شاهدا في القرآن، قارون هو أترف المترفين، بماذا أمره الله؟
أمره بالعدل والإحسان على لسان قومه: لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ، وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ = هذا أمر بالإحسان.
وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ = هذا أمر بالعدل.
ففسق قارون عن الأمر بقوله: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي.
فدمر الله قارون وداره: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Nov 2006, 09:56 م]ـ
وجدت للشيخ المتفنن أبي عبدالرحمن بن عقيل الظاهري كلاما جيداً في كتابه: "من أحكام الديانة" بيّن فيه تفسير هذه الآية، وناقش ما ذهب إليه ابن القيم في تفسيرها. ومما قرره في دراسته لهذه الآية:
(منحى ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى في اختياره أنه لا يجوز حمل الآية على الأمر الشرعي مع أن جمهور السلف ذهبوا إلى هذا الحمل، وأدلته لا تنهض بهذه الدعوى.
فمن أدلته دعوى أنه لا حاجة إلى تقدير: بالطاعة، وأن ذلك التقدير متكلف.
قال أبو عبدالرحمن: ما اختاره ابن قيم الجوزية فيه تقدير أيضاً، لأن التقدير عنده: أمرناهم قدراً بالفسق. ... )
انظر كتابه المذكور ص616 - 418
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[29 Nov 2009, 05:06 م]ـ
وجدت بحثاً بعنوان: "مسائل مختارة من ترجيحات الإمام (ابن قيم الجوزية) في كتابه (شفاء العليل) دراسة فتحليلا" من إعداد الباحثين: أ. د. جابر زايد السميري وأ. بشير إسماعيل حمو
كلية أصول الدين – قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة
ماجستير قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة
الجامعة الإسلامية – غزة - فلسطين
وهذا نص ما جاء في هذا البحث حول تفسير هذه الآية، علماً بأن المكتوب باللون الأسود هو متن البحث، وما كتب باللون الأزرق هو الحواشي والتعليقات.
(المقصود بالأمر الإلهي في قوله تعالي: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً" (الإسراء / 16).
أقوال المفسرين.
اختلفت أقوال المفسرين في المقصود بالأمر الإلهي في هذه الآية؛ تبعاً لاختلافهم في قراءة (أمرنا) (1)
وتلك أقوالهم:
القول الأول:
أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا فيها بمعصيتهم الله وخلافهم أمره (2).
على أن في الكلام إضمارا تقديره: (أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا)، ومثله في الكلام: =
ــــــــــــــــ
(1) هناك خمس قراءات في " أمرنا ".
الأولى: " أَمَرنا " بقصر الألف، وغير مدها وتخفيف الميم وفتحها.
الثانية: " آمَرنا" ممدودة مثل: آمنا.
الثالثة: " أمَّرنا " مشدودة الميم.
الرابعة: " أَمِرْنا ": بفتح الهمزة مكسورة الميم مخففة.
الخامسة: " بعثنا أكابر مجرميها ففسقوا فيها " وهي قراءة أُبَي بن كعب.
انظر: التفسير الكبير المسمى " مفاتيح الغيب " للإمام الفخر الرازي: 20/ 177 دار الكتب العلمية، طهران، ط2 (بدون سنة الطباعة)، وجامع البيان في تفسير القرآن.محمد بن جرير الطبري: 8/ 42،دار المعرفة،بيروت،لبنان، ط4،1400هـ- 1980م.
(2) انظر: جامع البيان: 8/ 42.
_______________________________________________
=أمرتك فعصيتني (1)،أوأمرناهم بما في معني الطاعة مثل: أمرناهم بالتكليف على ألسنة الرسل (2)
أو أمرناهم بأوامر خالفوها، ففسقوا؛ فدمروا تدميرا (3).
وهو قول جمهور المفسرين مثل:
ابن عباس، وسعيد بن جبير، والطبري (4)،والرازي (5)، والشوكاني (6)،وأبي السعود (7)،والألوسي (8)
القول الثاني:
" أمرنا مترفيها" أي: أمرنا مترفيها بالفسق ففعلوا.
وهو قول الزمخشري من المفسرين (9).
قال: " والأمر مجاز؛ لأن حقيقة أمرهم بالفسق أن يقول لهم: افسقوا، وهذا لا يكون، فبقي أن يكون مجازاً. =
ـــــــــــــــــ
(1) انظر: زاد المسير في علم التفسير.أبو الفرج جمال الدين بن محمد الجوزي: 5/ 14 - 15،دار الفكر،بيروت، لبنان، ط1، 1407هـ- 1987م.
(2) إيثار الحق على الخلق في رد الخلافات إلى المذهب الحق من أصول التوحيد: 1/ 232.، محمد بن المرتضى اليماني المشهور (بابن الوزير)،دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، 1403هـ - 1983م.
) 3) الفصل في الملل والأهواء والنحل: 3/ 103.
(4) انظر جامع البيان 8/ 42.
(5) انظر: التفسير الكبير: 20/ 175.
(6) انظر فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير. محمد بن علي الشوكاني: 3/ 214، دار الفكر،بيروت، لبنان، 1403هـ - 1983م (بدون رقم الطبعة).
(7) انظر: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم. أبو السعود بن محمد العماوي: 3/ 317، دار الفكر بيروت،لبنان (بدون رقم الطبعة ولا سنتها).
(يُتْبَعُ)
(/)
(8) انظر: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني. أبو الفضل شهاب الدين السيد محمود الالوسي: 5/ 43، دار الفكر، بيروت، لبنان، 1398 هـ، 1978م (بدون).
(9) الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل. أبو القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي: 2/ 442، دار المعرفة، بيروت، لبنان (بدون رقم الطبعة ولا سنتها).
_______________________________________________
=ووجه المجاز: أنه صب عليهم النعمة صباً؛ فجعلوها ذريعة إلى المعاصي واتباع الشهوات، فكأنهم مأمورون بذلك؛ لتسبب إيلاء النعمة فيه، وإنما خولهم إياها؛ ليشكروا ويعملوا فيها الخير؛ ويتمكنوا من الإحسان والبر كما خلقهم أصحاء أقوياء، وأقدرهم على الخير والشر، وطلب منهم إيثار الطاعة على المعصية، فآثروا الفسوق، فلما فسقوا؛ حق عليهم القول، وهو كلمة العذاب فدمرهم " (1).
واستدل الزمخشري على قوله: بأن المأمور به إنما حذف؛ لأن (فسقوا) يدل عليه، وهو كلام مستفيض يقال: أمرته فقام، وأمرته فقرأ، لا يفهم منه إلا أن المأمور به قيام أو قراءة (2).
قال الألوسي معقبا على كلام الزمخشري:
"والحق أن ما ذكره (الزمخشري) من الحمل وجه جميل، إلا أن عدم ارتضائه ما روته الثقات عن ترجمان القرآن (3) وغيره من: تقدير الطاعة مع ظهور الدليل، ومساعدة مقام الزجر عن الضلال، والحث على الاهتداء، لا وجه له كما لا يخفى على من له قلب " (4).
فذلك من الزمخشري، أخذ بظاهر الآية وتأويلها حسب ظاهرها ثم الإتيان بمعنى غريب في ظاهره وهو أمر الله للمترفين بالفسق، وإن كان على سبيل المجاز، وسنناقش قوله بالتفصيل في موضعه إن شاء الله تعالى.
القول الثالث:
معنى"أَمَرْنا":أَمَّرنا، يقال: أَمَرْت الرجل بمعنى: أمَّرْته، والمعنى: سلَّطنا مترفيها بالإمارة
ذكره ابن الأنباري (5) (6)؛ لأن العرب تقول: هو أمير غير مأمور (7). =
ــــــــــــــــ
(1) الكشاف: 2/ 442
(2) المصدر السابق: نفس الجزء والصفحة.
(3) يقصد ابن عباس رضي الله عنهما.
(4) روح المعاني: 5/ 43.
(5) ابن الأنباري: هو محمد بن علي بن أحمد بن إسماعيل بن جعفر أبو طاهر الواعظ، كان يسكن بدرب الموالي، ولد سنة 375هـ، وتوفي سنة 448 هـ.انظر: تاريخ بغداد. أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي: 3/ 105، 106،دارالكتاب العربي، بيروت، لبنان، (بدون).
(6) زاد المسير: 5/ 15.
(7) جامع البيان: 8/ 42.
_______________________________________________
=وقد رد (ابن كثير) هذا المعنى المبني على قراءة "أَمَرْنا" بالتخفيف، فقال: " إنما يجيء هذا على قراءة من قرأ: " أمَّرنا مترفيها " (1) بالتشديد.
القول الرابع:
معنى: "أمرنا مترفيها": أكثرنا مترفيها.
ويحتج أصحاب ذلك القول بالخبر الذي روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" خير مال المرء له مهرة مأمورة، أو سكة مأبورة " (2)
ويقولون: إن معنى قوله: مأمورة: كثيرة النسل، وينسب هذا القول إلى بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة (3).
قال أبو السعود: " وقيل: هو بمعنى الكثير، يقال: أَمَرْت الشيء فأَمِر، أي: كثَّرته فَكَثُر" (4).
القول الخامس:
معنى " أمرنا مترفيها ": بعثنا مستكبريها.
وهي قراءة أُبي بن كعب، قرأ: " بعثنا أكابر مجرميها ففسقوا " (5).
القول السادس:
الأمر في الآية أمر قَدَري، ومعناه: أنه سخرهم إلى فعل الفواحش؛ فاستحقوا العذاب
وهو قول ابن أبي العز الحنفي (6). =
ـــــــــــــــــــ
(1) تفسير القرآن العظيم.عماد الدين إسماعيل بن كثير: 3/ 33، دار لمعرفة، بيروت،1400هـ - 1980م
(2) مسند الإمام أحمد بن حنبل عن سويد بن هبيرة مرفوعا، حديث رقم (15845): 25/ 173، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1419هـ، 1998م. تحقيق: شعيب الأرناؤوط،قال الأرناؤوط: إسناده ضعيف.
(3) انظر: جامع البيان: 8/ 42.
(4) إرشاد العقل السليم:3/ 317.
(5) انظر: الجامع لأحكام القرآن محمد بن الأنصاري القرطبي:5/ 153،دار لكتب العلمية، بيروت، ط1،1408هـ - 1988م.
(6) انظر: شرح العقيدة الطحاوية: 2/ 657.
_______________________________________________
= كما ذكره ابن تيمية، واعتبره أحد الأقوال الواردة في معنى هذه الآية (1).
(يُتْبَعُ)
(/)
ترجيح الإمام ابن القيم:
رجح الإمام ابن القيم القول: بأن المراد بالأمر في قوله تعالى: " أمرنا مترفيها " أمر قدري كوني، وليس أمرا دينيا شرعيا، وأن معنى "أمرنا": قضينا فقدَّرنا (2).
ولم أجد في بحثي أن أحدا بعينه قد سبق ابن القيم في ترجيح ذلك القول.
وقد ذكر (ابن كثير) ذلك القول ولم ينسبه لأحد فقال:
" فقيل:معناها: أمرنا مترفيها ففسقوا فيها أمرا قدريا " (3).
كما ذكره ابن تيمية كأحد الأقوال في الآية ولم يرجحه ولم ينسبه لأحد (4).
ولم يوافق ابنَ القيم ـ فيما بحثت ممن جاء بعده ـ إلا ابن أبي العز الحنفي كما نقلنا عنه ذلك في القول السادس (5).
وقد خالف ابن القيم بقوله ذلك جمهور المفسرين الذين قالوا: بأن في الكلام إضمارا تقديره (أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا) أو ما في معنى الطاعة مثل:التكليف، أو الأوامر، وغير ذلك.
أدلة ترجيح ابن القيم: (6)
ذكر ابن القيم ـ لترجيحه هذا، ورفضه كون الأمر دينياً بمعنى: أمرناهم بالطاعة ـ سبعة وجوه سأذكرها كلها جمعاء كما أوردها:-
ـ الأول: أن الإضمار على خلاف الأصل،فلا يصار إليه؛ إلا إذا لم يمكن تصحيح الكلام بدونه.
ـ الثاني: أن ذلك يستلزم إضمارين: أحدهما: أمرناهم بطاعتنا، ثانيهما: فخالفونا، أو عصونا، ونحو ذلك
ـ الثالث: أن ما بعد الفاء في مثل ذلك التركيب هو المأمور به نفسه كقولك: أمرتُه ففعل،وأمرُته فقام، وأمرته فركب، لا يفهم المخاطب غير هذا.
ــــــــــــــــــ
(1) انظر مجموع فتاوي شيخ الإسلام. أحمد بن تيمية: 2/ 411، جمع وترتيب: عبد الرحمن الحنبلي،مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 1418هـ- 1997م. (بدون رقم الطبعة).
(2) انظر: شفاء العليل: 2/ 769
(3) تفسير القرآن العظيم: 3/ 32.
(4) مجموع الفتاوى: 2/ 411.
(5) راجع ص64 من هذا البحث.
(6) انظر: شفاء العليل: 770 - 771.
_______________________________________________
= ـ الرابع: أنه سبحانه جعل سبب هلاك القرية أمره المذكور، ومن المعلوم أن أمره بالطاعة، والتوحيد لا يصلح أن يكون سبباً للهلاك، بل هو سبب النجاة والفوز، فإن قيل: أمره بالطاعة مع الفسق هو سبب الهلاك،
قيل: هذا يبطل بالوجه الخامس: وهو أن هذا الأمر لا يختص بالمترفين، بل هو سبحانه يأمر بطاعته وإتباع رسله المترفين وغيرهم، فلا يصح تخصيص الأمر بالطاعة بالمترفين حيث وضحه الوجه السادس: أن الأمر لو كان بالطاعة، لكان هو نفس إرساله رسله إليهم، ومعلوم أنه لا يحسن أن يقال: أرسلنا رسلنا إلى مترفيها، ففسقوا فيها، فإن الإرسال لو كان إلى المترفين لقال مَنْ عداهم: نحن لم يرسل إلينا.
ـ السابع: أن إرادة الله سبحانه لإهلاك القرية إنما تكون بعد إرسال الرسل إليهم، فتكذيبهم، وإلا فقبل ذلك هو لا يريد إهلاكهم؛ لأنهم معذورون بغفلتهم وعدم بلوغ الرسالة إليهم، قال تعالى:
"ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ" (الأنعام / 131).
فإذا أرسل الرسل إليهم فكذبوهم، أراد إهلاكها، فأمر رؤساءها ومترفيها أمرا كونيا قدريا، لا شرعيا دينيا، بالفسق في القرية، فاجتمع على أهلها تكذيبهم وفسق رؤسائهم؛ فحينئذٍ جاءها أمر الله، فحق عليها قوله بالإهلاك.
هذه هي الوجوه التي ذكرها ابن القيم كأدلة على قوله وترجيحه، وردا على القول: بأن في الآية إضمارا تقديره: (أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا) وهو قول جمهور المفسرين كما رأيت، أوردت تلك الوجوه كما هي لم أزد عليها ولم أنقص منها شيئاً.
اختيار الباحث.
بعد الاطلاع على أقوال المفسرين المختلفة، وكذلك أقوال العلماء حول معنى الأمر الإلهي في الآية الكريمة؛ فإنني أرجح قولين من الأقوال المذكورة:
القول الأول:
الذي قدر مضمرا، هو: (أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا فيها)، وأرجح هذا القول على غيره من الأقوال؛ بناء على قراءة "أَمَرنا " بالقصر والتخفيف، وهي قراءة جمهور القراء (1).
ــــــــــــــــ
(1) انظر: التفسير الكبير: 20/ 177.
_______________________________________________
=والقول الثاني:
الذي يقول بأن معناها: "جعلنا مترفيها أمراء" بناء على قراءة "أمَّرنا" بتشديد الميم.
(يُتْبَعُ)
(/)
وأخالف ابن القيم في ترجيحه الذي رجحه والقائل: بأن الأمر في الآية أمر قدري كوني؛ وذلك للأسباب التالية:-
1 - القول بأن معنى:"أمرنا مترفيها" أي "أمرناهم بالطاعة" أو ما في معناها، هو قول جمهور المفسرين مثل: ابن عباس، وسعيد بن جبير، والطبري، والرازي، والشوكاني، والألوسي، وأبي السعود وغيرهم.
2 - أن القول بهذا المعنى هو الأقرب لفهم الآية والمراد منها؛ لأن جميع أوامر الله تعالى في القرآن الكريم هي أوامر: بطاعته وعبادته والإيمان به والأعمال الصالحة والخيرات، وفي نفس الوقت لم نجد آية واحدة أمر الله تعالى فيها: بالفسق أو المعصية أو الفحشاء؛ كي نقول بأن الأمر هو أمر بالفسق كما قال (الزمخشري) ولو بالمجاز كما ذكر.
وقد رد الشوكاني على الزمخشري قوله وما استدل به. بقوله:
" وهو معارَض بمثل قول القائل: أمرته فعصاني، فإن كل من عرف اللغة العربية يفهم من هذا أن المأمور به شئ غير الفسق؛ لأن الفسق عبارة عن الإتيان بضد المأمور به، فكونه فسقاً ينافي كونه مأموراً به ويناقضه " (1).
وقد نفى الله سبحانه وتعالى عن نفسه أن يأمر بالفحشاء، وهي من أمور الفسق والخروج عن طاعة الله، قال تعالى: "قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء ... " (الأعراف /28).
3 - وأما اختياري وترجيحي للقول الثاني الذي قال بأن معنى "أمرنا مترفيها": جعلناهم أمراء، فهو مما تحتمله القراءة بالتخفيف لغة، وتؤكده قراءة "أمَّرنا" بالتشديد، مع أن قراءة التخفيف تشمل المعنيين اللذين اخترتهما، بالإضافة إلى معنى ثالث وهو: أكثرنا مترفيها؛ ولذلك اختار أبو عبيد وأبو حاتم قراءة العامة، وهي القراءة بالتخفيف والقصر "أمرنا"؛ لأن المعاني الثلاثة تجتمع فيها: الأمر، الإمارة، والكثرة، كما قال أبو عبيد (2).
4 - أما القول بأن معناها: "بعثنا مستكبريها" على قراءة أُبي بن كعب، فلم أجد ذكر تلك القراءة، وذلك المعنى إلا عند القرطبي والثعالبي، وأما غيرهما من المفسرين فلم يتعرضوا لذكرها، فتبقى مرجوحة عما رجحناه من القولين.
5 - أما قراءة "آمرنا" بالمد فمعناها: (أكثرنا)، وقد شملته القراءة الأولى التي رجحناها "أمرنا".
6 - أما قول (ابن القيم) بأن الأمر في الآية أمر كوني قدري مستدلا على ذلك بسبعة وجوه، فتلك الوجوه ليس فيها دليلا على ما رجحه، وإنما كلها رد على القول الذي رجحه جمهور المفسرين، والقائل: بأن في الآية إضمارا تقديره: (أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا فيها).
ــــــــــــ
(1) فتح القدير: 3/ 214.
(2) انظر: الجامع لأحكام القرآن: 5/ 153.
_______________________________________________
= فقوله في الوجه الأول: "إن الإضمار على خلاف الأصل، فلا يصار إليه؛ إلا إذا لم يمكن تصحيح الكلام بدونه " فمردود من نفس كلامه، حيث إن الكلام بدون هذا التقدير لا يستقيم، ومما يدل على تقدير الطاعة أن (فسق، وعصى) متقاربان بحسب اللغة، وإن خص الفسق في الشرع بمعصية خاصة؛ لأن ذكر الضد يدل على الضد، كما أن ذكر النظير يدل على النظير، وبالتالي فذكر الفسق والمعصية يدل على تقدير الطاعة (1).
وأما قوله في الوجه الثاني: "إن ذلك يستلزم إضمارين: الأول: أمرناهم بطاعتنا، والثاني: فخالفونا أوعصونا ".
فأقول: إنه لا يستلزم إضمارين بالضرورة، بل يكفي إضمار واحد ليفهم الكلام، وهو (أمرناهم بطاعتنا)، أما الإضمار الثاني فلا يلزم؛ لأن الفسق مخالف للطاعة وضدها؛ فلا يحتاج الى تقدير (فخالفونا).
وأما قوله في الوجه الثالث:" إن ما بعد الفاء في مثل ذلك التركيب هو المأمور به نفسه، كقولك: أمرته ففعل، وأمرته فقام، وأمرته فركب لايفهم المخاطب غير هذا ".
فهذا من ابن القيم مثل استدلال الزمخشري في قوله: أمرهم بالفسق، مع الفارق، وهو أن ابن القيم قد رآى: أنه أمر قدري كوني، لاديني شرعي، في حين الزمخشري يقول: إنه مجاز.
ولكن، وإن كان مثالهما في اللغة صحيحا، إلا إنه لا يمنع صحة المثال الذي ذكره أهل اللغة أيضا مثل قول الزجاج:" ومثله في الكلام: أمرتك فعصيتني، فقدعلم أن المعصية مخالفة الأمر" (2).
(يُتْبَعُ)
(/)
وقول الرازي: " إن المعصية منافية للأمر ومناقضة له، فكذلك أمرته ففسق، يدل على أن المأمور به شئ غير الفسق؛ لأن الفسق عبارة عن الإتيان بضد المأمور به، فكونه فسقا ينافي كونه مأمورا به، كما أن كونها معصية ينافي كونها مأمورا بها، فوجب أن يدل هذا اللفظ على أن المأمور به ليس بفسق ".
ــــــــــــ
(1) انظر: روح المعاني: 5/ 43.
(2) زاد المسير: 5/ 15.
_______________________________________________
=وأما قوله في الوجه الرابع: "إنه سبحانه جعل سبب هلاك القرية أمره المذكور، ومن المعلوم أن أمره بالطاعة والتوحيد لا يصلح أن يكون سببا للهلاك، بل هو سبب النجاة والفوز". فمردود من كلامه الذي في تكملة هذا الوجه الذي قال فيه: " فإن قيل: أمره بالطاعة مع الفسق هو سبب الهلاك " ثم رد على هذا القول، فهذا صحيح أن الأمر بالطاعة وحدها لا يصلح أن يكون سببا للهلاك، بل هناك سبب آخر مع الأمر بالطاعة هو سبب الهلاك، بعد الأمر بها، ألا وهو الفسق. أمرهم بالطاعة ففسقوا.
ويضاف إلى ما سبق سبب آخر ذكره ابن الجوزي قال فيه: " في سبب إرادته لذلك ـ يعني: إهلاك القرية ـ قولان:
- الأول: ما سبق لهم في قضائه من الشقاء، والثاني: عنادهم الأنبياء، وتكذيبهم إياهم " (1)
- ولا يبطل هذا السبب بالوجه الخامس الذي ذكره وهو:" أن الأمر بالطاعة لا يختص بالمترفين، بل هو سبحانه يأمر بطاعته، واتباع رسله المترفين وغيرهم، فلا يصح تخصيص الأمر بالطاعة بالمترفين".
فهذا مردود بتخصيص المترفين بالذكر؛ لأنهم الرؤساء، ومن عداهم تبع لهم (2)؛ ولأنهم الأصول في الخطاب والباقي أتباع لهم (3)؛ ولأنهم أئمة الفسق ورؤساء الضلال وما وقع من سواهم باتباعهم؛ ولأن توجه الأمر إليهم آكد (4).
أما قوله في الوجه السادس:" إن الأمر لو كان بالطاعة، لكان هو نفس إرسال رسله إليهم، فمعلوم أنه لا يحسن أن يقال: أرسلنا رسلنا إلى مترفيها ففسقوا فيها، لأن الإرسال لو كان إلى المترفين؛ لقال من عداهم: نحن لم يرسل إلينا ". فمردود بما سبق من الرد على الوجه الخامس بأن المترفين هم الأصول في الخطاب، والباقي أتباع لهم، وأنهم هم الرؤساء ومن عداهم تبع لهم.
ثم إن كثيرا من المفسرين الذين قالوا بتقدير: (أمرنا مترفيها بالطاعة ففسقوا) قالوا: ليس المراد بالإرادة تحققها بالفعل، إذ لا يتخلف عنها المراد، ولا الإرادة الأزلية المتعلقة بوقوع المراد في وقته المقدر له، إذ لا يقارنه الجزاء الآتي، بل دنو وقتها.
أما قوله في الوجه السابع:" إن إرادة الله سبحانه لإهلاك القرية إنما تكون بعد إرسال الرسل إليهم، وتكذيبهم، وإلا فقبل ذلك هو لا يريد إهلاكهم؛ لأنهم معذورون بغفلتهم وعدم بلوغ الرسالة إليهم ".
فقوله هذا: صحيح ولا يعارض القول بتقدير: (أمرناهم بالطاعة) ثم فسقوا فخرجوا عن الطاعة؛ لأن الذي يأمرهم بالطاعة هم الرسل.
إذاً: فإرادة الله سبحانه لإهلاك القرية لا تكون إلا بعد إرسال الرسل إليهم وتكذيبهم، فأين التعارض؟
فهذه هي الردود على الوجوه التي عارض فيها (ابن القيم) قول جمهور المفسرين بأن المراد بالأمر الإلهي (الأمر بالطاعة).
وكلها كما رأيت: ليس فيها دليل على قوله: بأن الأمر في الآية: أمر قدري كوني.
ــــــــــــــــ
(1) انظر: زاد المسير: 5/ 15
(2) انظر: إرشاد العقل السليم: 3/ 317.
(3) انظر: روح المعاني: 5/ 43.
(4) انظر إرشاد العقل السليم: 3/ 316، وروح المعاني: 5/ 42.
ـ[أبو عمرو البيراوي]ــــــــ[30 Nov 2009, 12:40 ص]ـ
الأخوة الكرام،
رأيت أن أبسِّط وأختصر فأقول:
قولنا: أمرته فقام، تعني أمرته بالقيام فقام. ولكن هذا لا يصح لغة في قولنا: أمرته ففسق، لأن المعنى: أمرته فعصى الأمر وخرج عن الطاعة. وعليه نقول:
إذا أراد الله أن يهلك مجتمعاً لتوافر أسباب الهلاك لم يهلكه حتى ينذره الإنذار الأخير، ويكون هذا الإنذار على لسان الرسل والأنبياء، واليوم على ألسنة العلماء العاملين. ويكون الإنذار بإصدار الأمر بالاستقامة فيكون الخروج على الأوامر فيحق القول. (وقد أَعذر من أنذر): أي من أنذر أزال العذر.
وفي الحقيقة لا داعي للتقدير، لأن الآية تنص على أن الله يأمرهم فيخرجون على الأمر. ومن هنا لا داعي للتقدير لأنهم يخرجون على الأمر الإلهي. فلماذا نقدّر أنه يأمرهم بالطاعة، والطاعة في حقيقتها الاستجابة للأمر الإلهي. وهم هنا عصوا الأمر بل خرجوا عليه (فسقوا).
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[27 Jan 2010, 08:12 ص]ـ
الأخوة الكرام،
رأيت أن أبسِّط وأختصر فأقول:
قولنا: أمرته فقام، تعني أمرته بالقيام فقام. ولكن هذا لا يصح لغة في قولنا: أمرته ففسق، لأن المعنى: أمرته فعصى الأمر وخرج عن الطاعة. وعليه نقول:
إذا أراد الله أن يهلك مجتمعاً لتوافر أسباب الهلاك لم يهلكه حتى ينذره الإنذار الأخير، ويكون هذا الإنذار على لسان الرسل والأنبياء، واليوم على ألسنة العلماء العاملين. ويكون الإنذار بإصدار الأمر بالاستقامة فيكون الخروج على الأوامر فيحق القول. (وقد أَعذر من أنذر): أي من أنذر أزال العذر.
وفي الحقيقة لا داعي للتقدير، لأن الآية تنص على أن الله يأمرهم فيخرجون على الأمر. ومن هنا لا داعي للتقدير لأنهم يخرجون على الأمر الإلهي. فلماذا نقدّر أنه يأمرهم بالطاعة، والطاعة في حقيقتها الاستجابة للأمر الإلهي. وهم هنا عصوا الأمر بل خرجوا عليه (فسقوا).
الحاجة للتقدير أخي الكريم نشأت من عدم الفهم الصحيح للآية؛ حيث ظن بعض الناظرين في الآية أن الله أمر المترفين بالفسق، وهذا وارد.
ولو لم يحصل الإشكال لما فصّل المفسرون في معنى الآية.
والله أعلم.(/)
شخص يبحث عن تفسير الآية 83 ... من سورة يونس ... منذ عشر سنوات
ـ[عماد الدين]ــــــــ[26 Aug 2006, 01:55 م]ـ
تعجبت من هذا الموضوع
قلت أنقله لكم
ويبدو أن السائل التبس عليه أمر في تفسير هذه الآية
http://www.deewan.net/vb/showthread.php?p=391#post391
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[27 Aug 2006, 01:58 م]ـ
أخي الكريم الدكتور عماد
إذا كنت مشتركا في الموقع المذكور فليتك تسأله ماذا يريد بالضبط من الآية؟ وما الذي أشكل عليه؟(/)
سؤال في منظومة
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[27 Aug 2006, 12:30 م]ـ
أرجو أن يكون الجواب منظوما:
عقل الأريب الثابت الرجحان= قد حار في شأن اللعين الجاني
إذا قال للملك العظيم جلاله = يوم السجود وخلقة الإنسان
أنظر إلى يوم النشور بنظرة= أبقى بها من جملة الحيوان
هل كان إنظار الجليل إجابة؟ = أم كان إخبار ا من الديان؟
وإذا ترجح للمجيب أولاهما= فأعد نفسك للسؤال الثاني
أأجابه ربي لعين سؤاله= أم قيد المسؤول بالرجفان
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[27 Aug 2006, 10:05 م]ـ
قد أحسنَ العلماءُ في تصنيفهم .............. وجَلَوْا عن الجهال شينَ الرانِ
والله ذم الشعرَ في قرآنه .............. وعلا كلامُ الله كل بيانِ
لكن ذكرتُ جواب سُؤلك ناظما .............. إذ كان وَفْقَ الشرطِ في العنوانِ
سأل الخبيثُ بقاءَه وخلودَه .............. حتى يقُومَ الخلقُ للديانِ
فأجابه ربُّ العباد إجابةً .............. فيها حصولُ الخزيِ للشيطانِ
إذ كان إنظارًا لوقت النفخة الـ .............. ـأولى فيَقْضِي قبل نَفْخٍ ثانِ
وعن ابن عباس أتى تفسيرُه .............. وعليه جمهورٌ من الأعيانِ
وبذا قضى الطبري في تفسيره .............. أذعِن لقولِ إمام هذا الشانِ
أو قل: جوابُ الأمر غير سؤاله .............. إذ يُرْتَضَى في نصِّه النَّظَرانِ
إذ قال في صاد وفي حِجْر إلى .............. معلومِ وقتٍ، فانتبِهْ لِقِرانِ
وقد انتهى نظمي بقدر جهالتي .............. والجهلُ وصفُ الرب للإنسانِ
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[28 Aug 2006, 10:08 ص]ـ
يا أيها العوضي طاب قريضكم = وأصاب حسنا قنة الإحسان
وتلألات درر القصيد كأنها= شهب تضي بليلة الحيران
لكن عزوت إلى الإمام مقالة = ليست من التحرير والإتقان
فمحمد ابن جرير قال مقررا = قولا مبينا غاية التبيان
ما في الكلام إجابة لعدونا = بل كان محض الكشف للشيطان
وبـ (أو) أعدت إلى السؤال جوابه = فذكرت قولينٍ بلا رجحان
وشملت أرباب النشيد برمية = ووصمتهم بالذم في القرآن
والقيد في الشعراء صارا مبينا = يزكو به الشعر القويم الباني
شكر الاله لكم حروفا صغتها = بحضور قلب وانتساخ بنان
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Sep 2006, 08:37 ص]ـ
ما شاء الله تبارك الله.
ما أجمل تسخير القوافي والأوزان، لمثل هذا البيان، عن معاني القرآن، ولو كان السؤال عن الشيطان! وليتكما بعد هذا القريض العَذْب، والعلم الغزير المنصبّ، تبينان لأمثالي بالنثر، ما عجزتُ عن فهمه بالشعر، بارك الله لكما في العلم، وزادكما بصراً بتضمين مسائله في النظم.
ـ[فاضل الشهري]ــــــــ[04 Sep 2006, 09:34 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فالحمد لله الذي جمعنا بعد مضي الإجازة الصيفية والتي كان ينعتها شيخنا - حفظه الله- عبدالرحيم الطحان بفترة الضياع،وذلك لما كان يلمسه فينا من تساهل في حفظ الوقت واغتنامه.
سرني ما رأيت من علم منظوم، وخلق رفيع من الشيخين الفاضلين (عبدالله بن بلقاسم، وأبو مالك العوضي)، كما أمتعنا الدكتور عبدالرحمن بتعليق خفيف ظريف -ليس كصاحبه - وقد أحسن في التعليق وحسن العبارة، وهضم حق نفسه في رميه لها بما ليست بأهله، بل له النصيب الأوفر من الفهم والإفادة.
جمعنا الله على الهدى،ويسر لنا الخير حيثما كنا والحمد لله أولا وآخرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Oct 2006, 05:29 م]ـ
قال سفيان بن عيينة: لا يمنعنَّ أحداً الدعاءَ ما يعلم في نفسه (يعني من التقصير)، فإن الله قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس حين قال: (رب أنظرني إلى يوم يبعثون)(/)
علم الكلام وأهل الكلام
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[27 Aug 2006, 07:46 م]ـ
يرد في كتب العقائد، وغيرها كثيراً مصطلح علم الكلام، وأهل الكلام والمتكلمين، وما جرى مجرى ذلك.
وفيما يلي نبذة عن تعريف علم الكلام، وسبب تسميته بذلك، وأهل الكلام، وأشهر المتكلمين
أولاً: تعريف علم الكلام: عرف علم الكلام بعدة تعريفات منها:
1 - قال أبو حيان التوحيدي -رحمه الله-: (وأما علم الكلام فإنه من باب الاعتبار في أصول الدين يدور النظر فيه على محض العقل في التحسين والتقبيح، والإحالة والتصحيح، والإيجاب والتجويز، والاقتدار والتعجيز، والتعديل والتجوير، والتوحيد والتكفير.
والاعتبارُ فيه ينقسم بين دقيق يتفرد العقل به، وجليل يُفْزَع إلى كتاب الله -تعالى- فيه). [1]
2 - وعرفه ابن خلدون -رحمه الله- بقوله: (علم يتضمن الحجاج عن العقائد الإيمانية بالأدلة العقلية) [2].
3 - وعرفه الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- بقوله: (هو ما أحدثه المتكلمون في أصول الدين من إثبات العقائد بالطرق التي ابتكروها، وأعرضوا بها عما جاء بالكتاب والسنة) [3].
ثانياً: سبب تسمية علم الكلام بهذا الاسم: أما سبب تسميته بهذا الاسم فذلك مما تضاربت به الأقوال، ومما قيل في ذلك ما يلي:
1 - أن عنوان مباحث المتكلمين في العقائد كان: (الكلام في كذا وكذا ... ).
2 - لأنه يورث قدرةً على الكلام في تحقيق الشرعيات، وإلزام الخصوم؛ فهو كالمنطق للفلسفةِ؛ والمنطقُ مرادفٌ للكلام.
3 - لأن هذا العلم لا يتحقق إلا بالمباحثة، وإدارة الكلام من الجانبين على حين أن غيره من العلوم قد يتحقق بالتأمل، ومطالعة الكتب.
4 - لأنه أكثر العلم خلافاً، ونزاعاً؛ فيشتد افتقاره إلى الكلام مع المخالفين، والرد عليهم.
5 - لأنه؛ لقوة أدلته صار كأنه هو الكلام دون ما عداه من الكلام.
6 - أنه؛ نظراً لقيامه على الأدلة القطعية المؤيد أكثرها بالأدلة السمعية كان أكثر العلوم تأثيراً بالقلب؛ فسمي الكلام بذلك مشتقاً من الكَلْم وهو الجرح.
7 - أنه سمي بذلك؛ لأن أول خلاف وقع في الدين كان في كلام الله -عز وجل- أمخلوق هو أم غير مخلوق؟ فتكلَّم الناس فيه؛ فسمي هذا النوع من العلم كلاماً، واختص به.
8 - لأن هذا العلم كلام صِرْفٌ، وليس تحته عمل [4].
ثالثاً: أهل الكلام: أهل الكلام هم الذين يخوضون في مسائل أصول الدين كالوحدانية، والمعاد، وإثبات النبوات، والوعد، والوعيد، والإيجاب على الله -عز وجل-* والتجويز وهو قولهم: لو عذبنا الله على ما خلقه فينا لكان جائزاً، وإنما يعذبنا على ما نخلقه نحن.
وأنه يجوز على الله تعذيب ملائكته وأنبيائه، وأهل طاعته، وإكرام إبليس وجنوده، وجعلهم فوق أوليائه في النعيم المقيم.
ولا ريب أن هذا قولٌ باطل صار عن نفي الحكمة والتعليل؛ ذلك أن حكمة الله -عز وجل- تأبى ذلك قال -تبارك وتعالى-: [أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ].
ويخوضون - كذلك - في القدر ويقولون بنفيه ويسمون ذلك عدلاً، ويبحثون كذلك في التوحيد، ويعنون به نفي الصفات عن الله -عز وجل- إلى غير ذلك ممن يخوض به أهل الكلام.
رابعاً: أشهر المتكلمين: المتكلمون كثير، وليسوا على درجةٍ واحدة، ويدخل في مفهوم المتكلمين كثير من الطوائف كالجهمية أتباع الجهم بن صفوان، والمعتزلة أتباع عمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء، وغيرهم.
ــــــــــــــــ
[1] رسالة أبي حيان في العلوم ص 21
[2] تاريخ ابن خلدون ص 350
[3] فتح رب البرية ص 76
[4] انظر العقائد النسفية للنسفي ص 6، وتاريخ ابن خلدون ص 350 - 375، والمعتزلة لزهدي جارالله ص 346.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[28 Aug 2006, 11:19 م]ـ
وللاستزادة يمكن مراجعة رسالة الشيخ سليمان الغصن منهج المتكلمين، وهي رسالة نفيسة
ـ[الطبيب]ــــــــ[29 Aug 2006, 12:57 ص]ـ
علم الكلام ... كلام بلا علم
ودمتم،،،
ـ[الجكني]ــــــــ[29 Aug 2006, 06:38 م]ـ
هذا تجني على هذا العلم الذي لا يعلم مقداره إلا من خاض بحره،لكن المشكلة هي أننا نظن أن علم الكلام هو أصلاً لمخاطبة المسلمين،وهذا ليس دقيقاً،إذ هو في الأصل لمخاطبةالعقلانيين من غير المسلمين ولهذا لم يخض فيه إلا الخاصة وفي المجالس الخاصة،أماالآن فأصبح كل من قرأ ورقة أو ورقتين من كتاب يظن أنه (فهم) و (عرف) و (علم) علم الكلام،وذلك دونه بحار ومفاوز 0
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[30 Aug 2006, 03:50 ص]ـ
هذا تجني على هذا العلم الذي لا يعلم مقداره إلا من خاض بحره،
وهل أنت ممن خاض بحاره؟ وتبين لك غير ما عرف منه أئمة أهل السنة الذين بالغوا في ذمه؟
لكن المشكلة هي أننا نظن أن علم الكلام هو أصلاً لمخاطبة المسلمين،وهذا ليس دقيقاً،إذ هو في الأصل لمخاطبةالعقلانيين من غير المسلمين
لكنهم استخدموه في أثبات العقائد ونفي الصفات ... وهذا ظاهر في كتبهم وما نقل عنهم.
ولهذا لم يخض فيه إلا الخاصة وفي المجالس الخاصة،
هل الكتب من المجالس الخاصة؟
أماالآن فأصبح كل من قرأ ورقة أو ورقتين من كتاب يظن أنه (فهم) و (عرف) و (علم) علم الكلام،وذلك دونه بحار ومفاوز 0
!!!!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[30 Aug 2006, 12:02 م]ـ
أما سؤالك:"هل أنت ممن خاض بحاره؟ " فجوابه:بل بالكاد وقفت على ساحله،يا أخي قد درست بعض أصول هذا العلم على شيخ هو من أهله وعرفت منه -العلم-ما يؤكد لي أن هذه المقولة (غير دقيقة) وهذا يكفي 0
أما قولك:"وتبين لك غير ما عرف منه أئمة أهل السنة الذين بالغوا في ذمه؟ " فجوابه:قولك (أئمة أهل السنة) يفهم منه الإطلاق،أي أن (كل) علماء أهل السنة ذموه، فإذا كان هذا قصدك فأنت مطالب بإثبات هذا الادعاء،حيث إن المخالف لك يقول إن بعض (أئمة أهل السنة) لم يذموه،وهو ما يشهد له الواقع 0
وأما قولك "لكنهم استخدموه 00"ليس في محل النزاع،الكلام في (الأصل) وليس في ما استعمل فيه بعد ذلك 0
وأما سؤالك الثالث:"هل الكتب من المجالس الخاصة؟ "فالجواب:كتب (العقائد) هي في الأساس نتيجة المناظرات والجدل في المجالس الخاصة التي كان يعقدها السلاطين والوزراء لكبار العلماء بعيداً عن (العامة) 0
وأما (تعجبك) من الكلام الأخير فأقول فيه:"عجبك عجب "
ومع هذا:لايظن أني أقول (علم الكلام) كله محمود أو مذموم،فهذا حكم جائر مبني على (خلل) في (التصور) للمسألة 0والله أعلم
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[30 Aug 2006, 01:04 م]ـ
هذا تجني على هذا العلم الذي لا يعلم مقداره إلا من خاض بحره،
بل بالكاد وقفت على ساحله
قولك (أئمة أهل السنة) يفهم منه الإطلاق
أئمة أهل السنة الذين ...
لكن المشكلة هي أننا نظن أن علم الكلام من أين لك هذا الظن؟ ثم ليست هذه المشكلة بل المشكلة أنهم استخدموه 00
كتب (العقائد) هي في الأساس نتيجة المناظرات والجدل
الإطلاق = دعوى تحتاج إلى إثبات.
وأما (تعجبك) من الكلام الأخير فأقول فيه:"عجبك عجب " صدقت؛ لأنك لا تشعر بما في كلامك من العجب.
ولا يعني هذا أني أقول (علم الكلام) محمود كله أو مذموم كله، فهذا حكم مبني على ضيق في تصور المسألة
سبق أن قلت عن نفسك بل بالكاد وقفت على ساحله
وممن ذمه بإطلاق جمع تجاوزوا الساحل الذي وقفت عليه، وبعضهم خاض بحره الخضم ثم حكموا بخلاف رأيك.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[30 Aug 2006, 03:40 م]ـ
دعونا نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ...
تجنبوا الانتصارات النفسية ...
والسلام
ـ[الجكني]ــــــــ[30 Aug 2006, 04:36 م]ـ
قولك "وممن ذمه " وقولك "وبعضهم خاض" موافقة على أنه ليس كل (أئمة السنة) ذموه،فكن أنت مع (ممن) واترك غيرك مع (بعضهم) وكما قال د/أحمد:"يعذر بعضنا بعضاً ولا تصور المسألة على أن الخلاف بين (أهل السنة) وغيرهم 0هذا ما عندي والله أعلم0
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[30 Aug 2006, 06:55 م]ـ
قولك "وممن ذمه " وقولك "وبعضهم خاض" موافقة على أنه ليس كل (أئمة السنة) ذموه،فكن أنت مع (ممن) واترك غيرك مع (بعضهم)
وفقكم الله
مرادي من التبعيض هو:
أن جمعا من أئمة أهل السنة لم يحفظ له كلام في (علم الكلام)، لا أنهم مدحوه.
والعذر قائم، ولم يخطر في بالي أن الدكتور السالم ـ حفظه الله ـ يكتب هنا لانتصارات نفسية أو ... بل يكتب ما يرى أنه الحق.
وأرجو أن أكون كذلك.
وليت الدكتور أحمد ـ حفظه الله ـ إذ لاح له غير ذلك أو شعر به ...
جعل هذا النصح والتوجيه سرا = فهو أجدى وأدعى للقبول.
والسلام عليكم.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[30 Aug 2006, 08:45 م]ـ
فائدة
من أراد الوقوف على كلام أئمة السلف في ذم هذا العلم فلينظر:
الغنية عن الكلام وأهله للخطابي.
مختصر الحجة على تارك المحجة لأبي الفتح نصر المقدسي.
ذم الكلام للهروي.
تحريم النظر في كتب الكلام لابن قدامة.
أحاديث في ذم الكلام وأهله للمقري.
صون المنطق والكلام للسيوطي.
قصد السبيل إلى ذم الكلام والتأويل لصديق خان القنوجي.
وكلها مطبوعة عدا الأول، ومختصره ضمن (صون المنطق) للسيوطي، ونقل منه الإمام ابن تيمية مواطن كثيرة في درء تعارض العقل والنقل.
وهناك كلام كثير متفرق لأئمة السلف في كتب العقائد المسندة وغير المسندة.
ولعل بعض هذه الكتب موجود في الشبكة.
ـ[الجكني]ــــــــ[30 Aug 2006, 09:38 م]ـ
أخي الشيخ عبد الرحمن حفظه الله تعالى وسلمني وإياه من كل سوء،وخاصة سوء الظن:
والله الذي لا إله غيره ما كتبت حرفاً (لانتصارات نفسية) كما ظن فضيلتكم،وإنما كتبت ما أراه حقاً بيني وبين الله تعالى،إذ القول "مطلقاً " بذم الكلام لم أر القول به إجماعاً،بل هناك من كبار العلماء من استعمله لمجادلة المعاندين من المسلمين وغير المسلمين،وأكبر دليل على ذلك هو ما سطره شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوى وغيرها من كتبه 0
وعندي أن السبب من ذم بعض العلماء لعلم الكلام هو "شدة "ورعهم وخوفهم على الأمة،وهذا شيء محمود،ولكنه لا يعتبر حكماً شرعياً يأثم من خالفه أو من عارضه 0وعلم الكلام قد لا أحتاجه أنا ولا أنت في هذه البلاد بحمد الله تعالى ولكن يحتاج إليه للدفاع عن الإسلام ورد شبه المنكرين في أماكن أخرى وأزمنة أخرى 0
وخلاصة القول:علم الكلام منه ما هو محمود وهو ما لم يخالف أصلاً شرعياً،ومذموم وهو عكسه،أما القول مطلقاً بأنه (كلام بلا علم) فيكفي في بيان بطلانه التناقض فيه،حيث أثبت أنه علم ثم نفاه عنه وهل هذه المصنفات التي ترد على (المخالفين والمخطئين) كلها (لا علم فيها؟؟؟؟ إذن: فيلزم أن كتب شيخ الاسلام (جلها) التي في (العقائد) سواء بين المسلمين أنفسهم أو بينهم وبين أهل الملل الأخرى كلها هباء،وهذا ما لا يقوله أحد حسب علمي 0
رحم الله من قال:"كلامي صواب يحتمل الخطأ،وكلام غيري خطأ يحتمل الصواب "
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الجكني]ــــــــ[30 Aug 2006, 09:43 م]ـ
وأما قولكم حفظكم الله:"جمعاً من أهل السنة لم يحفظ لهم كلام في علم الكلام لا أنهم مدحوه " هذا (تحكم من فضيلتكم يعترض عليه بالعكس وهو أن يقال:"لم يحفظ عنهم كلام (لا أنهم ذموه) 0
والله أعلم 0
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[30 Aug 2006, 11:48 م]ـ
سلمني وإياه من كل سوء،وخاصة سوء الظن:
والله الذي لا إله غيره ما كتبت حرفاً (لانتصارات نفسية) كما ظن فضيلتكم،وإنما كتبت ما أراه حقاً بيني وبين الله تعالى
أخي الدكتور السالم وفقه الله
عفى الله عني وعنك، وهل وجدتَ في كلامي غير ذلك؟
أنا لما رأيت كلام الدكتور أحمد: تجنبوا الانتصارات النفسية ...
قلت عنكم وعني حتى لا يساء بنا الظن:
والعذر قائم، ولم يخطر في بالي أن الدكتور السالم ـ حفظه الله ـ يكتب هنا لانتصارات نفسية أو ...
بل يكتب ما يرى أنه الحق. وأرجو أن أكون كذلك.
(تحكم من فضيلتكم يعترض عليه بالعكس وهو أن يقال:"لم يحفظ عنهم كلام (لا أنهم ذموه) 0
بارك الله فيكم
وأنا لم أثبت لهم قولا بمدح ولا ذم بل تركته، وإنما ذكرته في مقابل قولكم:
وقولك "وبعضهم خاض" موافقة على أنه ليس كل (أئمة السنة) ذموه، فكن أنت مع (ممن) واترك غيرك مع (بعضهم)
ـ[الجكني]ــــــــ[31 Aug 2006, 01:44 ص]ـ
أخي الدكتور عبد الرحمن حفظه الله:أعتذر إن كنت أسأتُ فهم كلامكم وحمّلته ما لا تريده،وقبول العذر ممن اعتذر هو من شيم الكرام،وأحسبكم كذلك 0
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[31 Aug 2006, 03:32 ص]ـ
(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)
ومعذرة إن كنت أسأت أو تجاوزت في حقكم.
وأسأل أن يبصرنا بالحق ويهدينا للعمل به.
* تنبيه: لستُ بدكتور.(/)
في قوله تعالى: ( .. ويقدر له .. ) القَدْر في الرزق للمؤمنين وعلى غيرهم .. !!
ـ[عبدالله بن عيدان الزهراني]ــــــــ[27 Aug 2006, 11:34 م]ـ
كنت كثيرًا ما أتساءل عند تلاوة هذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: (الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له .. ) [العنكبوت: 62]، وعند الآية الأخرى: (قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له .. ) [سبأ: 39] عن السرّ في اختيار الضمير (له)؛ مع أن المتبادر إلى الذهن أن التضييق في الرزق يكون على الإنسان لا له، ثم تهيأ لي النظر في جملة من كتب التفسير والتي لم يتطرّق معظمها لما أبحث عنه، حتى وجدت بغيتي في تفسير " التحرير والتنوير " للطاهر بن عاشور رحمه الله تعالى، حيث يقول في تفسير موضع سورة العنكبوت:
" وزيادة {له} بعد {ويقدر} في هذه الآية دون آية سورة الرعد وآية القصص (1) للتعريض بتبصير المؤمنين الذين ابتلوا في أموالهم من اعتداء المشركين عليها كما أشار إليه قوله آنفاً: {وكأيّن من دابة لا تحمل رزقها} [العنكبوت: 60]، بأن ذلك القَدْر في الرزق هو لهم لا عليهم لما ينجرّ لهم منه من الثواب ورفع الدرجات، فغُلّب في هذا الغرض جانب المؤمنين ولهذا لم يُعدّ {يقدر} بحرف (على) كما مقتضى معنى القدْر كما في قوله تعالى: {ومن قُدِر عليه رزقُه فلينفقْ مما آتاه الله} [الطلاق: 7]. وقال بعض المفسرين: إن المشركين عيّروا المسلمين بالفقر، وقيل: إن بعض المسلمين قالوا: إن هاجرنا لم نجد ما ننفق. والضمير المجرور باللام عائد إلى (من يشاء من عباده) باعتبار أن (من يشاء) عام ليس بشخص معين لا سيما وقد بيّن عمومه بقوله {من عباده}. والمعنى: أنه يبسط الرزق لفريق ويقدر لفريق " (2).
وفي تفسير آية سبأ يقول –رحمه الله-:
" وقوله: {قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له} تقدم نظيره قريباً تأكيداً لذلك وليبنَى عليه قوله: {وما أنفقتم من شيء} الآية. فالذي تقدم ردٌّ على المشركين، والمذكور هنا ترغيب للمؤمنين، والعبارات واحدة والمقاصد مختلفة. وهذا من وجوه الإِعجاز أن يكون الكلام الواحد صالحاً لغرضين وأن يتوجه إلى طائفتين.
ولما كان هذا الثاني موجهاً إلى المؤمنين أشير إلى تشريفهم بزيادة قوله: {من عباده} أي المؤمنين، وضمير {له} عائد إلى {من}، أي ويقدر لمن يشاء من عباده. ومفعول {يقدر} محذوف دلّ عليه مفعول {يبسط}.
وكان ما تقدم حديثاً عن بسط الرزق لغير المؤمنين فلم ينعموا بوصف {من عباده} لأن في الإِضافة تشريفاً للمؤمنين، وفي هذا امتنان على الذين يبسط عليهم الرزق بأن جمع الله لهم فضل الإِيمان وفضل سعة الرزق، وتسلية للذين قدر عليهم رزقهم بأنهم نالوا فضل الإِيمان وفضل الصبر على ضيق الحياة.
وفي تعليق {له} ب {يقْدر} إيماء إلى أن ذلك القَدْر لا يخلو من فائدة للمقدور عليه رزقُه، وهي فائدة الثواب على الرضى من قسم له والسلامة من الحساب عليه يوم القيامة. وفي الحديث «ما من مصيبة تصيب المؤمن إلا كُفِّر بها عنه حتى الشوكةُ يُشاكُها».
ولولا هذا الإِيماء لقيل: ويقدر عليه، كما قال: {ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه اللَّه} [الطلاق: 7]. وأما حال الكافرين فإنهم ينعم على بعضهم برزق يحاسبون عليه أشد الحساب يوم القيامة إذ لم يشكروا رازقهم، ويُقدر على بعضهم فلا يناله إلا الشقاء ... " (3).
تلك فائدة أحببت نقلها إلى غيري، علّمنا الله ما ينفعنا، ونفعنا بما علّمنا .. (آمين)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أقول: وأيضًا آية سورة الإسراء (30)، و الروم (37)، و سبأ –أيضًا- (36)، و الزمر (52)، و الشورى (12)، فلم يذكر في هذه المواضع لفظ (له).
(2) التحرير والتنوير: تفسير الآية رقم (62) من سورة العنكبوت.
(3) التحرير والتنوير: تفسير الآية رقم (39) من سورة سبأ.(/)
فَوَائِدُ مُنْتَقَاةٌ مِن تَفْسِيرِ ابِنِ كَثِيرٍ (1)
ـ[القندهاري]ــــــــ[28 Aug 2006, 01:47 ص]ـ
الحمدُ للهِ وبعدُ؛
كما هو معلوم لدى الكثير من طلبة العلم بصفة خاصة والناس بعامة أن تفسير ابن كثير من التفاسير السلفية التي التزم فيها المؤلف - رحمه الله - بعقيدة السلف في آيات العقائد والأسماء والصفات إلى جانب منزلة هذا التفسير بين جمهور المفسرين ولهذا اهتم به العلماء وطلبة العلم قراءة وتدريسا وتعليقا ونقلا.
ولهذا التفسير مميزاته التي تميز بها فمن ذلك:
- اختياره أحسن الطرق في تفسير القرآن والتي هي:
تفسير القرآن بالقرآن.
تفسير القرآن بالسنة.
تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين.
- اهتمامه باللغة وعلومها واعتبارها من أهم مصادر التفسير.
- اهتمامه بذكر أسانيد الأحاديث ونقدها.
- اهتمامه بذكر القراءات وأسباب النزول.
إلى غير ذلك من المميزات التي لا نطيل في ذكرها.
وهذا التفسير المبارك أثنى عليه كثير من العلماء المتقدمون والمتأخرون - رحم الله الجميع -
قال السيوطي: وله التفسير الذي لم يؤلف على نمطه مثله.
وقال الشوكاني: وله التفسير المشهور وهو في مجلدات وقد جمع في فأوعى ونقل المذاهب والأخبار ولآثار وتكلم بأحسن كلام وأنفسه وهو من أحسن التفاسير إن لم يكن أحسنها.
وقال أحمد شاكر في عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير: وبعد فإن تفسير الحافظ ابن كثير أحسن التفاسير التي رأينا، وأجودها وأدقها بعد تفسير إمام المفسيرين أبي جعفر الطبري.
وقد اخْتُصِر الكتاب عدة مختصرات وهي كما يلي:
1 - عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير
اختصار وتحقيق الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -
قال الشيخ: ثم رأيت أن أبدأ بالذي هو أيسر وأقرب للناس وهو التفسير المختصر.ا. هـ.
ولكن الشيخ مات قبل أن يتم هذا المختصر - رحمه الله رحمة واسعة -
وقد طبع منه خمسة أجزاء فقط، من أول التفسير حتى نهاية الكلام على قوله تعالى: " ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون " (الأنفال آية 8).
2 - مختصر تفسير ابن كثير. اختصار وتحقيق: محمد علي الصابوني - المعاصر -
وهذا المختصر حرف الصابوني فيه تحريفا عظيما لكلام ابن كثير وقد شرق بمنهج ابن كثير السلفي في عقيدة التوحيد وابن كثير بريء من ذلك.
ولهذا حذر العلماء وطلبة العلم من مختصرات الصابوني - المعاصر - وعلى رأسهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز في رسالة بعنوان " تنبيهات هامة على ما كتبه الشيخ محمد علي الصابوني في صفات الله عزوجل.
وكذلك الشيخ المحدث محمد ناصر الدين الألباني في مقدمة الجزء الرابع من " السلسلة الصحيحة " وفي مواضع من من الجزئين الثالث والرابع من " السلسلة الضعيفة " (3/ 310، 471، 593) - (4/ 51، 412).
وهناك رسالة قيمة للشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد بعنوان " التحذير من مختصرات محمد علي الصابوني في التفسير " ذكر فيها ما فعله هذا الخلفي الصوفي من تحريف وتضليل للمختصرات التي اختصرها - بزعمه -.
3 - تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير. اختصار الشيخ محمد نسيب الرفاعي. وهذا الكتاب مطبوع في أربعة مجلدات.
- مختصر تفسير ابن كثير. اختصار الشيخ محمد كريم سعيد راجح.
4 - لباب التفسير من ابن كثير. د/ عبدالله بن محمد آل الشيخ.
وأحسن هذه المختصرات وأصحها وأفضلها عمدة التفسير لأحمد شاكر فهو أقرب هذه المختصرات إلى روح تفسير ابن كثير ولفظه ومعناه إضافة إلى ما اشتمل عليه من تحقيقات وتخريجات جيدة.
ولكن يبقى الرجوع إلى اصل التفسير هو المفيد وأن لا يعول طالب العلم على شيء من هذه المختصرات.
وقد قرأنا هذا السفر العظيم على أحد طلبة العلم مدة من الزمن، وكنت أقيد الفوائد التي أمر عليها على طرة الكتاب فأحببت أن أكتب هذه الفوائد في هذه الصفحة أسأل الله أن ينفع بها.
فَائِدَةٌ (1)
هل في الجنِ رسلٌ أم نُذُرٌ؟
قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في سورة الأحقاف (7/ 285) عند قول تعالى: " وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ " [الأحقاف: 29]:
(يُتْبَعُ)
(/)
وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْآيَة عَلَى أَنَّهُ فِي الْجِنّ نُذُر وَلَيْسَ فِيهِمْ رُسُل وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجِنّ لَمْ يَبْعَث اللَّه تَعَالَى مِنْهُمْ رَسُولًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى " وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلك إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْل الْقُرَى " [يوسف: 109]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ" وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَك مِنْ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَام وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاق " [الفرقان: 20]، وَقَالَ عَنْ إِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام " وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّته النُّبُوَّة وَالْكِتَاب " [العنكبوت: 27]، فَكُلّ نَبِيّ بَعَثَهُ اللَّه تَعَالَى بَعْد إِبْرَاهِيم فَمِنْ ذُرِّيَّته وَسُلَالَته فَأَمَّا قَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الْأَنْعَام " يَا مَعْشَر الْجِنّ وَالْإِنْس أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُل مِنْكُمْ " [الأنعام: 130]؛ فَالْمُرَاد مِنْ مَجْمُوع الْجِنْسَيْنِ فَيَصْدُق عَلَى أَحَدهمَا وَهُوَ الْإِنْس كَقَوْلِهِ " يَخْرُج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ وَالْمَرْجَان " [الرحمن: 22] أَيْ أَحَدهمَا.
ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى فَسَّرَ إِنْذَار الْجِنّ لِقَوْمِهِمْ فَقَالَ مُخْبِرًا عَنْهُمْ " قَالُوا يَا قَوْمنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْد مُوسَى " [الأحقاف: 30]، وَلَمْ يَذْكُرُوا عِيسَى لِأَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْإِنْجِيل فِيهِ مَوَاعِظ وَتَرْقِيقَات وَقَلِيل مِنْ التَّحْلِيل وَالتَّحْرِيم وَهُوَ فِي الْحَقِيقَة كَالْمُتَمِّمِ لِشَرِيعَةِ التَّوْرَاة فَالْعُمْدَة هُوَ التَّوْرَاة فَلِهَذَا قَالُوا أُنْزِلَ مِنْ بَعْد مُوسَى وَهَكَذَا قَالَ وَرَقَة بْن نَوْفَل حِين أَخْبَرَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِصَّةِ نُزُول جِبْرِيل عَلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَوَّل مَرَّة فَقَالَ بَخٍ بَخٍ هَذَا النَّامُوس الَّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى يَا لَيْتَنِي أَكُون فِيهَا جَذَعًا ".ا. هـ. كلامه
وهذه المسألة التي ذكرها ابن كثير فيها خلاف بين أهل العلم على ثلاثة أقوال:
القولُ الأولُ:
أن رسل الجن هم من البشر ولم يبعث إلى الجن رسول منهم وهو رأي الجمهور من العلماء واستدل الجمهور بالكتاب والسنة.
فمن الكتاب قوله تعالى: " يَا مَعْشَر الْجِنّ وَالْإِنْس أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُل مِنْكُمْ " [الأنعام: 130].
القولُ الثاني:
أنه ليس في الجن رسل ولكن منهم نذر عن الرسل وهو مروي عن ابن عباس ومجاهدوابن جريج وأبو عبيد.
وقد استدل الفريق الثاني بنفس أدلة الفريق الأول قالقولين معناهما واحد.
القولُ الثالثُ:
أنه قد بعث إلى الجن رسل منهم وهو رأي مقاتل والضحاك وابن حزم الأندلسي.
ولكل فريق أدلة يطول ذكرها في هذا المقام ولكن قول الجمهور هو الأقرب إلى الصواب والله أعلم.
تعقيبٌ للشيخِ الشنقيطي:
لقد تعقب الشيخ الشنقيطي في " أضواء البيان " (7/ 748) ابن كثير عند قوله: " يَخْرُج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ وَالْمَرْجَان " أي: أحدهما. فقال الشيخ:
قوله تعالى: " يَخْرُج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ وَالْمَرْجَان ".
اعلم أن جماعة من أهل العلم قالوا: إن المراد بقوله في هذه الآية يخرج منهما أي من مجموعهما الصادق بالبحر الملح، وأن الآية من إطلاق المجموع وإرادة بعضه، وأن اللؤلؤ والمرجان لا يخرجان من البحر الملح وحده دون العذب.
وهذا القول الذي قالوه في هذه الآية مع كثرتهم وجلالتهم لا شك في بطلانه، لأن الله صرح بنقيضه في سورة فاطر، ولا شك أن كل ما ناقض القرآن فهو باطل، وذلك في قوله: " وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا " [فاطر: 12] فالتنوين في قوله: " وَمِنْ كُلٍّ " تنوين عوض أي من كل واحد من العذب والملح تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وهي اللؤلؤ والمرجان وهذا مما لا نزاع فيه.
(يُتْبَعُ)
(/)
وقد أوضحنا هذا في سورة الأنعام في الكلام على قوله: " يا معشر الجن والأنس ألم يأتكم رسل منكم " ............ ا. هـ.
وقد علق الشيخ عطية سالم بقوله: هذا الاستنتاج الذي توصل إليه فضيلة الوالد - رحمه الله - يعتبر فتحا لأنه توصل إليه استنتاجا فجاء الواقع يشهد بذلك وإن لم يطلع عليه - رحمه الله -.
وقال الشنقيطي أيضا في الأضواء (2/ 188) عند قوله تعالى: " يَا مَعْشَر الْجِنّ وَالْإِنْس أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُل مِنْكُمْ " [الأنعام: 130] ":
قال بعض العلماء: المراد بالرسل من الجن نذرهم الذين يسمعون كلام الرسل، فيبلغونه إلى قومهم ويشهد لهذا أن الله ذكر أنهم منذرين لقومهم في قوله: " وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ [الأحقاف: 29].
وقال بعض العلماء: " رُسُل مِنْكُمْ " أي من مجموعكم الصادق بخصوص الإنس: لأنه لا رسل من الجن ويستأنس لهذا القول بأن القرآن ربما أطلق فيه المجموع مرادا بعضه كقوله: " وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا " [نوح: 17]، وقوله: " فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا " [الشمس: 14] مع أن العاقر واحد منهم، كما بينه بقوله: " فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ " [القمر: 29].
واعلم أن ما ذكره الحافظ ابن كثير - رحمه الله - وغيره من أجلاء العلماء في تفسير هذه الآية من أن قوله: " يَخْرُج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ وَالْمَرْجَان " [الرحمن: 22] يراد به البحر الملح خاصة دون العذب غلط كبير، لا يجوز القول به. لأنه مخالف مخالفة صريحة لكلام الله تعالى، لأن الله ذكر البحرين الملح والعذب بقوله: " وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ " [فاطر: 12]، ثم صرح باستخراج اللؤلؤ والمرجان منهما جميعا بقوله: " وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا "، والحلية المذكورة هي اللؤلؤ والمرجان، فقصره على الملح مناقض للآية صريحا كما ترى.ا. هـ.
ومع فائدة أخرى إن شاء الله.
رابط الموضوع
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(/)
مؤتمر توجيه بحوث الجامعات
ـ[مرهف]ــــــــ[29 Aug 2006, 09:28 م]ـ
سيعقد مؤتمر لتوجيه بحوث الجامعات انظر التفاصيل على هذا الرابط
http://www.iiit.org/arabic/events/event_detail/default.asp?eid=44(/)
دراسة أقوال المفسرين في المراد بهمّ يوسف عليه السلام بامرأة العزيز
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Aug 2006, 10:15 ص]ـ
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}
قال ابن القيم في سياق بيانه لعفاف يوسف عليه السلام:
(فإن قيل: فقد هم بها، قيل عنه جوابان:
أحدهما: أنه لم يهم بها، بل لولا أن رأى برهان ربه لهمّ. هذا قول بعضهم في تقدير الآية.
والثاني - وهو الصواب -: أن همّه كان همَّ خطرات، فتركه لله، فأثابه الله عليه، وهمّها كان هم إصرار، بذلت معه جهدها، فلم تصل إليه؛ فلم يستوِ الهمّان.
قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: الهمّ همّان: هم خطرات، وهم إصرار؛ فهم الخطرات لا يؤاخذ به، وهم الإصرار يؤاخذ به. ([1])) ([2])
وقال في موضع آخر - في سياق كلام له عن التقديم والتأخير، وأن العرب لا يأتون بالتقديم والتأخير إلا حيث لا يلتبس على السامع، ولا يقدح في بيان مراد المتكلم -: (وأما ما يدعى من التقديم والتأخير في غير ذلك، كما يدعي من التقديم في قوله: ? وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ ?، وأن هذا قد تقدم فيه جواب لولا عليها؛ فهذا أولاً لا يجيزه النحاة، ولا دليل على دعواه، ولا يقدح في العلم بالمراد.) ([3])
الدراسة:
مسألة همّ يوسف عليه السلام بامرأة العزيز مسألة كثر حولها الكلام، وتباينت الأقوال في إيضاحها، واختلفت مواقف المفسرين منها. وقد أفردها بالتصنيف بعض الباحثين.
وقد اقتصر ابن القيم في كلامه السابق على قولين في هذه المسألة:
القول الأول: أنه لم يقع من نبي الله يوسف همّ أصلاً؛ لأن رؤيته لبرهان ربه منعته من ذلك الهمّ.
القول الثاني: أنه قد همّ بها فعلاً، ولكنه همّ خطرات، لا هم عزيمة على الفعل؛ فهو من قبيل حديث النفس الذي لا يمكن دفعه، وهو ما لا يؤاخذ به المرء كما صح معنى ذلك في الحديث الصحيح ([4])، بل إن من ترك هذا الهمّ لله كتب له به حسنة كما ثبت هذا المعنى أيضاً في الحديث الصحيح. ([5])
وقد رجح ابن القيم هذا القول، وذكر أنه الصواب.
وفي معنى هذا الهمّ من يوسف أقوال أخرى ([6])، أشهرها، وهو القول الثالث: أنه همّه كان من جنس همها، فلولا أن الله تعالى عصمه لفعل. وهذا قول جمهور المفسرين المتقدمين. ([7])
وفيما يأتي عرض لموقف أئمة التفسير من هذه الأقوال:
اعتمد ابن جرير في تفسيره ما نُقل عن جمهور السلف في تفسير الهم، حيث قال: (ومعنى الهمّ بالشيء في كلام العرب: حديث المرء نفسه بمواقعته، ما لم يواقع.
فأما ما كان من همّ يوسف بالمرأة وهمّها به، فإن أهل العلم قالوا في ذلك ما أنا ذاكره ... ) ثم ذكر الآثار في تفسير ذلك، ومفادها أن يوسف عليه السلام قد همّ بمواقعتها، وجلس منها مجلس الرجل من امرأته، بعد أن حلت ثيابها، وحلّ ثيابه. ([8])
وهذه الآثار تدل على أن همّه بها كان من جنس همها به.
ولمّا كانت هذه الأقوال دالةً على أن يوسف قد وقع فيما لا يليق؛ قال ابن جرير: (فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بمثل هذا وهو لله نبيّ؟.) ثم أجاب عن ذلك بقوله: (قيل: إن أهل العلم اختلفوا في ذلك، فقال بعضهم: كان ممن ابتلي من الأنبياء بخطيئة، فإنما ابتلاه الله بها ليكون من الله عزّ وجلّ على وَجَل إذا ذكرها، فيجدّ في طاعته إشفاقاً منها، ولا يتكل على سعة عفو الله ورحمته.
وقال آخرون: بل ابتلاهم الله بذلك ليعرّفهم موضع نعمته عليهم، بصفحة عنهم وتركه عقوبته عليه في الآخرة.
وقال آخرون: بل ابتلاهم بذلك ليجعلهم أئمة لأهل الذنوب في رجاء رحمة الله، وترك الإياس من عفوه عنه إذا تابوا.)
وبعد هذا قرر أن من قال بغير ذلك فقد خالف أقوال السلف، وتأول القرآن برأيه. وذكر أنهم اختلفوا في معنى الآية على ثلاثة أقوال:
(يُتْبَعُ)
(/)
القول الأول: أن معنى الآية: ولقد همت المرأة بيوسف، وهمّ بها يوسف أن يضربها أو ينالها بمكروه لهمها به مما أرادته من المكروه. قالوا: والشاهد على صحة ذلك قوله: ? كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ ? قالوا: فالسوء: هو ما كان همّ به من أذاها، وهو غير الفحشاء.
والقول الثاني: هو القول الأول الذي ذكره ابن القيم.
وقد بيّن ابن جرير أن هذين القولين فاسدان لعلتين:
العلة الأولى: أن العرب لا تقدم جواب «لولا» قبلها، لا تقول: لقد قمت لولا زيد، وهي تريد: لولا زيد لقد قمت.
والعلة الثانية: خلافهما جميع أهل العلم بتأويل القرآن الذين عنهم يؤخذ تأويله.
والقول الثالث: هو القول الذي رجحه ابن القيم، غير أن جعل الهمين نوعاً واحداً، وهو أنه الميل الذي بين الفعل والترك، لا هم العزيمة والإرادة.
ولم يعلق على هذا القول بشيء يخصه. ([9])
وذكر ابن عطية ثلاثة أقوال: قول ابن جرير، والقول الذي رجحه ابن القيم، والثالث: أن المراد: هم أن يضربها. وقد حكم على هذا القول بأنه ضعيف البتة. ثم قال: (والذي أقول في هذه الآية: إنّ كون يوسف نبياً في وقت هذه النازلة لم يصح، ولا تظاهرت به رواية؛ وإذا كان ذلك فهو مؤمن قد أوتي حكماً وعلماً، ويجوز عليه الهم الذي هو إرادة الشيء دون مواقعته، وإن فرضناه نبياً في ذلك الوقت فلا يجوز عليه عندي إلا الهم الذي هو الخاطر، ولا يصح عليه شيء مما ذكر من حلّ تكة، ونحو ذلك لأن العصمة مع النبوة. ...
وللهم بالشيء مرتبتان: فالأولى تجوز عليه مع النبوة، والثانية الكبرى لا تقع إلا من غير نبي؛ لأن استصحاب خاطر المعصية والتلذذ به معصية تكتب، وقول النبي r )) إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به نفوسها ما لم تنطق به أو تعمل ((([10])
معناه: من الخواطر، وأما استصحاب الخاطر فمحال أن يكون مباحاً، فإن وقع فهو خطيئة من الخطايا، لكنه ليس كمواقعة المعصية التي فيها الخاطر ... والإجماع منعقد أن الهم بالمعصية، واستصحاب التلذذ بها غير جائز ولا داخل في التجاوز.) ([11])
وأما الرازي فقد بدأ بذكر قول الواحدي في البسيط، قال: (قال الواحدي في كتاب «البسيط»: قال المفسرون الموثوق بعلمهم، المرجوع إلى روايتهم: همّ يوسف أيضاً بهذه المرأة هماً صحيحاً، وجلس منها مجلس الرجل من المرأة، فلما رأى البرهان من ربه زالت كل شهوة عنه.) ثم نقل بعض الآثار التي أورده الواحدي، ثم قال: (ثم إن الواحدي طوّل في كلمات عديمة الفائدة في هذا الباب، وما ذكر آية يحتج بها، ولا حديثاً صحيحاً يعول عليه في تصحيح هذه المقالة، وما أمعن النظر في تلك الكلمات العارية عن الفائدة .... ثم قال [أي الواحدي]: والذين أثبتوا هذا العمل ليوسف كانوا أعرف بحقوق الأنبياء عليهم السلام وارتفاع منازلهم عند الله تعالى من الذين نفوا الهم عنه. فهذا خلاصة كلامه في هذا الباب.) ([12])
ثم شنّع عليه، وعلى القائلين بأن يوسف عليه السلام قد همّ بامرأة العزيز هماً صاحَبَه بعض مقدمات الفاحشة، ورجح أنه عليه السلام كان بريئاً عن العمل الباطل، والهمّ المحرم. قال: (وهذا قول المحققين من المفسرين والمتكلمين، وبه نقول وعنه نذب.) ثم بيّن ذلك بياناً حسناً، وذكر أن الآيات الكريمة تدل على براءته من كل ما نسب إليه من عدة وجوه.
ثم ذكر أن في تفسير همّ يوسف المذكور في الآية ثلاثة أقوال صحيحة:
القولان اللذان ذكرهما ابن القيم، والثالث: المراد أنه عليه السلام هم بدفعها عن نفسه، ومنعِها عن ذلك القبيح؛ لأن الهم هو القصد، فوجب أن يحمل في حق كل أحد على القصد الذي يليق به. فاللائق بالمرأة القصد إلى تحصيل اللذة والتمتع، واللائق بالرسول المبعوث إلى الخلق القصد إلى زجر العاصي عن معصيته، وإلى الأمر بالمعروف النهي عن المنكر؛ يقال: هممت بفلان أي بضربه ودفعه.
وقد ذكر خلال ذلك ما يرد على كل قول من هذه الثلاثة من إشكالات، وأجاب عليها، وبيّن أنه لا حجة لمن ضعف شيئاً منها.
(يُتْبَعُ)
(/)
ثم ختم كلامه بقوله: (فقد ظهر بحمد الله تعالى صحة هذا القول الذي ذهبنا إليه ولم يبق في يد الواحدي إلا مجرد التصلف، وتعديد أسماء المفسرين، ولو كان قد ذكر في تقرير ذلك القول شبهةً لأجبنا عنها؛ إلا أنه ما زاد على الرواية عن بعض المفسرين ... ومن الذي يضمن لنا أن الذين نقلوا هذا القول عن هؤلاء المفسرين كانوا صادقين أم كاذبين؟!. والله أعلم.) ([13])
ونقل القرطبي الأقوال عدة أقوال في بيان معنى الآية، ومنها الأقوال السابقة. وقد حكم على القول الذي رجحه ابن القيم بأنه قول حسن، ثم نقل قول ابن عطية السابق، وقال بعده: (قلت: ما ذكره من هذا التفصيل صحيح؛ لكن قوله تعالى: ? وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ ? (يوسف: من الآية15) يدلّ على أنه كان نبيًّا .. ([14])، وهو قول جماعة من العلماء؛ وإذا كان نبيّاً فلم يبق إلاّ أن يكون الهمّ الذي همّ به ما يخطر في النفس ولا يثبت في الصدر؛ وهو الذي رفع الله فيه المؤاخذة عن الخلق، إذ لا قدرة للمكلَّف على دفعه.) ([15])
وصرح أبو حيان برأيه في هذه المسألة من البداية، فقال: (طوّل المفسرون في تفسير هذين الهمين، ونسب بعضهم ليوسف ما لا يجوز نسبته لآحاد الفساق. والذي أختاره أن يوسف عليه السلام لم يقع منه همّ بها البتة، بل هو منفي لوجود رؤية البرهان كما تقول: لقد قارفت لولا أن عصمك الله ... )، ثم بيّن الخلاف في مسألة تقدم جواب "لولا" عليها، وذكر أنه وإن كان جائزاً عند جماعة من النحويين، إلا أنه لا يقول به هنا، بل يقول: إن جواب لولا محذوف لدلالة ما قبله عليه.
ثم بيّن موقفه من أقوال السلف في تفسير هذه الآية، فقال: (وأما أقوال السلف فنعتقد أنه لا يصح عن أحد منهم شيء من ذلك؛ لأنها أقوال متكاذبة يناقض بعضها بعضاًر، مع كونها قادحة في بعض فساق المسلمين، فضلاً عن المقطوع لهم بالعصمة. والذي روي عن السلف لا يساعد عليه كلام العرب؛ لأنهم قدروا جواب لولا محذوفاً، ولا يدل عليه دليل، لأنهم لم يقدروا "لهم بها"، ولا يدل كلام العرب إلا على أن يكون المحذوف من معنى ما قبل الشرط، لأنّ ما قبل الشرط دليل عليه، ولا يحذف الشيء لغير دليل عليه.
وقد طهرنا كتابنا هذا عن نقل ما في كتب التفسير مما لا يليق ذكره، واقتصرنا على ما دل عليه لسان العرب، ومساق الآيات التي في هذه السورة مما يدل على العصمة، وبراءة يوسف عليه السلام من كل ما يشين.) ([16])
ولم يجزم ابن كثير برأي صريح في هذه المسألة، واقتصر على الإشارة إلى أشهر ما قيل في معنى هذا الهمّ من أقوال. ([17])
ووافق ابنُ عاشور أبا حيان فيما ذهب إليه، وذكر بعض ما يحسن الوقوف عليه هنا، فقال: (وجملة ? وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ? معطوفة على جملة ? وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ? كلها، وليست معطوفة على جملة ? هَمَّتْ ? التي هي جواب القسم المدلول عليه باللام؛ لأنه لما أردفت جملة ? وَهَمَّ بِهَا ? بجملة شرط ? لَوْلاَ ? المتمحض لكونه من أحوال يوسف - عليه السّلام - وحْده، لا من أحوال امرأة العزيز؛ تعين أنه لا علاقة بين الجملتين، فتعين أن الثانية مستقلة لاختصاص شرطها بحال المسند إليه فيها. فالتقدير: ولولا أن رأى برهان ربه لَهَمّ بها، فقدم الجواب على شرطه للاهتمام به ... فيحسن الوقف على قوله: ? وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ? ليظهر معنى الابتداء بجملة ? وَهَمَّ بِهَا ? واضحاً. وبذلك يظهر أن يوسف - عليه السّلام - لم يخالطه همّ بامرأة العزيز لأن الله عصمه من الهمّ بالمعصية بما أراه من البرهان.) ([18])
وبعد هذا العرض يتبين للقارئ أن المفسرين قد انقسموا لى قسمين في هذه المسألة:
القسم الأول: أثبتوا وقوع الهم من يوسف عليه السلام، وهؤلاء فريقان:
(يُتْبَعُ)
(/)
الفريق الأول: ذهب إلى أن همّه بها كان من جنس همها به، وأنه كاد أن يواقعها لولا أن الله عصمه، وصرفه عن السوء والفحشاء. وقد اعتمد هذا القول – إضافة إلى ابن جرير – النحاس ([19])، والواحدي ([20]). وقد قرره قبلهم الإمام أبوعبيد القاسم بن سلام، فقال: (وقد زعم بعض من يتكلم في القرآن برأيه أن يوسف r لم يهمّ بها يذهب إلى أن الكلام انقطع عند قوله: ? وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ?، قال ثم استأنف فقال: ? وَهَمَّ بِهَا لَوْلا? أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ?، بمعنى: لولا أن رأى برهان ربه لهم بها، واحتج بقوله: ? ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ ? (يوسف: من الآية52)، وبقوله: ? وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ ? (يوسف: من الآية25). وابن عباس ومن دونه لا يختلفون في أنه همّ بها، وهم أعلم بالله وبتأويل كتابه، وأشد تعظيماً للأنبياء من أن يتكلموا فيهم بغير علم.) ([21])
والفريق الثاني: أثبت هماً وقع من يوسف عليه السلام بامرأة العزيز، ولكنه همّ خطرات، وحديث نفس. وهذا الهمّ لا يُكلف به العبد؛ لأنه خارج عن قدرته.
وقد اختار هذا القول كل من ابن عطية، والقرطبي. وقد نسبه البغوي إلى بعض أهل الحقائق، فقال: (وقال بعض أهل الحقائق: الهمّ همان:
هم ثابت، إذا كان معه عزم وعقد ورضى، مثل هم امرأة العزيز. والعبد مأخوذ به.
وهم عارض، وهو الخطرة وحديث النفس من غير اختيار ولا عزم، مثل هم يوسف عليه السلام. والعبد غير مأخوذ به ما لم يتكلم أو يعمل.) ([22])
وقد علّق على قوله هذا الطِّيبي، وقال: (إن هذا التفسير هو الذي يجب أن نذهب إليه ونتخذه مذهباً - وإن نقل المفسرون ما نقلوا -؛ لأن متابعة النص القاطع، وبراءة المعصوم عن تلك الرذيلة، وإحالة التقصير على الرواة أولى بالمصير إليه. على أن أساطين النقل المتقنين لم يرووا في ذلك شيئاً مرفوعاً في كتبهم، وجل تلك الروايات بل كلها مأخوذ من مسألة أهل الكتاب.) ([23]).
وقد ذكر ابن العربي ما يدل على ترجيحه لهذا القول، وشنّع على من خالفه بقوله تعليقاً على قول الله تعالى: ? وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ? (يوسف:22): (وهذا إنما بيّن الله به حال يوسف من حين بلوغه بأنه آتاه العلم , وآتاه العمل بما علم ; وخبر الله صادق , ووصفه صحيح , وكلامه حق , فقد عمل يوسف بما علمه الله من تحريم الزنا، وتحريم خيانة السيد أو الجار أو الأجنبي في أهله , فما تعرض لامرأة العزيز , ولا أناب إلى المراودة ; بل أدبر عنها , وفر منها ; حكمة خص بها , وعملاً بمقتضى ما علمه الله سبحانه. وهذا يطمس وجوه الجهلة من الناس والغفلة من العلماء في نسبتهم إليه ما لا يليق به , وأقل ما اقتحموا من ذلك أنه هتك السراويل , وهم بالفتك فيما رأوه من تأويل , وحاش لله ما علمت عليه من سوء , بل أبرئه مما برأه منه , فقال: ? وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً ? , كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا الذين استخلصناهم. والفحشاء هي الزنا، والسوء هو المراودة والمغازلة؛ فما ألمّ بشيء ولا أتى بفاحشة.
فإن قيل: فقد قال الله: ? وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ?؟
قلنا: قد تقصينا عن ذلك في كتاب الأنبياء من شرح المشكلين , وبينا أن الله سبحانه ما أخبر عنه أنه أتى في جانب القصة فعلاً بجارحة , وإنما الذي كان منه الهمّ , وهو فعل القلب؛ فما لهؤلاء المفسرين لا يكادون يفقهون حديثاً , ويقولون: فعل , وفعل؟! واللهُ إنما قال: ? هَمَّ بِهَا ?. لا أقالهم ولا أقاتهم الله ولا عالهم.) ([24])
وممن رجح هذا القول كذلك: ابن جزي، قال: (والصواب إن شاء الله أنها همت به من حيث مرادها، وهم بها كذلك، لكنه لم يعزم على ذلك، ولم يبلغ إلى ما ذُكر من حل التكّة وغيرها، بل كان همُّه خطرةً خطرت على قلبه لم يطعها ولم يتابعها، ولكنه بادر بالتوبة والإقلاع عن تلك الخطرة حتى محاها من قلبه لما رأى برهان ربه. ولا يقدح هذا في عصمة الأنبياء؛ لأن الهمّ بالذنب ليس بذنب، ولا نقص عليه في ذلك فإنه من هم بذنب ثم تركه كتبت له حسنة.) ([25])
(يُتْبَعُ)
(/)
والقسم الثاني: نفوا وقوع الهمّ من يوسف عليه السلام؛ فلم يقع منه همّ أصلاً عندهم لرؤيته برهان ربه. وقد تبنى الرازي أصل هذا القول، وقرره أبو حيان، وابن عاشور كما سبق.
وذكر الشنقيطي أن ما قرره أبو حيان هو أجرى الأقوال على قواعد اللغة العربية، قال: (لأن الغالب في القرآن وفي كلام العرب: أن الجواب المحذوف يذكر قبله ما يدل عليه ... وعلى هذا القول: فمعنى الآية: وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه، أي: لولا أن رآه همّ بها. فما قبل ? لَوْلاَ ? هو دليل الجواب المحذوف، كما هو الغالب في القرآن واللغة.
ونظير ذلك قوله تعالى: ? إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا ? (القصص: من الآية10) فما قبل ? لَوْلاَ ? دليل الجواب، أي: لولا أن ربطنا على قلبها لكادت تبدي به.) ([26])
النتيجة:
الذي ظهر لي من هذه الدراسة أن تبرئة نبي الله يوسف عليه السلام من كل ما نسب إليه في الآثار التي أوردها ابن جرير وغيره هو المتعين، وهو اللائق بمقام الأنبياء عليهم السلام.
ثم إن هذه الآثار – إن ثبتت عن قائليها من السلف – مأخوذة من أهل الكتاب؛ لأنه لم يثبت شيء منها في كتاب، ولا سنة. ([27])
وإذا تقرر هذا؛ فإن الأمر في توجيه معنى الآية يسير، وهو لا يخرج عن المعنيين اللذين ذكرها ابن القيم؛ وترجيح ابن القيم أقرب إلى الصواب في نظري؛ لأن الله U أثبت في الآية هماً وقع من يوسف عليه السلام، ثم صرف عنه هذا الهمّ بعد رؤيته لبرهان ربه.
ولو كان يوسف لم يهمّ أصلاً لما كان لذكر همّه في الآية فائدة ظاهرة. والله أعلم.
تنبيهات:
التنبيه الأول: سبب الخلاف:
للخلاف هنا عدة أسباب، أهمها:
الاختلاف بين المفسرين في مفهوم عصمة الأنبياء عليهم السلام.
الاختلاف النحوي بين المفسرين في مسألة تقدم جواب لولا.
الاختلاف في احتمال الآية للتقديم والتأخير.
التنبيه الثاني: تنازع هذا المثال أكثر من قاعدة تفسيرية:
القاعدة الأولى: تفسير السلف للقرآن وفهمهم له حجة على من بعدهم. ([28])
القاعدة الثانية: القول الذي يعظّم مقام النبوة، ولا ينسب إليها ما لا يليق بها أولى بتفسير الآية. ([29])
فابن جرير ومن وافقه اعتمدوا القاعدة الأولى، ورجحوا بها، وغيرهم من المفسرين اعتمدوا القاعدة الثانية ورجحوا بها.
ولذلك صارت هذه الآية من الآيات التي أشكل فهمها.
التنبيه الثالث: ما نقل من روايات في تفسير هذه الآية معدود من جملة الإسرائليات المردودة في كتب التفسير. ([30])
الحواشي والتعليقات:--------------------------------------------------------------------------------
([1]) لم أجده منسوباً إلى الإمام أحمد، ونسبه البغوي في تفسيره معالم التنزيل 4/ 231 إلى بعض أهل الحقائق.
([2]) روضة المحبين ص450، وبدائع التفسير 2/ 446.
([3]) الصواعق المرسلة 2/ 716.
([4]) هو قول النبي r : )) إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم ((أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه، منها ما جاء في كتاب الطلاق – باب الطلاق في الإغلاق والكره – حديث رقم 5269، ومسلم في كتاب الإيمان من صحيحه – رقم 127.
([5]) هو قول النبي r : )) إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن همّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن همّ بها فعملها كتبها الله عنده سيئة واحدة ((أخرجه البخاري في صحيحه – كتاب الرقاق – باب: من همّ بحسنة أو سيئة – رقم 6491، ومسلم في صحيحه - كتاب الإيمان – حديث رقم 131 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
([6]) انظرها في النكت والعيون للماوردي 3/ 23 - 25، وزاد المسير لابن الجوززي 4/ 203 - 207.
([7]) انظر المصدرين السابقين.
(يُتْبَعُ)
(/)
([8]) حكم الإمام ابن تيمية على هذه الآثار بقوله: (وأما ما ينقل من أنه حل سراويله، وجلس مجلس الرجل من المرأة، وأنه رأى صورة يعقوب عاضًا على يده، وأمثال ذلك، فكله مما لم يخبر اللّه به ولا رسوله، وما لم يكن كذلك فإنما هو مأخوذ عن اليهود الذين هم من أعظم الناس كذبًا على الأنبياء وقدحًا فيهم، وكل من نقله من المسلمين فعنهم نقله، لم ينقل من ذلك أحد عن نبينا صلى الله عليه وسلم حرفًا واحدًا.) انظر مجموع فتاوي شيخ الإسلام 10/ 297.
([9]) انظر جامع البيان 16/ 34 - 39.
([10]) سبق تخريجه قريباً.
([11]) انظر المحرر الوجيز 7/ 476 - 479.
([12]) انظر قول الواحدي في الوسيط 2/ 607 - 608، فقد ذكر ما ذكره في البسيط.
([13]) انظر التفسير الكبير 18/ 92 - 96. وفي كلامه مبالغة في القدح والسب لمن خالفه.
([14]) في هذا الاستدلال نظر؛ فليس كل من أوحي إليه نبياً.
([15]) انظر الجامع لأحكام القرآن 9/ 165 - 168.
([16]) انظر البحر المحيط 6/ 257 - 258.
([17]) انظر تفسير القرآن العظيم 4/ 1835 - 1836.
([18]) انظر التحرير والتنوير 12/ 252 - 253.
([19]) انظر معاني القرآن 3/ 411 - 414.
([20]) انظر الوسيط 2/ 607 - 608.
([21]) نقل قوله هذا بعض المفسرين، ومنهم النحاس في معاني القرآن3/ 413، وقد علّق عليه بقوله: (وكلام أبي عبيد هذا كلام حسن بيّن لمن لم يمل إلى الهوى.)
([22]) معالم التنزيل 4/ 231.
([23]) نقل قوله الآلوسي في روح المعاني 12/ 215.
([24]) أحكام القرآن 3/ 46 - 47.
([25]) التسهيل لعلوم التنزيل 2/ 214.
([26]) انظر أضواء البيان 3/ 53.
([27]) وهذه قاعدة مهمة في الحكم على الإسرائيليات في التفسير، نص عليها الإمام ابن تيمية رحمه الله في كلامه السابق في الحكم على هذه الآثار، وهي أن الأخبار عن الأنبياء السابقين إذا لم تثبت في القرآن ولا في السنة فهي مأخوذة عن أهل الكتاب، وخاصة اليهود.
([28]) انظر هذه القاعدة في كتاب قواعد التفسير للدكتور خالد السبت 1/ 206 - 207. وقد ذكر هذه الآية مثالاً لهذه القاعدة.
([29]) انظر قواعد الترجيح للدكتور حسين الحربي 1/ 328 - 336. وقد ذكر هذه الآية من الأمثلة على القاعدة.
([30]) انظر كتاب الإسرائليات والموضوعات في كتب التفسير للدكتور محمد بن محمد أبو شهبة ص220 - 229.
ـ[الجكني]ــــــــ[30 Aug 2006, 11:42 ص]ـ
جزاك الله خيراً أخي د/محمد القحطاني،وقد أفدتني كثيراً بهذه المنقولات والمعلومات عن هؤلاء العلماء الجلة؛ حيث إن بين يدي الآن مخطوطاً في هذه المسألة أعكف على تحقيقه وهو بعنوان:"تحفة الصديق في براءة الصدّيق" للشيخ محمد بن علي بن أحمد البلنسي رحمه الله 0
وأضيف هنا معلومة أخرى ممن أفرد هذه المسالة بالتأليف الشيخ:أبو عبد الله محمد بن أحمد الهاشمي الطنجالي،وعنوان تأليفه:"تحقيق الكلام في براءة يوسف عليه السلام " مطبوعة ضمن كتاب "المعيار " للونشريسي (11/ 194 - 204) 0والله أعلم
ـ[صالح صواب]ــــــــ[30 Aug 2006, 11:57 ص]ـ
ممن أجاد في بيان هذه المسألة الشيخ / محمد الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان، وقد اختار القول بأن الهم قد وقع من يوسف عليه السلام، وأن ذلك مما لا ينافي العصمة، ولا يطعن في يوسف عليه السلام
واستشهد - رحمه الله - بقول الله تعالى: (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما) حيث وقع الهم من هاتين الطائفتين، ومع ذلك أثبت لهما الولاية، ولم يكن هذا الهم مانعا من ولاية الله لهما، لأنه مجرد هم، والله أعلم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[30 Aug 2006, 04:23 م]ـ
ممن أجاد في بيان هذه المسألة الشيخ / محمد الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان، وقد اختار القول بأن الهم قد وقع من يوسف عليه السلام، وأن ذلك مما لا ينافي العصمة، ولا يطعن في يوسف عليه السلام
واستشهد - رحمه الله - بقول الله تعالى: (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما) حيث وقع الهم من هاتين الطائفتين، ومع ذلك أثبت لهما الولاية، ولم يكن هذا الهم مانعا من ولاية الله لهما، لأنه مجرد هم، والله أعلم
ليس الأمر كما ذكر فضيلة الدكتور صالح، وقد بينتُ موقف الشنقيطي في هذه الدراسة. وهذا موضع ما ذهب إليه الشنقيطي رحمه الله:
(والقسم الثاني: نفوا وقوع الهمّ من يوسف عليه السلام؛ فلم يقع منه همّ أصلاً عندهم لرؤيته برهان ربه. وقد تبنى الرازي أصل هذا القول، وقرره أبو حيان، وابن عاشور كما سبق.
وذكر الشنقيطي أن ما قرره أبو حيان هو أجرى الأقوال على قواعد اللغة العربية، قال: (لأن الغالب في القرآن وفي كلام العرب: أن الجواب المحذوف يذكر قبله ما يدل عليه ... وعلى هذا القول: فمعنى الآية: وهمّ بها لولا أن رأى برهان ربه، أي: لولا أن رآه همّ بها. فما قبل ? لَوْلاَ ? هو دليل الجواب المحذوف، كما هو الغالب في القرآن واللغة.
ونظير ذلك قوله تعالى: ? إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا ? (القصص: من الآية10) فما قبل ? لَوْلاَ ? دليل الجواب، أي: لولا أن ربطنا على قلبها لكادت تبدي به.).
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[سيف الدين]ــــــــ[31 Aug 2006, 09:16 م]ـ
لا يمكن الوقوف على ما تهمّ النفوس به الا من خلال السياق, ولو نظرنا الى السياق القرآني لوجدنا التالي:
يقول الله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} (23) {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} (24) سورة يوسف
في الاية 24 هناك همّان: همّ امرأة العزيز وهمّ يوسف عليه السلام .. وللوقوف على ماهية كل همّ لا بد من الرجوع الى السياق القرآني الذي يبيّن لنا ما يدور في خلد كل منهما حتى نقف على حقيقة همّه .. وبالرجوع الى الاية 23 نرى بكل وضوح ان امرأة العزيز تتجه لطلب الفاحشة من يوسف, وبذلك يمكن تفسير همّها على أنه همّ بالفاحشة, بينما نرى ان يوسف عليه السلام في الاية 23 يتجه للاستعاذة بالله من طلب واغواء امرأة العزيز, وبذلك يجب حمل همّ يوسف على ما أفصح القرآن الكريم من قول ليوسف واستعاذة له بالله .. والعجب ان الكثير من المفسرين رحمهم الله تعالى قد جعل همّ امرأة العزيز مهيمنا على معنى الهمّين, فأدخلوا همّ يوسف في همّها رغم ان الاية السابقة قد أوضحت ان هناك موقفين تجاه ما يحدث: هناك موقف امرأة السوء وهناك موقف المعارض والرافض لهذا السوء .. لقد افصح القرآن الكريم عمّا جال في النفوس, وبالتالي فالأولى ان يحمل كلّ همّ على ما أفصح عنه القرآن الكريم وليس على اسقاطات لا دليل عليها ..
فلو قلنا مثلا: همّ الرجل بذلك .. فاننا لا نستطيع ان نقف على معنى "همّ الرجل" الا بقرائن موجودة في النص .. فلو سبق مثلا قولنا: "همّ الرجل بذلك" عبارة: "أراد الرجل ان يعبر الطريق", فاننا نعلم هنا ان همّ الرجل منحصر بعبور الطريق ولا يتعداه .. وعلى هذا وجب تفسيرنا همّ امرأة العزيز وهمّ يوسف عليهما السلام .. فامرأة العزيز: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} (23) هذا ما أرادت, فهمّت بيوسف عليه السلام بناء على ما أرادت وأفصحت: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} (24) ... أما يوسف عليه السلام: {قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} (23) , هذا ما أراده يوسف عليه السلام وأفصح عنه, فتناسب همّه مع ما أراد: {وَهَمَّ بِهَا} (24) .. وان الذين يصرفون همّ يوسف عليه السلام الى غير هذا, فانهم انما يحمّلون النصوص ما لا تحتمل, ويفسّرون همّه بغير ما أفصح القرآن الكريم عنه وبيّن .. والله أعلم ...
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[01 Sep 2006, 01:58 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الكريم الدكتور السالم الجكني: أشكرك على ثنائك وشكرك لأخيك، ولعلك تتحفنا بخلاصة ما في الرسالة التي تقوم بتحقيقها حول هذه المسألة.
الأخ الكريم سيف الدين: أحترم رأيك وأقدر تأملك وتدبرك للآيات؛ ولكن هذا الرأي الذي ذكرته بعيد لأنه مخالف لما ذكره مفسرو السلف من جهة، ولأنه لا يناسب لفظ الآية؛ لأن الله يقول: {وهمّ بها} أي بامرأة العزيز.
ولعلك أخي الكريم تُخفّفُ من حماسك لما تقرره، وخاصة إذا لم يكن لك سلف فيه، ولا داعي لقولك: (وان الذين يصرفون همّ يوسف عليه السلام الى غير هذا, فانهم انما يحمّلون النصوص ما لا تحتمل, ويفسّرون همّه بغير ما أفصح القرآن الكريم عنه وبيّن).
ـ[صالح صواب]ــــــــ[02 Sep 2006, 06:13 م]ـ
أشكر لأخي أبي مجاهد العبيدي ملاحظته على ما كتبته سابقا.
وأود الإشارة أنني في سفر، وقد كنت بعيدا عن مكتبتي وحاسبي أيضا، ولا زلت حتى هذه اللحظة في مدينة الرياض، وقد نقلت ما نقلته اعتمادا على الذاكرة عندما وقفت على هذه المسألة قبل سنوات عديدة.
(يُتْبَعُ)
(/)
وعندما تمكنت من الرجوع إلى الكتاب (ضمن مكتبة التفسير وعلوم القرآن الالكترونية) وجد ما أشرت إليه، ولعلي وهمت في قولي بأن الشنقيطي – رحمه الله تعالى – قد رجحه، وأحببت أن أقتبس من كتاب أضواء البيان بعض النصوص المفيدة التي أورد بعضَها أخونا أبو مجاهد، ولعله لم يورد بعضها اختصارا أو اكتفاء بغيرها من النصوص.
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله تعالى:
(فإن قيل: قد بينتم دلالة القرآن على براءته عليه السلام مما لا ينبغي في الآيات المتقدمة ولكن ماذا تقولون في قوله تعالى: (وهم بها)؟
فالجواب من وجهين:
الأول: أن المراد بهم يوسف بها خاطر قلبي صرف عنه وازع التقوى، وقال بعضهم: هو الميل الطبيعي والشهوة الغريزية المزمومة بالتقوى وهذا لا معصية فيه لأنه أمر جبلي لا يتعلق به التكليف كما في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول: (اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك) يعني ميل القلب الطبيعي.
ومثال هذا ميل الصائم بطبعه إلى الماء البارد مع أن تقواه تمنعه من الشرب وهو صائم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة كاملة) لأنه ترك ما تميل إليه نفسه بالطبع خوفا من الله وامتثالا لأمره كما قال تعالى: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هى المأوى).
وهم بني حارثة وبني سلمة بالفرار يوم أحد كهم يوسف هذا، بدليل قوله: (إذ همت طآئفتان منكم أن تفشلا والله وليهما) لأن قوله: (والله وليهما) يدل على أن ذلك الهم ليس معصية لأن إتباع المعصية بولاية الله لذلك العاصي إغراء على المعصية.
والعرب تطلق الهم وتريد به المحبة والشهوة، فيقول الإنسان فيما لا يحبه ولا يشتهيه هذا ما يهمني ويقول فيما يحبه ويشتهيه هذا أهم الأشياء إلي، بخلاف هم امرأة العزيز فإنه هم عزم وتصميم بدليل أنها شقت قميصه من دبر وهو هارب عنها ولم يمنعها من الوقوع فيما لا ينبغي إلا عجزها عنه. ......
وأما تأويلهم هم يوسف بأنه قارب الهم ولم يهم بالفعل، كقول العرب قتلته لو لم أخف الله، أي قاربت أن أقتله، كما قاله الزمخشري.
وتأويل الهم بأنه هم بضربها أو هم بدفعها عن نفسه فكل ذلك غير ظاهر بل بعيد من الظاهر ولا دليل عليه.
والجواب الثاني: وهو اختيار أبي حيان أن يوسف لم يقع منه هم أصلا، بل هو منفى عنه لوجود البرهان.
قال مقيده عفا الله عنه: هذا الوجه الذي اختاره أبو حيان وغيره هو أجرى الأقوال على قواعد اللغة العربية؛ لأن الغالب في القرآن وفي كلام العرب أن الجواب المحذوف يذكر قبله ما يدل عليه كقوله: (فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين) أي: إن كنتم مسلمين فتوكلوا عليه فالأول دليل الجواب المحذوف لا نفس الجواب لأن جواب الشروط وجواب (لولا) لا يتقدم ولكن يكون المذكور قبله دليلا عليه كالآية المذكورة، وكقوله: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) أي: إن كنتم صادقين فهاتوا برهانكم.
وعلى هذا القول فمعنى الآية: وهم بها لولا أن رأى برهان ربه، أي: لولا أن رآه هم بها، فما قبل لولا هو دليل الجواب المحذوف، كما هو الغالب في القرآن واللغة. .......
وقال الشيخ أبو حيان في البحر المحيط ما نصه: والذي أختاره أن يوسف عليه السلام لم يقع منه هم بها ألبتة بل هو منفى لوجود رؤية البرهان كما تقول لقد فارقت لولا أن عصمك الله ولا نقول إن جواب (لولا) متقدم عليها .......
فبهذين الجوابين تعلم أن يوسف - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - بريء من الوقوع فيما لا ينبغي وأنه إما أن يكون لم يقع منه أصلا، بناء على أن الهم معلق بأداة الامتناع التي هيى (لولا) على انتفاء رؤية البرهان وقد رأى البرهان فانتفى المعلق عليه وبانتفائه ينتفي المعلق الذي هو همه بها كما تقدم إيضاحه في كلام أبي حيان.
وإما أن يكون همه خاطرا قلبيا صرف عنه وازع التقوى أو هو الشهوة والميل الغريزي المزموم بالتقوى كما أوضحناه.
فبهذا يتضح لك أن قوله: (وهم بها) لا يعارض ما قدمنا من الآيات على براءة يوسف من الوقوع فيما لا ينبغي.
ينظر أضواء البيان 2/ 207 - 212.
ـ[محمد الطاسان]ــــــــ[08 Sep 2006, 01:57 م]ـ
السلام عليكم:
الأخوة الكرام
تكلم شيخ الإسلام عن هذه الآية في " شرح حديث لا يزني الزاني وهو مؤمن " ص 38 - 46 الذي طبع بتحقيق: دغش العجمي أولاً سنة 1422 هـ.
ثم طبع ضمن المجموعة الخامسة من جامع المسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 253 - 259.
وكلامه في الحقيقة نفيسٌ ومحررٌ للغاية.
ـ[صالح الفايز]ــــــــ[13 Sep 2006, 10:36 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لقد قام الدكتور صالح الفايز الإسناذ المشارك بكلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية بدراسة الآية الكريمة وأصدر بذلك كتابا بعنوان (الإيضاح الأتم لقوله تعالى " ولقد همت به وهم " وقد جمع الأقوال وبين دليل كل قول وناقش الأدلة ودرس الروايات وبين درجتها ووضح القول الراجح. .
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Sep 2006, 05:49 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أشكر الإخوة الكرام الذين أثروا هذه المسألة بالتعليق والإضافة.
ولعل الأستاذ الكريم أباحذيفة يذكر لنا خلاصة ما ذكره الدكتور صالح الفايز في بحثه إذا كان ذلك ممكناً.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[12 Dec 2006, 11:13 م]ـ
السؤال الأول من الفتوى رقم (4488):
س1: عاد الإمام من مصر بعد زيارة لابنه وقال: بأنه جالس العلماء هناك ولاحظ بعض الأخطاء التي يقع فيها، ومثل لذلك أن في سورة يوسف قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا} (1) أنه كان يفكر أن المقصود بذلك همت به وهم بها في عمل الجنس الذي يقع بين المرأة والرجل، ولكن فهم في مصر من العلماء أن المقصود غير العادة الجنسية، فهل هذا صحيح؟ علمًا بأن الآيات تدل أن المقصود هو عمل الجنس لولا أن رأى برهان ربه.
ج1: الصحيح من أقوال العلماء في ذلك: أن الهم الذي وجد من يوسف -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام- هو: الميل الجنسي الطبيعي الذي يوجد مع أي إنسان عند وجود سببه، وقد صرفه الله سبحانه وتعالى عنه بقوله: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} (2) ولا يجوز صرف الآية عن ظاهرها إلا بدليل، وليس هنا دليل فيما نعلم يوجب صرفها عن ظاهرها، والهم بالسيئة لا يضر المسلم إذا لم يفعل، بل يكتب له بذلك حسنة إذا ترك الفعل من أجل الله، كما صح بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
_________
(1) سورة يوسف، الآية 24.
(2) سورة يوسف، الآية 24.
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - (ج 6 / ص 133)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 Jul 2007, 06:03 ص]ـ
السلام عليكم:
الأخوة الكرام
تكلم شيخ الإسلام عن هذه الآية في " شرح حديث لا يزني الزاني وهو مؤمن " ص 38 - 46 الذي طبع بتحقيق: دغش العجمي أولاً سنة 1422 هـ.
ثم طبع ضمن المجموعة الخامسة من جامع المسائل لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 253 - 259.
وكلامه في الحقيقة نفيسٌ ومحررٌ للغاية.
الذي قرره ابن تيمية رحمه الله في أكثر من موضع هو ما قرره تلميذه ابن القيم رحمه الله.
فليتك تذكر لنا خلاصة ما ورد في هذه الرسالة وفقك الله أخي محمد من باب إتمام الفائدة.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[07 Jul 2007, 07:10 ص]ـ
جاء في كتاب أخلاق الوزيرين - (ج 1 / ص 50) لأبي حيان التوحيدي ما نصه:
(وسأله الدّامغاني يوماً عن قوله عزّ وجلّ: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ، وَهَمَّ بِهَا لَوْلاَ أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ)، أَ تقول أن يوسف همّ بالمعصية؟ فقال [المسؤول وهو الوزير ابن عباد]: الكلام معطوف بعضه على بعض بالتّقديم والتأخير، فكأنه قال: لولا أن رأى بُرهان ربّه لقد كان يَهُمُّ بها، ولكنه لم يُهمّ، وهذا كقول القائل: إني غَرقت لولا أنه خلصني فلان.
فحدّثتُ بهذه الجملة ابن المراغي ببغداد، فقال: لو سكت عن هذا كان أحسن به، هذا تقدير لاعبٍ بكتاب الله، لا يحلّ نظم الكلام على تحريفه؛ لأن ذلك جرأة؛ أما سمعت الله يقول: (لاَ تقَدَّمُوا بَيْنَ يَدَي اللهِ وَرَسُولِهِ)؟ إنما المراد به على سجية الكلام؛ ولقد همّت به همّها اللائق، وهمّ بها هَمَّ البشر الذي لا براءة له من همّة إلا بتوفيق الله، والبرهان كان ذلك التوفيق.
وما في الهمّ؟! الله أكرم من أن يؤاخذ به، وإنما ذُكر ذلك ليعلم أن النبي صلى الله عليه في نُبوّته غير مُكتفٍ بها دون أن يكنفه الله بعصمته، ويتغمّده برحمته.) انتهى.
وكلام ابن المراغي كلام نفيس عزيز.
ـ[أبو معاذ الشمراني]ــــــــ[08 Jul 2007, 09:41 م]ـ
فتوى اللجنة الدائمة - والله أعلم - أقرب الأقوال وأحسنها بل في قوله تعالى: " كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء .... " البينة الواضحة ‘ والحجة الساطعة على أنّ الهم من يوسف عليه السلام كان الميل الجنسي الطبيعي، وتأمل لفظ " الفحشاء ".
وفي الآية بيان فضل الله ورحمته بعباده الصالحين؛ لما لهم من الصالحات في الأيام الخاليات يصرف عنهم سبحانه ما يشينهم.
وكأن أحد الإخوة ذكر أن الهم المراد به همه أن يستعيذ بها، وهذا غريب، لايناسبه السياق ولا القرئن، ولا الأحوال. فهل هم يوسف بالاستعاذة بالله منها ثم صُرِف عن ذلك لقوله: "لولا"؟!.
وعلى كلٍ دراسة مثل هذه الأقوال لايُمكن أن يقطع النزاع؛ وإنما يقول كل بما بلغه ورأى أن الحجة معه. وفق الله الجميع،،،،(/)
أي التفاسير يكثر كتابها من النقل عن التفاسير الاخرى
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[30 Aug 2006, 11:44 م]ـ
كثيرا هي الايات التي يريد القارئ التوقف عند تفسيرها ليعلم المراد منها وخلال البحث في مكتبة التفسير الزاخرة بالكتب والمؤلفين تجد ان الكثير من هذه التفاسير يسرد كتابها نفس الاقوال الموجودة في التفاسير الاخرى وهذا ملاحظ في كتب التفسير القديمة والحديثة على حد سواء فهل تعتبر هذه مشكلة عند المفسرين وهل هي عملية نقل اكثر من تفسير
وهنا اود ان يشاركنا الاخوة اصحاب الخبرة في كتب التفسير في بيان امهات الكتب في التفسير والتفاسير الاخرى التي اعتمد كتابها على الكثير من النقل على حساب الابداع وبارك الله فيكم
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[02 Sep 2006, 09:49 ص]ـ
الأخ نضال
لا أظنه يخفى عليكم أن النقل سمة عامة في العلوم، وليست مختصة بالتفسير، فكتب الفقه وأصول الفقه والأدب وغيرها تعتمد هذا الأسلوب.
لكن بعض الناقلين لهم تحريرات، وهؤلاء يحسن معرفتهم للاستفادة منهم، ومن هؤلاء:
1 ـ الطبري في تفسيره (جامع البيان).
2 ـ الزمخشري في كتابه (الكشاف) فيما يرتبط ببلاغة القرآن.
3 ـ ابن عطية في تفسيره (المحرر الوجيز).
4 ـ ابن العربي في كتابه (أحكام القرآن).
5 ـ القرطبي في كتابه (الجامع لأحكام القرآن).
6 ـ أبو حيان في كتابه (البحر المحيط).
7 ـ السمين الحلبي في كتابه (الدر المصون).
8 ـ ابن كثير في كتابه (تفسير القرآن العظيم).
9 ـ البقاعي في كتابه (نظم الدرر).
10 ـ الألوسي في كتابه (روح المعاني).
11 ـ الطاهر بن عاشور في كتابه (التحرير والتنوير).
12 ـ الشنقيطي في كتابه (أضواء البيان).
فمثل هؤلاء يتميزون بالنقد والترجيح بين الأقوال، أو الإبداع في بعض الجوانب المتعلقة بالتفسير؛ كالبلاغة، والنحو، وغيرها.
وهناك مفسرون اعتمدوا مبدأ النقل أوالانتخاب من الأقوال، أو غلب عليهم النقل، مثل:
1 ـ مقاتل بن سليمان في تفسيره.
2 ـ ابن أبي حاتم في تفسيره.
3 ـ الثعلبي في كتابه (الكشف والبيان).
4 ـ المارودي في كتابه (النكت والعيون). (يلاحظ ان له زيادة محتملات يصدرها بقوله: ويحتمل).
5 ـ ابن الجوزي في كتابه (زاد المسير).
6 ـ صديق خان في كتابه (فتح البيان).
وليست هذه القائمة مستقرئة لجميع التفاسير، وإنما ذكرت لك بعضها.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[02 Sep 2006, 01:23 م]ـ
بل وبعض التفاسير إنما بنى أصحابها كتبهم على النقل المجرد، كحاشية الجمل على الجلالين مثلا.
والتفسير بالمأثور كالدر إنما هدفه الجمع من الكتب الأخرى المسندة فهذه ميزة عظيمة ...(/)
"رفع اللبس عن حديث سجود الشمس": نسخة منقحة ومصححة مع فوائد علمية
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[31 Aug 2006, 01:23 م]ـ
بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد
فإني كنت قد كتبت هذا البحث قديماً، ولكني كتبته على عجل، جواباً على سؤال منشأه شبهة استشرت عبر المنتديات وأثارت الريب في نفوس البعض من الناس، فرقمت هذه الكلمات ساعتئذٍ، ولكني منذ ذلك الحين وأنا أجيل النظر في مواطن الخلل وإصلاحها قدر المستطاع، والمواضع المفتقرة إلى مزيد تحرير فحررتها، وكذا المقاطع التي رأيت قلة الحاجة إليها فقمت بحذفها أو تهذيبها وتشذيبها، ولا أزعم أن جوابي هو القول الفصل الذي لا يلحقه وصل ولا يحوجه أصل، استغفر الله من ذلك، فمن كان عنده توجيه سديد فليسديه بألطف عبارة ومن أزمع على النقد فلا يضرسني بأنياب ويطأني بمنسم فإنه لا يخلو عمل آدمي من زلل أو سقط والكمال عزيز وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
كتبه:
عبدالله بن سعيد بن علي الشهري
waleedione@hotmail.com
رفع اللبس عن حديث سجود الشمس
مع زيادات وتصحيحات واستدراكات وفوائد علمية.
((أقول من أنعم النظر في الرواة والمرويات ومساعي أئمة الحديث في الجمع والتنقيب والبحث والتخليص والتمحيص عرف كيف يثني عليهم، وأبقى الله من بعدهم ما يتم به الابتلاء وتنال به الدرجات العلى ويمتاز هؤلاء عن هؤلاء وقد أسلفت أن الاستشكال لا يستلزم البطلان. بدليل استشكال كثير من الناس كثيراً من آيات القرآن، والخلل في ظن البطلان أكثر جداً من الخلل في الأحاديث التي يصححها الأئمة المتثبتون)).
"الأنوار الكاشفة، عبدالرحمن المعلمي اليماني "
==========================================
سأل سائل فقال: قد أشكل علي معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن سجود الشمس تحت عرش الرحمن. كيف تسجد؟ ومالنا لا نرى ذلك؟ ثم إن الحديث الشريف يذكر أنها تصنع ذلك بعد غروبها مع أنها تغرب عن أهل كل بلد فإذا كان الأمر كذلك فإنها تسجد في كل وقت لأنها غاربة في كل وقت عن بلد من البلاد. فما العمل؟ أفيدونا رحمكم الله وزادكم الله علماً.
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وصلى الله وسلم على محمد النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، لا حول ولا قوة إلا بالله و ما توفيقي إلا بالله وما أصابني من خذلان فمن نفسي والشيطان، فا للهم اغفر لي خطئي وعمدي وجدي وهزلي وكل ذلك عندي:
الحديث الذي ذكر فيه سجود الشمس حديث صحيح وأصله في الصحيحين من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه:
أخرجه البخاري رحمه الله في بدء الخلق عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس أتدري أين تذهب؟ قلت الله ورسوله أعلم؟ قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها يقال لها ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقديرالعزيز العليم.
وأخرجه أيضاً في باب تفسير القرآن عن أبي ذر رضي الله عنه بلفظ:" كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال: يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس؟ قلت الله ورسوله أعلم؟ قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله تعالى: والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم.
وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله عن أبي ذر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟ قالوا الله ورسوله أعلم؟ قال إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة ولا تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش فيقال لها ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك فتصبح طالعة من مغربها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون متى ذاكم ذاك حين يوم لا ينفع نفس إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا.
(يُتْبَعُ)
(/)
وكذا أخرجه الترمذي في جامعه وأحمد في مسنده بألفاظ متقاربة.
واعلم أن الغرض من هذا البحث ليس إثبات صحة الحديث فهو صحيح بلا ريب، وإنما الغرض نفي الامتناع، أي امتناع حصول سجود الشمس واستئذانها مع كون الناس لا يستنكرون من أمر سيرها وجريها شيئا. أما من يرمي جاهداً إلى إثبات الامتناع فيلزمه – قبل أن يمشي خطوة واحدة - الإحاطة بحقائق ثلاث أمور عليها يدور معنى الحديث فإذا أحاط بحقائقها وتيقن من ذلك حق اليقين فليأتنا بالدليل القاطع على ما حصلّه من علم وهذه الحقائق هي:
1 - حقيقة العرش.
2 - حقيقة حركة الشمس.
3 - حقيقة سجود الشمس.
أولاً: حقيقة العرش: فالذي يمكن قوله هنا هو أن نقص الإحاطة بحقائق هذه الثلاث مؤثر ولا بد في مقدار الفهم و طريقة الإدراك، فما بالك إذا كان المرء يجهل أكثر حقيقتها وعلى رأس هذه الأشياء حقيقة العرش الذي لا يعلم حقيقة كيفيته و هيئته و حجمه وصفته إلا الله وحده. وليس لنا أن نتكلف للعرش من الأوصاف ما لم يجيء بها القرآن والسنة. فنؤمن بأنه عظيم القدر حجماً و وزناً. أما عظم حجمه فقد جاء في الحديث (ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة، و فضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة) السلسلة الصحيحة رقم:109، وأما عظم وزنه فقد جاء عند مسلم من حديث جويرية بنت الحارث (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وكانت تسبح بالحصى من صلاة الصبح إلى وقت الضحى فقال: لقد قلت بهدك أربع كلمات لو وزنت بما قلتيه لوزنتهن: سبحان الله عدد خلقه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله رضى نفسه). قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الرسالة العرشية (فهذا يبين أن زنة العرش أثقل الأوزان).
وللعرش قوائم ففي الصحيحين عن أبي سعيد قال (جاء رجل من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد لطم وجهه؛ فقال: يا محمد رجل من أصحابك لطم وجهي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ادعوه فدعوه فقال: لم لطمت وجهه؟ فقال: يا رسول الله إني مررت بالسوق وهو يقول: والذي اصطفى موسى على البشر فقلت: يا خبيث وعلى محمد؟ فأخذتني غضبة فلطمته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تخيروا بين الأنبياء فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذا بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقته).
قال شيخ الاسلام ابن تيمية (فهذا فيه بيان أن للعرش قوائم). أما إذا شغبنا بطلب الإيغال في معرفة حقيقة حجم العرش وحقيقة قوائمه وسائر أحواله وصفاته فهذا مما لا علم لنا به، و هو الحد الفاصل الذي يستوي عنده العالم والجاهل ع فيبقى الكل عاجزاً حسيراً عن تصور ماهيته ومعرفة أصل حقيقته، والخوض في حقيقة ذلك تكلف منهي عنه ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال (فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة مسائلهم و اختلافهم على أنبيائهم)
ثانياً: حقيقة حركة الشمس: وكذا حقيقة حركة الشمس. فالحديث صريح في أن الشمس هي التي تتحرك وأنها غير ثابتة ولا يقولن مسلم: لكن الحق الذي لا مرية فيه أن الشمس ثابتة لأن هذا غير ثابت بطريق القطع الحسي كما سنرى ولا يوجد إجماع كامل من كل العلماء على ذلك بل يوجد فريق كبير من العلماء المعاصرين على خلاف هذا الرأي كما سيتبين لاحقاً. وأنبه هنا على أني لست بصدد بعث المناظرة و استنهاض النقاش حول ثبوت دوران الشمس من عدمها أو دوران الأرض من عدمها وإنما القصد الأهم عندي هو التأكيد على أن هذه النظريات ليست محل اتفاق كلي أبدي سرمدي وأن حقيقة حركة الشمس أمر لم يحسم حسماً تاماً كما سيظهر إن شاء الله. أعود فأقول لم يطبق على أمر ثبات الشمس كل علماء الفلك والفيزياء ولم يتفقوا عن بكرة أبيهم على ضد ذلك وإن اتفق أكثر الناس لشهرة المعلومة لا لثبوتها لديهم من طريق حسي يقيني. لم يقل أحد من العلماء المعتبرين أن القول بثبات الشمس يستند إلى شاهدٍ قطعي من الواقع الملموس. غاية ما هنالك أن هذا النموذج الذي يسمونه النموذج الشمسي ( heliocentric) والذي وضعه كوبرنيكس استحسنه وفضله العلماء لأنه أنسب من جهة الحساب في تفسير دوران الكواكب وحركة الأجرام. وقد نص كثير من كبار علمائهم مثل "فرد هويلي" و "بول ديفس" و "برتراند رسل" على احتمالية هذه المسألة
(يُتْبَعُ)
(/)
وخضوعها لمبدأ النسبية أكثر من كونها نظرية أضحت حتماً مقضياً. وصرح آخرون مالفيسلوف الأمريكي والتر ستيس بأنه لو قال أحد أن الشمس هي التي تدور لا يمكن لأحدٍ أياً كان أن يبرهن (بطريق الحس) على خطأه إلا إذا استطاع أن ينظر للكون كله من الخارج ويرى ذلك وهذا مستحيل في الوقت الراهن. ولذلك يؤكد الفيزيائي المعاصر بول ديفس على أنه لن نتمكن أبدًا من التأكد من صحة هذا التصور مهما بدا دقيقًا وعليه (فليس لنا أن نستبعد كليٌّا أن صورة أكثر دقة قد تُكتشف في المستقبل).
ومن هنا دافع مؤيدوا كوبرنيكس نفسه عنه أمام الكنيسة – التي عارضته - وقالوا (بأن النموذج الذي قدمه كان مجرد تحسين رياضي مفيد لتحديد أماكن الكواكب في المجموعة الشمسية، وليس تمثيلاً حقيقيٌّا لواقع العالم).
وقد ظهر الآن فريق من العلماء يعرفون ب ( Neo-geocentric scientists) أي "علماء النموذج الأرضي المتأخرين/ المعاصرين" و يؤيدون في نموذجهم بأدلتهم الجديدة النموذج الأرضي القائل بثبات الأرض ودوران الشمس. ولذلك لم يجرؤ عالم معتبر على زعم ثبوت النموذج الشمسي بطريق الحس وإن كان لديهم قرائن ليست بأفضل من استحسانهم الرياضي للنموذج. ومع كونه رياضيا فإنهم لم يجعلوا الحساب فيصلاً يقينياً لأن جمهورهم متفقون على أنه لا يلزم من صحة النتيجة الرياضية مطابقتها للحقيقة الفيزيائية الخارجية من كل وجه، وقد اشتغل الفيزيائي ستيفن هوكنغ ردحاً من الزمن بتفسير ما أسماه الثقوب السوداء بالاعتماد على الرياضيات والمعادلات حتى اغتر هو وكثير من العلماء – فضلاً عن عوام الناس - وكادوا يقطعون بوجود هذه الثقوب لولا أن هذا العالم أعلن قبل عدة أشهر أنه لم يتوصل إلى نتيجة مرضية وأنه لا يوجد ما يمكن الاعتماد عليه للقطع بوجود هذه الظاهرة سوى التخمينات الرياضية. ولنضرب على ذلك مثلاً من فيزياء الكم أو الفيزياء الكمومية والتي اعتبرها العالم الألماني البرت أينشتاين ضرباً من الخرافة لما انطوت عليه من أمور يظن السامع لها أنها تخالف صريح المعقول، ومع ذلك فالعلماء الملاحدة يؤمنون بأعاجيبها وغراباتها ويستميتون في الدفاع عنها، أفلا نؤمن نحن بقدرة العزيز الحكيم الخبير العليم الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى؟
النظرية التي أوردها مثالاً هنا تتعلق بالتجربة المشهورة التي اقترحها شرودنجر وأسموها فيما بعد بتجربة قطة شرودنجر. وهذه التجربة مثال مشهور على الانفصام بين الصحة الرياضية والواقع الفيزيائي لظاهرة ما ولذلك قال عنها العالم البريطاني ستيفن هوكنج:"كلما سمعت عن قطة شرودنجر مددت يدي نحو المسدس!! " أي يريد أن يقتل نفسه لأن المعادلة تبدو صحيحة رياضياً ولكنها مستحيلة في الواقع فكيف يحصل هذا التناقض المحير؟
وتجربة شرودنجر هذه مبنية على مبدأ الاحتمالات الرياضية وذلك بافتراض وجود قطة داخل حاوية مغلقة بها علبة غاز سام وهناك خطاف يتدلى منه مطرقة معلقة فوق هذه العلبة فلو افترضنا أن نسبة احتمال تحرك هذا الخطاف هي النصف 50% بحيث يرخي المطرقة لضرب علبة السم ومن ثم موت القطة لبقي هناك نسبة أخرى كذلك هي 50% تضمن سلامة القطة من موتها بهذا الغاز السام وبالتالي يكون الاستنتاج الرياضي الصحيح هو وجود الاحتمالين معاً لأنه لا يوجد سبب منطقي لإهمال أحدهما وبالتالي فالقطة حية وميتة في نفس اللحظة!! ولكن الشيء المبهر من حيث الواقع الفيزيائي هو أنه لا يمكن أن يكون هناك إلا احتمالا واحدا من احتمالين: إما حية أو ميتة!! فأي التفسيرين أصوب: الرياضي (العقلي) أم الفيزيائي (الحسي)؟
ومما يجدر التنبيه عليه هو أن اختلاف زمان ومكان الملاحظين مؤثر في الحكم على الأعيان المتحركة التي تشغل زماناً ومكاناً مختلفين كذلك. وهو ما يسمى "بالإطار المرجعي" للأشياء أو ( frame of reference). ومن الأمثلة البسيطة التي يضربها أصحاب النظرية النسبية للتمثيل عليها هو وجود ملاحظين يشاهدان قطاراً واحداً هذا في الجهة الأولى من سكة القطار والمشاهد الآخر في الجهة المقابلة من سكة القطار. فالأول يقول القطار متجه إلى اليسار أما الآخر فيجزم باتجاه القطار إلى اليمين، فأثّر اختلاف مكان الملاحظين في الحكم على الجهة. ومثال أجود منه هو ما لو كان على القطار المتحرك راكب وأطلق رصاصة في اتجاه سير القطار مع وجود من
(يُتْبَعُ)
(/)
يلاحظه من خارج القطار من فوق جبل أو شاهق – أي في إطار مرجعي مختلف. فالراكب الذي أطلق الرصاصة يجزم بأن سرعة الرصاصة ثابتة وأما الملاحظ الذي يشاهد الحدث من خارج القطار فيجزم بأن سرعة الرصاصة تجاوزت سرعتها الطبيعية بسبب إضافة سرعتها إلى سرعة القطار الذي يسير في ذات الاتجاه، فتصير السرعة سرعة مركبة. ومنشأ الخلاف هنا هو أن أحدهما متحد مع الحدث في إطاره المرجعي والآخر منفصل عن الحدث في إطار مرجعي مباين، ولذلك فالثاني يشاهد مالا يشاهده الأول.
وهكذا الأمر بالنسبة لحركة الشمس. فالعلماء المؤيدين للنموذج الأرضي يشترطون التواجد في إطار مرجعي منفصل عن المجموعة الشمسية بأسرها للوقوف على حقيقة حركتها ومن ثم الحكم عليها حساً بالإثبات أو النفي. وهذا الأمر غير متأت وتبقى الحقيقة الكونية مجهولة. أما الحقيقة الشرعية فظواهر النصوص دالة على حركة الشمس ولكنها لا تنفي حركة الأرض. والآيات والأحاديث دالة على ذلك أوضح دلالة، ولا يمنع أن يكون كل من الشمس والأرض يدوران حول بعضهما بحيث تتكامل سرعة دورانهما حول بعضهما في سرعة مركبة يظنها المشاهد على الأرض سرعة كوكب الأرض، وهو رأي لبعض علماء الفلك. يقول الفيلسوف والتر ستيس إنه: (ليس من الأصوب أن تقول إن الشمس تظل ساكنة، وإن الأرض تدور من حولها من أن تقول العكس. إلا أن كوبرنكس قد برهن على أنه من الأبسط رياضيٌّا أن نقول إن الشمس هي المركز، ومن ثم فلو أراد إنسان في يومنا الراهن أن "يشذّ" ويتفوه بأنه لا يزال يؤمن بأن الشمس تدور حول أرض ساكنة فلن يكون هناك من يستطيع أن يثبت أنه على خطأ).
والذي اضطرني لوضع هذه المقدمة أمر واحد: ألا وهو أننا لا نزال نجهل الكثير عن ما نعتقد في أذهاننا أننا قد بلغنا النهاية والغاية في إدراك حقيقته، مع أن هذه الأشياء هي المقدمات التي يترتب على كمال إدراكها صحة النتيجة العقلية الحاكمة على تلك القضية، ولكن كثير من الناس لفرط استجابتهم لبادي الرأي من أنفسهم يحكمون بالنتيجة قبل استصلاح المقدمات و اكتمالها، وقد قال الله تعالى (وكان الإنسان عجولا).
ثالثاً: حقيقة سجود الشمس: فباعتمادنا على الحساب وحده نحن نجهل حقيقة الواقع "الحسي" لحركة الشمس فصار عندنا الآن جهلين بحقيقة شيئين: جهل بحقيقة العرش الذي يحصل السجود تحته وجهل بحقيقة حركة الشمس الفاعلة للسجود. وبناءً على هاتين المقدمتين يقال: يكفي في سجود الشمس واستئذانها القول بأن عدم العلم ليس بدليل على العدم وهي قاعدة مشهورة وأكثر عمل الجهال على خلافها، فعدم الوقوف على حقيقة سجودها واستئذانها لا يلزم منه نفي إمكان السجود والاستئذان، ولذلك يقال لمن ارتاب: إذا أوضحت لنا حقيقة سجود الشمس والقمر والنجوم والشجر في قوله تعالى: (الم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب) نقول إذا استطعت أن توضح لنا حقيقة ذلك فانتقل إلى إيضاح حقيقة الأخص وهو سجود الشمس تحت العرش ذلك أن تفسير الأعم في الأغلب أيسر من تفسير الأخص لما يكتنف الأخص من التقييدات والتحرزات التي لا يتفطن لها كثير من أرباب العلوم فضلاً عن عوام الناس. فالجاهل يراها من المستحيلات الممتنعات، والأعلم منه يراها من المحارات الممكنات، والناس بين هؤلاء وهؤلاء درجات. والحق أن الله قد اختص كل مخلوق بسجود يناسب هيئته وخِلقته لا يشترك فيه مع غيره إلا بموجب الاشتراك اللفظي لا الاشتراك الفعلي الحقيقي المطابق للفعل والهيئة، وقد أخبرنا الله تعالى أن الشجر يسجد مع كونه أمام ناظرنا صباحاً ومساءً بل يقطف ثمره ويجلس في ظله ومع ذلك لا نقول الشجر لا يسجد. مع أن هذا أدعى للاستنكار لقرب الشجر منا وملامستنا له و رؤيتنا له على الدوام وأكلنا من ثمره. فدل هذا على جهل بني آدم بحقيقة سجود هذه المخلوقات و حقيقة تسبيحها لله عز وجل، قال تعالى (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) فحسم الخلاف وقطع الريب والجدال بنفي قدرتنا على إدراك حقيقة التسبيح، فيصبح السؤال عن ذلك من أشد التكلف. فإذا استقرت هذه المسألة في الأذهان انقطع المستشكل عن بحث ما وراء ذلك والخوض فيه إذ كيف يُتوصل إلى نتيجة صحيحة دون القطع بفهم حقيقة مقدمات
(يُتْبَعُ)
(/)
تلك النتيجة وهو الأمر المنتفي هنا. ومن المعلوم أن صحة النتيجة هو ملزوم صحة المقدمات و صحة المقدمات هو ملزوم صحة إدراك وفهم المقدمات. فاتهام الرأي البشري المحدود المتقلب يأتي قبل اتهام الحقائق الخارجية التي لا تتغير ولا تتبدل (فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا).
ما المراد بالغروب المذكور في الحديث؟
الذي يظهر أن معنى "الغروب" قد التبس على قوم فظنوا أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم (أتدري أين تغرب) هو التواري التام عن نظر جميع أهل الأرض وأن هذا من لوازم السجود المذكور ولفظ الحديث لا يومئ إلى هذا ولا يدل عليه فضلاً عن أن يكون من لوازم لفظ الغروب. والحق أن المراد بالغروب الذهاب لا الغياب التام كما فسرته لفظة الرواية الأخرى وهو قوله صلى الله عليه وسلم (أتدري أين تذهب) وهذا معنى صحيح من حيث اللغة وهو مستعمل عند العرب، قال ابن منظور "غرب القوم غرباً (أي) ذهبوا"، كما أن باقي الحديث في روايات فيه "إنها تذهب ... " وفائدة لفظة الذهاب أنها تتضمن معنى الحركة فما من ذاهب إلا وهو متحرك. صحيح أن الشمس "تغرب" عن نظر قوم ولكن هذا بالنسبة إليهم ولذلك يجب التفريق بين حقيقة "الغروب" ومجرد "رأي العين"، كما في قوله تعالى (حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة) وهذا صحيح برأي البصر ولذلك نسب المرئي إلى من يراه فقال "وجدها". قال الإمام القرطبي – رحمه الله: ((قال القفال قال بعض العلماء: ليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغربا ومشرقا وصل إلى جرمها ومسها ; لأنها تدور مع السماء حول الأرض من غير أن تلتصق بالأرض , وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض , بل هي أكبر من الأرض أضعافا مضاعفة , بل المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب ومن جهة المشرق , فوجدها في رأي العين تغرب في عين حمئة , كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض ; ولهذا قال: " وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا " ولم يرد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم , بل أراد أنهم أول من تطلع عليهم. وقال القتبي: ويجوز أن تكون هذه العين من البحر , ويجوز أن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها , فيقام حرف الصفة مقام صاحبه والله أعلم)) أ. هـ.
وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله: ((وقوله: " وجدها تغرب في عين حمئة " أي رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله يراها كأنها تغرب فيه وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه)) أ. هـ.
قلت: ومثله قول الناس "غابت الشمس في الأفق" مع أنها لا تغيب في الأفق حقيقة وإنما تتوارى عنا من وراء الأفق لا فيه لأن الشمس أكبر من الأرض بمئات المرات فكيف تغيب في أفق الأرض الصغير جداً؟ كما أنها خارج محيط الأرض بل تبعد عنها آلاف الكيلومترات فكيف تغيب في الأفق؟ ومع ذلك نقول غابت في الأفق من باب التجوز لا على وجه الحقيقة.
فالخلاصة أن المراد بلفظ "الغروب" في الحديث الذهاب والسير والجريان كما هو مفسر في الرواية الأخرى وكما هو مستعمل في لغة العرب وكما جاء في قوله تعالى (والشمس تجري لمستقر لها)، فالغروب في حقيقته ليس إلا جريان الشمس وليس للشمس مغرب حقيقي ثابت، قال الإمام ابن عاشور – رحمه الله: ((والمراد بـ {مَغْرِبَ الشَّمْسِ} مكان مغرب الشمس من حيث يلوح الغروب من جهات المعمور من طريق غزوته أو مملكته. وذلك حيث يلوح أنه لا أرض وراءه بحيث يبدو الأفق من جهة مستبحرة، إذ ليس للشمس مغرب حقيقي إلا فيما يلوح للتخيل)). أ. هـ.
و قد بين ذلك عليه الصلاة والسلام فقال:" فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش" كما عند البخاري وغيره. ولم يقل عليه الصلاة والسلام أنها "تغرب تحت العرش" أو يقل "حتى تغرب تحت العرش"، وهذا وهم توهمه بعض الناس الذين أشكل عليهم معنى هذا الحديث وهو مردود لأن ألفاظ الحديث ترده. فقوله:"تذهب" دلالة على الجريان لا دلالة على مكان الغروب لأن الشمس لا تغرب في موقع حسي معين وإنما تغرب في جهة معينة وهي ما اصطلح عليه الناس باسم الغرب والغروب في اللغة التواري والذهاب كما ذكره ابن منظور وغيره يقال غرب الشيء أي توارى وذهب وتقول العرب أغرب فلان أي أبعد وذهب بعيداً عن المقصود.
(يُتْبَعُ)
(/)
إذا تقرر هذا اتضح معنى آخر وهو أن الشمس لا تسجد تحت العرش عند كل غروب تغربه عن أنظار كل بلد، فإن هذا هو اللبس الذي ينشأ عند من فهم أن الشمس تسجد عند كل غروب يراه أهل كل قطر، ولو كان الأمر كذلك لكانت ساجدة على الدوام ولاستنكر أهل الأرض ذلك، ولذلك جاءت فائدة الاحتراز من هذا الاحتمال في رواية مسلم (ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا). والشمس إنما تسجد مرة واحدة وذلك عند محاذاتها لباطن عرش الرحمن، كما أشار إلى ذلك ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية. ويؤيد هذا قول الحافظ ابن حجر في الفتح (قلت (الحافظ): وظاهر الحديث أن المراد بالاستقرار وقوعه في كل يوم وليلة عند سجودها ومقابل الاستقرار المسير الدائم المعبر عنه بالجري. والله أعلم).
قلت: وقول الحافظ (كل يوم وليلة) أي كل أربع وعشرين ساعة وهي فترة دوران الشمس حول الأرض دورة كاملة (أو على قول من يؤول الأدلة ويرى ثبات الشمس: فترة دوران الأرض حول نفسها دورة كاملة).
ولذلك قال الإمام الخطابي – كما نقله الحافظ في الفتح - رحمه الله (يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحت العرش أنها تستقر تحته استقرارا لا نحيط به نحن ... وليس في سجودها كل ليلة تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها).
وعند محاذاتها لباطن العرش فإنها تكون عندئذٍ مقابل سمت أو حد من الأرض يحدث عند مواجهته السجود المذكور. ولكن هذا السمت أو الحد أو المنتهى - كما قال الإمام ابن عاشور- لا قِبَل للناس بمعرفة مكانه. قال رحمه الله في "التحرير والتنوير" في تفسير قوله تعالى "والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم": ((وقد جعل الموضع الذي ينتهي إليه سيرها هو المعبر عنه بتحت العرش وهو سمت معيّن لا قبل للناس بمعرفته، وهو منتهى مسافة سيرها اليومي، وعنده ينقطع سيرها في إبان انقطاعه وذلك حين تطلع من مغربها، أي حين ينقطع سير الأرض حول شعاعها لأن حركة الأجرام التابعة لنظامها تنقطع تبعاً لانقطاع حركتها هي وذلك نهاية بقاء هذا العالم الدنيوي)) ا. هـ.
وقال الحافظ – رحمه الله - في الفتح في شأن المحاذاة التحتية (وأما قوله " تحت العرش " فقيل هو حين محاذاتها. ولا يخالف هذا قوله: (وجدها تغرب في عين حمئة) فإن المراد بها نهاية مدرك البصر إليها حال الغروب)
وقال الطيبي رحمه الله - كما نقله صاحب تحفة الأحوذي - بشأن حقيقة الاستقرار (وأما قوله مستقرها تحت العرش فلا يُنكَر أن يكون لها استقرار تحت العرش من حيث لا ندركه ولا نشاهده , وإنما أخبر عن غيب فلا نكذبه ولا نكيفه. لأن علمنا لا يحيط به (.
وهذا السمت أو الحد أو المنتهى المعبر عنه في الحديث بحرف "حتى" للدلالة على الغاية والحد فهو كالسمت (ولا أقول هو السمت الذي في الحديث) الذي نصبه الجغرافيون على الخارطة الأرضية ويسمونه خط الطول الممتد من أقصى شمال الأرض إلى أقصى جنوبها فإذا حاذت الشمس هذا السمت الذي هو منتهى سيرها اليومي مع محاذاتها في ذات الوقت لمركز باطن العرش فإنها تسجد سجودا على الكيفية التي لا يلزم منها أن توافق صفة سجود الآدميين وعلى هيئة لا تستلزم استنكار الناس من أمرها شيئا كما جاء في الحديث (ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا).
فائدة من كتاب "الأنوار الكاشفة":
وجدت للعلامة عبدالرحمن المعلمي رحمه الله في كتابه الثمين "الأنوار الكاشفة" توجيهاً مفيداً لمعنى الحديث، وحديث سجود الشمس قد طعن فيه أبو ريّة في كتابه المسمى ب "أضواء على السنة"، وكان مما سطره المعلمي ضمن ردّه هذه الفائدة الحديثية، قال رحمه الله (وهناك رواية البخاري عن الفرباني عن الثوري عن الأعمش بنحو رواية أبي معاوية إلا أنه قال ((تذهب حتى تسجد تحت العرش فتستأذن .. )) ونحوه بزيادة في رواية لمسلم من وجه آخر عن إبراهيم التيمي وقال ((حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة .. .))، فقد يقال لعل أصل الثابت عن أبي ذر الحديثان الأولان، ولكن إ براهيم التيمي ظنّ اتفاق معناها فجمع بينهما في الرواية الثالثة، وقد يقال: بل هو حديث واحد اختصره وكيع على وجه وأبو معاوية على آخر، والله أعلم)
(يُتْبَعُ)
(/)
إلى أن قال في آخر كلامه (أقول: فلم يلزم مما في الرواية الثالثة من الزيادة غيبوبة الشمس عن الأرض كلها، ولا استقرارها عن الحركة كل يوم بذاك الموضع الذي كتب عليها أن تستقر فيه متى شاء ربها سبحانه).أ. هـ.
وأما من جهة الدلالة اللغوية و الشرعية للحديث فإن السجود في اللغة يأتي بمعنى الخضوع كما ذكره ابن منظور وغيره. وحمّله – بتشديد الميم - بعض المفسرين المذكور في قوله تعالى في آية الحج:" ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فماله من مكرم إن الله يفعل ما يشاء " قال ابن كثير رحمه الله:" يخبر تعالى أنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له فإنه يسجد لعظمته كل شيء طوعا وكرها وسجود كل شيء مما يختص به" ا. هـ. وعليه فسجود الشمس مما يختص بها ولا يلزم أن يكون سجودها كسجود الآدميين كما أن سجودها متحقق بخضوعها لخالقها وانقيادها لأمره وهذا هو السجود العام لكل شيء خلقه الله.
ولكن لو قال قائل:"هل تنتفي صفة السجود عن الشمس إذا كانت لا تسجد إلا تحت العرش فلا تكون خاضعة إلا عند سجودها تحت العرش وفي غير ذلك من الأحايين لا تكون؟
والجواب أن الشمس لها سجدتان: سجود عام مستديم وهو سجودها المذكور في آية الحج السابقة و آية النحل (ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون) مع سائر المخلوقات، وسجود خاص يتحقق عند محاذاتها لباطن العرش فتكون ساجدة تحته وهو المذكور في الحديث وفي كلا الحالتين لا يلزم من سجودها أن يشابه سجود الآدميين لمجرد الاشتراك في لفظ الفعل الدال عليه. ومن أمثلة ذلك أن مشي الحيوان ليس كمشي الآدمي وسباحة السمك والحوت ليست كسباحة الإنسان وهكذا، مع أنهم يشتركون في مسمى الفعل وهما المشي والسباحة.
ومع أن الشمس و المخلوقات بأجمعها تحت العرش في كل وقت إلا أنه لا يلزم أن تكون المخلوقات بأجمعها مقابلة لمركز باطن العرش لأن العرش كالقبة على السماوات والمخلوقات، والشمس في سجودها المخصوص إنما تحاذي مركز باطن العرش فتكون تحته بهذا الاعتبار كما ذكره ابن كثير في البداية والنهاية بشأن المحاذاة التحتية للعرش، وكما قرره ابن تيمية رحمه الله في فتاواه وسائر أئمة أهل السنة من حيث أن العرش كالقبة وهو معلوم من حديث الأعرابي الذي أقبل يستشفع بالرسول صلى الله عليه وسلم وقصته مشهورة ثابتة.
والخلاصة أن سجود الشمس على المعنى الذي ذكرناه غير ممتنع أبدا ولا يخالف الحديث صريح العقل إنما قد يخالف ما اعتاد عليه العقل ومألوفه وهذا ليس معياراً تقاس به الممكنات الكونية فضلاً عن الممكنات الشرعية لأن الله على كل شيء قدير ولأن المألوفات نسبية باعتبار منشأ الناس واختلاف عقولهم وعلومهم. والسامع مثلاً لما تخرج به فيزياء الكم من العجائب والأسرار كمبدأ اللاحتمية لهايزنبرج وتجربة شرودنجر ونظرية العوالم المتناظرة وغيرها من الظواهر المحيرة للعقول – وإن كان هذا ليس موضع تفنيدها - يوقن بأن لله حكم بالغة يطلع من يشاء عليها ويستأثر بما يشاء عنده، قال تعالى:"ويخلق ما لا تعلمون"، وقال تعالى:"والله يعلم وأنتم لا تعلمون"، وقال:"وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً". والإنسان الأصل فيه الضعف والجهل، قال تعالى:"وخلق الإنسان ضعيفا" وقال في آية الأحزاب:"إنه كان ظلوما جهولا" ولذلك فابن آدم يسعى على الدوام لدفع ذلك عن نفسه بطلب ضديهما وهما القوة والعلم، فإن انكشف له بموجب ذلك شيء فهذا بتوفيق الله وما استغلق و خفي ودق فلله الأمر من قبل ومن بعد. وكما قدمنا فإن سجود الشمس لا يستلزم توقفها ووقوفاً يحصل بسببه استنكار الناس و هو اللبس الذي أزاله صلى الله عليه وسلم بقوله:" فتصبح طالعة من مطلعها ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا" وحرف "الفاء" في قوله "فتصبح" للتعقيب الذي بدوره يفيد معنى السرعة ومن لوازم السرعة تقلص الوقت وضآلته فيكون سجودها حاصل في وقت قصير للغاية ولو في جزء من الثانية يضمحل في فرق الثمان دقائق الذي تستغرقه رحلة الضوء من الشمس إلى الأرض، والثمان دقائق عبارة عن 480 ثانية فهل يمتنع حصول سجود من الشمس في هذه الفترة؟ بل إن سجودنا في جميع الصلوات الخمس لا يبلغ مجموع فترته
(يُتْبَعُ)
(/)
180 ثانية في غالب الأحوال مع أنه يصح أن يحصل فعل السجود بإيقاع سجدة واحدة ويسمى فاعلها ساجداً ولو لم يسجد إلا بتسبيحة واحدة صح أن يسمى سجوداً عند الحنابلة، بل حتى ولو لم يطمئن في سجوده ذلك لصح أن يسمى سجودا وفاقاً للحنفية.
ولو قال قائل:"نقبل منك صحة السجود دون أن يلزم منه وقوف الشمس ولكن الشمس لابد أن تقف لأن هذا لازم الخرور والاستئذان وإن لم يكن لازم السجود؟ " والجواب عليه:
حتى لو لزم من الخرور والاستئذان توقف الشمس فإنه لا يلزم من ذلك وقوفها وقوفاً يلاحظه الناس كما قدّمنا ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:" ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا ". كما أن في الحديث نكتة ربما خفيت على البعض وهي أن مقدار وقوفها لم ينص عليه الحديث ولذلك فلا يمنع أن يكون وقوفها للخرور والاستئذان حاصل في ثوانٍ أو أجزاء من الثانية وهذه الثوان تضمحل في فرق الثمان دقائق الذي يفصل بيننا وبين الشمس فلا يمكن ملاحظة فترة السجود حينئذٍ، هذا للشخص الملاحظ، فكيف بالبشرية المشغولة بضيعات الدنيا، النائمة في النهار المستيقظة في الليل!. وهذا ممكن و صحيح شرعاً وعقلاً وطبعاً. فنجد أن الذي يسجد بتسبيحة واحدة قد صح منه السجود وأجزأه كما لو سجد آخر وأتى بأكثر من ألف تسبيحة، والشاهد أن السجود وما يترتب عليه من خرور ويتبعه من استئذان لا يلزم من ذلك كله أن نبتدع له مقداراً معيناً من الوقت أو هيئة مجعولة اعتماداً على المستقر في معهودنا الذهني لأن الحديث أبهم وأطلق المقدار الزمني لهذه الأفعال ولذلك فلا يمنع حدوثها في وقت قصير للغاية كما ذكرنا. وعلى الذين يتوقعون من سجود الشمس تطويلاً ملحوظاً أن يأتوا بالدليل المقيد لإطلاق الحديث، مع أن الدليل يعوزهم ولا دليل عندهم سوى الظن المجرد من القرائن الصحيحة وهو الظن المذموم الذي ذمه الله في القرآن (إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس).
هذه مسألة، أما المسألة الثانية فهي أنه لا يلزم من خرور الشمس وكذا الارتفاع كما في الحديث عند مسلم:"حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت"، أقول لا يلزم من خرور الشمس أن تنزل نزولاً أو ترتفع ارتفاعاً يحصل بسببه استنكار الناس، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نفى هذا اللازم المتوهم بنفي ملزومه فقال (ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا) فلما نفى المُسبَب – بضم الميم وفتح الباء المعجمة الأولى – الذي هو استنكار الناس استلزم ذلك نفي ما يسببه وهو ظهور ما يسبب الاستنكار من أمر سجود الشمس.
إذاً فالحديث أطلق كما هو ظاهر ولم يذكر مقدار مسافة الخرور ولم يعين مقدار مسافة الارتفاع بل لم يتعرض لوصف كيفية الخرور كما أنه لم يعين مقدار زمن سجودها. ولنضرب على ذلك مثالاً: أليس يصح السجود بالإيماء البسيط الذي لا يكاد يرى من المريض الذي لا يستطيع الحراك؟ فهذا الذي يوميء بالسجود إيماء حتى ولو كان يسيراً جداً يصح سجوده ويقع منه ويسمى سجوداً مع أنه مخالف للأصل الذي هو مستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة، و اليدين، و الركبتين، و أطراف القدمين، و لا نكفت الثياب، و لا الشعر)، فكيف إذا علمنا أن سجود الشمس بطبعه مختلف ويرد على صفته وهيئته من الممكنات والاحتمالات ما لا يرد ولا ينطبق على سجود الآدمي وما يباين ويغاير به سجود غيرها من المخلوقات، وقد قال الله تعالى عن مخلوقاته (ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون) والشاهد منه قوله تعالى (كلٌ قد علم صلاته وتسبيحه) تنبيهاً على اختلاف طرق مخلوقاته في العبادة وذلك أنه لما أضاف صلاةً وتسبيحاً لكل واحد من مخلوقاته وجعلها نكرات مضافة دل ذلك على اختصاص كل نوع منهم بصلاة وتسبيح يمتاز به عما سواه من المخلوقات، قال ابن كثير رحمه الله (أي كل قد أرشده إلى طريقته ومسلكه في عبادة الله عز وجل). والآية تتضمن الشمس وقد أرشدها الله إلى طريقها ومسلكها في عبادتها إياه عز وجل، فالشمس أعلم بأمر عبادتها كما أن ابن آدم أعلم بأمر عبادته، قال الطبري رحمه الله (قد علم كل مصل ومسبح منهم صلاة نفسه وتسبيحه الذي كلفه وألزمه)، ولذلك ختم الآية بعلم الله لكل ذلك وفيه إشارة على أن الله تعالى هو العالم بحقائق
(يُتْبَعُ)
(/)
هذه الأمور دون غيره فقال (والله عليم بما يفعلون). قال الإمام الشنقيطي رحمه الله (والظاهر أن الطير تُسبِّح وتصلي صلاة وتسبيحاً يعملهما الله، ونحن لا نعلمهما كما قال تعالى:
(وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم)
[الإسراء: 44]. ومن الآيات الدالة على أن غير العُقلاء الله ونحن لا نعلمه. قوله تعالى في الحجارة (وإن منها لما يهبط من خشية الله) فأثبت خشية للحجارة، والخشية تكون بإدراك. وقوله تعالى (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله) وقوله تعالى:
(إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها)
[الأحزاب: 72] الآية. والإباء والإشفاق إنما يكونان بإدراك، والآيات والأحاديث واردة بذلك، وهو الحق. وظاهر الآية أن للطير صلاة وتسبيحاً، ولا مانع من الحمل على الظاهر) أ. هـ.
فائدة منهجية معرفية بقلم العلامة عبدالرحمن المعلمي اليماني، قال - رحمه الله - في "الأنوار الكاشفة":
(واعلم أن الناس تختلف مداركهم وأفهامهم وآراؤهم ولا سيما في ما يتعلق بالأمور الدينية والغيبية لقصور علم الناس في جانب علم الله تعالى وحكمته، ولهذا كان في القرآن آيات كثيرة يستشكلها كثير من الناس وقد ألفت في ذلك كتب وكذلك استشكل كثير من الناس كثيراً من الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، منها ما هو رواية كبار الصحابة أو عدد منهم كما مر، وبهذا يتبين أن استشكال النص لا يعني بطلانه. ووجود النصوص التي يستشكل ظاهرها لم يقع في الكتاب والسنة عفواً وإنما هو أمر مقصود شرعاً ليبلو الله تعالى ما في النفوس ويمتحن ما في الصدور. وييسر للعلماء أبواباً من الجهاد يرفعهم الله به درجات).
إلى هنا ينتهي البحث. فما كان من صواب فمن الله وحده فله الحمد كله وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان ومن شرهما استعيذ.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[31 Aug 2006, 02:34 م]ـ
أسأل الله لك كل خير أرجوه لنفسي، فقد أفدت من بحثك فوائد جمة، كنت قد قرأت بعضها في شروح الحديث ولم أستطع استيعابها حين قرأتها حتى منَّ الله علينا بما وفقك إليه مِن حسن التلخيص ودقة التعبير؛ فجزاك الله عنا خيرا وفضلا وبارك لك في علمك وعملك،،، آمين.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[31 Aug 2006, 02:38 م]ـ
كنت أبطن في نفسي معان للحديث، أبوح بها بين الحين والآخر لبعض أحبابي عند الحاجة. فقررت أن أشارك بها قبل قراءتي للمقالة لكن بعد انتهائي ظهر لي أن الكاتب جزاه الله خير الجزاء وفتح عليه من فتوح العارفين، لم يغفل منها شيئا، مع بعض التوقفات والتحفظات لدي مما لا يضر بأصل بحثه الماتع.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[31 Aug 2006, 04:43 م]ـ
جزاكم الله خيرا ورفع قدركم في درجات العلم والإيمان. والملف مرفق لمن رغب فيه من القراء.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[03 Sep 2006, 05:12 م]ـ
... هذه تتمة عبارة عن جواب على استشكال ظهر لسائل في (ملتقى أهل الحديث) وكان سؤاله بعد قراءة البحث كالتالي:
((أحسن الله اليكم ونفع بكم على هذا البحث القيم غير أنني اعتفد أن نقطة الضعف فيه هي في قولكم:
كما أن في الحديث نكتة ربما خفيت على البعض وهي أن مقدار وقوفها لم ينص عليه الحديث ولذلك فلا يمنع أن يكون وقوفها للخرور والاستئذان حاصل في ثوانٍ أو أجزاء من الثانية وهذه الثوان تضمحل في فرق الثمان دقائق الذي يفصل بيننا وبين الشمس فلا يمكن ملاحظة فترة السجود حينئذٍ، هذا للشخص الملاحظ، فكيف بالبشرية المشغولة بضيعات الدنيا، النائمة في النهار المستيقظة في الليل.
أولا: أنه اذا كانت البشرية مشغولة بضيعات الدنيا فإن علماء الفلك مع ما هيأ الله لهم من وسائل علمية غير مشغولين ولايمكن أن يفوتهم هذا الأمر
ثانيا: لوسلمنا باستنتاجك هذا وأن السجود يتم في جزء من الثانية من بين الدقائق الثمان فإن هذه الأجزاء - التراكمية بالطبع - ستكون خلال سنوات معدودة كما من ا لساعات والدقائق
وكما نعلم فإن موعد الإشراق - مثلا - محدد بالدقة لسنوات قادمة
أتمنى على شيخي الفاضل مراجعة هذه الجزئية وحبذا لو تمت الإستعانة باحد الفضلاء المتخصصين في مدينة الملك عبد العزيز وجزاكم الله خيرا)) أ. هـ.
==============================
(يُتْبَعُ)
(/)
بسم الله والحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله، وبعد
جزاك الله خيرا على هذه الملاحظة، وقد كانت حاضرة في ذهني والجواب عليها موجود ولكني لم أرد تشعيب البحث وتفريعه لغير المتخصص، أما الآن وقد أشرت إليها فلا بد من الجواب عن هذا الإشكال الذي قد ينطلي على البعض وترك مثل هذه الأمور دون جواب قد يضر أكثر مما لو تركت بلا جواب. أقول وبالله أستعين:
قد استشكلت أيها السائل الفاضل أمر إمكانية سجود الشمس في أجزاء من الثانية وأن النتيجة التراكمية لهذه الأجزاء ستظهر مع مرور الوقت وانقضاء الأزمان.
أقول: استشكال صحيح. ولكن هنا ثلاثة أمور ينبغي التنبه لها:
1 - أني لم أجزم بأن هذا هو المخرج الوحيد لحل هذا لإشكال، وإنما وضعته لبيان عدم الامتناع وإلا فقد تسجد باعتبار آخر غير اعتبار الثوان وأجزاءها.
2 - عن أي جزء من الثانية نتحدث؟ اعلم أيها الفاضل أن أجزاء الثانية لم تكتشف كلها بعد ولذلك لما اكتشفت وحدة "النانو" ثانية لم يكن يخطر ببال من في ذلك الوقت إمكانية اكتشاف وحدة "الفمتو" ثانية وهي الوحدة التي توصل إليها مؤخراً العالم المصري أحمد زويل وزملائه، فلا يمنع أن يكون هناك وحدات زمنية أقل وأقل ولكن يمنع من اكتشافها ضعف الإمكانات البشرية. ومن المعلوم أن الملائكة تقطع المسافة الهائلة بين السماء والأرض في وحدات زمنية قصيرة جداً قد يستحيل على العقول اكتشافها مما يدل على وجود وحدات زمنية أقل بكثير من وحدة "الفمتو" الثانية وكما قال الله تعالى وفوق كل ذي علم عليم.
3 - تقرر في علم الفلك مسألة مهمة - و هي أهم ما في الموضوع - تتعلق بسرعة دوران الأرض (أو الشمس) وهو أنها تتباطأ بأجزاء ضئيلة للغاية من من الثانية كل يوم وهذا التباطؤ وإن عبر عنه العلماء بأنه كل كذا عدد من السنين إلا أنه يمكن توزيع هذا العدد وتقسيمه على عدد الأيام، ولذلك فهذا التباطؤ المستمر مع مرور الوقت يمنع إمكانية إدراك الآثار التراكمية لأجزاء الثانية، فيكون هناك تناسباً طردياً بين الإثنين: كلما تباطأ الدوران كلما زاد فرق المسافة الضوئية التي تساعد على اضمحلال فرق الثوان بين الشمس والأرض. ويسمي العلماء هذه الظاهرة ( Earth's rotation slowing down) ، ونقلاً عن إحدى المواقع المتخصصة يقولون ( The rotation has slowed roughly only by 2 milliseconds since 1820) أي منذ عام 1820 تباطأت سرعة دوران الأرض بمقدار 2 ميللي ثانية. [1] ولذلك يكون استنتاجك صحيحاً في حالة ثبات سرعة دوران كل من الشمس أو الأرض، فعند الثبات يظهر الفرق مع مرور الوقت أما مع وجود هذا التفاوت الذي يلغي إمكانية مشاهدة الفرق فحتى العلماء لا يستطيعون ملاحظته بالحس والتجربة لأن عملية التعويض بسبب التفاوت مستمرة لا تنقطع وكأنه يخيّل إلى الملاحظ المتابع أنه لا يوجد أي فرق على الإطلاق.
ولذلك فسجود الشمس لا بد وأن يحصل ولا بد أن يكون في زمن معين ولكن من شرط هذا الزمن المعين ألاّ يتسبب في حصول "استنكار الناس" - كما في الحديث - فلا مناص إذاً من القول بأنها وحدة زمنية ضئيلة للغاية وتبقى مشكلة أن الناس يريدوه سجوداً مرئياً مشهوداً واضحاً كما يسجد الآدمي المطمئن في الصلاة المفروضة. ولذلك قرر بعض العلماء أن الشمس تسجد وهي "سائرة" دون توقف، كالحافظ ابن كثير في البداية والنهاية، واستدل بقراءة ابن عباس ((والشمس تجري لا مستقر لها) والقراءة المشهورة هي ((والشمس تجري لمستقر لها)). فقال: على القراءة الأولى تسجد وهي سائرة، إلا أن البعض أشار إلى شذوذ هذه القراءة. [2]
وقد بينت لك أخي الكريم الظاهرة الفلكية - على ما أدّاني إليه اجتهادي- التي تمنع من مشاهدة هذا الفرق المتراكم للزمن عبر الوقت.
أستغفر الله من الزلل والخلل، والحمد لله رب العالمين.
============================
[1] http://novan.com/earth.htm
[2] ولعل المشايخ الفضلاء في الملتقى يفيدونا حول هذه المسألة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2006, 04:31 م]ـ
جزاك الله خيراً أخي الكريم عبدالله، فقد أفدت من قراءة هذا المقال بارك الله فيكم ونفع بكم.
وأما قراءة (لا مستقر لها) فهي قراءة عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أيضاً، وعكرمة مولى ابن عباس، وقراءة عليّ بن الحسين، وقراءة الشيزري عن الكسائي. وهي من القراءات الشواذ بحسب اصطلاح القراء.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[07 Sep 2006, 04:36 م]ـ
جزاك الله خيرا على هذه الإفادة ونفع الله بعلومكم.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[07 Sep 2006, 06:47 م]ـ
قال القرطبي - رحمه الله - في الجامع:
((وقرأ ابن مسعود وابن عباس " والشمس تجري لا مستقر لها " أي إنها تجري في الليل والنهار لا وقوف لها ولا قرار , إلى أن يكورها الله يوم القيامة. وقد احتج من خالف المصحف فقال: أنا أقرأ بقراءة ابن مسعود وابن عباس. قال أبو بكر الأنباري: وهذا باطل مردود على من نقله ; لأن أبا عمرو روى عن مجاهد عن ابن عباس , وابن كثير روى عن مجاهد عن ابن عباس " والشمس تجري لمستقر لها " فهذان السندان عن ابن عباس اللذان يشهد بصحتهما الإجماع - يبطلان ما روي بالسند الضعيف مما يخالف مذهب الجماعة , وما اتفقت عليه الأمة. قلت: والأحاديث الثابتة التي ذكرناها ترد قوله , فما أجرأه على كتاب الله , قاتله الله. وقوله: " لمستقر لها " أي إلى مستقرها , والمستقر موضع القرار)) أ. هـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[27 Sep 2006, 05:44 ص]ـ
وهذا جواب سؤال حول هذا الموضوع لأخي الكريم الدكتور عمر المقبل وفقه الله ..
دفع الإشكال الوارد حول سجود الشمس! ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=5963)
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[01 Oct 2006, 12:03 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على هذه الإضافة الطيبة.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[03 Nov 2006, 10:26 م]ـ
المشايخ الكرام الإخوة الفضلاء، لقد أزمعت على تهيئة هذا البحث للنشر، آمل منكم التفضل بما ترونه من تعديل أو تحرير قد يحتاجه البحث، قبل إخراجه للناس لتعم الفائدة، والله يوفقني وإياكم لكل خير.(/)
التفسير الإصلاحي عند الإمام ابن باديس رحمه الله
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[02 Sep 2006, 10:17 ص]ـ
لمعرفة الشيخ عبد الحميد ابن باديس ينظرالملف المرفق، أو موقع عبد الحميد بن باديس
================================
يعلم الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله علم اليقين أنه لا هداية لأمة، ولا نجاة لها، ولا صلاح لحالها، إلا بالأخذ بأسباب العزة والقوة، التي أخذ بها السلف الصالح رضي الله عنهم من الصحابة ومن تبعهم بإحسان، فكانوا خير جيل وأصلحه، وما كان لهم ذلك إلا بالتمسك بكتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والاهتداء بهديهما، والرجوع إليهما في العلم والعمل، ولم يغيب عن الشيخ وهو العالم القرآني قول الله عز وجل: ? إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ? [الإسراء: 9]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ خيرَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ مُحْدَثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالة» [رواه مسلم (867)]، وقوله: «عَليكُمْ بِسُنَّتي وسُنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المَهْديينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ، وإيَّاكُمْ ومُحْدَثاتِ الأُمُورِ، فإنَّ كُلَّ بِدْعةٍ ضَلالَة» [رواه أحمد (4/ 126) وأبو داود (4607) والترمذي (2676)، وصححه، وصححه أيضًا الهروي، والبزار، وابن عبد البر، والحاكم، والضياء المقدسي، والألباني، وينظر: إراواء الغليل8/ 107].
قال رحمه الله: (وليكن دليلنا في ذلك وإمامنا كتاب ربنا وسنة نبينا وسيرة صالح سلفنا، ففي ذلك كله ما يعرفنا بالحق، ويبصرنا في العلم، ويفهمنا في الدين، ويهدينا إلى الأخذ بأسباب القوة والعزة والسيادة العادلة في الدنيا، ونيل السعادة الكبرى في الآخرة).
وقال: (لا نجاة لنا من هذا التيه الذي نحن فيه، والعذاب المنوع الذي نذوقه ونقاسيه إلا بالرجوع إلى القرآن؛ إلى علمه وهديه، وبناء العقائد والأحكام والآداب عليه، والتفقه فيه، وفي السنة النبوية؛ شرحه وبيانه، والاستعانة على ذلك بإخلاص القصد، وصحة الفهم، والاعتضاد بأنظار العلماء الراسخين والاهتداء بهديهم في الفهم عن رب العالمين).
إن المجتمع إذا رسخ فيه أن القرآن والسنة هما مصدرا التلقي، وأنهما المرجع لكل مسلم، وأنهما المعيار في صلاح الأمور وفسادها، وأن التعلق بهما لا بحامليها، وأن الهداية بهما لا بغيرهما، وأن خير من فهمها واهتدى بهديهما السلف الصالح، وأنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، سهل بعد ذلك على المصلح أن يقنع الناس بما يريد مما هو في كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
لذا عني الشيخ رحمه بكتاب الله عناية فائقة تعليمًا وتفسيرًا، وكان أول ما بدأ به دعوته وتعليمه بعد عودته من الحج عام 1332هـ=1914م هو تفسير القرآن، واستمر ربع قرن من الزمان حتى ختمه في عام 1357هـ=1938م، وأقيم احتفال كبير بهذه المناسبة في الجامع الأخضر بقسنطينة من بلاد الجزائر.
ولم يكن الشيخ يهدف أن يضيف تفسيرًا جديدًا إلى المكتبة الإسلامية الزاخرة بالتفاسير، وإنما كان يهدف إلى إعادة الشعب المسلم إلى القرآن بعدما أبعد عنه، فكان القرآن الكريم هو محور التربية التي يتلقاها النشء على يدي الشيخ، كما كان هو منهاج النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضي الله عنهم، فكانوا جيلاً قرآنيًا فريدًا، قال: (إننا والحمد لله نربي تلاميذنا على القرآن من أول يوم، ونوجه نفوسهم إلى القرآن في كل يوم، وغايتنا التي ستتحقق أن يُكوِّن منهم القرآن رجالاً كرجال سلفهم، وعلى هؤلاء الرجال القرآنيين تعلق الأمة آمالها، وفي سبيل تكوينهم تلتقي جهودها). وقد سبق قوله: (وأن القرآن الذي كَوَّن رجال السلف لا يكثر عليه أن يُكَوِّن رجالاً في الخلف، لو أُحسن فهمه وتدبره، وحملت الأنفس على منهاجه).
ولأجل هذا الهدف جاء تفسير الشيخ واضحًا سهلاً بأسلوب رشيق ممتع، تحس فيه بصدق اليقين ووهج الإيمان وحرارة القلب، فيبعث على الهداية ويحث إلى العمل.
وقد عُدَّ الشيخ إمامًا في التفسير، كما قال البشير الإبراهيمي رحمه الله بعدما بين طرق فهم القرآن عند العلماء ومدحه لطريق محمد عبده عفا الله عنه: (فانتهت إمامة التفسير بعده في العالم الإسلامي كله إلى أخينا وصديقنا ومنشئ النهضة الإصلاحية العلمية بالجزائر، بل بالشمال الإفريقي عبد الحميد بن باديس).
وقد ساعده في ذلك توفيق من الله عز وجل، واهتمام عظيم بالقرآن وعلومه، وذوق خاص في فهم القرآن كأنه حاسة زائدة خص بها، وذلك لأنه يعيش القرآن بكيانه كله، وبيان ناصع، وذكاء مشرق، وقريحة وقادة، وبصيرة نافذة، وشجاعة في الرأي والقول، وتمكن في العلوم الشرعية، واطلاع واسع على علوم أخرى نفسية واجتماعية وتاريخية وغيرها، كما كان لشيخه محمد النخلي تأثير عميق فيه. [ينظر: ابن باديس مفسرًا - مقال في موقع الإمام عبد الحميد بن باديس].
ومن المؤسف أن الشيخ لم يكن يدون تفسيره، إلا مقالات يسيرة كان ينشرها في افتتاحيات مجلة "الشهاب" التي أصدرها، وكانت بعنوان " مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير"، ولم يكن تلاميذه يدونون أثناء الدرس، وبذلك ضاع (كنز علم لا يقوم بمال ولا يعوض بحال) كما قال البشير الإبراهيمي، وقال أيضًا: (إن من دواعي الأسف أنه لم ينتدب من مستمعي هذه الدروس من يقيدها بالكتابة، ولو وجد من يفعل ذلك لربحت هذه الأمة ذخرًا لا يقوم بمال، ولاضطلع هذا الجيل بعمل يباهي به جميع الأجيال، ولتمخض لنا ربع قرن عن تفسير يكون حجة هذا القرن على القرون الآتية، ومن قرأ تلك النماذج القليلة المنشورة في "الشهاب" باسم "مجلس التذكير" علم أي علم ضاع وأي كنز غطى عليه الإهمال).
وقد قال الشيخ: (شغلنا بتأليف الرجال عن تأليف الكتب).
جمع ما وجد من تفسير الشيخ ونشر في كتاب سمي: تفسير ابن باديس، من إعدد: محمد الصالح رمضان وتوفيق محمد شاهين، ونشره أيضًا عمار الطالبي في كتابه: ابن باديس: حياته وآثاره.
ولعل هذا العرض الموجز يكون دافعًا للمتخصصين لمراجعة تفسير الشيخ المصلح وتقديم عرض عن منهجه التفسيري وأثره في الإصلاح.
والله ولي التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Sep 2006, 08:20 ص]ـ
جزاكم الله خيراً.
ورحم الله الله الشيخ عبدالحميد بن باديس، ونعمُ المنهجُ الذي سلكه في رد الناس والطلبة إلى كتاب الله، وتربيتهم عليه وعلى معانيه السامية، وقد وقع التقصير في الأمة في هذا الجانب، غير أنني أرى معالم عودة رشيدة لكتاب الله تحوطه من جميع جوانبه حفظاً وعملاً وتمثلاً له في واقع المسلمين، وهذا سر النصر والتمكين بإذن الله.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[16 Aug 2010, 03:27 ص]ـ
الأخ الكريم الأستاذ/ "يوسف العليوي": بارك الله فيكم على المقال، فهو يعطي نظرة مجملة على المنهج الإصلاحي للشيخ بن باديس-رحمه الله-، وهناك بحث للأستاذ/ " حسن عبد الرحمن سلوادي" بعنوان (عبد الحميد بن باديس: مُفَسِّرًا) طبع بالجزائر، بالمؤسسة الوطنية للكتاب سنة/1988م، وقد بدأ الكاتب فصله الأول بالإتجاهات السياسية والفكرية في عصر ابن باديس وهي مهمة في مثل هذه البحوث؛ بحيث تربط العلاقة بين شخصية المفسر الشيخ بن باديس ومدى تأثره بالواقع الدعوي إبَّان ذلك الظرف الزماني، ثم في الفصل الثاني عرج لشيء من حياة الشيخ وتربيته .. وبعد اعطاء الصورة العامة لتفسيره كما في الفصل الثالث عرّج في فصول الكتاب للجانب الديني في التفسير، والفكر الإصلاحي، ثم الفكر السياسي، ثم ختم في الفصل السابع: بتقويم ومقارنة، ومما ذكره (ص:282): " .. ولكننا نستطيع أن نقرر-ونحن مطمئنون-بأن الشيخ (بن باديس) قد نجح في توصيل آرائه الإصلاحية ووعظه النقدي من خلال تفسيره، وأفلح بالتالي في إخراج الشعب الجزائري من سيطرة الفرنسيين الثقافية والدينية وكان نجاحه هذا خطوة توعية هامة في الكفاح الوطني في مرحلة أوشك اليأس فيها أن يتسلل إلى القلوب، ويستولي على النفوس".اهـ. وهذه النتيجة لا شك فيها لمن درس تاريخ بن باديس ودعوة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الإصلاحية -على ما فيها- فإنها دعوة إلى الكتاب والسنة -في الجملة- مخالفة لأهل الشرك والبدعة .. كما أنَّ الباحث ينتقد عليه أشياء في بحثه الآنف الذكر، مما يتعلق بعقيدة أهل السنة والجماعة المحضة .. مثل ما ينتقد على تفسير الشيخ بن باديس -رحمه الله- بعض المسائل مما خالف فيها أهل السنة المحضة .. والله أعلم.
الأخ الكريم الشيخ/ " عبد الرحمن الشهري": بارك الله فيكم على تنبيهك لموضوع المنهجُ الذي سلكه العلامة بن باديس-رحمه الله-في رد الناس والطلبة إلى كتاب الله -جل وعلا- .. وهذا التوجيه منكم -سددكم الله-يبعث على التقصي والتتبع لكلامه فيها وإفراد ذلك بمقال لعلّ الله ييسر من يقوم به، فيوقض النائم! .. ويحرك الخامل! .. ويرد الهائم! ... بارك الله فيكم.(/)
سؤال عن كتاب (قتلى القرآن) للثعلبي
ـ[أبو المهند]ــــــــ[02 Sep 2006, 11:26 ص]ـ
مسترشد يبحث عن كتاب " قتلى القرآن" لأبي إسحاق الثعلبي صاحب التفسير، وقد عُلم أنه صدر عن سلسلة إصدارات مركز البحوث بكلية التربية جامعة الملك سعود بالرياض، تحقيق د/ ناصر المنيع فهل لمتفضل أن يدلني على كيفية تحصيل نسخة من هذا الكتاب لألبي طلب الزميل المسترشد وجزاكم الله خيرا.
ـ[الكشاف]ــــــــ[02 Sep 2006, 01:45 م]ـ
كتاب قتلى القرآن
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=4356
ـ[أبو المهند]ــــــــ[29 Nov 2006, 12:29 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء على ما أفتموني به ودمتم أهلا للعلم وأبوابه النافعة(/)
قال الذي عنده علم من الكتاب.
ـ[الغني بالله]ــــــــ[02 Sep 2006, 01:46 م]ـ
تفسير البغوي [جزء 1 - صفحة 164]
قال محمد بن المنكدر: إنما هو سليمان قال له عالم من بني إسرائيل آتاه الله علما وفهما: {أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك} قال سليمان: هات قال: أنت النبي ابن النبي وليس أحد أوجه عند الله منك فإن دعوت الله وطلبت إليه كان عندك فقال: صدقت ففعل ذلك فجيء بالعرش في الوقت.
روح المعاني [جزء 19 - صفحة 203]
وآثر هذا القول الامام وقال انه أقرب لوجوه الاول أن الموصول موضوع في اللغة لشخص معين بمضمون الصلة المعلومة عند المخاطب والشخص المعلوم بأن عنده علم الكتاب هو سليمان وقد تقدم في هذه السورة ما يستأنس به لذلك فوجب ارادته وصرف اللفظ اليه وآصف وان شاركه في مضمون الصلة لكن هو فيه أتم لأنه نبي وهوأعلم بالكتاب من امته الثاني ان احضار العرش في تلك الساعة اللطيفة درجة عالية فلو حصلت لاحد من امته دونه لاقتضي تفضيل ذلك عليه عليه السلام وانه غير جائز الثالث أنه لو افتقر في احضاره الى أحد من امته لاقتضي قصور حاله في اعين الناس
الرابع أن ظاهر قوله عليه السلام فيما بعد هذا من فضل ربي الخ يقتضي أن ذلك الخارق قد أظهره الله تعالى بدعائه عليه السلام.
زاد المسير [جزء 6 - صفحة 175]
والثاني أنه سليمان عليه السلام وإنما قال له رجل انا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فقال هات قال انت النبي ابن النبي فان دعوت الله جاءك فدعا الله فجاءه قاله محمد بن المكندر.
ـ[مهند شيخ يوسف]ــــــــ[02 Sep 2006, 04:25 م]ـ
هذا الأليق بمقام الأنبياء! وعلى كل حال فإن الخوض الكثير في ذلك مذهبة لروح التنزيل، إذ التدبر في كون علم الكتاب هو الموصل إلى المراتب العليا أولى وأجدر بالنظر والتدبر!(/)
(شبكة التفسير والدراسات القرآنية) في ثوبها الجديد قريباً ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Sep 2006, 02:27 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
منذ بداية العام الهجري الجاري 1427هـ اتفقنا مع إحدى الشركات لإعادة تصميم وبرمجة الموقع، وأخذنا في الاعتبار معظم اقتراحاتكم وتوجيهاتكم الكريمة بارك الله فيكم جميعاً.
وقد أوشك الموقع على الانطلاق، وقد أعطي المبرمج الضوء الأخضر للتركيب هذه الأيام، فلعلكم ترون ما يسركم إن شاء الله. وربما يقوم المبرمج بإغلاق الملتقى وتركيب النسخة الحديثة قريباً فلا تستغربوا حفظكم الله وقد أخبرني أن هذا لن يستغرق إلا ساعات معدودات.
الرياض في 9/ 8/1427هـ
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[02 Sep 2006, 05:01 م]ـ
سهل الله أمركم ياشيخ عبد الرحمن، وجزاكم خيرًا على ما تبذلونه خدمة لكتاب الله عزوجل.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[03 Sep 2006, 06:11 م]ـ
نبارك لكم هذه النقلة والتطوير، وجزاكم الله خير الجزاء على ما بذلتموه في هذا السبيل
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[05 Sep 2006, 12:14 ص]ـ
الأستاذ الدكتور عبد الرحمن الشهري ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته، لقد سرني هذا الخبر السعيد، وأملنا أن يوفقكم الله تعالى لما فيه الخير و النفع، مما يجعل الموقع إضافة علمية لمجال التخصص، و قبلة المتخصصين في الدراسات القرآنية.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ـ[الطبيب]ــــــــ[06 Sep 2006, 09:51 ص]ـ
أبارك لكم هذه الخطوة، وأسأل الله للجميع التوفيق.
ودمتم،،،
ـ[ناصر]ــــــــ[07 Sep 2006, 06:27 ص]ـ
إذا كان المقصود بشبكة التفسير والدراسات القرآنية: http://www.tafsir.net فلا بأس (أقول هذا على مضض صراحة) , أما إذا كان المقصود ملتقى أهل التفسير, فلا أرى الصواب ما فعلتم, لأن إحتمال تحسينه ضعيف جدا, لأن تصميمه الذى هو عليه الآن من أحسن ما رأيت إن لم يكن أحسنها على الإطلاق.
ليتكم قبل الإقدام على مثل هذه الخطوات المكلفة أن تطلبوا نصيحة الأعضاء. (اللهم إلا إذا كان عمل تلك الشركة من باب الصدقة).
و الله أعلم.
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[07 Sep 2006, 11:07 ص]ـ
اللهم تقبل منا ومنكم صالح العمل ووقفنا وإياكم لكل خير
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2006, 04:40 م]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً على دعواتكم وحرصكم على الموقع.
الأخ الكريم ناصر وفقه الله: التطوير سيشمل الموقع كاملاً بحيث يظهر التكامل بين صفحة الشبكة، وصفحات الملتقى بشكل أكبر وأظهر، لأننا نعاني في الإشراف من تشتت منافذ الدخول لإدارة الموقع بأقسامها. ولن يكون هناك تغيير في المظهر للملتقى فمظهره الحالي كما تفضلتم بارك الله فيكم، ورأيكم يهمنا دوماً. غير أن النسخ الحديثة من المنتدى أقوى من حيث الحماية، وهي نقطة مهمة في المنتديات لا بد من السير فيها. ونحن لم نقدم على أي تطوير ولن نفعل إلا بعد أخذ المشورة والآراء منكم جميعاً وفقكم الله فالموقع لنا جميعاً وليس خاصاً بالمشرفين عليه، وهذا أمرٌ يسعدنا ويشعرنا بالثقة بارك الله فيكم.
ـ[الراية]ــــــــ[07 Sep 2006, 09:17 م]ـ
جزاكم الله خيراً وبارك في جهودكم
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[08 Sep 2006, 03:16 ص]ـ
أعانكم الله وبارك فيكم
ـ[نصرمنصور]ــــــــ[08 Sep 2006, 08:00 ص]ـ
أتمنى أن يبقى المظهر والشكل الحالي بألوانه كما هو من غير تغيير؛ لأن ألوانه في رأيي في غاية الروعة والتناسب. وشكرا لكم على جهودكم
ـ[ناصر]ــــــــ[08 Sep 2006, 08:03 ص]ـ
أحسن الله إليكم فضيلة الدكتور عبد الرحمن الشهري وبارك في جهودكم.
ـ[فؤاد الشيبري]ــــــــ[08 Sep 2006, 02:16 م]ـ
بارك الله فيكم وفي جهودكم وأعانكم على خدمة أهل العلم وعامة المسلمين في هذا الموقع المتميز
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[09 Sep 2006, 07:32 م]ـ
سيتم توقف الملتقى - بحسب الجهة القائمة بتطوير الموقع - هذين اليومين لتطويره إن شاء الله. ولعله يعود للعمل بإذن الله في أقرب وقت، بعد استكمال التعديلات والترقية للنسخة الجديدة. وشكر الله لكم جميعاً متابعتكم وحرصكم على شبكة التفسير والدراسات القرآنية، التي أرجو أن تنتقل للأفضل لنا جميعاً كمشرفين وأعضاء.
ـ[ناصر]ــــــــ[10 Sep 2006, 12:20 ص]ـ
أحببت فقط أن أذكركم بعمل نسخة احتياطية لقاعدة بيانات و ملفات الملتقى (إعملوها بأنفسكم ولا تعتمدوا كليا على تلكم الشركة).
طبعا إعملوها الآن قبل بداية عملية التطوير هذه.
هذا لتفادي ما وقع مثلا لمنتدى الحديث مؤخرا, نسأل الله العافية.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Sep 2006, 03:30 ص]ـ
جزاكم الله خيراً جميعاً.
ها هو الملتقى قد تم ترقيته، وما زال فيه ملحوظات كثيرة جداً من حيث الألوان، وأنواع الخطوط، وكثير من العبارات المعربة التي تحتاج إلى تصحيح أو استبدال. فليت كل واحد منكم يبدي رأيه في هذا مع مراعاة أن التصويبات والتعديلات سهلة وممكنة ولله الحمد.
وفق الله الجميع لكل خير.
صباح الثلاثاء 19/ 8/1427هـ
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نورة]ــــــــ[12 Sep 2006, 06:51 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[12 Sep 2006, 08:08 ص]ـ
بارك الله في جهودكم جميعاً والحقيقة لمسات مباركة نسأل الله أن ينفع بها.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[12 Sep 2006, 09:46 ص]ـ
نبارك هذا التحديث وإلى الأمام دائما يا سعادة الدكتور المشرف ومن معك في أسرة الملتقى وبارك الله في جمعكم وحفظكم
ـ[الطبيب]ــــــــ[12 Sep 2006, 10:00 ص]ـ
جزاكم الله خيراً على هذا التطوير ...
ولا شك أن المرحلة المقبلة هي (صيانة برنامج الملتقى) حتى يصل إلى أفضل مستوى، والأخطاء والملاحظات الحالية محتملة، طالما أن هدف الرقي بمستوى الملتقى سيظل موجوداً.
وإبداء الملاحظات والاقتراحات مسئولية الجميع.
ودمتم،،،
ـ[الطبيب]ــــــــ[12 Sep 2006, 10:18 ص]ـ
هل نبدي الاقتراحات هنا أم سيخصص لها مكان آخر؟!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Sep 2006, 11:33 ص]ـ
حفظكم الله جميعاً.
لتكن الملحوظات في هذه المشاركة ..
رجاء من الجميع: ضع ملاحظاتك على تصميم الملتقى الجديد هنا وفقك الله ... ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6410)(/)
ما معنى قول المفسر: (وفيه قول آخر هو المختار أنه ليل لغة ونهار شرعا)؟
ـ[أبو أنس الغامدي]ــــــــ[03 Sep 2006, 12:02 م]ـ
السلام عليكم
قال الإمام أبي المظفر السمعاني في تفسير قوله تعالى: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) [البقرة]:
(أمر بالمحافظة على جميع الأوقات، وأما الصلاة الوسطى ففيها سبعة أقوال:
- أحدها قال عمر وعلي وأبو هريرة وأبو أيوب وعائشة رضي الله عنهم هي صلاة العصر لأنها وسط صلاتي الليل وصلاتي النهار وعن حفصة أنها قالت لكاتب مصحفها إذا بلغت قوله حافظوا على الصلوات فأعلمني فلما بلغه أعلمها فقالت اكتب والصلاة الوسطى صلاة العصر وقد صح الخبر عن رسول الله أنه قال يوم الخندق شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بطونهم وقبورهم نارا.
- والقول الثاني وهو قول زيد بن ثابت أنها صلاة الظهر لأنها وسط النهار.
- والقول الثالث وهو قول ابن عباس وابن عمر وجابر أنها صلاة الصبح وهو اختيار الشافعي لأنها وسط صلاتي الليل وصلاتي النهار.
- ووراء هذا فيه أربع أقوال غريبة أحدها قاله قبيصة بن ذؤيب أنها صلاة المغرب لأنها وسط في عدد الركعات.
- والقول الثاني وهو قول سعيد بن المسيب والربيع بن خثيم أنها كل صلاة من الصلوات الخمس لأن كل صلاة من الصلوات الخمس وسطى بين الأربع وإنما خصه بعد ذكر الصلوات تأكيدا وتحريضا على المحافظة على جميع الصلوات.
- والقول الثالث أنها الجمعة.
- والقول الرابع أنها الجماعة.
واختلفوا في صلاة الصبح أنها من صلاة الليل أو من صلاة النهار فأكثر العلماء على أنها من صلاة النهار وقال بعضهم أنها من صلاة الليل وهذا الخلاف يرجع إلى أن النهار من وقت طلوع الفجر أو من وقت طلوع الشمس فمن قال إنه من وقت طلوع الفجر جعل صلاة الصبح من صلاة النهار ومن قال إن النهار من وقت طلوع الشمس جعلها من صلاة الليل واستدل قائل هذا القول بقول أمية بن الصلت:
والشمس تطلع كل آخر ليلة * حمراء يصبح لونها يتورد
وقال ابن الأنباري: ليل محض ونهار محض ومشترك بين الليل والنهار فصلاة المغرب والعشاء الآخرة في محض الليل وصلاة الظهر والعصر في محض النهار وصلاة الصبح مشترك بين الليل والنهار.
@ فما معنى قوله وفيه قول آخر هو المختار أنه ليل لغة ونهار شرعا
وفقكم الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Sep 2006, 07:59 ص]ـ
أخي الكريم أبا أنس الغامدي وفقه الله
لميتبين لي من هو قائل هذا القول الذي نقلتموه، هل هوأبو المظفر السمعاني، أم ابن الأنباري، حيث لم أر القول الذي سالت عنه في ثنايا كلام أي منهما.
لكن الكلام الذي سالتم عنه واضح المعنى، والمقصود به صلاة الفجر، ومعنى قول إنه ليل لغة ونهار شرعاً، أن صلاة الفجر تكون في آخر الليل، والناس يخرجون من صلاة الفجر والظلام ما يزال يرخي سدوله على الأفق وهذا معنى: هو ليلٌ لغةً.
وأما كون صلاة الفجر من النهار شرعاً فلأن الأحكام الشرعية مثل الصيام تتعلق به، فإذا أذن المؤذن لصلاة الفجر أمسك الصائمُ لكونه ملزماً ببدء الصيام من طلوع الفجر، وتأمل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا أقبل النهار من ها هنا .. الحديث) فهو يعني طلوع الفجر، وعلامته أن يؤذن المؤذن المتحري لصلاة الفجر. وهذا معنى كون صلاة الصبح من النهار شرعاً، والله أعلم.
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[04 Sep 2006, 11:07 ص]ـ
والذي يظهر لي والله تعالى أعلم
أن المقصود أن الشريعة قد نقلت لفظ الليل من حقيقته اللغوية إلى حقيقة شرعية جديدة
مثل لفظ الزكاة فحقيقتها اللغوية النمو والزيادة
وحقيقته الشرعية الحق المخصوص في الأموال المخصوصة
ومثل لفظ الصلاة، والصوم، والحج، والربا وغيرها من الألفاظ المنقولة
فلها معنى في لسان اللغة
ومعنى آخر في لسان الشرع
والله أعلم
ـ[أبو أنس الغامدي]ــــــــ[04 Sep 2006, 11:22 ص]ـ
أشكركم أجمعين وجزاكم الله خير
ولكن لم يتضح لي الأمر من قول لغة هل هو لغة في لسان العرب
أم تحتمل معانٍ أخرى
(وقال ابن الأنباري: ليل محض،ونهار محض، ومشترك بين الليل، والنهار فصلاة المغرب والعشاء الآخرة في محض الليل.
وصلاة الظهر والعصر في محض النهار، وصلاة الصبح مشترك بين الليل والنهار
وفيه قول آخر - وهو المختار - أنه ليل لغة ونهار شرعا.)
المصدر (تفسير أبي المظفر السمعاني ج1 ص 243\ 244) دار الوطن
وأعتذر عن عدم ذكر المصدر سابقًا سهوًا
وأسأل الله لكم العون وأن ينفع بكم
ـ[منصور مهران]ــــــــ[04 Sep 2006, 01:26 م]ـ
جاء في الحديث: (إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) وكان أعمى لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت.
فالفجر الذي تجب فيه الصلاة هو ما يقال لشاهده: أصبحت؛ أي: دخلت في الصباح على الحقيقة لا التقريب، والصبح من النهار بلا جدال، فيكون الفجر بهذا التفسير مؤذنا ببداية النهار، ولكن ما يعتريه من بقايا غبش الليل يقرب به إلى معنى الليل. ولذلك يفرق اللغويون بين الفجر المستطيل والفجر المستطير؛ فالأول: هو ما نراه في الأفق كأنه صدع أو شق ينبلج من جهة الشرق آخر الليل فهذا من الليل ولا يوجب ظهوره صلاة ولا إمساكا، وهو وقت أذان بلال وقد عده صلى الله عليه وسلم من الليل ولم يقم به عبادة. والثاني: الذي هو المستطير ما نراه كأنه بصيص ينتشر في الأفق الشرقي وهو الذي أقامه الرسول صلى الله عليه وسلم علامة على وجوب العبادة.
قلت: وأهل المدن ذات الأضواء محرومون من ملاحظة هذه الفروق الدقيقة.
وعلى هذا فالإيضاح الذي قدمه الدكتور عبد الرحمن الشهري هو المَرْضيّ والمعقول إن شاء الله، وبالله التوفيق.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[05 Sep 2006, 09:51 ص]ـ
الحمد لله
أظن أن مشاركتي السابقة كان فيها إجمال أبينه فأقول
1 - أظن الأخ أبا أنس وفقه الله أراد بيان مراد السمعاني رحمه الله وليس تحرير معنى الليل والنهار فمحل البحث هو عبارة السمعاني ومراده منها
2 - لأهل اللسان والعربية في الليل معنيان: الأول أنه إلى طلوع الفجر الصادق والثاني إلى طلوع الشمس، ولذا ذكر السمعاني خلاف الفقهاء تبعا لأهل اللغة في صلاة الصبح هل هي من صلاة الليل أو من صلاة النهار
واختار القول الثاني (امتداد الليل إلى طلوع الشمس) واختياره ظاهر من قوله
وفيه قول آخر - وهو المختار - أنه ليل لغة ونهار شرعا
يعني ان صلاة الصبح صلاة ليلية حسب ترجيحه لغة ومعناه أنه يختار أن الليل في اللغة إلى طلوع الشمس وليس إلى طلوع الفجر الصادق، وأن الشرع قد نقل الليل إلى حد آخر وغايته طلوع الفجر الصادق فمن هنا قال (ونهار شرعا)
3 - فترشح مما مضى أن السمعاني يرى ان الليل والنهار لهما معنيان في اللغة ومعنيان مغايران في الشرع وأمثلته كثيرة ذكرت بعضها في المشاركة السابقة
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
ـ[أبو أنس الغامدي]ــــــــ[05 Sep 2006, 11:53 ص]ـ
أشكر مشائخنا الكرام على إيضاحهم لنا المعلومة
سائلا الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتهم
ـ[أبو عمر السيد]ــــــــ[16 Sep 2006, 11:46 ص]ـ
وفقكم الله(/)
ما أبرز الكتب التي ألفت في علم إعراب القرآن .. ؟
ـ[السلفية الأثرية]ــــــــ[04 Sep 2006, 07:50 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته،،
والسؤال كما في العنوان ..
ما أبرز الكتب التي ألفت في علمِ إعراب القرآن .. قديماً وحديثاً ..
على أن تكونَ هذه الكتب موجودة في المكتبات وليست نادرة.
وجزاكم الله خيرا.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Sep 2006, 08:09 ص]ـ
الكتب التي صنفت في إعراب القرآن الكريم قديماً وحديثاً كثيرة، وهي في أغلبها متوافرة في المكتبات وليست نادرة، ومما يحضرني الآن منها دون تقيد بتقديم الأقدم وفاة:
- معاني القرآن وإعرابه للزجاج رحمه الله، وهو مطبوع في خمسة مجلدات.
- إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس وهو مطبوع.
- إعراب القرآن للعكبري وهو مطبوع ونافع.
- مشكل إعراب القرآن لمكي بن أبي طالب القيسي، وهو مطبوع بتحقيق ياسين السواس في مجلد واحد.
- البيان في إعراب القرآن لابن الأنباري المتأخر صاحب الإنصاف في مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين، طبع في مجلدين وله طبعة أخرى في مجلد واحد. وهو متأثر بكتاب مكي بن أبي طالب السابق.
- إعراب القرآن وصرفه لمحمود صافي وهو معاصر، ومطبوع في خمسة عشرمجلد تقريباً.
- المجتبى في إعراب القرآن للدكتور أحمد الخراط، وهوموجود على هيئة الكترونية بموقع مجمع الملك فهد وفي موقعنا هنا أيضاً، ولعله سيطبع قريباً في مجمع الملك فهد.
- الدر المصون للسمين الحلبي وقد حققه الدكتور أحمد الخراط وطبع في أحد عشر مجلداً بدار القلم وهومن أهم وأنفع كتب إعراب القرآن ومؤلفه تلميذ أبي حيان الأندلسي المفسر صاحب تفسير البحر المحيط الذي يشتمل على إعراب القرآن أيضاً لعنايته بالنحو والإعراب.
وغيرها كثير، وإنما أحببت المبادرة إلى الإفادة ولعله يكون للحديث بقية إن شاء الله إن شئتم
ـ[د. عبدالرحمن اليوسف]ــــــــ[04 Sep 2006, 04:29 م]ـ
إضافة لما ذكره أخي الدكتور عبدالرحمن الشهري من مؤلفات إعراب القرآن-وهو جدير بالذكر-كتاب: الفريد في إعراب القرآن المجيد, للمنتجب الهمذاني.
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[04 Sep 2006, 07:40 م]ـ
أعجبني كثيرا كتاب (إعراب القرآن) للأستاذ محيي الدين الدرويش، وهو من المتأخرين.
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[04 Sep 2006, 07:52 م]ـ
جزاك الله خيرا شيخنا الشهري
لكن هناك استدراك بسيط ألا وهو إعراب القرآن الكريم وصرفه اسمه الجدول في إعراب القرآن الكريم وصرفه ومؤلفه هو الشيخ أحمد صافي وهو في ثلاثة عشر مجلداً
ـ[روضة]ــــــــ[04 Sep 2006, 08:01 م]ـ
بالإضافة إلى (الإعراب المفصل لكتاب الله المرتل)، بهجت عبد الواحد صالح.
و (تفسير القرآن وإعرابه وبيانه)، محمد الدرة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[04 Sep 2006, 09:16 م]ـ
جزيتم خيراً جميعاً على الإضافة والتصويب، والكتب في إعراب القرآن كثيرة ومتوافرة ولله الحمد.
ـ[عبدالعزيز الجهني]ــــــــ[05 Sep 2006, 03:58 م]ـ
أخي الكريم د. عبدالرحمن حفظه الله وسدد خطاه , تنبيه لو أذنت لي حول طبعة مشكل اعراب القرآن لمكي فهناك طبعة د. حاتم الضامن في مجلدين.وهي أجود من طبعة السواس التي تعج بالتصحيف والتحريف والسقط وقد نقدها الضامن في مقدمته بالتفصيل ولكم شكري وتقديري.
ـ[السلفية الأثرية]ــــــــ[07 Sep 2006, 08:24 ص]ـ
جزاكم الله خيراً، وأسكنكم الفردوس الأعلى.
أشكركم جزيل الشكر على إفادتكم.
ولديّ سؤال: ألا توجد كتب تتحدث عن إعراب القرآن من حيث التعريف به كعلم من علوم القرآن ..
وبيان أهميته بشيء من التفصيل؟
أم أن ما أريده موجود فقط في مقدمات هذه الكتب بإيجاز .. ؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2006, 07:19 م]ـ
في مقدمات كثير من هذه الكتب المتقدمة تأصيل لموضوع (إعراب القرآن) وذكر لكتبه، وتاريخ التصنيف فيه، وأذكر منها تحقيق الأستاذ الدكتور الحسن الخلوي لكتاب المنتجب الهمذاني الذي تفضل بذكره أخي الدكتور عبدالرحمن اليوسف. وهناك بحوث محكمة منشورة عن هذا الموضوع. وللدكتور مساعد الطيار كلام جيد عن إعراب القرآن في كتابه التفسير اللغوي وفي كتابه الآخر أنواع التصنيف في تفسير القرآن.
وشكر الله لأخي الكريم الدكتور عبدالعزيز الجهني تنبيهه على طبعات كتاب مكي بن أبي طالب رحمه الله.
ـ[محمد بن مزهر]ــــــــ[10 Sep 2006, 03:32 م]ـ
إضافة إلى ذلك كتاب إعراب القران لمحيي الدين درويش
ممتع ونافع ولم يقتصر على الإعراب فقط بل يذكر البلاغة ومباحث أخرى قيمة وهو مطبوع.
ـ[روضة]ــــــــ[10 Sep 2006, 10:33 م]ـ
هناك كتاب (إعراب القرآن الكريم) للكرباسي، من ثمانية مجلدات.
ـ[د. عبدالرحمن اليوسف]ــــــــ[11 Sep 2006, 05:23 ص]ـ
ومنها كتاب:"معرض الإبريز من الكلام الوجيز عن القرآن العزيز" للدكتور عبدالكريم الأسعد.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[13 Sep 2006, 10:15 م]ـ
الأخوة الأفاضل في هذا المنتدى الحبيب
لقد اطلعت على ما كتبتم حول إعراب القرآن الكريم
وأحب أن أضيف الملحوظات التالية:
1 - لقد صدرت ثلاث طبعات في سنين متقاربة في سوريا
وفي مدينة حمص خاصة:
وكلها بالجودة نفسها، والموسوعية التي لا نظير لها:
الأولى: إعراب القرآن الكريم وبيانه، تأليف الأستاذ محيي الدين الدرويش
وصدر بداية على شكل أجزاء صغيرة، عن دار الإرشاد، للشؤون الجامعية، حمص، سوريا، كانت توزع في الثمانينات، ثم جمعت في ثماني مجلدات، وألحق بها المجلد التاسع، وهو الفهارس الفنية للكتاب، ثم اشترت حقوق الطبع دار ابن كثير بدمشق، ثم ألحقت بها دار اليمامة بدمشق، وأمامي الآن الطبعة التاسعة، سنة 1424هـ=2003م.
بإخراج وتنضيد جديد ....
وكل مجلد يتجاوز (600) صفحة ....
الثانية: تفسير القرآن وإعرابه وبيانه، للشيخ محمد علي طه الدرة.
وطبع في دمشق، في خمسة عشر مجلداً.
وهو لا يقل عن سابقة في الجودة والإتقان والروعة والموسوعية.
وكل مجلد يتجاوز (600) صفحة.
الثالثة: الجدول في إعراب القرآن الكريم وصرفه، للشيخ أحمد صافي.
وطبع في حمص، ثم في دمشق، وهو في ثلاثة عشر مجلداً.
2 - مشكل إعراب القرآن، لمكي بن أبي طالب القيسي
وقد طبع بأخرة، طبعة متقنة جديدة، بتحقيق أخي وصديقي وأستاذي وشيخي
حاتم الضامن
وكان قد طبعه في بغداد، قبل طبعة السواس، ثم بيّن ما في طبعة السواس من سقطات
وطبعه في دار البشائر، بدمشق، سنة 2004، الطبعة الثانية.
3 - الفريد في إعراب القرآن المجيد , للمنتجب الهمذاني.
هذا الكتاب طبع طبعة مشوهة، سيئة، سقيمة، وكان يعمل بها أخي وصديقي محمد نظام الفتيح
ساكن المدينة المنورة، وقد رأيته يعمل بها منذ سنين طويلة، ثم أخبرني العام الماضي، بأنه قد سلمها لدار الزمان بالمدينة المنورة، وقامت بطبعها في بيروت، في ستة مجلدات.
وسألته عندما ذهبت في هذا الصيف إلى المدينة المنورة، عن مصير الطبعة
فأخذني إلى بيته، وأراني التصحيحات والفهارس الفنية، لهذه الطبعة
وكان في عام 2002م، قد أعطاني نحو 100 صفحة، لعرضها على مركز جمعة الماجد، من أجل طبع الكتاب عندهم
وهي عبارة عن مقدمة ما وقع فيها أصحاب الطبعة السابقة من أخطاء فاضحة
ومقدمة عن الكتاب، وخطياته
ولعل الكتاب الآن صدر عن دار الزمان كاملاً، في المدينة المنورة.
4 - إعراب القرآن، لأبي جعفر النحاس.
وللعلم، فإن دار العلوم والحكم، بإدارة الأخ الأستاذ الفاضل أبي دجانة
قد أعادت طبع هذا الكتاب طبعة متقنة في المدينة المنورة
وصدر في ستة مجلدات.
الدكتور مروان الجاسمي الظفيري
خادم التراث العربي والإسلامي
ـ[السلفية الأثرية]ــــــــ[07 Nov 2006, 09:42 م]ـ
جزاكم الله كل خيرٍ على إفادتكم .. وأجزل لكم المثوبة ..
وجدتُ عددًا لا بأس به من الكتب التي ذكرتموها ..
وقد بحثتُ عن كتاب أنواع التصنيف في تفسير القرآن، للدكتور: مساعد الطيار .. لكني لم أجده!
وعلمتُ أن دار النشر التي نشرت هذا الكتاب لم توزع نسخ جديدة منذ فترة طويلة!
فهل أجد لهذا الكتاب نسخة إلكترونية .. ؟
ـ[الطبيب]ــــــــ[08 Nov 2006, 03:21 م]ـ
كنت سألت الشيخ خالد السبت حفظه الله عن إعراب آية، بعد أن بحثت عن إعرابها فلم أجده في كتب الإعراب التي كانت عندي.
فأعربها لي جزاه الله خيراً، وسألته عن كتاب مناسب وقريب في الإعراب، فنصحني بالجدول لمحمود صافي.
ولا أظن أن للكتاب نسخة الكترونية على الشبكة، ولو وُجدت، لكانت إحدى فرحات العمر.
ودمتم،،،
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[01 Dec 2006, 04:04 م]ـ
أرجو تصحيح ماسبق بالآتي:
محمود صافي؛ وليس أحمد صافي؛ وهو:
محمود بن عبد الرحيم صافي:
مؤلف أول كتاب كامل مفصّل في
إعراب القرآن وصرفه وبيانه؛ ويعرف باسم:
(الجدول في إعراب القرآن، وصرفه، وبيانه).
بعد أن أنفق فيه خلاصة عمره، ومن الغريب
أنه عندما سلمه مخطوطا، وقبل ساعة واحدة من موته؛
وكأنه كان يحس بدنو أجله، وأن ثمرة عمره يجب أن
يرى النور؛ ويجب أن يعطيه لأيد أمينه تقوم بطبعه وإخراجه
ولذلك مات، وهو مطمئن عليه،
وقد طبع (الجدول) بعد وفاته، وكانت وفاته سنة 1985 م.
رحمة الله عليه ..
ـ[فهدالرومي]ــــــــ[05 Dec 2006, 10:01 ص]ـ
وايضا فإن الجدول في 16 مجلد وليس 13 ولا أدري هل ذكر أحد كتاب البرهان في إعراب آيات القران لأحمد ميقري بن أحمد حسين شميلة الأهدلي 6 مجلدات
ـ[عبدالعزيز العمري]ــــــــ[06 Dec 2006, 12:50 ص]ـ
السلام عليكم، أحب أن أضيف كتاب (كشف المشكلات وإيضاح المعضلات) صنعة جامع العلوم أبي الحسن علي بن الحسين الأصبهاني الباقولي. والكتاب من مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، حققه د. محمد الدالي
وهذا الكتاب مؤلفه عالم نحوي لا تكاد تخلو صفحة منه من إعراب أو ذكر مسألة لغوية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو العالية]ــــــــ[07 Dec 2006, 01:22 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
لمزيد فائدة ينظر ما كتبه الدكتور محمد حقي في رسالته (علوم القرآن من مقدمات التفاسير)
فقد ذكر خمسة عشر كتاباً
ودمتم على الخير أعواناً
ـ[السلفية الأثرية]ــــــــ[12 Jan 2007, 12:17 م]ـ
أشكر كلَّ مَن أضافَ وأفاد، وأسأل الله تعالى أن يجعله في ميزان حسناتكم يومَ تلقونه.
ومن خلال اطلاعي على الكتب في إعراب القرآن قديمًا وحديثًا؛ أرى أن أفضل الكتب القديمة هو كتاب البيان في إعراب غريب القرآن، لابن الأنباري،
وقد حققه غيرُ واحدٍ،إلا أن تحقيق بركات يوسف هبود هو الأفضل والأجود.
أما الحديثة فأرى أن أفضلها هو كتاب إعراب القرآن الكريم وبيانه، لمحيي الدين الدرويش.
وإضافة لما ذكرتم من الكتب، وجدتُ أيضًا:
1. إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم، لأبي عبدالله الحسين بن أحمد المعروف بابن خالويه (ت: 370هـ).
2. الملخص في إعراب القرآن، لأبي زكريا يحيى بن علي المعروف بالخطيب التبريزي (ت: 502هـ).
تحقيق: د. فاطمة راشد الراجحي ((من سورة يوسف إلى سورة طه)).
3.التبيان في إعراب القرآن، لأبي البقاء عبدالله بن الحسين العكبري (ت: 616هـ).
4. المجيد في إعراب القرآن المجيد، لإبراهيم بن محمد السفاقسي (ت: 742هـ).
تحقيق: موسى محمد زنين.
5.إعرابُ القرآنِ الكريم (المُيسَّر)، لمحمد الطيب إبراهيم.
6.الياقوتُ والمرجان في إعرابِ القرآن، لمحمد نوري بن محمد بارتجي.
7.الإعرابُ المحيط من تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي، جمعه د. ياسين جاسم.
8. إعراب القرآن الكريم من مغني اللبيب، لأيمن الشوا.
9. إعراب سور: لقمان، ق، الذاريات، لعبد القادر بن عبد القادر.
10. إعراب سورتي الرعد والروم، لعبد القادر بن عبد القادر.
11. إعراب القرآن الكريم، لمحمود سليمان ياقوت.
ـ[الشاطبي النحوي]ــــــــ[27 Mar 2009, 04:42 م]ـ
الأخت الفاضلة: لقد سألتِ عن كتاب يتحدث عن (إعراب القرآن) باعتباره علما، وأحب أن أقول لك: إن هناك كتابا مهما في هذا الشأن، وهو كتاب (علم إعراب القرآن تأصيل وبيان) للأستاذ الدكتور: يوسف العيساوي، وهو من منشورات مكتبة الصميعي بالرياض، فاطلبيه فإن فيه فائدة ونفعا. والله ولي التوفيق
ـ[أبو محمد النايلي]ــــــــ[08 Jun 2009, 05:48 م]ـ
وهناك أيضا كتاب إعراب القرآن لقطرب أحد تلامذة سيبويه، ولكن لا أدري هل هو مطبوع أم لا؟
وتجد النقل عنه في كثير من كتب التفسير والإعراب.
فلعل أحد المشايخ أو الإخوة الأعضاء يعطينا معلومات عنه.
وجزاكم الله خيرا.(/)
الزندقة
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[05 Sep 2006, 05:15 م]ـ
لفظ الزندقة، والزنادقة، والزنديق - يرد كثيراً في كتب العقائد، وغيرها.
والحديث عنه سيكون حول المسائل التالية:
أولاً: منشأ كلمة الزندقة: الزندقة اسم اشتقه العرب من كلمة (زندو) بالفارسية، الدالة على كتاب الفرس المقدَّس الذي يقال له بالفارسية: (الزندوفستا).
وهو كتاب ماني بن فاتك الحكيم الذي ظهر في زمان سابور بن أردشير، وقتله بهرام بن هرمز بن سابور، وذلك بعد عيسى - عليه السلام -.
وقد أحدث ديناً بين المجوسية والنصرانية، وكان يقول بنبوة المسيح، ولا يقول بنبوة موسى - عليهما السلام - (1).
ويقال لأتباعه: المانوية، ويقال لهم: الثنوية؛ لأنهم يثبتون إلهين.
فيقال: تزندق إذا اعتقد اعتقاد المجوس الفرس، أي انتسب للزندو، ثم اشتقوا منه (زندقة) للاعتقاد، و (زنديق) للمعتقد.
ثانياً: على من يطلق لفظ (الزندقة) و (الزنديق)؟ يطلق على من يُسِرُّ اعتقاد المجوس؛ فلا يسمى المجوسي المتظاهر بالمجوسية زنديقاً.
ثم صار اسماً علماً في الفقه يدل على من يظهر الإسلام، ويبطن الكفر، سواء كان كفره باعتقاد المجوسية الفارسية، أم بالدهرية، أم بغير ذلك.
ولذلك قالوا: الزنديق يرادف المنافق، وخصوا المنافق بمبطن الكفر في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم- والزنديق بمبطن الكفر بعد ذلك الزمن.
ثالثاً: ظهور الرمي بالزندقة: كان الرمي بالزندقة قد طلع قرنه في أثناء القرن الأول الإسلامي، ثم بلغ أشده في القرن الثاني؛ بسبب ما عظم من المخالفات الاعتقادية، والتعصبات المذهبية، وقضاء الأوطار السياسية.
رابعاً: ما يصير به المرء معرضاً إلى تهمة الزندقة: يصير إذا كان فارسي الأصل، وأُثِر عنه بُغض العرب، وكان من أهل الخلاعة والمجون، أو المزح في الأمور الراجعة إلى العبادات، أو أن يكون لا يحفظ من القرآن شيئاً؛ فقد أخذ بذلك محمد بن أبي عبيدالله وزير المهدي - حسبما ذكره ابن الأثير في حوادث سنة 161هـ -.
هذا والمهدي لم يكن له من أصالة الرأي ما كان للمنصور والسفاح؛ فأغرق في تقصي أحوال الناس، والرمي بالزندقة.
ـــــــــــــــ
1 - انظر الملل والنحل للشهرستاني 1/ 244.(/)
نظرة في تفسير (فضحكت)
ـ[عبدالعزيز الجهني]ــــــــ[06 Sep 2006, 03:09 م]ـ
في قوله تعالى (وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب) سورة هود آية71 ورد في تفسير الضحك في هذه الآية عدة أقوال:
الأول:أنه الضحك المعروف.
وفي سببه ستة أقوال:
1ـ كونها وزوجها يخدمان الأضياف وهم ممسكون عن الأكل.
2ـ من غفلة قوم لوط وقد جاءت الرسل لهلاكهم.
3ـ ظنا من أنهم يريدون عمل قوم لوط.
4ـ لما رأت بإبراهيم عليه السلام من الروع.
5ـ حين بُشرت بإسحاق لكبر سنها وزوجها.
6ـ سرورا بالأمن منهم.
الثاني:أنّ الضحك هنا بمعنى التعجب.
الثالث: أنّ ضحكت بمعنى حاضت.
وقد كانت لي مع هذه الآية وقفة تجمع بينها وبين الآية في سورة الذاريات وهي قوله تعالى: (فأوجس منهم خيفة قالوا لاتخف وبشروه بغلام عليم فأقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم) فيمكن تفسير الضحك من خلال الجمع بين الآيتين بأن الملائكة بشرت إبراهيم عليه السلام بغلام عليم كما في آية الذاريات فأقبلت امرأته عند سماع الخبر فضحكت فرحا وصكت وجهها وقالت عجوز عقيم فبشرتها الملائكة بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب. وهذا على طريقة القرآن في الاختصار والجمع في القصة الواحدة كما في قصة موسى عليه السلام وغيرها , ويدل على هذا أمران:
الأول: أنّ في سورة الذاريات كانت البشارة بالغلام ثم أقبلت سارة ,وعطف ذلك بالفاء ليفيد التعقيب مباشرة.
الثاني:أنّ الضحك في سورة هود كان حال كونها قائمة ,وذلك بعد أن أقبلت وتأكدت من سماع الخبر. هذه نظرة نتجت عن لحظة تدبر أعرضها ـمع قلة البضاعة ـ على أحبتي في هذا الملتقى المبارك بغية التصويب والتسديد. وأستغفر الله أولا وآخرا من كل ذنب وخطيئة.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Sep 2006, 07:12 م]ـ
جزاك الله خيراً يا دكتور عبدالعزيز على هذا الجمع والاستنباط الموفق. ويمكن إضافة أنها ضحكت تعجباً أيضاً من هذه البشرى، حيث إنها ستحمل وتلد مع كبر سنها وسن زوجها. بدليل الآية (يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إنّ هذا لشيءٌ عجيب) فصرحت بالتعجب الذي ذكر كثير من المفسرين أنه سبب لضحكها أيضاً. والقول بأن الضحك بمعنى التعجب غريب، وإنما هو بسببه وليس به، ولستُ على يقين بعدم ورود الضحك بمعنى التعجب في لغة العرب، إلا أنه إن وجد فهو على ندرة وقلة، والغالب في معنى الضحك هو معناه المعروف الذي تفضلتم بذكره أولاً.
أضف إلى ذلك أن القول بأن الضحك بمعنى الحيض غريب ٌ أيضاً، وقد أنكره -فيما أذكر - الفراء في معانيه، وقد اعتمد من قال به معنىً للضحك في الآية على شواهد شعرية معدودة لا تجاوز الثلاثة، وهي شواهد مفردة لا تقوم بها حجة على الغالب الظاهر المشتهر في لغة العرب، ولا سيما أن حمله على معناه المعروف المشتهر في هذه الآية ونظائرها التي وردت في قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام مستقيم لا إشكال فيه، فهي قد ضحكت فرحاً وتعجباً من حالها وحال زوجها، وحمل الآية على المعنى الظاهر المشتهر في لغة العرب أولى من حمله على معاني نادرة أو غير صحيحة.
وقد أجدت وأفدت فتح الله عليك وبارك فيك في جمعك بين الآيات لمعرفة المعنى الصحيح إن شاء الله للآيات.
ـ[عبدالعزيز الجهني]ــــــــ[21 Sep 2006, 11:49 ص]ـ
شكر الله لك شيخنا الحبيب.ونفع بك وبعلمك وبارك لك في ذريتك وعمرك وأشهد الله على محبتك وإن لم أرك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Sep 2006, 12:59 م]ـ
أحسن الله إليكم أخي العزيز، وتقبل منا ومنكم وأحبكم الله الذي أحببتمونا فيه.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[22 Sep 2006, 07:59 م]ـ
هذا الضحك من سارة يحتمل ان يكون لانها كانت مستاءة من قوم لوط وفجائعهم , واطلاعها على قرب نزول العذاب عليهم كان سببا لسرورها وضحكها.
وهناك احتمال آخر وهو ان الضحك كان نتيجة لتعجبها او حتى لاستيحاشها ايضا, لان الضحك لا يختص بالحوادث السارة بل يضحك الانسان - احيانا - من الاستياء وشدة الاستيحاش , ومن امثال العرب في هذا الصددشر الشدائد ما يضحك.
او ان الضحك كان لان الاضياف لم يتناولوا الطعام ولم تصل ايديهم اليه بالرغم من اعداده وتهياته لهم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ويحتمل ايضا ان ضحكها لسرورها بالبشارة بالولد. وان كان ظاهر الاية ينفي هذا التفسير, لان البشرى باسحاق كانت بعد ضحكها, الا ان يقال: انهم بشروا ابراهيم اولا بالولد, واحتملت سارة ان سيكون الولد منهافتعجبت , وانه هل يمكن لامراة عجوز وفي هذه السن ان يكون لها ولد من زوجها؟ لذلك سالتهم بتعجب فاجابوهابالقول: نعم , وهذا الولد سيكون منك. والتامل في سورة الذاريات بهذا الشان يؤكد ذلك.
وينبغي الالتفات هنا الى ان بعض المفسرين يصرون على ان ضحكت مشتقة من ضحك بمعنى العادة النسائية وهي الحيض وقالوا: ان سارة بعد ان بلغت سن الياس اتتها العادة في هذه اللحظة وحاضت , والعادة الشهرية تدل على امكان انجاب الولد, ولذلك فحين بشرت باسحاق امكنها ان تصدق ذلك تماما ... وهؤلاءالمفسرون استندوا في قولهم الى لغة العرب , حيث قالوا في هذا الصدد: ضحكت الارنب , اي حاضت.
ولكن هذا الاحتمال مستبعد من جهات مختلفة:
اولا: لانه لم يسمع ان هذه المادة استعملت في الانسان بمعنى الحيض في اللغة العربية , ولهذا فان الراغب حين يذكر هذا المعنى في مفرداته يقول بصراحة: ان هذا ليس تفسير جملة فضحكت كما تصوره بعض المفسرين , بل معناها هو الضحك المالوف , ولكنها حاضت وهي في حال الضحك ايضا, ولذلك وقع الخلط بينهما.
ثانيا: اذا كانت هذه الجملة بمعنى حصول العادة النسائية فلا ينبغي لسارة ان تتعجب من البشرى بالولد اسحاق لانه - والحال هذه - لا غرابة في الانجاب , في حين نستفيد من الجمل الاخرى انها لم تتعجب من الانجاب فحسب , بل صرخت وقالت: (يا ويلتى االد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا).
وعلى كل حال فان هذا الاحتمال في الاية يبدو بعيدا جدا.
ثم تضيف الاية ان اسحاق سيعقبه ولد من صلبه اسمه يعقوب: (فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب).
الواقع ان الملائكة بشروها بالولد وبالحفيد, فالاول اسحاق والثاني يعقوب , وكلاهما من انبياء اللّه.
ومع التفات سارة امراة ابراهيم الى كبر سنها وسن زوجها فانها كانت آيسة من الولد بشدة , فاستنكرت بصوت عال متعجبة من هذا الامر و (قالت ياويلتا االد وانا عجوز وهذا بعلي شيخا ان هذا لشي ء عجيب).
وكان الحق معها, لانه طبقا للاية (29) من سورة الذاريات , فانها كانت في شبابها عاقرا, وحين بشرت بالولدكان عمرها - كما يقول المفسرون وتذكره التوراة في سفر التكوين - تسعين عاما او اكثر, اما زوجها ابراهيم (ع) فكان عمره مئة عام او اكثر.
وقد جاء في كتب المنطق:
(الواسطة الخارجية تكون بالاضافة الى المعروض مساوية او اعم او اخص او مباينة والاول كعروض الضحك للانسان بواسطة التعجب المساوي له حيث لا يوجد في غيره من سائر الحيوان ... )
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[22 Sep 2006, 09:10 م]ـ
وجاء في تاج العروس على شرع القاموس؛ للمرتضى الزبيديّ:
(واستعمل للتعجب المجرد تارة، وهذا المعنى قصد من قال: إن الضحك مختص بالإنسان، وليس يوجد في غيره من الحيوان. وتضحك الرجل وتضاحك، فهو ضاحك وضحاك كشداد وضحوك كصبور ومضحاك كمحراب وضحكة كهمزة، زاد ابن عباد. وضحكة كحزقة، أي: كثير الضحك ..... )(/)
حكم مناكحة الجن والإنس, من كتاب أضوا البيان للشيخ الشنقيطي
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[07 Sep 2006, 03:21 م]ـ
قال الشيخ رحمنا الله تعالى وإياه عند تفسيره لقول الله تعالى في سورة النحل (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) الآية.
مسألة
اختلف العلماءفي جواز المناكحة بين بني آدم والجن فمنعها جماعة من اهل العلم, وأباحه بعضهم.
قال المناوي (في شرح الجامع الصغير):ففي الفتاوى السراجية للحنفية: لا تجوز المناكحة بين الإنس والجن وإنسان الماء, لاختلاف الجنس.
وفي فتاوى البارزي من الشافعية: لا يجوز التناكح بينهما, ورجح ابن العماد جوازه, اهـ.
وقال الماوردي: وهذا مستنكر للعقول, لتباين الجنسين ,واختلاف الطبعين, إذ الآدمي جسماني, والجني روحاني, وهذا من صلصال كالفخار, وذلك من مارج من نار, والمتزاج مع هذا التباين مدفوع, والتناسل مع هذا الاختلاف ممنوع اهـ.
وقال ابن العربي المالكي: نكاحهم جائز عقلاً, فإن صح نقلا فبها ونعمت.
قال مقيده عفا الله عنه:
لا أعلم في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم نصاص يدل على جواز مناكحة الجن الإنس, بل الذي يستروَح من ظواهر الايات عدم جوازه.
فقوله (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً) الآية. ممتناً على بني آدم ان أزواجهم مننوعهم وجنسهم - يُفهَم منه أنه ما جعل لهم ازواجا تباينهم كمباينة الإنس للجن , وهو ظاهر.
ويؤيده قوله تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) فقوله (من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها) في معرض الامتنان- يدل على أنه ما خلق لهم أزواجا م غير أنفسهم.
ويؤيدذلك ما تقرر في الأصول من (أن النكرة في سياق الامتنان تعم) فقوله (جعل لكم من أنفسكم أزواجا) جمع منكر في سياق الامتنان يعمُّ, وإذا عمَّ دلًَّ ذلك على حصر الزواج لنا فيما هو من أنفسنا, أي من نوعنا وشكلنا, مع ان أقواما من اهل الأصول زعموا: (أن الجموع المنكرة في سياق الإثبات من صيغ العموم).
والتحقيق أنها في سياق الإثبات لا تعمُّ, وعليه درج في مراقي السعود, حيث قال في تعداده للمسائل التي عدم العموم فيها أصحُّ:
منه منكرالجموعِ عرفا ... وكان والذي عليه انعطفَا
أما في سياق المتنان فالنكرة تعم, وقد تقرر في الأصول (أن النكرة في سياق الامتنان تعمُّ) كقوله (وأنزلنا من السماء ماءاً طهوراً) أي: فكلُّ ماء نازل من السماء طهورٌ ,وكذلك النكرة في سياق النفي أوالشرط أو النهي؛ كقوله (ما لكم من إله غيره) وقوله (وإن أحدٌ من المشركين استجارك) الآيةو وقوله (ولا تطع منهم ءاثماً .. ) الآية.
ويُستأنسُ لهذا القول بقوله (وتذرون ما خلق لكم من أزواجكم بل أنتم قومٌ عادون) فإنه يدل في الجملة على أن تركهم ما خلق الله لهم من أزواجهم, وتعديهم إلى غيره, يستوجب الملامَ, وغن كان أصل التقريع والتوبيخ على فاحشة اللواط, لأن أول الكلام (أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قومٌ عادون) فإنه وبخهم على أمرين:
أحدهما: إتيان الذكور
والثاني: ترك ما خلقلهم ربهم من أزواجهم.
وقد دلت االآيات المتقدمة على أن ما خلق لهم من أزواجهم هو الكائن من أنفسهم أي: من نوعهم وشكلهم, كقوله (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً) وقوله (ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً) الآية, فيفيد أنه لم يجعل لهم أزواجا من غير انفسهم, والعلم عند الله تعالى.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[07 Sep 2006, 04:30 م]ـ
رحم الله الشيخ.
قال ابن النجار الفتوحي رحمه الله:
(قال في الفروع: وقال شيخنا (ابن تيمية): ليس الجن كالإنس في الحد والحقيقة. فلا يكون ما أمروا به وما نهوا عنه مساوياً لما على الإنس في الحد والحقيقة. لكنهم مشاركوهم في جنس التكليف بالأمر والنهي والتحليل والتحريم، بلا نزاع أعلمه بين العلماء. فقد يدل ذلك على جواز مناكحتهم وغيرها. وقد يقتضيه إطلاق أصحابنا.
وفي المغني وغيره: أن الوصية لا تصح لجني، لأنه لا يملك بالتمليك كالهبة. فيتوجه من انتفاء التمليك منا منع الوطء، لأنه في مقابل ماله. قال سبحانه وتعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لستكنوا إليها) وقد ذكر أصحابنا هذا المعنى في شروط الكفاءة فهاهنا أولى.
وفي مسائل حرب: روى عن الحسن وقتادة والحكم و إسحاق كراهتها. وروي من رواية ابن لهيعة عن يونس عن الزهري (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نكاح الجن).
وفي كتاب الإلهام والوسوسة لأبي عمر سعيد بن العباس الرازي عن مالك: لا بأس به فس الدين، ولكني أكرهه إذا وجدت المرأة حامل فقيل: من زوجك؟ قالت: من الجن. فيكثر الفساد)
معونة أولي النهى شرح المنتهى، بتصرف، ص 355.(/)
قريبا .. وسائل إبداعية لحفظ القرآن للدكتور يحيى الغوثاني وفقه الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2006, 03:32 م]ـ
هذه المادة .. إشراقة تبدد سحباً من اليأس، وتضعك في مصاف حفظة القرآن، من خلال وسائل وطرق إبداعية تقودك إلى إتقان حفظ كتاب الله أعدها وقدمها الشيخ يحيى الغوثاني وهي خلاصة تجاربه وخبراته ودوراته في تعليم حفظ القرآن، يهديها لك لتكون معيناً ومرشدا في حفظ كتاب الله.
- اكتسب مقدرة حفظ الوجه الأول خلال 10 دقائق.
- تعرف على أيسر طرق الحفظ و المراجعة.
- استفد من التجارب و النماذج المعروضة.
- لأجل هذا السبب يخفق الكثير في ضبط الحفظ.
- عندما تصاب بفتور وقت الحفظ افعل الآتي ..
- تعلم طريقة التاءات العشر في الحفظ.
- هناك 25 طريقة للحفظ، فأيها تستخدم؟
- تعلم رسم الآيات و قراءتها من لوح خيالك.
هذا الإصدار بالتعاون مع دار الغوثاني ..
http://www.mojama.net/files/images/wasael-hefd-QuranB.jpg
منقول من الموقع المتميز مجمع التسجيلات الإسلامية ( http://www.mojama.net/navigator.php?pname=topic&tid=208) الذي يشرف عليه الابن بدر بن عبدالرحمن الشهري وفقه الله، وأرجو أن يتكرم علي بنسخة مدفوعة الثمن من هذا الإصدار!
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Sep 2006, 01:02 م]ـ
استمع إلى مقدمة الإصدار ..
http://www.mojama.net/files//sounds/wasael-hefd-Quran.rm
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[24 Sep 2006, 01:37 م]ـ
مقدمة تدعوك لسماع بقية الشريط , شكر الله للشيخ الدكتور يحيى الغوثاني هذا الجهد المتميز , وسجل طلب نسخة يدفع ثمنها إن شاء الله.
ـ[حاتم القرشي]ــــــــ[25 Sep 2006, 02:50 ص]ـ
بارك الله في الدكتور يحيى الغوثاني
وشكر الله لك يا أبا عبد الله
وبارك الله فيك وفي أخينا بدر
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[28 Oct 2006, 01:08 م]ـ
حمل كامل المادة العلمية للإصدار الجديد د يحيى الغوثاني ((وسائل إبداعية في حفظ القرآن ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=6627)(/)
في مفهومية المرجعية القرآنية - النص الإلهي يدعو إلى التفكير وينهى عن التبعية
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[07 Sep 2006, 07:06 م]ـ
هذا مقال نشر في جريدة عكاظ يوم الخميس 14/ 8/1427هـ (7/ 9/2006م) العدد 1908 بعنوان:
في مفهومية المرجعية القرآنية
النص الإلهي يدعو إلى التفكير وينهى عن التبعية
للكاتب وليد سامي أبو الخير- طالب دراسات العليا في اصول الفقه.
waleed-99@hotmail.com
وقد طرح الكاتب في مقاله مسائل جديرة بالنقاش، فإليكم نص المقال:
تبقى إشكالية ماهية المرجعية المعرفية للفرد المسلم ومن ثم الجماعة المسلمة هي الاشكالية الاعمق غوراً في التراث الاسلامي، باعتبارها الاعوص تاريخياً من جهة، ومن جهةاخرى بالنظر الى حجم ما يعتور هذه القضية من التباس مفاهيمي عميم، وفي كل الاحوال فإنني سأقصر الحديث هنا على معالجة بعض الالتباسات المصاحبة لمفهومية المرجعية القرآنية دون غيرها، تقدمة لما هو اولى بالتقديم، ثم لكيلا يتشعب بنا المقام ويطول.
ان جمعا من المفسرين الذين عمموا مدلول الآيتين التاليتين دونما مستند يصح التوكؤ عليه، هما قوله تعالى: «ما فرطنا في الكتاب من شيء «وقوله»: «ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء». فالقرطبي مثلا في كتابه احكام القرآن استطرد قائلاً: وقد قال بعض من طعن في الدين ان الله يقول: «ما فرطنا في الكتاب من شي» فأين التوابل المصلحة للطعام من الملح والفلفل وغير ذلك؟ فقيل له في قوله تعالى: «بما ينفع الناس» وفي قوله: «وما انزل الله من السماء من ماء»!
كما ان ابن كثير في تفسيره احتج برأي ابن مسعود القائل فيه: «قد تبين لنا في هذا القرآن علم كل شيء لكن علمنا يقصر عما بين لنا» رادا باحتجاجه ذاك رأي مجاهد بأن التبيان المقصود به كل حلال وكل حرام ليقول ان رأي ابن مسعود اعم واشمل، فالقرآن اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق وعلم ما سيأتي، وكل حلال وحرام وما الناس اليه محتاجون في امر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم.
وان كنا لسنا في حاجة لأن نطيل الرد على هذا الرأي المشتهر تراثيا بيد اننا نلفت سريعا عناية القارئ المهتم الى التفات ابن الجوزي لهذا الخطأ الدلالي الكبير والذي وقع فيه كثير ممن سبقه وممن لحقه من علماء الامة، فبين ان تلكما الآيتين انما هي الفاظ عامة اريد بها معنى خاص، حالها حال قوله تعالى الذي جاء واصفا لريح عاد: «تدمر كل شيء بأمر ربها» فهل دمرت السماوات والارض؟ وقوله تعالى عن ملكة سبأ: «واوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم» فهل ملكت السماوات والارض؟ اذن لا مفر من تخصيص العام والقول بأن القرآن جاء تبيانا للأمور الكلية التي يستقيم بها امر الدين، ولم يأت مضمنا معانيه توابل الطعام او منافع الدنيا او حوادث الكون (تجدر الاشارة هنا الى ان بعضا من المفسرين قد حمل الاية الاولى على معنى آية سورة الكهف «مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها» وهو حمل جيد يعضّده السياق) ومما تناثر في كتب اصول الفقه ان المعاني المستنبطة اما ان تكون مقصودة جاء النص الشرعي لها واما ان تكون غير مقصودة، فإن كانت الاخيرة غدت على ضربين اما ان السياق يقتضيها باشارته او بدلالته لها لغة او باقتضائه لها عقلا، وبناء على ما سبق فإنك لن تجد ابدا معنى التوابل في القرآن، اللهم الا أن يكون الزاما بما لا يلزم، الالزام الذي ان تنبهنا له لوجدنا وبتقديراولي ان ما يربو عن ثلث موروثاتنا الشرعية هي من ذلكم القبيل، لا سيما ما كان منها متعلقا باجتهادات الأئمة السابقين، وما دام ان الامر كذلك فليس خافيا عظم قيمة الدعوات الرامية الى تجديد التراث واعادة النظر فيه.
اننا ان قلنا بأن القرآن كتاب هداية فالذي يلزم قائله ان القرآن لم يفرط في شيء مما يتصل من قريب او من بعيد بموضوع الهداية، والكلام من هذه الجهة لا يعتريه لبس او غموض، بيد اننا ان قلنا بأن القرآن شفاء عضوي للأمراض للزم من ذلك ان تصدقه الوقائع المتكاثرة المفيدة للقطع، وكذلك اذا قلنا بأن القران كتاب معرفي شامل فالذي يجب الا تخلو منه نظرية معرفية كبرى سواء اكان ذكرها قد ورد تحديدا ام تعريضا ومن هذه الجهة يبدأ الخلط والتلبيس، وتتجلى الممارسة الانتقائية لعدد ممن انتسبوا للظاهرة الاسلامية، فعلى سبيل المثال نقف على استشهادات عدة لبعض من حمّل معاني
(يُتْبَعُ)
(/)
القرآن فوق ما تحتمل، كقوله تعالى: «بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب اليم. تدمر كل شيء بأمر ربها» باعتبارها ذات دلالة مستقبلية على توافر القنبلة النووية، وكقوله تعالى: «ويخلق ما لاتعلمون» على ان المراد بها وسائل النقل الحديثة، وقوله تعالى: «فيه شفاء للناس». على ان به علاج من الايدز والسرطان، الى ما هنالك من امثلة عجيبة، بعضها يشتط ليلوي اعناق الآيات القرانية تدليلا بها على جريان الحوادث الكونية، كما تناهى الى سمع الكثيرين من ان وقائع احداث 11 سبتمبر لها علاقة وطيدة بآيات سورة التوبة، وان نهاية دولة اسرائيل لها ارتباط وثيق بسورة الاسراء!!
صحيح ان ما توصل اليه العلم الحديث يعين الباحث الشرعي على فهم بعض مفردات القرآن كلفظة «البسط» لكن الخطأ بعينه يوم ان يقحم الباحث المعارف جلها في تضاعيف القرآن بحيث يتماشى معها موافقة كلما تغيرت نظرياتها من وقت الى وقت ومن مكان الى مكان، وهذا الذي حدث بالفعل عندما كفر قوم نعرفهم قديما وحديثا من قال بدوران الارض واستدارتها اعتمادا على ما ظنوه هم دلالة قرآنية قطعية وهي ليست كذلك.
انه لما كان النص القرآني يدعو الى التفكير المطلق وينهى عن التقييد والتبعية كان حريا بالمؤمنين به ان يجعلوه في منأى بعيد عن الحاقه بنظريات العلوم وكيفيات الكون، فالاخيرة ليست هي مناطات بحثه حتى تلصق به تبعا وتقييدا تارة وتلفيقا او توفيقا تارة اخرى. لقد كانت فضيلة القرآن الكبرى انه هدى العقل الى البحث والتعمق وقبول كل مستحدثات العلوم والمعارف الانسانية على اختلاف مشاربها ومن ثم سبرها وتحصيل الصالح منها، ولم تكن فضيلته قط باقعاد المؤمنين به واكتفائهم بما حووا في الازمان الغابرة مرددين دوما ان الاسلام هو الحل وان القران هو الدستور، معتقدين بذلك انهم قد حصلوا على جميع العلوم، بينما الحقيقة تقول انهم في مؤخرة الركب المعرفي، فأضحى القران بالنسة لهم دستورا «شعاراتيا» وهم من هم؟ الا انهم لا دستور لهم، فالذي يعجز عن استحداث دواء للأدواء المستعصية يلوذ بالقول ان القرآن فيه الشفاء، ومن لم يحمل طيلة حياته مناظير فلكية راح ينتشي بترائي الكون له من خلال النص القرآني!.
لقد شاع الطب بين المسلمين وتقدم تقدما هائلاً في الحضارة الاسلامية لما لم يكن الفقهاء يشيعون بين الناس ظاهرة المعالجة بالقرآن، وعُرف في حينها ومن بعدها اسماء لامعة على مستوى العالم اجمع، مثل ابي بكر الرازي، وابن سينا، وابن رشد، والزهراوي وغيرهم من المسلمين، وكتب هؤلاء انتشرت في العالم مثل (الحاوي) للرازي، و (القانون) لا بن سينا، و (الكليات) لابن رشد، و (التصريف لمن عجز عن التأليف) للزهراوي، بل وجدنا من علماء المسلمين الفقهاء من يجيد الطب، فابن رشد نفسه كان فقيهاً والف كتابه (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) في الفقه المقارن، والضروري في اصول الفقيه، وفخر الدين الرازي صاحب الكتب الشهيرة في التفسير والاصول وعلم الكلام وغيرها، ومع كل ذلك فقد قالوا عنهما: «كانت شهرتهما في علم الطب لا تقل عن شهرتهما في علوم الدين» وابن النفيس مكتشف الدورة الدموية الصغرى يعد من فقهاء الشافعية، وترجم له تاج الدين السبكي في كتاب (طبقات الشافعية) على انه احد فقهاء هذا المذهب، واليوم وياللاسف نجد الذي اتخذ القرآن دستوره في المعالجة العضوية هو من عامة المسلمين، جهلا بأحكام الشريعة فضلا عن احكام الطب، فلا هو ملك هذا ولا ذاك، وانما راح يتاجر باحدهما! وادعوك ايها القارئ العزيز لأن نتأمل جيدا حال اولئك الذن اشتهروا بمسمى (الراقي فلان) وما يكون منهم من اشاعة لاعمال هي في تاريخنا التشريعي لم تكن البتة من عمل الصحابة ولا من عمل سلف الامة في خير قرونها.
وان نحن عرجنا قليلا على الواقع السياسي الاسلامي القديم نجد ازمة التحكيم ممثلة نقطة البداية في مسار الانحدار المعرفي، وقد انقسم الناس ازاءها الى فرق كثيرة كلها ترفع القرآن اعلى رأسها وتدعي المحاكمة اليه، وتمسكت كل فرقة برأيها واستندت في تأييده الى آية من القرآن، كما انها كفرت الآخرين استناداً ايضاً الى اية من القرآن، وهكذا حدث تحريف لمعاني الآيات القرآنية التي استخدمت لتحقيق أهداف سياسية، او اغراض حزبية، وغابت عن الاذهان الى اليوم مقولة عمر بن الخطاب «فإن جادلوك فجادلهم بالسنة فإن القرآن حمّال وجوه» وظل جمع غفير من حامليه مزيفيه، حتى لما حارب الطهطاوي حديثا ما أسماه بالظاهرة الصوتية مناديا بضرورة استحداث تيار تجديدي احيائي ما لبثت دعوته تلك ان خفت صوتها دون ابواق «الشعاراتية» الذين اول ما حاربوا حاربوا الطهطاوي نفسه!! وهو القائل: «انه لم تخرج احكام السياسة عن المذاهب الشرعية، لأنها اصل وجميع مذاهب السياسات عنها بمنزلة الفرع «الا ان الذين ادانوه قد ركبوا شططا وكسبوا تعسا.
ورغم كل ذلك فإن الله جل في علاه قد قال بعد انقضاء قصص القوم الغابرين: «تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم «فنحن لسنا مسؤولين ابدا عن تبعات اعمال غيرنا، كما اننا لسنا حائزين على فضلهم واجرهم، انما نحن نحن، علينا ان نكد ونشقى في سبيل التحصيل الدنيوي والمعرفي مطلقين العنان لحرية الفكر والتعبير والنظر، هذا اذا اردنا ان نجسد تعاليم القرآن واقعا فينا والا فسنبقى دهورا طويلة نردد جذلين: القرآن منهجنا، القرآن دستورنا، القرآن هو الحل .. ولا شيء من قرآننا يكون على ارض واقعنا!
المصدر ( http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20060907/Con2006090745537.htm)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الديبو]ــــــــ[08 Sep 2006, 06:52 ص]ـ
من الدراسات الجادة والمتميزة عن المرجعية ما كتبه الدكتور عماد الدين الرشيد رئيس قسم علوم القرآن والسنة في كلية الشريعة جامعة دمشق، فقد تناول في بحثه" المرجعية- دراسة في الفهوم القرآني" المفهوم القرآني للمرجعية وذلك من خلال تتبع الآيات الكثيرة التي تضمنت معنى المرجعية بمفهومها الخاص، ومن ذلك ما جاء بلفظ" إمام وأئمة وهدى وأولو الأمر" وهي ألفاظ تدل على تناول القرآن لمفهوم المرجعية باعتبارين: الأول: الجهة الفكرية التي يرد الناس أمورهم إليها في شؤون دينهم، والثاني: الأشخاص الذين يمثلون هذه الجهة بمستواهم العلمي وبالمصداقية السلوكية.
وقد تضمن بحثه ردا على المفهوم الضيق للمرجعية وهو أن تختزل الأمة كلها في فرد فتصبح ملايين العيون عينا واحدة وملايين العقول عقلا واحدا وملايين الأيدي يدا واحدة.
طبع بحثه في سلسلة مفاهيم أساسية في دار نحو القمة في سوريا.
ـ[عبدالله الشهري]ــــــــ[09 Sep 2006, 01:48 ص]ـ
هذا مقال نشر في جريدة عكاظ يوم الخميس 14/ 8/1427هـ (7/ 9/2006م) العدد 1908 بعنوان:
في مفهومية المرجعية القرآنية
النص الإلهي يدعو إلى التفكير وينهى عن التبعية
للكاتب وليد سامي أبو الخير- طالب دراسات العليا في اصول الفقه.
waleed-99@hotmail.com
صحيح ان ما توصل اليه العلم الحديث يعين الباحث الشرعي على فهم بعض مفردات القرآن كلفظة «البسط» لكن الخطأ بعينه يوم ان يقحم الباحث المعارف جلها في تضاعيف القرآن بحيث يتماشى معها موافقة كلما تغيرت نظرياتها من وقت الى وقت ومن مكان الى مكان، وهذا الذي حدث بالفعل عندما كفر قوم نعرفهم قديما وحديثا من قال بدوران الارض واستدارتها اعتمادا على ما ظنوه هم دلالة قرآنية قطعية وهي ليست كذلك. المصدر ( http://www.okaz.com.sa/okaz/osf/20060907/Con2006090745537.htm)
قال الشنقيطي - رحمه الله - موضحاً طرفاً من هذه المسألة وواضعاً إطاراً معرفياً لتفسير الظواهر العلمية في ضوء الآيات القرآنية، قال:
(( ... فما ناقض القرآن مناقضة صريحة فيجب علينا أن نكذبه، وما وافق القرآن أو السنة الصحيحة علينا أن نقبله، وما لم يناقض القرآن ولا السنة الصحيحة مناقضة صريحة فيجب علينا أن لا نقدم على تكذيبه وأن لا نتجرأ على أنه كذب خوف أن يكون حقاً، وإذا كان حقا ظن القائلون به المتمسكون به أن القرآن كذب، لأنه قيل لهم: إنه يخالف القرآن. والقرآن في نفس الأمر لا يخالف نظرية صحيحة أبداً، فعلينا أن نتثبت، وأن لا نتسرع في الشيء الذي لا يكون صريحاً في نفيه، ولا ننفيه إلا بتثبت تام ويقين، لئلا نجني على القرآن ونشكك الناس في أنه حق، ونقول: ظاهر القرآن كذا، والذي يتبادر لنا كذا، وإن وقع خلافه فهو من قصور فهمنا، والقرآن بريء من كل ما ليس بحق، فكله حق، ولا يناقض حقا)).
العذب النمير، ص 1255.(/)
ليلة القدر هل هي ليلة واحدة
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[07 Sep 2006, 08:07 م]ـ
الأفاضل المكرمون
هل ليلة القدر ليلة واحدة في السنة
فإن كانت الإجابة بنعم
وهل هي في الليال الفردية فقط
فإن كانت الإجابة بنعم
إذن فهل تكون هناك بدايتان للشهر بحيث يكون عند ناس واحد وعند ناس اثنين
فإن كانت الإجابة بلا يجوز فهل الذي ثبت عنده الأول بدليل صحيح أن الشهر بدأ يكون حجة على الباقي من الأمة
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[07 Sep 2006, 10:43 م]ـ
الأخ الكريم مصطفى علي ..
الكلام في ليلة القدر يمكن اختصاره فيما يلي:
س1/ في أي ليلة من رمضان هي؟
القرآن لا بيان فيه، لكن ثبتت الأحاديث أنها في العشر الأواخر من رمضان (1). قال صلى الله عليه وسلم: ((التمسوها في العشر الأواخر)) (2) وتكون في الوتر، لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وهكذا، ويكون باعتبار ما بقي، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((لتاسعة تبقى، لسابعة تبقى، لخامسة تبقى، لثالثة تبقى)) فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين؛ يكون ذلك ليال الإشفاع، وتكون الاثنين وعشرين تاسعة تبقى، وليلة أربعة وعشرين سابعة تبقى. . . وإذا كان الشهر تسعاً وعشرين كان التاريخ في الباقي كالتاريخ في الماضي، وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه، وتكون في السبع الأواخر أكثر، وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين كما كان أبي بن كعب يحلف أنها ليلة سبع وعشرين (3).
س2/ هل هي ثابتة في ليلة واحدة كل عام أم تنتقل؟
فيه خلاف بين العلماء، والصحيح أنها تنتقل فتكون عاماً ليلة إحدى وعشرين، وعاماً ليلة تسع وعشرين. . وهكذا، لأنه لا يمكن جمع الأحاديث الواردة إلا على هذا القول (4).
س3/ ما هو سبب تسميتها بليلة القدر؟
سبب ذلك ما يلي (5):
1) أنه يقدر فيها ما يكون في تلك الليلة فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام.
2) وقيل سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف لقوله تعالى: ((وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر)) وليلة خير من ألف شهر؛ قدرها عظيم لا شك.
3) وقيل: لأن للعبادة فيها قدر عظيم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) (6) وهذا لا يحصل إلا في هذه الليلة فقط.
س4/ هل يسن تخصيصها بالعمرة؟
يقول الشيخ ابن عثيمين: تخصيص تلك الليلة بالعمرة بدعة (7).
س5/ هل ينال الإنسان أجرها وإن لم يعلم بها؟
نعم لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً)) ولم يقل: عالماً بها، ولو كان العلم شرطاً في حصول هذا الثواب لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم (8).
س6/ ما هي علامات ليلة القدر (9)؟
أ _ علاماتها المقارنة هي:
1) قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، ويحس بها من كان في البر بعيداً عن الأنوار.
2) زيادة النور في تلك الليلة.
3) الطمأنينة أي طمأنينة القلب وانشراح الصدر من المؤمن فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدره في تلك الليلة، أكثر مما يجده في بقية الليالي.
4) أن الرياح تكون فيها ساكنة (أي لا يأتي فيها عواصف أو قواصف بل يكون الجو مناسباً).
5) أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام كما حصل لبعض الصحابة رضي الله عنهم.
6) أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي.
7) لا قوية الحر ولا قوية البرد (10).
ب_ العلامات اللاحقة:
منها: أن الشمس تطلع في صبيحتها ليس لها شعاع صامتة ليس كعادتها في بقية الأيام (11).
س7/ ما هو الدعاء الوارد فيها؟
الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه: ((اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) لحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أفرأيت يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر فما أقول فيها؟ قال: ((قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)) (12).
والله تعالى أعلم،،،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حواشي:
1) الشرح الممتع (6/ 492).
2) البخاري في ليلة القدر باب (3) وأحمد في المسند.
3) الفتاوى الكبرى (2/ 475 - 476).
4) الشرح الممتع (6/ 493 - 494).
5) الشرح الممتع (6/ 494 - 495).
6) البخاري في الإيمان باب قيام ليلة القدر. ومسلم في صلاة المسافرين باب الترغيب في قيام رمضان.
7) الشرح الممتع (6/ 496).
8) الشرح الممتع (6/ 497 - 498).
9) الشرح الممتع (6/ 498 - 499).
10) الفتاوى الكبرى (2/ 476).
11) كما في حديث عند مسلم (762) في باب فضل الصيام كتاب الصيام.
12) أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه والحاكم وقال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الحاكم على شرطهما ووافقه الذهبي.
ـ[مصطفى علي]ــــــــ[08 Sep 2006, 12:23 ص]ـ
الكريم الفاضل
التبعيات للسؤال هي بيت القصيد التي عنها أسأل
لما تكون ليلة واحدة في السنة، وهي في ليلة فردية فهل يصح أن يكون للشهر بدايتان
عند بلد اليوم أو رمضان وعند بلد لا فتكون فعند قوم في ليلة فردية وعند قوم ليلة زوجية
فإن كان الأمر لا يجوز
فهل يكون عند من شهد بالشهر أولاً حجة على الآخرين فتتحد البادية ثم النهاية
وأصبح عندي سؤال آخر
ما الدليل على
س6/ ما هي علامات ليلة القدر (9)؟
أ _ علاماتها المقارنة هي:
1) قوة الإضاءة والنور في تلك الليلة، ويحس بها من كان في البر بعيداً عن الأنوار.
2) زيادة النور في تلك الليلة.
3) الطمأنينة أي طمأنينة القلب وانشراح الصدر من المؤمن فإنه يجد راحة وطمأنينة وانشراح صدره في تلك الليلة، أكثر مما يجده في بقية الليالي.
4) أن الرياح تكون فيها ساكنة (أي لا يأتي فيها عواصف أو قواصف بل يكون الجو مناسباً).
5) أنه قد يُري الله الإنسان الليلة في المنام كما حصل لبعض الصحابة رضي الله عنهم.
6) أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر مما في غيرها من الليالي.
7) لا قوية الحر ولا قوية البرد (10).(/)
الدراسات القرآنية بالمغرب الأقصى 1
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[08 Sep 2006, 03:40 م]ـ
شيخ مقارئ الديار المغربية: الأستاذ الدكتور التهامي الراجي الهاشمي ـ حفظه الله ـ
إنه الرجل الذي أحيا الله على يديه الدرس القرائي بالمغرب الأقصى في العصر الحديث، كما تمكن ـ بفضل الله تعالى و توفيقه ـ أن يدخل القراءات القرآنية إلى رحاب الجامعة المغربية، لتصبح مادة مقررة قانونا في السلك الثاني من الإجازة في النظام القديم، و تقرر كمادة أساسية من المواد المدرسة في النظام الجديد. كما تمكن شيخنا ـ حفظه الله ـ من فتح وحدة للتكوين على مستوى الدراسات العليا و الدكتوراه: وحدة مذاهب القراء في الغرب الإسلامي، التي عملت على تكوين الباحثين في مجال القراءات القرآنية بصفة عامة، والقراءات القرآنية بالمغرب الأقصى، مما مكن شعبة الدراسات الإسلامية بالجامعة المغربية من التوفر على أساتذة باحثين متخصصين في القراءات القرآنية. كما عمل تأليفا وإشرافا ـ حفظه الله ـ على نشر التراث المغربي الزاخرفي مجال الدراسات القرآنية عامة، والقراءات القرآنية خاصة محققا. فضلا عن إعداد دراسات علمية عن هذا الموروث الحضاري الزاهر الذي كادت تنطمس معالمه.ولد الأستاذ الدكتور التهامي الراجي الهاشمي بقرية البهاليل قرب مدينة فاس سنة 1936 م.
- بدأ تعليمه الأولي بمسقط رأسه، أما تعليمه الثانوي فقد تابعه بمدينة صفرو، و قد اهتم خلال ذلك بحفظ القرآن الكريم حفظا جيدا، كما حفظ كثيرا من المتون العلمية.
- بدأ دراسته الجامعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، ثم شد الرحال إلى باريس ليتابع دراسته بالسربونحيث حضر رسالة دكتوراه السلك الثالث، ثم انتقل إلى جامعة مدريد لتحضير أطروحة الدولة في موضوع القراءات القرآنية، تخصص لسانيات.
أما عن المسار المهني لشيخنا ـ حفظه الله ـ فقد بدأه كمعلم للغة الفرنسية، فأستاذا للغة العربية بالثانوي، و توج بتعيينه نائبا لوزير التعليم بإقاليم أكاديرو طرفاية، ثم كلف بمهام التفتيش بمراكز تكوين المعلمين. و في سنة 1974 م عين أستاذا باحثا بمعهد الدراسات والأبحاث للتعريب، ثم مندوبا للرصيد اللغوي بالمغرب، ثم تولى رئاسة شعبة المعجميات بمعهد الدراسات و البحوث التابع لجامعة محمد الخامس. كما عين أستاذ كرسي القراءات القرآنية بمسجد الحسن الثاني، كما شغل منصب نائب رئيس المجلس العلمي بالرباط و سلا.
العطاء العلمي: فضلا عن التدريس و الإشراف على الرسائل و الأطاريح، و المساهمة في التوعية الفكرية و الدينية، و المساهمة في المؤتمرات و الندوات العلمية داخل المغرب وخارجه، فإن لشيخنا ـ حفظه الله ـ حضور قوي في مجال التأليف، و التحقيق:
1 - المهذب فيما وقع في القرآن من المعرب (تحقيق).
2 - التعريف في اختلاف الرواة عن نافع (تحقيق).
3 - إضاءة الراموس ظهر منه حتى الآن ثلاثة أجزاء (تحقيق).
4 - توطئة لدراسة علم اللغة.
5 - بعض مظاهر التطور اللغوي.
6 - الثنائيات اللسانية.
7 - القراءات القرآنية و الوقف القرآني.
8 - القاضي عياض اللغوي من حديث أم زرع.
9 - نظم و إدارة بني أمية في الأندلس من خلال المقتبس لابن حيان.
10 - الرسم الحديث (كتاب مدرسي).
11 - ةالرياضيات الحديثة (كتاب مدرسي).
12 - الأبواب بالأندلس.
13 - المبتكر في النحو (كتاب مدرسي). {الكتب المرسية بالاشتراك مع آخرين}.
14 - وظيفة اللغة في مجتمعنا المعاصر.
15 - كيفية تعريب السوابق و اللواحق في اللغة العربية ز
معجم الدلائلية: فرنسي / عربي.
16 - منهجية أئمة القراء في الغرب الإسلامي ابتداء من القرن الخامس الهجري.
كتب أخرى لم تطبع بعد:
1 - الإضافة في القرآن الكريم.
2 - هاء الكناية في القرآن الكريم.
3 - تحقيق كتاب فيض نشر الاقتراح.
5 - الأنصاص القرآنية.
فضلا عما سبق لشيخنا مشاركة متميزة في الصحف و المجلات الوطنية و العربية.
كما أنه عضو بلجن تصحيح المصاح الشريفة بعدد من الدول الإسلامية.
ـ[الطيب وشنان]ــــــــ[08 Sep 2006, 06:52 م]ـ
حفظ الله الشيخ التهامي و نفع به الاسلام و المسلمين.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[18 Sep 2006, 03:02 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
إن ما قدمته لا يفي بحق الشيخ التهامي الراجي الهاشمي ـ حفظه الله ـ وعزائي أن ما لا يدرك كله لا يترك جله.مع عودة قريبة للموضوع ـ إن شاء الله ـ.
و تفضلو ا أخي الفاضل وشنان بقبول خالص التحيات و التقدير.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[18 Sep 2006, 08:31 م]ـ
حفظ الله الشيخ التهامي ...
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[18 Sep 2006, 10:56 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
إن ما كتبته عن أستاذي الشيخ التهامي الراجي ـ حفظه الله ـ لا يرقى إلى حقيقة مكانته العلمية، و دوره الريادي في خدمة القرآن الكريم، و البحث العلمي في مجال القراءات القرآنية. و إني سأعمل لاحقا على التعريف بتراثه العلمي المتميز، مع إعداد فهرسة لكتبه و مقالاته، و البحوث العلمية التي أشرف عليه.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير. وشكرا لكم على اهتمامكم.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[21 Sep 2006, 10:27 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
شكراً جزيلا للدكتور أحمد بزوي الضاوي على عرضه القيم حول الأستاذ الفاضل الدكتور التهامي الراجي وعطاءاته العلمية.
وحيث إن الدكتور التهامي الراجي من الأساتذة القلائل الذين أسهموا بعطاءات غزيرة في مجال البحث العلمي بشكل عام، والدراسات القرآنية بشكل خاص، فإني أتمنى من الله عز وجل لأستاذنا وشيخنا التهامي الراجي الصحة والعافية، والبركة في عمره، وعمر أهليه وولده، وأن يوفق جميع خدام القرآن الكريم في مشارق الأرض ومغاربها، إنه سميع قريبب مجيب الدعاء. والسلام عليكم.
* للإفادة: أرجوكم الدكتور الضاوي حفظكم الله أن تخبرونا أين وصلتم مع مقدمة الراغب؟؟؟ فإننا ما زلنا في انتظاركم، ولكم من الله كامل التوفيق والسداد.
الدكتور الهاشمي برعدي الحوات
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[21 Sep 2006, 08:55 م]ـ
الأخ الفاضل: بردعي الحوات ـ حفظه الله ـ
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
وبعد، فإني أشكركم على تواصلكم و تقديركم، كما أشكركم شكرا جزيلا على مشاعركم النبيلة تجاه شيخنا التهامي الراجي الهاشمي حفظه الله.
أما عن مقدمة الراغب الأصفهاني فإني مشغول بإعداد دراسة وافية عنها تبين أهميتها في وضع نظرية متكاملة لتفسير القرآن الكريم، تكون قادرة على مواجهة الدعوات المغرضة إلى إعادة تفسير القرآن الكريم وفق ما يسمونها بالنظريات الحديثة، التي لا نتخذ منها موقفا بقدر ما نتخذه من التحريف و التضليل. وركوب موجة اللادينية بدعوى دمقرطة التفسير، والقراءات الحداثية.
وفقنا الله لما يحبه و يرضاه.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[22 Sep 2006, 01:18 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العلمين، والصلاة والسلام على خير الورى أجمعين وعلى آله وأصحابه الطاهرين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: فإن الحديث الذي أثاره الدكتور أحمد بزوي الضاوي حفظه الله حول الدراسات القرآنية بالمغرب الأقصى يعد من أهم القضايا التي تستحق البحث والدراسة توثيقاً وتحقيقاً، سواء تعلق الأمر على مستوى عطاءات المغاربة في مجال الدرس، أو التأليف. ومن ثم فإن علماءنا المغاربة الذين أفنوا حياتهم في خدمة كتاب الله يستحقون التقدير والإجلال والإكبار.
وإذا كان أستاذنا الجليل الدكتور التهامي الراجي قد قدم له الدكتور الضاوي حفظه الله ترجمة وافية، فإني سوف أقدم عطاءً علمياً في مجال الدراسات القرآنية لأحد زملاء الدكتور التهامي الراجي ألا وهو الأستاذ المرحوم سعيد أعراب الغماري التطواني. هذا العلم الشامخ -يعني المرحوم سعيد أعراب- تعذر علي أن أترجم له، ولكن الذي يهمني في هذه العجالة أن أقدم له إحدى مؤلفاته في مجال الدراسات القرآنية، يتعلق الأمر بكتاب له، الموسوم بـ: (القراء والقراءات بالمغرب).
والكتاب نشرته دار الغرب الإسلامي، (الطبعة الأولى 1410هـ-1990)
إن المؤلف رحمه الله تعالى تناول الكتاب المذكور وفق الخطة التالية:
* مدخل في أوليات هذا الفن
(أ) - متى دخل القرآن إلى المغرب؟
(ب) -المصحف المغربي: (مصحف عقبة بن نافع، مصاحف أخرى ..... )
(ج) -الكتَّاب القرآني.
(د) -قراءة أهل المغرب.
(هـ) -دخول القراءات إلى المغرب.
(و) -نشأة الدراسات القرآنية بالمغرب.
الباب الأول في مقرأ نافع
الفصل الأول: في أصل مقرأ نافع
الفصل الثاني: في رسمه وضبطه
الباب الثاني في القراءات السبع.
الفصل الأول في قرَّاء العصر المريني وآثارهم
الفصل الثاني في قراء العصر الوطاسي وآثارهم
الفصل الثالث في قراء العصر السعدي وآثارهم
الفصل الرابع في قراء العصر السعدي
الباب الثالث في الوقف ومذاهب القراء فيه
الفصل الأول في الوقف النظري
الفصل الثاني في الوقف السني
الباب الرابع في الرمز والعدد
الفصل الأول: الرموز والرمزيات
الفصل الثالث في العدد
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى، والسلام عليكم.
* الدكتور الهاشمي برعدي الحوات
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[22 Sep 2006, 02:12 ص]ـ
الأخ الفاضل برعدي الحوات.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
وبعد فإني أشكركم على هذه الإضات التي أغنت الموضوع، و ألمحت إلى أحد أعلام المغرب في العصر الحديث ألا و هو الأستاذ سعيد أعراب رحمه الله، و الذي يعتبر من الباحثين الأوائل في المدرسة القرآنية بالمغرب. و إني عازم إن شاء الله تعالى على الترجمة له و التعريف بأعماله العلمية.
و تفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[12 Nov 2006, 11:50 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
أما بعد، فإنه يشرفني أن أقدم لرواد هذا الموقع تعريفا موجزا بموقع أستاذنا الفاضل الدكتور التهامي الراجي الهاشمي ـ حفظه الله ـ.
1 - يعنى الموقع بالدراسات القرآنية عامة و القراءات خاصة.
2 - هو موقع علمي و تعليمي متميز.
3 - يطمح الموقع إلى تقديم القراءات القرآنية لطلبة العلم و الباحثين.
4 - بيان طرق توجيه القرءات القرآنية.
5 - بيان كيفية استنباط القواعد المختلفة من القراءات القرآنية.
6 - اعتماد وسائل العرض الحديثة في عرض القراءات القرآنية، وهي طريقة مبتكرة ومهمة في تبليغ المضامين وتقريبها إلى المتلقي، مما يجعلها نموذجا يحتدى في تدريس القراءات القرآنية.
هندسة الموقع:
1 - الصفحة الرئيسية.
2 - ترجمة الشيخ.
3 - مؤلفات الشيخ.
4 - دروس الشيخ في القراءات.
5 - الرسم القرآني.
6 - العد القرآني.
7 - الوقف القرآني.
8 - القراء.
9 - الرسائل و الأطروحات.
ومع أن الموقع لا زال في طور البناء فإنه في غاية الأهمية،ويعد بأن يكون موقعا علميا و تعليميا رائدا ومتميزا. نتمنى لشيخنا دوام الصحة و العافية، وأن يوفقه لما يحبه و يرضاه، وأن يجعل موقعه من الصدقات الجارية، وجزاه الله عنا خير الجزاء.
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عنوان الموقع:
http://www.ragithami.net/index.htm
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[18 Jan 2007, 09:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
الإخوة الأفاضل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فهذا درس قيم للأستاذ الدكتور التهامي الراجي الهاشمي، أثار فيه نقطة مهمة ألا وهي صلة القراءات المتواترة بالرسم العثماني، مبينا أن الرسم توقيفي، وأنه يتعلق بالصوامت وحدها لا غير، أما الحركات والنقط والهمزات فهي تشكل الضبط الذي يضاف على الرسم العثماني، قصد إغناء الأداء الحامل لمراد الله تعالى.
وننقل هنا نص المحاضرة في صيغة PDF .
وتفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.(/)
تَنْزِيلُ الآياتِ على الوَاقِعِ المُعَاصِرعند الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[08 Sep 2006, 05:05 م]ـ
القرآنُ الكريمُ نزلَ هدايةً للناسِ كما قال تعالى: {هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: من الآية185)، وهو آيةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الباقيةُ، فمن تمسّكَ به هُدِيَ، ومَن حادَ عنهُ ضَلَّ سواءَ الصراطِ، وذلكَ مِن نزولهِ إلى قيامِ الساعةِ، فهو صالحٌ لكلِّ زمانٍ ومكان.
وتنْزيلُ آياتهِ وربطها بواقعِ الناسِ وحياتهم ميزةٌ خاصّةٌ لكلِّ مُفسِّرٍ في عصرهِ، ولقد اعتنى الشيخُ ابن عثيمين رحمه الله بهذا الجانبِ، واهتمّ بهِ، يظهر هذا للناظرِ في تفسيرهِ، وسأمثّلُ لذلكَ مِن خلالِ النقاطِ التاليةِ:
أولاً: الردُّ على بعض التعبيراتِ الشائعةِ وبيانِ خطئها
عند تفسيره لقوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} (البقرة: من الآية213)
ذكرَ مِن فوائدها:" أنّ مَن يوصف بالتبشيرِ إنّما هم الرُّسُلُ وأتباعهم؛ وأمّا مَا تَسَمَّى بهِ دُعاة النصرانيةِ بكونهم مُبشِّرينَ فهم بذلكَ كاذبونَ؛ إلاَّ أنْ يُرادَ أنهم مُبشِّرُونَ بالعذابِ الأليمِ، كما قالَ تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (آل عمران: من الآية21)؛ وأَحَقُّ وَصْفٍ يُوصَفُ بهِ هؤلاءِ الدعاةُ أنْ يُوصَفُوا بالمضَلِّلِينَ، أو المنَصِّرينَ؛ وما نظيُر ذلكَ إلاَّ نظيرُ مَن اغْتَرَّ بتسميةِ النصارى بالمسيحيينَ؛ لأنّ لازمَ ذلكَ أنّكَ أقْرَرْتَ أنهم يتبعونَ المسيحَ، كما إذا قُلْتَ: " فلانٌ تَمِيمِيٌّ "؛ إذاً هو مِن بني تميم؛ والمسيحُ ابن مَريم يتبرأُ مِن دينهم الذي هم عليهِ الآنَ كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} (المائدة: من الآية116) إلى قولهِ تعالى: {مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} (المائدة: من الآية117) الآيتين؛ ولأنّهم رَدُّوا بشارةَ عِيسَى بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، وكَفروا بِهَا؛ فكيفَ تَصِحُّ نِسبَتهم إليهِ؟ والحاصلُ أنّه يَنبغِي للمؤمنِ أنْ يكونَ حَذِرًا يَقِظًا لا يَغْتَرُّ بخداعِ المخادعينَ، فيجعلَ لهم مِن الأسماءِ، والألقابِ ما لا يَستحقُّون ". (1)
مثالٌ آخر: عند تفسيره لقوله تعالى: {وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} (البقرة: من الآية221)
ذكرَ مِن فوائدها:" الردُّ على الذينَ قالوا: " إنّ دينَ الإسلامِ دينُ مُساواةٍ "؛ لأنّ التفضيلَ يُنَافِي المساواةَ؛ والعجيبُ أنّه لم يأتِ في الكتابِ، ولا في السُّنَّةِ لفْظةُ "المساواة " مُثبتاً؛ ولا أنّ الله أمَرَ بها؛ ولا رَغَّبَ فيها؛ لأنّكَ إذا قُلْتَ بالمساواةِ استوى الفاسقُ، والعَدْلُ؛ والكافرُ، والمؤمنُ؛ والذكرُ، والأنثى؛ وهذا هو الذي يريدهُ أعداءُ الإسلامِ مِن المسلمينَ؛ لكن جاءَ دينُ الإسلامِ بكلمةٍ هي خيرٌ مِن كلمةِ " المساواة "؛ وليسَ فيها احتمالٌ أبداً، وهي " العَدْل "، كما قالَ الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ} (النحل: من الآية90)؛ وكلمةُ " العَدْلِ " تعني أنْ يُسَوَّى بينَ المتماثلينِ، ويُفَرَّقَ بينَ المفترقينِ؛ لأنّ "العَدْلَ " إعطاءُ كُلِّ شيءٍ ما يستحقهُ؛ والحاصلُ: أنّ كلمةَ " المساواة " أَدْخَلَهَا أعداءُ الإسلامِ على المسلمينَ؛ وأكثرُ المسلمينَ - ولا سِيَّمَا ذَوُو الثقافةِ العامّةِ - ليسَ عندهم تحقيقٌ، ولا تدقيقٌ في الأمورِ، ولا تَمْييزٌ بينَ العباراتِ؛ ولهذا تَجِدُ الواحدَ يَظُنُّ هذهِ الكلمةَ كلمةُ نُور تُحمَل على الرؤوسِ: " إنّ دينَ الإسلامِ دينُ مُساواةٍ "! ونقولُ: لو قُلتم: " الإسلامُ دِينُ العَدْلِ " لكانَ أَوْلَى، وأشدُّ مطابقةً لواقعِ الإسلام ". (2)
(يُتْبَعُ)
(/)
كما بيّنَ الشيخُ رحمه الله خطأ تقديمِ النساءِ على الرجالِ في الذِّكْرِ كَقولِهم: أيُّهَا السيدات ُوالسادة، وبيانُ أنّ الصوابَ تقديمُ الرجالِ كما قدَّمَهُم الله في كتابهِ أخْذًا مِن قوله {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ} (النساء: من الآية7).
ثانيًا: الردُّ على الدعواتِ المنحرفةِ
عند تفسيره لقوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ
تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ} (المائدة: من الآية15)
قالَ:" فالذينَ يطنطنون الآيةَ ويريدونَ أنْ يُقرِّبُوا بينَ الأديانِ ويقولونَ إنّ الله سَمَّاهُم أهلَ كتابٍ زَعْمًا مِنهم أو إيهامًا مِنهم أنّ ذلكَ مِن بابِ التكريمِ لهم والرِّضَا بما هم عليهِ: نقولُ: إنّ الله لم يُخاطبهم بذلكَ تكريمًا لهم وكيفَ يكونُ ذلكَ إكرامًا لهم واللهُ يقولُ: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} (المائدة:60)، لكنْ ناداهم بهذا الوصفِ إقامةً للحُجَّةِ عليهم، وأنّ تَصرُّفَهُم أبعد ما يكون عن العقلِ؛ لأنّ أهلَ الكتابِ يجبُ أنْ يكونوا أوّلَ عاملٍ بهِ ". (3)
وعند تفسيره لآيةِ الدَّيْنِ، ذكرَ مِن فوائدها:" دَحْرُ أولئكَ الذينَ يقولونَ: إنّ الإسلامَ ما هو إلاّ أعمالٌ خاصّةٌ بعبادةِ الله عز وجل، وبالأحوالِ الشخصيةِ؛ كالمواريثِ، وما أشبهها؛ وأمّا المعاملاتُ فيجبُ أنْ تكونَ خاضعةً للعصرِ، والحالِ؛ وعلى هذا فينسلخونَ مِن أحكامِ الإسلامِ فيما يتعلقُ بالبيوعِ، والإجاراتِ وغيرها، إلى الأحكامِ الوضعيةِ المبنيةِ على الظلم والجهل ". (4)
وعند تفسيره لقوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} (البقرة: من الآية223)
ذكرَ مِن فوائدها:" أنّهُ ينبغي للإنسانِ أنْ يُحاولَ كثرةَ النَّسْلِ؛ لقوله تعالى {حَرْثٌ لَكُمْ}، وإذا كانت حَرْثًا فهل الإنسانُ عندما يَحرثُ أرضًا يُقلِّلُ مِن الزَّرْعِ أو يُكثِرُ مِن الزَّرْع؟
فالجواب: الإنسانُ عندما يَحرثُ أرضًا يُكثِرُ مِن الزرعِ ويُؤيِّدُ هذا قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم [تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ] (5)؛ وأمّا القولُ بتحديدِ النَّسْلِ فهذا لا شكَّ أنّه مِن دَسَائِسِ أعداءِ المسلمين يُريدونَ مِن المسلمينَ ألاَّ يَكْثُرُوا؛ لأنّهم إذا كَثُرُوا أَرْعَبُوهُم، واسْتَغْنَوا بأنفسهم عنهم: حَرَثُوا الأرضَ، وشَغَّلوا التجارةَ، وحصلَ بذلكَ ارتفاعٌ للاقتصادِ،وغير ذلكَ مِن المصالحِ؛ فإذا بَقُوا مُسْتَحْسِرِينَ قَلِيلِينَ صَارُوا أَذِلَّةً، وصَارُوا مُحتاجِينَ لغيرهم في كُلِّ شيءٍ؛ ثم هل الأمرُ بِيَدِ الإنسانِ في بَقاءِ النَّسْلِ الذي حَدَّدَهُ؟! فقد يَموتُ هؤلاءِ المحدَّدُونَ؛ فلا يبقى للإنسانِ نَسْلٌ ". (6)
ومِمَّا ذكرهُ أيضًا في هذا البابِ:
- الردُّ على القوميّةِ العربية. (7)
- الردُّ على الشُّيُوعِيِّنَ المنكرينَ للخالقِ. (8)
- تحريمُ الاشتراكيّةِ والدعوةِ إليها، مع بيان خطئها، وبيانُ حكمةِ الله في جَعْلِ الناسِ فقراءَ وأغنياء. (9)
- بُطلان توهّمِ مَن حكَّمَ القوانينَ الوضعيّة وظَنَّ أنّ بها صالح الأمّةِ. (10)
- الردُّ على دُعاةِ تحرير المرأةِ وبيانُ أنّ أساليبهم مُشابهةٌ لأساليبِ اليهودِ والنصارى. (11)
- التحذيرُ مِن النصرانيّةِ ودُعاتها. (12)
- الردُّ على مَن قالَ: إنّ تطبيقَ الحدودِ تشويهٍ للمجتمع. (13)
ثالثًا: الردُّ عى بعض النَّظريَّاتِ الشائعةِ
عند تفسيره لقوله تعالى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ? وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ? لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يّس:38 - 40)
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكرَ مِن فوائدها:" الردُّ على قَوْلِ مَن يقولُ: "إنّ الشمسَ ثابتةٌ وأنّها لا تدور " والعجبُ أنهم يقولونَ إنّها ثابتةٌ، وأنّ القمرَ يدورُ حولَ الأرضِ. وهذا غلطٌ؛لأنّ الله ? جعلَ الحكمَ واحدًا، قال تعالى {وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} فإذا فسَّرنا السَّبْحَ بالدورانِ وأثبتنا ذلكَ للقمرِ فلْنُثْبِتهُ أيضًا للشمس ". (14)
وعند تفسيره لقوله تعالى {وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} (البقرة: من الآية36)
ذكرَ مِن فوائدها:" أنّه لا يُمكن العيشُ إلاّ في الأرضِ لبني آدمَ؛ لقولهِ تعالى: {وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}؛ ويُؤَيِّدُ هذا قولهُ تعالى: {فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ} (الأعراف: من الآية25)؛ وبناءً على ذلكَ نعلمُ أنّ مُحاولةَ الكُفَّارِ أنْ يَعِيشُوا في غير الأرضِ إمّا في بعضِ الكواكبِ، أو في بعضِ المراكبِ مُحاولةٌ يِائِسةٌ؛ لأنّه لابُدَّ أنْ
يكونَ مُسْتَقَرّهُم الأرض ". (15)
ومِن ذلكَ أيضًا: إثباتُ أنّ الضَّرْبَ مِن وسائلِ التربيةِ، أخْذًا مِن قوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ} (النساء: من الآية34)، والردُّ على أهل التربية المنكرينَ لذلك. (16)
ومِنها: الردُّ على نظريّةِ تطوّر الخلقِ، أخذًا مِن قولهِ تعالى {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} (آل عمران: من الآية34). (17)
ومِنها: الردُّ على الفلاسفة القائلينَ بِقِدَمِ الأفلاكِ – أيْ غير مَخلوقةٍ -، أخْذًا مِن الأدلّةِ التي تُثْبِتُ خَلْقَ السموات والأرض. (18)
رابعًا: تَشابُه أهلِ الضلالِ مِن أيّامِ الرُّسُلِ إلى عصرنا في وَصْفِ مُخالفيهم
عند تفسيره لقوله تعالى: {قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} (البقرة: من الآية13)
ذكرَ مِن فوائدها:" إنّ أعداءَ الله يَصِفُونَ أولياءهُ بما يُوجِبُ التنفيرَ عنهم لقولهم: {أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ}؛ فأعداءُ الله في كُلِّ زمانٍ،وفي كُلِّ مكانٍ يَصِفُونَ أولياءَ الله بما يُوجِبُ التنفيرَ عنهم؛ فالرُّسُلُ وَصَفَهُمْ قَوْمُهُمْ بالجنونِ، والسِّحرِ، والكِهَانَةِ، والشِّعْرِ تنفيراً عنهم، كما قال تعالى: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} (الذاريات:52) وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ} (الفرقان: من الآية31) وورثةُ الأنبياءِ مِثْلُهُم يجعلُ الله لهم أعداءً مِن المجرمينَ، ولكن {وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً} (الفرقان: من الآية31)؛ فمهما بلغوا مِن الأساليبِ فإنّ الله تعالى إذا أرادَ هِدايةَ أحدٍ فلا يمنعهُ إضلالُ هؤلاءِ؛ لأنّ أعداءَ الأنبياءِ يَسلُكونَ في إبطالِ دعوةِ الأنبياءِ مَسْلَكَيْنِ؛ مَسْلَك الإضلالِ، والدعايةِ الباطلةِ في كُلِّ زمانٍ ومكانٍ؛ ثُمَّ مَسْلَك السِّلاحِ؛ أيْ المجابهةِ المسلّحةِ ". (19)
خامسًا: التوقيتُ العالميُّ هو التوقيتُ بالأهلَّةِ، وبيانُ خطأ التوقيتِ الشائعِ اليوم
عند تفسيره لقوله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} (البقرة: من الآية189)
ذكرَ مِن فوائدها:" أنّ مِيقاتَ الأُمَمِ كُلِّها الميقاتُ الذي وَضَعَهُ الله لهم - وهو الأهلّة -؛ فهو الميقاتُ العالميُّ؛ لقولهِ تعالى: {مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ}؛ وأمّا مَا حَدَثَ أخيراً من التوقيتِ بالأشْهُرِ الإفرنجيةِ فلا أَصْلَ له مِن مَحسوسٍ، ولا مَعقولٍ، ولا مَشروعٍ؛ ولهذا تجدُ بعضَ الشهورِ ثمانيةً وعشرينَ يومًا، وبعضها ثلاثينَ يومًا، وبعضها واحدًا وثلاثينَ يومًا مِن غير أنْ يكونَ سببٌ مَعلومٌ أوجبَ هذا الفرقَ؛ ثم إنّه ليسَ لهذهِ الأشْهُرِ علامةٌ حِسِّيَةٌ يرجعُ الناسُ إليها في تحديدِ أوقاتهم - بخلافِ الأشْهُرِ الهلاليةِ فإنّ لها علامةً حِسِّيَةً يعرفها كُلُّ أَحَد ". (20)
سادسًا: التحذيرُ مِن الغزْوِ الفكريِّ والأخلاقيِّ
عند تفسيره لقوله تعالى {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} (البقرة: من الآية217)
(يُتْبَعُ)
(/)
ذكرَ مِن فوائدها:" حِرْصُ المشركينَ على ارتدادِ المؤمنينَ بِكُلِّ وسيلةٍ ولو أَدَّى ذلكَ
إلى القتالِ؛ لقوله تعالى: {وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}؛ ولهذا كانَ الغَزْو الفِكْرِيُّ،والغَزْو الأخْلاقِيُّ أعظمَ مِن الغَزْوِ السِّلاحِيِّ؛ لأنّ هذا يدخلُ على الأُمَّةِ مِن حيثُ لا تَشْعُر؛ وأمّا ذاكَ فَصِدَامٌ مُسَلَّحٌ يَنْفِرُ الناسُ مِنهُ بالطبيعةِ؛ فلا يُمَكِّنُونَ أحداً أنْ يُقَاتِلَهُم؛ أمّا هذا فَسِلاحٌ فَتَّاكٌ يَفْتِكُ بالأُمَّةِ مِن حيثُ لا تَشْعُر؛ فانظر كيفَ أفسدَ الغَزْو الفِكْرِيُّ والخُلُقِيُّ على الأمةِ الإسلاميةِ أمورَ دِينهَا، ودُنيَاهَا؛ ومَن تَأمَّلَ التاريخَ تبينُ لهُ حقيقةُ الحال ". (21)
وعند تفسيره لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} (النساء: من الآية71)
قال َ:" نأخذُ الحذرَ مِن غزو هؤلاءِ لنا سواءٌ كانَ بالسلاحِ، أو كانَ بالفِكْرِ، او كانَ بالخُلُقِ، ومَعلومٌ الآنَ أنّ أعداء َالمسلمينَ يَغزون المسلمينَ بِكُلِّ سلاحٍ، وينظرونَ السلاحَ المناسبَ للأُمّةِ فَيغزُونَها به ِ، إذا كانَ المناسبُ للأُمّةِ أنْ يَغْزُوهَا بالسلاحِ فعلوا وقاتلوا وهاجموا، وإذا كانَ غير مُمكنٍ نظروا هل يغزونا بالأفكارِ المنحرفةِ الإلحاديّةِ، إنْ أمكنَ ذلكَ فعلوا، وإذا لم يمكن بأنْ كانت الأمّةُ على جانبٍ كبيرٍ مِن الوَعْيِ والتوحيدِ والارتباطِ بالله ? قالوا: إذًا نَغزُوا بطريقٍ ثالثٍ: وهو الخُلُقُ، فسلّطُوا عليها كُلَّ ما يُفسدُ أخلاقها مِن المجلاّتِ والإذاعاتِ وغير ذلكَ،ولهذا الآن انظر ماذا فعلوا بالناسِ بواسطةِ المحطّاتِ الأفقيّةِ التي تُلْتَقَطُ عن طريقِ الدُّشُوشِ، ولا شكَّ –كما سمعنا – أنّ فيها شَرًّا عظيمًا، وهم يجعلونَ فيها أشياءَ مُفيدة؛ لأنّهم يعلمونَ أنّها لو كانت مُفسدةً مائةً في المائةِ ما قَبِلَهَا الناسُ إلاّ مَن أزاغَ الله قلبهُ – والعياذُ بالله -، لكن يجعلونَ فيها أشياءَ مُفيدة مِن أجلِ أنْ يضعوا الحبَّ للصيدِ، فهذا غَزْوٌ خُلُقِيٌّ، ورُبّما يكونُ فيهِ غَزْوٌ فِكْرِيٌّ، وأنا أسمعُ أحيانًا إذاعةً صافيةً مِن أحسنِ ما يكون مِن إذاعاتِ العالمِ (22) وتبثُّ التَّنْصِيرَ – الدعوة إلى النصرانيّة – ". (23)
سابعًا: بيان بعضِ أسبابِ تَخَلُّفِ المسلمينَ وعدم انتصارهم على أعدائهم
عند تفسيره لقوله تعالى: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} (البقرة: من الآية61)
ذكرَ مِن فوائدها:" أنّ بني إسرائيلَ لا يقومونَ للمسلمينَ لو حَاربُوهم مِن قِبَلِ الإسلامِ؛ لأنّ ضَرْبَ الذِّلَةِ بسببِ المعصيةِ؛ فإذا حُورِبُوا بالطاعةِ والإسلامِ فلا شَكَّ أنّه سيكونُ الوَبَالُ عليهم؛ وقد قالَ الله تعالى: {لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} (الحشر: من الآية14)؛وما يُشَاهد اليومَ مِن مُقاتلةِ اليهودِ للعَرَبِ فإنما ذلكَ لسببين:
الأول: قِلَّةُ الإخلاصِ لله تعالى؛ فإنّ كثيراً مِن الذينَ يُقاتِلُونَ اليهودَ - أو أكثرهم - لا يُقاتِلُونَهم بِاسْمِ الإسلامِ، وأنْ تكونَ كلمةُ الله هي العليا؛وإنّما يُقاتِلُونَهم بِاسْمِ العروبةِ؛ فهو قِتالٌ عَصَبِيٌّ قَبَليٌّ؛ ولذلكَ لم يُفلحِ العَرَبُ في مُواجهةِ اليهودِ.
والسببُ الثاني: كَثْرَةُ المعاصي مِن كَبيرةٍ، وصَغيرةٍ؛ حتّى إنّ بعضها لَيُؤَدِّي إلى الكُفْرِ؛ وقد حَصَلَ للمسلمينَ في أُحُدٍ ما حَصَلَ بمعصيةٍ واحدةٍ مَعْ مَا انْضَمَّ إليها مِن التنازعِ والفشلِ كما قال الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} (آل عمران: من الآية152) ". (24)
ومِمّا تقدّمَ يتبينُ حِرْصُ الشيخِ رحمه الله على رَبْطِ الآياتِ بواقع الناس، وتنْزيلها عليه وهذه كما أسلفتُ مِن مُمَيِّزاتِ تفسيرهِ التي تَمَيَّزَ بها.
_______________________________ حاشية
(1) تفسير سورة البقرة (3/ 32).
(2) تفسير سورة البقرة (3/ 80).
(3) تفسير سورة المائدة صـ (123).
(يُتْبَعُ)
(/)
(4) تفسير سورة البقرة (3/ 410). وانظر أيضًا: تفسير سورة الكهف صـ (54).
(5) الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده (3/ 633) برقم (12202)، ورواه أبو داود في كتاب: النكاح / باب: النهي عن تزوّج مَن لم يلد مِن النساء (2/ 542) برقم (2050)، ورواه النسائي في كتاب: النكاح / باب: كراهية تزوّج العقيم (6/ 65) برقم (3225)، ورواه الحاكم في مستدركه (2/ 176) برقم (2685) وقالَ:" هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يُخرِّجاه بهذه السياقة ". كُلُّهم مِن حديثِ مَعقل بن يسار عدا الإمام أحمد فقد خرَّجه مِن حديث أنس بن مالك ?. =
= والحديث حسَّنهُ الهيثمي. انظر: مجمع الزوائد (4/ 258)، وقالَ الألباني:" حسنٌ صحيح " انظر: صحيح سنن أبي داود برقم (1805) وصحيح الجامع برقم (2940).
(6) تفسير سورة البقرة (3/ 88).
(7) انظر: تفسير سورة البقرة (2/ 245) و (1/ 169).
(8) انظر: المرجع السابق (1/ 12).
(9) انظر: تفسير سورة النساء صـ (746).
(10) انظر: المرجع السابق صـ (398)، تفسير سورة البقرة (1/ 151).
(11) انظر: تفسير سورة البقرة (2/ 85).
(12) انظر: أحكام من القرآن الكريم صـ (396)، تفسير سورة يس صـ (102).
(13) انظر: تفسير سورة المائدة صـ (225).
(14) تفسير سورة يس صـ (150).
(15) تفسير سورة البقرة (1/ 133).
(16) انظر: تفسير سورة النساء صـ (266).
(17) انظر: تفسير سورة آل عمران صـ (198). وانظر: أحكام من القرآن الكريم صـ (273).
(18) تفسير سورة البقرة (2/ 219).
(19) المرجع السابق (1/ 50). وانظر: تفسير سورة النساء صـ (361)، تفسير سورة يس صـ (172، 245)، تفسير جزء عمّ صـ (107).
(20) تفسير سورة البقرة (2/ 371).
(21) المرجع السابق (3/ 60).
(22) الْحُسْنُ في كلامِ الشيخِ عائدٌ إلى صوتِ الإذاعةِ لا إلى الإذاعةِ نفسها.
(23) تفسير سورة النساء صـ (455). وانظر: تفسير سورة سبأ (الآية 5).
(24) تفسير سورة البقرة (1/ 219). وانظر أيضًا: (1/ 52) و (2/ 231).
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[08 Sep 2006, 06:52 م]ـ
ردد عليَّ حديثهم يا حادي ... فحديثهم يجلوالفؤاد الصادي
اللهم ارحم عبدك محمد بن عثيمين واغفر له وعامله بما أنت أهله, أنت أهل التقوى والمغفرة ... آمين
ـ[خالد الباتلي]ــــــــ[08 Sep 2006, 11:46 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي د. أحمد على هذه الدرر المناسبة للعصر
ولقد أثرت فينا شجنا حينما ذكرتنا بالشيخ العلامة الفقيه المفسر ابن عثيمين رحمه الله،
أسأل الله أن يجمعني وإياك معه في جنات النعيم .. آمين
ـ[ميادة بنت كامل الماضي]ــــــــ[09 Sep 2006, 01:54 ص]ـ
بارك الله فيك د/ أحمد على ما سطرته يداك عن شيء يسير من علامة القرن وأحد بحوره ألا وهو شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته وجمعنا به في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. آمين
جهد مبارك، أجزل الله لك مثوبته، وضعَّف لك أجره، وبوركت وبورك علمك.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[10 Sep 2006, 11:39 ص]ـ
شكر الله لكم جميعاً , ورحم الله الشيخ ابن عثيمين , وإني عازم بمشيئة الله تعالى على ذكر جملة من المسائل المتعلقة بتفسير الشيخ رحمه الله , تدل على تميزه في هذا الجانب, فإن شهرة الشيخ الفقهية غلبت على ما تميز به من جوانب أخرى.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[14 Sep 2006, 08:56 م]ـ
جزاكم الله خيراً فضيلة الشيخ أحمد البريدي وللشيخ ابن عثيمين رحمه الله ميزات عظيمة في تفسير القرآن هذه أحدها وغيرها كثير لعلكم تتفضلون ببيانها كعنايته بدلالات الآية الظاهرة والخفية ودقة الاستنباط واختيار الألفاظ المناسبة المختصرة عند التفسير ..
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[15 Sep 2006, 11:43 م]ـ
شكر الله لك يا شيخ فهد , وأصبت كبد الحقيقة , فما ذكرت من أعظم مميزات تفسير الشيخ رحمه الله , وسترى اقتراحك متحققاً إن شاء الله.(/)
أين أنتم يا جهابذة علوم القرآن الكريم؟
ـ[مروان الحسني]ــــــــ[08 Sep 2006, 10:15 م]ـ
السلام عليكم إخواني:
سألني أحد الإخوة عن قوله تعالى في سورة الواقعة
(فروح و ريحان و جنت نعيم) صدق الله العظيم
و السؤال هو عن سبب كتابة التاء تاء مفتوحة في جنت مع كتابتها مربوطة في هذه اللفظة في سائر القرآن حسب إطلاعه , فهل من يستوفي الجواب من الناحية الشرعية و اللغوية و النحوية؟
جزاكم الله تعالى خيرا
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[08 Sep 2006, 10:58 م]ـ
واضف اليها كلمة (شجرت) في قوله تعالى (إن شجرت الزقوم)
قال ابن عاشور: وكتبت كلمة) شجرت (في المصاحف بتاء مفتوحة مراعاة لحالة الوصل وكان الشائع في رسم أواخر الكلم أن تراعي فيه حالة الوقف، فهذا مما جاء على خلاف الأصل.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Sep 2006, 03:21 ص]ـ
أخي مروان
لقد هوَّلت في العنوان وفي السؤال، والأمر أيسر مما فعلت أيها الأخ العزيز.
اعلم أيها الأخ الفاضل أنه لا علاقة للشرع ولا للنحو بمسألة كتابة (شجرت) وأخواتها، وياليتك تطالع كتابًا في التجويد كمنظومة ابن الجزري أو غيرها، فإنك ستجد قرابة (13) كلمة مما تكتب بالتاء المربوطة كُتِبت بالتاء المفتوحة، مثل كلمة (سنت، بقيت، امراة، ... إلخ)، وبين القراء خلاف في مواضعها، ويمكن أخذ تفاصيلها من كتب القراءات أيضًا.
وقد روعي في هذا ـ والله أعلم ـ جانبان:
الأول: ما ذكره أخي الحبيب (أبو حنيفة) منقولاً عن ابن عاشور.
الثاني: أن قومًا من العرب يقفون على مثل هذه التاء مفتوحةً وليس كما نقف نحن بالهاء، ولا زالت بقايا هذه اللهجة في المنطقة الجنوبية من بلادنا المملكة العربية السعودية، وفي كتابتها على هذا ما يوافق لهجة أولئك العرب.
ـ[مروان الحسني]ــــــــ[09 Sep 2006, 06:26 ص]ـ
أستاذي الفاضل:
لم أهول من الموضوع , فأنا أوجه سؤالي للراسخين في علوم القرآن , فما أكثر من يتكلم و يقول برأيه في آيات القرآن دون علم في زمننا هذا و الله تعالى المستعان
ـ[أبو المهند]ــــــــ[09 Sep 2006, 02:28 م]ـ
زد على ما قيل أن رسم المصحف توقيفي فإن ظهرت لنا عله أو حكمه فمرحبا وإن لم فعلينا أن نرجع إلى قناعتنا من أن القرآن معجزبلفظه ونظمه، والسؤال في نظمه فتدبر.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[09 Sep 2006, 04:40 م]ـ
أخي الكريم مروان
إذًا الأمر نسبي، فلا مشاحة في الأمر، ولله الحمد.
أستاذنا الفاضل أبا عمر، ما مرادكم بقولكم (توقيفي)؟
إن القول بالتوقيف لم ينسب إلى أحد من المتقدمين من الصحابة والتابعين وأتباعهم، وإنما كان القول بالتوقيف متأخر جدًا.
ولو كان في الأمر توقيف لما قال عثمان للكتبة (إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ) رواه البخاري.
ولو كان توقيفًا لما وقع الخلاف بين مصاحف الصحابة رضي الله عنهم، مع العمل بأن واحدًا منهم لم ينسب رسمه إلى تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[09 Sep 2006, 04:59 م]ـ
أحسن الله إليكم شيخنا المفضال وبارك في علمكم, ولكن هل نفهم من تعليقكم السابق أن الرسم العثماني كان طوراً من أطوارالخط العربي-فحسب- التي مر بها, ولاتوقيف فيه من لدن الرسول صلى الله عليه وسلم البتة؟؟
وإن كان الجواب: نعم, فماذا نسمي ما كتبه كتبةُ الوحي بين يديه الشريفتين وأقرهم عليه آنذاك, ألا يعد ذلك إقرارا منه؟؟
وإن كان الجواب: لا
فهل بالإمكان أن يكتب الرسم بقواعد الإملاء الحديث حالة كونها تراعي اختلاف القرءات؟؟
وما المانع من كون اختلافهم في الرسم, اختلاف تنوع أقره النبيُّ صلى الله عليه وسلم كلَّه, ثمَّ بدا لعثمان جمعُهم على رسم واحد, مما أقره النبي صلى الله عليه وسلم؟؟
وجزيتم خيراً
ـ[أبو علي]ــــــــ[11 Sep 2006, 10:15 ص]ـ
السلام عليكم.
قال تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ).
الكتاب قول مكتوب، لو جاءت كلمة (قرآن) بدلا من (كتاب) لكان التدبر فقط في القول، أما وقد ذكر (كتاب) فإن في طريقة رسم كلمات القرآن حكمة.
فإذا قال الله (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) فإنه تعالى سيرينا آياته فنعرف الحكمة أيضا في كيفية رسمها.
ومن الآيات ما اختزلت في حروف، فهذه أيضا من الآيات التي سيرينها الله فنعرفها.
ـ[برعدي الحوات]ــــــــ[23 Sep 2006, 03:33 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خير الورى أجمعين وعلى آله وأصحابه والتبعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلقد قرأت في هذا الملتقى المبارك سؤالاً لأحد الإخوة يسأل: لماذا كُتبت التاء مبسوطة في قوله تعالى (فروح وريحان وجنت نعيم) (الآية 89 من سورة الواقعة)، فآثرت أن أجيب عن سؤاله بما يلي:
إن كتابة التاء مبسوطة في قوله تعالى (وجنت نعيم) يعد من الأسرار الربانية التي لا تدرك إلا بالتدبر العميق لآيات كتابه العزيز، ومن ثم فإن رسم القرآن الكريم اهتم به العلماء تأليفاً وتحقيقاً وتعليقاً وتوثيقاً، منهم بدر الدين الزركشي، حيث أفرد في كتابه (البرهان في علوم القرآن) محوراً خاصاً حول: علم مرسوم الخط (إن شئت انظر 1/ 376)، حيث بين بالتحليل والتعليق موضوع سبب كتابة التاء مبسوطة في قوله تعالى (جنت نعيم) من سورة الواقعة، ولم تكتب في غيرها، فقال:
(ومنه الجنة مدت فى موضع واحد فى الواقعة [وجنت نعيم] لكونها بمعنى فعل التنعُّم بالنعيم، بدليل اقترانها بالروْح والريحان وتأخرها عنهما، وهما من الجنة، فهذه جنة خاصة بالمنعم بها.
وأما (من ورثة جنة النعيم) و (أن يدخل جنة نعيم) فإن هذا بمعنى الاسم الكلى .................. ).
(البرهان في علوم القرآن للزركشي 1/ 415) (الطبعة الثالثة 1400هـ-1980)
والسلام عليكم.
الدكتور الهاشمي برعدي الحوات
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[24 Sep 2006, 12:51 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مع إحترامي لجميع الإخوة و آرائهم
فأنا أعتقد بأن الرسم العثماني يعتبر توقيفي
و لا يلزم القول بأنه توقيفي من قبل السابقين حتى نعتبره هكذا
فلماذا لا نقول بأن الأمر كان متعارف عليه (اي أنه توقيفي)
فلما كثر الكلام حوله - متأخرا
بدأ ظهور أقوال بعض العلماء بأن الرسم العثماني توقيفي. و الله أعلم
نقطة أخرى
لا أرى أنه من المنطقي أن تكون نفس الكلمة
تارة تكتب (جنة) و تارة تكتب (جنت) في القرآن الكريم و المعنى واحد
و أكيد أن الصحابة رضوان الله عليهم قد د} وا القرآن الكريم (مدقق)
و لكنهم تركوا هذا الرسم كما هو لحكمة ربانية سيكشف عنها المستقبل بإذن الله تعالى
و الله أعلم
/////////////////////////////////////////////////
ـ[أبو علي]ــــــــ[02 Oct 2006, 11:08 ص]ـ
السلام عليكم
كتبت ردا مطولا حول ما تبين لي من حكمة في رسم الكلمة في القرآن إلا أن الجهاز تجمد عن الحركة فضاع ما كتبته.
كتبت عن الحكمة من كتابة (بسم الله) بدون ألف و (نعمت، رحمت، كلمت، شفعاؤ، ضعفاؤ ... ).
سأكتفي الآن بإبداء ما تبين لي في كتابة كلمة (شجرت) و (جنت) فأقول:
سبحان الذي أحكم آيات الكتاب لفظا ورسما فأعطى الكلمة حقها التي تستحقه، فقد تأتي الكلمة لتعبر عن معناها المعلوم وقد تأتي لتعبر عن معنى أعظم مما هو معلوم، فهل من العدل ومن الحكمة أن تستويان رسما؟
قال تعالى: فروح و ريحان و جنت نعيم.
(جنت نعيم) هنا كتبت بتاء مفتوحة لتظهر التميز عن جنة الدنيا، فقد يكون هذا المتوفى ملكا صالحا من ملوك الدنيا ترك خلفه جنة نعيم في الدنيا، فإذا كان صالحا فسيدخله الله جنة نعيم في الآخرة. فهل جنة النعيم في الآخره كجنة في الدنيا؟
ليست كجنته الفانية بل هي خير وأبقى، إذن فرسم (جنت) هنا ينبغي
أن يتميز ويختلف عن (جنة) الدنيا.
وقال تعالى: إن شجرت الزقوم طعام الأثيم.
إنها شجرة ليست كالأشجار، الأشجار تحتاج إلى الماء للري، والنار تحرق كل شيء، وشجرة الزقوم تنبت في أصل الجحيم.
إذن فهي شجرة ليس لها مثيل في الحياة الدنيا فليس من الحكمة أن تتساوى (رسما) مع الشجر، فهي شجرت وليست شجرة.
ـ[عبدالقادر]ــــــــ[02 Oct 2006, 03:27 م]ـ
من فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية.
مرجع الفتوى: [مجموع الفتاوى، الجزء رقم: 13، صفحة:420].
السؤال:
وسئل- رحمه الله- عمن يقول عن الإمام مالك أنه قال: من كتب مصحفًا على غير رسم المصحف العثماني، فقد أثم، أو قال: كفر، فهل هذا صحيح؟ وأكثر المصاحف اليوم على غير المصحف العثماني، فهل يحل لأحد كتابته على غير المصحف العثماني بشرط ألا يبدل لفظًا، ولا يغير معنى، أو لا؟
الجواب:
أما هذا النقل عن مالك فى تكفير من فعل ذلك فهو كذب على مالك، سواء أريد به رسم الخط أو رسم اللفظ، فإن مالكًا كان يقول عن أهل الشورى: إن لكل منهم مصحفًا يخالف رسم مصحف عثمان، وهم أجلُّ من أن يقال فيهم مثل هذا الكلام، وهم: علي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف مع عثمان.
وأيضًا فلو قرأ رجل بحرف من حروفهم، التي تخرج عن مصحفٍ عثماني ففيه روايتان عن مالك وأحمد، وأكثر العلماء يحتجون بما ثبت من ذلك عنهم، فكيف يكفر فاعل ذلك؟!.
وأما اتباع رسم الخط بحيث يكتبه بالكوفي، فلا يجب عند أحد من المسلمين، وكذلك اتباعه فيما كتبه بالواو والألف هو حسن، لفظ رسم خط الصحابة.
وأما تكفير من كتب ألفاظ المصحف بالخط الذي اعتاده، فلا أعلم أحدًا قال بتكفير من فعل ذلك، لكن متابعة خطهم أحسن، هكذا نقل عن مالك وغيره. والله أعلم. .
ألا يظهر من هذا القول أن الرسم العثماني ليس توقيفي
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[04 Oct 2006, 01:17 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا:
رحم الله مالكا و ابن تيمية - علمائنا الأفاضل
ثانيا:
هما ليسا معصومين يا أخي الحبيب
فأنت نقلت لنا رأيهما - بارك الله فيك
(يُتْبَعُ)
(/)
و هناك علماء آخرين لهم نفس هذا الرأي
و لكن موضوعنا هو البحث في هذه المسألة
فما أدلة كل من الأطراف
فإن مالكًا كان يقول عن أهل الشورى: إن لكل منهم مصحفًا يخالف رسم مصحف عثمان، وهم أجلُّ من أن يقال فيهم مثل هذا الكلام، وهم: علي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف مع عثمان.
ما الدليل على صحة هذا الكلام!!!
فمن أين عرف أن الصحابة رضوان الله عليهم
كان لهم قرآن يختلف برسمه عن الآخر!!!؟؟
و لا أدري
قد يأتي من يدعي أن قرآن بعض الصحابة مختلف عن صحابي آخر
لوجود آيات مكتوبة في قرآنه لم يعلم بأنها نسخت
فتركها دون محيها من القرآن ليخالف قرآن الآخرين!!؟؟
طبعا هذا الكلام لا يجوز يا إخوان
فهذا سيفتح علينا باب الطعن في القرآن الكريم
و سيأتي من يرسم القرآن على خلاف القرآن الذي بين أيدينا هذا اليوم
آخذاً بهذه الحجة!!!؟؟
فهل الخطأ الإملائي قد وقع من صحابي عندما كتب كلمة (جنت) بدلا من (جنة)!!!؟؟
ثم بقية الصحابة لم يصححوها له
طبعا الذي يقرأ القرآن يعلم بأن القرآن الكريم فيه الكثير من الكلمات التي جاء رسمها مختلف
فهل يعقل بأن كل هذه الكلمات الكثيرة تعتبر خطأ إملائي من بعض الصحابة!!!؟؟
لا أعتقد بأن صحابي يعترض بأن يصحح له صحابي آخر (جنت النعيم) إلي (جنة النعيم) - اليس كذلك؟؟
على العموم
أنا من أصحاب الرأي الآخر
أي أصحاب أن الرسم العثماني معجز
فالصحابة رضوان الله عليهم من أحرص الناس لتدقيق القرآن الكريم
بما فيه رسمه
و إجماعهم على هذا الرسم فيه دلالة كبيرة على أن الأمر توقيفي
و لا أعتقد بأن معارضة بعض الصحابة لحرق مصاحفهم كان من أجل رسم الأحرف
بل لأنه أمر جديد عليهم مستحدث لم يقم به النبي عليه الصلاة و السلام
و إرادة عثمان رضي الله عنه بأن يجعل القرآن الكريم موحدا للدولة الإسلامية
لا ينسخ إلا منه خوفا من وقوع تحريف فيه
فتخيلوا لو أن عثمان رضي الله عنه لم يقم بهذا العمل
لكان كل مسلم يكتب قرآنه حسب سماعه و حفظه للكلمة
و لأصبح القرآن الكريم متعدد الرسم
كل مسلم يرسمه حسب ما يسمعه و يلفظه
و أخيرا
الله تعالى أعلم
/////////////////////////////////////////////////
ـ[عبدالقادر]ــــــــ[04 Oct 2006, 03:25 م]ـ
سلام عليكم أخي
كي تزداد الحجة قوه يجب احضار قول أقوى من قول المخالف
فقد نقدت كلام ابن تيمية برأيك الشخصي ورددت قول مالك بكلامك أنت فلم تؤيد كلامك ولو بقول عالم فوقعت بذلك بالذي ذممته مني بأن قول العالم ليس دليل بل يستدل عليه بل أشد حيث حكمت رأيك فقط وجئت بإجماع الصحابة ولم تذكر من يؤيد هذاالكلام
فأرجو منك أن تلتزم بالذي أخذته علي وبالذي طلبته أنت وأنت تحضر دليل غير كلمة أعتقد التي أكثرت منها وبهذا تتم الفائدة العلمية أكثر
خذ أخي هذه بعض الأدلة التي قرأتها
والذى يظهر لنا والله تعالى اعلم ان رسم المصحف العثماني غير توقيفي ونستدل على قولنا هذا بخمسة امور.
(الامر الاول) ان من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم كونه أميا لا يكتب ولا يقرأ كتابا كما قال تعالى " وما كنت تتلوا من قبلهمن كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون) " فكيف يملى عليه الصلاة والسلام زيد بن ثابت على حسب قواعد الكتابة والاملاء من نحو الزيادة والنقص والوصل والفصل.
فهل كان يقول صلى الله عليه وسلم لكاتب الوحى اكتب كلمة " ابراهيم " في سورة البقرة كلها بغير ياء واكتبها في بقية القرآن بالياء واكتب كلمة " بأييد " بياءين.
واكتب كلمة " وجائ يومئذ بجهنم " بزيادة ألف بعد الجيم.
واكتب كلمة " لشائ " بزيادة ألف بعد الشين واكتب كلمة " أفإين مات (4) " بزيادة ياء قبل النون.
واكتب كلمة " الله يبدؤا الخلق " بهمزة فوق الواو وألف بعدها.
واكتب هذه الكلمات " جاءو.
" سعوا " التى بالحج بالالف بعد الواو.
واحذفها من " سعو " التى بسبأ.
واكتب كلمة " واخشوني " بالياء في البقرة واحذفها منها في التى بالمائدة واحذف اللام الثانية من كلمة " اليل " وأثبتها في كلمة " اللؤلؤ " واكتب الكلمات " الصلوة.
الزكوة. فاءو.
باءو.
تبوءو " بغير ألف فيها بعد واو الجماعة وفيما عدا هذه الكلمات أثبت الالف بعدها.
واكتب كلمة " مائة " بالالف واكتب كلمة " فئة " بغير ألف.
واكتب كلمة
(يُتْبَعُ)
(/)
الربوا " بالواو واكتب " قرت عين لى " بالتاء واكتب " قرة اعين " بالهاء وافصل كى عن لا في " كى لا يكون دولة " وأوصلها في " لكيلا تأسوا " وهكذا في جميع القرآن.
فان كان املاء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن لكاتب الوحى بهذه الصفة فالرسم توقيفي بلا جدال لكن لم نر منقولا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يملى كاتب الوحى بهذه الصفة والكيفية، فلو كان كذلك لتواتر عنه صلى الله عليه وسلم وما كان ذلك خافيا على احد، ولو كان كذلك ايضا لكان عليه الصلاة والسلام عارفا باصول الكتابة وقواعد الاملاء وكيف وهو النبي الامي (الامر الثاني) لما اختلف زيد بن ثابت ومن معه في كلمة " التابوت " أيكتبونه بالتاء ام بالهاء رفعوا الامر إلى عثمان رضى الله عنه فأمرهم ان يكتبوها بالتاء.
فلو كان الرسم توقيفيا باملاء النبي صلى الله عليه وسلم بالكيفية التى ذكرناها لقال لهم زيد إن النبي صلى الله عليه وسلم امرني بكتابتها بالتاء ولقال عثمان لزيد كاتب الوحى اكتبها بالكيفية التى املاك بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
(الامر الثالث) لو كان الرسم توقيفيا لما اختلف الرسم
في المصاحف التى ارسلها عثمان رضى الله عنه إلى المدن والامصار
(الامر الرابع) لو كان الرسم توقيفيا لصرح بذلك الامام مالك ولما جوز كتابة الصحف والالواح للصغار المتعلمين بغير الرسم العثماني ولصرح بذلك ايضا جميع الائمة.
(الامر الخامس) لو كان الرسم توقيفيا لنعتوه (بالرسم التوقيفى) أو (بالرسم النبوى) وما كانوا نعتوه (بالرسم العثماني) نسبة لعثمان بن عفان فاستدلالهم بأن زيد بن ثابت كتب كلمة (واخشوني) بالبقرة باثبات الياء وكتبها في المائدة بحذفها في غير محله، لان ثبوت الياء أو حذفها يعلم من وقوف القارئ على الكلمة، فان وقف بالسكون على نون واخشوني كتبت بالنون فقط وان وقف على الياء كتبت بالياء قال بعضهم ان مدار الرسم والكتابة * معتبر بالوقف والبداءه فزيد بن ثابت عرف ذلك من وقف النبي صلى الله عليه وسلم على الكلمة، فعلم مما ذكرناه ان رسم المصحف ليس توقيفيا وانما هو من وضع الصحابة واصطلاحهم لحكمة لم ندركها
..................................... انتهى النقل ............................................. .............
هذا ما يسره الله الكريم في القول بأن الرسم العثماني ليس توقيفي(/)
كتاب: مذهب أهل السنة في التفسير (1): أحمد بزوي الضاوي
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[09 Sep 2006, 04:25 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
وبعد، هذا الكتاب عبارة عن دراسة علمية للمذهبية السنية في تفسير الخطاب القرآني، و هو محاولة تروم صياغة نظرية متكاملة في تفسير الخطاب القرآني، من خلال دراسة أصول التفسير و قواعده كما سطرها أهل السنة و الجماعة. و هو هدية لرواد الموقع، آمل أن يكون مفيدا، فلا تنسونا من صالح الدعاء.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.(/)
(ومكروا ومكر الله)
ـ[ابن ماجد]ــــــــ[09 Sep 2006, 07:54 م]ـ
(ومكروا ومكر الله)
قيل: أنه من باب المشاكلة، أي لا يجوز أن يوصف الله بالمكر إلا لأجل ما ذُكر معه من لفظ آخر مسند لمن يليق به. أي أن نسبة المكر إلى الله من حيث الصورة لا من حيث المعنى.
وقد جاء ذلك من غير مشاكلة في قوله: (أفأمنوا مكر الله، فلا يأمن مكر الله)
قال ابن عطية: (ومعنى " مَكْر الله " أي إضافة المخلوق إلى الخالق كقولهم: ناقة الله وبيت الله، والمراد به فعل يعاقب به الكفرة، وأًضيف إلى الله لما كان عقوبة الذنب، فإن العرب تسمي العقوبة على اي جهة كانت باسم الذنب الذي وقعت عليه العقوبة، وهذا نص في قوله: (ومكروا ومكر الله))
السؤال هل هناك فرق بين التفسيرين للآية الكريمة: (ومكروا ومكر الله)؟ أي بين من يقول أنها من باب المشاكلة و من يقول أنها من تسمية الذنب باسم العقوبة كما جاء في تفسير ابن عطية؟ أم أنهما واحد
نريد الإيضاح جزاكم الله خيرًا
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[11 Sep 2006, 02:44 م]ـ
مما ورد في هذه الصفة قول الله تعالى: (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين) [آل عمران: 54]، وقوله تعالى: (ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا وهم لا يشعرون) [النمل: 50]، وقوله: (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) [الأعراف: 99].
وقد ذهب بعض أهل العلم من المفسرين والبلاغيين إلى أن المكر المضاف إلى الله عز وجل ليس على حقيقته، وإنما هو من باب المشاكلة، وهي ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته، أو من باب المجاز بعلاقة المقابلة، وهي بمعنى المشاكلة، أو بعلاقة السببية أي أن عقوبتهم مسببة عن مكرهم، فالمكر سبب للعقوبة، فسمي السبب باسم المسبب، واللجوء إلى هذا التأويل نشأ لما يعتقده هؤلاء من نفي الصفة عن الله عز وجل، أو أن المكر مذموم على الإطلاق، فيستحيل وصف الله عز وجل به.
وقد احتمل بعضهم (أن يكون مكر الله حقيقياً؛ لأن المكر هو التدبير فيما يضر الخصم خفية، وهذا متحقق من الله عز وجل باستدراجه إياهم بنعمه مع ما أعده لهم من نقمه) (1).
وهذا الذي ذكروه بصيغة الاحتمال هو الحق، وهو ظاهر اللفظ في المعنى الموضوع له، لأن المكر منه ما هو محمود ومنه ما هو مذموم، إذ المكر هو: التوصل إلى إيقاع الخصم من حيث لا يشعر (2)، ويوصف به الله في مقام المدح، لا على الإطلاق، كما في مقام الجزاء والعقوبة ومقابلة مكر الماكرين، ولذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «وامكر لي ولا تمكر علي» (3)، قال الفيروزأبادي: (المكر: صرف الغير عما يقصده بنوع من الحيلة… والمكر ضربان: محمود؛ وهو ما يتحرى به أمر جميل، وعلى ذلك قوله تعالى: "والله خير الماكرين"
ومذموم؛ وهو ما يتحرى به فعل ذميم، نحو قوله تعالى: "ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله") (4).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رداً على القائلين بالمجاز: (وكذلك ما ادعوا أنه مجاز في القرآن، كلفظ ”المكر والاستهزاء والسخرية“ المضاف إلى الله، وزعموا أنه مسمى باسم ما يقابله على طريق المجاز، وليس كذلك؛ بل مسميات هذه الأسماء إذا فعلت بمن لا يستحق العقوبة كانت ظلماً له، وأما إذا فعلت بمن فعلها بالمجني عليه عقوبة له بمثل فعله كانت عدلاً) (5).
وقال ابن القيم بعد أن ذكر آيات في صفتي المكر والكيد: (وقد قيل: إن تسمية ذلك مكراً وكيداً واستهزاء وخداعاً من باب الاستعارة ومجاز المقابلة، نحو: "وجزاء سيئة سيئة مثلها"، ونحو قوله: "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم".
وقيل –وهو أصوب-: بل تسمية ذلك حقيقة على بابه؛ فإن المكر: إيصال الشيء إلى الغير بطريق خفي، وكذلك الكيد والمخادعة، ولكنه نوعان: قبيح وهو إيصال ذلك عمن لا يستحقه، وحسن وهو إيصاله إلى مستحقه عقوبة له، فالأول مذموم والثاني ممدوح، والرب إنما يفعل من ذلك ما يحمد عليه عدلاً منه وحكمة) (6)
(يُتْبَعُ)
(/)
وفي مختصر الصواعق كلام تام حول وصف الله عز وجل بهذه الصفة وغيرها من الصفات التي غلب استعمال العامة لها في المعاني المذمومة، كالمكر والخداع والاستهزاء والكيد، قال فيه بعد أن ذكر جملة من الآيات فيها: (لما كان غالب استعمال هذه الألفاظ في المعاني المذمومة ظن المعطلون أن ذلك هو حقيقتها، فإذا أطلقت لغير الذم كانت مجازاً. والحق خلاف هذا الظن، وأنها منقسمة إلى محمود ومذموم، فما كان منها متضمناً للكذب والظلم فهو مذموم، وما كان منها بحق وعدل ومجازاة على القبيح فهو حسن ممدوح، فإن المخادع إذا خادع بباطل وظلم، حسن من المجازي له أن يخدعه بحق وعدل، وكذلك إذا مكر واستهزأ ظالماً متعدياً، كان المكر به والاستهزاء عدلاً حسناً…) ثم قال: (فعلم أنه لا يجوز ذم هذه الأفعال على الإطلاق، كما لا تمدح على الإطلاق، والمكر والكيد والخداع لا يذم من جهة العلم ولا من جهة القدرة، فإن العلم والقدرة من صفات الكمال؛ وإنما يذم ذلك من جهة سوء القصد وفساد الإرادة، وهو أن الماكر المخادع يجور ويظلم بفعل ما ليس له فعله أو ترك ما يجب عليه فعله)، ثم قال: (والمقصود أن الله سبحانه لم يصف نفسه بالكيد والمكر والخداع إلا على وجه الجزاء لمن فعل ذلك بغير حق، وقد علم أن المجازاة على ذلك حسنة من المخلوق، فكيف من الخالق سبحانه، وهذا إذا نزلنا ذلك على قاعدة التحسين والتقبيح العقليين؛ وأنه سبحانه منزه عما يقدر عليه مما لا يليق بكماله، ولكنه لا يفعله لقبحه وغناه عنه، وإن نزلنا ذلك على نفي التحسين والتقبيح عقلاً؛ وأنه يجوز عليه كل ممكن ولا يكون قبيحاً، فلا يكون الاستهزاء والمكر والخداع منه قبيحاً ألبتة، فلا يمتنع وصفه به ابتداء، لا على سبيل المقابلة على هذا التقدير، وعلى التقديرين فإطلاق ذلك عليه سبحانه على حقيقته دون مجازه) (7)، والله أعلم.
=================================
(1) انظر: مجاز القرآن/209 و442، ومقدمة تفسير ابن النقيب/36، والإيضاح/400.
(2) انظر: لسان العرب5/ 183.
(3) أخرجه أحمد (1/ 227 - ح1997)، وأبو داود (ح1510)، والترمذي (ح3551) وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه (ح3830)، والحاكم (1/ 519) وصححه ووافقه الذهبي، وصححه أحمد شاكر في تحقيق المسند، والألباني في صحيح سنن أبي داود (ح1337).
(4) بصائر ذوي التمييز4/ 516، وانظر: حاشية الدسوقي على مختصر السعد، ضمن شروح التلخيص3/ 181.
(5) الإيمان/106، وهو ضمن مجموع الفتاوى7/ 111، وانظر: إعلام الموقعين3/ 217، ومجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين1/ 170.
(6) إعلام الموقعين3/ 218، وانظر: صفات الله عز وجل/129.
(7) مختصر الصواعق المرسلة/292.
ـ[ابن ماجد]ــــــــ[12 Sep 2006, 03:51 م]ـ
جزاك الله خيرًا
ولعلك تسمح لي بنقله للفائدة
ـ[منصور مهران]ــــــــ[13 Sep 2006, 12:18 ص]ـ
شكرا لأخينا الأستاذ يوسف العليوي على هذه الفوائد، ونبدي للجميع أن ابن القيم قال كلمة جميلة وهي أقرب أن تكون فاصلة في بيان هذه القضية وتمام الرد على شبهات الذين يتصيدون القول لإثارة الفتنة وإيقاظها.
وشكرا لأخينا الأستاذ ابن ماجد الذي فطن إلى مسألة هامة من مسائل العلم يجب على كل مسلم معرفة أدنى إصابة فيها.
وشكرا للقائمين على هذا الموقع إذ أتاحوا للجميع فرصة المعرفة الدقيقة للمشتبهات من الأمور، وبارك الله لجميع هؤلاء الذين سعدنا بشكرهم والإشادة بفضلهم.
ـ[يوسف العليوي]ــــــــ[27 Sep 2006, 02:00 ص]ـ
أخي العزيز
لك أن تفيد منه ومن كل ما أكتبه في هذا الموقع المبارك، إن رأيت أن ما أكتبه يستحق الإفادة، والأصل في ما يكتب في هذا الموقع أو غيره ان يفاد منه.
وأسأل الله لي ولك ولإخواني التوفيق والسداد(/)
موقع "التفسير" أشمل مرجع قرآني مجاني موجود حاليا
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[09 Sep 2006, 11:05 م]ـ
موقع “التفسير “هو أشمل مرجع قرآني مجاني موجود حاليا على شبكة الإنترنت، وهو موقع غير
ربحي يتضمن أوسع مجموعة من تفاسير القرآن الكريم والتراجم والدراسات المتعلقة به. بدأ تطبيق
هذا المشروع عام 2001 عن طريق مؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي في عمان- الأردن، والآن يمكن
زيارة الموقع والاستفادة من جميع المزايا الفريدة التي يقدمها حيث يحتوي على النصوص الأصلية
العربية لأكثر من 90 كتاب والتي يمكن من خلالها الإطلاع على التفسير وأحكام التجويد والأحاديث
النبوية الشريفة بالإضافة إلى الدراسات الإسلامية الأخرى المتعلقة بالقرآن وعلومه.
يحتوي موقع التفسير على مواد قيّمة ومتنوعة، فبالإضافة إلى تقديم التفسير الأصلي للقرآن الكريم
للمدارس الدينية الإسلامية السبعة، فإن الموقع يضم أيضاً أعمالاً ذات طابع ديني روحاني ولغوي
وفلسفي. وللمرة الأولى وفي موقع واحد يتم جمع الدراسات المقارِنة بين المذاهب والمدارس الحنفية
والشافعية والمالكية والحنبلية والجعفرية والزيدية والإباضية، والتي يمكن الاطلاع عليها ضمن برامج
البحث والشاشات المتعددة. وبفضل استخدام أحدث التكنولوجيا، وباستخدام الروابط التشعبية فإنه
بالإمكان الوصول إلى النصوص المطلوبة آية بآية أو كلمة بكلمة.
ويمكنك الاستماع للآيات القرآنية بجميع المقامات.
وما ذلك إلا غيض من فيض، تصفحه وستجد العجب العجاب.
www.altafsir.com
منقول (الدال على الخير كفاعله)
ـ[محمد العبدالله]ــــــــ[10 Sep 2006, 08:05 م]ـ
جزاكم الله خيرا وأجزل لكم العطاء
ـ[نورة]ــــــــ[11 Sep 2006, 03:29 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[11 Sep 2006, 09:28 ص]ـ
ماذا وراء الأكمة
وهل أضحت تفاسير الرافضة قسيمة لتفاسير أهل السنة
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل أن السيف أمضى من العصا
وكيف يروج لتفسير القمي والطوسي والكاشاني مع تفاسير الأئمة الطبري وابن كثير
انظر رحمك الله ما في تفسير
الكاشاني حيث ينسب إلى ابي بكر وعمر وحفصة وعائشة أنهم هموا بان يسموا رسول الله
أيحل نقل مثل هذا
قال في سورة التحريم
كان سبب نزولها انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان في بعض بيوت نسائه وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه وكان ذات يوم في بيت حفصة فذهبت حفصة في حاجة لها فتناول رسول الله صلّى الله عليه وآله مارية فعلمت حفصة بذلك فغضبت واقبلت على رسول الله صلّى الله فقالت يا رسول الله في يومي وفي داري وعلى فراشي فاستحيى رسول الله صلى الله عليه وآله منها فقال كفى فقد حرّمت مارية على نفسي ولا اطأها بعد هذا ابداً وانا افضي اليك سرّاً ان انت اخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والنّاس اجمعين فقالت نعم ما هو فقال انّ ابا بكر يلي الخلافة بعدي ثمّ بعده ابوك فقالت مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ فأخبرت حفصة به عائشة من يومها ذلك واخبرت عائشة ابا بكر فاسأل انت حفصة فجاء عمر الى حفصة فقال ما هذا الذي اخبرت عنك عائشة فأنكرت ذلك وقالت ما قلت لها من ذلك شيئاً فقال لها عمر انّ هذا حقّ فأخبرينا حتى نتقدّم فيه فقالت نعم قد قال رسول الله فاجتمعوا اربعة على ان يسمّوا رسول الله صلّى الله عليه وآله فنزل جبرئيل على رسول الله صلّى الله عليه وآله بهذه السورة قال واظهره الله عليه يعني اظهره الله على ما اخبرت به وما همّوا به من قتله عرف بعضه أى خبرها وقال لم اخبرت بما اخبرتك واعرض عن بعض قال لم يخبرهم بما يعلم ممّا همّوا به من قتله
ـ[ابو حنيفة]ــــــــ[12 Sep 2006, 12:27 م]ـ
بارك الله فيكم اخي الكريم
ملاصقة الكتب والعلوم بعضها جنب بعض لايعني تساويها في الصحة والقدر، ولاأرى ان البحث فيها وخصوصا لمن تخصص في هذا من طلاب العلم في هذا الملتقى بأسا لانهم قد حصونا انفسهم من شبهها .....
وأما هل هذا ترويج لها أقول قد لايكون هذا ترويجا ..... اذ ان الاستدلال من الكتب المخالفة يعتبر أقوى حجية عليهم .... ومااستدلالك بهذا الخبر الا دليل عليه.
وأما انا فناقل لخبر .... (ومثلك لايخفى عليه حكم الناقل)
ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[12 Sep 2006, 09:21 م]ـ
ماذا وراء الأكمة
وهل أضحت تفاسير الرافضة قسيمة لتفاسير أهل السنة
ألم تر أن السيف ينقص قدره إذا قيل أن السيف أمضى من العصا
وكيف يروج لتفسير القمي والطوسي والكاشاني مع تفاسير الأئمة الطبري وابن كثير
انظر رحمك الله ما في تفسير
الكاشاني حيث ينسب إلى ابي بكر وعمر وحفصة وعائشة أنهم هموا بان يسموا رسول الله
أيحل نقل مثل هذا
قال في سورة التحريم
كان سبب نزولها انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان في بعض بيوت نسائه وكانت مارية القبطية تكون معه تخدمه وكان ذات يوم في بيت حفصة فذهبت حفصة في حاجة لها فتناول رسول الله صلّى الله عليه وآله مارية فعلمت حفصة بذلك فغضبت واقبلت على رسول الله صلّى الله فقالت يا رسول الله في يومي وفي داري وعلى فراشي فاستحيى رسول الله صلى الله عليه وآله منها فقال كفى فقد حرّمت مارية على نفسي ولا اطأها بعد هذا ابداً وانا افضي اليك سرّاً ان انت اخبرت به فعليك لعنة الله والملائكة والنّاس اجمعين فقالت نعم ما هو فقال انّ ابا بكر يلي الخلافة بعدي ثمّ بعده ابوك فقالت مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ فأخبرت حفصة به عائشة من يومها ذلك واخبرت عائشة ابا بكر فاسأل انت حفصة فجاء عمر الى حفصة فقال ما هذا الذي اخبرت عنك عائشة فأنكرت ذلك وقالت ما قلت لها من ذلك شيئاً فقال لها عمر انّ هذا حقّ فأخبرينا حتى نتقدّم فيه فقالت نعم قد قال رسول الله فاجتمعوا اربعة على ان يسمّوا رسول الله صلّى الله عليه وآله فنزل جبرئيل على رسول الله صلّى الله عليه وآله بهذه السورة قال واظهره الله عليه يعني اظهره الله على ما اخبرت به وما همّوا به من قتله عرف بعضه أى خبرها وقال لم اخبرت بما اخبرتك واعرض عن بعض قال لم يخبرهم بما يعلم ممّا همّوا به من قتله
بارك الله فيك
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو عمر السيد]ــــــــ[16 Sep 2006, 11:47 ص]ـ
هذا الموقع موقع لا يعلى عليه نسأل الله أن يثبت القائمين عليه على طريق الحق ويوفقهم لكل خير(/)
منهج سيد قطب في التفسير: الدراسة التفصيلية للسورة، و التفسير الموضوعي.
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[10 Sep 2006, 01:14 ص]ـ
الدراسة التفصيلية أو التفسير التفصيلي للسورة القرآنية
القسم الأول من تفسير سورة البقرة نموذجا:
1 - المقصود بالدراسة التفصيلية أو التفسير التفصيلي هو الطريقة التي يفسر بها سيد قطب الآيات المكونة للسورة، فهو - بعد أن يفرغ من الدراسة الإجمالية للسورة - لا ينكب مباشرة- كغيره من المفسرين- على تفسير آيات السورة التي يعنى بتفسيرها، وإنما له طريقة خاصة، ومنهج خاص، يمكننا أن نوضحه في الخطوات المنهجية التالية:
أ- يعمد سيد قطب في التفسير التفصيلي إلى تقسيم السورة إلى مقاطع أو دروس مكونة لفكرة شاملة ومتكاملة، وهو يورد نص المقطع قبل مباشرة تفسيره.
ب- يحاول وضع يد القارئ على مفتاح المقطع أو الدرس بأن يطلعه على فكرة المحورية التي يعالجها، والأفكار الثانوية المكونة له، وقد يستطرد إلى مناقشة بعض القضايا العقدية أو الاجتماعية أو الأدبية، وبذلك فهو يتردد بين النزعة الأدبية الهدائية.
ت- بعد ذلك يشرع في تفسير الآيات المكونة للمقطع آية آية. فيورد نص الآية، ويعقبها بفكرتها الرئيسية ثم يحللها إلى أفكار ثانوية، ثم يعرض بعد ذلك لكل فكرة وموضوع على حدة.
ث- بعد أن يفرغ من تحليل آية من الآيات المكونة للمقطع تفصيليا - ويمكننا أن نصطلح عليه بالتفسير التشريحي- يعمل على تجميع هذا الشتات ليكون منه فكرة رئيسية متكاملة، هادفة، تكون بمثابة العبرة أو الموعظة المستخلصة أو الدرس المحصل من تفسير الآية الكريمة.
2 - القسم الأول من تفسير سورة البقرة نموذجا: ويتكون هذا القسم من ستة مقاطع، وكل مقطع يتكون من جملة بنيات، وكل بنية تتكون من عدد من العناصر. وهذا عرض مفصل لمحتويات كل مقطع من مقاطع القسم الأول من تفسير سورة البقرة:
أ- المقطع الأول:
1. سرد الآيات المكونة للمقطع، وهي من الآية الأولى إلى الآية 29، ويعتبره سيد قطب افتتاحا للسورة الكبيرة، وهو يقدم لهذا المقطع بمقدمة صغيرة يبين فيها بعض جوانب إعجاز القرآن الكريم.
تقسيم المقطع إلى بنيات وهي عبارة عن عدد من الآيات، وعدد بنياته بنيتان:
* البنية الأولى وتشغل من ص 38 إلى 46 وهي تتكون من مجموعة عناصر هي:
* حقيقة القرآن.
* صفة المتقين.
* صفة الكافرين.
* صفة المنافقين.
وسيد قطب يربط بين هذه البنية والبنية التي تتلوها، والمكونة من جملة آيات تبتدئ بقوله تعالى {يا أيها الناس اعبدوا ربكم} (1). فيبين أن هذه الدعوة إلى عبادة الله موجهة إلى كل الناس ليختاروا الصورة المثلى من بين الصور الثلاث السابقة وهي صورة المتقين. وهذا يوضح انه كان على وعي بالوحدة النسقية للسورة القرآنية، وإن لم يصرح بذلك، وسنبين أنه لم يكن يسميها وحدة موضوعية ولا وحدة عضوية، وإنما سماكها وحدة متماسكة.
* البنية الثانية للمقطع الأول وهي تشغل من ص 46 إلى ص 54، وهي الاخرى تتضمن مجموعة عناصر وهي:
- الدعوة العامة إلى عبادة الله تعالى.
- تحدي منكري نبوة الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ بالإتيان بسورة واحدة مشابهة لسورة القرآن الكريم.
- مشهد الجنة، ومشهد النار.
- الحديث عن الأمثال التي يضربها الله تعالى في القرآن.
ويختم قطب المقطع بخاتمة قصيرة، يقول فيها: «وهكذا تنتهي الجولة الأولى في السورة، وكلها تركيز على الإيمان، والدعوة إلى اختيار موكب المؤمنين المتقين» (1).
وهذه الخاتمة عبارة عن خلاصة للمقطع يمكن أن يخرج بها القارئ بعد التفسير التفصيلي للسورة.
ب- المقطع الثاني:
1. سرد الآيات المكونة للمقطع وهي تبدأ من الآية 30 إلى الآية 39.
2. مقدمة المقطع: وهي تتضمن حديثا عن طبيعة وأهداف القصص القرآنية ويرد فيها على من يدعون أن هناك تكرارا في هذا القصص، وأن أحداثه ليست واقعية وإنما هي مختلفة أو معدل فيها، وأن المقصود بها مجرد المتاع الفني. ثم يتحدث عن طبيعة الأنبياء في القرآن الكريم ليخلص إلى الحديث عن السياق والجو العام الذي وردت فيه قصة آدم عليه السلام ليوضح تناسقها وتناغمها مع السياق.
(يُتْبَعُ)
(/)
3. وهذا المقطع ليس كغيره من المقاطع الأخرى، فهو لا ينقسم إلى بنيات لأنه لحمة واحدة، فهو من أوله إلى آخره يتناول قصة آدم عليه السلام ومن ثم فهو عبارة عن بنية واحدة مقسمة إلى مجموعة من العناصر هي:
? آدم عليه السلام هو خليفة الله في الأرض.
? الملائكة تعرف أن هذا المخلوق الجديد سيفسد في الأرض.
? الله وهب الإنسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات.
? سجود الملائكة لآدم عليه السلام.
? استكبار إبليس عن السجود لآدم عليه السلام.
? عصيان آدم عليه السلام لربه بأكله من الشجرة.
? نزول آدم وإبليس - لعنه الله- إلى الأرض.
? توبة الله تعالى على آدم عليه السلام.
وبعد ذلك يستطرد سيد قطب إلى الحديث عن الإيحاءات والتصورات والحقائق المستخلصة من قصة آدم عليه السلام. ويمكننا ان نجملها في ما يلي:
? آدم عليه السلام مخلوق ابتداء لعمارة الأرض، وقد ابتلي بالأكل من الشجرة تربية له، وإعدادا له لمواجهة الغواية، وتذوق سوء العاقبة ومعرفة عدوه، والالتجاء بعد ذلك كله إلى الله تعالى.
? استأثر الله تعالى بمعرفة الغيب، والعقل البشري ليس في موسوعه معرفته أو الاطلاع عليه.
? الإنسان هو سيد هذه الأرض، ودوره فيها هو الدور الأول.
? إرادة الإنسان هي مناط العهد مع الله تعالى، وهي مناط التكليف والجزاء.
? الإنسان هو نفسه ميدان المعركة بين عهد الله وغواية الشيطان، بين الإيمان والكفر، بين الحق والباطل.
? الخطيئة فردية والتوبة هي الأخرى فردية.
ويختم المقطع بخاتمة قصيرة يوضح فيها أن قصة آدم عليه السلام تضمنت ثروة «من الحقائق والتصورات القويمة، وثروة من الإيحاءات والتوجيهات الكريمة، وثروة من الأسس التي يقوم عليها تصور اجتماعي وأوضاع اجتماعية، يحكمها الخلق والخير والفضيلة، ومن هذا الطرف نستطيع أن ندرك أهمية القصص القرآنية في تركيز قواعد للتصور الإسلامي، وإيضاح القيم التي يرتكز عليها، وهي القيم التي تليق بعالم صادر عن الله، متجه إلى الله، صائر إلى الله في نهاية المطاف، عقد الاستخلاف فيه قائم على تلقي الهدى من الله والتقيد بمنهجه في الحياة، ومفرق الطريق فيه أن يسمع الإنسان ويطيع ما يتلقاه من الله، أو أن يسمع الإنسان ويطيع لما يمليه عليه الشيطان، وليس هناك طريق ثالث إما لله وإما للشيطان، إما الهدى وإما الضلال، وإما الحق وإما الباطل، وإما الفلاح وإما الخسران، وهذه الحقيقة هي التي يعبر عنها القرآن كله، بوصفها الحقيقة الأولى، التي تقوم عليها سائر التصورات، وسائر الأوضاع في عالم الإنسان» (1).
ج- المقطع الثالث:
1. سرد الآيات المكونة للمقطع وهي من الآية 40 إلى الآية 74.
2. مقدمة المقطع وهي تتضمن الموضوعات التالية:
* محاربة اليهود للإسلام منذ أن هاجر الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ إلى المدينة.
* تذكير اليهود بنعم الله عليهم.
* حملة القرآن على اليهود. أسبابها وأهدافها.
* إعجاز القرآن يتمثل في التناسق الفني والنفسي في الأداء والأسلوب.
3. تقسيم المقطع إلى ثلاث بنيات:
- البنية الأولى وتشمل العناصر الآتية:
* اليهود تلقوا نعم الله تعالى عليهم بالكفر والجحود.
* دعوة بني إسرائيل إلى الوفاء بعهد الله عليهم.
* دعوتهم إلى الإيمان برسالة محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ.
* نهى الله تعالى بني إسرائيل عن المتاجرة بدينه.
* دعوتهم إلى الاندماج في موكب الإيمان.
وبعد ذلك يستطرد سيد قطب إلى الحديث عن آفتين هما:
* آفة المتاجرة بالدين.
* آفة التفريق بين القول والفعل، وبين العقيدة والسلوك.
واما العنصر الأخير من عناصر البنية الأولى فيتعلق بدعوة اليهود خاصة، والناس عامة إلى الاستعادة بالصبر والصلاة، واليقين بلقاء الله تعالى:
- البنية الثانية: وتشمل العناصر التالية:
* تذكير بني إسرائيل بما أنعمه عليهم، وتخويفهم من يوم القيامة.
* قصة اتخاذ بني إسرائيل موسى ـ عليه السلام ـ برؤية الله تعالى جهرة.
* عصيانهم الله تعالى بدخولهم القرية الموعودة على غير الهيأة التي أمرهم الله بها.
* تيسير الله تعالى لبني إسرائيل الطعام في الصحراء، والظل في الهاجرة كما من عليهم بإفاضة الرى على يد موسى ـ عليه السلام ـ.
* ادعاء اليهود بأنهم هم وحدهم المهتدون.
(يُتْبَعُ)
(/)
* مواجهة القرآن الكريم اليهود بمظاهر النكث والنكسة، والتحلل من العهد والعجز عن الاستمساك به.
- البنية الثالثة: وهي تتضمن قصة البقرة التي أمر بنو إسرائيل بذبحها، ويقدم لها سيد قطب بمقدمة قصيرة جاء فيها: «وفي هذه القصة القصيرة - كما يعرضها السياق القرآني مجال للنظر في جوانب شتى، جانب دلالتها على طبيعة بني إسرائيل وجبلتهم الموروثة، وجانب دلالتها على قدرة الخالق وحقيقة البحث، وطبيعة الموت والحياة، ثم جانب الأداء الفني في عرض القصة بدءا ونهاية واتساقا مع السياق» (1).
ويشرع ذلك في التفسير التفصيلي لعناصر البنية:
* أمر الله تعالى بني إسرائيل بذبح البقرة.
* تلكؤ اليهود في ذلك، ومطالبتهم رسول الله موسى ـ عليه السلام ـ بزيادة التفصيل والبيان عن البقرة المراد ذبحها.
* إظهار الله الحق على لسان القتيل بعد ضربه ببعض البقرة المذبوحة.
ويستطرد بعد ذلك إلى الحديث عن جمال الأداء، وتناسقه مع السياق.
* قسوة قلوب بني إسرائيل.
د- المقطع الرابع:
1. سرد آيات المقطع وهي من الآية 75 إلى الآية 103.
2. مقدمة المقطع، وتتضمن الموضوعات الآتية:
الربط بين هذا المقطع والمقطع السابق: «انقضى المقطع السابق في السورة في تذكير بني إسرائيل بأنعم الله عليهم، وجحودهم لهذا الإنعام المتواصل، وباستعراض مشاهد الإنعام والجحود، بعضها باختصار وبعضها بتطويل، وانتهى هذا الاستعراض بتقرير ما انتهت إليه قلوبهم في نهاية المطاف من قسوة وجفاف وجدب، أشد من قسوة الحجارة وجفافها وجدبها. فالآن يأخذ السياق في الاتجاه بالخطاب إلى الجماعة المسملة يحدثها عن بني إسرائيل، ويبصرنا بأساليبهم ورسائلهم في الكيد والفتنة، ويحذرنا كيدهم ومكرهم على ضوء تاريخيهم وجبلتهم، فلا تنخدع بأقوالهم ودعاويهم ورسائلهم الماكرة في الفتنة والتضليل، ويدل طول هذا الحديث وتنوع أساليبه على ضخامة ما كانت تلقاه الجماعة من الكيد المنصوب لها، والمرصود لدينا من أولئك اليهود» (1).
• تحذير المسلمين من بني إسرائيل، وتبصيرهم بأساليبهم في الكيد والفتنة.
• تفنيد دعاوي بني إسرائيل.
3. تقسيم المقطع إلى بنيات أربع وهي:
* البنية الأولى وتتضمن العناصر الآتية:
• تيئيس المسلمين من إيمان اليهود.
• إظهار اليهود الإيمان نفاقا ورياء، وخداعا ومراوغة.
• اليهود فريقان: فريق أمي جاهل، وفريق اتخذ الدين خرفة يستغل بها الناس.
• أماني اليهود المتمثلة في أنهم ناجون من النار مهما فعلوا، وأنهم لن يمكثوا فيها إلا أياما معدودات أماني «لا تستقيم مع عدل الله - تعالى- ولا تتفق مع سنته، ولا تتمشى مع التصور الصحيح للعمل والجزاء» (1).
• الجزاء من جنس العمل، ووفق هذا العمل.
* البنية الثانية، وهذه عناصرها:
• نكول بني إسرائيل عن العهد والميثاق الذي أخذه الله عليهم.
• تناقض اليهود في العمل بحكم التوراة.
* البنية الثالثة وهي تتكون من عدد من العناصر:
• موقف بني بني إسرائيل تجاه النبوات، وتجاه الأنبياء.
• تيئيس اليهود للرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ وللمسلمين من دعوتهم، وحسدهم له على اختياره من قبل الله تعالى ليكون خاتم الأنبياء والرسل.
• اليهود يردون على الدعوة الموجهة إليهم للدخول في دين الإسلام باكتفائهم بالإيمان بما عندهم، فيجيبهم الحق سبحانه بأن ما جاء به الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ هو جزء مما عندهم، ويبطل دعواتهم تلك بأنهم قتلوا الأنبياء، واتخذوا العجل، وكل ذلك دليل قاطع على تركهم الإيمان بما عندهم. وبذلك بين الحق سبحانه أن دعاويهم باطلة، وأن المراد بها تبرير موقفهم من دعوة الإسلام، ونبي الإسلام.
• ادعاء اليهود بأنهم شعب الله المختار.
ويستطرد سيد قطب بعد ذلك إلى الحديث عن أسلوب التصوير والتشخيص الذي وظف في وصف موقف بني إسرائيل من الأنبياء، ومن رسالاتهم.
• حرص بني إسرائيل على الحياة كيفما كانت هذه الحياة.
• عداوة اليهود لجبريل ـ عليه السلام ـ وأن ذلك هو الذي يمنعهم من الإيمان برسالة محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ.
• القرآن يتحداهم بأن جبريل ـ عليه السلام ـ لا يتنزل إلا بإذن الله تعالى.
• القرآن يصدق في عمومه ما سبقه من الكتب السماوية، فأساس دين الله واحد في جميع الكتب السماوية، وجميع الرسالات الإلهية.
* البنية الرابعة وتتضمن العناصر الآتية:
(يُتْبَعُ)
(/)
• تثبيت الله تعالى رسوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ على ما نزل عليه من الحق.
• علة كفر بني إسرائيل برسالة الإسلام هو الفسوق وانحراف الفطرة.
• التنديد باليهود.
• بنو إسرائيل نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وآمنوا بأساطير غامضة، بعيدة عن الحق والواقع.
• القرآن ينفي عن سليمان ـ عليه السلام ـ أنه كان ساحرا، كما ينفي السحر من عند الله.
• ملكا بابل ما هما إلا فتنة وابتلاء لحكمة يعلمها الله تعالى
• القرآن يعتبر السحر وتعلمه واستخدامه كفرا.
• الأسباب لا تفعل فعلها، ولا تنشئ آثارها، وتحقق نتائجها إلا بإذن الله تعالى.
وفي آخر المقطع يستطرد سيد قطب إلى الحديث عن السحر، وهو نوع من التفسير الموضوعي.
هـ - المقطع الخامس:
1. سرد آيات المقطع، وهي من الآية 104 إلى الآية 123.
2. مقدمة المقطع أو الدرس وتتضمن المواضيع الآتية:
• تحذير المسلمين من كيد اليهود.
• اتخاذ اليهود من تحويل القبلة ذريعة للتشكيك في صحة الإسلام.
• الهدف الحقيقي لأهل الكتاب هو تحويل المسلمين عن دينهم.
3. تقسيم المقطع إلى بنيات:
* البنية الأولى وتضم العناصر التالية:
• نهى المسلمين عن قولهم: "راعنا" ودعوتهم إلى استبدالها بـ "انظرنا".
• حقد وحسد اليهود.
• حكمة نسخ بعض الأوامر والتكاليف.
• الهدف الحقيقي لليهود هو تحويل المسلمين عن دينهم.
• دعوة المسلمين إلى العفو والصفح عمن أساء إليهم.
* البنية الثانية وتنقسم إلى عدد من العناصر:
• ادعاء أهل الكتاب بأنهم وحدهم أهل الجنة.
• الجزاء مرتبط بالعمل.
• تبادل الاتهامات بين اليهود والنصارى ومشركي العرب.
* البنية الثالثة وتنقسم إلى العناصر الآتية:
• زعم الفرق الثلاث بأن الله تعالى قد اتخذ ولدا، تعالى ربنا عن ذلك علوا كبيرا.
• تنزيه الله سبحانه عن اتخاذ الولد، وإيضاح العلاقة بين الخالق ومخلوقاته.
ويستطرد سيد قطب بعد ذلك إلى انتقاد الفلسفة وعلم الكلام اللذين وظفا العقل في غير مجاله، وفي غير ما هو مؤهل له، فكانت النتيجة التخبط والضلال (1).
* النظرية الإسلامية تقوم أساسا على التفريق بين وجودين: وجود الخالق ووجود المخلوق.
وهنا ينتقد عقيدة الوجود، ويبين أن الوجود كله يشكل وحدة في صدوره عن الإرادة «الواحدة الخالقة، ووحدة ناموسه الذي يسير به، وحدة تكوينه وتناسقه، واتجاهه إلى ربه في عبادة وخشوع».
• كل مخلوقات الله تعالى تدين له بالعبودية.
• سوء تصور مشركي العرب المتمثل في تحديهم الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ أن يكلمهم الله أو تأتيهم خارقة من الخوارق المادية، وهذا هو نفس ما طالبت به اليهود موسى ـ عليه السلام ـ.
* البنية الرابعة: ويقدم لها سيد قطب بمقدمة صغيرة يذكر فيها بمحتوى البنية السابقة، كنوع من الربط بين البنيات، ثم يورد موجز ما تتضمنه هذه البنية من أفكار: «وإذا انتهت مقولاتهم، وفندت أباطيلهم، وكشفت الدوافع الكامنة وراء أضاليلهم، يتجه الخطاب إلى رسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ يبين له وظيفته ويحدد له تبعاته، ويكشف له عن حقيقة المعركة بينه وبين اليهود والنصارى، وطبيعة الخلاف الذي لا حل له إلا بثمن لا يملكه، ولا يستطيعه! ولو أداه لتعرض لغضب الله مولاه وحاشاه» (1).
وتتكون هذه البنية من العناصر الآتية:
• تقرير صحة رسالة الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ.
• وظيفة الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ تبليغ الدعوة.
• حقيقة المعركة بين الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ واليهود والنصارى.
ويستطرد سيد قطب بعد ذلك إلى الحديث عن حقيقة المعركة بين المسلمين وأعدائهم من اليهود والنصارى والشيوعيين، فيوضح أنها معركة عقيدة، وأن أعداءهم قد أخفوا هذا الجانب، وتظاهروا بأنها معركة من أجل الأرض، أو الاقتصاد، أو السياسة، أو المراكز العسكرية، وذلك حتى يتقوا جيشان عقيدة المسلمين، التي تمثل قوتهم الحقيقية (2).
• تحذير الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ من اتباع أهواء اليهود والنصارى والمشركين.
• التجرد من الهوى يقود إلى الإيمان.
و- المقطع السادس:
(يُتْبَعُ)
(/)
1. يستهله بمقدمة صغيرة تربط هذا المقطع بالمقطع السابق، ويقول فيها: «وبعد هذا التقرير الحاسم، الجازم ينتقل السياق بالخطاب إلى بني إسرائيل، كأنما ليهتف بهم الهتاف الأخير بعد هذه المجابهة وهذا الجدل الطويل، وبعد استعراض تاريخهم مع ربهم وأنبيائهم وبعد الالتفات عنهم إلى خطاب النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ وخطاب المؤمنين .. هنا يجيء الالتفات إليهم كأنه الدعوة الأخيرة، وهم على أبواب الإهمال الإغفال والتجريد النهائي من شرف الأمانة، أمانة العقيدة .. التي نيطت بهم من قديم .. هنا يكرر لهم الدعوة ذاتها التي وجهها إليهم في أول الجولة .. يا بني إسرائيل .. » (1).
2. سرد آيات المقطع، وهي من الآية 124 إلى الآية 141.
3. مقدمة المقطع، وتتضمن المواضيع الآتية:
- التمييز بين طبيعة وبناء المقاطع- أو كما يسميها سيد قطب القطاعات السابقة والمقطع الذي هو بصدد تفسيره: «في القطاعات التي مضت من هذه السورة كان الجدل مع أهل الكتاب، دائرا كله حول سيرة بني إسرائيل، ومواقفهم من أنبيائهم وشرائعهم، ومن مواثيقهم وعهودهم، ابتداء من عهد موسى ـ عليه السلامخ ـ إلى عهد محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ أكثره عن اليهود، وأقله عن النصارى، مع إشارات إلى المشركين عند السمات التي يلتقون فيها مع أهل الكتاب، أو يلتقي معه فيها أهل الكتاب.
فالآن يرجع السياق إلى مرحلة تاريخية أسبق من عهد موسى، يرجع إلى إبراهيم، وقصة إبراهيم - على النحو الذي تساق به في موضعها هذا - تؤدي دورها في السياق، كما أنها تؤدي دورا هاما في ما شجر بين اليهود والجماعة المسملة في المدينة من نزاع حاد متشعب الأطراف» (2).
• أهل الكتاب والقرشيون يرجعون أصولهم جميعا إلى إبراهيم ـ عليه السلام ـ.
• وحدة دين الله، واطراده على أيدي رسله جميعا.
• الإسلام هو الرسالة الأولى والاخيرة للبشرية جمعاء.
• كل هذه الأفكار والحقائق عالجها القرآن الكريم في نسق من
العرض والأداء، والتعبير.
4. بنيات المقطع السادس:
* البنية الأولى وتضم العناصر الآتية:
• وفاء إبراهيم ـ عليه السلام ـ بالتزاماته.
• إمامة إبراهيم ـ عليه السلام ـ للناس.
• الإمامة لا تكون إلا لمن يستحقها بالعمل والشعور، وبالصلاح والإيمان.
• الإمامة محظورة على الظالمين.
• البيت الحرام مثابة ومصلى للناس، وهو ذاته أمن وأمان، وطمأنينة وسلام.
• دعوة سيدنا إبراهيم لربه.
• تنفيذ سيدنا إبراهيم، وسيدنا إسماعيل لأمر الله تعالى، بإعداد البيت وتطهيره للعابدين.
• دعوة سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل لربهما.
ويحاول سيد قطب هنا أن يربط دعاءهما بالسياق الذي جاء فيه: «وإذن فمن كان يربط ديانته بإبراهيم من اليهود والنصارى، ويدعى دعاواه العريضة في الهدى والجنة بسبب تلك الوراثة، ومن كان يربط نسبه بإسماعيل من قريش، فليسمع: إن إبراهيم حين طلب الوراثة لبنيه والإمامة قال له ربه {لا ينال عهدى الظالمين} (1) .. ولما أن دعا هو لأهل البلد بالرزق والبركة خص بدعوته: {من آمن بالله واليوم الآخر} (2) .. وحين قام هو وإسماعيل بأمر ربهما في بناء البيت وتطهيره كانت دعوتهما: أن يكونا مسلمين له، وأن يجعل الله من ذريتهما أمة مسلمة، وأن يبعث في أهل بيته رسولا منهم، فاستجاب الله لهما، وأرسل من أهل البيت محمد بن عبد الله، وحقق على يديه الأمة المسلمة القائمة بأمر الوراثة لدين الله ... » (3).
• الإسلام الخالص الصريح هو مله إبراهيم ـ عليه السلام ـ.
• وصية إبراهيم ويعقوب عليهما السلام لأبنائهما بعبادة الله وحده.
• هناك فرق كبير بين الأمة التي خلت، والجيل الذي كانت تواجهه الدعوة.
* البنية الثانية وتتضمن العناصر الآتية:
• مقدمة صغيرة يحاول أن يبين فيها موقع هذه البنية من سياق المقطع وسياق السورة ككل: «في ظل هذا البيان التاريخي الحاسم لقصة العهد مع إبراهيم، وقصة البيت الحرام كعبة المسلمين. ولحقيقة الوراثة وحقيقة الدين، يناقش من ادعاءات أهل الكتاب المعاصرين ويعرض لحججهم وجدلهم ومحالهم، فيبدو هذا كله ضعيفا شاحبا، كما يبدو فيه العنت والادعاء بلا دليل: كذلك تبدو العقيدة الإسلامية عقيدة طبيعية شاملة لا ينحرف عنها إلا المتعنتون» (1).
• دعوة القرآن الكريم كلا من اليهود والنصارى ومشركي العرب إلى الرجوع إلى ملة إبراهيم ـ عليه السلام ـ.
(يُتْبَعُ)
(/)
• الدين واحد من لدن إبراهيم ـ عليه السلام ـ إلى محمد ـ صلى الله عليه و سلم ـ.
• دعوة أهل الكتاب إلى الإيمان بالدين الواحد.
• عقيدة التوحيد هي الهدى.
• حض المسلم على الاعتزاز بدينه.
ثم يبين سيد قطب سمة من سمات التعبير القرآني فيقول: «ونقف هنا عند سمة من سمات التعبير القرآني ذات الدلالة العميقة. إن صدر هذه الآية من كلام الله التقريري {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغه} (2) أما باقيها فهو من كلام المؤمنين، يلحقه السياق - بلا فاصل - بكلام البارئ سبحانه في السياق، وكله قرآن منزل، ولكن الشطر الأول حكاية عن قول الله، والشطر الثاني حكاية عن قول المؤمنين، وهو تشريف عظيم أن يلحق كلام المؤمنين بكلام الله في سياق واحد، بحكم الصلة الوثيقة بينهم وبين ربهم، وبحكم الاستقامة الواصلة بينه وبينهم، وأمثال هذا في القرآن كثير، وهو ذو مغزى كبير» (3).
• لا مجال للجدل في وحدانية الله وربويته.
• رد دعوى اليهود والنصارى بأن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط عليهم السلام كانوا يهودا أو نصارى، وذلك بإيضاح أنهم سابقون لليهودية والنصرانية وكانوا على الحنيفية. وأهل الكتاب يعلمون ذلك ويخفونه.
* خاتمة المقطع ويقول فيها: «وحين يصل السياق إلى هذه القمة في الإفحام، وإلى هذا الفصل في القضية، وإلى بيان ما بين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وبين اليهود والنصارى من مفارقة تامة في كل اتجاه، عندئذ يعيد الفاصلة التي ختم بها الحديث من قبل عن إبراهيم وذريته المسلمين: {تلك أمة قد خلت، لها ما كسبت ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عما كانوا يعلمون} (1).
وهذا النموذج الذي قدمناه يمكن القول بأنه يمثل الدراسة التفصيلية، أو التفسير التفصيلي الذي يتناول به سيد قطب سور القرآن الكريم، كما أنه يبين تباين وتنوع الأساليب التعبيرية في تبليغ مضامين السورة، كما أنه يوقفنا على تشابك وتداخل موضوعات وأفكار السورة، وأن الرابط بينهما ليس رابطا منطقيا وإنما هو الأهداف والمقاصد. وكل ذلك يقوم دليلا ساطعا على الوحدة النسقية التي تنتظم السورة القرآنية الكريمة، وعلى وعي سيد قطب بذلك وعيا تاما.
5 - الدراسة الموضوعية
والدراسة الموضوعية أو ما يصطلح عليه بالتفسير الموضوعي هو أساس منهجي تقوم عليه عملية التفسير عند سيد قطب - رحمه الله- وفيها يعنى بدراسة الموضوعات التي أشكل فهمها على الناس بفعل بعدهم عن مدارسة كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه و سلم ـ أو هناك انحراف في فهمها وبحثها، إما عن قصد كما هو الأمر بالنسبة للمستشرقين والمستغربين، أو ما كان نتيجة لضغط الواقع المادي المهيمن على حياة المسلمين في العصر الحديث.
وهناك فرق بين الدراسة الموضوعية عند سيد قطب، وبين التفسير الموضوعي عند بقية المفسرين المحدثين، ذلك أنه قلما جمع كل الآيات التي تتناول موضوعا واحدا، وعالجها في إطار واحد، وإنما هو يتناول الموضوع المشكل أو التصور العقدي المحرف، أو الحكم الشرعي الذي ذهل الناس عنه، او أساؤوا فهمه، او تركوا العمل به، أو جهلوا كيفية تطبيقه أو التعامل بمقتضاه في الواقع المعاصر.
ويمكننا أن نمثل للدراسة الموضوعية، أو التفسير الموضوعي عند سيد قطب بالموضوعات التالية:
1. السحر (ص 96).
2. الجهاد (ص 186).
3. السلم (ص 206/ 215).
4. دستور الأسرة المسلمة (ص 234).
5. رسل الله تعالى (ص 278/ 286).
6. الإسلام يقرر حرية العقيدة (ص 293/ 296).
7. سر وحقيقة الحياة والموت (ص 296).
8. الزكاة (ص 367).
9. التصورات العقدية التي واجهها الإسلام، (ص 365).
10. تنظيم الأسرة (ص 648).
11. الإمامة (688).
12. الجهاد ضرورة من ضرورات الدعوة (ص 740/ 843).
13. حقيقة العقل البشري (ص 806/ 808).
14. عقيدة التوحيد (ص 818/ 821).
15. الدعوة إلى الله (ص 809).
16. التناحر بين الطوائف المسيحية (ص 864).
17. البيئة الصالحة لتنفيذ الأحكام الشرعية (ص 873).
18. النظام الإسلامي كل متكامل (ص 882).
19. أفضلية شرع الله تعالى على سائر الشرائع (ص 890).
20. الولاية لله ورسوله والمؤمنين (ص 909).
21. الملائكة (ص1042).
22. رحمة الله بالعباد (ص 1049).
23. القضاء والقدر (ص 1065).
24. الغيب (ويشغل حوالي 8 صفحات من ص 1114 إلى 1122).
(يُتْبَعُ)
(/)
25. الحياة على عهد الصحابة (ص 1142).
26. العبادة (ص 3386/ 3389).
27. اليسر (ص 3889/ 3893).
28. الإيمان (ص 3964).
29. الأمة الإسلامية (ص 3967).
30. ضياع البشرية (ص 3968).
31. الاستغفار (ص3996).
وهذه الموضوعات يبدو عليها أثر الواقع الثقافي، سواء أكان هذا الواقع دينيا، أم فكريا، أم اجتماعيا، أم سياسيا، أم اقتصاديا، وهي بعد هذا وذاك تهدف إلى تحصين المسلم المعاصر ضد أي غزو ثقافي يمكن أن يتعرض له، وذلك بربطه بحقائق الدين المستخلصة من القرآن الكريم.
6 - الثنائيات الضدية أو أسلوب المقابلة
أسلوب المقابلة أو الثنائيات الضدية، من الأسس المنهجية التي التزمها سيد قطب في تفسيره، وهذا الأسلوب يعمل على إبراز خاصية قرآنية، وهي المفاصلة على أساس العقيدة، المفاصلة بين الإيمان والكفر، وبين الحق والباطل، وبين أولياء الله وأولياء الشيطان. والأمثلة على ذلك كثيرة، وتعم كل التفسير، ولكننا سنقتصر على ذكر بعضها والإحالة على البعض الآخر.
1. يقول في تفسيره لسورة البقرة: «وفي مقابل ذلك المشهد المفزع يعرض المشهد المقابل، مشهد النعيم الذي ينتظر المؤمنين» (1).
2. ويقول في تفسيره لنفس السورة: «ومفرق الطريق فيه أن يسمع الإنسان ويطيع لما يتلقاه من الله، أو أن يسمع الإنسان ويطيع لما يمليه عليه الشيطان، وليس هناك طريق ثالث، إما الله وإما الشيطان، إما الهدى وإما الضلال، إما الحق وإما الباطل، إما الفلاح وإما الخسران، وهذه الحقيقة هي التي يعبر عنها القرآن كله، بوصفها الحقيقة الأولى، التي تقوم عليها سائر التصورات، وسائر الأوضاع في عالم الإنسان» (2).
3. وفي تفسيره لنفس السورة نجد النص التالي: «ونحن في مشهد إماتة وإحياء، قبض للروح وإطلاق، فلما جاء ذكر الرزق كان التعبير {والله يقبض ويبسط} (1) .. متناسقا في الحركة مع قبض الروح وإطلاقها في إيجاز كذلك واختصار» (2).
4. ويقول في تفسيره لسورة آل عمران: «وفي آية واحدة يجمع السياق القرآني أحب شهوات الأرض إلى نفس الإنسان: النساء والبنين والأموال المكدسة، والخيل والأرض المخصبة، والأنعام، وهي خلاصة للرغائب الأرضية، إما بذاتها وإما بما تستطيع أن توفره لأصحابها من لذائذ أخرى، وفي الآية التالية يعرض لذائذ أخرى في العالم الآخر، جنات تجري من تحتها الأنهار، وأزواج مطهرة، وفوقها رضوان من الله، وذلك كله لمن يمد ببصره إلى أبعد من لذائذ الأرض، ويصل قلبه إلى الله، على النحو الذي تعرضه آيتان تاليتان:
{زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة، والأنعام، والحرث، ذلك متاع الحياة الدنيا، والله عنده حسن المآب قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها، وأزواج مطهرة، ورضوان من الله، والله بصير بالعباد} (3)» (4).
وهناك أمثلة كثيرة على أسلوب المقابلة في تفسير "في ظلال القرآن" نكتفي بالإشارة إليها في الهامش (1).
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[17 Sep 2006, 09:28 م]ـ
جزاكم الله خير الجزاء عن المجهودات التي تبذلونها قي سبيل نشر العلم و المعرفة
ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[18 Sep 2006, 02:38 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد فإن هذا جهد المقل، و نسأل الله تعالى الإخلاص في القول و العمل. شاكرا لكم حسن الظن بي.
و تفضلوا بقبول خالص التحيات و التقدير.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.(/)
مواعظ المفسرين (1/ 12)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[10 Sep 2006, 11:55 م]ـ
مواعظ المفسرين [1/ 12]
الحمد لله الذي أنزل الكتاب موعظةً ونوراً، وصلى الله وسلم وبارك على من جعله ربه ـ بالقرآن ـ هادياً ومبشراً ونذيراً، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، وأما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى أنزل القرآن على قلب محمد –صلى الله عليه وسلم- ووصفه بصفات كثيرة تربو على الأربعين، ومن هذه الأوصاف وصفه بأنه (موعظة)، وقريب من هذا المعنى وصفه بأنه (ذكرى)، وهذا أمرٌ يلمسه كلُّ من قرأ القرآن، ويعظم وقع هذه المواعظ على النفس حينما تُقرأُ بقلب حاضر، وسمع متصل بقلب شاهد: "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ" [ق:37].
بل قيل في تفسير قوله تعالى: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" [النحل:125]: إن الموعظة الحسنة هي مواعظ القرآن، وكذا قيل في تفسير قوله سبحانه: "فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ" [المدثر:49] أي: عن مواعظ القرآن.
قال ابن جرير: في مقدمة تفسيره (1/ 62) معلقاً على قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ" [يونس:57]: (جعله الله للمؤمنين شفاءً، يستشفون بمواعظه من الأدواء العارضة لصدورهم من وَساوس الشيطان وَخطراته، فيَكفيهم ويغنيهم عن كل ما عداه من المواعظ ببيان آياته).
ولما كان كتاب الله تعالى من العظمة بحيث لا يمكن الإحاطة ببيان معانيه، نزع المفسرون في بيان معانيه مناحٍ شتى، فمنهم الذي قصد بيان الأحكام، ومنهم من رام بيان المعاني، وآخرون اتجهوا إلى إيضاح أوجه البلاغة، في ضروب كثيرة من التفسير التي تدل ـ في النهاية ـ على علوّ شأن هذا الكتاب، ولا أعلم من الله بكتابه حيث يقول: "وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ" [الزخرف: 4].
إلا أنها ـ في الجملة ـ ومن خلال النظر في جملة من التفاسير ـ على اختلاف مشارب مؤلفيها ومقاصدهم في التفسير ـ لم تخل كثير من هذه التفاسير من مواعظ يسطرها المفسر عند آيةٍ ما، يهتز لها القارئ، ويشعر بعمق أثرها في نفسه، كيف لا؟! وهي موعظة متصلة بنور الوحي، ومنبثقة منه!
لذا أحببت أن أنقل بعض هذه المواعظ لأحبتي القراء، وخصوصاً أننا في هذا الشهر العظيم بحاجة ماسةٍ إلى ما يرقق قلوبنا، ويبل صداها، ويروي ظمأها من هذا الكتاب العظيم، وهي مادة مقترحة للحديث على جماعة المسجد بعد صلاة العصر، أو بعد التراويح.
إن برود العاطفة تجاه مواعظ القرآن أمارة على ضعف الخشية، وقلة التأثر، واقرأ إن شئت قوله تعالى: "اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد"ٍ [الزمر:23]، فتأمل وصف الله تعالى لقلوب أهل الإيمان عند سماع الوعد والوعيد، فهي تقشعر خوفاً من الوعيد، ثم تلين وترجو عند الوعد.
ويزداد خوف المؤمن القارئ للقرآن حينما يقرأ الآية التي قبلها، وهي قوله تعالى: "أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" [الزمر:22]، فيضع يده على قلبه خوفاً من أن يكون له نصيب من هذه الآية ـ والعياذ بالله ـ.
وتأمل قوله تعالى: (وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا" [الإسراء: 106 - 109].
(يُتْبَعُ)
(/)
قال ابن القيم:: (لقد أسمع منادي الإيمان لو صادف آذانا واعيةً، وشفت مواعظ القران لو وافقت قلوباً من غيها خالية، ولكن عصفت على القلوب أهوية الشبهات والشهوات، فأطفأت مصابيحها، وتمكنت منها أيدي الغفلة والجهالة، فأغلقت أبواب رشدها، وأضاعت مفاتيحها، وران عليها كسبها، فلم ينفع فيها الكلام، وسكرت بشهوات الغي، وشهبات الباطل، فلم تصغ بعده إلى الملام، ووعظت بمواعظ أنكى فيها من الأسنة والسهام، ولكن ماتت في بحر الجهل والغفلة، وأسر الهوى والشهوة، وما لجرح بميت إيلام) اهـ.
وغني عن القول أن من أراد أن يقرأ في هذه التفاسير من العامة أو المبتدئين في طلب العلم، فعليه أن يستشير أهل العلم ليرشدوه إلى المناسب له؛ إذ أن هذه التفاسير تتفاوت في لغتها وأسلوبها، وتحقيق مؤلفيها، وكذا سلامتهم من بعض المخالفات العقدية، عفا الله عن الجميع وغفر لهم، وجزاهم عما خدموا به كتاب الله خير الجزاء، والحمد لله رب العالمين.
الموعظة الأولى
قال القرطبي: في تفسيره لسورة التكاثر (20/ 117):
(قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه، أن يكثر من ذكر هادم اللذات، ومفرق الجماعات، وموتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين، وزيارة قبور أموات المسلمين.
فهذه ثلاثة أمور، ينبغي لمن قسا قلبه، ولزمه ذنبه، أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه، فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت، وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه ران قلبه، واستحكمت فيه دواعي الذنب، فإن مشاهدة المحتضرين، وزيارة قبور أموات المسلمين، تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول، لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير، وقائم له مقام التخويف والتحذير.
وفي مشاهدة من احتضر، وزيارة قبر من مات من المسلمين معاينة ومشاهدة، فلذلك كان أبلغ من الأول ...
فأما الاعتبار بحال المحتضرين، فغير ممكن في كل الأوقات، وقد لا يتفق لمن أراد علاج قلبه في ساعة من الساعات.
وأما زيارة القبور فوجودها أسرع، والانتفاع بها أليق وأجدر.
فينبغي لمن عزم على الزيارة، أن يتأدب بآدابها، ويحضر قلبه في إتيانها، ولا يكون حظه منها التطواف على الأجداث فقط، فإن هذه حاله تشاركه فيها بهيمة ـ ونعوذ بالله من ذلك ـ بل يقصد بزيارته وجه الله تعالى، وإصلاح فساد قلبه، أو نفع الميت ...
ثم يعتبر بمن صار تحت التراب، وانقطع عن الأهل والأحباب، بعد أن قاد الجيوش والعساكر، ونافس الأصحاب والعشائر، وجمع الأموال والذخائر، فجاءه الموت في وقت لم يحتسبه، وهول لم يرتقبه.
فليتأمل الزائر حال من مضي من إخوانه، ودرج من أقرانه الذين بلغوا الآمال، وجمعوا الأموال، كيف انقطعت آمالهم، ولم تغن عنهم أموالهم، ومحا التراب محاسن وجوههم، وافترقت في القبور أجزاؤهم، وترمل من بعدهم نساؤهم، وشمل ذل اليتم أولادهم، واقتسم غيرهم طريفهم وتلادهم.
وليتذكر ترددهم في المآرب، وحرصهم على نيل المطالب، وانخداعهم لمواتاة الأسباب، وركونهم إلى الصحة والشباب.
وليعلم أن ميله إلى اللهو واللعب كميلهم، وغفلته عما بين يديه من الموت الفظيع، والهلاك السريع، كغفلتهم، وأنه لا بد صائر إلى مصيرهم، وليحضر بقلبه ذكر من كان مترددا في أغراضه، وكيف تهدمت رجلاه.
وكان يتلذذ بالنظر إلى ما خوله وقد سالت عيناه، ويصول ببلاغة نطقه وقد أكل الدود لسانه، ويضحك لمواتاة دهره وقد أبلى التراب أسنانه، وليتحقق أن حاله كحاله، ومآله كمآله.
وعند هذا التذكر والاعتبار تزول عنه جميع الأغيار الدنيوية، ويقبل على الأعمال الأخروية، فيزهد في دنياه، ويقبل على طاعة مولاه، ويلين قلبه، وتخشع جوارحه) انتهى كلامه رحمه الله.
يتبع ـ إن شاء الله تعالى ـ ...
الرابط: http://www.islamtoday.net/questions/show_articles_content.cfm?id=24&catid=202&artid=7884
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Sep 2006, 06:28 ص]ـ
ما يزال أخي الموفق أبو عبدالله يتحفنا بفوائده وفرائده، أسأل الله أن يوفقه وأن يفتح عليه من فضله وجوده، وما ألذ فتوحات العلم عند أهل العقول التي استنارت بنور كتاب الله، وسارت في دروب تدبره وتأمله، ولا سيما في هدأة الأسحار، عندما تهدأ الأصوات لتصغي آذان المتدبرين وقلوبهم إلى خطاب الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمين بكلامه الذي لو أنزل على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله.
وكلما زاد حظ المؤمن وطالبُ العلم من تدبر القرآن زاد حظه من الخشية واليقين والعلم والهدى والشفاء، نسأل الله أن يزيدنا بصيرة وهدى وعلماً بكتابه، وسنتابع هذه المواعظ إن شاء الله فما أحوجنا إلى الاتعاظ.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[18 Sep 2006, 12:08 ص]ـ
شكر الله للشيخ الدكتور عمر هذه الدرر , فكم نحن بحاجة إليها خاصة ونحن في استقبال هذا الشهر الكريم بلغنا الله إياه, فالملتقى رغم نهجه العلمي فلا بد من مثل هذه المواضيع القيمة , والتي نحن بأمس الحاجة إليها , وقد ناديت وما زلت أن يكون لجانب التدبر حظاً من كتابات إخواننا , وألا نقتصر على المسائل العلمية , وإننا إلى بقية هذه السلسية أخي أبا عبد الله لمنتظرون بشوق , جعل الله ما تكتبه في موازين حسناتك.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الموحد 2]ــــــــ[20 Sep 2006, 02:40 ص]ـ
جزاكم الله خيراً،
وبارك الله فيكم،
وأستميحكم عذراً في وضع وصلة لهذا الموضوع في منتدى آخر.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Sep 2006, 01:05 م]ـ
أذاعت إذاعة القرآن الكريم اليوم الخميس 28/ 8/1427هـ في برنامج (أطروحة على الهواء) مناقشة رسالة ماجستير للباحث أشرف صلاح عبدالمقصود المهداوي بعنوان:
الوعظ في السور المدنية: دراسة أدبية
وقد تقدم بها الباحث لقسم الأدب والبلاغة والنقد بكلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وأشرف عليها الدكتور حمدي أحمد محمد حسنين الأستاذ المشارك بقسم الأدب بالكلية.
وناقشها الأستاذان:
1 - الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين الأستاذ بالكلية.
2 - الأستاذ الدكتور حمد بن ناصر الدخيل الأستاذ بالكلية.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[21 Sep 2006, 10:04 م]ـ
كيف يمكن الحصول على الرسالة؟!
وهل أحد من الإخوة يعرف الباحث؟(/)
رجاء من الجميع: ضع ملاحظاتك على تصميم الملتقى الجديد هنا وفقك الله ...
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[12 Sep 2006, 10:53 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ملتقى أهل التفسير لنا جميعاً، ونرغب في أن يكون على أكمل وجه من حيث التصميم، وجمال الألوان، وصحة جميع عبارات التعريب ولو كان الخطأ في همزة في غير مكانها. لذا أرجو التكرم بالاطلاع بقدر الاستطاعة، وإبداء الرأي وأي ملحوظة تساعدنا في الرقي بالملتقى ... مع الثقة بأننا سنكون رهن إشارة كل مصلح يقترح اقتراحاً، أو يبدي ملحوظة ..
وفقكم الله جميعاً ونفعنا وإياكم بالعلم.
ـ[أحمد القصير]ــــــــ[12 Sep 2006, 06:09 م]ـ
ألوان جميلة وتصميم رائع توشح به ملتقانا العزيز، وهو في ثيابه الجديدة يبعث في النفوس روح التجديد والتجدد، ويبعث همماً قد أصابها شيء من الفتور، فبارك الله فيكم أخي الكريم أبا عبد الله وجعل ما تقدمونه من جهد وعمل في ميزان حسناتكم.
إن كان ثمة ملاحظة فهي فقط صغر حجم الحروف ولا أدري هل المشكلة عند الجميع أم عندي فقط رغم أن حجم النص عندي في الوضع الأكبر
ـ[روضة]ــــــــ[12 Sep 2006, 08:29 م]ـ
أثابكم الله على جهودكم خير الثواب وأجزل لكم العطاء ...
الملتقى جميل بهذا الشكل الجديد، وفيه سهولة في التنقل بين صفحاته .. وإضافات كثيرة خاصة في تنسيق النص ..
أرى أنه تغيير للأفضل، بارك الله فيكم.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[12 Sep 2006, 09:46 م]ـ
كلَّ كائنٍ يكُفُّ عن النمو يموت, ولابد من نحو هذا التجديد بعد كلِّ زمن, وفقكم الله أبا عبد الله وجميع إخوانك المشرفين.
ـ[إبراهيم الحميضي]ــــــــ[12 Sep 2006, 09:55 م]ـ
أشكركم على جهودكم الكبيرة، وعملكم المتواصل في خدمة القرآن وعلومه من خلال هذه الشبكة المباركة، ومن خلال نظرة سريعة في هذا الثوب الجديد أى ما يلي:
1 - تكبير عنوان الموقع ووضعه وسط أعلى الصفة.
2 - تغيير لون الفواصل والجداول من اللون الأخضر الفاتح إل لون آخر أكثر وضوحاً. وعدم الكتابة بالأبيض على أري خلفية.
3 - تكبير نمط الخطوط.
4 - شرح ما لم يشرح من الرموز.
5 - وضع اسم المشرف العام أعلى الصفحة، وهو حقيق بذلك، فله الفضل في تأسيسه ومتابعته وإثرائه ...
6 - وضع إعلانات تجارية ولا سيما للمكتبات والتسجيلات.
وفق الله الجميع.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[12 Sep 2006, 11:57 م]ـ
الجمال في شكل الموقع مطلوب وكلنا يبتغيه، غير أن أصالة العمل والقول أثبت وأولى وكل ذلك لا يتجزأ ولا يُترك بعضه اكتفاء به عن بعض.
ومن هذا المنطلق نحمد إليكم الله أن وفقكم للقول الصالح والعمل الصالح والجمال المنشود، وأجمل ما في الشكل الجديد سهولة الاستعمال وتناول المواد المساعدة لأحسن أداء، ونود أن نستفسر عن أيقونة تنسيق الشعر: أين هي؟ وجزاكم الله خيرا وأثابكم عنا ما لم نستطع إثابتكم به والله يرعاكم.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[13 Sep 2006, 02:16 ص]ـ
جهد مبارك وخطوة رائعة. أسأل الله أن يجعل سعيكم مشكورا وأن يبارك في جهودكم وأن يثقل بهذا العمل موازينكم
وقد بدا لي
صغر حجم الخط
الخطوط الفاصلة بين كل مشاركة بارزة جدا وترهق البصر
وفقكم الله ونفع بكم
ـ[عبدالله بن بلقاسم]ــــــــ[13 Sep 2006, 08:20 ص]ـ
إذا التقى موقع التفسير بالحدق
فاقرأ عليه معيذا سورة الفلق
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[13 Sep 2006, 06:09 م]ـ
مبارك هذا التطوير نفع الله به
الخط صغير جدا فلو وضع الافتراضي مقاس 4 لكان حسنا.
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Sep 2006, 06:34 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ما شاء الله تبارك الله
التصميم رائع، والتطوير ظاهر، وهو في بعض المزايا الفنية أظهر
أسأل الله تعالى أن يبارك في الجهود، ويكتبَ الأجر الجزيل لكل من ساهم في هذا العمل المحمود.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[14 Sep 2006, 10:05 ص]ـ
بارك الله فيكم وفي جهودكم الرااااااااااائعة الطيبة
في خدمة القرآن وعلومه
ولاأجد أي إشكال عندي في الموقع
وفقكم الله ورعاكم وسدد خطاكم
ودمتم سالمين غانمين
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[14 Sep 2006, 11:42 ص]ـ
إذا التقى موقع التفسير بالحدق
فاقرأ عليه معيذا سورة الفلق
واقرأ هنالك ما يشفي فؤادك من
آيات ربك ,وابغِ الخيرَ واستبقِ
واتل السلامَ على الأعضاء قاطبةً
إن ما سباك جمالُ الخلْق والخلُقِ
ـ[الكشاف]ــــــــ[14 Sep 2006, 01:06 م]ـ
ما شاء الله، تبارك الله، لا قوة إلا بالله.
نبارك للقائمين على الموقع ولنا جميعاً هذا التطوير البديع، ونسأل الله أن يبارك في جهودكم.
تجولتُ في أرجاء الموقع، فأعجبني فيه ترابطه، وإن كان ثمة ملحوظات فهي في عدم اكتمال أجزاء الموقع بعدُ، ولعل العمل قائم على استكمالها.
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[14 Sep 2006, 01:57 م]ـ
وفقكم الله وبارك في جهودكم
لا حظت اليوم أن ميزة تكبير الخط وتغييره لا تعمل.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Sep 2006, 02:16 م]ـ
يوجد ضمن الجمل المختصرة في مربع الردود جملة: [تقبلوا خالص تحياتي.أخوكم]
وفي النفس من هذه الجملة شيء، فقد ذكر بعض طلبة العلم أن قول: لك خالص تحياتي. لا يجوز. قال: وعلل ذلك بعض العلماء بأن الخالص من الشيء هو لُبُّه، ولا يكون خالص العمل والإخلاص فيه إلا لله. قال تعالى: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ). والله تعالى أعلم.
وفي شريط الشيخ عبدالله السعد: "وجوب تعلم التوحيد والدعوة إليه" ما نصه: (ما حكم قول (خالص تحياتي)، أو (كامل تحياتي)؟؟؟
الجواب: (ما حكم قول خالص تحياتي؟ كامل تحياتي؟
هذا يسأل عن حكم تحياتي لفلان؟ تحياتي لفلان ما فيها شيء، إنما الممنوع (لك خالص تحياتي) هذه ما تجوز، أو (خالص شكري) هذه لا تجوز، أو (خالص محبتي) لا تجوز، أو (خالص تقديري) كل هذا لا يجوز، لأن الخالص عليك أن تجعله لمن؟؟؟!!!!!!
لله عز وجل .... معنى خلاص الشيء: أي لبهُ وأعلاه، فأجعل خالص الشكر،خالص محبتك، خالص تحياتك لله وحده لا شريك له.
وأما (تحياتي لفلان) فهذه لا بأس بها.
وكذلك الذي لا يجوز (كامل تقديري) هذا شرك بالله؛ لأن كامل التقدير عليك أن تجعله لله، إذا جعلته لغير الله، يكون الإنسان مشرك بالله، كما قال تعالى: (والذين كفروا بربهم يعدلون) أي يعدلون به غيره، فعندما يقول الإنسان كامل تقديري، إذاً عدل بغير الله عدل به الله، تعالى الله عن ذلك، فهذه العبارات لا تجوز)
هكذا ورد، والمسألأة تحتاج إلى تحرير أكثر. ويبقى أن هذه الجملة قد قيل فيها ما قيل.
ـ[عبدالله العلي]ــــــــ[14 Sep 2006, 04:53 م]ـ
رائع رائع
ياشيخ عبدالرحمن
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[15 Sep 2006, 10:27 م]ـ
يد تكتب،وعقول تفكر،وجهود تبذل،وتاريخ يحفظ .. ومن وراء ذلك: رب يجزي ويثيب ..
اللهم فاجز اخوتنا عنا خير الجزاء ..
وأنا مع أخي د. إبراهيم الحميضي في مقترحاته،،،
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[16 Sep 2006, 12:40 ص]ـ
ربما يكون في هذا النقل فائدة حول ما ذكر أبو مجاهد وفقه الله:
في الشرح الممتع للعلامة العثيمين
قوله: «التحيات لله» التحيات: جمع تحيَّة، والتحيَّة هي: التَّعظيم، فكلُّ لَفْظٍ يدلُّ على التَّعظيم فهو تحيَّة، و «الـ» مفيدة للعموم، وجُمعت لاختلاف أنواعها، أما أفرادها فلا حدَّ لها، يعني: كُلَّ نوع من أنواع التَّحيَّات فهو لله، واللام هنا للاستحقاق والاختصاص؛ فلا يستحقُّ التَّحيَّات على الإطلاق إلا الله.
ولا أحد يُحَيَّا على الإطلاق إلا الله، وأمَّا إذا حَيَّا إنسانٌ إنساناً على سبيل الخصوص فلا بأس به.
لو قلت مثلاً: لك تحيَّاتي، أو لك تحيَّاتُنَا، أو مع التحيَّة، فلا بأس بذلك، قال الله تعالى) وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) (النساء: من الآية86) لكن التَّحيَّات على سبيل العموم والكمال لا تكون إلا لله.
وفي معجم المناهي للشيخ بكر
* تحياتي لفلان: ?
لأبي طالب محمد بن علي الخيمي المنعوت بالمهذب، المتوفى سنة 642 هـ. رسالة باسم: ((شرح لفظة التحيات)) في ص /50 جاء فيها ما نصه:
(فأما لفظ التحيات مجموعاً فلم أسمع في كتاب من كتب العربية أنه جمع إلا في جلوس الصلوات؛ إذا لا يجوز إطلاق ذلك لغير من له الخلق والأمر وهو الله تعالى؛ لأن الملك كله بيد الله، وقد نطق بذلك الكتاب العزيز: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ} الآية إلى آخرها. والذي سطره أهل اللغة إنما يعبرون عن التحية الواحدة، ولم ينتهوا لجمعه دون إفراده، إذ كان ذلك من ذخائر الإلهام لقوم آخرين فهموا عن الله تعالى كتابه فنقلوا عن رسول الله ? شريعته ...... ) ا هـ
*? تحياتي لفلان: رسالة في: شرح لفظ التحيات للخيمي ص / 50. بتحقيق صلاح الدين المنجد. ضمن ثلاث رسائل في اللغة المجموع الثمين 1/ 114 وفي كلامه نظر. اهـ
ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[16 Sep 2006, 03:42 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
على هذا الجهد الرائع
والتصميم الجميل
ـ[سلسبيل]ــــــــ[16 Sep 2006, 02:44 م]ـ
تطور ملموس
وخاصه في أدوات تنسيق النصوص
وهكذا ملتقى أهل التفسير دائما
سمو الهدف مع فائدة في المضمون بأسلوب عصري
فجزاكم الله كل خير
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[16 Sep 2006, 03:03 م]ـ
أشكر الإخوه القائمين على الموقع وأسأل الله أن يجعل هذا العمل في موازين حسناتهم وجزاهم الله خير الجزاء ..
ـ[محمدفاضل]ــــــــ[18 Sep 2006, 03:18 ص]ـ
رائع جداً جداً اسأل الله أن يتقبل منكم
ـ[الموحد 2]ــــــــ[19 Sep 2006, 02:44 ص]ـ
جزاكم الله خيراً على هذا التطوير الجميل،
ولكن ملاحظتي هي /
تكرر عبارة (شبكة التفسير والدراسات القرآنية) ثلاث مرات، فوق بعض، في صفحة الموضوعات!
وتجدها أيضاً في هذه الصفحة مرتين، فلو تمَّ تثبيت الأولى منهما، وإلغاء الثانية، لتخفيف الصفحة، لا غير، والله يرعاكم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[19 Sep 2006, 12:06 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما شاء الله - تبارك الرحمن
عيني عليه باردة http://www.postsmile.com/img/emotions/213.gif
جميل جدا
و أتفق مع أخي الكريم بضرورة تكبير إسم و شعار المنتدى
جزاكم الله خيرا الجزاء
/////////////////////////////////////////////////
ـ[الطبيب]ــــــــ[19 Sep 2006, 01:44 م]ـ
تطوير مبارك ...
يلاحظ كثرة الأيقونات وتشابه الكثير منها، ويغلب على الظن أن أكثرها لا يحتاجه أكثرنا؛ فلو جُعلت الأيقونات الخاصة بتنسيق النص والمرفقات قريبة من بعضها ومفردة عن باقي الأيقونات لكان ذلك في نظري أحسن.
ودمتم بحفظ الله،،،
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Sep 2006, 07:28 م]ـ
شكر الله لكم جميعاً. وكل ملحوظاتكم سجلتها في قائمة وما زلتُ أواصل التسجيل، لأرسلها للمبرمج لتعديلها إن أمكن بحيث نلبي الرغبات الممكنة بإذن الله. وجزاكم الله خيراً على دعواتكم الصادقة، ومشاعركم النبيلة، وأسأل الله أن يتقبل منا جميعاً أعمالنا ويرزقنا فيها الإخلاص والصواب.
وأما سؤال أخي العزيز الأستاذ منصور مهران عن تنسيق القصيدة فهو يظهر في صندوق أدوات التنسيق كمما في الصورة الآتية.
http://www.tafsir.net/vb/images/uploads/6_25813451c695eb60e2.jpg
وسأطبقه هنا على أبيات كنت كتبتها في مشاركة سابقة، ولها الآن مناسبة بعد أبيات أخي العزيز الشيخ عبدالله بلقاسم رعاه الله، وإجازة بيته من أخي العزيز محمود الشنقيطي، وإن كانت أبياتي دون أبياتهم.
كُلَّ المواقعِ قد وردتُ، فلم أَجِدْ = كالمُلتقى شَرَفَاً وأَهْلِ المُلتقى
ومُسَدَّدينِ إلى الصَّوابِ فلا تَرى = إِلا جَواباً مُشِرقاً ومُوَّفقا
وعِبارةً تيَّاهَةً مِنْ حُسنِها =ومَسائِلاً تُهْدَى، ودُرَّاً يُنْتَقى
يا ملتقى التفسيرِ يا مَنْ قَد غدا= بين المواقعِ للمَعارِفِ مَشْرِقا
كمْ زائرٍ مُستعْجِلٍ قَيدَّتَهُ = وأَخَذَتَ مِنه عَلى وِصالِكَ مَوْثِقا
هل زُرتَ أَكرمَ منهُ طِيبةَ مَعْشرٍ = أَمْ هَلْ رأيتَ أَدَقَّ مِنهُ وأَعمقا؟
ما زالَ يَكْبُرُ، والأَكابِرُ منكمُ= تَسْقيهِ بالآدابِ حتى أَوْرَقا
كالنُّورِ شَعَّ بُكلِّ أُفْقٍ بِرُّهُ = مَنْ ذا يَصُدُّ الصُّبْحَ عَنْ أَنْ يُشْرِقا؟!
ما كُلُّ مَنْقبةٍ يُحاوَلُ نَيْلُها= تَدْنو، ولا كُلُّ المَنازلِ تُرْتَقى
شَرِّقْ وغَرِّبْ ما تَشاءُ فإِنَّما = زَادُ القُلُوبِ وطِبُّها في المُلتقى
ـ[ماجد الخير]ــــــــ[20 Sep 2006, 09:10 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجم أم بعد
نشكر لكل من قام بهذا الجهد المبارك من وجهة نظري أن تقوم الإدارة بتغير الخط هذا إلى الخط الاندلسي
تقبلوا تحياتي
أخوكم ماجد الخير يهنئكم بالشهر الكريم.
ـ[أبو حسن]ــــــــ[21 Sep 2006, 06:42 ص]ـ
هناك مشكلة أني كلما دخلت المنتدى أحتاج إلى تسجيل دخول
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[21 Sep 2006, 08:15 م]ـ
شكر الله للشيخ عبد الرحمن جهده المتواصل في التطوير والرقي , وعندي تأخر في فتح الصفحة الأساسية فما أدري سبب ذلك وهل هو خاص بي أم عند الجميع.
ـ[أحمد الطعان]ــــــــ[21 Sep 2006, 08:27 م]ـ
رائع جداً ... !!
نعم هناك مطالبة بالتسجيل كلماً أود الدخول؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Sep 2006, 10:18 م]ـ
ما زلت أسجل كل ملحوظاتكم لتعديلها مرة واحدة فواصلوا تدوين الملحوظات الفنية وغيرها وفقكم الله لكل خير.
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[22 Sep 2006, 02:24 م]ـ
الموقع إلى أفضل ..
عند كتابة نص ما ولتغيير الخط مثلا أو تنسيقه فإن في بعض المنتديات يمكنك ملاحظة التغيير مباشرة دون معاينة أتمنى أن تضاف هذه الميزة
ـ[ابو يزيد]ــــــــ[22 Sep 2006, 03:41 م]ـ
سيروا هذا جمدان سبق المفردون قالوا وما المفردون؟ يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[23 Sep 2006, 02:12 م]ـ
أخي المشرف الفاضل
أرى إلغاء اشتراط الرد لتحميل المرفقات؛ فإن الغرض منه ليس من أهداف الملتقى, كما أنه من قبيل الحكم على مجهول, إذ ماذا أقول عمَّا لم أرَ؟!
وفقكم الله.
ـ[رحمة]ــــــــ[23 Sep 2006, 03:00 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاكم الله خيراً على هذا التغيير الرائع جداً فهو يبعث الأمل والطمأنينة والانشراح أدامكم الله لخدمة كتابه الكريم ونفع بكم الأمة لكم منا جزيل الشكر والعرفان على مجهوداتكم البناءة
ـ[الطبيب]ــــــــ[24 Sep 2006, 10:56 ص]ـ
أخي المشرف الفاضل
أرى إلغاء اشتراط الرد لتحميل المرفقات؛ فإن الغرض منه ليس من أهداف الملتقى, كما أنه من قبيل الحكم على مجهول, إذ ماذا أقول عمَّا لم أرَ؟!
وفقكم الله.
أخي الكريم أبو بيان ..
أظن وفقكم الله أن المشكلة ليست في البرنامج إنما هي في طريقة استخدام الخيار المناسب ..
فيوجد خيار من ضمن الأيقونات تجده في الصف الأول من الأعلى ورمزه صورة (مشبك) http://www.tafsir.net/vb/images/editor/attach.gifhttp://www.tafsir.net/vb/images/editor/menupop.gif تقوم بالضغط عليه فتخرج لك نافذة جديدة تستعرض من خلالها الملف الذي تريد إرفاقه ثم تحمله على الموقع؛ وبعد ذلك تضغط الزر مرة أخرى فتظهر لك قائمة بالملفات التي قمت بتحميلها، كل ما عليك هو أن تضغط على الملف المراد إرفاقه وسيكون متاحاً للجميع بإذن الله ..
جربت الطريقة مرتين ونجحت ولله الحمد ...
مثال ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=6448)
ودمتم،،،
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو المهند]ــــــــ[26 Sep 2006, 12:48 م]ـ
شكر الله لأخينا الحبيب المكرم الدكتور عبد الرحمن وأضم رأي لرأي الكتور إبراهيم الحميضي فنعم الرأي رأيه من تكبير عنوان الموقع ووضعه وسط أعلى الصفة. ومن تكبير نمط الخطوط.أو وضع إشاره للتكبير حسب قوة نظر القاريء
ومن -شرح ما لم يشرح من الرموز.كقولك مشارك فعال أي: ....... ومن وضع اسم المشرف العام أعلى الصفحة، وهو حقيق بذلك، فله الفضل في تأسيسه ومتابعته وإثرائه ...
وأشكر فضيلة المشرف على تغيره مصطلح عضو إلى مصطلح مشارك. والله من وراء القصد.
ـ[أبو المهند]ــــــــ[26 Sep 2006, 01:48 م]ـ
ماذا لو جردنا العبارة " خالص شكرى ... "من كل المعاني سوي المعاني التي تصلح للبشر؟؟؟؟! فأحسن أنواع الشكر والتقدير والتحية التي تصلح من بشر لبشر أنا أقولها وأريدها دون أي زيادة، فهل يرتفع بذلك الإشكال؟ ويستقيم القصد والقول؟ وماذا لو عرفنا أن المراد هو الشكر والتقدير والاحترام الذي لا نفاق فيه، بل هو نابع من صادق الأخوة والمحبة بين الناس؟ فكم من مجامله بين البشر لم تنبع من القلب فكأن القائل يريد إثبات صادق القول لأخيه لا أكثر فتدبر
ـ[علال بوربيق]ــــــــ[26 Sep 2006, 04:48 م]ـ
السلام عليكم، ورحمة الله:
كل خيروبهيج وجميلْ ... في ملتقانا إنه نعم الدليلْ
حُسْنُهُ في القلبِ نُورٌ يَسْطَعُ ... تَجِدِ الآمالَ مِنْه تَطْلَعُ
خُلِقَ الحُسْنُ نَظِيرَ الأَمَلِ ... وَأَدَامَ الحُسْنُ نُورَ الأَمَلِ.
ــــــــــــ
سطع من باب منع فمضارعها يسطَع، أما طلَع فهو من باب منع ونصر فمضارعها يطلِع أو يطلُع
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 Sep 2006, 05:20 م]ـ
أخي الطبيب أشكرك على بيانك, ولكن لم أرد ما ذكرت وفقك الله,
وإنما أردت أن تحميل الزائر لأي ملف مرفق في الموضوع أمامه مشروط بأن يرد أولاً, وليس في هذا أي فائدة حسنة في نظري.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Sep 2006, 06:33 م]ـ
قد عرفتُ كيفية تعطيل خيار اشتراط الرد لتحميل الملف المرفق ولله الحمد، وقد أوقفته حتى يحمل الزائر الملف المرفق دون شروط. وبقيت ملحوظات أخرى في طريقها للتنفيذ إن شاء الله وبوركتم.
ـ[الجكني]ــــــــ[27 Sep 2006, 01:01 ص]ـ
شكل جديد وجميل،لكن لم أهتد إلى كيفية تسجيل "موضوع جديد" آمل التكرم بتوضيح ذلك 0
وفق الله جميع القائمين على هذا الملتقى المبارك خدمة لكتاب الله تعالى وعلومه0
ـ[نواف الحارثي]ــــــــ[29 Sep 2006, 03:07 م]ـ
أخي عبد الرحمن، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
فنسأل الله أن يكتب لكم ولجميع الإخوة الأجر والمثوبة.
بالنسية للتصميم رائع وطيب والمقصد هو الثمرة العلمية وإن كان الشكل الحسن مما يزيد النفس إقبالا وتفاؤلا، والذي أراه كثرة استخدام الخط الأخضر فلو جعلت الخلفيات بنفس تصميمها الأخضر أما بعض الكتابات فلو تغير خطها الى لون آخر من باب التغيير الحسن: انظر الى كثرة الخطوط الخضراء في الكلمات: الرئيسية .. المكتبة .. الصوتيات ..
شبكة التفسير .. اسم المشارك .. الرد السريع .. كلها اخضر على أخضر فلو رأيتم تغييرها بألوان مناسبة للخلفية الخضراء ..
كما أضم صوتي إلى صوت أحد الإعضاء بجعل شريط لكل جديد من الكتب والدروس والأشرطة في مجال (القرآن وعلومه) ولو نقلت الدروس المباشرة الخاصة بالتفسير وعلوم القرآن إذا فيه إمكانية لكان حسنا.
وبعض الإيقونات لاتعمل فما أدري مالسبب.
أخيرا سدد الله الجميع ووفقنا جميعا لكل خير، وتذكر: (رضى الناس غاية لاتدرك) ولاتنس (فإذا عزمت فتوكل على الله).
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[02 Oct 2006, 03:30 ص]ـ
السلام عليكم
كل الخاصيات معطلة عندي .......... والتنسيق في المشاركة غير ممكن .... ويؤشر المستعرض على صفحة خاطئة ......
لعل العيب في جهازي.
من الناحية الجمالية هناك ازدحام في الألوان ....... أفضل التصميم القديم.
ـ[أبو علي]ــــــــ[02 Oct 2006, 09:44 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله.
كل عام وأنتم بخير، مبارك عليكم الشهر الفضيل.
جزاكم الله خيرا، تصميم جميل، واللون الأخضر لون بهيج، جهد طيب.
ـ[عماد الدين]ــــــــ[11 Oct 2006, 08:44 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على التطوير
وأقترح ... (تخفيف) اللون الأخضر .. او تغييره مع التخفيف للون آخر
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[18 Oct 2006, 08:49 ص]ـ
الموقع فيه تغييرات تدل على الذوق الرفيع الذي يتحلى به المشرفون لكن اقترح تبديل كلمة (المتواجدون) لان التواجد هو الرقص وليس الحضور كما هو مقصود واحسب ان لا احد يحب ان يرقص إلا طربا بروعة هذا المنتدى
واقبلوا خالص التحيات
كما اقترح ايجاد حل لايقونة موضوع جديد بحيث تكون ميسرة على الجميع
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[18 Oct 2006, 09:36 ص]ـ
الأخ الفاضل المفضال جمال أبو حسان
أثابك اله خيرا، وكل عام وأنت بخير
التواجد، له معان كثيرة، في لغتنا الحبيبة
والمعنى الذي يقصد في المنتدى هو هو
وإليك ما جاء في كتب اللغة:
تَوَاجَدَ يَتَوَاجَدُ تَوَاجُدا: تظاهر بالوجد، أي: بالمحبة، أو بالحزن؛
تواجد أمام أهل الفقيد.
تواجد الأشخاص: وُجد بعضهم مع بعض؛ اتّفقنا على التواجد في ساعة معيّنة.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[حمدي باه]ــــــــ[18 Oct 2006, 07:11 م]ـ
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين
وبعد / جزاكم الله خير الجزاء على ماتقدمون لنا من خدمات التصميم حقا رائع وجميل جدا.
أخي الكريم السلسبيل علمني كيف أصمم مثل توقيعك سقاك الله من السلسبيل
ـ[غانم الغانم]ــــــــ[19 Oct 2006, 07:28 ص]ـ
جزى الله القائمين على الموقع خير الجزاء , وأود أن يغير حجم الخط لأكبر من ذلك(/)
ما المقصود بقول أبي حاتم: فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[13 Sep 2006, 03:56 ص]ـ
ذكر المزي في ترجمة إسحاق بن راهويه أن أبا حاتم الرازي قال " ذكرت لأبي زرعة إسحاق وحفظه للأسانيد والمتون، فقال أبو زرعة: ما رؤي أحفظ من إسحاق، قال أبو حاتم: والعجب من إتقانه وسلامته من الغلط، مع ما رزق من الحفظ.
وقال أحمد بن سلمة: قلت لأبي حاتم: أنه أملى التفسير عن ظهر قلبه فقال أبو حاتم: وهذا أعجب فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها " تهذيب الكمال 2/ 386.
ما المقصود بقول أبي حاتم: فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها؟
وهل لهذا أثر في طريقة التعامل مع أسانيد المفسرين؟
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[27 Sep 2006, 10:04 م]ـ
يظهر لي أن مقصوده واضح من السياق , فكونه أملى التفسير عن ظهر قلبه , دلّ على ضبطه وإتقانه , لإن العناية بمرويات التفسير وضبط ألفاظها يأتي في مرتبة بعد ضبط مرويات الأحاديث , فالأحاديث من قبيل المرفوع , وأما مرويات التفسير فغايتها أن تكون من قبيل الموقوف إن كان المفسر صحابي , وإلا هي دون ذلك , والله أعلم.
ـ[د. أنمار]ــــــــ[28 Sep 2006, 01:18 م]ـ
ولعله تحت نفس التعليل يدخل كون طرق أسانيد التفسير ليست بشهرة طرق أسانيد الحديث فمن يضبطها فإنه اجتاز مرحلة الضبط الأولى ولا يخفاكم ما اشتهر عن بعضهم كالسدي جمع أقوال الصحابة بعضهم مع بعض في سياق واحد وما تكلم فيه غير واحد من عدم وجود أصل لكتب التفسير أقصد لم تكن توجد كتب معتمدة جامعة في بابها تسهل للمبتدئين عملية الحفظ كما كان الحال من وجود صحائف بعينها ومسانيد متفرقة هنا وهناك كصحيفة همام والصادقة والموطآت في صورتها المبدئية وبعض الأجزاء المتناثرة التي كان يتناقلها العلماء.
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[30 Sep 2006, 02:40 ص]ـ
ويدخل في هذا أن الرواية القرآنية تشتمل اللفظ والنطق والترتيل والحركات من دون تغيير شيء من هذا إلا بسند، بخلاف الحديث الذي قد يتخلف فيه شيء من هذا مثل حروف العطف، ومايدخل في الرواية بالمعنى وغير ذلك.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[30 Sep 2006, 06:27 ص]ـ
معنى قول أبي حاتم, هو:
إن ضبط أسانيد التفسير وألفاظها أشق من ضبط الأحاديث المسندة. وأن ذلك مرتبة أعلى من مجرد حفظ الأحاديث المسندة, وذلك صحيح؛ للأسباب التي ذكرها الإخوة, ولغيرها نحو: جمعه بذلك بين علمين مختلفين, ونحو اعتياد وتكرار وانتشار الأحاديث المسندة مما يسّهِّل حفظها بخلاف أسانيد التفسير وألفاظها, ونحو صعوبة ضبط ألفاظ التفسير لدقة اختلافها وكثرتها في الموضع الواحد, ولكثرة مرويات التفسير بالنسبة للحديث المسند, وغير ذلك من الوجوه.
أما ما يستفاد من ذلك في علم الرواية فمنه:
- أن التفسير علم مستقلٌ بأسانيده وألفاظه وطريقة ضبطه.
- وأنه بذلك أشق من ضبط الأحاديث المسندة.
ومن ثمَّ لا يبعد القول أن هناك تمايزاً بين أسانيد التفسير وأسانيد الحديث, وإن اتفقت في منهج الرواية وأسماء الرجال, وأقدر الناس على إدراك ذلك الفرق الحفاظ فقط, كأبي حاتم وأضرابه رحمهم الله.
ـ[أبو صفوت]ــــــــ[30 Sep 2006, 08:00 ص]ـ
جزاكم الله خيرا على مشاركاتكم، وأسأل الله أن يعلمنا وإياكم العلم النافع
أريد تحويل دفة الموضوع إلى كلام آخر لابن أبي حاتم بشأن أسانيد التفسير فليتكم تدلون بدلوكم
قال ابن أبي حاتم في مقدمة تفسيره
" سألني جماعة من إخواني إخراج تفسير القران مختصرا بأصح الأسانيد ... فأجبتهم إلى ملتمسهم ... فتحريت إخراج ذلك بأصح الأخبار إسنادا، وأشبهها متنا، فإذا وجدت التفسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أذكر معه أحدا من الصحابة ممن أتى بمثل ذلك، وإذا وجدته عن الصحابة فإن كانوا متفقين ذكرته عن أعلاهم درجة بأصح الأسانيد،وسميت موافقيهم بحذف الإسناد " اهـ.
وإذا طالعتَ تفسيره وجدت كما كبيرا من الآثار لا يصح على طريقة المحدثين
فما معنى قوله " فتحريت إخراج ذلك بأصح الأخبار إسنادا، وأشبهها متنا "؟
فهل معنى قوله أصح الأسانيد أنها صحيحة؟
أم أنه يخرج أصح الموجود من باب قول المحدثين هذا أصح شيء في الباب؟
أم أنه يقصد أن مقياس الصحة في التفسير غير مقياس الصحة في الحديث فلا يشترط في تصحيح الأثر في التفسير كل ما يشترط لتصحيحه في الحديث؟
بانتظار مشاركاتكم حول هذا النقل، وأهميته في التعامل مع أسانيد التفسير(/)
استفسار عن معاجم مصنفات الدراسات القرآنية
ـ[نورة]ــــــــ[13 Sep 2006, 05:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
الإخوة الأفاضل
أريد أن أستفسر عن كتابين
1 - معجم مصنفات القرآن الكريم/ د. علي إسحاق شواخ
2 - • معجم الدراسات القرآنية/ الدكتورة ابتسام مرهون الصفار
فأي دار طبعتها؟؟
وأين أجدها في السعودية؟
وجزاكم الله خيراً
ـ[منصور مهران]ــــــــ[14 Sep 2006, 12:19 ص]ـ
في البدء هذه تحية تلميذ إلى الأستاذة:
أما كتاب (معجم مصنفات القرآن الكريم) تأليف الدكتور علي شواخ فكانت طبعته الأولى منذ ربع قرن في دار الرفاعي بالرياض، وصدر المعجم في أربعة أجزاء، وهذه الطبعة نفدت منذ زمن؛ لأن دار الرفاعي شبه متوقفة عن العمل وعن النشر حاليا، وأعاد المؤلف طباعته خارج المملكة بعد إعادة النظر فيه فأصدر الجزء الأول فقط ولا أدري سبب توقفه عن إتمام الإصدار.
وأما كتاب (معجم الدراسات القرآنية) تأليف الدكتورة ابتسام مرهون الصفار فصدر أولا بالعراق - على ما بلغني ولم أره - وقيل إنه صدر في طبعة ثانية ولم أر هذه الطبعة أيضا.
وكلا الكتابين متوافران في الرياض في مكتبة الرشد وفي مكتبة العبيكان ووجدت الأول في مكتبة عالم الكتب بشارع التحلية عند الملتقى بطريق الملك فهد.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[14 Sep 2006, 05:59 ص]ـ
كتب المعاجم والببلوجرافيا إذا لم يتابع تحديثها فإنها تقل قيمتها العلمية لتسارع حركة النشر العلمي والتحقيق والبحث عن المخطوطات في العالم اليوم، وهذان الكتابان على جودتهما مضى عليهما زمن طويل منذ نشرت طبعتهما الأولى كما تفضل أخي الكريم الأستاذ منصور مهران سلمه الله.
فأما كتاب (معجم مصنفات القرآن الكريم) للدكتور علي شواخ فيمكن الحصول عليه في بعض مكتبات (الكتاب المستعمل) في الرياض، فقد رأيته مراراً ضمن معروضات بعض تلك المكتبات المنتشرة في الرياض.
وأ كتاب (معجم الدراسات القرآنية) تأليف الدكتورة ابتسام مرهون الصفار فصدر أولا بالعراق عن دار الرشيد، وكان قبل ذلك قد نشر على حلقات في المجلات العراقية وغيرها، ثم جمعته المؤلفه في كتاب من مجلد غلاف واحد يقع في حوالي 500 صفحة.
وقد ظهرت مؤخراً معاجم للمصنفات في الدراسات القرآنية أشمل من هذين الكتابين كمعاجم الدكتور عبدالله الجيوسي حفظه الله التي أصدرها ونشرت، وبعضها ما يزال تحت الطباعة. وأصدر مجمع الملك فهد بالمدينة فهرست للمصنفات القرآنية في ثلاثة مجلدات، وهناك مشروع قائم حالياً في بعض المراكز العلمية في السعودية لإخراج معجم أشمل منها، ونسأل الله أن يسدد الخطى، وأن يجزي القائمين على خدمة علوم القرآن خيراً.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[14 Sep 2006, 10:10 ص]ـ
تحية محب مهداة إلى أخي الدكتور عبد الرحمن الشهري ـ سلمه الله
وأمتع الله بك أيها اللبيب الأريب، فتلك فائدة جديدة لم أبلغها من قبل، والكتاب الذي أشرتم إليه باسم (فهرست للمصنفات القرآنية) في ثلاثة أجزاء ومن إصدار مجمع الملك فهد؛ هذا الكتاب لم تره العيون وقد عهدنا من المجمع الموقر أن جميع مطبوعاته لدى موزع واحد وهو يتولى التوزيع الداخلي في مكتبات المملكة العربية السعودية، فكيف صدر كتاب بهذه الأهمية ولا يعرفه القراء؟
قد يكون من المناسب للمقام أن أتقدم إلى المسئولين بالمجمع اختيار جريدة من الجرائد السيارة تخصص فيها جزءا في إحدى صفحاتها لنشر إصدارات المجمع وأخباره بانتظام توسيعا لدائرة الاهتمام بالقراءة لدى الناس، وبالله التوفيق.
ـ[نورة]ــــــــ[14 Sep 2006, 11:39 ص]ـ
الشيخ الأستاذ منصور مهران
والشيخ الدكتور عبدالرحمن الشهري
بارك الله فيكم
على حسن الايضاح
وبالطبع ستكون المؤلفات المتأخرة في هذه البابة أعم وأشمل
وفقكم الله
ونفع بكم
ـ[نورة]ــــــــ[16 Sep 2006, 06:45 ص]ـ
الدكتور عبد الرحمن الشهري
أثابك الله
هل تقصد فهرست مصنفات تفسير القرآن الكريم
المطبوع بمجمع الملك فهد
فكنت أريد فهرست أو معجم آخر
يهتم بعلوم القرآن عامة وعلوم القراءات خاصة
فهل هناك معجما آخرا يهتم بذلك
لأن كتب الدكتور الجريسي أيضا تحت الطبع
وبارك الله فيك
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[27 Sep 2006, 10:22 م]ـ
هناك كتاب خاص بالمخطوطات المتعلقة بالتفسير ويقع في مجلدين وهو الفهرس الشامل الذي صدر من مؤسسة آل البيت.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[20 Dec 2006, 12:46 ص]ـ
فهرست مصنفات تفسير القرآن الكريم يمكن البحث فيه من خلال موقع المجمع. وهذا يؤدي الغرض منه إن شاء الله لمن لم يستطع الحصول على نسخته المطبوعة ..
فهرست مصنفات تفسير القرآن الكريم ( http://www.qurancomplex.org/tbooks/default.asp?TabID=7&SubItemID=2&l=arb&job=list&mode=tafseer&SecOrder=7&SubSecOrder=2)
ـ[نورة]ــــــــ[20 Dec 2006, 04:50 ص]ـ
جزاكم الله خيراً(/)
القوني: مصطلح الرجل الغني بالقرآن
ـ[أيمن صالح شعبان]ــــــــ[14 Sep 2006, 06:21 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القوني الرجل الغني بالقرآن في دارفور
حفظ المصحف كان شرطا لإتمام الزواج
http://www.darfournews.net/imagx/dn-91r.jpg
اشتهرت دارفور بأنها بلد القرآن الكريم، ولم تأت هذه التسمية من فراغ، ففي تاريخها المدون والشفاهي حكايات وروايات عن تعظيم القرآن وحفظته، أقلها أن المقدم على الزواج لا بد أن يكون حافظا لكتاب الله كشرط لإتمام العقد.
كان سلاطين الممالك والسلطنات القديمة يعطون الفقهاء والعلماء وحفظة القرآن الكريم المكانة العليا في مجتمعات ذلك الزمان وما زالت هذه التقاليد الموروثة مستمرة في دارفور رغم تبدل الأحوال والأزمان وإن لم تكن بنفس الانتشار.
ظلت دارفور منذ عام 1600 للميلاد بلدا مسلما جميع سكانها من المسلمين، وظل القرآن الكريم القاسم المشترك بين القبائل العربية والأفريقية، والحكم بينهم فيما يثور من نزاعات.
اهتم سلاطين دارفور بالعلم والعلماء، وعرف عنهم كسوة الكعبة المكرمة وإرسال ما يعرف آنذاك بالمحمل إلى البيت العتيق. وما تزال أوقافهم معروفة في الأراضي المقدسة وأشهرها آبار علي على الطريق بين مكة والمدينة المنورة، والمقصود بعلي هنا هو السلطان علي دينار أحد سلاطين دارفور.
وكان يتم اختيار السلاطين وفق مؤهلات خاصة أبرزها حفظ القرآن الكريم والإلمام بالشريعة الإسلامية مما يدلل على تمكن القرآن في مجتمع دارفور منذ القدم.
ويقول رئيس جمعية القرآن الكريم بولاية غرب دارفور البشاري نجم البشاري للجزيرة نت إن مكانة العلماء والحفظة كانت مرموقة لدى السلاطين، وضرب مثلا بالسلطان بحر الدين سلطان دار مساليت الذي عاصر الحرب العالمية الثانية.
وأوضح أن السلطان بحر الدين وضع ترتيبا لمجلسه السلطاني، فكان أول ما يخرج من داره يلتقي بالفقهاء وحفظة القرآن ثم من بعدهم قيادات السلطنة، ثم يستمع لشكاوى عامة الناس.
القوانة ومكانتهم
أعلى درجات حفظة القرآن الكريم هم من يعرفون بالقوانة (جمع قوني)، والتسمية مأخوذة من لغة البرنو المعروفين في التاريخ الإسلامي بدولتهم الإسلامية في المنطقة الواقعة شمال تشاد، وتعني الكلمة لديهم "الرجل الغني بالقرآن".
القوني كما يوضح البشاري هو الرجل الذي يحفظ القرآن بإحدى الروايات المعتمدة، وبعد ذلك يلم بجميع علوم القرآن وخاصة معرفة عدد حروفه والآيات المتشابهة والناسخ والمنسوخ وضبط القرآن، ومعرفة عدد ذكر كلمة معينة في القرآن مثل معرفة كم مرة ورد اسم الجلالة منصوبا ومجرورا ومرفوعا، ومعرفة بدايات الأجزاء وغيرها.
الحافظ الذي يتقدم لرتبة القوني يمر باختبارات صعبة من عدد من القوانة حتى يصل إلى هذه الدرجة. كما يشترط أن يقوم بكتابة المصحف بخط يده دون الرجوع إلى مصحف، ثم يتلوه أمام القوانة ليثبت جودة حفظه، وإذا نجح يقوم أكبر الشيوخ بإلباسه طاقية وعمامة ويؤذن له بتدريس الرواية التي حفظ عليها القرآن.
القوني بشارة مصطفى المسيري رجل في التسعين من عمره، يجلس في متجر متواضع بسوق الجنينة، قال للجزيرة نت إنه حفظ القرآن في نيجيريا، ودرس علومه حتى وصل إلى درجة القوني.
مازال بشارة المسيري حتى وهو في هذه السن يخط المصحف الشريف بيده. وحينما سألناه عن التقاليد المتبعة لتنصيب القوني غير التي ذكرناها آنفا قال إن الحافظ يجب أن يكرر تسميع القرآن عشرين مرة، والأخيرة يكتبه بخط يده من رأسه ثم يتم إجلاسه على منضدة علية ويعلن للناس أن الرجل بلغ مرتبة القوني.
وقال المسيري إنه مازال يمارس كتابة المصحف يدويا، وإنه كتب حتى الآن خمسين مصحفا لكنه لا يبيعها وإنما يهديها فقط. وقد تخرج على يده 70 قونيا، ومازال يمارس تدريس القرآن في خلوة أقامها في منزله، أما عدد الحفظة الذين تخرجوا على يده ولم يصلوا درجة القوني فهم كثيرون لكنه لا يعلم عددهم.
ومن التقاليد ذات الصلة بالقرآن الكريم توارث المصاحف المخطوطة باليد، وقد وقفت الجزيرة نت عند أحد المهتمين بذلك على مصحفين تجاوز عمرهما الثلاثمائة عام، والمصحفان مدون عليهما تاريخ كتابتهما واسما كاتبيهما.
المصدر الجزيره نت
http://www.darfournews.net/ar/atopic.asp?artID=541&aCK=AC
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[19 Sep 2006, 07:19 م]ـ
جزاك الله خيراً على هذا الرابط. فنحن في المشرق لا نكاد نعلم شيئاً عن إخواننا في أفريقيا، ومثل هذه العادات الإسلامية التي تدل على حب القرآن والعلم هي دلالة أيضاً على أصالة هذه الشعوب الإسلامية وحبها لدينها ولكتاب ربها. وفي المخططات الهدامة التي تسعى الآن للدخول إلى دارفور نذير للمسلمين للالتفات إلى أخوانهم في هذه البلاد، وتفقد أحوالهم.
نسأل الله أن يحفظ بلاد المسلمين من شر أعدائهم المتربصين، الذي ما فتأوا يعيثون في أرض الإسلام فساداً والله لا يحب المفسدين.(/)
العبرة بحسن العمل لا بكثرته. (دعوة للمشاركة)
ـ[أبو العالية]ــــــــ[14 Sep 2006, 10:23 ص]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يقول الله تبارك وتعالى: ? وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ? [هود / 7]
وقال سبحانه: ?إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ? [الكهف / 7]
وقال سبحانه: ? الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ? [الملك / 2]
إنّ المتأمل لكلام ربنا تعالى ليدرك حقيقة أن العبرة في العبادات، بحسنها وإتقانها وإخلاصها لله عز وجل، ولا عبرة البتة في العدد إلا في جانب واحد وهو الازدياد من الخيرات ولكن مع حسنها وإخلاصها وموافقتها للسنة.
وهذا هو الذي فهمه سلف أمتنا رحمهم الله.
قال ابن كثير رحمه الله في قوله " لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ":
" ولم يقل أكثر عملاً، بل أحسن عملاً، ولايكون العمل حسناً حتى يكون خالصاُ لله عز وجلّ، على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمتى فقد العمل واحداً من هذين الشرطين حبط وبطل " أهـ (2/ 574)
وقال شيخنا العلامة الراحل محمد العثيمين رحمه الله: (وتأمل قوله تعالى: {ْ أَحْسَنُ عَمَلاً} ولم يقل: "أكثر عملاً"؛ لأن العبرة بالأحسن لا بالأكثر، وعلى هذا لو صلى الإنسان أربع ركعات لكنْ على يقين ضعيف أو على إخلال باتباع الشرع، وصلى آخر ركعتين بيقين قوي ومتابعةٍ قوية فأيهما أحسن؟ الثاني؛ بلا شك أحسن وأفضل، لأن العبرة بإحسان العمل وإتقانه إخلاصاً ومتابعة.) بتصرف من تفسيره لسورة الكهف: 7)
ويقول الشيخ العارف الفضيل بن عياض رحمه الله، كما حكاه عنه شيخ الإسلام في الفتاوي (10/ 173) قال: " قوله " ليبلوكم أيكم أحسن عملاً "
قال أخلصه وأصوبه.
قيل: يا أبا علي، ما أخلصه وأصوبه؟
قال: إنّ العمل إذا كان خالصاً لله ولم يكن صواباً لم يقبل؛ حتى يكون خالصاً صواباً، فالخالص: ما كان الله تعالى، والصواب: ما كان على السنة. "
فيا لله ما أعظم فقه القوم، ولا عجب ..
إنهم القوم فقهوا عن الله، ووعو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، علموا ما المراد منهم فامتثلوه،على أكمل وجه وزياده،وتركوا المنكر ونبذوه خلفهم بلا ريادة، فكان الجزاء من جنس العمل: " للذين أحسنوا الحسنى وزياده "
فأكثرُ منْ تَلقىَ يسرك قوله ... ولكن قليلٌ من يسرك فعلُهُ.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" وجماع الدين شيئان:
أحدهما: أن لا نعبد إلا الله تعالى.
والثاني: أن نعبده بما شرع، لا نعبده بالبدع، كما قال: " ليبلوكم أيكم أحسن عملاً " .... وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في دعائه:
اللهم أجعل عملي كله صالحاً، واجعله لوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحدٍ فيه شيئاً "
المجموع (28/ 23)
وذا أحد السلف يقول:
" لا يكن هم أحدكم في كثرة العمل، ولكن ليكن همه في إحكامه وإتقانه وتحسينه؛ فإن العبد قد يصلي وهو يعصي الله في صلاته، وقد يصوم وهو يعصي الله في صيامه "
فلو تأمل العاقل الأريب في حال قيامه بالعبادة.
هل المقصود والغاية منها الجهد والتعب، كلا وربي بل إن الله لغني عن عباده وعن عبادتهم إياه، ولكن هي نسمات إيمانية، ونفحات روحانية، أمرهم بها ربهم لينالوها، ولكن شقي من شقي وسعد من سعد وذلك فضل الله يوتيه من يشاء.
قال قتادة رحمه الله:
" إن الله لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليهم، ولا ينهاهم عما نهاهم عنه بخلاً عليهم؛ بل أمرهم بما ينفعهم ونهاهم عما يضرهم " المجموع (1/ 216)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" الرسول صلى الله عليه وسلم بعث بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فما أمر الله به، فمصلحته راجحة، وما نهى عنه، فمفسدته راجحة "
المجموع (1/ 138)
وتأمل أيها الفطن اللبيب:
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح حين ذكر كثرة عمل الخوارج فقال:
" يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم، وصيامه إلى صيامهم، وقراءته إلى قراءتهم، يقرؤون القرآن لايجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية " وهذا الشاهد.
أليسوا من أكثر الناس صلاةً وصياماً وقراءة للقرآن؟
بلى.
ولكن اتباع السنة وإتقان العمل وتصويبه أفضل عند الله وإن قل من كثرته لو كان مجانباً للسنة فاعلاً للبدعة.
وأصدق دليل على ذلك ما رواه البخاري رحمه الله في صحيحه من حديث انس رضي الله عنه قال:
جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالُوا وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي. "
والشاهد من الحديث: (كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا)
وما أجمل ما ذكره الإمام احمد رحمه الله في الزهد (صـ 196) عن أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه قال: " اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في البدعة "
وأخرج الحاكم رحمه الله في مستدركه (1/ 103) من قول ابن مسعود رضي الله عنه، قال: " الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة ".
فإذا عُلِم هذا ..
فإحسان العبادة، وإتقانها هو عين الأمر المأمور به العبد، وهي الجنة التي في الدنيا، ومن لم يدخلها بحق فليس يدخل جنة الآخرة.
نسأل الله العلي الكريم من فضله.
والله أعلم
محبكم
أبو العالية
عفا الله عنه
ـ[منصور مهران]ــــــــ[15 Sep 2006, 12:50 ص]ـ
ورد في كلام ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أنه قال: ليس لك من صلاتك إلا ما عقلت منها. وذلك ترغيبا في إحسان الأداء وإتمام الأركان، وإتقان ذلك كله وُصْلة إلى الثمرة المرجوة منها؛ أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر.
ولما كان الإحسان شيئا فوق العادة اختصه جبريل -عليه السلام - بالسؤال في سياق أسئلته عن أصول الدين في الحديث المشهور، وجاء جواب الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) وفيه أجمل توجيه لإتقان العمل إرضاء لله وهو يراك، ويكون هذا دأب المسلم أبدا لأنه لا يرى ربه ولكن الله يرى عباده وكان الله عليهم رقيبا، فيحفزه ذلك على إحسان العبادة وسائر أعماله لا يبتغي بها غير وجه ربه الكريم.
وقد يرى بعض أهل العلم فرقا بين الإحسان والإتقان، حيث يعدون الإتقان هو إتمام الأركان على الوجه المطلوب وفق الشروط وأصول الأداء، أما الإحسان فيشمل ذلك وزيادة أن يكون العمل بلا مطمع دنيوي أدناه الرياء وأقصاه التحايل، وهذان الأمران لا يخفى على الله من دوافعهما شيء فلا يستطيع العبد تخفيا عن ربه ولا تحايلا كالذي يدور به بين الناس، وحسبك من الحديث: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) لأن الصوم لا يتم إلا بصلة خفية بين العبد وربه، فلو تظاهر أحد من الناس بصومه ولكنه عندما يخلو إلى نفسه يطعم الطعام لا يكون بذلك صائما ولا تسقط عنه الفريضة، بينما لو تظاهر بالصلاة أمام الناس واداها وفق شروطها سقطت عنه الفريضة وحسابه بعد ذلك عند ربه على قدر نيته، فانظر يا رعاك الله فرق ما بين الإحسان والإتقان، وعليه يرد معنى الحديث: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه) بمعنى أن يؤدي العمل كم يجب أن يكون لتقوم الثقة بين الناس مقام الرقيب فلنا الظاهر والله يتولى السرائر، هذه عجالة لفكرة عابرة خشيت عليها من الشتات فجعلتها لعيونكم بارزة لعل أحدكم أن يكون أفصح مني لسانا فيرشدني إلى صوابٍ ضل عني والله يرعاكم.
ـ[أبو العالية]ــــــــ[16 Sep 2006, 09:48 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلاة على رسول الله، وبعد ..
جزاك الله خيراً أخي الكريم؛ فالفائدة والمَلْحَظُ طيِِِِِِِِّب، وخاطرة مباركة.
نفع الله بك.
ـ[الموحد 2]ــــــــ[19 Sep 2006, 02:58 ص]ـ
جزاك الله خيراً ... أخي الفاضل أبي العالية،
وقلوبنا والله بحاجة ماسة إلى مثل هذه المواعظ والقوارع بين الفينة والأخرى،
فابليس يوسوس مع كل فكرة وخطرة وهمّة .. وكل عمل نعمله، فلا بد أن تكون المضادات له قوية مع كل وسوسة.
شكراً لكَ ... وأسأل الله أن يحفظكَ في حلّك وترحالك.
أخوك المحب ..
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو العالية]ــــــــ[19 Sep 2006, 09:17 ص]ـ
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد ..
جزاك الله خيراً أخي الموحد 2.
وكلنا ذاك الرجل الذي بحاجة ماسة جدا إلى مثل هذه المواعظ؛ إذ صلاح القلوب هو المُعَوَّل عليه فيصلاح سائر الأعمال.
أشكر ثانية مرورك الكريم.
يا محب.
ـ[الطبيب]ــــــــ[19 Sep 2006, 01:51 م]ـ
رب عمل صغير تكبّره النيّة ..
ورب عمل كبير تصغرّه النيّة!!
جزاكم خيراً على إحياء هذا الموضوع المهم.
ودمتم،،،(/)
قال المفسر المعاصر -1423 - : {على العرش استوى}: استولى
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[14 Sep 2006, 10:07 م]ـ
في قرية حالِمة من قرى زهران, عزم أبو إبراهيم على إعادة بناء مسجده الذي أنشأه عام 1396, ففعل .. , وبعد عام كاملٍ انتهى من مسجده الجديد, فأسرعت إليه لأسعد بالصلاة فيه, ولتهنئةِ مؤذنه أبي إبراهيم – وقد كان يحب أن أصلي معه-, فلمَّا وصلته دلَّني جمال ظاهره على جمال باطنه, وقد قيل قديماً: اطلبوا الخير عند حِسان الوجوه.
فدخلته على عجل, فرأيته يشعُّ حُسناً وبَهاءً, فصليت وجلست, وتناولت مصحفاً شبيه الإخراج بمصاحف مجمع الملك فهد, مع فخامة طباعته, وجودة إخراجه, وازداد أنسي بوجود تفسير مختصر في هامشه, فبينا أنا أتصفحه إذ وقع بصري على قوله تعالى {الرحمن على العرش استوى} , فالتفت إلى تفسيرها في الهامش فإذا بالمفسر يقول: (استولى على المُلك) , فذُهِلت, وغارت الأحرف في ناظِرَيَّ فلم أعد أرى من المصحف إلا هذه الكلمات, فقربت المصحف وبعدته, وأعدت النظر إليه وصوبته, وإذا بالجملة على حالها, فاسترجعت ذاكرتي استحثها في البحث عن مواضع صفة الاستواء في القرآن, وإذا بالتفسير يتكرر بألفاظه في سورتي يونس والرعد: (استولى على المُلك) , فاسترجعتُ لمُصيبتي, ولم أستفق إلا على صوت أبي إبراهيم مسلِّماً, فرددت السلام على غير ما يعهده مني, وألهمني الله مناسبة المسجد, فتبسمت له, وأخذت في الثناء والدعاء, ثم سألته عن هذه المصاحف الجديدة: من أين أخذها؟ وبكم؟ وكيف .. , فأخبرني, وقال: ولم السؤال؟ فأردت أن أذكر له ما رأيته من تفسير الجهمية, فخشيت أن يسمعها (محو الأمِّية) , أو (خمسميَّة) , أو نحوها ممَّا يحب أن يسمعه كبار السنّ, فقلت: هذا التفسير الذي مع المصحف سيِّء, وفيه أشياء غير صحيحة, فرُدَّه إلى المكتبة, وخذ بدله من الأوقاف مصحف المجمَّع. ففعلَ وفقه الله, وأحسن خاتمته.
وبعد زمان .. صليَّتُ في مسجد جديد من مساجد تهامة, فرأيتُ نفس المصحف فيما يُخَيَّلُ إليّ, فذهبت إلى آيات الاستواء, فإذا هو هو, فعلمتُ أن الداء قد استشرى وتعيَّن البيان على المستطيع, فأخذت نسخة منه وعزمت على تَفَحُّصِه, وبينا أنا صاعِدٌ من تهامة إلى قريتي في السَّراة, وقد دخل فرض الظهر, فصلَّيت في مسجد جديد قبل قريتا, فما إن فرغت من الراتبة حتى رأيت هذا المصحف بشحمه ولحمه يملأ رفوف المسجد, فأخبرت الإمام عن بلاياه, فوعد خيراً, وعدت للصلاة عنده بعد يومين فإذا به قد جمعه في كرتونٍ آخر المسجد ليتلفه, ووضع مكانه مصحف المجمَّع, وأخبرني أنه ذهب إلى مدير الأوقاف وأخبره بأمر هذا المصحف, فلم يجد منه تفاعلاً, وإنما أعطاه مصاحف المجمع, وقال له: تصرف في مصاحفكم هذه بالحرق أو الإتلاف, إنما نحن لا نستلمها, ولا علاقة لنا بها. فخففتُ عن الإمام وأخبرته أني قد فرغت من قراءة هذا التفسير, وكتبت ما عليه من ملاحظات, وأرفقتها بخطابات لسماحة المفتي العام, ووزير الشؤون الإسلامية.
وبعد. . . . إخواني الكرام في الملتقى
فإليكم مُلخَّصاً لأهم الملاحظات والانحرافات الواردة في هذا التفسير, لنحذر منه, ونُنَبِّه إخواننا عليه, ولتعلموا مدى انتشار هذا التفسير فإن مؤلفه فرغ منه عام 1423, وأنا أكتب ملاحظاتي على الطبعة الثالثة التي طبعت عام 1423 أيضاً!!
- اسم التفسير: «صفوة البيان في تفسير كلمات القرآن».
- مؤلفه: محمد حسين بن جعفر الدُّجيلي.
- مطبوع بهامش المصحف الشريف في دار الفرزدق لعلوم القرآن بجدة, عام 1423هـ.
أولاً: رَتَّب المؤلف في أوَّل المصحف دعاءين:
أحدهما: (دعاءٌ قبل تلاوة القرآن ونشره) , والآخر: (دعاءٌ عند تلاوة بعض القرآن الكريم) , ولا أصلَ لكُلِّ ذلك, وفي ترتيب دعاءٍ بصيغة معينة في أحوالٍ معينة والتزامه تَعَبُّدٌ بما لم يشرع, ونحو ذلك يُقال في (دعاء ختم القرآن) الذي أثبته المؤلف في آخر المصحف, مع ما في صيغته من مجافاة أدب الدعاء.
ثانياً: حَرَّف المؤلفُ معاني أسماء الله وصفاته تحريفاً عظيماً, وافق فيه رؤوس المبتدعة المؤولة من جهميةٍ ومعتزلةٍ, وهذه جُملةٌ من تحريفاته:
1 - تلاعب المؤلف بصفة الاستواء في قوله تعالى {ثم استوى على العرش} , وقوله {الرحمن على العرش استوى} على وجوهٍ عدَّةٍ لم يُثبِت في أحدٍ منها قولَ أهل السنة, بل قال فيها:
- (قصد إلى خلق العرش) صـ157.
- (استوى على الملك) صـ208.
- (استولى على المُلك) صـ249.
- (استولى على المُلك) صـ415.
وهذا التأويل الأخير المتكرر هو محضُ تأويل الجهمية والمعتزلة, بل زاد عليهم بتحريف معنى العرش إلى الملك كما سيأتي.
2 - حَرَّف معنى العرش في جميع مواضع الآيات السابقة وفي غيرها إلى معاني باطلة فقال إضافةً إلى ما سبق في آيات الاستواء:
- في قوله تعالى {ذو العرش المجيد}: (ذو المُلك) صـ590.
- وفي قوله تعالى {وكان عرشه على الماء} قال: (ما كان خلق تحته إلا ماء) صـ222.
3 - أَوَّل صفة اليد في قوله تعالى {لِمَا خلقتُ بِيَدَيَّ} بالقدرة, فقال: (خلقته بقدرتي) صـ457.
4 - أَوَّل صفة النور في قوله تعالى {الله نور السماوات والأرض} بقوله: (هادي أهل السماوات والأرض إلى ما فيه مصالحهم) صـ354.
هذه أبرز الملاحظات والانحرافات في هذا التفسير, وأرجو أن أكون أديتُ الأمانة إلى أهلها في هذا الملتقى المبارك, ومن أراد الاحتساب ومراسلة أهل الشأن في هذا الأمر فلعلي أعينه بإرفاق صورة خطابي في تعليق لاحق على الموضوع, وبالله تعالى التوفيق, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عبدالله بن عيدان الزهراني]ــــــــ[15 Sep 2006, 10:23 م]ـ
جزيت خيرًا أبا بيان، وقد صدر تعميمٌ في الأسبوع الماضي إلى أئمّة المساجد من الجهة ذات العلاقة بإبعاد جميع المصاحف التي تولى طبعها غير مجمّع الملك فهد، وكذلك بتفحّص كل كتاب يوجد في المسجد، والتأكّد من خلوّه من مثل هذه الملاحظات وغيرها، ويبقى التعليق العلمي على مايوجد من أخطاء أمانةً يؤدّيها طلبة العلم أمثال متصفحي هذا الملتقى المبارك.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[15 Sep 2006, 10:30 م]ـ
جزاكم الله خيراً يا أبا بيان على هذا البيان، وهذه أول مرة أسمع بهذا المصحف المفسر، وربما يكون انتشاره في المنطقة الغربية ومناطق جبال السروات كالباحة مثلاً. وإن كان يمكنك وضع صورة لغلاف التفسير فهذا حسن؛ حتى إذا رأيناه كنا على بينة.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[15 Sep 2006, 11:58 م]ـ
شكر الله لك أبا بيان على هذا التنبيه , وارجو أن تضع كل الملاحظات التي وقفت عليها وفقك الله.
ـ[صالح العبد اللطيف]ــــــــ[16 Sep 2006, 06:29 ص]ـ
جزاك الله خيراً أبا بيان، لكن الأمر غريب كيف يطبع مصحف بهذا الشكل في دار في جدة ومعلوم أن هذا أكثر ما يفضله عوام الناس حيث يسهل عليهم قراءته كونه مختصراً وسيقعون بحرج شديد لو اطلعوا على مافيه، ثم كيف ينتشر بهذا الشكل المريب!!
ـ[أبو عمر السيد]ــــــــ[16 Sep 2006, 11:42 ص]ـ
جزاك الله خيرا ووفقكم الله
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[26 Sep 2006, 05:16 م]ـ
أشكر الإخوة جميعاً,
وأعتذر عن تأخر الرد لعوارض كثيرة,
وما كتبته هو كل ما لدي من ملاحظات الآن, وثمة ملاحظات ليست في صراحة ما ذكرته, وقد يُنازَع فيها.
وعسى أن يتيسر لي وضع صورة له بإذن الله في أقرب فرصة,
وقد استغربت ما استغربه أخي صالح العبداللطيف من طبعه في جدة ونشره منها, لكن هذا هو الواقع ولعل في الأمر ما فيه.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 Oct 2006, 01:41 ص]ـ
صورة الغلاف الخارجي
http://www.tafsir.net/vb/images/uploads/6_15227452067a8e556c.jpg
الصفحة الأولى.
http://www.tafsir.net/vb/images/uploads/6_16996452068ae43b5d.jpg
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[02 Oct 2006, 01:50 ص]ـ
نماذج من التأويل, مع خاتمة المؤلف:
http://www.tafsir.net/vb/images/uploads/6_1988845206bd85bd84.jpg
http://www.tafsir.net/vb/images/uploads/6_2113245206c8a01d65.jpg
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[02 Oct 2006, 04:35 ص]ـ
جزاك الله خيراً.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[02 Oct 2006, 09:54 ص]ـ
جزاك الله خيراً
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[04 Jul 2010, 11:43 ص]ـ
حَرَّف المؤلفُ معاني أسماء الله وصفاته تحريفاً عظيماً
وافق فيه رؤوس المبتدعة المؤولة من جهميةٍ ومعتزلةٍ
4 - أَوَّل صفة النور في قوله تعالى {الله نور السماوات والأرض} بقوله: (هادي أهل السماوات والأرض إلى ما فيه مصالحهم) صـ354. [/ all1]
لا حول ولا قوة إلا بالله
وهل الإمام الطبري رضي الله عنه محرف لكتاب الله تعالى تحريفا عظيما موافق لرؤوس المبتدعة المؤولة من جهمية ومعتزلة عندما اختار في تفسيره لهذه الآية ذلك التفسير بقوله: «يعني ـ تعالى ذكرُه ـ بقوله: ژ ہ ھ ھ ھھژ: هادي من في السموات والأرض، فهُم بنوره إلى الحق يهتدون، وبهداه من حيرة الضلالة يعتصمون. (جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ج17/ص295)
وهل الضحاك كذلك حيث قال في تفسيرها: نوَّرَ السماءَ بالملائكة، ونوَّرَ الأرضَ بالأنبياء. (معالم التنزيل، ج6/ص45. دار طيبة للنشر، 1411هـ)
لقد حان الوقت لأن يراجع الكثير من طلبة العلم مواقفهم المتشددة المتعصبة الإقصائية بلا مبرر علمي فيما يتعلق بقضية التأويل العلمي المنضبط، وأنصح بشدة في هذا المقام قراءة ما ورد في الرحلة العياشية للإمام المحدث أبي سالم البصري (ج1/ 571) وما بعدها فإنه كلام عظيم النفع لمن اراد التبصر في هذا المقام، فإنه كاشف لبعض أسباب الغلو الذي وقع فيه البعض .. والله الهادي إلى الصراط المستقيم.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 Jul 2010, 01:04 م]ـ
عبارة الدجيلي تلك تحتمل أن تكون تأويلاً , وإنما حملتُها على عادته في مثلها من المواضع , والفرق بينها وبين عبارة الطبري والضحاك دقيق , يتبيّن بشيء من التفهُّم والتَفَحُّص لمواضع الكلام , فتأمّل رعاك الله:
- الدجيلي: (هادي أهل السماوات والأرض إلى ما فيه مصالحهم).
- الطبري: (هادي من في السموات والأرض، فهُم بنوره إلى الحق يهتدون).
- الضحاك: (نوَّرَ السماءَ بالملائكة، ونوَّرَ الأرضَ بالأنبياء).
فالطبري والضحاك قبله أثبتا اللفظة المذكورة نَصّاً في الآية , وذكرا لازم الصفة وأثرها , وهذا منهم إثبات للصفة من هذا الطريق , وهو وإن لم يكن نصّاً في الإثبات لكنهما ليسا من أهل تحريف الصفات وتأويلها , بخلاف الدجيلي الذي تَقصَّد ذلك في عامّة المواضع.
والسؤال الموضوعيّ الذي ينبغي أن يُقال هنا:
لماذا لم يقل الدجيلي: (هادي أهل السماوات والأرض بنوره)؟ مع أنه أقرب إلى لفظ الآية , وهو قول المفسرين قبله؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[04 Jul 2010, 01:21 م]ـ
أترك الحكم للقراء الواعين والباحثين المتخصصين حتى يتبينوا الفرق بين عبارة الدجيلي والطبري والضحاك، فإن رأيي لن يعجبك؛ فإني لا أرى فرقا أبدا، لا دقيقا ولا جليلا، إذ معنى عبارة الطبري لكل من له أدنى تأمل: فهم بهداه إلى الحق يهتدون؛ فإنه فسر النور بالهادي، ليتجنب التكرار ولمزيد البيان قال: فهم بنوره إلى الحق يهتدون. ومعناه الواضح: فهم بهداه إلى الحق يهتدون. وتأويل الضحاك أوضح من تأويل الطبري ولا إشكال فيه أصلا لأن التنوير هنا راجع إلى فعل، لا إلا صفة وجودية أصلا.
ثم لماذا التحكم في تحريم التفسير باللازم مرة وتحليله أخرى؟؟ فإذا كان التفسير باللوازم الصحيحة سائغا مرة فليكن كذلك بلا استثناء، فمن لازم الاستواء القهر والغلبة، والله تعالى وصف نفسه بالقهار والغالب، ومن لازم النور الهداية، والله تعالى وصف نفسه بالهادي، ومن لازم اليد القدرة، والله تعالى وصف نفسه بالقدرة والقادرية والاقتدار، فلم تحريم التفسير باللازم الصحيح مرة وتحليله أخرى؟؟؟
فالحاصل عندي أن التشنيع على الدجيلي وتفضيع جهده ـ المشكور بارك الله فيه ـ في غير محله أصلا، والقارئ لكلامك أخي الكريم يخاف ويحذر من هذا التفسير أكثر من الحذر من الكتب الإلحادية، وفي الحقيقة ليس ثمة ما يستدعي هذا التهويل إلا العصبية المذهبية، لا المنهجية العلمية .. والله الهادي إلى الصراط المستقيم.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 Jul 2010, 06:31 م]ـ
مادام الحكم للقراء الواعين والباحثين المتخصصين .. فأنا أترك لهم الحكم على هذا:
هل تعرفون عاقلاً يُقِرُّ باللازم وينفي المعنى الأصلي (الملزوم)؟!
هل يقول عاقل:
أنا آخذ بلازم الاستواء وهو القهر والغلبة ولا أثبت الاستواء!
أو يقول:
أقول بلازم اليد وهي القدرة ولا أثبت اليد لله!
هل سمعتم بتناقض كهذا؟!
ـ[مجدي ابو عيشة]ــــــــ[04 Jul 2010, 06:45 م]ـ
"قال داود بنُ عليّ الأَصبهاني كنت عند ابن الأَعرابي فأَتاه رجلٌ فقال ما معنى قول الله عز وجل الرحمنُ على العرش استَوى؟ فقال ابن الأَعرابي هو على عرشه كما أَخبَرَ فقال يا أَبا عبدِ الله إنما معناه استَوْلى فقال ابن الأَعرابي ما يُدْرِيك؟ العرب لا تقول استَوْلى على الشيء حتى يكون له مُضادٌّفأَيهما غَلَب فقد اسْتَوْلى أَما سمعت قول النابغة إلاَّ لمِثْلِكَ أَو مَن أَنت سابِقُه سبْقَ الجوادِ إذا اسْتَوْلى على الأَمَدِ" لسان العرب - (ج 14 / ص 408)
وقال الترمذي:" وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا يُشْبِهُ هَذَا مِنْ الرِّوَايَاتِ مِنْ الصِّفَاتِ وَنُزُولِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالُوا قَدْ تَثْبُتُ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا وَيُؤْمَنُ بِهَا وَلَا يُتَوَهَّمُ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُمْ قَالُوا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَمِرُّوهَا بِلَا كَيْفٍ وَهَكَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَأَنْكَرَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَقَالُوا هَذَا تَشْبِيهٌ
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابهِ الْيَدَ وَالسَّمْعَ وَالْبَصَرَ فَتَأَوَّلَتْ الْجَهْمِيَّةُ هَذِهِ الْآيَاتِ فَفَسَّرُوهَا عَلَى غَيْرِ مَا فَسَّرَ أَهْلُ الْعِلْمِ وَقَالُوا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ آدَمَ بِيَدِهِ وَقَالُوا إِنَّ مَعْنَى الْيَدِ هَاهُنَا الْقُوَّةُ
و قَالَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ إِنَّمَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ إِذَا قَالَ يَدٌ كَيَدٍ أَوْ مِثْلُ يَدٍ أَوْ سَمْعٌ كَسَمْعٍ أَوْ مِثْلُ سَمْعٍ فَإِذَا قَالَ سَمْعٌ كَسَمْعٍ أَوْ مِثْلُ سَمْعٍ فَهَذَا التَّشْبِيهُ وَأَمَّا إِذَا قَالَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَدٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ وَلَا يَقُولُ كَيْفَ وَلَا يَقُولُ مِثْلُ سَمْعٍ وَلَا كَسَمْعٍ فَهَذَا لَا يَكُونُ تَشْبِيهًا وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابهِ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} "سنن الترمذي - (ج 3 / ص 71)
وقال وهب بن جرير: " الجهمية الزنادقة إنما يريدون أنه ليس على العرش استوى "خلق أفعال العباد للبخاري - (ج 1 / ص 6)
وقال ابن المبارك: «لا نقول كما قالت الجهمية إنه في الأرض ههنا، بل على العرش استوى»، وقيل له: كيف تعرف ربنا؟ قال: «فوق سماواته على عرشه» خلق أفعال العباد للبخاري - (ج 1 / ص 6)
وقال يزيد بن هارون: " من زعم أن الرحمن على العرش استوى على خلاف ما يقر في قلوب العامة فهو جهمي"خلق أفعال العباد للبخاري - (ج 1 / ص 7)
وقال ابن مسعود، في قوله: (ثم استوى على العرش). قال: «العرش على الماء، والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه» خلق أفعال العباد للبخاري - (ج 1 / ص 17)
وقال أبو جعفر محمد بن عثمان بن محمد بن أبي شيبة:" ذكروا أن الجهمية يقولون ليس بين الله عز وجل وبين خلقه حجاب، وأنكروا العرش، وأن يكون هو فوقه وفوق السماوات، وقالوا: إن الله في كل مكان، وإنه لا يتخلص من خلقه ولا يتخلص الخلق منه إلا أن يفنيهم، فلا يبقى من خلقه شيء، وهو مع الآخر، فالآخر من خلقه ممتزج به، فإذا أفنى خلقه تخلص منهم وتخلصوا منه، تبارك الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا. ومن قال بهذه المقالة فإلى التعطيل يرجع قولهم "
العرش وما روي فيه لابن أبي شيبة - (ج 1 / ص 2)
"باب
{وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}
{وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}
قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ
{اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}
ارْتَفَعَ
{فَسَوَّاهُنَّ}
خَلَقَهُنَّ وَقَالَ مُجَاهِدٌ
{اسْتَوَى}
عَلَا عَلَى الْعَرْشِ"صحيح البخاري - (ج 22 / ص 427)
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[04 Jul 2010, 07:06 م]ـ
أليس من الضعف العلمي أن تتهاطل المشاركات خارج الموضوع كليا؟؟
أما الأخ نايف فهل قال الدجيلي في تفسيره: أيها المسلمون لا تعتقدوا أن الله تعالى استوى على عرشه؟؟ ولا تعتقدوا أن الله خلق آدم بيديه؟؟ وأن الله نور السموات والأرض؟؟
إذا لم يقل الدجيلي هذا بالنص، فكل ما تحاول إلزامه به فهو غير لازم له، بل حقك أن تعتذر منه وتستغفر الله تعالى من التسور على قلوب عباده.
ثم ما أدراك أن الله تعالى ما أراد منا إلا فهم تلك اللوازم الصحيحة التي يشهد لقوة بعضها السياق القرآني الذي لا يراعيه إلا أهل التفسير والقرآن، لا من يأخذ معاني الكلمات مقطوعة من سياقها.
فإذا ثبت هذا، فتسقط كل التهم الباطلة المخترعة في الخيال والملصقة بالأبرياء منها براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام.
ثم هل يعقل أن ينفي مسلم الاستواء الوارد في الآية، أو النور، أو اليد؟؟ هذا مستحيل وغير موجود إلا في الخيال، وإنما وقع النزاع في مدلولها المراد لله تعالى منها، ودون من يدعي القطع على الله تعالى بأنه اراد ذلك المعنى الصحيح دون المعنى الصحيح الآخر الذي تحتمله خرط القتاد.
فلنعد ونقول: لقد تجنى الأخ الكريم على تفسير الدجيلي، وشنع عليه بأمر لا يحق ولا يجوز شرعا التشنيع عليه فيه لأنه ما تكلم إلا بمعاني صحيحة ولوازم مليحة يقرها الشرع بل ويدعمها القرآن العظيم في آيات عديدة، ولم ينف ما ادعى الأخ نايف أنه نفاه، والرجوع إلى الحق فضيلة.
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[04 Jul 2010, 07:18 م]ـ
"قال داود بنُ عليّ الأَصبهاني كنت عند ابن الأَعرابي فأَتاه رجلٌ فقال ما معنى قول الله عز وجل الرحمنُ على العرش استَوى؟ فقال ابن الأَعرابي هو على عرشه كما أَخبَرَ فقال يا أَبا عبدِ الله إنما معناه استَوْلى فقال ابن الأَعرابي ما يُدْرِيك؟ العرب لا تقول استَوْلى على الشيء حتى يكون له مُضادٌّفأَيهما غَلَب فقد اسْتَوْلى أَما سمعت قول النابغة إلاَّ لمِثْلِكَ أَو مَن أَنت سابِقُه سبْقَ الجوادِ إذا اسْتَوْلى على الأَمَدِ" لسان العرب - (ج 14 / ص 408)
هذا الكلام ضعيف جدا، ويلزم عليه لوازم باطلة، إذ المتتبع للقرآن العظيم يجد مثلا مثل قوله تعالى: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) فيلزم على قاعدة ابن الأعرابي أن الكفرة كانوا مضادين لله تعالى قبل أن يغلبهم، وقس على ذلك من اللوازم الباطلة.
وأين ابن الأعرابي وأمثاله من قول من قال: إنه سبحانه وتعالى استولى على العرش ودبّره، بحيث لا يتحرك ولا يسكن، ولا يختص بالحيز المعين الذي يختص به، ولا يتصف بصفة عموما إلا بإرادة الله جل وعز وخَلْقِ ذلك فيه. وأن وجه اختصاص العرش بالذكر ـ وإن كانت العوالم كلها كذلك تُساويه فيما ذُكر من عظيم الاحتياج إلى الباري تعالى وعدم استغنائها عنه لحظة ـ أنه لمّا كان هو أعظم المخلوقات، ونسبة جميعها إليه كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض، ربّما يُتوهَّم أن له من القوة والرفعة ما يستغني به في تدبير نفسه، فنبّه عز وجل على أنه على ما هو عليه من عظم القوة وجلائل الصفات مقهور محتاج إلى مولانا ـ جل وعز ـ غاية الاحتياج، ولا يملك لنفسه ولا لغيره ضرا ولا نفعا، ولا يدبّر أمره جملة وتفصيلا، وإذا ثبت في حقه ذلك ثبت في حق غيره بالأحرى.
فأين هو من هذه المعاني الجليلة التي لا يلزم منها تلك المعاني الباطلة المخترعة من المغالبة، وهذا مع الإقرار بأن الله تعالى استوى على العرش، وأنه قرآن يتلى إلى يوم القيامة، محفوظ من الله تعالى.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 Jul 2010, 08:36 م]ـ
بارك الله فيك ..
لم تفهم مراد ابن الأعرابي؛فهو لا ينفي أن هناك من قد تصور له نفسه أن ينازع الله في حكمه أو أمره وأن الله يغلبه ..
وإنما هو يسأل: من ذا الذي نازع الله العرشَ حتى يغلبه الله فيستولي عليه؟!!
فمحل إنكاره هو عدم تصور استعمال الاستيلاء في هذا الموضع؛ لعدم تصور وقوع المنازعة والغلبة فيه ..
أما معنى الاستيلاء فابن الأعرابي أعلم بالعربية ومواضع استعمال العرب للاستيلاء من صاحبك الذي نقلتَ عنه ..
هذا بالطبع على التنزل وإلا فلم يصح عن العرب استعمال لفظ الاستواء تريد به معنى الاستيلاء بل هذا مولد لا دليل عليه في لسانهم ..
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[04 Jul 2010, 09:00 م]ـ
تفسير قوله تعالى " استوى على العرش" بـ:
قصد إلى خلق العرش أو استوى على الملك، أو استولى على الملك.
كلام ليس له دليل من اللغة، فكيف تكون "استوى على العرش " قصد إلى خلق العرش، إذ لو كان الغرض هو الإخبار عن خلق العرش فلما ذهب إلى هذا اللفظ الذي لا يفيد المعنى؟
أما تفسير العرش بالملك فربما كان يقبل هذا المعنى لولا أن الله تعالى قد أخبرنا بأن العرش خلق من مخلوقاته له صفات تميزه عن غيره من المخلوقات ومن ذلك قول الله تعالى " وكان عرشه على الماء " فهل يعني ذلك أن ملكه كان على الماء؟
وقال تعالى: " ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية" فهل يعني ذلك ويحمل ملك ربك فوقهم ... ؟
أما أعجب ما في الأمر أن تفسر "استوى" بـ "استولى"
الذي يقول لا يلزم القائل بهذا القول لوازم فليقل لنا لماذا صرف صفة " الاستواء" إلى صفة " الاستيلاء"؟
أما تفسير قوله تعالى: " خلقت بيدي" خلقته بقدرتي. فأقول: ما هي الفائدة من زيادة اللفظة إذا كان معناها القدرة؟ أليس الخلق يدل على القدرة؟
أما تفسير قوله تعالى: " الله نور السموات والأرض"
وهذا الآية تحتاج إلى التفصيل، وبيان الفرق بين النور الحسي والنور المعنوي، والنور الذي هو صفة ذات، والنور الذي هو أثر الفعل وبهذا يتبين المراد دون الدخول في متاهات يضيع فيها المقصود وهو الانتفاع بكتاب الله تعالى، ومن أعظم نفع القرآن أنه سبب للألفة والمحبة، فلما نجعله سببا للاختلاف والفرقة؟
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[04 Jul 2010, 09:13 م]ـ
شكرا يا "السلفي"
دعواك تثبت إن انحصر استعمال الاستيلاء فيما فيه منازعة مغالبة، لكنه غير منحصر، بدليل الاستعمال الذي أشرت إليه، فإنه غاية في الروعة والدقة، ولا دليل على نفيه لأنه معنى صحيح مليح يصح أن يكون مرادا لله تعالى.
فإنكاره ساقط لعدم الانحصار .. فتأمل.
وليس صحيحا جعل ابن الأعرابي معصوما منفردا بعلم استعمال العربية لأنه مخلوق يخطئ ويصيب كسائر البشر، مع أن الكلام المنقول عنه ليس ثابتا بالقطع والتواتر عنه .. وهذا إذا سلمنا عصمته فيما يقول وأنه وحي يوحى .. فتأمل ثانيا.
ومن الدعاوى العرييييضة الجزم بعدم استعمال العرب للاستواء تريد به الاستيلاء .. بل من المكابرة مع ثبوت النقل عن أئمة اللغة؛ يقول الإمام اللغوي أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت340هـ) الذي قال فيه الذهبي (السير ج 15/ 475): (شيخ العربية وتلميذ العلامة أبي إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج، وهو منسوب إليه))، في كتابه ((اشتقاق أسماء الله)) ما نصه: ((والعلي والعالي أيضا: القاهر الغالب للأشياء، فقول العرب: علا فلان فلانا أي غلبه وقهره كما قال الشاعر: فلما علونا واستوينا عليهم تركناهم صرعى لنسر وكاسر.
وعلى العموم لا أريد أن ينقلب هذا الحوار إلى دورس في العقيدة، فليس هذا محلها، ولكن يجب التنبيه على أن بعض الأخوة يتعسف من منطلق التعصب للمذهب، وهذا يزيد هوة الشقاق والخلاف بين المسلمين، وهو خلاف المقصد الشرعي.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 Jul 2010, 09:45 م]ـ
بارك الله فيك ..
الاستعمال الذي تفضلتَ بذكره هو من كيس من نقلتَ عنه، وباب ضبط ما استعملت فيه العرب الألفاظ يرجع للتوقيف بذكر كلام العرب الصحيح، وإلا فكل أحد يستطيع أن يستعمل الألفاظ بإزاء ما شاء من المعاني، والحجة إنما هي في استعمال العرب أهل اللسان الذي نزل به القرآن ..
فعدم الانحصار إنما يثبت بالحجة من لسان العرب لا بالدعوى المعضدة بمجرد إنشاء المولدين ..
والبيت الذي نقلتَه عن الزجاج هو كغيره مما يُحتج به في هذه المقامات = بيت مجهول القائل لا يُعرف، ومثل هذا لا يسوغ الاحتجاج به في إثبات العربية؛ إذ الاحتجاج فرع على معرفة الشاعر وهل هو ممن يُحتج بعربيته أم لا ..
أما عدم الدخول في المباحث العقدية فهذا هو ما ندعوك له أخي الكريم،فأنت تعرف عقيدة أغلب أعضاء الموقع، ولك أن تناقشهم في معتقدهم في المنتديات المخصصة لذلك، أما هاهنا فما بنوه على معتقدهم من تخطئة أو تصويب أو مباحثة يباحث الواحد منهم أخاه المتفق معه في الأصول = فلا يجمل بك المنازعة في كل ذلك معهم هاهنا ..
بوركتَ ونفع الله بك ..
ـ[نزار حمادي]ــــــــ[04 Jul 2010, 10:07 م]ـ
عجبا ..
وهل استعمال اللغة العربية لفهم القرآن حكر على فئة دون أخرى؟؟
إذا ضربنا بعرض الحائط فهم أهل اللغة وأئمتها كالزجاج وغيره الذين خصهم الله تعالى بالتبحر في العربية فعلى فهم من سنعتمد؟؟
ثم إن الشرع لم يوقف الاستشهاد بلغة العرب على ثبوت نقلها بالتواتر، فكل من يحاول ذلك فهو يستظهر على الشرع العزيز حيث يريد تحريم ما لم يحرمه، وتجريم من لم يجرمه ..
ثم أليس من الإجحاف اتهام أئمة اللغة كالزجاج وغيره باستعمال معاني لا علاقة لها بمدلول القرآن؟؟ وبعبارتك: "وإلا فكل أحد يستطيع أن يستعمل الألفاظ بإزاء ما شاء من المعاني"؟؟ هذا محال، لا سيما أن المعاني التي ذكروها استأنسوا لها بذكر أشعار العرب المنقولة عندهم، وإلا ففي القرآن العزيز ما يدل عليها، وفي السياق القرآني (وهو علم يغفل عنه الكثير) ما يقوي تلك المعاني.
أما باقي كلامك ـ أخي ـ فقد مللنا من تسلط وتجبر الحكام العرب، الذين يقولون بلسان حالهم ومقالهم مقالة فرعون: لا أريكم إلا ما أرى، ولا نريد أن نرى نسخا منهم في المنتديات العلمية لا سيما إذا كان الكلام منضبطا مدللا .. والدين النصيحة، وهي قضية عامة، ولم يخصصها الشرع بمنتديات دون أخرى، وأما التحزب والتشيع والتشرذم فخلاف المقصد الشرعي، ولا يجوز للمسلم الدعوة إليه. والسلام عليكم.
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 Jul 2010, 10:42 م]ـ
مادام الحكم للقراء الواعين والباحثين المتخصصين .. فأنا أترك لهم الحكم على هذا:
هل تعرفون عاقلاً يُقِرُّ باللازم وينفي المعنى الأصلي (الملزوم)؟!
هل يقول عاقل:
أنا آخذ بلازم الاستواء وهو القهر والغلبة ولا أثبت الاستواء!
أو يقول:
أقول بلازم اليد وهي القدرة ولا أثبت اليد لله!
هل سمعتم بتناقض كهذا؟!
من البَيِّن لجميع القرَّاء أني أقصدك بكلامي هذا -أخي نزار- , ولا أقصد الدجيلي؛ فإنه جواب لكلامك أنت في الاعتذار له.
لكنك عوَّدتنا على الحيدة والتشاغل عند مضايق الكلام ومعاقده , وهذا شأنك وفقك الله في كثيرٍ ممّا تكتب معنا. ولذلك لا نحب الانسياق في كثير ممّا تشغلنا به عن أصل الكلام؛ وخاصّة مسائل الصفات والتي استولت من نفسك على عامّة ما تكتب , بل لا يخفى على القارئ اللبيب كيف تتدرّج بالتفاسير وأنواع مسائل علوم القرآن إلى تقرير مذهبك في الصفات!
وأنت تعلم رعاك الله -وقد دعاك إليه الإخوة مراراً- أن القصد في هذا الملتقى غير ما تقصد إليه , وأنت كاتبٌ ومحاورٌ في عدد من الملتقيات التي تتقبل ذلك بلا غضاضة.
فلا تشغلنا بما لم نقصد إليه , لا عجزاً -والفضل لله- وإنما اختصاصاً.
وما دامت أصول الاستدلال على هذه المسائل متباينةٌ بينك وبين أهل الملتقى = فمن الأدب والإنصاف ألاّ تتعرض لشيء من تلك المسائل بينهم؛ خاصَّةً أنهم قد أعذروا إليك في ذلك.
أسأل الله لي ولك الهداية للحق والثبات عليه.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[04 Jul 2010, 10:44 م]ـ
بارك الله فيك ..
ليس الكلام عن استعمال اللغة لفهم القرآن، وإنما عن فهم القرآن باللسان الذي نزل به دون غيره ..
وعرض الحائط يُضرب به كل فهم ليس عليه حجة صحيحة من نقل أو إجماع صحيحين ..
ولم يتكلم أحد عن اشتراط التواتر ..
والكلام في الأشعار المنقولة بطريق صحيح أما جنس الأشعار المنقولة فهو كجنس الأخبار المنقولة يحتاج لتحقيق الصحة ..
والنصيحة إنما تكون في موضعها ومحلها، وأنتَ الذي قلتَ أن هذا ليس محل الدروس العقدية، وما صنعتُ أنا إلا أن قررت قولك ووافقتك فيه ونصحتك بإطراده دائماً ..
وفقك الله إلى الخير كله وجمعنا الله وإياك في جنته ورزقنا جميعاً لذة النعيم ..
ـ[نايف الزهراني]ــــــــ[04 Jul 2010, 10:54 م]ـ
وهي قضية عامة، ولم يخصصها الشرع بمنتديات دون أخرى
سياسات ملتقى أهل التفسير ( http://tafsir.net/vb/announcement.php?f=2&a=8)
(http://tafsir.net/vb/announcement.php?f=2&a=8)
ـ[محمد العبادي]ــــــــ[05 Jul 2010, 06:50 ص]ـ
تم إغلاق الموضوع لتكاثر المشاركات وخروجها عن المقصود.(/)
وقفات قرآنية .. نصرة لنبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم ..
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[16 Sep 2006, 12:31 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على نبينا محمد إمام المتقين وسيد ولد آدم أجمعين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ...
أما بعد ..
فلقد انتفض العالم كله شرقيه وغربيه، أقصاه وأدناه، أفراده ومؤسساته وهيئاته، احمرت الآماق وسدتِ الآفاق، وارتفعت الهتافات تشدو حباً وتعظيماً، وإجلالاً وتقديراً وانتصاراً، سار الناس أودية بشرية ترفرف عليهم أعلام الانتصار، لسيد ولد آدم، إمام الأولين والآخرين، أعظم الأنبياء، وسيد المرسلين، الإمام القدوة، والرسول الأسوة، صاحب الحوض المورود واللواء المعقود، العاقب الحاشر المقفي، صاحب الخلق العظيم والمقام الرفيع ..
انبرى العالم كله مدافعاً هاتفاً: (إلا رسول الله):
مدحوك ما بلغوا برغم ولائهم = أسوارَ مجدك فالدنو لِمامُ
يا ملء روحي وهج حبك في دمي = قبس يضيء سريرتي وزمامُ
أنت الحبيب وأنت من أروى لنا = حتى أضاء قلوبَنا الإسلامُ
حوربت لم تخضع ولم تخشَ العِدى = من يحمه الرحمن كيف يُضامُ
رفع الله ذكره بين العالمين قال جلا وعلا: (ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك) ..
لقد رفع الله ذكره في العالمين .. فانتفض الملايين تصديقاً لهذا الشرف العظيم ..
إن أعظم سيرة هي سيرته، وأعظمَ تاريخ هو تاريخه، طالعوا سلمه وحربه، أمنه وخوفه، غناه وفقره، سروره وغضبه ..
صفحة بيضاءُ نقية، وسيرة أخّاذةٌ زكية، صلى الله عليه وسلم.
من نبع هديك تُستقى الأنوار = وإلى ضيائك تنتمي الأقمارُ
ربُّ العباد حباك أعظم نعمةٍ = دينا يعز بعزه الأخيارُ
حُفظت بك الأخلاق بعد ضياعها = وتسامقت في روضها الأشجار
لو أطلق الكون الفسيح لسانَه = لَسَرَتْ إليك بمدحه الأشعارُ
لو قيل من خير العباد لرددتْ = أصوات من سمعوا هو المختارُ
ما أنت إلا الشمس يملأُ نورُها = آفاقَنا مهما أثير غبارُ
إن الرسول صلى الله عليه وسلم نورٌ ملأ الأرض نوراً، وضياءٌ عمَّ الناسَ ضياءً، وصفه ربه فأحسن وصفَه:
من أنْفَسِ الناس، رؤوف رحيم، رفيق بالمؤمنين: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم).
جم التواضع: (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي) [الأنعام: 50].
رحيم القلب لطيف المعاملة: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).
وعده ربه بالرضا: (ولسوف يعطيك ربك فترضى).
وجعله أمنة للأمة من العذاب: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) [الأنفال: 33].
نصره الله بالرعب: (سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً ومأواهم النار وبئس مثوى الظالمين) [آل عمران: 151].
ونصره بالريح: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصيراً) [الأحزاب: 9].
لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم هداية للناس بعثه الله جل وعلا لإنقاذ البشرية وإخراجهم من الظلمات إلى النور ..
كان الناس في ظلام دامس وضلال بعيد، أصنام تعبد، وأوثان تقدس، قطع للأرحام، وإساءة للجار، ووأد للبنات، وظلم للزوجات، وعقوق للآباء والأمهات، حروب طاحنة، وزعامات طاغية، وخرافات سائدة، وأديان محرفة ..
اختاره الله تعالى خياراً من خيار من خيار .. نسبه أفضل النسب قرشي من بني عدنان من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، واختار له أفضل النساء وأزكاهن عند الله، واختار له خير الصحب والآل، وأفضل الأمكنة وأرفعها عنده جل وعلا ..
لقد أذن الله للبشرية أن ترى النور ببعثته صلى الله عليه وسلم:
ولد الهدى فالكائنات ضياءُ = وفم الزمان تبسم وثناءُ
الروح والملأ الملائك حوله = للدين والدنيا به بشراء
يا من له الأخلاق ما تهوى العلا = منها وما يتعشق الكبراء
زانتك في الخُلقِ العظيم شمائل = يُغرى بهن ويولع الكرماء
(يُتْبَعُ)
(/)
إذا كان لكل أمة أن تفتخر بالقادات والعظماء، فإننا أمام أعظم قائد وأفضل متبوع .. عليه الصلاة والسلام ...
[أي عبارة تحيط ببعض نواحي تلك العظمة النبوية، وأي كلمة تتسع لأقطار هذه العظمة التي شملت كل قطر، وأحاطت بكل عصر، وكُتب لها الخلود أبد الدهر، وأي خطبة تكشف لك عن أسرارها وإن كُتبت بحروف من النور، وكان مدادها أشعة الشمس.
إنها العظمة الماثلة في كل قلب، المستقرة في كل نفس، يستشعرها القريب والبعيد، ويعترف بها العدو والصديق، وتهتف بها أعواد المنابر، وتهتز لها ذوائب المنائر.
ألم تر أن الله خلَّد ذكره = إذ قال في الخمس المؤذن: أشهد
وشقّ له من اسمه ليجله = فذو العرش محمود وهذا محمد
"إنه النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث الكمال الخُلقي بالذروة التي لا تُنال، والسمو الذي لا يُسامى، أوفر الناس عقلاً، وأسداهم رأيًا، وأصحهم فكرةً، أسخى القوم يدًا، وأنداهم راحة، وأجودهم نفسًا أجود بالخير من الريح المرسلة، يُعطي عطاء من لا يخشى الفقر، يبيت على الطوى وقد وُهب المئين، وجاد بالآلاف، لا يحبس شيئًا وينادي صاحبه: "أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً".
أرحب الناس صدرًا، وأوسعهم حلمًا، يحلم على من جهل عليه، ولا يزيده جهل الجاهلين إلا أخذًا بالعفو وأمرًا بالمعروف، يمسك بغرة النصر وينادي أسراه في كرم وإباء: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
أعظم الناس تواضعًا، يُخالط الفقير والمسكين، ويُجالس الشيخ والأرملة، وتذهب به الجارية إلى أقصى سكك المدينة فيذهب معها ويقضي حاجتها، ولا يتميز عن أصحابه بمظهر من مظاهر العظمة ولا برسم من رسوم الظهور
ألين الناس عريكةً وأسهلهم طبعًا، ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن مُحرمًا، أحزمهم عند الواجب وأشدهم مع الحق، لا يغضب لنفسه، فإذا انتُهِكت حرمات الله لم يقم لغضبه شيء، وكأنما يُفقأ في وجهه حب الرمان من شدة الغضب.
أشجع الناس قلبًا وأقواهم إرادةً، يتلقى الناس بثبات وصبر، يخوض الغمار ويُنادي بأعلى صوته:
"أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب"
هو من شجاعة القلب بالمنزلة التي تجعل أصحابه إذا اشتد البأس يتقون به - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومن قوة الإرادة بالمنزلة التي لا ينثني معها عن واجب، ولا يلين في حق، ولا يتردد ولا يضعف أمام شدة.
أعف الناس لسانًا، وأوضحهم بيانًا، يسوق الألفاظ مُفصلة كالدر مشرقة كالنور، طاهر كالفضيلة في أسمى مراتب العفة وصدق اللهجة
أعدلهم في الحكومة وأعظمهم إنصافًا في الخصومة يَقِيدُ من نفسه ويقضي لخصمه، يقيم الحدود على أقرب الناس، ويقسم بالذي نفسُه بيده: " لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ".
أسمى الخليقة روحًا، وأعلاها نفسًا، وأزكاها وأعرفها بالله، وأشدها صلابة وقيامًا بحقه، وأقومها بفروض العبادة ولوازم الطاعة، مع تناسق في أداء الواجبات، واستيعاب لقضاء الحقوق، يُؤتي كل ذي حق حقه، أزهد الناس في المادة وأبعدهم عن التعلق بعرض هذه الدنيا، يَطعم ما يُقدم إليه فلا يرد موجوداً ولا يتكلف مفقودا، ينام على الحصير والأدم المحشو بالليف.
قضى زهرة شبابه مع امرأة من قريش تكبره بخمس عشرة سنة، قد تزوجت من قبله وقضت زهرة شبابها مع غيره، ولم يتزوج معها أحدًا وما تزوج بعدها لمتعة، وما كان في أزواجه الطاهرات بكرًا غير عائشة التي أعرس بها وسنها تسع سنين.
أرفق الناس بالضعفاء وأعظمهم رحمة بالمساكين والبائسين، شملت رحمته وعطفه الإنسان والحيوان، يحذر أصحابه، فيقول لهم: "إن امرأة دخلت النار بسبب هرة حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض".
لو لم يكن للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الفضل إلا أنه الواسطة في حمل هداية السماء إلى الأرض، وإيصال هذا القرآنِ الكريم إلى العالم لكان فضلاً لا يستقل العالم بشكره، ولا تقوم الإنسانية بكفائه، ولا يُوفى الناس حامله بعض جزائه.
ذلك قبس من نور النبوة، وشعاع من مشكاة الخلق المحمدي الطاهر، وإن في القول بعد لسعة وفي المقام تفصيلاً.
وسل التاريخ ينبئك هل مر به عظيم أعظم من النبي محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ فقد عُصم من النقائص، وعلا عن الهفوات، وجلّ مقامه عن أن تلصق به هفوة.
(يُتْبَعُ)
(/)
خُلقتَ مُبرءًا من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء" (1).
وذكرك يا رسول الله زاد = تضاء به أسارير الحياة
وما لجنان عدن من طريق = بغير هداك ياعلم الهداة
ولم تنطق عن الأهواء يوماً = وروح القدس منك على صلات
عليك صلاة ربك ماتجلى = ضياء واعتلى صوت الهداة
يحاراللفظ في نجواك عجزا = وفي القلب اتقاد الموريات
ولوسُفكت دمانا ماقضينا = وفاءك والحقوق الواجبات
وإن من أعظم البلاء للأمة المحمدية أن تستهدف في دينها وعقيدتها، وفي نبيها الكريم عليه الصلاة والسلام بالطعن والقدح ..
و إن ما حدث من اعتداء بابا الفاتيكان على النبي الكريم عليه الصلاة والسلام له دلالات مهمة ينبغي أن تعلم وتدرس ومنها:
أولاً: صدق القرآن ومن جاء به: لقد ذكر القرآن حقائق عظيمة يجب الإيمان بها ومن تلك الحقائق استمرار حقد اليهود والنصارى على الأمة الإسلامية ولو تبدلت الأجيال والأساليب قال تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) ..
كما ذكر القرآن حقيقة عظمى في رفعة هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام قال تعالى: (ورفعنا لك ذكرك) إن العجب ليتملك المرء وهو يرى اليوم دولاً كبرى تتحالف ورؤساء يصرحون، وقنوات العالم كله تتناول هذا الحدث وملايين البشر يسيرون مسلمين وكفاراً محتجين، دماء تنزف ومؤسسات تعقد، كلها لأجل مَنْ، إنها تدافع عن رجلٍ ولد قبل 1400 عام إنه الرفع في الذكر المذكور في القرآن، ليزداد الذين آمنوا إيماناً ..
ثانياً: ومن الدلالات التي ينبغي معرفتها لهذا الحدث: أنه ينبغي استغلال الحدث في نشر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمها والتأمل في جوانب عظمته والإكثار من ذكره في المجالس، وقراءة الكتب التي تحكي سيرته. وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً عظيماً ..
ومن المهم أن يعلم أولئك المتورطون مكانته عليه الصلاة والسلام بين أمة الإسلام بجميع الطرق المشروعة ..
وبعد فقد قال تعالى: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذباً مهيناً) ..
وقال تعالى في الحديث القدسي: (من آذى لي ولياً فقد آذنته بالحرب) ومحمد صلى الله عليه وسلم هو خير الأولياء وأعظمهم ..
فاللهم حارب من حاربه وأذل من عاداه ..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ...
وللحديث بقية ...
ــــــــــــــ
(1) اقتباس من خطبة للشيخ محمد المنجد.(/)
الفكر المنهجي في مؤلفات الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان
ـ[إبراهيم الجوريشي]ــــــــ[16 Sep 2006, 03:35 ص]ـ
الفكر المنهجي في مؤلفات الأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان
بقلم: غانم قدوري الحمد.
[يؤكد الكاتب أن الأستاذ العلامة الشيخ عبد الكريم الدبان- رحمه الله- هو أحد علماء العراق البارزين في علوم الشريعة وعلوم العربية.
وقد تناول البحث الفكر المنهجي في مؤلفات الشيخ الدبان, حتى يكون ذلك سببًا للتعريف بتلك المؤلفات, فإن كثيرًا من المهتمين بعلوم اللغة العربية وعلوم الشريعة الإسلامية لم يطلعوا على ما ألفه, ولم يقفوا على منهجه في التأليف, لعدم طبع مؤلفاته, فبقيت مخطوطة يتداولها الخُلَّص من طلابه.
وتناول البحث أشكال التأليف التي سلكها الشيخ في كتابة مؤلفاته, كما تناول الأهداف التي كانت تُحرك جهده العلمي, والغايات التي قصد إلى تحقيقها من وراء ذلك, ووقف عند الخصائص المنهجية العامة التي تميزت بها مؤلفات الشيخ].
ملخص بحث منشور في المجلة الاحمدية
نأمل من الدكتور غانم حفظه الله أن يزودنا بالبحث لاهميته الكبيرة ووذلك لقلة المصادر التي اعتنت بالشيخ الدبان رحمه الله ونحن بانتظار ردكم علينا وجزاكم الله خيرا
ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[21 Sep 2006, 07:08 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فإن بحث " الفكر المنهجي " منشور كاملاً في مجلة الأحمدية، في العددالسابع عشر ص 187 - 216.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Sep 2006, 01:12 م]ـ
كنا نطمع في الاطلاع على البحث يا أبا عبدالله إن لم يكن لديكم مانع، فمجلة الأحمدية لم تعد تباع في السعودية منذ العدد السادس عشر تقريباً لأسباب مجهولة مع عظيم نفعها وفائدتها.(/)
القول الراجح في معنى قوله تعالى (للسائل والمحروم)
ـ[أبو عمر السيد]ــــــــ[16 Sep 2006, 12:18 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لقد اختلف المفسرون في المراد بالمحروم على أقوال
- المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم وهو قول ابن عباس
- المتعفف الذي لا يسأل الله الناس شيئا واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم (ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان، قالوا فمن المسكين يا رسول الله قال: (الذي لا يجد غنى ولا يعلم بحاجته فيتصدق عليه، فذلك المحروم)
- وقيل الذي لا سهم له في الغنيمة
- وقيل هو الذي لا ينمى له مال.
- وقيل هو الذي قد ذهب ثمره وزرعه
- قيل هو الكلب
- وقال ابن جرير هو أنه الذي قد حرم الرزق فاحتاج،وقد يكون ذلك بذهاب ماله وثمره فصار ممن حرمه الله ذلك، وقد يكون بسبب تعففه وتركه المسأله، وقد يكون بألا سهم له في الغنيمة لغيبته عن الوقعة، فلا قول في ذلك أولى بالصواب من أن يعم كما قال تعالى (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)
وقال بهذا القول القرطبي ومعظم المفسرين
السؤال: المعروف أنه إذا ثبت نص فلا يلجأ إلى غيره وقد صح الحديث بأنه المتعفف. فهل يمكن بأن يقال أن اختيار ابن جرير في هذا المسألة هو الراجح، مع ثبوت الحديث في أحد المعاني وهو المتعفف؟ أي هل يقدم العموم على النص أو يكون الراجح ما صح فيه الدليل إذا كان أحد الأقوال؟
ـ[أبو عمر السيد]ــــــــ[02 Oct 2006, 02:53 م]ـ
آمل الإفادة عن موضوعي هذا يامشايخنا الأفاضل
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[05 Oct 2006, 04:10 ص]ـ
اخي أبو عمر
يظهر ان هذه الزيادة مدرجة من كلام الزهري، فقد روى عبد الرزاق في مصنفه هذا الحديث، فقال: (أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتين، بب والاكلة والاكلتين، ولكن المسكين الذي لا يسأل ولا يعلم مكانه فيتصدق عليه.
قال معمر: وقال الزهري: فذلك المحروم).
وكذا ورد في سنن أبي داوود، قال: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَالْأَكْلَةُ وَالْأَكْلَتَانِ وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الَّذِي لَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَا يَفْطِنُونَ بِهِ فَيُعْطُونَهُ
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو كَامِلٍ الْمَعْنَى قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ وَلَكِنَّ الْمِسْكِينَ الْمُتَعَفِّفُ زَادَ مُسَدَّدٌ فِي حَدِيثِهِ لَيْسَ لَهُ مَا يَسْتَغْنِي بِهِ الَّذِي لَا يَسْأَلُ وَلَا يُعْلَمُ بِحَاجَتِهِ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَذَاكَ الْمَحْرُومُ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسَدَّدٌ الْمُتَعَفِّفُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ قَالَ أَبُو دَاوُد رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ وَجَعَلَا الْمَحْرُومَ مِنْ كَلَامِ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ أَصَحُّ.
كذلك في مسند احمد، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَالْأُكْلَةُ وَالْأُكْلَتَانِ قَالُوا فَمَنْ الْمِسْكِينُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى وَلَا يَعْلَمُ النَّاسُ بِحَاجَتِهِ فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ
قَالَ الزُّهْرِيُّ وَذَلِكَ هُوَ الْمَحْرُومُ
وهذا يبين عن ان تلك الزيادة من كلام الزهري، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
وأفضل من تكلم عن هذه الآية ابن عطية الأندلسي، ولقد حلَّق في الكلام، وأتى بما هو مهم لمن أراد معرفة التعامل مع عبارات المفسرين في مثل هذا الاختلاف، فقال: (ختلف الناس في {المحروم} اختلافاً، هو عندي تخليط من المتأخرين، إذ المعنى واحد، وإنما عبرعلماء السلف في ذلك بعبارات على جهة المثالات فجعلها المتأخرون أقوالاً وحصرها مكي ثمانية.
و: {المحروم} هو الذي تبعد عنه ممكنات الرزق بعد قربها منه فيناله حرمان وفاقة، وهو مع ذلك لا يسأل، فهذا هو الذي له حق في أموال الأغنياء كما للسائل حق، قال الشعبي: أعياني أن أعلم ما {المحروم}؟ وقال ابن عباس: {المحروم}: المعارف الذي ليس له في الإسلام سهم مال، فهو ذو الحرفة المحدود. وقال أبو قلابة: جاء سيل باليمامة فذهب بمال رجل، فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: هذا {المحروم}. وقال زيد بن أسلم: هو الذي أجيحت ثمرته من المحرومين، والمعنى الجامع لهذه الأقوال أنه الذي لا مال له لحرمان أصابه، وإلا فالذي أجيحت ثمرته وله مال كثير غيرها فليس في هذه الآية بإجماع)(/)
«(والتفّتِ الساقُ بالساقِ)»
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[16 Sep 2006, 12:54 م]ـ
ما معنى الآية؟ ومتى يكون هذا؟
ادعُ لأخيك خالد
ـ[روضة]ــــــــ[16 Sep 2006, 02:12 م]ـ
جاءت هذه الآية الكريمة في سياق آيات تصور مشهد الاحتضار وانتزاع الروح من الجسد، وما يساور الإنسان في تلك اللحظة من خلجات ومشاعر مليئة بالخوف من الفراق، والرغبة في التخلص من الشدة التي تحيط بالمحتضر بأي وسيلة،، فجاء قوله تعالى: {وَ?لْتَفَّتِ ?لسَّاقُ بِ?لسَّاقِ} يصف حالة الكرب التي تلف المحتضر، والهول الذي يداهمه، وكلمة الساق استخدمت عند العرب بمعنى الشدة، فالعرب تقول: قامت الحرب على ساقها، أي: اشتدت، ولهذا شواهد كثيرة، ذكرها د. أحمد نوفل في بحث كتبه في قوله تعالى: (يوم يكشف عن ساق).
ونجد قولاً آخر لبعض المفسرين يحمل معنى الساق على العضو المعروف، والمعنى أن ساقا الميت تلتفا عند الموت، أو تلتفا في الكفن.
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[16 Sep 2006, 03:13 م]ـ
قوله تعالى: «و ظن أنه الفراق» أي و علم الإنسان المحتضر من مشاهدة هذه الأحوال أنه مفارقته للعاجلة التي كان يحبها و يؤثرها على الآخرة.
قوله تعالى: «و التفت الساق بالساق» ظاهره أن المراد به التفاف ساق المحتضر بساقه ببطلان الحياة السارية في أطراف البدن عند بلوغ الروح التراقي.
و قيل: المراد به التفاف شدة أمر الآخرة بأمر الدنيا، و قيل: التفاف حال الموت بحال الحياة، و قيل: التفاف ساق الدنيا و هي شدة كرب الموت بساق الآخرة و هي شدة هول المطلع.
و لا دليل من جهة اللفظ على شيء من هذه المعاني نعم من الممكن أن يقال: إن المراد بالتفاف الساق بالساق غشيان الشدائد و تعاقبها عليه واحدة بعد أخرى من حينه ذلك إلى يوم القيامة فينطبق على كل من المعاني.
بارك الله فيكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين ...
ـ[محمد بن زايد المطيري]ــــــــ[29 Sep 2006, 12:49 ص]ـ
ذكر الطبري رحمه الله تحت هذه الآية ستة أقوال , يمكن إرجاعها إلى قولين أساسين هما:
1 ـ التفت شدة أمر الدنيا بشدة أمر الآخرة. روي ذلك عن ابن عباس , ومجاهد , والحسن , والربيع , وقتادة , والضحاك , وإسماعيل بن أبي خالد , وابن زيد (وله كلام لعلي أفرده بالحديث لنفاسته وجماله).
2 ـ التف أمرٌ بأمرٍ. قاله أبو عيسى.
3 ـ التف بلاءٌ ببلاءٍ. قاله مجاهد.
وهذه الأقوال ترجع إلى القول الأول , وإن اختلفت العبارة. والمراد بالساق على ذلك هو المعنى المجازي , وشواهده في اللغة معروفة. وهو اختيار الطبري , وأبي جعفر النحاس كما نقله عنه القرطبي رحمهم الله.
4 ـ التفت ساقا الميت إذا لفتا في الكفن. قاله الحسن.
5 ـ التفاف ساقي الميت عند الموت. قاله الشعبي , وأبو مالك , وقتادة.
6 ـ يبسهما عند الموت. قاله أبو مالك.
وهذه الأقوال الثلاثة ترجع إلى معنى واحد، وهو أن المراد بالساق في الآية هو العضو المعروف. ويكون المراد بالتفاف الساقين موتهما , وضم إحداهما إلى الأخرى في الكفن؛ خشية يبسهما.
وهذا التعدد في الأقوال هو من قبيل اختلاف التنوع الذي يرجع فيه إلى أكثر من معنى , وسببه الاختلاف في حمل اللفظ على الحقيقة أو المجاز. لذا فلعل الأقرب ـ والله أعلم ـ أنه يمكن حمل اللفظ على المعنيين كليهما؛ إذ لا تعارض بينها , وهو اختيار ابن عاشور رحمه الله.
ـ[خالد الشبل]ــــــــ[04 Oct 2006, 11:55 ص]ـ
جاءت هذه الآية الكريمة في سياق آيات تصور مشهد الاحتضار وانتزاع الروح من الجسد ... فجاء قوله تعالى: {وَ?لْتَفَّتِ ?لسَّاقُ بِ?لسَّاقِ} يصف حالة الكرب التي تلف المحتضر، والهول الذي يداهمه، وكلمة الساق استخدمت عند العرب بمعنى الشدة ...
ونجد قولاً آخر لبعض المفسرين يحمل معنى الساق على العضو المعروف، والمعنى أن ساقا الميت تلتفا عند الموت، أو تلتفا في الكفن.
بارك الله فيك، أختي روضة
على القول الأول بأن هذا في حالة الاحتضار، وهو المتبادر إلى الذهن، لأن الله - تعالى - قال: (كلا إذا بلغت التراقي. وقيل من راق. وظن أنه الفراق) فهل تلتف الساقان في ذلك الموقف؟ أما في في الكفن فليس في حالة الاحتضار.(/)
الوعظ بالقرآن عند الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[16 Sep 2006, 10:05 م]ـ
القرآنُ الكريم مَوعظةٌ كما سَمّاهُ الله تعالى بِقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (يونس:57)، قالَ الشوكانيُّ رحمه الله في تفسير هذه الآيةِ:" {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} يَعْنِي القرآن فيهِ ما يتَّعِظُ به مَن قرأهُ وعَرَفَ مَعناهُ، والوَعْظُ في الأصلِ: هو التذكير بالعواقبِ سواء بالترغيبِ أو الترهيب، والواعظُ هو كالطبيبِ يَنهَى المريضَ عَمَّا يَضُرُّه ". ()
ولقد اهْتمَّ الشيخُ رحمه الله بهذا الجانبِ، فتجدهُ يُذَكِّرُ بالقرآنِ ويَعِظُ بآياتهِ، وسأذكرُ مِن الأمثلةِ ما يَدُلُّ على ذلك.
عند تفسيره لقوله تعالى: {وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة: من الآية66)
ذكرَ مِن فوائدها:" أنّ المواعظَ قِسمَان: كَوْنِيَّةٌ، وشَرْعِيَّةٌ؛ فالموعظةُ هنا كَونِيَّةٌ قَدَرِيَّةٌ؛ لأنّ الله أحلَّ بهم العقوبةَ التي تكونُ نكالاً لما بينَ يديها، وما خلفها، وموعظةً للمتقينَ؛ وأمّا الشرعيةُ فمثلُ قولهِ تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} (يونس: من الآية57)؛ والمواعظُ الكونيةُ أشَدُّ تأثيراً لأصحابِ القلوبِ القاسيةِ؛ أما المواعظُ الشرعيةُ فَهِيَ أعظمُ تأثيراً في قلوبِ العارفينَ بالله الليِّنةِ قلوبهم؛ لأنّ انتفاعَ المؤمنِ بالشرائعِ أعظمُ مِن انتفاعهِ بالمقْدُورَات.
ومن فوائدِ الآيتين: أنّ الذينَ ينتفعونَ بالمواعظِ هم المتقونَ؛ وأمّا غير المتَّقِي فإنّه لا ينتفعُ لا بالمواعظِ الكونيةِ، ولا بالمواعظِ الشرعيةِ؛قد ينتفعُ بالمواعظِ الكونيةِ اضطرارًا، وإكراهًا؛ وقد لا ينتفع؛ وقد يقولُ: هذهِ الأشياءُ ظَواهِرُ كونيةٌ طبيعيةٌ عاديةٌ، كما قالَ تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ} (الطور:44)؛ وقد ينتفعُ، ويَرجِعُ إلى الله تعالى، كما قالَ تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} (العنكبوت:65)، وقالَ تعالى: {وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ} (لقمان:32).
ومِن فوائدِ الآيتين: أنّ مِن فوائدِ التقوى - وما أكثر فوائدها - أنّ المتَّقِي يَتَّعِظُ بآياتِ الله ? الكونيّةِ والشرعيّة ". ()
فَبَيَّنَ فِيمَا سبقَ أقسامَ الموعظةِ ومَن ينتفعُ بها، وأنّ الاتّعاظَ مِن ثمارِ التقوى.
وفي مَوضعٍ آخرَ بيّنَ أنّه ينبغي للواعظِ أنْ يجمعَ في وَعْظِهِ بينَ الترغيبِ والترهيب مُتَّبِعًا في ذلكَ طريقةَ القرآن.
فعند تفسيره لقوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ} (الزمر: من الآية23)
قال:" المثاني:أن يُقْرَنَ المعنى وما يُقابله، فتأمّل الآياتِ الكريمةِ تجد أنّه إذا ذُكرت النار ذُكرت بعدها الجنّة، وإذا ذُكر أهل النارِ ذُكر بعدهم أهل الجنّةِ؛ وهكذا، وذلكَ مِن أجْلِ أنْ لا يَمَلَّ السامعُ مِن مَوضوعٍ واحد، ومِن أجْلِ أن ينتقلَ مِن تخويفٍ إلى ترغيب فينشطَ لفعلِ الواجباتِ ويحذرَ مِن فعلِ المحرّماتِ، وهذا مِن أساليبِ البلاغةِ التَّامَّةِ ". ()
وذكرَ مِن فوائدِ الآيةِ:" أنّ القرآنَ قد بَلَغَ الغايةَ في البلاغةِ لِكَوْنِهِ يأتي مَثانِيَ، ويتفرّعُ على هذه الفائدةِ أنّه ينبغي لِمَنْ تكلّمَ في مَوعظةِ الناسِ أنْ لا يأتي بالترغيبِ المُطْلَقِ ولا بالترهيبِ المُطْلَقِ، وذلكَ لأنّه إذا أَتَى بالترغيبِ المُطْلَقِ حَمَلَهُمْ على الرَّجَاءِ فَتَهاونُوا، وإذا أَتَى بالترهيبِ المُطْلَقِ حَمَلَهُمْ على اليَأْسِ فقنطوا مِن رحمةِ الله.
(يُتْبَعُ)
(/)
ومِن فوائد الآيةِ: أنّ المؤمنَ يتأثَّرُ بالقرآنِ ويقْشعرُّ مِنه جلدهُ ويخاف، ثم بعد ذلكَ ترجعُ إليه الطمأنينةُ ولِينُ القلبِ، ويتفرّعُ على هذه الفائدة أنّكَ إذا رأيتَ نفسكَ على غير هذه الحال فَاعْلَمْ أنّ إيمانكَ ضعيف ". ()
وعند تفسيره لقوله تعالى {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} (البقرة: من الآية203)
ذكرَ مِن فوائدها:" قَرْنُ المواعظِ بالتخويف؛ لقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}؛ لأنّ الإنسانَ إذا عَلِمَ أنّه سَيُحْشَرُ إلى الله ?، وأنّه سَيُجَازِيِهِ فإنّه سوفَ يَتَّقِي الله، ويقومَ بما أوجبَ الله، ويتركَ ما نَهَى الله عنهُ؛وبهذا عَرفْنَا الحكمةَ مِن كَوْنِ الله? يَقْرِنُ الإيمانَ باليومِ الآخرِ في كثيرٍ مِن الآياتِ بالإيمانِ بالله دونَ بقيةِ الأركانِ التي يُؤْمَن بها؛ وذلكَ لأنّ الإيمانَ باليومِ الآخرِ يَستَلزِمُ العملَ لذلكَ اليومِ؛ وهو القيامُ بطاعةِ الله ورَسُولهِ ". ()
وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} (يّس: من الآية11)
قال:" وقوله: {بِالْغَيْبِ} قالَ المؤلِّفُ_ يعني جلال الدين المحلي _ ():" وَلَمْ يَرَهُ " كأنّهُ يُفسِّرُ أنّ المرادَ بالغيبِ: أنّهُ يَخشَى اللهَ مع غَيْبَةِ الله عنهُ،فيكونُ " بالغَيْب " حَالاً مِن المخْشِي، يعني يَخشَى اللهَ واللهُ غائبٌ عنه، هذا أحدُ الوجهين ِفي الايةِ.
الوجه الثاني: يَخشَى اللهَ بالغيبِ،أيْ يَخشَى اللهَ في حالِ الغَيْبَةِ عن الناسِ، يخشى اللهَ في قلبهِ في عملٍ غائبٍ لا يغفل، فيكونُ " بالغيب " حالاً مِن الخاشي، يعني أنّ هذا الإنسانَ الذي أنذرته وانتفعَ بإنْذاركَ هو الذي اتّبعَ الذِّكْرَ وخشي الله بالغيبِ حالَ كَونهِ غائبًا عن الناسِ، خشيَ اللهَ بالغيبِ أيْ بالعملِ الغائبِ، وهذه هي الخشيةُ الحقيقيّةُ؛ لأنّ خشيةَ الله تعالى في العلانيةِ قد يكونُ سببها مُراءاةُ الناسِ، ويكون في هذه الخشيةِ شيءٌ مِن الشركِ؛ لأنّه يُرائي بها، ولكن إذا كانَ يخشى الله في مكانٍ لا يَطَّلِعُ عليه إلاّ الله فهذا هو الخاشي حقيقةً، وكم مِن إنسانٍ عند الناسِ لا يفعلُ المعاصي ولكن فيما بينه وبينَ نفسهِ يتهاونُ بها، فهذا خَشِيَ الناسَ في الحقيقةِ ولم يَخْشَ الله ?؛ لأنّ الذي يخشى الله لا بُدَّ أنْ يقومَ بقلبهِ تعظيمُ الله ? سواء بِحَضْرَةِ الناسِ، أو بِغَيْبَةِ الناس، أيضًا يخشى الله بالغيبِ أيْ بما غابَ عن الأبصارِ نظرًا، وعن الأذن سمعًا، وهو خشية ُالقلبِ، وخشيةُ القلبِ أعظمُ مُلاحظةً مِن خشيةِ الجوارحِ؛ إذْ خشيةُ الجوارحِ بإمكانِ كُلِّ إنسانٍ أنْ يقومَ بها حتّى في بيتهِ، فَكُلُّ إنسانٍ يستطيع ُأنْ يُصلِّي ولا يتحرّك، ينظرُ إلى مَوضعِ سجودهِ، يرفعُ يديهِ في مَوضعِ الرفعِ، يعني يستقيمُ استقامةً تامّةً في ظاهر الصلاةِ، لكنّ القلبَ غافلٌ؛ أمّا خشيةُ القلبِ فهي الأصلُ،وهي التي يجبُ أنْ يُراقبها الإنسانُ ويحرصَ عليها حِرصًا تامًّا، وهذا معنى قوله تعالى: {وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} ". ()
وعند تفسيره لقوله تعالى: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضاً} (الكهف:100) قالَ:" {وَعَرَضْنَا} أيْ عَرَضْناها لهم فتكونُ أَمَامَهُمْ - اللّهم أَجِرْنَا مِنها -.
{جَهَنَّمَ} اسمٌ مِن أسماءِ النار.
{عَرْضاً} يعني عَرْضًا عَظِيمًا، ولذلكَ نُكِّرَ، يعني: عَرْضًا عَظِيمًا تتساقطُ مِنه القلوبُ، ومِن الحكمِ في إخبارِ الله بذلكَ أنْ يُصلحَ الإنسانُ ما بينهُ وبينَ اللهِ، وأنْ يَخاف مِن هذا اليومِ، وأنْ يستعدَّ لهُ، وأنْ يُصوِّرَ نَفسهُ وكأنّه تَحْتَ قَدَمَيْهِ.
هذه نماذج مختصرة , القصد منها الإشارة , اسأل الله أن ينفعنا بالقرآن.
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[17 Sep 2006, 09:32 م]ـ
جهد كبير تشكر عليه وإن شاء الله في ميزان حسناتك
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[17 Sep 2006, 10:50 م]ـ
(يُتْبَعُ)
(/)
أشكر أخي الكريم د. أحمد على هذه الإطلالة الرائعة على هذا الموضوع المهم،والذي ربما غفل عنه طالب علم القرآن في غمرة التفتيش في الأقوال،والبحث عن الراجح منها ... حتى تضيع الثمرة الكبيرة،وهي الاتعاظ بهذا القرآن العظيم .. وعوداً على ما ذكرتموه من عناية شيخنا ـ رحمه الله ـ فإن هذا الجانب في تفسيره للآيات وتعليقه عليها بيّن جداً في لقاء الباب المفتوح ـ وغالب رواده من العامة ـ،والذي كان يستفتحه بالكلام على سور جزء عم (وهو المطبوع حالياً) بلغة بسيطة يفهمها جل العامة،وإليك هذان المثالان:
المثال الأول:
قال ـ رحمه الله ـ في تفسيره لقوله تعالى (بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ) [البروج: 21]:
(فمن تمسك بهذا القرآن العظيم فله المجد والكرامة والرفعة؛ ولهذا ننصح أمتنا الإسلامية بادئين بأفراد شعوبها أن يتمسكوا بالقرآن العظيم،ونوجه الدعوة ـ على وجه أوكد ـ إلى ولاة أمورها أن يتمسكوا بالقرآن العظيم،وأن لا يغرهم البهرج المزخرف الذي يرد من الأمم الكافرة التي تضع القوانين المخالفة للشريعة،المخالفة للعدل،المخالفة لإصلاح الخلق، ثم يضعوها موضع التنفيذ، وينبذوا كتاب الله تعالى وسنة رسوله ج وراء ظهورهم،فإن هذا ـ والله ـ سبب التأخر. ولا أظن أحداً يتصور أن أمة بهذا العدد الهائل تكون متأخرة هذا التأخر! وكأنها إمارة في قرية بالنسبة للدول الكافرة! لكن سبب ذلك ـ لا شك ـ معلوم،وهو أننا تركنا ما به عزتنا وكرامتنا،وهو التمسك بهذا القرآن العظيم،وذهبنا نلهث وراء أنظمة بائدة فاسدة،مخالفة للعدل،مبينة على الظلم والجور، فننحن نناشد ولاة أمور المسلمين جميعاً،أناشدهم أن يتقوا الله ?، وأن يرجعوا رجوعاً حقيقياً إلى كتاب الله تعالى،وسنة رسوله ج حتى يستتب لهم الأمن والاستقرار،وتحصل لهم العزة والمجد والرفعة،وتطيعهم شعوبهم،ولا يكون في قلوب شعوبهم عليهم شيء،وذلك لأن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله ما بينه وبين الناس،فإذا كان ولاة الأمرو يريدون أن تذعن لهم الشعوب،وأن يطيعوا الله فيهم،فليطيعوا أولاً حتى تطيعهم أممهم،وإلا فليس من المعقول أن يعصوا مالك الملك وهو الله ?،ثم يريدون أن تطيعهم شعوبهم، هذا بعيد جداً،بل كلما بعد القلب عن الله بعد الناس عن صاحبه،وكلما قرب من الله قرب الناس منه،فنسأل الله أن يعيد لهذه الأمة الإسلامية مجدها وكرامتها،وأن يذل أعداء المسلمين في كل مكان،وأن يكبتهم،وأن يردهم على أعقابهم خائبين،إنه على كل شيء قدير).
المثال الثاني:
قال ـ رحمه الله ـ في تفسيره لقوله تعالى: (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (*) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (*) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (*) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) [سورة الفجر - الآيات: 21 - 24].
(يُذكّر الله سبحانه وتعالى الناس بيوم القيامة (إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) حتى لا ترى فيها عوجاً ولا أمتا، تدك الجبال،فلا بناء،ولا أشجار،تمد الأرض كمد الأديم،ويكون الناس عليها في مكان واحد،يسمعهم الداعي،وينفذهم البصر. في هذا اليوم (يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (*) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) ولكن قد فات الأوان؛ لأننا في الدنيا في مجال العمل،وفي زمن المهلة،فيمكن للإنسان أن يكتسب لمستقره،كما قال مؤمن آل فرعون (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ) [غافر: 39] فهي متاع يتمتع به الإنسان كما يتمتع المسافر بمتاع السفر حتى ينتهي سفره،فهكذا الدنيا،واعتبر ما يستقبل بما مضى. كل ما مضى كأنه ساعة من نهار، كأننا الآن مخلوقون،فكذلك ما يستقبل سوف يمر بنا سريعاً ويمضي بنا سريعاً،وينتهي السفر إلى مكان آخر ليس مستقراً،إلى الأجداث والقبور،ومع هذا فإنها ليست محل استقرار؛ لقول الله تعالى: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (*) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ) [سورة التكاثر: 1، 2]،وقد سمع أعرابيٌّ رجلاً يقرأ هذه الآية،فقال: (والله ما الزائر بمقيم! ولا بد من مفارقة لهذا
(يُتْبَعُ)
(/)
المكان) وهذا استنباط قويٌّ،وفهم جيد،يؤيده الآيات الكثيرة الصريحة في ذلك ... (وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى) لم يذكر الجائي،لكن قد دلّت السنة أنه يؤتى بالنار تقاد بسبعين ألف زمام،كل زمام منها يقوده سبعون ألف ملك! وما أدراك ما قوة الملائكة،قوة ليست كقوة البشر،ولا كقوة الجن،بل هي أعظم وأعظم بكثير ... وقيادة النار بهذا العدد الكثير دليل على أنها عظيمة. وهذه النار إذا رأت أهلها من مكان بعيد سمعوا لها تعظياً وزفيراً،وليس زفيرها كزفير المعدات والطائرات،بل هو زفير تنخلع منه القلوب ... ؛ فلهذا أنذرنا الله تعالى منها. فهذه ثلاثة أمور،كلها إنذار: مجيء الرب جلّ جلاله،صفوف الملائكة،الإتيان بجهنم. (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى) والمعنى: إذا جاء الله تعالى في يوم القيامة،وجاءت الملائكة صفوفاً صفوفا،وأحاطوا بالخلق،وحصلت الأهوال والأفزاع،يتذكر الإنسان أنه وعد بهذا اليوم،وأنه أعلم به من قبل الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ وأنذروا وخوّفوا، ولكن من حقّت عليه كلمة العذاب فإنه لا يؤمن ولو جاءته كل آية،حينئذٍ يتذكر،لكن يقول الله ?: (وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى) .. (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) يتمنى أنه قدم لحياته! وماهي حياته؟ أهي حياة الدنيا؟ لا والله! فالحياة الدنيا انتهت وانقضت،وليست الحياة الدنيا حياة في الواقع،فهي هموم وأكدار،كل صفو يعقبه كدر،كل عافية يتبعها مرض،كل اجتماع يعقبه تفرق! أين الآباء؟ أين الإخوان؟ أين الأبناء؟ أين الأزواج؟ هل هذه حياة؟! ... كل إنسان يتذكر أن مآله أحد أمرين: إما الموت،وإما الهرم! نحن نعرف أناساً كانوا شباباً في عنفوان الشباب، فعُمّروا لكن رجعوا إلى أرذل العمر، يرق لهم الإنسان إذا رآهم في حالة بؤس، حتى وإن كان عندهم من الأموال ما عندهم،وعندهم من الأهل ما عندهم،لكنهم في حالة بؤس ... الحياة هي ما بينها الله تعالى في قوله: (وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ [العنكبوت: 64] أي: لهي الحياة التامة (لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) ... إذن على الإنسان أن يستعد قبل أن يقول: (يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي).
وقد جمعت بعض مواعظ المفسرين،وضعت منها الموعظة الأولى،وستنزل البقية تباعاً ـ إن شاء الله ـ: http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=6403
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[22 Sep 2006, 01:33 م]ـ
كلامك في محله أخي الكريم الدكتور عمر , والجوانب الوعظية بينة في تفسير الشيخ رحمه الله عموماً , إلا أنه أوضح فيما تفضلت به , وأضيف أيضا تفسيره الإذاعي والذي طبع فيما بعد باسم أحكام القرآن الكريم.
وما اشرت إليه كان يُلقيهِ أثناءَ افتتاحيّةِ لقاءِهِ: البابُ المفتوح، وهو لقاءٌ لم يَكُنْ خاصًّا بطلبةِ العلمِ، وإنّما هو لعامّةِ الناسِ، وقد بدأَ بتفسيرِ جزء عمّ، وبعد انتهائه مِنه بدأَ بسورة الحجراتِ (1) وماتَ رحمه الله ولَمْ يُتِمَّه حيثُ وصلَ فيه الآيةَ السادسة عشرة مِن سورة المجادلة ()، وعلى هذا فيكون ما فسَّرهُ مِن المفصَّلِ يزيدُ على النصفِ قليلاً.
وقد طُبِعَ مِنه حتّى الآن جزءُ عمَّ وأُلحِقَ به تفسير سورة الفاتحة؛ تحتَ عنوان: تفسير القرآن الكيم، والذي أراهُ تسميتهُ بـ: تفسيرُ المفصَّل، حيثُ أنّ طريقتهُ هنا تختلفُ عن طريقتهِ في تفسيرِ أوَّلِ القرآنِ وتعليقهِ على تفسير الجلالين، ويتبينُ هذا بذكرِ ملامح مَنهجهِ في هذا التفسير بما يلي:
1 - يذكرُ المعنى العام للآية بأسلوبٍ ميسّر مناسبٍ للمخاطَبين، حيث كانَ الشيخُ يُلقِيهِ على عامّةِ الناسِ في اللقاء المشهور: البابُ المفتوح، وهو لقاءٌ لم يكنْ خاصاً بطلبةِ العلم كما قدّمتُ، قالَ الشيخُ في تفسير سورة العاديات:" هذا هو التفسير اليسير لهذهِ السورة العظيمة ومَن أرادَ البَسْطَ فعليهِ بكتب التفاسير التي تَبْسُطُ القولَ في هذا، ونحنُ إنما نشير
إلى المعاني إشارةً مُوجَزة ". ()
وهو في هذا الجُزْء أَشْبَهَ طريقةَ شيخهِ عبد الرحمن السعدي في تفسيره.
2 - اعتنى الشيخُ بالجانبِ السلوكيّ والوعظيّ. ()
3 - لم يتعرّض الشيخُ لإعرابِ الآيات واستنباطِ الفوائدِ مِنها على عادتهِ في التفسير؛ إلاّ في القليلِ النَّادِر. ()
4 - يُنَبِّهُ على ما يقعُ فيه الناسُ مِن أخطاء سواء كانت أخطاء عملية () أو أخطاء قولية ()، وذلكَ عند مناسبتها لما يفسِّره الشيخُ من الآيات.
5 - اهتمّ بذِكْرِ المناسباتِ بين الآيات. ()
6 - اهتم بذِكْرِ القراءاتِ وتَوْجِيهها. ()
7 - الاكتفاءُ بالقولِ الراجحِ في الآية، وذكرُ الخلافِ عند الحاجة. ()
8 – يتعرّضُ أحيانًا لأسبابِ النزول. ()
................ حاشية
(1) المفصَّل يبدأُ مِن سورة (ق) على القولِ الراحجِ، وهو رأيُ ابن عثيمينَ رحمه الله، وقد بيّنَ أنّه إنّما بدأَ بسورة الحجراتِ نظرًا لاشتمالها على أحكامٍ كثيرة، مع العلم أنّ هناكَ قول بأنّ المفصَّلَ يبدأُ مِن سورة الحجرات.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[22 Sep 2006, 11:02 م]ـ
أثابكم الله ـ أبا خالد ـ على هذه الفوائد،والتي يعظم وقعها في نفسي خصوصاً لارتباطها بشيخي ووالدي العلامة المتفنن ابن عثيمين رحمه الله رحمةً واسعة ..
بمناسبة قولي عن الشيخ (والدي) أذكر مرةً وأنا أتشرف بإيصاله للمسجد قادمين من بلدنا (المذنب) ـ قبل عشر سنوات تقيرباً ـ قلت له: والله يا شيخ إن فضلكم علينا كبير، نسأل الله أن يعيننا على ردّ بعضه،فقال لي: أنا أبوك! فلا تسل عن مشاعري حينها ...
أسأل الله تعالى أن يجمعني به وبكم في الفردوس الأعلى.(/)
هل أفاد الشيخ عبد القاهر من القاضي عبد الجبار
ـ[روضة]ــــــــ[16 Sep 2006, 11:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه دراسة لآراء القائلين بأن الشيخ عبد القاهر أفاد من القاضي عبد الجبار في تطوير نظرية النظم، أرجو من الأساتذة أصحاب الاهتمام بهذا الموضوع إبداء آرائهم، وتصويب ما يرونه خطأ، مع الشكر سلفاً لكل من سيتجشم عناء القراءة والنقد.
[ line]
هل أفاد الشيخ عبد القاهر من القاضي عبد الجبار
حين حدث القاضي عبد الجبار الهمذاني عن الفصاحة (1)، وضّح مجالاتها، وبيّن أن الكلام يكون فصيحاً بجزالة لفظه وحسن معناه (2)، ثم قال: "واعلم أن الفصاحة لا تظهر في أفراد الكلام، وإنما تظهر في الكلام بالضمّ على طريقة مخصوصة، ولا بدّ مع الضمّ أن يكون لكل كلمة صفة، وقد يجوز في هذه الصفة أن تكون بالمواضعة التي تتناول الضمّ، وقد تكون بالإعراب الذي له مدخل فيه، وقد تكون بالموقع، وليس لهذه الأقسام الثلاثة رابع؛ لأنه إما أن تعتبر فيه الكلمة، أو حركاتها، أو موقعها. ولا بدّ من هذا الاعتبار في كل كلمة، ثم لا بدّ من اعتبار مثله في الكلمات، إذا انضم بعضها إلى بعض؛ لأنه قد يكون لها عند الانضمام صفة، وكذلك لكيفية إعرابها وحركاتها وموقعها، فعلى هذا الوجه الذي ذكرناه إنما تظهر مزية الفصاحة بهذه الوجوه دون ما عداها.
فإنْ قال: فقد قلتم في أن جملة ما يدخل في الفصاحة حسن المعنى، فهلا اعتبرتموه؟ قيل له: إن المعاني وإنْ كان لا بدّ منها، فلا تظهر فيها المزية وإنْ كان تظهر في الكلام لأجلها؛ ولذلك نجد المعبِّرَين عن المعنى الواحد يكون أحدهما أفصح من الآخر والمعنى متفق. . . على أنّا نعلم أن المعاني لا يقع فيها تزايد، فإذن يجب أن يكون الذي يُعتَبَر: التزايد عند الألفاظ التي يُعبّر بها عنها. . . فإذا صحَّت هذه الجملة فالذي تظهر به المزية ليس إلا الإبدال الذي به تختص الكلمات أو التقدّم والتأخر الذي يختص الموقع، أو الحركات التي تختص الإعراب، فبذلك تقع المباينة.
ولا بدّ من الكلامين اللذين أحدهما أفصح من الآخر أن يكون إنما زاد عليه بكل ذلك أو ببعضه، ولا يمتنع في اللفظة الواحدة أن تكون إذا استعملت في معنى تكون أفصح منها إذا استعملت في غيره، وكذلك فيها إذا تغيّرت حركاتها، وكذلك القول في جملة من الكلام" (3).
نسب كثير من الباحثين أصل نظرية النظم إلى القاضي عبد الجبار، ورأوا أن الشيخ عبد القاهر أفاد منه، وبنى على كلامه وطوّره، فمثلاً يقول الأستاذ شوقي ضيف إن عبد الجبار وقف على معنى النظم، فله أصل النظرية، وفضل السَّبق والابتكار يُنسب إليه، وعبد القاهر له فضيلة تفسيرها تفسيراً دقيقاً، بحيث أصبح فعلاً صاحبها الذي صوّرها وطبقها واستخرج على أساسها علم المعاني المعروف بين علوم العربية (4).
ويقول د. محمد أبو موسى ـ بعد أن سرد كلام القاضي عبد الجبار السابق ـ: "وتتكرر في دراسة عبد القاهر كلمة (الضمّ) الواردة هنا، كما تتكرر كذلك كلمة (المزية)، والنظر في الكلمة من حيث إعرابها وموقعها وإبدالها، جزء هام في دراسة عبد القاهر، وقول عبد الجبار: "على أنّا نعلم أن المعاني لا يقع فيها تزايد، فإذن يجب أن يكون الذي يُعتَبر: التزايد عند الألفاظ"، من الكلام المشهور في دلائل الإعجاز" (5).
تبنّى كثير من الباحثين هذه الفكرة، معتمدين عبارتَين وردتا في كلام القاضي عبد الجبار:
العبارة الأولى: "واعلم أن الفصاحة لا تظهر في أفراد الكلام، وإنما تظهر في الكلام بالضم على طريقة مخصوصة".
العبارة الثانية: "على أنّا نعلم أن المعاني لا يقع فيها تزايد، فإذن يجب أن يكون الذي يُعتبر: التزايد عند الألفاظ التي يُعَبَّر بها عنها".
ورأى هؤلاء أن كلامَ القاضي الأساسُ النظري الذي استند إليه الشيخ عبد القاهر، وبنى عليه نظرية النظم.
هذا ما عليه أكثر الدارسين للنظرية، غير أنه مخالف لحقيقة الأمر، فالشيخ عبد القاهر لم يرتضِ أقوال القاضي ـ وبخاصة هاتين العبارتين ـ (6)، فكيف يستند إليها؟!
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد تتبع الشيخ أقواله، وشدّد الرد عليها، وكأنه أخذ على عاتقه إبطالها، وإثبات فسادها، فقد رأى أن هذه الأقوال تتعارض مع فكرة النظم التي تقوم على توخّي معاني النحو، ووَصَفَها بأنها بيّنة التهافت والسقوط، وأنها فاحشة الغلط، وأن الناظر فيها لا يرى موضعاً صحيحاً، ولا يرى باطلاً فيه شوب من الحق، وزيفاً فيه شيء من الفضة، ولكن يرى الغِشّ بحتاً، والغيظ صرفاً (7).
وفيما يلي ردود الشيخ على العبارة الأولى من كلام القاضي عبد الجبار "واعلم أن الفصاحة لا تظهر في أفراد ... ":
•
"وإذا ثبت أنه ـ يقصد الإعجاز ـ في (النظم) و (التأليف)، وكنا قد علمنا أنْ ليس (النظم) شيئاً غير توخي معاني النحو وأحكامه فيما بين الكلم، وأنّا إنْ بقينا الدهر نُجهد أفكارنا حتى نعلم للكلم المفردة سلكاً ينظمها، وجامعاً يجمع شملها ويؤلفها، ويجعل بعضها بسبب من بعض، غير توخي معاني النحو وأحكامه فيها، (8) طلبنا ما كل محال دونه، (9) فقد بان وظهر أن المتعاطي القول في (النظم)، والزاعم أنه يحاول بيان المزية فيه، وهو لا يَعرِض فيما يعيده ويبديه للقوانين والأصول التي قدمنا ذكرها، ولا يسلك إليه المسالك التي نهجناها، (10) في عمياء من أمره، وفي غرور من نفسه، وفي خداع من الأماني والأضاليل (11)؛ ذلك لأنه إذا كان لا يكون (النظم) شيئاً غير توخي معاني النحو وأحكامه فيما بين الكلم، كان من أعجب العجب أن يزعم زاعم أنه يطلب المزية في (النظم)، ثم لا يطلبها في معاني النحو وأحكامه التي (النظم) عبارة عن توخيها فيما بين الكلم" (12).
•
"واعلم أن السبب في أن لم يقع النظر منهم ـ يقصد المعتزلة ـ موقعه، أنهم حين قالوا: (نطلب المزية) (13)، ظنّوا أن موضعها (اللفظ) بناء على أن (النظمَ) نظمُ الألفاظ، وأنه يلحقها دون المعاني، وحين ظنّوا أن موضعها ذلك واعتقدوه، وقفوا على (اللفظ)، وجعلوا لا يرمون بأوهامهم إلى شيء سواه، إلا أنهم ـ على ذلك ـ لم يستطيعوا أن ينطقوا في تصحيح هذا الذي ظنّوه بحرف، بل لم يتكلموا بشيء إلا كان ذلك نقضاً وإبطالاً لأن يكون (اللفظ) من حيث هو لفظ موضعاً للمزية، وإلا رأيتهم قد اعترفوا ـ من حيث لم يدروا ـ بأن ليس للمزية التي طلبوها موضعٌ ومكان تكون فيه، إلا معاني النحو وأحكامه؛ وذلك أنهم قالوا: "إن الفصاحة لا تظهر في أفراد الكلمات، وإنما تظهر بالضمّ على طريقة مخصوصة" (14)، فقولهم (بالضمّ)، لا يصح أن يراد به النطق باللفظة بعد اللفظة، من غير اتصال يكون بين معنييهما؛ لأنه لو جاز أن يكون لمجرد ضمّ اللفظ إلى اللفظ تأثير في الفصاحة، لكان ينبغي إذا قيل: " ضحك، خرج"، أن يحدث في ضمّ "خرج" إلى "ضحك" فصاحة! وإذا بطل ذلك لم يبقَ إلا أن يكون المعنى في ضم الكلمة إلى الكلمة، توخي معنى من معاني النحو فيما بينهما، وقولهم: "على طريقة مخصوصة"، يوجب ذلك أيضاً، وذلك أنه لا يكون للطريقة ـ إذا أنت أردت مجرد اللفظ ـ معنىً.
وهذا سبيل كل ما قالوه، إذا أنت تأمّلتَه تراهم في الجميع قد دُفعوا إلى جعل المزية في معاني النحو وأحكامه من حيث لم يشعروا؛ ذلك لأنه أمر ضروري لا يمكن الخروج منه" (15).
•
"وكيف لا يكون في إسار الأُخْذة (16)، ومَحُولاً بينه وبين الفكرة، مَن يسلِّم أن الفصاحة لا تكون في أفراد الكلمات، وأنها إنما تكون فيها إذا ضُمّ بعضها إلى بعض (17)، ثم لا يعلم أن ذلك يقتضي أن تكون وصفاً لها، من أجل معانيها، لا من أجل أنفسها، ومن حيث هي ألفاظٌ ونطقُ لسان؟ ذاك لأنه ليس من عاقلٍ يفتح عين قلبه إلا وهو يعلم ضرورة أن المعنى في "ضمِّ بعضها إلى بعض"، تعليقُ بعضها ببعض، وجعل بعضها بسبب من بعض، لا أن يُنطَق بعضُها في أثر بعض، من غير أن يكون فيما بينها تعلُّق، ويعلم كذلك ضرورة إذا فكّر، أن التعلق يكون فيما بين معانيها، لا فيما بينها أنفسها، ألا ترى أنّا لو جهدنا كل الجهد أن نتصور تعلّقاً فيما بين لفظين لا معنى تحتهما، لم نتصوّر؟ ومن أجل ذلك انقسمت الكلم قسمين: "مؤتلف"، وهو الاسم مع الاسم، والفعل مع الاسم، و"غير المؤتلف"، وهو ما عدا ذلك، كالفعل مع الفعل، والحرف مع الحرف، ولو كان التعلق يكون بين الألفاظ، لكان ينبغي أن لا يختلف حالها في الائتلاف، وأن لا يكون في الدنيا كلمتان إلا ويصح أن يأتلفا؛ لأنه لا تنافي بينهما من حيث هي ألفاظ. وإذا كان كل واحد
(يُتْبَعُ)
(/)
منهم قد أعطى يده بأن الفصاحة لا تكون في الكلم أفراداً، وأنها إنما تكون إذا ضمّ بعضها إلى بعض، وكان يكون المراد بضمّ بعضها إلى بعض، تعليقَ معانيها بعضها ببعض، لا كونَ بعضها في النطق على إثر بعض، (18) كان واجباً إذا علم ذلك، أن يعلم أن الفصاحة تجب لها من أجل معانيها، لا من أجل أنفسها؛ لأنه محال أن يكون سببَ ظهور الفصاحة فيها، تعلقُ معانيها بعضها ببعض، ثم تكون الفصاحة وصفاً يجب لها لأنفسها لا لمعانيها، وإذا كان العلم بهذا ضرورة، ثم رأيتهم لا يعلمونه، فليس إلا أن اعتزامهم على التقليد قد حال بينهم وبين الفكرة، وعرض لهم منه شبهُ الأُخذة" (19).
كانت هذه ردود الشيخ عبد القاهر على العبارة الأولى من كلام القاضي عبد الجبار، أما العبارة الثانية: "على أنّا نعلم أن المعاني لا يقع فيها تزايد. . ."، فردّ عليها بقوله: "فإنْ قيل: فماذا دعا القدماءَ إلى أن قسّموا الفضيلة بين المعنى واللفظ، فقالوا: "معنى لطيف، ولفظ شريف"، وفخموا شأن اللفظ وعظّموه حتى تبعهم في ذلك مَن بعدهم، وحتى قال أهل النظر (20): " إن المعاني لا تتزايد، وإنما تتزايد الألفاظ"، فأطلقوا كما ترى كلاماً يُوهم كل مَن يسمعه أن المزية في حاقّ اللفظ؟
قيل له: لما كانت المعاني إنما تتبين بالألفاظ، وكان لا سبيل للمرتِّب لها والجامع شملها، إلى أن يُعلمك ما صنع في ترتيبها بفكره، إلا بترتيب الألفاظ في نطقه، تجوَّزوا فكنوا عن ترتيب المعاني بترتيب الألفاظ، ثم بالألفاظ، بحذف (الترتيب)، ثم أتبعوا ذلك من الوصف والنعت ما أبان الغرض وكشف عن المراد، كقولهم: "لفظ متمكن"، يريدون أنه بموافقة معناه لمعنى ما يليه كالشيء الحاصل في مكان صالح يطمئن فيه، و"لفظ قلق نابٍ"، يريدون أنه من أجل أن معناه غيرُ موافق لما يليه، كالحاصل في مكان لا يصلح له، فهو لا يستطيع الطمأنينة فيه، إلى سائر ما يجيء في صفة اللفظ، مما يُعلم أنه مستعار له من معناه، وأنهم نحلوه إياه، بسبب مضمونه ومؤدّاه.
هذا، ومَن تعلق بهذا وشبهه واعترضه الشك فيه، بعد الذي مضى من الحجج، فهو رجل قد أنِسَ بالتقليد، فهو يدعو الشبهة إلى نفسه من ههنا وثَمَّ، ومَن كان هذا سبيله، فليس له دواء سوى السكوتِ عنه، وتركِه وما يختاره لنفسه من سوء النظر، وقلة التدبر" (21).
وقال في موضع آخر: "ومما تجدهم يعتمدونه ويرجعون إليه قولهم: "إن المعاني لا تتزايد، وإنما تتزايد الألفاظ"، وهذا كلامٌ إذا تأمّلتَه لم تجد له معنى يصحُّ عليه، غير أن تجعل "تزايد الألفاظ" عبارة عن المزايا التي تحدث من توخي معاني النحو وأحكامه فيما بين الكلم؛ لأن التزايد في الألفاظ من حيث هي ألفاظٌ ونطقُ لسان، محال" (22).
*·~-.¸¸,.-~*???*·~-.¸¸,.-~*
هذا هو رأي الشيخ عبد القاهر في كلام القاضي عبد الجبار، فكيف يُقال إنه استند إليه، والاستناد إلى الشيء يتضمّن قبوله، ولا يُعقل أن يرفض الشيخ عبد القاهر كلاماً ويستند إليه ـ أي يقبله ـ في آن واحد؛ لأنه بذلك يكون قد جمع بين طرفي نقيض، وهذا محال.
غير أن عدم قبول الشيخ عبد القاهر لآراء القاضي عبد الجبار لا ينفي فضل الأخير في خدمة قضية النظم، حيث يمكن مناقشة الشيخ فيما ذهب إليه:
يتلخص ما نسبه عبد القاهر إلى عبد الجبار في قضيتين:
الأولى: أن القاضي عبد الجبار زعم أنه يطلب المزية في النظم، ثم لم يتوخاها في معاني النحو، والنظم عبارة عن توخّيها فيما بين الكلم، وأنه اعترف من حيث لا يدري بأن المزية تعود إلى معاني النحو، وذلك بقوله: "إن الفصاحة لا تظهر في أفراد الكلمات. . . ".
الثانية: وقع القاضي عبد الجبار في القضية الأولى؛ لأنه ظنّ أن موضع المزية في (اللفظ)، بناء على أن (النظمَ) نظمُ الألفاظ، فأهمل المعاني التي بين الكلمات، ووقف على الألفاظ، كما أن قوله: " إن المعاني لا تتزايد. . . " يوهم أن المزية في حاقِّ اللفظ.
(يُتْبَعُ)
(/)
لقد حمل الشيخ عبد القاهر أقوال القاضي على محمل معين؛ ولذلك نسب إليه ما نسب، لكن باستطاعتنا أن نفسرها على غير الوجه الذي فسّرها به عبد القاهر؛ وذلك لأن أقوال عبد الجبار بمجموعها تنفي ما ذهب إليه الشيخ، فمثلاً بعد أن يذكر أن الفصاحة تظهر في الكلمات المضمومة يُعدّد وجوهاً ثلاثة تظهر بها مزية الفصاحة، يقول: "فالذي تظهر به المزية، ليس إلا الإبدال الذي به تختص الكلمات، أو التقدم والتأخر الذي يختص الموقع، أو الحركات التي تختص الإعراب، فبذلك تقع المباينة، ولا بدّ من الكلامين اللذين أحدهما أفصح من الآخر أن يكون إنما زاد عليه بكل ذلك أو ببعضه" (23).
ويقول: "فإنْ قال: أفيمكن حصر هذا العلم، الذي يمكن معه إيراد الكلام الفصيح، والذي يتميز به، مما فوقه في الفصاحة ودونه؟
قيل له: قد بيّنا ذلك في الجملة، وهو أن يعلم أفراد الكلمات، وكيفية ضمّها وتركيبها ومواقعها، فبحسب هذه العلوم والتفاضل فيها، يتفاضل ما يصح منهم من رتب الكلام الفصيح" (24).
أقواله هذه تدل على أنه نسب مزية الكلام الفصيح إلى معاني النحو وأحكامه؛ وذلك لأن قوله: "ضمّ على طريقة مخصوصة" يعني ترتيب الكلمات في الجملة على نحو معين، ينتج عنه معنى مفيد، وليس ضمّاً عشوائياً، لا ترتبط فيه الكلمة بجاراتها، فيغدو الكلام مفكّكاً مجزّءاً، لا يستطيع قارئه أن يقف له على وجه، ثم اشترط وجوهاً ثلاثة مع الضمّ، تنضوي جميعها تحت أحكام النحو، فبعد أن تضم الكلمات، لا بدّ أن تراعى فيها هذه الوجوه: الإبدال، وهو انتقاء الكلمة المناسبة للسياق، وموقع الكلمة في الجملة تقديماً وتأخيراً، وحركة إعرابها التي تلقي ضوءاً على معناها.
وهذه الوجوه الثلاثة من معاني النحو التي يتميز بها نظم الكلام.
وقد اعترف الشيخ عبد القاهر بأن كلام القاضي عبد الجبار ينطوي على إثبات المزية لمعاني النحو، حين قال: "فقولهم: "بالضمّ" لا يصح أن يراد به النطق باللفظة بعد اللفظة، من غير اتصال يكون بين معنييهما؛ لأنه لو جاز أن يكون لمجرد ضمّ اللفظ إلى اللفظ تأثير في الفصاحة، لكان ينبغي إذا قيل: "ضحك"، "خرج" أن يحدث في ضمّ "خرج" إلى "ضحك" فصاحة! وإذا بطل ذلك لم يبقَ إلا أن يكون المعنى في ضمّ الكلمة إلى الكلمة، توخي معنى من معاني النحو فيما بينهما" (25).
ولكنه يرى أن عبد الجبار دُفع إلى هذا دفعاً من حيث لا يدري، ولعل قول الأخير: إن الفصاحة تظهر "بالضم على طريقة مخصوصة" غير كافٍ بالنسبة لعبد القاهر، حيث حمله على أنه ضمّ اللفظة إلى اللفظة بغضّ النظر عن المعاني التي تربط بينها، والسبب في هذا ـ كما يقول عبد القاهر ـ أنه يطلب المزية في الألفاظ، ويهمل المعاني، فيجعل الفصاحة وصفاً للكلمات المضمومة، لا من أجل معانيها، بل من أجل أنفسها.
وإذا أبطلنا السبب الذي من أجله نفى عبد القاهر أن يكون عبد الجبار قد قصد إثبات المزية لمعاني النحو (26)، يمكننا أن نصل ـ من وجه آخر غير الذي فُهم من كلامه مباشرة ـ إلى أن عبد الجبار أدرك أن مزية الكلام في توخي معاني النحو، وأنه لم يُدفع إلى هذا دفعاً:
لعل عبد القاهر أيّد ما ذهب إليه ـ من أن عبد الجبار يطلب المزية في اللفظ ـ بما ورد في كتاب (المغني)، حيث قال عبد الجبار: "فإن قال: فقد قلتم في أن جملة ما يدخل في الفصاحة حسن المعنى، فهلا اعتبرتموه؟ قيل له: إن المعاني وإن كان لا بد منها، فلا تظهر فيها المزية، وإنْ كان تظهر في الكلام لأجلها"، واستدل على هذا بأمور: "نجد المعبِّرَين عن المعنى الواحد يكون أحدهما أفصح من الآخر، والمعنى متفق، وقد يكون أحد المعنيين أحسن وأرفع، والمعبِّر عنه في الفصاحة أدون، فهو مما لا بدّ من اعتباره، وإنْ كانت المزية تظهر بغيره"، ثم قال: "على أنّا نعلم أن المعاني لا يقع فيها تزايد، فإذن يجب أن يكون الذي يُعتَبَر: التزايد عند الألفاظ التي يُعَبَّر بها عنها على ما ذكرناه".
وفي موضع آخر نفى أن يكون التحدي بالمعاني، وبيّن أن الذي يظهر به التفاضل الوجوه الثلاثة التي ذكرها دون المعاني، وإنْ كان حسن المعاني كالشرط، وكالمؤثر في هذا الباب (27)، وقال: "كما نعلم أن حسن المعنى يؤكد كون الكلام الفصيح معجزاً، وإنْ كان لو انفرد لم يختص لهذه الصفة" (28).
(يُتْبَعُ)
(/)
قد تكون هذه الأقوال هي التي جعلت عبد القاهر يرى أن عبد الجبار قصر نظره على تعلّق الألفاظ بعضها ببعض من حيث هي ألفاظ، بعيداً عن معانيها.
ويبدو لي أن الشيخ عبد القاهر بالغ في هذا الأمر، فمَن له أدنى علم باللغة، وبتركيب الكلام يعلم أن ضمّ الكلمات بعضها إلى بعض يخضع لما تحمله الكلمات من المعاني، فكيف بالقاضي عبد الجبار، وهو العلامة المتكلم، المعروف بتصانيفه البلاغية؟! ألا يعلم أن تعلّق الكلمات بعضها ببعض يكون فيما بين معانيها، لا فيما بينها أنفسها؟
لقد حاولت أن أفهم كلام القاضي بما يتماشى مع تصريحاته التي تؤكد إثبات المزية للوجوه الثلاثة التي تُعدُّ من معاني النحو:
فقوله: "إن المعاني، وإنْ كان لا بدّ منها، فلا تظهر فيها المزية"، يقصد بالمعاني هنا: الموضوعات، وليس المعاني التي بين الكَلِم، وهذا واضح من سياق الكلام الذي بعده: "نجد المعبّرَين عن المعنى الواحد يكون أحدهما أفصح من الآخر والمعنى متفق"، أي أن الفكرة أو الموضوع المعبَّر عنه واحد، ثم يتنافس المتنافسون في التعبير عنه بطرق مختلفة تتفاوت في ميزان الفصاحة، وكذلك حديثه عن التحدي، فهو يقصد أن الموضوعات ليست هي محل التحدي.
وهذا الذي قاله عبد الجبار قاله كذلك عبد القاهر: "وقد أردت أن أكتب جملة من الشعر الذي أنت ترى الشاعِرَين فيه قد قالا في معنى واحد، وهو ينقسم قسمين: قسمٌ أنت ترى أحد الشاعرين فيه قد أتى بالمعنى غُفلاً ساذجاً، وترى الآخر قد أخرجه في صورة تروق وتُعجِب، وقسم أنت ترى كل واحد من الشاعرين قد صنع في المعنى وصوّر" (29).
وقال في التحدي: ". . . فإن التحدي كان إلى أن يجيئوا في أيّ معنى شاءوا من المعاني، بنظم يبلغ نظم القرآن في الشرف أو يقرُب منه، يدل على ذلك قوله تعالى:?قل فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ? [هود:13]، أي مثله في النظم، وليكن المعنى مفترىً لما قلتم، فلا إلى المعنى دُعيتم، ولكن إلى النظم" (30).
أما قول عبد الجبار: "على أنّا نعلم أن المعاني لا يقع فيها تزايد. . . " فقد ذكر له عبد القاهر تفسيرين:
الأول: أن المزية في حاقّ اللفظ، ورفض هذا التفسير ووصفه بأنه موهِم.
الثاني: أن تجعل (تزايد الألفاظ) عبارة عن المزايا التي تحدث من توخي معاني النحو وأحكامه فيما بين الكلم، ويرى أنه المعنى الصحيح الوحيد الذي يمكن أن تُحمل عليه هذه العبارة، وقد افترض أن عبد الجبار عنى التفسير الأول، وافتراضه هذا ينسجم مع تفسيراته السابقة لكلام القاضي.
بيد أن عبد الجبار نفى صراحة أن تكون المزية للفظ، حيث يقول ـ بعد أن ذكر الوجوه الثلاثة التي تظهر بها مزية الكلام ـ: "وهذا يبين أن المعتبر في المزية ليس بنية اللفظ، وأن المعتبر فيه ما ذكرناه من الوجوه" (31)، وأرى أن قوله: "على أنّا نعلم أن المعاني لا يقع فيها تزايد. . ." يُفهم على أنه يمكن التعبير عن المعنى الواحد بصور متعددة، تتزايد تبعاً للوجوه التي ذكرها، وهذا المفهوم لا يتعارض مع فكرة النظم.
~*O ôôO*~???~*OôôO*~
بات واضحاً الآن أن عبد الجبار لم يقصد إثبات المزية للفظ، بل أكّد ـ في أكثر من موضع ـ أن المزية ثابتة للوجوه الثلاثة التي ذكرها، والتي تدخل في باب أحكام النحو، وبهذا يبطل السبب الذي من أجله نفى عبد القاهر أن يكون عبد الجبار قصد من كلامه إثبات المزية لمعاني النحو.
وإذا بطل السبب بطلت النتيجة المبنية عليه، فيثبت أن عبد الجبار قصد من كلامه إثبات المزية لمعاني النحو، وإنْ لم يسمها بهذا الاسم.
*·~-.¸¸,.-~*???*·~-.¸¸,.-~*
أردتُ من هذه المناقشة أن أصل إلى الحقيقة في قضيتين:
الأولى: هل اعتمد الشيخ عبد القاهر أقوال القاضي عبد الجبار، وبنى عليها، كما هو شائع عند الدارسين؟
الثانية: إنْ لم يكن اعتمدها، فهل هذا ينفي فضل القاضي عبد الجبار في تطوير فكرة النظم؟
ووصلتُ إلى أن الشيخ عبد القاهر رفض أقوال القاضي عبد الجبار، ورأى أنها مخالفة لرؤيته للنظم التي تقوم على توخي معاني النحو، فما عليه أكثر الدارسين (وهو أن عبد القاهر أفاد من عبد الجبار) مخالف للحقيقة الثابتة التي تنطق بها صفحات كتاب (الدلائل)، فالشيخ نفسه ينفي صحة أقوال القاضي، فكيف له أن يستعين بها ويطوّرها؟!
هذا ما يتعلق بالقضية الأولى.
(يُتْبَعُ)
(/)
أما القضية الثانية، فوصلتُ بها إلى أن الشيخ عبد القاهر إنْ لم يحمل كلام القاضي على المحمل الذي يجعله إطاراً نظرياً لفكرة النظم التي بلورها وأخرجها في صورتها النهائية، وإنْ لم يرَ أن القاضي قصد إثبات المزية لمعاني النحو، فإن هذا لا ينفي أن القاضي أثبت المزية ـ حقيقة ـ لمعاني النحو، وإنْ لم يذكرها بالاسم الذي أطلقه عبد القاهر، ولا ينفي أنه خطا بالنظم خطوة متقدمة، فلا يمكننا أن نغفل فضله، وننسى جهده.
???
[ line]
(1) " الفصاحة التي أشار إليها القاضي ليست هي الفصاحة التي استقر عليها علماء البلاغة المتأخرون، وهي التي تكون وصفاً للكلمة أو الكلام، وذلك بخلوّه من العيوب كالغرابة والثقل ومخالفة قواعد اللغة، إنما الفصاحة التي عناها القاضي تشمل في مفهومنا نظم الكلمات بعضها مع بعض، وهي ملحوظة قيّمة، وخطوة ذات شأن خطاها في إبراز نظرية النظم". فضل عباس، إعجاز القرآن الكريم، ص (62).
(2) عبد الجبار الهمذاني، المغني، (197:16).
(3) عبد الجبار الهمذاني، المغني، (199:16).
(4) ينظر: شوقي ضيف، البلاغة تطور وتاريخ، ص (118).
(5) محمد أبو موسى، البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري، وأثرها في الدراسات البلاغية، ص (128)، وينظر: وليد مراد، نظرية النظم عند عبد القاهر الجرجاني، ص (39)، وعبد الله عنبر، نظرية النظم عند العرب، ص (59)، رسالة دكتوراة، الجامعة الأردنية.
(6) أشار الشيخ محمود شاكر إلى هذا في المقدمة التي صدّر بها كتاب (دلائل الإعجاز)، ص (ب)، ولم أجد أحداً أشار إلى هذا غيره.
(7) ينظر: الجرجاني، دلائل الإعجاز، ص (465).
(8) السياق هنا: "وأنّا إنْ بقينا الدهر نجهد أفكارنا. . . طلبنا ما كل محال دونه".
(9) والسياق هنا: "وإذا ثبت أنه في النظم، وكنا قد علمنا. . . فقد بان وظهر"، وهو جواب (إذا) في صدر الجملة.
(10) السياق: "بان وظهر أن المتعاطي. . . في عمياء من أمره".
(11) يعني بقوله: "المتعاطي القول في النظم" و"الزاعم أنه يحاول بيان المزية. . . وهو لا يعرض فيما يعيده ويبديه للقوانين والأصول التي قدمنا ذكرها. . . في عمياء من أمره، وفي غرور من نفسه"، يعني بهذا كله المعتزلي الكبير القاضي عبد الجبار، وما كتبه في المغني (197:16) وما بعده؛ لأنه هو الذي استخدم لفظ (النظم) فأَكْثَرَ، ولم يخرج بطائل. (تعليق الشيخ محمود شاكر).
(12) الجرجاني، الدلائل، ص (391 - 393).
(13) إنما يعني بهذا كله القاضي عبد الجبار.
(14) هذا لفظ القاضي عبد الجبار بنصه في المغني (199:16)، (فصل في الوجه الذي له يقع التفاضل في فصاحة الكلام).
(15) الجرجاني، الدلائل، ص (393 - 395).
(16) الأُخذة: أصلها ضرب من التمائم، تُؤَخِّذُ المرأة به زوجها عن النساء غيرها، وهو من السحر.
(17) هذا نص القاضي عبد الجبار.
(18) السياق: "وإذا كان كل واحد قد أعطى. . . كان واجباً. . .".
(19) الجرجاني، الدلائل، ص (466،467).
(20) أهل النظر: هم المتكلمون، ويعني بهم هنا المعتزلة، وقولهم هذا هو نصّ كلام القاضي عبد الجبار المعتزلي في كتابه (المغني)، (199:16)، بعنوان: "فصل في الوجه الذي له يقع التفاضل في فصاحة الكلام".
(21) الجرجاني، الدلائل، ص (63،64).
(22) المرجع السابق، ص (395).
(23) عبد الجبار الهمذاني، المغني، (199:16).
(24) المرجع السابق، (16: 208).
(25) الجرجاني، الدلائل، ص (393).
(26) السبب ـ كما يرى عبد القاهر ـ أن عبد الجبار طلب المزية في اللفظ.
(27) ينظر: عبد الجبار الهمذاني، المغني، (222:16).
(28) المرجع السابق، (224:16).
(29) الجرجاني، الدلائل، ص (489).
(30) عبد القاهر الجرجاني، (الرسالة الشافية)، ضمن (ثلاث رسائل في إعجاز القرآن)، ص (141).
(31) عبد الجبار الهمذاني، المغني، (199:16).
ـ[منصور مهران]ــــــــ[17 Sep 2006, 02:40 م]ـ
هذا شكر عميم مع تحية عرفان للأستاذة / روضة؛ فقد قرأنا في هذا التحليل فهما وعمقا لقضية النظم التي شغلت البلاغيين زمنا طويلا، وإن كنت أتحفظ على بعض ما جاء في تفسير نقاط القضية، ولعلي أعرض لهذا في وقت لاحق إن شاء الله، والذي أبديه الآن شيء علق بالذاكرة من المقروء ومن المسموع؛ من ذلك:
1 ـ الألفاظ (مستند) و (استند) و (الاستناد) ونحوها: ليس معناها اتخاذ هذا الشيء أساسا ينبني عليه غيره، إنما الاستناد إلى الشيء الاتكاء عليه والتعاضد لئلا يتهاوى المُسْتنِد، وهو من المعاني التي تؤخذ من السياق فلم يُنصَّ عليه في اللسان - مثلا - وعلى هذا يتضح مراد البلاغيين من قولهم: (إن الشيخ عبد القاهر استند إلى أو على كلام القاضي عبد الجبار في صياغة نظريته في النظم) بأن عبد القاهر اتكأ على كلام عبد الجبار إما بالموافقة وإما بالمخالفة؛ أي أن عبد القاهر تناول كلام عبد الجبار بالدرس والتفسير فوافقه في بعض وخالفه في بعض. هذا هو الذي قرأناه في كلام شيخنا محمود محمد شاكر في كتابه (مداخل إعجاز القرآن)، ونتائج بحث الأستاذة روضة تؤيد هذا الاتجاه في تفسير كلام البلاغيين إن شاء الله.
2 ـ قول الأستاذة: (ثم لم يتوخاها في معاني النحو) لعل القصد (لم يتوخها) وهو الصواب، فحدث سبق الضغط على ألف غير مرغوب فيها ‘ فلزم التنويه ولكم الشكر سلفا.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[محمد سعيد الأبرش]ــــــــ[17 Sep 2006, 07:38 م]ـ
لعل الرجوع إلى السفر الجليل "القاضي عبد الجبار وأثره في الدراسات القرآنية" يفيد في هذه القضية
ـ[روضة]ــــــــ[18 Sep 2006, 06:53 م]ـ
شكر الله لكما مروركما ..
الأستاذ منصور مهران ..
ما قصدتُه باستخدامي للفظة (الاستناد)، هو المعنى المتبادر من اللفظة، وهو قبول الشيء، واتخاذه أساساً، ثم البناء عليه، وهذا ما يُفهم من سياق كلام الباحثين الذين أردت مناقشة صحة قولهم، فبغض النظر عن الألفاظ التي استعملوها ـ فقد لا نجد فيها كلمة (الاستناد) ـ فإن ما يُفهم من كلامهم أن الشيخ عبد القاهر قَبِل كلام القاضي عبد الجبار، وأفاد منه، وبنى عليه.
وهذا ما أردت دراستَه والبحثَ عنه.
وأنا في انتظار تحفظاتكم وملاحظاتكم للإفادة منها، وشكراً على التصويب.
ـ[روضة]ــــــــ[30 Sep 2006, 10:08 م]ـ
ما زلت في انتظار ملاحظاتكم، وآرائكم، وخاصة الأستاذ منصور مهران.
وجزاكم الله خيراً
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[30 Oct 2006, 07:27 ص]ـ
قرأت هذه المشاركة النافعة مرات، وقد ظهر لي مبالغة عبدالقاهر الجرجاني (ت471هـ) في الرد على ما قاله الهمذاني، وهذا الرد والتفنيد ليس دليلاً على عدم تأثره بالقاضي عبدالجبار الهمذاني؛ إذ إن الشأن في اقتباس الأفكار والنظريات فيه من الخفاء في أحيان كثيرة ما يصرف نظر الدارس عن التنبه له، أو الالتفات إليه. فقد يأخذ أحدهم الفكرة من خطأ فكرة لم يرتضها، ويكتشف من بين الخطأ صواباً كثيراً دله عليه الخطأ، وقد أفاض الدكتور محمد أبو موسى في بعض كتبه في هذه المسألة.
وعبدالقاهر قد بالغ في الإزراء والرد على القاضي عبدالجبار الهمذاني في قوله الأول الذي نقله مبتوراً، في حين إنه لم يبعد كثيراً عن الرأي الذي رده، بل إنه هو هو لو أكمل نقل النص.
ثم إنك لو تأملت في الأمر لوجدت الهمذاني مسبوقاً بآخرين أمثال الجاحظ وابن قتيبة في الحديث عن هذا الأمر، والجاحظ مسبوق بغيره من الأدباء الذين نقل الجاحظ كلامهم في البيان والتبيين كبشر بن المعتمر وغيره، فإعادة فضل الكلام وتفاضله إلى نظمه أمر غير خافٍ على الأدباء والشعراء قبل عصر الهمذاني والجرجاني. وإنما نسب ذلك المتأخرون للجرجاني باعتباره قد أفاض وأعاد وأبدى فيه في كتبه وخاصة دلائل الإعجاز، فاستحق هذا الاختصاص بنسبة نظرية النظم إليه.
وفي الحق إن عبدالقاهر الجرجاني رحمه الله قد استفاد كثيراً من كتابات عبدالجبار الهمذاني دون أدنى إشارة إليه باسمه مع ذكره لآخرين أقل أثراً منه، مثل الجاحظ وابن الأنباري والأصمعي والمرزباني وسيبويه وأبي علي الفارسي، وإن كان يظهر للدارس المتتبع أن عبدالجبار الهمذاني هو صاحب ذلك الكلام. ولستُ أدري سبب إغفال عبدالقاهر الجرجاني لذكر عبدالجبار الهمذاني!
وليس هناك ما يثبت لقاء الجرجاني للهمذاني، وإن كان ممكناً، حيث توفي عبدالجبار عام 415هـ، وعبدالقاهر الجرجاني قد أدرك القاضي علي بن عبدالعزيز الجرجاني المتوفى سنة 392هـ، وأخذ عنه، وكان يفتخر بذلك كما يقال. وبين وفاة علي الجرجاني ووفاة عبدالجبار 23 سنة، وهي كافية إن صحت للأخذ عن عبدالجبار، ولكن لا أعرف دليلاً يثبت أخذ عبدالقاهر عن عبدالجبار، ولا سيما إذا علمنا أن عبدالقاهر لم يغادر بلده جرجان، ولم يرحل منها حتى توفي.
وقد ظهر لي هذا الرأي منذ قرأتُ هذه المشاركة إبان طرحها، غير أن تريثت في طرحه حتى أراجع رسالة عبدالفتاح لاشين، وكانت بعيدةً عني في مكتبتي، فلما راجعتها قبل أيام اطمأننت لما ذهبت إليه، وهذا ما وجدته في الرسالة حول الموضوع.
رجعتُ إلى رسالة الدكتور عبدالفتاح لاشين التي كتبها عام 1393هـ بعنوان (بلاغة القرآن في آثار القاضي عبدالجبار وأثره في الدراسات البلاغية) فوجدته قد أفرد لهذه المسألة صفحات طوال، وأظنك أختي الكريمة لو رجعتِ لهذا الكتاب لوجدت فيه أدلة مقنعةً على تأثر عبدالقاهر الجرجاني بآراء عبدالجبار الهمذاني، وسأنقل مقتطفات من أقوال عبدالفتاح لاشين حول هذه المسألة.
في الباب الرابع من الكتاب الذي عنونه بـ: مدرسة عبدالجبار البلاغية. ويشتمل على فصول ستة:
(يُتْبَعُ)
(/)
1 - عبدالقاهر الجرجاني وتأثره بالقاضي عبدالجبار. وقد استغرق هذا الفصل من صفحة 485 إلى صفحة 531. ومما قاله في هذا الموضوع:
قال ص 506: (ثم أخذ عبدالقاهر بعيب معاصريه من العلماء الذين توهم أنهم فهموا النظم على خلاف ما يفهم، وأخذ ينقل آثارهم مبتورة، ويرد عليهم أقوالهم في غير تروٍّ ولا تؤدة، بل أخذ يكيل لهم التهم واحدة تلو الأخرى وهم منها براء كما سنبين .. ).
قال ص 508: (وبعد أن لخصنا وجه الإعجاز عند عبدالقاهر وعرفنا أنه لا يعد وجهاً له سوى النظم، وعرضنا بعض أقواله في ذلك نستسمح القارئ أن نعيد عليه في مقابل تلك النصوص نصوص القاضي عبدالجبار لنرى بالدليل، ونتأكد أن القاضي عبدالجبار كان هو المشعل الذي أضاء لعبدالقاهر الطريق، وكان هو الهادي الذي هداه السبيل، وهو رائد الفكرة التي بنى عليها عبدالقاهر نظريته في الإعجاز).
قال ص 508: (عرضنا لرأي عبدالقاهر ونظريته في الإعجاز، وصورنا نظرية عبدالجبار وما يراه فيه، ومن خلال المقارنة بين كلامهما السابق والمشار إليه، نجد أن الفرق بينهما ينحصر في الفرق بين الإجمال في الفكرة، والتفصيل فيها، وبين الإيجاز في العرض من جهة والإطناب والإيضاح فيه من جهة أخرى.
فعبدالجبار كان رائداً وسابقاً، وعبدالقاهر كان موضحاً ومبيناً).
قال ص 521: (إننا حين نعيد المبتور من النص السابق الذي تركه عبدالقاهر نرى أن عبدالجبار قصد بما قال نفس ما قصد عبدالقاهر من أن النظم هو عبارة عن معاني النحو، إلا أن عبدالقاهر كان جيد التوصيل فالتقط هذا وأعمل عقله وفنه وذوقه في كلام عبدالجبار، وخرج بنظريته المتكاملة التي نحمده عليها ويحمده كتاب العربية وعلماء البلاغة).
وقال ص 522: (ثم إن كلمة الضم عند عبدالجبار، أليست هي النظم عند عبدالقاهر؟
وليس مطلق الضم هو المقصود كما شوهه عبدالقاهر، وإنما المراد الضم على طريقة مخصوصة وهذه الطريقة المخصوصة حددها عبدالجبار وجعلها من جهات ثلاث: وضع الكلمة في اللغة، ثم موقعها من الإعراب، ثم موقعها في الجملة، أليست هذه هي معاني النحون عند عبدالقاهر؟ ... فنرى أن عبدالجبار ابتكر الفكرة وبدأ الطريق وأضاء المشعل، واستغل ذلك كله عبدالقاهر، وتلقف الفكرة وواصل السير، فتولى شرح ذلك وتفصيله، وضرب الأمثلة والاستشهاد بالشواهد) ...
ومن أراد التفصيل فعليه بكتاب الدكتور عبدالفتاح لاشين ففيه تفاصيل جيدة، حول هذا الموضوع.
وأختم مرة أخرى بشكر الأخت الباحثة روضة على إثارتها هذه المسألة البلاغية، وأود الإشارة إلى مسألة الأفكار وانتقالها وتطورها والزيادة عليها، وأخذ جوانب خفية منها والبناء عليها بناء جديداً لا يرى البعض فيه أي أثر للمأخذ الذي أخذت منه، وقد حفلت كتب السرقات الشعرية بأمثلة كثيرة لأخذ الشعراء بعضهم من بعض أخذاً خفياً دقيقاً باعترافهم هم، ومن أجمل ما قرأته في ذلك كتاب أبي الحسن الحاتمي (الموضحة في بيان سرقات المتنبي) ففيه فرائد بديعة من هذا الباب.
وهناك مسألة أخرى، وهي أن بعض الباحثين أثبت تأثر عبدالقاهر بعبدالجبار كالدكتور شوقي ضيف والدكتور أبو موسى وعبدالفتاح لاشين وغيرهم، وهناك من زعم أن عبدالقاهر أخذ نظرية النظم من أرسطو وهو طه حسين في مقدمته لكتاب نقد النثر الذي نسب خطأ لقدامة بن جعفر، وزعم محمد خلف الله أن الجرجاني تأثر بأرسطو ولكن بكتابه الشعر. وذهب الدكتور أحمد بدوي إلى أن الجرجاني تأثر في نظريته بالجاحظ، وذكر الدكتور بدوي طبانة أن فكرة النظم من اختراع أبي عبدالله محمد بن زيد الواسطي المتكلم المتوفى سنة 307هـ مع إن كتابه مفقود. فآراء المعاصرين مختلفة في هذه المسألة كما ترون. وعبدالقاهر الجرجاني نفسه يعترف بفضل السابقين في إظهار مزية النظم، وأنه هو المعتبر في تفاضل الكلام، غير أنه زاد عليهم بإكثاره من الأمثلة والشواهد حتى نسبت النظرية إليه.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[30 Oct 2006, 09:51 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا دكتور عبد الرحمن فقد سبقت بالفضل وأربيت لا فض فوك. وأود الإشارة إلى أن كتاب الدكتور لاشين من الكتب التي تستحق القراءة.
ـ[منصور مهران]ــــــــ[30 Oct 2006, 03:51 م]ـ
إلى أخي العالم الجليل الدكتور عبد الرحمن الشهري تحيتي وتشوقي للقائه، وبعد،
فمسألة اللقاء أو التلقي الذي ينسب إلى عبد القاهر الجرجاني من عبد العزيز الجرجاني، لا تثبت إلا بدليل، وقد نفاها فارق الزمن بين الرجلين، والفارق الكبير بين وفاتيهما كان مستند الذين نفوا هذا اللقاء أو هذا التلقي، وكنت كتبت شيئا من هذا يوم دارت المناقشة حول التفسير المنسوب إلى عبد القاهر، فالمسألة لا تزال في دائرة البحث عن دليل قاطع مع أن الأدلة النافية أوشكت أن تبلغ حد اليقين، والله الموفق والمعين.
ـ[روضة]ــــــــ[30 Oct 2006, 08:52 م]ـ
الدكتور الفاضل عبد الرحمن الشهري،
بارك الله فيكم على هذا الرد القيّم، فقد وجدت فيه ما يشفي الغليل ويجلّي الفكرة، وخاصة ما جاء في الفقرة الأولى، ففيها ما يحل الإشكال، وهو قولكم:
وقد ظهر لي مبالغة عبدالقاهر الجرجاني (ت471هـ) في الرد على ما قاله الهمذاني، وهذا الرد والتفنيد ليس دليلاً على عدم تأثره بالقاضي عبدالجبار الهمذاني؛ إذ إن الشأن في اقتباس الأفكار والنظريات فيه من الخفاء في أحيان كثيرة ما يصرف نظر الدارس عن التنبه له، أو الالتفات إليه. فقد يأخذ أحدهم الفكرة من خطأ فكرة لم يرتضها، ويكتشف من بين الخطأ صواباً كثيراً دله عليه الخطأ.
أما كتاب د. عبد الفتاح لا شين فقد بدأت بقراءته قبل سنوات لكني لم أكمله، وسأستأنف القراءة فيه قريباً إن شاء الله.
أكرر شكري لكم على إفادتكم وعمق نظرتكم. . . جزاكم الله خيراً.
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[15 Nov 2006, 12:03 م]ـ
حبذا قراءة الفصل الماتع الذي سطره يراع استاذنا العلامة محمد محمد ابو موسى في كتابه القيم مراجعات في اصول الدرس البلاغي فهو مهم في هذا الجانب
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[17 Nov 2006, 08:26 ص]ـ
أخي العزيز الدكتور جمال أبو حسان: وأنت كذلك جزاك الله خيراً، ونحن من تلاميذكم بارك الله فيكم، وأتفق معك في جودة كتاب الدكتور عبدالفتاح لاشين في موضوعه. وأما كتاب (مراجعات في اصول الدرس البلاغي) الذي نسبتموه للأستاذ الدكتور محمد أبو موسى فلم أطلع عليه مع حرصي على كتبه وبحوثه، فهل هو كتاب قائم برأسه، أم هو فصل في أحد كتبه المطبوعة؟
أخي العزيز الأستاذ الجليل منصور مهران: أحسن الله إليك فقد بالغتَ في وصفي كعادتك بما لا أستحقه لقلة علمي، وصغر سني، ولكن أسأل الله أن يوفقنا جميعاً للعلم النافع والعمل الصالح ما بقينا، وأن يغفر لنا الزلل والخطأ وما أكثره، وأما ما تفضلتم به حول لُقيِّ عبدالقاهر الجرجاني للقاضي علي بن عبدالعزيز الجرجاني فقد كتبته من الذاكرة حيث قرأت ذلك في بعض كتب التراجم، ورأيكم عندي أقوى من رأيي لسعة اطلاعكم ودقة نظركم، وسأكون شاكراً لو أفدتمونا حول هذه المسألة إن كان في وقتكم متسع، وسأراجع الأمر أيضاً طلباً للفائدة أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
الأخت الكريمة الباحثة الموفقة روضة: شكر الله لك حسن أدبك وتعقيبك، وقد انتفعتُ بما كتبتهِ في هذا الموضوع، ودفعني ذلك للمراجعة والقراءة، ودمتِ موفقة لكل خير، وحياة العلم في مذاكرته والبحث الدائم في مسائله ومراجعه.
ـ[جمال أبو حسان]ــــــــ[19 Nov 2006, 10:34 ص]ـ
كتاب مراجعات في اصول الدرس البلاغي كتاب قائم براسه ويقع في قرابة 320 صفحة وهو مطبوع في مكتبة وهبة بمصر في سنة 2005
وتقبل تحياتنا يا شيخ عبد الرحمن اكرمكم الله
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[24 Nov 2006, 07:55 ص]ـ
جزاك الله خير الجزاء يا أبا محمد على هذه الفائدة، وسأسعى للحصول على هذا الكتاب بإذن الله أحسن الله إليك وإلي الدكتور محمد أبو موسى فطالما انتفعتُ بكتبه.
ـ[فهد الناصر]ــــــــ[23 Feb 2007, 06:33 ص]ـ
بارك الله فيكم على هذا الموضوع المتميز والردود المفيدة النافعة التي ننتفع بها في تخصصنا في اللغة العربية والبلاغة، وليتكم تبرزونها في ركن خاص أو قسم خاص ليسهل الاطلاع عليها في الملتقى.
ـ[أم حمد]ــــــــ[25 Feb 2007, 12:24 ص]ـ
وقفة تقدير للأخت
روضه
ولجميع المشاركين في هذا الموضوع وعلى رأسهم د/الشهري
نعم والحق الفصل فيما ذكر من ان كتاب مراجعات في أصول الدرس البلاغي للعلامة أبوموسى
حيث هو من أجمل الكتب التي اشتريتها مؤخرا من مكتبة العبيكان
واأنا مع الدكتور ابو موسى حيث ذكر في الفصل الخاص بهذه المسألة
انه تبين له أن عبد القاهر لم يقرأ لعبد القاهر أصلا
ولذلك هاجمه
وإنما كان نقده له ورده لإراءه
عن طريق أشياعه من المعتزلة وما فهموه عنه ونقلوه
حيث أنهما -- عبدالقاهر وعبدالجبار--- إلتقيا في عدد من الأمور وكان الجرجاني يرد اشياء ردها من قبله عبد الجبار
واثبت ابوموسى رعاه الله
ذلك
وقد أشقى غليلي فقد كنت اتسأل أن بين ما قاله عبدالقاهر في النطم
وبين ما قاله غبد الجبار في الضم سيان
والقول عندي هو قول علامتنا ابو موسى حفظه الله
الاخت روضة كم أنا عطشى لمثل هؤا الموضوع(/)
الفلسفة والفلاسفة 1/ 3
ـ[محمد بن إبراهيم الحمد]ــــــــ[17 Sep 2006, 07:14 م]ـ
مصطلح الفلسفة والفلاسفة مصطلح يرد كثيراً في كتب العقائد، وغيرها، وفيما يلي نبذة عن الفلسفة والفلاسفة، وذلك من خلال ما يلي: أولاً: مفهوم الفلسفة: 1 - منشأ هذه الكلمة: (الفلسفة) كلمة معرَّبة عن اليونانية، فهي لفظ يوناني نشأ أول ما نشأ في بلاد اليونان [1]. 2 - أصلها الوضعي، وسبب تسميتها بذلك: لفظ (الفلسفة) مركب من كلمتين يونانيتين هما: 1 - (فيلو)، أو (فيلا) و معناهما: المحبة، أو الإيثار. 2 - (سوفيس)، أو (سوفيا) ومعناهما: الحكمة فهذا هو أصل الكلمة وسبب تسميتها بذلك [2]. 3 - تعريف الفلسفة الوضعي الأصلي: من خلال ما مضى يتبين لنا أن الفلسفة باعتبار الوضع الأصلي تعرف ب-: (محبة الحكمة، أو إيثار الحكمة). ويعرَّفُ الفيلسوف بأنه: محب الحكمة، أو المؤثر للحكمة [3]. 4 - تطور دلالة كلمة (الفلسفة): مر مصطلح (الفلسفة) بعدة أطوار وعلى هذا فإن تعريف (الفلسفة) يختلف باختلاف الأطوار كما أنه يختلف باختلاف الفلاسفة الذين وضعوا لها حدوداً وتعريفات. 5 - نماذج من تعريفات الفلسفة عند الفلاسفة: للفلسفة عند الفلاسفة تعريفات عديدة وقد تكون في مجملها متقاربة فمن تلك التعريفات ما يلي: 1 - البحث عن الحقيقة. 2 - حب المعرفة. 3 - وعرفها الكندي بقوله: هي علم الأشياء بحقائقها بقدر طاقة الإنسان [4]. 4 - وعرفها في موضع آخر بقوله: هي علم الحق الأول الذي هو علة كل حق [5]. 5 - وعرفها الفارابي بقوله: إنها العلم بالموجودات بما هي موجودة [6]. 6 - وعرفها - أيضاً - بقوله: علم بمقدار الطاقة الإنسية [7]. 7 - وعرفها - كذلك - بالعلم الوحيد الجامع الذي يضع أمامنا صورة شاملة للكون [8]. 8 - وعرفها -أيضاً- بقوله: هي العلم الذي يعطي الموجودات معقولية ببراهين عقلية [9]. 9 - وعرفها ابن سينا بقوله: الحكمة: استكمال النفس الإنسانية بتصور الأمور والتصديق بالحقائق النظرية والعلمية على قدر الطاقة الإنسانية [10]. 6 - تعريف الفلسفة عند الإطلاق، وفي الاصطلاح العام: كما مر من أن الفلسفة مرت بأطوار، ولعل آخر أطوارها هو ما استقر عليه أمر الفلسفة؛ حيث صارت تطلق على آراء محددة، ونظرات خاصة للكون، والوحي، والنبوات، والإلهيات، ونحو ذلك. وصارت تعنى بالعقل، وتقدمه على النقل، بل أصبح العقل عند الفلاسفة إلهاً ومصدراً للتلقي. وعلى هذا فإنه يمكن تعريف الفلسفة - عند الإطلاق - فيقال: (هي النظر العقلي المتحرر من كل قيد وسلطة تفرض عليه من الخارج، بحيث يكون العقل حاكماً على الوحي، والعرف، ونحو ذلك) [11]. ثانياً: نشأة الفلسفة ودخولها في ديار الإسلام: أولاً: نشأة الفلسفة: نشأت الفلسفة واشتهرت في بلاد اليونان، بل وأصبحت مقترنة بها على الرغم من وجود الفلسفات في الحضارات المصرية، والهندية، والفارسية القديمة. وما ذلك إلا لاهتمام فلاسفة اليونان بنقلها من تراث الشعوب الوثنية، وبقايا الديانات السماوية مستفيدين من صحف إبراهيم وموسى - عليهما السلام - بعد انتصار اليونانيين على العبرانيين بعد السبي البابلي [12]. وربما استفادوا من حكمة لقمان - عليه السلام - فجاءت فلسفتهم خليطاً بين نزعات شتى. وقد استوى ساق الفلسفة على يد أفلاطون ومن بعده أرسطو وغيرهما [13]. ثانياً: دخول الفلسفة في ديار الإسلام: دخلت الفلسفة ديار الإسلام في القرن الثالث الهجري، التاسع الميلادي وذلك في عهد الخليفة العباسي المأمون. ولقد سبق العرب فلاسفة الغرب بالاتصال بالفلسفة اليونانية؛ إذ إنها لم تصل إلى الغرب إلا في القرنين الميلاديين الثاني عشر والثالث عشر معتمدين على ما خلَّفه الفلاسفة المنتسبون إلى الإسلام الذين تخصصوا في دراستها أوفي نقلها من النص السرياني، أو اليوناني إلى اللسان العربي، ثم نقلت إلى لسان الغرب [14]. ثالثاً: أشهر الفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام: 1 - الكندي: وهو يوسف بن يعقوب بن إسحاق الكندي المتوفى سنة 260ه- ويطلق عليه فيلسوف العرب. 2 - الفارابي: المتوفى سنة 339ه- ويطلق عليه المعلم الثاني بعد المعلم الأول وهو أرسطو وستأتي ترجمته عند الحديث عن معتقده. 3 - ابن سينا: ويطلق عليه الشيخ الرئيس المتوفى سنة 428ه-، وستأتي ترجمته عند الحديث عن معتقده؛ فهؤلاء الثلاثة لم يربط بينهم تاريخ واحد في فترة زمنية محددة،
(يُتْبَعُ)
(/)
وإنما ربط بينهم مدرستهم الفلسفية، واهتمامهم البالغ بفتح نافذة على تراث الشرق والإغريق. وهم على تتابعهم التاريخي حملوا مسؤولية الترجمة، والشرح، والتأليف في الفلسفة وطرح القضايا الجديدة على العقل الإسلامي [15]. رابعاً: غاية الفلسفة، وموضوعها، وأقسامها: 1 - غاية الفلسفة: كانت غاية الفلسفة في بداية أمرها محبة الحكمة، ثم تصرف فيها بعض الفلاسفة؛ فصار الغاية منها الجدل لذات الجدل. ومن الفلاسفة - كالفارابي - من يرى أن الفلسفة على الحقيقة إنما معناها وثمرتها، والغرض المقصود من تعلُّمها ليس شيئاً غير إصلاح النفس. [16] 2 - موضوع الفلسفة: تكاد موضوعات الفلسفة تنحصر بما يأتي: 1 - العلوم الرياضية. 2 - العلوم الطبيعية. 3 - العلوم الإلهية. 4 - العلوم المنطقية. 3 - أقسام الفلاسفة: الفلاسفة منهم الطبيعيون أو الطبائعيون، ومنهم الإلهيون، ومنهم الدهريون، ومنهم الرياضيون. 4 - أقسام الفلسفة: تختلف الفلسفة بحسب موضوعاتها ويمكن أن تقسم كما يلي: أ- الفلسفة الحسية: وهي تتحصل بالحواس وموضوعها عالم الطبيعة. ب - الفلسفة النظرية العقلية: وهي تتم بالاستدلال البرهاني، أو النظر الاستنباطي. وتسمى هذه الفلسفة أو المدرسة: الفلسفة المشائية. [17] 3 - الفلسفة الإشراقية: وتسمى المشرقية، من الإشراق - أي إشراق النفس واستعدادها -. وهذه تنال بالحدس، والإلهام، وموضوعها العلوم الإلهية. ـــــــــــــــــ 1 - 2 - 3 - انظر المدرسة الفلسفية في الإسلام بين المشائية و الإشراقيه. أ. د محمد إبراهيم الفيومي ضمن أبحاث ندوة (نحو فلسفة إسلامية معاصرة) ص75، والموسوعة الميسرة في الأديان أو الأحزاب والمذاهب المعاصرة 2/ 1108 - 1109. 4 - 5 انظر المدرسة الفلسفية في الإسلام ص124. [6 - 7 - 8 - 9] المرجع السابق ص126. [10] المرجع السابق 125. [11] انظر الموسوعة الميسرة 2/ 1109. [12] السبي البابلي: هي المأساة التي يتذكرها اليهود بحسرة ومرارة، وهي ما حصل لهم عام 603 قبل الميلاد، وقيل 605 على يد عدد من الملوك البابليين. وقد أُثير حول هذه المأساة جدل كبير، ونُسجت فيه خرافات وأساطير، ولا تزال الدراسات عنها إلى يومنا هذا. ولهذا صار العراق أحد مواطن الفجيعة والحزن لدى اليهود؛ فمنه انطلقت القوات التي قضت على دولة إسرائيل في العهد القديم عهد الملك الكلداني البابلي نبوخذ نصر، وانتهت حربه بواحدة من أكبر الفواجع في التاريخ اليهودي، وهي ما أطلق عليه مأساة (السبي البابلي). ففي عام 603 أو 605 قبل الميلاد تولى نبوخذ نصر العرش الكلداني البابلي في العراق، وفي عهده بلغت الدولة أوجها، وحالف الملك اليهودي يواقيم إلا أن العلاقات بينهما تدهورت عندما حاول يواقيم التخلص من الحلف مع جاره القوي؛ فجرد نبوخذ نصر حملة عسكرية حاصر فيها القدس، وفتحها، واقتاد الملك الجديد يهويا كين، وحاشيته، وأركان حكمه، وأشراف دولته إلى بابل عام 586 قبل الميلاد. وتشير بعض الروايات التاريخية إلى سبي بابلي لاحق بعد محاولة صدقيا ملك يهودا التمرد على الحكم الكلداني مما أدى إلى تجريد حملة بابلية أخرى انتهت عام 586 قبل الميلاد بحرق هيكل سليمان بن داود - عليه السلام - والقضاء على الدولة العبرية، وسبي حوالي 50 ألف يهودي إلى العراق هم أغلبية ما تبقى في القدس، وقد ساقهم الكلدانيون مكبلين بالحديد والأصفاد إلى أراضي العراق. وقد اختُلف كثيراً في هذا السبي - كما مر - واختُلف في مدة وقوعه؛ فقيل استمر 70 سنة، وقيل 140 سنة. وتحتفل الأدبيات اليهودية بالكثير من البكائيات، والذكريات المريرة عن هذه المحنة. ولهذا يشعر اليهود أن امتلاك العراق لأي قوة فائقة يمكن أن يهدد أمن إسرائيل، وربما يؤدي إلى تكرار محنة (السبي البابلي) من جديد. ولعل ما يؤكد ذلك ما قاله مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي عام 1981م بعد الغارة على المفاعل النووي العراقي؛ حيث أعلن أنه لو لم يدمر المفاعل النووي العراقي لحدثت محرقة جديدة في تاريخ الشعب اليهودي. ولعل هذا يفسر سر الهجمة على العراق، ومحاولة تفكيكه، وإضعافه. [13] انظر المدرسة الفلسفية في الإسلام بين المشائية والإشراقية ص75 - 79، والموسوعة الميسرة 2/ 1109. [14] انظر المرجع السابق. [15] انظر المدرسة الفلسفية في الإسلام ص75 - 79. [16] انظر المدرسة الفلسفية في الإسلام ص 75، و141، و151 - 152. [17] سميت بالمشَّائية نسبة إلى رائدها أرسطو المقدوني الذي يعد أبرز تلامذة أفلاطون، وكان مولده سنة 384 قبل الميلاد، وتوفي سنة 322 قبل الميلاد عن 63 سنة، وسميت فلسفته بالمشائية لأنه كان يعلم أتباعه وتلاميذه، ويلقي عليهم الدروس وهو يمشي.
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[17 Sep 2006, 09:04 م]ـ
جزاكم الله ألف خير أخي الكريم ...(/)
سؤال عن آية
ـ[سامي العتيبي]ــــــــ[17 Sep 2006, 08:34 م]ـ
قال تعالى
{إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (159) سورة البقرة {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (174)
في الآية الأولى قال- أنزلنا- ولم يأتي يقل –الله- فما هي الحكمة من هذا التعبير من حيث البلاغة والمعنى وميزة الإسلوب
ـ[بنت السنة الطاهرة]ــــــــ[17 Sep 2006, 09:00 م]ـ
قوله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى، الظاهر و الله أعلم - أن المراد بالهدى ما تضمنه الدين الإلهي من المعارف و الأحكام الذي يهدي تابعيه إلى السعادة، و بالبينات الآيات و الحجج التي هي بينات و أدلة و شواهد على الحق الذي هو الهدى، فالبينات في كلامه تعالى وصف خاص بالآيات النازلة، و على هذا يكون المراد بالكتمان و هو الإخفاء - أعم من كتمان أصل الآية، و عدم إظهاره للناس، أو كتمان دلالته بالتأويل أو صرف الدلالة بالتوجيه، كما كانت اليهود تصنع ببشارات النبوة ذلك فما يجهله الناس لا يظهرونه لهم، و ما يعلم به الناس يؤولونه بصرفه عنه (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم).
قوله تعالى: من بعد ما بيناه للناس، أفاد أن كتمانهم إنما هو بعد البيان و التبين للناس، لا لهم فقط، و ذلك أن التبين لكل شخص شخص من أشخاص الناس أمر لا يحتمله النظام الموجود المعهود في هذا العالم، لا في الوحي فقط، بل في كل إعلام عمومي و تبيين مطلق، بل إنما يكون باتصال الخبر إلى بعض الناس من غير واسطة و إلى بعض آخرين بواسطتهم، بتبليغ الحاضر الغائب، و العالم الجاهل، فالعالم يعد من وسائط البلوغ و أدواته، كاللسان و الكلام: فإذا بين الخبر للعالم المأخوذ عليه الميثاق بعلمه مع غيره من المشافهين فقد بين الناس، فكتمان العالم علمه هذا كتمان العلم عن الناس بعد البيان لهم و هو السبب الوحيد الذي عده الله سبحانه سببا لاختلاف الناس في الدين و تفرقهم في سبل الهداية و الضلالة، و إلا فالدين فطري تقبله الفطرة و تخضع له القوة المميزة بعد ما بين لها، قال تعالى «فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم و لكن أكثر الناس لا يعلمون»: الروم - 30، فالدين فطري على الخلقة لا يدفعه الفطرة أبدا لو ظهر لها ظهورا ما بالصفاء من القلب، كما في الأنبياء، أو ببيان قولي، و لا محالة ينتهي هذا الثاني إلى ذلك الأول فافهم ذلك.
و لذلك جمع في الآية بين كون الدين فطريا على الخلقة و بين عدم العلم به فقال: فطرة الله التي فطر الناس عليها، و قال: لكن أكثر الناس لا يعلمون، و قال تعالى: «و أنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه و ما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم»: البقرة - 213، فأفاد أن الاختلاف فيما يشتمل عليه الكتاب إنما هو ناش عن بغي العلماء الحاملين له، فالاختلافات الدينية و الانحراف عن جادة الصواب معلول بغي العلماء بالإخفاء و التأويل و التحريف، و ظلمهم، حتى أن الله عرف الظلم بذلك يوم القيامة كما قال: «فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله و يبغونها عوجا»: الأعراف - 44، و الآيات في هذا المعنى كثيرة.
فقد تبين أن الآية مبتنية على الآية أعني، أن قوله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب الآية، مبتنية على قوله تعالى: كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين و منذرين و أنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه و ما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم الآية، و مشيرة إلى جزاء هذا البغي بذيلها و هو قوله: أولئك يلعنهم الله إلخ.
(يُتْبَعُ)
(/)
قوله تعالى: أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون، بيان لجزاء بغي الكاتمين لما أنزله الله من الآيات و الهدى، و هو اللعن من الله، و اللعن من كل لاعن، و قد كرر اللعن لأن اللعن مختلف فإنه من الله التبعيد من الرحمة و السعادة و من اللاعنين سؤاله من الله، و قد أطلق اللعن منه و من اللاعنين و أطلق اللاعنين، و هو يدل على توجيه كل اللعن من كل لاعن إليهم و الاعتبار يساعد عليه فإن الذي يقصده لاعن بلعنه هو البعد عن السعادة، و لا سعادة بحسب الحقيقة، إلا السعادة الحقيقية الدينية، و هذه السعادة لما كانت مبينة من جانب الله، مقبولة عند الفطرة، فلا يحرم عنها محروم إلا بالرد و الجحود، و كل هذا الحرمان إنما هو لمن علم بها و جحدها عن علم دون من لا يعلم بها و لم تبين له، و قد أخذ الميثاق على العلماء أن يبثوا علمهم و ينشروا ما عندهم من الآيات و الهدى، فإذا كتموه و كفوا عن بثه فقد جحدوه فأولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون، و يشهد لما ذكرنا الآية الآتية: إن الذين كفروا و ماتوا و هم كفار - إلى قوله أجمعين الآية فإن الظاهر أن قوله: إن للتعليل أو لتأكيد مضمون هذه الآية، بتكرار ما هو في مضمونها و معناها و هو قوله: الذين كفروا و ماتوا و هم كفار.
قوله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب، تعريض لأهل الكتاب إذ عندهم شيء كثير من المحللات الطيبة التي حرمها كبراؤهم و رؤساؤهم في العبادات و غيرها - و عندهم الكتاب الذي لا يقضي فيه بالتحريم - و لم يكتموا ما كتموه إلا حفظا لما يدر عليهم من رزق الرئاسة و أبهة المقام و الجاه و المال.
و في الآية من الدلالة على تجسم الأعمال و تحقق نتائجها ما لا يخفى فإنه تعالى ذكر أولا أن اختيارهم الثمن القليل على ما أنزل الله هو أكل النار في بطونهم ثم بدل اختيار الكتمان و أخذ الثمن على بيان ما أنزل الله في الآية التالية من اختيار الضلالة على الهدى ثم من اختيار العذاب على المغفرة ثم ختمها بقوله: فما أصبرهم على النار، و الذي كان منهم ظاهرا هو الإدامة للكتمان و البقاء عليها فافهم.
هذا والله أعلم ..(/)
من هم (آل إبراهيم عليه السلام) - سؤال للجميع!!!!؟؟؟
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[19 Sep 2006, 12:02 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من هم (آل إبراهيم) عليه السلام!!!؟؟
{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} آل عمران33
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً} النساء54
مع العلم يا إخوان
أن الذي أعرفه
أن كل الأنبياء من نسل آدم و نوح عليهم السلام
و أيضا من إبراهيم عليه السلام جاء نسل آل عمران - الله أعلم
ارجو التوضيح لي بارك الله فيكم
/////////////////////////////////////////////////
ـ[منصور مهران]ــــــــ[19 Sep 2006, 01:25 م]ـ
للمعنى العام في هذه الآية أكثر من وجه مما تحتمله الدلالة؛ من ذلك:
أن يكون المراد أن الله اصطفى دين آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على عقائد العالمين التي لم ينزلها الله على عباده؛ وذلك من باب حذف المضاف وبقاء دلالته في المضاف إليه وهو باب أصيل في علم العربية.
أو أن يكون اصفاء هؤلاء بتطهيرهم من الصفات الذميمة وبتحليتهم بصفات أتم مما حَبَا به سائر الناس؛ وذلك لتهيئتهم للنبوة.
أو أن يكون المراد اختيار هؤلاء لتحمل النبوة والرسالة أو النبوة وحدها.
وعلى أي وجه من هذه الوجوه فإن ورود اسم (نوح) بعد (آدم) و (آل عمران) بعد (آل إبراهيم) من باب التخصيص بعد الإجمال ليخص الله أنبياءه ورسله بالاصطفاء دون سائر ذرية آدم ونوح وإبراهيم وعمران وهم ذرية بعضها من بعض؛ وقد جاء في القرآن الكريم خبر أكثر هؤلاء الأنبياء، وأخفى الله عنا خبر بعضهم، كما يؤخذ ذلك من قول الله عز وجل: (منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك).
هذا وبالله التوفيق.
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[24 Sep 2006, 01:20 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا يا اخي الحبيب على هذا الرد
و لكن يا أخي الحبيب
ما زالت إشكاليتي قائمة
بما أن آدم هو أبو البشر و الأنبياء
فلماذا لم يذكر الله سبحانه وتعالى (آل آدم)
أو نوح عليه السلام بـ (آل نوح)
فمن ذريته جاء - إبراهيم و عمران عليهم السلام - اليس كذلك؟؟؟
يعني
لو كان المعنى لكملة (آل) هم الأنبياء و الرسل فقط
لكان من باب أولى
أن يذكر (آل آدم) فقط لأن من ذرية آدم عليه السلام كانت الرسل و الأنبياء
و الإشكالية الأخرى و التي تتعلق بـ (آل إبراهيم)
هي
هل كل (آل إبراهيم) قد آتاهم الله سبحانه و تعالى (الْكِتَابَ - الْحِكْمَةَ - مُّلْكاً عَظِيماً)!!؟؟
و جزاك الله خيرا مرة أخرى
/////////////////////////////////////////////////
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[04 Oct 2006, 02:40 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
للرفع
/////////////////////////////////////////////////
ـ[عبدالقادر]ــــــــ[04 Oct 2006, 05:15 م]ـ
القول في تأويل قوله: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33)}
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: إن الله اجتبى آدمَ ونوحًا واختارهما لدينهما = وآل إبراهيم وآل عمران لدينهم الذي كانوا عليه، لأنهم كانوا أهل الإسلام. فأخبرَ الله عز وجل أنه اختار دين مَنْ ذكرنا على سائر الأديان التي خالفته. (1)
وإنما عنى ب"آل إبراهيم وآل عمران"، [ COL المؤمنين. OR="Red"] المؤمنين. [/ C6851 -
(يُتْبَعُ)
(/)
حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله:"إن الله اصطفى آدمَ ونوحًا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين"، قال: هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل محمد، يقول الله عز وجل: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ) [سورة آل عمران: 68]، وهم المؤمنون.
OLOR]
التفصيل
هاك يا أخي تفصيل الخبر. عليك بقراءة الكلام لاخره حتى يستقيم المعنى لديكقال العلامة الألوسي
وبدأ بآدم عليه الصلاة والسلام لأنه أول النوع، وثنى بنوح عليه الصلاة والسلام لأنه آدم الأصغر والأب الثاني وليس أحد على وجه البسيطة إلا من نسله لقوله سبحانه: {وَجَعَلْنَا ذُرّيَّتَهُ هُمُ الباقين} [الصافات: 77] وذكر آل إبراهيم لترغيب المعترفين باصطفائهم في الإيمان بنبوة واسطة قلادتهم واستمالتهم نحو الاعتراف باصطفائه بواسطة كونه من زمرتهم وذكر آل عمران مع اندراجهم في الآل الأول لإظهار مزيد الاعتناء بأمر عيسى عليه الصلاة والسلام لكمال رسوخ الاختلاف في شأنه وهذا هو الداعي إلى إضافة الآل في الأخيرين دون الأولين. وقيل: المراد بالآل في الموضعين بمعنى النفس أي اصطفى آدم ونوحاً وإبراهيم وعمران، وذكر الآل فيهما اعتناءاً بشأنهما وليس بشيء، والمراد بآل إبراهيم كما قال مقاتل: إسمعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وروي عن ابن عباس والحسن رضي الله تعالى عنهم أنهم من كان على دينه كآل محمد صلى الله عليه وسلم في أحد الإطلاقات، والمراد بآل عمران عيسى عليه الصلاة والسلام وأمه مريم بنت عمران بن ماثان من ولد سليمان بن داود عليهما السلام قاله الحسن ووهب، وقيل: المراد بهم موسى وهارون عليهما السلام، فعمران حينئذ هو عمران بن يصهر أبو موسى قاله مقاتل وبين العمرانين ألف وثمانمائة سنة والظاهر هو القول الأول لأن السورة تسمى آل عمران ولم تشرح قصة عيسى ومريم في سورة أبسط من شرحها في هذه السورة، وأما موسى وهارون فلم يذكر من قصتهما فيها طرف فدل ذلك على أن عمران المذكور هو أبو مريم، وأيضاً يرجح كون المراد به أبا مريم أن الله تعالى ذكر اصطفاءها بعد ونص عليه وأنه قال سبحانه:
{إِذْ قَالَتِ امرأت عمران} [آل عمران: 35] الخ، والظاهر أنه شرح لكيفية الاصطفاء المشار إليه بقوله تعالى: {إِنَّ الله} فيكون من قبيل تكرار الاسم في جملتين فيسبق الذهن إلى أن الثاني هو الأول نحو أكرم زيداً إن زيداً رجل فاضل، وإذا كان المراد بالثاني غير الأول كان في ذلك إلباس على السامع، وترجيح القول الأخير بأن موسى يقرن بإبراهيم في الذكر ليس في القوة كمرجح الأول كما لا يخفى، والاصطفاء الاختيار، وأصله أخذ صفوة الشيء كالاستصفاء، ولتضمينه معنى التفضيل عدي بعلى، والمراد بالعالمين أهل زمان كل واحد منهم أي اصطفى كل واحد منهم على عالمي زمامه، ويدخل الملك في ذلك، والتأويل خلاف الأصل.
ومن هنا استدل بعضهم بالآية على أفضلية الأنبياء على الملائكة، ووجه الاصطفاء في جميع الرسل أنه سبحانه خصهم بالنفوس القدسية وما يليق بها من الملكات الروحانية والكمالات الجسمانية حتى إنهم امتازوا كما قيل على سائر الخلق خلقاً وخلقاً وجعلوا خائن أسرار الله تعالى ومظهر أسمائه وصفاته ومحل تجليه الخاص/ من عباده ومهبط وحيه ومبلغ أمره ونهيه، وهذا ظاهر في المصطفين المذكورين في الآية من الرسل، وأما مريم فلها الحظ الأوفر من بعض ذلك، وقيل: اصطفى آدم بأن خلقه بيديه وعلمه الأسماء وأسجد له الملائكة وأسكنه جواره، واصطفى نوحاً بأنه أول رسول بعث بتحريم البنات والأخوات والعمات والخالات وسائر ذوي المحارم وأنه أب الناس بعد آدم وباستجابة دعوته في حق الكفرة والمؤمنين، واصطفى آل إبراهيم بأن جعل فيهم النبوة والكتاب، ويكفيهم فخراً أن سيد الأصفياء منهم، واصطفى عيسى وأمه بأن جعلهما آية للعالمين.
(يُتْبَعُ)
(/)
وإن أريد بآل عمران موسى وهارون فوجه اصطفاء موسى عليه الصلاة والسلام تكليم الله تعالى إياه وكتابة التوراة له بيده، ووجه اصطفاء هارون جعله وزيراً لأخيه، وأما اصطفاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام فمفهوم بطريق الأولى وعدم التصريح به للإيذان بالغنى عنه لكمال شهرة أمره بالخلة وكونه شيخ الأنبياء وقدوة المرسلين، وأما اصطفاء نبينا صلى الله عليه وسلم فيفهم من دخوله في آل إبراهيم كما أشرنا إليه وينضم إليه أن سياق هذا المبحث لأجله كما يدل عليه بيان وجه المناسبة في كلام شيخ الإسلام، وروي عن أئمة أهل البيت أنهم يقرءون وآل محمد على العالمين وعلى ذلك لا سؤال، ومن الناس من قال: المراد بآل إبراهيم محمد صلى الله عليه وسلم جعل كأنه كل الآل مبالغة في مدحه، وفيه أن نبينا وإن كان في نفس الأمر بمنزلة الأنبياء كلهم فضلاً عن آل إبراهيم فقط إلا أن هذه الإرادة هنا بعيدة، ويشبه ذلك في البعد بل يزيد عليه ما ذكره بعضهم في الآية أنه لما أمرهم بمتابعته صلى الله عليه وسلم وإطاعته، وجعل إطاعته ومتابعته سبباً لمحبة الله تعالى إياهم وعدم إطاعته سبباً لسخط الله تعالى عليهم وسلب محبته عنهم أكد ذلك بتعقيبه بما هو عادة الله تعالى من اصطفاء أنبيائه على مخالفيهم وقمعهم وتذليلهم وإعدامهم لهم تخويفاً لهؤلاء المتمردين عن متابعته صلى الله عليه وسلم فذكر اصطفاء آدم على العالم الأعلى فإنه رجحه على سائر الملائكة وجعلهم ساجدين له وجعل الشيطان في لعنة لتمرده، واصطفاء نوح على العالم مع نهاية كثرتهم فأهلكهم بالطوفان وحفظ نوحاً وأتباعه، واصطفاء آل إبراهيم على العالم مع أن العالم كانوا كافرين فجعل دينهم شائعاً وذلل مخالفيهم، واصطفاء موسى وهارون على العلم فجعل السحرة مع كثرتهم مغلوبين لهما وفرعون مع عظمته وغلبة جنوده مغلوباً وأهلكهم، ولذا خص آدم بالذكر ونوحاً والآلين، ولم يذكر إبراهيم ونبينا صلى الله تعالى عليهما وسلم إذ إبراهيم لم يغلب، وهذا الكلام لبيان أن نبينا صلى الله عليه وسلم سيغلب وليس المراد الاصطفاء بالنبوة حتى يخفى وجه التخصيص وبهذا ظهر ضعف الاستدلال به على فضلهم على الملائكة انتهى.
وفيه أن المتبادر من الاصطفاء الاجتباء والاختيار لا النصر على الأعداء على أن المقام بمراحل عن هذا الحمل، وقد أخرج ابن عساكر وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه فسر الاصطفاء هنا بالاختيار للرسالة ومثله فيما أخرجه ابن جرير عن الحسن وأيضاً حمل آل عمران على موسى وهارون مما لا ينساق إليه الذهن كما علمت، وكأن القائل لما لم يتيسر له إجراء الاصطفاء بالمعنى الذي أراده في عيسى عليه الصلاة والسلام وأمه اضطر إلى الحمل على خلاف الظاهر، وأنت تعلم أن الآية غنية عن الولوج في مثل هذه المضايق.
ـ[الحضار]ــــــــ[05 Oct 2006, 04:28 ص]ـ
سؤال من هو عمران الذكور في القرآن الكريم
ـ[أبو علي]ــــــــ[05 Oct 2006, 06:53 ص]ـ
السلام عليكم
الاصطفاء في الآية متعدد، أي أن:
اصطفاء آدم: اصطفاء جنس، اصطفاء الجنس البشري (المتمثل في آدم) لخلافة الأرض.
اصطفاء نوح: اصطفاء بقاء النوع، نوح هو الأب الثاني للبشرية حيث جعل الله ذرية نوح هم الباقين.
اصطفاء آل إبراهيم: اصطفاهم الله بجعل النبوة والكتاب في آل إبراهيم.
اصطفاء آل عمران: اصطفاء إبراز قدرة الله في مريم وابنها عيسى عليهما السلام.
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[05 Oct 2006, 12:50 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على إثراء هذا الموضوع بهذه الردود القيمة
فلا شك عندي أن كلمة (آل) لها معاني مختلفة
و معرفة المعنى المراد منه يكون بدراسة السياق جيدا
أخي الحبيب " عبدالقادر " كلام جميل جدا يحتاج إلي قراءة متأنية مرات و مرات عديدة
أخي الحبيب " أبو علي "
كلامك جميل و لكن ......
هل تعلم بأن كلمة (الآل) جاءت بحق كل من
(آل لوط - آل يعقوب - آل عمران - آل إبراهيم - آل موسى - آل هارون - آل داوود) و (آل فرعون)
الشاهد - سأضع كل الآيات التي جاءت بذكر كلمة (الآل):
المعنى القرآني - الذي أميل إليه إلي الآن هو:
1 - الرجل ذاته
(يُتْبَعُ)
(/)
2 - أتباع الرجل وأشياعه
آيات أعتقد بأنها جاءت بمعنى أتباع الرجل وأشياعه:
{وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ} البقرة49
{وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ} البقرة50
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} آل عمران11
{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} الأعراف130
{وَإِذْ أَنجَيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَونَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ} الأعراف141
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ} الأنفال52
{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ} الأنفال54
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ} إبراهيم6
{وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} غافر28
{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} غافر45
{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} غافر46
{وَلَقَدْ جَاء آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ} القمر41
{فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ} القصص8
آيات أخرى أعتقد بأنها جاءت بمعنى الرجل ذاته:
{يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً} مريم6
{يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} سبأ13
{وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَ آلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} البقرة248
آيات أخرى للتدبر بخصوص آل لوط عليه السلام
فيها ما يدل على أن الآل و الأهل قد تأتي بمعنى واحد
ولكن
كما قلت - بأنني لا أعتقد بهذا
إذ أنه يجب أن يكون هناك فرق لغوي و بلاغي في إستخدام اللآل تارة و الأهل تارة أخرى
و الله أعلم
سأضع الآيات
{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} القمر34
{إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} الحجر59
{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} النمل56
هذه آيات تتكلم عن آل لوط عليه السلام
و الذي أعتقده - و الله أعلم
بأن الآل هنا تعني الأتباع
فالله سبحانه و تعالى لم يخبرنا بأن لوط عليه السلام لم يكن لديه أتباع - أليس كذلك؟؟
على العموم أنتظر إثراءاتكم بخصوص هذه النقطة
(يُتْبَعُ)
(/)
و هذه الآية تدل على الشخص نفسه (لوط عليه السلام):
{فَلَمَّا جَاء آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ {61} قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ {62} قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ {63} وَأَتَيْنَاكَ بَالْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ
} الحجر61
و أخيرا
الآيتين الرئيسيتين في موضوعي:
{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} آل عمران33
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً} النساء54
و أضيف هذه الآية الجديدة
{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} يوسف6
والتي نرى فيها ذكر آل يعقوب من دون ذكر إسم آل إبراهيم عليهما السلام
جزى الله خيرا كل من وضع لنا معلومات قيمة لإثراء هذا الموضوع المهم
فأقول بأن بلاغة القرآن الكريم معجزة من المعجزات الخالدة العظيمة
و لا يعني بأنني أو أننا نستطيع أن نجد أسرار هذه البلاغة في وقتنا هذا
و لكن قد يكون في وقت آخر على يد عالم آخر
فلا شك عندي أن الله سبحانه و تعالى
يستخدم الكلمة المناسبة في المكان المناسب
فيجب علينا تدبر القرآن بالبحث عن الحكمة و نتسائل
لماذا جاء الله سبحانه و تعالى في قرآنه الكريم و إستخدم
تارة الآل بعد ذكر أسماء بعض الأنبياء في آية ما
و حذفها مع نفس الإسم في آية أخرى
و لماذا خص كلمة الآل لبعض الأنبياء دون غيرهم
على سبيل المثال (آل محمد أو آل عيسى) و ...... الخ
/////////////////////////////////////////////////
ـ[عبدالقادر]ــــــــ[05 Oct 2006, 02:58 م]ـ
سلام عليكم
{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ} القمر34
قال الألوسى العلامة
{إِلا ءالَ لُوطٍ} خاصته المؤمنين به، وقيل: إنه ابنتاه
قال ابن الجوزي
{إلاّ آلَ لوطٍ} يعني لوط وابنتيه
قال الطبري
قوله (إِلا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ) يقول: غير آل لوط الذين صدّقوه واتبعوه على دينه فإنا نجيناهم من العذاب الذي عذّبنا به قومه الذين كذبوه،
{إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ} الحجر59
قال ابن الجوزي
إِلا آل لوط} استثناء ليس من الأول. فأما آل لوط، فهم أتباعه المؤمنون.
قال العلامة الرازي
أما قوله تعالى: {إِلا ءالَ لُوطٍ} فالمراد من آل لوط أتباعه الذين كانوا على دينه.
فإن قيل: قوله: {إِلا ءالَ لُوطٍ} هل هو استثناء منقطع أو متصل؟
قلنا: قال صاحب «الكشاف»: إن كان هذا الاستثناء استثناء من (قوم) كان منقطعاً، لأن القوم موصوفون بكونهم مجرمين وآل لوط ما كانوا مجرمين، فاختلف الجنسان، فوجب أن يكون الاستثناء منقطعاً. وإن كان استثناء من الضمير في (مجرمين) كان متصلاً كأنه قيل: إلى قوم قد أجرموا كلهم إلا آل لوط وحدهم كما قال: {فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مّنَ المسلمين} [الذاريات: 36] ثم قال صاحب «الكشاف»: ويختلف المعنى بحسب اختلاف هذين الوجهين، وذلك لأن آل لوط يخرجون في المنقطع من حكم الإرسال، لأن على هذا التقدير الملائكة أرسلوا إلى القوم المجرمين خاصة وما أرسلوا إلى آل لوط أصلاً، وأما في المتصل فالملائكة أرسلوا إليهم جميعاً ليهلكوا هؤلاء وينجوا هؤلاء
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} النمل56
قال الألوسى العلامة
فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُواْ ءالَ لُوطٍ} أي من اتبع دينه وإخراجه عليه السلام يعلم من باب أولى. وقال بعض المحققين: المراد بآل لوط هو عليه السلام ومن تبع دينه كما يراد من بني آدم آدم وبنوه، وأياً ما كان فلا تدخل امرأته عليه السلام فيهم
قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ (57) قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ (58) إِلَّا آَلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ (59) إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَا إِنَّهَا لَمِنَ الْغَابِرِينَ (60) فَلَمَّا جَاءَ آَلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62) قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63)
واضح من سياق الآية أن المقصود هنا بآل لوط الثانية هم نفسهم آل لوط المذكورين في الأولى
وعلى هذا يكون المعنى كما قال الطبري رحمه الله
يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم للملائكة: فما شأنكم: ما أمرُكم أيُّها المرسلون؟ قالت الملائكة له: إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين: يقول: إلى قوم قد اكتسبوا الكفر بالله، إلا آل لوط: يقول: إلا اتباع لوط على ما هو عليه من الدِّين، فإنا لن نهلكهم بل ننجيهم من العذاب الذي أمرنا أن نعذّب به قوم لوط، سوى امرأة لوط قدّرنا إنها من الغابرين: يقول: قضى الله فيها إنها لمن الباقين، ثم هي مهلكة بعد. وقد بيَّنا الغابر فِيما مضى بشواهده.
القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ (61) قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (62) قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ (63)}
يقول تعالى ذكره: فلما أتى رسلُ الله آل لوط، أنكرهم لوط فلم يعرفهم، وقال لهم: (إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ): أي نُنْكركم لا نعرفكم، فقالت له
رسل: بل نحن رسل الله جئناك بما كان فيه قومك يشكون أنه نازل بهم من عذاب الله على كفرهم به.
فلكلمة الآل معان عديدة منها مايكون للأهل ومنها للشخص كما دل عليه كلام الألوسي أعلاه في التعليق الأول وهذا إنما يدل عليه السياق وفيمن نزلت الآية أي أن المعنى يضبط في مواضعه فلكل آية سياق وقصة أوحكم أوموعظة .......
(يُتْبَعُ)
(/)
ـ[الإسلام ديني]ــــــــ[11 Oct 2006, 01:18 م]ـ
===================
أقول:
===================
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله (صحبه و اتباعه أجمعين)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا يا أخي الحبيب على هذا النقل الطيب
و أنا أتفق مع كلام العلماء بأن الآل لها معاني مختلفة
أو كما تفضلت به:
فلكلمة الآل معان عديدة منها مايكون للأهل ومنها للشخص كما دل عليه كلام الألوسي أعلاه في التعليق الأول وهذا إنما يدل عليه السياق وفيمن نزلت الآية أي أن المعنى يضبط في مواضعه فلكل آية سياق وقصة أوحكم أوموعظة .......
فلا شك أن كلامك الذي بالأعلى لا خلاف عليه
فالآن
بعد قراءة هذه الآيات الكريمة
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي
إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ
إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ
إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ
إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {4}
رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {5}
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}
و
{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} آل عمران33
{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً} النساء5
{وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} يوسف6
هل تجد أن المعنى لـ (آل) إبراهيم عليه السلام حسب السياق و اضحا!!!؟؟
/////////////////////////////////////////////////(/)
سؤال أرجو الإجابة عليه.
ـ[يزيد الصالح]ــــــــ[19 Sep 2006, 05:57 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أخوتي في الله،،
قال أبو بكر السجستاني في غريب القرآن:
(وجاء في التفسير) في غير ما موضع، فما المراد بالتفسير هنا؟
أفيدوني مأجورين،،
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[21 Sep 2006, 09:10 ص]ـ
أخي الكريم الفاضل
عليك بهذا الرابط:
http://tafsir.org/vb/showthread.php?p=12246
ـ[منصور مهران]ــــــــ[21 Sep 2006, 01:19 م]ـ
بالرجوع إلى الرابط الذي أحال إليه الأخ الدكتور مروان الظفيري؛ للتعريف بكتاب غريب القرآن للسجستاني، وجدنا القول غير شاف، وكنت أقرأ عبارة (وفي التفسير) وأعقبها ببعض البحث حتى ترجح لدي أن السجستاني لا يعني تفسيرا بعينه لمفسر معين، ولكنه يتوسع في البيان بما قر في صدره من العلم بمعاني القرآن؛ لذلك فهو ينسب البيان للتفسير أي: لجانب التفسير، كما يقول أحدنا في معنى بيت شعر: (وفي المعاني) وهو لا يقصد كتابا يحمل هذل العنوان، وإنما القصد مزيد إيضاح تحت مسمى المعاني. وكذلك شأن السجستاني هنا بقصد البيان من حيث التفسير.
والذي حداني إلى هذا القول أنني حاولت مرارا رد أقواله التي قال عنها (وفي التفسير) إلى تفسير محدد فلم أجد توافقا بي قوله وبين قول غيره فالرجل كان يقتبس من كتب كثيرة بين يديه ولا ينسب كل قول إلى قائله ولكنه يعبر عنه في أحيان كثيرة بأسلوب من عند نفسه فكيف نفسر مراده إذن؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Sep 2006, 01:45 م]ـ
ما تفضل به أخونا الأستاذ منصور مهران هو الصواب، فهو يعني في تفسير القرآن عموماً وليس كتاباً بعينه، وهذا شائع في كتب الغريب ومعاجم اللغة. يقولون: (وفي التفسير) أي في تفسير القرآن عموماً دون قصد لكتاب بعينه والله أعلم.
ـ[أحمد البريدي]ــــــــ[21 Sep 2006, 04:39 م]ـ
مصطلحات المؤلف التي يطلقها تفهم بالاستقراء , ومن أمثلة ما ذكرت الثعلبي في تفسيره عندما يقول: قال أهل المعاني فإنه بالتتبع تبين أنه يقصد من ألف في هذا الفن كأبي عبيدة , والفراء , والزجاج وغيرهم , كما أن القول لا تجده أحياناً في كل هذه الكتب وإنما قال به أحدهم.
ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[22 Sep 2006, 08:12 ص]ـ
شكرا للأخوة الأفاضل لما تفضلوا به من آراء
ولكنني أجد أن المقصود بذلك هو كتاب غريب القرآن
لأن محمد بن عُزير السجستاني، مفسر، وكتابه هذا في تفسير القرآن
ومن هنا هو يقصد ما يفسر في كتابه هذا
وما أخذه عن كتب التفسير
أو ما أخذه عن مشايخه
وخاصة أنه لم يصلنا من كتبه إلا كتابه هذا
ولو جاءتنا كتب أخرى له، لاستطعنا أن نستقرئ ذلك
أثابكم الله خيرا يا أخوتي
ودمتم سالمين
ـ[يزيد الصالح]ــــــــ[06 Oct 2006, 11:12 م]ـ
الأخوة
مروان الظفيري
منصور مهران
عبد الرحمن الشهري
أحمد البريدي
جزاكم الله خير الجزاء وجعله في موازين أعمالكم، وقد استفدت الكثير من طرحكم، وعذراً على التأخير في الرد فقد كنت مشغولاً، ولم أطلع إلا الآن على ردودكم فلكم جزيل الشكر، ولعل ما يؤيد طرح الإخوة أني وجدت هذا موجودا عند السمعاني والبغوي، ولم أجد كتاباً معيناً ينقل منه المؤلفان، والله تعالى أعلم،،
وأسأل الله أن يجعل هذا الصرح عامراً، وأن يوفق القائمين عليه،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أخوكم /أبو عمرو 540(/)
ما هو الغرض من الاتيان ب (لا) في قوله لا أقسم بيوم القيامة
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[20 Sep 2006, 12:13 ص]ـ
ما هو الغرض من الاتيان ب (لا) في قوله لا أقسم بيوم القيامة
وهل من عادة العرب عند القسم ان تسبق المقسم به بلا وبارك الله فيكم
ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[20 Sep 2006, 09:00 م]ـ
انظر ما في هذا الرابط
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3001
ـ[نضال دويكات]ــــــــ[20 Sep 2006, 11:33 م]ـ
بارك الله فيك أخي الكريم(/)
كيفية القراءة في تفسير الطبري؟
ـ[أبو صالح التميمي]ــــــــ[20 Sep 2006, 05:02 م]ـ
هل من كتاب أو منهجية معينة تعين على تمام الاستفادة من هذا التفسير مع الفهم وذاك سوى الكتب العامة التي تكلمت عن مناهج المفسرين أو أصول التفسير؟
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[21 Sep 2006, 01:41 م]ـ
أخي العزيز أبا صالح التميمي وفقه الله
تفسير (جامع البيان) للطبري من أدق وأوثق وأشمل كتب تفسير القرآن الكريم، ولا يزال مع كثرة المصنفات في تفسير القرآن بعده مهيمناً على كتب التفسير لرسوخ مؤلفه، ولمنهجه الدقيق المؤصل الذي انتهجه مؤلفه في تصنيفه، مع الأخذ في الاعتبار أن الطبري قد كتبه أو أملاه على وجه الاختصار كما في قصته المشهورة مع تلاميذه عندما سألهم: هل تنشطون لكتابة التفسير.
غير أن القارئ لهذا التفسير يحتاج إلى صبر وأناة وطول زمان واكتمال للآلة العلمية بقدر الاستطاعة، ومعرفة بمصطلحات الطبري التي يستخدمها في النحو والقراءات والفقه وأصوله، فإنه إن قرأه قارئ له نصيب من هذه الصفات فسوف يلمس الفائدة الكبرى من قراءته لهذا التفسير، وفي رأيي أن قراءة واحدة لهذا التفسير لا تكفي لمعرفة قيمته العلمية على وجهها، وإنما يجب على طالب العلم الحريص على إجادة علم التفسير، واكتساب الملكة في فهم القرآن أن يقرأه على أقل تقدير ثلاث مرات، وإن زاد فالنفع متحقق بإذن الله. وهو وإن كان طويلاً إلا أنه يستحق العناء والصبر والمثابرة، وأرجو إن أنت صبرت على قراءته وتدبره عدداً من المرات أن تحوز مغانم كثيرة.
وقد سعى كثير من العلماء قديماً وحديثاً لاختصار تفسير الطبري لطوله وكثرة آثاره ورواياته، ولكن كل المختصرات لا تغني عن التفسير الأصلي الذي حرره الإمام الطبري بنفسه. ومن آخر المختصرات لهذا التفسير كتاب (تفسير الإمام الطبري من جامع البيان) الذي صنعه الدكتور بشار عواد وعصام حرستاني، وغايتهما من اختصاره إفراد كلام الطبري فقط دون الروايات والآثار، ليتصل كلامه أمام القارئ، ولا يتفرق بكثرة الروايات والآثار. وهو كتاب جيد انتفعت بقراءته، ولكنه مساعد مع الكتاب الأصلي وليس بديلاً له.
كما إنه قد كتبت كتب ورسائل كثيرة في منهج الإمام الطبري في تفسيره، والذي اطلعتُ عليه منها لم يشف غليلي في معرفة منهج هذا المفسر الإمام، وهناك رسائل كتبت في اختياراته وترجيحاته في التفسير ليتها تطبع لينتفع بها.
وعلى كل حال فإن مثل هذه الأسفار الطوال من أسفار العلوم تحتاج إلى صبر وجلد لدراستها ومعرفة قدرها، والقراءة العاجلة لا تنقع الغلة، ولا تبل الصدى.
وفقكم الله للعلم النافع ورزقكم الصبر والجلد للعكوف على هذه الكنوز والجواهر التي تخيرها نقادها وصيارفتها من أفذاذ الأئمة كالطبري وغيره وأودعوها لنا في بطون هذه الكتب الثمينة.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[23 Sep 2006, 02:07 م]ـ
أحسنت الإجابة أخي أبا عبد الله
وأحب أن أدلي بشيء يتعلق بهذا التفسير على عجالة.
أولاً: لم يختلف اثنان من العلماء على جودة هذا التفسير وتميزه، حتى عُدَّ صاحبه (شيخ المفسرين) ـ عليه من الله الرحمة والرضوان ـ وهو بحقٍ شيخهم.
ثانيًا: لقد بقي جزء كبيرٌ من منهج هذا التفسير مجهولاً لدى الدارسين، حتى إنك لا تكاد تجد من ينقل منه سوى توثيق الآثار، حتى إنني في تقدُّمي لدراسة الدكتواره كان في مقابلتي أحد أساتذتي الكبار، فسألني عن مراجعي التي أُعِدُّ منها الدرس للطلاب، فلما ذكرت له تفسير الطبري، قال لي: لم لا ترجع إلى تفسير ابن كثير، فهو أحسن منه، فتفسير الطبري آثار.
فعجبت من هذا القول، واستحييت أن أسأله: هل هو يختبرني في هذه المعلومة، أو هو مقتنع بها؟
ثالثًا: لقد تميز تفسير الطبري بعدد من العلوم، ففيه الأسانيد، وتفاسير السلف، والتفسير الإجمالي، والغريب، والنحو، والقراءات، وتوجيهها، والأحكام الفقهية، والقواعد العلمية والترجيحية، وحجج الترجيح والرد على الأقوال، والتعليق على أقوال المفسرين واللغويين، إلى غير ذلك من منثورات الفوائد.
ويحسن بقارئ هذا التفسير أن يتنبَّه لهذه العلوم، وكيفية معالجة الطبري لها؛ ليستفيد من هذه المنهجية الطبرية.
(يُتْبَعُ)
(/)
ولو ركَّز القارئ لهذا الكتاب على جملة من هذه الموضوعات؛ خصوصًا (القواعد العلمية، وحجج الترجيح أو الرد على الأقوال، وكذا حجج قبول القراءة أو ردها) = لخرج بفائدة عظيمة، وتدريبات عملية على كيفية التعامل مع أقوال المفسرين.
والموضوع في ذلك يطول، ولعل فيما ذكرته موجزًا غُنية، والحمد لله رب العالمين.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[23 Sep 2006, 10:09 م]ـ
رعاك الله يا أبا عبدالملك.
وأحب الإشارة إلى أن للدكتور مساعد الطيار درساً أسبوعياً قديماً في تفسير الطبري هذا، وهو به خبير وفقه الله وزاده علماً وفقهاً في كتابه، وكم لأبي عبدالملك عندي وعند غيري من يدٍ بيضاء لا نجازيه عليها إلا بالدعاء جزاه الله خيراً.
إن التعرف على منهج الطبري يحتاج إلى طول صحبة لهذا التفسير، وليتكم يا أبا عبدالملك تساهمون في بيان منهج الطبري، ولا سيما دقائق المنهج التي لم أجد من حررها فيمن كتب في منهجه بحسب اطلاعي القاصر. وقد كنت أتمنى أن يكون كتاب الشيخ محمود محمد شاكر الذي أشار إلى أنه يكتبه قد خرج للناس، فإن العلامة محمود شاكر من القلائل الذين يحسنون قراءة كتب السلف ويتوغلون في مطاوي مسالك مناهج المؤلفين كالطبري. فإنه قد ذكر في مقدمة تحقيقه لتفسير الطبري عظمة هذا التفسير، وتخوفه من تحقيقه والتعليق عليه، فقال: (وكان من قصة أول ما قطعني عن المضي في إصدار هذا الجزء في ميعاده سنة 1380 من الهجرة، أني كنت حين بدأت نشر تفسير أبي جعفر الطبري، على مثل حد السيف من التخوف لهذا الكتاب الجليل، فأمسكت نفسي عن التعليق على بعض مسائله، مخافة أن يزل القلم، أو يزيغ بي الرأي).
وإنك لتجد في كلام محمود شاكر في مقدمة تحقيقه ما يشير إلى مدى أنسه منذ كان صغيراً بتفسير الطبري، وتعال معي أخي الحبيب لقول محمود شاكر في مقدمة تحقيقه لتفسير الطبري:
(اللّهُم اغفر لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، وتغمّده برحمتك، واجعله من السابقين المقرَّبين في جنّات النعيم، فقد كان - ما عَلِمْنا- من الذين بَيَّنوا كتابَك للناس ولم يكتموه، ولم يشتَرُوا به ثَمَنًا قليلا من مَتاع هذه الحياةِ الدنيا؛ ومن الذين أدَّوْا ما لزمهم من حقِّك، وذادُوا عن سنة نبِّيك؛ ومن الذين ورَّثوا الخلَفَ من بعدهم علم ما عَلموا، وحَمَّلوهم أمانةَ ما حَمَلوا، وخلعُوا لك الأندادَ، وكفَروا بالطاغوتِ، ونَضَحوا عن دينك، وذبُّوا عن شريعتك، وأفضَوْا إليك ربَّنا وهمْ بميثاقك آخذون، وعلى عهدك محافظون، يرجون رَحْمتَك ويخافُون عذابَك. فاعفُ اللهمّ عنا وعنهم، واغفر لنَا ولهم، وارحمنا وارحمهم، أنت مولانَا فانصرنَا على القومِ الكافرين.
كان أبو جعفر رضي الله عنه يقول: "إِنّي لأعجبُ مَمنْ قرأ القرآن ولم يعلَم تأويلَه، كيف يلتذُّ بقراءته؟ ". ومنذ هداني الله إلى الاشتغال بطلب العلم، وأنا أصاحب أبا جعفر في كتابيه: كتاب التفسير، وكتاب التاريخ. فقرأتُ تفسيره صغيرًا وكبيرًا، وما قرأتُه مرَّةً إلا وأنا أسمعُ صوته يتخطّى إليّ القرون: إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله، كيف يلتذُّ بقراءته؟ فكنتُ أجدُ في تفسيره مصداقَ قوله رضي الله عنه)
ولعمري إن هذا كلام واقم محب لهذا الإمام ولهذا التفسير وما أجدره بهذا الحب وهذه العناية.
ثم قال محمود شاكر مشيراً إلى ما في منهج الطبري من الغموض أحياناً، وأنه عزم على صنع كتاب في منهجه في التفسير:
(وكنتُ أحبُّ أن أبيّن ما انفردَ به الطبريّ من القول في تأويل بعض الآياتِ، وأشرح ما أَغْفَله المفسّرون غيرُه، ولكني خفتُ أن يكونَ ذلك سببًا في زيادة الكتاب طولا على طوله؛ مع أني أَرَى أن هذا أمرٌ يكشف عن كتاب الطبري، ويزيدنا معرفة بالطبري المفسّر، وبمنهجه الذي اشتقّه في التفسير، ولم اختلف المفسّرون من بعده، فأغفلوا ما حرصَ هو على بيانه؟
(يُتْبَعُ)
(/)
وكنتُ أحبُّ أيضًا أن أُسَهِّل على قارئ كتابه، فأجعل في آخرِ الآياتِ المتتابعة التي انتهى من تفسيرها، مُلَخَّصًا يجمَعُ ما تفرَّق في عشراتٍ من الصفحاتِ. وذلك أني رأيتُ نفسي قديمًا، ورأيت المفسِّرين الذين نقلوا عَنْهُ، كانوا يقرأون القطعة من التفسير مفصولةً عمَّا قبلها، أو كانوا يقرأونه متفرِّقًا. وهذه القراءةُ، كما تبيِّن لي، كانتْ سببًا في كثيرٍ من الخَلْط في معرفة مُرَادِ الطبري، وفي نسبة أقوالٍ إليه لم يقلْها. لأنَّه لما خاف التكرار لطول الكتابِ، اقتصَر في بعض المواضِع على ما لاَ بُدَّ منه، ثقَةً منه بأنّه قد أبان فيما مضى من كتابه عن نهجه في تفسير الآيات المتصلة المعاني. والقارئ الملتمِس لمعنى آيةٍ من الآياتِ، ربَّما غَفَل عن هذا الترابُط بين الآية التي يقرؤها، والآيات التي سبقَ للطبري فيها بيانٌ يتّصل كل الاتصال ببيانه عن هذه الآية. ولكني حين بدأت أفعل ذلك، وجدت الأمر شاقًا عسيرًا، وأنه يحتاجُ إِلى تكرار بعضِ ما مضى، وإلى إِطالةٍ في البيانِ. وهذا شيءٌ يزيدُ التفسيرَ طولا وضخامة.
ولمَّا رأيتُ أن كثيرًا من العلماء كان يعيبُ على الطبري أنه حشَدَ في كتابِهِ كثيرًا من الرواية عن السالفين، الذين قرأوا الكُتُب، وذكروا في معاني القرآنِ ما ذكروا من الرواية عن أهل الكتابَيْن السالِفَيْن: التَّوراة والإنجيل - أحببتُ أن أكشف عن طريقة الطبري في الاستدلال بهذه الرواياتِ روايةً روايةً، وأبيّن كيف أخطأ الناسُ في فهم مقصده، وأنّه لم يَجْعل هذه الروايات قطُّ مهيمنةً على كتاب الله الذي لاَ يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه. وأحببتُ أن أبيّن عند كُلِّ روايةٍ مقالة الطبريّ في إِسنادِها، وأنه إسنادٌ لاَ تقوم به حُجَّةٌ في دين الله، ولا في تفسير كتابه، وأن استدلاله بها كان يقوم مقام الاستدلالِ بالشِّعر القديم، على فهم معنى كلمة، أو للدلالة على سياقِ جملة. وقد علقتُ في هذا الجزء 1: 454، 458 وغيرهما من المواضع تعليقًا يبينُ عن نهج للطبري في الاستدلال بهذه الآثار، وتركتُ التعليقَ في أماكنَ كثيرة جدًّا، اعتمادًا على هذا التعليق. ورأيتُ أن أدَعَ ذلك حتى أكتب كتابًا عن "الطبري المفسِّر" بعد الفراغ من طبع هذا التفسير. لأني رأيتُ هناكَ أشياء كثيرةً، ينبغي بيانُها، عن نهج الطبري في تفسيره. ورأيتني يجدّ لي كُلَّ يوم جديدٌ في معرفة نهجه، كلَّما زدتُ معرفةً بكتابه، وإلفًا لطريقته. فاسأل الله أن يعنيني أن أفردَ له كتابًا في الكلام عن أسلوبه في التفسير، مع بيان الحجّة في موضع موضعٍ، على ما تبيّن لي من أسلوبه فيه. ورحمَ الله أبا جعفر، فإنه، كما قال، كان حدَّث نفسه بهذا التفسيرِ وهو صبيٌّ، واستخار الله في عمله، وسأله العونَ على ما نواه، ثلاثَ سنين قبل أن يعمله، فأعانه الله سبحانه. ثم لما أراد أن يملي تفسيره قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدرُه؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة. فقالوا: هذا ممّا تفنَى فيه الأعمارُ قبل تمامه! فاختصره لهم في ثلاثة آلاف ورقةٍ. فكان هذا الاختصار سببًا في تركه البيانَ عمّا نجتهد نحنُ في بيانه عند كل آية. وهذا الاختصارُ بيّنٌ جدًّا لمن يتتبّع هذا التفسيرَ من أولِه إِلى آخره)
رحم الله الإمام الطبري، ورحم الله الأستاذ محمود شاكر، ورحم الله تلك الأعظم التي حملت العلم وبلغته بأمانة وصدق إلى الأمة، وجزاهم الله خيراً يجدونه عنده يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[24 Sep 2006, 01:13 ص]ـ
أخي الكريم أبا عبد الله
لقد أحدثت في قلبي الشجن، ويبدو أنك ستخرجني إلى ما لا أحبُّ، فأقول ـ طالبًا من الله الإخلاص والقبول ـ:
كم أتمنى أن أتفرغ لذكر منهج هذا الإمام العظيم في كتابه هذا، ولقد جرَّبت شيئًا من ذلك، فوجدت أنِّي أحتاج إلى نقول طويلة لأبين فكرة صغيرة في منهج هذا الإمام، فانظر كم ستحتاج لإنشاء كتاب يبين عن منهجه الدقيق العميق.
وإن مما يؤسف عليه أن بعض الدراسات التي كتبت في منهجه لا تعدو أن تكون وصفًا قاصرًا ينقصها الاستقراء والتحليل.
ولعلي ـ إن تيسر لي المقام ـ أن أعلق على بعض المواطن المشكلة في ترجيحات الطبري، ليتبين فيها كيف سار الطبري على منهجيته ولم يخالفه، ولأبين كيف وقع الغلط ممن قرأ كلامه من المفسرين إن وُجِد.
و لا زلت أعتني بجمع هذه المواطن المشكلة لأقوم بمدارستها مع بعض الأصحاب، وأسأل الله أن يوفقني لذلك.
وإني مذ عرفت هذا الكتاب، وتدرَّجت في القراءة فيه، أحسست بأني أتأسس في علم التفسير ما لم يؤسسني فيه أستاذ ولا كتاب قبله، فلقد استفدت من هذا الكتاب كثيرًا ـ ولله الحمد ـ وإن لتعروني لذكرى الطبري هزَّة لا أجدها لغيره.
ولقد وفقني الله بخلٍّ وفيٍّ أتدارس معه هذا الكتاب، ونقرأه قراءة بحث وفكِّ، حتى أنسنا به، وانفكت لنا منه مغاليق، ولعل الأخ الكريم يتفرغ لطباعة شيء من التعاليق التي نشترك فيها أثناء القراءة، ففيها فوائد جمة من منقولاتٍ عمن علق على الطبري، أو نصوص تفيد في فهم كلامه وتعيين مبهماته التي يرمي بها إلى ذكر علَمٍ معيَّن، أو طائفة معينة.
وإني لأنصح طلاب علم التفسير أن يعتنوا بهذا السفر العظيم، وأن يولوه اهتمامًا كبيرًا، ففيه من الدرر ما الله به عليم.
(يُتْبَعُ)
(/)